علم الاكتناه العربي الإسلامي(1/5)
علم الاكتناه العربي الإسلامي
جريدة المحتويات
تقديم 9
ما علم الاكتناه؟ 17
أصل الخط العربي 23
الأنباط والمؤرخون 29
تاريخ الأنباط السياسي والحضاري 39
الأنباط والأرقام 47
الأنباط والخط العربي 57
تحقيق المخطوطات وأصول الفهرسة 59
المستشرقون وتحقيق النصوص العربية 73
رأيان في أصول التحقيق 81
تحقيق النسخة الفريدة 87
تحقيق المسودة 91
مشكلات الفهرسة 93
طراز الخط 109
بطاقة الفهرسة 111
مثالان تطبيقيان للبطاقة 113
تقييدات الوقف 119
تقييدات التملك 133
تقييدات الشراء 139
واجب المفهرس ومعوقاته 145
أهمية الكشكول، والكنّاش في التحقيق والفهرسة 151
الإجازات 159
تقييد الختام 171
المسطّرة 175
التعقيبات 179(1/7)
رموز المقابلة 183
الكراسات 187
أنظمة الترقيم 193
صفحة العنوان 205
حساب الجمّل 211
الخط العربي وأنماطه 215
صناعة ورق البردي والرق والكاغد 225
صناعة الرق 235
تاريخ صناعة الكاغد 257
الخطوط والعلامات المائية في الكاغد 295
صناعة المداد والحبر 317
صناعة الكتاب الإسلامي 341
طباعة الكتاب الإسلامي 347
التزوير في الوثائق والمخطوطات 351
تعتيق الكاغد وتزوير السماعات 387
الغش في الكاغد 399
المسكوكات والفهرسة 403
جريدة المصادر العربية 407
مراجع مختارة في دراسة الخط العربي 421
مراجع مختارة في صناعة الكاغد 424
مراجع مختارة في دراسة الأنباط والآراميين 425
مراجع مختارة في دراسة الأرقام 426
جريدة المصادر الأجنبية 427
جريدة الكشافات العامة 435
ملحق الصور 495(1/8)
تقديم
لقد قصدت من هذا الكتاب الصغير، أن يكون دراسة علمية شاملة لعلم الاكتناه العربي الإسلامي، الذي لم يتناوله كتاب عربي بعد بهذا المعنى الجديد، ليكون دليلا للمفهرس ومفتاحا للمحقق. وهو بعد ليس ترجمة لأيّ عمل أوربي لا تقليدا له، مع استفادتي الواسعة مما كتب في علم الاكتناه الأوربي، حول المخطوطات اليونانية واللاتينية والهندية وغيرها. بيد أنّ تلاعب الأحوال وضعف المنّة والآمال وتخاذل العزيمة في الوصول إلى الكمال، وبعدي اليوم عن العمل المستمر في فهرسة المخطوطات العربية الإسلامية، حال دون ما أردت، وأحبط ما إليه قصدت وأمّلت، إذ حين بعد بها عهدي استحال بها وكدي ولكنني لم أنس بها عهدي ولم يفتر لها حبي وودّي، فحشدت هنا ما استطعت من تجربتي على ضعفها وتواضعها، ومن بضاعتي المزجاة على كساد سوقها، ونزارة الراغبين فيها، وعزوف أهل العلم والجاهلين بها عنها. فأرجو أن أكون قد أنرت السبيل للعاملين الجادين في المخطوطات على قلتهم وخاصة المفهرسين منهم، بهذا الجهد المتواضع، فيغفر لي العالم منهم زلّتي، ويقيل الكريم منهم عثرتي ولا ينساني. سدّد الله تعالى خطاهم لصالح أعمالهم، من الدعاء لي بظهر الغيب، لأنني كما قيل:
ولكنّ أيامي تخرّمن منّتي ... فما أبلغ الحاجات إلّا على جهد (1)
الحقّ أقول: إنّ الكثير مما جاء في هذا الكتاب، كنت قد درّسته كفاحا (2)
أو عمليا في قسم المكتبات والمعلومات بكلية العلوم الاجتماعية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، أو سبق أن ألقيت أشياء منه في
__________
(1) الورقة لمحمد بن داود بن الجراح 82.
(2) كفاحا: شفاها أو وجها لوجه.(1/9)
بعض الندوات التدريسية، أو المؤتمرات الدولية، مثل مؤتمر المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي الذي عقدته مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء، أو في الدورات التدريبية التي عقدتها مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن في كلّ من القاهرة وإستنابول ولندن، وفي الدورات التدريبية الثلاث التي عقدها مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، أو التي عقدها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، أو في مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض أيضا، أو في جامعة لايدن، وأخيرا ما ألقيته في مركز زايد للتراث والتاريخ في العين، ومركز جمعة الماجد في دبي ما بين 27/ 6و 3/ 7/ 2000م وغير ذلك، فزدت على كلّ ذلك، ما عنّ لي من الزيادة فيه، وأنقصت وغيّرت بعض آرائي وبدّلتها نتيجة تجربتي في فهرسة المخطوطات العربية واطّلاعي على الكثير من المخطوطات العربية في كلّ من لايدن وكمبردج وأكسفورد والمكتبة البريطانية ومدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن وفي الرياض وإستانبول والرباط وفاس وغيرها من المكتبات في الشرق والغرب، إضافة إلى مناقشاتي الجادة مع المهتمين بالتراث الإسلامي الذين لقيتهم في المؤتمرات المختلفة.
ولا أدّعي قط أنني ألممت بكلّ جوانب هذا البحث أو أحطت به علما، أو أنّ ما سطّرته هو الصواب بعينه، وحسبي أنني لم أضنّ بجهدي ولم أبخل بما عندي، فإنّ كثيرا من التجارب العملية لا يستطيع الإنسان نقلها إلى الآخرين أو وصفها لهم، وحسبي أن أتأسّى هنا بشهادة أبي حيان التوحيدي في وصف الخطوط حين قال: «تعرفها القلوب، وتشهدها العيون، وقد تقصر عن هذه الفواصل العبارة، وتعجز عن تبيينها الإشارة» (1)، أو بقول أبي إسحاق الموصلي: «من الأشياء ما يحيط به العلم ولا تؤديه الصفة» (2).
__________
(1) مجلة معهد المخطوطات العربية 1/ 123 (القاهرة 1373هـ) والخط العربي من خلال المخطوطات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1406هـ، 36.
(2) لطائف الظرفاء من طبقات الفضلاء للثعالبي 79.(1/10)
فما كلّ ما يعرف يمكن أن يوصف، وما كلّ ما يوصف يمكن أن يعرف، فإنّ للفنّ غلبة، وللموهبة سطوة لا يدركهما إلّا من أوتي حبا دافقا، وولعا شديدا، وحرصا عميقا، ورغبة طاغية، واستعدادا نفسيا وتطلّعا إلى التعلم، ومع كلّ هذا، ففوق كل ذي علم عليم.
ومع هذا فإنّ بعض العلماء الدارسين، حاول جادا أن يلملم بعض حواشيه المتباعدة، ويضمّ جملا وأشتاتا من أطرافه المتباينة، في كتاب أو دراسة مثل تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون رحمه الله وإيانا وقواعد فهرسة المخطوطات العربية لصلاح الدين المنجد، والمخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري لعبد الستار الحلوجي وفهرسة المخطوط العربي لميري عبودي فتوحي (1)، والكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات لأيمن فؤاد سيد، وفهرسة المخطوطات العربية وأنماط التوثيق في المخطوط العربي في القرن التاسع الهجري، كلاهما لعابد بن سليمان المشوخي، وما كتبه الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا في الوراقة المغربية والأندلسية وفي تحقيق النصوص (2) وفي أنماط الخطوط، وغير هؤلاء كثير مما ذكرته في جريدة المصادر أو مما لم أحط به خبرا أو علما.
وظهرت جملة من المقالات والكتب المترجمة وغير المترجمة التي درس أصحابها جوانب معينة من علم الاكتناه كالوراقة وآلاتها والوراقين وتاريخ الخط والكتاب والوثائق البردية، أمثال سفند دال وبالمر وبيدرسون والكسندر ستيبتشفيج وكرومان وكاراباجيك ونبيهة عبود وحبيب زيات وناجي
__________
(1) وزارة الثقافة والإعلام، بغداد 1980، وهي دراسة سطحية ساذجة.
(2) قواعد تحقيق النصوص في: المصادر العربية لتاريخ المغرب 2/ 335وما بعدها، اعتمد فيها على كتاب صلاح الدين المنجد.(1/11)
معروف وحسن حسني عبد الوهاب وكوركيس عواد وعبد العزيز دالي ومحمد محمد أمان (1) وأيمن فؤاد السيد، وغير هؤلاء من الذين ذكرهم محمد فتحي عبد الهادي وذكر بحوثهم في كتاب التراث العربي الإسلامي (2)، وقد ذكرت ما يعنينا هنا في جريدة المصادر أيضا.
وهناك أيضا جملة كبيرة من المقالات والكتب الأجنبية، التي اهتم أصحابها بجانب أو بآخر من علم الاكتناه العربي الإسلامي، أوردت ما عرفته منها في جريدة المصادر الأجنبية، توفيرا لجهد الباحث في تتبعها والتنقير عنها.
أما في علم الوثائق الإسلامية فهناك دراسات علمية جادة أيضا أسهمت فيها بكتاب: مقدمة في الوثائق الإسلامية وأسهم فيها عبد اللطيف إبراهيم بكتاب دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية، حيث تناول فيه دراسة المكتبات في مصر المملوكية، ووقفيات الكتب في هذه المكتبات.
وأسهم فيه محمد محمد أمين في كتاب: فهرسة وثائق القاهرة حتى نهاية عصر المماليك (3) وآخرون أيضا، بيد أنّ دراسة الوثائق الإسلامية التي وصلت إلينا، لم تحظ بعد باهتمام الدارسين من العرب أو المسلمين بدرجة كبيرة مثلما حظيت باهتمام المستشرقين، وخاصة وثائق الدواوين الفاطمية والأيوبية والمملوكية التي نشر بعضها ساميول شتيرن وهانس آرنست، وغيرهما ممن ذكرت في كتابي في الوثائق الإسلامية.
__________
(1) الكتب الإسلامية، ترجمة سعد بن عبد الله الضبيعان، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1411هـ / 1990.
(2) التاريخ العربي الإسلامي، ببلوجرافية بالإنتاج الفكري العربي، لمحمد فتحي عبد الهادي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1419هـ / 1999م.
(3) المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة 1981.(1/12)
وأسهم أيضا محمد ماهر حمادة في تجميع الوثائق التي وردت في المصادر المنشورة المتاحة له مثل: الوثائق السياسية والإدارية العائدة إلى العصر الأموي، ووثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي ومثل ذلك في وثائق الجزيرة العربية وفي الأندلس وشمال إفريقية وفي العهد المملوكي وفي العصر العباسي الأول وغيرها.
وأسهم محمد المنوني رحمه الله وإيانا في التعريف بالوثائق المغربية المختلفة وفي نشر جملة منها في دراساته المتعدده (1).
وأسهم يحيى بن محمود ساعاتي في دراسة نظام وقف الكتب وتاريخه في المكتبات الخاصة والعامة والمدارس والمساجد وغيرها في البلدان الإسلامية المختلفة، وأورد نماذج من تقييدات الوقف القديمة والحديثة في دراسته الجادة: الوقف وبنية المكتبة العربية، استبطان الموروث الثقافي، وهي دراسة جديدة في بابها (2).
أما في طرائق تحقيق النصوص العربية وقواعدها، فقد كتب فيها جملة من الباحثين، مثل عبد السلام هارون، وصلاح الدين المنجد، وأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري (3)، وعبد الله عسيلان (4)، وعبد الهادي الفضلي، ومحمد مندور، وأحمد محمد الخرّاط (5)، ومحمد عجاج
__________
(1) انظر: فهارس كتاب قبس من عطاء المخطوط المغربي لمحمد المنوني.
(2) مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1408هـ / 1988.
(3) تجربتي مع تحقيق المخطوطات، مجلة الفيصل، ع 178، ربيع الآخر 14123هـ / 1991م، 2624.
(4) تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل، الرياض 1994م.
(5) تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون، قواعد تحقيق المخطوطات لصلاح الدين المنجد، تحقيق التراث لعبد الهادي الفضلي، في الميزان الجديد لمحمد مندور، أصول تحقيق النصوص ونشرها لبرجستراسر ومحاضرات في تحقيق النصوص لأحمد محمد الخراط، وفي أصول التحقيق العلمي وطبع النصوص لمحسن طه في مجلة المورد(1/13)
الخطيب (1)، وأحمد حسن فرحات (2)، وإياد خالد الطباع (3)، ويحيى محمود بن جنيد ساعاتي (4)، وغير هؤلاء كثير لم يصل إليّ علم ما نشروه بعد، فأرجو أن يعذروا جهلي بما نشروه.
وقد يلاحظ المتتبع أنني لم أتعرض في كتابي الصغير هذا للتزويق، أو التذهيب، أو التصوير وتاريخه وأنماطه، أو أساليب التجليد ومدارسه في المخطوطات، مع علمي الأكيد أنّ كلّ هذا مما يفترض علم الاكتناه دراسته بالتفصيل. وعذري هنا أنّ كلّ هذه الفروع، قد درست بإمعان وتفصيل في كتب أو مقالات عديدة جدا وهي منشورة بلغات مختلفة (5). فلم أود أن أكرر ما قاله غيري، أو أسطو على جهود الآخرين، وحسب المهتم بذلك الرجوع إلى هذه المصادر التي ذكرت المهمّ منها في جريدة المصادر، ففيها غنى واسع وفائدة جمة للمهتم بهذا الفن.
وأود في الختام، أن أقول: إنني لم أورد هنا من ضروب هذا الفن كلّ ما أعرف متعمدا، ولم أهمل ما أعلم منه غفلة مني أو ضنا بما لديّ، لأنني لم أود أولا: أن أثقل هذا الكتاب المختصر بالشروح والتفاصيل والجداول، فيعزف عنه القارىء الجاد، وثانيا: لأنني لم أحسن التعبير عن جوانب كثيرة
__________
البغدادية، وقد درسها ودرس أمثالها يحيى محمود ساعاتي في: تحقيق المخطوطات، دراسة للأدب المنشور، وهو بحث نفيس حلل فيه هذه الكتابات واستخرج نتائجها، وأوجز أيمن فؤاد سيد قواعد تحقيق التراث في الكتاب العربي المخطوط 2/ 556548فأفاد.
(1) أصول التحقيق بين النظرية والتطبيق، في: صناعة المخطوط العربي الإسلامي، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث دبي 1418هـ / 1997، 372348
(2) المصدر نفسه 399377.
(3) المصدر نفسه 513403وهو أحسن من كتب في أصول التحقيق من المعاصرين.
(4) المصدر نفسه 219178.
(5) هناك دراسات لا حصر لها في دراسة فن التجليد والتصوير العربي والإيراني والتركي والمغولي.(1/14)
منه أستطيع إدراكها بما تراكم عندي من مران وممارسة، بيد أنني أقف عاجزا عن شرحها أو توصيلها للقارىء الحريص، وهذا من النقص الذي لا يسلم منه أيّ إنسان.
وهنا أود أن أزجي شكري العميم لأخي الكريم يحيى بن محمود بن جنيد ساعاتي، أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، على تشجيعه الدائم، وحثّه المتواصل على أن أكتب فيه، وعلى تبنيه نشر هذا الكتاب ضمن منشورات المركز.
وأخيرا شكري الوافر الغامر لطلبتي الأوفياء، بل زملائي النجباء، أينما كانوا، وأينما حلّوا، على وفائهم، فهم الذين حثّوني أيضا على أن أكتب لهم كتابا في علم الاكتناه، بعد أن أعيتهم وعودي المتكررة. فإليهم كلّهم أهدي هذا الكتاب الصغير، حبا بهم، ووفاء بوفائهم، فهو ثمرة تشجيعهم الجميل.
فإن الوفاء مبارك، وحفظ العهد ومراعاته من الإيمان، فما كان لله دام واتّصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، «سائلا من كرم الله تعالى، أن ينفع به المسترشدين والطالبين وأن يجازيني عليه الجزاء الأوفى يوم الحساب، مستمدا من تفضل الناظر فيه أن يكون نظره بعين الإغضاء لا الاستقصاء، فليسدل ثوب الستر، وليفتح باب العذر، فليس من هفوة الجنان أمان» (1).
وأرجو منهم التماس العذر لي إن شطّ بي القلم أو عثر بي الخاطر، فإنّ لخاطري ألف نبوة، ولقلمي ألف كبوة، وليس جواد إلا وله كبوة ولا شجاع إلا وله هبوة، ولا صارم إلا وله نبوة، والاعتذار من الهفوة اعتراف بها، والعذر عند كرام الناس مقبول.
__________
(1) نقلا من تقييد ختام مخطوطة نور الحقائق للحارثي، مخطوطة جستر بيتي برقم: 3820.(1/15)
ورحم الله تعالى وأرضى امرأ لم تزده الرفعة في العلم والجاه إلّا تواضعا لأهل العلم، وخفضا في الجناح لطالبيه، وأبعد الله تعالى وأقصى من يتلبّن في غير وطابه، ويغير على ما ليس في إهابه، ويتلبس بما ليس في عيابه، فإنّ المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (1). عافانا الله تعالى وإياكم، وكفانا من اقترافه، والله سبحانه وتعالى يقول: {لََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمََا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمََا لَمْ يَفْعَلُوا فَلََا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفََازَةٍ مِنَ الْعَذََابِ وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ} (2).
__________
(1) البخاري، كتاب النكاح 106، مسلم كتاب اللباس 126، 127.
(2) آل عمران، الآية 188.(1/16)
ما علم الاكتناه؟
يشتمل علم الاكتناه في اللغات الأوربية على فنين هما:
1 - باليوغرافي.
2 - كوديكولوجي.
فأولهما الباليوغرافي: وهو اصطلاح علمي يتكون من كلمتين:
أولاهما: أو وهي كلمة يونانية تعني: قديما، عتيقا، باليا، فلعلها مأخوذة من اللفظة الفينيقية: «البلى، من: بلي الشيء فهو بال». وذلك لأن اللغة اليونانية استعملت أبجدية اللغة الفينيقية في كتابتها وأرقامها، على رأي هيرودوتس الذي سجل في تاريخه في القرن الخامس للميلاد الرواية القائلة: بأنّ قدموس الفينيقي هو الذي جلب الحروف الجديدة إلى اليونانيين، وهو نفسه الذي قال أيضا: «لقد أدخل الفنيقيون إلى بلاد اليونان مجموعة كبيرة من مختلف الفنون، كان من بينها الكتابة، وهو على حد علمي ما لم يكن يعرفه الإغريق من قبل، ففي البداية جعل الإغريق حروفهم كالحروف الفينيقية تماما ولكن لغتهم بمرور الزمن أخذت تتغير شيئا فشيئا وتغيرت تبعا لها أشكال الحروف» (1)، بل إنّ غالبية العلماء يعتقدون بأنّ اليونانيين في آسيا الوسطى هم الذين عرفوا أولا الأبجدية الفينيقية السامية بوساطة التجار الفينيقيين الذين كانوا كثيرا ما يزورون بسفنهم الشاطىء الغربي لآسيا الوسطى (2).
__________
(1) قصة الكتابة والطباعة لفرانسيس روجرز، ترجمة أحمد حسين الصاوي، القاهرة 1969م، 101.
(2) تاريخ الكتاب لستيبتشفيج 1/ 62ومقالة أحمد عثمان: نعم اليونان نقلوا حروف الأبجدية عن كتابات الفينيقيين، جريدة الشرق الأوسط، العدد 7614ليوم الأحد 3/ 10/ 1999، ص 18.(1/17)
ولم يقتصر تأثير الحضارة الفينيقية في الحضارة اليونانية على الأبجدية والأرقام وحساب الجمّل، فحسب، بل تعداه إلى الكثير من المزايا الثقافية التي كانت تنتقل من الشرق إلى اليونان. فقد أخذ اليونانيون من شعوب الشرق الأوسط المختلفة التي أقامت حضاراتها وثقافاتها في ربوع الهلال الخصيب، كالبابلية والأكدية، والآشورية، والأوغاريتية، الإنجازات العلمية الكثيرة، مثل نظرية فيثاغورس، ورسم الأرقام، والأصول الأسطورية للتاريخ اليوناني، وفن التصوير الأسطوري، إضافة إلى العديد من العناصر الثقافية، والعلمية التي أدرجوها في ثقافاتهم ونسبت إليهم (1).
وسيأتي دور الفينيقيين في اتّجارهم بورق البردي المصري ونقله إلى العالم المعروف إذ ذاك قبل أن يعمّ استعمال الرقوق.
وثانيتهما: لفظة: اليونانية أيضا، وتعني: الكتابة أو رسمها أو نقشها وعلم معرفتها، مثل قولنا: ببليوغرافي (مسرد أو جريدة عناوين الكتب)، جيوغرافي (علم الجغرافية)، طوبوغرافي (علم سطح الأرض).
وقد كان هذا الاصطلاح (باليوغرافي) في بداية استعماله معنيّا بالبحث في الوثائق المزورة، وهو ما يسمى ب: «حرب الوثائق»، وقد أسهبت القول فيه في كتابي: مقدمة في الوثائق الإسلامية (2)، بيد أن هذا الاصطلاح اكتسب مفاهيم أخرى على مرور الزمن، فصار يعني: البحث في كل ما هو مكتوب، أو منقوش أو مرسوم، واختبار المواد المستعملة في هذه العمليات وإخضاعها للتحليل والتركيب. ومن ثم استنباط النتائج منها، فأصبح فنّا علميا، له قواعده وأصوله في البحث والاستنباط والاستقراء.
__________
(1) انظر مثلا:. 1933. 2،،. ..
(2) مقدمة في الوثائق الإسلامية 51وما بعدها.(1/18)
ومع كلّ هذا، فهو فن يعنى بفك الخطوط القديمة ورموز الكتابات الأثرية، والنقوش والمسكوكات (1) وذلك بدراسة أشكال النقود، وتطور هذه الأشكال عبر القرون منذ أن كانت على شكل قضبان وحلقات ومن ثم سبائك معدنية مختومة إلى أن أصبحت نقودا بمعناها المعاصر ومحاولة قراءة وجهها وظهرها وحل ما تحمله من رموز وأشكال ذات دلالات دينية، أو عسكرية، ومن ثمّ تحليل المعدن الذي سكّت منه ومعرفة وزنها وأبعادها القياسية وأساليب صناعتها وتقنيات ضربها، (انظر صورة القالب في الملحقات).
ومثل هذا التحليل يسري على الوثائق بصورها المختلفة وذلك بدراستها واستجلاء غوامضها وقراءتها وتحليلها ومقارنتها مع غيرها واستنباط النتائج الفنية والتاريخية والحضارية منها، ويكون هذا بإخضاع هذه الوثائق للنقد الداخلي، وللنقد الخارجي معا للوصول إلى توثيق أصالتها أو معرفة تزويرها، وسنأتي إلى تفسير هذين النقدين.
أما لفظ فمتكونة من لفظتين أيضا:
أولهما: أو وجمعها ويعني: الكراريس المضمومة إلى بعضها، أو بمعنى أعم: الكتاب المخطوط.
والثاني: لفظ من اليونانية، ومعناها: وصف أو معرفة أو تعلّم أو علم أو دراسة وبحث، والاصطلاح يعني: علم دراسة الكتاب المخطوط أو صناعته، بما في ذلك صناعة الأحبار وفن التوريق أو النساخة والتجليد والتذهيب وصناعة الرقوق والجلود والكاغد وما يتبع كلّ ذلك من
__________
(1) انظر مثلا:،.،،
. 18751890، وفجر السكة العربية لعبد الرحمن فهمي، المتحف الإسلامي، القاهرة 1965.(1/19)
فنون وما يتصل بها مثل: حجم الكراسة، ونظام الترقيم، والتعقيبات، والسماعات، والقراءات والإجازات والمقابلات وتقييدات التملك وتقييدات الوقف وما يظهر في نهاية المخطوطة وهو ما أسميه ب: تقييد الختام () من اسم المؤلف واسم الناسخ ومكان النسخ وتاريخ النسخ وما إلى ذلك.
وهذان الاصطلاحان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، عند المحقق الخبير، أو المفهرس النابه الفطن الحريص.
وقد اشتققت من كل ما سبق من المعاني والدلالات مصطلحا عربيا هو:
علم الاكتناه العربي الإسلامي، ليعني كلّ ما تقدم من معان، إضافة إلى أنّ الخبير ب: علم الاكتناه العربي الإسلامي يجب أن يكون على معرفة جيدة، ودربة وافية بعلم تطور الخطوط العربية، وأنماطها وتطور صناعة ورق البردي والرّق والكاغد والزجاج والنسيج والنحاس والحديد والخشب والأحجار الكريمة والرخيصة، أي: كل المواد التي كتبت عليها الوثيقة المخطوطة، أو المنقوشة، أو المرسومة، ويكون أيضا على علم واسع، بصناعة الأمدة والأحبار والمواد المصنوعة منها عبر العصور الإسلامية والأصباغ والألوان وصناعة الجلد والتجليد والتذهيب والتزويق في كل قطر من الأقطار الإسلامية.
وهذا العلم باختصار: يختص باستنباط المعلومات واستقراء دقائقها على ضوء المعرفة التي اكتسبها الباحث بالمران والدّربة أو بالدراسة والتدريب، وهو بعد كل هذا علم يتطلب دربة الآثاري ومران المحقق الثبت وخبرة المفهرس النابه الفطن، لأنّ الصعوبات التي تعترض الخبير في قراءة الخط وفك طلاسمه هي أهون بكثير من حل المعضلات في توريخ الكاغد والمداد أو الحبر وطرز الخط أو التجليد وما يتبع كلّ ذلك. إضافة إلى المعلومات
المختلفة في النص، فالمحقق والمفهرس لا يستغنيان عن المعرفة الواسعة بالشريعة الإسلامية، ومذاهبها، وأصول أحكامها، وما يتبعها من مختلف الفروع. كنظام القضاء والحسبة والشرطة وأنظمة الدواوين والأوقاف، فضلا عن اللغة والتاريخ. ومثل هذه المعرفة الضرورية عند الخبير بعلم الاكتناه، قد لا تتوفر في المحقق أو المفهرس، فيأتي بالطامات المخجلة في تحقيقه أو في فهرسته. وسوف نرى أنّ بعض هذه الطامات أصبحت من المسلمات العلمية، مع أنها لم تستند إلى أية براهين علمية ثابتة أو موثوقة.(1/20)
وهذا العلم باختصار: يختص باستنباط المعلومات واستقراء دقائقها على ضوء المعرفة التي اكتسبها الباحث بالمران والدّربة أو بالدراسة والتدريب، وهو بعد كل هذا علم يتطلب دربة الآثاري ومران المحقق الثبت وخبرة المفهرس النابه الفطن، لأنّ الصعوبات التي تعترض الخبير في قراءة الخط وفك طلاسمه هي أهون بكثير من حل المعضلات في توريخ الكاغد والمداد أو الحبر وطرز الخط أو التجليد وما يتبع كلّ ذلك. إضافة إلى المعلومات
المختلفة في النص، فالمحقق والمفهرس لا يستغنيان عن المعرفة الواسعة بالشريعة الإسلامية، ومذاهبها، وأصول أحكامها، وما يتبعها من مختلف الفروع. كنظام القضاء والحسبة والشرطة وأنظمة الدواوين والأوقاف، فضلا عن اللغة والتاريخ. ومثل هذه المعرفة الضرورية عند الخبير بعلم الاكتناه، قد لا تتوفر في المحقق أو المفهرس، فيأتي بالطامات المخجلة في تحقيقه أو في فهرسته. وسوف نرى أنّ بعض هذه الطامات أصبحت من المسلمات العلمية، مع أنها لم تستند إلى أية براهين علمية ثابتة أو موثوقة.
إضافة إلى كل هذا، فإن الخبير يجب أن يكون عارفا بالمصادر والمراجع الأساسية المختلفة، وبأساليب استعمالها للوصول إلى توثيق معلوماته، أو تعديلها، أو إصلاحها، أو دحضها. ومن هنا يجب أن يكون شعاره في البحث:
«شكّ أولا ثمّ وثّق ثانيا»
ولا بأس هنا من إيراد طريفتين وراقيتين لهما محل وثيق من علم الاكتناه:
«قال عبد الله بن أحمد المعروف بأبي هفّان المهزّمي (المتوفى سنة 257هـ): سألت وراقا عن حاله فقال: عيشي أضيق من محبرة، وجسمي أرقّ من مسطرة، وجاهي أو هى من الزجاج، وحظي أشدّ سوادا من العفص إذا خلط بالزاج» (1).
وقيل لوراق وهو في النزع: «ما تشتهي؟ قال: قلما مشّاقا وحبرا برّاقا وجلودا رقاقا» (2).
__________
(1) غرر الخصائص الواضحة وغرر النقائص الفاضحة للوطواط 160156نقلا من:
الوراقة والوراقون في الإسلام لحبيب زيات، مجلة المشرق، السنة 1947، 41، 308 وسيأتي الكلام على الزاج وصناعة الحبر، وزهر الآداب للحصري 1/ 555.
(2) أدب الكتاب للصولي 95والإملاء والاستملاء للسمعاني، 1952، 164163.
وانظر: زهر الآداب للقيراواني، تح محي الدين عبد الحميد، 1/ 555.(1/21)
فمن هاتين الطريفتين يستطيع الخبير أن يعرف آلات صنعة الوراق أو الناسخ من قلم وحبر ومحبرة ومسطرة وزجاج وعفص وزاج وورق ورقّ، ويستنبط منها زمان استعمالها، وشيوعها بالتعرف على أبي هفان (1) والزمن الذي عاش فيه إذا أحسن استعمال المصادر التي ترجمت له أو ذكرته مع غيره، وهذا الخطيب البغدادي وابن خلكان (2) ذكرا: أنّ أبا هفان هجا أحمد بن أبي دؤاد قاضي المعتصم والواثق العباسيين وأنّ القاضي هذا توفي في سنة 240هـ (3).
وقد أورد القلقشندي (4) والجزيري أسماء أدوات الناسخ التي يستعملها في صنعته بتمامها وشرحوها، وأورد الجزيري معها قصيدة نور الدين علي بن محمد العسيلي المتوفى سنة 994هـ في تعدادها أيضا (5).
ولما كان علم الاكتناه العربي الإسلامي يعنى بالخط العربي وأشكاله، وأنماطه، وتحليله، ومقارنته بالخطوط التي سبقته، إضافة إلى عنايته بأصله وتأريخه ومن ثمّ تفرعه من الخطوط التي تحدّر منها، فلا بدّ لنا هنا أن نتناول دراسة هذا التأريخ بإيجاز غير مخلّ لمعرفة الأصول التي تطور منها هذا الخط قبل وصوله إلى الصور التي هو عليها الآن. ومن ثم محاولة دراسة أنماطه المحدودة التي تمرّ على يد المفهرس.
__________
(1) انظر: أبو هفان: حياته وشعره في أخبار الشعراء لهلال ناجي، مجلة المورد، المجلد الثامن، العدد الأخير، والمجلد التاسع، ع 1، 1400هـ / 1980م، 206187.
(2) هو عبد الله بن حرب المهزمي، ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 9/ 370 وياقوت في معجم الأدباء 12/ 54ولم يذكرا هذه الحكاية، وانظر ترجمة ابن أبي دؤاد في وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 87.
(3) ذكره محمد بن داود الجراح في الورقة مرارا واستشهد بأقواله في الشعر والشعراء.
(4) صبح الأعشى 2/ 448440.
(5) الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة لعبد القادر بن محمد الأنصاري الجزيري، 1/ 393389.(1/22)
أصل الخط العربي
لا أودّ ابتداء أن ألج في ظلمات الأساطير التي لا أصل لها، سوى الخيال المحض في أصل الخط العربي. وحسبي أن أقرر حقيقة حضارية علمية منطقية، فأقول: إنّ الكلام سبق الخط وإن الخط هو ضرورة إنسانية حضارية لجأ إليه الإنسان للتعبير عن الكلام كوسيلة اتصال وتخاطب، وبالتالي أصبح وسيلة من وسائل التعبير عن الكلام. وهو لذلك مرّ بأطوار متعددة عبر القرون.
فلو تركنا روايات أهل الأخبار، حول أصل الخط العربي، كما روتها لنا كتب الأخبار والتاريخ واللغة، في تسمية أول من وضع الخط العربي، كما رواها النديم في الفهرست (1) مثلا، وتركنا جانبا ما قاله ابن وحشية في كتاب شوق المستهام إلى معرفة الأقلام (2) عن أصول الأقلام البشرية، وما قال عن تحدّر الأنباط (هنا يعني: أنباط سواد العراق) من البابليين أو الكسدانيين كما يسميهم في كتابه الضخم الآخر المسمى ب: الفلاحة النبطية (3)، وأخذنا من كل هذه الروايات رواية أهل الحيرة اللخمية حين سئلوا: «ممن أخذتم العربي؟ فقالوا: من أهل الأنبار» (4)، والمعنى هنا: ممن أخذتم الخط العربي؟
وليس اللغة العربية، لوصلنا إلى سند تاريخي منطقي معقول تؤيده الدراسات الأثرية الجادة المعاصرة الكثيرة المنشورة، لبعض النقوش المكتشفة حديثا إضافة الى الدراسات الأثرية للفخاريات التي عثر عليها والأطلال التي لم
__________
(1) الفهرست للنديم، تحقيق تجدد 87.
(2) نشره جوزيف فون هامر، لندن 1806.
(3) نشره فؤاد سزكين في ستة أجزاء (أربعة مجلدات بالتصوير،) شتوتجارت 1405هـ / 1984م.
(4) الفهرست، المصدر نفسه.(1/23)
تزل قائمة في شمال غرب الجزيرة العربية وجنوب الأردن وسوريا والعراق حيث سكن الأنباط العرب وأقاموا فيها حضارة تجارية في الأساس استمرت قرونا طويلة (1).
ويؤيد هذا جواب رسول أهل الحيرة إلى خالد بن الوليد حين سأله:
«فعرب أنتم أم نبط؟ قال: عرب استنبطنا وسط الفرس» (2)، أو أن أهل الحيرة تحاشوا اللفظة لسبّتها ولمزها في وقت السؤال، فإن رجلا قال لآخر على مسمع من الشعبي: يا نبطي! فقال الشعبي: لا حدّ عليه، كلنا نبط (3)، لأنّ الشعبي فهم من لفظ: نبطي، معنى: «استنبط» أي: أقام في المكان واستقرّ.
وروي عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنهما قالا:
«نحن معاشر قريش من النبط، من أهل كوثى» وعلّق ابن الأثير على هذا فقال: «قيل لأنّ إبراهيم عليه السلام ولد بها وكان النّبط سكانها» (4)، وهنا يشير ابن الأثير إلى مدينة أور التي قيل إنّ إبراهيم عليه السلام منها، وإلى أنباط العراق الذين سماهم ابن وحشية بالكسدانيين وليس إلى الأنباط العرب، إلا أن ياقوتا يوضح لنا معنى كوثى، فيقول: «قال ابن الأعرابي: واختلف الناس في قول علي عليه السلام: = نحن من كوثى =، وكوثى في ثلاثة مواضع.
بسواد العراق في أرض بابل وبمكة» (5)، إلا أنّ الفاكهي روى أنّ «كوثى» من أسماء مكة (6).
__________
(1) انظر مصادر كتاب الكتابة العربية والسامية، لرمزي بعلبكي، بيروت 1981.
(2) كتاب الردة المنسوب للواقدي 228: «يريد نحن عرب استقر بنا المقام وسط الفرس».
(3) تاج العروس للزبيدي 5/ 23.
(4) النهاية في غريب الحديث 5/ 9ومعجم البلدان 4/ 488487.
(5) معجم البلدان 4/ 488487.
(6) أخبار مكة، تح عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، 2/ 281.(1/24)
والظاهر عندي هنا أنّ الإمام عليا وابن عباس رضي الله عنهما كانا يشيران إلى نسبهما المتصل بإبراهيم ومن ثم بإسماعيل عليهما السلام، وأنّ أصل إبراهيم من أور العراق التي تسمى: كوثى، كما رأى ابن الأثير.
ومع كل هذا، فقد روى الطبري أنّ خالد بن الوليد لما فتح الأنبار في سنة اثنتي عشرة للهجرة: = رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها فسألهم: من أنتم؟
فقالوا: قوم من العرب نزلنا إلى قوم من العرب قبلنا، فقال: ممن تعلمتم الكتاب؟ فقالوا: تعلمنا الخط من إياد = (1). والمعروف أن إيادا سكنت البحرين مع تنوخ، إلا أنهم تحولوا في حوالي القرن الثالث للميلاد من الخليج العربي، وسكنوا سواد العراق والجزيرة. (أي: جزيرة ابن عمر) واصطدموا مع جذيمة بن مالك ملك الحيرة، الذي كان معاصرا لزنوبيا ملكة تدمر النبطية.
بيد أن قسما منهم استقر في الحيرة وفي شمال الشام وقسما آخر اشترك مع الجيش الفارسي ضد قبيلة بكر بن وائل في معركة ذي قار حوالي سنة 604 ميلادية، فانحازوا إلى جانب بكر بن وائل فكانوا سبب هزيمة الجيش الفارسي (2)، وهذا لا يعني أن إيادا قد طوروا الخط العربي لأنهم سكنوا السواد ثم الحيرة، والخط النبطي كان شائعا معروفا في الحضر (3) والبتراء وتدمر. فتعلموا الخط النبطي من الأنباط وعلّموه أهل الحيرة، وهذا تؤيده رواية ياقوت في اشتراك العرب في الحروب التي كانت تنشب بين المدن النبطية، قبل استقرارهم في الحيرة والأنبار.
ولهذا نقل النديم عن مكحول قوله: = وإنّ نفرا من أهل الأنبار، من إياد القديمة وضعوا حروف ألف، ب، ت، ث، وعنهم أخذته العرب = (4).
__________
(1) نشرة دي خويه، لايدن 1/ 2061.
(2). 289.، ..
(3) الحضر: العاصمة العربية لماجد عبد الله الشمس، 6713.
(4) الفهرست 8.(1/25)
وهذا يتفق مع الرواية الأولى التي تقول: إنّ أهل الحيرة تعلموا الخط من أهل الأنبار والحيرة والأنبار كانتا تحت النفوذ الفارسي الساساني قبل الفتح الإسلامي، بل الظاهر أنّ أهل الحيرة والأنبار تعلموا الخط من الأنباط فتعلمه منهم أهل الحجاز.
ومع هذا، فإن النبط أو الأنباط كانوا معروفين بهذه النسبة في الشام كما يظهر من حديث ابن أم أو فى: = كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في كيل معلوم إلى أجل معلوم = (1)، أو في الخبر الذي ذكره البخاري في التاريخ الكبير، أن: = يوسف بن سابور كانت بضاعته مع ناس من قومه بالسراة مع الأنباط في القمح والشعير، فإذا جاؤوهم يتقاضونهم أطعموهم = (2)
ومن إشارة حسّان بن ثابت في شعره الجاهلي:
لكميت كأنها دم جوف ... عتّقت من سلافة الأنباط (3)
أو في قول كعب بن مالك في حديث المتخلفين عن غزوة تبوك الذي روته لنا كتب السيرة والحديث، قال: = فبينا أنا أمشي في السوق إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام = (4).
وفي قول كعب بن مالك أيضا:
أثرنا سكّة الأنباط فيها ... فلم نر مثلها جلهات وادي (5)
أو قول حسان بن ثابت يجيب ابن مرداس:
أتفخر بالكتان لما لبسته ... وقد تلبس الأنباط ريطا مقصّرا (6)
__________
(1) صحيح البخاري، السلم 2088.
(2) التاريخ الكبير 4/ 2/ 384383.
(3) ديوان حسان بن ثابت، تح وليد عرفات 2/ 91.
(4) الروض الأنف للسهيلي 7/ 327.
(5) الاكتفا في معازي رسول الله والثلاثة الخلفا للكلاعي، تح مصطفى عبد الواحد، 2/ 195.
(6) السيرة النبوية، تح وستنفيلد، 1/ 302.(1/26)
أو حين اشترط عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على أنباط الشام للمسلمين: = أن يصيبوا من ثمارهم وتبنهم ولا يحملوا = (1)، فهل معنى هذا أن لفظة الأنباط هنا كانت مرادفة ل: = فلاحين وزرّاع = كما هي الحال في نبط سواد العراق؟ أم أنّ أنباط الشام كانوا معروفين بهذا الاسم في صدر الإسلام كما قرره ابن حجر عن ابن سعد كاتب الواقدي في حوادث موقعة مؤتة، فقال: = بلغ المسلمين من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أنّ الروم جمعت جموعا = (2)، وهذا يعني أن أنباط الشام كانوا يعرفون العربية ويكتبون بها وهما أداتا التجارة.
ويؤيد هذا وجود سوق لهم بالمدينة الشريفة في صدر الإسلام يسمى:
سوق النبط (3)، فقد روي: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى سوق النبط فنظر إليه فقال: ليس لكم هذا السوق، ثم رجع إلى هذا السوق فطاف فيه فقال: هذا سوقكم لا ينتقص ولا يضرب عليه خراج» (4).
وهناك واد باسم النبط قرب المدينة أيضا.
ثم إن أنباط سواد العراق لم يكونوا من العرب، بل من أصول هندية سندية، وتسميهم المصادر باسم الزط أو الجات أو السبابجة، وهم الذين نجد لهم ذكرا في حرب الجمل إذ كان بعضهم من الشرط وحرّاس السجن (5).
ومع كل هذا، فإن «لفظة الأنبار» آرامية سريانية نبطية عربية، فقد قيل: «الأنبار أكداس الطعام وأهراؤه واحدها نبر كنقس وأنقاس، ويجمع
__________
(1) كتاب الأموال لأبي عبيد، تح محمد خليل الهراس، 214.
(2) فتح الباري 8/ 111.
(3) قصة الكتابة العربية لإبراهيم جمعة 19.
(4) الآحاد والمثاني لأحمد بن عمرو الشيباني 2/ 454وتهذيب الكمال للمزي 20/ 368.
(5) كتاب الردة والفتوح ومسير عائشة وعلي لسيف بن عمر التميمي، 285، 286، 292، 318وانظر: تاج العروس تحت: «سبج».(1/27)
أنابير جمع الجمع، ويسمى الهري: = نبر = لأنّ الطعام إذا صبّ في موضعه انتبر، أي: ارتفع» (1).
وكان يقال لها: بيروز شابور في العصر الساساني أي: = الأهراء = لأنها كانت مخزنا للحبوب، فلما دخلها العرب في سنة 12للهجرة عربوها، فقالوا:
الأنبار (2)، فأوجدوا لها معنى مرادفا لمعنى الأهراء. وما زال العراقيون والأتراك والأكراد حتى اليوم يسمون مخزن الحبوب أو أي مخزن آخر باسم: = العنبار =، فقلبوا الهمزة عينا لقرب العين منها.
__________
(1) تاج العروس: «نبر».
(2) معجم البلدان لياقوت 1/ 257: تاريخ الطبري 1/ 748نشرة دي خويه.(1/28)
الأنباط والمؤرخون
لقد تخبط المؤرخون العرب في أصل الأنباط، بيد أنّ غالبهم اتفق على نسبتهم إلى أرم بن سام بن نوح، وقسّموهم إلى أردمانيين وهم نبط السواد أو نبط العراق وبقايا ثمود، وأردوانيين وهم أنباط الشام (1)، أي: أهل تدمر وبصرى.
فمع غلبة الأساطير القصصية على كل هذا، فإنهم لم يبعدوا كثيرا عن الحقيقة التاريخية في نسبتهم إلى الساميين، ولكنهم لم يدركوا أنهم كانوا من العرب الذين وقعوا تحت تأثير الحضارة الآرامية، ولهذا حدد البكري مواقعهم بدقة، فقال: «وبلاد النبط ما بين يهودا وبلاد العرب» (2)، ومع هذا فإنّ المؤرخين أدركوا الاختلاف بين نبط السواد، وهو المنطقة التي كانت تحت سيطرة سلع النبطية في الشمال والحجر في الجنوب (3)، وبين أنباط الشام وهم التدمريون، ولذلك قالوا: = خالط عرب الحيرة النبط منذ أيام بخت نصر = (4).
وذهب ياقوت إلى أنّ: «أردشير ملك الفرس، سار إلى الأردوان ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال له بابا، فاستعان كل واحد منهما بمن يليه من العرب، ليقاتل بهم الآخر، فبنى الأردوان حيرا فأنزله من أعانه من الأعراب فسمّي ذلك الحير الحيرة، وأنزل بابا من أعانه
__________
(1) تاريخ الطبري 1/ 748، 674، 219، 218، 206، 821.
(2) المسالك والممالك، تونس 1992، 464.
(3) التي يسميها الجغرافيون: = ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام، وبها كانت منازل ثمود =، معجم البلدان 2/ 221.
(4) تاريخ الطبري 1/ 674.(1/29)
من الأعراب الأنبار وخندق عليهم خندقا، وكان بخت نصر حيث نادى العرب، قد جمع من كان في بلاده من العرب بها فسمتها النبط أنبار العرب، كما تسمي أنبار الطعام إذا جمع إليه الطعام» (1).
ومع ما في قول ياقوت هذا من الخلط التاريخي، فإنه يدل على أنّ المؤرخين كانوا على علم بوجود المدن النبطية المتناحرة في ما بينها وبين الحكام الفرس المجاورين لهم فسموهم ملوك الطوائف، بيد أنهم لم ينسبوهم للعرب، وإنّ لفظة: «الأنبار» عربية الأصل أطلقها الأنباط عليها.
وذكر ياقوت أيضا أنّ: «من كان في البحرين من العرب تطلعوا إلى ريف العراق واغتنموا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف، فأجمع رؤساؤهم على المسير إلى العراق، فوجدوا الأردمانيين الذين بناحية الموصل (أي: أهل مدينة الحضر النبطية) وما يليها يقاتلون الأردوانيين، وهم ملوك الطوائف، فاجتمعوا عليهم ودفعوهم عن بلادهم إلى سواد العراق، فصاروا بعد أشلاء في عرب الأنبار وعرب الحيرة فصار في الحيرة من جميع القبائل من مذحج وحمير وطيّىء وكلب وتميم، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة» (2)، وهنا يمكن أن نفسر جوابهم لخالد بن الوليد: «عرب استنبطنا وسط الفرس».
ومع كل هذا، فإن التاريخ أغفل ذكرهم التاريخي، ولم يتعرض أهل المعاجم لهم في تفسير كلمة = نبط = إلا أنهم ذكروا علاقة اللفظة بإنباط المياه ونسبوا ذلك إلى نبط سواد العراق، فقال ابن قتيبة: «ويقال: إن النبط من ولد ماش سمّوا نبطا لإنباطهم المياه، ويقال أيضا: النبط من ولد شاروخ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح» (3).
__________
(1) معجم البلدان 1/ 329 (دار صادر).
(2) المصدر نفسه 1/ 331330.
(3) المعارف 28وتاريخ الطبري، طبعة دي خويه 1/ 219.(1/30)
وقال الزمخشري في تفسير لفظة الأنباط: «وهم جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين» (1)، فإذا كان الأمر كذلك فإن هؤلاء النبط لم يكونوا محتاجين إلى إنباط المياه لأن منازلهم بين النهرين والبطائح هي مناطق الأهوار في جنوب العراق، وأنباط تدمر والبتراء والحجر وأكرى وبصرى أولى بهذه التسمية في إنباط الماء من أنباط أور.
ومع هذا فإنّ المؤرخين لم يغفلوا عن تسجيل صراع اللخميين أصحاب الحيرة مع الأنباط التدمريين حين حاول جذيمة الأبرش السيطرة على تدمر بالتزوج من الزباء أو زنوبيا بعد قتل أبيها في حوادث مثقلة بالأساطير حفظتها لنا كتب التاريخ والأمثال والأدب في قولهم: = أمنع من عقاب الجو =، و: = لأمر ما جدع قصير أنفه = (2)، والبيت المشهور:
ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا (3)
مع أن الحقيقة التاريخية تروي أن زنوبيا بعد وفاة زوجها وتوسع مملكتها من الحدود التركية الحالية مع الشام حتى النيل، أثار هذا التوسع حكام روما فاصطدم جيشها في سنة 272ميلادية مع جيش الإمبراطور الروماني أورليانوس في أنطاكية، ثم مرة أخرى قرب أماسيا على بعد 120 كيلا من تدمر فدحرها في المرتين وحاصر تدمر وأخذها أسيرة إلى روما بعد أن أعدم مستشارها كاسيوس لونجين (4)، وقيل: إنها انتحرت في
__________
(1) ترتيب القاموس 4/ 315.
(2) تاريخ الطبري 1/ 763 (لايدن): «لمكر ما جدع أنفع قصير».
(3) كتاب الأذكياء لابن الجوزي، 166159عن هشام الكلبي.
(4) انظر الدراسة الممتعة: لونجين والجرجاني لعدنان خالد عبد الله، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين 1420هـ / 2000م، 48وما بعدها حيث تكلم عن تاريخ تدمر والزباء وأثبت وجود الشعر العربي إذ ذاك، وهذا يتفق مع النقش النبطي الذي كتبه غرم الله بن تيم الله.(1/31)
الطريق (1)، مع أن الروايات العربية تؤكد أنها انتحرت بالسم عند ما أراد عمرو بن عدي قتلها للأخذ بثأر خاله جذيمة الأبرش الذي قتلته زنوبيا من قبل، فقالت: بيدي ولا بيدك يا عمرو (2).
وهنا أود أن أورد نصّ نقش نبطي يعود إلى القرن الأول للميلاد، تظهر فيه اللغة العربية الشعرية الفصحى في السطر الرابع والخامس، وقد حاول نجف قراءته فأورده بالحروف العبرية وهو نصّ عربي محض، وقراءته كما ورد في الصورة المنشورة في الملحقات:
1) ذ ك ي ر / ب ط ب / ق ر ا / ق د م / ع ب د ت / ذ ك ي ر
2) م ن [د] ح / ق ي م
3) غ ر م ال هـ ي / ب ر / ت ي م ال هـ / ص ل م / ل ق ب ل / ع ب د ت / ال هـ ا
4) ف ي ف ع ل / ل ا / ف د ا / ول ا / اث ر ا / ف ك ن / هـ ن ا / ي ب غ ن ا / ال م وت و / ل ا
5) اب غ هـ / ف ك ن / هـ ن ا / ار د / ج ر ح و / ل ا / ي ر د ن ا
6) غ ر م ال هـ ي / ك ت ب / ب ي د هـ
1) ذكير بطب قرأ قدام عبدت ذكير
2) من [د] ح قيم
3) غرم الله بر تيم الله صلم لقبل عبدت الاها
4) فيفعل لا فدا ولا اثرا فكن هنا يبغنا الموتو لا
__________
(1)،،،. 5775.، 1978
(2) انظر: المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية لأبي البقاء هبة الله الحلي 1/ 103، 2/ 385376.(1/32)
5) ابغه فكن هنا ارد جرحو لا يردنا
6) غرم الله كتب بيده (1).
المعروف أن اللغة الآرامية كانت هي السائدة في المناطق التي سكنها الأنباط، ولذلك روى الطبري لنا: أنّ بواب مدينة الزباء النبطي كان يتكلم الآرامية (2) وهذا ليس غريبا في الشام وفلسطين وشمال الحجاز، لأن الآرامية كانت لغة التخاطب في كل هذه المناطق كما سنرى. بيد أنّ ياقوتا قال: «إنّ لغتهم يقال لها السريانية» (3) وهو لم يبعد كثيرا، لأنّ السريانية والعربية النبطية من أصل واحد هو الآرامية.
ومع إهمال المؤرخين الحديث عن الأنباط، وقد كانوا أقرب موقعا وحضارة ولغة ودينا إلى الحجاز وأهله من الحضر النبطية البعيدة التي كانت «بحيال تكريت بين دجلة والفرات» (4) ولم تزل آثارها قائمة، إلّا أنهم أسهبوا في الحديث عنها وعن ملكها الضيزن ووقوع ابنته نضيرة في حبّ الملك الساساني سابور في قصة أسطورية عجيبة ردد عبرها المؤرخون والشعراء أمثال أبي دؤاد الإيادي والأعشى ميمون بن قيس وعدي بن زيد الذي قال:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ ... دجلة تجبى إليه والخابور
شاده مرمرا وجلّله كلسا ... فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فبان ال ... ملك عنه فبابه مهجور (5)
__________
(1) عن تفسير هذا النقش وتحليله، انظر:
. 5660، 1986، 36،،،.،
1،،،، ..
. 183188، 1993،
(2) تاريخ الطبري 1/ 766من طبعة دي خويه.
(3) معجم البلدان 3/ 279.
(4) تاريخ الطبري 1/ 827.
(5) المصدر نفسه 1/ 830827والروض الأنف للسهيلي، القاهرة 1970، 1/ 323.(1/33)
بل إنهم نسبوا الحضر إلى الساطرون، فقال عدي بن زيد فيه:
وأرى الموت قد تدلّى من الحضر ... على ربّ ملكه الساطرون (1)
بيد أن كل هذه الأساطير ليس لها سند تاريخي تؤيده النقوش المدروسة عن الحضر، ولهذا قال هندرك درايفرز في بحثه في تاريخ حترا وبالميرا وأوديسا (الحضر وتدمر والرها): إنّ أصول هذه القصص مانيّة سريانية الأصل (2)، فلا بدّ أنها تسربت إلى الفكر العربي على أنها وقائع تاريخية ثابتة، فترددت في أساطيرهم المنقولة شفاها، فنقلها المؤرخون دون تمحيص لها.
وأسهب المؤرخون أيضا في تاريخ ثمود الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، فأشار إلى مدنهم المنحوتة في الجبال، في قوله تعالى في سورة الحجر: {لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحََابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنََاهُمْ آيََاتِنََا فَكََانُوا عَنْهََا مُعْرِضِينَ * وَكََانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً آمِنِينَ} (3)، فسماهم: = أصحاب الحجر =، وعند المفسرين هم = قوم صالح = الذين عقروا الناقة، ومن هنا جاءت تسمية الحجر بمدائن صالح اليوم.
وفي سورة الأعراف قول الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفََاءَ مِنْ بَعْدِ عََادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهََا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبََالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلََاءَ اللََّهِ وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (4).
وفي سورة الشعراء قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً فََارِهِينَ} (5).
__________
(1) معجم البلدان 2/ 268.
(2)،،،،. ..
. 827.، 8،، 1977
(3) سورة الحجر، الآيات: 8280.
(4) سورة الأعراف، الآية: 74.
(5) سورة الشعراء، الآية 149.(1/34)
والأنباط خلّفوا ثمودا تاريخيا في مناطقهم، واقتبسوا نمط عمارتهم دون خطهم الذي كان أقرب إلى المسند منه إلى الخط الآرامي المشتق من الخط الفينيقي، تبعا للبيئة الثقافية الآرامية المسيطرة على الشام إذ ذاك.
لقد كان الأنباط عربا أقرب إلى قريش وإلى القبائل الحجازية (1) التي أدركت الإسلام منهم الى اللحيانيين والثموديين والديدانيين والصفويين الذين سكنوا هذه المناطق في فترات مختلفة من التاريخ (2)، وتختلف نقوش هؤلاء المشتقة في غالبها من المسند اختلافا بيّنا عن نقوش الأنباط، بل إن الأنباط يشاركون قريشا في أكثر أسماء الأشخاص كما يشاركونهم في عبادة أكثر الأصنام المعروفة عند قريش، فلعل عمرو بن لحي كان قد جاء بها من الأنباط أثناء رحلته إلى الشام (3).
ومن كل هذه الدلائل الثابتة علميا وعمليا، فإنه ليس هناك أحد من الباحثين يشك حتى اليوم في أصلهم العربي الذي يشاركهم في ذلك أهل مدين (4) أو قوم شعيب الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم مع موسى عليه السلام ووردت أخبار حروب المدينيين ضد العبريين والأدوميين، والتجاء الأمير حداد الأدومي إليهم كما رواها العهد القديم (5).
ولهم ذكر واسع في التواريخ الرومانية باسم او، واستعمل الشعراء الرومان لفظة بمعنى الأقوام الشرقية، أما عند المؤرخين اليونانيين، فهم أو، ومع هذا فقد ذكرت
__________
(1) تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي 3/ 13.
(2):، .. ، ..
. 3744.، 1، 1979،
(3) كتاب الأصنام لهشام الكلبي 8.
(4). 4.،
(5). 359.،، 1969،،.(1/35)
سجلات أشوربانيبال، الذي حكم ما بين 626668قبل الميلاد، قوم نباياتي، التي فسرها الباحثون بالنبطيين مرة وبالعرب أبناء نبايوت (نبيت) بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام مرة أخرى (1).
وليس هناك من يشك أيضا في أنهم كانوا بدوا عمهم الثراء في فترة من فترات تاريخهم، فاستقروا وأنشأوا البتراء (وهو الاسم الروماني الذي يعني الصخرة، أو سلع وهو الاسم الآرامي) في الشمال والحجر أو مدائن صالح في الجنوب على طرق التجارة التي كانت قريش تسلكها إلى الشمال ومن هنا كان المكيون أكتب من المدنيين لاتصالهم التجاري المستمر مع الشمال، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من أسراهم بعد معركة بدر تعليم صبيان المدينة الكتابة بالخط العربي كما هو معروف ومشهور.
والخط النبطي في صورته الأخيرة قريب جدا من خط القرآن الكريم (2)
في صوره الأولى، أو من نقش أسوان المؤرخ في سنة 31للهجرة، أو من الوثائق البردية المؤرخة التي يعود أقدمها الى سنة 22للهجرة، أو من الرسائل النبوية التي وصل بعضها ألينا، أو النقوش القليلة التي وصلت إلينا من العصر الراشدي والأموي المنشورة في كتاب محمد حميد الله وفي غيره (3) وهو ما يسمى بالخط المكي ثم المدني ثم الكوفي اليابس المربع، كما يظهر ذلك من مقارنته مع النقوش النبطية القليلة المنشورة حتى الآن في المصادر الأوربية والعربية الكثيرة التي عنيت بدراسة تاريخهم ولغتهم (4).
__________
(1) المصدر نفسه 3/ 43.
(2) جواد علي، المصدر نفسه و 11551156،، ..
(3) انظر: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت (ط. الرابعة) 1403هـ والبحوث التي نشرها كرومان وغيره حول البرديات الإسلامية.
(4) انظر فهرس المصادر عند رمزي بعلبكي مثلا.(1/36)
وقد امتدت مملكة الأنباط من قاعدتيها سلع أو البتراء في الشمال، والتي كانت قبل استيلائهم عليها عاصمة الأدوميين، والحجر أو مدائن صالح في الجنوب إلى مناطق واسعة شملت دمشق والأقسام الجنوبية الشرقية من فلسطين وحوران وإدوم ومدين وسواحل البحر الأحمر (1).
وثبت تاريخيا أيضا أن جماعة من الأنباط سكنت في الأقسام الشرقية من دلتا النيل، وكانت لهم جالية ومعبد في بتيولي بإيطاليا (2)، ولهذا أطلق المؤرخ اليهودي يوسيفوس اسم بلاد الأنباط على منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات، فتتصل بحدود الشام إلى البحر الأحمر، والتي دعاها مناطق أولاد إسماعيل (3). ولعل يوسيفوس كان أول من وجد صلة بين اسم نبايوت (بالعربية: نبيت) وهو الاسم العبري لابن إسماعيل الأكبر وهو أخو قيدار: وبين النبط. وإلى مثل هذا ذهب جيروم وهو أحد المؤرخين القدامى (4)، اعتمادا على ما جاء في التوراة (5).
وفي دراسة حديثة جادة لم تنشر بعد، ناقش سليمان بن عبد الرحمن الذييب الأستاذ بقسم الآثار بجامعة الملك سعود بالرياض، مسألة أصل الأنباط، فقال: إنّ الأنباط قوم عرب نزحوا من منطقة القصيم بنجد (6)، ودلل على رأيه هذا ببراهين آثارية ولغوية، وهذا رأي أصيل جديد، لم يقل به أيّ باحث في تاريخ الأنباط من قبل، مع أنّ الكثير ممن درس تاريخ الأنباط لم
__________
(1) جواد علي، المصدر نفسه.
(2) تاريخ دولة الأنباط لإحسان عباس 73.
(3). 1925،،
(4). 4، 12،،،
(5). 13،.
(6) شكري العميق للأخ الدكتور سليمان الذييب الذي تفضل فأطلعني على هذه الدراسة النفيسة.(1/37)
يستبعد نزوحهم من مكان مّا في الجزيرة العربية مثل اليمن أو حائل أو الهفوف، وأنهم كانوا يشكلون أغلب سكان إيدوم، كما يظهر في مقالتين كتبهما كراف وفهد في الموسوعة الإسلامية بعنوان: يشيع فيهما الخلط والاضطراب وسوء فهم النصوص واستنباط النتائج الخاطئة منها، إضافة إلى أنّ كراف وفهد اعتمدا فيها على معلومات قديمة تغيرت الآن كثيرا نتيجة البحوث الجادة الحديثة والاكتشاف المستمر للنقوش النبطية (1).
__________
(1). 834838.، 2 ..(1/38)
تاريخ الأنباط السياسي والحضاري
ينحصر تاريخ الأنباط السياسي، ما بين بداية القرن الخامس قبل الميلاد وسنة 107106ميلادية، حين استطاع الإمبراطور الروماني تراجان بقيادة كورنيليوس بالما حاكم سورية السيطرة على مدنهم وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية، بيد أن تأثيرهم الحضاري على شمال الجزيرة العربية، استمر حتى القرن الرابع للميلاد أو بعده (1).
كان موقع مملكة الأنباط الجغرافي عاملا مهمّا في ازدهارها التجاري فقد كانت تلتقي عندها جملة من طرق التجارة البرية التي كانت عماد طرق القوافل إذ ذاك. فقد كان يصل إليها طريق اليمن العربية الجنوبية والحبشة، وهو طريق مهم، يوازي البحر الأحمر كما كان يتفرع عنها الطريق إلى مصر والشام وغزة والمدن الفنيقية على البحر الأبيض المتوسط، وإليها يصل طريق تجاري مهم، يصل ميناء جرها (وهي: جرعاء) على الخليج العربي، بمدينة سلع أو البتراء كما تسمى حيث تصل تجارة الهند وما وراء الهند وإيران وغيرها لتوزع منها إلى الشام ومصر والحجاز واليمن (2)، وشمالا إلى ما سمي ب: بيزنطية، وما وراءها من البلدان الرومانية الأوربية الأخرى أو من جرها (أو جرعاء) إلى ألأبلّة على شط العرب وشمالا إلى بيزنطية.
واستمر هذا الطريق سالكا حتى العصر الأموي مما نراه من إشارة في كتاب تهذيب الآثار للطبري (3) إذ ذكر أن معاوية بن أبي سفيان أرسل أصنام
__________
(1) دراسات تحليلية لنقوش نبطية قديمة لسليمان الذييب 15وما بعدها.
(2) جواد علي، المصدر نفسه 2/ 3418/ 19المفصل 1/ 14وما بعدها.
(3) مسند الإمام علي 241.(1/39)
ذهب وفضة، غنمها من البيزنطيين، في سفينة من سلسلة واسط (1) إلى الهند لتباع هناك.!
ولعل هذا ما ذكره ابن عذاري حيث قال: «وأغزى معاوية ابن حديج جيشا في البحر إلى صقلية في مئتي مركب ثم انصرفوا إلى أفريقية بغنائم كثيرة، ورقيق وأصنام منظومة بالجوهر فاقتسموا فيئهم وبعث ابن حديج بالخمس إلى معاوية بن أبي سفيان» (2).
وذكر ابن حجر أن أبا موسى إسرائيل بن موسى البصري المتوفى سنة 144هـ، كان يسافر في التجارة إلى الهند وقد أقام بها مدة (3).
ويؤكد علاقة الهند التجارية القديمة ما قاله الصعق، وهو جد قيس بن عمرو بن خويلد بن نفيل الكلابي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في أبيات يذم فيها العمال (4):
إذا التاجر الهندي جاء بفأرة ... من المسك أضحت في مفارقهم تجري
فكان من نتيجة ازدهار اقتصاد الأنباط أن الملك النبطي حارثة الثالث استطاع أن يسيطر على دمشق عاصمة السلوقيين الرومان، فسيطر إذ ذاك على الطريق بين سلع (البتراء) ودمشق عبر مأدبة وعمان وبصرى.
ثم ما لبثت بصرى أن أصبحت مركزا تجاريا مهما أيضا، مما هيّأ للأنباط الاتصال بالحضارة الآرامية العربية النّجار أيضا، والتي كانت سائدة في هذه المناطق، فكتبوا لغتهم وحسابهم بلهجة آرامية يظهر فيها تأثير اللغة العربية واضحا دون شك.
__________
(1) ذكر ابن سعد في الطبقات 6/ 83، 84: أنها كانت مترل مسروق بن الأجدع وقال:
ومات بالسلسلة بواسط سنة 63هـ، وورد لها ذكر في المصنف لابن أبي شيبة 2/ 200، 415وفي التمهيد لابن عبد البر 11/ 183وكلها مقرونة بمسروق بن الأجدع.
(2) البيان المعرب، لايدن 1951، 17.
(3) فتح الباري، القاهرة 1390هـ، 13/ 62.
(4) الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 3/ 170، 260.(1/40)
وقد أظهر اكتشاف بعض معاهداتهم التجارية المكتوبة على أوراق البردي في سنة 1951م، والتي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، مستوى عاليا من التنظيم الإداري والتجاري. بيد أن الباحثين في هذه الوثائق أرجعوا خطها إلى الخط اليوناني، وهو دون شك خط نبطي يشبه خطوط النقوش المكتشفة في مناطق متعددة.
لقد كان التأثير الآرامي قويا في واحة تيماء (1) التي كانت لفترة قصيرة عاصمة النبوديين البابليين من سنة 556وإلى سنة 539قبل الميلاد فسكنها أقوام من ثقافات مختلفة تمتّ كلها إلى الآرامية بصلة، ومنهم اليهود، في عصور مختلفة من التاريخ، وفي تيماء الحصن الأبلق للسموءل بن عاديا الذي اشتهرت قصته مع امرىء القيس الكندي، وقد أشار الشاعر الشماخ في إحدى قصائده إلى وجود اليهودية بتيماء فقال:
كما خطّ عبرانية بيمينه ... بتيماء حبر ثم عرّض أسطرا
وقال الأسود بن يعفر:
سطور يهوديين في مهرقيهما ... مجيدين من تيماء أو أهل مدين (2)
ثم كانت هناك أيضا مملكة ديدان الواقعة شمال العلا الحالية مركزا حضاريا للحيانيين الذين استعملوا خطا مشتقا من المسند، إلا أنهم مع ذلك استعملوا الخط النبطي أيضا مثل: = مسعود ملك اللحيان = الذي يظهر في أحد النقوش (3).
__________
(1) انظر كتاب دراسة تحليلية للنقوش الآرامية القديمة في تيماء، لسليمان بن عبد الرحمن الذييب، مكتبة المك فهد الوطنية الرياض 1414هـ / 1994، فقد نشر المؤلف جملة من هذه النقوش وحللها تحليلا علميا وافيا، فأحسن كل الإحسان وأفاد.
(2) مصادر الشعر الجاهلي، لناصر الدين الأسد 82.
(3). 562، 1، ..(1/41)
ثم كانت هناك مملكة ثمود {الَّذِينَ جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} (1) الذين ذكرتهم الكتابات الآشورية في القرن الثامن قبل الميلاد، فكانت ديارهم في أو الحجر (2) الواقعة شمال ديدان، فإنهم أيضا استعملوا خطا آخر مشتقا من المسند، وهذا كله مدروس محقق ومنشور، وما زالت البحوث تظهر حول نقوشهم المكتشفة حديثا.
وقد أدى غنى مملكة الأنباط وسيطرتهم على طرق التجارة إلى منافسة البطالمة اليونانيين لهم في السيطرة على البحر الأحمر، واحتكار التجارة البحرية، وتوجيهها إلى مصر، فاضطر الأنباط الى مهاجمة السفن المتجهة إلى مصر وأخذ ما فيها، فهاجمهم بطليموس الثاني الذي حكم مصر ما بين سنة 246282قبل الميلاد والحق خسائر فادحة بالأسطول النبطي (3).
ومع هذا فإن الأنباط استطاعوا منذ القرن الرابع قبل الميلاد الهيمنة على طرق التجارة البرية والبحرية بين جنوب الجزيرة العربية والحبشة (أثيوبية) والشام ومصر والهند، ومن الهند كانت تمر البضائع عبر اليمن عن طريق صنعاء مكة العلا الحجر سلع أو عبر ميناء جرها (أو جرعاء) على الخليج العربي، ومنها كانت توزع إلى مصر واليونان ومنها إلى أوربا الرومانية (4).
الأنباط قبائل عربية الأصل بدوية المنحى سكنت بلادا آرامية، فتأثرت بحضارتها فتحولت في زمن قصير من قبائل رعوية إلى قبائل تجارية، فاستعملت اللغة والكتابة الآرامية في النقوش وسائر الشؤون العمرانية، بيد
__________
(1) سورة الفجر، الآية 9.
(2) الظاهر أن ليس الحجر بل هو ميناء أكرى النبطي على البحر الأحمر.
(3) نقلا من جواد علي 3/ 419. 2.،،، وانظر ما كتبه جواد علي عن تاريخ الأنباط بعد هذه الحادثة في 3/ 7020.
(4) 43،، 1969،،.(1/42)
أنها ظلت تتكلم وتستعمل اللغة العربية المتأثرة بالآرامية في شؤونها وأحاديثها اليومية (1)، كما رأينا عند بوّاب الزباء في رواية الطبري.
فشأنهم في هذا يشبه إلى حد كبير شأن الأكاديين الذين تأثروا بالحضارة السومرية، إلا أنهم حافظوا على لغتهم العربية التي تأثرت باللغة السومرية كما يظهر ذلك واضحا في البحوث الحديثة (2)، بل إن الآراميين لم يكونوا غرباء أيضا، فهم عرب أيضا هاجروا من نجد في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، واستوطنوا وادي الرافدين، ثم نزحوا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في حدود 1012و 972قبل الميلاد وأنشأوا مدنهم في سورية وفلسطين ما بين فكيّ الإمبراطوريتين الكبيرتين إذ ذاك: الأشورية والمصرية.
ومع أن دورهم السياسي انتهى في حدود سنة 733قبل الميلاد على أيدي الآشوريين، إلا أن دورهم الحضاري لم ينقطع إذ أصبحت اللغة الآرامية اللغة الرسمية عند الآشوريين والمصريين والفرس على حد سواء، فاستعملوها في المراسلات الدبلوماسية والتجارية (3)، شأنها إذ ذاك شأن الإنكليزية في عصرنا، بل إنها أصبحت اللغة التجارية الأولى لمناطق امتدت
__________
(1) محاضرات ليتمان في الجامعة المصرية سنة 1931929. نقلا من خليل يحيى نامي، أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام، مجلة كلية الآداب الجامعة المصرية، مج 3، ج 1، 1935صفحة 7والكتابة العربية والسامية لرمزي بعلبكي، بيروت 1981، صفحة 122.
(2) أخذة كيش، أقدم نص أدبي في العالم، تقديم وتحقيق ألبير نقاش وحسين زينه، بيروت 1988م، صفحة 4644طه باقر: من تراثنا اللغوي القديم، المجمع العلمي العراقي 1980، صفحة 210وانظر: استعراض الكتاب الأول في جريدة الحياة اللندنية، عدد 10452، 11ربيع الأول 1412هـ / 18سبتمبر 1991م.
(3) انظر: سليمان بن عبد الرحمن الذييب، دراسة تحليلية للنقوش الآرامية القديمة في تيماء، مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض 1414هـ / 1994، 32.(1/43)
من مصر إلى آسيا الوسطى وغرب الهند وشمالها الغربي. بل إن الفترة التي شهدت سقوط الآراميين في عام 732733قبل الميلاد كانت هي البداية لظهور وانتشار الثقافة واللغة الآرامية التي أثرت في معظم مناطق الشرق الأدنى القديم (1).
ولما استعمل السلوقيون اللغة اليونانية في حدود سنة 323قبل الميلاد لغة رسمية في فلسطين والشام وشمال الجزيرة العربية، ظلت اللغة الآرامية لغة التخاطب أكثر منها لغة الكتابة، وكانت اللغة التي تكلم بها السيد المسيح عليه السلام إلا أن المدن الآرامية في الوقت نفسه انفردت عن غيرها بلهجاتها الخاصة، مثل لهجة مدينة بالميرا وبيترا وأديسا وحترا كما تسمى في الكتابات الاستشراقية، وهي: تدمر والبتراء والرها والحضر، واختفت اللغة الآرامية الأولى التي كانت تسمى اللغة الملكية الإمبراطورية، وحلت محلها اللهجات الآرامية التي كتب بها الأنباط ويهود فلسطين وسكان الرها (أوديسا)، ومن هؤلاء جاء إلينا الخط العربي والعبري والسرياني (2).
إنّ النقوش الكثيرة التي درسها بعض العلماء في الشرق والغرب تبرز حقيقة تاريخية حضارية مرت بها الجماعات البشرية عبر التاريخ بما فيهم الأنباط، وهي أنّ الأنباط كانوا بدوا نزحوا من منطقة القصيم في الجزيرة العربية إلى مناطق سادتها الحضارة الآرامية، فتأثروا بها وقلدوها، فكتبوا بالحروف الآرامية، بيد أنهم ظلوا يتكلمون لهجة من لهجات العربية، فحاولوا تصوير الحروف الآرامية إذ لم تكن لهم حروف خاصة بهم، فلما استقروا
__________
(1) المصدر نفسه 2821.
(2) انظر تحليل أسامة ناصر النقشبندي للحروف النبطية مقارنا إياها بأقدم ما وصل إلينا من النقائش العربية في: مبدأ ظهور الحروف العربية وتطورها لغاية القرن الأول الهجري، مجلة المورد، مجلد 15، عدد 4، 1407هـ / 1986، 10283.(1/44)
سياسيا واقتصاديا طوروا الخط الآرامي وولدوا منه الخط الذي عرف بالخط النبطي كما نرى ذلك واضحا في النقوش المرفقة، وهو كأي مظهر حضاري لا بد أن يعتريه التطور، إذ إنه بدأ خطا آراميا يميل الى التربيع، ثم ابتعد بمرور الزمن شيئا فشيئا عن التربيع إلى التدوير، ولم يزل يتطور حتى بدأ يأخذ أشكالا بعيدة تماما عن الخط الآرامي، ويقترب جدا من الخطوط العربية الجاهلية التي تعلمها عرب الحجاز منهم نظرا لأن عرب الأنباط كانوا أعرق في الحضارة منهم، بيد ان الجوار والاتصال الدائم والمباشر معهم في رحلاتهم المستمرة إلى الشام فرض التعاون، والتعاون لا يتم إلا بعد تجاوب ينشأ عن العنصرين اللذين تتولد منهما العلاقات بين الشعوب: العنصر المادي والعنصر الروحي لأنهم كما قلنا كانوا يشاركون قريشا في آلهتهم وبالتالي لغتهم.
إنّ تطور الخط العربي من الخط النبطي لم يكن ظاهرة بشرية فريدة في التاريخ، فإن هيرودوتس يحدثنا عن الكتابة اليونانية، فيقول: «لقد أدخل الفينيقيون إلى بلاد اليونان مجموعة كبيرة من مختلف الفنون، وكان من بينها الكتابة، وهو على حد علمي ما لم يكن يعرفه الإغريق من قبل. وفي البداية جعل الإغريق حروفهم كالحروف الفينيقية تماما، ولكن لغتهم بمرور الزمن أخذت تتغير شيئا فشيئا وتغيرت تبعا لها أشكال الحروف» (1). فهذا ما يقوله مؤرخ يوناني، وهذا بالضبط ما حدث للخط النبطي وللأرقام النبطية التي يستعملها المشرق العربي.
__________
(1) قصة الكتابة والطباعة لفرانسيس روجرز، ترجمة احمد الصاوي، القاهرة 1969م، 101.(1/45)
الأنباط والأرقام
ولم يقتصر تأثير الأنباط على الخط فحسب، بل تعداه إلى مظهرين حضاريين، ما زال العالم العربي في مشرقه ومغربه يتخبط فيهما وهما:
التوريخ بحساب الجمل والأرقام التي تستعمل في الشرق، وتلك التي يستعملها الغرب والأقطار العربية في شمال أفريقيا. فقد كثر الداعون الذين تبنّوا دعوة مجلة اللسان العربي (التي تصدر عن المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي) ومركزها الرباط إلى نبذ الأرقام المستعملة في الشرق، على أنها هندية الأصل والنّجار، والتحول إلى استعمال الأرقام التي يستعملها الغرب الأوربي لأن الغربيين كما يقول هؤلاء الدعاة المنبهرون بالغرب يسمونها الأرقام العربية وهي لذلك أكثر أصالة في العربية من الهندية الغريبة.
بل إن بعض الحكومات المشرقية ومؤسساتها الثقافية ذهبت إلى أبعد من ذلك، فتبنت هذه الفكرة، وطبقتها عمليا في منشوراتها الرسمية، غير عابئة باحتجاجات علمائها، وتبعتها بعض الصحف الهاربة والمهاجرة في الغرب مثل جريدة الشرق الأوسط وغيرها (1)، وهذا والله افتئات على الحق وتزوير للتاريخ لا يقول به إلا من ليس له حظ من العلم والمعرفة في استقراء تاريخ الخط العربي من خلال المخطوطات القديمة أو الوثائق والنقائش.
فهل قول الأوربيين: إن هذه الأرقام التي عندهم هي عربية يجعلها عربية النجار حقا؟ أم أن الجهل بتاريخ هذه الأمة جعل بعض متعالميها يركضون وراء كل ناعق وزامر؟
__________
(1) ووقعت مجلة الفيصل السعودية أيضا في هذه الأحبولة أخيرا، فكتبت رسالة للدكتور زيد بن عبد المحسن الحسين حين كان مسؤولا عنها، فأوعز بهجر الأرقام السنسكريتية في المجلة، فله الشكر.(1/47)
الحق الذي لا مراء فيه، أنّ الأرقام التي يستعملها الغرب إنما هي هندية سنسكريتة آرية برهمية جوبارية الأصل، جاءت إلى الغرب من الترجمات العربية لكتب الحساب الهندي، فلما ترجمت هذه الكتب من العربية إلى اللاتينية ظن الأوربيون أنها أرقام عربية، فسموها، لأنها جاءت إليهم عبر العرب. ومثل هذا بالضبط ما قاله البكري حول الزمرد الهندي: «والزمرد الهندي يعرف بالمكي لأنه يحمل إلى عدن ويؤتى به إلى مكة فاشتهر بهذا الاسم» (1)، وسوف نرى أنّ الفينيقيين لما نقلوا ورق البردي إلى اليونانيين من مدينة بيبلوس الفينيقية (الجبيل حاليا) سموّه باسم هذه المدينة، ومثل هذا كثير ومعروف في كلّ الحضارات الإنسانية.
اما الأرقام الشائعة في المشرق العربي، فهي فينيقية آرامية نبطية تدمرية، فهي لذلك عربية الأصل والنجار لا شك فيها إطلاقا، ولا عبرة ولا اعتبار بما يقوله الإقليميون من الإخوة المغاربة أو المقلدون المنبهرون من المشارقة، فإن حقائق التاريخ العلمية يجب أن لا تخضع لعواطف محلية أو نزعات إقليمية، بل يجب أن تعتمد على أسس علمية منطقية محضة وبراهين وثائقية لا شك فيها، مما يستنبطه الباحث من الاكتشافات المستمرة للنقوش والوثائق، فقد أظهر كتيب صغير لمستشرقتين إسبانيتين حول الأرقام التي استعملها أهل الأندلس حتى القرن العاشر للهجرة (السادس عشر للميلاد) أن أهل الأندلس لم يستعملوا الأرقام السنسكريتية لوحدها قط (2) التي يصرّ الإخوة في المغرب على عروبتها (3)، بل إن جملة من أرقامهم أقرب إلى الأرقام المشرقية العربية منها إلى السنسكريتية مثل: 6543.
__________
(1) المسالك والممالك، قرطاج تونس، 1/ 325.
(2)،،. 1988
(3) انظر ما قاله عبد الهادي التازي في مجلة اللسان العربي، الجزء 2لسنة 1965، 36.(1/48)
ونشر كونسالس بالنثيا مقالة حول الأرقام التي كان المضرّبون من أهل طليطلة يستعملونها في القرنين العاشر والحادي عشر (1) (السادس والسابع للهجرة) وعلق عليها كل من هلموت رتر. وليفي ديلا فيدا فأثبت هؤلاء أن الأرقام التي كانت تستعمل في الأندلس إنما هي الأرقام الفاسية التي تعود في أصولها للأرقام اليونانية القبطية (2) والتي سمّاها محمد المنوني رحمه الله وإيانا: «الأرقام الرومانية المتمغربة» وهي التي نجد لها آثارا كثيرة في المخطوطات (3) المنسوخة في الأندلس والمغرب ومصر (4)، وهي خالية من استعمال الصفر.
ففي مقال لمحمد الفاسي حول مخطوطة المقتبس في أخبار الأندلس لأبي مروان حيّان بن خلف بن حيان، المتوفى سنة 469هـ، قال: «تحتوي على أرقام القلم الفاسي، وهو نوع من الأرقام اصطلح عليه أهل فاس، وكانوا يستعملونه إلى أواسط القرن الرابع عشر للهجرة في العقود العدلية، خصوصا في الإرث، حتى لا يستطيع أحد تزويرها والزيادة أو النقص في قيم المواريث، لأنّ معرفته كانت محصورة في جماعة العدول والعلماء» (5).
__________
(1).،.
(2) ونشر كوديرا جملة من الأرقام الفاسية التي وجدها في كتاب الصلة في تاريخ الأندلس لابن بشكوال (مدريد 1883)، 2/ انظر: الملاحق.
(3). 2812، 212، 1936،،
(4) انظر مثلا: مقالة محمد الفاسي مخطوط جديد من تاريخ ابن حيان، في: الثقافة المغربية، الجزء السادس لسنة 1972م، صفحة 6حول مخطوطة الجزء الخامس من كتاب المقتبس في أخبار بلد الأندلس لابن حيان نسخة الخزانة الحسنية بالرباط برقم: 78وانظر:
مخطوطة المحاسن والأضداد المنسوبة للجاحظ، مخطوطة لايدن برقم: 12. 1ومخطوطة تاريخ ابن العميد للمكين، مخطوطة لايدن برقم: 125، 2596ومخطوطة تاريخ الطبري، مخطوطة لايدن برقم: 497، وأمثال ذلك كثير.
(5) مخطوط جديد من تاريخ ابن حيان، مجلة الثقافة المغربية، ج 6، 1972، 6.(1/49)
وقد سمّى الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا هذه الأرقام ب: «القلم الروماني المتمغرب (القلم الفاسي)» (1)، وأشار إلى أنّ مخطوطة المسالك والممالك للبكري الأندلسي المتوفى سنة 487هـ مرقمة بهذا الترقيم، ومؤرخة في القرن السادس للهجرة.
وإلى هذه الأرقام أشار قاضي فاس إبراهيم بن محمد بن إبراهيم اليزناسني في ما ذكره الونشريسي المتوفى سنة 914هـ في جواب من سأله عمّن عليه «ديون بين عين وعرض وعدد العين وما هو مكيل أو موزون من العروض مكتوب برشم الزمام وغير مكتوب بالعربي، وإنما يكتب بالعربي الجنس ويضع عليه العدد بأشكال الروم، فأجاب: إنّ الرسم الرومي قد استفاض بين المسلمين حتى صار كسائر رسوم المسلمين كأشكال الغبار وغيرها من المصطلحات» (2).
فقول السائل يوضح لنا، أن الأرقام لم تكتب بالعربي المشرقي الذي يعرفه وعليه العمل عند الفقهاء، وإنما بالقلم الروماني المتغرب وهو الرقم الفاسي، ومن ثم فإنّ جواب القاضي، يوضح لنا أنّ هذه الأرقام مع أرقام الغبار (تحريف الجوبار) قد استفاض استعمالها بين المسلمين في المغرب، مما يدل على أنها حلّت محل أرقام أخرى، كانت مستعملة من قبل، فما هي هذه الأرقام؟
وقد سبق أن كتب أحمد بن الحاج العياشي سكيرج الخزرجي المتوفى سنة 1363هـ رسالة في هذه الأرقام، قال فيها: «هذا شرح لطيف وضعته على المنظومة الموضوعة في صفة أشكال القلم الفاسي للعارف بالله سيدي
__________
(1) تقنيات إعداد المخطوط العربي، في: المخطوط العربي وعلم المخطوطات، 28.
(2) المعيار المغرب للونشريسي، دار الغرب الإسلامي، 10/ 199198.(1/50)
عبد القادر الفاسي سميته إرشاد المتعلم والناسي في صفة أشكال القلم الفاسي» (1).
ومن هنا فقد انتفت حجة من يقول إن الأرقام التي يستعملها الغرب الأوربي وصلت إليهم عبر الأندلس (2)، بل إن أرقام الغرب وصلت إليهم من الأندلس أو صقلية أو بادوا الإيطالية مباشرة بعد أن ترجمت كتب الحساب الهندي والجبر والمقابلة للخوارزمي وللفزاري من العربية إلى اللاتينية في طليطلة أو غيرها في القرن الثاني عشر للميلاد، بعد أن أدخل العرب استعمال الصفر في العمليات الحسابية الذي ساعد على طرد الأرقام الرومانية والقبطية اليونانية (3) (التي استعملت الحروف في قيمتها العددية) من الاستعمال لخلوهما من الصفر.
وقد شرح الخوارزمي نفسه في أول كتابه في الجبر والمقابلة نوعية الأرقام، فقال: «ولدى الهنود تسعة أحرف والتي تبدو مثل التالي:
__________
(1) طبع على الحجر في فاس، وكان قد فرغ منه في سنة 1316هـ، انظر: المطبوعات الحجرية في المغرب، لفوزي عبد الرزاق، الرباط 1989، 151وبروكلمان ملحق 2/ 882.
(2) انظر: عبد العزيز بن عبد الله، فاس حاضرة الفكر في القارة الأفريقية، مجلة المناهل، العدد 13، السنة الخامسة، محرم 1399هـ، 168وقال: إن البابا سلفستر الثاني درس في جامعة القرويين = وأدخل الأرقام العربية إلى أوربا ناقلا صورها العددية من فاس وهي الأرقام التي سادت العالم اليوم باسم الأرقام العربية أو الغبارية =. الظاهر أن الكاتب لم يفرق بعد بين الأرقام العربية والغبارية والأرقام الفاسية القبطية الأصل التي تظهر في مخطوطة: كتاب البيطرة للصاحب تاج الدين محمد بن محمد المعروف بابن حنا المتوفى سنة 707هـ، وقد نشره فؤاد سزكين في فرانكفورت بالتصوير سنة 1405هـ / 1984وفي مخطوطات كثيرة غيرها مثل كتاب الأنواء والأزمنة لابن عاصم الذي نشره سزكين أيضا في سنة 1985.
(3) انظر ما كتبه رمزي بعلبكي عن تطور استعمال الحروف وأعطائها أرقاما عند الشعوب السامية وعند اليونانيين وغيرهم في: الكتابة العربية والسامية 320318.(1/51)
1. 2. 3. 4. 5. 6. 7. 8. 9وهناك اختلافات في شكل الأحرف، وذلك باختلاف الأشخاص الذين يكتبونها، وخاصة ما يتعلق ب: 5. 6. 7. 8إلا أن ذلك يجب أن لا يسبب صعوبة تذكر، حيث هي رموز تدل على أرقام، وإنّ هذه صور الأرقام حدثت بها الاختلافات التي ذكرناها».
وهنا يمكننا أن نستقرىء قول الخوارزمي في:
1 - أنه ينسب هذه الأرقام إلى الهنود، وهو الحقيقة.
2 - يؤكد أن الهنود أنفسهم كانوا يكتبونها بأشكال مختلفة.
3 - يقرر ضمنا أنّ هناك أرقاما تختلف عما لدى الهنود في قوله: «ولدى الهنود»، أي أن هناك أرقاما أخرى غير ما ذكر.
ويقرر المستشرق جراهام فيك الذي نقل قول الخوارزمي هذا: «ولكن هذه لا تتفق مع الأرقام التي تستخدم في مشرق العالم العربي، ولكنها تتفق مع رموز الأرقام التي تستخدم في غرب أوربا في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلادي» (1).
وهذا يؤكد ما قررناه، من أنّ الأرقام المستعملة في أوربا إنما هي سنسكريتية هندية تبنتها أوربا نتيجة ترجمة كتب الحساب والجبر والمقابلة من العربية إلى اللاتينية، فسموها: أرقاما عربية لأنها جاءتهم عبر العرب، ولهذا اصطنعوا للعمليات الحسابية في الجبر والمقابلة مصطلح: اللوغارسم أو أللوغارسموس نسبة لاسم الخوارزمي المتمغرب المحرّف، مثل قولهم: أفرّوس، لابن رشد، وأفيجينا لابن سينا.
ومثل هذا ينجرّ على كثير من الألفاظ الحضارية التي دخلت في اللغات الأوربية عبر العرب فمنها ما تحوّر لفظه ليلائم النطق عندهم ومنها ما بقي
__________
(1) الأرقام العربية لمحمد عبد الكريم يونس بخاري 4645.(1/52)
على رسمه مثل كلمة تمر هندي التي دخلت في القواميس الأوربية باسم:
فاشتق اللغويون منها اسما لاتينيا لشجرتها باسم:
. لقد استمر الحسّابون في المشرق والمغرب يستعملون الأرقام السنسكريتية لوحدها أو مع النبطية العربية في كتبهم، منذ بداية القرن الرابع للهجرة، وأطلقوا على كتبهم مسمى = الحساب الهندي =، لأن علم الحساب جاء إليهم من الهنود كما يظهر من مخطوطات علم الحساب مثل: رسالة في كيفية رسوم الهند في تعلم الحساب، ورسالة في أنّ رأي العرب في مراتب العدد أصوب من رأي الهند فيها للبيروني أو كتاب الفصول في الحساب الهندي للآقليدسي أو أصول حساب الهند لكوشيار الجيلي، أو نزهة النظّار في علم القلم الهندي الغبار لابن الهائم وغير ذلك كثير، ويؤيد ما ذهبنا إليه قول ابن الياسمين المتوفى بمراكش سنة 601هـ الذي قال: «اعلم أن الرسوم التي وضعت للعدد تسعة أشكال يتركب عليها جميع العدد، وهي التي تسمى أشكال الغبار، وهي هذه 5، 4، 3، 2، 1وقد تكون أيضا هكذا: 4321 5ولكن الناس عندنا على الوضع الأول، ولو اصطلحت مع نفسك على تبديلها أو عكسها لجاز، ووجه العمل على حاله لا يتبدل» (1)، فإنّ قوله:
«ولكن الناس عندنا على الوضع الأول» يريد: أهل الحساب، وهذا ما لم يتنبه إليه من كتب في الأرقام، كما أنهم لم يتنبهوا إلى أن لفظة «الغبار» هي تحريف للفظة: «الجوبار»، وأنّ الأرقام الجوبارية الهندية السنسكريتية هي التي تسمى ب: الأرقام الغبارية.
ومع كل هذا، فمن غير المقبول عقلا ومنطقا أن يقتبس الأنباط خطهم وتوريخهم بحساب الجمل من الآراميين (2) ويتركوا طرائق حساباتهم بالأرقام،
__________
(1) تلقيح الأفكار في العمل برسوم الغبار، نسخة منه في الخزانة العامة بالرباط برقم: 222.
(2) رمزي بعلبكي، المصدر نفسه 320.(1/53)
ومن غير المقبول عقلا أيضا أنهم، وقد بلغوا ما بلغوا من السمو الحضاري والتجاري، ثم لم يستعملوا أرقاما معينة خاصة بهم في الحساب، مما تفرضه المعاملات التجارية عليهم، فقد كان منهم تجار يهبطون الأسواق العالمية في الإسكندرية وفي الشام واليونان والعراق والحبشة والهند فالشؤون التجارية تستلزم القدرة على الكتابة والقراءة والحساب، لمعرفة نوع البضاعة وثمنها ومقدار رأس المال ومبلغ الربح والخسارة.
ولا يمكننا أن نفترض، أن كل تاجر نبطي كان يمتاز بذاكرة تغنيه عن تقييد أعماله وحساباته وكل ما يحتاج إليه العمل التجاري، ولا سيما أن أكثر الذين يتنقلون بين الأسواق كانوا يتاجرون برأس مال مشترك أو لحساب غيرهم.
بل إن الثابت من النقائش أنهم استعملوا الأرقام إضافة إلى حساب الجمل فعلا، فانتقلت هذه الأرقام مع الخط إلى الهند وإلى عرب الحجاز قبل الإسلام، ومن ثمّ إلى البلدان الإسلامية الأخرى بعد الفتوح، بعد أن مرت بفترات طويلة من التطور والتغيير.
وهذا يتفق مع ما رواه النديم والبيروني عن الأرقام التي عرفوها في الهند والسند، فقد ذهب بعض من درس اللغات الهندية إلى أن البرهمية الهندية التي تعدّ أمّ الأبجديات الهندية تكتب من اليسار إلى اليمين نتيجة التأثير الفينيقي، وأن الأبجدية الخارستية الهندية تكتب من اليمين إلى اليسار نتيجة لتأثير اللغة الآرامية (1)، والآرامية هنا بمعنى النبطية، لأن الأنباط هم الذين كانوا يتاجرون مع الهند عبر البحر الأحمر، ومن خلال ميناء جرها الذي قيل: إنه ثاج الآن (2)، بعد انحسار مياه الخليج العربي وتراجعها عنه،
__________
(1) الأرقام العربية لمحمد عبد الحكيم يونس بخاري 33.
(2) مسكوكات ما قبل الإسلام في شرق الجزيرة العربية لبوتس 17.(1/54)
لكثرة ما تمّ العثور عليه من المسكوكات المختلفة فيه، وفي غيره من المواقع الأثرية في ساحل الخليج العربي (1).
ونعود مرة أخرى إلى الأرقام الفاسية التي درس المستشرق الفرنسي جورج كولن .. الأصل اليوناني لها وبين علاقتها مع الأرقام السنسكرتية الأوربية التي يسمونها: الأرقام العربية (2)، وهذا المستشرق نفسه كتب مادة «أبجد» «» في الموسوعة الإسلامية (3)، فقال في التفسير الأسطوري الذي نعرفه لأصل أبجد هوز حطي إلخ الذي رواه النديم عن هشام الكلبي في أنّ أبجد هوز إلخ كانوا ملوك مدين (4)، فقال ما معناه: «إن نظام ترتيب الحروف يظهر في رقم طيني من رأس شمرا الأوغاريتية يعود إلى القرن 14قبل الميلاد، ولهذا فإنّ أصله الكنعاني يبدو مؤكدا، ومع هذا فإن هذا النظام كان معروفا في الألفبائية العبرية والآرامية، وقد أخذه العرب بدون شك منهم مع حساب الجمّل، ولما لم يعرف العرب أية لغة سامية أخرى، ولكونهم متشبعين بالتحامل النابع من الاعتداد بالنفس والغطرسة القومية، ولم يدركوا لها معنى، فإنهم بحثوا عن تفسيرات أخرى لهذه الأسماء: أبجد، هوز إلخ، التي نقلت إليهم عبر الروايات».
ما زلت أشك في أنّ هذا المستشرق الفرنسي المتحامل، يعرف جيدا أنّ اللغة الفينيقية والكنعانية والأوغاريتية والآرامية والعبرية والسريانية والنبطية ومن ثمّ العربية تعود كلها إلى بيئة لغوية واحدة، وأنّ نظامها اللغوي «السامي» لم يشتق من أية لغة غريبة عنها، لذلك لا نرى عجبا في وجود تشابه في ألفاظها واشتراك في استعمالاتها اللغوية.
__________
(1) المصدر نفسه 2322.
(2)،، ..
. 193، 1933،
(3) الطبعة الثانية 1/ 97.
(4) الفهرست 8.(1/55)
بل العجب أننا لم نفهم العلاقة بين دراسة أصل أبجد هوز وتفسيرها الأسطوري وبين عز وهذا التفسير إلى وجود التحامل عند العرب والاعتداد بالنفس والغطرسة القومية؟
ومع أنّ النديم نفسه قد شك في هذه الروايات، فإن هذا المستشرق أغفل ما جاء به النديم الذي قال: «فأما الذي يقارب الحق وتكاد النفس تقبله: أن الكلام العربي بلغة حمير وطسم وجديس وإرم، فهؤلاء هم العرب العاربة، وأن إسماعيل لما حصل في الحرم ونشأ وكبر، تزوج في جرهم فتعلم كلامهم، ولم يزل ولد إسماعيل على مرّ الزمان يشتقون الكلام بعضه من بعض، ويضعون للأشياء أسماء كثيرة بحسب حدوث الموجودات وظهورها».
وهذا بالضبط ما يقول به علماء نشوء اللغات الإنسانية وتطورها عبر القرون، بيد أنّ هذا المستشرق بعد أن بنى مقالته على روايات أسطورية مصنوعة، رفضها علماء العربية الذين لم يذكر منهم إلا المبرد والسيرافي، فوصفهم بالنحويين المتنورين، نفث تحامله المقيت وأقحمه في غير محله، فجانب موضوعية البحث العلمي، وأبان عن مشاعره العنصرية البغيضة.(1/56)
الأنباط والخط العربي
الخط في طبيعته الأساسية مظهر إنساني حضاري يفرضه التطور الحضاري على الأمم، فإن الكلام سبق الكتابة، والكتابة وسيلة لتسجيل الكلام ونقله من الصوت إلى الحرف، فكان لا بدّ أن يتوافق الصوت مع الحرف الذي يتلون بطبيعة اللغة وإرادة المتكلم، إضافة إلى البيئة التي أمدّت المتكلم بأسباب اللغة أولا.
فإنّ البيئة التي لا يوجد فيها الكانغرو مثلا لا تحتوي على هذه اللفظة، إلا أنه يمكن استعارتها إذا حدث احتكاك حضاري بأية صورة كانت وهذا ما حدث في التاريخ، فقد اكتشف السومريون الكتابة بعد أن وصلت حضارتهم إلى المستوى الذي أجبرهم على اكتشافها عمدا أو عفوا، إلا أن الأمم الأخرى التي استعملت الحروف السومرية المسمارية أخضعت هذه الكتابة للتغيير لكي تتلاءم مع طبيعة لغتهم وبيئتهم، فكتب بها الأكديون والبابليون بلغاتهم، ففقدت صورتها الأولى وكثيرا من حروفها.
ويصح الأمر أيضا على الأنباط والتدمريين وغيرهم، فإنهم وجدوا الآراميين يكتبون لغتهم بحروف لم يتلاءم بعضها مع لغتهم، فكتبوا بهذه الحروف، إلا أنهم أخضعوها للتغيير لكي تتلاءم مع لغتهم الكلامية، ففقدت الآرامية بعض حروفها، وهذا شأن كل حدث حضاري إذ لا بدّ أن يخضع للتغيير والتطور، فكانت بداية التحول من الكتابة السينائية البدائية إلى خطوط أوضح فأوضح. وهذا ما نراه في النقائش التي نشرت حديثا إذ ابتدأ الخط النبطي يبتعد عن الخط الآرامي المربع، بينما احتفظ الخط العبري به حتى
اليوم، ثم عراه تطور آخر، فابتعد تماما عن الخط الآرامي واكتسب صورة جديدة لا تمت إلى الخط الآرامي بصلة بالرغم من احتفاظ لغته بالتأثير الآرامي.(1/57)
ويصح الأمر أيضا على الأنباط والتدمريين وغيرهم، فإنهم وجدوا الآراميين يكتبون لغتهم بحروف لم يتلاءم بعضها مع لغتهم، فكتبوا بهذه الحروف، إلا أنهم أخضعوها للتغيير لكي تتلاءم مع لغتهم الكلامية، ففقدت الآرامية بعض حروفها، وهذا شأن كل حدث حضاري إذ لا بدّ أن يخضع للتغيير والتطور، فكانت بداية التحول من الكتابة السينائية البدائية إلى خطوط أوضح فأوضح. وهذا ما نراه في النقائش التي نشرت حديثا إذ ابتدأ الخط النبطي يبتعد عن الخط الآرامي المربع، بينما احتفظ الخط العبري به حتى
اليوم، ثم عراه تطور آخر، فابتعد تماما عن الخط الآرامي واكتسب صورة جديدة لا تمت إلى الخط الآرامي بصلة بالرغم من احتفاظ لغته بالتأثير الآرامي.
وهذا ما نراه واضحا في نقش النمارة ونقش زبد، ونقشي أمّ الجمال وحران وغير ذلك من النقوش النبطية التي بدأت تظهر تباعا في بحوث أصيلة (1)، حيث أخذ شكله النهائي في النقوش العربية التي وصلت إلينا من صدر الإسلام، وتطور بمرور الزمن نتيجة الاستقرار الحضاري والتطور الفني (2)
إلى الخطوط التي نعرفها اليوم.
ولما كانت دراسة تطور الخط العربي وبالذات صور حروفه من إحدى مهمات علم الاكتناه العربي الإسلامي، فإن المقارنة الدقيقة بين النقوش النبطية وحروفها مع ما وصل إلينا من الوثائق البردية ونقوش العمائر والسدود وشواهد القبور التي تعود كلها إلى القرون الهجرية الثلاثة الأولى تثبت أن الخط العربي في صور حروفه لا يكاد يختلف جوهريا عن الخط النبطي، وصور حروفه في طورها الأخير، ولهذا يمكن عقد مقارنة علمية دقيقة لإثبات هذا الرأي، بيد أنّ هذه المقارنة لا يحتملها هذا البحث الموجز، وحسب المهتم أن يقارن بين الحروف النبطية المتأخرة، وشواهد القبور في صور الملاحق.
__________
(1) انظر الدراسة الممتعة لأكثر من 90نقشا من النقوش النبطية والآرامية غير المنشورة من قبل، لسليمان بن عبد الرحمن الذييب:
. 1993/ 1414،
وباللغة الإنجليزية، من منشورات مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض 1414هـ / 1993.
(2) ونشر عبد القدوس الأنصاري بعض النقوش الثمودية والعربية القديمة غير المعروفة التي رآها في ترحاله العلمي فنشرها في كتابه النفيس: بين التاريخ والآثار، الطبعة الثالثة، مطابع الروضة جدة 1397هـ 1977.(1/58)
تحقيق المخطوطات وأصول الفهرسة
إذا أنت لم تحم القديم بحادث ... من المجد لم ينفعك ما كان من قبل (1)
إن العمل في المخطوطات ما كان ولم يكن عملا إداريا آليا صرفا، يقوم به من شاء وكما يشاء، بل هو قبل كل شيء هواية طاغية وشغف دافق وتعلق بها شديد (2)، إضافة إلى دربة واسعة وتجربة طويلة المدى ماتعة، قبل أن تكون مهنة تدرّ على ممتهنها لبنا وعسلا، وإن غالبية المشتغلين بالمخطوطات سواء في ذلك المحققون والمفهرسون (3)، وخاصة خلال السنين العشرين الماضية، بعد رحيل العلماء الأعلام المتمرسين فيها، يفتقرون إلى أهم مقومات العمل فيها: الهواية أولا والخلفية الثقافية الواسعة ثانيا ناهيكم عن التجربة الطويلة والمعاناة الجمة في فك معمّيات النساخ، وتزوير المزورين، وألاعيب تجار المخطوطات الدجالين، الذين يسيئون إساءة فاحشة للتراث وأهله، ويرمون المفهرسين في داهية طخياء وحيرة عمياء، فنحن والحال هذه أحوج ما نكون إلى مفهرسين أدقّاء، بل إلى علماء أوفياء
__________
(1) وجدت هذا البيت دون نسبة في مقالة: محل على القاطول، لعبد السلام العلوي، في مجلة المناهل المغربية، ع 24، سنة 9، 1402هـ / 1982، 300.
(2) مشكلات فهرسة المخطوطات العربية، في: المخطوطات في المغرب الإسلامي، مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، الدار البيضاء 1990، 226215.
(3) انظر: قاسم السامرائي: المسح الدولي للمخطوطات الإسلامية، إعداد مؤسسة الفرقان، في: مجلة عالم الكتب، مج 15، عدد 3 (ذو القعدة ذو الحجة 1414هـ / مايو يونيو 1994، 26535.(1/59)
لصنعتهم منا إلى محققين أدعياء أثقلوا رفوفنا بالتحقيقات السقيمة والفهارس العقيمة، لأنّ الفهرسة مفتاح التحقيق.
لقد كتب في أصول التحقيق جملة من الباحثين الذين جربوا التحقيق وعانوا مشكلاته، أمثال عبد السلام هارون وصلاح الدين المنجد وأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري (1) وعبد الله عسيلان (2) وعبد الهادي الفضلي ومحمد مندور وأحمد محمد الخرّاط (3) وغيرهم، إما اعتمادا على تجربتهم الشخصية الخاصة. أو تقليدا لمناهج المستشرقين المختلفة. حيث طبقوا على تحقيق النصوص العربية الأصول التي كانت معروفة عندهم في تحقيق النصوص اللاتينية واليونانية. وهذا ما نراه واضحا في تاريخ الطبري الذي حققه جملة من المستشرقين، تحت إشراف دي خويه، الهولندي، ومثله كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير، وغيرها من النصوص التي حققها المستشرقون الأوائل. فإنهم كانوا يهتمون بأيضاح المتون وفحص اختلافات روايات المتون في النسخ المختلفة التي كانت متاحة لهم واستخراج الصحيح منها.
ولما كانوا غرباء عن لغة المخطوطات ودقائقها واشتقاقاتها وما حصل فيها من تصحيف وتحريف، فقد حدث في تحقيقاتهم أخطاء كثيرة جدا،
__________
(1) تجربتي مع تحقيق المخطوطات، مجلة الفيصل، ع 178، ربيع الآخر 1412هـ / 1991، 2624.
(2) تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل، الرياض 1994.
(3) تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون، قواعد تحقيق المخطوطات لصلاح الدين المنجد، تحقيق التراث لعبد الهادي الفضلي، في الميزان الجديد لمحمد مندور، أصول تحقيق النصوص ونشرها لبرحستراسر ومحاضرات في تحقيق النصوص لأحمد محمد الخراط، وفي أصول التحقيق العلمي وطبع النصوص لمحسن طه في مجلة المورد البغدادية، وقد درسها ودرس أمثالها يحيى محمود ساعاتي في: تحقيق المخطوطات، دراسة للأدب المنشور، وهو بحث نفيس حلل فيه هذه الكتابات واستخرج نتائجها، وأوجز أيمن فؤاد سيد قواعد تحقيق التراث في الكتاب العربي المخطوط 2/ 556548فأحسن وأفاد.(1/60)
وتصحيفات وأوهام لا حصر لها، وهم غير ملومين على جهدهم، فقد تعاملوا وما يزالون يتعاملون مع لغة غريبة عن لغاتهم تلقوها من غير أهلها أو من غير العارفين بها من أهلها، فلجأوا إلى القواميس، فلم تسعفهم وخانتهم الاشتقاقات، فاختاروا اللفظ الخطأ في الغالب وأهملوا الصواب، لغرابة السياق، وقلة المران على اللغة. ولكنّ اللوم يقع على أولئك الكسالى الذين سرقوا هذه الجهود ولم يصححوها ويحسنوا إلى نصوصها، فأعموا البصير منها وزادوا على أوهامهم أوهاما.
وخير مثال على ذلك كتاب الإملاء والاستملاء للسمعاني الذي حققه ماكس فايسفايلر ونشرته دار برل بلايدن في سنة 1952م، فأعادت دار الكتب العلمية ببيروت طبعه في سنة 1981م بأخطائه المذهلة، بل ولم تكتف هذه الدار بذلك، بل أسقطت مقدمته الألمانية وترجمة محتويات الكتاب التي تقع في 51صفحة، وكتبت: = اعتمدنا بتحقيق هذا الكتاب على الطبعة التي حققها ماكس فايسفايلر =، فأي تحقيق قامت به هذه الدار؟ ومع هذا فقد نشرته دار اقرأ ببيروت مرة ثالثة سنة 1984بتحقيق شفيق محمد زيعور وهو تحقيق يفتقر إلى كثير مما يتطلبه التحقيق العلمي الدقيق أيضا.
ومثال آخر يظهر فيه كسل المحقق وازدراؤه لذكاء القارىء، ما نشره محمد التونجي من كتاب المقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء، في حلب سنة 1406هـ / 1986م.
ففي الورقة الأولى جاء اسم المؤلف: = تقي الدين محمد بن محمد بن علي الحسني الفاسي المكي قاضي المالكية بحرم الله الشريف =، فقال المحقق في مقدمته: = والنسخة التي اعتمدناها في تحقيقنا هي المحفوظة في المتحف البريطاني وهي النسخة الوحيدة في العالم، ولم تذكرها الفهارس المطبوعة المتداولة، وكل ما استطعنا كشفه أن المؤلف كان حيا في عصر المملوك
الجركسي شرف الدين بر سباي صاحب مصر الذي حكم ما بين سنة 824 841هـ =.(1/61)
ففي الورقة الأولى جاء اسم المؤلف: = تقي الدين محمد بن محمد بن علي الحسني الفاسي المكي قاضي المالكية بحرم الله الشريف =، فقال المحقق في مقدمته: = والنسخة التي اعتمدناها في تحقيقنا هي المحفوظة في المتحف البريطاني وهي النسخة الوحيدة في العالم، ولم تذكرها الفهارس المطبوعة المتداولة، وكل ما استطعنا كشفه أن المؤلف كان حيا في عصر المملوك
الجركسي شرف الدين بر سباي صاحب مصر الذي حكم ما بين سنة 824 841هـ =.
فالسؤال: إذا لم تذكرها الفهارس المطبوعة المتداولة، فمن أين عرفها وكيف اكتشفها وطلب تصويرها؟ فإن المعروف أنّ كل مخطوطات المكتبة البريطانية التي لم ينشر لها فهرس بعد، مسجلة ولها أرقام وبطاقات تحمل وصفها.
فالمؤلف هو تقي الدين محمد بن أحمد بن محمد بن علي الفاسي المشهور في العالمين، وقد سقط اسم والده من نسبه في المقنع لذلك اختلط الأمر على التونجي.
فأيّ إحباط بعد هذا الخلط؟ ومن ثمّ فإن الكتاب قد نشره المستشرق فرانسسكس إيردمان في قازان في سنة 1822م اعتمادا على نسخة محفوظة في الإسكوريال، وترجم بروكلمان للفاسي، وذكر أنّ لهذا الكتاب نسخة مخطوطة أخرى في مانجستر، والمؤلف هو أشهر من ألّف في تواريخ مكة المكرمة وأغزرهم إنتاجا مثل: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين وغيرهما، وتوفي بمكة المشرفة في سنة 832هـ (1).
أما قول التونجي: = شرف الدين برسباي =، فهو خطأ شنيع إذ لم يكن السلطان المملوكي يعرف بشرف الدين، وإنما بالملك الأشرف برسباي.
ولعل المحقق ظن أنّ مانجستر هي المتحف البريطاني، لأنه لم يذكر لنا رقمها فيه، ولأنني لم أتحقق بعد من وجودها في المكتبة البريطانية، فإنّ الشيء الثابت الآن هو أنّ الأخطاء والتصحيفات الموجودة في نشرة إيردمان هي نفسها بالنص والفص موجودة في نشرة التونجي.
__________
(1) انظر: معجم المؤلفين 8/ 300فقد ذكر مصادر ترجمته.(1/62)
ومثل هذا يصح على أغلب الكتب التي حققها المستشرقون أو ما نشر بحيدر آباد وأعيد نشرها في العالم العربي، وبخاصة في بيروت التي أصبحت = دار ضرب الزيوف = إذ لم يكلّف ناشروها أنفسهم عناء مقارنتها بالنسخ المخطوطة، التي لم يحصل عليها المستشرقون حين اشتغلوا فيها، فزادوا في معمّياتها وأوهامها كفلين من العذاب على القارىء المسكين.
وحسب العالم الحريص أن ينظر إلى ما فعلته دكاكين الوراقين ببيروت من سرقة كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة مرارا (1).
وحسبه أن ينظر في كتاب الأذكياء لابن الجوزي الذي نشرته دار الآفاق الجديدة ببيروت وكتبت عليه: = تحقيق لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة =، فمسخته هذه اللجنة الوهمية، إذ لا تكاد تخلو أية صفحة منه قط من تصحيفات عديدة، وأخطاء مشينة، وأوهام فظيعة، تتقطع منها نياط القلب (2).
ومثل هذا يصحّ على كتاب الفهرست للنديم الذي نشره شعبان خليفة وزميله، فإنهما لم يستفيدا ممن سبقهما، بل أثقلا نشرتهما بأوهام وأخطاء وتصحيفات عجيبة غريبة لم تكن موجودة في تحقيقات فلوكل، ولا في تحقيق تجدد، لأنهما ليسا من فرسان هذا الميدان (3).
ومثلهما فعلت ناهد عباس عثمان التي حصلت على لقب دكتور في تحقيق كتاب الفهرست من جامعة أكستر، بجنوب إنكلترا، بإشراف محمد
__________
(1) انظر: لطف الله قاري في: إضاءة زوايا جديدة للتقنية العربية الإسلامية، 306303.
(2) بيروت 1400هـ / 1980م، ومثل هذا كثير أيام الطفرة النفطية خلال السنوات 19861982فقد أغرق الناشرون اللبنانيون والسوريون مكتبات المدارس السعودية بالآلاف من الطبعات السقيمة.
(3) انظر: الفهرست لابن النديم، لعبد المحسن آل عباس في مجلة معهد المخطوطات، مج 41، ج 2، 1418هـ / 1997م، 171149.(1/63)
عبد الحي شعبان، فقد نسخته من الطبعات المنشورة فمسخته وشوهته حين أدخلت في نصه الكثير مما ليس منه، وأثبتت كل الأخطاء والأوهام في الطبعات الأخر، إضافة إلى الأخطاء الطباعية الكثيرة (1).
ولا بأس من أن أورد هنا تصحيفا واحدا من مقالة عبد المحسن آل عباس، حول نشرة شعبان خليفة وزميله، والذي يظهر أيضا في نشرة ناهد عباس عثمان، مع أنه ورد على الصواب في تحقيق فلوكل، للتدليل على سوء النشرتين، فقد ورد هذا التصحيف في ترجمة ثابت بن قرة من الفهرست، كما يأتي: «وكان صديقنا غير أن استصحبه محمد بن موسى لما انصرف من بلد الروم» (2)، والصواب: «وكان صيرفيا بحرّان استصحبه إلخ»، والدليل أنّ ثابت بن قرة وهو من صابئة حرّان، توفي في سنة 288هـ فكيف يكون صديقا للنديم الذي لم يولد بعد في هذا التاريخ؟
بل إنهم قد لا يصححون حتى عنوان الكتاب مثل كتاب المرقبة العليا في من ولي القضاء والفتيا لعبد الله بن الحسن النّباهي المتوفى في حدود سنة 793هـ، فقد نشره ليفي بروفنسال في القاهرة سنة 1948بعنوان: تاريخ قضاة الأندلس فأعاد المكتب التجاري ببيروت نشر تحقيق بروفنسال مصورا دون تاريخ، وأعادت دار الآفاق الجديدة ببيروت في سنة 1400هـ / 1980م ما نشره ليفي بروفنسال بالعنوان نفسه مع مقدمته دون ذكر اسمه.
والطريف في هذه الطبعة أنها تحمل نصا عجيبا يغري القارىء بشراء الكتاب وهو: = طبعة مصححة ومقابلة على عدة مخطوطات ونسخ معتمدة =، فإن المعروف أنّ نسختين فقط من هذا الكتاب وصلتا إلينا إحداهما ناقصة، وهما النسختان اللتان اعتمد عليهما ليفي بروفنسال في تحقيقه وذكرهما بوضوح في مقدمته، فأين وجدت دار الآفاق الجديدة نسخا متعددة منها؟
__________
(1) الفهرست لابن النديم (؟)، دار قطري بن الفجاءة، الدوحة، قطر 1985.
(2) المصدر السابق نفسه 548.(1/64)
بل إنّ بعض هذه الدكاكين نشرت الدليل على سرقتها في الكتاب المسروق نفسه، فقد سرقت دار الثقافة ببيروت كتاب البيان المغرب لابن عذاري الذي حققه ليفي بروفنسال وكولان، ونشرته دار برل في لايدن في سنة 1948م، فحذفت دار الثقافة شعار الناشر الهولندي وأبدلته بشعارها ونشرته، ولكنها لم تتنبه إلى ما ورد من تقييد حقوق الطبع في الصفحة قبل الأخيرة، فدلّ على سرقتها الشنيعة (1).
الحق أن هؤلاء السّراق غير ملومين لأنّ أغلب المشتغلين بالتحقيق في العالم العربي وبخاصة في العشرين سنة الماضية يعوزهم التدريب الدقيق والمران الطويل والدراسة على شيوخ التحقيق الذين تناقص عددهم كثيرا، فدفعتهم دكاكين الوراقين أو ما يسمى الآن دور النشر النهمة للكسب الحرام السريع على حساب سلامة النصوص، فجنوا جناية تاريخية لا يسلمون من تبعتها المشينة في تشويه معالم النصوص، فزادوها عسرا على عسر، وشينا على شين، فتضافرت أسباب عديدة على تدفق هذا السيل العرم من التحقيقات غير المحققة منها:
1 - غياب الوعي التراثي في تطلب النصوص المحققة تحقيقا علميا سليما عند القراء عامة وإقبالهم على النصوص المزيفة لرخص ثمنها وتوفرها في الأسواق.
2 - الحاجة المالية الشديدة لكثير من المشتغلين بالتحقيق، ودخول الكثير فيه دون دربة سابقة أو خلفية فكرية تراثية.
3 - إنّ من الظواهر الجديرة بالتأمل في هذه الأيام تلك العناية البالغة بنصوص التراث، نشرا لما لم ينشر، وتصويرا لما نشر، ومن ثمّ إقبال
__________
(1) انظر: التجديد المنهجي والمجتمع الطائفي ل: امحمد بن عبود، في: التراث المغربي والأندلسي: التوثيق والقراءة، جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ندوات 4، 1991م، 356وما بعدها.(1/65)
القرّاء على شراء كتب التراث إقبالا زائدا (1) وتطلبها، فدفع هذا دور النشر إلى استغلال جهودهم وعلمهم، فحثوهم على سرعة إنجاز تحقيق النصوص، فسبّب عامل السرعة فسادا في سلامتها.
4 - همّ دور النشر الكثيرة إلى الكسب السريع دفعهم إلى تصوير النصوص على ما فيها من أوهام دون أيّ التزام بحقوق المحقق أو الناشر الأول، بل لو كان التصوير موثوقا معتنيا به لهان الأمر، إلا أن كثيرا من النصوص المصورة تحتوي على صفحات بيض لا يقع عليها القاريء الذي دفع ماله فيها إلا بعد حين من الدهر.
5 - انعدام الوازع الخلقي والخلفية العلمية عند من دسّ أنفه في عالم التحقيق، فدخل فيه الصادح منهم والباغم (2)، مثل محمد زينهم محمد عزب الذي لا يفهم من التحقيق شيئا ولا يكاد ينسخ كلمة صحيحة من المخطوطات (3)، وغيره كثير، فاتسع الخرق على الراقع.
وقد أحسن عبد العظيم محمد الديب في تصوير هذه السرقات في مقالة له حول إحدى هذه الدور البيروتية التي لم يسمّها، وليته فعل، قال فيها:
«ولكن الذي نريد أن نعرضه اليوم هو هذه الجائحة الجديدة، هذه الغارة التي قامت بها إحدى دور النشر على كتب التراث، ما نشر منها وما لم ينشر، أما ما لم ينشر، فقد أخذت في نشره مصحّفا محرّفا مليئا بالأخطاء والخطايا بصورة لا تحتمل، ويا للهول والفزع حينما يتخذ
__________
(1) محمود محمد الطناحي، الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم، مكتبة الخانجي، القاهرة 1406هـ / 1985، 39.
(2) بغم فلان صاحبه إذا لم يفصح عن معنى ما يحدثه به
(3) انظر ما كتبه عبد العزيز الساوري حول كتاب أسماء شيوخ مالك بن أنس لابن خلفون الأندلسي، الذي نشره هذا المخرب الأشر في القاهرة سنة 1990، في: التراث المغربي والأندلسي: التوثيق والقراءة، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان 1991، 224199.(1/66)
الباحثون الشداة المبتدئون هذه النصوص التراثية المحرفة مصادر لأبحاثهم وأطروحاتهم، فتشيع الأخطاء وتفشو في الناس.
إنّ المسألة ليست ضياع الحقوق المالية، على ما في ذلك من جرم، ولا في ضياع الحقوق الفكرية، مع ما في ذلك من بشاعة، ولكن الكارثة في هذا الإفساد العلمي والفكري والتضليل والتزييف للحياة العلمية واقعا ومستقبلا (1)، وذكر أمثلة من سرقات هذه الدار تدمي قلب الحريص.
6 - ظهور ما يسمى بمكاتب التحقيق التي تستغل جهود العاملين فيها لقاء أجر معلوم، فيظهر اسم مدير المكتب بألقابه الطنانة على الغلاف، مثل تاريخ دمشق بأجزائه التي أربت على السبعين، وتاريخ الطبري والمغني لابن قدامة وغيرها كثير جدا.
7 - استعانة بعض أساتذة الجامعات بطلابهم في نسخ المخطوطة ومقارنتها بالمطبوع منها والمخطوط، دون أن يتحملوا عبء النظر في ما فعله الطلبة، لأن أنظمة الجامعات تفرض عليهم أن ينتجوا وهم لا يملكون متسعا من الوقت لصرفه في التحقيق الذي يتطلب جهودا جبارة في البحث والتنقيب والتنقير والتوثيق، لأنهم مثقلون بساعات التدريس الكثيرة.
8 - غياب حبّ التراث، والحرص على نشره، ومساعدة المحققين النابهين عند أغلب (2) من يملكون المال من الحكام أو الأفراد. ناهيك عن الجامعات والمؤسسات التي تتحكم فيها ميول وأهواء طفولية عجيبة.
__________
(1) من قضايا التراث، نشرة الفرقان، تصدر عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1420هـ / 1999، العدد 4، 4544.
(2) أقول هنا: أغلب، لأننا نجد من صرف همّه وماله لتجميع التراث ونشره ومساعدة الباحثين فيه، فأسسوا مراكز ومؤسسات له، منها: مركز الملك فيصل في الرياض ومركز جمعة الماجد في دبي ومؤسسة الفرقان في لندن.(1/67)
فإنني لم أجد في حياتي العلمية الطويلة أبخل من غنيّ بماله حين يتعلق الأمر بنشر الكتاب التراثي أو مساعدة محققيه العلماء، إلا إذا كان هذا النشر عاملا دعائيا آنيّا له، ولا أكرم منه حين يتعلق الأمر بلهو عابر أو سخف دنيوي مستعار.
والطريف أنّ هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد عانى منها ابن الحاجب المصري المتوفى سنة 646هـ بالاسكندرية، فقال:
يا أهل مصر وجدت أيديكم ... عن بسطها للنوال منقبضة
لما عدمت القرى بأرضكم ... أكلت كتبي كأنني أرضة (1)
ورددها بعده بما يقرب من خمسين سنة ابن الساعاتي البغدادي المتوفى سنة 694هـ حين زار مصر (2).
ولم يكن حال العالم البغدادي أحسن حالا من العالم المصري حين قال، وهو يصف حال العلماء في حاضرة الخلافة:
بغداد دار لأهل المال طيّبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق
أصبحت فيها مضاعا بين أظهرهم ... كأنني مصحف في بيت زنديق (3)
لقد لخّصت في مقدمة تحقيقي لكتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى لنور الدين علي بن عبد الله السمهودي (4)، ما عانيته من أمثال هذه الكتب الممخرقة، فقلت: وهنا لا بدّ لي من كلمة أنفث من خلالها بثي وحزني ومعاناتي الجمّة مع بعض المصادر التي تعاملت معها، فقد ابتلي عالم تحقيق
__________
(1) حاشية الصعيدي على شرح الأخضري للسلم المرونق، مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رقم 1142ورقة 107أ
(2) الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي، تح عبد الفتاح محمد الحلو، عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1398هـ / 1978، 1/ 212حاشية.
(3) معجم البلدان 1/ 464.
(4) مقدمة الجزء الأول منه.(1/68)
النصوص بكارثة أصحاب دكاكين النشر الذين دفعهم حبّ المال العاجل على حساب سلامة النص وتوثيقه، فأغرقوا السوق بمصورات الطبعات السقيمة، وليتهم اقتصروا على إخراج الطبعات القديمة النفيسة الموثوق بها التي أصبحت في طبقة المخطوطات حتى وإن كانت خالية من الفهارس. فإنّ سلامة نصوصها تشفع لها أمام هذا السيل العرم من النصوص المشوهة، التي يزعم ناشروها تحقيقها. والتي يقف المحقق إزاءها حائرا قلقا وجلا من تفشي الاستهتار بهذا التراث النفيس. فقد لعب فقدان التدريب على أصول التحقيق والكسل وقلة الاهتمام واستغفال القارىء والسرعة في إنجازها طلبا للمال العاجل دورا عجيبا في تشويهها، بل إن بعض دكاكين النشر التي صوّرت جملة من النصوص أو أعادت طبعها زادت الأمر سوءا، فشاع فيها التحريف والتصحيف والأوهام، إذ قلّ أن تجد نصا سليما منها موثوقا يعتمد عليه المحقق، ومن ثمّ خلوها من الفهارس الكاشفة الشاملة التي تعين المحقق على الوصول إلى ما يبحث عنه من علم أو خبر، بل وحتى تلك التي ألحقت بها فهارس مثل طبقات ابن سعد التي نشرتها دار صادر ببيروت لا تحتوى إلا على مختارات من الأعلام والأماكن. فإنّ الجهل الغالب على هؤلاء في اتباع الأصول التحقيقية في الإشارة إلى المصادر وطبعاتها وأماكن وسني طبعها وأرقام صفحاتها، بل حتى النسخ المخطوطة التي اعتمدوا عليها في النشر أهملوا ذكرها، مما يدمي قلب الحريص، فقد يكتفي الناشر بقوله:
انظر: شرح المواهب أو قال الزمخشري أو البخاري، دون أن يلحق الكتاب بمسرد للمصادر التي استعملها، حتى يتسنى لنا التأكد من نقله أو الطبعة التي أحال عليها، فكم هناك من شرح للمواهب؟ وكم من كتاب للزمخشري؟ وكم طبعة أخرجت من الصحيح؟(1/69)
وقد يكتفي الناشر بفهرس الموضوعات، كما فعل ناشر دلائل النبوة للبيهقي وصحيح مسلم بشرح النووي وتاريخ المدينة المنورة لابن شبّة، أو وفيات السنين، كما فعل ناشر إنباء الغمر بأنباء العمر لابن حجر، ومثل هذا كثير وكثير جدا أيضا.
أو أن الناشر يلحق الكتاب بفهرس للأعلام الذين ترجم لهم في الحواشي، ويغفل عن إلحاق الكتاب بفهرس شامل لأعلامه ومواضعه، كما فعل محقق كتاب تاريخ المدينة المنورة، ومثل هذا كثير أيضا.
وتزداد معاناة الباحث إذا كان حجم الكتاب كبيرا جدا، حيث تصبح هذه المعاناة مضنية له ومبلية لوقته وجهده في قراءة الكتاب كلّه للوصول إلى ما يريد العزو إليه، مثل كتاب فتح الباري لابن حجر، أو كتاب البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة لابن رشد، وهما من مصادر السمهودي المهمة، فقد أخرج ناشر والكتاب الأول هذا الكتاب الضخم دون فهارس كاشفة لما فيه، وأخرج الأستاذان الفاضلان محمد حجي وسعيد أعراب الكتاب الثاني في 18جزءا وألحقاها بمجلد الفهارس العامة للأسمعة، هي في ترتيبها وتبويبها محدودة النفع وقليلة الفائدة (1)، بل لا تغني المحقق كثيرا ولا تسهل له أمرا، فأيّ عناء بعد هذا العناء للمحقق الذي يعاني الأمرّين في توثيق النص وإخراجه، ناهيك عن معاناته الجمة في الحصول على مصورات المخطوطات؟
وزاد الأمر سوءا وبلاء قيام بعض الأفراد والشركات في الوطن العربي أمثال شركة العريس ومركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي في الأردن وغيرها بتسجيل النصوص على الأسطوانات المدمجة () فزاد تسجيل هذه النصوص في الأخطاء والأوهام والتصحيفات ألف ضعف
__________
(1) نشر عبد الفتاح الحلو رحمه الله وإيانا فهرسا لهذا الكتاب إلا أنني لم أره بعد.(1/70)
من العذاب، فإن هؤلاء أعادوا طباعة النصوص المليئة بالأوهام وزادوا عليها أوهاما على أوهامها، فحدث فيها الويل والثبور وعظائم الأمور من التصحيفات والأخطاء الهائلة، فخرجت علينا الألفيات في السنة النبوية والفقه وأصوله وموسوعة الشعر العربي وتاريخ دمشق وغيرها، فكانت كارثة جلّى ومصيبة عظمى، فأرادوا تسهيل الأمر على القارىء أو الباحث أو المحقق بسلب أمواله، فأساءوا للنصوص وسلبوا أمواله، وهم لم يحسنوا بعد استعمال تقنية الحاسب الآلي، فصاروا يصدرون الإصدار الأول وبعده الإصدار الأول والنصف، وبعده الثاني وبعده الثاني والنصف، وهم يكررون النصوص في الأسطوانات المختلفة لاستغفال الناس وسلب أموالهم.
ومع كل ما ظهر من كتب أصول التحقيق ومذاهبه وطرائقه في تعليم المتطلع، فإن كثيرا ممن يعانون التحقيق يأتون بالطامات التي تحيّر القارىء غير المتدرب، فقد يضع أحدهم بين معقوفتين [] ما ألحقه المؤلف أو الناسخ أثناء المقابلة في الحاشية، أو يكتب الآخر بعد هذه الإلحاقات التي يثبتها في المتن: = ملحق بخط الناسخ = أو: = ملحق بخط المؤلف = (1)، وهذا من الخطأ الجسيم، لأنّ هذه الإلحاقات هي من أصل النص التي نسيها المؤلف أو الناسخ أو أغفلها أثناء تبييض النسخة أو حين نسخها فألحقها في الحاشية عند المقابلة أو المعارضة أو القراءة على الشيخ.
وقد أصاب عبد السلام هارون رحمه الله وإيانا في قوله: = ليس تحقيق المتن تحسينا أو تصحيحا، وإنما هو أمانة الأداء التي تقتضيها أمانة التاريخ، فإنّ متن الكتاب حكم على المؤلف، وحكم على عصره وبيئته، وهي اعتبارات تاريخية لها حرمتها، كما أنّ ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير =.
__________
(1) هذا ما جرى عليه رضا تجدد محقق كتاب الفهرست للنديم.(1/71)
وقال أيضا: = إنّ التحقيق نتاج خلقي، لا يقوى عليه إلا من وهب خلّتين شديدتين: الأمانة والصبر، وهما ما هما = (1).
وأضيف: وهاتان الخلتان اليوم هما أندر من الكبريت الأحمر ومن بيض العنقاء.
__________
(1) تحقيق النصوص ونشرها 4847.(1/72)
المستشرقون وتحقيق النصوص العربية
وهنا لا بدّ لي من كلمة وجيزة، حول رأي بعض المستشرقين في جهود المسلمين التحقيقية، فإنهم وبالرغم من اشتغالهم الطويل بتحقيق النصوص العربية، يرون = أن تحقيق النصوص التاريخية هو عمل «فيلولوجي» أي:
لغوي، ولما جاء المحقق العربي متأخرا عن المحقق الكلاسيكي (1) كان لا بدّ له أن يستقي منه ويتبع الطريق التي كشف هو عنها =، وهذ رأي ينضح جهلا بجهود العلماء المسلمين.
وبمعنى آخر: إن المحقق العربي يجب أن يسير في تحقيقاته على نهج المحققين المستشرقين لأنهم سبقوه حين قعّدوا الأصول التحقيقية للنصوص، وهذا رأي لا يقوم للنقد، وذلك أن دارسي المخطوطات العربية ومحققيها يعرفون جيدا كم كان العرب يعنون بإخراج النصوص الصحيحة الموثوقة الثابتة، عناية تفوق ما يفعله محققو اليوم من العرب أو من المستشرقين، وإلا ما معنى المقابلة والقراءة وسماع الطبقات والإجازة وهي تعني: أن هذا الكتاب قد قرىء على مصنفه أو راويه فوجده صحيحا فأجاز روايته، وإليك بعض الأمثلة:
في مخطوطة أشعار الهذليين المحفوظة في لايدن برقم: 549، ورد النص الآتي: = كنت ابتدأت بكتابة هذا الكتاب منذ مدة طويلة، فكتبت المجلد الأول وقرأته على شيخنا أبي منصور بن الجواليقي أمتع الله به، ثم تركت وعدت إلى الكتابة والقراءة، فكان مدة ذلك بضع عشرة سنة آخرها شعبان سنة تسع وثلاثين وخمس مئة وكتب محمد بن علي العتابي =.
__________
(1) يريدون: المشتغل بتحقيق النصوص اليونانية واللاتينية.(1/73)
وفي الزاوية اليسرى من الصفحة نفسها كتب العتابي: = كتبته من خط السمسمي وقابلت به نسخة الحميدي، وبعضه مقابل بنسخة شيخنا الجواليقي التي بخط يده وبغيرها من النسخ الموثوق بها، فصحت بحمد الله ومنته =، فهل يفعل المستشرق كلّ هذا؟
وهناك أمثلة لا حصر لها تؤيد هذا المثال، وحسبك أن تقرأ حكاية كتاب الياقوت لأبي عمر الزاهد صاحب أبي العباس ثعلب التي حدثت في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة من الهجرة، كما رواها النديم في الفهرست (1) فقد أملاه من حفظه وزاد فيه أكثر من مرة، وقرأه على الناس فزاد فيه، فجمع تلميذه أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي كلّ الزيادات وكل النسخ المتوفرة، وجمع بينها وأخرج نسخة قرأها على مؤلفها، فزاد المؤلف في هذه الأخيرة زيادات أيضا، ثم جمع الناس وأملى عليهم العرضة الأخيرة، فهل جاء المحقق العربي متأخرا؟؟
التحقيق ليس عملية نسخ النص آليا ومقارنته مع النسخ المختلفة فحسب، بل هو إخراج النص على الصورة التي أخرجها المؤلف أو قريبا منها، وهو لذلك يفترض شروطا في المحقق، منها:
أدراية واسعة بعلم الاكتناه، وهنا يشترك المحقق مع المفهرس فيه.
ب معرفة واسعة بأنواع الكواغد وأمكنة صناعتها واختلافها والعلامات المائية والخطوط المتوازية، وأنواع الأحبار والمواد التي صنعت منها والفروق بينها، ومعرفة بالخطوط، أزمانها، أمكنتها واختلافاتها من بلد إلى آخر، إضافة إلى معرفة واسعة بجغرافية الأقطار، وزراعاتها ومنتوجاتها، التي يمكن أن تدخل في صناعة الورق.
__________
(1) الفهرست 82.(1/74)
ج تختلف المعرفة المطلوبة من المحقق باختلاف النص المحقق، فإن الشروط المطلوبة من محقق كتاب في الحديث النبوي هي غير الشروط المطلوبة من محقق كتاب في التاريخ أو الجغرافية أو كتاب في البلدان أو في الفقه الحنبلي أو الشافعي أو كتاب في الطبقات أو كتاب في الشعر أو كتاب في الأدب أو كتاب في الرجال، فلكل فن من هذه الفنون معارف تختلف عن معارف الفن الآخر.
د معرفة واسعة باللغة العربية أولا ولغة عصر المؤلف ولغة المؤلف ثانيا، وقد تنبه الجاحظ إلى ما يسمى لغة الكاتب، فقال: = ولكل قوم ألفاظ حظيت عندهم، وكذلك كل بليغ في الأرض وصاحب كلام منثور، وكل شاعر في الأرض وصاحب كلام موزون، فلا بدّ من أن يكون قد لهج وألف ألفاظا بأعيانها يديرها في كلامه، وإن كان واسع العلم، غزير المعاني، كثير اللفظ = (1).
هـ اطلاع واسع على المصادر المساعدة ومعرفة استعمالها مثل كتاب بروكلمان وسزكين والزركلي وكحالة وكشف الظنون وملحقاته وفهارس المخطوطات المختلفة.
والتصحيف والتحريف (2) في النص هما آفة المفهرس والمحقق (3)، لذلك يجب على المفهرس والمحقق أن يكونا على دراية واسعة بكتب التصحيف والتحريف مثل: تصحيفات المحدثين للعسكري، وتصحيح التصحيف، وتحرير التحريف لصلاح الدين الصفدي وغيرهما.
__________
(1) كتاب الحيوان 3/ 366.
(2) تحقيق النصوص ونشرها 7165.
(3) انظر: المصطلح العلمي في التراث العربي المخطوط، لإبراهيم بن مراد، في: تحقيق مخطوطات العلوم في التراث الإسلامي، مؤسسة الفرقان بلندن 1997م، 315وما بعدها.(1/75)
فقد سأل جماعة من أهل بغداد أبا الأشعث العجلي (1) المتوفى سنة 253هـ أن يجيزهم كتابا له، فكتب إليهم:
ألا فاحذروا التصحيف فيه فربما ... تغيّر معقول به ومقول (2)
وقد صدق، لأن الناسخ المحترف بشر يعتورة ما يعتور البشر من تعب ونصب وإجهاد وإغفال وملل وسوء قراءة ما ينسخ، فإذا كانت عملية النسخ بطريقة الإملاء وذلك أنّ أحد النساخ يقرأ النص والآخر ينسخ، فإن الناسخ يكتب غير ما يسمع وهذا ما يسمى: بأخطاء السمع، أو قد يقرأ القارىء بلهجته المحلية فيكتبها الناسخ، مثل: = فزهب = في = فذهب =، أو = فزادوهم = في = فذادوهم =. وقد جاء في كتاب الفهرست (3):
= إن الديوان نقل في أيام عبد الملك، فإنه أمر سرجون ببعض الأمر فتراخى فيه فأحفظ عبد الملك فاستشار سليمان بن سعد، وكان على كتابة الرسائل، فقال له: أنا أنقل الديوان وارتحل منه =، والصواب: وأريحك منه.
ولا بدّ مع كل هذا من فطنة المحقق فيما يقرأ، وانتباهه الشديد فيما يحدث في النص مما لا يظنه تصحيفا أو تحريفا وهو كذلك، فيمرّ عليه وهو واثق من صحته وصوابه.
وقد أدرك بعض العلماء وصمة التصحيف والتحريف في نقل النصوص فذكرهما في إجازته، فقد كتب محمد بن عبد الرحمن المسعودي المتوفى سنة 584هـ في إجازته لأبي عمرو عثمان بن أبي بكر بن جلدك القلانسي الموصلي وإخوته وابن عمهم الموصليين في
__________
(1) هو أحمد بن المقدام بن سليمان بن الأشعث العجلي البصري المتوفى سنة 253هـ، سير أعلام النبلاء 12/ 219.
(2) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي، تح محمد عجاج نويهض، بيروت 1972م، 11.
(3) الفهرست للنديم 303تح تجدد.(1/76)
آخر كتاب أحاديث مصعب الزبيري (1): «أجزت جميع مسموعاتي ومستجازاتي ومجموعاتي والله يعصمهم من وصمة التصحيف والتحريف. وكتب محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الحسن مسعود ابن أحمد بن الحسين بن محمد المسعودي في جمادى الآخرة من سنة تسع وسبعين وخمسماية ولله الحمد» (2).
ومن طرائف التصحيفات والأخطاء التي وردت في كتاب الاملاء والاستملاء الذي نشره ماكس فايسفايلر:
أ = جلس مجلسا واحدا وأملى علينا فلما كان بعد ذلك حرج وقد اجتمع الناس =، والصواب: خرج.
ب = ويكره أن يجلس في موضع من قام له عن مجله بإخماره =. والصواب:
عن مجلسه باختياره.
ج = إنّ الدنيا بحذافيرها مما يضيق عن متباغضين وإن سترا في شبر لا يضيق عن متحابين =، والصواب: ما تضيق، وإنّ شبرا.
د عن كعب بن مالك: = قال لما نزل نوبتى =، والصواب: لما نزلت توبتي، وهذا معروف في حديث المتخلفين عن غزوة تبوك.
هـ في تقبيل يد الأمير: «تقبيل يد الأمير عندنا سنّة فطالما عرفت بإمساك أعنة الخيل في سبيل الله عزّ وجل»، والصواب: عرقت.
وأمثال هذا كثير مثل: يجيء بجيّ، وهي مدينة، شرح الإسلام سرج الإسلام، حريّ الحنان جريء الجنان.
__________
(1) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 7/ 29وقال: توفي سنة 157هـ وذكر تضعيف العلماء له.
(2) مخطوطة جستر بيتي برقم: 3849، الرسالة الرابعة في المجموعة، ورقة 59أ.(1/77)
ومن طرائف التصحيف في كتاب المقنع بتحقيق محمد التونجي وهي في نشرة إيردمان أيضا:
1 - في كلام المؤلف على الحرب بين الحسن بن علي ومعاوية: «فلما تراءى الجمعان أخذ الله الفتنة ووقع الصلح»، والصواب: أخمد.
2 - في كلام المؤلف على سليمان بن عبد الملك: «وجهز الجيوش من القسطنطينية، فصيحا فهيما كثير النهمة في الأكل تحبّب (1) لا يصبر عما يراه ويتناوله بثيابه إذا كان حارا»، والصواب: إلى القسطنطينة
كثير النهمة في الأكل بحيث لا يصبر».
3 - في كلام المؤلف على المتوكل العباسي: «وكان ناصبا بغضا كثيرا من علي بن أبي طالب»، والصواب: وكان ناصبيّا يغضّ كثيرا من علي بن أبي طالب».
لقد سبق أن ذكرت: يجب على المحقق أن يكون ملما بلغة عصر المؤلف، حتى يستطيع فهم مصطلحاته وإليك مثالا جاء في كتاب: الاجتهاد في طلب الجهاد لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774هـ أي: في العصر المملوكي، ونشرته مؤسسة الرسالة ببيروت في سنة 1401 هـ / 1981م قال: «فأخبرني المقر السيفي منكلبغا أن الفرنج رشقوهم بالنبال إلى أن توارى وجه الأرض بها، فلا يرى منها شيء لكثرتها، وكثرة الجروح من تلك الجروح في الجيش الإسلامي ثم انهزم الفرنج من بين أيديهم فلبسوا تلا هناك ثم رشقوا المسلمين بالحجارة إلخ».
ففي هذا النص القصير المحقّق ثلاثة أوهام:
أولها: وكثرت.
__________
(1) في نشرة إيردمان: «نجيب» وعند التونجي: «نجيب» أيضا، فأراد التونجي إصلاحها فأعماها.(1/78)
والثاني: الجروخ (بالخاء في آخر اللفظة) وهي لفظة تركية (1) تعني:
القوس الرشاش، ذي الدولاب الذي يرمي عدة أسهم في كل دفعة (2).
والثالث: فتسلقوا تلا.
وحدث في تحقيقي لكتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر التميمي أكثر من تصحيف وتحريف، أذكر منها تصحيفا عجيبا قبيحا وقعت فيه لأنني أخذت بما ظهر لي في تاريخ الطبري، الذي حققه المستشرقون، مع ظهوره في الأصل على الصواب، فنبهني عليه وعلى غيره صديقي الراحل محمود الطناحي رحمه الله وإيانا في مقالة منشورة له (3)، وهو: «يقال له عبيد بن أبي سلمة يعرف بأمّه»، والصواب: «يعرّف بناقة» (4).
فعلى المحقق أن يكون نبيها فطنا حذرا حتى لا يؤخذ على غرّة كما أخذت حين عوّلت على نص الطبري الذي حققه المستشرقون بإشراف دي خويه، مع ورود النص صحيحا في المخطوطة.
ومن التصحيفات الطريفة، ما ذكره النديم عن ابن الراوندي، قال:
«مررت بشيخ جالس وبيده مصحف، وهو يقرأ: ولله ميزاب السموات والأرض، فسلمت وقلت: يا شيخ أيش تقرأ؟ قال: القرآن: ولله ميزاب السموات والأرض، فقلت: وما تعني بميزاب السموات والأرض؟ قال: هذا المطر الذي ترى، فقلت: ما يكون التصحيف إلا إذا كان مفسرا!؟ يا هذا إنما هو: ميراث السموات والأرض» (5).
__________
(1) وردت أيضا عند أسامة بن منقذ المتوفى سنة 584هـ في كتاب الاعتبار بتحقيقي 182.
(2) انظر عنه: تقنية السلاح عند العرب، لعبد الجبار محمود السامرائي، مجلة المورد، مج 16، ع 1، 1407هـ / 1987، 53وسماها: مجموعة الأقواس.
(3) نشرت في الكتاب الذي نشرته مؤسسة آل البيت بعمان للاحتفال ببلوغ الدكتور ناصر الدين الأسد السبعين من عمره المديد.
(4) كتاب الردة والفتوح ومسير عائشة وعلي، لايدن 1415هـ / 1995، 259.
(5) الفهرست 217216.(1/79)
ومن طرائف التصحيفات المتواترة التي مرّت عليّ، تصحيف حدث في كتاب معجم البلدان لياقوت فنقله منه الفيروز آبادي في كتاب المغانم المطابة ومن الفيروز آبادي نقل السمهودي في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، في كلامهم على بئر حاء في المدينة الشريفة، فقالوا: «أنكر أبو بكر الأصم»، بيد أنّ الجملة جاءت على الصواب في كتاب مشارق الأنوار للقاضي عياض (1)، ومنه نقل ياقوت، بصيغة: «أنكر أبو ذر الضمّ» وهو الصواب، وأبو ذر: هو عبد بن أحمد المعروف بابن السماك الهروي المالكي المتوفى سنة 434هـ شيخ أبي الوليد الباجي (2) هو المقصود، أما أبو بكر الأصم فهو شيخ المعتزلة ببغداد المتوفى سنة 201هـ (3)، فلا علاقة له بذلك، فحدث التصحيف في إحدى نسخ معجم البلدان فنقل منها الفيروز آبادي ومنه نقل السمهودي دون أن يدركا الفرق بين الاسمين.
بل الطريف أن يقرأ أحدهم نصا واضحا فيشوهه فيضحك منه المحزون ويبكي منه العالم، فقد قرأ أحدهم النص: = الزنا عمّ والربا طمّ في الآفاق، = فقال هذا العلامة والجهبذ الفهامة: = الزناعم والرباطم في الآفاق = والويل لمن يردّ عليه.
ومثل هذه الطامات الموجعة للقلب في النصوص المنشورة كثيرة جدا، نبّه على بعضها جهابذة اللغة في مقالات كثيرة منشورة في المجلات المعتبرة، مثل مجلة العرب، ومجلة عالم الكتب، ومجلة المورد، ومجلة المناهل، ومجلة معهد المخطوطات، ومجلات المجامع العربية اللغوية وغيرها.
والعجب أنها تتكرر وتزداد شدة وكثرة في أسطوانات الألفيات دون خجل أو وازع من أخلاق، أو رادع من أمانة.
__________
(1) مشارق الأنوار 1/ 312.
(2) سير أعلام النبلاء 17/ 554مع مصادر ترجمته.
(3) سير أعلام النبلاء 9/ 402.(1/80)
رأيان في أصول التحقيق
إن تحقيق نص عربي ليس أمرا سهلا يقوم به من شاء كما يشاء، إذ له قواعده التي التزمها المحققون وأخذوا بها. وهناك رأيان في طريقة إخراج النص، لكل منهما أنصاره:
أولهما: يرى أن الاقتصار على إخراج النص مصححا وخاليا لا يفيد القارىء أو الباحث، لذلك ينبغي توضيح النص بالهوامش والتعليقات وإثبات الاختلافات في النسخ، والإشارة إلى مصادر ورود الاسم أو الخبر أو الحادثة، وقد التزم هذه الطريقة قلة من المحققين لما فيها من وعورة وما تتطلبه من جهد مضن ووقت طويل.
وثانيهما: يرى أن إخراج النص لا يحتاج إلى إثقاله بالهوامش والتعليقات والإشارات إلى مناجم ورود الخبر أو العلم وإصلاح ما طرأ عليه من غلط النساخ.
وقد زخر عالم النشر بكثير من إنتاج أصحاب الرأي الأخير، فكان كارثة على الباحثين الذين رأوا أنّ الرجوع إلى المخطوطة الأصل خير من الاعتماد على ما أخرج بهذه الحلة السقيمة، ولم يزل الأمر على ما كان عليه، بل ازداد سوءا وبشاعة وشناعة وإسفافا.
والظاهر أن هؤلاء اتبعوا هذه الطريقة لسهولتها، ورغبوا عن الأخرى لما تتطلبه من صبر وعناء في زمن قلّ فيه من يتمتع بهما، لهذا جنحوا إلى الإسراع في نسخ المخطوطة، أو عهدوا بها إلى كاتب طابعة (لم يعرف الكمبيوتر إذ ذاك) وأسرعوا بها إلى أقرب ناشر أو مؤسسة نشر لتظهر أسماؤهم لامعة على صفحة الغلاف، ولهذا كثرت فيها الأخطاء وشاع التصحيف، حتى وصل الأمر ببعض المحققين الذين كتبوا في أصول
التحقيق (1): أنه استصوب الخطأ واستخطأ الصواب أو نفى وجود المشهور (2)، وهذه العلة التي يقع فيها المحققون تكمن في السرعة في الإنجاز وقلة البحث والتنقير، وضحالة الخلفية العلمية، ونفاد صبر الناشر المستعجل الشره لقبض الثمن.(1/81)
والظاهر أن هؤلاء اتبعوا هذه الطريقة لسهولتها، ورغبوا عن الأخرى لما تتطلبه من صبر وعناء في زمن قلّ فيه من يتمتع بهما، لهذا جنحوا إلى الإسراع في نسخ المخطوطة، أو عهدوا بها إلى كاتب طابعة (لم يعرف الكمبيوتر إذ ذاك) وأسرعوا بها إلى أقرب ناشر أو مؤسسة نشر لتظهر أسماؤهم لامعة على صفحة الغلاف، ولهذا كثرت فيها الأخطاء وشاع التصحيف، حتى وصل الأمر ببعض المحققين الذين كتبوا في أصول
التحقيق (1): أنه استصوب الخطأ واستخطأ الصواب أو نفى وجود المشهور (2)، وهذه العلة التي يقع فيها المحققون تكمن في السرعة في الإنجاز وقلة البحث والتنقير، وضحالة الخلفية العلمية، ونفاد صبر الناشر المستعجل الشره لقبض الثمن.
إن إخراج النص كما رأى شكري فيصل رحمه الله وإيانا يحتاج إلى أن ينظر المحقق فيه وفيما حوله، أن يدلّ على المنازع التي صدر عنها، وأن يتولى محققو النصوص بالذات عمليات الشرح الأولى هذه لكي تصبح جاهزة للبحث الأدبي الصرف، أو للبحث التاريخي الصرف أو لهما معا تتيح للباحث أن ينطلق بعد ذلك منها دون أن يضطر إلى معاودة الجهد الذي بذله المحققون (3).
فتحقيق النص إذا ليس عملية نسخ آلي يقوم به من شاء، بل هو عملية خلق وإعادة للحياة على الصورة التي أرادها المؤلف نفسه، وأنه لا يستلزم معرفة المحقق باللغة العربية وحسب، بل يفترض فيه أن يكون على علم بضروب المعرفة التي يتناولها النص، وهو إلى ذلك يتطلب صبرا وجلدا ونفسا طويلا على معاناة النص وخاصة إذا كان النص فريدا لا ثاني له، ومن هنا استطاع المحقق الغربي التفوق على العربي بشيء والتقصير عنه بشيء آخر، فلقد فاقه بصبره وجلده ومثابرته على اكتشاف الغامض من النص بالرجوع إلى عشرات المصادر وتطلبه في عشرات المظان، وقصر عنه بفهمه للغة غريبة عنه، تختلف في مجالاتها وضروب اشتقاق ألفاظها ومعاني
__________
(1) هو الدكتور صلاح الدين المنجد.
(2) عرض ونقد لكتاب كون الحيوان لارسطوطاليس، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، ج 3، مج 49، 1394/ 1974، ص 642614.
(3) مقدمة الجزء الثالث من خريدة القصر قسم الشام 2524.(1/82)
حروفها التي تتغير بتغير مجالات ورودها، والمحقق الغربي يبحث أياما طوالا عن لفظة واحدة لا يكلّ ولا يعتوره الملل، حتى يحظى ببغيته ويشبع نهمه، وهو مع هذا فقد يقع على ضالته وقد يضل السبيل، وغالبا ما يختار اللفظ الخطأ إذا تعددت القراءات لجهله بسياق المعنى وصلاح اللفظة وملاءمتها لموضعها.
وليس بعجيب أن لا يسلم نص في الوجود أثناء تحقيقه من هنة هنا أو هفوة هناك أو إغفال للفظ أو سهو عن حرف حتى لو أوتي المحقق صبر أيوب، وحلم الأحنف، وحدة عين زرقاء اليمامة، وإنما العجب أن يقع في خطأ يبين فيه جهله ويظهر تسرعه، فيفقد ثقة قارئه.
إن غاية المحقق الأولى في تحقيق أيّ نص هي محاولة استعادة أو استرجاع النص الأصل الذي أخرجه المؤلف، وتنقيته وتصحيحه مما طرأ عليه من نقص أو سقط أو إغفال أو تصحيف أو تحريف وإيهام حدثت فيه إما من القرّاء، أو من النساخ عبر عمره الزمني، وهي بعد محاولة لا يستطيع كلّ من هبّ ودبّ القيام بها حسب مزاجه وهواه، كما حدث وما يزال يحدث في كثير من النصوص المنشورة أو التي ما تزال حبيسة في بطون الكثير من الرسائل الجامعية التي لم تنشر بعد.
التحقيق العلمي النقدي في معناه الواسع، لا يعدو أن يكون تشييدا جديدا وإعادة تركيب للنّص كما أخرجه مؤلفه. ولذلك لا يحق للمحقق أن يضيف إلى النص شيئا، أو يسقط منه شيئا، اتباعا للأمانة العلمية، اللهمّ إلا في حالة الضرورة القصوى مثل تصحيح آية قرآنية، أو لفظة في حديث نبوي، أو إذا أدرك أنّ الناسخ قد سها عن لفظة، أو أغفل لفظة يحتاج إليها السياق المعنوي، وهذا في حالة ندرة النسخة وعجزه التام عن العثور على النص
كاملا في مصدر آخر، وعلى شرط أن يحصرها بين معقوفتين (1) ويشير إلى ذلك، وله الحق أن يقول: ما يشاء في الحواشي، فقد حدث أن أحد المشتغلين بالتحقيق نشر حديثا كتاب خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي المتوفى سنة 911هـ فحشا النصّ بنقول من كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للمؤلف نفسه مع وجود نسخ كثيرة من الخلاصة نفسها، فإن عمله هذا لا يوافق عليه أهل هذه الصنعة ولا السمهودي نفسه، وإلا ماذا كانت الحكمة عند السمهودي حين اختصر كتابه الكبير، وأضاف إليه مما لا يوجد في كتابه الكبير، ومثل هذا فعله محقق كتاب تاريخ المدينة المنورة ولكن بدرجة أقل من ذلك، ومثل هذا كثير في النصوص المنشورة للمتتبع الحريص.(1/83)
التحقيق العلمي النقدي في معناه الواسع، لا يعدو أن يكون تشييدا جديدا وإعادة تركيب للنّص كما أخرجه مؤلفه. ولذلك لا يحق للمحقق أن يضيف إلى النص شيئا، أو يسقط منه شيئا، اتباعا للأمانة العلمية، اللهمّ إلا في حالة الضرورة القصوى مثل تصحيح آية قرآنية، أو لفظة في حديث نبوي، أو إذا أدرك أنّ الناسخ قد سها عن لفظة، أو أغفل لفظة يحتاج إليها السياق المعنوي، وهذا في حالة ندرة النسخة وعجزه التام عن العثور على النص
كاملا في مصدر آخر، وعلى شرط أن يحصرها بين معقوفتين (1) ويشير إلى ذلك، وله الحق أن يقول: ما يشاء في الحواشي، فقد حدث أن أحد المشتغلين بالتحقيق نشر حديثا كتاب خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي المتوفى سنة 911هـ فحشا النصّ بنقول من كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للمؤلف نفسه مع وجود نسخ كثيرة من الخلاصة نفسها، فإن عمله هذا لا يوافق عليه أهل هذه الصنعة ولا السمهودي نفسه، وإلا ماذا كانت الحكمة عند السمهودي حين اختصر كتابه الكبير، وأضاف إليه مما لا يوجد في كتابه الكبير، ومثل هذا فعله محقق كتاب تاريخ المدينة المنورة ولكن بدرجة أقل من ذلك، ومثل هذا كثير في النصوص المنشورة للمتتبع الحريص.
وتقل هموم المحقق إذا عثر على نسخة بخط المؤلف أو على نسخة قرئت على المؤلف وعليها خطه بإجازتها، أو عثر على نسخة قرئت على من قرأها على المؤلف وعليها إجازات العلماء بالقراءة والإجازة، بيد أن كلّ هذا لا يعفيه من مقارنة نصها مع النسخ الأخر التي يستطيع الحصول عليها، فقد تكون النسخة المنسوبة للمؤلف كان قد نسخها ناسخ مع ما فيها من الإجازات، وهذا كثير في المخطوطات.
وتزداد مسؤولية المحقق إذا كانت هناك نسخ كثيرة من النص الذي يود تحقيقه، فإن الحاجة إلى الرجوع إلى كل النسخ المتاحة له أمر لا مفرّ منه من أجل التحقق الكامل من صحة النص، وهنا لا بدّ له من أنّ يجد العلاقة النّسبيّة (من النسب) بين المخطوطات المختلفة، وذلك بتنظيم جداول نسب مبنية على معرفة تامة بالنسخ المنقولة من بعضها، وعندها يستطيع أن يختار الأصلح من النسخ لتحقيقه ويهمل الأخريات.
__________
(1) اقصد بهما: [].(1/84)
وعليه أن لا يفضّل، أو يختار المخطوطات ذوات التاريخ القديم، فقد تكون نسخة حديثة أصحّ نصا من نص نسخة قديمة التاريخ، لأنها قد تكون نسخت من نسخة المصنف أو من نسخة قرئت على المصنف، أو قرئت على من قرأها على المصنف، وهذه كلها أمور يجب على المحقق أن يراعي حسابها قبل إقدامه على التحقيق.
وهناك مشكلة اختلاف القراءات في النسخ المتعدده أو في الزيادات أو النقص في بعضها أو أن نسخة منها تحتوي على جمل طويلة لا تحتوي عليها بقية النسخ، وقد تصل هذه الزيادة في نسخة منها إلى صفحة أو صفحات، والجواب: أن يتأكد المحقق من أن هذه الزيادات هي من صنع المؤلف في إخراجاته المتكررة لكتابه أو أنها إضافات أو تعليقات أو شروح كانت في حواشي النسخة المنقولة منها، أدخلها أحد النسّاخ العميان في أصل النص، وهذا كثير أيضا.
وقد يلجأ بعض المحققين إلى اختيار نسخة معينة من النص ويجعلها أمّا ويغفل عن كل البدائل في قراءات النسخ الأخر التي قد تكون أصح من قراءآت النسخة التي اختارها، وهذا من التعنّت البارد.
إنّ تحقيق النصوص، ليس أمرا هينا سهلا، لأنه عملية علمية محفوفة بالمزالق والمشكلات التي يقف أمامها المحقق الثبت حائرا قلقا، وإليك مشكلة واحدة من المشكلات الكثيرة التي اعترضتني في تحقيقي لكتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي، فقد أورد السمهودي في باب الأماكن مكانا قريبا من المدينة الشريفة يسمى: ضحيان وقال: «بالفتح وسكون الحاء المهملة وبالمثناة تحت، أطم بالعصبة لأحيحة بن الجلاح (1)، قال ياقوت: شاده بأرضه التي يقال لها: قنان»، فهذا ما ورد عند السمهودي.
__________
(1) المغانم المطابة 227وكتاب الأماكن 1/ 613ومعجم ياقوت 3/ 454.(1/85)
وفي كل الأصول المخطوطة لكتاب وفاء الوفا للسمهودي التي اعتمدتها في التحقيق وهي تسع نسخ، وردت اللفظة برسم: «قنان».
وفي معجم البلدان لياقوت (1) الذي نقل منه السمهودي، وردت اللفظة نفسها برسم: «القبابة»، وقال: = هو أطم من آطام المدينة =.
وفي كتاب الأماكن للحازمي (2)، الذي حققه الشيخ حمد الجاسر المعروف بعلمه الواسع بأماكن الجزيرة العربية، وردت اللفطة نفسها فيه: «القنابة».
وفي كتاب نصر الاسكندري كما نقله حمد الجاسر نفسه، وردت اللفظة: «القنانة»، وهذا دليل على أنّ الجاسر لم يتحقق من ضبطها على وجه اليقين.
وفي تاج العروس وردت (3): «القنابة، كثمامة»، وذكرها الزبيدي أيضا في رسم: «قبّ»: فقال: «قباب» كغراب، وفي التكملة للصاغاني «القبابة» بالهاء = (4).
والسؤال الآن: أيّة لفظة من كلّ هذه الألفاظ يختار المحقق؟ فإنّ الذي ظهر لي أنّ لفظة: = قنان = قد تكون تصحّفت من: = قباب = وأنّ الأطم كان يسمى: = قبابة = نسبة للأرض التي بنيّ الأطم عليها، ولهذا اخترت لفظة:
= قباب =، لأنها أقرب في الرسم إلى قنان، ومع محاولتي هذه التي بنيتها على ما توصلت إليه، فإن في النفس نزوعا إلى الشك فيما اخترته، لأنني لست متأكدا تماما من صحة هذا الاختيار الذي لم يبن على أساس ثابت لا شكّ في صحته، وهذا الشك يعود إلى أنّ النصوص التي ذكرته لم يعن بها محققوها العناية الفائقة التي تستحقها، فتواتر التصحيف فيها وعجز محققوها عن إصلاحه، فرمونا في لجة الشك وبحار الحيرة.
__________
(1) طبعة دار صادر 3/ 454.
(2) تحقيق حمد الجاسر 613.
(3) تاج العروس 1/ 440.
(4) المصدر نفسه 1/ 419.(1/86)
تحقيق النسخة الفريدة
أما النسخة التي لا ثانية لها، فإنّ الإقدام على تحقيقها مجازفة لا تخلو من مزالق ومطبّات ومخاطر يقع فيها المحقق دون قصد منه، فهي لذلك تستلزم توفّر معارف كثيرة في المحقق، قد لا تستلزمها النسخ المتعددة. وهذا ما ذهب إليه أحمد شوقي بنبين الذي رأى: «إن اعتماد نسخة واحدة في التحقيق شيء يرفضه علماء الفيلولوجيا (1) اليوم، فالأولى بعمل من هذا القبيل أن يسمى تصحيحا، لأن النسخة الفريدة ليس من شأنها أن تخضع للأساليب الحديثة في نقد النصوص» (2).
وأهاب الأستاذ بنبين بالمحققين أنّ يوسعوا الأرض سفرا وبحثا عن النسخ التي قد تكون في «مختلف خزانات المدارس والجامعات والزوايا والمساجد التي تعد بالمئات وربما بالآلاف في أرجاء العالم الإسلامي الفسيح، فإننا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إنه ليس مقبولا، ولا معقولا، ألا يبقى من الكتاب المخطوط سوى بعض نسخه على الرغم من تناقله وتنسيخه وتداوله عبر العصور» (3).
فإن الأستاذ بنبين يفترض في المحقق أن يكون سندبادا بحارا أو ابن جبير ثانيا أو ابن بطوطة جديدا يشدّ الرحال، ويكثر التسيار والأسفار
__________
(1) الفيلولوجيا: معناها الدراسة العلمية الشاملة لأية لغة وتشمل إطار بنائها وتطور اشتقاقها وتاريخ هذا التطور وعلاقة هذه اللغة بغيرها من اللغات ومدلول هذه العلاقة واختلافه بالنسبة لهذه اللغة أو تلك، والغريب أن أحمد شوقي يكثر من استعمال هذه المصطلحات الفرنجية مع وجود ما يقابلها في العربية.
(2) المخطوط العربي وعلم المخطوطات، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب، الرباط 1994م، 340، يريد: علماء فقه اللغة.
(3) المصدر نفسه 350.(1/87)
في أرجاء المعمورة والخراب بحثا عن نسخ الكتاب الذي ينوي تحقيقه. وهذا شيء، وايم الله، لا يستطيع أيّ محقق أن يقوم به حتى لو كان له عمر النسور وخزائن قارون، ناهيك عن الصعوبات التي تصاحب كلّ ذلك، والتي لا يعرفها إلّا من عانى التحقيق وتلوّع قلبه في الحصول على مصورات من مخطوطات موجودة ومسجلة في فهارس منشورة، ناهيك عن المستورة المخبّأة في الزوايا والتكايا والسراديب الموحشة. وتجربتي الفاشلة التي دامت أربع سنين في الحصول على نسخة مصورة من مخطوطة كتاب ناصر الدين على القوم الكافرين للحجري المحفوظة بدار الكتب المصرية، حيث لم أترك صديقا ولا زميلا مصريا أو غير مصري لم أستنجد به فكانت النتيجة أننا حصلنا على مصورة منها ليس من دار الكتب المصرية، بل من المستشرقة الإيطالية السيدة سرنللي.،، وهي أنصع مثال على ما يلقاه المحقق الآن من العناء والسأم والإحباط (1)، وهذا أمر يكاد يتفق عليه كلّ من عانى التحقيق العلمي السليم في الخافقين، وهذا محقق يقول في معاناته: = إنّ الحصول على نسخ مصورة من المخطوطات العربية أمر غير متيسر في كثير من البلدان، يعرف ذلك كل من عانى المخطوط العربي واشتغل بتحقيقه = (2).
فإذا أخذ المحققون بهذا الرأي، وعزفوا عن تحقيق النسخ الفريدة فإنّ جانبا مهمّا من تراثنا يبقى مدفونا مجهولا لأنّ عددا كبيرا من المخطوطات المهمة جدا وصل إلينا بنسخ فريدة أو بقطع من نسخ لم نكتشف منها بعد أية نسخة أخرى، والأنفع أن تنشر هذه الفرائد من أن تبقى مطمورة في الزوايا
__________
(1) أما الحصول على مصورة لمخطوطة من مكتبات تركية فهو حديث خرافة آخر.
(2) انظر: غانم قدوري حمد في مقدمة تحقيق كتاب البديع في معرفة ما رسم في مصحف عثمان لابن معاذ الجهني، مجلة المورد، مج 15، ع 4، 274.(1/88)
والتكايا والصناديق المقفلة فتتعرض لبعض الآفات المعروفة كالحريق، والأرضة مثلا، فلعل أحدا يعثر في المستقبل على نسخة أخرى مما نشر، فيعيد تحقيقها تحقيقا جديدا، وقد حدث مثل هذا كثيرا أيضا.
بل إنّ النسخة الفريدة إذا وقعت في يد محقق جاد، واسع المعرفة بفنون التحقيق والتنقير، جم الصّبر على فكّ معمياتها، فإن حرصه يشتد على إخراجها صحيحة سليمة، لأنها تشكل تحديا عنيفا له، يدفعه إلى البحث العميق والتنقير الطويل، فيزداد بذلك علما على علمه وتجربة على تجربته، إذ ليس عند المحققين الجادين شيء أجمل وأعز لديهم من العثور على خبر يصحح ما اعتور المخطوطة الفريدة من طمس أو محو أو سقط، فيغشاهم السرور الدافق ويعمّ قلوبهم الحبور السامق الذي لا يعرف لذته ولا يدرك كنهه إلا الهواة الذين غلب حب التراث على قلوبهم. أما الذين يسرقون جهود الآخرين، ويدسون أنوفهم فيما لا يفقهون، فلا مكان لهم بين المحققين الذين يفنون أعمارهم في خدمة هذا التراث، ويضحون بنور عيونهم وصحة أبدانهم، ناهيك عن أموالهم، في سبيل إخراج النصوص صحيحة وسليمة من كلّ خطأ أو وهم أو عوار.(1/89)
تحقيق المسوّدة
إنّ بعض المحققين أفنى وقته في تحقيق بعض المسوّدات، مثل مسودة كتاب المواعظ والاعتبار، للمقريزي، ومسودة كتاب البديع في أصول الفقه، لابن الساعاتي، مع وجود نسخ مبيضة عديدة من النصين. فصحح الأول المسودة على النص المبيض المنشور، وأضاف إليها ما لم يكن منها، فكان الأولى به أن يحقق النص المبيض المنشور الذي لم يحقق بعد، وحقق الثاني، المسودة دون إثبات الفروق بين النسخ المبيضة الكثيرة التي اعتمدها في تحقيقه، فأضاف إليها ما لم يكن منها أيضا.
المعروف عند خبراء التحقيق، أنّ المؤلف يزيد وينقص، ويحذف ويضيف، ويسقط ويغيّر ويبدّل في نص مسودته، قبل أن يبيضها، لتكون النسخة النهائية، التي يسمح بنسخها وتداولها وقراءتها عليه، وكل هذا واضح جلي في مسودتي المقريزي ومسودة ابن الساعاتي، وهما لذلك لا يمكن الركون إليهما، والعمل على تحقيقهما، ونشرهما، مع وجود نسخ مبيضة عديدة من النصين، إلا في حالة الاستئناس بالمسودة في تحقيق النص المبيض، وذلك في قراءة لفظة غامضة، أو التأكد من حرف مطموس، أو علم شوهه النساخ، وما إلى ذلك، ومن هنا، فإن نص أية مسودة لا يصلح أن يعتمد في التحقيق قط مع وجود نص مبيض منها، إلا في إحدى الحالات الآتية:
1 - إذا لم يصل إليها من النص المبيض، إلا قطعة أو قطعا.
2 - إذا وصل إلينا نص مبيض مخروم، أو كامل في نسخة واحدة فقط.
3 - إذا أغفل المؤلف فصولا في المسودة، ولم يوردها في مبيضته، وهنا يمكن إضافتها ملحقة بآخر النص المحقق، أو في الحواشي، وليس في النص.
4 - إذا لم يصل إلينا من النص إلا المسودة.(1/91)
مشكلات الفهرسة
لم يحظ علم فهرسة المخطوطات العربية في العالم العربي (1)، بل والإسلامي، بمثل الاهتمام الواسع الذي حظي به علم فهرسة المطبوعات وغير المطبوعات مما يسمى الآن ب: «أوعية المعلومات»، فقد أدرج علم فهرسة المخطوطات ضمن أوعية المعلومات إدراجا، وأقحم فيها إقحاما بالرغم من تباين الملامح المادية واختلافها وإن تشابه بعضها بين الكتاب المطبوع والمخطوط. ولعل ذلك يعود إلى أنّ من كتب في فهرسة المخطوطات وهم أقل من القليل كان قد تدرّب في أقسام وكليات المكتبات والمعلومات الأوربية أو الأمريكية التي تعنى بالدرجة الأولى بتنظيم المطبوع دون المخطوط إضافة إلى انعدام الخلفية التراثية تماما عندهم، فغلب على كتاباتهم التقليد والمحاكاة لما تعلموه (2).
وهذه المحاولات، على جدتها وجودتها، اعتمدت أيضا على الجانب النظري دون العملي (3)، ومع هذا فهناك محاولات أخر في تقنين قواعد
__________
(1) عالج عابد سليمان المشوخي بعض مشكلات الفهرسة في كتابه: فهرسة المخطوطات العربية، مكتبة المنار، الزرقاء الأردن 1409هـ / 1989.
(2) انظر مجلة عالم الكتب، مج 2، ع 1، رجب، مايو 1401/ 1971وبخاصة مقالة: يحيى ساعاتي 92ومقالة ناصر سويدان وزميله 3110حول رؤوس الموضوعات، وقد أوردا جملة من كتابات المهتمين بالفهرسة.
(3) قارن: عزة حسن: المخطوطات العربية وفهرستها، في: الحلقة الدراسية للخدمة المكتبية، دمشق 1392هـ / 1972، 348327وعبد الستار الحلوجي: فهارس المخطوطات، الحلقة الدراسية للخدمات المكتبية والوراقة والتوثيق والمخطوطات العربية والوثائق القومية، دمشق 1392هـ / 1972، 300284وشعبان خليفة ومحمد العايدي: الفهرسة الوصفية للمكتبات والمطبوعات والمخطوطات، الرياض، دار المريخ، دون تاريخ، وعباس طاشكندي: فهارس المخطوطات العربية، دراسة تحليلية، مجلة الدارة، ع 2، السنة الخامسة، محرم 1400هـ / ديسمبر 1979، الرياض، 242219.(1/93)
فهرسة المخطوطات أو رسم مناهجها، مما نراه في أغلب فهارس المخطوطات التي ظهرت في العالم العربي، بيد أنّ هذه المحاولات الجادة اعتمدت في أغلبها إما:
1 - على المجهود الشخصي، والتجربة الفردية الذاتية التي اكتسبها المفهرس أثناء عملية فهرسة بعض المجاميع المخطوطة، أو نتيجة جهود علمية في تحقيق نصوص مخطوطة.
2 - أو: على محاكاة فهرسة القواعد الأنكلو أمريكية، مثل ما نراه في فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت ليوسف خوري، الذي نشر حديثا (1)، فكان إخراجه كارثة فهرسية (2).
3 - أو: أن يعهد بالفهرسة إلى من لم ير مخطوطة في حياته ولم يقلّب واحدة منها في يده، ولم تكن له أية خبرة فيها من قبل، فيسرق معلومات المداد والكاغد والعلامات المائية من الفهارس الموثوق بها ويلصقها في وصف أية مخطوطة كانت في يده، دون أن يكون هناك من يوثّق هذه المعلومات، أو ينقضها وذلك بمقارنتها بالمخطوطات نفسها، كما وقع مثلا في فهرس مخطوطات علم الفرائض بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية لمصطفى بركات المنشور في سنة 1419هـ 1999م.
الأمر الواضح في هذه الفهارس، هو خلوها من أية أسس موحدة في التعامل مع أصول فهرسة المخطوطات، فإنها تختلف اختلافا بيّنا في المنهج المتّبع في أساليب وصف المخطوطات، والسبب:
__________
(1) نشره مركز الدراسات العربية ودراسات الشرق الأوسط، الجامعة الامريكية، بيروت 1984.
(2) انظر تحليل عابد المشوخي ونقده لقواعد الانجلو أمريكية في فهرسة المخطوطات العربية، مكتبة المنار، الزرقاء، الأردن 1409هـ / 1989، 155150.(1/94)
أنّ خطة العمل في هذا الفهرس أو ذاك، فرضتها شخصية المفهرس العلمية وتجربته الذاتية، إضافة إلى تدخّل عوامل إدارية أو ثقافية، أو حتى مالية حددت حريته أو تركت له العنان فسرح في فهرسته كما يشاء، فسجّل الطامات وأربى فيما جاء به على البلايا، فكان فيها المجحف في الاختصار، وكان منها المسرف في التطويل، وكان منها الموغل في إثبات المعلومات الخاطئة، فكان كل مفهرس يحسب أنه مصيب في فهرسته، وهم غير ملومين، لأنّ من عهد إليهم بالفهرسة لم يكونوا أحسن حالا منهم بها.
ولما كانت مهمة الفهرسة تكمن في إعداد البيانات وتيسير المعلومات عن هذه المخطوطة أو تلك، فهي هنا مفتاح الباحث الذي يلج به إلى محتويات الخزائن وكنوزها، وهي بعد الدليل إلى تمييز هذه المخطوطة عن أختها، وذلك بتعيين الملامح المادية وتحديدها لكلّ منهما، لأنّ نسختين من مخطوطة واحدة لا تتشابهان إطلاقا كتشابه نسختين من كتاب مطبوع حتى ولو نسخهما ناسخ واحد. وهنا تتميز فهرسة المخطوط عن المطبوع، لأن التعامل مع المخطوطات يختلف اختلافا جذريا في مقارنته مع المطبوعات بصنوفها المختلفة، وهذا الاختلاف لا يكمن في كون المخطوطات أهمّ علميا، أو أغلى قيمة مادية من المطبوعات، بل لأنّ التعامل مع المخطوطات، يتطلب صفات وقابليات وميولا في المفهرس لا تستلزمها المطبوعات، والسبب يكمن في أنّ المخطوطة نفسها عالم قائم بذاته، متميز عن غيره، منفرد بدقائقه وتفصيلاته وصفاته، ولا يستطيع أن يلج هذا العالم ويكتشف خباياه إلّا من أوتي صبرا عميقا، وجلدا وثيقا، وهمّة عالية، ورغبة طاغية، وحب استطلاع أصيل لاستكشاف المجهول في كل ثنية ورقة غائرة، أو جرّة قلم عابرة، أو حروف امتلاك مطموسة، أو تعقيبة مبتورة، أو مقابلة مبلولة، أو إجازة مخرومة، أو ترقيم مقطوع، أو تاريخ مزوّر، أو عنوان مزيف، أو
قراءة قارئ ممسوحة أو مطموسة، أو سماع مؤرخ، أو تقييد وقف مغصوب مطموس أو اسم ناسخ مقوّر عمدا، أو ختم باهت، أو تعويذة أرضة ملغوزة (1)
أو تجليد منحول أو تقييد إعارة مبشور، فهل كل هذا موجود في الكتاب المطبوع؟(1/95)
ولما كانت مهمة الفهرسة تكمن في إعداد البيانات وتيسير المعلومات عن هذه المخطوطة أو تلك، فهي هنا مفتاح الباحث الذي يلج به إلى محتويات الخزائن وكنوزها، وهي بعد الدليل إلى تمييز هذه المخطوطة عن أختها، وذلك بتعيين الملامح المادية وتحديدها لكلّ منهما، لأنّ نسختين من مخطوطة واحدة لا تتشابهان إطلاقا كتشابه نسختين من كتاب مطبوع حتى ولو نسخهما ناسخ واحد. وهنا تتميز فهرسة المخطوط عن المطبوع، لأن التعامل مع المخطوطات يختلف اختلافا جذريا في مقارنته مع المطبوعات بصنوفها المختلفة، وهذا الاختلاف لا يكمن في كون المخطوطات أهمّ علميا، أو أغلى قيمة مادية من المطبوعات، بل لأنّ التعامل مع المخطوطات، يتطلب صفات وقابليات وميولا في المفهرس لا تستلزمها المطبوعات، والسبب يكمن في أنّ المخطوطة نفسها عالم قائم بذاته، متميز عن غيره، منفرد بدقائقه وتفصيلاته وصفاته، ولا يستطيع أن يلج هذا العالم ويكتشف خباياه إلّا من أوتي صبرا عميقا، وجلدا وثيقا، وهمّة عالية، ورغبة طاغية، وحب استطلاع أصيل لاستكشاف المجهول في كل ثنية ورقة غائرة، أو جرّة قلم عابرة، أو حروف امتلاك مطموسة، أو تعقيبة مبتورة، أو مقابلة مبلولة، أو إجازة مخرومة، أو ترقيم مقطوع، أو تاريخ مزوّر، أو عنوان مزيف، أو
قراءة قارئ ممسوحة أو مطموسة، أو سماع مؤرخ، أو تقييد وقف مغصوب مطموس أو اسم ناسخ مقوّر عمدا، أو ختم باهت، أو تعويذة أرضة ملغوزة (1)
أو تجليد منحول أو تقييد إعارة مبشور، فهل كل هذا موجود في الكتاب المطبوع؟
ومن هنا نخلص إلى أنّ فهرسة المخطوطات ليست أمرا هيّنا وعملا يسيرا يقوم به من شاء وكما يشاء ممن عانى تحقيقا لنص، أو نشرا لرسالة، أو قراءة في مخطوطة، بل إنها فن وصنعة، قوامها الهواية، وسداها الخبرة، ولحمتها الدربة الطويلة والمران المستمر، والدراسة العميقة الدقيقة لكل جانب جمالي وصناعي وفكري في المخطوطة، إذ لا يكفي معرفة المفهرس بأنواع الخطوط، وتطورها واشتقاقاتها والجلود وأصنافها وطرز عملها والأمدة والأحبار والأصباغ ووسائل صناعتها وموادها، والأوراق والرقوق والطروس والقراطيس والمهارق وأنواع القباطي (2) والكرابيس والزخرفة والتذهيب والتسفير (التجليد) وما إلى ذلك من الجوانب الفنية، ليكون مفهرسا خبيرا جيدا دون أن يكون أيضا على معرفة واسعة بالفكر الإسلامي بكل جوانبه المختلفة: من تاريخ وفقه وخلاف وقضاء وأوقاف وأنظمة الدواوين، وأدب وشعر ولغة وعقائد وفرق وما يدور حول كلّ هذا وزيادة.
فإنّ في عملية الفهرسة مشكلات كثيرة، يمر بها القارئ الحصيف والمحقق المدقق فلا يقف بصره عندها، ولا تثير في نفسه تحديا يحمله على معاناة فكّ ألغازها، وحلّ معمياتها التي تعارف عليها النساخ والقرّاء قرونا طويلة، فقد تعترض سبيل المفهرس بعض هذه الألغاز، فيقف أمامها حائرا
__________
(1) هذه عباراتي نقلها عابد سليمان المشوخي عني في كتابه فهرسة المخطوطات العربية 191والظاهر أنه نسي الإشارة إلى مصدرها.
(2) القباطي: هي ثياب تصنع من الكتان في مصر كانت غاية في البياض والنقاء.(1/96)
قلقا وجلا، يقلبها على جوانبها ويكدّ عقله وخياله حتى يجد لها حلا يرضيه، ناهيك عما يتطلبه الأمر من البحث الطويل والتنقير الممعن في المراجع المختلفة للتثبت والتأكد مما لديه (1).
المعروف أنّ المخطوطات تتفاوت في حالاتها، وتكويناتها الخارجية والداخلية عند وصولها إلى يد المفهرس، فبعضها تصل كاملة غير منقوصة، وبعضها عفّى الزمن والعيث على أوائلها، وبعضها تجرأت العوامل البشرية على استلاب أواخرها، وبعضها كان محظوظا فوقعت بيد من صان قدرها المهان، فاستكمل ما ضاع من جوانبها، وبعضها انخرمت بعض كراريسها الداخلية فتاهت وتناقلتها الأيدي زمانا ثم وصلت إلينا هذه الكراريس على استحياء، وبعضها فقدت جلودها فلم تحظ بمن يجدد لها جلودها، وبعضها احتمى بها صاحبها من المطر فسدّ بها كوّة في مسكنه فحمته من البرد والبلل ولم تحم نفسها، وبعضها عبث بها المزورون فحرّفوا عناوينها وأسماء مؤلفيها ونساخها وعبثوا بترقيمها أو كشطوا ما يدلّ على أجزائها، وهذه كلها موجودة في المخطوطات التي تمرّ على يد المفهرس وزيادة، ناهيك عن عيث الأرضة الجائعة (2) التي لا تقرأ الألغاز ولا التعاويذ.
من كلّ ذلك نخلص إلى أنّ المشكلة الأولى في علم فهرسة المخطوطات، تكمن في إعداد المفهرس المؤهل، ولا يتم إعداده إلا إذا تبنّت الجامعات العربية فتح أقسام لتدريب المفهرسين، وعلى أن يقوم بالتدريب فيها من أوتي دربة واسعة وخبرة وثيقة في تعامله مع فهرسة المخطوطات ولا المطبوعات، ويكون على علم بمشكلاتها، لأنّ خبراء أوعية المعلومات، وخريجي أقسام المكتبات والمعلومات، في الوطن العربي، يفتقرون إلى
__________
(1) فهرسة المخطوطات العربية 192191.
(2) المصدر نفسه 192.(1/97)
معرفتها ومعاناة مصاعبها، لأنهم غير مدرّبين على هذه الصنعة، والإنسان بطبعه عدوّ لما يجهل.
أما المشكلة الثانية: فتتعلق بقواعد الفهرسة نفسها، فإن المكتبة العربية تكاد تكون خالية من أية أصول فهرسية متفق عليها، والنتيجة من كلّ هذا أنّ كثيرا من عمليات الفهرسة تتم دون قواعد متقنة، مما يجعل توثيق عنوان المخطوطة أو اسم مؤلفها مشكوكا فيه أحيانا، لقلة خبرة المفهرس في علم الاكتناه أو جهله بمشكلاته الكثيرة (1).
أما المشكلة الثالثة: فهي وثيقة الصلة بالمشكلات السابقة، وعليها تعتمد في حلها، فإذا توصلنا إلى وضع قواعد فهرسية متفق عليها، واتفقنا على وضع قائمة برؤوس الموضوعات، فحينئذ تبدأ المشكلة الفنية التدريبية، وهي التي يشترك في بعض جوانبها المحقق والمفهرس على حد سواء، ولما كان عمل المفهرس سابقا على عمل المحقق فأولى بالمفهرس أن يخفف عن المحقق العناء لأنه يفهرس مخطوطة بين يديه قد لا تتهيأ للمحقق في بلد آخر.
وهنا يأتي دور تدريب المفهرس على مشكلات الفهرسة، وعلى وسائل حلها، وهذا علم قائم بذاته، بالرغم من أن من كتب في تحقيق النصوص، تناول بعض جوانبه مثل: تحقيق عنوان المخطوطة، والتعرف على اسم المؤلف، ونسبة الكتاب إليه، ثم أوصوا من يود تحقيق مخطوطة ما: «أن يدرس ورقها ليتمكن من تحقيق عمرها وأن يدرس المداد فيتضح له قرب عهده أو بعد عهده، وكذلك الخط، فإنّ لكل عصر نهجا خاصا في الخط ونظام كتابته، يستطيع الخبير الممارس أن يحكم في ذلك بخبرته» (2)، بيد أنهم
__________
(1) انظر استعراضي لكتاب، في: مجلة عالم الكتب السعودية، العدد 15، 1994، 265236.
(2) تحقيق النصوص ونشرها، لعبد السلام هارون، القاهرة 1374هـ / 1954، 3231.(1/98)
لم يخبرونا عن وسائل دراسة الورق أو أنواعه أو كيفية التمييز بين أصنافه، أو في تحديد زمن المخطوطة، ولا وسائل معرفة أنواع المداد وأساليب معرفة عصوره ولا صناعته؟ وهذا ما لا يمكن أن يستغني عن معرفته أيّ مفهرس، إضافة إلى الترقيم وتطور استعماله، ونظام التعقيبات والكراسات، ومعرفة التواريخ المزورة والعناوين المزيفة، بل حتى المخطوطات المزيفة الكاملة، ونظام التوريخ بحساب الجمل والحسابات المركبة والعلامات المائية وتواريخها، والمخطوطات المنسوبة لغير مؤلفيها الحقيقيين، والتجليد ومواده وأقطاره، فإن التجليد الهندي غير المصري وهما غير المغربي، والترنجات والمداليات وزخارفها والأحبار وألوانها وتاريخ ظهورها ووسائل صناعتها والمواد الداخلة في هذه الصناعة، ناهيك عن تمييز الخطوط، وهذا كله ما يسمى في اللغات الأوربية ب: الباليوغرافي، وسميناه ب: علم الاكتناه: وهو علم يختص باستنباط المعلومات واستقراء دقائقها، على ضوء المعرفة التي اكتسبها المفهرس بالدراسة العميقة والمران الطويل.
ويلحق بكل هذا تدريب المفهرس على حسن معرفته، وسهولة استخدامه لآلات الفهرسة المساعدة له في عمله، مثل كتب بروكلمان وسزكين وحاجي خليفة وذيوله والزركلي وكحالة وكتب الوفيات والطبقات حسب القرون وغيرها، وكتب الرجال والمعاجم وكتب الموسوعات والمشيخات أو البرنامجات، وكتب البلدان والتواريخ عامة وكتب تواريخ البلدان خاصة، والأنساب وأصول الرواية والدراية وكتب المتشابه وما إلى ذلك من أوعية المعلومات، إضافة إلى اطلاع واسع على ما نشر من فهارس المخطوطات في العالم العربي والإسلامي والعالم الغربي، وعلى ما نشر أو ينشر من دراسات لها مساس مباشر أو قريب من عمله.(1/99)
ومن مشكلات الفهرسة أيضا: أنّ بعض الوراقين أو ملّاك المخطوطة اعتادوا على كتابة عنوان مختصر للكتاب على أحد جوانبه خاصة الجانب السفلي منه، لأنهم كانوا يصفّون الكتب وينضدونها على بعضها في الرفوف (1)، كما يظهر ذلك في إحدى صور الواسطي البغدادي في مقامات الحريري (2)، على غير ما نفعله الآن تقليدا للنظام الأوربي الذي لاحظه الجبرتي المتوفى سنة 1237هـ عند الفرنسيين أثناء احتلال نابليون لمصر، فيستطيع المحقق أو المفهرس التعرف على العنوان من ذلك، إذا شكّ في العنوان المثبت في أول المخطوطة، أو إذا كانت المخطوطة ناقصة من أولها ولم يذكر المؤلف أو الناسخ لها عنوانا في نهايتها.
وقد لا يطّرد هذا النظام في مخطوطات أخر، إذ قد يثبت أحد الملّاك عنوانا ملفقا كما جاء في مخطوطة سنن الصالحين لأبي الوليد الباجي المتوفى سنة 474هـ، المحفوظة في مكتبة جامعة لايدن برقم: 506. وهي مؤرخة في: «الثاني عشر من شهر جمادى الأولى من سنة تسع وعشرين وستمائة». فقد كتب في جانبها الأسفل: «سنن محمد الغزالي» والسبب أنّ العنوان في صفحة العنوان قد أخفته ورقة ألصقت عليها بكاملها في وقت متقدم فأخفت العنوان وتقييدات التملك، إلا إن كلمة «سنن» تظهر في الحاشية اليمنى من الورقة 2أبخط مغاير، فنسبها هذا المالك للغزالي، لأنّ الباجي ذكر في مقدمة النسخة أنه صنّفها لولديه فظن هذا المالك أنّ لها علاقة بكتاب: «أيها الولد» المشهور للغزالي.
أو قد يلحق مالك بضعة أوراق سقطت من مخطوطة أو مخطوطات مختلفة بمخطوطة أخرى لا علاقة لها قط بهذه الأوراق ويجلدها معا، كما
__________
(1) ذكر ذلك ابن سينا في مكتبة نوح بن منصور الساماني، كما جاء في ترجمته عند ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء 439: = في كل بيت صناديق كتب منضدة =.
(2). 9091، 1969،. .،،،،(1/100)
يظهر ذلك فيما نشره أحمد خان من بعض الصور لمخطوطة المنهل العذب البديع في مديح المليح الشفيع لزين الدين شعبان الآثاري (1) المتوفى سنة 828هـ، فإنه يظهر في هذه الصور تقييدات إجازات وسماعات مع توقيع محمد بن عبد الله المعروف بابن ظهيرة المكي المتوفى سنة 816هـ بخطه، بإجازة كتاب الترمذي، = بالمسجد الحرام تجاه الكعبة المشرفة = (2).
ومن مشكلات الفهرسة أيضا: التعرف على عنوان المخطوطة إذا وقعت في يده نسخة ناقصة الأول والآخر أو: نسخة لا تحمله قط في صفحة العنوان أو: في مقدمة المؤلف أو: في تقييد الختام، أو: أنّ الناسخ ذكر لها عنوانا مزيفا في أولها أو: في تقييد الختام، أو: أنّ مؤلفها يذكر لها أكثر من عنوان، أو: أنها معروفة بأكثر من عنوان مثل: صور الكواكب لعبد الرحمن ابن عمر الصوفي، فإنه يعرف أيضا بعنوان: معرفة النجوم الثوابت، وشرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون يعرف بعنوان: ظل الغمامة ونور الكمامة (3)، فإنّ كلّ هذه وأمثالها من المشكلات التي يحار المفهرس في حلها، فعليه والحال هذه أن يتحلى بالصبر العميق والتأني الدقيق وتقليب الأمر على وجوهه، فلا يكلّ ولا يملّ من البحث والتنقير حتى يتبين له الصواب.
ولا بأس بأن أورد مثالا وقع لي حين طلبت مني إحدى المؤسسات الثقافية تحكيم مخطوطة محققة في أصول الفقه الإسلامي عرضت عليها للنشر وكانت في الأصل أطروحة جامعية حصل عليها صاحبها على درجة دكتور من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن.
__________
(1) نسبة إلى إلى رباط الآثار النبوية في القاهرة التي أقام بها وليس إلى الآثار الشريفة بالحجاز أو للآثار المصرية، كما ظن هلال ناجي في نشره قصيدة الآثاري: وسيلة الملهوف عند أهل المعروف في مجلة المورد مج 3، ع 1، بغداد 1394هـ / 1973، 177، انظر:
الآثار النبوية لأحمد تيمور 35.
(2) عالم المخطوطات والنوادر، مج 4، ع 1، المحرم جمادى الآخرة 1420هـ، 140.
(3) صلة الصلة لابن الزبير، تح عبد السلام الهراس وسعيد أعراب 4/ 197.(1/101)
وسوف أكتفي هنا بمناقشة عنوان المخطوطة فقط لألقي الضوء على اختلاف العناوين في المخطوطات التي تمرّ على يد المفهرس، والعناء المضني الذي يلقاه في التوثق من عنوانها الصحيح.
اعتمد المحقق على عشر نسخ من المخطوطة، وكان منها نسخة مسوّدة المؤلف، وأخرى بخط أخت المؤلف، وهي كما يأتي:
1 - نسخة دار الكتب المصرية، مسودة المؤلف التي اعتمدها المحقق:
عنوانها كما جاء فيها: نهاية الوصول إلى علم الأصول وهي مؤرخة في سنة 694هـ، وهي أقدم النسخ.
قال المحقق فيها: «إن المخطوطة قد قرئت في سبعة مجالس، فإننا نجد في الورقة 13أكلمة ثالث، وفي الورقة 24أكلمة رابع وفي الورقة 27أنجد كلمة خامس وفي الورقة 37أنجد كلمة سادس وفي الورقة 57أكلمة سابع».
وقد سبق أن رأينا أنّ هذا نوع من أنواع الترقيم، وليس القراءآات، ثم أمر آخر، وهو أنّ هذه المخطوطة تحتوي على 67ورقة فقط، فإذا ظهر في الورقة 13أكلمة ثالث، فهذا يعني أنّ كراستين سبقت هذا الترقيم إلا إذا افترضنا أنّ هذا المحقق لم يحسن القراءة وهو الأرجح، وإذا ظهر في الورقة 24أكلمة رابع فلا يمكن أن يظهر كلمة خامس في ورقة 27أإلا إذا افترضنا سقوط أوراق فيما بينهما، وإذا ظهر في الورقة 37أكلمة سادس وفي الورقة 57أكلمة سابع، فهذا يعني أنّ هذه الكراسة تحتوي على عشرين ورقة، وهو مناقض أيضا للنظام.
2 - نسخة داماد وهي نسخة نسختها أخت المؤلف من مبيضة أخيها، وهي مؤرخة في سنة 711هـ، قال المحقق فيها: «وهي نسخة موثوق بها» بيد أنه لم يذكر لنا عنوانها.(1/102)
3 - نسخة أيا صوفيا، عنوانها البديع في أصول الفقه ومؤرخة في سنة 860هـ.
4 - نسخة حالت أفندي، وعنوانها نهاية الوصول إلى علم الأصول المعروف بالبديع، وهي مؤرخة في سنة 725هـ.
5 - نسخة لاللي، وعنوانها: بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام، وهي مؤرخة في سنة 701هـ في دمشق، فإذا صحّ هذا التاريخ، فهي أقدم نسخة بعد مسودة المؤلف.
6 - نسخة طوب قابي سراي، عنوانها: البديع، بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام، ومؤرخة في سنة 740هـ، وقال ناسخها:
«نسخت هذه العنوان من نسخة ابن الساعاتي الأصل وعنوانها الأول:
نهاية الوصول إلى علم الأصول وعنوانها الآخر: بديع النظام».
7 - نسخة شهيد علي، عنوانها: البديع في أصول الفقه وهي مؤرخة في سنة 732هـ.
8 - نسخة بشير أغا، عنوانها: البديع في أصول الفقه، وهي مؤرخة في سنة 744هـ بدمشق.
9 - نسخة فاتح، وهي مؤرخة في سنة 774هـ بدمشق، لم يذكر المحقق لها عنوانا.
10 - نسخة نور عثمانية، عنوانها: البديع، وهي مؤرخة في سنة 790هـ بالقاهرة.
ومع كل العناوين المختلفة، فإن المحقق اختار عنوان: بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام، مع أن كل من ترجم لمؤلف المخطوطة ابن الساعاتي المتوفى سنة 694هـ لم يذكر الكتاب بالعنوان الذي اختاره المحقق، وهم حسب سني وفياتهم:(1/103)
1 - اليافعي المتوفى سنة 768هـ في مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان، حيدر آباد، 4/ 227إلّا أنه لم يذكر مصنفات ابن الساعاتي، بل قال في ترجمته القصيرة: «له مصنفات في الفقه وأصوله وفي الأدب».
2 - محمد بن رافع السلامي المتوفى سنة 774هـ في تاريخ علماء بغداد (1) سمّاه: البديع في أصول الفقه.
3 - القرشي المتوفى سنة 775هـ (2) في الجواهر المضية في طبقات الحنفية، حيث قال: «وله البديع في أصول الفقه، جمع فيه بين أصول فخر الإسلام البزدوي والإحكام للآمدي»، ثم أورد قسما من مقدمة الكتاب.
4 - ابن خلدون المتوفى سنة 808هـ، في المقدمة سماه: البدائع (3).
5 - ابن قطلوبغا المتوفى سنة 879هـ في تاج التراجم (4)، قال فيه: «وله كتاب البديع في الأصول، جمع بين أصول فخر الإسلام علي البزدوي والإحكام للآمدي».
6 - ابن تغري بردي المتوفى سنة 874هـ في المنهل الصافي (5)، قال فيه:
«وألف التآليف المفيدة الحسنة من ذلك البديع في أصول الفقه الذي لم يصنف مثله، جمع فيه بين أصول فخر الإسلام البزدوي والإحكام للآمدي».
__________
(1) تحقيق عباس العزاوي، مطبعة الأهالي، بغداد 1938.
(2) تحقيق عبد الفتاح الحلو، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1398هـ / 1978، 1/ 212208.
(3) المقدمة، المطبعة الأزهرية المصرية، القاهرة 1311هـ، 271.
(4) تحقيق محمد خير رمضان، دار القلم، دمشق 1413هـ / 1992، 95.
(5) تحقيق محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1985، 1/ 421.(1/104)
7 - تقي الدين بن عبد القادر التميمي المتوفى سنة 1005هـ في الطبقات السنية في تراجم الحنفية (1)، نقل في ترجمته ما جاء عند القرشي.
8 - الخوانساري المتوفى سنة 1261هـ في روضات الجنات 1/ 325ذكر عنوان الكتاب: «البديع في الأصول».
9 - عبد الحي اللكنوي المتوفى سنة 1304هـ في الفوائد البهية في تراجم الحنفية 260أعاد ما ذكره غيره.
10 - حاجي خليفة في كشف الظنون والبغدادي في هدية العارفين.
وكل هؤلاء لم يزيدوا على ما قاله القرشي في الجواهر المضية، إذ ذكروا الكتاب بعنوان: «البديع» وزادوا عليه: «في أصول الفقه» أو: «في الأصول» لتوضيح فحواه ومحتواه، بل إنّ المؤلف نفسه سمّاه: «البديع» فقط كما يظهر في مقدمة المخطوطة الأولى، وأشار إليه مرارا في كتابه الآخر:
مجمع البحرين، باسم: البديع فقط، إلا أنه أثبت في مسودته عنوانا آخر هو:
نهاية الوصول إلى علم الإصول، وورد هذا العنوان أيضا في مخطوطات أخر، وورد عنوان: البديع في أصول الفقه في مخطوطات أخر أيضا.
والسؤال الذي يجب أن يسأله المفهرس: ما العنوان الصحيح لهذه المخطوطة؟ وبأيّ عنوان يفهرسها؟
والذي يظهر لي أنّ ابن الساعاتي كتب في صفحة العنوان:
نهاية الوصول إلى علم الأصول جمعت فيه بين أصول البزدوي وإحكام الآمدي أو شيئا شبيها بهذا، ولما كان اسم الكتاب البديع كما جاء في مقدمة مسوّدة الكتاب فقد تصرف بعض النساخ في عنوانه فسماه بعضهم: بديع
__________
(1) تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، دار الرفاعي، الرياض 1403هـ / 1983، 1/ 401.(1/105)
النظام، وزاد بعضهم عليه: الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام ليتسق السجع، دون إدراك ما فيه من خطأ معنوي، لأنّ هذا العنوان = بين كتابي البزدوي = يوحي بأنّ المؤلف جمع بين كتابين للبزدوي وإحكام الآمدي، وهو ليس كذلك، وأثبت بعضهم العنوان الأصل: نهاية الوصول إلى علم الأصول دون الزيادة، وأثبت بعضهم: البديع في أصول الفقه، وأرى أن عنوان الكتاب هو: البديع في أصول الفقه لأنه هو الذي اشتهر وعرف عند من ترجم لابن الساعاتي وعند من شرح الكتاب، كما يظهر في العديد من شروحه، ولا بأس من أن يذكر المفهرس العناوين الأخرى التي عرف الكتاب بها في حقل الملاحظات.
وقد تلعب المصادفة دورا عجيبا في عمل المفهرس، فإنني أذكر أنّ قطعة من مخطوطة سقطت أوراق من أولها ومن آخرها، فقرأتها أكثر من مرة فلم أجد فيها دليلا يعينني على معرفة عنوانها أو مؤلفها، فتركتها، واشتغلت بفهرسة مخطوطة أخرى فإذا الأخرى نسخة كاملة منها، وإذا هي مطبوعة أيضا.
ومن مشكلات الفهرسة أن كثيرا من المخطوطات الحديثة التي تمرّ على يد المفهرس إنما هي نسخ منسوخة من كتب مطبوعة، وتكثر هذه الظاهرة في المخطوطات المغربية، فقد مرّت على يدي مخطوطة بخط مغربي منقولة من تاريخ ابن خلدون المطبوع ببولاق سنة 1284هـ، مكتوبة على كاغد فاسي الصنع، فقد جاء في نهاية إحدى قطعها ما نصه: = تم طبع الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس، أوله الخبر عن دولة السلجوقية، وقد ورد هذا بالنص في طبعة بولاق (1).
__________
(1) تاريخ ابن خلدون، طبعة بولاق 1284هـ، 4/ 521.(1/106)
وهذه المخطوطة هي ملك الزميل المستشرق الهولندي بيتر شورد فان كوننكزفيلد.
ومن مشكلات الفهرسة أيضا، المطبوعات الحجرية التي تمر على يد المفهرس غير المتمرن، فيحسبها من المخطوطات، ويمكن معرفتها بكل سهولة، فلو نظر المفهرس الفطن إلى حروفها بالعين المجردة، لرأى أنّ مدادها قد تسرب إلى ما يجاورها من الكاغد، وأنّ في حروفها بقعا بيضا صغيرة، هي فقاعات هوائية حدثت في المداد عند الطباعة.(1/107)
طراز الخط
ومن مشكلات الفهرسة أيضا: التعرف على خط المخطوطة ووصفه وصفا دقيقا صحيحا موثوقا، فقد اعتاد كثير من المفهرسين والمحققين حين يصفون طراز الخط في المخطوطة على وصفة ب: خط معتاد، تهربا من معرفته وجهلا بوصفه، ولا ندري ما هذا النوع من الخطوط؟ إذ ليس في الخطوط ما يسمى بالمعتاد، ولا ما يسمى بالخط الفارسي الذي يتداوله أصحاب دكاكين الخط، وسيأتي توضيحه.
واعتاد بعض المفهرسين والمحققين على تقدير زمن نسخ المخطوطة عشوائيا دون سند مادي توثيقي من المخطوطة نفسها، فإذا لم يكن المحقق أو المفهرس عارفا بصناعة المداد والكاغد والتجليد وطرز الخطوط أيضا، كان تقديره لزمن نسخ المخطوطة حدسيا اعتباطيا دون توثيق، وهذا ما نلاحظه في التخبط الواسع في عناوين المخطوطات، أو أسماء مؤلفيها أو تقدير زمن نسخها، أو حتى في وصف مدادها، أو خطوطها في الفهارس الكثيرة التي لم يحسن معدّوها الأصول العلمية الفنية الدقيقة في الفهرسة.
ولأجل التغلب على هذه المعوقات الكأداء، فلا بدّ من تدريب المفهرس الذي يهوى العمل في المخطوطات على معرفة الخطوط وتمييزها، ومن ثمّ إعداده إعدادا علميا شاملا مبنيا على كل فروع علم الاكتناه ومعارفها، حتى يكون عمله نابعا من معرفة أكيدة، فيكون عمله سليما فيوثق به ويطمئن إليه، ولا يتم إعداد المفهرس أو المحقق إعدادا علميا إلّا إذا تبنّت الجامعات العربية تدريس علم الاكتناه في أقسام المكتبات.(1/109)
بطاقة الفهرسة
لقد تعددت بطاقات الفهرسة تبعا لثقافة المفهرس ودربته، أو أنّ بعض المكتبات والمؤسسات فرضت على المفهرس بطاقة معينة قام بتنظيمها فرد أو لجنة مثل بطاقة مؤسسة الفرقان بلندن التي نظّمها الاستاذ عبد المحسن آل عباس (1)، وبطاقة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التي قمت بتنظيمها، وبطاقة مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء التي نظّمتها لجنة كنت أحد أعضائها، بيد أنني اتّبعت في ما قمت بفهرسته من المخطوطات العربية بطاقة خاصة أدخلت فيها الحقول المهمة وأدمجت بعض الحقول مع بعضها، وتركت للمفهرس حرية الوصف الشامل لملامح المخطوطة المادية في حقل الملاحظات، فراعيت في هذه البطاقة اختصارا غير مخلّ، مع الحرص على اشتمالها على كلّ ما يود الباحث عامة والمحقق خاصة معرفة حول المخطوطة المفهرسة، وقد قسّمت المقاس فيها إلى حقلين هما: المقاس الداخلي للنص والمقاس الخارجي لورقة المخطوطة، فجاءت كما يأتي.
1 - عنوان المخطوطة المشهور: مع الإشارة إلى العناوين الأخرى.
2 - اسم المؤلف الكامل: وسنة وفاته:
3 - بعض المصادر التي ترجمت له:
4 - أول المخطوطة: ويجب أن تحتوي على قصد المؤلف من كتابه وبخاصة ما جاء بعد = أما بعد =، وعنوان المخطوطة إذا كان مذكورا في مقدمة المؤلف.
__________
(1) سمعت منه ذلك وأردف قائلا: «ثم عرضت على لجنة من الخبراء في المؤسسة نفسها».(1/111)
5 - آخرها: ويجب أن يحتوي على جمل كافية من أصل النص، دون الأدعية ودون التاريخ واسم الناسخ.
6 - الملاحظات: وهنا يورد المفهرس وصف النسخة وصفا شاملا، يحتوي على نوع المداد ونوع الكاغد وتقييدات المقابلة والوقف وما جاء فيها من تقييدات التملك وأختامه، إذا لم تكن مطموسة عمدا، والقراءة والإعارة والمطالعة وما إلى ذلك، وفي هذا الحقل يستطيع المفهرس أن يورد كلّ ما يتعلق بالملامح المادية للمخطوطة.
7 - اسم الناسخ: إذا كان مذكورا.
8 - نوع الخط:.
9 - تاريخ النسخ: يجب نقله بالنص إذا كان موجودا مع أخطائه النحوية أو العددية، أو تقديره وذكر مكان النسخ إذا كان مذكورا.
10 - عدد الأوراق: وفي حالة المجاميع، من ورقة كذا إلى ورقة كذا.
11 - عدد الأسطر:.
12 - المقاس الداخلي: أي للنص المكتوب بالسنتمتر طولا وعرضا.
13 - المقاس الخارجي: لصفحة المخطوطة بالسنتمتر طولا وعرضا.
14 - نسخها: إذا كان لها نسخ مسجلة عند بروكلمان أو سزكين أو في الفهارس المختلفة ومواضع حفظها وأرقام حفظها، أو الإشارة إليها.
15 - نشرها: إذا كانت المخطوطة منشورة أو محققة، فعلى المفهرس أن يذكر ذلك مع مكان النشر وسنة النشر، أو يشير إلى مصدره.
16 - تجليدها: وهنا يصف المفهرس طراز التجليد باختصار.
17 - رقم الحفظ: [].(1/112)
مثالان تطبيقيان لهذه البطاقة
المثال الأول: الأسماء والصفات لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي، أبو بكر المتوفى سنة 458هـ
[بروكلمان 1/ 363وملحقه 1/ 618وسير أعلام النبلاء 18/ 163]
أول النسخة: «رب زدني علما وبك العون أخبرنا الشيخ عبد الدائم بن عمر ابن حسن بن عبد الواحد العسقلاني قال حدثنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال أخبرنا الشيخ الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي رحمه الله قراءة عليه في شعبان سنة تسع وأربعين وأربعماية قال كتاب أسماء الله جل ثناؤه وصفاته باب إثبات أسماء الله تعالى».
آخرها: «فقال ما حملك على النار قال خشيتك يا رب قال اسمعك راهبا فيتيب الله عليه قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله هذا آخر ما سهل الله تعالى نقله في أسماء الله وصفاته وما يحتاج إلى تأويل مع التأويل وقد تركت من الأحاديث التي رويت في أمثال ما أوردته ما دخل معناه فيما نقلته إذ وجدته بإسناد ضعيف لا يثبت مثله خشية التطويل والله الموفق أخبرنا الإمامان الفقيه أبو الحسن عبيد الله بن محمد ابن أحمد البيهقي والشيخ الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي الصاعدي الفقيه عن المصنف أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن أحمد البيهقي رحمة الله عليه
وذلك بالحرم الشريف زاده الله شرفا وتعظيما تجاه الكعبة شرفها الله في مواعيد آخرها مستهل ذي الحجة من شهور سنة سبع وسبعين وخمسماية وحسبي الله ونعم الوكيل».(1/113)
آخرها: «فقال ما حملك على النار قال خشيتك يا رب قال اسمعك راهبا فيتيب الله عليه قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله هذا آخر ما سهل الله تعالى نقله في أسماء الله وصفاته وما يحتاج إلى تأويل مع التأويل وقد تركت من الأحاديث التي رويت في أمثال ما أوردته ما دخل معناه فيما نقلته إذ وجدته بإسناد ضعيف لا يثبت مثله خشية التطويل والله الموفق أخبرنا الإمامان الفقيه أبو الحسن عبيد الله بن محمد ابن أحمد البيهقي والشيخ الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي الصاعدي الفقيه عن المصنف أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن أحمد البيهقي رحمة الله عليه
وذلك بالحرم الشريف زاده الله شرفا وتعظيما تجاه الكعبة شرفها الله في مواعيد آخرها مستهل ذي الحجة من شهور سنة سبع وسبعين وخمسماية وحسبي الله ونعم الوكيل».
الملاحظات: نسخة حسنة تامة، ومقابلة على الأصل الذي نسخت منه، كما يظهر ذلك في تصحيحات المقابلة ورموزها المثبتة في الحواشي.
كتب النص فيها بالمداد الأسود العفصي الزاجي الداكن إجمالا، واستعمل الناسخ المداد الأحمر في كتابة الأبواب والفصول وبعض أوائل الفقر وما إلى ذلك، على نوعين من الكواغد الفرنجية أولها أسمر اللون صقيل والآخر أبيض صقيل تظهر في كليهما الخطوط المتوازية والعلامات المائية المختلفة.
في صفحة العنوان تظهر التقييدات الآتية:
1= دخل في ملك أحوج العباد وأفقرهم إلى الملك المنان عبده الفقيه عباس بن المرحوم سالم عباس 1172هـ =.
2= قد وقف هذا الكتاب الأخ المرحوم درويش بن صالح السعدي الطائفي وجعل النظر عليه للسيد عبد الجليل بن السيد حسن الحسني الطباطبائي وقفا صحيحا لا يباع ولا يشرا ليعلم من يراه =.
اسم الناسخ: يونس بن حسن.
نوع الخط: نسخ تدويني واضح.
تاريخ النسخ: = وكان الفراغ من نسخه على يد العبد الفقير إلى القدير يونس بن حسن في تاسع عشرين صفر الخير من سنة ثمان وخمسين وماية وألف = (1158هـ).(1/114)
عدد الأوراق: 296ورقة.
عدد الأسطر: 19سطرا.
المقاس: 15* 21، 5سم.
نسخها: انظر: بروكلمان عن نسخها.
نشرها: نشرت أكثر من مرة في الهند والقاهرة، انظر: ذخائر التراث العربي الإسلامي 403وبروكلمان.
تجليدها: حديث، سقط منه اللسان، وهو من الورق المقوى المغلف بالجلد البني، وزينت الدفتان بمداليتين مضغوطتين، يظهر فيه ترميم بدائي الصنع وتمزق في الدفة اليسرى.
[رقم الحفظ: 8919] (1)
المثال الثاني: الأذكار النووية
أو: حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص دعوات الأذكار المستحبة في الليل والنهار (الجزء الأول فقط) ليحيى بن شرف بن مري النووي، محيي الدين أبو زكريا المتوفى سنة 677هـ[كحالة 13/ 202وبروكلمان 1/ 397وملحقه 1/ 680] أول النسخة: «الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار مقدر الأقدار مصرف الأمور مكور الليل على النهار أما بعد فقد قال الله العظيم
__________
(1) مخطوطة مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.(1/115)
الرحيم {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وقد صنف العلماء في اليوم والليلة والدعوات كتبا كثيرة معلومة عند العارفين لكنها مطولة بالأسانيد فضعفت عنها همم الطالبين فقصدت تسهيل ذلك على الراغبين».
آخرها: «وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس هذا لفظه فيها إلا أن في رواية البخاري اللهم اسقنا بل أغثنا وما أكثر فوائده وبالله التوفيق فرغ الجزء الاول من الأذكار النووية ويتلوه إن شاء الله تعالى باب اذكار التراويح إن شاء الله تعالى في الجزء الأخير رحم الله مصنفه وكاتبه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم».
الملاحظات: نسخة حسنة تامة، مقابلة على الأصل الذي نسخت منه، كما يظهر ذلك في تصحيحات المقابلة ورموزها المثبتة في الحواشي بخطوط مختلفة.
سقطت منها الأوراق الثمان الأولى، وورقتان من آخرها، فأكملها الشيخ عثمان بن عبد العزيز بن منصور الناصري العمروي بخطه، الذي أعرفه وأميزه بالمداد الأسود العفصي الزاجي الداكن، الذي تحول لونه إلى البني الداكن بفعل الرطوبة والتأكسد، على كاغد إنجليزي / هندي الصنع، أسمر اللون، خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.(1/116)
أما بقية النسخة فقد كتب فيها النص بالمداد الأسود العفصي الزاجي الداكن، الذي تحول إلى اللون البني أيضا، على كاغد مشرقي الصنع، أسمر اللون مصنوع من نفايات القطن وسيقان نبات الكتان، خال من الخطوط المتوازية والعلامات المائية.
تقع النسخة ضمن مجموعة تحتوي أيضا على:
1 - فتوى في الطلاق والعتاق لابن تيمية
2 - مسألة الإسراء وصلاة رسول الله بالأنبياء لعبد الغني المقدسي
في صفحة العنوان يظهر تقييد وقف باسم: الإمام عبد الله الفيصل، وتقييد تملك باسم عثمان بن عبد العزيز بن منصور ابن حمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حسين الحسيني الناصري ثم العمروي التميمي الحنبلي بتاريخ 1264هـ.
اسم الناسخ: غير مذكور.
نوع الخط: تعليق تدويني حسن.
تاريخ النسخ: النسخة غير مؤرخة بيد أنّ كاغدها المشرقي يعود إلى القرن التاسع للهجرة.
عدد الأوراق: 1أ 86ب.
عدد الأسطر: 17سطرا في النسخة الأصل.
المقاس: 14، 5* 18سم.
نسخها: ذكر بروكلمان منها نسخا عديدة في خزائن الكتب المختلفة.(1/117)
نشرها: نشرت في القاهرة مرارا بعنوان: الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار.
تجليدها: حديث، وهو من الورق المقوى السميك الجرم، المغلف بالجلد، البني الداكن، وزينت الدفتان بجداول مزدوجة مضغوطة، وفي داخلها رسوم زهرية مضغوطة عفت رسومها أو كادت.
[رقم الحفظ: (1) 8989] (1)
__________
(1) مخطوطة مكتبة جامعة الإمام أيضا.(1/118)
تقييدات الوقف
الوقف بالمعنى الفقهي: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة به للمنتفعين به، وهو مستحب مندوب إليه، والاصل فيه ما روى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، في ما رواه البخاري، قال: = حدّثنا قتيبة بن سعيد حدّثنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ حدّثنا ابن عون قال أنبأني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهمما أن عمر بن الخطّاب أصاب أرضا بخيبر فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستأمره فيها فقال يا رسول الله إنّي أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قطّ أنفس عندي منه فما تأمر به قال إن شئت حبست أصلها وتصدّقت بها قال فتصدّق بها عمر أنّه لا يباع ولا يوهب ولا يورث وتصدّق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرّقاب وفي سبيل الله وابن السّبيل والضّيف. لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متموّل قال فحدّثت به ابن سيرين فقال غير متأثّل مالا (1).
وروى البخاري وغيره حديث كنز الكعبة الشريفة وما تضمنه من إقرار النبي صلّى الله عليه وسلم له بمحله، ثم أبي بكر بعده، ورجوع عمر رضي الله عنه لذلك، لمّا ذكّره به شيبة (2)، وقال: = هما المرآن يقتدى بهما = (3)، لأنّ ما جعل في الكعبة وسبّل لها يجري مجرى الأوقاف، فلا يجوز تغييره عن وجهه (4).
وروى ابن شبّة: = أنّ خالد بن الوليد حبس داره بالمدينة، لا تباع ولا توهب = (5).
__________
(1) صحيح البخاري برقم: 2532.
(2) هو شيبة بن عثمان الحجبي.
(3) جاء في فتح الباري 3/ 456، «هما المرآن أقتدي بهما»، وأورد ابن حجر رواية «هما المرآن يقتدى بهما» على بناء الفعل للمجهول من رواية ابن مهدي 13/ 249.
(4) نقلا من المغانم المطابة ص 535وانظر: فتح الباري 3/ 457456.
(5) تاريخ المدينة 1/ 244.(1/119)
وبناء على هذا المستند الفقهي عند المسلمين الأوائل (1) كانت المصاحف أول الكتب التي سبّلت، ووقفت في الإسلام للمنفعة العامة (2)، وتطلبا للأجر والثواب، فصار هذا أسوة للواقفين في تقييداتهم في ما بعد، فصاروا يكتبون:
= لا يباع ولا يوهب ولا يورث إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها = أو: = لا يخرج من مكانه = أو = = إلا برهن مماثل = أو: = برهن ثقيل =، حسب ما يشترطه الواقف، ولهذا قال محمد بن خلف المرزبان في إعارة الكتب بين الناس:
أعر الدفتر للصاحب بالرهن الوثيق ... إنه ليس قبيحا أخذ رهن من صديق (3)
والظاهر أنّ بعض الواقفين كان يسمح بإعارة الكتب للمنتفعين الثقات دون رهن ثقيل، كما نجد ذلك في قول ياقوت: أنه استعار أثناء إقامته في مرو أكثر من مئتي مجلد من مكتبات مختلفة بغير رهن (4)، وكما يظهر من النصين في الإعارة ومنع الإعارة لأبي بكر أحمد بن محمد اليزدي وهو من رجال القرن الرابع للهجرة، وللسيوطي المتوفى سنة 911هـ، اللذين نشرهما فؤاد سيد (5).
واختص بعض العلماء والنساخ من الرجال والنساء بكتابة المصاحف فقط ووقفها منهم: محمد بن عبد الله الأنصاري البلنسي المتوفى في حدود سنة 610هـ، قال المراكشي: «وكان منقطعا إلى كتابة المصاحف، متقدما في براعة خطها، إماما في جودة ضبطها، ومما يشاع أنه نسخ من كتاب الله عز
__________
(1) انظر: أحكام الآوقاف لأبي بكر الخصّاف المتوفى سنة 261هـ، في الوقف وأسبابه وشروطه.
(2) الوقف وبنية المكتبة 6664.
(3) تقييد العلم 149، وورد البيت محرّفا في: نصان قديمان في إعارة الكتب، لفؤاد سيد،، مجلة معهد المخطوطات، مج 4، ج 1، شوال 1377هـ / 1958، 132.
(4) معجم البلدان 5/ 114، دار صادر.
(5) نصان قديمان في إعارة الكتب 136125.(1/120)
وجل ألف نسخة من ذلك على قسم أن لا يخطّ حرفا من غيره، تقربا إلى الله وتنزيها لتنزيله أن يخطّ سواه، ودأب على هذا العمل المبرور عمره، وتنافس الناس على طبقاتهم: الملوك فمن دونهم في ما يوجد من خطه، وخلّف في ذلك أباه وأخاه، وكانوا كلهم آية من آيات الله في إتقان هذه الصنعة المباركة» (1).
ويذكره الصفدي باسم محمد بن عبد الله بن غطّوس المتوفى سنة 414هـ (2) ويقول عنه: إنه إلى على نفسه ألّا يكتب حرفا إلّا من القرآن، وكان له بيت فيه آلة النسخ والرقوق وغير ذلك لا يدخله أحد من أهله (3).
ومن النساء البهاء بنت الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية، المتوفاة في سنة 305هـ، قال المراكشي: = كانت خيرة زاهدة عابدة متبتلة شديدة الرغبة في الخير وكانت تكتب المصاحف وتحبسها = (4).
وفي العصر الحديث يظهر التقييد الآتي في كتاب شواهد قطر الندى وبل الصدى لعبد العزيز بن مبارك بن غنّام، ونصه: = يعلم الناظر بأن سارة تقبل الله منها أوقفت هذا الكتاب لها ولوالديها وجعلت المقدم فيه من النظر والانتفاع به عبد الرحمن بن عدوان وذريته المتأهلين [] لا يباع ولا يوهب 12رجب سنة 1283= (5).
الوقف: مصطلح مشرقي، وهو التحبيس عند أهل المغرب والأندلس، وقد استعملا معا في المشرق أيضا، فيقال اليوم: الأوقاف في المشرق
__________
(1) الذيل والتكملة 6/ 315.
(2) وقال المراكشي أنه توفي في حدود سنة 610هـ.
(3) الوافي بالوفيات 3/ 352.
(4) الذيل والتكملة 8/ 484القسم الثاني، تح محمد بن شريفة.
(5) نسخة مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 8915.(1/121)
والأحباس في المغرب، ويقال: = وقف الدار على المساكين إذا حبسها عليهم، ووقفت الشيء وقفا أقفه، ولا يقال فيه: أوقفت إلّا على لغة رديئة = (1)، وحبس الكتاب وحبّسه أيضا إذا وقفه، وهذا الكتاب من وقف فلان أو من تحبيس علان.
ووقف الكتاب أو حبسه: جعله مشاعا للمستفيدين منه، قراءة أو نسخا أو مطالعة أو إعارة. إلّا إذا وضع الواقف شروطا على وقفه، وقد يكون وقف الكتاب على فرد من الناس، أو على ذرية الواقف للأرشد فالأرشد، أو على مذهب من المذاهب، أو مكانا من الأمكنة كالمدارس والمساجد والمستشفيات والأربطة أو التكايا والزوايا، أو على مدينة من المدن، أو على الناس عامة، أو حتى على ضريح من الأضرحة (2).
وغالبا ما يكون تقييد الوقف في صفحة العنوان، أو في آخر الكتاب وقد يكرر في أثناء أوراقه، مثل: «وقف» أو: «وقف لله تعالى»، وتختلف عبارة الوقف تبعا للقطر الذي كتب فيه التقييد، ولكاتبه أيضا مثل: = وقف وحبس وسبّل = أو: = وقف وحبس وسبل وأبّد وحرّم وتصدق =، أو عبارة: = وقف لله تعالى =، وأمثال ذلك، وغالبا ما يحتوي تقييد الوقف على اسم الواقف، وشروط الواقف، وجهة الوقف، وسنة الوقف وإشهاد الوقف، أو ختم الواقف فقط، وأمثال ذلك. إذ ليس هناك صيغة خاصة في تقييدات الوقف.
ويذكر المنوني رحمه الله وإيانا طريقة طريفة في كتابة تقييد الوقف، كانت معروفة في عصر الموحدين، وصدر أيام بني مرين، «في شارة حازمة لتمييز الكتب الموقوفة، فيرسم على السفر المعني كلمة: «حبس» بالحرف المغربي، بواسطة ثقوب متتابعة بالإبرة أو شبهها، حتى ينفذ الثقب
__________
(1) تاج العروس: = وقف =.
(2) كما فعل ابن تغري بردي في كتبه التي وقفها على مدفنه، دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية لعبد اللطيف إبراهيم 1/ 39.(1/122)
لسائر أوراق الكتاب» (1)، وذكر المنوني بعض هذه الكتب التي تحمل هذه الطريقة من التقييد.
المعروف أنّ نظام وقف الكتب أو تحبيسها لم يساير الزمن الذي نشأ فيه نظام الإجازات بل تأخر عنه كثيرا، مع أنّ يحيى بن محمود ساعاتي يرجع نشوء المكتبة في الإسلام إلى آخر القرن الأول للهجرة، فقال: = وقد ارتبطت حركة الثقافة العربية بشكل عميق وقوي بالمكتبة، منذ أن شرع العرب في تشكيل أعمال تأليفية بسيطة، وتوجهوا نحو تخصيص مكان يجمع فيه ما يصنّف، ويؤلف، ليصل إليه أكبر عدد ممكن من القراء، ولعل مما يؤكد ذلك، أن: عبد الحكم الجمحي شيّد في فترة مبكرة مكتبة في مكة، وجعلها عامة. ولجذب أكبر قدر من القراء طعّمها بوسائل ترفيه وتسلية تدفع من يرضى بذلك إلى محاولة أن يقرأ، فكان سابقا منذ مئات السنين للاتجاه الغربي، في إنشاء مكتبات عامة، تملك وسائل ترفيه وتسلية لجذب عامة القراء = (2).
والخبر الذي أورده الساعاتي، لتأييد ما ذهب إليه، هو ما رواه أبو الفرج الأصفهاني، فقال: = كان عبد الحكم بن عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي قد اتخذ بيتا فجعل فيه شطرنجات ونردات وقرقات ودفاتر، فيها من كل علم، وجعل في الجدار أوتادا، فمن جاء علق ثيابه على وتد منها، ثم جرّ دفترا فقرأه، أو بعض ما يلعب به فلعب به مع بعضهم = (3).
المعروف أنّ عبد الله بن صفوان وهو جد عبد الحكم هذا قتل مع ابن الزبير في سنة 73هـ (4)، وابنه عمرو بن عبد الله، كان من وجوه
__________
(1) قبس من عطاء المخطوط المغربي 2/ 672.
(2) الوقف وبنية المكتبة العربية 2322.
(3) المصدر نفسه 31نقلا عن الأغاني، بولاق 4/ 52.
(4) نسب قريش 390389والاستيعاب 2/ 334333والإصابة 3/ 60.(1/123)
قريش (1)، وهو الذي قال فيه ابن سعد: قليل الحديث (2)، وابنه عبد الحكيم (كذا عند ابن حزم) بن عمرو، الذي قال فيه ابن حزم: = وكان من فتيان قريش: قد اتّخذ بيتا لإخوانه فيه كتب العلم والشطرنجات والنرد والقرق = (3).
والسؤال هنا: متى عاش عبد الحكم هذا؟ فإذا مات جده في سنة 73 هجرية، فلا بدّ أنّ عبد الحكم هذا وأباه قد عاصرا الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي توفي في سنة 101هـ، ويبقى السؤال الآخر: ما هي كتب العلم هذه؟
أو الدفاتر التي فيها من كل علم؟ ومن أين جاء بها؟ وحركة التأليف لم تنشط في كلّ علم بعد، وهنا لا بدّ لنا من الحدس والاستنباط لأنّ هذا النادي كان على ما يظهر للتسلية فحسب، ولذلك لا يمكن أن نتوقع أنّ هذا الفتى القرشي وأصحابه من الشباب كانوا مهتمين بدفاتر الزهري في الحديث أو بمغازيه، أو بترجمة ماسرجويه الطبيب لكتاب أهرن (هارون) بن أعين القس النصراني في الطب، الذي وجده عمر بن عبد العزيز في خزائن كتب بني أمية فأمر بإخراجه وبثّه في أيدي الناس، أو بمغازي وهب بن منبه، أو بمغازي (4) عروة بن الزبير، أو بكتب الفقه التي أحرقها في سنة 63هـ (5)، بل لعلها كانت من الدفاتر التي فيها سير الملوك وأخبارها، والحروب والمكائد التي كان معاوية يقرأ فيها قبل نومه، أو لعلها كانت مما أملاه عبيد ابن شرية الجرهمي، الذي وفد على معاوية، فسأله عن الأخبار المتقدمة وملوك العرب والعجم وأخبار حمير، أو كتب الأمثال لكرشم الكلابي وصحار العبدي أو ما يشابهها.
__________
(1) نسب قريش 390.
(2) طبقات ابن سعد 5/ 474وعنه انظر: نسب قريش 389.
(3) جمهرة أنساب العرب 160.
(4) دلائل التوثيق المبكر 547.
(5) المصدر نفسه 546.(1/124)
فإذا صحّ هذا الخبر فإنه كان أشبه بناد منه بمكتبة، ولكنه مع هذا فإنه طريفة من الطرف الفريدة، أن يبادر هذا الفتى المكي، في بداية القرن الثاني الهجري، إلى إنشاء هذا النادي الأدبي الثقافي، الذي بالغ محمد ماهر حمادة في وصفه فسمّاه: = مكتبة شبه عامة في مكة المكرمة، تحوي كتبا كثيرة في كل فرع من فروع المعرفة الإنسانية = (1).
وروى ابن عساكر: أن محمد بن جبير بن مطعم المتوفى في حدود سنة 100هـ (2) احتسب بعلمه، وجعله في بيت في المدينة، وأغلق عليه بابا، ودفع المفتاح إلى مولاة له، وقال لها: من جاءك يطلب منك مما في هذا البيت شيئا فادفعي إليه المفتاح ولا تذهبي من الكتب شيئا (3).
وذكر عبد الحميد العلوجي، دون عزو إلى مصدر: أنّ عبد الله بن سوار والي البصرة المتوفى سنة 157هـ، أنشأ في مدينة رامهرمز في خوزستان دارا للكتب (4)، فلعله قد حذا حذو عبد الحكم في مكتبته!
وقد أورد يحيى بن محمود ساعاتي في كتابه الوقف وبنية المكتبة العربية جملة من تقييدات الوقف القديمة والحديثة، ومثله فعل كلّ من عبد اللطيف إبراهيم في دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية، وبخاصة المكتبة المملوكية، وأيمن فؤاد سيد في بعض نماذج المخطوطات المصورة، التي نشرها في الكتاب العربي المخطوط. بيد أنهم لم يتسن لهم أن يدرسوا أهمية هذه التقييدات للمفهرس أو للمحقق. أو ما لها من فوائد في دراسة علم الاكتناه العربي الإسلامي.
__________
(1) انظر: الكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا لمحمد ماهر حمادة 89فقد أورد الخبر أيضا.
(2) يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء 4/ 543إنه توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
(3) تاريخ دمشق 52/ 187.
(4) عطر وحبر 287، دون ذكر مصدره.(1/125)
وكما كان الأمر في الإجازات، فإن تقييدات الوقف مهمة جدا للمفهرس إذا لم تطمس عمدا أو تقطع الورقة بكاملها أو بعضها إذا كان التقييد فيها لإخفاء السرقة، فإنّ بعضهم كان يقوّر موضع التقييد من الورقة، ويلصق على التقوير ورقة بقدره، أو قد يطمس جزءا من التقييد إذا كان حاويا على اسم الكتاب وجزئه، ففي مخطوطة تحفة العباد لعبد الرحمن الدمشقي الحنبلي المتوفى سنة 856هـ عمد أحد السفهاء إلى غالب ما يدل على تملك أو وقف فطمسه أو قوّره أو قطعه فشوّه جملة من أوراقها، ولم يبق ما يدل على وقفها، إلا نص باهت في حاشية الورقة 1ب يقرأ: = وقف لله تعالى على التكية [] في جامع الأحمدي [] ومائتين [] = (1).
ومن تقييدات الوقف الطريفة، تقييد الفيروز آبادي بخطه حيث وقف كتاب الصاغاني ثم رجع فيه وبيّن سبب رجوعه، وهذا نصه:
= الحمد لله، ما كتبت ههنا من حكاية الوقف إنما كان حين طمع فيه بعض ملوك القاهرة فصرفته عنه بهذا إلا أني وقفته، ثم على تقدير الوقف رجعت عنه وإني قد تعبت كثيرا في تحصيل هذا الكتاب العظيم القدر العزيز المثل وإني ما خطر ببالي أن أفارقه طول زماني لكنه حين حصل لي بذله ورغب فيه المولى المعظم قدوة فضلاء العرب والعجم عماد الملة والدين عوض الفلك آبادي رغبة العاشق في المعشوق ومال إليه ميل المحب المشوق وأيم الله لولا أني وجدته أهلا لذلك مالكا من أكارم الأدب أحسن المسالك لما تسمّحت به وفي ذلك لا يمترى والمعشوق لا يباع والأرواح لا تشترى فأعطيت القوس باريها وأنزلت الدار بانيها وبعته منه [مطموس] آلاف درهم وهو دون ثمنه لكنه تواتر إليّ ما أخجلني من فواضله ومننه، متعه الله تعالى به وبأمثاله بالمصطفى وصحبه وكتب محمد بن يعقوب
__________
(1) مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 1083.(1/126)
الفيروز ابادي كان الله له ورحمه ووفقه والحمد لله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم = (1).
ولم يكن الفيروز آبادي أول من ألغى وقف كتابه فإن كتب التراجم تعج بالعلماء وغير العلماء الذين تراجعوا عن وقف كتبهم بعد وقفها، تحت وطأة الحاجة والفقر والعوز، أو لاضطرارهم إلى بيعها لسدّ ديون تراكمت عليهم، لم يستطيعوا تحملها أو لوقوعهم تحت مصادرة السلطة.
بل إن محمد بن هلال بن المحسن الصابي غرس النعمة المتوفى سنة 480هـ ابتنى ببغداد دارا للكتب، وقف عليها نحو أربعة آلاف مجلد في فنون العلم وتردد إليها العلماء سنين كثيرة، ثم صرف الخازن ومحا ذكر الوقف من الكتب وباعها، فأنكر عليه أحد العلماء ذلك فقال: إنه قد استغني عنها بدار الكتب النظامية (2).
وأطرف من كل ذلك هذا التقييد المختصر، في وقف دلائل الخيرات للجزولي، ونصه:
= هذه الدلائل أهدته لي العفيفة الصالحة الحافظة راضية القسطمونية جزاها الله خيرا بشرط أن أقرأ فيه وأدعو لها ثم أوقفه من بعدها هاكذا أوصتني والسلام محمد مصطفى = (3).
وفي تقييد آخر شرط فيه الواقف أن لا يخرج من بلدته، وهو:
= أوكل النظر فيه لمحمد الهدبي، وبعد موته يكون النظر فيه للواقفين وهم حمد بن سليمان وحمد وسليمان أبناء محمد بن بسام، = وبعد ذلك حصل
__________
(1) صورة وقف بقلم الفيروز ابادي في صفحة عنوان الجزء الثاني من كتاب التكملة والذيل والصلة للصغاني مؤرخة في سنة 754هـ نسخة كوبرلي برقم: 1522.
(2) الوافي بالوفيات للصفدي 5/ 168.
(3) التقييد في نسخة دلائل الخيرات للجزولي المتوفى سنة 87. هـ، بقلم النسخ الجزائري وهي محفوظة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: (1) 1106.(1/127)
النظر فيه = لسليمان العبد العزيز، وشهد كاتبه علي آل محمد، وشرط أن لا يخرج من عنيزة = (1).
وتقييد وقف كتاب مختصر المدونة لابن أبي زيد «على من يقول بقول مالك وأصحابه بمدينة القيروان» (2).
وتقييد وقف آخر وقفه مالك الكتاب، على الأولاد الذكور من أولاده، وللذكور من أولاد بناته، ثم بعدهم لعلماء البلد:
= تقييد وقف صبغة الله المفتى بآمد كوجوك زادة وتوثيق القاضي محمد سعد الله المولّى خلافة بمدينة آمد: = وقفا صحيحا مؤبدا وحبسا صريحا مخلدا وشرطت التولية بالاستعمال لابني محمد مسعود والحاج خليل وبعدهما لأولادهما الذكور نعوذ بالله تعالى بعد الانقراض لذكور أولادنا من الإناث وبعد انقراضهم لعلماء آمد في مكان محفوظ وأن لا يخرج إلا بالرهن فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه = (3).
أختام صبغة الله والقاضي محمد سعد الله وغيرهما.
وتقييد وقف آخر، هذا نصه:
«الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد سيد الأولين والآخرين أما بعد فقد وقف وسبّل عبد العزيز بن سعود تقبل الله منه هذا المجلد من شرح البخاري وبقية المجلدات وهن سبعة مجلدات وجعل نصفهن سبالة للشيخ محمد يعفي عنه ونصفهن سبالة لأبيه وأمه عفى الله عنهم شهد على هذا إبراهيم بن الشيخ وعبد الله بن عبد العزيز وكتبه وشهد به عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وكفى بالله شهيدا وصلى الله على محمد وآله وسلم».
__________
(1) مجموعة محفوظة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 823.
(2) سجل قديم لمكتبة جامع القيروان 28.
(3) آلت هذه المكتبة إلى مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بالشراء.(1/128)
ومن طرائف تقييدات الوقف، ما يأتي:
= نسخ هذا الشرح التي وقف عليها العبد الفقير كاتب هذه الحروف خمسة الواحدة عند الشيخ عبد الله النجيبي (؟) اشتراها من الشيخ محمد الحموي نور الله بصيرتنا وبصيرته والثانية موجودة في كتب الشيخ علي القطان رحمه الله تعالى والثالثة عند الشيخ محمد بن الشيخ صالح المواهبي أخذها في مزاد المرحوم إن شاء الله تعالى السيد محمد أمين العادلية والرابعة خرجت في كتب الشيخ محيى رحمه الله لكنها ملفقة فبقيت عند أولاده والخامسة كانت للشيخ ناصر الصايغ وآلت إلى الوالد ثم وصلت ليد الشيخ عبد اللطيف رحمه الله ثم إنها رجعت بحمد الله تعالى إلى مالكها الحقيقي [مطموس] قدرها سبعة غروش وثلث بمحضر من المسلمين =.
وفي تعليق على هذا التقييد بخط آخر: = قوله الحقيقي سبب التقييد بالحقيقي أنها فقدت من كتب الوالد المرحوم ووجدت عند من اشتريتها من مزاده =.
وتقييد تملك آخر بخط من كتب تاريخ النسخ الخمس المتقدم ونصه:
= من محض فضل الله تعالى آل بالشراء الشرعي من مزاد المرحوم ان شاء الله تعالى السيد أسد إلى نوبة العبد الفقير الحاج عبد الكريم لطف الله به وبوالديه ومشايخي والمسلمين أجمعين =.
الحق إنّ تقييدات الوقف لها أهمية كبرى للمفهرس أولا، وللمحقق ثانيا، لأنها صورة من صور التوثيق، وهي بعد تعين على تحديد مكان نسخ المخطوطة وأحيانا تعرّف باسم المؤلف وعنوان الكتاب وهي بعد تكشف عن قيمة المخطوطة العلمية في اختيارها للوقف واهتمام الواقف بموضوعها، وبمعرفة تنقلها في البلدان المختلفة، كما هي الحال في تقييدات التملك، ومن ثمّ تكشف أيضا عن الحركة العلمية وشيوع نوع من العلوم في بلد من البلدان.(1/129)
وفي تقييد وقف في نسخة (1) من كتاب لب اللباب في تحرير الأنساب للسيوطي، يظهر أنّ أحد المالكين لها أجهد نفسه في طمس هذا التقييد فقصّ التقييد من الورقة وطمس الباقي، إمعانا في إخفاء السرقة بيد أنّ قسما من هذا التقييد ظهر لي كما يأتي:
«سمعه يبدلونه لهم ذلك وكتبه بيده الفانية الميتة جوامرد الناصري الحنفي بتاريخ عشرين شهر ذي الحجة الحرام سنة خمس وأربعين وتسعماية، شهد عليه بذلك حسن بن عمر الخطيب».
ولم يقتصر الوقف على الكتب أو الممتلكات من العمائر والدور والأراضي وما إلى ذلك، بل شمل أيضا أنواع السلاح مثل: السيوف والجواشن والدروع والحجف والدرق والتروس والرماح والجعاب وقسيها، وكل ما يحتاجه المحارب في سبيل الله، إضافة إلى الخيول، فكان ينقش عليها عبارة: = وقف في سبيل الله = أو = حبّس في سبيل الله =، فقد روى سيف بن عمر في وقعة الجمل: = وجمع ما كان في العسكر من شيء ثم بعث به إلى مسجد البصرة: أنّ من عرف شيئا فليأخذه إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان = (2)، وهذه أقدم إشارة تصل إلينا عن وقف الدولة للسلاح على الجند.
ونشرت مجلة القنطرة (3) التي تصدر في مدريد باسبانيا مقالا لتوفيق إبراهيم حول خاتم أو طابع من الرصاص لعبد الرحمان الداخل، تفضل الأستاذ عبد الله العمير فترجمه إلى العربية ونشرته مجلة عالم المخطوطات والنوادر (4)، فكتبت تعقيبا عليه (5) قرأت فيه الخاتم كما يأتي:
[الأمير عبد الرحمن بن معوية حبّس في سبيل الله لا يغلّ ولا يوهب]
__________
(1) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 7487.
(2) كتاب الردة والفتوح (لايدن) 353.
(3) القنطرة مج 16، ع 1، لسنة 1995.
(4) المجلد 1، ع 1، 1996، 200197.
(5) في المجلد 1، ع 2، لسنة 1417هـ / 1997، 511510.(1/130)
وما زلت عند صحة قراءتي له، إلا أنني ذكرت في تعقيبي: = أن أكبر ظني أن هذا الخاتم أو الطابع كان لتحبيس الكتب أو شيئا شبيها بها =، وهذا خطأ مني في استقراء الخاتم، لأنه لو كان كذلك لكانت الكتابة فيه معكوسة، بل إنني أتفق الآن مع مؤلف المقالة ومع مترجمها: أنّ هذا الخاتم كان ملصقا بعدّة حربية محبّسة في سبيل الله، لا تختان ولا توهب، لأنها محبّسة في سبيل الله على المصالح العامة.
أما الخيول فكانت توسم بمثل هذه العبارة أيضا أو شبيها بها، فقد روى ابن سعد عن السائب بن يزيد أنه قال: = رأيت خيلا عند عمر بن الخطاب رحمه الله، موسومة في أفخاذها: حبيس في سبيل الله = (1).
وهذه كلها يمكن أن تعد من الوثائق المهمة في دراسة تطور الوقف الإسلامي وضروبه.
__________
(1) طبقات ابن سعد (دار صادر) 3/ 306.(1/131)
تقييدات التملك
ويلحق بتقييدات الوقف ما يجده المفهرس من تقييدات التملك، أو القراءة أو المطالعة، أو الإعارة، أو المعارضة، أو غيرها من التقييدات (1) كتقييد ولادة أو وفاة، أو قدوم قاض أو وال وغير ذلك، وهي عادة ما تكون مثبتة في صفحة العنوان، أو في آخرها، أو في أثناء صفحاتها، لذلك يجب على المفهرس أن يتصفح المخطوطة ورقة ورقة ويتأملها بإمعان شديد ويسجل كلّ ما يجده فيها من هذه التقييدات، في باب الملاحظات. فإنّ كلّ هذه المعلومات مفيدة جدا، لأنها من أساليب التوثيق في المخطوطة، إضافة إلى أنّ بعض هذه المعلومات قد يضيف إلى معلوماتنا التاريخية إن لم يصححها.
وقد يلحق أحد ملاكيها بها ورقة أو أكثر تحتوي على معلومات لا نجدها في غيرها، وأذكر أن مخطوطة وقعت بيدي ألحقت في آخرها جملة من الأوراق كانت تحتوي على أجزاء من تاريخ شبه جزيرة القرم قبل احتلال روسيا لها، لم أجد لها مثيلا بعد (2).
وفي تقييد وفاة ورد في آخر مخطوطة الخواتيم (3) لابن الجوزي هذا نصه: = توفي الشيخ نجيب الدين يعقوب العباسي (؟) قدس الله روحه في يوم الأحد غرة رجب المبارك سنة ثلاث وستمايه ببغداد المحروسة وصلى عليه الشيخ [مطموس] ودفن بمشهد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى =.
فقد أكّد المنذري وابن كثير هذه المعلومات وزادوا عليها، فقال المنذري في ترجمته: = أبو يوسف يعقوب بن عبيد الله عتيق شيخنا أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي ببغداد ودفن في مقبرة الخيزران = (4).
__________
(1) انظر: أهمية صفحة العنوان في توصيف المخطوطات لرمضان ششن 196179.
(2) ملحقة بإحدى مخطوطات جامعة الإمام لا أذكر رقمها.
(3) مخطوطة في مكتبة حسين جلبي ببورصة برقم 435.
(4) التكملة لوفيات النقلة 3/ 180.(1/133)
وقال ابن كثير بعد أن سمّاه = ياقوت =، ويقال له يعقوب بن عبد الله، فقال:
= نجيب الدين متولي الشيخ تاج الدين الكندي، وقد وقف إليه الكتب التي بالخزانة بالزاوية الشرقية الشمالية من جامع دمشق، وكانت سبعمائة وإحدى وستين مجلدا، ثم على ولده من بعده ثم على العلماء، فتمحقت هذه الكتب وبيع أكثرها، وقد كان ياقوت هذا لديه فضيلة وأدب وشعر جيد، وكانت وفاته ببغداد مستهل رجب ودفن بمقبرة الخيزران بالقرب من مشهد أبي حنيفة = (1).
وفي صفحة العنوان من هذه المخطوطة نفسها، يظهر تقييد تملك ظريف بخط ابن الجوزي نفسه هو: = هذا الكتاب ملك لولدي أبي محمد يوسف نفعه الله وبلغه الأمل وكتب ابن الجوزي =.
ويوسف هذا هو الصاحب محيي الدين بن الجوزي، الفقيه والسياسي المشهور، أستاذ دار الخلافة العباسية، المقتول مع أولاده في واقعة بغداد سنة 656هـ (2).
وتقييد آخر في صفحة العنوان هو: = ملكه من فضل الله الرحيم، الفقير إلى الله تعالى، عبده عبد الرحيم بن عبد المحسن الشعراني، بالشراء من مصطفى دده بثمن مقبوض بيده =.
فمن هذا التقييد نعرف: أنّ هذه النسخة نقلت من بغداد، وطافت في بلدان كثيرة، منها القاهرة قبل أن يتملكها مصطفى دده الذي كان قاضيا بمصر، فينقلها معه إلى إستانبول فيشتريها منه عبد الرحيم الشعراني المصري
__________
(1) البداية والنهاية 13/ 116.
(2) انظر مقدمة كتاب الأيضاح لقوانين الإصلاح في الجدل والمناظرة، تح محمود بن محمد السيد دغيم، مكتبة مدبولي، القاهرة 1415هـ / 1995فقد استوفى الكلام على سيرته السياسية والعلمية.(1/134)
نزيل القسطنطينية المتوفى سنة 1048هـ (1) ومن بعده استقرت في بورصه، ومثل هذه التقييدات في انتقال المخطوطات من بلد إلى آخر كثيرة جدا في المخطوطات التي تمرّ على يد المفهرس، وتقييدها مهم لكثير من الدارسين.
وفي نسخة من كتاب أسماء بلاد أعمال الديار المصرية المؤرخة في سنة 879هـ، يظهر فيها تقييد تملك محمد مرتضى الحسيني صاحب تاج العروس بخطه في موضعين منها، الأول: = في نوبة أبي الفيض، محمد مرتضى الحسيني غفر له بمنه =، والثاني: = في نوبة محمد مرتضى، غفر له بمنه =، إضافة إلى طبع خاتم يمكن أن يقرأ:
محمد المرتضى يرجو الأمان غدا [] (2) وهو أوفى الناس بالذمم ويظهر خاتم القنصلية الإيطالية في مصر في أربعة مواضع منها.
وفي الورقة 1أيظهر تملك آخر باسم مختار أحمد عيسى إبراهيم.
وفي صفحة العنوان، يظهر تقييد قراءة، هذا نصه: = طالع في هذا الكتاب الفقير عبد الله غفر له =، إضافة إلى خاتم باسم: = علي فضلي = الذي يظهر في مواضع متعددة من النسخة.
وفي هذه النسخة تقييدات عديدة لحوادث تاريخية، وولادات ووفيات بقلم أحد المتملكين الأقباط، يذكر في أحدها سرقة حوائج ذهبية وأثواب مزركشة بالذهب وغيرها من إحدى الكنائس بمصر بتاريخ 958هـ (ذكر السنة بالأرقام القبطية)، ويذكر في آخر التقييدات عزل إسكندر باشا، وتولي سنان باشا، وحضوره من اليمن إلى مصر بتاريخ مستهل صفر سنة 979هـ (3)
(بالأرقام القبطية أيضا) (4).
__________
(1) معجم المؤلفين 5/ 207.
(2) ما بين المعقوفتين مطموس، ولعله كان: = من ربه =.
(3) انظر: أوضح الإشارات في من ولي مصر القاهرة من الوزراء والباشات، لأحمد جلبي عبد الغني، تح فؤاد محمد الماوي، القاهرة 1977، 152فقد أيّد ذلك.
(4) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 11.(1/135)
فإنّ ما لا نعرفه الآن مما يرد في المخطوطات، قد يعرفه غيرنا من الدارسين. وما لا يهمنا الآن قد يثير اهتمام غيرنا من الباحثين في المستقبل، وعلى المفهرس النابه الفطن تقديم المفتاح وتنبيه الغافل، فكم من المعلومات استقاها الأولون من تقييدات وجدوها في المخطوطات (1).
ولربما يمرّ على يد المفهرس تقييد لا يعيره اهتماما كما أعرت اهتمامي لتقييد بخط الناسخ عرفت منه مكان كتابة المخطوطة، ونصه:
= وكان الفراغ منه يوم السبت للنصف من صفر سنة أربع وسبعين وأربعمايه ووضع ذلك اليوم القاضي الإمام قاضي القضاة أحمد بن سليمان الكاساني في مدرسة الشيخ الإمام الخطيب محمد بن حمزة رحمه الله =.
ويظهر هذا التقييد في الورقة الأخيرة من مخطوطة = السلميات = لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي المتوفى سنة 412هـ، وهي مجموعة تحتوى على 33رسالة وخطبة، وشرح للسلمي وللناسخ عبد السيد بن أحمد الخطيب الأشروسني، أكثرها غير معروف في غير هذه النسخة (2).
ومن ترجمة الكاساني عند السمعاني والقرشي المنقولة من السمعاني عرفت منها أنّ: الكاساني هو = أبو نصر أحمد بن سليمان بن نصر بن حاتم، كان قاضي القضاة في زمن الخاقان أبي شجاع الخضر بن إبراهيم بن أخي شمس الملك، حدّث بسمرقند وأملى في داره بسكة المحتسب، ولم يكن محمود السيرة في ولايته، وصار وزيرا في زمن أحمد بن الخضر خاقان واستشهد في أول عهده = (3).
__________
(1) انظر: المخطوط العربي لعبد الستار الحلوجي 187186فقد ذكر جملة من هذا المعلومات التي وجدها العلماء مقيدة في المخطوطات.
(2) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 2118وانظر وصفها في الفهرس الوصفي من إعدادي 3/ 60.
(3) الأنساب للسمعاني، نشرة ماركليوث، لندن 1912= الكاساني =، والجواهر المضية، تح عبد الفتاح الحلو، 1/ 171.(1/136)
وعرفنا من ابن الأثير أنّ أبا شجاع الخضر بن إبراهيم كان خاقان سمرقند وما وراء، النهر من الأسرة القراخانية، وأنه لما توفي خلفه أحمد خان بن خضر، فاصطدم مع العلماء الذين اتهموه بموالاته للإسماعيلية دعاة الفاطميين بمصر، فدعوا السلطان ملك شاه السلجوقي فاستولى على ما وراء النهر وسمرقند في سنة 482هـ (1)، بيد أن العلماء استطاعوا في سنة 488 هـ أن ينحّوا أحمد خان من السلطة ويفتوا بقتله مع وزيره الكاساني في سمرقند (2)، فعرفت من هذا التقييد أنّ نسخة السلميات قد كتبت في سمرقند وأن كاغدها سمرقندي.
__________
(1). 11141115،.، 2 ..
(2) الكامل لابن الأثير، 9/ 301، 10/ 171، حوادث سنة 482465.(1/137)
تقييدات الشراء
ثم هناك تقييدات الشراء التي لا تقلّ أهميّة عن غيرها من التقييدات، وغالبا ما تكون أجزاء منها مطموسة عمدا، إما لإخفاء السعر، أو لإخفاء السرقة. وهي تدلنا على انتقال المخطوطة من مكان إلى مكان ومن يد إلى يد عبر العصور. وتدلنا أيضا على أسماء مالكيها، وسني بيعها التي قد تساعد المفهرس على تقدير تاريخ المخطوطة التقريبي، مع ما لديه من معلومات أخر، وهي مفيدة أيضا إذا كان الثمن مذكورا للمهتم بالناحية الاقتصادية في بلد من البلدان أو في زمن من الأزمان.
ولا بأس من أن أورد هنا مثالا جاء في نسخة (1) من قلائد العقيان للفتح ابن خاقان لتوضيح الأمر:
= الحمد لله ملك لله في يد عبده المذنب الخاطئ الراجي عفو مولاه العربي محمد بن عبد المجيد الخميسي الدار السفياني منشأ وتملكه بالشراء الصحيح والثمن الربيح قدره ونهايته [مطموس عمدا] أوقية سنة تاريخه من بايعه له السيد عبد الكريم بن عبد الله السفّار حرفة، تبايعا وتقابضا الثمن والمثمون على السنّة في ذلك والمرجع [مطموس عمدا] في أواخر ربيع النبوي المفضل الشريف عام 1021أشهد على البيع وقبض الثمن بالمعاينة في التاريخ المذكور =.
فمن هذا التقييد نستطيع أن نستنبط أنّ هذه النسخة قد بيعت في مكان ما من المغرب، بدليل اسم المشتري واسم البائع وحرفته «السفّار» أي المجلّد، كما يسمى في المغرب.
__________
(1) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 6234.(1/139)
ومن طرائف تقييدات البيع والشراء، ما يظهر في أحد أجزاء تفسير ابن سلام المكتوب بخط أندلسي والمحفوظ بدار الكتب الوطنبة بتونس (1)، وهذه نصوصها حرفيا:
1= لمحمد بن أحمد بن عون المعافري = (2).
2= انتقل بالبيع الصحيح الشرعي من ملك نور الدين السخاوي (3) إلى ملك العبد الفقير إلى الله عبد المجيد بن عبد الرحمن عرف بالأقفاصي بين الطلبة، وهذا الجزء من قسمة أربعة أجزا =.
3= انتقل هذا الجزء بالبيع الصحيح إلى ملك العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن عبد المجيد الأقفهسي بتاريخ الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة عام أربع وعشرين وسبعماية من ملك ولد كاتب الخط أعلاه = (4).
4= ثم انتقل بالبيع إلى ملك العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المنعم المالكي عرف بالبوسي لطف الله به ورزقه العلم والعمل به بتاريخ يوم الاثنين السادس [مطموس] من ذي القعدة عام ثلاث وثلاثين وسبعمئه والبايع محمد بن موسى الأقفهصي المالكي =.
5= ثم انتقل بالبيع الصحيح إلى ملك الفقير إلى الله تعالى أحمد بن محمد ابن احمد بن الأعز الشافعي العلائي غفر الله لهم في شهر رمضان
__________
(1) من نفائس دار الكتب الوطنية التونسية: المخطوط، لإبراهيم شبوح، لوحة 25.
(2) كتب اسم المالك الأول بالمداد الأحمر فلم يظهر واضحا في التصوير.
(3) هو نور الدين أبو الحسن علي بن عبد النصير بن علي السخاوي المالكي، قاضي قضاة المالكية بمصر المتوفى سنة 756هـ، السلوك للمقريزي ج 3، ق 1/ 23والدرر الكامنة لابن حجر 3/ 79وأعيان العصر وأعوان النصر للصفدي، نشر مركز جمعة الماجد بدبي 3/ 457.
(4) يريد: ولد عبد المجيد بن عبد الرحمن الأقفاصي.(1/140)
المعظم سنة خمس وثلاثين وسبعمايه، البايع محمد بن عبد المنعم عرف بالبوسي =.
6= يقول محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المنعم المالكي المعروف بالبوسي لطف الله به: إنه والله الذي لا إله إلا هو ما أباع شيئا ولا حول ولا قوة الا بالله وإنما الكتاب ملكي وباق بيدي وهو عارية عند القاضي تاج الدين وأخيه القاضي زين الدين = وبقية الكلام مطموس بفعل الرطوبة.
فمن هذه التقييدات الطريفة يستطيع المفهرس أن يحدد مكان البيع وانتقال المخطوطة من شمال أفريقية أو الأندلس إلى مصر ثم عودتها إلى تونس، ويستطيع أيضا أن يحدد تاريخ نسخ المخطوطة، إذا كانت خالية من تاريخ النسخ، وذلك بتتبع تراجم المالكين إذا ذكرهم أصحاب الرجال، فإنّ أول مالك لها هو محمد بن أحمد بن عون المعافري وهو على ما يظهر أندلسي، والثاني نور الدين السخاوي المتوفى سنة 756هـ وبعده الأقفاصي والأقفهسي (1) والبوسي والعلائي، وكلهم مصريون من رجال القرن السابع والثامن للهجرة حسب تواريخ البيع والشراء.
وقد تنفع بعض التقييدات الباحث المهتم بدراسة الجو الثقافي في بلد من البلدان أو حين يؤرخ للمهتمين بالكتب والمكتبات، أو انتقال الكتب من بلد إلى آخر، فقد مرت على يدي جملة من المخطوطات تحمل تقييدا هذا نصه:
= مكتبة إبراهيم محمود وهبة الشاذلي مفتش تذاكر الحديد بتاريخ 1346هـ =.
فإن هذا المفتش القاهري كان له ولع عجيب وحب دافق للمخطوطات، فلعل أحدا لا يعرف ذلك عنه فيؤرخ له من هذه التقييدات.
__________
(1) انظر: معجم البلدان 1/ 237: «الأقفاصي وصوابه أقفهصي، اسم بلد بمصر بالصعيد من كورة البهنسا».(1/141)
ومثله أبو بكر بن رستم بن أحمد بن محمود الشيرواني المتوفى سنة 1135هـ، الذي قال فيه كحالة نقلا عن البغدادي: «الرومي الحنفي، أحد رجال الدولة العثمانية، أديب من آثاره: ما لا بدّ منه للأديب من المشهور والغريب» (1)، فلقد مرّت على يدي بعض المخطوطات النفيسة مما رأيت في بعض المجموعات الأصلية أو المصورة التي درستها أو التي فهرستها، تحمل تقييدات تملكه لها بخط التعليق التركي المتشابك الدقيق أو النسخ الجميل، مثل كتاب الروضة الفردوسية للآقشهري المتوفى بالمدينة الشريفة سنة 739هـ، وهي النسخة التي قرأها نور الدين السمهودي المتوفى بالمدينة الشريفة أيضا سنة 911هـ ونقل منها في كتاب وفاء الوفا وعليها خطه، حيث ورد في صفحة العنوان تقييد تملك الشيرواني: «الله حسبي من كتب أبي بكر بن رستم بن أحمد بن محمود الشيرواني بخط مؤلفه رحمه الله تعالى».
وفي تقييد آخر في صفحة العنوان نفسها هذا نصه: «استصحبه العبد الآثم جلبي زاده بن إسماعيل المتشرف سابقا بخدمة الشريعة الطاهرة بطيبة الطاهرة كان الله له ولوالديه بجاه نبيه 1159».
فمن التقييد الأخير نعرف أنّ هذه النسخة الفريدة قد حملها القاضي جلبي زاده معه من المدينة الشريفة إلى إستانبول فآلت إلى الشيرواني ومن ثم اشترتها مكتبة برلين من تركة رشيد دحداح قبل سنوات قليلة (2).
ونستنبط من هذا التقييد أنّ تاريخ وفاة الشيرواني التي ذكرها البغدادي وتابعه كحالة ليس صحيحا إلا إذا كان التاريخ 1159هـ خطأ وهو ليس كذلك لأنه واضح مقروء، أو أنّ هذا القاضي بعد تقاعده من منصب القضاء قد استعارها وهو في إستانبول من مالك آلت إليه هذه النسخة بعد وفاة الشيرواني.
__________
(1) معجم المؤلفين 3/ 61وأيضاح المكنون 2/ 420وهداية العارفين 1/ 241.
(2) أشتغل الآن بتحقيقها.(1/142)
ومن المخطوطات التي يظهر عليها تقييد تملكه نسخة كتاب البيروني في تحديد نهايات الأماكن المؤرخة في سنة 416هـ، وهي محفوظة في مكتبة فاتح بإستانبول برقم: 3386، ورسالة الجاحظ في مدح الكتب والحث على جمعها بخط علي بن هلال البواب، وعليها أيضا تملك خليل بن أيبك الصفدي وغيره، وهي محفوظة في متحف الأوقاف الإسلامية بإستانبول برقم: 1024.
ويظهر تقييد تملكه أيضا في نسخة من كتاب البديع في أصول الفقه لابن الساعاتي الحنفي المتوفى سنة 694هـ، وهي محفوظة في طوب قابي سراي برقم: 1025، وفي أمالي اليزيدي بخط محمد بن أسد شيخ ابن البواب، ومؤرخة في سنة 368هـ، وهي في مكتبة رئيس الكتاب بإستنبول برقم: 904، ويظهر عليها تاريخ تملكه في سنة 1125هـ.
أما العلماء المشهورون كالصفدي مثلا، فإن الباحث المهتم يستطيع أن يصنّف محتويات مكتبة الصفدي من تقييدات تملكه المعروفة: «من كتب خليل بن أيبك الصفدي» التي يؤطرها بإطار حولها، أو الكتب التي استعارها وقرأ فيها أو نقل منها، من تقييداته أيضا، ويسري هذا على كثير من العلماء كالمقريزي والسخاوي وغيرهم.
لذلك أرى أن يسجل المفهرس كلّ هذه التقييدات بقدر المستطاع، فقد تكون مادة جاهزة لمن يهتم بها، أو بمثلها في المستقبل، فيوفر عليه وقتا وجهدا وعناء وتنقيرا.(1/143)
واجب المفهرس ومعوقاته
إنّ العبء الملقى على عاتق المفهرس أثقل بكثير من العبء الذي يحمله المحقق، لأنّ المفهرس يتعامل مع مخطوطة تحمل تاريخا كاملا، فإذا لم يحسن التعامل معها، وفك رموزها، انغلقت الأبواب على المحقق، وإذا أخطأ المفهرس في وصف المخطوطة وتوثيق المعلومات فيها، فقد أسدل عليها ستار النسيان إلى الأبد. حدث حين كنت أفهرس مخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، أن وقعت بيدي مخطوطة قلائد العقيان ومحاسن الأعيان للفتح بن خاقان الأشبيلي بخط أندلسي تونسي الطراز (1)، فتصفحت المخطوطة من أولها إلى آخرها دون أن ألاحظ فروقا فيها، لأنها مكتوبة كلها بخط ناسخ واحد وعلى كاغد أوربي واحد، إلا أنني أحسست أن هناك فرقا في الأسلوب واللغة بين أولها وآخرها فاكتشفت بعد بحث طويل وتنقير كثير أنّ قسمها الأخير يعود إلى كتاب أندلسي آخر هو كتاب نثير الجمان في نظم فحول الزمان لإسماعيل بن يوسف بن الأحمر، الذي نشره محمد رضوان الداية اعتمادا على مخطوطة دار الكتب المصرية الفريدة كما يقول، والمحققون مولعون باكتشاف الفرائد وتحقيقها توخيا للسبق.
إنّ نباهة المفهرس وفطنته، إضافة إلى سعة اطلاعه وعلمه من أهم الصفات والميزات التي يفترض أن تكون فيه، فقد يحدث أن تقع في يده مخطوطة تحمل عنوانا مزورا أو مؤلفا ملفقا أو لا عنوان لها إلا أنها منسوبة إلى مؤلف معين، أو أخرى تحمل عنوانا دون مؤلف، أو أخرى لا عنوان لها ولا مؤلف، أو أخرى سقطت أوراق من أولها، أو أخرى سقطت أوراق من آخرها، أو أخرى لا أول لها ولا آخر، أو ورقة واحدة من مخطوطة، أو
__________
(1) رقمها في المكتبة مع الأخرى: 6234.(1/145)
بضع أوراق من أخرى، أو مخطوطة تحتوي على حواش كثيرة قد تكون رسائل برمتها في شرح أو تفسير ما فيها، والقائمة طويلة، والمشكلات أطول.
فماذا يفعل المفهرس؟
الجواب: عليه أن يحدد موضوع المخطوطة أولا، ثم يحدد زمن المؤلف ثانيا، من اسلوبه في اللغة وعباراتها، ومن ثم يحدد فنها إذا كانت في التاريخ، أو في الفقه، أو في أصوله، أو في الحديث، أو في شرحه، أو في الرجال، أو في الأنساب، أو أي فن آخر. ثم عليه أن يقرأ المخطوطة بكاملها، فلعله يعثر على إشارة تدله على المؤلف، أو على كتاب آخر للمؤلف نفسه، أو على شيخ من شيوخه، أو على بلد المؤلف، أو على أقران المؤلف، أو على أية لمحة ترد فيها أو في حواشيها. ثم عليه أن يبدأ بالبحث والتنقير عن الشبيه بها في الفهارس الوصفية المتاحة أو في الكتب المطبوعة في الفن نفسه، ولا يقطع بالرأي فيها قبل أن يوثق ما وجد توثيقا دقيقا معتمدا على نوعية الكاغد والمداد والخط أولا وعلى ما يجد من اللمحات أو الإشارات ثانيا وعلى غير ذلك ثالثا، لأنّ مسؤولية التعرف عليها تقع على عاتقه.
بيد أنّ لكل مفهرس هاو حريص مثبطات تعيقه عن إتمام عمله بالصورة التي ترضي ضميره وتريح قلبه.
منها: تعدد العناوين لكتاب واحد في المصادر المختلفة، أو تشابهها وتشابه أسماء المؤلفين، مما يوقع الحيرة في قلب المفهرس، بيد أنه يمكن التغلب على كل هذا الغموض، بالرجوع إلى كتب التراجم أو فهارس المخطوطات أو إلى حاجي خليفة وذيوله، أو بروكلمان وسزكين والزركلي وكحالة، وغيرهم للتأكد من العنوان المشهور، أو اسم المؤلف الكامل وسنة وفاته.(1/146)
ومنها: قلة المصادر المتاحة له، مثل كتب العلامات المائية، والفهارس الوصفية، وكتب بروكلمان وسزكين وحاجي خليفة والزركلي وكحالة، والبغدادي وغيرها، من المصادر التي تعين المفهرس في عمله.
ومنها: جهل المسؤولين الرسميين بالعناء الذي يعانيه المفهرس الجاد في عمله، لأنهم لا يرون في المخطوطات إلا كتبا صفراء يجب التخلص منها، أو في أهون الأحوال لا يولونها اهتماما، أو أن هؤلاء الرؤساء يحثون المفهرس المغلوب على أمره، على الإسراع في إنجاز فهرسة أكبر قدر ممكن من العنوانات، ليفتخروا بإنجازاتهم أمام رؤسائهم أو كبراء القوم منهم، دون أن يدركوا بل لا يريدون أن يفهموا أنّ فهرسة المخطوطات عمل مضن وشاق لا يقوم به إلا الهواة.
ومنها: أن يعهد هؤلاء الرؤساء، وغالبا ما يكونون من غير التراثيين، بالفهرسة إلى غير المتدربين فيها فيأتوا بالطامات والبلايا دون أن يستطيع هؤلاء تمييز الأصيل من البهرج أو الصحيح من الشبه الملفق المزور، فيعهدون بما أنجزه غير المتدربين إلى تحكيم من لا يميز عجره من بجره فيوصون بنشره حتى لا تتكدر الخواطر، فتكون فاقرة من الفواقر تتبعها الكارثة فيعم البلاء وتختلط الموازين عند طالب العلم، فإنّ العلم وجبر الخواطر لا يجتمعان عند العالم.
وقد سمعت أحد هؤلاء الرؤساء المسؤولين حين استفسرت منه بأدب جمّ عن مجموعة مخطوطات آل العسافي النفيسة التي أهديت لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (1)، بحكم علاقته بمن أهداها، عن مكان حفظها قبل وصولها إلى مكتبة الجامعة، لأنني رأيت أنّ أغلبها قد عاث فيها
__________
(1) أعددت لها فهرسا وصفيا منذ ثلاث سنين يقع في 532صفحة إلا أنه لم يخرج حتى الآن.(1/147)
الفأر، فقال: لقد كانت في بيت طيني قديم وقد كنت مع ابن صاحبها حين جمعها في الحقيبة فركلت إحدى المخطوطات بقدمي هذه، فهل أدرك هذا الأستاذ الجليل جناية ما فعل؟
ومنها: أن لا يهوى المفهرس العمل في الفهرسة، أو حتى في قسم المخطوطات، لأنه موظف حوّله رئيسه قسرا دون أن يكون له رأي للعمل فيها، فلا يرى فيها إلا الكراهة والإجبار على عمل كريه إلى نفسه، فيعدد أياما ويقبض راتبا، وعلى الفهرسة اللعينة ومخطوطاتها التي تنضح ترابا، ألف جراب لعنة ولعنة.
وخلاصة كل ذلك، أنّ الذين يشتغلون بالمخطوطات من المفهرسين الهواة خاصة، يجدون في عملهم هذا متعة لا تعدلها متعة أخرى، إضافة إلى الفوائد الجمة التي يجنونها من التعرف على المجهول، واكتشاف المغمور، والغوص العميق في المصادر المتاحة التي قد تزيل الستار وتزيح الظلمات عن اسم مؤلف، أو عنوان كتاب، فتغمر الفرحة قلوبهم والسرور جوانحهم حين يظفرون بلمحة أو إشارة أو اقتباس من مخطوطة عنوانها مجهول أو مؤلفها مغمور، ولا يدرك هذه الفرحة إلّا رجل محبور.
وهنا يقول أحد المشتغلين بالمخطوطات، موضحا معاناة المفهرس:
= وثمة إشكال آخر يعانيه المشتغلون بمعالجة المخطوطات، ونعني به: إشكال المؤلفين المجهولين أي الذين لا توجد لهم تراجم في كتب الطبقات، فإن الذين يشتغلون بخدمة المخطوطات يقفون على مؤلفات لا يعرف لها مؤلف، ولا ذكر لها في المظان، أو على مؤلفات منسوبة إلى غير أصحابها، أو على مؤلفين غير معروفين، أو على ما يشبه هذه الحالات. وهم يحتاجون في مواجهة هذه الحالات إلى الصبر الطويل والبحث الدقيق والوقت الكثير
والمثابرة المستمرة، وهي صفات من شأنها أن تقود إلى الظفر بالمطلوب إن شاء الله = (1).(1/148)
= وثمة إشكال آخر يعانيه المشتغلون بمعالجة المخطوطات، ونعني به: إشكال المؤلفين المجهولين أي الذين لا توجد لهم تراجم في كتب الطبقات، فإن الذين يشتغلون بخدمة المخطوطات يقفون على مؤلفات لا يعرف لها مؤلف، ولا ذكر لها في المظان، أو على مؤلفات منسوبة إلى غير أصحابها، أو على مؤلفين غير معروفين، أو على ما يشبه هذه الحالات. وهم يحتاجون في مواجهة هذه الحالات إلى الصبر الطويل والبحث الدقيق والوقت الكثير
والمثابرة المستمرة، وهي صفات من شأنها أن تقود إلى الظفر بالمطلوب إن شاء الله = (1).
ويعبّر محمود محمد الطناحي رحمه الله وإيانا عن الإحساس العميق بالمتعة الفريدة التي يجدها المشتغل بالمخطوطات في قوله: = وهي متعة لا يعرفها إلا عاشق المخطوطات، المدلّه بحبها، فأيّ سنى يلمع في عينيك وأنت ترى توقيع ابن الجوزي بخطه، بصحة سماع عليه، أو خط ابن خلكان بتملك؟ بل ايّ نور يغشاك وأنت تقرأ لتلميذ وهو يقول: إنه قرأ هذه النسخة على مؤلفها بالبيت الحرام تجاه الكعبة المعظمة، ثم يؤرخ لذلك بسنة 639؟
فتكاد تكتحل بذلك التراب الذي ينبعث من تلك الأوراق، لأنه تراب أربع وسبعين وسبعمائة سنة! وأيّ شذا يسري في أوصالك حين تقلّب أوراقا كتبها ابن حجر العسقلاني، فتلامس أنفاسك أنفاسه = (2).
اللهم لقد صدق!! ولو أنهم علموا ما نحسّ فيه من متعة ماتعة في العمل فيها وما يتملكنا من مسرّة غامرة في فهرستها، ومن حبور دافق في فكّ معمياتها، ومن شغف عارم بها يغمر جوارحنا، لقارعونا عليها بالحراب، وحسبنا وفاء لتراثنا بل ولأمتنا، أننا نحب ملء جوارحنا ما يمقتون، ونكبر ما يزدرون، فإنه من جهل شيئا عاداه، والإنسان بطبيعته الإنسانية عدو لما يجهل، فلا حاضر لمن لا ماضي له، ولا خلق لمن لا وفاء له، وكم من أثر نفيس وقع بيد جاهل به فعفّى عليه، وكم من مخطوطة نادرة صنعت بطائن للكتب أو لتحشية تجليد أو طربوش، وهذا يذكرني بحكاية رواها لي أستاذي
__________
(1) محمد بن شريفة، ظاهرة المخطوطات مجهولة المؤلف: المخطوطات التاريخية والجغرافية مثالا، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان، 1417هـ / 1997، 30.
(2) انظر: مقدمة كتاب ذكر النسوة المتعبدات الصوفيات لأبي عبد الرحمن السلمي، تح محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي، القاهرة 1413هـ / 1993، 76.(1/149)
أرثر جون آربري في كمبردج حين كان يدرّس في الجامعة المصرية في الثلاثنيات من القرن الماضي، قال: مررت يوما بسوق صنع الطرابيش في القاهرة فلفت نظري أن أحد هؤلاء الصنّاع كان يقطع أوراقا من مخطوطة ويبطّن بها طربوشا، فقلبت المخطوطة فإذا هي نسخة نادرة من كتاب ذكره لي ونسيت اسمه، قال: وطلبت منه أن ينزع من الطربوش ما أخذه منها فاشتريتها منه.
وأذكر أيضا أن مكتبة جامعة لايدن اشترت قطعة من تاريخ دمشق لابن عساكر بخط ولده القاسم من أحد المستشرقين الهولنديين، وحدث أنني زرت القاهرة للإشراف على طبع كتاب الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني، فزرت الشيخ عبد الحميد الشيمي رحمه الله وإيانا في بيته لأنه كان مريضا فأراني ابنه صندوقا مليئا بأوراق المخطوطات المفروطة «الدشت» فعثرت فيها على ورقتين من تاريخ دمشق بخط القاسم، وعلمت منه أنه باع قطعة منه للمستشرق هذا، فأخذتهما منه وألحقتهما بمكانهما من المخطوطة في مكتبة جامعة لايدن.(1/150)
أهمية الكشكول والكنّاش في الفهرسة والتحقيق
الكشكول: هو التذكرة أو ما يمكن أن يسمّى: «دفتر مذكرات» يسجّل فيه صاحبه ما يعنّ له، وما يراه مهما له من أفكار أو من اقتباسات مما يقرأ أو يسمع في المجالس أو المناظرات، أو أنه قد يسجل فيه بعض مؤلفاته، أو مؤلفات غيره كاملة، أو بعض فصولها مما اختاره منها، وتكون الكشاكيل عادة بخط واحد، وإلا صارت من فئة المجاميع.
وقد وصلت إلينا بعض هذه التذكرات، مثل تذكرة ابن حمدون، وتذكرة الحميدي، وتذكرة ابن مكتوم، وتذكرة الصفدي وغيرها، وما لم يصل إلينا بعد مما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (1) والبغدادي في أيضاح المكنون كثير.
أما لفظة كشكول فقد قيل: إنها فارسية الأصل، وهي تعني: وعاء بيضويّ الشكل، يصنع من المعدن أو الخشب أو من جوز الهند ارتبط بالدراويش (2) الذين يسألون الناس صدقاتهم من المال والطعام وغير ذلك، فيجمعون ما يحصلون عليه في الكشكول، وهذا الوعاء يتدلى من سلسلة على أكتافهم، بيد أنّ كليمان هوار استبعد هذا المعنى لورود اللفظة بصيغ مختلفة في الأدب الفارسي، لا علاقة لها بالدراويش وصنعتهم (3)، وقيل: إنّ أصلها آرامي وتعني: جمع الكل (4)، أو: = قشّ الكل =، فإذا كان الأمر كذلك، فإن
__________
(1) كشف الظنون، نشرة محمد شرف الدين يالتقايا، إستانبول 19431941، 1/ 383 394.
(2). 473/ 2،.،
(3). «».، 2 ..
(4) معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة لأدي شير 136.(1/151)
أصلها عربي وليس فارسيا، وقد رأينا أنّ الآراميين كانوا من العرب الذين نزحوا من الجزيرة العربية.
ولعل كتاب الكشكول لبهاء الدين العاملي المتوفى سنة 1031هـ، المطبوع مرارا، هو أشهر كتاب في هذا الباب في المشرق (1)، ومثله من المغرب الكشكول في محاسن المقول لمحمد بن عثمان المعروف بابن مهنية التونسي المتوفى سنة 1318هـ (2)، ومثلهما أو قريب منهما كتاب حانوت العطار لابن شهيد الأندلسي المتوفى سنة 426هـ وكتاب التذكرة المعروف ب: الكتاب المظفري للمظفر صاحب بطليوس الذي قيل: أنه كان = في خمسين مجلدا اشتمل على فنون وعلوم من مغاز وسير ومثل وخبر، وجميع ما يختص به علم الأدب. أبقاه للناس خالدا (3)، بيد أن هذا الكتاب الضخم لم يصل إلينا منه إلا اقتباسات متناثرة في بطون الكتب (4).
ومثل هذا كتاب التذكرة لأحمد بن محمد بن حسين الحنفي، المعروف بابن مبارك شاه، المتوفى سنة 862هـ، التي وصلت إلينا بخط جامعها في أربعة عشر مجلدا (5).
أما في المغرب والأندلس فقد شاعت لفظة التذكرة، أو الدفتر أو الكنّاش، وهنا ينقل الزبيدي في تاج العروس ما قاله الصاغاني عن ابن عباد:
__________
(1) ذكر عبد الحميد العلوجي رحمه الله وإيانا جملة من الكشاكيل المعروفة في كتابة: عطر وحبر 245.
(2) منه نسخة في الخزانة الوطنية بالرباط برقم: ك 193.
(3) التكملة لكتاب الصلة، لابن الأبار، تح كوديرا، مدريد 1886، ترجمة 451.
(4) انظر مقالي عن ابن رأس غنمة ومصادر كتابه مناقل الدرر ومنابت الزهر في: عالم الكتب، مج 12، ج 2، 1991، 2925.
(5) مخطوطة فيض الله بتركيا، برقم 16221609. وقد وصفها وصفا شاملا عبد القادر أحمد عبد القادر في مجلة آفاق الثقافة والتراث، مركز جمعة الماجد بدبي، 242، 1419هـ / 1999م، 165152.(1/152)
= والكنّاشات بالضم والشدّ: الأصول التي تتشعب منها الفروع =، ثم يقول الزبيدي: = قلت: ومنه الكنّاشة لأوراق تجعل كالدفتر يقيّد فيها الفوائد والشوارد للضبط، هكذا يستعمله المغاربة = (1).
أما لفظة كنّاش وكنّاشة: فهي لفظة سريانية (وتكتب بالسريانية كوناش وكوناشه) وتعني: كرّاسة أو دفترا يحتوي على اقتباسات وتفسيرات ونقول (2).
ووقعت بيدي مصورة من إحدى نسختي دار الكتب المصرية لكتاب الإنباء (3) في حقائق الصفات والأسماء لله تعالى لأبي العباس أحمد بن معد ابن عيسى بن وكيل التجيبي الإقليشي المتوفى سنة 549هـ، فإذا هي كشكول أو كناش يحتوي على نقول كاملة، أو فصول من كتب مهمة مثل:
قراضة المجد وعراضة الحمد لأبي الفضل بن النحوي المغربي (4)، وكتاب آخر لأبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى (5)، وكتاب القسم الإلهي بالاسم الرباني لابن عربي والرسالة المقدسية لابن عربي، كما يبدو، ورسالة لابن سينا وكتاب اليقين في تفسير القرآن لأبي الحكم عبد الرحمن بن برّجان الأشبيلي (6) أو لعبد السلام بن عبد الرحمن بن برّجان الأشبيلي المتوفى سنة 536هـ (7) وغيرها، وكلها بخط واحد.
ويذكر يوسف بن الحجاج البلوي الأندلسي المتوفى سنة 604هـ أنه ما رأى: = أحدا ممن لقيته من أهل الآفاق إلا وله تعاليق وأوراق، تحتوي على
__________
(1) تاج العروس: «كنّش».
(2) 21.، 1903، .. ،.
(3) وقد تكون الأنباء.
(4) لم أجد لهذا الكتاب ولا لمؤلفه ذكرا في بروكلمان.
(5) الإسكندراني اللخمي، انظر عنه بروكلمان 1/ 303وقال: توفي سنة 629هـ.
(6) انطر: التكملة لابن الأبار 2/ 559ونيل الابتهاج للتنبكتي 162.
(7) معجم المؤلفين 5/ 226مع مصادر ترجمته.(1/153)
حكايات وأشعار، ورسائل وأخبار = (1)، إلا أننا لا نعرف من هذه الدفاتر إلا ما يعود إلى فترات متأخرة، سردها محمد المنوني رحمه الله وإيانا في مقالة له (2)، وقال: = إنّ التسمية «الكناشة» صارت مغربية صميمة =، وهو ليس كذلك، فقد وصلت إلينا عشرات من الكنانيش من المشرق وخاصة في الطب مثل كناش بختيشوع وكناش جبرائيل بن بختيشوع والكنّاش المنصوري في الطب لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي المتوفى في الري سنة 313هـ وأمثالها كثير، سردها سزكين وذكر ما طبع منها وما لم يزل مخطوطا (3)، وهناك الكناش في العلوم والنحو للملك المؤيد أبي الفدا إسماعيل بن علي الأيوبي صاحب حماة المتوفى سنة 732هـ في مجلدات كثيرة (4)، وهذا يعني أنّ المصطلح كان أكثر شيوعا في المشرق وخاصة في التصانيف الطبية منذ زمن بعيد ولم يستعمل في المغرب إلا في القرن الثامن للهجرة، إذ ذكر المنوني: = أن أقدم كناشة مذكورة، كانت للجادري الفاسي المتوفى سنة 818هـ = (5).
وذكر المراكشي في ترجمة الكاتب أبي بكر محمد بن أحمد ابن البناء المتوفى سنة 646هـ ما يؤيد قول البلوي، فقال: = وكان حسن الخط أنيق الطريقة في الوراقة، متقن التقييد، رتّب على نفسه وظيفة النسخ في كل يوم لم يكن يتركها على حال إلا أن يعوقه عن الوفاء بها عارض مرض أو سفر سوى ما يعلقه من الفوائد ويقيده من الغرائب المنتقاة سائر أيامه، فقد كان كثير الولوع بذلك، شديد الرغبة في الاستكثار منه، حتى ليقال: إنه أخرج
__________
(1) كتاب ألف باء، المطبعة الوهبية، القاهرة 1287هـ / 1880، 1/ 39.
(2) الكناشات المغربية ودورها في الكشف عن الدفائن المغربية، مجلة المناهل، وزارة الشؤون الثقافية، ع 2، السنة الثانية، الرباط 1395هـ / 1975، 232196.
(3). 454،،
(4). 44،. 44،.،
(5) الكناشات المغربية 197.(1/154)
معه بخروجه من إشبيلية نحو خمسمائة مجلد بخطه، وقد وقفت على ستين منها أو أزيد = (1)، والعجب أنه لم يصل إلينا من هذا العدد الكبير شيء بعد.
إنّ أهمية هذه الكناشات، أو الكشاكيل أو التذكرات أو الدفاتر، تقع في أنها قد تحتوي على نصوص كاملة نادرة أو فريدة أو على قطع منها، يمكن أن تعين المحقق في توثيق تحقيقه، وهي بعد تعين المفهرس على الوصول إلى ما لم يستطع الوصول إليه، أو التعرف عليه من المخطوطات المخرومة الأول أو الآخر أو كليهما، أو التعرف على كثير من تراجم الرجال ووفياتهم، فعليه أن يكون دقيقا في وصف محتوياتها وفهرستها منفردة حسب نظام المجاميع، حتى يتعرف عليها المهتم بها والطالب لها.
ففي كشكول مرّ علي يدي يحتوي على قطعة من كتاب المسامرات لابن عربي وترجمة شمس الدين الرملي المتوفى سنة 1004هـ منقولة من تاريخ المحبي ومن تاريخ النجم الغزي وطبقات الشعراني، وأتبعها جامع الكشكول بقصيدة السيوطي في المجددين، وبعد كل ذلك أورد الجامع ترجمة أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي المصري المتوفى سنة 1069هـ (2).
وفي كشكول آخر لأحمد خيري بن أحمد خيري بن يوسف الحسيني المتوفى سنة 1387هـ، رأيت أنه يحتوى على رسائل وفوائد عديدة، بعضها منسوب إلى مؤلف، وبعضها الآخر دون مؤلف وهي (3):
1 - فرش الأسماء
2 - طريقة افتتاح الحضرة
3 - فرش وهاب
__________
(1) الذيل والتكملة 5/ 682.
(2) مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 1353.
(3) من أهم صفات الكشكول أن يكون كله بخط واحد كتبه ناسخ واحد، ولا أذكر جيدا إن كان كشكول أحمد خيري بخطه أو أنه مجموعة رسائل بخطوط مختلفة، فإذا كان بخطوط مختلفة فهو مجموعة.(1/155)
4 - نسبة طريق السادة المغازة، إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام
5 - فائدة في التفاؤل بالقرآن
6 - العقائد للسيد علي محمد عامر المغازي (وهي قصيدة)
7 - نسب السيد محمد علي المغازي
8 - منظومة مصطفى البكري في آداب الطريق المسماة: بلغة المريد ومشتهي الموفق السعيد
9 - كفاية المجلس وفوائد أخر وأدعية
10 - حزب النصر لأبي الحسن الشاذلي
11 - صيغة استغفار لعبد الله بن القسطلاني
12 - الصيغة التي تلقاها محمد عامر المغازي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي المعروفة بصيغة السادة المغازية
13 - الوظيفة المحمدية لأهل الطريقة المغازية الخلوتية
14 - قصيدة في أسماء شيوخ الطريقة الخلوتية لناظم لم يعرف بعد
15 - دعاء أول السنة ودعاء آخر السنة وأدعية أخرى
16 - جملة فوائد: مفازة لما فات من الصلاة، وأمان من المخلوقات وفائدة تقرأ عند النوم
17 - الجلاء والإشراق لتزكية النفس وتصفيتها
18 - صفات النفس في أحوال ترقيها السبعة
19 - أصل الطريق وسبب تقسيم مراتب النفس
20 - دعوة سيدنا أبي محمد الحسن السبط
21 - ورد السحر وهو ما يسمى: الفتح القدسي والكشف الأنسي لمصطفى ابن كمال الدين البكري الخلوتي المتوفى سنة 1162هـ
22 - ورد الستار ليحيى الباكوري الخلوتي(1/156)
23 - قصيدة أسماء الله الحسنى لعلي عامر المغازي
24 - الشروط اللازمة لمن أراد سلوك الطريق
25 - آداب الطريق
26 - صفات الله تعالى، وأضدادها والجائز في حقه عز وجل كما يراها متاخرو الأشاعرة
27 - صفات الرسل وأضدادها والجائز في حقهم صلوات الله عليهم
28 - الأصل في الطريق وأنه رابطة إسلامية
29 - فائدة وجدت بمسلسل السيد أسعد المدني
30 - صفات الله تعالى كما يراها الماتريدية (1).
ويلحق بكل هذا ما يسمى ب: الوجادات وهي على أسلوب الكناشات، فإنها تحتوي على اقتباسات طويلة أو قصيرة من مصادر متنوعة مخطوطة كانت أو مطبوعة في توضيح لفظة غامضة أو اسم مدينة أو تفسير بيت من الشعر أو إيراد نكتة مليحة أو نادرة فصيحة أو خبر ظريف أو حدث طريف، وقد أحسن عبد القادر زمامة رحمه الله وإيانا فيما نشره مسلسلا من هذه الكناشات بعنوان وجادات في مجلة دعوة الحق المغربية، فإن هذه الوجادات كثيرة النفع للمحقق والمفهرس لأنها تعينهما على توثيق ما بين أيديهما من معلومات أو تعينهما على تحديد اسم الكتاب أو المؤلف إذا اتفقت الاقتباسات فيهما.
ومع أنّ ظاهرة الكناشات قديمة، كما ذكر البلوي فيما سبق، فإنّ ما وصل إلينا منها قليل جدا يعود أكثرها إلى عصور متأخرة، ولعل السبب يكمن في أنّ النساخ لم يهتموا بها لقلة الطلب عليها ولهذا ضاع أكثرها في المشرق، سوى كناشات الطب الكثيرة، ووصل إلينا الكثير من الكناشات غير الطبية من المغرب.
__________
(1) مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 1519.(1/157)
الإجازات
ومن مشكلات الفهرسة، الإجازات التي يجدها المفهرس ملحقة بأوائل أو أثناء أو أواخر المخطوطات. وقد أدرجتها في جملة المشكلات، لأن كثيرا من المفهرسين والمحققين، يغفلون عن إيرادها أو عن ذكرها فيما يفهرسون، ويغفلون عمّا تحتوي عليه من المعلومات النافعة، التي لها علاقة وثيقة بالمخطوطة ذاتها، وبالجو العلمي والثقافي اللذين كانا سائدين في زمن تسجيلها (1).
لقد درست الإجازات فيمن درسها (2) وخلصت في دراستي هذه إلى أنّ الإجازات في الكتب إنما هي تطور للإسناد في رواية الحديث النبوي الشريف، وهو تطور فرضه المسار الحضاري والثقافي لأنّ الحديث الشريف هو تاريخ هذه الأمة التشريعي (3)، وهو بعد أولّ ما دوّن بعد النص القرآني (4)، لذلك استعارت الإجازة كلّ المصطلحات الخاصة به، فالعرض والقراءة والسماع والمناولة والإذن بالنقل والرواية وحق الرواية والوجادة والمناولة والمقابلة والكراسة والنسخة، ومن ثم الإجازة إنما هي ألفاظ حديثية لا تخرج عن ذلك.
الحق، إنّ الإسناد في الحديث النبوي هو الإجازة في أول مراحلها التاريخية في الإسلام، وكان توثيق الإسناد أول شروطها، وهو قديم في
__________
(1) درسها عابد بن سليمان المشوخي بالتفصيل في: أنماط التوثيق في المخطوط العربي 81 134.
(2) الإجازات وتطورها التاريخي، مجلة عالم الكتب، مج 2، ع 2شوال 1401هـ / 1981، 285278.
(3) دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث 295وما بعدها.
(4) المصدر نفسه 318316.(1/159)
الإسلام، فقد روي أنّ الشعبي المتوفى سنة 104هـ قال للربيع بن خثيم حين حدّث بحديث: من حدّثك بهذا الحديث؟ قال: عمرو بن ميمون الأودي، فلقيت عمرو بن ميمون فقلت: من حدّثك بهذا الحديث؟ فقال: عبد الرحمن بن أبي ليلى، فلقيت ابن أبي ليلى فقلت: من حدّثك؟ قال: أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يحيى بن سعيد: وهذا أول من فتّش عن الإسناد (1).
ولعل أول إشارة تصل إلينا عن الإجازة الصريحة، هي ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب العلل ومعرفة الرجال، فقد روى أن بشير بن نهيك قال: كنت كتبت عن أبي هريرة كتابا، فلما أردت أن أفارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتابا فأرويه عنك؟ قال: نعم، اروه عني (2).
وفي رواية أخرى: = قال بشير: أتيت أبا هريرة بكتابي الذي كتبته فقرأته عليه، فقلت: هذا سمعته منك؟ قال: نعم = (3).
إنّ شدّة العناية بالإسناد وتوثيقه، قادت أصحاب الحديث إلى ما يسمى بعلم الجرح والتعديل (4) الذي شغل بال العلماء منذ بداية تدوين الحديث، ثم إلى علم التاريخ لإظهار زيف الكذابين، إذ به يظهر تزييف مدّعي اللقاء ويشهر ما صدر منه من التحريف في الارتقاء لمّا تبيّن أنّ الشيخ الذي جعل روايته عنه كان قد مات قبل مولده، أو أنه اختلّ عقله أو اختلط أو أنه لم يجاوز بلدته التي لم يدخلها الطالب قط (5).
__________
(1) السنة قبل التدوين 223مع الإشارة إلى المصادر.
(2) العلل ومعرفة الرجال، تح طلعت قوج بيكيت وإسماعيل جراع أوغلي، أنقرة 1963، 1/ 43وابن حجر، تهذيب التهذيب، حيدر آباد 1/ 470.
(3) السنة قبل التدوين 318نقلا من طبقات ابن سعد 7/ 162.
(4) انظر: صحيح مسلم، القاهرة 1334هـ، 1/ 2221.
(5) الإعلان بالتوبيخ للسخاوي 44، وفي علم التاريخ عند المسلمين، لفرانز روزنثال، ترجمة أحمد صالح العلي، مؤسسة الرسالة بيروت 1403هـ / 1983، 386.(1/160)
إنّ هذا الاحتراز الشديد من الكذب والتزوير أو التدليس والانقطاع بين الراوي والمروي عنه، وبين الشيخ وطالب الحديث، أو بكلمة أخرى: بين مصنف الكتاب وراويه، كان الدافع الأول لطلب الإجازة وتطلبها خشية أن يوصم الطالب بالتزييف والتزوير وخاصة إذا كان الكتاب المروي يختصّ بالحديث الشريف أو بعلوم القرآن، فإنّ نظام الإجازة الذي تطور عبر القرون من الإسناد وتوثيقه اتّخذ النظام نفسه بل والمصطلحات عينها في منح الإجازة.
فبعد أن زادت المصنفات الحديثية، وتبعتها مصنفات السيرة النبوية، والمغازي والمسانيد وكتب صحاح الآثار، ازداد تطلّب الناس لها من مصنفيها أو ممن رواها عن مصنفيها، فصارت هذه المصنفات تروى بالإسناد السماعي، فإذا ما روى راو كتابا عن مصنفه بحق سماعه أو بحق روايته أو بحق قراءته عليه، كان ذلك إجازة منه، لذلك روى عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي المتوفى سنة 182هـ كتب الثوري على وجهها وروى عنه الجامع (1)، فكان الرواة يحرصون على نقل أمثلة سماع شيوخهم من نسخ الشيوخ وسماعهم على نسخهم.
ومن هنا فإنّ أهمية الإجازة بضروبها المختلفة (2) في علم الاكتناه بما في ذلك كتب المشيخات والأثبات والبرامج، لا تكمن في كون الإجازة إحدى وسائل توثيق عزو الكتاب إلى مؤلفه أو توثيق نصه فحسب، بل إنّ أهميتها بالنسبة للمفهرس والمحقق تقع في ما يأتي:
1 - التدرّب على معرفة خطوط العلماء، فإنّ كثيرا من المخطوطات تحمل خطوطهم بإجازة رجال الطباق مثل: = صحيح هذا وكتب فلان = أو أن
__________
(1) طبقات ابن سعد 7/ 328وسير أعلام النبلاء 8/ 452.
(2) أنواع الإجازات كما وردت عند ابن خير الإشبيلي وعند السمعاني، انظر: الإجازات وتطورها التاريخي 282.(1/161)
بعضها يحمل تقييد قراءة مثل: = فرغ فلان منه قراءة = أو تقييد استعارة مثل: = فرغ منه قراءة داعيا لمالكه = أو تقييد تملك بخطه، مثل: = تملكه فلان = أو = دخل في نوبة، وأمثال ذلك كثير.
2 - وقد تكون المخطوطة نسخة نسخها أحد التلاميذ من نسخة المصنف في وقت الطلب وقرأها عليه إما مفردا أو مع جماعة ثم أجازها المصنف كتابة، ثم يصبح هذا التلميذ في ما بعد من العلماء فينقلها تلميذ أو تلاميذ آخرون ويقرأونها عليه بحق روايته لها فينقلون مثال سماعه إلى نسخهم، وهذا كثير جدا أيضا، وهنا يجب أن يكون المفهرس نبيها في التعرف على كلّ هذا فلا يختلط عليه الأمر (1)، كما اختلط على أحد المستشرقين الهولنديين، حين قال في أحد رواة كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام (2) وكتاب المجالسة وجواهر العلم للدينوري (3): = وهو أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد بن مفرج بن غياث الأرتاجي، العالم غير المعروف في غير هذا المكان = (4).
والصواب: الأرتاحي بالحاء وليس الأرتاجي بالجيم، وهو عالم معروف مشهور، وهو شيخ المنذري (5)، توفي في سنة 601هـ، وله ترجمة حفلة في أكثر من مصدر (6).
__________
(1) انظر مثلا: الناسخ والمنسوخ في القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام، نشرة سزكين، فرانكفورت 1985، 419418.
(2) الذي نشره سزكين مصورا.
(3) نشره فؤاد سزكين في فرانكفورت بالتصوير سنة 1407هـ / 1986.
(4):،، 133.، 1993. 2.،
(5) التكملة لوفيات النقلة 3/ 175.
(6) ترجم له ياقوت في معجم البلدان = أرتاح = والمنذري في التكملة 2/ 72والذهبي في السير 21/ 415وفي العبر 5/ 2وفي دول الإسلام 2/ 81وابن رجب في الذيل 2/ 38 وابن تغري بردي في النجوم 6/ 188وابن العماد في الشذرات 5/ 46، فهل هو مجهول؟(1/162)
3 - تعين الإجازات على تصحيح بعض أخطاء كتب التراجم في وفيات العلماء أو في تنقلهم في البلدان أو رحلاتهم في طلب العلم ودراساتهم على مختلف الشيوخ، فقد ترجم ابن الجزري لعبد الباقي بن فارس بن أحمد بن موسى المقريء وقال فيه: = يقال توفي في حدود سنة خمسين واربع مئة = (1)، بيد أننا نجد اسمه في مثال سماع لكتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن للقاسم بن سلام مؤرخ في سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة بالجامع العتيق بمصر = (2).
4 - تساعد الإجازة على تصحيح أو توثيق أسماء المؤلفين أو عناوين الكتب، إذا كان هناك شكّ في اسم المؤلف أو أنّ اسمه تشابه مع اسم مؤلف آخر، أو كان للمخطوطة أكثر من عنوان، أو أنّ العنوان تشابه مع عنوان مشابه له، أو أنّ الناسخ أثبت عنوانا مزيفا أو اسما وهميا للمؤلف، فقد يرد عنوان الكتاب واسم مؤلفه في الإجازة وبذلك يستطيع المفهرس التعرف عليه إذا سقطت بضع أوراق من أول المخطوطة فضاع معها اسم المؤلف وعنوان الكتاب.
5 - تساعد الإجازة على تعيين تاريخ نسخ المخطوطة إذا لم تكن حاوية عليه، أو إذا حدث فيه طمس عفوي بفعل الرطوبة أو طمس متعمد لسبب أو لآخر، ومثل هذا كثير أيضا.
6 - في المخطوطات المقسمة إلى كراسات، تثبت الإجازات عادة أو السماعات في كلّ جزء منها أو في كلّ كراسة إما في صفحة العنوان أو في نهايتها أو فيهما معا، كما يظهر ذلك واضحا في كتاب المجالسة للدينوري وغيره كثير (3)، فإذا حدث أن سقطت أوراق من أولها ومن
__________
(1) غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 357.
(2) الناسخ والمنسوخ في القرآن 418.
(3) وفي كتاب الأموال لابن زنجويه المتوفى سنة 251هـ، تح شاكر ذيب فياض.(1/163)
آخرها، فإن هذه السماعات قد تعين على معرفة عنوان المخطوطة ومؤلفها، وعلى مقدار الأوراق الساقطة منها.
7 - تعين الإجازات أو السماعات على التدرب على تمييز خطوط كتّاب الطباق أو قرّاء النسخة على الشيوخ، مثل: = وصحّ وثبت لهم بقراءة كاتب السماع فلان بن فلان = أو: = وكتب القارئ عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف الغساني الجزائري =، ومثل هذا يظهر كثيرا في مخطوطة فوائد حديث أبي القاسم تمام بن محمد بن الجنيد الرازي (1)
المتوفى سنة 414هـ حيث احتوت السماعات الكثيرة على خطوط عدد كبير من العلماء المشهورين منذ سنة 594هـ إلى سنة 958هـ، مثل عبد العظيم المنذري والخضر بن الحسين بن الخضر بن عبد الله الأزدي (2) وإسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنصاري الأنماطي (3)
ومحمد بن علي بن محمود المحمودي الصابوني (4) والسخاوي وابن الحرستاني (5) والبرزالي الأشبيلي ومحمد المظفري والنويري وإبراهيم الماراني (6) ويوسف بن زكي الدين عبد الرحمن بن يوسف المزي وابن سيد الناس اليعمري وأمثالهم كثير، وحسبك أن تنظر في اللوحات الكثيرة التي نشرها أرثر جون آربري في نهاية كل جزء من فهارس مكتبة جستر بيتي بدبلن.
8 - في بعض السماعات تدرج للمؤلف ترجمة قصيرة وسنة وفاته، وقد تكون هذه الترجمة في صفحة العنوان أو في أثناء المخطوطة أو في
__________
(1) نسخة مكتبة جامعة لايدن برقم: 580.
(2) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 20/ 222.
(3) المصدر نفسه 22/ 173.
(4) معجم المؤلفين 11/ 62.
(5) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 22/ 80.
(6) انظر عنه: المصدر نفسه 22/ 290.(1/164)
آخرها، ومثل هذه المعلومات تعين المفهرس على توثيق معلوماته حول المخطوطة، وتوفّر عليه جهدا كبيرا في التنقير والبحث.
9 - تعين السماعات على التعرف على أسماء كثير من علماء الأمصار الإسلامية المختلفة الذين حضروا السماع، وأماكن هذه السماعات وتواريخها، فيجد الباحث في الحاضرين القرطبي والكردي والإشبيلي والحضرمي والتونسي والسمرقندي والفاسي والاسكندراني والسبتي والمقدسي والبغدادي وأسماء الأطفال وأعمارهم والنساء والبنات والفتيان والأمراء والجنود وغيرهم.
10 - تعين السماعات على معرفة تطور أنماط خطوط العلماء عبر العصور في مخطوطة واحدة مثلا، فقد ترد في السماعات أطرزة من خطوط العلماء من بلدان مختلفة مثل الخط الأندلسي والتونسي والمغربي والجزائري وخطوط علماء ما وراء النهر وخراسان والهند (1) إضافة إلى خطوط علماء مصر والعراق والشام وغيرها.
11 - الطريف في السماعات أننا لا نعرف أنّ أحدا أفرد السماعات المثبتة في كتاب واحد بمصنف مفرد مثل ما فعل محمد بن إسحاق القونوي (2)
تلميذ ابن عربي الذي نقل كلّ السماعات التي وردت في كتاب الفتوحات المكية المكتوبة بخط ابن عربي نفسه والمحفوظة في قونية.
وهذه النسخة محفوظة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 1318 (3) وقد وصفتها في الفهرس الوصفي الذي لم ينشر بعد، وهي كما يأتي: = صور السماعات التي على نسخة الفتوحات المكية المحفوظة بقونية =.
__________
(1) أكثر هذه الخطوط وردت في مخطوطة فوائد حديث تمام الرازي.
(2) هو صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف القونوي المتوفى بقونية سنة 672هـ، انظر عنه: بروكلمان 1/ 134وملحقه 1/ 807.
(3) منها نسخة أخرى في مجموعة تيمور بدار الكتب المصرية.(1/165)
أول النسخة: = الحمد لله، صورة المرقوم على ظهر أول ورقة من السفر الأول من سبعة وثلاثين سفرا من فتوحات حضرة شمس العارفين الشيخ الأكبر محيي الدين الموجودة بمدينة قونية بمكتبة محمد بن إسحق صدر الدين القونوي انتقل هذا السفر وسائر الكتاب من منشئه إلى خادمه وربيب لطفه محمد بن إسحق غفر الله له ولوالديه في شهور سنة 637سبع وثلاثين وستماية والحمد لله رب العالمين =.
آخرها: = وفي أول السابع والثلاثين وقف الشيخ رضي الله عنه على زاويته وشرط أن لا يخرج منها لا برهن ولا بغيره جميع الفتوحات سبعة وثلاثين سفرا كلها بخط الشيخ الأكبر رضي الله عنه وأرضاه وعن المسلمين كلهم أجمعين، وهذا الجزء مجزأ أربعة عشر جزءا.
وبعد أن انتقل هذا السفر وما بعده من الأسفار أعني جميع الكتاب من منشئه وكاتبه بحكم الإنعام إلى خادمه وربيب لطفه محمد بن إسحق ابن محمد غفر الله له ولوالديه ونفعه بكل علم مقرب إليه نافع لديه في شهور سنة سبع وثلاثين وستماية =.
ومن طرائف الإجازات ما يظهر في مجموعة في الحديث، أولها:
ما رواه عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل عن محمد بن إدريس الشافعي إذ يظهر في كل جزء من المجموعة تقييد إجازة، مع اختلاف عنوان الجزء، وهذا نص إجازة إبراهيم بن علي القلقشندي ليونس بن ملاج الحنفي ورواية عبد الرحمن البهوتي الحنبلي عن أحمد بن محمد بن يشبك بحق روايته، كما تظهر في صفحة العنوان:(1/166)
= قد سمع مني [] الدين أبي الفتوح علي بن القاضي قطب الدين أحمد القرشي القلقشندي الشافعي كاتبه يونس بن [ملاج] الحسني الحنفي والشيخ ناصر الدين محمد بن يشبك اليوسفي وولده الشهابي أحمد بقراءة الشيخ إبراهيم [] الطنتدائي جميع هذا الجزء وهو ما رواه الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسنده عن الامام الشافعي قال [] أخبرني بجميع المسند جمع من الشيوخ منهم المسندة سارة ابنة ابن جماعة وعايشة وفاطمة الكنانيتان الحنبليتان بقراءتي على الأولى كاملا وسماعا لبعضه على الثانية والثالثة قالت الاولى اخبرنا به ابن اميلة مكاتبة وقالت الثانية والثالثة اخبرنا به أبو الحرم محمد بن محمد القلانسي إجازة ان لم يكن سماعا قالا أخبرنا ابن البخاري ح وسمعته عاليا على المشايخ الثلاثة زين الدين عبد الله الشهير بابن الطحان وابن بردوس وابن ناظر الصلاحية خلا ما فات ابن ناظر الصلاحية لموته قالوا أخبرناه ابن اميلة وابن عمرو وابن الجوخي وغيرهم سماعا لجميعه قالوا اخبرنا به الفخر ابن البخاري سماعا وزينب بنت مكي حضورا لابن الجوخي عليها قالا أخبرنا حنبل بن عبد الله الرصافي سماعا انا ابو القاسم هبة الله بن الحصين الشيباني أنا أبو علي الحسن ابن علي بن المذهّب التميمي أنا أبو بكر بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله ابن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني أبي.
وأجاز المسمع لكاتبه يونس بن ملاج الحنفي روايته في يوم السبت ثالث شعبان سنة سبع عشرة وتسعمايه.
الحمد لله صحيح ذلك كتبه إبراهيم بن علي القرشي الشافعي القلقشندي حامدا مصليا مسلما =.
= الحمد لله أروي هذا الجزء عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد ابن يشبك كتبه عبد الرحمن البهوتي الحنبلي =.(1/167)
صفحة العنوان تحمل مقابلة بخط البهوتي يظهر منها: = بلغ مقابلة عبد الرحمن الحنبلي =.
ومثل هذا أو شبيه به ما ورد في نسخة خزائنية من كتاب الشفا للقاضي عياض محفوظة في المكتبة البريطانية، إذ يظهر فيها مسرد طويل من تقييدات السماع وطباقه، احتل الأوراق 304ب 309أنقلها ناسخ هذه النسخة محمد بن عبد الله اليماني المؤذّن بالجامع الأموي بدمشق، بخط النسخ الدقيق، من النسخ الكثيرة التي قابل هذه النسخة عليها، وفي نهاية كل ذلك يظهر خط ابن الكويك: = صحيح ذلك كتبه محمد بن أبي اليمن بن الكويك لطف الله به =.
12 - وقد تصحح الإجازة عنوان المخطوطة المشهور كما نراه في صفحة عنوان مقامات الحريري التي سمّاها مؤلفها: مقامات أبي زيد السروجي وعليها سماع المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري وإجازة الحريري له بخطه، ونصها: = سمع عني المقامات الخمسين التي أنشأتها الشيخ أبو المعمّر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري (1)
أحسن الله توفيقه وكتب القسم بن علي بن محمد بمدينة السلام في شعبان سنة أربع وخمس مايه وقد أجزت له رواية جميع ما لي من مسموع [] أن يحترز [] من تصحيف وتحريف = (2).
13 - وقد تزيد الإجازة في معلوماتنا عن طالب الإجازة أو توثق بعض هذه المعلومات، فقد ترجم السخاوي لبدر الشهابي، شيخ خدّام الضريح النبوي الشريف، ترجمة قصيرة، قال فيها: = بدر أبو الضياء الحبشي
__________
(1) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 20/ 260وقال: = مات سنة تسع وأربعين وخمس مئة عن أربع وسبعين سنة =.
(2) نسخة دار الكتب المصرية، برقم: 105أدب م.(1/168)
الشهابي الطواشي، توفي بالمدينة سنة إحدى وستين وستمائة = (1)، دون ذكر أخذه عن ابن الجبّاب السعدي المالكي المصري المتوفى سنة 648هـ، أو أنه كان في سنة 638هـ شيخ خدام الضريح النبوي الشريف، فإننا نجد كلّ ذلك في مخطوطة انتخاب أصول السماعات لأبي طاهر السلفي ما نصه: = قرأ عليّ هذا الجزء من أوله إلى آخره الزمام الأجل الأخص الكبير بدر الدين بدر الشهابي مقدم الخدم السادة خدم الضريح الشريف النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام وسمع بقراءة فتاه بشير بن عبد الله وأجزت لهما ذلك على ما أجازه لي شيخنا الحافظ السلفي رحمة الله عليه وذلك في يوم الأربعاء السابع عشر من شوال الفرد سنة ثمان وثلاثين وست مئة وكتب أحمد بن محمد بن عبد العزيز ابن الحسين بن عبد الله الجبّاب السعدي التميمي (2) =.
من كل ذلك أرجو وآمل أن تقوم إحدى المؤسسات الثقافية بتكليف جماعة من العارفين بتجميع السماعات والإجازات من المخطوطات ودراستها والتعريف بما ورد فيها من أسماء الإعلام ونشرها مصورة للتعرف على خطوط العلماء وتلامذتهم، لأنّ كثيرا جدا من الأسماء الواردة فيها لا ترد في مكان آخر، أو أن كتب التراجم لم تعن بترجمتهم، أو أغفلت ذكرهم، فتكون هذه الإجازات سجلا يحتوي على أسماء كثير من العلماء المجهولين.
__________
(1) التحفة اللطيفة 1/ 210.
(2) انظر فهرس جستر بيتي لأربري 4/ لوحة 103، وعن ابن الجباب، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 23/ 234.(1/169)
تقييد الختام
واعتاد المؤلفون والنساخ على كتابة عنوان المخطوطة كاملا، أو مختصرا، وتاريخ نسخها واسم الناسخ في نهايتها، أو أنهم قد لا يذكرون أيّ شيء من هذا، أو أنّ الناسخ أسقطها لسبب أو آخر، وهو ما أسميه ب: (تقييد الختام)، أو أنهم ينقلون ما كتبه المؤلف في نهاية كتابه دون أن يذكروا اسمهم أو تاريخ النسخ. فيظن بعض المحققين والمفهرسين أنّ المخطوطة بخط المؤلف لذلك يجب على المحققين والمفهرسين أن يتنبهوا إلى ذلك، ويتأكدوا تماما من صحة التاريخ، وذلك بمقارنته بطراز الخط ونوع الكاغد والمداد، والرجوع إلى، كتب العلامات المائية إذا كان الكاغد أوربيا. مع الاستئناس بتقييدات التملك، أو الوقف، أو بما فيها من إجازات أو تقييدات المقابلة، أو المعارضة، أو تقييدات بعض القرّاء أنه قرأها أو طالعها أو استعارها ونقل منها أو عارضها بنسخته وما إلى ذلك. فإن كلّ ما في المخطوطة من الاشارات قد يعين على تحديد زمن نسخها. ومن هنا فإنّه يجب على المفهرس أن لا يترك شاذّة ولا فاذّة في المخطوطة إلا وامتحنها، ولا شاردة ولا واردة فيها إلا وظنّ أنّ فيها مفتاحا ودليلا يعينه على توثيقه.
لقد رأينا في الإجازات أنها قد تصحح عنوان المخطوطة أو اسم المؤلف أو سنة وفاته، ومثيل كل هذا يصح على تقييد الختام، فقد ذكر بروكلمان (1) في ترجمة يعيش بن إبراهيم بن يوسف بن السمّاك الأموي الأندلسي، أنه توفي في سنة 900هـ، وقال في مكان آخر: إنه كتب في سنة
__________
(1). 155، ..(1/171)
895 - هـ (1)، بينما يظهر في مخطوطة كتابه: مراسم الانتساب في معالم علم الحساب بخط يده (2) أنه كتبها بدمشق في سنة 772هـ، وأن اسمه كما جاء بخط يده هو السماك وليس السمّاك، ومن غير المعقول أن يعيش إلى سنة 895هـ أو 900هـ، ومثل هذا كثير أيضا.
واعتاد بعض النساخ على تقييد تاريخ النسخ بحساب الجمّل، أو بالحساب المركب (3)، أو أنهم يكتبون أسماءهم بالأرقام مثل ما فعل ناسخ كتاب اللمحات الرافعات للتدهيش لمصطفى الصديقي البكري المتوفى سنة 1162هـ، فكتب: «7241335الحجازي اليماني» (4)، وهي تساوي: هـ، ج، ج، أ، د، ب، ز، فلعله: هجّاد بز أو هجاد بن اليماني الحجازي، ومع هذا فقد حاولت أن أجد لها حلا أحسن من هذا فلم أفلح، فهل عند أحد مفتاح هذا اللغز اليماني الغريب؟
واعتاد بعض النسّاخ والمتملكين أيضا على اختصار تاريخ النّسخ أو تاريخ تقييد التملك وبخاصة في المخطوطات المؤرخة بعد القرن العاشر للهجري، فيكتب بعضهم مثلا: في 7ل سنة 65، أو سنة: 90أو: سنة 121 فيختلط الأمر على المفهرس ب: شوال 1065أو شوال 1165أو شوال 1265، أو 1090أو 1190أو 1290، أو 1121أو 1221، وهنا يستطيع المفهرس النابه معرفة التاريخ الحقيقي بالبحث عن ترجمة الناسخ، أو البحث عن مخطوطات نسخها هذا الناسخ نفسه، فإنّ كثيرا من فهارس المخطوطات
__________
(1). 379،.،
(2) نسخة جستر بيتي بدبلن، برقم: 3532وصورة تقييد الختام في جزء 3لوحة 78.
(3) انظر مقالة جعفر هادي حسن في الأعداد المركبة في: مجلة عالم الكتب، مج 7، ع 2، 1406هـ / 1986، 170164ومقالته الأخرى في مجلة معهد المخطوطات، مج 32، ج 2، القاهرة 1988، 403393.
(4) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 1633.(1/172)
مثل فهرس برلين لألورد وغيره يذكرون أسماء النساخ في جرائد مفردة، وإذا لم يستطع العثور على ذلك، فيستأنس بتقييدات التملك أو تقييدات الشراء أو المطالعة أو المقابلة أو السماع إذا كانت النسخة تحتوي عليها، أو محاولة معرفة العلامة المائية في الكاغد إذا كان الكاغد أوربي الصنع، ومن ثم الرجوع إلى كتب العلامات المائية لمعرفة تاريخ صنع الكاغد ومكان صنعه.(1/173)
المسطّرة (1)
المسطّرة: بضم الميم وفتح السين وتشديد الطاء المكسورة، وسيأتي تعريفها، وهي غير المسطرة: بفتح الميم وسكون السين وفتح الطاء والراء، وهي التي نعرفها اليوم بهذا الاسم. وكانت ولم تزل تصنع من الخشب أو المعدن، وقد عرفها الوراقون منذ القدم فكانت من جملة آلات صنعتهم.
ومنذ بداية صناعة الكتاب العربي الإسلامي كان النساخ يستعملون المسطّرة، وذلك بضغط الصحيفة عليها لتظهر السطور في الصحيفة ثم يكتبون عليها، أما ما قاله الأستاذ عبد الستار الحلوجي إنه: = ليس بأيدينا ما يدل على أنهم كانوا يسطّرون الصفحات قبل أن يكتبوا فيها حتى يتحكموا في عدد السطور ويضمنوا عدم اعوجاجها = (2)، فهو محتاج إلى أكثر من دليل علمي وعملي.
وقد تابعه الأستاذ شعبان خليفة، فقال: «لم تجر عادة النساخ العرب على تسطير المخطوط قبل الكتابة حتى لا تعوج السطور أثناء الكتابة، وإذا كان هذا جائزا في المخطوطات الصغيرة والمتوسطة الحجم فإنه في المخطوطات الكبيرة الحجم كان لا بدّ من تسطير المخطوط قبل الكتابة لضمان استواء السطور وكذلك المصاحف الشريفة» (3).
__________
(1) بضم الميم وفتح السين والطاء المشددة المكسورة.
(2) المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري 173وتبعته ميري عبود فتوحي في هذا الراي في فهرسة المخطوط العربي 37.
(3) الفهرسة الوصفية للمكتبات: المطبوعات والمخطوطات لشعبان خليفة ومحمد عوض العايدي 311.(1/175)
وهذان القولان لا يستندان إلى علم عملي إطلاقا بل إلى حدس لا يؤيده استواء السطور في المخطوطات القديمة والحديثة، الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم، وتفسيره بسيط عند الخبير وهو أن الخطوط المضغوطة قد اختفت في المخطوطات القديمة الرقيّة أو الورقية وانمحت بفعل الزمن والاستعمال والرطوبة الموجودة في الهواء، وهي لا تزال واضحة المعالم في المخطوطات الكثيرة التي وصلت إلينا، وإلى هذه المسطّرة أشار الصولي المتوفى سنة 243هـ فقال: = لإصلاح سطور الكتاب من الاعوجاج = (1).
أما المسطّرة: فهي آلة تصنع من المعدن أو الخشب، على شكل مربع، أو مستطيل، ويحفر عليها إطار، وخطوط ذات حروف حادة بأبعاد متساوية وبعدد معين من السطور، فإذا ضغطت الورقة على هذه الآلة، تركت عليها خطوطا أو حزوزا، فيكتب عليها الناسخ فتستقيم سطور الصفحة.
أو قد تكون على شكل إطار من الخشب، ذي ثقوب متساوية الأبعاد، وينظم فيها خيوط محكمة الفتل (2)، أو أسلاك معدنية، فيضع الناسخ الورقة على المسطّرة ويدرج على هذه الخيوط أو الأسلاك مدلكا من القصب أو الخشب أو يضغط عليها بقطعة من اللباد أو يدلكها بإبهامه فتنطبع السطور على الصحيفة (3). فإذا أسرف الناسخ في ضغط الكاغد على المسطّرة فإنه قد يحزّ في الكاغد حزوزا تؤدي إلى تقطّعه وهي تمرّ على يدي كلّ مفهرس فلا تخطئها عيناه.
__________
(1) أدب الكتاب، القاهرة 1341هـ، 471.
(2) الخط العربي لزكي صالح، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1983، 163ونشر صورة لها.
(3)،،.،
. 229.، 1803،
نقلا من:
. 13.، 1908، ..(1/176)
وقد يمرر الناسخ هذه الخيوط من خلال لوحة خشبية فيحكم شد الخيوط أو يلصقها على اللوحة بوساطة الغراء أو الصمغ حتى لا تتحرك الخيوط فإذا أراد النسخ قام بالعمل السابق نفسه (1)، (انظر صورها في الملحق).
وقد وصل إلينا وصفها في مصدر متأخر، نقله الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا (2)، فجاء عنده: = ومن أدوات الكتابة المسطرة، ويعني بها لوح تلصق به، على عدد السطور المطلوبة خيوط ناتئة ومتساوية الأبعاد، فإذا أريد تسطير ورق الكتابة يوضع فوقها، ويضغط عليه باليد، بقدر ما ترتسم به السطور، وينبغي أن تكون على زوايا قائمة ذات امتدادين طولا وعرضا، وتجعل سعة الطرة (الحاشية) اليمنى من جزء، والفوقانية من جزأين، واليسرى من ثلاثة أجزاء، والسفلى من أربعة = (3).
أما في الرق فقد كانوا يثقبون حواشي الصحيفة بثقوب صغيرة دقيقة متساوية الأبعاد على عدد السطور المطلوبة ويمررون من خلالها خيوطا رفيعة جدا ثم يكتبون عليها فتستوي عليهم السطور (4)، فإذا جلدها المجلد مع غيرها قطع جوانب الصحف وأخذ الثقوب معها، وقد وصلت إلينا بعض صفحات من الرقوق المثقوبة من الجانبين بعد سقوط تجليدها أو من جانب واحد لم تصلها سكين المجلد، وقد كان هذا النظام شائعا في مخطوطات القرون الوسطى اللاتينية (5) والعبرية المتأخرة (6).
__________
(1) سمّاها إبراهيم شبّوح: «مسطرة الخيوط» في: نحو معجم تاريخي لمصطلح ونصوص فنون صاعة المخطوط العربي، في: أعمال المؤتمر الثالث لمؤسسة الفرقان بلندن 1995، 383دون ذكر مصدره.
(2) توفي الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا في 30من شهر آب (أغسطس) سنة 1999.
(3) تاريخ الوراقة المغربية 170وتقنيات إعداد المخطوط المغربي في: المخطوط العربي وعلم المخطوطات، جامعة محمد الخامس 1994، 2928.
(4)،:،. .،
389403.، 1946،
(5). .. .. ، 71.،
(6) المصدر نفسه 84.(1/177)
أو أنهم كانوا يستعملون قلما معدنيا مدببا دقيقا، فيضغطونه باستعمال المسطرة من ثقب إلى آخر، فترتسم الخطوط المضغوطة في الرق، أو أنهم كانوا يستعملون نوعا من أقلام الرصاص، أو أي لون أخر يمكن إزالته بعد نسخ الصحيفة (1)، فيمدّون الخطوط بين هذه الثقوب. ولذلك يستطيع الخبير بعلم الاكتناه رؤية بعض آثار هذه العمليات من خلال العدسة المكبرة، أو باستعمال آلة الأشعة البنفسجية تحت الحمراء، حيث تظهر الخطوط المضغوطة أو بقايا قلم الرصاص، أو حتى خطوط المداد الرفيعة جدا، على الرقوق المكتوبة.
أما عدد الأسطر في المخطوطات فهو يختلف من مخطوطة إلى أخرى تبعا لحجم المخطوطة وتبعا للمسطّرة التي اختارها الناسخ وهي لذلك تختلف عددا في المخطوطات المختلفة فتكون في الغالب: 7، 13، 15، 17، 19، 21، 25، إلى 31سطرا أو قد تزيد إلى 51سطرا وقد تنقص عن هذا العدد، وغالبا ما تكون فردية وترية العدد للتدليل على وحدانية الخالق سبحانه وتعالى وأحديته.
وقد يسهو الناسخ عن مغزاها فتكون عنده ثنائية، كما نجد ذلك في بعض المصاحف الرقيّة، إلا أنّ مثل هذا كان قليلا في المخطوطات الورقية التي مرّت على يدي، أو قد يحدث أن الناسخ قد يجعل بعض سطور الأوراق وترية وبعضها ثنائية حين يضطرّه النص المنسوخ.
__________
(1) دراسة فنية لمصحف مبكر، لعبد الله بن محمد المنيف، الرياض 1418هـ / 1998، 94.(1/178)
التعقيبات
ومنذ البداية أيضا كان النساخ يستعملون التعقيبة (1) في نهايات الأوراق السفلى، وهذه التعقيبة معروفة في الرقوم الطينية البابلية، والسومرية، والأكدية، والحثيّة، والأوغاريتية (2)، حتى إذا بعث الكتاب إلى المجلد يستطيع ترتيب كراريسه، ولا يخطيء في ترتيب الكتاب، وكان المجلد يقص جوانب الكتاب بعد رزمه، ومن ثم تجليده، فتختفي التعقيبة، بيد أنّ بعض النساخ بدأ يصعد بالتعقيبة إلى جانب السطر الأخير من النص فلذلك نجد بعض صفحات مخطوطات القرن الثالث والرابع والخامس تحتوي على أجزاء صغيرة متبقية من حروف التعقيبة.
ويؤيد هذا ما وصل إلينا من مخطوطات القرن الثالث والرابع، ففي كتاب تاريخ ملوك العرب لعبد الملك بن قريب الأصمعي، بخط ابن السكيت والمؤرخ = في العاشر من شهر شوال سنة 243هـ = والمحفوظة بباريس (3)
برقم: 6726تظهر التعقيبة فيه بخط الناسخ.
ومثل هذا في نسخة ديوان الفرزدق، التي نسخها أحمد بن أحمد بن أخي الشافعي، ورّاق أبي عبد الله بن عبدوس الجهشياري قبل سنة 331هـ بقليل (4)، والمحفوظة في المكتبة الظاهرية برقم: 8800عام وتقع في 99 ورقة.
__________
(1) وتسمى: الرقاص في الإصطلاح المغربي.
(2) تاريخ الكتاب 1/ 24.
(3) بروكلمان ملحق 1/ 164.
(4) منسوخة من خط السكري المتوفى سنة 275هـ وعليها خط علي بن عيسى الرماني النحوي المتوفى سنة 384هـ وبمقابلة النسخة في شهر رجب من سنة 331هـ.(1/179)
وفي نسخة كتاب المدخل الكبير في علم أحكام النجوم، لأبي معشر الفلكي، المؤرخة في سنة 325هـ والمحفوظة في باريس برقم 5902وتقع في 131ورقة (1)، ومثل هذا ليس قليلا للحريص المتتبع المنقب.
ففي نهاية نسخة كتاب المعمرين لأبي حاتم سهل بن عثمان السجستاني المتوفى سنة 255هـ الذي نشره كولدزيهر بالتصوير بمطبعة برل بلايدن سنة 1899م، يظهر فيها السماع الآتي: «بلغت سماعا من أوله إلى آخره بقراءتي على الشيخ أبي القاسم هبة الله بن إبراهيم الصواف رضي الله عنه عرضا بأصل كتابه وذلك في رجب من سنة ثمان وعشرين وأربع مايه هـ»، والنسخة تحتوي على التعقيبات بخط الناسخ نفسه، ولا بدّ أن نسخة الصواف قد كتبت قبل تاريخ السماع في القرن الرابع، وأنها كانت تحتوي على التعقيبات أيضا.
وقد حاولت أن أجد أثرا للتعقيبة في مخطوطة غريب الحديث للقاسم بن سلام، المنسوخة في سنة 252هـ (2)، وهي من أقدم المخطوطات العربية المكتوبة على الورق في العالم (3)، فلم أفلح، بل وجدت أن أجزاء من كلمات في السطر الأخير من بعض الصفحات قد اختفت، نتيجة إسراف قص المجلّد لها.
__________
(1). 17 .. 1958،،.،
ويرى سزكين أن هذه النسخة تعود إلى القرن السادس، مقدمة كتاب المدخل الذي نشره في فرانكفورت.
(2) مخطوطة مكتبة جامعة لايدن، برقم: 298 ..
(3) أقدم منها أخبار ملوك العرب من بني جرهم وهود للأصمعي مؤرخة في سنة 243هـ وهي محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس برقم: 6726وكتاب آداب الفلاسفة لحنين بن إسحاق المتوفى سنة 260هـ، وهو مؤرخ في سنة 249هـ، ومحفوظ في مكتبة جامعة طهران.(1/180)
ويؤيد ما ذهبنا إليه، من أنّ: التعقيبة بدأ ظهورها مع الكتاب الإسلامي، ما أورده الخطيب البغدادي في ترجمة علي بن المغيرة الأثرم الوراق ببغداد المتوفى سنة 232هـ عن أبي عمرو بن العلاء، قال: = حدثني أبو مسحل عبد الوهاب، قال: كان إسماعيل بن صبيح الكاتب أقدم أبا عبيدة (معمر بن المثنى التيمي البصري) (1) في أيام الرشيد من البصرة إلى بغداد، وأحضر الأثرم، وكان وراقا في ذلك الوقت، وجعله في دار من دوره وأغلق عليه الباب ودفع إليه كتب أبي عبيدة وأمره بنسخها، قال: فكنت أنا وجماعة من أصحابنا نصير إلى الأثرم، فيدفع إلينا الكتاب من تحت الباب ويفرق علينا أوراقا ويدفع إلينا ورقا أبيض من عنده ويسألنا نسخه وتعجيله ويوافقنا على الوقت الذي نردّه عليه فيه، فكنا نفعل ذلك، وكان الأثرم يقرأ على أبي عبيدة ويسمعه، قال: وكان أبو عبيدة من أضنّ الناس بكتبه، ولو علم بما فعله الأثرم لمنعه منه ولم يسامحه = (2).
فمن هذا الخبر نستطيع أن نستنبط: أنّ توزيع الأثرم أوراق الكتاب على جملة من الوراقين، ما كان أن يتمّ، لو لم يكن في الكتاب نوع من علامات الترقيم الدالة على ترتيب الأوراق حتى يستطيع النساخ معرفة اتساق الكلام عند النسخ منها، وإرجاعها إليه، وهذه العلامة إما أن تكون تعقيبة أو ترقيما، وإلّا اختلطت أوراق الكتاب عليهم واختلط النص.
وقد رأيت في مخطوطة أخبار الزيدية، لمسلم بن محمد بن جعفر اللحجي المتوفى سنة 545هـ، المنسوخة في اليمن، والمؤرخة في سنة 566 هـ، أنّ الناسخ لم يستعمل التعقيبة فيها وإنما أعاد كتابة بعض الكلمات من نهاية جملة من الصفحات في بداية الصفحات التي تليها (3)، ومثل هذا رأيته
__________
(1) توفي في سنة 209هـ، سير أعلام النبلاء 9/ 445مع مصادر ترجمته.
(2) تاريخ بغداد 12/ 108ومعجم الأدباء 15/ 7877مع تغيير في نص الخطيب البغدادي.
(3) مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رقم: 2449، وانظر: الفهرس الوصفي 2/ 7167.(1/181)
أيضا في قطعة من كتاب المقتبس، لأبي حيان القرطبي، المنشورة بالتصوير حديثا (1)، مع ظهور بعض التعقيبات بخط الناسخ (2).
أما ما قاله الأستاذ عبد الستار الحلوجي: = إنّ التعقيبات لم تظهر إلا بعد القرن الرابع الهجري = (3) فهو رأي ينقضه ما وصل إلينا من المخطوطات القديمة الحاوية على التعقيبات الكاملة أو على أجزاء منها.
ولعل ظانّا يقول: إنّ التعقيبات الموجودة في بعض المخطوطات القديمة هي من صنع بعض متملكيها فهي لا تعود إلى زمن نساختها، فإننا نقول له:
لقد وصلت المخطوطة إلى يد هذا المتملك كاملة متكملة ومجلدة أيضا فما الدافع الذي يدفعه إلى إثبات التعقيبات فيها؟
ونقول أيضا: إنّ الخبير بصناعة المداد، ومعرفة أنواعه، وأزمان صنعه والفرق بين الخطوط، يستطيع أن يميّز جيدا بين التعقيبات المكتوبة بمداد المخطوطة نفسه، أو بمداد يختلف عن مداد المخطوطة أو بخط مغاير لخط الناسخ.
وقد استمر ظهور التعقيبات في كثير من المطبوعات الحديثة مما طبع في بولاق ودائرة المعارف العثمانية وغيرهما وفي كثير من المصاحف الشريفة والمطبوعات الحجرية وغيرها مع استعمال الترقيم العددي للصفحات.
__________
(1) المقتبس الثاني، نشره بالتصوير خواكين برميخو، مدريد 1999، الصفحات 170 183مثلا.
(2) المصدر نفسه 184، 186، 188، 190مثلا.
(3) المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري 181وهنا تقول ميري عبودي فتوحي في فهرسة المخطوط العربي 38: = وقد ظل المخطوط العربي ردحا من الزمن بدون ترقيم لأوراقه أو صفحاته حتى نهاية القرن الخامس الهجري تقريبا =، وهذا رأي مردود.(1/182)
رموز المقابلة
روى ابن عبد البر عن هشام بن عروة أنّ أباه عروة بن الزبير قال له:
كتبت؟ قال: نعم! قال: عارضت؟ قال: لا! قال: لم تكتب (1)، وهذا النظام هو الذي التزم به أصحاب الحديث، فقد كانوا يتحرون الدقة والضبط في كتبهم، حين مقابلتها أو معارضتها على أصل الشيخ، بعد سماعهم أو نسخهم نسخته، وكان لا بدّ من إثبات هذا في أول الكتاب، أو في أثنائه، أو في نهايته، ليكون دليلا على الصحة والدقة والضبط.
وكان الوراقون أو النساخ أو المؤلفون أنفسهم يضعون دائرة فارغة في أواخر الجمل والفصول، تأسيا بفعل أصحاب الحديث (2)، فإذا قوبلت النسخة على الأصل، أو قرئت على المصنف، أو على من قرأها على المصنف، أو من له إجازة بها، نقّط المقابل أو القارئ نقطة، أو كتب حرف (م) في الدائرة الفارغة، أو أصمت الدائرة، أو خط خطا مائلا إلى الأسفل فيها، للتدليل على الموضع الذي انتهى إليه في مقابلته، وقد يضيف في الحواشي كلمة واحدة، أو عدة كلمات للتدليل على المقابلة أيضا، مثل: = قوبلت =، أو: = إلى هنا بلغت المقابلة =، أو: = قوبلت وقرئت =، أو: = قوبلت حسب الطاقة = أو: = قوبل مع أصل صحيح مصحح = أو: = قوبل إلى ههنا =، أو: = بلغ قراءة على الشيخ = أو: = بلغ مقابلة على نسخة قوبلت وقرئت على المصنف = أو: = بلغ سماعا = أو: = بلغ مقابلة وقراءة وتصحيحا = أو: = بلغ العرض بالأصل =، أو: = قوبل وصحح وعورض بعون الله =، أو: = بلغ مقابلة على الأصل الذي سمع على الشيخ = ولكل مصطلح من هذه الاصطلاحات معنى خاص به، وأمثال ذلك كثير،
__________
(1) جامع بيان العلم وفضله 1/ 77.
(2) الإملاء والاستملاء 173.(1/183)
إضافة إلى الإلحاقات والتصحيحات التي تكون مشفوعة بكلمة: = صح = أو حرف: = ص = مبتورة (1) إذا كان الناسخ شاكا في قراءتها، أو = ص = تامة (2)، أو قد يكتب الناسخ حرف = ظ = (فيه نظر) أمام السطر، للتدليل على شك الناسخ في قراءة كلمة واردة في النص.
واتبع النساخ والمصنفون طرقا عديدة في رفع الإشكال عن بعض الحروف، فكانوا يرسمون حاء صغيرة تحت حرف الحاء المهملة، أو صادا صغيرة تحت الصاد، ويسري هذا النظام على الحروف المهملة الأخرى مثل الدال والراء والسين والعين والطاء، وهذه العلامة () فوق الحرف للتدليل على تشديده.
ويرد في كثير من المخطوطات علامة الهمزة «ء» فوق الحرف أو تحته للتدليل على إهماله، أو يرسم الناسخ خطا أفقيا صغيرا أو هلالا، بدلا من الحروف الصغيرة.
أما الهمزة في آخر الكلمة مثل ماء، أشياء، فعادة النساخ إهمالها أو أنهم يكتبونها على شكل «مآ، أشيآ»، أما إذا كانت بين حرفين مثل كائن، قائم، مشائخ، فانهم يكتبونها بالياء.
وهناك ما يسمى بعلامة الإلحاق، وهو أن يثبت الناسخ أو المصنف لفظا أو ألفاظا أو جملا طويلة في الحواشي، بعد مقابلة نسخته مع الأصل الذي نسخها منه، ويرسم في الموضع الذي يجب أن تدرج فيه العلامة: () أو () تبعا لجهة الحاشية التي كتب فيها الإلحاق.
أما ما يتعلق بألفاظ المئين، فقد اعتاد النساخ كتابة مائة أو ماية، مائتين أو مايتين، ثلاث مائة أو ثلاث ماية، وهذا كله خطأ لم يزل يتردد في
__________
(1) وهي الضبة أو علامة التمريض.
(2) انظر: تحقيق النصوص ونشرها 5956فقد ذكر عبد السلام هارون جملة أخرى من العلامات التي ترد في المخطوطات.(1/184)
الكتابات الحديثة، لأنّ النساخ لجأوا إلى ذلك لتفادي التصحيف فيها، والصواب مئة، مئتان أو مئتين، ثلاث مئة.
وهذه كلها ألصق بعمل المحقق ومعرفته أولا، ومعرفتها نافعة ومفيدة للمفهرس أيضا.
وفي المخطوطات المغربية يرد حرف = ط = في الهوامش مع الشروح أو التعليقات، وهو يعني: = طرة =، وهي بالمعنى المغربي: حاشية أو هامش، حتى يدرك من يود نسخ المخطوطة أنّ هذه الحاشية لا تتعلق بالنص، أو قد يرد في المخطوطة حرف «ن» أو لفظة «بيان» للتدليل على وجود إشكال وغموض في قراءة الكلمة.
وقد يقابل الناسخ أو أحد المتملكين نسخته على نسخة أخرى، أو عدّة نسخ، فإذا وجد اختلافا في النص بينها وبين الأخرى أو الأخريات أثبث الفروق في الحواشي مع التقييد: = ن = أو: = خ = أو: = خ = أو: = نسخ = أو: = نسخة أخرى =، وربما تكون قراءة النسخة الأخرى أو الأخريات أصوب، أو قد لا تكون أصحّ من قراءة نسخته، وهذا من صلب عمل المحقق أيضا.
وربما لا يجد المفهرس أيّ واحد من هذه المصطلحات في بعض المخطوطات القديمة منها والحديثة، وبخاصة المخطوطات التي لا تتعلق بالحديث النبوي وعلوم القرآن، إذ كانوا يتساهلون فيها، وهذا دليل على أنّ الناسخ لم يقابلها مع الأصل المنسوخ منها، لأنه قد نسخها لأحد الطلبة، أو أنّ الطالب نفسه نسخها لنفسه ولم يتسن له الوقت لمقابلتها، أو أنّ الطالب اشترط على الناسخ أن لا يقوم هو بالمقابلة توفيرا للأجر ولم يتسن له مقابلتها لسبب أو لآخر، ولهذا فاننا نجد كثيرا من المخطوطات تحتوى على بياضات أثناء النص، كان المفروض أن يملأها الناسخ بمداد ملون فلم يفعل، أو أنّ هذه البياضات تركها الناسخ عمدا، إما لوجود البياضات نفسها في النسخة
الأصل، أو أنه لم يكن متأكدا من قراءة النص، فتركها حتى يقابلها على نسخة أخرى، أو إننا نجد بعض المخطوطات ينقطع فيها النص فجأة، لأن الناسخ نسخ ما وجده في الأصل، وغالبا ما يقيّد هذا بصورة: = إلى هنا ما وجدناه في الأصل = أو قد يترك البياض عمدا دون تقييد، حتى يجد نسخة أخرى.(1/185)
وربما لا يجد المفهرس أيّ واحد من هذه المصطلحات في بعض المخطوطات القديمة منها والحديثة، وبخاصة المخطوطات التي لا تتعلق بالحديث النبوي وعلوم القرآن، إذ كانوا يتساهلون فيها، وهذا دليل على أنّ الناسخ لم يقابلها مع الأصل المنسوخ منها، لأنه قد نسخها لأحد الطلبة، أو أنّ الطالب نفسه نسخها لنفسه ولم يتسن له الوقت لمقابلتها، أو أنّ الطالب اشترط على الناسخ أن لا يقوم هو بالمقابلة توفيرا للأجر ولم يتسن له مقابلتها لسبب أو لآخر، ولهذا فاننا نجد كثيرا من المخطوطات تحتوى على بياضات أثناء النص، كان المفروض أن يملأها الناسخ بمداد ملون فلم يفعل، أو أنّ هذه البياضات تركها الناسخ عمدا، إما لوجود البياضات نفسها في النسخة
الأصل، أو أنه لم يكن متأكدا من قراءة النص، فتركها حتى يقابلها على نسخة أخرى، أو إننا نجد بعض المخطوطات ينقطع فيها النص فجأة، لأن الناسخ نسخ ما وجده في الأصل، وغالبا ما يقيّد هذا بصورة: = إلى هنا ما وجدناه في الأصل = أو قد يترك البياض عمدا دون تقييد، حتى يجد نسخة أخرى.
أو إننا نجد قسما من الورقة أو بعض الأوراق قد كتب الناسخ أو المؤلف عليها بخط ممدود: = سهو = أو = بياض صحيح = للتدليل على أنّ هذا البياض ترك سهوا وهو يعني أن النص ليس ناقصا، وهذه الأوراق البيض يجب أن ترقّم مثل بقية أوراق المخطوطة، بما في ذلك أية جزازة (أو:
جذاذة) أو طيارة يمكن أن تكون فيها، فلربما استدرك المؤلف أو الناسخ أو أحد القرّاء في هذه الجذاذات ما شاء له أن يستدرك على النص أو أنه شرح ما فيه، أو قد تحمل بعض هذه الطيارات معلومات مفيدة للمفهرس، مثل الإجازات أو القراآت أو السماعات، أو بعض الاقتباسات من كتاب آخر للمؤلف، أو إشارة إلى كتاب آخر له.(1/186)
نظام الكراسات
لقد كان نظام الكراسات معروفا عند اليونانيين والرومان، ويرى المشتغلون بصناعة الكتاب أن فكرة الكراس كشكل جديد للكتاب بدلا من اللفافة جاءت من تقليد الكتابة على عدة ألواح من الخشب أو المعدن المطلية بالشمع فكانت تربط مع بعضها فاستبدلت بالرقوق التي كانت قابلة للطي والربط، فكانت الكراسة من الرق تتألف من عدة رقوق تقطع على شكل مربع فتطوى الورقة من منتصفها ثم تربط هذه الرقوق المطوية مع بعضها لتشكل كراسة، وغالبا ما كانت هذه الكراسة تغلف بغطاء من الجلد أو لوحين من الخشب الخفيف لحمايتها.
وكان اسم الكراس أو الكراسة معروفا أيضا في القرن الأول من الهجرة على رواية السجستاني عن إبراهيم النخعي، قال: «وما فرغ علقمة (بن قيس النخعي) من مصحفه، حتى بعث إلى أصحابه الكراسة والكراستين والورقة والورقتين» (1).
وفي القرون الستة الأولى من بزوغ الإسلام اتّبع المصنفون وبخاصة أهل الحديث الشريف نظام الأجزاء الحديثية، وهو تقسيم الكتاب إلى أجزاء يتكون كل جزء منها من عشر ورقات أو عشرين ورقة فيكتب على وحه الصفحة الأولى من الجزء عنوان الكتاب وعدد الجزء إذا كان أولا أو ثانيا متبوعا باسم مؤلفه وقد يتبع كل ذلك أسماء رواته، وفي ظهر هذه الورقة أو في وجه الورقة التي بعدها يبدأ نص الكتاب، ويستمر هذا التقسيم إلى آخر
__________
(1) كتاب المصاحف 191 (دار الكتب العلمية)، وقد توفي علقمة في سنة 61هـ وتوفي إبراهيم النخعي سنة 96هـ، سير أعلام النبلاء 4/ 520.(1/187)
الكتاب. كما يظهر ذلك في الكثير من المخطوطات التي وصلت إلينا مثل كتاب غريب الحديث للقاسم بن سلام (1) وفي تاريخ دمشق الضخم المكتوب بخط القاسم ولد ابن عساكر والمؤرخ في سنة 562هـ، ومنه بعض الأجزاء (2) في مكتبة جامعة لايدن، وفي مخطوطة فوائد حديث أبي القاسم تمام بن محمد الرازي المؤرخة في سنة 595594هـ والمحفوظة في لايدن أيضا، وفي مخطوطات كثيرة تعود إلى أقدم من هذه التواريخ بكثير، فلو لم يكن هذا النظام معروفا مستتب القواعد لما اتبعة المؤلفون والنساخ.
ويؤيد هذا ما رواه ابن بشكوال في ترجمة أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المعروف بابن المكوى المتوفى سنة 401هـ، أنه: «جمع للحكم المستنصر بالله كتابا حفيلا في رأي مالك سماه: الاستيعاب من مئة جزء» (3)، ويعني بالجزء هنا: الكراسة، ومثل هذا كثير في المخطوطات التي تعود إلى القرون الستة الأولى.
وقد يسمون الكراسة جلدا، كما جاء في ترجمة يحيى بن المبارك اليزيدي عند ابن خلكان عن أبي حمدون الطبيب قال: = شهدت ابن أبي العتاهية وقد كتب عن أبي محمد اليزيدي قريبا من ألف جلد عن أبي عمرو ابن العلاء خاصة، ويكون ذلك عشرة آلاف ورقة، لأنّ تقدير الجلد عشر ورقات = (4).
ويؤيد هذا أيضا ما رواه ابن حزم، أنّ تليد الفتى صاحب خزانة الحكم الثاني المستنصر في قرطبة الذي حكم ما بين سنة 350إلى سنة 366هـ
__________
(1)،،. ..
. 687.، 89 ..
(2) الأجزاء 277، 278، 279، 280.
(3) الصلة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة 1966، 1/ 23، رقم: 38.
(4) وفيات الأعيان لابن خلكان، تح إحسان عباس 6/ 184.(1/188)
أخبره = أنّ عدد الفهارس التي كانت فيها تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسة، في كل فهرسة خمسون ورقة، ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين فقط = (1)، والفهرسة هنا تعني: الكراسة.
ونقل المقري هذا الخبر من كتاب ابن حزم، وقال: = في كل فهرسة عشرون ورقة = (2)، وهو الصواب، بدلا من رواية ابن حزم = في كل فهرسة خمسون ورقة = التي يظهر أنها تصحيف، وذلك أنّ الشيخ محمد المنوني نقل من كتاب التكملة: أنّ كلّ جزء من فهارس مكتبة الحكم المستنصر كان يشتمل على عشرين ورقة (3).
ومثل ذلك في نسخة من كتاب غريب الحديث لابن قتيبة التي تحمل في نهايتها: «وكتبته ببغداد في المحرم سنة ثمان وسبعين ومايتين»، وسماعا على القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي (4) «في سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة» (5).
أما نسخة أنساب الأشراف للبلاذري (6) المحفوظة في المكتبة المحمودية (7)، التي تحمل في أولها تقييد تملك باسم مرشد بن علي بن مقلد بن
__________
(1) جمهرة أنساب العرب 100.
(2) نفح الطيب، لايدن 18611855، 1/ 256وتح إحسان عباس 1/ 385، 394.
(3) تقنيات إعداد المخطوط المغربي 27وقد ذكر الشيخ المنوني قائمة بما رآه من الكتب التي صنفها أصحابها على نظام الكراسات أو الأجزاء 25.
(4) لقد أسأت قراءة «القضاعي» في كتابي مقدمة في الوثائق الإسلامية 24فاثبتّ:
«النفاع (البقاعي؟» وهو وهم قبيح مني، فأرجو تصحيحه مع اعتذاري الجم، وعن القضاعي المتوفى سنة 454هـ، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 18/ 92مع مصادر ترجمته.
(5) هي نسخة جستر بيتي بدبلن برقم: 3494.
(6) قطعة منه تحتوي على المجلد الثالث عشر.
(7) ضمت هذه المكتبة مع مكتبة عارف حكمت وغيرها إلى مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة الشريفة.(1/189)
نصر بن منقذ المتوفى سنة 531هـ، وهو والد أسامة، وتقييد قراءة لمنقذ بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني، وهو أخو أسامة (1)، بتاريخ 521هـ، وتقييد «انتقاه داعيا لمعيره» للمقريزي بتاريخ 829هـ، وتقييدات تملك أولها باسم: محمد بن منصور المعروف بالديلمي والثاني باسم: «علي ابن ظافر بن حسين الأزدي (2) بمحروسة مصر في سنة ثلاث وست مئة»، وأخر باسم شرف الدين ابن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وأحمد المنجم المحلي، فقد اتبع الناسخ فيها نظام المجلدات أولا، ومن ثمّ حافظ على تقسيمات الأجزاء ثانيا، وهي نسخة تعود إلى نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس للهجرة، وهي تحمل عنوان الكتاب، إلا أنها خالية من أية تعقيبة، فلعل المجلد أتى عليها.
واتبع بعض المؤلفين الأندلسيين والمغاربة، على ما يبدو، نظاما آخر في عدد أوراق الكراريس، إذ يروي جابر بن عبد الله القرشي عن ابن خير الأشبيلي المتوفى سنة 575هـ أنه كتب إليه: «أن فهرسته عشرة أجزاء، كل جزء منها ثلاثون ورقة» (3).
ومع كل هذا فإننا يجب أن نقرر أن كلّ هذه القواعد لم تكن مطردة عند كل المصنفين، فقد وصلت إلينا مصنفات لم يتبع مصنفوها قاعدة الكراسات، منها: نسخة ناقصة من كتاب تفسير غريب القرآن وغريب الحديث لأبي الحسن علي بن القاسم الخوافي (4)، ذكر فيها أنه اتبع أسلوب أبي عبيد القاسم
__________
(1) صاحب كتاب الاعتبار الذي نشرته دار الأصالة في الرياض بتحقيقي في سنة 1407هـ / 1987، ونصها: «استكمله منقذ بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ قراءة سلخ ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وخمسماية».
(2) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 22/ 60مع مصادر ترجمته.
(3) الذيل والتكملة 8/ 300.
(4) ترجم السمعاني لأبي الحسن علي بن القاسم بن علي الأديب الخوافي، وقال: سمع بنيسابور محمد بن يحيى الذهلي وببغداد العباس بن محمد الدوري، الأنساب ورقة 210ب، تح ماركليوث، وقد توفي الذهلي سنة 258هـ والدوري سنة 271هـ، سير أعلام النبلاء 12/ 284، 524فيكون الخوافي من رجال القرن الثالث للهجرة.(1/190)
بن سلام (المتوفى سنة 223هـ) في كتابيه في الغريب، وهي تعود إلى نهاية القرن الرابع للهجرة أو بداية القرن الخامس، لا تحتوي على نظام الكراريس الحديثية (1)، ولا تظهر فيها أية تعقيبة.
وتعليل ذلك أن الناسخ رأى ضخامة في الكتاب فأراد توفير الكاغد فسرد نسخ النص وأهمل ما عداه من تقسيمات الكراريس، وأتى المجلد على التعقيبات إن كان الناسخ قد أثبتها.
وذكر النديم أنّ لابن حبيب البغدادي المتوفى سنة 245هـ كتاب القبائل الكبير والأيام، جمعه للفتح بن خاقان، وقال: «ورأيت أنا النسخة بعينها عند أبي القاسم بن أبي الخطاب بن الفرات في طلحي، نيف وعشرون جزءا وكانت تنقص ما يدل على أنها من نحو أربعين جزءا، في كل جزء مئتا ورقة وأكثر، ولهذه النسخة فهرست لما تحتوي عليه من القبائل والأيام بخط السندي بن علي الوراق في طلحي نحو خمسة عشر ورقة» (2).
إنّ نظام الكراسات هذا له فائدة كبرى للمفهرس وللمحقق إذ يعينهما على معرفة اسم المؤلف، وعلى عدد مجلدات الكتاب إذا كان الكتاب يتكون من أكثر من مجلد، أو إذا كانت النسخة ناقصة الأول والآخر، أو إذا كان عنوان النسخة مزورا، ومثال كل هذا ما ورد في وصف كتاب المستوعب في الفقه الحنبلي في فهرس جستر بيتي بدبلن رقم: 3283، فقد وصفه آرثر جون آربري فقال: «الجزء العاشر من كتاب المغني لابن قدامة» لأنّ المخطوطة مخرومة الأول وليس في نهايتها ما يدل على عنوانها ومؤلفها، بل ورد بعد الصلاة والتسليم: «يتلوه كتاب الوصايا»، وهذا الوصف لا يصح، لأنّ كراسات هذا الكتاب تحمل جملة من التقييدات، التي تدل على
__________
(1) نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة الشريفة برقم: 20لغة، وهي الآن في مكتبة الملك عبد العزيز.
(2) الفهرست، تح تجدد، 119.(1/191)
عدد الكراسات مع عنوان الكتاب، فقد ورد فيها: «السادس من المستوعب» و «السابع من المستوعب» ومثل هذا في كل كراسة تليها، فعرفنا من نظام الكراسات هذا أنّ هذه المخطوطة هي قسم من المجلد الثاني من كتاب المستوعب لمحمد بن عبد الله بن الحسين السامرّي الحنبلي المعروف بابن سنينة المتوفى في سنة 616هـ (1)، فيكون وصف أستاذي آربري لهذه النسخة وصفا خاطئا.
الحق إن نظام الكراسات الرقيّة كان معروفا عند اليونان والرومان (2)، فتبعهم في ذلك السريان، بعد أن شاعت النصرانية، وعمّ استعمال الرّق، بدلا من ورق البردي، وتمّ نقل النصوص من اللفائف البردية إلى الكراريس الرقيّة، ولهذا لم يكن غريبا أن يستعمل المسلمون وبخاصة أهل الحديث هذا النظام في مصنفاتهم في الأمصار المفتوحة.
__________
(1) بروكلمان، ملحق 1/ 689، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي 4/ 121.
(2) تاريخ الكتاب 1/ 91.(1/192)
أنظمة الترقيم والإعجام
لقد اتبع المؤلفون والنساخ أنظمة مختلفة في ترقيم صفحات المخطوطة وكراساتها، عبر العصور الإسلامية. لذلك يجب أن يكون المحقق أو المفهرس ملما بأساليب الترقيم في المخطوطات، فهي مهمة جدا للمفهرس، لمعرفة تمام المخطوطة أو نقضها، أو هل تتكون من مجلد واحد أو أكثر، وهي مهمة للمحقق أيضا للأسباب نفسها، وإلا وقع في وهم يقلل من قيمة تحقيقه. فقد ورد في مقدمة المحقق (1) لكتاب الإيضاح لقوانين الاصطلاح لمحيي الدين يوسف بن عبد الرحمن بن الجوزي، المقتول في واقعة بغداد سنة 656هـ، والمطبوع عند مدبولي في القاهرة، في وصفه لإحدى مخطوطاته، ما يأتي: «فقصّ المجلد أطرافها وبذلك حرمنا من عدد المجالس التي قرئت فيه حيث كتب بأعلى الورقة 94أعبارة: حادي عشر (2)، ومما لا شك فيه أن القدماء درجوا على تدوين أرقام مجالس السماع بهذا الشكل».
وفي مكان آخر من مقدمته قال المحقق: «غير أنّ كارل بروكلمان اطّلع على هذه النسخة ونسبها إلى مؤلفها الحقيقي وقد قرئت هذه النسخة في 11مجلسا حيث كتب في أعلى الورقة 90أكلمة = عاشر = وفي أعلى الورقة 60أكتبت كلمة: = سابع = وفي أعلى الورقة 10أكلمة = ثاني =».
ففي هذا النص وهمان عجيبان:
أولهما: أن كارل بروكلمان لم يزر استانبول قط ولم ير هذه النسخة لأنه صنف كتابه اعتمادا على فهرس برلين وعلى الفهارس التي كانت متاحة
__________
(1) هو محمود بن محمد السيد الدغيم، القاهرة 1415هـ / 1995.
(2) المفروض أن يكون الرقم: = حادي عشر = في الورقة 100ألأن الرقم ثاني يظهر في الورقة 10أوالرقم ثالث في الورقة 20أوهكذا إلى آخر الكتاب.(1/193)
لديه إذ ذاك، وقد ذكر مصادره في الجزء الأول وفي الملحق الأول من كتابه.
والثاني: أن الكلمات المثبتة في أعالي الصفحات لا تدل على قراءة النسخة في مجالس متعددة بل هي أسلوب من أساليب الترقيم المختلفة الذي اتبعها المصنفون الأوائل في ترقيم الأجزاء الحديثية، وهي تسمى: أرقام الكراسات. وهذا فن من فنون علم الاكتناه العربي الإسلامي الذي يجب أن يكون المحقق والمفهرس على علم وثيق به.
وقد ذكرت في مكان آخر، حين درست مخطوطة كتاب كون الحيوان لأرسطوطاليس، المحفوظة في مكتبة جامعة لايدن (1)، وهي بخط قاضي واسط محمد بن أحمد بن بختيار المندائي المتوفى سنة 605هـ: «وردت في المخطوطة أرقام وحروف بعد كل عشر ورقات، ففي الورقة 10أيظهر الرقم 6وتحته تماما حرف د وهكذا إلى آخر الكتاب، فالرقم هنا يشير إلى عدد الكراسات والحرف إلى المجلد أو الجزء، وهذا يعني أن المخطوطة التي بأيدينا هي المجلد الرابع أو الجزء الرابع، لأن الجزء الأول رمز له بالحرف أوالثاني بالحرف ب والثالث بالحرف ج على نظام أبجد هوز، وهذا النظام مألوف في كثير من المخطوطات».
وفي مخطوطة كتاب تحريم دفن الأحياء لجالينوس تفسير الشيخ أبي سعيد عبيد الله بن جبريل بن عبد الله بن بختيشوع (مخطوطة لايدن 584 مؤرخة في سنة 717هـ) بدأ الكتاب بنظام أبجد هوز: فالورقة الأولى أوالثانية ب والثالثة ج إلى نهاية النظام ثم أعيد الترقيم عكسيا فتحول الترقيم إلى ثاني يا في الورقة 10أوبعدها ثاني يب، يج، يد وإلى آخر المخطوطة.
__________
(1) نقد ودراسة كتاب الحيوان لأرسطو، تح برخمان ودروسات لولوفس، برل لايدن 1971، في: مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، لسنة 1974، عدد 3، 642614.(1/194)
أما في مخطوطة الكامل للمبرد المنسوخة في سنة 488هـ فقد اتبع الناسخ نظاما آخر، ففي الورقة 10أيظهر: 2من ثالث وفي الورقة 20أيظهر: 3من ثالث وهكذا إلى نهاية المخطوطة، ويظهر مثل هذا النظام في مخطوطة كتاب المجمل لابن فارس (1)، وغير هذا كثير للمتتبع الجاد الحريص.
أما قول الأستاذ عبد الستار الحلوجي: = ولم تكن أوراق المخطوط في هذا العصر الأول (حتى القرن الرابع للهجرة) تخضع لأي نوع من الترقيم = (2)، فهو رأي لا يستند على علم عملي قط، فقد بدأ نظام الكراسات مع التعقيبات كما رأينا، ودليلنا الآن مخطوطة كتاب الروحة لمحمد بن الحسن الجرباذقاني التي وصلت إلينا بخطه وهي مؤرخة في سنة 374هـ ونشرها فؤاد سزكين بالتصوير بجزأين، فهي تحتوي على بعض التعقيبات (3) وعلى تقسيم الكراسات أيضا من أول المخطوطة إلى آخرها (4).
فقد جاء في الكراسة الثانية (5) بخط المؤلف: = الثاني سبعة أوراق =، وذكر أرقام الكراسات وعدد الأوراق في كل كراسة من الكتاب، فلو لم يكن هذان النظامان معروفين مستتبين قبل هذا التاريخ، لما استعملهما المؤلف أو الناسخ.
وفي مخطوطة تفسير القصائد التسع لأبي جعفر النحاس المنسوخة في سنة = شعا = بحساب الجمّل 371هـ (6)، اتبع الناسخ نظام الأجزاء، ففي
__________
(1) مخطوطة لايدن برقم: 485.
(2) المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري 181.
(3) صفحة 6.
(4) صفحة 47: = الثاني =، 81: = الثالث =، 99: = الرابع =، 120: = الخامس = وإلى نهاية المخطوطة.
(5) صفحة 47من نشرة سزكين.
(6) نشرة سزكين بالتصوير في فرانكفورت سنة 1405هـ / 1985.(1/195)
الصفحة 126انتهى من أحد الأجزاء وبدأ بالجزء الذي يليه في صفحة 128، مبتدءا كلّ جزء بالبسملة وعبارة الصلاة على النبي الكريم، ومثل هذا في صفحة 241وصفحة 314، إلى آخر الكتاب الذي نشره سزكين مصورا بجزأين، ومثل هذا كثير جدا عند العالم المتتبع الجاد الحريص (1).
ويتبع هذا علامات الترقيم وهي الفارزة العربية (،) أو الفاصلة () أو النقطة (.) عند انتهاء الجملة، فإننا لا نعرف استعمالها في القرون الأولى، بيد أننا نعرف أنّ أصحاب الحديث كانوا يضعون دائرة أو نصف دائرة بعد كل حديث شريف، فإذا قرأوا الحديث على الشيخ، أو عارضوه على نسخته، وضعوا في داخلها نقطة، أو خطّوا فيها خطا، فتصير كأنها (هـ)، أو أصمتوها. فاستعملها النساخ للمقابلة في ما نسخوا من غير كتب الحديث، فتطورت هذه الدائرة بمرور الزمن إلى النقطة الحالية.
ونعرف أيضا أنّهم كانوا يضعون ثلاث نقاط متراكبة عند رؤوس الآي في المصحف الشريف للفصل بين نهاية كل آية وبداية الأخرى (2) فتطورت هذه النقاط إلى طرر هندسية ملونة، ومن ثم أدخل ترقيم الآيات الشريفة فيها في ما بعد.
أما ما ذهب إليه بعض الباحثين من: أن الإعجام مقتبس من السريانية فلا شيء أيضا لأن السريانية لا تعرف إلا استعمال وضع بعض النقاط تحت الحرف إذا كان لينا وفوقه إذا كان قاسيا (3)، وبخاصة للتفريق بين الراء، وهو الفارزة وفوقها نقطة «» وبين الدال، وهو الفارزة وتحتها نقطة «،»، ووضع
__________
(1) انظر: أنماط التوثيق في المخطوط العربي في القرن التاسع لعابد المشوخي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1414هـ / 1994، 153151.
(2) كتاب المصاحف للسجستاني 161والمصادر العربية لتاريخ المغرب 351350.
(3) دراسات في تاريخ الخط العربي للمنجد 128.(1/196)
نقطتين فوق الحرف للتدليل على تشديد الحرف وهو ما يسمى بالسريانية:
التركيخ والتقشية (الترقيق والتقسية).
والظاهر أن النساخ السريان كانوا يجهلون هذا النظام، لذلك انتقدهم يعقوب الرهاوي المتوفى سنة 708م (90هـ) (1)، في رسالته إلى جريج السروجي (2)، على جهلهم وإهمالهم في وضع النقاط في أماكنها الصحيحة، للتفريق بين الحروف المتشابهة في الرسم والمختلفة في النطق، بل ذهب ابن العبري إلى أبعد من ذلك فاستعار في القرن الثالث عشر للميلاد / القرن السابع للهجرة، النظام العربي في النقط واستعمله في الكتابة السريانية (3).
وهنا يقول جورج أنطون كيراز، وهو سرياني، في تفسير التركيخ والتقشية: «في دراسة قام بها الأستاذ سيغال على خمس وثلاثين مخطوطة من المتحف البريطاني، عشرون منها خطّت ما بين سنة 411و 600م، وثلاث وثلاثون ما بين سنة 600و 900م، فوجد أنه من بين العشرين مخطوطة هناك مخطوطة واحدة من عام 599م تحتوي على علامة التقشية، نستخلص من هذا الإحصاء أن السريان لم يظهروا التركيخ والنقشية بكثافة في كتاباتهم حتى بداية القرن العاشر» (4)، للميلاد (الرابع للهجرة).
ويؤيد كلّ هذا وجود التنقيط في البردية المؤرخة في سنة 22هـ وفي رسالة حاكم الصغد إلى الجراح، مما يؤكد أن نظام التنقيط العربي لم يكن تقليدا لنظام التنقيط السرياني (انظر: الملاحق).
وقد أثبت كرومان أنّ تنقيط الحروف بالنقاط أو بوضع خط صغير فوق الحرف للدلالة على تنقيطه كان معروفا وشائعا في برديات القرن الأول
__________
(1). 50.،، ..
(2).
(3) المصدر نفسه 2.
(4) جورج أنطون كيراز، تفسير التركيخ والتقشية في اللغة السريانية 20، 23.(1/197)
للهجرة وقطع المصاحف المكتوبة على ورق البردي، وعزا وجود التنقيط إلى تقليد العرب للكتابة البهلوية الفارسية وليس للسريانية، فردّ بذلك على كثير من المستشرقين الذين أنكروا معرفة العرب لنظام التنقيط، وأيّد رأيه بصور نشرها في مقالة نفيسة له (1).
ويؤيد هذا قول مالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ في وصف مصحف جده الذي نسخ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال: «فرأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة في طول السطر، ورأيته معجوم الآي» (2).
فإذا كان الأمر كذلك، فهو مناقض تماما لما قاله أحد الباحثين: «فقد كان عرب هذه المنطقة (بلاد الرافدين) يجاورون السريان وكان السريان ينقطون كتابتهم في هذا العهد، وبحكم الجوار عرف عرب العراق النقط في الكتابة السريانية ونقلوه إلى كتابتهم العربية» (3)، وقد أورد الباحث الفاضل هذا الرأي دون سند وثيق أو عزو إلى مصدر موثوق.
وقد حكم هذا الباحث نفسه على البردية المؤرخة في سنة 22هجرية بالتزوير لوجود بعض الكلمات فيها منقوطة، فقال: «فإن التأمل الدقيق لحروف الكتابة والقلم الرفيع الذي كتبت به، واتجاه السطور لأنسجة البردية وأليافها يكشف تزييفها وبعدها عن أن تكون من آثار القرن الأول الهجري» (4).
أقول: هذا المقياس في التزييف غريب في بابه! فهل القلم الرفيع واتجاه السطور في أنسجة البردية وأليافها أدلة ناصعة على تزييفها؟ أم أن الباحث الفاضل أعوزته الأدلة على تزييفها فلجأ إلى ما يقنع به نفسه؟ لأن ظهور
__________
(1). 228، (1958)،،.
(2) المصدر نفسه، مقتبسا مقالة لبرجستراسر.
(3) المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري 90.
(4) المصدر نفسه.(1/198)
التنقيط فيها ينقض ما أراد إثباته في أن تنقيط الحروف في الكتابة العربية لم يكن معروفا في صدر الإسلام؟
الحق إنّ هذه البردية التي نشرها أدولف كرومان مع غيرها من البرديات في القاهرة (1)، كانت قد اكتشفت ضمن مجموعة كبيرة من البرديات في الفيوم من أرض مصر ونقلت إلى فينا بالنمسا وهي الآن هناك ضمن مجموعة الدوق راينر. (انظر صورتها في الملاحق).
ونشر كرومان بردية أخرى مؤرخة في سنة 22هحرية أيضا (2) في مقالة له (3)، تظهر فيها بعض الكلمات المنقوطة، فكان على الباحث الفاضل أن يخضع البردية الأولى إلى أدق أنواع الاختبار وأوسعه من النقد الداخلي والنقد الخارجي قبل أن يخرج علينا بحكم تزييفها.
فكان عليه أن يختبر نوع مدادها إذا كان مائيا أو زاجيا أو إذا كان حديثا أو قديما، ويخضع الألياف البردية فيها إلى الاختبار المجهري والقياس الكاربوني لمعرفة عمرها، ومن ثم ينظر في نقاط التنقيط إن كان كرومان قد أضافها للبردية عمدا أو أنها مكتوبة بالمداد نفسه، ثم يخضع القسم الأعلى منها المكتوب باليونانية إلى الاختبار اللغوي ومقارنة حروف النص اليوناني بما يعاصره أو يشابه نمطه في البرديات الأخر، ثم يدرس لغة النص العربي دراسة تحليلة لغوية نقدية دقيقة ومقارنتها بلغة عصر البردية أو بعده، فإذا فعل الباحث الفاضل كلّ هذا فعندها يستطيع أن يخرج علينا بحكمه العلمي المبني على براهين لا تقبل النقض في أصالتها أو في تزييفها.
__________
(1). 82.، 1952،
(2) ظن صلاح الدين المنجد أنها البردية الأولى نفسها، وهي ليست كذلك، انظر: دراسات في تاريخ الخط العربي للمنجد 29.
(3).،، 220.،،،(1/199)
وإليك نصها الذي أخطأ كرومان في قراءة بعض ألفاظها فتبعه صلاح الدين المنجد (1) مع وضوحها في البردية بعد أن كبّرت صورة الأصل الذي حصلت عليها من المكتبة الوطنية النمساوية مرارا:
تبدأ البردية بنص يوناني نشره كرومان (2) وهو تعريف موجز بالمحتوى وليس ترجمة للنص، وبعده يأتي النص العربي، وهو:
1 - بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أخذ عبد الله
2 - ابن جابر واصحبه من الجزر من اهنس اخذنا
3 - من خليفة تذرق ابن ابو قير الاصغر ومن خليفة اصطفن ابن ابو قير الاكبر خمسين شاه
4 - من الجزر وخمس عشره شاه اخرى اجزرها (3) اصحب سفنه وكتبته ونقيله (4) في
5 - شهر جمدى الاولى من سنة اثنتين وعشرين وكتب ابن حديده (5)
وقد كتب النص اليوناني قبل النص العربي، لذلك كان السطر الأول والثاني قصيرين، أما اسم عبد الله بن جبر أو جابر (على افتراض أنّ الألف الوسطى محذوفة مثل: جمدى وأصحب) المذكور في هذه البردية فإن اسمه يظهر في مواضع عديدة من كتب الرجال ورواة الحديث منهم أبو عبس
__________
(1) دراسات في تاريخ الخط العربي 37.
(2) نشر كرومان صورتها في، لوحة:.
(3) يمكن أن تقرأ: «أجزرتها» أيضا.
(4) تظهر في البردية بهذه الصورة: نقبله، أو نقيله أو ثقله أو نقلا هـ، أو تقبله، وتظهر الهاء الأخيرة مربوطة باللام، لذلك فضلت هذه القراءة، لأن النقيل: هو الرجل يكون في قوم ليس منهم، والظاهر أن الكاتب أراد هذا أو أراد: وتقبّله، وشكري العميق ل:
.. مدير قسم البرديات في المكتبة الوطنية النمساوية الذي زودني بصورة واضحة من هذه البردية.
(5) في السطر الثاني، اقرأ: واصحابه، وفي الخامس: أصحاب، والجزر: الذبائح.(1/200)
عبد الله بن جبر بن عمرو الأنصاري المتوفى سنة 34هـ ومنهم عبد الله بن جابر أو جبر بن عتيك الأنصاري (1) ومنهم عبد الله بن جبر الذي روى عن أنس بن مالك، ومنهم عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي وعبد الله بن جابر العبدي وغيرهم.
وذكر كرومان أن عبد الله بن جابر قاد حملة عسكرية على مصر العليا ضد الروم في السنوات 2321هـ / 643641م، دون أن يذكر لنا مصدره (2)، فلعله اعتمد على بعض البرديات غير المنشورة، بيد أن ابن سعد وابن الأثير ذكرا: أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما كانا يبعثان أبا عبس مصدقا (3).
ويؤيد هذا ما رواه ابن سعد في وفاة أبي عبس ومجيء عثمان بن عفان رضي الله عنه يعوده، فقال له: «كيف تجدك؟ قال: صالحا، وجدنا شأننا كلّه صالحا إلا عقولا هلكت بيننا وبين العمال لم نكد نتخلص منها» (4)، فإن هذا الخبر يؤيد أنه كان على الصدقة من قوله: «عقولا» لأنّ العقال هو صدقة عام، ويكره أن تشترى الصدقة حتى يعقلها، أي: يقبضها المصدق، فيقال:
أخذ المصدّق عقال هذا العام، أي صدقته، وبعث فلان على عقال بني فلان:
إذا بعث على صدقاتهم، وقيل: إذا أخذ المصدق أعيان الإبل قيل: أخذ عقالا وإذا أخذ أثمانها قيل: أخذ نقدا (5)، فلعل العمال كانوا يأخذون جزور الصدقة لأنفسهم قبل أن يقبضها المصدق فتحسب على ذمته.
__________
(1) الكاشف للذهبي 1/ 542 «روى أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد أباه»، والتاريخ الكبير للبخاري 1/ 3/ 126والجرح والتعديل 2/ 2/ 90والتعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي 2/ 837.
(2). 113114،
(3) طبقات ابن سعد 3/ 450 «وكان عمر وعثمان يبعثانه يصدق الناس»، واسد الغابة 5/ 247، القاهرة 12871285هـ وسير أعلام النبلاء 1/ 189.
(4) المصدر نفسه 3/ 450.
(5) النهاية في غريب الحديث 3/ 280وتاج العروس = عقل =.(1/201)
وهنا يقع الاشكال الفقهي في تفسير ما أخذه عبد الله بن جبر من هؤلاء الأقباط، أكان جزية (1) أم شيئا آخر؟ والجواب على هذا السؤال يحتاج إلى دراسة فقهية منفصلة ليس هنا موضعها.
واختلف أصحاب الرجال والحديث في اسم أبي عبس، فقال ابن سعد في طبقاته وابن حجر في الإصابة وابن عبر البر في الاستيعاب والذهبي في سير أعلام النبلاء وغيرهم: إن اسمه عبد الرحمن، إلا أن الدولابي المتوفى سنة 310هـ روى عن أحمد البرقي أن أبا عبس اسمه عبد الله، وفي رواية أخرى أوردها الدولابي أن اسمه عبد الرحمن (2).
وجاء في المستدرك للحاكم: «ذكر منافب عبد الله أبي عبس بن جبر الأنصاري الخزرجي» (3)، وذكر الروايتين في اسمه.
وجاء في تقريب التهذيب: «أبو عبس بن جبر، اسمه عبد الرحمن وقيل:
عبد الله، وقيل: معبد» (4).
وجاء في تهذيب الكمال: «أبو عبس بن جبر، اسمه عبد الرحمن، وقيل:
عبد الله» (5).
وهو عند ابن حجر في الإصابة: «أبو عبيس بن جابر بن عمرو، قيل:
كان اسمه في الجاهلية عبد العزى وقيل معبد، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن» (6)، والظاهر أن «عبيس» هنا مصحفة من عبس.
وعند ابن عبد البر في الاستيعاب: «أبو عبس بن جبر، اسمه عبد الرحمن بن جبر ويقال جابر» (7).
__________
(1) كتاب الأموال لابن زنجويه 1/ 178.
(2) كتاب الكنى 1/ 43.
(3) المستدرك 3/ 350.
(4) تقريب التهذيب 1/ 656.
(5) تهذيب الكمال 34/ 46.
(6) الإصابة 4/ 130.
(7) الاستيعاب 4/ 122.(1/202)
وذكر السيوطي في مشاهير التابعين ممن كانوا بمصر: أبا عامر عبد الله بن جابر الحجري الذي روى عن الصحابي أبي ريحانة شمعون الأزدي الأنصاري، حين قدم مصر (1).
وقد قرأ صلاح الدين المنجد: «عبد الله بن جبير» (2) وهو وهم منه لوضوح الاسم في البردية، ومن ثم فإن عبد الله بن جبير، الذي كان أمير الرماة في موقعة أحد، قد قتل فيها.
ومع كل هذا فإننا لا نعرف على وجه اليقين إن كان أحد هؤلاء هو الذي ورد اسمه في البردية، فلعل غيرنا من علماء الرجال يستطيع أن يفيدنا عن حياة هذا الصحابي أو التابعي الجليل.
__________
(1) حسن المحاضرة 1/ 264والإصابة 2/ 157156والإكمال لابن ماكولا 3/ 86.
(2) دراسات في تاريخ الخط العربي 37.(1/203)
صفحة العنوان
قال أبو دواد الكلبي:
لمن طلل كعنوان الكتاب ... ببطن أفاق أو قرن الذّهاب (1)
وقال الأخنس بن شهاب وهو من شعراء المفضليات:
لابنة حطّان بن عوف منازل ... كما رقّش العنوان في الرّق كاتب
وجاء في المثل الشائع: «الكتاب يعرف من عنوانه»، فكل هذا يدل على أنّ العرب كانوا يعرفون عنوان الكتاب.
ويؤيد هذا ما ذكره ابن أبي الحديد: أنّ الوليد بن عقبة أرسل كتابا إلى معاوية، قال: فلما جاءه الكتاب وصل بين طومارين أبيضين ثم طواهما وكتب عنوانهما (2).
ومثل هذا رواه الدينوري في حوادث النزاع بين الإمام علي رضي الله عنه ومعاوية، فإن معاوية دعا بطومارين فوصل أحدهما بالآخر لفّا ولم يكتب فيها إلا: بسم الله الرحمن الرحيم، وكتب على العنوان: من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب (3).
وهذا بالضبط ما كان يحدث في المكتبات اليونانية في عنونة الكتب، فكانت توضع قطعة صغيرة من الجلد أو ورق البردي على طرف اللفافة البردية تتضمن عنوان النص أو يثنى طرفها الأعلى قبل البسملة فيكتب عليه العنوان (4)، كما يظهر في البرديتين المنشورتين في الملاحق.
__________
(1) معجم البلدان 4/ 333ومعجم ما استعجم 1/ 175وتاج العروس: «لوق، ذهب»:
لواق، وقد ورد في كلها اختلاف في بعض ألفاظ البيت مثل: ببطن أفاق أو بطن الذهاب.
(2) شرح نهج البلاغة، مكتبة الحياة، بيروت 1965، 4/ 314.
(3) الأخبار الطوال، تح عبد المنعم عامر، القاهرة 1960، 141.
(4) تاريخ الكتاب 1/ 83وكرومان صفحة 107.(1/205)
وسيأتي أن أحد الخبراء بالمخطوطات قال: = إن العرب لم يعرفوا صفحة العنوان في أول عهدهم بصناعة الكتب وإن العنوان كان يأتي في المقدمة، إن وجدت، وفي نهاية المخطوط = (1)، وهذا رأي لا يقوم على أساس علمي قط أيضا، لأن المخطوطات القديمة الكثيرة التي وصلت إلينا وهي تحمل العناوين في أولها وفي كراساتها تنقض هذا الرأي تماما، لإن الأمم التي سبقت الإسلام من اليونان والرومان والفرس وغيرهم كانت تعرف نظام عنونة كتبهم، فلما استقر المسلمون في الشام والعراق وتوغلوا في الهند والسند لم يكن الأمر غريبا عليهم أن يقعوا على كتب معنونة، ولهذا قال النديم: «ولكل كتاب ورسالة اسم يسمى بها» (2) وذكر العشرات من عناوين الكتب لهذه الأمم، ومن ثمّ فإن حكاية محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة وشيخ الشافعي المتوفى سنة 189هـ تنقض ذلك أيضا، وملخصها: أنه اتهم عند أول قدومه إلى العراق بأن معه كتابا في الزندقة فبعث الرشيد بمن يهجم على بيته ويحمله مع كتبه، فلما جاء أعوان الرشيد أخذ أحدهم كتابا عنوانه كتاب الحيل فقال للشيباني: ما ترجمة هذا الكتاب؟ فقال الشيباني: هذا كتاب الخيل، فرمى به ولم يحمله، فصحف الشيباني عنوانه ففات على الزبانية (3).
__________
(1) عبد الستار الحلوجي، الكتاب العربي المخطوط، في نشأته وتطوره إلى آخر القرن الرابع الهجري، مجلة معهد المخطوطات، مج 13، ج 2، القاهرة 1967، 305وأعاد الحلوجي هذا الرأي في: المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري، الرياض 1398هـ / 1978، 168وتبعته ميري عبودي فتوحي في فهرسة المخطوط العربي 34.
(2) الفهرست 419، ويتوضح هذا في العناوين الكثيرة التي ذكرها النديم في الفهرست لكتب الأمم التي سبقت الإسلام.
(3) الكتاب في الحضارة الإسلامية لعبد الله الحبشي 118.(1/206)
وإذا صدّقنا أنّ كتاب الورقة لمحمد بن داود الجراح المقتول في سنة 296هـ الذي وصل إلينا ناقصا قد كتب في القرن الثالث للهجرة، وهذا محتمل جدا من حسن خط النسخة الرئاسي الذي كتب به، فإن الكتاب كان ولا بدّ يحمل عنوانا مع اسم المؤلف.
ويؤيد ذلك ما ذكره رمضان ششن في مقالة: أهمية صفحة العنوان في توصيف المخطوطات حيث أورد جملة من عناوين المخطوطات القديمة (1)، وهنا يتّضح لنا أنّ ما قاله أحد الباحثين: «إن العرب لم يعرفوا صفحة العنوان إلخ» (2)، هو رأي غريب لا تؤيده المخطوطات القديمة التي وصلت إلينا، ففي نسخة لايدن المخطوطة من كتاب غريب الحديث للقاسم بن سلام المتوفى سنة 223هـ والمؤرخة في سنة 252هـ يظهر العنوان في أولها: «الجزء التاسع من غريب الحديث عن أبي عبيد القسم بن سلام البغدادي» (3)، ومثل هذا ورد في كل جزء يتكون من عشرين ورقة منها، ولو لم يكن هذا النظام معروفا عند المصنفين وعند الوراقين قبل سنة نسخها لما ورد في هذه المخطوطة، بل إنّ هذا الخبير نفسه نشر في كتابه صورة لمخطوطة رسالة الإمام الشافعي بخط الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي كتبها قبل سنة 204هـ، (سنة وفاة الشافعي) وعليها إجازة الربيع بن سليمان المرادي المتوفى سنة
__________
(1) أهمية العنوان في توصيف المخطوطات من عناوين بعض المخطوطات القديمة المحفوظة في الخزائن التركية التي تحمل عنوانا أو إجازة أو تقييدات الرواية أو التملك وما إلى ذلك، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبار المادة والنشر، مؤسسة الفرقان بلندن، 196179.
(2) عبد الستار الحلوجي، الكتاب العربي المخطوط، في نشأته وتطوره إلى آخر القرن الرابع الهجري، مجلة معهد المخطوطات، مج 13، ج 2، القاهرة 1967، 305وأعاد الحلوجي هذا الرأي في: المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري، الرياض 1398هـ / 1978، 168.
(3) مخطوطة مكتبة جامعة لايدن برقم: 298 ..(1/207)
270 - هـ بنسخها، وتاريخ الإجازة 265هـ، وفيها يظهر: «الجزء الأول من الرسالة رواية الربيع بن سليمان عن محمد بن إدريس الشافعي» (1)، ولما كانت الرسالة بخط الربيع نفسه فإنه نقل بأمانة ما وجده في الأصل الذي نقل منه، إلا إذا شككنا بأمانته وقلنا: إنه زيّف عنوانها.
ونص إجازة الربيع في نسخ الرسالة هو: = أجاز الربيع بن سليمان صاحب الشافعي نسخ كتاب الرسالة، وهي ثلاثة أجزاء في ذي القعدة سنة خمس وستين ومائتين، وكتب الربيع بخطه = (2).
وفي نسخة كتاب المدخل في علم أحكام النجوم لأبي معشر نسخة جار الله المحفوظة برقم: 1508والمؤرخة في سنة 327هـ والتي نسخها إسحق ابن محمد بن يعقوب بن راهوية لنفسه، يظهر العنوان فيها واضحا جليا مع تقييد تملك بخط ابن راهويه وهو: = لأبي الحسين إسحق بن محمد بن يعقوب ابن إسحق بن راهويه الحنظلي = (3)، وهي مرقمة بالأرقام القبطية.
ويؤيد ذلك ما رواه النديم في قصة كتاب الأغاني الكبير لإسحاق بن إبراهيم الموصلي المتوفى سنة 188هـ عن جحظة البرمكي: أن الكتاب في أحد عشر جزءا ولكل جزء أول يعرف به (4)، ويريد بذلك عنوانه.
وفي كتاب المقتضب للمبرد الذي نسخه مهلهل بن أحمد في سنة 347هـ يظهر العنوان واضحا: = الجزء الثاني من كتاب المقتضب = مع اسم مؤلفه أبي العباس محمد بن يزيد المبرد، وعليه تقييد قراءة وتصحيح بخط الحسن بن عبد الله السيرافي (5).
__________
(1) المخطوط العربي 184وعن الإجازة، انظر: أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم لكوركيس عواد 137136.
(2) تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون 38ونشر صورة لها في صفحة 118.
(3) نشرها سزكين بالتصوير في فرنكفورت سنة 1985/ 1405هـ.
(4) الفهرست 158ومعجم الأدباء لياقوت 6/ 5857نقلا من الفهرست.
(5) مخطوطة كوبرولي باستانبول برقم: 1508.(1/208)
وفي مخطوطة حذف من نسب قريش عن مؤرج بن عمرو السدوسي بخط أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي المتوفى في سنة 343هـ، وهي محفوظة في الخزانة العامة بالرباط، يظهر العنوان فيها واضحا جليا أيضا، ومثل هذا كثير جدا أيضا عند الخبراء بفهرسة المخطوطات.
إنّ المشكلة التي يعاني منها المفهرس لا تكمن في ورود عنوان المخطوطة في صفحة العنوان أو في مقدمة المصنف أو في تقييد الختام بصورة أو بأخرى، لأنّ كلّ ذلك يستطيع المفهرس التثبت منه بمقارنة عنوان المخطوطة مع عناوين النسخ الأخر المسجلة عند بروكلمان أو سزكين أو في الفهارس المتاحة له، كما رأينا في كتاب المستوعب، ولكن المشكلة تقع في ما إذا لم يرد في المخطوطة عنوان قط، أو إذا ورد لها أكثر من عنوان في المخطوطة نفسها أو في كتب التراجم أو في النسخ الأخر من الكتاب نفسه أو حتى في شروحه، كما رأينا في «مشكلات الفهرسة» في كلامنا على كتاب البديع في أصول الفقه لابن الساعاتي، أو ورد لها عنوان دون مؤلف وأنّ هذا العنوان لم يرد له ذكر في أي مكان، مثل كتاب الغرة، وهو في الأدب والشعر (1)، وأمثال هذا كثير.
فليس من المقبول عقلا أن يصنف مصنف كتابا دون أن يختار له عنوانا يعرف به، وكتابا بروكلمان وفؤاد سزكين مليئان بعناوين المؤلفات القديمة التي لم يأتيا بها حدسا أو اعتباطا، وما على الباحث إلا الرجوع إليهما أو شدّ الرحال إلى المكتبات للتأكد من صدقهما.
وليس من المقبول منطقا أن العرب لم يعرفوا العنوان أول عهدهم بصناعة الكتب، «وأن العنوان كان يأتي في المقدمة، إن وجدت، وفي نهاية
__________
(1) نسخة نفيسة مؤرخة في سبة 584هـ محفوظة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 8391كانت ملكا لخير الدين الزركلي رحمه الله وإيانا.(1/209)
المخطوط»، لأنّ كثيرا من المخطوطات القديمة لا تحتوي على أيّ عنوان في المقدمة ولا في تقييد الختام بل في صفحة العنوان أو في أوائل الكراسات أو في تقييدات السماع أو في تقييدات القراءة أو الإجازة أو حتى في تقييدات المقابلة أو العرض.(1/210)
حساب الجمّل
أما حساب الجمّل في التوريخ واستقراء الحوادث الكونية الشائع عند الحروفيين، من الصوفية وعند نحلة البابية والبهائية وعند اليهود (1) في قبالتهم وعند الهنود واليونانيين والأقباط والأنباط على طريقة أبجد هوّز السامية فهو آرامي الأصل عربي النشأة أيضا، استعمله الأنباط في توريخ حوادثهم ووفياتهم، كما هو واضح جلي في النقائش النبطية المنشورة، والذي نجد له آثارا في التوراة، بل إن هذا النظام الذي يظهر في النقوش الآرامية والنبطية قد انتقل منهم إلى وادي الاندوس في الهند بحكم العلاقات التجارية وإلى اليونانيين من الفينيقيين (انظر: الملحقات).
وإلى هذا أشار محمد بن إسحق النديم المتوفىّ حوالي سنة 380هـ في حديثه عن السند فقال: «هؤلاء القوم مختلفو اللغات، مختلفو المذاهب، ولهم أقلام عدة إنهم في الأكثر يكتبون بالتسعة أحرف على هذا المثال» (انظر:
الملحقات).
وهذا هو حساب الجمّل في استعمال الحروف بدلا من الأرقام، وقد وصلت إلينا مخطوطات كثيرة مؤرخة بهذا النظام، وإلى هذا النظام أشار اليهود في محاججتهم النبي عليه الصلاة والسلام كما رواه ابن إسحاق في السيرة النبوية (2)، وورد استعماله في الجاهلية والإسلام (3)، بل إن هذا النظام استقر ثابتا في كتب الزيج وصناعة الإسطرلاب.
__________
(1) قال عبد الحق الإسلامي في كتابه: السيف الممدود في الرد على أحبار إليهود (طبعة فاس الحجرية، الملزمة الأولى ص 8): = واعلم أرشدك الله أن حساب أبجد قاعدة من قواعدهم وعليها مدار دينهم في فرائضهم وسننهم وهذا مما لا ينكرونه قط بوجه ولا بحال =.
(2) السيرة النبوية لابن هشام 1/ 546في تفسير = الم ذلك الكتاب = وأوائل بعض السور الأخر.
(3) فتح الباري 13/ 8والمسند لعبد الله بن الزبير الحميدي، 1/ 148.(1/211)
وهنا لا بدّ من أن أشير إلى أنّ ترتيب الحروف في المشرق يختلف عن ترتيبها في المغرب والأندلس. لذلك يجب أن يكون المفهرس أو المحقق على علم واف بمقادير الحروف العددية المشرقية والمغربية، لئلا يقع في خطأ توريخ المخطوطات الأندلسية أو المغربية إذا كانت المخطوطة مؤرخة بهذا النظام.
وهذا ترتيب الحروف المشرقية وما يقابلها من أرقام الحساب:
أ: 1، ب: 2، ج: 3، د: 4، هـ: 5، و: 6، ز: 7، ح: 8، ط: 9، ي:
10، ك: 20، ل: 30، م: 40، ن: 50، س: 60، ع: 70، ف: 80، ص: 90، ق:
100، ر: 200، ش: 300، ت: 400، ث: 500، خ: 600، ذ: 700، ض: 800، ظ: 900، غ: 1
وهذا ترتيب الحروف المغربية والأندلسية وما يقابلها من الأرقام كما وردت عند المراكشي:
أ: 1، ب: 2، ت: 3، ث: 4، ج: 5، ح: 6، خ: 7، د: 8، ذ: 9، ر: 10، ز: 20، ط: 30، ظ: 40، ك: 50، ل: 60، م: 70، ن: 80، ص: 90، ض: 100، ع:
200، غ: 300، ف: 400، ق: 500، س: 600، ش: 700، هـ: 800، و:
900، ي: 1 (1).
والظاهر أن هناك نظاما آخر، هو حساب أبجد هوّز في حساب الجمّل حسب ترتيب الحروف على الطريقة المغربية والأندلسية، فقد قال المقري:
«وفي بعض كلام لسان الدين ما صورته: وما لمصر تفخر بنيلها وألف منه في شنيلها (2)؟ يعني: أنّ الشين عند أهل المغرب عددها ألف، فقولنا: شنيل، إذا اعتبرنا عدد شينه كان كألف نيل» (3).
__________
(1) الذيل والتكملة للمراكشي 1/ 253.
(2) شنيل: هو نهر غرناطة الذي يسمى: سنجيل أيضا.
(3) نفح الطيب 1/ 148والإحاطة (عنان) 1/ 124.(1/212)
وذكر ابن عربي في الفتوحات المكية في حديثه عن معركة الأرك التي جرت بين ملوك النصارى وبين المنصور الموحدي في الأندلس في سنة 591هـ، تفسير ما جاء في قوله تعالى: {«إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً»}، فقال:
«فأخذت للفاء ثمانين وللتاء أربع مئة وللحاء المهملة ثمانية وللألف واحدا وللميم أربعين وللباء اثنين وللياء عشرة وللنون خمسين، وأما الألف فقد أخذ عددها، وكان المجموع إحدى وتسعين وخمس مئة» (1).
وعلى هذا فإنّ: ف: 80و: ت 400وح: 8وأ 1وم: 40 وب: 2وي: 10ون: 50، وكلها 591.
ومثل هذا جاء في فهرست محمد بن أحمد بن محمد الفاسي المعروف بميارة المتوفى سنة 1072هـ في ترجمة شيخه المقري التلمساني، حيث قال: «وقرأت عليه أيضا طرفا من ألفية ابن مالك، توفي رحمه الله بمصر منتصف رجب أو شعبان سنة إحدى وأربعين وألف، وإلى سنة وفاته أشرت بالشين والألف والميم بحساب الجمّل» (2).
ويذكر الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا هذا النظام، فيورد الحروف وما يقابلها حسب ترتيب أبجد هوز المغربي:
أ 1، ب 2، ج 3، د 4، هـ 5، و 6، ز 7، ح 8، ط 9، ي 10، ك 20، ل 30، م 40، ن 50، ص 60، ع 70، ف 80، ض 90، ق 100، ر 200، س 300، ت 400، ث 500، خ 600، ذ 700، ظ 800، غ 900، ش 1 (3).
__________
(1) الاستقصاء 2/ 173.
(2) فهرست ميارة، المكتبة العامة بتطوان تحت رقم: 144 (ضمن مجموع)، ورقة 9ب، وشكري الجميل لمحمد طحطح الذي أرشدني إلى هذا النص.
(3) المصادر العربية لتاريخ المغرب 2/ 355.(1/213)
وقال المنوني أيضا: «وإلى جانب حساب أبجد وسابقه، يوجد نوع ثالث عند الأندلسيين والمغارية، كانوا يستخدمونه في تواريخ المنتسخات، وترقيم أوراق المخطوطات، وفي عمليات وثائق المحاكم الشرعية، وصار يعرف باسم: القلم الفاسي» (1).
ومن طرائف استعمال حساب الجمّل ما رواه الصفدي في ترجمة علي ابن أحمد بن يوسف بن الخضر الحنبلي الآمدي الضرير، فقال: = كان يعرف أثمان جميع كتبه التي اقتناها بالشراء وذلك أنه كان إذا اشترى كتابا بشيء معلوم أخذ قطعة ورق خفيفة وفتل منها فتيلة لطيفة وصنعها حرفا أو أكثر من حروف الهجاء بعدد ثمن الكتاب بحساب الجمّل ثم يلصق ذلك على طرف جلد الكتاب من داخل ويلصق فوقه ورقة بقدره لتتأبد، فإذا شذّ عن ذهنه كمية ثمن كتاب ما من كتبه مسّ الموضع الذي علّمه في ذلك الكتاب بيده فيعرف ثمنه من تنبيت العدد الملصق به = (2).
وقد وجدت في مخطوطة تفسير القصائد التسع لأبي جعفر النحاس المتوفى سنة 338هـ أنها منسوخة في سنة = شعا =، وهذا بحساب الجمّل حسب النظام المشرقي يساوي: 371هـ (3).
ولا بدّ من أنّ هذا النظام في توريخ المخطوطات كان معروفا وشائعا قبل هذا التاريخ فاستمر استعماله منذ ذلك الحين حتى يومنا الحاضر وخاصة في توريخ العمائر مثل المساجد وتوريخ الوفيات.
__________
(1) المصدر نفسه 356.
(2) نكت الهميان 208207.
(3) نشرة سزكين بالتصوير في فرانكفورت سنة 5، 14هـ / 1985.(1/214)
الخط العربي وأنماطه
أنماط الخط العربي كثيرة متباينة الدلالات، كما تظهر في = فن الخط العربي وانواعه = من كتاب الخط العربي، من خلال المخطوطات الذي نشره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض بالعربية، ومن ثمّ بالانكليزية في سنة 1406هـ وقد أسهمت في وصف مخطوطاتهما، وفي تصحيح النسخة الإنكليزية.
ويظهر كذلك وفي مقالة: لمحة في تاريخ الخط العربي لمحمد المنوني رحمه الله وإيانا، حيث أحسن في وصف الخطوط وأجاد (1)، وفي مصور الخط العربي لناجي زين الدين، وغير ذلك من البحوث الكثيرة المذكورة في آخر كتابنا هذا.
المعروف الآن أن ما يسمى بالخط الحجازي، أو المدني والخط المكي كانا شائعين حين جاء الإسلام. فقد ذكر صاحب إعانة المنشي: أنّ أول ما نقل الخط العربي من الكوفي إلى ابتداء هذه الأقلام المستعملة الآن في آواخر دولة بني أمية، وأوائل خلافة بني العباس، قلت: على أن الكثير من كتاب زماننا، يزعمون أن الوزير أبا علي بن مقلة (2) هو أول من ابتدع ذلك، وهو غلط، فإننا نجد من الكتب بخط الأولين فيما قبل المئتين ما ليس على صورة الكوفي، بل يتغير عنه إلى نحو هذه الأوضاع المستقرة، وإن كان هو إلى الكوفي أميل، لقربه من نقله عنه = (3).
__________
(1) مجلة المناهل، رمضان 1402هـ / 1992، عدد 24، صفحة 266238والمصادر العربية لتاريخ المغرب 2/ 361وما بعدها.
(2) توفي أبو علي محمد بن علي بن الحسن بن مقلة سنة 328هـ.
(3) تحقيق النصوص ونشرها 27نقلا من كتاب إعانة المنشي.(1/215)
وهذا أمر تظهره خطوط البرديات الكثيرة التي وصلت إلينا من القرن الأول الهجري، وتوضحه أيضا بعض الدراسات الحديثة التي قام بها بعض الدارسين في قسم الآثار بجامعة الملك سعود بالرياض، وبجامعة أم القرى بمكة المكرمة (1).
وقد بدأت جملة من هذه البحوث الجادة تظهر تباعا حيث طبّقت فيها بعض أصول علم الاكتناه، بيد أنّ مؤلفيها لم يحاولوا الربط بين سمات هذه الخطوط والخطوط النبطية، مع التشابة الواضح بينهما وبين ما سمّي بالخط الكوفي اللين حين مصرّت الكوفة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مما نجده واضحا في البرديات العربية المنشورة.
وهذا جانب علمي فريد لم يعن به أحد بعد، لذلك آمل أن يتنبه له هؤلاء الدارسون في بحوثهم القادمة، حيث يمكنهم دراسة هذه الأنماط في الوثائق البردية الكثيرة المنشورة وغير المنشورة ومقارنتها بالبحوث الأصيلة التي درست شواهد القبور والنقائش الكثيرة على الحجارة والمنابر والعمائر والسدود وبعض الرسائل النبوية الأصيلة وغيرها.
ومع هذا النشاط العلمي الرصين، والاهتمام الجاد بالنقائش ودراستها فإن الاهتمام بدراسة الوثائق البردية المكتوبة باللغة العربية يكاد يكون معدوما في العالم العربي اليوم، إذ اهتمّ المستشرقون بدراستها ونشرها منذ اكتشاف برديات الفيوم ووثائق الجنيزة في القرن الماضي، وما زال الكثير منها لم يدرس بعد، ولعل السبب يعود إلى أنّ دراسة الوثاق البردية تحتاج إلى تدريب طويل ومران أطول على فكّ معميات خطوطها واستنباط النتائج الحضارية المختلفة من محتوياتها.
__________
(1) أمثال سعد الراشد والزيلعي والمعيقل وعبد الله المنيف وموضي بنت محمد بن علي البقمي وغيرهم من أمثال ناصر الحارثي ومحمد الفعر ومشلح بن كميخ المريخي وفقهم الله وسدد نياتهم.(1/216)
قلنا: إن الخط ظاهرة حضارية لا تختلف عن غيرها من الظواهر الفنية التي تتطور وتتجدد بل قد تسوء وتضمحل تبعا للتطور الحضاري لأية أمة من الأمم. ومن هنا تطور الخط العربي في الحواضر الإسلامية واكتسب مسميات مختلفة حسب القطر وحسب العصر فاختفت أنماط كثيرة وبقيت أنماط وتطورت من كل ذلك أنماط اكتسبت مسميات اختلفت باختلاف العصور، حتى استقرت الأنماط المعروفة اليوم وهي: النسخ والرقعة والتعليق والنستعليق والشكستة والديواني والثلث ثم الكوفي، واجتهد شيوخ الخط في تقعيد قواعده، وتثبيت أصوله التي نقلها الخلف عن السلف. بيد أنّ الخطاطين في العصر الحاضر، ابتدعوا أنماطا هجينة عجيبة غريبة اختلطت فيها الأنماط، حتى في الكلمة الواحدة اختلاطا مؤلما لأنّ أكثرهم لم يعن بالتعلم والأخذ عن شيوخ الخط حتى يصقل موهبته بل سارع إلى فتح مكتب تجاري أو حانوت للخط ليتعيش من موهبته الفجة، فأساء إلى الخط وأهله.
وهنا لا بدّ لي من كلمة توضيحية وهي: أن كل كاتب ليس بالضرورة خطاطا، فإن بعض الناس أوتوا موهبة فيه، وبعضهم عاطل عن هذه الموهبة، وهذه ظاهرة فنية لا تخلو منها جماعة من البشر، شأنها في هذا شأن الرسم والشعر والخطابة وما إلى ذلك، وإلا كان كل البشر رسامين أو شعراء أو خطباء أو خطاطين، فإن الإنسان ميسر لما خلق له وقد يبرز فرد أو أفراد في هذه الصنعة أو تلك فيبزّون غيرهم ويستنبطون مما لديهم نمطا جديدا يضاف إليهم ويلصق باسمهم وإلا فإن ابن مقلة أو ابن البواب لم يبزوا كتّاب عصرهم إلا لأنهم طوروا ما جاءهم حسّنوا ما وجدوه من الخط، وقعّدوا له القواعد فقيل: طريقة ابن مقلة وطريقة ابن البواب، ونسبوا طرائقهم إليهم فقالوا: فلان يكتب الخط المنسوب، كما قيل في نسبة العروض للخليل بن أحمد الفراهيدي.(1/217)
إضافة إلى كل هذا فإن البيئة الثقافية والفكرية لها أثر هائل فعّال في تلوين نمط الخط وأسلوبه في الأداء، فتفرض عليه نمطا يختلف في نظر الخبير عن الخطوط الأخرى التي ترعرعت في بيئات مختلفة أو عند أفراد مختلفين. ومن هنا كان خط النسخ في العراق، وفي قرن معين مثلا يختلف عن الخط ذاته في قطر آخر. بيد أن السمات العامة لا تكاد تختلف إلا في التفاصيل الفنية، إلا أن بعض الأقطار انفردت بأنماط معينة مثل الخط المغربي والأندلسي وما اشتق منهما مثل السوداني إذ حافظا على سمات الخط الكوفي اللين، ولهذا يستطيع الخبير أن يدرك بإحساسه وذوقه وتجربته ومرانه أن هذا نسخ يمني، وذاك نسخ مملوكي، والآخر نسخ أندلسي أو مغربي أو تونسي أو سوداني من جنوب الصحراء الأفريقية أو كردي من شرق تركية الحالية أو هندي وما إلى ذلك.
ويصح هذا القياس الفني على بقية الخطوط، ويسري أيضا على خطوط العلماء والنساخ فإن خط الذهبي هو غير خط السخاوي، أو خط ابن الجوزي، أو ابن فهد المكي أو السيوطي أو ابن حجر فإن لكل كاتب سمات خطية تختلف تماما عن سمات الخطوط الأخرى، بل إن الخطوط تختلف من عصر إلى عصر حتى في القطر الواحد، وقد تختلط الخطوط عند ناسخ واحد حين يخلط بين النسخ والتعليق والرقعة مثلا في سطر واحد أو صفحة واحدة أو في مخطوطة واحدة. وقد يختلف الخط أيضا تبعا لعمر الناسخ، وما عليكم إلا أن تقارنوا بين خطوطكم لتروا الفروق الهائلة.
إذ ليس المفروض أن كل ناسخ يعرف القواعد الخطية الدقيقة لهذا النمط أو ذاك. ومن هنا اختلفت خطوط المخطوطات إن جودة أو رداءة تبعا لخط الناسخ، وتبعا لأصالة موهبته أو ضعفها، وتبعا للجو العلمي والثقافي، بل والسياسي أيضا كما حدث عند الخطاطين الأتراك العثمانيين الذين وصلوا
بالخط العربي وإجادته إلى مستوى لم تصل إليه أمة من الأمم الإسلامية بعد، وعلى أيدي هؤلاء الخطاطين تخرّج أشهر خطاطي العالم العربي والإسلامي.(1/218)
إذ ليس المفروض أن كل ناسخ يعرف القواعد الخطية الدقيقة لهذا النمط أو ذاك. ومن هنا اختلفت خطوط المخطوطات إن جودة أو رداءة تبعا لخط الناسخ، وتبعا لأصالة موهبته أو ضعفها، وتبعا للجو العلمي والثقافي، بل والسياسي أيضا كما حدث عند الخطاطين الأتراك العثمانيين الذين وصلوا
بالخط العربي وإجادته إلى مستوى لم تصل إليه أمة من الأمم الإسلامية بعد، وعلى أيدي هؤلاء الخطاطين تخرّج أشهر خطاطي العالم العربي والإسلامي.
ومع كل هذا، فإنني أذكر هنا طريفة خطية ذكرها ابن الجوزي وهي:
أنّ أحد المؤلفين كان يعيّر برداءة خطه، ورذالته بين الخطوط فصار دأبه دخول سوق الوراقين للبحث عن كتاب مكتوب بخط أردأ من خطه فعثر يوما على كتاب سيء الخط فاشتراه وأسرع به إلى معيّريه ليريهم أنّ خطه ليس سيئا، وأن هناك ما هو أرذل من خطه، فلما تفحصه الملأ وجدوه بخطه الذي كتب به الكتاب في صباه (1).
إنّ الخطوط في المخطوطات التي تمر على يد المفهرس، تكاد تكون محدودة الأنماط، والأساليب، لأن الكثرة الغالبة منها كتبها نساخ محترفون استعملوا النسخ والتعليق والنستعليق والشكستة والرقعة، والقليل استعمل الثلث أو الديواني أو الكوفي بأنماطه العديدة، إلا في المراسلات السلطانية أو نقائش العمائر وشواهد القبور وكتابة نسخ القرآن العزيز في القرون الأولى.
وتختلف كل هذه الخطوط من بلد إلى آخر ومن ناسخ إلى آخر ولا يدرك الفروق إلا خبير فقد سأل المعتصم العباسي نديمه إسحق الموصلي المغني العباسي المشهور عن معرفة النغمة، وكيف يميز بينها على تشابهها واختلافها؟ فقال: يا أمير المؤمنين من الأشياء ما يحيط به العلم ولا تؤديه الصفة (2)، فإن الكثير من المفهرسين يعرفون الفروق ولكنهم لا يستطيعون وصفها لأنفسهم، ناهيك عن وصفها لغيرهم.
وقد يلجأ بعض المفهرسين لجهله بالخطوط إلى استعمال مصطلح = خط معتاد = إذ ليس هناك في عالم الخطوط نمط من الخطوط يسمى بالخط المعتاد
__________
(1) كتاب الأذكياء، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1400هـ / 1980، ط 4، 114113.
(2) لطائف الظرفاء من طبقات الفضلاء للثعالبي (بتحقيقي)، مؤسسة برل لايدن 1978م، 79.(1/219)
إطلاقا (1)، فهو إما نسخ تدويني أو نسخ مشوب برقعة مثلا أو نسخ واضح أو نسخ قوي أو نسخ مجوّد أو نسخ رئاسي، تبعا لقوة الخط أو ضعفه، والنسخ الرئاسي أجودها لقربه من الكوفي الليّن وهو الخط الذي كتبت به الوثائق البردية عموما والمخطوطات في القرون الأربعة الأولى في الأغلب، وليس هناك خط فارسي كما هو شائع الآن بين محترفي الخط، فهو إما تعليق أو نستعليق أو فارسي أو تركي أو هندي أو غيرها.
أما الخط المغربي والأندلسي والتمبكتي، الذي يسمّى أيضا: السوداني، فإنّ خصائصها وطرز كتابتها تختلف أيضا من قطر إلى آخر، فالمغربي القيرواني والمغربي الفاسي والأندلسي والتونسي والجزائري والسوداني لها سمات خاصة تختلف عن بعضها في رسم حروفها وتقارب بعضها من بعض. وهي تتشابه في نظام تنقيط الفاء والقاف، وقد حاول المستشرق الفرنسي هوداس دراسة الفروق بينها والخروج بقاعدة اكتناهية لتمييزها عن بعضها فلم يوفق إلى حدّ كبير، ولكن تبقى محاولته على ريادتها في بابة الترجيح أو التغيير والتحسين (2).
وقد تناول الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا في تصانيفه وخاصة في كتابه تاريخ الوراقة المغربية البحث الجاد في أنواعها وأنماطها، وشرحها شرحا دلّ على معرفة وثيقة بأنواعها التي سماها بالكوفي المتمغرب
__________
(1) أدخل الدكتور عبد الفتاح الحلو رحمه الله وإيانا هذا التعيبر في كتاب: الخط العربي من خلال المخطوطات الذي نشره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض بعد الانتهاء منه، حين دعي زائرا في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، دون علمي ودرايتي، فأرجو المعذرة من طلابي النجباء إذا وجدوا في ذلك تناقضا بين تدريسي لهم وما ظهر في هذا الكتاب.
(2) محاولة في الخط المغربي، ترجمة عبد المجيد تركي، أبحاث ودراسات في الغرب الإسلامي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 477443.(1/220)
والمبسوط والمجوهر والمسند والأندلسي المتمغرب والمشرقي المتمغرب، وعرض نماذج مخطوطية منها (1).
وورد في السجل القديم لمكتبة القيروان نوعان آخران من الخطوط هما الخط الصقلي والخط النباري، نسبة إلى صقلية وإلى نبارة (2) (في ليبيا الحالية) بيد أننا لا نملك لهما سندا ماديا تاريخيا، إلا أن كثيرا من نقائش القبور الصقلية منشورة ومدروسة، وهي تختلف اختلافا بينا عن الخطوط المشرقية أو المغربية والأندلسية، كما يظهر في الملحقات.
وميّز عبد الكريم سكيرج نوعا آخر من الخطوط المغربية سماه: الخط السوسي، فقد كان الخط الصحراوي يستعمل في أقصى الجنوب الغربي من المغرب، في حين انتشر في سوس وما حولها نوع يعرف بالخط السوسي، وهو الذي يجمع بين الخطوط السوسية والصحراوية والأندلسية (3)، ونشر محمد حجي نماذج مختلفة من الخطوط المغربية في فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية بسلا.
وكل هذه الخطوط لها خصائص وسمات يعرفها المتدرب عليها، إذ كلما ازداد مران المفهرس، واتسعت دربته في النظر في المخطوطات وتدبّر صفات رسم حروفها في ذاكرته، اتّسعت درايته وسهل عليه التمييز بين أنماطها، وبالتالي أقطارها، فإن كثيرا من المعلومات التي يستقيها المفهرس في عمله، لا يمكن نقلها بسهولة إلى الآخرين.
وأذكر هنا طريفة قرأتها في مكان أنسيت ذكره، وهي أنّ أحد الحذّائين مرّ برجل في السوق يحمل حذاء جديدا، فقال له: هذا الحذاء اشتريته من
__________
(1) تاريخ الوراقة المغربية، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب، الرباط 1991.
(2) سجل قديم 9، ذكر ياقوت عن كتاب ابن أبي الحكم أن طرابلس اسم الكورة ونبارة هي المدينة، معجم البلدان (دار صادر) 5/ 256.
(3) عبد الكريم سكيرج، الخط المغربي، مجلة الثقافة المغربية، ع 2، 1941، 7267.(1/221)
الدكان الفلاني في الزقاق الفلاني، فقال له: كيف عرفت هذا؟ قال: أنا صانعه، ولو كان بين ألف حذاء لعرفته، فصاحب الصنعة أعرف بصنعته من غيره.
ومثل هذا أو قريب منه ما ذكره ياقوت، فإنه بعد أن عرف خطوط من كتب على نسخة من صحاح الجوهري، قال: «ومعرفتي بالخطوط الموجودة على النسخة كمعرفتي بما لا أشك فيه» (1).
وجاء في الرسالة المنسوبة لأبي حيان التوحيدي المتوفى سنة 400هـ في وصف الخط، قوله: «فاعلم أنّ الكاتب إذا بلغ في تعلمه هذه الصناعة غاية قدرته، ووقفت يده عند حدّ عرف من ذلك الحد خطه، من معان تخصه عند أهل التمييز وذوي النقد والتحرير، كما تعرف وجوه الناس وإن تشابهت أعضاؤها، وتشاكلت أجزاؤها، بمعان تخصّ كلّ وجه منها، تعرفها القلوب، وتشهدها العيون، وقد تقصر عن هذه الفواصل، العبارة وتعجز عن تبيينها الإشارة» (2).
ويظهر هذا واضحا في القدرة الفائقة عند بعض العلماء على تمييز الخطوط عن بعضها وعزوها إلى كتّابها (3)، ففي ترجمة محمد بن عبد الرحمن ابن معمر القرطبي المتوفى سنة 423هـ قال المراكشي: «تقلد خطة التاريخ في الدولة العامرية ومقابلة كتب المنصور محمد بن أبي عامر وولده من بعده، ناظرا في خزانة كتبهم الحافلة، وكان جمّاعة للكتب، عارفا بعللها، مميزا خطوط ناسخيها، حجة في عزوتها إلى وراقيها، بزّ في ذلك أهل عصره» (4).
__________
(1) معجم الأدباء 6/ 65وانظر: 3/ 27منه.
(2) مجلة معهد المخطوطات العربية 1/ 123 (القاهرة 1373هـ) والخط العربي من خلال المخطوطات، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1406هـ، 36.
(3) انظر مثلا: الذيل والتكملة للمراكشي، 6/ 62، 213، 235، 365.
(4) الذيل والتكملة 6/ 366.(1/222)
وفي ترجمة محمد بن أحمد بن محمد القيسي الرندي، قال المراكشي:
«كان محدثا مكثرا، متسع الرواية أديبا، من أبرع الناس خطا، عاقدا للشروط، جماعة للكتب وفوائد الشيوخ، نسّابة لخطوط العلماء، ذاكرا للتواريخ» (1).
ومن الخطوط التي تمرّ على يد المفهرس، خط التعليق وخط النستعليق، وخط التعليق، هو خط حديث نسبيا تطور من خط النسخ وإنه يختلف عن النسخ برهافة رسم حروفه، بإمالة هذه الحروف نحو اليمين، ويمتاز بكثرة اختلاف عرض حروفه من جزء لآخر في الحرف (2)، وهو يختلف من بلد إلى آخر، فهناك التعليق الإيراني والتركي والهندي وغيرها، وسماتها لا تكاد تبين، إلا للخبير المعتاد المتدرب عليها.
أما خط النستعليق فهو، كما يظهر من اسمه، تمازج بين خط النسخ مع خط التعليق، وهناك خط النستعليق الإيراني والتركي والهندي وغيرها، وهذه الخطوط تتشابه بسمات ومميزات في رسم الحروف مع بعضها وتختلف عن بعضها في ثخانة الحروف ولطافة رسمها ورهافة أواخرها وتدويرات المدوّر ورسم المبسوط والمجوف أو ما يسمى بالكاسات منها (3).
أما خط الشكستة الذي اختص به النساخ الإيرانيون فهو نستعليق خلط بين خط الرقعة وخط التعليق (4)، وقلّما يمر على يد مفهرس المخطوطات العربية، وهو كثير في المخطوطات الفارسية.
وهناك خطوط قلّما تمر على يد المفهرس مثل خط السياقت (5) وخط القرمة وهما خطان اختص بهما كتاب الدواوين العثمانية، ولا توجد إلا في
__________
(1) المصدر نفسه 6/ 62.
(2) مصور الخط العربي لناجي زين الدين 376.
(3) عن تاريخ خط النستعليق وأسلوب كتابته، انظر: مصور الخط العربي 376375.
(4) المصدر نفسه 377.
(5) انظر نماذج منها في المصدر نفسه 267.(1/223)
الوثائق الديوانية العثمانية وهما يشبهان إلى حد كبير ما نسميه اليوم الخط المختزل أو: والظاهر أنه امتداد أو اختصار للخط الذي استعمله كتّاب الإنشاء في الدواوين المملوكية منذ القرن السابع للهجرة كما يظهر ذلك في وثائق طور سيناء وخاصة في توريخ الوثائق المملوكية المتأخرة التي وصلت إلينا، فإن معرفة قراءتها وفك رموز تواريخها يحتاج إلى صبر عميق، ومران طويل ودربة واسعة.(1/224)
صناعة ورق البردي والرّق والكاغد
ورق البردي هو القرطاس، وقد وردت اللفظة في القرآن الكريم كما سبق، وفي كثير من المصادر العربية، بيد أنّ الجواليقي يرى أن اللفظة بضم القاف وكسرها، وقد تكلموا فيها قديما، ويقال: إنّ أصله غير عربي (1)، بيد أنّ دوزي يرى: أنّ لفظ القرطاس أصله من اليونانية ومعناه: ما يكتب فيه، ويقابله في العربية: ورقة وصحيفة (2)، غير أنّ زلهايم يرى أنّ أصل اللفظة لم يكن يونانيا، بل هو آرامي دخل في اللغة اليونانية (3)، وأقول: الظاهر أنه فينيقي دخل في اليونانية والآرامية معا، لأنّ الفينيقيين هم الذين أدخلوه إلى اليونان مع ما أدخلوه من عناصر ثقافية أخرى، وهذا يعني أنه عربي الأصل (4).
ولابن السيد البطليوسي في أسامي الرق والورق اصطلاح، يقول فيه:
«فإن كان الذي يكتب فيه من جلود، فهو رق وقرطاس بكسر القاف، وبضمها فإن كان من رقّ فهو كاغد بالدال غير المعجمة، وقد حكي بالذال معجمة وقد يستعمل القرطاس لكل بطاقة يكتب فيها، ويقال لما يكتب فيه: الصحيفة والمهرق (5)، فإن كان كتابا كتب فيه بعد محو فهو طرس» (6).
__________
(1) المعرب من الكلام الأعجمي 276.
(2). 331.،. .. ،. .. ،
(3). 173.،.،، .. الموسوعة الإسلامية: مادة = قرطاس. =
(4) في الفرنسية: وفي اللاتينية: وفي اليونانية: وكلها تعني: صحيفة من الورق أو صحيفة من البردي (القرطاس).
(5) المهارق مفردها مهرق، وهي صحائف الحرير المصقول.
(6) كتاب الاقتضاب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1981، 1/ 178178نقلا من: تقنيات إعداد المخطوط العربي لمحمد المنوني 24.(1/225)
وهذا يدل على اختلاط المسميات عند المشارقة وعند أهل الأندلس كما سيأتي.
لقد كان ورق البردي أهم مادة للكتابة بعد الرّق قبل اكتشاف الكاغد، وكانت مصر أهم مركز لصناعته وتصديره، ومن هنا لعب الفينيقيون دورا مهما في انتشاره كتجار لورق البردي المصري، فمنذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد كان الفينيقيون يشترون ورق البردي من مصر ثم يبيعونه لليونانيين ولبقية الشعوب المطلة على البحار وداخل أوربا أيضا، حيث تاجروا مع سويسرا وغيرها من أرجاء أوربا، والعالم المعروف وغير المعروف إذ ذاك (1)، ولما كان ورق البردي الذي يشتريه اليونانيون يأتي غالبا عبر مدينة ببلوس الفينيقية (الجبيل حاليا) لذلك أطلق اليونانيون على ورق الكتاب من البردي اسم ببلوس ثم على الكتاب نفسه، أي:
نسبة إلى هذه المدينة الفينيقية (2)، ومن هنا جاء لفظ: أي: الكتاب، ومنها جاء لفظ الذي يعني في اللغات الأوربية: الإنجيل.
ويذكر كل من تناول صناعة ورق البردي وتاريخها أنه يصنع من سيقان نبتة تنمو في مستنقعات دلتا النيل، وأن هذه السيقان التي توجد تحت الماء قد يصل عرض بعضها أحيانا إلى عرض يد الإنسان، فتقسّم هذه السيقان إلى شرائح طولية قد تمتد إلى متر أو أكثر أو أقل، ثم توضع هذه الشرائح متلاصقة جنب بعضها ثم توضع شرائح أخر فوق هذه بصورة متعامدة ثم يجري طرقها بمطرقة خشبية مسطّحة لتسوية أجزائها فتلتصق هذه الشرائح على بعضها بوساطة اللزوجة الموجودة فيها، ثم تجفف في
__________
(1) الوجود العربي في سويسرة، لقاسم الزهيري، مجلة المناهل، ع 30، السنة 11، وزارة الشؤون الثقافية بالمغرب، شوال 1404هـ / 1984، 106.
(2) تاريخ الكتاب 1/ 32.(1/226)
الشمس وتصقل بعد ذلك وتسوى أطرافها وعندها تكون الصحيفة جاهزة للتصدير أو الكتابة (1).
ويتراوح مقاس الصحيفة ما بين 25إلى 30سم، فإذا لم تكف الصحيفة للنص المراد كتابته، كانت تلصق بآخرها عدة صفحات لتكوين لفافة قد تصل إلى 6أمتار أو أكثر، بيد أنّ السيوطي يذكر عن الكندي: إنّ «من خصائص مصر القراطيس، وهي الطوامير، وهي أحسن ما كتب فيه، وهو من حشيش أرض مصر، ويعمل طوله ثلاثون ذراعا وأكثر في عرض شبر» (2).
والطريف أن الطبيب ابن الجزار القيرواني المتوفى سنة 369هـ ذكر قول ديسقوردس اليوناني في منافع البردي الطبية الكثيرة، ثم قال:
«والقراطيس المصرية إذا أحرقت ثم ذرّ رمادها على الموضع الذي ينزف منه الدم حبسه، ولذلك تقطع الرعاف، وينفع من الأكلة في الأسنان، والقراطيس المحرقة أقوى فعلا من البردي المحرق» (3).
فلعل الحصير الذي أحرقته السيدة فاطمة رضي الله عنها فكمدت به جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كان من البردي، فقد روى البخاري: حدّثنا عبد الله بن مسلمة حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل رضي الله عنهم أنّه سئل عن جرح النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد فقال جرح وجه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكسرت رباعيّته وهشمت البيضة على رأسه فكانت فاطمة عليها السّلام تغسل الدّم وعليّ يمسك فلمّا رأت أنّ الدّم لا يزيد إلا كثرة أخذت حصيرا فأحرقته حتّى صار رمادا ثمّ ألزقته فاستمسك الدّم (4)،
__________
(1) الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار المتوفى سنة 646هـ، القاهرة 1291هـ، 1/ 78.
(2) حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1387هـ / 1968، 2/ 328327.
(3) كتاب الاعتماد في الأدوية المفردة، نشر سزكين 7170.
(4) الجهاد والسير 2695.(1/227)
فهل كان هذا الحصير منسوجا من سعف النخيل أو من ألياف البردي؟ فإن المعروف في جمع القرآن أنه كان في صحف عند أبي بكر رضي الله عنه حتى توفاه الله، حتى قيل: = جمع أبو بكر القرآن في قراطيس = (1)، والسؤال هنا: هل معنى القراطيس هنا ورق البردي أو الرقوق؟
ويقول ابن حجر: = ثم جمع في الصحف في عهد أبي بكر كما دلّت عليه الأخبار الصحيحة المترادفة، ثم كانت عند حفصة بنت عمر بعد عمر = (2)، وهنا أيضا لم يتوضح لنا الأمر جليا.
فإذا كاننت القراطيس والصحف هنا تعني ورق البردي، فإن الحصر المصنوعة من البردي كانت معروفة في المدينة الشريفة قبل فتح مصر، وذلك لأن لفظة القرطاس والقراطيس وردت في القرآن الكريم أيضا (3) كما رأينا، وهذا يدل على شيوع المعنى إذ ذاك، إلا إذا كانت لفظة القرطاس القرآنية لا تعني البردي بل أية مادة للكتابة، أو لعل الحصير كان مصنوعا من سعف النخيل وهو أقرب لكثرة النخيل في المدينة الشريفة.
ونقل ابن عساكر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ضرب على أهل العراق بعثا وعلى أهل الشام بعثا فكان أمير أهل العراق سلمان بن ربيعة الباهلي، وأمير أهل الشام حبيب بن مسلمة الفهري، فحدث بين الجيشين تنازع، فقالوا:
سلمان إن كنت من الأكياس ... فاكتب بحاجاتك في قرطاس
إلى ابن عفان أمير الناس (4)
وهذا الخبر يدل على وجود ورق البردي إذ ذاك.
__________
(1) فتح الباري 9/ 16.
(2) المصدر نفسه.
(3) سورة الأنعام 7، 91.
(4) تاريخ دمشق 21/ 472.(1/228)
ومع ما في الأمر من غموض وتشابك في معنى القرطاس، فقد روى الطبراني عن الثوري: «أن عبد الله بن مسعود كان يقوم على البردي ويسجد على الأرض، فقلنا: ما البردي؟ قال: الحصير» (1)، وسؤال السائل هنا يدل على غرابة لفظة البردي عنده، بيد أنّ هذا لا يدل على أنها لم تكن معروفة عند غيره فقد وردت بمعنى الحصير في شعر قيس بن الخطيم المتوفى حوالي سنة 2للهجرة في قوله:
تخطو على برديتين غذاهما ... غدق بساحة حائر يعبوب (2)
وقال الحسين بن مطير الأسدي وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية (3):
وبالبرق أطلال كأنّ رسومها ... قراطيس خطّ الحبر فيهنّ ساطره (4)
فإن خبر ابن مسعود يدل على أنّ حصر البردي المصرية قد بدأت ترد إلى الكوفة والحجاز بعد فتح مصر في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو قبل ذلك، وبيت ابن الخطيم يدل على أنّ الحصر البردية كانت معروفة في المدينة قبل الإسلام (5)، ولا بدّ أن عمرو بن العاص ومن خلفه كانوا يبعثون برسائلهم إلى الخلفاء على ورق البردي، إلا أننا لا نملك بعد سندا تاريخيا ماديا لهذه الرسائل، إلا أنّ البيروني المتوفى سنة 440هـ، وهو
__________
(1) المعجم الكبير 9/ 255.
(2) ديوان قيس بن الخطيم، تح ناصر الدين الأسد 59وفي رواية أخرى: تمشي على برديتين.
(3) معجم الأدباء 10/ 166.
(4) معجم البلدان 1/ 386.
(5) فسر الأنباري المتوفى سنة 328هـ وابن السكيت وغيره البرديتين بساقي المرأة كأنهما ورقتان برديتان في بياضهما، ولو كان الأمر كذلك لقال: تخطو ببرديتين، وليس تمشي أو تخطو على برديتين، فهو يشير هنا إلى حياة الترف التي تحياها هذه المرأة، انظر: ديوان قيس بن الخطيم 59.(1/229)
يتحدث عن ورق البردي في إشارته تعالى إلى التوراة، فقال: «فقوله تعالى:
{تَجْعَلُونَهُ قَرََاطِيسَ} (1)، أي: طوامير، فإنّ القرطاس معمول بمصر من لب البردي، يبرى في لحمه، وعليه صدرت كتب الخلفاء إلى قريب من زماننا، إذ ليس ينقاد لحكّ شيء منه وتغييره بل يفسد به» (2)، فإن قوله: «طوامير» هنا يعني على شكل لفائف وهذا بالضبط هو الشكل الذي يصنعه اليهود في كتابة توراتهم حتى اليوم.
ومع هذا فإن مصر كانت ولم تزل المصدر الأول للبرديات الإسلامية واليونانية والقبطية فقد وصل ما اكتشف في مصر من البرديات إلى ما يزيد على 50ألف بردية، وأن الكثير من هذه البرديات الإسلامية تمتاز بالقدم التاريخي فهي محصورة ما بين سنة 22و 780هجرية وموزعة على كثير من المتاحف والمكتبات الوطنية في البلدان المختلفة، وأهم هذه المجاميع في فينا (النمسا) وفي دار الكتب المصرية، وقد نشر المستشرقون كثيرا منها (3).
وذكر هرتزفيلد في كتابه: تاريخ مدينة سامراء أنه عثر على برديتين في أثناء التنقيب فيها (4)، مما يؤكد الخبر الذي رواه ابن الفقيه: أن المعتصم العباسي حاول صناعته في سامراء فاستقدم عمالا من مصر لصناعته فلم تنجح ولم يخرج منه إلا الخشن الذي يتكسر (5)، فإن خصائص مناخ مصر الجاف والتربة المصرية الجافة ساعدا على حفظ هذه الكميات الكبيرة منها.
__________
(1) سورة الأنعام 91.
(2) تحقيق ما للهند من مقولة في العقل أو مرذولة، حيدر أباد 1377هـ / 1958، 133.
(3) ذكر كوركيس عواد جملة من أوراق البردي المحفوظة في الخزائن المختلفة في: أقدم المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبات العالم، 7669.
(4)، 216،، 8. 2.، 1948،،.
(5) مختصر كتاب البلدان 253وتاريخ اليعقوبي، تح هوتسما، لايدن 1883، 2/ 577 والبلدان لليعقوبي، تح دي خويه، لايدن 1892، 264.(1/230)
وقد شاعت الكتابة على ورق البردي في الشام بعد فتح مصر، إذ يذكر البلاذري: أنّ دواوين الشام إنما كانت في قراطيس (1) وأنّ الخلفاء لم تزل تستعمل القراطيس امتيازا على غيرها من عهد معاوية، كما روى القلقشندي عن كتاب القلم والدواة لمحمد بن عمر المدائني (2)، بيد أنّ معاوية كان يفضل الكتابة في الرقوق على البردي.
والدليل على شيوعه إذ ذاك ورود ذكر القرطاس والقراطيس في مواضع كثيرة من الشعر والأدب والتاريخ والنوادر، وإليه أشار جرير:
بين المحيصر والعزّاف منزلة ... كالوحي من عهد موسى في القراطيس (3)
واستعمله العباسيون في دواوينهم مع الرقوق وكتبت فيه العلوم المختلفة، إلا أنه لم يصل إلينا منها إلا القليل، فقد وصلت إلينا قطع من كتب كتبت على البردي مثل كتاب وهب بن منبه المتوفى سنة 110هـ في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤرخة في سنة 229هـ (4) وقطع من موطّأ مالك بن أنس وصحيفة همام بن منبّه وصحيفة عبد الله بن لهيعة، وغيرها من القطع التي درستها نبيهة عبود ونشرتها (5)، وقطع من المصحف الشريف التي نشر كرومان صورتين منها تحتوي الأولى على آيات من
__________
(1) فتوح البلدان، تح المنجد، القاهرة 1964، 3/ 570نقلا من: الكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا لمحمد ماهر حمادة، دار العلوم، الرياض 1404هـ / 1984، 144.
(2) صبح الأعشى 6/ 180.
(3) المغانم المطابة للفيروز آبادي 370ومعجم البلدان لياقوت 5/ 66.
(4) محفوظة في مكتبة هايدلبرك ومكتوبة على ورق البردي، حققها وترجمها رئيف خوري ونشرها في فيسبادن بالمانيا سنة 1972، وانظر كتابي: مقدمة في الوثائق الإسلامية 17 وما بعدها.
(5) انظر مقالات وكتب نبيهة عبود عن البرديات في: أقدم المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبات العالم، لكوركيس عواد 7270، وانظر: جريدة المصادر الأجنبية.(1/231)
سورة الممتحنة والصف والجمعة والمنافقون (1)، وتحتوي الثانية على آيات من سورة القصص (2).
وذكر قطعا أخر من البرديات التي تحتوي على بعض الآيات من السور المختلفة، وما في هذه البرديات من علامات التنقيط، والزخرفة البسيطة وعلامات الفصل، بين كل خمس آيات أو عشر آيات التي تعود إلى النصف الأول من القرن الأول للهجرة، كانت معروفة منذ زمن الحجاج، أو أن نصر بن عاصم الليثي المتوفى سنة 89هـ كان قد أدخلها في رسم المصاحف، وخلص إلى النتيجة: أن كل هذه النقاط والخطوط الصغيرة الدالة على التنقيط أو علامات الفصل كانت من يد الناسخ الذي نسخها: «» (3)، وهي موجودة في كثير من البرديات التي وصلت إلينا.
ووصل إلينا كتاب الجامع في الحديث النبوي لعبد الله بن وهب بن مسلم الفهري المتوفى سنة 197هـ (4)، اكتشف في سنة 1922م في حفائر أدفو بصعيد مصر (5)، وغير ذلك (6).
وقد كاد استعمال ورق البردي يكون عاما في دواوين الدولة الأموية والعباسية، فقد روى ابن سعد عن عمرو بن ميمون (7) المتوفى سنة 145هـ أنه قال لعمر بن عبد العزيز: = ما شأن هذه الطوامير التي يكتب فيها بالقلم
__________
(1).، 213231.،،.
(2) المصدر نفسه، لوحة رقم:.
(3) المصدر نفسه 227.
(4) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 9/ 223مع مصادر ترجمته.
(5) محفوظ في دار الكتب المصرية برقم: 2123حديث ونشره ديفد فايل، القاهرة سنة 19481939.
(6) أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم لكوركيس عواد 7669، 113.
(7) هو عمرو بن ميمون بن مهران، أبو عبد الله الجزري، سير أعلام النبلاء 6/ 346.(1/232)
الجليل يمدّ فيها وهي من بيت مال المسلمين؟ فكتب إلى عمّاله في الآفاق: أن لا يكتبنّ في طومار بقلم جليل ولا يمدنّ فيه، قال: فكانت كتبه إنما هي شبر أو نحوه = (1).
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى القاضي أبي بكر بن حزم: = أما بعد فكتبت تذكر أنّ القراطيس التي قبلك قد نفدت، وقد قطعنا لك دون ما كان يقطع لمن كان قبلك، فأدقّ قلمك وقارب بين أسطرك واجمع حوائجك، فإنني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به = (2).
وذكر الجهشياري أنّ أبا جعفر المنصور وقف على كثرة القراطيس المصرية في خزانته، فدعا بصالح صاحب المصلى فقال له: إني أمرت بإخراج حاصل القراطيس في خزائننا فوجدته شيئا كثيرا، فتولّ بيعه وإن لم تعط بكلّ طومار إلا دانقا، فإن تحصيل ثمنه أصلح منه، قال صالح: وكان الطومار في ذلك الوقت بدرهم، فانصرفت من حضرته على هذا، فلما كان في الغد دعاني فدخلت عليه فقال لي: فكرت في كتبنا وأنها جرت في القراطيس وليس يؤمن حادث بمصر فتنقطع القراطيس عنا بسببه فنحتاج إلى أن نكتب فيما لم نعوّده عمالنا، فدع القراطيس استظهارا على حالها (3).
واستمر استعمال ورق البردي والرق معا حتى أمر الرشيد العباسي باستبدالهما بالكاغد، لأن الجلود تقبل المحو والإعادة فتقبل التزوير بخلاف الورق فإنه متى محي فسد، وإنّ كشط ظهر كشطه (4)، بعد أن شاع تصنيعه ببغداد من القنب والكتان وبقايا القطن وأخشابه والخرق وغيرها، بيد أن ورق البردي والرق لم يختفيا من الاستعمال إذ استمر استعمالهما مع الكاغد حتى إن بعض العلماء كان يفضل كتابة القرآن الكريم والحديث النبوي في الرق
__________
(1) طبقات ابن سعد 5/ 400.
(2) المصدر نفسه.
(3) الوزراء والكتاب، البابي الحلبي، القاهرة 1938، 138.
(4) عمدة الكتاب المنسوب للمعز بن باديس 149147.(1/233)
دون البردي، فقد رفض أحمد بن بديل اليامي (1) المحدث المتوفى سنة 258 هـ أن يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد، واشترط أن يكتب في رقّ بحبر بحضرة المعتز العباسي المتوفى سنة 255 هـ، فقال للمعتز حين أخذ الكاتب القرطاس والدواة ليكتب ما يملي عليه من الحديث النبوي الشريف: أتكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد؟ قال:
فيم نكتب؟ قلت: في رقّ بحبر (2)، وسيأتي مزيد من القول في هذا.
ويؤيد هذا ما نشرته نبيهة عبود في دراستها حول بعض الأوراق البردية التي تعود إلى زمن المتوكل على الله العباسي، المقتول في سنة 247هـ (3).
وذكر الصابي شيوع استعمال الرق والبردي والكاغد جميعا في دواوين الدولة العباسية في جريدة ضمان، لأحمد بن محمد الطائي في زمن المعتضد بالله المتوفى سنة 289هـ، جاء فيها: = وثمن الصحف والقراطيس والكاغد = (4).
وفي وزارة ابن الفرات الثانية في سنة 304هـ، قال: = وصار جاري صاحب ديوان السواد وكتّابه مع ثمن الكاغد والقراطيس نحو سبعة آلاف دينار في كلّ شهر = (5)، وهذا مبلغ جسيم، يدل على كثرة إنتاجهما واستعمالهما في دواوين الدولة.
ويؤيد كلّ هذا ما ذكره أبو حيان التوحيدي المتوفى سنة 400هـ في تبرير حرق كتبه فقال: = ففي الصدر منه ما يملأ القرطاس بعد القرطاس إلى أن تفنى الأنفاس بعد الأنفاس، فلم تعنّيني يميني بعد هذا بالحبر والورق والجلد والقرطاس والقراءة والمقابلة = (6).
__________
(1) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 12/ 331مع مصادر ترجمته.
(2) تاريخ بغداد 4/ 51وتاريخ دمشق 18/ 319.
(3) 232247)،. 88135.، 1938،، (. 847861 ..
(4) الوزراء أو تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء، عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1958، 26.
(5) المصدر نفسه 37.
(6) الكتاب في الحضارة الإسلامية 117.(1/234)
صناعة الرّق
صناعة الرّق تختلف عن صناعة الكاغد، لأن الرق يصنع من جلود الحيوانات مثل الماعز والخراف والعجول والغزلان وهو أرقها وأحسنها وأغلاها ثمنا، وهذه الجلود لا تستعمل الدباغة فيها، ولكن تغمر هذه الجلود قبل جفافها في ماء الجير وهو الكلس لعدة أسابيع حتى تسهل إزالة الشعر والشحم واللحم العالق بها، ولا بد من غسلها بالماء النقي مرارا لإزالة الكلس منها قبل القيام بعملية إزالة الشعر وغيره، ثم يتم بسط الجلد داخل إطار من الخشب أو المعدن وتشدّ جوانبه بقوة إلى هذا الإطار، وتتم حينئذ عملية كشط (1) الشعر واللحم والشحم منه بوساطة سكين حادة محدّبة لتفادي إحداث قطع أجزاء منه أو تقوير مواضع منه.
وقد يلجأ بعض الرقاقين المهرة إلى فصل جانب الشعر بعد إزالته من الجلد عن جانب اللحم منه بسكين حادة جدا تأخذ منه وقتا طويلا وجهدا كثيرا فيكون الرق لينا شفافا، ثم يطرّيه بالماء الحار ويدلك سطحيه بمادة الطباشير مع الاستمرار في تقوية شدّه ودلكه، وبعد الانتهاء من كلّ هذا يحكّ جانبا الجلد بالطباشير والحجر الصقيل مرارا لتنعيم سطحه وتسويته ثم يترك حتى يجف ثم يقص حسب الحاجة.
__________
(1) يدعي المستشرق الفرنسي. في: استخدام الورق في المخطوطات الإسلامية، دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، أعمال المؤتمر الثاني لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن 1997، 122انه نظر في القواميس العربية فلم يجد دليلا على كلمة قشط وكشط بمعنى نوع من الرق، وهذا سوء فهم للنص المترجم لأن قشط وكشط فعلان وليسا اسمين، وقد جاء معناهما واضحا في تاج العروس في = قشط = و = كشط =: = الكشط رفعك شيئا عن شيء قد غشّاه، واسم ذلك الشيء المكشوط: الكشاط ككتاب، وهو الجلد المكشوط يسمى به بعد ما يكشط =.(1/235)
وتعتمد جودة الرق ورداءته على نوع الحيوان وعلى عمره، إذ كلما كان الحيوان صغير العمر كان الرق أقلّ ثخانة وأكثر جودة مما لو كان الحيوان كبير العمر ثخين الجلد، ولذلك كان جلد الغزال أجود الرقوق وأغلاها ثمنا ثم يأتي بعده رق العجول ومن ثم الماعز والخراف.
ليس هناك من طريقة لمعرفة الحيوان الذي عمل الرق من جلده إلا بإخضاع الرق للفحص المجهري لمعرفة نوعية مسام الشعر فيه أو من رؤية بقايا الشعر أو الصوف الذي لم يزله صانعه أو كاشطه تماما تحت العدسة المكبرة، وهذا من النوادر وخاصة في رقوق المصاحف التي حظيت صناعتها بعناية فائقة من الرقّاقين.
وتختلف الرقوق إن جودة أو رداءة تبعا لحذق الصانع ومهارته وهي تختلف أيضا من قطر إلى قطر وقلّما يستطيع المفهرس معرفة موضع صناعة الرق لتشابه تقنية صناعته في الأقطار المختلفة، إلا إذا كانت نهاية الكتاب تحمل ما يدل عليه (1)، بل حتى لو كانت المخطوطة الرّقيّة تحمله فلربما يكون الرق قد صنّع في بلد آخر.
وقد كان الرق معروفا في الحضارات القديمة فبعد أن كانت الكتابة على الطين عند السومريين والأكديين والبابليين، عرف الإنسان صناعة الرق فاستعمله المصريون القدماء مع ورق البردي واستعمله الآشوريون والفرس والإغريق (2)، بيد أن صناعته كمادة للكتابة لم تبدأ إلا في القرن الثالث قبل الميلاد، وقد وصلت إلينا لفافات البحر الميت أو وثائق قمران وهي تعود إلى
__________
(1). 1972،،،.
(2) ذكر النديم في الفهرست 302أن أزجا انهار في سنة 350هـ في مدينة جي فانكشف عن رقوق كثيرة لم يهتد أحد إلى قراءتها، ورأى النديم في سنة نيف وأربعين (وثلاث مئة) كتبا متقطعة (في جلود) أنفذها ابن العميد إلى بغداد أصيبت بأصفهان في سور المدينة في صناديق وكانت باليونانية.(1/236)
الفترة ما بين سنة 68136قبل الميلاد والتي لم تزل موضع خلاف بين الكنيسة الكاثوليكية وعلماء الإنجيل حول محتوياتها، ومدى اختلافها مع ما وصل إليهم من تعاليم المسيح عليه السلام في أناجيلهم المختلفة وخاصة مسألة بنوة عيسى عليه السلام ومسألة الثالوث، ولكل هذا مقام آخر.
وقد اشتهرت مدينة برجاموس الرومانية بصناعته فاستعملوه بدلا من ورق البردي لأنّ حاكمها على ما يقال: أراد تفادي احتكار مصر لورق البردي، ومن هنا جاءت تسمية الرق باللغات الأوربية باسم: بركمنت أو بركمين أو برشمان،، فانتشرت صناعته فكانوا يكتبون به ويغسلون الكتابة أو يبشرونها ويعيدون الكتابة عليه وهذا ما لم يكن ممكنا في ورق البردي، وهذا المسح وإعادة الكتابة على الرق ما نراه في بعض مخطوطات دير طور سينا وفي كثير من المخطوطات اللاتينية، كما سنرى، إذ وصلت إلينا مخطوطات مكتوبة على الرق كتبت على رقوقها ثلاثة أنواع من النصوص أو أكثر، ويشيع استعمال الرقوق بمحوها والكتابة عليها مرارا إذا قلّ وجودها أو ارتفع سعرها بسبب أو بآخر.
وهذا أيضا ما حدثنا عنه النديم حين حصل النزاع بين الأمين والمأمون فذكر: «أن الناس ببغداد أقاموا سنين لا يكتبون إلا في الطروس، لأن الدواوين نهبت في أيام محمد بن زبيدة (1) وكانت في جلود فكانت تمحى ويكتب بها، وكانت الكتب في جلود دباغ النورة (2) وهي شديدة الجفاف ثم كانت الدباغة الكوفية تدبغ بالتمر وفيها لين».
__________
(1) حدث ذلك في سنة 198هـ، انظر عن هذه الحوادث: تاريخ الطبري 8/ 455 وما بعدها والكامل لابن الأثير 6/ 282وسير أعلام النبلاء 9/ 334وما بعدها.
(2) هي خليط من الجير والزرنيخ، وما زالت تستعمل في إزالة الشعر في الحمامات المشرقية، ويصنع منها معجون يباع الآن في الصيدليات الأوربية لاستعمال النساء.(1/237)
والطريف في ظاهرة محو الرقوق والكتابة عليها ما ذكره أحد الباحثين:
أنّ العرب لما فتحوا الأندلس والمغرب وأجزاء من إيطاليا محوا الكتب اللاتينية واليونانية بعد أن ترجموها للعربية وكتبوا عليها ثانية، فلما خرج العرب من الأندلس محا الإفرنج كتب العرب وكتبوا عليها مع أنهم كانوا في غنى عن ذلك لوجود الكاغد الذي نشر العرب صناعته في أوربا، وفي القرن الماضي استخرج الأوربيون بوسائل كيمياوية وتقنيّة النصوص اليونانية واللاتينية القديمة من الطروس العربية وبقيت هذه الطروس محتفظة بالكتب العربية (1).
لقد كان استعمال الرق في دواوين الدولة، فكانت السجلات أولا لانتساخ العلوم، كما يقول ابن خلدون، وكتب الرسائل السلطانية والإقطاعات والصكوك في الرقوق المهيأة بالصناعة من الجلود لكثرة الرفه وقلة التأليف صدر الملة وقلة الرسائل السلطانية مع ذلك، فاقتصروا على الكتاب في الرق تشريفا للمكتوبات، وميلا إلى الصحة والإتقان، ثم طما بحر التأليف والتدوين وكثر ترسيل السلطان وصكوكه وضاق الرق عن ذلك فأشار الفضل بن يحيى البرمكي بصناعة الكاغد وصنعه بدار القز سنة 178هـ، وكتب فيه رسائل السلطان وصكوكه واتخذه الناس من بعده صحفا لمكتوباتهم السلطانية والعلمية وبلغت الإجادة في صناعته ما شاءت (2).
ويؤيد هذا أن أسد بن الفرات المتوفى سنة 213هـ بصقلية كان يكتب في الرقوق ببغداد بعد سنة 172هـ بقليل، فكان يتعهد وراقا يشتري منه رقوق الكتابة ويقرأ عليه أصول المذهب الحنفي (3).
__________
(1) تقنيات فهرسة المخطوطات العربية لأحمد شوقي بنبين، في: المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي، مؤسسة الملك عبد العزيز، الدار البيضاء 199.، 232.
(2) مقدمة ابن خلدون، الطبعة الأزهرية القاهرة 1311هـ، 250.
(3) ورقات لحسن حسني عبد الوهاب 2/ 373وعن ابن الفرات، انظر: سير أعلام النبلاء 10/ 225.(1/238)
وقال أبو زرعة الرازي: كان عند ابن القاسم (1) نحو ثلاث مئة جلد مسائل عن مالك بن أنس (2)، وابن القاسم المتوفى في سنة 191هـ هو تلميذ الإمام مالك بن أنس رحمه الله وإيانا.
وللجاحظ رسالة طريفة في المفاضلة بين الرق والكاغد، نفهم منه أن الرق كان يصنع في الكوفة والبصرة وواسط فقال: «الجلود جافية الحجم ثقيلة الوزن، إن أصابها الماء بطلت وإن يوم لثق استرخت وإن نديت فضلا على أن تمطر وفضلا عن أن تغرق استرسلت فامتدت، ومتى جفت لم تعد إلى حالها إلا مع تقبض شديد وتشنج قبيح، وهي أنتن ريحا وأكثر ثمنا وأحمل للغش، يغش الكوفي بالواسطي والواسطي بالبصري والصفرة إليها أسرع وسرعة انسحاق الخط فيها أعم، ولو أراد صاحب علم أن يحمل منها قدر ما يكفيه في سفره لما كفاه حمل بعير» (3).
لقد كان الرق معروفا في الجاهلية وترد فيه إشارات كثيرة في الأدب والشعر مثل صحيفة المتلمس (4) الشاعر وطرفة (5) الذي قال:
أشجاك الربع أم قدمه ... بالضحى مرقّش يشمه (6)
كسطور الرّقّ رقّشه ... أو رماد دارس حممه
وترد إشارات كثيرة لأدوات الكتابة والأقلام والمهارق وعسب النخل والبان والسلم وما يشبه ذلك في دواوين امرئ القيس وبشر بن أبي خازم
__________
(1) هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي تلميذ مالك بن أنس المتوفى سنة 191هـ، مؤلف المدونة، انظر: سزكين 1/ 465وبروكلمان 1/ 177وملحقه 1/ 299وكحالة 5/ 165وسير أعلام النبلاء 9/ 120مع مصادر ترجمته.
(2) سير أعلام النبلاء 10/ 226
(3) رسائل الجاحظ (رسالة الجد والهزل) 1/ 253252.
(4) الشعر والشعراء لابن قتيبة، تح أحمد محمد شاكر، القاهرة 13661364هـ، 1/ 134133.
(5) كتاب أسماء المغتالين، لمحمد بن حبيب، 214212والفاخر للضبي، 7673.
(6) ديوان طرفة، دار صادر، بيروت 1953، 84.(1/239)
وعبيد بن الأبرص والنابغة وحاتم الطائي وغيرهم، وشبّه زهير بن أبي سلمى بلى الديار بالرّق البالي العتيق فقال:
أمن آل سلمى عرفت الطلولا ... بذي حرض ماثلات مثولا
بلين وتحسب آياتهن ... من فرط حولين رقّا محيلا (1)
وقال حاتم الطائي:
أتعرف أطلالا ونؤيا مهدما ... كخطّك في رقّ كتابا منمنما (2)
وقال طرفة بن العبد في وصف ناقته:
وخدّ كقرطاس الشآمي ومشفر ... كسبت اليماني قّدّه لم يجرّد
فقد ذكر في بيت واحد القرطاس الشامي، ويريد بياضه، وذكر السبت، وهو الرق أو الجلد اليماني، الذي لم يجرد بعد من الشعر.
وقال الأخنس بن شهاب وهو من شعراء المفضليات:
لابنة حطّان بن عوف منازل ... كما رقّش العنوان في الرقّ كاتب
وقال الحارث بن حلزة اليشكري وهو من شعراء المفضليات أيضا:
لمن الديار عفون بالحبس ... آياتها كمهارق الفرس
وقال ابن بري: قال الحارث بن حلزة: آياتها كمهارق الحبش (3).
وقيل في المهرق: = ثوب حرير أبيض يسقى الصمغ، ويصقل ثم يكتب فيه، وهو بالفارسية مهركرد، وقيل: مهره لأنّ الخرزة التي يصقل بها يقال لها بالفارسية كذلك = (4)، ويرى ناجي معروف رحمه الله وإيانا، أنّ المهرق قد يكون مأخوذا من مهرة في حضرموت (5).
__________
(1) معجم البلدان، دار صادر 2/ 243، وحال يحول من باب قال، تغير.
(2) ديوان حاتم الطائي، تح،.، لايبزك 1898، 42.
(3) لسان العرب 12/ 247.
(4) المصدر نفسه.
(5) الورق البغدادي 408.(1/240)
ويصف ثعلبة بن عمرو العبقسي (1) آثار المنازل حين أصابها المطر ويشبّه نباتها بكاتب قد انكبّ على دواته يسوي سطوره مرة ويخالف أخرى فجاءت كتابته على غير استواء:
لمن دمن كأنهّنّ صحائف ... قفار خلا منها الكثيب فواحف
فما أحدثت فيها العهود كأنما ... تلعّب بالسّمّان فيها الزخارف
أكبّ عليها كاتب بدواته ... يقيم يديه تارة ويخالف (2)
بيد أنّ الأخطل، وهو شاعر أموي نصراني النحلة، حين يصف الديار التي أبلاها الزمن، يصفها بورق الكتاب البالي، فيقول:
فكأنما هي من تقادم عهدها ... ورق نشرن من الكتاب بوالي (3)
وورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} (4)
وورد أيضا ذكر القرطاس وهو البردي أو الرّق في قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنََا عَلَيْكَ كِتََاباً فِي قِرْطََاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (5)
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتََابَ الَّذِي جََاءَ بِهِ مُوسى ََ نُوراً وَهُدىً لِلنََّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرََاطِيسَ} وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمََاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (6)، ففي هذه الآية تشبيه رائع في لفّ الرّق على ما يحتوي عليه من كتابة، ولما فسّرها البيضاوي قال: «كطي السجل للكتاب طيا كطيّ الطومار لأجل الكتابة أو لما يكتب فيه» (7).
__________
(1) معجم البلدان 5/ 343.
(2) المفضليات وثيقة نقدية وأدبية لعلي أحمد علام، الرياض 1405هـ، 198.
(3) الأغاني، نشر سمير جابر، بيروت 1407هـ / 1986، 8/ 289.
(4) سورة الطور 3.
(5) سورة الأنعام 7.
(6) سورة الأنبياء 104.
(7) أنوار التتريل وأسرار التأويل، تح. .،، لايبزك 1848، 1/ 625.(1/241)
والإشكال اللغوي يقع في لفظة: «نطوي» فهي من: طوى يطوي طيّا من باب رمى، هل معناها نلفّ أو نطبق؟ فقد جاء في الحديث: = اطو لنا الأرض = و = إن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار = (1)، وقولهم: = أطواء الثوب والصحيفة والبطن والشحم والأمعاء والحية وغير ذلك طرائقه ومكاسر طيّه، واحدها طي بالكسر وبالفتح =، فإن المعنى هنا يدل على الاثنين.
فهذه الآية تدل بوضوح على أنّ الكتاب بصورة اللفافة كان مألوفا وهي تدل أيضا على غير اللفافة، وأنها قد توحي بأنّ القرآن كان في فترة الخلفاء الراشدين على هيئة سجل ووضع بين لوحين أو عمودين أحدهما في الطرف الأيمن والآخر في الطرف الأيسر ثم يطويان حتى يلتقيا ثم يربطان لكي لا تنفلت اللفة (2).
بيد أنّ هذا النظام تنفيه الروايات المتواترة التي وصلت إلينا، فقد سئل ابن عباس: «هل ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا سوى القرآن؟
قال: ما ترك سوى ما بين هذين اللوحين، ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال مثل ذلك» (3).
وفي التاريخ الكبير للبخاري، قال عكرمة: «عندي تفسير ما بين اللوحين» (4).
وقال ابن عباس: «لقد قرأت ما بين اللوحين ما عرفت صلاة الضحى إلا الآن: يسبحن بالعشي والإشراق» (5).
__________
(1) النهاية في غريب الحديث 3/ 146.
(2) دراسة فنية لمصحف مبكر لعبد الله منيف 52.
(3) مسند أحمد 1/ 22. وشعب الإيمان للبيهقي، الدار السلفية في بومباي 1406هـ / 1986تح عبد العلي عبد الحميد حامد، 1/ 475474.
(4) التاريخ الكبير للبخاري 2/ 2/ 145.
(5) تفسير الطبري 23/ 137.(1/242)
وفي حديث الواشمة والمتوشمة حين لعنهن ابن مسعود، فقالت له امرأة من بني أسد: = لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول = (1).
وروى النديم: أنّ الإمام علي أول من جمع القرآن، = فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر (الصادق)، ورأيت أنا في زماننا (القرن الرابع) عند أبي يعلى حمزة الحسني (2) مصحفا قد سقط منه أوراق بخط علي بن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مرّ الزمان = (3).
وروى البخاري عن أنس بن مالك في وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: = كأنّ وجهه ورقة مصحف = (4)، وأنس يريد هنا صحيفة الرق، وهذا الوصف يدل على أنّ القرآن قد كتب منذ البداية في الصحف وليس في اللفائف (5).
ووصلت إلينا مصاحف عديدة مكتوبة على الرق منسوبة لعلي بن أبي طالب، وللحسن بن علي وللحسين بن علي ولزين العابدين ولمحمد الباقر ولمحمد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم ولغيرهم (6)، لا تكاد تثبت نسبة أيّ واحد منها لهم على وجه اليقين، كما لم تثبت بعد نسبة أيّ مصحف للخليفة الشهيد عثمان رضي الله عنه مع كثرة ما هو منسوب له في الخزائن المختلفة (7).
__________
(1) المصدر نفسه 18/ 18وصحيح البخاري 4/ 1853، 5/ 2218والمصنف لابن أبي شيبة 6/ 148، والدارمي 2/ 363وسير أعلام النبلاء 4/ 528مع تخريجه.
(2) هو حمزة بن محمد الهاشمي الجعفري المتوفى سنة 465هـ ببغداد، سير أعلام النبلاء 18/ 141
(3) الفهرست 30.
(4) فتح الباري 2/ 164.
(5) انظر مثلا: تاريخ دمشق 39/ 326وكتاب المصاحف للسجستاني 1/ 356تح محب الدين عبد السبحان واعظ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر 1415هـ ومسند أبي يعلى 13/ 50دار المأمون، دمشق 1404هـ وتاريخ دمشق 42/ 534.
(6) أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم 49وما بعدها.
(7) انظر: الخطط للمقريزي 2/ 366والذيل والتكملة للمراكشي 1/ 6169156/ 8387/ 87، 170169، ونفح الطيب 1/ 548، 563، 615605، والاستقصا للناصري 1/ 112، وانظر: مصاحف صنعاء 35وعن مصحف طاشقند، انظر: القرآن الكريم في بلاد الروسيا لطه الولي، مجلة المورد 9، ع 4، 1980، 3528.(1/243)
وليكون الحكم دقيقا في تحديد عمرها ونسبتها، فلا بدّ من أن تدرس هذه المصاحف دراسة اكتناهية دقيقة شاملة، مع العلم بأنّ مثل هذه الدراسة محفوفة بالعقبات، منها: الصبر الطويل والخبرة الواسعة، إلا أنها ممكنة في الوقت الحاضر لوجود التقنيات المختلفة التي تحدد عمر الرق والمداد (1).
وهذا كله يؤكد أنّ القرآن العزيز أول ما كتب في صحف، وحفظت هذه الصحف بين لوحين أو دفتين، ليس على شكل لفافة، تقليدا لتوراة اليهود التي ما زال اليهود يكتبونها على الوجه الداخلي للرق فقط ويلفونها بين عمودين (2)، وليس بين لوحين، وهذا النظام في حفظ الكتاب بين لوحين لم يكن غريبا عند أولئك الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة، لأنه كان معروفا فيها (3)، وما تزال أناجيلهم تكتب على الرقوق بين دفتين حتى اليوم، وقد رأيت أكثر من أنموذج منها عرض للبيع مكتوبا على رقّ مصنوع حديثا.
ويؤيد هذا أنّ أبا القاسم الحسين بن محمد، المعروف ب: الراغب الأصفهاني المتوفى في حدود سنة 502هـ أثنى على كتاب رآه في الطائف مكتوب بالخط الكوفي على الرّق ومغلف بلوحين من الخشب (4).
وفي الحديث الشريف: «فتوضع السجلات في كفة» وهي جمع سجلّ وهو الكتاب الكبير (5)، ويمكن التعبير عنه بالصحيفة الكبيرة، ومثل ذلك في قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمََاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (6).
__________
(1) حاول صلاح الدين المنجد دراسة بعض نماذجها في دراسات في تاريخ الخط العربي فأحسن إلا أنه لم يصل إلى نتيجة يطمئن الباحث الناقد إليها.
(2) سفند دال، تاريخ الكتاب 21.
(3) السيرة النبوية 1/ 335، = وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله =.
(4). 31، 1929،،،.
(5) النهاية في غريب الحديث 2/ 344.
(6) سورة الأنبياء 104.(1/244)
أما قول أحد الخبراء بالمخطوطات: = وهكذا ارتبط ظهور الدفاتر بظهور المسيحية، واستعملت أول ما استعملت في كتابة الأناجيل = (1)، فيعوزه الدليل، لأنّ ظهور ما يسمى بالكراسات كان تطورا طبيعيا للألواح الخشبية المغطاة بالشمع التي كانت شائعة عند تجار اليونان والرومان قبل النصرانية، فكانوا يجمعون بعض هذه الألواح في مجموعة واحدة فيتكون منها كراسات صغيرة، ولما انتشر استعمال الرق جعلوا منه الشكل الذي كان للألواح، ثم أطلق على هذا الشكل الجديد للكتاب الجلدي باللاتينية اسم أي:
الكراس، وبعد أن تغلّب على غيره من أشكال الكتاب، ظل دون تغيير إلى وقتنا هذا (2)، كما سنرى حين أمر قسطنطين بتحويل اللفائف إلى كراريس في القرن الرابع للميلاد.
ويعزو الكسندر ستيبتفيج استعمال النصارى للرقوق في زمن فترة الدولة الرومانية إلى عامل اقتصادي، لأنهم في القرون الأولى للإمبراطورية الرومانية كانوا ينتمون إلى الشرائح الدنيا والفقيرة من المجتمع، ولذلك كان من الأرخص لهم إنتاج الرق في البيوت من شراء ورق البردي، إضافة إلى هذا، فإن هناك سببا آخر لميل النصارى إلى استعمال الرق، وهو أن النصوص الأولى للإنجيل كانت مكتوبة في كراريس من الرق بعد شيوع هذا النظام، ولذلك كانوا يعتقدون أن هذا الشكل من الكراس وهذا النوع من الرق يناسبان كتبهم المقدسة، ولذلك لا نعرف اليوم أية نسخة للإنجيل مكتوبة على لفافة بردي (3).
إنّ هذا ليس صحيحا، فقد رأيت ثلاث قطع صغيرة من البردي، كان قد اشتراها من مصر أحد علماء اللاهوت المشتغلين بالإنجيل، تحمل بعض
__________
(1) المخطوط العربي 249.
(2) سفند دال، تاريخ الكتاب 22وتاريخ الكتاب لستيبفيتش 1/ 88.
(3) الكسندر ستيبتشفيج، تاريخ الكتاب 90.(1/245)
الجمل من الإنجيل باليونانية، وهي محفوظة في أكسفورد، وهذه القطع ما تزال موضع اختلاف شديد بين دارسيها، فلعل خبرها لم يصل إلى ستيبتفيج حين كتب كتابه.
بل إن المراكز الثقافية الكبيرة في الأطراف اليونانية قد بقيت تمارس دورها في إنتاج الكتب وخاصة في نسخ مؤلفات الكتاب اليونانيين الكلاسيكيين (1) على ورق البردي أو الرق، مع العلم أنّ أقدم ما وصل إلينا من قطع الأناجيل النصرانية يعود إلى نهاية القرن الأول الميلادي (سنة 70م تخمينا إن لم يكن بعدها)، ولم يتح للنصرانية أن تصبح علنية فتزدهر دينيا أو سياسيا أو ثقافيا إلا بعد أن اعتنقها قسطنطين الكبير المتوفى سنة 337م وبعد أن استقرت عقائديا بعد مؤتمر نيقيه الذي انعقد في سنة 325م.
والغريب أن يقول أحد خبراء المخطوطات أيضا: = فحتى منتصف القرن الثاني للهجرة (يريد: 150هـ) لم يكن لدى العرب كتاب يمكن أن يجلّد غير المصحف الشريف = (2)، وهذا القول يحتاج أيضا إلى أكثر من دليل، فهذا الزهري يقول: = أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترا دفترا فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا = (3)، وهل يكون الدفتر أوراقا متفرقة دون تجليد أو رزم؟ إلا إذا أراد بالدفتر الطومار أو اللفافة، وهذا بعيد.
واشترك في هذا الأمر أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المتوفى سنة 120هـ قاضي عمر بن عبد العزيز على المدينة مع الزهري في كتابة الحديث الشريف (4).
__________
(1) المصدر نفسه 1/ 74.
(2) المخطوط العربي 249.
(3) كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام، القاهرة 1323هـ / 1934، 580578، وانظر دراسة امتياز أحمد للدفتر في: دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث 344338.
(4) تحقيق النصوص ونشرها 13.(1/246)
وروى السجستاني عن بقية أنه قال: «دفع إليّ بحير مصحفا لخالد بن معدان فيه علمه، أخذه منه مكتوبا في تختين وله [دفتان] كدفتي (1)
المصحف وله عرا وأزرار» (2)، وقد توفي خالد بن معدان في سنة 103هـ.
وقيل: إنّ خالدا الكلاعي المتوفى سنة 104هـ جعل علمه في مصحف له أزرار وعرا (3)، وهل تكون الأزرار والعرا إلا للكتاب المجلد؟ ومثل هذا كثير للمتتبع الحريص الجاد.
ووردت للرّق مصطلحات اختلط أحدها بالآخر فورد: الرق والطرس والمهرق والقرطاس والأديم، فالقرطاس عند أصحاب المعاجم اللغوية: هو الكاغد يتخذ من بردي يكون بمصر، وهو الصحيفة من أي شيء كانت، والطرس: الصحيفة التي محيت ثم كتبت، وهو الكتاب الممحو الذي يستطاع أن تعاد عليه الكتابة، والتطريس: إعادة الكتابة على المكتوب الممحو، والمهرق: كمكرم، الصحيفة معرّب وجمعه مهارق (4) وهو الصحيفة من الحرير، أما الأديم: فهو الجلد أحمره أو مدبوغه.
بيد أن كتب الحديث الشريف، وكتب الأدب والتاريخ كانت أكثر مساعفة ومعونة في معرفة المعنى المراد، قال المرقش:
الدار وحش والرسوم كما ... رقّش في ظهر الأديم قلم (5)
__________
(1) في كتاب المصاحف: «دفتي» وقد سقطت الكاف من اللفظة.
(2) كتاب المصاحف، دار الكتب العلمية، بيروت 1405هـ / 150، 1985، وعن بقية بن الوليد المتوفى سنة 197هـ، انظر: سير أعلام النبلاء 8/ 455وفيه جاء ذكر بحير بن سعد.
(3) تذكرة الحفاظ 1/ 87.
(4) يرى ناجي معروف أن المهارق كانت تصنع من الحرير، وأنها قد تكون مأخوذة من مهرة في حضرموت، الورق البغدادي، مجلة كلية الدراسات الإسلامية، ع 3، بغداد 1390هـ / 1970، 8، 4.
(5) كتاب ناصر الدين الأسد: مصادر الشعر الجاهلي خير مصدر للإشارات التي وردت في الخط والكتابة وأدواتها عند العرب وفي تقييد الشعر الجاهلي وتدوينه وأسانيده.(1/247)
وفي رسائل النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسل رسالة في أديم إلى أعرابي فرقّع بها دلوه، فقد روى الإمام أحمد في مسنده: «حدّثنا محمّد بن بكر حدّثنا إسرائيل حدّثنا أبو إسحاق عن الشّعبيّ عن رعية السّحيميّ قال كتب إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أديم أحمر فأخذ كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرقع به دلوه» (1).
وفي حديث قيلة بنت مخرمة التميمية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم: «كتب لها في قطعة أديم أحمر» (2)، وقد ورد التعبير: في «أديم» أو «أديم أحمر» أو «جلد» أو «أديم خولاني» (3) أو «صحيفة حمراء» في مواضع كثيرة من كتب السيرة والحديث الشريف ورجاله (4).
وروى ابن زنجويه عن أبي عبيد القاسم بن سلام في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأكيدر، أن أبا عبيد قال: «أما هذا الكتاب فأنا قرأت نسخته، أتاني به شيخ هناك مكتوب في قضيم قطعة جلد، فنسخته حرفا بحرف، فإذا فيه» وذكر النص (5).
ومثل هذا في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لتميم الداري الذي رآه وقرأه جملة من المؤرخين، ذكرهم محمد حميد الله في كتابه (6)، وكان آخر من رآه مجير الدين العليمي الحنبلي المتوفى سنة 928هـ (7)، وأهداه بعد ذلك أحد الداريين إلى أحد السلاطين العثمانيين لقاء منصب القضاء.
__________
(1) مسند أحمد 21429.
(2) مجموعة الوثائق السياسية 158.
(3) مسند أحمد برقم: 17205، تح أحمد محمد شاكر وحمزة أحمد الزين.
(4) الإصابة 3/ 338لمالك بن أحمر مثلا: «عرضها أربعة أصابع وطولها قدر شبر».
(5) كتاب الأموال 2/ 459458، وذكره أبو عبيد في غريب الحديث 1/ 434 (دار الكتب العلمية) دون ما أورده ابن زنجويه مع اختلاف في بعض ألفاظه، وذكره ابن سعد في الطبقات 1/ 288عن الواقدي الذي قال: «حدثني شيخ من أهل دومة
وجاءني بالكتاب فقرأته وأخذت منه نسخته».
(6) الوثائق السياسية 132129.
(7) الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل 2/ 81، مكتبة المحتسب، عمان 1973.(1/248)
ووصلت إلينا جملة من الرسائل النبوية المكتوبة على الرق سوف أتعرض في موضوع التزوير في المخطوطات والوثائق.
وذكر جملة من المؤرخين كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لتميم الداري (1) وغيره، أوردها محمد حميد الله في كتابة وذكر أمثاله من الرسائل والعهود النبوية وكتاب صلح الحديبية، ودستور المدينة بين المسلمين واليهود، ومكاتبات النبي، عليه الصلاة والسلام، وغير ذلك مما استطاع تجميعه من المصادر المختلفة (2).
وبقدر ما يتعلق الأمر بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لتميم الداريّ فقد ذكر صلاح الدين المنجد ما نصه: «وذكر ابن فضل الله العمري إنه رأى في سنة 745 هـ في حرم الخليل كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تميم الداريّ وأنه قد كتب سنة تسع» (3)، فجاء محمد مصطفى الأعظمي فقال: «وقال ابن فضل الله العمري إنه رأى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لتميم الداري وكان مكتوبا في سنة تسع» وأشار إلى كتاب المنجد (4)، وجاء محمد حميد الله فنقل ما أورده الأعظمي، وقال: «كأنه يعني مسالك الأبصار، وقول العمري إنه رأى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) مقدمة في الوثائق الإسلامية 11وحاشية رقم: 18حيث ذكرت فيها ما توصلت إليه من المصادر العربية والأجنبية التي عنيت بذكره، وانظر أيضا: تصوير وتجميل الكتب العربية لمحمد عبد الجواد الأصمعي 167164ففيه تفصيل عن العهد، ودلائل التوثيق المبكر 390387والذيل والتكملة للمراكشي 6/ 300، 8/ 126والمسالك لابن فضل الله 175173.
(2) محموعة الوثائق السياسية 129وما بعدها ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، تح أحمد زكي باشا، القاهرة 1342هـ، 175173مع ذكر المصادر التي ورد فيها الخبر، وانظر: مقدمة في الوثائق الإسلامية 100حيث ذكرت المصادر التي ورد فيها ذكر هذه الوثيقة، والظاهر أنها الآن في متحف طوب قابي سراي مع ما فيه من الآثار النبوية التي نقلت من القاهرة.
(3) دراسات في تاريخ الخط العربي 32.
(4) كتّاب النبي 27.(1/249)
وكان مكتوبا في سنة تسع، مبهم، هل كانوا كتبوا التاريخ في المكتوب النبوي، أو حدث إرسال المكتوب في السنة التاسعة» (1).
ولو رجعنا إلى كتاب المسالك والممالك للعمري لوجدنا أن العمري لم يقل ما نقله المنجد عنه في توريخ الكتاب بسنة تسع، وإنما قال في زيارته لحرم الخليل في سنة 745هـ، وبعد أن التمس من أبي عبد الله محمد الخليلي التميمي الداري إحضار الكتاب الشريف الذي كان في خرقة سوداء من ملحم قطن وحرير من كمّ الحسن أبي محمد المستضيء بأمر الله، ومعه ورقة كتبها المستضيء بخطه شاهدة لهم بمضمونه، «ومضمون ما كتب كهيئته وسطوره» ثم ذكر النص المكتوب في هذه الورقة، ما نصه: «نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه لتميم الداري وإخوته في سنة تسع من الهجرة بعد منصرفه من غزوة تبوك في قطعة أدم من خفّ أمير المؤمنين علي وبخطه» (2)، فإنّ هذا التاريخ لم يكن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لتميم الداري وإنما في ورقة بخط المستضيء العباسي، ولما لم يكن المنجد دقيقا في نقله فقد تبعه الأعظمي في وهمه وتبعهما محمد حميد الله في هذا الوهم.
وذكر النديم أن للمدائني المتوفى سنة 215هـ: كتاب رسائل النبي وكتاب كتب النبي إلى الملوك وكتاب عهود النبي وكتاب من كتب له النبي كتابا أو أمانا (3)، وهذه كلها لم تصل إلينا بعد.
وذكر البيروني: «كانوا في أوائل الإسلام يكتبون على الأدم كعهد الخيبريين من إليهود وككتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى، وكما كتبت مصاحف القرآن في جلود الظباء» (4)، فالبيروني هنا يفرّق بين الأديم وبين الرق، وهو
__________
(1) مجموعة الوثائق السياسية 131.
(2) مسالك الأبصار 1/ 172.
(3) الفهرست، تجدد، 114113.
(4) تحقيق ما للهند 133.(1/250)
يخبرنا أيضا أنّ بعض الرسائل النبوية كتبت على الأديم وليس على الرّق كما هي الحال في كتابة المصاحف، إلا إذا كان معنى الرق والأديم عنده سواء، وهذا المعنى تؤيده رسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ورسالته إلى المنذر بن ساوى، وهما اللتان لا أشكّ قط في أصالتهما، فإنهما مكتوبتان على الرق، وسيأتي الكلام عليهما.
وروى البلاذري في كتاب فتوح البلدان: أن عليا رضي الله عنه ألزم أهل أجمة برس من أرض بابل أربعة آلاف درهم، وكتب لهم بذلك كتابا في قطعة أدم (1)، وهذا الخبر يدلّ على أن ورق البردي لم يعمّ استعماله بعد أو أنه لم يكن موجودا عند الخليفة إذ ذاك فاستعاض عنه بالأدم لتوفره.
وذكر ياقوت الحموي: «أن أبا جعفر بن شيرزاد وزير المكتفي بالله العباسي (حكم ما بين سنة 333هـ إلى 334هـ) قال: اتصل بي أنّ مسوّدة كتاب الأغاني، وهي أصل أبي الفرج، أخرجت إلى سوق الوراقين لتباع فأنفذت إلى ابن قرابة وسألته إنفاذ صاحبها لأبتاعها منه، فجاءني وعرّفني أنها بيعت في النداء بأربعة آلاف درهم، وأن أكثرها في طروس وبخط التعليق» (2).
وقد توفي أبو الفرج الأصفهاني سنة 356هـ، فمن هذا الخبر نستنبط:
أنّ الأصفهاني كتب كتابه على رقوق ممحوة وهي الطروس، وهذه تسمى في اللغات الأوربية أي: المحو والكتابة من جديد (3)، وأن الكتاب كان مزيجا من الكاغد والرق وأنّ أبا الفرج استعمل خطا سماه ياقوت: خط التعليق إلا أنه لم يخبرنا عن طراز هذا الخط، ولكي لا يشتبه بما نعرفه الآن
__________
(1) مقدمة في الوثائق الإسلامية 23نقلا من معجم الأدباء 1/ 103.
(2) معجم الأدباء 13/ 127126.
(3) في اليونانية: وفي اللاتينية:.(1/251)
من خط التعليق بأنواعه، فإن خط التعليق في القرن الرابع للهجرة كان يعني خط النسخ التدويني وهو مأخوذ من قولهم: علقه لنفسه أي كتبه أو نسخه، وهو: خلط الحروف التي ينبغي تفرقتها وإذهاب أسنان ما ينبغي إقامة سنّه وطمس ما ينبغي إظهار بياضه (1).
وقد اشتهرت مدن بصناعة الرقوق أو الجلود ودباغتها وتصديرها إلى البلدان المختلفة، فإنّ الجاحظ يذكر: أن الأدم كان يجلب من اليمن (2).
وذكر المقدسي في القرن الرابع للهجرة مثل ذلك (3)، وذكر أيضا أن مدينة زبيد وصعدة (4) كانتا مشهورتين بدباغة الجلود، واشتهرت اليمامة بدباغة الجلود وتصديرها (5).
ويذكر الهمداني في وصف الطائف، أنها بلد الدباغ، يدبغ بها الأهب الطائفية المعروكة (6).
ونقل المقريزي عن ابن عبد الظاهر: أنّ = حارة الحسينية منسوبة إلى جماعة من الأشراف الحسينيين كانوا في الأيام الكاملية (7)، قدموا من الحجاز فنزلوا خارج باب النصر بهذه الأمكنة واستوطنوها وبنوا فيها مدابغ صنعوا بها الأديم المشبه بالطائفي = (8)، بيد أنّ المقريزي نفى نسبة التسمية للأشراف الحسينيين، وقال: وقد = كانت الحسينية قبل ذلك بما ينيف على مئتي سنة =.
__________
(1) فتح المغيث للسخاوي 548.
(2) كتاب التبصر بالتجارة 27.
(3) أحسن التقاسيم 235، طبعة لايدن 1906، 97.
(4) أحسن التقاسيم، تح محمد مخزوم، بيروت 1408هـ / 1987، 86، وعن زبيد 93.
(5) ولاية اليمامة، 229، 235.
(6) صفة جزيرة العرب، تح حمد الجاسر، 260.
(7) توفي الكامل الأيوبي في سنة 635هـ، سير أعلام النبلاء 22/ 127مع مصادر ترجمته.
(8) الخطط 1/ 21.(1/252)
وكانت مكة خاصة والحجاز عامة مشهورة بتصنيع الجلود النفيسة، إذ حين أرادت قريش إرسال عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة لإغراء ملك الحبشة بتسليم المهاجرين أهدوا له: = مما يستظرف من متاع مكة، وكان أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا = (1)، ولذلك قال عمرو بن العاص: = وكان أحبّ ما يهدى إليه من أرضنا الأدم = (2).
ويذكر ابن شبّة زقاقا في المدينة الشريفة يسمّى: زقاق الجلّادين = (3)، وهم الذين يعملون الجلود.
ولعل أقدم نص إسلامي، عدا القرآن الكريم (4)، وصل إلينا مكتوبا على الرّق هو كتاب حاكم الصغد ديواشني إلى الجراح بن عبد الله الحكمي، وتاريخه في حدود سنة 103100هـ وقد اكتشف في طاجكستان في سنة 1932مع وثائق أخر باللغة الصينية، وتجد صورته في الملاحق تفضل الأخ الكريم أنس خالدوف فزودني بصورة منه.
واستمرّ تصنيع الرقوق في المغرب إلى ما بعد القرن الرابع للهجرة بقرون عديدة، بالرغم من تصنيع الورق في مدن عديدة منه، فقد ذكر المقدسي في سنة 375هـ أن المغاربة كانت كل مصاحفهم ودفاترهم مكتوبة في رقوق، إلا ما كان ينبت من البردي في جزيرة صقلية في ذلك الزمان (5)، وهذا ما أكدّه القلقشندي المتوفى سنة 812هـ حيث ذكر أنّ المغاربة كانوا
__________
(1) السيرة النبوية لابن هشام 1/ 334السقا وآخرون.
(2) مغازي الواقدي 2/ 744742.
(3) تاريخ المدينة 1/ 262.
(4) وصل إلينا مصحف عقبة بن نافع المنسوخ في مدينة قرينه (القيروان) قرية بقرب بنغازي الحالية سنة 47هـ وهو محفوظ الآن في خزينة أمانة باستانبول.
(5) أحسن التقاسيم 97.(1/253)
في زمنه يكتبون المصاحف الشريفة على الرق (1)، بل استمر استعمال الرق في المغرب إلى القرن الثالث عشر للهجرة (2) أو حتى بعده.
وقد رأيت الجزء الثاني من كتاب السير لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري المتوفى شهيدا سنة 186هـ، برواية محمد بن وضاح عن أبي مروان المصيصي، وقلبت أوراقه بحضور الأستاذ الفاضل محمد بن عبد العزيز الدباغ، محافظ مكتبة جامع القرويين بفاس، وهو مؤرخ في سنة 270هجرية ومكتوب بخط أندلسي جميل على رق الغزال، ويحمل تقييدات بعض التملكات باسم عباس بن أصبغ، وآخر باسم ابن بشكوال (3)، وهما من العلماء الأعلام المشاهير، وجملة من تقييدات القراءة (4).
وذكر شكيب أرسلان، أنه شاهد في مكتبة عارف حكمت بالمدينة الشريفة، نسخة من القرآن الكريم مكتوبة في سنة 488هـ على جلد النعام، بخط أندلسي، في مدينة المرية بالأندلس (5).
__________
(1) صبح الأعشى 2/ 477.
(2) محمد المنوني، تاريخ الوراقة المغربية، صناعة المخطوط المغربي من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصرة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1412هـ / 1991، 58، وانظر: الفهرس الوصفي 2/ 342340فقد كتبت مخطوطة نزهة الحادي لليفراني على كاغد فاسي الصنع في سنة 1291هـ، وكتبت نسخة اخرى في سنة 1294هـ.
(3) وصفها كوركيس عواد في: أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم، بغداد 1982، 149.
(4) وصف هذه النسخة الأستاذ الدباغ نفسه وترجم لعباس بن أصبغ وذكر تقييدات القراءة عليها في مقالة نفيسة بعنوان: كتاب السير لأبي إسحق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري، في: مجلة المناهل، وزارة الشؤون الثقافية بالرباط، ع 30، السنة 11، شوال 1404هـ / 1984، 359346ونشر صورتين منها.
(5) كوركيس عواد، المصدر نفسه 4948، وقد سرق هذا المصحف ولا يعرف مصيره الآن، انظر: الوقف وبنية المكتبة للساعاتي 181.(1/254)
ورأيت في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض في سنة 1413هـ مخطوطة عربية، قال لي الأخ عبد العزيز بن سعد الزير، أحد العاملين في قسم المخطوطات: إنها مكتوبة على رقّ مصنوع من أمعاء الجمل، إلا أنني لم أتفحصها بعناية لأنني لم أفهرسها ضمن ما فهرست من مخطوطاتها.
وقد وصلت إلينا رقوق كثيرة من عصور مختلفة من المصحف الشريف وغيره وخاصة من المغرب وتونس ومصر وبغداد واليمن وغيرها (1)، ووصلت إلينا رقوق ملونة باللون الأزرق والأصفر والبنفسجي وغيرها، لم تزل محفوظة في خزائن الكتب المختلفة في الشرق والغرب (2).
وعلى ذكر الرق الملوّن، فقد ذكر المقري عن ابن حيّان كتاب قسطنطين بن ليون، ملك القسطنطينية، الذي حمله وفد بيزنطي في سنة 336 أو 338هـ إلى الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر لدين الله (3)، إلى قرطبة، فقال: «وهو في رقّ مصبوغ بلون سماويّ، مكتوب بالذهب بالخط الإغرنقي، وداخل الكتاب مدرجة مصبوغة أيضا مكتوبة بفضة بخط إغرنقي أيضا، فيها وصف هديته التي أرسل بها وعددها، وعلى الكتاب طابع ذهب وزنه أربعة مثاقيل، وعلى الوجه الواحد منه صورة المسيح، وعلى الآخر صورة قسطنطين الملك، وصورة ولده، وكان الكتاب بداخل درج فضة منقوش، عليه غطاء ذهب فيه صورة قسطنطين الملك معمولة من الزجاج البديع، وكان الدرج داخل جعبة ملبسة بالديباج» (4).
__________
(1) المصدر نفسه، وقد أشار كوركيس عواد إلى كثير منها.
(2). 1. 54،،.، 2 ..
(3) حكم ما بين سنة 300و 350هـ.
(4) نفح الطيب، تح إحسان عباس، 1/ 368367.(1/255)
قوله: «وعلى الكتاب طابع ذهب إلخ» يدل على أنّ هذا الطابع كان معلقا من أسفل الكتاب بخيط لطيف، وهذه عادة قديمة في توثيق الكتب عند الرومان والبيزنطيين وغيرهم، إلا أن الملوك الأوربيين استعملوا أحيانا الفضة أو اللك (الشمع) الأحمر في الغالب بدلا من الذهب، وهذا ما نراه في كثير من الوثائق القديمة المحفوظة الآن في المتاحف الأوربية المختلفة.
وقوله: «وكان الكتاب بداخل درج فضة منقوش» أي: أسطوانة من الفضة مع غطاء أو سداد يقفلها أو يسدها، وعلى غطاء هذه الأسطوانة المصنوع من الذهب، رسمت صورة قسطنطين بالزجاج، وكانت هذه الأسطوانة بما فيها من الرق داخل جعبة أو حقيبة مدورة من الجلد المغشّى بالديباج.
لعلّ الطريف في الأمر، أنّ ابن حيان لم يخبرنا عن محتويات هذا الكتاب، لأنه أورد هذا الخبر للتدليل على قوة عبد الرحمن الناصر وعظمة الدولة في الأندلس إبّان حكمه، فقال: «حتى لم تبق أمة سمعت به من ملوك الروم والإفرنجة والمجوس وسائر الأمم إلا وفدت عليه خاضعة راغبة، وانصرفت عنه راضية» (1).
__________
(1) المصدر نفسه 366.(1/256)
تاريخ صناعة الكاغد
يكاد يجمع كلّ من كتب في صناعة الكاغد، أن الصينيين هم أول من صنعوه في القرن الأول الميلادي. بيد أن هناك بعض الدراسات التي ترجع صناعته إلى قرنين قبل هذا التاريخ، ومنهم تعلمه المسلمون (1)، وذكروا حكاية الأسرى الصينيين الذين بدأوا بصناعته في سمرقند في سنة 134هـ، ولما كانت صناعة الكاغد الصينية تعتمد على لحاء شجرة التوت وقصب الخيزران أو قصب الغار والخرق القديمة وشباك الصيد القديمة وألياف القنب. ولما كانت شجرة التوت لا تنمو في سمرقند فقد لجأ الصناع الصينيون إلى سيقان نبات الكتان والخرق القديمة والقنب لصناعته، ولهذا يقول النديم:
إنّ الورق الخراساني كان يصنع من الكتان.
وكانت الطريقة الصينية في صنع الكاغد لا تختلف كثيرا عن صناعته اليوم، وتكون بتقطيع المواد النباتية الحاوية على السيلولوز إلى قطع صغيرة فتنقع مدة كافية في ماء الجير حتّى تصبح رخوة لينة، ثم تدق وهي مغمورة في السائل دقا شديدا حتى تنفصل الألياف عن بعضها، ويصفى المحلول خلال منخل مصنوع من خيوط الحرير أو شعر الخيل ضيق المسام، يسمى الشبيكة أو القالب أيضا، فينفذ المحلول من المسام ويتبقى فوق المنخل طبقة رقيقة من الألياف السيلولوزية فتجفف هذه الألياف بنشرها على سطح صقيل فتتماسك ثم يصقل سطحها، وهذه طريقة صنع الكاغد التي استمرت قرونا، ولم تزل حتى اليوم بعد أن أدخلت الآلات في صنعه.
__________
(1) قصة الكتابة والطباعة من الصخرة المنقوشة إلى الصفحة المطبوعة لفرانسيس روجرز، ترجمة أحمد حسين الصاوي، مؤسسة فرانكلين، القاهرة 1969، 157153.(1/257)
وللتّغلب على رخاوة الألياف أضاف صانعوه مادة ماسكة إليه مثل الغراء أو الجلاتين المصنوع من العظام وحوافر وقطع جلود الحيوانات (1) أو النشا المصنوع من الحنطة، واستعمل الوراقون زلال البيض أو الصمغ العربي المخفف أو النشا المخفف فكانوا يطلون به سطح الورقة لمنع انتشار الحبر، ويسمى ذلك: سقي الكاغد أو.
وقال النديم في الفهرست: وكتب أهل مصر في القرطاس المصري، ويعمل من قصب البردي. والروم تكتب في الحرير الأبيض والرق وغيره، وفي الطومار المصري (يريد: ورق البردي) وفي الفلجان وهو جلود الحمر الوحشية، وكانت الفرس تكتب في جلود الجواميس والبقر والغنم، والعرب تكتب في أكتاف الإبل واللخاف وهي الحجارة الرقاق البيض وفي العسب، (عسب النخل)، والصين في الورق الصيني الذي يعمل من الحشيش (2) وهو أكثر ارتفاع البلد، والهند في النحاس والأحجار وفي الحرير الأبيض. أما الورق الخراساني فيعمل من الكتان (3)، ويقال: حدث في أيام بني أمية، وقيل في الدولة العباسية، وقيل: إنه قديم العمل وقيل: إنه حديث، وقيل: إن صناعا من الصين عملوه بخراسان على مثال الورق الصيني، فأما أنواعه:
1 - السليماني (نسبة إلى سليمان بن راشد صاحب بيت المال في خراسان زمن هارون الرشيد).
__________
(1). 447.،
(2) لعل هذه اللفظة مصحفة من: «الحرير»، وقد اثبتت الدراسات المختبرية على قطع من الكاغد الصيني من القرن الثاني للميلاد أنه يحتوي على ورق شجرة التوت ولحائها وحبال نبات القنب القديمة وقصب الغار، ونوع من الحشيش الصيني، وانظر: تاريخ الكتاب 1/ 47وما بعدها حول المواد التي كان يكتب عليها الصينيون قبل اكتشاف الكاغد.
(3) هو ما يسمى:.(1/258)
2 - الطلحي (نسبة إلى طلحة بن طاهر حاكم خراسان).
3 - النوحي (نسبة إلى نوح الساماني الذي حكم خراسان ما بين سنة 331 و 343هجرية).
4 - الفرعوني (وقد صنع ليشبه ورق البردي، وقد وجدت منه عينات في مصر تحمل الكتابة بالعربية مؤرخة ما بين سنة 180و 200هـ) (1)، وورد له ذكر على لسان تلميذ لابن سينا عند ابن أبي أصيبعة، فقال:
«وأمرني الشيخ بإحضار البياض وقطع أجزاء منه، فشددت خمسة أجزاء، كل واحد منها عشرة أوراق بالربع الفرعوني» (2).
5 - الجعفري (نسبة إلى جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي).
6 - الطاهري (نسبة إلى طاهر الثاني من أسرة عبد الله بن طاهر بن الحسين المتوفى سنة 230هـ حاكم خراسان وما وراء النهر للمأمون العباسي (3)، (وهو جد الطاهرية التي حكمت خراسان).
وذكر النديم في مكان آخر من كتابه أنه رأى بمدينة حديثة رجلا يقال له «محمد بن الحسين ويعرف بابن أبي بعرة جمّاعة للكتب، له خزانة لم أر لأحد مثلها كثرة فأخرج ليّ قمطرا كبيرا فيه نحو ثلاث مئة رطل جلود فلجان وصكاكا وقرطاس مصر وورق صيني وورق تهامي وجلود أدم وورقا خراسانيّا» (4).
فذكر هنا الورق الصيني، ولم يذكر السمرقندي، والورق التهامي والورق الخراساني، فعرفنا منه أن الورق الصيني كان موجودا في القرن الرابع للهجرة، وعرفنا منه أن الكاغد كان يصنع في القرن الرابع في تهامة
__________
(1). 419.،،. .، 2 ..
(2) عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تح نزار رضا، بيروت 1965، 444443
(3) انظر عنه: سير أعلام النبلاء للذهبي 10/ 684مع مصادر ترجمته.
(4) الفهرست 46.(1/259)
أيضا، بيد أن النديم أو غيره لم يصفوا لنا الفروق بين هذه الكواغد، لأنه، وهو ورّاق، استطاع بصنعته أن يفرّق بين أنواعها وينسب كلّ نوع إلى مصدره بحكم هذه الصنعة، وصاحب الصنعة أعرف بصناعته من غيره.
وذكر السمعاني أسماء جملة من العلماء المعروفين بلقب = الكاغدي:
بفتح الغين وكسر الدال =، فقال: «وهذه النسبة إلى عمل الكاغد الذي يكتب عليه وبيعه ولا يعمل في المشرق إلا بسمرقند، والمشهور بهذه النسبة أبو الفضل منصور بن نصر بن عبد الرحيم الكاغدي من أهل سمرقند وإليه ينسب الكاغد المنصوري المشهور ببلاد خراسان وصاحبنا أبو علي الحسين بن ناصر الكاغدي المعروف بالدهقان، إليه ينسب الكاغد الحسن الذي لم يلحقه من سبقه في جودة الصنعة ونقاء الآلة وبياضها» (1)، وهذا يدل على أنّ نسبة الكاغد تكون أحيانا لصانعيه.
ويذكر السخاوي في ترجمة عبد الله بن محمد بن أبي عبد الله السوسي المتوفى سنة 803هـ بالقاهرة: أنه كان يصنع بيده ورقا غاية في الشفافية ويكتب فيه بخطه الدقيق (2).
وقد تشترك عائلة كاملة في صناعة الكتاب فأحد أفرادها يصنع الكاغد، والآخر يصنع المداد، والثالث ينسخ الكتاب والرابع يجلده والخامس يزوّقه (3).
أو أنهم يشتركون في نسخ الكتاب بخط لا يستطيع أحد أن يفرّق بين خطوطهم إلا الحاذق. فقد روى الصفدي: أن ابن الحطيئة المتوفى سنة 560 هـ دخل مصر مع أولاده فصادف بها مجاعة، فاشتغل بالنساخة وعلّم زوجته وابنته الكتابة، فكانتا تكتبان مثل خطه، ونسخوا الكثير بالأجرة، فإذا
__________
(1) الأنساب، نشرة ماركليوث، لندن 1912، 472.
(2) الضوء اللامع 5/ 57.
(3) تقنيات إعداد المخطوط المغربي لمحمد المنوني 3231.(1/260)
شرعوا في نسخ كتاب أخذ كلّ واحد جزءا وكتبوه، فلا يفرق بين خطهم إلا الحاذق (1).
وقال البكري المتوفى سنة 487هـ في ترجمة الرها: «الرها من أرض الجزيرة ينسب إليها الجيد من ورق المصاحف» (2)، والرها مدينة بجزيرة ابن عمر وتعرف باسم: اوديسا، وهو أيضا لم يحدثنا عن هذا الورق ومم كان يصنع، وهل يعني: ورق الكتب عموما أم ورق المصاحف القرآنية خاصة؟
وروى البكري أيضا في كلامه على بلاد النوبة: «وهم يتكاتبون على ورق الموز» (3)، وفي كلامه على الحبشة قال: «ومخاطبات الحبشة وجميع ما عندهم من الكتب في فنون العلم إنما هو في ورق الموز، وأخبرني من رأى تواريخها مما نفذ إلى بلاد الإسلام منها ما يدل على بقائها وقلة تغيرها» (4)، ولو كان الأمر كما قال من رآها، لوصل إلينا شيء منها، وقد رأينا أنهم كانوا يفضلون الكتابة على الأدم.
وذكر الخالديان: «وكان كتاب رهمي ملك الهند إلى المأمون مكتوبا في لحاء شجرة تنبت بالهند يقال لها الكاذي، لونه إلى الصفرة، وكتب له المأمون كتابا في طومار ذي وجهين، وغلظ الخط إصبع» (5).
__________
(1) الوافي بالوفيات 7/ 121.
(2) معجم ما استعجم 2/ 678
(3) المسالك والممالك لأبي عبيد البكري، نشر فان ليوفن واندري فيري قرطاج، تونس 1992، 1/ 323.
(4) المصدر نفسه 1/ 328.
(5) التحف والهدايا، تح سامي الدهان، دار المعارف، القاهرة 1956، 163162، ويؤكد هذا البيروني في تحقيق ما للهند (حيدر آباد) 133ومنه أخذ الكسندر ستسيبشفج في تاريخ الكتاب 1/ 56دون نسبة ذلك للبيروني، فقال: «كان الهنود يستخدمون حينئذ لحاء أشجار النخيل، خاصة في جنوب شبه القارة الهندية، أما شمال الهند فقد استخدموا هناك للكتابة القشرة الرقيقة لشجرة البتولا».(1/261)
وذكره المسعودي فقال: وكان كتاب ملك الهند إلى كسرى أنو شروان في لحاء الشجر المعروف بالكاذي، مكتوب بالذهب الأحمر، وهذا الشجر يكون بأرض الهند والصين، ولحاؤه أرقّ من الورق الصيني (1).
ويذكر النديم: أنّ الفرس كتبوا أصناف علوم الأوائل بالكتابة الفارسية القديمة في لحاء التوز وأودعوه في قهندز وهو داخل مدينة جي القريبة من أصفهان، ثم قال: = موضع البنية المعروفة بسارويه، وهي حتّى هذه الساعة داخل مدينة جي = (2).
ووصف البيروني ما كان يستعمل في الهند فقال: «وليس للهند عادة بالكتابة على الجلود كاليونانيين في القديم أما بلادهم الجنوبية فلهم شجر باسق كالنخل والنارجيل ذو ثمر يؤكل وأوراق في طول ذراع وعرض ثلاث أصابع مضمومة يسمونها تارى (3) ويكتبون عليها، ويضم كتابهم منها خيط ينظمها من ثقبة في أوساطها فينفذ في جميعها. أما في واسطة المملكة وشمالها فإنهم يأخذون من لحاء شجرة التوز الذي يستعمل نوع منه في أغشية القسيّ ويسمونه بهوج، في طول ذراع وعرض أصابع ممدودة فما دونه، ويعملون به عملا كالتدهين والصقل يصلب به ويتملّس، ثم يكتبون عليها وهي متفرقة» (4).
ويؤكد قول البيروني هذا: ما وصل إلينا من أمثال هذه الكتابات الهندية والألواح التي رأيت كثيرا منها في مكتبات الجامعات الأوربية وخاصة في المكتبة البريطانية وأكسفورد وكمبردح ومكتبة جامعة لايدن أو ما عرض
__________
(1) مروج الذهب، طبعة باريس 18761861، 2/ 202.
(2) الفهرست 301.
(3) لعل في الاسم تصحيفا من تالي، أو أنّ اللام الهندية تنطق راءا، واسم هذا الشجرة:
. (4) تحقيق ما للهند 123.(1/262)
وما زال يعرض منها في المزادات العلنية الدولية، وتظهر صورها في فهارسها، وهي كما وصفها البيروني.
ذكر النديم الكاغد الطلحي من جملة أنواع الكواغد المعروفة في زمنه، إلا أنه لم يحدد لنا موضع صنعه إن كان في خراسان أو بغداد، فوجدنا أنّ مؤلف كتاب الأبزار في بري القلم وعمل الأحبار الذي لم نعرف اسمه بعد، قد عقد فصلا في كتابه لعمله فقال:
«صفة عمل الكاغد الطلحي: يؤخذ القنب الجيد الأبيض فتنقيه من قصبه وتبله وتسرحه بمشط حتى يلين ثم تأخذ ماء الجير ينقع فيه ليلة إلى الصباح، ثم يعرك باليد ويبسط في الشمس، افعل به ذلك نهارا كاملا، ثم يعاد في ماء الجير، غير الماء الأول، ليلة أخرى إلى الصباح، ثم تعركه كالعرك الأول ليلة، وتبسطه في الشمس، افعل به ذلك ثلاثة أيام أو خمسة أو سبعة، وإن بدلت ماء الجير في كل يوم مرتين، كان أجود وأروح، فإذا تناهى في البياض قطّعه بالمقراض صغارا ثم أنقعه في ماء عذب سبعة أيام أيضا، وتبدّل له الماء في كل يوم، فإذا ذهب منه الجير، دقّه في الهاون دقا ناعما وهو ندي، فإذا لان ولم يبق فيه شيء من العقد أخذت له جيرا آخر حللته في إناء نظيف، حتى يصير مثل الحرير ثم تعمد إلى قوالب على قدر ما تريد، ويكون معمولا مثل السّل وهو السّمار وتكون مفتوحة الخيطان ثم تعمد إليها فتنظف قصرية فارغة وتضرب ذلك القنب بيدك ضربا شديدا حتى يختلط، ثم تضربه بيدك وتطرحه في القالب وتعدله بيدك حتى لا يكون ثخينا في موضع دون موضع، فإذا استوى وصفّي ماؤه أقمه منصوبا بقالبه، فإذا ثبت على ما تريد نفضته على لوح ثم أخذته بيدك وألصقته (1) وعدلته بيدك، واتركه حتى يجف، ثم خذ له الدقيق الناعم الحوارى والنشا نصفين، تمرس الدقيق والنشا
__________
(1) يريد: على حائط صقيل أو لوح من الحجر أو الخشب صقيل.(1/263)
في الماء البارد حتى لا يبقى فيه ثخن ثم يغلى الماء حتى يفور، فإذا فار صببته على ذلك الدقيق وحركته حتى يتسلّس ويرق، ثم تعمد إلى تلك الورقة فتطليها بيدك ثم تلقيها على قصبة، فإذا طليت جميع الورقة وجفت طليتها من الوجه الآخر ورددته على لوح ورششت عليه ماء النشا رقيقا ثم تجمعه وترزمه وتصقله كما يصقل الثوب وتكتب فيه» (1).
ويخبرنا المقدسي عن النشا في اليمن فيقول: إنه رأى المجلدين = يلزقون الدروج ويبطّنون الدفاتر بالنشا = (2)، بينما كان المقدسي متعودا استعمال الشريس (3) في صنعة التجليد التي كان يجيدها.
أما النشا: ويسمى: فهو ما يستخرج من الحنطة إذا نقّعت في الماء حتى تلين، ثم تمرس مرسا شديدا ويصفى المريس في مناخل ضيقة المسام ويترك حتى يجف، وفائدته في صنع الكاغد أنه يتخلل المسام بين شعيرات السيلولوز فيسدها، وهو غير النشا المعروف الذي يستخرج من الرز الذي يمكن استعماله أيضا في سقي الكاغد (4) إلا أنه قد يساعد على تلاصق أوراق المخطوطة إذا اقترن بالحبر الحاوي على نسبة عالية من الصمغ العربي.
من هذا العرض الفريد في صناعة الكاغد الطلحي الخراساني أو البغدادي يظهر لنا أنه كان يصنع من ألياف نبات القنب فقط، ولعلنا نظفر بمثل هذه المخطوطة في صناعة الأنواع الأخرى من الكاغد، فإن كثيرا من
__________
(1) مخطوطة المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان رقم: 190ص 5351والنص هنا يختلف في مواضع كثيرة عن نص كتاب عمدة الكتاب 148147
(2) أحسن التقاسيم، تح محمد مخزوم، 94.
(3) هو الغراء يستخلص من نبات أصفر يميل إلى الصفرة، ورقه كورق البصل لكنه أغلظ وأعرض، المخترع في فنون من الصنع 106حاشية.
(4) عمدة الكتاب 148.(1/264)
أمثالها لم يزل حبيس الخزائن المختلفة، وما زالت معلوماتنا عن صناعة الكواغد الأخرى ناقصة.
ويتبع صناعة الكاغد فنّ سقيه وصقله حتى لا ينتشر المداد في مسامه ويتم سقي الورق، بمسح سطح الورقة بمحلول زلال البيض أو محلول النشا مع الصمغ القليل أو الاسفيداج وهو رماد الرصاص ومعناه الماء الأبيض (1)
أو الغراء كما رأينا، وذلك باستخدام فرشة عريضة ثم تترك الورقة حتى يجف هذا المحلول عليها، ثم تبسط على لوح من الخشب أو الرخام ثم تدعك بالمحّار أو ثمرة البلوط أو أية قطعة صقيلة محدّبة من الرخام أو البرونز أو الحديد أو الزجاج لإكساب الورقة نوعا من النعومة واللمعان وبالتالي سدّ مسامها، وهذا ما يلاحظه المفهرس في كثير من أوراق المخطوطات التي تمرّ عليه، وهو يسمى بالإنكليزية: أما فهو عملية الحكّ والصقل في الرّق أو جلود التجليد.
ولم يقتصر المسلمون على صناعة ورق الكتابة بأنواعه التي ذكرها النديم، بل تفننوا في صناعة الكواغد الملونة التي تشيع البهجة في نفس القاريء، فقد اكتشفت أكوام من أنواع الورق الملون بألوان مختلفة في مزابل الأشمونيين والفيوم والفسطاط بمصر (2).
ومثل هذه الكواغد الملونة تمرّ كثيرا على يد المفهرس ضمن الكواغد الأخرى في المخطوطات، ويكون تلوينها بإضافة المواد الملوّنة، إما إلى عجينة الكاغد (3) أو بطلاء الورقة البيضاء بمحلول ملوّن، وهذه ظاهرة تتميز
__________
(1). 66
(2). 42.،،. .، 2 ..
(3) انظر: صناعة الورق لنعيم أديب فضل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1984، 3635.(1/265)
بها الكواغد الأندلسية وخاصة كواغد مدينة شاطبة التي يميل لونها إلى اللون الوردي (1)، وكواغد مدينة زبيد باليمن التي يميل لونها إلى اللون الأصفر (2).
وقد شاع استعمال الأوراق المطلية بالألوان في أصفهان وقاشان (3) والشام ومصر في القرن الثامن للهجرة (4)، واستمر صنعه حتّى أواخر العصر المملوكي في الشام ومصر (5) وفي الفترة العثمانية التركية خاصة في هذه المناطق إضافة إلى إستانبول وغيرها.
وفي إستانبول بالذات بدأت صناعة ورق الآبرو، الذي استعمله المجلدون الأتراك في تغليف باطن دفتي التجليد، وتتم صناعة ورق الآبرو
__________
(1) تقنيات إعداد المخطوط المغربي، لمحمد المنوني، في: المخطوط العربي وعلم المخطوطات 2322.
(2) من ذلك مخطوطة: تاج اللغة للجوهري المحفوظة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم: 1863وهي مؤرخة في سنة 668هـ، ومخطوطة البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى المحفوظة في جامعة الإمام أيضا برقم: 2478ومؤرخة في سنة 807هـ، ومخطوطة براعة الاستهلال فيما يتعلق بالشهر والهلال للمرشدي الحنفي المتوفى سنة 1037هـ، وكتبت بمكة المكرمة في سنة 1030هـ، وهي محفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برقم: 2413ومخطوطة التقييد والإيضاح للعراقي الكردي المتوفى سنة 806هـ، نسخها ابن حجر بثغر عدن في سنة 806هـ، وهي محفوظة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برقم: 7938.
(3) مهدي عتيقي: المشكلات الخاصة بمعالجة المخطوطات الإسلامية، في: صيانة وحفظ المخطوطات، مؤسسة الفرقان، لندن 1418هـ / 1998، 237235، حيث ذكر طرق تلوين الكاغد بالألوان المختلفة التي كانت شائعة في إيران.
(4) أحسن مثال هنا هو مخطوطة عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي المتوفى سنة 764هـ، وهي محفوظة في مركز الملك فيصل بالرياض برقم: 2233فهي تحتوي على أوراق صفر وخضر ووردية اللون وغيرها.
(5) انظر مثلا: تخميس قصيدة البردة للبوصيري والتوضيح لشرح الجامع الصحيح، وهما محفوظتان في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، برقم:
2625 - و 312.(1/266)
بسكب الأمدة الزيتية الملونة على سطح مائي في إناء معدني مستطيل، ثم تغطّس الورقة البيضاء أو الملونة على هذا السطح فيكتسب سطحها ألوانا متداخلة في بعضها كالأمواج مثلا ثم تعلّق على حبل رفيع أو تلقى على سطح أملس لتجفّ.
وما زال ورق الآبرو يصنعه بعض الهواة في تركية حتى اليوم، وقد شاهدت عملية صنعه في بيت أحد الهواة بإستانبول.
ويذكر الصفدي أنه كتب من دمشق رسالة اعتذار لمغلطاي بن قليج البكجري في سنة 739هـ على كاغد أحمر لأن الحمرة دليل الخجل (1).
ونجح العرب أيضا في صنع الورق النّشاف والورق الشفّاف، فقد روى الصفدي أن الناسخ جمال الدين الشيرازي سمع أن ربعة من القرآن الكريم بخط ابن البواب في بغداد كتبها ابن البواب بخط عجيب، فأحضر معه الورق الشفاف جملة وأخذه معه وتوجه إلى بغداد وأخذ تلك الربعة جزءا فجزءا وكان يضع الورق الشفاف على خط ابن البواب يشفّ عما تحته ويجلي الكتابة له، فكتب عليها لا يخلّ بذرة منها، ويستطرد الصفدي فيقول: وقد رأيت أنا هذه الربعة التي كتبها جمال الدين الشيرازي وما في الورقة مكتوب إلا وجهة واحدة فكنت أتعجب لذلك حتى سمعت هذه الواقعة فعلمت السبب (2).
ومثل هذا أو شبيه به ما رواه ابن الأثير والذهبي حول تزوير الخطوط، فقالا في كلامهما على عليّ بن محمد الأحدب المتوفى في سنة 370هـ:
__________
(1) أعيان العصر وأعوان النصر، مطبوعات مركز جمعة الماجد بدبي 1418هـ / 1998، 5/ 436.
(2) الوافي بالوفيات 1/ 2، 2وعن معنى الربعة، انظر: تقنيات إعداد المخطوط المغربي للمنوني في: المخطوط العربي وعلم المخطوطات، 30.(1/267)
= كان ببغداد يزوّر على الخطوط حتى لا يشكّ الشخص أنه خطّ نفسه = (1)، فكان عضد الدولة البويهي إذا أراد الإيقاع بين الملوك أمره أن يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من يريد إفساد الحال بينهما (2).
لا مراء في قدرة الأحدب على تزوير الخطوط، ولكن الشك يقع فيما رووه عن عضد الدولة البويهي وإيقاعه بين الملوك، فإن ابن الأثير والذهبي يعلمان أنّ الملوك لا تكتب الرسائل بخطها، لأنّ هذا من عمل كتّاب دواوين الإنشاء، بل يضع هؤلاء الملوك والسلاطين علامتهم عليها، كما يظهر ذلك في الوثائق الفاطمية والأيوبية والمملوكية التي وصلت إلينا، إلا إذا كان القصد من ذلك أنّ الأحدب كان يزوّر العلامات أيضا كتزويره خطوط كتّاب الإنشاء.
وصنعوا الورق الخفيف الجرم جدا وهو الذي يسمى: = ورق البطائق = الذي كان يستعمل في إرسال الرسائل العاجلة تحت أجنحة الحمام الزاجل.
وانتقلت صناعة الورق من العالم الإسلامي إلى أوربا عبر مسارب متعددة، فدخلت صناعته إلى الأندلس في القرن الرابع للهجرة، فقد وصلت إلينا مخطوطة محفوظة في جامع القرويين بفاس كتبت على كاغد أندلسي لمكتبة الحكم الثاني بن المستنصر بالله في سنة 359هـ ومخطوطة أخرى كتبت في مرسية في سنة 492هـ (3).
ويرجع الفضل في استعمال الطواحين المائية في تفتيت مواد الكاغد الأولية إلى العرب الأندلسيين في شاطبة وذلك في حوالي سنة 546هـ /
__________
(1) سير أعلام النبلاء 16/ 312.
(2) الكامل في التاريخ، ط 4، دار الكتاب العربي، بيروت 1983، 7/ 106.
(3). 23. نقلا من مقال ليفي بروفنسال: في مجلة عدد 18، لسنة 1934، 200198.(1/268)
1151 - م بدلا من استعمال القوة البدنية أو مطارق الهاون، إذ سرعان ما قلّدها صناع الكاغد الأوربيون فأنشؤوا أمثالها على الأنهار (1)، واستمروا يستعملونها حتى نهاية القرن الثاني عشر للهجرة / الثامن عشر للميلاد، وقد وصفها هانتر.، وصفا دقيقا، بيد أنه لجهله العفوي أو المتعمد بتاريخ الأندلس نسب اكتشافها واستعمالها إلى الأوربيين، فقال ما نصه (2):
،، =، 1151،،،
ومعنى قوله هذا: «ولم يمض على الأوربيين وقت طويل حتى اخترعوا وسيلة أحسن لعملية الهرس، ففي حوالي سنة 1151 (546هـ) اكتشفت في شاطبة، وهي مدينة قديمة من بلنسية بإسبانيا، طاحونة (رحى) تعمل بقوة الماء».
وليس في الأمر غرابة، فقد كانت الأرحية المائية لطحن الحبوب معروفة في الأندلس قبل دخول المسلمين إليها (3)، بيد أنّ المسلمين عرفوا كيف يستغلون هذه الأرحية في طحن الحبوب وصناعة الكاغد معا قبل سنة 546هـ، فقد ذكر المراكشي في ترجمة محمد بن علي بن عياش المتوفى سنة 546هـ أن أباه اشترى له رزمة كاغد حتى يشتغل بكتابة الحديث، وأنه كان يحضر عند يحيى بن محمد الهوزني الإشبيلي (4)، وهذا يدلّ على وجود الكاغد الأندلسي قبل هذا التاريخ بزمن قد لا يقل عن خمسين سنة.
وفي سنة 674هـ / 1275م أنشئ في إيطاليا أول معمل للورق ويسمى طاحون الورق لأن صناعته اعتمدت على الطواحين التي كان تسير بقوة
__________
(1). 160، 1930 .. ،،،
(2) المصدر نفسه 162.
(3) نفح الطيب للمقري 1/ 202.
(4) الذيل والتكملة 6/ 491، وعن الهوزني انظر: غاية النهاية في طبقات القراء 2/ 337.(1/269)
اندفاع التيار المائي وذلك يجعل العجلة المندفعة بقوة التيار المائي تحرك بضعة مطارق ثقيلة تفتت المواد الأولية كالأقمشة البالية والخرق القطنية والحبال والخشب وغيرها ثم تحولها إلى عجينة رائقة بعد إضافة محلول الجير (أو السلفايت أو الصودة أو السلفيت) إليها لتبييضها ثم تغسل هذه العجينة بالماء الصافي مرارا لتخليصها من الجير، ثم توضع في وعاء مع الماء وتحرّك بشدة ثم يغمس في المحلول قالب الورقة وهو على هيئة إطار معدني أو خشبي مشدود به أسلاك من النحاس الأصفر أو خيوط الحرير الدقيقة أو غيرهما ثم يرفع القالب بعد أن تتعلق بشبكته ألياف المواد المطحونة فيتسرب الماء من خلال الشبكة، ثم يسوّى سطح الورقة باليد ثم تجفف هذه الطبقة بلصقها على حائط أملس، أو أي سطح أملس وتترك حتى تجف، ثم يضاف إلى سطحها ما سبق أن ذكرناه، وتكون الصحيفة معدة للكتابة. وبعد إيطاليا انتشرت صناعة الورق في أكثر الأقطار الأوربية.
واستعمل الهولنديون الطواحين الهوائية بدلا من الطواحين المائية في تفتيت المواد المعدة في صناعة الكاغد، مع استعمال النموذج الشاطبي للطاحونة، وتفوقوا على بقية الأوربيين في أنّ طواحينهم الهوائية كانت في الأصل تستعمل لطحن الحبوب، فأضافوا إليها آلة طحن مواد الكاغد أيضا فصارت تقوم بالعمليتين في وقت واحد كعمل الرحى الشاطبية أيضا، وما زالت بعض هذه الطواحين الشاطبية تعمل في إنتاج الكاغد حتى يومنا هذا في هولندا، ويسمى: «كاغد اليد» وعندي نماذج بألوان متعددة منه.
وتدخل في صناعة الكاغد مواد متعددة تحتوي كلها على مادة السيللوز بنسب متفاوتة، منها: القطن وخشب نباته، والكتان وثفل قصب السكر والحلفاء والقصب بأنواعه والتبن وقشور الرز وسيقانه والخيزران والقنب
والجوت وألياف السيسال (نبات يصنع منه الحبال، والنبات منسوب إلى ميناء في المكسيك) ونبات يسمى: بالفارسية، وهو من فصيلة القنب إلا أنه يشبه الجوت، وألياف نبات مانيلا الذي ينبت في الفلبين، وأكثر كواغد اليوم تصنع من خشب الأشجار، إلا كواغد أوراق النقد فإنها تصنع من القطن الخالص وقشور الرز.(1/270)
وتدخل في صناعة الكاغد مواد متعددة تحتوي كلها على مادة السيللوز بنسب متفاوتة، منها: القطن وخشب نباته، والكتان وثفل قصب السكر والحلفاء والقصب بأنواعه والتبن وقشور الرز وسيقانه والخيزران والقنب
والجوت وألياف السيسال (نبات يصنع منه الحبال، والنبات منسوب إلى ميناء في المكسيك) ونبات يسمى: بالفارسية، وهو من فصيلة القنب إلا أنه يشبه الجوت، وألياف نبات مانيلا الذي ينبت في الفلبين، وأكثر كواغد اليوم تصنع من خشب الأشجار، إلا كواغد أوراق النقد فإنها تصنع من القطن الخالص وقشور الرز.
ولأحد الخبراء بتاريخ الطباعة رأي طريف في صناعة الكاغد في أوربا، ورد في بحثه في تاريخ الطباعة في المغرب، قال فيه: «ويصنع الورق الأوربي من عجينة الألياف الكتانية أو القطنية فتتم معالجته بمادة غروية تكسب الورق متانة كبيرة، وتحفظ سطحه من الاختراق والبلل، وشتان ما بين هذا النوع من الورق وما بين الصنف القديم المتميز برقته وهشاشته وقابليته الكبيرة للانطواء ونفاذية سطحه، الذي كان يستعمل مع الحبر المائي في الطباعة الشرقية القديمة» (1).
أقول: إنّ الحقّ مغضبة، وهذا الرأي يحتاج إلى توضيح، فلعل المؤلف الفاضل لم يجده ضروريا للقارئ الذي لا يعنى بالتفاصيل، أو إنه لم يكن دقيقا في التعبير، وهو أنّ هذا الرأي سبق أن أبداه هنتر وهو يريد الطباعة الشرقية في الشرق الأقصى (2)، وقول المؤلف هنا: يوحي بأنه يريد العالم العربي، وهنا لا بدّ لنا من أن نسأل: من اين جاءت أوربا بالألياف القطنية أو الكتانية في زمن اكتشاف الطباعة في حوالي سنة 14551450م (854 860هـ) لتصنع منها هذا الكاغد المتين؟ فإن المعروف، أنّ صناعة الكواغد الأوربية كانت تعتمد بالدرجة الأولى على ألياف الأسمال المنسوجة من القطن أو الكتان (3) التي كانت تستورد أوربا أقمشتها من الشرق
__________
(1) تاريخ الطباعة في المغرب لفوزي عبد الرزاق 81.
(2). 62 .. .،
(3). 160 .. .،(1/271)
وعلى الخشب المتوفر فيها وعلى التبن والحلفاء والقصب الذي لم يزل معروفا في تسقيف البيوت ويسمى:، وعلى المواد النباتية المختلفة. وقد استمر هذا حتى القرن السابع عشر، حيث أصبحت الولايات الألمانية وروسيا المصدرين الوحيدين الرئيسيين لألياف الكتان، أما القطن فإنه ليس مما يزرع في أوربا قط، ولذلك قال أحد الظرفاء (1):
ومعناها: من الأسمال يعمل الكاغد، ومن الكاغد تعمل العملة النقدية، والعملة النقدية تعمل المصارف، والمصارف تعمل الديون، والديون تعمل الشحاذين، والشحاذون يعملون الأسمال.
وشيء آخر: إن أراد بالطباعة في المشرق الإسلامي، فإنّ الكاغد الأوربي كان قد غزا الأسواق الإسلامية منذ بداية القرن الثامن للهجرة (الرابع عشر للميلاد) فقضى أو كاد، على صناعة الكاغد المشرقي، كما رأينا في كثير من المخطوطات، وكما جاء في فتوى ابن مرزوق، وهذا يعني أنّ ما طبع في الشرق كان على هذا الكاغد الأوربي الذي وصفه ب: «القديم المتميز برقته وهشاشته وقابليته الكبيرة للانطواء ونفاذية سطحه» وقد صدق، فهو لم يكن كاغدا مشرقيا، بل أوربيا رخيص الثمن يعرفه المفهرسون الخبراء، وهو الذي وصفه القلقشندي بالسوء والرداءة فقال: إنه «رديء جدا سريع البلى قليل المكث».
وشيء ثالث: إنّ الحبر الذي كان يستعمل في الطباعة المشرقية القديمة لم يكن حبرا مائيا بل حبرا زيتيا، لأنّ الحبر المائي الذي وصفه بالحبر
__________
(1). .، 1985.،،،. .،(1/272)
الصيني شيء آخر لم يكن يصلح للطباعة، وسوف يأتي وصف أنواعه وطرائق صنعه.
الحق، أنّ المفهرس المولع بصنعته، يستطيع أن يقرر اعتمادا على المخطوطات التي تمرّ على يديه، أنّ الكاغد المشرقي لم تتوقف صناعته تماما بالرغم من غلبة الكواغد الأوربية على الأسواق الإسلامية عموما، فإننا نجد كثيرا من المخطوطات المتأخرة مكتوبة على كواغد مشرقية لا تظهر فيها أية خطوط متوازية أو علامة مائية وهي من مميزات الكواغد الأوربية، مما يدل على أنّ صناعته تقلصت وانحصرت في أماكن منفردة معزولة، فقد مرّت على يدي جملة من المخطوطات المنسوخة على كواغد مشرقية من شرق تركيه (1) وفاس (2) وصنعاء وفي بعض المدن المصرية والسورية وأصفهان وهراة (3) وغيرها.
ونعود إلى صناعة الكاغد فنقول: وانتقلت صناعة الورق إلى الشام وخاصة إلى مدينة طرابلس التي زارها ناصر خسرو في سنة 438هـ فقال:
«يصنعون بها الورق الجميل مثل ورق سمرقند بل أحسن منه» (4).
وانتقلت إلى مصر (5) والمغرب وخاصة إلى فاس، التي كان فيها في زمن يوسف بن تاشفين المرابطي أكثر من مئة معمل للكاغد (6)، وازداد هذا
__________
(1) انظر مثلا: الخط العربي من خلال المخطوطات 130، 124.
(2) المصدر نفسه 121.
(3) المصدر نفسه 114.
(4) سفر نامة، ترجمة يحيى الخشاب، القاهرة 1945، 13.
(5) ذكر كوركيس عواد في مقالته الورق أو الكاغد: صناعته في العصور الإسلامية، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، مج 23لسنة 1367هـ / 1948، 431429المدن المصرية التي اشتهرت بصناعة الكاغد.
(6) تاريخ الوراقة المغربية لمحمد المنوني، جامعة محمد الخامس، الرباط 1991، 21، وذكر كوركيس عواد، في مقاله السابق 431429المدن الشامية التي اشتهرت بصناعة الكاغد.(1/273)
العدد في زمن يعقوب المنصور الموحدي الذي تولى الحكم سنة 580 هـ، إلى 400معمل لصناعته إضافة إلى معامل صنع الرقوق ودباغة الجلود المغربية المشهورة (1).
ويذكر المنوني رحمه الله وإيانا أنه في أوائل القرن الحادي عشر للهجرة لم يعثر على ذكر لوجود مصانع الورق في فاس، وتساءل: فهل اندثرت هذه المهنة في المغرب السعدي تماما؟ لأنها كانت قائمة في فاس في أوائل المئة التاسعة للهجرة، ثم قال: = غير أنه من الثابت أنّ المغرب السعدي كان يستورد الورق من فرنسا = (2)، وكان هذا نتيجة غلبة الكاغد الأوربي الرخيص في الأسواق، وهو الذي وصفه القلقشندي بقوله: «فهو رديء جدا سريع البلى قليل المكث».
ومن فاس انتقلت صناعته إلى سبتة (3)، التي يقول فيها أندريه جوليان:
إنها كانت تعدّ في طليعة مراكز إنتاج الورق الذي صار ينسب إليها واشتهرت أكثر من شاطبة (4)، وهذا رأي يفتقر إلى برهان مادي ملموس، فقد وصلت إلينا مصنفات مكتوبة على كاغد شاطبة (5)، ولم تصل إلينا، فيما نعلم، أيّة مصنفات مكتوبة على كاغد سبتة، ولكن وصلت إلينا بعض النماذج المكتوبة على كواغد ملونة باللون القرمزي والأزرق مصنوعة في القيروان من الكتان في غاية الجودة ودقة الصنع والرقة والنعومة (6).
__________
(1) المصدر نفسه 33.
(2) المصدر نفسه 8887.
(3) المصدر نفسه.
(4) المصدر نفسه، نقلا من كتاب اندريه جوليان: تاريخ شمال افريقيا 2/ 122.
(5) تقنيات إعداد المخطوط المغربي، لمحمد المنوني، في: المخطوط العربي وعلم المخطوطات 2322.
(6) مثل مصحف أبي زكريا الحفصي المحفوظ في المكتبة الوطنية بباريس.(1/274)
ومن سبتة انتقلت صناعة الكاغد إلى شاطبة وبلنسية وغيرهما من مدن الأندلس، واشتهرت شاطبة بصناعته من سيقان الكتان والخرق القطنية والحلفاء، ولهذا يقول الإدريسي، الذي انتهى من كتابه في سنة 548هـ، في شاطبة: «ويعمل بها من الكاغد ما لا يوجد له نظير بمعمور الأرض ويعم المشارق والمغارب» (1).
وقال ياقوت في شاطبة: «ويعمل الكاغد الجيد فيها، ويحمل منها إلى سائر بلاد الأندلس» (2).
وقد رأيت السفر الأول من كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار لابن عبد البر بخط النسخ الأندلسي الورّاقي الواضح، يملكه أحد المستشرقين الهولنديين في لايدن، وهو منسوخ في سنة 432هـ دون أن يذكر الناسخ مكان النسخ، على نوعين من الكواغد الأندلسية، وتحمل صفحة العنوان تقييد تملك هذا نصه: = ملك لعبد الله عز وجل عمر أمير المؤمنين =، وهو عمر المرتضى الموحدي الذي حكم ما بين سنة 665646هـ (3).
والطريف في هذا الكتاب أنّ كلّ كراسة من الكاغد قد وضعت بين ورقتين من الرق، وقد درس هذا النظام بتفصيل في المخطوطات العربية عامة والمخطوطات الأندلسية خاصة، كلّ من المستشرق الهولندي بيتر شورد فان كوننكزفيلد .. في أطروحته الجامعية العالية (4)
والمستشرق الفرنسي ديروشيه. في مقالة له نشرت حديثا (5).
__________
(1) مختصر نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، روما 1592م، 168.
(2) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق روما نابولي 19791971، 556ومعجم البلدان 3/ 309.
(3) تاريخ الوراقة المغربية 36.
(4)،،. 1977
(5) استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان بلندن 13393.(1/275)
وذكر حسن حسني عبد الوهاب: أن ورق الكاغد في تونس كان يصنع بالقيروان وتونس والمهدية ورقادة من الكتان وخرقه وكان مما يزرع بأفريقيا (1)، وقد نقلت صناعته إليها من بغداد والفسطاط خلال أواسط القرن الثالث الهجري، ومن القيروان تحولت إلى بلرمو يوم كانت عاصمة لصقلية الأغلبية التميمية، ثم تسربت هذه الصناعة إلى جنوب إيطاليا فألمانيا، ودخلت فرنسا عن طريق سبتة (2)، لذا نرى بعد ذلك صناعة الكاغد تصعد إلى المدائن الواقعة في الشمال الإيطالي وتستقر في فابريانو في سنة 675هـ (1276م) (3).
أقول: ومن هذا المصنع بالذات أنتجت عائلة آندريه جلفاني العديد من أنواع الكاغد الإيطالي، الذي أغرق الأسواق العربية بل السوق الإسلامي جنوب الصحراء في أفريقيا (4)، وكان الورق يصنع أيضا في مدينة بولونا في سنة 693هـ / 1293م وفي بادوا وغيرها (5).
ولم يصل القرن الثامن إلى نهايته حتى بدأ الكاغد الأوربي يزاحم الكاغد الإسلامي مزاحمة قوية في الأسواق العربية لرخصه لا لجودته لأنه
__________
(1) الغريب إننا نجد في السجل القديم لمكتبة القيروان الذي كتب في سنة 693هـ عن سجلّ أقدم منه أكثر من عشرة مصاحف أو أجزاء منها كتبت بخط شرقي في كاغد شرقي 7، 8، 9، 14، 16، 17، 28، 29، 31، فلعل المعنى هنا: كاغد شامي أو مصري.
(2) البردي والرق والكاغد، مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة، مج 2، ج 1، 1375هـ / 1956، 4443والورق البغدادي لناجي معروف، مجلة كلية الدراسات الإسلامية، ع 3، بغداد 1390هـ / 1970، 416نقلا عن حسن حسني عبد الوهاب.
(3) 473وتاريخ الكتاب لسفند دال 79.
(4) رأيت مخطوطة خاصة عند أحد المستشرقين الهولنديين في مناقب السلطان علي دينار بعنوان تاج السلاطين لأبي بكر خلوصي بخطه مؤرخة في سنة 1337هـ، مكتوبة على كاغد صنعه أندريه جلفاني مع اسم وعلامته المائية ثلاثة أهلة متتالية.
(5) حسن حسني عبد الوهاب، المصدر نفسه 44.(1/276)
كان يصنع من ألياف الأخشاب المختلفة مع الخرق العتيقة البالية (1)، بعد أن قلّد صنّاع الكاغد الأوربيون ماكنة طحن المواد الأولية التي تدار بقوة الماء التي اكتشفها عرب شاطبة الأندلسيون.
ولم يصل القرن العاشر إلى نهايته حتى أغرق الأسواق العربية تماما وخاصة الورق الإيطالي، ولذلك نرى أن بعض مخطوطات هذا القرن تحتوي على الكواغد العربية، وهي قليلة وعلى الكواغد الإيطالية وهي أكثر.
وقد رتّب القلقشندي المتوفى سنة 821هـ الورق الذي كان معروفا في عصره حسب أفضليته وجودته، فأعلاها البغدادي (2) الذي كان يصنع من القطن (3) والكتان، ثم الحموي ثم الشامي ثم المصري، وهو على قطعين المنصوري والعادة ثم المغربي ثم الإفرنجي (4)، فقال: وأعلا أجناس الورق فيما رأيناه البغدادي، وهو ورق ثخين مع ليونة ورقّة حاشية وتناسب أجزاء وقطعه وافر جدا ولا يكتب فيه في الغالب إلا المصاحف الشريفة ودونه في الرتبة الشامي وهو على نوعين: نوع يعرف ب: الحموي وهو دون القطع البغدادي، ونوع دونه في القدر هو المعروف ب: الشامي (5) وقطعه دون القطع الحموي، ودونهما في الرتبة الورق المصري وهو أيضا على قطعين: القطع المنصوري وقطع العادة، والمنصوري أكبر قطعا وقلّما يصقل وجهاه جميعا، وأما العادة فإن فيه ما يصقل وجهاه ويسمى في عرف الوراقين: المصلوح ودون ذلك ورق أهل الغرب والفرنجة فهو رديء جدا
__________
(1) تاريخ الكتابة التاريخية لهاري ألمر بارنز، ترجمة محمد عبد الرحمن برج، الهيئة المصرية العامة 1984، 17.
(2) عن الكاغد البغدادي انظر:،.، 1937، 2/ 8، 6.
(3) حسب عبارة الجاحظ: = ولو أراد مثل ذلك من القطني لكفاه ما يحمل مع زاده وليس لدفاتر القطني أثمان في السوق =، رسائل الجاحظ، تح عبد السلام هارون 253252.
(4) صبح الأعشى 2/ 487.
(5) يريد هنا: الدمشقي.(1/277)
سريع البلى قليل المكث، ولذلك يكتبون (1) المصاحف غالبا في الرق على العادة الأولى طلبا لطول البقاء (2).
وهذه المقاسات التي ذكرها القلقشندي هي مقاسات القوالب (أو:
الشبائك، جمع شبيكة) التي كانت تستعمل في صناعته، فإنه ذكر في مكان آخر من كتابه هذه المقاسات (3) فقال:
1 «قطع البغدادي الكامل: عرض درجه (4) عرض البغدادي بكماله، وهو ذراع واحد بذراع القماش المصري (5)، وطول كل وصل من الدّرج المذكور ذراع ونصف بالذراع المذكور».
2 «قطع البغدادي الناقص: عرض درجه دون عرض البغدادي الكامل بأربعة أصابع مطبوقة» (6).
3 «قطع الثلثين من الورق المصري: المراد به ثلثا الطومار (7) من كامل المنصوري، وعرض درجه ثلثا ذراع» (8).
__________
(1) أي: أهل المغرب.
(2) صبح الأعشى 2/ 488.
(3) ذكر كرومان مقاسات الأذرعة المختلفة في كتابه:
. 9/ 1، 1967،،
(4) عرض درجه: أي عرض الصحيفة منه.
(5) ذراع الحديد المستعمل في القماش بمصر في القرن التاسع للهجرة يساوي ذراعا إلا ثمن ذراع، وهو شبران تقريبا أو قدمان، وهو أربعة وعشرون أصبعا مطبوقة، والإصبع الشرعية تساوي: 1، 925سم، ولهذا يساوي الذراع الشرعي: 46، 20سم، وانظر:
الأيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان لابن الرفعة، تح محمد أحمد إسماعيل الخاروف، مكة المكرمة 1400هـ / 1980، 7978وصبح الأعشى 3/ 445.
(6) أي: حوالي 5، 38سم.
(7) الطومار: هو الورقة الملفوفة الكاملة، وغالبا ما تعني: لفافة ورق البردي أو الكاغد، أو:
= هو صحيفة أو كتاب أو وثيقة أو أية ورقة ملفوفة ومشدودة محزمة =، مصور الخط العربي لناجي زين الدين، بغداد 1388هـ / 1968، 367.
(8) أي: ما يقرب من 30، 8سم.(1/278)
4 «قطع النصف: المراد به قطع النصف من الطومار المنصوري، وعرض درجه نصف ذراع» (1).
5 «قطع الثلث: والمراد به ثلث قطع المنصوري، وعرض درجه ثلث ذراع» (2).
6 «القطع المعروف بالمنصوري: عرضه تقدير ربع ذراع» (3).
7 «القطع الصغير، ويقال فيه قطع العادة: وعرض درجه تقدير سدس ذراع» (4).
8 - ثم ذكر قطع الورق الشامي دون أن يذكر مقاساته، فقال في قطع الشامي الكامل: «عرض درجه عرض الطومار الشامي في طوله»، فلعله قاسه على البغدادي.
9 - ثم ذكر القطع الصغير منه: «وهو في عرض ثلاثة أصابع مطبوقة من الورق المعروف بورق الطير، وهو صنف من الورق الشامي رقيق للغاية، وفيه تكتب ملطفات الكتب وبطائق الحمام» (5).
الغريب أن القلقشندي ذكر طول الورقة أو الوصل أو الطومار مرة واحدة، والظاهر أنه قاس بقية الأنواع على طول البغدادي الكامل، وهو ذراع ونصف، وهذا يعني أنّ قوالب صنّاع الكاغد في مصر والشام وبغداد كانت متساوية في طولها ومختلفة في عرضها.
__________
(1) أي: ما يقرب من 10، 23سم
(2) أي: ما يقرب من 15، 40سم.
(3) أي: ما يقرب من 11، 6سم.
(4) أي: ما يقرب من 6، 7سم.
(5) صبح الأعشى 6/ 193190، وقد فصّل لطف الله قاري أنواع الأذرعة ومقاساتها في كتابه النفيس: إضاءة زوايا جديدة للتقنية العربية الإسلامية، نشر مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض 1416هـ / 1996، 188174.(1/279)
وذكر الدّرج والوصل والطومار، فالدرج: هو الصحيفة، سواء كانت مبسوطة أو ملفوفة.
ولعله أراد بالوصل القطعة الصغيرة من الكاغد التي توصل بالدرج أو الطومار، إذا لم يتسع للكتابة.
ويؤيد هذا أنّ السبكي المتوفى سنة 771هـ يحدثنا عن طريقة أبيه في التصنيف فيقول: = وكثير من مصنفاته اللطاف كتبها في درج ورق المراسلات، يأخذ أوصالها ويثنيها طولا ويجعل منها كراسا ويكتب فيه، لأنه ربما لم يكن عنده ورق كراريس = (1).
والطومار: هو الصحيفة الملفوفة من ورق البردي أو الكاغد أو الرق (2)، ولعله هو الذي ورد باسم: الطبق الكبير والطبق ونصف الطبق وربع الطبق في السجل القديم لمكتبة جامع القيروان (3).
ويؤيد كون الطومار هو الصحيفة، أنّ أحد الشعراء العباسيين، قال في هجاء سليمان بن وهب، وزير المهتدي والمعتمد العباسيين المتوفى سنة 272هـ (4) وقد كان متهما منبوزا بالأبنة، فقال:
يا من يقلّب طومارا وينشره ... ماذا بقلبك من حب الطوامير
أشبهت شيئا بشيء أنت تأمله ... طولا بطول وتدويرا بتدوير (5)
فإذا كان معنى الطومار هنا لفافة ورق البردي (6)، فإن البردي لم يزل مستعملا في دواوين الدولة العباسية في القرن الثالث للهجرة، وسيأتي المزيد
__________
(1) طبقات الشافعية 10/ 20، (نشر دار هجر بالقاهرة).
(2) سبق التعريف بالطومار.
(3) سجل قديم لمكتبة جامع القيروان 4، 7، 28، 29.
(4) سير أعلام النبلاء 13/ 127.
(5) الإنباء في تاريخ الخلفاء، لابن العمراني، بتحقيقي، دار العلوم، الرياض 1402هـ / 1982، 149.
(6) سفند دال، تاريخ الكتاب 21: = أن كتب الجلد (الرق) الأولى كانت على شكل لفافات، وأنها تحاكي كتب البردي بالضبط =.(1/280)
عنه، أما إذا كان معنى الطومار هنا صحيفة الرق فإن الرق لم يتخل عن مكانه للكاغد بعد، وإلّا فإنّه من الكاغد، وهذا يعني أن المراسلات الديوانية كانت على شكل لفائف، مع أن المقريزي يذكر: أن كتابة الدواوين في صدر الإسلام (1) أن يجعل ما يكتب فيه صحفا مدرجة (أي: ملفوفة) فلما انقضت أيام بني أمية وقام عبد الله بن محمد أبو العباس السفاح استوزر خالد بن برمك بعد أبي سلمة حفص بن سليمان الخلال، فجعل الدفاتر في الدواوين من الجلود وكتب فيها وترك الدروج (2).
وقد وصلت إلينا جملة من لفائف الرق ولفائف من الكاغد كتبت عليها أجزاء من السور القرآنية وتوكيلات بأداء الحج وهي قد تكون مكونة من أجزاء من الرق قد خيطت مع بعضها أو ألصقت أطرافها على بعضها، وأصلها من غرفة في الجامع الأموي بدمشق أخذها الأتراك معهم حين تركوا الشام في الحرب العالمية الأولى، وهي محفوظة الآن في متحف الفنون التركية والإسلامية في إستانبول (3).
وفي نهاية القرن الثامن الهجري بدأت ظاهرة الخطوط المائية الثنائية والثلاتية البدائية المتقاربة المسافة تظهر في الكواغد المصنوعة في بعض مدن الشام مثل دمشق التي أثنوا على جودة كاغدها الذي كان يصدّر إلى أوربا وعرف هناك باسم:، وطرابلس وطبرية ومنبج وحلب وحماة (4) وغيرها، فقلدها الأوربيون وأضافوا إليها علامة مصانعهم
__________
(1) لعله يريد منذ عصر معاوية بن أبي سفيان.
(2) الخطط 1/ 163.
(3)،،.
. 87149.، 1965،،،،
(4). 3132.، 1976،،
حيث ذكر أن بعض المخطوطات العبرية مكتوبة على مثل هذه الكواغد الشامية ذات الخطوط المائية.(1/281)
التجارية (1)، وليس كما يقول سفند دال: = ومن أوربا انتشر بعد ذلك استعمال العلامات المائية في الشرق = (2)، لأن الخطوط المائية الشامية كانت الأساس في استعمال العلامة المائية في المصانع الأوربية، لأنها أوحت إليهم: = فكرة إحناء بعض الأسلاك بحيث تكوّن شكلا هو العلامة المائية التي حوت أحيانا الحروف الأولى (للمصنع) أو اسم الصانع = (3).
وقد كانت بعض العلامات التجارية الأوربية تحمل صليبا فاستفتى الوراقون في المغرب بعض العلماء في: هل يجوز استعمال الكاغد الرومي والنسخ فيه أم لا؟ لأن بعض الناس قال: إنه نجس لأنهم يعملونه بأيديهم المبلولة النجسة، فأفتى ابن مرزوق المتوفى سنة 842من الهجرة، بتلمسان في رسالته المسماة: تقرير الدليل الواضح المعلوم على جواز النسخ في كاغد الروم باستعماله، أما إذا كانت الكواغد تحمل صليبا يخفى على الناظرين إلا من أمعن النظر فيها فأفتى: «بل النسخ فيه أولى، لأن فيه إذهاب تلك الصورة لأنه إذا كتب فيه لم تظهر بالكلية، وإنما تظهر إذا كان أبيض بعد الجهد بمقابلة المضيء بالورق ونحو ذلك» (4).
والظاهر أن أصحاب هذه المصانع قد بلغتهم معارضة المسلمين لوجود الصليب فغيروه إلى تاج وفي رأسه نجمة سداسية وفوقها هلال أو إلى ثلاثة أهلّة متتالية، فكان هذا النوع من الورق الإيطالي يصدر للعالم العربي الإسلامي فقط منذ القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر للهجرة، وتولى
__________
(1)،.،
. 4. 1942.،. 195،،،
(2) تاريخ الكتاب 80.
(3) المصدر نفسه.
(4) المعيار المعرب للونشريشي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1401هـ / 1981، 1/ 75 107وتاريخ الوراقة المغربية 58.(1/282)
صناعته عائلة جولفاني، وصارت بعض المصانع الأوربية تصنع الكاغد للسوق الإسلامي فقط، وتضع فيه علامة مائية تحمل الهلال وخاصة في العهد العثماني فصارت العلامة المائية تكتب بحروف عربية مثل: كاغد همايون إستانبولي عال العال، أو: بياض أبو شبك إسطمبولي عال أصيلي، أو: = هلال وبداخله نجمة وكتب بالعربية بعد العلامة: اختر هلال =، ثم دخلت مصانع الورق الأوربية في تزويد الأسواق الإسلامية بكواغدها التي يمكن تمييزها بمعرفة العلامة المائية التجارية فيها وذلك بمقارنتها بكتب العلامات المائية المنشورة.
وفي فتوى ابن مرزوق هذه التي كتبها سنة 812هـ (1408م) يظهر أن الكاغد الأوربي قد غزا شمال إفريقية تماما، وأن الكاغد الرومي كان يستعمل في تلمسان قبل تاريخ الفتوى، فقال: «وإني لا أعلم من يجد من مدينة طرابلس الغرب إلى مدينة تلمسان من بلاد السواحل وبلاد الصحراء ورقا يستعمل غير الورق الرومي، ولا أدري ما حال باقي المغرب، غير مدينة فاس وغير جزيرة الأندلس، فإنهم يستعملون الورق، وقد كان قبل هذا الزمان بتلمسان» (1).
والظاهر أنّ الاعتراض نفسه قد أثير في المشرق أيضا، فقد ذكر السخاوي في ترجمة بدر الدين محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن المحب: أنّ له كتاب الدليل الواضح المعلوم على طهارة ورق الروم (2) وهذا الكتاب لم يصل إلينا بعد.
وسارعت إنكلترا إلى تصدير الكاغد إلى شمال إفريقيا ومصر واليمن، فقلدت الكاغد الفاسي الرقيق الداكن اللون الخالي من أية خطوط مائية أو
__________
(1) مجلة البحث العلمي، العدد 1.، 1967، 11في مقال لمحمد المنوني، نقلا من المعيار المعرب للونشريسي 1/ 76.
(2) الضوء اللامع 7/ 5150.(1/283)
علامة مائية، إلا أن المصنع أو المستورد بدأ يختم كل ورقة بختم مضغوط بحروف عربية يقرأ: المهدي الحلو وابن سوسان =، أو تظهر فيه العلامة المائية التي تقرأ: = المهدي الحلو وأخيه ودايبر بن سوسان = (1).
أما ما يظهر في الكواغد المصدرة إلى غير المغرب وخاصة مصر واليمن والبلاد العثمانية الأخرى فيظهر الختم: = أثر جديد عهد همايون =، ويوزعه له وكلاء في هذه البلدان (2)، وقد رأيت مخطوطات شامية وعراقية ويمنية ومصرية وحجازية وتركية مكتوبة على هذا الكاغد الأخير.
ومع هذا فقد استمرت فاس في صنع الورق الفاسي حتى زمن الطباعة الحجرية الفاسية (3) حيث ثم طبع العديد من النصوص عليه، أو على الورق المستورد من إنكلترا وربما أيضا من فرنسا (4).
وصنّعت إيران أيضا ورقا جيدا في مدن متعددة أسهب الأستاذ أيرج أفشار في ذكرها وذكر ألوانها المتعددة في مقالة نفيسة له (5).
__________
(1) انظر ما قاله محمد المنوني رحمه الله وإيانا في مجلة المناهل عدد 36، 1987عن هذا الكاغد الذي كان التاجران الفاسيان المهدي الحلو وأخاه مع ابن سوسان يستوردونه من انكلترا للأسواق المغربية، وانظر أيضا:
.، .. . 37.، 1978،
حيث نشرنا صورة الختم وصورة العلامة المائية، وانظر: تاريخ الطباعة في المغرب 19121865، لفوزي عبد الرزاق، ترجمة خالد بن الصغير، الرباط 1416هـ / 1996، 229.
(2) انظر: ما قاله محمد المنوني عن هذا الكاغد في مجلة المناهل المغربية، ع 36، لسنة 1987.
(3) عن الطباعة الحجرية في فاس، انظر: المطبوعات الحجرية في المغرب لفوزي عبد الرزاق، 1989.
(4) تاريخ الطباعة في المغرب 229.
(5) انظر مقالة: استخدام الورق في المخطوطات الإسلامية، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، أعمال المؤتمر الثاني لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 5535.(1/284)
وقد رأيت ورقا إيرانيا مصنوعا في مدينة يزد في مخطوطة مؤرخة في سنة 512هـ (1)، وأخر في أصفهان في القرن التاسع الهجري يحمل علامة مائية بدائية باهتة لا تكاد ترى بوضوح في النور الساطع، وأخر في أصفهان أيضا في مخطوطة مؤرخة في سنة 1107هـ (2).
ويؤكد هذا أنّ صناعة الكاغد في أصفهان استمرت حتى العشرينات من هذا القرن (3)، فقد = كان الورق الأصفهاني يوزع على كل مدينة، وكان دائما ممتازا في جودته، وكان يصنع فيها في القرن الثالث عشر ورق يسمى:
جهار بغل، وكاغد آخر يسمى كاغد فستقي نسبة إلى لونه الفستقي = (4).
وفي القرن الرابع الهجري كانت مصر تنتج أجود أنواع الورق وأنعمها (5)، على قول الثعالبي (6)، لوفرة زراعة الكتان فيها والقطن، ويذكر أيضا: أن قراطيس مصر للمغرب ككواغيد سمرقند للمشرق (7)، وإنّ شهرة ثياب القطن في خراسان مثل شهرة ثياب الكتان في مصر (8)، ومعنى هذا أنّ مصر كانت تنتج كواغد مصنوعة من الكتان، بيد أنّ جودة الكاغد المصري، على ما يبدو، قد تدهورت في زمن القلقشندي.
__________
(1) هي مخطوطة إرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري لابن اشتويه اليزدي، وهي محفوظة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض برقم: 851.
(2) مخطوطة في الأدعية الشيعية باللغة العربية والفارسية، وهي في ملكي الخاص، اشتريتها من الأخ عبد الغني الفطاطري المصري في سنة 1999م، وهي مزوقة التجليد تزويقا جميلا، وقد آلت هذه المخطوطة في يوم 28/ 6/ 2م إلى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض.
(3) ايرج افشار، المصدر نفسه 41.
(4) المصدر نفسه 42.
(5). 64
(6). 419.،، = =. .. 2 ..
(7) المعارف، لايدن 1867م، 136.
(8) المصدر نفسه ترجمة بوزورث، مطبعة جامعة ادنبرة 1968، 120.(1/285)
وذكر الثعالبي أيضا: أنّ وذار (1)، وهي من قرى سمرقند، كانت مشهورة بالثياب القطنية الوذارية (2)، ومن هذا الخبر نعلم أنّ القطن كان يزرع في نواحي سمرقند منذ القرن الرابع للهجرة أو قبله.
ويذكر عبد اللطيف البغدادي أن البدو والفلاحين كانوا يسرقون أكفان الموميات الفرعونية ويبيعونها على مصانع الورق، والمعروف أن أكفان الموميات هي من نسيج الكتان (3).
ولعل أغرب ما ورد في أحد تقارير محطة التلفزيونية حول الحضارة الفرعونية، في يوم الاثنين 7/ 8/ 2000م: أن أمريكا استوردت، في بداية الثورة الصناعية فيها، آلاف الموميات المصرية فاستعملت مصانع الورق أكفان الموميات لإنتاج ورق أسمر اللون كان يسمى = كاغد اللحم =، لأنّ الجزارين كانوا يستعملونه في لفّ اللحم، أما الموميات نفسها فكانت تستعمل وقودا في القطارات البخارية بدلا من الفحم، وكان هذا التقرير معززا بالصور.
ويذكر المقريزي: أنّ بالفسطاط ورّاقات يعمل فيها الورق، ومطابخ أخرى يصنع فيها الورق المنصوري (4)، وأشار أيضا إلى خان الوراقة مع مصنع للورق (5).
والظاهر أن صناعة الورق في مصر تضاءلت لأنّ ابن إياس الحنفي المتوفى سنة 930هـ كان يخشى من حدوث اضطرابات في الشام فينقطع الورق عن مصر (6).
__________
(1) انظر عنها: معجم البلدان 5/ 369.
(2) لطائف المعارف، ترجمة بوزورث 140.
(3). 64
(4) المواعظ والاعتبار، مطبعة النيل 1265، 2/ 77، 3198/ 27.
(5) كوكيس عواد، المصدر السابق 431.
(6) بدائع الزهور في وقائع الدهور، 3/ 449.(1/286)
وذكر بعض المشتغلين بعلم الاكتناه من المستشرقين مثل كراباجيك وردده بيدرسون: أنّ القطن لم يدخل قط في صناعة الورق الإسلامي (1)، وهذا رأي غريب، كآراء كاراباجيك الأخرى، لأن العارف بالكاغد المصري والشامي والبغدادي يعرف أن نفايات محالج القطن وخرق الملابس القطنية والكتانية كانت تستعمل مع غيرها من المواد في صناعة الكاغد وحسبك أن تنظر من خلال عدسة مكبرة على جوانب نهايات أوراق هذه الأنواع من الكواغد لترى الشعيرات القطنية واضحة المعالم فيها.
وانتقلت صناعة الورق إلى اليمن وقد وصلت إلينا مخطوطات مهمة مكتوبة على الورق اليمني مثل: كتاب أخبار الزيدية من أهل البيت وشيعتهم باليمن لمسلم بن محمد اللحجي المتوفى سنة 545هـ وهو مؤرخ في سنة 566هـ (2)، ويمكن تمييز الورق اليمني بوجود اختلاف واضح في ثخانة بعض أجزائة ورقاقة أجزاء أخرى منه ولا يستطيع الناظر فيه رؤية ذلك إلا من خلال ضوء ساطع، وأن بعض كواغد المخطوطات أصغر حجما من الكواغد الأخرى فيضطر الناسخ إلى تصغير السطر، كما تظهر هذه الظاهرة في بعض المخطوطات المكتوبة على الرق، والظاهر أن أكثر صناعة الكاغد في اليمن اعتمدت على الكتان والقنب، وأحيانا على الجوت المستورد من الهند أيضا، لأنّ بعض الكواغد اليمنية التي مرت على يدي كانت داكنة اللون بفعل الجوت التي تظهر أليافه الداكنة اللون واضحة تحت المجهر.
وهناك ظاهرة أخرى تتعلق بالكواغد المصنوعة في اليمن ومصر ونادرا ما نراها في كواغد بغداد أو الشام وهي أن الوراقين كانوا يصقلون
__________
(1). 65
(2) انظر: الفهرس الوصفي 2/ 7167عن وصف هذه النسخة المحفوظة بجامعة الإمام برقم: 2449.(1/287)
جانبا من الورقة ويلصقون الجانب غير المصقول على جانب غير مصقول من ورقة أخرى للوصول إلى تقوية الورقة إذا كان نوع الكاغد خفيفا، وقد تنفصل هاتان الورقتان على مرور الزمن فيظن المفهرس غير المتدرب أن هناك بياضا في المخطوطة.
وقد حدثنا المقدسي في أحسن التقاسيم عن هذه العملية في كلامه على صنعاء (1).
ويذكر الأستاذ إيرج أفشار أن بعض الوراقين الإيرانيين كان ماهرا في = قطع الورق إلى جزئين بتشريح سمكه إلى نصفين = (2).
وانتقلت صناعة الورق إلى تهامة في وقت مبكر كما ذكر ذلك النديم والمقدسي، إلا أننا لا نملك نموذجا لكاغد تهامة، ولا نعرف المواد التي كانت تستعمل في صناعته.
وفي الفترة التي احتل فيها نابليون مصر منذ سنة 1797م استطاع الفرنسيون صنع الورق محليا (3) لحاجة الإدارة الفرنسية إليه، وبعد أن انسحب الفرنسيون من مصر كان معظم الكاغد يستورد من إيطاليا، حتى أنشأ حسين حسني باشا الذي ولي إدارة مطبعة بولاق في سنة 1880م أول مصنع للورق في مصر (4).
ولعل هذا كان أساس إنشاء الكاغد خانة الخديوية في القاهرة التي بدأت تنتج الكاغد الجيد من ثفل قصب السكر ويسمى: وأخشاب نبات القطن وملابس الجنود القديمة، وكان لهذه الكواغد علامة مائية بالعربية
__________
(1). 66
(2) استخدام الورق في المخطوطات الإسلامية كما سجلته النصوص الفارسية القديمة لإيرج أفشار 38.
(3) الكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا 264.
(4) التراث العربي، لعبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة 1978، 46.(1/288)
وهي: صنع الكاغد خانة الخديوية أو الكاغد خانة الخديوية المصرية، أو تكون العلامة المائية على شكل هلالين تشع منهما حزم الأنوار، وفي داخلهما نجمتان بثمانية رؤوس تشع منهما الانوار أيضا وفي وسط النجمتين يظهر الحرفان الفرنجيان وهما على ما يظهر اختصار اسم المشرف الفرنسي أو الإنجليزي على المصنع، بل إن بعض أوراقها تحمل صورة الخديوي بشكل جميل جدا إضافة إلى ذلك فإن الكاغد خانة الخديوية كانت تصنع أوراقا خالية من أية علامة مائية ذات لون أسمر كانت تنتجة من بقايا قصب السكر قبل استيلاء الإنجليز على مصر، واستمر إنتاجه بعد ذلك أيضا إلا أن الإنجليز أدخلوا فيه العلامة المائية باللغة الإنجليزية وهي على شكل هلال وأمامه نجمة خماسية الرؤوس وأحاطت بهما كتابة باللغة الإنجليزية هي:، أي: الحكومة المصرية أو:، أي:
الرحى أو الطاحونة المصرية.
وغزت الأسواق العربية أنواع أخرى من الكواغد الهندية الصنع بعد احتلال الإنجليز لها والتي كانت تصنع من نبات الجوت (الخيش) أو الحلفاء أو منهما معا ويمكن تمييزه أيضا من علاماته المائية ولونه البني الداكن، وقد رأيت نوعا من الورق الهندي المصنوع من لب الخشب الخالص ينتجه مصنع كان يملكه شيخ أحمد شيخ داود ومعه تاريخ 1887م، وهذه الكواغد الهندية عموما يابسة القوام سرعان ما تتكسر في اليد إذا لم يحسن المفهرس تقليبها بلطف وعناية.
وقد تناول أنور محمود عبد الواحد في كتابه: قصة الورق (1) تاريخ الكتابة عند البابليين والسومريين وغيرهم، وصناعة البردي والرق والألواح
__________
(1) قصة الورق، لأنور محمود عبد الواحد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة د. ت، ونشر في القاهرة مرة أخرى سنة 1968.(1/289)
الخشبية المطلية بالشمع عند الرومان (1) ثم تناول تاريخ صناعة الكاغد عند الصينيين وانتقالها إلى العرب ومنهم إلى أوربا، ثم ذكر المواد الأولية التي تدخل في صناعة الورق، ثم فصّل القول في صناعة الورق الميكانيكية في الوقت الحاضر، إلا أنّ كتابه هذا بالرغم من فائدته للمهتم بصناعة الورق، يفتقر إلى ذكر المصادر التي نقل منها معلوماته.
ومثله فعل نعيم أديب فضل في كتابه: صناعة الورق الذي اقتصر فيه على صناعة الورق في العصر الحديث (2).
والآن: كيف يميز المفهرس الكواغد المختلفة من بعضها منذ القرن الثاني حتى نهاية القرن الثامن للهجرة؟ وكيف يعرف الكاغد السمرقندي أو البغدادي أو الشامي عموما بما فيه الحموي أو الدمشقي أو الطرابلسي أو الطبري، وكيف يعرف الكاغد اليمني بما فيه الصنعاني أو الكاغد الفاسي أو الكاغد الأندلسي أو الكاغد المصري أو الإفرنجي؟
الجواب على كل هذه الأسئلة يعتمد على توفر عدة أمور، منها:
1 - يجب أن يتخذ المفهرس بعض الآلات المساعدة له في عمله، مثل العدسات المكبرة وآلة المجهر المكبر وآلة الأشعة البنفسجية تحت الحمراء.
2 - يجب أن يكون المفهرس عارفا بالمواد الأولية التي كانت تصنع منها هذه الكواغد في حالتها الطبيعية، مثل الكتان والقنب والقطن أو أخشابه والحلفاء وقصب السكر والجوت وقصب الخيزران وقشور الرز وما إلى ذلك.
__________
(1) انظر: تاريخ الكتاب 1/ 7877عن المواد التي استعملها الرومان في الكتابة بما فيها ألواح الشمع.
(2) صناعة الورق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1984.(1/290)
3 - أن يكون عارفا بالجغرافية الزراعية للأقطار التي كانت الكواغد تصنع فيها، فإن بعض المواد الأولية التي تنبت في بلد ما قد لا تنبت في البلد الآخر، فإن الكتان والحلفاء مثلا يكادان ينبتان في كل الأقطار التي أنتجت الكاغد، وإنّ قصب السكر لا ينبت إلا في مصر والهند والأهواز (1) بصورة مجزية لاستعمال ثفله أو بقاياه في صناعة الكاغد، وإنّ الجوت لا ينبت في غير القارة الهندية وإن القطن لا ينبت في الأقطار المغربية والأندلس بصورة تجعل منه ومن أخشابه مادة أولية، ولا في أي قطر أوربي، وهو وفير في مصر والعراق والشام وخراسان وسمرقند، وإنّ الرز لا ينبت إلا في مصر والعراق والقارة الهندية لتوفر المياه لزراعته، وقشور الرز وسيقانه لا تكاد تستعمل في صناعة الكاغد إلا نادرا، وإنّ نبات القنب نبات آسيوي يكثر في خراسان وأفغانستان وفي شمال القارة الهندية، وتستعمل من أليافه الحبال القوية وخاصة حبال السفن وشباك صيادي الأسماك.
4 - أن يكون المفهرس عارفا بأشكال هذه المواد وظهور أليافها تحت المجهر المكبّر، فإنّ ألياف القنّب تختلف في هيئتها عن ألياف الكتان أو القطن أو الخشب.
5 - أن يكون فطنا نبيها حاد الملاحظة في معرفة أنواع الكواغد من خلال المخطوطات التي يذكر النّساخ فيها مواضع النسخ فيستطيع عندئذ مقارنتها مع المخطوطات التي لا يذكر النساخ مكان النسخ فيها، وهذا لا يأتي إلا بالمران الطويل والدّربة والمعاناة.
__________
(1) الصواب: الأحواز.(1/291)
6 - إنّ بعض الكواغد الشامية التي كانت تصنع في طرابلس وحماة وربما في غيرهما، تظهر فيها الخطوط المائية البدائية الثنائية أو الثلاثية المتقاربة المسافات، ولا تظهر هذه الخطوط في الورق البغدادي أو الأندلسي أو المغربي أو اليمني والفاسي، وقد بدأت هذه الخطوط بالظهور فيها في حدود سنة 720للهجرة.
7 - أما الكواغد الفرنجية فإن معرفة مصادر صناعتها أسهل بكثير معرفة أصول الكواغد المشرقية أو المغربية أو الأندلسية أو اليمنية، لأنها تتميز بالخطوط المائية المتوازية والعلامات التجارية المائية التي يمكن البحث عنها في الكتب الخاصة بالعلامات المائية المنشورة والتي تحتوى على صور مؤرخة واضحة، تمكّن المفهرس من معرفة تاريخ صنعها ومكان صنعها، وهو أنواع عديدة، منها الأبيض الخشن، ومنها الأبيض المسقي، ومنها الأسمر الخشن وهو من أسوأ أنواعها، والخشن المسقي، وأعني بالمسقي: الورق المطلي بالنشا أو الصمغ الخفيف، أو نوع من الجيلاتين لمنع انتشار الحبر.
8 - الكاغد المصري المصنوع من ثفل قصب السكر يمكن معرفته من لونه الذي يميل إلى الخضرة الخفيفة الداكنة المكمودة، وهو في الغالب خال من أية خطوط متوازية أو أية علامات مائية، أما إذا كان يميل إلى الصفرة الداكنة فهو مصنوع من الحلفاء والتبن وخشب نبات القطن، ويمكن معرفة الكاغد الذي كانت تنتجه الكاغد خانة المصرية من العلامات المائية فيه.
9 - الكاغد الهندي عموما يميل لونه إلى الاسمرار الداكن لأنه مصنوع من نبات الجوت والخشب والحلفاء والخيزران، وهو متماسك الجرم، وغالبا ما يكون مصقولا، وبعضه مصنوع من الخشب وحده ولذلك
يتقصف بسهولة ويتكسر، وتظهر في بعضه الخطوط المائية والعلامة المائية التجارية، وبعضه لا يحملهما، وغالبا ما يكون خشنا.(1/292)
9 - الكاغد الهندي عموما يميل لونه إلى الاسمرار الداكن لأنه مصنوع من نبات الجوت والخشب والحلفاء والخيزران، وهو متماسك الجرم، وغالبا ما يكون مصقولا، وبعضه مصنوع من الخشب وحده ولذلك
يتقصف بسهولة ويتكسر، وتظهر في بعضه الخطوط المائية والعلامة المائية التجارية، وبعضه لا يحملهما، وغالبا ما يكون خشنا.
10 - ويتميز ورق أصفهان بانتظام سطحه وخفة جرمه وسقيه إما بزلال البيض أو بالنشا أو بالصمغ الخفيف جدا، أو بهما معا، وهو خال غالبا من الخطوط المائية أو العلامة المائية.
11 - ويتميز الورق اليمني بسعة حجم الورقة وخاصة في الكواغد الصنعانية المصنوعة بعد نهاية القرن الثامن للهجرة، وباختلاف ثخانة وخفة سطحه، وهو غالبا ما يكون مصنوعا من القنب والكتان أو من القطن والكتان أو قد يدخل الجوت في صناعته فيكون لونه غامقا كدرا، ويتميز سطحه ببياضه وسقيه بالنشا وصقله الذي تظهر آثاره للعين بسهولة، ولا تظهر فيه أية خطوط أو علامة مائية.
12 - أما الكاغد الفاسي فهو أنواع عديدة منها ما هو رديء الصنع، أسمر اللون داكن، خشن يتقصف بسرعة طبعت عليه أغلب النصوص الفاسية الحجرية، ومنها ما هو ناعم الملمس، فيه طراوة ولين فلا يتكسر بسهولة، وكلها مصنوعة من الخشب أو الخشب والحلفاء والتبن، وفي بعضه ثخانة خفيفة، وأجزاؤه متناسقة، ولونه يميل إلى الاسمرار الداكن المكمود لتأثير لون الماء الكدر الذي استعمل في تنظيف الجير من العجينة، وجميع الكواغد الفاسية خالية من أية خطوط أو علامة مائية، وأجود أنواعها ما لو عرضته على ضوء المصباح ونظرت من خلال العدسة المكبرة إلى سطح الورقة لرأيت فيها ذرات كثيرة جدا تلتمع على سطحها، وهي إما ذرات التبن اللمّاعة مع ذرات الصمغ العربي أو قد تكون ذرات الرمل المتطاير الذي تساقط على الكواغد وهي بعد طرية فالتصق بها قبل جفافها.(1/293)
الخطوط والعلامات المائية في الكاغد
لقد تنبه العرب عفوا، أو تعمدا إلى فعل الأسلاك النحاسية في الكاغد حين تترك في الورقة خطوطا يمكن رؤيتها من خلال تعريض الورقة للشمس أو ضوء لامع، فظهرت هذه الخطوط في كواغد نهاية القرن السابع للهجرة بصورة بدائية، وازداد ظهورها في النصف الأول من القرن الثامن (1)
وهي تسمى: الخطوط المائية، فقلدها صنّاع الورق الأوربيون وأضافوا إليها علامة خاصة بمصانعهم، وأقدم علامة مائية في الورق الأوربي ظهرت في كاغد يعود إلى سنة 681هـ / 1282م بيد أن هذه العلامة المائية بدائية الصنع لا تكاد تبين بوضوح (2)، لأنها على ما يظهر لم تكن متعمدة (3).
وقد تخبط مؤرخو صناعة الكاغد الأوربيون في تفسير هذه العلامات التي ظهرت في الكواغد الأوربية الأولى وما تحمله من معان ودلالات خفية أو ظاهرة، فقال بعضهم: إنها رموز تعارف عليها صنّاع الورق الذين كان أغلبهم من الكثاريين والوالدويين، وهم من الفرق الخارجة على أحكام الكنيسة، فيما بينهم للتدليل على نقدهم الخفي للكنيسة الكاثوليكية واحتجاجهم على تعاليمها (4).
__________
(1) أحسن مثال لها هو كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن المتوفى سنة 804هـ وهي مكتوبة على ورق حموي تظهر فيه الخطوط المائية الثنائية الضيقة الإبعاد، وهي محفوظة في مركز الملك فيصل بالرياض برقم: 312.
(2). 26061 .. ،
(3) الخطوط المائية ظهرت أولا في الكاغد الشامي وليس في مصنع فابريانو كما نقل محمد ماهر حمادة في الكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا 152عن مصدر أوربي.
(4). 260.، وانظر الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية 3533.(1/295)
ومرّ قرن من الزمان على هذه العلامة المائية الأولى قبل أن يبدأ صنّاع الورق الأوربيون بتحسينها فرسموا فيها أشكالا متعددة من الزهور والأثمار وروؤس الحيوانات والتيجان والدروع والأهلة وغير ذلك، ومعرفة هذه العلامة وتاريخها مهم جدا للمفهرس وللمحقق لمعرفة زمن نسخ المخطوطة التقريبي إذا كان هناك شك في تاريخ نسخها أو في زمن تأليفها، وكلّ صور هذه العلامات المائية مع تواريخ صنعها والبلدان التي صنعت الكواغد منشورة في مجلدات كثيرة وبلغات أوربية متعددة.
وهنا يجب أن أقرر حقيقة عملية تتعلق بتوريخ العلامات المائية في الكواغد الأوربية فإنّ على المفهرس أو المحقق أن لا يعتمد اعتمادا كليا على توريخ العلامات المائية أو أماكن صنعها دون دليل ثابت لا يقبل النقض، فقد ينتج أحد مصانع الورق نوعا من الكواغد مع علامة مائية معينة إلا أنه، لسبب أو لآخر، لا يستطع توزيع أو بيع هذا الكاغد إلا بعد سنين طويلة من إنتاجه، أو أنّ المستورد له لم يستطع تصريف المخزون من هذا الكاغد أو ذاك إلا بعد سنين طويلة، أو أنّ أحد المصانع قد أفلس وباع آلاته مع قوالبه الحاوية على علامته المائية إلى مصنع آخر في البلد نفسه أو إلى مصنع آخر في قطر آخر، ثمّ صار هذا المصنع ينتج كاغدا يحمل العلامة نفسها لأنه لم يشأ أن يستبدل العلامة في القالب أو لم يغيرها لأسباب تجارية محضة (1)، لعل أهمها شهرة العلامة أو سمعتها التجارية في الأسواق.
لقد مرت على يدي أنواع كثيرة من الكواغد المشرقية، والفرنجية حين فهرست كثيرا من المخطوطات العربية في أوربا أو في الشرق، وقد تجمعت عندي أنواع متعددة منها، أدرجها هنا حتى تكون مفتاحا للمفهرس في لمعرفة بعض خصائصها فتعينه على تيسير عمله، وقد ألحقت ببعضها تواريخ
__________
(1). 264265 .. ،(1/296)
المخطوطات التي ظهرت فيها ليستطيع المفهرس مقارنتها مع ما يقع في يده، وهي كثيرة، أدرج منها ما يأتي:
كاغد بغدادي، في مخطوطة أعمار الأعيان لابن الجوزي المحفوظة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1)، وكتاب المذكر والمؤنث لأبي حاتم السجستاني التي كانت محفوظة في مكتبة يوسف أغا بقونية (2) وهما مكتوبتان على كاغد بغدادي الصنع، تظهر فيه ألياف نبات الكتان بوضوح تحت العدسة المكبرة.
كاغد سمرقندي، في مخطوطة = السلميات = لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، مؤرخة في سنة 474هـ، وهي محفوظة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون، خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل كف مستندة على قاعدة، ويظهر فيها حرفان فرنجيان أحدهما والثاني لا يبين، المخطوطة مؤرخة في سنة 958هـ.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل نصف مرآة تحيط بها مقرنصات وفي أسفلها كتب الحرفان الفرنجيان .. .
كاغد مصري الصنع اسمر اللون كانت الكاغد خانة المصرية تنتجه، تظهر فيه العلامة المائية وهي هلالان تشع منهما حزم أشعة وفي داخلهما نجمتان ذواتا رؤوس ثمانية تشع منها أيضا حزم الأشعة، وفي
__________
(1) حققها ونشرها الدكتور محمود الطناحي رحمه الله وإيانا.
(2) لقد رأيتها في الرياض في شهر سبتمبر من سنة 1999ولكن ظهر إنها قد سرقت من قونية وعرضت للبيع في الرياض، وقد نشرها مركز جمعة الماجد في دبي بتحقيق الدكتور حاتم الضامن عن النسخة نفسها.(1/297)
داخل النجمتين حرفا .. الفرنجيان، فلعلهما اختصار اسم المشرف على المصنع.
كاغد فرنجي أبيض خشن متماسك تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهلة متتالية بدائية الرسم مع الحرفين الفرنجيين. .، وهذا كاغد إيطالي كان يصنع في فابريانو في بداية القرن الثاني عشر للهجرة.
كاغد فرنجي الصنع ابيض صقيل خفيف الجرم تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل تاج.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل برج كنيسة مثلث الرأس مستقر على قاعدة مستطيلة.
كاغد فرنجي الصنع اسمر اللون تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية تاج كبير مزهر.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل ورقة النفل أو الجت الثلاثية، والمخطوطة مؤرخة بتاريخ 996هـ واخرى في سنة 1158هـ.
كاغد ألماني الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل نسر ناشر جناحيه وعلى جانبيه سيفان، والمخطوطة مؤرخة بتاريخ 1324هـ
كاغد فرنجي الصنع إيطالي أسمر اللون خشن تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهلة بدائية الرسم لا تكاد تبين، وهو يعود إلى نهاية القرن الحادي عشر للهجرة.(1/298)
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون صقيل تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل عنقود عنب يتدلى من تاج، والمخطوطة مؤرخة بتاريخ 1135وأخرى 1138وأخرى 1147هـ، وأخرى في سنة 1151هـ.
كاغد فرنجي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي على شكل مرآة وفي داخله صورة أسد قائم على رجليه الخلفيتين، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1232هـ.
كاغد فرنجي الصنع والعلامة المائية التجارية المتميزة على شكل مصباحين يتدليان من جانبي عمود، وبعض المخطوطات المكتوبة عليه مؤرخة في سنة 1019هـ.
كاغد مصري الصنع أسمر اللون تظهر فيه العلامة المائية باللغة الإنجليزية = الحكومة المصرية = وصورة هلال وتاج، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1301هـ.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون صقيل تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل تاج يتدلى منه عنقود عنب، والنسخة المخطوطة مؤرخة في سنة 1113هـ.
كاغد مشرقي الصنع سميك الجرم متماسك وردي اللون، وهو خال من أية خطوط أو علامة مائية.
كاغد مشرقي الصنع سميك الجرم متماسك أسمر اللون، وبعضه وردي اللون، وبعضه أصفر اللون إلا أنها من عصر واحد وهو خال من أية خطوط أو علامة مائية.
كاغد مشرقي شامي تظهر فيه الخطوط البدائية المتوازية الضيقة وهذا دليل على أن هذا النوع من الكاغد المشرقي الحاوي على الخطوط
المتوازية بدأ بالظهور في بداية القرن الثامن للهجرة ومنهم تعلمها الأوربيون، والمخطوطة مؤرخة بدمشق سنة 734هـ.(1/299)
كاغد مشرقي شامي تظهر فيه الخطوط البدائية المتوازية الضيقة وهذا دليل على أن هذا النوع من الكاغد المشرقي الحاوي على الخطوط
المتوازية بدأ بالظهور في بداية القرن الثامن للهجرة ومنهم تعلمها الأوربيون، والمخطوطة مؤرخة بدمشق سنة 734هـ.
كاغد فرنجي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل تاج خماسي الرؤوس.
كاغد فرنجي الصنع والعلامة المائية على شكل نسر برأسين ناشر أجنحته وعلى كل رأس منهما تاج.
كاغد إيطالي الصنع والعلامة المائية فيه على شكل ثلاثة أهلة متتالية مع الحرفين الفرنجيين:. لم أتبين فيهما بعد اسم صانع الكاغد.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل برج كنيسة مثلث الرأس مستقر على قاعدة مستطيلة.
كاغد إنجليزي الصنع أسمر اللون خشن تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي: مع صورة التاج البريطاني، وهو كاغد كان يصنع في الهند من ألياف الخشب أو الخيزران ونوع من الحلفاء.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ، كان يصنع من نفايات القطن والخرق وسيقان نبات الكتان، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة، وهي التي اقتبسها صانعو الكاغد الإيطاليون ومنهم انتشرت في صناعة الكاغد الأوربية، القرن الثامن للهجرة.
كاغد إيطالي الصنع والعلامة المائية التجارية على شكل ثلاثة أهلة متتالية، ودرع في داخله هلال بوجه إنسان عابس.
كاغد أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل هلال.(1/300)
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة وهي على شكل ورقة النفل أو الجت الثلاثية.
كاغد فرنجي الصنع أبيض وأخضر وأزرق ملون محليا بالزعفران وصبغ النيلة، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد إيطالي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان مع الأحرف الفرنجية.
كاغد مصري الصنع، أسمر اللون كانت الكاغد خانة الخديوية المصرية تنتجه، تظهر فيه العلامة المائية، هلالان تشع منهما حزم الأنوار، وفي داخلهما نجمتان بثمانية رؤوس تشع منهما الأنوار أيضا في وسط النجمتين يظهر الحرفان الفرنجيان:. .
كاغد فرنجي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل حزام مع إبزيم ويحيط الحزام بنسر ناشر جناحيه، وفي داخل مساحة الحزام كتب: باللغة اللاتينية، ومعنى هذا الشعار الإعلائي: «بالإيمان والشجاعة».
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ، أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة، والمخطوطة مؤرخة في سنة 982هـ.
كاغد عربي الصنع أسمر اللون جيد النوعية متماسك تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية المتقاربة، وهذه سمة الكاغد العربي الشامي الذي بدأ يظهر في نهاية القرن الثامن للهجرة، وقبل أن يغلب الكاغد الإيطالي على الأسواق ويقتل صناعة الكاغد العربي.(1/301)
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية، وهي عنقود عنب معلق في تاج، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1147هـ.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة، والمخطوطة مؤرخة في سنة 928هـ.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة.
كاغد مشرقي الصنع أبيض صقيل تظهر فيه بعض الخطوط المائية البدائية، والمخطوطة مؤرخة في الشام سنة 928هـ.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ أسمر متماسك، تظهر فيه الخطوط المائية المتوازية الضيقة.
كاغد إنجليزي الصنع أسمر اللون صقيل، كان يصنع في الهند من لب الخشب ونبات الجوت، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد عربي مشرقي شامي، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية الضيقة.
كاغد يمني الصنع أسمر اللون جيد النوعية متماسك، كان يصنع من الخرق البالية وحبال القنب ولب الخشب، إضافة إلى نبات الجوت المستورد من الهند.
كاغد مشرقي يمني الصنع أسمر صقيل جيد النوعية متماسك، كان يصنع من حبال نبات القنب والخرق القطنية والكتانية ولب الخشب، وهو خال من الخطوط المتوازية والعلامة المائية.(1/302)
كاغد مصري الصنع أسمر اللون، خال من أية خطوط أو علامة مائية كانت الكاغد خانة الخديوية تنتجة قبل استيلاء الإنجليز على مصر واستمر، إنتاجه بعد ذلك أيضا بعد أن استعمروا مصر فأدخلوا فيه العلامة المائية باللغة الإنجليزية.
كاغد مشرقي الصنع شامي المنشأ أسمر اللون، جيد النوعية متماسك، كان يصنع من نفايات القطن والخرق القطنية وسيقان الكتان، (القرن الثامن).
كاغد مشرقي الصنع أبيض صقيل متماسك، خال من أية خطوط متوازية أو علامة مائية، الشام سنة 900هـ.
كاغد مشرقي الصنع أسمر اللون، مصنوع من نفايات القطن وسيقان نبات الكتان، خال من الخطوط المتوازية والعلامة المائية.
كاغد شامي الصنع جيد النوعية متماسك، تظهر فيه الخطوط المتوازية الضيقة فقط.
كاغد إنجليزي / هندي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد فرنجي الصنع إنجليزي / هندي المنشأ أسمر اللون صقيل تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد أسمر اللون خال من أية خطوط متوازية أو أية علامة مائية، وهو مصنوع من لب الخشب، والظاهر أنه كان يصنع في الهند.
كاغد إيطالي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان عابس.
العلامة المائية التجارية المتميزة على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان، إضافة إلى كتابة بالعربية: «بياض أبو شبك إسطمبولي عال أصيلي» وهو دون شك إيطالي الصنع.(1/303)
تاج مستقر على إطار مزهر، وتظهر الحروف الفرنجية تحته.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي تاج تعلوه نجمة سداسية الرؤوس وثلاثة أهلة متتالية.
كاغد فرنجي الصنع اسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي على شكل درع، وفي داخله نجوم سداسية الرؤوس.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي على شكل درع في داخله هلال بوجه إنسان.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان عابس.
كاغد مصري الصنع أسمر اللون خال من أية خطوط متوازية أو علامة مائية.
كاغد فرنجي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية تاج مزهر.
كاغد مغربي الطراز، كان يصنع في مدينة فاس، أسمر اللون، خال من أية خطوط أو علامة مائية، كان يستعمل في الغالب للطباعة الحجرية الفاسية.
كاغد فرنجي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل عنقود عنب مدلّى.(1/304)
كاغد إيطالي أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية، والعلامة المائية التجارية على شكل ثلاثة أهلة متتالية.
كاغد مصري الصنع أبيض صقيل خال من أية خطوط أو علامة مائية.
كاغد إيطالي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية، والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهله متتالية بوجه إنسان.
كواغد فرنجية الصنع مختلفة الألوان بما فيها الأسمر الخشن والأصفر والأبيض الصقيل، تظهر فيها كلها الخطوط المتوازية، والعلامات التجارية المختلفة.
كاغد إيطالي الصنع والعلامة المائية التجارية على شكل درع في داخله هلال بوجه إنسان وكتب الحرفان الفرنجيان. (آندريه جلفاني).
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية مثلثان يتدليان من عمودين، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1019وأخرى في 1067مما يدل على أنه من صنع القرن الحادي عشر للهجرة.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة على شكل مثلثين مقلوبين متدليين من عمودين، القرن الحادي عشر للهجرة.
كاغد فرنجي الصنع إيطالي المنشأ أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل ثلاثة أهلة متتالية.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل إطارين مقرنصين متقابلين وفي داخلهما نجمتان سداسية الرؤوس وفي أعلاهما تاج.(1/305)
كاغد فرنجي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع وفي داخله هلال بوجه إنسان مع الأحرف الفرنجية. .. .
كاغد هندي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية بالحروف الفرنجية (شيخ أحمد شيخ داود).
كاغد إنجليزي الصنع أسمر اللون خشن تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
اغد إنجليزي الصنع كان يصنع في الهند من لب الخشب ويصدر إلى الشرق العربي، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد إنجليزي الصنع أبيض صقيل، كان يصدّر إلى عدن واليمن تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط.
كاغد فرنجي الصنع ألماني المنشأ، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة على شكل نسر ناشر جناحيه وعلى جانبيه سيفان مصلتان.
كاغد إنجليزي الصنع كان يصنع في الهند، أسمر اللون تظهر فيه الخطوط المتوازية، وجملة من العلامات المائية على شكل هلال، وفي داخله نجمة خماسية الرؤوس، ونص باللغة العربية، وآخر باللغة الهندية والإنجليزية: وهو يشبه ما صنعوه في مصر بعد تغلبهم عليها فغيروا علامة الكاغد خانة الخديوية العربية إلى الإنجليزية.
كاغد إيطالي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية، والعلامة المائية التجارية درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان عابس ومعه الحرفان الفرنجيان: أي: فيتوري جولفاني صاحب مصنع الكاغد.(1/306)
كاغد إيطالي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة على شكل هلال بوجه إنسان.
كاغد هندي الصنع جيد النوعية أسمر اللون، مصنوع من لب الخشب ونبات الجوت، خال من أية خطوط متوازية أو علامة مائية.
كاغد هندي الصنع، والعلامة المائية على شكل قوس له قاعدة، ورسم داخل القوس رأس فيل وكتب فوق القوس كلمة (خيزران) وفي داخل القاعدة كتب: (ورق هندي من لب الخيزران)، إضافة إلى ذلك، تظهر فيه كتابة أخرى هي:.
كاغد فرنجي الصنع، والعلامة المائية التجارية على شكل مقرنصات ثنائية متقابلة، وبداخلها صورة حيوان لا تبين مع ثلاث نجمات صغيرة على شكل صلبان غير مصمتة مع الكلمة الإيطالية.
كاغد إيراني أو أفغاني الصنع أسمر اللون، كان يصنع من القنب والكتان والتبن والحشائش الجافة وما إلى ذلك، يظهر كل ذلك فيه تحت المجهر أو للعين المجردة. 15شوال 951هـ
كاغد فرنجي الصنع خال من الخطوط المتوازية إلا أنه تظهر فيه العلامة المائية التجارية واسم الصانعة الإيطالية.
كاغد فرنجي الصنع خال من أية خطوط أو علامة مائية سوى ثلاثة أحرف فرنجية هي:. .. لا غير.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان مع الأحرف الفرنجية. .. .(1/307)
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله صورة كلب واقف على رجليه الخلفيتين.
كاغد فرنجي الصنع والعلامة المائية التجارية على شكل مرآة كبيرة مزدانة بمقرنصات في وسطها الحرف الفرنجي.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ثلاثة حروف فرنجية وهي:. .. .
كاغد إيطالي الصنع والعلامة المائية التجارية على شكل ثلاثة أهلة متتالية مع الحرفين .. الدالين على صانعه فيتوري جولفاني.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل مرآة بيضوية، وفي داخلها فتاة رومانية جالسة على دولاب عربة، وتحمل بيدها اليسرى غصنا ثلاثي الأوراق وتحمل في يدها اليمنى رمحا، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1286هـ.
كاغد مشرقي شامي الصنع أسمر اللون صقيل، مصنوع من القطن وسيقان نبات الكتان، وتظهر في بعض أوراقها الخطوط المائية البدائية، والمخطوطة مؤرخة في سنة 724هـ.
كاغد إنجليزي الصنع أبيض سميك الجرم جيد النوعية، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل مرساة سفينة مع كتابة بالإنجليزية 1870.
كاغد مصري الصنع، كانت الكاغد خانة المصرية تنتجه قبل غلبة الإستعمار الإنجليزي على مصر، واستمرت تنتجه بعده، بيد أن العلامة المائية التي كانت في بعضه حوّلها الإنجليز إلى = الرحى المصرية =، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1287هـ.(1/308)
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة هي: مرآة يحيط بها إفريز بمقرنصات، وفي داخلها صورة أسد واقف على رجليه الخلفيتين وذيله على شكل حربة، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1281هـ.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية إضافة إلى اسم الصانع الألماني:
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ميدالية مدورة تنطلق منها ما يشبه أربعة عناقيد عنب من جهاتها الأريع، كتب في داخلها بحروف فرنجية مشوشة يمكن أن تكون أو.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهلة بدائية الرسم متتالية، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1122هـ.
كاغد مصري الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية باللغة الإنجليزية مع هلال ونجمة سداسية الرؤوس، والغريب أن لفظة حكومة كتبت هكذا:
أو
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهلة متتالية ومعها الحرفان .. الفرنجيان.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية مرآة كبيرة في داخلها هلال بوجه إنسان، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1219هـ.(1/309)
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل تاج، وفوقه نجمة خماسية الرؤوس وفوقها هلال، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1102هـ.
كاغد مصري الصنع، أسمر اللون خال من أية خطوط أو علامة مائية.
كاغد إنجليزي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية والظاهر أنه صنع ليشابه تماما الكاغد المصري في اللون والتركيب، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1368هـ.
كاغد فرنجي الصنع خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل حروف فرنجية فقط هي:.
كاغد مصري الصنع أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية بالحروف الفرنجية هي مع عدد من الأهلة المصرية ونجومها الخماسية الرؤوس.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية مثلثان يتدليان من عمود داخل دائرة، القرن الحادي عشر للهجرة.
كاغد مصري الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه العلامة المائية على شكل هلال يحيط بثلاث نجمات خماسية الرؤوس مع تاريخ الصنع بالتاريخين الهجري والميلادي (1350هـ 1931م) وفوقها عبارة = الحكومة المصرية =.
كاغد فرنسي الصنع أبيض اللون خال من أية خطوط متوازية، إلا أن اسم المصنّع وعنوانه الذي يظهر فيه هو:
8 - والنسخة مؤرخة في سنة 1353هـ.(1/310)
كاغد فرنجي الصنع أبيض خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان، ويظهر حرفا. وهما اختصار فيتوري جلفاني.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ورقة النفل (او البرسيم) الثلاثية الأوراق () مع حرفي .. الفرنجيين، ويظهر فيه رسم بدائي لمثلثين يتدليان من عمود، وهو يعود إلى القرن الحادي عشر للهجرة.
كاغد مصري الصنع أبيض خشن مصنوع من القطن، تظهر فيه الخطوط المتوازية فقط، لعله كان يصنع من نفايات مصانع نسيج المحلة الكبرى أثناء الإحتلال البريطاني لمصر.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون سميك متماسك، تظهر فيه الخطوط المتوازية، والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله نجوم سداسية الرؤوس، والنسخة مؤرخة: = في 7ل سنة 65= [7شوال سنة 1265هـ].
كاغد إنجليزي الصنع، أسمر اللون صقيل، خال من أية خطوط متوازية أو علامة مائية بيد أنه يحتوى على طابع مضغوط واضح يقرأ: = أثر جديد عهد همايون = (1) مصنوع من لب الخشب، فلعله كان يصنع في الهند أثناء الاحتلال البريطاني لها، ويصدر إلى مصر وشمال إفريقيا والبلدان العثمانية الأخرى.
كاغد مشرقي الصنع بغدادي النجار أسمر اللون، أقل جودة مما نعهده في الكواغد البغدادية، مصنوع من خليط عجيب من المواد منها القطن
__________
(1) انظر: ما قال العالم المغربي محمد المنوني عن هذا الكاغد في مجلة المناهل المغربية، عدد 36، سنة 1987.(1/311)
المستعمل القديم وسيقان الكتان وعجين الخشب والتبن ومواد أخر لم أتبينها تحت المجهر، وهو خال من أية خطوط متوازية أو علامة مائية، بتاريخ 774هـ.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية تاج كبير الحجم.
كاغد فرنجي الصنع أبيض خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل رأس حربة، أو سكين وعليها ما يشبه صورة عمامة.
كاغد فرنجي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل دائرة في داخلها صليب، والنسخة مؤرخة بتاريخ 1060هـ.
كاغد فرنجي الصنع، أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل نصف برواز مرآة وهلال بوجه إنسان، والنسخة مؤرخة بتاريخ 1219هـ.
كاغد فرنجي الصنع، أسمر اللون صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية ورقة الجت الثلاثية داخل إطار مع النص الفرنجي والنسخة مؤرخة بتاريخ 1158هـ.
كاغد فرنجي الصنع، أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل مرآة مؤطرة كبيرة، والنسخة مؤرخة في سنة 1200هـ.
كاغد فرنجي الصنع تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل محارب داخل دائرة وهو يحمل درعا ورمحا.(1/312)
كاغد مصري الصنع أسمر اللون، كانت الكاغد خانة المصرية تقوم بصنعه، تظهر فيه العلامة المائية = ورق خديوي عال =، وبعدها صورة الخديوي توفيق أو إسماعيل.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، إلا أنه من نوعية رديئة، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية والعلامة المائية التجارية ثلاثة أهلة متتالية لا تكاد تبين، ومعها تاج عروس وتحته الحرفان .. الفرنجية.
كاغد مصري الصنع، كانت الكاغد خانة الخديوية المصرية تنتجه أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، تظهر فيه العلامة المائية وهي هلال وأمامه نجمة خماسية الرؤوس، وأحاطت بهما كتابة باللغة الإنجليزية هي: أي: = الحكومة المصرية =.
كاغد فرنجي (إيطالي) الصنع أبيض خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة درع في داخله هلال بوجه إنسان عابس، وتحت الدرع يظهر الحرفان الفرنجيان .. .
كاغد مصري الصنع أسمر اللون، خال من أية خطوط أو علامة مائية، كانت الكاغد خانة الخديوية المصرية تنتجه من ألياف الخشب أو ثفل قصب السكر.
كواغد فرنجية إيطالية بيضاء وصفراء ووردية الألوان، تظهر فيها الخطوط المتوازية والعلامات المائية التجارية مع الحروف الفرنجية وو النسخة مؤرخة بتاريخ 1195هـ.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل تاج، وفوقه ثلاث نجمات سداسية الرؤوس.
كاغد فرنجي إيطالي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل درع، وفي داخله هلال بوجه إنسان مع اسم الصانع الإيطالي.(1/313)
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية المتميزة مثلثان متدليان من عمود داخل إطار بيضوي الشكل، القرن الحادي عشر.
كاغد فرنجي الصنع أسمر اللون، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل فارس يركب حصانا وفي يده لواء، داخل دائرة مزدوجة الخطوط.
كاغد عربي الصنع أسمر اللون خشن سميك الجرم، تظهر فيه الخطوط المتوازية البدائية القريبة من بعضها، والنسخة مؤرخة بتاريخ 1074هـ.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل برج كنيسة يعلوه صليب.
كاغد مصري الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية بالحروف الفرنجية: والكاغد مؤرخ في سنة 1830م.
كاغد فرنجي الصنع أبيض صقيل، مصنوع من لب الخشب فقط، يحتوى على علامة مائية على شكل مقص، وعلى يمينه الحرفان الفرنجيان .. والنسخة مؤرخة بتاريخ 1180هـ.
كاغد فرنجي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل كف إنسان.
كاغد أوربي الصنع أسمر اللون سميك الجرم، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية باسم: = انجران = وكلمة ومؤرخ في سنة 1870م، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1363هـ.
كاغد أوربي أبيض سميك الجرم، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة التجارية على شكل مقص.
كاغد أوربي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل شمعدانين معهما حرفا.(1/314)
كاغد أوربي الصنع أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية شكل جرس كبير معلق من أغصان زهرية، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1116هـ.
كاغد مشرقي شامي الصنع، مصنوع من القطن وألياف نبات الكتان، تظهر فيه الخطوط المائية الثلاثية البدائية.
كاغد أوربي أسمر اللون خشن، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية وهي شكل تاج، وفوقه نجمة سداسية الرؤوس، وفوقها هلال مفتوح إلى الأعلى، والمخطوطة مؤرخة في سنة 1091هـ.
كاغد إسباني، صنع في سنة 1723م في مدريد، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية، على شكل ثلاث دوائر في داخل الأولى هلال باطنه يتجه إلى الأولى وفوق الأولى صليب، والثانية كتب فيها ما يشبه حرف:، والدائرة الثالثة كتب فيها حرف:، ويظهر هذا في مخطوطة مغربية.
كاغد برتغالي الصنع، تظهر فيه الخطوط المتوازية والعلامة المائية التجارية على شكل دائرتين داخل إحداهما هلال يتجه إلى الدائرة الثانية وفي الأخرى ساق إنسان أو حذاء طويل، وكان هذا الكاغد يصنع في لشبونة في القرن الثاني عشر / الثامن عشر، ويصدر إلى المغرب، ويظهر في مخطوطة مغربية أيضا.(1/315)
صناعة المداد والحبر
ما يزال يشوب معرفة بداية صناعة المداد غموض كثيف، فليست لدينا أدلة محددة على بداية صنعه، والمواد التي استعملها الإنسان في تركيبه، بيد أنّ هناك اتفاقا على أنّ العصر الأول للكتابة هو عصر الكتابة بالصور التي ظهرت أول ما ظهرت على أدوات الاستعمال اليومي عند البشر، وعلى جدران كهوف المراحل المتوسطة والمتأخرة من العصر الحجري القديم (1).
فقد استعمل الإنسان المواد الطبيعية الملونة منذ زمن بعيد في رسم ما كان في بيئتة من حيوانات، أو أدوات صيد وغير ذلك مما نراه في الرسوم والنقوش التي تكتشف تباعا في الكهوف والمغائر (2)، إضافة إلى الكتابات الكثيرة على الصخور أو غرف القبور حيث استعمل الإنسان القديم أنواعا من الأحبار المعدنية أو النباتية أو معا، فكان منها اللون المعدني كالطباشير والمغرة واللك واللازورد وأملاح المعادن، وكان منها النباتي المتعدد الألوان المستخلص من بعض النباتات أو من أزهارها أو أثمارها، وهذا ما نراه في القبور الفرعونية، أو في أوراق البردي الفرعونية، وكتب الأموات المصورة التي اكتشفت في مقابرهم مثلا (3)، فقد أظهر التحليل المختبري لبعض أنواع المداد الفرعوني أنه يتألف من فحم الخشب والمغرة الحمراء والكلس والزجاج المصري الأزرق وأكسيد الرصاص الأصفر، وبعضها
__________
(1) تاريخ الكتابة التاريخية لهاري المر بارنز، ترجمة محمد عبد الرحمن برج، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1984، 26.
(2) قصة الطباعة والكتابة من الصخرة المنقوشة حتّى الصفحة المكتوبة، لفرانسيس روجرز 189.
(3)،.، 441
. 914.، 1922، 47(1/317)
يحتوي على كربونات الكالسيوم والمغنيسيوم وأكسيد الرصاص الأحمر وأكاسيد الحديد (1)، ومثل هذا في الكتابات الآرامية المكتوبة بالحبر الأسود والأحمر على سطح من الجبس الأبيض أو والتي تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد (2)، حيث أظهر التحليل المختبري للحبر الأحمر، أنه يحتوي على أوكسيد الحديد الأحمر أما الحبر الأسود فإنه يحتوي على الكاربون ومكونات سلفات الحديد أو وهذه المركبات المعدنية هي ما يعرف عند الوراقين المسلمين باسم: الزاج (3).
وقد عرف المداد بألوانه المختلفة عند كثير من الأمم منذ عهد بعيد في التاريخ البشري، فكتبوا به نصوصهم المقدسة وآدابهم وأفكارهم ورسموا به ما عنّ لهم من رسوم على مواد مختلفة (4).
وبقدر ما يتعلق الأمر بصناعة المداد وعلاقة هذه الصناعة بعلم الاكتناه العربي الإسلامي، فإنّ المداد كان معروفا في الجاهلية مقرونا بالكتابة، وقد وردت في وجوده ووجود الدواة والرق إشارات كثيرة في الشعر والأدب والتاريخ (5)، مثل قول الشاعر:
فلم يبق إلّا دمنة ومنازل ... كما ردّ في خطّ الدواة مدادها (6)
__________
(1) المواد والصناعات عند قدماء المصريين، لألفرد لوكاس 585584.
(2). 21، 1976،. .،، ..
(3) يذكر المقري في نفح الطيب 1/ 201نقلا من كتاب المغرب لابن سعيد: «والعين التي يخرج منها الزاج في لبلة مشهورة»
(4) انظر: تاريخ الكتاب 30وما بعدها.
(5) 711
(6) المفضليات، تح أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة 1976، 379.(1/318)
بيد أننا لا نملك سندا ماديا موثوقا به من الفترة التي سبقت الإسلام، مع أنّ في إشارة النديم الآتية، ما يؤكد استعماله في الكتابة قبل الإسلام، حيث قال فيها: = وكان في خزانة المأمون كتاب بخطّ عبد المطلب بن هاشم، في جلد أدم، فيه ذكر حق عبد المطلب بن هاشم على أهل مكة وكان الخط يشبه خط النساء = (1)، بيد أنه لم يخبرنا عن الفرق بين خط النساء وخط الرجال، إلّا إذا كانت اللفظة مصحّفة من: «النساخ» لتشابه الرسم فيهما، أو لفظة شبيهة بذلك.
وهناك خبر صحيفة مقاطعة بني هاشم المعروفة، كما يروي خبرها ابن هشام في قوله: = ثم تعاهدوا وتواثقوا، ثم علّقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة، ويقال: النضر ابن الحارث = (2).
أو الخبر المشهور في تعليق المعلقات على جدار الكعبة أو على أستارها، الذي نفاه عبد الستار الحلوجي نفيا قاطعا (3)، وعلل رأيه بأدلة قابلة للنقاش، قد لا يراها باحث آخر فيسهل عليه نقضها، ومع هذا فإنّ النقاش فيها لم يزل غير قاطع للشك، وليس هنا مكان مناقشتها.
فأي نوع من المداد أو النّقس، كما كان يسمّى أيضا (4)، استعمل هؤلاء الكتّاب في كتابة هذه الصحف؟ وهل كان يصنع هذا المداد في مكة المكرمة أم كانت قريش تستورده فيما كانت تستورد من اليمن والشام من البضائع في رحلاتها التجارية إليهما؟
__________
(1) الفهرست، تجدد، 8.
(2) السيرة النبوية 1/ 350.
(3) المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع، الرياض 1398هـ / 1978، 6653.
(4) لسان العرب = مدد =: والمداد النقس والمداد الذي يكتب به.(1/319)
وهنا لا بدّ من الافتراض حين يعوزنا الدليل، فقد عرفنا أنّ المداد الزاجي كان معروفا في الشام وفلسطين، فقد كتب به الآراميون، وبه كتبت وثائق البحر الميت، وبه كتب الفراعنة واليونان والرومان، فلا بدّ من أن قريشا تعلمت صناعته واستعملت المواد المتوفرة في بيئتها، فإن عمله لا يحتاج إلى أكثر من الماء والصمغ النباتي والسناج وإلى قطع من الحديد الصديء الذي ينتج نوعا من الزاج.
والزاج أنواع واسمه وهو ملح المعادن أو سلفات المعادن وله قوام الأملاح الهشة، فسلفات النحاس زرقاء، وسلفات الحديد خضراء وسلفات الزنك بيضاء وهذه كلها إذا حلّت في الماء يتكون منها محلول حامضي له لون عكر، ولها مسميات مختلفة عند الوراقين فيقولون: زاج قبرصي وزاج أبيض وزاج رومي وزاج عراقي وزاج مصري وزاج أخضر وزاج سوري أو شامي وغير ذلك (1)، فإذا خلط هذا المحلول بمحلول العفص، الذي يسمى: (وهو نتوءات تنمو على سيقان أشجار السنديان والبلوط تسببها حشرة تضع بيضها فيها) يكوّن محلولا قلويا، وأضيف إليه مسحوق السناج أو الصناج:،، أو السخام أو مسحوق الفحم الناعم وماء الصمغ العربي بنسب معينة سمى هذا حبرا أو مدادا زاجيا، وهو حبر لا يمحى بسهولة ولا يتأثر بالماء وبه كتبت مخطوطات القرون الإسلامية الأولى، فإذا زادت نسبة الزاج في المداد أحرقت الكتابة الكاغد أو الرّقّ وهذا الأثر يراه المفهرس في كثير من المخطوطات القديمة والحديثة، وإذا زادت نسبة الصمغ فيه تلاصقت الأوراق بأقل رطوبة تتعرض لها.
__________
(1) عن أنواع الزاج، انظر: كتاب الاعتماد في الأدوية المفردة للجزار نشر سزكين، 175174.(1/320)
وهنا يقول محمد بن ميمون المراكشي في كتاب الأزهار في عمل الأحبار في أثر المداد الزاجي على الكاغد: «إنه يحرق الكاغد لكثرة زاجه، ويأكل مواضع الكتابة فينقطع الورق بذلك» (1).
وهذه ليست الوصفة الوحيدة في صناعة المداد والحبر بل هناك عشرات منها لعمل المداد الأسود والملون ذكرها مؤلف مخطوطة الأبزار في بري القلم وعمل الأحبار (2) وغيره، ولا بأس من أن ننقل منها بعض وصفاته:
1 - في عمل المداد الصيني، قال: «صفة مداد صيني: يؤخذ لا زورد ودخان النفط وصمغ السقمونيا وصمغ عربي ودخان عقد الصنوبر من كل واحد جزء فيعجن بماء الصمغ ويستعمل ما شاء الله».
اللازورد هو باللاتينية وبالإنجليزية وهو حجر أزرق اللون منه الصلب ومنه الهش (3)، يطحن ناعما ويستعمل في صناعة المداد، وبخاصة المداد الأزرق.
2 «صفة مداد كوفي، تؤخذ الخرق النظاف الجدد فتحرق ويجعل عليها إجانة يوما وليلة ثم يخرج من الغد ويصيّر في منخل شعر ويفرك باليد حتى يصير مثل الكحل، ثم يبل من الصمغ ما يكفيه للرطل ثلاثا أواق، فإذا انحلّ الصمغ في الماء صببته عليه ولا تكثر ماءه ودقه في الهاون واجعله أقراصا فإنه جيد مجرّب».
__________
(1) مصدران جديدان عن صناعة المخطوط: حول فنون تركيب المداد، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان، لندن 1417هـ / 1997، 23.
(2) ظهر لي أن هذه المخطوطة هي قسم من كتاب عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب المنسوب للمعز بن باديس والمنشور في مجلة معهد المخطوطات العربية مج 17، ج 1 لسنة 1391هـ / 1971إلا أنها تختلف عنه كثيرا في ألفاظها وترتيب بعض وصفاتها.
(3) انظر وصفه عند الجزار في كتاب الاعتماد في الأدوية المفردة 70.(1/321)
فنحن نرى في هذه الوصفة أنه لم يستعمل الزاج ولا العفص في مكوناته إلا إذا كانا من ضروريات صنعه فلم يذكرهما، وهو بعد لم يذكر لنا مادة هذه الخرق، والظاهر أنه يريد خرق الكتان أو القطن.
3 «صفة حبر يكتب به من ساعته: يؤخذ عفص وزاج وصمغ عربي من كل واحد مثقال، يدق الجميع ويجعل في قارورة واسعة الفم ويصبّ عليه أوقيتان من ماء مالح ويضرب ضربا جيدا ويكتب به من ساعته في الكاغد والرقوق، فهذه صفة عراقية»، وهنا لم يذكر الصناج.
4 «صفة عمل حبر أحمر وأصفر وأخضر، تأخذ قشور الرمان الحامض عشرون مثقالا رطبا ويابسا، ومن قشور الجوز الأخضر مثله، ومن الأثمد مثله، وكذلك من عصارة الآس ما يعمهم، وتعلقه في الشمس أربعين يوما ثم تجعله في قوارير، فالذي تريده أحمر ألق فيه زنجفر، والذي تريده أصفر ألق فيه زرنيخا أصفر، وإن أردته أخضر فألق فيه زنجارا، وكلما غلظ ما في هذه القوارير مددتها من هذا الماء».
وقد يدخل في عمل الأحبار النوشاندر وهو: بدلا من الزاج، وهو مادة صلبة ذات طعم حامض حاد على شكل الملح ويعرف بكبريت الدخان، وملح النار وهو نوعان معدني ومصنوع فالمعدني يستخرج من بعض المناجم، والمصنوع يعمل من سواد الدخان المجتمع في أتون الحمام، فهذه المادة هنا تقوم مقام الصناج والزاج معا، بيد أن هذا النوع من الحبر أقلّ لبثا وأسرع محوا.
لقد كان هناك نوعان من المداد، أولهما مداد معدني، والثاني مداد نباتي، وقد فضل النساخ الأولون المداد المعدني لأنه بطبيعته مداد معتم براق، إلا أنه غير شفاف ويحتفظ باللون الداكن بيد أنه يتحول بمرور الزمن إلى اللون البني الداكن أو الباهت حسب مكونات مواده. وكثر استعمال المداد
النباتي في العصور المتأخرة وذلك باستعمال الألوان النباتية، لذلك نرى لونه يبهت في المخطوطات المتأخرة، وهو المداد العفصي المائي، وهذا لا يعني أن صنع المداد الزاجي لم يكن يصنع بعد القرون الستة الأولى بل نراه أيضا في كثير من المخطوطات، ولأجل للتعرف ينظر إليه من خلال عدسة مكبرة جدا، حيث نلاحظ فيه تكسرا وتشققا، وهو بعد لا يذوب في الماء، ومن هنا كان ترميم المخطوطات المكتوبة به أقل خطورة لثباته، وأسهل من ترميم المخطوطات المكتوبة بالحبر العفصي المائي الذي يحتاج إلى تثبيته كيمياويا قبل القيام بترميم أوراق المخطوطة التي تحتاج إلى ترميم.(1/322)
لقد كان هناك نوعان من المداد، أولهما مداد معدني، والثاني مداد نباتي، وقد فضل النساخ الأولون المداد المعدني لأنه بطبيعته مداد معتم براق، إلا أنه غير شفاف ويحتفظ باللون الداكن بيد أنه يتحول بمرور الزمن إلى اللون البني الداكن أو الباهت حسب مكونات مواده. وكثر استعمال المداد
النباتي في العصور المتأخرة وذلك باستعمال الألوان النباتية، لذلك نرى لونه يبهت في المخطوطات المتأخرة، وهو المداد العفصي المائي، وهذا لا يعني أن صنع المداد الزاجي لم يكن يصنع بعد القرون الستة الأولى بل نراه أيضا في كثير من المخطوطات، ولأجل للتعرف ينظر إليه من خلال عدسة مكبرة جدا، حيث نلاحظ فيه تكسرا وتشققا، وهو بعد لا يذوب في الماء، ومن هنا كان ترميم المخطوطات المكتوبة به أقل خطورة لثباته، وأسهل من ترميم المخطوطات المكتوبة بالحبر العفصي المائي الذي يحتاج إلى تثبيته كيمياويا قبل القيام بترميم أوراق المخطوطة التي تحتاج إلى ترميم.
وكان المداد المعدني يصنع من مسحوق المعادن حتى تصير مسحوقا ناعما ثم تنخل بوساطة قماش أو منخل رقيق، ثم تخلط بمحلول لزج مثل زلال البيض أو الصمغ العربي فيصنع منها اللون الذي يريده الناسخ فإذا أراد مدادا أحمر استعمل الزنجفر ويمكن الحصول عليه من عملية تسامي الكبريت مع الزئبق في بوتقة مقفلة، أو من كبريتيد الزئبق المحلي أو من المغرة الحمراء وهي أكاسيد معدنية ترابية، أو من أحمر الرصاص الناتج من تسخين الرصاص أو من صبغة القرمز «الذي ينزل على شجر البلوط» (1).
أما اللون الأزرق فيمكن تحضيره من مسحوق حجر اللازورد والأسمانجوني، واللون الأصفر من أكسيد الرصاص الأصفر، أو المغرة الصفراء، والأرجواني فيمكن الحصول عليه من صدف بعض السمك الأرجواني اللون، أو من الكبريت والزرنيخ الأصفر المسمى ب: الرهج.
أما اللون الأبيض فيعمل من الرصاص الأبيض أو من الطباشير الرقيق أو الطلق، واللون البنفسجي الزاهي والقرنفلي من مزيج اللون الأزرق
__________
(1) نفح الطيب 1/ 201نقلا من كتاب المغرب لابن سعيد.(1/323)
والقرمز الهندي واللك القرمزي الذي نحصل عليه من بعض الحشرات التي تعيش على أشجار البلوط، واللون الذهبي من مسحوق الذهب وخلطه بما سبق من المواد.
ويعدد محمد بن أحمد الزفتاوي، شيخ القلقشندي، المتوفى سنة 806هـ أنواع الحبر في عصره فيقول: = والحبر نوعان: نوع للكاغد، ونوع للرق، فأما حبر الكاغد فأحسن ما يعمل من عفص الشام، وصفته: أن يؤخذ العفص الشامي قدر رطل يدقّ جريشا وينقع في الماء مع الآس، وهو المرسين، أي:
الأخضر، أسبوعا، ويكون مقدار الماء المنقوع فيه ستة أرطال، ثم يغلى على النار حتى يصير إلى النصف أو الثلثين، ثم يصفّى من مئزر ويترك ثلاثة أيام، ثم يصفى ثانيا، ثم يضاف إلى رطل من الماء أوقية من الصمغ العربي ومن الزاج القبرصي كذلك، ثم يضاف إليه من الدخان (السخام) ما يكفيه من الحلاكة، ولا بدّ له بعد ذلك من الصّبر والعسل = (1).
= وأما حبر الرق: فيؤخذ رطل من العفص الرومي فيجرش، ويلقى عليه ثلاثة أرطال من الماء العذب، ويجعل في طنجير، ويوضع على النار ويوقد تحته بنار ليّنة حتى ينضج، وعلامة نضجه: أن تكتب به فتكون الكتابة حمراء بصّاصة، ثم يلقى عليه من الصمغ العربي ثلاث أواق، ومن الزاج اوقيّة، ثم يصفّى ويودع في إناء جديد، ويستعمل عند الحاجة = (2).
ونقل الزفتاوي قول ابن العفيف: = شيئان لا يتم المداد إلا بهما: العسل والصبر، أما العسل فيحفظه على مرور الأيام ولا يكاد يتغير حاله، وأما الصبر فإنه يمنع الذباب من النزول عليه = (3).
__________
(1) منهاج الإصابة 212وصبح الأعشى 2/ 476.
(2) المصدر نفسه 213وصبح الأعشى 2/ 476.
(3) المصدر نفسه 212.(1/324)
ووصف ابن الوحيد، محمد بن شريف بن يوسف الزرعي المتوفى في سنة 711هـ، وصفة أخرى في صناعة الحبر في شرحه البيت الآتي من قصيدة ابن البواب في الكتابة:
وألق دواتك بالدخان مدبّرا ... بالخلّ أو بالحصرم المعصور
فقال: = جزء عفص ونصف جزء صمغ وربع جزء زاج، يطحن ويدعك بماء الجلّنار في الهاون أياما حتى يتحد ويصفّى ويلقى عليه من الشبّ والملح الأندراني والزنجار والصبر لكل رطل منها نصف أوقية ويوضع في الشمس أسبوعين، لا ينمحي = (1)، وهذا هو المداد العفصي الزاجي الذي يراه المفهرس في المخطوطات القديمة.
ومع كل هذا، فقد اختلطت تسمية المداد بالحبر والحبر بالمداد عند القدماء وعند من كتب فيه من المعاصرين، فقالوا: الحبر هو المداد نفسه حسب التسمية فهو كل شيء يمدّ به للكتابة من الليقة، ثم كثر الاستعمال لما تمدّ به الدواة فغلب كلّ شيء غيره، فإذا قيل مداد لم يعرف شيء غيره، وإنما سميّ الحبر حبرا لتحسينه الخط، من قولهم حبّرت الشيء تحبيرا وحبرته حبرا زينته وحسنته والاسم الحبر، وقيل: الحبر مأخوذ من الحبار وهو أثر الشيء كأنه أثر الكتابة (2).
والظاهر أنّ مصطلح الحبر كان قد استقر معناه قبل وفاة الإمام أبي حنيفة المتوفى سنة 150هـ، فإن مساور الوراق قال يمدحه:
إذا ما الناس يوما قايسونا ... بآبدة من الفتيا طريفه
أتيناهم بمقياس صحيح ... تلاد من طراز أبي حنيفه
إذا سمع الفقيه بها وعاها ... وأثبتها بحبر في صحيفه (3)
__________
(1) شرح المنظومة المستطابة في علم الكتابة، تح هلال ناجي، مجلد المورد، مج 15، ع 4، 1407هـ / 1986، 266.
(2) أدب الكتاب للصولي 104101.
(3) الفهرست 255.(1/325)
ويؤيد هذا قول مالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ في وصف مصحف جده الذي نسخ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال:
«فرأينا خواتمه من حبر على عمل السلسلة في طول السطر، ورأيته معجوم الآي» (1).
غير أن الجاحظ يذكر: أنّ المداد كان يجلب من الصين (2)، وأورد النديم: أنّ للصين مدادا يركبونه من أخلاط يشبه الدهن الصيني، رأيت منه شيئا على مثال الألواح مختوما عليه صورة الملك، تكفي القطعة الزمان الطويل مع مداومة الكتابة (3)، ومعنى هذا أن المداد الصيني كان يصدّر على شكل قوالب إلى بغداد فتحلّ بالماء فتكون جاهزة للكتابة.
وهذا هو المداد الذي اختلط مسماه مع الحبر، فكان يستعمل في الكتابة على البردي والكاغد والرق، وهو يتصف بشدة السواد والبريق واللمعان وكان يصنع من العفص والزاج والصمغ والصناج الدهني، حتى إن بعض العلماء كان يفضل كتابة الحديث النبوي الشريف في الرق بدلا من البردي أو الكاغد، وبالحبر دون المداد، فقد رفض قاضي الكوفة أحمد بن بديل اليامي المحدّث المتوفى سنة 258هـ (4) أن يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد، واشترط أن يكتب في رقّ بحبر بحضرة المعتز العباسي، فقال للمعتز حين أخذ الكاتب القرطاس والدواة ليكتب ما يملي عليه: أتكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد؟ قال: فيما نكتب؟
قلت: في رقّ بحبر (5)، فكان له ما أراد، وتوفي المعتز بالله في سنة 255هـ.
__________
(1). 229.،،.
(2) التبصر بالتجارة، تح حسن حسني عبد الوهاب، ط 2القاهرة 1935، 26.
(3) الفهرست 19.
(4) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 12/ 331
(5) تاريخ بغداد 4/ 51.(1/326)
فإذا أخذنا معنى القرطاس هنا، بأنه البردي فإن هذا الخبر يدلنا على أنّ الكاغد والقرطاس والرق كانت تستعمل للكتابة في القرن الثالث للهجرة سوية ودون أن يغلب الكاغد في الاستعمال رغم أنّ الكاغد كان يستورد من الصين أو سمرقند إلى بغداد مع أنّ صناعته فيها قد بدأت قبل هذا التاريخ بما يقرب من نصف قرن من الزمان، ثم إنّ المداد الصيني كان يستورد أيضا إلى بغداد حتى القرن الرابع للهجرة، بدليل قول النديم السابق.
والظاهر أن ابن بديل قصد تشريف الحديث النبوي في كتابته في الرق، وإلى هذا أشار ابن جماعة فقال: = إذا نسخ الناسخ شيئا من كتب العلوم الشرعية فينبغي أن يكون على طهارة مستقبل القبلة، طاهر البدن والثياب بحبر طاهر = (1)، فقد أكّد ابن جماعة طهارة الحبر في كتابة العلوم الشرعية، والحديث الشريف منها.
ويؤكد الخطيب البغدادي على الحبر دون المداد فيقول: «ينبغي أن يكتب الحديث بالسواد ثم الحبر خاصة دون المداد، لأنّ السواد، أصبغ الألوان، والحبر أبقاها على مر الدهور وهو آلة ذوي العلم وعدة أهل المعرفة» (2).
بيد أننا نفهم من خبر ابن بديل أنّ هناك فرقا بين المداد والحبر وليس كما قيل: الحبر هو المداد نفسه حسب التسمية فهو كل شيء يمدّ به للكتابة من الليقة ثم كثر الاستعمال لما تمدّ به الدواة فغلب كلّ شيء غيره، فإذا قيل مداد لم يعرف شيء غيره (3).
وقال الشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا: «المداد ما يكتب به في أي لون وكذلك الحبر، غير أنّ هذا الأخير يتميز بأنّ الغالب عليه هو لون السواد» (4).
__________
(1) تذكرة السامع مع المتكلم في أدب العالم والمتعلم 173.
(2) تفسير القرطبي 11/ 207.
(3) أدب الكتاب للصولي 104101.
(4) تقنيات إعداد المخطوط المغربي 14.(1/327)
فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا أصرّ ابن بديل على الحبر والرق دون القرطاس والمداد، وهو أعرف بهما وبمصدرهما في زمانه؟
والفرق يظهر واضحا في قول النديم: «وممن كتب بالمداد من الوزراء والكتاب ومن كتب بالحبر» (1)، فلو لم يكن هناك فرق بينهما، لما فرّق بينهما النديم وهو ورّاق يعرف بصنعته الفرق بينهما.
وقد أورد الصابي أن الوزير العباسي ابن الفرات المتوفى سنة 312 هـ تذكّر طلّاب الحديث فقال: = لعلّ الواحد منهم يبخل على نفسه بدانق ودونه ويصرف ذلك في ثمن ورق وحبر، وأنا أحقّ بمراعاتهم ومعاونتهم على أمرهم، وأطلق لهم من خزانته عشرين ألف درهم = (2)، فهل هذا يعني أنّ أصحاب الحديث اختصوا باستعمال الحبر في كتابة الحديث النبوي دون المداد، كما فعل ابن بديل؟
ومع هذا فإن الفرق بينهما يتضح أيضا في نصين قديمين لعمل الحبر والمداد نشر إبراهيم شبوح لهما تحليلا وافيا شافيا، وسبق للشيخ محمد المنوني رحمه الله وإيانا أن نشر لثانيهما تحليلا مفصلا أيضا (3)، وهما:
1 - الأزهار في عمل الأحبار لمحمد بن ميمون بن عمران المراكشي الذي كان حيا في بغداد سنة 649هـ حيث ذكر في المقالة الأولى: عمل الحبر الأسود المائع، وفي الثانية: كيفية أنواع الحبر اليابس، وفي الثالثة: عمل الحبر المختلف الألوان، ثم عرّج على صنع المداد في المقالة الرابعة والخامسة والسادسة، فلو لم يكن هناك فرق في صناعتهما لما فرّق بينهما.
__________
(1) الفهرست، تجدد، 12.
(2) الوزراء 223.
(3) قبس من عطاء المخطوط المغربي، لمحمد المنوني 1/ 337333.(1/328)
2 - تحف الخواص في طرف الخواص لمحمد بن محمد بن إدريس القضاعي المعروف بالقللوسي الأندلسي المتوفى سنة 707هـ (1)، فقد ذكر في الباب الأول: صناعة الأمدة وأولها المداد الأكحل (الأسود)، وفي فصل آخر: الأمدة المركبة من غير عفص، وفي الباب الثاني: قلع المداد من الدفاتر وقلع الحبر من الكتب، وفي فصل آخر ذكر: قانون تركيب المداد الذي يصنع من العفص والزاج والصمغ، وهنا أيضا فرّق القللوسي بين المداد والحبر.
ولا يظهر الفرق في نص منهاج الإصابة للزفتاوي المتوفى سنة 806هـ (2)، مع أنه عقد بابا في: = المداد والحبر وما قيل في ذلك =.
وقد استنتج الأستاذ إبراهيم شبوح: أن الأمر لا يعدو أن يكون: أكثر من خلط لغوي لمعان دقيقة الدلالة، بسطها القدماء، فعرّفوا بانّ الحبر أصله اللون، يقال: فلان ناصع الحبر، يراد به اللون الخالص الصافي (3)، والحبر الأثر يبقى في الجلد، ويقال: حبّرت الشيء تحبيرا إذا حسنته (4)، واقتبس ما رواه القلقشندي عن شيخه الزفتاوي في المداد تأييدا لما ذهب إليه: «أما المداد فقد أطلق لأنه يمدّ القلم أي يعينه، وكل شيء مددت به شيئا فهو مداد، وسمّي الزيت مدادا لأن السراج يمدّ به (5)، فكل شيء أمددت به الليقة مما يكتب به
__________
(1) مصدران جديدان عن صناعة المخطوط: حول فنون تركيب المداد، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان، لندن 1417هـ / 1997، 3415.
(2) منهاج الإصابة في معرفة الخطوط وآلات الكتابة للزفتاوي، تح هلال ناجي، مجلة المورد مج 15، ع 4، 1407هـ / 1986، 248185.
(3) منهاج الإصابة 211: = وأما الحبر، قال أهل العربية: أصل الحبر اللون، يقال: فلان ناصع الحبر يراد به الناصع الخالص الصافي من كل شيء =.
(4) المصدر نفسه 210.
(5) لسان العرب = مدد = وقال الأخطل:
رأوا بارقات بالأكف كأنها ... مصابيح سرج أوقدت بمداد(1/329)
فهو مداد» (1)، وخلص إلى القول: إنه لا فرق بين المصطلحين (2)، وقد رأينا أنّ الأمر ليس كذلك.
الظاهر أنّ هذا المعنى للمداد كان قد استقر في حلقات الوراقين وعند كتّاب الإنشاء منذ زمن بعيد للدلالة على الحبر، ولهذا نسبوا لفظ الحبر للحبر، فقد سئل الفرّاء المتوفى سنة 207هـ عن المداد، لم سمّي حبرا؟
فقال: = يقال للعالم حبر وحبر، فأرادوا مداد حبر، أي: مداد عالم، فحذفوا مدادا وجعلوا مكانه حبرا = (3).
ولما نقل قول الفراء للأصمعي، قال: = ليس هذا بشيء، إنما هو لتأثيره، يقال: على أسنانه حبر، إذا كثرت صفرتها حتى تضرب إلى السواد، والحبر الأثر يبقى في الجلد، وانشد:
لقد أشمتت بي آل فيد وغادرت ... بجلدي حبرا بنت مصّان باديا = (4)
بيد أنّ مؤلف كتاب عمدة الكتّاب وعدّة ذوي الألباب المنسوب إلى المعز ابن باديس قد فرق بينهما تماما في الوصفات التي ذكرها لعمل المداد والوصفات التي أوردها لعمل الحبر، فقال في أول الباب الثاني: في عمل المداد وأصنافه: = صفة مداد صيني يشبه الحبر =، و: = صفة مداد مثله يشبه الحبر = (5)، ثم أفرد الباب الثالث لعمل الأحبار السود، والباب الرابع لعمل الأحبار الملونة.
__________
(1) صبح الأعشى 2/ 474471ومنهاج الإصابة 209والقول الأخير للمبرد.
(2) مصدران جديدان عن صناعة المخطوط: حول فنون تركيب المداد، في: دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان، لندن 1417هـ / 1997، 23.
(3) منهاج الإصابة 211210.
(4) المصدر نفسه 211والحبر في هذا البيت هو أثر السوط أو اللطم في الجلد.
(5) عمدة الكتاب 97.(1/330)
لقد وردت لفظة المداد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {«قُلْ لَوْ كََانَ الْبَحْرُ مِدََاداً لِكَلِمََاتِ رَبِّي»} (1)، ولم ترد لفظة الحبر.
وجاء ذكر المداد في مواضع كثيرة في الحديث الشريف، منها في دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين صلّى صلاة الغداة أو بعد ما صلّى الغداة، فقال: سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته (2).
وفي مجادلة علي رضي الله عنه مع الخوارج الحرورية: = دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكّه بيده ويقول أيّها المصحف حدّث النّاس فناداه النّاس فقالوا يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنّما هو مداد في ورق = (3).
وهنا لطيفتان ورّاقيتان:
أولهما: حين سمّى الحاضرون الرّق: ورقا ولم يسموه رقا أو جلدا أو أديما، فسرى استعمال الورق على الكاغد لمشابهته له في اللون والهيئة والاستعمال.
والثانية: في قول علي رضي الله عنه: «دعا بمصحف عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه»، يدلّ على أنّ المصحف كان على هيئة كتاب مجلّد وليس لفافة.
ولما كان نصّ القرآن الكريم قد كتب بالمداد في الرقوق أو جلود الظباء، كما هو معروف (4)، صار مفهوم المداد ما يكتب به في الرقوق ثم اكتسب معنى عاما لما يكتب به في غير الرقوق فسمي حبرا.
__________
(1) سورة الكهف 109.
(2) صحيح مسلم 4/ 2091والمعجم الكبير للطبراني 24/ 61.
(3) فتح الباري 12/ 296ومسند أحمد 1/ 86ومجمع الزوائد 6/ 236.
(4) لم نعرف بعد مصدر المداد الذي كان يستعمل في صدر الإسلام والعصر الأموي على التحقيق.(1/331)
ولما كان القرآن الكريم قد كتب بالمداد في أول مراحل تدوينه في الرقوق (1)، كما ذكر البيروني: «كتبت مصاحف القرآن في جلود الظباء» (2)، صار مفهوم المداد ما يكتب به في الرقوق وهو الحبر الصيني الذي كان يجلب من الصين (3) ثم اكتسب معنى عاما لما يكتب به في غير الرقوق فسمي حبرا، ولعل امتناع ابن بديل، عن إملاء الحديث حين أراد الكاتب كتابته على قرطاس بالمداد، لأنه لم يشأ كتابة الحديث الشريف بمداد مجلوب من بلاد الكفر، وهو المداد الصيني الذي كان يجلب من الصين (4)، والذي كان يستعمله الجاحظ وغيره في كتبهم.
أو لعل امتناعه كان تشريفا للحديث وتعظيما له من أن يكتب بمداد صيني كما رأينا في قول ابن جماعة، مع أنه يناسب الرق ويعرف بالحبر المطبوخ (5) أو الحبر الرأس ويتصف بالبريق واللمعان (6)، أما الحبر المصنوع من العفص والزاج والصمغ والصناج الذي كان شائعا إذ ذاك فيناسب الورق ولا يصلح للرقوق كما يقول ابن السيد البطليوسي لأنه قليل اللبث في الرقوق سريع الزوال عنها (7)، وهنا يتبين لنا الفرق بين الحبر والمداد.
فإذا امتنع ابن بديل عن الكتابة بالمداد الصيني، فإن أبا بكر الباقلاني المتوفى سنة 403هـ كان يذكر أن كتابته بالمداد أسهل عليه من الكتابة بالحبر (8)، وهنا يتبين لنا أيضا أنّ هناك فرقا واضحا بين المداد والحبر، وأنّ المداد الصيني كان موجودا ببغداد في القرن الخامس للهجرة.
__________
(1) صبح الأعشى 2/ 475 «لطول بقائه أو لأنه الموجود عندهم».
(2) تحقيق ما للهند 133.
(3) كتاب التبصر بالتجارة للجاحظ 26.
(4) المصدر نفسه.
(5) كتاب الاقتضاب 68.
(6) صبح الأعشى 2/ 466.
(7) كتاب الاقتضاب 68.
(8) الكتاب في الحضارة الإسلامية لعبد الله الحبشي 137.(1/332)
المعروف الآن أنّ المداد الصيني لم يكن يختلف في صناعته عن الأمدة الأخرى إلا في استعمال صناج دهني خاص يستخرج من إحراق زيت بذور شجرة تنبت في الصين فقط واسمها (1)، وبالصينية للحصول على صناج شديد السواد كثير النعومة، وكان هذا الصناج يخلط بنسب دقيقة من المواد المعروفة مثل الزاج (سلفات الحديد) والعفص وغيرهما، وقد رأينا أنّ النديم قال: = رأيت منه شيئا على مثال الألواح مختوما، عليه صورة الملك، تكفي القطعة الزمان الطويل مع مداومة الكتابة = (2).
والسؤال الذي لا نستطيع الإجابة عليه هو: أيّ نوع من المداد كان يستعمل في صدر الإسلام والعصر الأموي؟ وما نوع المداد الذي كتبت به المصاحف الأولى؟ ولما كانت معلوماتنا، ولم تزل، قاصرة حتى عن معرفة مصدر المداد الذي استعمل في كتابة الرسائل النبوية والعهود، أو كتابة المصاحف أو رسائل الخلفاء الراشدين إلى الأمصار، مع وجود إشارات كثيرة في كتب الأدب إلى وجوده في الجاهلية، فإن الإجابة على هذا السؤال تبقى معلقة في باب الحدس الآن على الأقل، فلعله كان يصنع محليا أو يستورد من الصين أو الهند عبر اليمن أو من الشام، وهذه نقطة تحتاج إلى تنقير دقيق وبحث طويل. أما بعد فتح الأمصار فإن المداد كان معروفا فيها، كما رأينا، إلّا أنه ثبت عندي أن رسالة ابن ساوي كتبت بالمداد الزاجي.
وقد روي أنّ أبا العالية الرياحي الذي أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم زمن أبي بكر الصديق، قال: «تعلمت الكتابة والقرآن فما شعر بي أهلي، ولا رئي في ثوبي مداد قط» (3)، ولم يقل: حبر.
__________
(1). 35.، 1994،،،
(2) الفهرست 19.
(3) سير أعلام النبلاء 4/ 210نقلا من حلية الأولياء 2/ 217.(1/333)
ولمحمود شيت خطّاب رحمه الله وإيانا رأي طريف في المداد الذي كان يستعمل في صدر الإسلام، لم يذكر لنا مصدره، أورده هنا بنصه: = أما الحبر المستعمل في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد يكون من نبات العليق الأسود (1)، أو من مادة الكاربون الناتجة من الدخان المتراكم في المطابخ التي تعمل بالخشب وفضلات الحيوانات المجففة، والذي يطلق عليه السخام، حيث تجمع هذه المادة وتخلط مع الماء بمادة لزجة من أجل جمعها وزيادة كثافتها وتماسكها = (2)، وهذا رأي لم يستند على دليل تاريخي أكيد إلّا أنه ليس ببعيد أن يكون معمولا من هذه المواد، فيكون مدادا مائيا لا يطول مكثه في الرق أو البردي بل يبهت لونه ويختفي على مرّ الأزمان.
وذكر صالح الوشمي: «أنّ العرب عرفوا طريقة استخراج وتحضير الأصباغ من بعض النباتات، وقد اشتهر ياليمامة شجر الحراض الذي يتخذ منه القلي للصباغين حيث يحرق رطبا ثم يرش الماء على رماده فيعقد فيصير قليا» (3)، وهذا ينوب عن الزاج في صنع المداد.
بل لعله كان يصنع من نبات الكتم، فقد قال الفيروز آبادي فيه: «نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه، وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد للكتابة» (4)، وهذا الرأي ليس ببعيد أيضا.
ولما ازداد الترف وعمّ الثراء وصار الحصول على مواد صناعة المداد أكثر يسرا تفنن الوراقون وكتّاب الإنشاء في دواوين الدولة في تركيب
__________
(1) هو التوت الأسود، ويسمى:.
(2) السفارات والرسائل النبوية: كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم وموادهم الكتابية، مجلة المورد، مج 16، ع 1، 1407هـ / 1987، 43.
(3) ولاية اليمامة 229، 232نقلا من المفصل لجواد علي وتاج العروس للزبيدي، والقلي هنا هو اللفظة العربية الكيمائية التي دخلت في اللغات الأوربية وليس من قلى الشيء يقليه: انضجه على النار، كما جاء عند الوشمي.
(4) ترتيب القاموس 4/ 15.(1/334)
وصفات خاصة بهم نتيجة تجاربهم في التعامل مع المداد المستورد أو المصنوع محليا، فيقول ابن مقلة المتوفى سنة 328هـ: = وأجود المداد ما اتخذ من سخام النفط وذلك أن يؤخذ منه ثلاثة أرطال فيجاد نخله وتصفيته، ثم يلقى في طنجير ويصبّ عليه من الماء ثلاثة أمثاله ومن العسل رطل واحد ومن الملح خمسة عشر درهما ومن الصمغ المسحوق خمسة عشر درهما ومن العفص عشرة دراهم، ولا يزال يساط على نار لينة حتى يثخن جرمه ويصير في هيئة الطين، ثم يترك في إناء ويرفع إلى وقت الحاجة = (1).
ويذكر الزفتاوي عن أحمد بن يوسف الكاتب البغدادي المتوفى نحو سنة 340هـ: أن رجلا كان يأتيهم في أيام خمارويه (2) المقتول بدمشق في سنة 282هجرية: = بمداد لم أر أنعم ولا أشدّ سوادا منه، فسألته: من أيّ شيء استخرجته؟ فكتم ذلك عني، ثم تلطفت به بعد، فقال لي: من دهن بذر الفجل والكتان، أضع دهن ذلك في مسارج وأوقدها ثم أجعل عليها طاسا حتى إذا نفد الدهن رفعت الطاس وجمعت ما فيها بماء الآس والصمغ العربي، قلت:
وإنما جمعه بماء الآس ليكون سواده مائلا إلى الخضرة والصمغ يجمعه ويمنعه من التطاير = (3).
هذه وصفة على ما تبدو ناقصة لأن بقية المواد التي يجب أن تضاف إلى المداد كانت معروفة عند أحمد بن يوسف الكاتب وعند الزفتاوي والقلقشندي الذي ذكر هذه الوصفة أيضا، لذلك لم يذكروها، وهي الزاج والعفص لأن المواد المشتركة في صناعة المداد لا تختلف وهي العفص والزاج والصمغ والماء العذب، وقد يستغني بعضهم عن الصمغ بالعسل أو دونه اكتفاء بتألق لون السواد وثباته غير محتاج لما يشده إلى الرق أو الورق.
__________
(1) صبح الأعشى 2/ 465.
(2) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 13/ 446.
(3) منهاج الإصابة 212211وصبح الأعشى 2/ 464 (2/ 475).(1/335)
وهنا يحدثنا مؤلف كتاب الأزهار في عمل الأحبار عن وصفات لعمل المداد منسوبة لكبار العلماء والأدباء، فقد ذكر وصفات الأمدة التي كان يستعملها عيسى بن عمر النحوي المتوفى سنة 149هـ ومسلم بن الوليد المتوفى سنة 208هـ وأبو عمرو الجاحظ المتوفى سنة 255هـ ومحمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ ومحمد بن علي بن مقلة المتوفى سنة 328وأمثالهم، بل إنه يذكر تركيب وصفة لمداد ابن مقلة من تركيب أهل الهند (1).
ولما كانت المواد الأساسية في صناعة المداد معروفة فإن الفروق المهمة بين مداد وآخر تكون في طريقة إعداده وفي التدرج في مزج هذه المواد مع بعضها ومن ثم طريقة طبخ هذه المواد أو تعريضها للشمس أو مدة تنقيعها في الماء وعصرها لاستخراج السائل المراد منها. وهذه كلها طرق فنية تختلف من صانع ماهر إلى صانع جاهل.
وقد تفنن الوراقون في صناعة أنواع كثيرة من الأحبار السرية أو السوائل التي تمحو الكتابة أو ترفعها من الكاغد كلية، ففي صفحة عنوان مخطوطة كتاب أصول الخط المنسوبة لابن البواب (2) جاءت عدة وصفات من هذه الأنواع وجدت أنّ بعضها مذكور ولكن بألفاظ مختلفة في كتاب عمدة الكتاب (3)، فلعل مؤلف عمدة الكتاب نقلها من كتاب لم يصل إلينا بعد، أو أنّها منقولة من عمدة الكتاب نفسه بتغيير يسير، منها:
1 - يؤخذ الزاج الأبيض فيحل ويكتب به، ثم يمسح عليه بالعفص أو على العكس ويذر الزاج مسحوقا فتظهر الكتابة.
__________
(1) مصدران جديدان عن صناعة المخطوط: حول فنون تركيب المداد لإبراهيم شبوح 22.
(2) نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 8367كانت ملكا لخير الدين الزركلي.
(3) عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب 139138.(1/336)
2 - ينقع النوشادر في ماء قليل ويصير ماء وتكتب به فيما شئت، فإذا جفّ بخره بلبان فتظهر الكتابة.
3 - يكتب بالحليب ويذر عليه رماد القراطيس، (تظهر الكتابة)، والطريف أننا نجد هذه الوصفة عند ابن عبدربه في العقد الفريد وفي ترجمة أبي حاتم السجستاني في وفيات ابن خلكان (1) وفي سير أعلام النبلاء (2)
منسوبة إلى المأمون العباسي.
4 - يذاب نصف مثقال نوشادر ويلقى عليه درهم خولان ويترك عشرين يوما ثم تلقى عليه عشرة دراهم لبنا ويكتب به فلا يقرأ إلا في الليل أو في الظلام، ومثل هذه الوصفة في قراءة الكتابة في الظلام نجدها عند ابن عبدربه إلا أنه وصف مرارة السلحفاة (3).
5 - يؤخذ شب يماني ومقل وشب العصفر وكبريت أبيض بنسب متساوية وينعّم ويسقى خلا حاذقا ثم يمرهم ويعمل كالبلوط ويحك به الخط فيذهب.
6 - يؤخذ شب أبيض ومقل أزرق وكبريت أصفر سواء ويسحق بخل ويعمل كالأول قبله.
7 - ماء الغاسول (4) ومثله خلّ يصعّدان ويكتب به على الأحرف فيقلعها.
8 - يحل الملح في حليب ويغمس فيه صوفة ويدلك به الكتاب.
9 - شمع ولبن يخلطان بالنار وتدلكهما بيدك وتلقط بهما الحروف.
ومثل هذه الوصفات وأكثر منها موجودة في كتب عمل الأحبار التي ذكرناها أو التي لم نذكرها.
__________
(1) وفيات الأعيان 2/ 432وانظر: 68لبيدرسون.
(2) سير أعلام النبلاء 10/ 268.
(3) 68
(4) الغاسول: نوع من الحشائش.(1/337)
أما صناعة المداد في العصر الحاضر فهي لا تختلف في تركيب موادها عمّا كان أجدادنا يفعلونه في الماضي إلا أن تقدم علم الكيمياء ساعد على تخطي الأخطاء في تركيب نسب المواد التي استعاضوا عنها بمواد كيماوية مصنّعة، فتعددت أنواع الحبر التي تنتجها المصانع تبعا للطلب، وهناك كتاب صغير لمحمد أحمد حمادة بعنوان: صناعة الحبر، نشرته مكتبة الهلال بالفجالة بالقاهرة دون تاريخ، ذكر فيه وصفات عديدة لعمليات صنع الحبر في الوقت الحاضر بما في ذلك مداد المطابع والمداد الجاف والأحبار الملونة وغير ذلك كثير، ننقل منه وصفة واحدة في صنع المداد الحديث وأخرى في صنع المداد الصيني، فقال في الأولى:
1= يصنع المداد من حامض التنيك مباشرة وفيما يلي أمثلة لذلك: حامض تنيك 500غرام، كبريتات الحديدوز 500غرام، حامض كبريتيك مركز 20سم 3 (مكعب)، أزرق الميثيل 25سم 3، كحول 250س 3، ماء لغاية 11لترا، أذب 500غرام من حامض التنيك في كمية كافية من الماء ثم أضف إلى المحلول ماء حتى يصير الحجم 4500سم 3، ثم أذب 500غرام من كبريتات الحديدوز و 20سم 3من حامض الكبريتيك النقي في كمية كافية لتنتج 2250سم 3، ثم أذب أزرق المثيل في الكحول فأتم بالماء حتى يصير حجم المحلول 2250سم 3، ثم امزج كل هذه المحاليل الثلاثة وأضف ماء حتى يصير حجم السائل الناتج أحد عشر جزءا، ومن مميزات هذه الطريقة أنها تنتج مدادا جيدا في زمن قصير = (1)، ثم ذكر عيوب هذا المداد.
2 - وفي آخر الكتاب، ذكر وصفة تركيب المداد الصيني، فقال: = خذ من السناج وهو هباب المداخن الناعم جزءا واعجنه بصبغة الكاد (2) الهندي في هاون من الصيني حتى يصير بقوام الزيت، ثم انقله إلى وعاء آخر
__________
(1) صناعة الحبر، لمحمد أحمد حمادة، مكتبة الهلال بالفجالة بمصر، د. ت. صفحة 24.
(2) هو ما يسمى: وهو ثمرة زيتية تشبه الفستق، يستعمل زيتها في صنع الأصباغ.(1/338)
فوق نار هادئة وحركه حتى يصير بقوام العجين اليابس، وعند ذلك حوله إلى أقراص، وعند الاستعمال ذوّب جزءا من الأقراص في ستة أجزاء من الماء المغلي = (1).
وعقد محمد عبد الجواد الأصمعي في كتابه تصوير وتجميل الكتب العربية (2) فصلا في صناعة المداد والحبر في الماضي والحاضر نقل جلّ معلوماته من صبح الأعشى ومن مقال حسن محمد السكري أحد خبراء صناعة الحبر، المنشور في مجلة المقتطف المصرية (3).
وقد تفنن الوراقون في ابتكار أنواع عديدة من المداد، إذ يروي المقري أنّ: = بعض المغاربة كتب إلى الملك الكامل بن العادل بن أيوب رقعة في ورقة بيضاء، إن قرئت (الكتابة فيها) في ضوء السراج كانت فضية وإن قرئت في الشمس كانت ذهبية، وإن قرئت في الظل كانت حبرا أسود = (4).
ولم يقتصر صنع المداد على الوراقين، بل أسهم الأطباء في إعداد بعض الوصفات، فقد ذكر ابن الجزار المتوفى سنة 369هـ في كتاب الاعتماد في الأدوية المفردة بعض خواص الحديد ومنافعه الطبية ثم قال:
= وزعم بعض المتقدمين أنه إذا أخذ قشور باقلاء رطبا فتدق ويؤخذ ماؤها ويلقى فيه قشور الحديد أو برادة الحديد وجزء من زاج ويترك في الشمس عشرين يوما ثم تخضب به الغزلان (؟) كيف شئت، وإن كتبت به على جبهة إنسان بقي أسود، فإذا أردت جلاءه دلكته بحمّاض الأترج = (5).
__________
(1) المصدر نفسه 88.
(2) تصوير وتجميل الكتب العربية 10088.
(3) العدد الصادر في 16ربيع الثاني سنة 1370هـ (24يناير 1951).
(4) نفح الطيب، المطبعة الأزهرية 1302هـ، 2/ 510.
(5) الاعتماد في الأدوية المفردة لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم الجزار، نشره فؤاد سزكين بالتصوير، فرانكفورت 1405هـ / 1985، 131130، والنسخة مؤرخة في سنة 539هـ، والأترج: هو ما يعرف الآن في العراق باسم: النارنج وهو يشيه البرتقال في اللون، إلا أن طعمه حامض.(1/339)
والظاهر أنّ غسل المداد بحماض الأترج كان معروفا في حلقات المحدّثين أيضا فقد روى السمعاني: أن العلاء بن عبد الجبار البصري المتوفى سنة 212هـ استعمل حماضة الأترج في غسل المداد من ثيابه (1).
أقول: وقد أدركت بعض الناس ببغداد ممّن يصنع الحبر من الورد الجوري، فإنه يضع أوراق هذا الورد في قدر ويغليه في الماء غليا شديدا، ثم يصفّي ماءه ويضيف إلى ما بقي من حثالة أو ثفل الأوراق بعض قطع الحديد الصدئة فيتأكسد الحديد ويتحول لون الحثالة إلى اللون الأسود الداكن، فيتركها في الظل حتى تجف فيطحنها طحنا جيدا ويضيف إليها الصمغ العربي المطحون وملح الطعام وقليلا من العطر أو الكافور بنسب معينة، فإذا أراد أن يكتب أذاب بعض هذا المسحوق بالماء الحار فيكون حبرا مائيا أسود، وهذا النوع يبهت لونه بمرور الزمن ويكاد يختفي من الكاغد إذا تعرض لضوء الشمس.
__________
(1) الكتاب في الحضارة الإسلامية لعبد الله الحبشي 2423.(1/340)
صناعة الكتاب الإسلامي
لقد سبق أن ذكرنا جملة من الأخبار التي يمكننا أن نستنبط منها أنّ صناعة الكتاب الإسلامي كانت معروفة في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة، وأوردنا خبر كتاب ملحمة دانيال، فلو لم تكن صناعة الكتاب مستتبة القواعد إذ ذاك لم يكن هناك سبب لمقارنة كتاب دانيال مع القران الكريم لو لم يكن مكتوبا في صحائف مضمومة إلى بعضها، بل إننا نستطيع أن نستنبط من الأخبار الأخرى أن صناعة الكتاب أقدم من ذلك بزمن.
وقد ذكرنا فيما سبق أنّ السجستاني روى عن بقية أنه قال: «دفع إليّ بحير مصحفا لخالد بن معدان فيه علمه أخذه منه مكتوبا في تختين وله دفتا (1) المصحف، وله عرا وأزرار» (2).
وقد توفي خالد بن معدان في سنة 103هـ.
وذكرنا أيضا أنّ خالدا الكلاعي المتوفى سنة 104هـ جعل علمه في مصحف، له أزرار وعرا (3)، وهل تكون الأزرار والعرا إلا للكتاب المجلد بدفتين؟ ومثل هذا كثير للباحث المنقّر.
ويؤيد هذا أنّ محمد بن عبد الملك الأسدي الفقعسي البغدادي المتوفى سنة 158هـ له كتاب مآثر بني أسد وأشعارها الذي لم يصل إلينا بعد (4).
وهناك إشارات في الفهرست للنديم، وفي كتب التراجم والرجال والتاريخ والأدب ما يؤكد أن صناعة الكتاب الإسلامي أقدم من هذا التاريخ إذا لم نشكّ في خبر عبيد بن شرية الجرهمي الذي وفد على معاوية فسأله
__________
(1) في كتاب المصاحف: دفتي؟ وفي طبعة دار الكتب العلمية هذه أوهام لا تعدّ ولا تحصى.
(2) كتاب المصاحف، دار الكتب العلمية، بيروت 1405هـ / 150، 1985، وعن بقية بن الوليد المتوفى سنة 197هـ، انظر: سير أعلام النبلاء 8/ 455وفيه جاء ذكر بحير بن سعد.
(3) تذكرة الحفاظ 1/ 87.
(4) الفهرست 55والمغانم المطابة 47، 67ومعجم المؤلفين 10/ 255.(1/341)
عن الأخبار المتقدمة وملوك العرب والعجم وأخبار حمير فأمر معاوية بتدوين هذه الأخبار في كتاب، قال ابن حجر فيه: «فألفها كتابا وقد زيد فيه وأنقص فلا يؤخذ منه نسختان مستويتان» (1)، وهذا دليل واضح على وجودها في القرن التاسع للهجرة.
أو ما ذكره المسعودي: أنّ معاوية كان «ينام ثلث الليل ثم يقوم فيقعد فيحضر الدفاتر فيها سير الملوك وأخبارها والحروب والمكائد، فيقرأ ذلك عليه غلمان له مرتبون وقد وكلوا بحفظها وقراءتها» (2).
أو ما ذكره النديم من أن زياد بن أبيه كان أول من ألف كتابا في المثالب (3)، وأن صحارا العبدي في أيام معاوية كان له كتاب في الأمثال (4)، وأن علاقة بن كرشم الكلابي كان له كتاب في الأمثال رآه النديم في نحو خمسين ورقة (5)، وأنّ خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان المتوفى سنة 85هـ له عدة كتب في صنعة الكيمياء رآها النديم نفسه وذكر عناوينها (6)، وأنّ وهب بن منبه المتوفى سنة 110هـ صنف في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وصلت إلينا قطعة منها مؤرخة في سنة 229هـ (7)، ورأى ابن خلكان المتوفى سنة 681هـ كتابا آخر له، في تاريخ ملوك حمير وأخبارهم (8).
__________
(1) الإصابة 3/ 101.
(2) مروج الذهب، دي مينارد وكورتي باريس 18761861، 5/ 78.
(3) الفهرست 101.
(4) المصدر نفسه 102.
(5) المصدر نفسه.
(6) المصدر نفسه 419وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 4/ 383: «وهذا لم يصح» والكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا، لمحمد ماهر حمادة، مكتبة دار العلوم، الرياض 1404هـ / 1984، 8077.
(7) مكتوبة على ورق البردي، حققها وترجمها رئيف خوري ونشرها في فيسبادن سنة 1972وانظر كتابي: مقدمة في الوثائق الإسلامية 17وما بعدها.
(8) وفيات الأعيان، تح إحسان عباس، 6/ 35.(1/342)
وقبل وهب صنف عروة بن الزبير في الفقه والمغازي والحديث فأحرقها أيام الحرة سنة 63هـ، فأسف عليها (1).
وروى النديم: أنّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك المقتول في سنة 126هـ جمع ديوان العرب وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها (2).
وأن كثيرا من الروايات تذكر لنا رسالة سمرة بن جندب المتوفى سنة 60هـ إلى بنيه والتي قيل فيها: = في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير = (3)، وأنّ نصر بن عاصم الليثي النحوي المتوفى سنة 89هـ ألف كتابا في العربية (4).
وروى ابن سعد أنّ عبيدة بن قيس (عمرو) السلماني المتوفى سنة 72هـ دعا بكتبه عند موته فمحاها وقال: أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير موضعها (5).
وقيل: إنّ عبد الملك بن مروان كان يحتفظ في خزانته بشعر كثيّر عزة، وكان يخرجه إلى مؤدب ولده يروّيهم إياه (6).
واشتهرت صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص المتوفى سنة 65هـ التي عرفت بالصحيفة الصادقة (7)، وقد كتبها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بينهما أحد، رواها الإمام أحمد بن حنبل بنصها في مسنده، ثم
__________
(1) دلائل التوثيق المبكر 546.
(2) الفهرست 103.
(3) دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث 362، 430.
(4) معجم الأدباء 19/ 224.
(5) طبقات ابن سعد (دار صادر) 6/ 94وسير أعلام النبلاء 4/ 43.
(6) شعراء ينبع وبنو ضمرة لعبد الكريم الخطيب، دار الأصالة، الرياض 1402هـ / 1982، 131130.
(7) دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث لامتياز أحمد القاهرة 1410هـ / 1990، 247 وما بعدها.(1/343)
صحيفة جابر بن عبد الله وصحيفة همام بن منبه، وغير ذلك كثير للمتطّلب المتتبع (1).
وأنّ ماسرجويه الطبيب المتوفى سنة 64هـ تولى تفسير (ترجمة) كتاب أهرن (هارون) بن أعين القس النصراني إلى العربية، ووجده عمر بن عبد العزيز في خزائن الكتب فأمر بإخراجه ووضعه في مصلاه، فاستخار الله في إخراجه إلى المسلمين للانتفاع به، فلما تمّ له في ذلك أربعين صباحا أخرجه إلى الناس وبثّه في أيديهم (2)، وهذا يعني أنّ ترجمته كانت قبل خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وأنه كانت هناك خزائن للكتب، خاصة بالخلفاء الأمويين.
وروى ابن عبد البر عن ابن شهاب أنه قال: وليت الصدقة فأتيت سالم ابن عبد الله فأخرج إليّ كتاب الصدقة فقرأه عليّ فحفظته، وأتيت إلى أبي بكر ابن حزم فقرأ علي كتاب العقول فحفظته (3).
وأن الحسن البصري المتوفى في سنة 110هـ أحرق كتبه في التنور (4)، ومثله أو شبيه به فعل كثير من علماء القرن الأول وعلماء القرن الثاني والثالث بمصنفاتهم (5)، فقد روى أبو عمرو المستملي أنه دفن من كتب محمد بن يحيى الذهلي المتوفى سنة 258هـ ألفي جزء بعد وفاته (6).
__________
(1) المصدر نفسه 540442.
(2) طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل، تح فؤاد سيد، القاهرة 1955، 61.
(3) التمهيد 6/ 109.
(4) سير أعلام النبلاء 4/ 584.
(5) دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث لامتياز أحمد، 246239والكتاب في الحضارة الإسلامية لعبد الله حبشي 107وما بعدها.
(6) سير أعلام النبلاء 12/ 278.(1/344)
وذكر المسعودي أنه رأى في سنة 303هـ عند بعض رؤساء الفرس بمدينة اصطخر كتابا يشتمل على علوم كثيرة من علومهم وأخبار ملوكهم فيما وجد في خزائن ملوك فارس وكان تاريخ هذا الكتاب للنصف من جمادى الآخرة من سنة 113هـ، وأنه نقل من الفارسية إلى العربية لهشام بن عبد الملك (1).
ولا بدّ أن هذه الكتب كانت مدونة، إما في صحائف البردي، أو في الرقوق. ويؤيد هذا ما وصل إلينا من القطع البردية والكاغدية المحفوظة في متحف شيكاغو والتي درستها نبيهة عبود، وما ذكرته روث ماكنسون في دراستها الطريفة حول الكتب والمكتبات في العصر الأموي (2) ومحمد ماهر حمادة في المكتبات في الإسلام (3).
__________
(1) كتاب التنبيه والإشراف، القاهرة 1938، 92.
(2)،،. .،
، 1937. 23925، 245253193637، 193536،
. 149157، 1939، 4161
(3) المكتبات في الإسلام، نشأتها وتطورها ومصائرها، مؤسسة الرسالة، بيروت 1401 هـ / 1981.(1/345)
طباعة الكتاب الإسلامي
يندرج تاريخ الطباعة في العالم العربي والإسلامي أيضا ضمن ما يعنى به علم الاكتناه العربي الإسلامي لأنّ الطباعة بدأت تقليدا للمخطوطات في خطها وإخراجها بيد أنّ تقنيتها تختلف اختلافا بيّنا عن عملية نسخ المخطوطة، إذ كانت عملية الطباعة تشبه عملية نقش الأختام، فكان النص يكتب بصورة عكسية فيحفره النقّاش إما بالحروف البارزة أو المجوفة، ولهذا نجد أن أكثر ما وصل إلينا من النماذج المطبوعة على القوالب الخشبية قد حفرت حروفها بصورة بارزة لتشابه المخطوطات إلا القليل حيث حفرت بعض الكلمات فيها بصورة مجوفة، كما نرى في النماذج الملحقة.
بل إن بعض النماذج لا يمكن تمييزه عن المخطوطات إلا أنّ عين الخبير المدقق لا تكاد تخطئها، لأنّ بعض النقاشين استعمل أكثر من لون من الأمدة في طباعتها على الرق، أو على الكاغد أو على نسيج الكتان المصقول والخفيف جدا.
الغريب، أنّ جميع المشتغلين بتاريخ صناعة الكتاب الإسلامي لم يعيروا ظاهرة الطباعة العربية على القوالب الخشبية الفريدة في تاريخ الحضارة الإسلامية أيّ اهتمام، مع أني أثرت الانتباه إليها في كتاب مقدمة في الوثائق الإسلامية (1) وفي مقال الطباعة العربية في أوربا (2).
والغريب أيضا، أن كاراباجيك (3) كان قد درسها في سنة 1894م ومثله فعل بونولابيه (4) في سنة 1909م وتوماس فرانسيس كارتر الذي درسها في
__________
(1) مقدمة في الوثائق الإسلامية 46.
(2) ندوة الطباعة العربية حتى انتهاء القرن التاسع عشر، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، منشورات المجمع الثقافي، أبو ظبي 1996، 48وما بعدها.
(3).، 1894،،.
(4):،،.
1909،، 5،(1/347)
سنة 1925م (1) وكارل يان في سنة 1938م وفي سنة 1970م (2) وليفي ديلا فيدا في سنة 1944م (3)، فنشر صحيفة من الرق الخفيف يظهر في أولها: لا اله الا الله، وبعد ذلك تأتي الآية 18من سورة آل عمران، وهي: {شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَالْمَلََائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قََائِماً بِالْقِسْطِ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وبعدها أدعية تجد نصها في الحاشية (4)، وأخيرا بوليه (5) في سنة 1987م، بيد أن أحدا من العرب أو المسلمين لم يعن بدراستها إلا ما نشره حبيب زيات في مقال: الدرهم الكاغد (6)، مع وجود بعض النماذج الفنية الرائعة منها في دار الكتب المصرية (لا يعلم عددها) وفي مجموعة الدوق راينر بفينا (حوالي 50منها) وفي متحف جامعة بنسلفانيا (واحد منها) وفي هايدلبرك (ستة منها) وفي برلين (واحد منها) وفي المكتبة البريطانية (اثنان منها) وفي كمبردج وغيرها من الخزائن (7)، فهي لذلك جديرة بالدراسة العلمية الدقيقة الموسعة لمعرفة أسباب طباعتها، وبحث وسائل عملها، وتاريخ ظهورها وأسباب توقفها واختفائها، ومناقشة الآراء المختلفة للعلماء الذين نشروا بعضها.
__________
(1).، 1925 .. ،. ..
وطبع هذا الكتاب مرتين بعد هذه الطبعة
(2). 308340.، 1938،،،،.،
. 101135.، 1970،،،
(3)، 59،:،، 4634 .. 1944
(4) ونصها: يا سامع كل صوت ويا جابر كل كسر، يا موانس كل وحيد، يا حافظ كل غريب، يا قريب غير بعيد، يا شاهد غير غائب، يا غالب غير مغلوب، يا عالم غير معلم، أنت الله الذي
(5):،:، ..
. 1987،،
(6) مجلة المشرق الجزويتية، السنة 35، 1937، 489497.
(7) انظر الحواشي في المصدر نفسه، صفحة 77.(1/348)
وسبق لي أن أشرت في مقدمة في الوثائق الإسلامية إلى العملة الورقية المطبوعة بالقوالب الخشبية في عهد نور الدين محمود والتي كانت تسمى: القراطيس السود (1)، وأشرت إلى العملة المغولية: الجاو التي كانت شائعة في بلاد الخطا على رواية رشيد الدين فضل الله الهمداني الذي روى:
«أن الجاو عبارة عن قرطاس مختوم بخاتم الملك يتعامل به في جميع بلاد الخطا بدلا من الدراهم» (2)، وذكر ابن بطوطة أن العملة الورقية كانت شائعة في الصين.
وذكرت أيضا الأختام وأنواعها وسبل استعمالها وتاريخ ظهورها قبل الإسلام وبعده وذكرت من كتب في الأختام، فلعل صناعة الأختام وانتشار الخاتم كانت الأساس في طباعة القوالب الخشبية، وسيأتي الكلام قريبا حول الخاتم النبوي في رسائله صلى الله عليه وسلم، ومن كل هذا فإنني لأرجو أن يقوم أحد الباحثين ممن أوتي صبرا وجلدا وعلما بدراسة ظاهرة الطباعة على القوالب الخشبية دراسة علمية دقيقة فاحصة.
__________
(1) انظر أيضا: سير أعلام النبلاء 20/ 536: «وكان له برسم نفقته خاصة في الشهر من الجزية ما يبلغ ألفي قرطاس كل ستين قرطاسا بدينار».
(2) جامع التواريخ مج 2، ج 2/ 181.(1/349)
التزوير في الوثائق والمخطوطات
هذه حفنة من حكايات طريفة وأخبار ظريفة، وهي بعد ليست بحثا شاملا في التزوير، بل هي لملمات من بعض التجارب التي مرت عليّ أو التي قرأتها عند غيري فسجلها حين مرّت عليه، أردت بها فتح باب قديم بمفتاح حديث، يفضي إلى تجربة أكيدة ومعاناة جديدة، وقصدي منها أن تكون تذّكرا للماضي وتذكارا للحاضر، الذي عزّ فيه وجود الجهبذ وكثر فيه الشبه الخالب الكاذب، وشاع ضرب الزيوف وعمّ التزوير في كلّ فنّ، فرحم الله محمود محمد الطناحي وإيانا حين كتب: «فإن تراثنا بفنونه المختلفة قد غيّب عن أبنائنا بظلمات بعضها فوق بعض من تراث الأعاجم، وحين بلغ الضعف منهم مبلغه أنحينا عليهم باللائمة ووسمناهم بالقصور» (1).
التزوير في المخطوطات والوثائق ليس جديدا في تاريخ البشرية. وبقدر ما يتعلق الأمر هنا بالمخطوطات والوثائق العربية الإسلامية فقد حفل تاريخنا المدون بكثير من هذه المزورات، فقد كان بعض النساخ والوراقين يقومون بتصنيف كتب كاملة وينسبونها لمؤلفين معروفين مثل كتاب الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة وكتاب المحاسن والأضداد المنسوب للجاحظ وكتاب معجز أحمد المنسوب للمعري وكتاب تنبيه الملوك والمكائد المنسوب للجاحظ أيضا وكتاب الردة المنسوب للواقدي وكتاب مولد النبي صلى الله عليه وسلم المنسوب لابن عربي وآخر لابن الجوزي وآخر للقاضي عياض وآخر للواقدي (2)، وكتاب طبقات الحنفية لابن الحنائي المعروف بقنالي زادة،
__________
(1) الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم، مكتبة الخانجي، القاهرة 1406هـ / 1985، 18.
(2) انظر: الفهرس الوصفي، 2/ 22، 37، 51، 53، 339، 341، 343من إعدادي.(1/351)
فقد نسب لطاش كبري زادة وطبع مرتين (1)، وشرح آداب البحث والمناظرة للبردعي التبريزي نسب لطاش كبري زادة (2)، وهذه ظاهرة معروفة عند المفهرسين، تجدها في كثير من فهارس المخطوطات (3)، وقد تناولها بعض الباحثين أمثال عبد الرحمن بدوي في كتاب: مؤلفات الغزالي وعثمان يحيي في مؤلفات ابن عربي وفيليب دي طرازي في خزائن الكتب العربية في الخافقين وأحمد الشرقاوي إقبال في مؤلفات السيوطي (4)
وغيرهم.
يقال: «زوّر تزويرا: زيّن الكذب، وكلام مزوّر: ممّوه بالكذب، ومن المجاز: زوّر الشيء حسّنه وقوّمه، وإزال زوره: أي اعوجاجه، وكلام مزوّر أي محسّن، والتزوير: إصلاح الشيء، وقال ابن الأعرابي (5): كل إصلاح من خير أو شر فهو تزوير، وقال أبو زيد (6): التزوير والتزويق التحسين».
__________
(1) تصحيح خطأ كبير: كتاب طبقات الفقهاء المنسوب إلى طاشكبري زادة هو لابن الحنائي، لمحيي هلال السرحان، مجلة المورد، مج 10، ع 43، 1302هـ / 1981، 497483، وانظر: المناقشات الطريفة حول نسبة كتاب شرح الفصيح للزمخشري أو للاسترابادي، في عالم الكتب مج 21، ع 32، رمضان شوال / ذو القعدة ذو الحجة 1420هـ، 253199، وأول من نبّه على خطأ نسبة الكتاب للزمخشري بهاء الدين عبد الرحمن في مج 20، ع 1من المجلة نفسها.
(2) رسالة آداب البحث والمناظرة لعضد الدين الأيجي وشرحها لمحمد بن محمد البردعي التبريزي، تح موئل يوسف عز الدين، دار أمية، الرياض 1412هـ / 1991.
(3) انظر مثلا: الفهرس الوصفي لمخطوطات السيرة النبوية ومتعلقاتها: التاريخ، التراجم، الإجازات والأثبات من إعدادي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1416هـ / 1995في سبعة أجزاء لم يخرج منها إلا ثلاثة أجزاء حتى الآن، 1/ 331، 2335/ 51
(4) أحمد الشرقاوي إقبال، مكتبة الجلال السيوطي، الرباط 1397هـ / 1977، 412 413.
(5) هو محمد بن زياد بن الأعرابي، انظر عنه: سير أعلام النبلاء 10/ 687.
(6) هو سعيد بن أوس الأنصاري الخزرجي، انظر عنه: الفهرست للنديم 60.(1/352)
وجاء في الحديث الشريف: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» وفي كلام الله تعالى: {«وَالَّذِينَ لََا يَشْهَدُونَ الزُّورَ»}، والزور هنا: الكذب والباطل والبهتان والتهمة.
هذا معنى الزور والتزوير كما جاء في تاج العروس للزبيدي وفي النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، فهل في كل هذه المعاني يكمن معنى التزوير الذي نفهمه الآن أو نقصد إليه في الوثائق والمخطوطات العربية الإسلامية؟
ومثله أو قريب منه لفظتا: التلفيق والانتحال، فإن لفظة التلفيق في معناها الأصل هو غير المعنى الذي اكتسبته هذه اللفظة اليوم، فيقال: لفق فلان الثوب، إذا خاطه من قطع مختلفة، ولفق الكلام إذا رتّبه في ذهنه قبل إخراجه، ونحل الشيء ونحله إياه وانتحله، وهو غير نحل جسمه إذا هزل، ففي الحديث الشريف: «ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن»، فنحل هنا: أهدى وأعطى والنحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق، وينحله: ينسبه وهو من النّحلة وهي النسبة بالباطل، وانتحل نحلة:
تبناها واعتقدها.
ومعنى لفظة «تزوير» أو تقليد بالإنجليزية: أو أو، وفي الهولندية: أو مثل تزوير أوراق العملات النقدية والشهادات الجامعية.
ومن صور الانتحال ما ذكره النديم حول كتاب أخبار سديف ومختار شعره، لمحمد بن يحيي الصولي المتوفى في سنة 335هـ، فقال: «وهذا الكتاب عوّل (الصولي) في تأليفه على كتاب المرثدي في الشعر والشعراء،
بل نقله نقلا وانتحله، وقد رأيت دستور (1) الرجل خرج من خزانة الصولي فافتضح به» (2).(1/353)
ومن صور الانتحال ما ذكره النديم حول كتاب أخبار سديف ومختار شعره، لمحمد بن يحيي الصولي المتوفى في سنة 335هـ، فقال: «وهذا الكتاب عوّل (الصولي) في تأليفه على كتاب المرثدي في الشعر والشعراء،
بل نقله نقلا وانتحله، وقد رأيت دستور (1) الرجل خرج من خزانة الصولي فافتضح به» (2).
ومثله أو شبيه به ما ذكره ياقوت في مقدمة كتاب معجم البلدان حول الكتاب الذي اختصره أبو موسى محمد بن محمد الأصفهاني من كتاب نصر الإسكندري وأن الحازمي: = قد اختلسه وادّعاه واستجهل الرواة فرواه = (3).
وروى النديم أيضا حكاية ابن المكتفي، قال: «قرأت في كتاب بخط بن الجهم (4) ما هذه حكايته، كتاب المدخل لسند بن علي، وهبه لأبي معشر فانتحله أبو معشر، لأنّ أبا معشر تعلم النجوم على كبر، ولم يبلغ عقل أبي معشر صنعة هذا الكتاب، ولا التسع مقالات في المواليد، ولا الكتاب في القرانات المنسوب لابن البازيار، هذا كله لسند بن علي» (5).
ونعود إلى مصطلح: «التزوير» الذي نعرفه اليوم ونقصد إليه وهو إنشاء أية وثيقة على أية مادة ونسبة هذه الوثيقة مع مادتها إلى زمن غير الزمن الذي كتبت فيه وذلك بتلفيق مادتها ومن ثمّ نحلها زمنا أو مؤلفا سابقا على زمن الوثيقة، وليس لاحقا، لإثبات حق لا أصل له. ومن هنا انصبّت كلّ المعاني التي ذكرناها في لفظ: «التزوير» فأصبح يعني في علم الاكتناه الذي يشتمل أيضا على ما يعرف في الاصطلاح الأوربي ب: أو: علم الوثائق: إخضاع الوثيقة للبحث والدراسة والفحص والاختبار للوصول إلى توثيق أصلها وفصلها، أو تجريحه ومن ثم الحكم على وضعها واختلاقها، أو أصالتها، على أساس النقد الداخلي والنقد الخارجي للوثيقة.
__________
(1) أي: مسودة المؤلف أو نسخته.
(2) الفهرست، تجدد، 168.
(3) وانظر دفاع الشيخ حمد الجاسر عن الحازمي في مقدمة كتاب الأماكن للحازمي.
(4) الظاهر أنه محمد بن الجهم البرمكي، كان أبو معشر يحكي عنه ويفضله في العلم، الفهرست 336، وهو من نقلة الفرس 305.
(5) الفهرست (تجدد) 334.(1/354)
والطريف أن ما اتبعه خبراء علم الوثائق الأوربيون في القرن التاسع للهجرة / القرن الخامس عشر للميلاد كان نظاما معروفا مستتبّ القواعد قبل ذلك بثمانية قرون ونصف على الأقل عند رجال الجرح والتعديل المسلمين، إذ طبقوا نقدهم الداخلي على متن الحديث وعلى الإسناد أو عليهما معا، وهذا النقد هو الذي طبقه محمد بن جرير الطبري والخطيب البغدادي والماوردي وإمام الحرمين الجويني على كتاب إسقاط الجزية عن يهود خيبر، وكان فيه شهادة معاوية بن أبي سفيان أسلم يوم الفتح، وشهادة سعد بن معاذ وقد توفي عام الخندق سنة خمس قبل غزوة خيبر التي كانت سنة سبع من الهجرة (1).
وهذا النقد طبقه ابن تيمية أيضا على هذا العهد المزور، فقد روى ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ أن هذا الكتاب نفسه: «أحضر بين يدي شيخ الإسلام ابن تيمية وحوله اليهود يزفونه ويجلونه، وقد غشي بالحرير والديباج، فلما فتحه وتأمله بزق عليه وقال: هذا كذب من عدة أوجه وذكرها فقاموا من عنده بالذّلّ والصّغار» (2).
وقد توفي الطبري في سنة 310هجرية وابن تيمية في سنة 728 هجرية وما بين وفاتهما أكثر من 400سنة، فتأمل إصرار إليهود على حفظ هذا العهد المزور أربعة قرون وزيادة (3).
والطريف أنّ هذا العهد نفسه أو غيره عرضه يهوديّ على الوزير العباسي ابن الفرات المتوفى سنة 312هـ، فلما قرأه قال: هذا مزوّر، لأنّ
__________
(1) البداية والنهاية 12/ 102، 14/ 19ومعجم الادباء لياقوت 4/ 18والمنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن قيم الجوزية 5، 1ومقدمة في الوثائق الإسلامية 5655 والمغني لابن قدامة 8/ 537536، ومن هذا نسخة بالحروف العبرية في كمبردج، نشرها في مجلة. 167، 1903،،.
(2) المنار المنيف 105102.
(3) انظر: مجموعة الوثائق السياسية 124مع المصادر التي ذكرت الخبر.(1/355)
خيبر افتتحت بعد تاريخ كتابك بسبعة وستين يوما، ولكننا نحتمل عنك جزيتك إعظاما لحق من لجأت بالاعتصام به (1).
فإن هؤلاء العلماء الأعلام نظروا في محتويات العهد المزعوم اللغوية والتاريخية وقارنوها بما يعرفون من لغة عهود النبي صلى الله عليه وسلم وما يعرفون من الحوادث التاريخية الثابتة عندهم فحكموا بوضعه، وهذا هو النقد الخارجي للوثيقة، ولو نظروا في المادة المكتوب عليها النص ودرسوا نوعها، ومصدرها، وطريقة صنعها، والقطر الذي يحتمل أن يكون صنعها، ونوع الحبر المكتوب به العهد، والمواد التي صنع منها، وطراز الخط ونمطه، وقارنوا كلّ ذلك بالمعلومات المتوفرة لديهم، كما نفعل الآن، لسمّينا ذلك بالنقد الداخلي للوثيقة.
وتطبيق هذين النقدين على الوثيقة أو المخطوطة من الأصول الأولى في عمليتي التحقيق والفهرسة.
ويلحق بكل هذا ما وصل إلينا من الرسائل النبوية، وهي: رسالته صلى الله عليه وسلم إلى هرقل (وقد وصلت إلينا نسختان منها) (2) ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس (3)
ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى ابني الجلندي.
وقد نشرت كل هذه الرسائل، ودرسها كثير من المستشرقين وبعض المسلمين، واختلفت الآراء فيها، وتشعبت تشعبا متناقضا، فعدّها أغلب المستشرقين مزورة جملة وتفصيلا، وحكم الكتّاب المسلمون بصحتها (4)،
__________
(1) الوزراء للصابي 78.
(2) انظر نصها في كتاب الأموال لابن زنجويه 1/ 120.
(3) انظر صورتها في: تصوير وتجميل الكتب العربية 68.
(4) انظر مناقشة امتياز أحمد للرسائل ورده على المستشرقين في دلائل التوثيق المبكر 403 410.(1/356)
فسلكت سورديل تومين الفرنسية طريقا وسطا في الشك في أصالة كلّ الرسائل، فقالت ما معناه: = إنّ أصالة هذه الرسائل لم تثبت بعد ببرهان قاطع = (1)، وأنّى لها أن تقول غير هذا؟ وهي أيضا ليست خبيرة بعلم الاكتناه.
وذكرها محمد حميد الله كلها في كتابه مجموعة الوثائق السياسية، وذكر المقالات والكتب التي درستها، أو التي ورد لها ذكر فيها، ونشر لها صورا مصغرة.
وقد درست بعضها في كتابي: مقدمة في الوثائق الإسلامية دون إبداء رأي فيها، بيد أنني أرى الآن أنّ نصوص هذه الرسائل ليست مزورة لأنّ نصوصها موثقة في كتب الحديث والسيرة. إلا أنّ أكثر ما وصل الينا منها نسخ منسوخة على رقوق قديمة، انتزعت من المصاحف الرقيّة أو الكتب المكتوبة على الرق، أو أنها غسلت واستعملت في كتابة النص، وهي لذلك ليست الرسائل الأصلية، إلّا رسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ورسالته صلى الله عليه وسلم للمنذر بن ساوى فهما اللتان لا أكاد أشك في أصالتهما لدراستي التحليلة لخطوطهما، ومقارنتي الاكتناهية الدقيقة لهما مع الخطوط النبطية والبردية والنقائش الراشدية والأموية التي وصلت إلينا، وكنت أود أنّ أكون قد رأيت أصولهما (2) ودرستهما دراسة فاحصة دقيقة، حتى يكون الحكم فيهما قاطعا لكل شك عند من ينفي أصالتهما.
أما الرسائل الأخر فإن خط رسالته الأولى صلى الله عليه وسلم إلى هرقل واضح التكلّف لا يمكن أن يعود إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم أولا، وثانيا: لأنها تحمل خطأ نحويا
__________
(1).: 1119.،.، 2 ..
(2) مثل نقش سد معاوية الذي كتبه عمرو بن حباب سنة 58هـ، انظر صورته في:
مصاحف صنعاء 33وفي:. 79،،،. وغير ذلك من النقائش والبرديات المنشورة.(1/357)
لا يمكن أن يقع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الفصحاء، أو من أحد كتّابه، وهو قوله: «ولا نشرك به شيء» بدلا من: «شيئا» (1).
أما النسخة الثانية من رسالته صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، فإن خطها حديث متكلّف أيضا، ومن ثمّ فإنها تحمل خطأ نحويا أيضا وهو:
«أرباب» بدلا من «أربابا» وتاريخا ونصه: «كتب في عشر خلون من ربيع الآخر سنة اثنتي عشر»، ففي هذا التاريخ خطأ نحوي وهو: «اثنتي عشر» بدلا من «اثنتي عشرة» ومع هذا فإنّ المعروف أنّ بداية استعمال التاريخ كانت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم يعرف في زمن النبي عليه الصلاة والسلام.
والمعروف أيضا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ الخاتم لتختم به الرسائل التي أرسلها إلى الملوك، وكانت هذه الوفادات في السنة السادسة أو أوائل السابعة (2) من الهجرة، فكيف تكون رسالته إلى هرقل في سنة اثنتي عشرة، وقد ذكر البخاري أنه صلى الله عليه وسلم لبث بالمدينة عشرا (3)؟
وحول الرسالة الهرقلية الأولى ظهرت دراسة نفيسة بالفرنسية لمحمد حميد الله ذكر فيها مناجم ورود خبر الرسالة وخبر وجودها في إسبانيا (4)، وظهرت قبلها مقاله قصيرة له وثق فيها أصالة الرسالة النجاشية التي شك دنلوب فيها ونشر صورة لها (5).
__________
(1) سورة آل عمران 64 {= أَلََّا نَعْبُدَ إِلَّا اللََّهَ وَلََا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً =}.
(2) الإصابة 1/ 473ومثله في الاستيعاب لابن عبد البر (على هامش الإصابة).
(3) فتح الباري 8/ 150.
(4). 9711.، 1955،، وعن المصادر التي ذكرتها، انظر: مقدمة في الوثائق الإسلامية 3231.
(5). 339342.، 1942، 2.،،(1/358)
وفي سنة 1863م نشر بوش، الملحق في السفارة البروسية في استانبول، الرسالة النبوية إلى المنذر بن ساوى (1).
ونشر دنلوب دراسته حول الرسالة النبوية إلى النجاشي وشفعها بصورة منها (2).
أما رسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس فقد عثر عليها المستشرق الفرنسي إيتيان بارتليمي في تضاعيف أحد المخطوطات القبطية في أحد الأديرة القبطية في أخميم من صعيد مصر، حين كان يبحث في المخطوطات القبطية في سنة 1850م (3)، فكتب بلين، وهو مستشرق فرنسي أيضا دراسة حولها ظهرت في المجلة الآسيوية بعد سنتين من كتابتها (4) مع صورة سيئة منها، وقد أعلن بلين في دراسته هذه عن الثقة في أصالتها وتبعه المستشرق الألماني نولدكه، بيد أنّ كايتاني الإيطالي وسارجنت ومونتكومري وات وغيرهم (5) رفضوا تصديق خبر الرسائل والوفادات برمتها، وكل هذا تعنّت بارد منهم لم يستند على أية أسس علمية لا تقبل النقض، لأنهم لم يكونوا من الخبراء بعلم الاكتناه، ولم يكونوا من فرسان ميدانه، ولهذا فإن رأيهم في كل هذا لا وزن له.
وقد اهتم الخليفة العثماني السلطان عبد المجيد بهذه الوثيقة النبوية فاقتناها وأمر بحفظها في صندوق ذهبي، وهي ما زالت موجودة الآن في الغرفة التي تضم ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من آثار في متحف طوب قابي سراي
__________
(1). 385389.، 1863،،. ...
(2). 546،. 194،. ... وظهرت رسائل أخر إلى النجاشي وباذان تجدها في الملاحق.
(3) وضع الوثائق القديمة وحفظها في تضاعيف الكتب أو نسخها في أوراق المخطوطات البيض في أولها أو آخرها هو عادة معروفة نجدها في كثير من المخطوطات اللاتينية واليونانية والسريانية والعربية، انظر:. 87.، 1870،،.
(4) العدد الثالث، 1854م، 518482.
(5) دلائل التوثيق المبكر 409405.(1/359)
بإستانبول، وقد كان بعض هذه الآثار في القاهرة فنقلت بعد استيلاء العثمانيين على مصر (1) مع ما نقل من آلاف المخطوطات النفيسة الموجودة الآن في السليمانية وغيرها.
أما رسالته صلى الله عليه وسلم إلى كسرى فإن خطها حديث متكلّف أيضا ومن ثم فإن وجودها لا تؤيده الروايات الحديثية والتاريخية (2) لأنها تذكر أن كسرى مزق الرسالة، فروى البخاري: «حدّثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدّثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنّ عبد الله بن عبّاس أخبره أنّ رسول الله صلّى اللهم عليه وسلّم بعث بكتابه رجلا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلمّا قرأه مزّقه فحسبت أنّ ابن المسيّب قال فدعا عليهم رسول الله صلّى اللهم عليه وسلّم أن يمزّقوا كلّ ممزّق».
ونشر محمد حميد الله صورة لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد (3)، ابني الجنلدي ملكي عمان، وقال: «رأيت عند بعض الإخوان في باريس في السنة 1400هـ / 1980م فصيلة من جريدة يومية عربية من تونس فيها تصوير أصل مكتوب النبي عليه السلام إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، ولكن (هذا الأخ) لم يعرف اسم الجريدة ولا تاريخها».
ونقل محمد حميد الله ما ورد في الجريدة التونسية، فقال: «عثر علماء الآثار على النسخة الأصلية جاء هذا أثناء زيارة الأستاذ إسماعيل
__________
(1) أحمد تيمور باشا، الآثار النبوية، القاهرة 1391هـ، حول رباط الآثار 35وما بعدها.
(2) رجح صلاح الدين المنجد أن هذه الرسالة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكتب مقالتين في إثبات ذلك، وهو، دون شك، واهم في أصالتها، وذكر دراستي حميد الله لها، انظر: دراسات في تاريخ الخط العربي 32.
(3) جاء اسمه في كتب الحديث والرجال: عباد، أو عبد، أو عياذ.(1/360)
الرصاصي السفير العماني لدي إيران، لبعض البلدان العربية، وقد وجد الأصل في حوزة هاوي آثار لبناني الجنسية الشخص المذكور رفض تسليم المخطوط لسعادة السفير إلا أنه سمح له بتصويره» (1).
من هذه المعلومات الناقصة يظهر أن مالك الوثيقة لبناني الجنسية، فلعلها ضاعت أو احترقت أثناء الحروب الأهلية، أو أنها سرقت، كما سرقت وثيقة كسرى من قصر هنري فرعون، وعرضت للبيع لمن يدفع ثمنا عاليا في السنين الماضية، وقد علمت مؤخرا أن رسالة ابني الجلندي محفوظة الآن في أحد المتاحف في سلطنة عمان.
والطريف في هذه الرسالة أن محمد حميد الله حين نشر صورتها من الجريدة التونسية ذكر نصها وأضاف في آخره عبارة: «وكتب أبيّ بن كعب» قبل صورة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه العبارة لا تظهر في الصورة.
ولما كانت صورتها هذه لم تنشر كما هو معهود في الصور المنشورة لأن صورتها تشبة صور الخطوط المنقولة من النقائش الحجرية، ولما لم أكن قد رأيت هذه الوثيقة، فإن الحكم على أصالتها اعتمادا على ما نشر منها عسير جدا، إلا أنني لا أكاد أشك في أنها ليست الرسالة النبوية الأصلية كما بيّنته في أسفل الصورة المنشورة في الملحقات، ومع هذا فلا أدري إن كان أحد في سلطنة عمان قد أخضع هذه الوثيقة إلى إيّ نوع من أنواع الاختبار الاكتناهي أو التقني المختبري الكاربوني لمعرفة عمر الرّق أو المداد فيها، ولا أدري أيضا إن كانت هناك أية دراسة علمية ظهرت عنها، بيد أن الفحص الدقيق لأسلوب كتابة حروفها وكلماتها لا يوحي بأصالتها.
__________
(1) مجموعة الوثائق السياسية 161وذكر حميد الله المصادر التي ذكرت هذه الرسالة ونشر صورة سيئة منها، وأشار إلى الزرقاني المتوفى سنة 1122هـ والحلبي المتوفى سنة 1044 هـ وهما متأخران، ذكرا نص الرسالة، ولم يشر للزيلعي المتوفى سنة 762هـ الذي ذكر نصها في: نصب الراية 4/ 418باختلاف يسير مع النص الذي أخرجه حميد الله.(1/361)
وهذا يقودنا إلى مسألة الخاتم النبوي الذي يظهر في كل الرسائل النبوية الأصلية والمزيفة التي وصلت إلينا وإلى مسألة اللفافة أو الطومار وإلى السؤال: هل كانت الرسائل النبوية ترسل على شكل لفافة يلفّ على وسطها خيط، ثم يلصق جانبي الخيط بالشمع الأحمر، ثم يختم هذا الشمع الأحمر بالخاتم النبوي؟ أم أنها كانت ترسل على شكل صحيفة مطوية على بعضها، بعد أن تختم بالخاتم النبوي في نهاية نص الرسالة؟
المعروف أن نظام لفافة ورق البردي في الكتابة كان معروفا عند اليونانيين، قبل أن يأمر قسطنطين الثاني في منتصف القرن الرابع الميلادي بنقل مؤلفات الكتاب الكلاسيكية من لفافات البردي إلى كراسات الرقوق لأجل المكتبة الإمبراطورية التي كان قد أسسها حينئذ في القسطنطينية (1)، وقد كانت الكتابة على ورق البردي تتم على شكل أعمدة على طول الشريط وتتصل ببعضها من اليسار إلى اليمين:
فيمسك القارىء بطرف اللفافة بيده اليسرى، ويفتح باليمنى النص من أوله إلى آخره، بعد أن يلف اللفافة من أولها، فإذا وصل إلى نهاية النص أعاد لف اللفافة من اليمين إلى اليسار ليصل إلى بداية النص، وكان أول اللفافة يلصق في الغالب على عمود من الخشب بعرض اللفافة لكي يسهل نشرها وإعادة لفها.
__________
(1) تاريخ الكتاب 1/ 76.(1/362)
ويؤيد هذا اكتشاف عدد من لفافات البردي في أحد بيوت مدينة هيركولانه، التي غطاها بركان فيزوف بحممه خلال ثورته في سنة 79م (1)، مع ما نعلمه من وصف المؤرخين للمكتبات اليونانية والرومانية في مصر وغيرها (2).
وقد ساد هذا النظام في النصوص المكتوبة على الرق أيضا، وهذا ما نجده في وثائق البحر الميت أو ما تسمى: وثائق قمران (3).
والسؤال الآن: هل كانت رسائل النبي صلى الله عليه وسلم تختم كما تختم اللفافة أو أنها كانت ترسل على شكل صحيفة مطوية بعد أن تختم بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر نص الرسالة، كما جاء في كل الرسائل النبوية التي وصلت إلينا؟
الجواب: إنّ نظام اللفافة الذي كان شائعا ومعروفا في الشام ومصر في البيئة البيزنطية والرومانية قبل الإسلام، لم يكن معروفا في الغالب أو مألوفا في الحجاز قبل الإسلام وبعده، حتى تمّ فتح الأمصار البيزنطية والفارسية فسار عليه الأمويون ومن بعدهم العباسيون حتى عصر الرشيد حين حوّل البرامكة لفافات الدواوين إلى الدفاتر الرقيّة.
بيد أنّ وصف أم هلال (4) لبطن النبي صلى الله عليه وسلم حين قالت: «وما رأيت بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا ذكرت القراطيس المثنية بعضها على بعض» (5) وفي رواية: «بعضها فوق بعض» (6)، يدل على أنّ القراطيس كانت
__________
(1) المصدر نفسه 1/ 84.
(2) المصدر نفسه 1/ 88.
(3) المصدر نفسه.
(4) ترجم ابن حجر لها في الإصابة ولم يذكر هذا الخبر.
(5) طبقات ابن سعد 1/ 419.
(6) أنساب الأشراف للبلاذري، تح محمد حميد الله 1/ 393.(1/363)
معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أم هلال لم تقل: المطوية بل قالت: المثنية بعضها على بعض، فإذا فهمنا من المثنية بأنها تعني: المنضّدة والمطبقة بعضها على بعض، فإن ذلك لدليل على أنها لا تعني اللفافات، بيد أن الرسائل النبوية لم تكتب في قراطيس البردي، بل في الرقوق وختمت في آخر النص.
فقد روى البخاري عن أنس بن مالك: أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم فقيل له إنّهم لا يقبلون كتابا إلا عليه خاتم فاتّخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاتما من فضّة، نقشه محمّد رسول الله فكأنّي بوبيص أو ببصيص الخاتم في إصبع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو في كفّه (1).
وذكر أهل الحديث والسيرة قصة حاطب بن أبي بلتعة ورسالته إلى قريش مع امرأة أخفت هذا الكتاب في رأسها ثم فتلت عليه قرونها، أو أنه كان في حجزتها أو في عقاصها (2)، فهل كان لهذه المرأة إخفاء هذا الكتاب في قرونها أو عقاصها، إذا لم يكن مطويا ومثنيا على بعضه؟
والدليل أيضا على أن نظام ختم الصحيفة في نهاية النص كان متبعا في الحجاز يظهر في ما رواه اليعقوبي في خروج عمر بن الخطاب رضي الله عنه لاستقبال مراكب الطعام التي أرسلها عمرو بن العاص من مصر، فأمر زيد بن ثابت أن يكتب الناس على منازلهم وأمره أن يكتب لهم صكاكا في قراطيس ثم يختم أسافلها، فكان أول من صكّ وختم الصكاك (3). وهنا اتّبع عمر ما كان معروفا عنده في ختم الصحيفة في نهاية النص المكتوب.
__________
(1) حديث رقم: 5423.
(2) السيرة النبوية 2/ 398.
(3) تاريخ اليعقوبي 2/ 155154، دار صادر، بيروت.(1/364)
والدليل الآخر ما رواه الطبري حين قال: أرسل معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وهو من أنصار علي بن أبي طالب، بسجلّ قد ختم عليه في أسفله وقال له: اكتب في هذا السجل ما شئت فهو لك (1)، وكان هذا قبل إنشاء ديوان الخاتم.
وذكر البلاذري أن معاوية حين صالح الحسن بن علي بن أبي طالب أرسل إليه «صحيفة بيضاء مختومة في أسفلها» (2).
وروى ابن سعد عن محمد بن بكار بن عبد الله بن محمد بن سيرين، أنه قال: «مكاتبة أنس بن مالك سيرين الصك في صحيفة حمراء عندنا
الطينة التي فيها الخاتم وسط الصحيفة والكتاب حولها» (3).
المعروف أن أنس بن مالك رحمه الله وإيانا توفي في سنة 93هـ، بيد أنّ في هذا الخبر بعض المشكلات، أولها: هل ختم أنس الكتاب قبل كتابة نص الصك في عتق خادمه سيرين؟ ومتى كانت كتابة صك عتق سيرين؟
وهل الطينة التي أشار إليها حفيد حفيد سيرين فيه تعني: الشمع الأحمر أو المغرة الحمراء، أو مادة شبيهة به، أو أراد بها هنا المداد؟ وهل كانت هذه الصحيفة الحمراء من الجلد، أو الأدم، أو من شيء آخر؟ فإن الخبير في علم الاكتناه يحتاج أن يجيب على كل هذه الأسئلة فيناقش ما عثر عليه من أدلة، حتى تكون نتيجة استنباطاته مبنية على أسس علمية موثقة مقبولة لا يعروها الشك.
فقد روى أنس نفسه أنّ «عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى أن نكتب في الخواتيم عربيا»، فكان خاتم أنس يحمل صورة ذئب أو ثعلب أو
__________
(1) تاريخ الطبري 1/ 8 (تح دي خويه) حوادث سنة 41هـ.
(2) أنساب الأشراف 3/ 286.
(3) طبقات ابن سعد 7/ 120.(1/365)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/366)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/367)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/368)
نشوء علم نقد الوثائق أو ما يسمى ب: الدوبلوماتيك، الذي بدأه الراهب الجزويتي اليسوعي دانيال فان بانبروك حين قام بتصنيف كتاب أعمال القديسين فوجد أن أكثر الوثائق التي فحصها كانت مزورة ولهذا افترض أن غالبية الوثائق التي تعود إلى أوائل القرون الوسطى بما فيها وثائق الأسرة الميروفنجية الحاكمة، والسجلات الأخرى التي تحتفظ بها الأديرة مزورة، ولما كانت غالبية الوثائق التي افترض فان بانبروك أنها مزورة تعود إلى أديرة الرهبنة البندكتية، فإن هؤلاء استنكروا بعنف اتهام فان بانبروك، فانبرى جان مابيون البندكتي لتفنيد اتهام فان بانبروك وعندها احتدم الصراع العنيف بين اليسوعيين والبندكتيين، وهذا الصراع بينهما كان في الأساس لدفع الشك عن وثائق إحدى الطرق الرهبانية ووصم الأخرى بالتزييف، وهنا بدأ ما يعرف الآن بعلم الدوبلوماتيك أو علم نقد الوثائق الذي تسربت أصوله وقواعده إلى نقد الإنجيل، فأخضع القديم منه (التوراة) والجديد (الإنجيل) للشك فظهرت دراسات كثيرة جدا حولهما تناولت نصوصه بالنقد والتحليل المبني على الشك في تاريخية الحوادث المذكورة فيه، وقرر الكثير من علماء اللاهوت أن هذين النصين بما في أصولهما من زيادات وتحريف وتصحيف وإقحام لا يقومان قط للنقد التاريخي، وهما بعد ذلك يحتويان على تناقضات لا يمكن التوفيق بينها (1).
ولعل أديلارد أوف باث الذي ترجم بعض النصوص العربية إلى اللاتينية كان أول من اتخذ الاستقلالية في الشك كطريق موصل إلى التسليم بالمسلمات أو الرفض، فقال في كتاب الأسئلة الطبيعية مخاطبا ابن أخيه:
«إنني وقائدي العقل، قد تعلمت من أساتذتي المسلمين هو خلاف الذي تعلمته أنت، فبهرتك مظاهر الحجة بحيث وضعت في عنقك لجاما، وكيف لا نصف
__________
(1). 121/ 2، 1942،،.،(1/369)
هذه الحجة باللجام والكثير منكم يقاد مثل الحيوانات الضارية إن الأفراد قد منحوا العقل، وهو مثل حاكم أعلى، فإن التفريق بين الحق والباطل يكون بهذا الحاكم، وإن الشك يقود إلى التسآل والنظر، وهما بعد يقودان إلى إدراك الحقيقة» (1).
ومن هذا الشك الذي يقود إلى التسآل برهن لورنزو فالا في سنة 1440م / 883هـ أنّ الوثيقة البابوية المسماة هبة «قسطنطين»، التي منح بموجبها الإمبراطور قسطنطين الكبير السلطة الروحية العليا على النصرانية، والسلطة الروحية والدنيوية على إيطاليا، قبل انتقاله إلى القسطنطينية لبابا روما سلفستر الأول، إذ ذاك والتي كان البابوات يستشهدون بها لتدعيم حقوقهم الواسعة في الغرب النصراني، إنما هي مزورة بل مزيفة.
واستعان لورنزو استعانة كبيرة بالأخطاء التاريخية في تسلسل الحوادث والإشارات فيها، للتدليل على تزويرها (2)، ومثل ذلك فعل نقولاس أوف كوسا المتوفى سنة 1464م / 867هـ، حين أثبت أن هذه الوثيقة مزورة ومزيفة (3).
بل إن أهم الوثائق البابوية المزورة هي التي تسمى: الأحكام المزورة، وهي قرارات افترض فيها أن تكون قرارات أو فتاوى كنسية سابقة، اتخذها البابوات المتعاقبون سندا شرعيا، يبنون عليها أحكامهم وقراراتهم الاعتقادية في التحليل والتحريم. ومثل هذا كثير في التاريخ الأوربي، وما بني على باطل فهو باطل (4).
__________
(1) مقدمة في الوثائق الإسلامية 50والاستشراق بين الموضوعية والافتعالية 4645، 73.
(2). 586،،،. .،
(3). 1962.،،،. .،
. 92، 1975، 92
(4)،،.،. ..
. 1973، 55.،،(1/370)
وذكر المؤرخ لي جملة من هذه الوثائق البابوية المزيفة في أثناء كتابه حول المحاكم التفتيشية (1).
أما في التاريخ الإسلامي فإن عهد خيبر المزور لم يكن فريدا في بابه فقد ذكر بعض المؤرخين عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مقنا (2) إليهود، بيد أنّ ابن كثير حين أورد ذكر الخبر في تاريخه، قال: «وقد جمعت جزءا مفردا أثبتّ فيه بطلانه وأنه موضوع» (3).
وهناك الخبر المشهور عند المؤرخين، في بناء المسجد الأموي بدمشق، واستعانة الوليد بن عبد الملك بالإمبراطور البيزنطي في بنائه، تثبته الوثائق اليونانية المعاصرة له، بيد أنّ هذه الوثائق تقدم صورة مختلفة تماما عن الصورة التي ذكرها المؤرخون المسلمون، فإنها تذكر أن أثمان مواد البناء لمسجد دمشق الذي تولى أمر بنائه كلّ من عبد الرحمن بن سلمان، مولى الوليد بن عبد الملك، وعبيد بن هرمز، كانت قد جبيت من الأمصار الأموية (4).
والظاهر أنّ الخبر سرياني الأصل، أخذه المؤرخون العرب من النصارى السريان، بعد أن حرفوه، لأن المؤرخين العرب لم يكونوا يحسنون اليونانية أو السريانية فنقلوه محرفا.
__________
(1). 586 ..
(2) قرب أيلة.
(3) انظر: البداية والنهاية 5/ 352ومجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة لمحمد حميد الله، دار النفائس، بيروت 1403هـ / 1983، 124119حيث ذكر المصادر التي أوردتها.
(4).:.،.،
.، .. 133، 1913، 374، 1911
. 245268، 1911، 11،(1/371)
ويؤيد هذا وثيقة بردية، أرسلها قرة بن شريك (1) الذي ولي مصر للوليد ابن عبد الملك في سنة 90للهجرة، إلى أحد حكام منطقة مصر العليا، يأمره فيها أن يدفع أجور بعض العمال، الذين ساهموا في بناء المسجد الأقصى (2).
وهناك العهود التي تزعم بعض الطوائف النصرانية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها لهم، مثل عهد طور سيناء، وعهد الأقباط، وعهد الأرمن، وعهد الروم الأرثوذوكس، وعهد يهود مدين، الذي رآه الجغرافي البكري (3) وغيرها كثير، ذكر محمد حميد الله بعض نصوصها ونشرها بعض المستشرقين وأثبتوا تزوير هذه العهود في كتاباتهم، وقد ذكرت بعضها في كتابي مقدمة في الوثائق الإسلامية وبينت زيفها.
وفي الفتنة التي ذهب ضحيتها الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، يروي لنا الكندي المتوفى سنة 350هـ: «أن محمد بن أبي حذيفة انتزى في شوال سنة خمس وثلاثين على عقبة بن عامر خليفة عبد الله بن سعد فأخرجه من الفسطاط ودعا إلى خلع عثمان، وحرّض عليه بكل شيء يقدر عليه، وأسعر البلاد، ومن حيله أنه كان يكتب الكتب على ألسنة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأخذ الرواحل فيضمّرها ثم يأخذ الرجال الذين يريد أن يبعث الرسائل معهم، فيجعلهم على ظهور البيوت فيستقبلوا بوجوههم الشمس لتلوحهم تلويح المسافر ثم يأمرهم أن يخرجوا إلى طريق المدينة بحرّ ثم يرسلوا رسلا يخبرون الناس ليلقوهم، وقد أمرهم إذا لقيهم الناس أن يقولوا: ليس عندنا خبر، الخبر في الكتب، ثم يخرج محمد بن أبي حذيفة والناس كافة، يتلقى
__________
(1) انظر عنه: سير أعلام النبلاء 4/ 409.
(2). 43،،
(3) كتاب المسالك والممالك: لأبي عبيد البكري، نشرة إدريان فان ليوفن وآندري فيري، قرطاج تونس 1992، 1/ 420.(1/372)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/373)
فيه السلطان صلاح الدين الأيوبي خصما في شراء أحد المماليك (1)، وزورت كتب كثيرة على الوزير علي بن عيسى بن الجراح حين صرف من وزارة المقتدر فأحوج ذلك إلى تدخل الخليفة المقتدر العباسي نفسه (2).
والأطرف من الطريف في التزوير ما رواه ابن الجوزي، قال:
«حدثني أبو الحسن عباس القاضي قال: رأيت صديقا على بعض زوارق الجسر ببغداد، جالسا في يوم شديد الريح، وهو يكتب رقعة، فقلت: ويحك في هذا الموضع وهذا الوقت؟ فقال: أريد أزوّر على رجل مرتعش ويدي لا تساعدني، فتعمدت الجلوس هنا لتحرك الزورق بالموج في هذه الريح، فيجيء خطي مرتعشا فيشبه خطه» (3).
ويروي ابن حجر أن: علي بن يحيى بن فضل الله العدوي المتوفى سنة 769هـ كان حسن الخط جدا ولا سيما قلم الثلث، فكان يعتق الورق والحبر وينقل القطع بخط ولي الدين العجمي وابن البواب وغيرهما ممن تقدم وتأخر فلا يشك من ينظر ذلك من كتّاب الخط المنسوب، أنه خط من نقله منه إلا الفرد النادر (4).
وقد سبق أن ذكرنا في فصل: صناعة الكاغد تزوير الأحدب الناسخ وجمال الدين الشيرازي للخطوط.
ويروي القفطي أن ابن سينا صنع ثلاثة كتب، أحدها على طريقة ابن العميد، والثاني على طريقة الصاحب، والثالث على طريقة الصابي، وأمر بتجليدها وإخلاق جلدها، لتجوز على أبي منصور الجبائي (5).
__________
(1) النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، لابن شداد، القاهرة 1317هـ، 1311.
(2) الوزراء للصابي، 78، 137136.
(3) كتاب الأذكياء، المطبعة الشرفية، القاهرة 1304هـ، 87.
(4) الدرر الكامنة 3/ 138.
(5) عيون الأنباء، لابن أبي أصيبعة 443.(1/374)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/375)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/376)
ومثل هذا كثير يدخل في باب كتاب: «الفارق بين المصنف والسارق» للسيوطي المتوفى سنة 911هـ الذي شكا فيه من سرقة كتبه وانتحالها (1).
وهذا الذي شكا منه السيوطي، اتهمه به معاصروه أمثال السخاوي، واتهم ابن حجر بعض العلماء المشهورين بذلك أيضا (2).
واتّهم ابن رشد الحفيد بذلك، فقد روى المراكشي عن محمد بن أبي الحسين بن زرقون: «أنّ القاضي أبا الوليد بن رشد استعار منه كتابا مضمّنه أسباب الخلاف الواقع بين أئمة الأمصار، من وضع بعض فقهاء خراسان، فلم يردّه إليه وزاد فيه شيئا من كلام الإمامين أبي عمر بن عبد البر وأبي محمد بن حزم ونسبه إلى نفسه، وهو الكتاب المسمى ب: بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (3).
واتّهم ابن السيد البطليوسي بانتحال كتاب الاقتضاب وذلك بالإغارة فيه على ما ألفه أحمد بن محمد بن أحمد المرسي المتوفى قريبا من سنة 460هـ (4).
ومثل هذا ما رواه النديم في الفهرست حول كتاب الأغاني المنسوب لإسحاق بن إبراهيم الموصلي المتوفى سنة 188هـ وأن الذي وضعه وراق كان له اسمه سندي بن علي مع ورّاق آخر (5).
__________
(1) نشر هذا الكتاب الصغير ثلاث مرات، أولهما في مجلة عالم الكتب، مج 2، ع 4، 1402 هـ / 1982، 741وما بعدها، والثانية نشرة سمير الدروبي في شرح مقامات السيوطي بيروت؟، والثالثة نشرة علي حسن علي عبد الحميد الحلبي الأثري، الدمام 1410هـ / 1989.
(2) الفارق بين المصنف والسارق 743، 744وانظر ما ذكره عبد الله الحبشي في الكتاب في الحضارة الإسلامية 149وما بعدها.
(3) الذيل والتكملة للمراكشي، تح احسان عباس، بيروت 1973، 6/ 22.
(4) تحقيق النصوص ونشرها 62نقلا من بغية الوعاة للسيوطي.
(5) الفهرست 158تح تجدد، وهذه تهمة قديمة ذكر عبد الله الحبشي جملة من الأخبار فيها، في: الكتاب في الحضارة الإسلامية 149وما بعدها.(1/377)
وقد تنبه المصنفون المسلمون إلى مثل هذه الظاهرة فصاروا يذكرون أسماءهم أثناء تصانيفهم مثل: قال أبو محمد، كما فعل ابن حزم في مصنفاته أو قال عبد القاهر، كما فعل الأسفرائييني أو قال أبو منصور كما فعل الثعالبي، أو أنهم يحيلون على مصنفاتهم الأخرى، وكل هذا من وسائل التوثيق للمفهرس أو للمحقق.
وشبيه بهذا حدث في بعض الجامعات العربية والأوربية، فإن مثل هذه الفضائح وجدت طريقها إلى العلن فقد طردت جامعة جنوب ويلز أستاذا هنديا لأنها اكتشفت أن هذا الأستاذ كتب فصولا بكاملها لطالب خليجي، واكتشفت أيضا أن بعض من حصل على الورقة كان قد ملأ جيب هذا الهندي، فكتب له رسالته كاملة غير منقوصة، فحصل على الورقة المشتهاة، ومثل هذا حدث في بعض الجامعات البريطانية الأخر أيضا، وحسبك ما كتبه محمود شيت خطاب رحمه الله وإيانا في مقالة: الجامعات والشهادات في مجلة العرب الصادرة في الرياض (1).
وطردت جامعة لايدن قبل أشهر قليلة أحد أساتذة علم النفس، وهو من المشهورين محليا وعالميا لأنه سرق كتابا في علم النفس لأحد الأمريكيين وترجمه للهولندية دون عزو ونشره باسمه.
أما التزوير في الكتب المخطوطة والمطبوعة، فإن الغرب وأمريكا فاقوا دكاكين التزييف في بيروت حتى عقدت المؤتمرات تحت شعار:
«الوثائق المزورة» أو: للتنبيه على كثرة المخطوطات والكتب والوثائق التاريخية المزورة التي اشترتها مكتبات الجامعات، وأبحاث هذه المؤتمرات منشورة (2).
__________
(1) مجلة العرب، ج 21، السنة 17، رجب شعبان، الرياض 1402هـ / 1982، 6640.
(2)،، 1989،. 199(1/378)
ويبرز من كل هذه التزويرات ما يسمى ب: تزويرات شكسبير للمزور البارع وليم هنري إيرلند (18351777) الذي سجّل اعترافه بكل ما زوره من مخطوطات نسبها لشكسبير ووسائل هذه التزويرات، في كتاب نشره بعنوان: اعترافات «»، ذكر فيها أنه اتفق مع أحد بائعي الكتب أن ينزع منها الأوراق البيض ويبيعها له، وأنه كان يختار الكواغد الذي تحمل علامة مائية معينة تعود إلى زمن شكسبير، فكتب فيها ما شاء من تزويراته (1).
ومثل ذلك وثائق توماس رولي للمزور وليم جاترتون (17701752) وهذه المخطوطات المزورة محفوظة كلها مع مزورات أخر عديدة غيرها في المتحف البريطاني.
وقد يكون التزوير بصور متعددة، ففي برنامج حول تزوير الوثائق بثته محطة تلفزيون الأمريكية يوم الاثنين 25آب 1999م، حول خارطة لأمريكا تسمى تعود إلى القرن الثامن للهجرة / الخامس عشر للميلاد، والمعروف أن كولومبوس وصل إلى أمريكا سنة 1490م، فقالوا عنها إنها أقدم خارطة لأمريكا فاشترتها جامعة يل بمليون دولار، وبالرغم من إخضاع هذه الخارطة للفحص الإلكتروني والتقني الدقيق والطويل فإن الباحثين فيها لم يتفقوا على رأي قاطع فبعضهم يقول: إنها مزورة والبعض الآخر ينفي تزويرها، والآخرون يقولون: إن الفايكنج قد رسموها، ومع أن أحد هؤلاء الخبراء فحص حبرها ومحتوياته فتوصل إلى أن بعض محتويات هذا الحبر لم يكن معروفا قبل سنة 1926م إلا أن الخبراء جميعا لم
__________
(1) 410،.،(1/379)
يتعرضوا إطلاقا إلى نوعية الكاغد أو الرق الذي رسمت عليه هذه الخارطة، وعرض التلفزيون الخارطة فإذا هي تشبه ما هو معروف اليوم بالضبط (1).
ومذكرات هتلر التي اشترتها مجلة در شبيجل (المرآة) أو مجلة شتيرن الألمانية ونشرت قسما منها فتبين لها أنها مزورة، ليست بعيدة عن الأذهان (2)، فسيق المزور إلى المحاكم، وقبلها مذكرات موسوليني التي كلفت جريدة التايمز اللندنية مئة ألف جنيه استرليني في سنة 1968فظهر أن امرأة إيطالية في الرابعة والثمانين من عمرها وبالتعاون مع ابنتها كانتا وراء تزوير هذه المذكرات.
وتحتفظ جامعة كمبردج بمخطوطة رباعيات الخيام اشترتها منذ أكثر من أربعين سنة بسعر كبير على أساس أنها تحتوي على شعر الخيام وأنها تعود إلى زمن الخيام نفسه فإذا هي لا من شعر الخيام ولا من وقته وإنما هي مزورة الفحوى والمحتوى.
وكتب المستشرق الإنجليزي فراي. .، مقالا طريفا في تزوير المخطوطات العربية ذكر فيه نماذج من المخطوطات المزورة مع بعض صورها واستنتج أنّ تزويرها كان قد تمّ في إيران (3).
وفي الهند وباكستان شاع في الوقت الحاضر تزوير المخطوطات لتطلب السواح للمنمنمات الهندية والمغولية، فصار المزورون يعمدون إلى المخطوطات الأردية المدرسية، فيرسمون على بعض صفحاتها هذه الرسوم، التي يمكن اكتشاف تزويرها بطريقة عرضها على الضوء اللامع، فتظهر
__________
(1)، 136،،،.
. 24.، 1987،. 1
(2). 1986،،،،
(3)،،،. .،
. 106109.، 1974،(1/380)
الكتابة الأصلية فيها خلف الصورة، أو أن المزور لم يحسن إخفاء أجزاء من الكتابة في أوائل الرسوم، أو أواخرها، فيمكن رؤيتها بالعين المجردة، وقد رأيت جملة منها حين عرضها أحد المتاجرين بالمخطوطات للبيع على مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض. (انظر الملاحق).
ولا أكاد أستبعد قط تزوير نسخة المصحف الذي قيل إنه بخط ابن مقلة ومكتوبة على ورق الحرير، وأنها المصحف الذي كتبه ابن مقلة المقتول سنة 328هـ للخليفة الراضي بالله العباسي، الذي تولى الخلافة سنة 323هـ، وتوفي سنة 329هـ، وأنّ ابن خلكان ذكر أن الخليفة الراضي قد أخذ هذه النسخة من ابن مقلة بألف ألف يعني مليون دينار.
وهذا كله ما نشرته جريدة المدينة في عددها 11686وبتاريخ يوم الثلاثاء 4ذي القعدة من سنة 1415هـ، في مقابلة جرت مع مالك نسخة المصحف محمد الشافعي صادق العناني الباحث التربوي بإدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم بدولة قطر، ونشرت الجريدة صورتين لصفحتين من المصحف، الذي كان قد عرضه للبيع أحد البنغاليين، فاشتراه منه العناني، وأهاب العناني بالملك فهد وولاة الأمر بالمملكة أن يكونوا أول المبادرين لاقتناء هذا المخطوط العظيم دون النظر لأي نواح مادية، لأن الملك فهد:
«إمام المسلمين والأمة أحق بالمخطوطة وأجدر بها من الخليفة الراضي».
وقبل أن يقفز خيال السيد العناني إلى المليون دولار، هل أخضع هذه المخطوطة لأيّ نوع من أنواع الاختبار؟ وهل أخذ رأي علماء الاكتناه في أصالتها أو تزويرها؟ وعلى أي أساس يزوّر العناني ما جاء عند ابن خلكان؟
فإن ابن خلكان لم يذكر أن الخليفة أخذ هذه النسخة بمليون دينار من ابن مقلة، بل لم يذكر المصحف قط، وإنما قال ما نصه: «ولما ولي الراضي لست خلون من جمادى الأولى من سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة استوزره
(ابن مقلة) أيضا لتسع خلون من جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان المظفر بن ياقوت مستحوذا على أمور الراضي، وكان بينه وبين أبي علي الوزير وحشة، فقرر ابن ياقوت المذكور مع الغلمان الحجرية أنه إذا جاء الوزير أبو علي قبضوا عليه فقبضوا عليه وأرسلوا إلى الراضي يعرفونه صورة الحال وذلك في يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، واتفق رأيهم على تفويض الوزارة إلى عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح، فقلده الراضي الوزارة وسلم إليه أبا علي بن مقلة، فضربه بالمقارع وجرى عليه من المكاره بالتعليق وغيره من العقوبة شيء كثير، وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم خلص وجلس بطالا في داره» (1).(1/381)
فإن ابن خلكان لم يذكر أن الخليفة أخذ هذه النسخة بمليون دينار من ابن مقلة، بل لم يذكر المصحف قط، وإنما قال ما نصه: «ولما ولي الراضي لست خلون من جمادى الأولى من سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة استوزره
(ابن مقلة) أيضا لتسع خلون من جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان المظفر بن ياقوت مستحوذا على أمور الراضي، وكان بينه وبين أبي علي الوزير وحشة، فقرر ابن ياقوت المذكور مع الغلمان الحجرية أنه إذا جاء الوزير أبو علي قبضوا عليه فقبضوا عليه وأرسلوا إلى الراضي يعرفونه صورة الحال وذلك في يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، واتفق رأيهم على تفويض الوزارة إلى عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح، فقلده الراضي الوزارة وسلم إليه أبا علي بن مقلة، فضربه بالمقارع وجرى عليه من المكاره بالتعليق وغيره من العقوبة شيء كثير، وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم خلص وجلس بطالا في داره» (1).
هذا ما جاء عند ابن خلكان الذي لم يذكر المصحف ولا شراء الراضي له بمليون دينار، وإنما ذكر المليون دينار التي تعهد ابن مقلة بدفعها للزبانية الذين أذاقوه العذاب فأخذوا خطه أي: توقيعه بدفع المال.
ولم يقتصر التزوير على الكتب واللوحات الزيتية والتماثيل اليونانية والفرعونية والإفريقية والساعات وما يعرض للبيع في المزادات العلنية بل تعدى ذلك إلى أثاث المنزل من الكراسي والموائد وغيرها فقد نشرت الصحف الهولندية في شهر (سبتمبر) من هذه السنة (1999م) أن مؤسستي المزاد العلني سوذبي وكرستي الدوليتين كانتا ضالعتين في بيع كراس وآثاث منزلية مزورة على أنها تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي وهي من صنع حديث، استطاع نجّار حاذق أن يستغفل بها الخبراء في هذا الشأن، ومثل هذه المزورات عدد كبير من اللوحات الزيتية التي مرّت على خبراء الفن تمتلئ بها اليوم متاحف كثيرة في العالم.
__________
(1) وفيات الأعيان، تح إحسان عباس، 5/ 114.(1/382)
أما التزوير في المخطوطات فهو كثير أيضا ففي هولندا نفسها اكتشف المكتبيون في أوائل القرن التاسع عشر في قبو مكتبة مدينة ليوفاردن الفريزية الواقعة في شمال هولندا، مخطوطة قديمة تتحدث عن تاريخ فريزلاند القديم بعنوان:، فأحدث اكتشافها ضجّة سياسية وقومية عند القوميين الفريز لانديين، فصدرت حول هذه المخطوطة دراسات كثيرة منذ اكتشافها يؤيد بعضها أصالتها وبعضها يؤكد تزويرها وانتهت الدراسات إلى القول: إنّ أحد القسس بالتعاون مع أحد مدرسي المدارس قد قاما بصنع الرقوق وتعتيقها والحبر والتجليد وكتباها بخط قديم (1)، وما يزال القوميون الفريزلانديون متمسكين بأصالتها.
وروت لنا كتب الأدب والملح أشياء من هذا النوع، لذلك سأقتصر منها على خبرين مليحين لهما وشيجة عريقة وصلة وثيقة بعلم الاكتناه، أولهما:
خبر الخطاط علي بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ الذي خلّد ذكر ابن مقلة وقعّد قواعد الخط المنسوب (2)، فقد وجد تسعة وعشرين جزءا من ثلاثين جزء من القرآن الكريم بخط ابن مقلة، في خزانة
__________
(1)،،،.
. 1876،
. 1877،،
. 1927:،،.
(2) يرد هذا الاصطلاح في كثير من كتب التراجم في وصف خط المترجم له بيد أن مفهومه لم يزل غامضا عند من كتب عن تطور الخط العربي، وعندي أنه منسوب للطريقة التي أبدعها ابن البواب في الخط، وهذا ما نلاحظه في ترجمة علي بن يحيى العدوي، فقد ذكر ابن حجر في الدرر الكامنة 3/ 138: شمس الدين ابن أبي رقيبة وقال: «وكانت رئاسة كتابة المنسوب انتهت إليه، فأراه العدوي قطعة بخط ابن البواب قد اتقنها وعتقها حتى كان لا يشك أحد انها خط ابن البواب»، وألف فيه السيوطي رسالة بعنوان: طبقات أهل الخط المنسوب، ومنه نسخة في برلين، بيد أنّ المنوني رحمه الله وإيانا ذكر أنه:
= الخط الذي تنتسب حروفه إلى بعضها بنسب هندسية متقنة مجودة = في: لمحة عن تاريخ الخط العربي، مجلة المناهل، ع 24، السنة التاسعة، رمضان 1402هـ / 1982، 265.(1/383)
بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي المتوفى سنة 403هـ بشيراز، حين كان أمينا لها، وكان المصحف ينقص جزءا منها، فطلب منه بهاء الدولة إكماله، قال ابن البواب: «ودخلت الخزانة أقلب الكاغد العتيق وما يشابه كاغد المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغد السمرقندي والصيني والعتيق كلّ ظريف، فأخذت من الكاغد الذي وافقني وكتبت الجزء وذهّبته وعتّقت ذهبه وقلعت جلدا من جزء من الأجزاء فجلدته به وجلّدت الذي قلعت منه الجلد وعتّقته، ونسي بهاء الدولة المصحف ومضى على ذلك نحو السنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي ابن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت: بلى، قال: فأعطنيه، فأحضرت المصحف كاملا، فلم يزل يقلبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي بخطي» (1).
فمن هذا الخبر الذي رواه ابن البواب لهلال بن المحسّن الصابي، ومن كتابه المفاوضة نقله ياقوت الحموي، يستطيع الخبير في علم الاكتناه استنباط معلومات مفيدة، حول الوراقة في القرن الرابع للهجرة:
منها: أن الكاغد السمرقندي والصيني كانا موجودين في شيراز مع انتشار صناعة الكاغد في الحواضر الإسلامية، وأن الكاغد السمرقندي لم يزل يصنع حتى ذلك التاريخ، وأن استيراد الكاغد الصيني لم ينقطع أيضا إلى الأمصار الإسلامية، وهذا الأمر يؤكده خبر الوزير ابن الفرات المعروف بابن حنزابة المصري، الذي كان يستورد الكاغد السمرقندي كلّ سنة لاستعماله في نسخ الكتب لخزانته الخاصة (2).
ومنها: ان أبن البواب لم يذكر أيّ نوع آخر من الكواغد التي كانت تصنع في أصفهان أو بغداد أو مكان آخر، واكتفى بقوله: «والعتيق» دون
__________
(1) معجم الأدباء 15/ 124122.
(2) معجم الادباء 7/ 177176.(1/384)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/385)
والغريب أن هذه الملحمة السريانية كانت معروفة في القرن الأول من الهجرة فشدد علماء الحديث في التأكيد على بطلانها ووضعها وزيفها وبطلان ما تتنبأ به من حوادث، فقال الخطيب البغدادي: «أحاديث الملاحم وما يكون من الحوادث فإنّ أكثرها موضوع وجلّها مصنوع كالكتاب المنسوب إلى دانيال» (1)، وسبق أن ذكرت قول ابن حجر في وجودها.
وروى عمرو بن ميمون الأودي المتوفى سنة 174هـ، فقال: «كنا جلوسا في مسجد الكوفة، فأقبل من نحو الجسر رجل معه كتاب، قلنا: ما هذا؟ قال: هذا كتاب، فقلنا: وما كتاب؟ قال: كتاب دانيال، فلولا أنّ القوم تحاجزوا لقتلوه، وقالوا: كتاب سوى القرآن؟» (2).
فمن هذه الأخبار يمكننا أن نستنبط أن تعتيق الكتب لتزوير زمنها كان معروفا عند المزورين في الماضي وهو معروف عندهم في الوقت الحاضر وذلك بدفن الكتاب في التبن العتيق، وهذه الطريقة تتلخص في أن التبن المكدّس ترتفع في باطنه درجة الحرارة فتتكون بذلك بيئة صالحة للحشرات الدقيقة والميكروبات التي تسبب العفن والتي تعمل على تحليل مادة السيلولوز في التبن والمواد العضوية الأخرى وتحويلها إلى سماد طبيعي، ولو ترك هذا المنجّم كتابه مدة طويلة في التبن لما استطاع العثور عليه قط.
أو قد يعمد المزور إلى دفن الكتاب في باطن الأرض الرطبة لمدة طويلة فتكون النتيجة واحدة.
__________
(1) كتاب الجامع لأخلاق الراوي والسامع 2/ 223.
(2) المصدر نفسه 2/ 224223وانظر ما كتبته عنها في: الأصول التاريخية لنحلة البابية والبهائية، دار أمية، الرياض 1407هـ، 26وما بعدها، ومن كتاب ملحمة دانيال نسخة في برلين برقم: 6159.(1/386)
تعتيق الكاغد وتزوير السماعات
ومن وسائل التزوير تعتيق الكاغد، وقد زودنا مؤلف كتاب الأبزار في بري القلم وعمل الأحبار الذي لم نعرف اسمه بعد، ولا العصر الذي عاش فيه، بطريقتين سهلتين لتعتيق الكاغد فقال في أولها: «يؤخذ طنجير نحاس يصب فيه عشرة أرطال ماء عذب ويجعل على النار ويطرح فيه نشا جيد نقي، ويغلى حتى ينقص الماء قدر إصبعين أو أكثر، ثم يجعل فيه يسير زعفران بقدر ما تحتاج إليه من شدة تلوينه أو صفائه، ويصب منه في طشت واسع ويغمس الورق فيه غمسا خفيفا برفق لئلا ينقطع، وينشر على خيط قنب دقيق في الظل، واحذر أن تصيبه الشمس فيفسد، ويقعد في الظل ساعة بالتقليب لئلا يلصق، فإذا جفّ صقل على لوح بمصاقل الزجاج فيجيء حسنا» (1)، وهل هناك أيسر طريقة من هذه على المزورين لتعتيق الكاغد.
أما في الثانية فقال: = يؤخذ التبن القديم فينقع في الماء ثلاثة أيام وأكثر من ذلك، ثم يغلى حتى يذهب ثلث الماء ويطرح فيه النشا على العيار المذكور في الصفة الأولى ويعمل فيه العمل الأول سواء يجيء عتيقا =.
وقد اتّهم المحدّث البغدادي أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن دوست المتوفى سنة 407هـ بأنه كان: «يكتب الأجزاء ويتربّها ليظنّ أنها عتق» (2)، ومعنى يتربّها هنا: يدفنها في التراب.
وقد سرى التزوير إلى السماعات، وإلى الإجازات التي يمنحها العلماء لمن قرؤوا عليهم، فيعمد أحد المزورين فيبشر اسم أحد الذين حضروا السماع
__________
(1) مخطوطة المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان رقم: 190، ص 5655.
(2) تاريخ بغداد 5/ 125.(1/387)
ويثبت اسمه مكانه، أو يلحق اسمه بالسماع، فقد روى المراكشي في ترجمة عمر بن محمد التجيبي أنه: = كان كذابا خبيثا مزورا خطوط الشيوخ لنفسه ولأبيه ولغيرهما، وقفت له من ذلك على فضائح = (1).
وروى ابن عساكر في ترجمة علي بن محمد الحراني الزيدي المتوفى سنة 433هـ عن هبة الله بن أحمد الأكفاني أنه قال: = سمعت عبد العزيز بن أحمد الكتاني وقد أريته جزءا من كتب إبراهيم بن شكر وهو من مصنفات الآجرّيّ محمد بن الحسين والسماع عليه مزوّر بيّن التزوير، فقال: ما يكفي الزيدي الحراني علي بن محمد أن يكذب حتى يكذب عليه = (2).
ومثل هذا ما رواه الذهبي، في ترجمة محمد بن أحمد بن إبراهيم بن المجير الكتبي فقال: = ولكنه متهم في كتابة الطباق قليل الدين = (3).
ولعله هو نفسه الذي نقل الصفدي عن الذهبي قوله في شرف الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى المحدث القرشي الدمشقي الكتبي الناسخ المتوفى سنة 680هـ: = لم يكن عليه أنس المحدّثين، وخطه كثير السقم مع حسنه، وكان مزورا كذابا سمّع لنفسه وزوّر (4).
أو يعمد أحد القراء إلى اسم الناسخ فيبشره ويكتب اسمه بدلا منه (5) أو إلى تاريخ النسخ فيغيره إلى أقدم منه أو قد يقع أحد أجزاء الكتاب بيد أحد تجار المخطوطات فيبشر (يكشط) الجزء (الأول أو الثاني أو الثالث) ليوحي للمشتري أنه جزء واحد، أو: يصطنع للكتاب عنوانا مغريا غير عنوانه
__________
(1) الذيل والتكملة 8/ 234.
(2) تاريخ دمشق 6/ 427وسير أعلام النبلاء 17/ 505.
(3) ميزان الاعتدال 3/ 457.
(4) الوافي بالوفيات 2/ 131.
(5) انظر: الفهرس الوصفي 1/ 337.(1/388)
الأصل (1). وهذه كلها حقائق مرت عليّ ولا بدّ أنها ستمرّ على يد كل مفهرس خبير نبيه.
أو: قد يعمد بعض العلماء إلى إثبات خطه بصحة النسخة دون أن تقرأ عليه، فقد روى الخطيب البغدادي أن القاضي أبا سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي المتوفى سنة 368هـ كان زاهدا لا يأكل إلا من كسب يده، وأنه كان لا يخرج إلى مجلس الحكم ولا إلى مجلس التدريس في كل يوم إلا بعد أن ينسخ عشر ورقات يأخذ أجرتها عشرة دراهم تكون قدر مؤونته ثم يخرج إلى مجلسه (2).
بيد أن ثلاثة من وراقي بغداد أخبروا ياقوتا الحموي المتوفى سنة 626 هـ أي: بعد ما يقرب من ثلاثة قرون من وفاة السيرافي: = أنّ أبا سعيد إذا أراد بيع كتاب، استكتبه بعض تلاميذه، حرصا على النفع منه، ونظرا إلى رقّ المعيشة، كتب في آخره وإن لم ينظر في حرف منه: قال الحسن بن عبد الله: قد قرئ هذا الكتاب عليّ وصحّ، ليشترى بأكثر من ثمن مثله = (3)، وتعقب ياقوت قول هؤلاء الوراقين فقال: = وهذا ضد ما وصفه به الخطيب من متانة في الدين =.
ومع وضوح وضع هذا الخبر وهشاشته، فإن مثل هذه الصناعة لم يخل منها عصر من العصور أو قرن من القرون حتى يومنا هذا، فكم من درجة علمية حصل عليها فلان، وكتب رسالتها له علان، أو حكّمها الأستاذ الدكتور فلان؟ وقد رأينا مثل ذلك في بعض ما نوقش من الرسائل الجامعية في الشرق وفي الغرب (4).
__________
(1) المصدر نفسه 2/ 253.
(2) تاريخ بغداد 7/ 342.
(3) معجم الأدباء 8/ 190.
(4) انظر: مقالة محمود شيت خطاب في مجلة العرب، ج 21، السنة 17، رجب شعبان، الرياض 1402هـ / 1982، 6640.(1/389)
ومثل هذا ما رواه ابن حجر، عن ابن الوحيد الوراق المتوفى سنة 711هـ أنه = كان يبيع المصحف نسخا بلا تذهيب ولا تجليد بألف، حتى إنّ بعض تلامذته كان يحاكي خطه فكان هو يشتري المصحف من تلميذه بأربع مئة ويكتب في آخره: كتبه محمد بن الوحيد، فيشترى منه بألف = (1).
وشبيه بهذا أو قريب منه ما روى الذهبي في ترجمة عبد الملك بن حبيب المتوفى في سنة 238هـ عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: = أتاني صاحبكم عبد الملك بن حبيب بغرارة مملوءة كتبا فقال لي: هذا علمك تجيزه لي؟ فقلت له: نعم، ما قرأ عليّ منه حرفا ولا قرأته = (2).
ونبز محمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة 245هـ بالانتحال على ما ذكر المرزباني فقال: = كان يغير على كتب الناس فيدّعيها ويسقط أسماءهم =، وذكر كتابا لإسماعيل بن أبي عبيد الله في طبقات الشعراء، فقال: = وابتدأ فساق كتاب الرجل من أوله إلى آخره فلم يخلطه بغيره، ولم يغيّر فيه حرفا ولا زاد فيه شيئا = (3).
وقد قيل في أبي الفرج الأصفهاني، إنّ: = أكثر تعويله كان في تصنيفه على الكتب المنسوبة الخطوط وغيرها من الأصول الجياد = (4)، ومع هذا فقد اتهمه الخطيب البغدادي وغيره بالسرقة والانتحال (5)، ولم ينج البغدادي نفسه من هذه التهمة (6).
__________
(1) الدرر الكامنة 3/ 453.
(2) سير أعلام النبلاء 2/ 104.
(3) معجم الأدباء 18/ 113.
(4) الفهرست 128.
(5) تاريخ بغداد 11/ 399.
(6) الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها، ليوسف العش، دمشق 1945.(1/390)
فإن الذي فعله ابن حبيب منذ قرون لم يتبدل كثيرا في القرون التالية، فقد كثر التزوير والانتحال والإغارة على جهود الآخرين، لقلة الحياة وغياب الجهابذة وفقدان الأمانة. وقد سبق أن تعرضنا لهذه الظاهرة.
ويذكر السخاوي: = أنّ محمد بن عمر بن علي القاهري إمام المدرسة الصرغتمشية المتوفى سنة 864هـ كان يتعاطى التجارة في الكتب، حتى صارت له براعة في معرفتها، وخبرة زائدة بخطوط العلماء والمصنفين، بحيث إنه كان يشتري الكتاب بالثمن اليسير ممن لا يعلمه، ثم يكتب عليه بخطه إنه من خط فلان فيروج الكتاب، حتى إنه ربما وقع له الكتاب المخروم فيوالي بين أوراقه أو كراريسه بكلام يزيده من عنده، أو بتكرير تلك الكلمة بحيث يتوهمه الواقف عليه قبل التأمل تاما، وقد يكون الخرم في آخر الكتاب فيلحق ما يوهم به تمامه = (1).
أما في عصرنا، فإن تزوير المخطوطات أصبح سهلا ميسورا، وذلك لأنّ الحصول على الكاغد الإسلامي لم يعد عسيرا، فانتفت الحاجة إلى تعتيقه، وذلك إن مصنع جرفن في مقاطعة سومرست بإنكلترا، أصبح ومنذ سنة 1993م ينتج ورقا له كل مواصفات الكاغد الإسلامي الخالي من الخطوط والعلامات المائية، يمكن صنعه بأوزان مختلفة وألوان تناسبها، وهو الكاغد الذي يستعمله قسم الترميم في المكتبة البريطانية في الوقت الحاضر لترميم المخطوطات الإسلامية، وقد استطعت الحصول على نماذج متعددة منه وبألوان مختلفة. ومن هنا يستطيع المزورون الحصول عليه لاستعماله في تزوير الوثائق أو المخطوطات، إذا استطاعوا تعتيقه بعد تزوير النص فيه، وليس هذا بالأمر العسير على المحترفين من = علماء = اللصوصية وخبراء التزوير.
__________
(1) الضوء اللانع 9/ 148.(1/391)
أو قد يعمد الخبراء من المزورين إلى جمع الكواغد الخالية من الكتابة من المخطوطات المختلفة وتلفيق كتاب مزور منها أو وثيقة مزورة، وفي هذه الحال يستطيع الخبير التمييز بين أنواع الكواغد والمواد المصنوعة منها ونسبتها إلى أزمان مختلفة أو إلى أقطار مختلفة، فالكاغد المصنوع في طرابلس الشام يختلف تماما عن الكاغد المصنوع في صنعاء، وهو يختلف عن الكاغد المصنوع في أصفهان، وهو غير الكاغد البغدادي لاختلاف المواد الداخلة في صناعته.
أو إن بعضهم يضيف القسم الأول من مخطوطة ما إلى مخطوطة مخرومة في أولها ويلحقها بنهاية مخطوطة ثالثة حتى تظهر المخطوطة لغير العارف كاملة، أو يضيف نهاية مخطوطة إلى مخطوطة ناقصة الآخر، أو قد يذهبون بعيدا في التزوير فيجلدونها بتجليد قديم منزوع من مخطوطة أخرى (1).
أو إن كثيرا منهم يلجأ إلى غسل الكاغد بالماء المقطّر أو ماء المطر لخلوه من الأملاح والكلس لمحو الكتابة إذا كان نوع المداد عفصيا مائيا وليس زاجيا، واستعماله في كتابة جديدة، لأن المداد الزاجي المخلوط بالسناج لا يمكن محوه بسهولة، = فقد وجدت أكداس من الكاغد في آسيا الوسطى ظلت تحت الماء حتى تعفنت ولكن ما عليها من الكتابة ظل واضحا يمكن قراءته = (2).
وقد يلجأ المزور إلى تبديل عنوان المخطوطة، بغسل صفحة العنوان وكتابة عنوان جديد ومؤلف معروف، أو قد يضيف المزور عنوان الكتاب
__________
(1) الفهرس الوصفي 2/ 253.
(2) قصة الورق، لأنور محمود عبد الواحد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة د. ت، 28.(1/392)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/393)
أو يلجأ المزوّر إلى تقوير جزء من الورقة الذي يحتوي على اسم الناسخ أو سنة النسخ، وقد يفعل مثل هذا في صفحة العنوان، ويلصق ورقة على التقوير لتظهر للعين أنّ النسخة قد رمّمت بعد أن أصابها التهرؤ والبلى أو الرطوبة.
أو قد يلجأ المزور إلى المحاليل الكيمائية لغسل الكتابة، أو محوها واستعمال الرق أو الورق المغسول في التزوير، وقد رأينا ذلك في الرسالتين الهرقليتين اللتين لم يتسن لي فحص أصولهما، فلعلهما مكتوبتان على رقّ مغسول.
وقد كانت هذه الصناعة معروفة عند الوراقين. فقد عقد مؤلف كتاب الأبزار في بري القلم وعمل الأحبار فصلا فيه، فقال: «في عمل ما تمحى به الكتابة في الرق والورق» فقال: = تأخذ الشبّ اليماني وشب العصفرة والكبريت المبيض من كل واحد جزء ويدق دقا ناعما ويسقى بخل خمر، ويسحق حتى يصير مثل الدماغ (1)، ثم يعمل مثل البلوط وحكّ به ما شئت فإنك تراه أبيض =.
صفة آخر مثله: = يؤخذ شب أبيض ومقل أزرق وكبريت أصفر من كل واحد جزء ويدق ويسحق بخل خمر ويجمل مثل البلوط ويحك به الحبر فإنه يخرجه من الدفاتر والرقوق = (2). ويريد بالدفاتر هنا: الكراسات الورقية.
واستمر المؤلف في وصف مثل هذه الوصفات التي يستطيع من له عناية بذلك، أن يعملها دون عناء، بيد أنّ المؤلف رحمه الله وإيانا لم يذكر هذه الوصفات لتعليم المزورين بل لمساعدة النساخ والمصنفين إذا عزّ عليهم شراء الكاغد أو الرق.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي عمدة الكتاب 138: = مثل الشحم =.
(2) مخطوطة المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان رقم: 190، ص 4342.(1/394)
وفي كل هذه الحالات لا بدّ من تلوين الورق بلون يعطيه صفة القدم (1)، فيعمد هؤلاء المزورون إلى قشر الجوز الطازج الأخضر فينقّع في الماء لمدة أربع وعشرين ساعة، ثم يغلى على حرارة هادئة ثم يصفى في وعاء ويضاف إلى هذه الخلاصة مادة النشأ ثم يغمس الكاغد فيها فيكتسب لونا يوحي بقدمه، ثم يوضع على لوح من الخشب أو الرخام حتى يجف ويصقل بحجارة العقيق أو الزجاج أو العاج لتغميق لونه وتعتيمه ومن ثم يحك بورق الصنفرة الناعم جدا ليبدو قديما لاستعماله في تزوير الكتب أو الوثائق.
وقد فاتت كتب ووثائق مزورة كثيرة على الخبراء في علم الاكتناه في المزادات الدولية، وكانت إيران ولم تزل مركزا مهما لتزوير المخطوطات، لاستمرار إنتاج الكاغد المشرقي فيها حتى العشرينيات من هذا القرن.
بيد أن مهمة الخبير في علم الاكتناه، تقع هنا في أنه لا يقطع بالرأي في المخطوطة التي تبدو له قديمة حتى يخضعها لشتى أنواع الاختبار، مثل ألآلة التي تنبعث منها الأشعة البنفسجية تحت الحمراء لأنه بوساطتها يستطيع أن يرى ما إذا كان الكاغد أو الرق مغسولا فإن آثارا من الحبر المغسول تبقى في ثنايا مسام الكاغد أو الرق، أو إذا كان المداد حديث الصنع مائيا عفصيا أو زاجيا، فإن عين الخبير لا تكاد تخطئه.
فعليه أن يكون على علم تام بتطور صناعة الكتاب الإسلامي، وكتابته واستعمال المسلمين في القرون الستة الأولى نظام الأجزاء الحديثية أو الكراسات في تصنيفاتهم، وهو عشرون ورقة أو عشر أوراق على اختلاف المخطوطات، وعلى علم تام بأنظمة الترقيم واستعمال التعقيبات وأنواع
__________
(1) حول عمليات تلوين الكاغد، انظر مقال: المشكلات الخاصة بمعالجة المخطوطات الإسلامية: الورق، لمهدي عتيقي في: صيانة وحفظ المخطوطات الإسلامية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1418هـ / 1998، 241233.(1/395)
الخطوط لكل قرن وفي كل قطر من العالم الإسلامي وعلى علم تام بصناعة الأحبار ومكوناتها في تلك القرون، فإن المزوّر لا علم له بعلم الاكتناه فلا بدّ أنه يقع في خطأ يبين فيه تزويره، وإنه مهما احتاط في تزويره فلا بدّ من أن يترك للخبير النابه ما يدل على فعلته الشنعاء.
فمن معرفة كلّ هذا، يستطيع الخبير أن يكتشف المخطوطة المزورة، إذ حدث مرة أن جاء أحد تجار المخطوطات إلى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، حين كنت أدرّب فيه بعض العاملين على الفهرسة، وعرض عليه مجلدا في السيرة النبوية لابن هشام المتوفى سنة 218هـ لا أذكر عدد أوراقه بيد أنه مؤرخ في نهاية القرن الثالث للهجرة ومكتوب بخط كوفي يابس، وطلب فيه 30ألف دولار فقررت لجنة من الخبراء في المركز شراءه، إلا أن أحد هؤلاء الخبراء اقترح عليهم عرض الأمر عليّ، فقمت بفحص المجلد بحضور صاحبه حيث أخضعته أولا لآلة الأشعة تحت الحمراء فلم يظهر في الورق أيّ أثر لكتابة مغسولة، ثم استأذنت من صاحبه أن أبشر بالسكين جزءا صغيرا من نهاية أحد أوراقه فوافق، فنظرت في البشر من خلال ميكروسكوب خاص، فظهر لي أن الكاغد أبيض مصبوغ، وأخضعته للنقد الخارجي في كون النص مسرودا دون تقسيمه إلى الأجزاء الحديثية التي نعرفها في مصنفات الأوائل، وأخضعت الحبر للاختبار البسيط وذلك بتبليل أحد أصابعي وإمرارها بسرعة على آخر حرف من إحدى كلماته فانتشر الحبر على جانبي الحرف فظهر لي أن الحبر عفصي مائي حديث الصنع وليس زاجيا، فدلّلت هذه الظواهر الاختبارية البدائية على تزويره دون شك، فرفض المركز شراءه (1).
__________
(1) فهرسة المخطوطات العربية لعابد بن سليمان المشوخي، مكتبة المنار، الزرقاء 1409 هـ / 1989، 206حيث ذكر ملخصا لهذا التقرير.(1/396)
وجاءني أحدهم بوثيقة فيها نص عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه مكتوبة على رق حصل عليها من مالكها في الهند فاختبرت الوثيقة وأخضعتها لما أعرف من علم الاكتناه فظهر لي بأنها نسخة كتبت في القرن الرابع للهجرة وليست النسخة الأصل، ولم أكن أعرف أن أحد الأثرياء كان يود شراءها، فأخبرت صاحبها بأنها ليست النسخة الأصل، وأنها تعود إلى القرن الرابع للهجرة، ثم عرضت على مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، واستشرت في أمرها، فكررت جوابي، وكتبته بخطي، ولا أعرف ماذا صار منها، وتجد صورة منها في الملحقات.
ومن طرائف التزويرات التي مرّت عليّ ما ظهر في قطعة من أحد أجزاء كتاب المواهب اللدنية للقسطلاني المتوفى سنة 923هـ، سقطت جملة أوراق من أولها ومن آخرها، فحاول أحد المزورين تدليسها، فكتب البسملة في أولها وألصق ما يشبه الطرّة المزينة بأشكال نباتية بدائية الرسم في أولها أيضا، وكتب في نهاية القطعة: = وكان الفراغ من كتابته يوم العاشر من رجب سنة ألف وخمسين من الهجرة تم والحمد لله =.
ولأجل أن يكمل تزويره فقد أضاف ورقة من نوع آخر من الكواغد إلى أولها وكتب عليها عنوانا وهميا هو: = القول المبين في سيرة خاتم المرسلين كتبه بدر الدين الزركشي سنة 1050= (1).
ولم يدر هذا المزور أنّ بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي توفي في سنة 794هـ فكيف يكتبها في سنة 1050هـ؟ والزركشي ليس له مثل هذا العنوان في مصنفاته، ثم إن كاغد القطعة الأوربي يعود إلى القرن الثالث عشر للهجرة.
__________
(1) الفهرس الوصفي 1/ 251.(1/397)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/398)
الغش في الكاغد
لقد سبق أن ذكرت أنّ كواغد المخطوطات تختلف في ثخانتها ومتانتها وصقلها وسقيها ولونها ولينها وفي جودتها ورداءتها تبعا للصانع وحذقه في مهنته، وبالتالي تبعا للمواد وجودتها أو رداءة نوعيتها التي يستعملها في صناعته أو في غرفها لها بالقالب أو الشبيكة، إذ يعتمد سمك الكاغد وخفته على عملية الغرف، وهنا يحدث التزوير الذي تنبه له محمد بن محمد بن الحاج الفاسي العبدري القيرواني المتوفى بالقاهرة سنة 737هـ في كتابه (1):
المدخل إلى تتمة العمل بتحسين النيّات والتنبيه على بعض البدع والعوائق التي انتحلت وبيان صناعاتها، وهو كتاب يشبه كتب الحسبة.
فعقد فصلا في نيّة صانع الورق وكيفيتها وتحسينها، فقال: «أن يحذر من الغش فيما يحاوله، مثاله: أن يعطي الدست الذي يساوي ثلاثة دراهم فيبيعه على أنه من الدست الذي يساوي أربعة، لأنّ الورق في ذلك يختلف ثمنه بسبب صفته، فقد يكون زائدا في البياض وفي الصقال، ويكون مما عمل في الصيف، وآخر عكسه، أعني: فيه سمرة ونقص في الصقال أو البياض، وعمل في الشتاء، وما بين ذلك، وإذا كان كذلك فيتعين عليه أن يبين، حتى يخرج ببيانه من الغش، فإن لم يفعل دخل بكتمانه تحت عموم قوله عليه الصلاة والسلام: من غشّنا فليس منّا» (2).
ثم قال محذرا بائع الكاغد: «وليحذر من أن يخلط الورق الخفيف بالورق الجيد الذي يصلح للنسخ، لأنّ في ذلك تدليسا على المشتري، لأنّ
__________
(1) طبع في القاهرة سنة 1291وفي الاسكندرية سنة 1293في 3أجزاء، وفي المطبعة المصرية بالقاهرة أيضا سنة 1348هـ / 1929في 4أجزاء.
(2) المدخل 4/ 81المطبعة المصرية بالأزهر الشريف.(1/399)
الخفيف لا يحتمل الكشط لخفته، بل يكون ذلك عنده بمعزل، فإذا علم المشتري ممن ينسخ فيه، أعطاه ما يوافقه منه، وإن علم أنه ممن يكتب فيه الرسائل وما أشبهها مما يجوز، أعطاه من الورق الخفيف بعد أن يبيّن له ذلك» (1).
وينقل لنا ابن الحاج شيئا من طريقة عمل الكاغد في مصر في القرن الثامن للهجرة حين حذر هؤلاء الصنّاع من أن يعيدوا استعمال كواغد المخطوطات في تصنيع كاغد جديد، فقال: «أن لا يعمل شيئا من الورق المكتوب، إلّا بعد أن يعرف ما فيه، لأنه قد يكون فيه شيء له حرمة شرعية، بل هو الغالب، فيتجنّب ذلك كله لحرمته وتعظيمه في الشرع الشريف، لأنّ الصنّاع يدوسون ذلك بأرجلهم وغيرها، وهذا من أعظم ما يكون من الامتهان» (2).
فقد عرفنا من ابن الحاج أن الكاغد كان يصنع في مصر في القرن الثامن للهجرة، وعرفنا منه أنّ بعض هذا الكاغد كان خفيفا والآخر سميكا، وعرفنا أنّ بعض الوراقين كان يغشّ في بيعه، وعرفنا منه أيضا أنّ الكاغد المستعمل كان يعاد تصنيعه، وهذ ما تنبهت إليه أوربا حديثا، حيث بدأت في إعادة تصنيع الكاغد المستعمل منذ بضع سنوات فقط، فصار هذا الكاغد مصدرا مهما من المواد الأولية لمصانع الكاغد بعد أن اتسعت موجة الاحتجاج على قطع أشجار الغابات في جنوب شرق آسيا وغابات الأمازون في أمريكا اللاتينية.
وعرفنا منه أنّ طريقة هرس عجينة الكاغد في مصر كانت بالأقدام، أو أنهم حين كانوا يخلطون العجينة بالماء لإعدادها للغرّاف كانوا يفعلون ذلك
__________
(1) المصدر نفسه 4/ 8281.
(2) المصدر نفسه.(1/400)
بأقدامهم، وهذا يعني أنّ صناع الكاغد في مصر لم يستعملوا الطاحونة المائية الشاطبية ولم يصل خبرها إليهم.
والغريب أننا لا نجد للرحى الشاطبية استعمالا في أي قطر عربي أو إسلامي في المشرق كما نراه في صورة مصنع الكاغد في كشمير التي تعود إلى القرن الثالث عشر للهجرة، مع أنها كانت توفر على مصنّعي الكاغد جهدا بدنيا هائلا في إعداد العجينة بدلا من مطارق الهاون البدائية التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا، مع أن هذه الرحى كانت معروفة في أقطار الشرق الأقصى كاليابان وكوريا وغيرهما.
وقد كنا نتوقع أن تكون سورية بنواعيرها القديمة في حماة وغيرها من أسبق البلدان إلى استغلال القوة المائية في صناعة الكاغد، بيد أننا لا نملك حتى الآن أية معلومات عن استعمال السوريين لها في صناعة الكواغد الشامية.(1/401)
المسكوكات والفهرسة
إنّ علم الاكتناه يعنى أيضا بدراسة ما وصل إلينا من المسكوكات، ومحاولة قراءة ما هو مكتوب على وجهها وظهرها من نصوص وتواريخ وأماكن ضربها، وحل ما تحمله من رموز وأشكال وإشارات هندسية ذات دلالات دينية أو عسكرية أو ثقافية أو من ثمّ معرفة المعدن الذي سكّت منه، ومعرفة أوزانها وأبعادها القياسية وأساليب صناعتها وتقنيات ضربها.
وتقع أهمية المسكوكات للمفهرس خاصة في تدرّبه على معرفة خطوط هذه المسكوكات وتطور الخط العربي فيها وما طرأ عليه من تغيير في رسم الحروف في المدن التي ضربت بها في الأمصار الإسلامية المختلفة، ومقارنتها بما هو معروف لدية من خطوط المصاحف وشواهد القبور ونقائش العمائر وخطوط الوثائق البردية وبالتالي مع خطوط المخطوطات القديمة التي تمرّ على يديه.
ومع ازدياد الاهتمام المطرد بالمسكوكات وبروز الخبراء بها في العالم الإسلامي والغربي ونشر صور الكثير من المجاميع النقدية المحفوظة في المتاحف والمصارف أو في خزائن الأفراد في كتب أو مجلات مخصصة لها ودراستها دراسة مفصلة (1)، فقد سرى التزوير أيضا إلى المسكوكات الإسلامية من الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية بصورة واسعة وذلك لازدياد هواة جمعها في العالم العربي وزيادة تطلبها وشرائها،
__________
(1) مثل: فجر السكة العربية لعبد الرحمن فهمي والدينار العراقي للنقشبندي والنقود العربية المحفوظة في متحف قطر الوطني لمحمد أبو الفرج العش والمسكوكات المغربية لصالح بن قربة وتقييم البحوث الأجنبية في المسكوكات المرابطية لصالح بن قربة وغيرها كثير، أما المصادر الأجنبية فهي كثيرة جدا.(1/403)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/404)
ومع هذا فإنّ تزوير المسكوكات لم يكن أمرا حديثا، بل ظاهرة قديمة لم تخل منها أمة من الأمم. ولهذا نراها في كثير من الأخبار التي روتها لنا كتب الأدب والتاريخ، فاصطنع لها جهابذه النقد اسم: الزغل، وقالوا: درهم زيف وزائف، ودراهم زائفة وهي زيوف وزيّف.
فقد ذكر ابن سعد بسنده عن عبد الله بن عون، قال: «كان محمد بن سيرين إذا وقع عنده درهم زائف، أو ستّوق لم يشتر بها، فمات يوم مات وعنده خمسمائة ستّوقة وزيوف» (1)، وتوفي ابن سيرين سنة 110هـ.
وروى ابن إياس أنّ السلطان «رسم بقطع أيدي ثمانية أنفار يعملون الدراهم الزغل، وفيهم شيخ قد ناف عن الثمانين، فقطعت أيديهم وشهروا في القاهرة» (2).
وروى البصروي في حوادث شهر محرم من سنة 891هـ بدمشق، أنّ فيه: «مسك شخص شراقي (3) قيل: إنه يضرب الزغل، وأحضر عند الحاجب، وضرب وكتبت رقعته، ثم أخذ إلى القلعة، وأصل هذا الزغل شخص يسمى عبد القادر المصري، كان عند الشيخ الموصلي، فتغيّب عند وقوع الحكاية» (4).
ومثل هذه الأخبار كثيرة في بطون التواريخ، قل من اهتمّ بها أو حاول دراستها أحد، فهي لذلك تستحق الجمع والدراسة واستقراء الأسباب التي دعت المزورين إلى تزوير النقود المعدنية أو الورقية مع علمهم بالعقاب
__________
(1) طبقات ابن سعد 7/ 202وسير أعلام النبلاء 4/ 620.
(2) بدائع الزهور في وقائع الدهور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1404هـ / 1984، 3/ 318.
(3) كذا في الكتاب، ولم يعلّق المحقق على اللفظة شيئا، ولا ندري معناها فلعلها تصحيف:
عراقي.
(4) تاريخ البصروي، لعلي بن يوسف الدمشقي البصروي 109.(1/405)
الصارم لمرتكب التزوير، وهي بعد ظاهرة فنيّة تتطلب من المزور قدرة فائقة ومهارة فنية عالية على التزوير.
وفي ختام هذا الكتاب الصغير، فإنني أتأسّى بقول الحافظ بن عساكر رحمه الله وإيانا حين قال:
«فمن وقف على تقصير أو خلل، أو عثر على تغيير أو زلل، فليعذر أخاه في ذلك متطولا، وليصلح منه ما يحتاج إلى إصلاح متفضلا فالتقصير من الأوصاف البشرية، وليس الإحاطة بالعلم إلا لبارئ البرية».
وأقول:
ربّ إني ظلمت نفسي فأف ... رطت وأنت الغفور للظّلّام
فاعف عنّي يا مالك العفو واغفر ... لي ركوبي هول الذنوب العظام (1)
والحمد لله حمدا كثيرا على ما يسرّ وأعان
__________
(1) الورقة لمحمد بن داود بن الجراح 84.(1/406)
جريدة المصادر المختارة
الآثار النبوية: لأحمد تيمور باشا، ط 3، عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1391هـ / 1971.
الآحاد والمثاني: لأحمد بن عمرو بن الضحاك الشيباني، تح باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الراية، الرياض 1411هـ / 1991.
إجازات السماع في المخطوطات القديمة: لصلاح الدين المنجد، مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 1، ج 2، القاهرة 1375هـ / 1955، 251232.
الإجازات وتطورها التاريخي، لقاسم السامرائي، مجلة عالم الكتب، مج 2، ع 2شوال 1401هـ / 1981، 285278.
الآحاد والمثاني: لأحمد بن عمرو الشيباني، دار الراية، الرياض 1411هـ / 1991.
أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: للمقدسي، تح دي خويه، مطبعة برل، لايدن 1906.
أحكام الأوقاف: لأبي بكر أحمد بن عمر الخصّاف، مطبعة ديوان عموم الأوقاف، القاهرة 1322هـ / 1904.
أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار: للأزرقي، تح رشدي الصالح ملحس، دار الأندلس، بيروت 1403هـ / 1983.
الأذكياء: لابن الجوزي، المطبعة الشرفية، القاهرة 1304هـ.
الأذكياء: لابن الجوزي، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1400هـ / 1980.(1/407)
استخدام الورق في المخطوطات الإسلامية: لأيرج أفشار، في دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، أعمال المؤتمر الثاني لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1993، 5535.
أسماء المغتالين: لمحمد بن حبيب البغدادي، تح عبد السلام هارون، القاهرة 1954.
الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر، القاهرة 1358هـ / 1939.
أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام: لخليل يحيى نامي، مطبعة بول باربيه، القاهرة 1935.
كتاب الأصنام: لهشام الكلبي، تح أحمد زكي باشا، دار الكتب المصرية 1343هـ / 1924.
إضاءة زوايا جديدة للتقنية العربية الإسلامية: للطف الله قاري، مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض 1416هـ / 1996.
أطلس الفنون الزخرفية والتصاوير الإسلامية: لزكي محمد حسن، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة 1956.
كتاب الاعتماد في الأدوية المفردة: لابن الجزار، نشر فؤاد سزكين بالتصوير، فرانكفورت 1405هـ / 1985.
الاكتفا في مغازي رسول الله والثلاثة الخلفا: للكلاعي، تح مصطفى عبد الواحد، القاهرة 1970.
أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم المكتوبة منذ صدر الإسلام حتى سنة 500هـ: لكوركيس عواد، بغداد 1982.
الإملاء والاستملاء: للسمعاني، تح ماكس فايسفايلر، لايدن 1952.(1/408)
كتاب الأموال: لابن زنجويه، تح شاكر ذيب فياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1406هـ / 1986.
كتاب الأموال: لأبي عبيد، تح محمد خليل الهراس، القاهرة 1387هـ / 1968.
أنماط التوثيق في المخطوط العربي: لعابد سليمان المشوخي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1414هـ / 1994.
أوضح الإشارات في من ولي مصر القاهرة من الوزراء والباشات:
لأحمد جلبي عبد الغني، تح فؤاد محمد الماوي، القاهرة 1977.
أهمية صفحة العنوان في توصيف المخطوطات: لرمضان ششن، في دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1977، 196179.
بدائع الخط العربي: لناجي زين الدين المصرف، بغداد 1972.
بدائع الزهور في وقائع الدهور: لابن إياس الحنفي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1404هـ / 1984.
البردي والرق والكاغد في إفريقية التونسية: لحسن حسني عبد الوهاب، مجلة معهد المخطوطات العربية، 2، القاهرة 1956، 4534.
تاريخ الخط العربي وآدابه: لمحمد طاهر المكي، مكتبة الهلال، القاهرة 1939.
تاريخ الطباعة في المغرب: لفوزي عبد الرزاق، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1416هـ / 1996.
تاريخ الكتاب: الكسندر ستيبتشفيج، ترجمة محمد الأرناؤوط، عالم المعرفة، الكويت 1413هـ / 1993.(1/409)
تاريخ الكتاب من أقدم العصور إلى الوقت الحاضر: لسفند دال، ترجمة محمد صلاح حلمي، المؤسسة القومية للنشر والتوزيع، القاهرة 1958.
تاريخ الكتابة التاريخية: لهاري إلمر بارنز، ترجمة محمد عبد الرحمن برج، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984.
تاريخ المصحف الشريف بالمغرب: لمحمد المنوني، مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 15، ج 1، 1379هـ / 1969، 473.
تاريخ الوراقة المغربية صناعة المخطوط المغربي، من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصرة: لمحمد المنوني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط 1991.
التبصر بالتجارة: للجاحظ، تح حسن حسني عبد الوهاب، المطبعة الرحمانية بالقاهرة 1935ودار الكتاب الجديد، بيروت 1966.
التجليد في مصر الإسلامية: لعبد اللطيف إبراهيم، في دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية، دار الشعب، القاهرة 1962.
تحفة المحبين: ليعقوب بن حسن سراج شيرازي، تح ايرج أفشار وكرامت رعنا حسيني، طهران 1374/ 1994.
تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة: للبيروني، حيدر آباد 1377هـ / 1958، نشرته مصورا عالم الكتب ببيروت.
تحقيق النصوص ونشرها: لعبد السلام هارون، ط 4، مكتبة الخانجي، القاهرة 1397هـ / 1977.
تسفير وتذهيب الكتب وترميم المخطوطات: للسعيد بن موسى، تصدير محمد المنوني، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، الرباط 1994.(1/410)
التراث المغربي والأندلسي، التوثيق والقراءة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان 1991.
تزويق المخطوطات الإسلامية: لأحمد موسى، مجلة منبر الإسلام، عدد شوال لسنة 1384هـ / 2فبراير 1965.
تصحيح التصحيف وتحرير التحريف: للصفدي، خليل بن أيبك، تح السيد الشرقاوي، مكتبة الخانجي، القاهرة 1407هـ / 1987.
التصوير الإسلامي في العصور الوسطى: لحسن الباشا، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1959.
التصوير الإسلامي ومدارسه: لجمال محمد محرز، المكتبة الثقافية، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة 1962.
التصوير بالمغرب الإسلامي في القديم: لمحمد المنوني، مجلة دعوة الحق، السنة الربعة عشرة، ع 21، 1390هـ / 1971، 9283.
التصوير عند العرب: لأحمد تيمور باشا، مجلة الهندسة، القاهرة 1928 ونشره زكي محمد حسن، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1942.
تصوير وتجميل الكتب العربية: لمحمد عبد الجواد الأصمعي، دار المعارف، القاهرة 1971.
التعديل والتجريح لمن خرّج له البخاري في الجامع الصحيح: لأبي الوليد الباجي، تح أبو لبابة حسين، دار اللواء، الرياض 1406هـ / 1986.
تفسير التركيخ والتقشية في اللغة السريانية: لجورج أنطون كيراز، نشرة:. 1995،(1/411)
تقويم البحوث الأجنبية في المسكوكات المرابطية: لصالح بن قرية، في: التراث المغربي الأندلسي: التوثيق والقراءة، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان 1991، 284269.
التنبيه والإشراف: للمسعودي، القاهرة 1938.
تهذيب الكمال: للمزي، تح بشار عواد، مؤسسة الرسالة، بيروت 1400 هـ / 1980.
التيسير في صناعة التسفير: لأبي بكر إبراهيم الإشبيلي، تح عبد الله كنون، مدريد في:، ع 87، 19601959، الصفحات 199197421.
ثمار القلوب في المضاف والمنسوب: للثعالبي، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1965.
جماليات الخط والزخرفة العربية: لمحمود شكر محمود الجبوري، مجلة المورد مج 9، ع 2، 1400هـ / 1980، 6654.
حبر سهل الإزالة: مجلة المقتطف 1876، 1/ 72.
حبر الطباعة: مجلة المقتطف 1882، 7/ 136.
الحضر: العاصمة العربية: لماجد عبد الله الشمس، مطبعة التعليم العالي، بغداد 1988.
الخط العربي الكوفي، لحسن قاسم حبش، السليمانية (العراق) 1400هـ / 1980.
الخط العربي من خلال المخطوطات: لقاسم السامرائي وجماعة، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1406هـ.(1/412)
الخط العربي في آثار الدارسين قديما وحديثا، لكوكيس عواد، مجلة المورد، مج 15، ع 1407، 4هـ / 377، 4121986فقد ذكر عناوين الكتب والمقالات العربية والأجنبية التي تناولت دراسة الخط.
دباغة الجلود وتجارتها عند العرب في مستهل الإسلام: لأحمد فاروق، مجلة العرب، ج 87، السنة العاشرة، 1396هـ.
دراسات في علم المخطوطات والبحث الببليوجرافي: لأحمد شوقي بنبين، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط 1993.
دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية: لعبد اللطيف إبراهيم، دار الشعب، القاهرة 1962.
دراسة تحليلية لنقوش نبطية قديمة: لسليمان بن عبد الرحمن الذييب، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1415هـ / 1995.
دراسة فنية لمصحف مبكر يعود للقرن الثالث الهجري: لعبد الله بن محمد المنيف، الرياض 1418هـ / 1998.
دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر: إعداد رشيد العناني، مؤسسة الفرفقان للتراث الإسلامي، لندن 1997.
الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة:
لعبد القادر بن محمد الأنصاري الجزيري، تح حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض 1403هـ / 1983.
دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث: لامتياز أحمد، القاهرة 1410هـ / 1990.
ديوان الحافظ ابن حجر: تح صبحي رشاد عبد الكريم، دار الصحابة للتراث، طنطا 1410هـ / 1990.(1/413)
ديوان حسان بن ثابت: تح وليد عرفات، سلسلة جب 1971.
الذيل والتكملة: للمراكشي، تح احسان عباس وغيره، بيروت 1973.
كتاب الردة: المنسوب للواقدي، تحقيق يحيى وهيب الجبوري، بيروت 1410هـ / 1990.
كتاب الردة والفتوح ومسير عائشة وعلي: لسيف بن عمر التميمي، بتحقيقي، لايدن 1415هـ / 1995.
رسالة في الخط وبري القلم: لابن الصائغ، نشر فاروق سعد، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 1997.
رسالة في صناعة الحبر: ل:؟، تحقيق ودراسة علي زوين 1986.
الروض الأنف: للسهيلي، تح عبد الرحمن الوكيل، القاهرة 1970.
سجل قديم لمكتبة جامع القيروان: تح إبراهيم شبوح، القاهرة 1957.
سفر نامه: لناصر خسرو، ترجمة يحيى الخشاب، القاهرة 1945.
السيرة النبوية: لابن هشام، تحقيق مصطفى السقا وابراهيم الأبياري القاهرة الطبعة الثانية 1375هـ / 1955.
عجائب الآثار في التراجم والأخبار: للعبد الرحمن الجبرتي، بولاق 1297هـ.
عهود نبي الإسلام والخلفاء الراشدين للنصارى: للويس شيخو، مجلة المشرق، السنة 12، 1909م، 681609.
عيون الأنباء في طبقات الأطباء: لابن أبي أصيبعة، شرح وتحقيق نزار رضا، دار مكتبة الحياة، بيروت 1965.
صبح الأعشى في كتابة الإنشا: للقلقشندي، دار الكتب المصرية، القاهرة 19181913.(1/414)
شما دسترسي به محتواي اين صفحه نداريد(1/415)
قبس من عطاء المخطوط المغربي: لمحمد المنوني، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1999.
قصة الكتابة والطباعة: من الصخرة المنقوشة إلى الصفحة المطبوعة: لفرانسيس روجرز، ترجمة أحمد حسين الصاوي، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، القاهرة نيويورك 1969.
قصة الورق: لأنور محمود عبد الواحد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة د. ت.
قطف الأزهار في خصائص المعادن والأحجار ونتائج المعارف والأسرار: لأحمد بن عوض المغربي، تح توفيق برويني، مجلة المورد مج 12، ع 3، 1983.
قواعد تحقيق النصوص: لصلاح الدين المنجد، مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 1، ج 2، القاهرة 1375هـ / 1955، 317 337.
قواعد تحقيق المخطوطات: لصلاح الدين المنجد، دار الكتاب الجديد، بيروت 1982.
قواعد فهرسة المخطوطات العربية: لصلاح الدين المنجد، دار الكتاب الجديد، بيروت 1976.
الكامل في التاريخ: لابن الأثير، الطبعة الرابعة، دار الكتاب العربي، بيروت 1983.
الكتاب في الفنون الإسلامية: لزكي محمد حسن، مجلة الكتاب، القاهرة 1946، 2/ 263255.
الكتاب العربي المخطوط إلى القرن الحادي عشر: لصلاح الدين المنجد، معهد المخطوطات العربية، القاهرة 1960.(1/416)
الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات: لأيمن فؤاد سيد، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 1418هـ / 1997.
الكتاب العربي مخطوطا ومطبوعا: لمحمد ماهر حمادة، دار العلوم، الرياض 1404هـ / 1984.
الكتاب قبل اختراع الطباعة: لزكي محمد حسن، مجلة الكتاب، عدد مايو 1946، 189.
كيفية عمل حبر الطباعة بكل ألوانه: لميخائيل فرح، مجلة المقتطف 1884، 9/ 173172.
لطائف الظرفاء من طبقات الفضلاء: للثعالبي، تح قاسم السامرائي، مطبعة برل، لايدن 1978.
لطائف المعارف: للثعالبي، تح دي يونك، لايدن 1867.
لمحة عن تاريخ الخط العربي: لمحمد المنوني، مجلة المناهل، تصدرها وزارة الشؤون الثقافية بالمغرب، ع 24، السنة 9، 1402هـ / 1982، 266238.
لونجين والجرجاني، دراسة تاريخية نقدية: لعدنان خالد عبد الله، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين 1420هـ / 2م.
مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة: لمحمد حميد الله، بيروت (ط. الرابعة) 1403هـ.
المخترع في فنون من الصنع: ليوسف بن عمر بن رسول، تح محمد عيسى صالحية، مؤسسة الشراع العربي، الكويت 1989.
المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري: لعبد الستار الحلوجي، إدارة النشر، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض 1398هـ / 1978.(1/417)
المخطوط العربي وعلم المخطوطات: تنسيق أحمد شوقي بنبين، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة ندوات ومناظرات رقم:
32، جامعة محمد الخامس، الرباط 1994.
مروج الذهب: للمسعودي، دي مينارد وكورتي، باريس 18761861.
المسند: لعبد الله بن الزبير الحميدي، تح حبيب الرحمن الأعظمي، عالم الكتب، بيروت 1381هـ.
المشكلات الخاصة بمعالجة المخطوطات الإسلامية: الورق: لمهدي عتيقي في: صيانة وحفظ المخطوطات الإسلامية، أعمال المؤتمر الثالث، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 1418هـ / 1998.
مصاحف صنعاء: دار الآثار الإسلامية، متحف الكويت الوطني 1405هـ / 1985.
مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية: لناصر الدين الأسد، دار المعارف، القاهرة 1962والقاهرة 1978.
المصادر العربية لتاريخ المغرب: لمحمد المنوني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط 1410هـ / 1989.
مصور الخط العربي: لناجي زين الدين المصرف، بغداد 1968.
المطبوعات الحجرية في المغرب: لفوزي عبد الرزاق، الرباط 1989.
معالم الكتابة ومغانم الإصابة: لابن شيت القرشي، نشر وتعليق الخوري قسطنطين الباشا، المطبعة الأدبية، بيروت 1913.
مقالة شكرية للحضرة الإسماعيلية على إنشاء دار الوراقة ببولاق:
(حول انشاء مصنع الورق ببولاق) لإبراهيم الدسوقي، مطبعة بولاق، القاهرة 1200هـ.(1/418)
مقدمة في الوثائق الإسلامية، لقاسم السامرائي، دار العلوم، الرياض 1403هـ / 1983.
مكاتيب الرسول: لعلي بن حسين الأحمدي، قم 1379هـ.
المكاييل والأوزان الإسلامية: لهانس فالتر، ترجمة كامل العسلي، عمان 1970.
المكتبات في الإسلام: نشأتها وتطورها ومصائرها: لمحمد ماهر حمادة، مؤسسة الرسالة، بيروت 1401هـ / 1981.
المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية: لهبة الله الحلي، تح محمد عبد القادر خريسات وصالح موسى درادكة، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين 1420هـ / 2
المواد والصناعات عند قدماء المصريين: لألفرد لوكاس، ترجمة زكي اسكندر ومحمد زكريا غنيم، دار الكتاب المصري، القاهرة 1945.
نزهة الأنام في محاسن الشام: لأبي البقاء البدري، القاهرة 1341هـ.
نصان قديمان في إعارة الكتب: لفؤاد سيد، مجلة معهد المخطوطات، القاهرة 1958، 4/ 136125.
نكت الهميان في نكت العميان: للصفدي، تح أحمد زكي باشا، المطبعة الجمالية، القاهرة 1329هـ / 1911.
النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية: لابن شداد، القاهرة 1317هـ.
الوراقة والوراقون في الإسلام: لحبيب زيات، مجلة المشرق، مج 41، ع 3، تموز أيلول 1947، 35305.
الورق أو الكاغد: صناعته في العصور الإسلامية: لكوكيس عواد، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، مج 23لسنة 1367هـ / 1948، 438409.(1/419)
الورق والوراقون في الحضارة الإسلامية: لمحمد طه الحاجري، مجلة المجمع العلمي العراقي، مج 12، 1965، 138116مج 13، 1966، 8863.
الورقة: لمحمد بن داود الجراح، تح عبد الوهاب عزام وعبد الستار أحمد فراج، دار المعاف بمصر 1372هـ / 1953.
الوزراء أو تحفة الأمراء: للصابي، تح عبد الستار أحمد فراج، القاهرة 1958.
الوزراء والكتّاب: للجهشياري، تح مصطفى السقا وجماعة، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة 1938.
وصف اكتناهي لمصحف في القرن التاسع الهجري: لعبد الله المنيف، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، مج 1، ع 1، 1416هـ.
ولاية اليمامة: لصالح بن سليمان الناصر الوشمي، مكتبة الملك عبد العزيز بالرياض 1412هـ.
الوقف وبنية المكتبة العربية: ليحيى محمود ساعاتي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض 1988.
الوقفيات والأختام في المخطوطات: لكوناي قوت ونعمت بيردقتار (بالتركية)، أنقرة 1984.
* وهناك مصادر أخرى منثورة في الحواشي لم أوردها هنا(1/420)
مراجع مختارة في دراسة الخط العربي
البرديات العربية: لعبد العزيز الدالي، القاهرة 1983.
تاريخ الوراقة المغربية، صناعة المخطوط المغربي من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصرة: لمحمد المنوني، منشورات كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط، 1991.
تطور الكتابات والنقوش في الحجاز منذ فجر الإسلام حتى منتصف القرن السابع الهجري: لمحمد الفعر، جدة، مؤسسة تهامة 1405هـ / 1984.
الخط العربي الإسلامي: تركي عبود الجبوري، دار التراث الإسلامي، بيروت 1975.
الخط العربي جذوره وتطوره: لابراهيم ضمرة، مكتبة المنار الاردن 1408هـ / 1987.
الخط العربي وآدابه: لمحمد طاهر الكردي، الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، الرياض 1402هـ.
الخط العربي: لزكي صالح، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983.
الخط العربي وتطوره: محمود شكر الجبوري، بغداد 1974.
الخط العربي وتطوره في العصور العباسية في العراق، لسهيلة ياسين الجبوري، بغداد 1962.
الخط العربي أصوله، نهضته، انتشاره: لعفيف البهنسي، دمشق، دار الفكر، دمشق 1989.
الخطاطة الكتابة العربية: لعبد العزيز الدالي، مكتبة الخانجي، القاهرة 1400هـ / 1980.(1/421)
دراسة في تطور الكتابات الكوفية على الأحجار في مصر في القرون الخمسة الاولى للهجرة: لابراهيم جمعة، دار الفكر العربي، القاهرة، دون تاريخ.
دراسات في تاريخ الخط العربي: لصلاح الدين المنجد، بيروت 1972.
الكتب الإسلامية: لمحمد محمد أمان، ترجمة سعد بن عبد الله الضبيعان، مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض 1411هـ / 1990.
فن الخط التركي بين الماضي والحاضر: لمعمر اولكر، انقره 1978.
محاولة في الخط المغربي: هوداس، تعريب عبد المجيد تركي، في:
أبحاث ودراسات في الغرب الإسلامي، دار الغرب الإسلامي، بيروت تونس.
مصور الخط العربي: لناجي زين الدين، بغداد 196.
منشأ الخط العربي وتطوره لغاية الخلفاء الراشدين، لناصر الدين النقشبندي، مجلة سومر 3، بغداد 1947.
منهاج الإصابة في معرفة الخطوط وآلات الكتابة: لمحمد بن أحمد الزفتاوي المصري، تحقيق هلال ناجي، مجلة المورد، مجلد 15، عدد 4، سنة 1986.
ناظر الوقف وتعامله مع حركة التعليم الإسلامي: لمحمد بن عبد العزيز، مجلة دعوة الحق، عدد 27.، 1408هـ / 1988، 241219.
نشأة الخط العربي: لمحمد ابو الفرج العش، مجلة الحوليات الأثرية السورية، ج 23 (1973).
نقوش إسلامية شاهدية بمكتبة الملك فهد الوطنية: لموضي بنت محمد بن علي البقمي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1420هـ / 1999.(1/422)
خليل إبراهيم المعيقل:
،. 1994/ 1414،،
درس فيه النقوش العربية في دومة الجندل، وكان أقدم هذه النقوش المنشورة فيه مؤرخا في سنة 121هـ.(1/423)
مراجع مختارة في صناعة الكاغد
البردي والرق والكاغد في افريقية التونسية: لحسن حسني عبد الوهاب، مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 2، ج 1، 1375هـ / 1956وما بعدها.
الجلود والرقوق والطروس في الإسلام: لحبيب الزيات، مجلة المشرق، بيروت، السنة 41، تموز 1947، 350305.
الكتاب في الحضارة الإسلامية: لعبد الله حبشي، شركة الربيعان للنشر والتوزيع، الكويت 1982.
كيف بدأ التصنيع في المغرب: لعبد العزيز بن عبد الله، مجلة دعوة الحق، العدد 267، صفر 1408هـ / 1987، 10091.
الورق البغدادي: لناجي معروف، مجلة كلية الدراسات الإسلامية، بغداد 1390هـ / 1970، العدد 3، 416406.
الورق والوراقة في الحضارة الإسلامية: لمحمد طه الحاجري، مجلة المجمع العلمي العراقي، مج 1312، 19661965، 138116، 8863.
الورق أو الكاغد: صناعته في العصور الإسلامية: لكوركيس عواد، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، مج 23، 1367هـ / 1948، 438409.(1/424)
مراجع مختارة في دراسة الأنباط والآراميين
1 - رمزي بعلبكي: الكتابة العربية والسامية، دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين، دار العلم للملايين 1981، وفي الكتاب قائمة بالمصادر الأوربية التي درست الأنباط وتاريخهم وخطهم.
2 - وانظر: دراسة سليمان بن عبد الرحمن الذييب في:
.. وفي: دراسة تحليلية للنقوش الآرامية القديمة في تيماء، وفي: نقوش الحجر النبطية، وفي: نقوش نبطية قديمة، وكلها مما تشرته مكتبة الملك فهد الوطنية 1415هـ / 1995، وفي نقوش ثمودية من المملكة العربية السعودية، مكتبة الملك فهد الوطنية 1420هـ / 1999.
وفي هذا الكتاب الأخير قائمة بما نشره سليمان بن عبد الرحمن الذييب حول النقوش النبطية والآرامية والصفوية، صفحة 229227.
3 - خليل أبراهيم المعيقل في دراسة التي نشرتها مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض:
4 - جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، والمفصل
5 - سيد فرج راشد: الكتابة من أقلام الساميين إلى الخط العربي، القاهرة مكتبة الخانجي، 1415هـ / 1994.
6 - خليل يحيى نامي: أصل الخط العربي وتاريخ تطوره، مجلة كلية الآداب، الجامعة المصرية، مج 3، ج 1، 1935.
7 - إحسان عباس: تاريخ دولة الأنباط، دار الشروق، عمان 1987.
8 - عبد المنعم عبد الحليم سيد: صلات الأنباط بمصر من خلال النقوش النبطية على صخور الحجاز وصحراء مصر الشرقية، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الملك عبد العزيز، مج 1، 1400هـ / 1981.(1/425)
مراجع مختارة في دراسة الأرقام
جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام والمفصل في تاريخ العرب
أحمد سعيدان: قصة الأرقام والترقيم، دار الفرقان عمان 1969
أحمد سعيدان: تاريخ علم الحساب، مجلة العربي، العدد 106.
أحمد مطلوب: الأرقام العربية، بيروت 1403هـ
سالم محمد الحميدة: الأرقام العربية ورحلة الأرقام، بغداد 1975
قدري حافظ طوقان: تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، القاهرة 1941.
قاسم السامرائي: الأرقام في المشرق عربية النجار وفي الغرب الأوربي سنسكريتية هندية الدثار، مجلة عالم الكتب، مج 19، ع 65، 1419هـ / 1998، 433388.
محمد حسين آل ياسين: الأرقام العربية: نشأتها، تطورها، المجمع العلمي العراقي، بغداد 1402هـ / 1982.
شفيق جحا وجورج شهلا: قصة الأرقام، بيروت 1956.
وفي كل هذه المصادر تجد جرائد المصادر والمراجع العربية والأجنبية في دراسة الأرقام والأنباط والآراميين والتدمريين وغيرهم.(1/426)
جريدة المصادر الأجنبية التي لها علاقة بالبحث(1/427)
جريدة الكشافات العامة(1/428)
جريدة الكشافات العامة(1/429)
جريدة الكشافات العامة(1/430)
جريدة الكشافات العامة(1/431)
جريدة الكشافات العامة(1/432)
جريدة الكشافات العامة(1/433)
جريدة الكشافات العامة(1/434)
جريدة الكشافات العامة(1/435)
الكشافات العامة آل العسافي 147.
الأبجدية الخارستية الهندية 54.
أبجدية اللغة الفنيقية 17.
الأبجديات الهندية 54.
إبراهيم عليه السلام 24، 25.
إبراهيم بن سعد 360.
إبراهيم بن شكر 388.
إبراهيم شبوح 328، 329.
إبراهيم الطنتدائي 167.
إبراهيم بن عبد الله النجيرمي، أبو إسحاق 209.
إبراهيم بن علي القلقشندي 166، 167.
إبراهيم الماراني 164.
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم اليزناسني 50.
إبراهيم بن محمد الفزاري 254.
إبراهيم محمود وهبة الشاذلي 141.
إبراهيم بن المنذر الحزامي 390.
إبراهيم النخعي 187.
الأبزار في بري القلم وعمل الأحبار
لمؤلف لم يعرف بعد 263، 321، 387، 394.
الأبلّة 39.
ابن أبي أصيبعة 63، 259.
ابن أبي الحديد 205.
ابن أبي زيد 128.
ابن أبي العتاهية 188.
ابن الأثير 24، 25، 137، 201، 267، 268، 353.
ابن إسحاق 211.
ابن الأعرابي 24، 352.
ابن أم أوفى 26.
ابن أميلة 167.
ابن إياس الحنفي 286، 405.
ابن البازيار 354.
ابن بدرون 101.
ابن البخاري 167.
ابن بردوس 167.
ابن بشكوال 188، 254.(1/437)
ابن بطوطة 87، 349.
ابن البواب 217، 267، 325، 336، 374، 384، 385وانظر:
علي بن هلال.
ابن تغري بردي 104.
ابن تيمية 117، 355.
ابن الجباب السعدي 169وانظر:
أحمد بن محمد بن عبد العزيز
ابن جبير 87.
ابن الجزار القيرواني 227، 339.
ابن الجزري 163.
ابن جماعة 327، 332.
ابن الجهم 354.
ابن الجوخي 167.
ابن الجوزي 63، 133، 134، 149، 218، 219، 297، 351، 374.
ابن الحاج 399، 400.
ابن الحاجب 68.
ابن حبيب البغدادي 191، 391.
ابن حجر العسقلاني 4، 27، 40، 70، 149، 202، 218، 228، 342، 366، 374، 377، 386، 390، 393.
ابن حديج 40.
ابن حديدة 200.
ابن الحرستاني 164.
ابن حزم 124، 188، 189، 377، 378.
ابن الحطيئة 260.
ابن حمدون 151.
ابن الحنائي قنالي زادة، 351.
ابن حنزابة: ابن الفرات المصري
ابن حيان 255، 256.
ابن خلدون 104، 106، 238
ابن خلكان 22، 149، 188، 337، 342، 381، 382.
ابن خير الإشبيلي 190.
ابن الراوندي 79.
ابن رشد 52، 70وانظر: أبو الوليد ابن رشد.
ابن زنجوية 248.
ابن الساعاتي 68، 91، 103، 104، 105، 143، 209.
ابن سعد 27، 69، 124، 131، 201، 202، 232، 343، 365، 366، 367، 368، 405.
ابن السكيت 179.
ابن سلام 140وانظر: القاسم بن سلام.(1/438)
ابن السيد البطليوسي 225، 332، 377.
ابن سيد الناس اليعمري 164.
ابن سينا 52، 153، 259، 374.
ابن شبّة 70، 119، 253.
ابن شهاب 344، 360وانظر:
الزهري.
ابن شهيد الأندلسي 152.
ابن عباد 152.
ابن عباس 24، 25، 242، 368.
ابن عبد البر 183، 202، 275، 344، 377.
ابن عبد ربه 337.
ابن عبدون 101.
ابن العبري 197.
ابن عذاري 40، 65.
ابن عربي 153، 155، 165، 213، 351، 352.
ابن عساكر 125، 150، 188، 228، 366، 388، 406وانظر:
القاسم ابن عساكر.
ابن العفيف 324.
ابن العمراني 150.
ابن عمرو 167.
ابن العميد 374.
ابن عون 119.
ابن فارس 195.
ابن الفرات 234، 328، 355، 373، 384.
ابن الفرات المصري، ابن حنزابة 384، 385.
ابن فضل الله العمري 249، 250.
ابن الفقيه 230.
ابن فهد المكي 218.
ابن القاسم 239.
ابن قتيبة 30، 189، 351.
ابن قدامة 67، 191.
ابن قرابة 251.
ابن قطلوبغا 104.
ابن قيم الجوزية 355.
ابن كثير 133، 134، 371.
ابن الكويك: محمد بن أبي اليمن ابن مالك 213.
ابن مرداس 26.
ابن مرزوق 272، 282، 283.
ابن مسعود 243.
ابن المسيب 360.
ابن مقلة محمد بن علي بن مقلة.
ابن المكتفي 354.
ابن مكتوم 151.
ابن ناظر الصلاحية 167.(1/439)
ابن الهائم 53.
ابن هشام 319، 396.
ابن وحشية 23، 24.
ابن الوحيد 325، 390وانظر:
محمد بن شريف الزرعي.
ابن الياسمين 53.
ابنة حطان بن عوف 205، 240.
أبو إسحاق 248.
أبو إسحاق الموصلي 10.
أبو الأشعث العجلي 76.
أبو أيوب الأنصاري 160.
أبو بكر الأصم 80.
أبو بكر الباقلاني 332.
أبو بكر بن جعفر القطيعي 167.
أبو بكر بن رستم بن أحمد بن محمود الشيرواني 142.
أبو بكر الصديق 119، 228، 333، 397.
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم 233، 246، 344، 368.
أبو جعفر بن شيرزاد 251.
أبو جعفر المنصور 233وانظر:
المنصور.
أبو جعفر النحاس 195، 214.
أبو حاتم السجستاني 337.
أبو الحسن الشاذلي 156.
أبو حمدون الطبيب 188.
أبو حنيفة 133، 134، 206، 325.
أبو حيان التوحيدي 10، 222، 234.
أبو حيان القرطبي 182.
أبو داود الكلبي 205.
أبو دؤاد الإيادي 33.
أبو زرعة الرازي 239.
أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري 352.
أبو زيد السروجي 168.
أبو طاهر السلفي 169.
أبو العالية الرياحي 333.
أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري 13، 60.
أبو عبد الله بن عبدوس الجهشياري 179.
أبو عبس بن جبر 200، 201، 202.
أبو عبيدة 248.
أبو عبيس بن جابر بن عمرو 202.
أبو علي ابن مقلة: محمد بن علي أبو عمر الزاهد 74.
أبو عمرو بن العلاء 181، 188.(1/440)
أبو عمرو المستملي 344.
ابو الفرج الأصفهاني 123، 251، 390.
أبو الفضل ابن النحوي المغربي 153.
أبو القاسم ابن أبي الخطاب بن الفرات 191.
أبو مروان المصيصي 254.
أبو معشر الفلكي 180، 208، 354.
أبو منصور الجبائي 374.
أبو منصور الجواليقي 73، 74
وانظر: الجواليقي.
أبو هريرة 160.
أبو الوليد الباجي 80، 100، 398وانظر: سليمان بن خلف.
أبو الوليد ابن رشد 377وانظر:
ابن رشد.
أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي 133، 134.
إجازة الربيع بن سليمان 208.
الإجازات / الإجازة، 20، 73، 84، 95، 101، 126، 159، 160، 161، 163، 164، 166، 167، 168، 169، 171، 183، 186، 208، 210، 387.
الاجتهاد في طلب الجهاد لابن كثير 78.
الأجزاء الحديثية 187، 194، 395، 396.
الأحبار السرية 336.
أحاديث مصعب الزبيري 77.
الأحباس 122.
أحسن التقاسيم للبشاري المقدسي 288.
الإحكام للآمدي 104.
الأحكام المزورة 370.
أحمد بن أحمد بن أخي الشافعي 179.
أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي 155.
أحمد بن بديل اليامي 234، 326، 327، 328، 332.
أحمد البرقي 202.
أحمد بن أبي دؤاد 22.
أحمد بن الحاج العياشي سكيرج الخزرجي 50.
أحمد حسن فرحات، 14.
أحمد بن الحسين بن علي البيهقي 70، 113وانظر: البيهقي.
أحمد بن حنبل 160، 248، 343.(1/441)
أحمد خان بن خضر 137.
أحمد خيري بن أحمد خيري 155.
أحمد بن سليمان الكاساني 136.
أحمد الشرقاوي إقبال 352.
أحمد شوقي بنبين 87.
أحمد بن عبد الملك ابن المكوى الإشبيلي 188.
أحمد بن محمد بن أحمد بن الأعز العلائي 140، 141.
أحمد بن محمد بن حسين بن مبارك شاه 152.
أحمد محمد الخراط 13، 60.
أحمد بن محمد الطائي 234.
أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله الجبّاب السعدي 169.
أحمد بن محمد يحيى 376.
أحمد بن محمد اليزدي 120.
أحمد بن محمد بن يشبك اليوسفي 166، 167.
أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن دوست 387.
أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي 153.
أحمد المنجم المحلي 190.
أحمد بن يوسف الكاتب 335.
الأحنف [بن قيس] 83.
أحيحة بن الجلاح 85.
أخبار الزيدية من أهل البيت لمسلم ابن محمد اللحجي 181، 287.
أخبار سديف ومختار شعره لمحمد ابن يحيى الصولي 353
الأخطل 241.
الأختام 347، 349.
الأخنس بن شهاب 205، 240.
آداب الطريق 157.
الإدريسي 275.
أدولف كرومان 11، 197، 199، 200، 201، 231، 367.
أدوم / أيدوم 37، 38.
الأدوميون 35، 37.
أديلارد أوف باث 369.
الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار للنووي 118.
أبي بن كعب 361.
الأذكار النووية 15، 116.
الأذكياء لابن الجوزي 63.
الإذن بالنقل 159.
الآراميون 43، 53، 57، 152.(1/442)
أرثر جون آربري 150، 164، 191، 192.
أردشير 29.
الأردوان (ملك النبط) 29.
الاردوانيون 29، 30.
الاردمانيون 29، 30.
أرسطوطاليس 194.
إرشاد المتعلم والناسي في صفة أشكال القلم الفاسي لسكيرج 51.
أرض بابل 24.
الأرضة 89، 96، 97.
الأرقام الجوبارية (الغبارية) 53.
الأرقام الرومانية 51.
الأرقام الرومانية المتمغربة 49.
الأرقام السنسكريتية 48، 53، 55.
أرقام الغبار (الأرقام الغبارية) 50، 53.
الأرقام الفاسية 49، 55.
الأرقام القبطية 51، 135، 208.
أرقام القلم الفاسي 49.
أرقام الكراسات 194.
الأرقام المشرقية العربية 48.
الأرقام النبطية 45.
الأرقام اليونانية القبطية 49.
إرم بن سام بن نوح 29.
الأزهار في عمل الأحبار لمحمد بن ميمون المراكشي 321، 328، 336.
أسامة بن منقذ 189.
الأسئلة الطبيعية لأديلارد أوف باث 369.
الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار لابن عبد البر 275.
الاستيعاب لابن عبد البر 202.
الاستعياب لابن المكوى 188.
إسحاق بن إبراهيم الموصلي 208، 219، 377.
إسحاق بن محمد بن يعقوب بن راهوية 208.
أسد بن الفرات 238.
إسرائيل (علم) 248.
إسرائيل بن موسى البصري 40.
أسعد المدني 157.
الأسفراييني، عبد القاهر 378.
الأسفيداج 265.
إسكندر باشا 135.
الاسكندرية 54، 68.
الاسكوريال 62.
اسم الله الأعظم لعبد الفتاح السيد الطوخي 376.(1/443)
أسماء بلاد أعمال الديار المصرية 135.
أسماء جبال تهامة وسكانها لعرّام السلمي 375.
الأسماء والصفات للبيهقي 113.
إسماعيل عليه السلام 25، 37، 56.
إسماعيل (الخديوي) 313.
إسماعيل الرصاصي 360.
إسماعيل بن صبيح 181.
إسماعيل بن عبد الله 360.
إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنصاري الأنماطي 164.
إسماعيل بن أبي عبيد الله 390.
إسماعيل بن علي الأيوبي 154.
إسماعيل بن كثير 78.
الأسود بن يعفر 41.
إسماعيل بن يوسف بن الأحمر 145.
الإسناد 159، 160، 161، 355.
الإسناد السماعي 161.
أسيا الوسطى 17، 44،
الآشوريون 43، 236.
أشعار الهذليين 73.
أصحاب الحجر 34.
اصطفن بن أبو قير الأكبر 200.
اصل الطريق وسبب تقسيم مراتب النفس 156.
أصول حساب الهند لكوشيار الجيلي 53.
أصول الخط المنسوب لابن البواب 336.
أصول فهرسة المخطوطات 94.
إعارة الكتب 120، 133.
إعانة المنشي 215.
اعترافات لوليم هنري إيرلند 379.
الإعجام 196.
الأعشى، ميمون بن قيس 33.
الاعتماد في الأدوية المفردة لابن الجزار 339.
أعمار الأعيان لابن الجوزي 297.
الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني 251.
الأغاني الكبير المنسوب لإسحاق ابن إبراهيم الموصلي 208، 377.
الأقباط 211.
الاقتضاب لابن السيد البطليوسي 377.
الآقشهري 142.
الأقليدسي 53.
أكسيد الرصاص الأحمر 318.
أكسيد الرصاص الأصفر 317.(1/444)
الإلحاقات 184.
ألفية ابن مالك 213.
الألواح الخشبية 245، 289.
ألياف الأخشاب 277.
ألياف الأسمال القطنية 271.
ألياف الأسمال الكتانية 271.
الألياف البردية 199.
ألياف الخشب 291.
ألياف السيسال 271.
الألياف السيلولوزية 257، 258.
الألياف القطنية 271، 291.
ألياف القنب 257، 264، 291.
ألياف الكتان 272، 291.
ألياف نبات مانيلا 271.
الأكديون 43، 57، 236.
أكرى () 42.
الكسندر سبيتشفيج 245، 246.
أكيدر 248.
الألفبائية الآرامية 55.
الألفبائية العبرية 55.
ألورد 173.
ألياف البردي 228.
أماسيا 31.
الأماكن للحازمي 86.
أمالي اليزيدي 143.
إمام الحرمين الجويني 355.
الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة 351.
الآمدي 104، 105، 106.
امرؤ القيس الكندي 41، 239.
الاملاء والاستملاء للسمعاني 61، 77، 376.
أم هلال 363، 364.
الأمين (الخليفة) 237.
إنباء الغمر بأنباء العمر لابن حجر العسقلاني 70.
الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 150.
الإنباء في حقائق الصفات والأسماء لأحمد بن معد التجيبي 153.
الأنبار 25، 26، 27، 28، 29، 30.
أنبار العرب 30.
الأنباط / النبط 23، 24، 25، 26 27، 29، 30، 31، 33، 35، 37، 39، 40، 42، 44، 45، 47، 53، 54، 57، 211.
أنباط / نبط الشام 27، 29.
أنباط أكرى 31.
أنباط أور 31.
أنباط البتراء 31.(1/445)
أنباط بصرى 31.
الأنباط التدمريون 31.
أنباط الحجر 31.
أنباط تدمر 31.
أنباط سواد العراق 27، 29.
أنباط العراق 24، 29.
الانتحال 353، 391.
انتخاب أصول السماعات 169.
الأندلس 49، 51، 141، 152، 212، 238، 254، 256، 268، 275، 283.
أندريه جلفاني 276، 283، 305.
أندريه جوليان 274.
أنساب الأشراف للبلاذري 189.
أنس خالدوف 253.
أنس بن مالك 243، 364، 365، 366.
أنطاكية 31.
انظمة الأوقاف 21.
أنظمة الدواوين 21.
أنماط التوثيق في المخطوط العربي في القرن التاسع الهجري لعابد ابن سليمان المشوخي 11.
أنور محمود عبد الواحد 289.
الأهب الطائفية 252.
أهرن بن أعين 124، 344.
أهل أجمة برس 251.
أهل الأنبار 23، 25، 26.
أهل الأندلس 48، 121، 226.
أهل بغداد 76.
أهل جعفر الصادق 243.
أهل الحجاز 26.
أهل الحيرة 23، 24، 25، 26.
أهل سمرقند 260.
أهل الشام 228.
أهل طليطلة 49.
أهل العراق 228.
أهل فاس 49.
أهل كوثى 24.
أهل مدين 35، 41.
أهل مصر 68، 258، 368.
أهل المغرب 121، 212.
أهل مقنا 371.
أهل مكة 319.
أهل الهند 336.
أهمية صفحة العنوان في توصيف المخطوطات لرمضان ششن 207
أور (مدينة) 25.
أوراق البردي 41، 317.
أورليانوس 31.
أوعية المعلومات 93.(1/446)
الأوقاف 122.
أولاد إسماعيل 37.
إياد (قبيلة) 25.
إياد خالد الطباع 14.
إيتيان بارتليمي 359.
أيرج أفشار 284، 288.
الإيضاح لقوانين الاصطلاح لمحي الدين يوسف ابن الجوزي 193.
إيضاح المكنون للبغدادي 151.
أيمن فؤاد سيد 11، 125.
أيها الولد لأبي حامد الغزالي 100.
أيوب عليه السلام 83.
بابا (ملك النبط) 29.
بابل 24.
البابليون 23، 41، 57، 236، 289.
البابية والبهائية 211.
بادوا 51.
بالمر 11.
البتراء 25، 36، 37، 39، 40.
بتيولي (إيطاليا) 37.
البحرين 25، 30.
بحير بن سعيد 247، 341.
البخاري محمد بن إسماعيل بخت نصر 29، 30.
بختيشوع 154.
البدائع 104.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 377.
بدر الدين الحبشي الشهابي 168.
البديع في الأصول لابن الساعاتي 91، 105.
البديع في أصول الفقه لابن الساعاتي 91، 103، 104، 105، 106، 143، 209.
بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام لابن الساعاتي 103، 105.
بذر الفجل 335.
البرامكة 363.
برجاموس 237.
البردعي التبريزي 352.
البردي 18، 245، 253، 327، 334، 345.
البرديات 197، 199، 201، 216، 230، 232، 367.
البرديات الإسلامية 230.
برديات الفيوم 216.
البرديات القبطية 230.
البرديات اليونانية 230.
البرديات المصرية 367.(1/447)
البردية المؤرخة 22هـ: 198، 199، 203.
البرزالي 164.
برسباي (الملك الأشرف) 62.
بروكلمان 62، 75، 112، 115، 117، 146، 147، 171، 193، 209.
بشر بن أبي خازم 239.
بشير بن عبد الله 169.
بشير بن نهيك 160.
بصرى 29، 40.
البصروي 405.
بطاقة الفهرسة 111.
بطاقة مركز الملك فيصل 111.
بطاقة مؤسسة الفرقان 111.
بطاقة مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء 111.
البطالمة 42.
بطليموس الثاني 42.
البغدادي 105، 142، 147، 151.
بقيّة 247، 341.
بكر بن وائل (قبيلة) 25.
البكري 29، 48، 50، 261، 372.
بلاد الخطا 349.
بلاد الأنباط 37.
بلاد النبط: 29.
بلاد النوبة 261.
بلاد اليونان 45.
البلاذري 189، 231، 251، 365.
بلغة المريد ومشتهى الموفق السعيد 156.
بلنسية 275.
بلين (مستشرق) 359.
بنو مرين 122.
بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي 384، 385.
بهاء الدين العاملي 152.
البهاء بنت عبد الرحمن بن الحكم ابن هشام 121.
بوش 359.
بونولابي 347.
بوليه (مستشرق) 348.
البياضات 185، 186.
البيان المغرب 65.
البيان والتحصيل لابن رشد 70.
بيبلوس الفينيقية (الجبيل) 48، 226.
بيتر شورد فان كوننكزفيلد 275، 107.(1/448)
بيدرسون 11، 287.
بيروز شابور (الأنبار) 28.
البيروني 53، 54، 143، 229، 250، 262، 263، 332.
البيضاوي 241.
البيهقي 70، 113وانظر: أحمد ابن الحسين.
تاج التراجم لابن قطلوبغا 104.
تاج العروس للزبيدي 86، 135، 152، 353.
تاري (لحاء التوز) 262.
تاريخ ابن خلدون 106.
تاريخ دمشق لابن عساكر 67، 71، 150، 188.
تاريخ الطبري 67، 79.
تاريخ علماء بغداد 104.
تاريخ قضاة الأندلس للنباهي 64.
التاريخ الكبير للبخاري 26، 242.
تاريخ المحبي 155.
تاريخ مدينة سامراء لهرتزفيلد 230.
تاريخ المدينة لابن شبّة 70، 84.
تاريخ ملوك حمير وأخبارهم لوهب بن منبه 342.
تاريخ ملوك العرب للأصمعي 179.
تاريخ النجم الغزي 155.
تاريخ الوراقة المغربية لمحمد المنوني 220.
التجار الفينيقيون 17، تجدد، رضا 63.
التجليد 12، 14، 19، 96، 99، 109، 385.
التجليد المصري 99.
التجليد المغربي 99.
التجليد الهندي 99.
التحبيس 121، 122، 131.
تحديد نهايات الأماكن للبيروني 143.
تحرير التحريف للصفدي 75.
التحريف 69، 75، 76، 77، 83، 168.
تحريم دفن الأحياء لجالينوس 194.
تحف الخواص في طرف الخواص لمحمد القضاعي القللوسي 329.
تحفة العباد لعبد الرحمن الدمشقي 126.
تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون 11.
تدمر 25، 29، 31، 34.
التدمريون 29، 57.
تدوين الحديث 160.(1/449)
تذرق بن ابو قير الأصغر 200.
التذكرات 155.
التذكرة لابن مبارك شاه 152.
التذكرة للقرطبي 151، 152
تذكرة ابن حمدون 151.
التذكرة لابن مبارك شاه 152.
تذكرة ابن مكتوم 151.
تذكرة الحميدي 151.
تذكرة الصفدي 151.
التذكرة للمظفر البطليوسي 152.
التذهيب 14، 19، 20، 96، 385.
تراجان (إمبراطور الرومان) 39.
الترقيم 20، 99، 102، 181، 193، 194، 195، 395.
التركيخ 197.
الترمذي 101.
الترنجات 99.
التزوير / التزييف 161، 198، 199، 233، 249، 267، 268، 351، 352، 353، 354، 367، 368، 372، 373، 374، 375، 378، 379، 380، 381، 382، 384، 385، 386، 387، 388، 391، 392، 393، 397، 398، 399، 404، 405، 406.
تزوير الخطوط 267، 268.
تزوير الكتب 395.
تزوير المخطوطات العربية 380، 391، 395.
تزوير المسكوكات 403.
تزوير الوثائق 379، 391، 395.
تزويرات شكسبير 379.
التزويق 14، 20.
التسفير 96.
تصحيح التحريف للصفدي 75.
التصحيحات 184.
التصحيف 69، 75، 76، 77، 78، 79، 81، 83، 86، 168.
تصحيفات المحدثين للعسكري 75.
التصوير 14.
تصوير وتجميل الكتب العربية لمحمد عبد الجواد الأصمعي 339.
تعتيق الرق 383.
تعتيق الكاغد 374، 385، 386، 387.
تعقيبة / تعقيبات 20، 95، 99، 179، 180، 181، 182، 190، 191، 195، 395.
التعليقات 185.(1/450)
تفسير ابن سلام 140.
تفسير غريب القرآن وغريب الحديث للخوافي 190.
تفسير القصائد التسع لأبي جعفر النّحّاس 195، 214.
تقريب التهذيب 202.
تقرير الدليل الواضح المعلوم على جواز النسخ في كاغد الروم لابن مرزوق 282
التقشية 197.
تقي الدين بن عبد القادر التميمي 105.
تقييد استعارة 162.
تقييد تاريخ النسخ 172.
تقييد تملك 162، 275.
تقييد الختام 20، 101، 171، 209، 210.
تقييد قراءة 135، 162، 189، 208، 210، 254.
تقييد ولادة 133.
تقييدات الاجازات 101.
تقييدات الاستعارة 171.
تقييدات الإعارة 133.
تقييدات البيع 140.
تقييد تصحيح 208.
تقييدات التملك 20، 112، 133، 135، 142، 171، 172، 173، 174، 190، 254.
تقييدات السماع 101، 173، 180، 189، 210، 393.
تقييدات الشراء 139، 140، 174.
تقييدات العرض 210.
تقييدات القراءة 133، 162، 171، 210، 254.
تقييدات المطالعة 133، 171، 172.
تقييدات المعارضة 133، 171.
تقييدات المقابلة 171، 173، 210.
تقييدات الوقف 20، 112، 119، 122، 125، 126، 128، 129، 130، 133، 171.
تكريت 33.
التكملة 86، 189.
التلفيق 353.
تلوين الورق 395.
تليد الفتى 188.
تمام بن محمد بن الجنيد الرازي 164، 188.
التملك 20، 100، 112، 126، 133، 135، 142، 143، 171،
172، 174، 90وانظر: تقييدات التملك.(1/451)
التملك 20، 100، 112، 126، 133، 135، 142، 143، 171،
172، 174، 90وانظر: تقييدات التملك.
تميم (قبيلة) 30.
تميم الداري 248، 249، 250.
تنبيه الملوك والمكائد المنسوب للجاحظ 351.
التنقيط 197، 198، 199.
تنوخ (قبيلة) 25، 30.
تهامة 288.
تهذيب الآثار للطبري 39.
تهذيب الكمال 202.
التوريق 19.
توفيق إبراهيم 130.
توفيق، الخديوي 313.
توماس رولي 379.
توماس فرانسيس كارتر 347.
تونس 141.
تيماء 41.
ثابت بن قرة 64.
ثاج 54.
الثعالبي، أبو منصور 285، 286، 378.
ثعلب أبو عمر 74.
ثعلبة بن عمرو العبقسي 241.
ثمود 29، 34، 35، 42.
الثموديون 35.
الثوري 161، 229.
جابر بن عبد الله (صحابي) 344.
جابر بن عبد الله القرشي 190.
الجات (هم الزط) 27.
الجاحظ 75، 143، 239، 252، 326، 332، 336، 351.
الجادري الفاسي 154.
جامع دمشق 134.
الجامعات والشهادات لمحمود شيت خطاب 378.
جان مابيون 369.
جالينوس 194.
الجامع للثوري 161.
الجامع في الحديث النبوي لعبد الله بن وهب 232، 367.
الجاو (عملة ورقية) 349.
جبرائيل بن يختيشوع 154.
الجبرتي 100.
الجبر والمقابلة للخوارزمي 51.
الجبيل (بيبلوس الفينيقية) 48.
جحظة البرمكي 208.
جذاذة (جذاذات) 186.
جذيمة الأبرش 31، 32.
جذيمة بن مالك 25.
الجراح بن عبد الله الحكمي 197، 253.(1/452)
جراهام فيك 52.
الجرح والتعديل 160، 355.
جرعاء 39، 42.
جرها 39، 42.
جرهم 56.
الجروخ (أقواس) 78، 79.
جريج السروجي 197.
جريدة التايمز 380.
جريدة الشرق الأوسط 47، 404.
جريدة المدينة 376، 381.
جزازة / جذاذة 186.
الجزولي 127.
جزيرة ابن عمر 25.
الجزيري 22.
جعفر الصادق 243.
جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي 259.
الجلاء والإشراق لتزكية النفس وتصفيتها 156.
جلبي زادة بن إسماعيل 142.
جلد النعام 254.
جمال الدين الشيرازي 267، 374.
الجهشياري 233وانظر: أبو عبد الله بن عبدوس الجهشياري.
الجواليقي 225وانظر: أبو منصور الجواليقي.
جوامرد الناصري 130.
الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي 104.
الجوت 271، 287، 289، 290، 291، 292،
جورج أنطون كيراز 197.
جورج كولن (مستشرق) 55.
الجوهري 222.
الجويني، إمام الحرمين 355.
الجير 257، 263، 270، 293.
جيروم 37.
جيفر بن الجلندي 356، 360، 361.
الجيلاتين 258.
حائل 38.
حاتم الطائي 240.
حاجي خليفة 105، 146، 147، 151.
الحارث بن حلزة اليشكري 240
حارثة الثالث النبطي 40.
الحازمي 86، 354.
الحاشية 71، 177.
حاطب بن أبي بلتعة 364
الحاكم 202.(1/453)
حانوت العطار لابن شهيد 152.
الحبر الرأس 332.
حبر الرق 324.
الحبر الصيني 332.
حبر الكاغد 324.
الحبر المطبوخ 332.
الحبشة 39، 42، 54، 244، 253، 261.
حبيب زيات 11، 348.
حبيب بن مسلمة الفهري 228.
الحجّاج بن يوسف الثقفي 232، 373.
الحجاز 33، 39، 45، 54، 229، 252، 253، 363، 364.
الحجر 29، 36، 37، 42.
الحجري الأندلسي 88.
حداد الأدومي 35.
حذف من نسب قريش لمؤرج بن عمرو السدوسي 209.
حران 58، 64.
حرب الوثائق 18.
الحروف الآرامية 44.
الحروف السومرية المسمارية 57.
الحروف العددية المشرقية 212.
الحروف العددية المغربية 212.
الحروف الفينيقية 17، 45.
الحروف النبطية 58.
الحروفيون 211.
الحريري 168وانظر: القاسم بن علي بن محمد.
حزب النصر للشاذلي 156.
الحساب المركب 172.
الحسابات المركبة 99.
حساب الجمّل 18، 47، 53، 54، 55، 195، 172، 99، 211، 212، 213، 214.
الحساب الهندي 48، 51، 53.
حسان بن ثابت 26.
الحسن البصري 344، 375.
حسن حسني عبد الوهاب 276.
الحسن بن عبد الله السيرافي 208، 389وانظر: السيرافي.
الحسن بن علي بن أبي طالب 78، 156، 243، 365.
حسن بن عمر الخطيب 130.
حسن محمد السكري 339.
الحسن المستضيء العباسي 250.
حسين حسني باشا 288.
الحسين بن علي 243.
الحسين بن محمد، الراغب الأصفهاني 244.
الحسين بن مطير الأسدي 229.(1/454)
الحسين بن ناصر الكاغدي 260.
حصر البردي المصرية 228، 229.
الحصن الأبلق 41.
الحضر 25، 30، 33، 34.
حطان بن عوف 205، 240.
حفص بن سليمان الخلال 281.
حفصة بنت عمر 228.
حق الرواية 159، 161، 162، 166.
حق السماع 161.
حق القراءة 161.
الحلفاء 270، 272، 275، 290، 291، 292.
الحكم الثاني بن المستنصر بالله 268.
الحكم المستنصر 188، 189.
حلية الأبرار وشعار الأخيار 115.
حماض الأترج 339، 340.
حمد الجاسر 86.
حمد بن سليمان 127.
حمد بن محمد بن بسام 127.
حمزة الحسيني 243.
الحميدي 74، 151.
حمير (قبيلة) 30.
حنبل بن عبد الله الرصافي 167.
الحواشي 114، 116، 146، 177، 183، 184.
حوران 37.
حيان بن خلف بن حيان 49.
حيدر آباد 63، 104.
الحيرة 25، 26، 29، 30، 31.
الحيل للشيباني 206.
الخابور 33.
خاتم أنس بن مالك 365.
خاتم عمرو بن العاص 366.
خاتم محمد بن سيرين 366.
الخاتم النبوي 358، 361، 362، 363،
خارطة فاينلاد 379.
خالد بن برمك 281.
خالد الكلاعي 247، 341.
خالد بن معدان 247، 341.
خالد بن الوليد 24، 25، 30، 119.
خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 342.
خان الوراقة بمصر 286.
ختم الصحيفة 364، 365.
ختم الواقف 122.(1/455)
الخرق القديمة 257.
خزائن المخطوطات العربية في الخافقين لفليب دي طرازي 352.
الخضر بن إبراهيم أبو شجاع 136، 137.
الخضر بن الحسين بن الخضر بن عبد الله الأزدي 164.
الخط الآرامي 35، 45، 57، 58.
الخط الأندلسي 145، 165، 218، 220، 254، 275.
الخط الأندلسي المتمغرب 221.
خط التعليق 223، 252.
خط التعليق الإيراني 223.
خط التعليق التركي 142، 223.
خط التعليق الهندي 223.
الخط التمبكتي (السوداني) 220.
الخط التونسي 165.
الخط الجزائري 165.
الخط الحجازي 215.
الخط السرياني 44.
الخط السودني 218، 220.
الخط السوسي 221.
خط السياقت 223.
خط الشكستة 223.
الخط الصحراوي 221.
الخط الصقلي 221.
الخط العبري 44، 57.
الخط العربي من خلال المخطوطات 215.
الخط الفارسي 109، 220.
الخط الفينيقي 35.
خط القرآن الكريم 36.
خط القرمة 223.
الخط الكوفي 215، 216، 244.
الخط الكوفي اللين 218.
الخط الكوفي اليابس المربع 36، 396.
الخط المدني 36، 215.
الخط المسند 35، 41، 42.
الخط المشرقي المتمغرب 221.
الخط المعتاد 109، 219.
الخط المغربي 165، 218، 220.
الخط المغربي المبسوط 221.
الخط المغربي المسند 221.
الخط المكي 36.
الخط المنسوب 217، 374، 383.
الخط النباري 221.
الخط النبطي 25، 36، 41، 45، 57، 58.
خط النستعليق 223.
خط النسخ 218، 220،(1/456)
خط النسخ الرئاسي 207، 220.
خط النسخ التدويني 252.
الخط اليوناني 41.
الخطاطون العثمانيون 218.
خطوط البرديات 357.
الخطوط المائية 116، 117، 281، 282، 283، 292، 293، 295، 297، 298، 299، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306، 307، 308، 309، 310، 311، 312، 313، 314، 315.
الخطوط المائية الثنائية 292.
الخطوط المائية الشامية 282.
الخطوط النبطية 216، 357.
الخطيب البغدادي 22، 181، 327، 355، 386، 389، 390.
خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي 84.
الخليل بن أحمد الفراهيدي 217.
خليل بن أيبك الصفدي 75، 121، 143، 151، 214، 260، 267، 388وانظر: صلاح الدين الصفدي.
خمارويه 335.
الخواتيم لابن الجوزي 133.
الخوارزمي 51، 52.
الخوانساري 105.
خوزستان 125.
خولان 337.
الخيام 380.
الخيزران 270، 292.
دانيال 341، 342، 385، 386.
دانيال فان بانبروك 369.
دايبر بن سوسان 284.
الدبلوماتيك 369.
دجلة 33.
دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية لعبد اللطيف إبراهيم 125.
الدراهم الزغل 405.
الدرج 278، 279، 280، 281، 366.
الدرهم الكاغد لحبيب زيات 348.
الدروج 281.
درويش بن صالح السعدي الطائفي 114.
الدفاتر 245، 264، 281، 394.
الدفاتر (كناشات) 155.
الدفاتر الرقيّة 363.
دفاتر الزهري 124، 246.
دفتر مذكرات 151.
دكاكين التزييف 378.(1/457)
دكاكين الخط 109.
دلائل الخيرات للجزولي 127.
دلائل النبوة للبيهقي 70.
دلتا النيل 37.
الدليل الواضح المعلوم على طهارة ورق الروم لابن المحب 283.
دمشق 37، 40، 134، 172، 267، 281، 335، 405.
دنلوب (مستشرق) 358.
الدواة 318، 325، 327.
دوزي (مستشرق) 225.
الدوق راينر 199.
الدولابي 202.
دي خويه (مستشرق) 60، 79.
ديدان 41، 42.
الديدانيون 35.
ديروشيه (مستشرق) 275.
ديسقوردس اليوناني 227.
الدينوري 162، 163، 205.
ديواشني (حاكم الصغد) 197، 253.
ديوان الخاتم 365، 367، 373.
ديوان الفرزدق 179.
الذهبي 202، 218، 267، 268، 388، 390.
رأس شمرا الأوغاريتية 55.
الراضي بالله العباسي 381، 382.
راضية القسطمونية 127.
الراغب الأصفهاني: الحسين بن محمد
رامهرمز 125.
راينر 199، 348، وانظر: الدوق راينر.
رباعيات الخيام 380.
الربيع (وزير المنصور) 368.
الربيع بن خثيم 160.
الربيع بن سليمان المرادي 207، 208.
رجال الطباق 161.
الردة والفتوح لسيف بن عمر التميمي 79.
الردة المنسوب للواقدي 351.
الرسائل النبوية 36، 216، 249، 251، 333، 334، 349، 356، 361، 362، 363، 368،
رسائل النبي صلى الله عليه وسلم 248، 250، 363.
رسائل النبي للمدائني 250.
رسالة حاكم الصغد 197.
رسالة سمرة بن جندب 343.
الرسالة للشافعي 207، 208.(1/458)
رسالة في أن رأي العرب في مراتب العدد أصوب من رأي الهند فيها للبيروني 53.
رسالة في كيفية رسوم الهند في تعليم الحساب للبيروني 53.
الرسالة المقدسية لابن عربي 153.
رسالة في وصف الخط منسوبة لأبي حيان التوحيدي 222.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابني الجلندي 356، 360، 361، 367.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى كسرى 356، 360، 361.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المقوقس 356، 357، 359، 367.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المنذر بن ساوي 356، 357، 359، 367،
رسالة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى النجاشي 356، 358، 359.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى هرقل 356، 357، 358،
رشيد دحداح 142.
رعية السحيمي 248.
الرقاقون 235، 236.
الرق / الرقوق 18، 96، 177، 187، 192، 205، 225، 228، 231، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 243، 244، 245، 246، 247، 249، 250، 252، 253، 254، 255، 258، 265، 275، 277، 280، 281، 287، 320، 322، 326، 327، 331، 332، 332، 334، 335، 345، 347، 348، 357، 363، 364، 380، 383، 394، 395، 397.
الرق البصري 239.
الرق الكوفي 239.
الرق الملون 255.
الرق الواسطي 239.
الرقش 205، 239، 240، 247.
الرقوم الأكدية 179.
الرقوم الأوغاريتية 179.
الرقوم الحثيّة 179.
الرقوم الطينية البابلية 179.
الرقوم الطينية السومرية 179.
رماد الرصاص 265.
رماد القراطيس 337.
رمضان ششن 207.
الرها 34، 44، 261،
رهمي ملك الهند 261.
روما 31.(1/459)
روث ماكنسون 345.
الروحة لمحمد بن الحسن الجرباذقاني 195.
روضات الجنات للخوانساري 105.
الروضة الفردوسية للآقشهري 142.
رؤوس الموضوعات 98.
ريف العراق 30.
الزاج 21، 22، 318، 320، 321، 322، 324، 325، 329، 332، 333، 334، 335، 339،
الزاج الأبيض 320، 336.
الزاج الأخضر 320.
الزاج الرومي 320.
الزاج الشامي 320.
الزاج العراقي 320.
الزاج القبرصي 320، 324.
الزاج المصري 320.
الزباء 31، 33، 43.
زبيد 252، 266.
الزبيدي 86، 152، 153، 353 وانظر: محمد مرتضى.
الزجاج المصري الأزرق 317.
الزخرفة 96.
زرقاء اليمامة 83.
الزركلي 75، 146، 147.
الزرنيخ الأصفر 322، 323.
الزط 27.
الزعفران 387.
الزفتاوي محمد بن أحمد الزفتاوي.
زقاق الجلادين بالمدينة 253.
زلال البيض 258، 265، 293، 323.
زلهايم (مستشرق ألماني) 225.
الزمخشري 30، 69.
زنجار 322، 325.
زنجفر 322، 323.
زنوبيا 25، 31، 32، 33.
الزهري 124، 246وانظر: ابن شهاب.
زهير بن أبي سلمى 240.
زياد بن أبيه 342، 373.
زيد بن أسلم 368
زيد بن ثابت 364.
زيد بن الحسن الكندي 133، 134.
الزيلعي 367، 368.
زين العابدين 243.
زينب بنت مكي 167.
السائب بن يزيد 131.
سابور 33.
سارة 121.(1/460)
سارة ابنة ابن جماعة 167.
سارجنت 359.
الساطرون 34.
سالم بن عبد الله 344.
السبابجة (هم الزط) 27.
سبتة 274، 276.
السبكي 280.
السجستاني 187، 247، 297، 341.
سجلات آشور بانيبال 36.
السجل القديم لمكتبة جامع القيروان 221، 280.
سخام النفط 335.
السخاوي 143، 164، 168، 218، 260، 283، 377، 391.
السراة 26.
سرجون 76.
سرنللي 88.
سزكين 75، 112، 146، 147، 154، 195، 196، 209.
سعد بن معاذ 355.
سعف النخيل 228.
سعيد أعراب 70.
السفّار (المجلّد) 139.
سفند دال 11، 282.
سقي الكاغد / الورق 258، 264، 265، 292.
سلسلة واسط 40.
سلع 29، 36، 37، 39، 40، 42.
سلفستر الأول 370.
سلمان بن ربيعة الباهلي 228.
السلميات لأبي عبد الرحمن السلمي 136، 137، 297.
السلوقيون 44.
سليم العثماني (السلطان) 368.
سليمان بن خلف القرطبي (الباجي) 80، 100، 398.
وانظر: أبو الوليد الباجي.
سليمان بن راشد 258.
سليمان بن سعد 76.
سليمان بن عبد الرحمن الذييب 37.
سليمان بن العبد العزيز 128.
سليمان بن عبد الملك 78.
سليمان بن محمد بن بسام 127.
سليمان بن وهب 280.
سماع الطبقات 73.
السماعات (سماع) 20، 73، 96، 101، 159، 163، 164، 165،
167، 169، 174، 180، 186، 189، 193، 387، 388.(1/461)
السماعات (سماع) 20، 73، 96، 101، 159، 163، 164، 165،
167، 169، 174، 180، 186، 189، 193، 387، 388.
سمرة بن جندب 343.
السمسمي 74.
السمعاني 61، 136، 260، 340، 376.
السمهودي 68، 70، 80، 84، 85، 86، 142.
السموءل بن عاديا 41.
سمير شما 404.
سنان باشا 135.
سند بن علي 354.
سندي بن علي 377.
سنن الصالحين وسنن العابدين لأبي الوليد الباجي 100، 398.
سنن محمد الغزالي 100.
سهل بن سعد 227.
سهل بن عثمان السجستاني 180.
سواد العراق 24، 25، 30.
سورديل تومين (مستشرقة) 357.
سوق الوراقين 219.
سوق النبط 27.
السومريون 57، 236، 289.
سير أعلام النبلاء للذهبي 202، 337.
السير للفزراي 254.
السيرافي 56وانظر: الحسن بن عبد الله السيرافي.
السيرة النبوية لابن إسحاق 211.
السيرة النبوية لابن هشام 396.
سيرين 365، 366.
سيغال 197.
سيف الدولة الحمداني 398.
سيف بن عمر التميمي 79، 130.
سيقان نبات الكتان 257، 275.
السيلولوز 257، 264، 270، 386.
السيوطي 120، 130، 155، 203، 218، 227، 377.
شاروخ بن أرغو بن فالغ 30.
شاطبة 266، 268، 269، 274، 275، 277.
الشب 325.
الشب الأبيض 494.
شب العصفر 337، 394.
الشب اليماني 337، 394.
الشبيكة (القالب) 257، 278، 399.
شجرة التوت 257.
شرح آداب البحث والمناظرة للبردعي 352.
شرح البخاري 128.(1/462)
شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون 101.
شرح المواهب 69.
شرف الدين بن زكريا الأنصاري 190.
الشروط اللازمة لمن أراد سلوك الطريق 157.
شط العرب 39.
شعبان الآثاري 101.
شعبان خليفة 63، 64، 175.
الشعبي 24، 160، 248.
الشعراني 155.
شعيب عليه السلام 35.
شعيرات السيلولوز 264.
الشفا للقاضي عياض 168.
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي 62.
شفيق محمد زيعور 61.
شكري فيصل 82.
شكيب أرسلان 254.
شكسبير 379.
الشمّاخ 41.
شمال إفريقيا 47، 141، 283.
شمس الدين الرملي 155.
الشمع الأحمر 365، 367.
شمعون الأزدي أبو ريحانة 203، 366.
شنيل (نهر غرناطة) 212.
شوق المستهام إلى معرفة الأقلام لابن وحشية 23.
شواهد القبور 58، 216، 219، 403.
شواهد قطر الندى وبل الصدى لعبد العزيز بن مبارك بن غنّام 121.
شيخ أحمد شيخ داود 289، 306.
الصابي 234، 328، 374.
الصاحب ابن عباد 374.
الصاغاني 68، 126، 152.
صالح صاحب المصلى 233.
صالح عليه السلام 34، 36، 37.
صالح الوشمي 334.
صبح الأعشى للقلقشندي 339.
صبغة الله الآمدي 128.
الصحاح للجوهري 222.
صحار العبدي 124، 342.
صحيح البخاري 69.
صحيح مسلم بشرح النووي 70.
الصحيفة 225.
صحيفة جابر بن عبد الله 344.(1/463)
صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص 343.
صحيفة عبد الله بن لهيعة 231.
صحيفة المتلمس 239.
صحيفة همام بن منبه 231، 344.
كتاب الصدقة لسالم بن عبد الله 344.
صعدة 252.
الصّعق 40.
صفات النفس في أحوال ترقيها السبعة 156.
صفة أشكال القلم الفاسي لعبد القادر الفاسي 50.
الصفويون 35.
صقل الكاغد 264، 265.
صقلية 40، 51، 238.
الصكاك / صك 364، 365، 366.
صلاح الدين الأيوبي 374.
صلاح الدين الصفدي 75، 121، 143، 151، 214، 260، 267، 388وانظر: الخليل بن أيبك.
صلاح الدين المنجد 11، 13، 60، 200، 203، 249، 250.
الصمغ العربي 264.
صناعة الأحبار 19، 20، 396.
صناعة الحبر (كتاب) لمحمد أحمد حمادة 338.
صناعة الأختام 349.
صناعة الاسطرلاب 211.
صناعة الجلود 19.
صناعة الرق / الرقوق 19، 20، 235، 274، 289.
صناعة الكاغد 19، 20، 109، 235، 238، 257، 269، 271، 273، 275، 318، 374، 401.
صناعة الكاغد اليمني 287.
صناعة الكتاب 187، 209.
صناعة الكتاب الإسلامي 175، 341، 347، 395.
صناعة المداد 109، 182، 317، 318، 329، 338، 339.
صناعة الورق 74، 268، 270، 273، 286، 287، 288، 290،
صناعة ورق الآبرو 266.
صناعة الورق الإسلامي 287.
صناعة ورق البردي 20، 226، 289.
صناعة الورق لنعيم أديب 290.
صنعاء 42، 288.
صور الكواكب للصوفي 101.(1/464)
الصولي 176، 354.
صيغة استغفار لعبد الله القسطلاني 156.
صيغة السادة المغازية 156.
الصينيون 257، 290.
ضحيان (موضع) 85.
الضيزن (ملك الحضر) 33.
الطائف 244، 252.
طاش كبري زادة 352.
طاهر الثاني 259.
الطباعة الحجرية الفاسية 284، 293.
الطباعة العربية في أوربا لقاسم السامرائي 347.
الطبق (من الكاغد) 366.
الطباق 161، 164، 388.
الطبراني 229.
الطبري محمد بن جرير طبقات ابن سعد 69.
طبقات الحنفية لابن الحنائي 351.
الطبقات السنية في تراجم الحنفية للتميمي 105.
طبقات الشعراني 155.
الطرّة 177، 185.
طرس / طروس 96، 225، 237، 238، 247، 251.
طرفة بن العبد 239، 240.
طلحة بن طاهر 259.
طليطلة 51.
الطواحين المائية 268، 269، 401.
الطواحين الهوائية 270.
طومار / طوامير 205، 230، 232، 233، 241، 246، 258، 261، 278، 280، 281، 362، 366، 367.
الطومار الشامي 278.
الطومار المصري 258.
الطومار المنصوري 289.
طيء (قبيلة) 30.
طيارة (طيارات) 186.
ظل الغمامة ونور الكمامة لابن بدرون 101.
عائشة الكنانية 167.
عابد بن سليمان المشوخي 11.
عباس بن أصبغ 254.
عباس بن سالم عباس 114.
عباس القاضي 374.
عبد بن أحمد بن السماك الهروي 80.
عبد بن الجلندي 356، 360، 361، 367.(1/465)
عبد الباقي بن فارس بن أحمد بن موسى المقريء 163.
عبد الجليل بن حسن الحسني الطباطبائي 114.
عبد الحكم بن عمرو بن عبد الله الجمحي 123، 125.
عبد الحكيم بن عمرو 124.
عبد الحميد الشيمي 150.
عبد الحميد العلوجي 125.
عبد الحي اللكنوي 105.
عبد الدائم بن عمر بن حسن بن عبد الواحد العسقلاني 113.
عبد الرحمن بدوي 352.
عبد الرحمن بن جبر 202.
عبد الرحمن بن سلمان 371.
عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح 382.
عبد الرحمن الناصر لدين الله 255، 256.
عبد الرحمن البهوتي 166، 167، 168.
عبد الرحمن بن أبي ليلى 160.
عبد الرحمن الداخل 130.
عبد الرحمن الدمشقي الحنبلي 126.
عبد الرحمن بن سلمان 371.
عبد الرحمن بن عدوان 121.
عبد الرحمن بن عمر الصوفي 101.
عبد الرحمن بن معاوية 130.
عبد الرحيم بن عبد المحسن الشعراني 134.
عبد الستار الحلوجي 11، 175، 182، 195، 319.
عبد السلام بن عبد الرحمن بن برّجان 153.
عبد السلام هارون 11، 13، 60، 71، 375، 376.
عبد السيد بن أحمد الأشروسني 136.
عبد العزيز بن أحمد الكتاني 388.
عبد العزيز بن أبي حازم 227.
عبد العزيز بن سعد الزير 255.
عبد العزيز بن سعود 128.
عبد العزيز بن مبارك بن غنام 121.
عبد العظيم محمد الديب 66.
عبد العظيم المنذري 133، 162، 164.
عبد الغني المقدسي 117.
عبد الفتاح السيد الطوخي 376.
عبد القادر زمامة 157.(1/466)
عبد القادر الفاسي 51.
عبد القادر المصري 405.
عبد الكريم سكيرج 221.
عبد الكريم بن عبد الله 139.
عبد اللطيف آل الشيخ 129.
عبد اللطيف إبراهيم 125.
عبد اللطيف البغدادي 286.
عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل 166، 167.
عبد الله بن أحمد، أبو هفان المهزمي 21، 22.
عبد الله بن جابر 200، 201.
عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي 201.
عبد الله بن جابر العبدي 201.
عبد الله بن جابر الحجري 203.
عبد الله بن جبر، أبو عبس 200، 202.
عبد الله بن جبر بن عمرو الأنصاري 201.
عبد الله بن جبير 203.
عبد الله بن الحسن النباهي 64.
عبد الله بن أبي ربيعة 253.
عبد الله بن الزبير 123، 373.
عبد الله بن سعد 372.
عبد الله بن سوار 125.
عبد الله بن صفوان 123.
عبد الله بن طاهر بن الحسين 259.
عبد الله بن الطحان 167.
عبد الله بن عباس 360.
عبد الله بن عبد العزيز 128.
عبد الله عسيلان 13، 60.
عبد الله بن عمر بن الخطاب 119.
عبد الله بن عمرو بن العاص 343.
عبد الله العمير 130.
عبد الله بن عون 405.
عبد الله الفيصل 117.
عبد الله بن القسطلاني 156.
عبد الله بن لهيعة 231.
عبد الله بن محمد، أبو العباس السفاح 281.
عبد الله بن محمد بن أبي عبد الله السوسي 260.
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب 128.
عبد الله بن مسعود 229.
عبد الله بن مسلمة 227.
عبد الله النجيبي 129.
عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري 232، 367.
عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف الغساني الجزائري 164.(1/467)
عبد المجيد (السلطان العثماني) 359.
عبد المجيد بن عبد الرحمن الأقفاصي 140، 141.
عبد المحسن آل عباس 64، 111.
عبد المطلب بن هاشم 319.
عبد الملك بن حبيب 390.
عبد الملك بن قريب الأصمعي 179، 330.
عبد الملك بن مروان 76، 343، 373.
عبد الهادي الفضلي 13، 60.
عبد الوهاب، أبو مسحل 181.
عبيد بن الأبرص 240.
عبيد بن أبي سلمة 79.
عبيد بن شرية الجرهمي 124، 341.
عبيد بن هرمز 371.
عبيد الله بن أحمد النحوي 74.
عبيد الله بن جبريل بن عبيد الله بن بختيشوع 194.
عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي 161.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود 360.
عبيد الله بن محمد بن أحمد البيهقي 113.
عبيدة بن قيس السلماني 343.
عثمان بن أبي بكر بن جلدك القلانسي 76.
عثمان بن عبد العزيز بن منصور الناصري 116، 117.
عثمان بن عفان 198، 201، 228، 243، 326، 372.
عثمان يحيى 352.
عجينة الكاغد 265، 270، 293، 400، 401.
عجينة الألياف القطنية 271.
عجينة ألألياف الكتانية 271.
عدن 48.
عدي بن زيد 33، 34.
العراق 54.
عرام السلمي 375.
العربي محمد بن عبد المجيد 139.
العرض 159، 210.
عروة بن الزبير 124، 183، 343، 368.
عسب النخل 258.
العسكري 75.(1/468)
عضد الدولة البويهي 268.
العفص 21، 22، 320، 321، 324، 325، 329، 332، 333، 335، 336،
العفص الرومي 324،
العفص الشامي 324.
العقائد لعلي محمد بن عامر المغازي 156.
عقبة بن عامر 372.
العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي 62.
العقد الفريد لابن عبد ربه 337.
كتاب العقول لأبي بكر ابن حزم 344.
عكرمة 242.
العلا (موضع) 41، 42.
العلاء بن عبد الجبار البصري 340.
علاقة بن كرشم الكلابي 342.
علامة الإلحاق 184.
علامات الترقيم 181، 196.
علامات التنقيط 232.
علامات الفصل 232.
العلامات المائية 94، 99، 117، 147، 171، 174، 196، 282، 283، 284، 285، 288، 289، 292، 293، 295، 296، 297، 298، 299، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306، 307، 308، 309، 310، 311، 312، 313، 314، 315، 379.
علقمة بن قيس النخعي 187.
العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل 160.
علم الجرح والتعديل 160.
علم الدبلوماتيك 369.
علم دراسة الكتاب المخطوط 19.
علم فهرسة المخطوطات 93، 97.
علم نقد الوثائق 369.
علم الوثائق 354، 355.
علي بن أبي طالب 24، 25، 78، 205، 227، 243، 250، 251، 331، 365، 373.
علي بن أحمد القلقشندي 167.
علي بن أحمد بن يوسف بن الخضر الآمدي 214.
علي البزدوي 104، 105، 106.
علي بن الحسن بن علي بن المذهب 167.
علي بن ظافر بن حسين الأزدي 190.(1/469)
علي بن عبد الله السمهودي 68 وانظر: السمهودي.
علي بن عيسى بن الجراح 374.
علي فضلي 135.
علي بن القاسم الخوافي 190.
علي القطان 129.
علي آل محمد 128.
علي بن محمد الأحدب 267، 268، 374.
علي بن محمد الحراني الزيدي 388.
علي محمد عامر المغازي 156، 157.
علي بن محمد العسيلي، نور الدين 22.
علي بن المغيرة الأثرم 181.
علي بن هلال البواب 143، 217، 374، 383، 384وانظر:
ابن البواب.
علي بن يحيى بن فضل الله العدوي 374.
العليق (نبات) 334
عمان 40.
عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب المنسوب للمعز بن باديس 330، 336.
عمر بن الخطاب 27، 40، 119، 131، 201، 216، 229، 358، 364، 365، 366، 368، 397.
عمر بن عبد العزيز 124، 232، 246، 344.
عمر بن محمد التجيبي 388.
عمر المرتضى الموحدي 275.
عمرو بن الزبير 367، 373.
عمرو بن العاص 229، 253، 364، 366، 367، 368.
عمرو بن عبد الله 123.
عمرو بن عدي 32.
عمرو بن لحي 35.
عمرو بن ميمون الأودي 160، 386.
عمرو بن ميمون بن مهران 232.
عنيزة 128.
عهد الأرمن 372.
عهد الأقباط 372.
عهد الخيبريين 250.
عهد الروم الأرثوذكس 372.
عهد طور سيناء 372.
عهد يهود مدين 372.
عهود النبي صلى الله عليه وسلم 356، 372.
عهود النبي للمدائني 250.(1/470)
عوض الفلك آبادي 126.
عياض (القاضي) 80، 168، 351.
عيسى عليه السلام 237.
عيسى بن عبد العزيز بن عيسى 153.
عيسى بن عمر النحوي 336.
عيون الأنباء في طبقات الأطباء 63.
الغراء 258، 265.
الغرة (كتاب) لمؤلف لم يعرف بعد 209.
غرم الله بن تيم الله 32، 33.
غريب الحديث للقاسم بن سلام 180، 188، 191، 207.
غريب الحديث لابن قتيبة 189.
الغزالي، أبو حامد 352.
فائدة بالتفاؤل بالقرآن 156.
الفارق بين المصنف والسارق للسيوطي 377.
فاس 50، 268، 273، 274، 283.
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 227.
فاطمة الكنانية 167.
الفاكهي 24.
الفتح بن خاقان 139، 145، 191.
الفتح القدسي والكشف الأنسي وهو ورد السحر 156.
الفتوحات الملكية لابن عربي 165، 213.
فتوح البلدان للبلاذري 251.
فتوى في الطلاق والعتاق لابن تيمية 117.
الفراء 330.
الفرات 33، 37.
فرانسسكس إيردمان 62، 78.
فراي (مستشرق) 380.
الفرخ (من الكاغد) 366.
فرش الأسماء 155.
فرش وهاب 155.
الفرزدق 179.
الفزراي 51.
الفصول في الحساب الهندي للأقليدسي 53.
فضل الله الهمداني، رشيد الدين 349.
الفضل بن يحيى البرمكي 238.
الفلاحة النبطية لابن وحشية 23.
الفلجان 258، 259.
فلسطين 37.(1/471)
فلوكل 63، 64.
فهد 38.
فن التصوير الأسطوري 18.
فن التوريق 19.
فهرس مخطوطات الخزانة الصبيحية لمحمد حجي 221.
فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت ليوسف خوري 94.
فهرس مخطوطات علم الفرائض لمصطفى بركات 94.
الفهرس الوصفي 165.
فهرسة القواعد الأنكلو أمريكية 94.
فهرسة المخطوطات العربية لعابد ابن سليمان المشوخي 11.
فهرسة المخطوط العربي لميري عبودي فتوحي 11.
فهرسة المطبوعات 93.
فهرسة وثائق القاهرة حتى نهاية عصر المماليك لمحمد محمد أمين 11.
الفهرست للنديم 23، 63، 64، 74، 76، 258، 341، 377.
فهرست ميارة 213.
فوائد حديث أبي القاسم تمام بن محمد بن الجنيد الرازي 164، 188.
فؤاد سزكين سزكين.
فؤاد سيد 120.
الفوائد البهية في تراجم الحنفية لعبد الحي اللكنوي 105.
فيتوري (فيكتور) جولفاني 308.
فيثاغورس 18،
الفيروز آبادي 80، 126، 127، 334وانظر: محمد بن يعقوب.
فيليب دي طرزي 352.
الفينيقيون 17، 18، 45، 48، 211، 225، 226.
قارون 88.
قازان 62.
القاسم بن سلام 162، 163، 180، 188، 191، 207، 248
وانظر: ابن سلام.
القاسم بن عساكر 150، 188
وانظر: ابن عساكر.
القاسم بن علي بن محمد الحريري 168وانظر: الحريري.
القالب (الشبيكة) 257، 263، 270، 278، 289، 296، 399.(1/472)
القبائل الكبير والأيام لابن حبيب البغدادي 191.
القباطي 96.
قتيبة بن سعيد 119.
قدموس الفينيقي 17.
القراءات القراءة 20، 159، 162، 186، 210، 234، 254.
قراضة المجد وعراضة الحمد لأبي الفضل ابن النحوي 153.
القراطيس / قرطاس 96، 225، 227، 228، 229، 230، 231، 233، 234، 240، 241، 247، 326، 327، 332، 349، 363، 364، 368، 373.
القراطيس المصرية 233، 258، 259، 285.
القراطيس السود 349.
قرة بن شريك 372.
القرشي 104، 105، 136.
القرمز الهندي 324.
القسطلاني 397.
قسطنطين 245، 246.
قسطنطين الثاني 362.
قسطنطين الكبير 370.
قسطنطين بن ليون 255، 256.
القسطنطينية 78، 255.
القسم الإلهي بالاسم الرباني لابن عربي 153.
قصب البردي 258.
قصب الخيزران 257، 290.
قصب السكر 270، 288، 289، 291، 292.
قصب الغار 257.
قصة الورق لأنور محمود عبد الواحد 289.
قصيدة أسماء الله الحسنى لعلي عامر المغازي 157.
قصيدة في المجددين للسيوطي 155.
قصير 31.
القصيم 37، 44.
القفطي 374.
قلائد العقيان ومحاسن الأعيان للفتح بن خاقان 139، 145.
القلقشندي 22، 167، 231، 254، 272، 274، 277، 278، 279، 285، 286، 324، 329، 335.
القلم الروماني المتمغرب 50.
القلم الفاسي 50، 214.
القلم والدواة للمدائني 231.
قنان (موضع) 85.(1/473)
القنب 233، 257، 263، 263، 270، 271، 287، 290، 291، 293.
القواعد الأنكلو أمريكية 94.
قواعد فهرسة المخطوطات العربية لصلاح الدين المنجد 11.
القوالب الخشبية 347، 349.
القول المبين في سيرة خاتم المرسلين 397.
قوم صالح 34.
قيدار بن إسماعيل 37.
القيروان 128، 276.
قيس بن الخطيم 229.
قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري 365.
قيس بن عمرو بن خويلد بن نفيل الكلابي 40.
قيلة بنت مخرمة التميمية 248.
الكاد الهندي 338.
الكاذي 261، 262.
الكاغد الأحمر 267.
الكاغد الإسلامي 276، 391.
الكاغد الأصفهاني 392.
الكاغد الأندلسي 268، 269، 290.
الكاغد الأوربي 272، 276، 283.
الكاغد الايطالي 276، 282.
الكاغد البغدادي 264، 277، 278، 286، 290، 392.
كاغد تهامة 288.
الكاغد خانة الخديوية / المصرية 288، 289، 292.
الكاغد الجعفري 259.
الكاغد الخراساني 258.
الكاغد الحموي 277، 290.
الكاغد الدمشقي 290
الكاغد الرومي 282، 283.
كاغد سبتة 274.
الكاغد السليماني 258.
الكاغد السمرقندي 137، 273، 290، 384، 385.
كاغد شاطبة 274.
الكاغد الشامي 277، 287.
الكاغد الصنعاني 290، 392.
الكاغد الصيني 384.
الكاغد الطاهري 259.
الكاغد الطبري 290.
الكاغد الطرابلسي 290، 392.
الكاغد الطلحي 191، 259، 263، 264.(1/474)
الكاغد الفاسي 106، 283، 290، 293.
الكاغد الفرعوني 259.
الكاغد الفرنجي 290.
كاغد فستقي 285.
كاغد اللحم 286.
الكاغد المشرقي 272، 273، 395.
الكاغد المصري 277، 285، 287، 290، 292.
الكاغد المنصوري 260، 286.
الكاغد النوحي 259.
الكاغد الهندي 292.
كاغد اليد 270.
الكاغد اليمني 290.
كاراباجيك 11، 287، 347.
كارل يان 348.
كاسيوس لونجين 31.
الكامل للمبرد 195.
الكامل بن العادل بن أيوب 339.
الكامل في التاريخ لابن الأثير 60.
الكانغرو 57.
كايتاني (مستشرق) 359.
الكبريت 323.
الكبريت الأبيض 337، 394.
الكبريت الأصفر 337، 394.
كتاب الترمذي (السنن) 101.
الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات لأيمن فؤاد سيد 11، 125.
الكتاب المظفري للمظفر صاحب بطليوس 152.
كتّاب الطباق 164.
الكتابة الآرامية 42، 318.
الكتابات الآشورية 42.
الكتابة البهلوية الفارسية 198.
الكتابة السريانية 197، 198.
الكتابة السينائية 57.
الكتابات الهندية 262.
الكتابة اليونانية 45.
الكتان 133، 257، 258، 270، 274، 276، 277، 285، 286، 287، 290، 291، 293، 322، 335، 347،
كتب البرامج 161.
كتب الأثبات 161.
كتب الحساب الهندي 48.
كتب الحساب والجبر والمقابلة 52.
كتب الزيج 211.
كتب صحاح الآثار 161.
كتب العلامات المائية 171، 173
كتب المشيخات 161.(1/475)
كتب النبي إلى الملوك للمدائني 250.
كثير عزة 343.
كحالة 75، 115، 142، 146، 147.
الكرابيس 96.
الكراسة / الكراسات / الكراريس 19، 20، 97، 99، 102، 159، 163، 179، 187، 188، 189، 190، 191، 192، 193، 194، 195، 206، 210، 245، 275، 280، 391، 394، 395.
الكراسات الرقية 192، 362.
كراف 38.
كرشم الكلابي 124.
كرومان أدولف كرومان.
الكسدانيون 23، 24.
كسرى أنوشروان 250، 262، 360، 361.
الكشاكيل / كشكول 151، 155.
كشف الظنون 75، 105، 151.
الكشكول 151، 152، 153، 155.
الكشكول (للعاملي) 152.
الكشكول في محاسن المقول لمحمد بن عثمان ابن مهنية 152.
كعب بن مالك 26، 77.
كفاية المجلس.
كلب (قبيلة) 30.
كليمان هوار (مستشرق) 151.
الكناش / الكناشة / الكناشات / الكنانيش 152، 153، 154، 155، 157.
كناش بختيشوع 154.
كناش جبرائيل بن يختيشوع 154.
الكناش في العلوم والنحو لأبي الفدا إسماعيل الأيوبي 154.
الكناش المنصوري لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي 154.
الكندي 227، 372.
كنز الكعبة الشريفة 119.
الكواغد الأندلسية 266، 275، 292.
كواغد أوراق النقد 271.
الكواغد الأوربية 273، 295، 296.
كواغد بغداد 287.
كواغد الشام 287، 292، 401.
الكواغد الصنعانية 293.
الكواغد العربية 277.
الكواغد الفاسية 293.
الكواغد الفرنجية 292، 296.(1/476)
كواغد القيروان 274.
كواغد مدينة زبيد 266.
كواغد مدينة شاطبة 266.
الكواغد المشرقية 292، 296.
الكواغد المغربية 22.
الكواغد الملونة 265، 274.
الكواغد الهندية 289.
الكواغد اليمنية 287، 292.
كواغيد سمرقند 285.
كوثى 24، 25.
كورنيليوس بالما (حاكم سوريا) 39.
كوشيار الجيلي 53.
كولان 65.
كولدزيهر 180.
كولومبوس 379.
كون الحيوان لأرسطوطاليس 194.
كونسالس بالنثيا 49.
اللازورد 317، 321، 323.
لب اللباب في تحرير الأنساب للسيوطي 130.
اللبان 337.
لحاء التوز 262.
اللحيانيون 35، 41.
اللخميون 31.
لسان الدين (ابن الخطيب) 212.
اللسان العربي (مجلة) 47.
اللغة الآرامية 33، 41، 42، 43، 44، 54، 55، 57.
لغة أرم 56.
اللغة الآشورية 18.
اللغة الأكدية 18.
اللغة الأوغاريتية 18، 55.
اللغة البابلية 18.
لغة جديس 56.
لغة حمير 56.
اللغة السريانية 33، 55، 196، 197، 371.
اللغة السنسكريتية 52.
اللغة السومرية 43.
لغة طسم 56.
اللغة العبرية 55.
اللغة الفارسية 345.
اللغة الفينيقية 55.
اللغة الكنعانية 55.
اللغة النبطية 54، 55.
اللغة اللاتينية 48، 51، 369.
اللغة اليونانية 44، 199، 225، 246، 371.
اللفائف البردية 192، 230، 243، 245، 363، 367، 368.(1/477)
لفائف الرق 281.
لفائف الكاغد 281.
لفافات البحر الميت 236.
لفافات الدواوين الرقية 363.
لفافة / لفائف 187، 227، 242، 246، 281، 331، 362، 363، 364،
اللفافة البردية 205.
لفافة ورق البردي 280، 362.
اللك القرمزي 324.
اللمحات الرافعات للتدهيش لمصطفى الصديقي البكري 172.
لمحة في تاريخ الخط العربي للمنوني 215.
لهجة البتراء 44.
لهجة الحضر 44.
لهجة الرها 44.
لوغارسم 52.
لوغارسموس 52.
لورنزو فالا 370.
لي (مؤرخ) 371.
ليفي بروفنسال 64، 65.
ليفي ديلا فيدا 49، 348.
الليقة 325، 329.
مآثر بني أسد وأشعارها لمحمد بن عبد الملك الفقعسي 341.
ماء الغاسول 337.
مأدبة 40.
ماسرجويه 124، 344.
ماش 30.
ماكس فايسفايلر 60، 77، 376.
ما لا بد منه للأديب من المشهور والغريب لأبي بكر بن رستم الشيرواني 142.
مالك بن أنس 128، 198، 231، 239، 326.
المأمون 237، 259، 260، 319، 337.
مانجستر 62.
الماوردي 355.
المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري 168.
المبرد محمد بن يزيد المبرد
المبيضة 91.
متحف شيكاغو
المتلمس (الشاعر) 239.
المتنبي 398.
المتوكل العباسي 78، 234.
مثال سماع 163.(1/478)
مجالس السماع 193.
المجالسة وجواهر العلم للدينوري 162، 163.
المجاميع 112، 151.
المجلّد 139، 177، 179، 180.
المجلة الآسيوية 359.
مجلة در شبيجل 380.
مجلة دعوة الحق 157.
مجلة شتيرن 380.
مجلة عالم الكتب 80.
مجلة عالم المخطوطات والنوادر 130.
مجلة العرب 80، 378.
مجلة القنطرة 130.
مجلة اللسان العربي 47.
مجلة معهد المخطوطات 80.
مجلة المقتطف 339.
مجلة المناهل 80.
مجلة المورد 80.
مجمع البحرين لابن الساعاتي 105.
المجمل لابن فارس 195.
مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله 357.
مجير الدين العليمي 248.
المحاسن والأضداد المنسوب للجاحظ 351.
المحبرة 21، 22.
المحبي 155.
محمد بن أبي زرقون 377.
محمد أمين العادلية 129.
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى القرشي الدمشقي 388.
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن المجير الكتبي 388.
محمد بن أحمد بن بختيار المندائي 194.
محمد بن أحمد بن البناء 154.
محمد أحمد حمادة 338.
محمد بن أحمد الزفتاوي 324، 329، 335.
محمد بن أحمد بن عون المعافري 140، 141.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المنعم البوسي 140، 141.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي الفاسي 62.
محمد بن أحمد بن محمد بن المحب 283.(1/479)
محمد بن أحمد بن محمد القيسي الزيدي 223.
محمد بن أحمد بن محمد ميارة 213.
محمد بن إدريس الشافعي 166، 167، 206، 207، 208، 375.
محمد بن إسحاق القونوي 165، 166.
محمد بن إسحاق النديم النديم محمد بن أسد 143.
محمد بن إسماعيل البخاري 26، 69، 119، 128، 227، 242، 243، 336، 358، 360، 364.
محمد الباقر 243.
محمد بن بكار بن عبد الله بن محمد بن سيرين 365، 405.
محمد بن بكر 248.
محمد بن بهادر الزركشي 397.
محمد التونجي 61، 62، 78.
محمد بن جبير بن مطعم 125.
محمد بن جرير الطبري 25، 33، 39، 43، 60، 67، 355، 365، 373.
محمد بن حبيب البغدادي 390.
محمد حجي 70، 221.
محمد بن أبي حذيفة 372.
محمد بن الحسن الجرباذقاني 195.
محمد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 243.
محمد بن الحسن الشيباني 206.
محمد بن الحسين الآجري 388.
محمد بن الحسين بن أبي بعرة 259.
محمد بن الحسين السلمي 136، 297.
محمد بن حمد بن حامد بن مفرج ابن غياث الأرتاحي 162.
محمد بن حمزة 136.
محمد الحموي 129.
محمد حميد الله 36، 249، 250، 357، 358، 360، 372.
محمد بن الحنفية 242.
محمد بن خلف بن المرزبان 120.
محمد الخليلي التميمي الداري 250.
محمد بن داود الجراح 207.
محمد بن رافع السلامي 104.
محمد رضوان الداية 145.
محمد بن زبيدة (الأمين) 237.
محمد بن زكريا الرازي 154.
محمد زينهم محمد عزب 66.(1/480)
محمد سعد الله 128.
محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي 189.
محمد بن سيرين 405.
محمد الشافعي صادق العناني 381.
محمد بن شريف بن يوسف بن الوحيد الزرعي 325.
محمد صالح شناوي 376.
محمد بن صالح المواهبي 129.
محمد عبد الجواد الأصمعي 339.
محمد عبد الحي شعبان 63.
محمد بن أبي عامر، المنصور 222.
محمد بن عبد الرحمن المسعودي 76، 77.
محمد بن عبد الرحمن بن معمر القرطبي 222.
محمد بن عبد العزيز الدباغ 254.
محمد بن عبد الله الأنصاري البلنسي 119.
محمد بن عبد الله الأنصاري البلنسي 120.
محمد بن عبد الله بن الحسين السامري 192.
محمد بن عبد الله ابن ظهيرة المكي 101.
محمد بن عبد الله بن غطوس 121.
محمد بن عبد الله اليماني 168.
محمد بن عبد الملك الأسدي الفقعسي 341.
محمد بن عبد المنعم البوسي 141، 142.
محمد بن عثمان بن مهنية 152.
محمد عجاج الخطيب 13.
محمد بن علي العتابي 73، 74.
محمد بن علي بن عياش 269، 271.
محمد بن علي بن محمود المحمودي الصابوني 164.
محمد بن علي بن مقلة 215، 217، 325، 336، 381، 382، 383، 384، 385وانظر: ابن مقلة.
محمد بن عمر المدائني 231.
محمد بن عمر بن علي القاهري 391.
محمد الغزالي 100.
محمد الفاسي 49.(1/481)
محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي 113.
محمد ماهر حمادة 13، 125، 345.
محمد بن محمد بن إدريس القضاعي القللوسي 329.
محمد بن محمد الأصفهاني 354.
محمد بن محمد بن الحاج الفاسي العبدري 399، 400.
محمد بن محمد بن عبد المجيد الأقفهسي 140، 141.
محمد بن محمد بن علي، تقي الدين الفاسي، 61.
محمد بن محمد القلانسي 167.
محمد بن المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي 376.
محمد مرتضى (الزبيدي) 86، 135، 153.
محمد مسعود 128.
محمد مصطفى 127.
محمد مصطفى الأعظمي 249، 250.
محمد المظفري 164.
محمد مندور 13، 60.
محمد بن منصور الديلمي 190.
محمد المنوني 11، 13، 49، 50، 122، 123، 154، 177، 189، 213، 214، 215، 220، 274، 327، 328.
محمد بن ميمون المراكشي 321، 328.
محمد بن موسى، 64.
محمد بن موسى الأقفهصي 140، 141.
محمد الهدبي 127.
محمد بن هلال بن المحسن الصابي غرس النعمة 127.
محمد بن وضاح 254.
محمد بن يحيى الذهلي 344.
محمد بن يحيى الصولي 353، 354وانظر: الصولي.
محمد بن يزيد المبرد 56، 195، 208.
محمد بن يشبك اليوسفي 167.
محمد بن يعقوب الفيروزأبادي 80، 126، 127وانظر:
الفيروزآبادي.
محمد بن أبي اليمن بن الكويك 168.
محمود شيت خطاب 334، 378.(1/482)
محمود محمد الطناحي 79، 149، 351، 393.
مختار أحمد عيسى إبراهيم 135.
مختصر المدونة لابن أبي زيد 128.
المخطوط العربي منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجري لعبد الستار الحلوجي 11.
مخطوطات آل العسافي 147.
مخطوطات دير طور سينا 237.
المخطوطات المغربية 106.
المخطوطات اليونانية 237.
مدائن صالح 34، 35، 37.
المدائني 250.
المداد الزاجي 320، 321، 323، 333.
المداد الصيني 321، 327، 330، 332، 333، 338،
المداد العفصي الزاجي 325، 392، 395، 396.
المداد العفصي المائي 323، 392، 395، 396.
المداد الفرعوني 317.
المداد الكوفي 321.
المداد المائي 334.
المداد المعدني 322.
المداد النباتي 322.
المداليات 99.
مدبولي 193.
مدح الكتب والحث على جمعها للجاحظ 143.
المدخل إلى تتمة العمل لابن الحاج 399.
المدخل لسند بن علي 354.
المدخل الكبير في علم أحكام النجوم لأبي معشر 180، 208.
المدن الآرامية 44.
مدين 37، 55.
المدينيون 35.
مذحج (قبيلة) 30.
مذكرات موسوليني 380.
مذكرات هتلر 380.
المذكر والمؤنث للسجستاني 297.
مراسم الانتساب في معالم علم الحساب لابن السماك الأموي الأندلسي 172.
مراكش 53.
المراكشي 120، 121، 154، 212، 222، 223، 269، 377، 388.(1/483)
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان لليافعي 104.
المرثدي 353.
المرزباني 390.
مرشد بن علي بن مقلد بن نصر ابن منقذ 189.
المرقبة العليا في من ولي القضاء والفتيا للنباهي 64.
المرقش 247.
مرو 120.
المزور / المزورون 97، 386، 387، 388، 391، 392، 393، 394، 395، 396، 397، 405، 406.
مسالك الأبصار للعمري 249.
المسالك والممالك للبكري 50، 250.
مساور الوراق 325.
مسألة الإسراء وصلاة رسول الله بالأنبياء لعبد الغني المقدسي 117.
المسامرات لابن عربي 155.
المستدرك للحاكم 202.
المستضيء بأمر الله 250.
المستوعب للسامرّي 191، 192، 209.
المسطرة 175، 178.
المسطّرة 21، 22، 175، 176، 177، 178.
مسعود (ملك اللحيان) 41.
المسعودي 262، 372، 345.
المسكوكات 19، 403، 404، 405.
مسلم بن محمد بن جعفر اللحجي 181، 287.
مسلم بن الوليد 336.
مسند أحمد 248، 343.
المسودات (المسودة) 91.
المسيح عليه السلام 44.
مشارق الأنوار للقاضي عياض 80.
المصاحف الرقيّة 357.
مصر 39، 42، 49، 62، 100، 134، 135، 163، 190، 199، 226، 229، 230، 231، 237، 247، 260، 279، 284، 285، 288، 289، 291، 359، 360، 363، 364، 368، 372، 376، 400.
مصطفى بركات محسن 94(1/484)
مصطفى البكري 156، 172.
مصطفى دده 134.
مصطفى بن كمال الدين البكري 156.
مصعب الزبيري 77.
مصنفات السيرة النبوية 161.
مصنفات المسانيد 161.
مصنفات المغازي 161.
مصور الخط العربي لناجي زين الدين 215.
المضرّبون 49.
المطالعة 174.
المطبوعات الحجرية 107، 293.
المظفر بن ياقوت 382.
المعارضة 133، 171، 183.
معاوية بن أبي سفيان 39، 40، 78، 124، 205، 231، 341، 342، 355، 365، 367، 373.
المعتز العباسي 234، 326.
المعتصم العباسي 22، 219، 230.
المعتضد بالله 234.
المعتمد العباسي 280.
معجز أحمد المنسوب للمعري 351.
معجم البلدان لياقوت 80، 86، 354.
معرفة النجوم الثوابت للصوفي 101.
المعري 351.
المعز بن باديس 330.
معمر بن المثنى 181.
المعمرون لأبي حاتم السجستاني 180.
المعلقات 319.
مغازي الزهري 124.
مغازي عروة بن الزبير 124.
مغازي وهب بن منبه 124، 342.
المغانم المطابة للفيروز آبادي 80.
المغرب 49، 50، 122، 139، 152، 212، 238، 253، 254، 274، 282، 284، 285،
المغرة 317، 323، 365.
مغلطاي بن قليج البكجري 267.
المغني لابن قدامة 67، 191.
المفاوضة للصابي 384.
المفضليات 205، 240.
المقابلة 71، 73، 95، 114، 116، 159، 171، 174، 183، 185، 210، 234.
مقامات أبي زيد السروجي 168.(1/485)
مقامات الحريري 100، 168.
المقتبس لأبي حيان القرطبي 182.
المقتبس في أخبار الأندلس لأبي مروان حيان بن خلف بن حيان 49.
المقتدر العباسي 374.
المقتضب للمبرد 208.
المقدسي 252، 253، 264، 288.
المقدمة لابن خلدون 104.
مقدمة في الوثائق الإسلامية 18، 347، 349، 357.
المقري 189، 212، 213، 255، 339.
المقريزي 91، 143، 190، 252، 281، 286، 368.
المقل الأزرق 337، 394.
المقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء للفاسي 61، 62، 78.
المقوقس 251، 356، 357، 359، 367.
مكة المكرمة 24، 42، 48، 62، 125، 216، 253.
المكتبات في الإسلام لمحمد ماهر حمادة 345.
المكتبات اليونانية 205.
مكحول 25.
المكتفي بالله العباسي 251.
مكحول 25.
الملح الأندراني 325.
ملحمة دانيال 341، 341، 385.
ملك شاه السلجوقي 137.
ملوك مدين 55.
منافع البردي الطبية 227.
المناولة 159.
من كتب له النبي كتابا أو أمانا للمدائني 250.
المنذر بن ساوى 251، 333، 356، 357، 359.
المنذري عبد العظيم المنذري
المنصور محمد بن أبي عامر
المنصور العباسي 368وانظر:
أبو جعفر المنصور.
منصور بن عكرمة 319.
منصور بن نصر بن عبد الرحيم الكاغدي 260.
المنصور الموحدي 213.
منظومة بلغة المريد لمصطفى البكري 156، 261.(1/486)
منقذ بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ 190.
منكلبغا 78.
المنمنمات المغولية 380.
المنمنمات الهندية 380.
منهاج الإصابة للزفتاوي 329.
المنهل الصافي للصفدي 104.
المنهل العذب البديع في مديح المليح الشفيع لشعبان الآثاري 101.
المهتدي العباسي 280.
المهدي الحلو 284.
مهرق / مهارق 41، 96، 225، 239، 240، 247.
المواعظ والاعتبار للمقريزي 91.
المواهب اللدنية للقسطلاني 397.
مؤرج بن عمرو السدوسي 209.
الموسوعة الإسلامية 55.
موسوليني 380.
موسى عليه السلام 35.
موطأ مالك 231.
مولد النبي المنسوب لابن الجوزي 351.
مولد النبي المنسوب لابن عربي 351.
مولد النبي المنسوب للقاضي عياض 351.
مولد النبي المنسوب للواقدي 351.
مؤلفات ابن عربي لعثمان يحيى 352.
مؤلفات السيوطي لأحمد الشرقاوي إقبال 352.
مؤلفات الغزالي لعبد الرحمن بدوي 352.
مونتكومري وات 359.
ميري عبود فتوحي 11.
ميناء جرها 39، 42، 54.
النابغة 240.
نابليون 100، 288.
ناجي زين الدين 215.
ناجي معروف 11، 240.
الناسخ والمنسوخ في القرآن للقاسم بن سلام 162، 163.
ناصر خسرو 273.
ناصر الدين على القوم الكافرين للحجري 88.
ناصر الصايغ 129.
نافع مولى ابن عمر 119.
ناهد عباس عثمان 63، 64.
نبات الكتان 257.(1/487)
نبايوت بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام 36.
النبط 30، 37.
نبط سواد العراق 27، 29، 30.
نبط الشام 26، 29.
النبوديون 41.
نبيت 37.
نبيط أهل الشام 26.
نبيهة عبود 11، 231، 234، 345.
نثير الجمان في نظم فحول الزمان لابن الأحمر 145.
النجاشي 356، 359.
النجم الغزي 155.
النديم 23، 25، 54، 55، 56، 63، 64، 74، 79، 191، 206، 211، 237، 243، 250، 257، 258، 259، 260، 261، 262، 263، 265، 288، 319، 326، 327، 328، 333، 341، 342، 343، 353، 354، 377.
نزهة النظار في علم القلم الهندي الغبار لابن الهائم 53.
نسب السيد محمد بن علي المغازي.
نسب طرق السادة المغازة.
النشا 258، 263، 264، 265، 292، 293، 387، 395.
نصر الاسكندري 86، 354.
نصر بن عاصم الليثي 232، 343.
النضر بن الحارث 319.
نضيرة بنت الضيزن 33.
نظام أبجد هوّز 194، 211، 212، 213.
نظام الإجازة 161.
نظام الترقيم 20، 193، 395.
نظام التنقيط السرياني 197.
نظام التنقيط العربي 197.
نظام الحسبة 21.
نظام الشرطة 21.
نظام القضاء 21.
نظام الكتب الديوانية 368.
نظام الكراسات 192.
نظام اللفافة البردية 363.
نظام وقف الكتب 122.
نظرية فيثاغورس 18.
نعيم أديب 290.
النقائش الأموية 357.
النقائش الحجرية 361.
النقائش الراشدية 357.(1/488)
نقائش العمائر 219، 403.
نقائش القبور الصقلية 221.
النقائش النبطية 211.
النقد الخارجي 19، 199، 354، 356، 396.
النقد الداخلي 19، 199، 354، 355، 356،
النقس (المداد) 319.
نقش الأختام 347.
نقش أسوان 36.
نقش أم الجمال 58.
نقش حران 58.
نقش زبد 58.
نقش النمارة 58.
النقاشون 347.
النقوش 19.
النقوش الآرامية 211.
نقوش الأنباط 35.
نقوش العمائر 58.
النقوش النبطية 36، 38، 58.
نقولاس أوف كوسا 370.
النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 353.
نهاية الوصول إلى علم الأصول لابن الساعاتي البغدادي 102، 103، 105.
نوح الساماني 259.
نور الدين السخاوي 140، 141.
نور الدين محمود 349.
النوشادر 322، 337.
نولدكه 359.
النووي 70، 115.
النويري 164.
النيل 31، 212، 226.
هارون الرشيد 181، 206، 233، 258، 363.
هانتر / هنتر 269، 271.
هبة قسطنطين 370.
هبة الله بن إبراهيم الصواف 180.
هبة الله بن أحمد الأكفاني 388.
هبة الله بن الحصين الشيباني 167.
هتلر 380.
هجّاد بن اليماني 172.
هدية العارفين للبغدادي 105.
هرتزفيلد 230.
هرقل 356، 357، 358.
هشام بن عبد الملك 345.
هشام بن عروة 183.
هشام الكلبي 55.
الهفوف 38.(1/489)
هلال بن المحسن الصابي 384 وانظر: الصابي. و: محمد بن هلال.
هلموت رتر 49.
همام بن منبه 231، 344.
الهمداني 252.
هنتر / هانتر 271.
الهند 39، 40، 42، 54، 206، 262، 278، 291، 333، 397.
هنري فرعون 361.
هندرك درايفرز 34.
الهنود 51، 52، 211.
هوداس (مستشرق) 220.
الهولنديون 270.
هيرودوتس 17، 45.
الواثق العباسي 22.
واحة تيماء 41.
وادي الاندوس 211.
وادي الرافدين 43.
وادي النبط 27.
الواسطي البغدادي 100.
الواقدي 27، 351، 367، 368.
وثائق الأسرة الميروفنجية 369.
الوثائق الأيوبية 268، 368.
الوثائق البابوية المزورة 370، 371.
وثائق البحر الميت 320، 363.
الوثائق البردية 36، 58، 216، 366، 403.
وثائق توماس رولي 379.
وثائق الجنيزة 216.
وثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي لمحمد ماهر حمادة 13.
الوثائق الديوانية العثمانية 224.
وثائق الدواوين الأيوبية 12.
وثائق الدواوين الفاطمية 12.
وثائق الدواوين المملوكية
الوثائق السياسية والإدارية العائدة إلى العصر الأموي لمحمد ماهر حمادة 13.
وثائق طور سيناء 224، 368.
الوثائق الفاطمية 268، 368.
وثائق قمران 236، 363.
الوثائق الكنسية 368.
الوثائق المملوكية 224، 267، 368.
الوثائق اليونانية 371.
وثيقة هبة قسطنطين 370.
الوجادة / الوجادات 157، 159.
الوراقة المغربية والأندلسية 11.
ورد الستار ليحيى الباكوري الخلوتي 156.(1/490)
ورد السحر لمصطفى بن كمال الدين البكري 156.
الورقة لمحمد بن داود الجراح 207.
ورق الآبرو 266، 267.
الورق الأصفهاني 285، 293.
الورق الافرنجي 277.
الورق الأندلسي 292.
ورق أهل الغرب 277.
الورق الأوربي 295.
الورق الإيراني 285
الورق الايطالي 277، 282.
ورق البردي 18، 48، 192، 197، 198، 205، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 233، 234، 236، 237، 245، 246، 251، 259، 280، 327، 334، 345، 362.
ورق البطائق 268.
الورق البغدادي 277، 279، 292.
الورق التهامي 259.
ورق جهار بغل 285.
ورق الحرير 381.
الورق الخراساني 257، 258، 259.
الورق الحموي 277.
ورق سمرقند 273.
الورق الشامي 277، 279.
الورق الشفاف 267.
الورق الصيني 258، 259، 262.
ورق الطير 279.
الورق الفاسي 284، 292، 293.
ورق الفرنجة 277.
ورق المراسلات 280.
ورق المصاحف 261.
الورق المصري 277، 278.
المصلوح 277.
الورق المغربي 277، 292.
الورق الملون 265.
ورق الموز 261.
الورق النشّاف 267.
الورق اليمني 287، 292، 293.
الوصل 278، 280،
الوظيفة المحمدية لأهل الطريقة المغازية الخلوتية 156.
وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي 68، 80، 84، 85، 86، 142.
وفيات الأعيان لابن خلكان 337.(1/491)
الوقف 20، 112، 117، 119، 121، 122، 125، 126، 127، 128، 129، 130، 171.
الوقف وبنية المكتبة العربية ليحيى بن محمود ساعاتي 125.
ولي الدين العجمي 374.
الوليد بن عبد الملك 371، 372.
الوليد بن عقبة، 205.
الوليد بن يزيد بن عبد الملك 343، 373.
وليم جاترتون 379.
وليم هنري إيرلند 379.
الونشريسي 50.
وهب بن منبه 231، 342، 343.
اليافعي 104.
الياقوت لأبي عمر الزاهد 74.
ياقوت الحموي 24، 25، 29، 30، 33، 80، 85، 86، 120، 134، 222، 251، 275، 354، 384، 389.
يحيى الباكوري الخلوتي 156.
يحيى بن خالد البرمكي 373.
يحيى بن سعيد 160.
يحيى بن شرف بن مري النووي 115.
يحيى بن المبارك اليزيدي 188.
يحيى بن محمد الهوزني الإشبيلي 269.
يحيى محمود بن جنيد ساعاتي 13، 14، 15، 123، 125.
اليزيدي 143.
يعقوب الرهاوي 197.
يعقوب بن عبد الله 134.
يعقوب بن عبيد الله العباسي 133.
يعقوب المنصور الموحدي 274.
اليعقوبي 364.
يعيش بن إبراهيم بن يوسف السماك 171.
اليقين لابن برّجان 153.
اليمامة 252، 334.
اليمن 38، 39، 42، 135، 181، 252، 264، 266، 284، 287، 319، 333.
اليهود 41، 211، 230، 244، 250، 355، 371.
يهود خيبر 355.
يهود فلسطين 44.
يهود مقنا 371.
يوسف بن تاشفين 273.
يوسف بن الحجاج البلوي 153، 154، 157.
يوسف خوري 94.(1/492)
يوسف بن سابور 26.
يوسفوس 37.
يوسف بن عبد الرحمن ابن الجوزي محي الدين 134، 193.
يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي 164.
اليونان 54، 320.
اليونانيون 17، 18، 48، 187، 211، 226، 362.
يونس بن حسن 114.
يونس بن ملاج الحنفي 166، 167.(1/493)
ملحق نماذج الصور(1/495)
نقش نبطي عربي ونصه بالحروف العبرية، كما جاء عند نجف، تظهر فيه اللغة العربية الشعرية الفصحى، ونصه:(1/497)
نقش نبطي عربي ونصه بالحروف العبرية، كما جاء عند نجف، تظهر فيه اللغة العربية الشعرية الفصحى، ونصه:
1) ذ ك ي ر / ب ط ب / ق ر ا / ق د م / ع ب د ت / وذكير
2) م ن [د] ح ق ي م
3) غ ر م ال هـ ي / ب ر / ت ي م ال هـ / ص ل م / ل ق ب ل / ع ب د ت / ال هـ ا
4) ف ي ف ع ل / ل ا / ف د ا / ول ا / اث ر ا / ف ك ن / هـ ن ا / ي ب غ ن ا / ال م وت و / ل ا
5) اب غ هـ / ف ك ن / هـ ن ا / ار د / ج ر ح و / ل ا / ي ر د ن ا
6) غ ر م ال هـ ي / ك ت ب / ب ي د هـ
ذكير بطب قرأ قدام عبدت وذكير
من [د] ح قيم
غرم الله بر تيم الله صلم لقبل عبدة الاها
فيفعل لا فدا ولا اثرا فكن هنا يبغنا الموتو لا
ابغه فكن هنا ارد جرحو لا يردنا
غرم الله كتب بيده
عن تفسير هذا النقش وتحليله، انظر:
. 5660، 1986، 36،،،.، (1
1،، (2،،. .
.، 183188، 1993،(1/498)
الكلام على السند هؤلاء القوم مختلفى اللغات، مختلفى المذاهب ولهم اقلام عدة، قال لى بعض من يجول بلادهم: ان لهم نحو مائتى قلم والذي رأيت صنما صفرا فى دار السلطان، قيل انه صورة البدّ، وهو شخص على كرسى قد عقد باحدى يديه ثلثين. وعلى الكرسى كتابة هذا مثالها:(1/499)
الكلام على السند هؤلاء القوم مختلفى اللغات، مختلفى المذاهب ولهم اقلام عدة، قال لى بعض من يجول بلادهم: ان لهم نحو مائتى قلم والذي رأيت صنما صفرا فى دار السلطان، قيل انه صورة البدّ، وهو شخص على كرسى قد عقد باحدى يديه ثلثين. وعلى الكرسى كتابة هذا مثالها:(1/500)
الكلام على السند هؤلاء القوم مختلفى اللغات، مختلفى المذاهب ولهم اقلام عدة، قال لى بعض من يجول بلادهم: ان لهم نحو مائتى قلم والذي رأيت صنما صفرا فى دار السلطان، قيل انه صورة البدّ، وهو شخص على كرسى قد عقد باحدى يديه ثلثين. وعلى الكرسى كتابة هذا مثالها:(1/501)
الكلام على السند هؤلاء القوم مختلفى اللغات، مختلفى المذاهب ولهم اقلام عدة، قال لى بعض من يجول بلادهم: ان لهم نحو مائتى قلم والذي رأيت صنما صفرا فى دار السلطان، قيل انه صورة البدّ، وهو شخص على كرسى قد عقد باحدى يديه ثلثين. وعلى الكرسى كتابة هذا مثالها:
وذكر هذا الرجل المقدّم ذكره، انهم في الاكثر يكتبون بالتسعة الاحرف على هذا المثال:
وابتداؤه 1. ب. ج. د. هـ. و. ز. ح. ط. فاذا بلغ الى ط، اعاد الى الحرف الاول ونقّطه تحته على هذا المثال:
فيكون ى. ك. ل. م. ن. س. ع. ف. ص يزاد عشرة فاذا بلغ الى صاد، يكتب على هذا المثال وينقط تحت كل حرف نقطتين هكذا:
فيكون ق. ر. ش. ت. ث. ح. ذ. ظ. فاذا بلغ ظ، كتب الحرف الاول من الاصل وهو هذا، نقط تحته ثلث نقط هكذا فيكون قد اتى جميع حروف المعجم ويكتب ما شاء.
رواية النديم في الفهرست الأرقام العربية النبطية التي كانت شائعة في السند ويلاحظ قوله: «عقد بأحدى يديه ثلاثين» فقد كان حساب العقود معروفا في الهند أيضا(1/502)
حساب الجمّل باليونانية من كتاب
،.،. 1509،.،. ()،(1/503)
الرسالة الهرقلية الأولى وترى فيها التاريخ والخطأ النحوي: أرباب(1/504)
الرسالة النبوية إلى المقوقس كما تظهر في مقالة المستشرق الفرنسي بلين في سنة 1852م(1/505)
الرسالة النبوية إلى المقوقس كما تظهر في مقالة المستشرق الفرنسي بلين في سنة 1852م(1/506)
الرسالة النبوية إلى المقوقس كما تظهر في مقالة المستشرق الفرنسي بلين في سنة 1852م(1/507)
الرسالة النبوية إلى المقوقس كما تظهر في كتاب محمد حميد الله(1/508)
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجلندي بعمان
1) بسم الله الرحمن الرحيم
2) من محمد رسول الله
3) الى جيفر وعبد ابني الجلند
4) ي سلام على من اتبع الهدى
5) اما بعد فانني ادعوكما بد
6) عاية الاسلام اسلما تسلما فا
7) ني رسول الله الى الناس
8) كافة لانذر من كان حيا
9) ويحق القول على الكافرين
10) فانكموا ان اقررتما بالا
11) سلام وليتكما وان ابيتما
12) فان ملككما زائل وخيلي
13) تحل بساحتكما وتتظهر نبو
14) تي على ملككما
ختم
أورد الزيلعي في نصب الراية 4/ 423نص الكتاب مع اختلاف في السطر 10:
وانكما بدلا من: فانكموا، وتظهر بدلا من وتتظهر، وهذان دليلان على تزوير هذه الوثيقة، فقد كان الخطاب في كل النص بصيغة المثنى إلا في هذا الموضع.
وفي السطر 11زاد الزيلعي: وان ابيتما ان تقرا بالاسلام فان ملككما(1/509)
صورة الرسالة النبوية إلى باذان والي اليمن مصدرها جبوتي(1/510)
ورقة من مصحف قديم على الرق في الفاتيكان رقم 1605عربى نموذج للخلط المكى المائل(1/511)
شاهد قبر بالكتابة الكوفية مؤرخ في سنة 34هـ ويسمى: شاهد حفنة الأبيض، وهو محفوظ في المتحف العراقي(1/512)
كتابة سد معاوية نقلا من مايلز
وقد أخطأ مايلز في قراءة = اللهم = في السطر السادس، فقرأها: = امير = ونص الكتابة:
1 - هذا السد لعبد الله معويه
2 - امير المومنين بنيه عبد الله بن صخر
3 - باذن الله لسنة ثمن وخمسين ا
4 - للهم اغفر لعبد الله معويه ا
5 - مير المومنين وثبته وانصره ومتع ا
6 [للهم ا] لمؤمنين به كتب عمرو بن حباب(1/513)
نقش من وادي حجر شرق العلا، مؤرخ في سنة 163هـ نشره ودرسه اكتناهيا عبد الله بن محمد المنيف في مجلة الدارة ع 3، السنة 22، 1417هـ صفحة 162145ونصّه:
يثق فضل بن سليم بالذي خلق السموات والأرض ذلكم الله العظ [ي] م وكتب في سنة ثلث وستين ومايه(1/514)
قطعة من بردية مؤرخة في 22هجرية، محفوظة في مجموعة راينر بفينا، وخطها يشبه خط البردية الأخرى المؤرخة أيضا في 22هجرية، نشرها كرومان في:، 1958، وتقرأ: دينرا ونصف دينرا في القعده سنة اثنتين وعشرين(1/515)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/516)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/517)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/518)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/519)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/520)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/521)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/522)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/523)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/524)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/525)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/526)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/527)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/528)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/529)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/530)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/531)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/532)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/533)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/534)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/535)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/536)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/537)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/538)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/539)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/540)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/541)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/542)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/543)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/544)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/545)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/546)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/547)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/548)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/549)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/550)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/551)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/552)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/553)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/554)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/555)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/556)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/557)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/558)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/559)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/560)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/561)
بردية مؤرخة في سنة 22هجرية محفوظة في مجموعة راينر بفينا ويظهر في بعض كلماتها التنقيط(1/562)