الجزء الاول
تقديم
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد، فقد تميّز العصر العباسي الممتد ما بين سنة 132هـ، وسنة 656هـ، على مستوى أحوال اللغة العربية وآدابها، بعدة أمور نلخصها بما يلي:
لمّا قامت الدولة العباسية بدعوتها، وأسّست دولة قوية، كان للموالي فيها النفوذ المؤثّر والقوي، فقد استخدمهم الخلفاء والأمراء في كل شيء، من سقاية الماء إلى قيادة الجيوش والوزارة، واختلط العرب بالأعاجم، وكان من المجموع شعب ممتزج لغة وعادة وخلقا، فأثّر ذلك في اللغة لفظا ومعنى، وشعرا ونثرا كتابة وتأليفا. ويمكن إرجاع جميع هذه التغيرات إلى ثلاثة مستويات:
الأول: ما يتعلق بالأغراض التي تؤديها اللغة.
الثاني: ما يتعلق بالمعاني والأفكار.
الثالث: ما يتعلق بالألفاظ والأساليب.
أولا: أغراض اللغة
لمّا قامت الدولة العباسية وتشبّه الخلفاء بملوك الفرس في أكثر أمور السياسة والمعيشة، وحاكتهم العامة في ذلك بتقليد أمثالهم من طبقات الأعاجم. تناولت اللغة في المشرق أغراضّا لم تعهد فيها من قبل، بنقل علوم تلك الأمم وآدابها وعاداتها وطرق معيشتها. فكان من تلك الأغراض ما يلي:
1 - تدوين العلوم الشرعية واللسانية، ولم يدوّن في صدر الإسلام إلا نزر يسير، وكذا الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية.
2 - تأدية مقاصد الصناعات المختلفة، وخصوصا بعد دخول العرب في غمار الصناع.
3 - المحاضرة والمناظرة والبحث والجدل وتدريس العلوم.(1/3)
2 - تأدية مقاصد الصناعات المختلفة، وخصوصا بعد دخول العرب في غمار الصناع.
3 - المحاضرة والمناظرة والبحث والجدل وتدريس العلوم.
ثانيا: المعاني والأفكار
إن ما حدث في مشارق الممالك الإسلامية ومغاربها أثناء العصر العباسي من الانقلابات السياسية والاجتماعية كانت له نتيجة ظاهرة في الحركة الفكرية للمتكلمين بالعربية، ظهر ذلك في عباراتهم وأشعارهم بصورة مختلفة، منها:
1 - ازدياد شيوع المعاني الدقيقة، والتصورات الجميلة، والأخيلة البديعة.
2 - التعويل على القياس والتعليل في الأحكام الفكرية، بالإكثار من الحجج والبراهين العقلية وانتحاء مذاهب الفلاسفة في الشعر والكتابة والتدريس ولا سيما بعد عصر الترجمة.
3 - التهويل والغلو في التفخيم المقتبس في المشرق من اللغة الفارسية.
ثالثا: الألفاظ والأساليب
لقد غلب على عبارة اللغة العربية في العصر العباسي أمران مهمان: السهولة والمحسنات البديعية، ويشتمل ذلك على:
1 - انتقاء الألفاظ الرشيقة السهلة وقلة الحاجة إلى الارتجال.
2 - ازدياد الميل إلى استعمال ألفاظ القرآن الكريم والاقتباس منه والاستشهاد به.
3 - الإكثار من ألفاظ المجاز والتشبيه والتمثيل والكناية والمحسنات اللفظية.
4 - التوسّع في إدخال ألقاب التعظيم على أسماء الخلقاء والأمراء.
5 - الإكثار من استعمال الكلمات الأعجمية في الكثير من الأشياء في الأدب كما في الحياة اليومية.
6 - وضع اصطلاحات العلوم والفنون والصناعات وإدارة الدولة وغيرها.
7 - التأنق في صوغ العبارات وتوثيق الربط بينها والميل إلى استعمال السجع.
8 - التصرف إلى غاية حدّي الإطناب والإيجاز ولكل منهما مقام.
9 - حدوث لغة تأليفية لتعليم العلوم تقاس بمعيار المنطق لا بمعيار البلاغة.
أما على مستوى النثر والمحادثة أو لغة التخاطب فعندما تم امتزاج العرب بالعجم في العصر العباسي، تكونت بين العامة في البلاد التي تكثر فيها جمهرة العرب لغات تخاطب العاميّة، إلا بين أهل جزيرة العرب، فلم يزل تخاطبهم باللسان العربي الفصيح إلى أواخر القرن الرابع. وبقيت لغات التخاطب في البلاد التي تقل فيها جاليتهم هي اللغات الوطنية الأعجمية ممزوجة ببعض الألفاظ العربية التي أدخلها عليها الإسلام.
وخاف الخلفاء والخاصة من هول تغلب العامية على الفصيحة فيستغلق على المسلمين فهم الكتاب والسنة وهما كل الدين، فحرضوا العلماء على تدوين اللغة والإكثار من العناية بضبط النحو وفنون البلاغة.(1/4)
أما على مستوى النثر والمحادثة أو لغة التخاطب فعندما تم امتزاج العرب بالعجم في العصر العباسي، تكونت بين العامة في البلاد التي تكثر فيها جمهرة العرب لغات تخاطب العاميّة، إلا بين أهل جزيرة العرب، فلم يزل تخاطبهم باللسان العربي الفصيح إلى أواخر القرن الرابع. وبقيت لغات التخاطب في البلاد التي تقل فيها جاليتهم هي اللغات الوطنية الأعجمية ممزوجة ببعض الألفاظ العربية التي أدخلها عليها الإسلام.
وخاف الخلفاء والخاصة من هول تغلب العامية على الفصيحة فيستغلق على المسلمين فهم الكتاب والسنة وهما كل الدين، فحرضوا العلماء على تدوين اللغة والإكثار من العناية بضبط النحو وفنون البلاغة.
التدوين والتصنيف:
كانت الحاجة إلى التدوين قد اشتدت في مبدأ الدولة العباسية لاتساع ممالك الإسلام، فهبّ العلماء إلى تهذيب ما كتب في الصحف المتفرقة وما حفظوه في الصدور ورتبوه وبوّبوه وصنفوه كتبا. وكان من أقوى الأسباب لإقبال العلماء على التصنيف حث الخليفة أبي جعفر المنصور عليه وحمله الأئمة والفقهاء على جمع الحديث والفقه ولم يقتصر على معاضدة العلوم الإسلامية، بل أوعز إلى العلماء والمترجمين أن ينقلوا إلى العربية من الفارسية واليونانية فنون الطب والسياسة والحكمة والفلك والتنجيم والآداب، وتابعه في ذلك أولاده وأحفاده حتى زخرت بحور العلوم والفنون وتفرعت المسائل ودوّنت الكتب في كل فن.
علم الأدب:
كانت كتب علم الأدب في أول العصر العباسي عبارة عن رسائل يبحث كل منها في ضرب خاص من ضروبه، كرسائل ابن المقفع ورسائل سهل بن هارون في الأخلاق وكتاب النوادر، وكتاب الأراجيز، وكتاب الشعر للأصمعي، وكتاب الشعر والشعراء لأبي عبيدة. وكان أول ما ظهر فيه جامع لفنون كثيرة «كتاب البيان والتبيين» وكتاب «الحيوان» للجاحظ. واقتفى أثره أحمد بن ظيفور في كتابه «المنظوم والمنثور» في أربعة عشر جزءا. ثم أبو العباس محمد المبرد في الكامل والروضة، ثم أبو حنيفة الدينوري، وأبو بكر محمد الصولي، وابن قتيبة صاحب «أدب الكاتب». وابن عبد ربه صاحب «العقد الفريد»، وأبو علي القالي صاحب «الأمالي». وأبو الفرج الأصبهاني صاحب «الأغاني».
الكتّاب:
كان أكثر كتّاب المشرق في هذا العصر من سلالة فارسية أو سواديّة قد بلغوا بحذقهم سياسة الملك، ونبوغهم في البلاغة أن ارتقوا عند خلفاء العباسيين وعند الدول التي نشأت داخل الدولة العباسية كالبويهيين، إلى مرتبة الوزارة.
وأوّل كاتب منهم ارتقى إلى مرتبة الوزارة هو أبو سلمة الخلال، وأشهر من بلغ نفوذه وسلطانه مبلغا زاحم فيه الخليفة يحيى بن خالد بن برمك وابناه جعفر والفضل،
ثم محمد بن الزيات في زمن المعتصم والواثق. ومن أشهر كتّاب هذا العصر في الشرق: ابن المقفع، ويحيى بن خالد بن برمك، وابناه جعفر والفضل، وإسماعيل بن صبيح، وعمرو بن مسعدة، وأحمد بن يوسف، وابن الزيات، والحسن بن وهب، وعلي بن الفرات، وابن مقلة، وابن العميد، والصاحب بن عباد، وأبو بكر الخوارزمي، وبديع الزمان الهمذاني، وأبو سعد منصور بن الحسين الآبي، والصابي، وإبراهيم الصولي، والعماد الكاتب، والقاضي الفاضل.(1/5)
وأوّل كاتب منهم ارتقى إلى مرتبة الوزارة هو أبو سلمة الخلال، وأشهر من بلغ نفوذه وسلطانه مبلغا زاحم فيه الخليفة يحيى بن خالد بن برمك وابناه جعفر والفضل،
ثم محمد بن الزيات في زمن المعتصم والواثق. ومن أشهر كتّاب هذا العصر في الشرق: ابن المقفع، ويحيى بن خالد بن برمك، وابناه جعفر والفضل، وإسماعيل بن صبيح، وعمرو بن مسعدة، وأحمد بن يوسف، وابن الزيات، والحسن بن وهب، وعلي بن الفرات، وابن مقلة، وابن العميد، والصاحب بن عباد، وأبو بكر الخوارزمي، وبديع الزمان الهمذاني، وأبو سعد منصور بن الحسين الآبي، والصابي، وإبراهيم الصولي، والعماد الكاتب، والقاضي الفاضل.
عصر أبي سعد الآبي:
عاش الآبي في القرن الرابع الهجري زمن بني بويه وهم جماعة من الفرس حكموا العراق وجنوبي فارس زهاء قرن ونيّف، وفي عهدهم ساد المذهب الشيعي وتوغّل في شرق الامبراطورية العباسية وغربها، وهذا مما أدّى إلى انقسام الامبراطورية العباسية ما بين السنة الذين كان يساندهم الأتراك وبين الشيعة الذين كان يساندهم البويهيون.
وبالرغم من تشيّع البويهيين، ومن سيطرة العنصر الفارسي فإن هذين العاملين لم يحولا دون انتعاش الفكر العربي، فقد كان الكثير من البويهيين ووزرائهم على جانب من الثقافة حتى أصبح أساس الاختيار للوزراء عندهم شيئان: القدرة الإدارية والقدرة البلاغية. وعرف هذا العهد وزراء احتلوا مكانة مرموقة في تاريخ الأدب والبيان العربيين، منهم: أبو الفضل بن العميد، وولده أبو الفتح والصاحب بن عباد الذي جعل داره ملتقى لجماعات الكتاب والمنشئين والمتكلمين والفلاسفة والقراء، وأبو سعد الآبي.
وكان اهتمام الوزراء بالجانب العلمي والأدبي أدّى إلى نبوغ كثيرين من العلماء والفلاسفة والفقهاء والمحدثين والمفسرين والمتصوّفة، فعمّ النشاط العلمي مدنا في العراق وفارس كبغداد والبصرة والكوفة والري وأصفهان وشيراز وسيراف.
بنو بويه:
ابتدأ الدور الثاني للخلافة العباسية في أيام المستكفي بالله الذي تولى الخلافة، أو أسند إليه منصب الخلافة أسنده إليه القائد «توزون الديلمي» بعد أن غدر بالخليفة المتقي لله.
وفي تلك الفترة لم يبق للخليفة العباسي في بغداد إلا اسمه، أي أنه أصبح رمزا للسلطة الدينية فحسب يدعى باسمه على المنابر، وليس له شيء من الأمر أو النهي، بل لم يبق له وزير يدبّر شؤون الدولة باسمه، وإنما كل ما كان له كاتب يدير شؤونه المالية
ويحصي نفقاته ودخل إقطاعاته لا غير، أما ما عدا ذلك من شؤون الحرب والسياسة وتدبير أمر الرعية، فلم يكن لبني العباس منها قليل أو كثير.(1/6)
وفي تلك الفترة لم يبق للخليفة العباسي في بغداد إلا اسمه، أي أنه أصبح رمزا للسلطة الدينية فحسب يدعى باسمه على المنابر، وليس له شيء من الأمر أو النهي، بل لم يبق له وزير يدبّر شؤون الدولة باسمه، وإنما كل ما كان له كاتب يدير شؤونه المالية
ويحصي نفقاته ودخل إقطاعاته لا غير، أما ما عدا ذلك من شؤون الحرب والسياسة وتدبير أمر الرعية، فلم يكن لبني العباس منها قليل أو كثير.
وقد ظهر بنو بويه في تلك الفترة، وكانوا من بلاد الديلم أو بلاد جيلان التي تقع في الجنوب الغربي من شاطىء بحر الخزر (بحر قزوين) وأولاد بويه الذين سمّيت دولتهم «دولة بني بويه» أو «الدولة البويهية» ثلاثة، هم:
1 - عماد الدولة، علي بن بويه، الذي كان يحكم فارس والأهواز وكان أكبر بني بويه، ولذلك كان يلقّب «أمير الأمراء».
2 - ركن الدولة، الحسن بن بويه، الذي كان يحكم الجبل والري وجرجان وطبرستان.
3 - معز الدولة، أحمد بن بويه، الذي حكم العراق. وقد أطلقت هذه الألقاب الثلاثة: عماد الدولة، وركن الدولة، ومعز الدولة، على الإخوة الثلاثة في يوم واحد، وكان الذي أطلقها عليهم هو الخليفة العباسي المستكفي بالله.
كان هؤلاء الثلاثة حينما قام الديلم بتوسعهم وفتوحهم جنودا في جيش «ما كان بن كالي» ولكنهم ارتقوا بسرعة إلى مرتبة الأمراء، ثم فارقوه بعد أن ضعف أمره وانحازوا إلى قائد ديلمي آخر (مرداويج بن زياد) الذي استولى على بلاد جرجان وطبرستان وقزوين وزنجان وقم والكرج، فزاد نفوذه حوالي سنة 320هـ.
ولما استقرت حال «مرداويج» قدم عليه أبناء بويه الثلاثة فرحب بهم وولّى علي بن بويه بلاد الكرج، ولما وصل علي بن بويه إلى الكرج أحسن إلى الناس ولطف بعمال البلاد فكتبوا إلى مرداويج يشكرونه ويصفون ضبطه للبلاد وحسن سياسته، وصرف كثيرا في استمالة الرجال بالصلات والهبات، فشاع ذكره وقصده الناس وأحبوه.
ولما كان مرداويج بالري أطلق مالا لجماعة من قواده على الكرج ولكن ابن بويه استطاع أن يستميلهم، فوصلهم وأحسن إليهم حتى مالوا إليه، وبلغ ذلك مرداويج فاستوحش وندم على إنفاد أولئك القواد، فكتب إليهم وإلى علي بن بويه يستدعيهم إليه، ولكن ابن بويه أخذ يراوغه واشتغل بأخذ العهود على قواده وخوّفهم سطوة مرداويج فأجابوه جميعا، فجبى مال الكرج، واستأمن إليه «شيرازاد» وهو من أعيان قواد الديلم، فقويت نفسه، وسار بمن معه إلى أصبهان فاستولى عليها من يد المظفر بن ياقوت.
وبلغ ذلك مرداويج فأقلقه وخاف على ما بيده من البلاد فجهّز أخاه وشمكير في
جيش كثيف ليأخذ ابن بويه على غرة، فعلم بذلك فرحل على أصبهان وتوجّه إلى أرجان وبها أبو بكر بن ياقوت فانهزم عنها أبو بكر من غير قتال. وفي سنة 321هـ سار ابن بويه إلى النوبندجان فاستولى عليها، ثم سار إلى اصطخر واستولى عليها أيضا، ثم سار حتى أتى شيراز قصبة فارس فاستولى عليها، ونادى في الناس بالأمان، وعند ما خضعت تلك البلاد لسلطته أحس علي بن بويه بحاجته إلى قوة روحية تسنده، وتثبت سلطانه، فأرسل إلى خليفة بغداد (الراضي بالله) وإلى وزيره (ابن مقلة) يعرفهما أنه على الطاعة ويطلب أن يقاطع على ما بيده من البلاد، وبذل ألف ألف درهم، فأجيب إلى ذلك، وأنفذت إليه الخلع واللواء.(1/7)
وبلغ ذلك مرداويج فأقلقه وخاف على ما بيده من البلاد فجهّز أخاه وشمكير في
جيش كثيف ليأخذ ابن بويه على غرة، فعلم بذلك فرحل على أصبهان وتوجّه إلى أرجان وبها أبو بكر بن ياقوت فانهزم عنها أبو بكر من غير قتال. وفي سنة 321هـ سار ابن بويه إلى النوبندجان فاستولى عليها، ثم سار إلى اصطخر واستولى عليها أيضا، ثم سار حتى أتى شيراز قصبة فارس فاستولى عليها، ونادى في الناس بالأمان، وعند ما خضعت تلك البلاد لسلطته أحس علي بن بويه بحاجته إلى قوة روحية تسنده، وتثبت سلطانه، فأرسل إلى خليفة بغداد (الراضي بالله) وإلى وزيره (ابن مقلة) يعرفهما أنه على الطاعة ويطلب أن يقاطع على ما بيده من البلاد، وبذل ألف ألف درهم، فأجيب إلى ذلك، وأنفذت إليه الخلع واللواء.
وسيّر علي بن بويه أخاه الأوسط الحسن بن بويه إلى بلاد الجبل ومعه العساكر فاستولى على أصبهان وأزال عنها وعن عدة من بلاد الجبل نواب وشمكير. بعد ذلك خطر ببال علي بن بويه أن يمد سلطانه إلى الأهواز والعراق، لما علمه من ضعف قوة الخليفة ببغداد، فسيّر أخاه الأصغر «أحمد» إلى الأهواز فاستولى عليها بعد حروب بينه وبين «بجكم الرائقي» وانهزم بجكم إلى واسط فلحقه أحمد بن بويه إلى واسط، وفي واسط كاتبه قواد بغداد يطلبون إليه المسير نحوهم للاستيلاء على بغداد فاستجاب لهذا الطلب فسار إلى بغداد حتى وصل إليها يوم 11جمادى الأولى سنة 334، وكان الخليفة بها هو «المستكفي بالله» الذي قابله واحتفى به وبايعه أحمد، وحلف كل منهما لصاحبه، هذا بالخلافة، وذاك بالسلطنة، وفي ذلك اليوم أطلق الخليفة الألقاب على بني بويه الثلاثة فلقب علي بن بويه «عماد الدولة» ولقب الحسن بن بويه «ركن الدولة» ولقب أحمد بن بويه «معز الدولة» (1).
وخطر ببال معز الدولة أن يزيل اسم الخلافة أيضا عن بني العباس ويوليها خليفة علويا، لأن البويهيين كانوا شيعة زيدية، قد وصلت إليهم التعاليم الإسلامية على يد الحسن بن زيد، ثم على يد الحسن الأطروش، وكلاهما زيدي، فكانوا يعتقدون أن بني العباس قد غصبوا الخلافة من مستحقيها، وهم أبناء علي، ولقد حاول معز الدولة ذلك لولا أن بعض خواصه أشار عليه ألّا يفعل وقالوا له: «إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس مع أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه، مستحلين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا».
فأعرض عما كان قد عزم عليه وأبقى اسم الخلافة لبني العباس، وانفرد هو
__________
(1) تاريخ الأمم الإسلامية «عصر الدولة العباسية» 3/ 378.(1/8)
بالسلطان، ولم يبق بيد الخليفة شيء البتة إلا ما أقطعه معز الدولة مما يقوم بحاجته (1)
وكانت مدة ملك معز الدولة في العراق إحدى وعشرين عاما وأحد عشر شهرا، وتوفي في ربيع الآخر سنة 356هـ ببغداد ودفن في داره، وولي المملكة بعد وفاة معز الدولة ابنه أبو منصور بختيار الملقب عز الدولة، وكانت بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه منافسات في الملك أدت إلى التنازع وأفضت إلى المحاربة فالتقيا في 18شوال سنة 367هـ فقتل عز الدولة وكان عمره ستا وثلاثين سنة (2).
وقد وصلت قوة البويهيين إلى أقصاها في عهد عضد الدولة (372367 هـ) ولم يكن عضد الدولة أعظم البويهيين فحسب بل كان أعظم حاكم في زمانه، فقد طوى تحت صولجانه كل الدويلات الصغيرة التي ظهرت في عهد الحكام البويهيين في فارس والعراق، فألّف من المجموع امبراطورية كادت تصل في الاتساع إلى امبراطورية هارون الرشيد، وكان عضد الدولة أول حاكم في الإسلام حمل لقب (شاهنشاه) ولم يقم في آل بويه من يماثل عضد الدولة جرأة وإقداما وكان عاقلا فاضلا، حسن السياسة، شديد الهيبة، بعيد الهمة. ثاقب الرأي محبّا للفضائل، واهبا باذلا في مواضع العطاء، مانعا في مواضع الحزم، ناظرا في عواقب الأمور.
وولي الملك بعد عضد الدولة ابنه أبو كاليجار المرزبان الملقب صمصام الدولة، وفي عهد صمصام الدولة توفي عمه مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة صاحب جرجان، وتولى أخوه فخر الدولة علي بن ركن الدولة على بلاده باختيار القواد، والوزير الكبير «الصاحب بن عباد». وفي هذا العصر عاش الآبي.
ترجمة الآبي
قال في كشف الظنون 6/ 473: هو أبو سعيد (كذا في كشف الظنون، والصحيح: أبو سعد)، منصور بن الحسين الآبي (آبة من قرى سادة) من وزراء مجد الدولة بن بويه، توفي سنة 422هـ، صنّف: «تاريخ الري»، «نثر الدر في المحاضرات»، و «نزهة الأدب».
ولد المؤلف في آبة، وإليها نسب، ولم تشر أيّ من المصادر إلى سنة ولادته،
__________
(1) انظر «الكامل في التاريخ» لابن الاثير 6/ 315.
(2) وفيات الأعيان 2/ 11.(1/9)
وقال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» 1/ 5150: آبة، بليدة تقابل ساوة تعرف بين العامة بآوة، وأهلها شيعة، وأهل ساوة سنيّة، لا تزال الحروب بين البلدين قائمة على المذهب
وإليها، فيما أحسب، ينسب الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي، ولّي أعمال جليلة، وصحب الصّاحب بن عباد، ثم وزر لمجد الدولة رستم بن فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه، وكان أديبا شاعرا مصنّفا، وهو مؤلف كتاب «نثر الدر»، و «تاريخ الري»، وغير ذلك، وأخوه أبو منصور محمد كان من عظماء الكتاب وجلّة الوزراء، وزر لملك طبرستان.
تذكر المراجع إذا أن الآبي تولّى الوزارة لمجد الدولة أبي طالب رستم البويهي سلطان الري، ولا يعرف بالتحديد سنة ولايته هذا المنصب، غير أنه يعرف أنه عزل من الوزارة سنة 420هـ، عندما غزا محمود بن سبكتين الغزنوي إقليم الري، وولى الآبي استيفاء الأموال.
لم يذكر مترجمو الآبي أيّ أثر من آثاره كوزير، ولكنهم ذكروا آثاره الأدبية وهي: «نثر الدر» و «نزهة الأدب» و «تاريخ الري».
قال الثعالبي في «تتمة يتيمة الدهر» ص 126119:
هو الذي يقول فيه الصاحب: [السريع]
قل لأبي سعد فتى الآبي ... أنت لأنواع الخنى آب
الناس من كانون أخلاقهم ... وخلقك المعسول من آب
وتقلّد الوزارة بالريّ وكان يلقب بالوزير الكبير ذي المعالي زين الكفاة وهو الآن في ولاية فضله وسروره وهناك من شرف النفس وكرم الطبع وعلوّ الهمة وعظم الحشمة ما الأخبار به سائرة والدلائل عليه ظاهرة ثم هو من أجمع أهل زمانه لمحاسن الآداب وأغوصهم على خبايا العلوم وله من المصنّفات كتاب التاريخ الذي لم يسبق إلى تصنيف مثله وكتاب نثر الدرّ وله بلاغة بالغة وشعر بارع كقوله على طريقة أهل الحجاز: [الطويل]
على التلعات البيض من أبرق اللّوا ... تلألؤ برق مثل ما ابتسمت سعدا
وأتلع (1) إن ناش (2) الأراكة لم يدع ... لها فننا سبطا (3) ولا ورقا جعدا
إذا وردت ماء العذيب ركائبي ... فقد أعشبت مرعى وقد أعذبت وردا
__________
(1) أتلع: الطويل العنق.
(2) ناش: تناول أخذ طلب.
(3) فننا سبطا: غصنا مسترسلا عزيزا.(1/10)
يرفّ عليها الأقحوان غديّة ... وقد علّه طلّ كدمعي أو أندى
هنالك قوم كلّما زرت حيّهم ... لقيت أبا سعد به الطائر السّعدا
عقائله يفرشن بالورد طرقه ... لتوطئه أن جئته الفرس الوردا (1)
وكتب إلى أبي سعد الزنجاني وقد اصطحبا في استقبال وكانت مع غلام أبي سعد سفرة فردّها بعكمها إلى المنزل وتركهم جياعا ويقال إنّ هذه الأبيات فيما تشتمل عليه صفرة الزّنجاني أحسن وأظرف من أبيات كشاجم فيما تضمنته جونته: [من الكامل]
بئس المصاحب في السّفر ... من ليس يسمع بالسّفر
يا سفرة رجعت على ... أعقابها تمشي الخمر
ألوى بها ريب الزّما ... ن ومن يطيق يدا القدر
كم كان فيك من النّوا ... هض والدّجاج وما حضر
من لحم جدي إن نظر ... ت إليه امتعت البصر
فإذا كشطت الجلد عنه ... كشفت عن بيض الحبر
ما بين أرغفة السّمي ... ذ كمثل دارات القمر
وقدير سكباج (2) من ال ... ملحاء أو زور البقر
قد زعفروه وقطّعوا ... فيه مع البصل الجزر
كسبائك العقيان قد ... قرنت إلى أكر النقر (3)
يا حبّذا تلك القطا ... ع وحبذا تلك القدر
ومطاول اللّفات في ... ها مسبطرّا (4) ذا عجر
مثل الأيور بلا فيا ... ش والزّباب بلا كمر
قد داعبه بهذا البيت لأنه كان ينسب إلى الأبنة:
والبيض مسلوقا على ... شكل اليتيمة في الدّرر
فمشدّخ فيه كنس ... رين يغاديه المطر
ومنصف كالنّرجس ال ... رّيان في وقت السّحر
ومدحرج من قشر جو ... ز الهند تحكيه الأكر
__________
(1) الورد: مكان ورود الماء.
(2) سكباج: مرق يتخذ من اللحم والخل.
(3) أكر النقر: القطع المذابة من الذهب والفضة.
(4) مسبطرا: مضطجعا وعجر: عقد وهموم.(1/11)
فيه من الملح المطي ... ب والأبازير الأخر
والجبن والزّيتو ... ن واللّيمون وشيراز أغر
ضحك العيال لعودها ... ومشيت أبكي في الأثر
وله في غلام هندي: [من الكامل]
يا عائبي بالهند إنّ ... فناهم أضحى بليّه
أحرقت نفسي في هوا ... هـ لأنّ ذاك لهم سجيّه
كالصّعدة (1) السّمراء غا ... در صعدتي مثل الحنيّه
صنوا الألوّة واللآ ... لى والقنا والمشرفيّه
زين المجالس والموا ... كب والنّدامى والسريّه
في الحرب ليث خادر (2) ... والسّلم مخدرة حييّه
ملء المفاضة بكرة (3) ... ملء الحشية بالعشيّه
ما أن أخاف عليه نمّا ... ما سوى وضح الثنيّه (4)
وكتب إلى الأستاذ أبي العلا هذه القصيدة الكتابية من فيروزكوه يصف البرد الشديد ويذكر أصدقاءه بالرّيّ ويجدّ مرة ويهزل أخرى ويفصح عن كلّ ظرف مليح ومزح لطيف وتدلّ على اقتدار وتوسّع وتجري القصيدة مجرى الكتاب: [من الكامل]
يا كاتبي ألق الدوّا ... ة وقطّ حافية الآباء
أرهف يراعتك الّتي ... تزري مضاء بالقضاء
واجمع خواطرك الّتي اك ... تسبت ذكاء من ذكاء
وانقع عليك دواتك ال ... حرّى بنقس (5) أو بماء
وتناول الدّرج الملطّ ... ف وانتخبه ذا صفاء
واكتب لسيّدنا صفيّ ... الحضرتين أبي العلاء
من عبده الآبيّ مع ... طيه القياد بلا آباء
أنعم صباحا أيّها الأس ... تاذ وأنعم بالمساء
وتملّ عزّا دائما ... مرخّى له طول الرّخاء
__________
(1) الصعدة: القناة المستوية التي لا تحتاج إلى تقويم.
(2) ليث خادر: أسد مقيم في عرينه أو خدره.
(3) المفاضة: الواسعة يقال درع مقاضة أي واسعة.
(4) الثنية: الأسنان التي في مقدمة الفم.
(5) بنقس: الشراب حمض وفسد.(1/12)
وابلغ نهايات المنى ... وتعدّ أرجاء الرّجاء
إنّي كتبت وقد لوت ... عضد السرور يد الثناء
وأسالت العبرات من ... عيني دمائي بل ذمائي (1)
والبين يخطر بيننا ... وتجرّ أهداب الرّداء
متبخرا أي أنّني ... أقضي وأظلم في القضاء
فكتبت من فيروزكو ... هـ مقر عزّي وارتقائي
من مورد الملك الأشمّ ... ومصدر النعم الرّواء
لثلاث عشرة جزن من ... شعبان يوم الأربعاء
عن نعمة وسعادة ... ومزيد عزّ واعتلاء
وسلامة لو لم يكدّ ... رها تراخي الالتقاء
والحمد لله الّذي ... أولى الجزيل من العطاء
وعلى النبي وآله الص ... لوات نامية الزّكاء
ما لي كتبت وما أجب ... ت تنكّبا سنن السّواء
أأنفت من ردّ الجوا ... ب وما أنفت من ابتدائي
إنّي انتميت إلى ولائ ... ك فارع لي حقّ الولاء
ظهر اعتزازي باعتزاي ... وبدا نماي بانتمائي
ومنها في وصف البرد:
في موضع خفتت (2) به ال ... أصوات بردا في النّداء
فالرّيق يجمد في اللها ... والصّوت يجمد في الهواء
نطأ (3) الزّجاج من الزّجا ... ج إذا مشينا في فضاء
والجوّ يلمع في نوا ... حيه ضريب كالهباء
وكأنّما صقلت به ... بيض السّيوف أو المراء
جمدت له الصّهباء حت ... ى قد أتتك بلا إناء
فإذا أردت خرطت فصّ ... ك من رحيق أو طلاء
لو عاين العذرى مث ... وى قد رضيت به بوائي (4)
أو حله الهاه عن حر ... الهوى برد الهواء
__________
(1) ذمائي: بقية روحي.
(2) خفتت: استرخت وخفتت.
(3) نطأ: نمشي وندوس.
(4) بوائي: مقامي مقرّي.(1/13)
ومنها:
فالآن قل لي كيف أن ... ت وكيف اخوان الصّفاء
من كلّ مشبوح (1) الذّرا ... ع مشيع غمر (2) الرّداء
سام تنوس ذؤابتا ... هـ (3) على شطاط (4) كاللّواء
واعدّد فتى زنجان في ... هم فهو عين الأصدقاء
فهو السّليم على انتفا ... دي والصّحيح على انتفائي
عين الصديق بلا امترا ... ء والشّفيق بلا مراء
وعصابة أخرى أحا ... شيهم من الدّاء العياء
ومعاذ ربّي أن يز ... نّ فقيه قوم بالبغاء
أو أن يقال لخازن الس ... لطان لصّ ذو ارتشاء
بلّغ جميعهم السّلا ... م وقل لقاؤكم شفائي
لا تبلّغني أن كتب ... ت سلام أولاد الزّناء
وإليك ألف تحية ... من حاجتي لا بل كيائي (5)
من جنتي يوم التّلاقي ... جنّتي يوم اللّقاء
شمس النّدى إذا بدا ... أسد الوغا رشأ الخباء
جدّي وهزلي منه ما ... بين الغناء إلى الغناء
وأراك تشمت إن عرف ... ت دنوّه للالتحاء
رفقا فقد زاد العذا ... ر برغمكم ضعفي بلائي
والشّاطر العيّار بلّ ... غه سلامي في خفاء
لا يفطننّ لذاك من ... تدري فيغري بالجفاء
قمر كأنّ جبينه ... فلق العمود من الضيّاء
أفديه بالعمر العزيز ... إن ارتضاني للفداء
أبلغه مالكتي وني ... ك بالرّسول من الشّقاء
أبلغه أنّك نائب ... عني على جهة الإخاء
قبّله عني لو يروّ ... ي غلّتي (6) ويسكّ (7) دائي
__________
(1) مشبوح الذراع: مقيّد.
(2) غمر الرداء: كثير الأقذار.
(3) تنوس ذؤبتاه: تكاد تنطفىء لقلّة الزيت.
(4) شطاط: حسن القوام الطول.
(5) كيائي: لوعتي واحتراقي.
(6) غلّتي: شدة عطشي.
(7) يسكّ: يسدّ ويشفي.(1/14)
رد من مراشفه العذا ... ب مشارب العذب الرّواء
واحلل قراطقه برف ... ق واسر أعطاف القباء
وإذا هممت بغيره ... لقّيت لاذعة الخصاء
وسقيت كافورا وسا ... ثر ما يطفّي من دواء
وجزيت عن ولهي ووق ... دة لوعتي شرّ الجزاء
أدعو عليك وما أرا ... ك تخاف عادية الدّعاء
ولدعوة المظلوم مض ... طرب فسيح في السّماء
وله قصيدة في هجاء أهل الريّ قالها على لسان أبي القاسم بن حريش كهذه التي قد مرّت في الطول والجودة والتناسب وأوّلها: [من الكامل]
تبّا لرجرجة من الكتّاب ... ما علّموا الآداب في الكتّاب (1)
ما بين مأبون (2) يواري سوءة ... لأخيه مقتديا بفعل غراب
وهي أطول من أن يتسع هذا الكتاب للجمع بينها وبين الّتي تقدّمتها.
توفي الآبي سنة 421هـ، وقيل: سنة 422هـ. انتهى من تتمة يتيمة الدهر.
كتاب نثر الدّرّ:
كان أبو سعد الآبي كغيره من الأدباء والمؤلّفين الذين سبقوه، جامعا مستوعبا، تجد في كتابه «نثر الدّرّ» التاريخ، والتراجم، والأخبار، والطرائف، والخطب، والأحاديث، والتفسير، من نفس النمط الذي اتبعه المؤلفون الأدباء من قبله. والحق أن هذا الكتاب يعدّ من أمهات الكتب في الأدب العربي القديم، فقد حوى الكثير من المأثورات الأدبية، والإشارات التاريخية والأخبار، والنوادر، والتراجم، وألوان الجد والهزل، والخطب، والرسائل، والحكمة والمثل، في عصور مختلفة من عصور التاريخ العربي، واختط فيه لنفسه منهجا جديدا، ميّزه عن أشباهه من الكتب. ونستطيع أن نميّز هذا المنهج في الشكل الذي أخرجه المؤلف لكتابه. فقد جعل المؤلف الشخصية وليس الموضوع،
__________
(1) الكتاب: المدرسة، وهنا جناس تام بين الكتبة ومكان أخذ العلم.
(2) مأبون: سيىء معاب.(1/15)
محورا للأقوال والأخبار التي أوردها، فأورد بعد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم كلام الإمام علي، ثم الأئمة، ثم العباسيين من غير الخلفاء، وعلى ذلك النهج سار في كل فصول الكتاب، وقدم لكل فصل مقدمة اشتملت على كل أبوابه. وعلى الرغم من أنه لا يوجد بين هذه الأقوال جامع يربطها إلا بلاغتها أو طرافتها، فهي في مجموعها قد تكون أكثر إفادة في فهم الشخصية والإحاطة بجوانبها المختلفة.
وقد اتّبع المؤلف من سبقوه في التأليف الأدبي، كالجاحظ وابن قتيبة، في مزج الجد بالهزل، ترويحا عن النفس واستدراجا للقارىء، ولكنه خصص للهزل والمجون أبوابا في كل فصل، وأخلى الفصل الأول منه، احتراما للقرآن الكريم، ومقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل البيت. وقصد المؤلف كما صرّح هو نفسه في مقدمة الفصل الأول أن يخلو الكتاب من الخطب والقصائد الطّوال، وأن يكون مجموعة أقوال بليغة وطريفة وغير مترابطة، بحيث يصدق عليه عنوان «نثر الدر».
يبقى أن نشير إلى أنه لا توجد نسخة كاملة تضم كل فصول «نثر الدر» إلا واحدة موجودة في مكتبة كوبريللي بأنقرة، وقد صوّرتها دار الكتب المصرية بجميع فصولها، وهي هذه النسخة التي اعتمدنا عليها أساسا في إخراج هذه الطبعة. وهذه النسخة موجودة بدار الكتب المصرية، فن الأدب رقم 4428، رقم الميكروفيلم 1788. وهي سبعة فصول أو أجزاء، كل جزأين في مجلد، والجزء السابع في مجلد منفرد.
كما نشير إلى أن هذا الكتاب طبعته الهيئة المصرية العامة للكتاب في سبعة أجزاء ما بين سنتي 1978و 1991، كما يلي:
الجزء الأول صدر سنة 1978. الجزء الثاني صدر سنة 1981. الجزء الثالث صدر سنة 1984. الجزء الرابع صدر سنة 1985. الجزء الخامس صدر سنة 1987.
الجزء السادس (القسم الأول منه) صدر سنة 1989. الجزء السادس (القسم الثاني منه) صدر سنة 1990. الجزء السابع صدر سنة 1991.
وطبع هذا الكتاب أيضا في تونس الدار التونسية مطبعة الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1983، بتحقيق عثمان بوغنجي وفي هذه الطبعة تصحيفات كثيرة.
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط(1/16)
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط(1/17)
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط(1/18)
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط(1/19)
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط(1/20)
ونشير أخيرا إلى أننا اعتمدنا عند تحقيقنا لهذا الكتاب على المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية، كما قارنّا المخطوط مع طبعة الهيئة المصرية، ومع الطبعة التونسية. والحمد لله أولا وآخرا.
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأولى من المخطوط
صورة اللوحة (أ) من الورقة الأخيرة من المخطوط
صورة اللوحة (ب) من الورقة الأخيرة من المخطوط
مقدمة المؤلّف
بسم الله الرّحمن الرّحيم بحمد الله نستفتح أقوالنا وأعمالنا، وبذكره نستنجح طلباتنا وآمالنا، وإياه نستخير، وبعدله نستجير، وبحبله نعتصم، ولأمره نستسلم وإليه نجأر، وفضله نشكر، وعفوه نرجو، وسطوه نرهب، وعقابه نخشى، وثوابه نأمل، وإياه نستعين، عليه نتوكّل، وبنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم نتوسل. له الحمد على مواهبه التي لا نحصيها عددا، ولا نعرف لها أمدا، ولا تنقطع عنا أبدا، حمدا نبلغ به رضاه، ونستدر به نعماه. وله الشكر على منائحه التي أولاها ابتداء، ووعد على شكرها جزاء، شكرا نبلغ به من جهدنا عذرا، ونرتهن به ذخرا وأجرا، ونستديم به من نعمة الراتب الراهن، ونستدني به الشاحط (1) الشاطن (2)، ونستجر به وعده بالمزيد (3)، {وَمََا رَبُّكَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصّلت: الآية 46] اللهم كما علّمتنا بالقلم، وأنطقتنا باللسان الأقصح، وأريتنا لفم الطريق الأوضح، وهديتنا لصراطك المستقيم، وفقهتنا في الدين، وعلمتنا من تأويل الأحاديث، فأوزعنا أن نطلب الزّلفى لديك، بالحمد لك والثناء عليك، ووفّقنا لارتباط آلائك بشكرها، وأعذنا من أن يحل عقالها بكفرها، وأيدنا بأيدك، وأجرنا من كيدك، وسددنا لقضاء حقك وأداء فرضك، وشكر نعمتك، ولزوم محجتك، والتزام حجتك، والاستضاءة بنورك الذي لا يضل من جعله معلما لدينه، وعلما يتلقاه بيمينه. اللهم أنت المأمول، وعدلك المأمون، وفضلك المرجوّ.
بإحسانك الملاذ، وبك من سخطك العياذ. أعوذ بك من الخطل (4). في
__________
(1) شحط المكان شحوطا: بعد.
(2) شطنت الدار شطونا: بعدت أيضا.
(3) يشير إلى قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: الآية 7].
(4) الخطل: الكلام الفاسد الكثير المضطرب.(1/21)
القول، كما أعوذ بك من الخطأ في العمل. وأعوذ بك من زلل اللسان والقلم كما أعوذ بك من زلل القدم، وأعوذ بك من النطق الفاضح، كما أعوذ بك من العي الفادح. فاجعل نطقنا ثناء على عزّتك، وصمتنا فكرا في قدرتك.
وجنّبنا في جميع أحوالنا ومختلفات أقوالنا وأفعالنا ما نستجلب به غضبك، ونحتقب (1) به الشّرك بك، تشبيها لك بخلقك وتصويرا وتظليما لك في فعلك، وتجويرا وعدولا في دينك عن الجدد (2)، وتنكبا للسنن الأرشد، الذي هدانا إليه نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم، بوحيك الذي أوحيته إليه، وكلامك الذي أنزلته عليه، مبلّغا لرسالتك، ناديا إلى عبادتك، صادعا بالدعاء إلى توحيدك، معلنا بتعظيمك وتمجيدك، ناصحا لأمته وعبيدك. صلى الله عليه صلاة نامية زاكية وسلّم سلاما طيبا كثيرا وعلى أصحابه وأهل بيته الذين أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا.
وبعد،
فإني رأيتك أمتع الله بأدبك، وأمتع الأدب وأهله بك حين سمعت بالمجموع الكبير الذي سميته «نزهة الأديب» (3) ظننتني قصدت به قصد من يؤلف كتابا، فيصنفه أصنافا ويبّوبه أبوابا، حتى يتميز فيه النثر عن النظم، والجدّ عن الهزل، والسمين عن الغث، والبارع عن الرذل، وتكثر فيه الأشكال والنظائر، وتتشابه منه الأوائل والأواخر، ولم تعلم أنه جرى مجرى التعليق، الذي يحتوي على الجليل والدقيق، ويقرن بين القريب والسحيق، ويكون كاتبه كحاطب الليل يجمع نبعا (4) وقتادا (5)، وجارف السيل يجمل منافع وأزبادا، ويكون قارئه كغائص البحر يغوص مرة على الدرة الثمينة، وأخرى على الصدقة المهينة، حتى يخرج من الجد الشريف إلى المزح السخيف، ومن الجذل البديع إلى الهزل الشنيع، ومن فصيح المقال إلى العي المحال ومن الموعظة التي تدنى إلى الرب إلى النادرة التي تغرى بالذنب. ورأيت ميلك من جميع ذلك إلى
__________
(1) احتقب الشيء: أردفه، واحتقب فلان الإثم: ارتكبه.
(2) الجدد: الأرض المستوية، وفي المثل: «من سلك الجدد أمن العثار»، يضرب في طلب العافية.
(3) في كشف الظنون 2/ 1939: «نزهة الأدب» لأبي سعيد منصور بن الحسين الآبي.
(4) النبع: شجر تصنع منه القسي والسهام.
(5) القتاد: الشوك.(1/22)
الكلام الموجز، واللفظ المختصر، واليسير المستغرب، والنادر المستطرف دون الكثير المبتذل، والشائع المشتهر، وإلى الخطب القصار دون الإسهاب والإكثار، وإلى القرحة (1) الواقفة من النثر دون الغرة السائلة من الشعر. وتصوّرت إيثارك لأن يجمع كل شكل إلى شكله، ويقرن كلّ فصل إلى مثله حتى يأخذ بعض الكلام برقاب كله، ويتّسق آخر الباب على أوله. فصنّفت لك هذا الكتاب محتذيا لتمثيلك، مهتديا بدليلك. واقتصرت فيما أوردته فيه على الفقر الفصيحة، والنوادر المليحة، والمواعظ الرقيقة، والألفاظ الرشيقة وأخليته من الأشعار، ومن الأخبار الطوال التي تجري مجرى الأسماء. وسميته «نثر الدر». فلا يعثر فيه من النظم إلا بالبيت الشارد، والمصراع الواحد الذي يرد في أدراج الكلام يتم به مقطعه، وأثناء خطاب يحسن منه موقعه. وهو كتاب ينتفع به الأديب المتقدم، كما ينتفع به الشادي (2) المتعلم، ويأنس به الزاهد المتنسك، كما يأنس به الخليع المتهتّك، ويحتاج إليه الملك في سياسة ممالكه، كما يحتاج إليه المملوك في خدمة مالكه، وهو نعم العون للكاتب في رسائله وكتبه، وللخطيب في محاوراته وخطبه، وللواعظ في إنذاره وتحذيره، وللقاضي في إذكاره وتبصيره، وللزاهد في قناعته وتسلّيه، وللمتبتّل في نزاهته وتخليه.
فأما النديم فغير مستغن عنه في مسامرة رئيسه، وأما الملهى فمضطرّ إليه عند مضاحكته وتأنيسه. وقد جعلته سبعة فصول، يشتمل كل فصل على أبواب يتشابه ما فيها، وتتقارب معانيها. وذكرت أبواب الفصول في أوائلها ليقرب الأمر فيه على متناولها.
وهذا هو «الفصل الأول»، ويشتمل على خمسة أبواب:
الباب الأول: يشتمل على آيات من كتاب الله عزّ وجلّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بألفاظ متشابهة، ونظائر متشاكلة، يحتاج الكاتب إليها ليوشّح بها كلامه، ويزيّن برونقها ألفاظه، ويحسّن بإيرادها في أثناء كتبه ومقاطع فصوله بلاغته، بل يسدّ بجمالها خلته (3)، ويتمم بكمالها
__________
(1) القرحة: هي الغرة الصغيرة في وجه الفرس.
(2) الشادي: الذي أخذ طرفا من العلم.
(3) الخلّة: الثقبة الصغيرة، والحاجة والفقر، وفلان ذو خلّة: محتاج أو مسته لأمر من الأمور.(1/23)
نقيصته، فيخرج الكلام عن أن يكون مخدجا (1) بلا نظام، وأبتر عن غير تمام، وكالفتى العطل من حلية الأدب، أو كالفتاة العاطل من حليّ الذهب. فقدما سميت الخطبة التي تخلو من آيات القرآن بتراء، ولقّبت وإن كانت رشيقة شوهاء، ولا غنى عنها فيما ينشأ من الفتوح والعهود، والمواثيق والعقود، وكتب الأمان والإيمان، وسائر ما يعبّر به عن السلطان من الأمر بالتقوى والطاعة، وإقامة الصلوات وحفظ الجماعة، واستنزل النصر عند الجهاد، وسدّ الثغور بالعدد والأعداد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتسوية في الحكم بين الأقوى والأضعف، والأكبر والأصغر، وقسمة الصدقات والمغانم، وتوخّي العدل واجتناب المظالم، وما يجانس هذه الأمور مما يجعله الكاتب وصلة لكلامه، والخطيب توصلا إلى أقصى مرامه، والواعظ إذكارا للناسي، والقاصّ استلانة للقلب القاسي. وبالله التوفيق، ومن عنده العصمة، وعليه التكلان، وإليه المهرب والملجأ.
الباب الثاني: يشتمل على ألفاظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم موجزة فصيحة، وأغراض في تأديب الخلق وإرشادهم صحيحة، ينتفع بها الإنسان في معاشه ومعاده، ويستضيء بها عند إصداره وإيراده إذ كانت أفصح الكلام بعد القرآن العظيم، وأهداه إلى الطريق المستقيم لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا أفصح العرب بيد أنّي من قريش» (2).
الباب الثالث: يشتمل على نكت من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذ كان صنو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتلوه، يقتفي أثره، ويحذو حذوه، من ضوئه اقتبس، ومن نوئه استمطر، ومن سنائه استمد، ومن سمائه استنزل فيه اقتداؤه واهتداؤه، وإليه انتماؤه واعتزاؤه.
الباب الرابع: يشتمل على نكت من كلام الأئمة من ولده رضي الله عنهم، والأشراف من أهل بيته الذين هم سلالة النبوة، وصفوة الخلق، وأولو
__________
(1) خدج خداجا: نقص، وخدجت الحامل: ألقت ولدها قبل تمام أيامه، وإن كان تامّ الخلق، فهي خادج.
(2) أخرجه العجلوني في كشف الخفاء 1/ 232، 2/ 850، والقاضي عياض في الشفاء 1/ 178، وعلي القاري في الأسرار المرفوعة 117.(1/24)
الأمر وأرباب الحق. فيهم محطّ الرسالة، ومقرّ الإمامة، ومهبط الوحي، ومقتبس العلم، ومنار الإسلام، ومعلم الدين، وشعار الإيمان.
الباب الخامس: يشتمل على نكت من كلام سادة بني هاشم الذين هم عصبة الرسول عليه السلام، وأولى الخلق بعد أولاده به، والمشاركون له في شرف منصبه، وكرم منتسبه، سرى ما يختص بخلفائهم، فإن ذلك يورد في باب يختص به ويفرد لذكره.
وسنذكر عند ابتدائنا بكل فصل من فصول الكتاب، ترجمة ما يحتوي عليه من الأبواب بعون الله.(1/25)
وسنذكر عند ابتدائنا بكل فصل من فصول الكتاب، ترجمة ما يحتوي عليه من الأبواب بعون الله.
الباب الأول فيه النظائر من القرآن الآيات التي ذكر فيها التقوى، وهي أول ما تفتتح بها العهود، ويصدر بالحثّ عليها المناشير والشروط
{وَإِيََّايَ فَاتَّقُونِ} [البقرة: الآية 41].
{وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} [البقرة: الآية 48].
{وَاذْكُرُوا مََا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: الآية 63].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: الآية 189].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} [البقرة: الآية 196].
{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ وَاتَّقُونِ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ} [البقرة: الآية 197].
{وَإِذََا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللََّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: الآية 206].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: الآية 203].
{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} [البقرة: الآية 212].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: الآية 233].
{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ََ} [البقرة: الآية 237].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَذَرُوا مََا بَقِيَ مِنَ الرِّبََا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}
[البقرة: الآية 278].
{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ} [البقرة: الآية 281].
{وَلْيَتَّقِ اللََّهَ رَبَّهُ} [البقرة: الآية 282].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}
[آل عمران: الآية 102].
{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: الآية 179].(1/27)
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}
[آل عمران: الآية 102].
{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: الآية 179].
{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذََلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: الآية 186].
{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لََا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران: الآية 120].
{اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ} [النّساء: الآية 1].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: الآية 1].
{وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللََّهَ كََانَ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النّساء: الآية 128].
{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيََّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللََّهَ} [النّساء:
الآية 131].
{وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} [المائدة: الآية 2].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: الآية 7].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} [المائدة: الآية 8].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: الآية 11].
{إِنَّمََا يَتَقَبَّلُ اللََّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: الآية 27].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجََاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} [المائدة: الآية 35].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: الآية 100].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَاسْمَعُوا وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفََاسِقِينَ} [المائدة: الآية 108].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ وَأَصْلِحُوا ذََاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: الآية 1].
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ (25)} [الأنفال: الآية 25].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللََّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقََاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئََاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} [الأنفال: الآية 29].(1/28)
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ (25)} [الأنفال: الآية 25].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللََّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقََاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئََاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} [الأنفال: الآية 29].
{إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التّوبة: الآية 4].
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التّوبة: الآية 36].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَكُونُوا مَعَ الصََّادِقِينَ (119)} [التّوبة: الآية 119].
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: الآية 90].
{لََا إِلََهَ إِلََّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النّحل: الآية 2].
{أَفَغَيْرَ اللََّهِ تَتَّقُونَ} [النّحل: الآية 52].
{إِنَّ اللََّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)} [النّحل: الآية 128].
{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبََادِنََا مَنْ كََانَ تَقِيًّا (63)} [مريم: الآية 63].
{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظََّالِمِينَ فِيهََا جِثِيًّا (72)} [مريم: الآية 72].
{وَصَرَّفْنََا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [طه: الآية 113].
{لَنْ يَنََالَ اللََّهَ لُحُومُهََا وَلََا دِمََاؤُهََا وَلََكِنْ يَنََالُهُ التَّقْوى ََ مِنْكُمْ} [الحجّ: الآية 37].
{أَفَلََا تَتَّقُونَ} [المؤمنون: الآية 23].
{وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمََا تَعْلَمُونَ (132)} [الشّعراء: الآية 132].
{وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184)} [الشّعراء: الآية 184].
{أَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: الآية 194].
{وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكََانُوا يَتَّقُونَ (53)} [النّمل: الآية 53].
{اتَّقِ اللََّهَ وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلِيماً حَكِيماً}
[الأحزاب: الآية 1].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (70)} [الأحزاب: الآية 70].(1/29)
{اتَّقِ اللََّهَ وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلِيماً حَكِيماً}
[الأحزاب: الآية 1].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (70)} [الأحزاب: الآية 70].
{ذََلِكَ يُخَوِّفُ اللََّهُ بِهِ عِبََادَهُ يََا عِبََادِ فَاتَّقُونِ} [الزّمر: الآية 16].
{وَيُنَجِّي اللََّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفََازَتِهِمْ لََا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}
[الزّمر: الآية 61].
{وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزّخرف: الآية 35].
{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمّد: الآية 36].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: الآية 1].
{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللََّهِ أَتْقََاكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: الآية 13].
{فَلََا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ََ} [النّجم: الآية 32].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} [الحديد: الآية 28].
{وَتَنََاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المجادلة: الآية 9].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مََا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر: الآية 18].
{وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [الممتحنة: الآية 11].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التّغابن: الآية 16].
{وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} [الطّلاق:
الآيتان 2، 3].
{وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطّلاق: الآية 4].
{وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئََاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} [الطّلاق: الآية 5].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ} [الطّلاق: الآية 10].
{اعْبُدُوا اللََّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: الآية 3].(1/30)
{اعْبُدُوا اللََّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: الآية 3].
الآيات التي فيها ذكر الصلاة
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)}
[البقرة: الآية 3].
{وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرََّاكِعِينَ (43)} [البقرة: الآية 43].
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ وَإِنَّهََا لَكَبِيرَةٌ إِلََّا عَلَى الْخََاشِعِينَ (45)} [البقرة: الآية 45].
{وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَمََا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)} [البقرة: الآية 110].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ (153)} [البقرة:
الآية 153].
{إِنَّ الصَّلََاةَ كََانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتََاباً مَوْقُوتاً} [النّساء: الآية 103].
{وَإِذََا قََامُوا إِلَى الصَّلََاةِ قََامُوا كُسََالى ََ} [النّساء: الآية 142].
{وَقََالَ اللََّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلََاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكََاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً} [المائدة: الآية 12].
{إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ (55)} [المائدة: الآية 55].
{وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)} [الأنعام: الآية 72].
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولََئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجََاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} [الأنفال: الآيتان 3، 4].
{فَإِنْ تََابُوا وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ وَآتَوُا الزَّكََاةَ فَإِخْوََانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)} [التّوبة: الآية 11].
{قُلْ لِعِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلََاةَ وَيُنْفِقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَعَلََانِيَةً}
[إبراهيم: الآية 31].
{أَقِمِ الصَّلََاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى ََ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كََانَ مَشْهُوداً (78)} [الإسراء: الآية 78].(1/31)
{قُلْ لِعِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلََاةَ وَيُنْفِقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَعَلََانِيَةً}
[إبراهيم: الآية 31].
{أَقِمِ الصَّلََاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى ََ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كََانَ مَشْهُوداً (78)} [الإسراء: الآية 78].
{وَكََانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلََاةِ وَالزَّكََاةِ وَكََانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} [مريم: الآية 55].
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
[مريم: الآية 59].
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلََاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهََا} [طه: الآية 132].
{فَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللََّهِ هُوَ مَوْلََاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحجّ: الآية 78].
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلََاتِهِمْ خََاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: الآيتان 1، 2].
{وَالَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلَوََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ (9)} [المؤمنون: الآية 9].
{رِجََالٌ لََا تُلْهِيهِمْ تِجََارَةٌ وَلََا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللََّهِ وَإِقََامِ الصَّلََاةِ} [النّور: الآية 37].
{وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} [النّور:
الآية 56].
{هُدىً وَبُشْرى ََ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)} [النّمل: الآيتان 2، 3].
{اتْلُ مََا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتََابِ وَأَقِمِ الصَّلََاةَ إِنَّ الصَّلََاةَ تَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللََّهِ أَكْبَرُ وَاللََّهُ يَعْلَمُ مََا تَصْنَعُونَ (45)} [العنكبوت: الآية 45].
{وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَلََا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الرّوم: الآية 31].
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتََابَ اللََّهِ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ وَأَنْفَقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَعَلََانِيَةً يَرْجُونَ تِجََارَةً لَنْ تَبُورَ (29)} [فاطر: الآية 29].
{وَالَّذِينَ اسْتَجََابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى ََ بَيْنَهُمْ وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}
[الشّورى: الآية 38].
{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتََابَ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَاللََّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: الآية 13].(1/32)
{وَالَّذِينَ اسْتَجََابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى ََ بَيْنَهُمْ وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}
[الشّورى: الآية 38].
{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتََابَ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَاللََّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: الآية 13].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نُودِيَ لِلصَّلََاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ََ ذِكْرِ اللََّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذََا قُضِيَتِ الصَّلََاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} [الجمعة: الآيتان 9، 10].
{وَالَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ (34) أُولََئِكَ فِي جَنََّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)} [المعارج:
الآيتان 34، 35].
{فَاقْرَؤُا مََا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ وَأَقْرِضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً} [المزمّل:
الآية 20].
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكََّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى (15)} [الأعلى: الآيتان 14، 15].
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى ََ (9) عَبْداً إِذََا صَلََّى (10)} [العلق: الآيتان 9، 10].
{وَمََا أُمِرُوا إِلََّا لِيَعْبُدُوا اللََّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفََاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلََاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكََاةَ وَذََلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البيّنة: الآية 5].
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلََاتِهِمْ سََاهُونَ (5)} [الماعون: الآيتان 4، 5].
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: الآية 2].
التحميدات
{الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ (2)} [الفاتحة: الآية 2].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمََاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)} [الأنعام: الآية 1].
{فَقُطِعَ دََابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ (45)} [الأنعام: الآية 45].
{وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ}
[الأعراف: الآية 43].
{وَآخِرُ دَعْوََاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} [يونس: الآية 10].(1/33)
{وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ}
[الأعراف: الآية 43].
{وَآخِرُ دَعْوََاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} [يونس: الآية 10].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعََاءِ (39)} [إبراهيم: الآية 39].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} [النّحل: الآية 75].
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)} [الإسراء: الآية 111].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى ََ عَبْدِهِ الْكِتََابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (1)} [الكهف: الآية 1].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي نَجََّانََا مِنَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} [المؤمنون: الآية 28].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي فَضَّلَنََا عَلى ََ كَثِيرٍ مِنْ عِبََادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النّمل: الآية 15].
{قُلِ الْحَمْدُ لِلََّهِ وَسَلََامٌ عَلى ََ عِبََادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى ََ آللََّهُ خَيْرٌ أَمََّا يُشْرِكُونَ (59)}
[النّمل: الآية 59].
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلََّهِ سَيُرِيكُمْ آيََاتِهِ فَتَعْرِفُونَهََا وَمََا رَبُّكَ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ (93)} [النّمل:
الآية 93].
{وَهُوَ اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى ََ وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)} [القصص: الآية 70].
{وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الرّوم: الآية 18].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)} [سبأ: الآية 1].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ فََاطِرِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ جََاعِلِ الْمَلََائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مََا يَشََاءُ إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} [فاطر: الآية 1].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنََا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: الآية 34].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} [النّحل: الآية 75].(1/34)
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنََا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: الآية 34].
{الْحَمْدُ لِلََّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} [النّحل: الآية 75].
{وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي صَدَقَنََا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشََاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعََامِلِينَ (74)} [الزّمر: الآية 74].
{فَلِلََّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمََاوََاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعََالَمِينَ (36)} [الجاثية: الآية 36].
{لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التّغابن: الآية 1].
آيات فيها ذكر الله تعالى
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرََاشاً وَالسَّمََاءَ بِنََاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلََا تَجْعَلُوا لِلََّهِ أَنْدََاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة: الآية 22].
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)} [الأنعام: الآية 73].
{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجْنََا بِهِ نَبََاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنََا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرََاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهََا قِنْوََانٌ دََانِيَةٌ وَجَنََّاتٍ مِنْ أَعْنََابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمََّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشََابِهٍ انْظُرُوا إِلى ََ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذََلِكُمْ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)} [الأنعام: الآية 99].
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلََائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مََا آتََاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقََابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)} [الأنعام: الآية 165].
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ ثُمَّ اسْتَوى ََ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرََاتٍ بِأَمْرِهِ أَلََا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبََارَكَ اللََّهُ رَبُّ الْعََالَمِينَ (54)} [الأعراف: الآية 54].
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتََّى إِذََا أَقَلَّتْ سَحََاباً ثِقََالًا سُقْنََاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنََا بِهِ الْمََاءَ فَأَخْرَجْنََا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ كَذََلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى ََ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)} [الأعراف: الآية 57].
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهََا زَوْجَهََا لِيَسْكُنَ إِلَيْهََا فَلَمََّا تَغَشََّاهََا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: الآية 189].(1/35)
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتََّى إِذََا أَقَلَّتْ سَحََاباً ثِقََالًا سُقْنََاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنََا بِهِ الْمََاءَ فَأَخْرَجْنََا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ كَذََلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى ََ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)} [الأعراف: الآية 57].
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهََا زَوْجَهََا لِيَسْكُنَ إِلَيْهََا فَلَمََّا تَغَشََّاهََا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: الآية 189].
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيََاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنََازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسََابَ} [يونس: الآية 5].
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهََارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)} [يونس: الآية 67].
{اللََّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا ثُمَّ اسْتَوى ََ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيََاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقََاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهََا رَوََاسِيَ وَأَنْهََاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ جَعَلَ فِيهََا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)} [الرّعد:
الآيتان 2، 3].
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحََابَ الثِّقََالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلََائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوََاعِقَ فَيُصِيبُ بِهََا مَنْ يَشََاءُ وَهُمْ يُجََادِلُونَ فِي اللََّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحََالِ (13) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرّعد: الآيات 12 14].
{اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهََارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دََائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ (33) وَآتََاكُمْ مِنْ كُلِّ مََا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا إِنَّ الْإِنْسََانَ لَظَلُومٌ كَفََّارٌ (34)} [إبراهيم: الآيات 3432].
{اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللََّهَ قَدْ أَحََاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)} [الطّلاق: الآية 12].
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرََابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنََابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)} [النّحل: الآيتان 10، 11].
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهََا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوََاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)} [النّحل: الآية 14].(1/36)
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرََابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنََابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)} [النّحل: الآيتان 10، 11].
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهََا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوََاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)} [النّحل: الآية 14].
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهََا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجْنََا بِهِ أَزْوََاجاً مِنْ نَبََاتٍ شَتََّى (53)} [طه: الآية 53].
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}
[الأنبياء: الآية 33].
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مََا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلََافُ اللَّيْلِ وَالنَّهََارِ أَفَلََا تَعْقِلُونَ (80)} [المؤمنون: الآيات 8078].
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)} [الفرقان: الآية 2].
{تَبََارَكَ الَّذِي إِنْ شََاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذََلِكَ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10)} [الفرقان: الآية 10].
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبََاساً وَالنَّوْمَ سُبََاتاً وَجَعَلَ النَّهََارَ نُشُوراً (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنََا مِنَ السَّمََاءِ مََاءً طَهُوراً (48)}
[الفرقان: الآيتان 47، 48].
{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هََذََا عَذْبٌ فُرََاتٌ وَهََذََا مِلْحٌ أُجََاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمََا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمََاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكََانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54)} [الفرقان: الآيتان 53، 54].
{الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَمََا بَيْنَهُمََا فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ ثُمَّ اسْتَوى ََ عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمََنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (59)} [الفرقان: الآية 59].
{تَبََارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهََا سِرََاجاً وَقَمَراً مُنِيراً (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرََادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرََادَ شُكُوراً (62)} [الفرقان:
الآيتان 61، 62].
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذََا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)} [الشّعراء: الآيات 8278].(1/37)
الآيتان 61، 62].
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذََا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)} [الشّعراء: الآيات 8278].
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى ََ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} [الرّوم: الآية 27].
{اللََّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكََائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذََلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحََانَهُ وَتَعََالى ََ عَمََّا يُشْرِكُونَ (40)} [الرّوم: الآية 40].
{اللََّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمََاءِ كَيْفَ يَشََاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلََالِهِ فَإِذََا أَصََابَ بِهِ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ إِذََا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)}
[الرّوم: الآية 48].
{اللََّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مََا يَشََاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)} [الرّوم: الآية 54].
{اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَمََا بَيْنَهُمََا فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ ثُمَّ اسْتَوى ََ عَلَى الْعَرْشِ مََا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلََا شَفِيعٍ أَفَلََا تَتَذَكَّرُونَ (4)} [السّجدة: الآية 4].
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسََانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلََالَةٍ مِنْ مََاءٍ مَهِينٍ (8)} [السّجدة: الآيتان 7، 8].
{وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً فَسُقْنََاهُ إِلى ََ بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنََا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا كَذََلِكَ النُّشُورُ (9)} [فاطر: الآية 9].
{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلََائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلََا يَزِيدُ الْكََافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلََّا مَقْتاً وَلََا يَزِيدُ الْكََافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلََّا خَسََاراً (39)} [فاطر: الآية 39].
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نََاراً فَإِذََا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)}
[يس: الآية 80].
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيََاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمََاءِ رِزْقاً وَمََا يَتَذَكَّرُ إِلََّا مَنْ يُنِيبُ (13)} [غافر: الآية 13].
{اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهََارَ مُبْصِراً إِنَّ اللََّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النََّاسِ وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَشْكُرُونَ (61)} [غافر: الآية 61].(1/38)
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيََاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمََاءِ رِزْقاً وَمََا يَتَذَكَّرُ إِلََّا مَنْ يُنِيبُ (13)} [غافر: الآية 13].
{اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهََارَ مُبْصِراً إِنَّ اللََّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النََّاسِ وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَشْكُرُونَ (61)} [غافر: الآية 61].
{اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرََاراً وَالسَّمََاءَ بِنََاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ ذََلِكُمُ اللََّهُ رَبُّكُمْ فَتَبََارَكَ اللََّهُ رَبُّ الْعََالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ (65)} [غافر: الآيتان 64، 65].
{هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)} [غافر:
الآية 68].
{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلََا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)} [آل عمران: الآية 60].
{اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعََامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهََا وَمِنْهََا تَأْكُلُونَ (79)} [غافر:
الآية 79].
{قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدََاداً ذََلِكَ رَبُّ الْعََالَمِينَ (9)} [فصّلت: الآية 9].
{اللََّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزََانَ وَمََا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السََّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}
[الشّورى: الآية 17].
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مََا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)} [الشّورى: الآية 28].
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهََا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنََا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذََلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوََاجَ كُلَّهََا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعََامِ مََا تَرْكَبُونَ (12)} [الزّخرف:
الآيات 1210].
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمََاءِ إِلََهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلََهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)} [الزّخرف:
الآية 84].
{اللََّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)} [الجاثية: الآية 12].
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدََادُوا إِيمََاناً مَعَ إِيمََانِهِمْ وَلِلََّهِ جُنُودُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَكََانَ اللََّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4)} [الفتح: الآية 4].(1/39)
{اللََّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)} [الجاثية: الآية 12].
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدََادُوا إِيمََاناً مَعَ إِيمََانِهِمْ وَلِلََّهِ جُنُودُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَكََانَ اللََّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4)} [الفتح: الآية 4].
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ََ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى ََ بِاللََّهِ شَهِيداً (28)} [الفتح: الآية 28].
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ ثُمَّ اسْتَوى ََ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مََا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمََا يَخْرُجُ مِنْهََا وَمََا يَنْزِلُ مِنَ السَّمََاءِ وَمََا يَعْرُجُ فِيهََا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)} [الحديد: الآية 4].
{هُوَ اللََّهُ الَّذِي لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ هُوَ الرَّحْمََنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللََّهُ الَّذِي لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلََامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبََّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحََانَ اللََّهِ عَمََّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللََّهُ الْخََالِقُ الْبََارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمََاءُ الْحُسْنى ََ يُسَبِّحُ لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} [الحشر: الآيات 2422].
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ََ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)} [الصّف: الآية 9].
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كََافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)}
[التّغابن: الآية 2].
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيََاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ طِبََاقاً مََا تَرى ََ فِي خَلْقِ الرَّحْمََنِ مِنْ تَفََاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى ََ مِنْ فُطُورٍ (3)} [الملك: الآيتان 2، 3].
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنََاكِبِهََا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)} [الملك: الآية 15].
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} [البروج: الآية 9].
{الَّذِي خَلَقَ فَسَوََّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ََ (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى ََ (4) فَجَعَلَهُ غُثََاءً أَحْوى ََ (5)} [الأعلى: الآيات 52].(1/40)
{الَّذِي خَلَقَ فَسَوََّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ََ (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى ََ (4) فَجَعَلَهُ غُثََاءً أَحْوى ََ (5)} [الأعلى: الآيات 52].
الأمثال
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نََاراً فَلَمََّا أَضََاءَتْ مََا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللََّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمََاتٍ لََا يُبْصِرُونَ (17)} [البقرة: الآية 17].
{إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا} [البقرة: الآية 26].
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ وََاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة: الآية 261].
{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوََانٍ عَلَيْهِ تُرََابٌ فَأَصََابَهُ وََابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لََا يَقْدِرُونَ عَلى ََ شَيْءٍ مِمََّا كَسَبُوا وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكََافِرِينَ} [البقرة: الآية 264].
{إِنَّ مَثَلَ عِيسى ََ عِنْدَ اللََّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرََابٍ ثُمَّ قََالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} [آل عمران: الآية 59].
{مَثَلُ مََا يُنْفِقُونَ فِي هََذِهِ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهََا صِرٌّ أَصََابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمََا ظَلَمَهُمُ اللََّهُ وَلََكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)} [آل عمران:
الآية 117].
{إِنَّمََا مَثَلُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا كَمََاءٍ أَنْزَلْنََاهُ مِنَ السَّمََاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبََاتُ الْأَرْضِ مِمََّا يَأْكُلُ النََّاسُ وَالْأَنْعََامُ حَتََّى إِذََا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهََا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهََا أَنَّهُمْ قََادِرُونَ عَلَيْهََا أَتََاهََا أَمْرُنََا لَيْلًا أَوْ نَهََاراً فَجَعَلْنََاهََا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذََلِكَ نُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)} [يونس: الآية 24].
{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى ََ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيََانِ مَثَلًا أَفَلََا تَذَكَّرُونَ (24)} [هود: الآية 24].
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفََاءً وَأَمََّا مََا يَنْفَعُ النََّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذََلِكَ يَضْرِبُ اللََّهُ الْأَمْثََالَ} [الرّعد: الآية 17].
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمََالُهُمْ كَرَمََادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عََاصِفٍ لََا يَقْدِرُونَ مِمََّا كَسَبُوا عَلى ََ شَيْءٍ ذََلِكَ هُوَ الضَّلََالُ الْبَعِيدُ (18)} [إبراهيم: الآية 18].
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهََا ثََابِتٌ وَفَرْعُهََا فِي السَّمََاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهََا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهََا وَيَضْرِبُ اللََّهُ الْأَمْثََالَ لِلنََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مََا لَهََا مِنْ قَرََارٍ (26)} [إبراهيم: الآيات 2624].(1/41)
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمََالُهُمْ كَرَمََادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عََاصِفٍ لََا يَقْدِرُونَ مِمََّا كَسَبُوا عَلى ََ شَيْءٍ ذََلِكَ هُوَ الضَّلََالُ الْبَعِيدُ (18)} [إبراهيم: الآية 18].
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهََا ثََابِتٌ وَفَرْعُهََا فِي السَّمََاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهََا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهََا وَيَضْرِبُ اللََّهُ الْأَمْثََالَ لِلنََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مََا لَهََا مِنْ قَرََارٍ (26)} [إبراهيم: الآيات 2624].
{ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لََا يَقْدِرُ عَلى ََ شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنََاهُ مِنََّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلََّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمََا أَبْكَمُ لََا يَقْدِرُ عَلى ََ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى ََ مَوْلََاهُ أَيْنَمََا يُوَجِّهْهُ لََا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)} [النّحل: الآيتان 75، 76].
{وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كََانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهََا رِزْقُهََا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكََانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللََّهِ فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمََا كََانُوا يَصْنَعُونَ (112)} [النّحل: الآية 112].
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنََا لِأَحَدِهِمََا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنََابٍ وَحَفَفْنََاهُمََا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنََا بَيْنَهُمََا زَرْعاً (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهََا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} [الكهف: الآيتان 32، 33].
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا كَمََاءٍ أَنْزَلْنََاهُ مِنَ السَّمََاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبََاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيََاحُ وَكََانَ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45)} [الكهف: الآية 45].
{وَلَقَدْ صَرَّفْنََا فِي هََذَا الْقُرْآنِ لِلنََّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكََانَ الْإِنْسََانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)} [الكهف: الآية 54].
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبََاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبََابُ شَيْئاً لََا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطََّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)} [الحجّ: الآية 73].
{اللََّهُ نُورُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكََاةٍ فِيهََا مِصْبََاحٌ الْمِصْبََاحُ فِي زُجََاجَةٍ الزُّجََاجَةُ كَأَنَّهََا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبََارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لََا شَرْقِيَّةٍ وَلََا غَرْبِيَّةٍ يَكََادُ زَيْتُهََا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نََارٌ نُورٌ عَلى ََ نُورٍ يَهْدِي اللََّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشََاءُ وَيَضْرِبُ اللََّهُ الْأَمْثََالَ لِلنََّاسِ وَاللََّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)} [النّور: الآية 35].
{وَكُلًّا ضَرَبْنََا لَهُ الْأَمْثََالَ وَكُلًّا تَبَّرْنََا تَتْبِيراً (39)} [الفرقان: الآية 39].(1/42)
{وَكُلًّا ضَرَبْنََا لَهُ الْأَمْثََالَ وَكُلًّا تَبَّرْنََا تَتْبِيراً (39)} [الفرقان: الآية 39].
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُكُمْ مِنْ شُرَكََاءَ فِي مََا رَزَقْنََاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوََاءٌ تَخََافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذََلِكَ نُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)} [الرّوم: الآية 28].
{ذََلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرََاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى ََ عَلى ََ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرََّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفََّارَ وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح: الآية 29].
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيََاةُ الدُّنْيََا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفََاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكََاثُرٌ فِي الْأَمْوََالِ وَالْأَوْلََادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفََّارَ نَبََاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرََاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطََاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذََابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََانٌ وَمَا الْحَيََاةُ الدُّنْيََا إِلََّا مَتََاعُ الْغُرُورِ (20)}
[الحديد: الآية 20].
{كَمَثَلِ الشَّيْطََانِ إِذْ قََالَ لِلْإِنْسََانِ اكْفُرْ فَلَمََّا كَفَرَ قََالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ رَبَّ الْعََالَمِينَ (16)} [الحشر: الآية 16].
{لَوْ أَنْزَلْنََا هََذَا الْقُرْآنَ عَلى ََ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خََاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللََّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثََالُ نَضْرِبُهََا لِلنََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الحشر: الآية 21].
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرََاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهََا كَمَثَلِ الْحِمََارِ يَحْمِلُ أَسْفََاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِ اللََّهِ وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ (5)}
[الجمعة: الآية 5].
{ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كََانَتََا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبََادِنََا صََالِحَيْنِ فَخََانَتََاهُمََا فَلَمْ يُغْنِيََا عَنْهُمََا مِنَ اللََّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النََّارَ مَعَ الدََّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قََالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} [التّحريم: الآيتان 10، 11].(1/43)
{ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كََانَتََا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبََادِنََا صََالِحَيْنِ فَخََانَتََاهُمََا فَلَمْ يُغْنِيََا عَنْهُمََا مِنَ اللََّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النََّارَ مَعَ الدََّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قََالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} [التّحريم: الآيتان 10، 11].
الأمر بالعدل والإحسان
{إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ وَإِيتََاءِ ذِي الْقُرْبى ََ وَيَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النّحل: الآية 90].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوََّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدََاءَ لِلََّهِ وَلَوْ عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوََالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النّساء: الآية 135].
{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف: الآية 29].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوََّامِينَ لِلََّهِ شُهَدََاءَ بِالْقِسْطِ وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى ََ أَلََّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ََ} [المائدة: الآية 8].
{وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللََّهُ رَبُّنََا وَرَبُّكُمْ لَنََا أَعْمََالُنََا وَلَكُمْ أَعْمََالُكُمْ لََا حُجَّةَ بَيْنَنََا وَبَيْنَكُمُ} [الشّورى: الآية 15].
{لِيَقُومَ النََّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: الآية 25].
{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: الآية 9].
الحكم
{إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا وَإِذََا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النََّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللََّهَ نِعِمََّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللََّهَ كََانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)} [النّساء: الآية 58].
{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: الآية 42].
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْكََافِرُونَ} [المائدة: الآية 44].
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} [المائدة: الآية 45].
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْفََاسِقُونَ} [المائدة: الآية 47].
{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ وَلََا تَتَّبِعْ أَهْوََاءَهُمْ} [المائدة: الآية 49].
{أَفَحُكْمَ الْجََاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللََّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة:
الآية 50].
{اللََّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ فِيمََا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)} [الحجّ:(1/44)
الآية 50].
{اللََّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ فِيمََا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)} [الحجّ:
الآية 69].
{يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النََّاسِ بِالْحَقِّ وَلََا تَتَّبِعِ الْهَوى ََ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} [ص: الآية 26].
{خَصْمََانِ بَغى ََ بَعْضُنََا عَلى ََ بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنََا بِالْحَقِّ وَلََا تُشْطِطْ وَاهْدِنََا إِلى ََ سَوََاءِ الصِّرََاطِ} [ص: الآية 22].
{ذََلِكُمْ حُكْمُ اللََّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللََّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: الآية 10].
{أَلَيْسَ اللََّهُ بِأَحْكَمِ الْحََاكِمِينَ (8)} [التّين: الآية 8].
ذكر الموازين
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمََا كََانُوا بِآيََاتِنََا يَظْلِمُونَ (9)} [الأعراف:
الآيتان 8، 9].
{قَدْ جََاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزََانَ وَلََا تَبْخَسُوا النََّاسَ أَشْيََاءَهُمْ وَلََا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلََاحِهََا ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: الآية 85].
{وَيََا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيََالَ وَالْمِيزََانَ بِالْقِسْطِ وَلََا تَبْخَسُوا النََّاسَ أَشْيََاءَهُمْ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)} [هود: الآية 85].
{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذََا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذََلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)}
[الإسراء: الآية 35].
{وَنَضَعُ الْمَوََازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيََامَةِ فَلََا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كََانَ مِثْقََالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنََا بِهََا وَكَفى ََ بِنََا حََاسِبِينَ (47)} [الأنبياء: الآية 47].
{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خََالِدُونَ (103)} [المؤمنون: الآيتان 102، 103].
{أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلََا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلََا تَبْخَسُوا النََّاسَ أَشْيََاءَهُمْ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)} [الشّعراء: الآيات 181 183].(1/45)
{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوََازِينُهُ فَأُولََئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خََالِدُونَ (103)} [المؤمنون: الآيتان 102، 103].
{أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلََا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلََا تَبْخَسُوا النََّاسَ أَشْيََاءَهُمْ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)} [الشّعراء: الآيات 181 183].
{أَلََّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزََانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلََا تُخْسِرُوا الْمِيزََانَ (9)}
[الرّحمن: الآيتان 8، 9].
{لَقَدْ أَرْسَلْنََا رُسُلَنََا بِالْبَيِّنََاتِ وَأَنْزَلْنََا مَعَهُمُ الْكِتََابَ وَالْمِيزََانَ لِيَقُومَ النََّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: الآية 25].
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتََالُوا عَلَى النََّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذََا كََالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)} [المطفّفين: الآيات 31].
{فَأَمََّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوََازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رََاضِيَةٍ (7) وَأَمََّا مَنْ خَفَّتْ مَوََازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هََاوِيَةٌ (9) وَمََا أَدْرََاكَ مََا هِيَهْ (10) نََارٌ حََامِيَةٌ (11)}
[القارعة: الآيات 116].
التكليف
{لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا لَهََا مََا كَسَبَتْ وَعَلَيْهََا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:
الآية 286].
{لََا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا وَإِذََا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: الآية 152].
{وَلََا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا وَلَدَيْنََا كِتََابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لََا يُظْلَمُونَ (62)}
[المؤمنون: الآية 62].
{لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا مََا آتََاهََا سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطّلاق: الآية 7].
{فَقََاتِلْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ لََا تُكَلَّفُ إِلََّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النّساء: الآية 84/].
التحذير من الظلم
{وَاللََّهُ لََا يُحِبُّ الظََّالِمِينَ} [آل عمران: الآية 57].
{فَمَنْ عَفََا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللََّهِ إِنَّهُ لََا يُحِبُّ الظََّالِمِينَ} [الشّورى: الآية 40].
{وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ أَنْصََارٍ} [البقرة: الآية 270].(1/46)
{فَمَنْ عَفََا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللََّهِ إِنَّهُ لََا يُحِبُّ الظََّالِمِينَ} [الشّورى: الآية 40].
{وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ أَنْصََارٍ} [البقرة: الآية 270].
{وَلََا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النََّارُ وَمََا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ مِنْ أَوْلِيََاءَ ثُمَّ لََا تُنْصَرُونَ (113)} [هود: الآية 113].
{وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحجّ: الآية 71].
{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوََاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللََّهُ وَمََا لَهُمْ مِنْ نََاصِرِينَ (29)} [الرّوم: الآية 29].
{وَالظََّالِمُونَ مََا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلََا نَصِيرٍ} [الشّورى: الآية 8].
{وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ} [البقرة: الآية 258].
{إِنَّهُ لََا يُفْلِحُ الظََّالِمُونَ} [الأنعام: الآية 21].
{فَانْظُرْ كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الظََّالِمِينَ} [يونس: الآية 39].
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشّعراء: الآية 227].
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
[النّمل: الآية 52].
{فَكََانَ عََاقِبَتَهُمََا أَنَّهُمََا فِي النََّارِ خََالِدَيْنِ فِيهََا وَذََلِكَ جَزََاءُ الظََّالِمِينَ (17)}
[الحشر: الآية 17].
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذََاباً دُونَ ذََلِكَ وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ (47)} [الطّور: الآية 47].
{الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النََّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولََئِكَ لَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ}
[الشّورى: الآية 42].
{وَتَرَى الظََّالِمِينَ لَمََّا رَأَوُا الْعَذََابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى ََ مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشّورى:
الآية 44].
{أَلََا إِنَّ الظََّالِمِينَ فِي عَذََابٍ مُقِيمٍ} [الشّورى: الآية 45].
{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزََابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذََابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}
[الزّخرف: الآية 65].
{وَالظََّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذََاباً أَلِيماً} [الإنسان: الآية 31].(1/47)
{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزََابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذََابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}
[الزّخرف: الآية 65].
{وَالظََّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذََاباً أَلِيماً} [الإنسان: الآية 31].
{وَمََا كََانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى ََ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهََا مُصْلِحُونَ (117)} [هود: الآية 117].
{إِنََّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هََذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهََا كََانُوا ظََالِمِينَ} [العنكبوت: الآية 31].
{وَلَوْ تَرى ََ إِذِ الظََّالِمُونَ فِي غَمَرََاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلََائِكَةُ بََاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذََابَ الْهُونِ} [الأنعام: الآية 93].
{وَقِيلَ لِلظََّالِمِينَ ذُوقُوا مََا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الزّمر: الآية 24].
{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مََا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذََابِ يَوْمَ الْقِيََامَةِ وَبَدََا لَهُمْ مِنَ اللََّهِ مََا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)} [الزّمر: الآية 47].
{وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هََؤُلََاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئََاتُ مََا كَسَبُوا وَمََا هُمْ بِمُعْجِزِينَ}
[الزّمر: الآية 51].
{وَالظََّالِمُونَ مََا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلََا نَصِيرٍ} [الشّورى: الآية 8].
{وَإِنَّ الظََّالِمِينَ لَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظََّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمََّا كَسَبُوا وَهُوَ وََاقِعٌ بِهِمْ} [الشّورى: الآيتان 21، 22].
{إِنََّا أَعْتَدْنََا لِلظََّالِمِينَ نََاراً أَحََاطَ بِهِمْ سُرََادِقُهََا} [الكهف: الآية 29].
{وَتِلْكَ الْقُرى ََ أَهْلَكْنََاهُمْ لَمََّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنََا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59)} [الكهف:
الآية 59].
{فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ فَهِيَ خََاوِيَةٌ عَلى ََ عُرُوشِهََا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)} [الحجّ: الآية 45].
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهََا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)}
[الحجّ: الآية 48].
{فَجَعَلْنََاهُمْ غُثََاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} [المؤمنون: الآية 41].
{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذََابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلََّا بِمََا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52)}
[يونس: الآية 52].(1/48)
{فَجَعَلْنََاهُمْ غُثََاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} [المؤمنون: الآية 41].
{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذََابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلََّا بِمََا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52)}
[يونس: الآية 52].
{أَلََا لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ} [هود: الآية 18].
{وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} [هود: الآية 44].
{وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيََارِهِمْ جََاثِمِينَ} [هود: الآية 94].
{وَكَذََلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذََا أَخَذَ الْقُرى ََ وَهِيَ ظََالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}
[هود: الآية 102].
{وَلََا تَحْسَبَنَّ اللََّهَ غََافِلًا عَمََّا يَعْمَلُ الظََّالِمُونَ} [إبراهيم: الآية 42].
{هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظََّالِمُونَ} [الأنعام: الآية 47].
{وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذََابٍ بَئِيسٍ بِمََا كََانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: الآية 165].
{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذََابَ} [البقرة: الآية 165].
{وَمَأْوََاهُمُ النََّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظََّالِمِينَ} [آل عمران: الآية 151].
{لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ} [البقرة: الآية 124].
{ذََلِكَ بِمََا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللََّهَ لَيْسَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} [آل عمران:
الآية 182].
{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللََّهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} [البقرة: الآية 229].
{وَكَذََلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظََّالِمِينَ بَعْضاً بِمََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (129)} [الأنعام: الآية 129].
{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ} [الأعراف: الآية 44].
{وَلَوْ يُؤََاخِذُ اللََّهُ النََّاسَ بِظُلْمِهِمْ مََا تَرَكَ عَلَيْهََا مِنْ دَابَّةٍ وَلََكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى ََ أَجَلٍ مُسَمًّى} [النّحل: الآية 61].
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مََا هُوَ شِفََاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلََا يَزِيدُ الظََّالِمِينَ إِلََّا خَسََاراً (82)} [الإسراء: الآية 82].
{فَأَبَى الظََّالِمُونَ إِلََّا كُفُوراً} [الإسراء: الآية 99].(1/49)
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مََا هُوَ شِفََاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلََا يَزِيدُ الظََّالِمِينَ إِلََّا خَسََاراً (82)} [الإسراء: الآية 82].
{فَأَبَى الظََّالِمُونَ إِلََّا كُفُوراً} [الإسراء: الآية 99].
{وَقَدْ خََابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} [طه: الآية 111].
{فَقُطِعَ دََابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ (45)} [الأنعام: الآية 45].
{وَإِنَّ الظََّالِمِينَ لَفِي شِقََاقٍ بَعِيدٍ} [الحجّ: الآية 53].
{بَلِ الظََّالِمُونَ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ} [لقمان: الآية 11].
{وَإِنَّ الظََّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَاللََّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: الآية 19].
الجهاد
{فَقََاتِلْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ لََا تُكَلَّفُ إِلََّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللََّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللََّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)} [النّساء: الآية 84].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللََّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ (46)} [الأنفال: الآيتان 45، 46].
{وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلََكِنَّ اللََّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعََالَمِينَ} [البقرة: الآية 251].
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللََّهَ عَلى ََ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)} [الحجّ:
الآية 39].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلََا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبََارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلََّا مُتَحَرِّفاً لِقِتََالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى ََ فِئَةٍ فَقَدْ بََاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللََّهِ وَمَأْوََاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلََكِنَّ اللََّهَ قَتَلَهُمْ وَمََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ رَمى ََ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلََاءً حَسَناً إِنَّ اللََّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذََلِكُمْ وَأَنَّ اللََّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكََافِرِينَ (18)} [الأنفال: الآيات 15 18].
{وَقََاتِلُوهُمْ حَتََّى لََا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلََّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلََا عُدْوََانَ إِلََّا عَلَى الظََّالِمِينَ (193)} [البقرة: الآية 193].
{وَقََاتِلُوهُمْ حَتََّى لََا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلََّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَوْلََاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)} [الأنفال: الآيتان 39، 40].(1/50)
{وَقََاتِلُوهُمْ حَتََّى لََا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلََّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلََا عُدْوََانَ إِلََّا عَلَى الظََّالِمِينَ (193)} [البقرة: الآية 193].
{وَقََاتِلُوهُمْ حَتََّى لََا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلََّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَوْلََاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)} [الأنفال: الآيتان 39، 40].
{فَإِمََّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)} [الأنفال:
الآية 57].
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتََالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللََّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ (216)}
[البقرة: الآية 216].
{وَقََاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)} [البقرة: الآية 244].
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ وَاللََّهُ مَعَ الصََّابِرِينَ}
[البقرة: الآية 249].
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمََّا يَعْلَمِ اللََّهُ الَّذِينَ جََاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصََّابِرِينَ (142)} [آل عمران: الآية 142].
{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ (157)} [آل عمران: الآية 157].
{فَالَّذِينَ هََاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقََاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئََاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} [آل عمران:
الآية 195].
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلََا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلََا نَصِيراً} [النّساء: الآية 89].
{فَضَّلَ اللََّهُ الْمُجََاهِدِينَ بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقََاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللََّهُ الْحُسْنى ََ وَفَضَّلَ اللََّهُ الْمُجََاهِدِينَ عَلَى الْقََاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النّساء: الآية 95].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجََاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} [المائدة: الآية 35].
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولََئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهََاجِرُوا مََا لَكُمْ مِنْ وَلََايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}
[الأنفال: الآية 72].(1/51)
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجََاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} [المائدة: الآية 35].
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولََئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهََاجِرُوا مََا لَكُمْ مِنْ وَلََايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}
[الأنفال: الآية 72].
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولََئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولََئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: الآيتان 74، 75].
{أَلََا تُقََاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمََانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرََاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللََّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قََاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللََّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)}
[التّوبة: الآيتان 13، 14].
{الَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللََّهِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْفََائِزُونَ (20)} [التّوبة: الآية 20].
{قُلْ إِنْ كََانَ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ وَإِخْوََانُكُمْ وَأَزْوََاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوََالٌ اقْتَرَفْتُمُوهََا وَتِجََارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسََادَهََا وَمَسََاكِنُ تَرْضَوْنَهََا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهََادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتََّى يَأْتِيَ اللََّهُ بِأَمْرِهِ وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفََاسِقِينَ (24)}
[التّوبة: الآية 24].
{انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا وَجََاهِدُوا بِأَمْوََالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)} [التّوبة: الآية 41].
{يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ جََاهِدِ الْكُفََّارَ وَالْمُنََافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوََاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التّوبة: الآية 73].
{لََكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جََاهَدُوا بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولََئِكَ لَهُمُ الْخَيْرََاتُ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)} [التّوبة: الآية 88].
{إِنَّ اللََّهَ اشْتَرى ََ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرََاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى ََ بِعَهْدِهِ مِنَ اللََّهِ} [التّوبة: الآية 111].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قََاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفََّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التّوبة: الآية 123].(1/52)
{إِنَّ اللََّهَ اشْتَرى ََ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرََاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى ََ بِعَهْدِهِ مِنَ اللََّهِ} [التّوبة: الآية 111].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قََاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفََّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التّوبة: الآية 123].
{وَجََاهِدُوا فِي اللََّهِ حَقَّ جِهََادِهِ هُوَ اجْتَبََاكُمْ} [الحجّ: الآية 78].
{وَمَنْ جََاهَدَ فَإِنَّمََا يُجََاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللََّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعََالَمِينَ (6)} [العنكبوت:
الآية 6].
{وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا وَإِنَّ اللََّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت:
الآية 69].
الصبر
{اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ} [البقرة: الآية 153].
{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لََا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}
[آل عمران: الآية 120].
{وَاللََّهُ يُحِبُّ الصََّابِرِينَ} [آل عمران: الآية 146].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصََابِرُوا وَرََابِطُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}
[آل عمران: الآية 200].
{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ} [الأنفال: الآية 46].
{وَاصْبِرْ حَتََّى يَحْكُمَ اللََّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحََاكِمِينَ} [يونس: الآية 109].
{فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: الآية 49].
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)} [هود: الآية 115].
{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)} [النّحل: الآية 42].
{وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصََّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمََا صَبْرُكَ إِلََّا بِاللََّهِ وَلََا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلََا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمََّا يَمْكُرُونَ (127)} [النّحل: الآيتان 126، 127].
{فَاصْبِرْ عَلى ََ مََا يَقُولُونَ} [طه: الآية 130].
{الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصََّابِرِينَ عَلى ََ مََا أَصََابَهُمْ} [الحجّ: الآية 35].(1/53)
{فَاصْبِرْ عَلى ََ مََا يَقُولُونَ} [طه: الآية 130].
{الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصََّابِرِينَ عَلى ََ مََا أَصََابَهُمْ} [الحجّ: الآية 35].
{أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمََا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهََا تَحِيَّةً وَسَلََاماً (75)}
[الفرقان: الآية 75].
{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)} [النّحل: الآية 42].
{إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِكُلِّ صَبََّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: الآية 5].
{إِنَّمََا يُوَفَّى الصََّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} [الزّمر: الآية 10].
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: الآية 55].
{وَمََا يُلَقََّاهََا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمََا يُلَقََّاهََا إِلََّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصّلت:
الآية 35].
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذََلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} [الشّورى: الآية 43].
{فَاصْبِرْ كَمََا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلََا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: الآية 35].
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتََّى نَعْلَمَ الْمُجََاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصََّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبََارَكُمْ (31)} [محمّد:
الآية 31].
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [القلم: الآية 48].
{وَاصْبِرْ عَلى ََ مََا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (10)} [المزمّل: الآية 10].
{وَجَزََاهُمْ بِمََا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)} [الإنسان: الآية 12].
النصر
{حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ أَلََا إِنَّ نَصْرَ اللََّهِ قَرِيبٌ}
[البقرة: الآية 214].
{وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} [البقرة: الآية 250].
{وَاللََّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشََاءُ} [آل عمران: الآية 13].
{لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: الآية 81].(1/54)
{وَاللََّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشََاءُ} [آل عمران: الآية 13].
{لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: الآية 81].
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللََّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: الآية 123].
{وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: الآية 126].
{بَلِ اللََّهُ مَوْلََاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النََّاصِرِينَ (150)} [آل عمران: الآية 150].
{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللََّهُ فَلََا غََالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} [آل عمران: الآية 160].
{وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: الآية 10].
{فَآوََاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال:
الآية 26].
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللََّهُ فِي مَوََاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التّوبة: الآية 25].
{وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللََّهِ وَمََا كََانَ مُنْتَصِراً (43)} [الكهف: الآية 43].
{أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنََا لََا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلََا هُمْ مِنََّا يُصْحَبُونَ (43)} [الأنبياء: الآية 43].
{وَنَصَرْنََاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِنََا} [الأنبياء: الآية 77].
{مَنْ كََانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللََّهُ فِي الدُّنْيََا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمََاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مََا يَغِيظُ (15)} [الحجّ: الآية 15].
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللََّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللََّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحجّ: الآية 40].
{ذََلِكَ وَمَنْ عََاقَبَ بِمِثْلِ مََا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللََّهُ إِنَّ اللََّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)} [الحجّ: الآية 60].
{قََالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمََا كَذَّبُونِ (39)} [المؤمنون: الآية 39].
{لََا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنََّا لََا تُنْصَرُونَ (65)} [المؤمنون: الآية 65].
{وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللََّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)}
[الشّعراء: الآيتان 92، 93].(1/55)
{لََا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنََّا لََا تُنْصَرُونَ (65)} [المؤمنون: الآية 65].
{وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللََّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)}
[الشّعراء: الآيتان 92، 93].
{وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ لََا يُنْصَرُونَ} [القصص: الآية 41].
{فَمََا كََانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللََّهِ وَمََا كََانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ}
[القصص: الآية 81].
{فَانْتَقَمْنََا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكََانَ حَقًّا عَلَيْنََا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الرّوم: الآية 47].
{لََا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75)} [يس: الآية 75].
{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنََا لَهُمُ الْغََالِبُونَ (173)} [الصّافات: الآيتان 172، 173].
{إِنََّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} [غافر: الآية 51].
{وَمََا كََانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيََاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ} [الشّورى: الآية 46].
{إِنْ تَنْصُرُوا اللََّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدََامَكُمْ} [محمّد: الآية 7].
{وَيَنْصُرَكَ اللََّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3)} [الفتح: الآية 3].
{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)} [القمر: الآية 44].
{وَلِيَعْلَمَ اللََّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللََّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: الآية 25].
{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً وَيَنْصُرُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ أُولََئِكَ هُمُ الصََّادِقُونَ}
[الحشر: الآية 8].
{لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلََا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللََّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكََاذِبُونَ} [الحشر: الآية 11].
{وَأُخْرى ََ تُحِبُّونَهََا نَصْرٌ مِنَ اللََّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} [الصّف: الآية 13].
{إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النّصر: الآية 1].(1/56)
{إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النّصر: الآية 1].
الصدقات
{خُذْ مِنْ أَمْوََالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهََا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلََاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التّوبة: الآية 103].
{إِنَّمَا الصَّدَقََاتُ لِلْفُقَرََاءِ وَالْمَسََاكِينِ وَالْعََامِلِينَ عَلَيْهََا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقََابِ وَالْغََارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللََّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللََّهِ وَاللََّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التّوبة: الآية 60].
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهََا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرََاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئََاتِكُمْ} [البقرة: الآية 271].
{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقََاتِ وَأَقْرَضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضََاعَفُ لَهُمْ} [الحديد: الآية 18].
{وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقََاتِ} [الأحزاب: الآية 35].
{وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: الآية 280].
{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفََّارَةٌ لَهُ} [المائدة: الآية 45].
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهََا أَذىً} [البقرة: الآية 263].
{لََا تُبْطِلُوا صَدَقََاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ََ كَالَّذِي يُنْفِقُ مََالَهُ رِئََاءَ النََّاسِ وَلََا يُؤْمِنُ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: الآية 264].
{يَمْحَقُ اللََّهُ الرِّبََا وَيُرْبِي الصَّدَقََاتِ} [البقرة: الآية 276].
{لََا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوََاهُمْ إِلََّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلََاحٍ بَيْنَ النََّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114)}
[النّساء: الآية 114].
{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقََاتِ وَأَنَّ اللََّهَ هُوَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ (104)} [التّوبة: الآية 104].
{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنََا إِنَّ اللََّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: الآية 88].
{إِذََا نََاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقَةً ذََلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقََاتٍ} [المجادلة:(1/57)
{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنََا إِنَّ اللََّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: الآية 88].
{إِذََا نََاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقَةً ذََلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقََاتٍ} [المجادلة:
الآيتان 12، 13].
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقََاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهََا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهََا إِذََا هُمْ يَسْخَطُونَ (58)} [التّوبة: الآية 58].
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقََاتِ وَالَّذِينَ لََا يَجِدُونَ إِلََّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللََّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ (79)} [التّوبة: الآية 79].
النفقات
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمََّا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خُلَّةٌ وَلََا شَفََاعَةٌ} [البقرة: الآية 254].
{وَمََا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرََّازِقِينَ} [سبأ: الآية 39].
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: الآية 261].
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصََابَهََا وََابِلٌ} [البقرة: الآية 265].
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ سِرًّا وَعَلََانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة: الآية 274].
{وَمََا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللََّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: الآية 270].
{وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: الآية 3].
{وَأَنْفِقُوا مِمََّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}
[الحديد: الآية 7].
{وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[التّغابن: الآية 16].
{وَأَنْفِقُوا مِنْ مََا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصََّالِحِينَ (10)} [المنافقون: الآية 10].(1/58)
{وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[التّغابن: الآية 16].
{وَأَنْفِقُوا مِنْ مََا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصََّالِحِينَ (10)} [المنافقون: الآية 10].
{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمََّا آتََاهُ اللََّهُ لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا مََا آتََاهََا سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ} [الطّلاق: الآية 7].
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة: الآية 195].
{يَسْئَلُونَكَ مََا ذََا يُنْفِقُونَ قُلْ مََا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوََالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتََامى ََ وَالْمَسََاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمََا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللََّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} [البقرة: الآية 215].
{وَيَسْئَلُونَكَ مََا ذََا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: الآية 219].
{وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ رِئََاءَ النََّاسِ وَلََا يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَلََا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطََانُ لَهُ قَرِيناً فَسََاءَ قَرِيناً (38) وَمََا ذََا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمََّا رَزَقَهُمُ اللََّهُ وَكََانَ اللََّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)} [النّساء: الآيتان 38، 39].
{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا كَسَبْتُمْ وَمِمََّا أَخْرَجْنََا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلََا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: الآية 267].
{وَمََا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [البقرة: الآية 272].
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرََّاءِ وَالضَّرََّاءِ وَالْكََاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعََافِينَ عَنِ النََّاسِ وَاللََّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: الآية 134].
{مَثَلُ مََا يُنْفِقُونَ فِي هََذِهِ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهََا صِرٌّ أَصََابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمََا ظَلَمَهُمُ اللََّهُ وَلََكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)} [آل عمران:
الآية 117].
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ فَسَيُنْفِقُونَهََا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: الآية 36].
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلََا يُنْفِقُونَهََا فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} [التّوبة: الآية 34].
{وَأَنْفَقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَعَلََانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولََئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدََّارِ} [الرّعد: الآية 22].(1/59)
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلََا يُنْفِقُونَهََا فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} [التّوبة: الآية 34].
{وَأَنْفَقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَعَلََانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولََئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدََّارِ} [الرّعد: الآية 22].
{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزََائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفََاقِ وَكََانَ الْإِنْسََانُ قَتُوراً (100)} [الإسراء: الآية 100].
{وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ} [القصص: الآية 54].
{وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمََّا رَزَقَكُمُ اللََّهُ قََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشََاءُ اللََّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلََّا فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ (47)} [يس: الآية 47].
{وَمََا لَكُمْ أَلََّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَلِلََّهِ مِيرََاثُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: الآية 10].
{وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ} [التّغابن: الآية 16].
العفو
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتََّى يَأْتِيَ اللََّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: الآية 109].
{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ََ وَلََا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: الآية 237].
{ثُمَّ عَفَوْنََا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)} [البقرة: الآية 52].
{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبََاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدََاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسََانٍ} [البقرة: الآية 178].
{وَالْكََاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعََافِينَ عَنِ النََّاسِ وَاللََّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:
الآية 134].
{وَلَقَدْ عَفََا عَنْكُمْ وَاللََّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: الآية 152].
{وَلَقَدْ عَفَا اللََّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: الآية 155].
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشََاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذََا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: الآية 159].
{فَأُولََئِكَ عَسَى اللََّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكََانَ اللََّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99)} [النّساء: الآية 99].(1/60)
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشََاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذََا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: الآية 159].
{فَأُولََئِكَ عَسَى اللََّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكََانَ اللََّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99)} [النّساء: الآية 99].
{إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللََّهَ كََانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149)}
[النّساء: الآية 149].
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: الآية 13].
{قَدْ جََاءَكُمْ رَسُولُنََا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمََّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتََابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: الآية 15].
{عَفَا اللََّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتََّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكََاذِبِينَ (43)} [التّوبة: الآية 43].
{عَفَا اللََّهُ عَمََّا سَلَفَ وَمَنْ عََادَ فَيَنْتَقِمُ اللََّهُ مِنْهُ وَاللََّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقََامٍ} [المائدة:
الآية 95].
{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلََا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللََّهُ لَكُمْ} [النّور: الآية 22].
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئََاتِ وَيَعْلَمُ مََا تَفْعَلُونَ (25)}
[الشّورى: الآية 25].
{وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (30)}
[الشّورى: الآية 30].
{وَجَزََاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهََا فَمَنْ عَفََا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللََّهِ} [الشّورى: الآية 40].
{إِنَّ اللََّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحجّ: الآية 60].
{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التّغابن: الآية 14].
ذكر العهود والمواثيق والأيمان
{إِنَّ الَّذِينَ يُبََايِعُونَكَ إِنَّمََا يُبََايِعُونَ اللََّهَ يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمََا يَنْكُثُ عَلى ََ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى ََ بِمََا عََاهَدَ عَلَيْهُ اللََّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (10)} [الفتح: الآية 10].
{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثََاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ هُمُ الْخََاسِرُونَ (27)} [البقرة: الآية 27].(1/61)
{إِنَّ الَّذِينَ يُبََايِعُونَكَ إِنَّمََا يُبََايِعُونَ اللََّهَ يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمََا يَنْكُثُ عَلى ََ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى ََ بِمََا عََاهَدَ عَلَيْهُ اللََّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (10)} [الفتح: الآية 10].
{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثََاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ هُمُ الْخََاسِرُونَ (27)} [البقرة: الآية 27].
{اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ}
[البقرة: الآية 40].
{أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللََّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} [البقرة: الآية 80].
{وَمَنْ أَوْفى ََ بِعَهْدِهِ مِنَ اللََّهِ} [التّوبة: الآية 111].
{أَوَكُلَّمََا عََاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ (100)}
[البقرة: الآية 100].
{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذََا عََاهَدُوا وَالصََّابِرِينَ فِي الْبَأْسََاءِ وَالضَّرََّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولََئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: الآية 177].
{بَلى ََ مَنْ أَوْفى ََ بِعَهْدِهِ وَاتَّقى ََ فَإِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)} [آل عمران: الآية 76].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: الآية 1].
{وَبِعَهْدِ اللََّهِ أَوْفُوا ذََلِكُمْ وَصََّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: الآية 152].
{وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ (102)} [الأعراف:
الآية 102].
{الَّذِينَ عََاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لََا يَتَّقُونَ (56)}
[الأنفال: الآية 56].
{إِلَّا الَّذِينَ عََاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظََاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى ََ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)} [التّوبة: الآية 4].
{كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لََا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلََا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوََاهِهِمْ وَتَأْبى ََ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فََاسِقُونَ (8)} [التّوبة: الآية 8].
{لََا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلََا ذِمَّةً وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)} [التّوبة: الآية 10].(1/62)
{كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لََا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلََا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوََاهِهِمْ وَتَأْبى ََ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فََاسِقُونَ (8)} [التّوبة: الآية 8].
{لََا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلََا ذِمَّةً وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)} [التّوبة: الآية 10].
{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمََانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقََاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لََا أَيْمََانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)} [التّوبة: الآية 12].
{وَمِنْهُمْ مَنْ عََاهَدَ اللََّهَ لَئِنْ آتََانََا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصََّالِحِينَ (75) فَلَمََّا آتََاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)} [التّوبة:
الآيتان 75، 76].
{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللََّهِ إِذََا عََاهَدْتُمْ وَلََا تَنْقُضُوا الْأَيْمََانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهََا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللََّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا تَفْعَلُونَ (91) وَلََا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمََانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى ََ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمََا يَبْلُوكُمُ اللََّهُ بِهِ} [النّحل: الآيتان 91، 92].
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} [الإسراء: الآية 34].
{وَلَقَدْ عَهِدْنََا إِلى ََ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115)} [طه: الآية 115].
{لََا يَمْلِكُونَ الشَّفََاعَةَ إِلََّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمََنِ عَهْداً (87)} [مريم: الآية 87].
{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمََنِ عَهْداً (78)} [مريم: الآية 78].
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمََانََاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رََاعُونَ (8)} [المؤمنون: الآية 8].
{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللََّهِ وَلََا يَنْقُضُونَ الْمِيثََاقَ (20)} [الرّعد: الآية 20].
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثََاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدََّارِ (25)} [الرّعد: الآية 25].
{وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ وَرَفَعْنََا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مََا آتَيْنََاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:
الآية 63].
{وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ لََا تَسْفِكُونَ دِمََاءَكُمْ وَلََا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)} [البقرة: الآية 84].
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللََّهِ وَأَيْمََانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولََئِكَ لََا خَلََاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: الآية 77].(1/63)
{وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ لََا تَسْفِكُونَ دِمََاءَكُمْ وَلََا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)} [البقرة: الآية 84].
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللََّهِ وَأَيْمََانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولََئِكَ لََا خَلََاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: الآية 77].
{وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ النَّبِيِّينَ لَمََا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتََابٍ وَحِكْمَةٍ} [آل عمران:
الآية 81].
{وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنََّاسِ وَلََا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرََاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ مََا يَشْتَرُونَ (187)} [آل عمران: الآية 187].
{الَّذِينَ قََالُوا إِنَّ اللََّهَ عَهِدَ إِلَيْنََا أَلََّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتََّى يَأْتِيَنََا بِقُرْبََانٍ تَأْكُلُهُ النََّارُ} [آل عمران: الآية 183].
{وَإِذْ أَخَذْنََا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثََاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: الآية 7].
{وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَ بَنِي إِسْرََائِيلَ لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ} [البقرة: الآية 83].
{وَقَدْ أَخَذَ مِيثََاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الحديد: الآية 8].
{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثََاقَهُ الَّذِي وََاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنََا وَأَطَعْنََا} [المائدة: الآية 7].
{فَبِمََا نَقْضِهِمْ مِيثََاقَهُمْ لَعَنََّاهُمْ وَجَعَلْنََا قُلُوبَهُمْ قََاسِيَةً} [المائدة: الآية 13].
{قََالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتََّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللََّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلََّا أَنْ يُحََاطَ بِكُمْ فَلَمََّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قََالَ اللََّهُ عَلى ََ مََا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)} [يوسف: الآية 66].
{أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبََاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللََّهِ} [يوسف: الآية 80].
{وَلََا تُطِعْ كُلَّ حَلََّافٍ مَهِينٍ (10)} [القلم: الآية 10].
{وَلََا تَجْعَلُوا اللََّهَ عُرْضَةً لِأَيْمََانِكُمْ} [البقرة: الآية 224].
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمََانَ}
[المائدة: الآية 89].
{أَلََا تُقََاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمََانَهُمْ} [التّوبة: الآية 13].
{يَحْلِفُونَ بِاللََّهِ مََا قََالُوا وَلَقَدْ قََالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلََامِهِمْ وَهَمُّوا بِمََا لَمْ يَنََالُوا} [التّوبة: الآية 74].(1/64)
{أَلََا تُقََاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمََانَهُمْ} [التّوبة: الآية 13].
{يَحْلِفُونَ بِاللََّهِ مََا قََالُوا وَلَقَدْ قََالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلََامِهِمْ وَهَمُّوا بِمََا لَمْ يَنََالُوا} [التّوبة: الآية 74].
{وَسَيَحْلِفُونَ بِاللََّهِ لَوِ اسْتَطَعْنََا لَخَرَجْنََا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللََّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكََاذِبُونَ} [التّوبة: الآية 42].
{سَيَحْلِفُونَ بِاللََّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوََاهُمْ جَهَنَّمُ جَزََاءً بِمََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يَرْضى ََ عَنِ الْقَوْمِ الْفََاسِقِينَ (96)} [التّوبة: الآيتان 95، 96].
{يَحْلِفُونَ بِاللََّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللََّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كََانُوا مُؤْمِنِينَ (62)} [التّوبة: الآية 62].
{وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنََا إِلَّا الْحُسْنى ََ وَاللََّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكََاذِبُونَ} [التّوبة: الآية 107].
{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [المجادلة: الآية 14].
{وَأَقْسَمُوا بِاللََّهِ جَهْدَ أَيْمََانِهِمْ لَئِنْ جََاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى ََ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمََّا جََاءَهُمْ نَذِيرٌ مََا زََادَهُمْ إِلََّا نُفُوراً (42)} [فاطر: الآية 42].
{اتَّخَذُوا أَيْمََانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ فَلَهُمْ عَذََابٌ مُهِينٌ (16)} [المجادلة:
الآية 16].
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللََّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمََا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى ََ شَيْءٍ أَلََا إِنَّهُمْ هُمُ الْكََاذِبُونَ (18)} [المجادلة: الآية 18].
{وَيَحْلِفُونَ بِاللََّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمََا هُمْ مِنْكُمْ وَلََكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)}
[التّوبة: الآية 56].
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
{أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتََابَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ (44)}
[البقرة: الآية 44].
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران: الآية 104].(1/65)
{أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتََابَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ (44)}
[البقرة: الآية 44].
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران: الآية 104].
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنََّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}
[آل عمران: الآية 110].
{لَوْلََا يَنْهََاهُمُ الرَّبََّانِيُّونَ وَالْأَحْبََارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مََا كََانُوا يَصْنَعُونَ (63)} [المائدة: الآية 63].
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ عَلى ََ لِسََانِ دََاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذََلِكَ بِمََا عَصَوْا وَكََانُوا يَعْتَدُونَ (78) كََانُوا لََا يَتَنََاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مََا كََانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [المائدة: الآيتان 78، 79].
{فَلَمََّا نَسُوا مََا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذََابٍ بَئِيسٍ بِمََا كََانُوا يَفْسُقُونَ (165)} [الأعراف: الآية 165].
{الْمُنََافِقُونَ وَالْمُنََافِقََاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللََّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنََافِقِينَ هُمُ الْفََاسِقُونَ (67)}
[التّوبة: الآية 67].
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنََاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَيُطِيعُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ أُولََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللََّهُ إِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التّوبة: الآية 71].
{الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنََّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحََافِظُونَ لِحُدُودِ اللََّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التّوبة: الآية 112].
{فَلَوْلََا كََانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسََادِ فِي الْأَرْضِ إِلََّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنََا مِنْهُمْ} [هود: الآية 116].
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنََّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقََامُوا الصَّلََاةَ وَآتَوُا الزَّكََاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلََّهِ عََاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [الحجّ: الآية 41].
{وَإِذََا تُتْلى ََ عَلَيْهِمْ آيََاتُنََا بَيِّنََاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكََادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيََاتِنََا} [الحجّ: الآية 72].
{وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوََاتِ الشَّيْطََانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النّور: الآية 21].(1/66)
{وَإِذََا تُتْلى ََ عَلَيْهِمْ آيََاتُنََا بَيِّنََاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكََادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيََاتِنََا} [الحجّ: الآية 72].
{وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوََاتِ الشَّيْطََانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النّور: الآية 21].
{يََا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلََاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ََ مََا أَصََابَكَ إِنَّ ذََلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)} [لقمان: الآية 17].
{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} [الطّلاق: الآية 6].
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرََاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهََاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبََاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبََائِثَ} [الأعراف: الآية 157].
ذكر الفساد والمفسدين
{وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ لََا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قََالُوا إِنَّمََا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلََا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلََكِنْ لََا يَشْعُرُونَ (12)} [البقرة: الآيتان 11، 12].
{كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللََّهِ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: الآية 60].
{وَإِذََا تَوَلََّى سَعى ََ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهََا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللََّهُ لََا يُحِبُّ الْفَسََادَ (205)} [البقرة: الآية 205].
{وَاللََّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
[البقرة: الآية 220].
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63)} [آل عمران: الآية 63].
{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسََاداً وَاللََّهُ لََا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: الآية 64].
{فَاذْكُرُوا آلََاءَ اللََّهِ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 74].
{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 86].
{إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: الآية 81].
{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلََا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 142].
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثََاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدََّارِ (25)} [الرّعد: الآية 25].(1/67)
{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلََا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 142].
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثََاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدََّارِ (25)} [الرّعد: الآية 25].
{وَلََا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلََا يُصْلِحُونَ (152)}
[الشّعراء: الآيتان 151، 152].
{فَانْظُرْ كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 103].
{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجََّارِ (28)} [ص: الآية 28].
{إِنِّي أَخََافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسََادَ} [غافر: الآية 26].
{فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسََادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذََابٍ (13)} [الفجر: الآيتان 12، 13].
{رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)} [العنكبوت: الآية 30].
ذكر الشكر والشاكرين
{إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شََاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَبََاهُ وَهَدََاهُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)} [النّحل: الآيتان 120، 121].
{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنََا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كََانَ عَبْداً شَكُوراً (3)} [الإسراء: الآية 3].
{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنََا كَذََلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35)} [القمر: الآية 35].
{إِنَّ هََذََا كََانَ لَكُمْ جَزََاءً وَكََانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (22)} [الإنسان: الآية 22].
{أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ} [النّمل: الآية 19].
{اعْمَلُوا آلَ دََاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: الآية 13].
{أَلَيْسَ اللََّهُ بِأَعْلَمَ بِالشََّاكِرِينَ} [الأنعام: الآية 53].
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبََاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لََا يَخْرُجُ إِلََّا نَكِداً كَذََلِكَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)} [الأعراف: الآية 58].
{إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِكُلِّ صَبََّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: الآية 5].(1/68)
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبََاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لََا يَخْرُجُ إِلََّا نَكِداً كَذََلِكَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)} [الأعراف: الآية 58].
{إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِكُلِّ صَبََّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: الآية 5].
{إِنََّا هَدَيْنََاهُ السَّبِيلَ إِمََّا شََاكِراً وَإِمََّا كَفُوراً (3)} [الإنسان: الآية 3].
{مََا يَفْعَلُ اللََّهُ بِعَذََابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكََانَ اللََّهُ شََاكِراً عَلِيماً (147)}
[النّساء: الآية 147].
{ثُمَّ عَفَوْنََا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)} [البقرة: الآية 52].
{وَاشْكُرُوا لِلََّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيََّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: الآية 172].
{وَلِتُكَبِّرُوا اللََّهَ عَلى ََ مََا هَدََاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: الآية 185].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: الآية 123].
{وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى ََ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللََّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللََّهُ الشََّاكِرِينَ}
[آل عمران: الآية 144].
{وَلََكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:
الآية 6].
{فَخُذْ مََا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشََّاكِرِينَ} [الأعراف: الآية 144].
{فَآوََاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال:
الآية 26].
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذََابِي لَشَدِيدٌ (7)}
[إبراهيم: الآية 7].
{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النََّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرََاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
[إبراهيم: الآية 37].
{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النّحل: الآية 14].
{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النّحل: الآية 78].
{وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيََّاهُ تَعْبُدُونَ} [النّحل: الآية 114].
{وَعَلَّمْنََاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شََاكِرُونَ (80)}
[الأنبياء: الآية 80].(1/69)
{وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيََّاهُ تَعْبُدُونَ} [النّحل: الآية 114].
{وَعَلَّمْنََاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شََاكِرُونَ (80)}
[الأنبياء: الآية 80].
{كَذََلِكَ سَخَّرْنََاهََا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحجّ: الآية 36].
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرََادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرََادَ شُكُوراً (62)}
[الفرقان: الآية 62].
{قََالَ هََذََا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمََا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النّمل: الآية 40].
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: الآية 14].
{كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: الآية 15].
{وَلَهُمْ فِيهََا مَنََافِعُ وَمَشََارِبُ أَفَلََا يَشْكُرُونَ (73)} [يس: الآية 73].
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللََّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلََا يَرْضى ََ لِعِبََادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزّمر: الآية 7].
{بَلِ اللََّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشََّاكِرِينَ (66)} [الزّمر: الآية 66].
{لَوْ نَشََاءُ جَعَلْنََاهُ أُجََاجاً فَلَوْلََا تَشْكُرُونَ (70)} [الواقعة: الآية 70].
{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللََّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: الآية 17].
{إِنَّ اللََّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النََّاسِ وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَشْكُرُونَ} [يونس: الآية 60].
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النََّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَشْكُرُونَ (73)} [النّمل: الآية 73].
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجََانََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ (63)} [الأنعام: الآية 63].(1/70)
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجََانََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ (63)} [الأنعام: الآية 63].
ذكر الأمانة
{إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} [النّساء: الآية 58].
{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمََانَتَهُ} [البقرة: الآية 283].
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمََانََاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رََاعُونَ (8)} [المؤمنون: الآية 8].
{إِنََّا عَرَضْنَا الْأَمََانَةَ عَلَى السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبََالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهََا وَأَشْفَقْنَ مِنْهََا وَحَمَلَهَا الْإِنْسََانُ إِنَّهُ كََانَ ظَلُوماً جَهُولًا (72)} [الأحزاب: الآية 72].
{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطََارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينََارٍ لََا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلََّا مََا دُمْتَ عَلَيْهِ قََائِماً} [آل عمران: الآية 75].
ذكر الخيانة
{لََا تَخُونُوا اللََّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمََانََاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)} [الأنفال: الآية 27].
{إِنََّا أَنْزَلْنََا إِلَيْكَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ بِمََا أَرََاكَ اللََّهُ وَلََا تَكُنْ لِلْخََائِنِينَ خَصِيماً (105)} [النّساء: الآية 105].
{إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ مَنْ كََانَ خَوََّاناً أَثِيماً} [النّساء: الآية 107].
{وَإِمََّا تَخََافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيََانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى ََ سَوََاءٍ إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ الْخََائِنِينَ (58)}
[الأنفال: الآية 58].
{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيََانَتَكَ فَقَدْ خََانُوا اللََّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللََّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)}
[الأنفال: الآية 71].
{ذََلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي كَيْدَ الْخََائِنِينَ (52)} [يوسف:
الآية 52].
{إِنَّ اللََّهَ يُدََافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ كُلَّ خَوََّانٍ كَفُورٍ (38)}
[الحجّ: الآية 38].
{كََانَتََا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبََادِنََا صََالِحَيْنِ فَخََانَتََاهُمََا فَلَمْ يُغْنِيََا عَنْهُمََا مِنَ اللََّهِ شَيْئاً} [التّحريم: الآية 10].(1/71)
{كََانَتََا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبََادِنََا صََالِحَيْنِ فَخََانَتََاهُمََا فَلَمْ يُغْنِيََا عَنْهُمََا مِنَ اللََّهِ شَيْئاً} [التّحريم: الآية 10].
ذكر الموالاة والأولياء
{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكََافِرِينَ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً (139)} [النّساء: الآية 139].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصََارى ََ أَوْلِيََاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ (51)} [المائدة: الآية 51].
{إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْغََالِبُونَ (56) يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفََّارَ أَوْلِيََاءَ وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)} [المائدة: الآيات 5755].
{تَرى ََ كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مََا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذََابِ هُمْ خََالِدُونَ (80) وَلَوْ كََانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالنَّبِيِّ وَمََا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيََاءَ وَلََكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فََاسِقُونَ (81)}
[المائدة: الآيتان 80، 81].
{إِنََّا جَعَلْنَا الشَّيََاطِينَ أَوْلِيََاءَ لِلَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: الآية 27].
{إِنَّ وَلِيِّيَ اللََّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتََابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصََّالِحِينَ (196)} [الأعراف: الآية 196].
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولََئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهََاجِرُوا مََا لَكُمْ مِنْ وَلََايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتََّى يُهََاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلََّا عَلى ََ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثََاقٌ وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ إِلََّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسََادٌ كَبِيرٌ (73)} [الأنفال: الآيتان 72، 73].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا آبََاءَكُمْ وَإِخْوََانَكُمْ أَوْلِيََاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمََانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ (23)} [التّوبة: الآية 23].
{فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} [الكهف: الآية 17].(1/72)
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا آبََاءَكُمْ وَإِخْوََانَكُمْ أَوْلِيََاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمََانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ (23)} [التّوبة: الآية 23].
{فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} [الكهف: الآية 17].
{وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِهِ} [الإسراء: الآية 97].
{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظََّالِمِينَ بَدَلًا}
[الكهف: الآية 50].
{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبََادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيََاءَ إِنََّا أَعْتَدْنََا جَهَنَّمَ لِلْكََافِرِينَ نُزُلًا (102)} [الكهف: الآية 102].
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلََّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى ََ عَذََابِ السَّعِيرِ (4)} [الحجّ:
الآية 4].
{لَبِئْسَ الْمَوْلى ََ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحجّ: الآية 13].
{فَنِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحجّ: الآية 78].
{نَحْنُ أَوْلِيََاؤُكُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصّلت: الآية 31].
{وَإِنَّ الظََّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَاللََّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: الآية 19].
{ذََلِكَ بِأَنَّ اللََّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكََافِرِينَ لََا مَوْلى ََ لَهُمْ (11)} [محمّد: الآية 11].
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مََا هُمْ مِنْكُمْ وَلََا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14)} [المجادلة: الآية 14].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيََاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}
[الممتحنة: الآية 1].
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} [الممتحنة: الآية 9].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: الآية 13].
ذكر التوبة
{إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة: الآية 34].
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظََالِمُونَ (128)}
[آل عمران: الآية 128].(1/73)
{إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة: الآية 34].
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظََالِمُونَ (128)}
[آل عمران: الآية 128].
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللََّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهََالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولََئِكَ يَتُوبُ اللََّهُ عَلَيْهِمْ وَكََانَ اللََّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئََاتِ حَتََّى إِذََا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قََالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفََّارٌ أُولََئِكَ أَعْتَدْنََا لَهُمْ عَذََاباً أَلِيماً (18)} [النساء: الآيتان 17، 18].
{فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللََّهِ}
[التّوبة: الآية 3].
{فَإِنْ تََابُوا وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ وَآتَوُا الزَّكََاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
[التّوبة: الآية 5].
{ثُمَّ يَتُوبُ اللََّهُ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)}
[التّوبة: الآية 27].
{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقََاتِ وَأَنَّ اللََّهَ هُوَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ (104)} [التّوبة: الآية 104].
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صََالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللََّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)} [التّوبة: الآية 102].
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ إِمََّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمََّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللََّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}
[التّوبة: الآية 106].
{لَقَدْ تََابَ اللََّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهََاجِرِينَ وَالْأَنْصََارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سََاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مََا كََادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تََابَ عَلَيْهِمْ} [التّوبة: الآية 117].
{ثُمَّ تََابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللََّهَ هُوَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ} [التّوبة: الآية 118].
{أَوَلََا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عََامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لََا يَتُوبُونَ وَلََا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)} [التّوبة: الآية 126].
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهََالَةٍ ثُمَّ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهََا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)} [النّحل: الآية 119].(1/74)
{أَوَلََا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عََامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لََا يَتُوبُونَ وَلََا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)} [التّوبة: الآية 126].
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهََالَةٍ ثُمَّ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهََا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)} [النّحل: الآية 119].
{وَلَوْلََا فَضْلُ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللََّهَ تَوََّابٌ حَكِيمٌ (10)} [النّور: الآية 10].
{وَإِنِّي لَغَفََّارٌ لِمَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صََالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ََ (82)} [طه: الآية 82].
{وَتُوبُوا إِلَى اللََّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النّور: الآية 31].
{إِلََّا مَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صََالِحاً فَأُوْلََئِكَ يُبَدِّلُ اللََّهُ سَيِّئََاتِهِمْ حَسَنََاتٍ وَكََانَ اللََّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تََابَ وَعَمِلَ صََالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللََّهِ مَتََاباً (71)} [الفرقان: الآيتان 70، 71].
{وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: الآية 15].
{وَيَتُوبَ اللََّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنََاتِ وَكََانَ اللََّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب: الآية 73].
{غََافِرِ الذَّنْبِ وَقََابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقََابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر: الآية 3].
{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تََابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} [غافر: الآية 7].
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئََاتِ وَيَعْلَمُ مََا تَفْعَلُونَ (25)}
[الشّورى: الآية 25].
{إِنْ تَتُوبََا إِلَى اللََّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمََا وَإِنْ تَظََاهَرََا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ وَجِبْرِيلُ وَصََالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلََائِكَةُ بَعْدَ ذََلِكَ ظَهِيرٌ (4)} [التّحريم: الآية 4].
{تُوبُوا إِلَى اللََّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى ََ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئََاتِكُمْ} [التّحريم:
الآية 8].
{وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كََانَ تَوََّاباً} [النّصر: الآية 3].
{فَتََابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: الآية 37].
{فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ فَتََابَ عَلَيْكُمْ}
[البقرة: الآية 54].(1/75)
{فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ فَتََابَ عَلَيْكُمْ}
[البقرة: الآية 54].
ذكر الكبر والاستكبار
{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً} [الفرقان: الآية 21].
{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنََا لََا يُرْجَعُونَ (39)} [القصص: الآية 39].
{إِنَّهُ لََا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النّحل: الآية 23].
{وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذََاباً أَلِيماً} [النّساء: الآية 173].
{ادْخُلُوا أَبْوََابَ جَهَنَّمَ خََالِدِينَ فِيهََا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزّمر: الآية 72].
{وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبََادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً} [النّساء: الآية 172].
{إِلََّا إِبْلِيسَ أَبى ََ وَاسْتَكْبَرَ وَكََانَ مِنَ الْكََافِرِينَ} [البقرة: الآية 34].
{فَاسْتَكْبَرُوا وَكََانُوا قَوْماً عََالِينَ} [المؤمنون: الآية 46].
{فَكُنْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سََامِراً تَهْجُرُونَ (67)}
[المؤمنون: الآيتان 66، 67].
{فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمََا كََانُوا سََابِقِينَ} [العنكبوت: الآية 39].
{وَإِذََا تُتْلى ََ عَلَيْهِ آيََاتُنََا وَلََّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهََا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذََابٍ أَلِيمٍ (7)} [لقمان: الآية 7].
{إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتََالٍ فَخُورٍ} [لقمان: الآية 18].
{وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لََا يَسْتَكْبِرُونَ} [السّجدة: الآية 15].
{اسْتِكْبََاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} [فاطر:
الآية 43].
{فَكَذَّبْتَ بِهََا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكََافِرِينَ} [الزّمر: الآية 59].
{أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعََالِينَ} [ص: الآية 75].(1/76)
{فَكَذَّبْتَ بِهََا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكََافِرِينَ} [الزّمر: الآية 59].
{أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعََالِينَ} [ص: الآية 75].
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزّمر: الآية 60].
{إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لََا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسََابِ} [غافر: الآية 27].
{كَذََلِكَ يَطْبَعُ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبََّارٍ} [غافر: الآية 35].
{وَإِذْ يَتَحََاجُّونَ فِي النََّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفََاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنََّا كُنََّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنََّا نَصِيباً مِنَ النََّارِ (47) قََالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنََّا كُلٌّ فِيهََا إِنَّ اللََّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبََادِ (48)} [غافر: الآيتان 47، 48].
{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلََّا كِبْرٌ مََا هُمْ بِبََالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ} [غافر: الآية 56].
{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبََادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دََاخِرِينَ} [غافر: الآية 60].
{فَأَمََّا عََادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [فصّلت: الآية 15].
{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيََاتِ اللََّهِ تُتْلى ََ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً} [الجاثية:
الآيتان 7، 8].
{فَاسْتَكْبَرُوا وَكََانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ} [الأعراف: الآية 133].
{فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ} [الجاثية: الآية 31].
{فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ} [الأحقاف: الآية 10].
{فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذََابَ الْهُونِ بِمََا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمََا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: الآية 20].
{وَاللََّهُ لََا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتََالٍ فَخُورٍ} [الحديد: الآية 23].
{وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبََاراً} [نوح: الآية 7].
ذكر البغي
{وَيَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النّحل:
الآية 90].
{وَالَّذِينَ إِذََا أَصََابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} [الشّورى: الآية 39].(1/77)
الآية 90].
{وَالَّذِينَ إِذََا أَصََابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} [الشّورى: الآية 39].
{ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللََّهُ إِنَّ اللََّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحجّ: الآية 60].
{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً} [يونس: الآية 90].
{إِنَّ قََارُونَ كََانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى ََ فَبَغى ََ عَلَيْهِمْ} [القصص: الآية 76].
{وَلَوْ بَسَطَ اللََّهُ الرِّزْقَ لِعِبََادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشّورى: الآية 27].
{خَصْمََانِ بَغى ََ بَعْضُنََا عَلى ََ بَعْضٍ} [ص: الآية 22].
{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطََاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى ََ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ وَقَلِيلٌ مََا هُمْ} [ص: الآية 24].
{وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمََا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدََاهُمََا عَلَى الْأُخْرى ََ فَقََاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتََّى تَفِيءَ إِلى ََ أَمْرِ اللََّهِ} [الحجرات: الآية 9].
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ} [البقرة: الآية 90].
{فَلَمََّا أَنْجََاهُمْ إِذََا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يََا أَيُّهَا النََّاسُ إِنَّمََا بَغْيُكُمْ عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ مَتََاعَ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا ثُمَّ إِلَيْنََا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمََا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)}
[يونس: الآية 23].
ذكر الوعد
{إِنَّ اللََّهَ لََا يُخْلِفُ الْمِيعََادَ} [آل عمران: الآية 9].
{فَلََا تَحْسَبَنَّ اللََّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم: الآية 47].
{وَكََانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف: الآية 98].
{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمََا يَعِدُهُمُ الشَّيْطََانُ إِلََّا غُرُوراً (120)} [النّساء: الآية 120].
{وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} [طه: الآية 97].
{ثُمَّ صَدَقْنََاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنََاهُمْ وَمَنْ نَشََاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)} [الأنبياء:
الآية 9].
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذََابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ وَعْدَهُ} [الحجّ: الآية 47].(1/78)
الآية 9].
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذََابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ وَعْدَهُ} [الحجّ: الآية 47].
{وَعْدَ اللََّهِ لََا يُخْلِفُ اللََّهُ وَعْدَهُ وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَعْلَمُونَ (6)} [الرّوم:
الآية 6].
{كََانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} [المزمّل: الآية 18].
{سُبْحََانَ رَبِّنََا إِنْ كََانَ وَعْدُ رَبِّنََا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: الآية 108].
{إِنَّمََا تُوعَدُونَ لَصََادِقٌ (5)} [الذّاريات: الآية 5].
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ وَلََا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لََا يُوقِنُونَ (60)} [الرّوم: الآية 60].
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: الآية 55].
{وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كََانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: الآية 16].
{وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ} [الأحقاف: الآية 17].
{فَإِذََا جََاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكََّاءَ وَكََانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف: الآية 98].
{فَرَدَدْنََاهُ إِلى ََ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهََا وَلََا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ} [القصص: الآية 13].
{وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور: الآية 55].
{وَعَدَ اللََّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنََاتِ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} [التوبة: الآية 72].
{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللََّهُ إِحْدَى الطََّائِفَتَيْنِ أَنَّهََا لَكُمْ} [الأنفال: الآية 7].
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مََا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلََّا سََاعَةً مِنْ نَهََارٍ} [الأحقاف: الآية 35].
{وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعََادُ يَوْمٍ لََا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سََاعَةً وَلََا تَسْتَقْدِمُونَ (30)} [سبأ: الآيتان 29، 30].
{وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (48) مََا يَنْظُرُونَ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)} [يس: الآيتان 48، 49].(1/79)
{وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعََادُ يَوْمٍ لََا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سََاعَةً وَلََا تَسْتَقْدِمُونَ (30)} [سبأ: الآيتان 29، 30].
{وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (48) مََا يَنْظُرُونَ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)} [يس: الآيتان 48، 49].
{وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللََّهِ وَإِنَّمََا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)} [الملك: الآيتان 25، 26].
ذكر التوكّل
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللََّهَ بََالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللََّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطّلاق: الآية 3].
{وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: الآية 12].
{وَعَلَى اللََّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: الآية 23].
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَإِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: الآية 49].
{إِنِ الْحُكْمُ إِلََّا لِلََّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: الآية 67].
{وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ وَقَدْ هَدََانََا سُبُلَنََا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ََ مََا آذَيْتُمُونََا وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)} [إبراهيم: الآية 12].
{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)} [النّحل: الآية 42].
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لََا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} [الفرقان: الآية 58].
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرََاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السََّاجِدِينَ (219)} [الشّعراء: الآيات 219217].
{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)} [النّمل: الآية 79].
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ وَكَفى ََ بِاللََّهِ وَكِيلًا} [النّساء: الآية 81].
{وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشّورى: الآية 36].
{قُلْ حَسْبِيَ اللََّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزّمر: الآية 38].
{وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ وَكَفى ََ بِاللََّهِ وَكِيلًا (48)} [الأحزاب: الآية 48].
{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللََّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقََالُوا عَلَى اللََّهِ تَوَكَّلْنََا رَبَّنََا لََا تَجْعَلْنََا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ (85)} [يونس: الآيتان 84، 85].(1/80)
{وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ وَكَفى ََ بِاللََّهِ وَكِيلًا (48)} [الأحزاب: الآية 48].
{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللََّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقََالُوا عَلَى اللََّهِ تَوَكَّلْنََا رَبَّنََا لََا تَجْعَلْنََا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ (85)} [يونس: الآيتان 84، 85].
{رَبَّنََا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنََا وَإِلَيْكَ أَنَبْنََا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: الآية 4].
{اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)} [التّغابن: الآية 13].
{قُلْ هُوَ الرَّحْمََنُ آمَنََّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنََا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ (29)}
[الملك: الآية 29].
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)} [المزمّل: الآية 9].
ذكر الشهادة والاستشهاد
{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجََالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونََا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتََانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدََاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدََاهُمََا فَتُذَكِّرَ إِحْدََاهُمَا الْأُخْرى ََ وَلََا يَأْبَ الشُّهَدََاءُ إِذََا مََا دُعُوا} [البقرة: الآية 282].
{وَلََا تَكْتُمُوا الشَّهََادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهََا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: الآية 283].
{وَأَقِيمُوا الشَّهََادَةَ لِلََّهِ ذََلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كََانَ يُؤْمِنُ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
[الطّلاق: الآية 2].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهََادَةُ بَيْنِكُمْ إِذََا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنََانِ ذَوََا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرََانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصََابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمََا مِنْ بَعْدِ الصَّلََاةِ فَيُقْسِمََانِ بِاللََّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لََا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كََانَ ذََا قُرْبى ََ وَلََا نَكْتُمُ شَهََادَةَ اللََّهِ إِنََّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلى ََ أَنَّهُمَا اسْتَحَقََّا إِثْماً فَآخَرََانِ يَقُومََانِ مَقََامَهُمََا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيََانِ فَيُقْسِمََانِ بِاللََّهِ لَشَهََادَتُنََا أَحَقُّ مِنْ شَهََادَتِهِمََا وَمَا اعْتَدَيْنََا إِنََّا إِذاً لَمِنَ الظََّالِمِينَ (107) ذََلِكَ أَدْنى ََ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهََادَةِ عَلى ََ وَجْهِهََا} [المائدة: الآيات 108106].
{فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدََاءِ فَأُولََئِكَ عِنْدَ اللََّهِ هُمُ الْكََاذِبُونَ} [النّور: الآية 13].
{وَالَّذِينَ لََا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذََا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرََاماً (72)} [الفرقان: الآية 72].
{سَتُكْتَبُ شَهََادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ} [الزّخرف: الآية 19].(1/81)
{وَالَّذِينَ لََا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذََا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرََاماً (72)} [الفرقان: الآية 72].
{سَتُكْتَبُ شَهََادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ} [الزّخرف: الآية 19].
{وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ عَلى ََ مِثْلِهِ} [الأحقاف: الآية 10].
{وَجََاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهََا سََائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)} [ق: الآية 21].
{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهََادَةَ لِلََّهِ} [الطّلاق: الآية 2].
{وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهََادََاتِهِمْ قََائِمُونَ (33)} [المعارج: الآية 33].
{قُلْ كَفى ََ بِاللََّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الرّعد: الآية 43].
ذكر الظن
{اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: الآية 12].
{وَتَظُنُّونَ بِاللََّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: الآية 10].
{وَمََا خَلَقْنَا السَّمََاءَ وَالْأَرْضَ وَمََا بَيْنَهُمََا بََاطِلًا ذََلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: الآية 27].
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لََا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} [النّجم: الآية 28].
{يَظُنُّونَ بِاللََّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجََاهِلِيَّةِ} [آل عمران: الآية 154].
{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مََانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللََّهِ فَأَتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}
[الحشر: الآية 2].
{إِنْ نَظُنُّ إِلََّا ظَنًّا وَمََا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: الآية 32].
{لََا يَعْلَمُونَ الْكِتََابَ إِلََّا أَمََانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلََّا يَظُنُّونَ} [البقرة: الآية 78].
{مََا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبََاعَ الظَّنِّ} [النّساء: الآية 157].
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلََّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: الآية 116].
{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمََا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللََّهُ أَحَداً (7)} [الجنّ: الآية 7].
{وَأَنََّا ظَنَنََّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللََّهِ كَذِباً (5)} [الجنّ: الآية 5].
{وَأَنََّا ظَنَنََّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللََّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12)} [الجنّ: الآية 12].
{وَمََا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللََّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} [يونس: الآية 60].(1/82)
{وَأَنََّا ظَنَنََّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللََّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12)} [الجنّ: الآية 12].
{وَمََا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللََّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} [يونس: الآية 60].
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمََا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النّجم: الآية 23].
{بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى ََ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذََلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12)} [الفتح: الآية 12].
ذكر التثبت
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهََالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ََ مََا فَعَلْتُمْ نََادِمِينَ (6)} [الحجرات: الآية 6].
{وَلَوْلََا أَنْ ثَبَّتْنََاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا (74)} [الإسراء: الآية 74].
{إِذََا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى ََ إِلَيْكُمُ السَّلََامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا فَعِنْدَ اللََّهِ مَغََانِمُ كَثِيرَةٌ كَذََلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللََّهَ كََانَ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النّساء: الآية 94].
{لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى ََ لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: الآية 102].
ذكر السمع والطاعة
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النّساء: الآية 59].
{وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ} [التّغابن: الآية 16].
{إِنَّمََا كََانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنََا وَأَطَعْنََا وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النّور: الآية 51].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التّغابن: الآية 16].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلََا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151)} [الشّعراء: الآيتان 150، 151].
{وَلََا تُطِعْ كُلَّ حَلََّافٍ مَهِينٍ (10)} [القلم: الآية 10].(1/83)
{فَاتَّقُوا اللََّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلََا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151)} [الشّعراء: الآيتان 150، 151].
{وَلََا تُطِعْ كُلَّ حَلََّافٍ مَهِينٍ (10)} [القلم: الآية 10].
{وَلََا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: الآية 24].
{وَلََا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنََا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنََا وَاتَّبَعَ هَوََاهُ وَكََانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف: الآية 28].
{فَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَجََاهِدْهُمْ بِهِ جِهََاداً كَبِيراً (52)} [الفرقان: الآية 52].
{وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ} [الأحزاب: الآية 48].
{فَلََا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} [القلم: الآيتان 8، 9].
{كَلََّا لََا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} [العلق: الآية 19].
ذكر الصلح
{وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمََا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدََاهُمََا عَلَى الْأُخْرى ََ فَقََاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتََّى تَفِيءَ إِلى ََ أَمْرِ اللََّهِ فَإِنْ فََاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمََا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: الآيتان 9، 10].
{لََا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوََاهُمْ إِلََّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلََاحٍ بَيْنَ النََّاسِ} [النّساء: الآية 114].
{فَمَنْ خََافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} [البقرة: الآية 182].
{أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النََّاسِ وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: الآية 224].
{فَاتَّقُوا اللََّهَ وَأَصْلِحُوا ذََاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: الآية 1].
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذََلِكَ إِنْ أَرََادُوا إِصْلََاحاً} [البقرة: الآية 228].
{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقََاقَ بَيْنِهِمََا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهََا إِنْ يُرِيدََا إِصْلََاحاً يُوَفِّقِ اللََّهُ بَيْنَهُمََا} [النّساء: الآية 35].
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خََافَتْ مِنْ بَعْلِهََا نُشُوزاً أَوْ إِعْرََاضاً فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النّساء: الآية 128].(1/84)
{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقََاقَ بَيْنِهِمََا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهََا إِنْ يُرِيدََا إِصْلََاحاً يُوَفِّقِ اللََّهُ بَيْنَهُمََا} [النّساء: الآية 35].
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خََافَتْ مِنْ بَعْلِهََا نُشُوزاً أَوْ إِعْرََاضاً فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النّساء: الآية 128].
{إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: الآية 160].
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلََاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ} [هود: الآية 88].
ذكر الاعتصام والعصمة
{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللََّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: الآية 101].
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: الآية 103].
{إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللََّهِ} [النّساء: الآية 146].
{وَاعْتَصِمُوا بِاللََّهِ هُوَ مَوْلََاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحجّ: الآية 78].
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ} [النّساء: الآية 175].
{وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكََافِرِينَ} [المائدة: الآية 67].
{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مََا لَكُمْ مِنَ اللََّهِ مِنْ عََاصِمٍ} [غافر: الآية 33].
{قََالَ سَآوِي إِلى ََ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمََاءِ قََالَ لََا عََاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللََّهِ إِلََّا مَنْ رَحِمَ} [هود: الآية 43].
{قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللََّهِ إِنْ أَرََادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرََادَ بِكُمْ رَحْمَةً}
[الأحزاب: الآية 17].
ذكر بيت الله الحرام والحج
{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ وَحَيْثُ مََا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}
[البقرة: الآية 144].
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} [البقرة: الآية 149].
{إِنَّ الصَّفََا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعََائِرِ اللََّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمََا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللََّهَ شََاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة: الآية 158].(1/85)
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} [البقرة: الآية 149].
{إِنَّ الصَّفََا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعََائِرِ اللََّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمََا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللََّهَ شََاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة: الآية 158].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُحِلُّوا شَعََائِرَ اللََّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرََامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلََائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرََامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوََاناً} [المائدة: الآية 2].
{جَعَلَ اللََّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرََامَ قِيََاماً لِلنََّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرََامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلََائِدَ ذََلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللََّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)} [المائدة: الآية 97].
{وَأَذََانٌ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النََّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللََّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التّوبة: الآية 3].
{أَجَعَلْتُمْ سِقََايَةَ الْحََاجِّ وَعِمََارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجََاهَدَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ لََا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللََّهِ وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ (19)} [التّوبة:
الآية 19].
{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ أَنْ طَهِّرََا بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ وَالْعََاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذََا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرََاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قََالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى ََ عَذََابِ النََّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرََاهِيمُ الْقَوََاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمََاعِيلُ رَبَّنََا تَقَبَّلْ مِنََّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنََا وَاجْعَلْنََا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنََا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنََا مَنََاسِكَنََا وَتُبْ عَلَيْنََا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: الآيات 128125].
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلََّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلََا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتََّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: الآية 196].
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومََاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلََا رَفَثَ وَلََا فُسُوقَ وَلََا جِدََالَ فِي الْحَجِّ وَمََا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللََّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ وَاتَّقُونِ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ (197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذََا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفََاتٍ فَاذْكُرُوا اللََّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرََامِ
وَاذْكُرُوهُ كَمََا هَدََاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضََّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفََاضَ النََّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} [البقرة:(1/86)
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومََاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلََا رَفَثَ وَلََا فُسُوقَ وَلََا جِدََالَ فِي الْحَجِّ وَمََا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللََّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ وَاتَّقُونِ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ (197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذََا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفََاتٍ فَاذْكُرُوا اللََّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرََامِ
وَاذْكُرُوهُ كَمََا هَدََاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضََّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفََاضَ النََّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} [البقرة:
الآيات 199197].
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنََّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبََارَكاً وَهُدىً لِلْعََالَمِينَ (96) فِيهِ آيََاتٌ بَيِّنََاتٌ مَقََامُ إِبْرََاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كََانَ آمِناً وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللََّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعََالَمِينَ (97)} [آل عمران: الآيتان 96، 97].
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرََامِ الَّذِي جَعَلْنََاهُ لِلنََّاسِ سَوََاءً الْعََاكِفُ فِيهِ وَالْبََادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحََادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنََا لِإِبْرََاهِيمَ مَكََانَ الْبَيْتِ أَنْ لََا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ وَالْقََائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النََّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجََالًا وَعَلى ََ كُلِّ ضََامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنََافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ فِي أَيََّامٍ مَعْلُومََاتٍ عَلى ََ مََا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعََامِ فَكُلُوا مِنْهََا وَأَطْعِمُوا الْبََائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذََلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمََاتِ اللََّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعََامُ إِلََّا مََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثََانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)}
[الحجّ: الآيات 3025].
{ذََلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعََائِرَ اللََّهِ فَإِنَّهََا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهََا مَنََافِعُ إِلى ََ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهََا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)} [الحجّ: الآيتان 32، 33].
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنََّا جَعَلْنََا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النََّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبََاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللََّهِ يَكْفُرُونَ (67)} [العنكبوت: الآية 67].
{فَإِذََا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلََاثَةِ أَيََّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ} [البقرة: الآية 196].
{لَقَدْ صَدَقَ اللََّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيََا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرََامَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لََا تَخََافُونَ فَعَلِمَ مََا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذََلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27)} [الفتح: الآية 27].(1/87)
{لَقَدْ صَدَقَ اللََّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيََا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرََامَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لََا تَخََافُونَ فَعَلِمَ مََا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذََلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27)} [الفتح: الآية 27].
ذكر الحدود
{وَمََا كََانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلََّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى ََ أَهْلِهِ إِلََّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كََانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كََانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثََاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى ََ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ شَهْرَيْنِ مُتَتََابِعَيْنِ} [النّساء: الآية 92].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصََاصُ فِي الْقَتْلى ََ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى ََ بِالْأُنْثى ََ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبََاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدََاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسََانٍ ذََلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى ََ بَعْدَ ذََلِكَ فَلَهُ عَذََابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [البقرة: الآيتان 178، 179].
{إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسََاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلََافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذََلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيََا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذََابٌ عَظِيمٌ (33)}
[المائدة: الآية 33].
{الزََّانِيَةُ وَالزََّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وََاحِدٍ مِنْهُمََا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلََا تَأْخُذْكُمْ بِهِمََا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذََابَهُمََا طََائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النّور: الآية 2].
{وَالسََّارِقُ وَالسََّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمََا جَزََاءً بِمََا كَسَبََا نَكََالًا مِنَ اللََّهِ وَاللََّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: الآية 38].
{وَكَتَبْنََا عَلَيْهِمْ فِيهََا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصََاصٌ} [المائدة: الآية 45].
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنََاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدََاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمََانِينَ جَلْدَةً وَلََا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهََادَةً أَبَداً وَأُولََئِكَ هُمُ الْفََاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النّور: الآيتان 4، 5].(1/88)
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنََاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدََاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمََانِينَ جَلْدَةً وَلََا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهََادَةً أَبَداً وَأُولََئِكَ هُمُ الْفََاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النّور: الآيتان 4، 5].
ذكر القيامة
{وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلََا يُقْبَلُ مِنْهََا شَفََاعَةٌ وَلََا يُؤْخَذُ مِنْهََا عَدْلٌ وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)} [البقرة: الآية 48].
{وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلََا يُقْبَلُ مِنْهََا عَدْلٌ وَلََا تَنْفَعُهََا شَفََاعَةٌ وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)} [البقرة: الآية 123].
{يَوْمٌ لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خُلَّةٌ وَلََا شَفََاعَةٌ وَالْكََافِرُونَ هُمُ الظََّالِمُونَ} [البقرة: الآية 254].
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مََا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمََا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهََا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللََّهُ نَفْسَهُ وَاللََّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبََادِ (30)} [آل عمران:
الآية 30].
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: الآية 106].
{يَوْمٌ لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خِلََالٌ} [إبراهيم: الآية 31].
{يَوْمَ تَرَوْنَهََا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمََّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذََاتِ حَمْلٍ حَمْلَهََا وَتَرَى النََّاسَ سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ وَلََكِنَّ عَذََابَ اللََّهِ شَدِيدٌ (2)}
[الحجّ: الآية 2].
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللََّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللََّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النّور: الآيتان 24، 25].
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمََا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ} [الفرقان: الآية 17].
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظََّالِمُ عَلى ََ يَدَيْهِ يَقُولُ يََا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}
[الفرقان: الآية 27].
{يَوْمَ لََا يَنْفَعُ مََالٌ وَلََا بَنُونَ (88) إِلََّا مَنْ أَتَى اللََّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشّعراء:
الآيتان 88، 89].
{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيََاتِنََا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83)} [النّمل:
الآية 83].
{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلََّا مَنْ شََاءَ اللََّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دََاخِرِينَ (87)} [النّمل: الآية 87].(1/89)
الآية 83].
{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلََّا مَنْ شََاءَ اللََّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دََاخِرِينَ (87)} [النّمل: الآية 87].
{وَيَوْمَ يُنََادِيهِمْ فَيَقُولُ مََا ذََا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبََاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لََا يَتَسََاءَلُونَ (66)} [القصص: الآيتان 65، 66].
{وَيَوْمَ تَقُومُ السََّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)} [الرّوم: الآية 12].
{وَيَوْمَ تَقُومُ السََّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14)} [الرّوم: الآية 14].
{يَوْمٌ لََا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللََّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الرّوم: الآية 43].
{وَيَوْمَ تَقُومُ السََّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مََا لَبِثُوا غَيْرَ سََاعَةٍ كَذََلِكَ كََانُوا يُؤْفَكُونَ (55)} [الرّوم: الآية 55].
{وَاخْشَوْا يَوْماً لََا يَجْزِي وََالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلََا مَوْلُودٌ هُوَ جََازٍ عَنْ وََالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ فَلََا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيََاةُ الدُّنْيََا وَلََا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللََّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: الآية 33].
{يَوْمَ يَأْتِ لََا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلََّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)} [هود: الآية 105].
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النََّارِ يَقُولُونَ يََا لَيْتَنََا أَطَعْنَا اللََّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)}
[الأحزاب: الآية 66].
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنََاجِرِ كََاظِمِينَ مََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلََا شَفِيعٍ يُطََاعُ (18)} [غافر: الآية 18].
{يَوْمَ هُمْ بََارِزُونَ لََا يَخْفى ََ عَلَى اللََّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} [غافر: الآية 16].
{يَوْمَ التَّنََادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مََا لَكُمْ مِنَ اللََّهِ مِنْ عََاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ (33)} [غافر: الآيتان 32، 33].
{يَوْمَ لََا يَنْفَعُ الظََّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدََّارِ (52)} [غافر:
الآية 52].
{يَوْمٌ لََا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللََّهِ مََا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمََا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}
[الشّورى: الآية 47].(1/90)
الآية 52].
{يَوْمٌ لََا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللََّهِ مََا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمََا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}
[الشّورى: الآية 47].
{يَوْمَ لََا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ (41)} [الدّخان: الآية 41].
{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذََلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)} [ق: الآيتان 41، 42].
{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرََاعاً ذََلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنََا يَسِيرٌ (44)} [ق: الآية 44].
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النََّارِ يُفْتَنُونَ (13)} [الذّاريات: الآية 13].
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى ََ نََارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هََذِهِ النََّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهََا تُكَذِّبُونَ (14)}
[الطّور: الآيتان 13، 14].
{يَوْمَ لََا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)} [الطّور: الآية 46].
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالْمُنََافِقََاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونََا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد:
الآية 13].
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذََلِكَ يَوْمُ التَّغََابُنِ} [التّغابن: الآية 9].
{يَوْمَ لََا يُخْزِي اللََّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى ََ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمََانِهِمْ} [التّحريم: الآية 8].
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سََاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلََا يَسْتَطِيعُونَ} (42) [القلم: الآية 42].
{يَوْمَ تَكُونُ السَّمََاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبََالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلََا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10)} [المعارج: الآيات 108].
{يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصََارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ كَأَنَّهُمْ جَرََادٌ مُنْتَشِرٌ (7)} [القمر: الآيتان 6، 7].
{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ سِرََاعاً كَأَنَّهُمْ إِلى ََ نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)} [المعارج: الآية 43].
{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبََالُ وَكََانَتِ الْجِبََالُ كَثِيباً مَهِيلًا (14)} [المزمّل: الآية 14].
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوََاجاً (18)} [النّبأ: الآية 18].
{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلََائِكَةُ صَفًّا لََا يَتَكَلَّمُونَ إِلََّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمََنُ وَقََالَ صَوََاباً (38)} [النّبأ: الآية 38].(1/91)
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوََاجاً (18)} [النّبأ: الآية 18].
{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلََائِكَةُ صَفًّا لََا يَتَكَلَّمُونَ إِلََّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمََنُ وَقََالَ صَوََاباً (38)} [النّبأ: الآية 38].
{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مََا قَدَّمَتْ يَدََاهُ وَيَقُولُ الْكََافِرُ يََا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرََاباً} [النّبأ: الآية 40].
{يَوْمَ لََا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلََّهِ (19)} [الانفطار: الآية 19].
{يَوْمَ تَرْجُفُ الرََّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرََّادِفَةُ (7)} [النّازعات: الآيتان 6، 7].
{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسََانُ مََا سَعى ََ (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى ََ (36)} [النّازعات:
الآيتان 35، 36].
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصََاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)} [عبس: الآيات 3634].
{يَوْمَ يَقُومُ النََّاسُ لِرَبِّ الْعََالَمِينَ (6)} [المطفّفين: الآية 6].
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرََائِرُ (9)} [الطّارق: الآية 9].
{يَوْمَ يَكُونُ النََّاسُ كَالْفَرََاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبََالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)} [القارعة: الآيتان 4، 5].
الدّعاء
{رَبَّنََا آتِنََا فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنََا عَذََابَ النََّارِ}
[البقرة: الآية 201].
{رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدََامَنََا وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ}
[البقرة: الآية 250].
{رَبَّنََا لََا تُؤََاخِذْنََا إِنْ نَسِينََا أَوْ أَخْطَأْنََا رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً كَمََا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنََا رَبَّنََا وَلََا تُحَمِّلْنََا مََا لََا طََاقَةَ لَنََا بِهِ وَاعْفُ عَنََّا وَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا أَنْتَ مَوْلََانََا فَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} [البقرة: الآية 286].
{رَبَّنََا لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنََا وَهَبْ لَنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ (8) رَبَّنََا إِنَّكَ جََامِعُ النََّاسِ لِيَوْمٍ لََا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللََّهَ لََا يُخْلِفُ الْمِيعََادَ (9)}
[آل عمران: الآيتان 8، 9].(1/92)
{رَبَّنََا لََا تُؤََاخِذْنََا إِنْ نَسِينََا أَوْ أَخْطَأْنََا رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً كَمََا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنََا رَبَّنََا وَلََا تُحَمِّلْنََا مََا لََا طََاقَةَ لَنََا بِهِ وَاعْفُ عَنََّا وَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا أَنْتَ مَوْلََانََا فَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} [البقرة: الآية 286].
{رَبَّنََا لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنََا وَهَبْ لَنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ (8) رَبَّنََا إِنَّكَ جََامِعُ النََّاسِ لِيَوْمٍ لََا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللََّهَ لََا يُخْلِفُ الْمِيعََادَ (9)}
[آل عمران: الآيتان 8، 9].
{رَبَّنََا إِنَّنََا آمَنََّا فَاغْفِرْ لَنََا ذُنُوبَنََا وَقِنََا عَذََابَ النََّارِ} [آل عمران: الآية 16].
{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعََاءِ} [آل عمران: الآية 38].
{رَبَّنََا آمَنََّا بِمََا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنََا مَعَ الشََّاهِدِينَ (53)}
[آل عمران: الآية 53].
{رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا صَبْراً} [البقرة: الآية 250].
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنََا ذُنُوبَنََا وَإِسْرََافَنََا فِي أَمْرِنََا وَثَبِّتْ أَقْدََامَنََا وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} [آل عمران: الآية 147].
{رَبَّنََا مََا خَلَقْتَ هََذََا بََاطِلًا سُبْحََانَكَ فَقِنََا عَذََابَ النََّارِ (191) رَبَّنََا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النََّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ أَنْصََارٍ (192) رَبَّنََا إِنَّنََا سَمِعْنََا مُنََادِياً يُنََادِي لِلْإِيمََانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنََّا رَبَّنََا فَاغْفِرْ لَنََا ذُنُوبَنََا وَكَفِّرْ عَنََّا سَيِّئََاتِنََا وَتَوَفَّنََا مَعَ الْأَبْرََارِ (193) رَبَّنََا وَآتِنََا مََا وَعَدْتَنََا عَلى ََ رُسُلِكَ وَلََا تُخْزِنََا يَوْمَ الْقِيََامَةِ إِنَّكَ لََا تُخْلِفُ الْمِيعََادَ (194)} [آل عمران: الآيات 194191].
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفََاتِحِينَ} [الأعراف: الآية 89].
{رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا صَبْراً وَتَوَفَّنََا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: الآية 126].
{رَبَّنََا لََا تَجْعَلْنََا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ (85) وَنَجِّنََا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ (86)}
[يونس: الآيتان 85، 86].
{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى ََ أَمْوََالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ فَلََا يُؤْمِنُوا حَتََّى يَرَوُا الْعَذََابَ الْأَلِيمَ}
[يونس: الآية 88].
{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنََامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النََّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصََانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنََا
إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوََادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنََا لِيُقِيمُوا الصَّلََاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النََّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرََاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)} [إبراهيم:(1/93)
{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنََامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النََّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصََانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنََا
إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوََادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنََا لِيُقِيمُوا الصَّلََاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النََّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرََاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)} [إبراهيم:
الآيات 3735].
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلََاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنََا وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسََابُ (41)} [إبراهيم: الآيتان 40، 41].
{رَبِّ ارْحَمْهُمََا كَمََا رَبَّيََانِي صَغِيراً} [الإسراء: الآية 24].
{رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطََاناً نَصِيراً (80)} [الإسراء: الآية 80].
{رَبَّنََا آتِنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} [الكهف: الآية 10].
{رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعََائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي وَكََانَتِ امْرَأَتِي عََاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)} [مريم: الآيات 4 6].
{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسََانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هََارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)} [طه: الآيات 3225].
{رَبِّ لََا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوََارِثِينَ} [الأنبياء: الآية 89].
{رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمََنُ الْمُسْتَعََانُ عَلى ََ مََا تَصِفُونَ (112)} [الأنبياء: الآية 112].
{رَبِّ انْصُرْنِي بِمََا كَذَّبُونِ} [المؤمنون: الآيتان 26و 39].
{رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبََارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: الآية 29].
{رَبِّ إِمََّا تُرِيَنِّي مََا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلََا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ (94)}
[المؤمنون: الآيتان 93، 94].
{رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزََاتِ الشَّيََاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)}
[المؤمنون: الآيتان 97، 98].
{رَبَّنََا آمَنََّا فَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا وَأَنْتَ خَيْرُ الرََّاحِمِينَ} [المؤمنون: الآية 109].(1/94)
{رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزََاتِ الشَّيََاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)}
[المؤمنون: الآيتان 97، 98].
{رَبَّنََا آمَنََّا فَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا وَأَنْتَ خَيْرُ الرََّاحِمِينَ} [المؤمنون: الآية 109].
{رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرََّاحِمِينَ} [المؤمنون: الآية 118].
{رَبَّنَا اصْرِفْ عَنََّا عَذََابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذََابَهََا كََانَ غَرََاماً} [الفرقان: الآية 65].
{رَبَّنََا هَبْ لَنََا مِنْ أَزْوََاجِنََا وَذُرِّيََّاتِنََا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنََا لِلْمُتَّقِينَ إِمََاماً}
[الفرقان: الآية 74].
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصََّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسََانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)} [الشّعراء: الآيات 8583].
{رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118)} [الشّعراء: الآيتان 117، 118].
{رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمََّا يَعْمَلُونَ (169)} [الشّعراء: الآية 169].
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صََالِحاً تَرْضََاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبََادِكَ الصََّالِحِينَ} [النّمل: الآية 19].
{قََالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)}
[القصص: الآية 16].
{رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} [القصص: الآية 21].
{رَبِّ إِنِّي لِمََا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: الآية 24].
{رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)} [العنكبوت: الآية 30].
{رَبَّنََا أَبْصَرْنََا وَسَمِعْنََا فَارْجِعْنََا نَعْمَلْ صََالِحاً إِنََّا مُوقِنُونَ} [السّجدة: الآية 12].
{رَبَّنََا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذََابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)} [الأحزاب: الآية 68].
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصََّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنََاهُ بِغُلََامٍ حَلِيمٍ (101)} [الصّافات: الآيتان 100، 101].
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لََا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ (35)}
[ص: الآية 35].
{رَبَّنََا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تََابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنََا وَأَدْخِلْهُمْ جَنََّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبََائِهِمْ وَأَزْوََاجِهِمْ وَذُرِّيََّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئََاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئََاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)} [غافر: الآيات 7 9].(1/95)
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لََا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ (35)}
[ص: الآية 35].
{رَبَّنََا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تََابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنََا وَأَدْخِلْهُمْ جَنََّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبََائِهِمْ وَأَزْوََاجِهِمْ وَذُرِّيََّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئََاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئََاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)} [غافر: الآيات 7 9].
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذََابَ إِنََّا مُؤْمِنُونَ (12)} [الدّخان: الآية 12].
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صََالِحاً تَرْضََاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: الآية 15].
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنََا وَلِإِخْوََانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونََا بِالْإِيمََانِ وَلََا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنََا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنََا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: الآية 10].
{رَبَّنََا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنََا وَإِلَيْكَ أَنَبْنََا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنََا لََا تَجْعَلْنََا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنََا رَبَّنََا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)} [الممتحنة: الآيتان 4، 5].
{رَبِّ لََا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكََافِرِينَ دَيََّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبََادَكَ وَلََا يَلِدُوا إِلََّا فََاجِراً كَفََّاراً (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنََاتِ وَلََا تَزِدِ الظََّالِمِينَ إِلََّا تَبََاراً (28)} [نوح: الآيات 2826].
آيات فيها ذكر نجاة من شدة أو خوف أو ما يشبه ذلك
{وَإِذْ نَجَّيْنََاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذََابِ} [البقرة: الآية 49].
{وَإِذْ فَرَقْنََا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنََاكُمْ} [البقرة: الآية 50].
{ثُمَّ بَعَثْنََاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)} [البقرة: الآية 56].
{أَلََا إِنَّ نَصْرَ اللََّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: الآية 214].
{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلََّا أَذىً وَإِنْ يُقََاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبََارَ ثُمَّ لََا يُنْصَرُونَ (111)}
[آل عمران: الآية 111].
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللََّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)} [آل عمران:
الآية 123].
{وَمََا جَعَلَهُ اللََّهُ إِلََّا بُشْرى ََ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} [آل عمران: الآية 126].(1/96)
الآية 123].
{وَمََا جَعَلَهُ اللََّهُ إِلََّا بُشْرى ََ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} [آل عمران: الآية 126].
{وَلََا تَهِنُوا وَلََا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} [آل عمران:
الآية 139].
{اسْتَعِينُوا بِاللََّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلََّهِ يُورِثُهََا مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: الآية 128].
{عَسى ََ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: الآية 129].
{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كََانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشََارِقَ الْأَرْضِ وَمَغََارِبَهَا الَّتِي بََارَكْنََا فِيهََا} [الأعراف: الآية 137].
{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جََاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: الآية 19].
{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخََافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النََّاسُ فَآوََاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)} [الأنفال: الآية 26].
{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: الآيتان 62، 63].
{وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التّوبة: الآية 14].
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللََّهُ فِي مَوََاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التّوبة: الآية 25].
{ثُمَّ أَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التّوبة: الآية 26].
{إِلََّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللََّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثََانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ لََا تَحْزَنْ إِنَّ اللََّهَ مَعَنََا فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهََا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى ََ وَكَلِمَةُ اللََّهِ هِيَ الْعُلْيََا وَاللََّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} [التّوبة:
الآية 40].
{لَهُمُ الْبُشْرى ََ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ لََا تَبْدِيلَ لِكَلِمََاتِ اللََّهِ ذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس: الآية 64].(1/97)
الآية 40].
{لَهُمُ الْبُشْرى ََ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ لََا تَبْدِيلَ لِكَلِمََاتِ اللََّهِ ذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس: الآية 64].
{فَنَجَّيْنََاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنََاهُمْ خَلََائِفَ} [يونس: الآية 73].
{وَلَقَدْ بَوَّأْنََا بَنِي إِسْرََائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنََاهُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ} [يونس: الآية 93].
{فَلَوْلََا كََانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهََا إِيمََانُهََا إِلََّا قَوْمَ يُونُسَ لَمََّا آمَنُوا كَشَفْنََا عَنْهُمْ عَذََابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَمَتَّعْنََاهُمْ إِلى ََ حِينٍ (98)} [يونس: الآية 98].
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذََلِكَ حَقًّا عَلَيْنََا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)}
[يونس: الآية 103].
{وَلَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا نَجَّيْنََا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنََّا وَنَجَّيْنََاهُمْ مِنْ عَذََابٍ غَلِيظٍ (58)} [هود: الآية 58].
{فَلَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا نَجَّيْنََا صََالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنََّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66)} [هود: الآية 66].
{وَلَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا نَجَّيْنََا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنََّا} [هود: الآية 94].
{وَكَذََلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحََادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى ََ آلِ يَعْقُوبَ} [يوسف: الآية 6].
{وَكَذََلِكَ مَكَّنََّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهََا حَيْثُ يَشََاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنََا مَنْ نَشََاءُ وَلََا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [يوسف: الآية 56].
{فَاسْتَجََابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)} [يوسف:
الآية 34].
{وَلََا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِنَّهُ لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ}
[يوسف: الآية 87].
{قََالَ أَنَا يُوسُفُ وَهََذََا أَخِي قَدْ مَنَّ اللََّهُ عَلَيْنََا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: الآية 90].
{فَلَمََّا أَنْ جََاءَ الْبَشِيرُ أَلْقََاهُ عَلى ََ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً} [يوسف: الآية 96].(1/98)
{قََالَ أَنَا يُوسُفُ وَهََذََا أَخِي قَدْ مَنَّ اللََّهُ عَلَيْنََا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: الآية 90].
{فَلَمََّا أَنْ جََاءَ الْبَشِيرُ أَلْقََاهُ عَلى ََ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً} [يوسف: الآية 96].
{وَقََالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ آمِنِينَ} [يوسف: الآية 99].
{حَتََّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جََاءَهُمْ نَصْرُنََا فَنُجِّيَ مَنْ نَشََاءُ وَلََا يُرَدُّ بَأْسُنََا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)} [يوسف: الآية 110].
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا إِنَّ الْإِنْسََانَ لَظَلُومٌ كَفََّارٌ} [إبراهيم:
الآية 34].
{وَنَزَعْنََا مََا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوََاناً عَلى ََ سُرُرٍ مُتَقََابِلِينَ (47)} [الحجر: الآية 47].
{قََالُوا لََا تَوْجَلْ إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ عَلِيمٍ (53) قََالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى ََ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قََالُوا بَشَّرْنََاكَ بِالْحَقِّ فَلََا تَكُنْ مِنَ الْقََانِطِينَ (55)} [الحجر:
الآيات 5553].
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا إِنَّ اللََّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)} [النّحل: الآية 18].
{كَذََلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} [النّحل: الآية 81].
{ثُمَّ رَدَدْنََا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنََاكُمْ بِأَمْوََالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنََاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6)} [الإسراء: الآية 6].
{وَرَفَعْنََاهُ مَكََاناً عَلِيًّا (57)} [مريم: الآية 57].
{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى ََ عَيْنِي} [طه: الآية 39].
{لََا تَخََافُ دَرَكاً وَلََا تَخْشى ََ} [طه: الآية 77].
{يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنََاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوََاعَدْنََاكُمْ جََانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنََا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ََ (80)} [طه: الآية 80].
{ثُمَّ صَدَقْنََاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنََاهُمْ وَمَنْ نَشََاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)} [الأنبياء:
الآية 9].
{قُلْنََا يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ (69) وَأَرََادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنََاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنََاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بََارَكْنََا فِيهََا لِلْعََالَمِينَ (71)} [الأنبياء:(1/99)
الآية 9].
{قُلْنََا يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ (69) وَأَرََادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنََاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنََاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بََارَكْنََا فِيهََا لِلْعََالَمِينَ (71)} [الأنبياء:
الآيات 7169].
{وَلُوطاً آتَيْنََاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كََانَتْ تَعْمَلُ الْخَبََائِثَ إِنَّهُمْ كََانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فََاسِقِينَ (74)} [الأنبياء: الآية 74].
{وَنُوحاً إِذْ نََادى ََ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنََا لَهُ فَنَجَّيْنََاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)} [الأنبياء: الآية 76].
{وَأَيُّوبَ إِذْ نََادى ََ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرََّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنََا لَهُ فَكَشَفْنََا مََا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنََاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنََا وَذِكْرى ََ لِلْعََابِدِينَ (84)} [الأنبياء: الآيتان 83، 84].
{فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: الآية 88].
{فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَوَهَبْنََا لَهُ يَحْيى ََ وَأَصْلَحْنََا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كََانُوا يُسََارِعُونَ فِي الْخَيْرََاتِ وَيَدْعُونَنََا رَغَباً وَرَهَباً} [الأنبياء: الآية 90].
{وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ (105)} [الأنبياء: الآية 105].
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللََّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللََّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحجّ: الآية 40].
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} [المؤمنون: الآية 1].
{وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى ََ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} [النّور: الآية 55].
{يََا مُوسى ََ لََا تَخَفْ إِنِّي لََا يَخََافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النّمل: الآية 10].
{وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكََانُوا يَتَّقُونَ (53)} [النّمل: الآية 53].
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوََارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [القصص: الآيتان 5، 6].
{وَلََا تَخََافِي وَلََا تَحْزَنِي إِنََّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجََاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: الآية 7].(1/100)
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوََارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [القصص: الآيتان 5، 6].
{وَلََا تَخََافِي وَلََا تَحْزَنِي إِنََّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجََاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: الآية 7].
{فَرَدَدْنََاهُ إِلى ََ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهََا وَلََا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ (13)} [القصص: الآية 13].
{يََا مُوسى ََ أَقْبِلْ وَلََا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} [القصص: الآية 31].
{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى ََ إِلَيْهِ ثَمَرََاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنََّا وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} [القصص: الآية 57].
{فَأَنْجَيْنََاهُ وَأَصْحََابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنََاهََا آيَةً لِلْعََالَمِينَ (15)} [العنكبوت: الآية 15].
{وَوَهَبْنََا لَهُ إِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنََا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتََابَ وَآتَيْنََاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيََا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصََّالِحِينَ (27)} [العنكبوت: الآية 27].
{فَأَنْجََاهُ اللََّهُ مِنَ النََّارِ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: الآية 24].
{لََا تَخَفْ وَلََا تَحْزَنْ إِنََّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كََانَتْ مِنَ الْغََابِرِينَ}
[العنكبوت: الآية 33].
{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللََّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشََاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} [الرّوم: الآيتان 4، 5].
{فَإِذََا أَصََابَ بِهِ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ إِذََا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الرّوم: الآية 48].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جََاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهََا وَكََانَ اللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9)} [الأحزاب: الآية 9].
{وَرَدَّ اللََّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنََالُوا خَيْراً وَكَفَى اللََّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتََالَ وَكََانَ اللََّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظََاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ مِنْ صَيََاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيََارَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُهََا وَكََانَ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (27)} [الأحزاب: الآيات 2725].
{مََا يَفْتَحِ اللََّهُ لِلنََّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلََا مُمْسِكَ لَهََا} [فاطر: الآية 2].(1/101)
{وَرَدَّ اللََّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنََالُوا خَيْراً وَكَفَى اللََّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتََالَ وَكََانَ اللََّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظََاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ مِنْ صَيََاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيََارَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُهََا وَكََانَ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (27)} [الأحزاب: الآيات 2725].
{مََا يَفْتَحِ اللََّهُ لِلنََّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلََا مُمْسِكَ لَهََا} [فاطر: الآية 2].
{وَلَقَدْ مَنَنََّا عَلى ََ مُوسى ََ وَهََارُونَ (114) وَنَجَّيْنََاهُمََا وَقَوْمَهُمََا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115)} [الصّافات: الآيتان 114، 115].
{فَآمَنُوا فَمَتَّعْنََاهُمْ إِلى ََ حِينٍ (148)} [الصّافات: الآية 148].
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنََا لِعِبََادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنََا لَهُمُ الْغََالِبُونَ (173)} [الصّافات: الآيات 173171].
{فَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنََّا نَعْلَمُ مََا يُسِرُّونَ وَمََا يُعْلِنُونَ (76)} [يس: الآية 76].
{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهََا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)} [يس: الآية 79].
{فَغَفَرْنََا لَهُ ذََلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنََا لَزُلْفى ََ وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النََّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: الآيتان 25، 26].
{وَنَجَّيْنََاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنََا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبََاقِينَ (77)}
[الصّافات: الآيتان 76، 77].
{فَأَرََادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنََاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)} [الصّافات: الآية 98].
{وَفَدَيْنََاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنََا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلََامٌ عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ (109) كَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110)} [الصّافات: الآيات 110107].
{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هََذََا مُغْتَسَلٌ بََارِدٌ وَشَرََابٌ (42) وَوَهَبْنََا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنََّا وَذِكْرى ََ لِأُولِي الْأَلْبََابِ (43)} [ص: الآيتان 42، 43].
{أَلَيْسَ اللََّهُ بِكََافٍ عَبْدَهُ} [الزّمر: الآية 36].
{وَيُنَجِّي اللََّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفََازَتِهِمْ لََا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}
[الزّمر: الآية 61].
{فَوَقََاهُ اللََّهُ سَيِّئََاتِ مََا مَكَرُوا} [غافر: الآية 45].
{إِنََّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهََادُ (51)}
[غافر: الآية 51].
{وَرَفَعْنََا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ} [الزّخرف: الآية 32].(1/102)
{إِنََّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهََادُ (51)}
[غافر: الآية 51].
{وَرَفَعْنََا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ} [الزّخرف: الآية 32].
{يََا عِبََادِ لََا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلََا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)} [الزّخرف: الآية 68].
{وَلَقَدْ نَجَّيْنََا بَنِي إِسْرََائِيلَ مِنَ الْعَذََابِ الْمُهِينِ (30)} [الدّخان: الآية 30].
{وَلََا تَهِنُوا وَلََا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} [آل عمران:
الآية 139].
{فَلََا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللََّهُ مَعَكُمْ} [محمّد: الآية 35].
{إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ مََا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمََا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرََاطاً مُسْتَقِيماً (2) وَيَنْصُرَكَ اللََّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3)} [الفتح: الآيات 1 3].
{لَقَدْ رَضِيَ اللََّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبََايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مََا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثََابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) وَمَغََانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهََا وَكََانَ اللََّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (19)} [الفتح: الآيتان 18، 19].
{فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ََ وَكََانُوا أَحَقَّ بِهََا وَأَهْلَهََا وَكََانَ اللََّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الفتح: الآية 26].
{فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذََلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح: الآية 27].
{وَأَحْيَيْنََا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذََلِكَ الْخُرُوجُ} [ق: الآية 11].
{قََالُوا لََا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلََامٍ عَلِيمٍ} [الذّاريات: الآية 28].
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ وَاللََّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكََافِرُونَ (8)}
[الصّف: الآية 8].
{وَحَمَلْنََاهُ عَلى ََ ذََاتِ أَلْوََاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنََا جَزََاءً لِمَنْ كََانَ كُفِرَ (14)}
[القمر: الآيتان 13، 14].
{وَأُخْرى ََ تُحِبُّونَهََا نَصْرٌ مِنَ اللََّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} [الصّف: الآية 13].
{فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى ََ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظََاهِرِينَ} [الصّف: الآية 14].
{وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: الآية 8].(1/103)
{فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى ََ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظََاهِرِينَ} [الصّف: الآية 14].
{وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: الآية 8].
{سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطّلاق: الآية 7].
{فَوَقََاهُمُ اللََّهُ شَرَّ ذََلِكَ الْيَوْمِ وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11)} [الإنسان: الآية 11].
{وَيَنْقَلِبُ إِلى ََ أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9)} [الانشقاق: الآية 9].
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ََ (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ََ (7) وَوَجَدَكَ عََائِلًا فَأَغْنى ََ (8)} [الضّحى: الآيات 86].
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} [الشّرح: الآية 1].
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6)} [الشّرح: الآيتان 5، 6].
أو أمر ندب الله تعالى إليها
{وَقُولُوا لِلنََّاسِ حُسْناً} [البقرة: الآية 83].
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتََّى يَأْتِيَ اللََّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: الآية 109].
{وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: الآية 195].
{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ} [البقرة: الآية 197].
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشََاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذََا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: الآية 159].
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً} [النّساء: الآية 63].
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ وَكَفى ََ بِاللََّهِ وَكِيلًا} [النّساء: الآية 81].
{وَإِذََا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهََا أَوْ رُدُّوهََا إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86)} [النّساء: الآية 86].
{وَلََا تُجََادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتََانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ مَنْ كََانَ خَوََّاناً أَثِيماً (107)} [النّساء: الآية 107].
{لََا يُحِبُّ اللََّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلََّا مَنْ ظُلِمَ وَكََانَ اللََّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148)} [النّساء: الآية 148].(1/104)
{وَلََا تُجََادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتََانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ مَنْ كََانَ خَوََّاناً أَثِيماً (107)} [النّساء: الآية 107].
{لََا يُحِبُّ اللََّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلََّا مَنْ ظُلِمَ وَكََانَ اللََّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148)} [النّساء: الآية 148].
{وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} [المائدة: الآية 2].
{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرََاتِ إِلَى اللََّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمََا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
[المائدة: الآية 48].
{اتَّبِعْ مََا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}
[الأنعام: الآية 106].
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ (199) وَإِمََّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطََانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)} [الأعراف: الآيتان 199، 200].
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبََاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللََّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: الآية 60].
{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: الآية 85].
{لََا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ََ مََا مَتَّعْنََا بِهِ أَزْوََاجاً مِنْهُمْ وَلََا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنََاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)} [الحجر: الآية 88].
{فَاصْدَعْ بِمََا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)} [الحجر: الآية 94].
{فَإِذََا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ مِنَ الشَّيْطََانِ الرَّجِيمِ (98)} [النّحل: الآية 98].
{ادْعُ إِلى ََ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجََادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصََّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمََا صَبْرُكَ إِلََّا بِاللََّهِ وَلََا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلََا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمََّا يَمْكُرُونَ (127)} [النّحل: الآيات 125 127].
{وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً إِمََّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمََا أَوْ كِلََاهُمََا فَلََا تَقُلْ لَهُمََا أُفٍّ وَلََا تَنْهَرْهُمََا وَقُلْ لَهُمََا قَوْلًا كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمََا جَنََاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمََا كَمََا رَبَّيََانِي
صَغِيراً (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمََا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صََالِحِينَ فَإِنَّهُ كََانَ لِلْأَوََّابِينَ غَفُوراً (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبى ََ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلََا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كََانُوا إِخْوََانَ الشَّيََاطِينِ وَكََانَ الشَّيْطََانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمََّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغََاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهََا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً (28) وَلََا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى ََ عُنُقِكَ وَلََا تَبْسُطْهََا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29)} [الإسراء: الآيات 23 29].(1/105)
{وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً إِمََّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمََا أَوْ كِلََاهُمََا فَلََا تَقُلْ لَهُمََا أُفٍّ وَلََا تَنْهَرْهُمََا وَقُلْ لَهُمََا قَوْلًا كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمََا جَنََاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمََا كَمََا رَبَّيََانِي
صَغِيراً (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمََا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صََالِحِينَ فَإِنَّهُ كََانَ لِلْأَوََّابِينَ غَفُوراً (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبى ََ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلََا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كََانُوا إِخْوََانَ الشَّيََاطِينِ وَكََانَ الشَّيْطََانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمََّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغََاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهََا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً (28) وَلََا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى ََ عُنُقِكَ وَلََا تَبْسُطْهََا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29)} [الإسراء: الآيات 23 29].
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} [الإسراء: الآية 34].
{وَلََا تَقْفُ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤََادَ كُلُّ أُولََئِكَ كََانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (36) وَلََا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبََالَ طُولًا (37)} [الإسراء: الآيتان 36، 37].
{وَقُلْ لِعِبََادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطََانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطََانَ كََانَ لِلْإِنْسََانِ عَدُوًّا مُبِيناً (53)} [الإسراء: الآية 53].
{وَلََا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنََا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنََا وَاتَّبَعَ هَوََاهُ وَكََانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف: الآية 28].
{وَلََا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ََ مََا مَتَّعْنََا بِهِ أَزْوََاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} [طه: الآية 131].
{فَلََا يُنََازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى ََ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى ََ هُدىً مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جََادَلُوكَ فَقُلِ اللََّهُ أَعْلَمُ بِمََا تَعْمَلُونَ} [الحجّ: الآيتان 67، 68].
{وَلََا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى ََ وَالْمَسََاكِينَ وَالْمُهََاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلََا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللََّهُ لَكُمْ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} [النّور:
الآية 22].
{فَإِذََا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللََّهِ مُبََارَكَةً طَيِّبَةً}
[النّور: الآية 61].
{وَالَّذِينَ لََا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذََا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرََاماً (72)} [الفرقان: الآية 72].
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنََاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}
[الشّعراء: الآيتان 214، 215].(1/106)
{وَالَّذِينَ لََا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذََا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرََاماً (72)} [الفرقان: الآية 72].
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنََاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}
[الشّعراء: الآيتان 214، 215].
{وَلََا تُجََادِلُوا أَهْلَ الْكِتََابِ إِلََّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
[العنكبوت: الآية 46].
{أَقِمِ الصَّلََاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى ََ غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: الآية 78].
{يََا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلََاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ََ مََا أَصََابَكَ إِنَّ ذََلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلََا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنََّاسِ وَلََا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتََالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوََاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} [لقمان: الآيات 1917].
{يََا نِسََاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسََاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلََا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلََا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجََاهِلِيَّةِ الْأُولى ََ} [الأحزاب: الآيتان 32، 33].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى ََ طَعََامٍ غَيْرَ نََاظِرِينَ إِنََاهُ وَلََكِنْ إِذََا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذََا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلََا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}
[الأحزاب: الآية 53].
{وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ)} [الأحزاب: الآية 48].
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدََاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}
[فصّلت: الآية 34].
{وَإِمََّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطََانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}
[فصّلت: الآية 36].
{فَلِذََلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمََا أُمِرْتَ وَلََا تَتَّبِعْ أَهْوََاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ مِنْ كِتََابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشّورى: الآية 15].
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزّخرف: الآية 89].
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: الآية 10].(1/107)
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزّخرف: الآية 89].
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: الآية 10].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى ََ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلََا نِسََاءٌ مِنْ نِسََاءٍ} [الحجرات: الآية 11].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا تَنََاجَيْتُمْ فَلََا تَتَنََاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنََاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ} [المجادلة: الآية 9].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجََالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللََّهُ لَكُمْ وَإِذََا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجََاتٍ}
[المجادلة: الآية 11].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللََّهِ أَنْ تَقُولُوا مََا لََا تَفْعَلُونَ (3)} [الصّف: الآيتان 2، 3].
{وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ} [الحشر: الآية 7].
{فَإِذََا قُضِيَتِ الصَّلََاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} [الجمعة:
الآية 10].
{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التّغابن: الآية 16].
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمََّا آتََاهُ اللََّهُ}
[الطّلاق: الآية 7].
{فَاصْبِرْ كَمََا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: الآية 35].
{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَرََاهُ قَرِيباً (7)} [المعارج: الآيات 75].
{وَاصْبِرْ عَلى ََ مََا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (10)} [المزمّل: الآية 10].
{يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيََابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلََا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} [المدّثّر: الآيات 71].(1/108)
{يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيََابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلََا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} [المدّثّر: الآيات 71].
آيات التحدّي
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمََّا نَزَّلْنََا عَلى ََ عَبْدِنََا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدََاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (23)} [البقرة: الآية 23].
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرََاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيََاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ (13)} [هود: الآية 13].
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى ََ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هََذَا الْقُرْآنِ لََا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كََانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)} [الإسراء: الآية 88].
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرََاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: الآية 38].(1/109)
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرََاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: الآية 38].
الباب الثاني فيه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعشر كلمات، حمد الله تعالى وأثنى عليه وقال:
«أيها الناس، إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإنّ لكم نهاية، فانتهوا إلى نهايتكم إنّ المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع به، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشّبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت. والّذي نفس محمدّ بيده ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدّنيا من دار إلا الجنة أو النار» (1).
ومن كلامه الموجز عليه السلام:
«الناس كلّهم سواء كأسنان المشط» (2).
و «المرء كثير بأخيه، ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل الذي يرى لنفسه» (3).
وذكر الخيل فقال: «بطونها كنز وظهورها حرز» (4).
__________
(1) أخرجه القرطبي في تفسيره 18/ 116، وانظر أيضا: البيان والتبيين 2/ 19، والكامل للمبرد 1/ 243، وزهر الفردوس 4/ 127.
(2) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7/ 57، وابن الجوزي في الموضوعات 3/ 80، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 5/ 1099، وانظر أيضا: البيان والتبيين 2/ 19، وزهر الفردوس 4/ 127.
(3) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 24683. وانظر: البيان والتبيين 2/ 19.
(4) ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار 1/ 153.(1/110)
وقال: «نهيتكم عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع، وهات» (1).
وقال: «الناس كالإبل ترى المائة لا ترى فيها راحلة» (2).
وقال: «لا تزال أمّتي بخير ما لم تر الأمانة مغنما والصّدقة مغرما» (3).
وقال: «لا تجلسوا على ظهور الطّرق، فإن أبيتم فغضّوا الأبصار، وردّوا السّلام، واهدوا الضّالّة، وأعينوا الضّعيف» (4).
وقال: «إنّ الدّنيا حلوة خضرة، وإنّ الله مستعملكم فيها فناظر كيف تعملون» (5).
وقال: «لا يؤمّ ذو سلطان في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه» (6).
وقال رجل: «يا رسول الله أوصني بشيء ينفعني الله به. قال: أكثر ذكر الموت يسلك عن الدّنيا، وعليك بالشّكر فإنّ الشكر يزيد في النّعمة، وأكثر من الدّعاء فإنّك لا تدري متى يستجاب لك، وإيّاك والبغي فإنّه من بغي عليه لينصرنّه الله». قال: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ إِنَّمََا بَغْيُكُمْ عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ} [يونس: الآية 23]، وإيّاك والمكر فإنّ الله قد قضى: {وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} (7) [فاطر:
الآية 43].
وسئل: أيّ الناس شر؟ قال: «العلماء إذا فسدوا» (8).
__________
(1) أخرجه البخاري 3/ 157، 8/ 4، ومسلم في الأقضية حديث 11، بلفظ: «إن الله حرّم عليكم عقوق الأمهات».
(2) أخرجه ابن ماجه حديث 3990، وعبد الرزاق في المصنّف 20447، وأبو نعيم في حلية الأولياء 9/ 231.
(3) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 1/ 145.
(4) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 64.
(5) أخرجه الترمذي حديث 2191، وابن ماجه حديث 4000.
(6) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 219، والطبراني في المعجم الكبير 17/ 221.
(7) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 6/ 239.
(8) أخرجه بنحوه الدارمي في سننه 56.(1/111)
وقال: «دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، هي الحالقة، حالقة الدّين لا حالقة الشّعر، والذي نفس محمد بيده، لا تؤمنون حتّى تحابّوا، أفلا أنبّئكم بأمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السّلام بينكم» (1).
وقال: «تهادوا تحابّوا» (2).
وقال: «ليس من أخلاق المؤمن الملق إلّا في طلب العلم» (3).
وقال: «قيّدوا العلوم بالكتاب» (4).
وقال: «لولا رجال خشّع وصبيان رضّع، وبهائم رتّع لصبّ عليكم العذاب صبّا» (5).
وقال: «ستحرصون على الإمارة فنعم المرضع وبئست الفاطمة» (6).
وقال: «علّق سوطك حيث يراه أهلك» (7).
قدم السائب بن أبي صيفي عليه، فقال: يا رسول الله، أتعرفني؟ قال:
«كيف لا أعرفك؟ أنت شريكي الذي لا يماري ولا يشاري» (8).
وكلّمته جارية من السبي، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا ابنة الجواد حاتم. فقال عليه السلام: «ارحموا عزيزا ذلّ، ارحموا غنيّا افتقر، ارحموا عالما ضاع بين جهّال» (9).
__________
(1) أخرجه أحمد في المسند 1/ 165، 167، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 232.
(2) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 434.
(3) أخرجه السيوطي في اللآلىء المصنوعة 1/ 102.
(4) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 152.
(5) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 227.
(6) أخرجه البخاري في الأحكام باب 7، والنسائي في البيعة باب 39، وأحمد في المسند 2/ 448، 476.
(7) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 106.
(8) أخرجه أبو داود في الأدب باب 17، وابن ماجه في التجارات باب 63، وأحمد في المسند 3/ 425، بلفظ: «كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تداري ولا تماري».
(9) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 6/ 453، والسيوطي في اللآلىء المصنوعة 1/ 110.(1/112)
وجاء إليه قيس بن عاصم، فلما نظر إليه قال: «هذا سيّد أهل الوبر».
فقال: يا رسول الله، خبرني عن المال الذي لا يكون عليّ فيه تبعة من ضيف ضافني، أو عيال كثروا. قال: «نعم المال الأربعون، والأكثر السّتون، وويل لأصحاب المئين، إلّا من أعطى من رسلها ونجدتها، وأطرق فحلها، وأفقر ظهرها، ونحر سمينها، وأطعم القانع والمعترّ» قال: يا رسول الله ما أكرم هذه الأخلاق! وما يحل بالوادي الذي أكون فيه غيري من كثرة إبلي. قال:
«فكيف تصنع بالطّروقة»؟ قال: تغدو الإبل وتغدو الناس فمن شاء أخذ برأس بعير فذهب به. قال: «فكيف تصنع بالإفقار؟» فقال: «إني لأفقر البكر الضّرع والناب المسنّة». قال: «فكيف تصنع بالمنيحة؟» فقال: إني لأمنح كل سنة مائة. قال: «فأيّ المال أحبّ إليك؟ مالك أم مال مولاك؟» قال: بل مالي.
قال: «فمالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت» (1).
وقال عليه السلام: «حصّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصّدقة، واستقبلوا أنواع البلايا بالدعاء» (2).
وقال: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (3).
وعاد عليه السلام مريضا فقال: «اللهمّ آجره على وجعه، وعافه إلى منتهى أجله» (4).
وقال عليه السلام لما زفّ فاطمة إلى علي رضي الله عنهما: «جدع الحلال أنف الغيرة» (5).
وقال: «لا يردّ القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البرّ، وإنّ الرّجل ليحرم الرّزق بالذّنب يصيبه» (6).
__________
(1) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 107.
(2) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 62.
(3) أخرجه البخاري في الحدود باب 23، والأحكام باب 29، ومسلم في الرضاع حديث 36، 37.
(4) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 98.
(5) ذكره النويري في نهاية الأرب 3/ 4.
(6) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 2/ 481.(1/113)
وقال عليه السلام: «إنّ الله تعالى يحبّ الأتقياء الأبرار الأخفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، قلوبهم مصابيح الهدى ينجون من كل غبراء مظلمة» (1).
وقال عليه السلام: «ظهر المؤمن مشجبه، وخزانته بطنه، ورجله مطيّته، وذخيرته ربّه» (2).
وقال: أسدّ الأعمال ثلاثة: ذكر الله جلّ وعزّ على كلّ حال، ومواساة الأخ في المال، وإنصاف الناس من نفسك» (3).
وقال: «إن أسرع الخير ثوابا البرّ، وإن أسرع الشّرّ عقوبة البغي، وكفى بالمؤمن عيبا أن ينظر من النّاس إلى ما يعمى عنه من نفسه، ويعيّر من النّاس ما لا يستطيع تركه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه» (4).
وقال له العباس: يا رسول الله، فيم الجمال؟ قال: «في اللّسان» (5).
وقال: «إذا فعلت أمّتي خمس عشرة خصلة حلّ بها البلاء. إذا أكل الفيء أمراؤهم، واتّخذوا المال دولا، والأمانة مغنما، والزّكاة مغرما، وأطاع الرّجل زوجته وعقّ أمّه وبرّ صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وأكرم الرّجل مخافة شرّه، وكان زعيم القوم أرذلهم وإذا لبس الحرير، وشربت الخمر، واتّخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أوّلها، فليترقّبوا بذلك ثلاث خصال: ريحا حمراء ومسخا وخسفا» (6).
__________
(1) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 4/ 98.
(2) روي الحديث بلفظ: «ظهر المؤمن حمّى» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 17/ 180، والمنذري في الترغيب والترهيب 3/ 305.
(3) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 343، والمتقي الهندي في كنز العمال 43300، 43301، 43267.
(4) أخرجه ابن ماجه حديث 4212، بلفظ: «أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم».
(5) انظر البيان والتبيين 1/ 170، وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 5164، والعجلوني في كشف الخفاء 1/ 399، بلفظ: «الجمال في الرجل اللسان».
(6) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 251.(1/114)
وكان عليه السلام يقول لنسائه: «أسرعكنّ بي لحاقا أطولكنّ يدا». فكانت عائشة تقول: «أنا تلك، أنا أطولكنّ يدا. وكانت زينب بنت جحش أشدّ جودا من غيرها، وذلك أنّها كانت امرأة كثيرة الصدقة، وكانت صناعا تصنع بيدها، وتبيعه وتتصدّق به» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم للأنصار: «إنّكم لتكثرون عند الفزع، وتقلّون عند الطّمع» (2).
وقال: «ألا أخبركم بأحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجالس يوم القيامة؟
أحاسنكم أخلاقا، الموطّؤون أكنافا الّذين يألفون ويؤلفون. ألا أخبركم بأبغضكم إليّ وأبعدكم منّي مجالس يوم القيامة؟ الثرثارون المتفيهقون» (3).
وقال: «من باع دارا أو عقارا فلم يردد ثمنه في مثله، فذلك مال قمن ألّا يبارك فيه» (4).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بشراركم؟ من أكل وحده، ومنع رفده، وضرب عبده. ألا أخبركم بشرّ من ذلكم؟ من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة. ولا يغفر ذنبا. ألا أخبركم بشرّ من ذلكم؟ من يبغض النّاس ويبغضونه» (5).
وقال عليه السلام: «أين آدم، إذا كان عندك ما يكفيك، فلم تطلب ما يطغيك» (6).
وقال: «من رزقه الله مالا فبذل معروفه، وكفّ أذاه فذلك السّيّد» (7).
وقال: «إذا أراد الله بعبد خيرا جعل صنائعه في أهل الحفاظ» (8).
__________
(1) أخرجه البخاري في الزكاة باب 11، ومسلم في فضائل الصحابة حديث 101، وأحمد في المسند 6/ 121.
(2) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 4/ 89.
(3) أخرجه الترمذي في البر باب 71، وأحمد في المسند 4/ 193، 194.
(4) أخرجه ابن ماجه حديث 2490، وأحمد في المسند 4/ 307.
(5) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 183.
(6) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 288.
(7) روي الحديث بلفظ: «من رزقه الله رزقا» أخرجه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين 4/ 287، والعجلوني في كشف الخفاء 2/ 314.
(8) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير 1/ 58.(1/115)
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما أخاف على أمّتي مؤمنا ولا كافرا أمّا المؤمن فيحجزه إيمانه، وأمّا الكافر فيقدعه كفره ولكنّي أخاف عليها منافقا يقول ما تعرفون، ويعمل ما تنكرون» (1).
وقال عليه السلام: «نحن بنو النّضر بن كنانة، لا نقفو أمّنا، ولا ننتفي من أبينا» (2) أي لا نتّهم أمّنا.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه وجّه عليّا كرّم الله وجهه إلى بعض الوجوه، فقال له في بعض ما أوصى به: «يا عليّ، قد بعثتك وأنا بك ضنين، فلا تدعنّ حقّا لغد، فإنّ لكلّ يوم ما فيه، وابرز للنّاس، وقدّم الوضيع على الشّريف، والضّعيف على القويّ، والنّساء قبل الرّجال، ولا تدخلنّ أحدا يغلبك على أمرك، وشاور القرآن فإنّه إمامك» (3).
قال عائشة: ذبحنا شاة فتصدّقنا بها، فقلت: يا رسول الله ما بقي منها إلّا كتفها، فقال: «كلّها بقي إلّا كتفها» (4).
وقال صلى الله عليه وسلم لرجل: «بادر بخمس قبل خمس، بشبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل مماتك» (5).
وروي أنه وقف بين يديه رجل فارتعد، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تخف فإنّي ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد» (6).
وقال صلى الله عليه وسلم: «استعيذوا بالله من شرار النّساء، وكونوا من خيارهنّ على حذر» (7).
__________
(1) أخرجه بنحوه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 168.
(2) أخرجه ابن ماجه حديث 2612، وأحمد في المسند 5/ 211، 212، والطبراني في المعجم الكبير 2/ 721.
(3) أخرجه بنحوه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 194.
(4) أخرجه الترمذي في القيامة باب 33، وأحمد في المسند 6/ 50.
(5) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 4/ 251.
(6) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 20.
(7) الحديث لم أجده بهذا اللفظ في كتب الحديث التي بين يدي.(1/116)
وقال عليه السلام: «تزوّجوا الزّرق فإنّ فيهنّ يمنا» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «خمس من أتى الله عز وجلّ بهنّ أو بواحدة منهنّ أوجب له الجنّة: من سقى هامة صادية، أو أطعم كبدا هافية، أو كسا جلدة عارية، أو حمل قدما حافية، أو أعتق رقبة عانية» (2).
روي عن ابن عباس أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بمنى، فقال للأنصار: «ألم تكونوا ضلّالا فهداكم الله بي؟ ألم تكونوا خائفين فآمنكم الله بي؟
ألم تكونوا أذلّاء فأعزّكم الله بي؟» ثم قال: «ما لي أراكم لا تجيبون»؟ قالوا: ما نقول؟ قال: «تقولون: ألم يطردك قومك فآويناك؟ ألم يكذّبك قومك فصدّقناك؟» قال: فجثوا على الرّكب، فقالوا: أنفسنا وأموالنا لك يا رسول الله فأنزل الله تعالى قوله: {قُلْ لََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ََ} (3) [الشّورى:
الآية 23].
وقال عليه السلام: «صنائع المعروف تقي مصارع السّوء» (4)، «وصدقة السّرّ تطفىء غضب الرّبّ» (5)، «وصلة الرّحم تزيد في العمر وتدفع ميتة السّوء» (6).
وقال صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «إذا عصاني من خلقي من يعرفني سلّطت عليه من خلقي من لا يعرفني» (7).
وقال: «جعل عزّي في ظلّ سيفي، ورزقي في رأس رمحي» (8).
وقال: «من وقي ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنّة» (9)
__________
(1) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 6/ 349 (حديث 44596)، والعجلوني في كشف الخفاء 1/ 530.
(2) أخرجه السيوطي في اللآلىء المصنوعة 2/ 46.
(3) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 90.
(4) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 115.
(5) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 110.
(6) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 151.
(7) أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية 13/ 81.
(8) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 267.
(9) أخرجه البخاري في الرقاق باب 23، والحدود باب 19، والترمذي في الزهد باب 61، وأحمد في المسند 5/ 333.(1/117)
ومن كلامه صلى الله عليه وسلم:
«المؤمن مألفة، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» (1).
«المرء مع من أحبّ» (2).
«حبّك الشّيء يعمي ويصمّ» (3).
«المؤمن مرآة المؤمن» (4).
«حسن العهد من الإيمان» (5).
«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (6).
«فمن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه» (7).
«لا تنزع الرّحمة إلّا من شقيّ» (8).
«من لا يرحم لا يرحم» (9).
«الدّنيا نعم مطيّة المؤمن» (10).
«الدالّ على الخير كفاعله» (11).
__________
(1) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 58.
(2) أخرجه مسلم في البر والصلة حديث 165، وأبو داود حديث 5127، والترمذي حديث 2386، وأحمد في المسند 1/ 392، 3/ 104، 110، 159، 200، 213، 222، 228، 268.
(3) أخرجه أبو داود حديث 5130، وأحمد في المسند 5/ 194، 6/ 450.
(4) أخرجه أبو داود حديث 4918.
(5) أخرجه البخاري في الأدب باب 23، والترمذي في البر باب 70.
(6) أخرجه الترمذي حديث 2518، والنسائي في الأتربة باب 48، وأحمد في المسند 1/ 200، 3/ 112، 153.
(7) أخرجه البخاري في الإيمان باب 31، ومسلم في المساقاة حديث 107.
(8) أخرجه أبو داود حديث 4942، والترمذي حديث 1923، وأحمد في المسند 2/ 310، 442، 461، 539.
(9) أخرجه البخاري في الأدب باب 18، 27، ومسلم في الفضائل حديث 65.
(10) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 1/ 196.
(11) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 6/ 230، 17/ 227، 228، والهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 166، 3/ 137.(1/118)
«المؤمن ينظر بنور الله» (1).
«إنّك لن تجد فقد شيء تركته لله» (2).
«المنتعل راكب» (3).
«المرء كثير بأخيه يكسوه يرفده يحمله» (4).
«زر غبّا تزدد حبّا» (5).
«الخير عادة والشرّ لجاجة» (6).
«الخير كثير ومن يعمل به قليل» (7).
«المستشار مؤتمن» (8).
«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (9).
«القناعة مال لا ينفد» (10).
«ما عال من اقتصد» (11).
«أيّ داء أدوى من البخل؟» (12).
«رأس العقل بعد الإيمان بالله التّودّد إلى النّاس» (13).
«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» (14).
«النّاس معادن» (15).
__________
(1) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 1/ 103.
(2) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال 1/ 255.
(3) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 138.
(4) أخرجه الفتني في تنزيه الشريعة 2/ 294.
(5) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 128.
(6) أخرجه ابن ماجه في سننه 1/ 49.
(7) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 125.
(8) أخرجه الدارمي في سننه 323.
(9) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 540.
(10) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 256.
(11) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 96.
(12) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 129.
(13) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 67.
(14) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 15.
(15) أخرجه البخاري 4/ 178.(1/119)
«من صمت نجا» (1).
«من رزق من شيء فليلزمه» (2).
«المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم» (3).
«عليك باليأس ممّا في أيدي النّاس، وإيّاك والطّمع فإنّه فقر حاضر» (4).
«الصّبر عند الصّدمة الأولى» (5).
«أفضل العمل أدومه وإن قلّ» (6).
«سكّان الكفور كسكّان القبور» (7).
«الشّديد من غلب هواه» (8).
«الولد ريحان من الجنّة».
«خيركم خيركم لأهله».
«السّفر قطعة من العذاب».
«المستشير معان».
«خيركم من طال عمره وحسن عمله».
«حسن الجوار عمارة للدّيار».
«الأنصار شعار والنّاس دثار».
«لا سهل إلّا ما جعلته سهلا».
«خير النّساء الولود الودود».
«الإبل عزّ والغنم بركة».
__________
(1) أخرجه الترمذي في جامعه 9/ 309.
(2) أخرجه علي القاري في الأسرار المرفوعة 338.
(3) أخرجه الترمذي في جامعه 8/ 143.
(4) أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 326.
(5) أخرجه مسلم 1/ 341.
(6) أخرجه البخاري 7/ 99.
(7) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 105.
(8) أخرجه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين 8/ 5، بلفظ: «الشديد الذي يغلب نفسه».(1/120)
«ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن».
«الطّاعم الشّاكر بمنزلة الصّائم الصّابر».
«حسن الملكة نماء».
«لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التّرابّ، ويتوب الله على من تاب».
«تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرّبّ».
«من عمل عملا أدّاه الله عمله».
«إنّ الله يحبّ معالي الأمور ويكره سفسافها».
«كاد الفقر أن يكون كفرا».
«التمسوا الرّزق في خبايا الأرض».
«ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها».
«أفضل الصّدقة على ذي رحم كاشح».
«أصحابي كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم».
«إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم، ولكن سعوهم بأخلاقكم».
«استعينوا على حوائجكم بالكتمان، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود».
«من أحبّ أخاه فليعلمه».
«الإيمان قيّد الفتك».
«حلق الذّكر رياض الجنّة».
«أخوف ما أخاف على أمّتي منافق عليم اللّسان».
«رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم».
«صلة الرحم مثراة للمال منسأة في الأجل».
«بعثت بالحنيفيّة السمحة».
«أصحابي كالملح في الطعام».(1/121)
«بعثت بالحنيفيّة السمحة».
«أصحابي كالملح في الطعام».
«مروا بالخير وإن لم تفعلوه».
«التّواضع شرف المؤمن».
«لا خير في العيش إلّا لسميع واع».
«استنزلوا الرّزق بالصّدقة».
«انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك».
«حسن السّؤال نصف العلم».
«الدّعاء سلاح المؤمن».
«المجالس بالأمانة».
«الحكمة ضالّة المؤمن».
«أحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك».
«داووا مرضاكم بالصّدقة، وردّوا نائبة البلاء بالدّعاء».
«أشراف أمّتي حملة القرآن، وأصحاب اللّيل».
«صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمّن ظلمك».
«من يزرع شرّا يحصد ندامة».
«الخلق الحسن يذيب الخطايا».
«البلاء موكّل بالمنطق».
«نعم صومعة الرّجل بيته».
«ما استودع الله عبدا عقلا إلّا استنقذه به يوما».
«من سعادة ابن آدم رضاه بما قسم الله له».
«اللهمّ أعط كلّ منفق خلفا. اللهم أعط كلّ ممسك تلفا».
«أكثروا ذكر هازم اللّذّات».
«صوموا تصحّوا، سافروا تغنموا».(1/122)
«أكثروا ذكر هازم اللّذّات».
«صوموا تصحّوا، سافروا تغنموا».
«من خزن لسانه رفع الله شأنه».
«أحسنوا جوار نعم الله عزّ وجلّ».
«لا تحقرنّ من المعروف شيئا».
«لو دخل العسر جحرا لدخل اليسر حتّى يخرجه».
«أعجل الطّاعة ثوابا صلة الرّحم».
«طلب العلم فريضة على كلّ مسلم».
«في المعاريض مندوحة عن الكذب».
«مطل الغنيّ ظلم».
«المؤمنون عند شروطهم».
«من ذبّ عن عرض أخيه كان ذلك حجابا له من النّار».
قال قيس بن عاصم المنقري: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: عظنا يا رسول الله عظة ننتفع بها، فإنّا قوم نغير في البادية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم يا قيس. إنّ مع العزّ ذلّا، وإنّ مع الحياة موتا، وإنّ مع الدّنيا آخرة، وإنّ لكلّ شيء حسابا، وإنّ على كلّ شيء رقيبا، وإنّ لكل حسنة ثوابا، وإنّ لكلّ سيّئة عقابا، وإنّ لكلّ أجل كتابا، وإنّه لا بدّ لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حيّ، وتدفن معه وأنت ميّت، فإن كان كريما أكرمك، وإن كان لئيما أسلمك، ثمّ لا يحشر إلّا معك، ولا تبعث إلّا معه، ولا تسأل إلّا عنه. فلا تجعله إلّا صالحا فإنّه إن صلح أنست به، وإن فسد لم تستوحش إلّا منه وهو عملك».
وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا عليه السلام يقول في دعائه: «اللهمّ لا تحوجني إلى أحد من خلقك». فقال له: «مهلا يا عليّ، إنّ الله خلق الخلق ولم يغن بعضهم عن بعض».
ودعا عليه السلام وصيفة له فأبطأت، فقال: «لولا مخافة القصاص لأوجعتك بهذا السّواك».
وقال: «الرّغبة في الدّنيا تطيل الهمّ والحزن، والزّهد في الدّنيا راحة للقلب والبدن».(1/123)
ودعا عليه السلام وصيفة له فأبطأت، فقال: «لولا مخافة القصاص لأوجعتك بهذا السّواك».
وقال: «الرّغبة في الدّنيا تطيل الهمّ والحزن، والزّهد في الدّنيا راحة للقلب والبدن».
وقال أنس: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء وليست بالعضباء، فقال: «أيّها الناس كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب، وكأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب، وكأنّ الّذين نشيّع من الأموات سفر عمّا قليل إلينا راجعون، نبؤّئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنّا مخلّدون بعدهم قد نسينا كلّ واعظة، وأمنّا كلّ جائحة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب النّاس، وأنفق من مال كسبه من غير معصية، ورحم أهل الذّلّ والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة. طوبى لمن أذلّ نفسه، وحسّن خليقته، وأصلح سريرته وعزل النّاس عن شرّه، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السّنّة ولم يتعدّها إلى البدعة».
وقال: «إياكم والمشارّة، فإنّها تميت الغرّة وتحيي العرّة».
وقال عليه السلام: «أحسن النّساء بركة أحسنهنّ وجها وأرخصهنّ مهرا».
وقال: «الدّنيا متاع وأفضل متاعها الزّوجة الصّالحة».
وقال: «ما أفاد المرء المسلم بعد الإسلام كامرأة مؤمنة إذا رآها سرّته، وإذا أقسم عليها برّته، وإذا غاب عنها حفظته».
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا عقل كالتّدبير، ولا قرين كحسن الخلق، ولا ميراث كالأدب، ولا فائدة كالتّوفيق، ولا تجارة كالعمل الصّالح، ولا ربح كثواب الله، ولا ورع كالوقوف عند الشّبهة، ولا زهد كالزّهد في الحرام، ولا علم كالتّفكّر، ولا عبادة كأداء الفرائض، ولا إيمان كالحياء والصّبر، ولا حسب كالتّواضع، ولا شرف كالعلم، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، فاحفظ الرّأس وما حوى، والبطن وما وعى، واذكر الموت وطول البلى».
وقال: «إنّ الله يحبّ أن يعفى عن زلّة السّريّ».
وقال صلى الله عليه وسلم: «من عامل النّاس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم فهو مؤمن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوّته، وحرمت غيبته».(1/124)
وقال: «إنّ الله يحبّ أن يعفى عن زلّة السّريّ».
وقال صلى الله عليه وسلم: «من عامل النّاس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم فهو مؤمن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوّته، وحرمت غيبته».
وكتب عليه السلام إلى بني أسد بن خزيمة ومن يألف إليهم من أحياء مضر: إنّ لكم حماكم ومرعاكم، ولكم مهيل الرّمال وما حازت، وتلاع الحزن وما ساوت، ولكم مفيض السّماء حيث استنهى، وصديع الأرض حيث ارتوى.
وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع».
وقال: «الاقتصاد نصف العيش، وحسن الخلق نصف الدين».
وروى عبد الرحمن بن عوف أنه قال عليه السلام: «أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعليّ لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، والشّيعة ورقها».
وقال عليه السلام: «لا تديموا النظر إلى أهل البلاء فتحزنوهم».
وقال عليه السلام: «مثل الفقر للمؤمن كمثل فرس مربوط بحكمته إلى آخية كلّما رأى شيئا مما يهوى ردّته الحكمة».
روي عن زيد قال: تلقيت هذه الخطبة من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، سمعته يقول: أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التّقوى، وخير الملل ملّة إبراهيم، وخير السّنن سنّة محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشرّ الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشّهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير العمل ما نفع، وخير الهدى ما اتّبع، وشرّ العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السّفلى، وما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى، وشرّ الندامة ندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، ومنهم من لا يذكر الله إلّا هجرا، وإن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النّفس، وخير الزّاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما ألقي في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والنّياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جهنّم، والسّكر من النار، والشّعر من إبليس، والخمر جماع الإثم،
والنّساء حبائل الشّيطان، والشّباب شعبة من الجنون، وشر الكسب كسب الرّبا، وشر المأكل أكل مال اليتيم، والسّعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمّه، وإنّما يصير أحدكم إلى موضع أذرع، والأمر إلى آخره، وشرّ الرّوايا روايا الكذب، وكلّ ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتألّ على الله يكذّبه، ومن يغفر يغفر الله له، ومن يصبر على الرّزيّة يعوّضه الله، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذّبه الله، اللهمّ اغفر لأمّتي، اللهم اغفر لأمتي ثلاث مرات أستغفر الله لي ولكم.(1/125)
روي عن زيد قال: تلقيت هذه الخطبة من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، سمعته يقول: أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التّقوى، وخير الملل ملّة إبراهيم، وخير السّنن سنّة محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشرّ الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشّهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير العمل ما نفع، وخير الهدى ما اتّبع، وشرّ العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السّفلى، وما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى، وشرّ الندامة ندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، ومنهم من لا يذكر الله إلّا هجرا، وإن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النّفس، وخير الزّاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما ألقي في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والنّياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جهنّم، والسّكر من النار، والشّعر من إبليس، والخمر جماع الإثم،
والنّساء حبائل الشّيطان، والشّباب شعبة من الجنون، وشر الكسب كسب الرّبا، وشر المأكل أكل مال اليتيم، والسّعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمّه، وإنّما يصير أحدكم إلى موضع أذرع، والأمر إلى آخره، وشرّ الرّوايا روايا الكذب، وكلّ ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتألّ على الله يكذّبه، ومن يغفر يغفر الله له، ومن يصبر على الرّزيّة يعوّضه الله، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذّبه الله، اللهمّ اغفر لأمّتي، اللهم اغفر لأمتي ثلاث مرات أستغفر الله لي ولكم.
روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «زوّجوا أبناءكم وبناتكم». قالوا: يا رسول الله هؤلاء أبناؤنا نزوّج، فكيف بناتنا؟ فقال: «حلّوهن بالذهب والفضّة، وأجيدوا لهنّ الكسوة، وأحسنوا إليهن النّحلة يرغب فيهن».
وقال عليه السلام: «أربع من قواصهم الظّهر إمام تطيعه فيضلّك، وزوجة تأمنها فتخونك، وجار إن رأى حسنة سترها وإن رأى قبيحة أذاعها، وفقر يترك المرء متلدّدا».
قال: «ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا افتقر من اقتصد».
وقال عليه السلام: «اغد عالما أو متعلّما أو مجيبا أو سائلا، ولا تكن الخامس فتهلك».
وقال: «يا عجبا للمصدّق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور». ورووا أنه صلى الله عليه وسلم أوصى عليّا أن يقضي دينه، ولم يكن عليه دين، إنما أمر أن يقضي عدته».
وقال عليه السلام: «العالم والمتعلّم شريكان في الخير، وسائر النّاس لا خير فيهم».
وقال: «لا خير فيمن كان في أمّتي ليس بعالم ولا متعلّم».
وقال: «خيّر سليمان بين الملك والمال والعلم فاختار العلم، فأعطي العلم والمال والملك باختياره العلم».
وقال: «فضل العلم خير من فضل العبادة».(1/126)
وقال: «خيّر سليمان بين الملك والمال والعلم فاختار العلم، فأعطي العلم والمال والملك باختياره العلم».
وقال: «فضل العلم خير من فضل العبادة».
وقال: «أربع خلال مفسدة: مجاراة الأحمق فإنّه يصيّرك في مثل حاله، وكثرة الذّنوب فإن الله تعالى يقول: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
[المطفّفين: الآية 14] والخلوّ بالنّساء والاستمتاع منهنّ والعمل برأيهنّ، ومجالسة الموتى». قيل: يا رسول الله، ومن الموتى؟ قال: «الذين أطغاهم الغنى وأنساهم الذكر».
وقال: «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته».
وقال: «لا يقض القاضي بين اثنين وهو غضبان».
قال عبد الله بن مسعود (1): كنّا يوم بدر كل ثلاثة على بعير. فكان عليّ وأبو لبابة (2) زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانا إذا دارت عقبتهما قالا: يا رسول الله.
اركب نمشي عنك، فيقول: «ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما».
وكان صلى الله عليه وسلم يكتب إلى أمرائه: «إذا أبردتم إليّ بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم».
وقال عليه السلام: «اضربوا الدّوابّ على النّفار، ولا تضربوها على العثار».
وقال عليه السلام: «من بذل معروفه وكفّ أذاه فذاك السّيّد».
__________
(1) هو عبد الله بن مسعود، الصحابي الكبير المتوفّى بالمدينة سنة 32هـ، وهو من أصحاب المصاحف الذين كانوا يحتفظون بنسخة خاصة بهم فيها بعض الاختلاف عن النسخة التي أقرها موحّده الخليفة الثالث عثمان بن عفان وأمر بتعميمها وتوزيعها على الأمصار بعد إتلاف سواها.
وأشهر أصحاب المصاحف: أبيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، والمقداد بن عمرو، وعلي بن أبي طالب (انظر الأعلام 4/ 137، والفهرست ص 39، 40، 41).
(2) أبو لبابة: هو رفاعة بن عبد المنذر، توفي في خلافة علي بن أبي طالب (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 348، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 124، أسد الغابة 5/ 275).(1/127)
وقال: «قلّة الحياء كفر».
وقال: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ كان إذا خرج من منزله قال: اللهمّ إني قد تصدّقت بعرضي على عبادك».
وقال: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
وقال: «إذا غضب أحدكم وكان قائما فليقعد، وإن كان قاعدا فليضطجع».
وقال رجل من مجاشع: يا رسول الله. ألست أفضل قومي؟ فقال: «إن كان لك عقل فلك فضل، وإن كان لك خلق فلك مروءة، وإن كان لك مال فلك حسب وإن كان لك تقى فلك دين».
وقال: «ليس خيركم من ترك الدّنيا للآخرة، ولا الآخرة للدّنيا ولكنّ خيركم من أخذ من هذه وهذه».
وقال: «إن قامت السّاعة على أحدكم وفي يده فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليفعل».
وقال رجل له عليه السلام: إني أريد سفرا. فقال: «في حفظ الله وكنفه، زوّدك الله التّقوى، وغفر ذنبك ووجّهك للخير حيث كنت».
وقال: «تهادوا تحابّوا إن الهدية تفتح الباب المصمت، وتسلّ سخيمة القلب».
وقال عليه السلام لأحد ابني ابنته: «إنّكم لتجبّنون، وإنكم لتبخّلون، وإنكم لمن ريحان الجنّة».
روي عن جابر قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، فأطعمناهم رطبا، وسقيناهم ماء، فقال عليه السلام: «هذا من النّعم التي تسألون عنها».
وروي أنه عليه السلام قال: «إيتوني برطب سقي وبعل». فجعل يأكل من البعل. فقيل له: لو أكلت من هذا فإنه أصفى وأطيب. فقال: «إنّ هذا لم يعرق فيه بدن، ولم تجع فيه كبد».
وروي أنه عليه السلام زار أخواله من الأنصار ومعه علي عليه السلام، فقدّموا إليه قناعا (1) من رطب، فأهوى عليّ ليأكل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تأكل، فإنك حديث عهد بالحمّى».(1/128)
وروي أنه عليه السلام قال: «إيتوني برطب سقي وبعل». فجعل يأكل من البعل. فقيل له: لو أكلت من هذا فإنه أصفى وأطيب. فقال: «إنّ هذا لم يعرق فيه بدن، ولم تجع فيه كبد».
وروي أنه عليه السلام زار أخواله من الأنصار ومعه علي عليه السلام، فقدّموا إليه قناعا (1) من رطب، فأهوى عليّ ليأكل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تأكل، فإنك حديث عهد بالحمّى».
وفي حديث آخر أنه أكل رطبا وبطيخا، فقال: «هذان الأطيبان».
روي عن أنس أنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت في المنام كأنا دخلنا دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب، فأوّلته أن الرفعة لنا في الدّنيا والعاقبة في الآخرة».
وروي عنه أنه قال وقد وعك: أتاني جبريل فقال: إنّ شفاءك في عذق ابن طاب، يجنيه لك خير أمّتك، فجاء به عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأكل فبرىء.
وروي عنه عليه السلام أنه قال: «بيت لا تمر فيه جياع أهله».
وروي عنه أنه قال: «أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر، فإن ولدها يكون حليما تقيّا».
جاءت فاطمة بالحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: انحلهما.
فقال: ما لأبيك مال ينحلهما. ثم أخذ الحسن فقبّله وأجلسه على فخذه اليمنى، وقال: ابني هذا نحلته هيبتي وخلقي. ثم أخذ الحسين فقبّله وأجلسه على فخذه اليسرى وقال: أمّا ابني هذا فنحلته شجاعتي وجودي.
وقال: «رحم الله والدا أعان ولده على برّه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به».
وبعث عليه السلام أم سليم تنظر إلى امرأة فقال: شمّي عوارضها، وانظري إلى عقبيها».
وروت أم سلمة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أنا بشر أحكم على نحو ما أسمع،
__________
(1) القناع: هو الطبق الذي يوضع فيه التمر.(1/129)
فمن قطعت له شيئا من مال أخيه فلا يأخذنّه، فإنما أقطع له قطعة من نار جهنم».
وقال: «اكفلوا لي ستة أكفل لكم الجنّة: إذا حدّث أحدكم فلا يكذب، وإذا اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، وغضّوا الأبصار، وكفّوا الأيدي، واحفظوا الفروج».
وقال عليه السلام: «اللهم إنّي أعوذ بك من جار السّوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحوّل».
وقال: «تجافوا عن عشرة السّخيّ، فإنّ الله آخذ بيده كلّما عثر».
قال بعضهم: تتبعت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوحدت أوائل أكثرها:
«الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده».
قال عليه السلام: «الأكل في السّوق دناءة».
وسئل عليه السلام: أيّ الشراب أفضل؟ فقال: «الحلو البارد» يعني العسل.
والعرب تصف العسل بالبرد قال الأعشى (1): [من الهزج]
كما شيب بماء با ... رد من عسل النّحل
وعنه عليه السلام: «من استقلّ بدائه فلا يتداوينّ فإنه ربّ دواء يورث الداء».
وعنه: «كلّ شيء يلهو به الرجل باطل إلا تأديبه فرسه، ورميه عن قوسه، وملاعبته أهله».
وروي عن أنس قال: بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي، فمكث هنيهة ثم أفاق، فقال لي: يا أنس أتدري ما جاءني به جبريل من عند صاحب
__________
(1) البيت في ديوان أعشى قيس رقم 187.(1/130)
العرش عزّ وجل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: إن ربي أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ بن أبي طالب، انطلق ادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وعدّتهم من الأنصار فانطلقت فدعوتهم فلما أخذوا مقاعدهم، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المرهوب من عذابه، المرغوب فيما عنده، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمّد. ثم إن الله تعالى جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرا مفترضا، وشجّ به الأرحام، وألزمه الأنام قال تبارك اسمه وتعالى ذكره: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمََاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكََانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54)} [الفرقان: الآية 54] فأمر الله يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكلّ قضاء قدر ولكلّ قدر أجل {يَمْحُوا اللََّهُ مََا يَشََاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتََابِ (39)} [الرّعد: الآية 39].
ثم إن ربي أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ بن أبي طالب، وقد زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضّة إن رضي بذلك عليّ. وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد بعث عليّا في حاجة، ثم إنه عليه السلام دعا بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا، ثم قال: انتهبوا، فبينما نحن ننتهب إذ دخل عليّ فتبسم النبيّ صلى الله عليه وسلم في وجهه، ثم قال: يا عليّ، إن ربي عزّ وجل أمرني أن أزوّجك فاطمة. وقد زوجتك إيّاها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت يا علي. قال: رضيت يا رسول الله. ثم إن عليّا خرّ ساجدا لله شكرا، فلما رفع رأسه قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «بارك الله عليكما، وبارك فيكما، وأسعد جدّكما، وأخرج منكما الكثير الطيّب».
قال أنس: فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيّب، وعلى من يدفع فضلهما مع محلّهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما فضلهما به!! لعنة الله، ولعنة اللّاعنين إلى يوم يبعثون.
وفي حديثه عليه السلام: «اعص هواك والنّساء واصنع ما شئت».
وفيه: «من أراد الله به خيرا فقّهه في الدّين، وعرّفه معايب نفسه».
وفيه: «ألا أخبركم بأشدّكم؟ من ملك نفسه عند الغضب».
وفيه: «المشاورة حصن من النّدامة، وأمن من الملامة».(1/131)
وفيه: «ألا أخبركم بأشدّكم؟ من ملك نفسه عند الغضب».
وفيه: «المشاورة حصن من النّدامة، وأمن من الملامة».
سأل عليه السلام جابر بن عبد الله: «ما نكحت»؟ قال: ثيّبا، قال: «فهلّا بكرا تلاعبها وتلاعبك».
وقال عليه السلام: «كفى بالمرء حرصا ركوبه البحر».
وفي الحديث: «حصّنوا أموالكم بالزّكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدّعاء».
وفيه: «رحم الله امرأ صمت فسلم، أو قال خيرا فغنم».
وفيه: «رحم الله امرأ أمسك الفضل من قوله، وأنفق الفضل من ماله».
وفيه: «لا بأس بالشّعر لمن أراد انتصافا من ظلم، واستغناء من فقر، وشكرا على إحسان».
وفيه: «إعطاء الشّعراء من برّ الوالدين».
وفيه: «مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه».
وفيه: «أجرؤكم على النّار أجرؤكم على الفتيا».
وروي عن بعضهم أنه قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لََا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: الآية 105] فقال:
«ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا وإعجاب كلّ امرىء بنفسه فعليك نفسك ودع عنك العوامّ».
وفي الحديث: «الطّيرة شرك، وما منّا إلّا ويجد ذلك في نفسه، ولكنّ الله يذهبه بالتّوكل».
وفيه: «ثلاثة لا ينجو منهم أحد: الظنّ، والطّيرة، والحسد، فإذا ظننت فلا تحقّق، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا تطيّرت فامض ولا تنثن».
وفيه: «اللهمّ لا طير إلّا طيرك، ولا خير إلّا خيرك، ولا ربّ غيرك».
وفيه: «لن تهلك الرعيّة وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهديّة».
وفيه: «ما من أحد من المسلمين ولي أمرا فأراد الله به خيرا إلّا جعل معه وزيرا صالحا إن نسي ذكّره وإن ذكر أعانه».(1/132)
وفيه: «لن تهلك الرعيّة وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهديّة».
وفيه: «ما من أحد من المسلمين ولي أمرا فأراد الله به خيرا إلّا جعل معه وزيرا صالحا إن نسي ذكّره وإن ذكر أعانه».
ويروى أنه عليه السلام كان إذا خرج من بيته يقول: «اللهمّ إني أعوذ بك من أن أزلّ أو أضلّ، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ».
وعنه: «من سألكم بالله فأعطوه، ومن استعاذ بكم فأعيذوه، ومن أهدى إليكم كراعا فاقبلوه».
وقال عليه السلام: «الأمل راحة لأمّتي، ولولا الأمل ما أرضعت الأمّ ولدا، ولا غرس غارس شجرا».
وقال عليه السلام: «لا خير في التجارة إلا ليستّ: تاجر إن باع لم يمدح، وإن اشترى لم يذمّ، وإن كان عليه أيسر القضاء، وإن كان له أيسر الاقتضاء، وتجنّب الحلف والكذب».
وفي الحديث: «كفى بالمرء من الشّحّ أن يقول: آخذ حقّي حتّى لا أترك منه شيئا».
وروي أن قوما قدموا عليه صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن فلانا صائم النهار، قائم الليل، كثير الذكر فقال: أيكم يكفي طعامه وشرابه؟ فقالوا: كلّنا. فقال: «كلكّم خير منه».
وفيه: «خيركم من لم يدع دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه».
وفيه: «من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه باليسير من العمل».
وفيه: «إنّ الصّفاة الزلّاء التي لا تثبت عليها قدم العلماء الطّمع».
وفيه: «الودّ والعداوة يتوارثان».
وكان عليه السلام يقبّل الحسن، فقال الأقرع بن حابس: إنّ لي من الولد عشرة ما قبّلت واحدا منهم، فقال عليه السلام: «فما أصنع إن كان الله قد نزع من قلبك الرّحمة».
وقال: «إن الله يسأل العبد عن جاهه كما يسأله عن ماله، فيقول: جعلت لك جاها فهل نصرت به مظلوما، أو قمعت به ظالما، أو أعنت به مكروبا».(1/133)
وكان عليه السلام يقبّل الحسن، فقال الأقرع بن حابس: إنّ لي من الولد عشرة ما قبّلت واحدا منهم، فقال عليه السلام: «فما أصنع إن كان الله قد نزع من قلبك الرّحمة».
وقال: «إن الله يسأل العبد عن جاهه كما يسأله عن ماله، فيقول: جعلت لك جاها فهل نصرت به مظلوما، أو قمعت به ظالما، أو أعنت به مكروبا».
وعنه عليه السلام: «أفضل الصّدقة أن تعين بجاهك من لا جاه له».
«أعدى عدوّ لك الّتي بين جنبيك».
إياكم وخضراء الدّمن. قيل: وما خضراء الدّمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت سوء».
«خير نسائكم الّتي إذا خلعت ثوبها خلعت معه الحياء فإذا لبسته لبست معه الحياء».
النّساء شرّ كلهّنّ، وشرّ ما فيهنّ أن لا استغناء عنهنّ».
«من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنّة».
«عليكم باصطناع المعروف فإنّه يدفع مصارع السّوء».
«إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك».
«من آتاه وجها حسنا واسما حسنا، وجعله في موضع غير شائن فهو من صفوة خلقه».
وكان عليه السلام يقول: «أعوذ بالله من الكفر والدّين».
وقال: «لا يقبل الله صلاة بلا طهور، ولا صدقة من غلول».
وقال: «من قدر على ثمن دابّة فليشترها فإنّها تأتيه برزقها فتعينه على رزقه».
ويروى عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه أنه قال: لقد ضممت إليّ سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت في قائم سيفه صحيفة معلقة فيها: صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك.
وعنه عليه السلام: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع».
وعنه: «من ازداد في العلم رشدا، ولم يزدد في الدّنيا زهدا، لم يزدد من الله إلّا بعدا».(1/134)
وعنه عليه السلام: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع».
وعنه: «من ازداد في العلم رشدا، ولم يزدد في الدّنيا زهدا، لم يزدد من الله إلّا بعدا».
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صف لي الجنة فقال: «فيها فاكهة ونخل ورمّان».
وجاء آخر فقال مثل قوله فقال: «فيها سدر مخضود، وطلح منضود، وفرش مرفوعة، ونمارق مصفوفة».
وجاء آخر فسأله عن ذلك، فقال: «فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين».
وجاء آخر فسأله. فقال: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» فقال عائشة، ما هذا يا رسول الله؟ قال: «إنّي أمرت أن أكلم النّاس على قدر عقولهم».
وروي أنه كان عليه السلام يجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار ردفا.
وقال عليه السلام: «اشتدّي أزمة تنفرجي».
وقال: «من ستر أخاه المسلم ستره الله يوم القيامة، ومن نفّس عن أخيه كربة من كرب الدّنيا نفّس الله عنه كربة من كرب الآخرة والله عزّ وجلّ في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».
وقال: «انتظار الفرج عبادة».
وقال لعليّ رضي الله عنه: «اعلم أنّ النّصر مع الصّبر، والفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسرا».
وعنه: «لأن أكون في شدّة أتوقّع بعدها رخاء، أحبّ إليّ من أن أكون في رخاء أتوقّع بعده شدّة».
وقال عليه السلام: «لو كان العسر في كوّة لجاء يسران فأخرجاه».
وعنه: «القناعة مال لا ينفد».(1/135)
وعنه: «القناعة مال لا ينفد».
خطبته في حجة الوداع (1)
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدّا عبده ورسوله.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثّكم على العمل بطاعته، وأستفتح الله بالذي هو خير.
أمّا بعد، أيّها الناس اسمعوا مني أبيّن لكم، فإنّي لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيّها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم، كحرمة يومكم هذا من شهركم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد فمن كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها. وإن ربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلب. وإن دماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة الحارث بن عبد المطلب، وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السّدانة والسّقاية. والعمد قود. وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير. فمن ازداد فهو من الجاهلية.
أيّها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم.
أيّها الناس {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عََاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عََاماً لِيُوََاطِؤُا عِدَّةَ مََا حَرَّمَ اللََّهُ} [التّوبة: الآية 37]. وإن الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض. منها أربعة حرم ثلاثة متواليات، وواحد فرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب الّذي بين جمادى وشعبان. ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد.
__________
(1) حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة النبوية الشريفة.(1/136)
أيها الناس إنّ لنسائكم عليكم حقا، ولكم عليهنّ حقا. فعليهنّ ألّا يوطئن فرشكم، ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتين بفاحشة فإن فعلن فإنّ الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ وتهجروهنّ في المضاجع وتضربوهنّ ضربا غير مبرّح. فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف فإنّما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهنّ شيئا، أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله، فاتّقوا الله في النّساء واستوصوا بهنّ خيرا.
أيها الناس إنما المؤمنون إخوة، ولا يحلّ لامرىء مال أخيه إلّا على طيب نفس منه. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
فلا ترجعنّ بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض فإنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم. وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتّقوى.
ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: فليبلّغ الشاهد الغائب.
أيها الناس إن الله قد قسم لكلّ وارث نصيبه من الميراث. ولا يجوز لوارث وصية في أكثر من الثّلث. والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادّعى إلى غير أبيه ومن تولّى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقال عليه السلام: «من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ سنّة سيّئة فعمل بها بعده كتب له مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء».
وقال عليه السلام: «ما من عبد إلا وله في السّماء صيت، فإذا كان في السماء صيته حسنا وضع في الأرض حسنا. وإذا كان صيته سيئا وضع في الأرض سيئا».
وقال عليه السلام: «من كفّ غضبه وبسط رضاه وبذل معروفه ووصل رحمه، وأدّى أمانته أدخله الله عزّ وجلّ يوم القيامة في نوره الأعظم».
وقال: «لكلّ أمة فتنة، وفتنة أمّتي المال».(1/137)
وقال عليه السلام: «من كفّ غضبه وبسط رضاه وبذل معروفه ووصل رحمه، وأدّى أمانته أدخله الله عزّ وجلّ يوم القيامة في نوره الأعظم».
وقال: «لكلّ أمة فتنة، وفتنة أمّتي المال».
وقال: «من غدا في طلب العلم صلّت عليه الملائكة، وبورك له في معاشه، ولم ينتقص من عمره».
وقال: «فضل الإزار في النّار».
وقال لأبي تميمة: «إياك والمخيلة. فقال: يا رسول الله نحن قوم عرب. فما المخيلة؟ قال: سبل الإزار».
وقال عليه السلام: «من كان آمنا في سربه معافى في بدنه، وعنده قوت يومه، كان كمن جيزت له الدّنيا بحذافيرها».
وفي الحديث: «لا تنظروا إلى صومه وصلاته، ولكن انظروا إلى ورعه عند الدّينار والدّرهم».
وقال عليه السلام: «من سرّه أن يكون أغنى النّاس، فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه».
وقال: «أمرني ربّي بتسع: الإخلاص في السّرّ والعلانية، والعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمّن ظلمني، وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكرا، وصمتي فكرا، ونظري عبرة».
وقال عليه السلام: «كفى بالسّلامة داء».
وقال: «لا ترفعوني فوق قدري فتقولون فيّ ما قالت النصارى في المسيح فإن الله عزّ وجلّ اتخذني عبدا قبل أن يتّخذني رسولا».
وقال: «إن هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبتّ لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى».
وقال عليه السلام: «لو تكاشفتم ما تدافنتم». يقول: لو علم بعضكم سريرة بعض لاستثقل تشييعه ودفنه.
وقال: «اجتنبوا القعود على الطرقات إلا أن تضمنوا أربعا: ردّ السلام، وغضّ الأبصار، وإرشاد الضالّ، وعون الضعيف».
وقال: «افصلوا بين حديثكم بالاستغفار».(1/138)
وقال: «اجتنبوا القعود على الطرقات إلا أن تضمنوا أربعا: ردّ السلام، وغضّ الأبصار، وإرشاد الضالّ، وعون الضعيف».
وقال: «افصلوا بين حديثكم بالاستغفار».
وقال: «لا تزال أمّتي صالحا أمرها ما لم تر الفيء مغنما والصدقة مغرما».
وقال: «لست من دد (1) ولا دد منّي».
وقال يوم بدر: «هذه مكّة قد ألقت إليكم بأفلاذ كبدها».
وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص (2): «كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم وصار النّاس كذا وشبّك بين أصابعه» قال فقلت: مرني يا رسول الله. فقال: «خذ ما عرفت، ودع ما أنكرت، وعليك بخويصة نفسك، وإياك وعوامّها».
ووفد عليه رجل فسأله فكذبه، فقال له: «أسألك فتكذبني. لولا سخاء فيك ومقك الله عليه، لشرّدت بك من وافد قوم».
وقال عليه السلام: «لعن الله المثلّث». فقيل: يا رسول الله، ومن المثلّث؟ قال: «الذي يسعى بصاحبه إلى سلطانه، فيهلك نفسه وصاحبه وسلطانه».
وكان عليه السلام يقول عند هبوب الريح: «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا»، والعرب تقول: لا يلقح السحاب إلا من رياح، ومصدق ذلك قول الله تعالى: {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} [فاطر: الآية 9].
ويروى أن سلمان (3) أخذ من بين يديه صلى الله عليه وسلم تمرة من تمر الصدقة، فوضعها في فيه، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا عبد الله، إنّما يحلّ لك من هذا ما يحلّ لنا».
__________
(1) الدد: اللهو واللعب.
(2) عبد الله بن عمرو بن العاص: أسلم قبل أبيه، كان عالما بالقرآن والتوراة، حدّث عن رسول الله وكان يدون أحاديثه، توفي سنة نيف وستين هجرية (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 210، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 197، 7/ 343، (الإصابة 1114).
(3) سلمان الفارسي: أبو عبد الله، يقال له: سلمان الخير، مات في خلافة علي بالمدائن سنة 36 هـ بعد الجمل (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 157، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 56، 6/ 59، 7/ 230، الإصابة 1132).(1/139)
ومن حديثه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي عبيد «خير النّاس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، كلما سمع هيعة طار إليها، ورجل في شعفة في غنيمات له حتّى يأتيه الموت».
وقال: «ما يحملكم أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش على النار».
ومرّ بناس يتجاذون مهراسا فقال: «أتحسبون الشّدّة في حمل الحجارة إنما الشدة أن يمتلىء أحدكم غيظا ثم يغلبه».
سأله رجل فقال: يا رسول الله، إنا نصيب هوامي الإبل. فقال: «ضالّة المؤمن حرق النّار».
وقال: «لا عدوى، ولا هامة، ولا صفر».
وقال: «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتّى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا».
وقال: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان قطعت أبهري».
وقال: «مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تميلها الريح مرّة هكذا ومرة هكذا، ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية على الأرض حتّى يكون انجعافها مرّة».
وقال: «الأنصار كرشي وعيبتي (1)، ولولا الهجرة لكنت رجلا من الأنصار».
وقال: «سوداء ولود خير من حسناء عقيم».
وقال: «تراصّوا بينكم في الصلاة ولا يتخلّلكم الشيطان كأنها بنات حذف».
وقال: «الثيّب يعرب عنها لسانها، والبكر تستأمر في نفسها».
وقال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل».
__________
(1) الكرش والعيبة: حقيبة الثياب، والمقصود: موضع سرّي ومستودعه.(1/140)
وقال: «من نوقش الحساب عذّب».
كتب إلى وائل بن حجر الحضرمي ولقومه: من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة (1) من أهل حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة: على التّيعة (2)
شاة، والتّيمة (3) لصاحبها، وفي السّيوب الخمس. لا خلاط (4) ولا وراط (5)، ولا شناق (6) ولا شغار (7). فمن أجبا (8) فقد أربى. وكلّ مسكر حرام.
كان إذا سافر سفرا قال: «اللهمّ إنّا نعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال».
وقال: «إذا مشت أمّتي المطيطاء (9) وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم».
وقال: «خمّروا آنيتكم، وأوكوا أسقيتكم، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، وأكفتوا صبيانكم فإن للشياطين انتشارا وخطفة».
وقال: «لا والذي نفسي بيده، حتّى تأخذوا على يدي الظّالم وتأطروه على الحقّ أطرا».
وخرج عليه السلام يريد حاجة، فاتبعه بعض أصحابه، فقال عليه السلام:
«تنحّ عني فإن كل بائلة تفيخ».
وقال: «العجماء جبار (10)، والبئر جبار، والمعدن جبار. وفي الرّكاز الخمس».
وأتاه سعد بن عبادة برجل كان في الحيّ مخدج سقيم وجد على أمة من إمائهم يخبث بها فقال صلى الله عليه وسلم: «خذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة».
__________
(1) العبهل: هو الذي أقرّ على ملكه.
(2) التيعة: أدنى ما تجب فيه الزكاة من الحيوان.
(3) التيمة: الزائدة عن النصاب.
(4) الخلاط: الجمع بين الماشية.
(5) الوراط: إخفاء الغنم عن المصدق.
(6) الشناق: عقل الشاة في مباركها.
(7) الشغار: التبادل في النساء من دون مهر، يقول الرجل للآخر: أزوجك بنتي وتزوجني بنتك من دون مهر.
(8) الإجباء: بيع الزرع قبل بدو صلاحه.
(9) المطيطاء: مشية فيها تبختر.
(10) الجبار: الهدر.(1/141)
وقال: «إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها. فاتّقوا الله وأجملوا في الطّلب».
وقال: «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا».
وقال: «لا يعدي شيء شيئا» فقال أعرابي: يا رسول الله إن النّقبة قد تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلّها. فقال صلى الله عليه وسلم: «فما أجرب الأولى؟».
وقال: «ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب والنياحة، والأنواء».
وقال: «لا يدخل الجنة قتّات».
وقال: «لا ترفع عصاك عن أهلك».
وقال: «بلّوا أرحامكم ولو بالسّلام».
وقال: «خير المال سكّة مأبورة، وفرس مأمورة».
وقال: «لا يدخل الجنّة من لم يأمن جاره بوائقه».
وروى بريدة قال: بينما أنا ماش في طريق فإذا برجل خلفي، فالتفتّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وانطلقنا، فإذا نحن برجل يكثر الركوع والسجود.
فقال لي: «يا بريدة أتراه يرائي؟». ثم أرسل يده من يدي وجعل يقول:
«عليكم هديا قاصدا، إنه من يشادّ هذا الدين يغلبه».
وقال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرّحا، فيقال: ما لك؟ فيقول: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه».
وقدم عليه السلام من سفر فأراد الناس أن يطرقوا النساء ليلا فقال:
«أمهلوا حتى تمتشط الشّعثة، وتستحدّ المغيّبة، فإذا قدمتم فالكيس الكيس».
وقال: «الطيرة والعيافة والطّرق (1) من الجبت (2)».
__________
(1) الطرق: الضرب بالحصى والخط في التراب للتكهن في المستقبل.
(2) الجبت: عبادة غير الله تعالى.(1/142)
سأله عديّ بن حاتم فقال: إنّا نصيد الصيد فلا نجد ما نذكّي به إلّا الظرّار (1) وشقّة العصا. فقال: «أمر الدّم بما شئت».
وقال: «عليكم بالباء فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج. فمن لم يقدر فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء».
وبعث مصدّقا فقال عليه السلام: «لا تأخذ من حزرات أنفس النّاس شيئا.
خذ الشّارف والبكر وذا العيب».
وقال: إنّ في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد، ألا وهي القلب».
وقال: «إن الله يحبّ معالي الأمور ويبغض سفسافها».
وذكر عليه السلام أشراط الساعة فقال:
«بيع الحكم، وقطيعة الرّحم، والاستخفاف بالدّم، وكثرة الشّرط، وأن يتّخذ القرآن مزامير، يقدّمون أحدهم ليس بأقرئهم ولا أفضلهم إلا ليغنّيهم غناء».
وقال: «لا تسبّوا الدّهر فإنّ الله هو الدّهر».
وقال: «نعم الإدام الخلّ».
وقال: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ظنين في ولاء ولا قرابة، ولا القانع مع أهل البيت لهم».
وقال: «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه».
وقال: «الصّوم في الشّتاء الغنيمة الباردة».
وقال: «اتّقوا الله في النّساء فإنّهنّ عندكم عوان».
وقال: بينما يمشي عليه السلام في طريق إذ مال إلى دمث فبال، وقال:
«إذا بال أحدكم فليرتد لبوله».
__________
(1) الظرار: الحجارة الممدودة.(1/143)
وسئل عن اللّقطة فقال عليه السلام: «احفظ عفاصها ووكاءها فإن جاء صاحبها فادفعها إليه» قيل: فضالّة الغنم؟ قال: «هي لك أو لأخيك أو للذّئب».
قيل: فضالّة الإبل؟ قال: «ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشّحر حتى يلقاها ربّها».
ولما توفي ابنه إبراهيم فبكى عليه قال: «لولا أنّه وعد حق وقول صدق وطريق ميتاء لحزنّا عليك يا إبراهيم أشدّ من حزننا».
وقد روي: «وطريق مأتيّ».
وقال: «من سرّه أن يسكن بحبوحة الجنّة فليلزم الجماعة فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو مع الاثنين أبعد».
وقال: «استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع».
وقال: «لا يوردنّ ذو عاهة على مصحّ».
وقال: «من أشراط الساعة أن يرى رعاء الغنم رؤوس الناس، وأن ترى العراة الجوّع يتبارون في البنيان، وأن تلد الأمة ربّها وربّتها».
استأذن عليه أبو سفيان فحجبه ثم أذن له فقال: «ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين (1)، فقال: يا أبا سفيان أنت كما قال القائل: كلّ الصّيد في جوف الفرا».
وقال للنساء: «إنكنّ أكثر أهل النّار وذلك لأنكنّ تكثرن اللّعن وتكفرن العشير».
وقال: «المتشبّع بما لا يملك كلابس ثوبي زور».
وذكر الفتن فقال له حذيفة (2): أبعد هذا الشرّ خير؟ قال: «هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء».
__________
(1) الجلهمتان: هما ضفتا الوادي وجانباه.
(2) هو حذيفة بن اليمان العبسي، أبو عبد الله، استعمله عمر بن الخطاب على المدائن، توفي سنة 76هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 80، والطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 59، 94، 7/ 230، الإصابة 1/ 230).(1/144)
وقال: «الغيرة من الإيمان، والمذاء من النفاق».
وقالت: «من أزلّت إليه نعمة فليكافىء بها، فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا».
وقال: «لا حمى إلا في ثلاث: ثلّة البئر، وطول الفرس، وحلقة القوم».
وقال: «إن الدّنيا حلوة خضرة، فمن أخذها بحقّها بورك له فيها».
وقال: «تخيّروا لنطفكم».
وقال: «إذا تمنّى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربّه».
وقال: «لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسّه النّار إلا تحلّة القسم».
وقال: «إذا مرّ أحدكم بطربال (1) مائل فليسرع المشي».
وقال: «تمسّحوا بالأرض فإنّها بكم برّة».
وقال: «إنّي لأكره أن أرى الرّجل ثائرا فريص رقبته قائما على مريّته يضربها».
وقال: «المسلمون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ».
وأتاه عمر فقال: «إنا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال عليه السلام: «أمتهوّكون (2) أنتم كما تهوّكت اليهود والنّصارى؟
لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة، ولو كان موسى حيّا ما وسعه إلا اتّباعي».
ولمّا خرج من مكة عرض له رجل فقال: «إن كنت تريد النّساء البيض والنّوق الأدم فعليك ببني مدلج. فقال: إن الله منع منّي بني مدلج بصلتهم الرّحم وطعنهم في ألباب الإبل» وروي «في لبّات الإبل».
__________
(1) الطربال: علم يبنى، وكل بناء عال، وكل قطعة من جبل أو حائط مستطيلة في السماء، والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل.
(2) المتهوّك: المتحيّر.(1/145)
وقال: إن مما أدرك الناس من كلام النبوّة: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
أتي عليه السلام بوشيقة (1) يابسة من لحم صيد فقال: «إني حرام».
وقال: «إن الله يحب النّكل على النّكل». قيل: وما النّكل على النكل قال: «الرّجل القويّ المجرّب المبدىء المعيد على الفرس القويّ المجرب المبدىء المعيد».
أتاه رجل فقال: يا رسول الله أكلتنا الضبع، فقال عليه السلام: «غير ذلك أخوف عندي أن تصبّ عليكم الدّنيا صبّا».
وقال: «من تعلّم القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم».
وقال: «فصل بين الحلال والحرام الصّوت والدفّ في النّكاح».
وقال: «عليكم بالصوم فإنه محسمة للعرق مذهبة للأشر».
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح القراءة في الصلاة قال: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزة ونفثه ونفخه. فقيل: يا رسول الله: ما همزه ونفثه ونفخه؟ فقال: أما همزه فالموته، وأما نفثه فالشّعر، وأما نفخه فالكبر».
قال: «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل، ويخوّن الأمين، ويؤتمن الخائن، وتهلك الوعول، وتظهر التّحوت».
كتب لحارثة بن قطن ومن بدومة الجندل من كلب: إن لنا الضاحية من البعل، ولكم الضّامنة من النخل، لا تجمع سارحتكم، ولا تعدّ فاردتكم، ولا يحظر عليكم النّبات، ولا يؤخذ منكم عشر البتات».
وكان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما: «أعيذكما بكلمات الله التّامّة، من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة».
وقال: «من بنى مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة».
__________
(1) الوشيقة: لحم يقدد حتى ييبس، أو يغلى إغلاءة ثم يقدد ويحمل في الأسفار.(1/146)
وقال: «مثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيّته يجول ثمّ يرجع إلى آخيّته، وإنّ المؤمن يسهو ثمّ يرجع إلى الإيمان».
ودخلت عليه صلى الله عليه وسلم عجوز فسأل وأحفى، وقال: «إنها كانت تأتينا أزمان خديجة، وإنّ حسن العهد من الإيمان».
سئل عليه السلام عن البر والإثم فقال: «البرّ حسن الخلق، والإثم ما حكّ في نفسك وكرهت أن يطّلع عليه النّاس».
وقال: «إنّ من شرّ ما أعطي العبد شحّ هالع وجبن خانع».
وقال: «ما من أمير عشرة إلّا وهو يجيء يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، حتى يكون عمله هو الذي يطلقه أو يوكفه».
وقال: «وهل يكبّ الناس على مناخرهم في نار جهنّم إلا حصائد ألسنتهم».
وأهدي إليه عليه السلام هدية فلم يجد شيئا يضعه عليه فقال: «ضعه بالحضيض، فإنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد».
وندب صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة فقيل له: قد منع أبو جهم وخالد بن الوليد والعباس عم النبيّ عليه السلام، قال: فقال عليه السلام: «أما أبو جهم فلم ينقم منّا إلا أن أغناه الله ورسوله من فضله، وأما خالد فإنّ النّاس يظلمون خالدا. إنّ خالدا قد جعل رقيقه ودوابّه حبسا في سبيل الله، وأمّا العباس فإنّها عليه ومثلها معها».
وكتب عليه السلام لأكيدر: هذا كتاب من محمد رسول الله لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام، وخلع الأنداد والأصنام، مع خالد بن الوليد، سيف الله في دوماء الجندل وأكنافها أنّ لنا الضّاحية من البعل، والبور (1) والمعامي (2)
وأغفال الأرض (3) والحلقة (4)، ولكم الضّامنة من النخل، والمعين من المعمور
__________
(1) البور من الأرض: التي لا زرع فيها.
(2) المعامي: الأرض المجهولة.
(3) أغفال الأرض: التي لا أثر فيها.
(4) الحلقة: الدروع، وقيل: السلاح عامة.(1/147)
بعد الخمس، لا تعدل سارحتكم، ولا تعدّ فاردتكم (1) ولا يحظر عليكم النّبات، تقيمون الصّلاة لوقتها، وتؤتون الزّكاة بحقّها. عليكم بذلك عهد الله وميثاقه.
وقال عليه السلام في الرجل الذي استعمله فأهدي إليه شيء فقال: هذا لي: «هلّا جلس في حفش (2) أمه فينظر أكان يهدى إليه شيء».
وقال: «إذا وجد أحدكم طخاء (3) على قلبه فليأكل السّفرجل».
ومن حديثه صلى الله عليه وسلم مما رواه ابن قتيبة: «عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما (4) وأرضى باليسير».
«فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبدا. والروم ذات القرون، كلما هلك قرن خلف قرن، أهل صخر وبحر، هيهات آخر الدّهر».
«سمّوا أولادكم أسماء الأنبياء، وأحسن الأسماء عبد الله، وعبد الرّحمن وأصدقها الحارث وهمام وأقبحها حرب ومرّة».
«اللهم إنّ عمرو بن العاص هجاني وهو يعلم أنّي لست بشاعر فاهجه، اللهمّ والعنه عدد ما هجاني».
«من توضّأ للجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فذلك أفضل، ومن غسل واغتسل، وبكر وابتكر، واستمع ولم يلغ كفّر ذلك ما بين الجمعتين».
«سيّد إدام أهل الدّنيا والآخرة اللّحم، وسيّد ريحان أهل الجنّة الفاغية».
لما أراد الأنصار أن يبايعوه، قال أبو الهيثم بن تيّهان: يا رسول الله، إن بيننا وبين القوم حبالا ونحن قاطعوها فنخشى إن الله أعزّك ونصرك أن ترجع إلى قومك فتبسّم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: «بل الدّم الدّم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم منّي أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم».
__________
(1) الفاردة: الزائدة عن الفريضة.
(2) الحفش: البيت الضيّق الصغير.
(3) الطخاء: الكرب على القلب.
(4) أنتق أرحاما: أكثر أولادا.(1/148)
قالوا في معنى ذلك: إنهم كانوا في الجاهلية إذا تحالفوا يقولون: الدّم الدّم والهدم الهدم، يريدون: تطلب بدمي وأطلب بدمك، وما هدمت من الدماء هدمت أي: ما عفوت عنه وأهدرته عفوت عنه وأهدرته. وكان أبو عبيدة يقول: هو الهدم الهدم واللّدم اللّدّم أي: حرمتي مع حرمتكم وبيتي مع بيتكم، وأنشد (1): [رجز]
ثم الحقي بهدمي ولدمي
وروي في حديث آخر أن الأنصار قالوا: ترون نبيّ الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح الله عليه مكة أرضه وبلده يقيم بها فقال صلى الله عليه وسلم: «معاذ الله، المحيا محياكم والممات مماتكم».
«ما ينتظر أحدكم إلّا هرما مفندا (2) أو مرضا مفسدا».
«المستبّان شيطانان يتكاذبان ويتهاتران».
«غطّوا الإناء، وأوكوا السّقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السّراج فإنّ الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم».
وروي أن أمّ سلمة قالت: «يا رسول الله أراك ساهم الوجه. أمن علّة؟
قال: لا، ولكنه السّبعة الدّنانير التي أتينا بها أمس نسيتها في خصم الفراش فبتّ ولم أقسمها». خصم الفراش: جانبه.
«ويل لأقماع القول، ويل للمصرّين».
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من خمس: من العيمة (3) والغيمة (4)، والأيمة (5)، والكزم (6)، والقزم (7).
__________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (لدم)، (هدم)، وتهذيب اللغة 6/ 222، 14/ 136، وتاج العروس (لدم).
(2) الفند: الكذب، ويقال: أفند الشيخ، إذا خرف من الشيخوخة.
(3) العيمة: شهوة اللبن، والعطش.
(4) الغيمة: الظلمة.
(5) الأيمة: طول التعزب. وعدم الزواج.
(6) الكزم: يقال: أكزم البنان: أي بخيل، والكزم: البخل.
(7) القزم، محركة: الدناءة، والقماءة.(1/149)
واستأذنه سعد (1) في أن يتصدّق بماله، فقال: لا، ثم قال: الشّطر. قال:
لا. قال: فالثّلث؟ قال: الثلث، والثّلث كثير. إنّك إن تترك أولادك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون النّاس.
«أفضل الصدقة على ذي الرّحم الكاشح».
«الحمّى رائد الموت، وهي سجن الله في الأرض يحبس بها عبده إذا شاء، ويرسله إذا شاء».
وسئل عليه السلام عن بني عامر بن صعصعة، فقال:
«جمل أزهر متفاجّ يتناول من أطراف الشّجر»، وسألوه عن غطفان، فقال:
«رهوة (2) تنبع ماء».
وفي حديث آخر أنه قال في غطفان وقد ذكرهم: أكمة خشناء تنفي النّاس عنها.
وقال عليه السلام في حجة الوداع: «لا يعشرن ولا يحشرن».
وقال عليه السلام: «كلّ رافعة رفعت علينا من البلاغ فقد حرّمتها أن تعضد أو تخبط إلّا بعصفور قتب أو مسد محالة أو عصا حديدة».
قوله: كل رافعة رفعت علينا، يريد: كلّ جماعة مبلغة تبلغ عنا وتذيع ما نقوله.
وذكر عليه السلام (يأجوج ومأجوج) فقال: «عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشّعاف، من كلّ حدب ينسلون».
__________
(1) هو سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أبو إسحق القرشي الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وهو الذي كوّف الكوفة ونفى عنها الأعاجم، وكان مجاب الدعوة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان فارسا شجاعا من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي فتح المدائن، توفي سعد بن أبي وقاص بالعقيق خارج المدينة سنة 55هـ (البداية والنهاية 8/ 8276).
(2) الرهوة: المكان المرتفع، وكذلك المنخفض، ضدّ، والمقصود هنا: جبل ينبع منه الماء.(1/150)
الشعاف: جمع شعفة، وشعفة كلّ شيء أعلاه.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم دعا بلالا بتمر. فجعل يجيء به قبضا قبضا فقال صلى الله عليه وسلم: «أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا».
«من حفظ ما بين فقميه ورجليه دخل الجنّة».
«لا زمام ولا خزام ولا رهبانيّة ولا تبتّل ولا سياحة في الإسلام».
وذكر المنافقين، فقال: «متكبّرون لا يألفون ولا يؤلفون، خشب باللّيل صخب بالنّهار».
وقدم وفد من همدان فلقوه مقبلا من تبوك، فقال مالك بن نمط:
يا رسول الله، نصيّة من همدان من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواج متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف ويام. عهدهم لا ينقض عن شية ماحل ولا سوءاء عنفقير ما قامت لعلع، وما جرى اليعفور بصلّع.
فكتب لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: هذا كتاب من محمد رسول الله لمخالف خارف، وأهل جناب الهضب وحقاف الرّمل، مع وافد هادي المشعار مالك بن نمط ومن أسلم من قومه، على أن لهم فراعها ووهاطها وعزازها ما أقاموا الصّلاة وآتوا الزكاة، يأكلون علافها ويرعون عفاءها. لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصّدقة الثّلب والناب والفصيل والفارض والدّاجن والكبش الحوريّ، وعليهم فيه الصّالعّ والقارح.
قوله: نصية من همدان، أي رؤوسا مختارين منهم. وخارف ويام قبيلتان.
وقوله: عهدهم لا ينقض عن شية ماحل. الماحل: الساعي بالنمائم. يقول ليس ينقض عهدهم بسعي ماحل. ولا سوءاء عنفقير يريد: الداعية. ولعلع: جبل.
واليعفور: ولد البقرة. والصلع: الصحراء البارزة المستوية التي لا نبت فيها.
والفراع: عالي الجبال. والوهاط: المواضع المطمئنة. والعزاز: ما صلب من الأرض. والعلاف: جمع علف. والعفاء من الأرض: ما ليس لأحد فيه شيء.
وقوله: لنا من دفئهم: يعني من إبلهم وشائهم، سميت دفئا لما يتخذ من
أوبارها وأصوافها من الأكسية والبيوت. والصّرام: النخل. والثّلب من الإبل:(1/151)
وقوله: لنا من دفئهم: يعني من إبلهم وشائهم، سميت دفئا لما يتخذ من
أوبارها وأصوافها من الأكسية والبيوت. والصّرام: النخل. والثّلب من الإبل:
الذكور والذي قد تكسرت أسنانه. والناب: الهرمة من النوق. والفارض:
المسنة. والداجن: التي يعلفها الناس في منازلهم. والصالع من الغنم والبقر مثل القارح من الخيل (1) والحورى، منسوب إلى الحور، وهي جلود حمر تتخّذ من جلود المعز والضأن.
وكتب عليه السلام لوفد كلب:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لعمائر كلب وأحلافها ومن ظأره الإسلام من غيرهم، مع قطن بن حارثة العيلمي (2) بإقام الصلاة لوقتها، وإيتاء الزّكاة بحقها في شدة عقدها ووفاء عهدها بمحضر من شهود المسلمين: سعد بن عبادة (3)، وعبد الله بن أنيس (4)، ودحية بن خليفة الكلبي (5). عليهم في الهمولة (6) الراعية البساط (7) الظّؤار في كل خمسين ناقة غير ذات عوار، والحمولة المائرة لهم لاغية، وفي الشّويّ الوريّ مسنّة حامل أو حائل، وفيما سقى الجدول من العين المعين العشر من ثمرها، ومما أخرجت أرضها. وفي العذي شطره بقيمة الأمين. لا يزاد عليهم وطيفه ولا يفرّق. شهد الله على ذلك ورسوله.
__________
(1) القارح من الخيل: الذي دخل في السنة السادسة.
(2) قطن بن حارثة العيلمي: أحد من وفدوا على رسول الله بعد إسلامهم (انظر ترجمته في أسد الغابة 4/ 207).
(3) هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري، أبو ثابت، وقيل: أبو قيس. ويقال: أبو لبابة، توفي لسنتين ونصف من خلافة عمر سنة 15هـ بحوران من أرض الشام، وهو الذي يقال له سيد الخزرج (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 149148، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 460، 7/ 273).
(4) عبد الله بن أنيس الجهني: أحد من كسر الأصنام قبل الإسلام، اختلفت الأقوال في سنة وفاته (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 333، الإصابة 4/ 38).
(5) توفي سنة 6هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 117، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 188، أسد الغابة 2/ 130).
(6) الهمولة: ما أهملت للرعي ولم تستعمل.
(7) البساط: هي الناقة المتروكة من أولادها.(1/152)
وكتب ثابت بن قيس بن شماس (1).
العمائر: جمع عمارة وهو فوق البطن.
قوله: ظأره الإسلام أي عطفه. والظؤار: هي التي معها أولادها وجمعت على فعال.
والحمولة المائرة، يعني: الإبل التي تحمل عليها الميرة. لاغية: أي ملغاة. لا تعدّ ولا يلزمون لها صدقة. والشويّ: جمع شاة، والوريّ: السمين فعيل بمعنى فاعل.
ولمّا قدمت عليه وفود العرب، قام طهفة بن أبي زهير النّهدي، فقال:
أتيناك يا رسول الله من غوريّ تهامة على أكوار الميس، ترتمي بنا العيس، نستحلب الصّبير، ونستخلب الخبير، ونستعضد البرير، ونستخيل الرّهام، ونستحيل الجهام، من أرض غائلة النّطاء، غليظة الوطاء. قد نشف المدهن، ويبس الجعثن، وسقط الأملوج، ومات العسلوج، وهلك الهديّ، ومات الوديّ، برئنا يا رسول الله من: الوثن، والعنن وما يحدث الزّمن. لنا دعوة السّلام وشريعة الإسلام ما طما البحر وقام تعار، ولنا نعم همل أغفال، ما تبضّ ببلال ووقير كثير الرّسل قليل الرّسل، أصابتها سنيّة حمراء مؤزلة، ليس لها علل ولا نهل.
فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لهم في محضها ومخضها ومذقها، وابعث راعيها في الدّثر بيانع الثمر، وافجر له الثّمد، وبارك له في المال والولد، من أقام الصلاة كان مسلما، ومن آتى الزكاة كان محسنا، ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مخلصا لكم يا بني نهد ودائع الشّرك ووضائع الملك، لا تلطط في الزكاة، ولا تلحد في الحياة، ولا تثاقل عن الصّلاة».
__________
(1) هو ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، أبو عبد الرحمن، كان خطيب الأنصار، قتل يوم اليمامة (انظر ترجمته في: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 43، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 464، أسد الغابة 1/ 230).(1/153)
وكتب معه كتابا إلى بني نهد:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى بني نهد بن زيد: سلام على من آمن بالله ورسوله، لكم يا بني نهد في الوظيفة الفريضة، ولكم العارض والفريش وذو العنان الركوب، والفلوّ الضّبيس، لا يمنع سرحكم ولا يعضد طلحكم، ولا يحبس درّكم ما لم تضمروا الإماق وتأكلوا الرّباق، من أقرّ بما في هذا الكتاب قله من الله ورسوله الوفاء بالعهد والذّمّة، ومن أبى فعليه الرّبوة.
الميس: شجر تعمل منه الرحال. والصّبير: السحاب الأبيض.
ونستخلب: نحصد ونقطع، ومنه قيل: المنجل مخلب، ومخلب الطائر من ذلك، والحبير: النبات. والبرير: ثمر الأراك، وهم يأكلونه إذا أجدبوا، وأصل العضد القطع. ونستخيل: من أخيلت السحابة إذا رأيتها فحسبتها ماطرة.
والرّهام الأمطار الضعاف. ونستحيل الجهام ننظر إليه. يقال: استحيل كذا وكذا أي نظر إليه. والجهام سحاب لا ماء فيه. ومن قال: نستجيل فإنه أراد أنا نراه جائلا في الأفق. وقوله: من أرض غائلة النّطاء يريد: فلاة تغول ببعدها من سلكها أي تهلكه. والنّطاء: البعد. والمدهن: نقرة واسعة في الجبل يستنقع فيها الماء. والجعثن: أصل النبات. والعسلوج: الغصن. والأملوج: ورق كالعيدان يكون لضروب من شجر البر. والهدي: الإبل ههنا، وأصل الهدي البدن التي تهدى إلى البيت. والوديّ: فسيل النخل. والعنن: الاعتراض والمخالفة.
وتعار: جبل معروف. ونعم أغفال يريد لا ألبان لها، والأصل في الغفل التي لا سمة لها. والوقير: الغنم. والرّسل: ما يرسل منها إلى المرعى. والرّسل:
اللبن. يقول: هي كثيرة العدد قليلة اللبن. والمؤزلة: الجائية بالأزل وهو الضيق. والدّثر: المال الكثير من الإبل والغنم بمرعى قد سلم وتم حتى ينعت ثمرته. والثمد: الماء القليل. يقول: أفجره لهم حتى يصير كثيرا غزيرا. ودائع الشرك: يريد العهود. يقال: توادع الفريقان إذا أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا ألا يغزوه، وكان اسم ذلك العهد وديعا. ووضائع الملك: يريد لكم الوضائع التي يوظفها على المسلمين في الملك لا يتجاوزها، ولا يزيد عليكم
فيها. والفريضة: الهرمة وهي الفارض أيضا، يقال: فرضت إذا هرمت.(1/154)
اللبن. يقول: هي كثيرة العدد قليلة اللبن. والمؤزلة: الجائية بالأزل وهو الضيق. والدّثر: المال الكثير من الإبل والغنم بمرعى قد سلم وتم حتى ينعت ثمرته. والثمد: الماء القليل. يقول: أفجره لهم حتى يصير كثيرا غزيرا. ودائع الشرك: يريد العهود. يقال: توادع الفريقان إذا أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا ألا يغزوه، وكان اسم ذلك العهد وديعا. ووضائع الملك: يريد لكم الوضائع التي يوظفها على المسلمين في الملك لا يتجاوزها، ولا يزيد عليكم
فيها. والفريضة: الهرمة وهي الفارض أيضا، يقال: فرضت إذا هرمت.
والعارض: المريضة. والفريش: هي التي وضعت حديثا كالنّفساء من النساء، يريد لا يأخذ منكم ذا العيب فيضرّ بأهل الصدقة فهي لكم، ولا يأخذ منكم ذات الدّر فيضرّ بكم فهي لكم، ولكنا نأخذ الوسط. وذو العنان: الفرس، والركوب الذلول. والفلوّ: المهر. والضّبيس: الصعب. وقوله: لا يمنع سرحكم: أي لا يدخل عليكم في مرعاكم أحد يمنع سرحكم عن شيء منه، ولا يحبس درّكم، يريد: ذوات اللبن، لا تحشر إلى المصدّق وتحبس عن المرعى، إلى أن تجتمع الماشية ثم تعد لما في ذلك من الإضرار بها. والإماق أصله الإماق بالهمزة. وهي من المأقة، والمأقة: الأنفة والحدة والجرأة، يقال:
رجل مئق، وإنما أراد بالإماق النكث والغدر. والرّباق: جمع ربق وهو الحبل وإنّما أراد به العهد. وقوله: فمن أبى فعليه الرّبوة يريد: الزيادة.
وكتب صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار كتابا، وفي الكتاب:
إنهم من أمّة واحدة دون الناس، المهاجرون من قيس على رباعتهم يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى، ويفكّون عاتيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وأنّ المؤمنين لا يتركون مفرحا منهم أن يعينوه بالمعروف في فداء أو عقل، وأنّ المؤمنين المتّقين أيديهم على من بغى عليهم، وابتغى دسيعة ظلم، وأنّ سلم المؤمنين واحد، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلّا على سواء وعدل بينهم، وأن كل غازية غزت يعقب بعضهم بعضا، وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش، ولا يعينها على مؤمن، وأنه من اعتبط مؤمنا (1) قتلا، فإنه قود إلّا أن يرضى وليّ المقتول بالعقل، وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أنفسهم ومواليهم أمة من المؤمنين لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوبغ إلّا نفسه وأهل بيته، وأن يهود الأوس ومواليهم وأنفسهم مع البرّ المحبين من أهل هذه الصحيفة، وأنّ البرّ دون الإثم، فلا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله على أصدق ما في
__________
(1) اعتبط مؤمنا: أي قتله من دون جناية. وأصلها من عبط الذبيحة يعبطها: نحرها من غير علّة، وهي سمينة فتية، فهو عبيط.(1/155)
هذه الصحيفة منه وأبرّه، لا يحول الكتاب دون ظلم ظالم ولا آثم آثم، وأن أولاهم بهذه الحصيفة البرّ المحسن.
قوله: رباعتهم يريد: أمرهم الذي كانوا عليه. والمفرح: الذي يلزمه أمر أثقله من دين أو دية، يقال: أفرحني الشيء أي أثقلني. وقوله: دسيعة ظلم:
من الدسع وهو الدّفع.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم أنه خرج في الاستسقاء فتقدّم فصلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة. وكان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: الآية 1] وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب، و {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ الْغََاشِيَةِ (1)} [الغاشية: الآية 1]، فلما قضى صلاته استقبل القوم بوجهه، وقلب رداءه، ثم جثا على ركبتيه، ورفع يديه، وكبّر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال:
«اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا غيثا مغيثا، وحيا ربيعا، وجدا طبقا غدقا مغدقا، مونقا عامّا، هنيئا مريئا مربعا مرتعا، وابلا سابلا، مسبلا مجلّلا، ديما دررا، نافعا غير ضارّ، عاجلا غير رائث غيثا اللهمّ تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر منا والباد. اللهمّ أنزل علينا في أرضنا زينتها، وأنزل علينا في أرضنا سكنها. اللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا فأحيا به بلدة ميتا، وأسقاه ممّا خلقت لنا أنعاما وأناسي كثيرا».
وقال عليه السلام: «خيار أمّتي أوّلها وآخرها، وبين ذلك ثبج أعوج».
«لا بأس بالغني لمن اتّقى، والصّحّة لمن اتّقى خير من الغنى، وطيب النّفس من النّعيم».
«إن الكاسيات العاريات والمائلات المميلات لا يدخلن الجنة».
قالوا في تفسير «الكاسيات العاريات» هن اللواتي يلبسن رقاق الثياب التي لا تسترهنّ. والمميلات قالوا: اللواتي يملن قلوب الرجال، وقيل: اللواتي يملن الخمر ليظهر الوجه والشّعر، وقيل: هو من المشط الميلاء وهي معروفة عندهم.
ومن حديثه عليه السلام أنه قال: «إنّ للرّؤيا كنّى، ولها أسماء فكنّوها بكناها، واعتبروا بأسمائها. والرّؤيا لأوّل عابر».(1/156)
قالوا في تفسير «الكاسيات العاريات» هن اللواتي يلبسن رقاق الثياب التي لا تسترهنّ. والمميلات قالوا: اللواتي يملن قلوب الرجال، وقيل: اللواتي يملن الخمر ليظهر الوجه والشّعر، وقيل: هو من المشط الميلاء وهي معروفة عندهم.
ومن حديثه عليه السلام أنه قال: «إنّ للرّؤيا كنّى، ولها أسماء فكنّوها بكناها، واعتبروا بأسمائها. والرّؤيا لأوّل عابر».
وذكر الخوارج، فقال: «يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة، فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثمّ ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدّم، آيتهم رجل أسود في إحدى يديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر» (1).
يحشر ما بين السّقط إلى الشّيخ الفاني، مردا مكحّلين إلى أفانين».
«من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبّ في أذنيه الآنك يوم القيامة».
«لا طلاق ولا عتاق في إغلاق».
«إن تهامة كبديع العسل حلو أوّله حلو آخره». البديع: الزق.
«مضر صخرة الله التي لا تنكل».
والّذي نفس محمّد بيده لا يحلف أحد وإن على أحد وإن على مثل جناح البعوضة إلّا كانت وكتة في قلبه».
«الكباد (2) من العبّ».
«استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أنّ خير أعمالكم الصّلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن». لن تحصوا: لن تطيقوا.
كان يبايع الناس وفيهم رجل دحسمان (3)، وكان كلما أتى عليه أخّره حتى لم يبق غيره، فقال له عليه السلام: «هل اشتكيت قطّ؟ قال: لا. قال: فهل رزئت بشيء؟ قال: لا، فقال عليه السلام: «إنّ الله يبغض العفرية (4) النّفرية (5)
الذي لم يرزأ في جسمه ولا ماله».
__________
(1) تدردر: أي تجيء وتذهب.
(2) الكباد: وجع الكبد.
(3) الرجل الدحسمان: الأسود الغليظ.
(4) العفرية: الداهية.
(5) النفرية: الخبيث.(1/157)
«مثل الجليس الصّالح مثل الدّاريّ (1)، إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه. ومثل الجليس السّوء مثل الكير إن لم يحرقك من شراره علقك من نتنه».
«خير الصّدقة ما أبقت غنّى، واليد العليا خير من اليد السّفلى، وابدأ بمن تعول».
وقال في المدينة: «اللهمّ بارك لنا في مدّها وصاعها، وانقل حمّاها إلى مهيعة».
مهيعة الجحفة، وغدير خمّ بها. قال الأصمعي (2): لم يولد غدير خمّ أحد فعاش بها إلى أن يحتلم.
وفي الحديث أنه مرّ عليه السلام برجل له عكرة (3) فلم يذبح له شيئا، ومرّ بامرأة لها شويهات فذبحت له، فقال: «إنّ هذه الأخلاق بيد الله، فمن شاء أن يمنحه منها خلقا حسنا فعل».
وقال لنسائه: «ليت شعري أيتكنّ صاحبة الجمل الأدبب، تسير أو تخرج حتّى تنبحها كلاب الحوأب الأدبب: الأدبّ.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم أنّ رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده فأوطأهم رعاء الإبل غلبة، فقالوا: وما أنتم يا رعاء النّقد (4)، هل تخبّون أو تصيدون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم وبعثت أنا وأنا راعي غنم أهلي بأجياد» فغلبهم عليه السلام.
«أغبط النّاس عندي، مؤمن خفيف الحاذ، ذو حظّ من صلاة». وكتب في كتاب له ليهود تيماء: «إن لهم الذّمّة، وعليهم الجزية بلا عداء، النهار مدى، والليل سدى».
__________
(1) الداريّ: العطار، نسبة إلى دارين، وهي بلدة يجلب إلى أسواقها المسك من الهند.
(2) الأصمعي: هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الأصمعي الباهلي، الإمام أبو سعيد البصري الأديب اللغوي، ولد سنة 123هـ، وتوفي بالبصرة سنة 215هـ. (كشف الظنون 5/ 624623).
(3) العكرة: من الخمسين إلى السبعين من الإبل.
(4) النقد: الغنم الصغار.(1/158)
المدى: الغاية، أي ذلك لهم أبدا ما كان الليل والنهار. والسّدى:
التخلية.
وأهدى له رجل راوية خمر، فقال: «إن الله حرّمها». قال: أفلا أكارم بها يهود؟ قال: «إن الّذي حرّمها حرّم أن يكارم بها». قال: فما أصنع بها؟ قال:
«سنّها في البطحاء».
وقال: «ليس للنساء سروات الطّريق» (1).
وقال: «يمين الله سحّاء، لا يغيضها شيء الليل والنهار».
وقال عليه السلام: «حجّوا قبل ألّا تحجّوا». قالوا: وما شأن الحجّ؟
قال: «يقعد أعرابها على أذناب أوديتها فلا يصل إلى الحجّ أحد».
ومن حديثه صلى الله عليه وسلم من رواية الحربي (2) قوله عليه السلام: «أنا وامرأة سفعاء الخدّين كهاتين يوم القيامة، وامرأة أيمت من زوجها حبست نفسها على يتاماها حتى ماتوا أو بانوا».
«الأيّم أحقّ بنفسها من وليّها، والبكر تستأذن، وإذنها صماتها».
«ثلاث لا يؤخّرن: الصّلاة إذا أتتك، والجنازة إذا حضرت، والأيّم إذا وجدت كفئا».
أتى ابن عمر أباه، فقال: إني قد خطبت ابنة نعيم النحّام (3)، وأريد أن تمشي معه فتكلّمه، فقال: إني أعلم بنعيم منك. إن عنده ابن أخ له يتيما، لم
__________
(1) سروات الطريق: أعاليها والبارز فيها.
(2) الحربي: هو أبو إسحق إبراهيم بن إسحق بن إبراهيم بن بشير بن عبد الله الحربي، مروزي الأصل، بغدادي المسكن والوفاة، توفي سنة 285هـ. له من المصنفات: «دلائل النبوة»، «غريب الحديث»، «مناسك الحج»، «كتاب أتباع الأموات»، «كتاب الأدب»، «كتاب التيمم»، «كتاب الحمام وآدابه»، «كتاب ذم الغيبة»، «كتاب سجود القرآن»، «كتاب القضاة والشهود»، «كتاب المغازي»، «كتاب الهدايا والسنة فيها» (كشف الظنون 5/ 4).
(3) نعيم النحام: هو نعيم بن عبد الله بن أسيد العدوي القرشي، قتل يوم أجنادين في خلافة عمر سنة 15هـ، (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 414، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 102، الإصابة 6/ 248).(1/159)
يكن لينقض لحوم الناس ويترب لحمه فإن كنت فاعلا فأذهب معك زيد بن الخطاب (1). فذهب إليه فكلمه، فكأن نعيما سمع مقال عمر، فقال: مرحبا بك وأهلا، إن عندي ابن أخ لي يتيما، ولم أكن لا نقض لحوم الناس وأترب لحمي فقالت أمها من ناحية البيت: والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحبس أيّم بني عدي على ابن لأخيك سفيه أو ضعيف، ثم خرجت حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، فدعا نعيما، وقال: صل رحمك، وأرض أيّمك وأمّها فإنّ لهما من أمرهما نصيبا.
قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله، أي الناس أحقّ بحسن الصحبة؟ قال:
أمّك، ثمّ أمّك، ثمّ أمّك، ثمّ أبوك.
قال أبو بكر رضي الله عنه: قلت للنبيّ صلى الله عليه وسلم، ونحن في الغار: لو أنّ أحدهم رفع قدميه لأبصرنا تحتهما، فقال: «ما ظنّك باثنين الله ثالثهما؟».
وقال عليه السلام: «المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم».
«تزوّجوا الشّوابّ فإنّهنّ أغرّ أخلاقا».
«من طلب دما أو خبلا فإنّه بالخيار: أن يقتصّ، أو يعفو ويأخذ بالعفو».
«ما من قوم تعمل فيهم المعاصي يقدرون أن يغيّروا فلا يغيّرون إلّا أصابهم الله بعقاب».
«شدّة الحرّ من فيح جهنّم فأبردوا بالصّلاة».
قال سراقة بن جعشم: قلت: «يا رسول الله الضّالة تغشي حياضي، هل لي أجر إن أسقها؟» قال: «في كل كبد حرّي أجر».
«إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحرّ الصّواب».
__________
(1) زيد بن الخطاب، هو أخو الفاروق عمر بن الخطاب أسلم قبله، وشهد بدرا، واستشهد باليمامة سنة 12هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 136، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 287، الإصابة 3/ 27).(1/160)
«أوّل دينكم نبوّة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك وجبريّة، ثم ملك غضّ يستحلّ فيه الخزّ والحرير».
«أعوذ بك من الحور بعد الكور».
«الصّوم جنّة ما لم تخرقها».
«ألا لا يجن جان على نفسه لا يجن والد على ولده».
روي أن رجلا من أهل الصّفّة مات، فوجد في شملته ديناران، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «كيّتان».
«استذكروا القرآن، فلهو أشدّ تفصّيا من صدور رجال من النّعم من عقله».
كان عامّة وصيته صلى الله عليه حين حضرته الوفاة: «الصّلاة وما ملكت أيمانكم، حتى يغرغر بها، وما يفيص بها لسانه».
«اسمح يسمح لك».
«الأنصار كرشي فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم».
«المقة من الله، والصّيت في السّماء».
وقيل: يا رسول الله، الرجل يحبّ قومه، أعصبيّ هو؟ قال: «لا:
العصبيّ الذي يعين قومه على الظّلم».
«إنّ الخلق الحسن ليذهب الخطايا، كما تذهب الشّمس الجليد».
ومرّ به أعرابيّ جلد شابّ، فقال أبو بكر وعمر: ويح هذا لو كان شبابه وقوّته في سبيل الله كان أعظم لأجره! فقال عليه السلام: «إن كان يسعى على أبويه فهو في سبيل الله».
«رجلان من أمّتي لا تبلغهما شفاعتي: إمام ظلوم عسوف، وآخر غال في الدين مارق منه».
«فاطمة بضعة منّي يسعفني ما أسعفها».
«اللهم إنّي أسألك العفّة والغنى».(1/161)
«فاطمة بضعة منّي يسعفني ما أسعفها».
«اللهم إنّي أسألك العفّة والغنى».
«ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكم ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه».
«إياكم والظّنّ فإنّ الظّنّ أكذب الحديث».
وأمر عليه السلام مناديا، فنادى: «لا تجوز شهادة ظنين».
وكان عليه السلام يدلع لسانه للحسن، فيرى الحسن حمرة لسانه فيهشّ إليه.
وقيل له: أيّ الجهاد أحبّ إلى الله؟ قال: «كلمة حقّ عند سلطان جائر».
«لا يدخل الجنّة سيىء الملكة».
وقال له أبو بكر: كيف الفلاح بعد {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النّساء:
الآية 123] قال: «يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللّأواء؟».
«أعوذ بالله من الجوع فإنّه بئس الضّجيع».
«لا تحلّ الصّدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سويّ».
«ليس الغنى عن كثرة العرض، إنّما الغنى غنى النّفس».
«الدّنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر».
«لا جلب ولا جنب ولا اعتراض».
«من بات وفي يده غمر (1)، فعرض له عارض فلا يلومنّ إلّا نفسه».
كان عليه السلام إذا استجدّ ثوبا قال: «اللهمّ أنت كسوتني هذا الثّوب، فلك الحمد، أسألك من خيره وخير ما صنع له».
ذكرت الجدود عنده عليه السلام فقال قوم: جدّ بني فلان في الإبل، وقال آخرون: جدّ بني فلان في الغنم. فلما قام إلى الصلاة قال: «لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ».
__________
(1) الغمر: زهومة اللحم.(1/162)
«لا تسبّوا بني تميم فإنّهم ذوو حدّ وجلد».
وجد عمر حلّة من استبرق، فأتى بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ابتع هذه تجمّل بها للعيد والوفد، فقال: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له».
وقال عليه السلام: «خير السّرايا أربعمائة».
قالت عائشة: دخل عليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال:
ألم ترى أنّ محرزا المدلجي رأى قدم زيد (1) وأسامة (2)؟ فقال: «هذه أقدام بعضها من بعض».
«من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظلّ العرش».
«البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة».
«من انتفى من ولده فضحه الله يوم القيامة».
جاءت امرأة إليه عليه السلام تشكو زوجها، فقال: «أتريدين أن تتزوّجي ذا جمّة فينانة على كلّ خصلة منها شيطان»؟
«من شرب الخمر لم يرض الله عنه، فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال».
«الطّاعون وخز أعدائكم من الجنّ».
كان عليه السلام إذا أراد أن يرقد، قال: «اللهمّ قني عذابك يوم تبعث عبادك».
__________
(1) هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر، قتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان ابن عمر يقول: ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت {ادْعُوهُمْ لِآبََائِهِمْ} [الأحزاب: الآية 5]، ولد سنة 47قبل الهجرة، وتوفي سنة 8هـ (انظر:
الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 29، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 134، شذرات الذهب 1/ 12، الاستيعاب 1/ 192).
(2) هو أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، أبو محمد المدني، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، وحبه وابن حبه، ولّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمرة بعد مقتل أبيه، فطعن بعض الناس في إمرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمرة أبيه من قبله، وإيم الله إن كان لخليقا بالإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليّ بعده»، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره تسع عشرة سنة، توفي أسامة بن زيد سنة 54هـ (البداية والنهاية 8/ 7170).(1/163)
«مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوما، فقال: يا قوم إنّي رأيت الجيش بعيني وأنا النّذير العريان».
قال: «يقول الله إذا شغل عبدي ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السّائلين».
قال عليه السلام لأسماء بنت عميس: «العيلة تخافين على بني جعفر وأنا وليّهم في الدّنيا والآخرة».
قال للأنصار حين أعطى المؤلّفة قلوبهم: «أوجدتم في قلوبكم من لعاعة من الدّنيا تألّفت بها قوما أسلموا ووكلتكم إلى إيمانكم؟».
قال وائلة: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم أجلس عليّا عن يمينه، وفاطمة عن يساره، وحسنا وحسينا بين يديه، ولفع عليهم بثوبه، وقال: «اللهمّ هؤلاء أهلي».
«لو أمسك الله القطر عن النّاس، ثم أرسله أصبحت طائفة به كافرين، يقولون: مطرنا بنوء المجدح».
جاء رجل يتخطّى رقاب الناس والنبيّ عليه السلام يخطب. فقال:
«اجلس فقد آنيت وآذيت».
«المال فيه خير وشرّ، فيه حمل الكلّ وصلة الرحم».
قالت عائشة: «فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فراشه، فأخذت درعي، وأخذت إزاري، فتقنّعت به، فخرجت أمشي، فقال: ترب جبينك أتخافين أن يحيف الله عليك ورسوله، أتاني جبريل، فأمرني أن آتي أهل البقيع فأستغفر لهم».
«أمرت بقرية تأكل القرى ويبقى اسمها، تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد».
«من خرج على أمّتي يضرب برّها وفاجرها، لا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدها فليس مني».
قالت عائشة: جاءت امرأة ومعها ابنتان لها، فأعطيتهما تمرة فشقّتها بين ابنتيها، فدخل النبيّ صلى الله عليه وسلم على قفيّة ذلك فحدثته فقال: «من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات كنّ له سترا من النار».(1/164)
«من خرج على أمّتي يضرب برّها وفاجرها، لا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدها فليس مني».
قالت عائشة: جاءت امرأة ومعها ابنتان لها، فأعطيتهما تمرة فشقّتها بين ابنتيها، فدخل النبيّ صلى الله عليه وسلم على قفيّة ذلك فحدثته فقال: «من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات كنّ له سترا من النار».
«قالت أمّ سلمة: «كنت أنا وميمونة عنده عليه السلام، فجاء ابن أمّ مكتوم، فقال: احتجبا، فقلنا: أليس أعمى لا يبصرنا؟ قال: أعميا وإن أنتما؟
«لا تكونوا إمّعين يقولون إن ظلم الناس ظلمنا، وإن أساء النّاس أسأنا».
«أسفروا بالفجر، فإنّه أعظم للأجر».
«الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة».
«إني أكره أن أرى المرأة سلتاء مرهاء».
«يهرم ابن آدم ويشبّ معه اثنتان: الحرص على الحياة، والحرص على المال».
«من احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بجذام أو إفلاس».
«بئس قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا ولهم لغط في أسواقهم».
وسئل: أيضرّ الناس الغيظ؟ فقال عليه السلام: كما يضرّ العضاة الخبط».
روي عن ابن أبي الحمساء قال: بايعت النبيّ صلى الله عليه وسلم فوعدته مكانا، فنسيته يومي والغد، فأتيته اليوم الثالث، فقال: يا فتى، لقد شققت عليّ، أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك».
كان يقول عليه السلام: «اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل».
«من خرج من بيته فقال: اعتصمت بالله، وآمنت بالله، رزق خير ذلك المخرج».
«إن أربى الرّبا الاستطالة في عرض المسلم».
«من أكل من ذوات الرّيح، فلا يقربنّ مسجدنا».
«من لم يستطع التزوّج فالصّوم له وجاء».
«من لعب بالنّردشير فكأنّما غمس يده في لحم الخنزير».(1/165)
«من لم يستطع التزوّج فالصّوم له وجاء».
«من لعب بالنّردشير فكأنّما غمس يده في لحم الخنزير».
«اللهم بك أصول، وبك أجول وبك أسير، اللهم بك أصاول وبك أقاتل».
وقال في تميم: «ضخم الهام رجح الأحلام».
«بئس العبد عبد تخيّل واختال، ونسي الكبير المتعال».
وأتي عليه السلام بسارق، فقال: «أسرقت؟ لا إخالك فعلت».
روي عن بعضهم قال: بينا أنا أمشي في بعض طرق المدينة وعليّ بردة ملحاء قد أرخيتها إذ طعنني رجل، فقال: «لو رفعت ثوبك كان أتقى وأنقى»، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
«تحت كلّ شعرة جنابة، فبلّوا الشّعر، وأنقوا البشر».
«يكفي أحدكم من الدّنيا خادم ومركب».
«يمن الخيل في شقرها».
سئل عليه السلام عن البحر، فقال: «هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته».
كان عليه السلام إذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعقابك».
«من روّع مسلما لرضا سلطان جيء به يوم القيامة مغلولا».
«من أدّان دينا ينوي قضاءه أدّاه الله عزّ وجلّ عنه».
«إنّ الله مع الدّائن حتّى يقضي دينه».
«أطعموا الطّعام، وصلّوا والنّاس نيام تدخلوا الجنّة بسلام».
«يطلع الله إلى عباده في النّصف من شعبان فيغفر للمؤمنين، ويملي للظّالمين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه».
«من أخذ هذا المال بإشراف نفس لم يبارك له»، يريد: بطلب وحرص.
«للوضوء شيطان يقال له: الولهان».(1/166)
«من أخذ هذا المال بإشراف نفس لم يبارك له»، يريد: بطلب وحرص.
«للوضوء شيطان يقال له: الولهان».
«يكون كنز أحدكم شجاعا (1) أقرع (2) ذا زبيبتين حتّى يلقمه يده».
«العين وكاء السّه فإذا نامت العين استطلق الوكاء».
وقال عليّ عليه السلام: أعتنقني النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم أجهش باكيا قلت: ما يبكيك؟ قال: ضغائن قوم لا يبدونها لك إلّا من بعدي».
«ما أذن الله لشيء كإذنه لإنسان حسن التّرنّم بالقرآن».
«لا طاعة لمخلوق في معصية الله».
أتته عليه السلام امرأة فقال: ألك بعل؟ فقالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه، قال: «هو جنّتك ونارك».
ولما صبح خيبر قال عليه السلام: «إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
قال أبو رافع: استسلف النبيّ صلى الله عليه وسلم بكرا فأمرني أن أقضيه، فلم أجد إلا جملا، قال: «أعطه فإنّ خيار النّاس أحسنهم قضاء».
وقال عليه السلام: «لا يزال العبد خفيفا معنقا بذنبه ما لم يصب دما، فإذا أصاب دما بلّح».
وقال عليه السلام: «إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهمّ أسلمت نفسي إليك ووجهّت وجهي إليك».
وكان عليه السلام يتعوّذ من ضلع الدين.
«لولا أنّ المرأة تصنّع لزوجها لصلفت عنده».
«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد».
«لا تضرب أكباد الإبل إلا إلى المسجد الحرام، وطيبة وبيت المقدس».
__________
(1) الشجاع: الذكر من الحيات.
(2) الأقرع: الذي تمعط شعره لكثرة سمّه.(1/167)
«فاطمة شجنة منّي يقبضني ما قبضها ويبسطني ما بسطها».
«من سرّه أن يمثل له عباد الله قياما فليتبوّأ مقعده من النّار».
«مثل المؤمن الّذي يقرأ القرآن مثل الأترجّة ريحها طيّب وطعمها طيّب».
«اتركوا التّرك ما تركوكم».
«استغنوا عن النّاس ولو بشوص السّواك».
وقال له حكيم بن حزام: أمور كنت أتحنّث بها في الجاهلية من عتاقة وصلة رحم، فهل لي فيها من أجر؟ فقال عليه السلام: «أسلمت على ما سلف من خير».
«أكذب النّاس الصّوّاغون والصّبّاغون».
قال له رجل: ما شيّبك؟ فقال عليه السلام: «هود وذواتها».
«من تعظّم في نفسه، واختال في مشيه لقي الله وهو عليه غضبان».
«إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء».
«أربع من كنّ فيه كان منافقا: إذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر».
«لا ينظر الله إلى العائل المزهوّ».
وقدم عليه جعفر (1) بعد فتح خيبر، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحا، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر».
__________
(1) هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو عبد الله الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخو علي بن أبي طالب، هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة جميعا، وقتل يوم مؤتة سنة 8هـ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم. نزل عن فرس له شقراء فعقرها ثم تقدم فقاتل حتى قتل، فلما جاء نعيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب فقال: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم» (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 49، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 24، أسد الغابة 1/ 288).(1/168)
لا تسترضعوا أولادكم الرّسح ولا الحمش فإنّ اللّبن يورث.
«لو أن رجلا نادى الناس إلى عرق أو مرماتين، لأجابوه وهم يتخلّفون عن هذه الصلاة».
يقول الله عزّ وجلّ: «خلقت عبادي حنفاء فأتتهم الشّياطين فاحتالتهم».
ولحق رجلا يجرّ إزاره فقال عليه السلام: «ارفع إزارك»، فقال: إني أحنف، فقال: «ارفع فكلّ خلق الله حسن».
«اللهم إنّي أسألك رحمة تلمّ بها شعثي».
«إنّ الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته»، ثم قرأ: {وَكَذََلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذََا أَخَذَ الْقُرى ََ وَهِيَ ظََالِمَةٌ} [هود: الآية 102].
«إنّي أعوذ بك من الفقر والذّلّة والقلّة».
«إذا طبخت فأكثر المرقة وتعاهد جيرانك».
وسئل: ما الحزم؟ فقال عليه السلام: «تستشير أهل الرّأي ثمّ تطيعهم».
كان عليه السلام إذا أراد سفرا ورّى إلى غيره.
وقال: «الحرب خدعة».
قال زيد: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطيّة، فسألني عنها، فقلت: كسوتها امرأتي، فقال: «أخاف أن تصف حجم عظامها».
وذكر الجنة فقال عليه السلام: «ألا مشمّر! هي نور يتلألأ وريحانة تزهر».
كان عليه السلام إذا أراد سفرا قال: «اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر، والخليفة في الأهل اللهمّ اصحبنا بنصح، واقلبنا بذمّة، اللهمّ ازو لنا الأرض، وهوّن علينا السّفر، اللهمّ إني أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب».
وقال لسعد بن معاذ (1) رضي الله عنه: «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة».(1/169)
كان عليه السلام إذا أراد سفرا قال: «اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر، والخليفة في الأهل اللهمّ اصحبنا بنصح، واقلبنا بذمّة، اللهمّ ازو لنا الأرض، وهوّن علينا السّفر، اللهمّ إني أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب».
وقال لسعد بن معاذ (1) رضي الله عنه: «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة».
وقال: «المؤمن واه راقع، فسعيد من هلك على رقعه».
«المسألة لا تحلّ إلّا من غرم مفظع أو فقر مدقع».
«من أعان غارما في غرمه أظلّه الله عزّ وجلّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّه».
«من كانت نيّته الآخرة جعل الله تبارك وتعالى غناه في قلبه، وأتته الدّنيا وهي راغمة».
«لا يدخل الجنّة ديّوث».
«من اقتبس علما من النّجوم اقتبس شعبة من السّحر».
قال حذيفة، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كان لله عزّ وجلّ خليفة فضرب ظهرك، وأخذ مالك فأطعه، وإلّا فمت وأنت عاضّ بجذل شجرة».
كان عليه السلام يطوف بالبيت فانقطع شسعه فأخرج رجل شسعه من نعله، فذهب يشدّه في نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «هذه أثرة ولا أحبّ الآثرة».
«لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل».
وقال له رجل: أرسل راحلتي وأتوكّل؟ فقال: «بل اعقلها وتوكّل».
«الصّبحة تمنع الرزق».
«لا تجسّسوا ولا تحسّسوا».
«حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسك».
__________
(1) هو سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري، كنيته أبو عمرو الأوسي الأنصاري، مات بالمدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قريظة، وهو الذي قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اهتزّ العرش لموت سعد بن معاذ». (انظر كتاب الثقات لابن حبان 3/ 147146، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 320، أسد الغابة 2/ 298، شذرات الذهب 1/ 11).(1/170)
عطس رجل عنده عليه السلام فشمّته، ثم عطس فقال: «امتخط، فإنّك مضنوك».
«لا يحرم من الرّضاع إلّا ما أنبت اللّحم وأنشز العظم».
ومما ذكره أحمد بن أبي طاهر (1) في كتاب (المنثور والمنظوم):
«لا تجن يمينك على شمالك».
«اللهم انفعني بما علّمتني، وعلّمني ما ينفعني وزدني علما».
«إيّاكم وكثرة الضّحك فإنّه يميت القلب ويورث النّسيان».
«الهديّة تذهب السّخيمة».
وسئل أيّ الأصحاب أفضل؟ فقال: «الذي إذا ذكرت أعانك، وإذا نسيت ذكّرك».
«إن الله كره لكم العبث في الصّلاة، والرّفث في الصّيام، والضّحك عند المقابر».
وقرأ عليه السلام: {فَمَنْ يُرِدِ اللََّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلََامِ} [الأنعام:
الآية 125]، فقال: «إن النّور إذا دخل القلب انشرح وانفسح»، قيل: يا رسول الله فما علامته الّتي يعرف بها؟ قال: «التخلّي من دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت».
«المسلم أخو المسلم، والمسلم نصيح المسلم».
«حقّ المسلم على أخيه ستّ خصال: تسليمه عليه إذا لقيه، وتشميته إذا عطس، وإجابته إذا دعا، وعيادته إذا مرض، وشهادته إذا توفّي».
__________
(1) هو أحمد بن أبي طاهر طيفور، خراساني الأصل، بغدادي المولد والوفاة، توفي سنة 280هـ، له العشرات من المصنفات منها «المنثور والمنظوم»، «أخبار ابن الدمينة»، «أخبار ابن هرمة ومختار شعره»، «فضل العرب على العجم»، «كتاب بغداد» وغيرها الكثير (كشف الظنون 5/ 5251).(1/171)
«إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبله جميعا ولا تتفرّقوا، وأن تناصحوا من ولّاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السّؤال، وإضاعة المال».
«خير نساء ركبن الإبل نساء صوالح من قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده».
«ما أظلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذرّ».
«من لم يتقبّل من متنصّل صادقا كان أو كاذبا لم يرد عليّ الحوض».
«لا يزال المسروق منه في تهمة من هو بريء حتّى يكون أعظم جرما من السارق».
«لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت».
«الجمعة حجّ المساكين».
«من ذبّ عن لحم أخيه بظهر الغيب كان حقّا على الله أن يحرّم لحمه على النّار».
«السّواك مطهرة للفم مرضاة للرّبّ».
«أربع من جمعهنّ في يوم دخل الجنّة: من أصبح صائما، وأعطى سائلا، وعاد مريضا، وشيّع جنازة».
«من أحبّ أن يسمع الله دعوته ويفرّج كربته في الدّنيا والآخرة فلينظر معسرا».
وكان عليه السلام إذا أفطر عند أهل بيت قال: «أفطر عندكم الصّوّام، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة».
«سوّوا بين أولادكم في العطيّة فلو كنت مؤثرا أحدا على أحد لآثرت النّساء على الرّجال».
وروي: أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا أحمد بن جحش خطبا فاطمة بنت قيس فأرسل عليه السلام إليها: أمّا معاوية فصعلوك، وأما أبو أحمد فهو هراوة، فانكحي أسامة فنكحت أسامة.(1/172)
«سوّوا بين أولادكم في العطيّة فلو كنت مؤثرا أحدا على أحد لآثرت النّساء على الرّجال».
وروي: أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا أحمد بن جحش خطبا فاطمة بنت قيس فأرسل عليه السلام إليها: أمّا معاوية فصعلوك، وأما أبو أحمد فهو هراوة، فانكحي أسامة فنكحت أسامة.
«الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي الوسطى، ويد المعطى السّفلى».
«الناس عاديان: فبائع رقبته فموثقها، أو معاديها فمعتقها».
«لا يدخل الجنّة جسد نبت من السّحت النّار أولى به».
«الحاجّ والعمّار وفد الله، يعطيهم ما سألوا، ويخلف عليهم ما أنفقوا».
«ألا أخبركم بشرّ النّاس؟ الذي يسأل بالله ولا يعطي».
وكان عليه السلام إذا شرب الماء قال: «الحمد لله الّذي سقانا عذبا فراتا برحمته، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا».
«ألا كلّكم راع، وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالأمير على النّاس راع وهو مسؤول عن رعيّته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، وعبد الرّجل راع على مال سيّده وهو مسؤول عنه».
قالوا: يا رسول الله أخبرنا بخصال نعرف بها المنافقين، قال: «من حلف ففجر، وعاهد فغدر، وحدّث فكذب».
«من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن».
وكان يقول إذا لقي العدو: «اللهمّ أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل».
«اللهمّ بارك لأمّتي في بكورها».
«لا يدخل الجنّة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم ولا كاهن ولا منّان».
«من قال: قبّح الله الدّنيا، قالت له الدّنيا: قبّح الله أعصانا لربّه».
«مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى أوّله خير أم آخره».(1/173)
«من قال: قبّح الله الدّنيا، قالت له الدّنيا: قبّح الله أعصانا لربّه».
«مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى أوّله خير أم آخره».
«كلّ ولد آدم فيه حسد، فإذا وجد شيئا من ذلك فليعه في قلبه، فإنّه ليس عليه شيء ما لم يعده بقول ولا فعل».
«يغضب الرّبّ ويهتزّ العرش إذا مدح الفاسق».
«أترغبون عن ذكر الفاجر؟ اذكروه بما فيه يحذره النّاس».
قال له رجل: يا رسول الله نحن قوم نتساءل أموالنا، فقال: «يسأل الرّجل في الجائحة والفتق ليصلح بين قومه، فإذا بلغ أو كرب استعفّ».
«المسائل كدوح يكدح بها الرّجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك إلّا رجلا يسأل ذا سلطان أو في أمر لا بدّ منه».
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، وليحسن إلى جاره».
«إنّما يكفي أحدكم من الدّنيا مثل زاد الراكب».
«خير فائدة أفادها المسلم بعد الإسلام امرأة جميلة: تسرّه إذا نظر إليها، وتعطيه إذا أمرها، وتحفظه في غيبته في ماله ونفسها».
«لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم».
«إن المعونة تأتي على قدر شدّة المؤونة، وإنّ الفرج يأتي على قدر شدّة البلاء».
وقال عليه السلام لأبي بكر: «احفظ منّي أربعا لا يفتح عبد باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر، ولا يفتح باب عفّة إلّا فتح الله عليه باب غنى، ولا يرتفع إلّا وضعه الله، ولا يدع مظلمة إلّا زاده الله عزّا، وإن عيّرك امرؤ بما ليس هو فيك فلا تعيّره بما هو فيه يكون لك أجره وعليه وباله».
«كفى بالمرء إثما أن يحدّث بكلّ ما يسمع».
«الدّال على الخير كفاعله».
«والله يحبّ أن يستغيث به اللهفان».
و «كلّ معروف صدقة».(1/174)
«والله يحبّ أن يستغيث به اللهفان».
و «كلّ معروف صدقة».
«رأس العقل بعد الإيمان مداراة النّاس».
«وأهل المعروف في الدّنيا هم أهل المعروف في الآخرة».
و «لن يهلك رجل بعد مشورة».
«إنّ لله عبادا خلقهم لحوائج النّاس يرغبون في الأجر، يعدّون الجود مجدا».
«والله يحبّ مكارم الأخلاق».
«إنّ الله عبادا خلقهم لحوائج النّاس تفزع النّاس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله».
وعن أبي هريرة أنه عليه السلام: «ما عاب طعاما قطّ إن اشتهاه أكله وإلّا لم يعبه».
«اتّقوا الظّلم، فإنّ الظّلم ظلمات يوم القيامة، واتّقوا الشّحّ فإنّه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحّلوا محارمهم».
«انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: امنعه من الظّلم فذلك نصرك إيّاه».
«خلّتان لا تجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق».
«الوضوء قبل الطّعام وبعده ينفي الفقر، وهو من أخلاق النّبيّين».
«إنّ بني هاشم فضّلوا النّاس بستّ خلال: هم أعلم النّاس، وهم أسمح النّاس، وهم أصبح النّاس، وهم أفضل النّاس، وهم أشجع النّاس، وهم أحبّ النّاس إلى نسائهم».
«نعم العمّة لكم النّخلة! تشرب من عين خرّارة، وتغرس في أرض خوّارة».
«الحمّى في أصول النخل».
«إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإن كان في غيرهم غاض».(1/175)
«الحمّى في أصول النخل».
«إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإن كان في غيرهم غاض».
«أفشوا السّلام، وأطعموا الطّعام، وكونوا إخوانا كما أمركم الله».
وقال له رجل: يا رسول الله لي جار ينصب قدره ولا يطعمني، فقال عليه السلام: «ما آمن بي هذا قط».
«إنّ الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفّرا طيّبة نفسه، حتّى يدفعه إلى من أمر له أحد المتصدّقين».
«من اهتبل (1) جوعة أخيه المسلم فأطعمه غفر الله له».
«أحبّ الطّعام إليّ ما كثرت عليه الأيدي وإن قلّ».
«من كان منكم يحبّ أن تستجاب دعوته وتكشف كربته فلييسّر على المعسر».
«ما من أحد أفضل منّزلة من إمام إن قال صدق، وإن حكم عدل، وإن استرحم رحم».
وقال: «إنّ السّلطان ظلّ الله في الأرض يأوي إليه كلّ مظلوم من عباده، فإذا عدل كان له الأجر وعلى الرّعيّة الشّكر وإذا جار كان عليه الإصر، وعلى الرّعيّة الصّبر».
و «إذا جارت الولاة قحطت السّماء».
«أفضل الأعمال عند الله يوم القيامة: إيمان لا شكّ فيه، وغزو لا غلول فيه، وحجّ مبرور يكفّر خطايا تلك السّنة».
«ليس من لهوكم شيء تحضره الملائكة إلا النّصال والرّهان».
وعن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون فتنة قلت: فما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو ليس بالهزل، من تركه من
__________
(1) اهتبل: كذب كثيرا، واهتبل كلمة حكمة: اغتنمها، والهبّال: الكاسب المحتال.(1/176)
جبّار قصمه الله، هو حبل الله المتين، وهو الذّكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن ردّ ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم ينته الجنّ حين سمعته حتى قالوا: {إِنََّا سَمِعْنََا قُرْآناً عَجَباً} [الجنّ: الآية 1]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم».
«إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّا إلّا مبلّغا، وإنّ تشقيق الكلام والخطب من الشيطان».
«كبرت خيانة أن حدّثت أخاك حديثا هو لك مصدّق وأنت به كاذب».
وعن قيس بن أبي غرزة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نبتاع في السوق، وكنا ندعى السماسرة، فقال: يا معشر التجار، فاشرأبّ القوم، فقال:
ألا إنّ الشّيطان والإثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بصدقة. قال: ففرحنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر التجار، وكان أول من سمّانا التجار.
«رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه».
«إذا أقبلت الرّايات السّود من قبل المشرق فأوّلها فتنة، وأوسطها هرج، وآخرها ضلالة».
«من ولع بأكل الطّين فكأنّما أعان على قتل نفسه».
«إذا نظر أحدكم إلي من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو دونه ممّن فضل هو عليه».
وكتب عليه السلام لعبد الله بن جحش، وكان أخرجه في ثمانية من المهاجرين:
من محمد رسول الله، عليكم بتقوى الله، سيروا على بركة الله حتّى تأتوا نخيلة، فعليكم إقامة يومين، فإن لقيتم كيدا فاصبروا، وإن غنمتم فوفّروا، وإن قتلتم فأثخنوا، وإن أعطيتم عهدا فأوفوا، ولا تقبلوا عهد المشركين.
وقال لعمرو بن العاص لمّا أخرجه إلى ذات السّلاسل يا عمرو إني قد بعثت معك المهاجرين قبلك، واستعملتك على من هو خير منك. إذا أذّن مؤذّنك للصّلاة فاسبقهم، فإذا جهرت بالقراءة فارفع صوتك وأسمعهم تكبيرك، ولا تقصّر في الصّلاة فتضيّع أجرهم، ولا تطوّل فتملّهم، واسمر بهم فإنّه أذكى لحراستهم ولا تحدّثهم عن ملوك الأعاجم فيتعلّموا الغدر، ورغبتهم في الوفاء فإنّ ذلك الملك أخذ بغير الله، وعمل فيه بمعصية الله فدمّره الله تدميرا.(1/177)
من محمد رسول الله، عليكم بتقوى الله، سيروا على بركة الله حتّى تأتوا نخيلة، فعليكم إقامة يومين، فإن لقيتم كيدا فاصبروا، وإن غنمتم فوفّروا، وإن قتلتم فأثخنوا، وإن أعطيتم عهدا فأوفوا، ولا تقبلوا عهد المشركين.
وقال لعمرو بن العاص لمّا أخرجه إلى ذات السّلاسل يا عمرو إني قد بعثت معك المهاجرين قبلك، واستعملتك على من هو خير منك. إذا أذّن مؤذّنك للصّلاة فاسبقهم، فإذا جهرت بالقراءة فارفع صوتك وأسمعهم تكبيرك، ولا تقصّر في الصّلاة فتضيّع أجرهم، ولا تطوّل فتملّهم، واسمر بهم فإنّه أذكى لحراستهم ولا تحدّثهم عن ملوك الأعاجم فيتعلّموا الغدر، ورغبتهم في الوفاء فإنّ ذلك الملك أخذ بغير الله، وعمل فيه بمعصية الله فدمّره الله تدميرا.
ثم أمدّه بأبي عبيدة، ومعه أبو بكر وعمر وغيرهما. وقال له
لا تستأخرنّ عن الله فتسبق إليه، قل ما تفعل، واعمل ما تأمر ولا تشقّق الكلام تشقيق الكهّان، ولا تبحث عن المعصية، ولا تسأل عن القالة. وتغمّد ما لم تكن البيّنة، وإذا وجب الحدّ فلا تقصّر عنه، وإذا قدمت على صاحبك فإن عصاك فأطعه.
وكان عليه السلام إذا بعث سريّة أو وجّه جيشا قال:
اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، لا تغدروا ولا تميلوا، ولا تجبنوا ولا تغلوا، وإذا أنت لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال، ما أجابوك إليها فاقبل: ادعهم أن يدخلوا في الإسلام فإن فعلوا كان لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم فإن أبوا فإلى أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن أبوا فاستعن عليهم بالله وقاتلهم، ولا تنزلوهم على حكم الله فإنّكم لا تدرون أتصيبون حكم الله فيهم أم لا، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ولا تعطوهم دمّة الله ولا ذمّة رسوله، ولكن أعطوهم ذممكم وذمم آبائكم فإنكم إن تخفروها خير من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله.
وأول خطبة خطبها عليه السلام بمكة حين دعا قومه فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم حقّا، وإلى النّاس كافّة، والله لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبنّ بما
تعملون ولتجزونّ بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها للجنة أبدا أو النّار أبدا، وإنكم لأوّل من أنذر بين يدي عذاب شديد.(1/178)
إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم حقّا، وإلى النّاس كافّة، والله لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبنّ بما
تعملون ولتجزونّ بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها للجنة أبدا أو النّار أبدا، وإنكم لأوّل من أنذر بين يدي عذاب شديد.
وكان عليه السلام يقول في خطبة العيد:
يا أيها الناس، آمنوا برسول الله {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمََالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: الآيتان 70، 71].
{وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} [الطّلاق:
الآيتان 2، 3].
هذا يوم أكرمكم الله به وخصّكم، وجعله لكم عيدا فاحمدوا الله كما هداكم لما ضلّ عنه غيركم، وقد بيّن الحلال والحرام غير أنّ بينهما شبها من الأمر لم يعلمها كثير من النّاس، إلّا من عصم الله فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالرّاعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه، فعليكم بطاعة الله واجتناب سخطه، غفر الله لنا ولكم.
وخطب عليه السلام فقال: أما بعد أيّها النّاس، اتّقوا خمسا قبل أن يحللن بكم ما نكث قوم العهد إلّا سلّط الله عليهم عدوّهم ولا بخس قوم الكيل والميزان إلّا أخذهم الله بالسّنين، ونقص من الثمرات، وما منع قوم الزّكاة إلّا حبس الله عنهم قطر السّماء، وما ظهرت الفاحشة قطّ في قوم إلا سلّط الله عليهم الطّاعون.
وخطب عليه السلام فقال: أحذّركم يوما لا يعرف فيه لخير أمد، ولا ينقطع لشرّ أمد، ولا يعتصم من الله أحد.
وكتب لخثعم: هذا كتاب من محمّد رسول الله. لولد خثعم حاضر بيشة وباديتها إنّ كلّ دم سفك في الجاهلية فهو عنكم موضوع، من أسلم منكم طوعا أو كرها في يده حرث أو برث في خبار أو عزاز تسقيه السّماء أو يرويه الماء فزكا عمارة في غير أزمة ولا حطمة، فلكم بسره وأكله، عليكم في كلّ سيح العشر وفي الغيل نصف العشر، شهد حزم ومن حضر من المسلمين.
وذكر ابن عباس أن أول خطبة صلّى بها الجمعة:
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزّمان، ودنوّ من الساعة، وقرب من الآجال، فمن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرّط وضلّ ضلالا مبينا.(1/179)
وذكر ابن عباس أن أول خطبة صلّى بها الجمعة:
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزّمان، ودنوّ من الساعة، وقرب من الآجال، فمن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرّط وضلّ ضلالا مبينا.
وخطب عليه السلام يوم الأحزاب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: والّذي بعثني بالحقّ، إنّهم لحزب الشّياطين يحدّثونهم فيكذبونهم، ويمنّونهم فيغرّونهم، ويعدونهم فيخلفونهم، والله ما حدّثتكم فكذبتكم، ولا منّيتكم فغررتكم، ولا وعدتكم فأخلفتكم. اللهمّ اضرب وجوههم، وأكلّ سلاحهم، ولا تبارك لهم في مقامهم. اللهم مزّقهم في الأرض تمزيق الرّياح الجراد. والذي بعثني بالحقّ لئن أمسيتم قليلا لتكثرنّ، ولئن كنتم أذلّة لتعزّن، ولئن كنتم وضعاء لتشرفنّ حتّى تكونوا نجوما يقتدى بواحدكم، يقال: قال فلان وقال فلان.
ومن كلامه الموجز الذي صار مثلا.
«يا خيل الله اركبي»، «لا ينتطح فيه عنزان»، «لا يلسع المؤمن من جحر مرتين»، «لا يجني على المرء إلّا يده»، «الشديد من غلب نفسه»، «ليس الخبر كالمعاينة»، «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب»، «لو بغى جبل على جبل لدكّ الباغي»، «الحرب خدعة»، «المسلم مرآة أخيه»، «اليد العليا خير من اليد السّفلى»، «البلاء موكّل بالمنطق»، «الغنى غنى النّفس»، «الأعمال بالنّيّات»، «اليمين الفاجرة تدع البيوت بلاقع»، «سيد القوم خادمهم»، «إنّ من الشّعر حكما»، «إنّ من البيان سحرا»، «الصحة والفراغ نعمتان»، «ما نقص مال من صدقة»، «استعينوا على الحوائج بالكتمان»، «ليس منّا من غشّنا»، «المرء مع من أحبّ»، «المستشار مؤتمن»، «الدال على الخير كفاعله»، «حبّك الشّيء يعمي ويصمّ»، «السّفر قطعة من العذاب»، «المسلمون عند شروطهم»، «جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها»، «عفو الملوك أبقى للملك».
وقال عليه السلام لأصيل الخزاعي: يا أصيل، كيف تركت مكّة؟ قال:(1/180)
«يا خيل الله اركبي»، «لا ينتطح فيه عنزان»، «لا يلسع المؤمن من جحر مرتين»، «لا يجني على المرء إلّا يده»، «الشديد من غلب نفسه»، «ليس الخبر كالمعاينة»، «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب»، «لو بغى جبل على جبل لدكّ الباغي»، «الحرب خدعة»، «المسلم مرآة أخيه»، «اليد العليا خير من اليد السّفلى»، «البلاء موكّل بالمنطق»، «الغنى غنى النّفس»، «الأعمال بالنّيّات»، «اليمين الفاجرة تدع البيوت بلاقع»، «سيد القوم خادمهم»، «إنّ من الشّعر حكما»، «إنّ من البيان سحرا»، «الصحة والفراغ نعمتان»، «ما نقص مال من صدقة»، «استعينوا على الحوائج بالكتمان»، «ليس منّا من غشّنا»، «المرء مع من أحبّ»، «المستشار مؤتمن»، «الدال على الخير كفاعله»، «حبّك الشّيء يعمي ويصمّ»، «السّفر قطعة من العذاب»، «المسلمون عند شروطهم»، «جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها»، «عفو الملوك أبقى للملك».
وقال عليه السلام لأصيل الخزاعي: يا أصيل، كيف تركت مكّة؟ قال:
تركتها وقد أحجن ثمامها، وأمشر سلمها، وأعذق إذخرها. فقال عليه السلام:
«دع القلوب تقر».
وقال عليه السلام: «سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن».
وقال: «من رضي رقيقه فليمسكه، ومن لم يرض فلا تعذّبوا عباد الله».
وقال: «إنّ الله يحبّ الجواد من خلقه».
وقال: «من أخاف أهل المدين فقد أخاف ما بين جنبيّ».
وكان عليه السلام إذا دخل مكة كبّر ثلاثا وقال: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون ساجدون لربّنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».
وكان في جنازة فبكى النساء فانتهرهنّ عمر رضي الله عنه، فقال عليه السلام: «دعهنّ يا عمر، فإنّ النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد قريب».
وقال: «إنما بعثت رحمة مهداة».
وقال «إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة تغسل الخطايا غسلا».
وقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يرفعنّ إلينا عورة مسلم».
وقال: «من أعطى الذّل من نفسه فليس منّي».
وقال: «كفّك اللسان عن أعراض النّاس صيام».
وقال: «القرّ بؤس والحرّ أذى».
وكان عليه السلام إذا نزل به الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة ثم تلا هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلََاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهََا لََا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: الآية 132].
ورأى رجلا متغيّرا فقال: ما لهذا؟ قالوا: مجنون يا رسول الله، فقال عليه السلام: «المجنون من عصى الله، أمّا هذا فمصاب».(1/181)
وكان عليه السلام إذا نزل به الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة ثم تلا هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلََاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهََا لََا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: الآية 132].
ورأى رجلا متغيّرا فقال: ما لهذا؟ قالوا: مجنون يا رسول الله، فقال عليه السلام: «المجنون من عصى الله، أمّا هذا فمصاب».
وقال عليه السلام: «لا تغضبوا الحكّام فيحتروا عليكم الأحكام».
وقال: «العدة عطيّة».
وسئل عن أصحابه فذكرهم، ثم سئل عن علي عليه السلام، فقال صلى الله عليه وسلم:
وهل يسأل الرّجل عن نفسه؟
ورأى عليه السلام رجلا قد ذهب بصره فقال: يا فلان متى ذهبت دنياك؟ وقال: «إن قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة، فاستطاع أن يغرسها فليغرسها».
وقال: «المغبون لا محمود ولا مأجور».
وقال: «إذا أتاكم الأكفاء فالقوهنّ إلقاء».
وسئل عليه السلام عن عمل يحبّه الله، فقال: «ازهد في الدّنيا يحبّك الله، وازهد فيما عند النّاس يحبّك النّاس».
وقال: «إنّ الله عزّ وجلّ يبغض الشّيخ الغربيب».
وقال: «خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفيّ».
وقيل له عليه السلام: فلان عالم بالنسب فقال: علم لا ينفع، وجهل لا يضرّ.(1/182)
وقيل له عليه السلام: فلان عالم بالنسب فقال: علم لا ينفع، وجهل لا يضرّ.
الباب الثالث غرر من كلام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وخطبه
حكي عن ابن عباس (1) أنه قال: عقمت النساء أن يأتين بمثل علي بن أبي طالب لعهدي به يوم صفّين وعلى رأسه عمامة بيضاء، وهو يقف على شرذمة من الناس يحثّهم على القتال، حتى انتهى إليّ وأنا في كنف من الناس، وفي أغيلمة من بني عبد المطلب فقال: يا معشر المسلمين تجلببوا السكينة، وأكبروا اللأمة، وأقلقوا السيوف في الأغماد، وكافحوا بالظّبا، وصلوا السّيوف بالخطا، فإنكم بعين الله، ومع ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاودوا الكرّ، واستحيوا من الفرّ فإنه عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب، وطيبوا عن الحياة نفسا، وسيروا إلى الموت سيرا سجحا ودونكم هذا الرواق الأعظم، فاضربوا ثبجه فإن الشيطان راكب صعيديه. قد مدّ للوثبة رجلا، وأخّر للنّكّوص أخرى، فصمدا صمدا حتّى يبلغ الكتاب أجله. {وَاللََّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمََالَكُمْ} [محمّد:
الآية 35].
ثم صدر عني وهو يقول: {قََاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللََّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)} [التّوبة: الآية 14].
__________
(1) ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي، الهاشمي، الحبر البحر، الصحابي الجليل، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الخلفاء العباسيين، ولد سنة 3قبل الهجرة، توفي بالطائف سنة 68هـ (انظر ترجمته في: البداية والنهاية 8/ 314302، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 98، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 207، كتاب الوفيات ص 76، حلية الأولياء 1/ 314، شذرات الذهب 1/ 75، الكواكب الدرية 1/ 124، الإصابة ترجمة رقم 4772، تاريخ الخميس 1/ 167، صفة الصفوة 1/ 314).(1/183)
ومن كلامه عليه السلام:
أيها الناس: إن الصبر عن محارم الله أيسر من الصّبر عن عذاب الله.
ومنه: كم بين عمل قد ذهب تعبه، وبقي أجره، وبين عمل قد ذهبت لذّته، وبقيت تبعته.
وسئل عن بني هاشم فقال: أطيب الناس أنفسا عند الموت وذكر مكارم الأخلاق. وعن بني أمية فقال: أشدنا حجزا (1)، وأدركنا للأمور إذا طلبوا، وعن بني المغيرة فقال: أولئك ريحانة قريش التي تشمّها. وسئل عن بطن آخر كنّى عنهم فقال: ومن بقي من قريش.
وقال: خصصنا بخمس: فصاحة، وصباحة، وسماحة، ونجدة، وحظوة عند النساء.
وقال: رأى الشيخ أحبّ إلينا من مشهد الغلام.
وقال الجاحظ قال أبو عبيدة: أول خطبة خطبها علي عليه السلام: حمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيّه صلى الله عليه وسلم ثم قال:
أما بعد. فلا يرعينّ مرع إلّا على نفسه شغل من الجنة، والنار أمامه، ساع مجتهد، وطالب يرجو، ومقصّر في النار. ثلاثة. واثنان: ملك طار بجناحيه، ونبيّ أخذ الله بيده ولا سادس. هلك من ادّعى، وردي من اقتحم فإنّ اليمين والشّمال مضلّة، والوسطى الجادّة. منهج عليه باقي الكتاب والسنة وآثار النبوة. إن الله داوى هذه الأمة بدواءين: السوط والسيف، لا هوادة عند الإمام فيهما. استتروا ببيوتكم، واصطلحوا فيما بينكم، والتوبة من ورائكم. من أبدى صفحته للحقّ هلك. قد كانت أمور لم تكونوا فيها عندي محمودين. أما إني لو أشاء لقلت عفا الله عمّا سلف. سبق الرّجلان ونام الثّالث (2) كالغراب همّته بطنه. ويحه. لو قصّ جناحه وقطع رأسه لكان خيرا له. انظروا. فإن أنكرتم فأنكروا وإن عرفتم فأقرّوا حقّ وباطل. ولكلّ أهل. ولئن أمر الباطل
__________
(1) أشدّنا حجزا: أي أصبرنا على المشقّة.
(2) يقصد بالرجلين والثالث: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.(1/184)
لقديما فعل. ولئن قلّ الحقّ لربّما ولعلّ. ولقلّما أدبر شيء فأقبل. ولئن رجعت عليكم أموركم إنكم لسعداء وإني لأخشى أن تكونوا في فترة. وما علينا إلا الاجتهاد.
قال أبو عبيدة: وروى فيها جعفر بن محمد عليه السلام: ألا إنّ أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا. ألا وإنّا من أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا. معنا راية الحقّ. من تبعها لحق، ومن تأخر عنا غرق. ألا وبنا تدرك ترة كلّ مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذلّ من أعناقكم، وبنا فتح لا بكم، وبنا يختم لا بكم.
وخطبة أخرى له:
أيها الناس المجتمعة أبدانهم المختلفة أهواؤهم. كلامكم يوهي الصمّ الصّلاب. وفعلكم يطمع فيكم عدوّكم. تقولون في المجالس كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم حيدي حياد (1). ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل. وسألتموني التّأخير دفاع ذي الدّين المطول، لا يمنع الضيم الذليل، ولا يدرك الحقّ إلا بالجد، أيّ دار بعد داركم تمنعون أم مع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسّهم الأخيب، أصبحت والله لا أصدّق قولكم، ولا أطمع في نصركم. فرّق الله بيني وبينكم! وأعقبني من هو خير لي منكم. والله لوددت أن لي بكلّ عشرة منكم رجلا من بني فراس بن غنم، صرف الدينار بالدرهم.
وذمّ رجل الدنيا عنده فقال: الدّنيا دار صدق لمن صدقها، ودار نجاة لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها. مهبط وحي الله، ومصلّى ملائكته، ومسجد أنبيائه، ومتجر أوليائه. ربحوا فيها الرحمة، واكتسبوا فيها الجنة. فمن ذا يذمّها؟ وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، وشبّهت بسرورها السّرور وببلائها البلاء ترغيبا وترهيبا. فيأيها الذامّ للدنيا المعلّل نفسه، متى خدعتك الدنيا، أم
__________
(1) حيدي حياد: كلمة يقولها الهارب من الحرب.(1/185)
متى استذمّت إليك (1)؟ أبمصارع آبائك في البلى أم بمضاجع أمّهاتك في الثّرى، كم مرّضت بيديك، وعلّلت بكفّيك، تطلب له الشّفاء، وتستوصف له الأطباء، غداة لا يغني عنه دواؤك، ولا ينفعه بكاؤك.
ودعاه رجل إلى طعام فقال عليه السلام: نأتيك على ألّا تتكلّف لنا ما ليس عندك، ولا تدّخر ما عندك.
وقام إليه الحارث بن حوط الليثي وهو على المنبر فقال: أتظن أنا نظن أنّ طلحة والزبير كانا على ضلال؟ فقال: يا حار إنك ملبوس عليك إن الحق لا يعرف بالرّجال، فاعرف الحق تعرف أهله.
وكان عليه السلام يقول في دعائه: اللهمّ إنّ ذنوبي لا تضرّك، وإنّ رحمتك إياي لا تنقصك فاغفر لي ما لا يضرّك، وأعطني ما لا ينقصك.
وقيل له: كم بين السماء والأرض؟ فقال: دعوة مستجابة.
وقيل له: كم بين المشرق والمغرب؟ فقال: مسيرة يوم للشمس. من قال غير هذا فقد كذب.
وسئل عن عثمان، فقال: خذله أهل بدر، وقتله أهل مصر غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه. وو الله ما أمرت به ولا نهيت عنه، ولو أمرت له لكنت قاتلا، ولو نهيت عنه لكنت ناصرا. استأثر عثمان فأساء الأثرة، وجزعتم فأفحشتم الجزع.
وسأله الحسين عليه السلام عن النّذالة، فقال: الجرأة على الصديق، والنّكول عن العدوّ.
وذكرت عنده عليه السلام الخلافة، فقال: لقد تقمّصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محليّ منها محلّ القطب، ينحدر عني السّيل ولا تترقّى إليّ الطير.
فصبرت وفي الحلق شجا، وفي العين قذى، لمّا رأيت تراثي نهبا. فلما مضى لسبيله صيّرها إلى أخي عديّ، فصيّرها إلى ناحية خشناء تمنع مسّها، ويعظم
__________
(1) استذمت إليك: أي فعلت ما يدعوك لذمّها.(1/186)
كلامها، فمني الناس بتلوّم وتلوّن، وزلل واعتذار، فلما مضى لسبيله صيّرها إلى ستة زعم أني أحدهم. فيا لله وللشورى! متى اعترض فيّ الرّيب فأثرن بهذه النظائر؟ فمال رجل لضغنه، وصغا آخر لصهره، وقام ثالث القوم نافجا خصييه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبات الرّبيع، فلما أجهز عليه عمله، ومضى لسبيله ما راعني إلا والنّاس إليّ سراعا كعنق الضّبع، وانثالوا عليّ من كلّ فجّ عميق، حتّى وطيء الحسنان، وانشقّ عطفاي فلما نهضت بالأمر مرقت طائفة، ونكثت أخرى، وفسق آخرون، كأن لم يسمعوا الله يقول: {تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} [القصص: الآية 83]. بلى والله قد سمعوه، ولكن احلولت الدّنيا في عيونهم، وراعهم زبرجها. أما والله لولا حضور الناصر، ولزوم الطاعة، وما أخذ الله على العباد ألّا يقروا كظّة ظالم، ولا شغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيت دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز: [السريع]
شتّان ما نومي على كورها ... ونوم حيّان أخي جابر (1)
فقام رجل من القوم فناوله كتابا شغل به، فقال ابن عباس: فقمت إليه، وقتل له: يا أمير المؤمنين لو أبلغت مقالتك من حيث قطعت. قال: هيهات إنّها كانت شقشقة (2) هدرت فقرّت.
وقال: إن الله عزّ وجلّ فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلّا بما منع غنيّ. وعلى الله أن يسألهم عن ذلك.
وكان عليه السلام يقول: عليكم بالصبر فإنّ به يأخذ الحازم وإليه يؤول الجازع. وقال: لا خير في صحبة من إذا حدّثك كذّبك، وإذا حدثته كذّبك.
وإن ائتمنته خانك، وإن ائتمنك اتّهمك، وإن أنعمت عليه كفرك، وإن أنعم عليك منّ عليك.
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه ص 197، ولسان العرب (شتت).
(2) الشقشقة: هدير الفحل.(1/187)
ومن كلامه عليه السلام: أعجب ما في هذا الإنسان قلبه، وله موادّ من الحكمة وأضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن هاج به الغضب استبدّ به الغيظ، وإن أسعده الرضا نسي التّحفّظ، وإن ناله الخوف شغله الحزن، وإن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة، وإن عادت له نعمة أخذته العزّة، وإن امتحن بمصيبة فضحه الجزع، وإن أفاد ما لا أطغاه الغنى، وإن عضّته فاقة أضرعه البلاء (1)، وإن أجهده الجزع أقعده الضعف، وإن أفرط في الشّبع كظّته البطنة فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.
وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلا الماحل (2)، ولا يظرّف فيه إلا الفاجر، ولا يضعّف فيه إلا المنصف. يتّخذون الفيء مغنما، والصدقة مغرما، وصلة الرحم منّا، والعبادة استطالة على الناس فعند ذلك يكون سلطان النساء، ومشاورة الإماء، وإمارة الصبيان.
وقال: عليكم بأوساط الأمور فإنه إليها يرجع الغالي، وبها يلحق التالي.
وخطب فقال: اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم، واحذروا الموت الذي إن أقمتم أخذكم، وإن هربتم أدرككم. فقال ابن عباس: والله لكأن هذا الكلام ينزل من السماء.
وقال له رجل: عظني، فقال: لا تكن ممّن يرجو الجنة من غير عمل، ويؤخّر التوبة لطول الأمل، ويقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع. يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة على ما أولي ولا ينتهي. يقول: لا أعمل فأتعنّى بل أجلس فأتمنّى فهو يتمنّى المغفرة، ويدبّ للمعصية. وقد عمّر ما يتذكّر فيه من تذكر. وإلى الله المصير.
__________
(1) ضرع إليه ضرعا وضراعة: خضع وذلّ واستكان. وأضرعه البلاء: أذله.
(2) المحل: المكر والكيد. والماحل: المكّار.(1/188)
وقال في وصية: لا يكبر عليك ظلم من ظلمك فإنما يسعى في مضرته ومنفعتك. وليس جزاء من سرّك أن تسوءه.
وقال له رجل: أوصني. فقال: لا تحدّث نفسك بالفقر وطول العمر.
وقال: الأمل على الظنّ آفة العمل على اليقين.
وقال: ما مزح أحد مزحة إلا مجّ من عقله مجّة.
وخطب فقال: أيّها النّاس، كان فيكم أمانان من عذاب الله، قال الله عزّ وجلّ: {وَمََا كََانَ اللََّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمََا كََانَ اللََّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [الأنفال: الآية 33]. وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي الاستغفار فتمسكوا به.
وقال: أين من سعى واجتهد، وأعدّ واحتشد، وجمع وعدّد، وبنى وشيّد، وزخرف ونجّد، وفرش ومهّد؟
قال جعفر بن يحيى وقد ذكر هذا الكلام هكذا تكون البلاغة، أن يقرن بكل كلمة أختها، فتلوح، الأولى بالثانية قبل طلوعها، وتؤكد الثانية الأولى قبل انفصالها، وتزيد كل واحدة في نور الأخرى وضيائها.
ومرّ في منصرفه من صفّين بمقابر، فقال: السّلام عليكم يا أهل الديار الموحشة، والمحالّ المقفرة، من المؤمنين والمؤمنات. يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين منّا، أنتم لنا سلف فارط (1). ونحن لكم تبع وإنّا بكم عمّا قليل لاحقون. اللهم اغفر لنا ولهم، وتجاوز عنّا وعنهم. الحمد لله الذي منها خلقنا، وعليها ممشانا، وفيها معاشنا. طوبى لمن ذكر المعاد، وأعدّ للحساب، وقنع بالكفاف.
ومن كلامه عليه السلام: التّجارب لا تنقضي، والعاقل منها في زيادة.
وقال: من رضي عن نفسه كثر سخط الناس عليه.
__________
(1) فرط فروطا: سبق وتقدم، وفرط إليه رسوله: قدّمه وأرسله.(1/189)
وأخبر عليه السّلام بقول الأنصار يوم السقيفة لقريش: منّا أمير ومنكم أمير. فقال: أذكّرتموهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالأنصار خيرا، اقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم»؟ قالوا: وما في ذلك؟ قال: كيف تكون الإمامة لهم مع الوصية بهم؟ لو كانت الإمامة لهم لكانت الوصية إليهم. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: ذهبت والله عنا، ولو ذكرناها ما احتجنا إلى غيرها.
وقال عليه السلام: كن في الناس وسطا، وامش جانبا.
وقال: أفضل العبادة الصّمت وانتظار الفرج.
وقال: أوصيكم بأربع لو ضربتم إليها آباط الإبل لكنّ لها أهلا: لا يرجون أحدكم إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحينّ أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، ولا يستحينّ أحد إذا لم يعلم شيئا أن يتعلّمه.
وقال: جمال الرجل في كمّته، وجمال المرأة في خفّها.
وقال: خذ الحكمة أنّى أتتك فإنّ الحكمة تكون في صدر المنافق فتتلجلج في صدره، حتى تخرج فتسكن مع صواحبها.
وقال: كلّ الدّنيا على العاقل، والأحمق خفيف الظّهر.
وقال مصعب الزبيري: كان علي بن أبي طالب حذرا في الحروب، شديد الروغان من قرنه، لا يكاد أحد يتمكنّ منه وكانت درعه صدرا لا ظهر لها.
فقيل له: ألا تخاف أن تؤتى من قبل ظهرك؟ فقال: إذا أمكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن أبقى عليّ.
وسمع حروريّا يقرأ بصوت حزين في الليل، فقال: نوم على يقين خير من صلاة في شكّ.
وقال له يهوديّ: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم. فقال: إنما اختلفنا عنه لا فيه ولكن ما إن جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم: {اجْعَلْ لَنََا إِلََهاً كَمََا لَهُمْ آلِهَةٌ قََالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: الآية 138].
وقال عليه السلام: لله امرؤ راقب ربّه، وخاف ذنبه، وعمل صالحا، وقدّم خالصا، احتسب مذخورا واجتنب محذورا، رمى غرضا، وأخّر عوضا.(1/190)
وقال له يهوديّ: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم. فقال: إنما اختلفنا عنه لا فيه ولكن ما إن جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم: {اجْعَلْ لَنََا إِلََهاً كَمََا لَهُمْ آلِهَةٌ قََالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: الآية 138].
وقال عليه السلام: لله امرؤ راقب ربّه، وخاف ذنبه، وعمل صالحا، وقدّم خالصا، احتسب مذخورا واجتنب محذورا، رمى غرضا، وأخّر عوضا.
كابر هواه، وكذّب مناه.
ودخل عليه كعب بن مالك الأنصاري (1)، فقال: يا أمير المؤمنين بلغك عنا أمر لو كان غيرك لم يحتمله، ولو كان غيرنا لم يقم معك عليه. ما في الناس من هو أعلم منك، وفي الناس من نحن أعلم منه. وأوضع العلم ما وقف عليه اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. ونحن أعرف بقدر عثمان من قاتليه، وأنت أعلم بهم وبخاذليه. فإن قلت إنه قتل ظالما قلنا بقولك، وإن قلت إنه قتل مظلوما قلت بقولنا، وإن وكلتنا إلى الشّبهة أيأستنا بعدك من إصابة البينة.
فقال عليه السلام: عندي في عثمان أربع: استأثر فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله عزّ وجلّ حكم عادل في المستأثر والجازع.
قال ابن عباس: ما انتفعت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتفاعي بكلام عليّ عليه السلام. كتب إليّ:
أما بعد فإنّ المرء يسرّه درك ما لم يكن يفوته، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما أدركت من الآخرة، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما أتاك من الدنيا فلا تكن به فرحا، وما فاتك فلا تكن عليه جزعا، وليكن همّك لما بعد الموت. والسلام.
وقال: لسان الإنسان سيف يخطر على جوارحه.
وقيل له: ألا تخضب وقد خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فقال: أنا أعلم بشجر أرضي. كان ذلك والإسلام قلّ. فأما إذا اتسع نطاق الإسلام فامرؤ وما اختار.
__________
(1) هو كعب بن مالك بن عمرو بن القين الأنصاري الخزرجي السلمي، أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم، شهد العقبة وأحدا، وكان شعراء الصحابة ثلاثة: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت وكعب بن مالك. توفي كعب بن مالك سنة 50هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 396).(1/191)
وقال في خطبته بصفين: قدّموا الدّرّاع. وأخّروا الحاسر، وأميتوا الأصوات والتووا في أطراف الأسنة، وادّرعوا العجاج.
وقيل له: كيف الرزق والأجل؟ فقال: إن لك عند الله رزقا، وله عندك أجلا، فإذا وفّاك ما لك عنده أخذ ما له عندك.
ونزل به رجل، فمكث عنده أياما، ثم تغوّث إليه في خصومة، فقال علي: أخصم أنت؟ قال: نعم. قال: تحوّل عنا. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه.
وقال عليه السلام: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكنّ الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك.
وقال: أشدّ خلق ربك عشرة أشياء، فأشدّها الجبال فإن الحديد ينحت الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يطفىء النار، والسحاب يحمل الماء، والريح يفرّق السحاب، والرجل يتّقي من الريح بيده فيبلغ حاجته، والسّكر يغلب الإنسان والنوم يذهب بالسّكر، والهمّ يمنع النّوم، فأشدّ خلق ربك الهمّ.
وقال: إن الله أعان على الكذّابين بالنسيان.
وقال عليه السلام: المدة قصيرة وإن طالت، والماضي للمقيم عبرة، والميّت للحيّ عظة، وليس لأمس إذا مضى عودة، ولا المرء من غده على ثقة، والأول للأوسط جابذ، والأوسط للآخر آخذ، وكلّ لكلّ مفارق، وكلّ بكلّ لاحق، واليوم الهائل لكلّ آزف، وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. اصبروا على عمل لا غنى بكم عن ثوابه، واصبروا عن عمل لا صبر لكم على عقابه، إن الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله. اعلموا أنكم في نفس معدود، وأجل محدود، ولابدّ للأجل أن يتناهى، وللنفس أن يحصى، وللسّبب أن يطوى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحََافِظِينَ (10) كِرََاماً كََاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مََا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار: الآيات 1210].
وكان إذا نظر إلى الهلال قال: اللهم اجعلنا أهدى من نظر إليه، وأزكى من طلع عليه.
وقال له الحسن عليه السلام: أما ترى حبّ الناس للدّنيا؟ قال: هم أولادها. أفيلام المرء على حبّ والدته؟(1/192)
وكان إذا نظر إلى الهلال قال: اللهم اجعلنا أهدى من نظر إليه، وأزكى من طلع عليه.
وقال له الحسن عليه السلام: أما ترى حبّ الناس للدّنيا؟ قال: هم أولادها. أفيلام المرء على حبّ والدته؟
وقال في القرآن: خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما بينكم.
وكان من دعائه: اللهم لا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا فراقها عليّ حزنا.
أعوذ بك من دنيا تحرمني الآخرة، ومن أمل يحرمني العمل، ومن حياة تحرمني خير الممات.
وقال: الكريم لا يلين على قسر، ولا يقسو على يسر.
وقال: الدهر يومان يوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فبكليهما أنت مختبر.
وقال له رجل: متى أضرب حماري؟ قال: إذا لم يذهب في حاجتك كما ينصرف إلى البيت.
وقال عليه السلام: النكبات لها غايات لا بد أن تنتهي إليها. فيجب للعاقل أن ينام لها إلى وقت إدبارها. فالمكابرة لها بالحيلة زيادة فيها.
وقال: تعطّروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب.
ومن كلامه الموجز عليه السلام:
قيمة كل امرىء ما يحسن. إعادة الاعتذار تذكير بالذنب. النّصح بين الملإ تقريع. إذا تم العقل نقص الكلام. الشفيع جناح الطالب. من كتم علما فكأنّه جهله. أهل الدنيا كصور في صحيفة كلما نشر بعضها طوى بعضها.
المسؤول حرّ حتّى يعد. إذا طرت فقع قريبا. لا يرضى عنك الحاسد حتى يموت أحدكما. أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة. السامع للغيبة أحد المغتابين.
الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. أتستبطىء الدعاء بالإجابة وقد سددت طريقه بالذنوب؟ عبد الشهوة أذّل من عبد الرّقّ. لا أدري أيهما أمرّ موت الغنّي أو حياة الفقير. العلم لا ينقطع ولا ينفد كالنار لا ينقصها ما يؤخذ منها. من كثر حقده قلّ عتابه. كفى بالظّفر شفيعا للمذنب. السّاعي ظالم لمن سعى به، خائن لمن سعى إليه. التّواضع سلّم الشّرف. التجارب عقل مكتسب.
إياك والكسل والضجر فإنك إن كسلت لم تؤدّ حقا، وإن ضجرت لم تصبر على حقّ. لا ترج إلا ربّك، ولا تخش إلّا ذنبك، وكن بما في يد الله أوثق منك بما في يدك. كفى بالمرء شرّا أن يعرف من نفسه فسادا فيقم عليه، وكفى به أدبا أن يترك أمرا يكرهه من غيره. من ساس نفسه بالصّبر على جهل الناس صلح أن يكون سائسا. العقل يأمرك بالأنفع، والمروءة تأمرك بالأجمل. ما ضاع امرؤ عرف قدر نفسه. الفقر يخرس الفطن عن حجّته. الأدب حلل جدد.(1/193)
الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. أتستبطىء الدعاء بالإجابة وقد سددت طريقه بالذنوب؟ عبد الشهوة أذّل من عبد الرّقّ. لا أدري أيهما أمرّ موت الغنّي أو حياة الفقير. العلم لا ينقطع ولا ينفد كالنار لا ينقصها ما يؤخذ منها. من كثر حقده قلّ عتابه. كفى بالظّفر شفيعا للمذنب. السّاعي ظالم لمن سعى به، خائن لمن سعى إليه. التّواضع سلّم الشّرف. التجارب عقل مكتسب.
إياك والكسل والضجر فإنك إن كسلت لم تؤدّ حقا، وإن ضجرت لم تصبر على حقّ. لا ترج إلا ربّك، ولا تخش إلّا ذنبك، وكن بما في يد الله أوثق منك بما في يدك. كفى بالمرء شرّا أن يعرف من نفسه فسادا فيقم عليه، وكفى به أدبا أن يترك أمرا يكرهه من غيره. من ساس نفسه بالصّبر على جهل الناس صلح أن يكون سائسا. العقل يأمرك بالأنفع، والمروءة تأمرك بالأجمل. ما ضاع امرؤ عرف قدر نفسه. الفقر يخرس الفطن عن حجّته. الأدب حلل جدد.
التّثبّت حزم. الفكر مرآة صافية. الاعتبار منذر ناصح. البشاشة فخّ المودّة. تنقاد الأمور في المقادير، حتى يكون الحتف في التّدبير. القلب إذا أكره عمي. من لانت كلمته وجبت محبته. لا راحة لحسود، ولا وفاء لملول، ولا مروءة لكذوب. الدّنيا كلّها بدّ (1) إلا ما سدّ جوعة، وستر عورة، وهو الّذي استثنى عزّ وجل لآدم حيث قال: {إِنَّ لَكَ أَلََّا تَجُوعَ فِيهََا وَلََا تَعْرى ََ (118)} [طه: الآية 118]. الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب كلّما قربت من أحد بعدت من الآخر.
ومن أمثاله عليه السلام:
خسر مروءته من ضيّع يقينه، وأزرى بنفسه من استشعر الطّمع، ورضي بالذلّ من كشف ضرّه، وهانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه.
ولما فرع رضي الله عنه من حرب الخوارج مرّ بإيوان كسرى، فقال:
{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصََانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبََّارِينَ (130)} [الشّعراء: الآيات 130128] فقال رجل كان معه:
دار تخيرها لطيب مقيلها ... كعب بن مامة وابن أم إياد
جرت الرّياح على رسوم ديارهم ... فكأنّما كانوا على ميعاد
فقال عليه السلام: ألا قلت كما قال الله عزّ وجلّ: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقََامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كََانُوا فِيهََا فََاكِهِينَ (27) كَذََلِكَ وَأَوْرَثْنََاهََا قَوْماً آخَرِينَ (28)} [الدّخان: الآيات 2825].
__________
(1) البدّ: التعب والعناء.(1/194)
ثم قال: إن هؤلاء كانوا وارثين فصاروا موروثين ولم يكونوا شاكرين، فأصبحوا مسلوبين، ولم يكونوا حامدين، فأصبحوا محرومين، وكفروا النّعم فحلّت بهم النّقم.
وكتب إلى عامل له: أما بعد، فاعمل بالحقّ ليوم لا يقضى فيه إلا بالحقّ والسلام.
وقال عليه السلام: ربّ حياة سببها التّعرّض للموت، وربّ ميتة سببها طلب الحياة.
وقال عليه السلام: إياكم ومحقّرات الذنوب فإن الصغير منها يدعو إلى الكبير.
أتي عليه السلام بفالوذج، فقال لأصحابه: كلوا فو الله ما اضطرب الغاران (1) إلا عليه.
وقال: لا يكون الرجل سيّد قومه، حتّى لا يبالي أيّ ثوبيه لبس.
وقال له ابن دودان الأسدي: كيف دفعتم يا أمير المؤمنين عن هذا الموضع وأنتم الأعلون نسبا، الأكرمون حسبا، الأتمّون شرفا، نوطا (2) لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابة به؟ فقال له: يا ابن دودان. إنّك لقلق الوضين (3)، ترسل عن غير ذي مسد (4)، ولك مع ذلك حقّ القرابة وذمام الصّهر. وقد استعلمت فاعلم، كانت أمور شحّت عليها نفوس قوم وسخت بها نفوس آخرين، ونعم الحكم العدل، وفي الساعة ما يؤفكون. {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}
[الأنعام: الآية 67]. [الطوبل]:
ودع عنك نهيا صيح في حجراته (5)
__________
(1) الغاران: هما الفريقان المتحاربان، والغار: الجماعة من الجند.
(2) النّوط: العلاوة بين عدلين، وما علّق من شيء، والمقصود هنا: العلاقة والصلة.
(3) الوضين: الحزام يلف على البعير. وقلق الوضين: أي قليل الثبات.
(4) المسد: الحبل المفتول.
(5) يروى البيت بتمامه:
دع عنك نهبا صيح في حجراته ... ولكن حديثا ما حديث الرواحل(1/195)
وهلمّ إلى الخطب الجليل، إلى ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدّهر بعد إبكائه، ولا غرو، يئس القوم من هيبتي، وجدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا فإن تك للإيّام عاقبة أحملهم من الأمر على محضه، وإن تكن الأخرى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، ولا تأس على القوم الفاسقين.
وقال: الفقيه كلّ الفقيه من لم يرخّص في معصية الله، ولم يوئس من رحمة الله.
وأخذ قوما في سرق فأمر بحبسهم، فجاء رجل آخر، فقال: يا أمير المؤمنين إنّي كنت معهم، وقد تبت، فأمر بأخذه وقال متمثلا: [البسيط]
ومدخل رأسه لم يدعه أحد ... بين الفريقين حتى لزّه القرن (1)
وقال: الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له. وقال: من ترفّع بعلمه وضعه الله بعمله. وقال: من لم يحسن ظنّه بالظّفر لم يجدّ في الطّلب.
وقال عليه السلام: إن أخيب الناس سعيا، وأخسرهم صفقة رجل أتعب بدنه في آماله، وشغل بها عن معاده، فلم تساعده المقادير على إرادته، وخرج من الدّنيا بحسرته، وقدم بغير زاد على آخرته.
وقال: إنّ أخوف ما أخاف عليكم إذا تفقّه لغير الدّين، وتعلّم لغير العمل، وطلبت الدّنيا بعمل الآخرة.
وروى الشعبي (2) عنه أنه قال: تجنّبوا الأماني فإنّها تذهب بهجة ما خوّلتم، وتصفر مواهب الله عندكم، وتعقبكم الحسرات على ما أوهمتكم أنفسكم.
وقال: الهيبة مقرونة بالخيبة، والحياء مقرون بالحرمان، والفرصة تمرّ مرّ السّحاب.
__________
والبيت لامرىء القيس في ديوانه ص 94.
(1) البيت في تاريخ اليعقوبي 2/ 92.
(2) الشعبي: هو أبو عمرو، عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي، كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم، توفي سنة 109هـ (أسماء التابعين 1/ 267، والطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 259).(1/196)
وسمع رجلا يغتاب آخر عند ابنه الحسن عليه السلام، فقال: يا بني نزّه سمعك عنه فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك.
وقال: أول عوض الحليم عن حلمه أنّ النّاس أنصاره على الجاهل.
وقال: لا تؤاخ الجاهل، فإنّه يزيّن لك فعله، ويحبّ لو أنّك مثله، ويحسّن لك أسوأ خصاله، ومخرجه من عندك ومدخله عليك شين وعار ولا الأحمق، فإنّه يجهد لك نفسه ولا ينفعك، ولربّما أراد أن ينفعك فضرّك، فسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وموته خير من حياته ولا الكذّاب فإنّه لا ينفعك معه عيش، ينقل حديثك وينقل الحديث إليك، حتى إنه ليحدّث بالصدق ولا يصدّق.
لما كان يوم الجمل طاف عليّ عليه السلام على القتلى فبصر بعبد الله بن حكيم بن حزام وليس لأبيه غيره، وبصر بأبي سفيان بن حويطب بن عبد العزّى وليس لأبيه غيره يومئذ، فقال: لقد اجتمعت على قريش، حتى هذان اللذان لم يبق من أجل كل واحد منهما إلّا ظمء الدابة، ثم أرسل إلى كل واحد منهما ودمعت عيناه، ثم قال: أهون عليّ بثكل الشيخين!
وروي عنه عليه السلام في قوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر:
الآية 85]، قال: صفح بلا عتاب.
ومرّ بدار في مراد تبنى، فوقعت شظيّة منها على صلعته فأدمتها، فقال:
ما يومي من مراد بواجد. اللهمّ لا ترفعها. فقال رجل: لقد رأيت تلك الدار بين الدّور كالشاة الجمّاء بين الغنم ذوات القرون.
ورأى عليه السلام رجلا معه ابنه فقال: من هذا معك؟ فقال: ابني قال: أتحبّه؟ قال: إي والله حبّا شديدا. فقال: لا تفعل فإنه إن عاش كدّك.
وإن مات هدّك.
وذكروا أنه مرّ بقوم من الأنصار، فسلم عليهم ووقف فقالوا: ألا تنزل يا أمير المؤمنين، فنطعمك الخربزة (1). فقال رضي الله عنه: إمّا حلفتم علينا أو انصرفنا.
__________
(1) الخربز: البطيخ، وقيل: أصله فارسي. وقيل: الخربزة طعام من دقيق وسمن.(1/197)
وقال القناعة سيف لا ينبو، والصّبر مطيّة لا تكبو، وأفضل عدّة الصّبر على شدّة.
وقيل له: كيف صرت تقتل الأبطال؟ قال: لأنّي كنت ألقى الرجل فأقدّر أنّي أقتله، ويقدّر أنّي أقتله، فأكون أنا ونفسه عونين عليه.
وقال عليه السلام: من كفّارات الذّنوب العظام إغاثة الملهوف، والتّنفيس عن المكروب.
وخرج عليه السلام إلى «الكوفة» فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد يا أهل العراق، فإنما أنتم كأم مجالد، حملت فلما أتمت أملصت (1) ومات قيّمها، وطال تأيّمها، وورثها أبعدها، والله ما أتيتكم اختيارا منّي، ولكن سقت إليكم سوقا وإنّ وراءكم الأعور الأدبر جهنّم الدنيا لا تبقي ولا تذر، يتوارثكم منهم عشرة يهلك دينكم بينهم ودنياكم، ليس الآخر بأرأف بكم من الأول حتى يستخرجوا كنوزكم من حجالكم. والله لقد بلغني أنكم تقولون: يكذب، فعلى من أكذب؟ أعلى الله أكذب وأنا أول من آمن به؟ أم على نبيّه وأنا أول من صدّقه. كلا والله، ولكنها لهجة غبتم عنها ويل أمّه كيلا بلا ثمن! لو كان له وعاء {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} [ص: الآية 88].
قال بعضهم: رأيته عليه السلام بالكوفة اشترى تمرا فحمله في طرف ردائه، فبادره الناس وقالوا: يا أمير المؤمنين، نحمل عنك. فقال: ربّ العيال أحقّ بحمل متاعه.
وقال: لن يهلك امرؤ عرف قدره.
وقال: نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد.
وقال للأشعث بن قيس (2): «أدّ إلّا ضربتك بالسيف» فأدّى ما كان عليه،
__________
(1) أملصت: ألقت ولدها ميتا.
(2) هو الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي، أبو محمد، سكن الكوفة، وشهد مع علي صفين، وكان سيد قومه، مات قبل الحسن بن علي بعد قتل علي بن أبي طالب بأربعين ليلة سنة(1/198)
فقال له: ما كان عليه لو كنّا ضربناك بعرض السيف. فقال: إنك ممّن إذا قال فعل.
وقال عليه السلام: «عليكم بالأبكار فإنّهنّ أطيب أفواها، وأنتق أرحاما، وأشدّ حبّا، وأقل خبّا».
ومن كلامه عليه السلام: توقّ ما تعيب لا تأت ما تعيب، ولا تعب ما تأتي. إنّما يستحقّ السيادة من لا يصانع ولا يخادع ولا تغرّه المطامع.
وقال يوما: ما أحسنت إلى أحد قطّ، فرفع الناس رؤوسهم تعجبا، فقرأ:
{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهََا} [الإسراء: الآية 7].
وقال: إذا قدرت على عدوّك، فاجعل العفو شكر قدرتك.
مرض عليه السلام، فقالوا: كيف نجدك؟ فقال: بشرّ. فقالوا: أتقول ذلك؟ قال: نعم، إن الله يقول: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: الآية 35] فالخير الصحة، والشر المرض.
وقال: من تجر بغير فقه فقد ارتطم في الرّبا.
وقال: الحلف ينفق السلعة ويمحق البركة، والتاجر فاجر إلا من أخذ الحقّ وأعطاه.
وقال: أنكأ الأشياء لعدّوّك ألا تعلمه أنّك اتّخذته عدوّا.
وقال: لله درّ الحسد! ما أعدله! يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.
وقال: لا يلقح الغلام، حتى يتفلك ثدياه، وتسطع إبطاه.
وروي أنه ملك أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلا وبآخر نهارا وبدرهم سرّا وبآخر علانية فأنزل الله تعالى فيه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ سِرًّا وَعَلََانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [البقرة: الآية 274].
__________
40 - هـ. وكان له يوم مات ثلاث وستين سنة (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 1413، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 99، أسد الغابة 1/ 118).(1/199)
وقال: شرّ الإخوان من يحتشم ويتكلّف.
وقيل له: أنت محرّب مطلوب، فلو اتخذت طرفا (1). قال: أنا لا أفرّ عمّن كرّ ولا أكرّ على من فرّ فالبغلة تكفيني.
وقيل له في بعض حروبه: إن جالت الخيل فأين نطلبك؟ قال: حيث تركتموني.
ومن كلامه عليه السلام: الكفاف خير من الإسراف. ما أدرك النمّام ثارا ولا محا عارا. الخيرة في ترك الطّيرة. الاهتمام بالأمر يثير لطيف الحيلة. الرّدّ الجميل خير من المطل الطويل. شفيع المذنب إقراره، وتوبته اعتذاره. المنيّة ولا الدّنيّة. الحيلة أبلغ من الوسيلة. لسان المرء من خدم عقله. أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النّفوس. كفى من أمر الدين أن تعرف ما لا يسع جهله. ليس النجاح مع الأخفّ الأعجل. الهوى عدوّ العقل.
وقال له رجل وهو يخطب: يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا. فقال:
ما أصف من دار أوّلها عناء، وآخرها فناء، في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، من صحّ فيها أمن، ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر حزن.
وقال: لا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه فإنّه إن يكن من أجلك يأت فيه رزقك. واعلم أنّك لا تكتسب من المال شيئا فوق قوتك إلّا كنت فيه خازنا لغيرك.
وقال: من سرّه الغنى بلا مال، والعزّ بلا سلطان، والكثرة بلا عشيرة، فليخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله فإنّه واجد ذلك كلّه.
وقال: ثلاثة لا يعرفون إلّا في ثلاثة مواضع لا يعرف الشجاع إلّا في الحرب، لا الحليم إلّا عند الغضب، ولا الصديق إلّا عند الحاجة.
__________
(1) الطرف: الكريم من الخيل.(1/200)
وتمثّل عليه السلام في طلحة بن عبيد الله: [الطويل]
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر (1)
ولما انقضى يوم الجمل خرج في ليلة ذلك اليوم، ومعه قنبر ومعه شعلة نار يتصفّح وجوه القتلى، حتى وقف عليه، فقال: أعزز على أبا محمد أن أراك معفّرا تحت نجوم السماء وفي بطون الأودية! شفيت نفسي وقتلت معشري إلى الله أشكو عجري وبجري (2) وقال: العجب لمن يهلك والنجاة معه. فقيل: ما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: الاستغفار.
وقال: الدنيا دار ممرّ لا دار مقرّ، والناس فيها رجلان رجل باع نفسه فأوثقها، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.
وقال: مكابرة النّكابات بالحيلة قبل انتهائها زيادة فيها. وقال لرجل: كيف أنت؟ قال: أرجو الله وأخافه. فقال: من رجا شيئا طلبه، ومن خاف شيئا توقّاه.
وقال: قصم ظهري رجلان: جاهل متنسّك، وعالم متهتّك.
وسمع حالفا يقول: والذي احتجب بسبع، فقال: ويلك. إن الله لا يحجبه شيء، فقال: هل أكفّر عن يميني؟ فقال: لا، لأنّك حلفت بغير الله.
وقال: من وضع معروفا في غير موضعه عاد عليه وبالا.
وروي عن المسيب بن نجبة الفزاري (3) قال: خطبنا علي عليه السلام.
فقال: ألا أخبركم بذات نفسي؟ أما الحسن ففتى من الفتيان صاحب جفنة وخوان. ولو قد التفّت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حبالة عصفور.
__________
(1) البيت لسلمة بن يزيد الجعفي في حماسة البحتري ص 71.
(2) عجري وبجري: أي عيوبي وأحزاني، وما أبدي وما أخفي.
(3) هو المسيب بن نجبة بن ربيعة الفزاري، تابعي، من أهل الكوفة، شايع عليا، وثار مع التوابين في طلب ثأر الحسين، قتله عبيد الله بن زياد يوم المختار بن أبي عبيد في شهر رمضان سنة 67هـ، وقيل سنة 65هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 5/ 437، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 241، الأعلام 8/ 125).(1/201)
وأما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وظلّ باطل. وأما أنا والحسين فنحن منكم وأنتم منّا، ولقد خشيت أن يدال هؤلاء القوم عليكم، وليس ذاك: ألا أن تكونوا أولى بالحقّ منهم، ولكن بطاعتهم إمامهم وعصيانكم إمامكم، وإصلاحهم في أرضهم وإفسادكم في أرضكم، واجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقّكم، حتى لا يدعون بيت مدر ولا وبر إلا أدخلوه ظلمهم حتى يقوم الباكيان باك لدينه وباك لدنياه، وحتى لا تكون نصرة أحدكم منهم إلا كنصرة العبد من سيّده، إن شهده أطاعه، وإن غاب عنه سبّه، فإن أتاكم الله بعافية فاقبلوها، وإن ابتليتم فاصبروا فإنّ العاقبة للمتقين.
ويروى عنه أنه قال: الحرص مقدّمة السّكون.
وقال في قوله تعالى: {أَكََّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: الآية 42] هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثمّ يقبل هديّته.
قال الحارث الأعور: ما رأيت أحدا أحسن من علي عليه السلام، أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين مات رجل وخلف ابنتين، وأبوين، وزوجة، فقال: صار ثمنهما تسعا.
هذه الفريضة من أربعة وعشرين سهما، للبنتين الثلثان، ستة عشر سهما، وللأبوين السدسان ثمانية أسهم، وكمل المال وعالت الفريضة واحتيج للمرأة إلى ثمن الأربعة والعشرين سهما، وصار الثمن من أربعة وعشرين تسعا من سبعة وعشرين. هذا معنى قوله.
وخطب فقال: أما بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة. فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذلّ، وسيم الخسف، وديّث بالصّغار وقد دعوتكم لحرب هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرّ وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم من قبل أن يغزوكم فو الّذي نفسي بيده ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلّا ذلّوا فتخاذلتم وتواكلتم، وثقل عليكم قولي، واتّخذتموه وراءكم ظهريّا حتى شنّت عليكم الغارات. هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار، وقتلوا حسّان بن حسان ورجالا منهم كثيرا ونساء، والّذي نفسي بيده لقد بلغني أنّه كان يدخل على المرأة المسلمة والمعاهدة، فينزع حجالهما ورعثهما، ثم انصرفوا موفورين لم
يكلم أحد منهم كلما. فلو أنّ امرءا مسلما مات من دون هذا أسفا ما كان فيه عندي ملوما بل كان به جديرا. يا عجبا كلّ العجب من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقّكم! إذا قلت لكم اغزوهم في الشتاء قلتم هذا أوان قرّ وصرّ، وإن قلت لكم اغزوهم في الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ، أنظرنا ينصرم الحرّ عنا فإذا كنتم من الحرّ والبرد تفرّون، فأنتم والله من السّيف أفرّ. يا أشباه الرجال ولا رجال، ويا طغام الأحلام، ويا عقول ربّات الحجال، والله لقد أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان، ولقد ملأتم جوفي غيظا، حتى قالت قريش: ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا رأي له في الحرب. لله درّهم، ومن ذا يكون أعلم بها منّي أو أشدّ لها مراسا؟ فو الله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، ولقد نيّفت اليوم على الستين. ولكن لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع يقولها ثلاثا.(1/202)
وخطب فقال: أما بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة. فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذلّ، وسيم الخسف، وديّث بالصّغار وقد دعوتكم لحرب هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرّ وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم من قبل أن يغزوكم فو الّذي نفسي بيده ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلّا ذلّوا فتخاذلتم وتواكلتم، وثقل عليكم قولي، واتّخذتموه وراءكم ظهريّا حتى شنّت عليكم الغارات. هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار، وقتلوا حسّان بن حسان ورجالا منهم كثيرا ونساء، والّذي نفسي بيده لقد بلغني أنّه كان يدخل على المرأة المسلمة والمعاهدة، فينزع حجالهما ورعثهما، ثم انصرفوا موفورين لم
يكلم أحد منهم كلما. فلو أنّ امرءا مسلما مات من دون هذا أسفا ما كان فيه عندي ملوما بل كان به جديرا. يا عجبا كلّ العجب من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقّكم! إذا قلت لكم اغزوهم في الشتاء قلتم هذا أوان قرّ وصرّ، وإن قلت لكم اغزوهم في الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ، أنظرنا ينصرم الحرّ عنا فإذا كنتم من الحرّ والبرد تفرّون، فأنتم والله من السّيف أفرّ. يا أشباه الرجال ولا رجال، ويا طغام الأحلام، ويا عقول ربّات الحجال، والله لقد أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان، ولقد ملأتم جوفي غيظا، حتى قالت قريش: ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا رأي له في الحرب. لله درّهم، ومن ذا يكون أعلم بها منّي أو أشدّ لها مراسا؟ فو الله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، ولقد نيّفت اليوم على الستين. ولكن لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع يقولها ثلاثا.
ومن كلامه رضي الله عنه: من لانت كلمته وجبت محبّته.
وقال له قائل: أين كان ربّنا قبل أن خلق السموات والأرض؟ فقال رضي الله عنه: «أين» سؤال عن مكان وكان الله لا مكان.
وقال: من أكثر النظر في العواقب لم يتشجّع.
وقال لابنه الحسن رضي الله عنه: لا تبدأ بدعاء إلى مبارزة، وإن دعيت إليها فأجب فإنّ طالبها باغ والباغي مصروع.
وقال: وما ابن آدم والفخر، وإنّما أوّله نطفة، وآخره جيفة، لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه.
جاء الأشعث بن قيس إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام يتخطّى رقاب الناس، وعليّ على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء على قربك يعني العجم قال: فركض على المنبر برجله فقال صعصعة بن صوحان (1): ما لنا ولهذا؟ يعني الأشعث ليقولنّ أمير المؤمنين اليوم في
__________
(1) هو صعصعصة بن صوحان العبدي، من أهل الكوفة، أسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يره، شهد صفين مع علي، وهو أخو زيد بن صوحان، مات في خلافة معاوية (انظر: كتاب الثقات(1/203)
العرب قولا لا يزال يذكر. فقال رضي الله عنه: من يعذرني من هؤلاء الضّياطرة (1)؟ يتمرّغ أحدهم على فراشه تمرّغ الحمار، ويهجر قوم الذكر فيأمرونني أن أطردهم. ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين والذي فلق الحبة، وبرأ النّسمة ليضربنّكم على الدين عودا، كما ضربتموهم عليه بدءا.
وسئل عليه السلام: كيف كان حبّكم للرسول صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان والله أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا وآبائنا، ومن الماء البارد على الظّمأ.
وكان عليه السلام يقول: إذا لقيتم القوم فاجمعوا القلوب، وعضّوا على النّواجذ فإنّ ذلك ينبي السّيوف عن الهام.
وروي أنه كان يتمثّل إذا رأى عبد الرحمن بن ملجم المرادي (2) ببيت معد يكرب: [الوافر]
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد (3)
فقيل له عليه السلام: كأنك قد عرفته وعرفت ما يريده. أفلا تقتله؟
فقال: كيف أقتل قاتلي؟
ولما سمع بصفين نداءهم: لا حكم إلا لله، قال: كلمة عادلة يراد بها جور. إنما يقولون: لا إمارة، ولا بدّ من إمارة برّة أو فاجرة.
وكان أبو نيزر من أولاد بعض ملوك الأعاجم. وقيل: إنه كان من ولد النجاشي، فرغب في الإسلام صغيرا فأتى رسول الله فأسلم وكان معه. فلما توفي عليه السلام صار مع فاطمة وولدها رضي الله عنها، فقال أبو نيزر:
جاءني عليّ عليه السلام وأنا أقوم بالضيعتين: عين أبي نيزر والبغيبغة، فقال لي: هل عندك من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لك يا أمير المؤمنين قرع
__________
لابن حبان 4/ 383382، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 244، الإصابة 3/ 260).
(1) الضوطر والضيطر والضيطار: العظيم، أو الضخم اللئيم العظيم الإست، جمعه: ضياطر، وضياطرة، وضيطارون.
(2) عبد الرحمن بن ملجم المرادي: قاتل الإمام علي رضي الله عنه، وقتل بالقصاص سنة 40هـ (انظر شذرات الذهب 1/ 49).
(3) البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص 107.(1/204)
من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة (1). فقال: عليّ به، فقام إلى الربيع: وهو جدول فغسل يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما، ثم ضمّ يديه كل واحدة منهما إلى أختها وشرب بهما حسّا من الرّبيع، ثم قال: يا نيزر إنّ الأكفّ أنظف الآنية، ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله! ثم أخذ المعول وانحدر في العين وجعل يضرب، فأبطأ عليه الماء، فخرج وقد تفضج جبينه عرقا، فانتكف العرق عن جبينه أي أزاله، ثم أخذ المعول وعاد إلى العين، ثم أقبل يضرب فيها وجعل يهمهم، فانثالت كأنها عنق جزور، فخرج مسرعا، فقال: أشهد الله أنها صدقة. عليّ بدواة وصحيفة، قال: فعجلت بهما إليه فكتب:
بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا ما تصدّق به عبد الله أمير المؤمنين: تصدّق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله عزّ وجلّ بهما وجهه يوم القيامة، لا تباعان ولا توهبان حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين، فهما طلق لهما وليس لأحد غيرهما.
قال: فركب الحسين دين، فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار، فأبى أن يبيع، وقال: إنما تصدّق بها أبي ليقي الله بها وجهه حرّ النار، ولست بائعهما بشيء.
ولما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله تعالى دعا الحسن والحسين رضي الله عنهما، وقال: أوصيكما بتقوى الله والرّغبة في الآخرة، والزهد في الدنيا، ولا تأسفا على شيء فاتكما منها، اعملا الخير، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا.
__________
(1) الإهالة: ما أذيب من الشحم. والسنخة: المتغيرة الرائحة.(1/205)
وقال في دعائه: إلهي ما قدر ذنوب يقابل بها كرمك؟ وما قدر أعمال تقابل بها نعمك وإني لأرجو أن تستغرق ذنوبي في كرمك كما استغرقت أعمالي في نعمك.
وعنه عليه السلام أنه قال: يجد البليغ من ألم السكوت ما يجده العييّ، من ألم الكلام، وكان إذا نعت النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن بالطويل الممغّط (1)، ولا القصير المتردّد، ولم يكن بالمطهّم (2) ولا المكلثم (3)، أبيض مشرب، أدعج العينين (4)، أهدب الأشفار، جليل المشاش (5)، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلّع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، ليس بالسّبط ولا الجعد القطط (6)، كان أزهر ليس بالأبيض الأمهق (7) في عينيه شكلة، شبح الذّراعين (8).
وقال: بقية عمر المرء لا قيمة لها يدرك بها ما فاته، ويحيي ما أماته.
خطبته التي خطب بها حين زوج فاطمة رضي الله عنهما: الحمد لله الذي قرب من حامديه، ودنا من سائليه، ووعد بالجنة من يتّقيه، وقطع بالنار عذر من يعصيه، أحمده بجميع محامده وأياديه، وأشكره شكر من يعلم أنّه خالقه وباريه، ومصوّره ومنشيه، ومميته ومحييه، ومعذّبه ومنجيه، ومثيبه ومجازيه. وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه. وأنّ محمدا حبيب الله وعبده ورسوله، صلى الله عليه صلاة تزلفه وتدنيه، وتعزّه وتعليه، وتشرّفه وتجتبيه.
__________
(1) الممغط: البائن الطول.
(2) المطهّم: السمين الفاحش السمن، والنحيف الجسم الدقيقة، ضدّ.
(3) الكلثمة: اجتماع لحم الوجه بلا جهومة.
(4) الدّعجة، بالضم: سواد العين مع سعتها، والأدعج: الأسود.
(5) المشاش: رؤوس العظام.
(6) القطط: الشديد الجعودة.
(7) المهق: شدّة البياض.
(8) شبح الذراعين: عريضهما.(1/206)
أما بعد فإنّ اجتماعنا مما قدّر الله ورضيه، والنكاح ممّا أمر الله به، وأذن فيه. هذا محمد صلى الله عليه وسلم قد زوّجني فاطمة ابنته على صداق أربعمائة درهم وثمانين درهما، ورضيت به، فاسألوه، وكفى بالله شهيدا.
وقال: إن الله تعالى جعل مكارم الأخلاق وصلة بينه وبين خلقه، فحسب أحدكم أن يتمسك بخلق متصل بالله عزّ وجلّ.
قال الأحنف (1): دخلت على معاوية، فقدم لي من الحارّ والبارد، والحلو والحامض ما كثر تعجّبي منه، ثم قدم لي لونا لم أدر ما هو، فقلت: ما هذا؟
قال: مصارين البط محشوة بالمخ قد قلي بدهن الفستق وذرّ عليه الطبرزد (2).
فبكيت. فقال: ما يبكيك؟ قلت: ذكرت عليّا رضي الله عنه. بينا أنا عنده وحضر وقت إفطاره فسألني المقام، إذ دعا بجراب مختوم، قلت: ما في الجراب؟ قال: سويق شعير، قلت: ختمت عليه أن يؤخذ أو بخلت به؟ قال:
لا ولا أحدهما، ولكني خفت أن يلتّه الحسن أو الحسين بسمن أو زيت.
قلت: محرّم هو يا أمير المؤمنين؟ قال: لا ولكن يجب على أئمّة الحقّ أن يعتدّوا أنفسهم من ضعفة الناس لئلّا يطغي الفقير فقره، فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله.
وقال عليّ عليه السلام: لا يكون الصديق صديقا، حتى يحفظ صديقه في غيبته وعند نكبته وبعد وفاته في تركته.
قيل له: كيف يحاسب الله الخلق على كثرة عددهم؟ قال: كما يرزقهم على كثرة عددهم.
__________
(1) الأحنف: هو أبو بحر، الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي، سيد تميم، اسمه الضحاك، وقيل: صخر، وشهر بالأحنف لحنف رجليه وهو العوج والميل يضرب به المثل في الحلم، أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يره، ووفد على عمر بن الخطاب، وولي خراسان، وكان صديقا لمصعب بن الزبير، توفي سنة 72هـ (كذا في الأعلام وجمهرة الأنساب، وفي سير أعلام النبلاء ووفيات الأعيان توفي سنة 67هـ) (انظر الأعلام 1/ 276، جمهرة الأنساب ص 206، وفيات الأعيان 2/ 499، سير أعلام النبلاء 4/ 9786).
(2) الطبرزد: السكّر، معرب.(1/207)
ولمّا خرج عليه السلام يريد العراق أشار عليه ابنه الحسن أن يرجع، فقال: لا أكون مثل الضّبع تسمع اللّدم حتّى تخرج فتصاد.
وقال: لئن وليت بني أميّة لأنفضنّهم نفض القصّاب الوذام التّربة.
ومرّ بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد (1) مقتولا يوم الجمل، فقال: هذا يعسوب (2) قريش.
وجاءته امرأة فذكرت أنّ زوجها يأتي جاريتها، فقال: إن كنت صادقة رجمناه، وإن كنت كاذبة جلدناك، قالت: ردّوني إلى أهلي غيري نغرة (3).
وقال عليه السلام: إن المرء المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت وتغري به الناس، كالياسر (4) الفالج (5) ينتظر فوزة من قداحه أو داعي الله فما عند الله خير للأبرار.
وسافر رجل مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا، فاتّهمهم أهله به، ورفعوهم إلى شريح (6)، فسألهم البيّنة على قتله، فارتفعوا إلى عليّ عليه السلام، فأخبروه بقول شريح، فقال متمثلا: [رجز]
أوردها سعد وسعد مشتمل ... يا سعد لا تروى بهذاك الإبل (7)
ثم قال: «إنّ أهون السّقي التّشريع (8)»، ثم فرق بينهم، وسألهم فاختلفوا، ثم أقرّوا بقتله.
__________
(1) هو عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد الأموي، قتل مع عائشة يوم الجمل (انظر: أسد الغابة 3/ 208).
(2) اليعسوب: السيد والرئيس والمقدم.
(3) نغرة: غيرى، وتنغّر: غلا جوفة، وغضب.
(4) الياسر: ضارب القدح.
(5) الفالج: القاهر الغلاب.
(6) شريح القاضي: هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أمية، من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام، توفي سنة 78هـ (الأعلام 3/ 161).
(7) الرجز للنوار (زوجة مالك بن زيد مناة) في لسان العرب (خنطل)، ولمالك بن زيد مناة في جمهرة الأمثال 1/ 93، ومجمع الأمثال 2/ 362، ولعلي بن أبي طالب في مجمع الأمثال 1/ 406.
(8) التشريع: إمكانها من الشريعة، وهي مورد الماء.(1/208)
وقال: إذا صلّى الرّجل فليخوّ، وإذا صلّت المرأة فلتحتفز.
وقال كرّم الله وجهه: ما أعظم التفاوت بين العبر والاعتبار! فالعبر قد بلغت في الكثرة الغاية، والاعتبار قد بلغ في القّلّة النهاية.
وقالوا: انصرف من صفّين وكأنه رأسه ولحيته قطنة، فقيل له: يا أمير المؤمنين لو غيّرت، فقال: إن الخضاب زينة، ونحن قوم محزونون.
وروي أنّ الحسن قال له يوم الجمل: أشرت عليك ثلاث مرات فعصيتني، فقال عليه السلام: إنك تحنّ حنين الجارية، هات ما الذي أشرت به وما الذي عصيتك فيه؟ فذكر أشياء، فقال له علي عليه السلام: أنا والله إذا مثل التي أحيط بها فقيل لها: زباب حتى دخلت جحرها، ثم احتفر عنها فاجترّ برجلها حتى ذبحت. يريد: الضّبع.
وروي أنه اشترى قميصا بثلاثة دراهم، وقال: الحمد لله الذي هذا من رياشه.
وقال: لا قود إلا بالأسل (1).
وقال: من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء، وليقلل غثيان النّساء، وليخفّف الرّداء في البقاء، قيل: يا أمير المؤمنين وما خفّة الرّداء في البقاء؟
قال: الدّين.
ورأى رجلا في الشمس، فقال: قم عنها فإنها مبخرة مجفرة (2): تتفل الريح، وتبلى الثّوب، وتظهر الدّاء الدفين.
وأتى بالمال فكوّم كوما من ذهب وكومة من فضة، وقال: يا حمراء يا بيضاء احمرّي وابيضّي وغرّي غيري.
وقال: من يطل أير أبيه ينتطق به.
__________
(1) الأسل من السيف والنصل: مستدقّه.
(2) منجرة: تورث البخر، ومجفرة: تضعف شهوة النكاح.(1/209)
وقال: ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم لمن صرّحت له العبر ألّا يهيج على التّقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التّقوى سنخ أصل. ألا وإن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما (1)، غارّا بأغباش الفتنة، عميا بما في غيب الهدنة، سمّاه أشباهه من الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما، بكّر فاستكثر. مما قلّ منه فهو خير مما كثر، حتى إذا ما ارتوى من آجن، واكتنز من غير طائل، قعد بين الناس قاضيا لتخليص ما التبس على غيره، إن نزلت به إحدى المبهمات هيّأ حشوا من رأيه، فهو من قطع الشّبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يعلم إذا أخطأ لأنّه لا يعلم أخطأ أم أصاب. خبّاط عشوات ركّاب جهالات، لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم، ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع، يذرو الرّواية ذرو الرّيح الهشم، تبكي منه الدّماء وتصرخ منه المواريث، ويستحلّ بقضائه الفرج الحرام. لا مليء والله بإصدار ما ورد عليه، ولا أهل لما قرّظ به.
وكتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ: إنّي أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي، فلمّا رأيت الزّمان على ابن عمّك قد كلب، والعدوّ قد حرب، قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ، بفراقه مع المفارقين، وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمّة اختطاف الذئب الأزلّ (2) دامية المعزى ضحّ رويدا، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي المغترّ بالحسرة، ويتمنّى المضيّع التّوبة، والظّالم الرّجعة.
وروي عنه عليه السلام أنه قال يوم الشّورى لما تكلم عبد الرّحمن بن عوف (3) بما تكلم:
__________
(1) قمش علما: أي جمع من هنا وهناك.
(2) الذئب الأزل: الخفيف السريع الحركة.
(3) هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، أبو محمد القرشي الزهري، أسلم قديما على يدي أبي بكر الصديق، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وشهد بدرا وما بعدها، توفي سنة 32هـ (البداية والنهاية 7/ 160158).(1/210)
الحمد لله الذي اتخذ محمدا نبيّا، وابتعثه إلينا رسولا فنحن بيت النبوة، ومعدن الحكمة، أمان لأهل الأرض، ونجاة لمن طلب. لنا حقّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السّرى. لو عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لجالدنا عليه حتى نموت، أو قال لنا قولا لأنفذنا قوله على رغمنا، لن يسرع أحد قبلي إلى صلة رحم ودعوة حقّ. والأمر إليك يا ابن عوف على صدق اليقين وجهد النّصح. استغفر الله لي ولكم.
وقال: «ما من مسلم إلا له ذنب يعتريه الفينة بعد الفينة».
«يهلك فيّ رجلان: محبّ مطر وباهت مفتر».
«يهلك فيّ رجلان: محبّ غال ومبغض قال».
وقال: لا يذهب أمر هذه الأمة إلا على رجل واسع السّرم ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع.
وسئل عن قتلاه وقتلى معاوية، فقال: يؤتى بي يوم القيامة وبمعاوية فنختصم عند ذي العرش فأيّنا فلج فلج أصحابه.
وقال: إن لبني أمية مرودا يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثمّ كادتهم الضّباع لغلبتهم.
وذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد، أو مثدّن اليد، أو مخدج اليد، لولا أن تبطروا لنبأتكم بما وعد الله الذين يقاتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال: إذا كان القلب لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكر أنكس، فجعل أعلاه أسفله. وقال: ألم يأن لبني أمية أن يقتلوا، قتيلهم؟ قيل: ما هذا القتيل؟
قال: غرنوق (1) من غرانيق بني عبد المطلب.
ومر بقاض، فقال: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت.
__________
(1) الغرنوق: الشاب الأبيض الناعم الجميل.(1/211)
وقال: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث باستصغارها لتعظم، واستكتامها لتنسى، وتعجيلها لتهنؤ.
وجاءه يهودي، فقال: أين كان ربّنا قبل أن يخلق العرش؟ قال: حيث هو اليوم، قال: فأين هو اليوم؟ قال: حيث كان ذلك اليوم، لا تخطر عليه القلوب، ولا تقع عليه الأوهام {لََا تُدْرِكُهُ الْأَبْصََارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصََارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: الآية 103].
وروي عن نوف (1) قال: رأيت عليّا عليه السلام قد خرج فنظر إلى النجوم، فقال: أراقد أم رامقّ؟ قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين. قال: يا نوف طوبى للزّاهدين في هذه الدّنيا، الرّاغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا ودثارا، وقرضوا للدّنيا قرضا على منهاج المسيح عليه السلام. يا نوف، إن داود عليه السلام قام ساعة من الليل، فقال: إنّها ساعة لا يدعو عبد إلا استجيب له فيها إلّا أن يكون عشّارا (2)
أو عريفا أو شرطيّا أو صاحب عرطبة وهو الطّنبور أو صاحب كوبة وهو الطبل.
وقال عليه السلام: إنّ الله فرض عليكم فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ لكم حدودا فلا تعدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت لكم عن أشياء، فلم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها.
وقال: لا يترك الناس شيئا من إصلاح دينهم لاستصلاح دنياهم إلّا فتح الله عليهم ما هو أضرّ منه.
وقال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويعظم حلمك، وتباهي النّاس بعبادة ربّك فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله ولا خير في الدّنيا إلّا لرجلين رجل أذنب ذنوبا فهو
__________
(1) هو نوف بن فضالة البكالي الحميري، كنيته: أبو زيد، ويقال: أبو عمر، وقيل: أبو رشيد، وهو من أصحاب علي بن أبي طالب (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 5/ 483، الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 314، تهذيب التهذيب 10/ 490).
(2) العشّار: عشّرهم: أخذ عشر أموالهم، والعشّار: قابض العشر.(1/212)
يتدارك ذلك بتوبة، ورجل يسارع في الخيرات. ولا يقلّ عمل مع تقوى. وكيف يقلّ ما يتقبّل؟
أيّها الناس عليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتّقاطع والتّدابر والتّفرّق.
ولا تنكرنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فيولّي الله عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم.
{وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} [المائدة: الآية 2].
تجهّزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم بالرحيل، وأقلّوا الفرحة على الدّنيا، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزّاد فإن أمامكم عقبة كؤودا، ومنازل مخوفة لابدّ من الممرّ عليها، والوقوف عندها فإمّا برحمة الله نجوتم من فظاعتها، وشدة مختبرها، وكراهة منظرها وإمّا بهلكة ليس بعدها نجاة.
فيا لها حسرة على كلّ ذي غفلة! أن يكون عمره عليه حجّة، أو تؤديه أيامه إلى شقوة.
وخطب لما ورد عليه خبر مقتل محمد بن أبي بكر، وغلبة أصحاب معاوية على مصر، قال بعد أن حمد الله: ألا إنّ مصر أصبحت قد فتحت، ألا وإن محمد بن أبي بكر قد أصيب رحمه الله، وعند الله نحتسبه. أما والله إن كان لمن ينتظر القضاء، ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر، ويحبّ هدى المؤمن. إني والله لا ألوم نفسي في تقصير ولا عجز إنّي بمقاساة الحرب جدّ عالم خبير، وإني لأقدم في الأمر فأعرف وجه الحزم، وأقوم فيه بالرأي المصيب معلنا، وأناديكم نداء المستغيث فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي أمرا حتّى تصير بي الأمور إلى عواقب الفساد، وأنتم لا تدرك بكم الأوتار، ولا يشفى بكم الغليل. دعوتكم إلى غياث إخوانكم، فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ، وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليس له نية في إجهاد عدوّ، ولا احتساب أجر. وخرج جنيد ضعيف {كَأَنَّمََا يُسََاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: الآية 6].
وقال في خطبته بالبصرة: يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة. يا جند المرأة، وأعوان البهيمة، رغا فأجبتم وعقر فتفرّقتم.(1/213)
وخطب لما ورد عليه خبر مقتل محمد بن أبي بكر، وغلبة أصحاب معاوية على مصر، قال بعد أن حمد الله: ألا إنّ مصر أصبحت قد فتحت، ألا وإن محمد بن أبي بكر قد أصيب رحمه الله، وعند الله نحتسبه. أما والله إن كان لمن ينتظر القضاء، ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر، ويحبّ هدى المؤمن. إني والله لا ألوم نفسي في تقصير ولا عجز إنّي بمقاساة الحرب جدّ عالم خبير، وإني لأقدم في الأمر فأعرف وجه الحزم، وأقوم فيه بالرأي المصيب معلنا، وأناديكم نداء المستغيث فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي أمرا حتّى تصير بي الأمور إلى عواقب الفساد، وأنتم لا تدرك بكم الأوتار، ولا يشفى بكم الغليل. دعوتكم إلى غياث إخوانكم، فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ، وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليس له نية في إجهاد عدوّ، ولا احتساب أجر. وخرج جنيد ضعيف {كَأَنَّمََا يُسََاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: الآية 6].
وقال في خطبته بالبصرة: يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة. يا جند المرأة، وأعوان البهيمة، رغا فأجبتم وعقر فتفرّقتم.
وخطب فقال: انظروا إلى الدّنيا نظر الزّاهدين فيها فإنّها والله عن قليل تزيل الثّاوي الساكن، وتبخع المترف الآمن، لا يرجع ما تولّى منها فأدبر، ولا يدرى ما هو آت منها فينتظر، سرورها مشوب بالحزن، وآخر الحياة فيها إلى الضّعف والوهن، فلا يغرّنّكم كثرة ما يعجبكم فيها لقلّة ما يصحبكم منها. رحم الله رجلا تفكّر فاعتبر، فأبصر إدبار ما قد أدبر، وحضور ما حضر فكأنّ ما هو كائن في الدّنيا لم يكن، وكأنّ ما هو كائن في الآخرة لم يزل.
وقال جندب (1): دخلنا عليه فقال: أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثا ذلّا شاملا، وسيفا قاتلا، وأثرة يتّخذها الظالمون عليكم سنّة، فتودّون عند ذلك لو رأيتموني فنصرتموني وقاتلتم دوني، لا يبعد الله إلّا من ظلم!.
فكان جندب بعد ذلك إذا رأى شيئا مما يكره يبكي ويقول: أبعد الله الظالم.
وقال في خطبة له: وأيم الله إنكم لو قد رأيتم الموت لانفرجتم عن عليّ بن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها فقال له رجل: أفلا كما فعل عثمان، فقال: إن الذي فعل عثمان مجزاة لمن لا نصرة له، ولا حجّة معه، فأما وأنا على بيّنة من ربّي، ويقين وعهد من نبيّي كلّا والله: إن امرءا يمكن من نفسه عدوّه فيهشم عظمه، ويفري جلده لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمّت عليه الأحشاء من صدره، وأنت فكن ذاك إن شئت. فأمّا أنا فو الله لأعطينّ دون ذلك ضربا بالمشرفيّ تطير له فراش الهام (2)، والله يفعل ما يشاء.
__________
(1) هو جندب بن زهير بن الحارث الأزدي، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه وأسلم، وكان مع علي بن أبي طالب في يومي الجمل وصفين، اختلف في سنة وفاته (انظر: الإصابة 1/ 259).
(2) فراش الهام: هي العظام الرقاق التي تلي قحف الرأس.(1/214)
وقال له المهاجر بن خالد بن الوليد: ما رأيك يا أمير المؤمنين في هذه المعتزلة سعد وأصحابه؟ فقال: خذلوا الحقّ ولم ينصروا الباطل، كما قال أخو جشم: [الطويل]
عليكم بواديكم من الذلّ فارتعوا ... ونالوا بذلّ من ندى البقل والشّجر
فما أنتم بالمانعين ذماركم ... قديما، ولستم في النفير إذا نفر
وقال عليه السلام: اتركوا هذه الدنيا التاركة لكم، وإن لم تكونوا تحبون تركها، والمبلية لكم، وإن كنتم تحبّون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا، فكأنّهم قد قطعوه وأمّوا علما، فكأنّهم قد بلغوه. جعلنا الله وإياكم ممّن لا تبطره نعمة، ولا تقصّر به عن طاعة ربه رغبة، ولا يحلّ به الموت حسرة فإنما نحن له وبه.
وقال في خطبة: إياكم ومجالس اللهو فإن اللهو ينسي القرآن، ويحضره الشيطان، ويدعو إلى كلّ غيّ. ومحادثة النّساء تزيغ القلوب، وهي من مصايد الشيطان. ألا فاصدقوا فإنّ الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، إن الصادق على شفا منجاة وكرامة، وإنّ الكاذب على شفا هوان.
قولوا الحقّ تعرفوا به، وتكونوا من أهله، وأدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم، وصلوا أرحام من قطعكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم، وإذا عاهدتم ففوا، وإذا حكمتم فاعدلوا، ولا تفاخروا بالآباء ولا تنابزوا بالألقاب، ألا ولا تمادحوا ولا تمازحوا ولا تباغضوا، أفشوا السّلام وردّوا التحية على أهلها بأحسن منها، وارحموا الأرملة واليتيم، وأعينوا الضعيف والمظلوم، {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} [المائدة: الآية 2] ألا وإن الدّنيا قد أدبرت وآدنت بوداع. ألا وإنّ الآخرة قد أقبلت وآذنت باطّلاع، ألا وإنّ المضمار اليوم، والسّباق غدا وإن السّبقة الجنّة والغاية النّار.
وقال عليه السلام: خير النّساء الطيبة الريح، الطّيّبة الطّعام، التي إن أنفقت أنفقت قصدا، وإن أمسكت أمسكت قصدا، تلك من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب.
وقال: الصمت في أوانه خير من المنطق في غير أوانه.
وقال: إذا رأيت في رجل خلّة رائعة من خير أو شرّ فانتظر أخواتها.(1/215)
وقال: الصمت في أوانه خير من المنطق في غير أوانه.
وقال: إذا رأيت في رجل خلّة رائعة من خير أو شرّ فانتظر أخواتها.
وقال: إنّ الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما صفا وصلب ورقّ فأما صفاؤها فلله، وأما رقّتها فللإخوان، وأمّا صلابتها فللدّين.
وقال: الفقيه كلّ الفقيه الّذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يؤمنهم من مكر الله، ولا يوئسهم من رحمة الله، ولا يرخّص لهم في معاصي الله.
ودخل عليه قوم فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو أعطيت هذه الأموال، وفضّلت بها هؤلاء الأشراف ومن تخاف فراقه، حتّى إذا استتبّ لك ما تريد عدت إلى أفضل ما عوّدك الله عزّ وجل من العدل في الرّعيّة، والقسم بالسّوية فقال عليه السلام: أتأمرونني أن أطلب النّصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام! والله لا أفعل ذلك ما سمر بنا سمير، وما آب في السّماء نجم، فلو كان هذا المال لي لسوّيت بينهم، فكيف؟ وإنّما هي أموالهم، ثم أرمّ (1) طويلا ثم قال: من كان منكم له مال فإياه والفساد، فإنّ إعطاء المال في غير حلّه تبذير وإسراف وفساد، وهو يرفع ذكر صاحبه، ويضعه عند الله عزّ وجلّ، ولن يضع امرؤ ماله في غير حقّه، وعند غير أهله إلّا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودّهم فإن بقي معه منهم من يريد الودّ، ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب فإن زلّت بصاحبه النعل واحتاج إلى معونته ومكافأته فشرّ خليل، والأم خدين فمن آتاه الله مالا فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة، وليفكّ به العاني والأسير، وليعط منه الغارم وابن السبيل، والفقراء والمجاهدين، وليصبر نفسه على الحقوق وابتغاء الثّواب فإنّه ينال بهذه الخصال مكارم الدّنيا وفضائل الآخرة إن شاء الله.
وخطب عليه السلام حين كان من أمر الحكمين ما كان، فقال: الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح، والحدث الجليل، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا عبده ورسوله.
__________
(1) أرمّ: سكت عن الكلام.(1/216)
أما بعد، فإن معصية الشيخ العالم المشفق المجرّب تورث الحسرة، وتعقب النّدامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة بأمري، ونخلت لكم رأيي لو كان يطاع لقصير أمر! ولكنكم أبيتم، وكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن:
[الطويل]
أمرتهم أمري بمنعرج اللّوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد (1)
فلما عصوني كنت فيهم وقد أرى ... غوايتهم أو أنّني غير مهتد
ألا إنّ هذين الرّجلين اخترتموهما حكمين، وقد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما فأماتا ما أحيا القرآن، وأحييا ما أمات، واتّبع كلّ واحد منهما هواه، يحكم فيه بغير حجّة بيّنة، ولا سنّة ماضية، واختلفا في حكمهما، فكلاهما لم يرشده الله، استعدّوا للجهاد، وتأهّبوا للسير، وأصبحوا في معسكركم يوم كذا.
وخطب فقال: أما بعد يا أهل الكوفة فإنّ أهل الشّام لو قد طلعوا عليكم أغلق كلّ امرئ منكم بابه، وانجحر في بيته انجحار الضّبّ في جحره والضّبع في وجارها الذّليل، والله ما نصرتم، ومن رمى بكم رمى بأضعف سهم. أفّ لكم! لقد لقيت منكم برحا، يوما أناديكم ويوما أناجيكم، فلا أحرار عند النّداء، ولا أنجاد اللّقاء، أنا لله ممّا منيت به منكم، صمّ لا تسمعون، بكم لا تعقلون، كمه لا تبصرون، والحمد لله ربّ العالمين.
وكتب إلى سهل بن حنيف (2) وهو عامله على المدينة: بلغني أن رجالا يخرجون إلى معاوية فلا تأسف على ما فاتك منهم فكفى لهم غيّا فرارهم من الحقّ والهدى، وإيضاعهم في الجهالة والعمى إنّما هم أهل دنيا، مكبّون عليها، قد علموا أنّ في الحقّ أسوة فهربوا منه إلى الأثرة: فبعدا لهم وسحقا،
__________
(1) البيتان لدريد بن الصمة في ديوانه ص 61، وأساس البلاغة (أمر).
(2) هو سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم الأنصاري، بدري سكن الكوفة، شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، شايع عليّا وشهد معه صفين وولاه الكوفة وبلاد فارس توفي بعد صفين سنة 38هـ بالكوفة، وصلى عليه علي بن أبي طالب وكبّر عليه أربعا. (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 170169، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 358، 6/ 93، أسد الغابة 2/ 365).(1/217)
أما لو قد بعثرت القبور، واجتمعت الخصوم، وقضي بين العباد لتبيّن لهم ما يكسبون.
وكتب إلى مصقلة بن هبيرة (1): بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أتيت شينا إذ بلغني أنّك تقسم فيء المسلمين فيمن اعتفاك (2) من أعراب بكر بن وائل، فو الّذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة، لئن كان ذلك حقّا لتجدنّ بك عليّ هوانا. فلا تستهن بحقّ ربّك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك فتكون من:
{بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمََالًا} [الكهف: الآية 103] الآية.
وكتب إلى زياد وهو خليفة ابن عباس على البصرة وكان أخرج إليه سعدا مولاه يستحثّه على حمل مال فعاد وشكاه وعابه.
أمّا بعد، فإنّ سعدا ذكر أنّك شتمته ظلما له، وتهدّدته وجبهته، تجبّرا وتكبّرا. فما دعاك إلى التكبّر؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكبر رداء الله فمن نازع الله رداءه قصمه».
وأخبرني أنك تكثر من الطعام والألوان، وتدّهن في كلّ يوم فما عليك لو صمت لله أياما؟ وتصدّقت ببعض ما عندك محتسبا، وأكلت طعامك مرارا قتارا فإنّ ذلك دثار الصالحين، أتطمع وأنت تتقلّب في النّعيم تستأثر به على الجار المسكين، والضّعيف الفقير، والأرملة واليتيم أن يجب لك أجر المتصدّقين؟
وأخبرني أنك تتكلم بكلام الأبرار وتعمل عمل الخطّائين فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت، وعملك أحبطت فتب إلى ربّك يصلح عملك، واقصد في أمرك، وقدّم الفضل ليوم حاجتك إلى ربّك إن كنت من المؤمنين، وادّهن غبّا فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ادّهنوا غبّا ولا تدّهنوا رفها».
__________
(1) هو مصقلة بن هبيرة الشيباني، كان مع علي ثم تحول إلى معاوية فولاه طبرستان، قتل سنة 50هـ (انظر: الأعلام 8/ 152).
(2) اعتفاك: أي طلب معروفك.(1/218)
فكتب إليه زياد:
أما بعد يا أمير المؤمنين فإنّ سعدا قدم فعجل فانتهرته وزجرته. وكان أهلا لأكثر من ذلك. فأمّا ما ذكر من الإسراف، واتّخاذ ألوان الطّعام، والتنعّم فإن كان صادقا فأثابه الله ثواب الصادقين، وإن كان كاذبا فوقاه الله عقوبة الكاذبين. وأما قوله: إني أصف العدل وأخالفه إلى غيره، فإنّي إذا لمن الأخسرين أعمالا، فخذه يا أمير المؤمنين بمقال قلته في مقام قمته. فإن أتاك بشاهدي عدل، وإلّا تبيّن لك كذبه وظلمه.
وقال عليه السلام: «قبلة الولد رحمة، وقبلة المرأة شهوة، وقبلة الوالدين عبادة، وقبلة أخيك دين، وقبلة الإمام العادل طاعة».
وقال: بئس الجار الغنيّ، يبعث عليك ما لا يعينك عليه.
وقال: نعم البيت بيت العروس تذكر به الجنة، وتحمد الله على النعمة.
وقال: الكريم لا يقبل على معروفه ثمنا.
وقال: لا ينبغي للعاقل أن يظهر سرورا برجاء، لأن الرجاء غرور.
وقال: المعروف زكاة النّعم.
وقال: إزالة الرّواسي أيسر من تأليف القلوب.
وكتب إلى ابن عباس: أتاني كتابك تذكر ما رأيت من أهل البصرة بعد خروجي عنهم، وإنما ينقمون لرغبة يرجونها، أو عقوبة يخافونها، فأرغب راغبهم، واحلل عقد الخوف عن خائفهم بالعدل عليه، والإنصاف إليه.
وكتب إلى سعد بن مسعود الثقفي (1): إنك وفّرت على المسلمين فيئهم، فأطعت ربّك، ونصحت إمامك فعل المتنزّه العفيف، فقد حمدت فعلك، ورضيت هديك، وأوتيت رشدك، وغفر الله ذنبك.
__________
(1) هو سعد بن مسعود الثقفي عم المختار ابن أبي عبيد الثقفي، أسلم وشهد مع علي صفين، (انظر: الإصابة 3/ 86).(1/219)
ومشى قوم خلفه، فقال: عنّي خفق نعالكم فإنها مفسدة لقلوب نوكي (1)
الرجال.
وقال: أكبر الغيّ أن تعيب رجلا بما فيك، وأن تؤذي جليسك بما هو فيه عبثا به.
وقال: اتّقوا من تبغضه قلوبكم.
ودخل عليه السلام المقابر، فقال: «أمّا المنازل فقد سكنت، والأموال قد قسمت، والأزواج قد نكحت. فهذا خبر ما عندنا فما عندكم؟ ثم قال: والّذي نفسي بيده لو أذن لهم في الكلام لأخبروا أنّ خير الزّاد التّقوى».
وخطب فقال:
أمّا بعد فإنّ الدّنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإنّ الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطّلاع، وإن المضمار اليوم وغدا السّباق. ألا وإنّكم في أيّام أمل من ورائه أجل فمن أخلص في أيّام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله، ولا يضره أمله، ومن قصّر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله، وضرّه أمله.
فاعملوا لله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة. ألا وإنّي لم أر كالجنة نام طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها، ألا وإنّه من لم ينفعه الحقّ يضرّه الباطل، ومن لم يستقم به الهدى يخزيه الضّلال. ألا وإنكم قد أمرتم بالظّعن، ودللتم على الزّاد. وإنّ أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل.
وقال له الأشتر (2): كيف وجد أمير المؤمنين امرأته؟ قال: كالخير من امرأة جبّاء قبّاء. قال: وهل يريد الرجال من النساء غير ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال: لا، حتى تدفئ الضّجيع، وتروي الرضيع.
__________
(1) نوكي: جمع أنوك وهو الأحمق.
(2) الأشتر: هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي، المعروف بالأشتر، أدرك الجاهلية، وأول ما عرف عنه أنه حضر خطبة عمر في الجابية، وسكن الكوفة وشهد اليرموك وذهبت عينه فيها، وشهد الجمل وصفين مع علي، وولاه مصر فقعدها فمات في الطريق فقال علي: رحم الله مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة 37هـ. (انظر: الأعلام 5/ 259، كتاب الثقات لابن حبان 5/ 389، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 239).(1/220)
وقال: حسبي حسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وديني دينه، فمن أبغض حسبي فإنّما يبغض حسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يبغض ديني فإنّما يبغض دين النبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال بعض قريش: أتيت الكوفة فتبوّأت بها منزلا، ثم خرجت أريد عليّا عليه السلام. فلقيني في الطريق وهو بين الأشعث بن قيس، وجرير بن عبد الله (1)، فلما رآني خرج من بينهما فسلّم عليّ. فلما سكت قلت: يا أمير المؤمنين، من هذان؟ وما رأيهما؟ فقال: أما هذا الأعور يعني الأشعث فإنّ الله لم يرفع شرفا إلا حسده، ولم يسنّ دينا إلا بغاه. وهو يمنّي نفسه ويخدعها، فهو بينهما لا يثق بواحدة منهما. ومنّ الله عليه أن جعله جبانا، ولو كان شجاعا لقد قتله الحقّ بعد. وأما هذا الأكشف يعني جريرا عبد الجاهلية فهو يرى أن كلّ أحد يحقره، فهو ممتلئ بأوا (2)، وهو في ذلك يطلب جحرا يؤويه، ومنصبا يغنيه. وهذا الأعور يغويه ويطغيه، إن حدّثه كذبه، وإن قام دونه نكص عنه، فهما كالشّيطان {إِذْ قََالَ لِلْإِنْسََانِ اكْفُرْ فَلَمََّا كَفَرَ قََالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ رَبَّ الْعََالَمِينَ (16)} [الحشر: الآية 16].
قال: فقلت له: والله يا أمير المؤمنين لقد نزلت بشرّ منزل. ما أنت إلا بين الكلب والذّئب. قال: هو عملكم يا معشر قريش، والله ما خرجت منكم إلّا أنّي خفت أن تلجّوا بي فألجّ بكم.
وقال: أشدّ الذنوب ما استخفّ صاحبه به.
روي عن أبي أراكة أنه صلّى مع أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الفجر، فلما سلم انفتل عن يمينه، ثم مكث كأن به كأبة، حتى طغت الشمس على حائط المسجد، ثم قلب يديه وقال: لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئا يشبههم، لقد كانوا يصبحون صفرا غبرا شعثا، بين أعينهم مثل
__________
(1) هو جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، أبو عمرو، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في شهر رمضان، سكن الكوفة، كان مع علي ثم اعتزل الفتنة، توفي في قرقيسيا سنة 51هـ، وقيل:
سنة 54هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 5554، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 99، الإصابة 1/ 243).
(2) البأو: الكبر.(1/221)
ركب المعزى، قد باتوا لله سجّدا وقياما، يتلون كتاب الله، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الرّيح، وهملت أعينهم حتى تبتلّ ثيابهم. والله لكأنّ القوم باتوا غافلين.
ثم نهض، فلم ير مفترّا حتى ضربه عدوّ الله ابن ملجم لعنه الله.
وكان عليه السلام جالسا في أصحابه، فمرّت امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال: إن أبصار هذه الفحول طوامح، فإذا رأى أحدكم المرأة تعجبه فليأت أهله فإنما امرأة بامرأة. فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا، ما أفهمه! فوثبوا عليه ليضربوه، فقال رضي الله عنه: مه، فإنما هو سبّ بسبّ، أو عفو وقد عفوت.
وقال: من أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه.
وقال: ما أضمر أحد شيئا إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه.
وقال: إذا كنت في إدبار، والموت في إقبال، فما أسرع الملتقى!
وقال: قلب الأحمق في لسانه، ولسان العاقل في قلبه.
وقال: عجبت من البخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إيّاه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.
وقال: يا أسرى الرّغبة، أقصروا فإن المعرّج على الدّنيا لا يروعه إلا صريف أنياب الحدثان.
وقال: المرأة عقرب حلوة اللّسبة (1).
وقال: أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام.
وقال: احذروا نفار النّعم، فما كلّ شارد مردود.
وقال: كفى بالأجل حارسا.
__________
(1) اللّسبة: اللّسعة.(1/222)
وقال في بعض كلامه: لقد أتلعوا أعناقهم (1) إلى أمر لم يكونوا من أهله، فوقصوا دونه.
وقال: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع.
ومن كلامه: ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه، وقلبت ظهره وبطنه، فلم أر إلّا القتال أو الكفر.
وقال: الولايات مضامير الرّجال.
وقال: اللّجاجة تسلّ الرّأي.
__________
(1) أتلعوا أعناقهم: رفعوها.(1/223)
الباب الرابع فيه من كلام الأئمة عليهم السلام وكلام جماعة من أشراف أهل البيت
الحسن بن علي عليه السلام (1)
روي أنّ أباه عليه السلام قال له: قم واخطب لأسمع كلامك، فقام فقال:
«الحمد لله الذي من تكلّم سمع كلامه، ومن سكت علم ما في نفسه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه معاده».
أما بعد، فإن القبور محلّتنا، والقيامة موعدنا، والله عارضنا، إن عليّا باب من دخله كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا.
فقام إليه علي رضي الله عنه فالتزمه، وقال: بأبي أنت وأمي، {ذُرِّيَّةً بَعْضُهََا مِنْ بَعْضٍ وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)} [آل عمران: الآية 34].
ومن كلامه عليه السلام:
إن هذا القرآن فيه مصابيح النّور، وشفاء الصدور، فليجل جال بصره، وليلجم النّصفة قلبه فإنّ التكفير حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
__________
(1) هو الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو محمد، خامس الخلفاء الراشدين وآخرهم، وثاني الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، ولد في المدينة المنورة سنة 3هـ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكبر أولادها، كان عقلا حليما بايعه أهل العراق بعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب سنة 40هـ، وأشاروا عليه بالمسير إلى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ولكنه آثر الصلح، وتخلّى عن الخلافة له سنة 41هـ، وسمي هذا العام عام الجماعة، توفي سنة 50هـ. (انظر: تهذيب التهذيب 2/ 295، الإصابة 1/ 328).(1/224)
واعتل عليّ عليه السلام بالبصرة، فخرج الحسن عليه السلام يوم الجمعة، فصلّى الغداة بالناس، وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
إنّ الله لم يبعث نبيّا إلا اختاره نفسا ورهطا وبيتا. والذي بعث محمدا صلى الله عليه بالحق لا ينتقص أحد من حقّنا إلا نقصه الله من عمله، ولا تكون علينا دولة إلا كانت لنا عاقبة. {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} [ص: الآية 88].
وقال له معاوية بعد الصلح: قم فاعتذر من الفتنة فقام عليه السلام وقال:
إنّ أكيس الكيس التّقى، وأحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي تنازعنا فيه أنا ومعاوية إمّا حقّ رجل هو أحقّ به مني، وإمّا حقّي تركت لصلاح أمّة محمد صلى الله عليه وسلم. {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتََاعٌ إِلى ََ حِينٍ (111)} [الأنبياء: الآية 111].
ولما خرج حوثرة الأسدي وجّه معاوية إلى الحسن عليه السلام يسأله أن يكون المتولى لمحاربة الخوارج، فقال: والله لقد كففت عنك لحقن الدماء وما أحسب ذلك يسعني. أفأقاتل عنك قوما أنت والله بقتالي اولى منهم.
ولما قدم معاوية المدينة صعد المنبر، ونال من علي عليه السلام فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
إن الله لم يبعث نبيّا إلا جعل له عدوّا من المجرمين، فأنا ابن عليّ، وأنت ابن صخر، وأمّك هند وأمّي فاطمة، وجدّتك قتيلة، وجدّتي خديجة.
فلعن الله ألأمنا حسبا وأخملنا ذكرا، وأعظمنا كفرا، وأشدّنا نفاقا.
فصاح أهل المسجد: آمين، آمين، وقطع معاوية خطبته ونزل ودخل منزله.
ودخل إلى معاوية وهو مضطجع، فقعد عند رجله، فقال معاوية: ألا أطرفك؟ بلغني أنّ أمّ المؤمنين عائشة تقول: إنّ معاوية لا يصلح للخلافة. فقال الحسن رضي الله عنه: وأعجب من ذلك قعودي عند رجلك، فقام معاوية واعتذر إليه.
وقيل له عليه السلام: فيك عظمة، قال: لا، بل فيّ عزة. قال الله تعالى: {وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: الآية 8].(1/225)
ودخل إلى معاوية وهو مضطجع، فقعد عند رجله، فقال معاوية: ألا أطرفك؟ بلغني أنّ أمّ المؤمنين عائشة تقول: إنّ معاوية لا يصلح للخلافة. فقال الحسن رضي الله عنه: وأعجب من ذلك قعودي عند رجلك، فقام معاوية واعتذر إليه.
وقيل له عليه السلام: فيك عظمة، قال: لا، بل فيّ عزة. قال الله تعالى: {وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: الآية 8].
وقال لأبيه عليهما الرحمة: إن للعرب جولة. ولو قد رجعت إليها غوارب أحلامها، لقد ضربوا إليك أكباد الإبل حتّى يستخرجوك ولو كنت في مثل وجار الضّبع.
وخطب مرة فقال: ما بين جابلق وجابلص رجل جدّه نبي غيري.
وقام إليه رجل، فقال: سوّدت وجوه المؤمنين. فقال: لا تؤنّبني رحمك الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى بني أميّة يصعدون على منبره رجلا رجلا.
وروي عن رجل من أهل الشام قال: دخلت المدينة، فرأيت راكبا على بغلة لم أر أحسن وجها ولا سمتا ولا ثوبا ولا دابة منه، فمال قلبي إليه، فسألت عنه، فقيل: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب. فامتلأ قلبي له بغضا، وحسدت عليّا أن يكون له ابن مثله، فصرت إليه فقلت: أنت ابن أبي طالب؟
فقال: أنا ابن ابنه. قلت فبك وبأبيك. أسبّهما. فلما انقضى كلامي قال:
أحسبك غريبا، قلت: أجل. قال: فمل بنا، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك، أو إلى مال آسيناك، أو إلى حاجة عاونّاك. قال: فانصرفت عنه وما على الأرض أحبّ إليّ منه.
وقال معاوية: إذا لم يكن الهاشمي جوادا لم يشبه قومه، وإذا لم يكن المخزومي تيّاها لم يشبه قومه، وإذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه قومه، وإذا لم يكن الأمويّ حليما لم يشبه قومه.
فبلغ ذلك الحسن عليه السلام، فقال: ما أحسن ما نظر لقومه! أراد أن يجود بنو هاشم بأموالهم فيفتقروا، وتزهى بنو مخزوم فتبغض وتشنأ، ويحارب بنو الزبير فيتفانوا، وتحلم بنو أمية فتحبّ.
وقال عليه السلام لحبيب بن مسلمة: رب مسير لك في غير طاعة الله.
فقال: أمّا مسيري إلى أبيك فلا. قال: بلى. ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة. ولعمري لئن قام بك في دنباك لقد قعد بك في دينك. ولو أنّك إذ فعلت
شرّا قلت خيرا كما قال الله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صََالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} [التّوبة: الآية 102] ولكنك فعلت شرّا وقلت شرّا فأنت كما قال الله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطفّفين: الآية 14].(1/226)
فقال: أمّا مسيري إلى أبيك فلا. قال: بلى. ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة. ولعمري لئن قام بك في دنباك لقد قعد بك في دينك. ولو أنّك إذ فعلت
شرّا قلت خيرا كما قال الله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صََالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} [التّوبة: الآية 102] ولكنك فعلت شرّا وقلت شرّا فأنت كما قال الله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطفّفين: الآية 14].
قال الشعبي: كان معاوية كالجمل الطّبّ (1)، قال يوما والحسن عليه السلام عنده: أنا ابن بحرها جودا، وأكرمها جدودا، وأنضرها عودا. فقال الحسن: أفعليّ تفخر؟ أنا ابن عروق الثّرى، أنا ابن سيد أهل الدّنيا، وأنا ابن من رضاه رضا الرحمن، وسخطه سخط الرحمن. هل لك يا معاوية من قديم تباهى به، أو أب تفاخرني به؟ قل لا أو نعم، أيّ ذلك شئت، فإن قلت لا أثبتّ، وإن قلت نعم عرفت. قال معاوية: فإنّي أقول لا تصديقا لك. فقال عليه السلام: [الكامل]
الحقّ أبلج ما يخيل سبيله ... والحقّ يعرفه ذوو الألباب (2)
وأتاه رجل فقال: إن فلانا يقع فيك. قال: ألقيتني في تعب. أريد الآن أن أستغفر الله لي وله.
وجاء عليه السلام إلى أبي بكر وهو يخطب فقال: انزل عن منبر أبي قال أبو بكر: صدقت. إنه لمنبر أبيك لا منبر أبي، ثم أخذه فأجلسه في حجره وبكى، فقال علي عليه السلام: والله ما كان هذا عن أمري. فقال أبو بكر رضي الله عنه: صدقت. والله ما اتهمتك.
وقال الحسن عليه السلام: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه.
وسئل عن البخل فقال: هو أن يرى الرّجل ما أنفقه تلفا، وما أمسكه شرفا.
وقال: حسن السّؤال نصف العلم.
وقال: التبرع بالمعروف، والإعطاء قبل السؤال من أكبر السّؤدد.
__________
(1) الجمل الطب: الحاذق الخبير.
(2) البيت لعبد الله بن العجاج الثعلبي في لسان العرب (كحل)، وتاج العروس (كحل).(1/227)
الحسين بن عليّ عليهما السلام (1)
لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
الحمد لله، وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على رسوله وسلم. خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة. وما أولهى إلى أسلافي! اشتياقي كاشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه. كأنّي بأوصالي تتقطعها عسلان (2) الفلوات بين النّواويس وكربلاء، فيملأن منّي أكراشا جوفا وأجربة سغبا. لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت. نصبر على بلائه، ويوفّينا أجور الصّابرين، لن تشذّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمته هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرّ بهم عينه، وينجز لهم وعده.
من كان باذلا فينا مهجته، وموطّنا على لقائنا نفسه فليرحل، فإني راحل مصبحا إن شاء الله.
وخطب عليه السلام فقال:
أيها الناس. نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه، واكتسبوا الحمد بالنّجح، ولا تكتسبوا بالمطل ذمّا، فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة له رأى أنّه لا يقوم بشكرها فالله له بمكافأته، فإنّه أجزل عطاء، وأعظم أجرا، واعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملّوا النّعم، فتحور نقما، واعلموا أن المعروف يكسب حمدا ويكسب أجرا، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسرّ الناظرين، ويفوق العالمين، ولو رأيتم اللؤم رجلا رأيتموه سمجا مشوّها تنفر منه القلوب، وتغضّ دونه الأبصار. أيها الناس. من جاد ساد، ومن بخل رذل. وإن أجود الناس من
__________
(1) هو الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، ولد في المدينة سنة 4هـ، السبط الشهيد، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعاه الناس للخلافة وقاتل الأمويين حتى استشهد بكربلاء سنة 61هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 68، الأعلام 2/ 243، تهذيب ابن عساكر 4/ 311، الكامل في التاريخ 4/ 19. تاريخ الطبري 6/ 215، تاريخ الخميس 2/ 297، صفة الصفوة 1/ 321).
(2) عسلان الفلوات: ذئابها.(1/228)
أعطى من لا يرجوه، وإن أعفى الناس من عفا عن قدرة، وإن أفضل الناس من وصل من قطعه، والأصول على مغارسها ففروعها تسمو. فمن تعجّل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا، ومن أراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها وقت حاجته، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه، ومن نفّس كربة مؤمن فرّج الله عنه كرب الدنيا والآخرة، ومن أحسن أحسن الله إليه، والله يحبّ المحسنين.
وخطب فقال:
إن الحلم زينة، والوفاء مروءة، والصّلة رحمة، والاستكبار صلف، والعجلة سفه، والسّفه ضعف، والغلوّ ورطة، ومجالسة الدّناة شرّ، ومجالسة أهل الفسق ريبة.
ولما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه، لقي في ذلك العام الحسين عليه السلام فقال: أبا عبد الله هل بلغك ما صنعت بحجر وأصحابه من شيعة أبيك؟ فقال: لا. قال: إنّا قتلناهم وكفنّاهم وصلّينا عليهم، فضحك الحسين عليه السلام، ثم قال: خصمك القوم يوم القيامة يا معاوية. أما والله لو ولينا مثلها من شيعتك ما كفّنّاهم ولا صلّينا عليهم. وقد بلغني وقوعك بأبي حسن، وقيامك واعتراضك بني هاشم بالعيوب، وايم الله لقد أوترت غير قوسك، ورميت غير غرضك، وتناولتها بالعداوة من مكان قريب، ولقد أطعت امرءا ما قدم إيمانه، ولا حدث نفاقه، وما نظر لك، فانظر لنفسك أودع. يريد:
عمرو بن العاص.
قال أنس (1): كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيّته بها، فقال لها: أنت حرّة لوجه الله تعالى، فقلت: تحيّيك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها! قال: كذا أدّبنا الله جلّ جلاله. قال:
__________
(1) هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام، الأنصاري البخاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بن كعب، وأسيد بن حضير، توفي سنة 93هـ (انظر ترجمته في: البدآية والنهاية 9/ 10197، الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 12، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 4، الأعلام للزركلي 2/ 24، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 3/ 139، صفة الصفوة 1/ 298، تهذيب الكمال 2/ 345330، كتاب الوفيات لابن قنفذ ص 85).(1/229)
{وَإِذََا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهََا أَوْ رُدُّوهََا} [النّساء: الآية 86] فكان أحسن منها عتقها.
وقال يوما لأخيه الحسن عليهما السلام: يا حسن. وددت أن لسانك لي، وأن قلبي لك.
وكتب إليه الحسن عليه السلام يلومه على إعطاء الشعراء، فكتب إليه:
أنت أعلم مني أن خير المال ما وقى العرض.
ومن دعائه: اللهمّ لا تستدرجني بالإحسان، ولا تؤدّبني بالبلاء.
ودعاه عبد الله بن الزبير وأصحابه فأكلوا ولم يأكل الحسين عليه السلام، فقيل له: ألا تأكل؟ قال: إني صائم، ولكن تحفة الصائم قيل: وما هي؟ قال:
الدّهن والمجمر.
وجنى غلام له جناية توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي {وَالْكََاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: الآية 134] قال: خلّوا عنه. قال: يا مولاي {وَالْعََافِينَ عَنِ النََّاسِ} [آل عمران: الآية 134] قال: قد عفوت عنك.
قال: يا مولاي {وَاللََّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: الآية 134] قال: أنت حرّ لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك.
وقال الفرزدق (1): لقيني الحسين عليه السلام في منصرفي من الكوفة فقال: ما وراءك يا أبا فراس؟ قلت: أصدقك. قال: الصدق أريد. قلت: أما القلوب فمعك، وأما السيوف فمع بني أميّة عليك. والنصر من عند الله. قال:
ما أراك إلا صدقت. إن الناس عبيد المال، والدين لغو على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت به معايشهم، فإذا محصوا للابتلاء قلّ الديّانون.
وقال الحسين عليه السلام: من أتانا لم يعدم خصلة من أربع آية محكمة، وقضية عادلة، وأخا مستفادا، ومجالسة العلماء.
__________
(1) الفرزدق: هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة، شاعر تميم المشهور، يكنى أبا فراس وأبا الأخطل، والفرزدق لقب غلب عليه، توفي سنة 112هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 360359).(1/230)
وكان يرتجز يوم قتل عليه السلام ويقول: [رجز]
الموت خير من ركوب العار ... والعار خير من ركوب النار
والله من هذا وهذا جاري (1)
وقال عليه السلام: صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك، فأكرم وجهه عن ردّك إيّاه.
وكان يقول: حوائج الناس إليكم نعمة من الله عليكم. فلا تملّوا النّعم فتحور نقما (2).
ولما نزل به عمرو بن سعد لعنه الله وأيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنّه قد نزل من الأمر ما ترون، وإن الدّنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها واستمرّت، حتّى لم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء، وإلا خسيس عيش كالكلإ الوبيل. ألا ترون الحقّ لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله. فإني لا أرى الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظّالمين إلا برما.
وقال عليه السلام: علّمنا عبد الله بن جعفر السّخاء.
وقيل: كان بينه وبين أخيه الحسن عليهما السلام كلام، فقيل للحسين:
ادخل على أخيك فهو أكبر منك فقال: إني سمعت جدّي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيّما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر كان سابقه إلى الجنة. وأنا أكره أن أسبق أخي الأكبر فبلغ قوله الحسن رضي الله عنه فأتاه عاجلا.
عليّ بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه (3)
نظر إلى سائل يبكي، فقال: لو أنّ الدنيا في يد هذا، ثم سقطت منه ما كان ينبغي أن يبكي عليها.
__________
(1) الرجز في البيان والتبيين 3/ 278، وفيه أن الرجز للحسن بن علي.
(2) تحور: تصير وتتحول.
(3) علي بن الحسين: هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، المشهور بزين العابدين، الإمام الرابع من الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. توفي سنة 94هـ. (انظر ترجمته(1/231)
وسئل رضي الله عنه: لم أوتم النبيّ صلى الله عليه وسلم من أبويه؟ قال: لئلا يوجب عليه حقّ لمخلوق.
وقال: ليس في القرآن: يا أيّها الّذين آمنوا، إلّا وهي في التوراة: يا أيّها المساكين.
وقال لابنه: يا بني. إياك ومعاداة الرجال، فإنه لن يعدمك مكر حليم، أو مفاجأة لئيم.
وكان رضي الله عنه إذا توضأ للصلاة احمرّ واصفرّ وتلوّن ألوانا، فإذا قام إلى الصلاة رجفت أضلاعه فقيل له في ذلك فقال: أتدرون بين يدي من أنا قائم؟
وسقط ابن له في بئر، ففزع أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه وكان قائما يصلّي، فما زال عن محرابه فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت، إني كنت أناجي ربّا عظيما.
وكان له ابن عمّ يأتيه بالليل متنكّرا، فيناوله شيئا من الدنانير، فيقول:
لكنّ علي بن الحسين ما يصلني لا جزاه الله عني خيرا. فيسمع ذلك فيحتمله، ويصبر عليه ولا يعرّفه نفسه، فلما مات عليّ رضي الله عنه فقدها، فحينئذ علم أنه هو كان، فجاء إلى قبره وبكى عليه.
وكان يقال له ابن الخيّرتين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ لله من عباده خيرتين، فخيرته من العرب قريش ومن العجم فارس»، وكانت أمه ابنة كسرى.
وبلغه عليه الرحمة قول نافع بن جبير (1) في معاوية حيث قال: كان يسكته الحلم، وينطقه العلم، فقال: كذب، بل كان يسكته الحصر، وينطقه البطر.
__________
في: البداية والنهاية 9/ 126113، كتاب الثقات لابن حبان 5/ 159، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 162).
(1) هو نافع بن جبير بن مطعم بن عدي القرشي، أبو محمد، كان من خيار الناس والمحدثين الثقات، كان يحجّ ماشيا وناقته تقاد، توفي في ولاية سليمان بن عبد الملك سنة 99هـ (انظر:
كتاب الثقات لابن حبان 5/ 467466، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 158، تذهيب التهذيب ص 343).(1/232)
وقيل له: من أعظم الناس خطرا؟ قال: من لم ير الدّنيا خطرا لنفسه.
وتزوّج أمة له أعتقها، فلامه عبد الملك بن مروان على ذلك وكتب إليه:
أما بعد فإنه قد بلغني عنك أنك أعتقت أمتك وتزوّجتها، وقد كان لك في أكفائك من قريش ما تستكرم به في الصّهر، وتستنجب به في الولد، فلم تنظر لنفسك ولا لولدك ونكحت في اللؤم.
فكتب إليه.
أما بعد، فإني أعتقتها بكتاب الله، وارتجعتها بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنّه والله ما فوق رسول الله مرتقى لأحد في مجد، إنّ الله قد رفع بالإسلام الخسيسة، وأتمّ النقيصة، وأكرم به من اللّؤم فلا عار على مسلم. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج أمته وامرأة عبده.
فقال عبد الملك: إنّ عليّ بن الحسين يشرف من حيث يتّضع النّاس.
وروى لنا الصاحب رحمه الله عن أبي محمد الجعفري عن أبيه عن عمه عن جعفر، قال: قال رجل لعليّ بن الحسين: ما أشدّ بغض قريش لأبيك! قال: لأنّه أورد أوّلهم النّار، وألزم آخرهم العار. قال: ثم جرى ذكر المعاصي، فقال: أعجب لمن يحتمي من الطّعام لمضرّته، ولا يحتمي من الذّنب لمعرّته.
وقيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا خائفين برسول الله، وأصبح جميع أهل الإسلام آمنين به.
قال ابن الأعرابي: لما وجّه يزيد بن معاوية عسكره لاستباحة أهل المدينة ضمّ عليّ بن الحسين رضي الله عنه أربعمائة منّا فيمن يعولهنّ إلى أن انقرض جيش مسلم بن عقبة، فقالت امرأة منهن: ما عشت والله بين أبويّ بمثل ذلك التتريف.
وقد حكي عنه مثل ذلك عند إخراج ابن الزّبير بن أمية من الحجاز.
كتب الوليد بن عبد الملك إلى صالح بن عبد الله المري عامله على المدينة: أبرز الحسن بن الحسن بن علي وكان محبوسا فاضربه في مسجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة سوط. فأخرجه إلى المسجد، واجتمع الناس وصعد صالح ليقرأ عليهم الكتاب ثم ينزل فيأمر بضربه، فبينا هو يقرأ الكتاب إذ جاء عليّ بن الحسين رضي الله عنه فأفرج له الناس حتى انتهى إلى الحسن، فقال: يا ابن عمّ، ما لك؟ ادع الله بدعاء الكرب يفرّج الله عنك، فقال: ما هو يا ابن عم؟ قل لا إله إلّا الله العليّ العظيم، سبحان ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين.(1/233)
كتب الوليد بن عبد الملك إلى صالح بن عبد الله المري عامله على المدينة: أبرز الحسن بن الحسن بن علي وكان محبوسا فاضربه في مسجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة سوط. فأخرجه إلى المسجد، واجتمع الناس وصعد صالح ليقرأ عليهم الكتاب ثم ينزل فيأمر بضربه، فبينا هو يقرأ الكتاب إذ جاء عليّ بن الحسين رضي الله عنه فأفرج له الناس حتى انتهى إلى الحسن، فقال: يا ابن عمّ، ما لك؟ ادع الله بدعاء الكرب يفرّج الله عنك، فقال: ما هو يا ابن عم؟ قل لا إله إلّا الله العليّ العظيم، سبحان ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين.
قال: وانصرف عليّ بن الحسين، وأقبل الحسن يكرّرها، فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل، قال: أرى سجنه. رجل مظلوم، أخّروا أمره وأنا أراجع أمير المؤمنين في أمره فأخّروه ثم أطلق بعد أيام.
قال عليّ رضي الله عنه وقد قيل له: ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟ قال: أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعطي مثله.
قال رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع فيه، فأعرض الزبيريّ عنه ولم يجبه، ثم دار كلام، فسب الزبيريّ عليّ بن الحسن رضي الله عنه فأعرض عنه ولم يجبه، فقال له الزبيريّ: ما يمنعك من جوابي؟ قال عليّ: ما يمنعك من جواب الرّجل.
ومات له ابن فلم ير منه جزع، فسئل عن ذلك، فقال: أمر كنّا نتوقّعه، فلما وقع لم ننكره.
قال طاوس (1): رأيت رجلا يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب ويدعو ويبكي في دعائه، فتبعته حين فرغ من صلاته، فإذا هو علي بن الحسين رضي الله عنهما فقلت له: يا بن رسول الله، رأيتك على حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك من الخوف أحدهما: أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثانية شفاعة جدّك، والثالثة رحمة الله. فقال: يا طاوس أمّا أنّي ابن رسول الله
__________
(1) هو طاوس بن كيسان اليماني الهمداني، أبو عبد الرحمن، كان من عباد أهل اليمن ومن فقهائهم من سادات التابعين، توفي بمكة سنة 101هـ، وقيل: سنة 111هـ، وقيل: سنة 106هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 4/ 391، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 66، الأعلام 3/ 322).(1/234)
صلى الله عليه وسلم فلا تؤّمنني، وقد سمعت الله يقول: {فَلََا أَنْسََابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ} [المؤمنون:
الآية 101] وأما شفاعة جدّي فلا تؤمنني لأنّ الله يقول: {وَلََا يَشْفَعُونَ إِلََّا لِمَنِ ارْتَضى ََ} [الأنبياء: الآية 28]. وأما رحمة الله فإنّ الله تعالى يقول: {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: الآية 56] ولا أعلم أني محسن.
وسمع رضي الله عنه رجلا كان يغشاه يذكر رجلا بسوء، فقال: إياك والغيبة فإنها إدام كلاب النّاس.
وقال: الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتخر بملكه.
وقال: كلّ عين ساهرة يوم القيامة إلا ثلاثا: عين سهرت في سبيل الله، وعين غضّت عن محارم الله، وعين فاضت من خشية الله.
محمد بن عليّ الباقر رضي الله عنه (1)
قال يوما لأصحابه: أيدخل أحدكم يده في كمّ صاحبه فيأخذ حاجته من الدنانير والدراهم؟ قالوا: لا. قال: فلستم إذا بإخوان.
وقال لابنه جعفر رضي الله عنه: يا بنيّ، إنّ الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرنّ من الطاعة شيئا، فلعلّ رضاه فيه.
وخبأ سخطه في معصيته، فلا تحقرنّ من المعاصي شيئا، فلعل سخطه فيه.
وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحدا، فلعلّ ذلك الوليّ.
واجتمع عنده قوم من بني هاشم وغيرهم، فقال لهم: اتقوا الله، شيعة آل محمد، وكونوا النّمرقة الوسطى، يرجع إليكم الغالي، ويلحق بكم التالي! قالوا له: وما الغالي؟ قال: الذي يقول فينا ما لا نقوله في أنفسنا. قالوا: فما التّالي؟
قال: الذي يطلب الخير فتزيدونه خيرا، إنه والله ما بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله من حجّة، ولا نتقرّب إليه إلّا بالطّاعة فمن كان منكم مطيعا لله يعمل
__________
(1) هو الإمام الباقر: محمد بن علي زين العابدين بن الحسين الطالبي الهاشمي، أبو جعفر الباقر، ولد بالمدينة سنة 57هـ، وتوفي فيها سنة 114هـ، خامس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، ناسك عابد، عالم بالتفسير (الأعلام 6/ 270).(1/235)
بطاعته نفعته ولايتنا أهل البيت، ومن كان منكم عاصيا لله يعمل بمعاصيه لم تنفعه ولايتنا. ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا.
وروي أن عبد الله بن معمر الليثي قال لأبي جعفر: بلغني أنك تفتي في المتعة، فقال: أحلّها الله في كتابه، وسنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها أصحابه. فقال عبد الله: فد نهى عمر عنها، قال: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله: فيسرّك أنّ نساءك فعلن ذلك؟ قال أبو جعفر: وما ذكر النّساء ههنا يا أنوك؟ إنّ الذي أحلّها في كتابه وأباحها لعباده أغير منك وممّن نهى عنها تكلّفا، بل يسرّك أنّ بعض حرمك تحت حاكة يثرب نكاحا؟ قال: لا. قال: فلم تحرم ما أحلّ الله لك؟ قال: لا أحرّم، ولكن الحائك ما هو لي بكفء، قال: فإنّ الله ارتضى عمله ورغّب فيه وزوّجه حورا، أفترغب عمّن يرغب الله فيه، وتستنكف ممّن هو كفء لحور الجنان كبرا وعتوّا؟ قال: فضحك عبد الله وقال: ما أحسب صدوركم إلا منابت أشجار العلم، فصار لكم ثمره، وللنّاس ورقه.
وسئل لم فرض الله تعالى الصوم على عباده؟ فقال: ليجد الغنيّ مسّ الجوع فيحنو على الضعيف.
وقال: إنّ قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة العبد، وإنّ قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.
وقال أبو عثمان الجاحظ (1): جمع محمّد عليه السلام صلاح شأن الدّنيا بحذافيرها في كلمتين، فقال: صلاح شأن التّعايش والتّعاشر مثل مكيال، ثلثاه فطنة وثلث تغافل.
هنّأ رجلا بمولود فقال: أسأل الله أن يجعله خلفا معك وخلفا بعدك فإنّ الرّجل يخلف أباه في حياته وموته.
__________
(1) هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، أبو عثمان البصري، الإمام اللغوي النحوي المعروف بالجاحظ، ولد سنة 150هـ، وتوفي سنة 255هـ، قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه. له العشرات من المصنفات (انظر الملل والنحل ص 75، الفرق ص 175، كشف الظنون 5/ 802).(1/236)
قال الحكم بن عيينة (1): مررنا بامرأة محرمة وقد أسبلت ثوبها، فقلت:
أسفري عن وجهك. قالت: أفتاني بذلك زوجي محمّد بن عليّ بن الحسن رضي الله عنهم.
وكان رضي الله عنه إذا رأى مبتلى أخفى الاستعاذة. وكان لا يسمع من داره: يا سائل بورك فيك، ولا يا سائل خذ هذا، وكان يقول: سمّوهم بأحسن أسمائهم.
وكان يقول: اللهمّ أعنّي على الدّنيا بالغنى وعلى الآخرة بالعفو.
وقال لابنه: يا بني، إذا أنعم الله عليك نعمة فقل: الحمد لله، وإذا حزبك أمر فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا أبطأ عليك رزق فقل: استغفر الله. وقال: أدّب الله محمدا صلى الله عليه وسلم أحسن الأدب فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ (199)} [الأعراف: الآية 199]. فلما وعى قال: {وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: الآية 7].
زيد بن عليّ رضي الله عنه (2)
وكان يسمى في آل محمد صلى الله عليه وسلم الراهب.
ومن كلامه: إن الذين كرمت عليهم أنفسهم حفظوها بطاعة الله من العمل بمعصيته، وأدّبوها بالقرآن، وأقاموها على حدود الرحمن فلم يهتكوا حجاب ما حرّم الله عليهم، ولم يسأموا من الصبر ومرارته في الله ابتغاء مرضاته، فراقبوه في الخلوات، وبذلوا له في أنفسهم الكثير من الطاعات، حتى إذا
__________
(1) هو الحكم بن عيينة الكندي، أحد الحفاظ، ولد سنة 50هـ، وتوفي سنة 113هـ (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 4/ 144، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 323، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 120).
(2) هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أخو محمد بن علي الباقر، ولد سنة 79هـ، وتوفي سنة 122هـ، وقيل: سنة 121هـ، إمام هاشمي، إليه تنسب الفرقة الزيدية، فقيه عالم متكلم، خطيب. (انظر: الأعلام 3/ 59، مقاتل الطالبيين ص 127، فوات الوفيات 1/ 164، تاريخ الطبري 8/ 260، الكامل في التاريخ 5/ 84، شذرات الذهب 1/ 158).(1/237)
عرضت لقلوبهم الدّنيا أعرضوا عنها بيقين لا يشوبه ريب فهؤلاء هم المؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وقال رحمه الله: لا يسأل العبد عن ثلاث يوم الحساب عمّا أنفق في مرضه، وعما أنفق في إفطاره، وعما أنفق في قرى ضيفه.
وقال رضي الله عنه: اطلب ما يعنيك ودع ما لا يعنيك فإنّ في ترك ما لا يعنيك دركا لما يعنيك، وإنّما تقدم على ما قدّمت، ولست قادما على ما أخّرت، فآثر ما تلقاه غدا على ما لا تراه أبدا.
ووقع بينه وبين عبد الله بن الحسن بن الحسن كلام برصاصة هشام في صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عبد الله: يا ابن السّوداء، فقال: ذلك لونها، فقال: يا ابن النّوبيّة. فقال: ذلك جنسها. فقال: يا ابن الخبّازة.
فقال: تلك حرفتها. قال: يا ابن الفاجرة. فقال: إن كنت صادقا فغفر الله لها، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك. فقال عبد الله: بل أنا كاذب، يقولها ثلاث مرّات.
وقال زيد رضي الله عنه: كان عليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى إذ قال له: {وَأَصْلِحْ وَلََا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: الآية 142].
فألصق علي عليه السلام كلكله بالأرض لما رأى صلاحا، فلما رأى الفساد بسط يده وشهر سيفه ودعا إلى سبيل ربّه.
ودخل على هشام، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلّم الله عليك. فقال زيد: اتق الله. فقال: أمثلك يأمرني بتقوى الله؟ قال: إنّه ليس أحد فوق أن يؤمر بتقوى الله، ولا أحد دون أن يأمر بتقوى الله. قال: أنت المحدّث نفسك بالخلافة وأمّك أمّك. قال: يا أمير المؤمنين إنّ الأمهات لا يضعن من الأولاد، ولو وضعت أمّ إسماعيل من إسماعيل، فقد جعله الله نبيّا وذرأ سيد الأولين والآخرين محمدا صلى الله عليه وسلم منه. قال: لقد أعطيت على رغمي جدلا. أخرجوه عنّي. فلما خرج اتّبع فسمع يقول: ما أحبّ الحياة أحد إلا ذلّ.
قارف الزهري (1) ذنبا فاستوحش من الناس، وهام على وجهه، فقال زيد رحمه الله: يا زهري، لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كلّ شيء أشدّ عليك من ذنبك. فقال الزهري: الله أعلم حيث يجعل رسالاته، ورجع إلى أهله وماله وأصحابه.(1/238)
ودخل على هشام، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلّم الله عليك. فقال زيد: اتق الله. فقال: أمثلك يأمرني بتقوى الله؟ قال: إنّه ليس أحد فوق أن يؤمر بتقوى الله، ولا أحد دون أن يأمر بتقوى الله. قال: أنت المحدّث نفسك بالخلافة وأمّك أمّك. قال: يا أمير المؤمنين إنّ الأمهات لا يضعن من الأولاد، ولو وضعت أمّ إسماعيل من إسماعيل، فقد جعله الله نبيّا وذرأ سيد الأولين والآخرين محمدا صلى الله عليه وسلم منه. قال: لقد أعطيت على رغمي جدلا. أخرجوه عنّي. فلما خرج اتّبع فسمع يقول: ما أحبّ الحياة أحد إلا ذلّ.
قارف الزهري (1) ذنبا فاستوحش من الناس، وهام على وجهه، فقال زيد رحمه الله: يا زهري، لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كلّ شيء أشدّ عليك من ذنبك. فقال الزهري: الله أعلم حيث يجعل رسالاته، ورجع إلى أهله وماله وأصحابه.
من خطبة لزيد رضي الله عنه.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، التي من اكتفى بها كفته، ومن اجتنّ بها وقته. هي الزاد ولها المعاد زاد مبلغ، ومعاد منج. دعا إليها أسمع داع، ووعاها خير واع، فأعذر داعيها، وفاز واعيها.
عباد الله: إنّ تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته حتّى أسهرت ليلهم، وأظمأت هو اجرهم، فأخذوا الراحة بالنّصب، والرّيّ بالظّمإ، وقرّبوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل، ولاحظوا الأجل. {طُوبى ََ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرّعد: الآية 29].
ثم إنّ الدنيا دار فناء وعناء، وغير وعبر، فمن العناء أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله عزّ وجلّ لا مالا حمل ولا بناء نقل. ومن الفناء أنّ الدهر موتر قوسه ثم لا تخطئ سهامه، ولا تشوى جراحه، يرمي الحيّ بالموت، والصحيح بالعطب، آكل لا يشبع، وشارب لا يروى. ومن غيرها أنّك تلقى المحروم مغبوطا، والمغبوط محروما، ليس ذلك إلا نعيما زال وبؤسا نزل. ومن عبرها أن المشرف على أمله يقطعه أجله، فلا أمل يدرك، ولا مؤمّل يترك، فسبحان الله، ما أغرّ سرورها، وأظمأ ريّها، وأضحى فيئها! فكأنّ الذي كان من الدنيا لم يكن، وكأنّ الذي هو كائن فيها قد كان، صار أولياء الله فيها إلى الأجر بالصّبر، وإلى الأمل بالعمل، جاوروا الله في داره ملوكا خالدين.
__________
(1) الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبد الله الزهري القرشي، أبو بكر، الشهير بابن شهاب الزهري، ولد سنة 58هـ، وتوفي سنة 124هـ، صنف «كتاب المغازي» (انظر: كشف الظنون 6/ 7، تهذيب التهذيب 9/ 446).(1/239)
إنّ الله خلق موتا بين حياتين موتا بعده حياة، وحياة ليس بعدها موت.
وإن أعداء الله نظروا فلم يجدوا شيئا بعد الموت إلا والموت أهون منه، فسألوا الله عزّ وجلّ الموت، فقالوا: {يََا مََالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنََا رَبُّكَ قََالَ إِنَّكُمْ مََاكِثُونَ}
[الزّخرف: الآية 77]. وإن أولياء الله نظروا فلم يجدوا شيئا بعد الموت إلّا والموت أشدّ منه، فسألوا الله الحياة جزعا من الموت، ولكلّ ممّا هو فيه مزيد.
فسبحان الله، ما أقرب الحيّ من الميت باللّحاق به، وما أبعد الميّت من الحيّ لانقطاعه منه!
إنه ليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه، وليس شيء بشرّ من الشرّ إلا عقابه، وكلّ شيء من الدّنيا سماعه أعظم من عيانه، وكلّ شيء من الآخرة عيانه أعظم من سماعه، فليكفكم من السّماع العيان، ومن الغيب الخبر. إن الّذي أمرتم به أوسع ممّا نهيتم عنه، وما أحلّ لكم أكثر ممّا حرّم عليكم فذروا ما قلّ لما كثر، وما ضاق لما اتّسع، قد تكفّل لكم بالرّزق، وأمرتم بالعمل، فلا يكونن المضمون لكم طلبه أولى بكم من المفروض عليكم، مع أنّه والله، قد اعترض الشكّ، ورحل اليقين، حتّى كأنّ الذي ضمن لكم قد فرض عليكم، وكأنّ الذي فرض عليكم قد وضع عنكم فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل فإنه لا يرجى من رحمة الحياة ما يرجى من رحمة الرّزق فإنّ ما فات اليوم من الرزق يرجى غدا زيادته، وما فات أمس من العمر لم يرج اليوم رجعته، الرّجاء مع الجائي، واليأس مع الماضي و {اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: الآية 102].
ومن خطبة له:
أوصيكم بتقوى الله فإنّ الموصي بها لم يدّخر نصيحة، ولم يقصّر في الإبلاغ فاتّقوا الله في الأمر الذي لا يصل إليه منه شيء إن أصبتموه، ولا ينقص منه شيء إن جهلتموه، وأجملوا في طلب أموركم، ولا تستعينوا بنعمة الله عزّ وجلّ على معصيته.
وقال زيد لابنه رضي الله عنهما: يا بنيّ إن الله عزّ وجلّ لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فحذّرنيك، واعلم أن خير الآباء للأبناء من لم
تدعه المودة إلى التّفريط، وخير الأبناء للآباء من لم يدعه التّقصير إلى العقوق، فاحفظ وصيّتي.(1/240)
وقال زيد لابنه رضي الله عنهما: يا بنيّ إن الله عزّ وجلّ لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فحذّرنيك، واعلم أن خير الآباء للأبناء من لم
تدعه المودة إلى التّفريط، وخير الأبناء للآباء من لم يدعه التّقصير إلى العقوق، فاحفظ وصيّتي.
قال ابن كناسة: لما صلب زيد بن عليّ ما أمسى حتّى نسج العنكبوت على عورته. قال أبو بكر بن عيّاش: بقي زيد أربع سنين مصلوبا فلم تر عورته.
وقيل له: الصمت أفضل أم الكلام؟ فقال: أخزى الله المساكتة، [فما أفسدها للّسان وأجلبها للحصر! والله للمماراة أسرع في هدم العيّ من النّار في يبس العرفج.
وقال: المروءة إنصاف من دونك، والسموّ إلى من فوقك، والجزاء بما أتى من خير أو شرك إليك.
قال: أقبل زيد داخلا إلى المسجد وفيه نفر من قريش قد لحقتهم الشمس في مجلسهم، فقاموا يريدون التحوّل، فلما توسّط المسجد خاف أن يفوتوه، فحصبهم فوقفوا، فقال لهم: أقتل يزيد بن معاوية حسين بن علي؟ قالوا: نعم، قال: ثم مات يزيد؟ قالوا: نعم، قال: فكأنّ حياة بينهما لم تكن، قال: فعلم القوم أنه يريد أمرا.
جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه (1)
سئل: لم صار الناس يكلبون أيام الغلاء على الطعام، ويزيد جوعهم على العادة في الرخص؟ قال: لأنهم بنو الأرض، فإذا قحطت قحطوا وإذا أخصبت أخصبوا.
__________
(1) جعفر الصادق: هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط ابن علي بن أبي طالب الهاشمي، الملقب بالصادق، سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، كان من أجلاء التابعين وله منزلة رفيعة في العلم، أخذ عنه جماعة منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك. ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء وكان جريئا عليهم صداعا بالحق. ولد سنة 80هـ، وتوفي سنة 148هـ. (انظر: كشف الظنون 5/ 251، وفيات الأعيان 1/ 105، صفة الصفوة 2/ 94، طبقات ابن سعد 5/ 444).(1/241)
وشكا إليه رجل جاره، فقال: اصبر عليه، فقال: ينسبني الناس إلى الذلّ، فقال: إنما الذّليل من ظلم، إنما الذليل من ظلم.
وقال رحمه الله: أربعة أشياء القليل منها كثير: النار، والعداوة، والفقر، والمرض.
وسئل: لم سمّيت الكعبة البيت العتيق؟ قال: لأنّ الله أعتقها من الطوفان يوم الغرق.
وقال أبو جعفر المنصور: إنّي قد عزمت على أن أخرب المدينة، ولا أدع بها نافخ ضرمة، فقال: يا أمير المؤمنين، لا أجد بدّ من النّصاحة لك، فأقبلها إن شئت أو لا. قال: وما ذاك؟ قال: إنه قد مضى لك ثلاثة أسلاف أيوب ابتلي فصبر، وسليمان أعطي فشكر، ويوسف قدر فغفر، فاقتد بأيّهم شئت، قال: قد غفرت.
وروي أنه قال وقد قيل بحضرته: جاور ملكا أو بحرا: هذا كلام محال، والصواب: لا تجاور ملكا أو بحرا لأن الملك يؤذيك والبحر لا يرويك.
وسئل عن فضيلة لأمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه لم يشركه فيها غيره، فقال: فضل الأقربين بالسّبق، وفضل الأبعدين بالقرابة.
وعنه رضي الله عنه: «بسم الله الرحمن الرحيم» تيجان السّور.
وقال رضي الله عنه: صحبة عشرين يوما قرابة.
وقف أهل المدينة وأهل مكة بباب أبي جعفر فأذن الربيع لأهل مكة قبل أهل المدينة، فقال جعفر رضي الله عنه: أتأذن لأهل مكة قبل أهل المدينة؟ قال الربيع: إن مكة العشّ، فقال جعفر: عشّ والله طار خياره، وبقي شراره.
وقيل له: لم حرّم الله الربا؟ قال: لئلا يتمانع الناس المعروف.
وقيل له: إن أبا جعفر المنصور لا يلبس منذ صارت إليه الخلافة إلا الخشن، ولا يأكل إلا الجشب (1)، فقال: لم يا ويحه؟ مع ما قد مكّن الله له من السلطان وجبى إليه من الأموال، فقيل له: إنما يفعل ذلك بخلا وجمعا، فقال: الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما له ترك دينه؟(1/242)
وقيل له: لم حرّم الله الربا؟ قال: لئلا يتمانع الناس المعروف.
وقيل له: إن أبا جعفر المنصور لا يلبس منذ صارت إليه الخلافة إلا الخشن، ولا يأكل إلا الجشب (1)، فقال: لم يا ويحه؟ مع ما قد مكّن الله له من السلطان وجبى إليه من الأموال، فقيل له: إنما يفعل ذلك بخلا وجمعا، فقال: الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما له ترك دينه؟
لما قال الحكيم بن عياش الكلبي: [الطويل]
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... ولم أر مهديّا على الجذع يصلب (2)
وقستم بعثمان عليّا سفاهة ... وعثمان خير من عليّ وأطيب
بلغ قوله أبا عبد الله رضي الله عنه فرفع يديه إلى السماء وهما ترعشان، فقال: اللهمّ إن كان عندك كاذبا فسلّط عليه كلبك، فبعثه بنو أمية إلى الكوفة فافترسه الأسد، واتّصل خبره بالصادق رضي الله عنه فخرّ لله ساجدا ثم قال: الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا.
وقال لأبي ولاد الكاهلي: أرأيت عمّي زيدا؟ قال: نعم، رأيته مصلوبا، ورأيت الناس فيه بين شامت حنق، وبين محزون محترق فقال: أما الباكي فمعه في الجنّة، وأما الشامت فشريك في دمه.
وقال: إذا أقبلت الدنيا على المرء أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.
ومرّ به رجل وهو يتغدّى فلم يسلّم، فدعاه إلى الطعام، فقيل له: السّنّة أن يسلّم ثم يدعى، وقد ترك السلام على عمد، فقال: هذا فقه عراقيّ فيه بخل.
وقال: القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق.
وقال: من أنصف من نفسه رضي حكما لغيره.
وقال: أكرموا الخبز فإنّ الله تعالى أنزل له كرامة. قيل: وما كرامته.
__________
(1) الجشب: الخشن من الطعام.
(2) البيتان في العقد الفريد 4/ 483.(1/243)
قال: ألّا يقطع ولا يوطأ، وإذا حضر لم ينتظر به غيره.
وقال: حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم.
وقال: ما من شيء أسرّ إليّ من يد أتبعتها الأخرى لأنّ منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل.
وقال: إنّي لأملق فأتاجر الله بالصّدقة.
وقال: لا يزال العزّ قلقا حتى يأتي دارا قد استشعر أهلها اليأس مما في أيدي الناس فيوطنها.
قال: إذا دخلت إلى منزل أخيك فاقبل الكرامة كلّها ما خلا الجلوس في الصّدر.
وقال: كفّارة عمل السّلطان الإحسان إلى الإخوان.
واشتكى مرة فقال: اللهم اجعله أدبا لا غضبا.
وقال: البنات حسنات والبنون نعم. والحسنات يثاب عليها، والنعم مسؤول عنها، وقال: إياك وسقطة الاسترسال فإنها لا تستقال.
وسئل: ما طعم الماء؟ فقال: طعم الحياة.
وقال: إني لأسارع في حاجة عدوّي خوفا أن أردّه فيستغني عنّي.
وكان يقول: اللهم إنّك بما أنت أهل له من العفو أولى منّي بما أنا أهل له من العقوبة.
وقال: من أكرمك فأكرمه، ومن استخفّ بك فأكرم نفسك عنه.
وأتاه أعرابيّ وقيل بل أتى أباه الباقر رضي الله عنهما فقال: أرأيت الله حين عبدته؟ فقال: ما كنت لأعبد شيئا لم أره. قال: كيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار مشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواسّ، ولا يقاس بالنّاس، معروف بالآيات منعوت بالعلامات. هو الله الذي لا إله إلّا هو. فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
وقال: لا يكون المعروف معروفا إلا باستصغاره وتعجيله وكتمانه.(1/244)
وأتاه أعرابيّ وقيل بل أتى أباه الباقر رضي الله عنهما فقال: أرأيت الله حين عبدته؟ فقال: ما كنت لأعبد شيئا لم أره. قال: كيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار مشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواسّ، ولا يقاس بالنّاس، معروف بالآيات منعوت بالعلامات. هو الله الذي لا إله إلّا هو. فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
وقال: لا يكون المعروف معروفا إلا باستصغاره وتعجيله وكتمانه.
وقال: يهلك الله ستّا بستّ الأمراء بالجور، والعرب بالعصبيّة، والدّهاقين بالكبر، والتّجار بالخيانة، وأخل الرّستاق بالجهل، والفقهاء بالحسد.
وقال: المسترسل موقّى والمحترس ملقّى.
وقال: منع الموجود سوء ظنّ بالمعبود.
وقال: صلة الأرحام منسأة في الأعمار، وحسن الجوار عمارة للدّيار، وصدقة السّرّ مثراة للمال.
وقال له أبو جعفر: ألا تعذرني من عبد الله بن حسن وولده، يبثّون الدعاة، ويثيرون الفتنة. قال: قد عرفت الأمر بيني وبينهم، وإن أقنعك مني آية من كتاب الله تلوتها عليك، قال: هات. قال: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لََا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لََا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبََارَ ثُمَّ لََا يُنْصَرُونَ (12)} [الحشر:
الآية 12]. قال: كفاني. وقبّل بين عينيه.
وقال لرجل: أحدث سفرا يحدث الله لك منه رزقا، والزم ما عوّدت منه الخير.
وقال: دعا الله الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا وفي الآخرة بأعمالهم ليجازوا، فقال: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: الآية 104] و {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا} [التّحريم: الآية 7].
وقال: من أيقظ فتنة فهو أكلها.
وقال: إنّ عيال الرجل أسراؤه، فمن أنعم الله عليه نعمة فليوسّع على أسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة.
وكان يقول: السريرة إذا أصلحت قويت العلانية.
وقال: ما يصنع العبد أن يظهر حسنا ويسرّ سيّئا. أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ليس كذلك، والله عزّ وجلّ يقول: {بَلِ الْإِنْسََانُ عَلى ََ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}
[القيامة: الآية 14].
وقال له أبو حنيفة (1): يا أبا عبد الله، ما أصبرك على الصّلاة! فقال: يا نعمان، أما علمت أنّ الصلاة قربان كلّ تقيّ، وأن الحج جهاد كلّ ضعيف، ولكلّ شيء زكاة، وزكاة البدن الصيام، وأفضل الأعمال انتظار الفرج من الله، والداعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر فاحفظ هذه الكلمات: يا نعمان، استنزلوا الرّزق بالصّدقة، وحصّنوا الأموال بالزّكاة، وما عال امرؤ اقتصد، والتقدير نصف العيش، والتّؤدة نصف العقل، والهمّ نصف الهرم، وقلّة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقّهما، ومن ضرب بيديه على فخذيه عند المصيبة أحبط أجره، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب ودين، والله ينزل الرّزق على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطيّة، ولو أراد الله بالنملة خيرا ما أنبت لها جناحين.(1/245)
وقال: ما يصنع العبد أن يظهر حسنا ويسرّ سيّئا. أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ليس كذلك، والله عزّ وجلّ يقول: {بَلِ الْإِنْسََانُ عَلى ََ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}
[القيامة: الآية 14].
وقال له أبو حنيفة (1): يا أبا عبد الله، ما أصبرك على الصّلاة! فقال: يا نعمان، أما علمت أنّ الصلاة قربان كلّ تقيّ، وأن الحج جهاد كلّ ضعيف، ولكلّ شيء زكاة، وزكاة البدن الصيام، وأفضل الأعمال انتظار الفرج من الله، والداعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر فاحفظ هذه الكلمات: يا نعمان، استنزلوا الرّزق بالصّدقة، وحصّنوا الأموال بالزّكاة، وما عال امرؤ اقتصد، والتقدير نصف العيش، والتّؤدة نصف العقل، والهمّ نصف الهرم، وقلّة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقّهما، ومن ضرب بيديه على فخذيه عند المصيبة أحبط أجره، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب ودين، والله ينزل الرّزق على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطيّة، ولو أراد الله بالنملة خيرا ما أنبت لها جناحين.
وقيل له: ما بلغ من حبّك لموسى؟ قال: وددت أن ليس لي ولد غيره كيلا يشركه في حبّي أحد.
وقال: ثلاثة أقسام بالله إنّها لحقّ، ما نقص مال من صدقة ولا زكاة، ولا ظلم أحد بظلامة فقدر أن يكافئ بها وكظمها إلّا أبدله الله مكانها عزّا، ولا فتح عبد على نفسه باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر.
وقال: ثلاثة لا يزيد الله المرء المسلم بها إلا عزّا: الصفح عمّن ظلمه، والإعطاء لمن حرمه، والصلة لمن قطعه.
__________
(1) الإمام أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت بن كاوس بن مزهر مرزبان بن بهرام، الإمام الأعظم المجتهد الأقدم، أبو حنيفة الكوفي البغدادي، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، ولد بالكوفة سنة 80هـ، وتوفي ببغداد سنة 150هـ، من تصانيفه: «رسالته إلى عثمان البتي قاضي البصرة». «الفقه الأكبر» مشهور وعليه شروحه. «كتاب الرد على القدرية»، «كتاب العلم والمتعلم»، «المسند» في الحديث. (انظر ترجمته في: كشف الظنون 6/ 495، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 348، 7/ 233، كتاب الثقات لابن حبان 5/ 569، البداية والنهاية 10/ 111 112، الأعلام للزركلي 8/ 36، تاريخ بغداد 13/ 323، وفيات الأعيان 2/ 163، النجوم الزاهرة 2/ 12، الجواهر المضية 1/ 26، نزهة الجليس 2/ 176، تاريخ الخميس 2/ 326، مفتاح السعادة 2/ 63، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 330، مرآة الجنان 1/ 309، شذرات الذهب 1/ 227، كتاب الوفيات 130).(1/246)
وقال: الطبائع أربع: البلغم وهو خصم جدل، إن سددته من جانب انفجر من جانب والريح وهو ملك يدارى والدم وهو عبد، وربّما قتل العبد سيّده، والمرّة وهيهات تلكم الأرض إذا رجفت رجف ما عليها.
وقال: من اليقين ألّا ترضي النّاس بما يسخط الله، ولا تذمّهم على ما لم يؤتك الله، ولا تحمدهم على رزق الله فإنّ الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يصرفه كره كاره ولو أن أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه الرّزق كما يدركه الموت.
وقال: مروءة الرجل في نفسه نسب لعقبه وقبيلته.
وقال: من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيّته زيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهل بيتة زيد في عمره.
وقال: خذ من حسن الظنّ بطرف تروّح به قلبك وتروّج به أمرك.
وقال: المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حقّ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، والّذي إذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له.
موسى بن جعفر رضي الله عنه (1)
ذكر أنّ موسى الهادي قد همّ به، فقال لأهل بيته: بم تشيرون؟ قالوا:
نرى أن تتباعد عنه، وأن تغيّب سخطك، فإنه لا يؤمن شرّه، فقال: [الكامل]
زعمت سخينة أن ستغلب ربّها ... وليغلبنّ مغالب الغلّاب (2)
ثم رفع يديه إلى السماء؟ فقال: إلهي، كم من عدوّ لي قد شحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي شبا حدّه، وذاف لي قواتل سمومه، ولم تنم عنّي عين
__________
(1) هو موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر، أبو الحسن، الملقب بالكاظم، ولد بالقرب من المدينة سنة 128، وتوفي ببغداد سجينا سنة 183هـ، سابع الأئمة الاثني عشرية، تقي عابد، عالم جواد، له مسند في الحديث (انظر: الأعلام 7/ 321، وفيات الأعيان 2/ 131، البداية والنهاية 10/ 183، صفة الصفوة 1/ 103، ميزان الاعتدال 3/ 209. نور الأبصار ص 142، فرق الشيعة ص 81، تاريخ بغداد 13/ 27، شذرات الذهب 1/ 304).
(2) البيت لكعب بن مالك في ديوانه ص 182، ولسان العرب (غلب)، (سخن).(1/247)
حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمّات الجوائح صرفت ذلك عنّي بحولك وقوّتك، لا بحولي وقوّتي، فألقيته في الحفير الذي احتفره لي، خائبا مما أمّله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك. سيدي اللهم فخذه بعزّتك، وافلل حدّه عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عمّن يناديه، اللهم واعدني عليه عدوى حاضرة تكون من غيظي شفاء، ومن حنقي عليه وفاء، وصل اللهم دعائي بالإجابة، وانظم شكايتي بالتعبير، وعرّفه عمّا قليل ما وعدت به الظالمين، وعرّفني ما وعدت في إجابة المضطرين إنك ذو الفضل العظيم، والمنّ الكريم.
قال: ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى الهادي، ففي ذلك يقول بعضهم في وصف دعائه: [الطويل]
وسارية لم تسر في الأرض تبتغي ... محلّا، ولم يقطع بها السّفر قاطع
وهي أبيات مليحة ما قيل في وصف الدعاء المستجاب أحسن منها.
وسأله الرشيد، فقال: لم زعمتم أنكم أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منّا؟
فقال: يا أمير المؤمنين، لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله، وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم، فقال: لكنه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه لأنه ولدنا ولم يلدكم.
وقد روي أنه قال: هل كان يجوز أن يدخل على حرمك وهن منكشفات؟
فقال: لا، فقال: لكنه كان يدخل على حرمي كذلك وكان يجوز له. وقيل: إنه سأله أيضا: لم قلتم إنّا ذريّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوّزتم للناس أن ينسبوكم إليه، فيقولون: يا بني رسول الله، وأنتم بنو عليّ وإنما ينسب الرجل إلى أبيه دون جدّه فقال:
أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم، بسم الله الرّحمن الرحيم.
{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى ََ وَهََارُونَ وَكَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيََّا وَيَحْيى ََ وَعِيسى ََ وَإِلْيََاسَ} [الأنعام: الآيتان 84، 85]. وليس
لعيسى أب، وإنما ألحق بذرّيّة الأنبياء من قبل أمّه، وكذلك ألحقنا بذرية النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمّنا فاطمة رضي الله عنها وأزيدك يا أمير المؤمنين قال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعََالَوْا نَدْعُ أَبْنََاءَنََا وَأَبْنََاءَكُمْ وَنِسََاءَنََا وَنِسََاءَكُمْ وَأَنْفُسَنََا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: الآية 61]. ولم يدع عليه السلام عند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين وهم الأبناء.(1/248)
{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى ََ وَهََارُونَ وَكَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيََّا وَيَحْيى ََ وَعِيسى ََ وَإِلْيََاسَ} [الأنعام: الآيتان 84، 85]. وليس
لعيسى أب، وإنما ألحق بذرّيّة الأنبياء من قبل أمّه، وكذلك ألحقنا بذرية النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمّنا فاطمة رضي الله عنها وأزيدك يا أمير المؤمنين قال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعََالَوْا نَدْعُ أَبْنََاءَنََا وَأَبْنََاءَكُمْ وَنِسََاءَنََا وَنِسََاءَكُمْ وَأَنْفُسَنََا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: الآية 61]. ولم يدع عليه السلام عند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين وهم الأبناء.
ومات رضي الله عنه في حبس الرشيد. وقيل: سعى عليه جماعة من أهل بيته، منهم محمد بن جعفر بن محمد أخوه، ومحمد بن إسماعيل بن جعفر ابن أخيه والله أعلم.
وسمع موسى رضي الله عنه رجلا يتمنّى الموت، فقال: هل بينك وبين الله قرابة يحابيك بها؟ قال: لا. قال: فهل لك حسنات قدّمتها تزيد على سيّئاتك؟ قال: لا. قال: فأنت إذا تتمنى هلاك الأبد.
وقال رحمه الله: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في النّقصان، ومن كان في النقصان فالموت خير له من الحياة.
وروي عنه أنه قال: اتخذوا القيان فإنّ لهن فطنا وعقولا ليست لكثير من النساء فكأنه أراد النجابة من أولادهنّ.
علي بن موسى الرضا رضي الله عنه (1)
سأله الفضل بن سهل (2) في مجلس المأمون (3)، فقال: يا أبا الحسن
__________
(1) هو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، أبو الحسن الملقب بالرضا، ولد بالمدينة سنة 153هـ وتوفي بطوس سنة 203هـ. ثامن الأئمة الاثني عشرية. من سادات أهل البيت وفضلائهم (الأعلام 5/ 26، ابن الأثير 6/ 119، تاريخ الطبري 10/ 251، منهاج السنة 2/ 125، تاريخ اليعقوبي 3/ 180، وفيات الأعيان 1/ 321، نزهة الجليس 2/ 65).
(2) الفضل بن سهل السرخسي الخراساني، ولد سنة 154، أصبح وزيرا للمأمون بعد أن تولى الخلافة، قتل بسرخس سنة 202هـ (شذرات الذهب 21/ 4).
(3) المأمون: هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي، كنيته أبو العباس، وقيل: أبو جعفر، ولد سنة 170هـ، وبويع بعد قتل أخيه الأمين سنة 198هـ. وتوفي بأرض الروم سنة 218هـ. (انظر العقد الفريد 5/ 119، والكامل في التاريخ 6/ 288282).(1/249)
الخلق مجبرون؟ فقال: الله أعدل أن يجبر ثم يعذّب قال: فمطلقون؟ قال: الله أحكم، أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه.
أتى المأمون بنصراني قد فجر بها شميّة، فلما رآه أسلم فغاظه ذلك، وسأل الفقهاء فقالوا: أهدر الإسلام ما قبل ذلك. فسأل المأمون الرضا رضي الله عنه، فقال: اقتله لأنه أسلم حين رأى البأس قال الله عزّ وجلّ: {فَلَمََّا رَأَوْا بَأْسَنََا قََالُوا آمَنََّا بِاللََّهِ وَحْدَهُ} [غافر: الآية 84] إلى آخر السورة.
قال عمرو بن مسعدة (1): بعثني المأمون إلى عليّ رضي الله عنه لأعلمه ما أمرني به من كتاب في تقريظه، فأعلمته ذلك، فأطرق مليّا ثم قال: يا عمرو إنّ من أخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم لحقيق أن يعطي به.
وسئل رضي الله عنه عن صفة الزاهد، فقال: متبلّغ بدون قوته، مستعدّ ليوم موته متبرم بحياته.
وسئل عن القناعة، فقال: القناعة تجمع إلى صيانة النفس، وعزّ القدر طرح مؤن الاستكثار والتّعبّد لأهل الدّنيا، ولا يسلك طريق القناعة إلا رجلان:
إما متقلّل يريد أجر الآخرة، أو كريم متنزّه عن لئام النّاس.
امتنع رجل عنده عن غسل اليد قبل الطعام فقال رضي الله عنه:
اغسلها، فالغسلة الأولى لنا، وأما الثانية فلك. إن شئت فاتركها.
أدخل إلى المأمون رجل أراد ضرب عنقه والرّضا حاضر فقال له المأمون: ما تقول فيه يا أبا الحسن؟ فقال: أقول إنّ الله لا يزيدك بحسن العفو إلا عزّا، فعفا عنه.
حدث أبو الصّلت (2) قال: كنت مع علي بن موسى رضي الله عنه وقد دخل نيسابور، وهو راكب بغلة شهباء، فغدا في طلبه علماء البلد: أحمد بن
__________
(1) هو عمرو بن مسعدة بن سعد، وزير المأمون وكاتبه، توفي سنة 217هـ (الأعلام 5/ 260).
(2) أبو الصلت: هو عباس بن صالح بن سليمان الهروي، مولى قريش، سكن نيسابور، وخدم علي بن موسى الرضا، كان عالما زاهدا (انظر: تهذيب التهذيب ترجمة رقم 616).(1/250)
حنبل (1)، ويسن بن النضر، ويحيى بن يحيى (2)، وعدة من أهل العلم فتعلّقوا بلجامه في المربّعة، فقالوا له: بحقّ آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك فقال: حدّثني أبي العدل الصالح موسى بن جعفر، قال:
حدّثني أبي باقر علم الأنبياء محمد بن علي قال: حدّثني أبي سيد العابدين علي بن الحسين، قال: حدّثني أبي سيّد شباب أهل الجنة الحسين بن علي، قال: سمعت أبي سيد العرب عليّ بن أبي طالب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. قال:
فقال أحمد بن حنبل: لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنونه.
وروي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم مثل ذلك يحكيه عن أبيه، وأنه قرأه على مصروع فأفاق.
ولمّا عقد المأمون البيعة له بعده قال: يا أمير المؤمنين إن النصح واجب لك، والغشّ لا ينبغي لمؤمن، إنّ العامّة تكره ما فعلت بي، وإن الخاصة تكره ما فعلت بالفضل بن سهل، فالرأي لك أن تنحّينا عنك حتى يصلح أمرك.
فكان إبراهيم الصولي (3) يقول: كان هذا والله السبب فيما آل الأمر إليه.
حدّث بعضهم قال: خطب المأمون بالمدينة، فقال:
أيّها الناس أتدرون من وليّ عهدكم؟ هذا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ: [السريع]
ستة آباءهم ما هم ... هم خير من يشرب صوب الغمام
__________
(1) هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن إدريس، أبو عبد الله الشيباني المروزي الأصل، بغدادي المولد والوفاة، ولد سنة 164هـ، وتوفي سنة 241هـ، أحد الأئمة الأربعة عند السنّة، وإليه ينسب المذهب الحنبلي (انظر كشف الظنون 5/ 48).
(2) هو يحيى بن يحيى النيسابوري، من المحدثين المتثبتين، توفي سنة 226هـ (انظر: الجرح والتعديل 4/ 197).
(3) هو أبو إسحق إبراهيم بن العباس بن محمد بن هولتكين البغدادي، وهو ابن أخت العباس بن الأحنف، كان شاعرا أديبا، توفي سنة 243هـ، صنّف ديوان شعره مشهور، «كتاب الدولة»، «كتاب الرسائل»، «كتاب البطيخ»، ولعله كتاب الطبيخ، «كتاب العطر» (كشف الظنون 5/ 2).(1/251)
روي عن الرضا رحمه الله أنه قال: من شبّه الله بخلقه فهو مشرك، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر.
وروي عن بعض أصحابه أنه قال: دخلت عليه بمرو فقلت له: يا ابن رسول الله، روي لنا عن الصادق رضي الله عنه أنه قال: لا جبر ولا تفويض، أمر بين أمرين فما معناه؟ قال: من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذّبنا فقد قال بالجبر، ومن زعم أن الله فوّض أمر الخلق والرزق إلى خلقه، فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر، والقائل بالتفويض مشرك. فقلت: يا ابن رسول الله فما أمر بين أمرين؟ قال: وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه.
وقال في قول الله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: الآية 85] قال:
عفو بغير عتاب. وفي قوله: {خَوْفاً وَطَمَعاً} [الرّعد: الآية 12] خوفا للمسافر وطمعا للمقيم.
وقال له المأمون: يا أبا الحسن أخبرني عن جدّك عليّ بن أبي طالب بأي وجه هو قسيم الجنة والنار؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حبّ عليّ إيمان وبغضه كفر». فقال: بلى. قال الرضا: فقسمة الجنة والنار إذا كانت على حبّه وبغضه فهو قسيم الجنّة والنّار. فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن، أشهد أنك وارث علم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو الصلت الهرويّ: فلما رجع الرضا إلى منزله أتيته فقلت: يا ابن رسول الله ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين! فقال: يا أبا الصلت إنما كلمته من حيث هو، لقد سمعت أبي يحدّث عن آبائه عن عليّ رضي الله عنه، قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عليّ، أنت قسيم الجنّة والنّار يوم القيامة، تقول للنّار هذا لي وهذا لك».
ودخل عليه بخراسان قوم من الصوفيّة، فقالوا له: إنّا أمير المؤمنين المأمون نظر فيما ولّاه الله من الأمر فرآكم أهل البيت أولى الناس بأن تؤمّوا الناس، ونظر فيكم أهل البيت فرآكم أولى الناس بالناس، فرأى أن يردّ هذا
الأمر إليك، والأمة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن، ويركب الحمار، ويعود المريض. قال: وكان الرضا رضي الله عنه متّكئا فاستوى جالسا، ثم قال: كان يوسف نبيّا يلبس أقبية الديباج المزرّرّة بالذهب، ويجلس على متّكآت آل فرعون ويحكم إنّما يراد من الإمام قسطه وعدله إذا قال صدق، وإذا حكم عدل، وإذا وعد أنجز إنّ الله تعالى لم يحرّم لبوسا ولا مطعما، وتلا: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللََّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبََادِهِ وَالطَّيِّبََاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
[الأعراف: الآية 32].(1/252)
ودخل عليه بخراسان قوم من الصوفيّة، فقالوا له: إنّا أمير المؤمنين المأمون نظر فيما ولّاه الله من الأمر فرآكم أهل البيت أولى الناس بأن تؤمّوا الناس، ونظر فيكم أهل البيت فرآكم أولى الناس بالناس، فرأى أن يردّ هذا
الأمر إليك، والأمة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن، ويركب الحمار، ويعود المريض. قال: وكان الرضا رضي الله عنه متّكئا فاستوى جالسا، ثم قال: كان يوسف نبيّا يلبس أقبية الديباج المزرّرّة بالذهب، ويجلس على متّكآت آل فرعون ويحكم إنّما يراد من الإمام قسطه وعدله إذا قال صدق، وإذا حكم عدل، وإذا وعد أنجز إنّ الله تعالى لم يحرّم لبوسا ولا مطعما، وتلا: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللََّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبََادِهِ وَالطَّيِّبََاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
[الأعراف: الآية 32].
محمد بن علي بن موسى رضي الله عنه (1)
تذكر المتوكل في علّة إن وهب الله له العافية أن يتصدق بمال كثير، فعوفي، فأحضر الفقهاء واستفتاهم، فكلّ منهم قال شيئا إلى أن قال محمد رضي الله عنه: إن كنت نويت الدنانير فتصدّق بثمانين دينارا، وإن كنت نويت الدراهم فتصدّق بثمانين درهما.
فقال الفقهاء: ما نعرف هذا في كتاب ولا سنّة، فقال: بلى.
قال الله عزّ وجلّ: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللََّهُ فِي مَوََاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التّوبة: الآية 25]. فعدّوا وقائع رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا فإذا هي ثمانون.
هذه القصة إن كانت وقعت للمتوكل فالجواب لعليّ بن محمّد. فإنّ محمدا لم يلحق أيام المتوكّل، ويجوز أن تكون له مع غيره من الخلفاء.
وأتاه رجل فقال: أعطني على قدر مروءتك، قال: لا يسعني، قال: فقال على قدري، قال: أمّا ذا فنعم، يا غلام أعطه مائتي دينار.
__________
(1) هو محمد بن علي الرضى بن موسى الكاظم الطالبي الهاشمي القرشي، أبو جعفر الملقب بالجواد، ولد بالمدينة سنة 195هـ، وتوفي ببغداد سنة 220هـ، تاسع الأئمة الاثني عشرية، صالح تقي مهيب قوي البديهة، (انظر: الأعلام 6/ 271، مرآة الجنان 2/ 20، تاريخ بغداد 3/ 54، منهاج السنة 2/ 127، وفيات الأعيان 1/ 450، شذرات الذهب 2/ 48، النجوم الزاهرة 2/ 231).(1/253)
عبد الله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنه (1)
نظر إليه رجل وهو مغموم، فقال ما غمّك يا ابن رسول الله؟ فقال: كيف لا أغتمّ وقد امتحنت بأغلظ من محنة إبراهيم خليل الله ذاك أمر بذبح ابنه ليدخل الجنّة، وأنا مأخوذ بأن أحضر ابنيّ ليقتلا فأدخل النار.
ولمّا أمعن داود بن علي في قتل بني أمية بالحجاز، قال له عبد الله: يا ابن عم إذا أفرطت في قتل أكفائك فمن تباهى بسلطانك؟ أو ما يكفيك منهم أن يروك غاديا رائحا فيما يسرّك ويسوءهم؟
وكتب إلى صديق له: اتّق الله فإنه جعل لمن اتّقاه من عباده المخرج مما يكره والرّزق من حيث لا يحتسب.
قالوا: كان عثمان بن خالد المرّي على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك فأساء بعبد الله والحسن ابني الحسن إساءة عظيمة وقصدهما، فلما عزل أتياه، فقالا: لا تنظر إلى ما كان بيننا فإنّ العزل قد محاه، وكلّفنا أمرك كلّه. فلجأ إليهما، فبلغا له كلّ ما أراد فجعل عثمان يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
وكان عبد الله يقول: يا بنيّ اصبر فإنما هي غدوة أو روحة حتى يأتي الله بالفرج.
وروي أنه قال لابنه محمد حين أراد الاستخفاء: يا بني، إني مؤدّ إليك حقّ الله في تأديبك ونصيحتك، فأدّ إليّ حقّه عليك في الاستماع والقبول، يا بني كفّ الأذى، واقض النّدى، واستعن على السّلامة بطول الصّمت في المواطن التي تدعوك فيها نفسك إلى الكلام فإن الصّمت حسن، وللمرء ساعات يضرّه فيها خطؤه، ولا ينفعه فيها صوابه. واعلم أن من أعظم الخطإ العجلة قبل الإمكان، والأناة بعد الفرصة. يا بني: احذر الجاهل وإن كان لك
__________
(1) هو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي، ولد سنة 70هـ، وحبسه المنصور حين علم أن ابنيه قد استترا بغية الثورة، مات سجينا بالكوفة سنة 145هـ، وكان عمره يوم مات خمسا وسبعين سنة (البداية والنهاية 10/ 9998).(1/254)
ناصحا كما تحذر عداوة العاقل إذا كان لك عدوّا فيوشك الجاهل أن يورّطك بمشورته في بعض اغترارك، فيسبق إليك مكر العاقل ومورّط الجاهل، وإياك ومعاداة الرجال فإنه لا يعدمك منها مكر حليم ومفاجأة جاهل.
قال بعضهم: إني لعند عبد الله بن حسن رضي الله عنه وهو واقف على نهاية ما يكون من الخوف والجزع من مروان بن محمد إذا استأذن أبو عديّ الأموي الشاعر فأدخل، فبشّره بأن البيعة قد وقعت بالكوفة لعبد الله بن محمد أبي العباس السفاح، فوهب له عبد الله أربعمائة دينار، ودفع إليه ابناه إبراهيم ومحمد مثلها، ودفعت إليه أمّهما مائتي دينار فانصرف بألف دينار.
وقال السفّاح يوما لعبد الله: أما وعدتني أن تحضر ابنيك محمدا وإبراهيم؟ قال: والله ما أعلم علمهما. وأعلم منّي بأمرهما عمّهما حسن بن حسن. وكان حسن قد قال لعبد الله: إذا سألك عنهما فارم بأمرهما إليّ، فوجّه أبو العباس إلى حسن: إن أخاك زعم أن علم ابنيه عندك، وما أريدهما إلّا لما هو خير لهما، فوجّه إليه حسن: يا أمير المؤمنين، لم تنقص معروفك عند هذا الشيخ؟ وقد علمت أنه إن كان في قدر الله أن يلي ابناه أو أحدهما شيئا من هذا الأمر لم ينفعك ظهورهما، وإن كان لم يقدّر ذلك لم يضرّك استتارهما. فقال أبو العباس: صدق والله حسن، لا ذكرتهما بعد هذا وأمسك عن طلبهما.
ولما أخرج المنصور عبد الله بن حسن وأهل بيته من المدينة مقيّدين على جمال في محامل أعري كلّ واحد منهم يعادله جنديّ، وقعت عين عبد الله على أبي جعفر في الطريق فناداه: يا أبا جعفر ما هكذا فعلنا بأسرائكم يوم بدر.
وكان عبد الله يقول في الحبس: اللهمّ إن كان هذا من سخطك فاشدد عليّ حتّى ترضى فبلغ ذلك جعفر الصادق رضي الله عنه فقال: رحم الله أبا محمّد أما إنّه لو سأل ربّه العافية كان خيرا له.
ومن كلام عبد الله: المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحلّ العقدة الوثيقة، وأقلّ ما فيه أن تكون المغالبة أشد أسباب القطيعة.
وكان يقال في ذلك الزمان: من أكرم الناس؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، فيقال: من أحسن الناس؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، فيقال: من أفضل الناس؟(1/255)
ومن كلام عبد الله: المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحلّ العقدة الوثيقة، وأقلّ ما فيه أن تكون المغالبة أشد أسباب القطيعة.
وكان يقال في ذلك الزمان: من أكرم الناس؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، فيقال: من أحسن الناس؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، فيقال: من أفضل الناس؟
فيقال: عبد الله بن الحسن. وكان أولاده يسمون حلي البلاد.
محمد بن عبد الله بن الحسن (1) النفس الزكية وأخويه رضي الله عنهم.
لما ظهر بالمدينة كتب إليه المنصور:
بسم الله الرّحمن الرّحيم من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله. أما بعد ف {إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسََاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلََافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذََلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيََا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذََابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة: الآيتان 33، 34].
ولك ذمة الله عزّ وجل وعهده وميثاقه، وحقّ نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن تبت من قبل أن أقدر عليك أن أؤمّنك على نفسك وولدك وإخوتك ومن تابعك وبايعك وجميع شيعتك، وأن أعطيك ألف ألف درهم، وأنزلك من البلاد حيث شئت، وأقضي لك ما شئت من الحاجات، وأن أطلق من في سجني من أهل بيتك وشيعتك وأنصارك، ثم لا أتبع أحدا منهم بمكروه فإن شئت أن تتوثّق لنفسك فوجّه إليّ من يأخذ لك من الميثاق والعهد والأمان ما أحببت والسلام.
فكتب إليه محمد رضي الله عنه:
من عبد الله محمد المهدي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد. أما بعد،
__________
(1) هو محمد بن عبد الله بن الحسن، أبو عبد الله، الملقب بالأرقط، وبالمهدي، وبالنفس الزكية، ولد بالمدينة سنة 93هـ وتوفي فيها سنة 145هـ، أحد أمراء الطالبيين، عالم، شجاع، جواد، ثار أيام الأمويين، ثم أيام العباسيين، إلى أن مات شهيدا (انظر: الأعلام 6/ 220، مقاتل الطالبيين ص 232، تاريخ ابن خلدون 3/ 190، الكامل في التاريخ 5/ 201، تاريخ الطبري 9/ 201، شذرات الذهب 1/ 66، الوافي بالوفيات 3/ 297).(1/256)
{طسم (1) تِلْكَ آيََاتُ الْكِتََابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى ََ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلََا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهََا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طََائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنََاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسََاءَهُمْ إِنَّهُ كََانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوََارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهََامََانَ وَجُنُودَهُمََا مِنْهُمْ مََا كََانُوا يَحْذَرُونَ (6)}
[القصص: الآيات 61].
وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذي أعطيتني فقد تعلم أن الحقّ حقنا، وأنكم إنما طلبتموه بنا، ونهضتم فيه بشيعتنا، وخطبتموه بفضلنا، وأنّ أبانا عليّا عليه السلام كان الوصيّ والإمام، فكيف ورثتموه دوننا ونحن أحياء؟
وقد علمت أنه ليس أحد من بني هاشم يمتّ بمثل فضلنا، ولا يفخر بمثل قديمنا وحديثنا، ونسبنا وسببنا، وأنا بنو أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت عمرو في الجاهلية دونكم، وبنو بنته فاطمة في الإسلام من بينكم، وأنا أوسط بني هاشم نسبا، وخيرهم أمّا وأبا، لم تلدني العجم، ولم تعرق فيّ أمهات الأولاد.
وإن الله تبارك وتعالى لم يزل يختار لنا فولدني من النبيين أفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه أقدمهم إسلاما، وأوسعهم علما، وأكثرهم جهادا عليّ بن أبي طالب، ومن نسائه أفضلهن خديجة بنت خويلد أول من آمن بالله وصلّى القبلة، ومن بناته أفضلهن سيدة نساء أهل الجنة، ومن المولودين في الإسلام الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة. ثم قد علمت أن هاشما ولد عليّا مرتين، وأن عبد المطلب ولد الحسن مرّتين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدني مرتين من قبل جدّيّ الحسن والحسين، فما زال الله عزّ وجلّ يختار لي حتى اختار لي في النار فولدني أرفع الناس درجة في الجنة وأهون أهل النّار عذابا، وأنا ابن خير الأخيار، وابن خير أهل الجنة، وابن خير أهل النّار.
ولك عهد الله، إن دخلت في بيعتي، أن أؤمّنك على نفسك وولدك وكلّ ما أصبته إلا حدّا من حدود الله أو حقّا لمسلم أو معاهد. وقد علمت ما يلزمك في ذلك، وأنا أوفى بالعهد منك، وأنت أحرى بقبول الأمان منّي فأمّا أمانك الّذي عرضته فأيّ الأمانات هو؟ أمان ابن هبيرة، أم أمان عبد الله عمّك، أم أمان أبي مسلم؟ والسلام.
وللمنصور جواب عن هذه الرسالة طويل فيه احتجاج كثير، وطعن وقدح أمسكنا عن ذكره.(1/257)
ولك عهد الله، إن دخلت في بيعتي، أن أؤمّنك على نفسك وولدك وكلّ ما أصبته إلا حدّا من حدود الله أو حقّا لمسلم أو معاهد. وقد علمت ما يلزمك في ذلك، وأنا أوفى بالعهد منك، وأنت أحرى بقبول الأمان منّي فأمّا أمانك الّذي عرضته فأيّ الأمانات هو؟ أمان ابن هبيرة، أم أمان عبد الله عمّك، أم أمان أبي مسلم؟ والسلام.
وللمنصور جواب عن هذه الرسالة طويل فيه احتجاج كثير، وطعن وقدح أمسكنا عن ذكره.
روى الصولي بإسناد له عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة قال: اجتمع رجال من بني هاشم في منزلي منهم: إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وعبد الله بن علي وغيرهم من بني العباس. ومن ولد أبي طالب عبد الله والحسن ابنا الحسن، وابنا عبد الله محمد وإبراهيم، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم وغيرهم من أهلهم، وكان اجتماعهم للحجّ، فخفي بذلك إبراهيم، فابتدأ محمد بن عبد الله فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد، يا بني هاشم، فإنكم خيرة الله، وعترة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبنو عمه وذريتّه، فضّلكم الله بالوحي، وخصّكم بالنبوة، وإن أولى الناس بحفظ دين الله، والذّبّ عن حرمه من وضعه الله بموضعكم من نبيّه صلى الله عليه وسلم، وقد أصبحت الأمة مغصوبة، والسنّة مبدّلة، والأحكام معطّلة، فالباطل حي، والحق ميت فأبلوا أنفسكم في طاعة الله، واطلبوا باجتهادكم رضاه، واعتصموا بحبله من قبل أن تهونوا بعد كرامة، وتذلّوا بعد عزّ، كما ذلت بنو إسرائيل من قبلكم، وكانت أحبّ الخلق في وقتها إلى ربكم، فقال فيهم جلّ وعزّ: {كََانُوا لََا يَتَنََاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: الآية 79] فمن رأى منكم نفسه أهلا لهذا الأمر فإنّا نراه له أهلا، وهذي يدي له بالسّمع والطاعة، ومن أحسّ من نفسه ضعفا، أو خاف منها وهنا وعجزا فلا يحلّ له التولّي على المسلمين، وليس بأفقههم في الدين، ولا أعلمهم بالتأويل. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
قال: فو الله ما ردّ أحد كلمة غير أبي جعفر عبد الله بن محمّد، فإنه قال:
أمتع الله قومك بك، وكثّر فيهم مثلك، فو الله لا يزال فينا من يسمو إلى الخير، ويرجى لدفع الضّيم، ما أبقاك الله لنا وشدّ بك أزرنا.
فقالوا لعبد الله: أنت شيخ بني هاشم وأقعدهم، فامدد يدك حتّى نبايعك فقال: ما أفعل ذلك، ولكن هذا ابني محمد فبايعوه، فقالوا له: إنّما قيل لك
هذا لأنه لم يشكّ فيك، وههنا من هو أحقّ بالأمر من ابنك، واختلطت الأصوات، وقاموا لوقت صلاة.(1/258)
فقالوا لعبد الله: أنت شيخ بني هاشم وأقعدهم، فامدد يدك حتّى نبايعك فقال: ما أفعل ذلك، ولكن هذا ابني محمد فبايعوه، فقالوا له: إنّما قيل لك
هذا لأنه لم يشكّ فيك، وههنا من هو أحقّ بالأمر من ابنك، واختلطت الأصوات، وقاموا لوقت صلاة.
قال عبد الله بن جعفر فتوكأ جعفر بن محمّد على يديّ وقال: والله لا يملكها إلّا هذان الفتيان وأومأ إلى السفاح والمنصور ثم تبقى فيهم حتى يتلعّب بها خدمهم ونساؤهم، وإنّ الرادّ على محمد بن عبد الله كلامه من العباسيّين هو قاتله وقاتل أبيه وأخيه.
ثم افترقوا، فقال لي محمد بن عبد الله المنصور وكان بيني وبينه خاصة ودّ: ما الذي قال له جعفر؟ فعرّفته ذلك، فقال: إنه خيرنا آل محمد، وما قال شيئا قطّ إلا وجدناه كما قال.
قال عبد العزيز بن عمران: وبلغني أن المنصور قال: رتّبت عمّالي بعد جعفر ثقة بقوله.
قالوا: ولد محمد رضي الله عنه في سنة مائة في شهر رمضان، فصار عبد الله أبوه إلى عمر بن عبد العزيز فعرّفه ذلك، فأثبته في شرف العطاء، وقال لعبد الله: أقسم بالله لئن عدت إليّ في حاجة لأقضينّها. اكتب إليّ فيما تريد حتى أفعله.
كان محمد يقول: إن كنت لأطلب العلم في دور الأنصار، حتى إنه لأتوسّد عند أحدهم فيوقظني الإنسان فيقول: إن سيّدك قد خرج إلى الصلاة، ما يحسبني إلّا عبده.
قال إبراهيم بن عبد الله بن حسن: وجدت جميع ما يطلب العباد من جسيم الخير عند الله في ثلاث: في المنطق والنظر والسكوت فكلّ منطق ليس فيه ذكر فهو لغو، وكل سكوت ليس فيه تفكّر فهو سهو، وكل نظر ليس فيه عبرة فهو غفلة. فطوبى لمن كان منطقة ذكرا، ونظره عبرا، وسكوته تفكّرا، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم المسلمون منه.
وقال في خطبته يوم الفطر: اللهمّ إنك ذاكر اليوم آباءنا بأبنائهم وأبناءنا بآبائهم فاذكرنا عندك بمحمّد صلى الله عليه وسلم يا حافظ الآباء في الأبناء احفظ ذرّيّة نبيّك. قال: فبكى الناس بكاء شديدا.
قالوا: نازع رجل من بني عدي بن كعب، يقال له: محمد بن إسماعيل، موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن رضي الله عنهم في بئر احتفرها، فقال: يا أبا الحسن، ما وفّقت فيما صنعت، فقال له موسى: ومن أنت حتى تقول هذا؟ قال: أنا من تعرف، قال: أعرفك دنيّا في قريش تحملك القوادم.(1/259)
وقال في خطبته يوم الفطر: اللهمّ إنك ذاكر اليوم آباءنا بأبنائهم وأبناءنا بآبائهم فاذكرنا عندك بمحمّد صلى الله عليه وسلم يا حافظ الآباء في الأبناء احفظ ذرّيّة نبيّك. قال: فبكى الناس بكاء شديدا.
قالوا: نازع رجل من بني عدي بن كعب، يقال له: محمد بن إسماعيل، موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن رضي الله عنهم في بئر احتفرها، فقال: يا أبا الحسن، ما وفّقت فيما صنعت، فقال له موسى: ومن أنت حتى تقول هذا؟ قال: أنا من تعرف، قال: أعرفك دنيّا في قريش تحملك القوادم.
فلم يجبه العدوى، ثم التقيا، فأحدّ موسى النظر إليه، فقال له العدوي: أتحدّ النظر إليّ وتستطيل بالخيلاء عليّ؟ أغرّك حلمي وعفوي عما كان منك؟ الخير لك أن تربع على ظلعك، وتقيس شبرك بفترك، وتعرف حالك من حال غيرك.
فقال موسى: ما أعدّك ولا أعتدّ بك، وإنك للغوي العيي، القريب من كل شر، البعيد من كل خير. وأما ذكرك شبري وفتري فإنّ فتري من شبري، وشبري من فتري، من كفّ رحبة الذراع طويلة الباع، يقيمها ما يقعدك ويرفعها ما يخفضك، ومهما جهلت منّي فإني عالم بأني خير منك أمّا وأبا ونفسا وإن رغم أنفك، وتصاغرت إليك نفسك.
وروي أنّ موسى بن عبد الله دخل على الرشيد فعثر بالبساط، فضحك الخدم فقال: يا أمير المؤمنين، إنه ضعف صوم لا ضعف سكر.
وكان المنصور قد حبس موسى مع أبيه وعموته، ثم أفرج عنه على أن يظهر أخويه، فاستتر عنه إلى أن خرج مع أخويه، ثم استتر أيضا، فظفر به المنصور، وضربه ألف سوط، فما نطق بحرف فقال الربيع: ما عجبي لصبر هؤلاء الشّطّار، ولكن عجبي من هذا الفتى الذي لم تره الشمس. وسمع موسى قوله فقال: الصبر وأنت على الحق أولى منه وأنت على الباطل، وأنشد:
[الكامل]
إني من القوم الذين يزيدهم ... جلدا وصبرا قسوة السلطان
محمد بن إبراهيم بن إسماعيل (1)
ابن إبراهيم طباطبا بن حسن بن حسن بن علي رضي الله عنهم
__________
(1) هو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، خرج سنة 199هـ بالكوفة يدعو إلى الرضى من آل محمد، وهو الذي يقال له ابن طباطبا،(1/260)
صاحب أبي السرايا. خطب حين انتهب أبو السرايا قصر العباس بن موسى بن عيسى، فقال:
أما بعد، فإنه لا يزال يبلغني أنّ القبائل منكم تقول: إنّ بني العباس فيء لنا، نخوض في دمائهم، ونرتع في أموالهم، ويقبل قولنا فيهم، وتصدق دعوانا عليهم، حكم بلا علم، وعزم بلا رويّة. عجبا لمن أطلق بذلك لسانه، أو حدّث به نفسه! أبكتاب الله حكم أم سنة نبيّه صلى الله عليه اتبع؟ أو بسط يدي له بالجور أمّل؟ هيهات هيهات، فاز ذو الحقّ بما نوى، وأخطأ طالب ما تمنّى، حقّ كلّ ذي حقّ في يده، وكلّ مدّع على حجته، ويل لمن اغتصب حقّا، وادعى باطلا، فلح من رضي بحكم الله، وخاب من أرغم الحقّ أنفه. العدل أولى بالأثرة وإن رغم الجاهلون، حقّ لمن أمر بالمعروف أن يجتنب المنكر، ولمن سلك سبيل العدل أن يصبر على مرارة الجور، كلّ نفس تسمو إلى همتها. ونعم الصاحب القناعة.
أيها الناس إن أكرم العبادة الورع، وأفضل الزاد التقوى فاعملوا في دنياكم، وتزوّدوا لآخرتكم. {اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
[آل عمران: الآية 102]. وإياكم والعصبية وحمية الجاهلية فإنهما تمحقان الدين، وتورثان النّفاق، خلّتان ليستا من ديني ولا دين آبائي رحمة الله عليهم. تعاونوا على البرّ والتّقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، يصلح لكم دينكم وتحسن المقالة فيكم. الحقّ أبلج، والسبيل منهج، والباطل لجلج، والناس مختلفون، ولكلّ في الحقّ سعة، من حاربنا حاربناه، ومن سالمنا سالمناه، والناس جميعا آمنون إلا رجلا نصب لنا نفسه، وأعان علينا بماله، ولو شئت أن أقول: ورجل قال فينا يتناول من أعراضنا قلت ولكن حسب امرئ ما اكتسب، وسيكفي الله.
__________
وكان القائم بأمره وتدبير الحرب بين يدي أبو السرايا السري بن منصور الشيباني، ومرض في السنة نفسها ومات، فجأة، ويقال إن أبا السرايا سمّه. (انظر: البداية والنهاية 10/ 258 259).(1/261)
ولما اشتدت به علّته قال له أبو السرايا: أوصني يا ابن رسول الله فقال: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيبين أوصيك بتقوى الله فإنها أحصن جنّة، وامنع عصمة، والصبر فإنه أفضل منزل وأحمد معوّل، وأن تستتمّ الغضب لربك، وتدوم على منع دينك، وتحسن صحبة من استجاب لك، وتعدل بهم عن المزالق، ولا تقدم إقدام متهوّر، ولا تضجّع تضجيع متهاون، واكفف عن الإسراف في الدماء، ما لم يوهن لك دينا ويصدّك عن صواب، وارفق بالضعفاء وإياك والعجلة فإن معها الهلكة واعلم أن نفسك موصولة بنفوس آل محمد عليه السلام، ودمك مختلط بدمائهم فإن سلموا سلمت، وإن هلكوا هلكت فكن على أن يسلموا أحرص منك على أن يعطبوا وقّر كبيرهم، وبرّ صغيرهم، واقبل رأي عالمهم. واحتمل هفوة إن كانت من جاهلهم يرع الله حقك، واحفظ قرابتهم يحسن الله نصرك وولّ الناس الخيرة لأنفسهم فيمن يقوم مقامي لهم من آل عليّ فإن اختلفوا فالأمر إلى عليّ بن عبد الله رضيت دينه ورضيت طريقته فارضوا به، وأحسنوا طاعته تحمدوا رأيه وبأسه.
وخطب الناس يوما، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
عباد الله، إنّ عين الشتات تلاحظ الشّمل بالبتات، وإن يد الفناء تقطع مدّة البقاء، فلا يكبحنّكم الرّكون إلى زهرتها عن التزوّد لمقركم منها فإن ما فيها من نعيم بائد، والراحل عنها غير عائد. وما بعدها إلا جنة تزلف للمتقين، أو نار تبرّز للغاوين. {مَنْ عَمِلَ صََالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسََاءَ فَعَلَيْهََا وَمََا رَبُّكَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصّلت: الآية 46].
جماعة من الأشراف العلوية
كان يحيى بن الحسين يسمى ذا الدّمعة، وكانت عينه لا تكاد تجفّ من الدموع، فقيل له في ذلك، فقال: وهل ترك السهمان فيّ مضحكا، يعني:
السهم الذي رمى به زيد رحمه الله والسهم الذي رمى به يحيى بن زيد.
كان عيسى بن زيد رحمه الله خرج مع النّفس الزكية محمد بن عبد الله، وأشار عليه لما كثر عليه الجيش أن يلحق باليمن، فإن له هناك شيعة، وطلبه
يبعد، فلم يقبل منه فلما أحس بالقتل ندم على ترك القبول منه، وقال لمن حوله من شيعته: الأمر من بعدي لأخي إبراهيم فإن أصيب فلعيس بن زيد.(1/262)
كان عيسى بن زيد رحمه الله خرج مع النّفس الزكية محمد بن عبد الله، وأشار عليه لما كثر عليه الجيش أن يلحق باليمن، فإن له هناك شيعة، وطلبه
يبعد، فلم يقبل منه فلما أحس بالقتل ندم على ترك القبول منه، وقال لمن حوله من شيعته: الأمر من بعدي لأخي إبراهيم فإن أصيب فلعيس بن زيد.
فلما قتل محمد استتر عيسى مدة أيام المنصور وفي أيام المهدي، فطلب طلبا شديدا إلى أن مات في الاستتار في آخر أيام المهدي.
وحدّث شبيب بن شيبة، قال: كنت أجالس المهديّ في كل خميس، خامس خمسة، فخرج إلينا عشية وهو غضبان لخبر بلغه عن عيسى بن زيد، فقال: لعن الله كتّابي وعمالي وأصحاب بردي وأخباري، هذا ابن زيد قد غمض عليّ أمره فما ينجم لي منه خبر، فقلت: لا تشكونّ منه يا أمير المؤمنين، وما يكربك من خبر ابن زيد؟ فو الله ما هو بحقيق أن يتّبع وأن يجتمع عليه اثنان.
قال: فنظر إليّ نظرة منكر لقولي، ثم قال: كذبت، والله هو والله الحقيق بأن يتّبع، وأن يجتمع عليه المسلمون. وما يبعده عن ذلك؟ لقد حطبت في حبلي، وطلبت هواي بفساد أمري. يا فضل للفضل بن الربيع احجبه عن هذا المجلس. قال: فحجبت عنه مدة.
ولعيسى بن زيد شعر حسن، ومات وله ستّون سنة، كان ثلث عمره عشرين سنة في الاستتار.
وكان ابنه أحمد بن عيسى من أفاضل أهل البيت علما وفقها وزهدا، وكان الرشيد حبسه ثم أطلقه، ثم طلبه لما بلغه كثرة شيعته من الزيدية، فاستتر، فلم يزل في الاستتار ستين سنة فلما قتل المتوكل وقام بعده المنتصر، وبلغه عطفه على العلوية وإحسانه إليهم، أراد أحمد بن عيسى أن يظهر نفسه، فاعتلّ وتوفي بالبصرة.
قيل: ماتت ابنة لأحمد بن عيسى فوجد بها وجدا شديدا، فقيل له في ذلك، فقال: إني أعلّم الناس الصبر وآمرهم به، وما أنسيته ولا أغفلته، وليس جزعي لموتها، ولكني لا أخبر الذكر من أولادنا بنسبه حتى يبلغ خمس عشرة سنة لئلا تبدر منه بادرة يظهر علينا، ولا الأنثى حتى تبلغ عشرين سنة، وإن
هذا الصّبيّة توفّيت ولها ستّ عشرة سنة، ولم تعلم النسب بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقع بأس منها فأخبرها، حتى ماتت وهي لا تعلم بذلك فلهذا غمّي وأسفي. وأنشد: [الوافر](1/263)
قيل: ماتت ابنة لأحمد بن عيسى فوجد بها وجدا شديدا، فقيل له في ذلك، فقال: إني أعلّم الناس الصبر وآمرهم به، وما أنسيته ولا أغفلته، وليس جزعي لموتها، ولكني لا أخبر الذكر من أولادنا بنسبه حتى يبلغ خمس عشرة سنة لئلا تبدر منه بادرة يظهر علينا، ولا الأنثى حتى تبلغ عشرين سنة، وإن
هذا الصّبيّة توفّيت ولها ستّ عشرة سنة، ولم تعلم النسب بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقع بأس منها فأخبرها، حتى ماتت وهي لا تعلم بذلك فلهذا غمّي وأسفي. وأنشد: [الوافر]
أليس من العظائم أن يورّى ... حذار النّاس عن نسب كريم
يعمّر ذو الفخار وليس يدري ... أيعزى للأغرّ أو البهيم
يذلّ بنو النبيّ حذار ظلم ... ويحوي العزّ ذو النسب اللئيم
قال الصولي: كنت يوما مع الغلابي، ونحن نقصد المربد، فمررنا بدرب يعرف بدرب الحريق، فقال لي: أتدري لم سمّي هذا بدرب الحريق؟ قلت:
لا. قال: كان هذا الدرب يسمّى المعترض، فجلس اثنان على دكان بين يدي الدرب مما يلي المربد، فطالب أحدهما صاحبه بمائة دينار دينا له عليه، والرجل المطالب معترف، وهو يقول: يا هذا: لا تمض بي إلى الحاكم فإني قد تركت في منزلي أطفالا قد ماتت أمّهم، لا يهتدون لشرب الماء إن عطشوا، وإن تأخرت عنهم ساعة ماتوا، وإن أقررت عند الحاكم حبسني فتلفوا فلا تحملني على يمين فاجرة، فإني والله أحلف لك ثم أعطيك مالك، وصاحبه يقول له: لا بدّ من تقديمك وحبسك أو تحلف. فلما كثر هذا منهما إذا صرّة قد سقطت بينهما، ومعها رقعة: يا هذا، خذ هذه المائة الدينار التي لك قبل الرجل، ولا تحمله على الحلف كاذبا، وليكن جزاء هذا أن تكتماه فلا يعلم به غيركما، ولا تسألا عن فاعله، فسرّا بذلك جميعا وافترقا، فندّ الحديث من أحدهما فشاع، فقيل: ما يفعل هذا الفعل إلا أحمد بن عيسى، فقصدوا الدار لطلبه فوجدوا آثارا تدلّ على أنه كان فيها وتنحّى، وهرب صاحب الدار، فأحرق السلطان الدار، فسمّي منذ ذاك درب الحريق.
كان أبو السرايا لما مات محمد بن إبراهيم بن طباطبا أقام مقامه محمد بن محمد بن زيد فلما ظفر به حمل إلى مرو إلى المأمون، فأظهر إكرامه وعجب من صغر سنّه، وحبسه حبسا جميلا، فقيل له: كيف رأيت صنيع ابن عمك أمير المؤمنين في ظفره وقدرته. فقال: والله لقد أغضى عن العورة، ونفّس الكربة، ووصل الرحم، وعفا عن الجرم وحفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم في ولده، واستوجب
الشكر من جميع أهل بيته، ومات بمرو من شيء سقيه، فلما أحسّ بالموت كان يقول: يا جدي، يا أبي يا أمي: اشفعوا لي إلى ربّي فكان ذلك هجّيراه إلى أن مات، وكانت سنّه يوم توفي عشرين سنة.(1/264)
كان أبو السرايا لما مات محمد بن إبراهيم بن طباطبا أقام مقامه محمد بن محمد بن زيد فلما ظفر به حمل إلى مرو إلى المأمون، فأظهر إكرامه وعجب من صغر سنّه، وحبسه حبسا جميلا، فقيل له: كيف رأيت صنيع ابن عمك أمير المؤمنين في ظفره وقدرته. فقال: والله لقد أغضى عن العورة، ونفّس الكربة، ووصل الرحم، وعفا عن الجرم وحفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم في ولده، واستوجب
الشكر من جميع أهل بيته، ومات بمرو من شيء سقيه، فلما أحسّ بالموت كان يقول: يا جدي، يا أبي يا أمي: اشفعوا لي إلى ربّي فكان ذلك هجّيراه إلى أن مات، وكانت سنّه يوم توفي عشرين سنة.
كان يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين شريفا جليلا زاهدا أيّدا شديدا، جوادا حسن الوجه محبّبا إلى الناس، خرج إلى سرّ من رأى، وكان قد أضاق بالكوفة يستميح المستعين، فردّ عليه وصيف ردّا غليظا، وكان يلي الأمر إذ ذاك، فخرج في سنة خمسين ومائتين، واجتمع عليه الناس، وظفر بالكوفة بأصحاب السلطان، وأنفذ إليه محمد بن عبد الله بن طاهر من بغداد جيشا، فقتل، وحمل رأسه إلى بغداد، وحمله محمد إلى سرّ من رأى إلى المستعين، فنصب ساعة، ثم كره المستعين ذلك، فأمر بردّه إلى بغداد، فنصبه محمد ساعة فكثر الناس، وأثنوا على يحيى، وقالوا: رجل صالح منع القوت فخرج، فما آذى أحدا ولا ظلم، وقتل فما معنى صلب رأسه؟ ولعنوا محمد بن عبد الله فأنزل، وقال أبو هاشم الجعفري لمحمد بن عبد الله وقد هنّأه الناس بالظفر إنك لتهنّأ بقتل رجل لو كان رسول الله حيّا لعزّي عليه، فأخذ ذلك ابن الرومي في قصيدة رثاه بها: [الطويل]
أكلّكم أمسى اطمأنّ فؤاده ... بأنّ رسول الله في القبر مزعج
وقال: [البسيط]
ليهنكم يا بني المجهول نسبته ... فتح تخرّم أولاد النّبلّينا
فتح لو أنّ رسول الله حاضره ... كأن الأنام له طرّا معزّينا
وقال: [الطويل]
بني طاهر غضّوا الجفون وطأطئوا ... رؤوسكم ممّا جنت أمّ عامر
سمّي محمد بن عبد الله أمّ عامر وهي كنية الضبع لأنه كان أعرج، والضبع عرجاء.
وانقضت دولة آل طاهر بعد قتله، فما انتعشوا بعد ذلك. لعنة الله على جميع من ظلم آل محمد عليه السلام.
قال الصّولي: كان يحيى بن عمر كثير المقام ببغداد، وما شرب شرابا يسكر قطّ، ولكنّه كان مستهترا بالسماع يحبّه ويوثره، وكان أسمح الناس أخلاقا. فحكى من سمعه يقول يوما لجارية غنّت فأحسنت: غفر الله لك ما قلت، ولنا ما سمعنا.(1/265)
وانقضت دولة آل طاهر بعد قتله، فما انتعشوا بعد ذلك. لعنة الله على جميع من ظلم آل محمد عليه السلام.
قال الصّولي: كان يحيى بن عمر كثير المقام ببغداد، وما شرب شرابا يسكر قطّ، ولكنّه كان مستهترا بالسماع يحبّه ويوثره، وكان أسمح الناس أخلاقا. فحكى من سمعه يقول يوما لجارية غنّت فأحسنت: غفر الله لك ما قلت، ولنا ما سمعنا.
قال الصولي: أعرق الناس في الشعر أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وهو شاعر، وآباؤه إلى قصي بن كلاب من مرّة، وهو المعروف بالحمّانيّ وكان ينزل في بني حمّان بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تيم فعرف بذلك. وله شعر كثير مليح.
قال بعضهم: لقيت علي بن محمد بالكوفة بعد خلاصه من حبس الموفّق. وكان حبس مرتين، مرة لكفالته بعض أهله، ومرة لسعاية لحقته، فهنأته بالسلامة، وقلت له: قد عدت إلى وطنك الذي تلذّه، وإخوانك الذين تحبّهم، فقال لي: يا أبا عليّ ذهب الأتراب والشباب والأصحاب وأنشد:
[البسيط]
هبني بقيت على الأيّام والأبد ... ونلت ما نلت من مال ومن ولد
من لي برؤية من قد كنت آلفه؟ ... وبالشباب الذي ولّى ولم يعد؟
كان العباس بن الحسين بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم شاعرا عالما محسنا فصيحا، وكان يقال: من أراد لذة لا تبعة فيها فليسمع كلام العباس بن الحسين.
وقال له العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس: أنت والله يا أبا الفضل أشعر بني هاشم، فقال: لا أحبّ أن أكون بالشعر موصوفا لأنه أرفع ما في الوضيع، وأوضع ما في الرفيع. وهذا يشبه ما قاله الرشيد للمأمون فإنّه قال وقد كتب إليه بشعر يا بني ما أنت والشعر؟ أما علمت أن الشعر أرفع حالات الدنيّ، وأقل حالات السّنيّ؟
وصف العباس بن الحسين العلوي رجلا بفصاحته، فقال: ما شبهته يتكلم إلا بثعبان ينهال بين رمال، أو ماء يتغلغل بين جبال.
كان المعتصم قد قرر عند المأمون أنّ العباس يبغضه، فحطّه ذلك عنده، فلما ركب المأمون في الليل قتل ابن عائشة رأى العباس بن الحسين قد ركب مع أهله ومواليه في السلاح، فقال له المأمون: سررت بالمخاض طمعا في الولاد، فقال: معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أكون عليك مع عدوّ، وما أعلم في بني أبي أحدا لو ملك كان لي مثلك.(1/266)
وصف العباس بن الحسين العلوي رجلا بفصاحته، فقال: ما شبهته يتكلم إلا بثعبان ينهال بين رمال، أو ماء يتغلغل بين جبال.
كان المعتصم قد قرر عند المأمون أنّ العباس يبغضه، فحطّه ذلك عنده، فلما ركب المأمون في الليل قتل ابن عائشة رأى العباس بن الحسين قد ركب مع أهله ومواليه في السلاح، فقال له المأمون: سررت بالمخاض طمعا في الولاد، فقال: معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أكون عليك مع عدوّ، وما أعلم في بني أبي أحدا لو ملك كان لي مثلك.
قال: فما هذه العدّة والعدّة؟، قال: اتباع لأمر الله وقوله: {مََا كََانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرََابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللََّهِ وَلََا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التّوبة: الآية 120]. قال: أنت المصدّق.
فلما قتل ابن عائشة وانصرف، قال له العباس: الله الله يا أمير المؤمنين في الدّماء التي لا بقيّة معها، ولا عقوبة بعدها، والبس رداء العفو الذي ألبسك الله إياه وجمّلك به، وأسعدك باستعماله فإن الملك إذا قتل أغري بالقتل حتى يصير عادة من عاداته، ولذّة من لذاته، فقال: والله يا أبا الفضل لو سمعت هذا منك قبل قتلي لابن عائشة ما قتلته. ولطفت حاله عند المأمون بعد ذلك. وعزّى العباس رجلا، فقال: إني لم أقل شاكّا في عزمك، ولا زائدا في علمك، ولا متّهما لفهمك، ولكنه حقّ الصديق، وقول الشفيق فاسبق السلوة بالصبر، وتلقّ الحادثة بالشكر يحسن لك الله الذخر، ويكمل لك الأجر.
قال إسحق: أتيت العبّاس مرة فسلمت عليه، ثم تأخرت عنه، فقال لي:
أذقتنا نفسك، فلما اشتقناك لفظتنا.
وقال له رجل: كم سنك؟ فقال: خلّفت الخمسين، وإنّ التقاتي لطويل إليها.
وسأله المأمون عن رجل، فقال: رأيت له حلما وأناة ولم أر سفها ولا عجلة، ووجدت له بيانا وإصابة، ولم أر لحنا ولا إحالة، يجىء بالحديث على مطاويه. وينشد الشعر على معانيه، ويروي الأخبار المتقنة، ويرمي بالأمثال المحكمة.
قال أبو محمد اليزيدي (1): كنت أنا والكسائي (2) عند العباس بن الحسين، فجاءه غلامه، فقال: كنت عند فلان وهو يريد أن يموت فضحكت أنا والكسائي، فقال: ممّ ضحكتما؟ قلنا: من قول الغلام. وهل يريد الإنسان الموت؟ فقال العباس: قد قال الله عزّ وجلّ: {فَوَجَدََا فِيهََا جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: الآية 77] فهل للجدار إرادة؟ وإنما هذا مكان «يكاد» فنبّهنا والله عليها.(1/267)
وسأله المأمون عن رجل، فقال: رأيت له حلما وأناة ولم أر سفها ولا عجلة، ووجدت له بيانا وإصابة، ولم أر لحنا ولا إحالة، يجىء بالحديث على مطاويه. وينشد الشعر على معانيه، ويروي الأخبار المتقنة، ويرمي بالأمثال المحكمة.
قال أبو محمد اليزيدي (1): كنت أنا والكسائي (2) عند العباس بن الحسين، فجاءه غلامه، فقال: كنت عند فلان وهو يريد أن يموت فضحكت أنا والكسائي، فقال: ممّ ضحكتما؟ قلنا: من قول الغلام. وهل يريد الإنسان الموت؟ فقال العباس: قد قال الله عزّ وجلّ: {فَوَجَدََا فِيهََا جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: الآية 77] فهل للجدار إرادة؟ وإنما هذا مكان «يكاد» فنبّهنا والله عليها.
دخل أبو دلف العجلي (3) على الرشيد، وهو في طارمة على طنفسة، وعند باب الطارمة شيخ على طنفسة مثلها، فقال الرشيد: يا قاسم ما خبر الجبل؟ قال: خراب يباب، اعتوره الأكراد والأعراب. قال: أنت سبب خرابه وفساده فإن ولّيتك إيّاه؟ قال: أعمره وأصلحه. قال بعض من حضر: أو غير ذلك، فقال أبو دلف: وكيف يكون غير ذلك؟ وأمير المؤمنين يزعم أني ملكته فأفسدته وهو عليّ، أفتراني لا أقدر على إصلاحه وهو معي؟ فقال الشيخ: إن همّته لترمي به وراء سنّه مرمى بعيدا، وأخلق به أن يزيد فعله على قوله، فقبل الرشيد وولاه، وأمر أن يخلع عليه. فلما خرج أبو دلف سأل عن الشيخ. فقيل له: هو العباس بن الحسين العلوي، فحمل إليه عشرة آلاف دينار، وشكر فعله فقال له العباس: ما أخذت على
__________
(1) هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري، ثم البغدادي، الأديب النحوي، المعروف باليزيدي، المتوفّى ببغداد سنة 202هـ، من تصانيفه: «كتاب المقصور والممدود»، «كتاب النقط والشكل»، «مختصر في النحو»، «نوادر في اللغة». (كشف الظنون 6/ 513 514).
(2) الكسائي: هو علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان، مولى بني أسد، أبو الحسن المعروف بالكسائي، ثم البغدادي الكوفي، أحد أئمة النحو، توفي سنة 189هـ بالري، صنّف من الكتب: «اختلاف العدد»، «أشعار المعاياة وطرائقها»، «قصص الأنبياء»، «كتاب الحروف»، «كتاب العدد»، «كتاب القراءات»، «كتاب المصادر»، «كتاب النوادر الأصغر»، «كتاب النوادر الأكبر»، «كتاب النوادر الأوسط»، «كتاب الهاءات الكنى في القرآن»، «كتاب الهجاء»، «مختصر في النحو»، «معاني القرآن»، «مقطوع القرآن وموصوله» (كشف الظنون 5/ 668).
(3) أبو دلف العجلي: هو القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل العجلي، الوزير البغدادي، توفي سنة 225، صنّف: «سياسة الملوك»، «كتاب البزاة والصيد»، «كتاب السلاح» (كشف الظنون 5/ 825).(1/268)
معروف أجرا قط واضطرب أبو دلف وقال: إن رأيت أن تكمل النعمة عندي، وتتمّها عليّ بقبولها، فقال: أفعل، هي لي عندك فإذا لزمتني حقوق القوم يقصر عنها مالي صككت عليك بما تدفعه عليهم إلى أن أستنفدها، فقنع أبو دلف بذلك، فما زال يصكّ عليه للناس، حتى أفناها من غير أن يصل إلى العباس درهم منها.
وسأل العباس الفضل بن الربيع حاجة، فقضاها له سريعا كما أراد، فقال له: جزاك الله خيرا، فما في دون ما أتيت به تقصير ولا نقصان، ولا فوقه إحسان ولا رجحان.
ووصف رجلا ثقيلا، فقال: ما الحمام على الأحرار، وحلول الدّين مع الإقتار، وشدّة السّقم في الأسفار بآلم من لقائه.
وذمّ أبا عباد وهو وزير فقال: الذّليل من اعتزّ بك، والحائن من اعتزى إليك، والخائب من أمّلك، والسقيم من استشفاك.
وكان ابنه عبد الله شاعرا فصيحا يشبّه بأبيه، ووقف على باب المأمون يوما، فنظر إليه الحاجب ثم أطرق، فقال عبد الله لقوم معه: إنه لو أذن لنا لدخلنا، ولو صرفنا لانصرفنا، ولو اعتذر لنا لقبلنا. فأمّا الفترة بعد النّظرة، والتّوقّف بعد التّعرّف فلا أفهمه. ثم تمثّل: [الطويل]
وما عن رضا كان الحمار مطيّتي ... ولكنّ من يمشي سيرضى بما ركب
وانصرف فبلغ المأمون كلامه فصرف الحاجب، وأمر لعبد الله بصلة جزيلة وعشر دوابّ.
وكتب إلى المأمون: الناس ثلاثة: رجل ورث خلافة أو احتقب بقرابة، فهو من قليلها في كثير، ومن صغيرها في كبير، أو رجل ولي ولاية فأطلق له من عمالته وأرزاقه ما لو سأل الجزء منه من أجزاء كثيرة على غيرها لما أجيب إليه. أو رجل خفّ عياله وقلّ ماله، فصغر قدره عن إساءة وإحسان. فهو كالخردلة تقع بين طبقي الرّحا، فلا الطّحن ينالها، ولا سلامتها يعتدّ بها. فأما من كان عياله ثلاثمائة إنسان، لا يرجع إلى أثاث ولا متجر ولا صناعة ولا
ضيعة، تقتضيه الأيام لأهله مؤونة جارية. فما أسوأ حاله إن لم يتداركه أمير المؤمنين بفضل منه!(1/269)
وكتب إلى المأمون: الناس ثلاثة: رجل ورث خلافة أو احتقب بقرابة، فهو من قليلها في كثير، ومن صغيرها في كبير، أو رجل ولي ولاية فأطلق له من عمالته وأرزاقه ما لو سأل الجزء منه من أجزاء كثيرة على غيرها لما أجيب إليه. أو رجل خفّ عياله وقلّ ماله، فصغر قدره عن إساءة وإحسان. فهو كالخردلة تقع بين طبقي الرّحا، فلا الطّحن ينالها، ولا سلامتها يعتدّ بها. فأما من كان عياله ثلاثمائة إنسان، لا يرجع إلى أثاث ولا متجر ولا صناعة ولا
ضيعة، تقتضيه الأيام لأهله مؤونة جارية. فما أسوأ حاله إن لم يتداركه أمير المؤمنين بفضل منه!
فأمر له المأمون بخمسمائة ألف درهم فأتاه عبد الله بن الأمين والقاسم بن الرشيد، فقالا: يا أمير المؤمنين أتأمر لعبد الله بن العباس بمثل هذا المال؟ فما قصّتنا ونحن أمسّ بك رحما منه؟ فقال: غلّتكما فوق غلّته، وخلّتكما دون خلّته، وعيالكما دون عياله، وقد أجّلتكما شهرا فإن تكلمتما بمثل كلامه أضعفت لكما ما أمرت به له.
وكتب عبد الله إلى إبراهيم بن المهدي: ما أدري كيف أحتال؟ أغيب فأشتاق، ثم نلتقي فلا نشتفي، ويجدّد لي اللقاء الذي طلبت به الشفاء صنفا من تجديد الحرقة بلوعة الفرقة.
فكتب إليه إبراهيم: أنا علمتك الشوق لأني شكوته إليك فهيجته منك.
كان الجمحي القاضي ببغداد بعد شريك للمنصور متحاملا.
على الحسن بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهم فقال له الحسن يوما في خصومة له: ما أعرفني بتحاملك عليّ يا ابن البدنة! يريد أبيّ بن خلف جدّ الجمحي لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أشعره بالحربة كما تشعر البدنة فبلغ ذلك المنصور فأضحكه.
وكان عبد الرحمن بن صفوان قاضيا لهشام، فلما قتل زيد رحمه الله صعد المنبر ونال منه، ولعن حسنا رضي الله عنه. وكان فصيحا لعنه الله فما نزل عن المنزل حتى عمي وفلج.
وأتي الحسن بن زيد في ولايته المدينة برجل في جناية فأمر به فضرب، فقال له: أسألك بحقّ الثلاثة لما عفوت عنّي: يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فقال الحسن: بحق الواحد عليّ، وحقي على الاثنين لأحسننّ أدبك.
لما ولي الحسن بن زيد المدينة، منع ابن جندب أن يؤمّ بالناس، فقال له: أيّها الأمير. لم تمنعني من مقامي ومقام آبائي؟ قال الحسن: منعك منه يوم
الأربعاء: يريد قول ابن جندب: [البسيط](1/270)
لما ولي الحسن بن زيد المدينة، منع ابن جندب أن يؤمّ بالناس، فقال له: أيّها الأمير. لم تمنعني من مقامي ومقام آبائي؟ قال الحسن: منعك منه يوم
الأربعاء: يريد قول ابن جندب: [البسيط]
يا للرجال ليوم الأربعاء! أمّا ... ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا
ما إن يزال غزال فيه يفتنني ... يهوي إلى منزل الأحزاب منتقبا
ودخل ابن جندب هذا على المهدي في القراء وفي القصاص وفي الشعراء وفي المغنين فأجازه فيهم كلهم.
وقال الحسن لابن هرمة: إني لست كمن باع لك دينه رجاء مدحك وخوف ذمّك. فقد رزقني الله بولادة نبيه صلى الله عليه وسلم الممادح وجنّبني المقابح، وإنّ من حقّه عليّ ألّا أغضي على تقصير في حقّ ربّه، وأنا أقسم لئن أتيت بك سكران لأضربنّك حدّا للخمر، وحدّا للسّكر، ولأزيدنّ لموضع حرمتك بي فليكن تركك لها لله تعن عليه، ولا تدعها للناس فتوكل إليهم.
وأخذ بعض الحرس زيد بن الأفطس والأفطس: حسن بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب في شراب فجاء به إلى الحسن بن زيد، فقال:
قبّحك الله أيأخذك مثل هذا؟ ألم تستطع أن تحمله فتطرحه في بئر؟ وكان جلدا من الرجال فقال: الطاعة للسّلطان أصلحك الله. قال: أما لأضربنّك، ولا أضربك للشراب، ولكني أضربك للحمق، ثم أمر به فضرب.
ولما قتل إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وأتي برأسه إلى أبي جعفر.
وعنده حسن بن زيد، وقال: يا أبا محمد، هذا رأس إبراهيم، قال: أجل يا أمير المؤمنين كان والله كما قال الشاعر: [الطويل]
فتى كان يحميه من الضّيم سيفه ... وينجيه من دار الهوان اجتنابها(1/271)
فتى كان يحميه من الضّيم سيفه ... وينجيه من دار الهوان اجتنابها
الباب الخامس فيه كلام جماعة من بني هاشم المتقدمين منهم والمتأخرين
عبد المطلب
لمّا تتابعت على قريش السنون، ورأت رقيقة بنت لبابة الرؤيا التي نذكرها من بعد خرج عبد المطلب حتى ارتقى أبا قبيس ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام فقال:
اللهم سادّ الخلّة، وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم، ومسؤول غير مبخّل. وهذه عبدّاؤك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم التي أكلت الظّلف والخفّ. فاسمعنّ اللهمّ، وأمطرنّ غيثا مريعا مغدقا.
قالت رقيقة: فما راموا البيت حتى انفجرت السماء بمائها، وكظ الوادي بشجيجه فسمعت شيخان قريش وجلّتها وهي تقول: «هنيئا لك أبا البطحاء هنيئا لك. أي عاش بك أهل البطحاء».
وكانت لعبد المطلب خمس من السّنن أجراها الله في الإسلام: حرّم نساء الآباء على الأبناء، وسنّ الدّية مائة من الإبل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمي زمزم حين حفرها سقاية الحاجّ.
قيل: إنّ عبد المطلب أتي في المنام. فقيل: احفر زمزم، بين الفرث والدم، فقام ينتظر ما سمّي له، فنحرت بقرة فأفلتت من جازرها بحشاشة نفسها حتى غلبها فنحرت في المسجد فحفر عبد المطلب هناك.
روي عن بعض موالي المنصور قال: أخرج إليّ سليمان بن علي كتابا بخط عبد المطلب، وإذا هو شبيه بخط النساء فيه: باسمك اللهم ذكر حق
عبد المطلب بن هاشم من أهل مكة على فلان ابن فلان «الحميريّ من أهل أول صنعاء». عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا بالحديد، ومتى دعاه بها أجابه. شهد الله والملكان.(1/272)
روي عن بعض موالي المنصور قال: أخرج إليّ سليمان بن علي كتابا بخط عبد المطلب، وإذا هو شبيه بخط النساء فيه: باسمك اللهم ذكر حق
عبد المطلب بن هاشم من أهل مكة على فلان ابن فلان «الحميريّ من أهل أول صنعاء». عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا بالحديد، ومتى دعاه بها أجابه. شهد الله والملكان.
ولما سار الأشرم صاحب الحبشة مع الفيل إلى مكة لهدم البيت، وسمعت به قريش لم يبق بمكة أحد منهم إلا عبد المطلب، وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، فأرسل الأشرم الأسود بن مقصود في خيل، وأخذ إبلا لقريش بناحية ثبير، فيها مائتا ناقة لعبد المطلب، وأرسل رسولا فقال: انظر من بقي من مكة، فأتاها ثم رجع، وقال: لم أر بها أحدا إلا أنّي رأيت رجلا لم أر مثل طوله وجماله يعني عبد المطلب ورأيت رجلا لم أر مثل قصره كأنة إبهام الحبارى يعني: عمرو بن عائذ فقال إيتني بالطويل، فأتاه بعبد المطلب، فلما رآه استجهره، وأمر له بمنبر فجلس عليه وكلّمه فازداد به عجبا، ثم قال له: سلني حاجتك. قال: إنك أخذت إبلي فارددها عليّ، فقال الأشرم: لقد زهدت فيك بعد عجبي بك. قال: ولم ذاك أبيت اللّعن؟ قال: جئت لأهدم شرفك وحرمك، وتركتني أن تسألني فيها فسألتني إبلك. فقال: والله لحرمتي أعزّ عليّ وأعظم من مالي. ولكن لحرمتي ربّ إن شاء أن يمنعها منعها، وإن تركها فهو أعلم.
أمر بردّ إبله، فخرج عبد المطلب وقام بفناء البيت يدعو الله، ويقول:
[مجزوء الكامل]
لا همّ إن المرء يم ... نع رحله فامنع حلالك (1)
في أبيات. وكان من أمر الفيل والحبشة ما قد قصّه الله تعالى في كتابه الكريم، وعظمت قريش في أعين العرب، فسمّوهم أهل الله.
وكان الأسود بن مقصود بن بلحارث بن كعب، وكان مع جماعة من قومه ومع خثعم تبعوا الأشرم، وكانوا يستحلون الحرم، والأسود هو الذي يقول:
__________
(1) البيت في لسان العرب (حلل).(1/273)
[الرجز]
يا فرسي اعدي بيه ... إذا سمعت التّلبيه
الزبير بن عبد المطلب
قالوا: قدم الزّبير بن عبد المطلب من إحدى الرحلتين، فبينا رأسه في حجر وليدة له وهي تدّري لمّته إذ قالت له: ألم يرعك الخبر؟ قال: وما ذاك؟
قالت: زعم سعيد بن العاص أنه ليس الأبطحيّ أن يعتمّ يوم عمته، فقال: والله لقد كان عندي ذا حجا وقدر، وانتزع لمّته من يدها، وقال: يا رعاث. عليّ عمامتي الطّولى فأتي بها فلاثها على رأسه، وألقى ضيفيها حتى لطخا قدميه وعقبيه، وقال: عليّ فرسي فأتي به، فاستوى على ظهره، ومرّ يخرق الوادي كأنّه لهب عرفج، فلقيه سهيل بن عمرو فقال: بأبي أنت وأمي يا أبا الطاهر، ما لي أراك قد تغيّر وجهك؟ قال: أو لم يبلغك الخبر؟ هذا سعيد بن العاص يزعم أنه ليس لأبطحي أن يعتمّ يوم عمّته. ولم؟ فو الله لطولنا عليهم أظهر من وضح النّهار، وقمر التّمام، ونجم السّاري، والآن تنثل كنانتها، فتعجم قريش عيدانها فتعرف بارك عامنا وثنيّاته. فقال له سهيل: رفقا. بأبي أنت وأمي فإنه ابن عمك. ولن يعييك شأوه، ولن يقصر عنه طولك. وبلغ الخبر سعيدا فرحّل ناقته واغترز رحله، ونجا إلى الطائف. فقيل له: أتريد الجلاء؟ فقال: إني رأيت الجلاء خيرا من الفناء. ومضى قصده.
أبو طالب
خطب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تزويجه خديجة بنت خويلد فقال:
الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلدا حراما، وبيتا محجوبا، وجعلنا الحكّام على الناس ثم إن محمد بن عبد الله ابن أخي من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به برّا وفضلا، وكرما وعقلا، ومجدا ونبلا، وإن كان في المال قلّ، فإنما المال ظلّ زائل، وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك. وما أحببتم من الصّداق فعليّ.
روى أبو الحسين النّسابة بإسناد له قال: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت أبا طالب يقول: حدّثني محمد بن عبد الله ابن أخي أن ربّه تبارك وتعالى بعثه بصلة الرّحم، وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو الحسين: قد قال أبو طالب من التوحيد نظما ونثرا ما لا خفاء به، فمن ذلك قوله لابنيه: جعفر وعليّ رضي الله عنهما:(1/274)
الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلدا حراما، وبيتا محجوبا، وجعلنا الحكّام على الناس ثم إن محمد بن عبد الله ابن أخي من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به برّا وفضلا، وكرما وعقلا، ومجدا ونبلا، وإن كان في المال قلّ، فإنما المال ظلّ زائل، وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك. وما أحببتم من الصّداق فعليّ.
روى أبو الحسين النّسابة بإسناد له قال: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت أبا طالب يقول: حدّثني محمد بن عبد الله ابن أخي أن ربّه تبارك وتعالى بعثه بصلة الرّحم، وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو الحسين: قد قال أبو طالب من التوحيد نظما ونثرا ما لا خفاء به، فمن ذلك قوله لابنيه: جعفر وعليّ رضي الله عنهما:
[المنسرح]
لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما ... أخي ابن أمّي من بينهم وأبي
والله لا أخذل النبيّ ولا ... يخذله من بنيّ ذو حسب
فسمّاه النبيّ. وقال: [المتقارب]
عليها المراجيح من هاشم ... هم الأنجبون مع المنتجب
فسمّاه المنتجب، وقال: [الطويل]
أمين صدوق في الأنام مسوّم ... بخاتم ربّ قاهر للخواتم
فسمّاه الأمين والصدوق، وقال: [الطويل]
وحكم نبيّ جاء يدعو إلى الهدى ... ودين أتى من عند ذي العرش قيّم
وقال: [الطويل]
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا ... نبيّا كموسى خطّ في أوّل الكتب
وقال: [الطويل]
وتلقوا ربيع الأبطحين محمّدا ... على ربوة من رأس عنقاء عيطل
فسمّاه ربيع الأبطحين.
ولما استسقى النبيّ صلى الله عليه وسلم فسقي، قال: من ينشدنا قول أبي طالب؟
فأنشده أبو بكر رضي الله عنه: [الطويل]
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ولما قتل أهل بدر وجرّ القوم إلى القليب التفت صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فقال: كيف قول أبي طالب «بالأماثل»؟ فقال: [الطويل](1/275)
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ولما قتل أهل بدر وجرّ القوم إلى القليب التفت صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فقال: كيف قول أبي طالب «بالأماثل»؟ فقال: [الطويل]
وإنّا لعمر الله إن جدّ جدّنا ... لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
فقال صلى الله عليه وسلم: قد التبست.
وقال المأمون: أسلم أبو طالب بقوله: [المتقارب]
نصرنا الرّسول رسول المليك ... بقضب تلألأ مثل البروق
ومشت إليه قريش بعمارة بن الوليد فقالوا: ادفع لنا محمدا نقتله لئلا يغيّر ديننا ويعرّضنا لقتال العرب، وأمسك عمارة فاتخذه ولدا وكان عمارة جميلا جهيرا فقال: ما أنصفتموني يا معشر قريش، أدفع إليكم ابني تقتلونه، وأمسك ابنكم أغذوه لكم.
العباس بن عبد المطلب
سئل: أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رسول الله أكبر، وأنا أسنّ.
ولدت قبله بثلاث سنين. أذكر وقد قيل لأمّي: إن آمنة قد ولدت ابنا فأدخلتني إليه صبيحة الليلة التي ولد فيها، وهو صلى الله عليه وسلم يمصع برجليه، والنساء يجبذنني عليه، يقلن: قبّل أخاك.
قيل: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع عليّ والعباس وجماعة من حفدتهم ومواليهم في منزل رجل من الأنصار لإجالة الرأي، فبدر بهم أبو سفيان فجاء حتى طرق الباب فقال: أنشدكم الله أن تكونوا أوّل من قطع رحم بني عبد مناف، ثم جاء الزبير يهدج حتى طرق الباب، فقال: أنشدكم الله والخؤولة، والصّهورة، فلما حضر أرمّ القوم عن الكلام، فلما رأى أبو سفيان ذلك قال: مجد قديم أثّل بشرف الأبد، يا بني عبد مناف ذبّوا عن مجدكم، وانضحوا عن سؤددكم، وإياكم أن تخلعوا تاج كرامة ألبسكم الله إيّاه، وفضّلكم بها، إنّها عقب نبوّة، فمن قصّر عنها اتّبع.
وقال الزّبير: قد سمعتم مقالته، فابذلوا الشركة، وأحسنوا النّيّة فلن يستغني من استحقّ هذا الأمر عن مقاتل يقاتل معه، وموئل يلجأ إليه، والمقاتل معكم خير من المقاتل لكم.(1/276)
قيل: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع عليّ والعباس وجماعة من حفدتهم ومواليهم في منزل رجل من الأنصار لإجالة الرأي، فبدر بهم أبو سفيان فجاء حتى طرق الباب فقال: أنشدكم الله أن تكونوا أوّل من قطع رحم بني عبد مناف، ثم جاء الزبير يهدج حتى طرق الباب، فقال: أنشدكم الله والخؤولة، والصّهورة، فلما حضر أرمّ القوم عن الكلام، فلما رأى أبو سفيان ذلك قال: مجد قديم أثّل بشرف الأبد، يا بني عبد مناف ذبّوا عن مجدكم، وانضحوا عن سؤددكم، وإياكم أن تخلعوا تاج كرامة ألبسكم الله إيّاه، وفضّلكم بها، إنّها عقب نبوّة، فمن قصّر عنها اتّبع.
وقال الزّبير: قد سمعتم مقالته، فابذلوا الشركة، وأحسنوا النّيّة فلن يستغني من استحقّ هذا الأمر عن مقاتل يقاتل معه، وموئل يلجأ إليه، والمقاتل معكم خير من المقاتل لكم.
فقال العباس: قد سمعنا مقالتكم، فلا لقلة نستعين بكم، ولا لظنّة نترك آراءكم، ولكن لالتماس الحق فأمهلونا نراجع الفكرة. فإن يكن لنا من الإثم مخرج يصرّ بنا وبهم الحقّ صرير الجدجد، ونبسط أكفّا إلى المجد لا نقبضها أو تبلغ المدى وإن تكن الأخرى فلا لقلة في العدد، ولا لوهن في الأيد.
والله لولا أنّ الإسلام قيّد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من محلّ الأثيل.
قال: فحلّ علي رضي الله عنه حبوته، وكذا كان يفعل إذا تكلّم وجثا على ركبتيه وقال: الحلم صبر، والتّقوى دين، والحجّة محمد صلى الله عليه وسلم والطريق الصّراط. إيها رحمكم الله، شقّوا متلاطمات أمواج الفتن، بحيازيم سفن النّجاة، وعرّجوا عن سبيل المنافرة، وحطّوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح، واستسلم فأراح. ما آجن لقمة تغصّ آكلها! ومجتني الثّمرة لغير إيناعها كالزّارع في غير أرضه. أما لو أقول ما أعلم لتداخلت أضلاع تداخل دوّارة الرّحا. وإن أسكت يقولوا جزع ابن أبي طالب من الموت. هيهات هيهات بعد اللّتيّا والّتي. والله لعليّ آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه، ولكنّي أدمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطويّ البعيدة.
ثم نهض وفرّقهم، وأبو سفيان يقول: لشيء ما فرّقنا ابن أبي طالب.
روى أحمد بن أبي طاهر في كتاب «المنثور والمنظوم» بإسناد له عن البراء بن عازب قال: لم أزل لبني هاشم محبّا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تخوّفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد ملأ الهاشميّون بيتهم، فكنت أتردّد بينهم وبين المسجد أتفقّد وجوه قريش، فإني لكذلك إذ
فقدت أبا بكر وعمر، ثم لم ألبث إذ أنا بأبي بكر قد أقبل في أهل السّقيفة وهم يحتجزون الأزر الصّنعانيّة، لا يمرّون بأحد إلّا خطبوه، فإذا عرفوه قدّموه فمدّوا يده، فمسحوها على يد أبي بكر، وقالوا له: بايع. شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عند ذلك عقلي، وخرجت مسرعا حتّى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق فضربت الباب عليهم ضربفا عنيفا، وقلت: قد بايع الناس أبا بكر بن أبي قحافة.(1/277)
روى أحمد بن أبي طاهر في كتاب «المنثور والمنظوم» بإسناد له عن البراء بن عازب قال: لم أزل لبني هاشم محبّا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تخوّفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد ملأ الهاشميّون بيتهم، فكنت أتردّد بينهم وبين المسجد أتفقّد وجوه قريش، فإني لكذلك إذ
فقدت أبا بكر وعمر، ثم لم ألبث إذ أنا بأبي بكر قد أقبل في أهل السّقيفة وهم يحتجزون الأزر الصّنعانيّة، لا يمرّون بأحد إلّا خطبوه، فإذا عرفوه قدّموه فمدّوا يده، فمسحوها على يد أبي بكر، وقالوا له: بايع. شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عند ذلك عقلي، وخرجت مسرعا حتّى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق فضربت الباب عليهم ضربفا عنيفا، وقلت: قد بايع الناس أبا بكر بن أبي قحافة.
فقال العباس: ترحت أيديكم إلى آخر الدهر أما إنّي قد أمرتكم فعصيتموني.
قال البراء: فمكثت أكابد ما في نفسي، ورأيت في الليل المقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وسلمان الفارسي، وأبا ذر وأبا الهيثم بن التّيّهان، وحذيفة بن اليمان. وإذا هم يريدون أن يعود الأمر شورى بين المهاجرين، وبلغ ذلك أبا بكر وعمر فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراحّ وإلى المغيرة بن شعبة، فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة: أرى أن تلقوا العبّاس فتجعلوا في هذا الأمر نصيبا له ولعقبه فتقطعوا بذلك ناحية علي بن أبي طالب.
فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة، حتى دخلوا على العباس في الليلة الثانية من وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه وقال:
إن الله ابتعث لكم محمدا صلى الله عليه وسلم نبيّا، وللمؤمنين وليّا، فمنّ الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم، حتى اختار له ما عنده فخلى على الناس أمورهم، ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم، متّفقين لا مختلفين، فاختاروني عليهم واليا، ولأمورهم راعيا فتولّيت ذلك عليهم، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ولا حيرة ولا جبنا، {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:
الآية 88].
وما انفكّ يبلغني عن طاعن يقول بخلاف عامّة المسلمين، يتّخذكم لجئا فتكونوا حصنه المنيع، وخطبه البديع. فإمّا دخلتم فيما اجتمع عليه الناس، أو صرفتموهم عمّا مالوا إليه، وقد جئنا ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا، يكون لك ويكون لمن بعدك إذ كنت عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كان
الناس قد رأوا مكانك من رسول الله ومكان أصحابك فعدلوا هذا الأمر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم منّا ومنكم.(1/278)
وما انفكّ يبلغني عن طاعن يقول بخلاف عامّة المسلمين، يتّخذكم لجئا فتكونوا حصنه المنيع، وخطبه البديع. فإمّا دخلتم فيما اجتمع عليه الناس، أو صرفتموهم عمّا مالوا إليه، وقد جئنا ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا، يكون لك ويكون لمن بعدك إذ كنت عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كان
الناس قد رأوا مكانك من رسول الله ومكان أصحابك فعدلوا هذا الأمر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم منّا ومنكم.
فقال عمر: إي والله وأخرى أنّا لم نأتكم حاجة إليكم، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم.
فانظروا لأنفسكم ولعامّتكم.
فحمد الله العباس وأثنى عليه ثم قال:
إنّ الله ابتعث محمدا صلى الله عليه وسلم كما وصفت نبيّا. وللمؤمنين وليّا، فمنّ الله به على كل حتى اختار له ما عنده، فخلّ الناس على أمرهم يختاروا لأنفسهم، مصيبين للحقّ، لا مائلين بزيغ الهوى.
وإن كنت برسول الله صلى الله عليه وسلم طلبت فحقّنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم، ما تقدّمنا في أمركم فرطا، ولا حللنا وسطا، ولا برحنا سخطا، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنّا كارهين. وما أبعد قولك إنّهم طعنوا عليك من قولك إنهم مالوا إليك! وأمّا ما بذلت فإن يكن حقّك أعطيتناه فأمسكه عليك، وإن يكن حقّ المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، وإن يكن حقّنا لم نرض منك ببعضه دون بعض. وما أقول هذا أروم صرفك، ولكن للحجّة نصيبها من البيان. وأما قولك: إنّ رسول الله منّا ومنكم، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها، وأمّا قولك: يا عمر إنك تخاف الناس علينا، فهذا الذي تقدّمتم به أوّل ذلك. والله المستعان.
لمّا خرج عمر بالعباس يستسقي به قال: اللهم إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك، وقفيّة آبائه وكبير رجاله، فإنّك تقول وقولك الحقّ: {وَأَمَّا الْجِدََارُ فَكََانَ لِغُلََامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكََانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمََا وَكََانَ أَبُوهُمََا صََالِحاً} [الكهف: الآية 82] فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ نبيّك في عمّه، فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين، ثم أقبل على الناس فقال: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً (11)} [نوح: الآيتان 10، 11].
قال: رأيت العبّاس وقد طال عمره، وعيناه تنضحان، وسبّابته تجول على صدره، وهو يقول: اللهم أنت الراعي، لا تهمل الضالّة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصّغير، ورقّ الكبير، وارتفعت الشّكوى، وأنت تعلم السّرّ وأخفى. اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنّه لا ييأس من روحك إلّا القوم الكافرون.(1/279)
لمّا خرج عمر بالعباس يستسقي به قال: اللهم إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك، وقفيّة آبائه وكبير رجاله، فإنّك تقول وقولك الحقّ: {وَأَمَّا الْجِدََارُ فَكََانَ لِغُلََامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكََانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمََا وَكََانَ أَبُوهُمََا صََالِحاً} [الكهف: الآية 82] فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ نبيّك في عمّه، فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين، ثم أقبل على الناس فقال: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً (11)} [نوح: الآيتان 10، 11].
قال: رأيت العبّاس وقد طال عمره، وعيناه تنضحان، وسبّابته تجول على صدره، وهو يقول: اللهم أنت الراعي، لا تهمل الضالّة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصّغير، ورقّ الكبير، وارتفعت الشّكوى، وأنت تعلم السّرّ وأخفى. اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنّه لا ييأس من روحك إلّا القوم الكافرون.
قال: فشأت طريرة من سحاب. فقال الناس: ترون، ترون، ثم تلامّت واستتمّت، ومشت فيها ريح، ثم هدت ودرّت، فو الله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء وقلّصوا المآزر وطفق الناس بالعباس يمسحون أردانه، ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين.
روى الشعبي قال: قال لي عبد الله بن عباس: قال لي أبي العباس: يا بني إنّ أمير المؤمنين قد اختصّك دون من أرى من المهاجرين والأنصار، فاحفظ عني ثلاثا ولا تجاوزهنّ: لا يجرّبنّ عليك كذبا، ولا تغتب عنده أحدا، ولا تفشينّ له سرّا.
قال: فقلت يا أبا عباس كل واحدة خير من ألف، فقال: كلّ واحدة خير من عشرة آلاف.
قال العباس: شهدت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم حنينا، فلما انهزم الناس قال: ناد: يا أصحاب السّمرة، فناديت فو الله لكّان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها.
قال أبو اليسر: لقيت العباس يوم أحد، فقال: أصاب القتل محمدا؟
قلت: الله أعزّ له وأمنع، فقال: جلل ما عدا محمّدا.
وقال العباس: يا بني عبد المطلب اختضبوا بالسّواد، فإنه أحظى لكم عند نسائكم، وأهيب لكم في صدور عدوّكم.
وقال لابنه: يا بني تعلّم العلم، ولا تعلّمه لترائي به، ولا لتباهي به، ولا لتماري به ولا تدعه رغبة في الجهل، وزهادة في العلم، واستحياء من التعلّم.(1/280)
وقال لابنه: يا بني تعلّم العلم، ولا تعلّمه لترائي به، ولا لتباهي به، ولا لتماري به ولا تدعه رغبة في الجهل، وزهادة في العلم، واستحياء من التعلّم.
عقيل
قال معاوية يوما: هذا أبو يزيد، لولا أنه علم أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه، فقال له عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي. وقال له مرة: أنت معنا يا أبا يزيد، قال: ويوم بدر كنت معكم.
وقالت له امرأته وهي ابنة عتبة بن ربيعة: يا بني هاشم لا يحبكم قلبي أبدا، أين أبي؟ أين أخي؟ أين عمي؟ كأنّ أعناقهم أباريق الفضة ترد آنفهم قبل شفاههم الماء.
فقال لها عقيل: إذا دخلت جهنم فخذي عن شمالك.
تزوج امرأة، فقيل له بالرفاء والبنين، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تزوّج أحدكم فليقل له بارك الله فيك وبارك عليك».
محمد بن علي رضي الله عنه ابن الحنفية (1)
قيل له: من أشدّ الناس زهدا؟ قال: من لا يبالي الدنيا في يد من كانت.
وقيل له: من أخسر الناس صفقة؟ قال: من باع الباقي بالفاني.
وقيل له: من أعظم الناس قدرا؟ قال: من لا يرى الدنيا قدرا لنفسه.
وقال: من كرمت عليه نفسه صغرت الدنيا في عينيه.
وكان يقول: اللهم أعنّي على الدّنيا بالغنى، وعلى الآخرة بالتّقوى.
وقال المنافقون له: لم يغرّر بك أمير المؤمنين في الحرب ولا يغرّر بالحسن والحسين؟ قال: لأنهما عيناه، وأنا يمينه فهو يدفع بيمينه عن عينيه.
__________
(1) هو محمد بن علي بن أبي طالب، يقال له: ابن الحنفية، والحنفية أمه، أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله، ولد سنة 21هـ، وكان من أفاضل أهل بيته، مات برضوى سنة 73هـ، وقيل: سنة 80، وقيل: سنة 81، وهو ابن خمس وستين سنة، ودفن بالبقيع، (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 5/ 348347، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 67، البداية والنهاية 9/ 38، حلية الأولياء ترجمة رقم 1743).(1/281)
وكتب إلى ابن العباس حين سيّره ابن الزبير إلى الطائف:
أما بعد، فإنه قد بلغني أنّ ابن الزبير سيّرك إلى الطائف، فأحد الله جلّ وعزّ لك بذلك ذخرا حطّ به عنك وزرا. يا ابن عمّ إنما يبتلى الصالحون، وتعدّ الكرامة للأخيار ولو لم تؤجر إلّا فيما تحبّ لقلّ الأجر، وقد قال الله تعالى: {وَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: الآية 216]. عزم الله لنا ذلك بالصبر على البلاء، والشكر على النّعماء، ولا أشمت بنا عدوّا. والسلام.
وقال: ما لك من عيشك إلّا لذّة تزدلف بك إلى حمامك، وتقرّبك من يومك فأيّة أكلة ليس معها غصص، أو شربة ليس معها شرق؟ فتأمّل أمرك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود، والخيال المخترم. أهل الدّنيا أهل سفر لا يحلّون عقد رحالهم إلّا في غيرها.
وقال في قوله عزّ ذكره: {هَلْ جَزََاءُ الْإِحْسََانِ إِلَّا الْإِحْسََانُ (60)} [الرّحمن:
الآية 60] هي مسجلة للبرّ والفاجر يعني مرسلة.
وذكر رجلا يلي بعد السّفيانيّ، فقال: حمش الذّراعين والسّاقين، مصفّح الرأس، غائر العينين، بين شثّ وطبّاق.
ولما دعاه ابن الزبير إلى البيعة قال: إنما ابن الزبير شيطان كلما رفع رأسه قمعه الله.
وقال: إني أكره أن أيسر هذه الأمة أمرها وآتيها من غير وجهها.
وذكر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: كان إذا تكلم بذّ. وإذا كلم حذّ (1). وهذا مثل قول غيره: كان عليّ إذا تكلم فصل، وإذا ضرب قتل.
وقال غيره: كان إذا اعترض قطّ. وإذا اعتلى قدّ.
وقال محمد: الكمال في ثلاثة: الفقه في الدين، والصبر في النوائب، وحسن تقدير المعيشة.
__________
(1) إذا كلم حذّ: أي إذا جرح قطع.(1/282)
وكان محمد قويّا شديد الأيد، وله في ذلك أحاديث منها: أن أباه عليه السلام اشترى درعا فاستطالها، فقال: لينقص منها كذا، وعلّم عند موضع منها، فقبض محمد بيده اليمنى على ذيلها، وبالأخرى على فضلها، ثم جذبه، فقطعها من الموضع الذي حدّه أبوه.
وكان عبد الله بن الزبير إذا حدّث بذلك غضب واعتراه أفكل، وكان يحسده على قوّته.
ابن عباس
قيل لعبد الله بن عباس: ما منع عليّا رضي الله عنه أن يبعثك مع عمرو يوم التحكيم، فقال: ما منعه والله إلّا حاجز القدر ومحنة الابتلاء، وقصر المدة. أما والله لو وجّه بي لجلست في مدارج نفسه، ناقضا ما أبرم، ومبرما ما نقض. أطير إذا أسفّ، وأسفّ إذا طار، ولكن مضى قدر وبقي أسف، ومع اليوم غد والآخرة خير لأمير المؤمنين.
قال: أتى زيد بن ثابت بدابّته، فأخذ ابن عباس بركابه فقال زيد: دعه بالله فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. فقال زيد: أخرج يدك فأخرجها، فقبّلها زيد وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا عليه السلام.
وكان يقول: تواعظوا وتناهوا عن معصية ربّكم فإنّ الموعظة تنبيه للقلوب من سنة الغفلة، وشفاء من داء الجهالة، وفكاك من رقّ ملكة الهوى.
ودخل على معاوية فقال له: ألا أنبّئك؟ مات الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إذا لا يدفن في قبرك، ولا يزيد موته في عمرك، وقبله ما فجعنا بخير منه، فجبر الله وأحسن.
ومن كلامه: ما رضي الناس بشيء من أقسامهم كما رضوا بأوطانهم.
وقال له معاوية: أخبرني عن بني هاشم وبني أمية. قال: أنت أعلم بهم قال: أقسمت عليك لتخبرني. قال: نحن أفصح وأصبح وأسمح، وأنتم أمكر وأنكر وأغدر.
وقال: من استؤذن عليه فهو ملك.(1/283)
وقال له معاوية: أخبرني عن بني هاشم وبني أمية. قال: أنت أعلم بهم قال: أقسمت عليك لتخبرني. قال: نحن أفصح وأصبح وأسمح، وأنتم أمكر وأنكر وأغدر.
وقال: من استؤذن عليه فهو ملك.
مرّ معاوية بقوم من قريش، فلما رأوه قاموا غير عبد الله بن عباس فقال:
يا ابن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك؟ ما ذاك إلا لموجدة أنّي قاتلتكم بصفّين، فلا تجد فإن عثمان ابن عمي قتل مظلوما.
قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قتل مظلوما. قال: إن عمر قتله كافر قال ابن عباس. فمن قتل عثمان؟ قال: المسلمون. قال: فذاك أدحض لحجتك.
قال ابن عباس: أهبط مع آدم المطرقة والميقعة والكلبتان.
وسئل عن عمر، فقال: كان كالطير الحذر، يرى أن له في كل طريق شركا يأخذه.
قال: قلت لعمر: متى يسارع الناس في القرآن يحتقّوا، ومتى يحتقّوا يختصموا، ومتى يختصموا يختلفوا، ومتى يختلفوا يقتتلوا.
وقال: لأن أمسح على ظهر عابر بالفلاة أحبّ إلي من أن أمسح على خفّ.
وقال له رجل: ما تقول في سلطان علينا تغشمونا وتظلمونا؟ قال: إن أتاك أهدل الشّفتين منتشر المنخرين فأعطه صدقتك.
وقال: إياك والقبالات فإنها صغار، وفضلها ربا.
وقال له عبد الله بن صفوان: كيف كانت إمارة الأخلاف فيكم؟ يعني إمارة عمر فقال: التي قبلها خير منها. أو سنّة عمر تريد أنت وصاحبك ابن الزبير؟ تركتما والله سنّة عمر شأوا مغربا.
قال أبو حسان: قلت لابن عباس: ما هذه الفتيا التي تفشّغت من طاف فقد حلّ؟ قال: سنة نبيكم عليه السلام وإن رغمتم.
وقام عمرو بن العاص بالموسم فأطرى معاوية وبني أمية، وتناول من بني هاشم، وذكر مشاهده بصفّين فقال له ابن عباس: يا عمرو إنك بعت
دينك من معاوية فأعطيته ما في يدك، ومنّاك ما في يد غيره، وكان الذي أخذ منك فوقع الذي أعطاك، وكان الذي أخذت منه دون الذي أعطيته وكلّ راض بما أخذ وأعطى فلما صارت مصر في يدك تتّبعك فيها بالعزل والتّنقّص حتى لو أنّ نفسك فيها ألقيتها إليه.(1/284)
وقام عمرو بن العاص بالموسم فأطرى معاوية وبني أمية، وتناول من بني هاشم، وذكر مشاهده بصفّين فقال له ابن عباس: يا عمرو إنك بعت
دينك من معاوية فأعطيته ما في يدك، ومنّاك ما في يد غيره، وكان الذي أخذ منك فوقع الذي أعطاك، وكان الذي أخذت منه دون الذي أعطيته وكلّ راض بما أخذ وأعطى فلما صارت مصر في يدك تتّبعك فيها بالعزل والتّنقّص حتى لو أنّ نفسك فيها ألقيتها إليه.
وذكرت مشاهدك بصفّين، فما ثقلت علينا وطأتك، ولا نكأتنا فيها حربك، وإن كنت فيها لطويل اللسان قصيرع السّنان، آخر الحرب إذا أقبلت، وأوّلها إذا أدبرت، لك يدان: يد لا تبسطها إلى خير، ويد لا تقبضها عن شرّ، ووجهان: وجه مؤنس، ووجه موحش. ولعمري إنّ من باع دينه بدينا غيره لحريّ أن يطول حزنه على ما باع واشترى، لك بيان وفيك خطل، ولك رأي وفيك نكل، ولك قدرة وفيك حسد، فأصغر عيب فيك أعظم عيب غيرك.
فقال عمرو: أما والله ما في قريش أثقل وطأة منك، ولا لأحد من قريش عندي مثل قدرك.
وقال بعضهم: قلت لابن عباس: أخبرني عن أبي بكر. قال: كان خيرا كله على الحدّة وشدّة الغضب.
قلت: أخبرني عن عمر. قال: كان كالطائر الحذر قد علم أنّه نصب له في كل وجه حبالة، وكان يعمل لكل يوم بما فيه على عنف السّياق.
قلت: أخبرني عن عثمان. قال: كان والله صوّاما قوّاما، لم يخدعه نومه عن يقظته.
قلت: فصاحبكم. قال: كان والله مملوءا علما وحلما غرّته سابقته وقرابته، وكان يرى أنه لا يطلب شيئا إلا قدر عليه. قال: أكنتم ترونه محدودا؟
قال: أنتم تقولون ذلك.
وقيل له: أنى لك هذا العلم؟ فقال: قلب عقول ولسان سؤول.
وقال: من ترك قول: «لا أدري» أصيبت مقاتله.
قال علي بن عبد الله بن عباس. كنت مع أبي بمكة بعدما كفّ بصره وسعيد بن جبير يقوده، فمرّ بصفّة زمزم، وإذا قوما من أهل الشام يسبّون عليّا رضي عنه، فقال لسعيد: ردّني إليهم، فردّه، فوقف عليهم فقال: أيكم السابّ الله؟ قالوا: سبحان الله. ما فينا أحد سبّ الله. قال: فأيّكم السابّ رسول الله؟(1/285)
وقال: من ترك قول: «لا أدري» أصيبت مقاتله.
قال علي بن عبد الله بن عباس. كنت مع أبي بمكة بعدما كفّ بصره وسعيد بن جبير يقوده، فمرّ بصفّة زمزم، وإذا قوما من أهل الشام يسبّون عليّا رضي عنه، فقال لسعيد: ردّني إليهم، فردّه، فوقف عليهم فقال: أيكم السابّ الله؟ قالوا: سبحان الله. ما فينا أحد سبّ الله. قال: فأيّكم السابّ رسول الله؟
قالوا: سبحان الله، ما فعلنا، قال: فأيكم السابّ عليّ بن أبي طالب؟ قالوا: أما هذا فقد كان. قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول: «من سبّ عليّا فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله كبّه الله على منخريه في نار جهنّم». ثم ولي، فقال لي: يا بنيّ. ما رأيتهم صنعوا فقلت: يا أبه:
[الكامل]
نظروا إليك بأعين محمرّة ... نظر التّيوس إلى شفار الجازر
وقال: أربعة لا أقدر لهم على مكافأة: رجل بات وحاجته تململ في صدره حتى أصبح فقصد بها إليّ، ورجل أفشى إلى السرّ فوضعني مكان قلبه، ورجل ابتدأني بالسلام، ورجل دعوته فأجابني
وجاء إليه رجل فقال: إني أريد أن أعظ. فقال: إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله تعالى قوله: {أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}
[البقرة: الآية 44]. وقوله: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ (2)}
[الصّف: الآية 2]. وقول العبد الصالح شعيب: {وَمََا أُرِيدُ أَنْ أُخََالِفَكُمْ إِلى ََ مََا أَنْهََاكُمْ عَنْهُ} [هود: الآية 88] أأحكمت هذه الآيات؟ قال: لا. قال: فابدأ بنفسك إذا.
وقال: ملاك أموركم الدين، وزينتكم العلم، وحصون أعراضكم الأدب.
وعزّكم الحلم، وصلتكم الوفاء، وطولكم في الدّنيا والآخرة المعروف. فاتّقوا الله يجعل لكم من أمركم يسرا.
وقال: ليس للظالم عهد فإن عاهدته فانقضه فإن الله تعالى يقول: {لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ} [البقرة: الآية 124].
وقال: صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متّكئا.
وكان يقول إذا وضع الطعام: باسم الله عنّي وعن كلّ آكل معي.(1/286)
وقال: صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متّكئا.
وكان يقول إذا وضع الطعام: باسم الله عنّي وعن كلّ آكل معي.
وسئل عن الشجاعة والجبن، والجود والبخل فقال: الشجاع يقاتل عمّن لا يعرفه، والجبان يفرّ عن عرسه، والجواد يعطي من لا يلزمه حقّه، والبخيل يمنع نفسه.
واستشاره عمر في تولية حمص رجلا، فقال: لا يصلح أن يكون إلا رجلا منك. قال: فكنه. قال: لا تنتفع بي. قال: ولم؟ قال: لسوء ظنّي في سوء ظنّك بي.
وقال: لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم ما اشتكى عبد الرّزق.
وقال: إذا حدث أحدكم فأعجبه الحديث فليسكت فإن أعجبه السكوت فليتحدّث.
وسمع كعبا يقول: مكتوب في التوراة من ظلم يخرب بيته فقال ابن عباس: تصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} [النّمل: الآية 52].
وقال: ما رضي الله الناس بشيء من أقسامهم كما رضّاهم بأوطانهم. فقال أبو زيد النحوي (1): بلى والله وبأحسابهم فقيل له: وكيف؟ فقال: تلقاه من عكل وسلول ومحارب وغنيّ وباهلة وهو يفاخر.
__________
(1) أبو زيد: هو سعيد بن أوس بن ثابت بن زيد بن قيس بن زيد الأنصاري الحنفي، أبو زيد البصري اللغوي. توفي سنة 215هـ، له من الكتب: «بيوتات العرب»، «تخفيف الهمز الواحد»، «حيلة ومحالة»، «خلق الإنسان»، «غريب الأسماء»، «قراءة أبي عمرو»، «كتاب الإبل»، «كتاب الأبيات»، «كتاب الأسماء»، «كتاب الأمثال»، «كتاب التثليث»، «كتاب التضارب»، «كتاب التمر»، «كتاب تحقيق الهمز»، «كتاب الجلسة»، «كتاب الجمع والتثنية»، «كتاب الجود والبخل»، «كتاب الشاة»، «كتاب الغرائز»، «كتاب الفرق»، «كتاب فعلت وأفعلت»، «كتاب القرائن»، «كتاب القضيب»، «كتاب القوس والترس»، «كتاب اللامات»، «كتاب اللبن الحليب»، «كتاب اللغات»، «كتاب المشابه»، «كتاب المصادر»، «كتاب المغدي»، «كتاب المقتضب»، «كتاب المكتوم»، «كتاب المنطق» في اللغة، «كتاب المياه»، «كتاب نابه ونبيه»، «كتاب النبات والشجر»، «كتاب نعت المشافهات»، «كتاب نعت الغنم»، «كتاب النوادر»، «كتاب الواحد»، «كتاب الوحوش»، «كتاب الهوش والتوش»، «لغات القرآن». (كشف الظنون 5/ 388387).(1/287)
قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبََارَكاً أَيْنَ مََا كُنْتُ} [مريم: الآية 31] قال: معلما ومؤدّبا.
وقال: كل ما شئت، والبس ما شئت إذا أخطأتك اثنتان: سرف، أو مخيلة.
وقال: لجليسي عليّ ثلاث: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأن أوسّع له إذا جلس، وأصغي إليه إذا حدّث.
وقال: القرابة تقطع، والمعروف يكفر، ولم أر كالمودة.
روي عنه في قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيََانِ (19) بَيْنَهُمََا بَرْزَخٌ لََا يَبْغِيََانِ}
[الرّحمن: الآيتان 19، 20] {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجََانُ (22)} [الرّحمن: الآية 22].
البحران: عليّ وفاطمة، والبرزخ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، واللؤلؤ والمرجان: الحسن والحسين عليهما السلام.
وتكلّم عنده رجل فخلط، فقال ابن عباس: بكلام مثلك رزق الصمت المحبّة.
وقال لمعاوية: أيشتم عليّ على منبر الإسلام وهو بناه بسيفه؟
قيل له أو لقثم أخيه: كيف ورث عليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دونكم؟ فقال: إنه كان أوّلنا به لحوقا، وأشدّنا به لصوقا.
وقال ابن عباس: قلت لهند بن أبي هالة وكان ربيبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
صف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعلك أن تكون أثبتنا معرفة به. قال: كان بأبي وأمي طويل الصمت، دائم الفكرة، متواتر الأحزان، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلام لا فضل ولا تقصير، إذا حدّث أعاد، وإذا خولف أعرض وأشاح، يتروّح إلى حديث أصحابه، يعظّم النّعمة وإن دقّت، ولا يذمّ ذواقا، ويتبسّم عن مثل حبّ الغمام.
وقال ابن عباس: أكرموا الخبز فإنّ الله سخّر له السموات والأرض.
حدّث عن أبي العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم يرتجز بالإبل وهو يقول: [الرجز](1/288)
وقال ابن عباس: أكرموا الخبز فإنّ الله سخّر له السموات والأرض.
حدّث عن أبي العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم يرتجز بالإبل وهو يقول: [الرجز]
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطير نن لميسا
فقلت: له أترفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما روجع به النساء.
وروي عنه في قوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيََاةً طَيِّبَةً} [النّحل: الآية 97].
قال: هي القناعة.
قال ابن عباس: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هجاء الأعشى علقمة بن علاثة نهى أصحابه أن يرووه، وقال: «إن أبا سفيان شعّث منّي عند قيصر فردّ عليه علقمة وكذّب أبا سفيان فشكر النبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك.
وقال لبعض اليمانية: لكم من السماء نجمها، ومن الكعبة ركنها ومن السيوف صمصامها. يعني سهيلا من النجوم، والركن اليمانيّ، وصمصامة عمرو بن معد يكرب.
وقال: لا يزهدنّك في المعروف كفر من كفر فإنه يشكرك عليه من لم تصطنعه إليه.
ذكر أنّ ملك الروم وجّه إلى معاوية بقارورة فقال: ابعث فيها من كل شيء، فبعث إلى ابن عباس فقال: لتملأ له ماء فلما ورد به على ملك الروم قال: لله أبوه ما أدهاه! فقيل لابن عباس: كيف اخترت ذلك؟ فقال: لقول الله عزّ وجلّ: {وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: الآية 30].
وقال في كلام له يجيب ابن الزبير: والله إنه لمصلوب قريش، ومتى كان عوّام بن عوام يطمع في صفية بنت عبد المطلب؟ قيل للبغل: من أبوك؟ قال:
خالي الفرس.
وقال: ما رأيت أحدا أسعفته في حاجة إلا أضاء ما بيني وبينه، ولا رأيت أحدا رددته عن حاجة إلا أظلم ما بيني وبينه.
وقال: العلم أكثر من أن يؤتى على آخره فخذوا من كلّ شيء أحسنه.(1/289)
وقال: ما رأيت أحدا أسعفته في حاجة إلا أضاء ما بيني وبينه، ولا رأيت أحدا رددته عن حاجة إلا أظلم ما بيني وبينه.
وقال: العلم أكثر من أن يؤتى على آخره فخذوا من كلّ شيء أحسنه.
كان نافع بن الأزرق (1) يسأل ابن عباس عن القرآن وغيره، ويطلب منه الاحتجاج باللغة وبشعر العرب، فيجيبه عن مسائله.
وروى أبو عبيدة أنه سأله فقال: أرأيت نبيّ الله سليمان مع ما خوّله الله.
عزّ وجلّ وأعطاه، كيف عني بالهدهد على قلّته وضؤولته؟ فقال له ابن عباس:
إنّه احتاج إلى الماء، والهدهد قنّاء، الأرض له كالزجاجة يرى باطنها من ظاهرها، فسأل عنه لذلك. فقال له ابن الأزرق: قف يا وقّاف، كيف يبصر ما تحت الأرض، والفخّ يغطّي له بمقدار إصبع من تراب فلا يبصره حتى يقع فيه، فقال ابن عباس: ويحك يا ابن الأزرق، أما علمت أنّه إذا جاء القدر عشي البصر.
وروي أنه أتاه يوما فجعل يسأله حتى أملّه. فجعل ابن عباس يظهر الضّجر، وطلع عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة وهو يومئذ غلام فسلّم وجلس.
فقال ابن عباس: ألا تنشدنا شيئا؟ فأنشده: [الطويل]
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجّر (2)
__________
(1) نافع بن الأزرق: رأس فرقة الأزارقة، والأزارقة: فرقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق قالوا: كفر علي بالتحكيم وابن ملجم محقّ في قتله، وكفّرت الصحابة أي عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس وسائر المؤمنين معهم وقضوا بتخليدهم في النار، وكفّروا القعدة عن القتال وإن كانوا موافقين لهم، وقالوا: تحرم التقية في القول والعمل، ويجوز قتل أولاد المخالفين ونسائهم، ولا رجم على الزاني المحصن ولا حدّ للقذف على النساء، وأطفال المشركين في النار مع آبائهم، ويجوز اتباع نبي كان كافرا وإن علم كفره بعد النبوة، ومرتكب الكبيرة كافر (كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 142). ونافع بن الأزرق من أهل البصرة، صحب في أول أمره عبد الله بن عباس، وكان وأصحاب له من أنصار الثورة على عثمان بن عفان ووالوا عليّا إلى أن كانت قضية التحكيم فاجتمعوا في حروراء، وهي قرية من ضواحي الكوفة ونادوا بالخروج على علي، وكان نافع بن الأزرق جبارا فتاكا قاتله المهلب بن أبي صفرة. وقتل يوم دولاب على مقربة من الأهواز سنة 65هـ (انظر: الأعلام 7/ 352، الكامل للمبرد 2/ 172، لسان الميزان 6/ 144، جمهرة الأنساب 293، تاريخ الطبري 7/ 65، خطط المقريزي 3/ 354).
(2) البيت لعمر بن أبي ربعية في ديوانه ص 92، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 326.(1/290)
حتى أتمها وهي ثمانون بيتا، فقال له ابن الأزرق: لله أنت يا ابن عباس، أنضرب إليك أكباد نسألك عن الدّين فتعرض، ويأتيك غلام من قريش فينشدك سفها فتسمعه؟ فقال: لا والله ما سمعت سفها. فقال ابن الأزرق: أما أنشدك:
[الطويل]
رأت رجلا أما إذا الشّمس عارضت ... فيخزى، وأما بالعشيّ فيخسر
فقال: ما هكذا قال إنما قال: [الطويل]
فيضحى، وأمّا بالعشيّ فيخصر
قال: أو تحفظ الذي قال؟ قال: والله ما سمعتها إلّا ساعتي هذه، ولو شئت أن أردّها لرددتها. قال: فارددها فأنشده إياها. فقال نافع: ما رأيت أروى منك فقال ابن عباس: ما رأيت أروى من عمر، ولا أعلم من علي.
سعى رجل برجل إليه، فقال له: إن شئت نظرنا فيما قلت فإن كنت صادقا مقتناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت أقلناك. قال: هذه أحبّها إلي. قال: فامض حيث شئت.
وسئل عن رجل جعل أمر امرأته بيدها، فقالت: فأنت طالق ثلاثا فقال ابن عباس: خطّأ الله نوءها. ألا طلّقت نفسها ثلاثا.
وقال: لا يصلّين أحدكم وهو يدافع الطّوف والبول.
وقال في الذّبيحة بالعود: كل ما أفرى الأوداج غير مثرّد.
وأتاه رجل فقال: إني أرمي الصيد فأصمي وأنمي، فقال: ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل.
وسئل: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: أحمزها.
وذكر عبد الملك بن مروان فقال: إن ابن أبي العاص مشى القدميّة، وإنّ ابن الزبير لوى ذنبه. وقال: أمرنا أن نبني المساجد جمّا والمدائن شرفا.
وقال: قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى.
قال سعيد بن جبير: كنا مع ابن عباس بعرفات فقال: يا سعيد، ما لي لا أسمع الناس يلبّون؟ قلت: يخافون من معاوية فخرج ابن عباس من فسطاطه وقال: لبّيك اللهم لبّيك. اللهم العنهم فإنهم قد تركوا السّنة لبغضهم عليّا.(1/291)
وقال: قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى.
قال سعيد بن جبير: كنا مع ابن عباس بعرفات فقال: يا سعيد، ما لي لا أسمع الناس يلبّون؟ قلت: يخافون من معاوية فخرج ابن عباس من فسطاطه وقال: لبّيك اللهم لبّيك. اللهم العنهم فإنهم قد تركوا السّنة لبغضهم عليّا.
وقال له بعضهم: إن في حجري يتيما، وإن له إبلا في إبلي، فأنا أمنح من إبلي وأفقر. فما يحلّ لي من إبله؟ فقال: إن كنت تردّ نادّتها، وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها فاشرب غير مضرّ بنسل ولا ناهك حلبا.
وقال: ما رأيت أحدا كان أخلق للملك من معاوية كان الناس يردون عنه أرجاء واد رحب ليس مثل الحصر العقص يعني ابن الزبير.
ولما استقام رأي الناس على أبي موسى بصفّين أتاه عبد الله بن عباس، فقال له وعنده وجوه الناس وأشرافهم: «يا أبا موسى إن الناس لم يرضوا بك، ولم يجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه، وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار والمقدّمين قبلك! ولكنّ أهل الشام أبوا غيرك، وايم الله إني لأظنّ ذلك شرّا لنا ولهم، وإنه قد ضمّ إليك داهية العرب، وليس في معاوية خصلة يستحقّ بها الخلافة فإن تقذف بحقّك على باطله تدرك حاجتك فيه، وإن تطمع باطله في حقّك يدرك حاجته فيك. اعلم أن معاوية طليق الإسلام، وأنّ أباه من الأحزاب، وأنّه ادّعى الخلافة من غير مشورة فإن صدّقك فقد صرّح بخلعه، وإن كذّبك فقد حرم عليك كلامه وإن زعم أنّ عمر وعثمان استعملاه فصدق استعمله عمر وهو الوالي عليه، بمنزلة الطبيب من المريض، يحميه مما يشتهي، ويزجره عما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر. وما أكثر ما استعملا ثم لم يدّعوا الخلافة وهو منهم واحد!. واعلم أن لعمرو مع كلّ شيء يسرّك خبيئا يسوءك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليّا بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، وأنّها بيعة هدى، وأنه لم يقاتل إلا عاصيا وناكثا. فقال له أبو موسى: رحمك الله، والله ما لي إمام غير عليّ، وإني لواقف عندما أرى، ولرضا الله أحبّ إلي من رضا أهل الشام، وما أنا وأنت إلا بالله.
وقال له رجل: إن رجلا من أصحابي يغتابني، فقال: ما من غرّة إلا ومن جانبها عرّة، وما الذئب في فريسته بأسرع من ابن العمّ الدنيّ في عرض ابن عمه السّريّ.(1/292)
ولما استقام رأي الناس على أبي موسى بصفّين أتاه عبد الله بن عباس، فقال له وعنده وجوه الناس وأشرافهم: «يا أبا موسى إن الناس لم يرضوا بك، ولم يجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه، وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار والمقدّمين قبلك! ولكنّ أهل الشام أبوا غيرك، وايم الله إني لأظنّ ذلك شرّا لنا ولهم، وإنه قد ضمّ إليك داهية العرب، وليس في معاوية خصلة يستحقّ بها الخلافة فإن تقذف بحقّك على باطله تدرك حاجتك فيه، وإن تطمع باطله في حقّك يدرك حاجته فيك. اعلم أن معاوية طليق الإسلام، وأنّ أباه من الأحزاب، وأنّه ادّعى الخلافة من غير مشورة فإن صدّقك فقد صرّح بخلعه، وإن كذّبك فقد حرم عليك كلامه وإن زعم أنّ عمر وعثمان استعملاه فصدق استعمله عمر وهو الوالي عليه، بمنزلة الطبيب من المريض، يحميه مما يشتهي، ويزجره عما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر. وما أكثر ما استعملا ثم لم يدّعوا الخلافة وهو منهم واحد!. واعلم أن لعمرو مع كلّ شيء يسرّك خبيئا يسوءك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليّا بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، وأنّها بيعة هدى، وأنه لم يقاتل إلا عاصيا وناكثا. فقال له أبو موسى: رحمك الله، والله ما لي إمام غير عليّ، وإني لواقف عندما أرى، ولرضا الله أحبّ إلي من رضا أهل الشام، وما أنا وأنت إلا بالله.
وقال له رجل: إن رجلا من أصحابي يغتابني، فقال: ما من غرّة إلا ومن جانبها عرّة، وما الذئب في فريسته بأسرع من ابن العمّ الدنيّ في عرض ابن عمه السّريّ.
ومرّ برجل ساجد يدعو فقال: هكذا أمرتم فادعوا، وتلا قوله تعالى:
{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: الآية 19].
وقال: التمسوا الرزق بالنّكاح.
وقال: لا غنى بالناس عن الناس، ولكن سل الله أن يغنيك عن شرار الناس.
وقال: إنكم من الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، من زرع خيرا أوشك أن يحصد رغبة، ومن عمل شرّا أوشك أن يحصد ندامة، وكل زارع وما زرع، ولا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدّر له بحرصه، ومن أوتي خيرا فالله آتاه، ومن وقي شرّا فالله وقاه. المتقون سادة، والعلماء قادة، ومجالستهم زيادة.
وقال: ذللت للعلم طالبا فعزّزت مطلوبا.
وسئل عن منى وقيل: عجبا لمنى وضيقه في غير الحج، وما يسع من الحاجّ، فقال ابن عباس: إن منى ليتّسع بأهله كما يتّسع الرّحم للولد.
وكان يقول: ألذّ اللذات الإفضال على الإخوان، والرجوع إلى كفاية.
وخير العطية ما وافق الحاجة، وخير المحبة ما لم يكن عن رغبة ولا رهبة.
وقال: لا تمار سفيها ولا حليما فإن السفيه يؤذيك والحليم يقليك، واعمل عمل من يعلم أنّه مجزيّ بالحسنات مأخوذ بالسيئات.
وقال: لكلّ داخل دهشة، فابدؤوه بالسّلام.
وقال: أكرم الناس عليّ جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني، وما أدري كيف أكافئ رجلا تخطّى المجالس فجلس إليّ فإنه لا يكافئه إلا الله.(1/293)
وقال: أكرم الناس عليّ جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني، وما أدري كيف أكافئ رجلا تخطّى المجالس فجلس إليّ فإنه لا يكافئه إلا الله.
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وولده
مرّ بباب قوم، وجارية تغنّيهم فلما سمع غناءها دخل من غير أن استأذن، فرحّبوا به، وقالوا: كيف دخلت يا أبا جعفر؟ قال: لأنكم أذنتم لي قالوا: وكيف؟ قال: سمعت الجارية تقول: [المنسرح]
قل لكرام ببابنا يلجوا ... ما في التّصابي على الفتى حرج
وقال لابنته: يا بنية. إياك والغيرة فإنّها مفتاح الطلاق، وإياك والمعاتبة فإنها تورث الضّغينة، وعليك بالزّينة، واعلمي أن أزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب الماء.
وقال: لا تستحي من إعطاء القليل فإن البخل أقلّ منه.
ورئي يماكس وكيله في درهم فقال له قائل: أتماكس في درهم وأنت تجود بما تجود به؟ قال: ذلك مالي جدت به وهذا عقلي بخلت به.
وقال: لا خير في المعروف إلا أن يكون ابتداء فأما أن يأتيك الرجل بعد تململ على فراشه، وأرق عن وسنته، لا يدري أيرجع بنجج المطلب أم بكآبة المنقلب، فإن أنت رددته عن حاجته تصاغرت إليك نفسه، وتراجع الدم في وجهه، تمنى أن يجد في الأرض نفقا فيدخل فيه فلا.
وأنشد: [الكامل]
إنّ الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى تصيب بها طريق المصنع (1)
فقال: هذا شعر رجل يريد أن بيخّل الناس أمطر المعروف مطرا فإن صادفت الموضع الذي قصدت، وإلا كنت أحقّ به.
وقال له الحسن والحسين رضي الله عنهما: إنك قد أسرفت في بذل المال فقال: بأبي أنتما وأمي! إن الله عودني أن يفضل عليّ، وعودته أن أفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فيقطع عنّي.
__________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (صنع)، وتهذيب اللغة 2/ 39، وتاج العروس (صنع)، وكتاب العين 1/ 305.(1/294)
وافتقد عبد الله صديقا له من مجلسه، ثم جاءه فقال له: أين كانت غيبتك؟ فقال: خرجت إلى عرض من أعراض المدينة مع صديق لي فقال له:
إن لم تجد من صحبة الرجال بدّا فعليك بصحبة من إن صحبته زانك، وإن خففت له صانك، وإن احتجت إليه مانك، وإن رأى منك خلّة سدّها، أو حسنة عدّها، وإن أكثرت عليه لم يرفضك إن سألته أعطاك، وإن أمسكت عنه ابتداك.
وامتدحه نصيب، فأمر له بخيل وإبل وأثاث ودنانير ودراهم. فقال له رجل: أمثل هذا الأسود يعطى مثل هذا المال؟ فقال عبد الله: إن كان المادح أسود فإن شعره أبيض وإن ثناءه لعربيّ ولقد استحقّ بما قال أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا ثيابا تبلى، ومالا يفنى، ومطايا تنضى، وأعطانا مدحا يروى وثناء يبقى.
وقيل له: إنك تبذل الكثير إذا سئلت، وتضيّق في القليل إذا توجرت فقال: إني أبذل مالي وأضنّ بعقلي.
قال بديح: كان في أذن عبد الله بن جعفر بعض الوقر إذا سمع ما يكره.
وروي أن النبيّ عليه السلام مرّ بعبد الله بن جعفر وهو صبيّ يصنع شيئا من طين من لعب الصبيان، فقال: ما تصنع بهذا؟ قال: أبيعه. قال: ما تصنع بثمنه؟ قال: أشتري به رطبا آكله فقال عليه السلام: اللهمّ بارك له في صفقة يمينه. فكان يقال: ما اشترى شيئا قط إلا ربح فيه.
وأخبار عبد الله بن جعفر في السخاء معروفة.
وذكر أن شاعرا أتاه فأنشده: [المتقارب]
رأيت أبا جعفر في المنام ... كساني من الخزّ درّاعه
فقال لغلامه: ادفع إليه دراعتي الخزّ، ثم قال له: كيف لم تر جبّتي المنسوجة بالذهب التي اشتريتها بثلاثمائة دينار؟ فقال له الشاعر: بأبي أنت دعني أغفى فلعلّي أراها. فضحك ثم قال: ادفع إليه جبّتي، فدفعت إليه.
وذكر أن رجلا جلب إلى المدينة سكّرا فكسد عليه فقيل له: لو أتيت ابن جعفر قبله منك وأعطاك الثمن فأتاه فأخبره فأمره بإحضاره، ثم أمر به فنثر وقال للناس: انتهبوا فلما رأى الرجل الناس ينتهبون قال له: جعلت فداك آخذ معهم؟ قال: نعم فجعل الرجل يهيل في غرارته، ثم قال لعبد الله:(1/295)
رأيت أبا جعفر في المنام ... كساني من الخزّ درّاعه
فقال لغلامه: ادفع إليه دراعتي الخزّ، ثم قال له: كيف لم تر جبّتي المنسوجة بالذهب التي اشتريتها بثلاثمائة دينار؟ فقال له الشاعر: بأبي أنت دعني أغفى فلعلّي أراها. فضحك ثم قال: ادفع إليه جبّتي، فدفعت إليه.
وذكر أن رجلا جلب إلى المدينة سكّرا فكسد عليه فقيل له: لو أتيت ابن جعفر قبله منك وأعطاك الثمن فأتاه فأخبره فأمره بإحضاره، ثم أمر به فنثر وقال للناس: انتهبوا فلما رأى الرجل الناس ينتهبون قال له: جعلت فداك آخذ معهم؟ قال: نعم فجعل الرجل يهيل في غرارته، ثم قال لعبد الله:
أعطني الثمن فقال: وكم ثمن سكرك؟ قال: أربعة آلاف درهم، فأمر له بها فقال الرجل للناس: إنّ هذا ما يدري ما يفعل أخذ أم أعطى، لأطالبنّه بالثمن فغدا عليه وقال: ثمن سكّري فأطرق عبد الله مليّا ثم قال: يا غلام أعطه أربعة آلاف درهم فقال الرجل: قد قلت لكم إن هذا الرجل لا يعقل أخذ أم أعطى، لأطلبنّه بالثمن فغدا عليه وقال: أصلحك الله. ثمن سكّري فأطرق ثم رفع رأسه إلى رجل وقال: ادفع إليه أربعة آلاف درهم فلما ولي الرجل قال له عبد الله: يا أعرابيّ هذه تمام اثني عشر ألف درهم فانصرف الرجل وهو يعجب من فعله.
ولما ولي عبد الملك بن مروان جفا عبد الله ورقّت حاله فراح يوما إلى الجمعة وهو يقول: اللهمّ إنك عوّدتني عادة جريت عليها فإن كان ذلك قد انقضى فاقبضني إليك، فتوفّي في الجمعة الأخرى.
وأوصى إلى ابنه معاوية وكان في ولده من هو أسنّ منه، وقال له: إنّي لم أزل أؤمّلك لها. وكان عليه دين، فاحتال معاوية فيه وقضاه، وقسم أموال أبيه في ولده ولم يستأثر عليهم بشيء.
قال المدائني (1): وكان عبد الله بن جعفر لا يؤدّب ولده ويقول: إن يرد الله بهم خيرا يتأدّبوا فلم ينجب فيهم غير معاوية.
ومن ولده عبد الله بن معاوية. وكان من فتيان بني هاشم وسمحائهم وشعرائهم وخطبائهم. دعا إلى نفسه وقيل دعا إلى الرّضا من آل محمد
__________
(1) المدائني: هو علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف الحافظ أبو الحسن المدائني، مولى سمرة بن حبيب، أصله بصري، سكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد، فلم يزل بها إلى وفاته، ولد سنة 135هـ، وتوفي سنة 225هـ، له العشرات من المصنفات (انظر كشف الظنون 5/ 671670).(1/296)
وغلب على الكوفة، ثم خرج منها إلى فارس، ولبس الصّوف وأظهر سيما الخير. وكان يطعن في دينه، وينسب إلى الزندقة واللّواط فغلب على الجبل والريّ والأصفهان وفارس والماهين. وقصده بنو هاشم وفيهم المنصور والسفاح، وعيسى بن علي، ومن بني أمية سلمان بن هشام بن عبد الملك وغيره فمن أراد عملا ولّاه، ومن أراد صلة وصله فوجّه إليه مروان بن محمد عامر بن ضبارة فهرب عبد الله من فارس ولحق بخراسان، وقد ظهر أبو مسلم بها، فأخذه أبو مسلم وحبسه ثم قتله.
وكان جعل عليه عينا يرفع إليه أخباره فرفع إليه أنه يقول:
ليس على الأرض أحمق منكم يا أهل خراسان، في طاعتكم هذا الرجل وتسليمكم إليه مقاليد أموركم من غير أن تراجعوه في شيء، أو تسألوه عنه.
والله ما رضيت الملائكة بهذا من الله عزّ وجلّ حتى راجعته في أمر آدم فقالت: {أَتَجْعَلُ فِيهََا مَنْ يُفْسِدُ فِيهََا وَيَسْفِكُ الدِّمََاءَ} [البقرة: الآية 30]. حتى قال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} [البقرة: الآية 30].
وكتب إلى أبي مسلم من الحبس:
من الأسير في يديه بلا ذنب إليه ولا خلاف عليه. أما بعد فآتاك الله حفظ الوصية، ومنحك نصيحة الرعيّة، وألهمك عدل القضيّة، فإنّك مستودع ودائع ومولى صنائع، فاحفظ ودائعك بحسن صنائعك، فالودائع مرعيّة، والصنائع عارية، وما النعم عليك وعلينا فيك بمستور نداها، ولا مبلوغ مداها، فاذكر القصاص، واطلب الخلاص، وأنبه للتّفكّر قلبك، واتّق الله ربّك، واعط من نفسك من هو تحتك ما تحبّ أن يعطيك من هو فوقك من العدل والرأفة والأمن من المخافة. فقد أنعم الله عليك إذ فوّض أمرنا إليك فاعرف لنا شكر المودّة وأعتقنا من الشدة والرّضا بما رضيت، والقناعة بما هويت فإن علينا من ثقل الحديد أذّى شديدا، مع معالجة الأغلال، وقلة رحمة العمّال، الذين تسهيلهم الغلظة، وتيسيرهم الفظاظة، وإيرادهم علينا الغموم، وتوجيههم إلينا الهموم زيارتهم الحراسة، وبشارتهم الإياسة فإليك نرفع كربة الشكوى، ونشكو شدة البلوى. ومتى تمل إلينا طرفا وتزوّدنا منك
عطفا تجد عندنا نصحا صريحا، وودّا صحيحا، ولا يضيع مثلك مثله، ولا يتّقي مثلك أهله فارع حرمة من أدركت حرمته، واعرف حجّة من فلجت حجّته فإن الناس من حوضك رواء، ونحن منه ظماء. يمشون في الأبراد، ونحجل في الأقياد، بعد الخير والسّعة، والخفض والدّعة. والله المستعان وعليه التّكلان، صريخ الأخيار ومنجي الأبرار. الناس من دولتنا في رخاء، ونحن منها في بلاء: حيث أمن الخائفون، ورجع الهاربون، رزقنا الله منك التحنّن، وظاهر علينا منك المنن فإنك أمين للمؤمنين مستودع وذائد مصطنع.(1/297)
من الأسير في يديه بلا ذنب إليه ولا خلاف عليه. أما بعد فآتاك الله حفظ الوصية، ومنحك نصيحة الرعيّة، وألهمك عدل القضيّة، فإنّك مستودع ودائع ومولى صنائع، فاحفظ ودائعك بحسن صنائعك، فالودائع مرعيّة، والصنائع عارية، وما النعم عليك وعلينا فيك بمستور نداها، ولا مبلوغ مداها، فاذكر القصاص، واطلب الخلاص، وأنبه للتّفكّر قلبك، واتّق الله ربّك، واعط من نفسك من هو تحتك ما تحبّ أن يعطيك من هو فوقك من العدل والرأفة والأمن من المخافة. فقد أنعم الله عليك إذ فوّض أمرنا إليك فاعرف لنا شكر المودّة وأعتقنا من الشدة والرّضا بما رضيت، والقناعة بما هويت فإن علينا من ثقل الحديد أذّى شديدا، مع معالجة الأغلال، وقلة رحمة العمّال، الذين تسهيلهم الغلظة، وتيسيرهم الفظاظة، وإيرادهم علينا الغموم، وتوجيههم إلينا الهموم زيارتهم الحراسة، وبشارتهم الإياسة فإليك نرفع كربة الشكوى، ونشكو شدة البلوى. ومتى تمل إلينا طرفا وتزوّدنا منك
عطفا تجد عندنا نصحا صريحا، وودّا صحيحا، ولا يضيع مثلك مثله، ولا يتّقي مثلك أهله فارع حرمة من أدركت حرمته، واعرف حجّة من فلجت حجّته فإن الناس من حوضك رواء، ونحن منه ظماء. يمشون في الأبراد، ونحجل في الأقياد، بعد الخير والسّعة، والخفض والدّعة. والله المستعان وعليه التّكلان، صريخ الأخيار ومنجي الأبرار. الناس من دولتنا في رخاء، ونحن منها في بلاء: حيث أمن الخائفون، ورجع الهاربون، رزقنا الله منك التحنّن، وظاهر علينا منك المنن فإنك أمين للمؤمنين مستودع وذائد مصطنع.
وكتب عبد الله إلى بعض إخوانه:
أما بعد، فقد عاقني الشكّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك. ابتدأتني بلطف عن غير خبرة ثم أعقبتني جفاء من غير ذنب، فأطمعني أوّلك في إخائك، وآيسني آخرك من وفائك. فلا أنا في غير الرجاء مجمع لك اطّراحا، ولا أنا في غد وانتظاره منك على ثقة. فسبحان من لو شاء كشف بإيضاح الرّأي عن عزيمة الشكّ في أمرك فأقمنا على ائتلاف، أو افترقنا على اختلاف.
والسلام.
كان عبد الله بن جعفر إذا غنّته الجارية يقول: أحسنت إليّ والله، وكان يتأثّم أن يقول: أحسنت والله.
ووفد على معاوية فأنزله في داره، فقالت له ابنة قرظة امرأته: إنّ جارك هذا يسمع الغناء فاطّلع عليه وجارية له تغنّيه، وتقول: [السريع]
إنك والله لذو ملّة ... يصرفك الأدنى عن الأبعد (1)
وهو يقول: يا صدقكاه! قال ثم قال: اسقيني. قالت: ما أسقيك؟ قال:
ماء وعسلا. فانصرف معاوية وهو يقول: ما أرى بأسا.
__________
(1) البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 212، والرواية فيه:
إن لم تحل أو تك ذا ميلة ... بطرفك الأدنى على الأقدم
ولسان العرب (طرف)، (ملل).(1/298)
فلما كان بعد ذلك قالت له: إن جارك هذا لا يدعنا ننام الليل من قراءة القرآن قال: هكذا قومي رهبان باللّيل، ملوك بالنهار.
وقال عبد الله: إن بأهل المعروف من الحاجة إليه أكثر مما بأهل الرّغبة منهم فيه وذلك أنّ حمده وأجره وذكره وذخره وثناءه لهم، فما صنعت من صنيعة أو أتيت من معروف، فإنما تصنعه إلى نفسك فلا تطلبنّ من غيرك شكر ما أتيت لي نفسك.
ويروى هذا الكلام لابنه جعفر رضي الله عنه.
علي بن عبد الله بن العباس وولده
قال علي رحمة الله عليه: من لم يجد مسّ نقص الجهل في عقله، وذلّة المعصية في قلبه، ولم يستبن موضع الخلّة في لسانه عند كلال حدّه عن حدّ خصمه، فليس ممن ينزع عن ريبة، ولا يرغب عن حال معجزة، ولا يكترث لفصل ما بين حجّة وشبهة.
وقال: سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء.
وقال محمد بن علي وذكر رجلا من أهله: إني لأكره أن يكون لعمله فضل على عقله كما أكره أن يكون للسانه فضل على علمه.
وقال أبو مسلم: سمعت إبراهيم بن محمد الإمام يقول: يكفي من حظّ البلاغة ألا يؤتى السامع من سوء إفهام الناطق، ولا يؤتى الناطق من سوء فهم السّامع.
وكان من الخطباء داود بن علي، وهو الذي يقول: الملك فرع نبعة نحن أفنانها، وذروة هضبة نحن أركانها.
وخطب بمكة فقال: شكرا شكرا، إنا والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا، ولا لنبني فيكم قصرا، أظنّ عدوّ الله أن لن نظفر به؟ أرخي له في زمامه، حتّى عثر في فضل خطامه. فالآن عاد الأمر في نصابه، وطلعت الشمس من مطلعها،
والآن أخذ القوس باريها. وعادت النّبل إلى النّزعة، ورجع الحقّ إلى مستقرّه، في أهل بيت نبيكم أهل الرّحمة والرأفة.(1/299)
وخطب بمكة فقال: شكرا شكرا، إنا والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا، ولا لنبني فيكم قصرا، أظنّ عدوّ الله أن لن نظفر به؟ أرخي له في زمامه، حتّى عثر في فضل خطامه. فالآن عاد الأمر في نصابه، وطلعت الشمس من مطلعها،
والآن أخذ القوس باريها. وعادت النّبل إلى النّزعة، ورجع الحقّ إلى مستقرّه، في أهل بيت نبيكم أهل الرّحمة والرأفة.
وخطب فقال: أحرز لسان رأسه، اتّعظ امرؤ بغيره، اعتبر عاقل قبل أن يعتبر به، فأمسك الفضل من قوله، وقدّم الفضل من عمله.
ثم أخذ بقائم سيفه وقال: إن بكم داء هذا دواؤه، وأنا زعيم لكم بشفائه. وما بعد الوعيد إلا الوقع، وما بعد التهديد غير إنجاز الوعيد. {وَقَدْ خََابَ مَنِ افْتَرى ََ} [طه: الآية 61]. {إِنَّمََا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ بِآيََاتِ اللََّهِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْكََاذِبُونَ (105)} [النّحل: الآية 105].
ولما قام أبو العباس السفاح في أول خلافته على المنبر، قام بوجه كورقة المصحف، فاستحيا فلم يتكلّم، فنهض داود حتى صعد المنبر. قال المنصور: فقلت في نفسي: شيخنا وكبيرنا يدعو إلى نفسه فانتضيت سيفي وغطّيته بثوبي فقلت: إن فعل ناجزته فلما رقي عتبا استقبل الناس بوجهه دون أبي العباس، ثم قال:
يا أيها الناس، إن أمير المؤمنين يكره أن يتقدّم قوله فعله، ولأثر الفعال عليكم أجدى من تشقيق الكلام، وحسبكم كتاب الله متسلى فيكم وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة عليكم. والله قسما برّا لا أريد بها إلا الله ما قام هذا المقام بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أحقّ به من عليّ بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا فليظنّ ظانّكم، وليهمس هامسكم.
قال أبو جعفر: ثم نزل فشمت سيفي.
وبلغه وهو بمكة أنّ قوما أظهروا الشكاة لأبي العباس، فافترع المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أغدرا غدرا: يا أهل الجبن والتبديل ألم يزعكم الفتح المبين عن الخوض في ذمّ أمير المؤمنين. كلا والله، حتى تحملوا أوزاركم، ومن أوزار الذين كانوا قبلكم. كيف فاهت شفاهكم بالشكوى لأمير المؤمنين؟ بعد أن حانت آجالكم فأرجأها، وانثعبت دماؤكم فحقنها؟ الآن يا منابت الدّمن مشيتم الضّراء، ودببتم
الخمر. أما ومحمد والعباس لئن عدتم لمثل ما بدأتم لأحصدنّكم بظبات السيوف. ثم يغني ربّنا عنكم، ويستبدل قوما غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم.(1/300)
أغدرا غدرا: يا أهل الجبن والتبديل ألم يزعكم الفتح المبين عن الخوض في ذمّ أمير المؤمنين. كلا والله، حتى تحملوا أوزاركم، ومن أوزار الذين كانوا قبلكم. كيف فاهت شفاهكم بالشكوى لأمير المؤمنين؟ بعد أن حانت آجالكم فأرجأها، وانثعبت دماؤكم فحقنها؟ الآن يا منابت الدّمن مشيتم الضّراء، ودببتم
الخمر. أما ومحمد والعباس لئن عدتم لمثل ما بدأتم لأحصدنّكم بظبات السيوف. ثم يغني ربّنا عنكم، ويستبدل قوما غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم.
مهلا مهلا يا روايا الإرجاف، وأبناء النفاق، وأنسال الأحزاب وكفّوا عن الخوض فيما كفيتم، والتخطّي إلى ما حذّرتم قبل أن تتلف نفوس، ويقلّ عذر، ويذل عزّ. وما أنتم وتلك؟ ولم؟ ألم تجدوا ما وعد ربكم حقّا من إيراث المستضعفين مشارق الأرض ومغاربها؟ بلى، والحجر والحجر، ولكنه حسد مضمر، وحسك في الصدور. فرغما للمعاطس، وبعدا للقوم الظّالمين.
ولما أتى الخبر بقتل مروان بن محمد خطب عيسى بن علي فقال:
الحمد لله الذي لا يفوته من طلب، ولا يعجزه من هرب. خدعت والله الأشيقر نفسه، أو ظنّ أنّ الله ممهله؟ {وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التّوبة:
الآية 32]. فحتّى متى؟ وإلى متى؟ لقد كذبتهم العيدان الّتي افترعوها، وأمسكت السّماء درّها، والأرض ريقها، وقحل الزرع، وجفر فنيق الكفر، واشتمل جلباب الشرك، وأبطلت الحدود، وأهدرت الدّماء، وكان ربّك بالمرصاد، {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوََّاهََا (14) وَلََا يَخََافُ عُقْبََاهََا (15)} [الشّمس: الآيتان 14، 15] وانتاشكم عباد الله لينظر كيف تعملون. فالشكر الشكر عباد الله فإنه من دواعي المزيد. أعاذنا الله وإياكم من نفثات الفتن.
وخطب عبد الله بن علي لما قتل مروان بن محمد فقرأ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دََارَ الْبَوََارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهََا وَبِئْسَ الْقَرََارُ (29)} [إبراهيم: الآيتان 28، 29].
ركض بكم يا أهل الشّام آل حرب وآل مروان، يتسكّعون بكم الظّلم، ويخوضون بكم مداحض المراقي، ويوطئونكم محارم الله ومحارم رسوله. فما يقول علماؤكم غدا عند الله؟ إذ يقولون: {رَبَّنََا هََؤُلََاءِ أَضَلُّونََا فَآتِهِمْ عَذََاباً ضِعْفاً مِنَ النََّارِ} [الأعراف: الآية 38]. فيقول: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلََكِنْ لََا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:
الآية 38].
أمّا أمير المؤمنين فقد أسفّ بكم إلى التوبة، وغفر لكم الزّلّة، وبسط لكم الإقالة بفضله. فليفرخ روعكم، وليعظكم مصارع من كان قبلكم. فهذه الحتيّ منكم مضرعة، وبيوتهم خاوية بما ظلموا، والله لا يحبّ الظّالمين.(1/301)
الآية 38].
أمّا أمير المؤمنين فقد أسفّ بكم إلى التوبة، وغفر لكم الزّلّة، وبسط لكم الإقالة بفضله. فليفرخ روعكم، وليعظكم مصارع من كان قبلكم. فهذه الحتيّ منكم مضرعة، وبيوتهم خاوية بما ظلموا، والله لا يحبّ الظّالمين.
ثم نزل عن المنبر، وصعد صالح بن علي بعده فقال:
يا أهل النّفاق، وعمد الضّلالة، أغرّكم لين الإبساس وطول الإيناس، حتى ظنّ جاهلكم أن ذلك لفلول حدّ، وخور قناة. فإذا استوبأتكم العافية فعندي نكال وفطام، وسيف يعضّ بالهام.
ومن خطب داود:
أيها القوم. حتّى متى يهتف بكم صريخكم؟ أما آن لراقدكم أن يهبّ من رقدته؟ بلى و {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطفّفين: الآية 14].
طال الإمهال حتى حسبتموه الإهمال. هيهات كيف يكون ذلك والسيف مشهور؟
لا والله، حتى يجوسكم خلال الدّيار: [الكامل]
حتى تبيد قبيلة وقبيلة ... ويعضّ كلّ مهنّد بالهام
ويقمن ربّات الخدور حواسرا ... يمسحن عرض ذوائب الأيتام
ولما خرج داود إلى مكة واليا حم في بعض طريقه، فكان يدعو الله ويقول: يا رب. الثأر ثم النّار.
قال عبد الصمد بن علي: كنت عند عبد الله بن علي في عسكره بالشام لما خالف المنصور ودعا إلى نفسه، وكان أبو مسلم بإزائه يقاتله، فاستؤذن لرسول أبي مسلم عليه، فاذن له، فدخل رجل من أهل الشام فقال له: يقول لك الأمير: علام قتالك إياي وأنت تعلم أني أهزمك؟ فقال له: يا ابن الزانية، ولم تقاتلني عنه وأنت تعلم أنه يقتلك؟
قال العباس بن محمد بن علي للرشيد: يا أمير المؤمنين. إنما هو سيفك ودرهمك، فازرع بهذا من شكرك، واحصد بهذا من كفرك.
ولما ضرب عبد الله بن علي أعناق بني أمية قال قائل: هذا والله جهد البلاء. فقال عبد الله: ما هذا وشرطة الحجّام إلا سواء. إنما جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسّع.(1/302)
قال العباس بن محمد بن علي للرشيد: يا أمير المؤمنين. إنما هو سيفك ودرهمك، فازرع بهذا من شكرك، واحصد بهذا من كفرك.
ولما ضرب عبد الله بن علي أعناق بني أمية قال قائل: هذا والله جهد البلاء. فقال عبد الله: ما هذا وشرطة الحجّام إلا سواء. إنما جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسّع.
وقال محمد بن علي: كفاك من علم الدين أن تعرف ما لا يسع جهله، وكفاك من علم الأدب أن تروي الشاهد والمثل.
كتب المنصور إلى صالح بن علي أن يطلب بشر بن عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ويقتله. فأتي به إلى صالح، فقال له: قد كان لأبي خالد عندنا بلاء يشكر. قال بشر: فلينفعني ذلك عندك. قال: أمّا مع كتاب أمير المؤمنين فلا بدّ من قتلك. ولكني أقدّم السّاعي بك، فأضرب عنقه بين يديك، وأعطي الذي اشتمل عليك ألف دينار ففعل ذلك ثم قتله.
أوصى العباس بن محمد معلم ولده فقال: إنّي قد كفيتك أعراقهم فاكفني آدابهم. اعذهم بالحكمة فإنّها ربيع القلوب، وعلّمهم النّسب والخبر فإنه أفضل علم الملوك، وابدأهم بكتاب الله فإنه قد خصّهم ذكره، وعمهم رشده، وكفى بالمرء جهلا أن يجهل فضلا عنه أخذ. وخذهم بالإعراب فإنه مدرجة البيان، وفقّههم في الحلال والحرام فإنه حارس من أن يظلموا، ومانع من أن يظلموا.
كان داود بن علي يقول: المعرفة شكر، والحمد نعمة يجب فيها الشكر.
وخطب سليمان بن علي فقال: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ (105)} [الأنبياء: الآية 105]. قضاء فصل، وقول مبرم، فالحمد لله الذي صدق عبده، وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين الذين اتّخذوا الكعبة غرضا، والدّين هزوا، والفيء إرثا، والقرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا يستهزئون وكأيّن ترى من بئر معطّلة وقصر مشيد، بما قدّمت أيديهم، وما الله بظلّام للعبيد. أمهلهم حتى اضطهدوا العترة، ونبذوا السّنة، {وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: الآية 15] ثم أخذهم ف {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم: الآية 98].
وكان أبوهم علي بن عبد الله بن العباس سيدا شريفا بليغا، وكان يقال إن له خمسمائة أصل زيتون، يصلّي في كلّ يوم إلى كل أصل منها ركعتين، فكان يدعى ذا الثّفنات، وكان عبد الملك بن مروان يكرمه. وضربه الوليد مرتين بالسوط، إحداهما في تزوّجه لبابة بنت عبد الله بن جعفر، وكانت عند عبد الملك فطلّقها، وذلك لأنه عض تفاحة ثم رمى بها إليها وكان أبخر فدعت بسكين. فقال لها: ما تصنعين بها؟ فقالت: أميط عنها الأذى، فطلقها، فتزوجها بعده علي، فضربه، الوليد، وقال: إنما تتزوج أمهات أولاد الخلفاء لتضع منهم كما فعل مروان بن الحكم بأمّ خالد بن يزيد بن معاوية.(1/303)
وخطب سليمان بن علي فقال: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ (105)} [الأنبياء: الآية 105]. قضاء فصل، وقول مبرم، فالحمد لله الذي صدق عبده، وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين الذين اتّخذوا الكعبة غرضا، والدّين هزوا، والفيء إرثا، والقرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا يستهزئون وكأيّن ترى من بئر معطّلة وقصر مشيد، بما قدّمت أيديهم، وما الله بظلّام للعبيد. أمهلهم حتى اضطهدوا العترة، ونبذوا السّنة، {وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: الآية 15] ثم أخذهم ف {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم: الآية 98].
وكان أبوهم علي بن عبد الله بن العباس سيدا شريفا بليغا، وكان يقال إن له خمسمائة أصل زيتون، يصلّي في كلّ يوم إلى كل أصل منها ركعتين، فكان يدعى ذا الثّفنات، وكان عبد الملك بن مروان يكرمه. وضربه الوليد مرتين بالسوط، إحداهما في تزوّجه لبابة بنت عبد الله بن جعفر، وكانت عند عبد الملك فطلّقها، وذلك لأنه عض تفاحة ثم رمى بها إليها وكان أبخر فدعت بسكين. فقال لها: ما تصنعين بها؟ فقالت: أميط عنها الأذى، فطلقها، فتزوجها بعده علي، فضربه، الوليد، وقال: إنما تتزوج أمهات أولاد الخلفاء لتضع منهم كما فعل مروان بن الحكم بأمّ خالد بن يزيد بن معاوية.
وأما ضربه إياه في الكرة الثانية فروي عن بعضهم قال: رأيت عليّا مضروبا بالسوط يدار به على بعير، وجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح يصيح عليه: هذا علي بن عبد الله بن العباس الكذاب، فأتيته فقلت له: ما هذا الذي ينسبونك إليه من الكذب؟ قال: بلغهم قولي إن هذا الأمر سيكون في ولدي.
والله ليكوننّ حتى يملكهم عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه، الذين كأنّ وجوههم المجانّ المطرقة.
وروي أنه دخل على هشام ومعه ابنا ابنه الخليفتان أبو العباس وأبو جعفر، فلما ولّى قال هشام: إن هذا الشيخ قد اختلّ وأسنّ، وصار يقول: إن هذا الأمر سينتقل إلى ولده، فسمع ذلك عليّ فالتفت إليه وقال: إي والله، ليكوننّ ذلك وليملكنّ هذان.
وروي أن أمير المؤمنين عليّا رضي الله عنه افتقد عبد الله بن عباس وقت صلاة الظهر، فقال لأصحابه: ما بال أبي العباس لم يحضر؟ فقيل له: ولد له مولود. فلما صلّى قال: امضوا بنا إليه. فأتاه فهنّأه، فقال: شكرت الواهب فبورك لك في الموهوب. ما سميته؟ قال: أو يجوز لي أن أسميه حتى تسمّيه، فأمر به فأخرج إليه فأخذه وحنّكه ودعا له ثم ردّه إليه وقال: خذه إليك أبا الأملاك. قد سميته عليّا وكنيته أبا الحسن. فلما قام معاوية بالأمر قال لابن عباس: ليس لكم اسمه وكنيته. لكم الاسم ولي الكنية، وقد كنيته أبا محمد، فجرت عليه.
أشرف عبد الله بن علي وهو مستخف بالبصرة عند أخيه سليمان بن علي فرأى رجلا له جمال يجرّ ثيابه ويتبختر، فقال: من هذا؟ قالوا: فلان الأموي.(1/304)
وروي أن أمير المؤمنين عليّا رضي الله عنه افتقد عبد الله بن عباس وقت صلاة الظهر، فقال لأصحابه: ما بال أبي العباس لم يحضر؟ فقيل له: ولد له مولود. فلما صلّى قال: امضوا بنا إليه. فأتاه فهنّأه، فقال: شكرت الواهب فبورك لك في الموهوب. ما سميته؟ قال: أو يجوز لي أن أسميه حتى تسمّيه، فأمر به فأخرج إليه فأخذه وحنّكه ودعا له ثم ردّه إليه وقال: خذه إليك أبا الأملاك. قد سميته عليّا وكنيته أبا الحسن. فلما قام معاوية بالأمر قال لابن عباس: ليس لكم اسمه وكنيته. لكم الاسم ولي الكنية، وقد كنيته أبا محمد، فجرت عليه.
أشرف عبد الله بن علي وهو مستخف بالبصرة عند أخيه سليمان بن علي فرأى رجلا له جمال يجرّ ثيابه ويتبختر، فقال: من هذا؟ قالوا: فلان الأموي.
فقال يا أسفا. وإن في طريقنا بعد منهم لوعثاء.
وقال لمولى له: بحقّي عليك إلا جئتني برأسه. ثم أنشد قول سديف:
[الوافر]
علام وفيم يترك عبد شمس ... لها في كل راعية ثغاء
فما في القبر في حرّان منها ... ولو قتلت بأجمعها وفاء
فمضى مولاه إلى سليمان وأخبره بما قال: فنهاه سليمان فعاد إليه واعتلّ بأنه فاته.
حدث ابن عائشة أنّ امرأة من نساء بني أمية قالت لعبد الله بن علي:
قتلت من أهلي وذويهم اثني عشر ألفا فيهم ألفا لحية خضية.
ودخلت ابنة مروان عليه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: لست به. فقالت: السلام عليك أيها الأمير. قال: وعليك السلام. فقالت: ليسعنا عدلكم. قال: إذا لا يبقى على الأرض منكم أحد لأنكم حاربتم علي بن أبي طالب ودفعتم حقّه وسممتم الحسن ونقضتم شرطه، وقتلتم الحسين وسيّرتم رأسه، وقتلتم زيدا وصلبتم جسده، وقتلتم يحيى بن زيد ومثّلتم به، ولعنتم علي بن أبي طالب على منابركم وضربتم عليّ بن عبد الله ظلما بسياطكم، وحبستم الإمام في حبسكم، فعدلنا ألا نبقي أحدا منكم. قالت: فليسعنا عفوكم. قال: أما هذه فنعم. ثم أمر بردّ أموالها عليها ثم قال:
سننتم علينا القتل لا تنكرونه ... فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر
حدّث بعضهم قال: رحت عشية من قرية بطريق مكة مع عبد الله بن حسن، فضمّنا المسير وداود وعيسى وعبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس قال: فسار عبد الله وعيسى أمام القوم فقال داود لعبد الله بن حسن: لم لا تظهر محمدا؟ فقال عبد الله: لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد، ولسنا بالذين
نظهر عليهم، وليقتلنّهم الذي يظهر عليهم قتلا ذريعا. قال: فسمع عبد الله بن علي الحديث، فالتفت إلى عبد الله بن حسن وقال: أبا محمد: [الوافر](1/305)
سننتم علينا القتل لا تنكرونه ... فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر
حدّث بعضهم قال: رحت عشية من قرية بطريق مكة مع عبد الله بن حسن، فضمّنا المسير وداود وعيسى وعبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس قال: فسار عبد الله وعيسى أمام القوم فقال داود لعبد الله بن حسن: لم لا تظهر محمدا؟ فقال عبد الله: لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد، ولسنا بالذين
نظهر عليهم، وليقتلنّهم الذي يظهر عليهم قتلا ذريعا. قال: فسمع عبد الله بن علي الحديث، فالتفت إلى عبد الله بن حسن وقال: أبا محمد: [الوافر]
سيكفيك الجعالة مستميت ... خفيف الحاذ من فتيان حزم (1)
أنا والله الذي أظهر عليهم وأقتلهم وانتزع ملكهم.
كتب عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله إلى المنصور كتابا جوابا عن كتاب له إليه يسومه تقديم المهدي بالعهد عليه والبيعة له:
فهمت كتاب أمير المؤمنين المزيل عنه نعم الله، والمعرّض لسخطه بما قرّب من القطيعة، ونقض به الميثاق أوجب ما كان الشكر لله عليه. وألزم ما كان الوفاء له، فأعقب سبوغ النّعم كفرا، وأتبع الوفاء بالحقّ غدرا، وأمن الله أن يجعل ما مدّ من بسطته اختبارا، وتمكينه إياه استدراجا، وكفى بالله من الظالم منتصرا وللمظلوم ناصرا، ولا قوة إلا بالله، وهو حسبي وإليه المصير.
ولقد حزبتك أمور يا أمير المؤمنين لو قعدت عنك فيها، فضلا عن معونتك عليها، لقام بك القاعد، ولطال عليه القصير، ولقد كنت واجدا فيها بغيتي، وآمنا معها نكث بيعتي، فلزمت الطريقة بالوفاء إلى أن أوردتك شريعة الرّجاء، وما أنا يائس من انتقام الله، ورفع حلمه فوق وتحت وبعد ذلك:
[الطويل]
بدت لي أمارات من الغدر شمتها ... أظن رواياها ستمطركم دما
وهي أبيات.
وكتب إليه أيضا لما هدده بأهل خراسان بالقتل إن لم يخلع نفسه: لو سامني غيرك ما سمتني لاستنصرتك عليه، ولاستشفعت بك إليه، حتى يقرّ الحزم مقرّة، وينزل الوفاء منزلته، ونحن أول دولة. يستنّ بعملنا، وينظر إلى ما اخترناه منها، وقد استعنت بك على قوم لا يعرفون الحقّ معرفتك، ولا
__________
(1) البيت لشقيق بن سليك الأسدي في ديوان الحماسة 1/ 330، ومروج الذهب 2/ 215.(1/306)
يلحظون العواقب لحظك. فكن لي عليهم نصيرا، ومنهم مجيرا، يجزك الله خير جزائك عن صلة الرحم وقطع الظلم إن شاء الله.
وكتب إليه أيضا:
بسم الله الرّحمن الرّحيم {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذََا عََاهَدُوا وَالصََّابِرِينَ فِي الْبَأْسََاءِ وَالضَّرََّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ}
[البقرة: الآية 177]. وقال عزّ وجلّ: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا}
[الإسراء: الآية 34] قرأت كتاب أمير المؤمنين وتفهمته، وأمعنت النظر فيه كما أمر وتبحّرته، فوجدت أمير المؤمنين إنما يزيدني لينقصني، ويقرّبني ليبعدني. وما أجهل ما لي في رضاه من الحظّ الجزيل، والأثر الخطير. ولكن سامني ما تشحّ به الأنفس وتبذل دونه، وما لا يسمح به والد لولده ما دام له حظّ. وقد علم أمير المؤمنين أنّه يريد هذا الأمر لابنه لا له، وهو صائر إليه أشغل ما يكون عنه، وأحوج إلى حسنة قدّمها وسيئة اجتنبها. ولا صلة في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت في ذات الله. وقد دعيت إلى ما لا صبر عليه وما لم ير غيري أجاب إليه، من حلّ العقد ونقض العهد، وهذا هشام بن عبد الملك، ملك عجز دولة طالت أيامهم فيها، وكثرت صنائعهم بها. فلم يمت حتى حضر بين يديه عشرة من ولده، أصغرهم في سنّ من يريد أمير المؤمنين رفعه بوضعي وصلته بقطعي، فلم ير أن ينقض ما عقده أخوه يزيد بن عبد الملك لابنه الوليد بن يزيد بعده، وهو يقاسي منه عنتا، ويتجرّع له غيظا خوفا على الملك، وإشفاقا من الملك، وحذارا من مغبّة الظلم وتأسيس الغدر، حتى سلّم إليه الأمر أغضّ ما كان وأنضره ورآه غالبا على أمره موكلا بخزائنه، وروحه بعد في جسده، ولسانه دائر في فمه، وأمره نافذ في رعيّته. لو تقدم بسور فيه لأسرع به إليه، فكان أكثر ما عنده لمّا عرف، وامتلأ بأصحابه داره تحسّرا وتأسفا: إنا لله. لا أراني إلا خازنا للوليد إلى اليوم. اللهمّ أنت لي، فقد حضر أجلي على سوء من عملي.
وما هشام بأعلم من أمير المؤمنين بالله، ولا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا أمضى أمير المؤمنين بهذا سنّة في حداثة ملك وأوائل دولة، لا يؤمن أن
يستنّ به ولده ويقع منه ما لا تلافي له، ولا بقيا معه. وأمير المؤمنين يعلم أن من جعل هذا الأمر إليه وله، من غير شرط فيه عليه محكم في تدبيره، مخيّر في تصريفه، ولا شرط عليّ في تسليم الأمر من بعدي إلى أحد ذكر ولا شخص عيّن، وقد جعلته لمحمد بعدي، طالبا بذلك رضا أمير المؤمنين، وتابعا موافقته، وتاركا مخالفته فإن رأى أمير المؤمنين أن يرعى سالفتي وقرابتي، ويعرف اجتهادي ومناصحتي، ويذكر مخالطتي وكفايتي، ويقبل ذلك مني، ويأمر بكفّ الأذى عني فعل إن شاء الله.(1/307)
وإذا أمضى أمير المؤمنين بهذا سنّة في حداثة ملك وأوائل دولة، لا يؤمن أن
يستنّ به ولده ويقع منه ما لا تلافي له، ولا بقيا معه. وأمير المؤمنين يعلم أن من جعل هذا الأمر إليه وله، من غير شرط فيه عليه محكم في تدبيره، مخيّر في تصريفه، ولا شرط عليّ في تسليم الأمر من بعدي إلى أحد ذكر ولا شخص عيّن، وقد جعلته لمحمد بعدي، طالبا بذلك رضا أمير المؤمنين، وتابعا موافقته، وتاركا مخالفته فإن رأى أمير المؤمنين أن يرعى سالفتي وقرابتي، ويعرف اجتهادي ومناصحتي، ويذكر مخالطتي وكفايتي، ويقبل ذلك مني، ويأمر بكفّ الأذى عني فعل إن شاء الله.
فكتب إليه المنصور جوابا أغلظ فيه وخوفّه بادرة أهل خراسان فأنعم له بما أراد من تقديم المهدي على نفسه، ثم سأله المهدي لما أفضي الأمر إليه أن يخلع نفسه ويجعل العهد لموسى ابنه، ففعل. وكان يقول: ما لقي أحد ما لقيت. كلّ أهلي أمنوا بعد خوف، وأنا خفت بعد أمن، وسممت مرتين، وخلعت مرتين. مع قديم بلائي، وطول غنائي.
كان عبد الملك بن صالح واليا للرشيد على الشام. فكان إذا وجه سرية إلى أرض الروم أمّر عليها أميرا شهما، وقال له: اعلم أنّك مضارب الله بخلقه فكن بمنزلة التاجر الكيّس، إن وجد ربحا تجر، وإلّا احتفظ برأس المال، وكن من احتيالك على عدوّك أشد حذرا من احتيال عدوّك عليك.
وولي العباس بن زفر الثغر، فودّعه فقال يا عباس: إن حصن المحارب من عدوّه حسن تدبيره، والمقاتل عنه جليد رأيه وصدق بأسه وقد قال ابن هرمة: [الطويل]
يقاتل عنه الناس مجلود رأيه ... لدى البأس، والرأي الجليد مقاتل
وقال له الرشيد مرة وقد غضب عليه: يا عديّ الملك، والله ما أنت لصالح بولد. قال: فلمن أنا؟ قال: لمروان بن محمد، أخذت أمّك وهي حبلى بك، فوطئها على ذاك أبوك فقال عبد الملك: فحلان كريمان، فاجعلني لمن شئت منهما.
وهذا شبيه بما قاله مروان بن محمد حين بلغه أن الناس يقولون إنّ هذه الشجاعة التي لأمير المؤمنين لم تكن لأبيه ولا لجدّه، وإنما جاءته من قبل
إبراهيم بن الأشتر فإنّ أمّه كانت له، وصارت لمحمد بن مروان وهي حامل بعده فقال: ما أبالي لأيّ الفحلين كنت، كلاهما شريف كريم.(1/308)
وهذا شبيه بما قاله مروان بن محمد حين بلغه أن الناس يقولون إنّ هذه الشجاعة التي لأمير المؤمنين لم تكن لأبيه ولا لجدّه، وإنما جاءته من قبل
إبراهيم بن الأشتر فإنّ أمّه كانت له، وصارت لمحمد بن مروان وهي حامل بعده فقال: ما أبالي لأيّ الفحلين كنت، كلاهما شريف كريم.
وقال الرشيد مرة لعبد الملك: كيف هواؤكم بمنبج؟ قال: سحر كلّه.
وقال عبد الرحمن التيمي: قال لي عبد الملك: يا عبد الرحمن كن على التماس الحظّ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام. فقد قيل: إذا أعجبك الكلام فاصمت، وإذا أعجبك الصمت فتكلّم. ولا تساعدنّي على قبيح، ولا تردّنّ عليّ في محفل، وكلّمني بقدر ما استنطقتك واعلم أنّ حسن الاستماع أحسن من حسن القول. فأرني فهمك في نظرك، واعلم أني جعلتك جليسا مقرّبا، بعد أن كنت معلّما مباعدا. ومن لم يعرف نقصان ما خرج منه لم يعرف رجحان ما دخل فيه.
ولما دخل الرشيد إلى منبج قال لعبد الملك: أهذا البلد منزلك؟ قال: هو لك ولي وبك. قال: وكيف بناؤك به؟ قال: دون منازل أهلي وفوق منازل غيرهم. قال: فكيف صفة مدينتك هذه؟ قال: هي عذبة الماء، باردة الهواء، قليلة الأدواء. قال: فكيف ليلها؟ قال: سحر كله. قال: صدقت إنها لطيبة.
قال: لك طابت، وبك كملت، أين بها عن الطيب؟ وهي تربة حمراء، وسنبلة صفراء، وشجرة خضراء، أفياف فيح بين قيصوم وشيح. فقال الرشيد لجعفر بن يحيى: هذا الكلام أحسن من الدّرّ المنظوم.
وروي أنّ صالح بن علي قال لعبد الملك ابنه وهو صبيّ ما بلغ الحلم في شيء فعله: أتاك هذا من قبل أمّك الزانية، فقال: {وَالزََّانِيَةُ لََا يَنْكِحُهََا إِلََّا زََانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النّور: الآية 3] ثم ولّى مغضبا وهو يقول: [الطويل]
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فكلّ قرين بالمقارن يقتدي (1)
ولما ولّى الرشيد عبد الملك المدينة قيل ليحيى بن خالد: كيف ولّاه المدينة من بين أعماله؟ قال: أحبّ أن يباهي به قريشا، ويعلّمهم أنّ في بني العباس مثله.
__________
(1) البيت لعدي بن زيد في عيون الأخبار 3/ 79.(1/309)
وسمع عبد الملك أصوات الحرس بالليل لما خرج من الحبس في أيام الأمين، فقال للسندي: ما هذا العار الذي ألزمته السلطان؟ حقّ بلدان الملوك أن تضبط بالهيبة لا بكثرة الأعوان.
ووجّه عبد الملك إلى الرشيد فاكهة في أطباق خيزران وكتب إليه: أسعدك الله أمير المؤمنين وأسعد بك، دخلت بستانا لي، أفادنيه كرمك، وعمرته لي نعمك، وقد أينعت أشجاره، وآتت أثماره، فوجهت إلى أمير المؤمنين من كل شيء شيئا على الثّقة والإمكان، في أطباق القضبان، ليصل إليّ من بركة دعائه، مثل ما وصل إليّ من كثرة عطائه.
فقال رجل: يا أمير المؤمنين، ما سمعت أطباق القضبان، فقال الرشيد:
يا أبله، إنما كني عن الخيزران إذ كان اسما لأمّنا.
عاتب عبد الملك يحيى بن خالد في شيء. فقال له يحيى: أعيذك بالله أن تركب مطيّة الحقد. فقال عبد الملك: إن كان الحقد عندك بقاء الخير والشرّ لأهلهما عندي إنّهما لباقيان. فلما ولّى قال يحيى: هذا خير قريش. احتجّ للحقد حتى حسّنه في عيني.
خطبة يوم الجمعة لمحمد بن سليمان بن علي «وكان لا يغيّرها»
الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التّوبة: الآية 33] من اعتصم بالله ورسوله فقد اعتصم بالعروة الوثقى، وسعد في الآخرة والأولى ومن لم يعتصم بالله ورسوله فقد ضلّ ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يطيعه ويطيع رسوله، ويتّبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنما نحن به وله، أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته، وأرضى لكم ما عند الله، فإنّ تقوى الله أفضل ما تحاثّ عليه الصالحون وتداعوا إليه، وتواصوا به. واتقوا الله ما استطعتم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون.
وكان محمد من رجال بني هاشم وشجعانهم، وأمّه وأمّ أخيه جعفر وأخته زينب أمّ حسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وكان له خمسون ألف مولى أعتق منهم عشرين ألفا.(1/310)
الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التّوبة: الآية 33] من اعتصم بالله ورسوله فقد اعتصم بالعروة الوثقى، وسعد في الآخرة والأولى ومن لم يعتصم بالله ورسوله فقد ضلّ ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يطيعه ويطيع رسوله، ويتّبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنما نحن به وله، أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته، وأرضى لكم ما عند الله، فإنّ تقوى الله أفضل ما تحاثّ عليه الصالحون وتداعوا إليه، وتواصوا به. واتقوا الله ما استطعتم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون.
وكان محمد من رجال بني هاشم وشجعانهم، وأمّه وأمّ أخيه جعفر وأخته زينب أمّ حسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وكان له خمسون ألف مولى أعتق منهم عشرين ألفا.
وخرج يوما إلى باب داره بالمربد في عشيّة من عشايا الصيف، فرأى الحرّ شديدا، فقال: رشّوا هذا الموضع، فخرج من داره خمسمائة عبد بخمسمائة قربة مملوءة ماء، فرشّوا الشارع حتى أقاموا الماء فيه.
وكانت غلّته في كل يوم مائة ألف درهم، وسمع دعاؤه في السّحر اللهم أوسع عليّ؟ فإنه لا يسعني إلا الكثير.
ولما مات المنصور بمكة، وتلوّى الناس على الربيع في تجديد البيعة للمهدي، جرّد محمد سيفه، وقال: والله لئن امتنع أحد منكم عن البيعة لأرمينّ برأسه، فبادروا إلى البيعة، فشكر المهديّ ذلك فرفعه وزوّجه ابنته العباسة، ونقلها إليه، وهي أول بنت خليفة نقلت من بلد إلى بلد.
ولما أراد أن يدخل بالعباسة شاور كاتبه حمادا في اللباس الذي يلبسه في كلّ يوم، فأشار عليه بألّا يتصنّع، ويقتصر على ما كان يلبسه في كل يوم، فلم يقبل منه، وعمد إلى ثياب دبيقيّة كأنها غرقئ البيض فلبسها، فرأتها عليه، فلما كان الغد دخل عليها وإذا هي في دار قد فرشت بالدّبيقّي الذي يشابه ما لبس أو يزيد عليه، فعلم أن كاتبه كان قد نصحه وتمثّل:
[الطويل]
أمرتكم أمري بمنعرج اللّوى ... فلم تستبينوا الرّشد إلا ضحى الغد (1)
وكان يتصدّق في كل سنة بخمسمائة ألف درهم، ويوم الفطر بمائة ألف وفي كل يوم بكرّين من الدقيق.
ولم يكن له ولد إلا بنت واحدة، وماتت قبله، فذكر أنه قال: أشتهي والله أن يصفو لي يوم لا يعارض سروري فيه هم.
__________
(1) البيت لدريد بن الصمة في ديوانه ص 61.(1/311)
وكان جعفر أخوه يقول: لا تمتحن هذا فقلّ من امتحنه إلا امتحن فيه.
فجلس يوما وأحضر جميع من يحبّ حضوره، فبينا هو على أتمّ أمر، وأسرّ حال إذ سمع صراخا، فسأل عنه، فكتم، فألحّ، فعرف أن ابنته ولا ولد له غيرها صعدت درجة فسقطت منها فماتت. فلم يف سروره صدر نهاره بما عقب من غمّه فكان يقول كثيرا:
تفردت بالكمال ... وبالعز والجلال
وملك بلا نفاد ... نراه ولا زوال
وشبيه بهذا ما اتّفق على يزيد بن عبد الملك فإنه أحب أن يخلص له يوم فتقدّم بأن تطوى عنه الأخبار، وأجل حبابة عن يمينه، وسلّامة عن يساره، يشرب وتغنّيان، فلمّا صلّيت العصر شربت حبابة قدحا، وتنقّلت بحبّ رمّان فشرقت به وماتت، فكمد عليها يزيد، ومات بعد خمسة عشر يوما.
وكان جعفر بن سليمان نهاية في الجلالة والشرف، ولي المدينة للمنصور بعد انقضاء أمر محمد وإبراهيم. فأعطى الأموال. ووصل الشعراء وأمّن الناس، وشفع فيهم. ويقال إنه سقط من ظهره إلى الأرض ما به نسمة من ذكر وأنثى.
قال الأصمعي: ما رأيت أكرم أخلاقا ولا أشرف فعالا من جعفر بن سليمان فتغدينا معه فاستطاب الطعام، فقال لطبّاخه: قد أحسنت وسأعتقك وأزوّجك. فقال الطباخ: قد قلت يا سيدي هذا غير مرة وكذبت. قال: فو الله ما زاد على أن ضحك، وقال لي: يا أصمعي، إنما يريد البائس «وأخلفت» قال الأصمعي: وإذا هو قد رضي بأخلفت.
ذكر الأصمعي أن ابن ميّادة (1) امتدح جعفر بن سليمان فأمر له بمائة ناقة، فقبّل يده وقال: والله ما قبلت يد قرشي غيرك إلا واحدا. فقال: أهو المنصور؟
__________
(1) ابن ميادة: هو الرماح بن أبرد بن ثوبان، يعرف بابن ميادة، وميادة أمّه، وهو شاعر مخضرم أدرك الدولتين الأموية والعباسية، مدح من بني أمية الوليد بن يزيد، وعبد الواحد بن سليمان، وبقي إلى زمن المنصور ومدح من بني هاشم أبا جعفر المنصور، وجعفر بن سليمان، توفي سنة 136هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 482).(1/312)
قال: لا والله. قال: فمن هو؟ قال الوليد بن يزيد فغضب، وقال: والله ما قبّلتها لله. قال: ولا يدك والله قبلتها لله، ولكن قبّلتها لنفسي. فقال: والله لا ضرّك الصدق عندي. أعطوه مائة ناقة أخرى.
غزا إسماعيل بن صالح بن علي فرأى غلاما من أبناء المقيمين بطرسوس من أملح الناس وآدبهم، فاستصحبه، فقال له الغلام: بلغني أنّ فيك ملّة. قال إسماعيل: هي فيّ لها. فضحك الغلام وقال: الآن طابت صحبتك، فصحبه.
دخل محمد بن عبد الملك بن صالح على المأمون بعد موت أبيه عبد الملك وقد أمر بقبض ضياعهم فقال وهو غلام أمرد: السلام عليك يا أمير المؤمنين: محمد بن عبد الملك، سليل نعمتك، وابن دولتك، وغصن من أغصان دوحتك، أتأذن له في الكلام؟
قال: نعم. تكلم. فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال:
نسأل لله لحياطة ديننا ودنيانا، ورعاية أقصانا وأدنانا ببقائك يا أمير المؤمنين، ونسأله أن يزيد في عمرك من أعمارنا، وفي أثرك من آثارنا. ويقيك الأذى بأسماعنا وأبصارنا. هذا مقام العائذ بك تحت ظلّك، الهارب إلى كنفك وفضلك، الفقير إلى رحمتك وعدلك.
فوصله وأمر بردّ ضياع أبيه على ورثته.
ومدح أبو تمام محمد بن عبد الملك، فقال في قصيدة: [المنسرح]
أمّت بنا عيسنا إلى ملك ... نأخذ من ماله ومن أدبه (1)
فقال له محمد: كأني بك قد قلت:
نأخذ من ماله ونسخر به
__________
(1) البيت في ديوان أبي تمام ص 44، بلفظ:
ترمي بأشباحنا إلى ملك ... نأخذ من علمه ومن أدبه(1/313)
فلجلج أبو تمام فقال: يا ابن الفاعلة. لقد كنت أستقلّ لك مائة ألف درهم. وأمر له بعشرة آلاف درهم.
وكان العباس بن محمد بن علي من مشايخ بني هاشم، وكان أسرى أهل عصره، وكان لبسه من الثياب التي ينسجها أولاد عبيده، وكذلك جميع ما يفرشه، ولا يخدمه في سائر خدمته غيرهم، وكان لا يأكل من النخل ومن سائر الفواكه إلا ما كان من غرسه.
وكان ابنه إسحق يرمى باللواط. وحجّ مرة فرجع الناس وهم يتحدثون بأن غلاما له كان يعادله نهارا، فإذا كان الليل صار معه في شقّ محمل، ووضعت حيالهما صخرة بوزنهما.
ورأى أبوه العباس يوما غلاما له، وقد كشف الريح قباءه، فإذا عليه سراويل وشي إسكندرانيّ منسوج بالذهب فقال لإسحق: أكان العباس بن عبد المطلب لوطيّا؟ قال: معاذ الله. قال: أفعبد الله بن العباس؟ قال: معاذ الله. قال: أفعليّ بن عبد الله؟ قال: لا والله. قال: أفعرفت فيّ شيئا منها؟ قال:
الأمير أجلّ دينا ومروءة من ذاك. قال: فما دعاك إليه؟ قال: مكذوب عليّ بما يضاف إليه مني. قال: والله ما كسا أحد غلامه هذه الكسوة إلّا وهو مريب.
فأراد إسحق أن يحلف فقال له: لا تحلف. فو الله لئن لم يكن هذا لما اتّهمت به إنه لأعظم قبحا منه. فأمسك وتب إلى الله. قال: أنا تائب إلى الله من جميع الذنوب.
قال العباس: قبّح لله ابن هرمة، فلقد حرمنا من أمير المؤمنين خيرا كثيرا. كنا نسأله الشيء فيأباه، فنعاوده فيه فيفعل ما نريد حتى قال ابن هرمة:
[الطويل]
إذا ما أتى شيئا، مضى كالذي أتى ... وإن قال إنّي فاعل فهو فاعل (1)
__________
(1) البيت في العقد الفريد 6/ 351.(1/314)
فكان إذا عاودناه في شيء قال لنا: فلست إذا كما قال ابن هرمة، وأنشد هذا البيت، وكان يشاورنا في أموره إلى أن قال ابن هرمة: [الطويل]
إذا ما أراد الأمر ناجى ضميره ... فناجى ضميرا غير مضطرب العقل (1)
ولم يشرك الأدنين في جلّ رأيه ... إذا اضطربت بالحائرين قوى الحبل
فخضنا بالقول في ألّا يشاورنا، فكان لا يشاورنا بعد ذلك.
كان عبد الصمد بن علي ثقيل الرّجل، لا يقدم على أحد من أهل بيته إلا مات، فقدم على أخيه سليمان بن علي بالبصرة، فاعتلّ ومات، فصلّى عليه، ثم رحل، وقدم البصرة بعد مدة ومحمد بن سليمان صحيح، فاعتلّ يوم قدومه ومات، فصلّى عليه، ثم قدم وجعفر بن سليمان صحيح، فاضطرب وقال: لأمر مّا قدم عمي، فاعتلّ، واشتدّ جزعه، ثم عوفي، فتصدق بمائة ألف دينار.
ولما مات عبد الصمد قال الرشيد: الحمد لله الذي أمات عنوان الموت.
لا يحمل عمّي غيري. فكان أحد حملته إلى حفرته.
وقد روي أيضا أنه مات جعفر، وقد قدم عليه عبد الصمد وأنّ إسماعيل ابن جعفر كان يقول: ما رأيت أشأم منه، وإنّه عمي في ذلك الوقت. فقال إسماعيل: أخذنا بعض ثأرنا.
وولي عبد الرّحمن بن جعفر اليمن، وكان وعد أبا زيد، عمر بن شبة (2)
أن يحسن إليه إذا ولي. فلما ولي قال: يا أبا زيد، ليس بعد اليمن شيء وكان يرسل بالبرود وغيرها، فيقال له: اذكر أبا زيد. فيقول: أبو زيد إلى الدنانير
__________
(1) البيتان في زهر الآداب ص 824.
(2) هو عمر بن شبة بن يزيد بن عبيدة بن رايطة النميري، أبو زيد البصري ثم البغدادي، الأديب الإخباري الشهير بابن شبّة، ولد سنة 173هـ، وتوفي بسرّ من رأى سنة 262هـ، له العديد من التصانيف (كشف الظنون 5/ 780).(1/315)
أحوج فلما طال ذلك كتب إليه: قد رضيت من ولايتك بشراك نعل. قال عمر: فكتب إليّ. ما رأيتك في شيء أعقل منك في هذا. علمت ما تستحقّ فرضيت به.
كان جعفر بن سليمان بن علي يشغف بجارية كانت من أحسن فتيات عصرها وجها وغناء وضربا، ثم اشتراها بعشرة آلاف دينار، ومائتي ناقة، وأربعة أعبد من النوبة يرعونها فإنّ مولاتها استامت فيها ذلك وحظيت عنده وولدت منه سيّد أهله في زمانه أحمد بن جعفر. وكان بلغ عبد الملك بن صالح شغفه بها، فكتب إليه:
خصّك الله يا أخي بالتنبّه على حظّك، وأقبل بك إلى رشدك، وأنقذك من شرّ هوى نفسك. إني لما نأت عني دارك، وانقطعت أخبارك استهديت ممّن يراعي أمورك ما انطوى عنّي من تصرّفك في أحوالك، لأن نفسي لم تزل موكلة بالشفقة عليك، والمراعاة لأمورك. فأتاني عنك أنك سمحت بنفسك وجليل قدرك، ونبيه ذكرك، وعالي شرفك وما ورثته من دينك ومروءتك عن سفلك، في طاعة هواك، وأنك وهبت كلّك لمن لم يهب بعضه لك، وآثرت لذة امتزج ظاهرها بموافقتك وكمنت في عواقبها المكاره لك. فليتك إذ طغت نفسك، ولم تجنح ما يزينك أغليت السّوم بنفسك، وصرفتها إلى من يستحقّك. ولئن كنت رأيت ما بذلته من نفسك وافيا بقيمة من سمحت به له، لقد رأيت نفسك بعين غير صادقة التّخيّل، وقوّمتها بقيمة مبخوسة القدر، فليت شعري من أين أتاك سوء الاختيار؟ أمن طاعتك التصابي؟ أم من قبولك مشورة وسيط. فلعمري إنه لضدّ الناصح الأمين. أم أحدثت لك هذا الرأي سورة الشّراب، وارتياح الطّرب، والإصغاء إلى اقتران غزل الشّعر بنغم الأوتار، وامتزاج رقيق المعاني بسحر الأغاني؟ فلقد حكمت غير العدل، وآثرت غير المستحق للأثرة. وهلّا فكّرت في أنك قد ملّكت قيادك قينة أنت بالتّهمة لها أولى من الثّقة بها. ولم حملتها على الشاذّ من وفاء القيان؟ ولم تتحرّز فيها من مشهور غدرهنّ. أما والله لئن راجعت رأيك، وتدبّرت مشورتي عليك لتعلمنّ أني لك أنصح من نفسك ومن نضحائك، ولئن أقمت على تماديك إن المصيبة بك لعظيمة مع
عظم قدرك في أنفسنا، وسعة آمالنا لك وبك وفيك. والله يوفّقك لما هو أولى بك وأشبه بقدرك والسلام.(1/316)
خصّك الله يا أخي بالتنبّه على حظّك، وأقبل بك إلى رشدك، وأنقذك من شرّ هوى نفسك. إني لما نأت عني دارك، وانقطعت أخبارك استهديت ممّن يراعي أمورك ما انطوى عنّي من تصرّفك في أحوالك، لأن نفسي لم تزل موكلة بالشفقة عليك، والمراعاة لأمورك. فأتاني عنك أنك سمحت بنفسك وجليل قدرك، ونبيه ذكرك، وعالي شرفك وما ورثته من دينك ومروءتك عن سفلك، في طاعة هواك، وأنك وهبت كلّك لمن لم يهب بعضه لك، وآثرت لذة امتزج ظاهرها بموافقتك وكمنت في عواقبها المكاره لك. فليتك إذ طغت نفسك، ولم تجنح ما يزينك أغليت السّوم بنفسك، وصرفتها إلى من يستحقّك. ولئن كنت رأيت ما بذلته من نفسك وافيا بقيمة من سمحت به له، لقد رأيت نفسك بعين غير صادقة التّخيّل، وقوّمتها بقيمة مبخوسة القدر، فليت شعري من أين أتاك سوء الاختيار؟ أمن طاعتك التصابي؟ أم من قبولك مشورة وسيط. فلعمري إنه لضدّ الناصح الأمين. أم أحدثت لك هذا الرأي سورة الشّراب، وارتياح الطّرب، والإصغاء إلى اقتران غزل الشّعر بنغم الأوتار، وامتزاج رقيق المعاني بسحر الأغاني؟ فلقد حكمت غير العدل، وآثرت غير المستحق للأثرة. وهلّا فكّرت في أنك قد ملّكت قيادك قينة أنت بالتّهمة لها أولى من الثّقة بها. ولم حملتها على الشاذّ من وفاء القيان؟ ولم تتحرّز فيها من مشهور غدرهنّ. أما والله لئن راجعت رأيك، وتدبّرت مشورتي عليك لتعلمنّ أني لك أنصح من نفسك ومن نضحائك، ولئن أقمت على تماديك إن المصيبة بك لعظيمة مع
عظم قدرك في أنفسنا، وسعة آمالنا لك وبك وفيك. والله يوفّقك لما هو أولى بك وأشبه بقدرك والسلام.
فلما وصلت إلى جعفر هذه الرسالة أقامته وأقعدته. ولم يقدر على إجابة عبد الملك بشيء، وكان بينهما خصوص ولصوق شديد فباعها.
أمر المهديّ عبد الصمد بن علي أن يقسم في أهل مكة مائة ألف درهم، فحواها ولم يعطهم شيئا. فلما عزل وخرج صرخوا به: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسََارِقُونَ} [يوسف: الآية 70]. فقال يا أولاد الزنا. ماذا تفقدون؟ قالوا: مائة ألف درهم أمرك أمير المؤمنين بقسمتها في أهل مكة. فقال أنا البطحاء وأنا مكة وأنا زمزم، فإذا قسمتها في داري فقد قسمتها في أهل مكة.
ولعبد الصمد عجائب منها: أن أسنانه كانت قطعة واحدة، ودخل قبره بأسنانه التي ولد بها لم ينبت له سنّ ولم يثّغر.
ومنها أنه حجّ بالناس في سنة سبعين ومائة. وحجّ يزيد بن معاوية بهم سنة خمسين وبينهما مائة وعشرون سنة، وهما في القعدد سواء في النسب إلى عبد مناف.
ومنها أنه دخل سربا فطارت ريشتان فلصقتا بعينيه، فذهب بصره.
ومنها أنه كان يوما عند الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين، هذا مجلس فيه عمّك، وعمّ عمك وعمّ عمّ عمّك، يعني سليمان بن أبي جعفر عم الرشيد، والعباس بن محمد عمّ المهدي وهو عم سليمان، وعبد الصمد وهو عم العباس وعم المنصور.
قيل: إن أم عبد الصمد هي كثيرة التي قال فيها ابن الرقيات: [المنسرح]
عادله من كثيرة الطرب
وكان مستترا عندها في أول خلافة عبد الملك وأحسنت إليه ويجب أن تكون ذلك الوقت امرأة برزة.
ومات عبد الصمد في سنّ خمس وثمانين ومائة، وبين ذلك وبين استتارة مائة وعشرون سنة وقيل هو أول من سمي عبد الصّمد.
قال الجاحظ: لما أتى عبد الملك بن صالح وفد الروم وهو في البلاد أقام على رأسه رجالا في السّماطين لهم قصر وهام، ومناكب وأجسام، وشوارب وشعور، فبينما هم قيام يكلّمونه، ووجه رجل منهم في قفا البطريق إذ عطس عطسة ضئيلة فلحظه عبد الملك فلم يدر أيّ شيء أنكر عليه، فلما خرج الوفد قال له: ويلك. هلا إذ كنت ضيق المنخر كزّ الخيشوم أتبعتها بصيحة تخلع بها قلب العلج.(1/317)
ومات عبد الصمد في سنّ خمس وثمانين ومائة، وبين ذلك وبين استتارة مائة وعشرون سنة وقيل هو أول من سمي عبد الصّمد.
قال الجاحظ: لما أتى عبد الملك بن صالح وفد الروم وهو في البلاد أقام على رأسه رجالا في السّماطين لهم قصر وهام، ومناكب وأجسام، وشوارب وشعور، فبينما هم قيام يكلّمونه، ووجه رجل منهم في قفا البطريق إذ عطس عطسة ضئيلة فلحظه عبد الملك فلم يدر أيّ شيء أنكر عليه، فلما خرج الوفد قال له: ويلك. هلا إذ كنت ضيق المنخر كزّ الخيشوم أتبعتها بصيحة تخلع بها قلب العلج.
وقال: ما الناس إلى شيء أحوج منهم إلى إقامة ألسنتهم التي بها يتعارفون الكلام، ويتعاطون البيان، ويتهادون الحكم، ويستخرجون غوامض العلم من مخابئها، ويجمعون منها. إن الكلام قاض يحكم بين الخصوم، وضياء يجلو الظّلم. حاجة الناس إلى موادّه كحاجتهم إلى موادّ الأغذية.
وقال الجاحظ: حدّثني إبراهيم بن السندي، قال: سمعت عبد الملك يقول بعد إخراج المخلوع له من حبس الرشيد وذكر ظلم الرشيد له، وإقدامه عليه. وكان يأنس به، ويثبق بمودّته وعقله. والله إنّ الملك لشيء ما نويته ولا تمنّيته ولا تصدّيت إليه ولا تبعته. ولو أردته لكان أسرع إليّ من السيل إلى الحدور، ومن النّار في يابس العرفج وإني لمأخوذ بما لم أجن، ومسؤول عمّا لا أعرف، ولكن حين رآني للملك أهلا، ورأى للخلافة خطرا وثمنا، ورأى أن لي يدا تنالها إذا مدّت وتبلغها إذا بسطت، ونفسا تكمل لها بخصالها وتستحقّها بخلالها، وإن كنت لم أختر تلك الخصال، ولا اصطنعت تلك الخلال، ولم أرشّح لها في سرّ، ولا أشرت إليها في جهر، ورآها تحنّ إليّ حنين الواله، وتميل نحوي ميل الهلوك. وخاف أن ترغب إلى خير مرغب. وتنزع إلى أحصن منزع، عاقبني عقاب من قد سهر في طلبها، ونصب في التماسها وتقدّر لها بجهده، وتهيّأ لها بكل حيله. فإن كان إنّما حبسني على أنّي أصلح لها وتصلح لي، وأليق بها وتليق بي، فليس ذلك بذنب فأتوب منه، ولا تطاولت له فأحطّ نفسي عنه. فإن زعم أنه لا صرف لعقابه، ولا نجاة من أعطابه إلّا بأن أخرج له من الحلم والعلم، ومن الحزم والعزم، فكما لا يستطيع المضياع أن
يكون حافظا كذلك العاقل لا يستطيع أن يكون جاهلا. وسواء عاقبني على عقلي وعلمي أم على نسبي وسبي، وسواء عاقبني على خلالي أو على طاعة الناس لي. ولو أردتها لأعجلته عن التفكّر، ولشغلته عن التّدبر، ولما كان فيه من الخطار إلّا اليسير، ومن بذل الجهد إلا القليل.(1/318)
وقال الجاحظ: حدّثني إبراهيم بن السندي، قال: سمعت عبد الملك يقول بعد إخراج المخلوع له من حبس الرشيد وذكر ظلم الرشيد له، وإقدامه عليه. وكان يأنس به، ويثبق بمودّته وعقله. والله إنّ الملك لشيء ما نويته ولا تمنّيته ولا تصدّيت إليه ولا تبعته. ولو أردته لكان أسرع إليّ من السيل إلى الحدور، ومن النّار في يابس العرفج وإني لمأخوذ بما لم أجن، ومسؤول عمّا لا أعرف، ولكن حين رآني للملك أهلا، ورأى للخلافة خطرا وثمنا، ورأى أن لي يدا تنالها إذا مدّت وتبلغها إذا بسطت، ونفسا تكمل لها بخصالها وتستحقّها بخلالها، وإن كنت لم أختر تلك الخصال، ولا اصطنعت تلك الخلال، ولم أرشّح لها في سرّ، ولا أشرت إليها في جهر، ورآها تحنّ إليّ حنين الواله، وتميل نحوي ميل الهلوك. وخاف أن ترغب إلى خير مرغب. وتنزع إلى أحصن منزع، عاقبني عقاب من قد سهر في طلبها، ونصب في التماسها وتقدّر لها بجهده، وتهيّأ لها بكل حيله. فإن كان إنّما حبسني على أنّي أصلح لها وتصلح لي، وأليق بها وتليق بي، فليس ذلك بذنب فأتوب منه، ولا تطاولت له فأحطّ نفسي عنه. فإن زعم أنه لا صرف لعقابه، ولا نجاة من أعطابه إلّا بأن أخرج له من الحلم والعلم، ومن الحزم والعزم، فكما لا يستطيع المضياع أن
يكون حافظا كذلك العاقل لا يستطيع أن يكون جاهلا. وسواء عاقبني على عقلي وعلمي أم على نسبي وسبي، وسواء عاقبني على خلالي أو على طاعة الناس لي. ولو أردتها لأعجلته عن التفكّر، ولشغلته عن التّدبر، ولما كان فيه من الخطار إلّا اليسير، ومن بذل الجهد إلا القليل.
تمّ الجزء الأول بحمد الله(1/319)
تمّ الجزء الأول بحمد الله
فهرس محتويات الجزء الأول من كتاب نثر الدر(1/321)
فهرس المحتويات الفصل الأول من نثر الدّرّ تقديم 3
أولا: أغراض اللغة 3
ثانيا: المعاني والأفكار 4
ثالثا: الألفاظ والأساليب 4
التدوين والتصنيف 5
علم الأدب 5
الكتّاب 5
عصر أبي سعد الآبي 6
بنو بويه 6
ترجمة الآبي 9
كتاب نثر الدّرّ 15
صور المخطوط 17
مقدمة المؤلّف 21
الباب الأول فيه النظائر من القرآن الآيات التي ذكر فيها التقوى، وهي أول ما تفتتح بها العهود، ويصدر بالحثّ عليها المناشير والشروط 27
الآيات التي فيها ذكر الصلاة 31
التحميدات 33
آيات فيها ذكر الله تعالى 35
الأمثال 41(1/323)
آيات فيها ذكر الله تعالى 35
الأمثال 41
الأمر بالعدل والإحسان 44
الحكم 44
ذكر الموازين 45
التكليف 46
التحذير من الظلم 46
الجهاد 50
الصبر 53
النصر 54
الصدقات 57
النفقات 58
العفو 60
ذكر العهود والمواثيق والأيمان 61
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 65
ذكر الفساد والمفسدين 67
ذكر الشكر والشاكرين 68
ذكر الأمانة 71
ذكر الخيانة 71
ذكر الموالاة والأولياء 72
ذكر التوبة 73
ذكر الكبر والاستكبار 76
ذكر البغي 77
ذكر الوعد 78
ذكر التوكّل 80
ذكر الشهادة والاستشهاد 81
ذكر الظن 82
ذكر التثبت 83
ذكر السمع والطاعة 83
ذكر الصلح 84(1/324)
ذكر السمع والطاعة 83
ذكر الصلح 84
ذكر الاعتصام والعصمة 85
ذكر بيت الله الحرام والحج 85
ذكر الحدود 88
ذكر القيامة 89
الدّعاء 92
آيات فيها ذكر نجاة من شدة أو خوف أو ما يشبه ذلك 96
أو أمر ندب الله تعالى إليها 104
آيات التحدّي 109
الباب الثاني فيه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم 110
خطبته في حجة الوداع 136
الباب الثالث غرر من كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام وخطبه 183
الباب الرابع فيه من كلام الأئمة عليهم السلام وكلام جماعة من أشراف أهل البيت الحسن بن علي عليه السلام 224
الحسين بن عليّ عليهما السلام 228
عليّ بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه 231
محمد بن عليّ الباقر رضي الله عنه 235
زيد بن عليّ رضي الله عنه 237
جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه 241
موسى بن جعفر رضي الله عنه 247
علي بن موسى الرضا رضي الله عنه 249
محمد بن علي بن موسى رضي الله عنه 253
عبد الله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنه 254
محمد بن إبراهيم بن إسماعيل 260
جماعة من الأشراف العلوية 262
الباب الخامس فيه كلام جماعة من بني هاشم المتقدمين منهم والمتأخرين 272
عبد المطلب 272
الزبير بن عبد المطلب 274
أبو طالب 274(1/325)
الزبير بن عبد المطلب 274
أبو طالب 274
العباس بن عبد المطلب 276
عقيل 281
محمد بن علي رضي الله عنه ابن الحنفية 281
ابن عباس 283
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وولده 294
علي بن عبد الله بن العباس وولده 299
خطبة يوم الجمعة لمحمد بن سليمان بن علي «وكان لا يغيّرها» 310(1/326)
الجزء الثانى
[مقدمة المؤلّف]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أعزّنا بالإسلام، وأنطقنا بأفصح الكلام، وأنقذنا من ظلمة الشرك، وحيرة الشك بمحمد نبيّه خير الأنام، وعترته الأعلام صلّى الله عليه وعليهم صلاة يستحقّها بفضله وكرامته، ويستحقونها بقرباه وولادته.
اللهمّ كما اجتبيته من خلقك، وهديته بهديك ووفقته لأداء حقّك، وأكرمته بوحيك، وأيدته بنصرك، وأرسلته إلى الأحمر والأسود من أهل أرضك، بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، على حين فترة من الرّسل، وحيرة من أهل الملل، وتحريف منهم للمتلوّ عليهم المنزّل، وحين رفع الشرك معالمه، وشيّد قوائمه ودعائمه، ونشر في الأفق خوافيه وقوادمه، وطبّق منه الأرض طخياء (1) لا يلمع لها نار، ولا يرفع بها منار، قد تبع أهله الشيطان فأرداهم، وأطاعوه فأغواهم، فعبدوا الأوثان من دونك، وجعلوا لك شركاء من خلقك، فصدع عليه السلام بأمرك، وقام بفرضك ودعا إلى طاعتك، ونهى عن معصيتك وبشّر برحمتك، وأنذر بسطوتك وندب الخلق إلى ما شهدت به لنفسك، وشهدت به ملائكتك لك: أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، ولم يزل يدعو إلى دينك حتى بلغ ضوؤه، ثم استطار شعاعه، ونجم روقه (2)، ثم امتدّ رواقه، واخضلّ نداه، ثم استبحر غديره (3)، واخضرّ ثراه، ثم استداح شكيره (4)، وحتى ظهر على الدين كلّه ولو كره الكافرون.
__________
(1) يقال: ليلة طخواء: شديدة الظلمة.
(2) نجم: أي ظهر، والروق: القرن.
(3) استبحر الغدير: صار بحرّا.
(4) استداح: أي صار دوحا، والشكير: النبت الصغير.(2/3)
اللهم كما فعل ذلك فافعل به ما هو أهله، وأوله ما يستحقّه، واحفظه في سنّته، بحفظها على أمته، واخلفه فيها وفيهم بالإظهار والإدامة، كما وعدته إلى يوم القيامة، واجزه عن عبادك جزاء من أنقذهم من النار، وأنجاهم وهم على شفا جرف هار.
اللهم أنت الجواد الواحد، لا تعدم فتبخل، والحليم القادر لا تفات فتعجل، عليك التّكلان، وأنت المستعان، وبك التوفيق والعصمة، ومنك الحول والقوة، وفضلك المرجوّ، وعدلك المخوف.
اللهم فلا تتجاوز بذنوبنا الفضل إلى العدل، وبأعمالنا العفو إلى الجزاء، واغفر لنا بإحسانك الذي وسع جميع الخلائق، ولا تكلنا إلى ما نستحقّه بأعمالنا فإنا لا نصبر على الحق، إليك المشتكى من أنفسنا الأمارة بالسوء، المتابعة لكلّ عدوّ، من هوى يردي، وشيطان يغوي، وأمل يضرّ، وعمل يغرّ، وزخارف دنيا أولها غرور، وآخرها هباء منثور. فأعنّا على أنفسنا بعصمتك، وأعذنا من كيد الشيطان برحمتك، واجعل قولنا وفعلنا سددا، وهيّيء لنا من أمرنا رشدا، ويسّرنا لليسرى، واختم لنا بالحسنى، فلا قنوط من رحمتك، ولا يأس من روحك، إنّه لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون.
هذا هو الفصل الثاني من كتاب نثر الدرّ، وكنا وعدنا أن نخلط الجدّ بالهزل، والجيد بالرّذل، والحكم بالملح، والمواعظ بالمضاحك ليكون ذلك استراحة للقارىء، تنفي عنه الملل والسآمة، وتشحذ الطبع والقريحة، وتروّح القلب، وتشرح الصدر، وتنشر الخاطر، وتذكي الفهم، فإن القلب إذا أكره عمي، والخاطر إذا ملّ كلّ، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ هذا الدّين متين فأوغلوا فيه برفق». وقال عليه السلام: «بعثت بالحنيفيّة السّهلة». وقال علي: لا بأس بالفكاهة يخرج بها الرجل من حدّ العبوس. وكان ابن عباس إذا أكثر عليه من مسائل القرآن والحديث يقول: «أحمضوا» (1) يريد: خذوا في الشعر وأخبار
__________
(1) حمضت الماشية حمضا: رعت الحمض، فهي حامضة، وأحمض القوم: أفاضوا فيما يؤنسهم من الحديث والكلام.(2/4)
العرب. وقال أبو الدرداء (1): «إني لأجمّ نفسي بشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحقّ». وفي حديث زيد بن ثابت «أنه كان من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأزمتهم في المجلس». وقال عطاء بن السائب (2): «كان سعيد بن جبير يقصّ علينا حتى يبكينا، وربما يقصّ علينا حتى يضحكنا». وقال الزهري (3):
«الأذن مجّاجة، وللنّفس حمضة».
وبعد، فإن الذي يأتي في أثناء هذا الكتاب من الهزل ربما صار داعية لطالبه إلى أن يتصفّح ما قبله من الجدّ، فيعلق منه بقلبه ما ينتفع به، ويذوق حلاوة ثمرته، ويعرف به قبح ضدّه، حتى يصير ذلك لطفا له في النّزوع عن تماديه في غيّه، وتهوّكه في هزله، وأدنى ما فيه أن يتنزّه عن مثله، ويتحامى أن يبدر منه ما عيب على غيره من فعله، فليس يخلو ذلك من نادرة ماجن لا يتحاشى من باطله، أو فلتة مغفل يرمي غير غرضه. وأخليت الفصل الأول من هذه النوادر والملح لأني كرهت أن أفصل بها بين كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعترته، وبين كلام أصحابه وحفدته، الذين واسوه بأنفسهم وأموالهم، وأطاعوه في أقوالهم وأفعالهم، وهجروا له أوطانهم وبلادهم، وقاتلوا معه إخوانهم وأولادهم، ووقوه بأنفسهم حرّ الجلاد، وجاهدوا معه في الله حقّ الجهاد، حتى ظهر دين الله، وعلت كلمة الله، وحتى وضح الصبح لذي عينين، ببدر وأحد وحنين.
فقدّمت كلام أبي بكر الصديق إذ كان المتقدم لكل ذي صحبة، والسابق الأول من غير كبوة، قاتل أهل الرّدّة الكفّار، وثاني اثنين إذ هما في الغار، وأتبعته بكلام عمر بن الخطاب القويّ الأمين، الذي لم تغمز قناته في ذات الله،
__________
(1) أبو الدرداء: هو عويمر بن مالك، وقيل: عويمر بن زيد، من بلحارث بن الخزرج، صحابي توفي سنة 32هـ (انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 274، الإصابة ترجمة رقم 6119، المعارف لابن قتيبة ص 268، الكواكب الدرية 1/ 80).
(2) هو عطاء بن السائب الثقفي، أحد الأئمة ورواة الحديث الثقات، توفي سنة 136هـ (انظر:
كتاب الثقات لابن حبان 7/ 251، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 328، تذهيب الكمال ص 125).
(3) الزهري: هو محمد بن مسلم أبو بكر الشهير بابن شهاب الزهري توفي سنة 124هـ، صنّف «كتاب المغازي» (كشف الظنون 6/ 7).(2/5)
ولم تأخذه هوادة في دين الله، درّت عليه أفاويق الدنيا، وألقت إليه كنوز القرون الأولى، فقبض ولم يقبض، وقضم ولم يخصم، ورشف ولم يعب، حتى فارقها خميص البطن من حطامها، خفيف الظّهر من آثامها.
ثم كلام عثمان بن عفان ذي السابقة والصّهر الكريم، وجامع القرآن والذكر الحكيم.
ثم أوردت لمعا من كلام سائر الصحابة من غير تقديم للأفضل فالأفضل، ولا ترتيب للأقدم فالأقدم والأقرب فالأقرب، بل على ما اتفق وبحسب ما اتّسق. وذكرت مواعظ ونكتا من كلام عمر بن عبد العزيز، فإنه وإن لم يدرك شأو المذكورين، فإنه غبّر في وجوه أهله المطعونين، وكلامه أشبه بكلام الصدر القديم، وأحرى ألا يكون مصدره إلّا عن الصدر السليم.
وختمت الفصل بأبواب تشتمل على نوادر مليحة، ومضاحك لطيفة.
وهذا الفصل يشتمل على عشرة أبواب:
الباب الأول: كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الباب الثاني: كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الباب الثالث: كلام عثمان بن عفان رضي الله عنه.
الباب الرابع: كلام سائر الصحابة رحمهم الله ورضي عنهم.
الباب الخامس: كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
الباب السادس: مزح الأشراف والأفاضل.
الباب السابع: الجوابات المستحسنة جدّا وهزلا.
الباب الثامن: نوادر المتنبئين.
الباب التاسع: نوادر المدينيين.
الباب العاشر: نوادر الطفيليين والأكلة.(2/6)
الباب العاشر: نوادر الطفيليين والأكلة.
الباب الأول من الفصل الثاني في كلام أبي بكر الصديق رحمة الله عليه ورضي الله عنه
خطب يوما، فلما فرغ من الحمد لله، والصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أشقى الناس في الدّنيا والآخرة الملوك». فرفع الناس رؤوسهم. فقال: ما لكم معاشر الناس؟ إنكم لطعّانون عجلون، إن الملك إذا ملك زهّده الله فيما في يديه، ورغّبه فيما في يدي غيره، وانتقصه شطر أجله، وأشرب قلبه الإشفاق، فهو يحسد على القليل، ويتسخّط الكثير، ويسأم الرّخاء، وتنقطع عنه لذّة البهاء، لا يستعمل الغيرة، ولا يسكن إلى الثّقة، هو كالدّرهم القسيّ (1)، والسّراب الخادع، جذل الظّاهر، حزين الباطن، فإذا وجبت نفسه، ونضب عمره، وضحا ظلّه، حاسبه الله، فأشدّ حسابه، وأقلّ عفوه.
ألا إنّ الأمراء هم المحرومون، إلا من آمن بالله، وحكم بكتاب الله، وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وإنّكم اليوم على خلافة نبوّة، ومفرق محجّة، وسترون بعدي ملكا عضوضا، وملكا عنودا، وأمّة شعاعا، ودما مفاحا فإن كانت للباطل نزوة ولأهل الحق جولة يعفو لها الأثر، وتموت السّنن، فالزموا المساجد، واستشيروا القرآن، والزموا الجماعة، وليكن الإبرام بعد التّشاور، والصفقة بعد طول التّناظر، أيّ بلادكم خرشنة؟ فإنّ الله سيفتح عليكم أقصاها، كما فتح عليكم أدناها.
ومن كلامه أنه أخذ يوما بطرف لسانه وقال: هذا الّذي أوردني الموارد.
__________
(1) الدرهم القسيّ: هو الدرهم الزائف.(2/7)
وقدم وفد من اليمن عليه، فقرأ عليهم القرآن فبكوا فقال: «هكذا كنّا حتى قست القلوب». وقال: طوبى لمن مات في نأنأة الإسلام» (1).
ولما قال الحباب بن المنذر (2) يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب، إن شئتم كررناها جذعة. منا أمير ومنكم أمير، فإن عمل المهاجريّ شيئا في الأنصاري ردّ عليه الأنصاري، وإن عمل الأنصاري شيئا في المهاجري رد عليه المهاجريّ.
فأراد عمر الكلام، فقال أبو بكر: على رسلك. نحن المهاجرون، وأوّل النّاس إسلاما، وأوسطهم دارا وأكرم النّاس أحسابا وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة في العرب، وأمسّهم رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أسلمنا قبلكم وقدّمنا في القرآن عليكم فأنتم إخواننا في الدّين، وشركاؤنا في الفيء، وأنصارنا على العدوّ. آويتم وواسيتم ونصرتم، فجزاكم الله خيرا. نحن الأمراء وأنتم الوزراء.
لا تدين العرب إلا لهذا الحيّ من قريش، وأنتم محقوقون ألّا تنفسوا على إخوانكم المهاجرين ما ساق الله إليهم.
ومن كلامه ذلك اليوم: نحن أهل الله، وأقرب الناس بيتا من بيت الله، وأمسّ الناس رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إنّ هذا الأمر إن تطاولت له الخزرج لم تقصر عنه الأوس، وإن تطاولت له الأوس لم تقصر عنه الخزرج، وقد كان بين الحيّين قتلى لا تنسى، وجراح لا تداوى، فإن نعق منكم ناعق فقد جلس بين لحيي الأسد يضغمه المهاجري، ويجرحه الأنصاري. قال ابن دأب: فرماهم الله بالمسكتة.
حدث سفيان بن عيينة (3) لما قال عمر لأبي بكر: استخلف غيري. قال
__________
(1) النأنأة: العجز والضعف، ونأنأة الإسلام: أي أول ظهوره وضعفه.
(2) هو الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري، شهد بدرا وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 427، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 90، الإصابة 1/ 216).
(3) هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، أبو محمد، حافظ ثقة واسع العلم، ولد بالكوفة سنة 107هـ، وتوفي سنة 198هـ، (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 6/ 403، الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 41، شذرات الذهب (1/ 345).(2/8)
أبو بكر: ما حبوناك بها، وإنما حبوناها بك. ثم أنشد سفيان قول الحطيئة (1):
[البسيط]
لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الإثر
وقيل له في مرضه: لو أرسلت إلى الطبيب! قال: قد رآني. قيل: فما قال؟ قال: قال إنّي أفعل ما أشاء.
وقال لخالد بن الوليد حين أخرجه إلى أهل الردّة: احرص على الموت توهب لك الحياة.
أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مردفا أبا بكر، فكان الرجل يلقى أبا بكر فيقول: من هذا بين يديك؟ فيقول: يهديني السبيل. يعني الحقّ.
ولما أسلم قالت قريش: قيّضوا لأبي بكر رجلا يأخذه. فقيّضوا له طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم فقال: يا أبا بكر إليّ. قال: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزّى. فقال أبو بكر: من اللات والعزّى؟ قال: بنات الله. قال: فمن أمهنّ؟ فسكت. وقال لأصحابه: أجيبوا صاحبكم. فسكتوا فقال طلحة: يا أبا بكر فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فأخذ أبو بكر بيده، فأتى به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد أسلم.
ولما استخلف أبو بكر قال للناس: شغلتموني عن تجارتي فافرضوا لي.
ففرضوا له كل يوم درهمين.
ولما أرادوه على البيعة قال: علام تبايعونني، ولست بأقواكم ولا أتقاكم؟
أقواكم عمر، وأتقاكم سالم. وكان إذا مدح يقول: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم منهم بنفسي، اللهم اجعلني خيرا مما يحسبون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
__________
(1) يروى البيت بلفظ:
ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لكن بها استأثروا إذا كانت الأثر
والبيت في ديوان الحطيئة ص 165، ولسان العرب (أثر)، وتاج العروس (أثر)، وتهذيب اللغة 15/ 122.(2/9)
وعهد عند موته فكتب: هذا ما عهد أبو بكر خليفة محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند آخر عهده بالدنيا، وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر، ويتقي فيها الفاجر. إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن برّ وعدل فذاك علمي به، ورأيي فيه، وإن جار وبدّل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت ولكلّ امرىء ما اكتسب من الإثم، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
وروي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: دخلت عليه في علّته التي مات فيها، فقلت: أراك بارئا يا خليفة رسول الله. فقال: أما إنّي على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشدّ عليّ من وجعي، إني ولّيت أموركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه.
والله لتتّخذن نضائد الديباج وستور الحرير، ولتألمنّ النّوم على الصّوف الأذربيّ كما يألم أحدكم النوم على حسك السّعدان. والذي نفسي بيده لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حقّ خير له من أن يخوض غمرات الدنيا. يا هادي الطريق جرت، إنما هو والله الفجر أو البجر.
فقلت: خفّض عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فإنّ هذا يهيضك إلى ما بك، فو الله ما زلت صالحا مصلحا لا تأسى على شيء فاتك من أمر الدنيا، ولقد تخلّيت بالأمر وحدك فما رأيت إلّا خيرا.
بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أقواما يفضلونه على أبي بكر رضي الله عنه، فوثب مغضبا حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله، ثم أقبل على الناس فقال: إني سأخبركم عنّي وعن أبي بكر: لما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ارتدّت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فأجمع رأينا كلّنا أصحاب محمد أن قلنا: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمدّه الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لا طاقة لك بالعرب. فقال أبو بكر: أو كلّكم رأيه هذا؟ فقلنا: نعم. فقال:
والله لأن أخرّ من السماء فتخطّفني الطير أحبّ إليّ من أن يكون هذا رأيي.
ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وكبّره، وصلّى على النبيّ عليه السلام، ثم أقبل على الناس فقال:
أيها الناس من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت. أيها الناس ألأن كثر أعداؤكم وقلّ عددكم ركب الشيطان منكم هذا المركب؟ والله ليظهرنّ الله هذا الدين على الأديان كلّها ولو كره المشركون. قوله الحقّ ووعده الصدق: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبََاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذََا هُوَ زََاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمََّا تَصِفُونَ} (18) [الأنبياء: الآية 18] و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ وَاللََّهُ مَعَ الصََّابِرِينَ} [البقرة: الآية 249].(2/10)
ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وكبّره، وصلّى على النبيّ عليه السلام، ثم أقبل على الناس فقال:
أيها الناس من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت. أيها الناس ألأن كثر أعداؤكم وقلّ عددكم ركب الشيطان منكم هذا المركب؟ والله ليظهرنّ الله هذا الدين على الأديان كلّها ولو كره المشركون. قوله الحقّ ووعده الصدق: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبََاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذََا هُوَ زََاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمََّا تَصِفُونَ} (18) [الأنبياء: الآية 18] و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ وَاللََّهُ مَعَ الصََّابِرِينَ} [البقرة: الآية 249].
أيها الناس. لو أفردت من جمعكم لجاهدتهم في الله حقّ جهاده حتى أبلغ من نفسي عذرا، أو أقتل مقتلا. أيها الناس لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، واستعنت بالله فإنه خير معين.
ثم نزل فجاهد في الله حقّ جهاده حتى أذعن العرب بالحقّ.
وقال لأبي بكر رجل: والله لأشتمنّك شتما يدخل معك قبرك. قال:
«معك يدخل والله لا معي».
وقال: والله إنّ عمر لأحبّ الناس إليّ. ثم قال: كيف قلت؟ فقالت عائشة: قلت: والله إن عمر لأحبّ الناس إليّ. فقال: اللهم أعزّ الولد ألوط (1).
ومرّ بعبد الرحمن ابنه وهو يماظّ (2) جارا له، فقال: لا تماظّ جارك فإنه يبقى ويذهب الناس.
وشكي إليه بعض عماله، فقال: أنا أقيد من وزعة الله؟.
وكان من كلامه في خطبته يوم الجمعة: الوحاء الوحاء النجاء النجاء.
وراءكم طالب حثيث مرّه سريع. تفكروا عباد الله، فيمن كان قبلكم: أين كانوا أمس؟ وأين هم اليوم؟ أين الشّباب الوضاء المعجبون بشبابهم، صاروا كلا شيء. أين الملوك الذين بنوا الحوائذ واتّخذوا العجائب؟ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا، وهم في ظلمات القبور، {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}
__________
(1) ألوط: أي ألصق بالقلب.
(2) يماظ: يخاصم وينازع.(2/11)
[مريم: الآية 98] أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ تضعضع بهم الدهر وصاروا رميما. أين ما كنتم تعرفون من آبائكم وأبنائكم، وإخوانكم وقراباتكم؟ وردوا على ما قدّموا، وخلوا بالشقاوة والسعادة فيما بعد الموت.
اعلموا عباد الله أن الله ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه خيرا، ولا يدفع عنه ضرّا إلا بطاعته، واتباع أمره. فإن أحببتم أن تسلم دنياكم وآخرتكم فاسمعوا وأطيعوا، ولا تفرّقوا فتفرّق بكم السّبل، وكونوا إخوانا كما أمركم الله. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
لما قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. قال أبو بكر رضي الله عنه:
إنا معشر هذا الحيّ من قريش أكرم النّاس أحسابا، وأثقبهم أنسابا، ثم نحن بعد عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي خرج منها، وبيضته التي تفقّأت عنه، وإنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحا عن قطبها.
وقال له عبد الرحمن ابنه: لقد أهدفت لي يوم بدر فضفت عنك، فقال له أبو بكر: لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك.
ورأى أبا ذرّ فحنا عليه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول ما قال فيك، فأعوذ بالله أن أكون صاحبك.
وقال: كنت عند النبيّ صلى الله عليه وسلّم فنزل: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النّساء:
الآية 123] فأقرأنيها، فلا أعلم إلا وجدت لها انقصاما في ظهري حتى تمطّيت لها.
ومرّ بحسن بن علي رضي الله عنهما يلعب مع الصبيان فاحتمله، وقال: بأبي شبيه النبيّ ليس بشبه لعليّ.
وقام عمر يوم الحديبية وأنكر الصلح، فقال أبو بكر: استمسك بغرزه، فإنه على الحقّ.
وخطب فقال: إنكم تقرؤون هذه الآية {لََا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}
[المائدة: الآية 105] وإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه يوشك أن يعمّهم الله بعقاب».
وقال لعائشة: انظري ما زاد في مالي مذ دخلت هذه الإمارة فردّيه إلى الخليفة بعدي، فإني كنت نشحتها جهدي إلا ما كنّا نصيب من ودكها.(2/12)
وخطب فقال: إنكم تقرؤون هذه الآية {لََا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}
[المائدة: الآية 105] وإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه يوشك أن يعمّهم الله بعقاب».
وقال لعائشة: انظري ما زاد في مالي مذ دخلت هذه الإمارة فردّيه إلى الخليفة بعدي، فإني كنت نشحتها جهدي إلا ما كنّا نصيب من ودكها.
وقال في خطبة: تعلّموا أن أكيس الكيس التّقى، وأن أعجز العجز الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى أعطيه حقّه، وأن أضعفكم عندي القويّ حتى آخذ منه الحقّ. أيّها الناس إنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإذا أحسنت فأعينوني، وإذا زغت فقوّموني.
وقال في خطبة: إنكم في مهل وراءه أجل، فبادروا في مهل آجالكم، قبل أن تقطع آمالكم فتردّكم إلى سوء أعمالكم.
وخطب فقال: أوصيكم بتقوى الله، أن تتّقوه، وتثنوا عليه بما هو أهله، إنّه كان غفّارا، وأن تخلصوا لله اليقين فيما بلغكم في كتابه، فإنه أثنى على زكريّا وأهل بيته، فقال: {إِنَّهُمْ كََانُوا يُسََارِعُونَ فِي الْخَيْرََاتِ وَيَدْعُونَنََا رَغَباً وَرَهَباً وَكََانُوا لَنََا خََاشِعِينَ} [الأنبياء: الآية 90]. ثم اعلموا عباد الله أن قد ارتهن بحقّه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي. هذا كتاب الله بينكم، لا يطفأ نوره، ولا تنفد عجائبه، فاستنصحوا كتابه، واتّبعوا كلامه، واستضيئوا منه ليوم ظلمتكم، فإنّما خلقكم لعبادته، وأمركم بطاعته، وقد وكّل بكم كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون.
ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيّب عنكم علمه، فإن استطعتم أن تنقضي آجالكم وأنتم في عمل الله فافعلوا، ولن تنالوا ذلك إلا بالله. سارعوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي أعماركم فيريكم سوء أعمالكم.
وقال في خطبة له في الرّدة: والله لا نبرح نقوم بأمر الله، ونجاهد في سبيل الله حتى ينجز لنا وعده، ويفي لنا بعهده، فيقتل من يقتل منّا شهيدا من أهل الجنّة، ويبقى من بقي منا خليفة لله في أرضه. وعد الصّدق لا خلف له، قال الله عزّ وجلّ: {وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى ََ لَهُمْ} [النور: الآية
55]. فانهضوا عباد الله إلى ما دعاكم الله إليه من غنيمته، وسارعوا إلى ما وعدكم من جنّته وأستغفر الله لي ولكم.(2/13)
وقال في خطبة له في الرّدة: والله لا نبرح نقوم بأمر الله، ونجاهد في سبيل الله حتى ينجز لنا وعده، ويفي لنا بعهده، فيقتل من يقتل منّا شهيدا من أهل الجنّة، ويبقى من بقي منا خليفة لله في أرضه. وعد الصّدق لا خلف له، قال الله عزّ وجلّ: {وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى ََ لَهُمْ} [النور: الآية
55]. فانهضوا عباد الله إلى ما دعاكم الله إليه من غنيمته، وسارعوا إلى ما وعدكم من جنّته وأستغفر الله لي ولكم.
وأوصى خالد بن الوليد حين خروجه إلى اليمامة فقال: يا خالد، إنك تخرج مجاهدا، دينك ودنياك بين عينيك، وقد وهبت نفسك لله عزّ وجلّ، ثم أعطاك عليها فربحت تجارتك ببياعتك، فسر إلى عدوّ الله على بركة الله، واعلم أن خير الأمرين لك أبغضهما إليك.
وقال لعكرمة حين وجّهه إلى عمان: سر على بركة الله، ولا تنزلنّ على مستأمن، ولا تؤمننّ على حق مسلم. وقدم النّذر بين يديك. ومهما قلت إني فاعل فافعل، ولا تجعل قولك لغوا في عفو ولا عقوبة، فلا ترجى إذا أمّنت، ولا تخاف إذا خوّفت، ولكن انظر متى تقول وما تقول، ولا تعذّب على معصية بأكثر من عقوبتها، فإنّك إن فعلت أثمت، وإن تركت كذبت، ولا تؤمّنن شريفا دون أن يكفل بأهله، ولا تكلّفنّ ضعيفا أكثر من نفسه، واتق الله إذا لقيت، وإذا لقيت فاصبر.
وقال أبو بكر رضي الله عنه: من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أوتي أكثر مما أوتي فقد صغّر عظيما. يقول الله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ آتَيْنََاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثََانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (87) [الحجر: الآية 87].
وقال لما احتضر لعمر: يا عمر، إنّ لله حقّا بالليل لا يقبله إلا بالليل، وإن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدّى فريضته، فكن مؤمنا راغبا راهبا، فلا ترغبنّ رغبة تمنّى على الله عزّ وجلّ فيها ما ليس لك، ولا ترهبنّ رهبة تلقى بها بيديك إلى التّهلكة.
ثم قال: إن أول ما أحذّرك نفسك وهؤلاء الرهط من المهاجرين، فإنهم قد انتفخت أوداجهم وطمحت أبصارهم، وتمنّى كل امرىء منهم لنفسه. وإن لهم نحيرة ينحرونها عن زلّة منه ومنهم، فلا تكوننّه، فإنهم لن يزالوا فرقين منك ما فرقت من الله عزّ وجلّ فيما بيّن لك.
وروي أنه قال: إني مستخلفك من بعدي، وموصيك بتقوى الله، فإن الله عملا بالليل لا يقبله بالنهار، وعملا بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل نافلة
حتى تؤدّى فريضته، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الحقّ في الدنيا، وثقله عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الحقّ أن يكون ثقيلا، وإنما خفّت موازين من خفّت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل، وخفّته عليهم، وحقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا. إنّ الله ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم أقول: إني لأرجو أن أكون من هؤلاء، وذكر أهل النار فذكرهم بأسوإ أعمالهم ولم يذكر حسناتهم، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن أكون من هؤلاء. وذكر الرحمة مع آية العدل ليكون العبد راغبا راهبا لا يتمنّى على الله عزّ وجلّ غير الحقّ، ولا يلقي بيده إلى التّهلكة. فإن حفظت وصيّتي فلا يكوننّ غائب أحبّ إليك من الموت، وهو آتيك، وإن أضعت وصيتي فلا يكوننّ غائب أبغض إليك من الموت، ولست بمعجز الله عزّ وجلّ.(2/14)
وروي أنه قال: إني مستخلفك من بعدي، وموصيك بتقوى الله، فإن الله عملا بالليل لا يقبله بالنهار، وعملا بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل نافلة
حتى تؤدّى فريضته، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الحقّ في الدنيا، وثقله عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الحقّ أن يكون ثقيلا، وإنما خفّت موازين من خفّت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل، وخفّته عليهم، وحقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا. إنّ الله ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم أقول: إني لأرجو أن أكون من هؤلاء، وذكر أهل النار فذكرهم بأسوإ أعمالهم ولم يذكر حسناتهم، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن أكون من هؤلاء. وذكر الرحمة مع آية العدل ليكون العبد راغبا راهبا لا يتمنّى على الله عزّ وجلّ غير الحقّ، ولا يلقي بيده إلى التّهلكة. فإن حفظت وصيّتي فلا يكوننّ غائب أحبّ إليك من الموت، وهو آتيك، وإن أضعت وصيتي فلا يكوننّ غائب أبغض إليك من الموت، ولست بمعجز الله عزّ وجلّ.
وروي أنه لما أراد الوصية قال لعثمان: اكتب. فكتب:
بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة في أول عهده بالآخرة داخلا فيها. وآخر عهده بالدّنيا خارجا منها، حين يصدق الكاذب، ويؤمن الكافر الجاحد: إني استخلفت عليكم من بعدي. قال: ثم أدركته غشية، فلما أفاق قال: ما كتبت؟ قلت: كتبت عمر بن الخطاب. قال: موفّقا رشيدا، أما إنك لو تركته ما عذرتك.
وكان إذا عزّى رجلا قال: ليس مع العزاء مصيبة، ولا مع الجزع فائدة، والموت أشدّ ما قبله وأهون ما بعده، واذكروا فقد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تذلّ عندكم مصيبتكم، وعظّم الله أجركم.
ومرّ به رجل ومعه ثوب، فقال: أتبيع الثوب؟ فقال: لا، عافاك الله.
فقال أبو بكر رضي الله عنه: قد علّمتم لو تعلمون. قل: لا، وعافاك الله.
وقال: أربع من كنّ فيه كان من خيار عباد الله: من فرح للتائب، واستغفر للمذنب، ودعا للمدين، وأعان المحسن على إحسانه.(2/15)
وقال: أربع من كنّ فيه كان من خيار عباد الله: من فرح للتائب، واستغفر للمذنب، ودعا للمدين، وأعان المحسن على إحسانه.
الباب الثاني من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال رضي الله عنه في أول خطبة خطبها بعد أن حمد الله، وأثنى عليه، وصلّى على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم: أيها الناس إنّه والله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحقّ له، ولا أضعف عندي من القويّ حتى آخذ الحقّ منه، ثم نزل.
وكتب إلى أبي موسى الأشعريّ، وهي رسالته المشهورة في القضاء:
سلام عليك. أما بعد فإنّ القضاء فريضة محكمة، وسنة متّبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنّه لا ينفع تكلّم بحقّ لا نفاذ له.
آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيفك (1)، ولا ييأس ضعيف من عدلك.
البينة على من ادّعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا.
لا يمنعك قضاء قضيته اليوم، فراجعت فيه عقلك، وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحقّ فإن الحقّ قديم، ومراجعة الحقّ خير من التّمادي في الباطل.
الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة، ثم اعرف الأشباه والأمثال، فقس الأمور عند ذلك بنظائرها، واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحقّ، واجعل لمن ادّعى حقّا غائبا أو بيّنة أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بيّنته أخذت له بحقّه، وإلا استحللت عليه القضية فإنّه أنفى للشّك، وأجلى للعمى.
__________
(1) الحيف: الظلم.(2/16)
المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاد أو نسب، فإنّ الله تولى منكم السرائر، ودرأ بالبينات والأيمان.
وإياك والغلق والضجر والتأذّي بالخصوم والتنكّر عند الخصومات فإن الحقّ في مواطن الحقّ يعظم الله به الأجر، ويحسن به الذّخر. فمن صحت نيّته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تخلّق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله. فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته؟.
واستكتب أبو موسى نصرانيا فكتب إليه عمر: اعزله واستعمل حنيفيّا.
فكتب إليه أبو موسى: إن من غنائه وخبره كيت وكيت. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: ليس لنا أن نأتمنهم وقد خوّنهم الله، ولا أن نرفعهم وقد وضعهم الله، ولا أن نستنصحهم في الأمر وهم يرون الإسلام قد وترهم، ويعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
فكتب إليه أبو موسى: إن البلد لا يصلح إلا به.
فكتب إليه عمر رضي الله عنه مات النّصراني والسلام.
وقال: ما كانت على أحد نعمة إلا وكان لها حاسد، ولو كان الرجل أقوم من القدح لوجد له غامزا.
وقال: تمعددوا (1) واخشوشنوا، واقطعوا الرّكب وانزوا على الخيل نزوا، واحفوا وانتعلوا فإنكم لا تدرون متى الجفلة (2).
وقال: أملكوا العجين، فإنه أحد الرّيعين.
وقال: إذا اشتريت بعيرا فاشتره ضخما، فإنه إن أخطأك خيره لم يخطئك سوقه.
__________
(1) تمعددوا: نسبة إلى معدّ بن عدنان أبي العرب، وتمعدد: أي تزيّا بزيّ معدّ في تقشفهم، أو تنسّب إليهم، أو تصبّر على عيشهم.
(2) الجفلة: الشدّة والاضطراب.(2/17)
وقال: لا تسكنوا نساءكم الغرف، ولا تعلّموهنّ الكتابة، واستعينوا عليهنّ بالعري.
وسأل رجلا عن شيء، فقال: الله أعلم. فقال عمر رضي الله عنه: قد شقينا إن كنّا لا نعلم أن الله أعلم. إذا سئل أحدكم عن شيء لا يعلمه فليقل:
لا أدري.
وقال رضي الله عنه: المرأة البكر تحتاج إلى خدمة كالبرّة تطحنها وتعجنها وتخبزها ثم تأكلها، والثّيّب عجالة الراكب: تمر وسويق.
وخرج يستسقي، فصعد المنبر، فلم يزل يستغفر لا يزيد على ذلك، فلما نزل قيل له: ما رأيناك استسقيت. قال: بلى. قد أخذت بمجاديح (1) السماء.
وقال رضي الله عنه: كانت العرب أسدا في جزيرتها يأكل بعضها بعضا، فلما جمعهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلّم لم يقم لها شيء.
وقال: عوّدوا نساءكم «لا» فإن «نعم» تضريهنّ على المسألة.
وقال لابنة هرم بن سنان: ما وهب أبوك لزهير؟ قالت: أعطاه مالا وثيابا وأثاثا أفناه الدهر. فقال عمر رضي الله عنه: لكن ما أعطاكموه لا يفنيه الدهر.
ومن كلامه: إذا لم أعلم ما لم أر، فلا علمت ما رأيت.
وكتب إلى معاوية: أما بعد فإنّي لم آلك في كتابي إليك خيرا. إياك والاحتجاب دون الناس، وأذن للضعيف، وأدنه حتى ينبسط لسانه، ويجترىء قلبه، وتعهّد الغريب، فإنه إذا طال حبسه وضاق إذنه ترك حقّه، وضعف قلبه، وإنما أقوى حقّه من حبسه، واحرص على الصلح بين الناس ما لم يستبن لك القضاء، وإذا حضرك الخصمان بالبينة العادلة والأيمان القاطعة فامض الحكم.
__________
(1) المجدح، كمنبر: ما يجدح به السويق، والدبران، أو نجم صغير بينه وبين الثريا، ومجاديح السماء: أنواؤها.(2/18)
وقال: أشيعوا الكنى فإنها منبهة. ومرّ برجل من عماله، وهو يبني بالآجر والحصى، فقال: تأبى الدراهم إلا أن تخرج أعناقها. وشاطره ماله.
وقال رضي الله عنه لغلام له يبيع الحلل: إذا كان الثوب عاجزا فانشره وأنت جالس، وإذا كان واسعا فانشره وأنت قائم. فقال أبو موسى: الله يا عمر! قال: إنما هي سوق.
وقال رضي الله عنه: إذا تناجى القوم في دينهم دون العامّة فهم على تأسيس ضلالة.
وقال لابن عباس: يا ابن عباس، أنت ابن عمّ رسول الله، وأبوك عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: نعم. قال: بخ بخ. فما منع قومكم منكم؟ قال: لا أدري، فو الله ما كنّا لهم إلا بالخير. قال: اللهم غفرا على كره قومكم أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة، فتذهبون في السماء شمخا. لعلكم تقولون: إن أبا بكر أول من فعل ذلك. والله ما فعله، ولكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم مما فعل، ولولا رأي أبي بكر فيّ لجعل لكم من الأمر نصيبا، ولو فعل ما هنأكم مع قومكم، إنهم ينظرون إليكم كما ينظر الثور إلى جازره.
وكان يقول: ليت شعري متى أشفى غيظي؟ أحين أقدر فيقال: لو عفوت، أم حين أعجل فيقال: لو صبرت.
وكان يقول: أكثروا شراء الرقيق فربّ عبد يكون أكثر رزقا من سيّده.
وبلغه اعتراض عمرو بن العاص على سعد، فكتب إليه: لئن لم تستقم لأميرك لأوجهنّ إليك رجلا يضع سيفه في رأسك، فيخرجه من بين رجليك.
فقال عمرو: هدّدني بعليّ والله.
ومرّ على رماة غرض، فسمع أحدهم يقول لصاحبه: أخطيت وأسيت.
فقال عمر رضي الله عنه: مه، فإنّ سوء اللحن أشدّ من سوء الرماية.
وقال في خطبة له: إنما الدنيا أمل مخترم، وأجل منتقص، وبلاغ إلى دار غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تعريج، فرحم الله امرءا فكر في أمره، ونصح لنفسه، وراقب ربّه، واستقال ذنبه.
وقال رضي الله عنه: بئس الجار الغنيّ، يأخذك بما لا يعطيك من نفسه، فإن أبيت لم يعذرك.(2/19)
وقال في خطبة له: إنما الدنيا أمل مخترم، وأجل منتقص، وبلاغ إلى دار غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تعريج، فرحم الله امرءا فكر في أمره، ونصح لنفسه، وراقب ربّه، واستقال ذنبه.
وقال رضي الله عنه: بئس الجار الغنيّ، يأخذك بما لا يعطيك من نفسه، فإن أبيت لم يعذرك.
وقال له المغيرة: أنا بخير ما أبقاك الله، فقال: أنت بخير ما اتّقيت الله.
وكان إذا كتب إلى أهل الكوفة كتب: رأس العرب، ورمح الله الأطول.
ولما ولي عبد الله بن مسعود قال له: يا ابن مسعود، اجلس للناس طرفي النهار، واقرإ القرآن وحدّث عن السنة وصالح ما سمعت من نبيك محمد صلى الله عليه وسلّم وإياك والقصص، والتكلّف، وصلة الحديث، فإذا انقطعت بك الأمور فاقطعها، ولا تستنكف إذا سئلت عما لا تعلم أن تقول: لا أعلم، وقل إذا علمت، واصمت إذا جهلت، وأقلل الفتيا، فإنك لم تحط بالأمور علما، وأجب الدعوة ولا تقبل الهدية، وليست بحرام، ولكني أخاف عليك القالة. والسلام.
وخطب رضي الله عنه فقال: إياكم والبطنة، فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسم، مؤدّية إلى السقم، وعليكم بالقصد في قوتكم فهو أبعد من السّرف، وأصحّ للبدن، وأقوى على العبادة، وإن العبد لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.
وكتب إلى معاوية: الزم الحقّ ينزلك الحقّ منازل أهل الحقّ يوم لا يقضى إلا بالحقّ.
ونظر رضي الله عنه إلى أعرابيّ يصلي صلاة خفيفة، فلما قضاها قال:
اللهم زوّجني الحور العين، فقال عمر: أسأت النّقد، وأعظمت الخطبة.
وقال إبراهيم بن ميسرة، قال لي طاوس: لتنكحنّ أو لأقولنّ لك ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي الزوائد: ما يمنعك من التزوج إلا عجز أو فجور.
وجلس رجل إلى عمر رضي الله عنه فأخذ من رأسه شيئا فسكت عنه.
ثم صنع به ذلك يوما آخر، فأخذ بيده، وقال: ما أراك أخذت شيئا. فإذا هو كذلك. فقال رضي الله عنه: انظروا إلى هذا صنع بي مرارا، إذا أخذ أحدكم من رأس أخيه شيئا فليره. قال الحسن: نهاهم والله عن الملق.
وقال عمر رضي الله عنه على المنبر: اقرؤوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، إنه لن يبلغ من حقّ ذي حقّ أن يطاع في معصية الله، إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم، إذا استغنيت عففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، تقرّم البهيمة الأعرابية: القضم لا الخضم.(2/20)
ثم صنع به ذلك يوما آخر، فأخذ بيده، وقال: ما أراك أخذت شيئا. فإذا هو كذلك. فقال رضي الله عنه: انظروا إلى هذا صنع بي مرارا، إذا أخذ أحدكم من رأس أخيه شيئا فليره. قال الحسن: نهاهم والله عن الملق.
وقال عمر رضي الله عنه على المنبر: اقرؤوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، إنه لن يبلغ من حقّ ذي حقّ أن يطاع في معصية الله، إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم، إذا استغنيت عففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، تقرّم البهيمة الأعرابية: القضم لا الخضم.
وكتب إلى عبد الله رضي الله عنه: أما بعد. فإنه من اتّقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده. فعليك بتقوى الله، فإنه لا ثواب لمن لا نيّة له، ولا مال لمن لا رفق له، ولا جديد لمن لا خلق له.
وقال رضي الله عنه: لا تصغرنّ هممكم، فإني لم أر شيئا أقعد بالرجل من سقوط همّته.
سئل الأحنف: أيّ الطعام أحبّ إليك؟ فقال: الزّبد والكمأة. فقال عمر:
ما هما بأحبّ الطعام إليه، ولكنه يحب الخصب للمسلمين.
وقال رضي الله عنه: إني لأن أرى في بيتي شيطانا أحبّ إليّ من أن أرى فيه عجوزا لا أعرفها.
وأتي بنائحة قد تلتلت، فقال: أبعدها الله إنّه لا حرمة لها، ولا حقّ عندها، ولا نفع معها. إنّ الله عزّ وجلّ أمر بالصبر وهي تنهى عنه، ونهى عن الجزع وهي تأمر به، تريق دمعتها وتبكي شجو غيرها، وتحزن الحيّ وتؤذي الميت.
وفي كتاب له إلى أبي موسى: فإياك عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة، نزلت بواد خصب، فلم يكن لها همّ إلا السّمن، وإنما حتفها في السّمن.
واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، وأشقى الناس من شقيت به رعيته.
وقال يوما: دلّوني على رجل استعمله على أمر قد دهمني. فقالوا: كيف تريده؟ قال: إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنّه رجل منهم. فقالوا: ما نعلمه إلا الربيع بن زياد الحارثي. فقال:
صدقتم. هو لها.
وذكر له غلام حافظ من أهل الحيرة، وقالوا: لو اتّخذته كاتبا. قال: لقد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين.(2/21)
صدقتم. هو لها.
وذكر له غلام حافظ من أهل الحيرة، وقالوا: لو اتّخذته كاتبا. قال: لقد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين.
ولما أتي بتاج كسرى وسواره جعل يقلبهما بعود في يده ويقول: والله إن الذي أدّى هذا لأمين. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أنت أمين الله، يؤدّون إليك ما أدّيت إلى الله، فإذا رتعت رتعوا.
وقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس. اقرؤوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله فإنه لن يبلغ ذو حقّ في حقّه أن يطاع في معصية الله. ألا وإنه لن يبعّد من رزق، ولن يقرّب من أجل أن يقول المرء حقّا، وأن يذكّر بعظيم. ألا وإني ما وجدت صلاح ما ولّاني الله إلا بثلاث: أداء الأمانة، والأخذ بالقوة، والحكم بما أنزل الله. ألا وإني ما وجدت صلاح هذا المال إلا بثلاث: أن يؤخذ من حقّ، ويعطى في حقّ، ويمنع من باطل. ألا وإنما أنا في مالكم كوالي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف تقرّم البهيمة الأعرابية.
وبعث إليه بحلل فقسمها، فأصاب كلّ رجل ثوب، فصعد المنبر وعليه حلّة والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون؟ فقال سلمان: لا نسمع.
قال: ولم يا أبا عبد الله؟ قال: لأنك قسمت علينا ثوبا ثوبا وعليك حلّة. فقال:
لا تعجل يا أبا عبد الله. يا عبد الله فلم يجبه أحد. فقال: يا عبد الله بن عمر فقال: لبيك يا أمير المؤمنين. فقال: نشدتك الله. الثوب الذي اتّزرت به أهو ثوبك؟ قال: اللهم نعم. فقال سلمان: أما الآن فقل نسمع.
وحضر باب عمر رضي الله عنه جماعة: سهيل بن عمرو، وعيينة بن حصين، والأقرع بن حابس، فخرج الآدن فقال: أين صهيب: أين عمّار؟ أين سلمان؟ فتمعّرت وجوه القوم (1). فقال سهيل: لم تتمعّر وجوهكم؟ دعوا ودعينا، فأسرعوا وأبطأنا، ولئن حسدتموهم على باب عمر، لما أعدّ الله لهم في الآخرة أكثر.
__________
(1) تمعّرت وجوه القوم: أي تغيّرت من الغيظ.(2/22)
وروي أنّ عمر رضي الله عنه كان يأخذ بيده اليمنى من الفرس أذنه اليسرى ثم يجمع جراميزه (1) ويثب فكأنما خلق على ظهر فرسه.
وقال عمر رضي الله عنه: السيد الذي هو الجواد حين يسأل، والحليم حين يستجهل، والبارّ بمن يعاشر.
وبلغه أن سعدا وأصحابه قد بنوا بالمدر، فكتب إليه: كنت أكره لكم البنيان بالمدر، أما إذ فعلتم فعرّضوا الحيطان، وأطيلوا السّمك وقاربوا بين الخشب.
وقال: رحم الله امرءا أمسك فضل القول، وقدّم فضل العمل.
وقال رضي الله عنه: من دخل على الأغنياء، خرج وهو ساخط على الرّزق.
وناول رجلا شيئا فقال له: خدمك بنوك. فقال: بل أغناني الله عنهم.
أهدى أبو موسى لعمر رضي الله عنه ألوانا من الأخبصة، فقال: ما هذا؟ قال: الخير قبلنا كثير، والمؤونة تخفّ علينا. قال: أطرفت أحدا من أهل المدينة بشيء من هذا؟ قال: لا. قال: إياك أن تراه أغيلمة قريش فيضيّقوا عليكم بلادكم.
وقيل له رضي الله عنه: أخبرنا عن أيام جاهليّتك. فقال: ما داعبت أمة، ولا جالست إلا لمة وما دأبت إلا في حمل جريرة، أو خيل مغيرة. أما أيام الإسلام فكفى برغائها مناديا.
واستعمل ابن علقمة على عمل، فشيّعه، فقال ابن علقمة: يا أمير المؤمنين إن معنا سفرة. فقال عمر: ابدؤوا بالحلوى، واجعلوا الدّسم يلي النبيذ.
ومن كلامه: النساء عورة، فاستروا عوراتكم بالبيوت، وداووا ضعفهن بالسكوت، وأخيفوهنّ بالضرب، ولا تسكنوهن الغرف، ولا تعلّموهن الكتابة،
__________
(1) جرمز واجرمّز: انقبض، واجتمع بعضه إلى بعض ونكص، وفرّ، والجراميز: قوائم الوحشيّ، وجسده، وبدن الإنسان، يقال: أخذه بجراميز، أي: أجمع.(2/23)
واستعينوا عليهنّ بالعري، وأكثروا لهنّ من قول: لا، فإن نعم تضريهنّ على المسألة.
وقال رضي الله عنه: رحم الله امرءا أهدى إليّ عيوبي.
ولما أطلق الحطيئة من محبسه قال: إياك والشعر. قال: مأكلة عيالي.
قال: قل وإياك والمدح المجحف. قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تقول بنو فلان خير من بني فلان. قال: أنت والله أشعر مني.
قالوا: أول من خاطب ب «أطال الله بقاءك» عمر، قاله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
ونظر إلى أبيّ بن كعب (1) وقد تبعه قوم، فعلاه بالدّرّة، وقال: إنها فتنة للمتبوع مذلّة للتابع.
وسأله عبد الرحمن أن يلين للناس، فقال: إن الناس لا يصلح لهم إلّا هذا، ولو علموا ما لهم عندي لأخذوا ثوبي من عاتقي.
وقيل له: كان الرجل يظلم في الجاهلية، فيدعو على ظالمه، فيجاب عاجلا، ولا نرى ذلك في الإسلام. فقال: كان هذا حاجزا بينهم وبين الظلم، وإن موعدكم الآن الساعة، والسّاعة أدهى وأمرّ.
كان أبو رافع صائغا، فنظر إليه عمر وهو يقرأ ويصوغ، فقال: يا أبا رافع، أنت خير مني، تؤدّي حقّ الله وحق مواليك.
قال لرجل: ما معيشتك؟ قال: رزق الله. قال: لكل رزق سبب، فما سبب رزقك؟.
مرّ عمر رضي الله عنه بشاب فاستسقاه، فخاض (2) له عسلا، فلم يشربه، وقال: إني سمعت الله تعالى يقول: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا}
__________
(1) هو أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرّا من أحبار اليهود، توفي سنة 21هـ (الأعلام 1/ 82).
(2) خاص: خلط.(2/24)
[الأحقاف: الآية 20]. فقال الفتى: إنها والله ليست لك. اقرأ ما قبلها {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النََّارِ} [الأحقاف: الآية 20]. أفنحن منهم؟ فشربها وقال: كلّ الناس أفقه من عمر.
وقال رضي الله عنه: لا يبلغنّي أن امرأة تجاوزت بصداقها صداق النبيّ عليه السلام إلا ارتجعت منها. فقامت امرأة فقالت: ما جعل الله ذلك لك يا ابن الخطاب، إنّ الله تعالى يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدََاهُنَّ قِنْطََاراً فَلََا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتََاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [النّساء: الآية 20] فقال عمر رضي الله عنه: لا تعجبوا من إمام أخطأ، وامرأة أصابت، ناضلت إمامكم فنضلته.
وقال رضي الله عنه: أحبّكم إلينا أحسنكم اسما، فإذا رأيناكم فأجملكم منظرا، فإذا اختبرناكم فأحسنكم مخبرا.
وقال رضي الله عنه: الدّين ميسم الكرام.
وقال لأهل الشّورى: لا تختلفوا فإن معاوية وعمرا بالشام.
وقال ثور بن يزيد: كان عمر رضي الله عنه يعسّ بالمدينة في الليل، فسمع صوت رجل في بيت، فارتاب بالحال، فتسوّر، فوجد رجلا عنده امرأة وخمر. فقال: يا عدوّ الله، أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصية؟ فقال الرجل: لا تعجل عليّ يا أمير المؤمنين، إن كنت قد عصيت الله في واحدة، فقد عصيته في ثلاث: قال الله تعالى: {وَلََا تَجَسَّسُوا}
[الحجرات: الآية 12]. وقد تجسّست، وقال: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوََابِهََا}
[البقرة: الآية 189] وقد تسوّرت، وقال: {فَإِذََا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا} [النّور: الآية 61] وما سلمت. فقال له عمر رضي الله عنه: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، والله لئن عفوت عني لا أعود لمثلها أبدا. فعفا عنه.
وقال ابن عباس: لما أسلم عمر رضي الله عنه قال المشركون: انتصف القوم منّا.
قيل: أهدى رجل إلى عمر رضي الله عنه جزورا (1)، ثم خاصم إليه بعد ذلك في خصومة، فجعل يقول: افصلها يا أمير المؤمنين كفصل رجل الجزور، فاغتاظ عمر رضي الله عنه، وقال: يا معشر المسلمين إياكم والهدايا فإن هذا أهدى إليّ منذ أيام رجل جزور، فو الله ما زال يردّدها حتى خفت أن أحكم بخلاف الحكم.(2/25)
وقال ابن عباس: لما أسلم عمر رضي الله عنه قال المشركون: انتصف القوم منّا.
قيل: أهدى رجل إلى عمر رضي الله عنه جزورا (1)، ثم خاصم إليه بعد ذلك في خصومة، فجعل يقول: افصلها يا أمير المؤمنين كفصل رجل الجزور، فاغتاظ عمر رضي الله عنه، وقال: يا معشر المسلمين إياكم والهدايا فإن هذا أهدى إليّ منذ أيام رجل جزور، فو الله ما زال يردّدها حتى خفت أن أحكم بخلاف الحكم.
ولما حصر أبو عبيدة كتب إليه عمر رضي الله عنه: مهما ينزل بامرىء من شدة يجعل الله بعدها فرجا، إنه لن يغلب عسر يسرين، إنه يقول: {اصْبِرُوا وَصََابِرُوا وَرََابِطُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: الآية 200].
وقال: ثلاث يثبّتن لك الودّ في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسّع له في المجلس، وتدعوه بأحبّ الأسماء إليه.
وقال رضي الله عنه: من أفضل ما أعطيته العرب الأبيات يقدّمها الرجل أمام حاجته، يستعطف بها الكريم، ويستنزل بها اللئيم.
وقدم معاوية عليه وهو أبضّ الناس، فضرب عمر رضي الله عنه بيده على عضده، فأقلع عن مثل الشّراب في لونه أو مثل الشّراك. فقال:
إنّ هذا والله لتشاغلك بالحمامات، وذوو الحاجات تقطّع أنفسهم حسرات على بابك.
وقال لربيع بن زياد الحارثي: يا ربيع إنا لو نشاء ملأنا هذه الرّحاب من صلائق (2) وسبائك (3) وصناب (4) ولكني رأيت الله عزّ وجلّ نعى على قوم شهواتهم، فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا} [الأحقاف: الآية 20].
وقال: علموا أولادكم العوم والرّماية، ومروهم فليثبوا على الخيل وثبا، وروّوهم ما جمل من الشعر، وخير خلق المرأة المغزل.
وقال: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما أركب.
__________
(1) الجزور: الشاة المذبوحة.
(2) الصليقة، كسفينة: اللحم المشوي المنضج، جمعه: صلائق.
(3) السبائك: ما سبك من الدقيق فأخذ خالصه.
(4) الصناب: صباغ يتخذ من الخردل والزبيب.(2/26)
وقال رضي الله عنه: لا تزالون أصحاء ما نزعتم ونزوتم. نزعتم في القسيّ، ونزوتم على ظهور الخيل.
وقال رضي الله عنه: ليس قوم أكيس من أولاد السراري لأنهم يجمعون عز العرب ودهاء العجم.
وقال رضي الله عنه: من يئس من شيء استغنى عنه.
ونظر إلى رجل مظهر للنسك متماوت، فخفقه بالدّرّة وقال: لا تمت علينا ديننا أماتك الله.
وقال رضي الله عنه لأبي مريم السلولي والله لا أحبك حتى تحبّ الأرض الدم. قال: أفتمنعني حقّا؟ قال: لا. قال: فلا بأس. إنما يأسف على الحب النساء.
وروي أن أعرابيا أتاه فقال: إني أصبت ظبيا وأنا محرم، فالتفت عمر رضي الله عنه إلى عبد الرحمن بن عوف، وقال: قل. قال عبد الرحمن:
يهدي شاة. قال عمر رضي الله عنه: اهد شاة. فقال الأعرابي: والله ما درى أمير المؤمنين ما فيها حتى استفتى غيره، وما أظنّني إلا سأنحر ناقتي، فخفقه عمر بالدّرة وقال: أتقتل في الحرم وتغمص في الفتيا؟ إنّ الله عزّ وجلّ يقول:
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوََا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: الآية 95]. فأنا عمر بن الخطّاب، وهذا عبد الرحمن بن عوف.
ومن كلامه رضي الله عنه: قد إلنا وإيل علينا، أي سسنا وساسنا غيرنا.
وقال له عبد الله ابنه رضي الله عنهما: لم فضّلت أسامة عليّ وأنا وهو سيّان؟ فقال: كان أبوه أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أبيك، وكان هو أحبّ إلى رسول الله منك.
وأثني عليه وهو جريح، فقال: المغرور من غررتموه، لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطّلع.
وقال: تعلّموا اللحن والسنن، والفرائض كما تعلّمون القرآن.
وروي أنه كان يحمل الدقيق على ظهره، فقال له بعضهم: دعني أحمله عنك. فقال: ومن يحمل عنّي ذنوبي؟.(2/27)
وقال: تعلّموا اللحن والسنن، والفرائض كما تعلّمون القرآن.
وروي أنه كان يحمل الدقيق على ظهره، فقال له بعضهم: دعني أحمله عنك. فقال: ومن يحمل عنّي ذنوبي؟.
وقال: لساني سبع، فإذا أرسلته أكلني. وقال رضي الله عنه: من المروءة الظاهرة الثياب الطاهرة.
وقال: لئن بقيت لأسوّينّ بين الناس. حتى يأتي الرجل حقّه في صفنه (1)
لم يعرق فيه جبينه.
وقيل له: إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد، فقال: وما على نساء بني المغيرة أن يسفكن من دموعهن على أبي سليمان، ما لم يكن نقع ولا لقلقة.
وقال: أعضل بي أهل الكوفة، ما يرضون بأمير، ولا يرضاهم أمير.
وقال رضي الله عنه: فرّقوا عن المنية، واجعلوا الرأس رأسين ولا تلثّوا بدار معجزة، وأصلحوا مثاويكم، وأخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم، واخشوشنوا وتمعددوا.
وكتب رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد: إنه بلغني أنك دخلت حمّاما بالشام، وأن من بها من الأعاجم أعدوا لك دلوكا عجن بخمر، وإني أظنكم آل المغيرة ذرء النار.
وقال رضي الله عنه: ورّع اللصّ ولا تراعه.
وقال رضي الله عنه: ما بال رجال لا يزال أحدهم كاسرا وساده عند امرأة مغيبة يتحدث إليها ونتحدث إليه؟ عليكم بالجنبة فإنّها عفاف، فإنما النساء لحم على وضم إلا ما ذبّ عنه.
وقال رضي الله عنه: إن العهد إذا تواضع رفع الله حكمته (2) وقال: انتعش نعشك الله، وإذا تكبّر وعدا طوره وهصه (3) الله إلى الأرض.
__________
(1) الصّفن: وعاء الخصية، ويحرّك، والسّفرة، والشقشة، وبالضم، كالركوة يتوضأ فيها، وخريطة لطعام الراعي وزناده وأداته.
(2) الحكمة: ما أحاط بفم الدابة من لجام أو حديدة.
(3) وهصه: جذبه جذبا شديدا.(2/28)
وقال رضي الله عنه: لا تشتروا الفضة والذهب إلا يدا بيد، فإني أخاف عليكم الربا.
وقال في متعة الحج: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد فعلها وأصحابه، ولكني كرهت أن يظلّوا بهنّ معرسين تحت الأراك، لم يلبّون بالحجّ تقطر رؤوسهم.
ودخل عديّ بن حاتم فسلّم وهو مشغول، فقال: يا أمير المؤمنين أنا عديّ بن حاتم. فقال: ما أعرفني بك! أنت الذي أقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، وأقررت إذ نفّروا، وأسلمت إذ كفّروا. فقال عديّ:
حسبي يا أمير المؤمنين.
وسأل أصحابه: أيّ الناس أنعم بدنا؟ فكلّ أجاب برأيه. فقال عمر رضي الله عنه: لكني أقول: جسد في التراب، قد أمن العقاب، ينتظر الثّواب.
قال ابن المسيب: وضع عمر للناس كلمات حكما كلّها، وهي:
«ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه». «ضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يجيئك ما يغلبك منه». «لا تظننّ بكلمة خرجت من مسلم شرّا وأنت تجد لها في الخير محملا». «من كتم سرّه كانت الخيرة بيده». «من عرّض نفسه للتّهمة فلا يلومنّ من أساء الظنّ به». «عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء، وعدّة في البلاء». «لا تهاونوا بالحلف فيهينكم الله». «لا تسأل فيما لم يكن، فإن فيما قد كان شغلا عما لم يكن».
«عليك بالصدق وإن قتلك الصدق». «احذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلّا من خشي الله». «استشر في أمرك الذين يخشون الله، فإنما يقول: {إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ} [فاطر: الآية 28]. «آخ الإخوان على التقوى». «كفى بك عيبا أن يبدو لك من أخيك ما يخفى عليك من نفسك، أو تؤذي جليسك فيما لا يعنيك، أو تعيب شيئا وتأتي بمثله».
وكتب إلى أبي عبيدة: أما بعد فإنه لم يقم أمر الله في الناس إلا حصيف العقدة بعيد الغرّة. لا يحنق في الحقّ على جرّة، ولا يطّلع منه الناس على عورة. ولا تأخذه في الله لومة لائم.
وقال: من أسرع إلى الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة أبطأ عنه العطاء، فلا يلومنّ رجل إلا مناخ راحلته.(2/29)
وكتب إلى أبي عبيدة: أما بعد فإنه لم يقم أمر الله في الناس إلا حصيف العقدة بعيد الغرّة. لا يحنق في الحقّ على جرّة، ولا يطّلع منه الناس على عورة. ولا تأخذه في الله لومة لائم.
وقال: من أسرع إلى الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة أبطأ عنه العطاء، فلا يلومنّ رجل إلا مناخ راحلته.
وقال له أبو عبيدة حين نزل عن ناقته، وخلع خفيّه، وخاض المخاضة:
ما يسرّني أنّ أهل البلد استشرفوك أي رأوك. فقال له عمر رضي الله عنه: لو غيرك يقول هذا لجعلته نكالا، إنّا كنّا أذلّ قوم، فأعزّنا الله بالإسلام، فإن طلبنا العزّ بغير ما أعزنا الله به أذلّنا.
وخطب رضي الله عنه فقال: إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ الرجل المسلم البريء عند الله، فيدسر كما يدسر الجزور (1)، ويشاط لحمه كما يشاط لحم الجزور، ويقال: عاص وليس بعاص. فقال عليّ عليه السلام: كيف ذاك؟ ولما تشتدّ البلية، وتظهر الحمية وتسب الذّرية وتدقّهم الفتن دقّ الرحا ثفالها.
وقال عمر رضي الله عنه: لا تفطروا حتى تروا الليل يغسق على الظراب (2).
وروي أن ابن السوادة أخا بني ليث قال له: أربع خصال عاتبتك عليها رعيّتك. فوضع عود الدرّة ثم ذقن (3) عليها وقال: هات. قال: ذكروا أنك حرّمت العمرة في أشهر الحج. قال عمر رضي الله عنه: أجل. إنكم إذا اعتمرتم في أشهر حجكم ظننتموها مجزية من حجكم فقرع حجكم فكانت قائبة قوب (4) عامها، والحجّ بهاء من بهاء الله. قال: شكوا منك عنف السّياق ونهر الرّعيّة. قال: فقرع الدرة، ثم مسحها حتى أتى على سيورها وقال: أنا زميل محمد في غزوة قرقرة الكدر ثم إني والله لأرتع فأشيع، وأسقي فأروي،
__________
(1) يدسر: يدفع ويكب للقتل، وللذبح.
(2) الظراب: جمع ظرب، ككتف: وهو ما نشأ من الحجارة وحدّ طرفه، أو الجبل المنبسط، أو الصغير.
(3) ذقن عليها: وضع ذقنه عليها.
(4) القوب: حفر الأرض، كالتقويب، وفلق الطير بيضه، وبالضم: الفرخ، كالقائبة، يقال:
«تخلصت قائبة من قوب» أو «قابة من قوب» أي: بيضة من فرخ، يضرب لمن انفصل من صاحبه.(2/30)
وأضرب العروض، وأزجر العجول وأؤدب قدري وأسوق خطوي، وأردّ اللفوت. وأضم العنود. وأكثر الزجر، وأقل الضرب، وأشهر العصا، وأدفع باليد، ولولا ذلك لأعذرت.
وخطب رضي الله عنه فقال: ألا لا تضربوا المسلمين فتذلّوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفّروهم، ولا تجمّروهم فتفتنوهم.
وفي حديثه، أنه انكفأ لونه في عام الرمادة حين قال: لا آكل سمنا ولا سمينا. وأنه اتخذ أيام كان يطعم الناس قدحا فيه فرض، فكان يطوف على القصاع، فيغمر القدح، فإن لم تبلغ الثريدة الفرض قال: فانظر ما الذي يفعل بالذي ولي الطعام.
وقال لرجل: ما مالك؟ قال: ألفان مضمونان في بيت المال. فقال: اتخذ مالا سوى هذا، فيوشك أن يأتي من لا يعطي إلا من يحبّ.
وخرج ليلة في شهر رمضان، والناس أوزاع، فقال: إني لأظنّ لو جمعناهم على قارىء كان أفضل، فأمر أبيّ بن كعب فأمّهم، ثم خرج ليلة وهم يصلّون بصلاته، فقال: نعم البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل، يريد صلاة آخر الليل.
وروي أن رجلا قرأ عليه حرفا فأنكره، فقال: من أقرأك هذا؟ قال: أبو موسى الأشعري. فقال: إنّ أبا موسى لم يكن من أهل البهش والبهش المقل ما كان رطبا، فإذا يبس فهو الخشل، وإنما أراد أن أبا موسى ليس من أهل الحجاز، والمقل ينبت بالحجاز يريد أن القرآن نزل بلغة قريش.
ونحو منه قوله رضي الله عنه لابن مسعود حين بلغه أنه يقرىء الناس «عتّى حين» يريد «حتى»: إنّ القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرىء الناس بلغة قريش.
وقال: من الناس من يقاتل رياء وسمعة، ومنهم من يقاتل وهو ينوي الدنيا، ومنهم من ألحمه القتال فلم يجد بدّا، ومنهم من يقاتل صابرا محتسبا.
أولئك هم الشهداء.
وسأله العباس عن الشعراء، فقال: امرؤ القيس (1) سابقهم، خسف لهم عين الشعر، فافتقر عن معان عور أصحّ بصر.(2/31)
أولئك هم الشهداء.
وسأله العباس عن الشعراء، فقال: امرؤ القيس (1) سابقهم، خسف لهم عين الشعر، فافتقر عن معان عور أصحّ بصر.
وكتب في الصدقة إلى بعض عماله: ولا تحبس الناس أولهم على آخرهم، فإن الرّجن للماشية عليها شديد ولها مهلك، وإذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تعتم من غنمه، ولا تأخذ من أدناها، وخذ الصدقة من أوسطها. وإذا وجب على الرجل سنّ، ولم تجده في إبله فلا تأخذ إلا تلك السنّ من شروى إبله أو قيمة عدل، وانظر ذوات الدّر والماخض فنكّب عنها فإنها ثمال حاضرتهم.
وقال رضي الله عنه: من حظ المرء نفاق أيمه وموضع حقّه. يريد أن يكون حقه عند من لا يجحده.
وقال في قوله تعالى: {أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوََاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (157) [البقرة: الآية 157]. نعم العدلان ونعم العلاوة.
وقال ابن عباس: دعاني عمر وعثمان رضي الله عنهما فإذا صبر من مال فقال: خذا فاقتسما فإن فضل فردّا. فأما عثمان فحثا، وأما أنا فقلت: إن كان نقصان رددت علينا. فقال: شنشنة أعرفها من أخزم (2).
وطلى بعيرا من الصدقة بالقطران، فقال له رجل: لو أمرت عبدا من عبيد الصدقة كفاكه. فضرب بالثّملة (3) على صدره، وقال: أعبد أعبد منّي؟.
__________
(1) امرؤ القيس: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، أبو وهب أو أبو الحارث، يلقب بالملك الضليل وبذي القروح، ولد سنة 130قبل الهجرة، وأمه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث أخت كليب والمهلهل التغلبيين نشأ في قبيلة كندة وهي أسرة ملوك، وكان حجر والد امرىء القيس ملكا على بني أسد فقتلوه، ولما أتاه نعي أبيه جعل يتنقل بين القبائل مؤلبا الأحلاف للثأر من بني أسد، توفي سنة 80قبل الهجرة. يقال امرؤ القيس أول من ورد له نظم من العرب، وعرف بأنه أول من وقف على الأطلال واستوقف، وقيّد الأوابد، وأوّل من سنّ عمود الشعر الذي جرى عليه الشعراء بعده. (معجم الشعراء الجاهليين ص 3332).
(2) الشّنشنة، بالكسر: المضغة، أو القطعة من اللحم، والطبيعة، والعادة، والقول مثل يضرب للمرء ينشأ على شاكلة أبيه، وأخزم: يروى أنه كان عاقا لوالده، فلما مات وثب أبناؤه على جدهم فضربوه، فقال هذا المثل (انظر مجمع الأمثال 1/ 344).
(3) الثملة: خرقة يهنأ بها البعير، أي يطلى بالقطران.(2/32)
وقال: لو صلّيتم حتى تكونوا كالحنيّ ما نلتم رحمة الله إلّا بصدق الورع.
وقال: تفقّهوا قبل أن تسوّدوا.
وقال: إن الموت فضح الدنيا، فما ترك لذي لبّ فرحا.
وقال: احذر من فلتات السّباب كلما أورثك النّبز (1) وأعلقك اللقب فإنه إن يعظم بعده شأنك يشتدّ عليه ندمك.
وقال رضي الله عنه: بع الحيوان أحسن ما يكون في عينيك.
وقال: أجود الناس من جاد على من لا يرجو ثوابه، وأحلمهم من عفا بعد القدرة، وأبخلهم من بخل بالسلام، وأعجزهم الذي يعجز في دعائه.
وقال: كلّ عمل كرهت من أجله الموت فاتركه، ثم لا يضرّك متى مت.
وقال رضي الله عنه: إذا توجه أحدكم في الوجه ثلاث مرات، فلم ير خيرا فليدعه.
وخطب رضي الله عنه فقال: أيها الناس، ما الجزع مما لا بدّ منه، وما الطّمع فيما لا يرجى، وما الحيلة فيما سيزول؟ وإنما الشيء من أصله، وقد مضت قبلنا أصول، ونحن فروعها، فما بقاء الفرع بعد أصله؟ إنما الناس في هذه الدنيا أغراض تنتضل المنايا فيهم وهم نصب المصائب، مع كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص. لا ينالون نعمة إلّا بفراق أخرى، ولا يستقبل معمّر من عمر يوما إلا بهدم آخر من أجله، وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم، فأين المهرب مما هو كائن؟ وإنما يتقلب الهارب في قدرة الطالب، فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الفائدة غدا! أو أكثر خيبة الخائب! جعلنا الله وإياكم من المتقين.
قال الجاحظ: روى الزهري أن عمر رضي الله عنه نظر إلى أهل الشّورى جلوسا فقال: أكلّكم يطمع في الخلافة بعدي؟ فوجموا، فقال لهم
__________
(1) النبز: اللقب، ولا يكون إلا في الذم.(2/33)
ثانية، فأجابه الزبير فقال: نعم، وما الذي يبعدنا عنها وقد وليتها فقمت بها.
ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة، ولا في القرابة؟ فقال عمر رضي الله عنه: ألا أخبركم عن أنفسكم؟ قالوا: بلى، فإنّا لو استعفيناك ما أعفيتنا. فقال عمر رضي الله عنه: أما أنت يا زبير فوعقة (1) لقس (2)، مؤمن الرّضا، كافر الغضب، يوم إنس، ويوم شيطان، ولعلها إن أفضت إليك لظلت يومك تلاطم في البطحاء على مدّ من شعير. أفرأيت إن أفضت إليك فمن يكون على الناس يوم تكون شيطانا، ومن يكون إذا غضبت إماما؟ ما كان الله ليجمع لك أمر أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم وأنت في هذه الصّفة.
ثم أقبل على طلحة فقال: أقول أم أسكت؟ قال: قل، فإنّك لا تقول لي من الخير شيئا. قال: ما أعرفك منذ ذهبت إصبعك يوم أحد من البأو (3) الذي أحدثت. ولقد مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ساخطا للذي قلت يوم نزلت آية الحجاب أفأقول أم أسكت؟ قال: بالله اسكت.
ثم أقبل على سعد، فقال: إنما أنت صاحب قنص وقوس وأسهم ومقنب من هذه المقانب (4)، وما أنت وزهرة والخلافة وأمور الناس؟.
ثم أقبل على عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال: لله أنت لولا دعابة فيك. أما والله لو وليتهم لحملتهم على المحجّة البيضاء، والحقّ الواضح، ولن يفعلوا.
ثم قال: وأنت يا عبد الرحمن لو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجحت، ولكن فيك ضعفا، ولا يصلح هذا الأمر لمن ضعف مثل ضعفك.
وما زهرة وهذا الأمر؟.
ثم أقبل على عثمان فقال: هيها إليك، كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبّها إياك، فحملت بني أمية وبني معيط على رقاب الناس، وآثرتهم بالفيء، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا. والله
__________
(1) الوعقة: السريع الغضب الضيّق الصدر.
(2) اللّقس: الحريص.
(3) البأو: الكبر.
(4) المقنب: جماعة الخيل والجنود.(2/34)
لئن فعلوا لتفعلن، ولئن فعلت ليفعلنّ. ثم أخذ بناصيته فناجاه، ثم قال: إذا كان ذاك فاذكر قولي هذا فإنه كائن.
وقال عمر رضي الله عنه للأحنف: من كثر ضحكه قلّت هيبته، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر مزاحه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه ذهب حياؤه، ومن ذهب حياؤه مات قلبه.
وكتب إلى أبي موسى: أمّا بعد فإن للناس نفرة عن سلطانهم، فأعوذ بالله أن تدركني وإياك عمياء مجهولة، وضغائن محمولة، وأهواء متّبعة، ودنيا مؤثرة فأقم الحدود ولو ساعة من نهار، فإن عرض لك أمران: أحدهما لله، والآخر للدنيا، فآثر نصيبك من الآخرة، فإن الدنيا تنفد والآخرة تبقى، وكن من خشية الله على وجل، وأخف الفسّاق، واجعلهم يدا يدا ورجلا رجلا.
وإذا كانت بين القبائل نائرة (1)، ودعوا: يا لفلان، فإنما تلك النجوى من الشيطان، فاضربهم بالسيف حتى يفيئوا إلى الله، وتكون دعواهم إلى الله وإلى الإسلام.
وقد بلغ أمير المؤمنين أن ضبّة تدعو: يا لضبّة، وإني والله ما أعلم أن ضبّة ساق الله بها خيرا قط، ولا منع بها شرّا قط. فإذا جاءك كتابي هذا فأنهكهم عقوبة، حتى يفرقوا إن لم يفقهوا. وألصق بغيلان بن خرشة من بينهم.
وعد مرضى المسلمين، واشهد جنائزهم وافتح بابك، وباشر أمرهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله جعلك أثقلهم حملا.
وقد بلغ أمير المؤمنين أنه فشا لك ولأهل بلدك هيئة في لباسك، ومطعمك ومركبك ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة التي حلّت بواد خصب، فلم يكن لها همّ إلا السّمن، واعلم أن للعامل مردّا إلى الله، فإذا زاغ العامل زاغت رعيته، وإنّ أشقى الناس من شقيت به رعيته، والسلام.
__________
(1) النائرة: العداوة والبغضاء والشحناء.(2/35)
وكان إذا اشترى رقيقا يقول: اللهم ارزقني أنصحهم جيبا وأطولهم عمرا.
وكان إذا استعمل رجلا يقول: إن العمل كبر، فانظر كيف تخرج منه.
وقال رضي الله عنه: أقلل من الدّين تعش حرّا، وأقلل من الذنوب يهن عليك الموت، وانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العرق دساس.
وقال: إياكم وهذه المجازر، فإنّ لها ضراوة كضراوة الخمر.
وقال: ما الخمر صرفا بأذهب لعقل الرجل من الطمع.
وقال: عجبت لمن يحسن المعاريض، كيف يكذب؟.
وقال: الناس طالبان، فطالب يطلب الدنيا، فارفضوها في نحره، فإنّه ربما أدرك الذي طلب منها فهلك بما أصاب منها. وربما فاته الذي طلب منها فهلك بما فاته منها، وطالب يطلب الآخرة، فإذا رأيتم طالب الآخرة فنافسوه.
وقال: أيها الناس إنه أتى عليّ حين وأنا أحسب أنه من قرأ القرآن إنما يريد الله وما عنده. ألا وقد خيّل إليّ أخيرا أن أقواما يقرؤون القرآن يريدون به ما عند الناس. ألا فأريدوا الله بقرءانكم وأريدوه بأعمالكم، فإنما كنا نعرفكم إذ الوحي ينزل، وإذ النبيّ عليه السلام بين أظهرنا، فقد رفع الوحي، وذهب النبيّ عليه السلام، فإنما أعرفكم بما أقول لكم. ألا فمن أظهر لنا خيرا ظننّا به خيرا وأثنينا به عليه، ومن أظهر لنا شرّا ظننّا به شرّا وأبغضنا عليه، فزعوا هذه النفوس عن شهواتها، فإنها طلّاعة، تنزع إلى شرّ غاية، وإن الحق ثقيل مريء، وإنّ الباطل خفيف وبيء، ترك الخطيئة خير من معالجة التوبة، ورب شهوة ساعة أورثت حزنا دائما.
وقال: استعبروا العيون بالتذكر.
ومرّ بقوم يتمنّون، فلما رأوه سكتوا، فقال: فيم كنتم؟ قالوا: كنا نتمنّى.
قال: تمنّوا وأنا أتمنّى معكم. قالوا: فتمنّ. قال: أتمنى ملء هذا المسجد مثل أبي عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة، إن سالما كان شديد الحبّ لله، لو لم يخف الله لعصاه. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لكلّ أمّة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح.
وقال رضي الله عنه: لولا أن أسير في سبل الله، وأضع جبهتي لله، وأجالس أقواما ينتقون أحسن الحديث كما تنتقى أطايب الثمر لم أبال أن أكون قد متّ.(2/36)
قال: تمنّوا وأنا أتمنّى معكم. قالوا: فتمنّ. قال: أتمنى ملء هذا المسجد مثل أبي عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة، إن سالما كان شديد الحبّ لله، لو لم يخف الله لعصاه. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لكلّ أمّة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح.
وقال رضي الله عنه: لولا أن أسير في سبل الله، وأضع جبهتي لله، وأجالس أقواما ينتقون أحسن الحديث كما تنتقى أطايب الثمر لم أبال أن أكون قد متّ.
وقال سعد له حين شاطره ماله: لقد هممت قال عمر: لتدعو الله عليّ؟ قال: نعم. قال: إذا لا تجدني بدعاء ربي شقيّا. وكان سعد يسمى المستجاب الدعوة.
وقال عمر في ولد له صغير: ريحانة أشمّها، وعن قريب ولد بارّ أو عدوّ حاضر.
وقال رضي الله عنه: لكل شيء شرف، وشرف المعروف تعجيله.
وقال: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة لقوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: الآية 60]. ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة لقوله جلّ اسمه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: الآية 7]. ومن أعطي الاستغفار لم يحرم القبول لقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً}
[نوح: الآية 10].
وقال رضي الله عنه: كونوا أوعية الكتاب (1)، وينابيع العلم، واسألوا الله رزق يوم بيوم.
وقال رضي الله عنه: الرجال ثلاثة: رجل ينظر في الأمور قبل أن تقع فيصدرها مصدرها، ورجل متوكل لا ينظر، فإذا نزلت به نازلة شاور أهل الرأي وقبل قولهم، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدا، ولا يطيع مرشدا.
كان شرحبيل بن السّمط على جيش لعمر رضي الله عنه فقال: إنكم قد نزلتم أرضا فيها نساء وشراب، فمن أصاب منكم حدّا فليأتنا حتى نطهّره، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال: لا أمّ لك، تأمر قوما ستر الله عليهم أن يهتكوا ستر الله عليهم.
__________
(1) المقصود بالكتاب: القرآن الكريم، أي احفظوا القرآن الكريم في صدوركم.(2/37)
وقال: من قال لا أدري عند ما لا يدري، فقد أحرز نصف العلم لأن الذي له على نفسه هذه القوة فقد دلّنا على جودة التثبّت، وكثرة الطلب، وقوة المنّة.
وأوصى الخليفة بعده فقال:
أوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له، وأوصيك بالمهاجرين الأولين خيرا أن تعرف لهم سابقتهم.
وأوصيك بالأنصار خيرا فاقبل من محسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، وأوصيك بأهل الأمصار خيرا، فإنهم ردء العدو، وجباة الفيء، لا تحمل منهم إلّا عن فضل منهم.
وأوصيك بأهل البادية خيرا فإنهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، أن تأخذ من حواشي أموالهم فتردّ على فقرائهم.
وأوصيك بأهل الذّمّة خيرا أن تقاتل من ورائهم، ولا تكلفهم فوق طاقتهم إذا أدّوا ما عليهم للمؤمنين طوعا، أو عن يد وهم صاغرون.
وأوصيك بتقوى الله، والحذر منه، ومخافة مقته أن يطّلع منك على ريبة، وأوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخش الناس في الله.
وأوصيك بالعدل في الرعية، والتفرغ لحوائجهم وثغورهم، ولا تؤثر غنيّهم على فقيرهم، فإن في ذلك بإذن الله سلامة لقلبك، وحطّا لوزرك، وخيرا في عاقبة أمرك، حتى تفضي في ذلك إلى من يعرف سريرتك، ويحول بينك وبين قلبك.
وآمرك أن تشتدّ في أمر الله، وفي حدوده ومعاصيه على قريب الناس وبعيدهم، ثم لا تأخذك في أحد الرأفة، حتى تنتهك منه مثل جرمه. واجعل الناس عندك سواء، لا تبالي على من وجب الحقّ، ولا تأخذك في الله لومة لائم، وإياك والأثرة والمحاباة فيما ولّاك الله مما أفاء على المؤمنين، فتجور وتظلم، وتحرم نفسك من ذلك ما قد وسّعه الله عليك.
وقد أصبحت بمنزلة من منازل الدنيا والآخرة، فإن اقترفت لدنياك عدلا وعفّة عما بسط لك اقترفت به إيمانا ورضوانا، وإن غلبك فيه الهوى اقترفت به غضب الله. وأوصيك ألّا ترخّص لنفسك ولا لغيرها في ظلم أهل الذّمة.(2/38)
وآمرك أن تشتدّ في أمر الله، وفي حدوده ومعاصيه على قريب الناس وبعيدهم، ثم لا تأخذك في أحد الرأفة، حتى تنتهك منه مثل جرمه. واجعل الناس عندك سواء، لا تبالي على من وجب الحقّ، ولا تأخذك في الله لومة لائم، وإياك والأثرة والمحاباة فيما ولّاك الله مما أفاء على المؤمنين، فتجور وتظلم، وتحرم نفسك من ذلك ما قد وسّعه الله عليك.
وقد أصبحت بمنزلة من منازل الدنيا والآخرة، فإن اقترفت لدنياك عدلا وعفّة عما بسط لك اقترفت به إيمانا ورضوانا، وإن غلبك فيه الهوى اقترفت به غضب الله. وأوصيك ألّا ترخّص لنفسك ولا لغيرها في ظلم أهل الذّمة.
وقد أوصيتك، وخصصتك ونصحتك، فابتغ بذلك وجه الله والدار الآخرة، واخترت من دلالتك ما كنت دالّا عليه نفسي وولدي فإن عملت بالذي وعظتك، وانتهيت إلى الذي أمرتك أخذت منه نصيبا وافرا وحظّا وافيا وإن لم تقبل ذلك، ولم يهمك، ولم تترك معاظم الأمور عند الذي يرضى به الله عنك يكن ذلك بك انتقاصا، ورأيك فيه مدخولا لأن الأهواء مشتركة، ورأس الخطيئة إبليس داع إلى كل مهلكة، وقد أضلّ القرون السالفة قبلك، فأوردهم النّار وبئس الورد المورود، ولبئس الثمن أن يكون حظّ امرىء موالاة لعدوّ الله، الداعي إلى معاصيه.
ثم اركب الحقّ، وخض إليه الغمرات (1)، وكن واعظا لنفسك، وأناشدك الله إلا ترحّمت على جماعة المسلمين، وأجللت كبيرهم، ورحمت صغيرهم، ووقّرت عالمهم، ولا تضربهم فيذلّوا، ولا تستأثر عليهم بالفيء فتغضبهم، ولا تحرمهم عطاياهم عند محلّها فتفقرهم، ولا تجمّرهم (2) في البعوث فينقطع نسلهم، ولا تجعل المال دولة بين الأغنياء منهم، ولا تغلق بابك دونهم، فيأكل قويّهم ضعيفهم.
هذه وصيّتي إليك، وأشهد الله عليك، واقرأ عليك السلام.
وروي عن ابن عباس: دخلت على عمر رضي الله عنه حين طعن.
قال: فتنفّس تنفّسا عاليا، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أخرج هذا منك إلا همّ.
قال: همّ شديد لهذا الأمر الذي لا أدري لمن يكون بعدي. قال: ثم قال:
لعلّك ترى صاحبك لها. يعني عليّا. قلت: وما يمنعه في قرابته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسوابقه في الخير، ومناقبه في الإسلام؟ قال: ولكن فيه فكاهة. قلت
__________
(1) الغمرات: الشدائد.
(2) جمّر الجيش: حبسهم في أرض العدو، ولم يقفلهم، وقد تجمّروا، واستجمروا.(2/39)
له: فأين أنت وطلحة؟ قال: الأكنع (1)؟ ما زلت أعرف فيه بأوا منذ أصيبت يده مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت: فأين أنت من الزبير؟ قال: فوعقة لقس. قلت:
فأين أنت من سعد؟ قال: صاحب قوس وفرس. قلت: فأين أنت من عبد الرحمن؟ قال: نعم المرء ذكرت، ولكنه ضعيف ولا يقوم بهذا الأمر إلّا القويّ في غير عنف، والليّن في غير ضعف، والجواد في غير سرف، والممسك في غير بخل. قلت: فأين أنت من عثمان؟ قال: أوه ووضع يده اليمنى على مقدّم رأسه إذا والله ليحملنّ بني معيط على رقاب الناس، فكأني قد نظرت إلى العرب حتى تأتيه فتقتله، والله لئن فعل ليفعلنّ، والله لئن فعل ليفعلن، ثم قال: أما إنّ أحراهم إن وليهم أن يحملهم على كتاب الله وسنّة نبيهم صاحبك يعني عليّا عليه السلام.
وقال رضي الله عنه: اعتبروا عزمه بحميّته وحزمه بمتاع بيته. وسمع رجلا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفتن. فقال: لقد استعذت مما تسأله، المال والولد فتنة، ولكن قل يا لكع: اللهم إني أعوذ بك من مضلّات الفتن.
وكان عيينة بن حصن كثيرا ما ينظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إزار ورداء، فيقول: يا أمير المؤمنين إني أراك تلبس إزارا ورداء، كأنّي أنظر إلى سبنتى (2) من العجم قد وجأك في خاصرتك، ففجع بك المسلمين، فيا لها ثلمة لا تسدّ، ووهيا لا يرقع!! فأخرجهم من عيرك إلى عيرهم. فما مكث إلّا أياما، حتى وجأه أبو لؤلؤة أخزاه الله. فقال عمر رضي الله عنه: لله درّ رأي بين الرقم والحاجر لو أخذنا به! أما إنّه قد خبّرني بهذا.
وكان يقول: اللهم أصلح بين نسائنا، وعاد بين إمائنا.
وقال: الطمع فقر، واليأس غنى، وفي العزلة راحة من خليط السوء.
وكتب إلى أبي موسى وهو على البصرة إنك ببلد جلّ أهله تميم وهم بخل، وربيعة وهم كدر، وفي الأزد موق (3). فتأدّب بأدبك.
__________
(1) الأكنع: الأشلّ، والأكنع من الأمور: الناقص.
(2) السبنتى: الجريء المقدام.
(3) الموق: الحماقة والغباوة.(2/40)
افتقد من بيت المال أيام عمر أربعة آلاف درهم، وكان بيت المال في يد وهب بن منبّه (1). فكتب إليه عمر: أما بعد فإنا لا نتّهم دينك وأمانتك، ولكن نخاف تفريطك وتضييعك، وهذا المال للمسلمين، وليس لأشحّهم عليك إلا يمينك، فإذا صلّيت العصر من يوم الجمعة، فاستقبل القبلة واحلف بالله أنك ما أخذتها، ولا علمت لها آخذا، والسلام.
وقيل له: جزاك الله عن الإسلام خيرا. فقال: بل جزى الله الإسلام عني خيرا.
وقال: لا يطبق أمر الله في عباده إلا رجل لا يصانع، ولا يضارع، ولا يتّبع المطامع، ولا يطبق أمر الله إلا رجل يتكلم بلسانه كلّه، ولا يحنق في الحقّ على جرّته.
وقال رضي الله عنه: أكره لبستين: لبسة مشهورة، ولبسة محقورة. وقال رضي الله عنه: ثلاث خصال من لم تكن فيه لم ينفعه الإيمان: حلم يرد به جهل الجاهل، وورع يحجزه عن المحارم، وخلق يدارى به الناس.
وقال: من ملأ عينه من قاعة بيت قبل أن يؤذن له فقد فسق، ومن اطلع على قوم في منازلهم بغير إذنهم فليفقؤوا عينه.
وقال: لأن أموت بين شعبتي رحلي أبتغي فضل الله، أحب إليّ من أن أموت على فراشي.
وقال لبعضهم: احذر النعمة كحذرك المعصية، وهي أخوفهما عليك عندي.
وقال رضي الله عنه: أحذّركم عاقبة الفراغ، فإنه أجمع لأبواب المكروه من السّكر.
__________
(1) هو الحافظ أبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل الأنباري الصنعاني الأخباري، عالم اليمن، توفي سنة 114هـ، له من المصنفات: «أخبار الملوك المتوجة من حمير»، «الإسرائيليات»، «تفسير القرآن»، «فتوح البلاد»، «قصص الأخبار». (انظر ترجمته في: كشف الظنون 6/ 501، كتاب الوفيات ص 111، الكواكب الدرية 1/ 317).(2/41)
وقال: أفلح من حفظ من الطمع والغضب والهوى نفسه، ولا خير فيما دون الصدق من الحديث، ومن كذب فجر، ومن فجر هلك.
وقال رضي الله عنه: قلت: بأبي وأمّي يا رسول الله، ما بالنا نرقّ على أولادنا ولا يرقّون علينا؟ قال: لأنّا ولدناهم، ولم يلدونا.
وقال لرجل أراد طلاق امرأته: لم تطلقها؟ قال: لأني لا أحبّها. فقال له:
أكلّ البيوت بنيت على الحب؟ فأين الرعاية والتّذمّم والوفاء؟.
وقال: تضيق أنصارنا، وتقسو ثقيفنا، ومن ولي من العرب قرأ في حوضه، وملأ وعاءه، ولم أر لهذا الأمر مثل رجل من قريش أكل على ناجذه.
وقال رضي الله عنه في خطبة له حين بويع: إني قد علمت أن قد كرهتم قيامي عليكم، ومن كرهه منكم ممّن ساءه أخذ بحقّ، ودفع عن باطل، وضرب عنق من خالف الحقّ، وتمنّى الباطل، ودعا إليه، فليس لأولئك عندي هوادة، ولا مناظرة، ولا مصانعة. فليمت أولئك بغيظهم، ولا يلومنّ إلا أنفسهم ولا يبقين إلا عليها. والله ما لمن خالف إلى الباطل من عقوبة دون ضرب عنقه، فإنّ السيف نعم الوزير هو للحقّ وأهله، وقد أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقتال على الحقّ، وقاتل عليه، فخذوا منّي ما أعطيكم وأعطوني ما أسألكم، إني آخذكم بالحق غير معتد به، وأعطيكم الحقّ غير قاصر عنه، كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلّم بيني وبينكم، لا يسألنّ أحد غير ذلك، ولا يطمعنّ فيه عندي.
وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب.
وخطب فقال: يا أيها الناس، لا تأكلوا البيض فإنّ أحدكم يأكل البيضة أكلة واحدة، فإن حضنها خرجت منها دجاجة فباعها بدرهم.(2/42)
وخطب فقال: يا أيها الناس، لا تأكلوا البيض فإنّ أحدكم يأكل البيضة أكلة واحدة، فإن حضنها خرجت منها دجاجة فباعها بدرهم.
الباب الثالث من كلام عثمان بن عفّان رضي الله عنه
لمّا نقم الناس عليه قام رضي الله عنه يتوكأ على مروان، وهو يقول: لكل أمة آفة، ولكل نعمة عاهة، وإن آفة هذه الأمة، وعاهة هذه النعمة عيّابون طعّانون، يظهرون لكم مّا تحبون، ويسرّون ما تكرهون، طغام (1) مثل النعام، يتبعون أول ناعق. لقد نقموا عليّ ما نقموه على عمر، ولكنه قمعهم ووقمهم (2)، والله إني لأقرب ناصرا، وأعزّ نفرا، فما لي لا أفعل في الفضل ما أشاء؟.
وروي أنه رضي الله عنه قال يوما على المنبر: والله ما تغنّيت ولا تمنّيت ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام، وما تركت ذلك تأثّما، ولكن تركته تكرما.
اشتكي عليّ عليه السلام، فعاده عثمان رضي الله عنه فقال: أراك أصبحت ثقيلا. قال: أجل. قال: والله ما أدري أموتك أحبّ إليّ أم حياتك؟
إني لأحبّ حياتك، وأكره أن أعيش بعد موتك، فلو شئت جعلت لنا من نفسك مخرجا، إما صديقا مسالما، أو عدوا معالنا، فإنك كما قال أخو زياد (3):
[البسيط]
لقد جررت لنا حبل الشّموس فلا ... يأسا مبينا أرى منكم ولا طمعا
فقال له عليّ عليه السلام: ما لك عندي ما تخاف، وما جوابك إلّا ما تكره.
__________
(1) الطغام: السفلة من الناس.
(2) وقمة: ردّه وقهره.
(3) يروى البيت بلفظ:
جرّت لما بيننا حبل الشموس فلا ... يأسا مبينا نرى منها ولا طمعا
والبيت للقيط بن يعمر الإيادي في ديوانه ص 37، ومقاييس اللغة 1/ 410.(2/43)
قدم إلى عثمان رضي الله عنه غلام في جنابة، فقال: انظروا هل اخضرّ إزاره.
قال سعيد بن المسيب (1): بلغ عثمان رضي الله عنه أن قوما على فاحشة، فأتاهم وقد تفرّقوا، فحمد الله وأعتق رقبة.
روى الزّهريّ قال: اشتكى عثمان رضي الله عنه فدخل عليه عليّ عائدا فقال عثمان لمّا رآه: [الوافر]
وعائدة تعود بغير نصح ... تودّ لو أنّ ذا دنف يموت
قيل: لما صعد عثمان المنبر أرتج عليه (2) فقال: إنّ أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالا وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب.
وكتب إلى عليّ رضي الله عنهما حين أحيط به: أمّا بعد فإنّه قد بلغ السيل الزّبى، وجاوز الحزام الطبيين، وتجاوز الأمر قدره، وطمع فيّ من لا يدفع عن نفسه: [الطويل]
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ... وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق (3)
وقال عثمان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
وكان عثمان إذا نظر إلى قبر بكى، فقيل له في ذلك. فقال: هو أول منازل الآخرة، وآخر منازل الدّنيا، فمن شدّد عليه فما بعده أشدّ، ومن هوّن عليه فما بعده أهون.
وكان يقول: ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه.
__________
(1) هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ، أبو محمد، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، جمع بين الحديث والفقه، لم يبايع عبد الملك بن مروان، توفي سنة نيف وستين هجرية. (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 4/ 273، الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 89، وفيات الأعيان 6/ 136).
(2) أرتج عليه: لم يستطع الكلام.
(3) البيت للمزّق العبدي (شأس بن نهار) في الاشتقاق ص 330، والأصمعيات ص 166، ولسان العرب (مزق)، (أكل)، وتاج العروس (مزق) (أكل).(2/44)
وقال رضي الله عنه: بلغني أن ناسا منكم يخرجون إلى سوادهم، إمّا في تجارة، وإمّا في جباية، وإمّا في حشر، فيقصرون الصّلاة، فلا يفعلوا، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا، أو بحضرة عدوّ.
وعرّض به إنسان فقال: إنّي لم أفرّ يوم عينين فقال عثمان: فلم تعيّرني بذنب قد عفا الله عنه؟.
وقال: قد اختبأت عند الله خصالا، إنّي لرابع الإسلام، وزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ابنته ثم ابنته، وبايعته بيدي هذه اليمنى فما مسست بها ذكري، وما تغنّيت، ولا تمنّيت، ولا شربت خمرا في الجاهلية والإسلام.
وقال: كلّ شيء يحبّ ولده حتى الحبارى. خصّ الحبارى لأنه يضرب بها المثل في الموق.
وروي أن أم سلمة أرسلت إليه: يا بنيّ، ما لي أرى رعيّتك عنك مزورّين، وعن جنابك نافرين؟ لا تعفّ سبيلا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحبها (1) ولا تقدح بزند كان أكباها (2). توخّ حيث توخّى صاحباك، فإنّهما ثكما الأمر ثكما (3)
ولم يظلماه.
فقال عثمان رضي الله عنه: إن هؤلاء النّفر رعاع غثرة (4) تطأطأت لهم تطأطأ الدّلاة، وتلدّدت تلدّد المضطرّ. أرانيهم الحقّ إخوانا، وأراهموني الباطل شيطانا، أجررت المرسون رسنه، وأبلغت الرّاتع مسقاته فتفرّقوا عليّ فرقا ثلاثا، فصامت صمته أنفذ من صول غيره، وساع أعطاني شاهده، ومنعني غائبه: ومرخص له في مدّة زيّنت في قلبه. فأنا منهم بين ألسن لداد، وقلوب شداد، وسيوف حداد، عذيري الله منهم، لا ينهى عالم جاهلا، ولا يردع أو ينذر حليم سفيها، والله حسبي وحسبهم يوم لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
__________
(1) اللّحب: الطريق الواضح، ولحب، كمنع: سلك الطريق الواضح.
(2) أكباها: أطفأها.
(3) ثكم آثارهم: اقتصّها، وثكم الأمر: لزمه، وثكم بالمكان: أقام.
(4) الغثرة: الجهّال.(2/45)
وقال عثمان رضي الله عنه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا حرّمه الله على النار». قال عثمان: هي الكلمة التي ألاص (1) عليها عمّه.
وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب العالم فلن أكون إياه.
وتكلم يوم الشّورى فقال: الحمد لله الذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم نبيّا واتخذه رسولا، صدقه وعده، ووهب له نصره على كلّ من بعد نسبا، أو قرب رحما صلّى الله عليه وسلّم. جعلنا الله وإيّاكم له تابعين، ولأمره مهتدين. فهو لنا نور، ونحن بأمره نقول عند تفرّق الأهواء ومجازاة الأعداء، جعلنا الله بفضله أئمة، وبطاعته أمراء، لا يخرج أمرنا منّا، ولا يدخل علينا غيرنا إلا من سفه عن القصد، وأحر بها يا ابن عوف أن تكون إن خولف أمرك وترك دعاؤك فأنا أول مجيب لك وداع إليك، كفيل بما أقول زعيم، وأستغفر الله لي ولكم، وأعوذ بالله من مخالفتكم.
وخطب حين بويع، فقال بعد حمد الله: أيها الناس. اتّقوا الله، فإن الدّنيا كما أخبر الله عنها: {لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفََاخُرٌ} [الحديد: الآية 20] الآية.
فخير العباد فيها من عصم واعتصم بكتاب الله، وقد وكّلت من أمركم بعظيم، لا أرجو العون عليه إلّا من الله، ولا يوفّق للخير إلّا هو. {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: الآية 88].
وخطب رضي الله عنه، وهو محصور فقال: أيها الناس، إنّ عمر بن الخطاب صيّر هذا الأمر شورى في ستة، توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عنهم راض، فاختاروني، وأجمعوا عليّ فأجبتهم ولم آل عن العمل بالحقّ، وما توفيقي إلّا بالله، وما أعلم أنّ لي ذنبا أكثر من طول ولايتي عليكم، ولعلّ
__________
(1) لاص: حاد. وألاصه على الشيء: أداره عليه، وأراده منه. والكلمة: هي الشهادتان: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.(2/46)
بعضكم أن يقول: ليس كأبي بكر وعمر. أجل أجل. لست كهما، والأشياء أشباه قريبة بعضها من بعض، وقد زعمتم أنكم تخلعوني، فأما الخلع فلا، دون أن تعذروني بأمر لا يحلّ لي إلا خلعها من عنقي. وأما العتبى فلكم ونعمة العين.
وخطب لما كثر الطّعن عليه، فقال: إني والله ما أتيت ما أتيت وأنا أجهله، ولكن منّتني نفسي، وأضلّتني رشدي، وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تمادوا في الباطل». وأنا أول من اتّعظ. فاستغفر الله، فأشيروا عليّ فإنه لا يردّني الحقّ إلى شيء إلا صرت إليه.
وكان يقول: إني لأكره أن يأتي عليّ يوم لا أنظر فيه في عهد الله يعني المصحف.
وكان حافظا، ولا يكاد المصحف يفارق حجره. فقيل له في ذلك فقال:
إنه مبارك جاء به مبارك.
قال بعضهم: شهدت عثمان رضي الله عنه وهو محصور في القصر فأشرف على الناس، فسمعته يقول: يا أيها الناس إن أعظمكم عنا غناء من كفّ يده وسلاحه، ولأن أقتل قبل الدّماء أحبّ إليّ من أن أقتل بعد الدماء.
وإنه والله ما حلّ دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال، والله ما فعلت منهنّ شيئا منذ أسلمت: ثيّب زان، أو مرتدّ عن الإسلام، أو نفس بنفس فيقتص منه.
قال صعصعة بن صوحان: ما أعياني جواب أحد ما أعياني جواب عثمان رضي الله عنه، دخلت عليه فقلت: أخرجنا من ديارنا وأبنائنا أن قلنا: ربّنا الله.
قال: نحن الذين أخرجنا من ديارنا وأبنائنا أن قلنا: ربنا الله. ومنّا من مات بالحبشة، ومنّا من مات بأرض المدينة.
ولما ورد ابن الزّبير على عثمان رضي الله عنه بفتح إفريقية، وأقامه للناس، فتكلم فأحسن. قال عثمان: أيها الناس، انكحوا النساء على آبائهنّ وإخوتهنّ، فإني لم أر كأبي بكر الصديق ولدا أشبه به من هذا.
وروي عن ابن عباس أنه قال: وقع بين عليّ وعثمان كلام. فقال عثمان:(2/47)
ولما ورد ابن الزّبير على عثمان رضي الله عنه بفتح إفريقية، وأقامه للناس، فتكلم فأحسن. قال عثمان: أيها الناس، انكحوا النساء على آبائهنّ وإخوتهنّ، فإني لم أر كأبي بكر الصديق ولدا أشبه به من هذا.
وروي عن ابن عباس أنه قال: وقع بين عليّ وعثمان كلام. فقال عثمان:
ما أصنع بكم إن كانت قريش لا تحبكم وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأنّ وجوههم شنوف الذهب (1)، تشرب آنفهم قبل شفاههم.
ونظر إليه معبد بن سنان وهو يغرس فسيلة، فقال: أتغرس فسيلة، وهذه الساعة قد أظلّتك؟ فقال عثمان: لأن يراني الله مصلحا أحبّ إليّ من أن يراني مفسدا.
وكان يكثر النظر في المصحف، فقيل له: أنت أحفظ أصحابك للقرآن وتكثر النّظر، فقال: إنّي أحتسب بنظري كما أحتسب بحفظي.
__________
(1) الشّنف: القرط الأعلى، أو معلاق في قوف الأذن، أو ما علّق في أعلاها، أما ما علّق في أسفلها فقرط. جمعه: شنوف.(2/48)
الباب الرابع كلام الصحابة
عبد الله بن مسعود (1)
خطبة له: أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التّقوى، خير الملل ملّة إبراهيم، وأحسن السنن سنة محمد صلّى الله عليه وسلّم، شرّ الأمور محدثاتها، ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، خير الغنى غنى النّفس، خير ما ألقي في القلب اليقين، الخمر جماع الآثام، النساء حبالة الشيطان، الشباب شعبة من الجنون، حبّ الكفاية مفتاح المعجزة، من الناس من لا يأتي الجماعة إلّا دبرا، ولا يذكر الله إلا هجرا، أعظم الخطايا اللسان الكذوب. سباب المؤمن فسق، قتاله كفر، أكل لحمه معصية، من يتألّ على الله يكذّبه، ومن يغفر يغفر له. مكتوب في ديوان المحسنين: من عفا عفي عنه.
__________
(1) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، حليف بني زهرة، أسلم قديما قبل عمر بن الخطاب، وكان ابن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة، بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند البيت، وقريش في أنديتها قرأ سورة {الرَّحْمََنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} (2) [الرحمن: الآيتان 1، 2] فقاموا إليه فضربوه، ولزم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان يحمل نعليه وسواكه، وقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
إذنك على أن ترفع الحجاب وتستمع سوادي حتى أنهاك، ولهذا كان يقال له: صابح السواك والسواد. وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وهو الذي قتل أبا جهل بعدما أثبته ابنا عفراء، وشهد بقية المشاهد، وهو من أصحاب المصاحف الذين كان يحتفظون بنسخة خاصة بهم فيها بعض الاختلاف عن النسخة التي أقرها موحّدة الخليفة الثالث عثمان بن عفان وأمر بتعميمها وتوزيعها على الأمصار بعد إتلاف ما سواها، وأشهر أصحاب المصاحف: أبيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري والمقداد بن عمرو وعلي بن أبي طالب. توفي ابن مسعود بالمدينة سنة 32هـ (البداية والنهاية 7/ 158157، الأعلام 4/ 137، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 208، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 111، 6/ 93، الفهرست 39، 40، 41).(2/49)
ومن كلامه رضي الله عنه: حدّث الناس ما حدجوك بأسماعهم، ورموك بأبصارهم، فإذا رأيت منهم فترة فأمسك.
وكانت له ثلاث خصال: أولها السّرار، وهو سرار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له:
إذنك عليّ أن تسمع سوادي. وكان معه سواك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو عصاه.
وقيل له في مرضه: لو نظر إليك الطبيب. فقال: الطبيب أمرضني.
وقال: ما الدخان على النار بأدلّ من الصاحب على الصاحب.
قال بعضهم: أسكتتني كلمة عبد الله بن مسعود عشرين سنة حيث يقول:
من كان كلامه لا يوافق فعله، فإنما يوبّخ نفسه.
وقال: الدنيا كلّها غموم، فما كان منها من سرور فهو ربح.
ودخل عليه عثمان رضي الله عنهما في مرضه، فقال: ما تشتكي؟
قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربّي.
وقال: القلوب تملّ كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طوائف الحكمة.
وقال: كفى بالرجل دليلا على سخافة دينه كثرة صديقه.
وقال: كونوا ينابيع العلم مصابيح الليل، جدد القلوب، خلقان الثّياب، أحلاس البيوت، تخفون في الأرض، وتعرفون في السماء.
وقال: جرّدوا القرآن ليربو فيه صغيركم، ولا ينأى عنه كبيركم فإن الشيطان يخرج من البيت تقرأ فيه سورة البقرة.
وقال: إن التمائم والرّقي والتّولة (1) من الشّرك.
وقال: إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر. وقال: انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر وهو صريع، فقلت: قد أخزاك الله يا عدوّ الله، ووضعت رجلي على مذمّره (2). فقال: يا رويعي الغنم. لقد
__________
(1) التولة، كهمزة: السحر أو شبهه، وخرزة تحبّب معها المرأة إلى زوجها.
(2) المذمّر: الكاهل.(2/50)
ارتقيت مرتقى صعبا، لمن الدّبرة؟ فقلت: لله ولرسوله. فقال: أعمد من سيد قتله قومه. قال: ثم اجتززت رأسه فجئت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال: إن طول الصلاة وقصر الخطبة مئنة (1) من فقه الرجل.
وقال: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، من لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، يتهارجون كما تهارج البهائم، كرجراجة الماء الخبيث التي لا تطّعم.
قال: لأن أزاحم جملا قد هنىء بالقطران (2) أحبّ إليّ من أن أزاحم امرأة عطرة.
وقال: ما شبّهت ما غبر من الدّنيا إلا بثغب (3) ذهب صفوه، وبقي كدره.
وذكر الفتنة فقال: الزم بيتك. فقيل: فإن دخل عليّ بيتي؟ قال: كن مثل الجمل الأورق الثّفال (4) الذي لا ينبعث إلا كرها، ولا يمشي إلا كرها.
وسار سبعا من المدينة إلى الكوفة في مقتل عمر رضي الله عنه فصعد المنبر وقال: إن أبا لؤلؤة قتل أمير المؤمنين عمر. قال: فبكى الناس. قال: ثم إنا أصحاب محمد اجتمعنا فأمّرنا عثمان ولم نأل عن خيرنا ذا فوق (5).
وقال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر.
وقال: إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات دمثات أتأنّق فيهنّ.
وقال: إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلّموا من مأدبته.
وقال: لأن أعضّ على جمرة حتى تبرد، أحبّ إليّ من أن أقول لأمر قضاه الله عزّ وجلّ: ليته لم يكن.
__________
(1) المئنة: العلامة.
(2) هنىء بالقطران: أي طلي به.
(3) الثغب: موضع في أعلى الجبل يستنقع به ماء المطر.
(4) الثفال: البطيء الثقيل.
(5) لم نأل عن خيرنا ذا فوق: أي خيرنا وأكملنا، تاما في الإسلام والسابقة والفضل. والفوق: هو موضع السهم من الوتر، وفي الكلام استعارة.(2/51)
وقال: لا أعرفنّ أحدكم جيفة ليل، قطرب نهار (1).
وقال له رجل: إني أردت السفر فأوصني. فقال له: إذا كنت في الوصيلة فأعط راحلتك حظّها، فإذا كنت في الجدب فأسرع السير ولا تهود وإياك والمناخ على ظهر الطريق فإنه منزل للوالجة (2).
وقال: لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدّقل (3) يقول: لا تعجلوا في تلاوته.
وقال لرجل: إنّك إن أخّرت إلى قريب بقيت في قوم كثير خطباؤهم، قليل علماؤهم، كثير سائلوهم، قليل معطوهم، يحافظون على الحروف ويضيّعون الحدود، أعمالهم تبع لأهوائهم.
وقال: لا تعجلوا بحمد الناس ولا بذمّهم، إلّا عند مضاجعهم، فإنّ الرّجل يعجبك اليوم، ويسوءك غدا، ويسوءك اليوم ويسرّك غدا.
وقال: تجوزون الصراط بعفو الله، وتدخلون الجنة برحمة الله، وتقتسمونها بأعمالكم.
وقال: أدّ ما افترض الله تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أزهد الناس، واجتنب ما حرّم الله عليك تكن أورع الناس.
وقال: من اليقين ألّا تطلب رضا أحد من الناس بسخط الله، ولا تحمد أحدا من الناس في رزق آتاك الله، ولا تلوم أحدا من الناس فيما لم يؤتك الله فإنّ الله جعل الرّوح والراحة في اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط.
وقال: عليكم بالعلم فإنّ أحدكم لا يدري متى يفتقر إلى ما عنده، عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله.
__________
(1) القطرب: دابة لا تستريح نهارا من السعي.
(2) الوالجة: هي الحيات والسباع لاستتارها بالأولاج وهي المغارات.
(3) الدّقل: رديء التمر ويابسه.(2/52)
واتّبعه قوم، فقال: لو علموا ما أغلق عليه بابي ما اتّبعني رجلان.
وقال: ما أبالي أبالفقر بليت أم بالغنى، إن حقّ الله فيهما لواجب في الغني البرّ والعطف، وفي الفقر الصبر والرضا.
وقالوا: لا تعادوا نعم الله فإنّ الحسود عدوّ النّعم.
سلمان الفارسي
قال له عمر رضي الله عنه لما دوّن الدّواوين: مع من نكتبك؟ قال: مع الذين لا يريدون علوّا في الأرض.
قالوا: أضاف سلمان الفارسي رجلا فقدّم إليه كسرا وملحا، فقال: أما من جبن! فرهن سلمان ركوته واشترى له خبزا وجبنا، فلما أكل وشبع قال: رضيت بما قسم الله لي. فقال سلمان: لو رضيت بما قسم الله لم ترهن الرّكوة.
وكان سلمان يتعوّذ بالله من الشيطان والسلطان والعلج (1) إذا استعرب.
وقال: القصد والدوام وأنت السابق الجواد.
اشترى رجل بالمدائن شيئا، فمرّ سلمان وهو أمير بها فلم يعرفه، فقال:
احمل هذا معي يا علج. فحمله، فكان من يتلقّاه يقول: ادفعه إليّ أيّها الأمير، والرجل يعتذر، وهو يقول: لا والله ما يحمله إلا العلج، حتى بلغ منزله.
وروي أنّه أخذ من بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تمرة من تمر الصدقة فوضعها في فيه فانتزعها عليه السلام من فمه. وقال: إنّما يحلّ لك من هذا ما يحلّ لنا.
وقال: الناس أربعة: أسد، وذئب، وثعلب، وضأن، فأما الأسد فالملوك يفرسون ويأكلون، وأما الذئب فالتجار، وأما الثعلب فالقراء المخادعون وأما الضأن فالمؤمن ينهشه من رآه.
__________
(1) العلج، بالكسر: العير، والحمار، وحمار الوحش السمين القوي، والرغيف الغليظ الحرف، والرجل من كفّار العجم، جمعه: علوج، وأعلاج.(2/53)
ودخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي. فقال سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟
قال: والله ما أبكي جزعا من الموت، ولا حزنا على الدنيا. ولكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد إلينا: «ليكف أحدكم مثل زاد الراكب» وهذه الأساود حولي، وما حوله إلا مطهرة وإجّانة وجفنة.
وقال: أحيوا ما بين العشاءين فإنه يحطّ عن أحدكم من جزئه، وإياكم وملغاة أول الليل، فإن ملغاة أول الليل مهدنة لآخره.
وقال: إنّ صاحب عمّورية قال لي: قد أظلّك زمان نبيّ يبعث بدين إبراهيم عليه السلام مهاجره أرض ذات نخل، فقدمت وادي القرى فرأيت بها النخل فطمعت أن تكون، وما حقّت لي أن تكون.
وقال سلمان: البرّ لا يبلى والإثم لا ينسى.
وكتب إلى أبي هريرة: إن نافرت الناس نافروك، وإن تركتهم لم يتركوك، فأقرضهم من عرضك ليوم فقرك، وكفى بك ظالما ألّا تزال مخاصما.
وكتب سلمان أيضا إلى أبي هريرة: إنك لن تكون عالما حتى تكون متعلما، ولن تكون بالعلم عالما حتى تكون به عاملا.
أبو ذر الغفاري (1)
لما بنى معاوية خضراء دمشق أدخلها أبا ذر رحمه الله، فقال له: كيف ترى ما ههنا؟ قال: إن كنت بنيتها من مال الله فأنت من الخائنين، وإن كنت بنيتها من مالك فأنت من المسرفين.
وقال: كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا شوكا لا ورق فيه.
وقال: يخضمون ونقضم، والموعد الله.
__________
(1) أبو ذر الغفاري: هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة الغفاري، هاجر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو أوّل من حيّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتحية الإسلام، وصحبه في غزواته، نفاه عثمان بن عفان إلى الربذة فمات بها سنة 32هـ، ولا عقب له، وقبره بالربذة. (انظر: كتاب الثقات لابن حبان 3/ 5655، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 165، البداية والنهاية 7/ 160، أسد الغابة 6/ 99).(2/54)
وقال: إن لك في مالك شريكين: الحدثان والوارث، فإن قدرت ألّا تكون أخسّ الشركاء حظّا فافعل.
ولما أمر عثمان بتسييره إلى الرّبذة قال له: إني سائر إلى ربذتك، فإن مت بها فأنا طريدك، فإذا بعثني ربّي حكم بيني وبينك. قال: إذا أحجّك، إنّك تبغي عليّ وتسعى. قال أبو ذر: إن كنت أنت الحاكم فاحججني، إن الحكم يومئذ لا يقبل الرشوة، ولا بينه وبين أحد قرابة.
نظر عثمان إلى عير مقبلة، فقال لأبي ذر: ما كنت تحبّ أن تكون هذه العير؟ قال: رجالا مثل عمر.
وكان يقول: إنّما مالك لك، أو للجائحة، أو للوارث، فلا تكن أعجز الثّلاثة.
وقيل له: أتحبّ أن تحشر في مسلاخ أبي بكر؟ قال: لا. قيل: ولم؟
قال: لأنّي على ثقة من نفسي وشكّ من غيري.
وشتمه رجل، فقال له أبو ذر: يا هذا لا تغرق في سبّنا ودع للصّلح موضعا، فإنّا لا نكافىء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
وقال أبو ذرّ: ما تقدر قريش أن تفعل بي؟ والله للذّلّ أحبّ إليّ من العزّ، ولبطن الأرض أحبّ إليّ من ظهرها.
وقال: أيها الناس، إن آل محمد صلى الله عليه وسلّم هم الأسرة من نوح، والآل من إبراهيم، والصفوة والسّلالة من إسماعيل، والعترة الطيبة الهادية من محمد صلى الله عليه وسلّم فأنزلوا آل محمد بمنزلة الرأس من الجسد، بل بمنزلة العينين من الرأس، فإنهم فيكم كالسماء المرفوعة، وكالجبال المنصوبة، وكالشمس الضاحية، وكالشجرة الزيتونة أضاء زيتها وبورك زندها.
وقيل له: ما تقول في النبيذ؟ قال: شربه حلال، وتركه مروءة.
وقال لغلامه: لم أرسلت الشاة على علف الفرس. قال: أردت أن أغيظك. قال: لأجمعنّ مع الغيظ أجرا، أنت حرّ لوجه الله.
وقال: نرعى الخطائط (1) ونرد المطائط (2)، وتأكلون خضما ونأكل قضما والموعد الله.(2/55)
وقال لغلامه: لم أرسلت الشاة على علف الفرس. قال: أردت أن أغيظك. قال: لأجمعنّ مع الغيظ أجرا، أنت حرّ لوجه الله.
وقال: نرعى الخطائط (1) ونرد المطائط (2)، وتأكلون خضما ونأكل قضما والموعد الله.
وقال: إنكم في زمان الناس فيه كالشجرة المخضودة لا شوك لها، إن دنوت منهم لاطفوك، وإن أمرتهم بمعروف أطاعوك، وإن نهيتهم عن منكر لم يعادوك، وسيأتي زمن الناس فيه كالشوك، إن دنوت منهم آذوك، وإن أمرتهم بمعروف عصوك، وإن نهيتهم عن منكر عادوك، فرحم الله رجلا تصدّق من عرضه ليوم فاقته.
وقال للقوم الذين حضروا وفاته: أنشدكم الله والإسلام أن يكفّنني منكم رجل كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا.
وجاءت إليه ابنته عليها محشّ (3) من صوف، فقالت: يا أبه زعم الزاعمون أن أفلسك بهرجة (4). قال: ضعي ثقتك واحمدي الله، إنّ أباك ما أمسى يملك حمراء ولا صفراء إلا أفلسك هذه.
وقال أبو ذرّ: فارقت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقوتي من الجمعة إلى الجمعة مدّ، لا والله لا أزداد عليه حتى ألقاه.
وكان يقول: اللهمّ أمتعنا بخيارنا، وأعنّا على شرارنا.
وقال: الحمد لله الذي جعلنا من أمّة تغفر لهم السيئات، ولا تقبل من غيرهم الحسنات.
وروي في حديث إسلامه قال: قال لي أخي أنيس: إن لي حاجة بمكة.
فانطلق. فراث (5)، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلا على دينك يزعم أنّ الله أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: ساحر شاعر كاهن. قال أبو ذر: وكان أنيس أحد الشّعراء. فقال: والله لقد وضعت قوله على أقراء الشعر (6)، فلا يلتئم على لسان أحد. ولقد سمعت قول الكهنة، فما هو
__________
(1) الخطائط: الأرض التي لم تمطر بين أرضين أمطرتا.
(2) المطائط: الماء المختلط بالطين.
(3) المحشّ: الكساء الخشن البالي.
(4) البهرج: الرديء من كل شيء.
(5) راث: أي أبطأ.
(6) أقراء الشعر: أي أوزانه وقوافيه.(2/56)
بقولهم، والله إنه لصادق وإنّهم لكاذبون. قال أبو ذرّ، فقلت: اكفني حتى أنظر. قال: نعم، وكن من أهل مكة على حذر، فإنّهم قد شنفوا (1) له وتجهّموا.
فانطلقت فتضعّفت رجلا من أهل مكة، فقلت: أين هذا الرجل الذي تدعونه الصّابىء؟ قال: فمال عليّ أهل الوادي بكل مدرة وعظم وحجر، فخررت مغشيّا عليّ، فارتفعت حين ارتفعت كأنّي نصب أحمر. فأتيت زمزم فغسلت عني الدم، وشربت من مائها، ثم دخلت بين الكعبة وأستارها، فلبثت بها ثلاثين من يوم وليلة، ومالي بها طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسّرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع.
قال: فبينما أهل مكّة في ليلة قمراء إضحيان (2)، قد ضرب الله على أصمختهم، فما يطوف بالبيت غير امرأتين، فأتيا عليّ، وهما يدعوان إسافا ونائلة فقلت: أنكحوا أحدهما الأخرى. قال: فما ثناهما ذلك، فقلت: وذكر كلاما فاحشا لم يكن عنه، فانطلقتا وهما تولولان وتقولان: لو كان ههنا أحد من أنفارنا. فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر بالليل وهما هابطان من الجبل. فقال لهما: ما لكما؟ قالتا: الصابىء بين الكعبة وأستارها. قال: فما قال لكما؟ قالتا: كلمة تملأ الفم. ثم ذكر أنّه خرج إليه، وسلّم عليه، وأنّه أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام، قال: وذهبت لأقبّل بين عينيه فقدعني (3) صاحبه.
المغيرة بن شعبة (4)
ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كان أفضل من أن يخدع، وأعقل من أن يخدع، وما رأيت مخاطبا له قط إلا رحمته كائنا من كان.
__________
(1) شنفوا له: أبغضوه وتنكّروه، والشّنف: النظر إلى الشيء كالمعترض عليه، أو كالمتعجب منه، أو كالكاره له.
(2) ليلة إضحيان: أي مضيئة كالقمر.
(3) قدعني: دفعني.
(4) المغيرة بن شعبة يكنى أبا عبد الله، شهد بيعة الرضوان واليمامة وفتوح الشام واليرموك والقادسية، وولاه عمر بن الخطاب البصرة، توفي في الكوفة سنة 50هـ، وعمه هو عروة بن مسعود الثقفي. (انظر البداية والنهاية 5/ 360).(2/57)
وقال: من أخّر حاجة الرجل فقد ضمنها.
وقال له عمر رضي الله عنه: ما أدري كيف أعامل أهل الكوفة؟ إن أرسلت إليهم مؤمنا ضعّفوه، وإن أرسلت إليهم قويّا فجّروه. فقال المغيرة: يا أمير المؤمنين، الضعيف إيمانه له وعليك ضعفه، والفاجر قوته لك وعليه فجوره. فولّاه الكوفة.
وقال: ملكت النساء على ثلاث طبقات: كنت أرضيهنّ في شبيبتي بالباه (1)، فلما شبت أرضيتهنّ بالمداعبة والمفاكهة، فلما كبرت أرضيتهن بالمال.
وقيل له: إن بوّابك يأذن لأصحابه قبل أصحابك. فقال: إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور، والجمل الصؤول، فكيف بالرجل الكريم؟.
ورأى عروة بن مسعود يكلم النبيّ صلى الله عليه وسلّم ويتناول لحيته يمسّها، فقال:
أمسك يدك عن لحية النبيّ صلى الله عليه وسلّم قبل ألّا تصل إليك. فقال عروة: يا غدر، وهل غسلت رأسك من غدرتك إلّا بالأمس؟ وحديث غدرته أنه خرج مع سبعة نفر من بني مالك إلى مضر، فعدا عليهم فقتلهم جميعا وهم نيام، واستاق العير ولحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وكان يقول: لا يزال الناس بخير ما تعجّبوا من العجب.
وقال: السفلة من لا يبالي ما قال وما قيل له، ولا ما فعل ولا ما فعل به.
وقال: ما صنعت لرجل حاجة إلا كنت أضنّ بها منه حتى أربها.
عمرو بن العاص
قال: ثلاث لا أملّهن: جليسي ما فهم عنّي، وثوبي ما سترني، ودابتي ما حملت رحلي.
__________
(1) الباه: النكاح.(2/58)
وقال لعبد الله بن عباس يوم صفّين: إن هذا الأمر الذي نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر قاده البلاء، وقد بلغ الأمر بنا وبكم ما ترى، وما أبقت لنا هذه الحرب حياة ولا صبرا، ولسنا نقول: ليت الحرب عادت، لكنّا نقول: ليتها لم تكن فانظر فيما بقي بعين ما مضى، فإنك رأس هذا الأمر بعد عليّ، وإنما هو أمير مطاع، ومأمور مطيع، ومشاور مأمون، وأنت هو.
نصب معاوية قميص عثمان على المنبر، فبكى أهل الشام. فقال: هممت أن أدعه على المنبر. فقال له عمرو: إنه ليس بقميص يوسف، وإنّه إن طال نظرهم إليه وبحثوا عن السبب وقفوا على ما لا تحبّ، ولكن لذّعهم بالنظر إليه في الأوقات.
وقال لابنه وقد ولي ولاية: انظر حاجبك فإنه لحمك ودمك، فلقد رأينا بصفّين وقد أشرع قوم رماحهم في وجوهنا، ما لنا ذنب إليهم إلا الحجاب.
وقال: ما وضعت سرّي عند أحد قطّ فأفشاه فلمته، لأني أحقّ باللوم أن كنت أضيق صدرا منه.
وكان بين طلحة بن عبيد الله والزّبير مدارأة (1) في واد بالمدينة، فقالا:
نجعل بيننا عمرو بن العاص، فأتياه فقال لهما: أنتما في فضلكما وقديم سوابقكما ونعمة الله عليكما تختلفان، وقد سمعتما من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما سمعت، وحضرتما من قوله مثل الذي حضرت، فيمن اقتطع شبرا من أرض أخيه بغير حقّ أنّه يطوّقه من سبع أرضين. والحكم أحوج إلى العدل من المحكوم عليه، وذلك لأن الحكم إذا جار رزىء في دينه، والمحكوم عليه إذا جير عليه رزيء عرض الدنيا. إن شئتما فأدليا بحجتكما، وإن شئتما فاصطلحا، وأعطى كل واحد منهما صاحبه الرّضا.
وقال: ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكنه الذي يعرف خير الشّرّين.
__________
(1) المدارأة: المنازعة والمخاصمة.(2/59)
قال المدائني: جعل لرجل جعل على أن يسأل عمرو بن العاص وهو على المنبر عن أمه، فلما قام على المنبر، قال له: يا عمرو، من أمّك؟ قال:
سلمى بنت خزيمة، تلقّب بالنابغة، من بني جلان من عنزة، أصابتها رماح العرب فصارت للفاكه بن المغيرة، ثم صارت إلى عبد الله بن جدعان، ثم صارت للعاص بن وائل فولدت فأنجبت اذهب فخذ جعلك الذي جعل لك.
وقال عمر رضي الله عنه يوما لجلسائه وفيهم عمرو بن العاص: ما أحسن كل شيء؟ فقال كل رجل برأيه وعمرو ساكت، فقال عمر: ما تقول؟
قال: الغمرات ثم ينجلين.
وكان يقول: عليكم بكل أمر مزلقة مهلكة. أي عليكم بجسام الأمور.
ونظر إليه على بغلة؟ قد شمط وجهها هرما، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم ناخرة (1) بمصر؟ فقال: لا ملل عندي لدابّتي ما حملت رحلي، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سرّي، إن الملل من كواذب الأخلاق.
وقال لعائشة: لوددت أنك قتلت يوم الجمل. فقالت: ولم؟ لا أبالك! قال: كنت تموتين بأجلك، وتدخلين الجنة، ونجعلك أكبر تشنيع على عليّ.
وروي عن ابن عباس قال: دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر. فقلت: يا أبا عبد الله إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلا يموت حتى أسأله كيف يجد، فكيف تجدك؟ فقال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأني أتنفّس من خرت إبرة. ثم قال:
اللهم خذ مني حتى ترضى، ثم رفع يده فقال: اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا، فلا بريء فأعتذر، ولا قويّ فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله. ثلاثا ثم فاظ (2).
__________
(1) الناخرة: المجوّفة التي فيها ثقبة، وقيل: الخيل لأنه يخرج منها نخير، وقيل: الناخرة: الحمير لكثرة ركوب أهل مصر لها.
(2) فاظ: أي مات.(2/60)
وقال: إذا أنا أفشيت سرّي إلى صديقي فأذاعه فهو في حلّ. فقيل له:
وكيف؟ قال: أنا كنت أحقّ بصيانته.
وقال لبنيه: اطلبوا العلم، فإن استغنيتم كان جمالا، وإن افتقرتم كان مالا.
وقدم على عمر من مصر، وكان واليه عليها، فقال: كم سرت؟. قال:
عشرين. فقال عمر: لقد سرت سير عاشق. فقال عمرو: إنّي والله ما تأبّطتني الإماء ولا حملتني البغايا في غبرّات المآلي. فقال عمر: والله ما هذا بجواب الكلام الذي سألتك عنه، وإن الدجاجة لتفحص في الرماد فتضع لغير الفحل، والبيضة منسوبة إلى طرقها. فقام عمرو متربّد الوجه.
قال عمرو: يا بنيّ، إمام عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم، ولأن تمازح وأنت مجنون خير من أن يمازحك مجنون، وزلّة الرّجل عظم يجبر، وزلة اللسان لا تبقي ولا تذر، واستراح من لا عقل له.
وكتب إلى عمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف، دود على عود، بين غرق وبرق (1). فقال عمر: لا يسألني الله عن أحد حملته فيه.
وقال: إن ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها، وأطعمته شحمتها، وأمطرت له جودا سال منها شعابها، ودفقت في محافلها فمصّ منها مصّا، وقمص منها قمصا، وجانب غمرتها ومشى ضحضاحها وما ابتلّت قدماه، ألا كذاك أيها الناس؟ قالوا: نعم رحمه الله.
وقال لعثمان وهو على المنبر: يا عثمان؟ إنك قد ركبت بهذه الأمّة نهابير (2) من الأمر، وزغت وزاغوا فاعتدل أو اعتزل.
__________
(1) البرق: الخوف والفزع.
(2) النهابير: المهالك، جمع نهبور، وما أشرف من الأرض والرمل، أو الحفر بين الآكام، الواحدة: نهبرة ونهبورة بضمهما.(2/61)
وكان في سفر، ففرفع عقيرته بالغناء، فاجتمع الناس، فقرأ فتفرّقوا. فعل ذلك وفعلوه غير مرة. فقال: يا بني المتكاء (1)، إذا أخذت في مزامير الشيطان اجتمعتم، وإذا أخذت في كتاب الله تفرقتم!.
وقيل له في مرضه: كيف تجدك؟ قال: أجدني أذوب ولا أثوب، وأجدني نجوي أكثر من رزئي (2).
وكتب إلى معاوية: إنّه ليس أخو الحرب من يضع خور الحشايا عن يمينه وشماله، ويعاظم الأكلاء اللّقم ولكنّه من حسر عن ذراعيه، وشمّر عن ساقيه، وأعدّ للأمور آلاتها، وللفرسان أقرانها.
وقال له عثمان رضي الله عنه: ثم فاعذرني عند الناس فقد كثر طعنهم عليّ، فقام فحمد الله وأثنى عليه، وذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وما أكرمه الله به، ثم قال:
إني قد صحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورأيته، وقد سبق منكم من سبق فرأى ما لم أر، فرأيت السّعة تكون فيعمّها الناس دون نفسه، وتكون الخصاصة فيخصّها نفسه وأهل بيته دون الناس.
ثم ولي الناس أبو بكر، فسلك سبيله، حتى خرج من الدنيا في ثوب ليس له رداء.
ثم وليها ابن حنتمة فانبعجت له الدّنيا فقمص منها قمصا، ومصّها مصّا، وجانب غمرتها، ومشى في ضحضاحها حتى خرج مشمّرا. ما ابتلت عقبه.
أكذاك أيّها الناس؟ قالوا: اللهم نعم.
ثم ولي عثمان فقلتم تلومونه، وقال يعذر نفسه، فعلى رسلكم، فربّ أمر تأخيره خير من تعجيله، وإن الحسير يبلغ، والهزيل يبقى ثم جلس، فقال عثمان
__________
(1) المتكاء: البظراء، والمفضاة، والتي لا تمسك البول.
(2) النجو: الحدث والغائط، والرزء: يقال: ما أرزأ من طعام أي آكله. والمقصود: أجد ما يخرج مني من غائط أكثر مما آكل من طعام.(2/62)
رضي الله عنه: ما زلت منذ اليوم فيما لا ينفع أهلك. قال: فإنّي قلت بما أعلم.
وقال يوم صفّين: يا أهل الشام أقيموا صفوفكم مثل قصّ الشارب، وأعيرونا جماجمكم ساعة من نهار، فقد بلغ الحقّ مقطعه، وإنما هو ظالم أو مظلوم.
وقال له سلامة بن روح الجذاميّ: إنه كان بينكم وبين العرب باب فكسرتموه، فما حملكم على ذلك؟ قال: أردنا أن نخرج الحق من حفير الباطل.
ولما أخرج عمر إليه وهو بمصر واليا لها من جهته محمد بن مسلمة الأنصاري، فشاطره ماله. قال عمرو بن العاص: لعن الله زمانا كنت فيه واليا لعمر، والله لقد رأيته في الجاهلية وأباه، وعلى رأس كلّ واحد منهما حزمة من حطب، وعلى كل واحد منهما عباءة قطوانية ما توارى مآبض ركبتيه، وما كان العاص بن وائل يلبس في الجاهلية إلا الديباج مزرّرا بالذهب. فقال محمد بن مسلمة: عمر والله خير منك، فأما أبوك وأبوه ففي النار، وأيم الله لولا الذي سنيت لألفيت معتقلا شاة يسرك غزرها، ويسوؤك جمادها.
قال: صدقت، ولكني غضبت فقلت ما قلت، وهي أمانة عندك لن تذكرها لعمر.
وقال عمرو لمعاوية: لا يكن شيء آثر عندك في أمر رعيّتك، وتكون له أشدّ تفقّدا منك كخصاصة الكريم، أن تعمل في سدّها، وكطغيان اللئيم أن تقمعه، واستوحش من الكريم الجائع، ومن اللئيم الشبعان. فإن الكريم يصول إذا جاع، واللئيم يصول إذا شبع.
وقال: جمع العجز إلى التّواني، فنتج بينهما الندامة، وجمع الحزم إلى الكسل، فخرج بينهما الحرمان.
وقال: من طلب لسرّه موضعا فقد أشاد به.(2/63)
وقال: من طلب لسرّه موضعا فقد أشاد به.
طلحة (1)
قال لعمر رضي الله عنه حين استشارهم في جموع الأعاجم: قد حنّكتك الأمور، وجرّستك الدهور، وعجمتك البلايا، فأنت وليّ ما وليت، لا ينبو في يديك، ولا يحول عليك.
لما حصر عثمان رضي الله عنه جاء علي عليه السلام إلى طلحة، وهو مسند ظهره إلى وسادة في بيته فقال: أنشدك الله لما رددت الناس عن عثمان.
فقال طلحة: لا والله حتّى تعطي بنو أميّة من أنفسها.
قال ابن عباس: بعثني عليّ رضي الله عنه بالبصرة إلى طلحة والزبير فأتيتهما فقلت لهما: أخوكما يقرئكما السلام، ويقول لكما: ما الذي نقمتما عليّ؟ استئثار بفيء أو جور في حكم؟ قال: فأما الزبير فسكت، وأما طلحة فقال: لا واحدة من ثنتين.
أبو موسى الأشعري (2)
قال: من إجلال الله إكرام ذي الشّيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط.
وقيل له زمن علي عليه السلام ومعاوية: أهي؟ فقال: إنما هذه الفتنة، حيصة من حيصات الفتن، وبقيت الرّداح المظلمة، التي من أشرف لها أشرفت له.
__________
(1) هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب، أبو محمد القرشي التيمي، ويعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض لكرمه ولكثرة جوده، أسلم قديما على يدي أبي بكر الصديق، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إلا بدرا، وشلّت يده يوم أحد وقى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستمرت كذلك إلى أن مات، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، حضر يوم الجمل واجتمع به علي فوعظه فتأخر فوقف في بعض الصفوف، فجاءه سهم غرب فوقع في ركبته، وقيل في رقبته، فحمل إلى البصرة فمات فيها، وكان ذلك في جمادى الآخرة سنة 36هـ. (البداية والنهاية 7/ 239238).
(2) أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حرب، أبو موسى، من بني الأشعر من قحطان، صحابي توفي سنة 44هـ، (طبقات ابن سعد 4/ 79، والأعلام 4/ 114).(2/64)
كتب معاوية إلى أبي موسى بعد الحكومة وهو يومئذ بمكة عائذ بها من علي عليه السلام، وإنما أراد بكتابه أن يضمّه إلى الشام: «أما بعد فإنه لو كانت النية تدفع خطأ لنجا المجتهد، وأعذر الطالب، ولكنّ الحقّ لمن قصد له فأصابه، ليس لمن عارضه فأخطأه. وقد كان الحكمان إذا حكما على رجل لم يكن له الخيار عليهما. وقد اختار القوم عليك، فاكره منهم ما كرهوا منك، فأقبل إلى الشام فهي أوسع لك.
فكتب أبو موسى إليه: أما بعد فإني لم أقل في عليّ إلا بما قال صاحبك فيك. إلّا أني أردت ما عند الله، وأراد عمرو ما عندك، وقد كانت بيننا شروط، والشّورى عن تراض، فلما رجع رجعت، فأما الحكمان وأنّه ليس للمحكوم عليه الخيار، فإنما ذلك في الشاة والبعير فأمّا في أمر هذه الأمة فليس أحد آخذا لها بزمام ما كرهوا، وليس يذهب الحقّ لعجز عاجز ولا مكيدة كائد. وأما دعاؤك إياي إلى الشام، فليست بي رغبة عن حرم إبراهيم عليه السلام.
فلما بلغ عليّا عليه السلام قوله رقّ له، وأحبّ أن يضمّه إليه، فكتب إليه:
أما بعد فإنك رجل أمالك الهوى، واستدرجك الغرور.
ولما هجّن أبو موسى فرس حجل بن نضلة قال له حجل: أنت بالبقر أبصر. قال أبو موسى: أما إنّك إذا أصبتها صغيرة الرأس لطيفة الأذن دقيقة القرن، سابغة الغبب (1)، واسعة الجفرة (2)، رقيقة الذنب فإنّها ممّا تكون كريمة.
ابن عمر (3)
كتب إليه رجل يسأله عن العلم فأجابه: إنّك كتبت تسأل عن العلم.
__________
(1) الغبب: اللحم المتدلي تحت الذقن.
(2) الجفرة: مجمع البطن والأمعاء.
(3) ابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن المكي ثم المدني. أسلم قديما مع أبيه ولم يبلغ الحلم، وقد استصغر يوم أحد، فلما كان يوم الخندق(2/65)
والعلم أكثر من أن أكتب به إليك، ولكن إن استطعت أن تلقى الله عزّ وجلّ كافّ اللسان عن أعراض المسلمين، خفيف الظهر من دمائهم، خميص البطن من أموالهم، لازما لجماعتهم فافعل.
وقال ابن عمر: كان الرجل إذا أراد أن يعيب جاره طلب الحاجة إلى غيره.
استأذن على الحجاج ليلا، فقال الحجاج: إحدى حماقات أبي عبد الرحمن. فدخل، فلما وصل قال له الحجاج: ما جاء بك؟ قال: ذكرت قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية» فمدّ إليه رجله، فقال: خذ فبايع. أراد بذلك الغضّ منه.
سئل ابن عمر: هل كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يلتفت في الصلاة؟ فقال: لا، ولا في غير الصلاة.
وكان إذا حدّثه محدث فقال: زعموا. قال له ابن عمر: «زعموا» من زوامل الكذب.
وجاء إليه رجل فقال: الزنى يقدّر؟ قال: نعم. قال: يقدّر عليّ ثم يعذبني! قال: نعم يا ابن اللخناء.
وقيل له: إن المختار (1) يزعم أنه أوحي إليه. قال: صدق، أما سمعت قول الله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيََاطِينَ لَيُوحُونَ إِلى ََ أَوْلِيََائِهِمْ} [الأنعام: الآية 121].
قال بعضهم: أتيته، فقلت: أتجب الجنة لعامل بكلّ الخيرات وهو مشرك؟ فقال: لا. قلت له: أتجب النار لعامل بالشر كله وهو موحّد؟ فقال ابن
__________
أجازه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو ابن خمس عشرة سنة فشهدها وما بعدها، وكان عمره يوم توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 22سنة، وشهد اليرموك والقادسية وجلولاء وما بينهما من وقائع الفرس، وشهد فتح مصر، توفي سنة 73هـ، وقيل: سنة 74هـ (البداية والنهاية 9/ 65).
(1) هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، أبو إسحق، ولد سنة 1هـ، من زعماء الثائرين على بني أمية، تتبع قتلة الحسين بالقتل، حاربه مصعب بن الزبير فهزمه وقتله سنة 67هـ.
(الأعلام 7/ 192).(2/66)
عمر: عشّ ولا تفتر. فأتيت ابن عباس فسألته، فأجابني بمثل جوابه سواء قال:
عش ولا تفترّ.
ورأى رجلا محرما قد استظلّ، فقال: اضح لمن أحرمت له.
وروي أنه شهد فتح مكة وهو ابن عشرين سنة، ومعه فرس حرون، وجعل جرور وبردة فلوت، فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يختلي لفرسه فقال: إنّ عبد الله إنّ عبد الله.
وقال: لو لقيت قاتل أبي في الحرم ما لهدته (1).
وذكرت عنده الفتنة، فقال: لأكوننّ فيها مثل الجمل الرّداح (2)، الذي يحمل عليه الحمل الثقيل، فيهرج فيبرك، ولا ينبعث حتى ينحر.
جاء إليه رجل قد حجّ بأمّه على ظهره. فقال: أتراني قضيتها؟ قال ابن عمر: لا، ولا طلقة واحدة.
وقال: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسود من معاوية. قيل: ولا عمر؟
قال: كان عمر خيرا منه، وكان معاوية أسود من عمر.
وبلغه أنّ معاوية قتل حجرا وأصحابه، فقال: إن معاوية كان جملا طبّا نباطيّا (3)، وإن ابن سمية (4) تركه حمارا مصريا.
وقف عبد الله بن عامر بن كريز بعرفات يوم عرفة، ومعه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيهم عبد الله بن عمر وجماعة من التابعين، فقال:
كيف ترون وقفي هذا؟ يريد: العين والحياض التي وقفها على الحاجّ. فكلّ أثنى وقرّظ، وقال: هذا وقف شريف في يوم عظيم، وابن عمر ساكت لا
__________
(1) ما لهدته: أي ما دفعته بيدي، وذلك تعظيما للحرم.
(2) الجمل الرداح: البطيء، الثقيل.
(3) الجمل الطبّ: الخبير بالضراب، والنباطي: النبطي.
(4) ابن سمية: هو زياد ابن أبيه، أمير من الدهاة، قال الأصمعي: الدهاة أربعة: معاوية للروية، وعمرو بن العاص للبديهة، والمغيرة بن شعبة للمعضلة، وزياد لكل كبيرة وصغيرة، كان واليا لعلي على فارس، ولما توفي علي امتنع زياد على معاوية، وتبين لمعاوية أنه أخوه من أبيه أبي سفيان، فكتب إليه بذلك، وألحقه بنسبه، توفي سنة 53هـ (الأعلام 3/ 53).(2/67)
يتكلم، فقال له: يا أبا عبد الرحمن، ما لك لا تتكلّم؟ فقال: إذا طابت المكسبة زكت النّفقة، وسترد فتعلم.
أتى رجل الحسن بن علي عليهما السلام فسأله، فقال له الحسن:
إن المسألة لا تصلح إلا في غرم فادح، أو فقر مدقع، أو حمالة مفظعة.
فقال الرجل: ما جئت إلا في إحداهنّ، فأمر له بمائة دينار.
ثم أتى الحسين عليه السلام فسأله، فقال له مثل مقالة أخيه، فردّ عليه مثل ما ردّ على أخيه، قال: كم أعطاك؟ فأخبره، فنقصه دينارا عن مائة وأعطاه، وكره أن يساوي أخاه.
ثم أتى الرجل عبد الله بن عمر. فسأله، فأعطاه سبعة دنانير ولم يسأله عن شيء، فقال: إنّي أتيت الحسن والحسين رضي الله عنهما واقتصّ كلامهما وما أعطياه. فقال عبد الله: ويحك. وأين تجعلني منهما؟ إنما غرّا العلم غرّا.
وقال: إنا معشر قريش نعدّ الحلم والجود سؤددا، ونعدّ العفاف والصلاح مروءة.
ورأى جارية صغيرة تغني فقال: لو ترك الشيطان أحدا لترك هذه.
أبو الدرداء (1)
كان يقول: أبغض الناس إليّ أن أظلمه، من لا يستعين عليّ بأحد إلا الله.
وقال: من هوان الدّنيا على الله ألّا يعصى إلّا فيها، ولا ينال ما عنده إلّا بتركها.
وقال: نعم صومعة المرء منزله، يكفّ فيه بصره ونفسه وفرجه، وإياكم والجلوس في الأسواق فإنها تلغي وتلهي.
__________
(1) أبو الدرداء: هو عويمر بن مالك بن قيس بن أمية الأنصاري، صحابي، من الحكماء الفرسان القضاة، وهو أول من تولّى القضاء بدمشق، وأحد الذين جمعوا القرآن حفظا، توفي سنة 32هـ (انظر: الأعلام 5/ 98، كتاب الثقات 3/ 285، الطبقات الكبرى 7/ 274، الإصابة 5/ 147).(2/68)
وقال: لولا ثلاث لصلح الناس: هوى متّبع، وشحّ مطاع، وإعجاب المرء بنفسه.
وقال: بئس العون على الدين قلب نخيب (1)، وبطن رغيب، ونفط (2)
شديد.
وقال: لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا، ولا يستمعون القول إلا هجرا، ولا يعتق محرّرهم.
وقال: خير نسائكم التي تدخل قيسا (3)، وتخرج ميسا (4)، وتملأ بيتها أقطا وحيسا، وشرّ نسائكم السّلفعة البلقعة، التي تسمع لأضراسها قعقعة، ولا تزال جاريتها مفزّعة.
وقال: معروف زماننا منكر رمان قد فات، ومنكره معروف زمان لم يأت.
سئل عن قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: الآية 29]. فقال:
سئل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: من شأنه أن يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع أقواما ويضع آخرين.
وقال أبو الدرداء: إنّي لأستجمّ نفسي بالشيء من الباطل، ليكون أقوى لها على الحقّ.
وأتى باب معاوية فلم يؤذن له، فقال: من يأت سدد السلطان يقم ويقعد، ومن يجد بابا مغلقا يجد إلى جنبه بابا فتحا رحبا، إن دعا أجيب، وإن سأل أعطي.
وقال: من يتفقّد يفقد، ومن لا يعدّ الصبر لفواجع الأمور يعجز.
وقال: إن قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك. قال الرجل:
فكيف أصنع؟ قال: أقرض من عرضك ليوم فقرك.
__________
(1) القلب النخيب: القلب الفاسد.
(2) النفط: شهوة الجماع.
(3) تدخل قيسا: أي تأتي بخطاها مستوية.
(4) تخرج ميسا: أي تخرج متبخترة، والميس: التبختر.(2/69)
وقال: سلوني، فلئن فقدتموني لتفقدنّ زملا عظيما من أمّ محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وقال: أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث، أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أراض عليه ربّه أم غضبان. وأبكاني هول المطّلع، وانقطاع الأمل، وموقفي بين يدي الله عزّ وجلّ، لا أدري أيؤمر بي إلى الجنة أم إلى النار!.
وقال: ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهّالكم لا يتعلّمون!؟
وقيل له: فلان يقرئك السّلام. قال: هدية حسنة ومحمل خفيف.
وأشرف على معاوية وعمرو بن العاص وهما جالسان، فجاء فجلس بينهما، ثم قال: هل تدريان لم قعدت بينكما؟ قالا: لا. قال: إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين فافرقوا بينهما، فإنهما لن يجتمعا على خير.
وقال: مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها.
وقال: أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي: قد علمت، فماذا عملت فيما قد علمت.
عبد الله بن عمرو بن العاص (1)
قال: كنا عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «يطلع من هذا الفجّ رجل من أمّتي ويبعث يوم القيامة على غير ملّتي». قال: وكنت تركت أبي توضأ ودعا بثيابه ليأتي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. قال: فكنت كضابط البول مخافة أن يكون أبي إذ طلع معاوية، فقال عليه السلام: هذا هو.
وسأله أبوه عن السؤدد، فقال: اصطناع العشيرة، واحتمال الجريرة. وعن الشرف، فقال كفّ الأذى، وبذل النّدى. وعن المروءة، فقال: عرفان الحقّ،
__________
(1) هو عبد الله بن عمرو بن العاص، صحابي من النساك، من أهل مكة، كان يكتب في الجاهلية، ويحسن السريانية، كان كثير العبادة حتى قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لجسدك عليك حقّا»، وله 700حديث، توفي سنة 65هـ (انظر: الأعلام 4/ 111، كتاب الثقات 3/ 210، الطبقات الكبرى 4/ 197، 7/ 343).(2/70)
وتعهّد الصنيعة. وعن السناء، فقال: استعمال الأدب، ورعاية الحسب. وعن المجد، فقال: حمل المغارم، وابتناء المكارم. وعن الحلم، قال: كظم الغيظ، وملك الغضب. وعن الحزم، فقال: تنتظر فريستك، ولا تعاجل حتى يمكنك.
وعن الرفق، فقال: أن تكون ذا أناة، دون مخاشنة الولاة. وعن السماحة، قال: حبّ السائل، وبذل النائل. وعن الجود، قال: أن ترى نعماك زائدة، والعطية فائدة. وعن الغنى، قال: قلة تمنّيك، والرضا بما يكفيك. وعن الفقر، قال: شره النفس، وشدة القنوط. وعن الرّقة، قال: اتباع اليسير، ومنع الحقير.
وعن الجبن، قال: طاعة الوهل، وشدة الوجل. وعن الجهل، قال: سرعة الوثاب، والعيّ بالجواب.
حسان (1)
قال لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام وعنده المهاجرون والأنصار: والله يا أمير المؤمنين ما نقول: إنك قتلت عثمان، ولكنك خذلته، وما نقول: إنك أمرت بقتله، ولكنك لم تنه. والخذل أخو القتل، والسكوت أخو الرضا، وإن صاحبه لغيرك.
وكان إذا دعي إلى طعام قال: أفي عرس أو خرس أو إعذار؟ فإن كان في واحد من ذلك أجاب، وإلّا لم يجب.
وروي أنه أخرج لسانه فضرب به روثة أنفه، ثم أدلعه فضرب به نحره.
وقال: يا رسول الله. ادع لي بالنّصر.
واستأذن النبيّ عليه السلام في هجاء المشركين، فقال: كيف بنسبي فيهم؟
قال: لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين.
وقيل له: لم لم ترث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: هو أجلّ من ذلك.
__________
(1) هو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد، شاعر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ناصره بشعره دون سيفه، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام، توفي سنة 54هـ، (انظر: الأعلام 2/ 176175، الأغاني 4/ 134، الشعر والشعراء 1/ 264، كتاب الثقات 3/ 71).(2/71)
وقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما بقي من لسانك؟ فأخرج لسانه حتى قرع بطرفه أرنبته، وقال: إني والله لو وضعته على صخر لفلقه، أو على شعر لحلقه، وما يسرّني به مقول من معدّ.
وروى عبد الرحمن بن حسان عن أبيه قال: بدت لنا معشر الأنصار إلى الوالي حاجة، وكان الذي طلبنا أمرا صعبا، فمشينا إليه برجال من قريش فكلّموه، وذكروا له وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنا، فذكر صعوبة الأمر فعذره القوم وخرجوا، وألحّ عليه ابن عباس فو الله ما وجد بدّا من قضاء حاجتنا.
فخرجنا حتى دخلنا المسجد، فإذا الناس فيه أندية. قال حسان:
فصحت: إنه والله كان أولاكم بها. إنه والله صبابة النبوّة، ووراثة أحمد.
وتهذيب أعراقه، وانتزاع شبه طباعه. فقال القوم: أجمل يا حسان. وقال ابن عباس: صدقوا، فأجمل.
فأنشأ حسان يقول مادحا لابن عباس أبياتا يقول فيها (1): [الطويل]
خلقت حليفا للمروءة والندى ... مليحا، ولم تخلق كهاما ولا جبلا
فقال الوالي: ما أراد بالكهام ولا الجبل غيري، فالله بيني وبينه وكان الوالي عمر أو عثمان رضي الله عنهما.
بلال (2)
سأله رجل، وقد أقبل من الحلبة، فقال له: من سبق؟ قال: المقرّبون.
قال: إنما أسألك عن الخيل. قال: وأنا أجيبك عن الخير.
أبو هريرة (3)
قال: إذا نزلت برجل فلم يقرك فقاتله.
__________
(1) البيت ليس في ديوان حسان بن ثابت، وهو في العقد الفريد 2/ 267.
(2) بلال: هو أبو عبد الله، بلال بن رباح، الصحابي، مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، توفي سنة 20هـ (انظر ترجمته في: البداية والنهاية 7/ 10099، كتاب الوفيات ص 48، تاريخ الخميس 2/ 245، حلية الأولياء 1/ 147).
(3) أبو هريرة: الدوسي، وقد اختلف في اسمه في الجاهلية والإسلام، واسم أبيه على أقوال(2/72)
ونظر إلى عائشة بنت طلحة فقال: سبحان الله، ما أحسن ما غذّاها أهلها! ما رأيت أحسن منها إلّا معاوية.
وكان يحمل حزمة حطب وهو أمير، ويقول: وسّعوا للأمير. وكان يجيء على حماره ويقول: الطريق الطريق قد جاء الأمير.
أتاه رجل فقال: كنت صائما فدخلت دارا فأطعموني، ولم أدر. قال: الله أطعمك. فقال: ثم دخلت دارا أخرى، فسقوني ولم أدر. قال: أطعمك الله وسقاك. فقال: ثم دخلت داري فجامعت ولم أدر. فقال أبو هريرة: يا هذا، ليس ذا فعل من تعوّد الصيام.
وأردف غلامه خلفه فقيل له: لو أنزلته يسعى خلفك. فقال: لأن يسير معي ضغثان من نار يحرقان مني ما أحرقا. أحبّ إليّ من أن يسعى غلامي خلفي.
وقال: إن للإسلام صوى (1) ومنارا كمنار الطريق.
وسئل عن القبلة للصائم، فقال: إني لأرفّ شفتيها وأنا صائم.
ومرّ بمروان، وهو يبني بنيانا له، فقال: ابنوا شديدا وأمّلوا بعيدا، واخضموا فسنقضم.
__________
متعددة، والأشهر أن اسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، وهو من الأزد، ثم من دوس، ويقال: كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، وقيل: عبد نهم، وقيل: عبد غنم، ويكنى بأبي الأسود، فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وكناه أبو هريرة، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: «أبا هر». وثبت أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يا أبا هريرة». كان أحفظ الصحابة لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلغت مروياته 5374حديثا، قال البخاري: روى عنه نحو من 800رجل أو أكثر من أهل العلم، من الصحابة والتابعين وغيرهم. توفي سنة 59هـ. (انظر ترجمته في: البداية والنهاية 8/ 121109، الكواكب الدرية 1/ 84، الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 242، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 284، كتاب الوفيات ص 71، تهذيب الكمال 22/ 90، المعارف لابن قتيبة 277، حلية الأولياء 1/ 376، النجوم الزاهرة 1/ 151، تاريخ الخميس 2/ 296، صفة الصفوة 1/ 223، الطبقات الكبرى للشعراني 1/ 22، تهذيب التهذيب 12/ 262).
(1) الصوى: أعلام من حجارة في المفاوز المجهولة، واحدتها صوة.(2/73)
وقال: مثل المؤمن الضعيف، كمثل خافت الزرع يميل مرة ويعتدل أخرى.
وقال: لما افتتحنا خيبر إذا ناس من يهود مجتمعون على خبزة يملّونها (1)، فطردناهم عنها فأخذناها فاقتسمناها فأصابني كسرة، وقد كان بلغني أنه من أكل الخبز سمن، فلما أكلتها جعلت أنظر في عطفيّ، هل سمنت؟.
وقال: لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم غرس الوديّ ولا صفق بالأسواق.
وقال: الصوم في الشتاء غنيمة باردة.
وقال: إنّ فرس المجاهد يستنّ في طوله، فتكتب له حسنات.
ووصف أصحاب الدجّال، فقال: عليهم السّيجان. شواربهم كالصياصي، وخفافهم مخرطمة.
وقال: تعس عبد الدينار والدرهم، الذي إن أعطي مدح وضبح، وإن منع قبح وكلح، تعس فلا انتعش، وشيك فلا انتقش.
قال بعضهم: كنت مع الحسن عليه السلام، فلقيه أبو هريرة فقال: هات أقبّل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقبّل. فوضع فاه على سرّته فقبّلها.
وقال: المروءة تقوى الله، وإصلاح الضيقة، والغداء والعشاء بالأفنية.
وقال له رجل: أريد أن أتعلم العلم، وأخاف أن أضيعه، قال: كفى بترك العلم إضاعة.
كتب يزيد بن معاوية إلى أبي هريرة يأمره أن يخطب عليه هند بنت سهيل بن عمرو أخي بني عامر بن لؤي. فجاءها أبو هريرة فخطبها على يزيد، فقالت له: فإنّ حسن بن عليّ خطبني، وإني أستشيرك فأشر عليّ. فقال: إني أشير عليك أن تضعي فاك حيث وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاه، فتزوّجت الحسن عليه السلام.
__________
(1) يملّونها: أي ينضجونها، يقال: ملّ الخبز في الملّة، وهي الرماد أو الجمر.(2/74)
وقال له فتى: إنا نسابق بالحمام. فقال له أبو هريرة: هذا من عمل الصبيان، إذا كبرتم تركتموه.
عمّار (1)
قال بعضهم: كنّا عند عمار يوم صفّين، فقال: من الراجز؟ ارجز بالعجوزين. فقال له رجل: تقولون ذا يا أصحاب محمد! فقال: إن المشركين لما هجونا اشتدّ ذلك علينا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قولوا لهم كما يقولون لكم.
إما أن تجلس، وإما أن تقوم.
لم يشهد بدرا أحد أبواه مؤمنان إلّا عمّار بن ياسر. وكان لدة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكان يحمي له الأرض يرعى فيها غنمه.
وقال صلّى الله عليه وسلّم: ما لكم ولابن سميّة؟ يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار.
وكان عمّار يقول: الجنة تحت البارقة: يريد السيوف.
ووشى به رجل إلى عمر رضي الله عنه، فقال عمّار: اللهم إن كان كذب عليّ فاجعله موطّأ العقب. كأنه دعا عليه بأن يكون سلطانا يطأ النّاس عقبه.
وقال يوم صفّين: لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر علمت أنّا على الحقّ، وأنهم على الباطل.
وقال له رجل: أيها العبد الأجدع. وكانت أذنه أصيبت في سبيل الله، فقال: عيّرتموني بأحبّ أذنيّ إليّ.
وقال لقوم: جرّوا الخطير ما انجرّ لكم. الخطير: زمام الناقة، يريد:
امضوا على أمركم ما أمكنكم.
__________
(1) هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك، أبو اليقظان، من السابقين للإسلام، وممن عذب هو وأهله فيه، شهد أكثر الغزوات، وحارب مع علي في صفين، وقتل في الموقعة، قال عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية». (انظر: كتاب الثقات 3/ 301، الطبقات الكبرى 3/ 186، 6/ 93، الإصابة 4/ 147).(2/75)
ولما بايع أبو موسى قال عمّار لعلي: والله لينقضنّ عهده، وليخلفنّ وعده، وليقرّنّ جهده، وليسلمنّ جنده.
وقال: ثلاث من جمعهن جمع خصال الإيمان: الإنفاق في الإقتار، والإنصاف من النفس، وإفشاء السلام.
الزبير (1)
لما كان يوم الجمل صاح عليّ بالزبير فخرج إليه، فقال له: يا أبا عبد الله:
لئن كان حلّ لك خذلاننا إنه لحرام عليك قتالنا. قال: أفتحبّ أن أنصرف عنك؟ قال: وما لي لا أحبّ ذلك؟ وأنت سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحواريّه وابن عمته، فعارضه ابنه عبد الله، فقال له: يا أبه، ما الذي دهاك؟ فأخبره خبره.
فقال: قد أنبأك ابن أبي طالب مع علمك بذلك، إنك بزمام الأمر أولى منك بعنان فرسك، ولئن أخطأك أن يقول الناس جبّنه عليّ ليقولنّ خدعه. فقال الزبير: ليقل من شاء ما شاء، فو الله لا أشري عملي بشيء، ومع ذلك للدّنيا أهون عليّ من ضبحة سحماء. وانصرف راجعا.
ومن كلام الزّبير: يكفيني من خضمهم القضم، ومن نصّهم العنق.
ضرب الزّبير يوم الخندق رجلا فقطعت ضربته الدرع ومؤخر الجوشن حتى خلصت إلى عجز الفرس، فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه ما صنعت ضربة الزبير، قال: يا أبا عبد الله، ما أجود سيفك! فغضب الزبير وقال: أما والله لو كان إلى السيف ما قطع، ولكني أكرهته بقلب مجتمع وقوة ساعد فقطع. فقال أبو بكر: ما أردنا غضبك يا أبا عبد الله.
قالوا: أدرك عثمان رضي الله عنه الزبير، وعثمان في موكبه يريد مكة بذات الجيش، ولموكب عثمان حسّ، قد ظهرت فيه الدوابّ والنجائب، والزبير
__________
(1) هو الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، أسلم وسنّه 12سنة، وشهد المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان مع عائشة يوم الجمل ولكنه لم يقاتل، قتل في ذلك اليوم بسم من رجل من جيش عائشة حين انصرف عن القتال.
وذلك سنة 36هـ. (انظر: الأعلام 3/ 43، الإصابة 3/ 5، الطبقات الكبرى 3/ 73).(2/76)
على راحلة له، ومعه غلمان له وزوامل (1). فقال له عثمان: سر يا أبا عبد الله، فقال: سيكفيني القضم من خضمكم، والعنق من نصّكم.
قال يوم الشورى لما تكلم عبد الرحمن بن عوف، وأخرج نفسه من الشورى ليقلد من يرضاه: «أما بعد فإن داعي الله لا يجهل عند تفاقم الأهواء وليّ الأعناق، ولن يقصر عما قلت إلا غويّ، ولن يترك ما قلت إلا شقيّ، لولا حدود لله فرضت، وفرائض له حدّت، تراح على أهلها، وتحيا لا تموت، لكان الفرار من الولاية عصمة، ولكنّ لله علينا إجابة الدعوة، وإظهار السنة لئلا نموت ميتة عمّيّة، ولا نعمى عمى جاهلية، والأمر لك يا ابن عوف.
ذكر أن أول من سلّ سيفا الزبير، سمع أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قتل، فخرج بيده السيف، فتلقّاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم كفّة كفّة، فدعا له بخير.
أرسل عليّ عليه السلام عبد الله بن عباس، فقال: إيت الزبير ولا تأت طلحة، فإن الزبير ألين وإنك تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه. يركب الصعوبة ويقول: هي أسهل. فأقره السلام، وقل له: يقول لك ابن خالك: عفرتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عدا ما بدا؟. قال: فأتيته فقال: مرحبا بابن لبابة. أزائرا جئت أم سفيرا؟ قلت: كلّ ذلك. وأبلغته الرسالة فقال: أبلغه السلام وقل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة، واجتماع ثلاثة وانفراد واحد، وأمّ مبرورة ومشاورة العشيرة، ونثر المصاحف فنحلّ ما أحلّت، ونحرم ما حرمت. فلما كان الغد حرّش بين الناس غوغاؤهم، فقال الزبير: ما كنت أرى أن ما جئنا فيه يكون فيه قتال.
عبد الرحمن بن عوف
قال عبد الرحمن يوم الشورى: يا هؤلاء، إن عندي رأيا، وإن لكم نظرا، إن حابيا خير من زاهق، وإنّ جرعة شروب أنفع من عذب موب. إن الحيلة بالمنطق أبلغ من السّيوب في الكلم. فلا تطيعوا الأعداء وإن قربوا، ولا تفلّوا المدى بالاختلاف بينكم، ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثأركم،
__________
(1) الزوامل: جمع زاملة، وهو الجمل الذي يحمل الزاد والمتاع.(2/77)
وتؤلتوا أعمالكم. لكل أجل كتاب، ولكلّ بيت إمام بأمره يقومون، وبنهيه يرعون. قلدوا أمركم رحب الذراع فيما نزل، مأمون الغيب على ما استكنّ.
يقترع منكم، وكلكم منتهى، ويرتضي منكم وكلكم رضا.
حذيفة بن اليمان
قال لرجل: أيسرّك أنك غلبت شرّ الناس؟ قال: نعم. قال: فإنك لن تغلبه حتى تكون شرّا منه.
وقال: إنّ الله لم يخلق شيئا إلا صغيرا ثم يكبر، إلا المصيبة، فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر.
ومن كلامه: الحسد أهلك الجسد.
وقال: كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب.
وقال له رجل: أخشى أن أكون منافقا. فقال: لو كنت منافقا لم تخش.
وقال: تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير فأب قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تكون القلوب على قلبين: قلب أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، وقلب أسود مربدّ كالكور محجّبا وأمال كفّه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.
وقال: إن من أقرإ الناس للقرآن منافقا، لا يدع منه واوا وألفا، يلفته بلسانه، كما تلفت البقرة الخلى بلسانها.
وذكر الفتنة فقال: أتتكم الدّهيماء ترمي بالنّشف، ثم التي تليها ترمي بالرّضف.
وذكر خروج عائشة فقال: تقاتل معها مضر مضّرها الله في النار، وأزد عمان سلت الله أقدامها، وإنّ قيسا لن تنفكّ تبغي دين الله شرّا، حتى يركبها الله بالملائكة فلا يمنعوا ذنب تلعة.
وقال لجندب: كيف تصنع إذا أتاك مثل الوتد أو مثل الذّونون، قد أوتي القرآن من قبل أن يؤتى الإيمان ينثره نثر الدّقل، فيقول: اتبعني ولا أتبعك.(2/78)
وذكر خروج عائشة فقال: تقاتل معها مضر مضّرها الله في النار، وأزد عمان سلت الله أقدامها، وإنّ قيسا لن تنفكّ تبغي دين الله شرّا، حتى يركبها الله بالملائكة فلا يمنعوا ذنب تلعة.
وقال لجندب: كيف تصنع إذا أتاك مثل الوتد أو مثل الذّونون، قد أوتي القرآن من قبل أن يؤتى الإيمان ينثره نثر الدّقل، فيقول: اتبعني ولا أتبعك.
قال: إنما تهلكون إذا لم يعرف لذي الشيب شيبه، وإذا صرتم تمشون الرّكبات كأنكم يعاقيب حجل، لا تعرفون معروفا ولا تنكرون منكرا.
خالد بن الوليد
لمّا ولّاه أبو بكر وعزله عمر قال: إن أبا بكر ولدنا فرقّ لنا رقّة الوالد، وإنّ عمر ولدناه فعقّنا عقوق الولد.
وقال في مرضه: لقد لقيت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي موضع شبر إلّا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم هأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء!.
وخطب الناس فقال: إن عمر استعملني على الشام وهو له مهمّ، فلما ألقى الشام بوانية وصار بثنيّة وعسلا عزلني، واستعمل غيري. فقال رجل: هذا والله هو الفتنة. قال خالد: أما وابن الخطاب حيّ فلا، ولكنّ ذاك إذا كان الناس بذي بلّيّ وذي بلّى.
وانصرف عمرو بن العاص من الحبشة يريد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلقيه خالد وهو مقبل من مكة، فقال: أين يا أبا سليمان؟ فقال: والله لقد استقام المنسم، وإن الرجل لنبيء. أذهب فأسلم.
وكان بينه وبين عبد الرحمن كلام، فقال خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها؟.
وقال: كان بيني وبين عمّار بعض ما يكون بين الناس، فعدمته، فشكاني إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: من يبغض عمارا يبغضه الله.
ولما بويع أبو بكر قام خالد بن الوليد خطيبا، فقال: إنا رمينا في بدء هذا الأمر بأمر ثقل علينا حمله، وصعب علينا مرتقاه، ثم ما لبثنا أن خفّ علينا
محمله، وذلّ لنا مصعبه، وعجبنا ممن شكّ فيه، بعد أن عجبنا ممّن آمن به، وما سبقنا إليه بالعقول ولكنّه التوفيق. ألا وإنّ الوحي لم ينقطع حتى أكمل، ولم يذهب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى أعذر، فلسنا ننتظر بعد النبيّ نبيّا، ولا بعد الوحي وحيا ونحن اليوم أكثر منا أمس، ونحن أمس خير منا اليوم. من دخل هذا الدين كان من ثوابه على حسب عمله، ومن تركه رددناه إليه. إنه والله ما صاحب هذا الأمر بالمسؤول عنه، ولا متخلّف فيه، ولا الخفيّ الشخص ولا الغموز القناة.(2/79)
ولما بويع أبو بكر قام خالد بن الوليد خطيبا، فقال: إنا رمينا في بدء هذا الأمر بأمر ثقل علينا حمله، وصعب علينا مرتقاه، ثم ما لبثنا أن خفّ علينا
محمله، وذلّ لنا مصعبه، وعجبنا ممن شكّ فيه، بعد أن عجبنا ممّن آمن به، وما سبقنا إليه بالعقول ولكنّه التوفيق. ألا وإنّ الوحي لم ينقطع حتى أكمل، ولم يذهب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى أعذر، فلسنا ننتظر بعد النبيّ نبيّا، ولا بعد الوحي وحيا ونحن اليوم أكثر منا أمس، ونحن أمس خير منا اليوم. من دخل هذا الدين كان من ثوابه على حسب عمله، ومن تركه رددناه إليه. إنه والله ما صاحب هذا الأمر بالمسؤول عنه، ولا متخلّف فيه، ولا الخفيّ الشخص ولا الغموز القناة.
وكان خالد يقول: ما ليلة أسرّ إليّ من ليلة تهدى إليّ فيها عروس إلا ليلة أغدو في صبيحتها إلى قتال عدوّ.
قال أبو بكر خطيبا يحضّ على الجهاد فتثاقل الناس عنه، فقام عمر فقال:
{لَوْ كََانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قََاصِداً لَاتَّبَعُوكَ} [التوبة: الآية 42] فقام خالد، ويقال:
بل كان خالد بن سعيد، وهو أشبه، فقال: ألنا تضرب أمثال المنافقين يا عمر؟
والله لقد أسلمت وإنّ لبني عديّ صنما من تمر إذا جاعوا أكلوه، وإذا شبعوا استأنفوه. وكان خالد بن سعيد قديم الإسلام والصحبة.
غزا منظور بن زبّان، مع خالد بن الوليد أيام الرّدّة، فقتل منظور رجلا وقال: بؤ بورد بن حذيفة، فقال له خالد اغضب لله يا منظور، فقال: حتى أقضي حزابة في نفسي.
سعد بن أبي وقاص
خطب يوم الشّورى، فقال: الحمد لله بديئا كان وآخرا يعود. أحمده كما أنجاني من الضّلالة وبصّرني من العماية، فبرحمة الله فاز من نجا، وبهدي الله أفلح من وعى، وبمحمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم استقامت الطرق، واستنارت السّبل، فظهر كلّ حقّ ومات كلّ باطل. إياكم أيها النفر وقول أهل الزور، وأمنية الغرور، فقد سلبت الأماني قبلكم قوما ورثوا ما ورثتم، ونالوا ما نلتم، فاتخذهم الله أعداء ولعنهم لعنا كثيرا. قال الله عزّ وجلّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ عَلى ََ لِسََانِ دََاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذََلِكَ بِمََا عَصَوْا
وَكََانُوا يَعْتَدُونَ (78) كََانُوا لََا يَتَنََاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مََا كََانُوا يَفْعَلُونَ} (79) [المائدة: الآيتان 78، 79]. وإني نكبت قرني، فأخذت سهمي الفالج، وأخذت لطلحة بن عبيد الله في غيبته ما ارتضيت لنفسي في حضوري، فأنا به زعيم، وبما أعطيت عنه كفيل، والأمر إليك يا ابن عوف بصدق النّفس وجهد النّصح، وعلى الله قصد السبيل، وإليه المصير.(2/80)
خطب يوم الشّورى، فقال: الحمد لله بديئا كان وآخرا يعود. أحمده كما أنجاني من الضّلالة وبصّرني من العماية، فبرحمة الله فاز من نجا، وبهدي الله أفلح من وعى، وبمحمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم استقامت الطرق، واستنارت السّبل، فظهر كلّ حقّ ومات كلّ باطل. إياكم أيها النفر وقول أهل الزور، وأمنية الغرور، فقد سلبت الأماني قبلكم قوما ورثوا ما ورثتم، ونالوا ما نلتم، فاتخذهم الله أعداء ولعنهم لعنا كثيرا. قال الله عزّ وجلّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ عَلى ََ لِسََانِ دََاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذََلِكَ بِمََا عَصَوْا
وَكََانُوا يَعْتَدُونَ (78) كََانُوا لََا يَتَنََاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مََا كََانُوا يَفْعَلُونَ} (79) [المائدة: الآيتان 78، 79]. وإني نكبت قرني، فأخذت سهمي الفالج، وأخذت لطلحة بن عبيد الله في غيبته ما ارتضيت لنفسي في حضوري، فأنا به زعيم، وبما أعطيت عنه كفيل، والأمر إليك يا ابن عوف بصدق النّفس وجهد النّصح، وعلى الله قصد السبيل، وإليه المصير.
وقال لعمر ابنه حين نطق مع القوم فبذّهم، وكانوا كلّموه في الرّضا عنه قال: هذا الّذي أغضبني عليه، إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يكون قوم يأكلون الدّنيا بألسنتهم كما تلحس البقر الأرض بألسنتها».
وكان بينه وبين خالد بن الوليد كلام، فذهب رجل ليقع في خالد عند سعد، فقال: مه، إن ما بيننا لم يبلغ ديننا.
وسئل عن المتعة، فقال: فعلناها ومعاوية كافر بالعرش. العرش: موضع بمكة.
وقال له رجل: كيف أسنانكم معشر المهاجرين؟ قال: كنا من أعذار عام واحد.
ونظر يوم القادسية إلى أبي محجن، وكان قد حبسه، فلما اشتدّ القتال أطلقت عنه امرأة سعد، وأعطته فرسه البلقاء، فخرج يقاتل عليها، نظر إليه سعد فقال: الضّبر ضبر البلقاء، والكرّ كرّ أبي محجن.
وكان سعد يسمّى المستجاب الدعوة، وبلغه شيء فعله المهلّب في العدو، والمهلب يومئذ فتى، فقال سعد: اللهم لا تره ذلّا، فيرون أن الذي ناله المهلب بتلك الدعوة.
وقال سعد: ثلاثة سعادة، وثلاثة شقاوة: فأما الشقاوة فامرأة سيئة الخلق، ودابة سوء، إن أردت أن تلحق بأصحابك أتعبتك، وإن تركتها خلّفتك عن أصحابك، ومسكن ضيق قليل المرافق. وأما السعادة فامرأة صالحة موافقة، ودابة تضعك من أصحابك حيث أحببت، ومسكن واسع كثير المرافق.(2/81)
وقال سعد: ثلاثة سعادة، وثلاثة شقاوة: فأما الشقاوة فامرأة سيئة الخلق، ودابة سوء، إن أردت أن تلحق بأصحابك أتعبتك، وإن تركتها خلّفتك عن أصحابك، ومسكن ضيق قليل المرافق. وأما السعادة فامرأة صالحة موافقة، ودابة تضعك من أصحابك حيث أحببت، ومسكن واسع كثير المرافق.
عتبة بن غزوان السلمي
خطب بعد فتح الأبلّة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الدنيا قد تولّت بحذافيرها مدبرة، وقد آذنت أهلها بصرم، وإنما بقي منها صبابة كصبابة الإناء يصبها صاحبها. ألا وإنكم مفارقوها لا محالة، ففارقوها بأحسن ما بحضرتكم. ألا إن من العجب أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الحجر الضخم ليرمى به من شفير جهنّم فيهوي في النار سبعين خريفا، ولجهنم سبعة أبواب ما بين البابين منها مسيرة خمسمائة عام. ولتأتين عليه ساعة وهو كظيظ من الزحام. ولقد كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سابع سبعة، ما لنا طعام إلا ورق البشام حتى قرحت أشداقنا، فوجدت أنا وسعد ثمرة فشققتها بيني وبينه نصفين، وما منّا اليوم أحد إلا وهو على مصر أمير، وإنّه لم تكن نبوة قط إلا تناسختها جبريّة، وأنا أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وفي أعين الناس صغيرا، وستجرّبون الأمر بعدي فتعرفون وتنكرون.(2/82)
خطب بعد فتح الأبلّة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الدنيا قد تولّت بحذافيرها مدبرة، وقد آذنت أهلها بصرم، وإنما بقي منها صبابة كصبابة الإناء يصبها صاحبها. ألا وإنكم مفارقوها لا محالة، ففارقوها بأحسن ما بحضرتكم. ألا إن من العجب أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الحجر الضخم ليرمى به من شفير جهنّم فيهوي في النار سبعين خريفا، ولجهنم سبعة أبواب ما بين البابين منها مسيرة خمسمائة عام. ولتأتين عليه ساعة وهو كظيظ من الزحام. ولقد كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سابع سبعة، ما لنا طعام إلا ورق البشام حتى قرحت أشداقنا، فوجدت أنا وسعد ثمرة فشققتها بيني وبينه نصفين، وما منّا اليوم أحد إلا وهو على مصر أمير، وإنّه لم تكن نبوة قط إلا تناسختها جبريّة، وأنا أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وفي أعين الناس صغيرا، وستجرّبون الأمر بعدي فتعرفون وتنكرون.
الباب الخامس كلام عمر بن عبد العزيز (1)
كتب إليه أبو بكر بن حزم وهو والي المدينة من جهته: إن رأى الأمير أن يقطع لي من الشمع والقراطيس ما كان يقطع لعمال المدينة فكتب إليه:
جاءني كتابك وإنّ عهدي بك تخرج من بيتك في الليلة الظلماء بغير سراج.
وأما القراطيس فأذقّ القلم، وأوجز الإملاء، واجمع الحوائج في صحيفة.
وذكر له سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم بالعفة عن الدّرهم والدينار، وهمّ بأن يستكفيه مهمّا من أمره. فقال له عمر: أفلا أدلّك على من هو أزهد في الدرهم والدينار منه وهو شرّ الخلق؟ قال: بلى. قال: إبليس لعنه الله.
وكان يقول: أيها الناس إنما خلقتم للأبد، وإنّما تنقلون من دار إلى دار.
وخطب فقال: أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله للحكم فيكم، والفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله الّتي وسعت كلّ شيء، وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض.
واعلموا أن الأمان غدا لمن خاف، وباع قليلا بكثير، وفانيا بباق ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين؟ وسيخلفها من بعدكم الباقون، حتى تردّوا إلى خير الوارثين.
__________
(1) هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أبو حفص، الخليفة الصالح، والملك العادل، قيل له: خامس الخلفاء الراشدين، وهو الذي منع سب الإمام علي على المنابر، توفي سنة 101هـ (انظر: الأعلام 5/ 50، كتاب الثقات 5/ 151، الطبقات الكبرى 5/ 253، البداية والنهاية 9/ 231205).(2/83)
ثم أنتم في كل يوم تشيّعون غاديا ورائحا إلى الله، وقد قضي نحبه، وبلغ أجله، ثم تغيّبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسّد ولا ممهّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، ووجّه إلى الحساب، غنيّا عمّا ترك، وفقيرا إلى ما قدّم.
وأيم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر ممّا عندي، وأستغفر الله لي ولكم، وما بلغت حاجة يتّسع لها ما عندنا إلا سددناها، ولا أحد منكم إلّا وددت أنّ يده معي ومع لحمتي الذين يلونني، حتى يستوي عيشنا وعيشكم. وأيم الله لو أردت غير هذا من عيش لكان اللسان مني ناطقا ذلولا عالما بأسبابه، ولكنه مضى من الله كتاب ناطق وسنة عادلة، دلّ فيها على طاعته ونهى فيها عن معصيته.
وسأله رجل عن الجمل وصفّين، فقال عمر: تلك دماء كفّ الله يدي عنها، فأنا أحبّ ألّا أغمس لساني فيها.
وكان يقول: اللهمّ إني أسألك رضوانك، وإلّا أكن له أهلا فعفوك.
وقال لأصحابه: إذا كتبتم إليّ فلا تكتبوا الأمير، فليست الإمارة أفضل من أبي.
كتب إليه عديّ بن أرطاة يستأذنه في عذاب العمّال، فكتب إليه عمر:
العجب لك يا ابن أم عديّ، حين تستأذنني في عذاب العمال كأني لك جنّة، وكأنّ رضاي ينجيك من سخط الله. من قامت عليه بيّنة وأقرّ بما لم يكن مضطهدا فيه فخذه، فإن كان يقدر على أدائه فاستأده، وإن أبى فاحبسه، وإن لم يقدر على شيء فخلّ سبيله بعد أن تحلّفه على أنه لا يقدر على شيء فلأن يلقوا الله بخياناتهم أحبّ إليّ من أن ألقاه بدمائهم.
وقال: من أحبّ الأمور إلى الله عزّ وجلّ الاقتصاد في الجدة (1)، والعفو في القدرة، والرفق في الولاية.
__________
(1) الجدة: كثرة المال.(2/84)
خرج يوم الجمعة إلى الصلاة وقد أبطأ، فقال: أيّها الناس إنما بطّأني عنكم أن قميصي هذا كان يرقع أو كان يغسل ولا والله ما أملك غيره.
وعرضت عليه جارية وأراد شراءها ولم يحضر تمام الثمن، فقال له الرجل: أنا أؤخّرك إلى العطاء فقال: لا أريد لذة عاجلة بذلّة آجلة.
وقال عمر يوما وقد قام من عنده عليّ بن الحسين رضي الله عنهما: من أشرف الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: أنتم. فقال: كلا! أشرف النّاس هذا القائم من عندي آنفا، من أحبّ الناس أن يكونوا منه، ولم يحب أن يكون من أحد.
وقال: لو جاءت كلّ أمّة بخبيثها وجئنا بالحجاج لزدنا عليهم.
قيل: أول من اتخذ المنابر في المساجد للأذان عمر بن عبد العزيز، وإن أوّل من دعي له على المنابر عبد الملك.
وكان عمر يقول: إن أقواما لزموا سلطانهم بغير ما يحقّ الله عليهم، فأكلوا بخلاقهم (1)، وعاشوا بألسنتهم، وخلفوا الأمة بالمكر والخديعة والخيانة، وكل ذلك في النار. ألا فلا يصحبنا من أولئك أحد ولا سيما خالد بن عبد الله، وعبد الله بن الأهتم فإنهما رجلان لسنان، وإن بعض البيان يشبه السّحر، فمن صحبنا بخمس خصال، فأبلغنا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ودلّنا على ما لا نهتدي إليه من العدل، وأعاننا على الخير، وسكت عمّا لا يعنيه، وأدّى الأمانة التي حمّلها منّا ومن عامة المسلمين فحيّهلا، ومن كان على غير ذلك ففي غير حلّ من صحبتنا والدخول علينا.
وأتي بقوم أخذوا على شراب وفيهم شيخ، فظنّه شاهدا، فقال له: بم تشهد؟ فقال: لست شاهدا ولكني مبتلى، فرقّ له عمر، وقال: يا شيخ لو كنتم حين اجتمعتم على شرابكم قلتم: اللهم تولّنا ولا تولّنا غيرك لم يعلم بكم أحد.
__________
(1) أكلوا بخلاقهم: أي بخطهم ونصيبهم من الدين.(2/85)
ودخل على عبد الملك وهو صبيّ، فقال له: كيف نفقتك في عيالك؟
فقال عمر: حسنة بين سيّئتين. فقال لمن حوله: أخذه من قول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} (67) [الفرقان:
الآية 67].
وكتب عمر إلى عديّ بن أرطاة في شيء بلغه عنه: إنما يعجّل بالعقوبة من يخاف الفوت.
وقال: لو كنت في قتلة الحسين وأمرت بدخول الجنة ما فعلت حياء أن تقع عليّ عين محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
وشتمه رجل فقال: لولا يوم القيامة لأجبتك.
وأهدي إليه تفاح لبناني، وكان قد اشتهاه، فردّه. فقيل له: قد بلغك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يأكل الهدية، فقال: يا عمرو بن المهاجر: إن الهدية كانت لرسول الله هدية، ولنا رشوة.
وقال لجارية في صباه بحضرة مؤدّبه: أعضّك الله بكذا؟. فقال له المؤدب: قل أعضّك عبد العزيز. فقال: إنّ الأمير أجلّ من ذلك. قال: فليكن الله أجلّ في صدرك. فما عاود بعدها كلمة حياء.
وقال: ما أطاعني الناس فيما أردت من الحقّ حتى بسطت لهم طرفا من الدنيا.
ودخل عليه ميمون بن مهران فقال له وقد قعد في أخريات الناس:
عظني. فقال ميمون: إنك لمن خير أهلك إن وقيت ثلاثة. قال: ما هنّ؟ قال:
إن وقيت السلطان وقدرته، والشباب وغرّته، والمال وفتنته. قال: أنت أولى بمكاني مني. ارتفع إليّ، فأجلسه معه على سريره.
قال بعضهم: كنا نعطي الغسّال الدراهم الكثيرة، حتى يغسل ثيابنا في إثر ثياب عمر بن عبد العزيز، وهو أمير من كثرة الطيب والمسك فيها.
ولما نزل بعمر الموت قال: يا رجاء، هذا والله السلطان، لا ما كنّا فيه.
وقيل له: لم لا تنام؟ قال: إن نمت بالليل ضيّعت نفسي، وإن نمت بالنهار ضيّعت الرعية.(2/86)
ولما نزل بعمر الموت قال: يا رجاء، هذا والله السلطان، لا ما كنّا فيه.
وقيل له: لم لا تنام؟ قال: إن نمت بالليل ضيّعت نفسي، وإن نمت بالنهار ضيّعت الرعية.
أمر عمر بعقوبة رجل قد كان نذر لئن أمكنه الله منه ليفعلنّ وليفعلنّ، فقال له رجاء بن حيوة: قد فعل الله ما تحبّ من الظفر، فافعل ما يحبّ الله من العفو.
وعزل عمر بعض قضاته، فقال له: لم عزلتني؟ فقال: بلغني أن كلامك أكثر من كلام الخصمين إذا تحاكما إليك.
وأتي برجل كان واجدا عليه، فقال له: لولا أنّي غضبان لضربتك.
وأسمعه رجل كلاما، فقال له: أردت أن يستفزّني الشيطان بعزّ السلطان، فأناك منك اليوم ما تناله مني غدا، انصرف رحمك الله.
وكتب أن امنعوا الناس من المزاح، فإنّه يذهب المروءة، ويوغر الصدر.
وكتب إلى بعض عمّاله: لا تجاوزنّ بظالم فوق حدّه فتكون أظلم الظالمين.
وقال: لو تخابثت الأمم فجئنا بالحجاج لغلبناهم. ما كان يصلح لدنيا ولا آخرة، لقد ولي العراق فأخربه حتّى لم يؤدّ إلا أربعون ألف ألف درهم، وقد أدّي إليّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف درهم، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدّى إليّ ما أدّي إلى عمر بن الخطاب: مائة ألف ألف وعشرون ألف ألف درهم.
وأتي بخصيّ ليشتريه فردّه وقال: أكره أن يكون له بشرائه معونة على الخصاء.
وكان إذا قدم عليه بريد قال: هل رأيت في الناس غرسات؟ يريد الخصب.
وكان يقول: التّقى ملجم.
وعزّي عن ابنه عبد الملك، فقال: إن هذا أمر لم نزل نتوقّعه، فلمّا وقع لم ننكر.
وكلّم رجلا من بني أمية قد ولدته نساء مرّة، فعاب عليه جفاء رآه منه، فقال: قبح الله شبها غلب عليك من بني مرّة، فبلغ ذلك عقيل بن علّفة المرّي وهو بجنفاء من المدينة على أميال في ولد بني مرة، فركب حتّى قدم على عمر وهو بدير سمعان، فقال: هيها يا أمير المؤمنين، بلغني أنك غضبت على فنى من بني أبيك، فقلت: قبح الله شبها غلب عليك من بني مرة، وإني أقول: قبح الله ألأم طرفيه، فقال عمر: ويحك! دع هذا وهات حاجتك. فقال: لا والله ما لي حاجة غير هذا، ثم ولّى راجعا من حيث جاء. فقال عمر: يا سبحان الله، من رأى مثل هذا الشيخ؟ جاء من جنفاء، ليس إلا ليشتمنا؟ فقال له رجل من بني مرة: إنه والله يا أمير المؤمنين ما شتمك، وما شتم إلّا نفسه. نحن والله ألأم طرفيه.(2/87)
وعزّي عن ابنه عبد الملك، فقال: إن هذا أمر لم نزل نتوقّعه، فلمّا وقع لم ننكر.
وكلّم رجلا من بني أمية قد ولدته نساء مرّة، فعاب عليه جفاء رآه منه، فقال: قبح الله شبها غلب عليك من بني مرّة، فبلغ ذلك عقيل بن علّفة المرّي وهو بجنفاء من المدينة على أميال في ولد بني مرة، فركب حتّى قدم على عمر وهو بدير سمعان، فقال: هيها يا أمير المؤمنين، بلغني أنك غضبت على فنى من بني أبيك، فقلت: قبح الله شبها غلب عليك من بني مرة، وإني أقول: قبح الله ألأم طرفيه، فقال عمر: ويحك! دع هذا وهات حاجتك. فقال: لا والله ما لي حاجة غير هذا، ثم ولّى راجعا من حيث جاء. فقال عمر: يا سبحان الله، من رأى مثل هذا الشيخ؟ جاء من جنفاء، ليس إلا ليشتمنا؟ فقال له رجل من بني مرة: إنه والله يا أمير المؤمنين ما شتمك، وما شتم إلّا نفسه. نحن والله ألأم طرفيه.
ولما استخلف عمر بث بأهل بيت الحجاج إلى الحارث بن عمرو الطائي، وكان على البلقاء، وكتب إليه: أمّا بعد، فإني بعثت إليك بآل أبي عقيل، وبئس والله أهل البيت في دين الله وأخلاق المسلمين، فأنزلهم بقدر هوانهم على الله وعلى أمير المؤمنين.
ولما هرب يزيد بن المهلب من سجنه، وكتب إليه: لو علمت أنك تبقى ما فعلت، ولكنك مسموم، ولم أكن لأضع يدي في يدي ابن عاتكة فقال عمر:
اللهمّ قد هاضني فهضه.
وقال: كفى بالمرء غيّا أن تكون فيه خلّة من ثلاث: أن يعيب شيئا ثم يأتي مثله، أو يبدو له من الحية ما يخفي عليه من نفسه، أو يؤذي جليسه فيما لا يعنيه.
وقيل له: أي الجهاد أفضل؟ فقال: جهادك هواك.
وقال: ثلاث من كنّ فيه كمل: من لم يخرجه غضبه عن طاعة الله، ولم يستنزله رضاه إلى معصية الله، وإذا قدر عفا وكفّ.
حكي عن عدي بن الفضل قال: خرجت إلى عمر أستحفره بئرا بالعذبة، فقال له: وأين العذبة؟ فقلت: على ليلتين من البصرة، فتأسف ألا يكون بمثل
هذا الموضع ماء، فأحفرني واشترط عليّ أنه أوّل شارب يأتي السبيل. قال:(2/88)
حكي عن عدي بن الفضل قال: خرجت إلى عمر أستحفره بئرا بالعذبة، فقال له: وأين العذبة؟ فقلت: على ليلتين من البصرة، فتأسف ألا يكون بمثل
هذا الموضع ماء، فأحفرني واشترط عليّ أنه أوّل شارب يأتي السبيل. قال:
فحضرته في جمعة وهو يخطب فسمعته يقول: أيّها الناس، إنّكم ميّتون، ثم إنكم مبعوثون، ثم إنكم محاسبون فلعمري: لئن كنتم صادقين لقصرتم، ولئن كنتم كاذبين لقد هلكتم، أيّها الناس، إنه من يقدّر له رزق برأس جبل أو بحضيض أرض يأته، فأجملوا في الطلب.
قال: فأقمت عنده شهرا ما بي إلا استماع كلامه.
قيل: أتي الوليد بن عبد الملك برجل من الخوارج، فقال له: أما تقوّلت في الحجاج؟ قال: ما عسيت أن أقول في الحجاج؟ وهل الحجاج إلا خطيئة من خطاياك؟ وشررة من نارك؟ فلعنك الله، ولعن الحجاج معك. وأقبل يشتمهما، فالتفت الوليد إلى عمر بن عبد العزيز، فقال: ما تقول في هذا؟ قال عمر: وما أقول فيه؟ هذا رجل يشتمكم، فإما أن تشتموه كما شتمكم أو تعفو عنه. فغضب الوليد وقال لعمر: ما أظنّك إلا خارجيّا. فغضب عمر وقال: ما أظنّك إلا مجنونا. وقام وخرج مغضبا. ولحقه خالد بن الرّيّان، فقال له: ما دعاك إلى ما كلمت به أمير المؤمنين؟ والله لقد ضربت بيدي إلي قائم سيفي أنتظره متى يأمرني بضرب عنقك. فقال له عمر: وكنت فاعلا لو أمرك! قال:
نعم. فلما استخلف عمر جاء خالد بن الريان، فقام على رأسه كما كان يقوم على رأس من كان قبله من الخلفاء. قال: وكان رجل من الكتاب يضر وينفع بقلمه، فجاء حتى جلس مجلسه الذي كان يجلس فيه الخلفاء. قال: فنظر عمر إلى خالد بن الريّان، وقال: يا خالد ضع سيفك فإنك تطيعنا في كل أمر نأمرك به، وضع أنت يا هذا قلمك فقد كنت تضر به وتنفع. ثم قال: اللهم إني قد وضعتهما لك فلا ترفعهما. قال: فو الله ما زالا وضيعين مهينين بشرّ حتّى ماتا.
وقال: ما كلمني رجل من بني أسد إلا تمنيت له أن يمدّ له في حجته، حتّى يكثر كلامه فأسمعه. ولذلك قال يونس (1): ليس في أسد إلا خطيب أو شاعر أو قائف أو راجز أو كاهن أو فارس.
__________
(1) يونس: لعله أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب البصري، الأديب النحوي، المتوفّى سنة(2/89)
يروى أن عمر بن عبد العزيز كان يدخل عليه سالم مولى بني مخزوم، وقالوا: بل زياد، وكان عمر أراد شراءه وعتقه، فأعتقه مواليه، وكان عمر يسميه أخي في الله، فكان إذا دخل وعمر في صدر بيته تنحى عن القبلة، فيقال له في ذلك، فيقول: إذا دخل عليك من لا يهولك فلا تأخذ عليه شرف المجلس.
وهمّ السراج ليلة أن يخمد، فوثب رجاء بن حيوة ليصلحه، فأقسم عليه عمر فجلس، ثم قام عمر فأصلحه، فقال له رجاء بن حيوة: أتقوم يا أمير المؤمنين! قال: قمت وأنا عمر، وتعلّلت وأنا عمر.
وقال: قيدوا النعم بالشكر، وقيدوا العلم بالكتاب.
وقال لمؤدبه: كيف كانت طاعتي إياك وأنت تؤدبني؟ فقال: أحسن طاعة.
قال: فأطعني الآن كما كنت أطيعك إذ ذاك، خذ من شاربك حتى تبدو شفتاك ومن ثوبك حتى يبدو عقباك.
ويروى أن عمر خرج يوما فقال: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وقرة بن شريك بمصر، وعثمان بن حيان بالحجاز، ومحمد بن يوسف باليمن.
امتلأت الأرض والله جورا.
وقال عبد الملك ابنه له يوما: يا أبت إنك تنام نوم القائلة، وذو الحاجة على بابك غير نائم. فقال: يا بنيّ إن نفسي مطيّتي، وإن حملت عليها في التعب خسرتها.
وذكر عمر زيادا، فقال: قاتل الله زيادا. جمع لهم كما تجمع الذّرّة (1)، وحاطهم كما نحوط الأمّ البرّة، وأصلح العراق بأهل العراق، وترك أهل الشام في شامهم، وجبى من العراق مائة ألف ألف، وثمانية عشر ألف ألف درهم.
__________
183 - هـ، له من الكتب: «كتاب الأمثال»، «كتاب اللغات»، «كتاب النوادر الصغير»، «كتاب النوادر الكبير»، «معاني الشعر»، «معاني القرآن». (كشف الظنون 6/ 571).
(1) الذر: صغار النمل، واحدتها: ذرة.(2/90)
وخطب الناس لمّا مات ابنه عبد الملك، فقال: الحمد لله الذي جعل الموت حتما واجبا على عباده، فسوّى فيه بين ضعيفهم وقويّهم، ورفيعهم ودنيّهم، فقال تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: الآية 185 الأنبياء: الآية 35العنكبوت: الآية 57]. فليعلم ذوو النّهى منهم أنّهم صائرون إلى قبورهم، مقرّون بأعمالهم، واعلموا أن لله مسألة فاحصة. قال تبارك وتعالى:
{فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (93) [الحجر: الآيتان 92، 93].
وقال: إذا استأثر الله بشيء فاله عنه.
وقال في خطبة له: أيها الناس، إنما الدنيا أمل مخترم، وأجل منقض، وبلاغ إلى دار غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تعريج. فرحم الله امرءا فكّر في أمره، ونصح نفسه، وراقب ربّه، واستقال ذنبه. أيها الناس، قد علمتم أن أباكم أخرج من الجنة بذنب واحد، وأنّ ربّكم وعد على التوبة، فليكن أحدكم من ذنبه على وجل، ومن ربّه على أمل.
وقال: لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الأشر البطر، ولا يتزوج من العرب في الموالي إلا الطّمع الطّبع.
وقال لابنه عبد الله: يا بنيّ التمس الرفعة بالتواضع، والشرف بالدّين، والعفو من الله بالعفو عن الناس، ولا تحقرنّ أحدا فإنك لا تدري لعلّ بعض من تزدريه عينك أقرب إلى الله منك وسيلة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، ولا تنس نصيب الناس منك.
وكتب إليه عديّ بن أرطاة لما حفر نهر عديّ بالبصرة: إني حفرت لأهل البصرة نهرا، أعذبت به مشربهم، وجادت عليه أموالهم، فلم أر لهم على ذلك شكرا، فإن أذنت لي قسمت عليهم ما أنفقته عليه.
فكتب إليه عمر: إني لا أحسب أهل البصرة عند حفرك لهم هذا النهر خلوا من رجل قال: الحمد لله. وقد رضي الله بها شكرا من جنّته، فارض بها شكرا من نهرك.
وخطب بعرفات فقال: إنكم قد أنضيتم الظّهر وأرملتم وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه، ولكن السابق اليوم من غفر له.
وخطب فقال: أيها الناس لا تستكثروا شيئا من الخير أتيتموه، ولا تستقلّوا شيئا منه أن تفعلوه، ولا تستصغروا الذنوب، والتمسوا تمحيص ما سلف من ذنوبكم بالتوبة، والعمل الصالح فيما غبر من آجالكم، فإن الحسنات يذهبن السّيّئات. وقد ذكر الله عزّ وجلّ قوما، فقال: {وَالَّذِينَ إِذََا فَعَلُوا فََاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللََّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللََّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ََ مََا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (135) [آل عمران: الآية 135] وإياكم والإصرار على الذنوب فإن الله ذكر قوما بذنوبهم فقال: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلََّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصََالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقََالُ هََذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (17) [المطفّفين: الآيات 1714] نار لا تطفأ، ونفس لا تموت، فهي كما وصف الله عزّ وجلّ: {كُلَّمََا أَرََادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهََا أُعِيدُوا فِيهََا} [السّجدة: الآية 20]، و {كُلَّمََا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنََاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهََا لِيَذُوقُوا الْعَذََابَ} [النساء: الآية 56] فهل لأحد بهذا طاقة؟ من استطاع منكم ألّا يحجبه الله فليفعل.(2/91)
وخطب بعرفات فقال: إنكم قد أنضيتم الظّهر وأرملتم وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه، ولكن السابق اليوم من غفر له.
وخطب فقال: أيها الناس لا تستكثروا شيئا من الخير أتيتموه، ولا تستقلّوا شيئا منه أن تفعلوه، ولا تستصغروا الذنوب، والتمسوا تمحيص ما سلف من ذنوبكم بالتوبة، والعمل الصالح فيما غبر من آجالكم، فإن الحسنات يذهبن السّيّئات. وقد ذكر الله عزّ وجلّ قوما، فقال: {وَالَّذِينَ إِذََا فَعَلُوا فََاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللََّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللََّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ََ مََا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (135) [آل عمران: الآية 135] وإياكم والإصرار على الذنوب فإن الله ذكر قوما بذنوبهم فقال: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلََّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصََالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقََالُ هََذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (17) [المطفّفين: الآيات 1714] نار لا تطفأ، ونفس لا تموت، فهي كما وصف الله عزّ وجلّ: {كُلَّمََا أَرََادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهََا أُعِيدُوا فِيهََا} [السّجدة: الآية 20]، و {كُلَّمََا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنََاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهََا لِيَذُوقُوا الْعَذََابَ} [النساء: الآية 56] فهل لأحد بهذا طاقة؟ من استطاع منكم ألّا يحجبه الله فليفعل.
وخطب فقال: أما بعد فإنك ناشىء فتنة، وقائد ضلالة قد طال جثومها، واشتدت غمومها، وتلوّنت مصايد عدوّ الله فيها، وما نصب لأهل الغفلة من الشّرك عمّا في عواقبها، فلن يهدّ عمودها، ولن ينزع أوتادها إلا الذي بيده ملك الأشياء، وهو الرحمن الرحيم. ألا وإنّ لله بقايا من عباده، لم يتحيّروا في ظلمتها، ولم يشايعوا أهلها على شبهها، مصابيح النور في قلوبهم تزهر، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا نهج السبيل، وقاموا على اللّقم الأكبر الأعظم. وهم خصماء الشّيطان الرجيم. وبهم يصلح الله البلاد، ويدفع عن العباد، فطوبى لهم وللمستصبحين بنورهم، أسأل الله أن يجعلنا منهم.
وخطب فقال: ما أنعم الله على عبد نعمة، فانتزعها منه فعاضه من ذلك الصبر، إلّا كان ما عاضه الله من ذلك أفضل مما انتزعه منه، ثم قرأ {إِنَّمََا يُوَفَّى الصََّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} [الزمر: الآية 10].
ومرّ برجل يسبّح بالحصى، فقال له: ألق الحصى، وأخلص الدعاء.
وكتب إلى الجرّاح بن عبد الله الحكمي: إن استطعت أن تدع مما أحلّ الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرّم الله عليك فافعل، فإنّه من استوعب الحلال كلّه تاقت نفسه إلى الحرام.(2/92)
ومرّ برجل يسبّح بالحصى، فقال له: ألق الحصى، وأخلص الدعاء.
وكتب إلى الجرّاح بن عبد الله الحكمي: إن استطعت أن تدع مما أحلّ الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرّم الله عليك فافعل، فإنّه من استوعب الحلال كلّه تاقت نفسه إلى الحرام.
وسمع وقع الصواعق، ودويّ الريح، وصوت المطر، ورأى فزع الناس، فقال: هذه رحمته، فكيف نقمته؟!.
وقال له خالد بن عبد الله القسري: من كانت الخلافة زيّنته فقد زينتها.
ومن كانت شرّفته فقد شرّفتها، فأنت كما قال الشاعر: [الطويل]
وإذا الدرّ زان حسن وجوه ... كان للدرّ حسن وجهك زينا
فقال عمر: إن صاحبكم أعطى مقولا وحرم معقولا.
وقال: ما قرن شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم، ومن عفو إلى قدرة. وقال رهم مولى عمر بن عبد العزيز: ولّاني عمر ثمّ قال: يا رهم إذا دعتك نفسك إلى ظلم من هو دونك فاذكر قدرة الله عزّ وجلّ عليك، وانتقامه منك، وفناء ما يكون منك إليه عنه، وبقاء ما يكون منك إليه عليك.
أتى عمر منزله فقال: هل من طعام؟ فأصاب تمرا وشرب ماء، فقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله.
وقال: أحسن الظنّ بأخيك حتى يغلبك.
وقال: القلوب أوعية السرائر، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كلّ امرىء منكم مفتاح سرّه.
وقال لابنه: بت على بيان من أمرك، وليكن لك مطويّ من سرّك.
ودخل عليه مسلمة بن عبد الملك في مرضه الذي توفّي فيه فقال: يا أمير المؤمنين، أفقرت أفواه ولدك من هذا المال، وتركتهم عالة لا أحد لهم ولا مال لهم، فلو أنك أوصيت بهم إليّ أو إلى أشباهي من قومك ممن يكفيك مؤونتهم. فقال: أقعدوني، ثم قال: يا مسلم أمّا ما ذكرت من إيصائي بولدي إليك أو إلى أشباهك من قومي ليكفوني مؤونتهم، فإنّ وصيّي فيهم ووليّي الله
الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين، وأما ما ذكرت من إفقاري إياهم من هذا المال فو الله ما ظلمتهم حقّا هو لهم، وما كنت لأعطيهم حقّ غيرهم. وما ولد عمر إلّا أحد رجلين: رجل اتّقى الله فسيرزقه، ورجل غدر أو فجر، فلن يكون عمر أول من قوّاه بالمال على المعصية.(2/93)
ودخل عليه مسلمة بن عبد الملك في مرضه الذي توفّي فيه فقال: يا أمير المؤمنين، أفقرت أفواه ولدك من هذا المال، وتركتهم عالة لا أحد لهم ولا مال لهم، فلو أنك أوصيت بهم إليّ أو إلى أشباهي من قومك ممن يكفيك مؤونتهم. فقال: أقعدوني، ثم قال: يا مسلم أمّا ما ذكرت من إيصائي بولدي إليك أو إلى أشباهك من قومي ليكفوني مؤونتهم، فإنّ وصيّي فيهم ووليّي الله
الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين، وأما ما ذكرت من إفقاري إياهم من هذا المال فو الله ما ظلمتهم حقّا هو لهم، وما كنت لأعطيهم حقّ غيرهم. وما ولد عمر إلّا أحد رجلين: رجل اتّقى الله فسيرزقه، ورجل غدر أو فجر، فلن يكون عمر أول من قوّاه بالمال على المعصية.
ثم قال: عليّ بهم. فأدخلوا عليه وهم يومئذ اثنا عشر، فلما نظر إليهم اغرورقت عيناه بالدموع وقال: بنفسي فتية تركتهم، ولا أحد لهم. بلى يا بنيّ، إني قد تركتكم بخير من الله، لا تمرّون بمسلم ولا معاهد إلا ولكم عليه حقّ.
يا بني، إني ميّلت بين رأيين: بين أن تفتقروا، أو يدخل أبوكم النار، فرأيت أن تفتقروا إلى آخر يوم من الأبد أحبّ إلى أبيكم من أن يدخل النار.
وكتب إلى الجرّاح بن عبد الله الحكمي، وهو على خراسان: أما بعد فإن استطعت أن تدع ممّا أحلّ الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرّم الله فافعل فإن من استوعب الحلال كله تاقت نفسه إلى الحرام.
وكتب إلى ابن حزم: أما بعد فإن الطالبين الذين نجحوا، والتجار الذين ربحوا، الذين اشتروا الباقي الذي يدوم بالفاني المذموم، فاغتبطوا ببيعهم، وحمدوا عاقبة أمرهم، فالله الله، وبدنك صحيح، وأنت مريح، قبل أن تنقضي أيامك، وينزل بك حمامك، فإن اليسير الذي أنت فيه يقلص ظلّه، ويفارقه أهله، فالسعيد الموفّق من أكل في عاجلته قصدا، وقدم ليوم فقره غدا، وخرج محمودا من الدنيا قد انقطع عنه علاج أمورها، وصار إلى نعيم الجنة.
وكتب إلى بعض عماله: أما بعد فلتخفّ يدك عن دماء المسلمين، وبطنك عن أموالهم، ولسانك عن أعراضهم، فإذا فعلت ذلك فلا سبيل عليك {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النََّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولََئِكَ لَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ} (42) [الشّورى: الآية 42].
وكان من دعائه: اللهم أعطني من الدنيا ما تكفّني به عن شهواتها، وتعصمني به من فتنتها، وتغنيني به عن جميع أهلها.(2/94)
وكان من دعائه: اللهم أعطني من الدنيا ما تكفّني به عن شهواتها، وتعصمني به من فتنتها، وتغنيني به عن جميع أهلها.
الباب السادس مزح الأشراف والأفاضل والعلماء
قالوا: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمزح ولا يقول إلّا حقّا.
وفي حديثه عليه الصلاة والسلام أن ابنا لأمّ سليم يقال له عمير، وكان له نفر وهو طائر صغير أحمر المنقار، فقالوا: يا رسول الله، مات نفر. فجعل عليه السلام يقول: «يا أبا عمير. ما فعل النّفير»؟ وذكر أنه كان يمازح بلالا، فرآه يوما وقد خرج بطنه فقال: أم حبّين.
ومما يحفظ من مزحه عليه السلام أنه كان يقول لأحد ابني بنته، وقد وضع رجليه على رجليه وأخذ بيديه: «ترقّ عين بقّة». وهذا شيء كان النساء يقلنه في ترقيص الصبيان (1): [رجز]
حزقّة حزّقة ... ترقّ، عين بقّه
ترقّ: أي ارق من رقيت الدرجة، والحزقّة الذي يقارب خطوه، وشبّهه في صغره بعين البقة.
وقال عليه السلام لعجوز: إنّ الجنّة لا يدخلها عجوز يريد: أنهن يعدن شوابّ، ثم يدخلن الجنة.
واستدبر عليه السلام رجلا من ورائه وأخذ بعينيه، وقال: من يشتري منّي العبد؟ يريد أنه وإن كان حرّا فهو عبد الله.
وقال لامرأة: «زوجك الذي في عينه بياض» فقالت: لا: أراد البياض الذي حول الحدقة، وظنّت المرأة أنه أراد البياض الذي يغشى الحدقة فيذهب
__________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (بقق)، (حزق)، وتهذيب اللغة 8/ 301، وتاج العروس (بقق)، (حزق)، وزهر الأكم 2/ 186.(2/95)
البصر. وخرج إلى طعام دعي له فإذا حسين يلعب مع صبوة في السكّة، فاستنتل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمام القوم فبسط يديه، فطفق الغلام يفرّ ههنا وههنا، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه، والأخرى في فأس رأسه، ثم أقنعه فقبّله.
استنتل: يريد: تقدّم أمام القوم، وأقنعه: رفعه.
وقالت عائشة: كنت ألعب مع الجواري بالبنات فإذا رأين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انقمعن. قالت: فيسرّبهنّ إليّ.
وقالت: قدم وفد الحبشة فجعلوا يزفنون (1) ويلعبون، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قائم ينظر إليهم، فقمت، وأنا مستترة خلفه حتى أعييت، ثم قعدت ثم قمت، فنظرت حتى أعييت، ثم قعدت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائم ينظر. فاقدروا قدر الجارية الحديثة السّنّ المشتهية للنظر.
وروي أنه عليه السلام مرّ على أصحاب الدّركلة (2) فقال: خذوا يا بني أرفدة (3) حتّى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة. قال: فبينما هم كذلك إذ جاء عمر، فلما رأوه ابذعرّوا (4).
وروي أنه عليه السلام سابق عائشة في سفر فسبقته، وفي سفر آخر فسبقها. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «هذه بتلك».
وروي: أنه لما قتل النّضر بن الحارث بن كلدة، وأتته ابنته فأنشدته الأبيات المعروفة ترثي أباها. قال عليه الصلاة والسلام: «لولا قتلي أباها لتزوّجتها». قالوا: يا رسول الله ليست بتلك. قال: «فأين الخيلان الثّلاثة بخدّها كأنّهنّ رأس الجوزاء؟.
ومن مزحه عليه السلام قوله لخوّات بن جبير الأنصاريّ صاحب ذات النّحيين: «ما فعل جملك الشّرود؟» فقال: عقله الإسلام.
__________
(1) يزفنون: يرقصون.
(2) الدّركلة، كشرذمة وسبحلة: لعبة للعجم، أو ضرب من الرقص، أو هي حبشية.
(3) بنو أرفدة: هم الحبش.
(4) ابذعرّوا: تفرقوا.(2/96)
وذلك أن خوّاتا أتى امرأة كانت تبيع السمن في الجاهلية، فقال لها: هل عندك سمن طيب تبيعينه؟ قالت: نعم. وحلّت زقّا فذاقه، وقال: أريد أطيب من هذا فأمسكيه فأمسكته، وحلّ آخر فذاقه وقال: أمسكيه فقد شرد جملي، فقالت: ويحك، حتّى أوثق هذا! قال: لا. خذيه وإلّا تركته. فإنّ بعيري قد أفلت، فأخذته بيدها الأخرى، فوثب عليها وهي مشغولة اليدين لا تقدر على الامتناع، فقضى وطره منها. فلما فرغ قالت: لا هنّاك.
ومن ذلك ما جاء عنه أنه كان يسير في بعض غزواته فسمع حداء قدّامه، فقال: «حثّوا السير نلحق الحادي». فلحقه وسار معه يسمح حداءه.
وخرج على بلال وهو نائم، فضرب بيده على فخذه وقال: أنائمة أمّ عمرو؟ فانتبه بلال فضرب بيده على مذاكيره. فقال له: ما لك؟ قال: ظننت أني تحولت امرأة.
وسأل جابر بن عبد الله: ما نكحت؟ فقال ثيّبا. قال: فهلّا بكرا تلاعبها وتلاعبك.
وقال لرجل استحمله: نحن حاملوك على ولد النّوق. قال: لا تحملني.
قال: أو ليس الإبل من ولد النوق؟.
وقال لسائقه، وهو يسوق بأزواجه: رفقا بالقوارير.
وروي عن أبي الدرداء، أنه كان لا يحدّث إلا وهو يتبسم، فقالت له امرأته أمّ الدّرداء: إني أخاف أن يرى الناس أنك أحمق. فقال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم حدّث حديثا إلّا وهو يتبسّم في حديثه.
وأصبح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوما ما متغيّر الوجه، فقال بعض أصحابه: لأضحكنّه.
فقال: بأبي أنت وأمّي. وبلغني أن الدّجال يخرج والناس جياع، فيدعوهم إلى طعام، أفترى إن أدركته أن أضرب في ثريدته، حتّى إذا تضلّعت آمنت بالله وكفرت به؟ أم أتنزّه عن طعامه؟ فضحك صلّى الله عليه وسلّم وكان ضحكه التبسّم وقال:
«بل يغنيك الله يومئذ بما يغني به المؤمنين».
وقال عليه الصلاة والسلام: «بعثت بالحنيفيّة السّهلة».
وقال: «ينال العبد بحسن الخلق أجر الصّائم القائم».(2/97)
وقال عليه الصلاة والسلام: «بعثت بالحنيفيّة السّهلة».
وقال: «ينال العبد بحسن الخلق أجر الصّائم القائم».
وقال عليّ كرّم الله وجهه: لا بأس بالفكاهة يخرج بها الرجل عن حدّ العبوس.
ولمّا بلغه قول عمر: إنّ فيه دعابة. قال: ويحه أما علم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ المؤمن دعب لعب، والكافر خبّ ضبّ».
وأتاه رجل برجل فقال: إنّ هذا زعم أنه احتلم على أمّي، فقال: أقمه في الشّمس واضرب ظلّه».
وقال الشعبي: جاءت امرأة من همدان إليه، فقالت: إن ابنتي زوّجت وهي خمسة أشبار. فقال: خمسة أشبار تكفي شبرا.
وقال عقبة الجهني: رأيته يرمي جواريه ويرامينه بقشور البطيخ.
ومرّ بقوم من الأنصار فقالوا: يا أمير المؤمنين، انزل عندنا للغداء. فقال:
إمّا حلفتم وإمّا انصرفنا.
قال بعضهم: سمعته وهو يرقى المنبر بالكوفة ويقول: [رجز]
حزقّة حزقّة ... ترقّ عين بقّه
وحدّثت زبراء مولاته قالت: كنت أوضّئ أمير المؤمنين، فخرج من المستحمّ واتكأ علي، وقال: استمسكي يا زبراء، واتّقي لا تضرطي.
وقال عبد الرحمن بن عوف: أتيت عمر بن الخطاب فسمعته ينشد بالرّكبانية: [الطويل]
وكيف ثوائي بالمدينة بعدما ... قضى وطرا منها جميل بن معمر
فلما استأذنت قال: أسمعت ما قلت؟ قلت: نعم. قال: إنّا إذا خلونا قلنا ما يقول الناس في بيوتهم.
وقال عمر: كلّ امرىء في بيته صبيّ.
وذكر عنده النساء فقال: إذا تمّ البياض مع كبر العجز في حسن القوام فقد كمل.
وخرج أبو بكر إلى بصرى، ومعه نعيمان وسويبط.(2/98)
وذكر عنده النساء فقال: إذا تمّ البياض مع كبر العجز في حسن القوام فقد كمل.
وخرج أبو بكر إلى بصرى، ومعه نعيمان وسويبط.
وكلاهما بدريّ، وكان سويبط على الزاد، فجاء نعيمان، فقال: أطعمني، فقال: لا، حتى يأتي أبو بكر. وكان نعيمان رجلا مضحاكا، فقال: والله لأغيظنّك. فذهب إلى ناس جلبوا ظهرا، وقال: ابتاعوا مني غلاما عربيّا فارها، وهو دعّاء له لسان، لعله يقول: أنا حرّ. فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوني لا تفسدوا عليّ غلامي. قالوا: بل نبتاعه منك بعشر قلائص، فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال للقوم: دونكم هو هذا. فجاء القوم فقالوا:
قد اشتريناك. فقال سويبط: هو كاذب. أنا رجل حرّ. قالوا: قد أخبرنا خبرك.
فوضعوا الحبل في عنقه وذهبوا به، فجاء أبو بكر فأخبره بذلك، فذهب هو وأصحاب له فردّوا القلائص وأخذوه، فأخبر بذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فضحك منه حولا.
وأهدى نعيمان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم جرّة عسل اشتراها من أعرابيّ بدينار، وأتى بالأعرابي باب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: خذ الثّمن من ههنا. فلما قسمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نادى الأعرابي: ألا أعطى ثمن عسلي؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: إحدى هنات نعيمان. وسأله: لم فعلت هذا؟ فقال: أردت برّك، ولم يكن معي شيء. فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأعطى الأعرابيّ حقّه.
ومما روي من مزح عليّ رضي الله عنه أنّه كان يقول (1): [رجز]
أفلح من كانت له مزخّة ... يزخّها ثم ينام الفخّة
وذكر أبو رافع الصائغ أنه كان يقول: كان عمر رضي الله عنه يمازحني ويقول: أكذب الناس الصياغ، يقولون: اليوم، وغدا.
وروي: أن أبا قتادة الأنصاري كان في عرس وجارية تضرب بالدّف، وهو يقول لها: ارعفي. أي تقدّمي. وقيل: مازح معاوية الأحنف فما رئي مازحان
__________
(1) الرجز لعلي بن أبي طالب في لسان العرب (زخخ)، وتهذيب اللغة 6/ 556، 7/ 11، وتاج العروس (زخخ)، (فخخ)، وجمهرة اللغة ص 105، وديوان الأدب 3/ 50، وأساس البلاغة (زخخ)، وليس في ديوانه.(2/99)
أوقر منهما. قال: يا أحنف ما الشيء الملفّف في البجاد؟ قال: هو السخينة يا أمير المؤمنين. أراد معاوية قول الشاعر (1): [الوافر]
إذا ما مات ميت من تميم ... فسرّك أن يعيش فجيء بزاد
بخبز، أو بتمر، أو بسمن ... أو الشيء الملفّف في البجاد
يريد: وطب (2) اللبن، والبجاد: كساء يلفّف فيه ذلك، وأراد الأحنف بقوله: السّخينة أن قريشا يأكلونها ويعيّرون بها، وهي أغلظ من الحساء، وأرقّ من العصيدة. وإنما تؤكل في كلب الزمان، وشدة الدهر، وقد سمّوا قريشا سخينة تعييرا بذلك. قال خداش بن زهير (3): [البسيط]
يا شدّة ما شددنا غير كاذبة ... على سخينة لولا الليل والحرم
وقال كعب (4): [الكامل]
زعمت سخينة أن ستغلب ربّها ... وليغلبنّ مغالب الغلاب
مازح ابن عباس أبا الأسود فقال: لو كنت بعيرا لكنت ثفالا. فقال أبو الأسود: لو كنت راعي ذلك البعير، ما أشبعته من الكلإ، ولا أرويته من الماء، ولا أحسنت مهنته.
ذكر ابن أبي ليلى: أنّ رجلا تزوج امرأة، وأبركها على أربع، فلما دفع وقعت على وجهها فاندقّت ثنيّتها، فرفع ذلك إلى عليّ كرّم الله وجهه، فقال:
مطيته يركبها كيف شاء.
__________
(1) البيتان ليزيد بن عمرو بن الصعق أو لأبي المهوس الأسدي في لسان العرب (لفف)، (لقم)، ولأبي المهوس في تاج العروس (لفف)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 1/ 198، ومجمع الأمثال 1/ 395.
(2) الوطب: وعاء من الجلد.
(3) البيت لخداش بن زهير في الهمدة 5/ 255، وأساس البلاغة (شدد)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 3/ 146، 179، ومجمل اللغة 3/ 153.
(4) البيت في ديوان كعب بن مالك ص 182، ولسان العرب (غلب)، (سخن)، وديوان الأدب 2/ 382، وأساس البلاغة (سخن)، وتهذيب اللغة 7/ 177، وتاج العروس (سخن)، (غلب)، (لفف).(2/100)
وذكر أن رجلا تزوج امرأة شابّة، فوقع عليها، فضمّته إلى نفسها فكسرت صلبه، فرفعت إلى عليّ فقال: إنها لشبقة. ثم جعل الدّية على العاقلة.
روي عن عجوز من الأنصار قالت: زوّجنا امرأة على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فنحن نتغنّى (1): [مجزوء المتقارب]
وأهدى لنا أكبشا ... تبحبح في المربد
وزوجك في النادي ... ويعلم ما في غد
فقال عليه السلام: «لا يعلم ما في غد إلّا الله عزّ وجلّ».
زوّجت عائشة امرأة كانت عندها فهدوها إلى زوجها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«ألا أرسلتم معها من يقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيّانا، وحيّاكم
فإنّ الأنصار قوم فيهم غزل».
قال بعضهم: دخلت على ابن مسعود، وقرظة وثابت بن زيد، فإذا عندهم جوار يغنين، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد رخّص لنا في اللهو.
وروي: أنه صلّى الله عليه وسلّم أتى يوما أطم حسان بن ثابت، فكانت سيرين جاريته تضرب بالعود وتغني (2): [المقتضب]
هل عليّ ويحكما ... إن لهوت من حرج
فقال عليه السلام: «لا إن شاء الله».
وسيرين هذه أخت مارية أمّ إبراهيم رضي الله عنه، وكان المقوقس أهداهما إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فوهب سيرين لحسان بن ثابت.
__________
(1) البيتان لغناء الأنصارية في لسان العرب (بحح)، وتاج العروس (بحح)، وبلا نسب في لسان العرب (ندى)، وتهذيب اللغة 4/ 12.
(2) البيت لسيرين أخت مارية القبطية في شرح شواهد المغني ص 335، وبلا نسب في رصف المباني ص 325، وتهذيب اللغة 8/ 348.(2/101)
حكى بعضهم أنّه سمع أبا سفيان يمازح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ابنته أمّ حبيبة، ويقول: والله إن هو إلا أن تركتك فتركتك العرب. فما انتطحت جمّاء ولا ذات قرن، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضحك ويقول: أأنت تقول ذاك يا أبا حنظلة!.
وروي أن رجلا عدا على امرأة فقبّلها، فأتت النبيّ عليه السلام فشكت ذلك إليه، فقال: ما تقول هذه؟ قال: صدقت، فأقصّها يا رسول الله، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: أو لا تعود؟ قال: أو لا أعود.
وروي: أن جارية كانت عند ميمونة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فسأل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: اشتكت عيناها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: استرقوا لها فإنه أعجبني عييناها.
وقال خوّات بن جبير: نزلت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الظهران، فخرجت من خبائي، فإذا نسوة جوالس يتحدّثن، فأعجبنني، فرجعت فاستخرجت حلة لي من عيبة لي. فلبستها، ثم أتيتهنّ فجلست إليهنّ، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قبّته. فقال: يا أبا عبد الله ما أجلسك إليهنّ؟ قال: فهبته حين رأيته، وقلت:
يا رسول الله، جمل لي شرود، وأنا أبتغي له قيدا. فمضى عليه السلام وتبعته، ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلّا قال: أبا عبد الله، ما فعل شراد جملك؟ فتعجلت إلى المدينة فاجتنبت المسجد ومجالسة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلما طال ذلك عليّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد، فدخلت وجعلت أصلّي، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بعض حجره، فصلّى ركعتين خفيفتين، ثم جلس، وطوّلت رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: طوّل أبا عبد الله ما شئت، فلست قائما حتى تنصرف، فقلت في نفسي: لأعتذرنّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلأبرئنّ صدره، فانصرفت، فقال: السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل؟ قال: قلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحقّ ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت. فقال:
رحمك الله. ثم لم يعد لي في شيء مما كان يقول.
وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم رجع من بعض غزواته، فاستقبلته جارية، من جواري المدينة، فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدّف. فقال صلّى الله عليه وسلّم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلّا فلا. قال: فضربت،
ثم جاء أبو بكر وهي تضرب، وجاء عليّ كرّم الله وجهه وهي تضرب، ثم جاء عمر رضي الله عنه فألقته وقعدت عليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الشيطان ليفرق منك يا عمر.(2/102)
وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم رجع من بعض غزواته، فاستقبلته جارية، من جواري المدينة، فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدّف. فقال صلّى الله عليه وسلّم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلّا فلا. قال: فضربت،
ثم جاء أبو بكر وهي تضرب، وجاء عليّ كرّم الله وجهه وهي تضرب، ثم جاء عمر رضي الله عنه فألقته وقعدت عليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الشيطان ليفرق منك يا عمر.
شكا عيينة بن حصن إلى نعيمان صعوبة الصيام عليه، فقال له: صم بالليل. فروي أنه دخل عيينة على عثمان رضي الله عنه وهو يفطر في شهر رمضان. فقال: العشاء. فقال: أنا صائم. قال عثمان رضي الله عنه: الصوم بالليل؟! قال: هو أخفّ عليّ. فيقال: إن عثمان قال: إحدى هنات نعيمان.
وروى بعضهم أنه رأى عمرو بن العاص في مسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم واضعا إحدى يديه على الأخرى يتغنّى بالشعر.
كان رجل يهدي للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم العكّة من السمن أو العسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيقول: أعط هذا ثمن متاعه، فما يزيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يبتسم، ويأمر فيعطى.
دخل صهيب على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوما، وعينه تشتكي، فقال: يا صهيب، أتأكل التمر على علّة عينك؟ فقال: يا رسول الله، إنّما آكله على الشّقّ الصحيح، فضحك عليه السلام حتى بدت نواجذه.
وقيل لسفيان الثوري (1): المزح هجنة؟ قال: بل سنّة.
حكي عن أسلم مولى عمر أنه قال: كنت أنا وعاصم بن عمر وعبد الله بن عمر في سفر، فغنّينا بين يديه، فقال ابن عمر: كلاكما غير محسن، مثلكما مثل حماري العبّادي حين قيل له: أيّ حماريك شرّ؟ قال: هذا، ثم هذا.
كان نعيمان من الصحابة وممّن شهد بدرا، وكان كثير العبث، فمرّ يوما بمخرمة بن نوفل الزهري وهو ضرير فقال له: قدني حتى أبول. فأخذ بيده حتى إذا كان في مؤخّر المسجد قال: اجلس. فجلس يبول، وصاح به الناسّ:
__________
(1) سفيان الثوري: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، من بني ثور بن عبد مناة، من مضر، سيد أهل زمانه في العلم والدين والتقوى، وأمير المؤمنين في الحديث، ولد بالكوفة سنة 97 هـ، أحب المنصور أن يستعمله فرفض. توفي بالبصرة سنة 161هـ (الأعلام 3/ 104).(2/103)
يا أبا المسور إنك في المسجد. فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. قال: لله عليّ أن أضربه ضربة بعصاي إن وجدته. فبلغ ذلك نعيمان. فجاء يوما فقال: يا أبا المسور، هل لك في نعيمان؟ قال: نعم. قال: هو ذا يصلّي، وأخذ بيده فجاء به إلى عثمان رضي الله عنه وهو يصلي، وقال: هذا نعمان. فعلاه بعصاه.
وصاح الناس: ضربت أمير المؤمنين. فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. قال:
لا جرم. لا عرضت له بشرّ أبدا.
وكان نعيمان يصيب الشراب، وكان يؤتي به النبيّ عليه السلام فيضربه بنعله، ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم، ويحثون عليه التراب، فلما كثر ذلك قال له رجل: لعنك الله. فقال عليه الصلاة والسلام: لا تفعل فإنه يحبّ الله ورسوله.
نظر أبو حازم المديني وكان من أعبد الناس وأزهدهم إلى امرأة تطوف بالبيت مسفرة، أحسن من خلق الله وجها، فقال: أيتها المرأة اتق الله، فقد شغلت الناس عن الطواف. فقالت: أو ما تعرفني؟ قال: من أنت؟ فقالت (1):
[الطويل]
من الّلاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفّلا
فقال: فإني أسأل الله ألّا يعذب هذا الوجه الحسن بالنار، فبلغ ذلك سعيد بن المسيب، فقال رحمه الله: أما والله لو كان بعض بغضاء عباد العراق لقال: اعزبي يا عدوّة الله، ولكنه ظرف أهل الحجاز.
حجّ الأعمش (2)، فلما أحرم لاحاه الجمّال في شيء، فرفع عكّازه فشجّه به، فقيل له: يا أبا محمد وأنت محرم؟ فقال إنّ من تمام الإحرام شجّ الجمّال.
__________
(1) البيت لعائشة بنت طلحة في العقد الفريد 6/ 109، وبلا نسبة في الأزهية ص 306، ولسان العرب (تا)، (ذا).
(2) الأعمش: هو الحافظ أبو العلاء حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف الهمداني، نزيل بغداد، الشهير بالأعمش، توفي سنة 512هـ، صنّف «الأمالي في الحديث» عدة مجالس (كشف الظنون 5/ 335).(2/104)
قال بعضهم: شيعت عبد العزيز بن المطلب المخزوميّ، وهو قاضي مكة إلى منزله، وبباب المسجد مجنونة تقول: أرّق عيني ضراط القاضي. فقال:
أتراها تعني قاضي مكة؟.
خرج الأعمش يوما وهو يضحك، فقال لأصحابه: أتدرون ممّ أضحك؟
قالوا: لا. قال: إني كنت قاعدا في بيتي، فجعلت ابنتي تنظر في وجهي، فقلت: يا بنية، ما تنظرين في وجهي؟ قالت: أتعجّب من رضا أمّي بك!!.
قال بعضهم: كنا عند الشعبيّ (1) جلوسا، فمرّ حمّال على ظهره دنّ خلّ، فلما رأى الشعبي وضع الدن، وقال للشعبي: ما كان اسم امرأة إبليس؟ قال:
ذاك نكاح ما شهدناه.
وسأله آخر عن أكل الذّبّان، فقال: إن اشتهيت فكل.
وسئل عن لحم الشيطان؟ فقال: نحن نرضى عنه بالكفاف.
قال ابن عمر لجاريته وأراد مزاحها: خالقي خالق الكرام، وخالقك خالق اللئام.
وسأل رجل الشعبيّ عن المسح على اللحية، فقال: خلّلها بأصابعك.
فقال: أخاف ألّا تبلّها. قال الشعبي: إن خفت فانقعها من أول الليل.
وسأله آخر: هل يجوز للمحرم أن يحكّ جسده؟ قال: نعم. قال: مقدار كم؟ قال: حتى يبدو العظم.
وروى في مجلسه حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «تسحّروا ولو أن يضع أحدكم إصبعه على التراب ثم يضعه في فيه» فقال رجل: أيّ الأصابع؟ فتناول الشعبي إبهام رجله وقال: هذه.
وسأله رجل فقال: هل أسلّم على القوم وهم يأكلون؟ قال: إن أردت أن تأكل معهم فسلّم.
__________
(1) الشعبي: هو عامر بن شراحيل الشعبي المتوفّى سنة 103هـ، صنّف «الكفاية في العبادة والطاعة». (كشف الظنون 5/ 435).(2/105)
جاء رجل إلى أبي حنيفة فقال له: إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر لأغتسل فإلى القبلة أفضل أن أتوجه أو إلى غير القبلة؟ فقال له: الأفضل أن يكون وجهك إلى ثيابك التي تنزعها لئلّا تسرق.
ودخل رجل على الشعبيّ وهو في المسجد ومعه امرأة فقال: أيكما الشعبي؟ فقال: هذه. وأشار إلى المرأة.
خرج الأعمش يوما إلى جماعة حضروا مجلسه ليحدثهم وهو يضحك، فسألوه عن ضحكه فقال: طلبت مني ابنتي قطعة، فقلت لها: ليس معي. فقالت لأمّها: أنت ما وجدت أحدا تتزوجين به غير هذا.
وجاء إليه رجل فقال: يا أبا محمد اكتريت حمارا بنصف درهم، وجئتك لتحدثني. فقال له: اكتر بالنصف الآخر وارجع، فما أريد أن أحدّثك.
سئل ابن سيرين (1) عن إنشاد الشعر: هل ينقض الشّعر الوضوء أم لا؟
وكان قائما يصلّي فقال (2): [الطويل]
ألا أصبحت عرس الفرزدق جامحا ... ولو رضيت رشح استه لاستقرّت
ثم كبّر.
قال الشعبي: رأيت ابن عمر واضعا إحدى رجليه على الأخرى وهو ينشد: [الوافر]
يحب الشرب من مال الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس
قال بشر المريسي (3) لعبادة وقد قال له: كيف أنت يا أبا عبد الرحمن، وكيف أنفك؟ وكان أنف بشر كبيرا: ويحك يا عبادة، ما تدع ضلالتك.
عنايتك موكلة بكلّ ناتىء في البدن.
__________
(1) ابن سيرين: هو محمد بن سيرين البصري، الأنصاري بالولاء، أبو بكر، إمام وقته في علوم الدين بالبصرة، وكان حجة في تفسير الأحلام، توفي سنة 110هـ (الأعلام 6/ 154، شذرات الذهب 1/ 138).
(2) البيت لجعفر بن الزبير في الأغاني 8/ 183.
(3) بشر المريسي: هو بشر بن غياث بن عبد الرحمن المريسي، أبو عبد الرحمن الكوفي الحنفي المعتزلي، توفي ببغداد سنة 218هـ، له كتاب «الحجج في الفقه». (كشف الظنون 5/ 232).(2/106)
جاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: إذا خلوت بأهلي تكلمت بكلام أستحي منه، فقال: أفحشه ألذّه.
قال ابن عياش: رأيت على الأعمش فروة مقلوبة، صوفها خارج، فأصابنا مطر، فمررنا بكلب، فتنحّى الأعمش وقال: لا يحسبنا شاة.
وكان يلبس قميصه مقلوبا قد جعل دروزه خارجه ويقول: الناس مجانين، يجعلون الخشن إلى داخل، مما يلي جلودهم.
وكان يقول: إذا رأيتم الشيخ لا يحسن شيئا فاصفعوه.
قال عيسى بن موسى، وهو يلي الكوفة، لابن أبي ليلى: اجمع الفقهاء واحضروني. فجاء الأعمش في جبّة فرو وقد ربط وسطه بشريط. فأبطؤوا، فقام الأعمش فقال: إن أردتم أن تعطونا شيئا، وإلا فخلّوا سبيلنا، فقال عيسى لابن أبي ليلى: قلت لك تأتيني بالفقهاء فجئتني بهذا! قال: هذا سيدنا الأعمش.
قال عثمان الصيدلاني: شهدت إبراهيم الحربي (1)، وقد أتاه حائك في يوم عيد، فقال: يا أبا إسحق، ما تقول في رجل صلّى صلاة العيد، ولم يشتر ناطقا، ما الذي يجب عليه؟ فتبسم إبراهيم، ثم قال: يتصدق بدرهمين خبزا.
فلما مضى قال: ما علينا أن يفرح المساكين من مال هذا الأحمق.
قال داود الحائك للأعمش: ما تقول في الصّلاة خلف الحائك؟ قال: لا بأس بها على غير وضوء. قال: فما تقول في شهادة الحائك؟ قال: تقبل شهادته مع شاهدين عدلين، فالتفت الحائك وقال: هذا ولا شيء واحد.
قال بعضهم: صرنا إلى باب الأعمش، فرأيناه واقفا ببابه، فلما رآنا أسرع الدخول، ثم أسرع الخروج، فقلنا له في ذلك، فقال: رأيتكم فأبغضتكم، فدخلت إلى من هو أبغض منكم فخرجت إليكم.
__________
(1) إبراهيم الحربي: هو إبراهيم بن إسحق بن بشر الحربي، من أعلام المحدثين، توفي سنة 285هـ (انظر كتاب الثقات 8/ 89).(2/107)
كان المتوكل يلعب بالنّرد مع الفتح بن خاقان (1)، فقيل له: يحيى بن أكثم (2) يستأذن. فأمر برفع النّرد، ودخل يحيى، فلما جلس قال له: يا يحيى، إن فتحا احتشمك وأمر برفع النرد، فقال: يا أمير المؤمنين، لم يكن به احتشامي، ولكنه خاف أن أعلم عليه.
كان للأعمش ابن يتنسّك، فكان أبوه يتوقّر بحضرته، وكان فيه دعابة، فقال يوما: اشهدوا على ابني هذا أنه ابني لا يدعى غدا أنه أبي.
دخل أبو حنيفة رحمة الله عليه على الأعمش يعوده فقال: يا أبا محمد، لولا أنه يثقل عليك لعدتك في كل يوم. قال: أنت تثقل عليّ وأنت في بيتك، فكيف في بيتي؟.
كان أبو يوسف يكتب كتابا، وعن يمينه رجل يلاحظ ما يكتب، وفطن به أبو يوسف (3)، فلما فرغ من الكتاب التفت إلى الرجل، فقال: هل رأيت سقطا؟
قال: لا. قال أبو يوسف: جزيت عن الغباوة خيرا.
__________
(1) الفتح بن خاقان: هو الفتح بن محمد بن عبد الله الوزير، أبو النصير القيسي الإشبيلي، المعروف بابن خاقان، كان وزيرا للمتوكل، قتل بمراكش سنة 528هـ، من تصانيفه: «بداية المحاسن وغاية المحاسن» في مجموع مراسلاته، «قلائد العقيان في محاسن الأعيان»، «كنز الفوائد»، «مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس» ثلاث نسخ صغرى وكبرى ووسطى (كشف الظنون 5/ 814).
(2) يحيى بن أكثم: هو أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي، من ولد أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب، كان عالما بالفقه بصيرا بالأحكام، ولّاه المأمون القضاء ببغداد، توفي سنة 242هـ، وقيل: سنة 243هـ. (مروج الذهب 3/ 436434، وفيات الأعيان 6/ 165147، النجوم الزاهرة 2/ 217، الأعلام 8/ 138).
(3) أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد الأنصاري الكوفي البغدادي أبو يوسف، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه وأول من نشر مذهبه، كان فقيها علامة من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة سنة 113هـ. ولزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي، وولي القضاء ببغداد كان يقال له: قاضي قضاة الدنيا. توفي سنة 182هـ. له من المصنّفات: «اختلاف الأمصار»، «أدب القاضي» على مذهب أبي حنيفة، «أمالي في الفقه»، «كتاب البيوع»، «كتاب الجوامع»، «كتاب الحدود»، «كتاب الخراج»، «كتاب الرد على مالك بن أنس»، «كتاب الزكاة»، «كتاب الصلاة»، «كتاب الصيام»، «كتاب الصيد والذبائح»، «كتاب الغصب والاستبداد»، «كتاب الفرائض»، كتاب الوصايا»، «كتاب الوكالة»، «مبسوط في الفروع» ويسمى الأصل (كشف الظنون 6/ 536).(2/108)
قال المنصور يوما لعبد الله بن عياش المنتوف: قد بغّضت إليّ صورتك عشرتك، وحلفت بالله لئن نتفت شعرة من لحيتك لأقطعنّ يدك. فأعفاها حتى اتّصلت، فكان عنده يوما وحدّثه بأحاديث استحسنها، فقال له: سل حاجتك.
فقال: نعم يا أمير المؤمنين، تقطعني لحيتي أعمل بها ما أريد. فضحك المنصور وقال له: قد فعلت.
خطب باقلّانيّ إلى قوم وذكر أنّ الشعبيّ يعرفه فسألوه عنه فقال: إنه لعظيم الرماد كثير الغاشية.
حكي أنّ أبا عمر القاضي كان يسير مع بعض العدول في صحراء، فسمعا صوت الرّباب من يد حاذق، فقال العدل: ما أحسن هذا الضرب! فقال أبو عمر: الضرب، الضرب، كأنه ينكر هذا هو السحر، فقال العدل: القاضي أعزّه الله أحدق منّي بالصّناعة.
قيل: إنه لم يعرف لعلي بن عيسى الوزير مزح قط، ولا سقطة في اللفظ إلا اليسير، فمن ذلك أنه قطع أرزاق الصفاعنة، فاجتمعوا ووقفوا على طريقه، فلما قرب منهم وضعوا عمائمهم، وصفع بعضهم بعضا صفعا عظيما. فقال:
نطلق لهم أرزاقهم فإن عملهم صعب.
ومن ذلك أن غلاما من أولاد الحجريّة توفي أبوه، فأسقط رزقه، فاستعان على الوزير بأبي بكر بن مجاهد، وكان قريبا من قلبه وسأله مسألة الوزير فيه، فكتب له أبو بكر رقعة، فيها أنه من أولاد الحجرية، وأن من حاله كيت وكيت وأنه يصلح، فلما قرأها علي بن عيسى كتب بعد «يصلح»: لحمل السلاح، ثم وقع فيها بردّ أرزاق أبيه عليه.
جاز الأعمش يوما بابن له صغير وهو عريان، يلعب في الطين مع الصبيان فلم يثبته، فقال لبعض من كانوا معه: انظر إلى هذا، ما أقذره من صبيّ وأطفسه! ويجوز أن يكون أبوه أقذر منه. فقال له صاحبه: هذا ابنك محمد.
ففتح عينيه ومسحهما، ونظر إليه وتأمّله، ثم قال: انظروا إليه بحقّ الله عليكم، كيف يتقلّب في الطين كأنه شبل؟ عين الله عليه.
قيل للأعمش: ما تصنع عند مظهر أخي يقطين؟ قال: آتيه كما آتي الحشّ! إذا كانت بي إليه حاجة.(2/109)
ففتح عينيه ومسحهما، ونظر إليه وتأمّله، ثم قال: انظروا إليه بحقّ الله عليكم، كيف يتقلّب في الطين كأنه شبل؟ عين الله عليه.
قيل للأعمش: ما تصنع عند مظهر أخي يقطين؟ قال: آتيه كما آتي الحشّ! إذا كانت بي إليه حاجة.
ومرض فعاده رجل، وأطال الجلوس ثم قال له: يا أبا محمد، ما أشدّ ما مرّ بك في علّتك هذه؟ قال: دخولك إليّ. وعاده آخر فقال: كيف تجدك؟
قال: في جهد من رؤيتك، قال: ألبسك الله العافية. قال: نعم. منك.
حضر يحيى بن أكثم مجلس المتوكل، وتغدّى، ثم حضر الشراب والغناء، فقال له المتوكل: يا يحيى، قد كثر التخليط، وليس هذا وقتك. فقال يحيى بن أكثم: ما كنتم إلى قاض قطّ أحوج منكم إليه إذا كثر التخليط.
فضحك وأمر له بمال.
أقرّ رجل عند شريح بشيء، ثمّ ذهب لينكر، فقال شريح: قد شهد عليك ابن أخت خالتك. يعني: أنك أقررت على نفسك.
اشترى رجل من رجل شاة فإذا هي تأكل الذّبّان، فخاصمه إلى شريح فقال: لبن طيب وعلف مجان.
مرّ شريح بمجلس لهمدان فسلّم، فردّوا عليه وقاموا له فرحبوا. فقال: يا معشر همدان، إني لأعرف أهل بيت منكم لا يحلّ لهم الكذب. قالوا: من هم يا أبا أمية؟ قال: ما أنا بالذي أخبركم بهم. قال: فجعلوا يسألونه وتبعوه ميلا أو قرابة ميل، ويقولون: يا أبا أمية من هم؟ وهو يقول: لا أخبركم، فانصرفوا عنه وهم يتلهفون ويقولون: ليته أخبرنا بهم.
قال ابن أبي ليلى: انصرفت مرة مع الشعبيّ من مجلس القضاء أنا وجرير بن يزيد وهو يمشي بيننا فمررنا بخادمة سوداء تغسل ثوبا في إجّان على باب دار، وهي تقول:
فتن الشعبي لما ... فتن الشعبي لما
وتكرره، فلما رأته سكتت فقال الشعبي:
رفع الطّرف إليها
وقال أردت أن يخرج اسمي من فمها.
دخل الشعبيّ وليمة فقال: ما بالكم كأنكم اجتمعتم على جنازة؟ أين الغناء والدّف؟.(2/110)
رفع الطّرف إليها
وقال أردت أن يخرج اسمي من فمها.
دخل الشعبيّ وليمة فقال: ما بالكم كأنكم اجتمعتم على جنازة؟ أين الغناء والدّف؟.
قال الأعمش لجليس له: تشتهي سمكا زرق العيون بيض البطون، سود الظهور، وأرغفة باردة لينة، وخلا حاذقا؟ قال: نعم. قال: فانهض بنا. قال الرجل: فنهضت معه ودخل ودخلت معه.
فقال: جرّ تلك السلة. قال: فكشفتها فإذا فيها رغيفان يابسان وسكرّجة وكامخ وشبثّ، فجعل يأكل وقال: تعال وكل. قلت: فأين السمك؟ قال: ما قلت لك إنّ عندي سمكا، إنما قلت لك: أتشتهيه؟.
واشترى جارية فقال له أصحابه: كيف رأيتها؟ قال: فيها من صفة الجنة خصلتان: برد وسعة.
وحدّث سليمان مولى الشعبي، أنّ الشعبيّ كان إذا اختضب فغرض لاعب ابنته بالنّرد حتى يعلق الخضاب.
قال حفص بن غياث: أتيت باب الأعمش فسألته عن حديث، فألجأني إلى الحائط، وعصر حلقي وأفلتني، فعدوت وقلت: والله لأشكونّك إلى أبي.
فقال: ردّوه، لا يقعد لنا في طريق الخير. وكان غياث أبوه يجري على الأعمش.
ذكر أن ميسرة المكي قال: لما نفى المتوكل يحيى بن أكثم إلى مكة كنّا ندخل إليه، فذكرت له فأراد مداعبتي ليتسقّطني فقال: كم سنّك؟ قلت:
أعزّك الله، أنا أذكر موت الرشيد، وأنا قابض على لحيتي. وقبض على لحيته. قال: فاشتغل يحيى بالحساب، وبقي الناس ينظرون، ثم فطن فتبسّم وقال: نعم أنا أذكر موت آدم وأنا قابض على لحيتي. قال: ولم يعد إلى شيء من مداعبتي.
وسأل يحيى عن أخبار الناس فقيل له: ولّي بغا الكبير حرب دمشق، وجعل له أنه أمير كلّ موضع دخله. فقال يحيى: وإن دخل من حيث خرج!؟.
وذكر عنده البراق يوما، فقال: قد رووا أنه دون الغل وفوق الحمار، وأن خطوه منتهى بصره. فإن كان على ذلك فهو شبكور. فكان الناس يطعنون في دينه لهذا الكلام وأمثاله.(2/111)
وسأل يحيى عن أخبار الناس فقيل له: ولّي بغا الكبير حرب دمشق، وجعل له أنه أمير كلّ موضع دخله. فقال يحيى: وإن دخل من حيث خرج!؟.
وذكر عنده البراق يوما، فقال: قد رووا أنه دون الغل وفوق الحمار، وأن خطوه منتهى بصره. فإن كان على ذلك فهو شبكور. فكان الناس يطعنون في دينه لهذا الكلام وأمثاله.
وقال لرجل من أمنائه يكنى أبا عوف: نصف كنيتك يطفىء السراج.
وكان يغشاه رجل يدعى الحارث، ويكنى أبا الأسد، فقال له: أنت الأسد أبو الحارث؟ فقال: أصلحك الله أنا الحارث أبو الأسد. قال: أنت في الرجال أم أنتها في النساء؟.
وكان إسماعيل بن إسحق يصحب يحيى بن أكثم، فركب يحيى يوما يريد العبور على الجسر على حمار، وإسماعيل معه على حمار له مع أصحابه، فامتنع حمار يحيى من العبور، فتقدم إسماعيل وعبر حماره، وتبعه حمار يحيى وحمير من كانوا معه من أصحابه. فقال إسماعيل: حماري يتقدم حميركم، كذا صاحبه يتقدمكم. فقال يحيى بالحمارية!.
وروي عن أبي رشدين قال: رأيت أبا هريرة يلعب بالسّدر.
وقال أنس: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وللأنصار يومان يلعبون فيهما، فقال: «قد أبدلكما الله خيرا منهما: الفطر والنحر».
وأمر عليه السلام عليّا في أيام التشريق أن ينادى: إنّها أيام أكل وشرب وبعال.
وكان أبو حازم من المشهورين في الزّهد والنّسك، وكان يجلس في المسجد الحرام، وكان النساء يمررن على النوق في الهوادج، فكان إذا مرت الحسناء البارعة قال من حضر من القرشيين: بارقة! وإذا مرّت قبيحة سكتوا، فمرت بهم يوما قبيحة وسكتوا، فقال أبو حازم: صاعقة! فتعجبوا من ذلك مع زهده.
ويقال: إنه لم يمزح عمر بن عبد العزيز بعد الخلافة إلا مرتين: إحداهما أن عديّ بن أرطاة كتب إليه يستأذنه في أن يتزوج ابنة أسماء بن خارجة، فكتب إليه:
أما بعد، فقد أتاني كتابك تستأذن في هند، فإن يكن بك قوة فأهلك الأوّلون أحقّ بك وبها. وإن يكن بك ضعف فأهلك الأوّلون أعذر لك، ولكنّ الفزاريّ، والسلام. يريد بذلك قول الشاعر (1): [البسيط](2/112)
ويقال: إنه لم يمزح عمر بن عبد العزيز بعد الخلافة إلا مرتين: إحداهما أن عديّ بن أرطاة كتب إليه يستأذنه في أن يتزوج ابنة أسماء بن خارجة، فكتب إليه:
أما بعد، فقد أتاني كتابك تستأذن في هند، فإن يكن بك قوة فأهلك الأوّلون أحقّ بك وبها. وإن يكن بك ضعف فأهلك الأوّلون أعذر لك، ولكنّ الفزاريّ، والسلام. يريد بذلك قول الشاعر (1): [البسيط]
إن الفزاريّ لا ينفكّ مغتلما ... من النواكه دهدارا بدهدار
وأما الثانية، فإن رجلا من أهل أمج يقال له: حميد، هجاه ابن عم له فقال (2): [المتقارب]
حميد الذي أمج داره ... أخو الخمر والشيبة الأصلع
فقد مرّ حميد بعد ذلك على عمر، ولم يعرفه فقال له: من أنت؟ قال:
أنا حميد. فقال عمر: الذي أمج داره؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما شربتها منذ عشرين سنة. فقال: صدقت، وإنما أردت أن أبسطك. وجعل يعتذر إليه.
كان الشعبيّ كاتبا لبشر بن مروان، فدخل عليه يوما وعنده جارية تغنّيه، فاحتشم منه بشر، فقال الشعبيّ: إنّ الرجل لا يستحي من كاتبه وخادمه، فأمرها بشر فغنت، وقال له: كيف تسمع؟ فقال: الصغير أكيسها. يعني الزير (3).
__________
(1) البيت لابن دارة في مجمع الأمثال 1/ 267، ولسان العرب (دهدر).
(2) البيت لحميد الأمجي في معجم ما استعجم 1/ 191، ولابن عم حميد في العقد الفريد 6/ 352، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 664، وخزانة الأدب 11/ 376، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 535، والمقتضب 2/ 313، ونوادر أبي زيد ص 117.
(3) الزير: اسم وتر من أوتار العود، فارسية معرّبة.(2/113)
الباب السابع الجوابات المسكتة الحاضرة
قدم حمّاد بن جميل من فارس، فنظر إليه يزيد بن المنجاب وعليه جباب وشي، فقال: {هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (1) [الإنسان: الآية 1]، فقال حماد: {كَذََلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللََّهُ عَلَيْكُمْ}
[النّساء: الآية 94].
جاء رجل إلى عمر فقال: أعطني. فقال: والله لا أعطيك. قال: والله لتعطينّي. قال: ولم لا أبا لك؟ قال: لأنه مال الله، وأنا من عيال الله. قال:
صدقت.
قال الربيع يوما بين يدي المهدي لشريك: بلغني أنّك خنت أمير المؤمنين. فقال له شريك: مه، لا تقولنّ ذاك، لو فعلنا لأتاك نصيبك.
خطب رجل إلى عبد الله بن عباس يتيمة كانت في حجره، فقال له:
لا أرضاها لك. قال: ولم ذاك؟ قال: لأنها تشرف وتنظر، وهي مع ذلك بريّة، فقال: إني لا أكره ذلك، فقال ابن عباس: أما الآن فإني لا أرضاك لها.
قال معاوية لعمرو بن سعيد: إلى من أوصى بك أبوك؟ فقال: إنّ أبي أوصى إليّ ولم يوص بي.
وقال عمرو بن العاص لعبد الله بن عباس: اسمع يا ابن أخي. فقال:
كنت ابن أخيك. وأنا اليوم أخوك.
قال رجل من أهل الحجاز لابن شبرمة: من عندنا خرج العلم. قال: ثم لم يعد إليكم.
قال بلال بن أبي بردة للهيثم بن الأسود: أنا ابن أحد الحكمين. فقال:(2/114)
قال رجل من أهل الحجاز لابن شبرمة: من عندنا خرج العلم. قال: ثم لم يعد إليكم.
قال بلال بن أبي بردة للهيثم بن الأسود: أنا ابن أحد الحكمين. فقال:
أما أحدهما ففاسق، وأما الآخر فمائق فابن أيهما أنت؟.
وقال رجل من ولد أبي موسى لشريك: هل كان عليّ رضي الله عنه يقنت في الفجر؟ فقال: نعم، ويلعن فيه أباك.
دخلت وفود على عمر بن عبد العزيز، فأراد فتى منهم الكلام، فقال عمر: ليتكلم أسنّكم. فقال الفتى: يا أمير المؤمنين إنّ قريشا لترى فيها من هو أسنّ منك. فقال: تكلم يا فتى.
لقي محمد بن أسباط عبد الله بن طاهر في جبّة خزّ، فقال: يا أبا جعفر، ما خلّفت للشتاء؟ قال: خلع الأمير.
قال ابن الزيّات لبعض أولاد البرامكة: من أنت، ومن أبوك؟ قال: أبي الذي تعرفه، ومات وهو لا يعرفك.
كان لشيطان الطاق ابن محمّق، فقال أبو حنيفة له: أنت من ابنك هذا في بستان. قال: هذا لو كان إليك.
دخل بعضهم على عبد الملك، فقال: الحمد لله الذي ردّك على عقبيك. فقال: ومن ردّ إليك فقد ردّ على عقبيه، فسكت.
لما قال مسكين الدارمي (1): [السريع]
ناري ونار الجار واحدة ... وإليه قبلي تنزل القدر
قالت امرأته: صدق لأنّها نار الجار وقدره.
قال الرشيد لإسماعيل بن صبيح: وددت أنّ لي حسن خطّك. فقال: يا أمير المؤمنين، لو كان حسن الخط مكرمة، لكان أولى الناس بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال عمر بن عبد العزيز لرجل: من سيّد قومك؟ قال: أنا. قال: لو كنت سيدهم ما قلت.
__________
(1) البيت في الشعر والشعراء ص 530.(2/115)
وقال معاوية لعقيل ليلة الهرير: أنت معنا يا أبا يزيد؟ قال: ويوم بدر كنت معكم.
دخل شاب من بني هاشم على المنصور، فسأله عن وفاة أبيه، فقال:
مرض رضي الله عنه يوم كذا، ومات رحمه الله يوم كذا، وترك رضي الله عنه من المال كذا فانتهره الربيع وقال: بين يدي أمير المؤمنين توالي الدعاء لأبيك! فقال الشابّ له: لا ألومك لأنك لا تعرف حلاوة الآباء. قال: فما علمنا أنّ المنصور ضحك في مجلسه قط ضحكا افترّ عن نواجذه إلا يومئذ.
قال بعضهم وقد باع ضيعة من آخر له: أما والله لقد أخذتها ثقيلة المؤونة، قليلة المعونة. فقال: وأنت والله لقد أخذتها بطيئة الاجتماع، سريعة التفرق.
قال رجل لعمرو بن العاص: والله لأتفرّغنّ لك. فقال: هناك والله وقعت في الشغل.
قيل لأبي الأسود الدؤلي: أشهد معاوية بدرا؟ قال: نعم، من الجانب الآخر.
قال الحجاج لصالح بن عبد الرحمن الكاتب: إني فكرت فيك فوجدت مالك ودمك لي حراما. قال: أشد ما في هذا أيها الأمير واحدة. قال: وما هي؟ قال: إن هذا بعد الفكرة. يريد: أن هذا مبلغ عقلك.
نظر ثابت بن عبد الله بن الزبير إلى أهل الشام فشتمهم، فقال له سعيد بن خالد بن عثمان بن عفان: إنما تنتقصهم لأنهم قتلوا أباك. قال: صدقت لقد قتلوا أبي، ولكنّ المهاجرين والأنصار قتلوا أباك.
خطب أبو الهندي وهو خالد بن عبد القدوس بن شيث بن ربعي، إلى رجل من بني تميم فقال له: لو كنت مثل أبيك لزوجتك، فقال أبو الهندي:
لكن لو كنت مثل أبيك ما خطبت إليك.
ووقف عليه نصر بن سيّار وهو سكران، فسبّه، وقال له: ضيعت شرفك.
فقال: لولا أني ضيعت شرفي لم تكن أنت والي خراسان.
جلس محمد بن عبد الملك يوما للمظالم، وحضر في جملة الناس رجل زيّه زيّ الكتاب، فجلس بإزائه، ومحمد ينفذ الكلام وهو لا يتكلم. ومحمد يتأمله، فلما خفّ مجلسه قال له: ما حاجتك؟ قال: الساعة أذكرها. فلما خلا المجلس تقدم وقال: جئتك أصلحك الله متظلما. قال: ممن؟ قال: منك.(2/116)
فقال: لولا أني ضيعت شرفي لم تكن أنت والي خراسان.
جلس محمد بن عبد الملك يوما للمظالم، وحضر في جملة الناس رجل زيّه زيّ الكتاب، فجلس بإزائه، ومحمد ينفذ الكلام وهو لا يتكلم. ومحمد يتأمله، فلما خفّ مجلسه قال له: ما حاجتك؟ قال: الساعة أذكرها. فلما خلا المجلس تقدم وقال: جئتك أصلحك الله متظلما. قال: ممن؟ قال: منك.
قال: منّي؟! قال: نعم. ضيعة لي في يد وكيلك يحمل إليك غلّتها ويحول بيني وبينها. قال: فما تريد؟ قال: تكتب بتسليمها إليّ. قال: هذا نحتاج فيه إلى شهود وبيّنة وأشياء كثيرة. قال الرجل: الشهود هم البينة و «أشياء كثيرة» عيّ منك. فخجل محمد وهاب الرجل، وكتب له بما أرضاه.
قال الحجاج ليحيى بن سعيد بن العاص: أخبرني عبد الله بن هلال صديق إبليس أنك تشبه إبليس. قال: وما ينكر الأمير أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجن.
لما هرب ابن هبيرة من خالد بن عبد الله القسري قال له: أبقت إباق العبد. فقال له: نعم حين نمت نومة الأمة عن عجينها.
دخل رجل من ولد قتيبة بن مسلم الحمام، وبشار بن برد في الحمام، فقال: يا أبا معاذ وددت أنك مفتوح العين. قال: ولم؟ قال: لترى استي فتعرف أنك قد كذبت في شعرك حيث تقول (1): [الوافر]
على أستاه سادتهم كتاب ... «موالي عامر» وسم بنار
قال: غلطت يا ابن أخي. إنما قلت: على أستاه سادتهم، ولست منهم.
دخل إياس بن معاوية الشام وهو غلام، فقدم خصما له وكان شيخا كبيرا إلى قاضي عبد الملك، فقال له القاضي: أتقدم شيخا كبيرا؟ قال: الحقّ أكبر منه. قال: اسكت. قال: فمن ينطق بحجتي؟ قال: لا أظنك تقول حقّا حتّى تقوم. قال: لا إله إلّا الله. فقام القاضي فدخل على عبد الملك من
__________
(1) البيت في ديوان بشار بن برد ص 122 (طبعة دار الثقافة). وفي الديوان: «وسما بنار» بدل:
«وسم بنار».(2/117)
ساعته فأخبره بالخبر. فقال: اقض حاجته الساعة، وأخرجه من الشام لئلّا يفسد علينا الناس.
ودخل عبيد الله بن زياد بن ظبيان وكان أفتك الناس وأخطب الناس على عبد الملك، فأراد أن يقعد معه على السرير، فقال له عبد الملك: ما بال الناس يزعمون أنك لا تشبه أباك؟ قال: والله لأنا أشبه بأبي من الليل بالليل، والغراب بالغراب، والماء بالماء، وإن شئت أنبأتك عمن لا يشبه أباه. قال:
ومن ذلك؟ قال: من لم يولد لتمام، ولم تنضجه الأرحام، ومن لم يشبه الأخوال والأعمام. قال: ومن ذاك؟ قال: ابن عمي سويد بن منجوف. قال:
أو كذلك أنت يا سويد؟ قال: نعم.
ولما خرجا من عنده أقبل سويد وقال: وريت بك زنادي. والله ما يسرّني أنك كنت نقصته حرفا وأنّ لي حمر النّعم. قال: والله وأنا ما يسرّني بحلمك اليوم عني سود النعم. وإنما أراد عبيد الله بذلك عبد الملك؟ فإنه كان ولد لسبعة أشهر.
وعبيد الله هو الذي أتى باب مالك بن مسمع، ومعه نار ليحرّق عليه داره، وقد كان نابه أمر فلم يرسل إليه قبل الناس، فأشرف عليه مالك. فقال:
مهلا يا أبا مطر. والله إن في كنانتي سهم أنا أوثق به منّي بك. قال: وإنّك لتعدّني في كنانتك، فو الله أن لو قمت فيها لطلتها، ولو قعدت فيها لخرقتها.
قال: مهلا، أكثر الله في العشيرة مثلك. قال: لقد سألت ربّك شططا.
قال رجل لرقبة بن مصقلة: ما أكثرك في كلّ طريق! فقال له: لم تستكثر مني ما تستقلّه من نفسك؟ هل لقيتني في طريق إلّا وأنت فيه؟
ولمّا دخل إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة البصرة قال: هممت أن أؤدّب من خالف أبا حنيفة في مسألة. قال له قائل: هل كان أبو حنيفة يؤدب من خالفه؟ قال: لا. قيل له، فأدّب نفسك فقد خالفته.
حدّث بعضهم قال: خرجت في حاجة فلما كنت بالسّيالة وقفت على باب ابن هرمة فصحت: يا أبا إسحق، فأجابتني ابنته قالت: خرج آنفا. قال:
فقلت: هل من قرى، فإني مقو من الزاد. قالت: لا والله. قلت: فأين قول أبيك (1): [المنسرح](2/118)
حدّث بعضهم قال: خرجت في حاجة فلما كنت بالسّيالة وقفت على باب ابن هرمة فصحت: يا أبا إسحق، فأجابتني ابنته قالت: خرج آنفا. قال:
فقلت: هل من قرى، فإني مقو من الزاد. قالت: لا والله. قلت: فأين قول أبيك (1): [المنسرح]
لا أمتع العود بالفصال، ولا ... أبتاع إلا قريبة الأجل
قالت: فذاك أفناها.
قال المهديّ يوما لشريك، وعيسى بن موسى عنده: لو شهد عندك عيسى كنت تقبله؟ وأراد أن يغري بينهما. فقال شريك: من شهد عندي سألت عنه، ولا يسأل عن عيسى غير أمير المؤمنين، فإن زكّيته قبلته. فقلبها عليه.
قيل لسعيد بن المسيب وقد كفّ: ألا تقدح عينك. قال: حتّى أفتحها على من؟.
قال مروان يوم الزّاب لحاجبه وقد ولّى منهزما: كرّ عليهم بالسيف.
فقال: لا طاقة لي بهم. فقال: والله لئن لم تفعل بهم لأسوءنّك. قال: وددت أنّك تقدر على ذلك.
ركب الرشيد وجعفر بن يحيى يسايره، وقد بعث عليّ بن عيسى بهدايا خراسان بعد ولاية الفضل بن يحيى، فقال الرشيد لجعفر: أين كان هذا في أيام أخيك؟ قال: في منازل أهله.
قال بحيرا الراهب لأبي طالب: احذر على ابن أخيك، فإنه سيصير إلى كذا وكذا. قال: إن كان الأمر كما وصفت فإنّه في حصن من الله.
قال رجل مطعون النسب لأبي عبيدة (2) لمّا عمل كتاب المثالب: سببت العرب جميعا. قال: وما يضرّك؟ أنت خارج من ذلك. قيل لإياس بن معاوية:
إنك لتعجب برأيك. قال: لو لم أعجب به لم أقض به.
قال رجل لعامر بن الطفيل: استأسر. قال: بيت أمّك لا يسعني.
__________
(1) البيت في عيون الأخبار 3/ 249، وذيل الأمالي ص 110.
(2) أبو عبيدة: هو الحافظ معمر بن المثنى التميمي البصري المنشأ، بغدادي الدار والوفاة. الفقيه اللغوي الإخباري، ولد سنة 110هـ، وتوفي سنة 203هـ، له العشرات من المصنّفات، ذكرها حاجي خليفة في كشف الظنون 6/ 467466.(2/119)
قال الرشيد ليزيد بن مزيد في لعب الصوالجة كن مع عيسى بن جعفر فأبى، فغضب الرشيد وقال: أتأنف أن تكون معه؟ قال: قد حلفت لأمير المؤمنين ألّا أكون عليه في جدّ ولا هزل.
دخل الحجاج دار عبد الملك، فقال له خالد بن يزيد: ما هذا السيف، وإلى متى هذا القتل؟ قال: ما دام بالعراق رجل يشهد أنّ أباك كان يشرب الخمر.
قيل لأبي عبيدة: «الأصمعيّ دعيّ». قال: ليس في الدنيا أحد يدّعي إلى أصمع.
وقع في بعض الثغور نفير فخرج رجل، ومعه قوس بلا نشاب، فقيل له: أين النشاب؟ قال: يجيء الساعة إلينا من عند العدو. قالوا: فإن لم يجىء؟
قال: إن لم يجىء لم تكن بيننا وبينهم حرب.
قال رجل لهشام بن الحكم أليس اختصم العباس وعليّ إلى عمر؟ قال:
بلى. قال: فأيّهما كان الظالم؟ قال: ليس فيهما ظالم. قال: يا سبحان الله، كيف يتخاصم اثنان وليس فيهما ظالم؟ قال: كما تخاصم الملكان إلى داود عليه السلام وليس فيهما ظالم.
قال رجل لشريك: أخبرني عن قول عليّ رضي الله عنه لابنه الحسن:
ليت أباك مات قبل هذا اليوم بعشرين سنة. أقاله وهو شاكّ في أمره؟ قال له شريك: أخبرني عن قول مريم: {يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا} [مريم: الآية 23]. أقالته وهي شاكّة في عفّتها؟ فسكت الرجل.
استأذن أبو سفيان على عثمان رضي الله عنه فحجبه، فقيل له: حجبك أمير المؤمنين. فقال: لا عدمت من قومي من إذا شاء حجبني.
دخل الوليد بن يزيد على هشام، وعلى الوليد عمامة وشي، فقال هشام:
بكم أخذت عمامتك؟ قال: بألف درهم. فقال هشام: عمامة بألف؟ يستكثر ذلك فقال الوليد: يا أمير المؤمنين إنّها لأكرم أطرافي. وقد اشتريت أنت جارية بعشرة آلاف درهم لأخسّ أطرافك.
بات المفضّل الضّبّي (1) عند المهدي. فلم يزل يحدثه وينشده حتى جرى ذكر حمّاد الراوية، فقال له المهديّ: ما فعل عياله؟ ومن أين يعيشون؟ قال: من ليلة مثل هذه كانت له مع الوليد بن يزيد.(2/120)
بكم أخذت عمامتك؟ قال: بألف درهم. فقال هشام: عمامة بألف؟ يستكثر ذلك فقال الوليد: يا أمير المؤمنين إنّها لأكرم أطرافي. وقد اشتريت أنت جارية بعشرة آلاف درهم لأخسّ أطرافك.
بات المفضّل الضّبّي (1) عند المهدي. فلم يزل يحدثه وينشده حتى جرى ذكر حمّاد الراوية، فقال له المهديّ: ما فعل عياله؟ ومن أين يعيشون؟ قال: من ليلة مثل هذه كانت له مع الوليد بن يزيد.
لما قال أبو العتاهية (2): [مجزوء الكامل] فاضرب بطرفك حيث شئت، فلن ترى إلا بخيلا قيل له: بخّلت الناس كلّهم. قال: فأكذبوني بواحد.
دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إلى القضاء. فأبى، فحبسه، ثم دعا به، فقال له: أترغب عمّا نحن فيه؟ فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح القضاء. فقال: كذبت. فقال أبو حنيفة: قد حكم عليّ أمير المؤمنين أني لا أصلح للقضاء لأنه نسبني إلى الكذب، فإن كنت كاذبا فأنا لا أصلح، وإن كنت صادقا، فطني قد صدقت عن نفسي أنّي لا أصلح. فردّه إلى الحبس.
قال الحسن بن سهل: ما نكأ قلبي كقول خاطبني به أعرابيّ يحجّ يوما بالعرب، فقلت له: رأيت منازلكم وخيامكم تلك الصغار، فقال لي بالعجلة:
فهل رأيت فيها من ينكح أمّه أو أخته؟.
قال رجل لآخر: ألا تستحيي من إعطاء القليل؟ فقال: الحرمان أقلّ منه.
شكا يزيد بن أسيد إلى المنصور ما ناله من العباس بن محمد أخيه، فقال المنصور: اجمع إحساني إليك وإساءة أخي، فإنهما يعتدلان. قال: إذا كان إحسانكم إلينا جزاء لإساءتكم، كانت الطاعة منا تفضّلا.
__________
(1) المفضّل الضبيّ: هو أبو عبد الرحمن المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم الرمال، الشهير بالضبي، من أكابر الكوفة، سكن بغداد ومات بها سنة 168هـ من تصانيفه: «كتاب الألفاظ»، «كتاب الأمثال»، «كتاب العروض»، «معاني الشعر»، «المفضليات» وهي مائة وأربعة وعشرون قصيدة جمعها للرشيد الخليفة العباسي (كشف الظنون 6/ 468).
(2) البيت في الأغاني 21/ 147).(2/121)
كتب مالك الروم إلى ملك فارس: كل شيء تقوله كذب. فكتب إليه:
صدقت. أي أني في تصديقك كاذب.
قال بعضهم: التقى رجلان في بعض بلاد الهند، فقال أحدهما للآخر وكان غريبا: ما أقدمك بلادنا؟ فقال: قدمت أطلب علم الوهم. قال: فتوهّم أنك قد أصبته، وانصرف. فأفحمه.
قال رجل لسليمان الشاذكوني: أرانيك الله يا أبا أيوب على قضاء أصبهان. فقال له سليمان: إن كان ولا بدّ فعلي خراجها، فإنّ أخذ مال الأغنياء أسهل من أخذ أموال اليتامى.
قال رجل من ولد عيسى بن موسى لشريك بن عبد الله حين عزل عن القضاء: يا أبا عبد الله، هل رأيت قاضيا عزل؟ قال: نعم، ووليّ عهد خلع.
قال مصعب بن الزبير لسكينة بنت الحسين: أنت مثل البغلة لا تلدين.
قالت: لا والله، ولكن أبى كرمي أن يقبل لؤمك.
قال رجل لآخر: إن قلت كلمة سمعت عشرا. فقال له: لو قلت عشرا.
ما سمعت كلمة.
قال محمد بن مسعر: كنت أنا ويحيى بن أكثم عند سفيان، فبكى سفيان. فقال له يحيى: ما يبكيك يا أبا محمد؟ فقال له: بعد مجالستي أصحاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بليت بمجالستكم. فقال يحيى وكان حدثا: فمصيبة أصحاب أصحاب رسول الله لله بمجالستك إيّاهم بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من مصيبتك. فقال: يا غلام، أظنّ السلطان سيحتاج إليك.
دعا الحجاج رجلا ليوجهه إلى محاربة عدوّ، فقال له: أعندك خير؟ قال:
لا، ولكن عندي شرّ. قال: هذا هو الذي أريدك له، امض لوجهك.
أكل أعرابي من بني عذرة مع معاوية، فجرف ما بين يدي معاوية، ثم مدّ يده ههنا وههنا، ورأى بين يدي معاوية ثريدة كثيرة السّمن فجرّ ها، فقال
معاوية: «أخرقتها لتغرق أهلها» (1). فقال الأعرابي: لا، ولكن «سقناه إلى بلد ميت» (2).(2/122)
أكل أعرابي من بني عذرة مع معاوية، فجرف ما بين يدي معاوية، ثم مدّ يده ههنا وههنا، ورأى بين يدي معاوية ثريدة كثيرة السّمن فجرّ ها، فقال
معاوية: «أخرقتها لتغرق أهلها» (1). فقال الأعرابي: لا، ولكن «سقناه إلى بلد ميت» (2).
لما بنى محمد بن عمران قصرا حيال قصر المأمون، قيل له: يا أمير المؤمنين، باراك وباهاك. فدعاه وقال: لم بنيت هذا القصر حذائي؟ قال: يا أمير المؤمنين، أحببت أن ترى أثر نعمتك عليّ، فجعلته نصب عينيك.
فاستحسن جوابه، وأجزل عطيّته.
قال رجل لأبي عبيدة أحبّ أن تخرج لي أيام عشيرتي وكان دعيّا فقال أبو عبيدة: مثلك مثل رجل قال لآخر: اقرأ لي من: {قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ} (1) [الإخلاص: الآية 1] عشرين آية. قال: لا، ولكنّك تبغض العرب. قال: وما عليك من ذاك؟
قال رجل لابنه، وكانت أمّه سرّيّة: يا ابن الأمة. قال: هي عندي أحمد منك. قال: ولم؟ قال: لأنّها ولدتني من حرّ، وولدتني من أمة.
قالت عجوز: اللهم لا تمتني حتى تغفر لي. فقال زوجها: إذا لا تموتين أبدا.
شاتم أعرابيّ ابنه فنفاه وقال: لست بابني. فقال: والله لأنا أشبه بك منك بأبيك، ولأنت كنت على أمّي أغير من أبيك على أمّك.
كان بعضهم يتقلد أعمال السلطان، فجاء أبوه يوما فسأله في أمر إنسان، فاشتد ذلك عليه وضجر منه، فقال لأبيه: أحبّ أن أسألك، إذا جاءك إنسان وقال: كلّم ابنك. تسبّني وتقول: ليس ذلك بابني؟ فقال له: أنا أقول هذا منذ ثلاثين سنة فلا يقبل مني.
بعث معن بن زائدة إلى ابن عياش المنتوف ألف دينار، وكتب إليه: قد بعثت إليك ألف دينار، واشتريت بها دينك. فكتب إليه: وصل ما أنفذت وقد بعتك بها ديني ما خلا التوحيد، لعلمي بقلّة رغبتك فيه.
__________
(1) هو من قوله تعالى: {أَخَرَقْتَهََا لِتُغْرِقَ أَهْلَهََا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} [الكهف: الآية 71].
(2) هو من قوله تعالى: {فَسُقْنََاهُ إِلى ََ بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر: الآية 9].(2/123)
لمّا قدم معاوية حاجّا في خمس وأربعين تلقّته قريش بوادي القرى، وتلقته الأنصار بأجزاع المدينة، فقال: يا معشر الأنصار، ما منعكم أن تتلقّوني حيث تلقّتني قريش؟ قالوا: لم يكن لنا دوابّ. قال: فأين النواضح؟ قالوا: أنضيناها يوم بدر في طلب أبي سفيان.
قال بعضهم لشيطان الطاق: أتحلّ المتعة؟ قال: نعم. قال: فزوّجني أمّك متعة. قال: يا أحمق إذا زوجتك لم تكن متعة، أما المتعة إذا زجتك نفسها.
وكان أبو حنيفة وشيطان الطاق يمشيان ذات يوم إذ سمعا رجلا يقول: من يدلّنا على صبيّ ضالّ؟ فقال شيطان الطاق: أما الصبيّ فلا أدري، ولكن إن أردت أن أدلّك على شيخ ضالّ فها هو. وأومأ إلى أبي حنيفة.
لما أخذ محمد بن سليمان صالح بن عبد القدوس ليوجّه به إلى المهدي، قال: أطلقني حتى أفكر لك فيولد لك ذكر. قال: بل اصنع ما هو أنفع لك من أن يولد لي، فكّر حتى تفلت من يدي.
قال مروان بن الحكم لحبيش بن دلجة: أظنك أحمق. فقال: أحمق ما يكون الشيخ إذا عمل بظنّه.
قال بعضهم لأبي تمام: لم لا تقول ما يفهم؟ فقال: لم لا تفهمون ما يقال.
قال معاوية: لو ولد أبو سفيان الناس كلّهم كانوا حلماء. فقال له أبو جهم بن حذيفة: قد ولدهم من هو خير من أبي سفيان، آدم عليه السلام، فمنهم: الحليم والسفيه، والعاقل والأحمق، والصالح والطالح.
قال الأشعث بن قيس الكندي لشريح القاضي: يا أبا أمية، عهدي بك وإن شأنك لشؤين. فقال: يا أبا محمد أنت تعرف نعمة الله على غيرك وتجهلها في نفسك.
دخل رجل على داود الطائي (1) وهو يأكل خبزا قد بلّه بالماء مع ملح جريش. فقال له: كيف تشتهي هذا؟ قال: إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه.(2/124)
قال الأشعث بن قيس الكندي لشريح القاضي: يا أبا أمية، عهدي بك وإن شأنك لشؤين. فقال: يا أبا محمد أنت تعرف نعمة الله على غيرك وتجهلها في نفسك.
دخل رجل على داود الطائي (1) وهو يأكل خبزا قد بلّه بالماء مع ملح جريش. فقال له: كيف تشتهي هذا؟ قال: إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه.
قال الرشيد: ما رأيت أزهد من الفضيل (2)، فقال الفضيل لما بلغه ذلك:
هو أزهد مني لأني أزهد في فان، وهو يزهد في باق.
ومرّ عبد الله بن عامر بعامر بن عبد قيس وهو يأكل بقلا بملح، فقال له:
لقد رضيت بالقليل. فقال: أرضى منّي بالقليل من رضي بالدنيا.
نظر الفرزدق إلى شيخ من اليمن فقال: كأنه عجوز سبأ. فقال له: عجوز سبأ خير من عجوز مضر تلك. قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمََانَ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} [النّمل: الآية 44]، وهذه: {وَامْرَأَتُهُ حَمََّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهََا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} [المسد: الآيتان 4، 5].
قال ابن ملجم لعنه الله لعليّ رضي الله عنه لما ضربه بالسيف: إني اشتريت سيفي هذا بألف وسممته بألف، وسألت الله أن يقتل به شرّ خلقه، فقال عليّ كرّم الله وجهه: قد أجاب الله دعوتك. يا حسن، إذا متّ فاقتله بسيفه.
قدم مرزبان من مرازبة فارس باب السلطان في أيام المهديّ يشكو عاملهم، فقال لأبي عبيد الله الوزير: أصلحك الله. إنك وليت علينا رجلا، إن كنت ولّيته وأنت تعرفه، فما خلق الله رعية أهون عليك منّا، وإن كنت لم تعرفه، فما هذا جزاء الملك الذي ولّاك أمره، وأقامك مقامه. فدخل أبو عبيد الله على المهديّ وأخبره، وخرج فقال: إن هذا رجل كان له علينا حقّ
__________
(1) داود الطائي: هو داود بن نصير الطائي، من أكبر مشايخ التصوف، توفي سنة 165هـ. (انظر ترجمته في حلية الأولياء 7/ 335، طبقات الصوفية ص 85، الكواكب الدرية 1/ 192، الطبقات الكبرى 1/ 88، النجوم الزاهرة 4/ 32، البداية والنهاية 3/ 144، صفة الصفوة 3/ 74).
(2) هو الفضيل بن عياض التميمي، شيخ الحرم ومن أكابر العباد، كان ثقة في الحديث، وعليه تلقي الإمام الشافعي، ولد سنة 105هـ، وتوفي سنة 187هـ (انظر: الطبقات الكبرى 6/ 43، كتاب الثقات 7/ 315، شذرات الذهب 1/ 316).(2/125)
فكافأناه. فقال له: أصلحك الله، إنه كان على باب كسرى ساجة منقوشة بالذهب مكتوب عليها: العمل للكفاءة، وقضاء الحقوق على بيوت الأموال، فأمر المهديّ بعزل العامل.
وتظلّم أهل الكوفة إلى المأمون من عامل ولّاه عليهم، فقال: ما علمت في عمالي أعدل ولا أقوم بأمر الرعية، وأعود بالرفق عليهم منه. فقام رجل من القوم، فقال: يا أمير المؤمنين: ما أحد أولى بالعدل والإنصاف منك. فإذا كان عاملنا بهذه الصفة فينبغي أن يعدل بولايته بين أهل البلدان، ويساوى به بين أهل الأمصار، حتى يلحق كلّ بلد وأهله من عدله وإنصافه مثل الذي لحقنا. وإذا فعل ذلك أمير المؤمنين فلا يصيبنا منه أكثر من ثلاث سنين. فضحك المأمون، وعزل العامل عنهم.
قال أحمد بن أبي خالد يوما لثمامة: أنا أعرف لكلّ واحد ممن في هذه الدار معنى غيرك، فإنّي لا أعرف لك معنى، ولا أدري لماذا تصلح. فقال ثمامة: أنا أصلح أن أشاور في مثلك، هل تصلح لموضعك. فأفحمه.
حمل بعض الصوفية طعاما إلى طحّان ليطحنه، فقال: أنا مشغول. فقال:
اطحنه وإلّا دعوت عليك وعلى حمارك ورحاك. قال: وأنت مجاب الدعوة؟
قال: نعم. قال: فادع الله أن يصيّر حنطتك دقيقا، فهو أنفع لك، وأسلم لدينك.
هجا أبو الهول الحميريّ الفضل بن يحيى، ثم أتاه راغبا، فقال له الفضل: ويحك، بأيّ وجه تلقاني؟ قال: بالوجه الذي ألقى به ربّي جلّ جلاله، وذنوبي إليه أكثر. فضحك ووصله.
قال الحجاج لسعيد بن جبير: اختر لنفسك أي قتلة شئت. قال: بل اختر أنت فإنّ القصاص أمامك.
جاء شيخ من بني عقيل إلى عمر بن هبيرة فمتّ بقرابته، وسأله، فلم يعطه شيئا. فعاد إليه بعد أيام فقال: أنا العقيلي الذي سألك منذ أيام. قال عمر: وأنا الفزاري الذي منعك منذ أيام. فقال: معذرة إلى الله، إني سألتك
وأنا أظنّك يزيد بن هبيرة المحاربيّ فقال: ذاك ألأم لك، وأهون بك عليّ، نشأ في قومك مثلي ولم تعلم به، ومات مثل يزيد ولا تعلم به. يا حرسي اسفع يده.(2/126)
جاء شيخ من بني عقيل إلى عمر بن هبيرة فمتّ بقرابته، وسأله، فلم يعطه شيئا. فعاد إليه بعد أيام فقال: أنا العقيلي الذي سألك منذ أيام. قال عمر: وأنا الفزاري الذي منعك منذ أيام. فقال: معذرة إلى الله، إني سألتك
وأنا أظنّك يزيد بن هبيرة المحاربيّ فقال: ذاك ألأم لك، وأهون بك عليّ، نشأ في قومك مثلي ولم تعلم به، ومات مثل يزيد ولا تعلم به. يا حرسي اسفع يده.
قال عمر بن الوليد للوليد بن يزيد: إنّك لتعجب بالإماء. قال: وكيف لا أعجب بهنّ، وهنّ يأتين بمثلك!.
سئل بعض من كان أبوه متقدّما في العلم عن مسألة، فقال: لا أدري، و «لا أدري» نصف العلم. فقال له بعض من حضر: ولكن أباك بالنصف الآخر تقدم.
وقال رجل لرجل قال: «لا أدري، ولا أدري، نصف العلم»: نعم، ولكنه أخس النصفين.
وقيل لآخر: ما تقول في كذا؟ فقال «لا أدري، ولا أدري، نصف العلم». فقيل له: قل ذلك دفعتين وهو العلم كله.
بعث الأفشين إلى ابن أبي دؤاد: ما أحبّ أن تجيئني، فلا تأتني. فأجابه:
ما أتيتك متعززا بك من ذلّة، ولا متكثرا بك من قلّة ولكنك رجل رفعتك دولة، فإن جئتك فلها، وإن قعدت عنها فلك.
أتي معاوية بسارق فأمر بقطعه، فخرجت إليه أمّه وقالت: يا أمير المؤمنين، واحدي وكاسبي. فقال: يا أمة الله، هذا حدّ من حدود الله. قالت:
اجعله مع صفين ونظائرها. فعفا عنه.
مشت قريش إلى أبي طالب بعمارة بن الوليد، فقالوا: ادفع إلينا محمدا نقتله، وأمسك عمارة فاتخذه ولدا مكانه. فقال: ما أنصفتموني يا معشر قريش.
أدفع إليكم ابني تقتلونه، وأمسك ابنكم أغذوه لكم!.
كان ربيعة الرّأي لا يكاد يسكت، وتكمل يوما وأكثر وأعجب بالذي كان منه فالتفت إلى أعرابي كان عنده وسأل الأعرابي: ما تعدّون العيّ فيكم؟ قال:
ما كنت فيه منذ اليوم.
دخل عبيد الله بن زياد بن ظبيان على أبيه وهو يجود بنفسه، فقال له: ألا أوصي بك الأمير زيادا؟ قال: لا. ولم ذاك؟ قال: إذا لم يكن للحيّ إلا وصية الميت فالحيّ هو الميت.(2/127)
ما كنت فيه منذ اليوم.
دخل عبيد الله بن زياد بن ظبيان على أبيه وهو يجود بنفسه، فقال له: ألا أوصي بك الأمير زيادا؟ قال: لا. ولم ذاك؟ قال: إذا لم يكن للحيّ إلا وصية الميت فالحيّ هو الميت.
كتب إبراهيم بن سيابة إلى صديق له، كثير المال، يستسلف منه نفقة، فكتب إليه: العيال كثير، والدخل قليل، والدّين ثقيل، والمال مكذوب عليه.
فكتب إليه إبراهيم: إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا، وإن كنت محجوبا فجعلك الله معذورا.
أدخل زفر بن الحارث على عبد الملك بعد الصلح، فقال: ما بقي من حبّك للضحاك؟. قال: ما لا ينفعني ولا يضرّك. قال: شدّ ما أحببتموه معاشر قيس! قال: أحببناه، ولم نواسه، ولو كنا واسيناه لقد كنّا أدركنا ما فاتنا منه.
قال: فما منعك من مواساته يوم المرج؟ قال: الذي منع أباك من مواساه عثمان يوم الدار.
دخل الشعبيّ الحمام وفيه رجل متكشّف، فغمّض عينيه، فقال له الرجل:
يا شيخ، متى ذهبت عينك؟ فقال: منذ هتك الله سترك.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي مجلز، فقدم إليه من خراسان، ودخل مع الناس فلم يعرفه عمر، وخرج فسأل عنه بعد ذلك فقيل له: قد كان دخل عليك، فدعا به وقال له: لم أعرفك. فقال: يا أمير المؤمنين. إذا لم تعرفني، فهلا أنكرتني.
حلف رجل بالطلاق أن الحجّاج في النار. فقيل له: سل عن يمينك.
فأتى أيوب السختياني فأخبره، فقال: لست أفتي في هذا بشيء، يغفر الله لمن يشاء. فأتى عمرو بن عبيد فأخبره، فقال: تمسّك بأهلك، فإن الحجّاج إن لم يكن من أهل النار فليس يضرّك أن تزني.
كان الوليد بن عبد الملك يلعب بالحمام فخلا لذلك يوما، واستؤذن لنوفل بن مساحق، فأذن له، فلما دخل قال: خصصتك بالإذن دون الناس.
فقال: ما خصصتني ولكن خسستني، وكشفت لي عن عورة من عوراتك.
قال موسى بن سعيد بن سلم: قال أبو الهذيل لأبي يوما: إني لا أجد في الغناء ما يجد الناس من الطرب! فقال له: فما أعرف إذا في الغناء ذنبا.(2/128)
فقال: ما خصصتني ولكن خسستني، وكشفت لي عن عورة من عوراتك.
قال موسى بن سعيد بن سلم: قال أبو الهذيل لأبي يوما: إني لا أجد في الغناء ما يجد الناس من الطرب! فقال له: فما أعرف إذا في الغناء ذنبا.
أتي ضرار المتكلم بمجوسي ليكلمه، فقال: أبو من؟ فقال المجوسي:
نحن أجلّ من أن ننسب إلى أبنائنا، إنما ننسب إلى آبائنا، فأطرق ضرار ثم قال: أبناؤنا أفعالنا، وآباؤنا أفعال غيرنا، ولأن ننسب إلى أفعالنا، أولى من أن ننسب إلى أفعال غيرنا.
كان يناظر رجل يحيى بن أكثم، وكان يقول له في أثناء كلامه: يا أبا زكريا. وكان يحيى يكنى بأبي محمد. فقال يحيى: لست بأبي زكريا. فقال الرجل: كلّ يحيى كنيته أبو زكريا. فقال: العجب أنك تناظرني في إبطال القياس، وتكنيني بالقياس.
لمّا عزل عثمان عمرو بن العاص، وولّى عبد الله بن أبي السّرح مكانه، دخل عليه عمرو، فقال: أشعرت أن اللّقاح بعدك درّت ألبانها بمصر؟ فقال:
نعم، ولكنكم أعجفتم (1) أولادها.
عرض على رجل شيء ليشتريه، فقال: ما عندي ثمنه. فقال البائع: أنا أؤخرك. فقال: بل أنا أؤخّر نفسي.
سار الفضل بن الربيع إلى أبي عباد في نكبته يسأله حاجة، فأرتج عليه، فقال له: يا أبا العباس، بهذا البيان خدمت خليفتين؟! فقال: إنا تعوّدنا أن نسأل ولا نسأل.
دخل أشعريّ على الرشيد وسأله فقال: احتكم. قال: يحكّم بعد أبي موسى؟ فضحك وأعطاه.
دخل قيس بن عاصم على النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فقال: إني وأدت اثنتي عشرة بنتا في الجاهلية، فما أصنع؟ قال: اعتق عن كلّ موءودة نسمة. فقال أبو بكر: ما
__________
(1) أعجفتم: أهزلتم.(2/129)
الذي حملك على ذلك وأنت أكبر العرب؟ قال: مخافة أن ينكحهن مثلك.
فتبسم النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وقال: «هذا سيّد أهل الوبر».
سئل الشعبيّ عن شيء، فقال: لا أدري. فقيل له: أما تستحي أن تقول:
لا أدري وأنت فقيه العراق؟ قال: لكنّ الملائكة لم تستح إذ قالت: {سُبْحََانَكَ لََا عِلْمَ لَنََا إِلََّا مََا عَلَّمْتَنََا} [البقرة: الآية 32].
خطب أبو الهندي إلى رجل، فقال له: لو كنت مثل أبيك زوجتك. فقال أبو الهندي: لو كنت مثل أبي ما خطبت إليك.
قال محمد بن عبد الملك لبعض الكتاب: كلمت أمير المؤمنين في عمر بن فرجع فعزله من الديوان. فقال له: فرغته لطلب عيوبك.
جاور إبراهيم بن سيابة قوما فأزعجوه من جوارهم، فقال: لم تخرجونني من جواركم؟ فقالوا: لأنك مريب. فقال: ويحكم. ومن أذلّ من مريب، أو أحسن جوارا؟.
قيل لبعض الصوفية: أتبيع جبّتك الصوف؟ قال: إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد؟.
قالوا: لما ضرب سعيد بن المسيّب أقيم للناس، فمرّت به أمة لبعض المدينين، فقالت: لقد أقمت مقام الخزي يا شيخ. فقال سعيد: من مقام الخزي فررت.
سمعت الصاحب (1) رحمه الله يقول: إن بعض ولد أبي موسى
__________
(1) الصاحب بن عباد: هو إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن العباس بن عباد، الصاحب، أبو القاسم الطالقاني الشيعي نزيل الري ولد سنة 326هـ وزير غلب عليه الأدب، لقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة من صباه فكان يدعوه بذلك، توفي بأصبهان سنة 358هـ. من مصنفاته: «الإمتاع» في العروض، «الجوهرة مختصر الجمهرة» في النحو، «ديوان شعره»، «فضائل النيروز»، «كافي الرسائل»، «كتاب أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته»، «كتاب الإمامة»، «كتاب الوزراء»، «الكشف عن مساوىء شعر المتنبي»، «المحيط في اللغة» سبعة مجلدات، «أخبار أبي العيناء»، «تاريخ الملك واختلاف الدول»، «ديوان الرسائل»، «العروض الكافي»، «عنوان المعارف» في التاريخ، «كتاب الأعياد»، «كتاب الزيدين»، «نهج السبيل» في الأصول (كشف الظنون 5/ 209).(2/130)
الأشعري عيّر بأنه كان حجّاما، فقال: ما حجم قط غير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقيل له:
كان ذلك الشيخ أتقى لله من أن يتعلم الحجامة في عنق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. قال الصاحب: وأنا أقول: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحزم من أن يمكّن من حجامته من لم يحجم قط أحدا.
أخذت الخوارج رجلا فقالت له: ابرأ من عثمان وعليّ. فقال: أنا من عليّ، ومن عثمان بريء.
قال معاوية لرجل: أنت سيد قومك. قال: الدهر ألجأهم إليّ.
قال ذو الرياستين لثمامة: ما أدري ما أصنع في كثرة طلاب الحوائج وغاشية الباب!. فقال: زل عن مكانك وموضعك من السلطان، وعلى ألّا يلقاك أحد منهم. قال: صدقت. وقعد لهم، ونظر في أمورهم.
وقال بعضهم لسعيد بن العاص: عرضت لي إليك حويجة. فقال: اطلب لها رجيلا.
وبضد ذلك ما قاله ابن عباس، فإنه قال: هاتها فإن الحرّ لا يكبر عن صغير حاجة أخيه، ولا يصغر عن كبيرها.
دخل الرقاشي على المعتصم في يوم مطير، فقرّب مجلسه ورحب به.
وقال له: أقم عندنا يومك نشرب ونطرب. فقال: يا أمير المؤمنين، إني وجدت في الكتب السالفة: أنّ الله جلّ ذكره لما خلق العقل قال له: أقبل. فأقبل، ثم قال له: أدبر. فأدبر، ثم قال له: وعزّتي، ما خلقت خلقا أكرم منك عليّ، بك أعطي، وبك أمنع، وبك آخذ. فلو وجدت عقلا يباع لاشتريته، وأضفته إلى عقلي. فكيف أشرب ما يزيل ما معي من العقل؟ قال المعتصم: عقلك أوردك هذا المكان.
قيل لسعيد بن سلم: لم لا تشرب النبيذ؟ قال: تركت كثيره لله وقليله للناس.
وقيل للعباس بن مرداس: لم تركت الشرب وهو يزيد في جرأتك وسماحك؟ قال: أكره أن أصبح سيد قوم، وأمسي سفيههم.
خاصم رجل من ولد أبي لهب آخر من ولد عمرو بن العاص، فعيّره، وعيّره الآخر بسورة: تبّت. فقال اللهبيّ: لو علمت ما لولد أبي لهب في هذه السورة لم تعبهم لأنّ الله صحّح نسبهم بقوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمََّالَةَ الْحَطَبِ} (4) [المسد: الآية 4] فبيّن أنّهم من نكاح لا من سفاح، ونفى بني العاص بقوله: {زَنِيمٍ} [القلم: الآية 13] (1) والزنيم: المنتسب إلى غير أبيه.(2/131)
وقيل للعباس بن مرداس: لم تركت الشرب وهو يزيد في جرأتك وسماحك؟ قال: أكره أن أصبح سيد قوم، وأمسي سفيههم.
خاصم رجل من ولد أبي لهب آخر من ولد عمرو بن العاص، فعيّره، وعيّره الآخر بسورة: تبّت. فقال اللهبيّ: لو علمت ما لولد أبي لهب في هذه السورة لم تعبهم لأنّ الله صحّح نسبهم بقوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمََّالَةَ الْحَطَبِ} (4) [المسد: الآية 4] فبيّن أنّهم من نكاح لا من سفاح، ونفى بني العاص بقوله: {زَنِيمٍ} [القلم: الآية 13] (1) والزنيم: المنتسب إلى غير أبيه.
قال يحيى بن أكثم الشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في تحليل المتعة؟ فقال:
بعمر بن الخطاب، فإنه قال: إن الله ورسوله أحلّا لكم متعتين، وأنا أحرّمهما عليكم وأعاقب. فقبلنا شهادته، ولم نقبل تحريمه.
أتى رجل أعور في زمان عمر، فشهد أنه رأى الهلال. فقال عمر: بأي عينيك رأيت؟ قال: بشرّهما، وهي الباقية لأنّ الأخرى ذهبت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض غزواته. فأجاز شهادته.
رأى مجوسي في مجلس الصاحب رحمه الله لهيب نار، فقال: ما أشرفه! فقال الصاحب: ما أشرفه وقودا، وأخسّه معبودا!.
صحّ عند بعض القضاة إعدام رجل فأركبه حمارا ونودي عليه: هذا معدم، فلا يعاملنّه أحد إلا بالنقد، فلمّا كان آخر النهار نزل عن الحمار، فقال له المكاري: هات أجرتي. فقال: فيم كنا نحن منذ الغداة؟.
تقدّم سقّاء إلى فقيه على باب سلطان، فسأله عن مسألة، فقال: أهذا موضع المسألة؟ فقال له: وهذا موضع الفقهاء؟.
قال الأصمعي: ضرب أبو المخشّ الأعرابيّ غلمانا للمهدي. فاستعدوا عليه، فأحضره وقال: اجترأت على غلماني فضربتهم. فقال: كلّنا يا أمير المؤمنين غلمانك ضرب بعضنا بعضا. فخلّى عنه.
اعترض رجل المأمون فقال: يا أمير المؤمنين، أنا رجل من العرب.
فقال: ما ذاك بعجب. قال: إني أريد الحجّ. قال: الطريق أمامك نهج. قال:
__________
(1) هو من قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذََلِكَ زَنِيمٍ} (13) [القلم: الآية 13].(2/132)
وليست لي نفقة. قال: قد سقط الفرض. قال: إني جئتك مستجديا لا مستفتيا.
فضحك وأمر له بصلة.
قال بعضهم: ما قطعني إلا غلام قال لي: ما تقول في معاوية؟ قلت: إني أقف فيه. قال: فما تقول في يزيد؟ قلت: ألعنه لعنه الله. قال: فما تقول فيمن يحبّه؟ قلت: ألعنه. قال أفترى معاوية لا يحبّ يزيد ابنه!؟.
قال الحجاج لرجل: أنا أطول أم أنت؟ فقال: الأمير أطول عقلا، وأنا أبسط قامة
قدم رجل من اليمامة فقيل له: ما أحسن ما رأيت بها؟ قال: خروجي منها أحسن ما رأيت بها.
مدح رجل هشاما فقال له: يا هذا، إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه. فقال له: ما مدحتك، وإنما أذكرتك نعمة الله، لتجدّد له شكرا.
عاتب الفضل بن سهل الحسين بن مصعب في أمر ابنه طاهر، والتوائه وتلوّنه، فقال له الحسين: أنا أيها الأمير شيخ في أيديكم، لا تذمّون إخلاصي ولا تنكرون نصيحتي، فأما طاهر فلي في أمره جواب مختصر وفيه بعض الغلط، فإن أذنت ذكرته. قال: قل. قال: أيّها الأمير، أخذت رجلا من عرض الأولياء فشققت صدره، وأخرجت قلبه، ثم جعلت فيه قلبا قتل به خليفة، وأعطيته آلة ذلك من الرجال والأموال والعبيد، ثم تسومه بعد ذلك أن يذلّ لك، ويكون كما كان. لا يتهيأ هذا إلا أن تردّه إلى ما كان، ولا تقدر على ذلك. فسكت الفضل.
قال عبد الملك لابن الحارث: بلغني أنكم من كندة. فقال: يا أمير المؤمنين، وأيّ خير فيمن لا يدّعى رغبة أو ينفى حسدا.
احتضر ابن أخ لأبي الأسود الدؤلي فقال: يا عم، أموت والناس يحيون! قال: يا ابن أخي، كما حييت والناس يموتون.
قال عمرو بن مسعدة لابن سماعة المعيطي: صف لي أصحابك. قال: ولا تغضب؟ قال: لا. قال: كانوا يغارون على الإخوان، كما تغارون على القيان.
أمر يحيى بن أكثم برجل إلى الحبس، فقال: إني معسر. فلم يلتفت إليه، فقال: من لعيالي؟ قال: الله لهم. فقال الرجل: أراني الله عيالك وليس لهم أحد غير الله.(2/133)
قال عمرو بن مسعدة لابن سماعة المعيطي: صف لي أصحابك. قال: ولا تغضب؟ قال: لا. قال: كانوا يغارون على الإخوان، كما تغارون على القيان.
أمر يحيى بن أكثم برجل إلى الحبس، فقال: إني معسر. فلم يلتفت إليه، فقال: من لعيالي؟ قال: الله لهم. فقال الرجل: أراني الله عيالك وليس لهم أحد غير الله.
قال بعضهم لمجوسيّ: ما لك لا تسلم؟ قال: حتى يشاء الله. قال: قد شاء، ولكن الشيطان لا يدعك. قال: فأنا مع أقواهما.
ساير ابن لشبيب بن شيبة عليّ بن هشام، وعليّ على برذون له فاره، فقال له: سر. فقال: وكيف أسير وأنت على برذون إن ضربته طار وإن تركته سار، وأنا على برذون إن ضربته قطف (1)، وإن تركته وقف. فدعا له ببرذون وحمله عليه.
قال عبيد الله بن زياد لمسلم بن عقيل: لأقتلنّك قتلة تتحدث بها العرب.
فقال: أشهد أنك لا تدع سوء القتلة ولؤم المقدرة لأحد أولى بها منك.
قال مالك بن طوق للعتابي: سألت فلانا حاجة، فرأيتك قليلا في كلامك. فقال: كيف لا أقلّ في كلامي، ومعي حيرة الطلب وذلّ المسألة، وخوف الردّ؟
جلس معن بن زائدة يوما يقسّم سلاحا في جيشة، فدفع إلى رجل سيفا رديئا، فقال: أصلح الله الأمير، أعطني غيره. قال: خذه فإنه مأمور. فقال:
فإنه ممّا أمر به ألّا يقطع شيئا أبدا! فضحك معن وأعطاه غيره.
قال بنو تميم لسلّامة بن جندل: مجّدنا بشعرك. قال: افعلوا حتى أقول.
أتى هشام برجل رمي بجناية، فأقبل يحتجّ عن نفسه، فقال هشام: أو تتكلم أيضا؟ فقال الرجل: إن الله تعالى يقول: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجََادِلُ عَنْ نَفْسِهََا} [النّحل: الآية 111] أفنجادل الله جدالا ولا نكلّمك كلاما؟ قال: تكلّم بما أحببت.
__________
(1) قطف: ضاقت مشيته.(2/134)
قال المأمون لابن الأكشف وكان كثير الركوب للبحر ما أعجب ما رأيت في البحر؟ قال: سلامتي منه.
قيل لسعيد بن المسيّب لما نزل الماء في عينيه: اقدحهما حتى تبصر.
فقال: إلى من؟.
قال المنصور لرجل: ما مالك؟ قال: ما يكفّ وجهي، ويعجز عن الصديق. قال له: لطفت في المسألة.
قال المدائني: ورد على المنصور كتاب من مولى له بالبصرة أن سالما ضربه بالسياط، فاستشاط غضبا وقال: أعليّ يجترىء سالم؟ والله لأجعلنّه نكالا يتّعظ به غيره. فأطرق جلساؤه جميعا، فرفع ابن عياش رأسه، وكان أجرأهم عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، قد رأينا من غضبك على سالم ما شغل قلوبنا، وإن سالما لم يضرب مولاك بقوته ولا قوة أبيه، ولكنك قلّدته سيفك، وأصعدته منبرك، فأراد مولاك أن يطامن (1) منه ما رفعت، ويفسد ما صنعت، فلم يحتمل له ذلك. يا أمير المؤمنين، إنّ غضب العربيّ في رأسه، فإذا غضب لم يهدأ حتى يخرجه بلسان أو يد، وإنّ غضب النبطيّ في استه، فإذا خري ذهب عنه غضبه. فضحك المنصور، وكفّ عن سالم.
رأى رجل رجلا من ولد معاوية على بعير له، فقال: هذا ما كنتم فيه من الدنيا. فقال: رحمك الله، ما فقدنا إلّا الفضول.
دخل أبو بكر الهجريّ على المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين، نفض فمي (2) وأنت أهل بيت بركة، فلو أذنت لي فقبّلت رأسك لعلّ الله يشدد لي منه. فقال أبو جعفر المنصور: اختر منها ومن الجائزة. فقال: يا أمير المؤمنين، أهون عليّ من ذهاب درهم من الجائزة ألا يبقى في فمي حاكة.
قيل للشعبي: أكان الحجاج مؤمنا؟ قال: نعم بالطاغوت.
__________
(1) يطامن: يخفض.
(2) نفض فمي: يقصد قلقت أسناني وتحركت.(2/135)
كتب الحسن بن زيد إلى صاحب الزّنج بالبصرة: عرّفني نسبك. فأجابه:
ليغنك من شأني ما عناني من أمرك.
كتب صاحب البصرة إلى يعقوب بن الليث الصفّار يستدعيه إلى مبايعته، فقال لكاتبه: أجب عن كتابه. فقال: بماذا؟ قال: اكتب {قُلْ يََا أَيُّهَا الْكََافِرُونَ (1) لََا أَعْبُدُ مََا تَعْبُدُونَ} (2) [الكافرون: الآيتان 1، 2] السورة.
قيل لأبي الهذيل: إن قوما يلعنونك. قال: أرأيت إن أنا تبعتهم هل يلعنني قوم آخرون؟ قال: نعم. قال: فأراني لا أتخلص من لعن طائفة، فدعني مع الحقّ وأهله.
قال سعيد بن المسيب لعبد الملك وقد خطب الناس فأبكاهم يا أمير المؤمنين، لئن أبكاهم قولك لما أرضاهم فعلك.
وقيل للأعمش: أنت تكثر الشّك. قال: تلك محاماة عن اليقين.
لما ولّى أبو جعفر المنصور سليمان بن راشد الموصل، ضمّ إليه ألف رجل من أهل خراسان وقال: قد ضممت إليك ألف شيطان. فلما دخل الموصل عاثوا، وبلغ الخبر المنصور فكتب إليه: يا سليمان، كفرت بالنعمة.
فكتب في جوابه: {وَمََا كَفَرَ سُلَيْمََانُ وَلََكِنَّ الشَّيََاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: الآية 102].
قال معاوية لعمرو بن العاص: ما بلغ من دهائك؟ قال: لم أدخل في أمر قط إلّا خرجت منه. قال معاوية: لكنني لم أدخل قط في أمر أردت الخروج منه.
قال الواثق لابن أبي دؤاد: كان عندي الساعة الزيّات، فذكرك بكل قبيح. فقال: الحمد لله الذي أحوجه إلى الكذب عليّ، ونزّهني عن قول الحقّ فيه.
قال المتوكل للفتح بن خاقان، وقد خرج وصيف الخادم المعروف بالصغير في أحسن زيّ: أتحبّه؟ قال: إنّي لأحبّ من تحب، وأحبّ من يحبّك لا سيّما مثل هذا.
قال المأمون لثمامة: ارتفع. قال: يا أمير المؤمنين، لم يف شكري بموضعي هذا، وأنا أبعد عنك بالإعظام لك، وأقرب منك شحّا عليك.(2/136)
قال المتوكل للفتح بن خاقان، وقد خرج وصيف الخادم المعروف بالصغير في أحسن زيّ: أتحبّه؟ قال: إنّي لأحبّ من تحب، وأحبّ من يحبّك لا سيّما مثل هذا.
قال المأمون لثمامة: ارتفع. قال: يا أمير المؤمنين، لم يف شكري بموضعي هذا، وأنا أبعد عنك بالإعظام لك، وأقرب منك شحّا عليك.
خلع الرشيد على يزيد بن مزيد وكان في مجلسه رجل من أهل اليمن فقال ليزيد: اجرر ما لم يعرق فيه جبينك. قال: صدقت. عليكم نسجه، وعلينا سحبه.
قال سهل بن هارون: أدخل على الفضل بن سهل، ملك التبت وهو أسير، فقال: أما ترى الله قد أمكن منك بغير عهد ولا عقد، فما شكرك إن صفحت عنك، ووهبت لك نفسك؟ قال: أجعل النفس التي أبقيتها بذلّة لك متى أردتها. قال الفضل: شكر والله. وكلم المأمون فيه فصفح عنه.
لما أخذ عبد الحميد الربعي، وأتي به إلى المنصور، ومثل بين يديه قال:
لا عذر فأعتذر، وقد أحاط بي الذنب، وأنت أولى بما ترى. قال المنصور:
إني لست أقتل أحدا من آل قحطبة، أهب سيّئهم لمحسنهم. قال: يا أمير المؤمنين: إن لم يكن فيّ مصطنع فلا حاجة بي إلى الحياة، ولست أرضى أن أكون طليق شفيع وعتيق ابن عمّ.
قال الرشيد للجهجاه: أزنديق أنت؟ قال: وكيف أكون زنديقا وقد قرأت القرآن، وفرضت الفرائض، وفرقت بين الحجة والشبهة؟ قال: تالله لأضربنّك حتى تقر. قال: هذا خلاف ما أمر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أمرنا أن نضرب الناس حتى يقرّوا بالإيمان، وأنت تضربني حتى أقرّ بالكفر.
قال عمر لعمرو بن معديكرب: أخبرني عن السلاح. فقال: سل عمّا شئت منه. قال: الرمح. قال: أخوك وربما خانك. قال: النبل. قال: منايا تخطىء وتصيب. قال: التّرس. قال: ذاك المجنّ، وعليه تدور الدوائر. قال:
الدّرع. قال: مشغلة للرّاجل متعبة للفارس، وإنها لحصن حصين. قال:
السيف. قال: ثم قارعتك أمّك عن الهبل. قال: بل أمّك. قال: الحمّى أضرعتني لك.
قال عمر بن عبد العزيز لعبد الله بن مخزوم: إني أخاف الله فيما تقلّدت.(2/137)
السيف. قال: ثم قارعتك أمّك عن الهبل. قال: بل أمّك. قال: الحمّى أضرعتني لك.
قال عمر بن عبد العزيز لعبد الله بن مخزوم: إني أخاف الله فيما تقلّدت.
قال: لست أخاف عليك أن تخاف، إنّما أخاف ألّا تخاف. قيل لرجل من بني هاشم: من سيدكم؟ قال: كلّنا سيد غيرنا، ومكان سيدنا لا يجهل.
شاور المنصور سلم بن قتيبة (1) في أمر أبي مسلم، فقال: إني مطلعك على أمر لم أفض به إلى غيرك، ولا أفضي به، فصحّح رأيك، واجمع لفظك، وأظهر نصحك، واستره حتى أظهره. أنا قد عزمت على قتل عبد الرحمن، فما ترى؟ قال سلم: {لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلَّا اللََّهُ لَفَسَدَتََا}
[الأنبياء: الآية 22] ونهض.
يروي عنه الأصمعي أنه قال: هجم عليّ شهر رمضان وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم بها هربا من حر مكة. فلقيني أعرابي فقلت: أين تريد؟ قال: أريد هذا البلد المبارك لأصوم فيه هذا الشهر المبارك. قلت: أما تحاف من الحرّ؟! قال: من الحرّ أفرّ.
وقال رجل للربيع بن خثيم (2) وقد صلّى ليلة حتى أصبح: أتعبت نفسك.
فقال: راحتها أطلب إنّ أفره العبيد أكيسهم.
نظر رجل إلى روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب واقفا بباب المنصور في الشمس، فقال: قد طال وقوفك في الشمس. فقال روح: ليطول وقوفي في الظلّ.
هاجى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عبد الرحمن بن الحكم بن العاص، وتقاذفا. فكتب معاوية إلى مروان أن يؤدّبهما، فضرب عبد الرحمن بن حسان ثمانين، وضرب أخاه عشرين، فقيل لعبد الرحمن قد أمكنك في مروان ما تريد، فأشد بذكره وارفعه إلى معاوية. فقال: إذا والله لا أفعل، وقد حدّني كما يحدّ الرجل الحر، وجعل أخاه كنصف عبد! فأوجعه بهذا القول.
__________
(1) سلم بن قتيبة: والي أبي جعفر المنصور على البصرة، توفي سنة 195هـ.
(2) هو الربيع بن خثيم، أبو يزيد الثوري، الكوفي، أحد أصحاب عبد الله بن مسعود، توفي سنة 63هـ (انظر ترجمته في البداية والنهاية 8/ 224، تهذيب الكمال 6/ 130، كتاب الثقات 4/ 224، تهذيب التهذيب 3/ 210، كتاب المعارف لابن قتيبة 497).(2/138)
قال رجل لرجل سبّه فلم يلتفت إليه: إياك أعني. فقال: وعنك أعرض.
قال عمر لزياد لما عزله: كرهت أن أحمل على العامّة فضل عقلك.
قال: فاحمل عنها من نفسك، فأنت أعقل.
قال المنصور لإسحق بن مسلم العقيلي: أفرطت في وفائك لبني أمية.
فقال: من وفى لمن لا يرجى، كان لمن يرجى أوفى. قال: صدقت.
مازح عبيد الله بن زياد حارثة بن بدر، فقال له: أنت شريف لو كانت أمهاتك مثل آبائك. فقال: إن أحقّ الناس بألّا يذكر الأمّهات هو الأمير. فقال عبيد الله: استرها عليّ، ولك عشرة آلاف درهم.
يقال: إن المكّي دخل على المأمون، وكان مفرط القبح والدمامة، فضحك المعتصم، فقال المكي: ممّ يضحك هذا؟ فو الله ما اصطفي يوسف لجماله، وإنما اصطفي لبيانه. وقد نصّ الله على ذلك بقوله: {فَلَمََّا كَلَّمَهُ قََالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنََا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: الآية 54] وبياني أحسن من وجه هذا.
قال معاوية لرجل من اليمن: ما كان أبين حمق قومك حين ملّكوا امرأة.
فقال: كان قومك أشدّ حماقة إذ قالوا: {اللََّهُمَّ إِنْ كََانَ هََذََا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنََا حِجََارَةً مِنَ السَّمََاءِ} [الأنفال: الآية 32] هلّا قالوا: فاهدنا له وبه!
قال زياد لأبي الأسود: لو أدركناك وفيك بقية. قال: أيها الأمير، إن كنت تريد رأيي وعزمي فذاك عندي، وإن كنت تريدني للصّراع فلا أصلح لذلك.
قال الأصمعي: دخل درست بن رباط الفقيميّ على بلال بن أبي بردة في الحبس، فعلم بلال أنه شامت، فقال: ما يسرني بنصيبي من الكره حمر النّعم.
فقال درست: فقد أكثر الله لك منه.
أدخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، فجلس إلى رجل من بني مرة، فاتّكأ على المرّيّ يحدثه، وأكثر من ذكر نعمه، ثم قال: أتدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال: أمّا في الجاهلية فلا، ولكن أعرف من قتلتم منّا في الإسلام. قال: من؟ قال: أنا. قتلتني غمّا.
دخل يزيد بن أبي مسلم على سليمان بن عبد الملك، فلما رآه وكان دميما قال: على رجل أجرّك رسنه وسلّطك على المسلمين لعنة الله. قال: يا أمير المؤمنين، رأيتني والأمر عني مدبر، ولو رأيتني والأمر عليّ مقبل لاستعظمت من أمري ما استصغرت.(2/139)
أدخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، فجلس إلى رجل من بني مرة، فاتّكأ على المرّيّ يحدثه، وأكثر من ذكر نعمه، ثم قال: أتدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال: أمّا في الجاهلية فلا، ولكن أعرف من قتلتم منّا في الإسلام. قال: من؟ قال: أنا. قتلتني غمّا.
دخل يزيد بن أبي مسلم على سليمان بن عبد الملك، فلما رآه وكان دميما قال: على رجل أجرّك رسنه وسلّطك على المسلمين لعنة الله. قال: يا أمير المؤمنين، رأيتني والأمر عني مدبر، ولو رأيتني والأمر عليّ مقبل لاستعظمت من أمري ما استصغرت.
قال له سليمان: أترى الحجاج بلغ قعر جهنّم؟ قال: يا أمير المؤمنين، يجيء الحجاج يوم القيامة بين أبيك وأخيك، قابضا على يمين أبيك وشمال أخيك، فضعه من النار حيث شئت.
طاف رجل من بني تغلب بالبيت، وكان وسيما طويلا جميلا، فبصر به رجل من قريش كان حسودا، فسأل عنه، فأخبر أنّه رجل من بني تغلب، فلما حاذاه، قال القرشي يسمعه: إنّهما لرجلان قلّما وطئتا البطحاء، فالتفت إليه التغلبي فقال يا هذا البطحاوات ثلاث فبطحاء الجزيرة إلى التغلبي دونك، وبطحاء ذي قار أنا أحقّ بها منك، وهذه البطحاء، سواء العاكف فيه والباد.
قال: فتحيّر الرجل، فما أفاض بكلمة.
حدّث أن أبا الجهم العدوي وفد على معاوية، فبينا هو يوما من الأيام يأكل معه إذ قال له معاوية: أيّنا أسنّ يا أبا الجهم، أنا أو أنت؟ قال: كيف تسألني في هذا، وقد أكلت في عرس لأمّك قبل تزويجها بأبيك أبي سفيان؟
قال: أيّهم هو؟ فإنها كانت تستكرم الأزواج. قال: حفص بن المغيرة. قال:
ذاك سلالة قريش، ولكن احذر السلطان يا أبا الجهم، يغضب غضب الصبيّ، ويثب وثوب الأسد. قال: فقال أبو الجهم: إيّها أراحنا الله منك يا معاوية.
قال: فإلي من! إلى زهرة؟ فو الله ما عندهم فصل ولا فضل، أم إلى بني هاشم؟ فو الله ما يرونكم إلّا عبيدا لهم. ثم أمر له بمائة ألف درهم. قال:
فأخذها متسخّطا، وقال: رجل يأتي غير بلاده، ويعمل بغير رأي قومه فماذا يصنع؟.
ثم وفد على يزيد وشكا إليه دينا كان عليه، فقال له يزيد: تلزمنا، مع قرابتك قرابة، ومع حقك حقوق، فاعذرنا. وأمر له بخمسين ألف درهم.
قال: فقال ابن كلبيّة فماذا؟ ثم دعاه عبد الله بن الزبير إلى نفسه، فوفد إليه
أبو الجهم وشكا إليه دينا، ووصف له كثرة مؤونته، فأمر له بألف درهم.(2/140)
قال: فقال ابن كلبيّة فماذا؟ ثم دعاه عبد الله بن الزبير إلى نفسه، فوفد إليه
أبو الجهم وشكا إليه دينا، ووصف له كثرة مؤونته، فأمر له بألف درهم.
فقال أبو الجهم: أحسن الله إمتاع قريش بك، وأحسن عنّي جزاءك. ودعا له دعاء كثيرا.
فقال له عبد الله: يا أبا الجهم أعطاك معاوية مائة ألف درهم فسببته، وأعطاك يزيد خمسين ألفا فشتمته، وأعطيتك ألف درهم فدعوت لي وشكرت.
قال: نعم فديتك، إذا كانت قريش تنقص هذا النقصان فليس يجيء بعدك إلّا خنزير.
قال بعضهم: دخلت دار المعتصم فرأيت إبراهيم بن المهديّ جالسا في بعض نواحي الدار، وإلى جانبه العباس بن المأمون. قال: فالتفت العباس إلى إبراهيم وقد رأى في يده خاتما فصّه ياقوت أحمر عجيب. فقال له: يا عم، خاتمك هذا؟ قال: نعم، هذا الخاتم الذي رهنته في خلافة أبيك، وافتككته في خلافة أمير المؤمنين أعزّه الله. فقال العباس: أنت إن لم تشكر أبي على حقنه دمك. لم تشكر عمّي على افتكاك خاتمك.
قالت ابنة النعمان بن بشير لزوجها روح بن زنباع: كيف تسود أنت من جذام، وأنت جبان، وأنت غيور؟ قال: أما جذام فإني في أرومتها، وحسب الرجل أن يكون في أرومة قومه. وأما الجبن فإنما لي نفس واحدة وأنا أحوطها، وأما الغيرة فأمر لا أحبّ أن أشارك فيه، وإن الحرّ لحقيق بالغيرة إذا كانت في بيته ورهاء (1) مثلك.
قال الحجاج لرجل من ولد عبد الله بن مسعود: لم قرأ أبوك «تسع وتسعون نعجة. أنثى» (2) ألا يعلم الناس أنّ النعجة أنثى؟ قال: فقد قرأت أنت مثله {ثَلََاثَةِ أَيََّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ} [البقرة: الآية 196]. ألا يعلم الناس أن ثلاثة وسبعة عشرة؟ فما أحار الحجاج جوابا.
__________
(1) وره، كفرح: حمق، والورهاء: الحمقاء.
(2) في القرآن الكريم: {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: الآية 23] وأنثى زيادة في قراءة ابن مسعود.(2/141)
قال عبد الله بن الزبير لعديّ بن حاتم: يا عديّ، متى ذهبت عينك؟ قال:
يوم قتل أبوك وضربت على قفاك مولّيا، وأنا يومئذ على الحق، وأنت على الباطل.
وجّه معاوية رجلا إلى ملك الروم ومعه كتاب، تصديره: إلى طاغية الروم. فقال ملك الروم للرجل: ما لذي الفخر بالرسالة، والمتسمّي بخلافه النّبوّة والسّفة ما أظنّكم وليتم هذا الأمر إلا بعد إعذار، ولو شئت كتبت: من ملك الروم إلى غاصب أهل بيت نبيّه، والعامل بما يكفّره عليه كتابه، ولكنّي أتجالل عن ذلك.
قال معاوية يوما: الأرض لله، وأنا خليفته. ما أخذت فلي حلال، وما تركت للناس فلي عليهم فيه منّة. فقال صعصعة: ما أنت وأقصى الأمّة فيه إلا سواء، ولكن من ملك استأثر، فغضب معاوية وقال: لقد هممت قال صعصعة: ما كلّ من همّ فعل. قال: ومن يحول بيني وبين ذلك؟ قال: الذي يحول بين المرء وقلبه.
طلب الحسن بن سهل رجلا من أهل الأدب يؤدّب ولده. فجاؤوه بمعاوية بن القاسم الأعمى، فقال له: ما اسمك؟ قال: أكنّى أبا القاسم، ولضرورة تكنّيت فقيل له: اسمه معاوية فاستظرفه وأمره بلزوم داره.
فرض عبد الله بن عامر لجماعة من بني وائل في شرف العطاء، وأمر لهم بجوائز. فقام رجل منهم، فقال: أيها الأمير، أرأيت ما أمرت لنابه، أخصصتنا به أم تعمّ به أهل مصرنا؟ قال: لا، بل خصصتكم به. قال: ولم؟ قال: لما بلغني من فضلكم. قال: إذا لا نأخذ ثوابه منك.
قال بعضهم: رأيت يحيى بن عبد الله بن الحسن قد أقبل على عمران بن فروة الجعفري، فقال: يا أبا شهاب، ما تفعلون بالمولى فيكم؟ قال: ثلاثا.
قال: ما هنّ؟ قال: لا يمسح لحيته، ولا يكتني بأبي فلان، ولا يشدّ حبوته، وسط القوم، فقال له نعيم بن عثمان: هذا لجفائكم وبعدكم من الله. فقال له:
لو كنت والله يا أبا معاوية هناك ما ساروا فيك إلا بسيرتهم في أخيك.
خاصم رجل رجلا إلى سوّار، فجعل أحدهما يدخل في حجّة صاحبه، وينهاه سوّار فلا ينتهى. فقال له: ألا تسكت عن خصمك يا ابن اللخناء. فقال له الرجل: لا والله، ما لك أن تسبّني وتذكر أمي. فقال له: ليس هذا بشيء.(2/142)
لو كنت والله يا أبا معاوية هناك ما ساروا فيك إلا بسيرتهم في أخيك.
خاصم رجل رجلا إلى سوّار، فجعل أحدهما يدخل في حجّة صاحبه، وينهاه سوّار فلا ينتهى. فقال له: ألا تسكت عن خصمك يا ابن اللخناء. فقال له الرجل: لا والله، ما لك أن تسبّني وتذكر أمي. فقال له: ليس هذا بشيء.
اللّخن قد يكون في السّقاء. قال الرجل: فإن لم يكن فيه شيء فأشهدك أنّ حصمي ابن اللخناء.
أرسل أبو جعفر المنصور إلى أصحابه: لا جزاكم الله خيرا، أبق غلامي فلم تطلبوه، ولم تعلموني بهربه. ولا أعلمتموني قبل هربه أنكم تخافون ذلك منه. وأراد أن يستنطقهم، فقال لهم ابن عيّاش المنتوف: وكّلوني بجوابه. فقالوا له: أنت وذاك. فقال للرسول: أتبلغه كما أبلغتنا؟ قال: نعم. قال: اقرأ على أمير المؤمنين السلام، وقل له: إنك اخترتنا من عشائرنا وبلداننا، فظننّا أنك أردتّنا لأن نكون جلساءك، والمجيبين للوفد إذا قدموا عليك، والخارجين لرتق الفتق إذا انفتق عليك، فأمّا إذ أردتّنا لمن يأبق من غلمانك فيربع غلامك يريد أن يأبق فاستوثق منه.
حجّ عبد الملك، ثم شخص إلى الطائف فدخلها، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يسايره، فاعترض له رجل من ولد أم الحكم من ثقيف، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لنا قرابة وحقّا، وجوارا وخلقا، ونحن من إحدى القريتين اللّتين ذكرهما الله في كتابه، والله لقد جاء الإسلام وإنّ في ثقيف من قريش تسعين امرأة. قال: فتكاثر ذلك عبد الملك وقال: أكذلك يا أبا بكر؟ فقال: صدق يا أمير المؤمنين، ولكن والله لا تجد فيهم امرأة من ولد المغيرة. فقال الثّقفي: صدق يا أمير المؤمنين، إنّا والله نعرف قومنا، ونعتام في مناكحنا، ونأتي الأودية من صدورها ولا نأتيها من أذنابها. والله ما أعطينا شيئا إلا أخذنا مثله، ولا مشينا حزنا إلا أسهلنا الهويني، فقال عبد الملك: قاتله الله ما أسبّه!.
شكا رجل إلى الشّبلي (1) كثرة العيال، فقال: ارجع إلى بيتك ومن لم يكن منهم رزقه على الله فأخرجه من دارك.
__________
(1) الشبلي: هو دلف بن جحدر الشبلي، ولد بسرّ من رأى سنة 247هـ، وتوفي ببغداد سنة 334هـ،(2/143)
باب آخر من الجواباب المسكتة وهو ما يجري مجرى الهزل
تعرّت الحضرمية يوما وزوجها ينظر إليها، فقالت: ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت، فأشار إلى ركبها وقال: أرى ههنا شيئا من فطور.
ضرط ابن لعبد الملك صغير في حجره، فقال له: قم إلى الكنيف. قال له: أنا فيه يا أبانا.
قال معاوية لعقيل: إنّ فيكم شبعا يا بني هاشم. قال: هو منّا في الرجال، ومنكم في النساء.
قال بعضهم لآخر: يا خائن. فقال: تقول لي ذلك وقد ائتمنك الله على مقدار درهم من جسدك فلم تؤدّ الأمانة فيه.
دخل إبراهيم الحرّاني الحمام، فرأى رجلا عظيم الذّكر، فقال: يا فتى، متاع البغل! قال: لا، بل نحملك عليه. فلما خرج أرسل إليه بصلة وكسوة وقال لرسوله: قل له اكتم هذا الحديث فإنه كان مزاحا، فردّه وقال: لو قبلت حملاننا لقبلنا صلتك.
قيل لرجل قدم من الحج: كيف خلّفت سعر النعال بمكة. تعريضا له بالهدية، فقال: الفلعة بحمل ونبيجة فاكهة.
شتم عيسى بن فرخانشاه رجلا نصرانيّا، فقال: يا ابن الزانية. فقال له:
أنت مسلم ولا أقدر على شتمك، ولكن أخوك يحيى بن فرخانشاه هو ابن الزانية.
قال الفرزدق لزياد الأعجم: يا أقلف (1). فقال زياد: يا ابن النمّامة أمّك أخبرتك بهذا.
__________
ناسك متعبد، صوفي صالح، له شعر جيد طبع في ديوان (انظر: الأعلام 2/ 341، وفيات الأعيان 1/ 180، النجوم الزاهرة 3/ 289، صفة الصفوة 2/ 258، حلية الأولياء 10/ 366).
(1) الأقلف: الذي لم يختن.(2/144)
قال رجل لأبي الأسود: كأنّ وجهك فقاح (1) مجتمعة. قال: فهل ترى فقحة أمّك فيها؟.
قال العطويّ: قلت لجارية: أشتهي أن أقبّلك. قالت: ولم؟ قلت: لأنّك زانية. قالت: وكلّ زانية تقبلها؟ قلت: نعم. قالت: فابدأ بمن تعول.
قال غلام ثمامة لثمامة: قم صلّ واسترح. قال: أنا مستريح إن تركتني.
اشترى عليّ بن الجعد جارية بثلاثمائة دينار، فقال له ابن قادم النحوي:
أيّ شيء تصنع بهذه الجارية؟ فقال: لو كان هذا شيئا يجرّب على الإخوان لجرّبناه عليك.
أشرف رجل على أبي الأسود وهو مختضب عريان بين رجليه خرقة، فقال: يا أبا الأسود، ليت أيري في سرّتك. قال: أفتدري أين تكون فقحتك؟
فخجل الرجل وانصرف.
قال بعض الرؤساء لبعض الخلفاء: أنا أشتهي أن أرى النساء كيف يتساحقن. قال: ادخل دارك قليلا قليلا.
وقال آخر لبعض المجّان: ما الدنيا إلا المجوس، يدخل الأب ف ك، ويدخل الابن ف ك. فقال له: اسكت، لا يسمع ذاك أهل دارك فيرتدّوا.
سمع بعضهم رجلا يقول: أبي كان لا يدخل سكّة إلا قام الناس له.
فقال: نعم، صدقت، لأنه كان يتقدمه حمل شوك.
نظر أبو الشمقمق إلى رجل يمازح غلاما قد التحى، فقال: ما هذا؟ قال:
نأكل التّمر لأنه كان رطبا. قال: فكل الخرى لأنه كان جوذابا (2).
كان حماد الراوية يتهم بالزندقة وكان يصحب ابن بيض، فدخلا يوما على والي الكوفة، فقال لابن بيض: قد صالحت حمادا؟ قال: نعم أيها الأمير، على ألّا آمره بالصلاة، ولا ينهاني عنها.
__________
(1) الفقاح: جمع فقحة، وهي حلقة الدبر.
(2) الجواذب: فارسية، وهو طعام مؤلف من سكر ورز ولحم.(2/145)
وكان من حمقاء قريش سليمان بن يزيد بن عبد الملك، وكان وضيئا.
قال يوما: لعن الله الوليد أخي، فإنه كان فاجرا، والله لقد راودني عن نفسي.
فقال له قائل: اسكت. فو الله إن كان همّ لقد فعل.
أنشد حضري أعرابيّا شعرا لنفسه، وقال: تراني مطبوعا؟ قال: نعم على قلبك.
قال أبو عثمان: رأيت رجلا من المنافقين كان أراد أن يكون على جبهته سجّادة فوضع عليها ثوما وشدّه، فلما نام انقلبت السجادة، وصارت على الجانب الأيمن، فسألته عن ذلك، فقال: ومن الناس من يعبد الله على حرف.
اعترض عمرو بن الليث فارسا من جيشه، فكانت دابّته بغاية الهزال. فقال له: يا هذا، تأخذ مالي تنفقه على امرأتك وتسمّنها، وتهزل دابّتك التي عليها تحارب، وبها تأخذ الرزق، امض لشأنك فليس لك عندي شيء. فقال الجنديّ: أيها الأمير، لو استعرضت امرأتي لاستسمنت دابّتي. فضحك عمرو، وأمر بإعطائه رزقه.
قيل للنّتيف الأصبهاني: لم تنتف لحيتك؟ فقال: وأنت فلم لا تنتفها؟.
رأى ابن مكرم منجّما عند أبي العيناء، فقال: ما يصنع هذا؟ قال: يعمل مولد ابني. قال: فسله أولا هل هو ابنك أم لا؟.
سأل رجل آخر عن درب الحمير، قال: ادخل أيّ درب شئت.
قال أبو بكر المقرىء: رأيت امرأة منكشفة بباب المسجد، فقلت لها: أما تستحيين؟ قالت: ممّن؟.
استعار رجل من آخر حمارا فأخرج إليه إكافا وقال: اجعله على من شئت.
تزوّج رجل بامرأة قد مات عنها خمسة أزواج، فمرض السادس، فقالت:
إلى من تكلني؟ فقال: إلى السابع الشقي.
ومات زوج امرأة فراسلها في ذلك اليوم رجل يخطبها، فقالت: لو لم يسبقك غيرك لفعلت. فقال الرجل: قد قلت لك إذا مات الثاني فلا تفوتيني.(2/146)
إلى من تكلني؟ فقال: إلى السابع الشقي.
ومات زوج امرأة فراسلها في ذلك اليوم رجل يخطبها، فقالت: لو لم يسبقك غيرك لفعلت. فقال الرجل: قد قلت لك إذا مات الثاني فلا تفوتيني.
كان ليهوديّ غلام فبعثه يوما ليحمل نارا يطبخ بها قدرا، فأبطأ عليه ثم عاد بعد مدة وليس معه نار، فقال: أين النار؟ قال: يا سيدي. قد جئتك بأحرّ من النار، هذا صاحب الجوالي (1) بالباب يطالب بالجزية.
غنّت قينة عند بعض الرؤساء فطرب وشقّ ثوبه، وقال لغلامه: شقّ ثوبك. فقال: كيف أعمل وليس لي غيره؟ قال: أنا أكسوك غدا. فقال: وأنا أشقّه غدا.
أدخل رجل بغلة إلى سوق الدوابّ يبيعها فلقيه رجل فقال: بكم البغلة؟.
قال بخمسمائة درهم. قال: لا بأربعمائة. قال صاحبها: زدني شيئا آخر. قال:
أزيدك أر حمار، فقال: اقعد أنت على سومك، فإن زادنا غيرك وإلّا أنت أحقّ به.
كان عفّان بن مسلم يروي الحديث، فقال بعض من حضره: إن رأيت أن تزيد في صوتك فإنّ في سمعي ثقلا. قال: الثقل في كل شيء منك.
قال زياديّ لرجل: يا ابن الزانية. قال: أتسبّني بشيء شرفت به؟.
قال أبو موسى ابن المتوكل لرجل: لم انقطعت عنّا؟ فقال: بيتك حرّ، ما خرج منه أحد فعاد إليه.
قال النخعي: ما رأيت أسرع جوابا من نصرانيّ رأيته بالرقّة. فإني دخلت عليه في الحمام، وهو يصبّ عليه ماء فأطال ومنعني الدنوّ من الحوض، فقلت وقد دخلني الغيظ: تنحّ ويلك فإنك بغيض. فترك ما كان فيه وقال لي: قد فعلت، ولكن لا تفارقني حتى تقول لي من أين حكمت عليّ بأنّي بغيض! قال فقلت: لأنّك جعلت مع الله عزّ وجلّ شريكا. فقال لي: أسرع من اللحظ: لا
__________
(1) الجوالي: هم أهل الذمّة، سمّوا بذلك لأنهم جلوا عن بلادهم، وصاحب الجوالي: المشرف عليهم.(2/147)
والله ما جعلت معه شريكا، فإن كنت فعلت، فخذ كتابي إليه بالانصراف الساعة. فأخجلني.
قيل لبعضهم: زوجت أمك؟ فقال: نعم، حلالا طيبا. فقال: أمّا حلال فنعم، وأما طيب فلا.
قالت امرأة لرائض دوابّ: بئس الكسب كسبك، إنما كسبك باستك.
فقال: ليس بين ما أكتسب به وبين ما تكتسبين به إلا إصبعان.
قالت امرأة لزوجها: يا مفلس يا قرنان. قال: إن كنت صادقة فواحدة منك وواحدة من الله.
قيل لبعض الظرفاء من أهل العلم: أتكره السماع؟ قال: نعم، إذا لم يكن معه شرب.
كتب العباس بن المأمون، في رقعة: أيّ دواة لم يلقها قلمه؟ وألقاها بين يدي يحيى بن أكثم، فقرأها ووقّع فيها: دواتك ودواة أبيك. فأقرأها العباس أباه المأمون، فقال: صدق يا بنيّ، ولو قال غير هذا لكانت الفضيحة.
كان لبعضهم ابن دميم فخطب له إلى قوم، فقال الابن لأبيه يوما: بلغني أن العروس عوراء، فقال الأب: يا بنيّ، بودّي أنها عمياء حتى لا ترى سماجة وجهك.
سمع رجل به وجع الضرس آخر ينشد (1): [الطويل]
قضاها لغيري وابتلاني بحبّها
فقال: والله لو ابتلاك بوجه الضرس لم تفزع لهذا.
اعتلّت امرأة ابن مضاء الرازيّ، فجعلت تقول له: ويلك، كيف تعمل أنت إن متّ أنا؟ وابن مضاء الرازي يقول: ويلك، أنا إن لم تموتي كيف أعمل؟.
__________
(1) عجزه:
فهل بقضاء غير ليلى ابتلانيا
والبيت للمجنون في ديوانه ص 204 (طبعة دار الكتاب اللبناني).(2/148)
قال عبادة يوما لأبي حرملة المزيّن: خذ ذقني. قال: يا مخنث أضع يدي على وجهك وأنا أضعها على وجه أمير المؤمنين! فقال له: يا حجام أنت تضعها على باب استك كل يوم خمس مرات لا يجوز أن تضعها على وجهي؟!.
قيل لبعضهم: غلامك ساحر. قال: قولوا له يسحر لنفسه قباء وسراويل.
قال ابن مكرم لأبي العيناء: بلغني أنك مأبون. قال: مكذوب عليّ وعليك.
نظر رئيس إلى أبي هفّان وهو يسارّ آخر، فقال: فيم تكذبان؟ قال: في مدحك.
وقيل لبعض ولد أبي لهب: العن معاوية. فقال: ما أشغلني: «تبّت».
كان لخازم بن خزيمة كاتب ظريف أديب وكان يتنادر عليه، فقام يوما من بين يديه، فقال له ابن خزيمة: إلى أين يا هامان؟ فقال: أبني لك صرحا.
قيل لرجل كانت امرأته تشارّه (1): أما أحد يصلح بينكما؟ قال: لا، قد مات الذي كان يصلح بيننا. يعني ذكره.
قال بعضهم لصاحب له: متى عهدك بالنّ ك؟ قال: سل أمّك فقد نسيت.
كان رجل يكثر الحلف بالطلاق، فعوتب في ذلك، فقال: أحضروها فإن كانت تصلح لغير الطلاق فاقتلوني.
قيل لبعضهم وهو مقنّع: إنّ لقمان قال: إن القناع مذلّة بالنهار معجزة بالليل. فقال: إن لقمان لم يكن عليه دين.
حمل إلى معاوية مال من العراق، وعلى رأسه خصيّ يذبّ عنه، فقال: يا سيدي، من لي بكفّ منه؟ فقال: ويحك، وما تصنع به؟ إنك إن متّ وتركته كويت به يوم القيامة. فقال: يا مولاي إن كان هذا حقّا فإن جلدك لا يشترى يوم القيامة بفلس.
__________
(1) تشارّه: تعاديه وتخاصمه.(2/149)
وقف رجل مفرط الطول على بعض العيّارين وهو يبيع الرمان، فقال: هذا رمان صغير. فقال له صاحب الرمان: لو نظرت أنا إليه حيث تنظر إليه أنت ما كان في عيني إلا عفصا (1).
قالت امرأة عقيل له: والله لا يجمع رأسي ورأسك وساد أبدا. فقال عقيل: لكن أستاهنا تجتمع.
قال بعضهم: كنت نائما على سطح لي، فسمعت في بعض الليل كلام امرأة من وراء الحائط تقول لزوجها: أنا عريانة بجنبك، وأنت تجلد عميرة (2)! فقال لها: يا ويلك، إذا كان عميرة أفره (3) منك كيف أعمل؟.
قال الوليد بن يزيد لبديح: خذ بنا في التمنّي فو الله لأغلبنّك. قال: والله لا تغلبني أبدا! قال: بلى والله ما تتمنّى شيئا إلّا تمنيت ضعفيه. قال بديح:
فإني أتمنى كفلين من العذاب، وأنّ الله يلعنني لعنا كبيرا، فخذ ضعفي ذلك.
قال: غلبتني لعنك الله.
كانت رقية بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان، وأمّها فاطمة بنت الحسين عند هشام، وكان يحبّها وتبغضه، فاعتلّت فجلس عند رأسها، فقال: ما تشتكين؟ قالت: بغضك. فسكت عنها ساعة، ثم قال لها: ما تشتهين؟ قالت:
فقدك.
كان بالبصرة رجل طبيب يقال له: حوصلة، وكان له جار يعشق ابنا له، فوجّه حوصلة بابنه إلى بغداد في حاجة له، ولم يعلم جاره بذلك، فجاء ليلة يطلبه، فصاح بالباب: أعطونا نارا. فقال حوصلة: المقدحة ببغداد.
شكا رجل جاريته إلى إبراهيم الحرّاني وكان قبيحا دميما فقال له إبراهيم: هل رأيت وجهك في المرآة؟ قال: نعم. قال: أفرضيته لنفسك؟ قال:
لا. قال: فكيف تلومها على كراهية ما تكرهه لنفسك.
__________
(1) العفص: ثمر البلوط.
(2) تجلد عميرة: كناية عن الاستمناء باليد.
(3) أفره: أي أجمل، والفاره: الجميل المنظر.(2/150)
كان رجل دميم قبيح الخلقة قد رزق ابنين مليحين، فدخل يوما إلى بعض الأمراء وهما معه، فقال له: يا أبا فلان والدتهما حرّة أم أمة؟ فقال: أيها الأمير أفي الدنيا حرة تمكّن نفسها من مثلي؟!.
سمع رجل بعض الحمقى يقول: اللهم لا تأخذنا على غفلة، فقال: إذا لا يأخذك أبدا.
قال غلام لأبيه: يا أبه. أخبرني مستملي أبي خيثمة: أن أبا خيثمة يستثقلني، فقال: يا بنيّ، فأنت ثقيل بإسناد.
كتب رجل إلى صديق له: وجه إليّ بدستيجة (1) نبيذ، وغطّ رأسك من الحرّ، وسر إلينا، فقال في الجواب: ولم لا أكشف رأسي في بيتي، وأشرب الدستيجة وحدي؟.
قال بعض البصريّين: كنّا عند رجل ومعنا رجل من آل أبي معيط، وأبو صفوان حاضر، فأتيا بفالوذجة (2) حارّة، فكاع (3) القوم عنها لحرارتها، وأهوى إليها المعيطيّ، وجعل يأكل، فقال أبو صفوان: انظروا إلى صبر آل أبي معيط على النار.
اتخذ ابن أخ لإبراهيم بن العباس منجّما وطبيبا، فقال له إبراهيم: والله ما أعرف لك في السماء نجما ولا في الأرض طبعا، فما تصنع بالطبيب والمنجم؟.
دخل بعض الولاة والمتغلبين إلى بلد واستتر منه الوالي قبله، فطلبه، وأخذ أصحابه وطالبهم بالدّلالة عليه إلى أن أخذ وكيلا له، فألحّ عليه إلحاحا شديدا، فلما علم ذلك ووقف عليه لم يلبث أن خرج الأول من الاستتار، ووجد أعوانا فقبض على الآخر وحبسه، وانتقل هو إلى دار الإمارة، فجاء هذا الوكيل إلى الحبس، ودخل على المحبوس، وقال: كنت قد حلّفتني أن أدلّك
__________
(1) الدستجة: الآنية، فارسي معرب.
(2) الفالوذج: حلوى من الدقيق والماء والعسل، فارسي معرب.
(3) كاع: خاف وابتعد.(2/151)
على موضع الأمير إذا عرفته، وقد عرفت ذلك، وهو في دار الإمارة في الإيوان، فخذه إن أردت أخذه.
مدح رجل رجلا عند الفضل بن الربيع، فقال له الفضل: يا عدوّ الله ألم تذكره عندي بكلّ قبيح؟! قال: ذاك في السّرّ. جعلت فداك.
تزوّج أعمى امرأة قبيحة، فقالت: رزقت أحسن الناس وأنت لا تدري! فقال: يا بظراء، فأين كان البصراء عنك؟!.
قال رجل لآخر أصلع: إن صلعتك هذه لمن نتن دماغك، فقال: لو كان كذلك ما كان على حر أمّك طاقة شعر.
دخل أبو العيناء إلى ابن مكرم، فقال له: كيف أنت؟ قال أبو العيناء: كما تحبّ؟ قال: فلم أنت مطلق؟.
أهدى رجل إلى إسماعيل الأعرج فالوذجة زنخة، وكتب معها: إني اخترت لعملها جيّد السكر السّوسيّ، والعسل الماذيّ، والزعفران الأصبهانيّ، فأجابه: برئت من الله إن لم تكن عملت هذه الفالوذجة قبل أن تمصّر أصبهان، وقبل أن تفتح سوس، وقبل أن أوحى الله إلى النحل.
قيل للنّتيف الأصبهاني: ما بقي معك من آلة الجماع؟ قال: البزاق.
قيل للجاحظ: لم هربت في نكبة ابن الزيّات؟ قال: خفت أن أكون ثاني اثنين إذ هما في التنور.
رمى المتوكل عصفورا بالبندق فلم يصبه، فقال ابن حمدون: أحسنت يا سيدي، فقال: هوذا تهزأ بي، كيف أحسنت؟ قال: إلى العصفور.
كان بعض الكتاب يكتب كتابا وإلى جنبه رجل يتطلع في كتابه، فلما شقّ عليه ذلك كتب في كتابه: ولولا ابن زانية أخو قحبة كان يتطلع في كتابي لأطلته وشرحت فيه جميع ما في نفسي، فقال الرجل: يا سيدي والله ما كنت أتطلّع في كتابك، فقال: يا بغيض، فمن أين قرأت هذا الذي كتبته؟.
قيل لأبي عروة الزبيري: أيسرّك أنك قائد؟ فقال: إي والله، ولو قائد عميان.
تجارى قوم في مجلس لهم حديث الكمال في الرجال، ودخول النقصان عليهم للآفات، فقال بعضهم: من كان أعور فهو نصف رجل، ومن لم يحسن السباحة فهو نصف رجل، ومن لم يكن متزوجا فهو نصف رجل.(2/152)
قيل لأبي عروة الزبيري: أيسرّك أنك قائد؟ فقال: إي والله، ولو قائد عميان.
تجارى قوم في مجلس لهم حديث الكمال في الرجال، ودخول النقصان عليهم للآفات، فقال بعضهم: من كان أعور فهو نصف رجل، ومن لم يحسن السباحة فهو نصف رجل، ومن لم يكن متزوجا فهو نصف رجل.
وكان فيهم أعور، ولم يكن يحسن السباحة ولا متزوّجا، فالتفت إلى ذلك الإنسان وقال له: إن كان عليّ ما تقول فأنا أحتاج إلى نصف رجل حتى أكون لا شيء.
قال بعضهم: مررت بمنجم قد صلب، فقلت له: هل رأيت في نجمك وحكمك هذا؟ قال: كنت رأيت رفعة، ولكن لم أعلم أنّها فوق خشبة.
قال بعضهم: نزلت بعض القرى، وخرجت في الليل لحاجة فإذا أنا بأعمى على عاتقه جرة وفي يده سراج، فلم يزل يمشي حتى أتى النهر، وملأ الجرة وانصرف راجعا، فقلت له: يا هذا، أنت أعمى، والليل والنهار عليك سواء، فما معنى هذا السراج؟ قال: يا فضوليّ، حملته معي لأعمى القلب مثلك يستضيء به، فلا يعثر بي في الظّلمة فيقع عليّ ويكسر جرّتي.
صدم أعور في بعض الأسواق امرأة، فالتفتت إليه وقالت: أعمى الله بصرك، فقال: يا ستّي، قد استجاب الله نصف دعائك.
دخل إلى بعض العور رجل من جيرانه ومعه حمار فقال: أيها الأستاذ اشتريت هذا الحمار فأحببت أن أتبرّك بنظرك إليه فكم يساوي عندك؟ فتأمله، ثم قال: يساوي خمسين درهما. وكان الرجل قد اشتراه بمائة درهم، فقال: لا إله إلا الله ما أخطأت بفلس، فإني اشتريته بمائة، وأنت رأيت نصفه.
غنّت مغنية بصوت فيه «الله يعلم» فكررته مرارا، فقال ابن مكرم:
أنّك بغيضة.
سئل رجل عن سنّ امرأته وكانت قديمة الصحبة له فقال: خذوا عيار رأسها من لحيتي.
قال أبو حنيفة لشيطان الطاق: مات إمامك يعني جعفر الصادق عليه السلام فقال له: لكنّ إمامك لا يموت إلى يوم الدين. يعني إبليس.
وناظره مرة في الطلاق، فقال له أبو حنيفة: أنت معاشر الشيعة لا تقدرون على أن تطلّقوا نساءكم، فقال شيطان الطاق: نحن نقدر على أن نطلّق على جميع من خالفنا نساءهم. فكيف لا نقدر على ذلك من نسائنا؟ وإن شئت طلقت عليك امرأتك. قال أبو حنيفة: افعل. قال: قد طلقتها بأمرك، فقد قلت لي: افعل.(2/153)
قال أبو حنيفة لشيطان الطاق: مات إمامك يعني جعفر الصادق عليه السلام فقال له: لكنّ إمامك لا يموت إلى يوم الدين. يعني إبليس.
وناظره مرة في الطلاق، فقال له أبو حنيفة: أنت معاشر الشيعة لا تقدرون على أن تطلّقوا نساءكم، فقال شيطان الطاق: نحن نقدر على أن نطلّق على جميع من خالفنا نساءهم. فكيف لا نقدر على ذلك من نسائنا؟ وإن شئت طلقت عليك امرأتك. قال أبو حنيفة: افعل. قال: قد طلقتها بأمرك، فقد قلت لي: افعل.
قال بعض العلويّة لأبي العيناء: أتبغضني ولا تصحّ صلاتك إلا بالصلاة عليّ، إذا قلت: اللهم صلّ على محمد وآله؟ فقال أبو العيناء: إذا قلت:
«الطيبين» خرجت منهم.
أتى قوم بعضهم وقالوا: نحبّ أن تسلّف فلانا ألف درهم، وتؤخره سنة.
فقال: هذه حاجتان ولكني سأقضي لكم إحداهما، أما الألف فلا يسهل عليّ، ولكني أؤخره ما شاء الله.
وسأل بعض الخلفاء من لا يستحقّ الولاية، فقال: ولّني يا أمير المؤمنين أرمينيّة، فقال: يبطىء على أمير المؤمنين خبرك.
كان لبعضهم ابن متحنّف (1)، فقال له يوما: ما أطيب الثكل! فقال الابن:
أطيب منه والله يا أبي اليتم.
قال بعض القصّاص وهو يعظ: آه آه!! فقال بعض المجّان: من تحتي؟ فقال القاصّ: ومعي ثلاثة: يريد: لحمل نعشه.
قال رجل لحميد الطوسي وكان عاتيا: رأيت في النوم كأنّ القيامة قد قامت، وكأنّ الله قد دعا بك، وغفر لك، وأدخلك الجنة. فقال: إن كانت رؤياك حقّا فالجور ثمّ أكثر من ههنا.
مرّ الفرزدق وهو راكب بغلة فضربها فضرطت، فضحكت منه امرأة فالتفت إليها وقال: ما يضحكك؟ فو الله ما حملتني أنثى قطّ إلّا ضرطت، فقالت له المرأة: فقد حملتك أمّك تسعة أشهر يا ابن الضّرّاطة.
قيل لمفلس: يامر بي. قال: فأل حسن.
__________
(1) المتحنف: الكثير العبادة.(2/154)
الباب الثامن من نوادر المتنبّئين
ادّعى رجل في زمن المهديّ النبوة، فأدخل إليه، فقال له المهديّ: أنت نبيّ؟ قال: نعم. قال: فإلى من بعثت؟ قال: وتركتموني أذهب إلى من بعثت؟
بعثت بالغداة وحبستموني بالعشيّ، فضحك المهديّ حتى فحص برجله، وأمر له بجائزة وخلّي سبيله.
وتنبأ آخر وادّعى أنه موسى بن عمران، فأحضره وقال له: من أنت؟
قال: أنا كليم الله موسى. قال: وهذه عصاك التي صارت ثعبانا؟ قال:
نعم. قال: فألقها من يدك ومرها أن تصير ثعبانا. قال: قل أنت {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ََ} [النّازعات: الآية 24]: كما قال فرعون، حتى أصيّرها ثعبانا كما فعل موسى. فضحك منه واستظرفه.
وأحضرت المائدة فقيل له: هل أكلت شيئا؟ فقال: ما أحسن العقل! لو كان لي ما آكله، أي شيء كنت أعمل عندكم؟ فأعجب به الخليفة وأحسن إليه.
وتنبّأت امرأة أيام المأمون فأوصلت إليه. فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا فاطمة النبيّة. فقال المأمون: أتؤمنين بما قال محمد رسول الله؟ قالت: هو نبيّ حقّا، وقوله حقّ مقبول. قال: فإنّ محمدا عليه السلام قال: لا نبيّ بعدي.
قالت: صدق صلوات الله عليه فهل قال: لا نبية بعدي؟ فقال المأمون لمن حضر: أما أنا فقد انقطعت، فمن كانت عنده حجة فليأت بها، وضحك حتى غطّى وجهه.
وتنبأ آخر في أيام المأمون فقال: أنا أحمد النبيّ. فحمل إليه فقال له:(2/155)
قالت: صدق صلوات الله عليه فهل قال: لا نبية بعدي؟ فقال المأمون لمن حضر: أما أنا فقد انقطعت، فمن كانت عنده حجة فليأت بها، وضحك حتى غطّى وجهه.
وتنبأ آخر في أيام المأمون فقال: أنا أحمد النبيّ. فحمل إليه فقال له:
أمظلوم أنت فتنصف؟ قال: ظلمت في ضيعتي، فتقدم بإنصافه، ثم قال له: ما تقول في دعواك؟ قال: أنا أحمد النبيّ فهل تذمّه أنت؟.
ادّعى رجل النبوة فقيل له: ما علامتك؟ قال: أنبئكم بما في أنفسكم.
قالوا: فما في أنفسنا؟ قال: أني كذّاب، لست بنبيّ!!.
تنبّأ حائك بالكوفة فقيل له: ما رأينا نبيّا حائكا، فقال: هل رأيتم نبيّا صيرفيّا؟.
تنبّأ رجل بالبصرة في أيام محمد بن سليمان فأدخل عليه وهو مقيّد. فقال له: أنت نبيّ مرسل؟ قال: أما الساعة فمقيّد. قال: ويلك، من غرّك؟ قال:
هكذا يخاطب الأنبياء؟ أما والله لولا أنّي موثق لأمرت جبريل بأن يدمدمها عليكم. قال: والموثق لا تجاب دعوته؟ قال: الأنبياء إذا قيدت خاصة لا ترتفع دعوتهم فضحك محمد وقال: متى قيّدت الأنبياء؟ قال: هوذا بين يديك واحد. قال: فنحن نطلقك وتأمر جبريل، فإن أطاعك آمنّا بك. قال: صدق الله تبارك وتعالى: {فَلََا يُؤْمِنُوا حَتََّى يَرَوُا الْعَذََابَ الْأَلِيمَ} [يونس: الآية 88] إن شئت فافعل، فأمر بإطلاقه، فلما وجد الراحة قال: يا جبريل ومدّ بها صوته ابعثوا من شئتم، فليس بيني وبينكم عمل، هذا محمد بن سليمان في عشرين ألف مدجّج، وله غلة مائة ألف في كل يوم وأنا وحدي، ما أملك درهما واحدا، ما يذهب لكم في حاجة إلّا كشخان (1) فضحك منه وخلّاه.
تنبّأ رجل في أيام المأمون، فقال له: من أنت؟ قال: نبيّ. قال: فما معجزتك؟ قال: ما شئت. قال: فأخرج لي من الأرض بطيخة. قال: أمهلني ثلاثة أيام. قال المأمون: الساعة أريدها. قال: يا أمير المؤمنين، أنصفني. أنت تعلم أنّ الله ينبتها في ثلاثة أشهر، فلا تقبلها منّي في ثلاثة أيام؟! فضحك المأمون وعلم أنه محتال واستتابه ووصله.
__________
(1) الكشخان: الديّوث.(2/156)
وتنبّأ آخر في أيامه، فطالبوه بمعجزته، فقال: أطرح لكم حصاة في الماء فأذيبها حتى تصير مع الماء شيئا واحدا. قالوا: قد رضينا، فأخرج حصاة كانت معه وطرحها في الماء فذابت، فقالوا: هذه حيلة، ولكن أذب حصاة نعطيك نحن. قال لهم: لا تتعصّبوا. فلستم أنتم أجلّ من فرعون، ولا أنا أعظم من موسى، لم يقل فرعون لموسى: لا أرضى بما تفعله بعصاك حتى أعطيك من عندي عصا تجعلها ثعبانا. فضحك المأمون وأجازه.
وتنبّأ آخر في أيام المعتصم، فلما أحضر بين يديه قال له: أنت نبيّ؟
قال: نعم. قال: إلى من بعثت؟ قال: إليك. قال: أشهد أنك لسفيه أحمق.
قال: إنما يبعث إلى كل قوم مثلهم. فضحك المعتصم وأمر له بشيء.
وتنبّأ آخر فقيل له: ما معجزتك؟ قال: يقول الله تعالى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ََ} (6) [النّجم: الآية 6]، ورجلي قد تشقّق كلّه من المرار.
وتنبأ آخر فرئي في بيت خمّار، فقيل له: ما رأينا نبيّا في بيت خمار؟! قال: إنما جئت أعرف هذا حتى لا أقصده مرة أخرى.
وتنبّأ رجل في خلافة المأمون، فقال لعلي بن صالح صاحب المصلّي:
ناظره. فقال له علي: ما أنت؟ قال: نبيّ. قال: فأين آياتك والنّذر؟ قال:
ألستم تزعمون أن محمدا كان لا يخبر بشيء إلا كان؟ قالوا: نعم. قال: فأنا لا أخبر بشيء أنه يكون فيكون.
تنبّأ رجل في أيام المأمون، فقال له: ما أنت؟ قال: أنا نبيّ. قال: فما معجزتك؟ قال: سل ما شئت. وكان بين يديه قفل، قال: خذ هذا القفل فافتحه، فقال: أصلحك الله، لم أقل إنّي حداد، قلت: أنا نبي!! فضحك المأمون واستتابه وأجازه.
وتنبّأ آخر فطلب، فلما أحضر دعا له بالنّطع (1) والسيف، فقال: لم تقتلوني؟ قالوا: لأنك ادّعيت النبوة. قال: فلست أدعيها. قالوا: فأيّ شيء أنت؟ قال: أنا صدّيق. فدعي له بالسياط، قال: لم تضربوني؟ قالوا: لادّعائك
__________
(1) النّطع: قطعة من الجلد يقطع عليها الرأس.(2/157)
أنّك صدّيق. قال: لا أدّعي. قالوا: فمن أنت؟ قال: من التابعين بإحسان.
فدعي له بالدّرة. قال: ولم؟ قالوا: نؤدّبك لادّعائك ما ليس فيك. قال:
ويحكم. الساعة كنت نبيّا، أتريدون أن تحطّوني في ساعة واحدة من النبوّة إلى مرتبة العوامّ؟ أمهلوني إلى غد حتى أصير لكم إلى ما شئتم.
وأتي المتوكل بواحد قد تنبّأ، فقال له: ما حجّتك؟ قال: ما أعطوني حجّة وقلت لجبريل: إنّ القوم ثقال الأرواح غلاظ الطباع لا بدّ لي معهم من آية. قال لي: اذهب، فإنّ أهل بغداد قد اختلفوا في القاضي، وأنه بغّاء أو لوطيّ، فاذهب فعرّفهم ذلك فإنهم إذا عرّفتهم آمنوا بك. قال المتوكل: فما الذي قال لك جبريل من أمر القاضي. قال: قال هو بغّاء. فضحك وأمر له بجائزة.
وتنبّأ آخر في زمن المهدي، فقال له: إلى من بعثت؟ فقال: وتركتموني أذهب إلى من بعثت إليه؟ بعثت بالغداة ووضعتموني في السجن بالعشيّ، فضحك المهدي حتى ضرب برجليه. وقال: صدقت يا هذا. عاجلناك، فإن نحن خلّيناك تذهب إليهم؟ قال: لا والله، قد بدا لي، أخاف أن يصنعوا بي كما صنعتم. قال: فما تقول لجبريل؟ قال: أقول له: ابعثوا من شئتم فإني أحتاج أن أفتل الحبال. فضحك المهديّ، واستتابه وخلّاه.
وتنبّأ آخر في زمن المهدي فأمر بإحضاره، فلما مثل بين يديه قال له:
أنت نبيّ؟ قال: نعم. قال: ومتى بعثت؟ قال: وما تصنع بالتاريخ؟ قال: ففي أيّ موضع جاءتك النبوّة؟ قال: وقعنا. والله ليس هذا من مناظرات الأنبياء، إن كان عزمك أن تصدّقني فكلّ ما قلت لك اعمل به، وإن عزمت أن تكذّبني فدعني رأسا برأس. قال المهدي: هذا لا يجوز فإنّ فيه فساد الدين. فغضب وقال: واعجباه! تغضب أنت لفساد دينك ولا أغضب أنا لفساد ديني؟ فو الله ما قويت إلا بمعن بن زائدة والحسن بن قحطبة ومن أشبههما، فضحك المهديّ وقال لشريك القاضي: ما تقول فيه؟ قال المتنبىء: تشاور ذاك في أمري ولا تشاورني؟ قال: هات ما عندك. قال: أكافر أنا عندك أم مؤمن؟ قال: كافر.
قال: فإنّ الله يقول: {وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ}
[الأحزاب: الآية 48]. فلا تطعني ولا تؤذني، ودعني أذهب إلى الضعفاء والمساكين، فإنهم أتباع الأنبياء، وأترك الملوك والجبابرة فإنهم حصب جهنّم، فضحك وخلّاه.(2/158)
قال: فإنّ الله يقول: {وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ}
[الأحزاب: الآية 48]. فلا تطعني ولا تؤذني، ودعني أذهب إلى الضعفاء والمساكين، فإنهم أتباع الأنبياء، وأترك الملوك والجبابرة فإنهم حصب جهنّم، فضحك وخلّاه.
وتنبّأ آخر في أيام المتوكل فأحضره وقال له: ما صناعتك؟ قال: أنا روّاس. قال المتوكل: صناعة قذرة، فقام المتنبىء ينفض ثيابه ليمضي، فقال:
إلى أين؟ قال: أذهب أقول لهم إنّ القوم متقزّزون، يريدون نبيّا عطّارا.
وتنبّأ آخر في أيام المأمون فأحضر وقال له: ما آيتك؟ وما الدليل على نبوّتك؟ قال: القرآن يقول الله عزّ وجل: {إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ} (1) [النّصر: الآية 1] واسمي الفتح. فقال المأمون: فهذا لك خاصة أو لكل من اسمه الفتح؟ قال: وحين قال الله في كتابه العزيز: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ} [الفتح: الآية 29] كان لمحمد خاصة أو لكلّ من اسمه محمد؟ فضحك واستتابه وخلّاه.
وتنبّأ آخر فقيل له: ما معجزتك؟ قال: وما معجزة نبيكم؟ قالوا: حلب الحائل (1). قال: فأنا أحلب العاقر (2).
تنبّأ آخر، وسمّى نفسه نوحا، ونهاه صديق له عن ذلك، فلم ينته، فأخذه السلطان وصلبه، فمرّ به صديقه الذي كان ينهاه، فقال له: يا نوح ما حصلت من السفينة إلا على الدّقل (3).
جاء رجل إلى المتوكل، وادّعى النبوة، فقال له بعض من حضر: صف لنا جبريل، فوصفه ولم يذكر جناحه، فقال له: ويحك، لم تعلمنا خبر جناحه، ولسنا نشك في أن له جناحا. فقال: أظنه أتاني وهو في القرفصة.
أتي المأمون بآخر قد تنبأ، فقال له: ما تقول؟ قال: قال ربي لا تكلم المأمون بشيء، واذهب إلى الهند. فضحك وخلّاه.
__________
(1) الحائل: الأنثى من ولد الناقة ساعة تولد.
(2) العاقر: التي لا تلد.
(3) الدقل: خشبة طويل في وسط السفينة يمد عليها الشراع، ويسمى: الصاري.(2/159)
الباب التاسع نوادر المدينيين
قال رجل من أهل الشام لبعض أهل المدينة وهو الغاضريّ: كيف يباع النبيذ عندكم؟ قال: مدّان وثمانية وسبعون سوطا بدرهم!!.
وقيل لمدينيّ: ما أعددت لشدة البرد؟ قال: شدة الرّعدة.
وقال آخر منهم لغلامه ونزل به ضيف: افرش لضيفنا. فقال: ما أفرش له، وسراويلك عليك، والجلّ على الحمار؟.
وقيل لآخر: كيف أنت في دينك؟ قال: أخرّقه بالمعاصي وأرقّعه بالاستغفار.
سرق آخر نافجة مسك، فقيل له: إن كلّ من غلّ يأتي بما غلّ يوم القيامة يحمل على عنقه. فقال: إذا والله أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل.
ومرّ آخر بقاصّ وهو يقول: وإسرافيل ملتقم الصور (1) ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه. فقال المدينيّ وضرب بيده على جبهته: إنا لله، إن عطس عطسة افتضحنا.
وقال آخر: لو قسّم البلاء بين الناس لم يصبنا أكثر مما أصابنا. قالوا: ما الذي أصابك؟ قال: بعثنا بشاتنا إلى التّيّاس مع الجارية، فجاءت الشاة حائلا والجارية حاملا.
وصحب مديني بعض ولاة المدينة، فلما رجع إلى المدينة قالوا: هل ولّاك شيئا؟ قال: نعم، ولّاني قفاه.
__________
(1) الصور: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عند بعث الموتى إلى المحشر.(2/160)
قيل لآخر وقد ذمّ عيشه: أحمد الله الذي رفع السماء بغير عمد، فإنّه قادر على أن يوسع رزقك. قال: وددت أنّه وسّع عليّ وجعل بين كلّ ذراعين اسطوانة.
وسمع آخر سائلا يقول: لا ينقص مال من صدقة. قال: بيني وبينك الميزان يا كشخان.
قيل لآخر: كيف طابت أصوات أهل المدينة؟ قال: لخلاء أجوافهم، كالعود لمّا خلا جوفه طاب صوته.
لقي مدينيّ آخر فقال له: ما فعل ابنك فلان؟ قال: باليمن. قال: فابنك فلان؟ قال: بخراسان. قال: لا أسألك عن الثالث فإني أعلم أنه في السحاب.
وقال مديني لآخر: زوّجت أمك؟ قال: نعم، حلالا طيبا. قال: حلال نعم، فأما الطيّب فالزوج أعلم به.
واشترى آخر رطبا، فأخرج صاحبه كيلجة (1) صغيرة ليكيل بها، فقال المديني: والله لو كلت لي بها حسنات ما قبلتها.
وقيل لآخر: حمارك مهزول. فقال: يده مع يدي.
واشترى آخر جارية فسئل عنها، فقال: فيها خلّتان من خلال الجنة: برد وسعة.
وقال مديني لابن أبي مريم: تعشقت فلانة وأريد شراءها. قال: يا ابن الفاعلة، فبأيّ شيء تشتريها؟ قال: أبيع قطيعة جدي وأشتريها. قال: امرأته طالق إن كان ملك جدّك قطيعة إلا قطيعة الرحم.
كان مديني يجلس على باب مسجد، فيري الناس إذا أذّن المؤذّن يدخلون أرسالا. فقال: والله لو قال هذا المؤذّن يوما: حيّ على الزكاة، ما جاء منكم أحد.
__________
(1) الكيلجة: مكيال يكال به، فارسية.(2/161)
وسرق آخر جرّة فأخذوها منه وأرادوا ضربه، وقالوا: يا عدوّ الله تسرق جرّتنا؟ فقال: ما هذه جرّتكم، هذه والله عندنا مذ هي كوز!، فضحكوا منه وتركوها له.
قال مدينيّ لآخر: أيسرك أن هذه الدار لك؟ قال: نعم. قال: وليس إلا نعم؟ قال: وكيف أقول؟ قال: تقول نعم، وأحمّ سنة. قال: نعم وأنا أعور.
وقال واحد منهم لآخر: أيسرّك أن تعيش حتى تجيء حليمة من إفريقية مشيا إليك؟ قال: وأنت يسرّك ذلك؟ قال: أخاف والله أن يقول إنسان هي بمخيض فيغشى عليّ. ومخيض على بريد من المدينة.
وقال آخر لامرأته: لا جزاك الله خيرا فإنّك غير مرعية ولا مبقية. قالت:
لأنا والله أرعى وأبقى من التي كانت قبلي. قال: فأنت طالق إن لم أكن آتيها بجرادة فتطبخ منها أربعة ألوان وتشوي جنبيها. فرفعته إلى القاضي، فجعل القاضي يطلب له المخرج، فقال للقاضي: أصلحك الله، أشكلت عليك؟ هي طالق عشرين.
شتم مديني أبا هريرة، فقيل له: أتشتم رجلا من أصحاب النبيّ عليه السلام؟ فقال: ظننته أنس بن مالك (1).
مطر أهل المدينة ستّ ليال متواليات، حتى كاد أهلها يغرقون، فقال بعضهم: إن مطرنا السابعة أصبح أهل السماء في مفازة لا يجدون حسوة ماء.
نزل على مديني أضياف فتستّرت امرأته منهم وتخفّرت (2). فقال لها زوجها: لوددت أنّ في الدنيا عينا تشتهيك، وأنك أثقلت في كلّ يوم بتوأمين.
نظر مديني إلى قوم يستسقون ومعهم الصبيان، فقال: ما هؤلاء؟ قالوا:
نرجو بهم الإجابة. قال: لو كان دعاؤهم مجابا لما بقي في الأرض معلّم.
__________
(1) أنس بن مالك: أبو ثمامة أو أبو حمزة، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخادمه، روى عنه رجال الحديث 2286حديثا، ولد بالمدينة سنة 10قبل الهجرة، وتوفي بالبصرة سنة 93هـ (الأعلام 2/ 2524).
(2) تخفّرت: استحيت، والخفر: الحياء.(2/162)
قيل لبعضهم: ما عندك من آلة الحج؟ قال: التلبية.
وقيل لآخر: يمكنك أن تحجّ. قال ليت أمكنني المقام!.
وقف آخر على قاصّ وهو يذكر ضغطة القبر، فقال: يا قوم، كم في الصّلب من الفرج العظيم ونحن لا ندري! فقال صاحبه: فإنّا نستصلب الله.
أخذ الطائف بعضهم وهو سكران، فقال: احبسوا الخبيث. فقال:
أصلحك الله عليّ يمين بالطلاق ألّا أبيت بعيدا عن منزلي، فضحك وخلّاه.
اجتازت جارية مدينية برجل منهم يبول، فرأت معه شيئا وافرا، فقالت له:
هذا معك ولا تجلس في الصيارفة؟ فقال: أخزاك الله، وهل أقامني من الصيارفة غيره؟.
وصف مديني امرأة بالقبح، فقال: كأنّ وجهها وجه إنسان قد رأى شيئا يتعجّب منه.
قيل لمديني: ما طعامك؟ قال: الخلّ والزيت. قيل: أفتصبر عليهما؟
قال: ليتهما يصبران عليّ.
خاصمت مدينية زوجها، وكان في خلق لا يواريه، فقال له: غيّر الله ما بك من نعمة. قال: استجاب الله دعاءك، لعلّي أصبح في ثوبين جديدين.
ومرّت امرأة جميلة بمديني، فقالت له: يا شيخ أين درب الحلاوة؟
قال: بين رجليك يا ستّي.
وصف مديني مغنّية بحسن الغناء، فقال: والله لو سمعتها ما أدركت ذكاتك.
عرض آخر جارية على البيع، فقيل له: هي دقيقة السّاقين، فقال: تريدون تبنون على رأسها غرفة؟.
كان أبو خزيمة المديني يقول: اللهم ارزقني، فإن كنت لا ترزقني لكرامتي عليك، فقد رزقت من هو خير مني، سليمان بن داود، وإن كنت لا ترزقني لهواني عليك، فقد رزقت من هو شرّ مني، فرعون ذا الأوتاد.
وشكا مرة نكبات الدهر، فقال له رجل: هوّن عليك فإن الله يدّخر لك ثوابها للآخرة. فقال له أبو خزيمة: الآخرة خير أم الدنيا؟ قال: بل الآخرة.(2/163)
كان أبو خزيمة المديني يقول: اللهم ارزقني، فإن كنت لا ترزقني لكرامتي عليك، فقد رزقت من هو خير مني، سليمان بن داود، وإن كنت لا ترزقني لهواني عليك، فقد رزقت من هو شرّ مني، فرعون ذا الأوتاد.
وشكا مرة نكبات الدهر، فقال له رجل: هوّن عليك فإن الله يدّخر لك ثوابها للآخرة. فقال له أبو خزيمة: الآخرة خير أم الدنيا؟ قال: بل الآخرة.
قال: فإنه ليس يعطيني من أبغضهما إليه، أيعطيني من أكرمهما عليه؟.
قالت امرأة الغاضريّ وقد قطع لها قميصا: ما أحسن هذا القميص! قال: الطلاق أحسن منه.
قال رجل لناجية المديني لما مات أبوه: آجرك الله. فقال: رزقني الله مكافأتك.
قال أبو العيناء: قلت لمديني شكا إليّ سوء الحال: أبشر فإن الله قد رزقك الإسلام والعافية. قال: أجل، ولكن بينهما جوع يقلقل الكبد.
وقف سائل بباب مديني، وقال: أطعمونا من فضل عشائكم. فقال: والله ما لعشائنا أصل حتى يكون له فضل.
ساوم مديني بدجاجة، فقال صاحبها: لا أنقص من عشرة دراهم. فقال:
والله لو كانت في حسن يوسف، وفي عظم كبش إبراهيم، وكانت تبيض في كلّ يوم وليّ عهد للمسلمين، ما ساوت أكثر من درهمين.
قيل لمديني: كيف رأيت البصرة؟ قال: خير بلاء الله للجائع والمفلس والعزب، أما الجائع فيأكل من خبز الأرز والملح بفلس حتى يشبع. وأما العزب فيتزوّج بمن شاء بدانقين وأما المفلس فيخرى ويبيع، فهل رأيتم بلدة مثلها؟.
قيل لمديني: ما عندك من آلة العصيدة؟ قال: الماء.
انقطع مديني إلى رجل من الأشراف، فغنّى له مغنّ يوما صوتا حزينا، فمزق ثيابه وقال للمديني: مزّق قميصك أيضا. قال: ليس عندي غيره. قال:
أنا أكسوك غدا قميصا. قال: وأنا أيضا أمزّقه غدا.
قيل لبعضهم: ما عندك من آلة القريس (1) قال: البرد.
__________
(1) القريس: سمك طبخ وجعل فيه صباغ حتى يجمد.(2/164)
قيل لخوّات المديني: كيف تقول: تعشيت أو تعشّأت؟ قال: إذا أكلت اللحم فقل تعشأت، وإذا لم تأكل اللحم، فقل: تعشّيت.
قال بعضهم: مررت بآخر وهو يشكو الفقر، فقلت له: أبشر، فإنه يأتيك الفرج. قال: أخشى أن يجيئني الفرج فلا يجدني.
قال مديني لآخر: حاصرت الله في سلم من زبد كلّما صعدت ذراعا نزلت باعا، حتى أبلغ بنات نعش فآخذها كوكبا كوكبا.
لو أنّ لمولاك مائة بيدر من إبر خوارزمية، ثم جاءه يوسف النبيّ عليه السلام وقد قدّ قميصه من دبر، ومعه جبريل وميكائيل يشفعان له ما أعطاه منها إبرة يخيط بها قميصه.
قيل لشيخ منهم: كم مقدار شربك للنبيذ؟ قال: مقدار ما أقوى به على ترك الصلاة.
سرق لآخر دراهم، فقيل له: لا تغتمّ فإنها في ميزانك. فقال: مع الميزان سرقت.
وقال آخر لصاحب منزله: أصلح خشب هذا البيت فإنه يتفرقع. فقال: لا تخف، فإنه يسبّح، فقال: إني أخاف أن تدركه الرقة فيسجد.
كانت بالمدينة امرأة لا تلد إلّا البنات، فقال لها زوجها وقد بشّر بابنة: يا فلانة، إني لأظنّ لو احتلمت بالشام وأنت بالمدينة لحملت ببنت.
خرج أبو جواليق المديني يشتري حمارا، فلقيه صديق له، فقال: أين تريد؟ قال: أريد السوق أشتري حمارا. قال: قل إن شاء الله. قال: ليس هذا موضع «إن شاء الله» الدراهم في كمي والحمار في السوق فبينا هو يطلب الحمار إذ طرّت دراهمه فرجع حزينا، فلقيه صاحبه، فقال: ما صنعت؟ قال:
سرقت دراهمي إن شاء الله.
وأراد المهديّ أن يتنزه بالمدائن، فخرج أشراف أهل المدائن، فأوقدوا النيران والشموع، فقال أبو جواليق: قد أذن الله في خراب المدائن. قالوا:
لم؟ قال: أوقدتم النيران. الآن تنفر حراقات المهدي منها فيأمر بخراب المدائن.(2/165)
وأراد المهديّ أن يتنزه بالمدائن، فخرج أشراف أهل المدائن، فأوقدوا النيران والشموع، فقال أبو جواليق: قد أذن الله في خراب المدائن. قالوا:
لم؟ قال: أوقدتم النيران. الآن تنفر حراقات المهدي منها فيأمر بخراب المدائن.
دخل بعضهم على المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، الموت بالمدينة فاش إلا أنه سليم.
جاء رجل إلى مديني فقال: هل تدلّني على من يشتري حماري، وكان أجرب أجرد، فقال: والله ما أعرف من يشتري هذا إلا أن يجيء من يطلب من الحمير نسمة للعتق.
غنّت قينة ومديني حاضر، فقال: يا سيدتي أجدت، وما يحضرني ما أعطيك، ولكن قد وهبت لك كل حسنة لي، وحملت عنك كلّ سيئة لك. فقام آخر فقال: يا سيدتي، ما أعطاك شيئا، وذلك أنه مالك سيئة يحملها عنك، ولا له حسنة فيعطيكها.
سئل أحدهم عن جارية اشتراها، فقال: مفازة مكة عندها ثقب عفصة.
وبلح كركان عندها بينون الداخل.
قالت امرأة مدينيّة لزوجها: احفظ صحبة ثلاثين سنة. قال: ما دهاك عندي غير ذلك.
كان بالمدينة واحد يقود قد أفسد أحداثها، فاجتمع المشايخ وشكوا ذلك إلى والي المدينة، فنفاه إلى قباء، فبعدت المسافة، فكانوا يركبون حمير المكاريّين ويصيرون إلى عنده. وكثر ذلك حتى كان الواحد يركب حمارا، فيسير حتى يقف على بابه فاجتمع الناس إلى واليهم وقالوا: قد أفسد أحداثنا وأتلف أموالنا، حتى إن الحمر قد عرفت باب داره، فتقف عنده. فأمر الوالي بإحضاره وأمر بتجريده، وقال: ليس أريد شاهدا عليك سوى أن الحمير تعرف باب دارك. قال: فبكى، فقيل له: ممّ تبكي؟ قال: من شماتة أهل العراق بنا، يقولون: إنّ أهل المدينة يقبلون شهادة الحمير، فضحك الوالي ومن حضره، وخلّوه.
اجتمع في بيت مديني رجل مع صديقة له، فأحصى المديني عليهما ثمانية، فلما أصبحوا قتل وهي تعاتبه: لست عنك راضية، وسمع المدينيّ قولها
فقال: يا هذه ليس في الدنيا أقلّ حياء منك، تعاتبينه بعد ثمانية؟ امرأته طالق أنه لو نا أمّه ثمانية، لكان قد قضى حقّ الله فيها.(2/166)
اجتمع في بيت مديني رجل مع صديقة له، فأحصى المديني عليهما ثمانية، فلما أصبحوا قتل وهي تعاتبه: لست عنك راضية، وسمع المدينيّ قولها
فقال: يا هذه ليس في الدنيا أقلّ حياء منك، تعاتبينه بعد ثمانية؟ امرأته طالق أنه لو نا أمّه ثمانية، لكان قد قضى حقّ الله فيها.
التقى قنديل الجصّاص، وأبو الحديد المدينيان، فقال قنديل: من أين وإلى أين؟ فقال: مررت برقطاء رائحة تترنّم برمل ابن سريج في شعر ابن عمارة (1): [الطويل]
سقى مأزمي فجّ إلى بئر خالد
فزففت خلفها زفيف النّعام، فما انجلت غشاوتي إلّا وأنا بالمشاش حسيرا، فأودعتها قلبي وخلفته لديها، وأقبلت أهوي هويّ الرّخمة بغير قلب.
فقال له قنديل: ما رفع من المزدلفة أسعد منك، سمعت شعر ابن عمارة في لحن ابن سريج من رقطاء الحبطية، لقد أوتيت جزءا من النّبوّة.
وكانت رقطاء هذه أضرب الناس، فدخل رجل من أهل المدينة منزلها فغنّته صوتا، فقال له بعض من حضرها: هل رأيت وترا قط أفصح من وترها؟
فطرب المديني وقال: عليه العهد إن لم يكن وترها قد عمل من معى بشكست النحوي، فكيف لا يكون فصيحا؟ وكان بشكست هذا نحويّا فصيحا، يقال له:
عبد العزيز، أخذ أهل المدينة النحو عنه.
نظر واحد منهم وهو المريمي إلى مصلوب بباب الرّقة فقال: {هََذََا مََا وَعَدَنَا اللََّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: الآية 22].
وقيل له يوما: كيف مات أبوك؟ فقال: سرّا. يعني فجأة.
ورأى جنازة بعضهم فقال: الآن خلا بعمله ومساءلة هاروت وماروت.
وقيل له يوما: تقدم فصلّ بنا. فقال: أنا والدتي. يريد: أنا أمّيّ.
وقال بعضهم لمديني: قد حضرني وجه حسن، امض إلى صديقنا فلان حتى يجيء فيرى. قال: فمن ينظر عنّي حتى أرجع؟.
__________
(1) عجزه:
فوادي نصاع فالقرون إلى عمد
والبيت بلا نسبة في معجم البلدان (نصاع).(2/167)
واشترى مديني عرصة، وأحضر من يبنيها، فذرعها وقال: ابن ههنا صفّة (1) وههنا حتريا (2)، وههنا خزانة. ثم ضرط، وقال بالعجلة: وههنا كنيفا فقد اختاره الثّقة العالم به، فضحك هو ومن حضره فزال خجله.
قال بعض الأطباء، حضرت عند عليل، ووصف لي سبب علته، وكانت العلة حمّى حادة، فدخل رجل من أهل المدينة والمحموم يقول لي: أكلت أفراخا وعسلا، وشربت عليه أقداحا ونمت في الشمس. فقال المديني: امرأته طالق لو كانت الحمّى من حملة العرش لتركت حمله وأتتك.
قيل لمديني: كيف حالك؟ فقال: وكيف يكون حال من ذهب ماله، وبقيت عادته؟!.
بعث مديني غلامه إلى جاريته لتحمل إليه الكيس، فالتمست منه علامة، فقال المديني: قل لها العلامة أني خريت البارحة في الفراش. فقالت: ارجع إليه وقل له: أيّ علامة هذه؟ وأنت تخرى كل ليلة في الفراش، إنما أردت علامة غير مشهورة. فردّ الغلام وقال: قل لها إنك طبخت البارحة سكباجة (3)
ولم أرضها، وحردت وقمت فخريت في الغضارة (4)، فقالت المرأة: إي والله، وعلى كلّ رغيف على المائدة وأعطته الكيس.
خطب خطيب بالمدينة، فقال في خطبته: {وَقََالَ الشَّيْطََانُ لَمََّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللََّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمََا كََانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطََانٍ إِلََّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلََا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مََا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمََا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ}
[إبراهيم: الآية 22]. فقال بعض المدينيين: ما أحسن كلام ابن الزانية.
قيل لمديني: ما عمل بك الشيب؟ قال: ما عملت به أعظم، ما وقّرته ولا تركت له محرّما.
__________
(1) صفّة الدار: شبه البهو الواسع.
(2) الحتر: هو ما يعمل حول البيت من رمل أو شيء من البناء مرتفع، يقال: حتر البيت: أي جعل حوله حتريا أو حترا.
(3) السكباجة: من ألوان الطعام، فارسي معرب.
(4) الغضارة: القصعة الكبيرة من الخزف.(2/168)
قيل لمديني: بم تتسحّر؟ قال باليأس من فطور القابلة.
تزوّج رجل امرأة بالمدينة ذكروا له أنها شابّة طرية وكانت عجوزا، فلما دخل بها ورآها نزع نعليه، وهم يظنّون أنه يضربها فقلّدها إياهما وقال:
لبّيك اللهم لبيك. فقالوا له: اسكت، اسكت. فقال: لا تصلح هذه إلّا أن تكون بدنة، فاقتدوا منه.
قيل لمديني: كيف ترى الدنيا؟ قال: قحبة، يوما في دار عطّار، ويوما في دار بيطار.
تمنّى آخر في منزله فقال: ليت لنا لحما فنطبخ سكباجا. فما لبث أن جاء جار له بصحفة، وقال: اغرفوا لنا فيها قليل مرق. فقال: جيراننا يشمّون رائحة الأماني.
دخل الغاضريّ على الحسن بن عليّ عليه السلام، فقال: إني عصيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: بئس ما عملت! كيف؟ فقال: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يصلح قوم ملكت عليهم امرأة، وقد ملكت عليّ امرأتي أمرتني أن أشتري عبدا فاشتريته فأبق. فقال رضي الله عنه: اختر إحدى ثلاث، إن شئت فثمن عبد، فقال: قف هنا ولا تتجاوز، قد اخترت ذلك، فأعطاه.
قيل لمديني: أيسرّك أن يكون أك كبيرا؟ قال: لا. قيل: ولم ذلك؟
قال: يثقلني ويلتذّ غيري.
وقع واحد منهم فوثئت (1) رجله، فجعل الناس يدخلون عليه فيسألونه:
كيف وقع؟، فأكثروا، فضجر وكتب قصته، فكان إذا دخل عليه عائد وسأله دفع إليه القصّة.
كان سعيد بن مسلم إذا استقبل السنة التي يستأنف فيها عدد سنّة أعتق نسمة، وتصدّق بعشرة آلاف درهم، فقيل لمديني: إن سعيد بن مسلم يشتري نفسه من ربّه بعشرة آلاف درهم. فقال المديني: لا يبيعه.
__________
(1) الوثء والوثاءة: وصم يصيب اللحم لا يبلغ العظم، أو توجّع في العظم دون الكسر.(2/169)
قيل لمديني: إنّ عثمان بن عفان إذا كان يوم القيامة يحكم بين القاتل والخاذل. قال: فبكى المديني، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أخاف والله أن يعفو.
مرّ مديني على آخر، ومعه عنز وحمل، فقال له: هذا الحمل هو ابن هذه العنزة. قال المديني: لا، ولكنه يتيم في حجرها.
اشترى مديني برذونا من رجل، فقال له: بالله هل فيه عيب؟ قال: لا والله، إلا مشش كأنه سفرجلة، وقليل عرن كأنه قثاءة، وقليل دبر كأنه بطيخة.
قال: يا ابن الفاعلة بعتني برذونا أو بعتني دار البطّيخ.
التقى مدينيان، فقال أحدهما لصاحبه: علمت أنّ امرأتي حامل. قال:
ممّن؟ قال: منّي. قال: سررتني والله.
عوتب مديني على كثرة الحلف بالطلاق، فقال: لي امرأة لا تصلح إلّا للحنث.
كان بعض المدينيين قد أنزله بعض الأشراف غرفة على مطبخ له، فأخذه بطنه، فسلح في الغرفة، ووكف على قدور المطبخ فأفسدها، وكان المدينيّ يتعشّى عنده، فقال له: جعلت فداك أين عشاؤك؟ فقد أبطأ علينا. قال: أفسده علينا غداؤك.
رأى الدارميّ المدينيّ الأوقص قاضي مكة في المسجد يدعو ويقول:
يا رب أعتق رقبتي من النار. فقال الدارميّ: لا والله ما جعل الله لك من عنق ولا رقبة فكيف يعتقها؟ فقال: ويلك. من أنت؟ قال: أنا الدارميّ قتلتني وحبستني، وكان أتاه في حاجة فأخّرها، فقال: لا تقل ذاك وأتني أقض حاجتك.(2/170)
يا رب أعتق رقبتي من النار. فقال الدارميّ: لا والله ما جعل الله لك من عنق ولا رقبة فكيف يعتقها؟ فقال: ويلك. من أنت؟ قال: أنا الدارميّ قتلتني وحبستني، وكان أتاه في حاجة فأخّرها، فقال: لا تقل ذاك وأتني أقض حاجتك.
الباب العاشر نوادر الطفيليّين والأكلة
قال بنان الطفيلي: الجوذاب (1) صاروج (2) المعدة. اشرب عليه ما شئت.
وقيل له: كم كان عدد أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم يوم بدر؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر رغيفا.
وقال: عصعص (3) عنز خير من قدر باقلّى.
وقال آخر: من احتمى فهو على يقين من مكروه الجوع، وفي شك من العافية.
وقال بعضهم: ليس شيء أضر على الضّيف من أن يكون صاحب البيت شبعان.
قيل لآخر: ما معنى قول الله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنََّا فِيهََا}
[يوسف: الآية 82]؟ قال: أراد أهل القرية، كما تقول: أكلنا سفرة فلان أي ما في سفرة فلان.
قال الأصمعي: كان في البصرة أعرابيّ من بني تميم يطفّل على الناس، فعاتبته على ذلك، فقال: والله ما بنيت المنازل إلّا لتدخل، ولا وضع الطعام إلّا ليؤكل، وما قدمت هدية فأتوقع رسولا، وما أكره أن أكون ثقلا ثقيلا على من أراه شحيحا بخيلا، أتعمّم عليه مستأنسا، وأضحك إن رأيته عابسا، فآكل
__________
(1) الجوذاب: من ألوان الطعام مؤلف من سكر ورز وجوز ولحم.
(2) الصاروج: فارسي معرب، معناها الأساس.
(3) العصعص: عجب الذنب.(2/171)
برغمه، وأدعه بغمّه، وما اخترق اللهوات طعام أطيب من طعام لم تنفق فيه درهما، ولم تعنّ إليه خادما.
قال بعضهم: من جلس على مائدة، وأكثر كلامه غشّ بطنه.
أولم طفيلي على ابنته، فأتاه كلّ طفيليّ، فلما رآهم عرفهم، فرحّب بهم ثم أدخلهم، فرقاهم إلى غرفة بسلم، وأخذ السلّم حتى فرغ من إطعام الناس، فلما لم يبق أحد أنزلهم وأخرجهم.
طفّل رجل على بعض الناس، ووقع بينه وبين رجل في المجلس كلام، فقال الطفيليّ للرجل: والله لئن قمت إليك لأدخلنّك من حيث خرجت، فقال صاحب المنزل: لكنّي والله أخرجك من حيث دخلت.
قيل لبعضهم: لم تأكل بخمس أصابع؟ قال: ولي أكثر منها؟!.
نظر طفيليّ على مائدة إلى ملبّقة (1) بيضاء وملبّقة صفراء، فجعل يأكل البيضاء، فصفعه شيخ طفيليّ كان معه على المائدة وقال: لا أمّ لك، إذا كنت في صناعة فتحذّق فيها. أما عرفت أن الفرق بينهما الزعفران؟.
وحكي عن بعضهم أنه قال: أحفظ من القرآن آية واحدة، ومن الحديث خبرا واحدا، ومن الشعر بيتا واحدا. أما الآية فقوله تعالى: {آتِنََا غَدََاءَنََا}
[الكهف: الآية 62].
وأما الحديث فما رواه الثّقات: «إن التمكّن على المائدة خير من زيادة لونين». وأما الشعر فقوله: [البسيط]
نزوركم لا نكافئكم بجفوتكم ... إنّ المحبّ إذا لم يستزر زارا
قيل لطفيليّ: كم بين منزل فلان وفلان؟ قال: قدر ما يصلّي الرجل رغيفين.
أدخل طفيليّ على سالم بن عقال، فجعل يشرب معه، وكان شرابه مطبوخا يحتاج إلى مزاج كثير، وكان الطفيليّ يسقي ويقلّ المزاج، فثقل ذلك
__________
(1) الملبّقة: قطعة الثريد الملين بالدسم.(2/172)
على سالم. وتبيّن الطفيليّ ذلك فأراد أن يتقرّب إليه فأنشأ يقول: [الطويل]
يديرونني عن سالم وأديرهم ... وجلدة ما بين العين والأنف سالم
فقال سالم: لو أخذت «الما» من هذا البيت، وجعلته في أقداحنا لصلح شعرك ونبيذنا.
قيل لشيخ: ما أحسن أكلك! قال: عملي منذ ستّين سنة.
سأل عبد الملك أبا الزّعيزعة: هل أتخمت قط؟ قال: لا.
قال: كيف؟ قال: لأنّا إذا طبخنا أنضجنا، وإذا مضغنا دققنا، ولا نكظّ المعدة ولا نخليها.
قعد أعرابيّ على مائدة المغيرة، وكان الرجل منهوما فجعل ينهش ويتعرق، فقال المغيرة: يا غلام ناوله سكينا. قال الرجل: كل امرىء سكينه في رأسه.
أكل هلال بن أسعر جملا، وامرأته أكلت فصيلا، فلما ضاجعها لم يصل إليها، فقالت: كيف تصل إليّ وبيننا بعيران.
وذكر أنّ الواثق اشتهى يوما بزماوردا، فأمر باتخاذه والاستكثار منه وأن يفرش في صحن واسع على أنطاع، فلما فرغ منه وقعد لأكله أكل مساحة قفيزين.
كان سعيد بن أسعد إمام المسجد الجامع بالبصرة طفيليّا، فإذا كانت وليمة سبق إليها، فربما بسط معهم البسط وخدم، فقيل له في ذلك، فقال:
إني أبادر برد الماء، وصفر القدور، ونشاط الخباز، وخلاء المكان، وغفلة الذباب.
دعا بعضهم واحدا فأقعده إلى نصف النهار، وهو يتوقع المائدة ويتلظّى جوعا، فأخذ صاحب المنزل العود وقال: بحياتي أي صوت تشتهي؟ قال:
صوت المقلى.
كان نقش بنان الطفيلي: ما لكم لا تأكلون؟.
وكان يقول لأصحابه: إذا دخلتم فلا تلتفتوا يمينا ولا شمالا، وانظروا في وجوه أهل المرأة، وأهل الرجل حتى يقدر هؤلاء أنكم من هؤلاء، وكلّموا البواب برفق، فإن الرّفق يمن، والخرق شؤم، وعليكم مع البواب بكلام بين كلامين: الإدلال، والنصيحة.(2/173)
كان نقش بنان الطفيلي: ما لكم لا تأكلون؟.
وكان يقول لأصحابه: إذا دخلتم فلا تلتفتوا يمينا ولا شمالا، وانظروا في وجوه أهل المرأة، وأهل الرجل حتى يقدر هؤلاء أنكم من هؤلاء، وكلّموا البواب برفق، فإن الرّفق يمن، والخرق شؤم، وعليكم مع البواب بكلام بين كلامين: الإدلال، والنصيحة.
سمع بعضهم رجلا يقول: روي في الأخبار أن الدجال يخرج في سنة قحط مع جرادق (1) أصفهانية، وملح درآنيّ وأنجذانيّ (2) سرخسيّ، فقال الطّفيلي: عافاك الله، والله إنّ رجلا يجيء، بهذا يستحقّ أن يسمع له ويطاع.
صحب طفيليّ جماعة في سفر، ففرضوا على أن يخرج كل واحد منهم شيئا للنفقة، فقال كل واحد منهم: عليّ كذا. فلما بلغوا إلى الطّفيلي قال: أنا عليّ وسكت. قالوا له: لم سكتّ؟ وإيش عليك؟ فقال: لعنة الله.
فضحكوا وأعفوه من النفقة.
قيل لطفيليّ: لم قطعت فلانا صديقك؟ قال: لأنّه يسبقني إلى بيضة البقيلة، وقفا السمكة، وخاصرة الجدي.
نظر بعضهم إلى قوم ذاهبين في وجه، فعلم أنهم يذهبون إلى وليمة، فقام وتبعهم فإذا هم شعراء قد قصدوا باب السلطان بمدائح لهم، فلما أنشد كلّ واحد منهم شعره وأخذ جائزته، ولم يبق إلّا الطفيلي، وهو جالس لا ينطق، قيل له: أنشد، فقال: لست بشاعر. قالوا: فمن أنت؟ قال: أنا من الغاوين الذين قال الله جلّ ذكره فيهم: {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} (224) [الشّعراء: الآية 224] فضحك الخليفة وأمر له بمثل جائزة الشعراء.
قال بعضهم: أفضل البقاع وخيرها ثلاثة. قيل: وما هي؟ قال: دكان الرّواس، ودرجة الخبّاز، ومطبخ الجواد. وأفضل الخشب وخيره ثلاثة: سفينة نوح، وعصا موسى، ومائدة يؤكل عليها.
__________
(1) الجرادق: نوع من الخبز، فارسي معرب.
(2) الأنجذاني: نبات جيد ملطف لوجع المفاصل.(2/174)
مر طفيليّ إلى باب عرس، فمنع من الدخول، فذهب إلى أصحاب الزجاج ورهن رهنا، وأخذ عشرة أقداح، وجاء وقال للبواب: افتح حتى أدخل هذه الأقداح التي طلبوها. ففتح له، ودخل وأكل وشرب مع القوم، ثم حمل الأقداح، وردّها إلى صاحبها، وقال: لم يرضوها، وأخذ رهنه.
ودخل آخر إلى قوم فقالوا: ما دعوناك، فما الذي جاء بك؟ قال: إذا لم تدعوني ولم أجىء وقعت وحشة، فضحكوا منه وقرّبوه.
جاء آخر إلى قوم ودقّ الباب عليهم، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا الذي رفعت مؤونة الإرسال عنكم.
قال بعضهم: كنت مع بنان في دعوة، ومعنا على المائدة جماعة من الكتّاب وغيرهم، وكان بين يدي رجل منهم دجاجة مسمّنة، فضرب بنان بيده إليها فتناولها من بين يديه، فقلت له: يا بنان لم تفعل كذا؟ فقال: إنّه أصلحك الله مشاع غير مقسوم.
قيل لبعضهم، وقد أسرف في أكل شيء: إن هذا يستحيل في المعدة مرّة صفراء. فقال: لو ظهرت لي المرة الصفراء لأكلتها.
قدّم إلى بعضهم، وهو يأكل مع جماعة، بقيلة، فمدّ يده إلى البيضة، فقال: يقال إنّه لا يأكلها إلّا شره، ولا يتركها إلّا عاجز، ولأن أكون شرها أحبّ إليّ من أن أكون عاجزا.
قيل لبعضهم، وقد أكل رؤوسا وأكثر منها: أما تخاف التّخمة؟ قال: لا.
إن لي بطنا ما دخله شيء إلا جعل الله حدّه الأسفل.
قال بعضهم: أتاني رجل عشيّا، فطلب تمرا، وأمرت بإحضار شيء كثير منه جدّا. فابتدأ يأكل ونمت، فلما أصبحت وخرجت فإذا هو يأكل، فقلت:
باكرت التمر. قال: لم أنم بعد فديتك أنا آكل منذ رأيتني.
وكان بعضهم يباكر الأكل، فقيل له: اصبر حتى تطلع الشمس، فقال: أنا لا أنتظر بغدائي من يقدم من أقصى خراسان.
قيل لبعضهم: أيّ الطعام آثر في نفسك؟ قال: ما لم أنفق عليه.(2/175)
وكان بعضهم يباكر الأكل، فقيل له: اصبر حتى تطلع الشمس، فقال: أنا لا أنتظر بغدائي من يقدم من أقصى خراسان.
قيل لبعضهم: أيّ الطعام آثر في نفسك؟ قال: ما لم أنفق عليه.
قيل لبعضهم: كل من قدّامك. فقال: أترى من خلفي هوذا آكل؟ سمع ابن المغني مغنّيا يغنّي (1): [الطويل]
أشارت بمدراها، وقالت لتربها ... أهذا المغيريّ الذي كان يذكر؟
فقال: سذابة (2) في رأس جدي قد عمل سلافة (3) أحسن من مدراها.
كان بعضهم إذا دعي فقدّم الخوان كان أوّل من يتقدم، ثم يقول:
{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ََ} [طه: الآية 84].
قيل لبعضهم: التمر يسبّح في البطن. فقال: إن كان التمر يسبّح فاللوزينج يصلي في البطن تراويح.
قيل لآخر: كيف أكلك؟ قال: كما لا يحبّه البخيل.
سمع آخر خشخشة الخلال فأمسك، فقيل له: كل. قال: حتّى يسكن هذا الإرجاف.
قيل لواحد: لم أنت حائل اللون؟. فقال: للفترة بين القصعتين، مخافة أن يكون الطعام قد فني.
قال بعضهم: كنت أمرّ في بعض أزقّة بغداد إذ صيح: الطريق الطريق فالتفتّ فإذا بإنسان محمول على محفّة، فقلت: ما أصابه؟ قيل: أكل الهريسة فأعجزته عن المشي والحركة، ونحن نحمله إلى منزله.
دخل العبدي على قوم يأكلون، فقالوا له: هلمّ. فقال: قد أكلت، ثم جلس يعظّم اللقمة ويبادر بالمضغ، فقيل له: ألست قد أكلت؟ فقال: الكذب يمرىء، ونعم الشيء الحموضة للخمار.
__________
(1) البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 93، وخزانة الأدب 11/ 369، وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص 216.
(2) السذابة: نوع من البقول.
(3) السلافة: أول كل شيء عصر.(2/176)
زعموا أنّ الطّفيليين يقولون: إن الصّليّة تبشّر بما بعدها من كثرة الطعام، كما أن البقيلة تخبر بفنائه، فهم يحمدون تلك ويسمونها المبشّرة، ويذمّون هذه ويسمونها النّاعية، حتى صار المخنثون إذا شتموا إنسانا قالوا: يا وجه البقيلة.
قال اليعفوري: أشتهي أن آكل من العنب الرازقيّ حتى ينشق بطني. فقيل له: أو تشبع؟ قال: هذا ما لا يكون.
أضاف الأعمش أعرابيّا وجاءه برطب وجعل ينتقي أطايبه، فقال الأعرابيّ:
لا تنتق منه شيئا، فلست أترك منه واحدة.
قال أبو العيناء: كان بالريّ مجوسي موسر فأسلم، وحضر شهر رمضان فلم يطق الصوم، فنزل إلى سرداب له وقعد يأكل، فسمع حسّا من السرداب، فاطّلع فيه وقال: من هذا؟ فقال الشيخ: أبوك الشقيّ يأكل خبز نفسه ويفزع من الناس.
قال كشاجم: أخبرت عن قاضيين ظريفين كانا متجاورين، أنّ أحدهما وجّه إلى الآخر في غداة باردة يدعوه إلى الهريسة، ويقول: إنها قد أحكمت من الليل، فردّ الرسول، وقال: قل له قد عققتني، ولم ترد برّي، لأن حكم الهريسة أن يدعى إليها من الليل فرجع الرسول فقال: ارجع فقل له: ذهب عنك الصواب ليس كل الهرائس تسلم وتجيء طيبة، فلم أدعك إلا بعد أن تبيّنت طيبها وصلاحها، فنهض إليه.
قالوا: أطول الليالي ليلة العقرب، وليلة المزدلفة، وليلة الهريسة. قالوا:
قال أظرف الناس، الباقلاء بقشوره أطيب من طبّ الجياع، وليس في الرزق حيلة. وهذا من حجج الطفيليين.
قدّم إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث دجاجة مسمّنّة مشوية، فقال يا غلام: أنّى لك هذا؟ إعجابا بسمنها، فقال: بعث بها الحريش بن هلال القريعيّ وهو معه على المائدة، فقال: يا غلام، أخرج إليّ كتابا من ثني الفراش، فإذا هو كتاب الحجّاج إليه يأمر أن يقتل الحريش، ويبعث برأسه إليه فلما رآه الحريش قطع به وتغير لونه، فقال ابن الأشعث: أقبل على طعامك.
أترانا نأكل دجاجتك ونبعث برأسك إليه؟ والله لا يوصل إليك حتى يوصل إليّ.(2/177)
قدّم إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث دجاجة مسمّنّة مشوية، فقال يا غلام: أنّى لك هذا؟ إعجابا بسمنها، فقال: بعث بها الحريش بن هلال القريعيّ وهو معه على المائدة، فقال: يا غلام، أخرج إليّ كتابا من ثني الفراش، فإذا هو كتاب الحجّاج إليه يأمر أن يقتل الحريش، ويبعث برأسه إليه فلما رآه الحريش قطع به وتغير لونه، فقال ابن الأشعث: أقبل على طعامك.
أترانا نأكل دجاجتك ونبعث برأسك إليه؟ والله لا يوصل إليك حتى يوصل إليّ.
فقال الحريش: [الوافر]
وابنفسي دجاجة لم تخنّي ... وضعت لي نفسي مكان الأنوق
فرّجت كربة المنية عني ... بعد ما كدت أن أغصّ بريقي
في أبيات يمدح بها الأشعث.
قال عثمان الدقيق وكان صوفيّا: رأيت أبا العباس بن مسروق وهو أحد شيوخ الصوفية في يوم مطير على الجسر مشدود الوسط، فقلت له: يا عمّ إلى أين في هذا اليوم المطير؟ فقال إليك عنّي فقد بلغني أن بالمأمونية رجلا يقول: ليس الباذنجان طيبا، أريد أن أمضي إليه وأقول له: كذبت وأرجع.
قال أعرابيّ: رأيت ورلا يحارب حيّة، فغلبته وأكلته، وهو يحاربها بذنبه، ثم جاء قنفذ، فاجتمع بعد أن أخذ ذنبها بفيه، ثم جعل يأكلها حتى أفناها، فأخذت القنفذ وشويته وأكلته، فكنت قد أكلت القنفذ والورل والحيّة.
كان أحمد بن أبي خالد وزير المأمون شرها، فيقال: إنه حين انصرف دينار بن عبد الله من الجبل والمأمون واجد عليه، فأقام بالمدائن حتى رضي عنه ووجه إليه أحمد بن أبي خالد، وقال: قل له فعلت كذا، وأخذت كذا، فمضى أحمد ومعه ياسر رجله، أرسله معه المأمون، وقال له: إن تغدّى عنده عمل ما يريد، وإن لم يتغدّ بلغ ما أريد، فلما علم دينار بمجيئه، قال لوكيله: قل له حين يخرج من الحرّاقة: قد فرغنا من الطعام فهل تختار شيئا؟ فقال له ذلك، فقال له: نعم، فراريج كسكرية بماء الرمان ففعل ذلك وخبز له خبز الماء ثم أعلمه بفراغه، فقال: هات طعامك فإني أجوع من كلب، فأتى به فأكل عشرين فرّوجا، ووضع يده في كلّ شيء، ثم جيء بخمس سمكات بعد أن شبع، فأكل منها أكل من لم يذق شيئا قبلها وكان أدّى رسالة المأمون قبل أكله، فقال دينار:
ما لكم عندي إلا سبعة آلاف ألف درهم، ما أعرف غيرها، فلما تغدى قال لدينار: احمل ما ضمنت لي. فقال: قد أعددت الستّة آلاف ألف درهم. قال له ياسر رجله: إنها سبعة آلاف ألف، وكذا قلت: وسمع أبو العباس ذلك وسمعناه، فقال أحمد: ما أحفظ ما كان، ولكن قل الآن نسمع.
قال دينار: ما قلت إلا ستة آلاف ألف.(2/178)
ما لكم عندي إلا سبعة آلاف ألف درهم، ما أعرف غيرها، فلما تغدى قال لدينار: احمل ما ضمنت لي. فقال: قد أعددت الستّة آلاف ألف درهم. قال له ياسر رجله: إنها سبعة آلاف ألف، وكذا قلت: وسمع أبو العباس ذلك وسمعناه، فقال أحمد: ما أحفظ ما كان، ولكن قل الآن نسمع.
قال دينار: ما قلت إلا ستة آلاف ألف.
فانصرف أحمد، وسبقه ياسر فأخبر المأمون الخبر، فلما دخل أحمد إليه أخبره بأنّه أقرّ بخمسة آلاف ألف، فقال له ياسر: إنها سبعة آلاف ألف، وكذا قال دينار، فضحك المأمون، وقال: ألف ألف للغداء، فما قصة هذه؟ وأخذ من دينار ستة آلاف ألف، وقال: ما قام غداء على أحد أغلى ممّا قام على غذاء أحمد بألف ألف درهم.
وكان قد عرف المأمون شرهه، فكان إذا وجهه في حاجة أمره بأن يتغدّى ويمضي، ويقول له: اطمئنّ بالمكان الذي تذهب إليه وامترح واكتب إلي بما تفعل.
ورفع إلى المأمون في المظالم: إن رأى أمير المؤمنين أن يجري على ابن أبي خالد نزلا فإن فيه كلبيّة لأنّ الكلب يحرس المنزل بالكسرة، وابن أبي خالد يقتل المظلوم ويعين الظالم بأكلة، فأجرى عليه المأمون في كل يوم ألف درهم لمائدته، وكان مع ذلك يشره إلى طعام الناس.
قالوا: إن معاوية بن أبي سفيان دعا بالطعام يوما، وقد أصلح له عجل مشويّ، فأكل معه دستا من الخبز السميذ وأربع فرانيّ وجديا حارّا، وجديا باردا سوى الألوان، ووضع بين يديه مائة رطل من الباقلي الرطب فأتى عليه.
وذكروا أن أبا القماقم بن بحر السقاء عشق مدينية، فبعث إليها أن إخوانا لي زاروني، فابعثي إليّ برؤوس، حتى نتغدى ونصطبح على ذكرك. ففعلت، فلما كان في اليوم الثاني بعث إليها: إنا لم نفترق فابعثي إليّ سنبوسكا (1) حتى نصطبح اليوم على ذكرك، فلما كان في اليوم الثالث بعث إليها: إن أصحابي مقيمون فابعثي إلي بقليّة جزورية شهية، حتى نأكلها ونصطبح على ذكرك، فقالت لرسوله: إني رأيت الحبّ يحلّ في القلب، ويفيض على الأحشاء والكبد، وإن حبّ صاحبي هذا ليس يجاوز المعدة.
__________
(1) السنبوسك: فطائر تعمل من رقاق العجين، وتحشى باللحم والجوز، فارسية معربة.(2/179)
خرج طفيلي من منزل قوم مشجوجا، فقيل له: من شجّك؟ قال:
ضرسي.
قال المدائني في كتاب الأكلة: كان معاوية يأكل أربع أكلات آخرهنّ أعضلهنّ وأشدّهن، يتعشّى فيأكل ثريدة عظيمة عليها بصل كثير، وكان فاحش الأكل يلطّخ منديلين أو ثلاثة قبل أن يفرغ، وكان يأكل حتى يتسطح (1)، ثم يقول: يا غلام ارفع، فو الله ما شبعت، ولكن مللت.
قال: وكان عبيد الله بن زياد يأكل في اليوم خمس أكلات آخرهن جبنة بعسل، ويوضع بين يديه بعد ما يفرغ من الطعام عناق أو جدي فيأتي عليه وحده.
قال: وقال الحسن (2): وقدم علينا عبيد الله بن زياد، فقدم شابّا مترفا سفّاكا للدماء له في كل يوم خمس أكلات، فإن فاتته أكلة ظل لها صريعا وجلا، يتكىء على شماله ويأكل بيمينه، حتى إذا أخذته الكظّة قال: أبغوني حاطوما (3). ثكلتك أمك إنما تحطم دينك.
وقال: أكل عمرو بن معديكرب عنزا رباعية، وفرقا من ذرة، والفرق ثلاثة أصوع. وقال لامرأته أمّ ثور: عالجي لنا هذا الكبش حتّى أرجع. قال:
فجعلت توقد، وتأخذ عضوا عضوا فتأكله، فاطّلعت، فإذا ليس في القدر إلّا المرق، فقامت إلى كبش آخر فبطحته، ثم أقبل عمرو فثردت له في الجفنة التي يعجن فيها، ثم كفأت القدر، فقال: يا أم ثور ادني للغداء. قالت: قد أكلت، فأكل واضطجع ودعاها إلى الفراش، فقالت: يا أبا ثور بيني وبينك والله كبشان.
__________
(1) يتسطح: أي لا يقوى عل القيام من الضعف.
(2) الحسن: هو الحسن بن أبي الحسن، أبو سعيد البصري، واسم أبيه يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري، ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وكان يوم الدار ابن أربع عشرة سنة، رأى عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من أفصح أهل البصرة لسانا وأجملهم وجها وأعبدهم عبادة وأحسنهم عشرة وأنقاهم بدنا، توفي سنة 110هـ وهو ابن تسع وثمانين سنة (البداية والنهاية 9/ 288283، كتاب الثقات لابن حبان 4/ 123122).
(3) الحاطوم والهاطوم: هو ما يهضم به الطعام.(2/180)
حجّ سليمان بن عبد الملك، فقال لقيّمه على طعامه: أطعمني من خرفان المدينة بخبز ماء. ودخل الحمام فأطال المكث فيه. قال: قيّمه، فخرج وقد شويت له أربعة وثمانين خروفا، فجلس وقال لي: ما صنعت؟ قلت: قد فرغت. قال: هات. فجعلت أجيئه بواحد واحد، فيتناول رغيفا وشحم كلية فأكل أربعة وثمانين خروفا، كل خروف قد أخذ نصف بطنه، ثم قال لي: ادع عمر بن عبد العزيز، فدعوته له، ثم أذن للناس، ودعا بالغداء فأكل معهم كما أكلوا كأنّه لم يطعم شيئا قبل ذلك.
وحكي عن رجل قال: دخلت مطبخ سليمان، فوجدت فيه اثنين وثمانين فخارة فيها نواهض، قالوا يأكلها أمير المؤمنين كلّها. وخرج يوما من منزله يريد منزل يزيد بن المهلب، فتلقّاه فدخل منزله فقال له: أتريد الغداء يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فأكل أربعين دجاجة كردناك سوى ما أكل من الطعام.
قال بعضهم: رأيت هلال بن الأسعر المازني أكل ثلاث جفان ثريد، واستسقى، فجاؤوا بقربة مملوءة نبيذا فوضعوا فمها في شدقه، وصبّوا القربة حتى أفرغوها فشربها. وهلال هذا هو الذي أكل بعيرا وأكلت امرأته فصيلا، وضاجعها فلم يصل إليها. فقالت امرأته: كيف تصل إلي وبيني وبينك بعيران؟.
وكان بلال بن أبي بردة أكولا، يحكى عن قصاب أنه قال: جاءني رسول بلال سحرا فأتيته وبين يديه كانون عليه جمر، وفي داره تيس ضخم، فقال: دونك هذا التّيس فاذبحه، فذبحته وسلخته، فقال: أخرج هذا الكانون إلى الرواق، فأخرجته، فقال: دونك اللحم فكبّبه. ودعا بخوان، فجعلت أشرّح اللحم وألقيه على الجمر، فإذا استوى قدمته إليه فيأكل، حتى لم يبق من التيس إلا العظام، ثم دعا بنبيذ فشرب خمسة أقداح، وقد بقيت قطعة من اللحم على الجمر، فقال: كلها فأكلتها، وقال: اسقوه. فناولوني قدحا من النبيذ فشربته. وجاءت جارية ببرمة عليها قصعة فيها ناهضان، ودجاجتان وأرغفة، فأكل ذلك كله، ثم جاءت جارية أخرى معها قصعة مغطّاة لا أدري
ما فيها، فضحك إلى الجارية وقال: ويحك. ليس في بطني موضع لهذا الذي جئتني به، ولكن ضعي القصعة على رأسي، فضحكت الجارية ورجعت، فقال لي: الحق بأهلك. فرجعت وقد طلع الفجر، وأنا أجد دبيبا في رأسي من القدم الذي شربته.(2/181)
وكان بلال بن أبي بردة أكولا، يحكى عن قصاب أنه قال: جاءني رسول بلال سحرا فأتيته وبين يديه كانون عليه جمر، وفي داره تيس ضخم، فقال: دونك هذا التّيس فاذبحه، فذبحته وسلخته، فقال: أخرج هذا الكانون إلى الرواق، فأخرجته، فقال: دونك اللحم فكبّبه. ودعا بخوان، فجعلت أشرّح اللحم وألقيه على الجمر، فإذا استوى قدمته إليه فيأكل، حتى لم يبق من التيس إلا العظام، ثم دعا بنبيذ فشرب خمسة أقداح، وقد بقيت قطعة من اللحم على الجمر، فقال: كلها فأكلتها، وقال: اسقوه. فناولوني قدحا من النبيذ فشربته. وجاءت جارية ببرمة عليها قصعة فيها ناهضان، ودجاجتان وأرغفة، فأكل ذلك كله، ثم جاءت جارية أخرى معها قصعة مغطّاة لا أدري
ما فيها، فضحك إلى الجارية وقال: ويحك. ليس في بطني موضع لهذا الذي جئتني به، ولكن ضعي القصعة على رأسي، فضحكت الجارية ورجعت، فقال لي: الحق بأهلك. فرجعت وقد طلع الفجر، وأنا أجد دبيبا في رأسي من القدم الذي شربته.
قال سلم بن قتيبة: كنت في دار الحجاج مع ولده وأنا غلام، فقالوا: قد جاء الأمير، فدخل الحجاج فأمر بتنّور فنصب، وقعد في الدار، وأمر رجلا يخبز خبز الماء، ودعا بسمك، فجعلوا يأتونه بالسمك، فيأكله حتى أكل ثمانين جاما من سمك بثمانين رغيفا من خبز الماء.
قال رجل من قحيف: كتب إليّ عبد الله الأحمر يدعوني إلى طعام، فقلت لعنبسة وكان أكولا: هل لك يا زنجة؟ وكان يلقّب بذلك في أخيك عبد الله نأتيه؟ قال: نعم. فمضينا، فلما رآه عبد الله رحّب به وقال للخباز:
انظر هذا فضع بين يديه مثل ما تضع بين يدي أهل المائدة كلّهم، فجعل يأتيه بقصعة فيأكلها ويأتي القوم بقصعة، ثم أتاه بجدي، وأتى القوم بجدي، ثم نهض القوم فأكل ما بقي على المائدة، وخرجنا فلقيه خلف بن القطاميّ، فقال له عنبسة: يا خلف أما تغدّيني يوما؟! فقلت لخلف: ويحك. لا تجده على مثل هذه الحال، فغدّه، فقال له: ما تشتهي؟ فقال: تمرا وسمنا. فانطلق به إلى منزله وأتاه بخمس جلال تمر وجرّة سمن، فأكل التمر والسمن، ثم خرج فمرّ برجل يبني داره وفيها مائة عامل، وقد أتوهم بتمر كثير، فقال: يا عنبسة هل لك؟ فجعل يأكل معهم حتى ضجر العملة وشكوه إلى صاحب الدار، ثم خرج فمر برجل، بين يديه زنبيل فيه خبز أرز يابس بسمسم يبيعه، فجعل يساومه ويأكل حتى أتى على الزنبيل، فأعطيت صاحب الزنبيل ثمن خبزه.
وكان ميسرة التّراس يأكل الكبش العظيم ومائة رغيف، فذكر أكله للمهدي، فقال: ادعوا الفيل، فألقوا له رغيفا فأكل تسعة وتسعين رغيفا، فألقوا له تمام المائة فلم يأكله، وأكل ميسرة بعد المائة.
وممّن قرب عهده من الأكلة أبو الحسن بن العلّاف، وهو ابن أبي بكر العلاف الشاعر. ودخل إلى الوزير المهلّبي يوما ببغداد، فأنفذ الوزير من أخذ
حماره الذي كان يركبه من غلامه، وأدخل المطبخ وذبح وطبخ لحمه بماء وملح، وقدّم إليه وهو يظنّ أنّه لحم بقر فأكله كلّه، فلما خرج وطلب الحمار قيل له: قد أكلته، وعوّضه الوزير عنه ووصله.(2/182)
وممّن قرب عهده من الأكلة أبو الحسن بن العلّاف، وهو ابن أبي بكر العلاف الشاعر. ودخل إلى الوزير المهلّبي يوما ببغداد، فأنفذ الوزير من أخذ
حماره الذي كان يركبه من غلامه، وأدخل المطبخ وذبح وطبخ لحمه بماء وملح، وقدّم إليه وهو يظنّ أنّه لحم بقر فأكله كلّه، فلما خرج وطلب الحمار قيل له: قد أكلته، وعوّضه الوزير عنه ووصله.
وسمعت من الصاحب رحمه الله حكايات عجيبة من أكل هذا الرجل ونهمه فإنه ذكر أنه اقترح عليه وهو ببغداد ألوانا من الجواذابات قال:
فتقدمت باتخاذها والاستكثار منها، وأنفذت إليه بالغداة من يمنعه من الأكل إلى أن يحضر عندي، فحضر فأكل معي على المائدة مع القوم، حتى استوفى. ثم تفرد بأكل الجوذاب الذي اتخذ له، فأكل ثمانية ألوان منها، حتى مسح الأطباق التي كانت عليها، فتعجّبنا من ذلك! فقال الرسول الذي كنت أنفذته إليه: إنه شكا في الطريق الجوع، وامتنع عن المجيء إلى أن صعد إلى دكان هراس، فاشترى هريسة كثيرة فأكلها.
وحملت امرأة فحلفت: إن ولدت غلاما لأشبعن أبا العالية خبيصا.
فولدت غلاما فأطعمته، فأكل سبع جفان، فقيل له: إنها حلفت أن تشبعك خبيصا، فقال: والله لو علمت ما شبعت إلى الليل.
قال بنان الطفيلي: إذا دعاك صديق لك فاقعد من يمنة البيت، فإنك ترى كلّ ما تحب، وتسودهم في كل شيء، وتسبقهم إلى كل خير، وأنت أول من يغسل يده، والمنديل جافّ والماء واسع، والخوان بين يديك يوضع، والنبيذ أول القنينة، ورأسها تشربه، والبقل منتخب يوضع بين يديك، وتكون أول من يتبخّر، وإذا أردت أن تقوم لحاجة لم تحتج أن تتخطّاهم، وأنت في كل سرور إلى أن تنصرف.
وقال بنان: إذا قعدت على مائدة وكان موضعك ضيّقا، فقل للذي بجنبك: لعلّي ضيّقت عليك، فإنه يتأخر إلى خلف، ويقول: سبحان الله، لا والله يا أخي موضعي واسع، فيتّسع عليك موضع رجل.
وقال له رجل من الطفيليين: أوصني. فقال: لا تصادفنّ من الطّعام شيئا.
فترفع يدك عنه وتقول: لعلّي أصادف ما هو أطيب منه، فإن هذا عجز ووهن. قال: زدني. قال: إذا وجدت خبزا فيه قلة فكل الحروف، فإن كان كبيرا فكل الأوساط. قال: زدني. قال: لا تكثرنّ شرب الماء وأنت تأكل فإنه يصدّك عن الأكل ويمنعك أن تستوفي. قال: زدني. قال: إذا وجدت الطعام فكل منه أكل من لم يره قط، وتزود منه زاد من لا يراه أبدا. قال: زدني.(2/183)
وقال له رجل من الطفيليين: أوصني. فقال: لا تصادفنّ من الطّعام شيئا.
فترفع يدك عنه وتقول: لعلّي أصادف ما هو أطيب منه، فإن هذا عجز ووهن. قال: زدني. قال: إذا وجدت خبزا فيه قلة فكل الحروف، فإن كان كبيرا فكل الأوساط. قال: زدني. قال: لا تكثرنّ شرب الماء وأنت تأكل فإنه يصدّك عن الأكل ويمنعك أن تستوفي. قال: زدني. قال: إذا وجدت الطعام فكل منه أكل من لم يره قط، وتزود منه زاد من لا يراه أبدا. قال: زدني.
قال: إذا وجدت الطعام، فاجعله زادك إلى الله.
وقال بنان: ما في الدنيا صناعة أخسّ من صناعتي! قالوا: وكيف ذاك يا أبا الحسن؟ قال: أنا أطفّل منذ ثلاثين سنة ما أسلموا إلى صبيا يتعلم.
وقال: دخلت يوما على بعض بني هاشم، فقعدت عنده حتى تغديت معه، فلما أردت الانصراف قال: هل لك في شيء من الحلواء؟ قلت: يا سيدي ما أقضي على غائب! فدعا بجام مخروط محكوك قوائمه منه، فوقه لوزينج من نشاستج (1) الفالوذج، وبياض البيض، وحشوه اللوز المقشّر مع سكر الطبرزد (2) ملزقا بألحام العسل الأبيض مندّى بالماورد الجوري، إذا قلعته سمعت له وقعا كوقع المطرقة على السندان، وإذا أدخلته الفم سمعت له نشيشا كنشيش الحديد إذا أخرجته من النار وغمسته في الماء، فلم يزل يأكل ولا يطعمني، فقلت: يا سيدي: {إِنَّ إِلََهَكُمْ لَوََاحِدٌ} (4) [الصّافات: الآية 4] فأعطاني واحدة، فقلت: {إِذْ أَرْسَلْنََا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: الآية 14] فأعطاني ثانية، فقلت:
{فَعَزَّزْنََا بِثََالِثٍ} [يس: الآية 14] فأعطاني ثالثة، فقلت: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: الآية 260]، فأعطاني رابعة، فقلت: {خَمْسَةٌ سََادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: الآية 22]، فأعطاني خامسة، فقلت: {خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ} [الأعراف: الآية 54]، فأعطاني سادسة، فقلت: {سَبْعَ سَمََاوََاتٍ طِبََاقاً}
[الملك: الآية 3] فأعطاني سابعة، فقلت: {ثَمََانِيَةَ أَزْوََاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: الآية 143] فأعطاني ثامنة، فقلت: {تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [النّمل: الآية 48] فأعطاني تاسعة، فقلت: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ} [البقرة:
__________
(1) النشاستج: كلمة معربة. شيء يعمل به الفالوذج من النشا.
(2) الطبرزد: السكر الذي نحت من حوافيه القاموس.(2/184)
[الآية 196]، فأعطاني عاشرة، فقلت: {يََا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} [يوسف:
الآية 4]، فأعطاني الحادي عشر، فقلت: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللََّهِ اثْنََا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتََابِ اللََّهِ} [التّوبة: الآية 36] فأعطاني الثاني عشر، فقلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صََابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: الآية 65] فحلق بالجام إليّ وقال: كل يا ابن البغيضة، فقلت: والله لئن لم تعطنيه لقلت: {وَأَرْسَلْنََاهُ إِلى ََ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (147) [الصّافات: الآية 147] قال: فضحك من قولي وأمر لي بثلاثة آلاف درهم.
وقيل لبنان: من دخل إلى طعام لم يدع إليه دخل لصّا، وخرج معيرا فقال: أما أنا فلا آكله إلا حلالا. قيل له: وكيف ذاك؟ قال: أليس صاحب الوليمة يقول للخبّاز أبدا: زد في كلّ شيء فإنه يجيئنا من نريد ومن لا نريد؟
فأنتم ممن يريد وأنا ممن لا يريد.
وقال بعضهم: قدم أعرابيّ من البادية عليّ فقدمت إليه دجاجة مشوية، ولي امرأة وابنان وابنتان، فقلت للأعرابي: اقسم الدجاجة بيننا نريد بذلك أن نضحك منه، قال: فأخذ رأس الدجاجة فقطعه، ثم ناولنيه، فقال: الرأس للرئيس، ثم قطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين، ثم قطع الساقين وقال:
الساقان للابنتين، ثم قطع الزمكيّ وقال: العجز للعجوز، ثم ضمّ الباقي إليه وقال: الزّور للزائر، فأخذ الدجاجة بأسرها، فتحيرنا وسخر بنا.
قال: فلما كان بعد ذلك أحضرت خمس دجاجات، وقلت: اقسمها بيننا، فقال: كيف تحبّ القسمة شفعا أو وترا؟ فقلت: لا، بل وترا. فقال: أنت وامرأتك ودجاجة وتر، وابناك ودجاجة وتر، وابنتاك ودجاجة وتر، وأنا ودجاجتان وتر. فضحكنا، فقال: لعلك لم ترض بها، إن شئتم قسمتها شفعا، قلت: افعل، فقال: أنت وابناك ودجاجة شفع، وامرأتك وابنتاك ودجاجة شفع، وأنا وثلاث دجاجات شفع. قال الجمّاز: الحمية إحدى العلتين.
وقيل لمتفرّس من أصبهان: لا تأكل الكشكية (1) مع وجع رجلك، فقال:
سواء عليّ أن توجعني رجلي أو توجعني الكشكية.
__________
(1) الكشكيّة: طعام يتخذ من ماء الشعير.(2/185)
قال بعضهم: إذا تقدمت الدعوة من الليل انتعش الإنسان في فراشه.
جاء طفيلي إلى باب دار فيها عرس، فمنع من الدّخول فمضى، ثم عاد وقد حمل إحدى نعليه في كمه، وعلق الأخرى بيده، وأخذ خلالا يتخلّل به، وجاء فدقّ الباب، فقال له البواب: ما لك؟ قال: الساعة خرجت ونسيت نعلي هناك. قال: فادخل. فدخل وأكل مع القوم ثم خرج.
دخل طفيليّ على قوم، وجلس يأكل مع الأضياف، فاستحيا صاحب المنزل من القوم، وكره أن يتوهّموا أنه قد دعاه، وعاشرهم بمثله، فقال: لا أدري لمن أشكر؟ لكم إذ أجبتم دعوتي، أم لهذا الذي جاء من غير أن أدعوه؟
فعلم القوم أن الرجل طفيليّ.
قالوا: الطّفيلي منسوب إلى رجل كان بالكوفة يسمّى طفيلا، كان يأتي الولائم من غير أن يدعى، فقيل له: طفيل العرائس، وقيل: إنه مأخوذ من الطّفل وهو الظلمة لأن الفقير من العرب كان يحضر الطعام الذي لم يدع إليه مستترا بالظلمة لئلا يعرف. وقيل: سمي بذلك لإظلام أمره على الناس لا يدرون من دعاه. وقيل: بل هو من الطّفل لهجومه على الناس كهجوم الليل على النهار، ولذلك قيل: أطفل من ليل على نهار.
دخل طفيليّ على رجل قد دعا قوما، فقال له صاحب المنزل: يا هذا متى قلت لك تجيء؟ قال: ومتى قلت لي: لا تجيء؟.
كان بالبصرة طفيليّ يقال له: أبو سلمة، وكان إذا سمع بذكر وليمة بادر إليها، يقدمه ابنان له في زيّ العدول، وبين أيديهم غلام، فإذا أتوا الباب تقدم العبد فقال: افتح هذا أبو سلمة قد جاء، ثم يتلوه أحد ابنيه فيقول: افتح ويلك هذا أبو سلمة، ويتلوه الآخر ويقول: ماذا تنتظر؟ ثكلتك أمك! قد جاء أبو سلمة، ثم يأتي أبو سلمة فيقول: افتح يا بنيّ فإن كان جاهلا به فتح، وإن كان قد عرف أمره وحذّر منه قال: يا أبا سلمة أنا مأمور، فيجلس وينتظر أن يجيء بعض من دعي، فإذا فتح له شقّ الباب تقدم ابناه والعبد، وفي كمّ كلّ
واحد منهم فهر (1) مدوّر ململم يسمونه كيسان، فيلقونه في دوّارة الباب فلا ينصفق الباب، فيدخلون ويأكلون.(2/186)
كان بالبصرة طفيليّ يقال له: أبو سلمة، وكان إذا سمع بذكر وليمة بادر إليها، يقدمه ابنان له في زيّ العدول، وبين أيديهم غلام، فإذا أتوا الباب تقدم العبد فقال: افتح هذا أبو سلمة قد جاء، ثم يتلوه أحد ابنيه فيقول: افتح ويلك هذا أبو سلمة، ويتلوه الآخر ويقول: ماذا تنتظر؟ ثكلتك أمك! قد جاء أبو سلمة، ثم يأتي أبو سلمة فيقول: افتح يا بنيّ فإن كان جاهلا به فتح، وإن كان قد عرف أمره وحذّر منه قال: يا أبا سلمة أنا مأمور، فيجلس وينتظر أن يجيء بعض من دعي، فإذا فتح له شقّ الباب تقدم ابناه والعبد، وفي كمّ كلّ
واحد منهم فهر (1) مدوّر ململم يسمونه كيسان، فيلقونه في دوّارة الباب فلا ينصفق الباب، فيدخلون ويأكلون.
ألقاب الأطعمة وغيرها على مذهب الطفيليين
الطشت والإبريق: بشر وبشير. الخوان: أبو جامع. السّفرة: أبو رجاء.
الخبز: أبو جابر. اللحم: أبو عاصم. الملح: أبو عون. القدر: ميمون الزنجي. الغضارة (2): أم الفرج. الحوّاري (3): نجوم الفكة. البقل: زحام بلا منفعة. الجوز والجبن: معاوية وعمرو بن العاص. الراوصل: يأجوج ومأجوج.
البيض: بنات نعش. الثريد: جبير بن مطعم. الجبن: راشد الخنّاق. الجوز:
أبو القعقاع. الزيتون: خنافس الخوان. الصحناءة (4): أم البلايا. الباذنجان:
قباب ياسر. الكامخ: عرق الشيطان. البوارد: برائد الخير. البزماورد (5): أبو كامل الطيالسيّ: السّنبوسك: جامع سفيان. الماء: أبو غياث. الخردل: أبو كلثوم: الجلاد. الدّجاجة: سمانة القوّادة. البطّة: بهادة السوسية. الحمل:
شهيد بن شهيد. الجدي: أبو العريان. الرّقاق: أبو الطيالس. التّير (6): وضّاح اليمن. الرغيف السميد: أبو بدر. السّكباج (7): أم عاصم. المضيرة (8): أم الفضل. الكشكيّة: أم حفص. الهريسة: أم الخير. الرأس: قيم الحمام. ماء البلاقلاء: أبو حاضر السمك: أبو سابح. الأكارع: أبو الخرق. الخل: أبو العباس. الفتيت: أبو نافج. القنّبيطيّة (9): دويرة الرومية. المغمومة (10): المقنّع الكندي. المريء: أبو مهارش. الزبيبة: أبو الأسود الدؤلي. القشمشية (11): أم الحمال. الملبّقة (12): أم سهل. الطباهجة (13): زلزل المغني. البقيلة:
__________
(1) الفهر: حجر كبير بمقدار ما يكسر به الجو.
(2) الغضارة: وعاء كبير يتخذ من الخزف.
(3) الحوّارى: الدقيق الأبيض.
(4) الصحناءة: إدام يتخذ من السمك الصغار، مشّة مصلح للمعدة، وهو أيضا ضرب من الكامخ.
(5) البزماورد: طعام من بيض ولحم، فارسي معرب.
(6) الثير: الجوز يدلك حتى يصير أملس.
(7) السكباج: مرق يعمل من لحم وخل.
(8) المضيرة: مرقة تطبخ باللبن.
(9) القنبيطية: نوع من الحلواء.
(10) المغمومة: لبن يسخّن حتى يغلظ قوامه.
(11) القشمشية: نوع من الفاكهة.
(12) الملبّقة: الثريدة إذا كثر سمنها فلانت.
(13) الطباهجة: اللحم المشروح المطبوع، ويسمى الكباب فارسي معرب.(2/187)
المشؤومة. القلية (1): الناعية. المصلّية: أم بشير. الأرز: أبو الأشهب.
النّرجسية: أم الثريّا. الجوذاب (2): أم الحسن. الفالوذج (3): أبو مضاء. السكر:
أبو الطيب. الطبرزد: أبو شيبة الخوري. اللحم المشوي: الروح الأمين.
العسل: أم المؤمنين. الخبيص (4): أبو نعيم. الحلواء: خاتم النبيين.
الكفدوس: موطأ مالك. اللوزينج: بكير الطرائفي. القطائف: قبور الشهداء.
الفراريج: بنات المؤذّن. السويق: أم حبيب. الخلال: أبو البأس. الأشنان والمخلب: منكر ونكير. النبيذ: أبو غالب. الغرابة (5): أم رزين. النّقل: أبو تمام. النّرجس: أبو العيناء. السايكسي: أم فرعون. القدح: أبو قريب.
النّبيقة (6): أم الفتيان. الصّراحيّة (7): أم القاسم. القطارمير: أبو مزاحم.
المغني: أبو الأنس. الزامر: حميد الكوسج. المواخر: أبو صابر. القحبة: أمّ ياسر. المخنّث: أبو عطية. الثقيل: أبو ثهلان. القوّاد: أبو مغيث. المسخرة:
الضحاك بن قيس. العربدة: ضرار بن مخرق. الطفيلي: أبو الصقر الليثي.
الذي يتبع الطفيلي: زائدة بن مزيد. القفل: أبو منيع. المفتاح: أبو الفرج.
الدينار: أصفر سليم. الدرهم: أبو واضح.
أكثر هذه الألقاب والكنى سمعتها من شيخ من الصوفية يعرف بأبي الخير من ساكني الدّينور، كان الصاحب رحمه الله يأنس به ويحسن إليه، وكان شيخا خفيف الروح، كثير النوادر، مع ورع وسداد، يرجع إليهما، وكان حافظا للقرآن، فكان قد جمع كل آية فيها ذكر الأكل، فكان إذا ذكر الطعام وحضر وقته وقف بين يدي الصاحب، وقرأ كلّ آية يتّصل بها «كلوا» ويقف عليه، فإذا دخل شهر رمضان وصام الناس وقف على «لا تأكلوا». فكان يقول إذا أبطأ عنه الطعام، وحضر وقت الغداء:
__________
(1) القلية: مرقة تتخذ من أكباد الجزور ولحومها.
(2) الجوذاب: طعام من سكر ورز وجوز ولحم.
(3) الفالوذج: نوع من الحلوى يعمل من الدقيق والعسل.
(4) الخبيص: طعام من سمن وتمر ودقيق.
(5) الغرابة: اللحم الذي تحت الركبة في الساق.
(6) النبيقة، والنبقة: دقيق يخرج من لب جذع النخلة حلو يقوّى بالدبس، ويجعل نبيذا.
(7) الصراحية: آنية الخمر.(2/188)
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرّحمن الرّحيم {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلََا} [البقرة: الآية 35].
{وَظَلَّلْنََا عَلَيْكُمُ الْغَمََامَ وَأَنْزَلْنََا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ََ كُلُوا} [البقرة: الآية 57].
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هََذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا} [البقرة: الآية 58].
{وَإِذِ اسْتَسْقى ََ مُوسى ََ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتََا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنََاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا} [البقرة: الآية 60].
{كَذََلِكَ يُرِيهِمُ اللََّهُ أَعْمََالَهُمْ حَسَرََاتٍ عَلَيْهِمْ وَمََا هُمْ بِخََارِجِينَ مِنَ النََّارِ (167) يََا أَيُّهَا النََّاسُ كُلُوا} [البقرة: الآيتان 167، 168].
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمََا لََا يَسْمَعُ إِلََّا دُعََاءً وَنِدََاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لََا يَعْقِلُونَ (171) يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا} [البقرة: الآيتان 171، 172].
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيََامِ الرَّفَثُ إِلى ََ نِسََائِكُمْ هُنَّ لِبََاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبََاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللََّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتََانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتََابَ عَلَيْكُمْ وَعَفََا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مََا كَتَبَ اللََّهُ لَكُمْ وَكُلُوا} [البقرة: الآية 187].
{وَآتُوا النِّسََاءَ صَدُقََاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ} [النّساء:
الآية 4].
{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبََاتُ وَمََا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوََارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمََّا عَلَّمَكُمُ اللََّهُ فَكُلُوا}
[المائدة: الآية 4].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُحَرِّمُوا طَيِّبََاتِ مََا أَحَلَّ اللََّهُ لَكُمْ وَلََا تَعْتَدُوا إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا} [المائدة: الآيتان 87، 88].
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا}
[الأنعام: الآيتان 117، 118].
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنََّاتٍ مَعْرُوشََاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشََاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمََّانَ مُتَشََابِهاً وَغَيْرَ مُتَشََابِهٍ كُلُوا} [الأنعام: الآية 141].(2/189)
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا}
[الأنعام: الآيتان 117، 118].
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنََّاتٍ مَعْرُوشََاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشََاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمََّانَ مُتَشََابِهاً وَغَيْرَ مُتَشََابِهٍ كُلُوا} [الأنعام: الآية 141].
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ وَلََا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لََا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعََامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا} [الأنعام: الآيتان 141، 142].
{وَيََا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلََا} [الأعراف: الآية 19].
{يََا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا} [الأعراف: الآية 31].
{وَظَلَّلْنََا عَلَيْهِمُ الْغَمََامَ وَأَنْزَلْنََا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ََ كُلُوا} [الأعراف: الآية 160].
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هََذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا} (161) [الأعراف: الآية 161].
{لَوْلََا كِتََابٌ مِنَ اللََّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمََا أَخَذْتُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا}
[الأنفال: الآيتان 68، 69].
{وَأَوْحى ََ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمََّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي} [النّحل: الآيتان 68، 69].
{وَلَقَدْ جََاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذََابُ وَهُمْ ظََالِمُونَ (113) فَكُلُوا} [النّحل: الآيتان 113، 114].
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (25) فَكُلِي} [مريم: الآيتان 25، 26].
{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجْنََا بِهِ أَزْوََاجاً مِنْ نَبََاتٍ شَتََّى (53) كُلُوا} [طه: الآيتان 53، 54].
{قَدْ أَنْجَيْنََاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوََاعَدْنََاكُمْ جََانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنََا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ََ (80) كُلُوا} [طه: الآيتان 80، 81].
{لِيَشْهَدُوا مَنََافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ فِي أَيََّامٍ مَعْلُومََاتٍ عَلى ََ مََا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعََامِ فَكُلُوا} [الحجّ: الآية 28].
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ (50) يََا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا} [المؤمنون: الآيتان 50، 51].(2/190)
{لِيَشْهَدُوا مَنََافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ فِي أَيََّامٍ مَعْلُومََاتٍ عَلى ََ مََا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعََامِ فَكُلُوا} [الحجّ: الآية 28].
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ (50) يََا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا} [المؤمنون: الآيتان 50، 51].
{وَالْبُدْنَ جَعَلْنََاهََا لَكُمْ مِنْ شَعََائِرِ اللََّهِ لَكُمْ فِيهََا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ عَلَيْهََا صَوََافَّ فَإِذََا وَجَبَتْ جُنُوبُهََا فَكُلُوا} [الحجّ: الآية 36].
{لَقَدْ كََانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتََانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمََالٍ كُلُوا} [سبأ: الآية 15].
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنََّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فََاكِهِينَ بِمََا آتََاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقََاهُمْ رَبُّهُمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا} [الطّور: الآيات 1917].
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنََاكِبِهََا وَكُلُوا} [الملك: الآية 15].
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلََالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوََاكِهَ مِمََّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا} [المرسلات:
الآيات 4341].
{إِنََّا كَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا} [المرسلات:
الآيات 4644].
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رََاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عََالِيَةٍ (22) قُطُوفُهََا دََانِيَةٌ (23) كُلُوا}
[الحاقّة: الآيات 2421].
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مََا أَنْزَلَ اللََّهُ مِنَ الْكِتََابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولََئِكَ مََا يَأْكُلُونَ} [البقرة: الآية 174].
{فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} [البقرة: الآيتان 274، 275].
{وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى ََ بِإِذْنِ اللََّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمََا تَأْكُلُونَ} [آل عمران: الآية 49].
{وَمَنْ كََانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كََانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ} [النّساء: الآية 6].
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً إِنَّمََا يَأْكُلُونَ} [النّساء: الآية 10].
{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقََامُوا التَّوْرََاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمََا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا} [المائدة:(2/191)
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً إِنَّمََا يَأْكُلُونَ} [النّساء: الآية 10].
{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقََامُوا التَّوْرََاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمََا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا} [المائدة:
الآية 66].
{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ قََالَ اتَّقُوا اللََّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قََالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ} [المائدة: الآيتان 112، 113].
{فَكُلُوا مِمََّا ذُكِرَ اسْمُ اللََّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيََاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمََا لَكُمْ أَلََّا تَأْكُلُوا} [الأنعام: الآيتان 118، 119].
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبََارِ وَالرُّهْبََانِ لَيَأْكُلُونَ} [التّوبة: الآية 34].
{رُبَمََا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كََانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا} [الحجر:
الآيتان 2، 3].
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا} [النّور: الآية 61].
{وَمََا أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلََّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ} [الفرقان: الآية 20].
{وَمََا جَعَلْنََاهُمْ جَسَداً لََا يَأْكُلُونَ} [الأنبياء: الآية 8].
{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنََاهََا وَأَخْرَجْنََا مِنْهََا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)}
[يس: الآية 33].
{وَذَلَّلْنََاهََا لَهُمْ فَمِنْهََا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهََا يَأْكُلُونَ (72)} [يس: الآية 72].
{إِنَّ اللََّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ} [محمّد: الآية 12].
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعََامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمََّا فِي بُطُونِهََا وَلَكُمْ فِيهََا مَنََافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهََا تَأْكُلُونَ} (21) [المؤمنون: الآية 21].
{فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرََاغَ إِلى ََ آلِهَتِهِمْ فَقََالَ أَلََا تَأْكُلُونَ (91)} [الصّافات:
الآيتان 90، 91].
{فَرََاغَ إِلى ََ أَهْلِهِ فَجََاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قََالَ أَلََا تَأْكُلُونَ (27)}
[الذّاريات: الآيتان 26، 27].
{هَلْ أَدُلُّكَ عَلى ََ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لََا يَبْلى ََ (120) فَأَكَلََا} [طه: الآيتان 120، 121].(2/192)
{فَرََاغَ إِلى ََ أَهْلِهِ فَجََاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قََالَ أَلََا تَأْكُلُونَ (27)}
[الذّاريات: الآيتان 26، 27].
{هَلْ أَدُلُّكَ عَلى ََ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لََا يَبْلى ََ (120) فَأَكَلََا} [طه: الآيتان 120، 121].
وكان يقرأ في شهر رمضان:
{تِلْكَ حُدُودُ اللََّهِ فَلََا تَقْرَبُوهََا كَذََلِكَ يُبَيِّنُ اللََّهُ آيََاتِهِ لِلنََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) وَلََا تَأْكُلُوا} [البقرة: الآيتان 187، 188].
{وَلِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَأْكُلُوا} [آل عمران: الآيتان 129، 130].
{وَآتُوا الْيَتََامى ََ أَمْوََالَهُمْ وَلََا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلََا تَأْكُلُوا} [النّساء: الآية 2].
{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوََالَهُمْ وَلََا تَأْكُلُوهََا} [النّساء: الآية 6].
{يُرِيدُ اللََّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسََانُ ضَعِيفاً (28) يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَأْكُلُوا} [النّساء: الآيتان 28، 29].
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمََا كََانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلََا تَأْكُلُوا} [الأنعام:
الآيتان 120، 121].
تمّ القسم الثاني من كتاب نثر الدر للآبي بحمد الله سبحانه وتعالى.(2/193)
تمّ القسم الثاني من كتاب نثر الدر للآبي بحمد الله سبحانه وتعالى.
فهرس المحتويات
الفصل الثاني من نثر الدّرّ [مقدمة المؤلّف] 3
الباب الأول من الفصل الثاني في كلام أبي بكر الصديق رحمة الله عليه ورضي الله عنه 7
الباب الثاني من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه 16
الباب الثالث من كلام عثمان بن عفّان رضي الله عنه 43
الباب الرابع كلام الصحابة 49
عبد الله بن مسعود 49
سلمان الفارسي 53
أبو ذر الغفاري 54
المغيرة بن شعبة 57
عمرو بن العاص 58
طلحة 64
أبو موسى الأشعري 64
ابن عمر 65
أبو الدرداء 68
عبد الله بن عمرو بن العاص 70
حسان 71
بلال 72(2/195)
حسان 71
بلال 72
أبو هريرة 72
عمّار 75
الزبير 76
عبد الرحمن بن عوف 77
حذيفة بن اليمان 78
خالد بن الوليد 79
سعد بن أبي وقاص 80
عتبة بن غزوان السلمي 82
الباب الخامس كلام عمر بن عبد العزيز 83
الباب السادس مزح الأشراف والأفاضل والعلماء 95
الباب السابع الجوابات المسكتة الحاضرة 114
باب آخر من الجوابات المسكتة وهو ما يجري مجرى الهزل 144
الباب الثامن من نوادر المتنبّئين 155
الباب التاسع نوادر المدينيين 160
الباب العاشر نوادر الطفيليّين والأكلة 171
ألقاب الأطعمة وغيرها على مذهب الطفيليين 187(2/196)
الجزء الثالث
نثر الدّرّ في المحاضرات تأليف الوزير الأديب أبي سعد منصور بن الحسين الآبي المتوفّى 412هـ
تحقيق خالد عبد الغنى محفوظ الجزء الثالث منشورات محمّد علي بيضون لنشر كتب السّنّة والجماعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان(3/1)
تحقيق خالد عبد الغنى محفوظ الجزء الثالث منشورات محمّد علي بيضون لنشر كتب السّنّة والجماعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان
[مقدمة المؤلّف]
بسم الله الرّحمن الرّحيم بذكر الله نستأنف البركة ونستجدّها، وبحمد الله نستديم الموهبة ونستمدّها، وبالتعويل على الله نستقرب النازح، وبالتفويض إلى الله نستلين الجامح، وبشكر الله نرتهن النعمة حتى لا تزول. ونستثبتها حتى لا تزلّ ونعتقلها حتى لا تشرد، ونستدنيها حتى لا تبعد، ونستديمها حتى لا تنفد، ونستمهلها حتى لا تزحل، ونستوثقها حتى لا ترحل. ونحسن مجاورتها حتى تخزن عندنا فلا تجمح، وتقرّ لدينا فلا تبرح، وتشتمل في مواردنا فلا تنزح. نحمده حمد من عرف قدرته فأذعن لها، وعلم حكمته فآمن بها، ونسأله أن يصلّي على محمد وآله سؤال طاعة لا سؤال شفاعة فإنّه صلّى الله عليه وسلّم وعلى أهل بيته، يجلّ عن أن يشفع له، وتقلّ عن أن يشفع فيه ولكنا أمرنا بالصلاة عليه، والتسليم إشادة لمعاليه. قال الله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (56) [الأحزاب: الآية 56] اللهم أنت واري الخفية، وبارىء البرية، وداحي الأرض ورافع السماء، وجاعل كلّ حيّ من الماء. أنت الواحد الفرد فلا تضاد، والفاعل لما تشاء فلا ترادّ، والغالب لكل شيء فلا تدافع، والقاهر فوق عبادك فلا تمانع {وَتُعِزُّ مَنْ تَشََاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشََاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: الآية 26]. اللهم فأعنّا على الآخرة بالطاعة، وعلى الدنيا بالقناعة وأغننا بفضلك عن فضول خلقك، وصنّا عن الحسد على ما فضّلت به بعضنا من لدنك، ووسّع حولنا في العيش والمعاش، وأسبغ علينا سلامة النفس وحسن الرياش، وارزقنا كفاء ما يكفّ الوجه عن المسألة، ويصون العرض عن المذلّة. ويسدّ الجوعة فلا نشرى (1)، ويستر العورة فلا نعرى، ويعين على
__________
(1) شرى الرجل، يشري: تمادى في غيّه.(3/3)
المروءة فلا نفتن، ويلم الشّعث فلا تزدرينا الأعين، وينوء بنا إلى صلة الرحم وبذل الماعون، والإيثار على النفس، والجود بما يفضل عن القوت، وجبر الكسر، وإطعام الفقير، وإقناع القانع، وإرضاء المعترّ (1)، وإغاثة المهتضم، وإعانة المستضعف. إنك نعم المدعوّ، ونعم المؤمّل والمرجو، وأنت على كل شيء قدير.
هذا هو الفصل الثالث من كتاب نثر الدرّ، قد افتتحته بكلام الخلفاء من بني أمية وبني هاشم، وربما خلطت به نبذا يسيرا من نوادر أخبارهم، ونكت آثارهم، لا يخرج به الكتاب عن الغرض الذي رميناه، والقصد الذي تحرّيناه، وذكرت من جملة خلفاء بني العباس إبراهيم بن المهدي، وعبد الله بن المعتز فقد بويع لهما بالخلافة، ولهما كلام شريف، لا يقصر عن كلام الكافّة، وأتبعت ذلك بأبواب سأذكرها، وختمته بنوادر وملح وشّحت الفضل بها.
ولعل قائلا يقول: هلا أفرد للهزل كتابا أو أخّره ليجعل له عند انقضاء الجد بابا.
ولا يعلم أني جعلت ذلك مصيدة للجاهل تقفه على العلم، وحبالة للهازل، توقعه في الجد. ولعلي لو أفردت له فصلا، ولم أخلط الكتاب جدّا وهزلا لعدل أكثر أبناء زماننا إلى ذلك الباب المفرد، ولصار الجد عندهم في حيّز المستثقل المستبرد بل المهجور المتروك، وإن كان كالتّبر المسبوك أو الدرّ المسلوك.
وأبواب هذا الفصل ثلاثة عشر بابا.
الباب الأول: كلام معاوية بن أبي سفيان وولده.
الباب الثاني: كلام مروان بن الحكم وولده.
الباب الثالث: كلام خلفاء بني العباس.
الباب الرابع: كلام جماعة من بني أمية.
الباب الخامس: نكت من كلام الزبيرين.
الباب السادس: نوادر أبي العيناء ومخاطباته.
__________
(1) المعترّ: المتعرض لطلب المعروف من دون أن يسأل، والقانع: الذي يسأل.(3/4)
الباب السابع: نوادر مزبّد.
الباب الثامن: نوادر أبي الحارث جمّين.
الباب التاسع: نوادر الجماز.
الباب العاشر: نوادر المجانين.
الباب الحادي عشر: نوادر البخلاء.
الباب الثاني عشر: كلام الشطّار.
الباب الثالث عشر: العي، ومخاطبات الحمقى.(3/5)
الباب الثالث عشر: العي، ومخاطبات الحمقى.
الباب الأول كلام معاوية بن أبي سفيان وولده
قال الهيثم (1): خرج معاوية يريد مكة، حتى إذا كان بالأبواء اطلع في بئر عادية فأصابته اللّقوة. فأتى مكة، فلما قضى نسكه، وصار إلى منزله، دعا بثوب، فلفّه على رأسه، وعلى جانب وجهه الذي أصابه فيه ما أصابه، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، وعنده مروان، فقال:
«إن أكن قد ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي، وأرجو أن أكون منهم وإن عوقبت فقد عوقب الظالمون قبلي، وما آمن أن أكون منهم، وقد ابتليت في أحسني وما يبدو مني، وما أحصي صحيحي. وما كان لي على ربّي إلا ما أعطاني. والله إن كان عتب بعض خاصّتكم لقد كنت حدبا على عامتكم فرحم الله امرءا دعا لي بالعافية:
قال: فعج الناس (2) بالدعاء له، فبكى فقال مروان: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ قال: كبرت سنّي، وكثر الدمع في عيني، وخشيت أن تكون عقوبة من ربّي، ولو يزيد أبصرت قصدي.
دخل المسور على معاوية، فقال له: كيف تركت قريشا؟ قال:
أنت سيدها يا أمير المؤمنين، أعلاها كعبا، وأسودها أبا، وأرفعها ذكرا وأجلّها قدرا. قال: كيف تركت سعيدا؟ قال: عليلا. قال: لليدين
__________
(1) هو الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن بن زيد بن أسيد بن جابر الطائي الثعالبي البحتري الكوفي، أبو عبد الرحمن، المعروف بابن عدي الأخباري، نزيل بغداد، مختص بمجالس الخلفاء، ولد سنة 130هـ، وتوفي سنة 207هـ، له العديد من المصنّفات (انظر: كشف الظنون 6/ 511، شذرات الذهب 2/ 19، إنباه الرواة 3/ 365).
(2) عجّ الناس: ارتفعت أصواتهم.(3/7)
وللفم (1): [الطويل]
به لا بظبي بالصّريمة أعفرا
قال: وعمرو بن سعيد صبيّ يسمع قوله من ورائه. فقال: إذا والله لا يسدّ جفرتك (2)، ولا يزيد في رزقك، ولا يدفع حتفا عنك، بل يفتّ في عضدك، ويهيض ظهرك، وينشر أمرك، فتدعو فلا تجاب، وتتوعد فلا تهاب.
فقال معاوية: أبا أمية أراك ههنا: إنّ أباك جارانا إلى غاية الشرف، فلم تعلق بآثاره، ولم نقم لمحفاره، ولم نلحق بمضماره، ولم ندن من غباره، هذا مع قوة مكان، وعزة سلطان. وإنّ أثقل قومنا علينا من سبقنا إلى غاية شرف فأخذ أبوك علينا القصبة، وملك دوننا الغلبة. روي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم الشام، ومعه عبد الرحمن بن عوف أو أبو عبيدة، وهما على حمارين قريبين من الأرض، فتلقّاهما، معاوية في كوكبة خشناء فثنى وركه، فنزل، وسلّم بالخلافة: فلم يردّ عليه، فقال له عبد الرحمن أو أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أحضرت الفتى فلو كلمته. فقال: إنك لصاحب الجيش الذي أرى؟ قال: نعم. قال: مع شدة احتجابك، ووقوف ذوي الحوائج ببابك؟ قال: أجل. قال: لم؟ ويلك! قال: لأنا ببلاد يكثر بها جواسيس العدوّ، فإن نحن لم نتخذ العدة والعدد للعدو استخف بنا. وهجم على عورتنا. وأنا بعد عاملك فإن وقفتني وقفت، وإن استزدتني زدت، وإن استنقصتني نقصت.
قال: والله لئن كنت كاذبا إنه لرأي أريب، ولئن كنت صادقا إنه لتدبير أديب. ما سألتك قطّ عن شيء إلا تركتني فيه أضيق من رواجب الضرس. لا آمرك ولا أنهاك.
__________
(1) صدره:
أقول له لما أتاني نعيه
والبيت للفرزدق في ديوانه 1/ 201، ولسان العرب (عدد)، (عدن)، (ظبا)، وتهذيب اللغة 2/ 291، وكتاب العين 2/ 123، وتاج العروس (عدد)، (ظبا)، ومجمع الأمثال 1/ 90.
(2) الجفرة: مجمع البطن والصدر.(3/8)
فلما انصرف قال له صاحبه: لقد أحسن الفتى في إصدار ما أوردت عليه.
قال: بحسن إصداره وإيراده جشّمناه ما جشّمناه.
قال معاوية: معروف زماننا هذا منكر زمان قد مضى، ومنكر زماننا هذا معروف زمان لم يأت.
وقال يوما على المنبر: يا أهل الشام ما أنتم بخير من أهل العراق ثم ندم فتداركها فقال: (إلّا) أنكم أعطيتم بالطاعة، وحرموا بالمعصية.
ومن كلامه: الفرصة خلسة، والحياء يمنع الرزق، والهيبة خيبة والحكمة ضالّة المؤمن.
وقال ذات يوم لابنه يزيد: يا بنيّ لا تستفسد الحر فسادا لا تصلحه أبدا. قال: بماذا؟ قال: لا تشتمنّ له عرضا، ولا تضربنّ له ظهرا، فإن الحرّ لا يرى الدّنيا عوضا من هذين، ولكن خذ ماله، ومتى شئت أن تصلحه فمال بمال.
وأتي بسارق فقال: أسرقت؟ فقال بعض من حضر: أصدق أمير المؤمنين. فقال معاوية: الصدق في بعض المواطن عجز.
وقال له عمرو بن العاص: قد أعياني أن أعلم شجاع أنت أم جبان؟
فقال (1): [الطويل]
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... فإن لم تكن لي فرصة فجبان
وخطب فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يخلق للدنيا ولا خلقت له، وإن أبا بكر لم يرد الدنيا ولم ترده، وإن عمر أرادته الدنيا ولم يردها، وإن عثمان أصاب من الدنيا وترك، وإن ابن هند تمرّغ فيها ظهرا لبطن، ولو كانت راية أحقّ بنصر وأقرب إلى هدى كانت راية ابن أبي طالب، وقد رأيتم إلام صارت.
وقال لعامل له: كل قليلا تعمل طويلا، الزم العفاف يلزمك العمل، وإياك والرّشا يشتد ظهرك عند الخصام.
__________
(1) البيت للقطامي في مروج الذهب 2/ 63، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في عيون الأخبار 1/ 163.(3/9)
ورفع يوما ثندوتيه (1) بيديه، ثم قال: لقد علم الناس أن الخيل لا تجري بمثلي، فكيف قال النجاشي (2): [الطويل]
ونجّى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجشّ هزيم والرماح دوان
وقال: إني لأكره النّكارة في السيد، وأحبّ أن يكون غافلا أو متغافلا.
وقال لعمرو حين نظر إلى معسكر علي عليه السلام: من طلب عظيما خاطر بعظيمته.
وقال لأبي الجهم العدوي: أنا أكبر أم أنت يا أبا الجهم؟ فقال: لقد أكلت من عرس أمّك. فقال: عند أيّ أزواجها؟ قال: في عرس حفص بن مغيرة فقال: يا أبا الجهم إياك والسلطان فإنه يغضب غضب الصبيّ، ويعاقب عقوبة الأسد، فإنّ قليله يغلب كثير الناس.
وقال يوما: أنا أعرف أرخص ما في السوق وأغلاه فقيل: وكيف ذاك؟
فقال: أعلم أن الجيّد رخيص والرديء غال.
ولما مات زياد وفد عليه عبيد الله ابنه: فقال له: من استخلف أخي على عمله بالكوفة؟ قال: عبد الله بن خالد أسيد قال: فعلى البصرة؟ قال: سمرة بن جندب. فقال له معاوية: لو استعملك أبوك استعملتك!. فقال له عبيد الله:
أنشدك الله أن يقولها لي أحد بعدك: لو ولّاك أبوك، وعمّك وليتك. فولّاه خراسان.
وأوصاه فقال: اتّق الله ولا تؤثرنّ على تقواه شيئا، وق عرضك من أن تدنّسه وإذا أعطيت عهدا فف به، ولا تبيعنّ كثيرا بقليل، وخذ لنفسك من نفسك، ولا يخرجنّ منك أمر حتّى تبرمه، فإذا خرج فلا يردّنّ عليك. وإذا لقيت عدوّك فغلبك على ظهر الأرض فلا يغلبنّك على بطنها، وإن احتاج أصحابك أن تواسيهم بنفسك فواسهم، ولا تطمعنّ أحدا في غير حقّه، ولا تؤيسنّ أحدا من حقّ هو له.
__________
(1) الثندوة: عند الرجل تقابل الثدي عند المرأة.
(2) البيت للنجاشي الحارثي في ديوانه ص 107، ولسان العرب (جشش)، (هزم)، وجمهرة اللغة ص 89، وتاج العروس (جشش).(3/10)
وقال له ابن عباس: هل لك في مناظرتي فيما زعمت أنك خصمت فيه أصحابي؟ فقال له معاوية: ما تصنع بمناظرتي؟ فأشغب بك وتشغب بي، فيبقى في قلبك ما لا ينفعك، ويبقى في قلبي ما يضرك.
وخطب عند مقدمه المدينة فقال:
أما بعد فإنا قدمنا على صديق مستبشر، وعدو مستبسر (1)، وناس بين ذلك ينظرون وينتظرون فإن أعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا منها سخطوا.
ولست أسع الناس كلّهم، فإن تكن محمدة فلا بدّ من لائمة، فليكن لوما هونا إذا ذكر غفر، وإياكم والغطمى (2) التي إن ظهرت أوبقت (3)، وإن خفيت أوتغت.
وقدم معاوية من ولاية وكان عمر ولّاه إياها فبدأ بعمر رضي الله عنه فلما دخل عليه قال له: متى قدمت؟ قال: الآن، وبدأت بك. قال: اذهب فابدأ بأبويك فإن حقنا لم يدخل على حقّهما، وابدأ بأمّك. قال: فخرجت من عنده ودخلت على أمّي هند، فقالت: يا بني إنه ما ولدت حرة مثلك، وإنك قد أنهضت فانهض، وإن الذي استعملك قادر أن يعزلك فاعمل بما وافقه وافقك ذلك أو خالفك.
قال: فخرجت من عندها فدخلت على أبي فقال: يا بنيّ، إن هؤلاء الرّهط من المهاجرين سبقونا فأساؤوا سبقنا، فرفعوا وضيعهم، ووضعوا رفيعنا، وصرنا أذنابا وصاروا رؤوسا، وقد رأيتهم ولّوك جسيما من غير حاجة بهم إليك ولكنه جدّ وقع فاعمل بما وافقهم، إما لربّك وإمّا لهم.
قال معاوية لابن الأشعث بن قيس: ما كان جدّك قيس بن معديكرب أعطى الأعشى؟ فقال: أعطاه مالا وظهرا ورقيقا وأشياء أنسيتها. فقال معاوية:
لكن ما أعطاكم الأعشى لا ينسى.
ذكر علي رضي الله عنه في مجلس معاوية، وعنده أهله فقال عنبسة بن أبي سفيان: والله إني لأعجب من عليّ وطلبه للخلافة. فقال معاوية
__________
(1) المستبسر: العابس.
(2) الغطمى: الفتنة.
(3) أوبقت: أهلكت.(3/11)
وضحك: أما والله إنها سنّة كما قال الشاعر: [الطويل]
وما تركته رغبة عن جماله ... ولكنّها كانت لآخر تخطب
ومن كلام معاوية: ثلاث من السؤدد: الصلع، واندحاء (1) البطن، وترك الإفراط في الغيرة.
وقد عيب بهذا الكلام، ورمي بقلة الغيرة، وكذلك عابوا قيس بن زهير حين نزل ببعض القبائل، فقال: أنا غيور فخور أنف، ولكني لا آنف حتى أضام، ولا أفخر حتى أفعل، ولا أغار حتى أرى.
قال أبو عثمان: أظنّ أنه إنما عنى به رؤية السّبب لا رؤية المواقعة.
وقال معاوية لعمرو بن العاص: يا عمرو إن أهل العراق قد أكرهوا عليّا على أبي موسى، وأنا والله وأهل الشام راضون بك، وقد ضم إليك رجل طويل اللسان، قصير الرأي، فأجد الحزّ وطبّق المفصل، ولا تلقه برأيك كلّه.
وخطب مرّة فقال: أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود، وزمن شديد، يصبح فيه المحسن مسيئا، ويزداد الظالم عتوّا، لا ننتفع بما علمنا، ولا نسأل عمّا جهلنا، ولا نتخوف قارعة حتى تحلّ بنا فالناس على أربعة أصناف: منهم من لا يمنعه من الفساد إلا مهانة نفسه، وكلال حدّه، ونضيض وقره.
ومنهم المصلت لسيفه، المجلب برجله، المعلن بشرّه، قد أشرط نفسه، وأوبق دينه لحطام ينتهزه ومقنب (2) يقوده أو منبر يفرعه، ولبئس المتجر أن تراهما لنفسك ثمنا، وممّا لك عند الله عوضا.
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدّنيا، قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمّر من ثوبه، وزخرف نفسه للأمانة، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية.
__________
(1) اندحاء البطن: عظمها واسترسالها.
(2) المقنب: جماعة الخيل والفرسان بين الأربعين والخمسين.(3/12)
ومنهم من أقعده من طلب المال ضؤولة نفسه، وانقطاع سببه، فقصّر به الحال على حاله، فتحلّى باسم القناعة، وتزيّن باسم الزهاد، وليس من ذلك في مراح ولا مفدى.
وبقي رجال غضّ أبصارهم ذكر المرجع، وأراق دموعهم خوف المحشر فهم بين شريد نادّ، وخائف منقمع وساكت مكعوم، وداع مخلص وموجع ثكلان، قد أخملتهم التّقية، وشملتهم الذّلّة فهم في بحر أجاج أفواههم ضامرة، وقلوبهم قرحة. وعظوا حتى ملّوا، وقهروا حتى ذلّوا، وقتلوا حتى قلّوا فلتكن الدنيا أقلّ في أعينكم من حثالة القراظ وقراضة الجلم (1) واتّعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم، وارفضوها ذميمة، فإنها قد رفضت من كان أشفف بها منكم.
وقال ليونس بن سعيد الثّقفي: اتّق الله لا أطير بك طيرة بطيئا وقوعها.
قال: أليس بي وبك المرجع بعد إلى الله؟ قال: بلى، فأستغفر الله.
طلب زياد رجلا كان في الأمان الذي أخذه الحسن لأصحابه فكتب الحسن فيه إلى زياد: أما بعد فقد علمت ما كنا أخذنا لأصحابنا وقد ذكر فلأن أنك قد عرضت له، فأحبّ ألا تعرض له إلا بخير، فلما أتى زيادا الكتاب، ولم ينسبه فيه إلى أبي سفيان غضب وكتب:
من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن: أما بعد فإنه قد أتاني كتابك في فاسق يؤويه الفساق من شيعة أبيك وشيعتك. وايم الله لأطلبنّهم ولو بين جلدك ولحمك، وإن أحبّ الناس إليّ لحما أن آكله لحم أنت منه.
فلما قرأه الحسن بعث به إلى معاوية فلما قرأه غضب وكتب:
من معاوية إلى زياد. أما بعد فإن لك رأيين: رأيا من أبي سفيان ورأيا من سميّة. فأما رأيك من أبي سفيان فلحم وحزم، وأما رأيك من سمية فما يكون من رأى مثلها، وقد كتب إليّ الحسن بن علي أنك عرضت لصاحبه فلا تعرض له فإني لم أجعل لك عليه سبيلا. وإن الحسن بن علي لا يرمى به
__________
(1) الجلم: المقص.(3/13)
الرّجوان (1). والعجب من كتابك إليه، لا تنسبه إلى أبيه. فإلى أمه وكلته؟ وهو ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فالآن حين اخترت له. والسلام.
وقال لقوم من بني أسد: ما معيشتكم؟ قالوا: التجارة في الرقيق. قال:
بئس التجارة، ضمان نفس ومؤونة ضرس.
وقال لجماعة من قريش كانوا عنده: يا معشر قريش، ما بال الناس لأم وأنتم لعلّات؟ تباعدون منكم ما قرّب الله، وتقطعون ما وصل الله بل كيف ترجون لغيركم، وقد عجزتم عن أنفسكم؟ أتقولون: كفانا الشرف من كان قبلنا؟
فعندها لزمتكم الحجّة؟ فاكفوه من بعدكم. أولا تعلمون أنكم كنتم رقاعا في جيوب العرب، قد أخرجتم من حرم ربّكم، ومنعتم ميراث أبيكم، حتى جمعكم الله على رجل فردّكم إلى بلادكم، وأخذ لكم ما أخذ منكم، فسمّاكم الله باجتماعكم اسما دنت لكم به العرب، وردّ به عنكم كيد العجم فقال:
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (5) [الفيل: الآية 5]، {لِإِيلََافِ قُرَيْشٍ} (1) [قريش:
الآية 1] فارغبوا في الألفة التي أكرمكم الله بها، وإياكم والفرقة، فقد حذّرتكم نفسها، وكفى بالتجربة واعظا.
وقال لعبد الرحمن ابن أم الحكم: بلغني أنك قد لهجت بقول الشعر. قال: قد فعلت. قال: فإياك والتشبيب بالنساء، فتغرّ الشريفة وترمى العفيفة، وتقرّ على نفسك بالفضيحة، وإياك والهجاء، فإنك تحنق عليك كريما، وتستثير سفيها. وإياك والمديح، فإنه طعمة الوقاح، وتفحش السؤال، ولكن افخر بمفاخر قومك وقل من الشعر ما تزيّن به نفسك، وتؤب به غيرك.
وقال لعمرو بن سعيد: ليس بين الملك وبين أن يملك جميع رعيته، أو يملكه جميعهم إلا حزم أو توان.
وقيل له: أنت أنكر أم زياد؟ قال: إنّ زيادا لا يدع الأمر يتفرق عليه وإنه يتفرّق عليّ فأجمعه.
__________
(1) الرجوان: جانبا الحفرة، وقوله: فلان لا يرمى به الرجوان، إذا حمل على خطة ليس له معها ثبات أو قرار.(3/14)
وقال عمرو بن العاص له: ما أشدّ حبّك للمال! قال: ولم لا أحبّه وأنا أستعبد به مثلك، وأبتاع به مروءتك ودينك؟.
قال: السفلة من ليس له نسب معروف، ولا فعل موصوف.
وقال: ثلاثة ما اجتمعن في حر: مباهتة (1) الرجال، والغيبة للناس، والملال لأهل المروءة.
وقال لرجل: من سيد قومك؟ قال: لجأهم الدهر إليّ. قال: هكذا تكون المخاتلة عن الشرف.
وقال صعصعة: يا أمير المؤمنين ما لنا نحبّ أولادنا أشدّ من حبّهم لنا؟
قال: لأنّهم منّا ولسنا منهم ولدناهم ولم يلدونا.
قدم رجل من مصر عليه، فإنه ليحدثه إذ حبق (2) فانقبض وترك الكلام فقال معاوية: خذ فيما كنت فيه، فما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي.
ودخل عليه رجل مرتفع العطاء فرأى في عينيه رمصا فحطّ عطاءه وقال:
يعجز أحدكم إذا أصبح أن يتعهّد أديم وجهه.
وقال لقريش في خلافته: إني أقع إذا طرتم، وأطير إذا وقعتم، ولو وافق طيراني طيرانكم لاختلفنا.
وقال: العيال أرضة المال.
وقيل له: ما بلغ من عقلك؟ قال: لم أثق بأحد.
ونظر إلى يزيد وهو يضرب غلاما له فقال له: لا تفسد أدبك بتأديبه، ولكن وكّل به من يؤدبه.
روي عن بعضهم أنه قال: قدم معاوية المدينة، فدنوت من المنبر لأحفظ عنه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد فإنّا قدمنا على صديق مستبشر، وعلى عدو مستبسر، وناس بين ذلك ينظرون وينتظرون فإن أعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا منها سخطوا.
__________
(1) المباهتة: من بهت، وباهته: إذا استقبله بأمر يقذفه به وهو منه بريء لا يعلمه.
(2) حبق: ضرط وأحدث.(3/15)
ولسنا نسع الناس كلّهم، فإن تكن محمدة فلا بدّ من لائمة ليكن لوما هونا، إذا ذكر غفر، وإياكم والعظمى التي إن ظهرت أوبقت، وإن خفيت أوتغت (1).
وبلغه أنّ ابنته امتنعت على ابن عامر في الافتضاض، فمشى إليها يتوذّف (2) في مشيته، وفي يده مخصرة، فجلس، وجعل ينكت في الأرض ويقول: [الطويل]
من الخفرات البيض أمّا حرامها ... فصعب، وأما حلّها فذلول
وخرج، ودخل ابن عامر فلم تمتنع عليه.
قال خالد بن الوليد لمعاوية: إن فيك لخصلتين ما أراهما تجتمعان في رجل: إنك تقدم حتى أقول: يريد أن يقتل، وتتأخر حتى أقول: يريد أن يهرب. فقال: إني والله أتقدّم لأقتل، ولا أتأخر لأهرب ولكني أتقدم إذا كان التقدم غنما، وأتأخر إذا كان التأخّر حزما، كما قال أخو كنانة: [الطويل]
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... وإن لم تكن لي فرصة فجبان
وسئل: ما النبل؟ فقال: الحلم عند الغضب، والعفو عند المقدرة.
وقال: الدنيا بحذافيرها الخفض والدّعة.
وقال له رجل: والله لقد بايعتك وأنا كاره. فقال: قد جعل الله في الكره خيرا كثيرا.
وكتب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لما دعاه إلى البيعة:
من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب:
أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك، وأنت بريء من دم عثمان، كنت كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذّلت عنه الأنصار، فأعطاك الجاهل، وقوي بك الضعيف. وقد أبى أهل الشام إلّا قتالك، حتى تدفع إليهم قتلة عثمان فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين.
__________
(1) أوتغت: أهلكت.
(2) يتوذف: أي يسرع الخطا ويقاربها.(3/16)
ولعمري ما حجتك عليّ كحجتك على طلحة والزبير لأنهما بايعاك ولم أبايعك، وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة لأن أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام.
وأما شرفك في الإسلام، وقرابتك من النبيّ صلى الله عليه وسلّم وموضعك من قريش فلست أدفعه.
ثم كتب في آخر الكتاب بشعر لكعب بن جعيل أوله (1): [المتقارب]
أرى الشّام تكره ملك العراق ... وملك العراق لهم كارهونا
فأجابه أمير المؤمنين رضي الله عنه:
أما بعد، فإنه أتاني منك كتاب امرىء ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاتّبعه.
زعمت أنه إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان. ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا وما كان الله ليجمعهم على ضلال، ولا ليضربهم بالعمى.
وبعد فما أنت وعثمان؟ إنما أنت رجل من بني أمية. وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم حاكم القوم إليّ.
وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير، وبين أهل الشام وأهل البصرة، فلعمري ما الأمر فيما هنالك إلا سواء لأنها بيعة شاملة، لا يستثنى فيها الخيار، ولا يستأنف فيها النظر وأما شرفي في الإسلام، وقرابتي من النبيّ صلى الله عليه وسلّم وموضعي من قريش فلعمري: لو استطعت دفعه لدفعته.
ثم دعا النجاشيّ فقال له: إن ابن جعيل شاعر أهل الشام، وأنت شاعر أهل العراق، فأجب الرجل. فقال: يا أمير المؤمنين أسمعني قوله. قال: إذا
__________
(1) البيت في الكامل للمبرد ص 282، والأخبار الطوال ص 160.(3/17)
أسمعك شعر شاعر. فقال النجاشيّ يجيبه (1): [المتقارب]
دعا يا معاوي ما لن يكونا ... فقد حقّق الله ما تحذرونا
في أبيات كثيرة.
يروى: أن يزيد بن معاوية قال لمعاوية في اليوم الذي بويع له بالعهد، فجعل الناس يمدحونه، ويقرّظونه: يا أمير المؤمنين والله ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا؟ فقال له معاوية: كلّ من أردت خديعته فتخادع (2) لك حتى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته.
وكتب إلى قيس بن سعد بن عبادة، وهو والي مصر لعليّ رضي الله عنه:
أما بعد فإنك يهوديّ ابن يهودي، إن غلب أحبّ الفريقين إليك عزلك، واستبدل بك، وإن غلب أبغضهما إليك قتلك، ومثّل بك، وقد كان أبوك فوّق سهمه (3)، ورمى غرضه، فأكثر الحزّ، وأخطأ المفصل، حتى خذله قومه، وأدركه يومه، فمات غريبا بحوران.
فكتب إليه قيس:
أما بعد فإنك وثن ابن وثن، لم يقدم إيمانك، ولم يحدث نفاقك، دخلت في الدين كرها، وخرجت منه طوعا. وقد كان أبي فوّق سهمه، ورمى غرضه، فشغبت عليه أنت وأبوك ونظراؤك فلم تشقّوا غباره، ولم تدركوا شأوه، ونحن أنصار الدين الذي خرجت منه، وأعداء الدين الذي خرجت إليه.
قال معاوية: الخفض والدّعة سعة المنزل، وكثرة الخدّام.
وذكر أنّ معاوية استمع على يزيد ذات ليلة، فسمع من عنده غناء أعجبه، فلما أصبح قال ليزيد: من كان ملهيك البارحة؟ قال: ذاك ابن خاثر. قال: إذا فأخثر له من العطاء (4).
__________
(1) البيت في الأخبار الطوال ص 160.
(2) تخادع: أظهر أنه مخدوع.
(3) فوّق سهمه: أي جعل له فوقا، بمعنى هيأه للرمي.
(4) أخثر له من العطاء: أي أكثر.(3/18)
وذكر أنّ معاوية قال لعمرو بن العاص: امض بنا إلى هذا الذي تشاغل باللهو، وسعى في هدم مروءته، حتى ننعى عليه فعله يريد: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فدخل عليه وعنده سائب بن خاثر، وهو يلقى على جواري لعبد الله، فأمره عبد الله بتنحية الجواري لدخول معاوية، ووثب سائب بن خاثر، وتنحّى عبد الله عن سريره لمعاوية، فأجلسه إلى جانبه. ثم قال لعبد الله: أعد إلينا ما كنت فيه فأمر بالكراسيّ فألقيت، وأخرج الجواري، فتغنى سائب بقول قيس بن الخطيم (1): [الطويل]
ديار التي كادت، ونحن على منى ... تحلّ بنا لولا نجاء الركائب
وردّده الجواري. فحرك معاوية يديه، وتحرّك في مجلسه، ثمّ مدّ رجليه فجعل يضرب بهما وجه السرير، فقال له عمرو: اتّئد فإن الذي جئته لتلحاه أحسن منك حالا، وأقلّ حركة. فقال معاوية: اسكت فإن كلّ كريم طروب.
وقال معاوية: أعنت على عليّ بأربع: كنت رجلا أكتم سرّي، وكان رجلا ظهره، وكنت في أطوع جند وأصلحه، وكان في أخبث جند وأعصاه، وتركته وأصحاب الجمل وقلت: إن ظفروا به كانوا أهون عليّ منه، وإن ظفر بهم اعتددت بها عليه في دينه، وكنت أحبّ إلى قريش منه، فيا لك من جامع إليّ، ومفرق عنه، وعون لي وعون عليه!.
قدم معاوية المدينة فدخل عليه عبد الله بن الزبير فأقام عنده يومه وليلته فكانا يتحدثان إلى أن نام معاوية، وعبد الله قاعد، ثم استيقظ، فقال له: خذ بنا في الحديث، فتحادثا ساعة ثم نام معاوية أيضا، فكانت تلك حاله إلى الصباح فقال له عبد الله: لقد هممت بقتلك غير مرّة، فكيف طابت نفسك أن تنام وأنا معك؟ فقال: يا أبا بكر لست من قتلة الخلفاء.
فقال: تقول لي هذا وقد لقيت عليّ بن أبي طالب بالسيف يوم البصرة (2)،
__________
(1) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص 77، وخزانة الأدب 7/ 27، وشرح شواهد الإيضاح ص 148، ولسان العرب (حلل)، وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 1/ 278، وجواهر الأدب ص 45.
(2) يوم البصرة: أي يوم الجمل سنة 36هـ.(3/19)
فقال معاوية: لا جرم، قتلك وأباك بشماله، وبقيت يمينه فارغة تطلب قرنا يصلح لها.
وقال معاوية لعمرو بن العاص، حين ذكر له ما رواه عبد الله ابنه من قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية» لا تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك. أنحن قتلناه؟ إنما قتله الذي جاء به.
وروي أنه قدم المدينة فذكر ابنه يزيد، وعقله وسخاءه، وفضله فقال ابن الزبير: أما أنك قد تركت من هو خير منه.
قال معاوية: كأنك أردت نفسك يا أبا بكر؟ قال: وإن أردتها فمه؟ قال معاوية: إنّ بيته بمكة فوق بيتك.
قال ابن الزّبير: إن الله اختار أبي، واختار الناس أباه، فالله الفاصل بيني وبينه.
فقال معاوية: هيهات، منّتك نفسك ما ليس لك، وتطاولت إلى ما لا تناله إنّ الله اختار عمّي لدينه، واختار الناس أبي لدنياهم، فدعا عمّي أباك فأجابه، ودعا أبي عمّك فاتّبعه فأين تجدك إلا معي؟.
قال ابن الزبير: ذاك لو كنت من بني هاشم. قال معاوية: دع هاشما، فإنّها تفخر عليّ بأنفسها، وأفخر عليك بها، وأنا أحبّ إليها منك، وأحبّ إليك منها، وهي أحبّ إليّ منك.
قال ابن الزبير: إن الله رفع بالإسلام بيتا، وخفض به بيتا، فكان بيتي ممّا رفع الله بالإسلام، قال معاوية: وبيت حاطب بن أبي بلتعة مما رفع الله.
وقيل لمعاوية: أخبرنا عن نفسك في قريش. قال: أنا ابن بعثطها، والله ما سوبقت إلا سبقت، ولا خضت برجلي قطّ غمرة إلا قطعتها عرضا.
وكتب إليه الحكم الغفاري: إنّ المشركين قد جاشوا بأمر عظيم. فكتب:
اجعل بكر بن وائل يلونهم، فإنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لن يظهر المشركون على بكر بن وائل».
وكان يأذن للأحنف في أول من يأذن له، فأذن له يوما، ثم أذن لمحمد بن الأشعث، فجاء محمد فجلس بين معاوية وبين الأحنف فقال له معاوية: لقد
أحسست في نفسك ذلّا إني لم آذن له قبلك ليكون في المجلس دونك، وإنا كما نملك أموركم نملك تأديبكم، فأريدوا ما يراد بكم فإنه أبقى لنعمتكم، وأحسن لأدبكم.(3/20)
وكان يأذن للأحنف في أول من يأذن له، فأذن له يوما، ثم أذن لمحمد بن الأشعث، فجاء محمد فجلس بين معاوية وبين الأحنف فقال له معاوية: لقد
أحسست في نفسك ذلّا إني لم آذن له قبلك ليكون في المجلس دونك، وإنا كما نملك أموركم نملك تأديبكم، فأريدوا ما يراد بكم فإنه أبقى لنعمتكم، وأحسن لأدبكم.
قدم معاوية المدينة، فدخل دار عثمان، فقالت عائشة بنت عثمان: وا أبتاه! وبكت. فقال معاوية: يا ابنة أخي إن الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أمانا، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد، ومع كل إنسان سيفه، وهو يرى مكان أنصاره، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا، ولا أدري أعلينا تكون أم لنا؟ ولأن تكوني بنت عم أمير المؤمنين خير من أن تكوني امرأة من عرض المسلمين.
وقال معاوية في النساء: إنهنّ يغلبن الكرام، ويغلبهنّ اللّئام.
وفخر عنده سليم مولى زياد، فقال معاوية: اسكت، فو الله ما أدرك صاحبك شيئا بسيفه إلّا وقد أدركت أكثر منه بلساني.
يزيد بن معاوية وولده
كتب إلى أهل المدينة: أما بعد، ف {إِنَّ اللََّهَ لََا يُغَيِّرُ مََا بِقَوْمٍ حَتََّى يُغَيِّرُوا مََا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذََا أَرََادَ اللََّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلََا مَرَدَّ لَهُ وَمََا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وََالٍ} [الرّعد:
الآية 11] وإني والله لقد لبستكم فأخلقتكم (1)، ورفقت بكم فأخرقتكم (2). ثم وضعتكم على رأسي، ثم على عيني، ثم على فمي، ثم على بطني، وايم الله لئن وضعتكم تحت قدمي لأطأنّكم وطأة أقلّ بها عددكم، وأذلّ غابركم، وأترككم أحاديث تنسخ فيها أخباركم مع أخبار عاد وثمود (3): [الوافر]
لعلّ الحلم دلّ عليّ قومي ... وقد يستجهل الرجل الحليم
وقال له مؤدّبه وهو صغير فلحن وقال: إنّ الجواد قد يعثر فقال المؤدب: إي والله، ويضرب فيستقيم فقال يزيد: نعم والله ويكسر أنف سائسه.
__________
(1) أخلقتكم: أبليتكم.
(2) أخرقتكم: سبّبت لكم الخرق، وهو الحمق.
(3) البيت لقيس بن زهير في لسان العرب (دلل)، وتهذيب اللغة 14/ 66، وتاج العروس (دلل)، (هبا).(3/21)
تكلّم يوما عند معاوية الخطباء فأحسنوا وأكثروا فقال: والله لأرمينّهم بالخطيب الأشدق، قم يا يزيد فتكلّم.
قال ابن الكلبي (1): كان يقال ليزيد بن معاوية: أبو القرود وذلك أنه كان معجبا بها. وأدّب قردا واستعمله على خمسمائة رجل من أهل الشام وكان يكنى: أبا قيس، فصاد مرة حمار وحش، فحمل أبا قيس عليه، وخلّى عنه فطار به، وخرج من مسكنه، ولزمه القرد فجعل يزيد يصيح به (2):
[الطويل]
تمسك أبا قيس بفضل عنانها ... فليس عليها إن هلكت ضمان
وقيل ليزيد: ما الجود؟ قال: إعطاء المال من لا تعرف فإنه لا يصير إليه حتى يتخطّى من تعرف.
وخطب بدمشق فقال: أيها الناس سافروا بأبصاركم في كرّ الجديدين، ثم أرجعوها كليلة عن بلوغ الأمل. وإنّ الماضي عظة للباقي، ولا تجعلوا الغرور سبيل العجز عن الجد فتنقطع حجتكم في موقف الله سائلكم فيه، محاسبكم على ما أسلفتم. أيها الناس أمس شاهد فاحذروه، واليوم مؤدّب فاعرفوه، وغد رسول فأكرموه وكونوا على حذر من هجوم القدر فإن أعمالكم مطيات آجالكم والصراط ميدان يكثر فيه العشار، والسالم ناج، والعاثر في النار.
يروى: أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالدا فقال: يا أخي لقد هممت اليوم أن أفتك بالوليد بن عبد الملك فقال له خالد: بئس والله ما هممت به في ابن أمير المؤمنين، ووليّ عهد المسلمين! فقال: إنّ خيلي مرت به فتعبّث بها، وأصغرني فقال له خالد: أنا أكفيك.
__________
(1) ابن الكلبي: هو أبو المنذر هشام بن أبي النصر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو النسابة الكوفي، المعروف بابن الكلبي، المتوفّى سنة 204هـ، له العشرات من المصنّفات (انظر:
كشف الظنون 6/ 509508، وفيات الأعيان 2/ 195).
(2) يروى البيت بلفظ:
تمسّك أبا قيس على أرحبيّة ... فليس علينا إن هلكت ضمان
والبيت ليزيد بن مفرغ في المخصص 13/ 177، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في مروج الذهب 2/ 96.(3/22)
فدخل خالد على عبد الملك، والوليد عنده، فقال: يا أمير المؤمنين لوليد ابن أمير المؤمنين ووليّ عهد المسلمين مرّت به خيل ابن عمّه عبد الله بن يزيد، فتعبّث بها وأصغره. وعبد الملك مطرق، فرفع رأسه فقال: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهََا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً وَكَذََلِكَ يَفْعَلُونَ} [النّمل: الآية 34] فقال خالد:
{وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا فَفَسَقُوا فِيهََا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنََاهََا تَدْمِيراً} (16) [الإسراء: الآية 16]. فقال عبد الملك: أفي عبد الله تكلّمني؟ والله لقد دخل علي فما أقام لسانه لحنا. فقال خالد: أفعلى الوليد تعوّل؟ فقال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان فقال: وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالد. فقال له الوليد: اسكت، فو الله ما تعدّ في العير ولا في النّفير. فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه فقال: ويحك، فمن صاحب العير غيي، جدّي أبو سفيان صاحب العير، وجدّي عتبة بن ربيعة صاحب النّفير، ولكن لو قلت:
غنيمات، وحبيلات والطائف ورحم الله عثمان. قلنا: صدقت.
أما العير فهي عير قريش التي أقبل فيها أبو سفيان من الشام، فنهد (1) لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فات بها أبو سفيان وأما النفير فمن نفر من قريش لاستنقاذ العير، فكانت وقعة بدر، وصار ذلك مثلا حتى قيل في كلّ من لا يصلح لخير ولا شرّ. وقوله: غنيمات وحبيلات. يعني: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما أطرد الحكم بن أبي العاص لجأ إلى الطائف، فكان يرعى غنيمات له. ويأوي إلى حبيلة، وهي الكرمة. وقوله: رحم الله عثمان لأنه ردّه لمّا أفضى الأمر إليه.
ذكر أنّ الحجاج لما أكره عبد الله بن جعفر على أن يزوّجه ابنته استأجله في نقلها سنة ففكر عبد الله في الانفكاك منه فألقي في روعه خالد بن يزيد بن معاوية فكتب إليه يعلمه ذلك. وكان الحجاج تزوجها بإذن عبد الملك فورد على خالد كتابه ليلا فاستأذن من ساعته على عبد الملك فقيل: أفي هذا الوقت؟ فقال: إنه أمر لا يؤخّر، فأعلم عبد الملك بذلك. فأذن له.
فلما دخل إليه قال له عبد الملك: فيم السّرى (2) يا أبا هاشم؟ قال: أمر جليل، لم آمن أن أؤخّره فتحدث عليّ حادثة، فلا أكون قضيت حقّ بيعتك.
__________
(1) نهد: أي نهض وخفّ لها.
(2) السّرى: السير ليلا.(3/23)
قال: ما هو؟ قال: تعلم أنّه كان بين حيّين من العداوة والبغضاء، ما كان بين آل الزبير وبيننا؟ قال: لا. قال: فإن تزوجي إلى آل الزبير حلّل لهم ما كان في قلبي، فما أهل بيت أحبّ إليّ منهم. قال: إن ذلك ليكون؟ قال: فكيف أذنت للحجاج أن يتزوج من بني هاشم، وأنت تعلم ما يقولون ويقال فيهم، والحجاج من سلطانك بحيث علمت قال: فجزاه خيرا. وكتب إلى الحجاج يعزم عليه أن يطلّقها، فطلّقها، فغدا الناس يعزّونه عنها.
وكان فيمن أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، فأوقع الحجاج بخالد.
فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه. فقال له عمرو: لا تقل ذلك أيها الأمير فإن لخالد قديما سبق إليه، وحديثا لن يغلب عليه، فلو طلب الأمر لطلبه بجد وجدّ، ولكن علم علما فسلم العلم إلى أهله. فقال الحجاج يا آل أبي سفيان أنتم تحبّون أن تحلموا، ولا يكون الحلم إلا عن غضب فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل.
ثم قال الحجاج: والله لأتزوجنّ من هو أمسّ به رحما، ثم لا يمكنه فيه شيء فتزوج أم الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسيد.
تهدّد عبد الملك خالدا بالحرمان فقال خالد: أتهدّدني، ويد الله فوقك مانعة، وعطاء الله دونك مبذول؟.
قال رجل لخالد بن يزيد بن معاوية: ما أقرب شيء؟ قال: الأجل. قيل:
فما أبعد شيء؟ قال: الأمل. قيل: فما آنس شيء؟ قال: الصاحب المواتي.
قيل: فما أوحش شيء؟ قال: الميّت.
دخل عبد الملك بن مروان على يزيد بن معاوية. فقال: يا أمير المؤمنين إن لك أرضا بوادي القرى ليست لها غلّة، فإن رأيت أن تأمر لي بها. فقال له يزيد: إنا لا نخدع عن الصغير، ولا نبخل بالكبير، وهي لك.
فلما ولّى قال يزيد: إن أهل الكتب يدّعون أنّ هذا يرث ما نحن فيه، فإن كان كما قالوا فقد صانعناه، وإن لم يكن فقد وصلناه.
ولما ولّى يزيد مسلم بن زياد خراسان قال له: إن أباك كفى أخاك عظيما، وقد استكفيتك صغيرا، فلا تتكلنّ على عذر مني فإني قد اتّكلت
على كفاية منك، وإياك مني قبل أن أقول: إياي منك، فإنّ الظنّ إذا أخلف فيك أخلف منك. وأنت في أدنى حظّك فاطلب أقصاه. وقد أتعبك أبوك، فلا تريحنّ نفسك، وكن لنفسك تكن لك، واذكر في يومك أحاديث غدك.(3/24)
ولما ولّى يزيد مسلم بن زياد خراسان قال له: إن أباك كفى أخاك عظيما، وقد استكفيتك صغيرا، فلا تتكلنّ على عذر مني فإني قد اتّكلت
على كفاية منك، وإياك مني قبل أن أقول: إياي منك، فإنّ الظنّ إذا أخلف فيك أخلف منك. وأنت في أدنى حظّك فاطلب أقصاه. وقد أتعبك أبوك، فلا تريحنّ نفسك، وكن لنفسك تكن لك، واذكر في يومك أحاديث غدك.
وقال معاوية لعمرو بن العاص: إني لأحبّ أن تكون فيّ خمس خصال.
قال: وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: أحبّ ألّا يكون جهل أعظم من حلمي، ولا ذنب أكبر من عفوي، ولا عورة إلّا وأنا أسعها بستري، ولا فاقة إلا سددتها بجودي، ولا زمان أطول من أناتي، فتبسم عمرو. فقال معاوية: مم تبسمت؟
فإني أعلم أنك إن قلت خيرا أضمرت شرّا. قال: نعم، تمنيت صفة لا تكون إلا لله. قال معاوية: فاسترها علي.
كتب معاوية إلى مروان بن الحكم: والله لفلان أهون عليّ من ذرة (1) أو كلب من كلاب الحرّة، ثم قال للكاتب: امح الحرة، فإنه سجع، واكتب: من الكلاب.
قيل لخالد بن يزيد: أنّى أصبت هذا العلم؟ قال: وافقت الرجال على أهوائهم، ودخلت معهم في رأيهم، حتى بذلوا لي ما عندهم، وأفضوا إلي بذات أنفسهم.
بعث زياد إلى معاوية بهدايا مع عبيد الله أخي الأشتر النخعي، وفي الهدايا سفط فيه جوهر لم ير مثله، فقدم عبيد الله بالهدايا، ثم قال: يا أمير المؤمنين إن زيادا بعث معي بسفط ما أدري ما فيه، وأمرني أن أدفعه في خلاء. فقال:
أحضره، فلما فتحه قال: ما أظن رجلا آثر بهذا على نفسه إلا سيؤثره الله بالجنة ارجع به إليه، فإنّ من قبله من المسلمين أحقّ بهذا من معاوية.
ثم كتب إلى زياد: إنك رفعت إليّ راية الأشتر حين وضعها الله. بعثت مع أخيه بسفط يشهد به علي عند أهل العراق فاردده عليّ مع رجل لا يفقه عنّي، ولا أفقه عنه، فردّه إليه زياد مع غلام من غلمانه.
__________
(1) الذرة: واحدة الذر، وهي صغار النمل.(3/25)
قال معاوية ليزيد: إن كنت بعدي وكنه. فابدأ بالخير، فإنه يعفّي (1) على الشر، وما صنعت من شيء فاجعل بينك وبين الله سترا ترجوه له، وتأمله به.
وإيّاك والقتل فإن الله قاتل القاتلين.
وصف معاوية الوليد بن عتبة فقال: إنه لبعيد الغور، ساكن الفور، نبتة أصل لا يخلف، وسليل فحل لا يقرف (2).
ودخل خالد بن يزيد دار عبد الملك، وكان يسحب ثيابه فقام إليه عبد الرحمن بن الضحاك يتلقّاه معظّما له فقال له: بأبي أنت وأمي، لم تطعم الأرض فضول ثيابك؟ فقال: إني أكره أن أكون كما قال الشاعر (3): [الطويل]
قصير الثياب فاحش عند بيته ... وشرّ قريش في قريش مركّبا
وهذا البيت هجي به الضحاك. قال الجاحظ: لو لم يتكلف ما لا يعنيه لم يسمع هذا الجواب.
قال بعضهم: كنت عند معاوية إذ دخل عبد الملك، فتحدث ونهض، فقال معاوية: إنّ لهذا الغلام همة، وخليق أن تبلغ به همّته، وإنه مع ما ذكرت تارك لثلاث آخذ بثلاث تارك مساءة الجليس جدّا وهزلا تارك لما يعتذر منه، تارك لما لا يعنيه آخذ بأحسن الحديث إذا حدّث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأهون الأمرين عليه إذا خولف.
وقال معاوية لابنه يزيد: إذا وليت فابسط الخير، فإنه يعفّي على العيب، واتق الله يقك، وإيّاك والقتل فإنّ الله قتّال للقاتلين.
وقال لعبيد الله بن زياد: يا ابن أخي احفظ عني، لا يكوننّ في عسكرك أمير غيرك، ولا تقولنّ على منبر قولا يخالفه فعلك، ومهما غلبت فلا تغلبنّ على ميتة كريمة.
وقال معاوية: آفة المروءة الكبر وإخوان السوء، وآفة العلم النّسيان، وآفة الحلم الذل، وآفة الجود السرف، وآفة القصد البخل، وآفة المنطق الفحش،
__________
(1) يعفّي على الشر: أي يزيله ويفنيه.
(2) أقرف الفرس: صار هجينا، وأقرف الرجل: إذا كان أحد أبويه غير عربي.
(3) البيت لعلي بن عبد العزيز في محاضرات الأدباء 1/ 128.(3/26)
وآفة الجلد الكسل، وآفة الرزانة الكبر، وآفة الصمت العيّ، وآفة اللبّ العجب، وآفة الظّرف الصلف، وآفة الحياء الضّعف.
وقال: لا جدّ إلا ما أقعص عنك ما تكره.
وقال: لا تعدنّ شيئا، وحسبك جودا أن تعطي إذا سئلت.
وقال لابنه يزيد: ما المروءة؟ فقال: إذا ابتليت صبرت، وإذا أعطيت شكرت، وإذا وعدت أنجزت.
قال: أنت مني، وأنا منك يا يزيد.
وقال معاوية: المروءة مؤاخاة الأكفاء، ومداجاة الأعداء.
وقال: ما وجدت لذة شيء ألذّ عندي غبّا من غيظ أتجرّعه، ومن سفه بالحلم أقمعه.
وقال له رجل: ما أشبه استك باست أمّك! فقال: ذاك الذي كان يعجب أبا سفيان منها.
وأغلظ له رجل فاحتمله، وأفرط عليه فحلم عنه فقيل له في ذلك.
فقال: لا نحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا.
وقال لابنه: يا بني، اتّخذ المعروف عند ذوي الأحساب تستمل به قلوبهم، وتعظم به في أعينهم، وتكفّ به عنك عاديتهم.
وقال: عليك بصديقك الأول، فإنك تلقاه على عهد واحد تقدّم العهد أو شطّت الدار. وإيّاك وكلّ مستحدث، فإنه يستأكل كلّ قوم، ويسعى مع كل ريح.
ودعا يوما بصبي له، فقبّله، وضمّه إليه، وقال: من سرّه الدهر أن يرى كبده تمشي على وجه الأرض فلير ولده.
روي: أنه فلّت سريّة لمعاوية، وكاد ينالها الاصطلام فوجم واغتمّ غمّا شديدا. فقيل له في ذلك. فقال: ما اغتمامي للسريّة فقط، ولكن اغتمامي أن يكون حدث بالحرمين حدث، فكان هذا لذاك فكتب، ونظر، فإذا مولى لخالد بن أسيد قد عدا بسيف في الحرم مشهور، فكتب، فقطعت يده.
كان عمر رضي الله عنه فرض للمهاجرين في خمسة آلاف، وفرض للناس بعدهم على أقدارهم عنده. ففرض لأبي سفيان وضربائه في ألفين فلما صار الأمر إلى معاوية حطّ العطاء إلى عطاء أبيه، فصار شرف العطاء في ألفين.(3/27)
روي: أنه فلّت سريّة لمعاوية، وكاد ينالها الاصطلام فوجم واغتمّ غمّا شديدا. فقيل له في ذلك. فقال: ما اغتمامي للسريّة فقط، ولكن اغتمامي أن يكون حدث بالحرمين حدث، فكان هذا لذاك فكتب، ونظر، فإذا مولى لخالد بن أسيد قد عدا بسيف في الحرم مشهور، فكتب، فقطعت يده.
كان عمر رضي الله عنه فرض للمهاجرين في خمسة آلاف، وفرض للناس بعدهم على أقدارهم عنده. ففرض لأبي سفيان وضربائه في ألفين فلما صار الأمر إلى معاوية حطّ العطاء إلى عطاء أبيه، فصار شرف العطاء في ألفين.
قال معاوية يوما: ما ولدت قرشية خيرا لقريش منّي فقال ابن زرارة: بل ما ولدت شرّا لهم منك! فقال: كيف؟ قال: لأنك عوّدتهم عادة يطلبونها من بعدك، فلا يجيبونهم إليها، فيحملون عليهم كحملهم عليك. فلا يحتملون وكأني بهم كالزّقاق (1) المنفوخة على طرقات المدينة.
__________
(1) الزقاق: جمع زق، وهو السقاء.(3/28)
الباب الثاني كلام مروان بن الحكم (1) وولده في الخلفاء
كتب مروان إلى النعمان بن بشير (2) يخطب إليه ابنته أمّ أبان لابنه عبد الملك:
بسم الله الرّحمن الرّحيم من مروان بن الحكم إلى النعمان بن بشير. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن الله ذا المنّ والبرهان، والعظمة والسلطان، قد خصّكم معاشر الأنصار بنصرة دينه، وإعزاز نبيّه محمد صلى الله عليه وسلّم وقد جعلك منهم في البيت العميم، والفرع القديم. وقد دعاني إلى إحباب مصاهرتك والإيثار لك على الأكفاء من ولد أبي. وقد أحببت أن تزوّج ابني عبد الملك بن مروان ابنتك أمّ أبان بنت النعمان، وقد جعلت صداقها ما نطق به لسانك وترنّمت به شفتاك، وبلغه مناك. وحكمت به في بيت المال قبلك.
فكتب إليه النعمان: من النعمان بن بشير إلى مروان بن الحكم.
بدأت باسمي سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم وذلك أني سمعت خليلي صلى الله عليه وسلّم يقول: «إذا كتب أحدكم إلى أحد فليبدأ بنفسه».
__________
(1) هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أول من ملك من بني الحكم بن أبي العاص، وإليه ينسب بنو مروان دولتهم المروانية، توفي سنة 65هـ (الأعلام 7/ 207، الاستيعاب ترجمة رقم 2370).
(2) هو النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري، ولد قبل وفاة رسول الله بثمان سنين، ولّاه معاوية الكوفة، وقتل في مرج راهط سنة 65 (الاستيعاب ترجمة رقم 2614).(3/29)
أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر من مودّتك ما أراك صادقا، فغنما أصبت، وبحظّك أخذت، ونفسك زكّيت لأنّا ناس قد جعل الله حميدا حبنا إيمانا، وبغضنا نفاقا. وأما ما أطنبت فيه من ذكر شرفنا، وقديم سلفنا، ففي مدح الله لنا وذكره إيانا في كتابه المنزّل، وقرآنه المفصّل على نبيه صلى الله عليه وسلّم ما أغنى به عن مدح غيره من المخلوقين فأما ما ذكرت من إيثارك إياي بابنك عبد الملك على الأكفاء من ولد أبيك، فحظّي منك مردود عليهم، موفّر لهم غير مشاحّ فيه، ولا منافس عليه، وأما ما ذكرت من بذلك لي من بيت المال قبلي، بما نطق به لساني، وترنّمت به شفتاي، وبلغه مناي فلعمري لقد أصبح حظّي فيه والحمد لله أوفر من حظّك، وسهمي فيه أجزل من سهمك، وأمري فيه أجوز من أمرك وبعد (1): [الطويل]
فلو أنّ نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حفد مما يعدّ كثير
ولكنها نفس عليّ كريمة ... عيوف لأصهار اللئام قذور
في أبيات أخر قال معاوية لمروان: من ترى لأهل العراق؟ قال: من لا يفحج الحلوب (2) حتى تدنو الدّرّة (3)، ولا يدنى العلبة حتى تمسح الضرّة.
وقال مروان لابنه: آثر الحق، وحصّن مملكتك بالعدل، فإنّه سورها المنيع الذي لا يغرقه ماء، ولا تحرقه نار، ولا يهدمه منجنيق.
وذكر أبو هريرة معاوية في مجلس فيه مروان فاغتابه، ثم خاف أن يبلغ معاوية ذلك فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «المجالس بالأمانة»، وسأل مروان أن يكتم عليه.
فقال مروان: والله. لما ركبت مني في ظنّك بي أني أنقل حديثك أعظم ممّا ركبت من معاوية.
__________
(1) البيت الأول بلا نسبة في لسان العرب (حفد)، والبيت الثاني بلا نسبة في لسان العرب (قذر)، وتاج العروس (قذر).
(2) الحلوب: الناقة، وفحج الحلوب: فرج بين رجليها ليحلبها.
(3) الدرّة: اللبن.(3/30)
عبد الملك بن مروان (1)
خطب فقال: أيّها الناس، اعملوا لله رغبة أو رهبة، فإنكم بنات نعمته، وحصيد نقمته، ولا تغرس لكم الآمال إلا ما تجتنيه الآجال. وأقلّوا الرغبة فيما يورث العطب، فكل ما تزرعه العاجلة تقلعه الآجلة.
واحذروا الجديدين فهما يكرّان عليكم باقتسام النفوس، وهدم، المأسوس. كفانا الله وإياكم سطوة القدر، وأعاننا بطاعته عن الحذر من شرّ الزّمن، ومعضلات الفتن.
بصق عبد الملك، فقصر فوقع بصاقه على البساط فقام رجل فمسحه بثوبه فقال عبد الملك: أربعة لا يستحيى من خدمتهم: السلطان والولد، والضّيف، والدابة وأمر للرّجل بصلة.
استأذن رجل عليه، فأذن له، فوقف بين يديه ووعظه فقال عبد الملك لرجل: قل للحاجب، إذا جاء هذا فلا تمنعه، وإنما أراد أن يعرفه الحاجب فلا يأذن له.
وقال: إني لأعرف عزّة الرجل من ذلته بجلسته.
وقال له ابنه الوليد: ما السياسة؟ قال: هيبة الخاصة مع صدق مودّتها، واقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها، واحتمال هفوات الصنائع.
ودخل الشّعبي عليه، فخطّأه في مجلس واحد في ثلاث، سمع الشعبي منه حديثا فقال: أكتبنيه. فقال: نحن معاشر الخلفاء لا نكتب أحدا شيئا.
وذكر رجلا فكنّاه فقال: نحن معاشر الخلفاء لا يكنى الرجال في مجالسنا، ودخل إليه الأخطل، فدعا له بكرسي. فقال: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال:
الخلفاء لا تسأل فأخجله في أول مقام.
وقال لأخيه عبد العزيز حين وجّهه إلى مصر: تفقّد كاتبك وحاجبك وجليسك فإنّ الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسّم يعرفك بحاجبك والخارج من عندك يعرفك بجليسك.
__________
(1) هو عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أبو الوليد، من أعظم الخلفاء المروانيين ودهاتهم، توفي سنة 86هـ (الأعلام 4/ 165).(3/31)
وقال: أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة.
وخاض جلساؤه يوما في مقتل عثمان فقال رجل: يا أمير المؤمنين، في أي سنك كنت يومئذ؟ قال: كنت دون المحتلم. قال: فما بلغ من حزنك عليه؟ قال: شغلني الغضب له عن الحزن عليه.
وقال: الهدية السحر الظاهر.
وقال لمعلم ولده: روّ بيّ الشعر يعرفوا به مكارم الأخلاق، ولا تروّهم شعر هذيل فتزيّن لهم الفرار، ولا شعر أححية بن الجلاح فتحسّن لهم البخل، وأطعمهم اللحم تشتد قلوبهم، وجزّ أشعارهم تغلظ رقابهم.
وقال: الفرق بين عمر وعثمان أنّ عمر ساء ظنّه فأحكم أمره، وعثمان حسن ظنّه فأهمل أمره.
ودخل عبد الملك على معاوية ومعه بنوه، فلما جلسوا على الكراسيّ، وأخذوا مجالسهم اغتاظ معاوية، ثم قال: كأنّك أردت مكاثرتي ببنيك يا ابن مروان. وما مثلي ومثلك إلا كما قال الشاعر (1): [الوافر]
يفاخرني بكثرتها قريظ ... وقبلي والد الحجل الصقور
الأبيات.
فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين إنما هؤلاء ولدك ويدك وعضدك، وقد علمت أنّما خفت عليهم العين، وليسوا عائدين.
كتب عبد الملك إلى الحجاج: إنك قدح ابن مقبل، يريد قوله (2):
[الطويل]
خروج من الغمّى، إذا صكّ صكّة ... بدا والعيون المستكفّة تلمح
__________
(1) البيت للعباس بن مرداس في ديوان الحماسة 2/ 16، وبلا نسبة في العقد الفريد 1/ 324.
(2) البيت لابن مقبل في ديوانه ص 29، ولسان العرب (كفف)، (غمم)، ومقاييس اللغة 5/ 130، ومجمل اللغة 4/ 195، وتهذيب اللغة 9/ 456، وتاج العروس (كفف)، (غمم)، وبلا نسبة في المخصص 3/ 146، وكتاب الجيم 1/ 104.(3/32)
وكتب إليه مرة: أما بعد فإنك سالم والسّلام. يريد قوله (1): [الطويل]
يديرونني عن سالم وأديرهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم
وقال عبد الملك لعبد الله بن مسعدة الفراري: أتدري أي النساء أفضل؟
قال: اللّواتي يقول أهل الرجل قد سحرته.
وقيل له: عجل عليك الشّيب يا أمير المؤمنين. قال: وكيف لا يعجل عليّ، وأنا أعرض عقلي على الناس كل جمعة مرة أو مرتين. يعني: خطبة الجمعة وبعض ما يعرض من الأمور.
وخطب مرة فقال: إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف يعني: عثمان ولا أنا بالخليفة المداهن يعني: معاوية ولا أنا بالخليفة المأبون. يعني يزيد.
وقال: لو ألقيت الخيزرانة من يدي لذهب شطر كلامي.
وقال لمعلّم ولده: علّمهم العوم، وخذهم بقلّة النّوم وقال عبد الملك:
لقد كنت أمشي في الزرع فأتقي الجندب أن أقتله وإنّ الحجاج ليكتب إليّ في قتل فئام من الناس فما أحفل بذلك.
ومن كلامه: لا تلحفوا إذا سألتم، ولا تبخلوا إذا سئلتم.
ونظر إلى عمر بن عبد العزيز وهو غلام فقال: إني لأرى غلاما أوشكت همّته أن ترفعه عن الدنيا.
وكان عبد الملك بخيلا، فقال يوما لكثيّر: أيّ الشعر أفضل؟ فقال كثير يعرّض ببخله: أفضله قول المقنّع الكندي: [البسيط]
إني أحرّض أهل البخل كلّهم ... لو كان ينفع أهل البخل تحريضي
وهي أبيات فقال عبد الملك وعرف ما أراد الله أصدق من المقنّع إذ يقول: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} (67) [الفرقان: الآية 67].
__________
(1) البيت لعبد الله بن عمر في لسان العرب (حوز)، (سلم)، وتاج العروس (دور)، (حذر)، (سلم)، وأساس البلاغة (دور)، وبلا نسبة في لسان العرب (دور)، (روغ)، ومقاييس اللغة 2/ 460، وتاج العروس (روغ)، (سلم)، ومجمل اللغة 2/ 437.(3/33)
ولما سقطت ثنايا عبد الملك في الطست قال: والله لولا الخطبة، والنساء ما حفلت بها.
وذكر عنده عمر فقال: قلّلوا من ذكره، فإنه طعن على الأئمة، حسرة على الأمة.
وقال: اطلبوا معيشة لا يقدر سلطان جائر على غصبها. فقيل: وما هو؟
قال: الأدب.
وكتب إلى الحجاج: جنّبني دماء آل أبي طالب، فإني رأيت بني حرب لما قتلوا حسينا نزع الله الملك منهم.
دخل إليه أعرابي فبرك بين يديه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إن الناقة إذا منعت الحلب قوّمتها العصا فقال عبد الملك: إذا تكفي الإناء، وتكسر أنف الحالب.
وقال لزفر بن الحارث: ما ظنّك بي؟ قال: ظني بك أنك تقتلني فقال:
قد أكذب الله ظنّك، وقد عفوت عنك.
ونازعه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأربى عليه فقيل له: لو شكوته إلى عمّه لانتقم لك منه فقال: مثلي لا يشكو، ولا أعدّ أنا انتقام غيري لي انتقاما فلما استخلف قيل له في ذلك فقال: حقد السّلطان عجز.
وقالت له حبّى المدينية: أقتلت عمرا؟ فقال: قتلته وهو أعزّ عليّ من دم ناظري. ولكن لا يجتمع فحلان في شول (1).
وكتب إلى الحجاج:
ولا تولينّ الأحكام بين الناس جاهلا بالأحكام، ولا حديدا طائشا عند الخصام، ولا طمعا هلعا يقرّب أهل الغنى ويبشّ بأهل السّعة فيكسر بذلك أفئدة ذوي الحاجة، ويقطع ألسنتهم عن الإدلاء بالحجة، والإبلاغ في الصفة.
__________
(1) لا يجتمع فحلان في شول: الشول: بقية اللبن في الضرع، والمعنى: لا يجتمع فحلان في رضاعته.(3/34)
واعلم أنّ الجاهل لا يعلم، والحديد لا يفهم، والطائش القلق لا يعقل، والطّمع الشّره لا ينفع عند الحجة، ولا تغني قبله البيّنة. والسلام.
قالوا: أشرف يوما على أصحابه، وهم يذكرون سيرة عمر رضي الله عنه فغاظه ذلك فقال: إيها عن ذكر عمر، فإنه إزراء بالولاة مفسدة للرعية.
وكان إذا أراد أن يولي رجلا عمل البريد سأل عن صدقه ونزاهته وأناته ويقول: كذبه يشكّك في صدقه، وشرهه يدعوه في الحق إلى كتمانه وعجلته تهجم بمن فوقه على ما يؤثمه ويندمه.
وقيل له: ما المروءة؟ قال: موالاة الأكفاء، ومداجاة الأعداء.
قال له رجل: إني أريد أن أسرّ إليك شيئا، فقال عبد الملك لأصحابه:
إذا شئتم فنهضوا، فأراد الرجل الكلام، فقال له عبد الملك: قف، لا تمدحني، فإني أعلم بنفسي منك، ولا تكذبني فإنه لا رأي للكذوب ولا تغتب عندي أحدا. فقال: أفتأذن يا أمير المؤمنين في الانصراف؟ قال: إذا شئت.
وقال له رجل من أهل الكتابة كان موصوفا بقراءة الكتب وهو بالمدينة:
إن بشّرتك بشارة تسرّك ما تجعل لي؟ قال: وما مقدارها في السرور حتى نعلم مقدارها من الجعل؟ قال: إن تملك الأرض. قال: ما لي من مال، ولكن أرأيت إن تكلفت لك جعلا أتأتيني بذلك قبل وقته؟ قال: لا، قال: فإن حرمتك أتؤخّره عن وقته؟ قال: لا. قال: حسبك ما سمعت.
وكتب إلى الحجاج: إنّي قد استعملتك على العراقين (1) صدمة (2)، فاخرج إليهما كميش الإزار شديد العذار منطوي الخصيلة قليل الثّميلة، غرار النوم، طويل اليوم. فاضغط الكوفة ضغطة تحبق منها البصرة، وارم بنفسك الغرض الأقصى، فإنّي قد رميته بك، وأرد ما أردته منك. والسلام.
ولما ولي عبد الملك صعد المنبر، فقال بعد الحمد لله والثناء عليه والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلّم: إن الله اختصّنا بالكرامة، وانتجبنا للولاية وآثرنا
__________
(1) العراقان: هما البصرة والكوفة.
(2) صدمة: أي دفعة واحدة.(3/35)
بالخلافة، وأنا عبد من عبيد الله، وخازن من خزّان الله على مقاليد الأرض فإذا شاء لعبد برزق أمرني فأعطيته، وإذا حرم عبدا أجرى ذلك على يدي، فسلوا الله قضاء حوائجكم، ونجاح طلباتكم، وإليه يكون معادكم، ولا يمنعنّ رجلا سألني اليوم فحرمته أن يسألني غدا، فإنّما الأمور إلى الله عزّ وجلّ وبيده.
ولما أتاه خلع ابن الأشعث صعد المنبر فقال (1): [المتقارب]
فيوم علينا، ويوم لنا ... ويوم نساء، ويوم نسر
إن أهل العراق استعجلوا قدري قبل انقضاء أجلي، اللهم لا تسلّط علينا من هو شرّ منا، ولا تسلّطنا على من هو خير منا، اللهم صبّ سيف أهل الشام على أهل العراق حتى يبلغوا رضاك، فلا تجاوزه إلى سخطك.
فقام عدي بن أرطاة من ناحية المسجد فقال: إنّا والله لا نقول كما قال قوم موسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقََاتِلََا إِنََّا هََاهُنََا قََاعِدُونَ} [المائدة: الآية 24] ولكن نقاتل معك، ونجاهد المنافقين، فكان أوّل يوم عرف فيه عديّ.
وكان عبد الملك يقول: اللحن هجنة على الشريف، والعجب آفة الرأي.
وقال: اللحن في المنطق أقبح من آثار الجدريّ في الوجه.
وقال على المنبر: لم تنصفونا يا معشر الرعيّة. تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر، ولم تسيروا في أنفسكم ولا فينا بسيرة أصحاب أبي بكر وعمر نسأل الله أن يعين كلّا على كلّ.
قال عمرو بن عبيد (2): كتب عبد الملك وصية بيده، وأمر الناس بتدبّر ما فيها وهي:
__________
(1) البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص 347، وتخليص الشواهد ص 193، وحماسة البحتري ص 123، والدرر 2/ 22، 4/ 153، والكتاب 1/ 86، والمقاصد النحوية 1/ 565، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 749، وهمع الهوامع 1/ 101، 2/ 28.
(2) عمرو بو عبيد: هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي، أبو عثمان البصري، شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها وأحد الزهاد المشهورين، كان جده من سبي فارس، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة، واشتهر بعلمه وزهده وأخباره مع المنصور العباسي وغيره، وفيه قال المنصور: كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد، توفي بمران قرب مكة سنة 144هـ، له(3/36)
إن الله جعل لعباده عقولا عاقبهم بها على معصيته، وأثابهم على طاعته فالناس بين محسن بنعمة الله عليه، ومسيء بخذلان الله إياه، ولله النعمة على المحسن والحجة على المسيء، فما أولى بمن تمّت عليه النعمة في نفسه، ورأى العبرة في غيره، بأن يضع الدنيا حيث وضعها الله، فيعطي ما عليه منها ولا يكترث بما ليس له فيها، فإنّ الدنيا دار فناء ولا سبيل إلى بقائها. ولا بد من لقاء الله، فأحذّركم الله الذي حذّركم نفسه، وأوصيكم بتعجيل ما أخّرته العجزة قبل أن تصيروا إلى الدار التي صاروا إليها، فلا تقدرون فيها على توبة.
وليست لكم منها أوبة، وأنا أستخلف الله عليكم، وأستخلفه منكم.
وأذن يوما لخاصّته، فأخذوا مجالسهم، وأقبل رجل منهم على عيب مصعب بعد قتله فنظر إليه عبد الملك نظر كراهية، لما قال، ثم قال: أمسك.
أما علمت أنّ من صغر مقتولا فقد أزرى بقاتله.
ولما قتل عمرو بن سعيد أذن للناس إذنا عاما فدخلوا عليه وجثّة عمرو في ناحية البيت فلما أخذوا مجالسهم تكلم عبد الملك فقال: ارموا بأبصاركم نحو مصارع أهل المعصية. واجعلوا سلفهم لمن غبر منكم عظة، ولا تكونوا أغفالا من حسن الاعتبار، فتنزل بكم جائحة السطوة، وتجوس خلالكم بوادر النقمة، وتطأ رقابكم بثقلها المعصية، فتجعلكم همدا رفاتا، وتشتمل عليكم بطون الأرض أمواتا.
وإياي من قول قائل، وسفه جاهل، فإنما بيني وبينكم أن أسمع النّعرة، فأصمّم تصميم الحسام المطرور، وأصول صيال الحنق الموتور، إنما هي المصافحة والمكافحة بظبات السيوف، وأسنّة الرماح، فتاب تائب، أو هلك خائب، والتوب مقبول، والإحسان مبذول لمن أبصر حظّه، وعرف رشده.
فانظروا لأنفسكم، وأقبلوا على حظوظكم، وليكن أهل الطاعة منكم يدا على ذوي الجهل من سفهائكم، واستديموا النعمة التي ابتدأتكم برغد عيشها،
__________
رسائل وخطب كثيرة ومصنّفات، منها: «تفسير القرآن عن حسن البصري»، «خطب ورسائل»، «ديوان شعره» (انظر: كشف الظنون 5/ 802، الأعلام 5/ 81، وفيات الأعيان 1/ 384، البداية والنهاية 10/ 78، ميزان الاعتدال 2/ 294، طبقات المعتزلة ص 35، مفتاح السعادة 2/ 35).(3/37)
ونفيس زينتها، فإنكم من ذاك بين قضيّتين: عاجل الخفض والدّعة، وآجل الجزاء والمثوبة.
عصمكم الله من الشيطان، وفتنته ونزغه، وأيدكم بحسن، معونته وحفظه.
انهضوا رحمكم الله لقبض أعطياتكم غير مقطوعة عنكم، ولا ممنوعة منكم، ولا مكدّرة عليكم إن شاء الله.
قال: فخرج القوم بدارا كلّهم يخاف أن تكون السطوة به.
سمع عبد الملك شعر عمر بن أبي ربيعة فقال: بئس جار الغيور أنت!.
وكان يقول: حقد السلطان عجز، والأخذ بالقدرة لؤم، والعفو أقرب للتّقوى، وأتمّ للنّعمة.
الوليد بن عبد الملك (1)
جاء إليه رجل فقال: إنّ فلانا نال منك. قال: أتريد أن تقتصّ أوتارك من الناس بي؟.
وهرب من الطاعون، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول: {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لََا تُمَتَّعُونَ إِلََّا قَلِيلًا} [الأحزاب: الآية 16] فقال الوليد: إنما نريد ذلك القليل.
وقال له رجل: إن فلانا شتمك، فأكبّ، ثم قال: أراه شتمك.
وكان الوليد لحّانا، فدخل عليه يوما رجل من العرب فقال له الوليد: ما شانك؟ قال: أود في أنفي واعوجاج. فقال له رجل من أصحابه: إنّ أمير المؤمنين يقول لك: ما شأنك؟ فقال: كذا وكذا.
ودخل إليه آخر فتظلم من ختن له. فقال الوليد: من ختنك؟ فقال: معذر في الحيّ يا أمير المؤمنين.
__________
(1) هو الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي القرشي، ولد سنة 48هـ، وتولى الخلافة بعد وفاة أبيه، وافتتح في عهده الهند والترك والأندلس، وهو باني الجامع الأموي بدمشق، توفي سنة 96هـ (البداية والنهاية 9/ 178173).(3/38)
قال عطاء: قلت للوليد: قال عمر بن الخطاب: وددت أنّي سلمت من الخلافة كفافا لا عليّ ولا لي. قال: كذبت، الخليفة يقول هذا؟ قلت: أو كذبت؟ قال: فأفلتّ منه بجريعة الذّقن (1).
وقال يوما: والله لأشفعنّ للحجاج بن يوسف.
وذكر يوما عليّا رضي الله عنه على المنبر فقال: لصّ ابن لصّ.
قال: بعضهم: ما أدري أي أمريه أعجب؟ لحنه فيما لا يلحن فيه، أو نسبته عليّا رضي الله عنه إلى اللصوصية.
ومرّ الوليد بمعلّم صبيان، فرأى جارية فقال: ويلك! ما هذه الجارية؟
قال: أعلّمها القرآن. قال: فليكن الذي يعلمها أصغر منها.
ولما استعمل يزيد بن أبي مسلم بعد الحجاج قال: أنا كمن سقط منه درهم فأصاب دينارا. وسمع يقول على المنبر: إن حدثتكم وكذبتكم فلا طاعة لي عليكم، وإن وعدتكم فأخلفتكم فلا طاعة لي عليكم. قال الجاحظ: فيقول مثل هذا الكلام ثم يقول لأبيه: يا أمير المؤمنين قتل أبي فديك.
وقال مرة: يا غلام ردّ الفرسان الصّادّان عن الميدان.
وكان عبد الملك يقول: أضر بالوليد حبّنا له، ولم نوجهه إلى البادية.
وصلّى يوما فقرأ: {يََا لَيْتَهََا كََانَتِ الْقََاضِيَةَ} (27) [الحاقّة: الآية 27]، فقال عمر بن عبد العزيز: عليك.
وروي عن إسحق بن قبيصة قال: كانت كتب الوليد تأتينا ملحونة وكذلك كتب محمد أخيه. قال: فقلت لمولى لهم: ما بال كتبكم تأتينا ملحونة، وأنتم أهل الخلافة؟ فأخبره بقولي، فإذا كتاب منه، قد ورد عليّ: أما بعد فقد أخبرني فلان بالذي قلت، وما أحسبك تشكّ أن قريشا أفصح من الأشعريّين.
والسلام.
__________
(1) أفلت منه بجريعة الذقن: مثل يقال لمن أشفي على الهلاك ثم نجا، أي كان قريبا منه قرب الجرعة من الذقن، والجرعة آخر ما يخرج من النفس عند الموت.(3/39)
ودخل على الوليد شيخان فقال أحدهما: نجدك تملك عشرين سنة فقال الآخر: كذبت، بل نجده يملك ستين سنة. قال فقال الوليد: ما الذي قال هذا لاث بصغري ولا الذي قال هذا يغرّ مثلي والله لأجمعنّ المال جمع من يعيش أبدا، ولأفرقنّه تفريق من يموت غدا.
وخطب فقال: إن أمير المؤمنين عبد الملك كان يقول: الحجاج جلدة ما بين عينيّ، ألا وإنه جلدة وجهي كلّه.
ولما مات عبد الملك صعد الوليد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لم أر مثلها مصيبة ولم أر مثله ثوابا: موت أمير المؤمنين، والخلافة فإنا لله وإنا إليه راجعون على المصيبة، والحمد لله رب العالمين على النعمة انهضوا فبايعوا على بركة الله.
مات لعبد الملك ابن، فجاء الوليد فعزّاه فقال: يا بني مصيبتي فيك أعظم من مصيبتي بأخيك، متى رأيت ابنا عزّي أباه؟ قال: يا أمير المؤمنين أمي أمرتني بذلك. قال: هو من مشورة النساء.
وروي: أن الوليد قام على المنبر بعد موت عبد الملك فقال:
يا لها مصيبة ما أفجعها وأعظمها، وأشدها وأوجعها وأغمها موت أمير المؤمنين! ويا لها نعمة ما أعظم المنّة من الله تعالى عليّ فيها، وأوجب للشكر له بها، خلافته التي سربلتها.
فكان أول من عزّى نفسه وهنأها بالخلافة.
فأقبل غيلان بن مسلمة الثقفي فسلم عليه بالخلافة، ثم قال: أصبحت يا أمير المؤمنين ورثت خير الآباء، وسمّيت خير الأسماء، وأعطيت أفضل الأشياء، فعزم الله لك على الرّزيّة بالصبر، وأعطاك في ذلك نوافل الأجر، وأعانك في حسن ثوابه على الشكر، ثم قضى لعبد الملك بخير القضية، وأنزله المنازل الرضيّة.
فأعجبه كلامه وقال: أثقفي أنت؟ قال: نعم وأحد بني معتب. فسأله: كم هو من العطاء؟ فقال: في مائة دينار. فألحقه بشرف العطاء، فكان أول من ألحق بشرف العطاء.
قال الوليد: لا تذكروا عمر بن الخطاب على أبوابنا ولا عندنا فإن ذكره طعن علينا.(3/40)
فأعجبه كلامه وقال: أثقفي أنت؟ قال: نعم وأحد بني معتب. فسأله: كم هو من العطاء؟ فقال: في مائة دينار. فألحقه بشرف العطاء، فكان أول من ألحق بشرف العطاء.
قال الوليد: لا تذكروا عمر بن الخطاب على أبوابنا ولا عندنا فإن ذكره طعن علينا.
سليمان بن عبد الملك (1)
تكلّم وفد بين يدي سليمان فأخطؤوا، وتكلّم بعدهم رجل فأبلغ، فقال سليمان: كأن كلامه بعد كلامكم سحابة لبّدت عجاجه.
وقال: عجبت لهذه الأعاجم، ملكت طول الدهر، فلم تحتج إلى العرب، وملكت العرب فلم تستغن عنهم.
وتغدّى سليمان بن عبد الملك عند يزيد بن المهلّب، فقيل له: صف لنا أحسن ما كان في منزله. قال: رأيت غلمانه يخدمونه بالإشارة دون القول.
وقال: قد أكلنا الطيّب، ولبسنا اللّيّن، وركبنا وامتطينا الفاره العذراء، فلم يبق من لذّتي إلا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التّحفّظ. سمع سليمان رجلا من الأعراب في سنة جدبة يقول (2): [الرجز]
ربّ العباد ما لنا وما لكا؟ ... قد كنت تسقينا فما بدا لكا
أنزل علينا الغيث، لا أبا لكا
فقال سليمان: أشهد أن لا أبا له، ولا ولد له ولا صاحب. قال المبرّد (3): فأخرجه أحسن مخرج.
__________
(1) هو سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أخو الوليد بن عبد الملك، ولد بدمشق سنة 54هـ، وولي الخلافة بعد موت أخيه الوليد سنة 96هـ، فتح في عهده جرجان وطبرستان، وتوفي سنة 99هـ (انظر) الأعلام 3/ 192، الكامل في التاريخ 4/ 14، البداية والنهاية 9/ 189).
(2) الرجز بلا نسبة في رصف المباني ص 245.
(3) أبو العباس المبرد: هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن ثمالة الأزدي البصري، أبو العباس المعروف بالمبرد الأديب النحوي اللغوي الفقيه، ولد سنة 120هـ، وتوفي سنة 285هـ، له من التصانيف: «احتجاج القراء»، «أدب الجليس»، «أسماء الدواهي عند العرب»، «إعراب القرآن»، «الحث على الأدب والصدق»، «الرد على سيبويه»، «الرسالة الكاملة»، «شرح شواهد سيبويه»، «شرح الفصيح في اللغة»، «شرح المقدمة له»، «صفات الله جلّ وعلا»، «ضرورة الشعر»، «طبقات النحاة البصريين»، «قواعد الشعر»، «الكامل في اللغة»، «كتاب الاشتقاق»، «كتاب الأنوار والأزمنة»، «كتاب البلاغة»، «كتاب التصريف»، «كتاب التعازي»، «كتاب الحروف» في معاني القرآن، «كتاب الخط والهجاء»، «كتاب الروضة»، «كتاب الرياض»،(3/41)
قال سليمان ليزيد بن المهلّب: ثلاث أنكرهنّ منك خفّك أبيض مثل ثوبك، ولا يكون خفّ الرجل مثل ثوبه وطيبك ظاهر، وطيب الرجل يشمّ، ولا يرى أثره وتكثر من مسّ لحيتك. قال: فغيّر خفّه وطيبه. وقال: ما رأيت عاقلا يهمّ بأمر إلّا كان معوّله على لحيته.
وخطب فقال: الحمد لله الذي ما شاء صنع، ومن شاء رفع، ومن شاء وضع، ومن شاء أعطى، ومن شاء منع. إن الدنيا دار غرور، ومنزل باطل وزينة، تقلّب بأهلها، تضحك باكيا، وتبكي ضاحكا، وتخيف آمنا، وتؤمّن خائفا، تفقر مثريها، وتقرّب مقصيها، ميّالة لاعبة بأهلها. عباد الله اتخذوا كتاب الله إماما، وارضوا به حكما، واجعلوه لكم قائدا فإنه ناسخ لما كان قبله، ولن ينسخه كتاب بعده. اعلموا عباد الله: أنّ هذا القرآن يجلو كيد الشيطان وضغائنه، كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفّس أدبار الليل إذا عسعس.
وكان سليمان يقول: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث يفخّم اللحن كما يفخم نافع بن جبير الإعراب.
وجمع بين الزّهريّ وقتادة (1) فغلب قتادة الزّهريّ، فقيل لسليمان في ذلك فقال: إنه فقيه مليح.
وقيل: كان أول كلام بارع سمع من سليمان قوله: الكلام فيما يعنيك خير من السكوت عمّا يضرّك، والسكوت عما لا يعنيك خير من الكلام عمّا يضرك.
__________
«كتاب الزيادة المنتزعة من سيبويه»، «كتاب العبارة»، «كتاب العروض»، «كتاب الفضل والمفضول»، «كتاب القوافي»، «كتاب المذكر والمؤنث»، «كتاب الناطق»، «كتاب الوشي»، «كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه»، «مدخل إلى سيبويه»، «مدخل إلى النحو»، «معاني القرآن»، «معنى كتاب الأوسط للأخفش»، «معنى كتاب سيبويه»، «المقتضب في الخطب»، «مقدمة في النحو»، «المقصور والممدود»، «نسب عدنان وقحطان». (كشف الظنون 6/ 20 21).
(1) قتادة: هو قتادة بن دعامة بن عرنين (بفتح العين وتشديد الراء) ابن عمرو بن ربيعة السدوسي، أبو الخطاب البصري التابعي، ولد سنة 60هـ، وتوفي سنة 117هـ، مفسّر حافظ، ضرير أكمه، قال الإمام أحمد بن حنبل: قتادة أحفظ أهل البصرة. صنّف تفسير القرآن (كشف الظنون 5/ 834، الأعلام 5/ 189).(3/42)
وقال: قد ركبنا الفاره، وتبطنّا الحسناء، ولبسنا اللّيّن، وأكلنا، الطيّب حتى أجمناه، وما أنا اليوم إلى شيء بأحوج منّي إلى جليس يضع عني مؤونة التحفّظ.
وروي عن قحذم قال: فعل سليمان في غداة ما لم يفعل عمر بن عبد العزيز أطلق ثمانين ألف أسير وكتب أن يبتّتوا أي: يزوّدوا والبتات:
الزاد.
يزيد بن عبد الملك (1)
كتب إليه عبد الرحمن بن الضحّاك بن قيس يستأذنه في غلام يهديه إليه فكتب إليه يزيد: إن كنت لا بد فاعلا فليكن جميلا ظريفا لبيبا أديبا كاتبا، فقيها حلوا، عاقلا أمينا سريّا، يقول فيحسن، ويحضر فيزين، ويغيب فيؤمن.
فكتب إليه: قد التمست صفة أمير المؤمنين، فلم أجدها إلّا في القاسم بن محمد، وقد أبى أهله بيعه.
هشام بن عبد الملك (2)
ذكر خالد بن صفوان خالد بن عبد الله القسري عند هشام فقال هشام:
إن خالدا أدلّ فأملّ، وأوجف فأعجف، ولم يترك لأوبة مرجعا، ولا للصلح موضعا، وإني لكما قال الشاعر (3): [الطويل]
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدّهر تقبل
نهض هشام عن مجلسه مرة فسقط رداؤه عن منكبه، فتناوله بعض جلسائه ليرده إلى موضعه، فجذبه هشام من يده، وقال: مهلا إنا لا نتخذ جلساءنا خولا.
__________
(1) هو يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، ولد سنة 71هـ، وتولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز سنة 104هـ، وتوفي سنة 105هـ (انظر البداية والنهاية 9/ 246244).
(2) هو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، ولد سنة 72هـ، وتولى الخلافة سنة 105هـ، بنى الرصافة، وتوفي سنة 125هـ (انظر البداية والنهاية 9/ 367364).
(3) البيت لمعن بن أوس في الأغاني 10/ 156، وديوان الحماسة 2/ 4.(3/43)
عدّت لهشام مع دهائه سقطتان إحداهما: أن الحادي حدا به فقال:
[الرجز]
إنّ عليك أيها البختيّ ... أكرم من تمشى به المطيّ
فقال هشام: صدق.
والأخرى: أنه ذكر عنده سليمان بن عبد الملك فقال: والله لأشكونّه يوم القيامة إلى أمير المؤمنين عبد الملك.
وقال له مسلمة أخوه: كيف تطمع في الخلافة وأنت بخيل. وأنت جبان؟
قال: لأنّي حليم وأني عفيف.
وسمع هشام قول الكميت (1): [الخفيف]
مبديا صفحتي على الموقف المع ... لم، بالله قوّتي واعتصامي
فقال: شري الترابي (2).
افتتح هشام الصلاة فأرتج عليه فلم يفتح عليه أحد فقال: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: الآية 78].
خطب هشام، حين ولّي، أول ما خطب فقال: الحمد لله الذي أنقذني من النار بهذا المقام. فأخبر بذلك محمد بن عمرو فقال: لكن عمر بن عبد العزيز كان إذا خطب بكى، ثم قال: {لَيْسَ بِأَمََانِيِّكُمْ وَلََا أَمََانِيِّ أَهْلِ الْكِتََابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء: الآية 123].
وكان سعيد بن هشام زانيا يتعرض للنساء فأخبر بذلك أبوه فقال له:
أيزني القرشيّ؟ إنما مثلك يأخذ مال هذا، ويعطيه هذا، ويقتل هذا.
ولما أراد هشام أن ينزل الرّصافة قيل له: لا تخرج، فإنّ الخلفاء لا يظعنون، ولم نر خليفة ظعن فقال: أنتم تريدون أن تجرّبوا بي، ونزل الرّصافة وهي برية.
__________
(1) البيت في كتاب الأغاني 15/ 122.
(2) شري: صار من الشراة، وهم الخوارج، والترابي: العلوي، نسبة إلى أبي تراب وهو الإمام علي بن أبي طالب.(3/44)
وقال: إنّا نستعمل الرجل، فنظنّ به خيرا، فنكشفه عن خير، فما رأينا خيره دون امتحان، ولا تبيّنّا دون تجربة.
وذكر أنه وجد لهشام اثنا عشر ألف قميص قد أثّر بها كلّها.
وحج هشام فليقيته قريش فنظر إليها الأبرش الكلبي فعجب لجمالها ومنطقها فقال هشام: إنه والله ربّ فحل كريم خطر على هجمانها.
الوليد بن يزيد (1)
أتي هشام بعود فقال للوليد: ما هذا؟ قال: خشب يشقّق ثم يرقّق، ثم يلصق ثم تعلّق عليه أوتار فينطق فتضرب الكرام رؤوسها بالحيطان سرورا به.
وما في المجلس أحد إلا وهو يعلم منه ما أعلمه، وأنت أولهم يا أمير المؤمنين.
وقد قيل: إنّ هذا الكلام هو للوليد بن مسعدة الفزاري مع عبد الملك بن مروان.
وحكى بعضهم قال: رأيت هشام بن عبد الملك يوم توفي مسلمة بن عبد الملك إذ طلع الوليد وهو نشوان يجر مطرف خزّ، فوقف على هشام، فقال:
يا أمير المؤمنين إنّ عقبى من بقي لحوق بمن مضى، وقد أفقر بعد مسلمة الصّيد (2) لمن رمى، واختل الثغر فوهى، وعلى إثر من سلف يمضي من خلف فتزودوا، فإن خير الزّاد التّقوى. قال: فأعرض هشام. ولم يحر جوابا ووجم الناس.
وقال: يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر. فإن كنتم لا بدّ
__________
(1) هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، أبو العباس، ولد سنة 84هـ، وولي الخلافة سنة 125هـ، يعاب بالإهمال واللهو وسماع الغناء، قتلة يزيد بن الوليد بن عبد الملك سنة 126هـ (انظر: الأعلام 8/ 123، البداية والنهاية 10/ 127).
(2) أفقر الصيد: أي أمكن الصيد من فقاره لراميه، والمقصود بقوله: أفقر بعد مسلمة الصيد: أن مسلمة كان يغزو العدو ويردّه، فحين مات اختلّ بلد الإسلام وأمكن لمن يتعرض إليه.(3/45)
فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء رقية الزناء وإني لأقول ذلك فيه على أنّه أحبّ إليّ من كلّ لذة، وأشهى إلى نفسي من الماء إلى ذي الغلة. ولكنّ الحقّ أحقّ أن يقال.
وكان الوليد ماجنا خليعا منهمكا في اللذات، مشغوفا بالخمر، والغناء، مطعونا في دينه. ولما نعي له هشام قال: والله لأعقّبنّ هذه النعمة بشكرة قبل الظهر.
وتكلّم بعض جلسائه، ومغنية تغنّيه، فكره ذلك وضجر، وقال لبعض الحاضرين: قم فنه، فقام وباكه والناس حضور والوليد يضحك.
وذكرت جارية له أنه واقعها وهو سكران، فلما تنحّى عنها أذنه المؤذّن بالصلاة، فحلف ألّا يصلّي بالناس غيرها، فخرجت متلثّمة فصلّت بالناس.
وقيل: إنه وثب على ابنة له فاقترعها، وإنه كان يلوط بأخ له كان مليحا.
وقال الوليد البندار: حججت مع الوليد بن يزيد، وهو ولي عهد وكان هشام أراد خلعه، فأخرجه على الموسم، وعلم أنه لا يترك خلاعته ومجونه، فيفتضح عند أهل الحرمين فيكون ذلك عذرا إذا خلعه، فقلت له لما أراد أن يخطب: أيها الأمير إن اليوم يوم يشهده الناس من سائر الآفاق، فأريد أن تشرّفني بشيء. قال: ما هو؟ قلت: إذا علوت المنبر دعوت بي، فيتحدث الناس بذلك، وبأنك أسررت إلي شيئا. فقال: أفعل. فلما جلس على المنبر قال: الوليد البندار. فقمت فقال: ادن مني. فدنوت، فأخذ أذني ثم قال لي:
الوليد البندار ولد زنى، والوليد بن يزيد ولد زنى. وكلّ من ترى حولي أولاد زنى. أفهمت؟ قلت: نعم. قال: انزل الآن، فنزلت.
وقيل: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ثم يجمع جراميزه ويثب فكأنما خلق على ظهر فرسه فكان الوليد بن يزيد يفعل مثل ذلك، وفعله مرة وهو ولي عهده، ثم أقبل على مسلمة بن هشام: فقال له: أبوك يحسن مثل هذا؟ فقال مسلمة: لأبي مائة عبد يحسنون هذا. فقال الناس: لم ينصفه في الجواب.
وقال عمرو بن عتبة بن أبي سفيان للوليد: إنك تستنطقني بالأنس بك، وأكفت من ذلك بالهيبة لك، وأراك تأمن أشياء أخافها عليك، فأسكت مطيعا أو أقول مشفقا؟ قال: كل ذلك مقبول منك، ولله فينا علم نحن صائرون إليه، ونعود فنقول: قال: فقتل بعد أيام.(3/46)
وقيل: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ثم يجمع جراميزه ويثب فكأنما خلق على ظهر فرسه فكان الوليد بن يزيد يفعل مثل ذلك، وفعله مرة وهو ولي عهده، ثم أقبل على مسلمة بن هشام: فقال له: أبوك يحسن مثل هذا؟ فقال مسلمة: لأبي مائة عبد يحسنون هذا. فقال الناس: لم ينصفه في الجواب.
وقال عمرو بن عتبة بن أبي سفيان للوليد: إنك تستنطقني بالأنس بك، وأكفت من ذلك بالهيبة لك، وأراك تأمن أشياء أخافها عليك، فأسكت مطيعا أو أقول مشفقا؟ قال: كل ذلك مقبول منك، ولله فينا علم نحن صائرون إليه، ونعود فنقول: قال: فقتل بعد أيام.
قال العلاء بن المغيرة البندار: قلت للوليد: إني أريد العراق أفلك حاجة يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم بربط (1) من صنعة زربي.
قال حمّاد الراوية: دخلت على الوليد بن يزيد وإذا عنده رجلان فقالا:
قد نظرنا فيما أمر به أمير المؤمنين، فوجدناه يعيش مؤيدا منصورا، يزجى له الخراج، وتخلص له قلوب الرعية ثلاثين سنة.
قال: فقلت في نفسي: والله لأخدعنه كما خدعاه. فقلت: يا أمير المؤمنين نحن أعلم بالرواية والآثار، وقد نظرنا في هذا الأمر من قبلهما، فوجدناك تعيش على ما ذكر أربعين سنة. قال: فنكت في الأرض ثم قال: لا ما قال هذان يغرّني، ولا ما قلت يبطرني، والله لأجبينّ المال من حلّه جباية من يعيش الأبد، ولأصرفنّه في حقّه صرف من يموت في غد. وقد روي مثل هذا الكلام عن الوليد بن عبد الملك.
يزيد بن الوليد بن عبد الملك (2)
لما قتل الوليد بن يزيد قام يزيد خطيبا فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
أيّها الناس والله ما خرجت أشرا ولا بطرا، ولا حرصا على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما بي إطراء نفسي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربّي ولكني خرجت عضبا لله ولدينه، وداعيا إلى الله، وإلى سنة نبيه، لما هدمت معالم الهدى، وأطفىء نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد، المستحلّ لكلّ
__________
(1) البربط: العود، فارسى.
(2) هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، ولد سنة 86هـ، وثار على ابن عمه الوليد بن يزيد وقتله، وتولى الخلافة سنة 126هـ، ولم يمكث بها غير خمسة أشهر، وتوفي في السنة نفسها، وهو الملقب بالناقص لنقصه الناس من أعطياتهم ما كان زاده الوليد بن يزيد في أعطياتهم (انظر البداية والنهاية 10/ 1812).(3/47)
حرمة، والراكب لكلّ بدعة مع أنه والله ما كان يؤمن بيوم الحساب وإنه لابن عمي في النسب، وكفئي في الحسب.
فلما رأيت ذلك استخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهل ولايتي، حتى أراح الله منه العباد، وطهّر منه البلاد بحول الله وقوته، لا بحولي وقوتي.
أيها الناس إن لكم عليّ ألا أضع حجرا على حجر، ولا لبنة على لبنة، ولا أكري نهرا، ولا أكنز مالا، ولا أعطيه زوجة ولا ولدا، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد، حتى أسدّ فقر ذلك البلد وخصاصة أهله، بما يغنيهم، فإن فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ممن هو أحوج إليه منه، ولا أجمّركم في بعوثكم فأفتنكم، وأفتن أهليكم، ولا أغلق بابي دونكم فيأكل قويّكم ضعيفكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم ما أجليهم به من بلادهم، وأقطع نسلهم ولكنّ عندي أعطياتكم في كل سنة، وأرزاقكم في كلّ شهر حتى تستدرّ المعيشة بين المسلمين، فيكون أقصاهم كأدناهم.
فإن أنا وفيت لكم فعليكم السمع والطاعة، وحسن المؤازرة والمكانفة، وإن أنا لم أوف لكم فلكم أن تخلعوني إلا أن تستتيبوني فإن تبت قبلتم منّي.
وإن عرفتم أحدا يقوم مقامي ممّن يعرف بالصلاح، يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيتكم، فأردتم أن تبايعوه، فأنا أول من بايعه، ودخل في طاعته.
أيها الناس إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وخطب فقال: الأمر أمر الله، والطاعة طاعة الله، فأطيعوني بطاعة الله ما أطعت الله يغفر الله لي ولكم.
وكتب إلى مروان حين تربّص ببيعته: أما بعد فإني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى، فاعتمد على أيتهما شئت، والسلام.
وكان يزيد يتألّه، ويظهر النسك فكان أبوه الوليد إذا ذكر بنيه قال:
عبد العزيز سيدنا، والعباس فارسنا، ويزيد ناسكنا، وروح عالمنا، وبشر فتانا، وعمر فحلنا، وكان له تسعون ابنا.(3/48)
عبد العزيز سيدنا، والعباس فارسنا، ويزيد ناسكنا، وروح عالمنا، وبشر فتانا، وعمر فحلنا، وكان له تسعون ابنا.
مسلمة (1)
قال: عجبت لمن أخفى شعره ثم أعفاه، وقصّر شاربه ثم أطاله، أو كان صاحب سراريّ (2) فاتخذ المهيرات (3).
وقال: لا أزال في فسحة من أمر الرجل حتى أصطنع عنده يدا فإذا اصطنعتها لم يكن إلا ربّها.
ولما حضرته الوفاة أوصى بثلث ماله لأهل الأدب، وقال: صناعة مجفوّ أهلها.
وكان إذا كثر عليه أصحاب الحوائج وخشي الضجر أمر أن يحضر ندماؤه من أهل الأدب فيتذاكرون مكارم الناس وجميل طرائقهم ومروءاتهم فيطرب، ويهيج، ثم يقول: ائذنوا لأصحاب الحاجة فلا يدخل أحد إلا قضى حاجته.
وقال له هشام: يا أبا سعيد هل دخلك ذعر قطّ لحرب شهدتها أو لعدوّ؟ قال: ما سلمت في ذلك من ذعر ينبّه عليّ حيلة، ولم يغشني فيها ذعر يسلبني رأيي. قال هشام: هذه البسالة.
ودخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه فقال: ألا توصي يا أمير المؤمنين؟ قال: بم أوصي؟ فو الله إن لي من مال. فقال: هذه مائة ألف، مر فيها بما أحببت. قال: أو تقبل؟ قال: نعم. قال: تردّها على من أخذتها منه ظلما. فبكى مسلمة ثم قال: يرحمك الله، لقد ألنت منّا قلوبا قاسية، وأبقيت لنا في الصالحين ذكرا.
واستبطأ عبد الملك ابنة مسلمة في مسيره إلى الروم فكتب إليه (4):
[الكامل]
لمن الظّعائن سيرهنّ تزحّف؟ ... سير السفين إذا تقاعس يجدف
__________
(1) هو مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، من أبطال عصره، من بني أمية، وله فتوحات شهيرة، توفي بالشام سنة 120هـ (انظر: الأعلام 7/ 224، البداية والنهاية 9/ 341، وفي البداية والنهاية أنه توفي سنة 121هـ).
(2) السراري: جمع سرية، وهي الأمة.
(3) المهيرات: ذوات المهر.
(4) البيت لأعشى همدان في أساس البلاغة (جدف)، وبلا نسبة في تاج العروس (زحف).(3/49)
فلما قرأ مسلمة الكتاب، كتب في جوابه (1): [الطويل]
ومستعجب ممّا يرى من أناتنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم
وسمع مسلمة رجلا يتمثل بقول الشاعر، وقد دلّي بعض بني مروان في قبره (2): [الطويل]
وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما
فقال مسلمة: لقد تكلمت بكلمة شيطان، هلا قلت (3): [الطويل]
إذا مقرم منّا ذرا حدّ نابه ... تخمّط فينا ناب آخر مقرم
وقال رجل عند مسلمة: ما استرحنا من حائك كندة حتى أتانا هذا المزوني قال مسلمة: تقول لرجل سار إليه قريعا قريش، يعني نفسه والعباس بن الوليد. إن يزيد حاول عظيما ومات كريما.
وكان مسلمة يقول: الروم أعلم، وفارس أعقل.
وقال: ما حمدت نفسي على ظفر ابتدأته بعجز، ولا لمتها على مكروه ابتدأته بحزم.
وقال: مروءتان ظاهرتان: الرّياش. والفصاحة.
مروان بن محمد (4)
دخل عبد الرحمن بن عطية التغلبي على مروان بن محمد، فاستأذنه في تقبيل يده فأعرض عنه، ثم قال له: قد عرف أمير المؤمنين موضعك في
__________
(1) البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص 121، ولسان العرب (رمم)، وتاج العروس (عجب)، ومقاييس اللغة 2/ 380، وأساس البلاغة (زبن)، (عجب).
(2) البيت لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص 88، والأغاني 14/ 78، 21/ 29، وخزانة الأدب 5/ 204، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 792، وشرح المفصل 3/ 65، والشعر والشعراء 2/ 732، والكتاب 1/ 156، والبيت لمرداس بن عبدة في الأغاني 14/ 86.
(3) البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص 122، ولسان العرب (قرم)، (ذرا)، وتهذيب اللغة 7/ 261، وتاج العروس (خمط)، (قرم)، وأساس البلاغة (خمط)، (قرم).
(4) هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي، أبو عبد الملك، يعرف بالجعدي، وبالحمار، آخر ملوك بني أمية في الشام، استولى على الملك سنة 127هـ، وهزم في موقعة الزاب، وقتل بمصر سنة 133هـ (انظر البداية والنهاية 10/ 5044، الأعلام 7/ 208).(3/50)
قومك، وفضلك في نفسك، وتقبيل اليد من المسلم ذلة، ومن الذّمي خديعة ولا خير لك في أن تنزل بين هاتين.
قالوا: كان يأخذ مروان بن محمد كل سنة من الخزانة قباءين، فإذا أخلقهما ردّهما إلى الخزانة وأخذ جديدين.
وكان يقال: إن مروان بن محمد هو ابن إبراهيم بن الأشتر وإن أمّه كانت أمة لإبراهيم فأصابها محمد بن مروان يوم قتل ابن الأشتر فأخذها من نفله وهي حامل بمروان، فولدته على فراشه، ولذلك قال ابن عباس السفاح: الحمد لله الذي أبدلنا بحمار الجزيرة، وابن أمه النّخع، ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وابن عبد المطلب.
مروان (1)
كتب إلى بعض الخوارج: إني وإيّاك كالزجاجة والحجر إن وقع عليها رضّها، وإن وقعت عليه فضّها.
قال الأصمعي: لما ولّي مروان الخلافة أرسل إلى ابن رغبان الذي نسب إليه بعد ذلك مسجد ابن رغبان ليولّيه فرأى له سجّادة مثل ركبة البعير، فقال: يا هذا إن كان ما بك من عبادة فما يحلّ لنا أن نشغلك. وإن كان من رياء فما يحلّ لنا أن نستعملك.
قال عبد الحميد (2): تعلّمت البلاغة من مروان، أمرني أن أكتب في حاجة فكتبت على قدر الموسع فقال لي: اكتب ما أقول لك:
بسم الله الرّحمن الرّحيم أما آن للحرمة أن ترعى، وللدّين أن يقضى، وللموافقة أن تتوخّى!
__________
(1) هو مروان الحمار، السابق ذكره.
(2) هو عبد الحميد بن يحيى بن سعد، مولى بني عامر، الكاتب البليغ المشهور، ضرب به المثل في البلاغة، حتى قيل: فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت بابن العميد، كان إماما في الكتابة في كل فن من العلم والأدب، وهو من أهل الشام، وأول من أطال الرسائل واستعمل التحميدات في فصول الكتب، كان كاتب مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، وقتل معه سنة 132هـ، بقرية يقال لها بوصير من أعمال الفيوم بالديار المصرية (الأعلام 3/ 290289، وفيات الأعيان 3/ 232228، سير أعلام النبلاء 5/ 463462).(3/51)
ووقّع إلى عامل بالكوفة: حاب علية الناس في كلامك، وسوّ بينهم وبين السفلة في أحكامك.
قالوا: وإنما لقّب بالحمار لأن أصحاب أبي مسلم لما خرجوا كانوا حمّارة، فكان الواحد إذا استعجل حماره يقول: هر مروان، هس، مروان، فلما ظفروا به استمرّ به اللقب.
ويعرف بالجعديّ لأنه نسب إلى رأي الجعد بن درهم وزيره، وكان زنديقا، فكان مروان يعيّر بأنه على رأيه، ثم إن مروان قتله وصلبه، وبالجعد هذا يعير كلّ زنديق، قال دعبل: [الخفيف]
قل لعبد الرقيب قل: ربّي الل ... هـ فإن قالها فليس بجعدي
قال عمر بن مروان: عرض أبي بظهر الكوفة ثمانين ألف عربيّ، ثم قال بعد أن وثق في نفسه بكثرة العدد والعدد: إذا انقضت المدة لم تغن العدّة ولا العدة.
قال بعض القرشيين: وفد على مروان بن محمد وقد تولّى الخلافة ونزل حرّان قال: فتوالت على بابه الوفود فخرج إلينا آذنه، فقال: أمير المؤمنين يغسل ثيابه، فمن أراد أن يقيم فليقم، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف.
فجعل الناس يعجبون من ذلك. ولم يبرح أحد.
قال: وخرج من عنده رجل برمح فنصبه على سقفه، وجعل يراعي الشمس، فلما مالت أذّن، ولما أذّن خرج علينا رجل أزرق (1) أشقر، بخدّه أثر، فلما نظر إليه عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد قال: أهو هذا أعضّه الله ببظر أمّه؟ قال: وهو والله يسمعه، فأبدّه النظر (2) ومرّ إلى الصلاة، فلما قضاها استدبر القبلة بظهره وأقبل علينا بوجهه، فقال لكاتبه: أمعك أسماء هؤلاء؟ قال:
نعم، ودفع إليه قرطاسا، فوقّع تحت اسم كل رجل بعشرة آلاف درهم، ولا والله ما عاقبه على ما سمع منه.
__________
(1) رجل أزرق: أي أزرق العينين.
(2) أبدّه النظر: أي أعطاه بدته من النظر، أي حظه.(3/52)
وكان يقال: لو ذهبت دولة بني مروان على يد غير مروان لقال الناس: لو كان لها مروان ما ذهبت.
كان أهل حمص ينادون مروان في حصارهم: يا ابن مصعب، فيقول:
شريف كريم، وينادون: يا ابن الأشتر، يا ابن زربي فيقول: خلطتم.
وذلك أنه قيل في أمّه: إنها كانت لمصعب. وقيل: بل كانت لخباز له يقال له: زربي.
وناداه رجل من الخوارج، فقال: يا ابن طنفسة. يريد: زربي.(3/53)
وناداه رجل من الخوارج، فقال: يا ابن طنفسة. يريد: زربي.
الباب الثالث كلام الخلفاء من بني هاشم
السفاح (1)
رفع بعض السّعاة إليه قصّة بسعاية على بعض عماله، فوقّع فيها: هذه نصيحة لم يرد بها ما عند الله، ونحن فلا نقبل قول من آثرنا على الله.
ومن كلامه: إنّ من أدنياء الناس ووضعائهم من عدّ البخل حزما، والحلم ذلّا.
ومنه: إذا عظمت المقدرة قلّت الشهوة، وقل تبرّع إلّا ومعه حقّ مضاع.
ومنه: إذا كان الحلم مفسدة كان العفو معجزة، والصبر حسن إلّا على ما أوتغ (2) الدّين، وأوهن السلطان. والأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة.
قالوا: كلّم المنصور أبا العباس في محمد بن عبد الله بن حسن وأهله، فقال: يا أمير المؤمنين آنسهم بالإحسان، فإن استوحشوا فالشرّ يصلح ما عجز عنه الخير، ولا تدع محمدا يمرح في أعنّة العقوق.
فقال: يا أبا جعفر إنّا كذلك. ومن شدّد نفّر، ومن لان تألّف، والتغافل من سجايا الكرام، وما أحسن ما قال أعشى وائل (3): [مجزوء الكامل]
يغضى عن العوراء، لو ... لا الحلم غيّرها انتصاره
__________
(1) هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، ولد سنة 104هـ، أوّل الخلفاء العباسيين، ولقب بالسفاح، لقوله في إحدى خطبه: فأنا السفاح الهائج. بويع له بالخلافة سنة 132هـ، بعد مقتل أخيه في حياة مروان الحمار، وتوفي بالجدري بالأنبار سنة 136هـ (انظر البداية والنهاية 10/ 6360).
(2) أوتغ: أهلك.
(3) البيت لم أجده في ديوان أعشى وائل.(3/54)
وكان يقول: إنّ المقدرة تصغر الأمنية لقد كنا نستكثر أمورا، أصبحنا نستقلّها لأخسّ من صحبنا، ثم نسجد شكرا.
دخل أبو نخيلة الحمّاني على أبي العباس، وعنده إسحق بن مسلم العقيلي، فأنشده أرجوزة يمدحه فيها، ويذكر بني أمية، ويقول فيها:
[الرجز]
أين أبو الورد؟ وأين الكوثر؟ وأين مروان؟ وأين الأشقر؟
فقال إسحق: في حر أم أبي نخيلة العاهرة؟ فقال أبو العباس: أتقول هذا لشاعرنا؟ قال: قد سمعته يقول لأعدائكم فيكم ما هو أعظم من هذا، فقال زياد بن عبيد الله الحارثي: يا أمير المؤمنين خذ للرجل بحقّه، فقال له أبو العباس: ما أغفلك يا خال! أترى قيسا تسلم سيّدها وشيخها حتى يحدّ؟ قال:
فما يصنعون؟ قال: يجيء ألف منهم فيشهدون أن أم أبي نخيلة كانت عاهرة كما قال إسحق، فتجلب على الرجل بلاء عظيما.
وخطب بعد قيامه بأيام بالكوفة، فقال: الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: الآية 1].
ما أعدكم شيئا، ولا أوعدكم إلّا وفيت بالوعد والإيعاد.
والله لأعملنّ اللّين حتى لا تنفع إلا الشدّة، ولأغمدنّ سيفي إلّا في إقامة حدّ، أو بلوغ حق، ولأعطينّ حتى أرى العطية ضياعا. إنّ أهل بيت اللعنة والشجرة الملعونة في القرآن (1) كانوا لكم عذابا، ولا تدفعون معهم من حالة إلّا إلى أشدّ منها، ولا يلي عليكم منهم وال إلا تمنيتم من كان قبله، وإن كان لا خير في جميعهم. منعوكم الصلاة في أوقاتها، وطالبوكم بأدائها في غير ميقاتها، وأخذوا المدبر بالمقبل، والجار بالجار، وسلّطوا شراركم على خياركم. فقد محق الله جورهم، وأزهق باطلهم، وأصلح بأهل نبيكم ما أفسدوا منكم. فما تؤخر لكم عطاء، ولا نضيّع لأحد منكم حقّا، ولا نجمّركم في بعث، ولا
__________
(1) يقصد بالشجرة الملعونة بالقرآن شجرة الزقوم في قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعََامُ الْأَثِيمِ} (44) [الدّخان: الآيتان 43، 44] شبه بني أمية بها.(3/55)
نخاطر بكم في قتال، ولا نبذلكم دون أنفسنا، والله عليّ شهيد بالوفاء والاجتهاد، وعليكم بالسمع والطاعة.
ووقّع إلى كاتب جنده وقد شغبوا عليه بالأنبار: بلّغ المفترين عني، أبرمتم بأعجاركم، أم عظمت نعمة الله عليكم في دينكم ودنياكم؟ فلا تكونوا عظة العقلاء، وزريّة الجهلاء فتحبط أعمالكم، وتخيب آمالكم، والعطاء غير مؤخر عن وقته إن شاء الله.
ودخل عليه عبد الله بن حسن بن حسن، ومعه مصحف فقال: يا أمير المؤمنين أعطنا حقّنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف. وكان المجلس غاصّا ببني هاشم وغيرهم فأشفق الناس من أن يعجل السفاح إليه، أو يعيا بجوابه فيكون ذلك عارا عليه. قال: فأقبل عليه غير مغضب ولا منزعج، فقال: إنّ جدّك عليّا كان خيرا منّي وأعدل. ولي هذا الأمر فأعطى جدّيك الحسن والحسين، وكانا خيرا منك شيئا، وكان الواجب أن أعطيك مثله فإن كنت قد فعلت فقد أنصفتك، وإن كنت زدتك فما هذا جزائي منك، فما ردّ عبد الله جوابا، وانصرف والناس يتعجبون من جواب السفاح.
المنصور (1)
ذكر يوما ملوك بني مروان فقال: كان عبد الملك جبارا لا يبالي ما صنع، وكان الوليد لحانا مجنونا، وكان سليمان همّه بطنه وفرجه، وكان عمر أعور بين عميان، وكان هشام رجل القوم.
لما اتصل به خروج محمد وإبراهيم رضي الله عنهما شنّ عليه درعه، وتقلّد سيفه وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال (2): [البسيط]
ما لي أكفكف عن سعد وتشتمني ... ولو شتمت بني سعد لقد سكنوا
جهلا علينا، وجبنا عن عدوّهمو ... لبئست الخلّتان: الجهل والجبن
__________
(1) هو الخليفة أبو جعفر المنصور، ثاني خلفاء بني العباس، بويع له بالخلافة بعد أخيه أبي العباس السفاح في ذي الحجة سنة 136هـ، وتوفي سنة 158هـ (البداية والنهاية 10/ 126 133).
(2) البيت الثاني لقعنب ابن أم صاحب في لسان العرب (وزن).(3/56)
أما والله لقد عجزوا عما قمنا به، فما عضدوا المكافي، ولا شكروا المنعم.
فماذا حاولوا؟ أأشرب رنقا على غصص، وأبيت منهم على مضض؟ كلّا والله أصل ذا رحم حاول قطيعتها، ولئن لم يرض بالعفو ليطلبنّ ما لا يوجد عندي، فليبق ذو نفس على نفسه، قبل أن تمضي عنه، ثم لا يبكى عليه، ولا تذهب نفس مسرة لما أتاه.
وخطب بعد قتله أبا مسلم فحمد الله، ثم أثنى عليه، ثم قال: أمّا بعد، أيها الناس، فإنه من نازعنا عروة هذا القميص أوطأناه خبىء هذا الغمد وأومأ إلى سيفه وإنّ عبد الرحمن بايعنا، وبايع لنا على أنه من نكث بنا فقد حلّ دمه، ثم نكث بنا، فحكمنا فيه لأنفسنا حكمه على غيره لنا، ولم تمنعنا رعاية الحقّ له من إقامة الحدّ عليه.
وروي أنه قال:
أيها الناس لا تنفّروا أطراف النعمة بقلّة الشكر فتحلّ بكم النقمة ولا تسرّوا غشّ الأئمة فإنّ أحدا لا يسرّ منكم إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه، وطوالع نظره وإنّا لا نجهل حقوقكم ما عرفتم حقّنا، ولا ننسى الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلنا ومن نازعنا هذا القميص أوطأنا أمّ رأسه خبىء هذا الغمد.
أهوى هشام بن عروة إلى يده ليقبّلها فقال له: يا أبا المنذر إنّا نكرمك عنها، ونكرمها عن غيرك.
قيل: خلا المنصور مع يزيد بن أسيد فقال: يا يزيد ما ترى في قتل أبي مسلم؟ قال: أرى يا أمير المؤمنين أن تقتله، وتتقرّب إلى الله بدمه فو الله لا يصفو ملكك، ولا تهنأ بعيش ما بقي بك عدوك.
قال يزيد: فنفر مني نفرة ظننت أنه سيأتي عليّ، ثم قال: قطع الله لسانك وأشمت بك عدوّك. أتشير عليّ بقتل أنصح الناس لنا، وأثقلهم على عدوّنا؟ أما والله لولا حفظي ما سلف منك، وأنّي أعدّها هفوة من رأيك لضربت عنقك، قم لا أقام الله رجليك! قال يزيد: فقمت وقد أظلم بصري، وتمنيت أن تسيخ
الأرض بي. فلما كان بعد قتله بدهر قال لي: يا يزيد أتذكر يوم شاورتك في أمر العبد؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، وما رأيتني قد أدنى إلى الموت مني يومئذ! قال: فو الله لكان ذلك رأيي وما لا أشكّ فيه، ولكني خشيت أن يظهر ذلك منك فتفسد عليّ مكيدتي.(3/57)
قال يزيد: فنفر مني نفرة ظننت أنه سيأتي عليّ، ثم قال: قطع الله لسانك وأشمت بك عدوّك. أتشير عليّ بقتل أنصح الناس لنا، وأثقلهم على عدوّنا؟ أما والله لولا حفظي ما سلف منك، وأنّي أعدّها هفوة من رأيك لضربت عنقك، قم لا أقام الله رجليك! قال يزيد: فقمت وقد أظلم بصري، وتمنيت أن تسيخ
الأرض بي. فلما كان بعد قتله بدهر قال لي: يا يزيد أتذكر يوم شاورتك في أمر العبد؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، وما رأيتني قد أدنى إلى الموت مني يومئذ! قال: فو الله لكان ذلك رأيي وما لا أشكّ فيه، ولكني خشيت أن يظهر ذلك منك فتفسد عليّ مكيدتي.
قال الربيع: سمعت المنصور يقول: الخلفاء أربعة، والملوك أربعة فالخلفاء: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ على ما نال من عثمان، وما نيل منه أعظم، ولنعم الرجل كان عمر بن عبد العزيز. والملوك: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا، ولنعم رجل الحرب كان حمار الجزيرة (1) من رجل لم يكن عليه طابع الخلافة.
وقال: من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافأ، ومن أضعف كان شكورا، ومن شكر كان كريما، ومن علم أنّما صنع لنفسه لم يستبطىء الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودّتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أسديته إلى نفسك.
استأذن سوّار قاضي البصرة على المنصور، فأذن له، فدخل وسلّم فقال المنصور: وعليك السلام. ادن أبا عبد الله فقال: يا أمير المؤمنين أأدنو على ما مضى عليه الناس أم على ما أحدثوا؟ فقال: بل على ما مضى عليه الناس، فدنا فصافحه ثم جلس فقال المنصور: يا أبا عبد الله، قد عزمت على أن أدعو أهل البصرة بسجلّاتهم، وأشريتهم، فقال: يا أمير المؤمنين نشدتك الله ألا تعرض لأهل البصرة. فقال: يا سوّار أبأهل البصرة تهدّدني؟ والله لهممت أن أوجّه إليهم من يأخذ بأفواه سككهم وطرقهم، ويضع السيف فيهم فلا يرفعه عنهم حتى يفنيهم، فقال: يا أمير المؤمنين ذهبت إلى غير ما ذهبت إليه، إنما كرهت لك أن تتعرض لدعاء الأرملة واليتيم، والشيخ الكبير الفاني، والحدث الضعيف. فقال: يا أبا عبد الله، أنا للأرملة بعل، ولليتيم أب، وللشيخ أخ، وللحدث الضعيف عمّ، وإنما أريد أن أنظر في سجلاتهم وأشريتهم لأستخرج ما في أيدي الأغنياء، مما أخذوه بقوّتهم
__________
(1) حمار الجزيرة: هو مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية. تقدمت ترجمته.(3/58)
وجاههم من حقوق الضعفاء والفقراء. فقال: وفّقك الله للخير، وأرشدك لما يحبّ ويرضى.
وقال للمهدي: أشبع العباس بن محمد فإنك إن لم تشبعه أكلك.
كتب إليه صاحب أرمينية: إن الجند شغبوا عليّ، وطلبوا أرزاقهم، وكسروا أقفال بيت المال، وانتهبوه، فأمر بعزله، ووقّع: لو عدلت لم يشغبوا، ولو قويت لم ينهبوا.
ووقّع في قصة رجل ذكر: أن أمير المؤمنين أمر بأرزاق له، وأن الفضل أبطأ بها: {مََا يَفْتَحِ اللََّهُ لِلنََّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلََا مُمْسِكَ لَهََا} [فاطر: الآية 2].
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور يقول للمهدي حين عقد له: يا بني استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتألّف، والنصر بالتواضع، والرحمة من الله بالرحمة للناس.
أتي المنصور برأس بشير الرحّال، وكان خرج مع محمد بن عبد الله رضي الله عنه فقال له: رحمك الله، لقد كنت أسمع لصدرك همهمة لا يسكّنها إلّا برد عدل، أو حرّ سنان.
ولما احتضر قال: يا ربيع بعنا الآخرة بنومة.
قال الربيع: لقّب أبو جعفر بأبي الدوانيق لأنه لما أراد حفر الخندق بالكوفة قسّط على كلّ رجل منهم دانق فضة، وأخذه، وصرفه في ذلك، وقيل غير هذا.
وقال للمهدي: ليس العاقل من يتحرّز من الأمر الذي يقع فيه، حتى يخرج منه، إنما العاقل من يتحرز من الأمر الذي يخشاه، حتى لا يقع فيه.
وقال: عقوبة الحكماء التعريض، وعقوبة السفهاء التصريح.
كان لسوّار القاضي كاتبان: رزق أحدهما أربعون درهما، والآخر عشرون درهما فكتب إلى المنصور يسأله أن يلحق صاحب العشرين بالأربعين، فأجاب بأن يحطّ من الأربعين عشرة ويزيدها صاحب العشرين حتى يعتدلا.
قال السري بن عبد الله: إني لبمكّة مع أبي جعفر المنصور والناس يذكرون معنا (1)، وإراقته الدماء باليمن، فقلت: يا أمير المؤمنين غلام من غلمان بني شيبان، ما له عندك يد تأصرك عليه، ولا رحم يعطفك عليه، قال: فبسر (2).(3/59)
كان لسوّار القاضي كاتبان: رزق أحدهما أربعون درهما، والآخر عشرون درهما فكتب إلى المنصور يسأله أن يلحق صاحب العشرين بالأربعين، فأجاب بأن يحطّ من الأربعين عشرة ويزيدها صاحب العشرين حتى يعتدلا.
قال السري بن عبد الله: إني لبمكّة مع أبي جعفر المنصور والناس يذكرون معنا (1)، وإراقته الدماء باليمن، فقلت: يا أمير المؤمنين غلام من غلمان بني شيبان، ما له عندك يد تأصرك عليه، ولا رحم يعطفك عليه، قال: فبسر (2).
في وجهي بسرة تمنّيت أن الأرض انشقّت لي فدخلت فيها. قال: فمكثت أياما ثم أتيته، فسألني عن تخلّفي، فاعتذرت إليه فقال لي: أتعرف رجلا كان يصلّي عن يمين منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته به، ونسبته إلى عثمان فقال: ما فعل؟
قلت: قتل بقديد. قال: فآخر كان يصلّي قريبا منه؟ قلت: نعم، ذاك ابن أخيه.
قال: فما فعل؟ قلت: قتل يوم قديد. قال: فآخر كان يصلّي في موضع كذا؟
قلت: نعم. ونسبته إلى الزّبير. قال: فما فعل؟ قلت: قتل يوم قديد، فما زال يقترع المجالس يذكر فيها رجلا قريعا، ويسألني عنه فأقول: قتل يوم قديد، فقال لي: لا أكثر الله في عشيرتك مثلك. عجزت عن ثأرك أن تطلب به، حتى إذا قام هذا الغلام الشيبانيّ فإذا بك تنفس عليه الرّفعة.
قيل: وكان معن يبسط الأنطاع باليمن، ثم يدعو بأبناء اليمانية الذين حضروا قديدا فيضرب أعناقهم. وكلما ندر رأس عن رقبته قال: يا لثارات قديد!
كان المنصور يقول: الملوك تحمل كلّ شيء إلا ثلاث خلال: إفشاء السر، والتّعرض للحرم، والقدح في الملك.
وقال: إذا مدّ عدوّك يده إليك فاقطعها إن أمكنك، وإلّا فقبلها.
وخطب بمكة وقد أملّ الناس عطاءه فقال: أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده وخازنه على فيئه، أعمل فيه بمشيئته وأقسمه بإرادته، وقد جعلني الله عزّ وجلّ قفلا عليه، إذا شاء أن يفتحني فتحني، وإذا شاء أن يقفلني أقفلني فارغبوا إلى الله أيها الناس في هذا اليوم الذي عرّفكم من فضله ما أنزله في كتابه فقال جلّ اسمه:
__________
(1) هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني، أبو الوليد، من أشهر أجواد العرب وفرسانهم، أدرك العصرين الأموي والعباسي، ولي سجستان وقتل سنة 151هـ (الأعلام 7/ 273).
(2) بسر: عبس.(3/60)
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلََامَ دِيناً} [المائدة: الآية 3] أن يوفّقني للصواب، ويسدّدني للرّشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لأعطياتكم، وقسم أرزاقكم فيكم، إنه قريب مجيب.
فقال ابن عيّاش المنتوف: أحال أمير المؤمنين بالمنع على ربّه.
خطب المنصور بالكوفة فقال: الحمد لله أحمده، وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأراد أن يقول:
وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله فقال رجل: يا أمير المؤمنين أذكّرك من تذكّر به. فقال المنصور: سمعا سمعا لمن فهم عن الله، وأعوذ بالله أن أذكّر بالله وأنساه، وأن تأخذني العزة بالإثم: {قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمََا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: الآية 56] وأنت والله ما الله أردت بذلك، ولكن حاولت أن يقال: قام فقال فعوقب فصبر، وأهون بها وبقائلها! ولو صمت لكان خيرا له، فاهتبلها إذا غفرتها، وإياكم وأخواتها، فإن الموعظة علينا نزلت، ومن عندنا انبثّت، فردّوا الأمر إلى أهله يصدروه كما أوردوه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ورجع إلى خطبته.
كان يقول: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ على ما نال من عثمان، وما نيل منه أعظم، ولقد كان عمر بن عبد العزيز امرأ صدق والملوك أربعة: معاوية وكفاه زياد، وعبد الملك وكفاه حجّاجه، وهشام وكفاه مواليه، وأنا ولا كافي لي. وكان معاوية للحلم والأناة وعبد الملك للإقدام والإحجام، وهشام لوضع الأمور مواضعها، ولقد شاركت عبد الملك في قول كثيّر (1): [الطويل]
يصدّ ويفضي وهو ليث عرينة ... وإن أمكنته فرصة لا يقيلها
وقال للمهديّ ابنه: يا أبا عبد الله لا تبرمنّ أمرا حتى تفكّر فيه فإنّ فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
__________
(1) البيت في زهر الآداب ص 358، بلفظ:
يقلب عيني حية بمفازة ... إذا أمكنته شدة لا يقيلها(3/61)
وقال له: يا أبا عبد الله، الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى، والسلطان لا يقيمه إلّا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس مروءة وعقلا من ظلم من هو دونه.
وقال له الربيع: إن لفلان حقّا فإن رأيت أن تقضيه فتولّيه ناحية. فقال:
يا ربيع إنّ لاتّصاله بنا حقّا في أموالنا، لا في أعراض المسلمين وأموالهم. إنّا لا نولّي للحرمة والرعاية، بل للاستحقاق والكفاية، ولا نؤثر ذا النسب والقرابة على ذي الدّراية والكتابة فمن كان منكم كما وصفنا شاركناه في أعمالنا، ومن كان عطلا لم يكن لنا عذر عند الناس في توليتنا إياه، وكان العذر في تركنا له وفي خاصّ أموالنا ما يسعه.
وكان يقول: لو عرف إبليس أنّ أحدا بعد النبيّ صلى الله عليه وسلّم أفضل من علي بن أبي طالب لأغرى الناس بنقضه وحطّه عن منزلته.
وخطب يوم جمعة، فكان مما حفظ من كلامه: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ} (105) [الأنبياء: الآية 105] أمر مبرم وقضاء فصل، والحمد لله الذي أفلج حجّته، وبعدا للقوم الظالمين الذين اتّخذوا الكعبة غرضا، والفيء إرثا وجعلوا القرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون، وكأيّن ترى من بئر معطلة وقصر مشيد. أمهلهم الله حين نبذوا القرآن والسنة، واضطهدوا العترة، واستكبروا وعندوا، وخاب كلّ جبار عنيد، ثم أخذهم ف {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} [مريم:
الآية 98].
وكتب إليه زياد بن عبيد الله يسأله الزيادة في أرزاقه، ويبالغ في الكتاب.
فوقع المنصور في كتابه: إنّ الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجل أبطراه، وأمير المؤمنين مشفق عليك، فاكتف بالبلاغة.
المهدي (1)
حكي أن رجلا أتى باب المهديّ، ومعه نعلان، فقال: هما نعلا رسول
__________
(1) المهدي العباسي: هو محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، أبو عبد الله المهدي، ولقب بالمهدي رجاء أن يكون الموعود به في الأحاديث فلم(3/62)
الله صلى الله عليه وسلّم فعرّف المهديّ، فأدخله ووصله فلما خرج قال المهديّ: والله ما هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن أين صارت إليه؟ أبميراث أم بشرى أم بهبة؟
لكني كرهت أن يقال: أهدي إليه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يقبلها، واستخفّ بحقّها.
ولما استخلف أخرج من في السجون، فقيل له: إنما تزري على أبيك فقال: أزري، ولكنّ أبي حبس بالذنب، وأنا أعفو عنه.
وولى الربيع بن أبي الجهم فارس فقال له: يا ربيع آثر الحق، والزم القصد، وارفق بالرعية، واعلم أنّ أعدل الناس من أنصف الناس من نفسه، وأجورهم من ظلمهم لغيره.
جزع المهديّ على رخيم جاريته جزعا شديدا، فكان يأتي المقابر ليلا فيبكي فبلغ ذلك المنصور فكتب إليه: كيف ترجو أن أولّيك عهد أمّة وأنت تجزع على أمة؟ والسلام.
فكتب إليه المهديّ: يا أمير المؤمنين إني لم أجزع على قيمتها، وإنما جزعت على شيمتها. والسلام.
قالوا: كان المنصور أراد أن يعقد العهد بعد المهديّ لابنه صالح المعروف بالمسكين، فوجّه إليه المهديّ: يا أمير المؤمنين لا تحملني على قطيعة الرحم، وإن كان لا بدّ من إدخال أخي في هذا الأمر فولّه قبلي فإن هذا الأمر إذا صار إليّ أحببت ألّا يخرج عن ولدي.
وقال لحاجبه الفضل بن الربيع: إني قد وليتك ستر وجهي وكشفه، فلا تجعل الستر بيني وبين خواصّي سبب ضعنهم عليّ بقبح ردّك، وعبوس وجهك. وقدّم أبناء الدولة فإنّهم أولى بالتّقدمة، وثنّ بالأولياء، واجعل للعامّة وقتا إذا وصلوا فيه أعجلهم ضيقه عن التلبّث، وحثّك لهم عن التمكّث.
قال الربيع: لما حبس المهديّ موسى بن جعفر رضي الله عنه رأى في النوم عليّا رضي الله عنه وهو يقول له: يا محمد
__________
يكن به، ولد سنة 127هـ، وتولى الخلافة سنة 158هـ، وتوفي سنة 169هـ (الأعلام 6/ 221، البدآية والنهاية 10/ 163157).(3/63)
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحََامَكُمْ} (22) [محمّد: الآية 22] قال الربيع:
فأرسل إليّ ليلا فراعني ذلك، وإذا هو يقرأ هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا فعرّفني خبر الرؤيا. وقال: عليّ بموسى بن جعفر. فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه، وقال: يا أبا الحسن إنّي رأيت أمير المؤمنين رضي الله عنه فقرأ عليّ كذا. أفتؤمّنني أن تخرج عليّ، أو على أحد من ولدي؟
فقال: والله ما ذاك شأني. فقال: صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار، وردّه إلى أهله بالمدينة.
قال الرّبيع: فأحكمت أثره ليلا فلمّا أصبح كان على الطريق خوف العوائق.
ودخل العتبيّ على المهديّ فعزّاه عن أبيه. وهنّأه بالخلافة فاستحسن كلامه وسأل عنه فقيل: هو من ولد عتبة بن أبي سفيان فقال: أو بقي من أحجارهم ما أرى؟
قيل: كان المهديّ يصلّي الصلوات كلّها في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها فأقيمت الصلاة يوما فقال أعرابي: يا أمير المؤمنين لست على طهر، وقد رغبت إلى الله في الصلاة خلفك فأمر هؤلاء أن ينتظروني، فقال: انتظروه رحمكم الله ودخل إلى المحراب، فوقف إلى أن أقبل، وقيل له: قد جاء الرجل فعجب الناس من سماحة أخلاقه.
هاجت ريح سوداء في أيام المهدي، فرئي وهو ساجد يقول: اللهمّ لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، واحفظ فينا دعوة نبيّنا صلى الله عليه وسلّم وإن كنت أخذت العامّة بذنبي فهذه ناصيتي بيدك.
وكان المهديّ يحبّ الحمام فأدخل عليه غياث بن إبراهيم فقيل له:
حدّث أمير المؤمنين وكان قد بلغه استهتار المهديّ بالحمام فقال: حدّثني فلان عن فلان عن أبي هريرة رفعه أنه قال: «لا سبق إلّا في حافر أو نصل أو جناح» فأمر له بعشرة آلاف درهم فلمّا قام قال المهديّ، وهو ينظر في قفا غياث: أشهد أنّ قفاك قفا كذّاب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإنّما استجلبت ذلك أنا، وأمر بالحمام فذبحت.(3/64)
حدّث أمير المؤمنين وكان قد بلغه استهتار المهديّ بالحمام فقال: حدّثني فلان عن فلان عن أبي هريرة رفعه أنه قال: «لا سبق إلّا في حافر أو نصل أو جناح» فأمر له بعشرة آلاف درهم فلمّا قام قال المهديّ، وهو ينظر في قفا غياث: أشهد أنّ قفاك قفا كذّاب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإنّما استجلبت ذلك أنا، وأمر بالحمام فذبحت.
الهادي (1)
اعتلّت أمّه الخيزران فأراد الركوب إليها، فقال عمر بن بزيع ألا أدلّك على ما هو أنفع من عيادتها، وأجلب لعافيتها؟ قال: بلى. قال: تجلس للمظالم فقد احتاج الناس إلى ذلك، فرجع وجلس ووجّه إليها: إني أردتك اليوم، فعرض من حقّ الله ما هو أوجب، فملت إليه، وأنا أجيئك في غد إن شاء الله.
قال سعيد بن سلم الباهلي: صلّى بنا الهادي صلاة الغداة فقرأ: {عَمَّ يَتَسََاءَلُونَ} (1) [النّبأ: الآية 1] فلما بلغ قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهََاداً} (6) [النّبأ: الآية 6] أرتجّ عليه فردّدها ولم يجسر أحد أن يفتح عليه لهيبته، وكان أهيب الناس، فعلم ذلك فقرأ: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: الآية 78] ففتحنا عليه، وكنا نعدّ هذا من محاسنه.
وعزّى إبراهيم بن سلم عن ابن له، وقد اشتد جزعه عليه فقال له:
سرّك وهو بلية وفتنة، ويحزنك وهو ثواب ورحمة!.
وقال لأمه الخيزران حين ولي الخلافة: إنّ الأمر والنهي لا يبلغه قدر النساء، فلا تخرجنّ من خفر الكفاية إلى بذلة التدبير اختمري بخمرتك، وعليك بسبحتك ولا علمتك تعدّيت ذلك إلى تكليف يضرّك، وتعنيف يلزمك، ولك بعد هذا عليّ الطاعة التي أوجبها الله لك في غير كفر ولا مأثم ولا عار.
وأنفذ إليها يوما أرزا مسموما، وقال: استطبت هذا، فأنفذته إليك، فاسترابت به ولم تأكله، ودخل بعقب ذلك إليها فقال لها: هل أكلت الأرز؟
فقالت: نعم. فقال: لو أكلته لكان الأمر بخلاف هذا. متى أفلح خليفة له أمّ؟.
وشهدوا عنده على رجل بأنه شتم قريشا، وتعدّى إلى ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس مجلسا أحضر فيه فقهاء أهل زمانه، وأحضر الرجل والشهود وشهدوا
__________
(1) الهادي العباسي: هو موسى بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور، أبو محمد الهادي، ولد سنة 144هـ، وتولى الخلافة سنة 169هـ، تنازع مع أمه الخيزران في شؤون الملك فأمرت جواريها فخنقنه في ربيع الأول، أو الآخر، سنة 170هـ. (البداية والنهاية 10/ 166165).(3/65)
فتغيّر وجه الهادي، ونكّس رأسه، ثم رفعه، فقال: إني سمعت أبي يحدث عن أبيه المنصور عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عليّ بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن العباس قال: «من أراد هوان قريش أهانه الله» وأنت يا عدوّ الله لم ترض بأن أردت ذلك من قريش حتى تخطّيت إلى ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. اضربوا عنقه فقتل.
الرشيد (1)
قال لحاجبه: احجب عنّي من إذا قعد أطال، وإذا سأل أحال، ولا تستخفّن بذي الحرمة، وقدّم أبناء الدعوة.
عرض له رجل وهو يطوف بالبيت فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أكلّمك بكلام فيه خشونة فاحتمله لي. قال: لا، ولا كرامة، قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر منّي فقال: {فَقُولََا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً} [طه:
الآية 44].
ولما احتضر قال: وا حيائي من رسول الله!.
ودعا بعبد الملك بن صالح وعنده ولاة عهده وقوّاد جنده فجيء به وهو يرسف في قيده، فلما مثل بين يدي الرشيد. قال الرشيد (2): [الوافر]
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
والله لكأني أنظر إلى شؤبوبها وقد همع، وإلى عارضها وقد لمع، وإلى الوعيد قد أورى نارا فأقلع عن رؤوس بلا غلاصم، ومعاصم بلا براجم، مهلا مهلا بني هاشم، فبي سهّل لكم الوعر، وصفا لكم الكدر، فنذار نذار من حلول داهية خبوط باليد، لبوط بالرّجل.
__________
(1) هارون الرشيد: هو هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، ولد سنة 148هـ، وبويع له بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادي سنة 170هـ، توفي سنة 193هـ (الأعلام 8/ 62، البداية والنهاية 10/ 234225).
(2) البيت لعمرو بن معديكرب في ديوانه ص 107، والأغاني 10/ 26، وحماسة البحتري ص 74، والحماسة الشجرية 1/ 40، والدرر 3/ 8، وسمط اللآلي ص 63، والكتاب 1/ 276، وعجز البيت لعلي بن أبي طالب في لسان العرب (عذر).(3/66)
فقال: يا أمير المؤمنين أأتكلم فذّا أو توأما؟ فقال: بل فذّا، فقال: اتّق الله يا أمير المؤمنين فيما دلّاك، وراقبه فيما استرعاك، ولا تجعل الشكر بموضع الكفر لقول قائل ينهس اللحم، ويلغ الدم فو الله لقد حددت القلوب على طاعتك، وذلّلت الرجال لمحبتك، وكنت كما قال أخو بني كلاب (1): [الرمل]
ومقام ضيّق فرّجته ... ببياني، ولساني، وجدل
لو يقوم الفيل أو فيّاله ... زلّ عن مثل مقامي وزحل
فأمر به فردّ إلى محبسه. ثم قال: لقد دعوت به، وأنا أرى مكان السيف من صليف قفاه، ثم هأنّا قد رثيت له.
كتب الرشيد إلى الفضل بن يحيى: أطال الله يا أخي مدّتك، وأدام نعمتك، والله ما منعني من إتيانك إلا التطيّر من عيادتك فاعذر أخاك، فو الله ما قلاك ولا سلاك، ولا استبدل بك سواك.
قال الأصمعي: قال لنا الرشيد ذات يوم: ما التكش عندكم؟ قلت:
الذي يتفتّى على كبر السنّ. فقال: أخطأت. التكش: الذي يشرب على غير سماع.
قالوا: رفع صاحب الخبر في أيام الرشيد أنّ صاحب الحبس حبس رجلا يجمع بين الرجال والنساء في منزله، وأنه سئل عن ذلك، فأقرّ، وزعم أنه يجمع بينهم بتزويج لا زنية، وبنكاح لا سفاح، وشهد له بذلك جماعة، وتشفّع في بابه قوم من الكتاب والقوّاد، فلم يطلق.
فلما قرأ الرشيد ذلك استشاط غضبا حتى أنكر جلساؤه ذلك، وظنوا أنه سينكّل بالرجل، إلى أن قال: وما سبيلهم على رجل وسّع في منزله لصديقه، وأسبل عليه ستره، وسعى فيما يحلّ له من لذّته؟ وهو بعد مستراح للأحرار، وذوي الشرف والأقدار، ونحن نعلم أن الشريف والسيد، والأديب والأريب قد تكون عنده العقيلة من بنات عمه، ونساء قومه، وأكفائه، فتحظر عليه شهوته،
__________
(1) البيتان للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 194، والبيت الثاني في لسان العرب (زحح)، (زوح)، (زيخ)، (زحل)، وتهذيب اللغة 3/ 415، وكتاب العين 3/ 160، وتاج العروس (زوح)، (زيخ)، (زحل)، (فيل).(3/67)
وتملك عليه أمره، وهي أقبح من السحر، وأسمج من القرد، وأهرّ من الكلب، وأشدّ تعدّيا من الليث العادي فيريد شراء جارية أو تزوّج حرة، فلا يقدر على ذلك لمكانها، حتى يستريح إلى مثل هذا من الفتيان ويغشى منزل أمثاله من الأحرار فيجعله سكنه، وينزل به مهمّه فيساعده على حاجته، ويسعى له فيما يحبّ من لذّته، ويستره بمنزله.
اكتبوا في إطلاقه والسؤال عن حاله فإن كان كما ذكر عنه من السّتر، وكان صادقا فيما حكى عن نفسه من الفعل، أعين على مروءته بألف دينار، وأومن من روعته، وعرّف ما أمرنا به فيه.
فقال الجميع: سدّد الله رأي أمير المؤمنين ووفّقه.
وعاتبته أم جعفر في تقريظه للمأمون، دون محمد ابنها، فدعا خادما بحضرته، وقال له: وجّه إلى محمد وعبد الله خادمين حصيفين يقولان لكل واحد منهما على الخلوة: ما يفعل به إذا أفضت الخلافة إليه؟ فأما محمد فإنه قال للخادم: أقطعك وأعطيك، وأقدمك. وأما المأمون فإنه رمى الخادم بدواة كانت بين يديه، وقال: يا ابن اللّخناء أتسألني عما أفعل بك يوم يموت أمير المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين؟ إني لأرجو أن نكون جميعا فداء له.
فرجعا بالخبر فقال الرشيد لأم جعفر: كيف ترين؟ ما أقدّم ابنك إلّا متابعة لرأيك، وتركا للحزم.
وسايره يوما عبد الملك بن صالح فقام رجل، فقال: يا أمير المؤمنين طأطىء من إشرافه، واشدد شكائمه، وإلّا أفسد عليك ملكك فقال الرشيد: يا عبد الملك ما هذا؟ قال: حاسد نعمة، ونافس رتبة أغضبه، رضاك عنّي وباعده قربك مني، وساءه إحسانك إليّ. فقال الرشيد: انخفض القوم وعلوتهم فتوقّدت في قلوبهم جمرة التأسّف فقال عبد الملك: أضرمها الله بالتزيّد عندك فقال: هذا لك، وذاك لهم.
وأنشده إسحق الموصليّ مدحا له، فقال: لله درّ أبيات تجيء بها! ما أحكم أصولها، وأحسن فصولها، وأقلّ فضولها! فقال إسحق: هذا الكلام أحسن من شعري.
كان الحسن اللؤلؤي يختلف إلى المأمون، يلقى عليه الفرائض، فدخل عليه ليلة وقد صلّى العشاء الآخرة، فجعل يلقي عليه، ونعس المأمون فأطبق جفنة فقال الحسن: أنمت أيها الأمير؟ ففتح عينيه وهو إذ ذاك صبيّ فقال:(3/68)
وأنشده إسحق الموصليّ مدحا له، فقال: لله درّ أبيات تجيء بها! ما أحكم أصولها، وأحسن فصولها، وأقلّ فضولها! فقال إسحق: هذا الكلام أحسن من شعري.
كان الحسن اللؤلؤي يختلف إلى المأمون، يلقى عليه الفرائض، فدخل عليه ليلة وقد صلّى العشاء الآخرة، فجعل يلقي عليه، ونعس المأمون فأطبق جفنة فقال الحسن: أنمت أيها الأمير؟ ففتح عينيه وهو إذ ذاك صبيّ فقال:
عامّي والله لم يغذّ بالأدب، خذوا بيده ولا تعيدوه إليّ.
فبلغ ذلك الرشيد فتمثل بقول زهير (1): [الطويل]
وهل ينبت الخطيّ إلا وشيجه ... وتغرس إلّا في منابتها النّخل
وقال لحاجبه: احجب عني من إذا قعد أطال، وإذا سأل أحال، ولا تستخفّنّ بذي حرمة، وقدّم أبناء الدعوة.
وصعد يوما المنبر وقد شغب الجند، ثم سكنوا بعد إيقاع بهم، فقال:
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على ملائكته المقرّبين، والأنبياء أجمعين.
أما بعد فقد كان لكم ذنب، وكان لنا عتب، وكان منكم اصطلام، وكان منّا انتقام، وعندي بعد هذا التنفيس عن المكروبين، والتفريج عن المغمومين، والإحسان إلى المحسنين، والتغمد لإساءة المسيئين، وألّا يكفر لكم بلاء، ولا يحبس عنكم عطاء، وعليّ بذلك الوفاء إن شاء الله. ثم نزل.
قال سعيد بن سلم: كان فهم الرشيد فهم العلماء. أنشده العماني في صفة فرس (2): [الرجز]
كأنّ أذنيه إذا تشوّفا ... قادمة أو قلما محرّفا
فقال الرشيد: دع كأنّ، وقل: تخال أذنيه حتى يستوي الشعر.
__________
(1) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 115، وشرح التصريح 1/ 282، والمقاصد النحوية 2/ 482، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 123، وتذكرة النحاة ص 334، ولسان العرب (خطط).
(2) الرجز لمحمد بن ذؤيب في خزانة الأدب 10/ 237، والدرر 2/ 168، وللعماني في سمط اللآلي ص 876، وشرح شواهد المغني ص 515، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص 173، والخصائص 2/ 430، ولسان العرب (حرف).(3/69)
أنشد النّمري الرّشيد شعرا يقول فيه: [الكامل]
ليست كأسياف الحسين ولابني ... حسن، ولا آل الزبير الكلّل
فقال له الرشيد: وما تولّعك بذكر قوم لا ينالهم ذمّ إلّا شاطرتهم إياه.
قدر ابني هذا منك وفيك، فلا تعد له فإنما نفارقهم في الملك وحده، ثم لا افتراق في شيء بعده.
ماتت أمّه الخيزران بعد ثلاث سنين من خلافته، وكان غلّتها يوم ماتت مائتي ألف ألف، وستين ألف درهم كلّ سنة فاتسع الرشيد بذلك ومات في اليوم الذي ماتت فيه محمد بن سليمان بالبصرة، وقبض الرشيد ما خلّفه من الصامت، فكان ثلاثة آلاف ألف دينار، ولم يعرض لغير ذلك من أصناف المال.
قال الرشيد يوما: بلغني أنّ العامة يظنّون بي بغض عليّ بن أبي طالب.
والله ما أحبّ أحدا حبّي له، ولكنّ ولده هؤلاء أشدّ الناس بغضا لنا، وطعنا علينا، وسعيا في إفساد ملكنا، بعد أخذنا بثأرهم، ومساهمتنا إياهم ماحوينا، حتى إنهم لأميل إلى بني أمية منهم إلينا، فأما عليّ وولده لصلبه، وأولاد أولاده فهم سادة الأهل، والسابقون إلى الفضل ولقد حدّثني أبي المهديّ عن أبيه المنصور عن محمد بن علي عن أبيه عن ابن العباس أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول في الحسن والحسين: «من أحبّهما فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني».
وسمعته صلّى الله عليه وسلّم يقول في فاطمة رضي الله عنها: «فاطمة سيّدة نساء العالمين ما خلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم».
قال يزيد بن مزيد: قال لي الرشيد: ما بقي في العرب من يفتك! قلت:
وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: رجل يقتل لي يحيى بن خالد. قال: قلت له: فأنا أقتله وآتيك برأسه. قال: ليس كذا أريد. إنما أريد أن يقتله رجل فأقتله به. قال: فحدثت به الفضل بن سهل بمرو، فوجم واغتمّ.
قال الأصمعي: قال لي الرشيد في أول يوم عزم فيه على تأنيسي: يا عبد الملك أنت أحفظ منّا، ونحن أعقل منك. لا تعلّمنا في ملإ، ولا تسرع
إلى تذكيرنا في خلاء، واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال، فإذا بلغت من الجواب قدر استحقاقه فلا تزد، وإياك والبداء إلى تصديقنا، أو شدة العجب بما يكون منّا. وعلمنا من العلم ما نحتاج إليه على عتبات المنابر، وفي أعطاف الخطب، وفواصل المخاطبات، ودعنا من رواية حوشيّ الكلام وغرائب الأشعار، وإياك وإطالة الحديث إلا أن نستدعي ذلك منك. ومتى رأيتنا صادفين عن الحق فأرجعنا إليه ما استطعت، من غير تقرير بالخطأ، ولا إضجار يطول التّرداد.(3/70)
قال الأصمعي: قال لي الرشيد في أول يوم عزم فيه على تأنيسي: يا عبد الملك أنت أحفظ منّا، ونحن أعقل منك. لا تعلّمنا في ملإ، ولا تسرع
إلى تذكيرنا في خلاء، واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال، فإذا بلغت من الجواب قدر استحقاقه فلا تزد، وإياك والبداء إلى تصديقنا، أو شدة العجب بما يكون منّا. وعلمنا من العلم ما نحتاج إليه على عتبات المنابر، وفي أعطاف الخطب، وفواصل المخاطبات، ودعنا من رواية حوشيّ الكلام وغرائب الأشعار، وإياك وإطالة الحديث إلا أن نستدعي ذلك منك. ومتى رأيتنا صادفين عن الحق فأرجعنا إليه ما استطعت، من غير تقرير بالخطأ، ولا إضجار يطول التّرداد.
قال: قلت: أنا إلى حفظ هذا الكلام أحوج منّي إلى كثير من البر.
الأمين (1)
قيل لبعض العلماء: كيف كانت بلاغة الأمين؟ قال: والله لقد أتته الخلافة يوم جمعة، فما كان إلّا ساعة حتى نودي: الصلاة جامعة، فخرج ورقى المنبر فحمد الله، وأثنى عليه. ثم قال:
أيّها الناس وخصوصا يا بني العباس إنّ المنون مراصد ذوي الأنفاس حتم من الله لا يدفع حلوله، ولا ينكر نزوله، فارتجعوا قلوبكم من الحزن على الماضي إلى السرور بالباقي، تجزون ثواب الصابرين، وتعطون أجور الشاكرين.
فتعجب الناس من جرأته، وبلّة ريقه، وشدّة عارضته.
وكان المأمون يقول: كان يقول لي الرشيد: وددت لو أن لك بلاغة محمد، وأنّ عليّ غرم كذا وكذا.
وذكر أنّ محمدا في صباه كان كثير اللّعب، وكان المعلّم يلقي عليه في الكتاب، وعلى المأمون، وكان محمد يلعب ويحفظ، والمأمون ينسى وهو مقبل على العلم يقصد قصده.
ذكر أنه دعا يوما عبد الله بن أبي عفّان ليصطبح فأبطأ فلما جاء قال:
أظنّك أكلت. قال: لا والله. قال: والله لتصدقنّ، قال: نعم يا أمير المؤمنين
__________
(1) الأمين العباسي: هو محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، أبو عبد الله، ويقال: أبو موسى الهاشمي العباسي، ولد سنة 170هـ، وبويع بالخلافة سنة 193هـ بعد وفاة الرشيد، وقتل سنة 198هـ (البداية والنهاية 10/ 258255).(3/71)
فدعا بحكّاك فحكّ أضراسه السّفلى فلما ذهب ليحكّ العليا قال: يا أمير المؤمنين دعها لغضبة أخرى فخلّاه.
قال الفضل بن مروان: سمعته يقول في خطبته: الناس جميعا آمنون إلّا أصحاب الأهواء.
وقال لكاتب بين يديه: دع الإطناب، والزم الإيجاز فإنّ للإيجاز إفهاما، كان أنّ مع الإسهاب استبهاما.
ولما اشتدّ طاهر على محمد دخلت عليه أمّه أمّ جعفر باكية فقال لها:
مه، إنّه ليس بجزع النساء وهلعهن تشفى الصدور، وتساس الأمور وللخلافة سياسة تلين مرة وتخشن أخرى، لا يسعها صدر المراضيع، ولا تحفظ بإضاعة، فإليك إليك.
وكتب محمد إلى طاهر بخطّه: اعلم يا طاهر أنه ما قام لنا قائم بحقّ فتمّ لأحدنا أمره إلا كان السيف جزاءه منه فانظر لنفسك أو دع.
فقال طاهر وكان قوم يضعّفون محمدا عنده على من يقول: إنّ هذا مضعّف مأفون لعنه الله، لقد قدح بقلبي نارا من الحذر لا يطفئها أمن أبدا.
كان الرشيد أخد ضيعة من صالح صاحب المصلّى. ودفعها إلى أمّ جعفر فلما ولي الأمين سأله الفضل بن ربيع ردّها على صالح فقال: أنا أعوّضه ولا أظلم أبي، ولا أعق أمي.
قال بعضهم: كنت واقفا بين يدي الأمين فقال لكاتب بين يديه: اكتب:
بسم الله الرّحمن الرّحيم من عبد الله محمد الأمين أمير المؤمنين إلى طاهر بن الحسين سلام عليك.
أما بعد فإنّ الأمر قد خرج بيني وبين أخي إلى هتك الستور، وكشف الحرم، ولست آمن أن يطمع في هذا الأمر السحيق البعيد لشتات ألفتنا، واختلاف كلمتنا، وقد رضيت أن تكتب لي أمانا لأخرج إلى أخي به فإن تفضّل عليّ فأهل لذلك، وإن قتلني فمروة كسرت مروة، وصمصامة قطعت صمصامة ولأن تفترسني السّبع أحبّ إليّ من أن ينبحني الكلاب.
ودفع الكتاب إلى خادم له وقال لي: امض معه.(3/72)
أما بعد فإنّ الأمر قد خرج بيني وبين أخي إلى هتك الستور، وكشف الحرم، ولست آمن أن يطمع في هذا الأمر السحيق البعيد لشتات ألفتنا، واختلاف كلمتنا، وقد رضيت أن تكتب لي أمانا لأخرج إلى أخي به فإن تفضّل عليّ فأهل لذلك، وإن قتلني فمروة كسرت مروة، وصمصامة قطعت صمصامة ولأن تفترسني السّبع أحبّ إليّ من أن ينبحني الكلاب.
ودفع الكتاب إلى خادم له وقال لي: امض معه.
فعبرنا إلى طاهر فقال: الآن حين انخرم عنه مرّاقه وفسّاقه، وبقي مخذولا، مغلولا يلوذ بالأمان لا والله أو يجعل في عنقه ساجورا (1)، ويقول:
هأنذا قد نزلت على حكمك.
فقلنا: فما الجواب؟ قال: قد سمعتماه فانصرفا إلى الأمين، وأخبراه بذلك فقال: كذب عبد السوء العاضّ لهن أمه والله ما أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليّ.
كان الأمين أول من دعي له على المنابر باللقب، وأول من كتب عنه: من عبد الله محمد الأمين.
سمع الأمين الفضل بن ربيع يتمثل بقول البعيث (2): [الطويل]
لشتّان ما بيني وبين ابن خالد ... أميّة في الرزق الذي الله يقسم
يقارع أتراك ابن خاقان ليله ... إلى أن يرى الإصباح، لا يتلعثم
وآخذها صهباء كالمسك ريحها ... لها أرج في دنّها حين ترشم
فقال له: يا عباسيّ لقد علمت ما أردت بتمثّلك، أردتّني وعبد الله أخي، وأنه يجدّ بي وأمزح، وما ضرّ يزيد لعبه، ولا نفع ابن الزّبير تيقّظه وجدّه، وما قضي فهو كائن، وإلى الله تصير الأمور.
المأمون (3)
قال يوما لبعض رهطه: يا نطف الخمار، ونزائع الظّؤورة (4)، وأشباه الخؤولة.
__________
(1) الساجور: خشبة تعلق في عنق الكلب لتكون علامة له.
(2) الأبيات في الشعر والشعراء ص 472، 476.
(3) المأمون: هو عبد الله أبو العباس المأمون بن هارون الرشيد، ولد ببغداد سنة 170هـ، وتوفي بطوس سنة 218هـ، الخليفة العباسي، كان معتزلي المذهب وحارب كثيرا وحقق انتصارات عظيمة، وفي عهده ظهرت محنة القول بخلق القرآن (انظر: تاريخ الطبري 10/ 270، تاريخ المقريزي 2/ 492، الفخري 197، تاريخ بغداد 10/ 183، الكامل في التاريخ 6/ 144، الأعلام 4/ 142).
(4) الظؤورة: جمع ظئر، وهي المرضعة لغير أولادها.(3/73)
وذكر أنّ الكسائي (1) قام إليه يوما وهو يعلّمه وهو صغير فضربه.
وقد كان صلّى ذلك اليوم قاعدا: أما تستحي أيها الشيخ تصلّي لله قاعدا، وتضربني قائما!.
قال بعضهم: قرأت كتاب ذي الرياستين (2) إلى المأمون، وتوقيع المأمون فيه، فإذا في الكتاب بعد الصّدر والدعاء:
إنّ قارئا قرأ البارحة: «وقلن نسوة في المدينة» (3)، فأنكرنا ذلك عليه، فذكر أنّ الكسائيّ أجازه، وكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فرددنا علم كتاب الله إلى خليفته.
قال: وإذا توقيع المأمون فيه: عمّرك الله ذا الرياستين طويلا في طاعته، وجعلك قائما بأمر دينه، ذابّا عن حريم أمته، إن لكلّ علم دستورا، ودستور هذا العلم القرآن فعليك بقراءته على ما أجمع عليه، ولا تلتفت إلى مختار قولا ليعقد له رياسة، والسلام.
كتب المأمون إلى طاهر لما قتل عليّ بن عيسى في رسالة طويلة:
إنّما لك من هذا الأمر موقع السّهم من الرميّة، والتسديد والرأي، والتدبير لأبي العباس الفضل بن سهل.
وكان يقول: إذا رفعت المائدة من بين يديه: الحمد لله الذي جعل أرزاقنا فضلا عن أقواتنا.
وقال: ما انفتق عليّ فتق قطّ إلا وجدت سببه جور العمال.
__________
(1) الكسائي: وهو علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان، مولى بني أسد، أبو الحسن، المعروف بالكسائي، ثم البغدادي الكوفي، أحد أئمة النحو، توفي سنة 189هـ، له من المصنّفات:
«اختلاف العدد»، «أشعار المعاياة وطرائقها»، «قصص الأنبياء»، «كتاب الحروف»، «كتاب العدد»، «كتاب القراءات»، «كتاب المصادر»، «كتاب النوادر الأصغر»، «كتاب النوادر الأكبر»، «كتاب النوادر الأوسط»، «كتاب الهاءات»، «المكنى في القرآن»، «كتاب الهجاء»، «مختصر في النحو»، «معاني القرآن»، «مقطوع القرآن وموصوله» (كشف الظنون 5/ 668).
(2) ذو الرياستين: هو الفضل بن سهل السرخسي، أبو العباس، وزير المأمون، وصاحب تدبيره، لقب بذي الرياستين لأنه جمع بين رياستي القلم والتدبير، توفي سنة 202هـ (الأعلام 5/ 149، زهر الآداب ص 30، الوزراء والكتاب ص 305).
(3) في القرآن الكريم: {وَقََالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: الآية 30].(3/74)
وقال: أهل السّوق سفّل، والصنّاع أنذال، والتجار بخلاء، والكتّاب ملوك على الناس.
وقيل له: ليس في السّرف شرف فقال: ليس في الشرف سرف.
وقال يوما لبعضهم: متى قدمت؟ قال: بعد غد يا أمير المؤمنين. فقال:
بيني وبينك بعد مرحلتان.
ورأى المأمون يحيى بن أكثم يحدّ النّظر إلى الواثق وهو أمرد فقال:
يا أبا محمد، حوالينا ولا علينا.
تنازع أحمد بن أبي خالد وإبراهيم السندي بحضرة المأمون فقال أحمد:
أمير المؤمنين أفضل من آبائه قدرا وأرفع محلا.
وقال إبراهيم: بل أمير المؤمنين أرفع أهل دهره، ودوين آبائه.
فقال المأمون: يا أحمد إن إبراهيم يبنيني، وأنت تهدمني، وهو يبرم قتل مريرتي، وأنت تنقضني.
قال بعضهم: حضرت المأمون وقد قطّعت له ثياب خزّ فقال: بطّنوها بألوان طرزها.
ولما احتضر قال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه.
ضرب رجل على سكّته فأمر بحبسه مؤبّدا فلبّى في الحبس ليخرج فرفع إليه الخبر فوقع المأمون: أظنّ هذا الرجل الخائن قصد خلاف نيّته في الحجّ، وأظهر ضدّ عزيمته، وقد أخطأت استه الحفرة فإذا حرّم الحجّ بسوء تدبيره، فلن يعدم فتوى صادقة من فريضة محكمة، هو محصر وعليه الهدي فليأخذ بتعجيله ولا يرخّص له في تأخيره.
وسمع رجلا يقول: قلب الله الدنيا! فقال المأمون: إذا تستوي.
واختصم بحضرته بصري وكوفي فقال المأمون للبصري: ارمه بآيتيك المدّ والجزر، ومحمد بن عباد.
دخل إليه يحيى بن الحسين الطالبي فقال: يا أمير المؤمنين، حيّرتني عارفتك، حتّى ما أدري كيف أشكرك. قال: فلا عليك فإنّ الزيادة في الشكر على الصنيعة ملق، وإن النقص عيّ، وحسبك أن تبلغ حيث بلغ بك.
وقال لعبد الله بن طاهر: تثبت، فإنّ الله قد قطع عذر العجول، بما مكّنه من التّثبّت، وأوجب عليه الحجة على القلق، بما بصّره من فضل الأناة. فقال ابن طاهر: أأكتبه؟ فقال: نعم.(3/75)
دخل إليه يحيى بن الحسين الطالبي فقال: يا أمير المؤمنين، حيّرتني عارفتك، حتّى ما أدري كيف أشكرك. قال: فلا عليك فإنّ الزيادة في الشكر على الصنيعة ملق، وإن النقص عيّ، وحسبك أن تبلغ حيث بلغ بك.
وقال لعبد الله بن طاهر: تثبت، فإنّ الله قد قطع عذر العجول، بما مكّنه من التّثبّت، وأوجب عليه الحجة على القلق، بما بصّره من فضل الأناة. فقال ابن طاهر: أأكتبه؟ فقال: نعم.
قالوا: لما وجد عمر بن فرح كتابا من أهل الكرخ إلى علي بن محمد بن جعفر بن محمد رضي الله عنهم جاء به إلى المأمون فقال المأمون: نحن أولى من ستر هذا ولم يشعه. ودعا عليّ بن محمد فقال له: قد وقفنا على أمرك، وقد وهبنا ذلك لعليّ وفاطمة رضي الله عنهما فاذهب، وتخيّر ما شئت من الذّنوب، فإنا نتخيّر لك مثل ذلك من العفو.
رفع الواقدي قصة إليه يشكو غلبة الدّين، وقلة الصبر فوقّع المأمون عليها: أنت رجل فيك خلّتان: السخاء والحياء فأما السخاء. فهو الذي أطلق ما في يدك، وأمّا الحياء فبلغ بك ما أنت عليه، وقد أمرنا لك بمائة ألف درهم. فإن كنّا أصبنا إرادتك فازدد في بسط يدك، وإن كنّا لم نصب إرادتك فبجنايتك على نفسك. وأنت كنت حدثتني، وأنت على قضاء الرشيد، عن محمد بن إسحق عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال للزبير: «يا زبير إنّ مفاتيح الرّزق بإزاء العرش، ينزل الله للعباد على قدر نفقاتهم فمن كثّر كثّر له. ومن قلّل قلّل له.
قال الواقدي: وكنت أنسيت هذا الحديث فكانت مذاكرته إيّاي به أعجب إليّ من صلته.
وقال المأمون: الطعام لون واحد. فإذا استطبته فاشبع منه. والندمان واحد، فإذا استطبته فاستزده حتى تقضي وطرك منه.
وذكر أنّ إبراهيم بن المهدي دخل على المأمون، وبين يديه صاع رطب، قفال: ادن فكل. فقال: يا أمير المؤمنين على ما بي؟ وكان وجع العين فقال:
ويحك ولا تهب عينك للرّطب.
ودخل إليه الطبيب فشكا إليه وجع الأسنان فقال: يا أمير المؤمنين لا تأكل الرطب ولا تشرب الماء بثلج فقال: لولاهما ما أردتك.
قال بعضهم: رأيت المأمون وقد ضرب غسان بن عباد خمس عشرة درّة لإعادته حدثيا على النّبيذ.(3/76)
ودخل إليه الطبيب فشكا إليه وجع الأسنان فقال: يا أمير المؤمنين لا تأكل الرطب ولا تشرب الماء بثلج فقال: لولاهما ما أردتك.
قال بعضهم: رأيت المأمون وقد ضرب غسان بن عباد خمس عشرة درّة لإعادته حدثيا على النّبيذ.
وقال المأمون لمحمد بن يزداد: جئني بمن يكتب بين يديّ كتابا إلى عبد الله بن طاهر، فجاء بسليمان بن وهب، فأملى عليه، ثم نظر إلى خطّه فاستجاده. فقال: من تكون يا غلام؟ قال: سليمان بن وهب بن سعيد عبد أمير المؤمنين وابن عبده. قال: وهب بن سعيد الغريق في دجلة؟ قلت: نعم يا سيدي. قال: لله درّ أبيك! ما كان يطفىء ذكاءه إلا دجلة.
وقّع المأمون في قصة متظلّم من أبي عيسى بن الرشيد: {فَإِذََا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلََا أَنْسََابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلََا يَتَسََاءَلُونَ} (101) [المؤمنون: الآية 101] وتظلّم إليه قوم من قاضي جبّل، وذكروا أنه يعضّ رؤوس الخصوم، فوقّع في قصتهم يشنق إن شاء الله.
وقال: من أراد أن يطيب عيشه فليدفع الأيام بالأيام.
قال أحمد بن أبي خالد: دخلت على المأمون وهو قائم يصفّي نبيذا، فبادرت لأتولّى ذلك فقال: مه أما أحد يكفيني هذا؟ ولكن مجراه على كبدي فأحببت أن أتولّاه بيدي.
قال العباس بن المأمون لغلامه: إن رأيت في الرّصافة بقلا حسنا فاشتر لي منه بنصف درهم. فقال المأمون: إمّا إذ عرفت أنّ للدرهم نصفا فو الله لا أفلحت أبدا.
قال يحيى بن أكثم: ما شيت المأمون في بستانه، ويده في يدي، فكان في الظلّ، وأنا في الشمس. فلما بلغنا ما أردنا. ورجعنا صرت أنا في الفيء وصار هو في الشمس فدرت أنا إلى الشمس فقال: ليس هذا بإنصاف، كما كنت أنا في الفيء ذاهبا فكن أنت في الفيء راجعا. قال المأمون: أقمت زمانا أداري الرشيد في أربعة أشياء: منها أنه كان يزعم أن بغداد أطيب بلاد الله، وكنت أستوبئها. وكان يقول: إن وجدت رجلا يقدّم علي بن أبي طالب على من تقدّمه ضربته الحد، وكنت ممن يقدّمه. وكان يقول: ضعوا الأموال مواضعها فإنّكم إن صرفتموها عن أهلها ووضعتموها في غيرهم كنت كمن بذر
في السباخ، وكان المال عندي بمنزلة الحجارة، وأنسيت الرابعة. قالوا: كانت الرابعة حبّ الرشيد للفضل بن الربيع، وبغض المأمون له.(3/77)
قال يحيى بن أكثم: ما شيت المأمون في بستانه، ويده في يدي، فكان في الظلّ، وأنا في الشمس. فلما بلغنا ما أردنا. ورجعنا صرت أنا في الفيء وصار هو في الشمس فدرت أنا إلى الشمس فقال: ليس هذا بإنصاف، كما كنت أنا في الفيء ذاهبا فكن أنت في الفيء راجعا. قال المأمون: أقمت زمانا أداري الرشيد في أربعة أشياء: منها أنه كان يزعم أن بغداد أطيب بلاد الله، وكنت أستوبئها. وكان يقول: إن وجدت رجلا يقدّم علي بن أبي طالب على من تقدّمه ضربته الحد، وكنت ممن يقدّمه. وكان يقول: ضعوا الأموال مواضعها فإنّكم إن صرفتموها عن أهلها ووضعتموها في غيرهم كنت كمن بذر
في السباخ، وكان المال عندي بمنزلة الحجارة، وأنسيت الرابعة. قالوا: كانت الرابعة حبّ الرشيد للفضل بن الربيع، وبغض المأمون له.
كان يقول: أنا والله أستلذّ العفو حتى أخاف ألّا أوجر عليه ولو عرف الناس مقدار محبتي للعفو لتقرّبوا إليّ بالذّنوب.
وكان يقول: شرب الماء بالبلح أدعى إلى إخلاص الحمد.
قال الجاحظ: سمعته يقول: الإرجاء دين الملوك.
وكان يحبّ الشّطرنج واللعب بها، ويقول: هو لهو فكريّ. ولم يكن حاذقا بها فكان يقول: أنا أدبّر أمر الدنيا فأتّسع لذلك، وأضيق عن تدبير شبرين في شبرين، وله في الشّطرنج شعر معروف.
كان العباس ابنه مولعا بشرى الضّياع، والمعتصم أخوه بشرى الغلمان فكان المأمون إذا رآهما تمثّل (1): [الكامل]
يبني الرّجال، وغيره يبني القرى ... شتّان بين قرى وبين رجال
قلق بكثرة ماله وجياده ... حتى يفرّقها على الأبطال
وقيل له: إن دعبلا قد هجاك فقال: من يجسر أن يهجو أبا عباد على خرقه وعجلته يجسر أن يهجوني.
وكان يقول: إذا وضحت الحجّة ثقل عليّ استماع المنازعة فيها.
وحدّثه يوما المدائني، فقال: إنّ معاوية قال: بنو هاشم أسود واحدا ونحن أكثر سيّدا. فقال المأمون: يا عليّ إنه قد أقرّ وادّعى فهو في ادعائه خصم، وفي إقراره مخصوم.
قال ابن أبي داود: سمعته يقول لرجل: إنما هو عذر أو يمين، وقد وهبتهما لك فلا تزال تسيء وأحسن، وتذنب وأعفو حتى يكون العفو هو الذي يصلحك.
__________
(1) البيت الأول بلا نسبة في لسان العرب (بني)، وتاج العروس (بني).(3/78)
وقال له الحسن بن سهل في رجل مذنب: هبه لي. قال: وكيف لا أهبه لمن به قدرت عليه.
وخطب بمرو وقد ورد عليه كتاب الأمين يعزّيه بالرشيد، ويحثّه على أخذ البيعة له فقال:
إنّ ثمرة الصبر الأجر، وثمرة الجزع الوزر، والتسليم لأمر الله جلّ وعزّ فائدة جليلة، وتجارة مربحة، والموت حوض مورود، وكأس مشروب. وقد أتى على خليفتكم رضي الله عنه ما أتى على نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، فما كان إلا عبدا دعي فأجاب، وأمر فأطاع، وقد سدّ أمير المؤمنين ثلمته وقام مقامه، وفي أعناقكم من العهد ما قد عرفتم فأحسنوا العزاء عن إمامكم الماضي، واغتبطوا بالنعماء بالوفاء لخليفتكم الباقي. يا أهل خراسان:
إنّ الموت نازل، والأجل طالب، وأمس واعظ، واليوم مغتنم، وغد منتظر. ثم نزل.
وكتب إليه يزيد بن عقال يثني على عبد الله بن طاهر فوقّع المأمون في كتابه: عبد الله كما ذكرت، وعلى أكثر مما وصفت. قد حمّله أمير المؤمنين فاحتمل، وأثقله فاضطلع.
كانوا يسمّون أرصاد السلطان المسالح من السّلاح، فكره ذلك المأمون فصيّره المصالح من المصلحة.
وقال: إذا أصلح الملك مجلسه، واختار من يجالسه صلح ملكه كلّه.
ورفع أهل الكوفة قصة إليه يشكون عاملا فوقّع: عيني تراكم، وقلبي يرعاكم، وأنا مولّ عليكم ثقتي ورضاكم.
وشغب الجند فرفع ذلك إليه فوقّع: لا يعطون على الشّغب، ولا يحوجون إلى الطّلب.
وناظر يوما محمد بن القاسم النّوشجاني، فجعل يصدقه ويفضي له، فقال له المأمون: تنقاد لي إلى ما تظنّ أنه يسرّني، قبل وجوب الحجة عليك ولو شئت أن أقتسر الأمور بفضل بيان، وطول لسان، وأبّهة الخلافة، وسطوة الرياسة لصدّقت وإن كنت كاذبا، وصوّبت وإن كنت مخطئا، وعدلت وإن كنت
جائرا، ولكني لا أرضى إلا بإزالة الشّبهة، وغلبة الحجة، وإنّ شرّ الملوك عقلا، وأسخفهم رأيا من رضي بقولهم: صدق الأمير.(3/79)
وناظر يوما محمد بن القاسم النّوشجاني، فجعل يصدقه ويفضي له، فقال له المأمون: تنقاد لي إلى ما تظنّ أنه يسرّني، قبل وجوب الحجة عليك ولو شئت أن أقتسر الأمور بفضل بيان، وطول لسان، وأبّهة الخلافة، وسطوة الرياسة لصدّقت وإن كنت كاذبا، وصوّبت وإن كنت مخطئا، وعدلت وإن كنت
جائرا، ولكني لا أرضى إلا بإزالة الشّبهة، وغلبة الحجة، وإنّ شرّ الملوك عقلا، وأسخفهم رأيا من رضي بقولهم: صدق الأمير.
وقف أحمد بن أحمد بن عروة بين يديه، وقد صرفه عن الأهواز، فقال له المأمون: أخربت البلاد، وأهلكت العباد. فقال: يا أمير المؤمنين ما تحبّ أن يفعل الله بك إذا وقفت بين يديه، وقد قرّعك بذنوبك؟ فقال: العفو والصفح.
قال: فافعل بغيرك ما تختار أن يفعل بك. قال: قد فعلت. ارجع إلى عملك، فوال مستعطف خير من وال مستأنف.
وتأخّر سابق الحاجّ مرة عن وقته، ثم ورد ورفع قصة فألحق بنقطة الباء نقطة أخرى، وجعله سائق الحاج.
وقال له رجل: يا أمير المؤمنين، انظر لعرب الشام كما نظرت لعجم خراسان. فقال: لأيهم أنظر؟ لقيس؟ فو الله ما أزلتها عن ظهور خيلها حتى لم يبق لي درهم مروانية عند اضطرارها زبيرية باختيارها. أم لتميم؟ فو الله ما يعرفون إلا الأكل والغدر وأما اليمن فالعجم أقرب إلينا منهم، وما أحبّونا قط وقضاعة مذبذبة في نسبها، شادّة حزم دوابّها، تنتظر خروج السّفياني لتكون زعمت منه وأما ربيعة فساخطة على الله منذ بعث نبيّا من مضر، وما خرج اثنان قطّ إلا كانا ربعيّين أو أحدهما فاغرب قبّح الله ما أشرت به.
ووقّع إلى عليّ بن هشام وقد شكاه غريم له: ليس من المروءة أن تكون آنيتك من ذهب وفضّة، ويكون غريمك عاريا، وجارك طاويا.
وكان يقول: أسلم أبو طالب بقوله: [المتقارب]
نصرنا الرسول رسول المليك ... بقضب تلألأ كلمع البروق
وقال المأمون: الرتبة نسب يجمع أهلها فشريف العرب أولى بشريف العجم من شريف العرب بوضيع العرب، وشريف العجم أولى بشريف العرب من شريف العجم بوضيع العجم فأشراف الناس طبقة كما أنّ أوضاعهم طبقة.
استقبل الطالبيون المأمون في منصرفه من خراسان إلى العراق في بعض الطريق، يعتذرون مما كان من خروجهم عليه فقال المأمون: أولنا وأولكم ما تعلمون، وآخرنا وآخركم ما تريدون، وتناسوا ما بين هذين.(3/80)
نصرنا الرسول رسول المليك ... بقضب تلألأ كلمع البروق
وقال المأمون: الرتبة نسب يجمع أهلها فشريف العرب أولى بشريف العجم من شريف العرب بوضيع العرب، وشريف العجم أولى بشريف العرب من شريف العجم بوضيع العجم فأشراف الناس طبقة كما أنّ أوضاعهم طبقة.
استقبل الطالبيون المأمون في منصرفه من خراسان إلى العراق في بعض الطريق، يعتذرون مما كان من خروجهم عليه فقال المأمون: أولنا وأولكم ما تعلمون، وآخرنا وآخركم ما تريدون، وتناسوا ما بين هذين.
وركب يوما فصاح إليه الأنصار فقال: أين كنتم يوم سقيفة بني ساعدة، والعباس وعليّ يريدان نصرتكم؟ فلا تريدوا مني ثوابا.
قال يحيى بن أكثم: لما أراد المأمون أن يزوّج علي بن موسى (1)، قال لي: يا يحيى تكلّم، فهبت أن أقول أنكحت فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت الحاكم الأكبر وأنت أولى بالكلام فقال:
الحمد لله الذي تصاغرت الأمور لمشيئته، ولا إله إلّا الله، إقرارا بربوبيّته، وصلّى الله على محمد عند ذكره.
وأما بعد فإن الله تعالى جعل النّكاح سنّة للأنام، وفصلا بين الحلال والحرام، وإني قد زوجت ابنتي أم الفضل من عليّ بن موسى الرضا، وقد مهرتها عنه أربعمائة درهم.
وقال المأمون: تمام النعمة أن تستتمّ بلزوم شكرها، وأوّل منازل الشكر ألّا يتوصّل إلى معصية منعم بفضل نعمته.
قال أحمد بن أبي دواد: قال لي المأمون: لا يستطيع الناس أن ينصفوا الملوك من وزرائهم، ولا يستطيعون أن ينظروا بالعدل بين ملوكهم وحماتهم وكفاتهم، وبين صنائعهم وبطانتهم، وذلك أنّهم يرون ظاهر حرمة وخدمة، واجتهاد ونصيحة، ويرون إيقاع الملوك بهم ظاهرا، حتى لا يزال الرجل يقول:
ما أوقع به إلّا رغبة في ماله، وإلّا رغبة فيما لا تجود النفوس به، أو لعلّ الحسد والملالة، وشهوة الاستبدال اشتركت في ذلك. وهناك جنايات في صلب الملك، أو في بعض الحرم لا يستطيع الملك أن يكشف للعامة موضع العورة
__________
(1) هو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، أبو الحسن الملقب بالرضا، ولد بالمدينة سنة 153هـ، وتوفي بطوس سنة 203هـ، ثامن الأئمة الاثني عشرية، عند الإمامية، من سادات أهل البيت وفضلائهم (الأعلام 5/ 26، الكامل في التاريخ 6/ 119، تاريخ الطبري 10/ 251، تاريخ اليعقوبي 3/ 180، وفيات الأعيان 1/ 321).(3/81)
في الملك، وأن يحتجّ لتلك العقوبة بما يستحقّ ذلك الذّنب، ولا يستطيع ترك عقابه، لما في ذلك من الفساد على علمه بأنّ عذره غير مبسوط عند العامة، ولا معروف عند أكثر الخاصّة.
ونزل رجل فعدا بين يديه، فأشار بيده أن حسبك فقال له بعض من كان بقرب من المأمون: اركب. فقال المأمون: لا يقال لمثل هذا: اركب، إنما يقال له: انصرف.
تحدّث المأمون يوما فضحك إسحق بن إبراهيم المصعبي فقال:
يا إسحق، أؤهلك لشرطتي، وتفتح فاك من الضحك؟ خذوا سواده وسيفه، ثم قال: أنت بالشراب أشبه، ضعوا منديلا على عاتقه فقال إسحق:
أقلني يا أمير المؤمنين. قال: قد أقلتك، فما ضحك بعدها.
قال المأمون: لأن أقتدي بسيرة أنو شروان أحبّ إليّ من أن أقتدي بسيرة عمر بن عبد العزيز لأنّ أنو شروان كان عنده أن الحقّ له، وكان عند عمر أن الحقّ ليس له، وأقام عليه.
وقال لعليّ بن هشام: يا عليّ، إياك وهذه الخصال، فإنّ الملوك، تحتمل كل شيء ما خلاهنّ: القدح في الملك، وإفشاء السّرّ، والتعرض للحرم.
وقال: ليس من توكّل المرء إضاعته للحزم، ولا من الحزم إضاعته للتوكل.
المعتصم (1)
لما أقطع المعتصم أشناسا ضياع الحسن بن سهل، وجّه الحسن بقبالاتها إلى أشناس، وكتب إليه:
قد عرفت رأي أمير المؤمنين في إخلاصك بهذه الضّياع، وأحببت ألا تعرض على عقبك عقبى فأنفذت لك قبالاتها معتدّا في قبولكها بإسباغ النعمة
__________
(1) المعتصم العباسي: هو محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور العباسي، أبو إسحق، ولد سنة 179هـ، وتولى الخلافة سنة 218هـ، وكان شجاعا قويا بنى مدينة سرّ من رأى وبها توفي سنة 227هـ (البداية والنهاية 10/ 315313).(3/82)