تقديم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله، النبي العربي الأمي، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه الكرام المنتجبين.
وبعد فإن للقرآن الكريم الشأن الأعظم في أمر الإسلام والمسلمين، فهو هديهم في شريعتهم، وهو المنار الذي يستضاء به في اللغة العربية وأساليب البلاغة فيها، وهو المنبع الصافي الذي ينهلون منه فلسفتهم الروحية والخلقية، وهو الموجه لهم في الحياة والمعاملات وشتى المظاهر الاجتماعية.
فلا عجب أن يكون القرآن الكريم موضع عناية خاصة لدى المسلمين منذ القدم، فقد تتابعت أنواع المصنفات في أحكامه وفي تفسيره وفي بلاغته وفي لغته وفي إعرابه، ولقد ازدهرت في الثقافة الإسلامية ضروب من العلوم والفنون حول القرآن وتحت رايته.
هذا كتاب «معاني القرآن» للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة البلخي المجاشعي. وضعه في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.
ويعدّ كتاب الأخفش الأوسط «معاني القرآن» من الكتب الأولى في دراسة القرآن الكريم، فهو وكتاب «مجاز القرآن» لأبي عبيدة، و «معاني القرآن» للفراء، من الكتب الأولى التي كانت السباقة في خوض هذا النوع من التفاسير. وقد ألفه الأخفش بعد اتصاله بالكسائي ببغداد.(1/3)
أما عملنا في هذا الكتاب فهو:
أولا: وضعنا ترجمة وافية للمؤلف.
ثانيا: وضعنا مقدمة في علم تفسير القرآن، مأخوذة من «كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم» للتهانوي 1/ 3733 (طبعة دار الكتب العلمية).
ثالثا: حرصنا بقدر الطاعة على تنقية النص من الأخطاء، حيث وجدنا في الأصل الكثير من الكلمات المطموسة وغير الواضحة والتي كان من الصعب التعرف عليها.
رابعا: وضعنا في حواشي الكتاب تعريفا وافيا مع ذكر المراجع بجميع الأعلام المذكورة في المتن، وما أهملناه من ذلك إما معروف مشهور، ولم نجد ضرورة لنافل القول فيه، وإما لم نهتد إليه فيما بين أيدينا من المراجع والمصادر، وقد أشرنا إلى ذلك أيضا.
خامسا: خرجنا جميع الشواهد الشعرية في مظانها، وما أهملناه لم نهتد إليه فيما أيدينا من المصادر والمراجع.
سادسا: خرجنا الآيات القرآنية الكريمة على المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
وأخيرا نرجو أن يكون عملنا هذا خالصا لوجهه تعالى، ولله الكمال وحده، وهو لي التوفيق.
إبراهيم شمس الدين(1/4)
مقدمة في علم التفسير (1)
هو علم يعرف به نزول الآيات، وشؤونها وأقاصيصها، والأسباب النازلة فيها، ثم ترتيب مكيّها ومدنيها، ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيّدها، ومجملها ومفسرها، وحلالها وحرامها، وعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وأمثالها وغيرها.
وقال أبو حيان: التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب، وتتمات ذلك.
قال: فقولنا: علم جنس، وقولنا: يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هو علم القراءة. وقولنا: ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم. وقولنا: وأحكامها الإفرادية والتركيبية، يشتمل علم الصرف والنحو، والبيان والبديع.
وقولنا: ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب، يشتمل ما دلالته بالحقيقة، وما دلالته بالمجاز. فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا، ويصد عن الحمل عليه صاد فيحمل على غيره وهو المجاز. وقولنا: وتتمات ذلك هو مثل معرفة النسخ، وسبب النزول، وتوضيح ما أبهم في القرآن، ونحو ذلك.
وقال الزركشي: التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة، والنحو، والتصريف، وعلم البيان، وأصول الفقه، والقراءات. ويحتاج إلى معرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ. كذا في الاتقان. فموضوعه القرآن.
__________
(1) مأخوذة من كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهانوي 1/ 3733. (طبعة دار الكتب العلمية).(1/5)
وأما وجه الحاجة إليه، فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه، وأنزل كتابه على لغتهم. وإنما احتيج إلى التفسير، لما سيذكر بعد تقرير قاعدة، وهي أن كل من وضع من البشر كتابا، فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أحدهما كمال فضيلة المصنف، فإنه بقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز، فربّما عسر فهم مراده، فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة.
ومن ههنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له.
وثانيها إغفاله بعض متممات المسألة أو شروطها، اعتمادا على وضوحها، أو لأنها من علم آخر، فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
وثالثها احتمال اللفظ لمعان مختلف، كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام، فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه.
وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط، أو تكرار الشيء، أو حذف المهم وغير ذلك، فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك.
وإذا تقرر هذا فنقول: إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر، مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر، كسؤالهم لما نزل: {ولم يلبسوا إيمنهم بظلم} [1] فقالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟ ففسره النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك، واستدل عليه {إنّ الشّرك لظلم عظيم} [2]. وغير ذلك مما سألوا عنه عليه الصلاة والسلام. ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه، مع أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم، فنحن أشد احتياجا إلى التفسير.
وأما شرفه فلا يخفى، قال الله تعالى: {يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا} [3]. وقال الأصبهاني شرفه من وجوه: أحدها من
__________
(1) سورة الأنعام، آية: 82.
(2) سورة لقمان، آية: 13.
(3) سورة البقرة، آية: 269.(1/6)
جهة الموضوع، فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة. وثانيها من جهة الغرض، فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى، والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى. وثالثها من جهة شدة الحاجة، فإن كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية، والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.
فائدة: اختلف الناس في تفسير القرآن، هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟
فقال قوم: لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن، وإن عالما أدبيّا متسعا في معرفة الأدلة، والفقه، والنحو، والأخبار، والآثار، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
ومنهم من قال: يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها، وهي خمسة عشرة علما: اللغة والنحو، والتصريف والاشتقاق، والمعاني والبيان والبديع، وعلم القراءات لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن، وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض، وأصول الدين، أي الكلام، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه، والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره، والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم، والمجمل، وعلم الموهبة، وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم، وإليه الإشارة بحديث: «من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم». وقال البغوي والكواشي وغيرهما: التأويل وهو صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها، تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة، غير محظور على العلماء بالتفسير، كقوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا} [1]، قيل: شبابا وشيوخا، وقيل: أغنياء وفقراء، وقيل: نشاطا وغير نشاط، وقيل: أصحاء ومرضى. وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل المخالف للآية والشرع فمحظور، لأنه تأويل الجاهلين، مثل تأويل الروافض قوله تعالى: {مرج البحرين يلتقيان (19)} [2] أنهما عليّ وفاطمة {يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان (22)} [3] يعني الحسن والحسين.
__________
(1) سورة التوبة، آية: 41.
(2) سورة الرحمن، آية: 22.
(3) سورة الرحمن، آية: 19.(1/7)
فائدة: وأما كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير. قال النسفي في عقائده: النصوص محمولة على ظواهرها، والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد. وقال التفتازاني في شرحه: سميت الملاحدة باطنية لا دعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة لا يعرفها إلا المعلم.
وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية. وأما ما ذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص مصروفة على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق، تنكشف على أرباب السلوك، ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
فإن قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل آية ظهر وبطن، ولكلّ حرف حدّ، ولكل حد مطلع» (1).
قلت: أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه: أحدها أنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها، وقفت على معناها. والثاني ما من آية إلا عمل بها قوم ولها قوم سيعملون بها، كما قاله ابن مسعود فيما أخرجه. والثالث أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها. والرابع، وهو أقرب إلى الصواب، أن القصص التي قصها الله تعالى عن الأمم الماضية، وما عاقبهم به ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين، وباطنها وعظ الآخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم. والخامس أن ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر، وبطنها ما تضمنه من الأسرار أطلع الله عليها أرباب الحقائق.
ومعنى قوله: ولكل حرف حد، أي منتهى فيما أراد من معناه. وقيل: لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب. ومعنى قوله: ولكل حد مطلع، لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته، ويوقف على المراد به.
وقيل: كل ما يستحقه من الثواب والعقاب، يطلع عليه في الآخرة عن المجازاة.
وقال بعضهم: الظاهر التلاوة، والباطن الفهم، والحد أحكام الحلال والحرام، والمطلع الإشراف على الوعد والوعيد. قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم المعاني للقرآن مجالا متسعا، وأن
__________
(1) غريب الحديث: 2/ 59.(1/8)
المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل، والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير لتتقي به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط.
ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر، بل لا بد أوّلا إذ لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر. هذا كله مما وقع في الاتقان، وإن شئت الزيادة فارجع إليه.
وعلم القراءة، وهو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن.
وموضوعه القرآن من حيث إنه كيف يقرأ.(1/9)
ترجمة المؤلف (1)
ترجم له ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» 3/ 385382، فقال: هو سعيد بن مسعدة، أبو الحسن المعروف بالأخفش الأوسط البصري، مولى بني مجاشع بن دارم، بطن من تميم، أحد أئمة النحاة من البصريين، أخذ عن سيبويه، وهو أعلم من أخذ عنه وكان أخذ عمن أخذ عنه سيبويه، لأنه أسن منه، ثم أخذ عن سيبويه أيضا. وهو الطريق إلى كتاب سيبويه، فإنه لم يقرأ الكتاب على سيبويه أحد ولم يقرأه سيبويه على أحد، وإنما قرىء على الأخفش بعد موت سيبويه. وكان ممن قرأه عليه أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني، وكان الأخفش يستحسن كتاب سيبويه كل الاستحسان، فتوهم الجرمي والمازني أن الأخفش قد هم أن يدعي الكتاب لنفسه، فتشاورا في منع الأخفش من ادعائه فقالا تقرؤه عليه، فإذا قرأناه عليه أظهرناه وأشعنا أنه لسيبويه فلا يمكنه أن يدعيه، فأرغبا الأخفش وبذلا له شيئا من المال على أن يقرأه عليه فأجاب
__________
(1) انظر ترجمته في:
1 - الأعلام، للزركلي 3/ 288.
2 - معجم الأدباء، لياقوت الحموي 3/ 385382.
3 - كشف الظنون، لحاجي خليفة 5/ 388.
4 - مراتب النحويين، لأبي الطيب عبد الواحد اللغوي الحلبي.
5 - أخبار النحويين البصريين، لأبي سعيد السيرافي، ص 40.
6 - طبقات النحويين واللغويين، لمحمد بن الحسن الزبيدي ص 70.
7 - الفهرست، لابن النديم، ص 84.
8 - نزهة الألباء في طبقات الأدباء لأبي البركات بن الأنباري ص 68.
9 - إنباه الرواة إلى أنباء النحاة، لجمال الدين القفطي 2/ 40.
10 - وفيات الأعيان، لابن خلكان.
11 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين السيوطي.
12 - المزهر في علوم اللغة، لجلال الدين السيوطي 2/ 463.
13 - شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي 2/ 36.(1/10)
وشرعا في القراءة، وأخذا الكتاب عنه وأظهراه للناس. وكان الأخفش يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا وعرضه علي، وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه. وحكى ثعلب أن الفراء دخل على سعيد بن سالم، فقال الفراء: قد جاءكم سيد أهل اللغة وسيد أهل العربية، فقال: أما ما دام الأخفش يعيش فلا. وحكى الأخفش قال: لما ناظر سيبويه الكسائي ورجع وجه إلي فعرفني خبره معه ومضى إلى الأهواز، فوردت بغداد فرأيت مسجد الكسائي فصليت خلفه الغداة، فلما انفتل من صلاته، وقعد بين يديه الفراء والأحمر وابن سعدان، سلمت وسألته عن مائة مسألة فأجاب بجوابات خطأته في جميعها، فأراد أصحابه الوثوب علي فمنعهم ولم يقطعني ما رأيتهم عليه عما كنت فيه، فلما فرغت قال لي: بالله أما أنت أبو الحسن سعيد بن مسعدة؟ قلت: نعم، فقام إلي وعانقني وأجلسني إلى جنبه، ثم قال: لي أولاد أحب أن يتأدبوا بك، ويتخرجوا عليك، وتكون معي غير مفارق لي، فأجبته إلى ذلك، فلما اتصلت الأيام بالاجتماع سألني أن أؤلف كتابا في معاني القرآن، فألفته، فجعله إمامه وعمل عليه كتابا في المعاني. وقرأ عليّ كتاب سيبويه سرا ووهب لي سبعين دينارا. وكان أبو العباس ثعلب يفضل الأخفش ويقول: هو أوسع الناس علما.
وقال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب، وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل. توفي سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين. وله من التصانيف: كتاب الأربعة، كتاب الاشتقاق، كتاب الأصوات، كتاب الأوسط في النحو، كتاب تفسير معاني القرآن، كتاب صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها، كتاب العروض، كتاب القوافي، كتاب المسائل الكبير، كتاب المسائل الصغير، كتاب معاني الشعر، كتاب المقاييس، كتاب الملوك، كتاب وقف التمام.
وترجم له في كتاب إنباه الرواة بترجمة أسقطنا منها ما أورده ياقوت قال:
هو أبو الحسين يعرف بالأخفش الأوسط أخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه، وصحب الخليل أولا، وكان معلما لولد الكسائي وسبب ذلك أنه لما جرى بين الكسائي وسيبويه ما جرى من المناظرة رحل سيبويه إلى الأهواز، قال الأخفش:
فتزودت والتقيت بالكسائي في سمارية. وأورد بقية ما قاله ياقوت. قال أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني رحمه الله: أخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في القرآن
فأسقط منه شيئا وزاد شيئا، وأبدل منه شيئا، قال: فقلت له أي شيء هذا الذي تصنع أأنت أبو عبيدة؟ فقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس لمن أفسده. قال أبو حاتم: وكان الأخفش رجل سوء قدريا شمريا، وهم نصف من القدرية نسبوا إلى بني شمر، ولم يكن يغلو فيه.(1/11)
فتزودت والتقيت بالكسائي في سمارية. وأورد بقية ما قاله ياقوت. قال أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني رحمه الله: أخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في القرآن
فأسقط منه شيئا وزاد شيئا، وأبدل منه شيئا، قال: فقلت له أي شيء هذا الذي تصنع أأنت أبو عبيدة؟ فقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس لمن أفسده. قال أبو حاتم: وكان الأخفش رجل سوء قدريا شمريا، وهم نصف من القدرية نسبوا إلى بني شمر، ولم يكن يغلو فيه.
وقال أيضا: كتابه في المعاني صويلح إلا أن فيه مذاهب سوء في القدر.
وقال الأخفش: لما دخلت بغداد أتاني ابن هشام الضرير فسألني عن مسائل عملها وفروع فرعها. فلما رأيت أن اعتماده واعتماد غيره من الكوفيين على المسائل عملت كتاب المسائل الكبير فلما يعرفوا أكثر ما أوردته فيه. وقال أبو العباس: أحمد بن يحيى أول من أملى غريب كل بيت من الشعر نحته الأخفش، وكان ببغداد والطوسي مستمليه. قال: ولم أدركه لأنه قبل عصرنا، وكان يقال له الأخفش الراوي. أنبأني الشريف النقيب محمد بن سعد النحوي الحراني، أخبرنا عبد السلام بن مختار اللغوي، عن ابن بركات السعيدي، أخبرنا محمد بن إسماعيل الهروي، أخبرنا محمد بن الحسين اليمني من كتابه قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد الوليد قال: أخبرنا أبو إسحاق الزجاج عن المبرد قال:
سعيد بن مسعدة من أهل بلخ، وكان أجلع فيما أخبرنا به عن أبي حاتم، والأجلع: الذي لم تنطبق شفتاه، وكان يقول بالعدل. قال أبو العباس المبرد:
أخبرنا المازني قال: كان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل، وكان غلام أبي شمر، وكان على مذهبه. وذكر المبرد عن المازني قال: قال الأخفش:
سألت أبا مالك عن قول أمية بن أبي الصلت:
سلامك ربنا في كل فجر ... بريا ما تعنتك الذموم
فقلت: ما تعنتك؟ قال: ما تتعلق بك.
وذكر مجاهد قال: حدثنا ثعلب عن سلمة عن الأخفش قال: جاءني الكسائي إلى البصرة فسألني أن أقرأ عليه كتاب سيبويه ففعلت فوجه إليّ خمسين دينارا. قال: وكان الأخفش يعلم ولد الكسائي. وقال المبرد:
الأخفش أكبر سنا من سيبويه إلا أنه لم يأخذ عن الخليل وكانا جميعا يطلبان فجاءه الأخفش فناظره بعد أن برع فقال له الأخفش: إنما ناظرتك لأستفيد لا غير. قال: أتراني أشك في هذا؟(1/12)
وله كتب كثيرة في العروض والنحو والقوافي. قال ثعلب: ومات الأخفش بعد الفراء، ومات الفراء سنة سبع ومائتين بعد دخول المأمون العراق بثلاث سنين. وذكر ابن عبد الملك التاريخي في كتابه: حدثني الحسين بن إسماعيل البصري قال: سمعت العباس بن الفرج الرياشي يقول: أخبرني الأخفش قال:
يهمز الحرف إذا كان فيه ألف وقبلها فتحة وأنشد للعجاج وخندف هامة هذا العالم في قصيدته التي يقول فيها:
يا دار سلمى إسلمي ثم اسلمي
فلما همز العالم للفتحة التي قبلها، لم يكن مؤسسا لأنهم يجعلون الهمزة بمنزلة سائر حروف العلة والقلب قال: وكان أبو حية النميري ممن يهمز مثل هذا قال: والواو إذا كانت قبلها ضمة همزوها مثل «يؤقن» قال: فقلت له: فالياء إذا كانت قبلها كسرة قال: لا أدري. وذكر الجاحظ أن أبا الحسن الأخفش كان يعلم أبناء المعدل بن غيلان فقال له عبد الله فكتب إلى المعدل وقد استجفى الغلام:
أبلغ أبا عمرو إذا جئته ... بأن عبد الله لي جاف
قد أحكم الأداب طرا فما ... يجعل شيئا غير إنصافي
فكتب إليه المعدل:
إن يك عبد الله يجفوكم ... يكفيك ألطافي وإتحافي
وذكر محمد بن إسحاق النديم في كتابه قال: مات الأخفش سنة إحدى عشرة ومائتين بعد الفراء. قال: وقال البخلي في كتاب فضائل خراسان:
أصله من خوارزم ويقال: توفي سنة خمس عشرة ومائتين. وروى الأخفش عن حماد بن الزبرقان وكان بصريا، وله من الكتاب المصنفة ما أورده ياقوت.
ووقف أعرابي على مجلس الأخفش، فسمع كلامهم في النحو فحار وعجب واستطرق ووسوس. فقال له الأخفش: ما تسمع يا أخا العرب؟ قال:
أراكم تتكلمون بكلامنا في كلامنا بما ليس في كلامنا، فأنشد الأخفش لبعض العرب:
ماذا لقيت من المستعربين ومن ... تأسيس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
إن قلت قافية فيما يكون لها ... معنى يخالف ما قاسوا وما صنعوا
قالوا: لحنت وهذا الحرف منخفض ... وذاك نصب وهذا ليس يرتفع
وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا ... وبين زيد فطال الضرب والوجع
إني نشأت بأرض لا تشب بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البيع
ما كل قول بمعرووف لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لا تعرفون دعوا
كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وآخرين على إعرابهم طبعوا
قال الأخفش سعيد بن مسعدة: كان أمير البصرة يقرأ: «إن الله وملائكته يصلون» بالرفع فيلحن، فمضيت إليه ناصحا له، فزجرني وتوعدني وقال: تلحنون أمراءكم! ثم عزل وولي محمد بن سليمان، فقلت في نفسي: هذا هاشمي ونصيحته واجبة، فحسبت أن يلقاني بما لقيني به الأول، ثم حملت نفسي على نصيحته فصرت إليه وهو في غرفة ومعه أخوه والغلمان على رأسه فقلت: أيها الأمير جئت لنصيحة، قال: قل! قلت هذا وأومأت إلى أخيه فلما سمع ذلك قام أخوه وفرق الغلمان عن رأسه وأخلاني فقلت: أيها الأمير أنتم بيت الشرف وأصل الفصاحة وتقرأ: «إن الله وملائكته» بالرفع وهذا غير جائز، فقال: قد نصحت ونبهت فجزيت خيرا فانصرف مشكورا! فلما صرت في نصف الدرجة إذا الغلام يقول لي قف مكانك، فقعدت مروعا، قلت: أحسب أن أخاه أغراه بي، فإذا بغلة شقراء وغلام وبدرة، وتخت ثياب وقائل يقول:(1/13)
ماذا لقيت من المستعربين ومن ... تأسيس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
إن قلت قافية فيما يكون لها ... معنى يخالف ما قاسوا وما صنعوا
قالوا: لحنت وهذا الحرف منخفض ... وذاك نصب وهذا ليس يرتفع
وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا ... وبين زيد فطال الضرب والوجع
إني نشأت بأرض لا تشب بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البيع
ما كل قول بمعرووف لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لا تعرفون دعوا
كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وآخرين على إعرابهم طبعوا
قال الأخفش سعيد بن مسعدة: كان أمير البصرة يقرأ: «إن الله وملائكته يصلون» بالرفع فيلحن، فمضيت إليه ناصحا له، فزجرني وتوعدني وقال: تلحنون أمراءكم! ثم عزل وولي محمد بن سليمان، فقلت في نفسي: هذا هاشمي ونصيحته واجبة، فحسبت أن يلقاني بما لقيني به الأول، ثم حملت نفسي على نصيحته فصرت إليه وهو في غرفة ومعه أخوه والغلمان على رأسه فقلت: أيها الأمير جئت لنصيحة، قال: قل! قلت هذا وأومأت إلى أخيه فلما سمع ذلك قام أخوه وفرق الغلمان عن رأسه وأخلاني فقلت: أيها الأمير أنتم بيت الشرف وأصل الفصاحة وتقرأ: «إن الله وملائكته» بالرفع وهذا غير جائز، فقال: قد نصحت ونبهت فجزيت خيرا فانصرف مشكورا! فلما صرت في نصف الدرجة إذا الغلام يقول لي قف مكانك، فقعدت مروعا، قلت: أحسب أن أخاه أغراه بي، فإذا بغلة شقراء وغلام وبدرة، وتخت ثياب وقائل يقول:
البغلة والغلام والمال لك أمر به الأمير. فانصرفت مغتبطا بذلك.
وترجم له في كتاب بغية الوعاة قال:
هو أحد الأخافش الثلاثة المشهورين ورابع الأخافش المذكورين من أهل بلخ سكن البصرة وكان أجلع لا تنطبق شفتاه على لسانه وكان معتزليا حدث عن الكلبي والنخعي وهشام بن عروة وروى عنه أبو حاتم السجستاني ودخل بغداد وأقام مدة وروى وصنف. وترجم له أيضا في كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان، ج أول.(1/14)
سورة الفاتحة
بسم الله الرّحمن الرّحيم: «اسم» في التسمية صلة زائدة، زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم إلى قصد التبرّك لأن أصل الكلام «بالله» وحذفت الألف من «بسم» من الخط تخفيفا لكثرة الاستعمال واستغناء عنها بباء الالصاق في اللفظ والخط. فلو كتبت «باسم الرحمن» أو «باسم القادر» أو «باسم القاهر» لم تحذف الألف.
والألف في «اسم» ألف وصل، لأنك تقول: «سميّ» وحذفت لأنها ليست من اللفظ.
اسم، لأنك تقول إذا صغّرته: «سميّ»، فتذهب الألف. وقوله: {وامرأته حمّالة الحطب (4) [المسد: الآية 4]، وقوله:} {وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا
[المائدة: الآية 12] فهذا موصول لأنك تقول: «مريّة» و «ثنيّا عشر». وقوله:
} {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا [البقرة: الآية 60] موصول، لأنك تقول: «ثنيّتا عشرة»، وقال:} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما [يس: الآية 14]، وقال:} {ما كان أبوك امرأ سوء [مريم: الآية 28]، لأنك تقول في «اثنين»: «ثنيّين» وفي «امرىء»:
«مريّء» فتسقط الألف. وإنما زيدت لسكون الحرف الذي بعدها لما أرادوا استئنافه فلم يصلوا إلى الابتداء بساكن، فأحدثوا هذه الألف ليصلوا إلى الكلام بها. فإذا اتصل الكلام بشيء قبله استغنى عن هذه الألف. وكذلك كل ألف كانت في أول فعل أو مصدر، وكان «يفعل» من ذلك الفعل ياؤه مفتوحة فتلك ألف وصل نحو قوله:} {وإيّاك نستعين [الفاتحة: الآية 5]} {اهدنا. لأنك تقول: «يهدي» فالياء مفتوحة. وقوله:} {اولئك الذين اشتروا الضلالة [البقرة: 16و 175]، وقوله:
} {يهمن ابن لى صرحا [غافر: الآية 36]، وقوله:} عذاب اركض برجلك [ص:
42]، وأشباه هذا في القرآن كثيرة. والعلة فيه كالعلّة في «اسم»، و «اثنين» وما أشبهه، لأنه لما سكن الحرف الذي في أول الفعل جعلوا فيه هذه الألف ليصلوا إلى الكلام به إذا استأنفوا.(1/15)
وكل هذه الألفات اللواتي في الفعل إذا استأنفتهن مكسورات، فإذا استأنفت قلت {اهدنا الصراط و} {ابن لى [غافر: الآية 36] و} {اشتروا الضّللة
[البقرة: الآية 16]، إلا ما كان منه ثالث حروفه مضموما فإنك تضم أوله إذا استأنفت، تقول:} {اركض برجلك [ص: الآية 42]، وتقول:} {اذكروا الله كثيرا
[الأنفال: الآية 45]. وإنما ضمت هذه الألف إذا كان الحرف الثالث مضموما لأنهم لم يروا بين الحرفين إلا حرفا ساكنا، فثقل عليهم أن يكونوا في كسر ثم يصيروا إلى الضم. فأرادوا أن يكونوا جميعا مضمومين إذا كان ذلك لا يغير المعنى.
وقالوا في بعض الكلام في «المنتن»: «منتن». وإنما هي من «أنتن» فهو «منتن»، مثل «أكرم» فهو «مكرم». فكسروا الميم لكسرة التاء. وقد ضم بعضهم التاء فقال «منتن» لضمة الميم. وقد قالوا في «النقد»: «النقد» فكسروا النون لكسرة القاف، وهذا ليس من كلامهم إلا فيما كان ثانيه أحد الحروف الستة نحو «شعير». والحروف الستة: الخاء والحاء والعين والغين والهمزة والهاء.
وما كان على «فعل» مما في أوله هذه الألف الزائدة فاستئنافه أيضا مضموم نحو:} {اجتثّت من فوق الأرض [إبراهيم: الآية 26] لأن أول «فعل» أبدا مضموم، والثالث من حروفها أيضا مضموم.
وما كان على «أفعل أنا» فهو مقطوع الألف وإن كان من الوصل، لأن «أفعل» فيها ألف سوى ألف الوصل، وهي نظيرة الياء في «يفعل». وفي كتاب الله عز وجل} {ادعونى أستجب لكم [غافر: الآية 60]، و} {أنا ءاتيك به [النّمل: الآية 39] و} {قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي [يوسف: الآية 54].
وما كان من نحو الألفات اللواتي ليس معهن اللام في أول اسم، وكانت لا تسقط في التصغير فهي مقطوعة تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال نحو قوله:} {هذا أخى له تسع [ص: الآية 23]، وقوله:} {يأبانا [يوسف: الآية 11]، وقوله:} {إنّها لإحدى الكبر (35) [المدّثّر: الآية 35]، و} {قالت إحداهما [القصص: الآية 26] و} {حتّى إذا جآء أحدهم [المؤمنون: الآية 99]، لأنها إذا صغرت ثبتت الألف فيها، تقول في تصغير «إحدى»: «أحيدى»، و «أحد»: «أحيد»، و «أبانا»: «أبيّنا» وكذلك «أبيّان» و «أبيّون». وكذلك الألف في قوله:} {من المهجرين والأنصار
[التّوبة: الآية 100] و} أخرجنا من ديارنا وأبنآئنا [البقرة: الآية 246]، لأنك تقول في «الأنصار»: «أنيصار»، وفي «الأبناء»: «أبيناء» و «أبينون».(1/16)
وما كان من الألفات في أول فعل أو مصدر، وكان «يفعل» من ذلك الفعل ياؤه مضمومة، فتلك الألف مقطوعة. تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال، نحو قوله: {بما أنزل إليك [البقرة: 4]، لأنك تقول: «ينزل». فالياء مضمومة. و} {ربّنآ ءاتنا [البقرة: الآية 200] تقطع لأن الياء مضمومة، لأنك تقول: «يؤتي». وقال:} {وبالوادين إحسانا [البقرة: الآية 83] و} {إيتاء ذي القربى
[النحل: الآية 90] لأنك تقول: «يؤتي»، و «يحسن». وقوله:} {وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى [يوسف: الآية 54]، و} {قال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم
[يونس: الآية 79] فهذه موصولة لأنك تقول: «يأتي»، فالياء مفتوحة. وإنما الهمزة التي في قوله:} {وقال الملك ائتونى به [يوسف: الآية 50] همزة كانت من الأصل في موضع الفاء من الفعل، ألا ترى أنها ثابتة في «أتيت» وفي «أتى» لا تسقط. وسنفسر لك الهمز في موضعه إن شاء الله. وقوله} {ءاتنا [البقرة: الآية 200] يكون من «آتى» و «آتاه الله»، كما تقول: «ذهب» و «أذهبه الله» ويكون على «أعطنا». قال} {فآتهم عذابا [الأعراف: 38] على «فعل» و «أفعله غيره».
وأما قوله:} {الحمد لله ربّ العلمين (2) الرّحمن الرّحيم (3) [الآيتان 2، 3] فوصلت هذه الأسماء التي في أوائلها الألف واللام حتى ذهبت الألف في اللفظ. وذلك لأن كل اسم في أوله ألف ولام زائدتان. فالألف تذهب إذا اتصلت بكلام قبلها، وإذا استأنفتها كانت مفتوحة أبدا لتفرق بينها وبين الألف التي تزاد مع غير اللام، ولأن هذه الألف واللام هما جميعا حرف واحد ك «قد» و «بل». وإنما تعرف زيادتهما بأن تروم ألفا ولاما أخريين تدخلهما عليهما، فإن لم تصل إلى ذلك عرفت أنهما زائدتان ألا ترى أن قولك: «الحمد لله» وقولك: «العالمين» وقولك «التي» و «الذي» و «الله» لا تستطيع أن تدخل عليهن ألفا ولاما أخريين؟ فهذا يدل على زيادتهما، فكلما اتصلتا بما قبلهما ذهبت الألف. إلا أن توصل بألف الاستفهام فتترك مخففة، ولا يخفف فيها الهمزة الأناس من العرب قليل، وهو قوله:} {ءآلله أذن لكم [يونس: الآية 59] وقوله:} {الله خير اءما يشركون [النمل: 59] وقوله:
} {الآن وقد عصيت قبل [يونس: 91]. وإنما مدت في الاستفهام ليفرق بين الاستفهام والخبر. ألا ترى أنك لو قلت وأنت تستفهم: «الرجل قال كذا وكذا» فلم تمددها صارت مثل قولك: «الرجل قال كذا وكذا» إذا أخبرت.
وليس سائر ألفات الوصل هكذا. قال:} {أصطفى البنات على البنين (153) [الصّافات: الآية 153]، وقال:} {أفترى على الله كذبا اءم به جنة [سبأ: 8]. فهذه
الألفات مفتوحة مقطوعة، لأنها ألف استفهام، وألف الوصل التي كانت في «اصطفى» و «افترى» قد ذهبت، حيث اتصلت الصاد والفاء بهذه الألف التى قبلها للاستفهام. وقال من قرأ هذة الآية} {كنّا نعدّهم مّن الأشرار [ص: الآية 62]} {أتّخذنهم [ص: الآية 63] فقطع ألف «أتخذناهم» فإنما جعلها ألف استفهام وأذهب ألف الوصل التي كانت بعدها، لأنها إذا اتصلت بحرف قبلها ذهبت. وقد قرىء هذا الحرف موصولا، وذلك أنهم حملوا قوله} {أم زاغت عنهم الأبصر [ص: الآية 63] على قوله} {ما لنا لا نرى رجالا كنّا نعدّهم مّن الأشرار [ص: الآية 62]} أم زاعت عنهم الأبصار.(1/17)
وليس سائر ألفات الوصل هكذا. قال: {أصطفى البنات على البنين (153) [الصّافات: الآية 153]، وقال:} {أفترى على الله كذبا اءم به جنة [سبأ: 8]. فهذه
الألفات مفتوحة مقطوعة، لأنها ألف استفهام، وألف الوصل التي كانت في «اصطفى» و «افترى» قد ذهبت، حيث اتصلت الصاد والفاء بهذه الألف التى قبلها للاستفهام. وقال من قرأ هذة الآية} {كنّا نعدّهم مّن الأشرار [ص: الآية 62]} {أتّخذنهم [ص: الآية 63] فقطع ألف «أتخذناهم» فإنما جعلها ألف استفهام وأذهب ألف الوصل التي كانت بعدها، لأنها إذا اتصلت بحرف قبلها ذهبت. وقد قرىء هذا الحرف موصولا، وذلك أنهم حملوا قوله} {أم زاغت عنهم الأبصر [ص: الآية 63] على قوله} {ما لنا لا نرى رجالا كنّا نعدّهم مّن الأشرار [ص: الآية 62]} {أم زاعت عنهم الأبصار.
وما كان من اسم في أوله ألف ولام تقدر أن تدخل عليهما ألفا ولاما أخريين، فالألف من ذلك مقطوعة تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال، نحو قوله} {ما لكم مّن إله غيره [الأعراف: الآية 59] لأنك لو قلت «الإله» فأدخلت عليها ألفا ولاما جاز ذلك. وكذلك «ألواح» و «إلهام» و «إلقاء» مقطوع كله، لأنه يجوز إدخال ألف ولام أخريين. فأما «إلى» فمقطوعة ولا يجوز إدخال الألف واللام عليها لأنها ليست باسم، وإنما تدخل الألف واللام على الاسم. ويدلك على أن الألف واللام في «إلى» ليستا بزائدتين إنك إنما وجدت الألف واللام تزادان في الأسماء، ولا تزادان في غير الأسماء، مثل «إلى» و «ألّا». ومع ذلك تكون ألف «إلى» مكسورة وألف اللام الزائدة لا تكون مكسورة.
وأما قوله} {الحمد لله [الآية 2] فرفعه على الابتداء. وذلك أن كل اسم ابتدأته لم توقع عليه فعلا من بعده فهو مرفوع، وخبره إن كان هو فهو أيضا مرفوع، نحو قوله} {مّحمّد رّسول الله [الفتح: الآية 29] وما أشبه ذلك. وهذه الجملة تأتي على جميع ما في القرآن من المبتدأ فافهمها. فإنما رفع المبتدأ ابتداؤك إياه، والابتداء هو الذي رفع الخبر في قول بعضهم كما كانت «أنّ» تنصب الاسم وترفع الخبر فكذلك رفع الابتداء الاسم والخبر. وقال بعضهم: «رفع المبتدأ خبره» وكل حسن، والأول أقيس.
وبعض العرب يقول} {الحمد لله [الآية 2] فينصب على المصدر، وذلك أن أصل الكلام عنده على قوله: «حمدا لله» يجعله بدلا من اللفظ بالفعل، كأنه جعله مكان «أحمد» ونصبه على «أحمد» حتى كأنه قال: «أحمد حمدا» ثم أدخل الألف واللام على هذه.
وقد قال بعض العرب} {الحمد لله [الآية 2] فكسره، وذلك أنه جعله
بمنزلة الأسماء التي ليست بمتمكنة، وذلك أن الأسماء التي ليست بمتمكنة تحرّك أواخرها حركة واحدة لا تزول علتها نحو «حيث» جعلها بعض العرب مضمومة على كل حال، وبعضهم يقول «حوث» و «حيث» ضم وفتح. ونحو «قبل» و «بعد» جعلتا مضمومتين على كل حال. وقال الله تبارك وتعالى} لله الأمر من قبل ومن بعد [الرّوم: الآية 4] فهما مضمومتان إلا أن تضيفهما، فإذا أضفتهما صرفتهما.(1/18)
وقد قال بعض العرب {الحمد لله [الآية 2] فكسره، وذلك أنه جعله
بمنزلة الأسماء التي ليست بمتمكنة، وذلك أن الأسماء التي ليست بمتمكنة تحرّك أواخرها حركة واحدة لا تزول علتها نحو «حيث» جعلها بعض العرب مضمومة على كل حال، وبعضهم يقول «حوث» و «حيث» ضم وفتح. ونحو «قبل» و «بعد» جعلتا مضمومتين على كل حال. وقال الله تبارك وتعالى} {لله الأمر من قبل ومن بعد [الرّوم: الآية 4] فهما مضمومتان إلا أن تضيفهما، فإذا أضفتهما صرفتهما.
قال:} {لا يستوى منكم مّن أنفق من قبل الفتح وقتل [الحديد: الآية 10] و} {كالّذين من قبلكم [التّوبة: الآية 69] و} {الذين جاءوا من بعدهم وقال} {مّن قبل أن نّبرأها [الحديد: الآية 22] وذلك أن قوله} {أن نّبرأهآ [الحديد: الآية 22] اسم أضاف إليه} {قبل وقال} {من بعد أن نّزغ الشّيطن [يوسف: الآية 100]. وذلك أن قوله} {أن نّزغ [يوسف: الآية 100] اسم هو بمنزلة «النزغ»، لأن «أن» الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة اسم، فأضاف إليها «بعد». وهذا في القرآن كثير.
ومن الأسماء التي ليست بمتمكنة قال الله عز وجل} {إنّ هؤلاء ضيفى
[الحجر: الآية 68] و} {هأنتم أولاء تحبّونهم [آل عمران: الآية 119] مكسورة على كل حال. فشبهوا «الحمد» وهو اسم متمكن في هذه اللغة بهذه الأسماء التي ليست بمتمكنة، كما قالوا «يا زيد». وفي كتاب الله} {يهمن ابن لى صرحا [غافر: الآية 36] هو في موضع النصب، لأن الدعاء كلّه في موضع نصب، ولكن شبه بالأسماء التي ليست بمتمكنة فترك على لفظ واحد، يقولون: «ذهب أمس بما فيه» و «لقيته أمس يا فتى»، فيكسرونه في كل موضع في بعض اللغات. وقد قال بعضهم: «لقيته الأمس الأحدث» فجرّ أيضا وفيه ألف ولام، وذلك لا يكاد يعرف.
وسمعنا من العرب من يقول:} أفرءيتم الّلت والعزّى (19) [النّجم: الآية 19]، ويقول: «هي اللات قالت ذاك» فجعلها تاء في السكوت، و «هي اللات فاعلم» جرّ في موضع الرفع والنصب. وقال بعضهم: «من الآن إلى غد» فنصب لأنه اسم غير متمكن. وأما قوله: «اللات فاعلم» فهذه مثل «أمس» وأجود، لأن الألف واللام التي في «اللات» لا تسقطان وإن كانتا زائدتين. وأما ما سمعنا في «اللات والعزى» في السكت عليها ف «اللاه» لأنها هاء فصارت تاء في الوصل وهي في تلك اللغة مثل «كان من الأمر كيت وكيت». وكذلك «هيهات» في لغة من كسر. إلا أنه يجوز في «هيهات» أن تكون جماعة فتكون التاء التى فيها تاء الجميع التي للتأنيث، ولا يجوز ذلك في «اللات»، لأن «اللات» و «كيت» لا يكون مثلهما جماعة، لأن التاء لا تزاد في الجماعة إلا مع الألف فإن جعلت الألف والتاء زائدتين بقي الاسم على حرف واحد.(1/19)
وزعموا أن من العرب من يقطع ألف الوصل. أخبرني من أثق به أنه سمع من يقول: «يا إبني» فقطع. وقال قيس بن الخطيم (1): [الطويل] 1إذا جاوز الاثنين سرّ فإنّه ... بنشر وتكثير الوشاة قمين (2)
وقال جميل (3): [الطويل] 2ألا لا أرى اثنين أكرم شيمة ... على حدثان الدهر مني ومن جمل (4)
وقال الراجز:
3 - يا نفس صبرا كلّ حي لاق ... وكلّ اثنين إلى افتراق (5)
__________
(1) هو قيس بن الخطيم بن عدي بن عمرو بن مسواد بن ظفر، من الأزد، قتل أبوه وجده، وأول ما اشتهر به قيس تتبعه لقاتلي أبيه وجدّه حتى قتلهما، وقال في ذلك شعرا، وله أشعار كثيرة في موقعة «بعاث» التي جرت بين الأوس والخزرج، قبل الهجرة. تريّث قبل دخوله الإسلام، وقتله الخزرج قبل الهجرة. شعره جيّد، ومن النقاد من يفضله على شعر حسان بن ثابت. (معجم الشعراء الجاهليين ص 299).
(2) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص 162، وحماسة البحتري ص 147، والدرر 6/ 312، وسمط اللآلي ص 796، وشرح شواهد الشافية ص 183، لسان العرب (نثث)، (قمن)، (ثني)، والمقاصد النحوية 4/ 566، ونوادر أبي زيد ص 204، ولجميل بثينة في ملحق ديوانه ص 245، وكتاب الصناعتين ص 151، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 342، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 265، وشرح المفصل 9/ 19، 137، وهمع الهوامع 2/ 211.
(3) جميل بثينة: هو أبو عمرو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، أحبّ بثينة، فشغف بها، فتناقل الناس أخبارهما حتى أنه صار ينسب إليها، فيدعى «جميل بثينة»، اشتهر بالمدح والفخر والنسيب والغزل. كانت منازل قبيلته بني عذرة في وادي القرى من أعمال المدينة ثم رحلوا إلى أطراف الشام الجنوبية زمن خلافة عبد الملك، ثم انتقل إلى مصر إلى بلاط عبد العزيز بن مروان الوالي، فأمر له بمنزل أقام فيه قليلا ومات سنة 82هـ، لم تعرف سنة ولادته، لكن الأصمعي يذكر أنه ولد في الجاهلية (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 85).
(4) البيت لجميل بثينة في ديوانه ص 182، وكتاب الصناعتين ص 151، والمحتسب 1/ 248، ونوادر أبي زيد ص 204، ولابن دارة في الأغاني 21/ 255، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 368، وخزانة الأدب 7/ 202، ورصف المباني ص 41، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 341، وشرح الأشموني 3/ 814، وشرح التصريح 2/ 366، وشرح المفصل 9/ 19، ولسان العرب (ثنى)، والمقاصد النحوية 4/ 569، وتاج العروس (ثني).
(5) الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 239، ورصف المباني ص 41، وسر صناعة الإعراب ص 341، وهمع الهوامع 2/ 157.(1/20)
وهذا لا يكاد يعرف.
وأما قوله: {مالك يوم الدّين (4) [الآية 4] فإنه يجرّ لأنه من صفة «الله» عز وجل.
وقوله:} {لله [الآية 2] جر باللام كما انجر قوله:
} {رب العالمين [الآية 2]} {الرّحمن الرّحيم [الآية 1] لأنه من صفة قوله} {لله [الآية 2]. فإن قيل: وكيف يكون جرّا وقد قال:
} {اياك نعبد [الآية 5] فلأنه إذا قال «الحمد لمالك يوم الدين» فإنه ينبغي أن يقول «إيّاه نعبد» فإنما هذا على الوحي. وذلك أن الله تبارك وتعالى خاطب النبى صلى الله عليه فقال: «قل يا محمد»: «الحمد لله» وقل: «الحمد لمالك يوم الدين» وقل يا محمد: «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين».
وقد قرأها قوم «مالك» نصب على الدعاء وذلك جائز، يجوز فيه النصب والجرّ، وقرأها قوم «ملك» إلا أن «الملك» اسم ليس بمشتق من فعل نحو قولك: «ملك وملوك» وأما «المالك» فهو الفاعل كما تقول: «ملك فهو مالك» مثل «قهر فهو قاهر».
وأما فتح نون} {العالمين [الآية 2] فإنها نون جماعة، وكذلك كل نون جماعة زائدة على حدّ التثنية فهي مفتوحة. وهي النون الزائدة التي لا تغيّر الاسم عما كان عليه: نحو نون «مسلمين» و «صالحين» و «مؤمنين» فهذه النون زائدة لأنك تقول: «مسلم» و «صالح» فتذهب النون، وكذلك «مؤمن» قد ذهبت النون الآخرة، وهي المفتوحة، وكذلك «بنون». ألا ترى أنك إنما زدت على «مؤمن» واوا ونونا، وياء ونونا، وهو على حاله لم يتغير لفظه، كما لم يتغير في التثنية.
حين قلت «مؤمنان» و «مؤمنين». إلّا أنك زدت ألفا ونونا، أو ياء ونونا للتثنية.
وإنما صارت هذه مفتوحة ليفرق بينها وبين نون الاثنين. وذلك أن نون الاثنين مكسورة أبدا. قال:} {قال رجلان من الّذين يخافون أنعم الله [المائدة: الآية 23] وقال} أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما [يس: الآية 14] والنون مكسورة.
وجعلت الياء للنصب والجرّ نحو «العالمين» و «المتقين»، فنصبهما وجرهما سواء، كما جعلت نصب «الاثنين» وجرهما سواء، ولكن كسر ما قبل ياء الجميع
وفتح ما قبل ياء الاثنين ليفرق ما بين الاثنين والجميع، وجعل الرفع بالواو ليكون علامة للرفع، وجعل رفع الاثنين بالألف.(1/21)
وجعلت الياء للنصب والجرّ نحو «العالمين» و «المتقين»، فنصبهما وجرهما سواء، كما جعلت نصب «الاثنين» وجرهما سواء، ولكن كسر ما قبل ياء الجميع
وفتح ما قبل ياء الاثنين ليفرق ما بين الاثنين والجميع، وجعل الرفع بالواو ليكون علامة للرفع، وجعل رفع الاثنين بالألف.
وهذه النون تسقط في الإضافة كما تسقط نون الاثنين، نحو قولك: «بنوك» و «رأيت مسلميك» فليست هذه النون كنون «الشياطين» و «الدهاقين» و «المساكين». لأن «الشياطين» و «الدهاقين» و «المساكين» نونها من الأصل.
ألا ترى أنك تقول: «شيطان» و «شييطين» و «دهقان» و «دهيقين» و «مسكين» و «مسيكين» فلا تسقط النون.
فأما «الذين» فنونها مفتوحة، لأنك تقول: «الذي» فتسقط النون لأنها زائدة، ولأنك تقول في رفعها: «اللذون» لأن هذا اسم ليس بمتمكن مثل «الذي». ألا ترى أن «الذي» على حال واحدة؟ إلا أنّ ناسا من العرب يقولون:
«هم اللذون يقولون كذا وكذا». جعلوا له في الجمع علامة للرفع، لأن الجمع لا بد له من علامة، واو في الرفع، وياء في النصب والجرّ وهي ساكنة. فأذهبت الياء الساكنة التي كانت في «الذي» لأنه لا يجتمع ساكنان، كذهاب ياء «الذي» إذا أدخلت الياء التي للنصب، ولأنهما علامتان للإعراب. والياء في قول من قال: «هم الذين» مثل حرف مفتوح أو مكسور بني عليه الاسم وليس فيه إعراب.
ولكن يدلك على أنه المفتوح أو المكسور في الرفع والنصب والجر الياء التي للنصب والجرّ لأنها علامة للإعراب.
وقد قال ناس من العرب: «الشياطون» لأنهم شبّهوا هذه الياء التي كانت في «شياطين» إذا كانت بعدها نون، وكانت في جميع وقبلها كسرة، بياء الإعراب التي في الجمع. فلما صاروا إلى الرفع أدخلوا الواو. وهذا يشبه «هذا جحر ضبّ خرب» فافهم.
وأما قوله {إيّاك نعبد [الآية 5] ولم يقل «أنت نعبد» لأن هذا موضع نصب. وإذا لم يقدر في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الإضمار الذي يكون للنصب جعل «إيّاك» أو «إيّاه» أو نحو ذلك مما يكون في موضع نصب. قال:} {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى [سبإ: الآية 24] لأن هذا موضع نصب، تقول: «إني أو زيدا منطلق». و} {ضلّ من تدعون إلّا إيّاه [الإسراء: الآية 67]. هذا في موضع نصب. كقولك: «ذهب القوم إلّا زيدا». إنما صارت} {إيّاك [الآية 5] في} {إيّاك نعبد [الآية 5] في موضع نصب من أجل} {نعبد [الآية 5] وكذلك:
} وإيّاك نستعين [الآية 5] أيضا. وإذا كان موضع رفع جعلت فيه «أنت» و «أنتما» و «أنتم» و «هو» و «هي» وأشباه ذلك.(1/22)
وأما قوله {إيّاك نعبد [الآية 5] ولم يقل «أنت نعبد» لأن هذا موضع نصب. وإذا لم يقدر في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الإضمار الذي يكون للنصب جعل «إيّاك» أو «إيّاه» أو نحو ذلك مما يكون في موضع نصب. قال:} {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى [سبإ: الآية 24] لأن هذا موضع نصب، تقول: «إني أو زيدا منطلق». و} {ضلّ من تدعون إلّا إيّاه [الإسراء: الآية 67]. هذا في موضع نصب. كقولك: «ذهب القوم إلّا زيدا». إنما صارت} {إيّاك [الآية 5] في} {إيّاك نعبد [الآية 5] في موضع نصب من أجل} {نعبد [الآية 5] وكذلك:
} {وإيّاك نستعين [الآية 5] أيضا. وإذا كان موضع رفع جعلت فيه «أنت» و «أنتما» و «أنتم» و «هو» و «هي» وأشباه ذلك.
وأما قوله} {اهدنا الصراط المستقيم [الآية 6] فيقول: «عرّفنا». وأهل الحجاز يقولون: «هديته الطريق» أي: عرّفته، وكذلك «هديته البيت» في لغتهم.
وغيرهم يلحق به «إلى». ثم قال:
} {صراط الّذين أنعمت عليهم [الآية 7] نصب على البدل. و} {أنعمت
[الآية 7] مقطوع الألف لأنك تقول: «ينعم»، فالياء مضمومة فافهم. وقوله:
} {غير المغضوب عليهم [الآية 7] هؤلاء صفة} {الّذين أنعمت عليهم [الآية 7] لأن «الصراط» مضاف إليهم، فهم جرّ للإضافة. وأجريت عليهم «غير» صفة أو بدلا. و «غير» و «مثل» قد تكونان من صفة المعرفة التي بالألف واللام، نحو قولك: «إني لأمرّ بالرجل غيرك وبالرجل مثلك فما يشتمني»، و «غير» و «مثل» إنما تكونان صفة للنكرة، ولكنهما قد احتيج إليهما في هذا الموضع فأجريتا صفة لما فيه الألف واللام، والبدل في «غير» أجود من الصفة، لأن «الذي» و «الذين» لا تفارقهما الألف واللام، وهما أشبه بالاسم المخصوص من «الرجل» وما أشبهه.
و «الصراط» فيه لغتان، السين والصاد، إلّا أنا نختار الصاد لأن كتابها على ذلك في جميع القرآن.
وقد قال العرب: «هم فيها الجمّاء الغفير» فنصبوا، كأنهم لم يدخلوا الألف واللام، وإن كانوا قد أظهروهما كما أجروا «مثلك» و «غيرك» كمجرى ما فيه الألف واللام وإن لم يكونا في اللفظ. وإنما يكون هذا وصفا للمعرفة التي تجيء في معنى النكرة. ألا ترى أنك إذا قلت: «إنّي لأمرّ بالرجل مثلك» إنما تريد «برجل مثلك». لأنك لا تحدّ له رجلا بعينه ولا يجوز إذا حددت له ذلك، إلا أن تجعله بدلا ولا يكون على الصفة. ألا ترى أنه لا يجوز «مررت بزيد مثلك» إلّا على البدل؟ ومثل ذلك: «إنّي لأمرّ بالرجل من أهل البصرة». ولو قلت: «إنّي لأمرّ بزيد من أهل البصرة» لم يجز إلّا أن تجعله في موضع حال.
فكذلك} {غير المغضوب عليهم [الآية 7].
وقد قرأ قوم «غير المغضوب عليهم» جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام. ولذلك تفسير سنذكره إن شاء الله، وذلك أنه إذا استثنى شيئا ليس من
أول الكلام في لغة أهل الحجاز فإنه ينصب ويقول: «ما فيها أحد إلّا حمارا»، وغيرهم يقول: «هذا بمنزلة ما هو من الأول» فيرفع. فذا يجرّ} {غير المغضوب
[الفاتحة: الآية 7] في لغته. وإن شئت جعلت «غير» نصبا على الحال لأنها نكرة والأول معرفة، وإنما جرّ لتشبيه «الذي» ب «الرجل». وليس هو على الصفة بحسن ولكن على البدل نحو} {بالنّاصية [العلق: الآية 15]} ناصية كذبة [العلق: الآية 16].(1/23)
وقد قرأ قوم «غير المغضوب عليهم» جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام. ولذلك تفسير سنذكره إن شاء الله، وذلك أنه إذا استثنى شيئا ليس من
أول الكلام في لغة أهل الحجاز فإنه ينصب ويقول: «ما فيها أحد إلّا حمارا»، وغيرهم يقول: «هذا بمنزلة ما هو من الأول» فيرفع. فذا يجرّ {غير المغضوب
[الفاتحة: الآية 7] في لغته. وإن شئت جعلت «غير» نصبا على الحال لأنها نكرة والأول معرفة، وإنما جرّ لتشبيه «الذي» ب «الرجل». وليس هو على الصفة بحسن ولكن على البدل نحو} {بالنّاصية [العلق: الآية 15]} ناصية كذبة [العلق: الآية 16].
ومن العرب من يقول:
«هيّاك» بالهاء ويجعل الألف من «إيّاك» هاء فيقول «هيّاك نعبد» كما تقول:
«إيه» و «هيه» وكما تقول: «هرقت» و «أرقت».
وأهل الحجاز يؤنثون «الصراط» كما يؤنثون «الطريق» و «الزقاق» و «السبيل» و «السوق» و «الكلاء». وبنو تميم يذكّرون هذا كله. وبنو أسد يؤنثون «الهدى».(1/24)
ومن سورة البقرة
أما قوله {ألم [الآية 1] فإن هذه الحروف أسكنت لأن الكلام ليس بمدرج، وإنما يكون مدرجا لو عطف بحرف العطف وذلك أن العرب تقول في حروف المعجم كلها بالوقف إذا لم يدخلوا حروف العطف فيقولون: «ألف باء تاء ثاء» ويقولون: «ألف وباء وتاء وثاء». وكذلك العدد عندهم ما لم يدخلوا حروف العطف فيقولون: «واحد اثنان ثلاثه». وبذلك على أنه ليس بمدرج قطع ألف «اثنين» وهي من الوصل. فلو كان وصلها بالذي قبلها لذهبت ولكن هذا من العدد، والعدد والحروف كل واحد منها شيء مفصول على حياله. ومثل ذلك} {ألمص
[الأعراف: 1] و} {ألر [يونس: 1وهود: 1ويوسف: 1وإبراهيم: 1والحجر: 1] و} {ألمر [الرعد: 1] و} {كهيعص (1) [مريم: الآية 1] و} {طسم (1) [الشّعراء:
الآية 1] و} {يس (1) [يس: الآية 1] و} {طه (1) [طه: الآية 1] و} {حم (1) [الشّورى: الآية 1] و} {ق [ق: الآية 1] و} {ص [ص: الآية 1]. إلا أن قوما قد نصبوا} {يس (1) [يس: الآية 1] و} {طه (1) [طه: الآية 1] و} {حم (1) [الشّورى: الآية 1] وهو كثير في كلام العرب، وذلك أنهم جعلوها أسماء كالأسماء الأعجمية «هابيل» و «قابيل». فإما أن يكونوا جعلوها في موضع نصب ولم يصرفوها كأنه قال: «اذكر حم وطس ويس»، أو جعلوها كالأسماء، التى هي غير متمكنة فحرّكوا آخرها حركة واحدة كفتح «أين»، وكقول بعض الناس: «الحمد لله». وقرأ بعضهم: «ص» و «ن» و «ق» بالفتح وجعلوها أسماء ليست بمتمكنة فألزموها حركة واحدة وجعلوها أسماء للسورة، فصارت أسماء مؤنثة. ومن العرب من لا يصرف المؤنث إذا كان وسطه ساكنا نحو «هند» و «جمل» و «دعد». قال الشاعر: [الطويل]
} 4وإني لأهوى بيت هند وأهلها ... على هنوات قد ذكرن على هند (1)
وهو يجوز في هذه اللغة أو يكون سماها بالحرف، والحرف مذكر، وإذا
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/25)
سمي المؤنث بالمذكر لم ينصرف، فجعل {ص [ص: الآية 1] وما أشبهها اسما للسورة ولم يصرف، وجعله في موضع نصب.
وقال بعضهم: «صاد والقرآن» فجعلها من «صاديت» ثم أمر كما تقول «رام» كأنه قال: «صاد الحقّ بعملك» أي: تعمده، ثم قال} {والقرءان فأقسم، ثم قال} {بل الّذين كفروا فى عزّة وشقاق (2) [ص: الآية 2]. فعلى هذا وقع القسم. وذلك أنهم زعموا أن «بل» هاهنا إنما هي «إنّ» فلذلك صار القسم عليها.
وقد اختلف الناس في الحروف التي في فواتح السور، فقال بعضهم: «إنما هي حروف يستفتح بها». فإن قيل «هل يكون شيء من القرآن ليس له معنى»؟ فإن معنى هذه أنه ابتدأ بها ليعلم أن السورة التي قبلها قد انقضت، وأنه قد أخذ في أخرى. فجعل هذا علامة لانقطاع ما بينهما، وذلك موجود في كلام العرب، ينشد الرجل منهم الشعر فيقول: [الرجز]
} 5بل. وبلدة ما الانس من أهّالها (1)
أو يقول: [الرجز]
6 - بل. ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا (2)
ف «بل» ليست من البيت ولا تعد في وزنه، ولكن يقطع بها كلام ويستأنف آخر. وقال قوم: إنها حروف إذا وصلت كانت هجاء لشيء يعرف معناه، وقد أوتي بعض الناس علم ذلك. وذلك أن بعضهم كان يقول: «ألر» و «حم» و «ن» هذا هو اسم «الرحمن» جل وعزّ، وما بقي منها فنحو هذا.
__________
(1) يروى الرجز بلفظ:
وبلدة ما الإنس من آهالها
والرجز بلا نسبة في لسان العرب (أهل)، (بلل)، (بلا)، وتاج العروس (أهل).
(2) يليه:
من طلل كالأتحميّ أنهجا
والرجز للعجاج في ديوانه 2/ 13، وتخليص الشواهد ص 47، والخصائص 1/ 171، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 514، وشرح أبيات سيبويه 2/ 351، وشرح شواهد المغني 2/ 793، وشرح المفصل 1/ 64، والكتاب 4/ 207، والمقاصد النحوية 1/ 26، وتاج العروس (بلل)، ولرؤبة في معاهد التنصيص 1/ 14، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في رصف المباني ص 354، ولسان العرب (بيع)، وكتاب العين 3/ 393.(1/26)
وقالوا: إن قوله {كهيعص (1) [مريم: الآية 1] «كاف هاد عالم صادق» فأظهر من كل اسم منها حرفا ليستدل به عليها. فهذا يدل على أن الوجه الأول لا يكون إلا وله معنى، لأنه يريد معنى الحروف. ولم ينصبوا من هذه الحروف شيئا غير ما ذكرت لك، لأن} {الم [الآية 1] و} {طسم (1) [الشّعراء: الآية 1] و} {كهيعص (1) [مريم: الآية 1] ليست مثل شيء من الأسماء، وإنما هي حروف مقطعة.
وقال:} {الم [الآية 1]} {الله لا إله إلّا هو [البقرة: الآية 255] فالميم مفتوحة لأنها لقيها حرف ساكن فلم يكن من حركتها بد. فإن قيل: «فهلا حركت بالجر»؟ فإن هذا لا يلزم فيها وإنما أرادوا الحركة، فإذا حركوها بأي حركة كانت فقد وصلوا إلى الكلام بها، ولو كانت كسرت لجاز ولا أعلمها إلا لغة.
وقال بعضهم: «فتحوا الحروف التي للهجاء إذا لقيها الساكن ليفصلوا بينها وبين غيرها». وقالوا: «من الرجل» ففتحوا لاجتماع الساكنين. ويقولون: «هل الرجل» و «بل الرجل» وليس بين هذين وبين «من الرجل» فرق، إلا أنهم قد فتحوا «من الرجل» لئلا تجتمع كسرتان، وكسروا} {إذ الظّلمون [الأنعام: الآية 93]. وقد اجتمعت كسرتان لأن «من» أكثر استعمالا في كلامهم من «إذ»، فأدخلوها الفتح ليخف عليهم. وإن شئت قلت «ألم» حروف منفصل بعضها من بعض، لأنه ليس فيها حرف عطف، وهي أيضا منفصلة مما بعدها، فالأصل فيها أن تقول «الم الله» فتقطع ألف «الله» إذا كان ما قبله منفصلا منه كما قلت «واحد، إثنان» فقطعت.
وكما قرأ القراء} {نون والقلم [القلم: 1] فبينوا النون لأنها منفصلة. ولو كانت غير منفصلة لم تبين إلا أن يلقاها أحد الحروف الستة. ألا ترى أنك تقول: «خذه من زيد» و «خذه من عمرو» فتبين النون في «عمرو» ولا تبين في «زيد». فلما كانت ميم ساكنة وبعدها حرف مقطوع مفتوح جاز أن تحرك الميم بفتحة الألف وتحذف الألف في لغة من قال «من ابوك» فلا تقطع. وقد جعل قوم (نون) بمنزلة المدرج فقالوا «نون والقلم» فأثبتوا النون ولم يبينوها. وقالوا} {يس والقرآن [يس: 21] فلم يبينوا أيضا. وليست هذه النون هاهنا بمنزلة قوله} {كهيعص (1) [مريم: الآية 1] و} {طس تلك [النّمل: الآية 1] و} {حم عسق [الشورى: 1] فهذه النونات لا تبين في القراءة في قراءة أحد، لأن النون قريبة من الصاد، لأن الصاد والنون من مخرج طرف اللسان. وكذلك التاء والسين في} {طس تلك [النّمل: الآية 1] وفي} {حم عسق [الشورى: 1]، فلذلك لم تبين النون إذ قربن منها. وتبينت النون في
} {يس (1) [يس: الآية 1] و} نون لبعد النون من الواو لأن النون بطرف اللسان والواو بالشفتين.(1/27)
وكما قرأ القراء {نون والقلم [القلم: 1] فبينوا النون لأنها منفصلة. ولو كانت غير منفصلة لم تبين إلا أن يلقاها أحد الحروف الستة. ألا ترى أنك تقول: «خذه من زيد» و «خذه من عمرو» فتبين النون في «عمرو» ولا تبين في «زيد». فلما كانت ميم ساكنة وبعدها حرف مقطوع مفتوح جاز أن تحرك الميم بفتحة الألف وتحذف الألف في لغة من قال «من ابوك» فلا تقطع. وقد جعل قوم (نون) بمنزلة المدرج فقالوا «نون والقلم» فأثبتوا النون ولم يبينوها. وقالوا} {يس والقرآن [يس: 21] فلم يبينوا أيضا. وليست هذه النون هاهنا بمنزلة قوله} {كهيعص (1) [مريم: الآية 1] و} {طس تلك [النّمل: الآية 1] و} {حم عسق [الشورى: 1] فهذه النونات لا تبين في القراءة في قراءة أحد، لأن النون قريبة من الصاد، لأن الصاد والنون من مخرج طرف اللسان. وكذلك التاء والسين في} {طس تلك [النّمل: الآية 1] وفي} {حم عسق [الشورى: 1]، فلذلك لم تبين النون إذ قربن منها. وتبينت النون في
} {يس (1) [يس: الآية 1] و} {نون لبعد النون من الواو لأن النون بطرف اللسان والواو بالشفتين.
وقال} {لا ريب فيه هدى لّلمتّقين [الآية 2] وقال} {فلا إثم عليه [الآية 173] فنصبهما بغير تنوين. وذلك أن كل اسم منكور نفيته ب «لا» وجعلت «لا» إلى جنب الاسم فهو مفتوح بغير تنوين، لأن «لا» مشبهة بالفعل، كما شبهت «إن» و «ما» بالفعل. و «فيه» في موضع خبرها وخبرها رفع، وهو بمنزلة الفاعل، وصار المنصوب بمنزلة المفعول به، و «لا» بمنزلة الفعل. وإنما حذفت التنوين منه لأنك جعلته و «لا» اسما واحدا، وكل شيئين جعلا اسما لم يصرفا. والفتحة التي فيه لجميع الاسم، بني عليها وجعل غير متمكن. والاسم الذي بعد «لا» في موضع نصب عملت فيه «لا».
وأما قوله} {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون [يونس: الآية 62] فالوجه فيه الرفع لأن المعطوف عليه لا يكون إلا رفعا ورفعته لتعطف الآخر عليه، وقد قرأها قوم نصبا وجعلوا الآخر رفعا على الابتداء.
وقوله} {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج [الآية 197] فالوجه النصب لأن هذا نفي ولأنه كله نكرة. وقد قال قوم «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» فرفعوه كله، وذلك أنه قد يكون هذا المنصوب كله مرفوعا في بعض كلام العرب. قال الشاعر: [البسيط]
} 7وما صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل (1)
وهذا جواب لقوله «هل فيه رفث أو فسوق» فقد رفع الأسماء بالابتداء وجعل لها خبرا، فلذلك يكون جوابه رفعا. وإذا قال «لا شيء» فإنما هو جواب «هل من شيء»، لأن «هل من شيء» قد أعمل فيه «من» بالجر وأضمر الخبر والموضع مرفوع، مثل «بحسبك أن تشتمني» فإنما هو «حسبك أن تشتمني».
فالموضع مرفوع والباء قد عملت.
وقد قال قوم: «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» فرفعوا الأول
__________
(1) البيت للراعي النميري في ديوانه ص 198، وتخليص الشواهد ص 405، وشرح التصريح 1/ 241، وشرح المفصل 2/ 111، 113، والكتاب 2/ 295، ولسان العرب (لفا)، ومجالس ثعلب ص 35، المقاصد النحوية 2/ 336، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 15، وشرح الأشموني 1/ 152، واللمع ص 128.(1/28)
على ما يجوز في هذا من الرفع، أو على النهي، كأنه قال: «فلا يكونن فيه رفث ولا فسوق»، كما تقول: «سمعك إليّ» تقولها العرب فترفعها، وكما تقول للرجل: «حسبك» و «كفاك». وجعل الجدال نصبا على النفي. وقال الشاعر:
[الكامل]
8 - ذاكم وجدّكم الصّغار بأسره ... لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب (1)
فرفع أحدهما ونصب الآخر.
وأما قوله {لا فيها غول [الصّافات: الآية 47] فرفع لأن «لا» لا تقوى أن تعمل إذا فصلت، وقد فصلتها ب «فيها» فرفع على الابتداء ولم تعمل «لا».
وقوله} {فيه هدى لّلمتّقين [الآية 2] ف «فيه» و «عليه» و «إليه»، وأشباه ذلك في القرآن كثير. وذلك أن العرب إذا كان قبل هذه الهاء التي للمذكر ياء ساكنة، حذفوا الياء التي تجيء من بعد الهاء أو الواو، لأن الهاء حرف خفي وقع بين حرفين متشابهين فثقل ذلك. فمن كان من لغته إلحاق الواو إذا كان قبلها كسرة ولم يكن
__________
(1) يروى صدر البيت بلفظ:
} هذا لعمركم الصّغار بعينه
والبيت من أكثر الشواهد المختلف عليها، فهو لرجل من مذحج في الكتاب 2/ 292، وهو لضمرة بن جابر في خزانة الأدب 2/ 38، 40، وهو لرجل من مذحج أو لضمرة بن ضمرة، أو لهمام أخي جساس ابني مرة في تخليص الشواهد ص 405، وهو لرجل من مذحج، أو لهمام بن مرة في شرح شواهد الإيضاح ص 209، وهو لرجل من بني عبد مناف، أو لابن أحمر، أو لضمرة بن ضمرة، أو لرجل من مذحج، أو لهمام بن مرة، أو لرجل من بني عبد مناف في الدرر 6/ 175، وهو لهني بن أحمر أو لزرافة الباهلي في لسان العرب (حيس)، وهو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة أو لرجل من بني عبد مناة أو لابن أحمر أو لضمرة بن ضمرة في شرح التصريح 1/ 241، ولابن أحمر في المؤتلف والمختلف ص 38، والمقاصد النحوية 2/ 339، ولرجل من مذحج أو لهمام أخي حسان بن مرة أو لضمرة بن ضمرة أو لابن أحمر في شرح شواهد المغني ص 921، ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256، ولعامر بن جوين الطائي، أو منقذ بن مرة الكناني في حماسة البحتري ص 78، ولرجل من بني عبد مناه بن كنانة في سمط اللآلي ص 288، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 241، والأشباه والنظائر 4/ 162، وأمالي ابن الحاجب ص 593، وأوضح المسالك 2/ 16، ورصف المباني ص 267، وشرح الأشموني ص 151، وشرح ابن عقيل ص 202، وشرح المفصل 2/ 292، وكتاب اللامات ص 106، واللمع في العربية ص 129، ومغني اللبيب ص 593، والمقتضب 4/ 371.(1/29)
قبلها الياء، ترك الهاء مضمومة إذا كان قبلها الياء الساكنة. ومن كان من لغته إلحاق الياء ترك الهاء مكسورة إذا كان قبلها الياء الساكنة. وكذلك إذا كان قبل الهاء ألف ساكنة أو واو فإنه يحذف الواو التي تكون بعد الهاء، ولكن الهاء لا تكون إلا مضمومة نحو {فألقى موسى عصاه [الشعراء: 45] وقوله} {فكذّبوه [الأعراف: الآية 64] وقوله} {فأنجيناه [الأعراف: 64] وأشباه هذا في القرآن كثير.
ومن العرب من يتم لأن ذلك من الأصل فيقول «فكذّبوهو» «فأنجيناهو» «وألقى موسى عصاهو» و «لا ريب فيهو هدى للمتقين» وهي قراءة أهل المدينة.
وقد قال قوم} {إنّى لكم مّنه نذير مّبين [الذّاريات: الآية 50] فألقوا الواو وشبهوا الساكن بالياء والواو والألف. وهذا ليس بجيّد في العربية، وأجوده «منهو نذير» تلحق الواو وإن كانت لا تكتب. وكل هذا إذا سكت عليه لم تزد على الهاء شيئا.
ولا تكسر هذه الهاء إلا أن تكون قبلها ياء ساكنة، أو حرف مكسور. وإنما يكسر بنو تميم. فأما أهل الحجاز فإنهم يضمون بعد الكسر وبعد الياء أيضا قال} {ثمّ اتّخذتم العجل من بعده وأنتم ظلمون [الآية 51]. وأهل الحجاز يقولون «من بعدهو» فيثبتون الواو في كل موضع.
ومن العرب من يحذف الواو والياء في هذا النحو أيضا، وذلك قليل قبيح، يقول: «مررت به قبل» و «به قبل» يكسرون ويضمون، ولا يلحقون واوا ولا ياء، ويقولون «رأيته قبل» فلا يلحقون واوا. وقد سمعنا بعض ذلك من العرب الفصحاء.
قد قرأ بعض القراء «فيه هدى» فأدغم الهاء الأولى في هاء «هدى» لأنهما التقتا وهما مثلان.
وزعموا أن من العرب من يؤنث «الهدى». ومنهم من يسكن هاء الإضمار للمذكر. قال الشاعر: [الطويل]} 9فظلت لدى البيت العتيق أخيله ... ومطواي مشتاقان له أرقان (1)
__________
(1) البيت ليعلى بن الأحول الأزدي في خزانة الأدب 5/ 269، 275، ولسان العرب (مطا)، (ها)، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 128، 370، ورصف المباني ص 16، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 727، والمحتسب 1/ 244، والمقتضب 1/ 39، 267، والمنصف 3/ 84. ويروى: «أريغه» بدل: «أخيله».(1/30)
وهذا في لغة أسد السراة، زعموا، كثير.
وقوله {وممّا رزقنهم ينفقون [الآية 3] ففيها لغتان، منهم من يقولها بالوقف إذا وصل، ومنهم من يلحق فيها الواو. وكذلك هو في كل موضع من القرآن والكلام إلّا أن يكون ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة. فإن كانت ياء ساكنة أو حرف مكسور نحو «عليهم» و «بهم» و «من بعدهم» فمن العرب من يقول:
«عليهمي» فيلحق الياء ويكسر الميم والهاء، ومنهم من يقول: «عليهمو» فيلحق الواو ويضم الميم والهاء، ومنهم من يقول: «عليهم» و «عليهم»، فيرفعون الهاء ويكسرونها، ويقفون الميم، ومنهم من يقول: «عليهمو» فيكسرون الهاء ويضمون الميم ويلحقون الواو، ومنهم من يقول: «عليهمي» فيضمون الهاء ويكسرون الميم ويلحقون الياء.
وكل هذا إذا وقفت عليه فآخره ساكن والذي قبله مكسور هو بمنزلة ما قبله ياء. وهذا في القرآن كثير.
ومنهم من يجعل «كم» في «عليكم» و «بكم» إذا كانت قبلها ياء ساكنة أو حرف مكسور بمنزلة «هم» وذلك قبيح لا يكاد يعرف، وهي لغة لبكر بن وائل سمعناها من بعضهم يقولون «عليكمي» و «بكمي». وأنشد الأخفش} [1] قال:
سمعته من بكر بن وائل: [الطويل]
10 - وإن قال مولاهم على جلّ حاجة ... من الأمر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا (2)
وكل هذا إذا لقيه حرف ساكن حركت الميم بالضم إن كان بعدها واو، فإن كان بعدها واو حذفت الواو، وإن كان ياء حذفت الياء وحركت الميم بالكسر.
وكذلك الهاء التي للواحد المذكر من نحو «مررت به اليوم» و «رأيته اليوم».
وزعموا أن بعض العرب يحرك الميم ولا يلحق ياء ولا واوا في الشعر وذا لا يكاد يعرف. وقال الشاعر: [الرجز]
__________
(1) هو الأخفش الأكبر، أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الهجري، شيخ سيبويه وأبي عبيدة، انظر ترجمته في مراتب النحويين 23، وطبقات الزبيدي 40، وإنباه الرواة 2/ 157.
(2) البيت للحطيئة في ديوانه ص 41، وشرح أبيات سيبويه 2/ 342، والكتاب 4/ 197، وبلا نسبة في المقتضب 1/ 270.(1/31)
11 - تالله لولا شعبتي من الكرم ... وشعبتي فيهم من خال وعمّ (1)
فأما قوله {سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [الآية 6] فإنما دخله حرف الاستفهام وليس باستفهام لذكره السواء، لأنه إذا قال في الاستفهام: «أزيد عندك أم عمرو» وهو يسأل أيهما عندك فهما مستويان عليه، وليس واحد منهما أحق بالاستفهام من الآخر. فلما جاءت التسوية في قوله} {ءأنذرتهم [الآية 6] أشبه بذلك الاستفهام، إذ أشبهه في التسوية. ومثلها} {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم [المنافقون: 6] ولكن} {أستغفرت [المنافقون: الآية 6] ليست بممدودة، لأن الألف التي فيها ألف وصل لأنها من «استغفر» «يستغفر» فالياء مفتوحة من «يفعل»، وأما} {ءأنذرتهم [الآية 6] ففيها ألفان ألف «أنذرت» وهي مقطوعة لأنه يقول «ينذر» فالياء مضمومة ثم جعلت معها ألف الاستفهام فلذلك مددت وخففت الآخرة منهما لأنه لا يلتقي همزتان. وقال} {أفلا تبصرون [القصص: الآية 72]} {أم أنا خير مّن هذا الّذى هو مهين [الزّخرف: الآية 52]. وقال بعضهم إنه على قوله} {أفلا تبصرون [القصص: الآية 72] وجعل قوله} {أم أنا خير مّن هذا الّذى هو مهين
[الزّخرف: الآية 52] بدلا من} {تبصرون [القصص: الآية 72]. لأن ذلك عنده بصرا منهم أن يكون عندهم هكذا وهذه «أم» التي تكون في معنى «أيهما». وقد قال قوم «إنها يمانية» وذلك أن أهل اليمن يزيدون «أم» في جميع الكلام. وأما ما سمعنا من اليمن فيجعلون «أم» مكان الألف واللام الزائدتين، يقولون «رأيت امرجل» و «قام امرجل» يريدون «الرجل». ولا يشبه أن تكون} {أم أنا خير [الزّخرف: الآية 52] على لغة أهل اليمن. وقد زعم أبو زيد} [2] أنه سمع أعرابيا فصيحا ينشدهم: [الرجز]
12 - يا دهر أم كان مشيي رقصا ... بل قد تكون مشيتي ترقّصا (3)
__________
(1) يروى الرجز بتمامه بلفظ:
والله لولا شعبة من الكرم ... ونسب في الحي من خال وعم
لضمني السير إلى شرّ مضم
والرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 148.
(2) أبو زيد: هو سعيد بن أوس بن ثابت بن زيد بن قيس بن زيد الأنصاري الحنفي، أبو زيد البصري اللغوي، توفي سنة 215هـ، وله العديد من المصنفات، منها: «تخفيف الهمز الواحد»، «غريب الأسماء»، «قراءة أبي عمرو»، «كتاب الأمثال»، «كتاب تحقيق الهمز»، «كتاب الجمع والتثنية»، «كتاب اللامات»، «كتاب اللغات»، «كتاب المصادر»، «كتاب المنطق في اللغة»، «لغات القرآن». (كشف الظنون 5/ 388387).
(3) يروى الرجز بلفظ:(1/32)
فسأله فقال: «معناه ما كان مشيي رقصا» ف «أم» هاهنا زائدة. وهذا لا يعرف. وقال علقمة بن عبدة (1): [الطويل]
13 - وما القلب أم ما ذكره ربعيّة ... يخطّ لها من ثرمداء قليب (2)
يريد «ما ذكره ربيعة» يجعله بدلا من «القلب»، وقال بعض الفقهاء: «إن معناه أنه قال فرعون {أفلا تبصرون [القصص: الآية 72] أم أنتم بصراء». وقال الشاعر: [الطويل]
} 14فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم (3)
__________
يا دهر أم ما كان مشيي رقصا ... بل قد تكون مشيتي توقّصا
والرجز بلا نسبة في الأزهية ص 132، وخزانة الأدب 11/ 62، 63، وشرح عمدة الحافظ ص 656، ولسان العرب (أمم)، والمقتضب 3/ 297، والمنصف 3/ 118، وتهذيب اللغة 1/ 625.
(1) علقمة بن عبدة: هو علقمة الفحل، واسمه علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس، من بني تميم، من الشعراء الكبار الذين عاصروا امرأ القيس، وعمرو بن كلثوم، والنابغة، والذين أتيحت لهم الفرصة للتنقل بين مشارق الجزيرة، ومغاربها، ومخالطة العرب وكبارهم، والاتصال بملوك الغساسنة والمناذرة، مما أضفى على شعره رونقا يتقلب بين زهوّ المجتمعات المتحضرة والبيئة البدوية التي عاشها وتغنّى بها.
عاش حياته في جو من العلاقات العاطفية التي لازمته حتى سن المشيب. عدّه ابن سلام في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية وعدّه آخرون من شعراء الطبقة الأولى.
له مع امرىء القيس مساجلات عدة، أسر الحارث بن أبي شمّر الغساني أخا علقمة شأس فتشفع له علقمة لدى الحارث، ومدحه بأبيات فأطلقه. توفي علقمة الفحل في حدود سنة 20 قبل الهجرة (معجم الشعراء الجاهليين ص 229228).
(2) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه ص 35، والدرر 6/ 110، وشرح اختيارات المفضّل ص 1580، ولسان العرب (ثرمد)، والمقاصد النحوية 3/ 16، وبلا نسبة في رصف المباني ص 99، وهمع الهوامع 2/ 133.
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه ص 767، وأدب الكاتب ص 224، والأزهية ص 36، والأغاني 17/ 309، والخصائص 2/ 458، والدرر 3/ 17، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 723، وشرح أبيات سيبويه 2/ 257، وشرح شواهد الشافية ص 347، وشرح المفصل 1/ 94، 9/ 119، والكتاب 3/ 551، ولسان العرب (جلل)، (أ)، (يا)، واللمع ص 193، 277، ومعجم ما استعجم ص 388، والمقتضب 1/ 163، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 457، 2/ 677، والإنصاف 2/ 482، وجمهرة اللغة ص 1210، والجنى الداني ص 178، 419، وخزانة الأدب 5/ 247، 11/ 67، ورصف المباني ص 26، 136، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 64، وهمع الهوامع 1/ 172.(1/33)
يريد: «أأنت أحسن أم أمّ سالم» فأضمر «أحسن». يريد: «أليس أنا خيرا من هذا الذي هو مهين». ولها موضع آخر تكون فيه منقطعة من الكلام كأنك تميل إلى أوله. قال {لا ريب من رب العالمين} {أم يقولون افتراه [يونس: الآية 38]. وهذا لم يكن قبله استفهام، وهذا قول العرب: «إنّها لإبل» ثم يقولون «أم شاء» وقولهم «لقد كان كذا وكذا أم حدّثت نفسي»، ومثل قول الشاعر: [الكامل]
} 15كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا (1)
وليس قوله {أم يقولون افتراه [يونس: الآية 38] لأنه شك، ولكنه قال هذا ليقبّح صنيعهم كما تقول: «ألست الفاعل كذا وكذا» ليس تستفهم إنما توبخه. ثم قال:} {بل هو الحقّ من رّبّك [السّجدة: الآية 3]. ومثل هذا في القرآن كثير، قال} {فذكّر فما أنت بنعمت ربّك بكاهن ولا مجنون (29) [الطّور: الآية 29] ثم قال} {أم يقولون شاعر نّتربّص به [الطّور: الآية 30] و} {أم عندهم خزائن ربّك [الطّور: الآية 37] كل هذا على استفهام الاستئناف. وليس ل «أم» غير هذين الموضعين لأنه أراد أن ينبه، ثم ذكر ما قالوا عليه يعني النبي صلى الله عليه وسلم ليقبح ما قالوا عليه، نحو قولك للرجل «الخير أحبّ إليك أم الشرّ»؟ وأنت تعلم أنه يقول «الخير» ولكن أردت أن تقبح عنده ما صنع. وأما قوله} {ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا [الإنسان: الآية 24] فقد نهاه عن الآثم والكفور جميعا. وقد قال بعض الفقهاء: «إنّ «أو» تكون بمنزلة الواو»، وقال: [المتقارب]
} 16يهينون من حقروا شأيه ... وإن كان فيهم يفي أو يبرّ (2)
يقول: «يفي ويبرّ». وكذلك هي عندهم ها هنا وإنما هي بمنزلة «كل اللحم أو التمر» إذا رخصت له في هذا النحو. فلو أكل كله أو واحدا منه لم يعص.
فيقع النهي عن كل ذا في هذا المعنى فيكون إن ركب الكل أو واحدا عصى. كما كان في الأمر إن صنع واحدا أطاع. وقال وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون
[الصافات: 147] ومعناه «ويزيدون» ومخرجها في العربية أنك تقول: «لا تجالس
__________
(1) البيت للأخطل في ديوانه ص 385، والأزهية ص 129، وخزانة الأدب 6/ 9، 10. 12، 195،
11/ 122، 131، 133، وشرح أبيات سيبويه 2/ 67، وشرح التصريح 2/ 144، وشرح شواهد المغني 1/ 143، والكتاب 3/ 174، ولسان العرب (كذب)، (غلس)، (أمم)، ومغني اللبيب 1/ 45، وتاج العروس (غلس)، (أمم)، والمقتضب 3/ 295، وبلا نسبة في الأغاني 7/ 79، والصاحبي في فقه اللغة ص 125.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/34)
زيدا أو عمرا أو خالدا» فإن أتى واحدا منهم أو كلّهم كان عاصيا. كما أنّك إذا قلت: «اجلس إلى فلان أو فلان أو فلان» فجلس إلى واحد منهم أو كلّهم كان مطيعا. فهذا مخرجه من العربية. وأرى الذين قالوا: «إنّما» أو «بمنزلة الواو» إنما قالوها لأنهم رأوها في معناها. وأما {وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون فإنما يقول} {أرسلناه إلى مئة ألف عند الناس، ثم قال} {أو يزيدون [الصّافات: الآية 147] عند الناس، لأنّ الله تبارك وتعالى لا يكون منه شكّ. وقد قال قوم: إنّما «أو» ها هنا بمنزلة «بل» وقد يقول الرجل «لأذهبنّ إلى كذا وكذا» ثم يبدو له بعد فيقول «أو أقعد» فقال ها هنا} {أرسلناه إلى مئة ألف عند الناس، ثم قال} {أو يزيدون [الصّافات: الآية 147] عند الناس، أي أن الناس لا يشكون أنهم قد زادوا. والوجه الآخر هكذا، أي «فكذا حال الناس فيهم» أي: إن الناس يشكون فيهم. وكذا حال «أم» المنقطعة إن شئت جعلتها على «بل» فهو مذهب حسن. وقال متمّم بن نويرة} [1]: [الوافر]
17 - فلو كان البكاء يردّ شيئا ... بكيت على جبير أو عفاق (2)
على المرأين إذ هلكا جميعا ... بشأنهما وحزن واشتياق
وقال ابن أحمر (3): [الطويل]
__________
(1) متمم بن نويرة: هو أبو نهشل متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن ثعلب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، من سادات قومه وأشرافهم وفرسانهم وشعرائهم، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، فأسلم، وحسن إسلامه وعدّ من الصحابة، يقال له: أبو نهشل، وأبو تميم، وأبو إبراهيم، أخوه مالك بن نويرة الملقب «بالجفول» وهو الذي قتله ضرار بن الأزور بأمر خالد بن الوليد، فرثاه متمم بقصيدة شهيرة.
قدم متمم على أبي بكر الصديق فأنشده مراثي أخيه مالك وناشده في دمه وفي سبيهم فردّ أبو بكر إليه السبي، وأغلظ عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد في أمر مالك، وعذره أبو بكر.
توفي متمم بن نويرة نحو سنة 30هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 422).
(2) البيتان لمتمم بن نويرة في ديوانه ص 124، والأزهية ص 116، وخزانة الأدب 7/ 131، ولسان العرب (عفق)، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 58.
(3) ابن أحمر: هو أبو الخطاب عمرو بن أحمر بن العمرّد بن عامر الباهلي، شاعر مخضرم عمّر طويلا، عاش نحو 90سنة. اشتهر في الجاهلية، وأسلم وغزا مغاز كثيرة في الروم وأصيبت إحدى عينيه. نزل بالشام مع خيل خالد بن الوليد حين وجهه إليها أبو بكر، ثم سكن الجزيرة.
أدرك أيام عبد الملك بن مروان، وله مدائح في عمر وعثمان وعلي وخالد. وهجا يزيد بن معاوية، فطلبه يزيد فهرب. كان يتقدم شعراء عصره، وعدّه ابن سلام الجمحي في الطبقة الثالثة(1/35)
18 - فقلت البثي شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذاك ما قد غيّبتني غيابيا (1)
وأما قوله {أإنا لمبعوثون} {أو ءاباؤنا الأوّلون (17) [الصّافات: الآية 17] فإن هذه الواو واو عطف كأنهم قالوا:} {أإنا لمبعوثون فقيل لهم: «نعم وآباؤكم الأوّلون» فقالوا:} {أو ءاباؤنا [الصّافات: الآية 17]، وقوله:} {أو لم ير الإنسان [يس:
الآية 77]} {أو لم يهد لهم [السّجدة: الآية 26] وأشباه هذا في القرآن كثير. فالواو مثل الفاء في قوله} {أفلم يهد لهم [طه: الآية 128] وقوله} {أفلم يدّبّروا القول [المؤمنون:
الآية 68] وإن شئت جعلت هذه الفاءات زائدة. وإن شئت جعلتها جوابا لشيء كنحو ما يقولون «قد جاءني فلان» فيقول «أفلم أقض حاجته» فجعل هذه الفاء معلقة بما قبلها.
وأما قوله:} {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشوة [الآية 7] فإن الختم ليس يقع على الأبصار. إنما قال} {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم [الآية 7] ثم قال:} {وعلى أبصارهم غشوة [الآية 7] مستأنفا. وقوله} {ختم الله [الآية 7] لأن ذلك كان لعصيانهم الله فجاز ذلك اللفظ، كما تقول: «أهلكته فلانة» إذا أعجب بها. وهي لا تفعل به شيئا لأنه هلك في اتباعها. أو يكون «ختم» حكم بها أنها مختوم عليها.
وكذلك} {زادهم الله مرضا [الآية 10] على هذا التفسير والله أعلم.
ثم قال} {ومن النّاس من يقول ءامنّا بالله وباليوم الأخر [الآية 8] فجعل اللفظ واحدا، ثم قال:} {وما هم بمؤمنين [الآية 8] فجعل اللفظ جميعا، وذلك أن} {مّن
[الآية 5] اللفظ بها لفظ واحد، ويكون جميعا في المعنى، ويكون اثنين. فإن لفظت بفعله على معناه فهو صحيح. وإن جعلت فعله على لفظه واحدا فهو صحيح ومما جاء من ذلك قوله} {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربّه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (112) [الآية 112] وقال:} {ومنهم مّن يستمعون إليك [يونس: الآية 42] وقال:} {ومنهم مّن ينظر إليك [يونس: الآية 43] وقال} {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين فقال} يقنت [الأحزاب: الآية 31]
__________
من الإسلاميين. قيل: مات على عهد عثمان بن عفان بعد أن بلغ سنا عالية. وقيل: أدرك عبد الملك بن مروان، مات سنة 65هـ. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 311 312).
(1) البيت لابن أحمر في ديوانه ص 171، والأزهية ص 115، وخزانة الأدب 5/ 9، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 483، والخصائص 2/ 460، والمحتسب 2/ 227.(1/36)
فجعله على اللفظ، لأن اللفظ في {من مذكر وجعل} {تعمل و} {سؤتها على المعنى. وقد قال بعضهم «ويعمل» فجعله على اللفظ لأن لفظ} {من مذكر. وقد قال بعضهم «ومن تقنت» فجعله على المعنى لأنه يعني امرأة. وهي حجة على من قال: «لا يكون اللفظ في} {من على المعنى إلا أن تكون} {من في معنى «الذي»، فأما في المجازاة والاستفهام فلا يكون اللفظ في} {من على المعنى.
وقولهم هذا خطأ لأن هذا الموضع الذي فيه «ومن تقنت» مجازاة. وقد قالت العرب «ما جاءت حاجتك» فأنّثوا «جاءت» لأنها ل «ما»، وإنما أنثوا لأن معنى «ما» هو الحاجة. وقد قالت العرب أو بعضهم «من كانت أمّك» فنصب، وقال الشاعر: [الطويل]
} 19تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (1)
ويروى «تعال فإن». وقد جعل «من» بمنزلة رجل. قال الشاعر: [الرمل] 20ربّ من أنضجت غيظا صدره ... قد تمنّى لي شرّا لم يطع (2)
فلولا أنها نكرة بمنزلة «رجل» لم تقع عليها «ربّ».
وكذلك (ما) نكرة إلا أنها بمنزلة «شيء». يقال: إن قوله {هذا ما لدىّ عتيد
[ق: الآية 23] على هذا. جعل (ما) بمنزلة «شيء» ولم يجعلها بمنزلة «الذي» فقال:
«ذا شيء لديّ عتيد». وقال الشاعر: [الخفيف]
} 21ربّ ما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال (3)
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 329، وتخليص الشواهد ص 142، والدر 1/ 284، وشرح أبيات سيبويه 2/ 84، وشرح شواهد المغني 2/ 536، والكتاب 2/ 416، ومغني اللبيب 2/ 404، والمقاصد النحوية 1/ 461، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 422، وشرح الأشموني 1/ 69، وشرح شواهد المغني 2/ 829، وشرح المفصل 2/ 132، 4/ 13، والصاحبي في فقه اللغة ص 173، ولسان العرب (منن)، والمحتسب 1/ 219، والمقتضب 2/ 295، 3/ 253.
(2) البيت لسويد بن أبي كاهل في الأغاني 13/ 98، وخزانة الأدب 6/ 125123، والدرر 1/ 302، وشرح اختيارات المفضل ص 901، وشرح شواهد المغني 2/ 740، والشعر والشعراء 1/ 428، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 70، وشرح شذور الذهب ص 170، وشرح المفصل 4/ 11، ومغني اللبيب 1/ 328، وتاج العروس (من).
(3) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 50، والأزهية ص 82، 95، وحماسة البحتري ص 223، وخزانة الأدب 6/ 108، 113، 10/ 9، والدرر 1/ 77، وشرح أبيات سيبويه 2/ 3، والكتاب 2/ 109، ولسان العرب (خرج)، وله أو لحنيف بن عمير أو لنهار ابن أخت مسيلمة(1/37)
فلولا أنها نكرة بمنزلة «من» لم تقع عليها «ربّ». وقد يكون {هذا ما لدىّ عتيد [ق: الآية 23] على وجه آخر، أخبر عنهما خبرا واحدا كما تقول: «هذا أحمر أخضر». وذلك أن قوما من العرب يقولون: «هذا عبد الله مقبل». وفي قراءة ابن مسعود} [1]: {وهذا بعلي شيخ كأنه أخبر عنهما خبرا واحدا أو يكون كأنه رفعه على التفسير كأنه إذا قال} {هذا ما لدىّ [ق: الآية 23]، قيل: «ما هو»؟ أو علم أنه يراد ذلك منه فقال} {عتيد [ق: الآية 18] أي ما عندي عتيد. وكذلك} {وهذا بعلي شيخ. وقال الراجز:
} 22من يك ذا بتّ فهذا بتّي ... مقيّظ مصيّف مشتّي (2)
وقال {إنّ الله نعمّا يعظكم به [النّساء: الآية 58] ف «ما» ها هنا اسم ليست له صلة لأنك إن جعلت} يعظكم به [الآية 231] صلة ل «ما» صار كقولك: «إنّ الله نعم الشيء» أو «نعم شيئا» فهذا ليس بكلام. ولكن تجعل «ما» اسما وحدها كما تقول: «غسلته غسلا نعمّا» تريد به: «نعم غسلا». فإن قيل: كيف تكون «ما» اسما وحدها وهي لا يتكلم بها وحدها؟ قلت: هي بمنزلة «يا أيّها الرجل» لأن «أيا» ها هنا اسم ولا يتكلم به وحده حتى يوصف فصار «ما» مثل الموصوف ها هنا. لأنك
__________
الكذاب في شرح شواهد المغني 2/ 707، 708، والمقاصد النحوية 1/ 484، وله أو لأبي قيس ابن أبي أنس أو لحنيف في خزانة الأدب 6/ 115، ولعبيد في ديوانه ص 128، وبلا نسبة في إنباه الرواة 4/ 134، وأساس البلاغة (فرج)، والأشباه والنظائر 3/ 186، وأمالي المرتضى 1/ 486، والبيان والتبيين 3/ 260، وجمهرة اللغة ص 463، وجواهر الأدب ص 369، وشرح الأشموني 1/ 70، وشرح شذور الذهب ص 171، وشرح المفصل 4/ 352، ومغني اللبيب 2/ 297، والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 8.
(1) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود الصحابي الكبير المتوفى سنة 32هـ. وهو من أصحاب المصاحف الذين كانوا يحتفظون بنسخة خاصة بها فيها بعض الاختلاف عن النسخة التي أقرّها موحّده الخليفة الثالث عثمان بن عفان وأقر بتعميمها وتوزيعها على الأمصار بعد إتلاف ما سواها، وأشهر أصحاب المصاحف: أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري والمقداد بن عمرو وعلي بن أبي طالب (انظر: الأعلام 4/ 137، والفهرست ص 39، 40، 41).
(2) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 189، والدرر 2/ 33، والمقاصد النحوية 1/ 561، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 725، وتلخيص الشواهد ص 214، والدرر 5/ 109، وشرح أبيات سيبويه 2/ 33، وشرح الأشموني 1/ 106، وشرح ابن عقيل ص 132، وشرح المفصل 1/ 99، والكتاب 2/ 84، ولسان العرب (تبت)، (دشت)، (قيظ)، (صرف)، (شتا)، وهمع الهوامع 1/ 108، 2/ 67، وتهذيب اللغة 9/ 260، و 14/ 258، وتاج العروس (دشت)، (قيظ)، (شتا)، وديوان الأدب 4/ 113، وأساس البلاغة (جيف)، وجمهرة اللغة ص 62.(1/38)
إذا قلت «غسلته غسلا نعمّا» فإنما تريد المبالغة والجودة. فاستغني بهذا حتى تكلم به وحده. ومثل «ما أحسن زيدا» «ما» ها هنا وحدها اسم. وقوله «إني مما ان أصنع كذا وكذا» «ما» ها هنا وحدها اسم كأنه قال: «إنّي من الأمر» أو «من أمري صنيعي كذا وكذا». ومما جاء على المعنى قوله {كمثل الذي استوقد نارا أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم [الآية 17] لأن «الذي» يكون للجميع، كما قال} {والّذى جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون (33) [الزّمر: الآية 33].
وأما قوله} {يخدعون الله والّذين ءامنوا [الآية 9] ولا تكون المفاعلة إلا من شيئين فإنه إنمّا يقول: «} {يخدعون الله» [الآية 9] عند أنفسهم يمنونها أن لا يعاقبوا وقد علموا خلاف ذلك في أنفسهم» ذلك لحجة الله الواقعة على خلقه بمعرفته.
} {وما يخدعون إلّا أنفسهم [الآية 9] وقال بعضهم: «يخادعون» يقول:
«يخدعون أنفسهم بالمخادعة لها» وبها نقرأ.
وقد تكون المفاعلة من واحد في أشياء كثيرة تقول: «باعدته مباعدة» و «جاوزته مجاوزة» في أشياء كثيرة. وقد قال} {وهو خدعهم [النّساء: الآية 142] فذا على الجواب. يقول الرجل لمن كان يخدعه إذا ظفر به «أنا الذي خدعتك» ولم تكن منه خديعة ولكن قال ذلك إذ صار الأمر إليه. وكذلك} {ومكروا ومكر الله [آل عمران: الآية 54] و} {الله يستهزىء بهم [الآية 15] على الجواب. والله لا يكون منه المكر والهزء. والمعنى أن المكر حاق بهم والهزء صار بهم.
وأما قوله} {فزادهم الله مرضا [الآية 10] فمن فخم نصب الزاي فقال «زادهم» ومن كسر الزاي فقال «زادهم» لأنها من «زدت» أولها مكسور. فناس من العرب يميلون ما كان من هذا النحو وهم بعض أهل الحجاز ويقولون أيضا} {ولمن خاف مقام ربّه [الرّحمن: الآية 46] و} {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء [النّساء: الآية 3] و} {وقد خاب [طه: الآية 61] ولا يقولون «قال» ولا «زار» لأنه يقول «قلت» و «زرت» فأوله مضموم. فإنما يفعلون هذا في ما كان أوله من «فعلت» مكسورا إلّا أنّهم ينحون الكسرة كما ينحون الياء في قوله} {وسقهم ربّهم [الإنسان: الآية 21] و} {قد أفلح من زكّها (9) [الشّمس: الآية 9]. ويقرأ جميع ذلك بالتفخيم. وما كان من نحو هذا من بنات الواو وكان ثالثا نحو} {والقمر إذا تلها (2) [الشّمس: الآية 2] ونحو} {والأرض وما طحها (6) [الشّمس: الآية 6] فإن كثيرا من العرب يفخمه ولا يميله لأنها ليست بياء فتميل إليها لأنها من «طحوت» و «تلوت». فإذا كانت رابعة فصاعدا أمالوا وكانت الإمالة هي الوجه، لأنها حينئذ قد انقلبت إلى الياء. ألا ترى أنك
تقول «غزوت» و «أغزيت» ومثل ذلك} {والّيل إذا يغشها (4) [الشّمس: الآية 4] و} {قد أفلح من تزكّى (14) [الأعلى: الآية 14]، و} {والنّهار إذا تجلّى (2) [الليل: الآية 2] أمالها لأنّها رابعة، و «تجلّى» فعلت منها بالواو لأنها من «جلوت» و «زكا» من «زكوت يزكو» و} والّيل إذا يغشها (4) [الشّمس: الآية 4] من «الغشاوة».(1/39)
وأما قوله {فزادهم الله مرضا [الآية 10] فمن فخم نصب الزاي فقال «زادهم» ومن كسر الزاي فقال «زادهم» لأنها من «زدت» أولها مكسور. فناس من العرب يميلون ما كان من هذا النحو وهم بعض أهل الحجاز ويقولون أيضا} {ولمن خاف مقام ربّه [الرّحمن: الآية 46] و} {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء [النّساء: الآية 3] و} {وقد خاب [طه: الآية 61] ولا يقولون «قال» ولا «زار» لأنه يقول «قلت» و «زرت» فأوله مضموم. فإنما يفعلون هذا في ما كان أوله من «فعلت» مكسورا إلّا أنّهم ينحون الكسرة كما ينحون الياء في قوله} {وسقهم ربّهم [الإنسان: الآية 21] و} {قد أفلح من زكّها (9) [الشّمس: الآية 9]. ويقرأ جميع ذلك بالتفخيم. وما كان من نحو هذا من بنات الواو وكان ثالثا نحو} {والقمر إذا تلها (2) [الشّمس: الآية 2] ونحو} {والأرض وما طحها (6) [الشّمس: الآية 6] فإن كثيرا من العرب يفخمه ولا يميله لأنها ليست بياء فتميل إليها لأنها من «طحوت» و «تلوت». فإذا كانت رابعة فصاعدا أمالوا وكانت الإمالة هي الوجه، لأنها حينئذ قد انقلبت إلى الياء. ألا ترى أنك
تقول «غزوت» و «أغزيت» ومثل ذلك} {والّيل إذا يغشها (4) [الشّمس: الآية 4] و} {قد أفلح من تزكّى (14) [الأعلى: الآية 14]، و} {والنّهار إذا تجلّى (2) [الليل: الآية 2] أمالها لأنّها رابعة، و «تجلّى» فعلت منها بالواو لأنها من «جلوت» و «زكا» من «زكوت يزكو» و} {والّيل إذا يغشها (4) [الشّمس: الآية 4] من «الغشاوة».
وقد يميل ما كان منه بالواو نحو «تلاها» و «طحاها» ناس كثير، لأنّ الواو تنقلب إلى الياء كثيرا مثل قولهم في «حور» «حير» وفي «مشوب» «مشيب» وقالوا «أرض مسنيّة» إذا كان يسنوها المطر. فأمالوها إلى الياء لأنها تنقلب إليها.
وأمالوا كل ما كان نحو «فعلى» و «فعلى» نحو «بشرى» و «مرضى» و «سكرى»، لأن هذا لو ثنّي كان بالياء فمالوا إليها.
وأما قوله} {بما كانوا يكذّبون [الآية 10] ف «يكذّبون»: يجحدون وهو الكفر. وقال بعضهم: «يكذبون» خفيفة وبها نقرأ. يعني «يكذبون على الله وعلى الرسل». جعل «ما» والفعل اسما للمصدر كما جعل «أن» والفعل اسما للمصدر في قوله «أحبّ أن تأتيني»، وأما المعنى فإنما هو «بكذبهم» و «تكذيبهم». وأدخل «كان» ليخبر أنه كان فيما مضى، كما تقول: «ما أحسن ما كان عبد الله» فأنت تعجّب من «عبد الله» لا من «كونه». وإنما وقع التعجب في اللفظ على كونه. وقال} {فاصدع بما تؤمر [الحجر: الآية 94] وليس هذا في معنى «فاصدع بالذي تؤمر به».
لو كان هذا المعنى لم يكن كلاما حتى تجيء ب «به» ولكن «إصدع بالأمر» جعل «ما تؤمر» اسما واحدا. وقال} {ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران: 188] يقول «بالإتيان» يجعل «ما» و «أتوا» اسما للمصدر. وإن شئت قلت: «أتوا» ها هنا «جاءوا» كأنه يقول: «بما جاءوا» يريد «جاءوه» كما تقول: «يفرحون بما صنعوا» أي «بما صنعوه» ومثل هذا في القرآن كثير. وتقديره «بكونهم يكذبون» ف «يكذبون» مفعول ل «كان» كما تقول: «سرني زيد بكونه يعقل» أي: «بكونه عاقلا».
وأما قوله} {وإذا قيل لهم [الآية 11] فمنهم من يضم أوله لأنه في معنى «فعل» فيريد أن يترك أوله مضموما ليدل على معناه، ومنهم من يكسره لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم والكسر القياس. ومنهم من يقول في الكلام:
«قد قوله له» و «قد بوع المتاع» إذا أراد «قد بيع» و «قيل». جعلها واوا حين ضم ما قبلها، لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم. ومنهم من يروم الضم في «قيل» مثل رومهم الكسر في «ردّ» لغة لبعض العرب أن يقولوا «ردّ» فيكسرون الراء
ويجعلون عليها حركة الدال التي في موضع العين. وبعضهم لا يكسر الراء ولكنه يشمها الكسر كما يروم في «قيل» الضم. وقال الفرزدق} [1]: [الطويل](1/40)
«قد قوله له» و «قد بوع المتاع» إذا أراد «قد بيع» و «قيل». جعلها واوا حين ضم ما قبلها، لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم. ومنهم من يروم الضم في «قيل» مثل رومهم الكسر في «ردّ» لغة لبعض العرب أن يقولوا «ردّ» فيكسرون الراء
ويجعلون عليها حركة الدال التي في موضع العين. وبعضهم لا يكسر الراء ولكنه يشمها الكسر كما يروم في «قيل» الضم. وقال الفرزدق (1): [الطويل]
23 - وما حلّ من جهل حبا حلمائنا ... ولا قائل المعروف فينا يعنّف (2)
سمعناه ممن ينشده من العرب هكذا.
وأما قوله {أنؤمن كما ءامن السّفهاء ألا إنّهم هم السّفهاء [الآية 13] فقد قرأهما قوم مهموزتين جميعا، وقالوا} {سواء عليهم أنذرتهم [البقرة: 6] و} {ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله [فاطر: الآية 43] وقالوا} {أإذا [الواقعة: 47]} أإنا [الواقعة:
47] كل هذا يهمزون فيه همزتين، وكل هذا ليس من كلام العرب إلا شاذا. ولكن إذا اجتمعت همزتان شتى ليس بينهما شيء فإن إحداهما تخفف في جميع كلام العرب إلا في هذه اللغة الشاذة القليلة وذلك أنه إذا اجتمعت همزتان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة منهما أبدا فجعلوها إن كان ما قبلها مفتوحا ألفا ساكنة نحو «آدم» و «آخر» و «آمن»، وإن كان ما قبلها مضموما جعلت واوا نحو «أوزز» إذا أمرته أن يؤز، وإن كان ما قبلها مكسورا جعلت ياء نحو «إيت»، وكذلك إن كانت الآخرة متحركة بأي حركة كانت والأولى مضمومة أو مكسورة فالآخرة تتبع الأولى نحو «أن أفعل» من «أأب» فتقول «أووب». ونحو «جاء» في الرفع والنصب والجر.
فأما المفتوحة فلا تتبعها الآخرة إذا كانت متحركة لأنها لو تبعتها جعلت همزة مثلها. ولكن تكون على موضعها. فإن كانت مكسورة جعلت ياء، وإن كانت مضمومة جعلت واوا، وإن كانت مفتوحة جعلت أيضا واوا لأن الفتحة تشبه الألف. وأنت إذا احتجت إلى حركتها جعلتها واوا ما لم يكن لها أصل في الياء معروف فهذه الفتحة ليس لها أصل في الياء فجعلت الغالب عليها الواو نحو «آدم» و «أوادم». فلذلك جعلت الهمزتان إذا التقتا وكانتا من كلمتين شتى مخففة
__________
(1) الفرزدق: هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس شاعر من النبلاء عظيم الأثر في اللغة، يقال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، توفي سنة 110هـ (الأعلام 8/ 93).
(2) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 29، وجمهرة أشعار العرب ص 887، وشرح أبيات سيبويه 2/ 381، والكتاب 4/ 118، ولسان العرب (حلل)، (حبا)، والمحتسب 1/ 346، والمنصف 1/ 250، وتاج العروس (حلل)، (حبا).(1/41)
أحداهما، ولم يبلغ من استثقالهما أن تجعلا مثل المجتمعتين في كلمة واحدة.
ولأن اللتين في كلمة واحدة لا تفارق إحداهما صاحبتها، وهاتان تتغيران عن حالهما وتصير كل واحدة منها على حيالها أثقل منهما في كلمتين لأنّ ما في الكلمتين كلّ واحدة على حيالها فتخفيف الآخرة أقيس، كما أبدلوا الآخرة حين اجتمعتا في كلمة واحدة، وقد تخفف الأولى.
فمن خفف الآخرة في قوله {كما ءامن السّفهاء ألا [الآية 13] قال «السفهاء ولا» فجعل الألف في «ألا» واوا. ومن خفف الأولى جعل الألف التي في «السفهاء» كالواو وهمز ألف «ألّا». وأما} {ءأنذرتهم [الآية 6] فإنّ الأولى لا تخفف لأنها أول الكلام. والهمزة إذا كانت أول الكلام لم تخفف لأن المخففة ضعفت حتى صارت كالساكن فلا يبتدأ بها.
وقد قال بعض العرب «آإذا» و «آأنذرتهم» و «آأنا قلت لك كذا وكذا» فجعل ألف الاستفهام إذا ضمت إلى همزة يفصل بينها وبينها بألف لئلا تجتمع الهمزتان. كل ذا قد قيل وكل ذا قد قرأه الناس.
وإذا كانت الهمزة ساكنة فهي لغة هؤلاء الذين يخففون إن كان ما قبلها مكسورا ياء نحو} {أنبيهم بأسمايهم [البقرة: 32] ونحو «نبيّنا». وإن كان مضموما جعلوها واوا نحو «جونه» وإن كان ما قبلها مفتوحا جعلوه ألفا نحو «راس» و «فاس». وإن كانت همزة متحركة بعد حرف ساكن حرّكوا الساكن بحركة ما بعده وأذهبوا الهمزة يقولون في «في الأرض»: (فلرض) وفي} ما لكم مّن إله
[الأعراف: الآية 59]: (منلاه) يحركون الساكن بالحركة التي كانت في الهمزة أي حركة كانت ويحذفون الهمزة.
وإذا اجتمعت همزتان من كلمتين شتى والأولى مكسورة والآخرة مكسورة فأردت أن تخفف الآخرة جعلتها بين الياء الساكنة وبين الهمزة، لأن الياء الساكنة تكون بعد المكسورة نحو «هؤلاء يماء الله»، تجعل الآخرة بين بين والأولى محققة. وإن كانت الآخرة مفتوحة نحو «هؤلاء أخواتك»، أو مضمومة نحو «هؤلاء أمّهاتك» لم تجعل بين بين، وجعلت ياء خالصة لانكسار ما قبلها لأنك إنما تجعل المفتوح بين الألف الساكنة وبين الهمزة، والمضموم بين الواو الساكنة وبين الهمزة إذا أردت بين بين، وهذا لا يثبت بعد المكسور.(1/42)
وإن كان الأول مهموزا أو غير مهموز فهو سواء إذا أردت تخفيف الآخرة ومن ذلك قولهم «مئين» و «مئير» في قول من خفف. وإن كان الحرف مفتوحا بعده همزة مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة جعلت بين بين، لأن المفتوح تكون بعده الألف الساكنة والياء الساكنة، نحو «البيع» والواو الساكنة نحو «القول» وهذا مثل {يتفيؤا ظلاله [النحل: 48] و} {يمسك السماء أن تقع على الأرض
[الحج: 65] و «آاذا» و «آانا» إذا خففت الآخرة في كل هذا جعلتها بين بين.
والذي نختار تخفيف الآخرة إذا اجتمعت همزتان، إلا انا نحققهما في التعليم كلتيهما نريد بذلك الاستقصاء وتخفيف الآخرة قراءة أهل المدينة، وتحقيقهما جميعا قراءة أهل الكوفة وبعض أهل البصرة.
ومن زعم أن الهمزة لا تتبع الكسرة إذا خففت وهي متحركة، وإنما تجعل في موضعها دخل عليه أن يقول «هذا قارو» و «هؤلاء قاروون» و «يستهزوون»، وليس هذا كلام من خفف من العرب إنما يقولون} {يستهزءون [الرّوم: الآية 10] و} {قارئون.
وإذا كان ما قبل الهمزة مضموما وهي جعلتها بين بين. وإن كانت مكسورة أو مفتوحة لم تكن بين بين وما قبلها مضموم، لأن المفتوحة بين الألف الساكنة والهمزة، والمكسورة بين الياء الساكنة والهمزة. وهذا لا يكون بعد المضموم، ولكن تجعلها واوا بعد المضموم إذا كانت مكسورة أو مفتوحة فتجعلها واوا خالصة لأنهما يتبعان ما قبلهما نحو «مررت بأكمو» و «رأيت أكموا» و «هذا غلاموبيك» تجعلها واوا إذا أردت التخفيف إلا أن تكون المكسورة مفصولة فتكون على موضعها لأنها قد بعدت.
والواو قد تقلب إلى الياء مع هذا وذلك نحو «هذا غلاميخوانك» و} لا يحيق المكر السيء يلا [فاطر: 43].
واذا كانتا في معنى «فعل» والهمزة في موضع العين جعلت بين بين لأن الياء الساكنة تكون بعد الضمة. ففي «قيل» يقولون «قيل»، ومثل ذلك «سيل» و «ريس» فيجعلها بين بين إذا خففت، ويترك ما قبلها مضموما. وأما «روس» فليست «فعل» وإنما هي «فعل» فصارت واوا لأنها بعد ضمة معها في كلمة واحدة.(1/43)
وقوله {وإذا لقوا الّذين ءامنوا قالوا ءامنّا [الآية 14] فأذهب الواو لأنه كان حرفا ساكنا لقي اللام وهي ساكنة فذهبت لسكونه ولم تحتج إلى حركته لأن فيما بقي دليلا على الجمع. وكذلك كل واو ما قبلها مضموما من هذا النحو. فإذا كان ما قبلها مفتوحا لم يكن بد من حركة الواو لأنك لو ألقيتها لم تستدل على المعنى نحو} {اشتروا الضّللة [الآية 16] وحركت الواو بالضم لأنك لو قلت «اشتر الضلالة» فألقيت الواو لم تعرف أنه جمع، وإنما حركتها بالضم لأن الحرف الذي ذهب من الكلمة مضموم، فصار يقوم مقامه. وقد قرأ قوم وهي لغة لبعض العرب «اشتروا الضلالة» لما وجدوا حرفا ساكنا قد لقي ساكنا كسروا كما يكسرون في غير هذا الموضع، وهي لغة شاذة.
وأما قوله} {وإذا خلوا إلى شيطينهم [الآية 14] فإنك تقول: «خلوت إلى فلان في حاجة» كما تقول: «خلوت بفلان» إلّا أنّ «خلوت بفلان» له معنيان: أحدهما هذا والآخر سخرت به. وتكون «إلى» في موضع «مع» نحو} {من أنصارى إلى الله
[آل عمران: الآية 52] كما كانت «من» في معنى «على» في قوله} {ونصرنه من القوم
[الأنبياء: الآية 77] أي: على القوم، وكما كانت الباء في معنى «على» في قوله «مررت به» و «مررت عليه». وفي كتاب الله عز وجل} {مّن إن تأمنه بدينار [آل عمران: الآية 75] يقول «على دينار». وكما كانت «في» في معنى «على» نحو} {فى جذوع النّخل [طه: الآية 71] يقول: «على جذوع النخل». وزعم يونس} [1] أن العرب تقول: «نزلت في أبيك» تريد «عليه» وتقول: «ظفرت عليه» أي «به» و «رضيت عليه» أي «عنه». قال الشاعر: [الوافر]
24 - إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها (2)
__________
(1) يونس: هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب البصري الأديب النحوي، ولد سنة 94هـ، وتوفي سنة 183هـ، له من المصنفات: «كتاب الأمثال»، «كتاب اللغات»، «كتاب النوادر الصغير»، «كتاب النوادر الكبير»، «معاني الشعر»، «معاني القرآن» (كشف الظنون 6/ 571، وانظر ترجمته في أخبار النحويين ص 27، ومراتب النحويين 21، وطبقات النحويين 51، وإنباه الرواة 4/ 68، وبغية الوعاة 426).
(2) البيت للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص 507، والأزهية ص 277، وخزانة الأدب 10/ 132، 133، والدرر 4/ 135، وشرح التصريح 2/ 14، وشرح شواهد المغني 1/ 416، ولسان العرب (رضي)، والمقاصد النحوية 3/ 282، ونوادر أبي زيد ص 176، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 118، والإنصاف 2/ 630، وأوضح المسالك 3/ 41، وجمهرة اللغة ص 1314، والجنى الداني ص 477، والخصائص 2/ 311، 389، ورصف المباني ص 372، وشرح(1/44)
وأما قوله {ويمدّهم فى طغينهم يعمهون [الآية 15] فهو في معنى «ويمدّ لهم» كما قالت العرب: «الغلام يلعب الكعاب» تريد: «يلعب بالكعاب» وذلك أنهم يقولون: «قد مددت له» و «أمددته» في غير هذا المعنى وهو قوله جل ثناؤه} {وأمددنهم بفكهة [الطّور: الآية 22] وقال} {ولو جئنا بمثله مددا [الكهف: الآية 109]. وقال بعضهم: «مدادا» و «مدّا» من «أمددناهم» وتقول: «مدّ النهر فهو مادّ» و «أمدّ الجرح فهو ممدّ». وقال يونس: «ما كان من الشرّ فهو «مددت» وما كان من الخير فهو «أمددت». فتقول كما فسرت له فإذا أردت أنك تركته قلت: «مددت له» وإذا أردت أنك أعطيته قلت: «أمددته».
وقوله} {فما ربحت تّجرتهم [الآية 16] فهذا على قول العرب: «خاب سعيك» وإنما هو الذي خاب، وإنما يريد «فما ربحوا في تجارتهم» ومثله} {بل مكر الّيل والنّهار [سبإ: الآية 33] و} {ولكنّ البرّ من ءامن بالله [الآية 177] إنما هو «ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله» وقال الشاعر: [المتقارب]} 25وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب (1)
وقال الشاعر: [الطويل] 26وشرّ المنايا ميّت وسط أهله ... كهلك الفتاة أسلم الحيّ حاضره (2)
إنما يريد: «وشر المنايا منية ميّت وسط أهله»، ومثله: «أكثر شربي الماء» و «أكثر أكلي الخبز» وليس أكلك بالخبز ولا شربك بالماء. ولكن تريد أكثر أكلي أكل الخبز وأكثر شربي شرب الماء. قال {وسئل القرية [يوسف: الآية 82] يريد: «أهل القرية»، (والعير) أي: «واسأل أصحاب العير». وقال} ومثل الّذين
__________
الأشموني 2/ 294، وشرح شواهد المغني 2/ 954، وشرح ابن عقيل ص 365، وشرح المفصل 1/ 120، ولسان العرب (يا)، والمحتسب 1/ 52، 348، ومغني اللبيب 2/ 143، والمقتضب 2/ 320، وهمع الهوامع 2/ 28، وتاج العروس (عنن).
(1) البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص 26، وسمط اللآلي ص 465، وشرح أبيات سيبويه 1/ 94، 354، والكتاب 1/ 215، ولسان العرب (رحب)، (خلل)، ونوادر أبي زيد ص 189، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 242، وإصلاح المنطق ص 112، وأمالي المرتضى 1/ 202، والإنصاف ص 62، ومجالس ثعلب ص 77، والمحتسب 2/ 264، والمقتضب 3/ 231، ولسان العرب (شرب)، (برر).
(2) البيت للحطيئة في أمالي المرتضى 1/ 49، وشرح أبيات سيبويه 1/ 386، والكتاب 1/ 215، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 61.(1/45)
{كفروا كمثل الّذى ينعق [الآية 171] فإنما هو والله أعلم «مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به». فحذف هذا الكلام، ودل ما بقي على معناه.
ومثل هذا في القرآن كثير. وقد قال بعضهم} {ومثل الّذين كفروا كمثل الّذى ينعق
[الآية 171] يقول: «مثلهم في دعائهم الآلهة كمثل الذي ينعق بالغنم» لأن آلهتهم لا تسمع ولا تعقل، كما لا تسمع الغنم ولا تعقل.
وقوله} {كمثل الّذى استوقد نارا [الآية 17] فهو في معنى «أوقد»، مثل قوله:
«فلم يستجبه» أي «فلم يجبه» وقال الشاعر: [الطويل]} 27وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب (1)
أي: «فلم يجبه».
وقال {وتركهم فى ظلمت لّا يبصرون [الآية 17] فجعل «الذي» جميعا فقال «وتركهم» لأن «الذي» في معنى الجميع، كما يكون «الإنسان» في معنى «الناس».
وقال} {وتركهم فى ظلمت لّا يبصرون (17) صمّ بكم عمى فهم لا يرجعون (18) [الآيتان 1817] فرفع على قوله: «هم صمّ بكمّ عمي» رفعه على الابتداء ولو كان على أول الكلام كان النصب فيه حسنا.
وأما (حوله) [الآية 17] فانتصب على الظرف، وذلك أن الظرف منصوب.
والظرف هو ما يكون فيه الشيء، كما قال الشاعر: [الكامل]} 28هذا النهار بدا لها من همّها ... ما بالها بالليل زال زوالها (2)
نصب «النهار» على الظرف وإن شاء رفعه وأضمر فيه. وأما «زوالها» فإنه كأنه قال: «أزال الله الليل زوالها».
وأما يكاد البرق يخطف أبصرهم [الآية 20] فمنهم من قرأ «يخطف» من «خطف» وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف. وقد رواها يونس «يخطّف» بكسر الخاء لاجتماع الساكنين. ومنهم من قرأ «يخطف» على «خطف يخطف» وهي الجيدة،
__________
(1) البيت لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص 96، ولسان العرب (جوب)، والتنبيه والإيضاح 1/ 55، وجمهرة أشعار العرب ص 705، وتاج العروس (جوب)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة 11/ 219.
(2) البيت للأعشى في ديوانه ص 77. وتهذيب اللغة 13/ 254، والمخصص 12/ 189، وتاج العروس (زول)، وبلا نسبة في كتاب العين 7/ 384.(1/46)
وهما لغتان. وقال بعضهم «يخطّف» وهو قول يونس من «يختطف» فأدغم التاء في الطاء لأن مخرجها قريب من مخرج الطاء. وقال بعضهم «يخطّف» فحول الفتحة على الذي كان قبلها، والذي كسر كسر لاجتماع الساكنين فقال «يخطّف» ومنهم من قال «يخطّف» كسر الخاء لاجتماع الساكنين ثم كسر الياء اتبع الكسرة الكسرة وهي قبلها كما اتبعها في كلام العرب كثيرا، يتبعون الكسرة في هذا الباب الكسرة يقولون «قتلوا» و «فتحوا» يريدون: «اقتلوا» و «افتحوا». قال أبو النجم (1): [الرجز] 29تدافع الشيب ولم تقتّل (2)
وسمعناه من العرب مكسورا كله، فهذا مثل «يخطف» إذا كسرت ياؤها لكسرة خائها وهي بعدها فأتبع الآخر الأول.
وقوله {ولو شاء الله لذهب بسمعهم [الآية 20] فمنهم من يدغم ويسكن الباء الأولى لأنهما حرفان مثلان. ومنهم من يحرك فيقول «لذهب بسمعهم» وجعل «السمع» في لفظ واحد وهو جماعة لأن «السمع» قد يكون جماعة وقد يكون واحدا ومثله قوله} {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم [الآية 7] ومثله قوله} {لا يرتدّ إليهم طرفهم [إبراهيم: الآية 43] وقوله} {فإن طبن لكم عن شىء مّنه نفسا [النّساء: الآية 4] ومثله} {ويولّون الدّبر [القمر: الآية 45].
وقوله} فلا تجعلوا لله أندادا [الآية 22] فقطع الألف لأنه اسم تثبت الألف فيه في التصغير فإذا صغرت قلت: «أنيدادا». وواحد «الأنداد»: ندّ. و «الندّ»: المثل.
__________
(1) أبو النجم العجلي: هو الفضل أو المفضل بن قدامة. شاعر إسلامي راجز مشهور، من بني عجل بن بكر، مقدم عند جماعة من أهل العلم على العجّاج، كان يقصّد فيجيد. عاش أبو النجم إلى أيام هشام بن عبد الملك، توفي سن 105هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 492).
(2) الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص 407، ولسان العرب (عصب) (لجج)، (خلل)، (فلن)، والطرائف الأدبية ص 66، والمنصف 2/ 225، والممتع في التصريف 2/ 640، وخزانة الأدب 2/ 389، والدرر 3/ 37، وسمط اللآلي ص 257، وشرح أبيات سيبويه 1/ 439، وشرح التصريح 2/ 180، وشرح المفصل 5/ 119، وشرح شواهد المغني 1/ 450، والصاحبي في فقه اللغة ص 228، والكتاب 2/ 248، 3/ 452، والمقاصد النحوية 4/ 228، وتهذيب اللغة 2/ 48، وتاج العروس (عصب)، (فلن)، ومقاييس اللغة 4/ 447، 5/ 202، ومجمل اللغة 4/ 61، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 43، المسالك 4/ 43، وشرح الأشموني 2/ 460، وشرح ابن عقيل ص 527، وشرح المفصل 1/ 48، والمقتضب 4/ 238، والمقرب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 177.(1/47)
وقوله {الّتى وقودها النّاس والحجارة [الآية 24] ف «الوقود»: الحطب.
و «الوقود»: الاتقاد وهو الفعل. يقرأ «الوقود» و «الوقود» ويكون أن يعني بها الحطب، ويكون أن يعني بها الفعل. ومثل ذلك «الوضوء» وهو: الماء، و «الوضوء» وهو الفعل، وزعموا أنهما لغتان في معنى واحد.
وقوله:} {أنّ لهم جنّت تجرى من تحتها الأنهر [الآية 25] فجرّ «جنات» وقد وقعت عليها «أنّ» لأنّ كلّ جماعة في آخرها تاء زائدة تذهب في الواحد وفي تصغيره فنصبها جرّ، ألا ترى أنك تقول: «جنّه» فتذهب التاء. وقال} {خلق السموات والأرض و «السماوات» جرّ، و «الأرض» نصب لأن التاء زائدة. ألا ترى أنك تقول: «سماء»، و} {قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا [الأحزاب: 67] لأن هذه ليست تاء إنّما هي هاء صارت تاء بالاتصال، وإنما تكون تلك في السكوت. ألا ترى أنك تقول: «رأيت ساده» فلا يكون فيها تاء. ومن قرأ «أطعنا ساداتنا» جرّ لأنك إذا قلت: «ساده» ذهبت التاء. وتكون في السكت فيها تاء، تقول: «رأيت سادات»، وإنما جرّوا هذا في النصب ليجعل جرّه ونصبه واحدا، كما جعل تذكيره في الجر والنصب واحدا، تقول: «مسلمين» و «صالحين» نصبه وجره بالياء. وقوله} {بيوتا غير بيوتكم [النّور: الآية 27] و} {لا ترفعوا أصواتكم
[الحجرات: الآية 2] فإن التاء من أصل الكلمة تقول «صوت» و «صويت» فلا تذهب التاء، و «بيت» و «بويت» فلا تذهب التاء. وتقول: «رأيت بويتات العرب» فتجرّ، لأن التاء الآخرة زائدة لأنك تقول: «بيوت» فتسقط التاء الآخرة. وتقول: «رأيت ذوات مال» لأن التاء زائدة، وذلك لأنك لو سكت على الواحدة لقلت: «ذاه» ولكنها وصلت بالمال فصارت تاء لا يتكلم بها إلا مع المضاف إليه.
وقوله} {هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها [الآية 25] لأنه في معنى «جيئوا به» وليس في معنى «أعطوه». فأما قوله:} {متشبها [الآية 25] فليس أنه أشبه بعضه بعضا ولكنه متشابه في الفضل. أي كل واحد له من الفضل في نحوه مثل الذي للآخر في نحوه.
وقوله} إن الله لا يستحي أن [الآية 26] ف «يستحيي» لغة أهل الحجاز بياءين وبنو تميم يقولون «يستحي» بياء واحدة، والأولى هي الأصل لأن ما كان من موضع لامه معتلا لم يعلّوا عينه. ألا ترى أنهم قالوا: «حييت» و «جويت» فلم تقلّ العين. ويقولون: «قلت» و «بعت» فيعلّون العين لما لم تعتلّ اللام، وإنما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة كما قالوا «لم يك» و «لم يكن» و «لا
أدر» و «لا أدري».(1/48)
وقوله {إن الله لا يستحي أن [الآية 26] ف «يستحيي» لغة أهل الحجاز بياءين وبنو تميم يقولون «يستحي» بياء واحدة، والأولى هي الأصل لأن ما كان من موضع لامه معتلا لم يعلّوا عينه. ألا ترى أنهم قالوا: «حييت» و «جويت» فلم تقلّ العين. ويقولون: «قلت» و «بعت» فيعلّون العين لما لم تعتلّ اللام، وإنما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة كما قالوا «لم يك» و «لم يكن» و «لا
أدر» و «لا أدري».
وقال} {مثلا مّا بعوضة [الآية 26] لأن «ما» زائدة في الكلام وإنما هو «إنّ الله لا يستحي أن يضرب بعوضة مثلا». وناس من بني تميم يقولون} {مثلا مّا بعوضة [الآية 26] يجعلون «ما» بمنزلة «الذي» ويضمرون «هو» كأنهم قالوا: «لا يستحي أن يضرب مثلا الذي هو بعوضة» يقول: «لا يستحي أن يضرب الذي هو بعوضة مثلا».
وقوله} {فما فوقها [الآية 26] قال بعضهم: «أعظم منها» وقال بعضهم: كما تقول: «فلان صغير» فيقول: «وفوق ذلك» يريد: «وأصغر من ذلك».
وقوله} {ماذا أراد الله بهذا مثلا [الآية 26] فيكون «ذا» بمنزلة «الذي».
ويكون «ماذا» اسما واحدا إن شئت بمنزلة «ما» كما قال} {ماذا أنزل ربّكم قالوا خيرا
[النّحل: الآية 30]. فلو كانت «ذا» بمنزلة «الذي» لقالوا «خير» ولكان الرفع وجه الكلام. وقد يجوز فيه النصب لأنه لو قال «ما الذي قلت»؟ فقلت «خيرا» أي:
«قلت خيرا» لجاز. ولو قلت: «ما قلت»؟ «فقلت: «خير» أي: «الذي قلت خير» لجاز، غير أنه ليس على اللفظ الأول كما يقول بعض العرب إذا قيل له: «كيف أصبحت»؟ قال: «صالح» أي: «أنا صالح». ويدلك على أن «ماذا» اسم واحد قول الشاعر: [الوافر]} 30دعي ماذا علمت سأتّقيه ... ولكن بالمغيّب نبّئيني (1)
فلو كانت «ذا» ها هنا بمعنى «الذي» لم يكن كلاما.
وأما قوله {عهد الله من بعد ميثقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل [الآية 27] ف «أن يوصل» بدل من الهاء في «به» كقولك: «مررت بالقوم بعضهم».
وأما «ميثاقه» فصار مكان «التوثّق» كما قال} أنبتكم من الأرض نباتا
[نوح: 17] والأصل «إنباتا» وكما قال «العطاء» في مكان «الإعطاء».
__________
(1) البيت للمثقب العبدي في ديوانه ص 213، وخزانة الأدب 7/ 489، 11/ 80، وشرح شواهد المغني ص 191، ولسحيم بن وثيل الرياحي في المقاصد النحوية 1/ 192، ولأبي حيّة النميري في ديوانه ص 177، ولسان العرب (أبي)، ولمزرد بن ضرار في ديوانه ص 68. وبلا نسبة في الجنى الداني ص 241، والدرر 1/ 281، والكتاب 2/ 418، ولسان العرب (ذوا)، ومغني اللبيب ص 301، 302.(1/49)
وقوله {وكنتم أموتا فأحيكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم [الآية 28] فإنما يقول كنتم ترابا ونطفا فذلك ميت، وهو سائغ في كلام العرب. تقول للثوب:
«قد كان هذا قطنا» و «كان هذا الرطب بسرا». ومثل ذلك قولك للرجل: «اعمل هذا الثوب» وإنما معك غزل.
هذا باب من المجاز
} [1]
وأما قوله {ثمّ استوى إلى السّماء فسوّاهنّ [الآية 29] وهو إنما ذكر سماء واحدة، فهذا لأن ذكر «السماء» قد دل عليهن كلّهنّ. وقد زعم بعض المفسرين أن «السماء» جمع مثل «اللبن». فما كان لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجماعة جاز أن يجمع فقال} {سواهن فزعم بعضهم أن قوله} {السّماء منفطر به [المزمّل: الآية 18] جمع مذكر ك «اللّبن». ولم نسمع هذا من العرب والتفسير الأول جيد.
وقال يونس} [2]: {السّماء منفطر به [المزمّل: الآية 18] ذكر كما يذكر بعض المؤنث كما قال الشاعر: [المتقارب]} 31فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها (3)
__________
(1) المجاز: هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له من معنى، لعلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى الفرعي.
والمجاز من الجواز أي التعدي مثل: جزت موضوع كذا أي تعديت، وجوّزت في كلامي أي تكلمت بالمجاز، وهو عكس الحقيقة يفهم القصد منه بالقرينة، إذ اللفظ فيه مستعمل في غير ما وضع له أصلا، مثل: بسم الفجر. فقد استعملت لفظة: بسم بغير معناها الأصلي فدلّت على الإشراق، كما هناك من شبه بين الابتسام والإشراق. ومثل: صافحت بحرا، أي: كريما وجوادا.
قال ابن جني: إنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة، وهي: الاتساع والتوكيد والتشبيه.
فإذا قلت مثلا: بنيت منزلا، فهذا كلام حقيقي، أما إذا قلت: بنيت له في قلبي منزلا، فهذا مجاز واستعارة لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه.
وكما في قوله تعالى: واسأل القرية [يوسف: 82]، فيه المعاني الثلاثة، أما الاتساع فلأنّه استعمل لفظ السؤال مع ما لا يصح في الحقيقة سؤاله، وأما التشبيه فلأنها شبهت بمن يصح سؤاله، وأما التوكيد فلأنه في ظاهر اللفظ إحالة بالسؤال على من ليس من عادته الإجابة.
(2) يونس: هو يونس بن حبيب، تقدمت ترجمته.
(3) البيت لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص 483، وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50، والدرر 6/ 268، وشرح التصريح 1/ 278، وشرح شواهد الإيضاح ص 339، 460، وشرح شواهد(1/50)
وقوله: [المتقارب] 32فإمّا تري لمّتي بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها (1)
وقد تكون «السماء» يريد به الجماعة كما تقول: «هلك الشاة والبعير» يعني كل بعير وكل شاة. وكما قال {الّذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنّ [الطلاق:
12] أي: من الأرضين.
وأما قوله} {استوى إلى السّماء [الآية 29] فإن ذلك لم يكن من الله تبارك وتعالى لتحول، ولكنه يعني فعله كما تقول: «كان الخليفة في أهل العراق يوليهم ثم تحوّل إلى أهل الشام» إنما تريد تحول فعله.
وأما قول الملائكة} {أتجعل فيها من يفسد فيها [الآية 30] فلم يكن ذلك إنكارا منهم على ربهم، إنما سألوا ليعلموا، وأخبروا عن أنفسهم أنهم يسبّحون ويقدّسون. أو قالوا ذلك لأنهم كرهوا أن يعصى الله، لأن الجن قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت.
وأما قوله} {نسبّح بحمدك ونقدّس لك [الآية 30] وقال} {والملئكة يسبّحون بحمد ربّهم [الشّورى: الآية 5] وقال} {فسبّح بحمد ربّك واستغفره [النّصر: الآية 3] فذلك لأن الذكر كله تسبيح وصلاة. تقول: «قضيت سبحتي من الذكر والصلاة» فقال «سبّح بالحمد». أي: «لتكن سبحتك بالحمد لله». وقوله} {أتجعل فيها [الآية 30] جاء على وجه الإقرار كما قال الشاعر: [الوافر]} 33ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح (2)
__________
المغني 2/ 943، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب (أرض)، (بقل)، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 352، وأوضح المسالك 2/ 108، وجواهر الأدب ص 113، والخصائص 2/ 411، وشرح الأشموني 1/ 174، والرد على النحاة ص 91، ورصف المباني ص 166، وشرح أبيات سيبويه 1/ 557، وشرح ابن عقيل ص 244، وشرح المفصل 5/ 94، ولسان العرب (خضب)، والمحتسب 2/ 112، ومغني اللبيب 2/ 656، والمقرب 1/ 303، وهمع الهوامع 2/ 171.
(1) البيت للأعشى في ديوانه ص 221، وخزانة الأدب 11/ 430، 431، 432، 433، وشرح أبيات سيبويه 1/ 477، وشرح شواهد الإيضاح ص 346، وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب (حدث)، (ودي)، والمقاصد النحوية 2/ 466، وبلا نسبة في الإنصاف ص 764، وأوضح المسالك 2/ 110، ورصف المباني ص 103، 316، وشرح الأشموني 1/ 175، وشرح المفصل 9/ 6.
(2) البيت لجرير في ديوانه ص 85، 89، والجنى الداني ص 32، وشرح شواهد المغني 1/ 42،(1/51)
أي: أنتم كذلك.
وقوله {الأسماء كلّها ثمّ عرضهم [الآية 31] فيريد عرض عليهم أصحاب الأسماء، ويدلك على ذلك قوله} {أنبئونى بأسماء هؤلاء [الآية 31] فلم يكن ذلك لأن الملائكة ادّعوا شيئا، إنما أخبر عن جهلهم بعلم الغيب وعلمه بذلك وفعله فقال} {أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين كما يقول الرجل للرجل: «أنبئني بهذا إن كنت تعلم» وهو يعلم أنه لا يعلم يريد أنه جاهل. فأعظموه عند ذلك فقالوا:
«} {سبحنك لا علم لنا [الآية 32] بالغيب على ذلك. ونحن نعلم أنه لا علم لنا بالغيب» إخبارا عن أنفسهم بنحو ما خبر الله عنهم. وقوله} {سبحنك لا علم لنا
[الآية 32] فنصب «سبحانك» لأنه أراد «نسبّحك» جعله بدلا من اللفظ بالفعل كأنه قال: «نسبّحك بسبحانك» ولكن «سبحان» مصدر لا ينصرف. و «سبحان» في التفسير: براءة وتنزيه. قال الشاعر: [السريع]} 34أقول لمّا جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر (1)
يقول: براءة منه.
هذا باب الاستثناء
وقوله {فسجدوا إلّا إبليس [الآية 34] فانتصب لأنك شغلت الفعل بهم عنه فأخرجته من الفعل من بينهم. كما تقول: «جاء القوم إلّا زيدا» لأنّك لما جعلت لهم الفعل وشغلته بهم وجاء بعدهم غيرهم شبهته بالمفعول به بعد الفاعل وقد شغلت به الفعل.
وقوله} {أبى واستكبر وكان [الآية 34] ففتحت} استكبر لأن كل «فعل» أو
__________
ولسان العرب (نقص)، ومغني اللبيب 1/ 17، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 463، و 3/ 269، ورصف المباني ص 46، وشرح المفصل 8/ 123، والمقتضب 3/ 292.
(1) البيت للأعشى في ديوانه ص 193، وأساس البلاغة (سبح)، والأشباه والنظائر 2/ 109، وجمهرة اللغة ص 278، وخزانة الأدب 1/ 185، 7/ 234، 235، 238، والخصائص 2/ 435، والدرر 3/ 70، وشرح أبيات سيبويه 1/ 157، وشرح شواهد المغني 2/ 905، وشرح المفصّل 1/ 37، 120، والكتاب 1/ 324، ولسان العرب (سبح)، وتاج العروس (شتت)، وبلا نسبة في خزانة الأدب 3/ 388، 6/ 286، والخصائص 2/ 197، 3/ 23، والدرر 5/ 42، ومجالس ثعلب 1/ 261، والمقتضب 3/ 318، والمقرب 1/ 149، وهمع الهوامع 1/ 190، 2/ 52.(1/52)
«فعل» فهو يفتح نحو: {قال رجلان [المائدة: الآية 23] ونحو} {الذي أؤتمن أمانته
[البقرة: 283] ونحو} {ذهب الله بنورهم [الآية 17] ونحو} {وكان من الكفرين [الآية 34] لأنّ هذا كله «فعل» و «فعل».
هذا باب الدعاء
وهو قوله} {يا آدم اسكن [الآية 35] و} {يادم أنبئهم [الآية 33] و} {يفرعون إنّى رسول [الأعراف: الآية 104] فكل هذا إنما ارتفع لأنه اسم مفرد، والاسم المفرد مضموم في الدعاء وهو في موضع نصب، ولكنه جعل كالأسماء التي ليست بمتمكنة. فإذا كان مضافا انتصب لأنه الأصل. وإنما يريد «أعني فلانا» و «أدعو» وذلك مثل قوله} {يأبانا ما لك لا تأمنّا [يوسف: الآية 11] و} {ربّنا ظلمنا أنفسنا [الأعراف: الآية 23] إنما يريد: «يا ربّنا ظلمنا أنفسنا» وقوله} {ربّنا تقبّل منّا [الآية 127].
هذا باب الفاء
قوله} {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّلمين [الآية 35] فهذا الذي يسميه النحويون «جواب الفاء». وهو ما كان جوابا للأمر والنهي والاستفهام والتمني والنفي والجحود. ونصب ذلك كله على ضمير «أن»، وكذلك الواو، وإن لم يكن معناها مثل معنى الفاء. وإنما نصب هذا لأن الفاء والواو من حروف العطف فنوى المتكلم أن يكون ما مضى من كلامه اسما حتى كأنه قال: «لا يكن منكما قرب الشجرة» ثم أراد أن يعطف الفعل على الاسم فأضمر مع الفعل «أن» لأنّ «أن» مع الفعل تكون اسما فيعطف اسما على اسم. وهذا تفسير جميع ما انتصب من الواو والفاء. ومثل ذلك قوله} {لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب [طه: الآية 61] هذا جواب النهي و} {لا يقضى عليهم فيموتوا [فاطر: الآية 36] جواب النفي.
والتفسير ما ذكرت لك.
وقد يجوز إذا حسن أن تجري الآخر على الأول أن تجعله مثله نحو قوله} {ودّوا لو تدهن فيدهنون (9) [القلم: الآية 9] أي: «ودّوا لو يدهنون». ونحو قوله} {ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم فيميلون [النساء: 102] جعل الأول فعلا ولم ينو به الاسم فعطف الفعل على الفعل وهو التمني كأنه قال: «ودّوا لو تغفلون ولو يميلون» وقال} {لا يؤذن لهم فيعتذرون [المرسلات: 36] أي: «لا يوذن لهم
ولا يعتذرون». وما كان بعد هذا جواب المجازاة بالفاء والواو، فإن شئت أيضا نصبته على ضمير «أن» إذا نويت بالأول أن تجعله اسما كما قال} {إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره [الشّورى: الآية 33]} أو يوبقهنّ بما كسبوا [الشّورى:(1/53)
وقد يجوز إذا حسن أن تجري الآخر على الأول أن تجعله مثله نحو قوله {ودّوا لو تدهن فيدهنون (9) [القلم: الآية 9] أي: «ودّوا لو يدهنون». ونحو قوله} {ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم فيميلون [النساء: 102] جعل الأول فعلا ولم ينو به الاسم فعطف الفعل على الفعل وهو التمني كأنه قال: «ودّوا لو تغفلون ولو يميلون» وقال} {لا يؤذن لهم فيعتذرون [المرسلات: 36] أي: «لا يوذن لهم
ولا يعتذرون». وما كان بعد هذا جواب المجازاة بالفاء والواو، فإن شئت أيضا نصبته على ضمير «أن» إذا نويت بالأول أن تجعله اسما كما قال} {إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره [الشّورى: الآية 33]} {أو يوبقهنّ بما كسبوا [الشّورى:
الآية 34] ويعف عن كثير} {ويعلم الّذين [الشّورى: الآية 35] فنصب، ولو جزمه على العطف كان جائزا، ولو رفعه على الابتداء جاز أيضا. وقال} {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء [البقرة: 284] فتجزم} {فيغفر
[الآية 284] إذا أردت العطف، وتنصب إذا أضمرت «إن» ونويت أن يكون الأول اسما، وترفع على الابتداء وكل ذلك من كلام العرب. وقال} {قتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم [التّوبة: الآية 14] ثم قال} {ويتوب الله على من يشاء
[التّوبة: الآية 15] فرفع} {ويتوب لأنه كلام مستأنف ليس على معنى الأول. ولا يريد «قاتلوهم: «يتب الله عليهم» ولو كان هذا لجاز فيه الجزم لما ذكرت. وقال الشاعر: [الوافر]
} 35فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام (1)
ونمسك بعده بذناب عيش ... أجبّ الظهر ليس له سنام
فنصب «ونمسك» على ضمير «أن» ونرى أن يجعل الأول اسما ويكون فيه الجزم أيضا على العطف والرفع على الابتداء. قال الشاعر: [الطويل] 36ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا (2)
ومن يغترب عن قومه لا يجد له ... على من له رهط حواليه مغضبا
وتدفن منه المحسنات وان يسىء ... يكن ما أساء النار في رأس كبكبا
ف «تدفن» يجوز فيه الوجوه كلها. قال الشاعر: [الطويل]
__________
(1) البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص 106، والأغاني 11/ 26، وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363، وشرح أبيات سيبويه 1/ 28، وشرح المفصل 6/ 83، 85، والكتاب 1/ 196، والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 200، والأشباه والنظائر 6/ 11، والاشتقاق ص 105، وأمالي ابن الحاجب 1/ 458، والإنصاف 1/ 134، وشرح الأشموني 3/ 591، وشرح ابن عقيل ص 589، وشرح عمدة الحافظ ص 358، ولسان العرب (جبب)، (ذنب)، والمقتضب 2/ 179.
(2) الأبيات للأعشى في ديوانه ص 163، وجمهرة اللغة ص 177، وحماسة البحتري ص 106، وشرح شواهد الإيضاح ص 492، والكتاب 3/ 92، ولسان العرب (زيب)، (كبب)، وبلا نسبه في المقتضب 2/ 22.(1/54)
37 - فإن يرجع النعمان نفرح ونبتهج ... ويأت معدّا ملكها وربيعها (1)
وإن يهلك النعمان تعر مطيّة ... وتخبأ في جوف العياب قطوعها
وقال تبارك وتعالى {ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة: الآية 95] فهذا لا يكون إلا رفعا لأنه الجواب الذي لا يستغنى عنه. والفاء إذا كانت جواب المجازاة كان ما بعدها أبدا مبتدأ وتلك فاء الابتداء لا فاء العطف. ألا ترى أنك تقول: «إن تأتني فأمرك عندي على ما تحبّ». فلو كانت هذه فاء العطف لم يجز السكوت حتى تجيء لما بعد «إن» بجواب.
ومثلها} {ومن كفر فامتعه قليلا [البقرة: 126] وقال بعضهم «فأمتعه ثم اضطره» ف «أضطرّه» إذا وصل الألف جعله أمرا. وهذا الوجه إذا أراد به الأمر يجوز فيه الضم والفتح. غير أن الألف ألف وصل وإنما قطعتها «ثمّ» في الوجه الآخر، لأنه كل ما يكون معناه «أفعل» فإنه مقطوع، من الوصل كان أو من القطع. قال} {أنا ءاتيك به [النّمل: الآية 39] وهو من «أتى» «يأتي» وقال} {أتخذ من دونه آلهة [يس: 23] فترك الألف التي بعد ألف الاستفهام لأنها ألف «أفعل».
وقال الله تبارك وتعالى فيما يحكى عن الكفار} {لولا أخّرتنى إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن مّن الصّلحين [المنافقون: الآية 10] فقوله} {فأصّدّق [المنافقون:
الآية 10] جواب للاستفهام، لأنّ} {لولا [الآية 118] ها هنا بمنزلة «هلا» وعطف} {وأكن [يوسف: الآية 33] على موضع} {فأصّدّق [المنافقون: الآية 10] لأنّ جواب الاستفهام إذا لم يكن فيه فاء جزم. وقد قرأ بعضهم «فأصدق وأكون» عطفها على ما بعد الفاء وذلك خلاف الكتاب. وقد قرىء} {ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم
[الأعراف: 186] جزم. فجزم} {يذرهم على أنه عطف على موضع الفاء لأن موضعها يجزم إذا كانت جواب المجازاة، ومن رفعها على أن يعطفها على ما بعد الفاء فهو أجود وهي قراءة.
وقال} {إن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ونكفر عنكم [البقرة:
271] جزم ورفع على ما فسرت. وقد يجوز في هذا وفي الحرف الذي قبله النصب لأنه قد جاء بعد جواب المجازاة مثل} {ويعلم الّذين يجدلون فى ءايتنا
[الشّورى: الآية 35] [و]} ولمّا يعلم الله الّذين جهدوا منكم ويعلم الصّبرين [آل
__________
(1) البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص 107.(1/55)
عمران: الآية 142] فانتصب الآخر لأن الأوّل نوى أن يكون بمنزلة الاسم وفي الثاني الواو. وإن شئت جزمت على العطف كأنك قلت «ولمّا يعلم الصابرين». فإن قال قائل: «ولما يعلم الله الصابرين» {ولما يعلم الله الّذين جهدوا منكم [آل عمران: الآية 142] فهو لم يعلمهم؟ قلت بل قد علم، ولكنّ هذا فيما يذكر أهل التأويل ليبين للناس، كأنه قال «ليعلمه الناس» كما قال} {لنعلم أىّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا
[الكهف: الآية 12] وهو قد علم ولكن ليبين ذلك. وقد قرأ أقوام أشباه هذا في القرآن} {ليعلم أي الحزبين ولا أراهم قرأوه إلّا لجهلهم بالوجه الآخر.
ومما جاء بالواو} {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق إن شئت جعلت} {وتكتموا الحقّ [الآية 42] نصبا إذا نويت أن تجعل الأول اسما فتضمر مع} {تكتموا «أن» حتى تكون اسما. وإن شئت عطفتها فجعلتها جزما على الفعل الذي قبلها. قال} {ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لّكما [الأعراف: الآية 22] فعطف القول على الفعل المجزوم فجزمه. وزعموا أنه في قراءة ابن مسعود} [1] «وأقول لكما» على ضمير «أن» ونوى أن يجعل الأوّل اسما، وقال الشاعر: [الطويل] 38لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضّي لبانات ويسأم سائم (2)
ثواء وثواء أو ثواء رفع ونصب وخفض فنصب على ضمير «أن» لأن التقضي اسم، ومن قال «فتقضى» رفع: «ويسأم» لأنه قد عطف على فعل وهذا واجب، وقال الشاعر: [الطويل] 39فإن لم أصدّق ظنّكم بتيقّن ... فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد (3)
ويعلم أكفائي من الناس أنّني ... أنا الفارس الحامي الذمار المذاود
وقال الشاعر: [الوافر وهو الشاهد الأربعون] 40فإن يقدر عليك أبو قبيس ... نمطّ بك المنيّة في هوان (4)
__________
(1) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود، تقدمت ترجمته.
(2) البيت للأعشى في ديوانه ص 127، والأغاني 2/ 206، والرد على النحاة ص 129، وشرح شواهد المغني 2/ 879، والكتاب 3/ 38، ومغني اللبيب 2/ 506، والمقتضب 1/ 27، 2/ 26، 4/ 297، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 299، ورصف المباني ص 423، وشرح عمدة الحافظ ص 590، وشرح المفصّل 3/ 65.
(3) البيتان لحسان بن ثابت في ديوانه ص 195.
(4) البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص 113، ولسان العرب (قبس)، وتاج العروس (قبس)، والمخصص 13/ 175، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 485، وتاج العروس (نجع).(1/56)
وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آن
فنصب هذا كله لأنه نوى أن يكون الأوّل اسما فأضمر بعد الواو «أن» حتى يكون اسما مثل الأول فتعطفه عليه. وأما قوله {لو أنّ لنا كرّة فنتبرّأ منهم [الآية 167] و} {لو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين [الشعراء: 102] فهذا على جواب التمني، لأنّ معناه «ليت لنا كرّة». وقال الشاعر: [الوافر]} 41فلست بمدرك ما فات مني ... ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» (1)
فأنزل «لو اني» بمنزلة «ليت» لأن الرجل إذا قال: «لو أنّي كنت فعلت كذا وكذا» فإنما تريد «وددت لو كنت فعلت». وإنّما جاز ضمير «أن» في غير الواجب لأن غير الواجب يجيء ما بعده على خلاف ما قبله ناقضا له.
فلما حدث فيه خلاف لأوله جاز هذا الضمير. والواجب يكون آخره على أوله نحو قول الله عز وجل {ألم تر أنّ الله أنزل من السّماء مآء فتصبح الأرض مخضرّة [الحجّ: الآية 63] فالمعنى: «اسمعوا أنزل الله من السماء ماء» فهذا خبر واجب و} {ألم تر تنبيه. وقد تنصب الواجب في الشعر. قال الشاعر:
[الوافر]} 42سأترك منزلي لبني تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا (2)
وهذا لا يكاد يعرف. وهو في الشعر جائز. وقال طرفة (3): [الطويل]
__________
(1) البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179، والإنصاف 1/ 390، وأوضح المسالك 4/ 37، وخزانة الأدب 1/ 131، والخصائص 3/ 135، ورصف المباني ص 288، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 521، 2/ 728، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح عمدة الحافظ ص 521، وشرح قطر الندى ص 205، ولسان العرب (لهف)، والمحتسب 1/ 277، والمقاصد النحوية 4/ 248، والمقرب 1/ 181، 2/ 201، والممتع في التصريف 2/ 622.
(2) البيت للمغيرة بن حبناء في خزانة الأدب 8/ 522، والدرر 1/ 340، 4/ 79. وشرح شواهد الإيضاح ص 251، وشرح شواهد المغني ص 497، والمقاصد النحوية 4/ 390، وبلا نسبة في الدرر 5/ 130، والرد على النحاة ص 125، ورصف المباني ص 379، وشرح الأشموني 3/ 565، وشرح شذور الذهب ص 389، وشرح المفصل 7/ 55، والكتاب 39، 92، والمحتسب 1/ 197، ومغني اللبيب 1/ 175، والمقتضب 2/ 24، والمقرب 1/ 263.
(3) طرفة: هو أبو عمرو، طرفة بن العبد بن سفيان بن حرملة بن سعد بن مالك بن ضبيعة، من بني بكر بن وائل، خاله الملتمس جرير بن عبد المسيح، عدّه ابن سلام في الطبقة الرابعة من الشعراء الجاهليين، توفي شابا دون الثلاثين، ورغم ذلك فإنه بلغ ما لم يبلغه القوم مع طول أعمارهم، له(1/57)
43 - لها هضبة لا يدخل الذلّ وسطها ... ويأوي إليها المستجير فيعصما (1)
واعلم أن إظهار ضمير «أن» في كل موضع أضمر فيه من الفاء لا يجوز.
ألا ترى أنك إذا قلت: «لا تأته فيضربك» لم يجز أن تقول: «لا تأته فأن يضربك» وإنما نصبته على «أن» فلا يحسن إظهاره كما لا يجوز في قولك «عسى أن تفعل»: «عسى الفعل» ولا في قولك: «ما كان ليفعل»: «ما كان لأن يفعل» ولا إظهار الاسم الذي في قولك «نعم رجلا» فرب ضمير لا يظهر لأن الكلام إنما وضع على أن يضمر، فإذا ظهر كان ذلك على غير ما وضع في اللفظ فيدخله اللبس.
وأما قوله {فأزلّهما الشّيطن عنها [الآية 36] فإنما يعني «الزلل». تقول: «زلّ فلان» و «أزللته» و «زال فلان» و «أزاله فلان» والتضعيف القراءة الجيدة وبها نقرأ.
وقال بعضهم:} {فأزالهما أخذها من «زال، يزول». تقول: «زال الرجل» و «أزاله فلان».
وقال} {اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ [الآية 36] فإنما قال} {اهبطوا [الآية 36] والله أعلم لأنّ إبليس كان ثالثهم فلذلك جمع.
قال} {فتلقّى ءادم من رّبّه كلمت [الآية 37] فجعل آدم المتلقي. وقد قرأ بعضهم «آدم» نصبا ورفع الكلمات جعلهن المتلقّيات.
وقال} {فإمّا يأتينّكم مّنّى هدى فمن تبع هداى [الآية 38] وذلك أن «إمّا» في موضع المجازاة وهي «إما» لا تكون «أما» وهي «إن» زيدت معها «ما» وصار الفعل الذي بعدها بالنون الخفيفة أو الثقيلة، وقد يكون بغير نون. وإنّما حسنت فيه النون لما دخلته «ما» لأنّ «ما» نفي وهو ما ليس بواجب وهي من الحروف التي تنفي الواجب فحسنت فيه النون نحو قولهم «بعين مّا أرينّك»} [2] حين أدخلت فيها «ما»
__________
المعلقة المشهورة باسمه. وله ديوان شعر يستشهد به أصحاب اللغة. توفي نحو سنة 60قبل الهجرة (معجم الشعراء الجاهليين ص 196195).
(1) البيت لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص 159، والرد على النحاة ص 126، والكتاب 3/ 40، وللأعشى في خزانة الأدب 8/ 339، والخصائص 1/ 389، ولسان العرب (دلك). وفيه «فيعصا» بدل «فيعصما»، وهذا تحريف، والمحتسب 1/ 197، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 123، ورصف المباني المباني ص 226، 379، والمقتضب 2/ 24.
(2) بعين مّا أرينّك: هو من الأمثال، يضرب في الحث والإسراع وترك البطء، ومعنا: اعمل كأني أنظر إليك. (انظر مجمع الأمثال 1/ 100).(1/58)
حسنت النون. ومثل «إمّا» ها هنا قوله {فإمّا ترينّ من البشر أحدا [مريم: الآية 26] وقوله} {قل رّبّ إمّا ترينّى ما يوعدون (93) ربّ فلا تجعلنى فى القوم الظّلمين (94) [المؤمنون: 9493] فالجواب في قوله} {فلا تجعلنى [المؤمنون: الآية 94]. وأشباه هذا في القرآن والكلام كثير. وأما «إمّا» في غير هذا الموضع الذي يكون للمجازاة فلا تستغني حتى ترد «إمّا» مرتين نحو قوله} {إنّا هدينه السّبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا (3) [الإنسان: الآية 3] ونحو قوله} {حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة
[مريم: الآية 75] وإنما نصب لأنّ «إمّا» هي بمنزلة «أو» ولا تعمل شيئا كأنه قال «هديناه السبيل شاكرا أو كفورا» فنصبه على الحال و «حتى رأوا ما يوعدون العذاب أو الساعة» فنصبه على البدل.
وقد يجوز الرفع بعد «إمّا» في كل شيء يجوز فيه الابتداء ولو قلت:
«مررت برجل إمّا قاعد وإمّا قائم» جاز. وهذا الذي في القرآن جائز أيضا، ويكون رفعا إلا أنه لم يقرأ.
وأما التي تستغني عن التثنية فتلك تكون مفتوحة الألف أبدا نحو قولك «أمّا عبد الله فمنطلق» وقوله} {فأمّا اليتيم فلا تقهر (9) وأمّا السّائل فلا تنهر (10) [الضحى:
109] و} {أما ثمود فهديناهم [فصلت: 17]. فكلّ ما لم يحتج فيه إلى تثنية «أمّا» فألفها مفتوحة إلا تلك التي في المجازاة.
و «أمّا» أيضا لا تعمل شيئا. ألا ترى أنك تقول} {وأمّا السّائل فلا تنهر (10) [الضّحى: الآية 10] فتنصبه ب «تنهر» ولم تغيّر «أمّا» شيئا منه.
باب الإضافة
أما قوله} {فمن تبع هداى فلا خوف عليهم [الآية 38] فانفتحت هذه الياء على كل حال لأن الحرف الذي قبلها ساكن. وهي الألف التي في «هدى». فلما احتجت إلى حركة الياء حركتها بالفتحة لأنها لا تحرك إلا بالفتح. ومثل ذلك قوله} {عصاى أتوكّؤا عليها [طه: الآية 18] ولغة للعرب يقولون «عصيّ يا فتى» و «هديّ فلا خوف عليهم» لما كان قبلها حرف ساكن وكان ألفا، قلبته إلى الياء حتى تدغمه في الحرف الذي بعده فيجرونها مجرى واحدا وهو أخف عليهم. وأما قوله} {هذا ما لدىّ عتيد [ق: الآية 23] و} {هذا صرط علىّ مستقيم [الحجر: الآية 41] و} {ثمّ إلىّ مرجعكم [آل عمران: 55ولقمان: 15]. فإنما حركت بالإضافة لسكون ما قبلها
وجعل الحرف الذي قبلها ياء ولم يقل «علاي» ولا «لداي» كما تقول «على زيد» و «لدى زيد» ليفرقوا بينه وبين الأسماء، لأن هذه ليست بأسماء. و «عصاي» و «هداي» و «قفاي» أسماء. وكذلك} {أفتونى فى رءيى [يوسف: الآية 43] و} يا بشراي هذا غلام [يوسف: 19] لأنّ آخر «بشرى» ساكن.(1/59)
أما قوله {فمن تبع هداى فلا خوف عليهم [الآية 38] فانفتحت هذه الياء على كل حال لأن الحرف الذي قبلها ساكن. وهي الألف التي في «هدى». فلما احتجت إلى حركة الياء حركتها بالفتحة لأنها لا تحرك إلا بالفتح. ومثل ذلك قوله} {عصاى أتوكّؤا عليها [طه: الآية 18] ولغة للعرب يقولون «عصيّ يا فتى» و «هديّ فلا خوف عليهم» لما كان قبلها حرف ساكن وكان ألفا، قلبته إلى الياء حتى تدغمه في الحرف الذي بعده فيجرونها مجرى واحدا وهو أخف عليهم. وأما قوله} {هذا ما لدىّ عتيد [ق: الآية 23] و} {هذا صرط علىّ مستقيم [الحجر: الآية 41] و} {ثمّ إلىّ مرجعكم [آل عمران: 55ولقمان: 15]. فإنما حركت بالإضافة لسكون ما قبلها
وجعل الحرف الذي قبلها ياء ولم يقل «علاي» ولا «لداي» كما تقول «على زيد» و «لدى زيد» ليفرقوا بينه وبين الأسماء، لأن هذه ليست بأسماء. و «عصاي» و «هداي» و «قفاي» أسماء. وكذلك} {أفتونى فى رءيى [يوسف: الآية 43] و} {يا بشراي هذا غلام [يوسف: 19] لأنّ آخر «بشرى» ساكن.
وقال بعضهم «يا بشراي هذا غلام» لا يريد الإضافة، كما تقول «يا بشارة».
فإذا لم يكن الحرف ساكنا كنت في الياء بالخيار، إن شئت أسكنتها وإن شئت فتحتها نحو} {إنّى أنا الله [القصص: الآية 30] و} {إنّى أنا الله [القصص:
الآية 30]، و} {لمن دخل بيتي مؤمنا [نوح: 28] و} {بيتى و} {ولم يزدهم دعائي إلا فرارا [نوح: 6] و} {دعاءى إلّا [نوح: الآية 6]. وكذلك إذا لقيتها ألف ولام زائدتان. فإن شئت حذفت الياء لاجتماع الساكنين، وإن شئت فتحتها كيلا يجتمع حرفان ساكنان. إلا ان أحسن ذلك الفتح نحو قول الله تبارك وتعالى} {جاءنى البيّنت من رّبّى [غافر: الآية 66] و} {ونعمتي التي [البقرة: 40و 47و 122] وأشباه هذا.
وبه نقرأ.
وإن لقيته أيضا ألف وصل بغير لام فأنت فيه أيضا بالخيار إلّا أن أحسنه في هذا الحذف وبها نقرأ} {إنّى اصطفيتك على النّاس [الأعراف: الآية 144] و} {هرون أخى (30) اشدد به أزرى (31) [طه: 30، 31].
فإذا كان شيء من هذا الدعاء حذفت منه الياء نحو} {يعباد فاتّقون [الزّمر:
الآية 16] و} {ربّ قد ءاتيتنى من الملك [يوسف: الآية 101] و} {رّبّ إمّا ترينّى ما يوعدون [المؤمنون: الآية 93].
ومن العرب من يحذف هذه الياءات في الدعاء وغيره من كل شيء. وذلك قبيح قليل إلا ما في رؤوس الآي، فإنه يحذف الوقف. كما تحذف العرب في أشعارها من القوافي نحو قوله: [الطويل]} 44أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض (1)
وقوله: [الوافر]
__________
(1) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص 66، والدرر 3/ 67، والكتاب 1/ 348، ولسان العرب (حنن)، وهمع الهوامع 1/ 190، وتاج العروس (حنن)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1273، وشرح المفصل 1/ 118، والمقتضب 3/ 224.(1/60)
45 - ألا هبّي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا (1)
إذا وقفوا. فإذا وصلوا قالوا: «من بعض» و «الأندرينا» وذلك في رؤوس الآي كثير نحو قوله {بل لّمّا يذوقوا عذاب [ص: الآية 8] [و]} {وإيّى فاتّقون [الآية 41]. فإذا وصلوا أثبتوا الياء. وقد حذف قوم الياء في السكوت والوصل وجعلوه على تلك اللغة القليلة وهي قراءة العامة وبها نقرأ لأن الكتاب عليها.
وقد سكت قوم بالياء ووصلوا بالياء، وذلك على خلاف الكتاب، لأن الكتاب ليست فيه ياء وهي اللغة الجيدة. وقد سمعنا عربيا فصيحا ينشد:
[الطويل]} 46فما وجد النّهديّ وجدا وجدته ... ولا وجد العذريّ قبل جميل (2)
يريد «قبلي» فحذف الياء. وقد أعمل بعضهم «قبل» إعمال ما ليس فيه ياء فقال: «قبل جميل» وهو يريد «قبلي». كما قال بعض العرب «يا ربّ اغفر لي» فرفع وهو يريد «يا ربّي».
وأما قوله {وتظنّون بالله الظّنونا [الأحزاب: الآية 10]، و} {أضلونا السبيلا
[الأحزاب: 76] فتثبت فيه الألف لأنهما رأس آية، لأن قوما من العرب يجعلون أواخر القوافي إذا سكتوا عليها على مثل حالها إذا وصلوها وهم أهل الحجاز.
وجميع العرب إذا ترنموا في القوافي أثبتوا في أواخرها الياء والواو والألف.
وأما قوله} {يأبت إنّى أخاف [مريم: الآية 45] فأنث هذا الاسم بالهاء كقولك «رجل ربعة» و «غلام يفعة». أو يكون أدخلها لما نقص من الاسم عوضا. وقد فتح قوم كأنهم أرادوا «يا أبتا» فحذفوا الألف كما يحذفون الياء، كما قال الشاعر:
[الوافر]} ولست بمدرك ما فات مني ... ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» (3)
يريد: «لهفاه». ومما يدلك على أن هذا الاسم أنث بالهاء قول الشاعر:
[الطويل]
__________
(1) البيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص 64، وخزانة الأدب 3/ 178، وشرح شواهد الشافية ص 251، وشرح شواهد المغني 1/ 119، ولسان العرب (مدر)، (ندر)، (صحن).
(2) البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 545، والدرر 3/ 110، وهمع الهوامع 1/ 210.
(3) تقدم البيت مع تخريجه برقم 41.(1/61)
47 - تقول ابنتي لما رأتني شاحبا ... كأنّك فينا يا أبات غريب (1)
فرد الألف وزاد عليها الهاء كما أنث في قوله «يا أمتاه» فهذه ثلاثة أحرف.
ومن العرب من يقول: «يا أمّ لا تفعلي» رخّم كما قال: «يا صاح». ومنهم من يقول «يا أميّ» و «يا أبي» على لغة الذين قالوا: «يا غلامي». ومنهم من يقول «يا أب» و «يا أمّ» وهي الجيدة في القياس.
وأما قوله {يبنى إسرءيل [الآية 40] فمن العرب من يهمز ومنهم من لا يهمز. ومنهم من يقول «إسرائل» يحذف الياء التي بعد الهمزة ويفتح الهمزة ويكسرها.
باب المجازاة
فأما قوله} {وأوفوا بعهدي اوف بعهدكم (40) فإنما جزم الآخر لأنه جواب الأمر، وجواب الأمر مجزوم مثل جواب ما بعد حروف المجازاة، كأنه تفسير «إن تفعلوا» أوف بعهدكم وقال في موضع آخر} {ذرونا نتّبعكم [الفتح: الآية 15] وقال} {فذرهم في خوضهم يلعبون [الأنعام: 91] فلم يجعله جوابا، ولكنه كأنهم كانوا يلعبون فقال «ذرهم في حال لعبهم» وقال} {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل [الحجر: الآية 3] وليس من أجل الترك يكون ذلك، ولكن قد علم الله أنه يكون وجرى على الاعراب كأنه قال: «إن تركتهم ألهاهم الأمل» وهم كذلك تركهم أو لم يتركهم. كما أن بعض الكلام يعرف لفظه والمعنى على خلاف ذلك، وكما أن بعضهم يقول: «كذب عليكم الحجّ»، ف «الحجّ» مرفوع وإنما يريدون أن يأمروا بالحج. قال الشاعر: [الكامل]} 48كذب العتيق وماء شنّ بارد ... إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي (2)
وقال: [الوافر]
__________
(1) البيت لأبي الحدرجان في نوادر أبي زيد ص 239، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 339، والدرر 1/ 233، ولسان العرب (أبى)، والمقاصد النحوية 4/ 253، وهمع الهوامع 2/ 157.
(2) البيت لعنترة في ديوانه ص 273، ولسان العرب (كذب)، ولخزز بن لوذان في الكتاب 4/ 213، ولسان العرب (نعم)، ولعنترة أو لخزز في خزانة الأدب 6/ 183، 185، 192، ولسان العرب (عتق)، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب 2/ 521، والصاحبي في فقه اللغة ص 68.(1/62)
49 - وذبيانية توصي بينها ... ألا كذب القراطف والقروف (1)
قال أبو عبد الله (2): «القراطف»، واحدها «قرطف»: وهو كل ما له خمل من الثياب. و «القروف»، واحدها «قرف»: وهو وعاء من جلود الإبل كانوا يغلون اللحم ويحملونه فيه في أسفارهم. ويقولون: «هذا جحر ضبّ خرب» والخرب هو الجحر. ويقولون: «هذا حبّ رمّاني». فيضيف الرمّان إليه وإنما له الحبّ وهذا في الكلام كثير.
وقوله {قل لّلّذين ءامنوا يغفروا للّذين لا يرجون أيّام الله [الجاثية: الآية 14] و} {قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن [الإسراء: 53] فأجراه على اللفظ حتى صار جوابا للأمر. وقد زعم قوم أن هذا إنما هو على «فليغفروا» و «قل لعبادي فليقولوا» وهذا لا يضمر كله يعني الفاء واللام. ولو جاز هذا لجاز قول الرجل:
«يقم زيد»، وهو يريد «ليقم زيد». وهذا الكلمة أيضا أمثل لأنك لم تضمر فيها الفاء مع اللام.
وقد زعموا أن اللام قد جاءت مضمرة، قال الشاعر: [الوافر]} 50محمّد تفد نفسك كلّ نفس ... إذا ما خفت من شيء تبالا (3)
__________
(1) البيت لمعقر بن حمار البارقي في إصلاح المنطق ص 15، 66، 293، وخزانة الأدب 5/ 15، 6/ 199، وسمط اللآلي ص 484، ولسان العرب (كذب)، (قرطف)، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 188، ولسان العرب (شمس).
(2) أبو عبد الله: لعله محمد بن سلام بن عبد الله بن سالم الجمحي، أبو عبد الله البصري المتوفى سنة 232هـ. من مصنفاته: «طبقات شعراء الإسلاميين»، «طبقات شعراء الجاهليين»، «كتاب بيوتات العرب»، «كتاب الحلاب وأجر الخيل»، «كتاب الفاصل في ملح الأخبار والأشعار»، (كشف الظنون 6/ 12).
ولعله محمد بن زياد الكوفي البغدادي المعروف بابن الأعرابي، أبو عبد الله اللغوي المتوفى سنة 231هـ، له من المصنفات: «تاريخ القبائل»، «كتاب الألفاظ»، «كتاب تفسير الأمثال»، «كتاب الخيل»، «كتاب الدّيات»، «كتاب صفة الخيل»، «كتاب معاني الشعر»، «كتاب النبات»، «كتاب نسب الخيل»، «كتاب النوادر»، «كتاب نوادر بني فقعس»، «كتاب نوادر الزبيريين». (كشف الظنون 6/ 12).
(3) البيت لأبي طالب في شرح شذور الذهب ص 275، وله أو للأعشى في خزانة الأدب 9/ 11، وللأعشى أو لحسان أو لمجهول في الدرر 5/ 61، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 319، 321، والإنصاف 2/ 530، والجنى الداني ص 113، ورصف المباني ص 256، وسرّ صناعة(1/63)
يريد: «لتفد»، وهذا قبيح. وقال: «تق الله امرؤ فعل كذا وكذا» ومعناه:
«ليتّق الله». فاللفظ يجيء كثيرا مخالفا للمعنى. وهذا يدل عليه. قال الشاعر في ضمير اللام: [الطويل:
51 - على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى (1)
يريد «ليبك من بكى» فحذف وسمعت من العرب من ينشد هذا البيت بغير لام: [الطويل] 52فيبك على المنجاب أضياف قفرة ... سروا وأسارى لم تفكّ قيودها (2)
يريد: «فليبك» فحذف اللام.
باب تفسير أنا وأنت وهو
وأما قوله {وإيّى فارهبون [الآية 40] و} {وإيّى فاتّقون [الآية 41] فقال} {وإيّى [الآية 40] وقد شغلت الفعل بالاسم المضمر الذي بعده الفعل. لأن كل ما كان من الأمر والنهي في هذا النحو فهو منصوب نحو قولك: «زيدا فاضرب أخاه».
لأن الأمر والنهي مما يضمران كثيرا ويحسن فيهما الإضمار، والرفع أيضا جائز على أن لا يضمر. قال الشاعر: [الطويل]} 53وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين خلو كما هيا (3)
__________
الإعراب 1/ 391، وشرح الأشموني 3/ 575، وشرح شواهد المغني 1/ 597، وشرح المفصل 7/ 35، 60، 62، 9/ 24، والكتاب 3/ 8، واللامات ص 96، ومغني اللبيب 1/ 224، والمقاصد النحوية 4/ 418، والمقتضب 2/ 132، والمقرب 1/ 272، وهمع الهوامع 2/ 55.
(1) البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه ص 84، وشرح أبيات سيبويه 2/ 98، وشرح شواهد المغني 2/ 599، والكتاب 3/ 9، ولسان العرب (لوم)، ومعجم ما استعجم ص 261، 1033، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 532، ورصف المباني ص 228، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 391، وشرح المفصل 7/ 60، 62، ولسان العرب (بعض)، والمقتضب 2/ 132، ومغني اللبيب 1/ 225.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(3) البيت بلا نسبة في الأزهية ص 243، وأوضح المسالك 2/ 163، والجنى الدني ص 71، وخزانة الأدب 1/ 315، 455، 4/ 369، 8/ 19، 11، 367، والدرر 2/ 36، والرد على النحاة ص 104، ورصف المباني ص 386، وشرح أبيات سيبويه 1/ 413، وشرح الأشموني 1/ 189، وشرح التصريح 1/ 399، وشرح شواهد الإيضاح ص 86، وشرح شواهد المغني 1/ 468، 2/ 873، وشرح المفصل 1/ 100، 8/ 95، والكتاب 1/ 139، 143، ولسان العرب(1/64)
وأما قوله {الزّانية والزّانى فاجلدوا كلّ وحد مّنهما [النّور: الآية 2] و} {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة: الآية 38] فزعموا والله أعلم أن هذا على الوحي، كأنه يقول «وممّا أقصّ عليكم الزانية والزاني، والسارقة والسارق». ثم جاء بالفعل من بعد ما أوجب الرفع على الأول على الابتداء وهذا على المجاز كأنه قال «أمر السارق والسارقة وشأنهما مما نقصّ عليكم» ومثله قوله} {مّثل الجنّة الّتى وعد المتّقون [الرّعد: الآية 35] ثم قال} {فيها أنهر مّن مّاء [محمّد: الآية 15] كأنه قال:
«وممّا أقصّ عليكم مثل الجنة» ثم أقبل يذكر ما فيها بعد أن أوجب الرفع في الأول على الابتداء. وقد قرأها قوم نصبا إذا كان الفعل يقع على ما هو من سبب الأول، وهو في الأمر والنهي. وكذلك ما وقع عليه حرف الاستفهام نحو قوله} {أبشرا مّنّا وحدا نّتّبعه [القمر: الآية 24]. وإنما فعل هذا في حروف الاستفهام لأنه إذا كان بعده اسم وفعل كان أحسن أن يبتدأ بالفعل قبل الاسم. فإن بدأت بالاسم أضمرت له فعلا حتى تحسن الكلام به وإظهار ذلك الفعل قبيح.
وما كان من هذا في غير الأمر والنهي والاستفهام والنفي فوجه الكلام فيه الرفع، وقد نصبه ناس من العرب كثير. وهذا الحرف قد قرىء نصبا ورفعا} {وأمّا ثمود فهدينهم [فصّلت: الآية 17].
وأما قوله} {إنّا كلّ شىء خلقنه بقدر (49) [القمر: الآية 49] فهو يجوز فيه الرفع، وهي اللغة الكثيرة، غير أن الجماعة اجتمعوا على النصب، وربما اجتمعوا على الشيء كذلك مما يجوز والأصل غيره. لأن قولك: «إنّا عبد الله ضربناه»، مثل قولك: «عبد الله ضربناه» لأن معناهما في الابتداء سواء. قال الشاعر: [المتقارب]} 54فأمّا تميم تميم بن مرّ ... فألفاهم القوم روبى نياما (1)
وقال: [الطويل] 55إذا ابن أبي موسى بلال بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر (2)
__________
(خلا)، ومغني اللبيب 1/ 165، والمقاصد النحوية 2/ 529، وهمع الهوامع 1/ 110.
(1) البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص 190، والأزهية ص 146، وجمهرة اللغة ص 1021، وشرح أبيات سيبويه 1/ 280، والكتاب 1/ 82، ولسان العرب (روب)، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 81، وأمالي ابن الحاجب 1/ 334، ومجالس ثعلب ص 230، والمحتسب 1/ 189، والمعاني الكبير ص 937.
(2) البيت لذي الرمة في ديوانه ص 1042، وخزانة الأدب 3/ 32، 37، وسمط اللآلي ص 218، وشرح أبيات سيبويه 1/ 166، وشرح شواهد المغني 2/ 660، وشرح المفصل 2/ 30، والكتاب(1/65)
ويكون فيهما النصب. فمن نصب {وأمّا ثمود [فصّلت: الآية 17] نصب على هذا.
وأما قوله} {يدخل من يشآء فى رحمته والظّلمين أعدّ لهم [الإنسان: الآية 31] وقوله} {ءأنتم أشدّ خلقا أم السّمآء بنها (27) [النّازعات: الآية 27] ثم قال} {والأرض بعد ذلك دحها (30) [النّازعات: الآية 30] وقال} {الرّحمن (1) علّم القرءان (2) خلق الإنسن (3) علّمه البيان (4) [الرحمن: 41] ثم قال} {والسّماء رفعها ووضع الميزان (7) [الرّحمن: الآية 7] وقال} {وكلّا ضربنا له الأمثل وكلّا تبّرنا تتبيرا (39) [الفرقان: الآية 39] فهذا إنما ينصب وقد سقط الفعل على الاسم بعده لأن الاسم الذي قبله قد عمل فيه فأضمرت فعلا فأعملته فيه حتى يكون العمل من وجه واحد. وكان ذلك أحسن، قال الشاعر: [الوافر]
} 56نغالي اللحم للأضياف نيئا ... ونرخصه إذا نضج القدور (1)
يريد «نغالي باللحم» فإن قلت {يدخل من يشآء [الشّورى: الآية 8] ليس بنصب في اللفظ فهو في موضع نصب قد عمل فيه فعل كما قلت: «مررت بزيد وعمرا ضربته»، كأنك قلت: «مررت زيدا» وقد يقول هذا بعض الناس. قال الشاعر: [المنسرح]} 57أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا (2)
والذيب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا
وكلّ هذا يجوز فيه الرفع على الابتداء والنصب أجود وأكثر.
وأما قوله يغشى طائفة منكم وطائفة أهمتهم أنفسهم [آل عمران: 154] فإنما هو على قوله «يغشى طائفة منكم وطائفة في هذه الحال». وهذه واو ابتداء
__________
1/ 82، وتاج العروس (وصل)، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 296، وتخليص الشواهد ص 179، وشرح المفصل 4/ 96، ومغني اللبيب 1/ 269، والمقتضب 2/ 77.
(1) البيت لرجل من قيس في جمهرة اللغة ص 1317، وأساس البلاغة (غلو)، وبلا نسبة في لسان العرب (رخص)، (سفه)، وجمهرة اللغة ص 1319، وتاج العروس (رخص)، (غلا)، وتهذيب اللغة 8/ 191، وديوان العرب 4/ 121.
(2) البيتان للربيع بن ضبع الفزاري في أمالي المرتضى 1/ 256، وحماسة البحتري ص 201، وخزانة الأدب 7/ 284، والدرر 5/ 22، وشرح التصريح 2/ 36، والكتاب 1/ 90، ولسان العرب (ضمن)، والمقاصد النحوية 3/ 397، ونوادر أبي زيد ص 159، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 173، وأوضح المسالك 3/ 114، والرد على النحاة ص 115، والمحتسب 2/ 99.(1/66)
لا واو عطف، كما تقول: «ضربت عبد الله وزيد قائم». وقد قرئت نصبا لأنها مثل ما ذكرنا، وذلك لأنه قد يسقط الفعل على شيء من سببها وقبلها منصوب بفعل فعطفتها عليه وأضمرت لها فعلها فنصبتها به. وما ذكرنا في هذا الباب من قوله {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة: الآية 38] وقوله} {والزانية والزاني فاجلدوا ليس في قوله} {فاقطعوا [المائدة: الآية 38] و} {فاجلدوا [النّور:
الآية 2] خبر مبتدأ لأن خبر المبتدأ هكذا لا يكون بالفاء. فلو قلت «عبد الله فينطلق» لم يحسن. وإنما الخبر هو المضمر الذي فسرت لك من قوله «ومما نقص عليكم» وهو مثل قوله: [الطويل]
} وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين خلو كما هيا (1)
كأنه قال: «هؤلاء خولان» «كما تقول: «الهلال فانظر إليه» كأنك قلت:
«هذا الهلال فانظر إليه» فأضمر الاسم.
فأما قوله {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما [النساء: 16] فقد يجوز أن يكون هذا خبر المبتدأ، لأن «الذي» إذا كان صلته فعل جاز أن يكون خبره بالفاء نحو قول الله عز وجل} {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [النساء: 97] ثم قال} {فاولئك مأواهم جهنم.
باب الواو
أما قوله} {واستعينوا بالصّبر والصّلوة وإنّها لكبيرة [الآية 45] فلأنه حمل الكلام على «الصلاة». وهذا كلام منه ما يحمل على الأول ومنه ما يحمل على الآخر.
وقال} {الله ورسوله أحق أن يرضوه [التوبة: 62] فهذا يجوز على الأول والآخر.
وأقيس هذا إذا ما كان بالواو أن يحمل عليهما جميعا. تقول: «زيد وعمرو ذاهبان». وليس هذا مثل «أو» لأن «أو» إنما يخبر فيه عن أحد الشيئين. وأنت في «أو» بالخيار إن شئت جعلت الكلام على الأول وإن شئت على الآخر، وأن تحمله على الآخر أقيس لأنك إن تجعل الخبر على الاسم الذي يليه الخبر فهو أمثل من أن تجاوزه إلى اسم بعيد منه. قال} {وإذا رأوا تجرة أو لهوا انفضّوا إليها
[الجمعة: الآية 11] فحمله على الأول، وقال في موضع آخر} ومن رّحمته جعل لكم
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 53.(1/67)
{الّيل والنّهار لتسكنوا فيه [القصص: الآية 73] وقال} {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثمّ يرم به بريئا [النّساء: الآية 112] فحمله على الآخر. قال الشاعر: [البسيط]} 58أمّا الوسامة أو حسن النساء فقد ... أوتيت منه لو انّ العقل محتنك (1)
وقال ابن أحمر (2): [الطويل] 59رماني بداء كنت منه ووالدي ... بريئا ومن أجل الطويّ رماني (3)
وقال الآخر: [المنسرح] 60نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف (4)
وهذا مثل قول البرجمي (5): [الطويل] 61من يك أمسى يالمدينة داره ... فإنّي وقيّارا بها لغريب (6)
__________
(1) يروى البيت بلفظ:
أما الفخامة أو خلق النساء فقد ... أعطيت منه لو أن اللبّ محتنك
والبيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت في تاج العروس (دعك).
(2) ابن أحمر: هو عمرو بن أحمر، تقدمت ترجمته.
(3) البيت لعمرو بن أحمر في ديوانه ص 187، والدرر 2/ 62، وشرح أبيات سيبويه 1/ 249، والكتاب 1/ 75، وله أو للأزرق بن طرفة بن العمرّد الفراصي في لسان العرب (جول).
(4) البيت لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص 239، وتخليص الشواهد ص 205، والدرر 5/ 314، والكتاب 1/ 75، والمقاصد النحوية 1/ 557، ولعمرو بن امرىء القيس الخزرجي في الدرر 1/ 147، وشرح أبيات سيبويه 1/ 279، وشرح شواهد الإيضاح ص 128، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف 1/ 95، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 100، 6/ 65، 7/ 116، وأمالي ابن الحاجب 2/ 727، وخزانة الأدب 10/ 295، 476، وشرح الأشموني 1/ 453، وشرح ابن عقيل ص 125، والصاحبي في فقه اللغة ص 218، ولسان العرب (قعد)، ومغني اللبيب 2/ 622، والمقتضب 3/ 112، وهمع الهوامع 2/ 109.
(5) البرجمي: هو ضابىء بن الحارث بن أرطأة البرجمي، شاعر مخضرم أدرك الإسلام وعاش حتى أيام عثمان بن عفان، كان ضعيف البصر مولعا بالصيد سجنه عثمان لأنه قتل صبيا بدابّته، فاعتذر عن ذلك لضعف بصره. وقيل: هجا قوما من بني جرول بن نهشل راميا أمهم بالكلب الذي استعاره منهم، ثم استردّوه بالقوة، فأعيد إلى السجن، وقال، وهو في الحبس، أشعارا كثيرة يهدّد في بعضها ويعرّض بعثمان بن عفان الذي سجنه، وينظم الحكم والعبر في بعضها الآخر.
وقيل: فتّش السجناء يوما فإذا به يحمل سكينا في الحذاء يريد أن يقتل به عثمان، وبقي في السجن إلى أن مات سنة 30هـ. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 217).
(6) البيت لضابىء بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص 184، والإنصاف ص 94، وتخليص(1/68)
باب اسم الفاعل
وقال {الّذين يظنّون أنّهم مّلقوا ربّهم [الآية 46] فأضاف قوله} {ملاقو ربهم
ولم يقع الفعل. وإنما يضاف إذا كان قد وقع الفعل تقول: «هم ضاربو أبيك» إذا كانوا قد ضربوه. وإذا كانوا في حال الضرب أو لم يضربوا قلت: «هم ضاربون أخاك» إلا أن العرب قد تستثقل النون فتحذفها في معنى إثباتها وهو نحو} {ملاقو ربهم مثل} {كلّ نفس ذآئقة الموت [آل عمران: الآية 185] ولم تذق بعد. وقد قال بعضهم:} {ذائقة الموت [آل عمران: الآية 185] على ما فسرت لك. وقال الله جل ثناؤه} {إنا مرسلو الناقة [القمر: 27] وهذا قبل الإرسال ولكن حذفت النون استثقالا. وقال} {وكلبهم بسط ذراعيه [الكهف: الآية 18] فأثبت التنوين لأنه كان في الحال. وقال} {إنا كاشفو العذاب قليلا [الدخان: 15] على ذلك أيضا. وزعموا أن هذا البيت ينشد هكذا: [البسيط]} 62هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد ربّ أخا عمرو بن مخراق (1)
فأضاف ولم يقع الفعل ونصب الثاني على المعنى لأن الأول فيه نية التنوين، كقول الله جل وعزّ {جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا
[الأنعام: 96] ولو جررت «الشمس» و «القمر» و «عبد رب أخا عمرو» على ما جررت عليه الأول جاز وكان جيدا. وقال} إنّا منجّوك وأهلك إلّا امرأتك
__________
الشواهد ص 385، وخزانة الأدب 9/ 326، 10/ 312، 313، 320، والدرر 6/ 182، وشرح أبيات سيبويه 1/ 369، وشرح التصريح 1/ 228، وشرح شواهد المغني ص 867، وشرح المفصل 8/ 86، والشعر والشعراء ص 358، والكتاب 1/ 75، ولسان العرب (قير)، ومعاهد التنصيص 1/ 186، والمقاصد النحوية 2/ 318، ونوادر أبي زيد ص 20، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103، وأوضح المسالك 1/ 358، ورصف المباني ص 267، وسرّ صناعة الإعراب ص 372، وشرح الأشموني 1/ 144، ومجالس ثعلب ص 316، 598، وهمع الهوامع 2/ 144.
(1) البيت لجابر بن رألان أو لجرير أو لتأبط شرا أو هو مصنوع في خزانة الأدب 8/ 215، ولجرير بن الخطفي أو لمجهول، أو هو مصنوع في المقاصد النحوية 3/ 513، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 256، والدرر 6/ 192، وشرح أبيات سيبويه 1/ 395، وشرح الأشموني 2/ 344، وشرح ابن عقيل ص 428، والكتاب 1/ 171، والمقتضب 4/ 151، وهمع الهوامع 2/ 145.(1/69)
[العنكبوت: الآية 33] فالنصب وجه الكلام لأنّك لا تجري الظاهر على المضمر، والكاف في موضع جرّ لذهاب النون. وذلك لأن هذا إذا سقط على اسم مضمر ذهب منه التنوين والنون إن كان في الحال وإن لم يفعل، تقول: «هو ضاربك الساعة أو غدا» و «هم ضاربوك». وإذا أدخلت الألف واللام قلت: «هو الضارب زيدا» ولا يكون أن تجرّ زيدا لأن التنوين كأنه باق في «الضارب» إذا كان فيه الألف واللام، لأن الألف واللام تعاقبان التنوين. وتقول: «هما الضاربان زيدا» و «هما الضاربا زيد» لأن الألف واللام لا تعاقبان التنوين في الاثنين والجمع.
فاذا أخرجت النون من الاثنين والجمع من أسماء الفاعلين أضفت وإن كان فيه الألف واللام، لأن النون تعاقب الإضافة. وطرح النون ها هنا كطرح النون في قولك: «هما ضاربا زيد» ولم يفعلا، لأن الأصل في قولك: «الضاربان» إثبات النون لأن معناه وأعماله مثل معنى «الذي فعل» وأعماله. قال الشاعر:
[المنسرح] 63الحافظو عورة العشيرة لا ... يأتيهم من ورائنا نطف (1)
وفي كتاب الله {والمقيمى الصّلوة [الحجّ: الآية 35] وقد نصب بعضهم فقال} {والمقيمى الصلاة [الحجّ: الآية 35] و «الحافظو عورة» استثقالا للإضافة كما حذفت نون «اللذين» و «الذين». قال الشاعر: [الكامل]} 64أبني كليب إنّ عمّيّ اللذا ... قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (2)
__________
(1) البيت لعمرو بن امرىء القيس في خزانة الأدب 4/ 272، و 274، 276، والدرر 1/ 146، وشرح شواهد الإيضاح ص 127، ولقيس بن الخطيم في ديوانه ص 115، وملحق ديوانه ص 238، ولعمرو بن امرىء القيس أو لقيس بن الخطيم في لسان العرب (وكف)، ولشريح بن عمران، أو لمالك بن العجلان في شرح أبيات سيبويه 1/ 205، ولرجل من الأنصار في خزانة الأدب 6/ 6، والكتاب 1/ 186، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 324، وإصلاح المنطق ص 63، وجواهر الأدب ص 155، وخزانة الأدب 5/ 122، 469، 8/ 29، 209، ورصف المباني ص 341، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 538، والكتاب 1/ 202، والمحتسب 2/ 80، والمقتضب 4/ 145، والمنصف 1/ 67، وهمع الهوامع 1/ 49.
(2) البيت للأخطل في ديوانه ص 387، والأزهية ص 296، والاشتقاق ص 338، وخزانة الأدب 3/ 185، 6/ 6، والدرر 1/ 145، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 536، وشرح التصريح 1/ 132، وشرح المفصل 3/ 154، 155، والكتاب 1/ 186، ولسان العرب (فلج)، (خظا)، (لذي)، والمقتضب 4/ 146، وتاج العروس (لذي)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 362، وأوضح المسالك 1/ 140، وخزانة الأدب 8/ 210، ورصف المباني ص 341، وشرح ديوان الحماسة(1/70)
وقال: [الطويل] 65فإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (1)
فألقى النون. وزعموا أن عيسى بن عمر (2) كان يجيز: [المتقارب] 66فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا (3)
كأنه إنما طرح التنوين لغير معاقبة إضافة وهو قبيح إلا في كل ما كان معناه «اللذين» و «الذين» فحينئذ يطرح منه ما طرح من ذلك. ولو جاز هذا البيت لقلت: «هم ضاربو زيدا» وهذا لا يحسن. وزعموا أن بعض العرب قال {واعلموا إنكم غير معجزي الله [التوبة: 3] وهو أبو السمّال} [4] وكان فصيحا.
وقد قرىء هذا الحرف {إنكم لذائقو العذاب الأليم [الصافات: 38] وهو في البيت أمثل لأنه أسقط التنوين لاجتماع الساكنين. وإذا ألحقت النون نصبت لأن الإضافة قد ذهبت، قال} {والمقيمين الصّلوة والمؤتون الزّكوة [النّساء: الآية 162] وقال} والذّكرين الله كثيرا [الأحزاب: الآية 35] قال الشاعر: [الكامل]
__________
للمرزوقي ص 79. وما ينصرف وما لا ينصرف ص 84، والمحتسب 1/ 185، والمصنف 1/ 67.
(1) البيت للأشهب بن رميلة في خزانة الأدب 6/ 7، 25، 28، وشرح شواهد المغني 2/ 517، والكتاب 1/ 187، ولسان العرب (فلج)، (لذا)، والمؤتلف والمختلف ص 33، والمحتسب 1/ 185، ومعجم ما استعجم ص 1028، والمقاصد النحوية 1/ 482، والمقتضب 4/ 146، والمنصف 1/ 67، وللأشهب أو لحريث بن مخفض في الدرر 1/ 148، وبلا نسبة في الأزهية ص 99، وخزانة الأدب 2/ 315، 6/ 133، 8/ 210، والدرر 5/ 131، ورصف المباني ص 342، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 537، وشرح المفصل 3/ 155، ومغني اللبيب 1/ 194، 2/ 552.
(2) عيسى بن عمر: هو أبو عمرو عيسى بن عمر الثقفي النحوي البصري، مولى خالد بن الوليد، توفي سنة 149هـ، صنف «الإكمال في النحو»، «جامع في النحو». (كشف الظنون 5/ 805).
(3) البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص 54، والأغاني 12/ 315، والأشباه والنظائر 6/ 206، وخزانة الأدب 11/ 374، 375، 378، 379، والدرر 6/ 289، والكتاب 1/ 169، ولسان العرب (عتب)، (عسل)، والمقتضب 2/ 313، المصنف 2/ 231، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 659، ورصف المباني ص 359749، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 534، وشرح المفصل 2/ 6، 9/ 34، 35، ومجالس ثعلب ص 149، ومغني اللبيب 2/ 555، وهمع الهوامع 2/ 199.
(4) أبو السمال: هو قعنب بن أبي قعنب العدوي البصري له اختيار في القراءة شاذ عن العامة. (غاية النهاية 2/ 27).(1/71)
67 - النازلون بكلّ معترك ... والطّيبون معاقد الأزر (1)
باب إضافة الزمان إلى الفعل
قال {واتّقوا يوما لّا تجزى نفس عن نّفس شيئا [الآية 48] فنون اليوم لأنه جعل «فيه» مضمرا، وجعله من صفة اليوم كأنه قال: «يوما لا تجزي نفس عن نفس فيه شيئا». وإنما جاز إضمار «فيه» كما جاز إضافته إلى الفعل، تقول: «هذا يوم يفعل زيد». وليس من الأسماء شيء يضاف إلى الفعل غير أسماء الزمان، ولذلك جاز إضمار «فيه». وقال قوم: «إنّما أضمر الهاء»، أراد «لا تجزيه» وجعل هذه الهاء اسما لليوم مفعولا، كما تقول: «رأيت رجلا يحبّ زيد» تريد: «يحبّه زيد». وهو في الكلام يكون مضافا، تقول: «اذكر يوم لا ينفعك شيء» أي: «يوم لا منفعة» وذلك أن أسماء الحين قد تضاف إلى الفعل. قال} {هذا يوم لا ينطقون (35) [المرسلات: الآية 35] أي «يوم لا نطق»، وقد يجوز فيه «هذا يوم لا ينطقون» اذا أضمرت «فيه» وجعلته من صفة «يوم» لأنّ يوما نكرة وقد جعلت الفعل لشيء من سببه وقدمت الفعل. فالفعل يكون كله من صفة النكرة كأنك أجريته على اليوم صفة له إذا كان ساقطا على سببه، وقد قال بعضهم} {هذا يوم لا ينطقون (35) [المرسلات:
الآية 35] وكذلك} {هذا يوم الفصل [الصّافات: الآية 21] وكل ما أشبه هذا فهو مثله.
ولا يضاف إلى الفعل شيء إلا الحين، إلا أنهم قد قالوا: [الوافر]} 68بآية تقدمون الخيل زورا ... كأنّ على سنابكها مداما (2)
وقالوا: [الوافر]
__________
(1) البيت للخرنق بنت بدر بن هفان في ديوانها ص 43، والأشباه والنظائر 6/ 231، وأمالي المرتضى 1/ 205، والإنصاف 2/ 468، وأوضح المسالك 3/ 314، والحماسة البصرية 1/ 227، وخزانة الأدب 5/ 41، 42، 44، والدرر 6/ 14، وسمط اللآلي ص 548، وشرح أبيات سيبويه 2/ 16، وشرح التصريح 2/ 116، والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 64، ولسان العرب (نضر)، والمحتسب 2/ 198، والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72، وأساس البلاغة (أزر)، وبلا نسبة في رصف المباني ص 416، وشرح الأشموني 2/ 399.
(2) البيت للأعشى في خزانة الأدب 6/ 512، 515، ولسان العرب (سلم)، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 250، والدرر 5/ 33، وشرح شواهد المغني 2/ 811، وشرح المفصل 3/ 18، والكتاب 3/ 118، ولسان العرب (أيا)، ومغني اللبيب 1/ 42، 2/ 538، وهمع الهوامع 2/ 51.(1/72)
69 - ألا من مبلغ عنّي تميما ... بآية ما تحبّون الطّعاما (1)
فأضاف «آية» إلى الفعل. وقالوا: «اذهب بذي تسلم» و «بذي تسلمان».
فقوله: «ذي» مضاف إلى «تسلم» كأنه قال: «اذهب بذي سلامتك» وليس يضاف إلى الفعل غير هذا. ولو قلت في الكلام: «واتقوا يوم لا تجزى نفس فيه» فلم تنون اليوم جاز، كأنك أضفت وأنت لا تريد أن تجيء ب «فيه» ثم بدا لك بعد فجئت به، كما تقول: «اليوم آتيك فيه» فنصبت «اليوم» لأنك جئت ب «فيه» بعد ما أوجبت النصب وقال قوم: لا يجوز إضمار «فيه». ألا ترى أنك لا تقول: «هذا رجل قصدت» وأنت تريد «إليه» ولا «رأيت رجلا أرغب» وأنت تريد «فيه» والفرق بينهما أن أسماء الزمان يكون فيها ما لا يكون في غيرها، وإن شئت حملتها على المفعول في السعة كأنك قلت: «واتقوا يوما لا تجزيه نفس» ثم ألقيت الهاء كما تقول: «رأيت رجلا أحبّ» وأنت تريد «أحبه».
باب من التأنيث والتذكير
أما قوله {تجزى نفس عن نّفس شيئا [الآية 48] فهو مثل قولك: «لا تجزي عنك شاة» و «يجزي عنك درهم و «جزى عنك درهم» و «وجزت عنك شاة». فهذه لغة أهل الحجاز لا يهمزون. وبنو تميم يقولون في هذا المعنى: «أجزأت عنه وتجزىء عنه شاة» وقوله «شيئا» كأنه قال: «لا تجزىء الشاة مجزى ولا تغني غناء».
وقوله} {عن نّفس [الآية 48] يقول: «منها» أي: لا تكون مكانها.
وأما قوله} {ولا يقبل منها شفعة [الآية 48] فإنما ذكر الاسم المؤنث لأن كل مؤنث فرقت بينه وبين فعله حسن أن تذكر فعله، إلّا أنّ ذلك يقبح في الأنس وما أشبههم مما يعقل. لأنّ الذي يعقل أشد استحقاقا للفعل. وذلك أن هذا إنما يؤنث ويذكر ليفصل بين معنيين. والموات ك «الأرض» و «الجدار» ليس بينهما معنى كنحو ما بين الرجل والمرأة. فكل ما لا يعقل يشبه بالموات، وما يعقل يشبه بالمرأة والرجل نحو قوله} رأيتهم لى سجدين [يوسف: الآية 4] لما أطاعوا صاروا كمن
__________
(1) البيت ليزيد بن عمرو بن الصعق في خزانة الأدب 6/ 512، 514، 515، 518، 519، 523، 526، والدرر 1/ 92، وشرح أبيات سيبويه 2/ 186، وشرح شواهد المغني 2/ 836، وشرح المفصل 3/ 18، والشعر والشعراء 2/ 640، والكتاب 3/ 118، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 250، ومغني اللبيب 2/ 420، 638، وهمع الهوامع 2/ 151.(1/73)
يعقل، قال {ولو كان بهم خصاصة [الحشر: الآية 9] فذكر الفعل حين فرّق بينه وبين الاسم، وقال} {ولا يؤخذ منكم فدية [الحديد: 15] وتقرأ} {تؤخذ. وقد يقال أيضا ذاك في الأنس، زعموا أنهم يقولون «حضر القاضي امرأة». فأما فعل الجميع فقد يذكّر ويؤنث لأن تأنيث الجميع ليس بتأنيث الفصل، ألا ترى أنك تؤنث جماعة المذكّر فتقول: «هي الرّجال» و «هي القوم»، وتسمي رجلا ب «بعال» فتصرفه لأن هذا تأنيث مثل التذكير، وليس بفصل. ولو سميته ب «عناق» لم تصرفه، لأن هذا تأنيث لا يكون للذكر، وهو فصل ما بين المذكر والمؤنث، تقول: «ذهب الرجل» و «ذهبت المرأة» فتفصل بينهما. وتقول: «ذهب النساء» و «ذهبت النساء» و «ذهب الرجال» و «ذهبت الرجال». وفي كتاب الله:} {كذّبت قوم نوح المرسلين (105) [الشّعراء: الآية 105] و} {كذب به قومك [الأنعام: 21]. قال الشاعر: [الطويل]} 70فما تركت قومي لقومك حيّة ... تقلّب في بحر ولا بلد قفر (1)
وقال {جآءهم البيّنت [آل عمران: الآية 105] و} {وقال نسوة فى المدينة
[يوسف: الآية 30]. وقال الشاعر أشد من ذا وقد أخر الفعل، قال: [المتقارب]} فإمّا تري لمّتى بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها (2)
أراد «أودت بها» مثل فعل المرأة الواحدة يجوز أن يذكر فذكر هذا. وهذا التذكير في الموات أقبح وهو في الأنس أحسن، وذلك أن كل جماعة من غير الأنس فهي مؤنثة تقول: «هي الحمير» ولا تقول «هم». إلا أنهم قد قالوا: «أولئك الحمير»، وذلك أن «أولئك» قد تكون للمؤنث والمذكر تقول: «رأيت أولئك النساء». قال الشاعر: [الكامل]
71 - ذمّى المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأيّام (3)
وأما قوله {وإذ نجّينكم مّن ءال فرعون [الآية 49] و} وإذ فرقنا بكم
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) تقدم البيت مع تخريجه برقم 32.
(3) البيت لجرير في ديوانه ص 990، وفيه: «الأقوام» بدل: «الأيام»، وتخليص الشواهد ص 123، وخزانة الأدب 5/ 430، وشرح التصريح 1/ 128، وشرح شواهد الشافية ص 167، وشرح المفصل 9/ 129، ولسان العرب (أولى)، والمقاصد النحوية 1/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 134، وشرح الأشموني 1/ 63، وشرح ابن عقيل ص 72، والمقتضب 1/ 185.(1/74)
{البحر [الآية 50] وأمكنة كثيرة، فإنما هي على ما قبلها، إنما يقول: «اذكروا نعمتي» و «اذكروا إذ نجّيناكم» و «اذكروا إذ فرقنا بكم البحر» و «اذكروا إذ قلتم يا موسى لن نصبر» وقال بعضهم «فرّقنا».
وقال} {وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة [الآية 51] أي: واعدناه انقضاء أربعين ليلة، أي: رأس الأربعين، كما قال} {وسئل القرية [يوسف: الآية 82] وهذا مثل قولهم «اليوم أربعون يوما منذ خرج» و «اليوم يومان» أي: «اليوم تمام الأربعين» و «تمام يومين».
باب أهل وآل
وقوله} {مّن ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب [الآية 49] وقد قال} {وإذ نجّينكم مّن ءال فرعون [الآية 49] فإنما حدث عما كانوا يلقون منهم.
و} {يسومونكم في موضع رفع وإن شئت جعلته في موضع نصب على الحال كأنه يقول «وإذ نجّيناكم من آل فرعون سائمين لكم» والرفع على الابتداء.
وأما «آل» فإنها تحسن إذا أضيفت إلى اسم خاص نحو: «أتيت آل زيد» و «أهل زيد»، و «أهل مكة» و «آل مكة» و «أهل المدينة» و «آل المدينة». ولو قلت: «أتيت آل الرجل» و «آل المرأة» لم يحسن، ولكن: «أتيت آل الله» وهم زعموا أهل مكة. وليس «آل» بالكثير في أسماء الأرضين وقد سمعنا من يقول ذلك، وإنما هي همزة أبدلت مكان الهاء مثل «هيهات» و «أيهات».
} {وإذ فرقنا بكم البحر فأنجينكم [الآية 50] يقول فرقنا بين الماءين حين مررتم فيه.
وأما قوله} {باتّخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم [الآية 54] فانتصب} {العجل
[الآية 51] لأنه مفعول به، تقول: «عجبت من ضربك زيدا». وقوله} {بارئكم [الآية 54] مهموز لأنه من «برأ الله الخلق» «يبرأ» «برءا». وقد قرأ بعضهم هذه الهمزة بالتخفيف فجعلها بين الهمزة وبين الياء. وقد زعم قوم أنها تجزم ولا أرى ذلك إلا غلطا منهم، سمعوا التخفيف فظنوا أنه مجزوم والتخفيف لا يفهم إلا بمشافهة ولا يعرف في الكتاب. ولا يجوز الإسكان، إلا أن يكون أسكن وجعلها نحو «علم» و «قد ضرب» و «قد سمع» ونحو ذلك. سمعت من العرب من يقول:} {جاءت رسلنا [هود: الآية 69] جزم اللام وذلك لكثرة الحركة. قال الشاعر: [السريع]
} 72وأنت لو باكرت مشمولة ... صهباء مثل الفرس الأشقر (1)
رحت وفي رجليك ما فيهما ... وقد بدا هنك من المئزر
وقال امرؤ القيس (2): [السريع] 73فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل (3)
وقال آخر: [الرجز](1/75)
وأما قوله {باتّخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم [الآية 54] فانتصب} {العجل
[الآية 51] لأنه مفعول به، تقول: «عجبت من ضربك زيدا». وقوله} {بارئكم [الآية 54] مهموز لأنه من «برأ الله الخلق» «يبرأ» «برءا». وقد قرأ بعضهم هذه الهمزة بالتخفيف فجعلها بين الهمزة وبين الياء. وقد زعم قوم أنها تجزم ولا أرى ذلك إلا غلطا منهم، سمعوا التخفيف فظنوا أنه مجزوم والتخفيف لا يفهم إلا بمشافهة ولا يعرف في الكتاب. ولا يجوز الإسكان، إلا أن يكون أسكن وجعلها نحو «علم» و «قد ضرب» و «قد سمع» ونحو ذلك. سمعت من العرب من يقول:} {جاءت رسلنا [هود: الآية 69] جزم اللام وذلك لكثرة الحركة. قال الشاعر: [السريع]
} 72وأنت لو باكرت مشمولة ... صهباء مثل الفرس الأشقر (1)
رحت وفي رجليك ما فيهما ... وقد بدا هنك من المئزر
وقال امرؤ القيس (2): [السريع] 73فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل (3)
وقال آخر: [الرجز]
__________
(1) يروى البيت الأول بلفظ:
فقلت لو باكرت مشمولة ... صفرا كلون الفرس الأشقر
والبيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص 43، والدرر 6/ 221، وشرح التصريح 2/ 293، والمقاصد النحوية 4/ 516، وبلا نسبة في تذكرة النحاة 448، والحماسة البصرية 2/ 368، وشرح الأشموني 3/ 658، ومجالس ثعلب 1/ 110، وهمع الهوامع 2/ 156.
والبيت الثاني للأقيشر الأسدي في ديوانه ص 43، وخزانة الأدب 4/ 484، 485، 8/ 351، والدرر 1/ 174، وشرح أبيات سيبويه 2/ 391، والمقاصد النحوية 4/ 516، وللفرزدق في الشعر والشعراء 1/ 106، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 65، 2/ 31، وتخليص الشواهد ص 63، والخصائص 1/ 74، 3/ 95، 317، ورصف المباني ص 327، وشرح المفصل 1/ 48، والكتاب 4/ 203، ولسان العرب (وأل)، (هنا)، وهمع الهوامع 1/ 54.
(2) امرؤ القيس: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي. أبو وهب أو الحارث، يلقب بالملك الضليل وبذي القروح. ولد سنة 130قبل الهجرة، وأمه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث أخت كليب والمهلهل التغلبيين نشأ في قبيلة كندة وهي أسرة ملوك، وكان حجر والد امرىء القيس ملكا على بني أسد فقتلوه، ولما أتاه نعي أبيه جعل ينتقل بين القبائل مؤلبا الأحلاف للثأر من بني أسد، توفي سنة 80قبل الهجرة.
يقال: امرؤ القيس أول من ورد له نظم من العرب، وعرف بأنه أول من وقف على الأطلال واستوقف، وقيّد الأوابد، وأوّل من سن عمود الشعر الذي جرى عليه الشعراء بعده. (معجم الشعراء الجاهليين ص 3332).
(3) البيت لامرىء القيس في ديوانه ص 122، وإصلاح المنطق ص 245، و 322، والأصمعيات ص 130، وجمهرة اللغة ص 962، وحماسة البحتري ص 36، وخزانة الأدب 4/ 106، 8/ 350، 354، 355، والدرر 1/ 175، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 612، 1176، وشرح شذور الذهب ص 276، وشرح شواهد الإيضاح ص 256، وشرح المفصل 1/ 48، والشعر والشعراء 1/ 122، والكتاب 4/ 204، ولسان العرب (حقب)، (دلك)، (وغل)، والمحتسب 1/ 15، 110، وتاج العروس (وغل) وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 66، والاشتقاق ص 337، وخزانة الأدب 1/ 152، والخصائص 1/ 74، والمقرب 2/ 205، وهمع الهوامع 1/ 54.(1/76)
74 - إنّ بني ثمرة فؤادي (1)
وقال آخر: [الرجز] 75يا علقمة يا علقمة يا علقمه ... خير تميم كلّها وأكرمه (2)
وقال: [الرجز] 76إذا اعوججن قلت صاحب قوّم ... بالدّوّ أمثال السفين العوّم (3)
ويكون «رسلنا» على الإدغام، يدغم اللام في النون ويجعل فيه غنة.
والإسكان في «بارئكم» على البدل لغة الذين قالوا: «أخطيت» وهذا لا يعرف.
باب الفعل
أما قوله {حتّى نرى الله جهرة [الآية 55] فيقول: «جهارا» أي: «عيانا يكشف ما بيننا وبينه» كما تقول: «جهرت الرّكيّة» إذ كان ماؤها قد غطاه الطين فنفّي ذلك حتى يظهر الماء ويصفو.
وأما قوله} {وظلّلنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المنّ والسّلوى [الآية 57] ف «الغمام» واحدته «غمامة» مثل «السّحاب» واحدته «سحابة». وأما «السّلوى» فهو طائر لم يسمع له بواحد، وهو شبيه أن يكون واحده «سلوى» مثل جماعته، كما قالوا: «دفلى» للواحد والجماعة، و «سلامى» للواحد والجماعة، وقد قالوا «سلاميات». وقالوا «حبارى» للواحد، وقالوا للجماعة: «حباريات»، وقال بعضهم للجماعة «حبارى». قال الشاعر: [الطويل]} 77وأشلاء لحم من حبارى يصيدها ... إذا نحن شئنا صاحب متألّف (4)
وقالوا: «شكاعى» للواحد والجماعة، وقال بعضهم للواحد: «شكاعاة».
وقوله {وقولوا حطّة [البقرة: الآية 58] أي: «قولوا»: «لتكن منك حطة لذنوبنا» كما تقول للرجل: «سمعك إليّ». كأنهم قيل لهم: «قولوا»: «يا رب لتكن
__________
(1) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (عوم)، وجمهرة اللغة ص 962، وتاج العروس (عهم)
(4) يروى البيت بلفظ:
} وأشلاء لحمه من حبارى يصيدها ... لنا قانص من بعض ما يتخطّف
والبيت للفرزدق في ديوانه 2/ 26، وجمهرة أشعار العرب ص 879، وشرح المفصل 5/ 90.(1/77)
منك حطّة لذنوبنا». وقد قرئت نصبا على أنه بدل من اللفظ بالفعل. وكل ما كان بدلا من اللفظ بالفعل فهو نصب بذلك الفعل، كأنه قال: «أحطط عنّا حطّة» فصارت بدلا من «حطّ» وهو شبيه بقولهم: «سمع وطاعة»، فمنهم من يقول: «سمعا وطاعة» إذا جعله بدل: «أسمع سمعا وأطيع طاعة». وإذا رفع فكأنه قال: أمري سمع وطاعة». قال الشاعر: [الطويل] 78أنا خوا بأيدي عصبة وسيوفهم ... على أمّهات الهام ضربا شآميا (1)
وقال الآخر: [الوافر] 79تركنا الخيل وهي عليه نوحا ... مقلّدة أعنّتها صفونا (2)
وقال بعضهم: «وهي عليه نوح» جعلها في التشبيه هي النوح لكثرة ما كان ذلك منها كما تقول: «إنّما أنت شرّ» و «إنّما هو حمار» في الشبه، أو تجعل الرفع كأنه قال: «وهي عليه صاحبة نوح»، فألقى الصاحبة وأقام النوح مقامها.
ومثل ذلك قول الخنساء (3): [البسيط]
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) يروى صدر البيت بلفظ:
تركنا الطير عاكفة عليه
والبيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص 72، وتاج العروس (عكف)، ومقاييس اللغة 4/ 109، وجمهرة أشعار العرب 1/ 36، والزاخر 1/ 106، وشرح ديوان امرىء القيس ص 324، وشرح القصائد السبع ص 389، وشرح القصائد العشر ص 333، وشرح المعلقات السبع ص 172، وشرح المعلقات العشر ص 90، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 105.
(3) الخنساء: هي تماضر بنت عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم، عرفت بالخنساء وهي صحابية قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم وأسلمت معهم. والخنساء هي أم العباس بن مرداس وإخوته الثلاثة، كلهم شعراء. كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه شعرها ويستنشدها. وقيل: اتفق أهل العلم أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها، كانت أول أمرها تقول البيتين أو الثلاثة حتى قتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر، فأكثرت في رثائهما، وما زالت ترثي أخاها صخرا وتبكيه حتى عميت. وقيل: حضرت الخنساء حرب القادسية ومعها بنوها الأربعة، فقالت لهم: يا بني أنتم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين فإذا أصبحتم غدا فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، فقاتلوا حتى استشهدوا جميعا، فلما بلغها الخبر قالت: الحمد الله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
قيل: توفيت الخنساء سنة 42هـ. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 134 135).(1/78)
80 - ترتع ما رتعت حتّى إذا ذكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار (1)
ومثله {قالوا معذرة إلى ربكم [الأعراف: 164] كأنهم قالوا: «موعظتنا إياهم معذرة» وقد نصب على: «نعتذر معذرة» وقال} {فأولى لهم [محمّد: الآية 20]} {طاعة وقول مّعروف [محمّد: الآية 21] على قوله} {إذا جاءتهم ذكراهم [محمّد: الآية 18]} {فأولى لهم [محمّد: الآية 20]} {طاعة وقول مّعروف [محمّد: الآية 21] جعل الطاعة مبتدأ فقال} {طاعة وقول مّعروف [محمّد: الآية 21] خير من هذا، أو جعل الطاعة مبتدأ فقال «طاعة وقول معروف خير من هذا». وزعم يونس} [2] أنه قيل لهم «قولوا حطة» أي: تكلموا بهذا الكلام. كأنه فرض عليهم أن يقولوا هذه الكلمة مرفوعة.
وقال {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزا مّن السّماء [الآية 59] وقال} {والرّجز فاهجر (5) [المدّثّر: الآية 5] وقال بعضهم} {الرّجز [المدّثّر: الآية 5]. وذكروا أن «الرجز»: صنم كانوا يعبدونه فأما «الرجز»: فهو: الرجس والرجس: النجس وقال} {إنّما المشركون نجس [التّوبة: الآية 28] و «النجس»: القذر.
وقال} {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا [الآية 60] يكسر الشين بنو تميم، وأما أهل الحجاز فيسكنون} {اثنتا عشرة عينا [الآية 60].
وقوله} {ولا تعثوا فى الأرض مفسدين [البقرة: الآية 60] (60). من «عثي» «يعثى» وقال بعضهم: «يعثو» من «عثوت» ف «أنا أعثو» مثل: «غزوت» ف «أنا أغزو».
باب زيادة «من»
وأما قوله} {يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّآئها [الآية 61] فدخلت فيه (من) كنحو ما تقول في الكلام: «أهل البصرة يأكلون من البرّ والشعير» وتقول:
«ذهبت فأصبت من الطّعام» تريد «شيئا» ولم تذكر الشيء. كذلك} يخرج لنا ممّا
__________
(1) البيت للخنساء في ديوانها ص 383، والأشباه والنظائر 1/ 198، وخزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34، وشرح أبيات سيبويه 1/ 282، والشعر والشعراء 1/ 354، والكتاب 1/ 337، ولسان العرب (رهط)، (قبل)، (سوا)، والمقتضب 4/ 305، والمنصف 1/ 197، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68، وشرح الأشموني 1/ 213، وشرح المفصل 1/ 115، والمحتسب 2/ 43.
(2) يونس: هو يونس بن عبيد تقدمت ترجمته.(1/79)
{تنبت الأرض [الآية 61] شيئا، ولم يذكر الشيء وإن شئت جعلته على قولك: «ما رأيت من أحد» تريد: ما رأيت أحدا، و «هل جاءك من رجل» تريد: هل جاءك رجل. فإن قلت: «إنما يكون هذا في النفي والاستفهام» فقد جاء في غير ذلك، وقال} {ويكفّر عنكم من سيّئاتكم [البقرة: 271] فهذا ليس باستفهام ولا نفي.
وتقول: «زيد من أفضلها» تريد: هو أفضلها، وتقول العرب: «قد كان من حديث فخلّ عنّي حتّى أذهب» يريدون: قد كان حديث. ونظيره قولهم: «هل لك في كذا وكذا» ولا يقولون: «حاجة، و: لا عليك» يريدون: لا بأس عليك.
وأما قوله} {اهبطوا مصرا [الآية 61] وقال} {ادخلوا مصر إن شآء الله
[يوسف: الآية 99] فزعم بعض الناس أنه يعني فيهما جميعا «مصر» بعينها، ولكن ما كان من اسم مؤنث على هذا النحو «هند» و «جمل» فمن العرب من يصرفه ومنهم من لا يصرفه. وقال بعضهم: «أما التي في «يوسف» فيعني بها «مصر» بعينها، والتي في «البقرة» يعني بها مصرا من الأمصار».
وأما قوله} {وبآءو بغضب مّن الله [الآية 61] يقول: «رجعوا به» أي صار عليهم، وتقول «باء بذنبه يبوء بوءا». وقال} {إني اريد أن تبوء بإثمي وإثمك
مثله.
باب من تفسير الهمز
أما قوله} {الله ويقتلون النّبين بغير الحقّ [الآية 61] و} {ويقتلون الأنبياء [آل عمران: الآية 112] كل ذلك جماعة العرب تقوله. ومنهم من يقول «النّباء» أولئك الذين يهمزون «النبىء» فيجعلونه مثل «عريف» و «عرفاء». والذين لم يهمزوه جعلوه مثل بنات الياء فصار مثل «وصيّ» و «أوصياء» ويقولون ايضا: «هم وصيّون». وذلك أن العرب تحوّل الشيء من الهمزة حتى يصير كبنات الياء، يجتمعون على ترك همزة نحو «المنسأة» ولا يكاد أحد يهمزها إلا في القرآن، فإن أكثرهم قرأها بالهمز وبها نقرأ، وهي من «نسأت». وجاء ما كان من «رأيت» على «يفعل» أو «تفعل» أو «نفعل» أو «أفعل» غير مهموز، وذلك أن الحرف الذي كان قبل الهمزة ساكن، فحذفت الهمزة وحرك الحرف الذي قبلها بحركتها كما تقول: «من أبوك». قال} {أفتمرونه على ما يرى (12) [النّجم: الآية 12] وقال} {لترونّ الجحيم (6) [التّكاثر:
الآية 6] وقال} {إني أرى ما ترون [الأنفال: 48] وقال} {إنّا لنراك فى ضلل مّبين
[الأعراف: الآية 60]. وأما قوله} {أرءيت الّذى يكذّب بالدّين (1) [الماعون: الآية 1]
و} {أرءيت إن كان على الهدى (11) [العلق: الآية 11] وما كان من «أرأيت» في هذا المعنى ففيه لغتان، منهم من يهمز ومنهم من يقول «أريت». وإنما يفعل هذا في «أرأيت» هذه التي وضعت للاستفهام لكثرتها. فأما «أرأيت زيدا» إذا أردت «أبصرت زيدا» فلا يتكلم بها إلّا مهموزة أو مخففة. ولا يكاد يقال «أريت» لأنّ تلك كثرت في الكلام فحذفت كما حذفت في «أمانّه ظريف» يريدون: «أما إنّه ظريف» فيحذفون ويقولون أيضا «لهنّك لظريف» يريدون: «إنّك لظريف». ولكن الهمزة حذفت كما حذفوا في قولهم: [البسيط]} 81لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب ... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني (1)
وقال الشاعر: [الكامل] 82أرأيت إن أهلكت مالي كلّه ... وتركت ما لك فيم أنت تلوم (2)
فهمز. وقال الآخر: [المتقارب] 83أريت امرءا كنت لم أبله ... أتاني وقال اتّخذني خليلا (3)
فلم يهمز. وقال: [الكامل] 84يا خاتم النّباء إنّك مرسل ... بالحقّ كلّ هدى السّبيل هداكا (4)(1/80)
الآية 6] وقال {إني أرى ما ترون [الأنفال: 48] وقال} {إنّا لنراك فى ضلل مّبين
[الأعراف: الآية 60]. وأما قوله} {أرءيت الّذى يكذّب بالدّين (1) [الماعون: الآية 1]
و} {أرءيت إن كان على الهدى (11) [العلق: الآية 11] وما كان من «أرأيت» في هذا المعنى ففيه لغتان، منهم من يهمز ومنهم من يقول «أريت». وإنما يفعل هذا في «أرأيت» هذه التي وضعت للاستفهام لكثرتها. فأما «أرأيت زيدا» إذا أردت «أبصرت زيدا» فلا يتكلم بها إلّا مهموزة أو مخففة. ولا يكاد يقال «أريت» لأنّ تلك كثرت في الكلام فحذفت كما حذفت في «أمانّه ظريف» يريدون: «أما إنّه ظريف» فيحذفون ويقولون أيضا «لهنّك لظريف» يريدون: «إنّك لظريف». ولكن الهمزة حذفت كما حذفوا في قولهم: [البسيط]} 81لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب ... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني (1)
وقال الشاعر: [الكامل] 82أرأيت إن أهلكت مالي كلّه ... وتركت ما لك فيم أنت تلوم (2)
فهمز. وقال الآخر: [المتقارب] 83أريت امرءا كنت لم أبله ... أتاني وقال اتّخذني خليلا (3)
فلم يهمز. وقال: [الكامل] 84يا خاتم النّباء إنّك مرسل ... بالحقّ كلّ هدى السّبيل هداكا (4)
__________
(1) البيت لذي الإصبع العدواني في أدب الكاتب ص 513، والأزهية ص 279، وإصلاح المنطق ص 373، والأغاني 3/ 108، وأمالي المرتضى 1/ 252، وجمهرة اللغة ص 596، وخزانة الأدب 7/ 173، 177، 184، 186، والدرر 4/ 143، وسمط اللآلي ص 289، وشرح التصريح 2/ 15، وشرح شواهد المغني 1/ 430، ولسان العرب (فضل)، (دين)، (عنن)، (لوه)، (خزا)، والمؤتلف والمختلف ص 118، ومغني اللبيب 1/ 147، والمقاصد النحوية 3/ 286، ولكعب الغنوي في الأزهية ص 97، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 263، والإنصاف 1/ 394، وأوضح المسالك 3/ 43، والجنى الداني ص 246، وجواهر الأدب ص 323، وخزانة الأدب 10/ 124، والخصائص 2/ 288، ورصف المباني ص 254، وشرح الأشموني 2/ 315، وشرح ابن عقيل ص 364، وشرح المفصل 8/ 53.
(2) البيت للمتوكل بن عبد الله بن نهشل الليثي من شعراء صدر الدولة الأموية في مجاز القرآن 2/ 11.
(3) البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص 53، والأغاني 12/ 315، وخزانة الأدب 1/ 283، 11/ 379، 381، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 37، وشرح شواهد الشافية ص 314.
(4) البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص 95، والكتاب 3/ 460، ولسان العرب (نبأ)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1028، والمقتضب 2/ 210.(1/81)
وأما قوله {بما عصوا [الآية 61] فجعله اسما هنا كالعصيان يريد:
بعصيانهم، فجعل «ما» و «عصوا» اسما.
وقوله} {وإذ أخذنا ميثقكم ورفعنا فوقكم الطّور خذوا ما ءاتينكم بقوّة [الآية 63] فهذا على الكلام الأول. يقول: «اذكروا إذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا» يقول: «فقلنا لكم»: «خذوا». كما تقول: «أوحيت إليه: قم» كأنه يقول:
«أوحيت إليه فقلت له: «قم» وكان في قولك: «أوحيت إليه» دليل على أنّك قد قلت له.
وأما قوله} {ولقد علمتم الّذين اعتدوا منكم فى السّبت [الآية 65] يقول: «ولقد عرفتم» كما تقول: «لقد علمت زيدا ولم أكن أعلمه». وقال} {وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم [الأنفال: الآية 60] يقول: «يعرفهم». وقال} {لا تعلمهم نحن نعلمهم [التّوبة: الآية 101] أي: لا تعرفهم نحن نعرفهم. واذا أردت العلم الآخر قلت: «قد علمت زيدا ظريفا» لأنك تحدث عن ظرفه. فلو قلت: «قد علمت زيدا» لم يكن كلاما.
وأما قوله} {كونوا قردة خسئين [الآية 65] فلأنك تقول: «خسأته» «فخسىء» «يخسأ خسأ شديدا» ف «هو خاسىء» و «هم خاسئون».
وأما قوله} {فجعلنها نكلا [الآية 66] فتكون على القردة، وتكون على العقوبة التي نزلت بهم فلذلك أنّثت.
وأما قوله} {أتتّخذنا هزوا [الآية 67] فمن العرب والقراء من يثقله، ومنهم من يخففه وزعم عيسى بن عمر} [1] أنّ كلّ اسم على ثلاثة أحرف أوّله مضموم فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه نحو: «اليسر» و «اليسر»، و «العسر» و «العسر»، و «الرحم» و «الرحم». وقال بعضهم {عذرا [المرسلات: الآية 6] خفيفة} {أو نذرا
[المرسلات: الآية 6] مثقلة، وهي كثيرة وبها نقرأ. وهذه اللغة التي ذكرها عيسى بن عمر تحرك أيضا ثانية بالضم.
وأما قوله} إنّها بقرة لّا فارض ولا بكر عوان [الآية 68] فارتفع ولم يصر نصبا كما ينتصب النفي لأن هذه صفة في المعنى للبقرة. والنفي المنصوب لا يكون صفة من صفتها، إنما هو اسم مبتدأ وخبره مضمر، وهذا مثل قولك:
__________
(1) عيسى بن عمر: تقدمت ترجمته.(1/82)
«عبد الله لا قائم ولا قاعد» أدخلت «لا» للمعنى وتركت الإعراب على حاله لو لم يكن فيه «لا».
وأما قوله {بقرة صفراء فاقع [الآية 69] ف «الفاقع»: الشديد الصفرة.
ويقال: «أبيض يقق»: أي: شديد البياض، و «لهاق» و «لهق» و «لهاق»، و «أخضر ناضر» و «أحمر قانىء» و «ناصع» و «فاقم». ويقال: «قد قنأت لحيته» ف «هي» «تقنأ قنوءا» أي: احمرت. قال الشاعر: [الكامل]} 85كما ... قنأت أنامل صاحب الكرم (1)
و «قاطف الكرم».
وقال آخر: [الكامل] 86من خمرّ ذي نطف أغنّ كأنّما ... قنأت أنامله من الفرصاد (2)
وأما قوله {إنّ البقر تشبه علينا [الآية 70] فجعل «البقر» مذكرا مثل «التمر» و «البسر» كما تقول: «إنّ زيدا تكلم يا فتى» وإن شئت قلت (يشّابه) وهي قراءة مجاهد. ذكّر «البقر» يريد «يتشابه» ثم أدغم التاء في الشين. ومن أنّث «البقر» قال «تشّابه» فأدغم، وإن شاء حذف التاء الآخرة ورفع كما تقول «إنّ هذه تكلّم يا فتى» لأنها في «تتشابه» إحداهما تاء «تفعل» والأخرى التي في «تشابهت» فهو في التأنيث معناه «تفعل». وفي التذكير معناه «فعل» و «فعل» أبدا مفتوح كما ذكرت لك والتاء محذوفة إذا أردت التأنيث لأنك تريد «تشابهت» ف «هي» «تتشابه» وكذلك كل ما كان من نحو «البقر» ليس بين الواحد والجماعة فيه إلا الهاء، فمن العرب من يذكره ومنهم من يؤنثه، ومنهم من يقول: «هي البرّ والشعير» وقال:} {والنّخل باسقت لّها طلع نّضيد (10) [ق: الآية 10] فأنث على تلك اللغة وقال «باسقات» فجمع لأن المعنى جماعة. وقال الله جل ثناؤه} {ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه
__________
(1) الشطر لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) يروى صدر البيت بلفظ:
} يسعى بها ذو تومتين مشمّر
والبيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص 29، ولسان العرب (قنأ)، (فرصد)، والتنبيه والإيضاح 1/ 26، 2/ 44، وتاج العروس (قنأ)، (فرصد)، وديوان المعاني 1/ 254، وكتاب الصناعتين ص 201، وشرح اختيارات المفضل ص 976، وأساس البلاغة (قنأ)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1102، والمخصص 4/ 43.(1/83)
[النور: 43] فذكر في لغة من يذكر وقال {وو ينشئ السّحاب الثّقال [الرعد: 12] فجمع على المعنى لأن المعنى معنى سحابات. وقال} {ومنهم مّن ينظر إليك
[يونس: الآية 43] وقال} {ومنهم مّن يستمعون إليك [يونس: الآية 42] على المعنى واللفظ.
وقد قال بعضهم:} {إن الباقر مثل «الجامل» يعني «البقر» و «الجمال» قال الشاعر: [الكامل]} 87ما لي رأيتك بعد أهلك موحشا ... خلقا كحوض الباقر المتهدّم (1)
وقال: [الطويل] 88فإن تك ذا شاء كثير فإنّهم ... ذوو جامل لا يهدأ اللّيل سامره (2)
وأما قوله {إنّها بقرة لّا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث [الآية 71]} {مسلمة «مسلمة» على «إنّها بقرة مسلّمة».
} {لّا شية فيها [الآية 71] يقول: «لا وشي فيها» من «وشيت شية» كما تقول: «وديته دية» و «وعدته عدة».
وإذا استأنفت} {ألآن [الآية 71] قطعت الألفين جميعا لأن الألف الأولى مثل ألف «الرّجل» وتلك تقطع إذا استؤنفت، والأخرى همزة ثابتة تقول «ألآن» فتقطع ألف الوصل، ومنهم من يذهبها ويثبت الواو التي في} {قالوا [الآية 11] لأنّه إنّما كان يذهبها لسكون اللام، واللام قد تحرّكت لأنّه قد حوّل عليها حركة الهمزة.
وأما قوله} {وإذ قتلتم نفسا فادّرءتم فيها [الآية 72] فإنما هي «فتدارأتم» ولكن التاء تدغم أحيانا كذا في الدال لأن مخرجها من مخرجها. فلما أدغمت فيها حوّلت فجعلت دالا مثلها، وسكّنت فجعلوا ألفا قبلها حتى يصلوا إلى الكلام بها كما قالوا: «اضرب» فألحقوا الألف حين سكنت الضاد. ألا ترى أنك إذا استأنفت قلت «ادّارأتم» ومثلها} {يذّكّرون [الأنعام: الآية 126] و} تذّكّرون
__________
(1) البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص 97، والأغاني 17/ 53، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 322.
(2) البيت للحطيئة في ديوانه ص 25، وخزانة الأدب 8/ 3، 4، ولسان العرب (جمل)، وبلا نسبة في شرح المفصل 5/ 78.(1/84)
و {أفلم يدّبّروا القول [المؤمنون: الآية 68] ومثله في القرآن كثير. وإنما هو «يتدبّرون» فأدغمت التاء في الدال لأن التاء قريبة المخرج من الدال، مخرج الدال بطرف اللسان وأطراف الثنيتين ومخرج التاء بطرف اللسان وأصول الثنيتين. فكل ما قرب مخرجه فافعل به هذا ولا تقل في «يتزّلون»: «يتنزّلون» لأن النون ليست من حروف الثنايا كالتاء.
وقال} {فهى كالحجارة أو أشدّ قسوة [الآية 74] وليس قوله:} {أو أشدّ [الآية 74] كقولك: «هو زيد أو عمرو» إنّما هذه} {أو [الآية 19] التي في معنى الواو، نحو قولك: «نحن نأكل البرّ أو الشعير أو الأرزّ، كلّ هذا نأكل» ف} {أشدّ [الآية 74] ترفع على خبر المبتدأ. وإنما هو «وهي أشدّ قسوة» وقال بعضهم} {فهى كالحجارة
[الآية 74] فأسكن الهاء وبعضهم يكسرها. وذلك أن لغة العرب في «هي» و «هو» ولام الأمر إذا كان قبلهن واو أو فاء أسكنوا أوائلهن. ومنهم من يدعها. قال} {وهو الله لا إله إلّا هو [القصص: الآية 70] وقال} {وهو العزيز الحكيم [إبراهيم: الآية 4]. وقال} {وليتوبوا وقف وكسر. وقال} {فليعبدوا [قريش: الآية 3]. وقف وكسر.
باب إنّ وأنّ
قال} {وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهر وإنّ منها لما يشّقّق فيخرج منه الماء وإنّ منها لما يهبط [الآية 74] فهذه اللام لام التوكيد وهي منصوبة تقع على الاسم الذي تقع عليه «إنّ» إذا كان بينها وبين «إنّ» حشو نحو هذا. وهو مثل: «إنّ في الدار لزيدا». وتقع أيضا في خبر «إنّ» وتصرف «إنّ» إلى الابتداء، تقول: «أشهد إنّه لظريف». قال الله عزّ وجل} {والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون [المنافقون: 1] وقال} {أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور (9) وحصّل ما فى الصّدور (10) إنّ ربّهم بهم يومئذ لّخبير (11) [العاديات: 119] وهذا لو لم تكن فيه اللام كان «أنّ ربّهم» لأن «أنّ» الثقيلة إذا كانت هي وما عملت فيه بمنزلة «ذاك» أو بمنزلة اسم فهي أبدا «أنّ» مفتوحة. وإن لم يحسن مكانها وما عملت فيه اسم فهي «إنّ» على الابتداء. ألا ترى إلى قوله} {اذكروا نعمتى الّتى أنعمت عليكم وأنّى فضّلتكم على العلمين [البقرة: 47] يقول: «اذكروا هذا» وقال} {فلولا أنّه كان من المسبّحين (143) للبث لأنه يحسن في مكانه «لولا ذاك» وكل ما حسن فيه «ذاك» أن تجعله مكان «أنّ» وما عملت فيه فهو «أنّ». وإذا قلت} {يعلم إنّك لرسوله [المنافقون: الآية 1] لم
يحسن أن تقول: «يعلم لذالك». فإن قلت: «اطرح اللام أيضا وقل «يعلم ذاك»، فاللام ليست مما عملت فيه «إنّ». وأما قوله} إلّا إنّهم ليأكلون الطّعام [الفرقان:(1/85)
قال {وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهر وإنّ منها لما يشّقّق فيخرج منه الماء وإنّ منها لما يهبط [الآية 74] فهذه اللام لام التوكيد وهي منصوبة تقع على الاسم الذي تقع عليه «إنّ» إذا كان بينها وبين «إنّ» حشو نحو هذا. وهو مثل: «إنّ في الدار لزيدا». وتقع أيضا في خبر «إنّ» وتصرف «إنّ» إلى الابتداء، تقول: «أشهد إنّه لظريف». قال الله عزّ وجل} {والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون [المنافقون: 1] وقال} {أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور (9) وحصّل ما فى الصّدور (10) إنّ ربّهم بهم يومئذ لّخبير (11) [العاديات: 119] وهذا لو لم تكن فيه اللام كان «أنّ ربّهم» لأن «أنّ» الثقيلة إذا كانت هي وما عملت فيه بمنزلة «ذاك» أو بمنزلة اسم فهي أبدا «أنّ» مفتوحة. وإن لم يحسن مكانها وما عملت فيه اسم فهي «إنّ» على الابتداء. ألا ترى إلى قوله} {اذكروا نعمتى الّتى أنعمت عليكم وأنّى فضّلتكم على العلمين [البقرة: 47] يقول: «اذكروا هذا» وقال} {فلولا أنّه كان من المسبّحين (143) للبث لأنه يحسن في مكانه «لولا ذاك» وكل ما حسن فيه «ذاك» أن تجعله مكان «أنّ» وما عملت فيه فهو «أنّ». وإذا قلت} {يعلم إنّك لرسوله [المنافقون: الآية 1] لم
يحسن أن تقول: «يعلم لذالك». فإن قلت: «اطرح اللام أيضا وقل «يعلم ذاك»، فاللام ليست مما عملت فيه «إنّ». وأما قوله} {إلّا إنّهم ليأكلون الطّعام [الفرقان:
الآية 20] فلم تنكسر هذه من أجل اللام ولو لم تكن فيها لكانت «إنّ» أيضا لأنّه لا يحسن أن تقول: «ما أرسلنا قبلك إلّا ذاك» و «ذاك» هو القصة. قال الشاعر:
[المنسرح]
} 89ما أعطياني ولا سألتهما ... إلّا وإني لحاجزي كرمي (1)
فلو ألقيت من هذه اللام أيضا لكانت «أن». وقال {ذلكم فذوقوه وأنّ للكفرين عذاب النّار [الأنفال: 14] كأنه قال: «ذاك الأمر» وهذا قوله} {وأنّ للكفرين عذاب النّار [الأنفال: الآية 14] تقع في مكانه «هذا». وقال} {ذلكم وأنّ الله موهن كيد الكفرين [الأنفال: 18] كأنه على جواب من قال: «ما الأمر»؟ أو نحو ذلك فيقول للذين يسألون: «ذلكم» كأنه قال: «ذلكم الأمر وأنّ الله موهن كيد الكافرين» فحسن أن يقول: «ذلكم» و «هذا». وتضمر الخبر أو تجعله خبر مضمر.
وقال} {إنّ لك ألّا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنّك لا تظمؤا فيها ولا تضحى
[طه: 119118] لأنه يجوز أن تقول: «إنّ لك ذاك» و «هذا» وهذه الثلاثة الأحرف يجوز فيها كسر «إنّ» على الابتداء.} {فنادته الملئكة وهو قائم يصلّى فى المحراب أنّ الله يبشّرك [آل عمران: 39] فيجوز أن تقول: «فنادته الملائكة بذاك» وإن شئت رفعته على الحكاية كأنه يقول: «فنادته الملائكة فقالت: «إنّ الله يبشّرك» لأنّ كلّ شيء بعد القول حكاية، تقول: قلت: «عبد الله منطلق» وقلت: «إنّ عبد الله زيدا منطلق» إلّا في لغة من أعمل القول من العرب كعمل الظن فذاك ينبغي له أن يفتح «أنّ».
وقال} أن هذه امتكم أمة واحدة [الأنبياء: 92والمؤمنون: 52] فيزعمون أنّ هذا «ولأنّ هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون» يقول: «فاتّقون لأنّ هذه أمّتكم» وهذا يحسن فيه كذاك، فإن قلت: «كيف تلحق اللام ولم تكن في الكلام». فإن طرح اللام وأشباهها من حروف الجرّ من «أنّ» حسن، ألا تراه
__________
(1) البيت لكثيّر عزة في ديوانه ص 273، وتخليص الشواهد ص 344، والكتاب 3/ 145، والمقاصد النحوية 2/ 308، وبلا نسبة في الدرر 4/ 13، وشرح الأشموني 1/ 138، وشرح ابن عقيل ص 180، وشرح عمدة الحافظ ص 227، والمقتضب 2/ 346، وهمع الهوامع 1/ 246.(1/86)
يقول «أشهد أنّك صادق» وإنّما هو «أشهد على ذلك».
وقال {وأنّ المسجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) [الجنّ: الآية 18] يقول:
«فلا تدعوا مع الله أحدا لأنّ المساجد لله»، وفي هذا الإعراب ضعف، لأنه عمل فيه ما بعده، أضافه إليه بحرف الجر. ولو قلت «أنّك صالح بلغني» لم يجز، وإن جاز في ذلك. لأنّ حرف الجر لما تقدم ضميره قوي. وقد قرىء مكسورا. وقال بعضهم: «إنّما هذا على} {أوحى إلىّ أنّه استمع نفر مّن الجنّ [الجن: 1] و «أوحي إليّ أنّ المساجد لله» و «أوحي إلىّ أنه لما قام عبد الله». وقد قرىء} {وأنّه تعلى جدّ ربّنا [الجنّ: الآية 3] ففتح كل «أن» يجوز فيه على الوحي. وقال بعضهم} {وإنه تعالى جد ربنا فكسروها من قول الجن. فلما صار بعد القول صار حكاية وكذاك ما بعده مما هو من كلام الجن.
وأما «إنّما» فإذا حسن مكانها «أنّ» فتحتها، وإذا لم تحسن كسرتها. قال} {إنّما أنا بشر مّثلكم يوحى إلىّ أنّما إلهكم إله واحد [فصلت: 6] فالآخرة يحسن مكانها «أنّ» فتقول: يوحى إليّ أنّ إلهكم إله واحد». قال الشاعر: [الطويل]
} 90أراني ولا كفران لله إنّما ... أواخي من الأقوام كلّ بخيل (1)
لأنّه لا يحسن ها هنا «أنّ» فلو قلت: «أراني أنما أواخي من الأقوام» لم يحسن. وقال: [الخفيف] 91أبلغ الحارث بن ظالم المو ... عد والناذر النّذور عليّا (2)
أنّما تقتل النّيام، ولا تق ... تل يقظان ذا سلاح كميّا
فحسن أن تقول: «أنّك تقتل النّيام». وأمّا قوله عز وجل {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظما أنّكم مّخرجون (35) [المؤمنون: الآية 35] فالآخرة بدل من الأولى.
وأمّا «إن» الخفيفة فتكون في معنى «ما» كقول الله عز وجل} {إن الكفرون إلّا فى غرور [الملك: 20] أي: ما الكافرون. وقال} إن كان للرّحمن ولد [الزخرف:
__________
(1) البيت لكثيّر عزة في ديوانه ص 508، وشرح المفصل 8/ 55، والكتاب 3/ 131، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 338والدرر 4/ 24، وهمع الهوامع 1/ 247.
(2) البيتان لعمرو بن الإطنابة في شرح أبيات سيبويه 2/ 191، والكتاب 3/ 129، وبلا نسبة في الاشتقاق ص 453، وشرح المفصل 8/ 56.(1/87)
الآية 81] أي: ما كان للرحمن ولد {فأنا أوّل العبدين [الزّخرف: الآية 81] من هذه الأمة للرّحمن، بنفي الولد عنه. أي: أنا أوّل العابدين بأنّه ليس للرحمن ولد. وقال بعضهم} {فأنا أول العبدين يقول: «أنا أوّل من يغضب من ادّعائكم لله ولدا» ويقول: «عبد» «يعبد» «عبدا» أي: غضب.
وقال} {وتظنّون إن لّبثتم إلّا قليلا [الإسراء: الآية 52] فهي مكسورة أبدا إذا كانت في معنى «ما» وكذلك} {ولقد مكّنّهم فيما إن مّكّنّكم فيه [الأحقاف: 26] ف «إن» بمنزلة «ما»، و «ما» التي قبلها بمنزلة «الذي». ويكون للمجازاة نحو قوله} {وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه [البقرة: الآية 284]} {وإن تعفوا وتصفحوا
[التّغابن: الآية 14]. وتزاد «إن» مع «ما»، يقولون: «ما إن كان كذا وكذا» أي: «ما كان كذا وكذا»، و: «ما إن هذا زيد». ولكنها تغير «ما» «فلا ينصب بها الخبر.
وقال الشاعر: [الوافر]} 92وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا وطعمة آخرينا (1)
وتكون خفيفة في معنى الثقيلة وهي مكسورة ولا تكون إلا وفي خبرها اللام، يقولون: «إن زيد لمنطلق» ولا يقولونه بغير لام مخافة أن تلتبس بالتي معناها «ما». وقد زعموا أن بعضهم يقول: «إن زيدا لمنطلق» يعملها على المعنى وهي مثل {إن كلّ نفس لّمّا عليها حافظ (4) [الطّارق: الآية 4] يقرأ بالنصب والرفع و «ما» زيادة للتوكيد، واللام زيادة للتوكيد وهي التي في قوله} {وإن كان أصحب الأيكة لظلمين [الحجر: 78] ولكنها إنما وقعت على الفعل حين خففت كما تقع «لكن» على الفعل إذا خففت. ألا ترى أنك تقول: «لكن قد قال ذاك زيد». ولم يعرّوها من اللام في قوله} {وإن كان أصحب الأيكة لظلمين (78) [الحجر: الآية 78] وعلى هذه اللغة فيما نرى والله أعلم} {إن هذن لسحرن [طه: الآية 63] وقد شددها قوم فقالوا} إن هذن [طه: الآية 63] وهذا لا يكاد يعرف إلا أنهم يزعمون
__________
(1) البيت لفروة بن مسيك في الأزهية ص 51، والجنى الداني ص 327، وخزانة الأدب 4/ 112، 115، والدرر 2/ 100، وشرح أبيات سيبويه 2/ 106، وشرح شواهد المغني 1/ 81، ولسان العرب (طيب)، ومعجم ما استعجم ص 650، وللكميت في شرح المفصل 8/ 129، وللكميت أو لفروة في تخليص الشواهد ص 278، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 207، وخزانة الأدب 11/ 141، والخصائص 3/ 108، ورصف المباني ص 110، 311، وشرح المفصل 5/ 120، 8/ 113، والكتاب 3/ 153، والمحتسب 1/ 92، ومغني اللبيب 1/ 25، والمقتضب 1/ 51، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 123.(1/88)
أن بلحارث بن كعب يجعلون الياء في أشباه هذا ألفا فيقولون: «رأيت أخواك» و «رأيت الرجلان» و «أوضعته علاه» و «ذهبت إلاه» فزعموا أنه على هذه اللغة بالتثقيل تقرأ. وزعم أبو زيد (1) أنه سمع أعرابيا فصيحا من بلحارث تقول: «ضربت يداه» و «وضعته علاه» يريد: يديه وعليه. وقال بعضهم {إن هذين لساحران
وذلك خلاف الكتاب. قال الشاعر: [الرجز]} 93طاروا عليهن فشل علاها ... واشدد بمثنى حقب حقواها
ناجية وناجيا أباها (2)
وأمّا «أن» الخفيفة فتكون زائدة مع «فلمّا» و «لمّا» قال {فلمّا أن جاء البشير
[يوسف: الآية 96] وإنما هي «فلمّا جاء البشير» وقال} {ولمّا أن جاءت رسلنا
[العنكبوت: الآية 33] يقول «ولمّا جاءت» وتزاد أيضا مع «لو» يقولون: «أن لو جئتني كان خيرا لك» يقول «لو جئتني». وتكون في معنى «أي» قال} {وانطلق الملا منهم أن امشوا [ص: 6] يقول «أي امشوا». وتكون خفيفة في معنى الثقيلة في مثل قوله} {أن الحمد لله [يونس: الآية 10] و} {أن لعنة الله عليه [النور: 7] على قولك «أنه لعنة الله» و «أنه الحمد لله». وهذه بمنزلة قوله} {أفلا يرون ألّا يرجع إليهم قولا [طه: 89] و} {وحسبوا ألّا تكون فتنة [المائدة: 71] ولكن هذه إذا خففت وهي إلى جنب الفعل لم يحسن إلا أن معها «لا» حتى تكون عوضا من ذهاب التثقيل والإضمار.
ولا تعوض «لا» في قوله} {أن الحمد لله [يونس: الآية 10] لأنها لا تكون، وهي خفيفة، عاملة في الاسم. وعوّضتها «لا» إذا كانت مع الفعل لأنهم أرادوا أن يبيّنوا أنها لا تعمل في هذا المكان وأنها ثقيلة في المعنى. وتكون «أن» الخفيفة تعمل في الفعل وتكون هي والفعل اسما للمصدر، نحو قوله} {على أن نّسوّى بنانه
[القيامة: الآية 4] إنما هي «على تسوية بنانه».
__________
(1) أبو زيد: هو سعيد بن أوس الأنصاري، تقدمت ترجمته.
(2) يروى الرجز بلفظ:
} نادية وناديا أباها ... طاروا علاهنّ فطر علاها
والرجز لرؤبة في ديوانه ص 168، وله أو لأبي النجم، أو لبعض أهل اليمن في المقاصد النحوية 1/ 133، ولبعض أهل اليمن في خزانة الأدب 7/ 133، وشرح شواهد المغني 1/ 128، وبلا نسبة في لسان العرب (طير)، (علا)، (نجا)، وخزانة الأدب 4/ 105، والخصائص 2/ 269، وشرح شواهد الشافية ص 255، وشرح المفصّل 3/ 34، 129، وتاج العروس (قلص).(1/89)
باب من الاستثناء
{ومنهم أمّيّون لا يعلمون الكتب إلّا أمانىّ [الآية: 78] منصوبة لأنه مستثنى ليس من أول الكلام، وهذا الذي يجيء في معنى «لكن» خارجا من أول الكلام إنما يريد «لكن أمانيّ» و «لكنّهم يتمنّون». وإنما فسرناه ب «لكن» لنبين خروجه من الأول. ألا ترى أنك إذا ذكرت «لكن» وجدت الكلام منقطعا من أوله، ومثل ذلك في القرآن كثير منه قوله عز وجل} {وما لأحد عنده من نّعمة تجزى (19) [الليل: 19]} {إلّا ابتغاء وجه ربّه [الليل: الآية 20] وقال} {ما لهم به من علم إلّا اتّباع الظّنّ [النّساء: الآية 157] وقال} {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقيّة ينهون عن الفساد في الأرض إلّا قليلا [هود: 116] يقول: «فهلّا كان منهم من ينهى» ثم قال: «ولكن قليلا منهم من ينهى» ثم قال «ولكن قليل منهم قد نهوا»، فلما جاء مستثنى خارجا من الأول انتصب.
ومثله} {فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمنها إلّا قوم يونس [يونس: الآية 98] يقول «فهلا كانت» ثم قال: «ولكنّ قوم يونس» ف «إلا» تجيء في معنى «لكنّ». وإذا عرفت أنها في معنى «لكن» فينبغي أن تعرف خروجها من أوله. وقد يكون} {إلّا قوم يونس [يونس: الآية 98] رفعا، تجعل «إلّا» وما بعده في موضع صفة بمنزلة «غير» كأنه قال: «فهلا كانت قرية آمنت غير قرية قوم يونس» ومثلها} {لو كان فيهما ءالهة إلّا الله لفسدتا [الأنبياء: الآية 22] فقوله} {إلّا الله [البقرة: الآية 83] صفة ولولا ذلك لانتصب لأنه مستثنى مقدم يجوز إلقاؤه من الكلام. وكل مستثنى مقدم يجوز إلقاؤه من الكلام نصب، وهذا قد يجوز إلقاؤه فلو قلت: «لو كان فيهما آلهة لفسدتا» جاز، فقد يجوز فيه النصب ويكون مثل قوله: «ما مرّ بي أحد إلّا زيدا مثلك». قال الشاعر فيما هو صفة: [الطويل]} 94أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلّا بغامها (1)
وقال: [الوافر]
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه ص 1004، وخزانة الأدب 3/ 418، 420، والدرر 3/ 168، وشرح شواهد الإيضاح ص 242، والكتاب 2/ 332، ولسان العرب (بلد)، و (بغم)، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 234، وشرح شواهد المغني 1/ 218، 394، وهمع الهوامع 1/ 229، وكتاب العين 8/ 42.(1/90)
95 - وكلّ أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان (1)
ومثل المنصوب الذي في معنى «لكن» قول الله عز وجل {وإن نّشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) [يس: الآية 43]} {إلّا رحمة مّنّا [يس: الآية 44] وهو في الشعر كثير وفي الكلام. قال الفرزدق} [2]: [الطويل] 96وما سجنوني غير أني ابن غالب ... وأني من الأثرين غير الزعانف (3)
يقول: «ولكنّني»، وهو مثل قولهم: «ما فيها أحد إلا حمارا» لما كان ليس من أول الكلام جعل على معنى «لكنّ» ومثله: [الخفيف] 97ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلا وضرب الرقاب (4)
وقوله: [الطويل] 98حلفت يمينا غير ذي مثنويّة ... ولا علم إلّا حسن ظنّ بغايب (5)
__________
(1) البيت لعمرو بن معديكرب في ديوانه ص 178، والكتاب 2/ 334، ولسان العرب (ألا)، والممتع في التصريف 1/ 51، ولحضرمي بن عامر في تذكرة النحاة ص 90، وحماسة البحتري ص 151، والحماسة البصرية 2/ 418، وشرح أبيات سيبويه 2/ 46، والمؤتلف والمختلف ص 85، ولعمرو أو لحضرمي في خزانة الأدب 3/ 421، والدرر 3/ 170، وشرح شواهد المغني 1/ 216، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 180، وأمالي المرتضى 2/ 88، والإنصاف 1/ 268، والجنى الداني ص 519، وخزانة الأدب 9/ 321، ورصف المباني ص 92، وشرح الأشموني 1/ 234، وشرح المفصل 2/ 89، والعقد الفريد 3/ 107، 133، وفصل المقال ص 257، ومغني اللبيب 1/ 72، والمقتضب 4/ 409، وهمع الهوامع 1/ 229.
(2) الفرزدق: هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة، شاعر تميم المشهور، يكنى أبا فراس وأبا الأخطل، والفرزدق لقب غلب عليه، توفي سنة 112هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 360359).
(3) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 10، والأزهية ص 181، وشرح أبيات سيبويه 2/ 102، والكتاب 2/ 327.
(4) البيت لعمرو (أو عمير) بن الأيهم في حماسة البحتري ص 32، وسمط اللآلي 184، وشرح أبيات سيبويه 2/ 37، والكتاب 2/ 323، ومعجم الشعراء ص 242، وبلا نسبة في شرح المفصل 2/ 80، والمقتضب 4/ 413.
(5) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 41، وخزانة الأدب 3/ 323، 330، 6/ 289، وشرح أبيات سيبويه 2/ 51، والكتاب 2/ 322، واللمع في العربية ص 151، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 228.(1/91)
و «بصاحب».
باب الجمع
وأمّا تثقيل «الأمانيّ» فلأن واحدها «أمنيّة» مثقّل. وكلّ ما كان واحده مثقلا مثل: «بختيّة» و «بخاتيّ» فهو مثقّل. وقد قرأ بعضهم {إلّا أماني [الآية 78] فخفف وذلك جائز لأن الجمع على غير واحده ونيقص منه ويزاد فيه. فأما «الأثافي» فكلّهم يخفّفها وواحدها «أثفيّة» مثقّلة وإنما خففوها لأنهم يستعملونها في الكلام والشعر كثيرا، وتثقيلها في القياس جائز. ومثل تخفيف «الأماني» قولهم:
«مفتاح» و «مفاتح» وفي «معطاء» «معاط». قال الأخفش} [1]: «قد سمعت بلعنبر تقول: «صحاري» و «معاطي» فتثقل.
وقوله {وإن هم إلّا يظنّون [الآية 78] أي: «فما هم إلّا يظنّون».
} {فويل لّلّذين يكتبون الكتب [الآية 79] يرفع «الويل» لأنه اسم مبتدأ جعل ما بعده خبره. وكذلك «الويح» و «الويل» و «الويس» إذا كانت بعدهنّ هذه اللام ترفعهن. وأما «التعس» و «البعد» وما أشبههما فهو نصب أبدا، وذلك أنّ كل ما كان من هذا النحو تحسن إضافته بغير لام فهو رفع باللام ونصب بغير لام نحو} {ويل لّلمطفّفين (1) [المطفّفين: الآية 1] و «ويل لزيد» ولو ألقيت اللام قلت: «ويل زيد» و «ويح زيد» و «ويس زيد»، فقد حسنت إضافته بغير لام فلذلك رفعته باللام مثل} {ويل يومئذ لّلمكذّبين (15) [المرسلات: الآية 15].
وأما قوله} {ألا بعدا لّمدين [هود: الآية 95] و} {ألا بعدا لّثمود [هود: الآية 68] و} الذين كفروا فتعسا لهم [محمد: 8] فهذا لا تحسن إضافته بغير لام. ولو قلت: «تعسهم» أو «بعدهم» لم يحسن. وانتصاب هذا كله بالفعل، كأنك قلت: «أتعسهم الله تعسا» و «أبعدهم الله بعدا». وإذا قلت: «ويل زيد» فكأنك قلت «ألزمه الله الويل». وأما رفعك إياه باللام فإنما كان لأنك جعلت ذلك واقعا واجبا لهم في الاستحقاق. ورفعه على الابتداء، وما بعده مبني عليه، وقد ينصبه قوم على ضمير الفعل وهو قياس حسن، فيقولون: «ويلا لزيد» و «ويحا لزيد».
__________
(1) الأخفش: هو الأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد الذي نقل عنه سيبويه اللغات. انظر ترجمته في: مراتب النحويين ص 32، وطبقات اللغويين 40، ونزهة الألبا، ص 280، وإنباه الرواة 2/ 57، وبغية الوعاة ص 296.(1/92)
قال الشاعر: [الطويل] 99كسا اللّؤم تيما خضرة في جلودها ... فويلا لتيم من سرابيلها الخضر (1)
قال الأخفش: «حدثني عيسى بن عمر أنه سمع الأعراب ينشدونه هكذا بالنصب، ومنهم من يرفع ما ينصب في هذا الباب». قال أبو زبيد (2): [الطويل] 100أغار وأقوى ذات يوم وخيبة ... لأوّل من يلقى غي ميسّر (3)
باب اللام
وقوله {ليشتروا به ثمنا قليلا [الآية 79] فهذه اللام إذا كانت في معنى «كي» كان ما بعدها نصبا على ضمير «أن»، وكذلك المنتصب ب «كي» هو أيضا على ضمير «أن» كأنه يقول: «الاشتراء»، ف «يشتروا» لا يكون اسما إلا ب «أن»، ف «أن» مضمرة وهي الناصبة وهي في موضع جر باللام. وكذلك} {كى لا يكون دولة
[الحشر: الآية 7] «أن» مضمرة وقد جرتها «كي» وقالوا: «كيمه» ف «مه» اسم لأنه «ما» التي في الاستفهام وأضاف «كي» إليها.
وقد تكون «كي» بمنزلة «أن» هي الناصبة وذلك قوله} {لّكيلا تأسوا
[الحديد: الآية 23] فأوقع عليها اللام. ولو لم تكن «كي» وما بعدها اسما لم تقع عليها اللام وكذلك ما انتصب بعد «حتّى» إنّما انتصب بضمر «أن» قال} {حتّى يأتى وعد الله [الرّعد: الآية 31] و} حتّى تتّبع ملّتهم [البقرة: الآية 120] إنّما هو «حتّى أن
__________
(1) البيت لجرير في ديوانه ص 596، وشرح أبيات سيبويه 1/ 151، 230، وشرح المفصل 1/ 121، والكتاب 1/ 333، واللامات ص 125، ولسان العرب (ويل)، وبلا نسبة في المقتضب 3/ 220.
(2) أبو زبيد الطائي: هو حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة الطائي، شاعر مخضرم معمّر أدرك الجاهلية والإسلام، كان عالما بسيرة ملوك العجم، وهو من نصارى طيّىء، وفد على عثمان بن عفان أكثر من مرة، وكذلك وفد على عمر بن الخطاب وولاه على صدقات قومه، كان كثير المدح، ومدح الغساسنة والمناذرة واشتهر بوصف الأسد. عده ابن سلام الجمحي من الطبقة الخامسة من الشعراء الإسلاميين. توفي نحو سنة 62هـ. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 165).
(3) البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص 61، والدرر 3/ 63، وشرح أبيات سيبويه 1/ 153، والكتاب 1/ 313، وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 114، ولسان العرب (يسر). وهمع الهوامع 1/ 188.(1/93)
يأتي» و «حتّى أن تتّبع». وكذلك جميع ما في القرآن من «حتّى». وكذلك {وزلزلوا حتّى يقول الرّسول [البقرة: الآية 214] أي: «حتّى أن يقول» لأنّ «حتّى» في معنى «إلى»، تقول: «أقمنا حتّى الليل» أي: «إلى اللّيل».
فإن قيل: إظهار «أن» ها هنا قبيح، قلت: «قد تضمر أشياء يقبح إظهارها إذا كانوا يستغنون عنها». ألا ترى أنّ قولك: «إن زيدا ضربته» منتصب بفعل مضمر لو أظهرته لم يحسن. وقد قرئت هذه الآية} {وزلزلوا حتّى يقول الرّسول
[البقرة: الآية 214] يريد: «حتّى الرّسول قائل»، جعل ما بعد «حتّى» مبتدأ. وقد يكون ذلك نحو قولك: «سرت حتّى أدخلها» إذا أردت: «سرت فإذا أنا داخل فيها» و «سرت أمس حتى أدخلها اليوم» أي: «حتّى أنا اليوم أدخلها فلا أمنع». وإذا كان غاية للسير نصبته. وكذلك ما لم يجب مما يقع عليه «حتّى» نحو} {لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا [الكهف: الآية 60].
وأما} {لن يخلف الله وعده [الحج: 47] فنصب ب «لن» كما نصب ب «أن» وقال بعضهم: إنما هي «أن» جعلت معها «لا» كأنه يريد «لا أن يخلف الله وعده» فلما كثرت في الكلام حذفت، وهذا قول، وكذلك جميع «لن» في القرآن.
وينبغي لمن قال ذلك القول أن يرفع «أزيد لن تضرب» لأنّه في معنى «أزيد لا ضرب له». وكذلك ما نصب ب «إذن» تقول: «إذن آتيك» تنصب بها كما تنصب ب «أن» وب «لن» فإذا كان قبلها الفاء أو الواو رفعت نحو قول الله عز وجل} {وإذا لّا تمتّعون إلّا قليلا [الأحزاب: الآية 16] وقال} {فإذا لّا يؤتون النّاس نقيرا [النّساء:
الآية 53] وقد يكون هذا نصبا أيضا عنده على أعمال «إذن». وزعموا أنّه في بعض القراءة منصوب وإنّما رفع لأنّ معتمد الفعل صار على الفاء والواو ولم يحمل على «إذن»، فكأنه قال: فلا يؤتون الناس إذا نقيرا» و «ولا تمتّعون إذن» وقوله} {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء [الحديد: 29] و} {وحسبوا أن لا تكون فتنة
[المائدة: 71] و} {أن لا يرجع إليهم قولا [طه: 89] فارتفع الفعل بعد «أن لا» لأنّ «أن» هذه مثقّلة في المعنى، ولكنها خففت وجعل الاسم فيها مضمرا، والدليل على ذلك أنّ الاسم يحسن فيها والتثقيل. ألا ترى أنّك تقول: «أفلا يرون أنّه لا يرجع إليهم»، وتقول: «أنّهم لا يقدرون على شيء» و «أنّه لا تكون فتنة». وقال} {آيتك أن لا تكلم الناس [آل عمران: 41] نصب لأن هذا ليس في معنى المثقّل، إنما هو} {آيتك أن لا تكلم كما تقول:} {آيتك أن تكلم وأدخلت} {لا للمعنى
الذي أريد من النفي. ولو رفعت هذا جاز على «معنى آيتك أنك لا تكلم»، ولو نصب الآخر جاز على أن تجعلها «أن» الخفيفة التي تعمل في الأفعال. ومثل ذلك} {إنّه ظنّ أن لّن يحور (14) [الانشقاق: الآية 14] وقال} {تظنّ أن يفعل بها فاقرة (25) [القيامة: الآية 25] وقال} إن ظنّا أن يقيما حدود الله [البقرة: الآية 230] وتقول:(1/94)
الآية 53] وقد يكون هذا نصبا أيضا عنده على أعمال «إذن». وزعموا أنّه في بعض القراءة منصوب وإنّما رفع لأنّ معتمد الفعل صار على الفاء والواو ولم يحمل على «إذن»، فكأنه قال: فلا يؤتون الناس إذا نقيرا» و «ولا تمتّعون إذن» وقوله {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء [الحديد: 29] و} {وحسبوا أن لا تكون فتنة
[المائدة: 71] و} {أن لا يرجع إليهم قولا [طه: 89] فارتفع الفعل بعد «أن لا» لأنّ «أن» هذه مثقّلة في المعنى، ولكنها خففت وجعل الاسم فيها مضمرا، والدليل على ذلك أنّ الاسم يحسن فيها والتثقيل. ألا ترى أنّك تقول: «أفلا يرون أنّه لا يرجع إليهم»، وتقول: «أنّهم لا يقدرون على شيء» و «أنّه لا تكون فتنة». وقال} {آيتك أن لا تكلم الناس [آل عمران: 41] نصب لأن هذا ليس في معنى المثقّل، إنما هو} {آيتك أن لا تكلم كما تقول:} {آيتك أن تكلم وأدخلت} {لا للمعنى
الذي أريد من النفي. ولو رفعت هذا جاز على «معنى آيتك أنك لا تكلم»، ولو نصب الآخر جاز على أن تجعلها «أن» الخفيفة التي تعمل في الأفعال. ومثل ذلك} {إنّه ظنّ أن لّن يحور (14) [الانشقاق: الآية 14] وقال} {تظنّ أن يفعل بها فاقرة (25) [القيامة: الآية 25] وقال} {إن ظنّا أن يقيما حدود الله [البقرة: الآية 230] وتقول:
«علمت أن لا تكرّمني» و «حسبت أن لا تكرمني» فهذا مثل ما ذكرت لك. فإنما صار «علمت» و «استيقنت» ما بعده رفع لأنه واجب. فلما كان واجبا لم يحسن أن يكون بعده «أن» التي تعمل في الأفعال، لأن تلك إنما تكون في غير الواجب، ألا ترى أنك تقول: «أريد أن تأتيني» فلا يكون هذا إلا لأمر لم يقع، وارتفع ما بعد الظن وما أشبهه لأنه مشاكل للعلم لأنه يعلم بعض الشيء إذا كان يظنه. وأما «خشيت أن لا تكرمني» فهذا لم يقع. ففي مثل هذا تعمل أن الخفيفة ولو رفعته على أمر قد استقر عندك وعرفته كأنك جريته فكان لا يكرمك فقلت: «خشيت أن لا تكرمني» أي: «خشيت أنّك لا تكرمني» جاز.
وزعم يونس} [1] أن ناسا من العرب يفتحون اللام التي في مكان «كي» وأنشدوا هذا البيت فزعم أنه سمعه مفتوحا: [الوافر] 101يؤامرني ربيعة كلّ يوم ... لأهلكه وأقتني الدّجاجا (2)
وزعم خلف (3) أنها لغة لبني العنبر وأنه سمع رجلا ينشد هذا البيت منهم مفتوحا: [الطويل] 102فقلت لكلبيّي قضاعة إنّما ... تخبّر تماني أهل فلج لأمنعا (4)
يريد «من أهل فلج». وقد سمعت أنا ذلك من العرب، وذلك أن أصل
__________
(1) يونس: هو يونس بن حبيب البصري، تقدمت ترجمته.
(2) يروى البيت بلفظ:
تواعدني ربيعه كل يوم ... لأهلكها وأقتني الدجاجا
والبيت بلا نسبة في شرح أبيات سيبويه 51، وخزانة الأدب 4/ 376.
(3) خلف: هو خلف بن حيان، أو محرز البصري المعروف بخلف الأحمر، توفي سنة 180هـ، صنف كتاب «خيال العرب، وما قيل فيه من الشعر» (كشف الظنون 5/ 348، وانظر ترجمته في:
مراتب النحويين 46، طبقات النحويين 161، نزهة الألباء 37، إنباه الرواة 1/ 348، بغية الوعاة 242).
(4) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/95)
اللام الفتح وإنما كسرت في الإضافة ليفرق بينها وبين لام الابتداء. وزعم أبو عبيدة (1) أنه سمع لام «لعلّ» مفتوحة في لغة من يجرّبها ما بعدها في قول الشاعر: [الوافر] 103لعلّ الله يمكنني عليها ... جهارا من زهير أو أسيد (2)
يريد «لعلّ عبد الله» فهذه اللام مكسورة لأنها لام إضافة. وقد زعم أنه قد سمعها مفتوحة فهي مثل لام «كي». وقد سمعنا من العرب من يرفع بعد «كيما» وأنشد: [الطويل] 104إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما ... يرجّى الفتى كما يضرّ وينفع (3)
فهذا جعل «ما» اسما وجعل «يضرّ» و «ينفع» من صلته وجعله اسما للفعل وأوقع «كي» عليه وجعل «كي» بمنزلة اللام. وقوله {! ألم يعلموا أنّه من يحادد الله ورسوله فأنّ له نار جهنّم [التوبة: 63] وقوله} أنّه من عمل منكم سوءا بجهلة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رّحيم [الأنعام: 54] فيشبه أن تكون الفاء زائدة كزيادة «ما» ويكون الذي بعد الفاء بدلا من «أن» التي قبلها. وأجوده أن تكسر «إن» وأن تجعل الفاء جواب المجازاة. وزعموا أنه يقولون «أخوك
__________
(1) أبو عبيدة: هو الحافظ أبو عبيدة معمر بن المثنى، التميمي البصري المنشأ، بغدادي الدار والوفاة، الفقيه اللغوي الأخباري، ولد سنة 110هـ، وتوفي سنة 203هـ، له العشرات من المصنفات، منها: «إعراب القرآن»، «مجاز القرآن»، «الجمع والتثنية»، «غريب الحديث»، «غريب القرآن»، «كتاب الأضداد في اللغة»، «كتاب الشعر والشعراء»، «كتاب اللغات»، «كتاب المجاز»، «معاني القرآن»، وغيرها الكثير (كشف الظنون 6/ 467466).
(2) البيت لخالد بن جعفر في الأغاني 11/ 79، وأمالي المرتضى 1/ 212، وخزانة الأدب 10/ 426، 438، 439، 441، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 583، وسرّ صناعة الإعراب ص 407، وشرح التصريح 2/ 3، وشرح عمدة الحافظ ص 269، ولسان العرب (علل).
(3) البيت للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه 246، وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507، وللنابغة الذبياني أو للنابغة الجعدي أو لقيس بن الخطيم، في خزانة الأدب 8/ 498، والمقاصد النحوية 4/ 245، ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص 235، وكتاب الصناعتين ص 315، وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3، والمقاصد النحوية 4/ 379، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10، وتذكرة النحاة ص 609. والجنى الداني ص 262، والحيوان 3/ 76، وخزانة الأدب 7/ 105، وشرح الأشموني 2/ 283، وشرح عمدة الحافظ ص 266، ومغني اللبيب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 5، 31، ويروى «وينفعا» بدل «وينفع».(1/96)
فوجد» «بل أخوك فجهد» يريدون «أخوك وجد» و «بل أخوك جهد» فيزيدون الفاء. وقد فسر الحسن {حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها [الزّمر:
الآية 73] على حذف الواو. وقال: «معناها: قال لهم خزنتها»، فالواو في هذا زائدة. قال الشاعر: [الكامل]} 105فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن ... إلّا كلمّة حالم بخيال (1)
وقال: [الكامل] 106فإذا وذلك ليس إلّا حينه ... وإذا مضى شيء كأن لم يفعل (2)
كأنه زاد الواو وجعل خبره مضمرا، ونحو هذا مما خبره مضمر كثير.
وقوله {وإذ أخذنا ميثق بنى إسراءيل لا تعبدون إلّا الله [الآية 83].
وقوله} {وإذ أخذنا ميثقكم لا تسفكون دمآءكم [الآية 84] فرفع هذا لأنه كلّ ما كان من الفعل على «يفعل هو» و «تفعل أنت» و «أفعل أنا» و «نفعل نحن» فهو أبدا مرفوع لا تعمل فيه إلا الحروف التي ذكرت لك من حروف النصب أو حروف الجزم والأمر والنهي والمجازاة. وليس شيء من ذلك ها هنا وإنما رفع لموقعه في موضع الأسماء. ومعنى هذا الكلام حكاية، كأنه قال: «استحلفناهم لا يعبدون» أي: قلنا لهم: «والله لا تعبدون»، وذلك أنها تقرأ} {يعبدون [هود: الآية 109] و} {تعبدون [البقرة: الآية 83]. قال} {وحفظا مّن كلّ شيطن مّارد (7) [الصّافات:
الآية 7]} لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون [الصافات: 8] فإن شئت جعلت «لا يسّمّعون» مبتدأ وإن شئت قلت: هو في معنى «أن لا لا يسّمّعوا» فلما حذفت «أن» ارتفع، كما تقول: «أتيتك تعطيني وتحسن إليّ وتنظر في حاجتي» ومثله «مره يعطيني» إن شئت جعلته على «فهو يعطيني» وإن شئت على «أن يعطيني». فلما ألقيت «أن» ارتفع. قال الشاعر: [الطويل]
__________
(1) البيت لتميم بن مقبل في ديوانه ص 259، وخزانة الأدب 11/ 58، 60. وشرح عمدة الحافظ ص 650، ولسان العرب (لمم)، وتاج العروس (لمم)، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 45، والجنى الداني ص 165، ولسان العرب (وا)، وتاج العروس (الواو).
(2) البيت لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 1080، ولسان العرب (وا)، وتهذيب اللغة 15/ 675، والجنى الداني ص 166، وخزانة الأدب 11/ 58، 59، ولتأبط شرا في الخصائص 2/ 171، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/ 67، ومجالس ثعلب ص 126.(1/97)
107 - ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أتبع اللّذّات هل أنت مخلدي (1)
ف «أحضر» في معنى «أن أحضر».
وقوله {وبالولدين إحسانا [الآية 83] فجعله أمرا كأنّه يقول: «وإحسانا بالوالدين» أي: «أحسنوا إحسانا».
وقال} {وقولوا للنّاس حسنا [الآية 83] فهو على أحد وجهين: إمّا أن يكون يراد ب «الحسن» «الحسن» كما تقول: «البخل» و «البخل»، وإمّا أن يكون جعل «الحسن» هو «الحسن» في التشبيه كما تقول: «إنّما أنت أكل وشرب». قال الشاعر: [الوافر]} 108وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحيّة بينهم ضرب وجيع (2)
«دلفت»: «قصدت» فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثيرة وقد جاءت في القرآن. وقد قرأها بعضهم {حسنا [البقرة: الآية 83] يريد «قولوا لهم حسنا» وقال بعضهم} {قولوا للناس حسنى يؤنثها ولم ينوّنها، وهذا لا يكاد يكون لأن «الحسنى» لا يتكلم بها إلا بالألف واللام، كما لا يتكلم بتذكيرها إلا بالألف واللام. فلو قلت: «جاءني أحسن وأطول» لم يحسن حتّى تقول:
«جاءني الأحسن والأطول» فكذلك هذا يقول: «جاءتني الحسنى والطولى». إلّا أنهم قد جعلوا أشياء من هذا أسماء نحو «دنيا» و «أولى». قال الراجز:
} 109في سعي دنيا طال ما قد مدّت (3)
__________
(1) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص 32، والإنصاف 2/ 560، وخزانة الأدب 1/ 119، 8/ 579، والدرر 1/ 74. وسرّ صناعة الإعراب 1/ 285، وشرح شواهد المغني 2/ 800، والكتاب 3/ 99، 100، ولسان العرب (أنن)، (دنا)، والمقاصد النحوية 4/ 402، والمقتضب 2/ 85، وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 463، والدرر 3/ 33، ورصف المباني ص 113، وشرح شذور الذهب ص 198، وشرح ابن عقيل ص 597، وشرح المفصل 2/ 7، 4/ 28، 7/ 52، ومجالس ثعلب ص 383، ومغني اللبيب 2/ 383، 641، وهمع الهوامع 2/ 17.
(2) البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص 149، وخزانة الأدب 9/ 252، 257، وشرح أبيات سيبويه 2/ 200، والكتاب 3/ 50، ونوادر أبي زيد ص 150، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 345، والخصائص 1/ 368، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 323، والمقتضب 2/ 20، 4/ 413.
(3) الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 410، وخزانة الأدب 8/ 296، 298، 299، وشرح شواهد الإيضاح ص 350، وشرح المفصل 6/ 100، وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 316، والمخصص 15/ 193.(1/98)
ويقولون: «هي خيرة النساء» «هن خيرات النّساء» لا يكادون يفردونه وإفراده جائز. وفي كتاب الله عز وجل {فيهنّ خيرت حسان (70) [الرّحمن: الآية 70] وذلك أنه لم يرد «أفعل» وإنما أراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال: «فلان خير» أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث.
وقال} {تظّاهرون عليهم بالإثم والعدوان [الآية 85] فجعلها من «تتظاهرون» وأدغم التاء في الظاء وبها نقرأ. وقد قرئت} {تظهرون [البقرة: الآية 85] مخففة بحذف التاء الآخرة لأنّها زائدة لغير معنى. وقال} {وإن يأتوكم أسرى وقرئت} {اسارى، وذلك لأن «أسير» «فعيل» وهو يشبه «مريضا» لأنّ به عيبا كما بالمريض، وهذا «فعيل» مثله. وقد قالوا في جماعة «المريض»: «مرضى» وقالوا} {اسارى فجعلوها مثل «سكارى» و «كسالى»، لأنّ جمع «فعلان» الذي به علة قد يشارك جمع «فعيل» وجمع «فعل» نحو: «حبط» و «حبطى» و «حباطى» و «حبج» و «حبجى» و «حباجى». وقد قالوا} {أسرى [البقرة: الآية 85] كما قالوا} {سكرى
[النّساء: الآية 43].
وقال بعضهم} {تفدوهم [الآية 85] من «تفدي» وبعضهم} {تفدوهم [الآية 85] من «فادى» «يفادي» وبها نقرأ وكل ذلك صواب.
وقال} {فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلّا خزى [الآية 85]، وقال} {ما هذا إلّا بشر مّثلكم [المؤمنون: الآية 24] و} {ما أمرنا إلا واحدة [القمر: 50] رفع، لأن كل ما لا تحسن فيه الباء من خبر «ما» فهو رفع، لأن «ما» لا تشبه في ذلك الموضع بالفعل، وإنما تشبه بالفعل في الموضع الذي تحسن فيه الباء، لأنها حينئذ تكون في معنى «ليس» لا يشركها معه شيء. وذلك قول الله عز وجل} {ما هذا بشرا [يوسف: الآية 31] وتميم ترفعه، لأنه ليس من لغتهم أن يشبهوا «ما» بالفعل.
وأما قوله} {وإذ أخذنا ميثق بنى إسراءيل [الآية 83] ثم قال} {وقولوا للنّاس حسنا [الآية 83] ثم قال} {ثمّ تولّيتم مّن بعد ذلك [الآية 83] فلأنه خاطبهم من بعد ما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر: [الطويل]} 110أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلّت (1)
__________
(1) البيت لكثير عزة في ديوانه ص 101، ولسان العرب (سوأ)، (حسن)، (قلا)، والتنبيه والإيضاح 1/ 21، وتهذيب اللغة 4/ 318، والأغاني 9/ 38، وأمالي القالي 2/ 109، وتزيين الأسواق 1/ 124، وتاج العروس (سوأ)، (قلي).(1/99)
وإنما يريدون «تقلّيت». وقال الآخر: [الكامل] 111شطّت مزار العاشقين فأصبحت ... عسرا عليّ طلابك ابنة مخرم (1)
إنّما أراد «فأصبحت ابنة مخرم عسرا على طلابها». وجاز أن يجعل الكلام كأنه خاطبها لأنه حين قال: شطّت مزار العاشقين» كأنه قال: «شططت مزار العاشقين» لأنه إيّاها يريد بهذا الكلام. ومثله مما يخرج من أوله قوله: [الرجز]
112 - إنّ تميما خلقت ملموما (2)
فأراد القبيلة بقوله: «خلقت» ثم قال «ملموما» على الحي أو الرجل، ولذلك قال:
مثل الصّفا لا تشتكي الكلوما
ثم قال:
قوما ترى واحدهم صهميما
فجاء بالجماعة لأنه أراد القبيلة أو الحي ثم قال:
لا راحم الناس ولا مرحوما
وقال الشاعر: [الطويل] 113أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا إنّني أنا ذلكا (3)
و «تبيّن خفافا»، يريد: «أنا هو». وفي كتاب الله عز وجل حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم [يونس: الآية 22] فأخبر بلفظ الغائب وقد كان في المخاطبة لأن ذلك يدل على المعنى. وقال الأسود: [البسيط]
__________
(1) البيت لعنترة في ديوانه ص 109، ولسان العرب (زأر)، (زور)، (شطط)، وتاج العروس (زأر)، (زور)، (شطط)، (ركل)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 3/ 42.
(2) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 185، 191، وللمخيس الأعرجي في لسان (صهم)، وتاج العروس (صهم)، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 510، وجمهرة اللغة ص 1189، والمخصص 3/ 57.
(3) البيت لخفاف بن ندبة في ديوانه ص 64، والاشتقاق ص 309، والأغاني 2/ 290، 15/ 71، 18/ 23، والإنصاف 2/ 720، وخزانة الأدب 5/ 440438، والخصائص 2/ 186، والدرر 1/ 241، والشعر والشعراء 1/ 348، والمنصف 3/ 41، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 77.(1/100)
114 - وجفنة كإزاء الحوض مترعة ... ترى جوانبها بالشّحم مفتونا (1)
فيكون على أنه حمله على المعنى أي: ترى كلّ جانب منها، أو جعل صفة الجميع واحدا كنحو ما جاء في الكلام. وقوله «يأطر متنه»: يثنى متنه.
وكذلك {الحمد لله ربّ العلمين (2) [الفاتحة: الآية 2] ثم قال} {إيّاك نعبد
[الفاتحة: الآية 5] لأن الذي أخبر عنه هو الذي خاطب. قال رؤبة} [2]: [الرجز] 115الحمد لله الأعزّ الأجلل ... أنت مليك الناس ربّا فاقبل (3)
وقال زهير (4): [الوافر] 116فإنّي لو ألاقيك اجتهدنا ... وكان لكلّ منكرة كفاء (5)
فأبرىء موضحات الرأس منه ... وقد يشفي من الجرب الهناء
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) رؤبة: هو أبو العجاج رؤبة بن عبد الله بن العجاج بن رؤبة بن لبيد بن صخر من بني مالك بن سعد بن زيد مناة، راجز من الفصحاء المشهورين، أخذ عنه أعيان أهل اللغة، يحتجون بشعره، ويعترفون بإمامته في اللغة. لم تعرف سنة ولادته، عمّر طويلا، ومات في البادية سنة 145هـ، فقيل: دفنّا الشعر واللغة والفصاحة. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 150).
(3) يروى الرجز بلفظ:
الحمد لله العليّ الأجلل ... أعطى فلم يبخل ولم يبخّل
والرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 2/ 390، ولسان العرب (جلل)، والدرر 6/ 138، وشرح شواهد المغني 1/ 7449والمقاصد النحوية 4/ 595، وجمهرة اللغة ص 471، وتاج العروس (جزل)، (جلل)، (خول)، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 87، وشرح الأشموني 3/ 508، 893، والمقتضب 1/ 142، 253، والممتع في التصريف 2/ 639، والمنصف 1/ 339، ونوادر أبي زيد ص 44، وهمع الهوامع 2/ 157.
(4) هو زهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث بن مازن، من قبيلة مزينة من مضر، أبوه كان شاعرا وكذلك خال أبيه بشامة بن الغدير، وزوج أمه أوس بن حجر، وأخته سلمى، وابناه كعب، وبجير، وحفيده عقبة بن كعب المعروف بالمضرّب بن كعب.
شهد زهير الحرب المشهورة التي جرت بن القبيلتين عبس وذبيان فدار معظم شعره حول هذه الحرب حرب داحس والغبراء فوصف ويلاتها، ومدح هرم بن سنان، والحارث بن عود اللذين أصلحا ذات البين.
عرف زهير بصاحب «الحوليات» لأنه كان ينظم قصيدته بمدة حول كامل فيراجعها ويعرضها على ذوي المعرفة، وهو من أصحاب المعلقات، وعدّه ابن سلّام في الطبقة الأولى من الجاهليين (معجم الشعراء الجاهليين ص 155154).
(5) البيتان في ديوان زهير بن أبي سلمى ص 81.(1/101)
وقال الله تبارك وتعالى {ذوقوا فتنتكم هذا الّذى كنتم به تستعجلون (14) [الذّاريات: الآية 14] فذكّر بعد التأنيث كأنه أراد: هذا الأمر الذي كنتم به تستعجلون. ومثله} {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي فلما أفلت [الأنعام: 78] فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي: هذا الشيء ربي. وهذا يشبه قول المفسرين} {احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم [البقرة: 187] قال: إنّما دخلت «إلى» لأن معنى «الرفث» و «الإفضاء» واحد، فكأنه قال: «الإفضاء إلى نسائكم»، وإنما يقال: «رفث بامرأته» ولا يقال: «إلى امرأته» وذا عندي كنحو ما يجوز من «الباء» في مكان «إلى» في قوله تعالى:} {وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السّجن [يوسف: الآية 100] وإنما هو «أحسن إليّ» فلم «إلى» ووضع «الباء» مكانها] وفي مكان «على» في قوله} {فأثبكم غمّا بغمّ [آل عمران: الآية 153] إنما هو «غمّا على غمّ» وقوله} {ومن أهل الكتب من إن تأمنه بقنطار [آل عمران: الآية 75] أي: «على قنطار» كما تقول: «مررت به» و «مررت عليه» كما قال الشاعر: وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب: [الوافر]} إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها (1)
يريد: «عنى». وذا يشبه {وإذا خلوا إلى شيطينهم [البقرة: الآية 14] لأنك تقول: «خلوت إليه وصنعنا كذا وكذا» و «خلوت به». وإن شئت جعلتها في معنى قوله} {من أنصارى إلى الله [آل عمران: الآية 52] أي: «مع الله»، وكما قال} {ونصرنه من القوم [الأنبياء: الآية 77] أي: «على القوم».
وقال} {ثمّ أنتم هؤلاء [الآية 85] وفي بموضع آخر} {هأنتم هؤلاء [آل عمران: الآية 66] كبعض ما ذكرنا وهو كثير في كلام العرب. وردّد التنبيه توكيدا.
وتقول: «ها أنا هذا» و «ها أنت هذا فتجعل «هذا» للذي يخاطب، وتقول: «هذا أنت». وقد جاء أشد من ذا، قال الله عز وجل} {ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة [القصص: 76] والعصبة هي تنوء بالمفاتيح. قال: [مجزوء الوافر]} 117تنوء بها فتثقلها ... عجيزتها (2)
يريد: «تنوء بعجيزتها»، أي: «لا تقوم إلا جهدا بعد جهد». قال الشاعر:
[البسيط]
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 24.
(2) الشطر لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/102)
118 - مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر (1)
وهو يريد أن السوآت بلغت هجرا، و «هجر» رفع لأنّ القصيدة مرفوعة ومثل ذا قول الشاعر: [الطويل] 119وتلحق خيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرّماح بالضياطرة الحمر (2)
والضياطرة هم يشقون بالرماح. و «الضياطرة» هم العظام وواحدهم «ضيطار» مثل «بيطار» ومثل قول الشاعر: [الطويل] 120لقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي ... على وعل بذي الفقارة عاقل (3)
يريد: حتى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي.
وقال {فقليلا مّا يؤمنون [الآية 88] وتفسيره: فقليلا يؤمنون. و «ما» زائدة، كما قال} {فبما رحمة مّن الله لنت لهم [آل عمران: الآية 159] يقول: «فبرحمة من الله» وقال} {إنّه لحقّ مّثل ما أنّكم تنطقون [الذّاريات: الآية 23] أي: لحقّ مثل أنّكم تنطقون، وزيادة «ما» في القرآن والكلام نحو ذا كثير. قال: [المنسرح]} 121لو بأبانين جاء يخطبها ... خضّب ما أنف خاطب بدم (4)
أي: خضّب بدم أنف خاطب.
__________
(1) البيت للأخطل في ديوانه ص 178، وتخليص الشواهد ص 247، والدرر 3/ 5، وشرح شواهد المغني 2/ 972، ولسان العرب (نجر)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 337، وأمالي المرتضى 1/ 466، ورصف المباني ص 390، وشرح الأشموني 1/ 176، والمحتسب 2/ 118، ومغني اللبيب 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 165.
(2) البيت لخداش بن زهير في الأضداد ص 153، وأمالي المرتضى 1/ 466، ولسان العرب (ضطر)، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب 1/ 323، والصاحبي في فقه اللغة ص 203.
(3) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 144، وأمالي المرتضى 1/ 202، ومعجم ما استعجم ص 1026، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 216، والإنصاف 1/ 372، ولسان العرب (خوف)، ومجالس ثعلب ص 618، والمقتضب 3/ 231.
(4) البيت للمهلهل في شعراء النصرانية ص 179، والأغاني 5/ 43، والدرر 6/ 254، وشرح شواهد المغني 2/ 724، 725، والشعر والشعراء 1/ 305، ولسان العرب (خرج)، (ابن)، ومعجم البلدان (أبانان)، ومغني اللبيب 1/ 312، ولعصم بن النعمان في معجم الشعراء ص 275، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1028، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 462، وشرح المفصل 1/ 46، وهمع الهوامع 2/ 158.(1/103)
وقال {ولمّا جاءهم كتب من عند الله مصدّق لّما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم مّا عرفوا كفروا به [الآية 89] فإن قيل فأين جواب} {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدّق لما معهم قلت: «جوابه في القرآن كثير، واستغني عنه في هذا الموضع إذ عرف معناه. كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به نحو قول الله عز وجل} {ولو أنّ قرءانا سيّرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلّم به الموتى بل لّلّه الأمر جميعا [الرّعد: الآية 31] فيذكرون أن تفسيره: «لو سيّرت الجبال بقرآن غير هذا لكان هذا القرآن ستسيّر به الجبال» فاستغني عن اللّفظ بالجواب إذ عرف المعنى. وقال} {ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب [آل عمران: 188] ولم يجىء ل «تحسبنّ» الأول بجواب وترك للاستغناء بما في القرآن من الأجوبة. وقال} {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله هو خيرا لّهم [آل عمران: الآية 180] معناه «لا يحسبنّه خيرا لهم» وحذف ذلك الكلام وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله} {وإذا قيل لهم اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلّكم ترحمون [يس: 45] ثم قال} {وما تأتيهم مّن ءاية [يس: الآية 46] من قبل أن يجيء بقوله «فعلوا كذا وكذا» لأن ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله} {وما تأتيهم مّن ءاية مّن ءايت ربّهم إلّا كانوا عنها معرضين (4) [الأنعام: الآية 4] دليل على أنّهم أعرضوا فاستغني بهذا وكذلك جميع ما جاز فيه نحو هذا.
وقال} {فإذا جاء وعد الأخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة وليتبّروا ما علوا تتبيرا [الإسراء: الآية 7] وقال} {ليتبروا على معنى: «خلّيناهم وإيّاكم لم نمنعكم منهم بذنوبكم». وقال} {ليسئوا وجوهكم [الإسراء: الآية 7] ولم يذكر أنه خلاهم وإياهم على وجه الترك في حال الابتلاء بما أسلفوا ثم لم يمنعهم من أعدائهم أن يسلطوا عليهم بظلمهم. وقال} {ولو ترى إذ الظّلمون فى غمرت الموت [الأنعام: الآية 93] فليس لهذا جواب. وقال} {ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب [البقرة: الآية 165] فجواب هذا إنما هو في المعنى، وهذا كثير. وسنفسر كل ما مررنا به إن شاء الله. وزعموا أن هذا البيت ليس له جواب: [الطويل]} 122ودوّيّة قفر تمشّى نعامها ... كمشي النّصارى في خفاف الأرندج (1)
__________
(1) البيت للشماخ في ديوانه ص 83، والدرر 4/ 130، وسرّ صناعة الإعراب ص 649، والكتاب 3/ 104، ولسان العرب (ردج)، (دوا)، (مشى)، والمعاني الكبير 1/ 346، وهمع الهوامع 2/ 28.(1/104)
يريد: «وربّ دوّيّة» ثم لم يأت له بجواب. وقال: [البسيط] 123حتّى إذا أسلكوه في قتائدة ... شلّا كما تطرد الجمالة الشردا (1)
فهذا ليس له جواب إلا في المعنى. وزعم بعضهم أنّ هذا البيت:
[الكامل] فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن ... إلّا كلمّة حالم بخيال (2)
قالوا: الواو فيه ليست بزائدة ولكن الخبر مضمر.
وقال {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزّل الله من فضله [الآية 90] ف} {ما وحدها اسم، و} {أن يكفروا [الآية 90] تفسير له نحو: «نعم رجلا زيد» و} {أن ينزّل [الآية 90] بدل من} {بما أنزل الله [الآية 90].
وقال} {وهو الحقّ مصدّقا لّما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله [الآية 91] فنصب} {مصدّقا لأنه خبر معرفة. و} {تقتلون في معنى «قتلتم». كما قال الشاعر:
[الكامل]
} 124ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني ... فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني (3)
__________
(1) البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي في الأزهية ص 203، 250، والإنصاف 2/ 461، وجمهرة اللغة ص 854، وخزانة الأدب 7/ 39، 41، 46، 71، والدرر 3/ 104، وشرح أشعار الهذليين 2/ 675، وشرح شواهد الإيضاح ص 431، ولسان العرب (شرد)، (قتد)، (سلك)، (إذا)، ومراتب النحويين ص 85، ولابن أحمر في ملحق ديوانه ص 179، ولسان العرب (حمر)، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 434، والأشباه والنظائر 5/ 25، وأمالي المرتضى 1/ 3، وجمهرة اللغة ص 390، 491، والصاحبي في فقه اللغة ص 139، وهمع الهوامع 1/ 207.
(2) تقدم البيت مع تخريجه برقم 105.
(3) البيت لرجل من سلول في الدرر 1/ 78. وشرح التصريح 2/ 22، وشرح شواهد المغني 1/ 310، والكتاب 3/ 24، والمقاصد النحوية 4/ 58، ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص 126، ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص 171، وبلا نسبة في الأزهية ص 263، والأشباه والنظائر 3/ 90، والأضداد ص 132، وأمالي ابن الحاجب ص 631، وأوضح المسالك 3/ 206، وجواهر الأدب ص 307، وخزانة الأدب 1/ 357، والخصائص 2/ 338، والدرر 6/ 154، وشرح شواهد الإيضاح ص 221، وشرح شواهد المغني 2/ 841، وشرح ابن عقيل ص 475، والصاحبي في فقه اللغة ص 219، ولسان العرب (ثمم)، (مني)، ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، وهمع الهوامع 1/ 9، 2/ 140.(1/105)
يريد: «لقد مررت» بقوله «أمرّ».
وقوله {وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر [الآية 96] فهو نحو «ما زيد بمزحزحه أن يعمّر» و «ما زيد بضارّه أن يقوم» ف «أن يعمّر» في موضع رفع وقد حسنت الباء كما تقول: «ما عبد الله بملازمه زيد».
وقوله} {من كان عدوّا لّجبريل [الآية 97] ومن العرب من يقول} {لجبرئيل
فيهمزون ولا يهمزون، وكذلك} {إسرءيل [البقرة: الآية 40] منهم من يهمز ومنهم من لا يهمز، ويقولون} {ميكائيل فيهمزون ولا يهمزون، ويقولون} {ميكال كما قالوا} {جبريل. وقال بعضهم} {جبرعل ولا أعلم وجهه إلا أني قد سمعت} {إسرائل وقال بعضهم} {إسرييل فأمال الراء. قال أبو الحسن} [1]: «في «جبريل» ست لغات: جبراييل وجبرئيل وجبرئل.
جبراعيل جبرعيل جبرعل.
وجبريل وجبريل.
فعليل فعليل.
وجبرائل.
جبراعل».
وقال {من كان عدوّا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدوّ لّلكفرين [الآية 98] فأظهر الاسم وقد ذكره في أوّل الكلام. قال الشاعر:
[الكامل]} 125ليت الغراب غداة ينعب دائبا ... كان الغراب مقطّع الأوداج (2)
وقال {أو كلّما عهدوا عهدا [الآية 100] فهذه واو تجعل مع حرف الاستفهام وهي مثل الفاء التي في قوله} أفكلّما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم
[البقرة: الآية 87] فهذا في القرآن والكلام كثير، وهما زائدتان في هذا الوجه. وهي مثل الفاء التي في قولك: «أفا الله لتصنعنّ كذا وكذا» وقولك للرجل: «أفلا تقوم».
__________
(1) أبو الحسن: هو المؤلف سعيد بن مسعدة الأخفش.
(2) البيت بلا نسبة في الأمالي الشجرية 1/ 243.(1/106)
وإن شئت جعلت الفاء والواو ها هنا حرف عطف.
وقوله {وما أنزل على الملكين ببابل هروت ومروت [الآية 102] معطوفان على} {الملكين، أو بدل منهما، ولكنهما أعجميان فلا ينصرفان وموضعهما جر.
و} {بابل لم ينصرف لتأنيثه، وذلك أن اسم كل مؤنث على حرفين أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن فهو ينصرف، وما كان سوى ذلك من المؤنث فهو لا ينصرف ما دام اسما للمؤنث.
وقال} {حتّى يقولا إنّما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلّمون منهما [الآية 102] فليس قوله} {فيتعلّمون [الآية 102] جوابا لقوله} {فلا تكفر [الآية 102] إنما هو مبتدأ ثم عطف عليه فقال} {ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم [الآية 102]. وقال} {يفرّقون به بين المرء وزوجه [البقرة: الآية 102] (102) لأنّ كلّ واحد منهما زوج، فالمرأة زوج والرجل زوج. قال} {وخلق منها زوجها [النساء: 1] وقال} {من كلّ زوجين اثنين [هود: الآية 40]. وقد يقال أيضا «هما زوج» للاثنين كما تقول:
«هما سواء» و: «هما سيّان». والزوج أيضا: النمط يطرح على الهودج. قال الشاعر: [الكامل]} 126من كلّ محفوف يظلّ عصيّه ... زوج عليه كلّة وقرامها (1)
وقد قالوا: «الزوجة». قال الشاعر: [البسيط] 127زوجة أشمط مرهوب بوادره ... قد صار في رأسه التخويص والنزع (2)
وقال {ولقد علموا لمن اشتراه ما له فى الأخرة من خلق [الآية 102] فهذه لام الابتداء تدخل بعد العلم وما أشبهه ويبتدأ بعدها، تقول: «لقد علمت لزيد خير منك» قال} {لّمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم [الأعراف: الآية 18] وقال} {ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا [يوسف: الآية 8].
وقال} {ولو أنّهم ءامنوا واتّقوا لمثوبة مّن عند الله خير [الآية 103] فليس لقوله} ولو أنّهم ءامنوا واتّقوا [الآية 103] جواب في اللفظ ولكنه في المعنى يريد
__________
(1) البيت للبيد في ديوانه ص 300، ولسان العرب (زوج)، (قرم)، وتهذيب اللغة 9/ 141، 449، 11/ 153، وجمهرة اللغة ص 473، 792، وتاج العروس (زوج)، (قرم)، ومقاييس اللغة 3/ 35، ومجمل اللغة 3/ 31، وكتاب الجيم 2/ 72، وبلا نسبة في لسان العرب (كلل).
(2) البيت للأخطل في ديوانه ص 111، ولسان العرب (خوص)، وجمهرة اللغة ص 606، وتهذيب اللغة 7/ 475، وبلا نسبة في المخصص 4/ 26.(1/107)
«لأثيبوا» فقوله {لمثوبة [الآية 103] يدل على «لأثيبوا» فاستغني به عن الجواب.
وقوله} {لمثوبة [الآية 103] هذه اللام للابتداء كما فسرت لك.
وقال} {ولقد علموا لمن اشتراه [الآية 102] ثم قال} {لو كانوا يعلمون
[الآية 102] يعني بالأولين الشياطين لأنهم قد علموا} {ولو كانوا يعلمون يعني الأنس. وكان في قوله} {لمثوبة [الآية 103] دليل على «أثيبوا» فاستغني به عن الجواب.
وقال} {مّا يودّ الّذين كفروا من أهل الكتب ولا المشركين [الآية 105] أي:
«ولا من المشركين» لا يودّون} {أن ينزّل عليكم [الآية 105].
وقال} {ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير مّنها أو مثلها [الآية 106] وقال بعضهم} {ننسأها أي نؤخّرها، وهو مثل} {إنّما النّسىء زيادة فى الكفر [التّوبة:
الآية 37] لأنّه تأخير. و «النسيئة» و «النسيء» أصله واحد من «أنسأت» إلّا أنّك تقول: «أنسأت الشيء» أي: أخّرته ومصدره: النسيء. و: «أنسأتك الدين» أي:
جعلتك تؤخّره. كأنه قال: «أنسأتك» ف «نسأت» و «النسيء» أنّهم كانوا يدخلون الشهر في الشهر. وقال بعضهم} {أو ننسها [الآية 106] كل ذلك صواب. وجزمه بالمجازاة. والنسيء في الشهر: التأخير.
وقال} {أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل [الآية 108] ومن خفف قال «سيل» فإن قيل: «كيف جعلتها بين بين وهي تكون بين الياء الساكنة وبين الهمزة. والياء الساكنة لا تكون بعد ضمة، والسين مضمومة؟» قلت: «أمّا في «فعل» فقد تكون الياء الساكنة بعد الضمة لأنهم قد قالوا «قيل» و «بيع» وقد تكون الياء في بعض «فعل» واوا خالصة لانضمام ما قبلها وهي معه في حرف واحد»، كما تقول: «لم توطؤ الدابّة» وكما تقول: «قد رؤس فلان».
وقال} {لن يدخل الجنّة إلّا من كان هودا أو نصرى [الآية 111] فزعموا أن «الهود»: جماعة «الهائد». و «الهائد»: التائب الراجع الى الحق. وقال في مكان آخر} {وقالوا كونوا هودا [البقرة: الآية 135] أي: كونوا راجعين إلى الحق، ويقال:
«هائد» و «هوّد» مثل «ناقه» و «نقّه»، و «عائد» و «عوّد»، و «حائل» و «حوّل»، و «بازل» و «بزّل». وجعل} {من كان واحدا لأنّ لفظ} {مّن واحد وجمع في قوله} {هودا أو نصرى [الآية 111]. وفي هذا الوجه تقول: «من كان صاحبك».
وقال} {ومن أظلم ممّن مّنع مسجد الله أن يذكر فيها اسمه [الآية 114] إنما هو
«من أن يذكر فيها اسمه» ولكن حروف الجرّ تحذف مع «أن» كثيرا ويعمل ما قبلها فيها حتى تكون في موضع نصب، أو تكون} أن يذكر [الآية 114] بدلا من «المساجد» يريدون: «من أظلم ممّن منع أن يذكر».(1/108)
وقال {ومن أظلم ممّن مّنع مسجد الله أن يذكر فيها اسمه [الآية 114] إنما هو
«من أن يذكر فيها اسمه» ولكن حروف الجرّ تحذف مع «أن» كثيرا ويعمل ما قبلها فيها حتى تكون في موضع نصب، أو تكون} {أن يذكر [الآية 114] بدلا من «المساجد» يريدون: «من أظلم ممّن منع أن يذكر».
وقال} {وسعى فى خرابها [الآية 114] فهذا على «منع» و «سعى» ثم قال} {اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين [الآية 114] فجعله جميعا لأنّ} {من
تكون في معنى الجماعة.
وقال} {فأينما تولّوا فثمّ وجه الله [الآية 115] لأنّ} {أين ما [الآية 148] من حروف الجزم من المجازاة والجواب في الفاء.
وقال} {وإذا قضى أمرا فإنّما يقول له كن فيكون [الآية 117] فرفعه على العطف كأنه إنما يريد أن يقول: «إنّما يقول كن فيكون» وقد يكون أيضا رفعه على الابتداء.
وقال} {إذا أردنه أن نّقول له كن فيكون [النّحل: الآية 40] فإن جعلت} {يكون [الآية 150] ها هنا معطوفة نصبت لأنّ} {أن نّقول [النّحل: الآية 40] نصب ب «أن» كأنه يريد:} {أن نّقول [النّحل: الآية 40]} {فيكون. فإن قال: «كيف والفاء ليست في هذا المعنى»؟ فإن الفاء والواو قد تعطفان على ما قبلهما وما بعدهما، وإن لم يكن في معناه نحو «ما أنت وزيدا»، وإنما يريد «لم تضرب زيدا» وترفعه على «ما أنت وما زيد» وليس ذلك معناه. ومثل قولك: «إيّاك والأسد». والرفع في قوله} {فيكون على الابتداء نحو قوله} {لّنبيّن لكم ونقرّ فى الأرحام ما نشآء [الحجّ:
الآية 5] وقال} {ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا [لقمان: 6]. وقد يكون النصب في قوله} {ويتّخذها [لقمان: الآية 6] وفي} {نقر في الأرحام أيضا على أوّل الكلام. قال الشاعر فرفع على الابتداء: [الوافر]} 128يعالج عاقرا أعيت عليه ... ليلقحها فينتجها حوارا (1)
وقال الشاعر أيضا: [الطويل] 129وما هو إلّا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتّى ما أكاد أجيب (2)
__________
(1) البيت لابن أحمر في ديوانه ص 73، وشرح المفصل 7/ 36، 38، والكتاب 3/ 54، والمعاني الكبير ص 846، 1134.
(2) البيت لكثير عزّة في ديوانه ص 522، والحماسة الشجرية 1/ 528، وسمط اللآلي ص 400، وللمجنون في ديوانه ص 49، وللأحوص في ملحق ديوانه ص 213، والأغاني 4/ 250، وخزانة الأدب 2/ 17، ولعروة بن حزام في خزانة الأدب 8/ 560، 561، وشرح المفصل 7/ 38، والشعر والشعراء ص 626، وهو لبعض الحجازيين في الكتاب 3/ 54.(1/109)
والنصب في قوله «فأبهت» على العطف والرفع على الابتداء.
وقال {إنّا أرسلنك بالحقّ بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحب الجحيم (119) [الآية 119] وقد قرئت} {ولا تسأل وكلّ هذا رفع لأنه ليس بنهي وإنّما هو حال كأنه قال «أرسلناك بشيرا ونذيرا وغير سائل أو غير مسؤول» وقد قرئتا جزما جميعا على النهي.
وقال} {يتلونه حقّ تلاوته [الآية 121] كما يقولون: «هذا حقّ عالم» وهو مثل «هذا عالم كلّ عالم».
وقال} {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات [الآية 124] أي: اختبره. و} {إبرهم
[الآية 124] هو المبتلى فلذلك انتصب.
وقال} {لا ينال عهدى الظّلمين [الآية 124] لأنّ العهد هو الذي لا ينالهم، وقال بعضهم} {لا ينال عهدي الظالمون والكتاب بالياء. وإنما قالوا} {الظّلمون
لأنهم جعلوهم الذين لا ينالون.
وقال} {وإذ جعلنا البيت مثابة لّلنّاس وأمنا [الآية 125] على} {اذكروا نعمتى الّتى أنعمت عليكم [الآية 122]} {وإذ جعلنا البيت مثابة لّلنّاس [الآية 125] وألحقت الهاء في «المثابة» لما كثر من يثوب إليه كما تقول: «نسّابة» و «سيّارة» لمن يكثر ذلك منه.
وقال} {واتّخذوا من مّقام إبراهيم مصلّى [الآية 125] يريد} {واتّخذوا [الآية 125] كأنّه يقول «واذكروا نعمتي وإذ اتّخذوا مصلى من مقام إبراهيم» و} {اتّخذوا بالكسر وبها نقرأ لأنّها تدلّ على الغرض.
وقال} {والرّكّع السّجود [الآية 125] ف} {السّجود جماعة «السّاجد» كما تقول: «قوم قعود» و «جلوس».
وقال} {وارزق أهله من الثّمرات من ءامن منهم [الآية 126] ف} {من ءامن يدل على التبيان كما تقول: «أخذت المال نصفه» و «رأيت القوم ناسا منهم». ومثل ذلك} {يسئلونك عن الشّهر الحرام قتال فيه [البقرة: الآية 217] يريد: عن قتال فيه. وجعله بدلا. ومثله} {ولله على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران: 97] ومثله} {قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم [الأعراف:
75] شبيه هذا أيضا إلّا أنه قدر فيه حرف الجرّ.
وقال} {ومن كفر فأمتعه قليلا [الآية 126] على الأمر} {ثم اضطره فجزم
} {فأمتعه [الآية 126] على الأمر وجعل الفاء جواب المجازاة. وقال بعضهم} فأمتعه وبها نقرأ رفع على الخبر وجواب المجازاة الفاء.(1/110)
وقال {ومن كفر فأمتعه قليلا [الآية 126] على الأمر} {ثم اضطره فجزم
} {فأمتعه [الآية 126] على الأمر وجعل الفاء جواب المجازاة. وقال بعضهم} {فأمتعه وبها نقرأ رفع على الخبر وجواب المجازاة الفاء.
وقال} {وإذ يرفع إبرهيم القواعد من البيت وإسمعيل ربّنا تقبّل منّا [الآية 127] أي كان إسماعيل الذي قال:} {ربّنا تقبّل منّا [البقرة: الآية 127].
وقال} {وأرنا مناسكنا [الآية 128] وقال بعضهم} {وأرنا أسكن الراء كما تقول: «قد علم ذلك» وبالكسر نقرأ. وواحد «المناسك»: «منسك» مثل «مسجد» ويقال أيضا: «منسك»،
وقال} {إلّا من سفه نفسه [الآية 130] فزعم أهل التأويل أنه في معنى: «سفّه نفسه» وقال يونس: «أراها لغة». ويجوز في هذا القول: «سفهت زيدا»، وهو يشبه «غبن رأيه» و «خسر نفسه» إلا أن هذا كثير، ولهذا معنى ليس لذاك. تقول: «غبن في رأيه» و «خسر في أهله» و «خسر في بيعه». وقد جاء لهذا نظير، قال: «ضرب عبد الله الظهر والبطن» ومعناه: «على الظهر والبطن» كما قالوا: «دخلت البيت» وإنما هو «دخلت في البيت». وقوله: «توجّه مكّة والكوفة» وإنما هو: «إلى مكّة والكوفة». ومما يشبه هذا قول الشاعر: [الوافر]} نغالي اللّحم للأضياف نيئا ... ونبذله إذا نضج القدور (1)
يريد: «نغالي باللحم». ومثل هذا {وإن أردتّم أن تسترضعوا أولدكم [البقرة: الآية 233] يقول: «لأولادكم» و} {ولا تعزموا عقدة النّكاح [البقرة: الآية 235] أي:
على عقدة النكاح. وأحسن من ذلك أن تقول: «إنّ سفه نفسه» جرت مجرى «سفه» إذ كان الفعل غير متعد، وإنما عداه إلى «نفسه» و «رأيه» وأشباه ذا ممّا هو في المعنى نحو «سفه» إذا لم يتعد. وأما «غبن» و «خسر» فقد يتعدى إلى غيره تقول:
«غبن خمسين» و «خسر خمسين».
وقال} {ووصّى بها إبرهم بنيه ويعقوب يبنىّ [الآية 132] فهو والله أعلم «وقال يعقوب يا بنيّ» لأنه حين قال} {ووصّى بها [الآية 132] قد أخبر أنه قال لهم شيئا فأجرى الأخير على معنى الأول، وإن شئت قلت} ويعقوب [الآية 132] معطوف كأنك قلت: «ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب» ثم فسر ما قال يعقوب، قال: «يا بني».
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 56.(1/111)
وقال {أم كنتم شهدآء [الآية 133] استفهام مستأنف.
وقال} {إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه [الآية 133] فأبدل «إذ» الآخرة من الأولى.
وقال} {إلهك وإله ءابائك إبرهم وإسمعيل وإسحق [الآية 133] على البدل وهو في موضع جر إلا أنها أعجمية فلا تنصرف.
وقوله} {إلها واحدا [الآية 133] على الحال.
وقال} {تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت [الآية 134] يقول: «قد مضت» ثم استأنف فقال:} {لها ما كسبت [الآية 134].
وقال} {بل ملّة إبرهم [الآية 135] بالنصب.
وقال} {صبغة الله [الآية 138] بالنصب. لأنهم حين قالوا لهم} {كونوا هودا [الآية 135] كأنه قيل لهم: «اتّخذوا هذه الملّة» فقالوا: «لا} {بل ملّة إبرهم
[الآية 135]» أي: نتّبع ملّة إبراهيم، ثم أبدل «الصّبغة» من «الملّة» فقال} {صبغة الله [الآية 138] بالنصب. أو يكون أراد: «كونوا أصحاب ملّة» ثم حذف «أصحاب» كما قال:} {ولكنّ البرّ من ءامن بالله [البقرة: الآية 177] يريد: برّ من آمن بالله». والصّبغة: هي الدين.
وقال} {أتحاجّونّا [الآية 139] مثقلة لأنهما حرفان مثلان فأدغم أحدهما في الآخر، واحتمل الساكن قبلهما إذ كان من حروف اللين، وحروف اللين الياء والواو والألف إذا كن سواكن. وقال بعضهم} {أتحاجّوننا [الآية 139] فلم يدغم ولكن أخفى فجعل حركة الأولى خفيفة وهي متحركة في الوزن، وهي في لغة الذين يقولون: «هذه مئة دّرهم» يشمون شيئا من الرفع ولا يبينون وذلك الاخفاء. وقد قرىء هذا الحرف على ذلك} {ما لك لا تأمنّا على يوسف [يوسف: الآية 11] بين الإدغام والإظهار. ومثل ذلك} {إنّى ليحزننى أن تذهبوا به [يوسف: الآية 13] وأشباه هذا كثير وإدغامه أحسن حتى يسكن الأول.
وقال} {أم يقولون إن إبراهيم [الآية 140] قال بعضهم} {أم تقولون على} {قل أتحاجّوننا [الآية 139] و} {أم تقولون. ومن قال} {أم يقولون [يونس: الآية 38] جعله استفهاما مستأنفا كما تقول: «إنّها لإبل» ثم تقول: «أم شاء».
وقال} وإن كانت لكبيرة [الآية 143] يعني «القبلة» ولذلك أنث.(1/112)
وقال {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك [الآية 145] لأن معنى قوله} {ولئن أتيت [الآية 145]: ولو أتيت. ألا ترى أنك تقول: «لئن جئتني ما ضربتك» على معنى «لو» كما قال} {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرّا لّظلّوا
[الرّوم: الآية 51] يقول: «ولو أرسلنا ريحا» لأن معنى «لئن» مثل معنى «لو» لأنّ «لو» لم تقع وكذلك «لئن» كذا يفسره المفسرون. وهو في الإعراب على أنّ آخره معتمد لليمين كأنه قال «والله ما تبعوا» أي: ما هم بمتّبعين.
وقال} {الحقّ من رّبّك [الآية 147] على ضمير الاسم ولكن استغني عنه لما ذكره كأنه قال: «هو الحقّ من ربّك».
وقال} {ولكلّ وجهة هو مولّيها [الآية 148] على: «ولكل أمّة وجهة» وقد قال قوم} {ولكلّ وجهة فلم ينونوا «كلّ». وهذا لا يكون لأنك لا تقول: «لكلّ رجل هو ضاربه» ولكن تقول: «لكلّ رجل ضارب» فلو كان «هو مولّ» كان كلاما. فأما «مولّيها» على وجه ما قرأ فليس بجائز.
وقال} {لئلّا يكون للنّاس عليكم حجّة إلّا الّذين ظلموا [الآية 150] فهذا معنى «لكنّ». وزعم يونس} [1] أنه سمع أعرابيا فصيحا يقول: «ما أشتكي شيئا إلّا خيرا» وذلك أنه قيل له: «كيف تجدك». وتكون «إلّا» بمنزلة الواو نحو قول الشاعر:
[الكامل] 130وأرى لها دارا بأغدرة الس ... يدان لم يدرس لها رسم (2)
إلّا رمادا هامدا دفعت ... عنه الرياح خوالد سحم
أراد: أرى لها دارا ورمادا. وقال بعض أهل العلم: إن الذين ظلموا ها هنا هم ناس من العرب كانوا يهودا أو نصارى، فكانوا يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم، فأما سائر العرب فلم يكن لهم حجة وكانت حجة من يحتج منكسرة. إلا أنك تقول لمن تنكسر حجته «إن لك علي الحجة ولكنها منكسرة وإنك تحتج بلا حجة وحجتك ضعيفة».
وقال ولأتمّ نعمتي عليكم [الآية 150] يقول: «لأن لا يكون للناس
__________
(1) يونس: هو يونس بن حبيب، تقدمت ترجمته.
(2) البيتان للمخبل السعدي في ديوانه ص 312، ولسان العرب (إلا)، وبلا نسبة في لسان العرب (خلد)، وتاج العروس (خلد).(1/113)
عليكم حجة ولأتم نعمتي عليكم» عطف على الكلام الأول.
وقوله {كما أرسلنا فيكم رسولا مّنكم يتلوا عليكم ءايتنا ويزكّيكم ويعلّمكم الكتب والحكمة [الآية 151]} {فاذكرونى أذكركم [الآية 152] أي: كما فعلت هذا فاذكروني.
وقال} {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات [الآية 154] على: ولا تقولوا هم أموات. وقال} {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا فى سبيل الله أموتا [آل عمران: الآية 169] نصب على «تحسب»، ثم قال} {بل أحياء [الآية 154] أي: بل هم أحياء.
ولا يكون أن تجعله على الفعل لأنه لو قال: «بل احسبوهم أحياء» كان قد أمرهم بالشك.
وقال} {فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما [الآية 158] «اطّوّف» «يطّوّف» وهي من «تطوّف». فأدغم التاء في الطاء، فلما سكنت جعل قبلها ألفا حتى يقدر على الابتداء بها. وإنما قال} {لا جناح عليه لأن ذلك كان مكروها في الجاهلية فأخبر أنه ليس بمكروه عنده.
وقال} {أولئك عليهم لعنة الله والملئكة والنّاس أجمعين [الآية 161] لأنه أضاف اللعنة ثم قال} {خلدين فيها [الآية 162] نصب على الحال.
وقال} {ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب إنّ القوة لله جميعا [الآية 165] ف «إنّ» مكسورة على الابتداء إذ قال} {ولو ترى [الأنعام: الآية 27]. وقال بعضهم} {ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب أنّ القوّة لله جميعا [الآية 165] يقول:
«ولو يرون أنّ القوّة لله» أي: «لو يعلمون» لأنهم لم يكونوا علموا قدر ما يعانون من العذاب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا قال} {ولو ترى فإنما يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كسر «إنّ» إذا قال} {ولو يرى الّذين ظلموا [الآية 165] على الابتداء جاز لو يرى أو يعلم. وقد تكون في معنى لا يحتاج معها إلى شيء تقول للرجل: «أما والله لو تعلم» و «لو يعلم». قال الشاعر: [الخفيف]} 131إن يكن طبّك الدّلال فلو في ... سالف الدّهر والسنين الخوالي (1)
فهذا ليس له جواب إلّا في المعنى. وقال: [الخفيف]
__________
(1) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص 113، وشرح شواهد المغني 2/ 937، والمقاصد النحوية 4/ 461، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 74، ومغني اللبيب 2/ 649.(1/114)
132 - فبحظّ مما تعيش ولا تذ ... هب بك التّرهات في الأهوال (1)
فأضمر «فعيشي». وقال بعضهم {ولو ترى وفتح} {أن على} {ترى
وليس ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم، ولكن أراد أن يعلم ذلك الناس كما قال} {أم يقولون افتراه [يونس: الآية 38] ليخبر الناس عن جهلهم، وكما قال} {ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض [البقرة: 107والمائدة: 40].
وقال} {إنّما حرّم عليكم الميتة [الآية 173] وإنما هي «الميّتة» خففت، وكذلك قوله} {بلدة مّيتا [الفرقان: الآية 49] يريد به «ميّتا» ولكن يخففون الياء كما يقولون في «هيّن» و «ليّن»: «هين» و «لين» خفيفة. قال الشاعر: [الخفيف]} 133ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء (2)
فثقل وخفف في معنى واحد. فأما «الميتة» فهي الموت.
وقال {فما أصبرهم على النّار [الآية 175] فزعم بعضهم أنه تعجب منهم كما قال} {قتل الإنسان ما أكفره [عبس: 17] تعجبا من كفره. وقال بعضهم} {فما أصبرهم [الآية 175] أي: ما أصبرهم، و: ما الذي أصبرهم.
وقال} {ذلك بأنّ الله نزّل الكتب بالحق [الآية 176] فالخبر مضمر كأنه يقول: «ذلك معلوم لهم بأن الله نزل الكتاب» لأنه قد أخبرنا في الكتاب أن ذلك قد قيل لهم فالكتاب حق.
وقال} {ولكنّ البرّ من ءامن بالله واليوم الأخر والملئكة والكتب والنّبيّن [الآية 177] ثم قال} {وءاتى المال على حبّه [الآية 177]} {وأقام الصّلوة وءاتى الزّكوة [الآية 177] فهو على أول الكلام «ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله وأقام الصلاة وآتى الزكاة» ثم قال} {والموفون بعهدهم إذا عهدوا والصّبرين [الآية 177] ف} {الموفون رفع على «ولكنّ الموفين» يريد «برّ الموفين» فلما لم يذكر «البرّ» أقام} {الموفون مقام البرّ كما قال} {وسئل القرية [يوسف: الآية 82] فنصبها على} {اسأل وهو يريد «أهل القرية»، ثم نصب} {الصّبرين على فعل مضمر كما قال} {لّكن الرّسخون فى العلم منهم والمؤمنون [النّساء: الآية 162] ثم قال} والمقيمين [النّساء: الآية 162] فنصب على
__________
(1) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص 114.
(2) البيت لعدي بن الرعلاء في تاج العروس (موت)، ولسان العرب (موت)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة 14/ 343، وتاج العروس (حيي)، والتنبيه والأيضاح 1/ 173.(1/115)
فعل مضمر ثم قال {والمؤتون الزّكوة [النّساء: الآية 162] فيكون رفعا على الابتداء أو بعطفه على «الراسخين». قال الشاعر: [الكامل]} لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر (1)
النازلين بكلّ معترك ... والطّيّبون معاقد الأزر
ومنهم من يقول «النازلون» و «الطيبين». ومنهم من يرفعهما جميعا وينصبهما جميعا كما فسرت لك. ويكون {الصّبرين معطوفا على} {ذوى القربى [الآية 177]} {وآتى الصابرين.
وقال} {فى البأسآء والضّرّآء [الآية 177] فبناه على «فعلاء» وليس له «أفعل» لأنه اسم، كما قد جاء «أفعل» في الأسماء ليس معه «فعلاء» نحو «أحمد». وقد قالوا «أفعل» في الصفة ولم يجىء له «فعلاء»، قالوا: «أنت من ذاك أوجل» و «أوجر» ولم يقولوا: «وجلاء» ولا «وجراء» وهما من الخوف. ومنه «رجل أوجل» و «أوجر».
وقال} {فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان [الآية 178] أي: «فعليه اتباع بالمعروف أو أداء إليه بإحسان» على الذي يطلب.
وقال} {إن ترك خيرا الوصيّة للولدين والأقربين [الآية 180] ف} {الوصيّة [الآية 180] على الاستئناف، كأنه والله أعلم} {ان ترك خيرا فالوصية} {للولدين والأقربين بالمعروف حقّا [الآية 180].
وقال} {كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم [الآية 183].
ثم قال} {أيّاما [الآية 184] أي: كتب الصّيام أياما. لأنّك شغلت الفعل بالصيام حتى صار هو يقوم مقام الفاعل، وصارت الأيّام كأنك قد ذكرت من فعل بها.
وقال} {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [الآية 184] يقول «فعليه عدّة» رفع، وإن شئت نصبت «العدّة» على «فليصم عدّة» إلّا أنّه لم يقرأ.
} ولتكملوا العدّة [الآية 185] وهو معطوف على ما قبله كأنه قال «ويريد
__________
(1) تقدم البيت الثاني مع تخريجه برقم 67.(1/116)
لتكملوا العدّة» {ولتكبّروا الله [الآية 185]. وأما قوله} {يريد الله ليبيّن لكم
[النّساء: الآية 26] فإنما معناه: يريد هذا ليبين لكم. قال الشاعر: [الطويل]} 134أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل (1)
فمعناه: أريد هذا الشيء لأنسى ذكرها «أو يكون أضمر» «أن» بعد اللام وأوصل الفعل إليها بحرف الجر. قال {فهدى الله الّذين ءامنوا لما اختلفوا فيه
[الآية 213] فعدّى الفعل بحرف الجر، والمعنى: «عرّفهم الاختلاف حتى تركوه».
وقال} {وعلى الّذين يطيقونه فدية طعام مسكين [الآية 184] وقد قرئت} {فدية طعام مسكين وهذا ليس بالجيد، إنما الطعام تفسير للفدية، وليست الفدية بمضافة إلى الطعام. وقال} {يطيقونه [الآية 184] يعني الصيام. وقال بعضهم} {يطوّقونه أي يتكلّفون الصيام. ومن قال} {مساكين فهو يعني جماعة الشهر لأن لكل يوم مسكينا. ومن قال} {مسكين [الآية 184] فإنما أخبر ما يلزمه في ترك اليوم الواحد.
وقال} {وأن تصوموا خير لّكم [الآية 184] لأن «أن» الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة الاسم كأنه قال: «والصيام خير لكم».
ثم قال} {شهر رمضان [الآية 185] على تفسير الأيام، كأنه حين قال} {أيّاما مّعدودات [الآية 184] فسرها فقال: «هي شهر رمضان». وقد نصب بعضهم} {شهر رمضان [الآية 185] وذلك جائز على الأمر، كأنه قال: «شهر رمضان فصوموا»، أو جعله ظرفا على} {كتب عليكم الصّيام [الآية 183]} {شهر رمضان [الآية 185] أي: «في شهر رمضان» و «رمضان» في موضع جر لأن الشهر أضيف إليه ولكنه لا ينصرف.
وقال} {الّذى أنزل فيه القرءان هدى لّلنّاس وبيّنات مّن الهدى [الآية 185] فموضع} {هدى و} {بيّنات نصب لأنه قد شغل الفعل ب} القرءان [الآية 185] وهو كقولك: «وجد عبد الله ظريفا».
__________
(1) البيت لكثير عزّة في ديوانه ص 108، والأغاني 4/ 267، 268، 269، 9/ 335، 336، وأمالي القالي 2/ 63، وخزانة الأدب 10/ 329، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1237، وشرح شواهد المغني 1/ 65، 2/ 580، ولسان العرب (رود)، والمقاصد النحوية 2/ 249، 3/ 403، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 121، ورصف المباني ص 246، واللامات ص 138، والمحتسب 2/ 32، ومغني اللبيب 1/ 216.(1/117)
وأما قوله {والفرقان [الآية 185] فجرّ على «وبينات من الفرقان».
وقوله} {يرشدون [الآية 186] لأنها من: «رشد» «يرشد» ولغة العرب «رشد» «يرشد» وقد قرئت} {يرشدون.
وقال} {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل وتدلوا بها إلى الحكّام [الآية 188] جزم على العطف ونصب إذ جعله جوابا بالواو.
وقال} {هى موقيت للنّاس والحجّ [الآية 189] فجر} {الحج لأنه عطفه على «الناس» فانجر باللام.
وقال} {ولكنّ البرّ من اتّقى [الآية 189] يريد «برّ من اتّقى».
وقال} {ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة [الآية 195] يقول: «إلى الهلكة». والباء زائدة نحو زيادتها في قوله} {تنبت بالدّهن [المؤمنون: الآية 20] وإنما هي: تنبت الدهن. قال الشاعر: [الطويل]} 135كثيرا بما يتركن في كلّ حفرة ... زفير القواضي نحبها وسعالها (1)
يقول: «كثيرا يتركن» وجعل الباء و «ما» زائدتين.
وأما قوله {فاعتدوا عليه [الآية 194] فإن الله لم يأمر بالعدوان، وإنما يقول:
«إيتوا إليهم الذي كان يسمى بالاعتداء» أي: افعلوا بهم كما فعلوا بكم، كما تقول:
«إن تعاطيت مني ظلما تعاطيته منك» والثاني ليس بظالم. قال عمرو بن شأس} [2]:
[الطويل] 136جزينا ذوي العدوان بالأمس مثله ... قصاصا سواء حذوك النّعل بالنّعل (3)
وأما قوله {فإن انتهوا فإنّ الله غفور رّحيم (192) [الآية 192] يريد: فإن الله لهم.
وقوله} {فلا عدوان إلا على الظالمين [الآية 193] لأنه يجوز أن يقول} إن
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) عمرو بن شأس: هو أبو عرار عمرو بن شأس بن أبي بليّ واسمه عبيد بن ثعلبة بن وبرة بن مالك بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة. شاعر كثير الشعر مقدّم. أسلم في صدر الإسلام وشهد القادسية، توفي نحو سنة 20هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 328).
(3) البيت ليس في ديوان عمرو بن شأس، ولم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/118)
{انتهوا وهو قد علم أنهم لا ينتهون إلا بعضهم فكأنه قال: «إن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الظالمين منهم» فأضمر. كما قال} {فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ فما استيسر [الآية 196] أي: فعليه ما استيسر كما تقول «زيدا أكرمت» وأنت تريد «أكرمته» وكما تقول «إلى من تقصد أقصد» تريد «إليه».
وأما قوله} {فإن أحصرتم [الآية 196] فلأنك تقول: «أحصرني بولي» و «أحصرني مرضي» أي: جعلني أحصر نفسي. وتقول: «حصرت الرجل» أي:
حبسته، فهو «محصور». وزعم يونس} [1] عن أبي عمرو (2) أنه يقول: «حصرته إذا منعته عن كلّ وجه» وإذا منعته من التقدم خاصة فقد «أحصرته»، ويقول بعض العرب في المرض وما أشبهه من الإعياء والكلال: «أحصرته».
وقال {ففدية مّن صيام [الآية 196] أي: فعليه فدية.
وقال} {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة [الآية 196] فإنما قال} {عشرة كاملة [الآية 196] وقد ذكر سبعة وثلاثة ليخبر أنها مجزية، وليس ليخبر عن عدتها، ألا ترى أن قوله} {كاملة [البقرة: الآية 196] إنما هي «وافية».
وقد ذكروا أنّه في حرف ابن مسعود} [3]: {تسع وتسعون نعجة أنثى وذلك أن الكلام يؤكد بما يستغنى به عنه كما قال} فسجد الملئكة كلّهم أجمعون (30) [الحجر: الآية 30]. وقد يستغنى بأحدهما، ولكن تكرير الكلام كأنه أوجب. ألا ترى أنك تقول: «رأيت أخويك كليهما» ولو قلت: «رأيت أخويك» استغنيت فتجيء ب «كليهما» توكيدا. وقال بعضهم في قول ابن مسعود «أنثى» أنه إنما أراد «مؤنّثة» يصفها بذلك لأن ذلك قد يستحب من النساء.
__________
(1) يونس: هو يونس بن حبيب، تقدمت ترجمته.
(2) أبو عمرو: هو أبو عمرو بن العلاء، زبان بن العلاء بن عمار بن الريان المازني البصري، أكثر القراء السبعة شيوخا، أخذ القراءة عن أنس بن مالك، وحميد بن قيس الأعرج، وسعيد بن جبير، وشيبة بن نصاح، وأبي العالية، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الله بن كثير المكي، وعطاء، ومجاهد، وابن محيصن، وغيرهم. وروى عنه كثير، منهم: عبد الله بن المبارك، ويحيى بن المبارك اليزيدي وغيرهما، ولد بمكة سنة 68هـ، وتوفي سنة 154هـ. (شذرات الذهب 1/ 237، غاية النهاية 1/ 288).
(3) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود، تقدمت ترجمته.(1/119)
وقال {ذلك لمن لّم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام [الآية 196] وإذا وقفت قلت: «حاضري» لأن الياء إنما ذهبت في الوصل لسكون اللام من «المسجد»، وكذلك} {غير محلّى الصّيد [المائدة: الآية 1] وقوله} {عمّ يتساءلون (1) [النّبإ: الآية 1] و} {فيم أنت من ذكراها (43) [النّازعات: الآية 43] وأشباه هذا مما ليس هو حرف إعراب. وحرف الإعراب الذي يقع عليه الرفع والنصب والجر ونحو «هو» و «هي»، فإذا وقفت عليه فأنت فيه بالخيار إن شئت ألحقت الهاء وإن شئت لم تلحق.
وقد قالت العرب في نون الجميع ونون الاثنين في الوقف بالهاء فقالوا:
«هما رجلانه» و «مسلمونه» و «قد قمته» إذا أرادوا: «قد قمت» وكذلك ما لم يكن حرف إعراب إلا أن بعضه أحسن من بعض، وهو في المفتوح أكثر. فأما «مررت بأحمر» و «يعمر» فلا يكون الوقف في هذا بالهاء لأن هذا قد ينصرف عن هذا الوجه. وكذلك ما لم يكن حرف إعراب ثم كان يتغير عن حاله فإنه لا تلحق فيه الهاء إذا سكت عليه.
وأما قوله} {إني أريد أن تبوء بإثمي واثمك [المائدة: 29] فإذا وقفت قلت «تبوء» لأنها «أن تفعل» فإذا وقفت على «تفعل» لم تحرّك. قال} {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا [يونس: 87] إذا وقفت عليه لأنه «أن تفعّلا» وأنت تعني فعل الاثنين فهكذا الوقف عليه قال} {ولقد بوّأنا بنى إسراءيل مبوّأ صدق [يونس: الآية 93] فإذا وقفت قلت: «مبوّأ» ولا تقول «مبوّءا» لأنه مضاف، فإذا وقفت عليه لم يكن ألف. ولو أثبت فيه الألف لقلت في وقف} {غير محلّى الصّيد [المائدة: الآية 1]:
«محلين» ولكنه مثل «رأيت غلامي زيد» فإذا وقفت قلت: «غلامي».
وقال} {فلمّا ترءا الجمعان [الشّعراء: الآية 61] فإذا وقفت قلت: «تراءى» ولم تقل: «تراءيا» لأنك قد رفعت الجمعين بذا الفعل، ولو قلت: «تراءيا» كنت قد جئت باسم مرفوع بذا الفعل وهو الألف ويكون قولك «الجمعان» ليس بكلام إلا على وجه آخر.
وقال} {فإذا أفضتم مّن عرفت فاذكروا الله عند المشعر الحرام
[الآية 198] فصرف «عرفات» لأنها تلك الجماعة التي كانت تتصرف، وإنما صرفت لأن الكسرة والضمة في التاء صارت بمنزلة الياء والواو في «مسلمين» و «مسلمون» لأنه تذكيره، وصارت التنوين في نحو «عرفات» و «مسلمات» بمنزلة النون. فلما سمي به ترك على حاله كما يترك «مسلمون» إذا سمي به على حاله
حكاية. ومن العرب من لا يصرف ذا إذا سمي به ويشبه التاء بهاء التأنيث في نحو «حمدة» وذلك قبيح ضعيف. قال الشاعر: [الطويل]} 137تنوّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال (1)
ومنهم من لا ينوّن «أذرعات» ولا «عانات» وهو مكان.(1/120)
وقال {فإذا أفضتم مّن عرفت فاذكروا الله عند المشعر الحرام
[الآية 198] فصرف «عرفات» لأنها تلك الجماعة التي كانت تتصرف، وإنما صرفت لأن الكسرة والضمة في التاء صارت بمنزلة الياء والواو في «مسلمين» و «مسلمون» لأنه تذكيره، وصارت التنوين في نحو «عرفات» و «مسلمات» بمنزلة النون. فلما سمي به ترك على حاله كما يترك «مسلمون» إذا سمي به على حاله
حكاية. ومن العرب من لا يصرف ذا إذا سمي به ويشبه التاء بهاء التأنيث في نحو «حمدة» وذلك قبيح ضعيف. قال الشاعر: [الطويل]} 137تنوّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال (1)
ومنهم من لا ينوّن «أذرعات» ولا «عانات» وهو مكان.
وقال {ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى [الآية 203] كأنه حين ذكر هذه الرخصة قد أخبر عن أمر فقال} {لمن اتّقى [الآية 203] أي: ذلك لمن اتقى.
وقال} {ويشهد الله على ما فى قلبه [الآية 204] إذا كان هو يشهد وقال بعضهم:} {ويشهد الله [الآية 204] أي: إن الله هو الذي يشهد.
وقال} {وهو ألدّ الخصام [الآية 204] من «لددت» «تلدّ» و «هو ألدّ» و «هم قوم لدّ» و «امرأة لدّاء» و «نسوة لدّ».
وقال} {ومن النّاس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله [الآية 207] يقول: «يبيعها» كما تقول: «شريت هذا المتاع» أي: بعته و «شريته»: اشتريته أيضا، يجوز في المعنيين جميعا، كما تقول: «إنّ الجلّ لأفضل المتاع»، و «إنّ الجلّ لأردؤه»، وعلى ذلك يجوز مع كثير مثله. وكذلك «الجلل» يكون العظيم ويكون الصغير. وكذلك «السّدف» يكون الظلمة والضوء. وقال الشاعر: [الرمل]} 138وأرى أربد قد فارقني ... ومن الأرزاء رزء ذو جلل (2)
أي: عظيم. وقال الآخر: [الطويل] 139ألا إنّما أبكي ليوم لقيته ... بجرثم صاد كلّ ما بعده جلل (3)
أي: صغير.
__________
(1) البيت لامرىء القيس في ديوانه ص 31، وخزانة الأدب 1/ 56، والدرر 1/ 82، ورصف المباني ص 245، وسرّ صناعة الإعراب ص 497، وشرح أبيات سيبويه 2/ 219، وشرح التصريح 1/ 83، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1359، وشرح المفصّل 1/ 47، والكتاب 3/ 233، والمقاصد النحوية 1/ 196، والمقتضب 3/ 333، و 4/ 38، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 69، وشرح الأشموني 1/ 41، وشرح ابن عقيل ص 44، وشرح المفصل 9/ 34.
(2) البيت للبيد في ديوانه ص 197، وكتاب العين 7/ 383.
(3) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص 93.(1/121)
وأما قوله {ابتغاء مرضات الله [الآية 207] فإن انتصابه على الفعل وهو على «يشري» كأنه قال «لابتغاء مرضاة الله» فلما نزع اللام عمل الفعل. ومثله} {حذر الموت [البقرة: الآية 19] وأشباه هذا كثير. قال الشاعر: [الطويل]} 140وأغفر عوراء الكريم ادّخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما (1)
لما حذف اللام عمل فيه الفعل.
وقال {ادخلوا فى السّلم كآفّة [الآية 208] و «السّلم»: الإسلام. وقوله} {وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون [محمد: 35] ذلك: الصلح. وقد قال بعضهم في «الصلح»: «السّلم». وقال} {ويلقوا إليكم السّلم [النّساء: الآية 91] وهو الاستسلام. وقال} {وإذا خاطبهم الجهلون قالوا سلما [الفرقان: الآية 63] أي: «قالوا براءة منكم» لأنّ «السّلام» في بعض الكلام هو: البراءة. تقول: «إنّما فلان سلام بسلام» أي: لا يخالط أحدا. قال الشاعر: [الوافر]} 141سلامك ربّنا في كلّ فجر ... بريئا ما تغنّثك الذّموم (2)
يعني تأوّبك، يقول: «براءتك». وقال {إذ دخلوا عليه فقالوا سلما قال سلم
[الذّاريات: الآية 25] وهذا فيما يزعم المفسرون: قالوا خيرا. كأنه والله أعلم سمع منهم التوحيد فقد قالوا خيرا، فلما عرف أنهم موحدون قال: «سلام عليكم» فسلم عليهم. فهذا الوجه رفع على الابتداء. وقال بعضهم: «ما كان من كلام الملائكة فهو نصب وما كان من الإنسان فهو رفع في السلام». وهذا ضعيف ليس بحجة. وقال} فاصفح عنهم وقل سلم [الزّخرف: الآية 89] فهذا يجوز على معنى:
«سلام عليكم» في التسليم. أو يكون على البراءة إلا أنه جعله خبر المبتدأ كأنه قال «أمري سلام» أي: أمري براءة منكم، وأضمر الاسم كما يضمر الخبر. وقال الشاعر: [الطويل]
__________
(1) البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص 224، وخزانة الأدب 3/ 122، 123، 124، وشرح أبيات سيبويه 1/ 45، وشرح شواهد المغني 2/ 952، وشرح المفصّل 2/ 54، والكتاب 1/ 368، ولسان العرب (عور)، واللمع ص 141، والمقاصد النحوية 3/ 75، ونوادر أبي زيد ص 110، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 187، وخزانة الأدب 3/ 115، وشرح ابن عقيل ص 296، والكتاب 3/ 126، ولسان العرب (خصص)، والمقتضب 2/ 348.
(2) البيت لأمية بن أبي الصلب في ديوانه ص 54، وإنباه الرواة 2/ 40، وشرح أبيات سيبويه 1/ 305، والكتاب 1/ 325، ولسان العرب (غنث)، (ذمم)، (سلم)، ومراتب النحويين ص 112، والمقاصد النحوية 3/ 183، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 428، وخزانة الأدب 7/ 235.(1/122)
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم (1)
على: «أأنت هي أم أم سالم» أي: أشكلت عليّ بشبه أمّ سالم بك. وكل هذا قد أضمر الخبر فيه. ومثل ذلك {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا [الحديد: 10] فلما قال} {أولئك أعظم درجة مّن الّذين أنفقوا من بعد وقتلوا [الحديد: الآية 10] كان فيه دليل على معنى} {لا يستوى منكم مّن أنفق من قبل الفتح [الحديد: الآية 10] «ومن أنفق من بعد الفتح» أي لا يستوي هؤلاء وهؤلاء.
وقال} ولا تتّبعوا خطوات الشّيطن [الآية 208] لأن كل اسم على «فعلة» خفيف إذا جمع حرك ثانية بالضم نحو «ظلمات» و «غرفات» لأن مخرج الحرفين بلفظ واحد إذا قرب أحدهما من صاحبه كان أيسر عليهم. وقد فتحه بعضهم فقال:
«الركبات» و «الغرفات» و «الظلمات»، وأسكن بعضهم ما كان من الواو كما يسكن ما كان من الياء نحو «كليات» أسكن اللام لئلا تحوّل الياء واوا فأسكنها في «خطوات» لأن الواو أخت الياء. وما كان على «فعلة» نحو: «سلوة» و «شهوة» حرّك ثانية في الجمع بالفتح نحو «سلوات» و «شهوات»، فإذا كان أوله مكسورا كسر ثانية نحو «كسرة» و «كسرات»، و «سدرة»، و «سدرات». وقد فتح بعضهم ثاني هذا كما فتح ثاني المضموم واستثقل الضمتين والكسرتين. وما كان من نحو هذا ثانيه واو أو ياء أو التقى فيه حرفان من جنس واحد لم يحرّك، نحو:
«دومة» و «دومات»، «وعوذة» و «عوذات» وهي: المعاذة، و «بيضة» و «بيضات»، و «ميتة» و «ميتات»، لأن هذا لو حرّك لتغير وصار ألفا فكان يغير بناء الاسم فاستثقلوا ذلك.
وقالوا: «عضة» و «عضات» فلم يحركوا لأن هذا موضع تتحرك فيه لام الفعل فلا يضعف ولولا أنه حرك لضعف وأكثر ما في «الظلمات» و «الكسرات» وما أشبههما أن يحرك الثاني على الأول. وقد دعاهم ذلك إلى أن قالوا «أذكر» فضموا الألف لضمة الكاف وبينها حرف فذلك أخلق. وقد قال بعضهم: «أنا أنبوك» و «أنا أجوك» فضم الباء والجيم لضمة الهمزة ليجعلها على لفظ واحد، فهذا أشد من ذاك. وقال: «هذا هو منحدر من الجبل» يريد «منحدر» فضم الدال لضمة الراء، كما ضم الباء والجيم في «أنبوك» و «أجوك».
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 14.(1/123)
وقال {هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله فى ظلل مّن الغمام والملئكة [الآية 210] على «وفي الملائكة». وقال بعضهم} {والملئكة أي: وتأتيهم الملائكة.
والرفع هو الوجه وبه نقرأ، لأنه قد قال ذلك في غير مكان. قال} {وجاء ربّك والملك [الفجر: الآية 22] وقال} {إلا أن تأتيهم الملائكة ويأتي ربك [الأنعام: 158] و «الملك» في هذا الموضع جماعة كما تقول: «أهلك الناس الدينار والدرهم» و «هلك البعير والشّاء» تريد: جماعة الإبل والشاء. وقوله} {إلّا أن يأتيهم الله
[الآية 210] يعني أمره، لأنّ الله تبارك وتعالى لا يزول كما تقول: «قد خشينا أن تأتينا بنو أميّة» وإنما تعني حكمهم.
وقال} {وما اختلف فيه إلّا الّذين أوتوه من بعد ما جآءتهم البيّنت بغيا بينهم
[الآية 213] يقول: «وما اختلف فيه إلّا الذين أوتوه بغيا بينهم من بعد ما جاءتهم البيّنات».
وقال} {كتب عليكم القتال وهو كره لكم [الآية 216] وقال بعضهم} {حملته امه كرها [الأحقاف: 15] وقال بعضهم:} {كرها وهما لغتان مثل «الغسل» و «الغسل»، و «الضّعف» و «الضّعف» إلا أنه قد قال بعضهم إنه إذا كان في موضع المصدر كان «كرها» كما تقول: «لا تقوم إلا كرها» وتقول: «لا تقوم إلا على كره» وهما سواء مثل «الرّهب» و «الرّهب» وقال بعضهم: «الرّهب» كما قالوا:
«البخل» و «البخل» و «البخل». وإنما قال} {كره لّكم [الآية 216] أي: ذو كره وحذف «ذو» كما قال} {وسئل القرية [يوسف: الآية 82].
وقال} {وصدّ عن سبيل الله [الآية 217].
وقال} {وكفر به والمسجد الحرام [الآية 217] على «وصدّ عن المسجد الحرام».
ثم قال:} {وإخراج أهله منه أكبر [الآية 217] على الابتداء.
وقال:} {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعملهم [الآية 217] فضعّف لأن أهل الحجاز إذا كانت لام الفعل ساكنة ضعفوا وهي ها هنا ساكنة أسكنها بالجزاء. وقال:} ومن يرتدّ منكم عن دينه فسوف
[المائدة: 54] فلم يضاعف في لغة من لا يضاعف لأن من لا يضاعف كثير.(1/124)
وقال: {ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو [الآية 219] إذا جعلت} {ماذا
بمنزلة «ما». وإن جعلت} {ماذا بمنزلة «الذي» قلت:} {قل العفو [الآية 219] والأولى منصوبة وهذه مرفوعة كأنه قال: «ما الذي ينفقون» فقال: «الذي ينفقون العفو». وإذا نصبت فكأنه قال: «ما ينفقون» فقال: «ينفقون العفو» لأن «ما» إذا لم تجعل بمنزلة «الذي» ف «العفو» منصوب ب «ينفقون». وإن جعلت بمنزلة «الذي» فهو مرفوع بخبر الابتداء كما قال} {مّاذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين [النّحل: الآية 24] جعل} {ماذا بمنزلة «الذي» وقال} {ماذا أنزل ربّكم قالوا خيرا [النّحل: الآية 30] جعل} {ماذا بمنزلة «ما». وقد يكون إذا جعلها بمنزلة «ما» وحدها الرفع على المعنى. لأنه لو قيل له: «ما صنعت»؟ فقال: «خير»، أي: الذي صنعت خير، لم يكن به بأس. ولو نصبت إذا جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» كان أيضا جيدا لأنه لو قيل لك: «ما الذي صنعت»؟ فقلت: «خيرا» أي: صنعت خيرا، كان صوابا. قال الشاعر: [الوافر]} دعي ماذا علمت سأتّقيه ... ولكن بالمغيّب نبّئيني (1)
جعل «ما» و «ذا» بمنزلة «ما» وحدها، ولا يجوز أن يكون «ذا» بمنزلة «الذي» في هذا البيت لأنك لو قلت: «دعي ما الذي علمت» لم يكن كلاما.
وقال أهل التأويل في قوله {مّاذا أنزل ربّكم قالوا أسطير الأوّلين [النّحل: الآية 24] لأن الكفار جحدوا أن يكون ربهم أنزل شيئا فقالوا لهم: «ما تقولون أنتم أساطير الأوّلين» أي: «الذي تقولون أنتم أساطير الأولين» ليس على «أنزل ربّنا أساطير الأولين». وهذا المعنى فيما نرى والله أعلم كما قال} {وإن تخالطوهم فإخوانكم
[الآية 220] أي: فهم إخوانكم.
قال} {ويسئلونك عن المحيض [الآية 222] وهو: الحيض. وإنما أكثر الكلام في المصدر إذا بني هكذا أن يراد به «المفعل» نحو قولك: «ما في برّك مكال» أي:
كيل. وقد قيلت الأخرى أي: قيل «مكيل» وهو مثل «محيض» من الفعل إذا كان مصدرا للتي في القرآن وهي أقل. قال الشاعر: [الكامل]} 142بنيت مرافقهنّ فوق مزلّة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا (2)
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 30.
(2) البيت للراعي النميري في ديوانه ص 241، والحيوان 5/ 437، وشرح أبيات سيبويه 2/ 332، وشرح اختيارات المفضّل ص 250، 983، والكتاب 4/ 89، ولسان العرب (حبس)، (زلل)، وتاج العروس (زلل).(1/125)
يريد: «قيلولة». وتقول: «جئت مجيئا حسنا». فبنوه على «مفعل» وهو مصدره.
وقال {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن [الآية 222] لأنك تقول: «طهرت المرأة» ف «هي تطهر». وقال بعضهم: «طهرت». وقالوا: «طلقت» «تطلق» و «طلقت» «تطلق» أيضا. ويقال للنفساء إذا أصابها النفاس: «نفست» فإذا أصابها الطلق قيل:
«طلقت».
وقال} {لّا يؤاخذكم الله بالّلغو فى أيمنكم [الآية 225] تقول: «لغوت في اليمين» ف «أنا ألغو» «لغوا» ومن قال: «هو يمحا» قال: «هو يلغا» «لغوا» و «محوا». وقد سمعنا ذلك من العرب. وتقول: «لغيت باسم فلان» ف «أنا ألغى به» «لغى» أي:
أذكره.
وقال} {لّلّذين يؤلون من نّسائهم [الآية 226] تقول: «آلى من امرأته» «يؤلي» «إيلاء» و «ظاهر منها» «ظهارا» كما تقول: «قاتل» «قتالا».} {تربّص أربعة أشهر [الآية 226]} {لّلّذين يؤلون [الآية 226] جعل ذلك لهم أجلا} {فان فاءوا [الآية 226] يعني: «فإن رجعوا» لأنك تقول: «فئت إلى الحقّ».
وقال} {ثلثة قروء [الآية 228] ممدودة مهموزة وواحدها «القرء» خفيفة مهموزة مثل: «القرع» وتقول: «قد أقرأت المرأة» «إقراء» بالهمز، إذا صارت صاحبة حيض. وتقول: «ما قرأت حيضة قط» مثل: «ما قرأت قرآنا». و: «قد قرأت حيضة أو حيضتين» بالهمز، و «ما قرأت جنينا قطّ» مثلها. أي: ما حملت. و «القرء»:
انقطاع الحيض، وقال بعضهم: «ما بين الحيضتين. قال الشاعر: [الوافر]} 143ذراعي بكرة أدماء بكر ... هجان اللّون لم تقرأ جنينا (1)
وأما قول الشاعر: [الطويل] 144فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل (2)
__________
(1) البيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص 68، ولسان العرب (هجن)، (عطل)، وجمهرة اللغة (101)، وكتاب العين 5/ 205، وتاج العروس (قرأ)، (بكر)، (عطل)، (هجن)، وجمهرة أشعار العرب 1/ 392، وشرح ديوان امرىء القيس ص 322، وشرح القصائد السبع ص 379، وشرح القصائد العشر ص 326، وشرح المعلقات السبع ص 169، وشرح المعلقات العشر ص 89، وبلا نسبة في لسان العرب (قرأ)، (بكر).
(2) البيت لامرىء القيس في ديوانه ص 8، والأضداد ص 93، وخزانة الأدب 11/ 6، والدرر 1/(1/126)
فإن «المقراة»: المسيل وليس بمهموز.
وقال {فلا تعضلوهنّ [الآية 232] ينهى أزواجهن أن يمنعوهن من الأزواج.
وقال} {حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة [الآية 233] لأنه يقول: «بيني وبينك رضاعة» و «رضاع» وتقول: «اللّؤم والرّضاعة» وهي في كل شيء مفتوحة.
وبعض بني تميم يكسرها إذا كانت في الارتضاع يقول: «الرّضاعة».
وقال} {لا تكلّف نفس إلّا وسعها لا تضارّ ولدة [الآية 233] رفع على الخبر يقول: «هكذا في الحكم أنه لا تضارّ والدة بولدها» يقول: «ينبغي» فلما حذف «ينبغي» وصار «تضارّ» في موضعه صار على لفظه. ومثله:} {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا [الآية 234] فخبر} {والّذين يتوفّون [الآية 234]} {يتربّصن [الآية 228] «بعد موتهم» ولم يذكر «بعد موتهم» كما يحذف بعض الكلام يقول: «ينبغي لهنّ أن يتربّصن» فلما حذف «ينبغي» وقع «يتربّصن» موقعه. قال الشاعر: [الطويل]} 145على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى ... قضيّته أن لا يجور ويقصد (1)
فرفع «ويقصد» على قوله: «وينبغي». ومن جعل {لا تضارّ [الآية 233] على النهي قال} {لا تضارّ [الآية 233] على النصب وهذا في لغة من لم يضعف، فأما من ضعف فإنه يقول} {لا تضارر إذا أراد النهي لأن لام الفعل ساكنة إذا قلت «لا تفاعل» وأنت تنهى. إلا أن «تضار» ها هنا غير مضعفة لأن ليس في الكتاب إلا راء واحدة.
وقال} {لا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النساء [235] ف «الخطبة»: الذكر، و «الخطبة»: التشهّد.
وقال} {ولكن لّا تواعدوهنّ سرّا [الآية 235] لأنه لما قال} {لّا جناح عليكم
كأنه قال: «تذكرون»} ولكن لّا تواعدوهنّ سرّا إلّا أن تقولوا [الآية 235] استثناء
__________
285، وشرح شواهد المغني 1/ 463، 2/ 743، وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 27، ومغني اللبيب 1/ 331، والمنصف 3/ 25، وهمع الهوامع 1/ 88.
(1) البيت لأبي اللحام التغلبي في خزانة الأدب 8/ 555، 557، 558، وشرح أبيات سيبويه 2/ 182، وشرح المفصل 7/ 38، 39، ولعبد الرحمن ابن أم الحكم في الكتاب 3/ 56، ولأبي اللحام أو لعبد الرحمن في لسان العرب (قصد)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 243، وجواهر الأدب ص 169، وشرح شواهد المغني 2/ 778، والمحتسب 1/ 149، 2/ 21، ومغني اللبيب 2/ 359.(1/127)
خارج على «ولكن».
قال {فنصف ما فرضتم [الآية 237] أي: فعليكم نصف ما فرضتم} {إلّا أن يعفون [الآية 237] وإن شئت نصبت} {نصف ما فرضتم على الأمر.
قال} {وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم [الآية 237] وقال بعضهم} {ولا تناسوا، وكلّ صواب. وقال بعضهم} {ولا تنسوا الفضل [الآية 237] فكسر الواو لاجتماع الساكنين كما قال} {إشتروا الضلالة.
وقال} {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا [الآية 239] يقول: «صلّوا رجالا أو صلّوا ركبانا».
وقال} {ذلك يوعظ به [الآية 232] و} {ذلكم أزكى لكم وأظهر [الآية 232] لأنه خاطب رجالا، وقال في موضع آخر} {ذلكن الذي لمتنني فيه [يوسف: 32] لأنه خاطب نساء، ولو ترك «ذلك» ولم يلحق فيها أسماء الذين خاطب كان جائزا. وقال} {من يأت منكنّ بفحشة مّبيّنة يضعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا [الأحزاب: الآية 30] ولم يقل} {ذلكن وقال} {فاستبشروا ببيعكم الّذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [التّوبة: الآية 111]. وقال في المجادلة} {ذلكم خير لكم وأطهر [المجادلة: 12] وليس بأبعد من قوله} {حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم [يونس: الآية 22] فخاطب ثم حدّث عن غائب لأن الغائب هو الشاهد في ذا المكان. وقال} {هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة.
وقال} {وصيّة لّأزواجهم [الآية 240] كأنه قال: «لأزواجهم وصيّة»} {مّتعا إلى الحول [الآية 240] ونصب} {متعا لأنه حين قال} {لّأزوجهم} {وصيّة فكأنه قد قال: «فمتّعوهنّ»} {متعا [الآية 236] فعلى هذا انتصب قوله} {مّتعا إلى الحول غير إخراج [الآية 240] يقول «لا إخراجا» أي: «متاعا لا إخراجا» أي: لا تخرجوهن إخراجا. وزعموا أنها في حرف ابن مسعود} {كتب عليكم وصية لأزواجك.
وقال} {وللمطلّقات متع بالمعروف حقّا [الآية 241] أي: أحقّ ذلك حقّا.
وقال بعضهم} {وصية لّأزواجهم [الآية 240] فنصب على الأمر ورفع أي:
«عليكم وصية بذلك» و «أوصوا لهنّ وصيّة».
وقال} {مّن ذا الّذى يقرض الله قرضا حسنا فيضعفه له [الآية 245] وقال بعضهم} {فيضعّفه له. وتقرأ نصبا أيضا إذا نويت بالأول الاسم لأنه لا يكون أن
تعطف الفعل على الاسم، فأضمر في قوله} {فيضعفه [البقرة: الآية 245] «أن» حتى تكوّن اسما فتجريه على الأوّل إذا نوى به الاسم. والرفع لغة بني تميم لأنهم لا ينوون بالأول الاسم فيعطفون فعلا على فعل. وليس قوله} {يقرض الله [البقرة: الآية 245] لحاجة بالله ولكن هذا كقول العرب: «لك عندي قرض صدق» و «قرض سوء» لأمر تأتي فيه مسرّته أو مساءته. قال الشاعر: [البسيط]} 146لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا (1)
كلّ امرىء سوف يجزى قرضه حسنا ... أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا
ف «القرض»: ما سلف من صالح أو من سيىء، قال {وما لنا ألّا نقتل فى سبيل الله [الآية 246]} {أن ها هنا زائدة كما زيدت بعد «فلما» و «لما» و «لو» فهي تزاد في هذا المعنى كثيرا. ومعناه: «وما لنا لا نقاتل» فأعمل «أن» وهي زائدة كما قال: «ما أتاني من أحد» فأعمل «من» وهي زائدة. قال الفرزدق} [2]: [البسيط] 147لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا (3)
المعنى: لو لم تكن غطفان لها ذنوب. و «لا» زائدة وأعملها.(1/128)
وقال {مّن ذا الّذى يقرض الله قرضا حسنا فيضعفه له [الآية 245] وقال بعضهم} {فيضعّفه له. وتقرأ نصبا أيضا إذا نويت بالأول الاسم لأنه لا يكون أن
تعطف الفعل على الاسم، فأضمر في قوله} {فيضعفه [البقرة: الآية 245] «أن» حتى تكوّن اسما فتجريه على الأوّل إذا نوى به الاسم. والرفع لغة بني تميم لأنهم لا ينوون بالأول الاسم فيعطفون فعلا على فعل. وليس قوله} {يقرض الله [البقرة: الآية 245] لحاجة بالله ولكن هذا كقول العرب: «لك عندي قرض صدق» و «قرض سوء» لأمر تأتي فيه مسرّته أو مساءته. قال الشاعر: [البسيط]} 146لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا (1)
كلّ امرىء سوف يجزى قرضه حسنا ... أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا
ف «القرض»: ما سلف من صالح أو من سيىء، قال {وما لنا ألّا نقتل فى سبيل الله [الآية 246]} {أن ها هنا زائدة كما زيدت بعد «فلما» و «لما» و «لو» فهي تزاد في هذا المعنى كثيرا. ومعناه: «وما لنا لا نقاتل» فأعمل «أن» وهي زائدة كما قال: «ما أتاني من أحد» فأعمل «من» وهي زائدة. قال الفرزدق} [2]: [البسيط] 147لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا (3)
المعنى: لو لم تكن غطفان لها ذنوب. و «لا» زائدة وأعملها.
وقال {فيه سكينة مّن رّبّكم [الآية 248]. و «السّكينة» هي: الوقار.
وأما الحديد فهو: «السّكّين، مشدد الكاف. وقال بعضهم: «هي السّكّين» مثلها في التشديد إلا أنّها مؤنثة فأنث. والتأنيث ليس بالمعروف وبنو قشير يقولون: «سخّين» للسكين. وقال} {وءاتت كلّ واحدة مّنهنّ سكّينا [يوسف: الآية 31].
وقال} {ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض [الآية 251] فنصبت} {النّاس
على إيقاعك الفعل بهم ثم أبدلت منهم} {بعضهم للتفسير.
وقال} مّنهم مّن كلّم الله [الآية 253] أي كلمة الله فلفظ الجلالة في ذا الموضع رفع.
__________
(1) البيتان لأمية بن أبي الصلب في ديوانه ص 63، والبيت الثاني في لسان العرب (قرض)، وتاج العروس (قرض)، وتهذيب اللغة 8/ 340.
(2) الفرزدق: هو همام بن غالب، تقدمت ترجمته.
(3) البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 230، وخزانة الأدب 4/ 30، 32، 50، والدرر 2/ 226، وشرح التصريح 1/ 237، والمقاصد النحوية 2/ 322، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 3، والخصائص 2/ 36، ولسان العرب (عطف)، وهمع الهوامع 1/ 147.(1/129)
وقال {ورفع بعضهم درجت [الآية 253] أي رفع الله بعضهم درجات.
وقال} {لا تأخذه سنة ولا نوم [الآية 255] تقول «وسن» «يوسن» «سنّة» و «وسنا».
وقال} {ولا يؤده حفظهما [الآية 255] لأنه من «آده» «يؤوده» «أودا» وتفسيره:
لا يثقله.
وقال} {قد تّبيّن الرّشد من الغىّ [الآية 256] وإن شئت} {الرّشد من الغىّ [الآية 256] مضمومة ومفتوحة.
[وقال]} {والّذين كفروا أولياؤهم الطّغوت [الآية 257] جماعة في المعنى وهو في اللفظ واحد وقد جمع فقالوا «الطواغيت».
وأما قوله:} {يخرجهم مّن الظّلمت إلى النّور [الآية 257] فيقول: «يحكم بأنّهم كذاك» كما تقول: «قد أخرجك الله من ذا الأمر» ولم تكن فيه قط. وتقول:
«أخرجني فلان من الكتبة» ولم تكن فيها قط. أي: لم يجعلني من أهلها ولا فيها.
وقال} {فبهت الّذى كفر [الآية 258] أي: بهته إبراهيم و «} {بهت أجود وأكثر.
وقال} {أو كالّذى مرّ على قرية [الآية 259] الكاف زائدة والمعنى والله أعلم} {ألم تر إلى الّذى حاجّ إبراهيم فى ربّه [الآية 258]} {أو الذي مر على قرية
والكاف زائدة. وفي كتاب الله} {ليس كمثله شىء [الشّورى: الآية 11] يقول:
«ليس كهو» لأنّ الله ليس له مثل.
وقال} {لم يتسنّه [الآية 259] فتثبت الهاء للسكوت وإذا وصلت حذفتها مثل} {إخشه. وأثبتها بعضهم في الوصل فقال} {لم يتسنّه وانظر [الآية 259] فجعل الهاء من الأصل وذلك في المعنى: لم تمرر عليه السنون، ف «السّنة» منهم من يجعلها من الواو فيقول: «سنيّة» ومنهم من يجعلها من الهاء فيقول: «سنيهة» يجعل الذي ذهب منها هاء كأنه أبدلها من الواو كما قالوا: «أسنتوا»: إذا أصابتهم السنون. أبدل التاء من الهاء ويقولون: «بعته مساناة» و «مسانهة». ويكون:} {لم يتسنه أن تكون هذه الهاء للسكوت. ويحمل قول الذين وصلوا بالهاء على الوقف الخفي وبالهاء نقرأ في الوصل.
وقال} {وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف
ننشرها [259] من «نشرت» التي هي ضدّ «طويت» وقال بعضهم} {ننشرها لأنه قد تجتمع «فعلت» و «أفعلت» كثيرا في معنى واحد تقول: «صددت» و «أصددت» وقد قال} {ثمّ إذا شآء أنشره (22) [عبس: الآية 22] وقال بعضهم} ننشزها [الآية 259] أي: نرفعها. تقول: «نشز هذا» و «أنشزته».(1/130)
وقال {وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف
ننشرها [259] من «نشرت» التي هي ضدّ «طويت» وقال بعضهم} {ننشرها لأنه قد تجتمع «فعلت» و «أفعلت» كثيرا في معنى واحد تقول: «صددت» و «أصددت» وقد قال} {ثمّ إذا شآء أنشره (22) [عبس: الآية 22] وقال بعضهم} {ننشزها [الآية 259] أي: نرفعها. تقول: «نشز هذا» و «أنشزته».
وقال} {أعلم أنّ الله على كلّ شىء قدير [الآية 259] إذا عنى نفسه. وقال بعضهم} {قال اعلم جزم على الأمر كما يقول: «اعلم أنّه قد كان كذا وكذا» كأنه يقول ذاك لغيره وإنما ينبه نفسه والجزم أجود في المعنى إلا أنه أقل في القراءة والرفع قراءة العامة وبه نقرأ.
وأما قوله} {ربّ أرنى كيف تحى الموتى [الآية 260] فلم يكن ذلك شكا منه، ولم يرد به رؤية القلب، وإنما أراد به رؤية العين.
وقول الله عز وجل له} {أولم تؤمن [الآية 260] يقول: «ألست قد صدقت» أي: أنت كذاك. قال الشاعر: [الوافر]} ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح (1)
وقوله {لّيطمئنّ قلبى [الآية 260] أي: قلبي ينازعني إلى النظر، فإذا نظرت اطمأن قلبي.
قال} {فخذ أربعة من الطير فصرهنّ اليك [الآية 260] أي: قطّعهنّ، وتقول منها: «صار» «يصور». وقال بعضهم} {فصرهنّ [الآية 260] فجعلها من «صار» «يصير» وقال} {إليك لأنه يريد: «خذ أربعة إليك فصرهنّ».
وقال} {كمثل جنّة بربوة [الآية 265] وقال بعضهم} {بربوة [الآية 265]، و} {بربوة [الآية 265]، و} {برباوة و} {برباوة كلّ من لغات العرب وهو كله من الرابية وفعله: «ربا» «يربو».
وقال} {كمثل صفوان [الآية 264] والواحدة «صفوانة». ومنهم من يجعل «الصّفوان» واحدا فيجعله: الحجر. ومن جعله جميعا جعله: الحجارة مثل:
«التمرة» و «التمر». وقد قالوا «الكذّان»: «الكذّانة» وهو شبه الحجر من الطين.
قال} {فآتت أكلها ضعفين [الآية 265] وقال} مختلفا أكله و «الأكل»:
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 33.(1/131)
هو: ما يؤكل. و «الأكل» هو الفعل الذي يكون منك. تقول: «أكلت أكلا» و «أكلت أكلة واحدة» وإذا عنيت الطعام قلت: «أكلة واحدة». قال: [الطويل] 148ما أكلة أكلتها بغنيمة ... ولا جوعة أن جعتها بغرام (1)
ففتح الألف لأنه يعني الفعل. ويدلك عليه «ولا جوعة» وإن شئت ضممت «الأكلة» وعنيت به الطعام.
وقال {له فيها من كلّ الثّمرات وأصابه الكبر وله ذرّيّة ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت [الآية 266] وقال في موضع آخر} {ذرّيّة ضعفا [النّساء:
الآية 9] وكلّ سواء لأنك تقول: «ظريف» و «ظراف» و «ظرفاء» وهكذا جمع «فعيل».
وقال} {فإن لّم يصبها وابل فطلّ [الآية 265].
وتقول في «الوابل» وهو: المطر الشديد: «وبلت السماء» و «أوبلت» مثل «مطرت» و «أمطرت»، و «طلّت» و «أطلّت» من «الطلّ»، و «غاثت» و «أغاثت» من «الغيث». وتقول: «وبلت الأرض» فهي «موبولة» مثل «وثئت رجله» ولا يكون «وبلت» وقوله} {أخذا وبيلا [المزمّل: الآية 16] من ذا يعني: شديدا.
وقال} {الشّيطن يعدكم الفقر [الآية 268] وقال بعضهم} {الفقر [الآية 268] مثل: «الضّعف» و «الضعف» وجعل «يعد» متعديا إلى مفعولين.
وقال} {وما أنفقتم مّن نّفقة أو نذرتم مّن نّذر فإنّ الله يعلمه [الآية 270] تحمل الكلام على الآخر كما قال} {ومن يكسب خطيئة أو اثما ثم يرم به بريئا [النساء: 112]. وإن شئت جعلت تذكير هذا على «الكسب» في المعنى كما قال} {إن تبدو الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم
[الآية 271] يقول: «فالإيتاء خير لكم والإخفاء». وقوله} {وما أنزل عليكم مّن الكتب والحكمة يعظكم به [البقرة: الآية 231] فهذا على} {ما. وقوله} {أو نذرتم [الآية 270] تقول: «نذر» «ينذر على نفسه» «نذرا» و «نذرت مالي» ف «أنا أنذره» «نذرا» أخبرنا بذلك يونس} [2] عن العرب، وفي كتاب الله عز وجل إنّى نذرت لك ما فى بطنى محرّرا [آل عمران: الآية 35]. قال الشاعر: [مجزوء الكامل]
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) يونس: هو يونس بن حبيب النحوي، تقدمت ترجمته.(1/132)
149 - هم ينذرون دمي وأنذر ... أن لقيت بأن أشدّا (1)
وقال عنترة (2): [الكامل] 150الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والنّاذرين إذا لم القهما دمي (3)
وقال {الّذين ينفقون أمولهم بالّيل والنّهار سرّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم [الآية 274] فجعل الخبر بالفاء إذ كان الاسم «الذي» وصلته فعل لأنه في معنى «من». و «من» يكون جوابها بالفاء في المجازاة لأن معناها «من ينفق ماله فله كذا». وقال} {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله ثمّ ماتوا وهم كفّار فلن يغفر الله لهم [محمّد: الآية 34] وقال} {والّذين قتلوا فى سبيل الله فلن يضلّ أعملهم [محمّد: الآية 4] وهذا في القرآن والكلام كثير ومثله «الذي يأتينا فله درهم».
وقال} {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب [الآية 279]. تقول: «قد أذنت منك بحرب» و «هو يأذن».
وقال} {لا تظلمون ولا تظلمون [الآية 279] وقال بعضهم} {لا تظلمون ولا تظلمون [الآية 279] كله سواء في المعنى.
وقال} {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [الآية 280] يقول: «وإن كان ممّن تقاضون ذو عسرة فعليكم أن تنظروا إلى الميسرة» وقال بعضهم} {فنظرة
[الآية 280] وإن شئت لم تجعل ل «كان» خبرا مضمرا وجعلت «كان» بمنزلة:
«وقع» وقال بعضهم} ميسره وليست بجائزة لأنه ليس في الكلام «مفعل». ولو
__________
(1) البيت لعمرو بن معدي كرب الزبيدي في ديوانه ص 69.
(2) هو عنترة بن عمرو بن شداد بن عمرو بن قراد بن مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض، شاعر بني عبس المشهور وفارسهم المغوار. ولد من أمة حبشية فورث لونها وبعض ملامحها، عرف بعنترة الفلحاء صفة لمشقوق الشفة. تنكّر له والده، ولم يلحقه بنسبه شأن أولاد الإماء الذين لا يعترف بهم آباؤهم إلا إذا نجبوا. عاش عنترة يرعى الإبل، وفتن بابنة عمه عبلة.
كانت له أيام مشهورة في حرب داحس والغبراء، واشترك في يوم ذي قار سنة 610م، فجرح ثم مات متأثرا بجراحه سنة 8قبل الهجرة. (معجم الشعراء الجاهليين ص 275274).
(3) البيت لعنترة في ديوانه ص 222، والأغاني 9/ 212، وشرح التصريح 2/ 69، والشعر والشعراء 1/ 259، والمقاصد النحوية 3/ 551، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 225، وشرح الأشموني 2/ 309.(1/133)
قرؤها {موسره جاز لأنه من «أيسر» مثل: «أدخل» ف «هو مدخل». وقال بعضهم} {فناظره إلى ميسرة و} {ميسرة [الآية 280] فجعلها «فاعل» من «ناظر» وجزمها للأمر.
وقال} {وأن تصدّقوا خير لّكم [الآية 280] يقول: «الصدقة خير لكم».
جعل} {أن تصدقوا اسما مبتدأ وجعل} {خير لّكم [البقرة: الآية 54] خبر المبتدأ.
وقال} {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين [الآية 282] أي: إن لم يكن الشهيدان رجلين.} {فرجل وامرأتان [الآية 282] فالذي يستشهد رجل وامرأتان.
وقال} {ولا تسئموا [الآية 282] لأنها من «سئمت» «تسأم» «سآمة» و «سأمة» و «سآما» و «سأما».
وقال} {ولا يأب الشّهدآء [الآية 282] جزم لأنه نهي وإذا وقفت قلت «يأب» فتقف بغير ياء.
وقال} {إلّا أن تكون تجارة حاضرة [الآية 282] أي تقع تجارة حاضرة.
وقد يكون فيها النصب على ضمير الاسم «إلّا أن تكون تلك تجارة».
وقال} {ولا يضارّ كاتب ولا شهيد [الآية 282] على النهي والرفع على الخبر. وهو مثل} {لا تضارّ والدة بولدها [الآية 233] إلّا أنّه لم يقرأ} {لا تضارّ
[الآية 233] رفعا.
وقال} {فرهن مّقبوضة [الآية 283] تقول: «رهن»، و «رهان» مثل: «حبل» و «حبال». وقال أبو عمرو} [1]: «فرهن» وهي قبيحة لأنّ «فعلا» لا يجمع على «فعل» إلا قليلا شاذا، زعم أنهم يقولون: «سقف» و «سقف» وقرأوا هذه الآية سقفا مّن فضّة [الزّخرف: الآية 33] وقالوا: «قلب» و «قلب» و «قلب» من «قلب النّخلة» و «لحد» و «لحد» ل «لحد القبر» وهذا شاذ لا يكاد يعرف. وقد جمعوا «فعلا» على «فعل» فقالوا: «ثطّ» و «ثطّ»، و «جون» و «جون»، و «ورد» و «ورد».
وقد يكون «رهن» جماعة ل «الرّهان» كأنّه جمع الجماعة و «رهان» أمثل من هذا الاضطرار. وقد قالوا: «سهم خشن» في «سهام خشن» خفيفة. وقال أبو عمرو:
__________
(1) أبو عمرو: هو أبو عمرو بن العلاء، تقدمت ترجمته.(1/134)
«قالت العرب: «رهن» ليفصلوا بينه وبين رهان الخيل». قال الأخفش (1): «كلّ جماعة على «فعل» فإنّه يقال فيها «فعل»».
وقال {فليؤدّ الّذى اؤتمن أمنته [الآية 283] وهي من «أدّى» «يؤدّي» فلذلك همز و «اؤتمن» همزها لأنها من «الأمانة» وموضع الفاء منها همزة، إلّا أنّك إذا استأنفت ثبتت ألف الوصل فيها فلم تهمز موضع الفاء لئلا تجتمع همزتان.
وقال} {غفرانك ربّنا [الآية 285] جعله بدلا من اللفظ بالفعل كأنه قال:
«اغفر لنا غفرانك ربّنا» ومثله «سبحانك» إنما هو «تسبيحك» أي «نسبحك تسبيحك» وهو البراءة والتنزيه.
وقوله} {إذا تداينتم بدين [الآية 282] فقوله} {بدين تأكيد نحو قوله} {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون (30) [الحجر: الآية 30] لأنّك تقول «تداينّا» فيدل على قولك «بدين». قال الشاعر: [الرجز]} 151داينت أروى والدّيون تقضى ... فمطلت بعضا وأدّت بعضا (2)
تقول: «داينتها وداينتني فقد تداينّا» كما تقول: «قابلتها وقابلتني فقد تقابلنا».
وقال {أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله [الآية 282] فأضمر «الشاهد».
وقال} إلى أجله إلى الأجل الذي تجوز فيه شهادته والله أعلم.
__________
(1) الأخفش: هو المؤلف سعيد بن مسعدة.
(2) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 79. ولسان العرب (أضض)، (دين)، والأغاني 20/ 311، والخصائص 2/ 96، وسمط اللآلي ص 231، وشرح أبيات سيبويه 2/ 255، وشرح شواهد الشافية ص 233، والمقاصد النحوية 3/ 139، وتهذيب اللغة 12/ 98، 14/ 185، وتاج العروس (أضض)، (معض)، (دين)، (روى)، وكتاب العين 1/ 288، 7/ 434، ومجمل اللغة 1/ 148، ومقاييس اللغة 1/ 15، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 57، 904، ورصف المباني ص 345، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 493، 502، 513، 514، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 305، وشرح المفصل 1/ 25، 9/ 33، والكتاب 4/ 210، ومجمل اللغة 2/ 305، ومقاييس اللغة 2/ 320، والمخصص 12/ 300، 17/ 155، وديوان الأدب 4/ 234.(1/135)
سورة آل عمران
أما قوله {الحىّ القيّوم [الآية 2] فإن} {القيّوم: «الفيعول» ولكن الياء الساكنة إذا كانت قبل واو متحركة قلبت الواو ياء. وأصله «القيووم» و (الدّيّان):
«الفيعال» و «الدّيّار»: «الفيعال» وهي من «دار» «يدور» وأصله «الديوار» ولكن الواو قلبت ياء.
وأما} {مصدّقا لّما بين يديه [الآية 3] فنصب على الحال.
وقال} {هدى لّلنّاس [الآية 4] ف} {هدى في موضع نصب على الحال ولكن} {هدى [البقرة: الآية 5] مقصور فهو متروك على حال واحد.
وقال} {هنّ أمّ الكتاب [الآية 7] ولم يقل: «أمّهات» كما تقول للرجل: «ما لي نصير» فيقول: «نحن نصيرك» وهو يشبه «دعني من تمرتان». قال: [الرجز]} 152تعرّضت لي بمكان حلّ ... تعرّض المهرة في الطولّ
تعرّضا لم تأل عن قتلا لي (1)
فجعله على الحكاية لأنه كان منصوبا قبل ذلك كما ترى، كما تقول:
«نودي» «الصلاة الصلاة» أي: تحكي قوله: «الصلاة الصلاة» وقال بعضهم: إنّما هي «أن قتلا لي» ولكنه جعله عينا لأنّ من لغته في «أن» «عن». والنصب على الأمر كأنك قلت: «ضربا لزيد».
وقال {كلّ مّن عند ربّنا [الآية 7] لأن «كلّ» قد يضمر فيها كما قال} {إنّا كلّ فيها [غافر: 48] يريد: كلّنا فيها. ولا تكون «كلّ» مضمرا فيها وهي صفة إنما تكون مضمرا فيها إذا جعلتها اسما فلو كان «إنّا كلّا فيها» على الصفة لم يجز لأن الإضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان.
وقال} كدأب ءال فرعون [الآية 11] يقول: «كدأبهم في الشرّ» من «دأب»
__________
(1) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي في لسان العرب (قتل)، وبلا نسبة في لسان العرب (أنن).(1/136)
«يدأب» «دأبا».
وقال {قل لّلّذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنّم [الآية 12] أي: إنّكم ستغلبون. كما تقول: «قل لزيد»: «سوف تذهب» أي: إنّك سوف تذهب. وقال بعضهم} {سيغلبون أي: قل لهم الذي أقول. والذي أقول لهم «سيغلبون». وقال} {قل لّلّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم مّا قد سلف وإن يعودوا [الأنفال: الآية 38] فهذا لا يكون إلا بالياء في القرآن لأنه قال} {يغفر لهم [الأنفال: الآية 38] ولو كان بالتاء قال} {يغفر لمن وهو في الكلام جائز بالتاء. وتجعلها «لكم» كما فسرت لك.
وقال} {قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة [الآية 13] على الابتداء رفع كأنه قال «إحداهما فئة تقاتل في سبيل الله» وقرئت جرا على أول الكلام على البدل وذلك جائز. قال الشاعر: [الطويل]} 153وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل بها ريب من الحدثان (1)
فرفع. ومنهم من يجرّ على البدل ومنهم من يرفع على إحداهما كذا وإحداهما كذا. وقال: [الطويل] 154وإنّ لها جارين لن يغدرابها ... ربيب النبيّ وابن خير الخلائف (2)
رفع، والنصب على البدل. وقال تعالى {هذا ذكر وإنّ للمتّقين لحسن مئاب [ص الآية: 49]} {جنّات عدن [ص الآية: 50] وإن شئت جعلت «جنات» على البدل أيضا. وإن شئت رفعت على خبر «إنّ»، أو على «هنّ جنات» فيبتدأ به.
وهذا لا يكون على «إحداهما كذا» لأن ذلك المعنى ليس فيه هذا ولم يقرأه أحد بالرفع. وقال تعالى} {وجعلوا لله شركاء الجنّ [الأنعام: الآية 100] فنصب على البدل وقد يكون فيه الرفع على «هم الجنّ».
وقال تعالى} وكذلك جعلنا بكل نبي عدوا شياطين الإنس [الأنعام: 112] على البدل ورفع على «هم شياطين» كأنه إذا رفع قيل له، أو علم أنه يقال له «ما هم»؟ أو «من هم»؟ فقال: «هم كذا وكذا». وإذا نصب فكأنه قيل له أو علم أنه
__________
(1) البيت لقيس بن عمرو النجاشي في لسان العرب (أزد)، وتاج العروس (أزد).
(2) البيت لمعن بن أوس في ديوانه ص 35، ولسان العرب (ربب)، وتهذيب اللغة 15/ 181، والمخصص 17/ 154، وتاج العروس (ربب)، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/ 73.(1/137)
يقال له «جعل ماذا» أو «جعلوا ماذا» أو يكون فعلا واقعا بالشياطين و {عدوّا
حالا ومثله} {لنسفعا بالنّاصية (15) ناصية كذبة [العلق: 1615] كأنه قيل أو علم ذلك فقال «بناصية» وقد يكون فيه الرفع على قوله: «ما هي» فيقول} {ناصية [العلق:
الآية 16] والنصب على الحال. قال الشاعر: [البسيط]
} 155إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم (1)
على البدل أي ك «لا طول ولا عظم» ومثل الابتداء {قل أفانبئك بشرّ من ذلكم النّار [الحج: 72].
وقوله} {قل ألأنبئكم بخير مّن ذلكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّت تجرى من تحتها الأنهر خالدين فيها وأزواج مّطهّرة ورضوان مّن الله والله بصير بالعباد
[الآية 15] كأنه قيل لهم: «ماذا لهم»؟ و «ما ذاك»؟ فقيل: «هو كذا وكذا». وأمّا} {بشرّ مّن ذلك مثوبة عند الله [المائدة: الآية 60] فإنما هو على «أنبّئكم بشرّ من ذلك حسبا» و «بخير من ذلك حسبا». وقوله} {من لّعنه الله [المائدة: الآية 60] موضع جرّ على البدل من قوله} {بشرّ ورفع على «هو من لعنه الله».
قال تعالى} {والله عنده حسن المآب [الآية 14] مهموز منها موضع الفاء لأنه من «آب» «يؤوب» وهي معتله العين مثل «قلت» «تقول» «والمفعل» «مقال».
تقول: «آب» «يؤوب» «إيابا» قال الله تعالى} {إنّ إلينا إيابهم [الغاشية: 25] وهو الرجوع. قال الشاعر: [الطويل]
} 156فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر (2)
وأمّا «الأوّاب» فهو الراجع إلى الحق وهو من: «آب» «يؤوب» أيضا. وأمّا قوله تعالى {يجبال أوّبى معه [سبإ: الآية 10] فهو كما يذكرون التسبيح أو هو والله أعلم مثل الأوّل يقول: «ارجعي إلى الحقّ» و «الأوّاب» الراجع إلى الحقّ.
وقال تعالى} {الصّبرين [الآية 17] إلى قوله} بالأسحار موضع جر على
__________
(1) يروى بلفظ: «ولا قصر» بدل: «ولا عظم»، والبيت بلا نسبة في لسان العرب (جلل)، والحيوان 6/ 112، وخزانة الأدب 2/ 364.
(2) البيت لمعقر بن أوس بن حمار في الاشتقاق ص 481، ولسان العرب (نوى)، وله أو لعبد ربه السلمي أو لسليم بن ثمامة الحنفي في لسان العرب (عصا)، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 413، 7/ 17، ورصف المباني ص 48.(1/138)
{للّذين اتّقوا [الآية 15] فجر بهذه اللام الزائدة.
وقال} {شهد الله أنّه لا إله إلّا هو والملئكة وأولوا العلم قائما بالقسط [الآية 18] إنما هو «شهدوا أنّه لا إله إلا هو قائما بالقسط» نصب} {قائما [الآية 18] على الحال.
وقال} {ألّا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم [الآية 19] يقول} {وما اختلف الذين اوتوا الكتاب [الآية 19]} {بغيا بينهم} {إلّا من بعد ما جاءهم العلم [الآية 19].
وقال} {لّا يتّخذ المؤمنون الكفرين [الآية 28] بكسر} {يتّخذ لأنه لقيته لام ساكنة وهي نهي فكسرته.
وقال تعالى} {إلا أن تتقوا منهم تقية [الآية 28] وقال بعضهم} {تقة [الآية 28] وكلّ عربي و} {تقاة أجود، مثل: «إتّكأ» «تكأة» و «إتّخم» «تخمة» و «إتّحف» «تحفة».
وقال الله تعالى} {تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا [الآية 30] لأنّ «البين» ها هنا ظرف وليس باسم. ولو كان اسما لارتفع «الأمد». فإذا جئت بشيء هو ظرف للآخر وأوقعت عليه حروف النصب فانصب نحو قولك: «إنّ عندنا زيدا» لأن «عندنا» ليس باسم ولو قلت: «إنّ الذي عندنا» قلت: «زيد» لأن «الذي عندنا» اسم. قال} {إنّما صنعوا كيد ساحر [طه: الآية 69] فجعل «إنّ» و «ما» حرفا واحدا واعمل «صنعوا» كما تقول: «إنّما ضربوا زيدا». ومن جعل «ما» بمنزلة «الذي» يرفع الكيد.
وقال تعالى} {ذرّيّة بعضها من بعض [الآية 34] فنصبه على الحال، ويكون على البدل على قوله} {إنّ الله اصطفى ءادم [الآية 33] وقال تعالى} {إذ قالت امرأت عمران ربّ إنّى نذرت لك ما فى بطنى محرّرا [الآية 35] فقوله} {محرّرا [الآية 35] على الحال.
وقال تعالى} {فتقبّلها ربّها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفّلها زكريّا [الآية 37] وقال بعضهم} {وكفلها زكرياء [الآية 37] زكرياء و} {كفلها أيضا} {زكريّا
[الآية 37] وبه نقرأ وهما لغتان. وقال بعضهم} وكفلها زكرياء بكسر الفاء. ومن قال: «كفل» قال «يكفل» ومن قال «كفل» قال «يكفل». وأما «كفل» فلم أسمعها وقد ذكرت.(1/139)
وقال الله تعالى {ربّ هب لى من لّدنك ذرّيّة طيّبة [الآية 38] لأن النون في «لدن» ساكنة مثل نون «من» وهي تترك على حال جزمها في الإضافة لأنها ليست من الأسماء التي تقع عليها الحركة، ولذلك قال} {مّن لّدنّا [النّساء: الآية 67]، وقال تعالى} {من لّدن حكيم عليم [النّمل: الآية 6] فتركت ساكنة.
وقال تعالى} {يرزق من يشآء بغير حساب [الآية 37] فهذا مثل كلام العرب «يأكل بغير حساب» أي: لا يتعصّب عليه ولا يضيّق عليه. و} {سريع الحساب
[البقرة: الآية 202] و} {أسرع الحسبين [الأنعام: الآية 62] يقول: «ليس في حسابه فكر ولا روية ولا تذكّر».
وقال تعالى} {إنك سميع الدّعاء [الآية 38] مثل «كثير الدّعاء» لأنه يجوز فيه الألف واللام تقول: «أنت السّميع الدّعاء» ومعناه «إنّك مسموع الدّعاء» أي:
«إنّك تسمع ما يدعى به».
وقال تعالى} {فنادته الملئكة وهو قائم يصلّى فى المحراب أنّ الله يبشّرك [الآية 39] لأنّه كأنه قال} {نادته الملائكة فقالت:} {إنّ الله يبشّرك وما بعد القول حكاية. وقال بعضهم} {أنّ الله يقول: «فنادته الملائكة بذلك».
وقال تعالى} {بيحيى مصدّقا بكلمة مّن الله وسيّدا وحصورا [الآية 39] وقوله} {وسيّدا وحصورا [الآية 39] معطوف على} {مصدّقا على الحال.
وقال تعالى} {وقد بلغنى الكبر [الآية 40] كما تقول «وقد بلغني الجهد» أي: أنا في الجهد والكبر.
وقال} {ثلاثة أيّام إلّا رمزا [الآية 41] يريد: «أن لا تكلّم الناس إلّا رمزا» وجعله استثناء خارجا من أول الكلام. والرمز: الإيماء.
وقال} {واذ قالت الملائكة يا مريم [الآية 42] ف «إذ» ها هنا ليس له خبر في اللفظ.
وقوله} {إذ قالت الملئكة يمريم إنّ الله يبشّرك [الآية 45] و} يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضرا [آل عمران: الآية 30] وأشباه هذا في «إذ» و «الحين» وفي «يوم» كثير. وإنما حسن ذلك للمعنى، لأن القرآن إنما أنزل على الأمر والذي كأنه قال لهم: «اذكروا كذا وكذا» وهذا في القرآن في غير موضع و «اتّقوا يوم كذا» أو «حين كذا».(1/140)
وقال الله تعالى {إذ يلقون أقلمهم أيّهم يكفل مريم [الآية 44] لأنّ كل ما كان من طلب العلم فقد يقع بعده الاستفهام. تقول: «أزيد في الدّار»؟ و: «لتعلمنّ أزيد في الدّار». وقال} {لنعلم أىّ الحزبين [الكهف: الآية 12] أي: لننظر. وقال تعالى} {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا [هود: الآية 7].
وأمّا قوله} {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيّا (69) [مريم:
الآية 69] فلم يرتفع على مثل ما ارتفع عليه الأول لأن قوله} {لننزعنّ [مريم: الآية 69] ليس بطلب علم. ولكن لما فتحت «من» و «الذي» في غير موضع «أي» صارت غير متمكنة إذ فارقت أخواتها تركت على لفظ واحد وهو الضم وليس بإعراب. وجعل} {أشدّ من صلتها وقد نصبها قوم وهو قياس. وقالوا: «إذا تكلّم بها فإنّه لا يكون فيها إلّا الأعمال». وقد قرىء} {تماما على الّذى أحسن [الأنعام:
الآية 154] فرفعوا وجعلوه من صلة «الذي» وفتحه على الفعل أحسن. وزعموا أن بعض العرب قال: «ما أنا بالّذي قائل لك شيئا» فهذا الوجه لا يكون للاثنين إلا «ما نحن بالّلذين قائلان لك شيئا».
وقال تعالى} {اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها [الآية 45] نصبه على الحال} {ومن المقربين [الآية 45] عطفه على} {وجيها [الآية 45] وكذلك} {وكهلا [الآية 46] معطوف على} {وجيها [الآية 45] لأن ذلك منصوب. وأما قوله تعالى} {بكلمة مّنه اسمه المسيح [الآية 45] فإنه جعل «الكلمة» هي «عيسى» لأنه في المعنى كذلك.
كما قال} {أن تقول نفس يا حسرتا [الزمر: 56] ثم قال} {بلى قد جآءتك ءايتى فكذّبت بها [الزّمر: الآية 59] وكما قالوا: «ذو الثديّة» لأن يده كانت مثل الثدي.
كانت قصيرة قريبة من ثديه فجعلها كأن اسمها «ثديّة» ولولا ذلك لم تدخل الهاء في التصغير.
وأما قوله} {كذلك الله [الآية 40] فكسر الكاف لأنها مخاطبة امرأة، وإذا كانت الكاف للرجل فتحت. قال للمؤنث} {واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين [يوسف: 29].
وقوله} {ويعلّمه الكتب والحكمة [الآية 48] موضع نصب على} {وجيها
[الآية 45]. و} {رسولا [الآية 49] معطوف على} {وجيها [الآية 45].
وقال تعالى} {ومصدّقا لّما بين يدىّ [الآية 50] على قوله} {وجئتكم [الآية 50]} {مّصدّقا لّما بين يدىّ لأنّه قال} قد جئتكم بآية من ربّكم [الآية 49].(1/141)
وقال {إنّ الله ربّى وربّكم [الآية 51] ف} {إنّ على الابتداء. وقال بعضهم} {أنّ فنصب على «وجئتكم بأنّ الله ربّي وربّكم» هذا معناه.
وقال تعالى} {فلمّآ أحسّ عيسى منهم الكفر [الآية 52] لأنّ هذا من:
«أحسّ» «يحسّ» «إحساسا» وليس من قوله} {تحسونهم باذنه [آل عمران: 152] إذ ذلك من «حسّ» «حسّا» وهو في غير معناه لأن معنى «حسست» قتلت، و «أحسست» هو: ظننت.
وقال تعالى} {ثمّ قال له كن فيكون [الآية 59] رفع على الابتداء ومعناه:
«كن» «فكان» كأنّه قال: «فإذا هو كائن».
وقال} {الحقّ من رّبّك فلا تكن مّن الممترين (60) [الآية 60] يقول: «هو الحقّ من ربّك».
وقال سبحانه وتعالى} {يا أهل الكتب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم
[الآية 64] فجر} {سواء لأنها من صفة الكلمة وهو «العدل». أراد «مستوية» ولو أراد «استواء» لكان النصب. وإن شاء أن يجعله على الاستواء ويجرّ جاز، ويجعله من صفة الكلمة مثل «الخلق»، لأن «الخلق» قد يكون صفة ويكون اسما، قال الله تعالى} {الّذى جعلنه للنّاس سوآء العكف فيه والباد [الحجّ: الآية 25] لأن «السّواء» للآخر وهو اسم ليس بصفة فيجرى على الأول، وذلك إذا أراد به الاستواء، فإن أراد «مستويا» جاز أن يجري على الأول، فالرفع في ذا المعنى جيد لأنها صفة لا تغير عن حالها ولا تثنى ولا تجمع على لفظها ولا تؤنث، فأشبهت الأسماء.
وقال تعالى} {أن نّجعلهم كالّذين ءامنوا وعملوا الصّلحت سوآء مّحيهم ومماتهم
[الجاثية: 21] ف «السواء» للمحيا والممات، فهذا المبتدأ. وإن شئت أجريته على الأول وجعلته صفة مقدمة من سبب الأول فجرى عليه، فهذا إذا جعلته في معنى مستو فالرفع وجه الكلام كما فسرته لك من قوله} {ألّا نعبد إلّا الله [الآية 64] فهو بدل كأنه قال «تعالوا إلى أن لا نعبد إلّا الله».
وقال عز وجل} {ولا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم [الآية 77] فهذا مثل قولك للرجل «ما تنظر إليّ» إذا كان لا ينيلك شيئا.
قال تعالى} ءامنوا بالّذى أنزل على الّذين ءامنوا وجه النّهار واكفروا ءاخره [الآية 72] جعله ظرفا.(1/142)
وقال تعالى {أن يؤتى أحد مّثل مآ أوتيتم [الآية 73] يقول: «لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وأن يحاجّوكم به عند ربّكم» أي: ولا تؤمنوا أن يحاجّوكم.
وقال تعالى} {إلّا ما دمت عليه قائما [الآية 75] لأنّها من «دمت» «تدوم».
ولغة للعرب «دمت» وهي قراءة مثل «متّ» «تموت» جعله على «فعل» «يفعل» فهذا قليل.
وقال تعالى} {بدينار [الآية 75] أي: على دينار كما تقول: «مررت به» و «عليه».
وقال تعالى} {يلون ألسنتهم بالكتب [الآية 78] بفتح الياء. وقال} {يلوّون
بضم الياء وأحسبها «يلووّن» لأنّه قال} {ليّا بألسنتهم فلو كان من} {يلوّون لكانت «تلوية بألسنتهم».
وقال تعالى} {ثمّ يقول للنّاس [الآية 79] نصب على} {ما كان لبشر أن يؤتيه الله [الآية 79]} {ثمّ يقول للنّاس [الآية 79] لأنّ «ثمّ» من حروف العطف.
و} {ولا يأمركم [الآية 80] أيضا معطوف بالنّصب على} {أن وإن شئت رفعت تقول} {ولا يأمركم لا تعطفه على الأوّل تريد: هو لا يأمركم.
قال الله تعالى} {لمآ ءاتيتكم مّن كتب وحكمة ثمّ جآءكم رسول مّصدّق لّما معكم لتؤمننّ به [الآية 81] فاللام التي مع «ما» في أول الكلام هي لام الابتداء نحو «لزيد أفضل منك»، لأن} {ما آتيتكم اسم والذي بعده صلة. واللام التي في} {لتؤمننّ به ولتنصرنّه [الآية 81] لام القسم كأنه قال «والله لتؤمننّ به» فوكد في أول الكلام وفي آخره، كما تقول: «أما والله أن لو جئتني لكان كذا وكذا»، وقد يستغنى عنها. ووكّد في} {لتؤمننّ [الآية 81] باللام في آخر الكلام وقد يستغنى عنها. جعل خبر} {ما آتيتكم من كتاب وحكمة} {لتؤمننّ به [الآية 81] مثل «ما لعبد الله؟ والله لتأتينّه». وإن شئت جعلت خبر «ما»} {مّن كتب [آل عمران: الآية 81] تريد} {لما آتيتكم كتاب وحكمة وتكون «من» زائدة.
وقال تعالى} {مّلء الأرض ذهبا [الآية 91] مهموزة من «ملأت» وانتصب} ذهبا [الآية 91] كما تقول: «لي مثلك رجلا» أي: لي مثلك من الرجال، وذلك لأنك شغلت الإضافة بالاسم الذي دون «الذهب» وهو «الأرض» ثم جاء «الذهب»
وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول إذا جاء من بعد الفاعل، وهكذا تفسير الحال، لأنك إذا قلت: «جاء عبد الله راكبا» فقد شغلت الفعل ب «عبد الله» وليس «راكب» من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة. وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره، وتفسير «هذا أحسن منك وجها»، لأن «الوجه» غير الكاف التي وقعت عليها «من» و «أحسن» في اللفظ إنما هو الذي تفضله ف «الوجه» غير ذينك في اللفظ فلما جاء بعدهما وهو غيرهما انتصب انتصاب المفعول به بعد الفاعل.(1/143)
وقال تعالى {مّلء الأرض ذهبا [الآية 91] مهموزة من «ملأت» وانتصب} {ذهبا [الآية 91] كما تقول: «لي مثلك رجلا» أي: لي مثلك من الرجال، وذلك لأنك شغلت الإضافة بالاسم الذي دون «الذهب» وهو «الأرض» ثم جاء «الذهب»
وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول إذا جاء من بعد الفاعل، وهكذا تفسير الحال، لأنك إذا قلت: «جاء عبد الله راكبا» فقد شغلت الفعل ب «عبد الله» وليس «راكب» من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة. وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره، وتفسير «هذا أحسن منك وجها»، لأن «الوجه» غير الكاف التي وقعت عليها «من» و «أحسن» في اللفظ إنما هو الذي تفضله ف «الوجه» غير ذينك في اللفظ فلما جاء بعدهما وهو غيرهما انتصب انتصاب المفعول به بعد الفاعل.
وقال تعالى} {كلّ الطّعام كان حلّا لّبنى إسراءيل [الآية 93] لأنه يقال:
«هذا حلال» و «هذا حلّ»، و «هذا حرام»، و «هذا حرم» ويقال} {وحرام على قرية [الأنبياء: الآية 95] ويقال} {وحرم على قرية وتقول: «حرم عليكم ذاك» ولو قال} {وحرم على قرية كان جائزا ولو قال} {وحرم على قرية كان جائزا أيضا.
قال الله} {فاتّبعوا ملّة إبرهيم حنيفا [الآية 95] نصب على الحال.
وقال تعالى} {إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للّذى ببكّة [الآية 96] فهذا خبر «إنّ».
ثم قال} {مباركا [الآية 96] لأنه قد استغنى عن الخبر، وصار} {مباركا [الآية 96] نصبا على الحال.} {وهدى لّلعلمين [الآية 96] في موضع نصب عطف عليه.
والحال في القرآن كثير ولا يكون إلا في موضع استغناء.
وقال تعالى} {فيه ءايت بيّنت مّقام إبراهيم [الآية 97] فرفع} {مقام إبراهم
لأنه يقول:} {فيه ءايت بيّنت [الآية 97] منها} {مقام إبرهيم على الإضمار.
وقال الله تعالى} {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء [الآية 103] على التفسير بقطع الكلام عند قوله} {اذكروا نعمت الله عليكم ثم فسر آية التأليف بين قلوبهم وأخبر بالذي كانوا فيه قبل التأليف كما تقول «أسمك الحائط أن يميل».
} {وكنتم على شفا حفرة [الآية 103] ف «الشّفا» مقصور مثل «القفا» وتثنيته بالواو تقول: «شفوان» لأنه لا يكون فيه الإمالة، فلما لم تجىء فيه الإمالة عرفت أنّه من الواو.
وقال تعالى} {ولتكن مّنكم أمّة يدعون إلى الخير [الآية 104] و «أمّة» في اللفظ واحد وفي المعنى جمع فلذلك قال} {يدعون وفي} ولتكن جزم اللام بعضهم أيضا.(1/144)
وقال عز وجل {ولله ما فى السّموات وما فى الأرض وإلى الله ترجع الأمور
[الآية 109] فثنى الاسم وأظهره، وهذا مثل «أمّا زيد فقد ذهب زيد». قال الشاعر: [الخفيف]} 157لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (1)
فأظهر في موضع الإضمار.
وقال {لن يضرّوكم إلّا أذى [الآية 111] استثناء يخرج من أول الكلام.
وهو كما روى يونس} [2] عن بعض العرب أنه قال: «ما أشتكي شيئا إلّا خيرا».
ومثله {لّا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (24) إلّا حميما وغسّاقا (25) [النبأ: 2524].
وقال} {ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلّا بحبل مّن الله [الآية 112] فهذا مثل} {لن يضرّوكم إلّا أذى [الآية 111] استثناء خارج من أول الكلام في معنى «لكنّ» وليس بأشد من قوله} {لّا يسمعون فيها لغوا إلّا سلما [مريم: الآية 62].
وقال} {ليسوا سوآء مّن أهل الكتب [الآية 113] لأنه قد ذكرهم ثم فسره فقال:} {مّن أهل الكتب أمّة قائمة يتلون ءايت الله [الآية 113] ولم يقل «وأمّة على خلاف هذه الأمّة» لأنه قد ذكر كل هذا قبل. وقال تعالى} {من أهل الكتب فهذا قد دل على أمة خلاف هذه.
وأما قوله} {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم [الآية 106] على «فيقال لهم أكفرتم». مثل قوله} {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم
[الزّمر: الآية 3] وهذا في القرآن كثير.
وقال تعالى} ءانآء الّيل [الآية 113] وواحد «الآناء» مقصور «إنى» فاعلم.
وقال بعضهم: «إني» كما ترى و «إنو» وهو ساعات الليل. قال الشاعر:
[البسيط]
__________
(1) البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص 65، والأشباه والنظائر 8/ 30، وخزانة الأدب 1/ 378، 379، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 36، 118، ولسوادة بن عدي في شرح أبيات سيبويه 1/ 125، وشرح شواهد المغني 2/ 176، والكتاب 1/ 62، ولسوادة أو لعدي في لسان العرب (نغص)، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 153، 286، 2/ 829، وخزانة الأدب 6/ 90، 11/ 366، والخصائص 3/ 53، ومغني اللبيب 2/ 500.
(2) يونس: هو يونس بن حبيب الضبي النهري البصري، تقدمت ترجمته.(1/145)
158 - السّالك الثّغر مخشيّا موارده ... في كلّ إني قضاه اللّيل ينتعل (1)
قال: وسمعته «يختعل».
وقال تعالى {كنتم خير أمة [الآية 110] يريد «أهل أمّة» لأنّ الأمّة الطريقة.
والأمّة أيضا لغة. قال النابغة} [2]: [الطويل] 159حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع (3)
وقال تعالى {لا يألونكم خبالا [الآية 118] لأنها من «ألوت» و «ما آلو» «ألوا».
وقال تعالى} {ودّوا ما عنتّم [الآية 118] يقول} {لا تتّخذوا بطانة [الآية 118]} {ودّوا [الآية 118] أي: أحبّوا} {ما عنتّم [الآية 118] جعله من صفة «البطانة»، جعل} {ما عنتّم [الآية 118] في موضع «العنت».
قال} {لا يضركم كيدهم [الآية 120] لأنه من «ضار» «يضير» و «ضرته» خفيفة «فأنا أضيره»، قال بعضهم} {لا يضرّكم [الآية 120] جعله من «ضرّ» «يضرّ» وحرّك للسكون الذي قبله لأن الحرف الثقيل بمنزلة حرفين الأول منهما ساكن.
وقال بعضهم} {لا يضركم [الآية 120] جعلها من «ضار» «يضور» وهي لغة.
وقال تعالى} {وإذ غدوت من أهلك تبوّئ المؤمنين [الآية 121] لأنها من «بوّأت» و «إذ» ها هنا إنّما خبرها في المعنى كما فسرت لك.
وقال} {بخمسة ءالف مّن الملئكة مسوّمين [الآية 125] لأنهم سوّموا الخيل.
وقال بعضهم} {مسوّمين معلمين لأنّهم هم سوّموا وبها نقرأ.
__________
(1) يروى البيت بلفظ:
} حلو ومرّ كعطف القدح مرته ... في كل آن قضاه الليل يفتعل
والبيت للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 1283، ولسان العرب (أني)، وتاج العروس (أني)، (نعل)، وأساس البلاغة (زلم)، وللهذلي في جمهرة اللغة ص 1335، ومجمل اللغة 208، وبلا نسبة في لسان العرب (نغل)، وتهذيب اللغة 2/ 400، 15/ 552، وجمهرة اللغة ص 205.
(2) النابغة: هو النابغة الذبياني زياد بن معاوية، تقدمت ترجمته.
(3) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 35، ولسان العرب (أمم)، ومقاييس اللغة 1/ 28، وكتاب العين 8/ 428، وتهذيب اللغة 15/ 635، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 247، ومجمل اللغة 1/ 152.(1/146)
{أو يتوب عليهم أو يعذّبهم [الآية 128] على} {ليقطع طرفا [الآية 127] عطفه على اللام.
وقال تعالى} {أن يمسسكم قرح [الآية 140] قال بعضهم} {قرح مثل «الضعف» و «الضعف» وتقول منه «قرح» «يقرح» «قرحا» و «هو قرح». وبعض العرب يقول: «قريح» مثل «مذل» و «مذيل».
وقال تعالى} {فقد رأيتموه وأنتم تنظرون [الآية 143] توكيدا كما تقول: «قد رأيته والله بعيني» و «رأيته عيانا».
وقال تعالى} {أفأن مّات أو قتل انقلبتم [الآية 144] ولم يقل «أنقلبتم» فيقطع الألف لأنه جواب المجازاة الذي وقعت عليه} {إن وحرف الاستفهام قد وقع على} {إن فلا يحتاج خبره إلى الاستفهام لأن خبرها مثل خبر الابتداء. ألا ترى أنك تقول: «أزيد حسن» ولا تقول: «أزيد أحسن» وقال الله تعالى} {أفإن متّ فهم الخالدون [الأنبياء: 34] ولم يقل «أفهم الخالدون» لأنه جواب المجازاة.
وقال الله تعالى} {وما كان لنفس أن تموت إلّا بإذن الله كتبا مّؤجّلا [الآية 145] فقوله سبحانه} {كتبا مؤجّلا [الآية 145] توكيد، ونصبه على «كتب الله ذلك كتابا مؤجّلا». وكذلك كل شيء في القرآن من قوله} {حقّا [البقرة: الآية 180] إنما هو «أحقّ ذلك حقّا». وكذلك} {وعد الله [النّساء: الآية 95] و} {رحمة مّن رّبّك
[الإسراء: الآية 28] و} {صنع الله [النّمل: الآية 88] و} {كتب الله عليكم [النّساء: الآية 24] إنما هو من «صنع الله ذلك صنعا» فهذا تفسير كل شيء في القرآن من نحو هذا وهو كثير.
وقال تعالى} {وكأيّن من نبّيّ قتل معه ربّيّون كثير فما وهنوا [الآية 146] يجعل النبيّ هو الذي قتل وهو أحسن الوجهين لأنّه قد قال} {أفإين مّات أو قتل
[الآية 144] وقال بعضهم} {قتل معه وهي أكثر وبها نقرأ، لأنّهم كانوا يجعلون} {قتل على} {ربّيّون. ونقول: «فكيف نقول} {فما وهنوا [آل عمران: الآية 146]» وقد قلنا إنهم قد قتلوا فإنه كما ذكرت لك أن القتل على النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله} {ربّيّون [الآية 146] يعني: الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها «ربّيّ».
وقال تعالى} {وما كان قولهم إلّا أن قالوا [الآية 147] وقال} {وما كان جواب قومه إلّا أن قالوا [الأعراف: الآية 82] و [قال]} {وما كان حجتهم إلا أن
قالوا [الجاثية: 25] ف} {أن قالوا [الآية 147] هو الاسم الذي يرفع ب} {وكان لأن} أن الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة اسم تقول: «أعجبني أن قالوا» وإن شئت رفعت أول هذا كله وجعلت الآخر في موضع نصب على خبر كان. قال الشاعر:(1/147)
وقال تعالى {وما كان قولهم إلّا أن قالوا [الآية 147] وقال} {وما كان جواب قومه إلّا أن قالوا [الأعراف: الآية 82] و [قال]} {وما كان حجتهم إلا أن
قالوا [الجاثية: 25] ف} {أن قالوا [الآية 147] هو الاسم الذي يرفع ب} {وكان لأن} {أن الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة اسم تقول: «أعجبني أن قالوا» وإن شئت رفعت أول هذا كله وجعلت الآخر في موضع نصب على خبر كان. قال الشاعر:
[الطويل]} 160لقد علم الأقوام ما كان داءها ... بثهلان إلّا الخزي ممّن يقودها (1)
وإن شئت «ما كان داؤها إلّا الخزي».
وقال تعالى {إذ تصعدون ولا تلون على أحد [الآية 153] (153) لأنك تقول: «أصعد» أي: مضى وسار و «أصعد الوادي» أي: انحدر فيه. وأما «صعد» فإنه: ارتقى.
وقال} {فأثبكم غمّا بغمّ [الآية 153] أي: على غمّ. كما قال} {فى جذوع النّخل [طه: الآية 71] ومعناه: على جذوع النخل. وكما قال: «ضربني في السيف» يريد «بالسيف» وتقول: «نزلت في أبيك» أي: على أبيك.
وقال تعالى} {إنّ الأمر كلّه لله [الآية 154] إذا جعلت «كلّا» اسما كقولك:
«إنّ الأمر بعضه لزيد» وإن جعلته صفة نصبت. وإن شئت نصبت على البدل، لأنك لو قلت «إنّ الأمر بعضه لزيد» لجاز على البدل، والصفة لا تكون في «بعض». قال الشاعر: [الكامل]} 161إنّ السّيوف غدوّها ورواحها ... تركا فزارة مثل قرن الأعضب (2)
فابتدأ «الغدوّ» و «الرواح» وجعل الفعل لهما. وقد نصب بعضهم «غدوّها ورواحها» وقال: «تركت هوازن» فجعل «الترك» ل «السيوف» وجعل «الغدوّ» و «الرواح» تابعا لها كالصفة حتى صار بمنزلة «كلّها». وتقول {إنّ الأمر كلّه لله [الآية 154] على التوكيد أجود وبه نقرأ.
وقال تعالى} {لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم [الآية 154] وقد قال بعضهم} {القتل و} {القتل فيما نرى، وقال بعضهم} {إلى قتالهم و} القتل
__________
(1) البيت لمغلس الأسدي في شرح أبيات سيبويه 1/ 278، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 184، وشرح المفصل 7/ 96، والكتاب 1/ 50، والمحتسب 2/ 116.
(2) البيت للأخطل في ديوانه ص 329، وخزانة الأدب 5/ 199، 201، ولسان العرب (عضب)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 354، وشرح الأشموني 2/ 441.(1/148)
أصوبهما إن شاء الله لأنه قال {إلى مضاجعهم [الآية 154].
وقال} {وليبتلى الله ما فى صدوركم [الآية 154] أي: كي يبتلي الله.
وقال تعالى} {ومآ أصبكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله [الآية 166] فجعل الخبر بالفاء لأنّ} {مآ بمنزلة «الذي» وهو في معنى «من»، و «من» تكون في المجازاة ويكون جوابها بالفاء.
وقال تعالى} {أو كانوا غزّى لّو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا [الآية 156] وواحد «الغزّى» «غاز» مثل «شاهد» و «شهّد».
وقال تعالى} {ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متّم [الآية 157] الآية. فإن قيل كيف يكون} {لمغفرة مّن الله [الآية 157] جواب ذلك الأول؟ فكأنه حين قال} {ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متّم [الآية 157] تذكر لهم مغفرة ورحمة إذ كان ذلك في السبيل فقال} {لمغفرة [الآية 157] يقول: «لتلك المغفرة} {خير مما تجمعون».
وقال} {ولئن مّتّم أو قتلتم لإلى الله تحشرون (158) [الآية 158] وإن شئت قلت} {قتّلتم.
وقال تعالى} {فبما رحمة مّن الله [الآية 159] يقول: «فبرحمة» و} {مآ
زائدة.
وقال تعالى} {وما كان لنبىّ أن يغلّ [الآية 161] وقال بعضهم} {يغلّ وكلّ صواب والله أعلم لأنّ المعنى «أن يخون» أو «يخان».
وقال} {أو لمّآ أصبتكم مّصيبة [الآية 165] فهذه الألف ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فكأنه قال: «صنعتم كذا وكذا ولمّا أصابتكم» ثم أدخل على الواو ألف الاستفهام.
وقال} {فبإذن الله وليعلم المؤمنين [الآية 166] فجعل الخبر بالفاء لأنّ} {مآ أصبكم [الآية 153]: الذي أصابكم. وقال} {وليعلم المؤمنين [الآية 166] لأنّ معناه: «فهو بإذن الله» «وهو ليعلم».
وقال} {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت [الآية 168] أي: قل لهم} فادرؤا عن أنفسكم الموت وأضمر «لهم».(1/149)
وقال تعالى {فزادهم إيمنا [الآية 173] يقول: «فزادهم قولهم إيمانا».
وقال} {إنّما ذلكم الشّيطن يخوف أولياءه [الآية 175] يقول: «يرهب النّاس أولياءه» أي: بأوليائه.
وقال} {لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه [الآية 187] يقول: «استحلفهم ليبيّننّه ولا يكتمونه» وقال} {لتبيّننّه ولا تكتمونه أي: قل لهم: «والله لتبيّننّه ولا تكتمونه».
وقال} {لآ أضيع عمل عمل مّنكم مّن ذكر أو أنثى [الآية 195] أي:
فاستجاب: بأنّي لا أضيع عمل عامل منكم. أدخل فيه} {مّن زائدة كما تقول «قد كان من حديث» و} {مّن [البقرة: الآية 5] ها هنا لغو لأنّ حرف النفي قد دخل في قوله} {لا أضيع.
وقال} {ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بمآ ءاتهم الله من فضله هو خيرا لّهم بل هو شرّ لّهم [الآية 180] فأراد «ولا تحسبنّ البخل هو خيرا لهم» فألقى الاسم الذي أوقع عليه الحسبان وهو «البخل»، لأنّه قد ذكر الحسبان وذكر ما آتاهم الله من فضله فأضمرهما إذا ذكرهما. وقد جاء من الحذف ما هو أشد من ذا، قال الله تعالى} {لا يستوى منكم مّن أنفق من قبل الفتح وقتل [الحديد: الآية 10] ولم يقل «ومن أنفق من بعد» لأنه لما قال} {اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد كان فيه دليل على أنه قد عناهم.
وقال تعالى} {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ [الآية 181] وقد مضى لذلك دهر، فإنما يعني: «سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه».
وأما قوله} {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بمآ أتوا وّ يحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم [الآية 188] فإنّ: الآخرة بدل من الأولى والفاء زائدة. ولا تعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء إذ ليس لذلك مذهب في العربية لأنه إذا قال} لا تحسبنّ الّذين يفرحون بمآ أتوا فإنّه لم يوقعه على شيء.(1/150)
ومن سورة النساء
قال تعالى {تسآءلون به [الآية 1] خفيفة لأنها من تساؤلهم فإنهم «يتساءلون» فحذف التاء الأخيرة، وذلك كثير في كلام العرب نحو} {تكلّمون وإن شئت ثقّلت فأدغمت.
قال الله تعالى} {والأرحام [الآية 1] منصوبة، أي: اتقوا الأرحام. وقال بعضهم} {والأرحام جرّ والأوّل أحسن لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور.
وقال تعالى} {إنّ الله كان عليكم رقيبا [الآية 1] تقول من «الرقيب»: «رقب» «يرقب» «رقبا» و «رقوبا».
وقال} {ولا تأكلوا أموالهم إلى أمولكم [الآية 2] أي: «مع أموالكم»} {إنّه كان حوبا كبيرا [الآية 2] يقول: «أكلها كان حوبا كبيرا».
قال} {وإن خفتم ألّا تقسطوا فى اليتمى [الآية 3] لأنه من «أقسط» «يقسط».
و «الإقساط»: العدل. وأما «قسط» فإنّه «جار» قال} {وأمّا القسطون فكانوا لجهنّم حطبا (15) [الجنّ: الآية 15] ف «أقسط»: عدل و «قسط»: جار. قال} {وأقسطوا إنّ الله يحبّ المقسطين [الحجرات: الآية 9].
وقال} {مثنى وثلث وربع فإن خفتم ألّا تعدلوا فوحدة [الآية 3] يقول: «فانكحوا واحدة} {أو ما ملكت أيمنكم [الآية 3]» أي: انكحوا ما ملكت أيمانكم. وأما ترك الصرف في} {مثنى وثلث وربع [الآية 3] فإنه عدل عن «اثنين» و «ثلاث» و «أربع» كما أنه من عدل «عمر» عن «عامر» لم يصرف. وقال تعالى} {أولى أجنحة مّثنى وثلث وربع [فاطر: 1] فنصب. وقال} أن تقوموا لله مثنى وفردى [سبإ: الآية 46] فهو معدول كذلك، ولو سميت به صرفت لأنه إذا كان اسما فليس في معنى «اثنين» و «ثلاثة» و «أربعة». كما قال «نزال» حين كان في معنى «انزلوا» وإذا سميت به رفعته. قال الشاعر: [الوافر](1/151)
162 - أحمّ الله ذلك من لقاء ... أحاد أساد في شهر حلال (1)
وقال: [الطويل] 163ولكنّما أهلي بواد أنيسه ... ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحدا (2)
وقال تعالى {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّسآء [الآية 3] يقول: «لينكح كلّ واحد منكم كلّ واحدة من هذه العدّة» كما قال تعالى} {فاجلدوهم ثمنين جلدة [النّور:
الآية 4] يقول: «فاجلدوا كلّ واحد منهم».
وقال} {وءاتوا النّسآء صدقاتهنّ نحلة [الآية 4] وواحد «الصّدقات»: صدقة وبنو تميم تقول: «صدقة» ساكنة الدال مضمومة الصاد.
وقال} {فإن طبن لكم عن شىء مّنه نفسا [الآية 4] فقد يجري الواحد مجرى الجماعة لأنه إنما أراد «الهوى» و «الهوى» يكون جماعة. قال الشاعر: [الطويل]} 164بها جيف الحسرى فأمّا عظامها ... فبيض وأمّا جلدها فصليب (3)
وأما «هنيء مريء» فتقول: «هنؤ هذا الطعام ومرؤ» و «هنىء ومرىء» كما تقول: «فقه» و «فقه» يكسرون القاف ويضمونها. وتقول: «هنأني» و «هنئته» و «استمرأته».
وقال {فإن ءانستم مّنهم رشدا [الآية 6] وقال} {ءانستم [الآية 6] ممدودة.
تقول: «آنست منه رشدا وخيرا» و} {ءانست نارا [طه: الآية 10] مثلها ممدودة.
وتقول: «أنست بالرّجل» «أنسا» فألف «أنست» مقصورة وألف «أنسا» مضمومة.
ويقال «أنسا».
__________
(1) يروى البيت بلفظ:
} منت لك أن تلاقيني المنايا ... أحاد أحاد في الشهر الحلال
والبيت لعمرو ذي الكلب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 2/ 570، وجمهرة اللغة ص 102، 507، 1047، ولسان العرب (جمم)، والمعاني الكبير ص 840، وللهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 245، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 17، والدرر 1/ 90، وتاج العروس (منى)، وشرح المفصل 1/ 62، والمقتضب 3/ 381، وهمع الهوامع 1/ 26، ولصخر الغي في الأغاني 15/ 97، ويروى أيضا: «في الشهر الحرام» بدل: «في الشهر الحلال».
(2) البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في لسان العرب (بغا)، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 654.
(3) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه ص 40، وخزانة الأدب 7/ 559، وشرح أبيات سيبويه 1/ 134، وشرح اختيارات المفضّل ص 1588، والكتاب 1/ 209، والمقتضب 2/ 173، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 350.(1/152)
وقال {إسرافا وبدارا أن يكبروا [الآية 6] يقول: لا تأكلوها مبادرة أن يشبّوا.
وقال} {لّلرّجال نصيب مّمّا ترك الولدان [الآية 7] إلى قوله} {نصيبا مّفروضا
[الآية 7] فانتصابه كانتصاب} {كتبا مّؤجّلا [آل عمران: الآية 145].
وقال} {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتمى والمسكين [الآية 8] ثم قال} {فارزقوهم مّنه [الآية 8] لأن معناه المال والميراث فذكّر على ذلك المعنى.
وقال} {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّة [الآية 9] لأنه يريد «وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية يخافون عليهم» مثل ما يركون} [1] منهم من ذرية غيرهم. أي: فلا يفعلن ذلك حتى لا يفعله بهم غيرهم «فليخشوا» أي «فليخشوا هذا» أي: فليتّقوا. ثم عاد أيضا فقال: «فليتّقوا الله».
وقال {وسيصلون سعيرا [الآية 10] فالياء تفتح وتضم ها هنا وكل صواب.
وقوله} {فى بطونهم [الآية 10] توكيد.
وقال} {يوصيكم الله فى أولدكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين [الآية 11] فالمثل مرفوع على الابتداء وإنما هو تفسير الوصية كما قال} {وعد الله الّذين ءامنوا وعملوا الصّلحت لهم مّغفرة وأجر عظيم (9) [المائدة: الآية 9] فسر الوعد يقول: «هكذا وعدهم» أي: قال «لهم مغفرة». قال الشاعر: [الطويل]} 165عشيّة ما ودّ ابن غرّاء أمّه ... لها من سوانا إذ دعا أبوان (2)
قال {فإن كنّ نسآء [الآية 11] فترك الكلام الأول وقال «إذا كان المتروكات نساء» نصب وكذلك} {وإن كانت وحدة [الآية 11].
وقال} {ولأبويه لكلّ واحد مّنهما السّدس [الآية 11] فهذه الهاء التي في «أبويه» ضمير الميت لأنه لما قال} {يوصيكم الله فى أولدكم [الآية 11] كان المعنى: يوصي الله الميت قبل موته بأنّ عليه لأبويه كذا ولولده كذا. أي: فلا يأخذنّ إلّا ماله.
وقال} {فإن كان له إخوة [الآية 11] فيذكرون أن الإخوة اثنان ومثله «إنّا فعلنا» وانتما اثنان، وقد يشبه ما كان من شيئين وليس مثله، ولكن اثنين قد جعل جماعة في قول الله عز وجل} إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما [التّحريم: الآية 4]
__________
(1) يركون: كذا بالأصل، ولعلها: يتركون.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/153)
وقال {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة: الآية 38] وذلك أن في كلام العرب أن كل شيئين من شيئين فهو جماعة وقد يكون اثنين في الشعر. قال الشاعر:
[الطويل]} 166بما في فؤادينا من الشوق والهوى ... فيجبر منهاض الفؤاد المشعّف (1)
وقال الفرزدق: [الطويل] 167هما نفثا في فيّ من فمويهما ... على النّابح العاوي أشدّ لجام (2)
وقد يجعل هذا في الشعر واحدا. وقال: [الرجز] 168لا ننكر القتل وقد سبينا ... في حلقكم عظم وقد شجينا (3)
وقال الآخر: [الوافر] 169كلوا في بعض بطنكم تعفّوا ... فإنّ زمانكم زمن خميص (4)
ونظير هذا قوله: «تسع مئة» وإنما هو «تسع مئات» أو «مئين» فجعله
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 25، وجمهرة أشعار العرب ص 878، والدرر 1/ 155، والكتاب 3/ 623، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 155، وهمع الهوامع 1/ 51.
(2) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 215، وتذكرة النحاة ص 143، وجواهر الأدب ص 95، وخزانة الأدب 4/ 464460، 7/ 476، 546، والدرر 1/ 156، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 417، 2/ 485، وشرح أبيات سيبويه 2/ 258، وشرح شواهد الشافية ص 115، والكتاب 3/ 365، 622، ولسان العرب (فمم)، (فوه)، والمحتسب 2/ 238، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 235، والأشباه والنظائر 1/ 216، والإنصاف 1/ 345، وجمهرة اللغة ص 1307، والخصائص 1/ 170، 3/ 147، 211، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 215، والمقتضب 3/ 158، والمقرب 2/ 129، وهمع الهوامع 1/ 51، ويروى: «أشد رجام» بدل: «أشد لجام».
(3) الرجز للمسيب بن زيد مناة في لسان العرب (شجا)، والمحتسب 2/ 87، وشرح أبيات سيبويه 1/ 212، ولطفيل في جمهرة اللغة ص 1041، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب (نهر)، (سمع)، (أمم)، (عظم)، (مأى)، وخزانة الأدب 7/ 559، 562، وشرح المفصل 6/ 32، والكتاب 1/ 209، والمقتضب 2/ 172، والمخصص 1/ 31، 10/ 30، وأساس البلاغة (شجو)، وتهذيب اللغة 2/ 125، 302، وتاج العروس (شجا)، (مأى).
(4) البيت بلا نسبة في أسرار العربية ص 223، وتخليص الشواهد ص 157، وخزانة الأدب 7/ 537، 559، 560، 563، والدرر 1/ 152، وشرح أبيات سيبويه 1/ 374، وشرح المفصل 5/ 8، 6، 21، والكتاب 1/ 210، والمحتسب 2/ 87، والمقتضب 2/ 172، وهمع الهوامع 1/ 50.(1/154)
واحدا، وذلك أن ما بين العشرة إلى الثلاثة يكون جماعة نحو: «ثلاثة رجال» و «عشرة رجال» ثم جعلوه في «المئين» واحدا.
وقال {من بعد وصيّة يوصى بهآ [الآية 12] لأنه ذكر الرجل حين قال} {وورثه أبواه [الآية 11] وقال بعضهم} {يوصي وكلّ حسن. ونظير} {يوصي
بالياء قوله:
} {توصون [الآية 12] و} {يوصين حين ذكرهن، واحتج الذي قال} {يوصي بالياء بقوله} {غير مضارّ وصيّة مّن الله فنصب} {وصيّة و} {فريضة مّن الله كما نصب} {كتبا مّؤجّلا [آل عمران: الآية 145]. وقال} {وإن كان رجل يورث كللة [النّساء: الآية 12] ولو قرئت} {يورث [الآية 12] كان جيدا وتنصب} {كللة وقد ذكر عن الحسن، فإن شئت نصبت} {كللة على خبر} {كان وجعلت} {يورث من صفة الرجل، وإن شئت جعلت} {كان تستغني عن الخبر نحو «وقع»، وجعلت نصب} {كللة على الحال، أي: «يورث كلالة» كما تقول: «يضرب قائما». قال الشاعر في «كان» التي لا خبر لها: [الطويل]} 170فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (1)
قال {وإن كان رجل يورث كللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلّ واحد مّنهما [الآية 12] يريد من المذكورين. ويجوز أن نقول للرجل إذا قلت «زيد أو عمر منطلق»: «هذان رجلا سوء» أي: اللذان ذكرت.
وقال} {ولا تنكحوا ما نكح ءابآؤكم مّن النّساء إلّا ما قد سلف [الآية 22] لأن معناه: فإنكم تؤخذون به. فلذلك قال:} {إلّا ما قد سلف [الآية 22]، أي:
فليس عليكم جناح. ومثل هذا في كلام العرب كثير، تقول: «لا نصنع ما صنعت» «ولا نأكل ما أكلت».
وقال} ومن لّم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنت [الآية 25] على «ومن لم يجد طولا أن ينكح» يقول «إلى أن ينكح» لأن حرف الجر يضمر مع «أن».
__________
(1) البيت لمقاس العائذي في الأزهية ص 186، وشرح أبيات سيبويه 1/ 252، وشرح المفصل 7/ 98، والكتاب 1/ 47، ولسان العرب (كون)، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 135، ولسان العرب (شهب)، (ظلم)، والمقتضب 4/ 96.(1/155)
وقال {والله أعلم بإيمنكم بعضكم مّن بعض [الآية 25] فرفع} {بعضكم على الابتداء.
وقال} {بإذن أهلهنّ [الآية 25] لأن: «الأهل» جماعة ولكنه قد يجمع فيقال: «أهلون» كما تقول: «قوم» و «أقوام» فتجمع الجماعة وقال} {شغلتنا أموالنا وأهلونا [الفتح: الآية 11] فجمع. وقال} {قوا أنفسكم وأهليكم نارا [التّحريم: الآية 6] فهذه الياء ياء جماعة فلذلك سكنت وهكذا نصبها وجرها بإسكان الياء وذهبت النون للإضافة.
وقال} {وأن تصبروا خير لّكم [الآية 25] يقول: «والصبر خير لكم».
وقال} {يريد الله ليبيّن لكم ويهديكم [الآية 26] يقول: «وليهديكم» ومعناه: يريد كذا وكذا ليبين لكم. وإن شئت أوصلت الفعل باللام إلى «أن» المضمرة بعد اللام نحو} {إن كنتم للرّءيا تعبرون [يوسف: الآية 43] وكما قال} {وأمرت لأعدل بينكم [الشورى: 15] فكسر اللام أي: أمرت من أجل ذلك.
وقال} {إلّا أن تكون تجارة عن تراض مّنكم [الآية 29] فقوله} {إلّا أن تكون تجارة استثناء خارج من أول الكلام و} {تكون هي «تقع» في المعنى وفي «كان» التي لا تحتاج إلى الخبر فلذلك رفع التجارة.
وقال} {وندخلكم مّدخلا كريما [الآية 31] لأنها من «أدخل» «يدخل» والموضع من هذا مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة «دحرج» ونحوها. ألا ترى أنك تقول: «هذا مدحرجنا» فالميم إذا جاوز الفعل الثلاثة مضمومة. قال أميّة بن أبي الصلت} [1]: [البسيط] 171الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا (2)
__________
(1) هو أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بن قسي. كان يعمل في التجارة بين الشام واليمن، ثم تزهّد ونسك ولبس المسوح ونبذ عبادة الأوثان، وحرّم على نفسه الخمرة.
قرأ الكتب المتقدمة من كتب الله عز وجل، وكان يخبر بأن نبيا يبعث قد أطلّ زمانه ويؤمّل أن يكون هو النبي، فلما بلغه بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تكدّر وأغمي عليه، وكفر به حسدا. ولما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره قال: آمن لسانه وكفر قلبه، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع شعر أمية قال: كاد أمية يسلم، مات في السنة الثامنة للهجرة، وقيل الخامسة (معجم الشعراء الجاهليين ص 38 39).
(2) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 62، وإصلاح المنطق ص 166، والأغاني 4/ 132،(1/156)
لأنه من «أمسى» و «أصبح». وقال {رّبّ أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق [الإسراء: الآية 80]. وتكون الميم مفتوحة إن شئت إذا جعلته من «دخل» و «خرج». وقال} {إنّ المتّقين فى مقام أمين (51) [الدّخان: الآية 51] إذا جعلته من «قام» «يقوم»، فإن جعلته من «أقام» «يقيم» قلت: «مقام أمين».
وقال} {ولا تتمنّوا [الآية 32] إن شئت أدغمت التاء الأولى في الآخرة، فإن قيل كيف يجوز إدغامها، وأنت إذا أدغمتها سكنت وقبلها الألف الساكنة التي في «لا» فتجمع ما بين ساكنين؟ قلت: «إن هذه الألف حرف لين». وقد يدغم بعد مثلها في الاتصال وفي غيره نحو «يضربانّي» و} {ولا تناجوا بالإثم والعدوان
[المجادلة: 9] وتدغم أيضا، ومثله} {قل أتحاجّونا في الله [البقرة: 139] أدغمت وقبلها واو ساكنة. وإن شئت لم تدغم هذا كله. وقد قرأ بعض القراء} {فبم تبشّرون [الحجر: الآية 54] أراد} {تبشرونني فأذهب إحدى النونين استثقالا لاجتماعهما، كما قال: «ما أحسست منهم أحدا» فألقوا إحدى السينين استثقالا.
فهذا أجدر أن يستثقل لأنّهما جميعا متحركان. قال الشاعر: [الوافر]} 172تراه كالثّغام يعلّ مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني (1)
فحذف النون الآخرة لأنها النون التي تزاد ليترك ما قبلها على حاله وليست باسم. فأما الأولى فلا يجوز طرحها فإنها الاسم المضمر. وقال أبو حية النميري (2): [الوافر]
__________
وخزانة الأدب 1/ 248، 249، وشرح أبيات سيبويه 2/ 392، وشرح المفصل 6/ 53، والكتاب 4/ 95، ولسان العرب (مسا)، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 352، وشرح المفصل 6/ 50.
(1) البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص 180، وخزانة الأدب 5/ 371، 372، 373، والدرر 1/ 213، وشرح أبيات سيبويه 2/ 304، وشرح شواهد الإيضاح ص 213، والكتاب 3/ 520، ولسان العرب (فلا)، والمقاصد النحوية 1/ 379، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 85، وجمهرة اللغة ص 459، وشرح المفصل 3/ 91، ولسان العرب (حيج)، ومغني اللبيب 2/ 621، والمنصف 2/ 337، وهمع الهوامع 1/ 65.
(2) أبو حية النميري: هو الهيثم بن الربيع، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، فصيح، راجز، من سكان البصرة، أهوج، جبان، بخيل، كذاب، يعرف بأبي حية. مات في آخر خلافة المنصور سنة 158هـ، وقيل سنة بضع وثمانين ومئة (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 520).(1/157)
173 - أبالموت الذي لا بدّ أنّي ... ملاق لا أباك تخوّفيني (1)
فحذف النون. ولو قرئت {فبم تبشّرونّ بتثقيل النون كان جيدا ولم أسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الاي نحو} {بل لّمّا يذوقوا عذاب [ص: الآية 8] يريد «عذابي». وأما قوله} {فظلتم تفكّهون [الواقعة: الآية 65] فإنها إنما كسر أولها لأنه يقول: «ظللت» فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء} [2]: [البسيط] 174مسنا السّماء فنلناها وطالهم ... حتّى رأوا أحدا يهوي وثهلانا (3)
لأنها من «مسست» وقال بعضهم {فظلتم ترك الظاء على فتحتها وحذف إحدى اللامين، ومن قال هذا قال «مسنا السماء». وهذا الحذف ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف إلا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فأما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.
وقال} {شقاق بينهما [الآية 35] فأضاف إلى البين لأنه قد يكون اسما قال} {لقد تقطع بينكم [الأنعام: 94] بالضم. ولو قال} {شقاقا بينهما في الكلام فجعل البين ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قلت} {شقاق بينهما [الآية 35] تريد} {مآ وتحذفها جاز، كما تقول} {تقطع بينكم تريد} {مآ [المسد: الآية 2] التي تكون في معنى شيء. وقال} تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم [آل عمران: الآية 64]. وتقول «بينهما بون بعيد» تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: «بينهما بين بعيد» بالياء.
__________
(1) البيت لأبي حية النميري في ديوانه ص 177، وخزانة الأدب 4/ 100، 105، 107، والدرر 2/ 219، وشرح شواهد الإيضاح ص 211، ولسان العرب (خعل)، (أبي)، (فلا)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 132، والخصائص 1/ 345، وشرح التصريح 2/ 26، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 501، وشرح شذور الذهب ص 424، وشرح المفصل 2/ 105، واللامات ص 103، والمقتضب 4/ 375، والمقرب 1/ 197، والمنصف 2/ 337، وهمع الهوامع 1/ 337.
(2) هو أوس بن مغراء بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. شاعر مخضرم أدرك الإسلام، كان جيد الشعر يفخر بالإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة حتى أن الوليد بن عبد الملك قال لجرير يوم تاه عليهم الأخطل بقصيدة عمرو بن كلثوم: مغّر يا جرير. تهاجى أوس مع النابغة الجعدي زمنا طويلا، واشترك في جيش سعد بن أبي وقاص. توفي نحو سنة 55هـ (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 52).
(3) البيت لابن مغراء في لسان العرب (مسس)، وتهذيب اللغة 12/ 325، وتاج العروس (مسس)، وكتاب العين 7/ 209.(1/158)
وقال {والجار الجنب [الآية 36] وقال بعضهم} {الجنب وقال الراجز:
} 175الناس جنب والأمير جنب (1)
يريد ب «جنب»: الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال «جنب» و «الجنب» أيضا: المجانب للقرابة. ويقال: «الجانب» أيضا.
وأما {والصّاحب بالجنب [الآية 36] فمعناه: «هو الذي بجنبك»، كما تقول «فلان بجنبي» و «إلى جنبي».
قال} {ولا يكتمون الله حديثا [الآية 42] أي: لا تكتمه الجوارح، أو يقول:
«لا يخفى عليه وإن كتموه».
وقال} {يأيّها الّذين أوتوا الكتب [الآية 47] إلى قوله} {مّن قبل أن نّطمس وجوها [الآية 47] يقول: من قبل يوم القيامة.
قال} {وماذا عليهم لو ءامنوا بالله واليوم الأخر [الآية 39] فإن شئت جعلت} {ماذآ بمنزلها وحدها، وإن شئت جعلت} {ذا بمنزلة «الذي».
وقوله} {ولا جنبا [الآية 43] في اللفظ واحد وهو للجمع كذلك، وكذلك هو للرجال والنساء، كما قال} {والملئكة بعد ذلك ظهير [التّحريم: الآية 4] فجعل «الظهير» واحدا. والعرب تقول: «هم لي صديق». وقال:} {عن اليمين وعن الشّمال قعيد [ق: الآية 17] وهما قعيدان. وقال} {إنا رسول ربك وقال} {فإنّهم عدوّ لّى
[الشّعراء: الآية 77] لأن «فعول» و «فعيل» مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.
وقال} {لو تسوّى بهم الأرض [الآية 42] وقال بعضهم} {تسوّى وكل حسن.
وقال} {ولا جنبا إلّا عابرى سبيل [الآية 43] لأنه قال} {لا تقربوا الصّلوة وأنتم سكرى [الآية 43] فقوله} {وأنتم سكرى [الآية 43] في موضع نصب على الحال، فقال} {ولا جنبا [الآية 43] على العطف كأنه قال: «ولا تقربوها جنبا إلّا عابري سبيل»، كما تقول: «لا تأتي إلّا راكبا».
وقال} {مّن الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مّواضعه [الآية 46] يقول «منهم قوم» فأضمر «القوم». قال النابغة الذبياني} [2]: [الوافر]
__________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (جنب)، وتهذيب اللغة 11/ 122، وكتاب العين 6/ 147.
(2) النابغة الذبياني: تقدمت ترجمته.(1/159)
176 - كأنّك من جمال بني أقيش ... يقعقع بين رجليه بشنّ (1)
أي: كأنّك جمل منها. وكما قال {وإن مّن أهل الكتب إلّا ليؤمننّ به
[النّساء: الآية 159] أي: «وإن منهم واحد إلّا ليؤمننّ به». والعرب تقول: «رأيت الذي أمس» أي: «رأيت الذي جاءك أمس» أو «تكلّم أمس».
} {واسمع غير مسمع ورعنا ليّا [الآية 46] وقوله} {رعنا أي: «راعنا سمعك». في معنى: أرعنا. وقوله} {غير مسمع [الآية 46] أي: لا سمعت أي: لا سمعت. وأما} {غير مسمع [الآية 46] أي: لا يسمع منك فأنت غير مسمع.
وقال} {واسمع وانظرنا لكان خيرا لّهم [الآية 46]. وإنما قال} {وانظرنا [النّساء:
الآية 46] لأنّها من «نظرته» أي: «انتظرته». وقال} {انظرونا نقتبس من نّوركم [الحديد:
الآية 13] أي: انتظروا. وأما قوله} {يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه [النّبإ: الآية 40] فإنما هي: إلى ما قدّمت يداه. قال الشاعر: [الخفيف]} 177ظاهرات الجمال والحسن ينظر ... ن كما تنظر الأراك الظّباء (2)
وإن شئت كان {ينظر المرء ما قدّمت يداه [النبإ: الآية 40] على الاستفهام مثل قولك «ينظر خيرا قدّمت يداه أم شرّا».
وقال} {بدّلنهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب [الآية 56] فإن قال قائل: «أليس إنما تعذب الجلود التي عصت، فكيف يقول} {غيرها [الآية 56]»؟ قلت: «إنّ العرب قد تقول: «أصوغ خاتما غير ذا» فيكسره ثم يصوغه صياغة أخرى. فهو الأول إلّا أن الصياغة تغيرت».
قال} {وكفى بجهنّم سعيرا [الآية 55] فهذا مثل «دهين» و «صريع» لأنك تقول: «سعرت» ف «هي مسعورة» وقال} {وإذا الجحيم سعّرت (12) [التّكوير: الآية 12].
وقال} {ويسلّموا تسليما [الآية 65] أي:} {حتّى يحكّموك [الآية 65] وحتى
__________
(1) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 126، وخزانة الأدب 5/ 67، 69. وشرح أبيات سيبويه 2/ 58، وشرح المفصل 3/ 59، والكتاب 2/ 345، ولسان العرب (وقش)، (قعع)، (شنن)، والمقاصد النحوية 4/ 67، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب 1/ 284، وشرح الأشموني 2/ 401، وشرح المفصل 1/ 61، ولسان العرب (خدر)، (أقش)، (دنا)، والمقتضب 2/ 138.
(2) يروى البيت بلفظ:
} ظاهرات الجمال ينظرن هونا ... مثل ما تنظر الأراك الظباء
والبيت بلا نسبة في أساس البلاغة (نظر).(1/160)
{يسلّموا كل هذا معطوف على ما بعد حتى.
وقال} {مّا فعلوه إلّا قليل مّنهم [الآية 66] فرفع} {قليل لأنك جعلت الفعل لهم وجعلتهم بدلا من الأسماء المضمرة في الفعل.
وقال} {وحسن أولئك رفيقا [الآية 69] فليس هذا على «نعم الرّجل» لأن «نعم» لا تقع إلا على اسم فيه الألف واللام أو نكرة، ولكن هذا على مثل قولك: «كرم زيد رجلا» تنصبه على الحال. و «الرفيق» واحد في معنى جماعة مثل «هم لي صديق».
وقال} {وإنّ منكم لمن لّيبطّئنّ [الآية 72] فاللام الأولى مفتوحة لأنها للتوكيد نحو: «إنّ في الدّار لزيدا» واللام الثانية للقسم كأنه قال: «وإنّ منكم من والله ليبطّئنّ».
وقال} {فليقتل فى سبيل الله الّذين يشرون الحيوة الدّنيا بالأخرة [الآية 74] وقال} {ومن الناس من يشرى نفسه [البقرة: 207] أي: يبيعها. فقد تقع «شريت» للبيع والشراء.
قال} {من هذه القرية الظّالم أهلها [الآية 75] فجررت «الظالم» لأنه صفة مقدمة ما قبلها مجرور وهي لشيء من سبب الأول، وإذا كانت كذلك جرّت على الأول حتى تصير كأنها له.
قال} {وما أصابك من سيّئة فمن نّفسك وأرسلنك للنّاس رسولا [الآية 79] فجعل الخبر بالفاء لأن} {ما بمنزلة} {من وأدخل} {مّن على السيئة لأن} {ما نفي و} {مّن تحسن في النفي مثل قولك: «ما جاءني من أحد».
قال} {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طآئفة مّنهم [الآية 81] أي:
ويقولون «أمرنا طاعة». وإن شئت نصبت الطاعة على «نطيع طاعة». وقال} {بيّت
فذكّر فعل الطائفة لأنهم في المعنى رجال وقد أضافها إلى مذكرين. وقال} {وإن كان طائفة مّنكم [الأعراف: الآية 87].
وقال} {لاتّبعتم الشّيطن إلّا قليلا [الآية 83] على} {وإذا جآءهم أمر مّن الأمن أو الخوف أذاعوا به [الآية 83]} {إلّا قليلا.
وقال} {فقتل فى سبيل الله لا تكلّف إلّا نفسك [الآية 84] جزم على جواب الأمر. ورفع بعضهم على الابتداء ولم يجعله علة للأول وبه نقرأ كما قال} وأمر
أهلك بالصّلوة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا [طه: الآية 132] جزم إذا جعله لما قبله علة ورفع على الابتداء وبالرفع نقرأ.(1/161)
وقال {فقتل فى سبيل الله لا تكلّف إلّا نفسك [الآية 84] جزم على جواب الأمر. ورفع بعضهم على الابتداء ولم يجعله علة للأول وبه نقرأ كما قال} {وأمر
أهلك بالصّلوة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا [طه: الآية 132] جزم إذا جعله لما قبله علة ورفع على الابتداء وبالرفع نقرأ.
وقال} {فما لكم فى المنفقين فئتين [الآية 88] فنصب على الحال، كما تقول:
«ما لك قائما» أي: «ما لك في حال القيام».
وقال} {إلّا الّذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم مّيثق أو جآءوكم حصرت صدورهم [الآية 90] أو} {حصرت صدورهم [الآية 90] ف} {حصرة اسم نصبته على الحال و} {حصرت [الآية 90] «فعلت» وبها نقرأ.
وقال} {فدية مّسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مّؤمنة [الآية 92].
وقال} {فصيام شهرين [الآية 92] أي: فعليه ذلك.
وقال} {إلّا أن يصّدّقوا [الآية 92] أي: فعليكم ذلك إلّا أن يصّدّقوا.
وقال} {إذا ضربتم فى سبيل الله فتبيّنوا [الآية 94] وقال بعضهم} {فتثبتوا وكلّ صواب لأنك تقول «تبيّن حال القوم» و «تثبّت». و «لا تقدم حتّى تتبيّن» و «حتّى تتثبّت».
وقال} {لّا يستوى القعدون من المؤمنين غير أولى الضّرر [الآية 95] مرفوعة لأنك جعلته من صفة القاعدين. وإن جررته فعلى «المؤمنين» وإن شئت نصبته إذا أخرجته من أول الكلام فجعلته استثناء وبها نقرأ. وبلغنا أنها أنزلت من بعد قوله} {لّا يستوى القعدون [الآية 95] ولم تنزل معها، وإنما هي استثناء عنى بها قوما لم يقدروا على الخروج، ثم قال} {والمجهدون [الآية 95] يعطفه على القاعدين لأن المعنى} {لّا يستوى القعدون [الآية 95]} {والمجهدون [الآية 95]. وقال} {وفضّل الله المجهدين على القعدين أجرا عظيما [الآية 95]} {درجت مّنه [الآية 96] يقول فعل ذلك درجات منه. وقال} {أجرا عظيما لأنه قال: «فضّلهم» فقد أخبر أنه آجرهم فقال على ذلك المعنى كقولك: «أما والله لأضربنّك إيجاعا شديدا» لأنّ معناه: لأوجعنّك.
وقال} {فأولئك مأوهم جهنّم وسآءت مصيرا [الآية 97]} {إلّا المستضعفين [الآية 98] لأنه استثناهم منهم كما تقول: «أولئك أصحابك إلّا زيدا» و: «كلّهم أصحابك إلّا زيدا». وهو خارج من أول الكلام.
وقال} إن تكونوا تألمون [الآية 104] أي: تيجعون. تقول: «ألم» «يألم» «ألما».(1/162)
وقال {لّا خير فى كثير مّن نّجوهم إلّا من أمر بصدقة [الآية 114] (114) يقول: «إلّا في نجوى من أمر بصدقة».
وقال} {هأنتم هؤلآء جدلتم عنهم [الآية 109] فرد التنبيه مرتين، كما قال} {هأنتم هؤلاء تدعون [محمّد: الآية 38] أراد التوكيد.
وقال} {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا الله [الآية 131] أي بأن اتّقوا الله.
وقال} {مّن كان يريد ثواب الدّنيا فعند الله ثواب الدّنيا والأخرة [الآية 134] فموضع} {كان جزم والجواب الفاء وارتفعت} {يريد لأنه ليس فيها حرف عطف.
كما قال} {من كان يريد الحيوة الدّنيا وزينتها نوفّ إليهم [هود: الآية 15]، وقال} {من كان يريد حرث الأخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها
[الشّورى: الآية 20] فجزم لأن الأول في موضع جزم ولكنه فعل واجب فلا ينجزم، و} {يريد [البقرة: الآية 185] في موضع نصب بخبر} {كان. وقال} {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [الآية 128] فجعل الاسم يلي «إن» لأنّها أشدّ حروف الجزاء تمكنا. وإنّما حسن هذا فيها إذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله: [البسيط]
} 178عاود هراة وإن معمورها خربا (1)
وقال {إن يكن غنيّا أو فقيرا فالله أولى بهما [الآية 135] لأنّ} {أو ها هنا في معنى الواو. أو يكون جمعهما في قوله} {بهما لأنهما قد ذكرا نحو قوله عز وجل} {وله أخ أو اخت فلكل واحد منهما [النساء: 12]. أو يكون أضمر} {من
كأنه «إن يكن من تخاصم غنيّا أو فقيرا» يريد «غنيين أو فقيرين» يجعل «من» في ذلك المعنى ويخرج} {غنيّا أو فقيرا [الآية 135] على لفظ «من».
وقال} {وإن تلوا أو تعرضوا [الآية 135] لأنها من «لوى» «يلوي». وقال بعضهم} {وإن تلوا فإن كانت لغة فهو لاجتماع الواوين، ولا أراها إلّا لحنا على معنى «الولاية» وليس ل «الولاية» معنى ها هنا إلا في قوله «وإن تلوا عليهم»
__________
(1) عجز البيت:
} وأسعد اليوم مشغوفا إذا طربا
والبيت بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 39، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/ 174، والكتاب 3/ 112، ولسان العرب (هرا).(1/163)
فطرح {عليهم فهو جائز.
وقال} {لّا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم [الآية 148] لأنه حين قال} {لّا يحبّ الله [الآية 148] قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال} {إلّا من ظلم [النّساء:
الآية 148] فإنه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه. وقال بعضهم} {ظلم على قوله} {مّا يفعل الله بعذابكم [الآية 147] فيكون} {إلّا من ظلم [الآية 148] على معنى «إلّا بعذاب من ظلم».
وقال} {فبما نقضهم مّيثقهم [الآية 155] ف} {ما زائدة كأنه قال «فبنقضهم».
} {وبكفرهم وقولهم على مريم [الآية 156]} {وقولهم إنّا قتلنا المسيح [الآية 157] كله على الأول.
و} {ورسلا قد قصصنهم عليك من قبل [الآية 164] فانتصب لأن الفعل قد سقط بشيء من سببه وما قبله منصوب بالفعل.
وقال} {فامنوا خيرا لّكم [الآية 170] فنصب} {خيرا لّكم [الآية 170] لأنه حين قال لهم} {ءامنوا [البقرة: الآية 9] أمرهم بما هو خير لهم فكأنه قال: «اعملوا خيرا لكم» وكذلك} {انتهوا خيرا لّكم [الآية 171] فهذا إنما يكون في الأمر والنهي خاصة ولا يكون في الخبر، لأنّ الأمر والنهي لا يضمر فيهما وكأنك أخرجته من شيء إلى شيء. وقال الشاعر: [السريع]} 179فواعديه سرحتي مالك ... أو الرّبا بينهما أسهلا (1)
كما تقول: «واعديه خيرا لك» وقد سمعت نصب هذا في الخبر. تقول العرب:
«آتى البيت خيرا لي» و «أتركه خيرا لي» وهو على ما فسرت في الأمر والنهي.
وقال {إن امرؤا هلك [الآية 176] مثل} {إن امرأة خافت [النساء: 128] تفسيرهما سواء.
وقال} {وكلّم الله موسى تكليما [الآية 164] الكلام خلق من الله على غير الكلام منك وبغير ما يكون منك. خلقه الله ثم أوصله إلى موسى.
وقال} والله أعلم بإيمنكم بعضكم مّن بعض [الآية 25] أي: الله أعلم بإيمان بعضكم من بعض.
__________
(1) البيت لعمر بن أبي ربيعة في خزانة الأدب 2/ 120، والكتاب 1/ 283، وله أو لغيره من الحجازيين في شرح أبيات سيبويه 1/ 428، وبلا نسبة في لسان العرب (وعد).(1/164)
سورة المائدة
بسم الله الرّحمن الرّحيم قال {غير محلّى الصّيد [الآية 1]} {أوفوا بالعقود [الآية 1]،} {غير محلّى الصّيد
[الآية 1] نصب} {غير على الحال.
وقال} {لا تحلّوا شعئر الله [الآية 2] واحدها «شعيرة».
[و] قال} {ولا يجرمنّكم شنئان قوم [الآية 2] ف «الشنئان» متحرك مثل «الدرجان» و «الميلان»، وهو من «شنئته» ف «أنا أشنؤه» «شنئانا». وقال} {لا يجرمنّكم أي: لا يحقّنّ لكم. لأنّ قوله} {لا جرم أنّ لهم النّار [النّحل: الآية 62] إنما هو حقّ أنّ لهم النّار. قال الشاعر: [الكامل]} 180ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا (1)
أي: حقّ لها.
وقوله {أن صدّوكم [الآية 2] يقول: «لأن صدّوكم» وقد قرئت} {إن صدّوكم على معنى «إن هم صدّوكم» أي: «إن هم فعلوا» أي: إن همّوا ولم يكونوا فعلوا. وقد تقول ذلك أيضا وقد فعلوا كأنك تحكي ما لم يكن كقول الله تعالى} {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ لّه من قبل [يوسف: الآية 77] وقد كان عندهم قد وقعت السرقة.
وقال} أن تعتدوا [الآية 2] أي: لا يحقّنّ لكم شنئان قوم أن تعتدوا. أي:
__________
(1) البيت لأبي أسماء بن الضريبة في لسان العرب (جرم)، وله أو لعطية بن عفيف في خزانة الأدب 10/ 283، 286، 288، وشرح أبيات سيبويه 2/ 136، ولرجل من فزارة في الكتاب 3/ 138، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 62، والاشتقاق ص 190، وجمهرة اللغة ص 465، وجواهر الأدب ص 355، والصاحبي في فقه اللغة ص 150، والمقتضب 2/ 352.(1/165)
لا يحملنّكم ذلك على العدوان. ثم قال {وتعاونوا على البرّ والتّقوى [الآية 2].
وقال} {والموقوذة [الآية 3] من (وقذت) ف «هي موقوذة».
} {والنّطيحة [الآية 3] فيها الهاء لأنها جعلت كالاسم مثل «أكيلة الأسد».
وإنما تقول: «هي أكيل» و «هي نطيح» لأنّ كل ما فيه «مفعولة» ف «الفعيل» فيه بغير الهاء نحو «القتيل» و «الصريع» إذا عنيت المرأة و «هي جريح» لأنك تقول «مجروحة».
وقال} {ومآ أكل السّبع [الآية 3] ولغة يخففون «السبع».
} {وما ذبح على النّصب [الآية 3] وجميعه: «الأنصاب».
} {وأن تستقسموا بالأزلم [الآية 3] يقول: «وحرّم ذلك» وواحدها «زلم» و «زلم».
وقال} {مخمصة [الآية 3] تقول: «خمصه الجوع» نحو «المغضبة» لأنّه أراد المصدر.
[وقال]} {يئس الّذين كفروا [الآية 3] مهموزة الياء الثانية وهي من «فعل» «يفعل» وكسر الياء الأولى لغة نحو «لعب» ومنهم من يكسر اللام والعين ويسكنون العين ويفتحون اللام أيضا ويكسرونها وكذلك «يئس». وذلك أنّ «فعل» إذا كان ثانيه أحد الحروف الستة كسروا أوله وتركوه على الكسر، كما يقولون ذلك في «فعيل» نحو «شعير» و «صهيل». ومنهم من يسكن ويكسر الأولى نحو «رحمه الله» فلذلك تقول: «يئس» تكسر الياء وتسكن الهمزة. وقد قرئت هذه الآية} {نعم ما يعظكم به
[النساء: 58] على تلك اللغة التي يقولون فيها «لعب». وأناس يقولون «نعم الرّجل زيد» فقد يجوز كسر هذه النون التي في «نعم» لأن التي بعدها من الحروف الستة كما كسر «لعب». وقولهم: إن العين ساكنة من «نعمّا» إذا أدغمت خطأ لأنه لا يجتمع ساكنان. ولكن إذا شئت أخفيته فجعلته بين الإدغام والإظهار فيكون في زنة متحرك كما قرئت} {إنّى ليحزننى [يوسف: الآية 13] يشمون النون الأولى الرفع.
وقال} {اليوم أكملت لكم دينكم [الآية 3] لأنّ الإسلام كان فيه بعض الفرائض، فلما فرغ الله مما أراد منه قال} {اليوم أكملت لكم دينكم [الآية 3]} {ورضيت لكم الإسلم دينا [الآية 3] لا على غير هذه الصفة.
وقال} {فمن اضطرّ فى مخمصة غير متجانف لّإثم فإنّ الله غفور رّحيم [الآية 3]
كأنه قال: «فإنّ الله له غفور رحيم». كما تقول: «عبد الله ضربت» تريد: ضربته. قال الشاعر: [الوافر]} 181ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود (1)
وقال الآخر: [الرجز] 182قد أصبحت أم الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (2)
وقال {ماذا أحلّ [الآية 4] فإن شئت جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» وإن شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر: [البسيط]} 183يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلى الديرين تحنانا (3)
ف «ذا» لا تكون ها هنا إلّا زائدة. إذ لو قلت: «ما الذي بال نسوتكم» لم يكن كلاما.(1/166)
وقال {فمن اضطرّ فى مخمصة غير متجانف لّإثم فإنّ الله غفور رّحيم [الآية 3]
كأنه قال: «فإنّ الله له غفور رحيم». كما تقول: «عبد الله ضربت» تريد: ضربته. قال الشاعر: [الوافر]} 181ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود (1)
وقال الآخر: [الرجز] 182قد أصبحت أم الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (2)
وقال {ماذا أحلّ [الآية 4] فإن شئت جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» وإن شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر: [البسيط]} 183يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلى الديرين تحنانا (3)
ف «ذا» لا تكون ها هنا إلّا زائدة. إذ لو قلت: «ما الذي بال نسوتكم» لم يكن كلاما.
وقال {الجوارح [الآية 4] وهي الكواسب كما تقول: «فلان جارحة أهله» و «ما لهم جارحة» أي: ما لهم مماليك «ولا حافرة».
وقال} {فكلوا ممّا أمسكن عليكم [الآية 4] فأدخل} {مّن كما أدخله في قوله:
«كان من حديث» و «قد كان من مطر». وقوله} {ويكفّر عنكم مّن سيّئاتكم
[البقرة: الآية 271] و} {وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد [النور: 43]. وهو فيما فسر «ينزّل من السّماء جبالا فيها برد». وقال بعضهم} وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد [النّور: الآية 43] أي: في السّماء جبال من برد. أي: يجعل الجبال من برد في
__________
(1) البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص 281، وتذكرة النحاة ص 641، وخزانة الأدب 1/ 366، و 5/ 170، 6/ 273، والكتاب 1/ 86.
(2) الرجز لأبي النجم في تخليص الشواهد ص 281، وخزانة الأدب 1/ 359، والدرر 2/ 13، وشرح أبيات سيبويه 1/ 14، 441، وشرح شواهد المغني 2/ 544، وشرح المفصل 6/ 90، والكتاب 851، والمحتسب 1/ 211، ومعاهد التنصيص 1/ 147، ومغني اللبيب 1/ 201، والمقاصد النحوية 4/ 224، وتاج العروس (خير)، وبلا نسبة في الأغاني 10/ 176، وخزانة الأدب 3/ 20، و 6/ 272، 273، والخصائص 2/ 61، وشرح المفصل 2/ 30، والكتاب 1/ 127، 137، 146، والمقتضب 4/ 252، وهمع الهوامع 1/ 97.
(3) البيت لجرير في ديوانه ص 167، والجنى الداني ص 240، والدرر 1/ 270، وشرح شواهد المغني 2/ 781، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص 301، وهمع الهوامع 1/ 84.(1/167)
السّماء، ويجعل الإنزال منها.
وقال {محصنين غير مسفحين ولا متّخذى أخدان [الآية 5] فيعني به الرجال.
وقال} {أحلّ لكم الطّيّبت [الآية 5] وأحلّ} {لكم المحصنات من النساء} {محصنين غير مسفحين أي: أحلّ لكم في هذه الحال.
وقال} {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم [الآية 6] فرده إلى «الغسل» في قراءة بعضهم لأنه قال} {فاغسلوا وجوهكم وقال بعضهم} {وأرجلكم على المسح أي: وامسحوا بأرجلكم. وهذا لا يعرفه الناس. وقال ابن عباس} [1]: «المسح على الرّجلين يجزىء». ويجوز الجر على الاتباع وهو في المعنى «الغسل» نحو «هذا جحر ضبّ خرب». والنّصب أسلم وأجود من هذا الاضطرار. ومثله قول العرب: «أكلت خبزا ولبنا» واللبن لا يؤكل. ويقولون: «ما سمعت برائحة أطيب من هذه ولا رأيت رائحة أطيب من هذه» و «ما رأيت كلاما أصوب من هذا».
قال الشاعر: [مجزوء الكامل] 184يا ليت زوجك قد غدا ... متقلّدا سيفا ورمحا (2)
ومثله {لا تحلّوا شعئر الله [الآية 2]} {ولا ءامّين البيت الحرام [الآية 2].
وقال} {ما يريد الله ليجعل عليكم مّن حرج [الآية 6] أي: ما يريد الله ليجعل عليكم حرجا.
وقال} وعد الله الّذين ءامنوا وعملوا الصّلحت لهم مّغفرة وأجر عظيم (9)
__________
(1) ابن عباس: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي، الهاشمي، الحبر البحر، الصحابي الجليل، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الخلفاء العباسيين، ولد سنة 3قبل الهجرة، توفي بالطائف سنة 68هـ.
(انظر ترجمته في: البداية والنهاية 8/ 314302، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 98، كتاب الثقات لابن حبان 3/ 207، وكتاب الوفيات ص 76، حلية الأولياء 1/ 314، شذرات الذهب 1/ 75، الكواكب الدرية 1/ 124، الإصابة ترجمة رقم 4772، تاريخ الخميس 1/ 167، صفة الصفوة 1/ 314).
(2) البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 108، 6/ 238، وأمالي المرتضى 1/ 54، والإنصاف 2/ 612، وخزانة الأدب 2/ 231، 3/ 142، 9/ 142، والخصائص 2/ 431، وشرح شواهد الإيضاح ص 182، وشرح المفصل 2/ 50، ولسان العرب (رغب)، (زجج)، (مسح)، (قلد)، (جدع)، (جمع)، عدى، والمقتضب 2/ 51.(1/168)
[الآية 9] كأنه فسر الوعد ليبين ما وعدهم أي: هكذا وعدهم فقال {لهم مّغفرة وأجر عظيم [الآية 9].
وقال} {وقال الله إنّى معكم لئن أقمتم الصّلوة وءاتيتم الزّكوة وءامنتم برسلى [الآية 12]} {لّأكفّرنّ عنكم سيّئاتكم [الآية 12] فاللام الأولى على معنى القسم والثانية على قسم آخر.
وقال} {ومن الّذين قالوا إنّا نصرى أخذنا ميثقهم [الآية 14] كما تقول: «من عبد الله أخذت درهمه».
وقال} {إنّ فيها قوما جبّارين [الآية 22] فأعمل} {إنّ في «القوم» وجعل «جبّارين» من صفتهم لأنّ} {فيها ليس باسم.
وقال} {فلا تأس على القوم الفسقين [الآية 26] فهي من «أسى» «يأسى» «أسى شديدا» وهو الحزن. و «يئس» من «اليأس» وهو انقطاع الرجاء من «يئسوا» وقوله} {ولا تايئسوا من رّوح الله [يوسف: الآية 87]: من انقطاع الرجاء وهو من:
يئست وهو مثل «إيس» في تصريفه. وإن شئت مثل «خشيت» في تصريفه. وأما «أسوت» «تأسوا» «أسوا» فهو الدواء للجراحة. و «أست» «أؤوس» «أوسا» في معنى: أعطيت. و «أست» قياسها «قلت» و «أسوت» قياسها «غزوت».
وقال} {واتل عليهم نبأ ابنى ءادم بالحقّ [الآية 27] فالهمزة ل «نبأ» لأنها من «أنباته». وألف «ابني» تذهب لأنها ألف وصل في التصغير. وإذا وقفت قلت «نبأ» مقصور ولا تقول «نبا» لأنها مضاف فلا تثبت فيها الألف.
وقال} {فطوّعت له نفسه [الآية 30] مثل «فطوّعت» ومعناه: «رخّصت» وتقول «طوّقته إمري» أي: عصبته به.
وقال} {أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأورى [الآية 31] فنصب} {فأواري لأنّك عطفته بالفاء على} {أن وليس بمهموز لأنّه من «واريت» وإنما كانت} {عجزت لأنها من «عجز» «يعجز» وقال بعضهم «عجز» «يعجز»، و «عجز» «يعجز».
وقال} {من أجل ذلك كتبنا على بنى إسراءيل [الآية 32]. وإن شئت أذهبت الهمزة من} {أجل [البقرة: الآية 282] وحركت النون في لغة من خفف الهمزة.
و «الأجل»: الجناية من «أجل» «يأجل»، تقول: «قد أجلت علينا شرا» ويقول بعض
العرب} من جرّا من: «الجريرة» ويجعله على «فعلى».(1/169)
و «الأجل»: الجناية من «أجل» «يأجل»، تقول: «قد أجلت علينا شرا» ويقول بعض
العرب {من جرّا من: «الجريرة» ويجعله على «فعلى».
وقال} {أنّه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض [الآية 32] يقول:
«أو بغير فساد في الأرض».
وقال} {لو أنّ لهم مّا فى الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيمة ما تقبّل منهم [الآية 36] يقول: «لو أنّ هذا معهم للفداء ما تقبّل منهم».
وقال} {لا يحزنك [الآية 41] خفيفة مفتوحة الياء وأهل المدينة يقولون} {يحزنك يجعلونها من «أحزن» والعرب تقول: «أحزنته» و «حزنته».
وقال} {الّذين يسرعون فى الكفر من الّذين قالوا ءامنّا بأفواههم [الآية 41] أي: «من هؤلاء ومن هؤلاء» ثم قال مستأنفا} {سمّعون لقوم ءاخرين [الآية 41] أي: هم سماعون. وإن شئت جعلته على} {ومن الّذين هادوا [الآية 41]} {سمّعون لقوم ءاخرين [الآية 41] ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال} {سمّعون للكذب أكّلون للسّحت [الآية 42] على ذلك الرفع للأول وأما قوله} {لم يأتوك
[الآية 41] فها هنا انقطع الكلام والمعنى «ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب يسمعون كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم ليكذبوا عليه سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك بعد» يقول:
«يسمعون لهم فيخبرونهم وهم لم يأتوك».
وقال} {والجروح قصاص [الآية 45] إذا عطف على ما بعد «أنّ» نصب والرفع على الابتداء كما تقول: «إنّ زيدا منطلق وعمرو ذاهب» وإن شئت قلت:
«وعمرا ذاهب» نصب ورفع.
وقال} {وءاتينه الإنجيل فيه هدى ونور [الآية 46] لأنّ بعضهم يقول: «هي الإنجيل» وبعضهم يقول: «هو الإنجيل». وقد يكون على أنّ «الإنجيل» كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال} {وإذا حضر القسمة اولو القربى ثم قال} {فارزقوهم مّنه [الآية 8] فذكّر و «القسمة» مؤنّثة لأنّها في المعنى «الميراث» و «المال» فذكر على ذلك.
وقال} {ومهيمنا عليه [الآية 48] يقول: «وشاهدا عليه» نصب على الحال.
وقال} شرعة ومنهاجا [الآية 48] ف «الشّرعة»: الدين، من «شرع» «يشرع»، و «المنهاج»: الطريق من «نهج» «ينهج».(1/170)
وقال {لا تتّخذوا اليهود والنّصرى أوليآء [الآية 51] ثم قال} {بعضهم أوليآء بعض
[الآية 51] على الابتداء.
وقال} {ويقول الّذين ءامنوا [الآية 53] نصب لأنه معطوف على قوله} {فعسى الله أن يأتى بالفتح [الآية 52] وقد قرىء رفعا على الابتداء. قال أبو عمرو} [1]: النصب محال لأنه لا يجوز «وعسى الله أن يقول الذين آمنوا» وإنّما ذا «عسى أن يقول»، يجعل «أن يقول» معطوفة على ما بعد «عسى» أو يكون تابعا، نحو قولهم: «أكلت خبزا ولبنا» و:
... متقلّدا سيفا ورمحا (2)
وقال {بشرّ مّن ذلك مثوبة عند الله [الآية 60] كما قال} {بخير من ذلك.
وقال} {وعبد الطّغوت [الآية 60] أي:} {من لّعنه الله [الآية 60]} {وعبد الطّغوت [الآية 60]. وقال} {عن قولهم الإثم [الآية 63] نصبهما بإسقاط الفعل عليهما.
وقال} {وأكلهم السّحت [الآية 62]} {عن قولهم الإثم [الآية 63].
وقال} {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم [الآية 64]. فذكروا أنّها «العطيّة» و «النّعمة». وكذلك} {بل يداه مبسوطتان [الآية 64] كما تقول: «إنّ لفلان عندي يدا» أي: نعمة. وقال} {أولي الأيدي والأبصار [ص: 45] أي: أولي النّعم. وقد تكون «اليد» في وجوه، تقول: «بين يدي الدار» تعني: قدامها، وليست للدار يدان.
وقال} {فما بلّغت رسالته [الآية 67] وقال بعضهم} {رسالاته وكلّ صواب لأنّ «الرّسالة» قد تجمع «الرّسائل» كما تقول «هلك البعير والشّاة» و «أهلك الناس الدينار والدرهم» تريد الجماعة.
وقال} {والصّابئون والنّصرى [الآية 69] وقال في موضع آخر} {والصّبئين
[البقرة: الآية 62] والنصب القياس على العطف على ما بعد} {إنّ فأما هذه فرفعها على وجهين كأن قوله} إنّ الّذين ءامنوا [الآية 69] في موضع رفع في المعنى لأنه
__________
(1) أبو عمرو هو أبو عمرو بن العلاء، تقدمت ترجمته.
(2) تقدم البيت بتمامه مع تخريجه برقم 184.(1/171)
كلام مبتدأ لأنّ قوله: «إنّ زيدا منطلق» و «زيد منطلق» من غير أن يكون فيه «إنّ» في المعنى سواء، فإن شئت إذا عطفت عليه شيئا جعلته على المعنى. كما قلت:
«إنّ زيدا منطلق وعمرو». ولكنه إذا جعل بعد الخبر فهو أحسن وأكثر. وقال بعضهم: «لما كان قبله فعل شبه في اللفظ بما يجري على ما قبله، وليس معناه في الفعل الذي قبله وهو {الّذين هادوا [الآية 46] أجراه عليه فرفعه به وإن كان ليس عليه في المعنى» ذلك أنه تجيء أشياء في اللفظ لا تكون في المعاني، منها قولهم:
«هذا جحر ضبّ خرب» وقولهم «كذب عليكم الحجّ» يرفعون «الحجّ» ب «كذب»، وإنما معناه «عليكم الحجّ» نصب بأمرهم. وتقول: «هذا حبّ رمّاني» فتضيف «الرّمّان» إليك وإنّما لك «الحبّ» وليس لك «الرّمّان». فقد يجوز أشباه هذا والمعنى على خلافه.
وقال} {ثمّ عموا وصمّوا كثير مّنهم [المائدة: الآية 71] ولم يقل «ثمّ عمي وصمّ» وهو فعل مقدم لأنه أخبر عن قوم أنهم عموا وصمّوا، ثم فسركم صنع ذلك منهم كما تقول «رأيت قومك ثلثيهم» ومثل ذلك} {وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا [الأنبياء:
الآية 3] وإن شئت جعلت الفعل للآخر فجعلته على لغة الذين يقولون «أكلوني البراغيث» كما قال: [الطويل]} 185ولكن ديافيّ أبوه وأمه ... بحوران يعصرن السّليط أقاربه (1)
وقال {لّقد كفر الّذين قالوا إنّ الله ثالث ثلثة [الآية 73] وذلك أنهم جعلوا معه «عيسى» و «مريم». كذلك يكون في الكلام إذا كان واحد مع اثنين قيل «ثالث ثلاثة» كما قال} {ثانى اثنين [التّوبة: الآية 40] وإنما كان معه واحد. ومن قال: «ثالث اثنين» دخل عليه أن يقول: «ثاني واحد». وقد يجوز هذا في الشعر وهو في القياس صحيح. قال الشاعر: [الوافر]} 186ولكن لا أخون الجار حتّى ... يزيل الله ثالثة الأثافي (2)
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 46، والاشتقاق ص 242، وتخليص الشواهد ص 474، وخزانة الأدب 5/ 163، 234، 235، 237، 239، 7/ 346، والدرر 2/ 285، وشرح أبيات سيبويه 1/ 491، وشرح شواهد الإيضاح ص 336، 626، وشرح المفصل 3/ 89، 7/ 7، والكتاب 2/ 40، ولسان العرب (سلط)، (دوف)، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 150، والخزانة 7/ 446، 11/ 373، والخصائص 2/ 194، ورصف المباني ص 19، 332، وسرّ صناعة الإعراب ص 446، ولسان العرب (خطأ)، وهمع الهوامع 1/ 160.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/172)
ومن قال: «ثاني اثنين» و «ثالث ثلاثة» قال: «حادي أحد عشر» إذا كان رجل مع عشرة. ومن قال: «ثالث اثنين» قال: «حادي عشرة» فأمّا قول العرب:
«حادي عشر» و «ثاني عشر» فهذا في العدد إذا كنت تقول: «ثاني» و «ثالث» و «رابع» و «عاشر» من غير أن تقول: «عاشر كذا وكذا»، فلما جاوز العشرة أراد أن يقول: «حادي» و «ثاني» فكان ذلك لا يعرف معناه إلا بذكر العشرة فضم إليه شيئا من حروف العشرة.
وقال {ليبلونّكم الله بشىء مّن الصّيد [الآية 94] على القسم أي: والله ليبلونّكم. وكذلك هذه اللام التي بعدها النون لا تكون إلا بعد القسم.
وقال} {فجزآء مّثل ما قتل من النّعم [الآية 95] أي: فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم.
وقال} {يحكم به ذوا عدل مّنكم هديا [الآية 95] انتصب على الحال} {بلغ الكعبة [الآية 95] من صفته وليس قولك} {بلغ الكعبة [الآية 95] بمعرفة لأن فيه معنى التنوين لأنه إذا قال «هذا ضارب زيد» في لغة من حذف النون ولم يفعل بعد فهو نكرة. ومثل ذلك} {هذا عارض مّمطرنا [الأحقاف: الآية 24] ففيه بعض التنوين غير أنه لا يوصل إليه من أجل الاسم المضمر.
ثم قال} {أو كفّرة طعام مسكين [الآية 95] أي: أو عليه كفارة. رفع منون ثم فسر فقال «هي طعام مساكين» وقال بعضهم} {كفّارة طعام مساكين بإضافة الكفارة إليه.
وقال} {أو عدل ذلك صياما [الآية 95] يريد: أو عليه مثل ذلك من الصيام.
كما تقول: «عليها مثلها زبدا». وقال بعضهم} {أو عدل ذلك صياما ذلك صياما فكسر وهو الوجه لأن «العدل»: المثل. وأمّا «العدل» فهو المصدر تقول: «عدلت هذا بهذا عدلا حسنا»، و «العدل» أيضا: المثل. وقال} {يقبل منها عدل [البقرة:
123] أي: مثل ففرقوا بين ذا وبين «عدل المتاع» كما تقول: «امرأة رزان» و «حجر رزين».
وقال} {جعل الله الكعبة البيت الحرام قيما لّلنّاس [الآية 97] وقال} {والهدى والقلئد [الآية 97] أي: وجعل لكم الهدي والقلائد.
وقال} {يأيّها الّذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم [الآية 105] خفيفة، فجزم
لأن جواب الأمر جزم فجعلها من «ضار» «يضير». وقال بعضهم} {يضرّكم [الآية 120] و} {يضرّكم [الآية 120] فجعل الموضع جزما فيهما جميعا، إلا أنه حرك لأن الراء ثقيلة فأولها ساكن فلا يستقيم إسكان آخرها فيلتقي ساكنان وأجود ذلك} {لا يضرّكم [الآية 120] رفع على الابتداء لأنه ليس بعلة لقوله} عليكم أنفسكم
[الآية 105] وإنما أخبر أنه لا يضرّهم.(1/173)
وقال {يأيّها الّذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم [الآية 105] خفيفة، فجزم
لأن جواب الأمر جزم فجعلها من «ضار» «يضير». وقال بعضهم} {يضرّكم [الآية 120] و} {يضرّكم [الآية 120] فجعل الموضع جزما فيهما جميعا، إلا أنه حرك لأن الراء ثقيلة فأولها ساكن فلا يستقيم إسكان آخرها فيلتقي ساكنان وأجود ذلك} {لا يضرّكم [الآية 120] رفع على الابتداء لأنه ليس بعلة لقوله} {عليكم أنفسكم
[الآية 105] وإنما أخبر أنه لا يضرّهم.
وقال} {شهدة بينكم [الآية 106] ثم قال} {اثنان ذوا عدل مّنكم [الآية 106] أي: شهادة بينكم شهادة اثنين. فلما ألقى «الشهادة» قام «الاثنان» مقامها وارتفعا بارتفاعها كما قال} {وسئل القرية [يوسف: الآية 82] يريد: أهل القرية. وانتصب (القرية) بانتصاب «الأهل» وقامت مقامه. ثم عطف} {أو ءاخران [الآية 106] على «الاثنين».
وقال} {من الّذين استحقّ عليهم الأولين [الآية 107] أي: من الأوّلين الذين استحقّ عليهم. وقال بعضهم} {الأوليان وبها نقرأ. لأنّه حين قال} {يقومان مقامهما من الّذين استحقّ عليهم [الآية 107] كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى فقال} {الأولين [الآية 107] فأجرى المعرفة عليهما بدلا. ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. قال الراجز:
} 187عليّ يوم تملك الأمورا ... صوم شهور وجبت نذورا
وبدنا مقلّدا منحورا (1)
فجعله على «أوجب» لأنه في معنى «قد أوجب».
وقال {قال عيسى ابن مريم الّلهمّ ربّنا أنزل علينا مآئدة مّن السّمآء تكون لنا عيدا لّأوّلنا وءاخرنا [الآية 114] فجعل} {تكون من صفة «المائدة» كما قال} {فهب لى من لّدنك وليّا (5) يرثنى [مريم: 5، 6] رفع إذا جعله صفة وجزم إذا جعلته جوابا كما تقول: «أعطني ثوبا يسعني» إذا أردت واسعا و «يسعني» إذا جعلته جوابا كأنك تشترط أنه يسعك.
وقال} {وءاية مّنك [الآية 114] عطف على «العيد» كأنه قال: «يكون عيدا وآية» وذكر أن قراءة ابن مسعود} [2] تكن لنا عيدا.
__________
(1) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود، تقدمت ترجمته.(1/174)
وليس قولهم {هل يستطيع [الآية 112] لأنهم ظنوا أنه لا يطيق. ولكنه كقول العرب: أتستطيع أن تذهب في هذه الحاجة وتدعنا من كلامك»، وتقول: «أتستطيع أن تكفّ عنّي فإنّي مغموم». فليس هذا لأنه لا يستطيع ولكنه يريد «كفّ عنّي» ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه أي: إنّك تستطيع. فإذا ذكّره إياها علم أنها حجة عليه. وإنما قرئت} {هل تستطيع ربك فيما لديّ لغموض هذا المعنى الآخر والله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد «هل تستطيع أن تدعو ربّك» أو «هل تستطيع ربّك أن تدعوه»، فكل هذا جائز.
و «المائدة» الطعام. و «فعلت» منها: «مدت» «أميد». قال الشاعر:
[الرجز]} 188نهدي رؤوس المجرمين الأنداد ... إلى أمير المؤمنين الممتاد (1)
و «الممتاد» هو «مفتعل» من «مدت».
__________
(1) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 40، ولسان العرب (ميد)، وتهذيب اللغة 14/ 219، وتاج العروس (ميد).(1/175)
سورة الأنعام
قال تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم مّن قرن مّكّنّهم [الآية 6] ثم قال} {ما لم نمكّن لّكم [الآية 6] كأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطبه معهم كما قال} {حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم [يونس: الآية 22] فجاء بلفظ الغائب وهو يخاطب لأنه هو المخاطب.
فأمّا قوله عز وجل} {وأجل مّسمّى عنده [الآية 2] ف} {أجل على الابتداء وليس على} {قضى.
وقال} {كتب على نفسه الرّحمة ليجمعنّكم [الآية 12] فنصب لام} {ليجمعنّكم
لأن معنى «كتب» كأنه قال «والله ليجمعنّكم» ثم أبدل فقال} {الّذين خسروا أنفسهم
[الآية 12] أي: ليجمعنّ الذين خسروا أنفسهم.
وقال} {أغير الله أتّخذ وليّا فاطر السّموات والأرض [الآية 14] على النعت. وقال بعضهم} {فاطر بالرفع على الابتداء أي: هو فاطر.
وقال بعضهم} {وهو يطعم ولا يطعم [الآية 14] وقال بعضهم} {ولا يطعم
[الآية 14] و} {يطعم هو الوجه، لأنّك إنّما تقول: «هو يطعم» لمن يطعم فتخبر أنّه لا يأكل شيئا. وإنّما تقرأ} {يطعم لاجتماع الناس عليها.
وقال} {إنّى أمرت أن أكون أوّل من أسلم ولا تكوننّ [الآية 14] أي:
وقيل لي: «لا تكوننّ». وصارت} {أمرت بدلا من ذلك لأنه حين قال} {أمرت
قد أخبر أنّه قد قيل له.
وقال} {ثمّ لم تكن فتنتهم إلّا أن قالوا والله ربّنا [الآية 23] على الصفة. وقال بعضهم} {ربّنا على: يا ربنا. وأمّا} والله فجره على القسم، ولو لم تكن فيه الواو نصبت فقلت «الله ربّنا». ومنهم من يجر بغير واو لكثرة استعمال هذا الاسم وهذا في القياس رديء. وقد جاء مثله شاذا قولهم: [الرجز](1/176)
189 - وبلد عاميّة أعماؤه (1)
وإنّما هو: ربّ بلد وقال: [الوافر] 190نهيتك عن طلابك أمّ عمرو ... بعاقبة وأنت إذ صحيح (2)
يقول: «حينئذ» فالقى «حين» وأضمرها. وصارت الواو عوضا من «ربّ» في «وبلد». وقد يضعون «بل» في هذا الموضع. قال الشاعر: [الرجز] 191ما بال عين عن كراها قد جفت ... مسبلة تستنّ لمّا عرفت
دارا لليلى بعد حول قد عفت ... بل جوز تيهاء كظهر الحجفت (3)
فيمن قال «طلحت».
وقال {وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفى ءاذانهم وقرا [الآية 25] وواحد «الأكنّة»: الكنان. و «الوقر» في الأذن بالفتح، و «الوقر» على الظهر بالكسر.
وقال يونس} [4]: «سألت رؤبة» (5) فقال: «وقرت أذنه» «توقر» إذا كان فيها «الوقر». وقال أبو زيد (6): «سمعت العرب تقول: «أذن موقورة» فهذا يقول:
__________
(1) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 3، ولسان العرب (عمى)، ومقاييس اللغة 4/ 134، وتاج العروس (نفذ)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة 3/ 247، والمخصص 10/ 117.
(2) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 6/ 539، 543، 544، وشرح أشعار الهذليين 1/ 171، وشرح شواهد المغني ص 260، ولسان العرب (أذذ)، (شلل)، (إذ)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 301، وتذكرة النحاة ص 379، والجنى الداني ص 187، 490، وجواهر الأدب ص 138، والخصائص 2/ 376، ورصف المباني ص 347، وسرّ صناعة الإعراب ص 504، 505، وشرح المفصل 3/ 31، ومغني اللبيب ص 86، والمقاصد النحوية 2/ 61.
(3) الرجز لسؤر الذئب في لسان العرب (جحف)، (بلل)، وتاج العروس (جحف)، ولبعض الطائيين في شرح شواهد الإيضاح ص 386، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 379، وجمهرة اللغة ص 1135، والخصائص 1/ 304، 2/ 98، ورصف المباني ص 156، 162، 217، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 159، 2/ 563، 637، وشرح شافية ابن الحاجب، 2/ 277، وشرح شواهد الشافية ص 198، وشرح المفصل 2/ 118، 4/ 67، 5/ 89، 8/ 105، 9/ 81، 10/ 45، والمحتسب 2/ 92، ولسان العرب (بلا)، وجمهرة اللغة ص 1135، والمخصص 9/ 7، 16/ 84، 96، 120.
(4) يونس: هو يونس بن حبيب النحوي، تقدمت ترجمته.
(5) رؤبة: هو رؤبة بن العجاج، تقدمت ترجمته.
(6) أبو زيد: هو أبو زيد الأنصاري، تقدمت ترجمته.(1/177)
«وقرت». قال الشاعر: [الرمل] 192وكلام سيّىء قد وقرت ... أذني منه وما بي من صمم (1)
وقال {أسطير الأوّلين [الآية 25] فبعضهم يزعم أنّ واحدة «أسطورة» وبعضهم «إسّطارة»، ولا أراه إلّا من الجمع الذي ليس له واحد نحو «عباديد» و «مذاكير» و «أبابيل». وقال بعضهم: «واحد الأبابيل»: «إبّيل»، وقال بعضهم:
«إبّول» مثل: «عجّول» ولم أجد العرب تعرف له واحدا. فأمّا «الشّماطيط» فإنهم يزعمون أنّ واحده «شمطاط». وكل هذه لها واحد إلا أنه ليس يستعمل، ولم يتكلّم به لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعا. وسمعت العرب الفصحاء يقولون: «أرسل إبله أبابيل» يريدون «جماعات» فلم يتكلّم لها بواحد.
وأمّا قوله} {وينئون عنه [الآية 26] فإنه من: «نأيت» «ينأى» «نأيا».
وقال} {ولا نكذّب بايات ربّنا ونكون من المؤمنين [الآية 27] نصب لأنّه جواب للتمني وما بعد الواو كما بعد الفاء، وإن شئت رفعت وجعلته على مثل اليمين، كأنهم قالوا «ولا نكذّب والله بآيات ربّنا ونكون والله من المؤمنين». هذا إذا كان ذا الوجه منقطعا من الأول. والرفع وجه الكلام وبه نقرأ الآية وإذا نصب جعلها واو عطف، فكأنهم قد تمنوا ألا يكذبوا وأن يكونوا. وهذا والله أعلم لا يكون، لأنهم لم يتمنوا الإيمان إنما تمنوا الرد وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين.
وقال} {ألا سآء ما يزرون [الآية 31] لأنه من «وزر» «يزر» «وزرا» ويقال أيضا: «وزر» ف «هو موزور». وزعم يونس أنهما جميعا يقالان.
وقال} {قد نعلم إنّه ليحزنك [الآية 33] بكسر «إنّ» لدخول اللام الزائدة بعدها.
وقال} {ولقد جآءك من نّبإى المرسلين [الآية 34] كما تقول: «قد أصابنا من مطر» و «قد كان من حديث».
وقال} نفقا فى الأرض أو سلّما فى السّماء [الآية 35] ف «النفق» ليس من «النفقة» ولكنه من «النّافقاء»، يريد دخولا في الأرض.
__________
(1) البيت للمثقب العبدي في ديوانه ص 230، ولسان العرب (زعم)، وشرح اختيارات المفضل ص 1272، وبلا نسبة في أساس البلاغة (وقر)، وكتاب العين 5/ 206.(1/178)
وقال {ولا طئر يطير بجناحيه إلّا أمم أمثالكم [الآية 38] يريد: جماعة أمة.
وقال} {فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلّما فى السّمآء [الآية 35] ولم يقل «فافعل» وذلك أنّه أضمر. وقال الشاعر: [الخفيف]} فبحظّ ممّا تعيش ولا تذ ... هب بك التّرّهات في الأهوال (1)
فأضمر «فعيشى».
وقال {أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم السّاعة أغير الله تدعون [الآية 40] فهذا الذي بعد التاء من قوله:} {أرءيتكم [الآية 40] إنما جاء للمخاطبة. وترك التاء مفتوحة كما كانت للواحد، وهي مثل كاف «رويدك زيدا» إذا قلت: «أرود زيدا». فهذه الكاف ليس لها موضع فتسمى بجر ولا رفع ولا نصب، وإنما هي من المخاطبة مثل كاف «ذاك». ومثل ذلك قول العرب: «أبصرك زيدا» يدخلون الكاف للمخاطبة وإنما هي «أبصر زيدا».
وقال} {أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم [الآية 46] ثم قال} {يأتيكم به
[الآية 46] حمله على السمع أو على ما أخذ منهم.
وقال} {فتطردهم فتكون من الظّلمين [الآية 52] فالأولى أن ينصب جوابا لقوله} {ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم [الآية 52] والأخرى أن ينصب بقوله} {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم [الآية 52]} {فتكون من الظّلمين [الآية 52].
وقال} {كتب ربّكم على نفسه الرّحمة إنّه من عمل [الآية 54] و} {أنّه
[الآية 54]} {من عمل منكم سوءا بجهلة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رّحيم
[الآية 54] فقوله} {أنّه بدل من قوله} {الرّحمة أي: كتب أنّه من عمل. وقوله} {فإنّه على الابتداء أي: فله المغفرة والرّحمة فهو غفور رحيم. وقال بعضهم} {فأنّه أراد به الاسم وأضمر الخبر. أراد «فأنّ».
وقال} {ولتستبين سبيل المجرمين [الآية 55] لأنّ أهل الحجاز يقولون: «هي السّبيل» وقال بعضهم} {ولتستبين [الآية 55] يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم} {وليستبين سبيل في لغة بني تميم.
وقال} {قد ضللت إذا [الآية 56] وقال بعضهم} ضللت [الآية 56] وهما لغتان. من قال «ضللت» قال «تضلّ» ومن قال «ضللت» قال «تضلّ» ونقرأ بالمفتوحة.
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 132.(1/179)
وقال {وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها ولا حبّة فى ظلمت الأرض ولا رطب ولا يابس إلّا فى كتب مّبين [الآية 59] جر على} {مّن وإن شئت رفعت على «تسقط»، وإن شئت جعلته على الابتداء وتقطعه من الأول.
وقال} {تدعونه تضرّعا وخفية [الآية 63] وقال في موضع آخر} {وخيفة
[الأعراف: الآية 205]. و «الخفية»: الإخفاء و «الخيفة» من الخوف والرّهبة.
وقال} {أو يلبسكم شيعا [الآية 65] لأنها من «لبس» «يلبس» «لبسا».
وقال} {أن تبسل نفس بما كسبت [الآية 70] وهي من «أبسل» «إبسالا».
وقال} {أولئك الّذين أبسلوا [الآية 70].
وأمّا قوله} {حيران له أصحب [الآية 71] فإنّ كلّ «فعلان» له «فعلى» فإنّه لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة.
وأمّا قوله} {إلى الهدى ائتنا [الآية 71] فإن الألف التي في} {ائتنا [الآية 71] ألف وصل ولكن بعدها همزة من الأصل هي التي في «أتى» وهي الياء التي في قولك «إيتنا»، ولكنها لم تهمز حين ظهرت ألف الوصل، لأن الف الوصل مهموزة إذا استؤنفت فكرهوا اجتماع همزتين.
وقال} {وأمرنا لنسلم لربّ العلمين [الآية 71] يقول: «إنّما أمرنا كي نسلّم لربّ العالمين» كما وقال} {وأمرت لأن أكون أوّل المسلمين (12) [الزمر: 11] أي: إنما أمرت بذلك.
ثم قال} {وأن أقيموا الصّلوة واتّقوه [الآية 72] أي: وأمرنا أن أقيموا الصّلاة واتّقوه. أو يكون أوصل الفعل بالّلام، والمعنى: أمرت أن أكون. كما أوصل باللام في قوله} {لربّهم يرهبون [الأعراف: الآية 154].
وقال} {ويوم يقول كن فيكون [الآية 73] قال} {يوم مضاف إلى قوله} {كن فيكون [الأنعام: الآية 73] وهو نصب وليس له خبر ظاهر والله أعلم.
وهو على ما فسرت لك.
وكذلك} {يوم ينفخ فى الصّور [الآية 73] وقال بعضهم} {يوم ينفخ فى الصّور
وقال بعضهم} {ينفخ [الآية 73]} {علم الغيب والشّهدة [الآية 73].
وقال} {وإذ قال إبرهيم لأبيه ءازر [الآية 74] فتح إذا جعلت} {ءازر [الآية
74] بدلا من} {أبيه. وقد قرئت رفعا على النداء كأنه قال «يا آزر». وقال الشاعر: [الرجز]} 193إنّ عليّ الله أن تبايعا ... تقتل صبحا أو تجيء طائعا (1)
فأبدل «تقتل صبحا» من «تبايع».(1/180)
وقال {وإذ قال إبرهيم لأبيه ءازر [الآية 74] فتح إذا جعلت} {ءازر [الآية
74] بدلا من} {أبيه. وقد قرئت رفعا على النداء كأنه قال «يا آزر». وقال الشاعر: [الرجز]} 193إنّ عليّ الله أن تبايعا ... تقتل صبحا أو تجيء طائعا (1)
فأبدل «تقتل صبحا» من «تبايع».
وقال {فلمّا جنّ عليه الّيل [الآية 76] وقال بعضهم:} {أجنّ. وقال الشاعر: [الطويل]} 194فلمّا أجنّ اللّيل بتنا كأنّنا ... على كثرة الأعداء محترسان (2)
وقال: [الرجز]
195 - أجنّك اللّيل ولمّا تشتف (3)
فجعل «الجنّ» مصدرا ل «جنّ». وقد يستقيم أن يكون «أجنّ» ويكون ذا مصدره كما قال «العطاء» و «الإعطاء». وأما قوله {أكننتم فى أنفسكم [البقرة:
الآية 235] فإنهم يقولون في مفعولها: «مكنون» ويقول بعضهم} {مكنّ وتقول:
«كننت الجارية» إذا صنتها و: «كننتها من الشّمس» و «أكننتها من الشّمس» أيضا.
ويقولون «هي مكنونة» و «مكنّة» وقال الشاعر: [البسيط]} 196قد كنت أعطيهم مالي وأمنحهم ... عرضي وعندهم في الصّدر مكنون (4)
لأنّ قيسا تقول: «كننت العلم» فهو «مكنون». وتقول بنو تميم: «أكننت العلم» ف «هو مكنّ»، و «كننت الجارية» ف «هي مكنونة». وفي كتاب الله عز وجل {أو أكننتم فى أنفسكم [البقرة: الآية 235] وقال} {كأنّهنّ بيض مّكنون (49) [الصّافات: الآية 49] وقال الشاعر: [الكامل]} 197قد كنّ يكننّ الوجوه تستّرا ... فاليوم حين بدون للنّظّار (5)
__________
(1) الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 203، 204، وشرح أبيات سيبويه 1/ 402، وشرح الأشموني 2/ 440، وشرح التصريح 1/ 161، وشرح ابن عقيل ص 511، وشرح عمدة الحافظ ص 591، والكتاب 1/ 156، والمقاصد النحوية 4/ 199، والمقتضب 2/ 63.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(3) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(4) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(5) البيت للربيع بن زياد في ديوانه ص 393، والأغاني 16/ 28، وبلا نسبة في جمهرة اللغة 3/ 300، ومجالس العلماء ص 144، وجمهرة اللغة ص 1019، 1257.(1/181)
وقيس تنشد «قد كن يكننّ».
وقال {فلمّآ أفل [الآية 76] فهو من «يأفل» «أفولا».
وأما قوله للشمس} {هذا ربّى [الآية 76] فقد يجوز على «هذا الشيء الطالع ربّي».
أو على أنّه ظهرت الشمس وقد كانوا يذكرون الرب في كلامهم قال لهم} {هذا ربّى [الآية 76]. وإنما هذا مثل ضربه لهم ليعرفوا إذا هو زال أنه لا ينبغي أن يكون مثله آلها، وليد لهم على وحدانية الله، وأنه ليس مثله شيء. وقال الشاعر:
[الرجز]} 198مكثت حولا ثمّ جئت قاشرا ... لا حملت منك كراع حافرا (1)
قال {ومن ذرّيّته داود وسليمن [الآية 84] يعني:} {ووهبنا له [الآية 84]} {من ذرّيّته داود وسليمن وكذلك} {وزكريّا ويحيى وعيسى [الآية 85].
وقال بعضهم} {واليسع [الآية 86]. وقال بعضهم} {والليسع ونقرأ بالخفيفة.
وقال} {فبهداهم اقتده [الآية 90]. وكلّ شيء من بنات الياء والواو في موضع الجزم فالوقف عليه بالهاء ليلفظ به كما كان.
وقال} {وهذا كتب أنزلنه مبارك مّصدّق الّذى [الآية 92] رفع على الصفة، ويجعل نصبا حالا ل} {أنزلنه [الآية 92].
وقال} {والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم [الآية 93] فنراه يريد:
يقولون} {أخرجوا أنفسكم [الأنعام: الآية 93] والله أعلم. وكان في قوله} {باسطوا أيديهم دليل على ذلك لأنه قد أخبر أنهم يريدون منهم شيئا.
وقال} {فالق الإصباح [الآية 96] جعله مصدرا من «أصبح». وبعضهم يقول} {فالق الأصباح جماع «الصّبح».
وقال} {والشّمس والقمر حسبانا [الآية 96] أي: بحساب. فحذف الباء كما حذفها من قوله} {أعلم من يضلّ عن سبيله [الآية 117] أي: أعلم بمن يضلّ.
و «الحسبان» جماعة «الحساب» مثل «شهاب» و «شهبان»، ومثله} الشّمس والقمر
__________
(1) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/182)
{بحسبان (5) [الرّحمن: الآية 5] أي: بحساب.
وقال} {أنشأكم مّن نّفس وحدة فمستقرّ ومستودع [الآية 98] فنراه يعني: فمنها مستقرّ ومنها مستودع والله أعلم. وتقرأ} {مستقرّ.
وقال} {فأخرجنا منه خضرا [الآية 99] يريد «الأخضر» كقول العرب: «أرنيها نمرة أركها مطرة».
وقال} {ومن النّخل من طلعها قنوان دانية [الآية 99] ثم قال} {وجنّت مّن أعناب [الآية 99] أي: «وأخرجنا به جنّات من أعناب».
ثم قال} {والزّيتون [الآية 99] وواحد: «القنوان»: قنو، وكذلك «الصّنوان» واحدها: صنو.
وقوله} {وليقولوا دارست [الآية 105] أي: دارست أهل الكتاب} {وكذلك نصرّف الأيت [الآية 105] يعني: هكذا. وقال بعضهم} {درست [الآية 105] وبها نقرأ لأنها أوفق للكتاب. وقال بعضهم} {درست [الآية 105].
وقال} {فيسبّوا الله عدوا بغير علم [الآية 108] ثقيلة مشددة و} {عدوا
خفيفة، والأصل من «العدوان». وقال بعضهم} {عدوّا بغير علم. أي: سبّوه في هذه الحال. ولكن «العدوّ» جماعة كما قال} {فإنّهم عدوّ لّى [الشّعراء: الآية 77] وكما قال} {لا تتّخذوا عدوّى وعدوّكم أولياء [الممتحنة: الآية 1] ونقرأ} {عدوا لأنها أكثر في القراءة وأجود في المعنى لأنك تقول: عدا عدوا علينا» مثل «ضربه ضربا».
وقال} {وما يشعركم أنّها إذا جآءت لا يؤمنون [الآية 109] وقرأ بعضهم} {أنّها وبها نقرأ وفسر على «لعلها» كما تقول العرب: «اذهب إلى السوق أنّك تشتري لي شيئا» أي: لعلّك. وقال الشاعر: [الرجز]} 199قلت لشيبان اذن من لقائه ... أنّا نغذّي القوم من شوائه (1)
في معنى «لعلّنا».
قال {وحشرنا عليهم كلّ شىء قبلا [الآية 111] أي: قبيلا قبيلا، جماعة «القبيل» «القبل». ويقال «قبلا» أي: عيانا. وقال} أو يأتيهم العذاب قبلا [الكهف:
__________
(1) الرجز لأبي النجم في الإنصاف 3/ 591، وخزانة الأدب 8/ 501، 10/ 225، والكتاب 3/ 116، والمعاني الكبير ص 363، وبلا نسبة في اللامات ص 137، ومجالس ثعلب 1/ 154.(1/183)
الآية 55] أي: عيانا. وتقول: «لا قبل لي بهذا» أي: لا طاقة. وتقول: «لي قبلك حقّ» أي: عندك.
وقال {ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالأخرة [الآية 113] هي من «صغوت» «يصغا» مثل «محوت» «يمحا».
وقال} {وجعلوا لله شركاء الجنّ [الآية 100] على البدل كما قال} {إلى صراط مّستقيم (52) صرط الله [الشورى: 5352]. وقال الشاعر: [الوافر]} 200ذريني إنّ أمرك لن يطاعا ... وما ألفيتني حلمي مضاعا (1)
وقال: [البسيط] 201إنّي وجدتك يا جرثوم من نفر ... جرثومة اللّؤم لا جرثومة الكرم (2)
[وقال الآخر]: [البسيط] إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم (3)
وقال: [الرجز] 202ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا لا يحملن أم حديدا (4)
ويقال: ما للجمال مشيها وئيدا. كما قيل: [الوافر] 203فكيف ترى عطيّة حين تلقى ... عظاما هامهنّ قراسيات (5)
__________
(1) البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص 35، وخزانة الأدب 5/ 191، 192، 193، 204، والدرر 6/ 65، وشرح أبيات سيبويه 1/ 123، وشرح عمدة الحافظ ص 587، ولرجل من بجيلة أو خثعم في الكتاب 1/ 156، ولعدي أو لرجل من بجيلة أو خثعم في المقاصد النحوية 4/ 192، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص 573، وشرح ابن عقيل ص 509، وشرح المفصل 3/ 65، 70، وهمع الهوامع 2/ 127.
(2) البيت بلا نسبة في الحيوان 6/ 112.
(3) تقدم البيت مع تخريجه برقم 155.
(4) الرجز للزبّاء في لسان العرب (وأد)، (صرف)، (زهق)، وأدب الكاتب ص 200، والأغاني 15/ 256، وأوضح المسالك 2/ 86، وجمهرة اللغة ص 742د 1237، وخزانة الأدب 7/ 295، والدرر 2/ 281، وشرح الأشموني 1/ 169، وشرح التصريح 1/ 271، وشرح شواهد المغني 2/ 912، وتاج العروس (وأد)، (صرف)، وشرح عمدة الحافظ ص 179، ومغني اللبيب 2/ 581، وللزباء أو للخنساء في المقاصد النحوية 2/ 448، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159، ومقاييس اللغة 6/ 78، وكتاب العين 7/ 111، وأساس البلاغة (وأد).
(5) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/184)
وقال {وما لكم ألّا تأكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه [الآية 119] يقول والله أعلم «وأيّ شيء لكم في ألّا تأكلوا» وكذلك} {وما لنا ألّا نقتل [البقرة: الآية 246] يقول: «أيّ شيء لنا في ترك القتال». ولو كانت} {أن زائدة لا رتفع الفعل، ولو كانت في معنى «وما لنا وكذا» لكانت «وما لنا وألّا نقاتل».
وقال} {وإنّ كثيرا ليضلّون بأهوائهم [الآية 119] ويقرأ} {لّيضلّون. أوقع «أنّ» على النكرة لأنّ الكلام إذا طال احتمل ودل بعضه على بعض.
وقال} {وكذلك جعلنا فى كلّ قرية أكبر مجرميها ليمكروا فيها [الآية 123] فبناه على «أفاعل»، وذلك أنه يكون على وجهين يقول «هؤلاء الأكابر» و «الأكبرون» وقال} {ننبّئكم بالأخسرين أعملا [الكهف: 103] وواحدهم «أخسر» مثل «الأكبر».
وقال} {وكذلك زيّن لكثير مّن المشركين قتل أولدهم شركآؤهم
[الآية 137] لأن الشركاء زينوا.
ثم قال} {ليردوهم [الآية 137] من «أردى» «إرداء».
وقال} {حجر لّا يطعمها [الآية 138] و «الحجر» «الحرام» وقد قرئت بالضم} {حجر، وكذلك قرئت} {حجرا مّحجورا [الفرقان: الآية 22] بضم الحاء و} {حجرا في معنى واحد. وقد يكون «الحجر»: العقل، قال الله تعالى} {هل فى ذلك قسم لّذى حجر (5) [الفجر: الآية 5] أي ذي عقل. وقال بعضهم: لا يكون في قوله} {وحرث حجر [الآية 138] إلا الكسر. وليس ذا بشيء لأنه حرام. وأما «حجر المرأة» ففيه الفتح والكسر و «حجر اليمامة» بالفتح و «الحجر» ما حجرته وهو قول أصحاب الحجر.
وقوله عز وجل} {وقالوا ما فى بطون هذه الأنعم خالصة لّذكورنا ومحرّم على أزوجنا وإن يكن مّيتة فهم فيه شركآء [الآية 139] رفع أي: وإن تكن في بطونها ميتة. وقد يجوز الرفع إذا قلت} {يكن لأن المؤنّث قد يذكر فعله.
و} {خالصة أنثت لتحقيق الخلوص كأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة فجرى مجرى «راوية» و «نسّابة».
وقال} جنّت [الآية 141] جر لأن تاء الجميع في موضع النصب مجرورة بالتنوين.(1/185)
ثم قال {ومن الأنعم حمولة وفرشا [الآية 142] أي: وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشا.
ثم قال} {ثمنية أزوج [الآية 143] أي: أنشأ حمولة وفرشا ثمانية أزواج.
أي: أنشأ ثمانية أزواج، على البدل أو التبيان أو على الحال.
ثم قال: «أنشأ} {مّن الضّأن اثنين ومن المعز اثنين [الآية 143]» وإنما قال} {ثمنية أزوج [الآية 143] لأنّ كلّ واحد «زوج». تقول للاثنين: «هذان زوجان» وقال الله عز وجل} {ومن كلّ شىء خلقنا زوجين [الذّاريات: الآية 49] وتقول للمرأة: «هي زوج» و «هي زوجة» و: «هو زوجها». وقال} {وجعل منها زوجها
[الأعراف: الآية 189] يعني المرأة وقال} {أمسك عليك زوجك [الأحزاب: الآية 37] وقال بعضهم: «الزوجة» وقال الأخطل} [1]: [البسيط]
زوجة أشمط مرهوب بوادره ... قد صار في رأسه التخويص والنزع (2)
وقد يقال للاثنين أيضا: «هما زوج» و «الزوج» النمط يطرح على الهودج قال لبيد (3): [الكامل]
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه ... زوج عليه كلّة وقرامها (4)
__________
(1) الأخطل: هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو من بني تغلب، شاعر مبدع، مصقول الألفاظ أكثر من مدح الخلفاء في عهد بني أمية، وهو أحد الشعراء الثلاثة المشهورين بأنهم أشعر أهل عصرهم، والآخران هما: جرير والفرزدق. ولد في الحيرة أو الرصافة واتصل بالأمويين ومدحهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق كان عبد الملك بن مروان يجزل له العطاء ويفضله في الشعر على غيره، سئل الفرزدق: من أشعر الناس؟ فأجاب: كفاك بي إذا افتخرت، وبجرير إذا هجا، وابن النصرانية يقصد الأخطل إذا امتدح. توفي سنة 90هـ. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 1413).
(2) تقدم البيت مع تخريجه برقم 127.
(3) لبيد: هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من الشعراء المخضرمين أدرك الإسلام ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد من قومه بني جعفر بن كلاب فأسلم وحسن إسلامه، يعدّ من الصحابة ولما أسلم لبيد مع قومه قدم إلى الكوفة وبقي فيها إلى أن مات فدفن في صحراء بني جعفر بن كلاب. قيل: كانت وفاته في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، ومات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة. وقيل: مات بالكوفة أيام الوليد بن عقبة في خلافة عثمان. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص 404).
(4) تقدم البيت مع تخريجه برقم 126.(1/186)
وأمّا {الضّأن [الآية 143] فمهموز وهو جماع على غير واحد. ويقال} {الضئين مثل «الشعير» وهو جماعة «الضأن» والأنثى «ضائنة» والجماعة:
«الضوائن».
و} {المعز [الآية 143] جمع على غير واحد وكذلك «المعزى»، فأما «المواعز» فواحدتها «الماعز» و «الماعزة» والذكر الواحد «ضائن» فيكون «الضأن» جماعة «الضائن» مثل «صاحب» و «صحب» و «تاجر» و «تجر» وكذلك «ماعز» و «معز». وقال بعضهم} {ضأن و} {معز جعله جماعة «الضائن» و «الماعز» مثل «خادم» و «خدم»، و «حافد» و «حفدة» مثله إلّا أنّه ألحق فيه الهاء.
وأمّا قوله} {ءآلذّكرين حرّم أم الأنثيين [الآية 143] فانتصب ب «حرّم».
وقال} {فإنّه رجس أو فسقا [الآية 145] يقول: «إلّا أن يكون ميتة أو فسقا فإنّه رجس».
وقال} {ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلّا ما حملت ظهورهما أو الحوايآ [الآية 146] فواحد «الحوايا»: «الحاوياء» «الحاوية». ويريد بقوله والله أعلم} {ومن البقر والغنم [الآية 146] أي: والبقر والغنم حرمنا عليهم. ولكنه أدخل فيها «من» والعرب تقول: «قد كان من حديث» يريدون: «قد كان حديث» وإن شئت قلت «ومن الغنم حرّمنا الشّحوم» كما تقول: «من الدّار أخذ النّصف والثلث» فأضفت على هذا المعنى كما تقول: «من الدّار أخذ نصفها» و «من عبد الله ضرب وجهه».
وقال} {هلمّ شهداءكم [الآية 150] لأن «هلمّ» قد تكون للواحد والاثنين والجماعة.
وقال} {أن تقولوا إنّما أنزل الكتب على طآئفتين من قبلنا [الآية 156] على} {ثمّ ءاتينا موسى الكتب [الآية 154] كراهية} {أن تقولوا إنّمآ أنزل الكتب على طآئفتين من قبلنا [الآية 156].
وقال} {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا [الأنعام: الآية 159] وقال بعضهم} {فارقوا من «المفارقة».
وقال} {فله عشر أمثالها [الأنعام: الآية 160] على العدد كما تقول: «عشر سود» فإن قلت كيف قال «عشر» و «المثل» مذكر؟ فإنما أنث لأنه أضاف إلى مؤنث
وهو في المعنى أيضا «حسنة» أو «درجة»، فإن أنّث على ذلك فهو وجه. وقال بعضهم} عشر أمثالها [الآية 160] جعل «الأمثال» من صفة «العشر». وهذا الوجه إلا أنه لا يقرأ. لأنّه ما كان من صفة لم تضف إليه العدد. ولكن يقال «هم عشرة قيام» و «عشرة قعود» لا يقال: «عشرة قيام».(1/187)
وقال {فله عشر أمثالها [الأنعام: الآية 160] على العدد كما تقول: «عشر سود» فإن قلت كيف قال «عشر» و «المثل» مذكر؟ فإنما أنث لأنه أضاف إلى مؤنث
وهو في المعنى أيضا «حسنة» أو «درجة»، فإن أنّث على ذلك فهو وجه. وقال بعضهم} {عشر أمثالها [الآية 160] جعل «الأمثال» من صفة «العشر». وهذا الوجه إلا أنه لا يقرأ. لأنّه ما كان من صفة لم تضف إليه العدد. ولكن يقال «هم عشرة قيام» و «عشرة قعود» لا يقال: «عشرة قيام».
وقال} {دينا قيّما [الآية 161] أي: مستقيما وهي قراءة العامة وقال أهل المدينة} قيما [الآية 161] وهي حسنة ولم أسمعها من العرب وهي في معنى المفسر.(1/188)
سورة الأعراف
قال {كتب أنزل إليك [الآية 2] على الابتداء.
وقال} {فلا يكن فى صدرك حرج مّنه [الآية 2] على النهي كما قال} {ولا تعد عيناك عنهم [الكهف: الآية 28] أي: «الحرج فلا يكن في صدرك»، و «عيناك فلا تعدوا عنهم».
وقال} {فلنسئلنّ الّذين أرسل إليهم [الآية 6] يقول «[لنسألنّ]» القوم الذين بعث إليهم وأنذروا.} {ولنسئلنّ المرسلين [الآية 6].
} {فلنقصّنّ [الآية 7] أدخل النون واللام لأن قوله} {فلنسئلنّ [الآية 6]} {ولنسئلنّ المرسلين [الآية 6] على القسم.
وقال} {وجعلنا لكم فيها معيش [الآية 10] فالياء غير مهموزة وقد همز بعض القراء وهو دريء لأنها ليست بزائدة. وإنّما يهمز ما كان على مثال «مفاعل» إذا جاءت الياء زائدة في الواحد والألف والواو التي تكون الهمزة مكانها نحو «مدائن» لأنها فعايل». ومن جعل «المدائن» من «دان» «يدين» لم يهمز لأن الياء حينئذ من الأصل. وأما «قطائع» و «رسائل» و «عجائز» و «كبائر» فإن هذا كله مهموز لأن واو «عجوز» زائدة، ألا ترى أنك تقول: «عجز» وألف «رسالة» زائدة إذ تقول «أرسلت» فتذهب الألف منها. وتقول في «كبيرة» «كبرت» فتذهب الياء منها. وأما «مصايب» فكان أصلها «مصاوب» لأن الياء إذا كانت أصلها الواو فجاءت في موضع لا بد من أن تحرك فيه قلبت الواو في ذلك الموضع إذا كان الأصل من الواو، فلما قلبت صارت كأنها قد أفسدت حتى صارت كأنها الياء الزائدة فلذلك همزت ولم يكن القياس أن تهمز. وناس من العرب يقولون «المصاوب» وهي قياس.
وقال} {ثمّ صوّرنكم ثمّ قلنا للملئكة [الآية 11] لأنّ «ثمّ» في معنى الواو ويجوز أن يكون معناه} لأدم كما تقول للقوم: «قد ضربناكم» وإنما ضربت سيدهم.(1/189)
وقال {ما منعك ألّا تسجد [الآية 12] ومعناه: ما منعك أن تسجد، و} {لا ها هنا زائدة. وقال الشاعر: [الطويل]} 204أبى جوده «لا» البخل واستعجلت به ... «نعم» من فتى لا يمنع الجوع قاتله (1)
وفسرته العرب: أبى جوده البخل وجعلوا «لا» زائدة حشوا ها هنا وصلوا بها الكلام. وزعم يونس أن أبا عمرو كان يجرّ «البخل» ولا يجعل «لا» مضافة إليه أراد: أبى جوده «لا» التي هي للبخل لأن «لا» قد تكون للجود والبخل. لأنه لو قال له: «إمنع الحقّ» أو «لا تعط المساكين» فقال «لا» كان هذا جودا منه.
وقال {لأقعدنّ لهم صرطك المستقيم [الآية 16] أي: على صراطك. كما تقول:
«توجّه مكّة» أي: إلى مكة. وقال الشاعر: [الطويل]} 205كأنّي إذ أسعى لأظفر طائرا ... مع النّجم في جوّ السّماء يصوب (2)
يريد: لأظفر بطائر. فألقى الباء. ومثله {أعجلتم أمر ربّكم [الأعراف: الآية 150] يريد: عن أمر ربكم.
وقال} {أخرج منها مذءوما مّدحورا [الآية 18] لأنه من «الذأم» تقول: «ذأمته» ف «هو مذؤوم» والوجه الآخر من «الذمّ»: «ذممته» ف «هو مذموم» تقول: «ذأمته» و «ذممته» و «ذمته» كله في معنى واحد ومصدر: «ذمته» «الذّيم».
وقال} {لّمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم [الآية 18] فاللام الأولى للابتداء والثانية للقسم.
وقال} {فوسوس لهما الشّيطن [الآية 20] والمعنى: فوسوس إليهما الشيطان.
ولكن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل، ومنهم من تقول: «غرضت» في معنى: اشتقت إليه. وتفسيرها: غرضت من هؤلاء إليه.
وقال} {إلّا أن تكونا ملكين [الآية 20] يقول:} {ما نهاكما إلا كراهة} {أن تكونا كما تقول: «إيّاك أن تفعل» أي: كراهة أن تفعل.
وقال} {وطفقا [الآية 22] وقال بعضهم} وطفقا فمن قال: «طفق» قال:
__________
(1) البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص 302، والخصائص 2/ 35، 283، وشرح شواهد المغني 2/ 634، ولسان العرب (نعم)، (لا)، ومغني اللبيب 1/ 248، وتاج العروس (نعم)، (لا).
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/190)
«يطفق» ومن قال «طفق» قال «يطفق».
وقال {يخصّفان [الآية 22] جعلها من «يختصفان» فأدغم التاء في الصاد فسكنت وبقيت الخاء ساكنة فحركت الخاء بالكسر لاجتماع الساكنين. ومنهم من يفتح الخاء ويحول عليها حركة التاء وهو كقوله} {أمّن لّا يهدّى [يونس: 35] وقال بعضهم} {يهدّى إلّا أن يهدى [يونس: الآية 35].
وقال} {وإن لّم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخسرين [الآية 23] فكأنه على القسم والله أعلم كأنه قال: «والله لنكوننّ من الخاسرين إن لم تغفر لنا وترحمنا».
وقال} {قد أنزلنا عليكم لباسا يورى سوءتكم ورياشا ولباس التّقوى ذلك خير [الآية 26] فرفع قوله} {ولباس التّقوى [الآية 26] على الابتداء وجعل خبره في قوله} {ذلك خير وقد نصب بعضهم} {ولباس التّقوى [الآية 26] وقرأ بعضهم} {وريشا [الآية 26] وبها نقرأ وكلّ حسن ومعناه واحد.
وقال} {وفريقا حقّ عليهم الضّللة [الآية 30] فذكّر الفعل لما فصل كما قال} {لا يؤخذ منكم فدية [الحديد: الآية 15]
وقال} {يبنى ءادم إمّا يأتينّكم رسل مّنكم يقصّون عليكم ءايتى فمن اتّقى وأصلح فلا خوف عليهم [الآية 35] كان كأنّه قال: فأطيعوهم.
وقال} {حتّى يلج الجمل فى سمّ الخياط [الآية 40] من «ولج» «يلج» «ولوجا».
وقال} {لهم مّن جهنّم مهاد ومن فوقهم غواش [الآية 41] فإنما انكسر قوله (غواش) لأن هذه الشين في موضع عين «فواعل» فهي مكسورة. وأما موضع اللام منه فالياء، والياء والواو إذا كانت بعد كسرة وهما في موضع تحرك برفع أو جرّ صارتا ياء ساكنة في الرفع والجرّ ونصبا في النصب. فلما صارتا ياء ساكنة وأدخلت عليها التنوين وهو ساكن ذهبت الياء لاجتماع الساكنين.
وقال} {ونزعنا ما فى صدورهم مّن غلّ [الآية 43] وهو ما يكون في الصدور، وأما الذي يغلّ به الموثق فهو «الغلّ».
وقال} {الحمد لله الّذى هدنا لهذا [الآية 43] كما قال} الله يهدى للحقّ
[يونس: الآية 35] وتقول العرب: «هو لا يهتدي لهذا» أي: لا يعرفه. وتقول:
«هديت العروس إلى بعلها». وتقول أيضا: «أهديتها إليه» و «هديت له» وتقول:
«أهديت له هديّة». وبنو تميم يقولون: «هديت العروس إلى زوجها» جعلوه في
معنى «دللتها» وقيس تقول: «أهديتها» جعلوها بمنزلة الهدية.(1/191)
«أهديت له هديّة». وبنو تميم يقولون: «هديت العروس إلى زوجها» جعلوه في
معنى «دللتها» وقيس تقول: «أهديتها» جعلوها بمنزلة الهدية.
وقال {ونودوا أن تلكم الجنّة [الآية 43] و} {أن لّعنة الله على الظّلمين [الآية 44] وقال في موضع آخر} {أن الحمد لله [يونس: الآية 10] و} {أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا [الآية 44] فهذه «أنّ» الثقيلة خفّفت وأضمر فيها ولا يستقيم أن تجعلها الخفيفة لأن بعدها اسما. والخفيفة لا يليها الاسماء. وقال الشاعر: [البسيط]} 206في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (1)
وقال الشاعر: [الوافر] 207أكاشره وأعلم أن كلانا ... على ما ساء صاحبه حريص (2)
فمعناه: أنه كلانا. وتكون {أن قد وجدنا [الآية 44] في معنى «أي». وقوله} {أن أفيضوا علينا من المآء [الآية 50] تكون «أي أفيضوا» وتكون على «أن» التي تعمل في الأفعال لأنك تقول: «غاظني أن قام» و «غاظني أن ذهب» فتقع على الأفعال وإن كانت لا تعمل فيها، وفي كتاب الله} {وانطلق الملأ منهم أن امشوا [ص:
الآية 6] معناها: أي امشوا.
وقال} {فهل لّنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نردّ فنعمل غير الّذى كنّا نعمل [الآية 53] فنصب ما بعد الفاء لأنه جواب استفهام.
وقال} {والشّمس والقمر والنّجوم مسخّرت بأمره [الآية 54] عطف على قوله} {خلق السّموات والأرض [الآية 54] وخلق} {الشمس القمر.
وقال} {إنّ رحمت الله قريب مّن المحسنين [الآية 56] فذكر} قريب
[البقرة: الآية 186] وهي صفة «الرحمة» وذلك كقول العرب «ريح خريق» و «ملحفة
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه ص 109، والأزهية ص 64، والإنصاف ص 199، وتخليص الشواهد ص 382، وخزانة الأدب 5/ 426، 8/ 390، 10/ 393، 11/ 353، 354، والدرر 2/ 192، وشرح أبيات سيبويه 2/ 76، والكتاب 2/ 137، 3/ 74، 164، 454، والمحتسب 1/ 308، ومغني اللبيب 1/ 314، والمقاصد النحوية 2/ 287، والمنصف 3/ 129، وبلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 391، ورصف المباني ص 115، وشرح المفصل 8/ 71، والمقتضب 3/ 9، وهمع الهوامع 1/ 142.
(2) البيت لعدي بن زيد في الكتاب 3/ 74، وليس في ديوانه، ولعمرو بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص 18، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 201، وشرح المفصل 1/ 54، والمقتضب 3/ 241.(1/192)
جديد» و «شاة سديس». وإن شئت قلت: تفسير «الرحمة» ها هنا: المطر، ونحوه.
فلذلك ذكر. كما قال {وإن كان طائفة منكم آمنوا فذكر لأنه أراد «الناس». وإن شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث كقول الشاعر: [المتقارب]} فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها (1)
وقال {وهو الّذى يرسل الرّياح نشرا بين يدى رحمته [الآية 57] لأنّها جماعة «النشور» وتقول: «ريح نشور» و «رياح نشر». وقال بعضهم «نشرا» من «نشرها» «نشرا».
وقال في أول هذه السورة} {كتب أنزل إليك [الآية 2]} {لتنذر به [الآية 2]} {فلا يكن فى صدرك حرج مّنه [الآية 2] هكذا تأويلها على التقديم والتأخير.
وفي كتاب الله مثل ذلك كثير قال} {اذهب بّكتبى هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون (28) [النمل: 28] والمعنى والله أعلم} {فانظر ماذا يرجعون [النّمل: الآية 28]} {ثمّ تولّ عنهم [النّمل: الآية 28] وفي كتاب الله} {ومآ أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نّوحى إليهم فسئلوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (43) بالبيّنت والزّبر [النّحل: الآية 43، 44] والمعنى والله أعلم} {ومآ أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نّوحى إليهم [يوسف: الآية 109]} {بالبيّنت والزّبر [آل عمران: الآية 184]} {فسئلوا أهل الذّكر [النّحل: الآية 43]} {إن كنتم لا تعلمون [النّحل: الآية 43].
وفي «حم المؤمن»} {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنت فرحوا بما عندهم مّن العلم [غافر: الآية 83] والمعنى والله أعلم} {فلمّا جآءتهم رسلهم بالبيّنت [غافر:
الآية 83]} {من العلم [البقرة: الآية 120]} {فرحوا بما عندهم [غافر: الآية 83]. وقال بعضهم} {فرحوا بمآ هو} {عندهم مّن العلم [غافر: الآية 83] أي: كان عندهم العلم وهو جهل، ومثل هذا في كلام العرب وفي الشعر كثير في التقديم والتأخير. يكتب الرجل: «أمّا بعد حفظك الله وعافاك فإنّي كتبت إليك» فقوله «فإنّي» محمول على:
«أمّا بعد» وإنما هو «أمّا بعد فإنّي» وبينهما كما ترى كلام. قال الشاعر: [الكامل]} 208خير من القوم العصاة أميرهم ... يا قوم فاستحيوا النساء الجلّس (2)
والمعنى: خير من القوم العصاة أميرهم النّساء الجلّس يا قوم فاستحيوا.
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 31.
(2) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/193)
قال الآخر: [البسيط] 209الشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا (1)
ومعناه: الشمس طالعة لم تكسف نجوم الليل والقمرا لحزنها على «عمر».
وذلك أن الشمس كلما طلعت كسفت القمر والنجوم فلم تترك لها ضوءا.
ومن معاني القرآن قول الله عزّ وجل {ولا تنكحوا ما نكح ءابآؤكم مّن النّساء إلّا ما قد سلف [النّساء: الآية 22] فليس المعنى: انكحوا ما قد سلف.
وهذا لا يجوز في الكلام والمعنى والله أعلم «لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فإنّكم تعذّبون به إلّا ما قد سلف فقد وضعه الله عنكم» وكذلك قوله} {حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم ثم قال} {وأن تجمعوا بين الأختين إلّا ما قد سلف
[النّساء: الآية 23] والمعنى والله أعلم أنّكم تؤخذون بذلك إلّا ما قد سلف فقد وضعه الله عنكم.
وقوله} {ألم تر إلى الّذى حآجّ إبراهيم فى ربّه [البقرة: الآية 258] ثم قال} {أو كالّذى مرّ على قرية [البقرة: الآية 259] ف «الكاف» تزاد في الكلام. والمعنى:
ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه أو الذي مرّ على قرية. ومثلها في القرآن} {ليس كمثله شيء [الشّورى: الآية 11] والمعنى: ليس مثله شيء. لأنه ليس لله مثل. وقال الشاعر: [الرجز]} 210فصيّروا مثل كعصف مأكول (2)
والمعنى: صيّروا مثل عصف، والكاف زائدة. وقال الآخر: [الرجز] 211وصالبات ككما يؤثفين (3)
__________
(1) البيت لجرير في ديوانه ص 736، والأشباه والنظائر 5/ 307، وأمالي المرتضى 1/ 52، وشرح شواهد الشافية ص 26، والعقد الفريد 1/ 96، ولسان العرب (كسف)، (بكى)، وبلا نسبة في لسان العرب (شمس).
(2) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 181، وخزانة الأدب 10/ 168، 175، 184، 189، وشرح التصريح 1/ 252، وشرح شواهد المغني 1/ 53، والمقاصد النحوية 2/ 402، ولحميد الأرقط في الدرر 2/ 250، والكتاب 1/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 52، والجنى الداني ص 90، وخزانة الأدب 7/ 73، ورصف المباني ص 201، وسرّ صناعة الإعراب ص 296، وشرح الأشموني 1/ 158، ولسان العرب (عصف)، ومغني اللبيب 1/ 180، والمقتضب 4/ 141، 350، وهمع الهوامع 1/ 150، وتاج العروس (عصف).
(3) الرجز لخطام المجاشعي في لسان العرب (رنب)، (ثفا)، وتهذيب اللغة 15/ 149، وتاج(1/194)
إحدى الكافين زائدة.
وقوله {بدّلنهم جلودا غيرها [النّساء: الآية 56] يعني غيرها في النضج، لأنّ الله عز وجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت الله تعالى ولكن أذهب عنها النضح، كما يقول الرجل للرجل: «أنت اليوم غيرك أمس» وهو ذلك بعينه إلا أنه نقص منه شيء أو زاد فيه.
وفي كتاب الله عز وجل} {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكذبون [الأنعام:
الآية 28] فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. وإنما يكونون كاذبين إذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل أن يكفر إذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون أنّهم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل: «أنا قائم» وهو قاعد يريد «إني سأقوم» أو يقول} {إنّهم لكذبون [التّوبة: الآية 107] يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله} {وجوه يومئذ نّاضرة (22) إلى ربّها ناظرة (23) [القيامة: 2322] يقول «تنظر في رزقها وما يأتيها من الله» كما يقول الرجل: «ما أنظر إلّا إليك» ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك. ألا ترى أنه قال} {ووجوه يومئذ باسرة (24) تظنّ أن يفعل بها فاقرة (25) [القيامة: 2524] ولم يقل:
«ووجوه لا تنظر ولا ترى» وقوله} {تظنّ أن يفعل بها فاقرة (25) [القيامة: الآية 25] يدلّ «الظن» ها هنا على أن النظر ثم الثقة بالله وحسن اليقين ولا يدل على ما قالوا.
وكيف يكون ذلك والله يقول} {لّا تدركه الأبصر وهو يدرك الأبصر [الأنعام: الآية 103] وقوله} {وما تشآءون إلّا أن يشاء الله [الإنسان: الآية 30] يعني ما تشاؤون من الخير شيئا إلّا أن يشاء الله أن تشاؤوه.
وقوله} إذا أخرج يده لم يكد يراها [النّور: الآية 40] حمل على المعنى وذلك أنه لا يراها وذلك أنك إذا قلت: «كاد يفعل» إنما تعني قارب الفعل ولم يفعل. فإذا قلت «لم يكد يفعل» كان المعنى أنه لم يقارب الفعل ولم يفعل على صحة الكلام وهكذا معنى هذه الآية. إلّا أن اللّغة قد أجازت: «لم يكد يفعل» في معنى: فعل بعد شدة، وليس هذا صحة الكلام لأنه إذا قال: «كاد يفعل» فإنما
__________
العروس (ثفا)، (غرا)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1036، وكتاب العين 8/ 245، ومقاييس اللغة 1/ 58، والمخصص 8/ 76، 14/ 49، 64، 16/ 108، وديوان الأدب 2/ 335، ولسان العرب (أثف).(1/195)
يعني: قارب الفعل. وإذا قال: «لم يكد يفعل» يقول: «لم يقارب الفعل» إلا أنّ اللغة جاءت على ما فسرت لك وليس هو على صحة الكلمة.
وقال {أو عجبتم أن جآءكم ذكر مّن رّبّكم [الآية 63] كأنه قال: «صنعوا كذا وكذا وعجبوا» فقال «صنعتم كذا وكذا أو عجبتم» فهذه واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال} {وإلى عاد أخاهم هودا [الآية 65]} {وإلى ثمود أخاهم صلحا [الآية 73] فكل هذا والله أعلم نصبه على الكلام الأول على قوله} {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه [الآية 59] وكذلك} {لوطا [الآية 80]، وقال بعضهم: «واذكر لوطا». وإنما يجيء هذا النصب على هذين الوجهين، أو يجيء على أن يكون الفعل قد عمل فيما قبله وقد سقط بعده فعل على شيء من سببه فيضمر له فعلا. فإنما يكون على أحد هذه الثلاثة وهو في القرآن كثير.
وقال} {خلائف الأرض [الأنعام: [الآية 165] وقال} {خلفآء [الآيتان 69و 74] وكل جائز وهو جماعة «الخليفة».
وقال} {وزادكم فى الخلق بصطة [الآية 69] أي: انبساطا. وهو في موضع آخر} {بسطة فى العلم والجسم [البقرة: الآية 247] وهو مثل الأول.
وقال} {فذروها تأكل فى أرض الله [الآية 73] جزم إذا جعلته جوابا ورفع إذا أردت «فذروها آكلة» وقال} {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها [الأعراف: الآية 145] وقال} {قل لّلّذين ءامنوا يغفروا للّذين [الجاثية: الآية 14] و} {فذرهم يخوضوا ويلعبوا
[الزخرف: 83والمعارج: 42] فصار جوابا في اللفظ وليس كذلك في المعنى.
وقال} {فأوفوا الكيل والميزان [الآية 85].
ثم قال} {ولا تقعدوا بكلّ صرط توعدون [الآية 86] تقول: «هم في البصرة» و «بالبصرة» و «قعدت له في الطّريق» و «بالطّريق».
وقال} {كأن لّم يغنوا فيها [الآية 92] وهي من «غنيت» «تغنى» «غنى».
وقال} {أو أمن أهل القرى [الآية 98] فهذه الواو للعطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال} {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها [الآية 100] يقول:
«أو لم يتبيّن لهم» وقال بعضهم} {نهد بالنون أي: أو لم نبيّن لهم} أن لّو نشآء
أصبنهم بذنوبهم [الآية 100].(1/196)
«أو لم يتبيّن لهم» وقال بعضهم {نهد بالنون أي: أو لم نبيّن لهم} {أن لّو نشآء
أصبنهم بذنوبهم [الآية 100].
وقال} {نقصّ عليك من أنبآئها [الآية 101] صيّر «من» زائدة وأراد «قصصنا» كما تقول «هل لك في ذا» وتحذف «حاجة».
وقال} {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل [الآية 101] فقوله} {بما كذّبوا [الآية 101] والله أعلم يقول: «بتكذيبهم» جعل والله أعلم} {ما كذّبوا
اسما للفعل والمعنى: «لم يكونوا ليؤمنوا بالتكذيب» أي لا نسميهم بالإيمان بالتكذيب.
وقال} {حقيق على أن لّا أقول على الله إلّا الحقّ [الآية 105] وقال بعضهم} {على أن لّا أقول [الآية 105] والأولى أحسنهما عندنا، أراد: واجب عليّ أن لا أقول. والأخرى: أنا حقيق عليّ أن لا أقول على الله. يريد: بأن لا أقول على الله.
كما قال:} {بكلّ صرط توعدون [الآية 86] في معنى «على كلّ صراط توعدون».
وقال} {أرجئه وأخاه [الآية 111] وقال} {ترجىء من تشآء منهنّ [الأحزاب:
51] لأنه من «أرجأت» وقد قرئت} {أرجه وأخاه [الآية 111] خفيفة بغير همزة وبها نقرأ و} {ترجى من تشآء [الأحزاب: الآية 51] وهي لغة تقول: «أرجيت» وبعض العرب تقول: «أخطيت» و «توضّيت» لا يهمزون.
وقال} {وما تنقم منّآ [الآية 126] وقال بعضهم} {وما تنقم منّا [الآية 126] وهما لغتان «نقم» «ينقم» و «نقم» «ينقم» وبها نقرأ، أي بالأولى.
وقال} {وقالوا مهما تأتنا به من ءاية [الآية 132] لأن} {مهما [الآية 132] من حروف المجازاة وجوابها} {فما نحن [الآية 132].
وقال} {وما كانوا يعرشون [الآية 137] و «يعرشون» لغتان وكذلك} {نبطش [الدّخان: الآية 16] و «نبطش»، و «يحشر» و} {يحشر [فصّلت: الآية 19]، و} {يعكف و} {يعكف، و} {ينفر و} {ينفر.
وقال} {الطّوفان [الآية 133] فواحدتها في القياس «الطوفانة». قال الشاعر:
[الرمل]} 212غير الجدّة من آياتها ... خرق الرّيح وطوفان المطر (1)
__________
(1) البيت لحسيل بن عرفطة في نوادر أبي زيد ص 77، وبلا نسبة في لسان العرب (طوف)، (حزق)، وتهذيب اللغة 14/ 33، ومجمل اللغة 2/ 178، وتاج العروس (طوف)، (حزق).(1/197)
وهي من «طاف» «يطوف».
وقال {جعله دكّا [الآية 143] لأنّه حين قال} {جعله كان كأنه قال «دكّه» ويقال} {دكّآء وإذا أراد ذا فقد أجري مجرى} {وسئل القرية [يوسف: الآية 82] لأنه يقال: «ناقة دكّاء» إذا ذهب سنامها.
وقال} {فلمّا تجلّى ربّه للجبل [الآية 143] يقول «تجلّى أمره» نحو ما يقول الناس: «برز فلان لفلان» وإنّما برز جنده.
وأمّا قوله} {ربّ أرنى أنظر إليك [الآية 143] فإنما أراد علما لا يدرك مثله إلّا في الآخرة فأعلم الله موسى أن ذلك لا يكون في الدنيا. وقرأها بعضهم} {دكّآء
جعله «فعلاء» وهذا لا يشبه أن يكون. وهو في كلام العرب: «ناقة دكّاء» أي: ليس لها سنام. والجبل مذكر إلا أن يكون «جعله مثل دكّاء» وحذف «مثل».
وقال} {من حليّهم [الآية 148] وقال بعضهم} {جليّهم و} {حليهم} {عجلا جسدا لّه خوار [الأعراف: الآية 148] وقال بعضهم} {جوار كلّ من لغات العرب.
وقال} {ولمّا سقط فى أيديهم [الآية 149] وقال بعضهم} {سقط [الآية 149] وكل جائز والعرب تقول: «سقط في يديه» و} {أسقط في أيديهم.
وأمّا قوله} {من حليّهم [الآية 148] بضم الحاء فإنه «فعول» وهي جماعة «الحلي» ومن قال} {حليّهم [الآية 148] في اللغة الأخرى فلمكان الياء كما قالوا:
«قسيّ» و «عصيّ».
وقال} {ابن أمّ إنّ القوم [الآية 150] وذلك والله أعلم أنه جعله اسما واحدا مثل قولهم «ابن عمّ أقبل» وهذا لا يقاس عليه. وقال بعضهم} {يا ابن امي لا تأخذ وهو القياس ولكن الكتاب ليست فيه ياء فلذلك كره هذا. وقال الشاعر: [الخفيف]} 213يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد ... عو تميما وأنت غير مجاب (1)
وقال بعضهم يا ابن ام، فجعله على لغة الذين يقولون هذا غلام قد جاء «أو جعله اسما واحدا آخره مكسور» مثل «خازباز».
__________
(1) البيت لغلفاء بن الحارث في معجم الشعراء ص 467، وبلا نسبة في رصف المباني ص 73، والمقتضب 4/ 250.(1/198)
وقال {وكادوا يقتلوننى [الآية 150] فثبتت فيه نونان واحدة للفعل والأخرى للاسم المضمر وإنما تثبت في الفعل لأنه رفع، ورفع الفعل إذا كان للجميع والاثنين بثبات النون إلا أن نون الجميع مفتوحة ونون الاثنين مكسورة وقد قال} {أتعداننى أن أخرج [الأحقاف: الآية 17] وقد يجوز في هذا الإدغام والإخفاء.
وقال} {اثنتى عشرة أسباطا [الآية 160] أراد اثنتي عشرة فرقة ثم أخبر أن الفرق أسباط ولم يجعل العدد على الأسباط.
وقال} {ولمّا سكت عن مّوسى الغضب [الآية 154] وقال بعضهم} {سكن إلّا أنّها ليست على الكتاب فتقرأ} {سكت وكلّ من كلام العرب.
وقال} {واختار موسى قومه سبعين رجلا [الآية 155] أي: اختار من قومه، فلمّا نزع «من» عمل الفعل. وقال الشاعر: [الطويل]} 214منا الذي اختير الرجال سماحة ... وجودا إذا هبّ الرّياح والزعازع (1)
وقال آخر: [البسيط] 215أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب (2)
وقال النابغة: [الكامل] 216نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها ... يهدي إليّ أوابد الأشعار (3)
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 418، والأشباه والنظائر 2/ 331، وخزانة الأدب 9/ 113، 5/ 115، 123، 124، والدرر 2/ 291، وشرح أبيات سيبويه 1/ 424، وشرح شواهد المغني 1/ 12، والكتاب 1/ 39، ولسان العرب (خير)، وبلا نسبة في شرح المفصل 8/ 51، والمقتضب 4/ 330، وهمع الهوامع 1/ 162.
(2) البيت لعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص 63، وخزانة الأدب 9/ 124، والدرر 5/ 186، وشرح شواهد المغني ص 727، والكتاب 1/ 37، ومغني اللبيب ص 315، ولخفاف بن ندبة في ديوانه ص 126، وللعباس بن مرداس في ديوانه ص 131، ولأعشى طرود في المؤتلف والمختلف ص 17، وهو لأحد الأربعة السابقين أو لزرعة بن خفاف في خزانة الأدب 1/ 339، 342، 343، ولخفاف بن ندبة أو للعباس بن مرداس في شرح أبيات سيبويه 1/ 250، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 16، 8/ 251، وشرح شذور الذهب ص 477، وشرح المفصّل 8/ 50، وكتاب اللامات ص 139، والمحتسب 1/ 51، و 272، والمقتضب 2/ 36، 86، 321.
(3) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 54، وتخليص الشواهد ص 467، وخزانة الأدب 6/ 315، 333، 334، وشرح التصريح 1/ 265، والمقاصد النحوية 2/ 439، وأساس البلاغة (أبد)، وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص 232، وشرح عمدة الحافظ ص 252.(1/199)
وقال {لّلّذين هم لربّهم يرهبون [الآية 154] كما قال} {إن كنتم للرّءيا تعبرون [يوسف: الآية 43] أوصل الفعل باللام. وقال بعضهم} {من أجل ربهم يرهبون.
وقال} {ورحمتى وسعت كلّ شىء [الآية 156] أي: وسعت كل من يدخل فيها لا تعجز عن من دخل فيها، أو يكون يعني الرحمة التي قسمها بين الخلائق يعطف بها بعضهم على بعض حتى عطف البهيمة على ولدها.
وقال} {فخلف من بعدهم خلف [الآية 169] إذا قلت «خلف سوء» و «خلف صدق» فهما سواء. و «الخلف» إنما يريد به الذي بعد ما مضى خلفا كان منه أو لم يكن خلفا إنّما يكون يعني به القرن الذي يكون بعد القرن و «الخلف» الذي هو بدل مما كان قبله قد قام مقامه وأغنى غناه. تقول: «أصبت منك خلفا».
وقال} {يأخذون عرض هذا الأدنى [الآية 169] فأضاف «العرض» إلى «هذا» وفسر «هذا» ب «الأدنى» وكل شيء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير فإنها عين.
وما كان غير ذلك فهو عرض. وأما «العرض» فهو كل شيء عرض لك تقول: «قد عرض له بعدي عرض» أي: «أصابته بليّة وشرّ» وتقول: «هذا عرضة للشرّ» و «عرضة للخير» كلّ هذا تقوله العرب. وقال} {ولا تجعلوا الله عرضة لّأيمنكم [البقرة: الآية 224] وتقول: «أعرض لك الخير» و «عرض لك الخير» وقال الشاعر: [الكامل]} 217لا أعرفنّك معرضا لرماحنا ... في جفّ تغلب وارد الأمرار (1)
و «العارض» من السحاب: ما استقبلك وهو قول الله عز وجل {فلمّا رأوه عارضا [الأحقاف: الآية 24] وأما «الحبيّ»: فما كان من كل ناحية وتقول: «خذوه من عرض الناس» أي: مما وليك منهم، وكذلك «اضرب به عرض الحائط» أي: ما وليك منه. وأما «العرض» و «الطول» فإنه ساكن. وأما قوله: [الطويل]} 218 [لهنّ عليهم عادة قد عرفنها] ... إذا عرضوا الخطّيّ فوق الكواثب (2)
__________
(1) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 168، ولسان العرب (مرر)، (جفف)، والتنبيه والإيضاح 2/ 203، وتهذيب اللغة 10/ 506، وجمهرة اللغة ص 90، ومقاييس اللغة 1/ 416، ومجمل اللغة 1/ 394، وديوان الأدب 3/ 21، وتاج العروس (مرر).
(2) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 43، ولسان العرب (كثب)، (عرض)، ومقاييس اللغة 4/ 270، 5/ 163، وتاج العروس (كثب)، (عرض)، وأساس البلاغة (كثب)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 261.(1/200)
وأعرضوا فهذا لأن: عرض عرضا. و: «عرضت عليه المنزل عرضا» و «عرض لي أمر عرضا» هذا مصدره. و «العرض من الخير والشرّ»: ما أصبت عرضا من الدنيا فانتفعت به تعني به الخير، و «عرض لك عرض سوء».
وقال {مّنهم الصّلحون ومنهم دون ذلك [الآية 168] لا نعلم أحدا يقرؤها إلّا نصبا.
وقال} {سآء مثلا القوم [الآية 177] فجعل «القوم» هم «المثل» في اللفظ وأراد: مثل القوم، فحذف كما قال} {وسئل القرية [يوسف: 82].
وقال} {ولقد ذرأنا لجهنّم [الآية 179] تقول: «ذرأ» «يذرأ» «ذرءا».
وقال} {وذروا الّذين يلحدون فى أسمئه [الآية 180] وقال بعضهم} {يلحدون جعله من «لحد» «يلحد» وهي لغة. وقال في موضع آخر} {لّسان الّذى يلحدون [النّحل: الآية 103] و} {يلحدون وهما لغتان، و} {يلحدون أكثر وبها نقرأ ويقوّيها} {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم [الحجّ: الآية 25].
وقال} {ولكنّه أخلد إلى الأرض [الآية 176] ولا نعلم أحدا يقول} {خلد.
وقوله} {أخلد [الآية 176] أي: لجأ إليها.
وقال} {حملت حملا خفيفا [الآية 189] لأنّ «الحمل» ما كان في الجوف و «الحمل» ما كان على الظهر. وقال} {وتضع كلّ ذات حمل حملها [الحجّ: الآية 2]. وأما قوله} {أثقلت [الآية 189] فيقول: «صارت ذات ثقل» كما تقول «أتمرنا» أي: صرنا ذوي تمر» و «ألبنّا» [أي: صرنا ذوي لين] و «أعشبت الأرض» و «أكمأت» وقرأ بعضهم} {فلما أثقلت.
وقال} {جعلا له شركآء فيما ءاتهما [الآية 190] وقال بعضهم} {شركا لأنّ «الشرك» إنما هو: «الشركة»، وكان ينبغي في قول من قال هذا أن يقول «فجعلا لغيره شركا فيما آتاهما».
وقال} {إذا مسّهم طائف مّن الشّيطن [الآية 201] و} {الطيف أكثر في كلام العرب. وقال الشاعر: [المتقارب]} 219ألا يا لقوم لطيف الخيال ... أرّق من نازح ذي دلال (1)
__________
(1) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في خزانة الأدب 2/ 429، 435، وشرح أبيات سيبويه 1/(1/201)
ونقرؤها {طائف [القلم: الآية 19] لأنّ عامة القراء عليها.
وقال} {بالغدوّ والأصال [الآية 205] وتفسيرها «بالغدوات» كما تقول: «آتيك طلوع الشمس» أي: في وقت طلوع الشمس، كما قال} {بالعشيّ والإبكر [آل عمران: الآية 41] وهو مثل «آتيك في الصبّاح وبالمساء» وأما} الآصال فواحدها:
«أصيل» مثل: «الأشرار» واحدها: «الشرير» و «الأيمان» واحدتها: «اليمين».
__________
467، وشرح أشعار الهذليين 2/ 494، والكتاب 2/ 216، ولسان العرب (هيب)، (طيف)، (هول)، وتاج العروس (طيف)، ولأبي أمية في المقاصد النحوية 4/ 63، وبلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص 114.(1/202)
ومن سورة الأنفال
الواحد من «الأنفال»: «النفل».
وقال {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ [الآية 5] فهذه الكاف يجوز أن تكون على قوله} {أولئك هم المؤمنون حقّا [الآية 4]} {كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ [الآية 5]. وقال بعض أهل العلم} {كمآ أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ [الآية 5]} {فاتّقوا الله وأصلحوا ذات بينكم [الآية 1] فأضاف} {ذات إلى «البين» وجعله} {ذات [الآية 1] لأن بعض الأشياء يوضع عليه اسم مؤنث وبعضه يذكر نحو «الدار» و «الحائط» أنّثت «الدار» وذكّر «الحائط».
وقال} {وإذ يعدكم الله إحدى الطّآئفتين أنّها لكم [الآية 7] فقوله} {أنّها
[الشّورى: الآية 18] بدل من قوله} {إحدى الطّآئفتين [الآية 7] وقال} {غير ذات الشّوكة [الآية 7] فأنث لأنه يعني «الطائفة».
وقال} {فاضربوا فوق الأعناق [الآية 12] معناها: «اضربوا الأعناق» كما تقول:
«رأيت نفس زيد» تريد «زيدا».
} {واضربوا منهم كلّ بنان [الآية 12] واحد «البنان»: «البنانة».
وقال} {ذلكم فذوقوه وأنّ للكفرين [الآية 14] كأنه جعل «ذلكم» خبرا لمبتدأ أو مبتدأ أضمر خبره حتى كأنه قال: «ذلكم الأمر» أو «الأمر ذلكم». ثم قال} {وأنّ للكفرين عذاب النّار [الآية 14] أي: الأمر ذلكم وهذا، فلذلك انفتحت «أنّ». ومثل ذلك قوله} {وأنّ الله موهن كيد الكفرين [الآية 18]. وأمّا قول الشاعر: [البسيط]
} 220ذاك وإنّي على جاري لذو حدب ... أحنو عليه كما يحنى على الجار (1)
__________
(1) البيت للأحوص في ديوانه ص 133، وخزانة الأدب 10/ 268، 269، 270، والكتاب 3/ 125، 126، ولرجل من تيمم قريش في ذيل الأمالي ص 122، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 175.(1/203)
فإنما كسر «إنّ» لدخول اللام. قال الشاعر: [الطويل] 221وأعلم علما ليس بالظنّ أنّه ... إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل (1)
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل
فكسر الثانية لأن اللام بعدها. ومن العرب من يفتحها لأنه لا يدري أن بعدها لاما. وقد سمع مثل ذلك من العرب في قوله {أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور (9) وحصّل ما فى الصّدور (10) إنّ ربّهم يومئذ لّخبير (11) [العاديات: 9 11] ففتح وهو غير ذاكر للام وهذا غلط قبيح.
وقال} {وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى [الآية 17] تقول العرب:
«والله ما ضربت غيره» وإنما ضربت أخاه كما تقول: «ضربه الأمير» والأمير لم يل ضربه. ومثل هذا في كلام العرب كثير.
وقال} {واتّقوا فتنة لّا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّة [الآية 25] فليس قوله والله أعلم} {تصيبنّ [الآية 25] بجواب ولكنه نهي بعد أمر، ولو كان جوابا ما دخلت النون.
وقال} {اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك [الآية 32] فنصب} {الحقّ
لأن} {هو والله أعلم جعلت ها هنا صلة في الكلام زائدة توكيدا كزيادة} {مآ. ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر، وليست} {هو بصفة ل} {هذا لأنك لو قلت: «رأيت هذا هو» لم يكن كلاما ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ولكنها تكون من صفة المضمرة في نحو قوله} {ولكن كانوا هم الظّلمين [الزّخرف: الآية 76] و} {تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا [المزمّل: الآية 20] لأنك تقول «وجدته هو» و «أتاني هو» فتكون صفة، وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة ولكنها تكون زائدة كما كان في الأول.
وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم فيرفع ما بعده إن كان ما قبله ظاهرا أو مضمرا في لغة لبني تميم في قوله} إن كان هذا هو الحقّ [الآية 32]
__________
(1) البيتان لطرفة بن العبد في ديوانه ص 81د ولسان العرب (حظرب)، (أجأ)، وأساس البلاغة (حصي)، وكتاب العين 7/ 177، وتاج العروس (حصي)، ولكعب بن سعد الغنوي في لسان العرب (حصي)، ولكعب بن سعد الغنوي أو لطرفة في تاج العروس (حصو)، وبلا نسبة في كتاب العين 3/ 268، والمخصص 3/ 19، ومقاييس اللغة 2/ 70، وتخليص الشواهد ص 346.(1/204)
و {ولكن كانوا هم الظالمون و} {تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا كما تقول «كانوا آباؤهم الظالمون» وإنما جعلوا هذا المضمر نحو قولهم «هو» و «هما» و «أنت» زائدا في هذا المكان ولم يجعل في مواضع الصفة لأنه فصل أراد أن يبين به أنه ليس بصفة ما بعده لما قبله ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر.
وقال} {وما لهم ألّا يعذّبهم الله [الآية 34] ف} {أن ها هنا زائدة والله أعلم وقد عملت، وقد جاء في الشعر، قال: [البسيط]} لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا (1)
وقوله {ولو تواعدتّم لاختلفتم فى الميعد ولكن لّيقضى الله أمرا كان مفعولا [الآية 42] وأمر الله كله مفعول ولكن أراد أن يقص الاحتجاج عليهم وقطع العذر قبل إهلاكهم.
وقال} {وما كان صلاتهم عند البيت إلّا مكآء وتصدية [الآية 35] نصب على خبر «كان».
وقال} {ليميّز الله الخبيث من الطّيّب [الآية 37] جعله من «ميّز» مثقلة، وخففها بعضهم فقال} {ليميز [الآية 37] من «ماز» «يميز» وبها نقرأ.
وقال} {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا [الآية 42] وقال بعضهم} {بالعدوة [الآية 42] وبها نقرأ وهما لغتان. وقال بعض العرب الفصحاء: «العدية» فقلب الواو ياء كما تقلب الياء واوا في نحو «شروى» و «بلوى» لأن ذلك يفعل بها فيما هو نحن من ذا نحو «عصيّ» و «أرض مسنيّة» وفي قولهم «قنية» لأنها من «قنوت».
وقال} {والرّكب أسفل منكم [الآية 42] فجعل «الأسفل» ظرفا ولو شئت قلت} {أسفل منكم [الآية 42] إذا جعلته} {الركب ولم تجعله ظرفا.
وقال} {ويحيى من حىّ عن بيّنة [الآية 42] فألزم الإدغام إذ صار في موضع يلزمه الفتح فصار مثل باب التضعيف. فإذا كان في موضع لا يلزمه الفتح لم يدغم نحو} {بقدر على أن يحيى الموتى [الأحقاف: الآية 33] إلا أن تشاء أن تخفي وتكون في زنة متحرك لأنها لا تلزمه لأنك تقول} {تحى فتسكن في الرفع وتحذف في الجزم، فكل هذا يمنعه الإدغام. وقال بعضهم} من حيي عن بيّنة ولم يدغم
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 147.(1/205)
إذا كان لا يدغمه في سائر ذلك. وهذا أقبح الوجهين لأنّ «حيي» مثل «خشي» لما صارت مثل غير التضعيف أجرى الياء الآخرة مثل ياء «خشي». وتقول للجميع «قد حيوا» كما تقول «قد خشوا» ولا تدغم لأن ياء «خشوا» تعتل ها هنا. وقال الشاعر:
[الطويل] 222وحيّ حسبناهم فوارس كهمس ... حيوا بعد ما ماتوا من الدهر أعصرا (1)
وقد ثقّل بعضم وتركها على ما كانت عليه وذلك قبيح. قال الشاعر:
[مجزوء الكامل] 223عيّوا بأمرهم كما ... عيّت ببيضتها الحمامة (2)
جعلت له عودين من ... نشم وآخر من ثمامه
وقال {ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملئكة يضربون وجوههم وأدبرهم وذوقوا عذاب الحريق (50) [الآية 50] فأضمر الخبر والله أعلم. وقال الشاعر:
[الخفيف]} إن يكن طبّك الدّلال فلو ... في سالف الدّهر والسنين الخوالي (3)
يريد بقوله «فلو في سالف الدهر» أن يقول: «فلو كان في سالف الدهر لكان كذا وكذا» فحذف هذا الكلام كلّه.
وقال وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها [الآية 61] فأنث «السّلم» وهو «الصلح»
__________
(1) البيت لمودود العنبري في شرح أبيات سيبويه 2/ 434، ولأبي حزابة الوليد بن حنيفة في شرح شواهد الإيضاح، ص 634، وشرح شواهد الشافية ص 363، ولسان العرب (حيا)، ولمودود أو لأبي حزابة في لسان العرب (كهمس)، وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب 3/ 116، وشرح المفصل 10/ 116، والكتاب 4/ 396، ولسان العرب (عيا)، والمقتضب 1/ 182، والممتع في التصريف 2/ 579، والمنصف 2/ 190.
(2) البيتان لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص 138، وأدب الكاتب ص 68، والحيوان 3/ 189، وشرح أبيات سيبويه 2/ 430، وشرح شواهد الإيضاح ص 633، وشرح المفصل 10/ 115، وعيون الأخبار 2/ 85، ولسان العرب (حيا)، (عيا)، ولابن مفرغ الحميري في ملحق ديوانه ص 244، ولسلامة بن جندل في ملحق ديوانه ص 246، وبلا نسبة في الكتاب 4/ 396، والمقتضب 1/ 182، والمقرب 2/ 154، والممتع في التصريف 2/ 578، والمنصف 2/ 191، وفيه: «النعامة» بدل: «الحمامة».
(3) تقدم البيت مع تخريجه برقم 131.(1/206)
وهي لغة لأهل الحجاز ولغة العرب الكسر.
وقال {فإنّ حسبك الله [الآية 62] لأنّ «حسبك» اسم.
وقال} {ما لكم مّن وليتهم مّن شىء [الآية 72] وهو في الولاء. وأمّا في السلطان ف «الولاية» ولا أعلم كسر الواو في الأخرى إلا لغة.
وقال} والّذين ءامنوا من بعد وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم [الآية 75] فجعل الخبر بالفاء كما تقول: «الذي يأتيني فله درهمان» فتلحق الفاء لما صارت في معنى المجازاة.(1/207)
ومن سورة براءة
وقال {وأذن مّن الله ورسوله [الآية 3]} {أنّ الله برىء مّن المشركين [الآية 3] أي: بأنّ الله بريء وكذلك} {وأنّ الله مخزى الكفرين [الآية 2] أي: بأن الله.
وقال} {فإذا انسلخ الأشهر الحرم [الآية 5] فجمع على أدنى العدد لأن معناها «الأربعة» وذلك أن «الأشهر» إنما تكون إذا ذكرت معها «الثلاثة» إلى «العشرة» فإذا لم تذكر «الثلاثة» إلى «العشرة» فهي «الشّهور».
وقال} {واقعدوا لهم كلّ مرصد [الآية 5] وألقى «على». وقال الشاعر:
[الوافر]} نغالي اللّحم للأضياف نيئا ... ونبذله إذا نضج القدور (1)
أراد: نغالى باللحم.
وقال {وإن أحد مّن المشركين استجارك [الآية 6] فابتدأ بعد «إن»، وإن يكون رفع أحدا على فعل مضمر أقيس الوجهين لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها. إلا أنهم قد قالوا ذلك في «إن» لتمكنها وحسنها إذا وليتها الأسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ كما قال الشاعر: [البسيط]} عاود هراة وإن معمورها خربا (2)
وقال الآخر: [الكامل] 224لا تجزعي إن منفسا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (3)
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 56.
(2) تقدم الشطر مع تخريجه برقم 178.
(3) البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص 72، وتخليص الشواهد ص 499، وخزانة الأدب 1/ 314، 321، 11/ 36، وسمط اللآلي ص 468، وشرح أبيات سيبويه 1/ 160، وشرح شواهد المغني 1/ 472، 2/ 829، وشرح المفصل 2/ 38، والكتاب 1/ 134، ولسان العرب (نفس)، (خلل)، والمقاصد النحوية 2/ 535، وبلا نسبة في الأزهية ص 248، والأشباه والنظائر 2/(1/208)
وقد زعموا أن قول الشاعر: [الطويل] 225أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع (1)
لا ينشد إلّا رفعا وقد سقط الفعل على شيء من سببه. وهذا قد ابتدىء بعد «إن» وإن شئت جعلته رفعا بفعل مضمر.
وقال {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلّا الّذين
[الآية 7] فهذا استثناء خارج من أول الكلام. و} {الّذين في موضع نصب.
وقال} {كيف وأن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم [الآية 8] فأضمر كأنه قال «كيف لا تقتلونهم» والله أعلم.
وقال} {وإن نّكثوا أيمنهم مّن بعد عهدهم [الآية 12] قال} {فقتلوا أئمّة الكفر [الآية 12] فجعل الهمزة ياء لأنها في موضع كسر وما قبلها مفتوح ولم يهمز لاجتماع الهمزتين. ومن كان من رأيه جمع الهمزتين همز.
وقال} {وهمّوا بإخراج الرّسول [الآية 13] لأنك تقول «هممت بكذا» و «أهمّني كذا».
وقال} فى مواطن كثيرة [الآية 25] لا تنصرف. وكذلك كل جمع ثالث حروفه ألف وبعد الألف حرف ثقيل أو اثنان خفيفان فصاعدا فهو لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة نحو «محاريب» و «تماثيل» و «مساجد» وأشباه ذلك إلا أن يكون في آخره الهاء فإن كانت في آخره الهاء انصرف في النكرة نحو «طيالسة» و «صياقلة». وإنما منع العرب من صرف هذا الجمع أنه مثال لا يكون للواحد ولا يكون إلّا للجمع والجمع أثقل من الواحد. فلما كان هذا المثال لا يكون إلّا للأثقل
__________
151، والجنى الداني ص 72، وجواهر الأدب ص 67، وخزانة الأدب 3/ 32، 9/ 41، 43، 44، والرد على النحاة ص 114، وشرح الأشموني 1/ 188، وشرح ابن عقيل ص 264، وشرح قطر الندى ص 195، ولسان العرب (عمر)، ومغني اللبيب 1/ 166، 403، والمقتضب 2/ 76.
(1) البيت لزيد بن رزين في جواهر الأدب ص 325، وشرح شواهد المغني 1/ 436، وله أو لرجل من محارب في ذيل أمالي القالي ص 105، وذيل سمط اللآلي ص 49، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 248، وخزانة الأدب 10/ 144، وتاج العروس (عنن)، والدرر 4/ 107، وشرح الأشموني 2/ 295، وشرح التصريح 2/ 16، والمحتسب 1/ 281، ومغني اللبيب 1/ 149، وهمع الهوامع 2/ 22.(1/209)
لم يصرف. وأما الذي في آخره الهاء فانصرف لأنها منفصلة كأنها اسم على حيالها.
والانصراف إنما يقع في آخر الاسم فوقع على الهاء فلذلك انصرف فشبه ب «حضرموت» و «حضرموت» مصروف في النكرة.
وقال {وإن خفتم عيلة [الآية 28] وهو «الفقر» تقول: «عال» «يعيل» «عيلة» أي: «افتقر». و «أعال» «إعالة»: إذا صار صاحب عيال. و «عال عياله» و «هو يعولهم» «عولا» و «عيالة». وقال} {ذلك أدنى أن لا تعولوا [النساء: 3] أي:
ألّا تعولوا العيال. و «أعال الرجل» «يعيل» إذا صار ذا عيال.
وقال} {وقالت اليهود عزير ابن الله [الآية 30] وقد طرح بعضهم التنوين وذلك رديء لأنه إنما يترك التنوين إذا كان الاسم يستغني عن الابن وكان ينسب إلى اسم معروف. فالاسم ها هنا لا يستغني. ولو قلت «وقالت اليهود عزير» لم يتم كلاما إلا أنه قد قرىء وكثر وبه نقرأ على الحكاية كأنهم أرادوا «وقالت اليهود نبيّنا عزير ابن الله».
وقال} {ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره [الآية 32] لأن} {أن يتمّ اسم كأنه «يأبى الله إلّا إتمام نوره».
وقال} {يكنزون الذّهب والفضّة [الآية 34] ثم قال} {يحمى عليها فى نار جهنّم [الآية 35] فجعل الكلام على الآخر. وقال الشاعر: [المنسرح]} نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف (1)
وقال {إنّما النّسىء زيادة فى الكفر [الآية 37] وهو التأخير. وتقول «أنسأته الدّين» إذا جعلته إليه يؤخره هو. و: «نسأت عنه دينه» أي: أخّرته عنه.
وإنما قلت: «أنسأته الدّين» لأنّك تقول: «جعلته له يؤخره» و «نسأت عنه دينه» «فأنا أنسؤه» أي: أؤخّره. وكذلك «النّساء في العمر» يقال: «من سرّه النّساء في العمر»، ويقال «عرق النّسا» غير مهموز.
وقال} {لّيواطئوا [الآية 37] لأنّها من «واطأت» ومثله} {هي أشد وطئا
[المزمل: 6] أي: مواطأة، وهي المواتاة وبعضهم قال (وطءا) أي: قياما.
وقال} اثّاقلتم إلى الأرض [الآية 38] لأنّه من «تثاقلتم» فأدغم التاء في الثاء فسكنت فأحدث لها ألفا ليصل إلى الكلام بها.
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 60.(1/210)
وقال {وكلمة الله هى العليا [الآية 40] لأنه لم يحمله على} {جعل
وحمله على الابتداء.
وقال} {ولكن كره الله انبعاثهم [الآية 46] جعله من «بعثته» ف «انبعث» وسمعت من العرب من يقول: «لو دعينا لاندعينا». وتقول: «انبعث انبعاثا» أي:
«بعثته» ف «انبعث انبعاثا» وتقول: «انقطع به» إذا تكلم فانقطع به ولا تقول «قطع به».
وقال} {انفروا خفافا وثقالا [الآية 41] في هذه الحال. إن شئت (انفروا) في لغة من قال «ينفر» وإن شئت (انفروا).
وقال} {عفا الله عنك لم أذنت لهم [الآية 43] لأنّه استفهام أي: «لأيّ شيء».
وقال} {لو يجدون ملجا أو مغرت أو مدّخلا [الآية 57] لأنه من «ادّخل» «يدّخل» وقال بعضهم (مدخلا) جعله من «دخل» «يدخل» وهي فيما أعلم أردأ الوجهين. ويذكرون أنها في قراءة أبي} [1] (مندخلا) أراد شيئا بعد شيء. وإنما قال {مغرت [الآية 57] لأنها من «أغار» فالمكان «مغار» قال الشاعر: [البسيط]} الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبحنا ربّي ومسّانا (2)
لأنّها من «أمسى» و «أصبح» وإذا وقفت على «ملجأ» قلت «ملجأا» لأنه نصب منون فتقف بالألف نحو قولك «رأيت زيدا».
وقال {ثانى اثنين [الآية 40] وكذلك «ثالث ثلاثة» وهو كلام العرب. وقد يجوز «ثاني واحد» و «ثالث اثنين» وفي كتاب الله} {ما يكون من نّجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم ولا خمسة إلّا هو سادسهم [المجادلة: 7]} {سيقولون ثلاثة رّابعهم كلبهم
[الكهف: 22] و} {خمسة سادسهم كلبهم [الكهف: الآية 22] و} {سبعة وثامنهم كلبهم [الكهف: الآية 22].
وقال} ومنهم مّن يلمزك [الآية 58] وقال بعضهم (يلمزك).
__________
(1) أبي: هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، من بني النجار، من الخزرج، صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، توفي سنة 21هـ (الأعلام 1/ 82).
(2) تقدم البيت مع تخريجه برقم 171.(1/211)
وقال {قل أذن خير لّكم [الآية 61] أي: هو أذن خير لا أذن شرّ.
وقال بعضهم (أذن خير لكم) والأولى أحسنهما لأنك لو قلت «هو أذن خير لكم» لم يكن في حسن (هو أذن خير لكم) وهذا جائز على أن تجعل (لكم) صفة «الأذن».
وقال} {ورحمة لّلّذين ءامنوا منكم [الآية 61] أي: وهو رحمة.
وقال} {ألم يعلموا أنّه من يحادد الله ورسوله فإنّ له [الآية 63] فكسر الألف لأن الفاء التي هي جواب المجازاة ما بعدها مستأنف.
وقال} {يحلفون بالله لكم ليرضوكم [الآية 62] و «سيحلفون بالله لكم ليرضوكم» ولا أعلمه إلّا على قوله «ليرضنّكم» كما قال الشاعر: [الطويل]} 226إذا قلت قدني قال بالله حلفة ... لتغني عنّي ذا أنائك أجمعا (1)
أي: لتغنينّ عني. وهو نحو {ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالأخرة
[الأنعام: الآية 113] أي: ولتصغينّ.
وقال} {فرح المخلّفون بمقعدهم خلف رسول الله [الآية 81] أي: مخالفة.
وقال بعضهم (خلف) و (خلاف) أصوبهما لأنهم خالفوا مثل «قاتلوا قتالا» ولأنه مصدر «خالفوا».
وقال} {وجآء المعذرون [الآية 90] خفيفة لأنها من «أعذروا» وقال بعضهم (المعذّرون) ثقيلة يريد: «المعتذرون» ولكنه أدغم التاء في الذال كما قال} {يخصّمون [يس: الآية 49] وبها نقرأ. وقد يكون (المعذرون) بكسر العين لاجتماع الساكنين وإنما فتح لأنه حول فتحة التاء عليها. وقد يكون أن تضم العين تتبعها الميم وهذا مثل (المردفين).
وقال} عليهم دائرة السّوء [الآية 98] كما تقول: «هذا رجل السّوء» وقال الشاعر: [الطويل]
__________
(1) البيت لحريث بن عتاب في خزانة الأدب 11/ 434، 435، 439، 441، 443، والدرر 4/ 217، ومجالس ثعلب ص 606، والمقاصد النحوية 1/ 354، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص 107، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 559، وشرح شواهد المغني 2/ 559، 830، وشرح المفصل 3/ 8، ومغني اللبيب 1/ 210، والمقرب 2/ 77، وهمع الهوامع 2/ 41.(1/212)
227 - وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما ... بصاحبة يوما أحار على الدّم (1)
وقد قرئت (دائرة السّوء) وذا ضعيف لأنك إذا قلت «كانت عليهم دائرة السوء» كان أحسن من «رجل السوء» ألا ترى أنك تقول: «كانت عليهم دائرة الهزيمة» لأنّ الرجل لا يضاف إلى السّوء كما يضاف هذا لأن هذا يفسر به الخير والشر كما نقول: «سلكت طريق الشر» و «تركت طريق الخير».
وقال {والسّبقون الأوّلون من المهجرين والأنصار [الآية 100] وقال بعضهم (والأنصار) رفع عطفه على قوله (والسّابقون) والوجه هو الجر لأن السابقين الأولين كانوا من الفريقين جميعا.
وقال} {هار فانهار به [الآية 109] فذكروا أنه من «يهور» وهو مقلوب وأصله «هائر» ولكن قلب مثل ما قلب «شاك السّلاح» وإنما هو «شائك».
وقال} {خذ من أمولهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها [الآية 103] فقوله} {وتزكّيهم بها [الآية 103] على الابتداء وإن شئت جعلته من صفة الصدقة ثم جئت بها توكيدا. وكذلك (تطهّرهم).
وقال} {يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين [الآية 61] أي: يصدقهم كما تقول للرجل «أنا ما يؤمن لي بأن أقول كذا وكذا» أي: ما يصدقني.
وقال} {أسّس على التّقوى من أوّل يوم أحقّ [الآية 108] يريد: «منذ أوّل يوم» لأن من العرب من يقول «لم أره من يوم كذا» يريد «منذ أوّل يوم» يريد به «من أوّل الأيّام» كقولك «لقيت كلّ رجل» تريد به «كلّ الرجال».
وقال} {وءاخرون مرجئون [الآية 106] لأنه من «أرجأت» وقال بعضهم (مرجون) في لغة من قال (أرجيت).
وقال} {ريبة فى قلوبهم إلّا أن تقطّع [الآية 110] و (تقطّع) في قول بعضهم وكل حسن.
وقال} {التّائبون العبدون [الآية 112] إلى رأس الآية ثم فسر} وبشّر
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 187، ولسان العرب (سوأ)، (حول)، والتنبيه والإيضاح 1/ 20، وتهذيب اللغة 5/ 246، وتاج العروس (سوأ)، (حول)، وبلا نسبة في لسان العرب (دمي)، وتاج العروس (دمي).(1/213)
{المؤمنين [الآية 223] لأن قوله والله أعلم} {التّئبون [الآية 112] إنما هو تفسير لقوله} {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم [الآية 111] ثم فسر فقال «هم التّائبون».
ثم قال} {ما كان للنّبىّ والّذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين [الآية 113] يقول «وما كان لهم استغفار للمشركين» وقال} {وما كان لنفس أن تؤمن إلّا بإذن الله [يونس: 100]. أي ما كان لها الإيمان إلا بإذن الله.
وقال} {إلّا عن مّوعدة وعدها إيّاه [الآية 114] يريد «إلّا من بعد موعدة» كما تقول: «ما كان هذا الشرّ إلّا عن قول كان بينكما» أي: عن ذلك صار.
وقال} {من بعد ما كاد يزيغ قلوب [الآية 117] وقال بعضهم (تزيغ) جعل في (كاد) و (كادت) اسما مضمرا ورفع القلوب على (تزيغ) وإن شئت رفعتها على (كاد) وجعلت (تزيغ) حالا وإن شئت جعلته مشبها ب «كان» فأضمرت في (كاد) اسما وجعلت (تزيغ قلوب) في موضع الخبر.
وقال} {وظنّوا أن لّا ملجأ [الآية 118] وهي هكذا إذا وقفت عليها ولا تقول (ملجأا) لأنه ليس ها هنا نون. ألا ترى أنك لو وقفت على «لا خوف» لم تلحق ألفا. وأمّا «لو يجدون ملجأا» فالوقف عليه بالألف لأن النصب فيه منون.
وقال} {وليجدوا فيكم غلظة [الآية 123] وبها نقرأ. وقال بعضهم (غلظة) وهما لغتان.
وقال} {أيّكم زادته هذه إيمنا [الآية 124] ف «أيّ» مرفوع بالابتداء لسقوط الفعل على الهاء فإن قلت: «ألا تضمر في أوله فعلا» كما قال} {أبشرا مّنّا وحدا
[القمر: الآية 24] فلأن قبل «بشر» حرف استفهام وهو أولى بالفعل و (أيّ) استغنى به عن حرف الاستفهام فلم يقع قبله شيء هو أولى بالفعل فصارت مثل قولك «زيد ضربته». ومن نصب «زيدا ضربته» في الخبر نصب «أيّ» ها هنا.
وقال} {نّظر بعضهم إلى بعض هل يراكم مّن أحد [الآية 127] كأنه قال «قال بعضهم لبعض» لأن نظرهم في هذا المكان كان إيماء أو شبيها به، والله أعلم.
وقال} {عزيز عليه ما عنتّم [الآية 128] جعل (ما) اسما و (عنتّم) من صلته.
وقال} خلطوا عملا صلحا وءاخر سيّئا [الآية 102] فيجوز في العربية أن تكون «بآخر» كما تقول: «استوى الماء والخشبة» أي: «بالخشبة» و «خلطت الماء واللّبن» أي «بالّلبن».(1/214)
ومن سورة يونس
قال {أنّ لهم قدم صدق [الآية 2] القدم ها هنا: التقديم، كما تقول: «هؤلاء أهل القدم في الإسلام» أي: الذين قدموا خيرا فكان لهم فيه تقديم.
وقال} {وقدّره منازل [الآية 5] ثقيلة فجعل (وقدّره) مما يتعدى إلى مفعولين كأنه «وجعله منازل». وقال} {جعل الشّمس ضيآء والقمر نورا [الآية 5] فجعل القمر هو النور كما تقول: «جعله الله خلقا» وهو «مخلوق» و «هذا الدرهم ضرب الأمير». وهو «مضروب». وقال} {وقولوا للنّاس حسنا [البقرة: الآية 83] فجعل الحسن هو المفعول كالخلق.
وقال} {وقدّره منازل [الآية 5] وقد ذكر الشمس والقمر كما قال} {والله ورسوله أحقّ أن يرضوه [التّوبة: الآية 62].
وقال} {كأن لّم يدعنآ إلى ضرّ مّسّه [الآية 12] و} {كأن لّم يلبثوا إلّا ساعة
[الآية 45] وهذا في الكلام كثير وهي «كأنّ» الثقيلة ولكنه أضمر فيها فخفف كما تخفف (أنّ) ويضمر فيها وإنما هي «كأنّه لم» وقال الشاعر: [الخفيف]} 228وي كأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (1)
وكما قال: [الهزج] 229وصدر مشرق النّحر ... كأن ثدياه حقّان (2)
__________
(1) البيت لزيد بن عمرو بن نفيل في خزانة الأدب 6/ 404، 408، 410، والدرر 5/ 305، وذيل سمط اللآلي ص 103، والكتاب 2/ 155، ولنبيه بن الحجاج في الأغاني 17/ 205، وشرح أبيات سيبويه 2/ 11، ولسان العرب (وا)، (ويا)، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 353، والخصائص 3/ 41، 169، وشرح الأشموني 2/ 486، وشرح المفصل 4/ 76، ومجالس ثعلب 1/ 389، والمحتسب 2/ 155، وهمع الهوامع 2/ 106.
(2) البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 197، وأوضح المسالك 1/ 318، وتخليص الشواهد ص 389، والجنى الداني ص 575، وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 2/ 199، وشرح الأشموني 1/ 147، وشرح التصريح 1/ 134، وشرح شذور الذهب ص 369،(1/215)
أي: كأنه ثدياه حقّان. وقال بعضهم «كأن ثدييه» فخففها وأعملها ولم يضمر فيها كما قال {إن كلّ نفس لّمّا عليها حافظ (4) [الطارق: 4] أراد معنى الثقيلة فأعملها كما يعمل الثقيلة ولم يضمر فيها.
وقال} {وما كان النّاس إلّآ أمّة وحدة [الآية 19] على خبر «كان» كما قال} {إن كانت إلّا صيحة وحدة [يس: الآية 29]. أي «إن كانت تلك إلا صيحة واحدة».
وقال} {يهديهم ربّهم بإيمنهم تجرى من تحتهم الأنهر [الآية 9] كأنه جعل} {تجرى مبتدأة منقطعة من الأول.
وقال} {حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم [الآية 22] وإنما قال} {وجرين بهم
[الآية 22] لأنّ (الفلك) يكون واحدا وجماعة. قال} {فى الفلك المشحون [الشّعراء:
الآية 119] وهو مذكر. وأما} {حتّى إذا كنتم فى الفلك [الآية 22] فجوابه قوله} {جآءتها ريح عاصف [الآية 22].
وأما قوله} {دّعوا الله [الآية 22] فجواب لقوله} {وظنّوا أنّهم أحيط بهم [الآية 22] وإنما قال} {بهم وقد قال} {كنتم لأنه يجوز أن تذكر غائبا ثم تخاطب إذا كنت تعنيه، وتخاطب ثم تجعله في لفظ غائب كقول الشاعر: [الطويل]} أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقليّة أن تقلّت (1)
وقال {إنّما بغيكم على أنفسكم مّتاع الحيوة الدّنيا [الآية 23] أي: وذلك متاع الحياة الدنيا، وأراد «متاعكم متاع الحياة الدّنيا».
وقال} {كمآء أنزلنه [الآية 24] يريد: كمثل ماء.
وقال} {وازّيّنت [الآية 24] يريد «وتزيّنت» ولكن أدغم التاء في الزاي لقرب المخرجين فلما سكن أولها زيد فيها وصل وقال} وازّيّنت ثقيلة «ازّيّنا» يريد المصدر وهو من «التزين» وإنما زاد الألف حين أدغم ليصل الكلام لأنه لا يبتدأ بساكن.
__________
وشرح ابن عقيل ص 197، وشرح قطر الندى ص 158، وشرح المفصل 8/ 82، والكتاب 2/ 135، 140، ولسان العرب (أنن)، والمقاصد النحوية 2/ 305، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143.
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 110.(1/216)
وقال {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلّة [الآية 26] لأنه من «رهق» «يرهق» «رهقا».
وقال} {فأتوا بسورة مّثله [الآية 38] وهذا والله أعلم «على مثل سورته» وألقى السورة كما قال} {واسئل القرية [يوسف: الآية 82] يريد «أهل القرية».
وقال} {جزآء سيّئة بمثلها [الآية 27] وزيدت الباء كما زيدت في قولك} {بحسبك قول السوء.
وقال} {كأنّمآ أغشيت وجوههم قطعا مّن الّيل مظلما [الآية 27] فالعين ساكنة لأنه ليس جماعة «القطعة» ولكنه «قطع» اسم على حياله. وقال عامّة الناس (قطعا) يريدون به جماعة «القطعة» ويقوي الأول قوله (مظلما) لأن «القطع» واحد فيكون «المظلم» من صفته. والذين قالوا «القطع» يعنون به الجمع وقالوا «نجعل مظلما» حالا ل «اللّيل». والأوّل أبين الوجهين.
وقال} {مكانكم أنتم وشركآؤكم [الآية 28] لأنه في معنى «انتظروا أنتم وشركاؤكم».
وقال} {هنالك تبلوا كلّ نفس مّآ أسلفت [الآية 30] أي: تخبر. وقال بعضهم (تتلو) أي: تتبعه.
وقال} {أمّن يملك السّمع والأبصر [الآية 31] فإن قلت «كيف دخلت (أم) على (من) فلأن (من) ليست في الأصل للاستفهام وإنما يستغنى بها عن الألف فلذلك أدخلت عليها (أم) كما أدخلت على (هل) حرف الاستفهام وإنما الاستفهام في الأصل الألف. و (أم) تدخل لمعنى لا بد منه. قال الشاعر:
[الطويل]} 230أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني ... على القتل أم هل لامني لك لائم (1)
وقال مّاذا يستعجل منه المجرمون [الآية 50] فإن شئت جعلت (ماذا) اسما بمنزلة (ما) وإن شئت جعلت (ذا) بمنزلة «الذي».
__________
(1) البيت للجحاف بن حكيم في الدرر 6/ 107، وشرح أبيات سيبويه 2/ 38، ولسان العرب (أمم)، والمؤتلف والمختلف ص 76، وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 277، 280، 316، والكتاب 3/ 176، ومغني اللبيب 2/ 381، وهمع الهوامع 2/ 133.(1/217)
وقال {ويستنبئونك أحقّ هو [الآية 53] كأنه قال «ويقولون أحقّ هو».
وقال} {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مّمّا يجمعون (58) [الآية 58] وقال بعضهم (تجمعون) أي: تجمعون يا معشر الكفار. وقال بعضهم (فلتفرحوا) وهي لغة العرب ردية لأن هذه اللام إنما تدخل في الموضع الذي لا يقدر فيه على «أفعل» يقولون: «ليقل زيد» لأنك لا تقدر على «أفعل». ولا تدخل اللام إذا كلمت الرجل فقلت «قل» ولم تحتج إلى اللام. وقوله} {فبذلك [الآية 58] بدل من قوله} {قل بفضل الله وبرحمته [الآية 58].
وقال} {وما يعزب عن رّبّك من مّثقال ذرّة فى الأرض ولا فى السّماء ولا أصغر من ذلك ولآ أكبر [الآية 61] أيّ: «ولا يعزب عنه أصغر من ذلك ولا أكبر» بالرفع.
وقال بعضهم (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) بالفتح أي: «ولا من أصغر من ذلك ولا من أكبر» ولكنه «أفعل» ولا ينصرف وهذا أجود في العربية وأكثر في القراءة وبه نقرأ.
وقال} {فأجمعوا أمركم وشركآءكم [الآية 71] وقال بعضهم (وشركاؤكم) والنصب أحسن لأنك لا تجري الظاهر المرفوع على المضمر المرفوع إلا أنه قد حسن في هذا للفصل الذي بينهما كما قال} {أءذا كنّا تربا وءابآؤنا [النمل: 67] فحسن لأنه فصل بينهما بقوله ترابا. وقال بعضهم (فأجمعوا) لأنّهم ذهبوا به إلى «العزم» لأنّ العرب تقول «أجمعت أمري» أي: أجمعت على أن أقول كذا وكذا. أي عزمت عليه. وبالمقطوع نقرأ.
وقال} {ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة [الآية 71] ف (يكن) جزم بالنهي.
وقال} {أتقولون للحقّ لمّا جآءكم أسحر هذا [الآية 77] على الحكاية لقولهم، لأنهم قالوا «أسحر هذا» فقال (أتقولون) (أسحر هذا).
وقال} {لتلفتنا [الآية 78] لأنّك تقول: «لفته» ف «أنا ألفته» «لفتا» أي: ألويه عن حقه.
وقال} {ما جئتم به السّحر [الآية 81] يقول: «الذي جئتم به السحر» وقال بعضهم (آلسّحر) بالاستفهام.
وقال} على خوف مّن فرعون وملإيهم [الآية 83] يعني ملأ الذرّيّة.(1/218)
وقال {ربّنا اطمس على أمولهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا [الآية 88] فنصبها لأن جواب الدعاء بالفاء نصب وكذلك في الدعاء إذا عصوا.
وقال} {ربّنا ليضلّوا عن سبيلك [الآية 88] أيّ: فضلّوا. كما قال} {فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا [القصص: [الآية 8] أي: فكان. وهم لم يلقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا وإنما لقطوه فكان فهذه اللام تجيء في هذا المعنى.
وقوله:} {فلا يؤمنوا [الآية 88] عطف على} {ليضلّوا [الآية 88].
وقال} {فاليوم ننجّيك ببدنك [الآية 92] وقال بعضهم (ننجيك) وقوله} {ببدنك [الآية 92] أي: لا روح فيه.
وقال بعضهم: (ننجّيك): نرفعك على نجوة من الأرض. وليس قولهم:
«أنّ البدن ها هنا» «الدرع» بشيء ولا له معنى.
وقال} {ولو جآءتهم كلّ ءاية [الآية 97] فأنث فعل الكل لأنه أضافه إلى الآية وهي مؤنثة.
وقال} {لأمن من فى الأرض كلّهم جميعا [الآية 99] فجاء بقوله} {جميعا
توكيدا، كما قال} {لا تتّخذوا إلهين اثنين [النّحل: الآية 51] ففي قوله} {إلهين
دليل على الاثنين.
وقال} {كذلك حقّا علينا ننج المؤمنين [الآية 103] يقول: «كذلك ننجي المؤمنين حقّا علينا».
وقال} وأن أقم وجهك للدّين حنيفا [الآية 105] أي: وأمرت أن أقم وجهك للدين.(1/219)
ومن سورة هود
قال {ألآ إنّهم يثنون صدورهم [الآية 5] وقال بعضهم (تثنوني صدورهم) جعله على «تفعوعل» مثل «تعجوجل» وهي قراءة الأعمش} [1].
وقال {إنّه لفرح فخور (10) إلّا الّذين صبروا [الآيتان 10و 11] فجعله خارجا من أوّل الكلام على معنى «ولكنّ» وقد فعلوا هذا فيما هو من أوّل الكلام فنصبوا. وقال الشاعر: [البسيط]} 231يا صاحبيّ ألا لا حيّ بالوادي ... إلّا عبيدا قعودا بين أوتاد (2)
فتنشده العرب نصبا.
وقال {ومن قبله كتب موسى إماما ورحمة [الآية 17] على خبر المعرفة.
وقال} {فلا تك فى مرية مّنه [الآية 17] وقال بعضهم (مرية) تكسر وتضم وهما لغتان.
وقال} {مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ [الآية 24] يقول «كمثل الأعمى والأصمّ».
وقال} {إلّا الّذين هم أراذلنا بادى الرّأى [الآية 27] أي: في ظاهر الرأي.
وليس بمهموز لأنّه من «بدا» «يبدو» أي: ظهر. وقال بعضهم (بادىء الرأي) أي:
فيما يبدأ به من الرأي.
وقال} قالوا ينوح قد جدلتنا فأكثرت جدلنا [الآية 32] وقال بعضهم (جدلنا) وهما لغتان.
__________
(1) الأعمش: هو سليمان بن مهران الأعمش، أبو محمد الأسدي الكوفي، ولد سنة 60هـ، وتوفي سنة 148هـ (غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 315).
(2) البيت لصخر الغي الهذلي في ديوانه ص 71، وشرح أشعار الهذليين ص 939، والمحتسب 2/ 292.(1/220)
وقال {قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين [الآية 40] فجعل الزوجين الضربين الذكور الإناث. وزعم يونس أن قول الشاعر: [الطويل]} 232وأنت امرؤ تعدو على كلّ غرّة ... فتخطىء فيها مرّة وتصيب (1)
يعني الذئب فهذا أشد من ذلك.
وقال {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرسها [الآية 41] إذا جعلت من «أجريت» و «أرسيت» وقال بعضهم (مجراها ومرساها) إذا جعلت من «جريت» وقال بعضهم (مجريها ومرسيها) لأنه أراد أن يجعل ذلك صفة لله عز وجل.
وقال} {ساوى إلى جبل يعصمنى [الآية 43] فقطع} {سآوي لأنّه «أفعل» وهو يعني نفسه.
وقال} {لا عاصم اليوم من أمر الله إلّا من رّحم [الآية 43] ويجوز أن يكون على «لا ذا عصمة» أي: معصوم ويكون} {إلّا من رّحم [الآية 43] رفعا بدلا من العاصم.
وقال} {إنّه عمل غير صلح [الآية 46] منوّن لأنه حين قال والله أعلم} {فلا تسئلن ما ليس لك به علم [الآية 46] كان في معنى «أن تسألني» فقال} {إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صلح فلا تسئلن ما ليس لك به علم وقال بعضهم (عمل غير صالح) وبه نقرأ.
وقال} {وأمم سنمتّعهم [الآية 48] رفع على الابتداء نحو قولك «ضربت زيدا وعمرو لقيته» على الابتداء.
وقال} {هذه ناقة الله لكم ءاية [الآية 64] نصب على خبر المعرفة.
وقال} ألآ إنّ ثمودا كفروا ربّهم [الآية 68] كتابها بالألف في المصحف وإنما صرفت لأنه جعل «ثمود» اسم الحي أو اسم أبيهم. ومن لم يصرف جعله اسم القبيلة. وقد قرىء هذا غير مصروف. وإنما قرىء منه مصروفا ما كانت فيه الألف. وبذلك نقرأ. وقد يجوز صرف هذا كله في جميع القرآن والكلام لأنه إذا كان اسم الحي أو الأب فهو اسم مذكر ينبغي أن يصرف.
__________
(1) البيت بلا نسبة في تاج العروس (مرأ)، ولسان العرب (مرأ).(1/221)
وقال {فبشّرنها بإسحق ومن ورآء إسحق يعقوب [الآية 71] رفع على الابتداء وقد فتح على} {وبيعقوب من وراء إسحاق ولكن لا ينصرف.
وقال} {قالت يويلتى ءألد وأنا عجوز [الآية 72] فإذا وقفت قلت (يا ويلتاه) لأن هذه الألف خفيفة وهي مثل ألف الندبة فلطفت من أن تكون في السكت وجعلت بعدها الهاء ليكون أبين لها وأبعد للصوت. وذلك أن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردد فيه فيكون أكثر وأبين. ولا تقف على ذا الحرف في القرآن كراهية خلاف الكتاب. وقد ذكر أنه يوقف على ألف الندبة فإن كان هذا صحيحا وقفت على الألف.
وقال} {وهذا بعلى شيخا [الآية 72] وفي قراءة ابن مسعود (شيخ) ويكون على أن تقول «هو شيخ» كأنه فسر بعد ما مضى الكلام الأول أو يكون أخبر عنهما خبرا واحدا كنحو قولك «هذا أخضر أحمر» أو على أن تجعل قولها (بعلي) بدلا من (هذا) فيكون مبتدأ ويصير «الشيخ» خبره وقال الشاعر: [الرجز]} من يك ذا بتّ فهذا بتّي ... مقيّظ مصيّف مشتّي (1)
وقال {فلمّا ذهب عن إبرهيم الرّوع [الآية 74] وهو الفزع. ويقال «أفرخ روعك» و «ألقي في روعي» أي: في خلدي. [ف] «الروع»: القلب والعقل.
و «الرّوع»: الفزع.
وقال} {هؤلآء بناتى هنّ أطهر لكم [الآية 78] رفع، وكان عيسى} [2] يقول (هنّ أطهر لكم) وهذا لا يكون إنما ينصب خبر الفعل الذي لا يستغني عن خبر إذا كان بين الاسم وخبره هذه الأسماء المضمرة التي تسمى الفصل يعني: «هي» و «هو» و «هنّ» وزعموا أن النصب قراءة الحسن أيضا.
وقال {فاتّقوا الله ولا تخزون فى ضيفى [الآية 78] لأنّ «الضيف»: يكون واحدا ويكون جماعة. تقول: «هؤلاء ضيفي» و «هذا ضيفي» كما تقول: «هؤلاء جنب» و «هذا جنب»، و «هؤلاء عدوّ» و «هذا عدوّ».
وقال} {لو أنّ لى بكم قوّة [الآية 80] وأضمر «لكان».
وقال} {إلّا امرأتك [الآية 81] يقول} {فأسر بأهلك [الآية 81]} إلّا
__________
(1) تقدم الرجز مع تخريجه برقم 22.
(2) عيسى: هو عيسى بن عمر الثقفي، تقدمت ترجمته.(1/222)
{امرأتك [الآية 81] نصب. وقال بعضهم (إلّا امرأتك) رفع وحمله على الالتفات.
أي لا يلتفت منكم إلا امرأتك.
وقال} {وأمطرنا عليها حجارة مّن سجّيل مّنضود (82) مّسوّمة [الآيتان 82و 83] نصب بالتنوين. ف «المنضود» من صفة «السّجّيل»، و «المسوّمة» من صفة «الحجارة» فلذلك انتصب.
وقال} {أصلوتك تأمرك أن نّترك ما يعبد ءابآؤنا أو أن نّفعل فى أمولنا ما نشؤا [الآية 87] يقول «أن نترك وأن نفعل في أموالنا ما نشاء» وليس المعنى «أصلواتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء» لأنه ليس بذا أمرهم. وقال بعضهم (تشاء) وذلك إذا عنوا شعيبا.
وقال} {منها قآئم وحصيد [الآية 100] يريد «ومحصود» ك «الجريح» و «المجروح».
وقال} {لا تكلّم نفس إلّا بإذنه [الآية 105] ومعناه «تتفعّل» فكان الأصل أن تكون «تتكلّم» ولكنهم استثقلوا اجتماع التاءين فحذفوا الآخرة منهما لأنها هي التي تعتل فهي أحقهما بالحذف، ونحو (تذكّرون) يسكنها الإدغام فإن قيل: «فهلا أدغمت التاء ها هنا في الذال وجعلت قبلها ألف وصل كما قلت: «اذّكّروا» فلأن هذه الألف إنما تقع في الأمر وفي كلّ فعل معناه «فعل» فأما «يفعل» و «تفعل» فلا.
وقال} {إن نّقول إلّا اعتراك بعض ءالهتنا [الآية 54] على الحكاية تقول: «ما أقول إلا»: «ضربك عمرو» و «ما أقول إلا»: «قام زيد».
وقال} {ومن خزى يومئذ [الآية 66] فأضاف (خزي) إلى «اليوم» فجره وأضاف «اليوم» إلى «إذ» فجره. وقال بعضهم (يومئذ) فنصب لأنه جعله اسما واحدا وجعل الإعراب في الآخر.
وقال} {نكرهم [الآية 70] لأنك تقول «نكرت الرجل» و «أنكرته».
وقال} {وما زادوهم غير تتبيب [الآية 101] لأنّه مصدر «تبّبوهم» «تتبيبا».
وقال} {إلى أمّة مّعدودة [الآية 8] و «الأمّة»: الحين كما قال (وادّكر بعد أمّة).
وقال} من كان يريد الحيوة الدّنيا وزينتها نوفّ [الآية 115] ف (كان) في
موضع جزم وجوابها (نوفّ).(1/223)
وقال {من كان يريد الحيوة الدّنيا وزينتها نوفّ [الآية 115] ف (كان) في
موضع جزم وجوابها (نوفّ).
وقال} {أفمن كان على بيّنة مّن رّبّه ويتلوه شاهد مّنه [الآية 17] وأضمر الخبر.
وقال} {فالنّار موعده [الآية 17] فجعل النار هي الموعد وإنما الموعد فيها كما تقول العرب: «الليلة الهلال» ومثلها} {إنّ موعدهم الصّبح [الآية 81].
وقال} {وغيض المآء [الآية 44] لأنك تقول «غضته» ف «أنا أغيضه» وتقول:
«غاضته الأرحام» ف «هي تغيضه» وقال} {وما تغيض الأرحام [الرّعد: الآية 8]. وأما} {الجوديّ [الآية 44] فثقل لأنها ياء النسبة فكأنه أضيف إلى «الجود» كقولك:
«البصريّ» و «الكوفيّ».
وقال} {وأنّ كلّا [الآية 111] ثقيلة وقال أهل المدينة (وإن كلّا) خففوا (إن) وأعملوها كما تعمل «لم يك» وقد خففتها من «يكن»} {لّمّا ليوفّينّهم ربّك أعملهم
[الآية 111] فاللام التي مع (ما) هي اللام التي تدخل بعد «أن» واللام الآخرة للقسم.
وقال} {ولا تطغوا [الآية 112] من «طغوت» «تطغا» مثل «محوت» «تمحا».
وقال} {ولا تركنوا [الآية 113] لأنها من «ركن» «يركن» وإن شئت قلت «ولا تركنوا» وجعلتها من «ركن» «يركن».
وقال} {طرفى النّهار [الآية 114] فحرّك الياء لأنها ساكنة لقيها حرف ساكن لأن أكثر ما يحرّك الساكن بالكسر نحو} {صاحبي السّجن [يوسف: 39و 41].
وقال} {وزلفا مّن الّيل [الآية 114] لأنها جماعة تقول «زلفة» و «زلفات» و «زلف».
وقال} {وكلّا نّقصّ عليك من أنبآء الرّسل [الآية 120] على: «نقص} {ما نثبّت به فؤادك [الآية 120] (كلّا)».
وقال} {وتوكّل عليه وما ربّك بغفل عمّا يعملون [الآية 123] إذا لم يجعل النبيّ صلى الله عليه فيهم وقال بعضهم (تعملون) لأنه عنى النبيّ صلى الله عليه معهم أو قال له «قل لهم} وما ربّك بغفل عمّا تعملون [الآية 123]».(1/224)
سورة يوسف
قال {إذ رودتّنّ يوسف عن نّفسه [يوسف: الآية 51] وقال بعض أهل العلم:
«إنهن راودنه لا امرأة الملك» وقد يجوز وإن كانت واحدة أن تقول (راودتنّ) كما تقول} {إنّ النّاس قد جمعوا لكم [آل عمران: الآية 173] وهذا ها هنا واحد يعني بقوله (لكم) النبيّ صلى الله عليه و (الناس) «أبا سفيان» فيما ذكروا.
وقال} {وهمّ بها [الآية 24] فلم يكن همّ بالفاحشة ولكن دون ذلك مما لا يقطع الولاية.
وقال} {بما أوحينا إليك [الآية 3] يقول} {نقصّ عليك [الأعراف: الآية 101] بوحينا} {إليك هذا القرءان [الآية 3] وجعل (ما) اسما للفعل وجعل (أوحينا) صلة.
وقال} {إنّى رأيت أحد عشر كوكبا والشّمس والقمر رأيتهم لى سجدين [الآية 4] فكرر الفعل وقد يستغني بأحدهما. وهذا على لغة الذين قالوا «ضربت زيدا ضربته» وهو توكيد مثل (فسجد الملائكة كلّهم أجمعون) وقال بعضهم (أحد عشر) وأسكن العين وكذلك (تسعة عشر) إلى العشرين لما طال الاسم وكثرت متحركاته أسكنوا.
ولم يسكنوا في قولهم «اثني عشر» و «اثنتا عشرة» للحرف الساكن الذي قبل العين وحركة العين في هذا كله هو الأصل.
وأمّا قوله} {رأيتهم لى سجدين [الآية 4] فإنه لما جعلهم كمن يعقل في السجود والطواعية جعلهم كالأنس في تذكيرهم إذا جمعهم كما قال} {علّمنا منطق الطّير [النّمل: الآية 16]. وقال الشاعر: [الخفيف]} 233صدّها منطق الدّجاج عن القصد ... وضرب الناقوس فاجتنبا (1)
وقال {يأيّها النّمل ادخلوا مسكنكم [النّمل: الآية 18] إذ تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال} {فى فلك يسبحون [الأنبياء: الآية 33] لما جعلهم يطيعون شبههم بالانس مثل ذلك} قالتآ أتينا طآئعين [فصّلت: الآية 11] على هذا القياس إلا
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/225)
أنه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنما قال {طائعين
لأنهما أتتا وما فيهما فتوهم بعضهم «مذكّرا» أو يكون كما قال} {واسئل القرية
[يوسف: الآية 82] وهو يريد أهلها. وكما تقول «صلى المسجد» وأنت تريد أهل المسجد إلّا أنّك تحمل الفعل على الآخر، كما قالوا: «اجتمعت أهل اليمامة» وقال} {ومن ءايته الّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا لله الّذى خلقهنّ [فصّلت: الآية 37] لأن الجماعة من غير الانس مؤنثة. وقال بعضهم «للّذي خلق الآيات» ولا أراه قال ذلك إلا لجهله بالعربية. قال الشاعر:
[البسيط]} 234إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته ... إلى الصياح وهم قوم معازيل (1)
فجعل «الدجاج» قوما في جواز اللغة. وقال الآخر وهو يعني الذيب:
[الطويل] وأنت امرؤ تعدو على كلّ غرّة ... فتخطىء فيها مرّة وتصيب (2)
وقال الآخر: [الرجز] 235فصبّحت والطّير لم تكلّم ... جابية طمّت بسيل مفعم (3)
وقال {فيكيدوا لك كيدا [الآية 5] أي: فيتخذوا لك كيدا. وليست مثل} {إن كنتم للرؤيا تعبرون. أراد أن يوصل الفعل إليها باللام كما يوصل ب «إلى» كما تقول: «قدّمت له طعاما» تريد: «قدّمت إليه». وقال} {يأكلن ما قدّمتم لهنّ [يوسف:
الآية 48] ومثله} {قل الله يهدى للحقّ [يونس: الآية 35] وإن شئت كان} {فيكيدوا لك كيدا [الآية 5] في معنى «فيكيدوك» وتجعل اللام مثل} {لربّهم يرهبون [الأعراف:
الآية 154] وقوله} {لربّهم يرهبون [الأعراف: الآية 154] إنّما هو: «لمكان ربّهم يرهبون».
وقال} {أو اطرحوه أرضا يخل لكم [الآية 9] وليس الأرض ها هنا بظرف.
ولكن حذف منها «في» ثم أعمل فيها الفعل كما تقول «توجّهت مكّة».
وقال} ونحن عصبة [الآية 8] و «العصبة» و «العصابة» جماعة ليس لها واحد ك «القوم» و «الرّهط».
__________
(1) البيت لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص 79، ولسان العرب (عزل)، وتاج العروس (عزل).
(2) تقدم البيت مع تخريجه برقم 232.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (طمم)، (فعم)، (كلم)، وتاج العروس (فعم).(1/226)
وقال {بدم كذب [الآية 18] فجعل «الدّم» «كذبا» لأنه كذب فيه كما تقول «الليلة الهلال» فترفع وكما قال} {فما ربحت تّجرتهم [البقرة: الآية 16].
وقال} {وجآءت سيّارة فأرسلوا واردهم [الآية 19] فذكّر بعد ما أنّث لأنّ «السيّارة» في المعنى للرجال.
وقال} {معاذ الله إنّه ربّى [الآية 23] أي: أعوذ بالله معاذا. جعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر وإن كان غير مستعمل مثل «سبحان» وبعضهم يقول «معاذة الله» ويقول «ما أحسن معناة هذا الكلام» يريد المعنى.
وقال} {إلّا أن يسجن أو عذاب أليم [الآية 25] يقول «إلّا السجن أو عذاب أليم» لأن «أن» الخفيفة وما عملت فيه اسم بمنزلة «السّجن».
وقال} {وليكونا مّن الصّغرين [الآية 32] فالوقف عليها (وليكونا) لأن النون الخفيفة إذا انفتح ما قبلها فوقفت عليها جعلتها ألفا ساكنة بمنزلة قولك «رأيت زيدا» ومثله} {لنسفعا بالناصية [العلق: 96] الوقف عليها (لنسفعا).
وقال} {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الأيت ليسجننّه حتّى حين (35) [الآية 35] فأدخل النون في هذا الموضع لأن هذا موضع تقع فيه «أي» فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه، دخلته النون لأن النون تكون في الاستفهام، تقول «بدا لهم أيّهم يأخذون» أي استبان لهم.
وقال} {وما نحن بتأويل الأحلم بعلمين [الآية 44] فإحدى الباءين أوصل بها الفعل إلى الاسم والأخرى دخلت ل «ما» وهي الآخرة.
وقال} {وادّكر بعد أمّة [الآية 45] وإنما هي «افتعل» من «ذكرت» فأصلها «اذتكر»، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان، وأرادوا أن يدغموا والأول حرف مجهور وإنما يدخل الأول في الآخر والآخر مهموس، فكرهوا أن يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مذّكر) فأبدل التاء ذالا ثم أدخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية} أن يصلحا بينهما صلحا [النّساء: الآية 128] وهي «أن يفتعلا» من «الصلح» فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والاطباق. فأبدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يصطلحا) وهي الجيدة. لما لم يقدر على إدغام الصاد في التاء
حوّل في موضع التاء حرف مطبق.(1/227)
وقال {وادّكر بعد أمّة [الآية 45] وإنما هي «افتعل» من «ذكرت» فأصلها «اذتكر»، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان، وأرادوا أن يدغموا والأول حرف مجهور وإنما يدخل الأول في الآخر والآخر مهموس، فكرهوا أن يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مذّكر) فأبدل التاء ذالا ثم أدخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية} {أن يصلحا بينهما صلحا [النّساء: الآية 128] وهي «أن يفتعلا» من «الصلح» فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والاطباق. فأبدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يصطلحا) وهي الجيدة. لما لم يقدر على إدغام الصاد في التاء
حوّل في موضع التاء حرف مطبق.
وقال} {ثمّ استخرجها من وعآء أخيه [الآية 76] فأنث وقال} {ولمن جآء به حمل بعير [الآية 72] لأنّه عنى ثمّ «الصّواع» و «الصّواع» مذكّر، ومنهم من يؤنّث «الصّواع» و «عنى» ها هنا «السّقاية» وهي مؤنثة. وهما اسمان لواحد مثل «الثّوب» و «الملحفة» مذكّر ومؤنّث لشيء واحد.
وقال} {خلصوا نجيّا [الآية 80] فجعل «النجيّ» للجماعة مثل قولك: «هم لي صديق».
وقال} {يأسفى على يوسف [الآية 84] فإذا سكت ألحقت في آخره الهاء لأنها مثل ألف الندبة.
وقال} {تالله تفتؤا تذكر يوسف [الآية 85] فزعموا أنّ (تفتأ) «تزال» فلذلك وقعت عليه اليمين كأنهم قالوا: «والله ما تزال تذكر يوسف».
وقال} {لا تثريب عليكم اليوم [الآية 92] (اليوم) وقف ثم استأنف فقال} {يغفر الله لكم [الآية 92] فدعا لهم بالمغفرة مستأنفا.
وقال} {قال كبيرهم [الآية 80] فزعموا أنه أكبرهم في العقل لا في السن.
وإنما قال} عسى الله أن يأتينى بهم جميعا [الآية 83] لأنه عنى الذي تخلف عنهم معهما وهو كبيرهم في العقل.(1/228)
سورة الرعد
قال {كلّ يجرى [الآية 2] يعني كلّه كما تقول «كلّ منطلق» أي: كلّهم.
وقال} {روسى [الآية 3] فواحدتها «راسية».
وقال} {تسقى بماء واحد [الآية 4] فهذا التأنيث على «الجنّات» وإن شئت على «الأعناب 2» لأنّ «الأعناب» جماعة من غير الإنس فهي مؤنثة إلّا أنّ بعضهم قرأها (يسقى بماء واحد) فجعله على الأعناب كما ذكر «الأنعام» فقال} {مّمّا فى بطونه
[النّحل: الآية 66] ثم أنث بعد فقال} {وعليها وعلى الفلك تحملون (22) [المؤمنون: الآية 22] فمن قال (يسقى) بالياء جعل «الأعناب» مما يؤنّث ويذكّر مثل «الأنعام».
وقال} {أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد [الآية 5] وفي موضع آخر} {أءذا كنّا تربا وءاباؤنا أئنّا لمخرجون [النمل: 67] فالآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام والأول حرف، كما تقول «أيوم الجمعة زيد منطلق». ومن أوقع استفهاما آخر جعل قوله} {أإذا متنا وكنا ترابا ظرفا لشيء مذكور قبله، ثم جعل هذا الذي استفهم عنه استفهاما آخر وهذا بعيد. وإن شئت لم تجعل في قولك (أإذا) استفهاما وجعلت الاستفهام في اللفظ على «أإنّا»، كأنك قلت «يوم الجمعة أعبد الله منطلق» وأضمرت فيه. فهذا موضع قد ابتدأت فيه «إذا» وليس بكثير في الكلام ولو قلت «اليوم إنّ عبد الله منطلق» لم يحسن وهو جائز. وقد قالت العرب «ما علمت إنّه لصالح» يريد: إنّه لصالح ما علمت.
وقال} {مستخف بالّيل وسارب بالنّهار [الآية 10] فقوله} {مستخف [الآية 10] يقول: ظاهر. و «السارب»: المتواري. وقد قرئت (أخفيها) أي: أظهرها لأنّك تقول «خفيت السّرّ» أي: أظهرته وأنشد: [المتقارب]} 236إن تكتموا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد (1)
__________
(1) البيت لامرىء القيس في ديوانه ص 186، ولسان العرب (خفا)، وتاج العروس (خفي)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة 7/ 595.(1/229)
والضم أجود. وزعموا أنّ تفسير (أكاد): أريد وأنّها لغة لأن «أريد» قد تجعل مكان «أكاد» مثل {جدارا يريد أن ينقضّ [الكهف: الآية 77] أي: «يكاد أن ينقضّ» فكذلك «أكاد» إنّما هي: أريد. وقال الشاعر: [الكامل]} 237كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى (1)
وأمّا «المعقّبات» فإنما أنّثت لكثرة ذلك منها نحو «النّسّابة» و «العلّامة» ثم ذكر لأن المعنى مذكر فقال {يحفظونه من أمر الله [الآية 11].
وقال} {بالغدوّ والأصال [الآية 205] و} {بالعشي والإبكار [آل عمران: 41 وغافر: 55] فجعل «الغدوّ» يدل على الغداة وإنما «الغدوّ» فعل، وكذلك «الإبكار» إنما هو من «أبكر» «إبكارا». والذين قالوا (الأبكار) احتجوا بأنهم جمعوا «بكرا» على «أبكار». و «بكر» لاتجمع لأنه اسم ليس بمتمكن وهو أيضا مصدر مثل «الإبكار». فأما الذين جمعوا فقالوا إنما جمعنا «بكرة» و «غدوة». ومثل «البكرة» و «الغدوة» لا يجمع هكذا. لا تجيء «فعلة» و «أفعال» وإنما تجيء «فعلة» و «فعل».
وقال} {أم جعلوا لله شركاء [الآية 16] فهذه «أم» التي تكون منقطعة من أول الكلام.
وقال} {سالت أودية بقدرها [الآية 17] تقول: «أعطني قدر شبر» و «قدر شبر» وتقول: «قدرت» و «أنا أقدر» «قدرا» فأما المثل ففيه «القدر» و «القدر».
وقال} {أو متع زبد مّثله [الآية 17] يقول: «ومن ذلك الذي يوقدون عليه زبد مثله» يقول: «ومن ذلك الذي يوقدون عليه زبد مثل هذا».
وقال} {يدخلون عليهم مّن كلّ باب (23) سلم عليكم [الآيتان 23و 24] أي:
يقولون «سلام عليكم».
وقال} {طوبى لهم وحسن مآب [الآية 29] ف (طوبى) في موضع رفع يدلك
__________
(1) يروى عجز البيت بلفظ:
} لو عاد من عصر الشبيبة ما مضى
والبيت بلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 331، ولسان العرب (كيد)، والمحتسب 2/ 31.(1/230)
على ذلك رفع (وحسن مآب) وهو يجري مجرى «ويل لزيد» لأنك قد تضيفهما بغير لام تقول «طوباك» ولو لم تضفها لجرت مجرى «تعسا لزيد». وإن قلت:
«لك طوبى» لم يحسن كما لا تقول: «لك ويل».
وقال أفمن هو قائم على كلّ نفس بما كسبت وجعلوا لله شركآء [الآية 33] فهذا في المعنى «أفمن هو قائم على كل نفس مثل شركائهم»، وحذف فصار (وجعلوا لله شركاء) يدل عليه.(1/231)
ومن سورة إبراهيم
قال {يستحبّون الحيوة الدّنيا على الأخرة [الآية 3] فأوصل الفعل ب «على» كما قالوا «ضربوه في السيف» يريدون «بالسيف». وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها وتحذف نحو قول العرب: «نزلت زيدا» تريد «نزلت عليه».
وقال} {ومن ورائه [الآية 17] أي: من أمامه. وإنما قال (وراء) أي: إنه وراء ما هو فيه كما تقول للرجل: «هذا من ورائك» أي: «سيأتي عليك» و «هو من وراء ما أنت فيه» لأنّ ما أنت فيه قد كان مثل ذلك فهو وراؤه. وقال} {وكان وراءهم مّلك [الكهف: الآية 79] في هذا المعنى. أي: كان وراء ما هم فيه.
وقال} {مّثل الّذين كفروا [الآية 18] كأنه قال: «وممّا نقصّ عليكم مثل الذين كفروا» ثم أقبل يفسر كما قال} {مّثل الجنّة الّتى وعد المتّقون [الرّعد: الآية 35] وهذا كثير.
وقال} {إلّا أن دعوتكم [الآية 22] وهذا استثناء خارج كما تقول: «ما ضربته إلّا أنّه أحمق» وهو الذي في معنى «لكنّ».
وقال} {ومآ أنتم بمصرخىّ [الآية 22] فتحت ياء الإضافة لأن قبلها ياء الجميع الساكنة التي كانت في «مصرخيّ» فلم يكن من حركتها بدّ لأن الكسر من الياء.
وبلغنا أن الأعمش} [1] قال (بمصرخيّ) فكسر وهذه لحن لم نسمع بها من أحد من العرب ولا أهل النحو.
وقال {ضرب الله مثلا كلمة طيّبة [الآية 24] منصوبة على (ضرب) كأنه قال «وضرب الله كلمة طيّبة مثلا».
وقال} {لّا بيع فيه ولا خلل [الآية 31] وفي موضع آخر} ولا خلّة [البقرة:
الآية 254] وإنّما «الخلال» لجماعة «الخلّة» كما تقول: «جلّة» و «جلال»، و «قلّة» و «قلال». وقال الشاعر: [المتقارب]
__________
(1) الأعمش: هو سليمان بن مهران، تقدمت ترجمته.(1/232)
وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب (1)
ولو شئت جعلت «الخلال» مصدرا لأنها من «خاللت» مثل «قاتلت» ومصدر هذا لا يكون إلا «الفعال» أو «المفاعلة».
وقال {وءاتاكم مّن كلّ ما سألتموه [الآية 34] أي: «آتاكم من كلّ شيء سألتموه شيئا» وأضمر الشيء كما قال} {وأوتيت من كل شيء أي: «أوتيت من كلّ شيء في زمانها شيئا» قال بعضهم: «إنما ذا على التكثير» نحو قولك: «هو يعلم كلّ شيء» و «أتاه كلّ الناس» وهو يعني بعضهم. وكذلك} {فتحنا عليهم أبوب كلّ شيء [الأنعام: الآية 44]. وقال بعضهم: «ليس من شيء إلّا وقد سأله بعض الناس فقال} {وءاتاكم مّن كلّ ما سألتموه [الآية 34] أي: من كل ما سألتموه قد آتى بعضكم منه شيئا وآتى آخر شيئا مما قد سأل».
وكذلك قال} {إنّى أسكنت من ذرّيّتى بواد [الآية 37] يقول: «أسكنت من ذرّيّتي أناسا» ودخلت الباء على «واد» كما تقول: «هو بالبصرة» و «هو في البصرة».
ونون بعضهم} {من كلّ [الآية 34] يقول} {من كلّ ثم قال «لم تسألوه إيّاه» كما تقول: «قد سألتك من كلّ» و «قد جاءني من كلّ» لأنّ «كلّ» قد تفرد وحدها.
وقال} {تؤتى أكلها [الآية 25] ومثل ذلك} {أكلها دائم [الرعد: 35] و «الأكل» هو: «الطعام» و «الأكل» هو: «الفعل».
وقال} {تهوى إليهم [الآية 37] زعموا أنه في التفسير «تهواهم».
ونصب} {مهطعين [الآية 43] على الحال وكذلك} {مقنعى [الآية 43] كأنه قال: «تشخص أبصارهم مهطعين» وجعل «الطرف» للجماعة كما قال} {سيهزم الجمع ويولّون الدّبر (45) [القمر: الآية 45].
وقال} {مخلف وعده رسله [الآية 47] فأضاف إلى الأول ونصب الآخر على الفعل، ولا يحسن أن نضيف إلى الآخر لأنه يفرق بين المضاف والمضاف إليه وهذا لا يحسن. ولا بد من إضافته لأنه قد ألقى الألف ولو كانت «مخلفا» نصبهما جميعا وذلك جائز في الكلام. ومثله «هذا معطي زيد درهما» و «معط زيدا درهما».
وواحد} الأصفاد [الآية 49] صفد.
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 25.(1/233)
ومن سورة الحجر
قال {رّبما يودّ الّذين كفروا [الآية 2] وأدخل مع «ربّ» (ما) ليتكلم بالفعل بعدها. وإن شئت جعلت (ما) بمنزلة «شيء» فكأنك قلت: «وربّ شيء يودّ» أي:
«ربّ ودّ يودّه الذين كفروا».
وقال} {إلّا من استرق السّمع [الآية 18] استثناء خارج كما قال «ما أشتكي إلّا خيرا» يريد «أذكر خيرا».
وقال} {وأرسلنا الرّيح لوقح [الآية 22] فجعلها على «لاقح» كأن الرياح لقحت لأن فيها خيرا فقد لقحت بخير. وقال بعضهم «الرّياح تلقح السّحاب» فقد يدل على ذلك المعنى لأنها إذا أنشأته وفيها خير وصل ذلك إليه.
وقال} {ربّ بما أغويتنى [الآية 39] يقول: «بإغوائك إيّاي»} {لأزيّننّ لهم
[الآية 39] على القسم كما تقول: «بالله لأفعلنّ».
وقال} {لّكلّ باب مّنهم جزء مّقسوم [الآية 44] لأنّه من «جزّأته» و} {مّنهم
[البقرة: الآية 75] يعني: من الناس.
وقال} {قالوا لا توجل [الآية 53] لأنه من «وجل» «يوجل». وما كان على «فعل» ف «هو يفعل» تظهر فيه الواو ولا تذهب كما تذهب من «يزن» لأنّ «وزن» «فعل» وأمّا بنو تميم فيقولون (تيجل) لأنّهم يقولون في «فعل» «تفعل» فيكسرون التاء في «تفعل» والألف من «أفعل» والنون من «تفعل» ولا يكسرون الياء لأنّ الكسر من الياء فاستثقلوا اجتماع ذلك. وقد كسروا الياء في باب «وجل» لأن الواو قد تحولت إلى الياء مع التاء والنون والألف. فلو فتحوها استنكروا الواو ولو فتحوا الياء لجاءت الواو، فكسروا الياء فقالوا «ييجل» ليكون الذي بعدها ياء إذ كانت الياء أخف مع الياء من الواو مع الياء لأنه يفر إلى الياء من الواو ولا يفر إلى الواو من الياء. قال بعضهم (ييجل) فقلبها ياء وترك التي قبلها مفتوحة كراهة اجتماع الكسرة والياءين.
وقال} {وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلآء [الآية 66] لأن قوله} أنّ
دابر [الآية 66] بدل من (الأمر).(1/234)
وقال {وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلآء [الآية 66] لأن قوله} {أنّ
دابر [الآية 66] بدل من (الأمر).
وقال} {ومن يقنط من رّحمة ربّه [الآية 56] لأنها من «قنط» «يقنط» وقال بعضهم (يقنط) مثل «يقتل» و (يقنط) مثل «علم» «يعلم».
وقال} {إلى قوم مّجرمين (58) إلّا ءال لوط [الآيتان 5958] استثناء من المجرمين أي: لا يدخلون في الإجرام.
وقال} {لعمرك إنّهم لفى [الآية 72] و (لعمرك) والله أعلم و «وعيشك» إنما يريد به العمر. و «العمر» و «العمر» لغتان.
وقال} {عضين [الآية 91] وهو من «الأعضاء» وواحده «العضة» مثل «العزين» واحده «العزة».
وقال} هذا صرط علىّ مستقيم [الآية 41] يقول: عليّ دلالته. نحو قول العرب «عليّ الطريق الليلة» أي: عليّ دلالته.(1/235)
ومن سورة النحل
قال {والخيل والبغال والحمير لتركبوها [الآية 8] نصب. أي: وجعل الله الخيل والبغال والحمير وجعلها} {زينة.
وقال} {ومنها جآئر [الآية 9] أي: ومن السبيل لأنّها مؤنثة في لغة أهل الحجاز.
وقال} {وما ذرأ لكم فى الأرض مختلفا ألونه [الآية 13] يقول: خلق لكم وبثّ لكم.
وقال} {والنّجوم مسخّرات [الآية 12] فعلى «سخّرت النّجوم» أو «جعل النّجوم مسخّرات» وجاز إضمار فعل غير الأول لأن ذلك المضمر في المعنى مثل المظهر. وقد تفعل العرب ما هو أشد من ذا. قال الراجز:
} 238تسمع في أجوافهنّ صردا ... وفي اليدين جسأة وبددا (1)
فهذا على «وترى في اليدين الجسأة» وهي: اليبس والبدد وهو: «السّعة».
وقال {وقيل للّذين اتّقوا ماذآ أنزل ربّكم قالوا خيرا [الآية 30] فجعل «ماذا» بمنزلة «ما» وحدها.
وقال} {أموت غير أحياء [الآية 21] على التوكيد.
وقال} {أن تحرص [الآية 37] لأنها من «حرص» «يحرص».
وإذا وقفت على} {يتفيّؤا [الآية 48] قلت «يتفيّأ» كما تقول بالعين «تتفيّع» جزما وإن شئت أشممتها الرفع ورمته كما تفعل ذلك في «هذا حجر».
وقال} {عن اليمين والشّمائل سجّدا لّلّه وهم دخرون [الآية 48] فذكروهم غير
__________
(1) يروى الرجز بلفظ:
} تسمع للأحشاء منه لغطا ... ولليدين جسأة وبددا
والرجز بلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 259، وشرح عمدة الحافظ ص 636.(1/236)
الانس لأنه لما وصفهم بالطاعة أشبهوا ما يعقل وجعل اليمين للجماعة مثل {ويولّون الدّبر [القمر: الآية 45].
وقال} {ولله يسجد ما فى السّموات وما فى الأرض من دآبّة [الآية 49] يريد:
من الدواب واجتزأ بالواحد كما تقول: «ما أتاني من رجل» أي: ما أتاني من الرجال مثله.
وقال} {وما بكم مّن نعمة فمن الله [الآية 53] لأنّ (ما) بمنزلة (من) فجعل الخبر بالفاء.
وقال} {ليكفروا بمآ ءاتينهم [الآية 55].
وقال} {ومن ثمرت النّخيل والأعنب تتّخذون منه سكرا ورزقا حسنا [الآية 67] ولم يقل «منها» لأنه أضمر «الشيء» كأنه قال «ومنها شيء تتّخذون منه سكرا».
وقال} {إلى النّحل أن اتّخذى [الآية 68] على التأنيث في لغة أهل الحجاز.
وغيرهم يقول «هو النّحل» وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء نحو «البرّ» و «الشعير» هو في لغتهم مؤنث.
وقال} {ذللا [الآية 69] وواحدها «الذّلول» وجماعة «الذّلول» «الذّلل».
وقال} {بنين وحفدة [الآية 72] وواحدهم «الحافد».
وقال} {أينما يوجّههّ لا يأت بخير [الآية 76] لأنّ (أينما) من حروف المجازاة.
وقال} {رزقا مّن السّموات والأرض [الآية 73] فجعل «الشيء» بدلا من «الرّزق» وهو في معنى «لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا». وقال بعضهم: «الرّزق فعل يقع بالشيء» يريد: «لا يملكون أن يرزقوا شيئا».
وقال} {وأوفوا بعهد الله [الآية 91] تقول: «أوفيت بالعهد» و «وفيت بالعهد» فإذا قلت «العهد» قلت «أوفيت العهد» بالألف.
وقال} {أنكثا [الآية 92] وواحدها «النّكث».
وقال} {من كفر بالله من بعد إيمنه إلّا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمن ولكن مّن شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب مّن الله [الآية 106] خبر لقوله} {ولكن
مّن شرح [الآية 106] ثم دخل معه قوله} من كفر بالله من بعد إيمنه [الآية 106] فأخبر عنهم بخبر واحد إذ كان ذلك يدل على المعنى.(1/237)
وقال {من كفر بالله من بعد إيمنه إلّا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمن ولكن مّن شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب مّن الله [الآية 106] خبر لقوله} {ولكن
مّن شرح [الآية 106] ثم دخل معه قوله} {من كفر بالله من بعد إيمنه [الآية 106] فأخبر عنهم بخبر واحد إذ كان ذلك يدل على المعنى.
وقال} {مّن الجبال أكننا [الآية 81] وواحدة: «الكنّ».
وقال} {كلّ نفس تجدل عن نّفسها [الآية 111] لأن معنى} {كلّ نفس
[البقرة: الآية 281]: كلّ إنسان، وأنّث لأن النفس تؤنّث وتذكّر. يقال «ما جاءتني نفس واحدة» و «ما جاءني نفس واحد».
وقال} {ألسنتكم الكذب [الآية 116] جعل (ما تصف) ألسنتهم اسما للفعل كأنه قال «ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب هذا حلال» وقال بعضهم (الكذب) يقول: «ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم». وقال بعضهم (الكذب) فرفع وجعل (الكذب) من صفة الألسنة، كأنه قال: «ألسنة كذب».
وقال} {شاكرا لّأنعمه [الآية 121] وقال} {كفرت بأنعم الله [الآية 112] فجمع «النّعمة» على «أنعم» كما قال} حتّى إذا بلغ أشدّه [الأحقاف: الآية 15] فزعموا أنه جمع «الشدّة».(1/238)
ومن سورة بني إسرائيل
قال {سبحن الّذى أسرى [الآية 1] لأنك تقول «أسريت» و «سريت».
وقال} {إنّه هو السّميع البصير [الآية 1] فهو فيما ذكروا والله أعلم «قل يا محمّد «سبحان الذي أسرى بعبده» وقل: إنّه هو السّميع البصير.
وقال} {فإذا جآء وعد أولهما [الآية 5] لأن «الأولى» مثل «الكبرى» يتكلم بها بالألف واللام ولا يقال «هذه أولى». والإضافة تعاقب الألف واللام، فلذلك قال} {أولاهما كما تقول «هذه كبراهما» و «كبراهنّ» و «كبراهم عنده».
وقال} {دعآءه بالخير [الآية 11] فنصب «الدعاء» على الفعل كما تقول: «إنّك منطلق انطلاقا».
وقال} {فلا تقل لّهما أفّ [الآية 23] قد قرئت} {أفّ و} {أفّا لغة جعلوها مثل} {تعسا وقرأ بعضهم} {أفّ وذلك أن بعض العرب يقول «أفّ لك» على الحكاية: أي لا تقل لهما هذا القول، والرفع قبيح لأنّه لم يجىء بعده باللام، والذين قالوا} {أفّ فكسروا كثير وهو أجود. وكسر بعضهم ونوّن. وقال بعضهم} {أفّي كأنه أضاف هذا القول إلى نفسه فقال: «أفّي هذا لكما» والمكسور هنا منون، وغير منون على أنه اسم متمكن نحو «أمس» وما أشبهه. والمفتوح بغير نون كذلك.
وقال} {ولا تنهرهما [الآية 23] لأنه يقول: «نهره» «ينهره» و «انتهره» «ينتهره».
وقال} {إنّ قتلهم كان خطئا [الآية 31] من «خطىء» «يخطأ» تفسيره:
«أذنب» وليس في معنى: «أخطأ» لأن ما أخطأت فيه ما صنعته خطأ، وما «خطئت» فيه ما صنعته عمدا وهو الذنب. وقد يقول ناس من العرب: «خطئت» في معنى «أخطأت». قال امرؤ القيس} [1]: [الرجز]
__________
(1) امرؤ القيس: تقدمت ترجمته.(1/239)
239 - يا لهف نفسي إذ خطئن كاهلا ... القاتلين الملك الحلاحلا
تالله لا يذهب شيخي باطلا (1)
وقال آخر: [الكامل] 240والناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد (2)
وقال {وزنوا بالقسطاس [الآية 35] و «القسطاس» مثل «القرطاس» و «القرطاس» و «الفسطاط» و «الفسطاط».
وقال} {ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا [الآية 36] قال} {أولئك. هذا وأشباهه مذكّرا كان أو مؤنّثا تقول فيه «أولئك». قال الشاعر: [الكامل]} ذمّي المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأيام (3)
وهذا كثير.
وقال {مرحا [الآية 37] و} {مرحا والمكسورة أحسنهما لأنّك لو قلت «تمشي مرحا» كان أحسن من «تمشي مرحا» ونقرؤها مفتوحة.
وقال} {حجابا مّستورا [الآية 45] لأن الفاعل قد يكون في لفظ المفعول كما تقول: «إنّك مشؤوم علينا» و «ميمون» وإنّما هو «شائم» و «يامن» لأنه من «شأمهم» و «يمنهم» و «الحجاب» ها هنا هو الساتر، وقال} {مّستورا [الآية 45].
وقال} {سبحنه وتعلى عمّا يقولون علوّا كبيرا (43) [الآية 43] فقال} {علوّا ولم يقل «تعاليا» كما قال} {وتبتّل إليه تبتيلا [المزمّل: الآية 8]. قال الشاعر: [الكامل]} 241أنت الفداء لكعبة هدّمتها ... ونقرتها بيديك كلّ منقّر (4)
منع الحمام مقيله من سقفها ... ومن الحطيم فطار كلّ مطيّر
__________
(1) الرجز لامرىء القيس في ديوانه ص 134، والأغاني 9/ 87، وخزانة الأدب 1/ 333، 2/ 213، والدرر 4/ 75، وشرح شواهد المغني 1/ 372، ومعجم ما استعجم ص 56، وبلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 560، ومغني اللبيب 1/ 144، وهمع الهوامع 2/ 9.
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (أمر)، وتاج العروس (أمر).
(3) تقدم البيت مع تخريجه برقم 71.
(4) البيت الأول بلا نسبة في المحتسب 1/ 81، 94، 301، 2/ 6، 21.(1/240)
وقال الآخر: [الرجز]
242 - يجري عليها أيّما إجراء (1)
وقال الآخر: [الوافر] 243وخير الأمر ما استقبلت منه ... وليس بأن تتبّعه اتّباعا (2)
وقال {وإذ هم نجوى [الآية 47] وإنما «النّجوى» فعلهم كما تقول: «هم قوم رضىّ» وإنما «الرّضى» فعلهم.
وقال} {وقل لّعبادى يقولوا الّتى هى أحسن [الآية 53] فجعله جوابا للأمر.
وقال} {وءاتينا ثمود النّاقة مبصرة فظلموا بها [الآية 59] يقول «بها كان ظلمهم» و «المبصرة»: البيّنة. كما تقول: «الموضحة» و «المبيّنة».
وقال} {سنّة من قد أرسلنا قبلك [الآية 77] أي: سننّاها سنّة. كما قال} {رحمة مّن رّبّك [الآية 28].
وقال} {وقرءان الفجر [الآية 78] أي: وعليك قرآن الفجر.
وقال} {يؤوسا [الآية 83] لأنّه من «يئس».
وقال} {أيّا مّا تدعوا [الآية 110] كأنه قال «أيّا تدعوا».
وقال} {وأجلب عليهم [الآية 64] فقوله} {وأجلب [الآية 64] من «أجلبت» وهو في معنى «جلب» والموصولة من «جلب» «يجلب».
وقال} {أيّا مّا تدعوا فله الأسماء الحسنى [الآية 110] يقول: «أيّ الدّعائين تدعوا فله الأسماء الحسنى».
وقال} {عسى أن يبعثك ربّك [الآية 79] و} عسى ربّكم أن يكفّر عنكم
[التّحريم: الآية 8] فيقال «عسى» من الله واجبه والمعنى أنّك لو علمت من رجل أنه لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه فقال لك «عسى أن أكافئك» استنبت بعلمك به أنه سيفعل الذي يجب إذ كان لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه.
__________
(1) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) البيت للقطامي في ديوانه ص 35، وشرح أبيات سيبويه 2/ 322، والشعر والشعراء 2/ 728، والكتاب 4/ 82، ولسان العرب (تبع)، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 630، والأشباه والنظائر 1/ 245، وجمهرة الأمثال 1/ 419، وشرح المفصل 1/ 111، والمقتضب 3/ 205.(1/241)
ومن سورة الكهف
قال {عوجا [الآية 1]} {قيّما [الآية 2] أي: أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا.
وقال} {مّكثين فيه أبدا (3) [الآية 3] حال على} {أنّ لهم أجرا حسنا
[الآية 2].
وقال} {كبرت كلمة [الآية 5] لأنّها في معنى: أكبر بها كلمة. كما قال} {وسآءت مرتفقا [الكهف: الآية 29] وهي في النصب مثل قول الشاعر: [الكامل]} 244ولقد علمت إذ الرّياح تروّحت ... هدج الرّئال تكبّهنّ شمالا (1)
أي: تكبّهنّ الرّياح شمالا. فكأنّه قال: كبرت تلك الكلمة. وقد رفع بعضهم الكلمة لأنّها هي التي كبرت.
وأمّا قوله {أسفا [الآية 6] فإنّما هو} {فلعلّك بخع نّفسك [الآية 6]} {أسفا.
وقال} {ففسق عن أمر ربّه [الآية 50] يقول: «عن ردّ أمر ربّه» نحو قول العرب: «أتخم عن الطّعام» أي: عن مأكله أتخم، ولما ردّ هذا الأمر فسق.
وقال} {مّن أمركم مّرفقا [الآية 16] أي: شيئا يرتفقون به مثل: «المقطع» و} {مّرفقا [الآية 16] جعله اسما ك «المسجد» أو يكون لغة يقولون: «رفق» «يرفق». وإن شئت} {مرفقا يريد: «رفقا» ولم تقرأ.
وقال} {تّقرضهم ذات الشّمال [الآية 17] ف} {ذات الشّمال [الآية 17] نصب على الظرف.
وقال} أيقاظا [الآية 18] واحدهم «اليقظ»، وأما «اليقظان» فجماعه «اليقاظ».
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/242)
وقال {فلينظر أيّها أزكى طعاما [الآية 19] فلم يوصل} {فلينظر إلى} {أيّ
لأنه من الفعل الذي يقع بعده حرف الاستفهام تقول: «انظر أزيد أكرم أم عمرو».
وقال} {سنين عددا [الآية 11] أي: نعدّها عددا.
وقال} {إلّا أن يشآء الله [الآية 24] أي: إلّا أن تقول: «إن شاء الله» فأجزأ من ذلك هذا، وكذلك إذا طال الكلام أجزأ فيه شبيه بالإيماء لأنّ بعضه يدل على بعض.
وقال} {أبصر به وأسمع [الآية 26] أي: ما أبصره وأسمعه كما تقول:
«أكرم به» أي: ما أكرمه. وذلك أن العرب تقول: «يا أمة الله أكرم بزيد» فهذا معنى ما أكرمه ولو كان يأمرها أن تفعل لقال «أكرمي زيدا».
وقال} {مّا يعلمهم إلّا قليل [الآية 22] أي: ما يعلمهم من الناس إلّا قليل.
والقليل يعلمونهم.
وقال} {وقل الحقّ من رّبّكم [الآية 29] أي: قل هو الحقّ. وقوله} {وسآءت مرتفقا [الآية 29] أي: وساءت الدار مرتفقا.
وقوله} {واضرب لهم مّثلا رّجلين [الآية 32] وقال} {وكان له ثمر [الآية 34] وإنّما ذكر الرجلين في المعنى وكان لأحدهما ثمر فأجزأ ذلك من هذا.
وقال} {كلتا الجنّتين ءاتت أكلها [الآية 33] فجعل الفعل واحد ولم يقل «آتتا» لأنه جعل ذلك لقوله} {كلتا [الآية 33] في اللفظ. ولو جعله على معنى قوله} {كلتا لقال: «آتتا».
وقال} {ولا تعد عيناك عنهم [الآية 28] أي: العينان فلا تعدوان.
وقال} {مّوبقا [الآية 52] مثل} {موعدا [الآية 48] من «وبق» «يبق» وتقول «أوبقته حتى وبق».
وقال} {إلّا أن تأتيهم سنّة الأوّلين [الآية 55] لأنّ «أن» في موضع اسم «إلّا» إتيان سنّة الأوّلين».
وقال} {موئلا [الآية 58] من «وأل» «يئل» «وألا».
وقال} {وتلك القرى أهلكنهم لمّا ظلموا [الآية 59] يعني: أهلها، كما قال} {واسئل القرية [يوسف: الآية 82] ولم يجىء بالفظ «القرى» ولكن أجرى اللفظ على
القوم وأجرى اللفظ في «القرية» عليها، إلى قوله} {الّتى كنّا فيها [يوسف: الآية 82]، وقال} أهلكنهم [الآية 59] ولم يقل «أهلكناها» حمله على القوم كما قال «وجاءت تميم» وجعل الفعل ل «بني تميم» ولم يجعله ل «تميم» ولو فعل ذلك لقال:(1/243)
وقال {وتلك القرى أهلكنهم لمّا ظلموا [الآية 59] يعني: أهلها، كما قال} {واسئل القرية [يوسف: الآية 82] ولم يجىء بالفظ «القرى» ولكن أجرى اللفظ على
القوم وأجرى اللفظ في «القرية» عليها، إلى قوله} {الّتى كنّا فيها [يوسف: الآية 82]، وقال} {أهلكنهم [الآية 59] ولم يقل «أهلكناها» حمله على القوم كما قال «وجاءت تميم» وجعل الفعل ل «بني تميم» ولم يجعله ل «تميم» ولو فعل ذلك لقال:
«جاء تميم» وهذا لا يحسن في نحو هذا لأنه قد أراد غير تميم في نحو هذا الموضع فجعله اسما ولم يحتمل إذا اعتل أن يحذف ما قبله كله يعني التاء من «جاءت» مع «بني» وترك الفعل على ما كان ليدل على أنه قد حذف شيئا قبل «تميم».
وقال} {لا أبرح [الآية 60] أي: لا أزال. قال الشاعر: [الطويل]} 245وما برحوا حتّى تهادت نساؤهم ... ببطحاء ذي قار عياب اللّطائم (1)
أي: ما زالوا.
وأما {خشينا [الآية 80] فمعناه: كرهنا، لأنّ الله لا يخشى. وهو في بعض القراءات} {فخاف ربك وهو مثل «خفت الرّجلين أن يقولا» وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما.
وقال} {ءاتنا غداءنا [الآية 62] إن شئت جعلته من «آتى الغداء» أو «أئية» كما تقول «ذهب» و «أذهبته» وإن شئت من «أعطى» وهذا كثير.
وقال} {يأجوج ومأجوج [الآية 94] فهمز وجعل الألف من الأصل وجعل «يأجوج» من «يفعول» و «مأجوج» [من]، «مفعول» والذي لا يهمز يجعل الألفين فيهما زائدتين ويجعلهما من فعل مختلف ويجعل «ياجوج» من «يججت» و «ماجوج» من «مججت».
وقال} {ما مكّنّى فيه ربّى خير [الآية 95] فأدغم ورفع بقوله} {خير لأن} {ما مكّنّى اسم مستأنف.
وقال} {فما اسطعوا [الآية 97] لأن لغة للعرب تقول «اسطاع» «يسطيع» يريدون به «استطاع» «يستطيع» ولكن حذفوا التاء إذا جامعت الطاء لأن مخرجهما واحد. وقال بعضهم «استاع» فحذف الطاء لذلك. وقال بعضهم «أسطاع» «يسطيع» فجعلها من القطع كأنها «أطاع» «يطيع» فجعل السين عوضا عن إسكان الياء.
وقال} بالأخسرين أعملا [الآية 103] لأنه لما أدخل الألف واللام والنون في
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/244)
{الأخسرين لم يوصل إلى الإضافة وكانت «الأعمال» من} {الأخسرين فلذلك نصب.
وقال} {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادى [الآية 102] فجعلها} {أن التي تعمل في الأفعال فاستغنى بها «حسبوا» كما قال} {إن ظنّآ أن يقيما [البقرة: الآية 230] و} {مآ أظنّ أن تبيد هذه [الكهف: الآية 35] استغنى ها هنا بمفعول واحد لأن معنى} {مآ أظنّ أن تبيد [الكهف: الآية 35]: ما أظنها أن تبيد.
وقال} {إنّ الّذين ءامنوا وعملوا الصّلحت إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا (30) [الآية 30] لأنه لما قال} {لا نضيع أجر من أحسن عملا [الآية 30] كان في معنى: لا نضيع أجورهم لأنهم ممن أحسن عملا.
وقال بعضهم} {أفحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا عبادى [الآية 102] يقول:
«أفحسبهم ذلك».
وقال} {جنّت الفردوس نزلا [الآية 107] ف «النزل» من نزول بعض الناس على بعض. أما «النزل» ف «الريع» تقول: «ما لطعامهم نزل» و «ما وجدنا عندهم نزلا».
وقال} {قل لّو كان البحر مدادا لّكلمت ربّى [الآية 109] يقول «مدادا يكتب به»} {لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربّى ولو جئنا بمثله مددا [الآية 109] يقول: «مدد لكم» وقال بعضهم} {مدادا تكتب به. ويعني بالمداد أنه مدد للمداد يمد به ليكون معه.
وقال} {ثلث مائة سنين [الآية 25] على البدل من} {ثلث [الزّمر: الآية 6] ومن «المئة» أي: «لبثوا ثلاث مئة» فإن كانت السنون تفسيرا للمئة فهي جرّ وإن كانت تفسيرا للثّلاث فهي نصب.
وقال} {بئس للظّلمين بدلا [الآية 50] كما تقول: «بئس في الدّار رجلا».
وقال} {حتّى إذا لقيا غلاما فقتله [الآية 74] قال} {فقتله [المائدة: الآية 30] لأن اللّقاء كان علة للقتل.
وقال} هذا رحمة مّن رّبّى [الآية 98] أي: هذا الرّدم رحمة من ربي.(1/245)
ومن سورة مريم
قال {ذكر رحمت ربّك عبده زكريّا (2) [الآية 2] قال: «ممّا نقصّ عليك ذكر رحمة ربّك» فانتصب العبد بالرحمة. وقد يقول الرجل «هذا ذكر ضرب زيد عمرا».
وقال} {ندآء خفيّا [الآية 3] وجعله من الإخفاء.
وقال} {شيبا [الآية 4] لأنه مصدر في المعنى كأنه حين قال} {اشتعل [الآية 4] قال: «شاب» فقال «شيبا» على المصدر وليس هو مثل «تفتأت شحما» و «امتلأت ماء» لأن ذلك ليس بمصدر.
وقال} {سويّا [الآية 10] على الحال كأنه أمره أن يكف عن الكلام سويّا.
وقال} {يا أبت لا تعبد الشّيطن [الآية 44] فإذا وقفت قلت «يا آبه» وهي هاء زيدت كنحو قولك «يا أمّه» ثم قال «يا أمّ» إذا وصل ولكنه لما كان «الأب» على حرفين كان كأنه قد أخلّ به فصارت الهاء لازمة وصارت الياء كأنها بعدها، فلذلك قال «يا أبت أقبل» وجعل التاء للتأنيث. ويجوز الترخيم لأنه يجوز أن تدعو ما تضيف إلى نفسك في المعنى مضموما نحو قول العرب «يا ربّ اغفر لي» وثقف في القرآن} {يا أبت للكتاب. وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث.
وقال} {وما كانت أمّك بغيّا [الآية 28] مثل قولك «ملحفة جديد».
وقال} {لسان صدق [الآية 50] كما تقول: «لساننا غير لسانكم» أي: لغتنا غير لغتكم. وإن شئت جعلت اللسان مقالهم كما تقول «فلان لساننا».
وقال} {إلّا سلما [الآية 62] فهذا كالاستثناء الذي ليس من أول الكلام.
وهذا على البدل إن شئت كأنه «لا يسمعون فيها إلّا سلاما» وفي قراءة عبد الله} [1]
{فشربوا منه إلا قليل [البقرة: 249] و} إلا قليل ممن أنجينا منهم [هود: 116]
__________
(1) عبد الله: هو عبد الله بن مسعود، تقدمت ترجمته.(1/246)
رفع على أن قوله {إلّا قليل صفة.
وقال} {ورءيا [الآية 74] ف «الرءي» من الرؤية وفسروه من المنظر فذاك يدل على أنّه من «رأيت».
وقال} {له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك [الآية 64] يقول} {ما بين أيدينا [الآية 64] قبل أن نخلق} {وما خلفنا [الآية 64] بعد الفناء} {وما بين ذلك
[الآية 64] حين كنا.
وقال} {وهزّى إليك بجذع النّخلة [الآية 25] لأن الباء تزاد في كثير من الكلام نحو قوله} {تنبت بالدّهن [المؤمنون: الآية 20] أي: تنبت الدهن. وقال الشاعر:
[الطويل]} 246بواد يمان ينبت السّدر صدره ... وأسفله بالمرخ والشّبهان (1)
يقول: «وأسفله ينبت المرخ والشّبهان» ومثله: «زوّجتك بفلانة» يريدون:
«زوّجتكها» ويجوز أن يكون على معنى «هزّي رطبا بجذع النخلة».
وقال {تكاد السّموات يتفطّرن منه [الآية 90] فالمعنى: يردن. لأنهن لا يكون منهن أن يتفطرن ولا يدنون من ذلك ولكنهن هممن به إعظاما لقول المشركين. ولا يكون على من هم بالشيء أن يدنو منه. ألا ترى أن رجلا لو أراد أن ينال السماء لم يدن من ذلك وقد كانت منه إرادة. وتقرأ} {يتفطّرن منه
[الآية 90] ويقرأ} {ينفطرن للكثرة.
وقوله} {كان للرّحمن عصيّا [الآية 44] و «العصيّ»: العاصي كما تقول:
«عليم» و «عالم» و «عريف» و «عارف». قال الشاعر: [الكامل]} 247أو كلّما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم (2)
__________
(1) البيت للأحول اليشكري في لسان العرب (شبه)، وبلا نسبة في لسان العرب (شثث)، وتهذيب اللغة 6/ 93، وتاج العروس (شثث)، وجمهرة اللغة ص 83، 1236، وكتاب العين 3/ 404، ومجمل اللغة 3/ 196، وديوان الأدب 2/ 21.
(2) البيت لطريف بن تميم العنبري في الأصمعيات ص 127، وشرح أبيات سيبويه 2/ 389، وشرح شواهد الشافية ص 380، والكتاب 4/ 7، ولسان العرب (ضرب)، (عرف)، ومعاهد التنصيص 1/ 204، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 561، والأشباه والنظائر 7/ 250، وجمهرة اللغة ص 372، 766، 930، والمنصف 3/ 66، وتاج العروس (رسم).(1/247)
يقول: «عارفهم».
وقال {أطّلع الغيب [الآية 78] فهذه ألف الاستفهام وذهبت ألف الوصل لما دخلت ألف الاستفهام.
وقال} ويكونون عليهم ضدّا [الآية 82] لأنّ «الضدّ» يكون واحدا وجماعة مثل «الرصد» و «الأرصاد» ويكون الرّصد أيضا اسما للجماعة.(1/248)
ومن سورة طه
قال: {طه (1) [الآية 1] منهم من يزعم أنها حرفان مثل} {حم (1) [الشّورى: الآية 1] ومنهم من يقول} {طه (1) يعني: يا رجل في بعض لغات العرب.
وقال} {إلّا تذكرة لّمن يخشى (3) [الآية 3] بدلا من قوله} {لتشقى [الآية 2] فجعله «ما أنزلنا القرآن عليك إلّا تذكرة».
وقال} {تنزيلا [الآية 4] أي: أنزل الله ذلك تنزيلا.
وقال} {الرّحمن [الآية 5] أي: هو الرّحمن. وقال بعضهم} {الرّحمن
أي: تنزيلا من الرحمن.
وقال} {مآرب أخرى [الآية 18] وواحدتها: «مأربة».
وقال} {آية أخرى [الآية 22] أي: أخرج آية أخرى وجعله بدلا من قوله} {بيضاء [الآية 22].
وقال} {ولا تنيا [الآية 42] وهي من «ونى» و «يني» «ونيا» و «ونيّا».
وقال} {إن هذن لسحرن [الآية 63] خفيفة في معنى ثقيلة. وهي لغة لقوم يرفعون ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التي تكون في معني «ما» ونقرؤها ثقيلة وهي لغة لبني الحارث بن كعب.
وقال} {المثلى [الآية 63] تأنيث «الأمثل» مثل: «القصوى» و «الأقصى».
وقال} {السّاحر حيث أتى [الآية 69] وفي حرف ابن مسعود} {أين أتى وتقول العرب: «جئتك من أين لا تعلم» و «من حيث لا تعلم».
وقال} {فيحلّ [الآية 81] وفسره على «يجب» وقال بعضهم} {يحلّ على «النزول» فضم. وقال} يصدّون على «يضجّون» ولا أراها إلا لغة مثل «يعكف» و «يعكف» في معنى «يصدّ».(1/249)
وقال {وعنت الوجوه [الآية 111] يقول: «عنت» «تعنو» «عنوّا».
وقال} {ولولا كلمة سبقت من رّبّك لكان لزاما [الآية 129] يريد: ولولا} {أجل مّسمّى [الآية 129] لكان لزاما.
وقال} {للتّقوى [الآية 132] لأهل التقوى وفي حرف ابن مسعود} {وإن العاقبة للتقوى.
وقال} {على العرش استوى [الآية 5] يقول «علا» ومعنى «علا»: قدر. ولم يزل قادرا ولكن أخبر بقدرته.
وقال} {لّعلّه يتذكّر [الآية 44] نحو قول الرجل لصاحبه: «افرع لعلّنا نتغدّى» والمعنى: «لنتغدّى» و «حتّى نتغدّى». وتقول للرجل: «اعمل عملك لعلّك تأخذ أجرك» أي: لتأخذه.
وقال} {أزوجا مّن نّبات شتّى [الآية 53] يريد: «أزواجا شتّى من نبات» أو يكون النبات هو شتى. كلّ ذلك مستقيم.
وقال} {لن نّؤثرك على ما جآءنا من البيّنت والّذى فطرنا [الآية 72] يقول: «لن نؤثرك على الّذي فطرنا».
وقال} {لّا تخف دركا [الآية 77] أي} {فاضرب لهم طريقا [الآية 77]} {لّا تخف [الآية 77] فيه} {دركا [الآية 77] وحذف «فيه» كما تقول: «زيد أكرمت» تريد: «أكرمته» وكما قال} واتّقوا يوما لّا تجزى نفس عن نّفس شيئا [البقرة: الآية 48] أي: لا تجزي فيه.(1/250)
ومن سورة الأنبياء
قال {وأسرّوا النّجوى [الآية 3] كأنه قال} {وأسرّوا ثم فسره بعد فقال: «هم} {الّذين ظلموا [الآية 3]» أو جاء هذا على لغة الذين يقولون «ضربوني قومك».
وقال} {فسئلوهم إن كانوا ينطقون [الآية 63] فذكّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل أو ينطق.
وقال} {ومن الشّيطين من يغوصون له [الآية 82] فذكر الشياطين وليسوا من الإنس إلّا أنّهم مثلهم في الطاعة والمعصية. ألا ترى أنك تقول «الشياطين يعصون» ولا تقول: «يعصين» وإنما جمع} {يغوصون [الآية 82] و} {من في اللفظ واحد لأن} {من في المعنى لجماعة. قال الشاعر: [الكامل]} 248لسنا كمن جعلت إياد دارها ... تكريت تنظر حبّها أن يحصدا (1)
وقال: [المتقارب] 249أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعة الرّاهب (2)
فجعل «الراهب» بدلا من «ما» كأنه قال «كالذي طاف» وتقول العرب: «إنّ الحقّ من صدّق الله» أي: «الحقّ حقّ من صدّق الله».
وقال {خلق الإنسن من عجل سأوريكم ءايتى فلا تستعجلون [الآية 37] يقول:
«من تعجيل من الأمر، لأنّه قال:} {إنّما قولنا لشىء إذا أردنه أن نّقول له كن فيكون [النحل: 40] فهذا العجل كقوله} {فلا تستعجلوه [النّحل: الآية 1] وقوله} {فلا تستعجلون [الأنبياء: الآية 37] فإنّني} {سأريكم آياتي.
وقال} {إنّ السّموت والأرض كانتا رتقا [الآية 30] قال} كانتا لأنه جعلهما
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه ص 281، ولسان العرب (منن)، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 402، و 403، 3/ 256، ومغني اللبيب 2/ 541، ولسان العرب (كرت).
(2) البيت بلا نسبة في الأزهية ص 84، وتذكرة النحاة ص 346.(1/251)
صنفين كنحو قول العرب: «هما لقاحان سودان» وفي كتاب الله عز وجل {إنّ الله يمسك السّموت والأرض أن تزولا [فاطر: 41]. وقال الشاعر: [الطويل]} 250رأوا جبلا فوق الجبال إذا التقت ... رؤوس كبيريهنّ ينتطحان (1)
فقال «رؤوس» ثم قال «ينتطحان» وذا نحو قول العرب «الجزرات» و «الطرقات» فيجوز في ذا أن تقول: «طرقان» للاثنين و «جزران» للاثنين. وقال الشاعر: [الكامل] 251وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرّقاب نواكس الأبصار (2)
والعرب تقول: «مواليات» و «صواحبات يوسف». فهؤلاء قد كسروا فجمعوا «صواحب» وهذا المذهب يكون فيه المذكر «صواحبون»، ونظيره «نواكسي». وقال بعضم «نواكس» في موضع جرّ كما تقول «حجر ضبّ خرب».
وقال إذ ذّهب مغضبا فظنّ أن لّن نّقدر عليه [الآية 87] أي: لن نقدر عليه العقوبة، لأنه قد أذنب بتركه قومه وإنما غاضب بعض الملوك ولم يغاضب ربه كان بالله عز وجل أعلم من ذلك.
__________
(1) البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 216، وخزانة الأدب 4/ 299، 301، والخصائص 2/ 421، ولسان العرب (رأس).
(2) البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 304، وجمهرة اللغة ص 607، وخزانة الأدب 1/ 206، 208، وشرح أبيات سيبويه 2/ 367، وشرح التصريح 2/ 313، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 39، وشرح شواهد الشافية ص 142، وشرح المفصل 5/ 56، والكتاب 3/ 633، ولسان العرب (نكس)، (خضع)، والمقتضب 1/ 121، 2/ 219.(1/252)
ومن سورة الحج
قال {تذهل كلّ مرضعة عمّآ أرضعت [الآية 2] وذلك أنه أراد والله أعلم الفعل، ولو أراد الصفة فيما نرى لقال «مرضع». وكذلك كلّ «مفعل» و «فاعل» يكون للأنثى ولا يكون للذكر فهو بغير هاء نحو «مقرب» و «موقر»: نخلة موقر و «مشدن»: معها شادن و «حامل» و «حائض» و «فادك» و «طامث» و «طالق».
وقال} {هل يذهبنّ كيده ما يغيظ [الآية 15] فحذف الهاء من} {يغيظ
[التّوبة: الآية 120] لأنها صلة الذي لأنه إذا صار جميعا اسما واحدا كان الحذف أخف.
وقال} {يدعوا لمن ضرّه أقرب من نّفعه [الآية 13] ف} {يدعوا بمنزلة «يقول». و} {مّن رفع وأضمر الخبر كأنه: يدعو لمن ضرّه أقرب من نفعه إلهه.
يقول: لمن ضره أقرب من نفعه إلهه.
وقال} {ومن يرد فيه بإلحاد [الآية 25] معناه: ومن يرد إلحادا. وزاد الباء كما تزاد في قوله} {تنبت بالدّهن [المؤمنون: الآية 20] وقال الشاعر: [الطويل وهو الشاهد الثاني والخمسون بعد المئتين]} 252أليس أميري في الأمور بأنتما ... بما لستما أهل الخيانة والغدر (1)
وقال {صوآفّ [الآية 36] وواحدتها: «الصافّة».
وقال} {لّهدّمت صومع وبيع وصلوت ومسجد [الآية 40] فالصّلوات لا تهدم ولكن حمله على فعل آخر كأنه قال «وتركت صلوات» وقال بعضهم: «إنّما يعني مواضع الصلوات» وقال رجل من رواة الحسن «صلوت» وقال: «هي كنائس اليهود تدعى بالعبرانية «صلوثا» فهذا معنى الصلوات فيما فسروا.
وقال} {ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض [الآية 40] لأنّ} بعضهم بدل من
__________
(1) البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص 332، وشرح شواهد المغني ص 717، ومغني اللبيب ص 306، والمقاصد النحوية 1/ 422.(1/253)
{الناس.
وقال} {وبئر مّعطّلة وقصر مّشيد [الآية 45] حمله على} {كأين والمشيد هو المفعول من «شدته» ف «أنا أشيده» مثل «عنته» ف «أنا أعينه» ف «هو معين».
وقال} {ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الّذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له [الآية 73] فإن قيل: «فأين المثل» قلت: «ليس ها هنا مثل لأنه تبارك وتعالى قال: «ضرب لي مثل فجعل مثلا عندهم لي فاستمعوا لهذا المثل الذي جعلوه مثلي في قولهم واتخاذهم الآلهة وإنهم لن يقدروا على خلق ذباب ولو اجتمعوا له وهم أضعف لو سلبهم الذباب شيئا فاجتمعوا جميعا ليستنقذوه منه لم يقدروا على ذلك. فكيف تضرب هذه الآلهة مثلا لربها وهو رب كل شيء الواحد الذي ليس كمثله شيء وهو مع كل شيء وأقرب من كل شيء وليس له شبه ولا مثل ولا كفء وهو العلي العظيم الواحد الرب الذي لم يزل ولا يزال».
وقال} {فاجتنبوا الرّجس من الأوثن [الآية 30] وكلّها رجس، والمعنى:
فاجتنبوا الرّجس الذي يكون منها أي: عبادتها.
وقال} {وإنّ يوما عند ربّك كألف سنة مّمّا تعدّون [الآية 47] يقول: «هو في الثقل ومما يخاف منه كألف سنة».
وقال} {مّلّة أبيكم إبرهيم [الآية 78] نصب على الأمر.
وقال} {بشرّ مّن ذلكم النّار [الآية 72] رفع على التفسير أي: هي النار. ولو جر على البدل كان جيدا.
وقال} هذان خصمان اختصموا [الآية 19] لأنهما كانا حيين. و «الخصم» يكون واحدا وجماعة.(1/254)
ومن سورة المؤمنين
قال {وإنّ هذه أمّتكم أمّة وحدة [الآية 52] فنصب} {أمة واحدة على الحال. وقرأ بعضهم} {أمتكم أمة واحدة على البدل ورفع} {امة واحدة على الخبر.
وقال} {إذا هم يجئرون [الآية 64] من «جأر» «يجأر» «جؤارا» و «جأرا».
وقال} {على أعقبكم تنكصون [الآية 66] و} {تنكصون مثل} {يعكفون
[الأعراف: الآية 138] و} {يعكفون [الأعراف: الآية 138] وقال} {اخسؤا فيها
(108) لأنّها من «خسأ» «يخسأ» تقول: «خسأته» ف «خسأ».
وقال} {وهم لها سبقون [الآية 61] يقول: من أجلها.
وقال} {أحسن الخلقين [الآية 14] لأن الخالقين هم الصانعون. وقال الشاعر:
[الكامل]} 253وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري (1)
وقال {وشجرة تخرج [الآية 20] على «فأنشأنا جنّات»} {وشجرة [الآية 20].
وقال} {إن لّبثتم إلّا قليلا [الآية 52] أي: ما لبثتم إلّا قليلا. وفي حرف ابن مسعود} {إن لبثتم لقليلا. وقال الشاعر: [الكامل]} 254هبلتك أمّك إن قتلت لمسلما ... وجبت عليك عقوبة المتعمّد (2)
__________
(1) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 94، ولسان العرب (خلق)، (فرا)، وتهذيب اللغة 7/ 26، 15/ 242، ومقاييس اللغة 2/ 214، 4/ 497، وديوان الأدب 2/ 123، وكتاب الجيم 3/ 49، والمخصص 4/ 111، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 619، وتاج العروس (فرا).
(2) البيت لعاتكة بنت زيد في الأغاني 18/ 11، وخزانة الأدب 10/ 373، 374، 376، 378، والدرر 2/ 194، وشرح التصريح 1/ 231، وشرح شواهد المغني 1/ 71، والمقاصد النحوية 2/ 278، ولأسماء بنت أبي بكر في العقد الفريد 3/ 277، وبلا نسبة في الأزهية ص 49، والإنصاف 2/ 641، وأوضح المسالك 1/ 368، وتخليص الشواهد ص 379، والجنى الداني(1/255)
ومن سورة النور
قال {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا [الآية 17] لأن هذه مما يوصل باللام تقول: «إن عدت لمثله فإنّا ظالم».
وقال} {من عبادكم [الآية 32] يريد «من عبيدكم» كما تقول: «هم عباد الله» و «عبيد الله».
وقال} {كمشكوة [الآية 35] أي: كمثل مشكاة.
وقال} {كوكب درّىّ [الآية 35] إذا جعله من «الدرّ» و} {دريء من «درأ» همزها وجعلها «فعّيل» وذلك من تلالئه. وقال بعضهم} {درّي مثل} {فعيل.
وأمّا} {مثل نوره كمشكوة فيها مصباح [الآية 35] فالمصباح في المعنى أن مثل ما أنار من الحق في بيانه كمثل المشكاة. ليس لله مثل تبارك وتعالى.
وقال} {أو الطّفل الّذين لم يظهروا [الآية 31] جعل} {الطّفل [الآية 31] جماعة كما قال} ويولّون الدّبر [القمر: الآية 45].
__________
ص 208، ورصف المباني ص 109، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 548، 550، وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح ابن عقيل ص 193، وشرح عمدة الحافظ ص 236، وشرح المفصل 8/ 71، 9/ 27، واللامات ص 116، ومجالس ثعلب ص 368، والمحتسب 2/ 255، ومغني اللبيب 1/ 24، والمقرب 1/ 112، والمنصف 3/ 127، وهمع الهوامع 1/ 142.(1/256)
ومن سورة الفرقان
قال {قوما بورا [الآية 18] جماعة «البائر» مثل «اليهود» وواحدهم «الهائد».
وقال بعضهم: «هي لغة على غير واحد، كما يقال «أنت بشر» و «أنتم بشر».
وقال} {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا [الآية 19] فحذف «عن الكفّار» وقد يكون ذلك عن الملائكة، والدليل على وجه مخاطبة الكفار أنه قال} {ومن يظلم مّنكم [الآية 19] وقال بعضهم «يعني الملائكة».
وقال} {الّتى أمطرت مطر السّوء [الآية 40] لغتان، يقال «مطرنا» و «أمطرنا».
وقال} {وأمطرنا عليهم حجارة [الحجر: الآية 74] وهما لغتان.
وقال} {إلّا من شآء [الآية 57] استثناء خارج من أوّل الكلام على معنى «لكنّ».
وقال} {والنّهار خلفة [الآية 62] يقول: «يختلفان».
وقال} {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض [الآية 63] فهذا ليس له خبر إلّا في المعنى، والله أعلم.
وقال} {للمتّقين إماما [الآية 74] ف «الإمام» ها هنا جماعة كما قال} {فإنّهم عدوّ لّى [الشّعراء: الآية 77] ويكون على الحكاية كما يقول الرجل إذا قيل له: «من أميركم» قال: «هؤلاء أميرنا». وقال الشاعر: [الكامل]} 255يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ... إنّ العواذل ليس لي بأمير (1)
وقال {ما يعبؤا بكم [الآية 77] لأنّها من «عبأت به» ف «أنا أعبأ به» «عبأ».
وقال} وأناسىّ كثيرا [الآية 49] مثقّلة لأنها جماعة «الإنسيّ».
__________
(1) البيت بلا نسبة في الخصائص 3/ 174، وشرح شواهد المغني 2/ 561، ومغني اللبيب 1/ 232.(1/257)
ومن سورة الشعراء
قال {فظلّت أعنقهم لها خضعين [الآية 4] يزعمون أنها على الجماعات نحو «هذا عنق من الناس» يعنون «الكثير» أو ذكّر كما يذكر بعض المؤنث لما أضافه إلى مذكّر. وقال الشاعر: [الطويل]} 256باكرتها والدّيك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (1)
فجماعات هذا «أعناق» أو يكون ذكّره لإضافته إلى المذكّر كما يؤنّث لإضافته إلى المؤنث نحو قوله: [الطويل] 257وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم (2)
وقال آخر: [الرجز]
258 - لما رأى متن السّماء انقدّت (3)
وقال: [الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون بعد المئتين] 259إذا القنبضات طوّفن بالضّحى ... رقدن عليهنّ الحجال المسجّف (4)
__________
(1) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص 4، والحماسة البصرية 2/ 74، وخزانة الأدب 8/ 78، 79، 84، وشرح أبيات سيبويه 1/ 476، وشرح شواهد المغني ص 782، والصاحبي في فقه اللغة ص 250، والكتاب 2/ 47، ولسان العرب (نعش)، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 370، وشرح المفصل 5/ 105، ومغني اللبيب 265، والمقتضب 2/ 226.
(2) البيت للأعشى في ديوانه ص 173، والأزهية ص 238، والأشباه والنظائر 5/ 255، وخزانة الأدب 5/ 106، والدرر 5/ 19، وشرح أبيات سيبويه 1/ 54، والكتاب 1/ 52، ولسان العرب (صدر)، (شرق)، والمقاصد النحوية 3/ 378، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 105، والخصائص 2/ 417، ومغني اللبيب 2/ 513، والمقتضب 4/ 197، 199، وهمع الهوامع 2/ 49.
(3) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(4) البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 24، ولسان العرب (قبض)، (قنبض)، (رجع)، (سجف)، (حجل)، وأساس البلاغة (سجف)، وجمهرة اللغة ص 1126، وتهذيب اللغة 4/ 144، 8/(1/258)
و «القنبض»: القصير. وقال آخر: [الطويل] 260وإنّ امرءا أهدى إليك ودونه ... من الأرض موماة وبيداء خيفق (1)
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته ... وأن تعلمي أنّ المعان موفّق
فأنّث. والمحقوق هو المرء. وإنما أنّث لقوله «أن تستجيبي لصوته» ويقولون: «بنات عرس» و «بنات نعش» و «بنو نعش». وقالت امرأة من العرب «أنا امرؤ لا أحبّ الشّرّ». وذكر لرؤبة رجل فقال «كان أحد بنات مساجد الله» كأنه جعله حصاة.
وقال {إنّا رسول ربّ العلمين [الآية 16] وهذا يشبه أن يكون مثل «العدوّ» وتقول «هما عدوّ لي».
وقال} {وتلك نعمة تمنّها علىّ [الآية 22] فيقال هذا استفهام كأنّه قال «أو تلك نعمة تمنّها» ثم فسر فقال} {أن عبّدتّ بنى إسرءيل [الآية 22] وجعله بدلا من النعمة.
وقال} {هل يسمعونكم [الآية 72] أي: «هل يسمعون منكم» أو «هل يسمعون دعاءكم». فحذف «الدعاء» كما قال الشاعر: [البسيط]} 261القائد الخيل منكوبا دوابرها ... قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا (2)
تريد: أحكمت حكمات الأبق. فحذف «حكمات» وأقام «الأبق» مقامها.
و «الأبق»: الكتّان.
__________
350، 9/ 385، 10/ 596، وكتاب العين 5/ 246، 6/ 57، وتاج العروس (قنبص)، (قنبض)، (سجف).
(1) يروى البيتان بلفظ:
وإنّ امرءا أسرى إليك ودونه ... من الأرض موماة وبيداء سملق
لمعقوفة أن تستجيبي دعاءه ... وأن تعلمي أن المعان موفّق
والبيتان للأعشى في ديوانه ص 273، وتخليص الشواهد ص 188، وخزانة الأدب 3/ 252، 253، 5/ 291، 293، 295، والصاحبي في فقه اللغة ص 216، وكتاب الصناعتين ص 143، ولسان العرب (حقق).
(2) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 49، ولسان العرب (أبق)، (حكم)، وتهذيب اللغة 4/ 114، 9/ 355، وجمهرة اللغة ص 1026، وتاج العروس (حكم)، ومجمل اللغة 1/ 159، ومقاييس اللغة 1/ 39، وديوان الأدب 2/ 329، وأساس البلاغة (حكم)، وبلا نسبة في لسان العرب (حكم)، والمخصص 4/ 71، وديوان الأدب 2/ 133، وكتاب العين (حكم).(1/259)
وقال {أولم يكن لّهم ءاية أن يعلمه [الآية 197] اسم في موضع رفع مثل} {مّا كان حجّتهم إلّآ أن قالوا [الجاثية: الآية 25] ولكن هذا لا يكون فيه إلا النصب في الأول} {أن يعلمه [الآية 197] هو الذي يكون آية وقد يجوز الرفع وهو ضعيف.
وقال} {على بعض الأعجمين [الآية 198] واحدهم «الأعجم» وهو إضافة كالأشعرين.
وقال} {لا يؤمنون به حتّى يروا العذاب الأليم (201) [الآية 201]} {فيأتيهم
[الآية 202] ليس بمعطوف على} {حتّى [البقرة: الآية 55] إنّما هو جواب لقوله} {لا يؤمنون به [الحجر: الآية 13] فلما كان جوابا للنفي انتصب، وكذلك} {فيقولوا [الآية 203] إنما هو جواب للنفي.
وقال} إنّى ءامنت بربّكم فاسمعون (25) [يس: الآية 25] أي: فاسمعوا مني.(1/260)
ومن سورة النمل
قال {نودى أن بورك [الآية 8] أي: نودي بذلك.
وقال} {بشهاب قبس [الآية 7] إذا جعل «القبس» بدلا من «الشّهاب» وإن أضاف «الشّهاب» إلى «القبس» لم ينون «الشّهاب» وكلّ حسن.
وقال} {إلّا من ظلم ثمّ بدّل حسنا بعد سوء [الآية 11] لأن} {إلّا تدخل في مثل هذا الكلام كمثل قول العرب: «ما أشتكي إلّا خيرا» فلم يجعل قوله «إلّا خيرا» على الشكوى ولكنه علم إذا قال لهم «ما أشتكي شيئا» أنه يذكر من نفسه خيرا. كأنه قال «ما أذكر إلّا خيرا».
وقال} {علّمنا منطق الطّير [الآية 16] لأنها لما كانت تكلمهم صار كالمنطق.
وقال الشاعر: [الخفيف]
} صدّها منطق الدجاج عن القصد (1)
وقال: [الرجز]
فصبّحت والطير لم تكلّم (2)
وقال {ألّا يسجدوا [الآية 25] يقول} {وزيّن لهم الشّيطن أعملهم [الآية 34] ل «أن لّا يسجدوا». وقال بعضهم} {ألّا يسجدوا [الآية 25] فجعله أمرا كأنه قال لهم «ألا اسجدوا» وزاد بينهما «يا» التي تكون للتنبيه ثم أذهب ألف الوصل التي في «اسجدوا» وأذهب الألف التي في «يا» لأنها ساكنة لقيت السين فصارت} {ألّا يسجدوا [الآية 25]. وفي الشعر: [الطويل]} 262ألا يا سلمى يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر (3)
__________
(1) تقدم البيت بتمامه مع تخريجه برقم 233.
(2) تقدم الرجز برقم 235.
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه ص 559، والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد ص 231، 232،(1/261)
وإنّما هي: ألا يا اسلمى.
وقال {إنّه من سليمن وإنّه بسم الله [الآية 30] على} {إنّى ألقى إلىّ كتب
[الآية 29]} {إنّه من سليمن [الآية 30] و} {إنه بسم الله و «بسم الله» مقدمة في المعنى.
وقال} {ليبلونى ءأشكر أم أكفر [الآية 40] أي: لينظر أأشكر أم أكفر.
كقولك: «جئت لأنظر أزيد أفضل أم عمرو».
وقال} {قالوا اطّيّرنا بك [الآية 47] فأدغم التاء في الطاء لأنها من مخرجها، وإذا استأنفت قلت «اطّيّرنا».
وقال} {تسعة رهط [الآية 48] فجمع وليس لهم واحد من لفظهم مثل «ذود».
وقال} {أمّن خلق السّموات [الآية 60]} {أمّن يبدؤا الخلق [الآية 64] حتى ينقضي الكلام} {من ها هنا ليست باستفهام على قوله} {خير أمّا يشركون [الآية 59] إنما هي بمنزلة «الّذي».
وقال قل لا يعلم من في السّموات والأرض} {الغيب إلّا الله [الآية 65] كما قال} {إلّا قليل مّنهم [النّساء: الآية 66] وفي حرف ابن مسعود} {قليلا بدلا من الأول لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.
وقال} {ردف لكم [الآية 72] ونظنها «ردفكم»، وأدخل اللام فأضاف بها الفعل كما قال} {للرّءيا تعبرون [يوسف: الآية 43] و} {لربّهم يرهبون [الأعراف: الآية 154]. وتقول العرب: «ردفه أمر»، كما يقولون: «تبعه» و «أتبعه».
وقال} {أنّ النّاس [الآية 82] أي: بأنّ النّاس، وبعضهم يقول} {إنّ النّاس
كما قال} والّذين اتّخذوا من دونه أوليآء ما نعبدهم [الزّمر: الآية 3] إنما معناه
__________
والخصائص 2/ 278، والدرر 2/ 44، 4/ 61، وشرح التصريح 1/ 184، وشرح شواهد المغني 2/ 617، والصاحبي في فقه اللغة ص 232، واللامات ص 37، ولسان العرب (يا)، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص 290، والدرر 5/ 117، وشرح الأشموني 1/ 178، وشرح ابن عقيل ص 136، وشرح عمدة الحافظ ص 199، وشرح قطر الندى ص 128، ولسان العرب (ألا)، ومغني اللبيب 1/ 243، 1/ 111، 2/ 4، 70.(1/262)
يقولون: «ما نعبدهم».
قال {ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون [الآية 28] ف} {ثمّ تولّ عنهم [الآية 28] مؤخرة لأن المعنى «فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثمّ تولّ عنهم».
وقال} {ءايتنا مبصرة [الآية 13] أي: إنّها تبصّرهم حتّى أبصروا. وإن شئت قلت} مبصرة ففتحت، فقد قرأها بعض الناس وهي جيدة يعني مبصرة مبيّنة.(1/263)
ومن سورة القصص
وقال {فرغا إن كادت لتبدى به [الآية 10] أي: فارغا من الوحي إذ تخوّفت على موسى إن كادت لتبدي بالوحي. أي: تظهره.
وقال} {وقالت لأخته قصّيه [الآية 11] أي: قصّي أثره.
وقال} {فلن أكون ظهيرا [الآية 17] كما تقول: «لن يكون فلان في الدّار مقيما» أي: «لا يكوننّ مقيما».
وقال} {تأجرنى [الآية 27] في لغة العرب منهم من يقول «أجر غلامي» ف «هو مأجور» و «أجرته» ف «هو مؤجر» يريد: «أفعلته» ف «هو مفعل» وقال بعضهم:
«آجرته» ف «هو مؤاجر» أراد «فاعلته».
وقال} {من شاطئ الواد الأيمن [الآية 30] جماعة «الشّاطىء» «الشواطىء» وقال بعضهم «شطّ» والجماعة «شطوط».
وقال} {فذنك برهنان [الآية 32] ثقّل بعضهم وهم الذين قالوا} {ذلك
أدخلوا التثقيل للتأكيد كما أدخلوا اللام في «ذلك».
وقال} {ردءا يصدّقنى [الآية 34] أي: عونا فيمنعني ويكون في هذا الوجه:
«ردأته»: أعنته. و} {يصدّقني جزم إذا جعلته شرطا و} {يصدّقنى إذا جعلته من صفة الردء.
وقال} {ولكن رّحمة مّن رّبّك [الآية 46] فنصب} {رحمة على «ولكن رحمك ربّك رحمة».
وقال} {أغوينهم كما غوينا [الآية 63] لأنه من «غوى» «يغوي» مثل «رمى» «يرمي».
وقال} {ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض [الآية 5] على قوله} {يستضعف طآئفة مّنهم يذبّح أبناءهم [الآية 4] ونحن} {نريد أن نّمنّ على الّذين
استضعفوا فى الأرض أي: فعل هذا فرعون ونحن} ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض.(1/264)
وقال {ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض [الآية 5] على قوله} {يستضعف طآئفة مّنهم يذبّح أبناءهم [الآية 4] ونحن} {نريد أن نّمنّ على الّذين
استضعفوا فى الأرض أي: فعل هذا فرعون ونحن} {ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض.
وقال} {ما إنّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة [الآية 76] يريد: إنّ الذي مفاتحه.
وهذا موضع لا يبتدأ فيه «أنّ» وقد قال} {قل إنّ الموت الّذى تفرّون منه فإنّه ملقيكم [الجمعة: الآية 8] وقوله} {تنوء بالعصبة إنّما العصبة تنوء بها. وفي الشعر: [مجزوء الوافر]} تنوء بها فتثقلها ... عجيزتها (1)
وليست العجيزة تنوء بها ولكنها هي تنوء بالعجيزة.
وقال: [الكامل] 263ما كنت في الحرب العوان مغمّرا ... إذ شبّ حرّ وقودها أجزالها (2)
وقال {ويكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشآء [الآية 82] المفسرون يفسرونها:
«ألم تر أنّ الله» وقال} {ويكأنّه لا يفلح الكفرون [الآية 82]، وفي الشعر: [الخفيف]} سالتاني الطّلاق أن رأتا ما ... لي قليلا قد جئتماني بنكر (3)
ويكأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
وقال وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتب إلّا رحمة [الآية 86] استثناء خارج من أول الكلام في معنى «لكن».
__________
(1) تقدم الشطر برقم 117.
(2) البيت للأعشى في ديوانه ص 3.
(3) تقدم البيت الثاني مع تخريجه برقم 228.(1/265)
ومن سورة العنكبوت
قال {ووصّينا الإنسن بولديه حسنا [الآية 8] على «ووضّيناه حسنا». وقد يقول الرجل: «وصّيته خيرا» أي: بخير.
وقال} {ولنحمل خطيكم [الآية 12] على الأمر كأنهم أمروا أنفسهم.
وقال} {كيف يبدئ الله [الآية 19]. وقال} {كيف بدأ الخلق [الآية 20] لأنهما لغتان، تقول: «بدأ الخلق» و «أبدأ».
وقال} {إنّا منجّوك وأهلك إلّا امرأتك [الآية 33] لأنّ الأول كان في معنى التنوين لأنه لم يقع فلذلك انتصب الثاني.
وقال} {ومآ أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السّماء [الآية 22] أي: لا تعجزوننا هربا في الأرض ولا في السّماء.
ومن سورة الروم
قال} {الم (1) غلبت الرّوم [الآيتان 21]} {وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون
[الآية 3] أي: من بعد ما غلبوا. وقال بعضهم} {غلبت و} {سيغلبون لأنهم كانوا حين جاء الإسلام غلبوا ثم غلبوا حين كثر الإسلام.
وقال} {أسائوا السّوأى [الآية 10] ف «السّوأى» مصدرها هنا مثل «التّقوى».
وقال} {ومن ءايته يريكم البرق خوفا وطمعا [الآية 24] فلم يذكر فيها «أن» لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر: [الطويل]} ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (1)
أراد: أن أحضر الوغى.
وقال فطرت الله [الآية 30] فنصبها على الفعل كأنه قال «فطر الله تلك فطرة».
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 107.(1/266)
وقال {منيبين [الآية 31] على الحال لأنه حين قال} {فأقم وجهك [الآية 30] قد أمره وأمر قومه حتى كأنه قال «فأقيموا وجوهكم منيبين».
وقال} {ليكفروا بمآ ءاتينهم فتمتّعوا [الآية 34] فمعناه والله أعلم فعلوا ذلك ليكفروا. وإنما أقبل عليهم فقال «تمتّعوا»} {فسوف تعلمون وقال بعضهم} {فتمتعوا فسوف يعلمون كأنه «فقد تمتّعوا فسوف يعلمون».
وقال} {وإن تصبهم سيّئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون [الآية 36] فقوله} {إذا هم يقنطون هو الجواب لأن «إذا» معلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء.
وقال} {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين [الآية 49] فرد} {مّن قبله على التوكيد نحو} {فسجد الملئكة كلّهم أجمعون (30) [الحجر: الآية 30].
وقال} {من قبل ومن بعد [الآية 4] رفع لأن «قبل» و «بعد» مضمومتان ما لم تضفهما لأنهما غير متمكنتين، فإذا أضفتهما تمكنتا.
ومن سورة لقمان
قال} {هدى ورحمة لّلمحسنين (3) [الآية 3] لأن قوله} {الم (1) تلك ءايت الكتب الحكيم (2) [الآيتان 21] معرفة، فهذا خبر المعرفة.
وقال} {أن اشكر لله [الآية 12] وهي «بأن اشكر الله».
وقال} {إن تك مثقال حبّة [الآية 16] بلغت أي: «إن تكن خطيئة مثقال حبّة» ورفع بعضهم فجعلها «كان» الذي لا يحتاج إلى خبر كأنه «بلغ مثقال حبّة».
وقال} {أولو كان الشّيطن يدعوهم [الآية 21] هنا ألف استفهام أدخلها على واو العطف.
وقال} {ولو أنّما فى الأرض من شجرة أقلم والبحر يمدّه [الآية 27] رفع على الابتداء ونصب على القطع. ورفع الأقلام على خبر «أنّ».
وقال} وما تدرى نفس بأىّ أرض تموت [الآية 34] وقد تقول: «أيّ امرأة
جاءتك» و «أيّة امرأة جاءتك».(1/267)
وقال {وما تدرى نفس بأىّ أرض تموت [الآية 34] وقد تقول: «أيّ امرأة
جاءتك» و «أيّة امرأة جاءتك».
وقال} {وفصله فى عامين [الآية 14] أي في انقضاء عامين ولم يذكر الانقضاء كما قال} {واسأل القرية [يوسف: 82] يعني: أهل القرية.
وقال} {إنّها إن تك مثقال حبّة مّن خردل [الآية 16] يقول: «إن تكن المعصية مثقال حبّة من خردل».
ومن سورة السجدة
قال} {أولم يهد لهم [الآية 26] بالياء يعني «ألم يبيّن». وقال بعضهم} {أو لم نهد أي: أو لم نبيّن لهم.
ومن سورة الاحزاب
قال} {مّن قلبين فى جوفه [الآية 4] إنّما هو «ما جعل الله لرجل قلبين في جوفه»، وجاءت} {مّن توكيدا، كما تقول «رأيت زيدا نفسه»، فأدخل «من» توكيدا.
وقال} {إلّآ أن تفعلوا [الآية 6] في موضع نصب واستثناء خارج.
وقال} {الظّنونا [الآية 10] والعرب تلحق الواو والياء والألف في آخر القوافي. فشبهوا رؤوس الاي بذلك.
وقال} {ولكن رّسول الله وخاتم النّبيّين [الآية 40] أي: ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين.
وقال} {ادعوهم لأبآئهم [الآية 5] لأنك تقول «هو يدعى لفلان».
وقال} {ولآ أن تبدّل بهنّ من أزواج [الآية 52] فمعناه والله أعلم أن تبدّل بهنّ أزواجا. وأدخلت} مّن للتوكيد.(1/268)
وقال {ولا مستئنسين [الآية 53] فعطفه على} {غير [الفاتحة: الآية 7] فجعله نصبا أو على ما بعد} {غير فجعله جرا.
وقال} {إلّا قليلا [الآية 60] أي: «لا يجاورونك إلّا قليلا» على المصدر.
وقال} {إنّ الله وملئكته يصلّون على النّبىّ يأيّها الّذين ءامنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما (56) [الآية 56]، فصلاة الناس عليه دعاؤهم له، وصلاة الله عز وجل إشاعة الخير عنه.
وقال} {وإذا لّا تمتّعون إلّا قليلا [الآية 16] فرفعت ما بعد «إذا» لمكان الواو وكذلك الفاء. وقال} {فإذا لا يؤتون الناس تفسيرا [النساء: 53] وهي في بعض القراءة نصب أعملوها كما يعملونها بغير فاء ولا واو.
وقال} {لا تدخلوا بيوت النّبىّ إلّآ أن يؤذن لكم إلى طعام غير نظرين إنه
[الآية 53] نصب على الحال، أي: إلّا أن يؤذن لكم غير ناظرين. ولا يكون جرا على الطعام إلا أن تقول «أنتم». ألا ترى أنك لو قلت: «ائذن لعبد الله على امرأة مبغضا لها» لم يكن فيه إلا النصب إلا أن تقول «مبغض لها هو» لأنك إذا أجريت صفته عليها ولم تظهر الضمير الذي يدل على أن الصفة له لم يكن كلاما. لو قلت: «هذا رجل مع امرأة ملازمها» كان لحنا حتى تقول «ملازمها» فترفع، أو تقول «ملازمها هو» فتجر.
ومن سورة سبأ
قال} {ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّق إنّكم لفى خلق جديد [الآية 7] فلم يعمل} {ينبّئكم لأن} {إنّكم موضع ابتداء لمكان اللام، كما تقول: «أشهد إنّك لظريف».
وقال} {بلدة طيّبة [الآية 15] أي: على: هذه بلدة طيّبة.
وقال} {لمن أذن له [الآية 23] لأن في المعنى لا يشفع إلا لمن أذن له.
وقال} إلّا لنعلم [الآية 21] على البدل كأنه قال «ما كان ذلك الابتلاء إلّا لنعلم».(1/269)
وقال {قالوا الحقّ [الآية 23] إن شئت رفعت الحق وإن شئت نصبته.
وقال} {وإنّآ أو إيّاكم لعلى هدى [الآية 24] فليس هذا لأنه شك، ولكن هذا في كلام العرب على أنه هو المهتدي. وقد يقول الرجل لعبده «أحدنا ضارب صاحبه» فلا يكون فيه إشكال على السامع أن المولى هو الضارب.
وقال} {يرجع بعضهم إلى بعض القول [الآية 31] لأنك تقول «قد رجعت إليه القول».
وقال} {بل مكر الّيل والنّهار [الآية 33] أي: هذا مكر الّليل والنهار.
والليل والنهار لا يمكران بأحد ولكن يمكر فيهما كقوله} {مّن قريتك الّتى أخرجتك
[محمّد: الآية 13] وهذا من سعة العربية.
وقال} {تقرّبكم عندنا زلفى [الآية 37]. و «زلفى» ها هنا اسم المصدر كأنه أراد: بالتي تقرّبكم عندنا إزلافا.
وقال} {معشار مآ ءاتينهم [الآية 45] أي: عشره. ولا يقولون هذا في سوى العشر.
وقال} {افترى على الله كذبا [الآية 8] فالألف قطع لأنها ألف الاستفهام، وكذلك ألف الوصل إذا دخلت عليها ألف الاستفهام.
ومن سورة الملائكة (فاطر)
قال} {أولى أجنحة مّثنى وثلث وربع [الآية 1] فلم يصرفه لأنه توهم به «الثلاثة» و «الأربعة». وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد. وقال في مكان آخر} {أن تقوموا لله مثنى وفردى [سبإ: الآية 46] وتقول «ادخلوا أحاد أحاد» كما تقول «ثلاث ثلاث». وقال الشاعر: [الوافر]} أحمّ الله ذلك من لقاء ... أحاد أحاد في شهر حلال (1)
وقال مّا يفتح الله للنّاس من رّحمة فلا ممسك لها [الآية 2] فأنث لذكر
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 162.(1/270)
الرحمة {وما يمسك فلا مرسل له من بعده [الآية 2] فذكر لأن لفظ} {ما يذكّر.
وقال} {ولو كان ذا قربى [الآية 18] لأنه خبر.
وقال} {وإن تدع مثقلة إلى حملها [الآية 18] فكأنه قال و «إن تدع إنسانا لا يحمل من ثقلها شيئا ولو كان الإنسان ذا قربى».
وقال} {ولا الظّلّ ولا الحرور (21) [الآية 21] فيشبه أن تكون} {لا زائدة لأنك لو قلت: «لا يستوي عمرو ولا زيد» في هذا المعنى لم يكن إلا أن تكون} {لا زائدة.
وقال} {ومن الجبال جدد بيض [الآية 27] و «الجدد» واحدتها «جدّة» و «الجدد» هي ألوان الطرائق التي فيها مثل «الغدّة» وجماعتها «الغدد» ولو كانت جماعة «الجديد» لكانت «الجدد». وإنما قرئت} {مّختلفا ألونها [الآية 27] لأن كل صفة مقدمة فهي تجري على الذي قبلها إذا كانت من سببه فالثمرات في موضع نصب.
وقال} {وحمر مّختلف ألونها [الآية 27] فرفع «المختلف» لأن الذي قبلها مرفوع.
وقال} {هو الحقّ مصدّقا [الآية 31] لأن الحق معرفة.
وقال} {إنّ الله يمسك السّموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما [الآية 41] فثنى وقد قال} {السموات والأرض فهذه جماعة وأرى والله أعلم أنه جعل السماوات صنفا كالواحد.
وقال} {لّيكوننّ أهدى من إحدى الأمم [الآية 42] فجعلها إحدى لأنها أمة.
وقال} {ولو يؤاخذ الله النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة
[الآية 45] فأضمر الأرض من غير أن يكون ذكرها لأن هذا الكلام قد كثر حتى عرف معناه، تقول: «أخبرك ما على ظهرها أحد أحبّ إليّ منك وما بها أحد آثر عندي منك».
وقال} {ولا يخفّف عنهم مّن عذابها [الآية 36] وقد قال} كلّما خبت زدنهم سعيرا [الإسراء: الآية 97] يقول: «لا يخفّف عنهم من العذاب الذي هو هكذا».(1/271)
ومن سورة يس
قال {يس (1) [الآية 1] يقال معناها يا إنسان كأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك قال} {إنّك لمن المرسلين (3) [الآية 3] لأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال} {لتنذر قوما مّآ أنذر ءابآؤهم فهم غفلون [الآية 6] أي: قوم لم ينذر آباؤهم لأنهم كانوا في الفترة. وقال بعضهم} {ما انذره آباؤهم فهم غافلون
فدخول الفاء في هذا المعنى كأنه لا يجوز والله أعلم وهو على الأول أحسن.
وقال} {طئركم مّعكم أئن ذكّرتم [الآية 19] أي: إن ذكّرتم فمعكم طائركم.
وقال} {لا الشّمس [الآية 40] فأدخل «لا» لمعنى النفي ولكن لا ينصب ما بعدها إلا أن تكون نكرة فهذا مثل قوله} {ولآ أنتم عبدون [الكافرون: الآية 3].
وقال} {فمنها ركوبهم [الآية 72] أي: «منها ما يركبون» لأنك تقول: «هذه دابّة ركوب». و «الركوب»: هو فعلهم.
وقال} {سلم قولا [الآية 58] فانتصب} {قولا على البدل من اللفظ بالفعل كأنه قال «أقول قولا» وقرأه ابن مسعود} [1] {سلما [الآية 69] وعيسى} [2] وابن أبي إسحاق (3) كذلك نصبوها على خبر المعرفة على.
قوله ولهم مّا يدّعون [الآية 57].
__________
(1) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود، تقدمت ترجمته.
(2) عيسى: هو عيسى بن عمر الثقفي، تقدمت ترجمته.
(3) ابن أبي إسحاق: هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي. (انظر ترجمته في: أخبار النحويين البصريين 19، مراتب النحويين 12، نزهة الألباء 10، طبقات اللغويين 31، إنباه الرواة 3/ 104).(1/272)
ومن سورة الصافات
قال {رّبّ السّموت والأرض [الآية 5] على «أنّ إلهكم ربّ» ونصب بعضهم} {ربّ السموات} {وربّ المشرق [الآية 5] فجعله صفة للاسم الذي وقعت عليه «إنّ» والأول أجود لأن الأول في هذا المعنى وهو متناول بعيد في التفسير.
وقال} {زيّنّا السّمآء الدّنيا بزينة الكوكب [الآية 6] فجعل «الكواكب» بدلا من «الزينة» وبعضهم يقول} {بزينة الكوكب [الآية 6] وليس يعني بعضها ولكن زينتها حسنها.
وقال} {وحفظا [الآية 7] لأنه بدل من اللفظ بالفعل كأنه قال: «وحفظناها حفظا».
وقال} {لمن المصدّقين [الآية 52] وثقل بعضهم وليس للتثقيل معنى إنما معنى التثقيل «المتصدّقين» وليس هذا بذاك المعنى. إنما معنى هذا من «التّصديق» وليس من «التصدّق» وإنما تضعّف هذه ويخفف ما سواها «والصّدقة» تضعّف صادها وتلك غير هذه. إنما سئل رجل عن صاحبه فحكى عن قرينه في الدنيا فقال:} {كان لى قرين [الآية 51] يقول:} {أءنّك لمن المصدّقين [الآية 52] إنا لنبعث بعد الموت. أي: أتؤمن بهذا؟ أي: تصدق بهذا.
وقال} {وتلّه للجبين [الآية 103] كما تقول: «أكبّه لوجهه» و «أكببته لوجهه» لأنه في المعنى شبه «أقصيته».
وقال} {مائة ألف أو يزيدون [الآية 147] يقول: كانوا كذاك عندكم.
ومن سورة ص
قال} {ص والقرءان ذى الذّكر (1) [الآية 1] فيزعمون أن موضع القسم في قوله} {إن كلّ إلّا كذّب الرّسل [الآية 14].
وقال} {وّ لات حين مناص [الآية 3] فشبهوا} {لات ب} {لّيس وأضمروا فيها
اسم الفاعل ولا تكون} {لات إلّا مع} {حين ورفع بعضهم} {وّ لات حين مناص
[الآية 3] فجعله في قوله مثل} لّيس كأنه قال «ليس أحد» وأضمر الخبر. وفي الشعر: [الخفيف](1/273)
وقال {وّ لات حين مناص [الآية 3] فشبهوا} {لات ب} {لّيس وأضمروا فيها
اسم الفاعل ولا تكون} {لات إلّا مع} {حين ورفع بعضهم} {وّ لات حين مناص
[الآية 3] فجعله في قوله مثل} {لّيس كأنه قال «ليس أحد» وأضمر الخبر. وفي الشعر: [الخفيف]
} 264طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء (1)
فجرّ «أوان» وحذف وأضمر «الحين» وأضاف إلى «أوان» لأنّ {لات لا تكون إلا مع «الحين».
وقال} {أجعل الألهة إلها واحدا [الآية 5] كما تقول: «أتجعل مئة شاهد شاهدا واحدا».
وقال} {فطفق مسحا [الآية 33] أي: يمسح مسحا.
وقال} {رخآء [الآية 36] فانتصاب} {رخآء [الآية 36] والله أعلم على «رخّيناها رخاء».
ومن سورة الزمر
قال} {وأمرت لأن أكون [الآية 12] أي: وبذلك أمرت.
وقال} {والّذين اجتنبوا الطّغوت أن يعبدوها [الآية 17] لأنّ} {الطاغوت في معنى جماعة. وقال} {أوليآؤهم الطّغوت [البقرة: الآية 257] وإن شئت جعلته واحدا مؤنّثا.
وقال} {أفأنت تنقذ من [الآية 19] أي: أفأنت تنقذه، واستغنى بقوله} تنقذ من فى النّار [الآية 19] عن هذا.
__________
(1) البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص 30، والإنصاف ص 109، وتخليص الشواهد ص 295، وتذكرة النحاة ص 734، وخزانة الأدب 4/ 183، 185، 190، والدرر 2/ 119، وشرح شواهد المغني ص 640، 960، والمقاصد النحوية 2/ 156، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 249، وخزانة الأدب 4/ 169، 6/ 539، 545، والخصائص 2/ 370، ورصف المباني ص 169، 262، وسرّ صناعة الإعراب ص 509، وشرح الأشموني 1/ 126، وشرح المفصل 9/ 32، ولسان العرب (أون)، (لا)، (لات)، ومغني اللبيب ص 255، وهمع الهوامع 1/ 126.(1/274)
وقال {أفمن شرح الله صدره للإسلم فهو على نور مّن رّبّه [الآية 22] فجعل قوله} {فويل لّلقسية قلوبهم [الآية 22] مكان الخبر.
وقال} {أفمن يتّقى بوجهه [الآية 24] فهذا لم يظهر له خبر في اللفظ ولكنه في المعنى والله أعلم كأنه «أفمن يتّقي بوجهه أفضل أم من لا يتّقي».
وقال} {قرءانا عربيّا غير ذى عوج [الآية 28] لأن قوله} {ولقد ضربنا للنّاس فى هذا القرءان من كلّ مثل [الآية 27] معرفة فانتصب خبره.
وقال} {والّذى جآء بالصّدق [الآية 33] ثم قال} {أولئك هم المتّقون [الآية 33] فجعل «الذي» في معنى جماعة بمنزلة} {من.
وقال} {وجوههم مّسودّة [الآية 60] فرفع على الابتداء. ونصب بعضهم فجعلها على البدل. وكذلك} {ويجعل الخبيث بعضه على بعض [الآية 37] جعله بدلا من} {الخبيث ومنهم من قال} {بعضه على بعض [الآية 37] فرفع على الابتداء. أو شغل الفعل بالأول. وقال بعضهم} {مسوادّة وهي لغة لأهل الحجاز يقولون: «اسوادّ وجهه» و «احمارّ» يجعلونه «افعالّ» كما تقول للأشهب «قد اشهابّ» وللأزرق «قد ازراقّ». وقال بعضهم: لا يكون «افعالّ» في ذي اللون الواحد، وإنّما يكون في نحو الأشهب ولا يكون في نحو الأحمر، وهما لغتان.
وقال} {أفغير الله تأمرونّى أعبد [الآية 64] يريد «أفغير الله أعبد تأمرونني» كأنه أراد الإلغاء والله أعلم كما تقول «هل ذهب فلان. تدري» جعله على معنى «ما تدري».
وقال} {ولقد أوحى إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك [الآية 65].
وقال} {وترى الملئكة حآفّين من حول العرش [الآية 75] ف} {مّن أدخلت ها هنا توكيدا والله أعلم نحو قولك «ما جاءني من أحد». وثقّلت «الحافين» لأنها من «حففت».
وقال} {حتّى إذا جآءوها وفتحت أبوبها [الآية 73] فيقال: إن قوله} {وقال لهم خزنتها [الآية 31] في معنى} {قال لهم كأنه يلقي الواو. وقد جاء في الشعر شيء يشبه أن تكون الواو زائدة فيه. قال الشاعر: [الكامل]} فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن ... إلّا كلمّة حالم بخيال (1)
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 105.(1/275)
فيشبه أن يكون يريد «فإذا ذلك لم يكن». وقال بعضهم: «أضمر الخبر» وإضمار الخبر أحسن في الآية أيضا وهو في الكلام.
وقال {والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسّموت مطويّت بيمينه
[الآية 67] يقول: «في قدرته» نحو قوله} {وما ملكت أيمانكم [النساء: 36] أي:
وما كانت لكم عليه قدرة، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر البدن. وأما قوله} {قبضته [الآية 67] فنحو قولك للرجل: «هذا في يدك وفي قبضتك».
ومن سورة حم المؤمن [غافر]
قال} {حم (1) [الآية 1]} {تنزيل الكتب من الله العزيز العليم (2) [الآية 2]} {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب [الآية 3] فهذا على البدل لأن هذه الصفة. وأما} {غافر الذّنب وقابل التّوب [الآية 3] فقد يكون معرفة لأنك تقول: «هذا ضارب زيد مقبلا» إذا لم ترد به التنوين. ثم قال} {ذى الطّول [الآية 3] فيكون على البدل وعلى الصفة ويجوز فيه الرفع على الابتداء والنصب على خبر المعرفة إلا في} {ذى الطّول [الآية 3] فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة لأنه معرفة.
و «التوب» هو جماعة التوبة ويقال «عومة» و «عوم» في «عوم السّفينة»، وقال الشاعر: [البسيط]
} 265عوم السّفين فلمّا حال دونهم ... فيد القريّات فالفتكان فالكرم (1)
قال {وهمّت كلّ أمّة برسولهم [الآية 5] فجمع على «الكلّ» لأن «الكلّ» مذكر معناه معنى الجماعة.
وقال} {وكذلك حقّت كلمت ربّك على الّذين كفروا أنّهم أصحب النّار (6) [الآية 6] أي: لأنّهم أو بأنّهم وليس} {أنّهم في موضع مفعول. ليس مثل قولك «أأحقّت أنهم» لو كان كذلك كان «أحقّت أنّهم».
وقال} وسعت كلّ شيء رّحمة وعلما [الآية 7] فانتصابه كانتصاب «لك
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/276)
مثله عبدا» لأنك قد جعلت «وسعت» ل «كلّ شيء» وهو مفعول به والفاعل التاء وجئت ب «الرّحمة» و «العلم» تفسيرا قد شغل عنها الفعل كما شغل «المثل» بالهاء فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل.
وقال {ينادون لمقت الله أكبر [الآية 10] فهذه اللام هي لام الابتداء كأنه «ينادون» فيقال لهم «لأنّ النداء قول». ومثله في الإعراب: يقال: «لزيد أفضل من عمرو».
وقال} {يوم هم برزون [الآية 16] فأضاف المعنى فلذلك لا ينون اليوم كما قال} {يوم هم على النّار يفتنون (13) [الذّاريات: الآية 13]. وقال} {هذا يوم لا ينطقون (35) [المرسلات: الآية 35] معناه هذا يوم فتنتهم. ولكن لما ابتدأ الاسم وبقي عليه لم يقدر على جرّه وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة. وهذا إنما يكون إذا كان «اليوم» في معنى «إذ» وإلا فهو قبيح.
ألا ترى أنك تقول «لقيتك زمن زيد أمير» أي: إذ زيد أمير. ولو قلت «ألقاك زمن زيد أمير» لم يحسن.
وقال} {رفيع الدّرجت ذو العرش [الآية 15] رفيع رفع على الابتداء.
والنصب جائز لو كان في الكلام على المدح.
وقال} {لّمن الملك اليوم [الآية 16] فهذا على ضمير «يقول».
وقال} {إذ القلوب لدى الحناجر كظمين [الآية 18] فانتصاب} {كظمين على الحال كأنه أراد «القلوب لدى الحناجر في هذه الحال».
وقال} {على كلّ قلب متكبّر جبّار [الآية 35] فمن نون جعل «المتكبّر الجبّار» من صفته ومن لم ينون أضاف «القلب» إلى المتكبر.
وقال} {يهمن ابن لى [الآية 36] بعضهم يضم النون كأنه أتبعها ضمة النون التي في} {هامان كما قالوا «منتن» فكسروا الميم للكسرة التي في التاء وبينها حرف ساكن فلم يحل. وكذلك لم يحل الباء في قوله} {ابن لى.
وقال} {وحاق بال فرعون سوء العذاب [الآية 45]} {النار [الآية 47] فإن شئت جعلت} {النّار بدلا من} {سوء العذاب ورفعتها على} {حاق وإن شئت جعلتها تفسيرا ورفعتها على الابتداء كأنك تقول: «هي النار» وإن شئت جررت على أن تجعل} {النّار بدلا من} العذاب [البقرة: الآية 49] كأنك أردت: «سوء النار».(1/277)
وقال {غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا ءال فرعون أشدّ العذاب [الآية 46] وفيه ضمير «يقال لهم ادخلوا يا آل فرعون» وقال بعضهم} {أدخلوا فقطع وجعله من «أدخل يدخل». وقال} {غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة [الآية 46] فإنما هو مصدر كما تقول: «آتيه ظلاما» تجعله ظرفا وهو مصدر جعل ظرفا ولو قلت «موعدك غدرة» أو «موعدك ظلام» فرفعته كما تقول: «موعدك يوم الجمعة» لم يحسن لأن هذه المصادر وما أشبهها من نحو «سحر» لا تجعل إلا ظرفا والظرف كله ليس بمتمكن.
وقال} {إنّا كلّ فيها [الآية 48] فجعل} {كلّ اسما مبتدأ كما تقول: «إنّا كلّنا فيها».
وقال} {ويوم يقوم الأشهد [الآية 51] و} {تقوم كلّ جائز وكذلك كل جماعة مذكّر أو مؤنث من الإنس فالتذكير والتأنيث في فعله جائز.
وقال} {وسبّح بحمد ربّك بالعشىّ والإبكر [الآية 55] يريد «في الإبكار» وقد تقول «بالدار زيد» تريد «زيد في الدّار».
وقال} {ادعونى أستجب لكم [الآية 60] فقوله} {أستجب إنّما هو «أفعل» هذه الألف سوى ألف الوصل. ألا ترى أنّك تقول: «بعت» «تبيع» ثم تقول «أبيع» فتجيء فيها ألف ل «أفعل» فهي نظير الياء والتاء في «يفعل» و «تفعل» تقطع كل شيء كان على «أفعل» في وصل كان أو قطع.
وقال} {كنّا لكم تبعا [الآية 47] لأن «التبع» يكون واحدا وجماعة ويجمع فيقال «أتباع».
وقال} {لتركبوا منها [الآية 79] كأنه أضمر «شيئا».
وقال} {أدخلوا ءال فرعون أشدّ العذاب [الآية 46] وقال} {إنّ المنفقين فى الدّرك الأسفل من النّار [النّساء: الآية 145] فيجوز أن يكون آل فرعون أدخلوا مع المنافقين في الدّرك الأسفل وهو أشد العذاب.
وأمّا قوله} فإنّى أعذّبه عذابا لّا أعذّبه أحدا مّن العلمين [المائدة: 115] فقوله:
لا أعذّبه أحدا من عالم أهل زمانه.(1/278)
ومن سورة السجدة [فصلت]
قال {كتب فصّلت ءايته [الآية 3] فالكتاب خبر المبتدأ أخبر به أن التنزيل كتاب ثم قال} {فصّلت ءايته قرءانا عربيّا [الآية 3] شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل فنصب القرآن.
وقوله} {بشيرا ونذيرا [الآية 4] حين شغل عنه. وإن شئت جعلته نصبا على المدح كأنه حين أقبل على مدحه فقال «ذكرنا قرآنا عربيّا بشيرا ونذيرا» أو «ذكرناه قرآنا عربيّا» وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر وقال} {ومن بيننا وبينك حجاب [الآية 5] معناه والله أعلم «وبيننا وبينك حجاب» ولكن دخلت «من» للتوكيد.
وأمّا من نصب} {سواء للسّائلين [الآية 10] فجعله مصدرا كأنه قال «استواء» وقد قرىء بالجرّ وجعل اسما للمستويات أي: في أربعة أيّام تامّة.
وأما قوله} {خلق الأرض فى يومين [الآية 9] ثم قال} {أربعة أيّام [الآية 10] فإنما يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام كما تقول «تزوّجت أمس امرأة، واليوم ثنتين» وإحداهما التي تزوجتها أمس.
قال} {ووصّينا الإنسن بولديه [العنكبوت: الآية 8] يقول: «بخير».
وقال} {وزيّنّا السّمآء الدّنيا بمصبيح وحفظا [الآية 12] كأنه قال «وحفظناها حفظا» لأنه حين قال: «زيّنّاها بمصابيح» قد أخبر أنه نظر في أمرها وتعاهدها فذا يدل على الحفظ كأنه قال: «وحفظناها حفظا».
وقال} {فى أيّام نحسات [الآية 16] وهي لغة من قال «نحس» و} {نّحسات
[الآية 16] لغة من قال «نحس».
وقال} {قالوا أنطقنا الله الّذى أنطق كلّ شىء [الآية 21] فجاء اللفظ بهم مثل اللفظ في الإنس لما خبّر عنهم بالنطق والفعل كما قال} يا أيّها النّمل ادخلوا مسكنكم [النّمل: الآية 18] لما عقلن وتكلمن صرن بمنزلة الإنس في لفظهم. قال الشاعر: [الرجز](1/279)
فصبّحت والطّير لم تكلّم ... جابية طمّت بسيل مفعم (1)
وقال {لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه [الآية 26] أي: لا تطيعوه. كما تقول «سمعت لك» وهو والله اعلم على وجه «لا تسمعوا القرآن». وقال} {وألغوا فيه [الآية 26] لأنها من «لغوت» «يلغا» مثل «محوت» «يمحا» وقال بعضهم} {والغوا فيه [الآية 26] وقال «لغوت» «تلغو» مثل «محوت» «تمحو» وبعض العرب يقول:
«لغي» «يلغى» وهي قبيحة قليلة ولكن «لغي بكذا وكذا» أي: أغري به فهو يقوله ونصنعه.
وقال} {ذلك جزاء أعداء الله النّار [الآية 28] رفع على الابتداء كأنه تفسيرا للجزاء.
وقال} {لا تخافوا [الآية 30] يقول: بأن لا تخافوا.
وقال} {نزلا [الآية 32] لأنه شغل} {لكم ب} {ما تشتهى أنفسكم [الآية 31] حتى صارت بمنزلة الفاعل وهو معرفة وقوله} {نزلا ينتصب على «نزّلنا نزلا» نحو قوله} {رحمة مّن رّبّك [الإسراء: الآية 28].
وقال} {ولا تستوى الحسنة ولا السّيّئة [الآية 34] وقد يجوز، لأنك تقول:
«لا يستوي عبد الله ولا زيد» إذا أردت: «لا يستوي عبد الله وزيد» لأنهما جميعا لا يستويان. وإن شئت قلت إن الثانية زائدة تريد: لا يستوي عبد الله وزيد.
فزيدت لا توكيدا كما قال} {لّئلّا يعلم أهل الكتب [الحديد: الآية 29] أي: لأن يعلم. وكما قال} {لا اقسم بيوم القيامة [القيامة: 1].
وقال} {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم [الآية 41] فزعم بعض المفسرين أن خبره} {أولئك ينادون من مّكان بعيد [الآية 44] وقد يجوز أن يكون على الأخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت أشياء عن الخبر إذ طال الكلام وعرف المعنى نحو قوله} {ولو أنّ قرءانا سيّرت به الجبال [الرّعد: الآية 31] وما أشبهه.
وحدثنى شيخ من أهل العلم قال: «سمعت عيسى بن عمر} [2] يسأل عمرو بن عبيد (3): إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم [الآية 41] أين خبره؟» فقال عمرو:
__________
(1) تقدم الرجز مع تخريجه برقم 235.
(2) عيسى بن عمر: تقدمت ترجمته.
(3) عمرو بن عبيد: هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي، أبو عثمان البصري، شيخ المعتزلة في عصره(1/280)
«معناه في التفسير {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم [الآية 41] كفروا به} {وإنّه لكتب عزيز [الآية 41]» فقال عيسى: «جاء يا أبا عثمان».
وقال} {ولو جعلناه قرءانا أعجميّا لّقالوا لولا فصّلت ءايته ءاعجمىّ وعربىّ [الآية 44] يقول:} {هلا فصّلت آياته أأعجمي يعني القرآن} {وعربىّ [الآية 44] يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقد قرئت من غير استفهام وكلّ جائز في معنى واحد.
وقال} {وظنّوا ما لهم مّن مّحيص [الآية 48] أي: فاستيقنوا، لأن} {مآ ها هنا حرف وليس باسم والفعل لا يعمل في مثل هذا فلذلك جعل الفعل ملغى.
ومن سورة حم عسق [الشورى]
قال} {أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه [الآية 13] على التفسير كأنه قال «هو أن أقيموا الدين» على البدل.
وقال} {وأمرت لأعدل بينكم [الآية 15] أي: أمرت كي أعدل.
وقال} {إلّا المودّة فى القربى [الآية 23] استثناء خارج. يريد والله أعلم إلّا أن أذكر مودة قرابتي.
وأما} {يبشر [الآية 23] فتقول «بشّرته» و «أبشرته» وقال بعضهم «أبشره» خفيفة فذا من «بشرت» وهو في الشعر. قال الشاعر: [البسيط]} 266وقد أروح إلى الحانوت أبشره ... بالرّحل فوق ذرى العيرانة الأجد (1)
__________
ومفتيها وأحد الزهاد المشهورين، كان جده من سبي فارس، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة، واشتهر بعلمه وزهده وأخباره مع المنصور العباسي وغيره، وفيه قال المنصور: كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد، توفي بمران قرب مكة سنة 144هـ، له رسائل وخطب كثيرة ومصنفات، منها: «تفسير القرآن عن حسن البصري»، «خطب ورسائل»، «ديوان شعره».
(انظر: كشف الظنون 5/ 802، الأعلام 5/ 81، وفيات الأعيان 1/ 384، البداية والنهاية 10/ 78، ميزان الاعتدال 2/ 294، طبقات المعتزلة ص 35، مفتاح السعادة 2/ 35).
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/281)
قال أبو الحسن (1): أنشدني يونس (2) هذا البيت هكذا وجعل {الّذى يبشر
[الشّورى: الآية 23] اسما للفعل كأنه «التبشير» كما قال} {اصدع بما تؤمر [الحجر:
94] أي: اصدع بالأمر. ولا يكون أن تضمر فيها الباء وتحذفها لأنك لا تقول «كلّم الذي مررت» وأنت تريد «به».
وقوله} {ويستجيب الّذين ءامنوا [الآية 26] أي: استجاب. فجعلهم هم الفاعلين.
وقال} {ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور (43) [الآية 43]. أما اللام التي في} {ولمن صبر [الشّورى: الآية 43] فلام الابتداء، وأما ذلك فمعناه والله أعلم أن ذلك منه لمن عزم الأمور. وقد تقول: «مررت بدار الذراع بدرهم» أي:
الذراع منها بدرهم» و: «مررت ببرّ قفيز بدرهم» أي: «قفيز بدرهم» أي: «قفيز منه». وأما ابتداء «إن» في هذا الموضوع فكمثل} {قل إنّ الموت الّذى تفرّون منه فإنّه ملقيكم [الجمعة:
الآية 8] يجوز ابتداء مثل هذا إذا طال الكلام في مثل هذا الموضع.
وقال} {ينظرون من طرف خفيّ [الآية 45] جعل «الطرف» العين كأنه قال «ونظرهم من عين ضعيفة» والله أعلم وقال يونس: «إن} {من طرف [الآية 45] مثل: «بطرف» كما تقول العرب: «ضربته في السّيف» و «بالسّيف».
وقال} {ألا إلى الله تصير الأمور [الآية 53] لأن الله تبارك وتعالى يتولى الأشياء دون خلقه يوم القيامة وهو في الدنيا قد جعل بعض الأمور إليهم من الفقهاء والسلطان وأشباه ذلك.
ومن سورة حم الزخرف
قال} {أن كنتم قوما مّسرفين [الآية 5] يقول: «لأن كنتم».
وقال} {لتستوا على ظهوره [الآية 13] فتذكيره يجوز على} {ما تركبون [الآية 12] و} مآ هو مذكر كما تقول «عندي من النساء ما يوافقك ويسرك» وقد تذكّر
__________
(1) أبو الحسن: هو الأخفش المؤلف.
(2) يونس: هو يونس بن حبيب، تقدمت ترجمته.(1/282)
«الانعام» وتؤنّث وقد قال في موضع {مّمّا فى بطونه [النّحل: الآية 66]، وقال في موضع آخر} {بطونها [النّحل: الآية 69].
وقال} {إنّنى برآء مّمّا تعبدون [الآية 26] تقول العرب «أنا براء منك».
وقال} {ومعارج عليها يظهرون [الآية 33] ومثله قول العرب «مفاتح» و «مفاتيح» و «معاط» في «المعطاء» و «أثاف» من «الأثفيّة» وواحد «المعارج» «المعراج» ولو شئت قلت في جمعه «المعاريج».
وقال} {وإن كلّ ذلك لما متع الحيوة الدّنيا [الآية 35] خفيفة منصوبة اللام وقال بعضهم} {لمّا فثقّل ونصب اللام وضعف الميم وزعم أنها في التفسير الأول «إلّا» وأنها من كلام العرب.
وقال} {ومن يعش عن ذكر الرّحمن [الآية 36] وهو ليس من «أعشى» و «عشو» إنما هو في معنى قول الشاعر: [الطويل]
} 267إلى مالك أعشو إلى مثل مالك (1)
كأن «أعشو»: أضعف. لأنه حين قال «أعشو إلى مثل مالك» كان «العشو»: الضعف لأنه حين قال: «أعشو إلى مثل مالك» أخبر أنه يأتيه غير بصير ولا قوي. كما قال: [الطويل] 268متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (2)
__________
(1) الشطر لم أجده المصادر والمراجع التي بين يدي.
(2) البيت ملفق من بيتين. البيت الأول:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
والبيت لعبد الله بن الحر في خزانة الأدب 9/ 9990، والدرر 6/ 69، وشرح أبيات سيبويه 2/ 66، وسرّ صناعة الإعراب ص 68، وشرح المفصل 7/ 53، وبلا نسبة في الإنصاف ص 583، ورصف المباني ص 32، 335، وشرح الأشموني ص 440، وشرح قطر الندى ص 90، وشرح المفصل 10/ 20، والكتاب 3/ 86، ولسان العرب (نور)، والمقتضب 2/ 63، وهمع الهوامع 2/ 128.
والبيت الثاني:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
والبيت للأعشى في ديوانه ص 51، وإصلاح المنطق ص 198، والأغاني 2/ 168، وخزانة الأدب 3/ 84، و 7/ 156، 9/ 9492، وشرح أبيات سيبويه 2/ 65، والكتاب 3/ 86،(1/283)
أي: متى ما تفتقر فتقصد إلى ضوء ناره يغنك.
وقال {فلولا ألقى عليه أسورة مّن ذهب [الآية 53] لأنه جمع «أساور» و «أسورة» وقال بعضهم} {أساورة فجعله جمعا للأسورة فأراد: «أساوير» والله أعلم فجعل الهاء عوضا من الياء، كما قال: «زنادقة» فجعل الهاء عوضا من الياء التي في «زناديق».
وقال} {يصدّون [الآية 57] و} {يصدّون [النّساء: الآية 61] كما قال} {يحشر و} {يحشر.
ومن سورة حم الدخان
قال} {فيها يفرق كلّ أمر حكيم [الآية 4]} {أمرا [الآية 5] وقال} {رحمة مّن رّبّك [الآية 6] وانتصابه على «إنّا أنزلناه أمرا ورحمة» في الحال.
وقال} {إلّا من رّحم الله إنّه هو [الآية 42] فجعله بدلا من الاسم المضمر في} {ينصرون [الآية 41] وإن شئت جعلته مبتدأ. وأضمرت خبره تريد «إلّا من رحم الله فيغني عنه».
وقال} {وزوّجنهم بحور عين [الآية 54] يقول والله أعلم «جعلناهم أزواجا بالحور». ومن العرب من يقول «عين حير».
ومن سورة الجاثية
وقال} سواء مّحيهم ومماتهم [الآية 21] رفع. وقال بعضهم: إنّ المحيا والممات للكفار، كأنه قال: «أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن تجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات». ثم قال: «سواء محيا الكفار ومماتهم» أي: «محياهم
__________
ولسان العرب (عشا)، ومجالس ثعلب ص 467، والمقاصد النحوية 4/ 439، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 871، وخزانة الأدب 5/ 210، وشرح الأشموني 3/ 579، وشرح ابن عقيل ص 581، وشرح عمدة الحافظ ص 363، وشرح المفصل 2/ 66، 4/ 148، 7/ 45، 53، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 88، والمقتضب 2/ 65.(1/284)
محيا سوء ومماتهم ممات سوء»، فرفع «السواء» على الابتداء. ومن فسر «المحيا» و «الممات» للكفار والمؤمنين فقد يجوز في هذا المعنى نصب السواء ورفعه لأن من جعل السواء مستويا فينبغي له أن يرفعه لأنه الاسم إلا أن ينصب المحيا والممات على البدل ونصب السواء على الاستواء. وإن شاء رفع السواء إذا كان في معنى مستوي لأنها صفة لا تصرف كما تقول «رأيت رجلا خيرا منه أبوه» والرفع أجود.
وقال {وإذا علم من ءايتنا شيئا [الآية 9] ثم قال} {مّن ورآئهم جهنّم ولا يغنى عنهم مّا كسبوا شيئا [الآية 10] فجمع لأنه قد قال} {ويل لّكلّ أفّاك أثيم (7) [الآية 7] فهو في معنى جماعة مثل الأشياء التي تجيء في لفظ واحد ومعناها معنى جماعة وقد جعل} {الّذى بمنزلة} {مّن وقال} {والّذى جآء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون (33) [الزّمر: الآية 33] ف «الذي» في لفظ واحد. ثم قال} {أولئك هم المتقون.
وقال} {وأمّا الّذين كفروا أفلم تكن ءايتى تتلى عليكم [الآية 31] أي: فيقال لهم:
«ألم تكن آياتي تتلى عليكم» ودخلت الفاء لمكان «أما».
وقال} {إن نّظنّ إلّا ظنّا [الآية 32] ما نظنّ إلّا ظنّا.
ومن سورة الأحقاف
قال} {قل ما كنت بدعا مّن الرّسل [الآية 9] والبدع: البديع وهو: الأوّل.
وقال} {ومن قبله كتب موسى إماما ورحمة [الآية 12] نصب لأنه خبر معرفة.
وقال} {وهذا كتب مّصدّق لّسانا عربيّا [الآية 12] فنصب اللسان والعربي لأنه ليس من صفة الكتاب فانتصب على الحال أو على فعل مضمر كأنه قال:
«أعني لسانا عربيّا». وقال بعضهم: إن انتصابه على} {مصدّق جعل الكتاب مصدّق اللسان.
وقال} {لم يلبثوا إلّا ساعة مّن نّهار بلغ [الآية 35] يقول: ذلك بلاغ. وقال
بعضهم: «إنّ البلاغ هو القرآن» وإنما يوعظ بالقرآن. ثم قال} بلغ أي: هو بلاغ.(1/285)
وقال {لم يلبثوا إلّا ساعة مّن نّهار بلغ [الآية 35] يقول: ذلك بلاغ. وقال
بعضهم: «إنّ البلاغ هو القرآن» وإنما يوعظ بالقرآن. ثم قال} {بلغ أي: هو بلاغ.
وأما قوله} {ولم يعى بخلقهنّ بقدر على أن يحيى الموتى [الآية 33] فهو بالباء كالباء في قوله} {كفى بالله [الرّعد: الآية 43] وهي مثل} {تنبت بالدّهن [الآية 20]
ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم
قال} {فأنّى لهم إذا جآءتهم ذكراهم [الآية 18] يقول: فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.
وقال} {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا فى الأرض [الآية 22]. فإن الأول للمجازاة، وأوقعت} {عسيتم على} {أن تفسدوا [الآية 22] لأنه اسم، ولا يكون أن تعمل فيه} {عسيتم ولا «عسيت» إلّا وفيه «أن» لا تقول «عسيتم الفعل». كما أن قولك «لو أن زيدا جاء كان خيرا له»، فقولك «أنّ زيدا جاء» اسم، وأنت لا تقول «لو ذاك» لأنه ليس كل الأسماء تقع في كل موضع. وليس كل الأفعال يقع على كل الأسماء. ألا ترى أنهم يقولون «يدع» ولا يقولون «ودع» ويقولون «يذر» ولا يقولون: «وذر».
وقال} {ولن يتركم أعملكم [الآية 35] أي: في أعمالكم، كما تقول:
«دخلت البيت» وأنت تريد «في البيت».
وقال} {هأنتم هؤلآء [الآية 38] فجعل التنبيه في موضعين للتوكيد وكان التنبيه الذي في «هؤلاء» تنبيها لازما.
ومن سورة الفتح
قال} {والهدى معكوفا [الآية 25] على «وصدوا} {الهدي معكوفا كراهية} أن يبلغ محلّه [الآية 25]».(1/286)
وقال {أخرج شطئه فازره [الآية 29] يريد «أفعله» من «الإزارة».
وقال} {أن تطئوهم [الآية 25] على البدل «لولا رجال أن تطؤوهم».
ومن سورة الحجرات
قال} {أن تحبط أعمالكم [الآية 2] أي: مخافة أن تحبط أعمالكم. وقد يقال:
«اسمك الحائط أن يميل».
وقال} {إنّ أكرمكم [الآية 13] فكسر لأنه ابتداء ولم يحمله على} {لتعارفوا
[الآية 13].
ومن سورة ق
قال} {ق والقرءان المجيد (1) [الآية 1] قسم على} {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم [الآية 4].
وقال} {أءذا متنا وكنّا ترابا ذلك رجع بعيد [الآية 3] لم يذكر «أنه رجع» وذلك والله أعلم لأنه كان على جواب كأنه قيل لهم: إنّكم ترجعون. فقالوا «أإذا كنّا ترابا ذلك رجع بعيد».
وقال} {بل هم فى لبس [الآية 15] لأنك تقول: لبست عليه لبسا.
وقال} {عن اليمين وعن الشّمال قعيد [الآية 17] ولم يقل «عن اليمين قعيد وعن الشّمال قعيد». ذكر أحدهما واستغنى كما قال} {يخرجكم طفلا [غافر: الآية 67] فاستغنى بالواحد عن الجمع كما قال} {فإن طبن لكم عن شىء مّنه نفسا [النّساء: الآية 4].
وقال} ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [الآية 16] يقول: أملك به وأقرب إليه في المقدرة عليه.(1/287)
ومن سورة الذاريات
قال {والسّمآء ذات الحبك (7) [الآية 7] واحدها «الحباك».
وقال} {أيّان يوم الدّين [الآية 12]} {يوم هم على النّار يفتنون [الآية 13] أي: متى يوم الدّين. فقيل لهم: في يوم هم على النار يفتنون. لأنّ ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب وفيه فتنتهم على النار.
وقال} {ذنوبا مّثل ذنوب أصحبهم [الآية 59] أي: سجلا من العذاب.
ومن سورة الطور
قال} {يوم تمور السّمآء مورا (9) [الآية 9]} {وتسير الجبال سيرا (10) [الآية 10]} {فويل [الآية 11] دخلت الفاء لأنه في معنى: إذا كان كذا وكذا فأشبه المجازاة، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء.
وقال} {نّتربّص به ريب المنون [الآية 30] لأنك تقول: «تربّصت زيدا» أي:
تربصت به.
ومن سورة النجم
قال} {علّمه شديد القوى (5) [الآية 5] جماعة «القوّة» وبعض العرب يقول «حبوة» و «حبى» فينبغي أن يقول «القوى» في ذا القياس. ويقول بعض العرب «رشوة» و «رشا» ويقول بعضهم «رشوة» و «رشا» وبعض العرب يقول «صور» و «صور» والجيدة «صور»} {وصوّركم فأحسن صوركم [غافر: 64] و} {صوركم
تقرأ.
وقال بعضهم} {أفرءيتم الّلت والعزّى (19) [الآية 19] فإذا سكت قلت «اللّاة»
وكذلك «مناة» تقول «مناة» وقال بعضهم} اللاتّ جعله من «اللاتّ»: الذي يلت.(1/288)
وقال بعضهم {أفرءيتم الّلت والعزّى (19) [الآية 19] فإذا سكت قلت «اللّاة»
وكذلك «مناة» تقول «مناة» وقال بعضهم} {اللاتّ جعله من «اللاتّ»: الذي يلت.
ولغة للعرب يسكتون على ما فيه الهاء بالتاء يقولون «رأيت طلحت». وكلّ شيء في القرآن مكتوب بالتاء فإنما تقف عليه بالتاء نحو} {نعمت ربكم [الزخرف: 13] و} {شجرت الزقوم [الدخان: 43والصافات: 62].
وقال} {وإبرهيم الّذى وفّى [الآية 37]} {ألّا تزر وزرة وزر أخرى [الآية 38] فقوله} {أن لا تزر بدل من قوله} {بما فى صحف موسى [الآية 36] أي: بأن لا تزر.
ومن سورة القمر
قال} {خشّعا [الآية 7] نصب على الحال، أي يخرجون من الأجداث خشعا.
وقرأ بعضهم} {خشعا لأنها صفة مقدمة فأجراها مجرى الفعل نظيرها} {خشعة أبصرهم [القلم: الآية 43].
وقال} {فى يوم نحس [الآية 19] و} {يوم نحس [الآية 19] على الصفة.
وقال} {أبشرا مّنّا وحدا نّتّبعه [الآية 24] فنصب البشر لما وقع عليه حرف الاستفهام وقد أسقط الفعل على شيء من سببه.
وقال} {ذوقوا مسّ سقر [الآية 48]} {إنّا كلّ شىء خلقنه بقدر (49) [الآية 49] فجعل المس يذاق في جواز الكلام، ويقال: «كيف وجدت طعم الضرب»؟ وهذا مجاز. وأما نصب} {كلّ ففي لغة من قال «عبد الله ضربته» وهو في كلام العرب كثير. وقد رفعت «كلّ» في لغة من رفع ورفعت على وجه آخر.
قال} {إنّا كلّ شىء خلقنه [الآية 49] فجعل} {خلقنه من صفة الشيء.
وقال} {أم يقولون نحن جميع مّنتصر (44) [القمر: الآية 44] (44)} {سيهزم الجمع ويولّون الدّبر (45) [الآية 45] فجعل للجماعة دبرا واحدا في اللفظ. وقال} {وإنّا لجميع حذرون [الشورى: الآية 56] وقال} {لا يرتدّ إليهم طرفهم [إبراهيم: الآية 43].
وقال} وكلّ صغير وكبير مّستطر (53) [الآية 53] فجعل الخبر واحدا على الكل.(1/289)
ومن سورة الرحمن عز وجل
قال {الشّمس والقمر بحسبان (5) [الآية 5] أي: بحساب. وأضمر الخبر.
أظن والله أعلم أنه أراد يجريان بحساب.
وقال} {ذات الأكمام [الآية 11] وواحدها «الكمّ».
وقال} {ذواتا أفنان (48) [الآية 48] وواحدها: «الفنن».
وقال} {مدهآمّتان (64) [الآية 64] كما تقول «ازورّ» و «ازوارّ».
ومن سورة الواقعة
قال} {فأصحب الميمنة مآ أصحب الميمنة (8) [الآية 8]} {وأصحب المشئمة مآ أصحب المشئمة (9) [الآية 9]. فقوله} {مآ أصحب المشئمة [الآية 9] هو الخبر. وتقول العرب: «زيد وما زيد» تريد «زيد شديد».
وقال} {إلّا قيلا سلما سلما (26) [الآية 26] إن شئت نصبت السلام بالقيل، وإن شئت جعلت السلام عطفا على القيل كأنه تفسير له، وإن شئت جعلت الفعل يعمل في السلام تريد «لا تسمع إلّا قيلا الخير» تريد: إلّا أنّهم يقولون الخير، والسلام هو الخير.
وقال} {مّتّكئين عليها متقبلين (16) [الآية 16] على المدح نصبه على الحال يقول: «لهم هذا متّكئين».
وقال} {إنّآ أنشأنهنّ إنشآء (35) فجعلنهنّ أبكارا (36) عربا أترابا (37) [الآيات 3735] فأضمرهن ولم يذكرهن قبل ذاك. وأما «الأتراب» فواحدهن «الترب» وللمؤنّث:
«التربة» هي «تربى» وهي «تربتي» مثل «شبه» و «أشباه» و «الترب» و «التربة» جائزة في المؤنث ويجمع: ب «الأتراب»، كما تقول «حيّة» و «أحياء» إذا عنيت المرأة، و «ميتة» و «أموات».
وقال} {فمالئون منها البطون [الآية 53] أي: من الشجرة} فشربون عليه
[الواقعة: الآية 54] لأنّ «الشجر» يؤنّث ويذكر. وأنّث لأنه حمله على «الشجرة» لأن «الشجرة» قد تدل على الجميع. تقول العرب: «نبتت قبلنا شجرة مرّة وبقلة رذية» وهم يعنون الجميع.(1/290)
وقال {فمالئون منها البطون [الآية 53] أي: من الشجرة} {فشربون عليه
[الواقعة: الآية 54] لأنّ «الشجر» يؤنّث ويذكر. وأنّث لأنه حمله على «الشجرة» لأن «الشجرة» قد تدل على الجميع. تقول العرب: «نبتت قبلنا شجرة مرّة وبقلة رذية» وهم يعنون الجميع.
وقال} {فشربون شرب [الآية 55] و} {شرب مثل «الضّعف» و «الضّعف».
وقال} {ومتعا لّلمقوين [الآية 73] أي للمسافرين في الأرض القيّ. تقول:
«أقوى الشيء» إذا ذهب كلّ ما فيه.
وقال} {فلو لآ إذا بلغت الحلقوم (83) [الآية 83] ثم قال} {فلو لآ إن كنتم غير مدينين (86) [الآية 86] أي: غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك} {إن كنتم صدقين [الآية 87] إنكم تمتنعون من الموت. ثم أخبرهم فقال} {فأمّآ إن كان من المقرّبين (88) [الآية 88]} {فروح وريحان [الآية 89] أي: فله «روح وريحان»} {وأمّا إن كان من أصحب اليمين (90) [الآية 90]} {فسلم لّك من أصحب اليمين (91) [الآية 91] أي: فيقال له «سلام لك».
وقال} {حقّ اليقين [الآية 95] فأضاف إلى «اليقين» كما قال} {دين القيّمة
[البيّنة: الآية 5] أي: ذلك دين الملّة القيّمة، وذلك حقّ الأمر اليقين. وأما «هذا رجل السوء» فلا يكون فيه: هذا الرجل السوء. كما يكون في «الحقّ اليقين» لأن «السّوء» ليس ب «الرّجل» و «اليقين هو الحقّ».
ومن سورة الحديد
قال} {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمنهم [الآية 12] يريد: عن أيمانهم والله أعلم كما قال} {ينظرون من طرف خفىّ [الشّورى: الآية 45] يقول «بطرف».
وقال} {انظرونا نقتبس من نّوركم [الآية 13] لأنه من «نظرته» يريد «نظرت» ف «أنا أنظره» ومعناه: أنتظره.
وقال} إلّا فى كتب مّن قبل أن نّبرأها [الآية 22] يريد والله أعلم «إلّا هو في كتاب» فجاز فيها الإضمار. وقد تقول: «عندي هذا ليس إلّا» تريد: ليس إلّا هو.(1/291)
وقال {بسور لّه باب [الآية 13] معناه: «وضرب بينهم سور».
وقال} {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ الله هو الغنىّ الحميد (24) [الآية 24] واستغنى بالأخبار التي في القرآن كما قال} {ولو أنّ قرءانا سيّرت به الجبال [الرّعد: الآية 31] ولم يكن في ذا الموضع خبر، والله أعلم بما ينزل هو كما أنزل وكما أراد أن يكون.
وقال} {لّئلّا يعلم أهل الكتب ألّا يقدرون على شىء [الآية 29] يقول: لأن يعلم.
وقال} {مّن ذا الّذى يقرض الله قرضا حسنا [الآية 11] وليس ذا مثل الاستقراض من الحاجة ولكنه مثل قول العرب: «لي عندك قرض صدق» و «قرض سوء» إذا فعل به خيرا أو شرا. قال الشاعر: [الطويل]} 269سأجزي سلامان بن مفرج قرضهم ... بما قدّمت أيديهم وأزّلت (1)
ومن سورة المجادلة
قال {والّذين يظهرون [الآية 3] خفيفة وثقيلة. ومن ثقل جعلها من «تظهّرت» ثم أدغم التاء في الظاء.
وقوله} {ثمّ يعودون لما قالوا فتحرير رقبة [الآية 3] المعنى: «فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا فمن لم يجد فإطعام ستين مسكينا ثمّ يعودون لما قالوا: «أن لا نفعله» «فيفعلونه» هذا الظهار، يقول: «هي عليّ كظهر أمّي» وما أشبه هذا من الكلام، فإذا أعتق رقبة أو أطعم ستين مسكينا عاد لهذا الذي قد قال: «إنّه عليّ حرام» ففعله.
ومن سورة الحشر
قال} {فأتهم الله من حيث [الآية 2] يقول: «فجاءهم الله» أي: جاءهم أمره، وقال بعضهم} فآتاهم الله أي: آتاهم العذاب، لأنك تقول: «أتاه» و «آتاه» كما
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/292)
تقول: «ذهب» و «أذهبته».
وقال {ما قطعتم مّن لّينة [الآية 5] وهي من «اللّون» في الجماعة وواحدته «لينة» وهو ضرب من النخل ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء.
وقال} {مّآ أفآء الله على رسوله [الآية 7] لأنك تقول: «فاء عليّ كذا وكذا» و «أفاءه الله» كما تقول: «جاء» و «أجاءه الله» وهو مثل «ذهب» و «أذهبته».
وقال} {كى لا يكون دولة [الآية 7] و «الدولة» في هذا المعنى أن يكون ذلك المال مرة لهذا ومرة لهذا وتقول: «كانت لنا عليهم الدولة». وأما انتصابها فعلى «كيلا يكون الفيء دولة» و «كيلا تكون دولة» أي: «لا تكون الغنيمة دولة» ويزعمون أنّ «الدولة» أيضا في المال لغة للعرب، ولا تكاد تعرف «الدولة في المال».
وقال} {ولا يجدون فى صدورهم حاجة مّمّا أوتوا [الآية 9] أي: ممّا أعطوا.
وقال} {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم [الآية 12] فرفع الآخر لأنه معتمد لليمين لأن هذه اللام التي في أول الكلام إنما تكون لليمين كقول الشاعر: [الطويل]} 270لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذا لا أقيلها (1)
وقال {أنّهما فى النّار خلدين فيها [الآية 17] فنصب الخالدين على الحال و} {فى النّار خبر. ولو كان في الكلام «إنّهما في النار» كان الرفع في} {حالدين
جائزا. وليس قولهم: إذا جئت ب «فيها» مرتين فهو نصب «بشيء». إنّما «فيها» توكيد جئت بها أو لم تجىء بها فهو سواء. ألا ترى أن العرب كثيرا ما تجعله حالا إذا كان فيها التوكيد وما أشبهه. وهو في القرآن منصوب في غير مكان. قال} إنّ الّذين كفروا من أهل الكتب والمشركين فى نار جهنّم خلدين فيها [البيّنة: الآية 6].
__________
(1) البيت لكثيّر عزّة في ديوانه ص 305، وخزانة الأدب 8/ 473، 474، 476، والدرر 4/ 71، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 397، وشرح أبيات سيبويه 2/ 144، وشرح التصريح 2/ 234، وشرح شواهد المغني ص 63، وشرح المفصّل 9/ 13، 22، والكتاب 3/ 15، والمقاصد النحوية 4/ 382، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 165، وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340، ورصف المباني ص 66. 243، وشرح الأشموني 2/ 554، وشرح شذور الذهب ص 375، والعقد الفريد 3/ 8، ومغني اللبيب 1/ 21.(1/293)
ومن سورة الممتحنة
قال {إلّا قول إبرهيم [الآية 4] استثناء خارج من أول الكلام.
ومن سورة الصف
قال} {كبر مقتا عند الله [الآية 3] أي: كبر مقتكم مقتا، ثم قال} {أن تقولوا ما لا تفعلون [الآية 3] أي: قولكم.
وقال} {وأخرى تحبّونها [الآية 13] يقول: وتجارة أخرى.
ومن سورة الجمعة
قال} {أسفارا [الآية 5] وواحدها «السّفر».
وقال} {من يوم الجمعة [الآية 9] يقول والله أعلم من صلاة يوم الجمعة.
وقال بعض النحويين لا يكون ل «الأسفار» واحد كنحو «أبابيل» و «أساطير»، ونحو قول العرب: «ثوب أكباش» وهو الرديء الغزل، و «ثوب مزق» للمتمزّق.
ومن سورة المنافقين
قال} {خشب مّسنّدة [الآية 4] وكما قال: «عمد» و «عمد» وهو مثل «الخشب» ويقول بعضهم «الخشب».
وقال} {لوّوا رؤوسهم [الآية 5] لأن كلام العرب إذا كان في السّخريّ أو في التكثير قيل «لوّى لسانه» و «رأسه». وخفّف بعضهم واحتج بقول الله عز وجل} ليّا بألسنتهم [النّساء: الآية 46].(1/294)
ومن سورة التغابن
قال {فقالوا أبشر يهدوننا [الآية 6] فجمع لأن «البشر» في المعنى جماعة.
ومن سورة الطلاق
قال} {قدرا [الآية 3] وقال بعضهم} {قدرا وهما لغتان.
وقال} {مّن وجدكم [الآية 6] (6) و «الوجد»: المقدرة، ومن العرب من يكسر في هذا المعنى. فأما «الوجد» إذا فتحت الواو فهو «الحبّ». وهو في المعنى والله أعلم «أسكنوهنّ من حيث سكنتم ممّا تقدرون عليه».
وقال} {ومن الأرض مثلهنّ [الآية 12] فجعل} {الأرض جماعة كما تقول:
«هلك الشاة والبعير» وأنت تعني جميع الشاء وجميع الإبل.
ومن سورة التحريم
قال} {إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما [الآية 4] فجعله جماعة لأنهما اثنان من اثنين.
وقال} {ومريم ابنت عمرن [الآية 12] و} {امرأة فرعون [الآية 11] على:
«وضرب الله امرأة فرعون ومريم مثلا».
سورة الملك
وقال} {طباقا [الآية 3] وواحدها «الطبق».
قال} {خاسئا وهو حسير [الآية 4] لأنك تقول: «خسأته» ف «خسأ» ف «هو خاسىء».
وقال} إلى الطّير فوقهم صفّت [الآية 19] فجمع لأن «الطير» جماعة مثل
قولك «صاحب» و «صحب» و «شاهد» و «شهد» و «راكب» و «ركب».(1/295)
وقال {إلى الطّير فوقهم صفّت [الآية 19] فجمع لأن «الطير» جماعة مثل
قولك «صاحب» و «صحب» و «شاهد» و «شهد» و «راكب» و «ركب».
وقال} {هذا الّذى كنتم به تدّعون [الآية 27] لأنهم كانوا يقولون} {ربّنا عجل لّنا قطّنا [ص: الآية 16] و} {ائتنا بعذاب الله [العنكبوت: الآية 29] فقيل لهم حين رأوا العذب} {هذا الّذى كنتم به تدعون خفيفة و} {تدّعون ثقيلة قرأه الناس على هذا المعنى وهو أجود وبه نقرأ لأنه شيء بعد شيء.
وقال} {مآؤكم غورا فمن يأتيكم بمآء مّعين [الآية 30] أي: غائرا ولكن وصفه بالمصدر وتقول: «ليلة غمّ» تريد «غامّة».
وقال} {فكيف كان نكير [الآية 18] أي: إنكاري.
ومن سورة القلم
قال} {بأييّكم المفتون [الآية 6] يريد «أيّكم المفتون».
وقال} {وإن يكاد الّذين كفروا [الآية 51] وهذه «إن» التي تكون للإيجاب وهي في معنى الثقيلة إلا أنها ليست بثقيلة، لأنك إذا قلت: «إن كان عبد الله لظريفا» فمعناه «إن عبد الله لظريف قبل اليوم» ف «إن» تدخل في هذا المعنى وهي خفيفة.
ومن سورة الحاقة
قال} {وتعيهآ أذن وعية [الآية 12] لأنك تقول: «وعت ذاك أذني» و «وعاه سمعي» و «أوعيت الزاد» و «أوعيت المتاع» كما قال الشاعر: [البسيط]} 271الخير يبقى وإن طال الزّمان به ... والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد (1)
__________
(1) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص 49، ولسان العرب (وعى)، وتاج العروس (وعى)، ومجمل اللغة 4/ 538، وجمهرة الأمثال 1/ 542، والمستقصى 11/ 326، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 6/ 124، والعقد الفريد 3/ 105، ومجمع الأمثال 1/ 365.(1/296)
وقال {فإذا نفخ فى الصّور نفخة وحدة [الآية 13] لأن الفعل وقع على النفخة إذا لم يكن قبلها اسم مرفوع.
وقال} {والملك على أرجآئها [الآية 17] وواحدها «الرّجا» وهو مقصور.
وقال} {إلّا من غسلين [الآية 36] جعله والله أعلم من «الغسل» وزاد الياء والنون بمنزلة «عفرين» و «كفرين».
وقال} {فما منكم مّن أحد عنه حجزين (47) [الآية 47] على المعنى لأن معنى «أحد» معنى جماعة.
ومن سورة المعارج
قال} {كلّآ إنّها لظى (15) [الآية 15]} {نزّاعة لّلشّوى (16) [الآية 16] نصب على البدل من الهاء وخبر «إنّ»} {نزّاعة وإن شئت جعلت} {لظى رفعا على خبر «إنّ» ورفعت «النزّاعة» على الابتداء.
وقال} {إنّ الإنسن خلق هلوعا (19) [الآية 19] ثم قال} {إلّا المصلّين (22) [الآية 22] فجعل} {الإنسان جميعا ويدلك على ذلك أنه قد استثنى منه جميعا.
وقال} {فمال الّذين كفروا قبلك مهطعين [الآية 36]} {عن اليمين وعن الشّمال عزين (37) [الآية 37] كما تقول «ما لك قائما» وواحدة «العزين»: العزة. مثل «ثبة» و «ثبين».
ومن سورة نوح عليه السلام
قال} {مّا لكم لا ترجون لله وقارا (13) [الآية 13] أي: لا تخافون لله عظمة.
و «الرّجاء» ها هنا خوف و «الوقار» عظمة. وقال الشاعر: [الطويل]} 272إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل (1)
__________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 144، ولسان العرب (نوب)، (خلف)، (رجا)، وتهذيب اللغة 15/ 489، وتاج العروس (خلف)، (رجا)، وكتاب العين 6/ 177، 8/ 379.(1/297)
وقال {وقد خلقكم أطوارا (14) [الآية 14] طورا علقة وطورا مضغة.
وقال} {وجعل القمر فيهنّ نورا [الآية 16] وإنما هو والله أعلم على كلام العرب، وإنما القمر في السماء الدنيا فيما ذكر كما تقول: «أتيت بني تميم» وإنما أتيت بعضهم.
وقال} {والله أنبتكم مّن الأرض نباتا (17) [الآية 17] فجعل «النّبات» المصدر، والمصدر «الإنبات» لأن هذا يدل على المعنى.
وقال} {سبلا فجاجا [الآية 20] واحدها «الفجّ» وهو الطريق.
وقال} {ولا تزد الظّلمين [الآية 24] لأن ذا من قول نوح دعاء عليهم.
ومن سورة الجن
قال} {قل أوحى إلىّ أنّه استمع نفر [الآية 1] فألف} {أنّه مفتوحة لأنه اسم، ثم قال} {وأنّه تعلى جدّ ربّنا [الآية 3] على الابتداء إذا كان من كلام الجن فإن فتح جعله على الوحي وهو حسن.
وقال} {شهبا [الآية 8] وواحدها: الشّهاب.
وقال} {لنفتنهم فيه [الآية 17] لأنك تقول «فتنته»، وبعض العرب يقول «أفتنه»، فتلك على تلك اللغة.
ومن سورة المزمّل
قال} {المزّمّل [الآية 1] والأصل: المتزمّل، ولكن أدغمت التاء في الزاي و} {المدّثّر [المدّثّر: الآية 1] مثلها.
وقوله} {قم الّيل إلّا قليلا (2) [الآية 2]} {نّصفه أو انقص منه قليلا (3) [الآية 3]} {أو زد عليه [الآية 4] فقال السائل عن هذا: قد قال} {قم الّيل إلّا قليلا (2) [الآية 2]
فكيف قال} نّصفه [الآية 3]؟ إنما المعنى «أو نصفه أو زد عليه» لأن ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير: «أو» تقول: «أعطه درهما درهمين ثلاثة» تريد: «أو درهمين أو ثلاثة».(1/298)
وقوله {قم الّيل إلّا قليلا (2) [الآية 2]} {نّصفه أو انقص منه قليلا (3) [الآية 3]} {أو زد عليه [الآية 4] فقال السائل عن هذا: قد قال} {قم الّيل إلّا قليلا (2) [الآية 2]
فكيف قال} {نّصفه [الآية 3]؟ إنما المعنى «أو نصفه أو زد عليه» لأن ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير: «أو» تقول: «أعطه درهما درهمين ثلاثة» تريد: «أو درهمين أو ثلاثة».
وقال} {وتبتّل إليه تبتيلا [الآية 8] فلم يجىء بمصدره ومصدره «التّبتّل» كما قال} {أنبتكم مّن الأرض نباتا [نوح: الآية 17] وقال الشاعر: [الوافر]} وخير الأمر ما استقبلت منه ... وليس بأن تتبّعه اتّباعا (1)
وقال: [الرجز] ... يجري عليها أيّما إجراء (2)
وذلك أنّها إنّما جرت لأنّها أجريت.
وقال {ربّ المشرق [الآية 9] رفع على الابتداء وجرّ على البدل.
وقال} {مّهيلا [الآية 14] لأنك تقول: «هلته» ف «هو مهيل».
وقال} {يوما يجعل الولدن شيبا [الآية 17] فجعل} {يجعل الولدن [الآية 17] من صفة اليوم ولم يضف لأنه أضمر.
وقال} {أدنى من ثلثى الّيل ونصفه وثلثه [الآية 20] وقد قرئت بالجر وهو كثير وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن ذلك يكون على «أدنى من نصفه» و «أدنى من ثلثه» وكان الذي افترض الثلث أو أكثر من الثلث لأنه قال} {قم الّيل إلّا قليلا (2) [الآية 2]} {نّصفه أو انقص منه قليلا (3) [الآية 3] وأما الذي قرأ بالجرّ فقراءته جائزة على أن يكون ذلك والله أعلم أي أنكم لم تؤدوا ما افترض عليكم فقمتم أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه.
وقال} {تجدوه عند الله هو خيرا [الآية 20] لأن «هو» و «هما» و «أنتم» و «أنتما» وأشباه ذلك يكن صفات للأسماء المضمرة كما قال} {ولكن كانوا هم الظّلمين
[الزّخرف: الآية 76] و} تجدوه عند الله هو خير وقد يجعلونها اسما مبتدأ، كما تقول: «رأيت عبد الله أبوه خير منه».
__________
(1) تقدم البيت مع تخريجه برقم 243.
(2) تقدم الرجز برقم 242.(1/299)
ومن سورة المدثر
قال {ولا تمنن تستكثر (6) [الآية 6] جزم لأنها جواب النهي، وقد رفع بعضهم} {ولا تمنن تستكثر، يريد مستكثرا، وهو أجود المعنيين.
وقال} {كلّآ إنّه كان لأيتنا عنيدا (16) [الآية 16] أي: معاندا.
وقال} {والّيل إذ أدبر [الآية 33] و «دبر» في معنى «أدبر». يقولون: «قبّح الله ما قبل منه وما دبر»، وقالوا «عام قابل» ولم يقولوا «مقبل».
وقال} {إنّها لإحدى الكبر (35) [الآية 35]} {نذيرا لّلبشر (36) [الآية 36]، فانتصب} {نذيرا [الآية 36] لأنه خبر ل} {إحدى الكبر فانتصب} {نذيرا [الآية 36] لأنه خبر للمعرفة وقد حسن عليه السكوت فصار حالا وهي «النذير»، كما تقول:
«إنّه لعبد الله قائما». وقال بعضهم «إنّما هو» «قم نذيرا فأنذر».
وقال} {كلّآ إنّه تذكرة (54) [الآية 54] أي: إنّ القرآن تذكرة.
ومن سورة القيامة
قال} {بلى قدرين على أن نّسوّى بنانه (4) [الآية 4] أي: على أن نجمع. أي:
بلى نجمعها قادرين. وواحد «البنان»: بنانة.
وقال} {أين المفرّ [الآية 10] أي: أين الفرار. وقال الشاعر: [المديد]} 273يا لبكر انشروا لي كليبا ... يا لبكر أين أين الفرار (1)
لأنّ كلّ مصدر يبنى هذا البناء فإنما يجعل «مفعلا» وإذا أراد المكان قال «المفرّ» وقد قرئت أين المفرّ لأنّ كلّ ما كان فعله على «يفعل» كان «المفعل» منه مكسورا نحو «المضرب» إذا أردت المكان الذي يضرب فيه.
__________
(1) البيت للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب 2/ 162، وشرح أبيات سيبويه 1/ 466، والكتاب 2/ 215، واللامات ص 87، ولسان العرب (لوم)، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 229.(1/300)
وقال {وجوه يومئذ نّاضرة (22) [الآية 22] أي: حسنة} {إلى ربّها ناظرة (23) [القيامة: الآية 23] يعني والله أعلم بالنظر إلى ما يأتيهم من نعمه ورزقه. وقد تقول: «والله ما أنظر إلّا إلى الله وإليك» أي: انتظر ما عند الله وما عندك.
وقال} {بل الإنسن على نفسه بصيرة (14) [الآية 14] فجعله هو البصيرة. كما تقول للرجل: «أنت حجّة على نفسك».
وقال} {فلا صدّق ولا صلّى (31) [الآية 31] أي: فلم يصدّق ولم يصلّ. كما تقول «ذهب فلا جاءني ولا جاءك».
وقال} {على أن يحى الموتى [الآية 33]. وقال بعضهم} {يحي الموتى فأخفى وجعله بين الإدغام وغير الإدغام، ولا يستقيم أن تكون ها هنا مدغما لأن الياء الآخرة ليست تثبت على حال واحد إذ تصير ألفا في قولك «يحيا» وتحدف في الجزم، فهذا لا يلزمه الإدغام ولا يكون فيه إلا الإخفاء، وهو بين الإدغام وبين البيان.
ومن سورة الإنسان
قال} {أمشاج [الآية 2] واحدها: «المشج».
وقال} {إنّا هدينه السّبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا (3) [الآية 3]، كذلك} {إمّا العذاب وإمّا السّاعة [مريم: الآية 75] كأنك لم تذكر «إمّا» وإن شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته.
وقال} {عينا يشرب بها عباد الله [الآية 6] فنصبه من ثلاثة أوجه: إن شئت فعلى قوله} {يشربون [الآية 5]} {عينا، وإن شئت فعلى} {يشربون من كأس كان مزاجها كافورا [الآية 5]} {عينا [الآية 6]، وإن شئت فعلى وجه المدح كما يذكر لك الرجل فتقول أنت: «العاقل اللبيب» أي: ذكرت العاقل اللبيب. على «أعني عينا».
وقال} ولا شكورا [الآية 9]. إن شئت جعلته جماعة «الشكر» وجعلت «الكفور» جماعة «الكفر» مثل «الفلس» و «الفلوس». وإن شئت جعلته مصدرا واحدا في معنى جميع مثل: «قعد قعودا» و «خرج خروجا».(1/301)
وقال {مّتّكئين [الآية 13] على المدح أو على: «جزاهم جنّة متّكئين فيها» على الحال. وقد تقول «جزاهم ذلك قياما» وكذلك} {ودانية [الآية 14] على الحال أو على المدح، إنما انتصابه بفعل مضمر. وقد يجوز في قوله} {ودانية [الآية 14] أن يكون على وجهين على «وجزاهم دانية ظلالها» تقول: أعطيتك جيدا طرفاه» و «رأينا حسنا وجهه».
وقال} {كان مزاجها زنجيلا [الآية 17]، فنصب العين على أربعة وجوه: على «يسقون عينا» أو على الحال، أو بدلا من الكأس أو على المدح والفعل مضمر.
وقال بعضهم: «إن» «سلسبيل» صفة للعين بالسلسبيل. وقال بعضهم: «إنّما أراد»:
«عينا تسمّى سلسبيلا» أي: تسمى من طيبها، أي: توصف للناس كما تقول:
«الأعوجيّ» و «الأرحبيّ» و «المهريّ من الإبل»، وكما تنسب الخيل إذا وصفت إلى هذه الخيل المعروفة والمنسوبة كذلك تنسب العين إلى أنها تسمى سلسبيلا لأن القرآن يدل على كلام العرب. قال الشاعر وأنشدناه يونس هكذا: [الكامل]
} 274صفراء من نبع يسمّى سهمها ... من طول ما صرع الصّيود الصّيّب (1)
فرفع «الصيّب» لأنه لم يرد «يسمى سهمها بالصيّب» إنما «الصيّب» من صفة الاسم والسهم. وقوله «يسمى سهمها»: يذكر سهمها. وقال بعضهم: «لا بل هو اسم العين وهو معرفة ولكن لما كان رأس آية وكان مفتوحا زدت فيه الألف كما كانت {قواريرا [الآية 16].
وقال} {وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيما [الآية 20] يريد أن يجعل «رأيت» لا تتعدى كما يقول: «ظننت في الدار خير» لمكان ظنه وأخبر بمكان رؤيته.
ومن سورة المرسلات
قال} {والمرسلت عرفا (1) [الآية 1]} {فالعصفت عصفا (2) [الآية 2] (2)} {والنّشرت نشرا (3) [الآية 3]} {والفارقات فرقا [الآية 4]} {فالملقيت ذكرا (5) [الآية 5]} {عذرا أو نذرا (6) [الآية 6] قسم على} {إنّما توعدون لواقع (7) [الآية 7].
وقال} فإذا النّجوم طمست (8) [الآية 8] فأضمر الخبر، والله أعلم.
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/302)
وقال {ألم نجعل الأرض كفاتا (25) [الآية 25]} {أحياء وأمواتا (26) [الآية 26] على الحال.
وقال} {ثم نتبعهم الآخرين [الآية 17] رفع لأنه قطعه من الكلام الأول، وإن شئت جزمته إذا عطفته على} {نّهلك.
وقال} {وأسقيناكم ماء فراتا [الآية 27] أي: جعلنا لكم ماء تشربون منه.
قال} {وسقهم ربّهم [الإنسان: الآية 21] للشفة، وما كان للشفة فهو بغير ألف وفي لغة قليلة قد يقول للشفة أيضا «أسقينه»، وقال لبيد: [الوافر]
} 275سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال (1)
وقال {إلى ظلّ ذى ثلث شعب [الآية 30]} {لّا ظليل ولا يغنى من اللهب (31) [الآية 31]، ثم استأنف فقال} {إنّها ترمى بشرر كالقصر [الآية 32] أي: كالقصور، وقال بعضهم} {كالقصر أي: كأعناق الإبل.
وقال} {كأنّه جملت صفر [الآية 33]، بعض العرب يجمع «الجمال» على «الجمالات» كما تقول «الجزرات»، وقال بعضهم} {جمالات وليس يعرف هذا الوجه.
وقال} {هذا يوم لا ينطقون (35) [الآية 35] فرفع، ونصب بعضهم على قوله «هذا الخبر يوم لا ينطقون» وكذاك} {هذا يوم الفصل [الآية 38] وترك التنوين للإضافة، كأنه قال: «هذا يوم لا نطق» وإن شئت نونت اليوم إذا أضمرت فيه كأنك قلت «هذا يوم لا ينطقون فيه».
ومن سورة النبأ
قال} {وجنّت ألفافا (16) [الآية 16] وواحدها «اللّفّ».
وقال} جزآء وفاقا [الآية 26] يقول «وافق أهمالهم وفاقا» كما تقول:
«قاتل قتالا».
__________
(1) البيت للبيد في ديوانه ص 93، وتهذيب اللغة 9/ 228، 10/ 684، وتاج العروس (مجد)، (سقى)، والمخصص 14/ 169، ونوادر أبي زيد ص 213، وبلا نسبة في رصف المباني ص 50، ولسان العرب (مجد).(1/303)
وقال {وكذّبوا باياتنا كذّابا [الآية 28] لأن فعله على أربعة أراد أن يجعله مثل باب «أفعلت» «إفعالا» فقال} {كذّابا [الآية 28] فجعله على عدد مصدره.
وعلى هذا القياس تقول: «قاتل» «قيتالا» وهو من كلام العرب.
وقال} {وكلّ شىء أحصيناه كتبا (29) [النّبإ: الآية 29] فنصب} {كلّ، وقد شغل الفعل بالهاء لأن ما قبله قد عمل فيه الفعل فأجراه عليه وأعمل فيه فعلا مضمرا.
وقال} {يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه [الآية 40] فإن شئت جعلت «ينظر أيّ شيء قدّمت يداه» وتكون صفته «قدمت»، وقال بعضهم: «إنما هو» ينظر إلى ما قدمت يداه فحذف «إلى».
ومن سورة النازعات
قال} {والنّزعت غرقا (1) [الآية 1] فأقسم والله أعلم على} {إنّ فى ذلك لعبرة لّمن يخشى (26) [الآية 26] وإن شئت جعلته على} {يوم ترجف الرّاجفة (6) [الآية 6]} {قلوب يومئذ واجفة (8) [الآية 8]} {والنّزعت [الآية 1]. وإن شئت جعلته على} {والنّزعت [الآية 1] ل} {يوم ترجف الرّاجفة (6) [الآية 6]} {تتبعها الرّادفة (7) [الآية 7] فحذفت اللام، وهو كما قال جل ذكره وشاء أن يكون في هذا وفي كل الأمور.
وقال} {أءنّا لمردودون فى الحافرة [الآية 10]} {أءذا كنّا عظما [الآية 11] كأنه أراد «أنردّ إذا كنّا عظاما». وأما من قال} {أإنا و} {أإذا كنا باجتماع الهمزتين ففصل بينهما بألف فإنما أضمر الكلام الذي جعل هذا ظرفا له لأنه قد قيل لهم «إنّكم تبعثون وتعادون» فقالوا} {أإذا كنا ترابا في هذا الوقت نعاد؟ وهو من كلام العرب، بعضهم يقول} {أيّنا و} {أيذا فيخفف الآخرة لأنه لا يجتمع همزتان. والكوفيون يقولون «أإنا» و «أإذا» فيجمعون بين الهمزتين. وكان ابن أبي إسحاق يجمع بين الهمزتين في القراءة فيما بلغنا وقد يقول بعض العرب: «اللهمّ اغفر لي خطائئى» يهمزها جميعا، وهو قليل، وهي في لغة قيس.
وقال} {بالواد المقدّس طوى [الآية 16] فمن لم يصرفه جعله بلدة أو بقعة من صرفه جعله اسم واد أو مكان. وقال بعضهم: «لا بل هو مصروف وإنما يريد ب
} {طوى: طوىّ من الليل، لأنك تقول: «جئتك بعد طوى من الليل» ويقال} {طوى منونة مثل «الثّنى». وقال الشاعر: [البسيط]} 276ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدأهم إن أتانا كان ثنيانا (1)
والثّنى: هو الشيء المثنيّ.(1/304)
وقال {بالواد المقدّس طوى [الآية 16] فمن لم يصرفه جعله بلدة أو بقعة من صرفه جعله اسم واد أو مكان. وقال بعضهم: «لا بل هو مصروف وإنما يريد ب
} {طوى: طوىّ من الليل، لأنك تقول: «جئتك بعد طوى من الليل» ويقال} {طوى منونة مثل «الثّنى». وقال الشاعر: [البسيط]} 276ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدأهم إن أتانا كان ثنيانا (1)
والثّنى: هو الشيء المثنيّ.
وقال {فأخذه الله نكال الأخرة والأولى (25) [الآية 25] لأنه حين قال} {أخذه
كأنه قال «نكّل له» فأخرج المصدر على ذلك. وتقول «والله لأصرمنّك تركا بيّنا».
ومن سورة عبس
قال} {بأيدى سفرة (15) [الآية 15] وواحدهم «السافر» مثل «الكافر» و «الكفرة».
وقال} {كرام بررة [الآية 16] وواحدهم «البارّ» و «البررة» جماعة «الأبرار».
وقال} {قتل الإنسن مآ أكفره (17) [الآية 17] معناه على وجهين، قال بعضهم:
«على التعجب»، وقال بعضهم: «أيّ شيء أكفره».
قال} {ثمّ السّبيل يسّره (20) [الآية 20] تقول «الطريق هداه» أي: «هداه الطريق».
ومن سورة التكوير
قال} وإذا العشار عطّلت (4) [الآية 4] وواحدتها «العشراء» مثل «النفساء» و «النفاس» للجميع. وقال الشاعر: [الرجز]
__________
(1) البيت لأوس بن مغراء السعدي في لسان العرب (بدأ)، (ثنى)، والتنبيه والإيضاح 1/ 6، وتهذيب اللغة 14/ 205، 15/ 136، وتاج العروس (بدأ)، (ثنى)، والمخصص 2/ 159، 15/ 138، ومجمل اللغة 1/ 248، 4/ 369، وبلا نسبة في كتاب العين 8/ 244، ومقاييس اللغة 1/ 213، 391.(1/305)
277 - ربّ شريب لك ذي حساس ... ريان يمشي مشية النّفاس (1)
ويقال: «النّفاس».
وقال {وإذا الموءدة سئلت [الآية 8] «وأده» «يئده» «وأدا» مثل «وعده» «يعده» «وعدا» العين نحو الهمزة.
وقال} {سئلت [الآية 8]} {بأىّ ذنب قتلت (9) [الآية 9] وقال بعضهم} {سألت هي.
وقال} {وإذا الجحيم سعرت (12) [الآية 12] خفيفة وثقّل بعضهم لأنّ جرّها شدّد عليهم.
وقال} {الجوار الكنّس [الآية 16] فواحدها «كانس» والجمع «كنّس» كما تقول: «عاطل» و «عطّل».
وقال} {وما هو على الغيب بضنين (24) [الآية 24] يقول: «أي: ببخيل» وقال بعضهم} {بظنين أي: بمتّهم لأن بعض العرب يقول «ظننت زيدا» ف «هو ظنين» أي: اتّهمته ف «هو متّهم».
وقال بعضهم} {سجّرت [الآية 6] وخفّفها بعضهم واحتج ب} {والبحر المسجور (6) [الطّور: الآية 6] والوجه التثقيل لأن ذلك إذا كسر جاء على هذا المثال. يقال «قطّعوا» و «قبّلوا» ولا يقال للواحد «قطّع» يعني يده ولا «قتّل».
ومن سورة الانفطار
قال} {فعدّلك [الآية 7] أي: كذا خلقك، وبعضهم يخففها فمن ثقل} {عدلك فإنما يقول «عدّل خلقك» و} عدلك أي: عدل بعضك ببعضك فجعلك مستويا معتدلا وهو في معنى «عدّلك».
__________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (شرب)، (حسس)، (وسى)، وتهذيب اللغة 3/ 409، وتاج العروس (شرب)، (حسس)، (وسى)، ومقاييس اللغة 2/ 10، ومجمل اللغة 2/ 11، والمخصص 1/ 98.(1/306)
وقال {خلقك [الآية 7] و} {ركّبك [الآية 8]} {كلّا [الآية 9] وإن شئت قلت} {خلقك [الآية 7] و} {ركّبك [الآية 8]} {كلّا فأدغمت لأنهما حرفان مثلان. والمثلان يدغم أحدهما في صاحبه وإن شئت إذا تحركا جميعا أن تسكن الأول وتحرّك الآخر. وإذا سكن الأول لم يكن الإدغام وإن تحرك الأول وسكن الآخر لم يكن الإدغام.
وقال} {يوم تملك نفس [الآية 19] فجعل اليوم حينا كأنه حين قال} {ومآ أدراك ما يوم الدّين [الآية 17] قال «في حين لا تملك نفس». وقال بعضهم} {يوم لا تملك نفس [الآية 19] فجعله تفسيرا لليوم الأول كأنه قال: «هو يوم لا تملك».
ومن سورة المطففين
قال} {وإذا كالوهم أو وّ زنوهم يخسرون (3) [الآية 3] أي: «إذا كالوا الناس أو وزنوهم» لأنّ أهل الحجاز يقولون «كلت زيدا» و «وزنته» أي: «كلت له» و «وزنت له».
وقال} {ليوم عظيم (5) [الآية 5]} {يوم يقوم النّاس [الآية 6] فجعله في الحين كما تقول «فلان اليوم صالح» تريد به الآن في هذا الحين وتقول هذا بالليل «فلان اليوم ساكن» أي: الآن، أي: هذا الحين ولا نعلم أحدا قرأها جرا والجرّ جائز.
وقال} {كلّا بل ران على قلوبهم [الآية 14] تقول فيه: «ران» «يرين» «رينا».
وقال} {عينا يشرب بها [الآية 28] فجعله على} {يسقون [الآية 25]} {عينا
وإن شئت جعلته على المدح فتقطع من أول الكلام كأنك تقول: «أعني عينا».
وقال} {هل ثوّب [الآية 36] إن شئت أدغمت وإن شئت لم تدغم لأن اللام مخرجها بطرف اللسان قريب من أصول الثنايا والثاء بطرف اللسان وأطراف الثنايا إلا أن اللام بالشق الأيمن أدخل في الفم. وهي قريبة المخرج منها ولذلك قيل} بل تؤثرون [الأعلى: الآية 16] فأدغمت اللام في التاء لأن مخرج التاء والثاء قريب من مخرج اللام.(1/307)
ومن سورة الانشقاق
قال {وأذنت لربّها وحقّت (2) [الآية 2] أي: وحقّ لها.
وقال} {والله أعلم بما يوعون (23) [الآية 23] تقول: «أوعيت في قلبي كذا وكذا» كما تقول «أوعيت الزاد في الوعاء» وتقول «وعت أذني» وقال} {وتعيها اذن واعية [الحاقة: 12].
وأما} {إذا السّماء انشقّت (1) [الآية 1] فعلى معنى} {يأيّها الإنسن إنّك كادح إلى ربّك كدحا فملقيه (6) [الانشقاق: الآية 6]} {إذا السّمآء انشقّت (1) [الآية 1] على التقديم والتأخير.
ومن سورة البروج
موضع قسمها والله أعلم على} {قتل أصحب الأخدود (4) [الآية 4] أضمر اللام كما قال} {والشّمس وضحها (1) [الشّمس: الآية 1]} {قد أفلح من زّكّها (9) [الشّمس: الآية 9] يريد إن شاء الله «لقد أفلح من زكّاها» وألقى اللام. وإن شئت على التقديم كأنه قال} {قتل أصحب الأخدود (4) [الآية 4]} {والسّماء ذات البروج (1) [الآية 1] وقال بعضهم} {إنّ بطش ربّك لشديد (12) [الآية 12].
وأما قوله} {النّار ذات الوقود (5) [الآية 5] فعلى البدل.
وقال} {ذو العرش المجيد (15) [الآية 15] ف} {المجيد جرّ على} {العرش
والرفع على قوله} {ذو وكذلك} {محفوظ [الآية 22] جر على «الّلوح» ورفع على «القرآن».
وأما} الوقود [الآية 5] فالحطب و «الوقود» الفعل وهو «الاتّقاد».
ومن سورة الغاشية
واحد «النمارق»: النمرقة.(1/308)
وقال {لغية [الآية 11] أي: لا تسمع كلمة لغو وجعلها} {لغية. والحجة في هذا أنك تقول: «فارس» لصاحب الفرس و «دارع» لصاحب الدرع و «شاعر» لصاحب الشعر. وقال الشاعر: [مجزوء الكامل]} 278أغررتني وزعمت أنّ ... ك لابن بالصّيف تامر (1)
أي: صاحب لبن وصاحب تمر.
ومن سورة الفجر
قال {بعاد [الآية 6]} {إرم [الآية 7] فجعل} {إرم [الآية 7] اسمه، وبعضهم يقول} {بعاد إرم فأضافه إلى} {إرم فإما أن يكون اسم أبيهم أضافه إليهم، وإما بلدة، والله أعلم.
وقال} {فقدر عليه رزقه [الآية 16] وقال بعضهم «قدّر» مثل «قتّر» وأما «قدر» فيقول: يعطيه بالقدر.
ومن سورة البلد
قال} {وأنت حلّ [الآية 2] فمن العرب من يقول «أنت حلّ» و «أنت حلال» و «أنت حرم» و «أنت حرام» و «هو المحلّ» و «المحرم» وتقول: «أحللنا» و «أحرمنا» وتقول «حللنا» وهي الجيّدة.
وقال} {فكّ رقبة (13) [الآية 13] أي: العقبة فكّ رقبة} {أو إطعم [الآية 14] وقال بعضهم} {فكّ رقبة (13) [الآية 13] وليس هذا بذاك و} فكّ رقبة (13) [الآية 13] هو الجيّد.
__________
(1) البيت للحطيئة في ديوانه ص 33، وأدب الكاتب ص 327، والخصائص 3/ 282، وشرح أبيات سيبويه 2/ 230، وشرح المفصّل 6/ 13، والكتاب 3/ 381، ولسان العرب (لبن)، وبلا نسبة في رصف المباني ص 72، وشرح الأشموني 3/ 744. والصاحبي في فقه اللغة ص 181.(1/309)
وقال {أو إطعم فى يوم ذى مسغبة (14) [الآية 14]} {يتيما [الآية 15] نصب «اليتيم» على «الإطعام».
وقال} {فلا اقتحم العقبة (11) [الآية 11] يقول «فلم يقتحم» كما قال} {فلا صدّق [القيامة: الآية 31] أي: فلم يصدّق.
ومن سورة الشمس
قال} {ونفس وما سوّاها (7) [الآية 7] يقول «والّذي سوّاها» فأقسم الله تبارك وتعالى بنفسه وأنه رب النفس التي سوّاها. ووقع القسم على} {قد أفلح من زكّها (9) [الآية 9].
وقال} {ناقة الله [الآية 13]: أي: ناقة الله فاحذروا أذاها.
ومن سورة الليل
قال} {والنّهار إذا تجلّى (2) [الآية 2]} {وما خلق الذّكر والأنثى (3) [الآية 3] فهذه الواو واو عطف عطف بها على الواو التي في القسم الأول. وقال بعضهم} {وما خلق الذّكر والأنثى (3) [الآية 3] فجعل القسم بالخلق كأنه أقسم بما خلق ثم فسره وجعله بدلا من} {مآ.
ومن سورة التين
قال} {وطور سينين (2) [الآية 2] وواحدها «السّينينة».
وقال} {فما يكذّبك بعد [الآية 7] فجعل} مآ للإنسان. وفي هذا القول يجوز «ما جاءني زيد» في معنى «الذي جاءني زيد».(1/310)
ومن سورة القدر
قال {سلم هى [الآية 5] أي: هي سلام، يريد: مسلّمة.
وقال} {حتّى مطلع الفجر [الآية 5] يريد: الطلوع. والمصدر ها هنا لا يبنى إلا على «مفعل».
ومن سورة العلق
قال} {أرءيت إن كان على الهدى (11) [الآية 11] ثم قال} {أرءيت إن كذّب وتولّى (13) [الآية 13] فجعلها بدلا منها وجعل الخبر} {ألم يعلم بأنّ الله يرى (14) [الآية 14].
وقال} {فليدع ناديه (17) [الآية 17]} {سندع الزّبانية [الآية 18]. ف} {ناديه
ها هنا عشيرته وإنما هم أهل النادي والنادي مكانه ومجلسه. وأما} {الزّبانية [الآية 18] فقال بعضهم: واحدها «الزباني» وقال بعضهم: «الزابن» سمعت «الزابن» من عيسى بن عمر. وقال بعضهم «الزبنية». والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي لا واحد له مثل «أبابيل» تقول: «جاءت إبلي أبابيل» أي: فرقا. وهذا يجيء في معنى التكثير مثل «عباديد» و «شعارير».
ومن سورة الزلزلة
قال} {بأنّ ربّك أوحى لها (5) [الآية 5] أي: أوحى إليها.
ومن سورة العاديات
قال} {فوصطن به [الآية 5] وقال بعضهم} فوسطن [الآية 5].(1/311)
ومن سورة القارعة
قال {كالعهن المنفوش [الآية 5] وواحدها: «العهنة» مثل: «الصوف» و «الصّوفة» وأما قوله} {ماهيه [الآية 10] بالهاء فلأن السكت عليها بالهاء لأنها رأس آية.
ومن سورة الهمزة
قال} {جمّع و} {جمع مالا وعدّده [الآية 2] من «العدّة».
وقال} {يحسب أنّ ماله أخلده (3) [الآية 3]} {كلّا لينبذنّ فى الحطمة (4) [الآية 4] أي: هو وماله.
وقال} {مّؤصدة [الآية 8] من «أأصد» «يؤصد» وبعضهم يقول: «أو صدت» فذلك لا يهمزها مثل «أوجع» فهو «موجع» ومثله «أأكف» و «أوكف» يقالان جميعا.
ومن سورة الفيل
قال} {فجعلهم كعصف مّأكول (5) [الآية 5].
ومن سورة قريش
} {لإيلف قريش [الآية 1] أي: فعل ذلك لايلاف قريش لتألّف ثم أبدل فقال} {إلفهم رحلة الشّتآء والصّيف [الآية 2] لأنها من «ألف» وقال بعضهم} لإيلف [الآية 1] جعلها من «آلفوا».(1/312)
ومن سورة الماعون إلى آخر القرآن
قال {أرءيت الّذى [الآية 1] تقرأ بالهمز وغير الهمز، وهما لغتان، تحذف الهمزة لكثرة استعمال هذه الكلمة.
وقال} {فذلك الّذى يدعّ اليتيم (2) [الآية 2] يقول: «يدفعه عن حقه» تقول: «دععته» «أدعّه» «دعّا».
ومن سورة الكوثر
قال} {إنّ شانئك هو الأبتر (3) [الآية 3] تقول: «شنئته» ف «أنا أشنؤه» «شنآنا».
ومن سورة الكافرون
قال} {لآ أعبد ما تعبدون [الآية 2]} {ولآ أنتم عبدون [الآية 3] لأن} {لا
[البقرة: الآية 2] تجري مجرى} {مآ فرفعت على خبر الابتداء.
ومن سورة النصر
قال} {يدخلون فى دين الله أفواجا [الآية 2] واحدهم: الفوج.
وقال} فسبّح بحمد ربّك [الآية 3] يقول: «يكون تسبيحك بالحمد» لأن «التسبيح» هو ذكر، فقال: «يكون ذكرك بالحمد على ما أعطيتك من فتح مكة وغيره» ويقول الرجل: «قضيت سبحتي من الذكر».(1/313)
ومن سورة المسد
قال {تبّت يدآ أبى لهب [الآية 1] «تبّت» جزم لأن تاء المؤنث إذا كانت في الفعل فهو جزم نحو «ضرب» و «ضربت» وأما قوله} {وتب فهو مفتوح لأنه فعل مذكر قد مضى.
وقال} {وامرأته حمالة الحطب (4) [الآية 4] يقول: «وتصلى امرأته حمالة الحطب» و} {حمالة الحطب [الآية 4] من صفتها. ونصب بعضهم} {حمّالة الحطب على الذم كأنه قال «ذكرتها حمالة الحطب» ويجوز أن تكون} {حمّالة الحطب نكرة نوى بها التنوين فتكون حالا «امرأته» وتنتصب بقوله} {تصلى.
ومن سورة الاخلاص
أما قوله} {قل هو الله أحد (1) [الآية 1] فإن قوله} {أحد بدل من قوله} {الله كأنه قال «هو أحد» ومن العرب من لا ينون، يحذف لاجتماع الساكنين.
وقوله} {ولم يكن لّه كفوا أحد [الآية 4]} {أحد هو الاسم و} {كفوا
هو الخبر.
ومن سورة الفلق
قوله} {ومن شرّ غاسق إذا وقب [الآية 3] تقول «غسق» «يغسق» «غسوقا» وهي: «الظلمة». و «وقب» «يقب» «وقوبا» وهو الدخول في الشيء.
ومن سورة الناس
قال} ملك النّاس (2) [الآية 2] تقول: «ملك بيّن الملك» الميم مضمومة. وتقول: «مالك بيّن الملك» و «الملك» بفتح الميم وبكسرها، وزعموا أن ضم الميم لغة في هذا المعنى.(1/314)
وقوله {إله النّاس (3) [الآية 3] بدل من} {ملك النّاس (2) [الآية 2].
وقوله} {من الجنّة والنّاس [الآية 6] يريد: «من شرّ الوسواس من الجنّة والنّاس». و «الجنّة» هم: الجنّ.
ومن دعاء القنوت
قوله «وإليك نسعى ونحفد» نحفد: نخدم. قال ويقال للخدم «الحفد» قال الشاعر: [الكامل]} 279حفد الولائد بينهنّ وأسلمت ... بأكفّهنّ أزمّة الأجمال (1)
وقوله «إن عذابك بالكفّار ملحق» العرب تكسر الحاء ولا يكادون أن يقولوا المفتوحة وهي أثبتهما في المعنى ولكن العرب لا تكاد تقول إلا «ملحق» يكسرون الحاء وهي لغة أهل الحجاز تقول: «قد ألحق بهم العذاب» في معنى: «لحقهم» أو يكون أراد «صاحب لحوق» كما تقول: «هم مجربون» و «مصحّون» إذا كان في إبلهم الصحة والجرب. وكما تقول: «هو مقو» و «قد أقوى» إذا كان في إبله قوة. وتقول أيضا: «أضربت فلانا» إذا جعلت له ما يضربه فيستقيم أن يكون هذا «ملحقا» إذا جعلت ما يلحقه و «ملحق» في لغة بعض بني تميم وهي أوضح الوجهين.
وأما «التحيات لله» فذكروا أن «التحيّة»: الملك. وقال الشاعر: [مجزوء الكامل] 280من كلّ ما نال الفتى ... قد نلته غير التحيّة (2)
وقالوا: «حيّاك الله وبيّاك». ف «حيّاك» «ملّكك»، و «بيّاك»: أصلحك.
__________
(1) البيت للفرزدق في زيادات الطبعة الأولى من جمهرة اللغة ص 504، وليس في ديوانه، ولجميل بثينة في ملحق ديوانه ص 246، وبلا نسبة في لسان العرب (حفد)، وجمهرة اللغة ص 504، وكتاب العين 3/ 185.
(2) البيت لزهير بن جناب في إصلاح المنطق ص 316، والأغاني 18/ 307، والشعر والشعراء 1/ 386، ولسان العرب (بجل)، (حيا)، والمؤتلف والمختلف ص 130، وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 299، وشرح التصريح 1/ 326، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 100، ولسان العرب (حيا).(1/315)
وقوله «تبارك اسمك وتعالى جدّك» تفسيره من كتاب الله {وأنّه تعلى جدّ ربّنا [الجنّ: الآية 3] فسروه: ارتفعت عظمة ربّنا. ف «الجدّ» هو: العظمة.
وقوله «لا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» بفتح الجيم، وبكسرها. وإذا فتحت يعني بالجدّ: الحظّ. أي من كان له جد لم ينجه جده من الله إذا أراد الله به غير ذلك. ومن كسر الجيم جعله من الاجتهاد. يقول: من جد في أمره وجهد لم ينجه ذلك من ربّه إذا أراد به غير ذلك، وقال الشاعر: [الوافر]} 281أجدّك لا تذكّر عهد نجد ... وحيّا طال ما انتظروا الإيابا (1)
تقول: «الجدّ جدّك».
وأما قولهم ءآمّين فهو مفتوح وألفه مقطوعة تقول: آمّين ثم آمّين. والمعنى «ليكن ذاك» و «كوّن الله ذاك» وقد ذكر بعضهم أنها تخفف ويقال فيها «آمين».
هذا آخر كتاب الأخفش في معاني القرآن والحمد لله رب العالمين حمدا دائما كثيرا طيبا مباركا فيه وصلّى الله على خيرته من خلقه سيدنا محمد النبي العربيّ المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
كان في آخر الكتاب الأصل المنقول منه هذا:
أخبرني عمي أبو جعفر قال: «قال أبو الحسن الأخفش: «لحمة الثوب» و «لحمته» و «لحمة النسب» و «لحمته» و «لحمة الطائر» لم أسمعها إلا مضمومة وقد يكون في القياس فتحها».
وتقول: «في أسنانه حفر» بإسكان الفاء ولم أسمع فتحها ممن أثق به.
وتقول: «بعته بآخرة» و «جاء فلان بآخرة».
و: «قد سمعت لجّة النّاس» و «لخّة النّاس».
قال لنا أبو عبد الله اليزيدي رحمه الله: «عرضنا هذا الكتاب من أوله إلى آخره على أبي جعفر أحمد بن محمد اليزيدي عمي وذكر أنه عرضه على الأخفش
__________
(1) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.(1/316)
وفرغنا من عرضه يوم الأحد سلخ المحرم سنة ثلاث وخمسين ومئتين».
وبإسناد مذكور في الأصل أيضا قال: حدثنا الكسائي قال: رأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة يقول:
282 - يا ربّ ما أسوأ منّي حالتي ... إن لم تتب ذئبي وترحم فاقتي
283 - قد تبت منه فتقبّل تابتي ... وصمت يومي فتقبّل صامتي
284 - وقمت ليلي فتقبّل قامتي ... أدعو بالعتق من النّار الّتي
285 - أعددت للكفّار في القيامة ... لا تصبب الحميم فوق هامتي
286 - وأعطني من جنّتيك سالتي ... وآمن اللهمّ ثمّ خافتي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.
كتبه الفقير إلى رحمة الله تعالى أحمد بن أبي محمد المعري أبو الصا (1)
حامدا الله تعالى ومصليا على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وصحبه مسلما وذلك في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وخمس مئة وحسبي الله ونعم الوكيل.
وفي الهامش بخط مغاير ملكه العبد لله والفقير إلى رحمته علي بن صدقة بن المسيب المعري في شهور سنة تسع وثلاثين وست مئة.
__________
(1) كذا بالأصل.(1/317)
الفهارس
فهرس الآيات القرآنية
سورة الفاتحة
الآية [2]: 101
الآية [5]: 5، 101
الآية [7]: 24، 269
سورة البقرة
الآية [4]: 17
الآية [5]: 136
الآية [6]: 41
الآية [9]: 164
الآية [14]: 102
الآية [16]: 15، 16
الآية [32]: 42
الآية [40]: 60، 106
الآية [47]: 60، 85
الآية [48]: 250
الآية [49]: 277
الآية [54]: 134
الآية [55]: 260
الآية [58]: 77
الآية [60]: 15
الآية [62]: 171
الآية [75]: 234
الآية [83]: 17، 90، 97، 98، 215
الآية [85]: 99
الآية [87]: 106
الآية [102]: 107
الآية [107]: 115
الآية [120]: 93، 193
الآية [122]: 60
الآية [123]: 173
الآية [126]: 55
الآية [127]: 111
الآية [135]: 108
الآية [139]: 157
الآية [165]: 104
الآية [175]: 15
الآية [180]: 147
الآية [185]: 163
الآية [186]: 192
الآية [187]: 102
الآية [200]: 17
الآية [202]: 140
الآية [207]: 161
الآية [214]: 94
الآية [217]: 110
الآية [224]: 200
الآية [230]: 95، 245(1/319)
الآية [231]: 132
الآية [235]: 111، 181
الآية [246]: 16، 185
الآية [247]: 196
الآية [249]: 246
الآية [254]: 232
الآية [255]: 27
الآية [257]: 274
الآية [258]: 194
الآية [259]: 194
الآية [271]: 55، 80، 167
الآية [282]: 169
الآية [283]: 53
الآية [284]: 54، 88
سورة آل عمران
الآية [30]: 140
الآية [35]: 132
الآية [39]: 86
الآية [41]: 94، 202، 230
الآية [52]: 44، 102
الآية [54]: 39
الآية [55]: 59
الآية [64]: 158
الآية [66]: 102
الآية [75]: 44، 102
الآية [81]: 143
الآية [97]: 110
الآية [105]: 74
الآية [112]: 80
الآية [119]: 19
الآية [142]: 55، 56
الآية [145]: 153، 155
الآية [146]: 147
الآية [152]: 142
الآية [153]: 102
الآية [154]: 66
الآية [159]: 103
الآية [169]: 114
الآية [173]: 225
الآية [180]: 104
الآية [184]: 193
الآية [185]: 69
الآية [188]: 40، 104
سورة النساء
الآية [3]: 39
الآية [4]: 47، 287
الآية [12]: 155، 61، 163
الآية [16]: 67
الآية [21]: 39
الآية [22]: 194
الآية [23]: 194
الآية [24]: 147
الآية [36]: 276
الآية [46]: 294
الآية [53]: 94
الآية [56]: 195
الآية [58]: 166
الآية [61]: 284
الآية [66]: 262
الآية [67]: 140(1/320)
الآية [91]: 122
الآية [95]: 147
الآية [97]: 67
الآية [102]: 53
الآية [112]: 68، 132
الآية [128]: 227
الآية [142]: 39
الآية [145]: 278
الآية [157]: 90
الآية [159]: 160
الآية [162]: 71، 115، 116
سورة المائدة
الآية [1]: 120
الآية [9]: 153
الآية [12]: 15
الآية [23]: 21، 53
الآية [30]: 245
الآية [38]: 65، 67، 154
الآية [40]: 115
الآية [60]: 138
الآية [71]: 89، 94
الآية [95]: 55
الآية [115]: 278
سورة الأنعام
الآية [4]: 104
الآية [21]: 74
الآية [27]: 114
الآية [28]: 195
الآية [44]: 233
الآية [54]: 96
الآية [62]: 140
الآية [78]: 102
الآية [91]: 62
الآية [93]: 27، 104، 182
الآية [94]: 158
الآية [100]: 137
الآية [103]: 195
الآية [112]: 138
الآية [113]: 212
الآية [126]: 84
الآية [158]: 124
الآية [159]: 187
الآية [160]: 187
سورة الأعراف
الآية [1]: 25
الآية [18]: 107
الآية [22]: 56
الآية [23]: 53
الآية [59]: 18
الآية [60]: 80
الآية [64]: 30
الآية [75]: 110
الآية [82]: 147
الآية [104]: 53
الآية [138]: 255
الآية [144]: 60
الآية [145]: 196
الآية [150]: 190
الآية [154]: 180، 226(1/321)
الآية [164]: 79
الآية [186]: 55
الآية [189]: 186
سورة الأنفال
الآية [14]: 86
الآية [18]: 86
الآية [38]: 137
الآية [45]: 16
الآية [48]: 80
الآية [60]: 82
سورة التوبة
الآية [3]: 71
الآية [14]: 54
الآية [15]: 54
الآية [28]: 79
الآية [37]: 108
الآية [40]: 172
الآية [62]: 67
الآية [69]: 19
الآية [100]: 16
الآية [101]: 82
الآية [107]: 195
الآية [111]: أ 128
سورة يونس
الآية [1]: 25
الآية [10]: 89، 192
الآية [22]: 100، 128، 176
الآية [35]: 191، 226
الآية [38]: 34، 112، 115
الآية [42]: 36، 84
الآية [43]: 36، 84
الآية [59]: 17
الآية [62]: 28
الآية [87]: 120
الآية [89]: 17
الآية [91]: 17
الآية [93]: 120
الآية [98]: 90
الآية [100]: 214
سورة هود
الآية [1]: 25
الآية [7]: 141
الآية [15]: 163
الآية [40]: 107
الآية [68]: 92
الآية [69]: 75
الآية [95]: 92
الآية [109]: 97
الآية [116]: 90، 246
سورة يوسف
الآية [1]: 25
الآية [4]: 73
الآية [8]: 107
الآية [11]: 16، 53، 112
الآية [13]: 112، 166
الآية [19]: 60
الآية [30]: 74
الآية [31]: 99، 129(1/322)
الآية [32]: 128
الآية [33]: 55
الآية [43]: 60، 156، 200، 262
الآية [45]: 16
الآية [50]: 17
الآية [51]: 225
الآية [54]: 17
الآية [77]: 165
الآية [82]: 45، 75، 115، 124، 174، 198، 201، 217، 226، 243، 244، 268
الآية [87]: 169
الآية [96]: 89
الآية [100]: 19، 102
الآية [101]: 60
الآية [109]: 193
سورة الرعد
الآية [1]: 25
الآية [8]: 224
الآية [12]: 84
الآية [31]: 93، 104، 280، 292
الآية [35]: 65، 232
سورة إبراهيم
الآية [1]: 25
الآية [4]: 85
الآية [26]: 16
الآية [43]: 47، 289
سورة الحجر
الآية [1]: 25
الآية [3]: 62
الآية [13]: 260
الآية [30]: 119، 135، 267
الآية [41]: 59
الآية [54]: 157
الآية [68]: 19
الآية [74]: 257
الآية [78]: 88
الآية [94]: 40
سورة النحل
الآية [1]: 251
الآية [24]: 125
الآية [30]: 49، 125
الآية [40]: 109، 251
الآية [43]: 193
الآية [4443]: 193
الآية [48]: 43
الآية [51]: 219
الآية [62]: 165
الآية [66]: 229، 283
الآية [69]: 283
الآية [90]: 17
الآية [103]: 201
سورة الإسراء
الآية [7]: 104
الآية [28]: 147، 280
الآية [52]: 88
الآية [53]: 63
الآية [67]: 22(1/323)
الآية [80]: 157
الآية [97]: 271
سورة الكهف
الآية [12]: 56، 141
الآية [18]: 69
الآية [22]: 211
الآية [28]: 189
الآية [29]: 242
الآية [35]: 245
الآية [55]: 183
الآية [60]: 94
الآية [79]: 232
الآية [103]: 185
الآية [109]: 45
سورة مريم
الآية [1]: 25، 27
الآية [65]: 174
الآية [26]: 59
الآية [28]: 15
الآية [45]: 61
الآية [69]: 141
الآية [75]: 59
سورة طه
الآية [1]: 25
الآية [10]: 152
الآية [18]: 59
الآية [3130]: 60
الآية [61]: 39، 53
الآية [63]: 88
الآية [69]: 139
الآية [71]: 44، 148
الآية [89]: 89، 94
الآية [119118]: 86
الآية [128]: 36
الآية [132]: 162
سورة الأنبياء
الآية [3]: 172
الآية [22]: 90
الآية [33]: 225
الآية [34]: 147
الآية [37]: 251
الآية [77]: 44، 102
الآية [92]: 86
الآية [95]: 144
سورة الحج
الآية [2]: 201
الآية [25]: 142، 201
الآية [35]: 70
الآية [63]: 57
الآية [65]: 43
الآية [72]: 138
سورة المؤمنين
الآية [20]: 118، 247، 253
الآية [22]: 229
الآية [24]: 99
الآية [35]: 87
الآية [52]: 86
الآية [68]: 36، 85(1/324)
الآية [93]: 60
الآية [9493]: 59
الآية [94]: 59
الآية [99]: 16
سورة النور
الآية [2]: 65، 67
الآية [4]: 152
الآية [7]: 89
الآية [27]: 48
الآية [40]: 195
الآية [43]: 83، 167
الآية [63]: 96
سورة الفرقان
الآية [20]: 86
الآية [22]: 185
الآية [39]: 66
الآية [49]: 115
الآية [63]: 122
سورة الشعراء
الآية [1]: 25، 27
الآية [45]: 30
الآية [61]: 120
الآية [77]: 159، 183، 257
الآية [102]: 57
الآية [105]: 74
الآية [119]: 216
سورة النمل
الآية [1]: 27
الآية [16]: 225
الآية [18]: 225، 279
الآية [28]: 193
الآية [39]: 16، 55
الآية [59]: 17
الآية [67]: 218، 229
الآية [88]: 147
سورة القصص
الآية [8]: 219
الآية [26]: 16
الآية [30]: 60
الآية [70]: 85
الآية [72]: 32، 33
الآية [73]: 68
الآية [76]: 102
سورة العنكبوت
الآية [29]: 296
الآية [33]: 69، 89
سورة الروم
الآية [4]: 19
الآية [10]: 43
الآية [51]: 113
سورة لقمان
الآية [6]: 109
الآية [15]: 59
سورة السجدة
الآية [3]: 34
الآية [26]: 36(1/325)
سورة الأحزاب
الآية [10]: 61
الآية [16]: 94
الآية [30]: 128
الآية [31]: 36
الآية [35]: 71
الآية [37]: 186
الآية [51]: 197
الآية [67]: 48
الآية [76]: 61
سورة سبأ
الآية [8]: 17
الآية [10]: 138
الآية [24]: 22
الآية [33]: 45
الآية [46]: 151، 270
سورة فاطر
الآية [1]: 151
الآية [36]: 53
الآية [41]: 252
الآية [43]: 41، 43
سورة يس
الآية [1]: 25
الآية [21]: 27
الآية [14]: 15، 21
الآية [23]: 55
الآية [25]: 260
الآية [29]: 216
الآية [43]: 91
الآية [44]: 91
الآية [45]: 104
الآية [46]: 104
الآية [49]: 212
الآية [77]: 36
سورة الصافات
الآية [7]: 97
الآية [8]: 97
الآية [17]: 36
الآية [21]: 72
الآية [38]: 71
الآية [47]: 29
الآية [49]: 181
الآية [62]: 289
الآية [147]: 34، 35
سورة ص
الآية [1]: 25، 26
الآية [2]: 26
الآية [6]: 89، 192
الآية [8]: 61، 158
الآية [16]: 296
الآية [23]: 16
الآية [42]: 15، 16
الآية [62]: 18
الآية [63]: 18
سورة الزمر
الآية [3]: 145، 262
الآية [6]: 245(1/326)
الآية [11]: 180
الآية [16]: 60
الآية [33]: 39، 285
الآية [59]: 141
الآية [73]: 97
سورة غافر
الآية [36]: 15، 16، 19
الآية [55]: 230
الآية [60]: 16
الآية [64]: 288
الآية [66]: 60
الآية [67]: 287
الآية [83]: 193
سورة فصلت
الآية [6]: 87
الآية [11]: 225
الآية [17]: 59، 65، 66
الآية [19]: 197
الآية [37]: 226
سورة الشورى
الآية [1]: 25، 27، 249
الآية [5]: 51
الآية [8]: 66
الآية [11]: 130، 194
الآية [15]: 156
الآية [18]: 203
الآية [20]: 163
الآية [23]: 282
الآية [33]: 54
الآية [34]: 54
الآية [35]: 54، 55
الآية [43]: 282
الآية [45]: 291
الآية [56]: 289
سورة الزخرف
الآية [13]: 289
الآية [33]: 134
الآية [52]: 32
الآية [76]: 204، 299
الآية [81]: 87، 88
الآية [83]: 196
الآية [89]: 122
سورة الدخان
الآية [15]: 69
الآية [16]: 197
الآية [51]: 157
الآية [43]: 289
سورة الجاثية
الآية [14]: 63، 196
الآية [21]: 142
الآية [25]: 260
سورة الأحقاف
الآية [15]: 238
الآية [17]: 199
الآية [24]: 173
الآية [26]: 88
الآية [33]: 205(1/327)
سورة محمد
الآية [4]: 133
الآية [8]: 92
الآية [15]: 65
الآية [18]: 79
الآية [20]: 79
الآية [21]: 79
الآية [34]: 133
الآية [35]: 122
الآية [38]: 163
سورة الفتح
الآية [11]: 156
الآية [15]: 62
الآية [29]: 18
سورة الحجرات
الآية [2]: 48
الآية [9]: 151
سورة ق
الآية [6]: 25
الآية [10]: 83
الآية [17]: 159
الآية [18]: 38
الآية [23]: 38، 59
سورة الذاريات
الآية [13]: 277
الآية [14]: 102
الآية [23]: 103
الآية [49]: 186
الآية [50]: 30
سورة الطور
الآية [6]: 306
الآية [22]: 45
الآية [29]: 34
الآية [30]: 34
الآية [37]: 34
سورة النجم
الآية [12]: 80
الآية [19]: 19
سورة القمر
الآية [24]: 65
الآية [27]: 69
الآية [44]: 289
الآية [45]: 47، 233، 237
الآية [49]: 65
الآية [50]: 99
سورة الرحمن
الآية [41]: 66
الآية [46]: 39
الآية [70]: 99
سورة الواقعة
الآية [47]: 41
الآية [65]: 158
سورة الحديد
الآية [10]: 19، 123
الآية [13]: 160(1/328)
الآية [15]: 74
الآية [22]: 19
الآية [23]: 93
الآية [29]: 94، 280
سورة المجادلة
الآية [7]: 211
الآية [9]: 157
الآية [12]: 128
سورة الحشر
الآية [7]: 93
الآية [9]: 74
سورة الممتحنة
الآية [1]: 183
سورة الجمعة
الآية [8]: 265، 282
الآية [11]: 67
سورة المنافقين
الآية [1]: 85
الآية [6]: 32
الآية [10]: 55
سورة التغابن
الآية [14]: 88
سورة الطلاق
الآية [12]: 51
سورة التحريم
الآية [4]: 153، 159
الآية [6]: 156
الآية [8]: 241
سورة الملك
الآية [20]: 87
سورة القلم
الآية [1]: 27
الآية [9]: 53
الآية [19]: 202
الآية [43]: 289
سورة الحاقة
الآية [12]: 308
سورة المعارج
الآية [42]: 196
سورة نوح
الآية [6]: 60
الآية [17]: 299
الآية [28]: 60
سورة الجن
الآية [1]: 87
الآية [3]: 87
الآية [15]: 151
الآية [18]: 87
سورة المزمل
الآية [8]: 240
الآية [18]: 50
الآية [20]: 204(1/329)
سورة المدثر
الآية [1]: 298
الآية [5]: 79
الآية [35]: 16
سورة القيامة
الآية [1]: 280
الآية [4]: 89
الآية [2322]: 195
الآية [23]: 301
الآية [2524]: 195
الآية [25]: 95
سورة الإنسان
الآية [3]: 59
الآية [21]: 39، 303
الآية [24]: 34
الآية [30]: 195
الآية [31]: 66
سورة المرسلات
الآية [6]: 82
الآية [15]: 92
الآية [35]: 72
الآية [36]: 53
سورة النبأ
الآية [1]: 120
الآية [2524]: 145
الآية [29]: 304
الآية [40]: 160
سورة النازعات
الآية [27]: 66
الآية [30]: 66
الآية [43]: 120
سورة عبس
الآية [17]: 115
الآية [22]: 131
سورة التكوير
الآية [12]: 160
سورة المطففين
الآية [1]: 92
سورة الانشقاق
الآية [6]: 308
الآية [14]: 95
سورة الطارق
الآية [4]: 88، 216
سورة الأعلى
الآية [14]: 40
الآية [16]: 307
سورة الفجر
الآية [5]: 185
الآية [22]: 124
سورة الشمس
الآية [1]: 308
الآية [2]: 39
الآية [4]: 40(1/330)
الآية [6]: 39
الآية [9]: 39
سورة الليل
الآية [2]: 40
الآية [19]: 90
الآية [20]: 90
سورة الضحى
الآية [109]: 59
الآية [10]: 59
سورة العلق
الآية [11]: 81
الآية [15]: 24
الآية [1615]: 138
الآية [16]: 24، 138
الآية [96]: 227
سورة البينة
الآية [5]: 291
الآية [6]: 293
سورة العاديات
الآية [119]: 85، 204
سورة التكاثر
الآية [6]: 80
سورة قريش
الآية [3]: 85
سورة الماعون
الآية [1]: 80
سورة النصر
الآية [3]: 51
سورة المسد
الآية [2]: 158
الآية [4]: 15(1/331)
فهرس المسائل النحوية
باب الألف
آل: 75، 76
إذ: 140، 141، 147
الإدغام: 112، 113
الاستثناء: 52، 89، 90، 127، 140، 155، 156، 162، 209، 234، 256، 282
الاستفهام: 31، 32، 34، 42، 64، 81، 149، 192، 195، 228، 247، 267، 289
اسم الفاعل: 69، 70، 71
الاستئناف: 117، 244، 245، 262، 303
الاستغناء: 104، 119، 120، 144
الإضافة: 59، 60، 61
إضافة الزمان إلى الفعل: 72، 73
إلّا: 90، 118
أم: 35، 217، 231
إمّا: 58، 301
أمّا: 59
أما: 59
أن: 19، 87، 88، 94، 95، 147
أنّ وإنّ: 85، 86، 87
أن المضمرة: 53، 56، 58، 93، 94
أن الزائدة: 129
أنا وأنت: 64، 65، 66
أهل: 75، 76
أو: 67، 68
الهمزة: 41، 42، 43، 80، 81، 106
باب الباء
الباء: 102، 118
بعد: 267
البدل: 22، 24، 110، 136، 137، 148، 185، 222، 259، 261، 271، 275، 284
باب التاء
التأنيث والتذكير: 73، 74، 75
التمييز: 105
التوكيد: 102، 135، 147، 153، 204، 213، 219، 222، 268
التصغير: 47، 48
باب الثاء
ثمّ: 144، 189
باب الجيم
جزم الجواب: 130، 161، 163، 175، 195، 219، 241(1/332)
باب الحاء
الحال: 23، 59، 74، 109، 114، 115، 136، 138، 139، 144، 155، 159، 161، 168، 246، 282، 288
حتى: 92، 93
باب الدال
الدعاء: 53
باب الراء
ربّ: 37، 234
باب الزاي
زيادة من: 79
باب الظاء
الظرف: 46، 72، 138، 158، 243
باب العين
العطف: 24، 25
باب الفاء
الفاء الزائدة: 53
فاء الجواب: 52، 53، 96، 110، 148، 149
الفاعل: 117، 279، 182
الفعل: 77، 78
الفعل المتعدي: 76، 132، 199
باب القاف
القسم: 25، 168، 172، 177، 190
باب الكاف
الكاف: 130، 180
كان (اسمها وخبرها): 148، 155، 163
كاد: 214
كم: 30، 31
باب اللام
اللام: 93
لام التوكيد: 85
لام كي: 93
لام الابتداء: 107، 144
لئن (لو): 113
ليس: 279
باب الميم
ما: 37، 38، 49
ما المصدرية: 40
ما الزائدة: 103، 149
ماذا: 125
المذكر والمؤنث: 73، 129
المضاف إليه: 23، 48، 233
المبتدأ والخبر: 29، 46، 54، 67، 79، 83، 98، 105، 109، 114، 115، 116، 117، 124، 125، 133، 134، 137، 138، 155، 170
المفعول به: 75، 116، 144
المفعول المطلق: 128
المضارع المنصوب: 93، 94
المضارع المجزوم: 134، 196، 197
المصدر: 279
المنصرف: 209، 210(1/333)
من: 37
من: 80
باب النون
الندبة: 222
النعت: 23، 205
باب الهاء
الهمز: 80
هو: 65، 66، 67
باب الواو
الآية [4]: 15
الواو: 67، 106، 179، 189
واو الابتداء: 67
باب الياء
الياء الساكنة: 197، 108(1/334)
فهرس الأعلام
باب الألف
أبي بن كعب: 211
ابن أحمر (أبو الخطاب عمرو بن أحمر):
35، 68، 109
الأحوص: 109، 203
الأحول اليشكري: 247
الأخطل: 34، 70، 103، 107، 148، 186
الأخفش الأكبر (أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الهجري): 31، 92
ابن أبي إسحاق (عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي): 272
أسماء بنت أبي بكر: 255
أبو أسماء بن الضريبة: 165
أبو الأسود الدؤلي: 71، 81
الأسود بن يعفر: 83
الأشهب بن رميلة: 71
الأعشى: 46، 51، 52، 54، 56، 63، 72، 192، 251، 258، 259، 265، 283
أعشى طرود: 199
الأعشى (سليمان بن مهران): 220، 232
الأقيشر الأسدي: 76
امرؤ القيس بن حجر الكندي: 76، 121، 126، 229، 239، 240
أمية بن أبي الصلت: 37، 122، 129، 156
أمية بن أبي عائذ الهذلي: 201
أوس بن مغراء السعدي: 158، 305
باب الباء
البرجمي ضابئ بن الحارث البرجمي بشر بن أبي خازم: 65
باب التاء
تأبط شرا: 69
تميم بن مقبل: 97
باب الجيم
جابر بن رألان: 69
الجحاف بن حكيم: 217
جرير: 51، 69، 74، 93، 167، 194
جميل بثينة: 20، 315
ابن جني: 50
باب الحاء
حاتم الطائي: 122
الحارث بن خالد المخزومي: 84
أبو الحدرجان: 62
حريث بن عتاب: 212
أبو حزابة (الوليد بن حنيفة): 206
حسان بن ثابت: 56، 63(1/335)
حسيل بن عرفطة: 197
حضرمي بن عامر: 91
الحطيئة: 45، 84، 309
حميد الأرقط: 194
حنيف بن عمير: 37
أبو حية النميري: 49، 157
باب الخاء
خالد بن جعفر: 96
خداش بن زهير: 103
الخرنق بنت بدر بن هفان: 72
خزز بن لوذان: 62
خطام المجاشعي: 194
خفاف بن ندبة: 100، 199
خلف الأحمر: 95
خلف بن حيان (أبو محرز البصري) خلف الأحمر
الخنساء: 78، 184
باب الذال
ذو الإصبع العدواني: 81
ذو الرمة: 33، 65، 90، 261
أبو ذؤيب الهذلي: 177، 297
باب الراء
الراعي النميري: 28، 125
الربيع بن زياد: 181
الربيع بن ضبع الفزاري: 66
رؤبة بن العجاج: 38، 89، 100، 101، 135، 175، 177، 194
باب الزاي
الزبّاء: 184
زبان بن العلاء أبو عمرو بن العلاء
أبو زبيد الطائي: 93، 274
زرعة بن خفاف: 199
زهير بن جناب: 315
زهير بن أبي سلمى: 101، 255، 259
أبو زيد (سعيد بن أوس بن ثابت): 32، 89، 177
زيد بن رزين: 209
زيد بن عمرو بن نفيل: 215
باب السين
ساعدة بن جؤية: 152
سحيم بن وثيل الرياحي: 49
سعيد بن أوس بن ثابت أبو زيد
سلامة بن جندل 206
سليم بن ثمامة الحنفي: 138
سليمان بن مهران (أبو محمد الأسدي الكوفي) الأعمش
أبو السمال (قعنب بن أبي قعنب العدوي):
71 - سوادة بن عدي: 145
سؤر الذئب: 177
سويد بن أبي كاهل: 37
باب الشين
الشماخ: 104
شمر بن عمرو الحنفي: 105(1/336)
باب الصاد
صخر الغي الهذلي: 152، 220
باب الضاد
ضابىء بن الحارث البرجمي: 68
باب الطاء
أبو طالب بن عبد المطلب: 63
طرفة بن العبد: 57، 60، 98، 121، 204
طريف بن تميم العنبري: 247
طفيل الغنوي: 154
باب العين
عاتكة بن زيد: 255
عامر بن جوين: 50
ابن عباس عبد الله بن عباس
عباس بن مرداس: 81، 199
أبو عبد الله: 63
عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي: 272
عبد الله بن الحر: 283
عبد الله بن عباس: 168
عبد الله بن مسعود: 38، 56، 119، 174، 346، 272
عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: 68
عبد ربه السلمي: 138
عبد الرحمن ابن أم الحكم: 127
عبد مناف بن ربع الهذلي: 105
عبدة بن الطبيب: 226
عبيد بن الأبرص: 114، 206، 296
أبو عبيدة (معمر بن المثنى): 96
العجاج: 98
عدي بن الرعلاء: 115
عدي بن زيد: 145، 184، 192
عروة بن حزام: 109
عصم بن النعمان: 103
عطية بن عفيف: 165
علقمة بن عبدة: 33، 152
علقمة الفحل علقمة بن عبدة
عمر بن أبي ربيعة: 164
عمرو بن أحمر بن العمرّد ابن أحمر عمرو بن الإطنابة: 87
عمرو بن امرىء القيس: 70
عمرو بن الأيهم: 91
عمرو ذو الكلب الهذلي: 152
عمرو بن شأس: 118
عمرو بن عبيد: 280
أبو عمرو بن العلاء: 119، 134، 171
عمرو بن كلثوم: 61، 78، 126
عمرو بن معديكرب: 91، 98، 133، 157، 199
عميرة بن جابر الحنفي: 105
عنترة: 62، 100، 133
عيسى بن عمر: 71، 82، 222، 272، 280
باب الغين
غلفاء بن الحارث: 198
باب الفاء
الفرزدق: 37، 41، 77، 91، 129، 154، 172، 199، 213، 252، 258، 315(1/337)
فروة بن مسيك: 88
باب القاف
القحيف العقيلي: 44
القطامي: 241
قعنب بن أبي قعنب العدوي أبو السمال
أبو قيس بن أبي أنس 38
قيس بن الخطيم: 20، 68، 96
قيس بن عمرو النجاشي: 137
باب الكاف
أبو كبير الهذلي: 97
كثير عزة: 86، 87، 99، 109، 117، 293
كعب بن سعد الغنوي: 46، 204
الكميت: 88
باب اللام
لبيد بن ربيعة: 107، 121، 186، 303
أبو اللحام التغلبي: 127
باب الميم
المتنخل الهذلي: 146
المتوكل بن عبد الله بن نهشل الليثي: 81
متمم بن نويرة: 35، 64
المثقب العبدي: 49، 178
المجنون: 109
المخبل السعدي: 113
مزرد بن ضرار: 49
ابن مسعود عبد الله بن مسعود
المسيب بن زيد مناة: 154
معقر بن حمار البارقي: 63، 138
معمر بن المثنى أبو عبيدة
معن بن أوس: 137
مغلس الأسدي: 148
المغيرة بن حبناء: 57
ابن مفرغ الحميري: 206
مقاس العائذي: 155
منظور بن مرثد الأسدي: 136
المهلهل بن ربيعة: 103، 300
مودود العنبري: 206
باب النون
النابغة الجعدي: 45، 96
النابغة الذبياني: 54، 55، 56، 91، 96، 103، 146، 159، 199، 200، 258
نبيه بن الحجاج: 215
أبو النجم العجلي: 47، 89، 101، 167، 183
النمر بن تولب: 208
نهار ابن أخت مسيلمة: 37
باب الياء
يزيد بن عمرو بن الصعق: 73
يعلى بن الأحول الأزدي: 30
يونس بن حبيب البصري: 44، 47، 50، 79، 95، 113، 119، 132، 145، 177، 282(1/338)
فهرس القوافي
قافية الألف
237 - كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى 230
51 - على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى 64
قافية الهمزة
الهمزة المضمومة
177 - ظاهرات الجمال والحسن ينظر ... ن كما تنظر الأراك الظّباء 160
116 - فإنّي لو ألاقيك اجتهدنا ... وكان لكلّ منكرة كفاء 101
فأبرىء موضحات الرأس منه ... وقد يشفي من الجرب الهناء 101
الهمزة المكسورة
264 - طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء 274
199 - قلت لشيبان اذن من لقائه ... أنّا نغذّي القوم من شوائه 183
133 - ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء 115
قافية الباء
الباء المفتوحة
281 - أجدّك لا تذكّر عهد نجد ... وحيّا طال ما انتظروا الإيابا 316
36 - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا 54
ومن يغترب عن قومه لا يجد له ... على من له رهط حواليه مغضبا 54
وتدفن منه المحسنات وان يسىء ... يكن ما أساء النار في رأس كبكبا 54
233 - صدّها منطق الدّجاج عن القصد ... وضرب الناقوس فاجتنبا 225(1/339)
281 - أجدّك لا تذكّر عهد نجد ... وحيّا طال ما انتظروا الإيابا 316
36 - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا 54
ومن يغترب عن قومه لا يجد له ... على من له رهط حواليه مغضبا 54
وتدفن منه المحسنات وان يسىء ... يكن ما أساء النار في رأس كبكبا 54
233 - صدّها منطق الدّجاج عن القصد ... وضرب الناقوس فاجتنبا 225
الباء المضمومة
8 - ذاكم وجدكم الصّغار بأسره ... لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب 29
185 - ولكن ديافيّ أبوه وأمه ... بحوران يعصرن السّليط أقاربه 172
180 - ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا 165
170 - فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب 155
256 - باكرتها والدّيك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا 258
205 - كأنّي إذ أسعى لأظفر طائرا ... مع النّجم في جوّ السّماء يصوب 190
129 - وما هو إلّا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتّى ما أكاد أجيب 109
27 - وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب 46
47 - تقول ابنتي لما رأتني شاحبا ... كأنّك فينا يا أبات غريب 62
61 - من يك أمسى بالمدينة داره ... فإنّي وقيّارا بها لغريب 68
274 - صفراء من نبع يسمّى سهمها ... من طول ما صرع الصّيود الصّيّب 302
232 - وأنت امرؤ تعدو على كلّ غرّة ... فتخطىء فيها مرّة وتصيب 221، 226
164 - بها جيف الحسرى فأمّا عظامها ... فبيض وأمّا جلدها فصليب 152
27 - وما القلب أم ما ذكره ربعيّة ... يخطّ لها من ثرمداء قليب 33
الباء المكسورة
فإمّا تري لمّتى بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها 74
213 - يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد ... عو تميما وأنت غير مجاب 198
97 - ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلا وضرب الرقاب 91
218 [لهنّ عليهم عادة قد عرفنها] ... إذا عرضوا الخطّيّ فوق الكواثب 200
25 - وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب 45، 233
215 - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب 199
161 - إنّ السّيوف غدوّها ورواحها ... تركا فزارة مثل قرن الأعضب 148
249 - أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعة الرّاهب 251
48 - كذب العتيق وماء شنّ بارد ... إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي 62
98 - حلفت يمينا غير ذي مثنويّة ... ولا علم إلّا حسن ظنّ بغايب 91(1/340)
فإمّا تري لمّتى بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها 74
213 - يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد ... عو تميما وأنت غير مجاب 198
97 - ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلا وضرب الرقاب 91
218 [لهنّ عليهم عادة قد عرفنها] ... إذا عرضوا الخطّيّ فوق الكواثب 200
25 - وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب 45، 233
215 - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب 199
161 - إنّ السّيوف غدوّها ورواحها ... تركا فزارة مثل قرن الأعضب 148
249 - أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعة الرّاهب 251
48 - كذب العتيق وماء شنّ بارد ... إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي 62
98 - حلفت يمينا غير ذي مثنويّة ... ولا علم إلّا حسن ظنّ بغايب 91
قافية التاء
التاء الساكنة
دارا لليلى بعد حول قد عفت ... بل جوز تيهاء كظهر الحجفت 177
191 - ما بال عين عن كراها قد جفت ... مسبلة تستنّ لمّا عرفت 177
التاء المكسورة
203 - فكيف ترى عطيّة حين تلقى ... عظاما هامهنّ قراسيات 184
22 - من يك ذابتّ فهذا بتّي ... مقيّظ مصيّف مشتّي 38، 222
286 - وأعطني من جنّتيك سالتي ... وآمن اللهم ثمّ خافتي 317
282 - يا ربّ ما أسوأ منّي حالتي ... إن لم تتب ذئبي وترحم فاقتي 317
284 - وقمت ليلي فتقبّل قامتي ... أدعو بالعتق من النّار الّتي 317
269 - سأجزي سلامان بن مفرج قرضهم ... بما قدّمت أيديهم وأزّلت 292
110 - أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلّت 99، 216
283 - قد تبت منه فتقبّل تابتي ... وصمت يومي فتقبّل صامتي 317
285 - أعددت للكفّار في القيامة ... لا تصبب الحميم فوق هامتي 317
قافية الجيم
الجيم المفتوحة
101 - يؤامرني ربيعة كلّ يوم ... لأهلكه وأقتني الدّجاجا 95
268 - متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا 283
الجيم المكسورة
125 - ليت الغراب غداة ينعب دائبا ... كان الغراب مقطّع الأوداج 106
122 - ودوّيّة قفر تمشّى نعامها ... كمشي النّصارى في خفاف الأرندج 104(1/341)
125 - ليت الغراب غداة ينعب دائبا ... كان الغراب مقطّع الأوداج 106
122 - ودوّيّة قفر تمشّى نعامها ... كمشي النّصارى في خفاف الأرندج 104
قافية الحاء
الحاء المفتوحة
184 - يا ليت زوجك قد غدا ... متقلّدا سيفا ورمحا 168
42 - سأترك منزلي لبني تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا 57
الحاء المضمومة
190 - ما بال عين عن كراها قد جفت ... مسبلة تستنّ لمّا عرفت 177
الحاء المكسورة
33 - ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح 51، 131
قافية الدال
الدال الساكنة
188 - نهدي رؤوس المجرمين الأنداد ... إلى أمير المؤمنين الممتاد 175
الدال المفتوحة
163 - ولكنّما أهلي بواد أنيسه ... ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحدا 152
238 - تسمع في أجوافهنّ صردا ... وفي اليدين جسأة وبددا 236
123 - حتّى إذا أسلكوه في قتائدة ... شلّا كما تطرد الجمالة الشردا 105
149 - هم ينذرون دمي وأنذر ... أن لقيت بأن أشدّا 133
248 - لسنا كمن جعلت إياد دارها ... تكريت تنظر حبّها أن يحصدا 251
202 - ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا لا يحملن أم حديدا 184
الدال المضمومة
10 - وإن قال مولاهم على جلّ حاجة ... من الأمر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا 31
240 - والناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد 240
145 - على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى ... قضيّته أن لا يجور ويقصد 127
39 - فإن لم أصدّق ظنّكم بتيقّن ... فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد 56
ويعلم أكفائي من الناس أنّني ... أنا الفارس الحامي الذمار المذاود 56
181 - ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود 167
160 - لقد علم الأقوام ما كان داءها ... بثهلان إلّا الخزي ممّن يقودها 148
52 - فيبك على المنجاب أضياف قفرة ... سروا وأسارى لم تفكّ قيودها 64(1/342)
10 - وإن قال مولاهم على جلّ حاجة ... من الأمر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا 31
240 - والناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد 240
145 - على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى ... قضيّته أن لا يجور ويقصد 127
39 - فإن لم أصدّق ظنّكم بتيقّن ... فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد 56
ويعلم أكفائي من الناس أنّني ... أنا الفارس الحامي الذمار المذاود 56
181 - ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود 167
160 - لقد علم الأقوام ما كان داءها ... بثهلان إلّا الخزي ممّن يقودها 148
52 - فيبك على المنجاب أضياف قفرة ... سروا وأسارى لم تفكّ قيودها 64
الدال المكسورة
231 - يا صاحبيّ ألا لا حيّ بالوادي ... إلّا عبيدا قعودا بين أوتاد 220
271 - الخير يبقى وإن طال الزّمان به ... والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد 296
86 - من خمرّ ذي نطف أغنّ كأنّما ... قنأت أنامله من الفرصاد 83
266 - وقد أروح إلى الحانوت أبشره ... بالرّحل فوق ذرى العيرانة الأجد 281
236 - إن تكتموا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد 229
65 - فإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد 71
104 - ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أتبع اللّذّات هل أنت مخلدي 98
254 - هبلتك أمّك إن قتلت لمسلما ... وجبت عليك عقوبة المتعمّد 255
4 - وإني لأهوى بيت هند وأهلها ... على هنوات قد ذكرن على هند 25
103 - لعلّ الله يمكنني عليها ... جهارا من زهير أو أسيد 96
قافية الراء
الراء الساكنة
16 - يهينون من حقروا شأيه ... وإن كان فيهم يفي أو يبر 34
212 - غير الجدّة من آياتها ... خرق الرّيح وطوفان المطر 197
278 - أغررتني وزعمت أنّ ... ك لابن بالصّيف تامر 309
الراء المفتوحة
128 - يعالج عاقرا أعيت عليه ... ليلقحها فينتجها حوارا 109
222 - وحيّ حسبناهم فوارس كهمس ... حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصرا 206
26 - وشرّ المنايا ميّت وسط أهله ... كهلك الفتاة أسلم الحيّ حاضره 45
والذيب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا 66
198 - مكثت حولا ثمّ جئت قاشرا ... لا حملت منك كراع حافرا 182
90 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا 66
147 - لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لامت ذو وأحسابها عمرا 129، 205
209 - الشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا 194
187 - عليّ يوم تملك الأمورا ... صوم شهور وجبت نذورا 174
157 - لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا 145(1/343)
128 - يعالج عاقرا أعيت عليه ... ليلقحها فينتجها حوارا 109
222 - وحيّ حسبناهم فوارس كهمس ... حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصرا 206
26 - وشرّ المنايا ميّت وسط أهله ... كهلك الفتاة أسلم الحيّ حاضره 45
والذيب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا 66
198 - مكثت حولا ثمّ جئت قاشرا ... لا حملت منك كراع حافرا 182
90 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا 66
147 - لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لامت ذو وأحسابها عمرا 129، 205
209 - الشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا 194
187 - عليّ يوم تملك الأمورا ... صوم شهور وجبت نذورا 174
157 - لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا 145
الراء المضمومة
80 - ترتع ما رتعت حتّى إذا ذكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار 79
273 - يا لبكر انشروا لي كليبا ... يا لبكر أين أين الفرار 300
118 - مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر 103
55 - إذا ابن أبي موسى بلال بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر 65
100 - أغار وأقوى ذات يوم وخيبة ... لأوّل من يلقى غي ميسّر 93
262 - ألا يا سلمى يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر 261
156 - فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر 138
88 - فإن تك ذا شاء كثير فإنّهم ... ذوو جامل لا يهدأ اللّيل سامره 84
56 - نغالي اللحم للأضياف نيئا ... ونرخصه إذا نضج القدور 66، 111، 208
الراء المكسورة
220 - ذاك وإنّي على جاري لذو حدب ... أحنو عليه كما يحنى على الجار 203
217 - لا أعرفنّك معرضا لرماحنا ... في جفّ تغلب وارد الأمرار 200
251 - وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرّقاب نواكس الأبصار 252
197 - قد كنّ يكننّ الوجوه تستّرا ... فاليوم حين بدون للنّظّار 181
216 - نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها ... يهدي إليّ أوابد الأشعار 199
34 - أقول لمّا جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر 52
252 - أليس أميري في الأمور بأنتما ... بما لستما أهل الخيانة والغدر 253
67 - النازلون بكلّ معترك ... والطّيبون معاقد الأزر 72، 116
رحت وفي رجليك ما فيهما ... وقد بدا هنك من المئزر 76
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر 116
228 - وي كأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ 215، 265
99 - كسا اللّؤم تيما خضرة في جلودها ... فويلا لتيم من سرابيلها الخضر 93
70 - فما تركت قومي لقومك حيّة ... تقلّب في بحر ولا بلد قفر 74
253 - وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري 255
72 - وأنت لو باكرت مشمولة ... صهباء مثل الفرس الأشقر 74
241 - أنت الفداء لكعبة هدّمتها ... ونقرتها بيديك كلّ منقّر 240
سالتاني الطّلاق أن رأتا ما ... لي قليلا قد جئتماني بنكر 265
119 - وتلحق خيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرّماح بالضياطرة الحمر 103
منع الحمام مقيله من سقفها ... ومن الحطيم فطار كلّ مطيّر 240
255 - يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ... إنّ العواذل ليس لي بأمير 257(1/344)
220 - ذاك وإنّي على جاري لذو حدب ... أحنو عليه كما يحنى على الجار 203
217 - لا أعرفنّك معرضا لرماحنا ... في جفّ تغلب وارد الأمرار 200
251 - وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرّقاب نواكس الأبصار 252
197 - قد كنّ يكننّ الوجوه تستّرا ... فاليوم حين بدون للنّظّار 181
216 - نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها ... يهدي إليّ أوابد الأشعار 199
34 - أقول لمّا جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر 52
252 - أليس أميري في الأمور بأنتما ... بما لستما أهل الخيانة والغدر 253
67 - النازلون بكلّ معترك ... والطّيبون معاقد الأزر 72، 116
رحت وفي رجليك ما فيهما ... وقد بدا هنك من المئزر 76
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر 116
228 - وي كأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ 215، 265
99 - كسا اللّؤم تيما خضرة في جلودها ... فويلا لتيم من سرابيلها الخضر 93
70 - فما تركت قومي لقومك حيّة ... تقلّب في بحر ولا بلد قفر 74
253 - وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري 255
72 - وأنت لو باكرت مشمولة ... صهباء مثل الفرس الأشقر 74
241 - أنت الفداء لكعبة هدّمتها ... ونقرتها بيديك كلّ منقّر 240
سالتاني الطّلاق أن رأتا ما ... لي قليلا قد جئتماني بنكر 265
119 - وتلحق خيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرّماح بالضياطرة الحمر 103
منع الحمام مقيله من سقفها ... ومن الحطيم فطار كلّ مطيّر 240
255 - يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ... إنّ العواذل ليس لي بأمير 257
قافية السين
السين المضمومة
208 - خير من القوم العصاة أميرهم ... يا قوم فاستحيوا النساء الجلّس 193
السين المكسورة
277 - ربّ شريب لك ذي حساس ... ريان يمشي مشية النّفاس 306
قافية الصاد
الصاد المفتوحة
12 - يا دهر أم كان مشيي رقصا ... بل قد تكون مشيتي ترقّصا 32
الصاد المضمومة
207 - أكاشره وأعلم أن كلانا ... على ما ساء صاحبه حريص 192
169 - كلوا في بعض بطنكم تعفّوا ... فإنّ زمانكم زمن خميص 154(1/345)
207 - أكاشره وأعلم أن كلانا ... على ما ساء صاحبه حريص 192
169 - كلوا في بعض بطنكم تعفّوا ... فإنّ زمانكم زمن خميص 154
قافية الضاد
الضاد المفتوحة
151 - داينت أروى والدّيون تقضى ... فمطلت بعضا وأدّت بعضا 135
237 - كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى 230
الضاد المكسورة
44 - أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض 60
قافية العين
العين الساكنة
20 - ربّ من أنضجت غيظا صدره ... قد تمنّى لي شرّا لم يطع 37
العين المفتوحة
193 - إنّ عليّ الله أن تبايعا ... تقتل صبحا أو تجيء طائعا 181
243 - وخير الأمر ما استقبلت منه ... وليس بأن تتبّعه اتباعا 241، 299
200 - ذريني إنّ أمرك لن يطاعا ... وما ألفيتني حلمي مضاعا 184
226 - إذا قلت قدني قال بالله حلفة ... لتغني عنّي ذا أنائك أجمعا 212
102 - فقلت لكلبيّي قضاعة إنّما ... تخبّر تماني أهل فلج لأمنعا 95
العين المضمومة
159 - حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع 146
كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وآخرين على إعرابهم طبعوا 14
وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا ... وبين زيد فطال الضرب والوجع 14
ماذا لقيت من المستعربين ومن ... تأسيس نحوهم هذا الذي ابتدعوا 14
ما كل قول بمعرووف لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لا تعرفون دعوا 14
214 - منا الذي اختير الرجال سماحة ... وجودا إذا هبّ الرّياح والزعازع 199
127 - زوجة أشمط مرهوب بوادره ... قد صار في رأسه التخويص والنزع 107، 186
قالوا: لحنت وهذا الحرف منخفض ... وذاك نصب وهذا ليس يرتفع 14
225 - أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع 209
104 - إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما ... يرجّى الفتى كما يضرّ وينفع 96
إن قلت قافية فيما يكون لها ... معنى يخالف ما قاسوا وما صنعوا 14
وإن يهلك النعمان تعر مطيّة ... وتخبأ في جوف العياب قطوعها 55
إني نشأت بأرض لا تشب بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البيع 14
37 - فإن يرّجع النعمان نفرح ونبتهج ... ويأت معدّا ملكها وربيعها 55
108 - وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحيّة بينهم ضرب وجيع 98(1/346)
159 - حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع 146
كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وآخرين على إعرابهم طبعوا 14
وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا ... وبين زيد فطال الضرب والوجع 14
ماذا لقيت من المستعربين ومن ... تأسيس نحوهم هذا الذي ابتدعوا 14
ما كل قول بمعرووف لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لا تعرفون دعوا 14
214 - منا الذي اختير الرجال سماحة ... وجودا إذا هبّ الرّياح والزعازع 199
127 - زوجة أشمط مرهوب بوادره ... قد صار في رأسه التخويص والنزع 107، 186
قالوا: لحنت وهذا الحرف منخفض ... وذاك نصب وهذا ليس يرتفع 14
225 - أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع 209
104 - إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما ... يرجّى الفتى كما يضرّ وينفع 96
إن قلت قافية فيما يكون لها ... معنى يخالف ما قاسوا وما صنعوا 14
وإن يهلك النعمان تعر مطيّة ... وتخبأ في جوف العياب قطوعها 55
إني نشأت بأرض لا تشب بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البيع 14
37 - فإن يرّجع النعمان نفرح ونبتهج ... ويأت معدّا ملكها وربيعها 55
108 - وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحيّة بينهم ضرب وجيع 98
العين المكسورة
224 - لا تجزعي إن منفسا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي 208
182 - قد أصبحت أم الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا كلّه لم أصنع 167
قافية الفاء
الفاء المضمومة
77 - وأشلاء لحم من حبارى يصيدها ... إذا نحن شئنا صاحب متألّف 77
259 - إذا القنبضات طوّفن بالضّحى ... رقدن عليهنّ الحجال المسجّف 258
166 - بما في فؤادينا من الشوق والهوى ... فيجبر منهاض الفؤاد المشعّف 154
113 - الحافظو عورة العشيرة لا ... يأتيهم من ورائنا نطف 70
60 - نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف 68، 210
23 - وما حلّ من جهل حبا حلمائنا ... ولا قائل المعروف فينا يعنّف 41
49 - وذبيانية توصي بينها ... ألا كذب القراطف والقروف 63
الفاء المكسورة
154 - وإنّ لها جارين لن يغدرا بها ... ربيب النبيّ وابن خير الخلائف 137
186 - ولكن لا أخون الجار حتّى ... يزيل الله ثالثة الأثافي 172
أبلغ أبا عمرو إذا جئته ... بأن عبد الله لي جاف 13
إن يك عبد الله يجفوكم ... يكفيك ألطافي وإتحافي 13
قد أحكم الأداب طرا فما ... يجعل شيئا غير إنصافي 13
96 - وما سجنوني غير أني ابن غالب ... وأني من الأثرين غير الزعانف 91(1/347)
154 - وإنّ لها جارين لن يغدرا بها ... ربيب النبيّ وابن خير الخلائف 137
186 - ولكن لا أخون الجار حتّى ... يزيل الله ثالثة الأثافي 172
أبلغ أبا عمرو إذا جئته ... بأن عبد الله لي جاف 13
إن يك عبد الله يجفوكم ... يكفيك ألطافي وإتحافي 13
قد أحكم الأداب طرا فما ... يجعل شيئا غير إنصافي 13
96 - وما سجنوني غير أني ابن غالب ... وأني من الأثرين غير الزعانف 91
قافية القاف
القاف المفتوحة
261 - القائد الخيل منكوبا دوابرها ... قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا 259
القاف المضمومة
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته ... وأن تعلمي أنّ المعان موفّق 259
260 - وإنّ امرءا أهدى إليك ودونه ... من الأرض موماة وبيداء خيفق 259
القاف المكسورة
3 - يا نفس صبرا كلّ حي لاق ... وكلّ اثنين إلى افتراق 20
62 - هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد ربّ أخا عمرو بن مخراق 69
17 - فلو كان البكاء يردّ شيئا ... بكيت على جبير أو عفاق 35
على المرأين إذ هلكا جميعا ... بشأنهما وحزن واشتياق 35
قافية الكاف
الكاف المفتوحة
84 - يا خاتم النّباء إنّك مرسل ... بالحقّ كلّ هدى السّبيل هداكا 81
51 - على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى 64
113 - أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا إنّني أنا ذلكا 100
الكاف المضمومة
58 - أمّا الوسامة أو حسن النساء فقد ... أوتيت منه لو انّ العقل محتنك 68
قافية اللام
اللام الساكنة
138 - وأرى أربد قد فارقني ... ومن الأرزاء رزء ذو جلل 121(1/348)
138 - وأرى أربد قد فارقني ... ومن الأرزاء رزء ذو جلل 121
اللام المفتوحة
50 - محمّد تفد نفسك كلّ نفس ... إذا ما خفت من شيء تبالا 63
263 - ما كنت في الحرب العوان مغمّرا ... إذ شبّ حرّ وقودها أجزالها 265
135 - كثيرا بما يتركن في كلّ حفرة ... زفير القواضي نحبها وسعالها 118
31 - فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها 50، 193
64 - أبني كليب إنّ عمّيّ اللذا ... قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا 70
244 - ولقد علمت إذ الرّياح تروّحت ... هدج الرّئال تكبّهنّ شمالا 242
28 - هذا النهار بدا لها من همّها ... ما بالها بالليل زال زوالها 46
15 - كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا 34
204 - أبى جوده «لا» البخل واستعجلت به ... «نعم» من فتى لا يمنع الجوع قاتله 190
239 - يا لهف نفسي إذ خطئن كاهلا ... القاتلين الملك الحلاحلا 240
179 - فواعديه سرحتي مالك ... أو الرّبا بينهما أسهلا 164
142 - بنيت مرافقهنّ فوق مزلّة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا 125
83 - أريت امرءا كنت لم أبله ... أتاني وقال اتّخذني خليلا 81
66 - فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا 71
اللام المضمومة
158 - السّالك الثّغر مخشيّا موارده ... في كلّ إني قضاه اللّيل ينتعل 146
206 - في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل 192
139 - ألا إنّما أبكي ليوم لقيته ... بجرثم صاد كلّ ما بعده جلل 121
7 - وما صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل 29
234 - إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته ... إلى الصياح وهم قوم معازيل 226
270 - لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذا لا أقيلها 293
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل 204
221 - وأعلم علما ليس بالظنّ أنّه ... إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل 204
46 - فما وجد النّهديّ وجدا وجدته ... ولا وجد العذريّ قبل جميل 61(1/349)
158 - السّالك الثّغر مخشيّا موارده ... في كلّ إني قضاه اللّيل ينتعل 146
206 - في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل 192
139 - ألا إنّما أبكي ليوم لقيته ... بجرثم صاد كلّ ما بعده جلل 121
7 - وما صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل 29
234 - إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته ... إلى الصياح وهم قوم معازيل 226
270 - لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذا لا أقيلها 293
وإنّ لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل 204
221 - وأعلم علما ليس بالظنّ أنّه ... إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل 204
46 - فما وجد النّهديّ وجدا وجدته ... ولا وجد العذريّ قبل جميل 61
اللام المكسورة
137 - تنوّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال 121
21 - ربّ ما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال 37
162 - أحمّ الله ذلك من لقاء ... أحاد أساد في شهر حلال 152، 270
219 - ألا يا لقوم لطيف الخيال ... أرّق من نازح ذي دلال 201
275 - سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال 303
279 - حفد الولائد بينهنّ وأسلمت ... بأكفّهنّ أزمّة الأجمال 315
144 - فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل 126
131 - إن يكن طبّك الدّلال فلو في ... سالف الدّهر والسنين الخوالي 114، 206
132 - فبحظّ مما تعيش ولا تذ ... هب بك التّرهات في الأهوال 115، 179
105 - فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن ... إلّا كلمّة حالم بخيال 97، 105، 275
115 - الحمد لله الأعزّ الأجلل ... أنت مليك الناس ربّا فاقبل 101
272 - إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل 297
106 - فإذا وذلك ليس إلّا حينه ... وإذا مضى شيء كأن لم يفعل 97
136 - جزينا ذوي العدوان بالأمس مثله ... قصاصا سواء حذوك النّعل بالنّعل 118
73 - فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل 76
120 - لقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي ... على وعل بذي الفقارة عاقل 103
2 - ألا لا أرى اثنين أكرم شيمة ... على حدثان الدهر مني ومن جمل 20
152 - تعرّضت لي بمكان حلّ ... تعرّض المهرة في الطولّ 136
134 - أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل 117
90 - أراني ولا كفران لله إنّما ... أواخي من الأقوام كلّ بخيل 87
قافية الميم
الميم الساكنة
11 - تالله لولا شعبتي من الكرم ... وشعبتي فيهم من خال وعمّ 32
192 - وكلام سيّىء قد وقرت ... أذني منه وما بي من صمم 178(1/350)
11 - تالله لولا شعبتي من الكرم ... وشعبتي فيهم من خال وعمّ 32
192 - وكلام سيّىء قد وقرت ... أذني منه وما بي من صمم 178
الميم المفتوحة
68 - بآية تقدمون الخيل زورا ... كأنّ على سنابكها مداما 72
69 - ألا من مبلغ عنّي تميما ... بآية ما تحبّون الطّعاما 73
جعلت له عودين من ... نشم وآخر من ثمامه 206
223 - عيّوا بأمرهم كما ... عيّت ببيضتها الحمامه 206
54 - فأمّا تميم تميم بن مرّ ... فألفاهم القوم روبى نياما 65
75 - يا علقمة يا علقمة يا علقمه ... خير تميم كلّها وأكرمه 77
140 - وأغفر عوراء الكريم ادّخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما 122
43 - لها هضبة لا يدخل الذلّ وسطها ... ويأوي إليها المستجير فيعصما 58
الميم المضمومة
38 - لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضّي لبانات ويسأم سائم 56
230 - أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني ... على القتل أم هل لامني لك لائم 217
35 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام 54
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه ... زوج عليه كلّة وقرامها 107، 186
94 - أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلّا بغامها 90
ونمسك بعده بذناب عيش ... أجبّ الظهر ليس له سنام 54
إلّا رمادا هامدا دفعت ... عنه الرياح خوالد سحم 113
265 - عوم السّفين فلمّا حال دونهم ... فيد القريّات فالفتكان فالكرم 276
130 - وأرى لها دارا بأغدرة الس ... يدان لم يدرس لها رسم 113
247 - أو كلّما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم 247
155 - إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم 138، 184
82 - أرأيت إن أهلكت مالي كلّه ... وتركت ما لك فيم أنت تلوم 81
141 - سلامك ربّنا في كلّ فجر ... بريئا ما تغنّثك الذّموم 122(1/351)
38 - لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضّي لبانات ويسأم سائم 56
230 - أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني ... على القتل أم هل لامني لك لائم 217
35 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام 54
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه ... زوج عليه كلّة وقرامها 107، 186
94 - أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلّا بغامها 90
ونمسك بعده بذناب عيش ... أجبّ الظهر ليس له سنام 54
إلّا رمادا هامدا دفعت ... عنه الرياح خوالد سحم 113
265 - عوم السّفين فلمّا حال دونهم ... فيد القريّات فالفتكان فالكرم 276
130 - وأرى لها دارا بأغدرة الس ... يدان لم يدرس لها رسم 113
247 - أو كلّما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم 247
155 - إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم 138، 184
82 - أرأيت إن أهلكت مالي كلّه ... وتركت ما لك فيم أنت تلوم 81
141 - سلامك ربّنا في كلّ فجر ... بريئا ما تغنّثك الذّموم 122
الميم المكسورة
245 - وما برحوا حتّى تهادت نساؤهم ... ببطحاء ذي قار عياب اللّطائم 244
167 - هما نفثا في فيّ من فمويهما ... على النّابح العاوي أشدّ لجام 154
148 - ما أكلة أكلتها بغنيمة ... ولا جوعة أن جعتها بغرام 132
249 - ذمّى المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأيّام 74، 240
227 - وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحار على الدّم 213
150 - الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والنّاذرين إذا لم القهما دمي 133
121 - لو بأبانين جاء يخطبها ... خضّب ما أنف خاطب بدم 103
257 - وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم 258
87 - ما لي رأيتك بعد أهلك موحشا ... خلقا كحوض الباقر المتهدّم 84
111 - شطّت مزار العاشقين فأصبحت ... عسرا عليّ طلابك ابنة مخرم 100
85 - كما ... قنأت أنامل صاحب الكرم 83
201 - إنّي وجدتك يا جرثوم من نفر ... جرثومة اللّؤم لا جرثومة الكرم 184
89 - ما أعطياني ولا سألتهما ... إلّا وإني لحاجزي كرمي 86
235 - فصبّحت والطّير لم تكلّم ... جابية طمّت بسيل مفعم 226، 280
260 - فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم 33، 123
76 - إذا اعوججن قلت صاحب قوّم ... بالدّوّ أمثال السفين العوّم 77
قافية النون
النون المفتوحة
كلّ امرىء سوف يجزى قرضه حسنا ... أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا 129
171 - الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا 156، 211
183 - يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلى الديرين تحنانا 167
146 - لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا 129
276 - ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدأهم إن أتانا كان ثنيانا 305
114 - وجفنة كإزاء الحوض مترعة ... ترى جوانبها بالشّحم مفتونا 101
79 - تركنا الخيل وهي عليه نوحا ... مقلّدة أعنّتها صفونا 78
168 - لا ننكر القتل وقد سبينا ... في حلقكم عظم وقد شجينا 154
92 - وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا وطعمة آخرينا 88
45 - ألا هبّي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا 61
143 - ذراعي بكرة أدماء بكر ... هجان اللّون لم تقرأ جنينا 126(1/352)
كلّ امرىء سوف يجزى قرضه حسنا ... أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا 129
171 - الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا 156، 211
183 - يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلى الديرين تحنانا 167
146 - لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا 129
276 - ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدأهم إن أتانا كان ثنيانا 305
114 - وجفنة كإزاء الحوض مترعة ... ترى جوانبها بالشّحم مفتونا 101
79 - تركنا الخيل وهي عليه نوحا ... مقلّدة أعنّتها صفونا 78
168 - لا ننكر القتل وقد سبينا ... في حلقكم عظم وقد شجينا 154
92 - وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا وطعمة آخرينا 88
45 - ألا هبّي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا 61
143 - ذراعي بكرة أدماء بكر ... هجان اللّون لم تقرأ جنينا 126
النون المضمومة
196 - قد كنت أعطيهم مالي وأمنحهم ... عرضي وعندهم في الصّدر مكنون 181
1 - إذا جاوز الاثنين سرّ فإنّه ... بنشر وتكثير الوشاة قمين 20
النون المكسورة
وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آن 57
19 - تعش فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان 37
153 - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل بها ريب من الحدثان 137
250 - رأوا جبلا فوق الجبال إذا التقت ... رؤوس كبيريهنّ ينتطحان 252
95 - وكلّ أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان 91
194 - فلمّا أجنّ اللّيل بتنا كأنّنا ... على كثرة الأعداء محترسان 181
229 - وصدر مشرق النّحر ... كأن ثدياه حقّان 215
9 - فظلت لدى البيت العتيق أخيله ... ومطواي مشتاقان له أرقان 30
59 - رماني بداء كنت منه ووالدي ... بريئا ومن أجل الطويّ رماني 68
246 - بواد يمان ينبت السّدر صدره ... وأسفله بالمرخ والشّبهان 247
165 - عشيّة ما ودّ ابن غرّاء أمّه ... لها من سوانا إذ دعا أبوان 153
41 - فلست بمدرك ما فات مني ... ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» 57، 61
40 - فإن يقدر عليك أبو قبيس ... نمطّ بك المنيّة في هوان 56
176 - كأنّك من جمال بني أقيش ... يقعقع بين رجليه بشنّ 160
81 - لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب ... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني 81
30 - دعي ماذا علمت سأتّقيه ... ولكن بالمغيّب نبّئيني 49، 125
173 - أبالموت الذي لا بدّ أنّي ... ملاق لا أباك تخوّفيني 158
172 - تراه كالثّغام يعلّ مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني 157
124 - ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني ... فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني 105(1/353)
وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آن 57
19 - تعش فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان 37
153 - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل بها ريب من الحدثان 137
250 - رأوا جبلا فوق الجبال إذا التقت ... رؤوس كبيريهنّ ينتطحان 252
95 - وكلّ أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان 91
194 - فلمّا أجنّ اللّيل بتنا كأنّنا ... على كثرة الأعداء محترسان 181
229 - وصدر مشرق النّحر ... كأن ثدياه حقّان 215
9 - فظلت لدى البيت العتيق أخيله ... ومطواي مشتاقان له أرقان 30
59 - رماني بداء كنت منه ووالدي ... بريئا ومن أجل الطويّ رماني 68
246 - بواد يمان ينبت السّدر صدره ... وأسفله بالمرخ والشّبهان 247
165 - عشيّة ما ودّ ابن غرّاء أمّه ... لها من سوانا إذ دعا أبوان 153
41 - فلست بمدرك ما فات مني ... ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» 57، 61
40 - فإن يقدر عليك أبو قبيس ... نمطّ بك المنيّة في هوان 56
176 - كأنّك من جمال بني أقيش ... يقعقع بين رجليه بشنّ 160
81 - لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب ... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني 81
30 - دعي ماذا علمت سأتّقيه ... ولكن بالمغيّب نبّئيني 49، 125
173 - أبالموت الذي لا بدّ أنّي ... ملاق لا أباك تخوّفيني 158
172 - تراه كالثّغام يعلّ مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني 157
124 - ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني ... فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني 105
قافية الهاء
الهاء المفتوحة
32 - فإمّا تري لمّتي بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها 51
24 - إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها 44، 102
93 - طاروا عليهن فشل علاها ... واشدد بمثنى حقب حقواها 89
قافية الياء
الياء المفتوحة
18 - فقلت البثي شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذاك ما قد غيّبتني غيابيا 36
280 - من كلّ ما نال الفتى ... قد نلته غير التحيّة 315
91 - أبلغ الحارث بن ظالم المو ... عد والناذر النّذور عليّا 87
78 - أنا خوا بأيدي عصبة وسيوفهم ... على أمّهات الهام ضربا شآميا 78
أنّما تقتل النّيام، ولا تق ... تل يقظان ذا سلاح كميّا 87
302 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين خلو كما هيا 64، 67(1/354)
18 - فقلت البثي شهرين أو نصف ثالث ... إلى ذاك ما قد غيّبتني غيابيا 36
280 - من كلّ ما نال الفتى ... قد نلته غير التحيّة 315
91 - أبلغ الحارث بن ظالم المو ... عد والناذر النّذور عليّا 87
78 - أنا خوا بأيدي عصبة وسيوفهم ... على أمّهات الهام ضربا شآميا 78
أنّما تقتل النّيام، ولا تق ... تل يقظان ذا سلاح كميّا 87
302 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين خلو كما هيا 64، 67
فهرس أجزاء وأنصاف الأبيات
باب الألف
195 - أجنّك اللّيل ولمّا تشتف 181
267 - إلى مالك أعشو إلى مثل مالك 283
74 - إنّ بني ثمرة فؤادي 77
112 - إنّ تميما خلقت ملموما 100
باب الباء
6 - بل. ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا 26
5 - بل. وبلدة ما الانس من أهّالها 26
باب التاء
تالله لا يذهب شيخي باطلا 240
29 - تدافع الشيب ولم تقتّل 47
تعرّضا لم تأل عن قتلا لي 136
117 - تنوء بها فتثقلها ... عجيزتها 102، 265
باب الصاد
صدّها منطق الدجاج عن القصد 261
باب العين
178 - عاود هراة وإن معمورها خربا 163، 208
باب الفاء
فصبّحت والطير لم تكلّم 261
210 - فصيّروا مثل كعصف مأكول 194
109 - في سعي دنيا طال ما قد مدّت 98
باب القاف(1/355)
فصبّحت والطير لم تكلّم 261
210 - فصيّروا مثل كعصف مأكول 194
109 - في سعي دنيا طال ما قد مدّت 98
باب القاف
قوما ترى واحدهم صهميما 100
باب اللام
لا راحم الناس ولا مرحوما 100
258 - لما رأى متن السّماء انقدّت 258
باب الميم
متقلّدا سيفا ورمحا 171
مثل الصّفا لا تشتكي الكلوما 100
باب النون
ناجية وناجيا أباها 89
175 - الناس جنب والأمير جنب 159
باب الواو
وبدنا مقلّدا منحورا 174
189 - وبلد عاميّة أعماؤه 177
211 - وصالبات ككما يؤثفين 194
باب الياء
يا دار سلمى إسلمي ثم اسلمي 13
242 - يجري عليها أيّما إجراء 241، 299(1/356)
يا دار سلمى إسلمي ثم اسلمي 13
242 - يجري عليها أيّما إجراء 241، 299
فهرس المحتويات
تقديم 3
مقدمة في علم التفسير 5
ترجمة المؤلف 10
سورة الفاتحة 15
سورة البقرة 25
سورة آل عمران 136
سورة النساء 151
سورة المائدة 165
سورة الأنعام 176
سورة الأعراف 189
سورة الأنفال 203
سورة براءة 208
سورة يونس 215
سورة هود 220
سورة يوسف 225
سورة الرعد 229
سورة إبراهيم 232
سورة الحجر 234
سورة النحل 236
سورة بني إسرائيل 239
سورة الكهف 242
سورة مريم 246
سورة طه 249
سورة الأنبياء 251
سورة الحج 253(1/357)
سورة المؤمنين 255
سورة النور 256
سورة الفرقان 257
سورة الشعراء 258
سورة النمل 261
سورة القصص 264
سورة العنكبوت 266
سورة الروم 266
سورة لقمان 267
سورة السجدة 268
سورة الاحزاب 268
سورة سبأ 269
سورة الملائكة (فاطر) 270
سورة يس 272
سورة الصافات 273
سورة ص 273
سورة الزمر 274
سورة حم المؤمن [غافر] 276
سورة السجدة [فصلت] 279
سورة حم عسق [الشورى] 281
سورة حم الزخرف 282
سورة حم الدخان 284
سورة الجاثية 284
سورة الأحقاف 285
سورة محمد صلى الله عليه وسلم 286
سورة الفتح 286
سورة الحجرات 287
سورة ق 287
سورة الذاريات 288
سورة الطور 288
سورة النجم 288(1/358)
سورة القمر 289
سورة الرحمن عز وجل 290
سورة الواقعة 290
سورة الحديد 291
سورة المجادلة 292
سورة الحشر 292
سورة الممتحنة 294
سورة الصف 294
سورة الجمعة 294
سورة المنافقين 294
سورة التغابن 295
سورة الطلاق 295
سورة التحريم 295
سورة الملك 295
سورة القلم 296
سورة الحاقة 296
سورة المعارج 297
سورة نوح عليه السلام 297
سورة الجن 298
سورة المزمّل 298
سورة المدثر 300
سورة القيامة 300
سورة الإنسان 301
سورة المرسلات 302
سورة النبأ 303
سورة النازعات 304
سورة عبس 305
سورة التكوير 305
سورة الانفطار 306
سورة المطففين 307
سورة الانشقاق 308(1/359)
سورة البروج 308
سورة الغاشية 308
سورة الفجر 309
سورة البلد 309
سورة الشمس 310
سورة الليل 310
سورة التين 310
سورة القدر 311
سورة العلق 311
سورة الزلزلة 311
سورة العاديات 311
سورة القارعة 312
سورة الهمزة 312
سورة الفيل 312
سورة قريش 312
سورة الماعون إلى آخر القرآن 313
سورة الكوثر 313
سورة الكافرون 313
سورة النصر 313
سورة المسد 314
سورة الاخلاص 314
سورة الفلق 314
سورة الناس 314
فهرس الآيات القرآنية 318
فهرس المسائل النحوية 331
فهرس الأعلام 334
فهرس القوافي 338
فهرس أجزاء وأنصاف الأبيات 354
فهرس المحتويات 357(1/360)