الجزء الاول
نماذج من صور المخطوط
الأولى من الصورة الشمسية لنسخة إدارة الثقافة(1/1)
الأخيرة من الصورة الشمسية لنسخة إدارة الثقافة(1/2)
مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلى على رسوله الكريم حدثنا الشيخ الإمام الحافظ أبو العز عبد المغيث بن الحرث بن زهير الحربى قال: حدثنا القاضى الإمام الأوحد السعيد الشهيد، أبو الحسين محمد بن الحسين بن خلف الفراء الحنبلى رضى الله عنه من لفظه وكتابه وذلك فى سنة أربع وعشرين وخمسمائة قال:
الحمد لله العلى العظيم، السميع البصير، ذى الفضل الواسع، والمنن التوابع، والنعم السوابغ، والحجج البوالغ. علا، فكان فوق سبع سمواته. ثم على عرشه استوى. يعلم السر وأخفى. ويسمع الكلام والنجوى. أنزل القرآن بعلمه، وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده. ثم كوّنه بكلمته. واصطفى رسوله إبراهيم بخلّته.
ونادى كليمه موسى بلغته، فقرّ به نجيّا. وكلمه تكليما. وأمر نوحا بصنعة الفلك على عينه. وخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه، كما أعلمنا أن كلّ شىء هالك إلا وجهه. وحذّر عباده نفسه التى لا تشبه أنفس المخلوقين.
أحمده على ما منّ علىّ من الإيمان بجميع صفات ربى عز وجل، وعلى جميع الأنبياء. حمد شاكر لنعمائه، التى لا يحصيها أحد سواه. وأشكره شكر مقرّ مصدق بحسن آلائه التى لا يقف على كثرتها غيره عز وجل، وأؤمن به إيمان معترف بوحدانيته، راغب فى جزيل ثوابه وعظيم ذخره، بفضله وكرمه وجوده، راهب وجل خائف من أليم عقابه، لكثرة ذنوبه وخطاياه وحوباته.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله واحد فرد صمد، قاهر قادر، رءوف رحيم، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا فى ملكه، العدل فى قضائه، الحكيم فى أفعاله، القائم على خلقه بالقسط، الممتن على المؤمنين بفضله. بذل لهم الإحسان، وزيّن فى قلوبهم الإيمان. وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان. وأنزل على
محمد رسوله الفرقان. وعلم القرآن. فتمت نعماء ربنا جل وعلا، وعظمت آلاؤه على المطيعين له. فربنا جل ثناؤه المعبود موجودا، والمحمود ممجّدا.(1/3)
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله واحد فرد صمد، قاهر قادر، رءوف رحيم، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا فى ملكه، العدل فى قضائه، الحكيم فى أفعاله، القائم على خلقه بالقسط، الممتن على المؤمنين بفضله. بذل لهم الإحسان، وزيّن فى قلوبهم الإيمان. وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان. وأنزل على
محمد رسوله الفرقان. وعلم القرآن. فتمت نعماء ربنا جل وعلا، وعظمت آلاؤه على المطيعين له. فربنا جل ثناؤه المعبود موجودا، والمحمود ممجّدا.
وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسوله المصطفى، ونبيه المرتضى. اختاره الله تعالى لرسالته، ومستودع أمانته. فجعله خاتم النبيين. وخير خلقه أجمعين.
أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. بعثه بالكتاب المسطور فى الرّق المنشور. فبلّغ عن الله عز وجل حقائق الرسالة. وأنقذ به أمته من الرّدى والضلالة. قام بما استرعاه ربه من حقه، واستحفظه من تنزيله، حتى قبضه على كرامته. ومنزلة أهل ولايته الذين رضى أعمالهم. حميدا رضيا سعيدا.
بما سبق له من السعادة فى اللوح المحفوظ قبل أن ينشىء الله نسمته. فعليه صلوات الله وسلامه حيا محمودا. وميتا مفقودا، أفضل صلوات وأنماها. وعلى إخوانه من النبيين وآله أجمعين.
هذا كتاب استخرنا الله تعالى فى تأليفه. وسألناه المعونة على تصنيفه.
وسطرنا فيه ما انتهى إلينا من أخبار شيوخنا أصحاب إمامنا الإمام الأفضل. أبى عبد الله.
1 - أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى ابن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان بن أدّ بن أدد ابن الهميسع بن حمل بن النّبت بن قيدار بن إسماعيل بن ابراهيم صلوات الله عليه وعلى جميع النبيين.
هكذا أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قراءة عليه قال: أخبرنا أبو على الحسن بن على التميمى. قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك، حدثنا عبد الله ابن أحمد(1/4)
وقال أبو بكر بن أبى داود: كان فى ربيعة رجلان، لم يكن فى زمانهما مثلهما. لم يكن فى زمان قتادة مثل قتادة. ولم يكن فى زمان أحمد بن حنبل مثله.
وهذا النسب فيه منقبة عميمة. ورتبة عظيمة، من وجهين.
أحدهما: حيث تلاقى فى نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن نزارا كان له ابنان. أحدهما: مضر. ونبينا صلى الله عليه وسلم من ولده. والآخر ربيعة. وإمامنا أحمد من ولده
والوجه الثانى: أنه عربى صحيح النسب. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أحبوا العرب لثلاث: لأنى عربى. والقرآن عربى، ولسان أهل الجنة عربى (1)» هكذا ذكره ابن الأنبارى فى كتاب الوقف والابتداء.
وقال الربيع بن سليمان: قال لنا الشافعى: أحمد إمام فى ثمان خصال: إمام فى الحديث، إمام فى الفقه، إمام فى اللغة، إمام فى القرآن، إمام فى الفقر، إمام فى الزهد، إمام فى الورع، إمام فى السنة. وصدق الشافعى فى هذا الحصر.
أما قوله «إمام فى الحديث» فهذا ما لا خلاف فيه ولا نزاع، حصل به الوفاق والاجماع. أكثر منه التصنيف، والجمع والتأليف. وله الجرح والتعديل، والمعرفة والتعليل، والبيان والتأويل. قال أبو عاصم النبيل يوما: من تعدّون فى الحديث ببغداد؟ فقالوا: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبا خيثمة ونحوهم. فقال:
من تعدون بالبصرة عندنا؟ فقالوا: على بن المدينى، وابن الشاذ كونى، وغيرهما.
فقال: من تعدون بالكوفه؟ قلنا: ابن أبى شيبة، وابن نمير، وغيرهما، فقال:
أبو عاصم وتنفس ها، ها، ما أحد من هؤلاء إلا وقد جاءنا ورأيناه. فما رأيت فى القوم مثل ذلك الفتى أحمد بن حنبل.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلّام: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل،
__________
(1) قال العجلونى فى كشف الخفاء: رواه الطبرانى والحاكم والبيهقى وآخرون عن ابن عباس مرفوعا بسند فيه ضعف جدا.(1/5)
وعلى بن المدينى، ويحيى بن معين، وأبى بكر بن أبى شيبة. وكان أحمد بن حنبل أفقههم فيه.
ودخل الشافعى يوما على أحمد بن حنبل، فقال: يا أبا عبد الله، كنت اليوم مع أهل العراق فى مسألة كذا. فلو كان معى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فدفع إليه أحمد ثلاث أحاديث. فقال له: جزاك الله خيرا.
وقال الشافعى لإمامنا أحمد يوما: أنتم أعلم بالحديث والرجال. فاذا كان الحديث الصحيح فأعلمونى، إن شاء يكون كوفيا، أو شاء شاميا، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا.
وهذا من دين الشافعى حيث سلم هذا العلم لأهله
وقال عبد الوهاب الوراق: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وإيش الذى بان لك من علمه وفضله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال «أخبرنا» و «حدثنا».
وقال إبراهيم الحربى وقد ذكر أحمد: كأن الله قد جمع له علم الأولين من كل صنف، يقول ما يرى، ويمسك ما شاء.
وقال أبو زرعة الرازى: حزرنا حفظ أحمد بن حنبل بالمذاكرة على سبعمائة ألف حديث. وفى لفظ آخر: قال أبو زرعة الرازى: كان أحمد يحفظ ألف ألف. فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته، فأخذت عليه الأبواب.
وأما الخصلة الثانية، وهى قوله «إمام فى الفقه» فالصدق فيه لائح. والحق فيه واضح، إذ كان أصل الفقه: كتاب الله وسنة رسوله وأقوال صحابته. وبعد هذه الثلاثة: القياس. ثم قد سلّم له الثلاث، فالقياس تابع. وإنما لم يكن للمتقدمين من أئمة السنة والدين تصنيف فى الفقه، ولا يرون وضع الكتب ولا الكلام، إنما كانوا يحفظون السنن والآثار، ويجمعون الأخبار، ويفتون بها.
فمن نقل عنهم العلم والفقه كان رواية يتلقاها عنهم، ودراية يتفهمها منهم. ومن دقق النظر وحقق الفكر: شاهد جميع ما ذكرته.(1/6)
وأما الخصلة الثانية، وهى قوله «إمام فى الفقه» فالصدق فيه لائح. والحق فيه واضح، إذ كان أصل الفقه: كتاب الله وسنة رسوله وأقوال صحابته. وبعد هذه الثلاثة: القياس. ثم قد سلّم له الثلاث، فالقياس تابع. وإنما لم يكن للمتقدمين من أئمة السنة والدين تصنيف فى الفقه، ولا يرون وضع الكتب ولا الكلام، إنما كانوا يحفظون السنن والآثار، ويجمعون الأخبار، ويفتون بها.
فمن نقل عنهم العلم والفقه كان رواية يتلقاها عنهم، ودراية يتفهمها منهم. ومن دقق النظر وحقق الفكر: شاهد جميع ما ذكرته.
وأما نقلة الفقه عن إمامنا أحمد فهم أعيان البلدان، وأئمة الأزمان. منهم ابناه صالح وعبد الله، وابن عمه حنبل، واسحاق بن منصور الكوسج المروزى وأبو داود السجستانى. وأبو اسحاق ابراهيم الحربى، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المروزى، وعبد الملك الميمونى، ومهنا الشامى، وحرب الكرمانى، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو زرعة الدمشقى، ومثنى بن جامع الأنبارى، وأبو طالب المسكانى، والحسن بن ثواب، وابن مشيش، وابن بدينا الموصلى، وأحمد بن القاسم، والقاضى الرقى، وأحمد بن أصرم المزنى، وعلى بن سعيد النسوى، وأبو الصقر، والبرزاطى، والبغوى، والشالنجى، وعبد الرحمن المتطبب، وأحمد ابن الحسن الترمذى، وأحمد بن أبى عبدة، وأحمد بن نصر الخفاف، وأحمد ابن واصل المقرى، وأحمد بن هشام الأنطاكى، وأحمد بن يحيى الحلوانى، وأحمد بن محمد الصائغ، وأحمد بن محمد بن صدقة. وهم مائة ونيف وعشرون نفسا.
وأما نقلة الحديث عنه: فقد جمعت فيهم المصنفات، وساقهم الأئمة الثقات وقال الأثرم: قلت يوما ونحن عند أبى عبيد القاسم بن سلام فى مسألة. فقال بعض من حضر: هذا قول من؟ فقلت: من ليس بغرب ولا شرق أكبر منه:
أحمد بن حنبل. قال أبو عبيد: صدق.
وقال إسحق بن راهويه: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا. وقال أبو ثور: أحمد بن حنبل: أعلم من الثورى وأفقه.
وأما الخصلة الثالثة، وهى قوله «إمام فى اللغة» فهو كما قاله. قال المروزى:
كان أبو عبد الله لا يلحن فى الكلام. ولما نوظر بين يدى الخليفة كان يقول:
كيف أقول ما لم يقل.
وقال أحمد فيما رواه عنه محمد بن حبيب كتبت من العربية أكثر مما
كتب أبو عمرو بن العلاء. وكان يسأل عن ألفاظ من اللغة تتعلق بالتفسير والأخبار، فيجيب عن ذلك بأوضح جواب، وأفصح خطاب.(1/7)
وقال أحمد فيما رواه عنه محمد بن حبيب كتبت من العربية أكثر مما
كتب أبو عمرو بن العلاء. وكان يسأل عن ألفاظ من اللغة تتعلق بالتفسير والأخبار، فيجيب عن ذلك بأوضح جواب، وأفصح خطاب.
فروى عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن حديث إسماعيل بن عليّة عن أيوب عن أبى معشر قال «يكره التكفير فى الصلاة» قال أبى: التكفير أن يضع يمينه عند صدره فى الصلاة.
وقال عبد الله أيضا: قرأت على أبى: أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن عطاء قال «فى الوطواط: ثلثى درهم» سألت أبى عن الوطواط؟ قال: هو الخطّاف.
وقال عبد الله أيضا: سألت أبى عن نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع المجبر؟ فقال: يعنى ما فى الأرحام
وقال عبد الله أيضا: سئل أبى عن حبل الحبلة؟ قال: التى فى بطنها إذا وضعت وتحمل. نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه لأنه غرر. يقول: نتاج الجنين.
وقال عبد الله بن أحمد أيضا: سمعت أبى فى حديث ابن مسعود «كفى بالمعك ظلما» قال أبى: المعك: المطل.
وقال عبد الله بن أحمد: حدثنى أبى حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير «كان رجل يداين الناس، له كاتب ومتجاز» قال أبى:
«المتجازى» المتقاضى
وقال حرب الكرمانى: قلت لأحمد: ما تفسير «لا تقضية فى ميراث إلا ما حمل القسم»؟ قال: إن كان شيئا إن قسم أضرّ بالورثة، مثل الحمام وغير ذلك مما لا يمكن قسمه.
وأما الخصلة الرابعة، وهى قوله «إمام فى القرآن» فهو واضح البيان، لائح البرهان. قال أبو الحسين بن المنادى: صنف أحمد فى القرآن التفسير.
وهو مائة ألف وعشرون ألفا، يعنى حديثا. والناسخ، والمنسوخ، والمقدم والمؤخر فى كتاب الله تعالى، وجواب القرآن وغير ذلك.(1/8)
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبى يقرأ القرآن فى كل أسبوع ختمتين، إحداهما بالليل، والأخرى بالنهار
وقد ختم إمامنا أحمد القرآن فى ليلة بمكة مصليا به.
وأما الخصلة الخامسة، وهى قوله «إمام فى الفقر» فيا لها خلة مقصودة، وحالة محمودة، منازل السادة الأنبياء، والصفوة الأتقياء.
أنبأنا الوالد السعيد باسناده عن أبى جعفر فى قوله تعالى (25: 75 {أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}) قال: الجنة {(بِمََا صَبَرُوا)} قال: على الفقر فى الدنيا. وباسناده عن أبى برزة الأسلمى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فقراء المسلمين ليدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار أربعين خريفا، حتى يتمنى أغنياء المسلمين يوم القيامة أنهم كانوا فى الدنيا فقراء» وباسناده عن أبى سعيد الخدرى قال:
سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم توفنى فقيرا، ولا تتوفنى غنيا» وباسناده عن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفقر على المؤمن أزين من العذار على خد الفرس» وأخبرنا بهذا الحديث جدى جابر قال أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا محمد بن العباس بن الفضل المروزى أبو جعفر، حدثنا أبى حدثنا اسحاق بن بشر، حدثنا شريك عن أبى إسحاق السّبيعى، عن الحارث (1) عن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الفقر على المؤمن أزين من العذار على خدّ الفرس» وباسناده عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الق الله فقيرا ولا تلقه غنيا. قال: فقلت: كيف لى بذلك يا رسول الله؟ قال: إذا رزقت فلا تخبأ. وإذا سئلت فلا تمنع. قال: قلت:
وكيف لى بذلك، يا رسول الله؟ قال: هو ذاك، وإلا فهو النار».
وأما الخصلة السادسة، وهى قوله «إمام فى الزهد» فحاله فى ذلك أظهر
__________
(1) هو الحرث الأعور، متهم بالكذب.(1/9)
وأشهر، أتته الدنيا فأباها، والرياسة فنفاها، عرضت عليه الأموال، وفرضت عليه الأحوال، وهو يرد ذلك بتعفف وتعلل وتقلل. ويقول: قليل الدنيا يجزى وكثيرها لا يجزى، ويقول: أنا أفرح إذا لم يكن عندى شىء. ويقول: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وأيام قلائل.
وقال اسحاق بن هانىء: بكّرت يوما لأعارض أحمد بالزهد (1). فبسطت له حصيرا ومخدّة. فنظر إلى الحصير والمخدة، فقال: ما هذا؟ قلت: لتجلس عليه.
فقال: ارفعه، الزهد لا يحسن إلا بالزهد. فرفعته، وجلس على التراب.
وقال أبو عمير عيسى بن محمد بن عيسى وذكر عنده أحمد بن حنبل فقال: رحمه الله، عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه. عرضت له الدنيا فأباها، (والبدع فنفاها)
وأما الخصلة السابعة، وهى قوله «إمام فى الورع» فصدق فى قوله وبرع، فمن بعض ورعه:
قال أبو عبد الله السمسار: كانت لأم عبد الله بن أحمد دار معنا فى الدرب، يأخذ منها أحمد درهما بحق ميراثه. فاحتاجت إلى نفقة لتصلحها، فأصلحها ابنه عبد الله، فترك أبو عبد الله أحمد الدرهم الذى كان يأخذه، وقال: قد أفسده علىّ.
قلت: إنما تورع من أخذ حقه من الأجرة، خشية أن يكون ابنه أنفق على الدار مما يصل إليه من مال الخليفة.
ونهى ولديه وعمه عن أخذ العطاء من مال الخليفة. فاعتذروا بالحاجة، فهجرهم شهرا لأخذ العطاء. ووصف له دهن اللوز فى مرضه. قال حنبل: فلما جئناه به.
قال: ما هذا؟ قلنا: دهن اللوز، فأبى أن يذوقه. وقال: الشّيرج. فلما ثقل واشتدت علته جئناه بدهن اللوز. فلما تبين أنه دهن اللوز كرهه ودفعه، فتركناه ولم نعد له. ووصف له فى علته قرعة تشوى ويؤخذ ماؤها. فلما جاءوا بالقرعة
__________
(1) أى ليقرأ عليه كتاب الزهد الذى ألفه أحمد(1/10)
قال بعض من حضر: اجعلوها فى تنّور صالح. فإنهم قد خبزوا. فقال بيده: لا، وأبى أن يوجه بها إلى منزل صالح، قال حنبل: ومثل هذا كثير.
قال حنبل: وأخبرنى أبى يعنى إسحاق عم أحمد قال: لما وصلنا العسكر أنزلنا السلطان دارا لإيتاخ (1) ولم يعلم أبو عبد الله. فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار؟
فقالوا: هذه دار لإيتاخ، فقال: حولونى واكتروا لى دارا، قالوا: هذه دار أنزلكها أمير المؤمنين. فقال: لا أبيت هاهنا، فاكترينا له دارا غيرها، وتحول عنها. وكانت تأتينا فى كل يوم مائدة أمر بها المتوكل، فيها ألوان الطعام والفاكهة والثلج وغير ذلك، فما نظر إليها أبو عبد الله. ولا ذاق منها شيئا، وكانت نفقة المائدة فى كل يوم مائة وعشرين درهما، فما نظر إليها أبو عبد الله. ودامت العلة بأبى عبد الله، وضعف ضعفا شديدا. وكان يواصل، فمكث ثمانية أيام مواصلا لا يأكل ولا يشرب، فلما كان فى اليوم الثامن كاد أن يطفأ، فقلت: يا أبا عبد الله، ابن الزبير كان يواصل سبعة أيام. وهذا لك اليوم ثمانية أيام، فقال: إنى مطيق قلت: بحقى عليك. فقال: إن حلّفتنى بحقك فإنى أفعل، فأتيته بسويق فشرب
وأجرى المتوكل على ولده وأهله أربعة آلاف درهم فى كل شهر، فبعث إليه أبو عبد الله: إنهم فى كفاية، فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لولدك، ما لك ولهذا؟ فقال له أحمد: يا عمّ، ما بقى من أعمارنا؟ كأنك بالأمر قد نزل. فالله الله، فإن أولادنا إنما يريدون يتأكلون بنا، وإنما هى أيام قلائل، لو كشف للعبد عما قد حجب عنه لعرف ما هو عليه من خير أو شر، صبر قليل، وثواب طويل، إنما هذه فتنة. فلما طالت علة أحمد كان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب، فيصف له الأدوية، فلا يتعالج، فدخل ابن ماسويه على المتوكل، فقال
__________
(1) إيتاخ: هو غلام خزرى، اشتراه المعتصم ورفعه. وضمه إليه هو والواثق من بعده أعمالا كثيرة. منها: معونة سامر، وكان إيتاخ موكلا بتنفيذ العقوبات من القتل والحبس، وقد اعتقل فى أيام المتوكل ببغداد ومات فى معتقله سنة 235.(1/11)
له المتوكل: ويحك، ابن حنبل، ما نجح فيه الدواء؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إن أحمد بن حنبل ليست به علة فى بدنه، إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة. فسكت المتوكل.
ولما توفى أحمد وجّه ابن طاهر الأكفان، فردت عليه. وقال عم أحمد للرسول قل له: أحمد لم يدع غلامى يروّحه، يعنى خشية أن أكون اشتريته من مال السلطان، فكيف نكفنه بمالك؟.
وقال ابن المنادى: امتنع أحمد من التحديث قبل أن يموت بثمان سنين، أو أقل، أو أكثر، وذلك: أن المتوكل وجه يقرأ عليه السلام، ويسأله أن يجعل المعتز فى حجره، ويعلمه العلم، فقال للرسول: اقرأ على أمير المؤمنين السلام، وأعلمه أن علىّ يمينا: أنى لا أتم حديثا حتى أموت، وقد كان أعفانى مما أكره، وهذا مما أكره.
وقال المروزى: سمعت أحمد يقول: الخوف قد منعنى أكل الطعام والشراب فما أشتهيه.
وكان أحمد يزرع داره التى يسكنها، ويخرج عنها الخراج الذى وظفه عمر رضى الله عنه على السواد.
وكان أحمد إذا نظر إلى نصرانى غمض عينيه، فقيل له فى ذلك؟ فقال:
لا أقدر أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه.
وقال إسحاق عم أحمد: دخلت على أحمد ويده تحت خده، فقلت له:
يا ابن أخى: أى شىء هذا الحزن؟ فرفع رأسه وقال: طوبى لمن أخمل الله ذكره.
وقال إسماعيل بن حرب: أحصى ما ردّ أحمد بن حنبل حين جىء به إلى العسكر فإذا هو سبعون ألفا.
وقال صالح بن أحمد: كان أبى لا يدع أحدا يستقى له الماء لوضوئه.
وأما الخصلة الثامنة، وهى قوله «إمام فى السنة» فلا يختلف العلماء الأوائل والأواخر: أنه فى السنة الإمام الفاخر، والبحر الزاخر، أوذى فى الله عز وجل
فصبر، ولكتابه نصر، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتصر، أفصح الله فيها لسانه، وأوضح بيانه، وأرجح ميزانه. لا رهب ما حذّر، ولا جبن حين أنذر، أبان حقا، وقال صدقا، وزان نطقا وسبقا. ظهر على العلماء، وقهر العظماء ففى الصادقين ما أوجهه، وبالسابقين ما أشبهه. وعن الدنيا وأسبابها ما كان أنزهه جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين، فهو للسنة كما قال الله فى كتابه المبين:(1/12)
وأما الخصلة الثامنة، وهى قوله «إمام فى السنة» فلا يختلف العلماء الأوائل والأواخر: أنه فى السنة الإمام الفاخر، والبحر الزاخر، أوذى فى الله عز وجل
فصبر، ولكتابه نصر، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتصر، أفصح الله فيها لسانه، وأوضح بيانه، وأرجح ميزانه. لا رهب ما حذّر، ولا جبن حين أنذر، أبان حقا، وقال صدقا، وزان نطقا وسبقا. ظهر على العلماء، وقهر العظماء ففى الصادقين ما أوجهه، وبالسابقين ما أشبهه. وعن الدنيا وأسبابها ما كان أنزهه جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين، فهو للسنة كما قال الله فى كتابه المبين:
(61: 13 {وَأُخْرى ََ تُحِبُّونَهََا نَصْرٌ مِنَ اللََّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}).
قال على بن المدينى: أيّد الله هذا الدين برجلين لا ثالث لهما: أبو بكر الصديق يوم الرّدة، وأحمد بن حنبل فى يوم المحنة.
وقيل: لبشر بن الحارث، يوم ضرب أحمد: قد وجب عليك أن تتكلم.
فقال: تريدون منى مقام الأنبياء؟ ليس هذا عندى، حفظ الله أحمد بن حنبل من بين يديه ومن خلفه، ثم قال، بعد ما ضرب أحمد: لقد أدخل الكير فخرج ذهبة حمراء.
وقال الربيع بن سليمان، قال الشافعى: من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر.
فقلت: تطلق عليه اسم الكفر؟ فقال: نعم، من أبغض أحمد بن حنبل عاند السنة، ومن عاند السنة قصد الصحابة. ومن قصد الصحابة أبغض النبى، ومن أبغض النبى صلى الله عليه وسلم كفر بالله العظيم.
وقال أحمد بن إسحاق بن راهويه: سمعت أبى يقول: لولا أحمد بن حنبل وبذل نفسه لما بذلها لذهب الإسلام.
وقال عبد الوهاب الوراق: أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمامنا. وهو من الراسخين فى العلم. إذا وقفت غدا بين يدى الله تعالى فسألنى: بمن اقتديت؟
أقول: بأحمد. وأى شىء ذهب على أبى عبد الله من أمر الإسلام؟ وقد بلى عشرين سنة فى هذا الأمر.
وأنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى. قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال:
سمعت العباس الدّروى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل. لا والله، لا نقدر على أحمد، ولا على طريق أحمد.(1/13)
وأنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى. قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال:
سمعت العباس الدّروى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل. لا والله، لا نقدر على أحمد، ولا على طريق أحمد.
وحدثنا الوالد السعيد إملاء بجامع المنصور عن عبد الله بن عبد الرحمن أن عبد الله بن إسحاق المدائنى حدثه قال: حدثنا أبو الفضل الوراق قال: حدثنى أحمد بن هانىء عن صدقة المقابرى، قال: كان فى نفسى على أحمد بن حنبل، قال: فرأيت فى النوم كأن النبى صلى الله عليه وسلم يمشى فى طريق، وهو آخذ بيد أحمد بن حنبل، وهما يمشيان على تؤدة ورفق، وأنا خلفهما أجهد نفسى فى أن ألحق بهما فما أقدر، فلما استيقظت ذهب ما كان فى نفسى، ثم رأيت بعد كأنى فى الموسم، وكأن الناس مجتمعون. فنادى مناد: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس:
فنادى: يؤمكم أحمد بن حنبل. فإذا أحمد بن حنبل. فصلى بالناس. وكنت بعد إذا سئلت عن شىء؟ قلت: عليكم بالإمام، يعنى أحمد بن حنبل.
فهذه الثمان التى ذكرها الشافعى، ويقرن بها أيضا ثمان خصال انفرد بها.
إحداها: الإجماع على أصوله التى اعتقدها، والأخذ بصحة الأخبار التى اعتمدها، حتى من زاغ عن هذا الأصل كفروه، وحذروا منه وهجروه، فانتهت إليه فيها الحجة، ووقفت دونه المحجة، وإن كانت كذلك مذاهب المتقدمين من أهل السنة والدين. فصار إماما متبعا، وعلما ملتمعا. وما أشبهه بالقراءات المأثورة عن السلف، ثم انتهت إلى القراء السبعة خير الخلف.
الثانية: اتفاق الألسن عليه بالصلاح، وإليه يشار بالتوفيق والفلاح. فإذا ذكر بحضرة الكافة من العلماء على اختلاف مذاهبهم فى مجالسهم أو مدارسهم قالوا: أحمد رجل من أهل الحديث صالح، لعمرى إنهما خلتان جليلتان، سأل الصلاح الأنبياء، والتمسه الأصفياء، قال الله تعالى فى قصة إبراهيم عليه السلام (36: 83 {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصََّالِحِينَ}) وفى قصة سليمان (37: 19 {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبََادِكَ الصََّالِحِينَ}).(1/14)
الثالثة: أنه ما أحبه أحد إما محب صادق، وإما عدو منافق إلا وانتفت عنه الظنون، وأضيفت إليه السنن. ولا انزوى عنه رفضا، وأظهر له عنادا وبغضا إلا واتفقت الألسن على ضلالته، وسفه فى عقله وجهالته، وقد قدمنا قول الشافعى «من أبغض أحمد بن حنبل فقد كفر».
وقال قتيبة بن سعيد: أحمد بن حنبل إمامنا، من لم يرض به فهو مبتدع.
الرابعة: ما ألقى الله عز وجل له فى قلوب الخلق من هيبة أصحابه ومحبيه، وأهل مذهبه ومخالصيه. فلهم التعظيم والإكبار، والمعروف والانكار، والمصالح والأعمال. والمقال والفعال. بسطتهم سامية، وسطوتهم عالية. فالموافق التقى يكرمهم ديانة ورياسة. والمنافق الشقى يعظمهم رعاية وسياسة. ولما ذكر لأمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله رحمه الله بعد موت إمامنا أحمد غفر الله لنا وله أن أصحاب إمامنا يأتون على أهل البدع حتى يكون بينهما الشرّ. فقال لصاحب الخبر: لا ترفع إلىّ من خبرهم شيئا وشدّ على أيديهم. فانهم وصاحبهم من سادات أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد عرف الله تعالى لأحمد صبره وبلاءه، ورفع علمه أيام حياته وبعد موته أصحابه أجلّ الأصحاب. وأنا أظن أن الله يعطى أحمد ثواب الصّديقين.
الخامسة: ما أحد من أصحابه المتمسكين بمعتقده قديما وحديثا تابع ومتبوع إلا وهو من الطعن سليم، ومن الوهن مستقيم. لا يضاف إليه ما يضاف إلى مخالف ومجانف من وسم ببدعة، أو رسم بشنعة أو تحريف مقال، أو تقبيح فعال.
السادسة: اتفاق القول الأخير والقديم: أن له الاحتياط فى التحليل والتحريم، يعتمد فى فقهه على العزائم، كما لم تأخده فى أصوله المقربة إلى الله عز وجل لومة لائم. يعتمد على كتاب ناطق، أو خبر موافق، أو قول صحابى جليل صادق. ويقدم ذلك على الرأى والقياس.(1/15)
السابعة: أن كلام أحمد فى أهل البدع مسموع. وإليه فيهم الرجوع.
فمن ظهر فى قوله نكيره، ولما يعتقده تغييره: فقد ثبت تكفيره. مثل ما قال فى اللفظية والمرجئة والرافضة والقدرية والجهمية، وإن كان قد سبق النطق بضلالهم لكن له القدم العالى فى شرح فساد مذاهبهم، وبيان قبيح مثالهم، والتحذير من ضلالهم.
الثامنة: ما أظهره الله تعالى له فى حياته من المراتب، ونشر له بعد مماته من المناقب، ورفع له بذلك العلم بين سائر الأمم. فتنافس حين موته فى الصلاة عليه العلماء والكبراء، والأغنياء والفقراء، والصلحاء والأولياء. لأنه توفى فى شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وأربعين ومائتين. وله سبع وسبعون سنة.
فقال المتوكل على الله لمحمد بن عبد الله بن طاهر: طوبى لك، صليت على أحمد ابن حنبل.
وروى الأئمة الثقات، والحفاظ الأثبات: أن عبد الوهاب الوراق قال:
ما بلغنا أنه كان للمسلمين جمع أكبر منهم على جنازة أحمد بن حنبل، إلا جنازة فى بنى اسرائيل. وروى أحمد بن ثابت الخطيب البغدادى وغيره بإسناده قال: قال الوركانى: أسلم يوم مات أحمد بن حنبل: عشرون الفا من اليهود والنصارى والمجوس (1). وقال الوركانى: يوم مات أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح فى أربعة أصناف من الناس: المسلمين، واليهود، والنصارى، والمجوس.
__________
(1) قال الذهبى: وهى حكاية منكرة. تفرد بها الوركانى والراوى عنه. قال:
والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث فى بغداد ولا يرويه جماعة تتوفر دواعيهم على نقل ما هو دونه بكثير. وكيف يقع مثل هذ الأمر؟ ولا يذكره المرودى ولا صالح بن أحمد، ولا عبد الله ولا حنبل، الذين حكوا من أخبار أبى عبد الله جزئيات كثيرة. قال: فو الله لو أسلم يوم موته عشرة أنفس لكان عظيما، ينبغى أن يرويه نحو من عشرة أنفس.(1/16)
وبإسناده عن أحمد بن شبويه قال: سمعت قتيبة يقول: لولا الثورى لمات الورع. ولولا أحمد بن حنبل لأحدثوا فى الدين. قلت لقتيبة: تضم أحمد بن حنبل إلى أحد التابعين؟ فقال: إلى كبار التابعين.
وبإسناده قال إسحاق بن راهويه: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا.
وبإسناده قال محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلىّ: سمعت أبى يقول:
أحمد بن حنبل حجة بين الله وبين عبيده فى أرضه.
وبإسناده قال علىّ بن المدينى: أحمد بن حنبل سيدنا.
وبإسناده قال الميمونى: سمعت علىّ بن المدينى يقول: ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قام أحمد بن حنبل. قال قلت له:
يا أبا الحسن، ولا أبو بكر الصديق؟ قال: ولا أبو بكر الصديق. إن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب.
وبإسناده عن محمد بن علىّ بن شعيب قال: سمعت أبى يقول: كان أحمد بن حنبل بالذى قال النبى صلى الله عليه وسلم «كائن فى أمتى ما كان فى بنى إسرائيل، حتى إن المنشار ليوضع على مفرق رأسه، ما يصرفه ذلك عن دينه» ولولا أحمد بن حنبل قام بهذا، لكان عارا علينا إلى يوم القيامة، إن قوما سبكوا فلم يخرج منهم أحد.
وأنبأنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا أبو القاسم الأزجى قراءة أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: قرىء على عمر بن بشران: حدثكم الزبير بن محمد قال سمعت عبد الله بن عبد السلام المكى يقول: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول: سمعت أبا الوليد الطيالسى يقول: لو أن أحمد بن حنبل رضى الله عنه، فى بنى إسرائيل كتبت له سيرة.(1/17)
روى أبو علىّ الحداد قرىء عليه أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف بن مردة المسجدى الاصبهانى إجازة حدثنا عبد الوهاب بن جعفر بن على الميدانى حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الكريم المعروف ببكير الحراز الطرسوسى بدمشق قال: سمعت أبا نصر المظفر بن أحمد بن محمد الخياط، سمعت الساجى وهو زكريا بن يحيى يقول: أحمد بن حنبل أفضل عندى من مالك والأوزاعى والثورى والشافعى. وذلك أن لهؤلاء نظراء وأحمد بن حنبل فلا نظير له
وبإسناده عن عبد الله بن إسحاق المدائنى قال: سمعت أبى يقول: رأيت كأن الناس قد جمعوا إلى مكة، وكأن الحجر انصدع، فخرج منه لواء. فقلت:
ما هذا؟ فقيل لى: أحمد بن حنبل بايع الله عز وجل.
وبإسناده قال عبد الوهاب: لما قال النبى صلى الله عليه وسلم «فردوه إلى عالمه» رددناه إلى أحمد بن حنبل. وكان أعلم أهل زمانه.
وبإسناده قال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعى يقول: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أتقى ولا أورع ولا أفقه أظنه قال: ولا أعلم من أحمد ابن حنبل.
وبإسناده قال أحمد بن إبراهيم يعنى الدورقى من سمعتموه يذكر أحمد بن حنبل بسوء فانهموه على الاسلام.
وبإسناده عن سلمة بن شبيب قال: كنا جلوسا عند أحمد بن حنبل، فجاءه رجل فدق الباب، وكنا قد دخلنا عليه خفية، فظننا أنه قد غمز بنا، فدق ثانية وثالثة، فقال أحمد: ادخل. قال: فسلم، وقال: أيكم أحمد؟ فأشار بعضنا إليه.
قال: جئت من البحر من مسيرة أربعمائه فرسخ، أتانى آت فى منامى، فقال:
ائت أحمد بن حنبل وسل عنه. فإنك تدل عليه، وقل له: إن الله عنك راض، وملائكة سمواته وملائكة أرضه عنك راضون. قال: ثم خرج. فما سأله عن حديث ولا مسألة.(1/18)
وبإسناده قال أحمد بن محمد الكندى: رأيت أحمد بن حنبل فى المنام، فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: غفر لى، ثم قال: يا أحمد ضربت فى؟ قال: قلت: نعم، يا رب. قال: يا أحمد، هذا وجهى، فانظر إليه، فقد أبحتك النظر إليه.
وبإسناده قال محمد بن الحسين الأنماطى: كنا فى مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب، وجماعة من كبار العلماء، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل، ويذكرون فضائله، فقال رجل: لا تكثروا، بعض هذا القول. فقال يحيى ابن معين: وكثرة الثناء على أحمد بن حنبل تستكثر؟ لو جلسنا مجلسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها.
أخبرنا المبارك أخبرنا إبراهيم وعبد العزيز قالا: أخبرنا علىّ بن مردك حدثنا عبد الرحمن بن أبى حاتم قال سمعت عبد الله بن الحسين بن موسى يقول:
رأيت رجلا من أهل الحديث توفى، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت له: بالله عليك ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لى. فقلت: بالله؟ قال: بالله إنه غفر لى فقلت: بماذا غفر الله لك؟ فقال: بمحبتى لأحمد بن حنبل. فقلت: فأنت فى راحة؟ فتبسم. وقال: أنا فى راحة وفرحة.
أخبرنا الوالد السعيد قراءة عن يوسف الزاهد حدثنا محمد بن شجاع المروروذى حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشى حدثنا يوسف بن بختان وكان من خيار المسلمين قال: لما مات أحمد بن حنبل رأى رجل فى منامه كأن على كل قبر قنديلا. فقال: ما هذا؟ فقيل له: أما علمت أنه نوّر لأهل القبور قبورهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم؟ وقد كان فيهم من يعذب فرحم.
ولو ذهبنا نذكر فضائله والمنامات التى تطابقت بعد وفاته لطال بها الكتاب. ولم يكن قصدنا ذكر الفضائل. وإنما أردنا أن نذكر من روى
عنه. ممن أراد أن ينظر فى فضائله فلينظر فى كتابنا المجرد فى فضائله رحمة الله عليه ورضوانه.(1/19)
ولو ذهبنا نذكر فضائله والمنامات التى تطابقت بعد وفاته لطال بها الكتاب. ولم يكن قصدنا ذكر الفضائل. وإنما أردنا أن نذكر من روى
عنه. ممن أراد أن ينظر فى فضائله فلينظر فى كتابنا المجرد فى فضائله رحمة الله عليه ورضوانه.
فلنذكر الآن يا أخى عمّر الله مجلسك، وأمتع بك مجالسك طبقات أصحابنا، وتجريد ما يسرّ الطالب، ويمتع الراغب.
وقد جعلناه ست طبقات.
الطبقة الأولى: فى ذكر أصحاب إمامنا أحمد، ومن روى عنه حديثا أو مسألة، أو حكاية. وذكرنا ما انتهى إلينا من مواليدهم ووفاتهم ومصنفاتهم.
ومن كان منسوبا إلى بلد أو غيرها.
والطبقة الثانية: فى ذكر أصحاب أصحابه. وكذلك الطبقات التى بعدهم على الترتيب. وجعلنا الطبقة الأولى والثانية على حروف المعجم فى أوائل الأسماء وكذلك أسماء آبائهم، ليسهل على من أراد أن ينظر فى ترجمة منها وما بعدها من الطبقات على تقديم العمر والوفاة.
ونسأل الله المعونة والتوفيق والمغفرة برحمته. فمن ذلك:(1/20)
الطبقة الأولى ممن روى عن إمامنا رحمه الله
باب الألف
ذكر من اسمه «أحمد»
باب الالف (اى)
ابتداء اسم أبيه ألف
2 - أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم
، أبو عبد الله العبدى، المعروف بالدّورقى، أخو يعقوب. وكان أبوه ناسكا فى زمانه.
ومن كان يتنسّك فى ذلك الزّمان يسمىّ دورقيّا. وقيل: بل كان الناس ينسبون الدّورقيين إلى لباسهم القلانس الطوال، التى تسمى الدّورقية. وكان أحمد أصغر من أخيه يعقوب.
سمع إسماعيل بن عليّة، ويزيد بن زريع، وهشيما، وغيرهم. وحدث عن عن إمامنا أحمد بأشياء.
منها: ما رواه أبو الحسين بن المنادى قال: حدّثنا أبو داود حدّثنا أحمد بن ابراهيم قال: سألت أحمد بن حنبل، قلت: هؤلاء الذين يقولون: إن ألفاظنا بالقرآن مخلوقة؟ فقال: هذا شر من قول الجهمية. من زعم هذا فقد زعم أن جبريل جاء بمخلوق. وأن النبى صلى الله عليه وسلم تكلم بمخلوق.
وقال عبد الله بن أحمد: حدّثنى أحمد بن إبراهيم الدورقى حدثنى محمد بن نوح المضروب عن المسعودى القاضى قال: سمعت هارون أمير المؤمنين يقول: بلغنى أن بشرا المريسى يزعم أن القرآن مخلوق. لله علىّ إن أظفرنى الله به لأقتلنه قتلة ما قتلها أحد قط.
مولده: سنة ثمان وستين ومائة. ومات بالعسكر وهى سرّ من رأى يوم السبت، لتسع بقين من شعبان سنة ست وأربعين ومائتين. وقال أحمد الدورقى:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة ونحوه، لم نضبطه، كيف يضبطه من كتبه من وجه واحد؟ أو نحو هذا الكلام.(1/21)
3 - أحمد بن ابراهيم الكوفى
نقل عن إمامنا أشياء:
منها قال: إن دعا فى الصلاة بحوائجه أرجو. وهذا محمول على ما عاد بمصالح دينه. يوضح ذلك: ما نقله عنه ابن عمه حنبل: لا يكون من دعائه رغبة فى الدنيا.
وقال أيضا فى رواية الحسن بن محمد: يدعو بما قد جاء، ولا يقول: اللهم أعطنى كذا. وقال الخرقى: وإن دعا فى تشهده بما ذكر فى الأخبار فلا بأس.
وهذه مسألة سطرها الوالد الإمام فى كتبه، وقال: خلافا للشافعى فى قوله:
يجوز أن يدعو بحوائج دنياه. وذكر الدلالة عليه.
4 - أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن عبد الله بن مغفّل
، أبو العباس المزنى، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سمع عبد الأعلى بن حماد، والصلت الجحدرى، وإمامنا وغيرهم. وكان بصريا قدم مصر. وكتب عنه. وخرج عنها. فتوفى بدمشق فى جمادى الأولى سنة خمس وثمانين ومائتين.
قال أحمد بن أصرم: سألت أحمد عن رجل نسى سجدة من أربع ركعات، فذكر وهو فى التشهد؟ فقال: بطلت تلك الركعة، ويقوم فيأتى بركعة وسجدتى السهو. قال: وسمعت أحمد يسأل عن الوتر؟ فقال: يصلى ركعتين ثم يسلم.
ثم يوتر بركعة، أحبّ إلىّ.
حرف الباء
5 - أحمد بن بشر بن سعد، أبو أيوب (1) الطيالسى
سمع يحيى بن معين، وسليمان بن أيوب، وعبيد الله بن معاذ العنبرى، وإمامنا أحمد، فيما ذكره أبو بكر الخلال، فيمن نقل عن إمامنا أحمد. ومات فى شوال سنة خمس وتسعين ومائتين.
__________
(1) فى تاريخ بغداد (4: 54) ابن ايوب(1/22)
6 - أحمد بن بشر بن سعيد الكندى البغدادى.
قال أبو بكر الخلال:
حدثنا أحمد بن بشر بن سعيد الكندى، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل قلت: رجل قرأ القرآن وحفظه، وهو يكتب الحديث، يختلف إلى المسجد، ويقرأ ويقرىء ويفوته الحديث أن يلطبه. فان طلب الحديث فاته المسجد، وإن قصد المسجد فاته طلب الحديث، فما تأمره؟ قال: بذا وبذا. فأعدت عليه القول مرارا، كل ذلك يجيبنى جوابا واحدا: بذا وبذا.
قال وسألت أحمد: ما تقول فى الحقنة للرجل المريض؟ فرخّص فيها.
وسئل أحمد: إذا كان مع الرجل مال، فان تزوّج به لم يبق معه فضل يحج به.
وإن حجّ خشى على نفسه؟ قال أحمد: إذا لم يكن له صبر عن التّزوج تزوّج وترك الحج.
7 - أحمد بن بكر ذكره أبو بكر الخلال فيمن صحب أحمد.
ولم يقع لنا حرف التاء والثاء. ولعله يقع فى المستقبل. إن شاء الله تعالى.
حرف الجيم
8 - أحمد بن جعفر أبو عبد الرحمن الضرير الوكيعىّ
سمع وكيع بن الجراح، وأبا معاوية، وإمامنا فى آخرين. قال زكريا بن يحيى الساجى: حدثنى أحمد بن محمد قال: سمعت أبا نعيم يقول: ما رأيت ضريرا أحفظ من أحمد بن جعفر الوكيعى. وقال أبو داود: كان أبو عبد الرحمن الوكيعى يحفظ العلم على الوجه. وقال الدارقطنى: أحمد الوكيعى ثقة، وابنه محمد تقة.
أنبأنا على بن بطه أخبرنا محمد بن أيوب، سمعت إبراهيم الحربى يقول:
قال أحمد ابن جعفر الوكيعى لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، لم يقع إلينا من حديث الزهرى شىء. قال أحمد: قد خرّجت منها حديث سالم، خذ حتى أمليه عليك. قال إبراهيم: فأملى علينا وهو جالس مغمض العينين من حفظه.(1/23)
وبالإسناد: قال الحربى سمعت أحمد بن حنبل يقول لأحمد الوكيعى:
يا أبا عبد الرحمن، إنى لأحبك. حدثنا يحيى عن ثور عن حبيب بن عبيد عن المقدام قال قال النبى صلى الله عليه وسلم «إذا أحبّ أحدكم أخاه فليعلمه».
قال الحربى: مات أحمد الوكيعى ببغداد سنة خمس عشرة، يعنى ومائتين.
وعرضت عليه مسند ابن أبى شيبة كله. فكان يذكر الحديث، فأسأله عنه؟
فيقول: ما سمعت هذا من محدث، وإنما سمعتكم يوم الجمعة تذكرونه.
قال ابراهيم: وكان الوكيعى يحفظ مائة ألف حديث، ما أحسبه سمع حديثا.
قط إلا حفظه.
9 - أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله
، أبو العباس الفارسى الاصطخرى روى عن إمامنا أشياء:
منها: ما قرأت على المبارك عن علىّ بن عمر البرمكى. قال أخبرنا أحمد بن عبد الله المالكى، حدثنا أبى حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب بن زوران لفظا حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسى الاصطخرى قال: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل:
«هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها، المقتدى بهم فيها، من لدن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها.
فمن خالف شيئا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها: فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق.
فكان قولهم: إن الإيمان قول وعمل ونيّة، وتمسك بالسنة. والإيمان يزيد وينقص، ويستثنى فى الإيمان، غير أن لا يكون الاستثناء شكّا إنما هى سنة ماضية عند العلماء.(1/24)
قال: وإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ فإنه يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، أو مؤمن أرجو، أو يقول: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله. ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء، ومن زعم أن الإيمان هو القول، والاعمال شرائع: فهو مرجىء. ومن زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص، فقد قال بقول المرجئة، ومن لم ير الاستثناء فى الإيمان فهو مرجىء. ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل والملائكة فهو مرجىء. ومن زعم أن المعرفة ننفع فى القلب لا يتكلم بها فهو مرجىء.
قال: والقدر خيره وشرّه، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومرّه، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيّئه. وأوّله وآخره: من الله، قضاء قضاه، وقدرا قدّره عليهم، لا يعدو واحد منهم مشيئة الله عز وجل. ولا يجاوز قضاءه: بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقفون فيما قدّر عليهم لأفعاله. وهو عدل منه عزّ ربنا وجل. والزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام. والشرك بالله والمعاصى كلها: بقضاء وقدر، من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجّة. بل لله الحجة البالغة على خلقه. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وعلم الله عزّ وجل ماض فى خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه من لدن أن عصى تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة المعصية.
وخلقهم لها. وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها. وكلّ يعمل لما خلق له.
وصائر لما قضى عليه وعلم منه. لا يعدو واحد منهم قدر الله ومشيئته. والله الفاعل لما يريد، الفعال لما يشاء.
ومن زعم أن الله شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاءوا لأنفسهم للشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلظ من مشيئة الله تبارك وتعالى. فأى افتراء أكثر على الله عز وجل من هذا؟.
ومن زعم أن الزنا ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذه المرأة، حملت من الزنا
وجاءت بولد: هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد؟ وهل مضى فى سابق علمه؟(1/25)
ومن زعم أن الزنا ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذه المرأة، حملت من الزنا
وجاءت بولد: هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد؟ وهل مضى فى سابق علمه؟
فإن قال: لا. فقد زعم أن مع الله خالقا. وهذا هو الشرك صراحا.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر، وأكل المال الحرام: ليس بقضاء وقدر:
فقد زعم: أن هذا الانسان قادر على أن يأكل رزق غيره. وهذا صراح قول المجوسية. بل أكل رزقه، وقضى الله أن يأكله من الوجه الذى أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل، وأن ذلك بمشيئته فى خلقه: فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله. وأى كفر أوضح من هذا؟ بل ذلك بقضاء الله عز وجل. وذلك بمشيئته فى خلقه، وتدبيره فيهم، وما جرى من سابق علمه فيهم. وهو العدل الحق الذى يفعل ما يريد. ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصّغر والقمأ.
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة: أنه فى النار لذنب عمله، ولا لكبيرة أتاها، إلا أن يكون فى ذلك حديث، كما جاء على ما روى فنصّدقه، ونعلم أنه كما جاء. ولا ننصّ الشهادة، ولا نشهد على أحد أنه فى الجنة بصالح عمله، ولا بخير أتاه، إلا أن يكون فى ذلك حديث، كما جاء على ما روى، ولا ننص الشهادة.
والخلافة فى قريش ما بقى من الناس اثنان. ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ولا يخرج عليهم، ولا نقرّ لغيرهم بها إلى قيام الساعة. والجهاد ماض قائم مع الأئمة، برّوا أو فجروا، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل. والجمعة والعيدان، والحج مع السلطان، وإن لم يكونوا بررة عدولا أتقياء. ودفع الصّدقات والخراج والأعشار، والفيىء والغنائم إلى الأمراء، عدلوا فيها أم جاروا.
والانقياد إلى من ولّاه الله أمركم، لا تنزع يدا من طاعته، ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا. ولا تخرج على السلطان، وتسمع وتطيع، ولا تنكث بيعة. فمن فعل ذلك: فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة. وإن أمرك
السلطان بأمر هو لله معصية، فليس لك أن تطيعه ألبتة. وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه.(1/26)
والانقياد إلى من ولّاه الله أمركم، لا تنزع يدا من طاعته، ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا. ولا تخرج على السلطان، وتسمع وتطيع، ولا تنكث بيعة. فمن فعل ذلك: فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة. وإن أمرك
السلطان بأمر هو لله معصية، فليس لك أن تطيعه ألبتة. وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه.
والإمساك فى الفتنة سنة ماضية واجب لزومها، فإن ابتليت فقدّم نفسك دون دينك، ولا تعن على فتنة بيد ولا لسان، ولكن اكفف يدك ولسانك وهواك. والله المعين.
والكفّ عن أهل القبلة. ولا تكفر أحدا منهم بذنب، ولا تخرجه من الإسلام بعمل، إلا أن يكون فى ذلك حديث، فيروى الحديث كما جاء، وكما روى، وتصدقه وتقبله، وتعلم أنه كما روى، نحو ترك الصلاة، وشرب الخمر، وما أشبه ذلك، أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج من الإسلام فاتبع الأثر فى ذلك ولا تجاوزه.
والأعور الدجّال خارج لا شك فى ذلك ولا ارتياب، وهو أكذب الكاذبين
وعذاب القبر حق، يسأل العبد عن دينه وعن ربه، وعن الجنة، وعن النار، ومنكر ونكير حق، وهما فتّانا القبر. نسأل الله الثبات.
وحوض محمد صلى الله عليه وسلم حق ترده أمته. وله آنية يشربون بها منه.
والصراط حق يوضع على سواء جهنم، ويمرّ الناس عليه. والجنة من وراء ذلك.
نسأل الله السلامة. والميزان حق توزن به الحسنات والسيئات، كما يشاء الله أن، توزن. والصّور حق ينفخ فيه إسرافيل فيموت الخلق، ثم ينفخ فيه الأخرى، فيقومون لربّ العالمين وللحساب والقضاء. والثواب والعقاب، والجنة والنار، واللوح المحفوظ تستنسخ منه أعمال العباد لما سبق فيه من المقادير والقضاء. والقلم حق، كتب الله به مقادير كل شىء وأحصاه فى الذكر تبارك وتعالى.
والشفاعة يوم القيامة حق، يشفع قوم فى قوم فلا يصيرون إلى النار. ويخرج قوم من النار بشفاعة الشافعين. ويخرج قوم من النار بعد ما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله، ثم يخرجهم من النار. وقوم يخلدون فيها أبدا. وهم أهل الشرك
والتكذيب والجحود، والكفر بالله عز وجل. ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار.(1/27)
والشفاعة يوم القيامة حق، يشفع قوم فى قوم فلا يصيرون إلى النار. ويخرج قوم من النار بشفاعة الشافعين. ويخرج قوم من النار بعد ما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله، ثم يخرجهم من النار. وقوم يخلدون فيها أبدا. وهم أهل الشرك
والتكذيب والجحود، والكفر بالله عز وجل. ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار.
وقد خلقت الجنة وما فيها، والنار وما فيها، خلقهما الله عز وجل. وخلق الخلق لهما. لا يفنيان ولا يفنى ما فيهما أبدا.
فإن احتج مبتدع، أو زنديق، بقول الله عز وجل (28: 88 {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ}) وبنحو هذا من متشابه القرآن؟.
قيل له: كل شىء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك. والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك. وهما من الآخرة لا من الدنيا. والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدا. لأن الله عز وجل خلقهن للبقاء لا للفناء. ولم يكتب عليهن الموت. فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع وقد ضلّ عن سواء السبيل.
وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض. وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام. وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام. والماء فوق السماء العليا السابعة. وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء. والله عز وجل على العرش. والكرسى موضع قدميه. وهو يعلم ما فى السموات والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى. وما فى قعر البحار ومنبت كل شعرة وشجرة. وكل زرع وكلّ نبات ومسقط كل ورقة. وعدد كل كلمة.
وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم. ويعلم كل شىء. لا يخفى عليه من ذلك شىء وهو على العرش فوق السماء السابعة. ودونه حجب من نور ونار وظلمة. وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل (50: 16 {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}) وبقوله (57: 4 {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ}) وبقوله (58: 7 {مََا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ََ ثَلََاثَةٍ إِلََّا هُوَ رََابِعُهُمْ} إلى قوله {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مََا كََانُوا}) ونحو هذا من متشابه القرآن.(1/28)
فقل: إنما يعنى بذلك العلم. لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العلياء ويعلم ذلك كله. وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.
ولله عز وجل عرش. وللعرش حملة يحملونه. والله عز وجل على عرشه، ليس له حدّ والله أعلم بحدّه. والله عز وجل سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، قريب لا يغفل، (يتحرّك) ويتكلم وينظر، ويبصر ويضحك، ويفرح ويحبّ ويكره، ويبغض ويرضى، ويغضب ويسخط، ويرحم ويعفو، ويفقر ويعطى ويمنع. وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء (42: 11 {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}) وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، ويوعيها ما أراد. وخلق آدم بيده على صورته، والسموات والأرض يوم القيامة فى كفّه، ويضع قدمه فى النار فتزوى، ويخرج قوما من النار بيده، وينظر أهل الجنة إلى وجهه يرونه فيكرمهم، ويتجلّى لهم فيعطيهم، ويعرض عليه العباد يوم القيامة، ويتولى حسابهم بنفسه، لا يلى ذلك غيره عز وجل.
والقرآن كلام الله، تكلم به، ليس بمخلوق. ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمىّ كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل: ليس بمخلوق: فهو أخبث من قول الأوّل، ومن زعم أن ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله: فهو جهمى، ومن لم يكفر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم.
وكلم الله موسى تكليما من (فيه) (1)، وناوله التوراة من يده إلى يده، ولم يزل الله عز وجلّ متكلما، فتبارك الله أحسن الخالقين.
والرؤيا من الله عز وجل، وهى حقّ إذا رأى صاحبها شيئا فى منامه ما ليس هو ضغث، فقصّها على عالم، وصدق فيها، وأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح ولم يحرّف. فالرؤيا حينئذ حق. وقد كانت الرؤيا من الأنبياء عليهم السلام وحى فأى جاهل أجهل ممن يطعن فى الرؤيا، ويزعم أنها ليست بشىء. وبلغنى أن
__________
(1) كذا بالأصول، ولعل فيها تحريفا أو نحوه، فلتحرر(1/29)
من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام. وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم «أن رؤيا المؤمن كلام يكلم الربّ عبده (1)» وقال «إن الرؤيا من الله عز وجل» وبالله التوفيق.
ومن الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة: ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساويهم، والخلاف الذى شجر بينهم. فمن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحدا منهم، أو تنقّصه أو طعن عليهم، أو عرّض بعيبهم، أو عاب أحدا منهم: فهو متبدع رافضى خبيث مخالف، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. بل حبهم سنة، والدّعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وخير الأمّة بعد النبى صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وعمر بعد أبى بكر، وعثمان بعد عمر، وعلى بعد عثمان. ووقف قوم على عثمان. وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الأربعة خير النّاس.
لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب، ولا بنقص. فمن فعل ذلك فقد وجب على السّلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فان تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة وخلّده الحبس، حتى يموت أو يراجع.
ويعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها ويحبهم، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال «حبهم إيمان، وبغضهم نفاق» ولا يقول بقول الشّعوبيّة وأراذل الموالى الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون لهم بفضل. فان لهم بدعة ونفاقا وخلافا
ومن حرّم المكاسب والتجارات، وطيب المال من وجهه: فقد جهل وأخطأ.
وخالف، بل المكاسب من وجهها حلال. فقد أحلها الله عز وجل ورسوله صلى الله
__________
(1) فى نسخة القرشى «يكلم العبد ربه»(1/30)
عليه وسلم. فالرجل ينبغى له أن يسعى على نفسه وعياله من فضل ربه. فان ترك ذلك على أنه لا يرى الكسب: فهو مخالف. وكل أحد أحق بماله الذى ورثه واستفاده، أو أوصى له به أو كسبه، لا كما يقول المتكلمون المخالفون.
والدين إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن، وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة، يصدق بعضها بعضا، حتى ينتهى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. رضوان الله عليهم. والتابعين وتابعى التابعين، ومن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم، المتمسّكين بالسنة، والمتعلقين بالآثار. لا يعرفون بدعة. ولا يطعن فيهم بكذب، ولا يرمون بخلاف.
وليسوا بأصحاب قياس ولا رأى. لأن القياس فى الدين باطل. والرّأى كذلك وأبطل منه. وأصحاب الرأى والقياس فى الدين مبتدعة ضلال، إلا أن يكون فى ذلك أثر عمن سلف من الأئمة الثقات.
ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدا: فهو قول فاسق عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إنما يريد بذلك إبطال الأثر، وتعطيل العلم والسنة، والتفرّد بالرأى والكلام والبدعة والخلاف.
وهذه المذاهب والأقاويل التى وصفت مذاهب أهل السنة والجماعة والآثار، وأصحاب الروايات، وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث، وتعلمنا منهم السنن. وكانوا أئمة معروفين ثقات أصحاب صدق، يقتدى بهم ويؤخذ عنهم.
ولم يكونوا أصحاب بدعة، ولا خلاف ولا تخليط. وهو قول أئمتهم وعلمائهم الذين كانوا قبلهم.
فتمسكوا بذلك رحمكم الله وتعلموه وعلموه. وبالله التوفيق.
ولأصحاب البدع ألقاب وأسماء، لا تشبه أسماء الصالحين ولا العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فمن أسمائهم «المرجئة» وهم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل، وأن
الأيمان قول والأعمال شرائع، وأن الإيمان مجرد، وأن الناس لا يتفاضلون فى إيمانهم، وأن إيمان الملائكة (1) والأنبياء واحد، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الإيمان ليس فيه استثناء، وأن من آمن بلسانه ولم يعمل فهو مؤمن حقا:(1/31)
فمن أسمائهم «المرجئة» وهم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل، وأن
الأيمان قول والأعمال شرائع، وأن الإيمان مجرد، وأن الناس لا يتفاضلون فى إيمانهم، وأن إيمان الملائكة (1) والأنبياء واحد، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الإيمان ليس فيه استثناء، وأن من آمن بلسانه ولم يعمل فهو مؤمن حقا:
قول المرجئة. وهو أخبث الأقاويل، وأضله وأبعده من الهدى.
و «القدرية» وهم الذين يزعمون أن إليهم الاستطاعة والمشيئة والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر، والضر والنفع، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، وأن العباد يعملون بدءا، من غير أن يكون سبق لهم ذلك من الله عز وجل أو فى علمه. وقولهم يضارع قول المجوسية والنصرانية. وهو أصل الزندقة.
و «المعتزلة» وهم يقولون بقول القدرية ويدينون بدينهم. ويكذبون بعذاب القبر، والشفاعة والحوض. ولا يرون الصلاة خلف أحد من أهل القبلة، ولا الجمعة إلا وراء من كان على أهوائهم. ويزعمون أن أعمال العباد ليست فى اللوح المحفوظ.
و «النصيرية» وهم قدرية. وهم أصحاب الحبّة والقيراط. الذين يزعمون أن من أخذ حبة أو قيراطا، أو دانقا حراما فهو كافر. وقولهم يضاهى قول الخوارج.
و «الجهمية» أعداء الله. وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأن الله عز وجل لم يكلم موسى، وأن الله ليس بمتكلم. ولا يتكلم، ولا ينطق. وكلاما كثيرا أكره حكايته. وهم كفار زنادقة أعداء الله.
و «الواقفة» وهم يزعمون أن القرآن كلام الله، ولكن ألفاظنا بالقرآن وقراءتنا له: مخلوقة. وهم جهمية فساق.
__________
(1) كذا، ولعله «العامة»(1/32)
و «الرافضة» وهم الذين يتبرؤن من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبّونهم وينتقصونهم، ويكفرون الأئمة الأربعة: على، وعمار، والمقداد، وسلمان. وليست الرافضة من الإسلام فى شىء.
و «المنصورية» وهم رافضة أخبث من الروافض. وهم الذين يقولون: من قتل أربعين نفسا ممن خالف هواهم دخل الجنة. وهم الذين يخيفون الناس ويستحلون أموالهم. وهم الذين يقولون: أخطأ جبريل عليه السلام بالرسالة.
وهذا هو الكفر الواضح الذى لا يشوبه إيمان. فنعوذ بالله منه.
و «السبئيّة» وهم رافضة. وهم قريب ممن ذكرت مخالفون للأئمة، كذابون وصنف منهم يقولون: علىّ فى السحاب، وعلىّ يبعث قبل يوم القيامة. وهذا كذب وزور وبهتان.
و «الزيدية» وهم رافضة. وهم الذين يتبرؤون من عثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة. ويرون القتال مع كل من خرج من ولد على، برّا كان أو فاجرا، حتى يغلب أو يغلب.
و «الخشبية» وهم يقولون بقول الزيدية. وهم فيما يزعمون ينتحلون حب آل محمد صلى الله عليه وسلم، وكذبوا، بل هم المبغضون لآل محمد صلى الله عليه وسلم دون الناس، إنما الشيعة لآل محمد المتقون، أهل السنة والأثر، من كانوا وحيث كانوا، الذين يحبون آل محمد صلى الله عليه وسلم. وجميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يذكرون أحدا منهم بسوء ولا عيب ولا منقصة. فمن ذكر أحدا من أصحاب محمد عليه السلام بسوء أو طعن عليهم أو تبرأ من أحد منهم أو سبّهم، أو عرض بعيبهم: فهو رافضى خبيث مخبث.
وأما «الخوارج» فمرقوا من الدين، وفارقوا الملة، وشردوا عن الإسلام، وشذوا عن الجماعة، فضلوا عن السبيل والهدى، وخرجوا على السلطان، وسلّوا السيف على الأمة، واستحلّوا دماءهم وأموالهم. وعادوا من خالفهم إلا من قال
بقولهم. وكان على مثل قولهم ورأيهم، وثبت معهم فى بيت ضلالتهم. وهم يشتمون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأصهاره وأختانه. ويتبرءون منهم، ويرمونهم بالكفر والعظائم، ويرون خلافهم فى شرائع الإسلام. ولا يؤمنون بعذاب القبر ولا الحوض ولا الشفاعة، ولا بخروج أحد من النار. ويقولون: من كذب كذبة، أو أتى صغيرة أو كبيرة من الذنوب، فمات من غير توبة: فهو فى النار، خالدا مخلدا أبدا. وهم يقولون بقول البكرية (1) فى الحبة والقيراط. وهم قدرية جهمية مرجئة رافضة. لا يرون الجماعة إلا خلف إمامهم. وهم يرون تأخير الصلاة عن وقتها، ويرون الصوم قبل رؤية الهلال والفطر قبل رؤيته. وهم يرون النكاح بغير ولى ولا سلطان. ويرون المتعة فى دينهم. ويرون الدرهم بدرهمين يدا بيد.(1/33)
وأما «الخوارج» فمرقوا من الدين، وفارقوا الملة، وشردوا عن الإسلام، وشذوا عن الجماعة، فضلوا عن السبيل والهدى، وخرجوا على السلطان، وسلّوا السيف على الأمة، واستحلّوا دماءهم وأموالهم. وعادوا من خالفهم إلا من قال
بقولهم. وكان على مثل قولهم ورأيهم، وثبت معهم فى بيت ضلالتهم. وهم يشتمون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأصهاره وأختانه. ويتبرءون منهم، ويرمونهم بالكفر والعظائم، ويرون خلافهم فى شرائع الإسلام. ولا يؤمنون بعذاب القبر ولا الحوض ولا الشفاعة، ولا بخروج أحد من النار. ويقولون: من كذب كذبة، أو أتى صغيرة أو كبيرة من الذنوب، فمات من غير توبة: فهو فى النار، خالدا مخلدا أبدا. وهم يقولون بقول البكرية (1) فى الحبة والقيراط. وهم قدرية جهمية مرجئة رافضة. لا يرون الجماعة إلا خلف إمامهم. وهم يرون تأخير الصلاة عن وقتها، ويرون الصوم قبل رؤية الهلال والفطر قبل رؤيته. وهم يرون النكاح بغير ولى ولا سلطان. ويرون المتعة فى دينهم. ويرون الدرهم بدرهمين يدا بيد.
ولا يرون الصلاة فى الخفاف ولا المسح عليها. ولا يرون للسلطان عليهم طاعة، ولا لقريش عليهم خلافة، وأشياء كثيرة يخالفون عليها الإسلام. وأهله. وكفى بقوم ضلالة: أن يكون هذا رأيهم ومذهبهم ودينهم. وليسوا من الإسلام فى شىء
ومن أسماء الخوارج: الحرورية. وهم أصحاب حروراء (2) والأزارقة: وهم أصحاب نافع بن الأزرق، وقولهم أخبث الأقاويل، وأبعده من الإسلام والسنة، والنجدية: وهم أصحاب نجدة بن عامر الحرورى، والإباضة: وهم أصحاب عبد الله بن إباض. والصّفّرية: وهم أصحاب داود بن النعمان. والمهلّبية والحارثية والخرّمية. كل هؤلاء خوارج، فساق مخالفون للسّنة، خارجون من الملّة، أهل بدعة وضلالة. والشّعوبية: وهم أصحاب بدعة وضلالة. وهم يقولون: إن العرب والموالى عندنا واحد، لا يرون للعرب حقا. ولا يعرفون لهم فضلا. ولا يحبونهم، بل يبغضون العرب، ويضمرون لهم الغل والحسد والبغضة فى قلوبهم. وهذا قول
__________
(1) سبق قريبا: أن النصيرية هم الذين يقولون بالحبة والقيراط
(2) قرية بالكوفة، كانت بها وقعة على الخوارج بقيادة نجدة بن عامر.(1/34)
قبيح، ابتدعه رجل (1) من أهل العراق فتابعه عليه يسير، فقتل عليه.
وأصحاب الرأى: وهم مبتدعة ضلال، أعداء للسّنة والأثر، يبطلون الحديث، ويردون على الرسول عليه الصلاة والسلام، ويتخذون أبا حنيفة ومن قال بقوله إماما، ويدينون بدينهم. وأى ضلالة أبين ممن قال بهذا، وترك قول الرسول وأصحابه، واتبع قول أبى حنيفة (2) وأصحابه؟ فكفى بهذا غيّا مرديا، وطغيانا.
والولاية بدعة. والبراءة بدعة. وهم الذين يقولون: نتولى فلانا، ونتبرأ من فلان. وهذا القول بدعة فاحذروه.
فمن قال بشىء من هذه الأقاويل، أو رآها أو صوّبها، أو رضيها أو أحبها: فقد خالف السّنة، وخرج من الجماعة، وترك الأثر. وقال بالخلاف، ودخل فى البدعة، وزال عن الطريق. وما توفيقى إلا بالله.
وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة، يسمون بها أهل السّنة، يريدون بذلك عيبهم، والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والإزراء بهم عند السفهاء والجهّال.
فأما المرجئة: فإنهم يسمون أهل السّنة: شكّاكا، وكذبت المرجئة، بل هم بالشك أولى، وبالتكذيب أشبه.
وأما القدرية: فإنهم يسمون أهل السنة: والإثبات، مجبرة. وكذبت القدرية، بل هم أولى بالكذب والخلاف، ألغوا قدر الله عز وجل عن خلقه. وقالوا: ليس له بأهل. تبارك وتعالى.
وأما الجهمية: فإنهم يسمون أهل السّنة: المشبّهة، وكذبت الجهمية أعداء الله، بل هم أولى بالتشبيه والتكذيب، افتروا على الله عز وجل الكذب، وقالوا الإفك والزّور، وكفروا بقولهم.
__________
(1) المشهور: أن الذى كان يدعو إلى الشعوبية، ويتكلم فى مثالب العرب هو:
أبو عبيدة معمر بن المثنى، لكنه لم يقتل، فالله أعلم.
(2) بياض بالأصول.(1/35)
وأما الرافضة: فإنهم يسمون أهل السّنة: الناصبة، وكذبت الرافضة، بل هم أولى بهذا. لانتصابهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسب والشتم، وقالوا فيهم بغير الحق، ونسبوهم إلى غير العدل كفرا وظلما. وجرأة على الله عز وجل، واستخفافا بحق الرسول صلى الله عليه وسلم. وهم أولى بالتعيير والانتقام منهم.
وأما الخوارج: فإنهم يسمون أهل السّنة والجماعة: مرجئة. وكذبت الخوارج فى قولهم، بل هم المرجئة، يزعمون أنهم على إيمان وحق دون الناس. ومن خالفهم كافر
وأما أصحاب الرأى: فإنهم يسمون أصحاب السنة: نابتة، وحشوية. وكذب أصحاب الرأى أعداء الله، بل هم النابتة والحشوية، تركوا آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وحديثه، وقالوا بالرأى، وقاسوا الدين بالاستحسان، وحكموا بخلاف الكتاب والسنة. وهم أصحاب بدعة، جهلة ضلال، وطلاب دنيا بالكذب والبهتان.
رحم الله عبدا قال بالحق واتبع الأثر. وتمسك بالسنة واقتدى بالصالحين.
وبالله التوفيق.
اللهم ادحض باطل المرجئة، وأوهن كيد القدرية، وأذل دولة الرافضة، وامحق شبه أصحاب الرأى، واكفنا مؤنة الخارجية. وعجل الانتقام من الجهمية.
حرف الحاء
10 - أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد
، أبو عبد الله الصوفى
سمع عليّ بن الجعد، وأبا نصر التمار، ويحيى بن معين فى آخرين. نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: حضرت مجلس أحمد بن حنبل فى شعبان من سنة سبع وعشرين ومائتين، وعنده الهيثم بن خارجة، فسئل عن المسح على الرأس؟ فأومأ بيديه من
مقدم رأسه، وردهما إلى مؤخره، ثم ردهما من مؤخره إلى مقدمه. فسئل وأنا أسمع: الرّدة بماء جديد؟ قال: بماء جديد.(1/36)
منها قال: حضرت مجلس أحمد بن حنبل فى شعبان من سنة سبع وعشرين ومائتين، وعنده الهيثم بن خارجة، فسئل عن المسح على الرأس؟ فأومأ بيديه من
مقدم رأسه، وردهما إلى مؤخره، ثم ردهما من مؤخره إلى مقدمه. فسئل وأنا أسمع: الرّدة بماء جديد؟ قال: بماء جديد.
أخبرنا الوالد السعيد قراءة قال أخبرنا على بن عمر الحربى قال حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا يحيى بن معين حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن الفضيل بن أبى عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلمى عن عروة عن عائشة «أن رجلا من المشركين لحق بالنبى صلى الله عليه وسلم، يقاتل معه.
فقال: ارجع، فإنا لا نستعين بأحد من المشركين هناك».
قال الوالد السعيد: هذا حديث صحيح. أخرجه مسلم بن الحجاج عن زهير ابن حرب عن عبد الرحمن ابن مهدى (1).
ومات يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة ست وثلاثمائة. ذكره القاضى أحمد بن كامل. وسئل الدارقطنى عنه؟ فقال: ثقة
11 - أحمد بن الحسن أبو الحسن الترمذى.
حدث البخارى عنه فى الصحيح عن إمامنا أحمد، فيما أنبأنا الوالد السعيد: أخبرنا محمد بن أبى القوارس قال أخبرنا أحمد بن عبد الله السّرخسي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربرى أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخارى قال: حدثنى أحمد بن الحسن حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال حدثنا معتمر بن سليمان عن كهمس عن ابن بريدة
__________
(1) لفظ الحديث عند مسلم فى باب كراهة الاستعانة فى الغزو بكافر قالت عائشة «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل بدر. فلما كان بحرة الوبرة:
أدركه رجل، قد كان يذكر منه جرأة ونجدة. ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه. فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟ قال:
لا. قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك الحديث بطوله»(1/37)
عن أبيه رضى الله عنه قال «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشر غزوة».
ونقل عن إمامنا مسائل كثيرة.
قال أبو بكر الخلال: حدثنا عنه الأكابر بخراسان بمسائله عن أحمد، منهم محمد بن المنذر. قال حدثنا أحمد بن الحسن الترمذى، قال: أملى علينا أبو عبد الله: «من فلان إلى فلان. فأما ما ذكرت من قولهم: إذا فرّق القاضى بين الرجل وامرأته بشهادة رجلين، ثم تزوج المرأة أحد الشاهدين، وينبغى أن يكون شهادتهما عليه زورا: فهى له حلال. فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال فيما حدثنا به يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أبى سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إنكم تختصمون إلىّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضى له بما يقول. فمن قضيت له من حق أخيه بشىء، فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها»
وقال أحمد بن الحسن الترمذى: سألت أبا عبد الله وقلت له: أكتب كتب الشافعى؟ فقال: ما أقل ما يحتاج صاحب حديث إليها. رواه أبو بكر الخلال فى العلم عن محمد بن المنذر عن أحمد بن الحسن الترمذى.
وأنبأنا عمر بن الليث البخارى حدثنا أبو بكر الحيرى الحافظ وأبو محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبى عمر والحيرى قالا حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيّع الحافظ. قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلى يقول:
سمعت أبا اسماعيل الترمذى يقول: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذى عند أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل. فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله، ذكروا لابن أبى قتيلة بمكة أصحاب الحديث، فقال: أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه. ويقول: زنديق، زنديق، زنديق.
ودخل البيت.(1/38)
12 - أحمد بن الحسين بن حسان
، من أهل سرّ من رأى، صحب إمامنا أحمد، وروى عنه أشياء.
منها قال: سئل أحمد بن حنبل: لمن تجب النفقة؟ فقال: للأخ. وسئل أحمد: لمن تجب النفقة؟ قال للعمّ: وابن العم، وكلّ من كان من العصبة.
قال: وقال رجل لأبى عبد الله: أريد أن أكتب هذه المسائل، فإنى أخاف النّسيان. قال له أحمد: لا تكتب شيئا. فإنى أكره أن أكتب رأيى.
وأحسّ مرة بإنسان يكتب ومعه ألواح فى كمّه. فقال: لا تكتب رأيى، لعلى أقول الساعة بمسألة ثم أرجع غدا عنها.
13 - أحمد بن حميد أبو طالب المشكانى المتخصص بصحبة إمامنا أحمد.
روى عن أحمد مسائل كثيرة. وكان أحمد يكرمه ويعظمه. روى عنه أبو محمد فوزان، وزكريا بن يحيى وغيرهما. وذكره أبو بكر الخلال فقال: صحب أحمد قديما إلى أن مات. وكان أحمد يكرمه ويقدمه، وكان رجلا صالحا، فقيرا صبورا على الفقر فعلمه أبو عبد الله مذهب القنوع والاحتراف، ومات قديما بالقرب من موت أبى عبد الله. ولم تقع مسائله إلى الأحداث.
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجى حدثنا أبو طالب أن أبا عبد الله قال له رجل:
كيف يرقّ قلبى؟ قال: ادخل المقبرة، وامسح رأس اليتيم.
قال أبو طالب: وسئل أحمد، وأنا شاهد: ما الزهد فى الدنيا؟ قال: قصر الأمل، والإياس مما فى أيدى الناس.
وقال أبو طالب: قال أحمد: والتعريف عشية عرفة فى الأمصار: لا بأس به، إنما هو دعاء. وذكر الله عز وجل. وأول من فعله ابن عباس وعمرو ابن حريث، وفعله إبراهيم (1).
__________
(1) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام فى الفتاوى على بدعة التعريف هذه(1/39)
وقال فى رواية أبى طالب فى الرجل يحلف واليمين على غير ذلك فاليمين على نية ما يحلّفه صاحبه، إذا لم يكن مظلوما، وإذا كان مظلوما حلف على نيته.
ولم يكن له من نية الذى حلّفه شىء.
وقال أبو طالب: سألت أحمد عن الخفاش يكون فى المسجد يبول، فيصيب الرجل؟ فقال: أرجو أن لا يضره. قلت: إن كان كثيرا نجس؟ قال: ما أدرى؟
قلت: أليس البول قليله وكثيره يغسل؟ قال: ذاك بول الإنسان، قلت: هذا لا يؤكل لحمه، يغسل؟ قال: إن كان كثيرا يغسل.
وقال أبو طالب: سمعت أحمد يقول: إذا أخذ شعره: إن شاء مسح على رأسه وإن شاء لم يمسح، قلت: لا يكون مثل العمامة؟ قال: لا، العمامة يمسح عليها، والخف يمسح عليه. فإذا خلع أعاد. والشعر إذا مس بالرأس يصيبه الماء، ويبلغ أصول الشعر، فإذا أخذ الشعر فالماء قد أصاب ما بقى من شعره. وليس هو مثل العمامة والخف.
وقال أبو طالب: أخبرونى عن الكرابيسى أنه ذكر قول الله (5: 3 {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلََامَ دِيناً}) قال:
لو أكمل لنا ديننا ما كان هذا الاختلاف. فقال يعنى أحمد بن حنبل هذا الكفر صراحا.
مات أبو طالب سنة أربع وأربعين ومائتين، ذكره ابن قانع.
14 - أحمد بن حرب بن مسمع
، روى عن إمامنا أحمد. ذكره ابن ثابت الحافظ (1). فقال: أخبرنا محمد بن الحسين الأزرق، قال أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوى، حدثنا أحمد بن حرب بن مسمع حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير قال حدثنى هشام بن عروة عن أبيه
__________
(1) هو الحافظ أبو بكر، أحمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادى. المتوفى سنة 463، وتاريخه لبغداد مشهور، ومطبوع(1/40)
عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أبشر خديجة ببيت فى الجنة من قصب».
15 - أحمد بن حبان أبو جعفر القطيعى، ويعرف بشامط.
حدث عن أسود بن عامر شاذان. ويحيى بن إسحاق السّليحينى وإمامنا أحمد. روى عنه محمد بن مخلد. وذكر أنه كتب عنه فى مجلس عباس الدورى سنة تسع وخمسين ومائتين.
قال أبو بكر الخلال. أخبرنى الحسن بن الهيثم قال: سمعت أبا جعفر شامط القطيعى يقول: دخلت على أبى عبد الله. فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ فقال:
ما أحب ذلك. قلت: أتوضأ بماء الباقلاء؟ قال: ما أحب ذلك، قلت: أتوضأ بماء الورد؟ قال: ما أحب ذلك، قال: فقمت، فتعلق بثوبى، ثم قال: إيش تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكتّ، فقال: وإيش تقول إذا خرجت من المسجد؟
فسكت، فقال: اذهب فتعلم هذا.
16 - أحمد بن أبي بكر بن حماد المقرى
، نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن حسين الكرابيسى؟ فقال: جهمى.
17 - أحمد بن حفص السعدى
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: قرأت على أحمد بن حنبل. حدثكم أحمد الأزرق حدثنا شريك عن بيان عن قيس عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبردوا بالظهر. فإن شدة الحر من فيح جهنم» كان يسأل عن هذا الحديث، ولأجله تكلم فى ابن الحمانى، سأله أن يحدثه به، فلم يفعل. فحدث به عنه.(1/41)
حرف الخاء
18 - أحمد بن خالد الخلال.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: أن بعض القضاة أنفذ إلى أحمد يسأله عن نسب رجل قد شهد عنده به شاهد واحد، وكان أحمد عارفا بذلك الرجل، فقال أحمد للشاهدين: هذا فلان بن فلان الفلانى، أعرفه باسمه وعينه ونسبه، فشهدا عند الحاكم بما قال أحمد فقال له الحاكم: ثبت نسبك، فقدم خصمك.
قال الوالد السعيد: فاقتصر أحمد فى الشهادة على النسب دون الحلية.
مات سنة سبع وأربعين ومائتين.
19 - أحمد بن خليل القومسى
، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: رفيع القدر سمع من أبى عبد الله مسائل أغرب فيها على أصحابه.
أنبأنا على عن ابن بطة حدثنا أبو بكر بن الآجرى حدثنا المروزى، قال:
سمعت أحمد بن الخليل يقول: حدثنى الحسن بن عيسى قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول لابن المبارك: قرأت القرآن على عاصم بن أبى النّجود، فكان يأمرنى أن أقرأ عليه كل يوم آية لا أزيد عليها. ويقول: إن هذا أثبت لك، فلم آمن أن يموت الشيخ قبل أن أفرغ من القرآن، فما زلت أطلب إليه حتى أذن لى فى خمس آيات كل يوم.
وبه حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا الحسن بن عيسى قال: كان المبارك أبو عبد الله يكنى بأبى مالك. وكان بزازا. وكان موسرا. وكان له سبع بنات.
ولم يكن له ذكر غير عبد الله. وكان يقول: لى سبع بنات وثامنهن عبد الله.
لما يرى من لينه وسكونه وحيائه. كأنه جارية. وورث عبد الله عن أبيه حصته مائة ألف درهم.
20 - أحمد بن الخصيب بن عبد الرحمن.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال:
مشهور بطرسوس كان له حلقة فقه ورئيس قومه. نقل عن إمامنا مسائل جيادا.(1/42)
حرف الدال
21 - أحمد بن داود ابو سعيد الحداد الواسطى.
نزل بغداد، وحدث بها عن حماد بن زيد. وخالد بن عبد الله. ومحمد بن يزيد الكلاعى، وعبد الرحمن بن مهدى. نقل عن إمامنا أشياء.
منها أنه قال: دخلت على أحمد الحبس قبل الضرب. فقلت له فى بعض كلامى: يا أبا عبد الله، عليك عيال، ولك صبيان. وأنت معذور. كأنى أسهل عليه الإجابة. فقال لى أحمد بن حنبل: إن كان هذا عقلك يا أبا سعيد فقد استرحت.
وسئل يحيى بن معين عن أبى سعيد الحداد؟ فقال: كان ثقة صدوقا. وقال البخارى: مات أبو سعيد الحداد سنة إحدى، أو اثنين، وعشرين ومائتين.
حرف الراء
22 - أحمد بن الربيع بن دينار.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قال أحمد: بلغنى أن الكوسج يروى عنى مسائل بخراسان، اشهدوا أنى قد رجعت عن ذلك كله.
قلت أنا: وقد روى أبو نعيم بن عدى الحافظ قال: قلت لصالح بن أحمد بن حنبل: عندنا شيخ يروى حكاية عن أبى عبد الله، أنه قال: قد رجعت عما رواه، إسحاق الكوسج عنه. وذكرت له هذه الحكاية، فقال لى صالح: إنى بلغنى أن إسحق بن منصور يعنى الكوسج يروى بخراسان هذه المسائل التى سألك عنها، ويأخذ عليها الدراهم. فغضب أبى من ذلك واغتم مما أعلمته. فقال:
يسألونى عن المسائل ثم يحدثون بها، ويأخذون عليها؟ وأنكر إنكارا شديدا.
فقلت له: إن أبا نعيم الفضل بن دكين كان يأخذ على الحديث. فقال: لو علمت هذا ما رويت عنه شيئا. قال صالح: ثم إن إسحق بن منصور قدم بعد ذلك بغداد فصار إلى أبى. فأعلمته أنه على الباب، فأذن له، ولم يتكلم معه بشىء من ذلك.(1/43)
وقال حسان بن محمد: سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحق بن منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل التى علقها. قال: فجمع إسحق ابن منصور تلك المسائل فى جراب وحملها على ظهره، وخرج راجلا إلى بغداد، وهى على ظهره. وعرض خطوط أحمد عليها فى كل مسألة استفتاه فيها. فأقرّ له بها ثانيا. وأعجب بذلك أحمد من شأنه.
حرف الزاى
23 - أحمد بن أبى خيثمة زهير بن حرب بن شداد
، أبو بكر، نسائى الأصل.
سمع منصور بن سلمة الخزاعى، ومحمد بن سابق، وعفان بن مسلم، والفضل بن دكين وغيرهم. وكان ثقة عالما متقنا حافظا، بصيرا بأيام الناس، راوية للأدب.
أخذ علم الحديث عن إمامنا أحمد، ويحيى بن معين، وعلم النسب عن مصعب الزبيرى، وأيام الناس عن أبى الحسن المدائنى. والأدب عن محمد بن سلّام الجمحى. وله كتاب التاريخ.
روى عنه خلق كثير. منهم: أبو الحسين بن المنادى. فقال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنى على بن عبد الله عن سفيان يعنى ابن عيينة قال سمعت ابن أبى خالد يعنى إسماعيل يقول: رأيت بيد عبد الله بن أبىّ ضربة. فقلت له: متى أصابتك هذه؟ قال: يوم أحد.
وذكره الدارقطنى. فقال: ثقة مأمون. ومات فى جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومائتين. وقد كان بلغ أربعا وتسعين سنة.
24 - أحمد بن زهير
ممن روى عن إمامنا، فيما أخبرنا أبو محمد الخطيب الصّريفيى، قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة حدثنا عبد الله البغوى قال حدثنى أحمد بن زهير قال سمعنا أحمد بن حنبل يقول: حدثنا يحيى بن سعيد قال: قال شعبة: أتانى سليمان التيمى وابن عون يعزّيانى بأبى.(1/44)
25 - أحمد بن زرارة المقرى، أبو العباس.
روى عن إمامنا أحمد فيما حدثنا أحمد بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين ابن حسنون النّرسيى قال: أخبرنا الدارقطنى قال أخبرنا أحمد بن محمود السراج الأصم، قال سمعت أبا العباس أحمد بن زرارة المقرىء يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: من لم يربّع بعلى ابن أبى الطالب فى الخلافة، فلا تكلموه، ولا تناكحوه.
حرف السين
26 - أحمد بن سعيد أبو العباس اللحيانى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد عن النسب: بأى شىء يثبت؟ قال. بإقرار الرجل أنه ابنه، أو يهنّأ به فلا ينكر، أو يولد على فراشه.
27 - أحمد بن سعيد بن ابراهيم، أبو عبد الله الرباطى.
من أهل مرو.
سمع وكيع بن الجراح، وعبيد الله بن موسى، ووهب بن جرير، وسعيد ابن عامر، وعبد الرزاق بن همام. روى عنه البخارى ومسلم فى الصحيحين فى آخرين.
وكان ثقة. ورد بغداد وجالس إمامنا. وسمع منه أشياء.
قال أحمد بن سعيد الرباطى: قدمت على أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إلىّ. فقلت: يا أبا عبد الله، إنه يكتب عنى بخراسان، وإن عاملتنى بهذه المعاملة رموا بحديثى. فقال لى: يا أحمد، هل بدّ يوم القيامة من أن يقال: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ انظر أين تكون أنت منه. قال: قلت: يا أبا عبد الله إنما ولانى أمر الرباط. لذلك دخلت فيه، قال: فجعل يكرر على: يا أحمد، هل بد يوم القيامة من أين يقال: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ فانظر أين تكون أنت منه؟ توفى سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
28 - أحمد بن سعيد أبو جعفر الدارمى.
نقل عن إمامنا أشياء.
فروى عبد الرحمن بن أبى حاتم حدثنا زكريا بن داود بن بكر النيسابورى
حدثنا أحمد بن سعيد الدارمى قال قلت لأحمد بن حنبل: أقول لك قولى، وإن أنكرت منه شيئا فقل: إنى أنكره، قلت له: نحن نقول: القرآن كلام الله من أوله إلى آخره. ليس منه شىء مخلوق، ومن زعم أن شيئا منه مخلوق فهو كافر، فما أنكر منه شيئا ورضيه.(1/45)
فروى عبد الرحمن بن أبى حاتم حدثنا زكريا بن داود بن بكر النيسابورى
حدثنا أحمد بن سعيد الدارمى قال قلت لأحمد بن حنبل: أقول لك قولى، وإن أنكرت منه شيئا فقل: إنى أنكره، قلت له: نحن نقول: القرآن كلام الله من أوله إلى آخره. ليس منه شىء مخلوق، ومن زعم أن شيئا منه مخلوق فهو كافر، فما أنكر منه شيئا ورضيه.
وقال محمد بن الحسين بن الترك: سمعت أبا جعفر أحمد بن سعيد الدارمى يقول: كتب أبو عبد الله أحمد بن حنبل لأبى جعفر أكرمه الله: من أحمد ابن حنبل.
أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن ابن على الصيرفى حدثنا أبو أحمد الحسينى بن على بن محمد بن يحيى التميمى المعروف بحسينك حدثنا أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث بن محمد بن مجاهد حدثنى أحمد بن سعيد الدارمى قال سمعت أحمد بن حنبل رضى الله عنه يقول: يزيد بن زريع ريحانة البصرة
29 - أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى أبو إبراهيم.
سمع على بن الجعد، وعلى بن بحر بن برى، ومحمد بن سلّام الجمحى وإسحق بن موسى الأنصارى، وإمامنا أحمد.
قال أبو بكر الخلال: كانت عنده عن أبى عبد الله مسائل حسانا. وذكره أبو الحسين بن المنادى فى جملة من روى عن أحمد. وكان مذكورا بالعلم والفضل، موصوفا بالصلاح والزهد، من أهل بيت كلهم علماء محدثون، وتوفى فى المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائتين. وقد بلغ خمسا وسبعين سنة. ودفن فى مقبرة التبانين.
قال أبو الحسين بن المنادى: أخبرنا أبو إبراهيم الزهرى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنى عبد الرحمن بن مهدى عن زائدة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال «صلى النبى صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهر، ثم تحولت القبلة بعد».(1/46)
وبه قال: حدثنا عبد الرزاق قال قال معمر: إن الرجل ليطلب العلم لغير الله. فيأبى عليه العلم حتى يكون لله عز وجل.
وقال أحمد بن سعد الزهرى: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الليث ابن سعد؟ فقال: ثقة. ثبت.
30 - أحمد بن سعد الجوهرى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أحد على أهل الإسلام أضر من الجهمية، ما يريدون إلا إبطال القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
31 - أحمد بن سهل أبو حامد.
سمع من إمامنا فيما أنبأنا أبو الغنائم الكوفى أخبرنا محمد بن على الحسنى أخبرنا محمد بن جعفر بن هارون حدثنا ابن عقدة حدثنا أبو حامد أحمد بن سهل قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث «الأعمال بالنيات» و «الحلال بين والحرام بين» و «من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد».
حرف الشين
32 - أحمد بن شاذان بن خالد الهمدانى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد يقول: من قال: لفظه بالقرآن مخلوق، فهو جهمى مخلّد فى النار خالدا فيها. ثم قال: وهذا شرك بالله العظيم.
33 - أحمد بن شاذان العجلى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد يقول: سافرت فى طلب العلم والسنة: إلى الثغور والشامات، والسواحل والمغرب والجزائر، ومكة والمدينة، والحجاز واليمن، والعراقين جميعا، وأرض حوران وفارس، وخراسان والجبال، والأطراف.
34 - أحمد بن شبوية
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قدمت بغداد على أن أدخل على الخليفة وآمره وأنهاه، فدخلت
على أحمد بن حنبل، فاستشرته فى ذلك. فقال: إنى أخاف عليك أن لا تقوم بذلك. وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: إذا كان الرجل كفوا للمرأة فى المال والحسب، إلا أنه يشرب المسكر. فإن المرأة لا تزوج به، ليس كفوا لها.(1/47)
منها قال: قدمت بغداد على أن أدخل على الخليفة وآمره وأنهاه، فدخلت
على أحمد بن حنبل، فاستشرته فى ذلك. فقال: إنى أخاف عليك أن لا تقوم بذلك. وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: إذا كان الرجل كفوا للمرأة فى المال والحسب، إلا أنه يشرب المسكر. فإن المرأة لا تزوج به، ليس كفوا لها.
35 - أحمد بن شاكر.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا لم يرفع يعنى يديه فى الصلاة فهو ناقص الصلاة.
36 - أحمد بن الشهيد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: عزّانى أحمد بن حنبل، فقال: آجرنا الله وإياك فى هذا الرجل
حرف الصاد
37 - أحمد بن صالح أبو جعفر المصرى، طبرى الأصل.
سمع عبد الله بن وهب، وعيينة بن خالد، وعبد الله بن نافع، وإسماعيل بن أبى أويس. وكان أحد حفاظ الاثر، عالما بعلل الحديث. بصيرا باختلافه.
ورد بغداد، وجالس بها الحفاظ. وكتب عن إمامنا حديثا، ثم رجع إلى مصر فأقام بها، وانتشر عند أهلها علمه. وحدث عنه محمد بن يحيى الذهلى، والبخارى ويعقوب الفسوى وغيرهم.
وقال أبو داود: كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح. وكان لا يحدث عنه. وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث. وكان لا يحدث عنه. وحدث أحمد بن صالح ولم يبلغ الأربعين. وكتب عباس العنبرى عن رجل عنه.
وقال أبو زرعة الدمشقى: سألنى أحمد بن حنبل قديما: من بمصر؟ قلت:
بها أحمد بن صالح. فسر بذلك، ودعا له.
وقال أبو بكر بن زنجويه: قدمت مصر، فأتيت أحمد بن صالح فسألنى:
من أين أنت؟ قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟
قلت: أنا من أصحابه. فقال: تكتب لى موضع منزلك، فإنى أريد أن أوافى العراق حتى تجمع بينى وبين أحمد بن حنبل. فكتبت له. فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتى عشرة إلى عفان، فسأل عنى فلقينى، فقال: الموعد الذى بينى وبينك. فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، فاستأذنت له، فقلت: أحمد ابن صالح بالباب. فأذن له. فقام إليه، ورحّب به وقربه، وقال له: بلغنى عنك أنك جمعت حديث الزهرى، فتعال حتى نتذاكر ما روى الزهرى عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران، لا يغرب أحدهما على الآخر، حتى فرغا.(1/48)
من أين أنت؟ قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟
قلت: أنا من أصحابه. فقال: تكتب لى موضع منزلك، فإنى أريد أن أوافى العراق حتى تجمع بينى وبين أحمد بن حنبل. فكتبت له. فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتى عشرة إلى عفان، فسأل عنى فلقينى، فقال: الموعد الذى بينى وبينك. فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، فاستأذنت له، فقلت: أحمد ابن صالح بالباب. فأذن له. فقام إليه، ورحّب به وقربه، وقال له: بلغنى عنك أنك جمعت حديث الزهرى، فتعال حتى نتذاكر ما روى الزهرى عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران، لا يغرب أحدهما على الآخر، حتى فرغا.
قال: وما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح:
تعال حتى نتذاكر ما روى الزهرى عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر، إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: عند الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم «ما يسرنى أن لى حمر النعم وأن لى حلف المطيبين» فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا؟
فجعل أحمد يتبسم، ويقول: رواه عن الزهرى رجل مقبول، أو صالح عبد الرحمن بن إسحاق فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثناه رجلان ثقتان.
اسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل. فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل:
سألتك بالله إلا ما أمليته على. فقال أحمد: من الكتاب. فقام ودخل، وأخرج الكتاب وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث، كان كثيرا، ثم ودعه وخرج.
وتوفى يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذى القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين بمصر.
وقد أخبرنا بهذا الحديث أبو جعفر بن المسلمة قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا أحمد بن سليمان الطوسى حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنى أبو خيثمة
زهير بن حرب قال حدثنى إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «شهدت، وأنا غلام مع عمومتى: حلف الفضول، فما أحب أن لى به حمر النعم، وإنى أنكثه».(1/49)
وقد أخبرنا بهذا الحديث أبو جعفر بن المسلمة قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا أحمد بن سليمان الطوسى حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنى أبو خيثمة
زهير بن حرب قال حدثنى إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «شهدت، وأنا غلام مع عمومتى: حلف الفضول، فما أحب أن لى به حمر النعم، وإنى أنكثه».
وأنبأنا عاصم بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمر بن المهدى حدثنا عثمان بن أحمد ابن يزيد الدقاق إملاء حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ حدثنا عفان حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «شهدت وأنا غلام مع عمومتى حلف المطيبين. فما أحب أن أنكته وأن لى حمر النعم».
38 - أحمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل.
نقل عن جده إمامنا أحمد، فيما أخبرناه أبو بكر نزيل دمشق قراءة قال حدثنى أبو القاسم الأزهرى حدثنا أبو الحسن الدارقطنى حدثنا محمد بن أحمد بن صالح بن حنبل إملاء علينا فى مجلس أبى محمد البربهارى حدثنا أبى أحمد بن صالح حدثنا جدى أحمد بن حنبل حدثنا روح بن عبادة عن مالك بن أنس عن سفيان الثورى عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة قالت: «كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد».
39 - أحمد بن الصباح الكندى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما نقلته من كتاب السنة للخلال، فقال: أخبرنى أحمد بن الصباح، الكندى بالقلزم (1) قال: سألت أحمد بن حنبل: كم بيننا وبين عرش ربنا؟
قال: دعوة مسلم يجيب الله دعوته.
__________
(1) قرية على الساحل الشرقى لبحر القلزم البحر الأحمر قرب أيلة والطور(1/50)
حرف العين
40 - أحمد بن عبد الله بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى، ابن عم إمامنا.
جالس إمامنا، وسمع منه أشياء. وحدث عن محمد بن الصباح الدولابى.
روى عنه عبد الله بن إمامنا أحمد وغيره.
41 - أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق بن عطية.
أبو عبد الله بن أبى عوف الزورى المعدل. سمع سويد بن سعيد، وعثمان بن أبى شيبة، وعمرو بن محمد الناقد. ومحمود بن غيلان، وخلقا كثيرا. نقل عن إمامنا مسائل.
منها: ما أنبأنا يوسف المهراوى قال أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه قال أخبرنا حبيب القزاز حدثنا أحمد بن أبى عوف قال: حضرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وسأله رجل خراسانى: إن أمى أذنت لى فى الغزو، وإنى أريد الخروج إلى طرسوس، فما ترى؟ فقال له: اغز الترك. وأحسب أبا عبد الله ذهب إلى قول الله عز وجل (9: 123 {قََاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفََّارِ}).
قال: وسمعت أبا عبد الله وسئل عن بيع النرجس ممن يشرب المسكر؟
فكرهه.
وذكره ابراهيم الحربى، فقال: أحد عجائب الدنيا. وذكره مرة أخرى فقال:
ابن أبى عوف: عفيف اللسان، عفيف الفرج، عفيف الكف.
وذكره الدارقطنى فقال: ثقة وأبوه وعمه.
وقال أبو الحسين بن المنادى: مات أبو عبد الله بن أبى عوف فى شوال سنة سبع وتسعين ومائتين. وسنه نيّف وثمانون سنة.
وفيها مات محمد بن داود الفقيه فى شهر رمضان.
42 - أحمد بن عمر بن هارون البخارى، أبو سعيد.
حدث عن إمامنا فيما ذكره أحمد المؤرخ بإسناده عنه قال: كنت عند أحمد
ابن حنبل، فناوله رجل مصرى كتابا، وقال له: يا أبا عبد الله، هذه أحاديثك أرويها عنك؟ فنظر فى الكتاب، وقال له: إن كان عنى فاروه.(1/51)
حدث عن إمامنا فيما ذكره أحمد المؤرخ بإسناده عنه قال: كنت عند أحمد
ابن حنبل، فناوله رجل مصرى كتابا، وقال له: يا أبا عبد الله، هذه أحاديثك أرويها عنك؟ فنظر فى الكتاب، وقال له: إن كان عنى فاروه.
43 - أحمد بن عثمان بن سعيد بن أبى يحيى، أبو بكر الأحول المعروف بكرنيب.
سمع على بن بحر القطان، ومحمد بن داود الحدّانى، وكثير بن يحيى، وإمامنا أحمد فى آخرين. وروى عند محمد بن مخلد، ومحمد بن جعفر الطيرى وذكره أبو الحسين بن المنادى. فقال: كان أحد الحفاظ للحديث.
نقل عن إمامنا مسائل منها قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل قلت:
أبيع للجند؟ فتبسم وقال: الدرهم، أين ضرب؟ أليس فى دارهم؟ ومات سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
44 - أحمد بن على بن سعيد، أبو بكر.
أصله من مرو. وقيل أصله بغدادى. ولى قضاء حمص ونزلها. فحدث بها عن إمامنا أحمد وغيره، روى عنه أبو عبد الرحمن النسائى وغيره. وذكره النسائى فقال: ثقة.
45 - أحمد بن على بن مسلم، أبو العباس النخشبى، المعروف بالأبار.
سكن بغداد. وحدث بها عن مسدد، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وأميّة بن بسطام فى آخرين. وجالس إمامنا، وسأله عن أشياء.
منها قال: سمعت أبا عبد الله، وقال له رجل: حلفت بيمين ما أدرى إيش هى؟ فقال: لشأنك إذا دريت دريت أنا. وقال أحمد بن على الأبار: رأيت أبا عبد الله يقرأ فى صلاة العصر خلف الإمام.
وسئل الدارقطنى عنه؟ فقال: ثقة.
ومات يوم الأربعاء النصف من شعبان سنة تسعين ومائتين. ذكره الخطيب.
46 - أحمد بن العباس بن الأشرس، أبو العباس، وقيل: أبو جعفر.(1/52)
سمع عمرو بن دينار (1) الواسطى، وأبا إبراهيم الترجمانى، وخالد بن سالم ومحمد بن قدامة الجوهرى. وذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد.
فنقلت من كتاب الروايتين للوالد السعيد، قال: واختلفت الراواية في الخنثى إذا مات. فنقل أحمد بن أبى عبدة: أنه ييمّم، لأنه يحتمل أن يكون ذكرا. فلا تغسله النساء. ويحتمل أن يكون أنثى، فلا يغسله الرجال. ونقلى أحمد بن أشرس أنه يغسله الرجال، ويصلون عليه. ومعناه: أنه يغسل من فوق ثوب، كما قلنا فى الرجل إذا مات بين النساء، والمرأة بين الرجال.
ومات فجأة يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين ومائتين بالجانب الغربى بشارع باب حرب درب الشجر.
حرف الفاء
47 - أحمد بن العرات بن خالد الرازى، أبو مسعود الضبى الأصبهانى.
سمع يزيد بن هرون، وأبا اليمان، وعبد الرزاق فى آخرين.
أخبرنا الإمام عبد الرحمن بن منده إجازة قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر يقول: حكى يوسف بن محمد سمعت أبا عمران الطرسوسى يقول: ما تحت أديم السماء أحد أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبى مسعود الرازى.
وبه قال: أخبرنا أبى رحمه الله قال: قرأت فى كتاب محمد بن إبراهيم الكنانى الإصفهانى: حدثنا أبو مسعود الرازى قال: وروى عنه عبد الرزاق، ورحل إليه أبو داود السجستانى. وذكره أحمد بن حنبل رضى الله عنه بالحفظ وإظهار السنة باصبهان.
وبه قال: أخبرنا أبى قال: وذكر العباس بن حمدان عن إبراهيم بن أرومة
__________
(1) كانت فى الأصل «زياد»(1/53)
قال: بقى اليوم فى الدنيا ثلاثة: محمد بن يحيى الذهلى. بخراسان، وأبو مسعود باصبهان، والحسن بن علىّ الحلوانى بمكة. فأكثرهم حديثا: محمد بن يحيى.
وأحسنهم حديثا: أبو مسعود، وأرفعهم حديثا: الحسن بن علىّ الحلوانى.
وبه أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر سمعت أبا عروبة يقول: أبو مسعود الرازى: فى عداد ابن أبى شيبة فى الحفظ.
وبه أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر سمعت ابن الأصفر يقول: جالست أحمد وابن أبى شيبة وعليّا ونعيما وذكر عدة فما رأيت رجلا أحفظ لما ليس عنده من أبى مسعود.
نقل أبو مسعود عن إمامنا أحمد جواز عيادة المسلم للذمى. ذكره والدى فى كتاب الروايتين. قال: ونقل جعفر بن محمد عن أحمد خلاف ذلك، فقال:
لا، ولا كرامة. قال: ووجهه قوله عليه الصلاة والسلام «لا تبدؤوهم بالسلام» ووجه ما نقله أبو مسعود: ما روى أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا أو نصرانيا. فقال له: كيف أنت يا يهودى؟ أو كيف أنت يا نصرانى؟».
وروى أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد رجلا على غير دين الإسلام لم يجلس عنده».
قال: فأما تعزية أهل الذمة فتخرج على روايتين، كالعيادة.
ونقل عن إمامنا أشياء، منها قال: قال أحمد: من دل على صاحب رأى ليفتنه، فقد أعان على هدم الإسلام.
قال أبو مسعود: وسمعت أحمد يقول: من حلق قبل أن يرمى جاهلا فلا شىء عليه. لأن الذى سأل النبى صلى الله عليه وسلم قال «ظننت» وإن كان عالما فعليه دم.
وقال أيضا: قال أحمد: إذا كان له عيال أعطى كل واحد منهم خمسين درهما. قال: فان نفدت من عنده أعطاه أيضا.(1/54)
وقال أيضا: قال أحمد: وإن قتل بحرم المدينة صيدا عليه الجزاء. وكان ابن أبى ليلى يقول عليه الجزاء.
أخبرنا محمد بن أحمد المعدل قراءة قال أخبرنا عبد الله الزهرى قال:
أخبرنا جعفر بن محمد الفريابى قال: حدثنى أبو مسعود أحمد بن الفرات قال:
أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة عن واصل عن أبى وائل عن حذيفة قال «المنافقون اليوم شر منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل:
وكيف؟ قال: إنهم كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفونه وهم اليوم يظهرونه».
وقال أبو نعيم: توفى أحمد بن الفرات فى شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين
حرف القاف
48 - أحمد بن القاسم صاحب أبى عبيد القاسم بن سلّام.
حدث عن أبى عبيد، وعن إمامنا بمسائل كثيرة.
منها قال: قلت: يا أبا عبد الله تقرّ بمنكر ونكير، وما يروى من عذاب القبر؟ فقال: نعم. سبحان الله! نقر بذلك ونقوله. قلت: هذه اللفظة «منكر ونكير» تقول هذا، أو تقول ملكين؟ قال: نقول منكر ونكير (1).
وهما ملكان. وعذاب القبر.
وقال أيضا: سئل أبو عبد الله عن قول النبى صلى الله عليه وسلم «لا يلسع المؤمن من حجر مرتين» قال: إنما معنى هذا: المؤمن لا ينبغى له أن يعصى الله.
وإذا عصاه فلا ينبغى له أن يعود، ثم يرجع يتوب، لا يكون منه الشىء مرتين.
قال: يحذرهم وينهاهم.
__________
(1) أذكر أن العلامة ابن القيم قال فى بعض كتبه «إنه لم يرد حديث بهذين الإسمين. وإنما هما ملكان». أو ما أشبه ذلك، والله أعلم.(1/55)
قال: وسمعت أحمد يقول: فى القوم بينهم الدار والأرض، فيستأجرون القسّام. قال: الأجر على قدر الحصص.
وقال أيضا: سألت أبا عبد الله عن مسألة فى فوات الحج؟ فقال: فيها روايتان. إحداهما فيه زيادة دم. قال أبو عبد الله: والزائد أولى أن يؤخذ به.
قال: وهذا مذهبنا فى الأحاديث، إذا كانت الزيادة فى أحدهما، أخذنا بالزيادة ولزمنا ذلك، أو نحو هذا قال لى.
49 - أحمد بن القاسم الطوسى.
حكى عن إمامنا أشياء.
منها قال: كان أحمد بن حنبل إذا نظر إلى نصرانى غمض عينيه، فقيل له فى ذلك. فقال: لا أقدر أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه.
حرف الميم
50 - أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز، أبو بكر المروذى.
كانت أمه مروذية وأبوه خوارزميا. وهو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله. وكان إمامنا يأنس به، وينبسط إليه. وهو الذى تولى إغماضه لما مات وغسله.
وقد روى عنه مسائل كثيرة.
منها: ما أنبأنا أبو بكر المقرى أخبرنا أحمد السّوسنجردى (1) أخبرنا أبو بكر ابن بخيت حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو بكر المروذى قال: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التى تردها الجهمية فى الصفات، والرؤبة والإسراء وقصة العرش؟ فصححها، وقال: قد تلقتها الأمة بالقبول. وتمرّ الأخبار كما جاءت.
وبه حدثنا المروذى حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش الصنعانى عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله
__________
(1) بضم السين الأولى وفتح الثانية وسكون النون وكسر الجيم وسكون الواو وكسر الدال. من قرى بغداد.(1/56)
عليه وسلم لأبى ذر «أىّ عرى الإيمان أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال:
الموالاة والمعاداة فى الله، والحب فى الله والبغض فى الله».
وبه قال المروذى: قيل لأبى عبد الله: ما الحب فى الله؟ قال: هو أن لا تحبه لطمع فى دنياه.
وقال المروذى: قال أحمد: إذا أعطيتك كتابى، وقلت لك: اروه عنى، وهو من حديثى، فما تبالي: سمعته، أو لم تسمعه؟.
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: أما الحديث: فقد استرحنا منه، وأما المسائل: فقد عزمت إن سألنى أحد عن شىء أن لا أجيبه.
وقال أيضا: سئل أحمد عن القرآن بالألحان؟ فقال بدعة لا تسمع.
وقال أيضا: قلت لأبى عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب الشافعى؟ قال لا. قلت: أترى أن يكتب الرسالة؟ قال: لا تسألنى عن شىء محدث. قلت:
كتبتها؟ قال: معاذ الله.
وقال أيضا: قال أحمد: وقال أبو عبيد لما أنكرت عليه وضع هذه الكتب قال: لم تنصحونى ولم أعلم، فلو علمت أنك تكرهها ما تعرضت لها ولا وضعتها.
قال أحمد: قد ندم.
وقال أيضا: قال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان، ولا الشافعى ولا إسحاق بن راهويه، ولا أبى عبيد.
وقال المروذى أيضا: دخلت يوما على أحمد. فقلت: كيف أصبحت؟
فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل. ونفسه تطالبه بهواها. وإبليس يطالبه بالفحشاء، وملك الموت يطالبه بقبض روحه، وعياله يطالبونه بنفقتهم؟؟!.
وقال أبو بكر الخلال: خرج أبو بكر المروذى إلى الغزو، فشيعته الناس إلى سامرّا، فجعل يردهم، فلا يرجعون. فحزروا، فإذا هم بسامرّا سوى من رجع
نحو خمسين ألف إنسان، فقيل له: يا أبا بكر احمد الله. فهذا علم قد نشر لك.(1/57)
وقال أبو بكر الخلال: خرج أبو بكر المروذى إلى الغزو، فشيعته الناس إلى سامرّا، فجعل يردهم، فلا يرجعون. فحزروا، فإذا هم بسامرّا سوى من رجع
نحو خمسين ألف إنسان، فقيل له: يا أبا بكر احمد الله. فهذا علم قد نشر لك.
قال: فبكى، ثم قال: ليس هذا العلم لى، إنما هذا علم أحمد بن حنبل.
وقال أبو يحيى زكريا بن الفرج البزاز: جئت يوما إلى أبى بكر المروذى، وإذا عنده عبد الله بن أحمد، فقال له أبو بكر: أحب أن تخبر أبا يحيى بما سمعت من أبيك فى داود الأصبهانى. فقال عبد الله: لما قدم داود من خراسان جاءنى فسلم على، فسلمت عليه. فقال: قد علمت شدة محبتى لكم وللشيخ. وقد بلغه عنى كلام، فأحب أن تعذرنى عنده، وتقول له: أن ليس هذا مقالتى، أو ليس كما قيل لك. فقلت له: لا يريد، فإنى قد دخلت إلى أبى فأخبرته أن داود جاء فقال: إنه لا يقول بهذه المقالة وأنكر. قال: جئنى بتلك الضبارة الكتب، فجئه بها. فأخرج منها كتابا، فقال: هذا كتاب محمد بن يحيى النيسابورى.
وفيه: أحل فى بلدنا الحال والمحل. وذكر فى كتابه أنه قال: إن القرآن محدث.
فقلت له: إنه ينكر ذلك. فقال: محمد بن يحيى أصدق منه. لا تقبل قول العدو لله، أو نحو ما قال أبو يحيى.
وقال المروذى: قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل: بم نال من نال ما نال حتى ذكر به؟ فقال لى: بالصدق، ثم قال: إن الصدق موصول بالجود.
وقال المروذى: قال أبو عبد الله رحمه الله تعالى: أول شىء نزل من القرآن {(اقْرَأْ)} وآخر شىء نزل من القرآن: (المائدة).
وأنبأنا على البندار عن ابن بطة حدثنا أبو بكر بن الآجرى حدثنا المروذى قال: وسمعت أبا عبد الله وذكر الحسن بن حىّ فقال. لا نرضى مذهبه، وسفيان أحب إلينا. وقد كان ابن حيّ قعد عن الجمعة، وكان يرى السيف.
وقال: قد فتن الناس بسكوته وورعه. وقال: لقد ذكر رجلا فلطم فم نفسه، وقال: ما أردت أن أذكره.(1/58)
وقال أبو بكر المروذى: سمعت أحمد يقول: من زعم أن الله لا يرى فى الآخرة فهو كافر.
قال المروذى: سئل أحمد: أمرّ فى الطريق فأسمع الاقامة: ترى أن أصلى؟
فقال: قد كنت أسهّل، فأما إذ كثرت البدع فلا تصل إلا خلف من تعرف.
وقال المروذى: قرىء على أبى عبد الله (ولا تمنن تستكثر) قال: تمنّ بما أعطيت، فتأخذ أكثر.
وقال المروذى: قال أبو عبد الله: ما اتّهمت عليه البهائم فلا تتّهم على أربع: تعرف ربها، وتعرف أنها تموت، وتطلب الرزق. ونسى المروذى الرابعة.
أنبأنا على البندار عن ابن بطة حدثنا أبو بكر الآجرى بمكة حدثنا أبو بكر المروذى قال: سمعت علىّ بن السكن يقول: حدثنى أبو مروان الدقيقى قال:
كنت جارا لشريك بن عبد الله بالكوفة. وكانت امرأة من العرب جارة لنا رهنت طرازا لها عند قوم على أن يستأدوا الغلة، ويحسبوا لها. قال: فاستأدوا حتى استوفوا ما كان لهم، فطالبتهم بالطراز، فقالوا: الطراز لنا، والشراء شراؤنا فصاروا إلى شريك. وشهد الشهود عند شريك بأنه شراء. فوجّه شريك إلى السكان أن أوقفوا الغلة حتى يأتيكم أمرى. ثم وجه فسأل عن الشهود؟ فعدّلوهم فحكم للذى ادعى أنه شراء، وحكم وكتب على المرأة بالقضية. فقامت المرأة إلى شريك، فقالت له: أيتم الله ولدك، وقطع أرزاقهم من السماء، كما قطعت رزق ولدى. فوقع فى قلب شريك من قولها ما أزعجه وأقلقه. فبعث إلى جار له يلبس خزا وهطرا يعنى الصوف والقطن فاستعار كساءه ولبسه، وجاء إلى ذلك الطّراز، فقال للحائك الذى فيه: أتأذن لى أن أدخل أتبرّد عندك؟
فأذن له الحائك بالدخول. فدخل، فسأله شريك عن خبر الطراز؟ فقال له:
كنا فى حديث هذا الطراز قبل دخولك إلينا. وذلك: أنى ساكن فى هذا منذ
ثلاثين سنة، وهو لامرأة من العرب احتاجت، فرهنته عند هؤلاء القوم على أن يأخذوا من الغلة ما أعطوها، ثم يطلقوا لها الطراز. فحكم فيه القاضى أعمى الله قلبه، وقطع الله رزقه لهؤلاء القوم الظالمين. وقد علمت أن هذا الشىء لهذه المرأة المسكينة. وقلت لولدى: لا يحل لى الصلاة فى هذا الموضع. فقم بنا نتحول فقام شريك، فتوجه إلى منزله، ثم وجه إلى القوم وأحضرهم، وأحضر البينة، فقال للبينة: تفقدوا الشهادات، كيف تشهدون؟ أما أنتم فقد شهدتم بما علمتم، وقد وقع إلىّ خبر الطراز. وقال للذين حكم لهم: إن استقامتونى أقلتكم، وإلا كتبت إلى أمير المؤمنين بما استقر عندى، ورفعتكم مع البينة إلى الخليفة، فيحكم بما يرى وكان المهدى فقالوا: ما وقع إليك أيها القاضى؟ فاخبرهم بالقصة التى سأل عنها. فاستقالوه. فأقالهم. فهو لورثة المرأة إلى هذه الغاية.(1/59)
كنا فى حديث هذا الطراز قبل دخولك إلينا. وذلك: أنى ساكن فى هذا منذ
ثلاثين سنة، وهو لامرأة من العرب احتاجت، فرهنته عند هؤلاء القوم على أن يأخذوا من الغلة ما أعطوها، ثم يطلقوا لها الطراز. فحكم فيه القاضى أعمى الله قلبه، وقطع الله رزقه لهؤلاء القوم الظالمين. وقد علمت أن هذا الشىء لهذه المرأة المسكينة. وقلت لولدى: لا يحل لى الصلاة فى هذا الموضع. فقم بنا نتحول فقام شريك، فتوجه إلى منزله، ثم وجه إلى القوم وأحضرهم، وأحضر البينة، فقال للبينة: تفقدوا الشهادات، كيف تشهدون؟ أما أنتم فقد شهدتم بما علمتم، وقد وقع إلىّ خبر الطراز. وقال للذين حكم لهم: إن استقامتونى أقلتكم، وإلا كتبت إلى أمير المؤمنين بما استقر عندى، ورفعتكم مع البينة إلى الخليفة، فيحكم بما يرى وكان المهدى فقالوا: ما وقع إليك أيها القاضى؟ فاخبرهم بالقصة التى سأل عنها. فاستقالوه. فأقالهم. فهو لورثة المرأة إلى هذه الغاية.
وبه قال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: يكره للرجل أن ينام بعد العصر يخاف على عقله.
وبه قال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: كانوا قبل طلوع الشمس. فقال لهم: هكذا أنهار الجنة.
وبه قال المروذى: سمعت بعض المشيخة يقول: سمعت أبى يقول: دخل شريك إلى المهدى، قال فقال له: إن فى قلبى على عثمان شيئا. فقال شريك:
إن كان فى قلبك فانك من أهل النار، فاستوى قاعدا غضبان، وقال: لتخرجن مما قلت. قال شريك: أنا أوجدك ذلك فى القرآن. قال الله تعالى (48: 39 {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ)} قال: هو ابن عمك {(فَاسْتَغْلَظَ)} أبو بكر {(فَاسْتَوى ََ عَلى ََ سُوقِهِ)} عمر {(يُعْجِبُ الزُّرََّاعَ)} عثمان {(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفََّارَ)} علىّ. قال: فتجلى الغضب، أو قال: سكن عنه. وقال: قد سكن ما فى قلبى.
وقال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول، وقد سئل عن الحب فى الله؟
فقال: هو أن لا تحبه لطمع دنيا.(1/60)
قال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: أنشدنى رجل من أهل الشاش:
وكل صديق ليس فى الله وده ... فانى به فى وده غير واثق
وبه قال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: ما أهون الدنيا على أوليائه.
وبه قال المروذى: سمعت رجلا يقول لأبى عبد الله وذكر له الصدق والإخلاص وكان أبو عبد الله يشبهه بالأبدال فقال أبو عبد الله: بهذا ارتفع القوم.
وقال المروذى: رأيت ربى فى المنام، وكأن القيامة قد قامت ورأيت الخلائق والملائكة حول بنى آدم، فسمعت الملائكة تقول: قد أفلح الزاهدون اليوم فى الدنيا. قال: ورأيت النبى صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: يا أحمد بن حنبل، هلمّ إلى العرض على الله عز وجل. فرأيت أحمد بن حنبل والمروذى خلفه.
ولما قدم أحمد بن حنبل من سامرّا جعل يقول: جزى الله أبا بكر المروذى عنى خيرا.
وقال أبو محمد دوست الشيخ الصالح: رأيت أحمد بن حنبل فى المنام على باب بيت، وعنده جماعة، وليس عليه رداء، فقلت: يا ابا عبد الله، أين رداؤك؟ فقال: عند المروذى.
وقال المروذى، يوم جنازة فتح بن شخرف: إن الخليقة انحازت عن قول احمد بن حنبل ما تحاشيت أن أجفوها.
ومات المروذى فى جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومائتين. ودفن عند رجل قبر أحمد بن حنبل.
وأنبأنا القاضى الحسين بن المهتدى بالله عن عمر بن شاهين قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم بن يحيى بن ابراهيم الرواس قال: سمعت أبا بكر المروذى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يزيد بن زريع، مات أبوه وخلّف له
أربعين بدرة (1)، فلم يأخذ منها شيئا، وتورع عنها.(1/61)
وأنبأنا القاضى الحسين بن المهتدى بالله عن عمر بن شاهين قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم بن يحيى بن ابراهيم الرواس قال: سمعت أبا بكر المروذى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يزيد بن زريع، مات أبوه وخلّف له
أربعين بدرة (1)، فلم يأخذ منها شيئا، وتورع عنها.
وقال أحمد فى رواية المروذى: وإذا أحرمت فاقطع المحمل الذى على النعل والعقب الذى يجعل للنعل. وقد كان عطاء يقول: فيه دم.
وقال أحمد فى رواية المروذى: أول شىء نزل من القرآن (اقرأ) وآخر شىء نزل من القرآن: المائدة.
قال المصنف: وقد روى عن عائشة أم المؤمنين، وأبى صالح، وقتادة، ومجاهد ذلك. ولفظ مجاهد: أول سورة أنزلت على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم {(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)} ثم {(ن)}.
وقال أحمد فى رواية المروذى: {(يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)} * بالمدينة. {(يََا أَيُّهَا النََّاسُ)} * بمكة نزلت. وقال: أربع سور نزلت بالمدينة: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة. وقال: (22: 5552 {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ}) أربع آيات آخرها {(تَأْتِيَهُمُ السََّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذََابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)} هذه نزلت بمكة، والباقى بالمدينة.
وقال المروذى: قال لنا أبو عبد الله: عذاب القبر حق، ما ينكره إلا ضال مضل.
وقال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: من تعاطى الكلام لا يفلح.
ومن تعاطى الكلام لا يخلو من بدعة.
قال المروذى: قلت لأبى عبد الله: إن الكرابيسى يقول: من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر. فقال: بل هو الكافر
وقال: ثار بشر المريسى وخلفه حسين الكرابيسى، وقال لى: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغى أن يحذر عنه، وعن كل من اتبعه.
وقال الخلال: أخبرنا المروذى: أن أبا عبد الله ذكر حارثا المحاسبى فقال:
__________
(1) هى كيس فيه ألف درهم أو أكثر.(1/62)
حارث أصل البلية، يعنى حوادث كلام جهم ما الآفة إلا حارث، عامة من صحبه انهتك إلا ابن العلاف. فإنه مات مستورا. حذّروا عن حارث أشد التحذير. قلت: إن قوما يختلفون إليه؟ قال: نتقدم إليهم لعلهم لا يعرفون بدعته. فإن قبلوا وإلا هجروا. ليس للحارث توبة، يشهد عليه ويجحد. إنما التوبة لمن اعترف.
وانبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين ابن اخى ميمى قال:
أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا المروذى حدثنا أبو مصعب وأحمد بن اسماعيل قالا: مكث مالك بن أنس ستين سنة يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يصلى فى كل يوم ثمانمائة ركعة. وكان يرى صوم النذر متتابعا. ولا يقطع.
وبه قال المروذى: سمعت سلمة بن شبيب يقول: كنت عند أحمد بن حنبل، فجاءه رجل فقال: قد ضربت برّها أو قال بحرها وقد قصدت إليك، ولولا أن قيل لى فى منامى: آتيك فأخبرك. ماجئت، قيل لى: قل له:
إن الله تبارك وتعالى قد باهى بك الملائكة.
روى المروذى: أن أبا عبد الله قال له: قدم بى من خراسان وأنا حمل.
وولدت ههنا. ولم أر جدى ولا أبى، ولا تزوجت إلا بعد الأربعين.
51 - أحمد بن محمد بن خالد بن شيرزاد، أبو بكر المعروف بالنورانى قاضى تكريت.
حدث عن أبى عمار المروذى، ومحمد بن سليمان وغيرهما. وكان من الأصحاب. روى عنه ابن مالك القطيعى، وسماه أحمد. وروى عنه محمد بن المظفر، ومحمد بن يزيد بن مروان وغيرهما، فسمياه محمدا.
وقال أبو حفص العكبرى: حدثنا محمد بن يحيى الثقفى قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، وابن عبد الرحمن الجصاص قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن الفرج
قال: سمعت النورانى القاضى يقول: لأن أخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إلىّ من أزول عن مذهب أحمد بن حنبل. قال: وسمعته يقول: الحق ما كان المروذى عليه.(1/63)
وقال أبو حفص العكبرى: حدثنا محمد بن يحيى الثقفى قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، وابن عبد الرحمن الجصاص قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن الفرج
قال: سمعت النورانى القاضى يقول: لأن أخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إلىّ من أزول عن مذهب أحمد بن حنبل. قال: وسمعته يقول: الحق ما كان المروذى عليه.
52 - أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد بن غزوان، أبو العباس البراثى.
سمع على بن الجعد، وعبد الله بن عون الخراز، وكامل بن طلحة، ويحيى بن الحمانى وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه إسماعيل الخطبى، وحبيب القزاز، وغيرهما.
أنبأنا يوسف الصوفى قال: أخبرنا الحسين بن رزقويه قال: قرأت على ابن القاسم القزاز قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن خالد البراثى قال:
سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، فقلت له: إذا فاتنى أول صلاة الامام فأدركت معه من آخر صلاته، فما أعتدّ أنه أول صلاتى؟ فقال لى: تقرأ فيما يقضى، يعنى بالحمد وسورة، وفى القعود: تقعد على ابتداء صلاتك
وقال أبو العباس البراثى: لما مات أبى كنت صبيّا، فجاء الناس عزّونى وأكثروا، وجاءنى فيمن جاءنى بشر بن الحارث، فقال لى: يا بنى، إن أباك كان رجلا صالحا، وأرجو أن تكون خلفا منه، برّ والدتك ولا تعقّها، ولا تخالفها. يا بنى، والزم السوق، فإنها من العافية، ولا تصحب من لا خير فيه.
فلما قام بشر قام إليه رجل، فقال: يا أبا نصر، أنا والله أحبك. فقال: وكيف لا تحبنى ولست لى يجار ولا قرابة.
واختلف فى وفاته. فقيل: سنة ثلاثمائة. وقيل: سنة اثنتين وثلاثمائة.
53 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقه، أبو بكر.
نقل عن إمامنا مسائل وأشياء كثيرة.
منها: ما أنبأنا أبو القاسم المهروانى قال أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال:
قرأت على حبيب القزار قال حدثنا أبو بكر بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله
أحمد بن حنبل سئل عن السّرة: من العورة؟ فقال: أسفل السرة إلى الركبة عورة. قال: وسئل عن اتخاذ الخل من الخمر؟ فقال: لا. قال: فان اتخذها؟ قال:(1/64)
قرأت على حبيب القزار قال حدثنا أبو بكر بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله
أحمد بن حنبل سئل عن السّرة: من العورة؟ فقال: أسفل السرة إلى الركبة عورة. قال: وسئل عن اتخاذ الخل من الخمر؟ فقال: لا. قال: فان اتخذها؟ قال:
يهيريقها. قال: وسئل كيف يعمل الخل من العصير؟ قال: يصب على العصير من الخل حتى يعلم أنه لا يغلى. قال: وسئل عن الأذان بالترجيع؟ فقال: هو أذان أبى محذورة، وأهل المدينة يؤذنون بأذان بلال. ونحن إليه نذهب. وكان آخر أذانه مثنى، والإقامة فردا، إلا «قد قامت الصلاة».
ومات سنة ثلاث وتسعين ومائتين فيما نقلته من تاريخ ابن المنادى.
54 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة أبو الحسن الأسدى.
قريب بشر بن موسى.
حدث عن العباس بن الفرج الرياشى، ومحمد بن عثمان بن أبى صفوان البصرى، ومحمد بن عبادة الواسطى، ومحمد بن سليمان لوين، وعبد الرحمن بن يونس الرقى فى آخرين.
روى عن إمامنا حديثا واحدا. روى عنه أبو بكر بن الأنبارى وغيره.
قرأت فى كتاب ابن ثابت البغدادى: أخبرنا أبو طالب الدسكرى أخبرنا أبو بكر المقرى حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن شيخ بن عميرة أبو الحسن الأسدى قال حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة حدثنا سفيان الثورى عن أبى سنان عن سعيد بن جبير فى قوله تعالى (68: 43 {وَقَدْ كََانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سََالِمُونَ}) قال «الصلاة فى الجماعة».
قال: وسئل الدارقطنى عنه؟ فقال: ثقة.
ومات فى جمادى الأولى سنة تسع وثلاثمائة.
55 - أحمد بن محمد بن عبد الحميد الكوفى
أحد أصحاب إمامنا. قال أبو بكر الخلال: حدثنى أنه سأل أبا عبد الله:
أيما أعجب إليك فى القبر: اللّبن، أو القصب؟ فقال: القصب(1/65)
56 - أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر
، أبو العباس البرثي، ولى القضاء ببغداد بالجانب الغربى وبالشرقية، وهو الكرخ، فى أيام المعتمد على الله. ثم نقل من قضاء الغربى ومن الشرقية إلى الجانب الشرقى. وكان لما مات أبو هاشم سنة تسع وأربعين ومائتين أول ولاية البرثى ببغداد. وكان قد صحب يحيى بن أكثم. وكان قبل ذلك يتقلد قضاء واسط. وكان دينا عفيفا.
نقل عن إمامنا مسائل كثيرة.
منها: ما أنبأنا على البندار عن أبى عبد الله بن بطة قال حدثنا الحسين بن صفوان البرذعى قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد البرثى القاضى قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل عن بيع المدبّر: هل يجوز؟ فقال: نعم.
فقلت له: ولم جاز عندك؟ قال. لحديث جابر، ولم أر له دافعا. وعليه نعتمد.
قال: وسألته عن شهادة القاذف إذا تاب؟ فقال: أراها جائزة: فقلت له:
تعتمد على حديث عمر فى قوله لأبى بكرة «إن تبت قبلت شهادتك»؟ فقال:
نعم. وقول الله عز وجل أبين (24: 5 {إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ}).
ومات سنة ثمانين ومائتين.
57 - أحمد بن محمد بن هانىء الطائى
ويقال الكلبى الأثرم الإسكافى أبو بكر، جليل القدر حافظ إمام. سمع حرميّ بن حفص، وعفان بن مسلم، وأبا بكر بن أبى شيبة، وعبد الله بن مسلم القعنبىّ، وإمامنا فى آخرين.
نقل عن إمامنا مسائل كثيرة. وصنفها ورتبها أبوابا.
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد قراءة أخبرنا إبراهيم البرمكى أخبرنا محمد بن نجيب حدثنا عمر بن محمد حدثنا أبو بكر الأثرم حدثنا محمد بن سيار حدثنى أبو داود صاحب الطيالسة حدثنا شعبة عن عاصم الأحول عن أبى حاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري، وهو الأقرع «أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة».(1/66)
وبه قال قلت لأبى عبد الله: فضل وضوء المرأة؟ قال إذا خلت به فلا يتوضأ منه. إنما رخّص النبى صلى الله عليه وسلم أن يتوضّئا جميعا.
وبه قال: سمعت أبا عبد الله سئل عن مسح الرأس: كيف هو؟ فقال: هكذا ووضع يديه كلتيهما على مقدم رأسه، ثم جرهما إلى مؤخر رأسه، ثم ردهما جميعا إلى المكان الذى منه بدأ. وذلك كله فى مرة، لم يرفعهما عن رأسه. ثم قال: على حديث عبد الله بن زيد.
وبه قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن المسح على العمامة، قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم. قال أبو عبد الله من خمسة وجوه عن النبى صلى الله عليه وسلم
وبه قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل نسيى المضمضة والاستنشاق فى وضوئه؟ قال: يعيد الصلاة. قلت لأبى عبد الله: يعيدهما، أم يعيد الوضوء كله؟
قال: لا، بل يعيدهما ولا يعيد الوضوء. قلت لأبى عبد الله: فنسى المضمضة وحدها فقال: الاستنشاق عندى أوكد.
وبه قال: سألت أبا عبد الله عن الوضوء من القىء؟ فقال: نعم، يتوضأ قلت له: على إيجاب الوضوء؟ قال: نعم. واحتج بحديث ثوبان «أنا صببت لرسول الله وضوءه».
وقال الاثرم: سألت أبا عبد الله عن القراءة بالألحان؟ فقال: كل شىء محدث فانه لا يعجبنى، إلا أن يكون صوت الرجل لا يتكلفه.
وقال الاثرم: سألت أبا عبد الله عن التعريف فى الامصار، يجتمعون فى المساجد يوم عرفة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، فعله غير واحد، قال أبو عبد الله: الحسن، وبكر، وثابت، ومحمد بن واسع، كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة.
وقال الاثرم: سمعت أحمد وذكر سفيان بن عيينة فقال: ما رأينا نحن مثله وقال على بن المدينى: حج سفيان بن عيينة اثنتين وسبعين حجة. مات عطاء
سنة خمس عشرة ومائة. وحج سفيان بعد موته بستة، وهو ابن تسع سنين. فلم يزل يحج حتى مات.(1/67)
وقال الاثرم: سمعت أحمد وذكر سفيان بن عيينة فقال: ما رأينا نحن مثله وقال على بن المدينى: حج سفيان بن عيينة اثنتين وسبعين حجة. مات عطاء
سنة خمس عشرة ومائة. وحج سفيان بعد موته بستة، وهو ابن تسع سنين. فلم يزل يحج حتى مات.
وقال الاثرم: سألت أحمد عن مقاتل بن سليمان؟ فقال لى: ما أقول؟
لما رأيت أحدا أعلم بالتفسير من مقاتل بن سليمان.
وقال الاثرم: كنت عند خلف البزاز، يوم جمعة. فلما قمنا من المجلس صرت إلى قرن الصّراة. فأردت أن أغتسل للجمعة. فغرقت. فلم أجد شيئا أتقرب به إلى الله جل ثناؤه أكثر عندى من أن قلت: اللهم إن تحينى لأتوبن من صحبة حارث يعنى المحاسبى.
وقال الاثرم: كان حارث المحاسبى فى عرس لقوم، فجاء يطّلع على النساء من فوق الدرابزين، ثم ذهب يخرجه يعنى رأسه فلم يستطع. فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: أردت أن أعتبر بالحور العين.
قال الاثرم، فى أثناء كتاب إلى الثغر: أعاذنا الله وإياكم من كل موبقة، وأنقذنا وإياكم من كل مهلكة. وسلمنا وإياكم من كل شبهة، ومسّسكنا وإياكم بصالح ما مضى عليه أسلافنا وأئمتنا.
كتابى إليكم ونحن فى نعم متواصلة. نسأل الله تمامها، ونرغب إليه فى الزبادة من فضله، والعون على بلوغ رضاه إن فى كثير من الكلام فتنة، وبحسب الرجل ما بلغ به من الكلام حاجته. ولقد حكى لنا أن فضلا كان يتلا كن فى كلامه، فان فى السكوت لسعة، وربما كان من الامور ما يطيق عنه السكوت. وذلك لما أوجب الله من التصيحة: وندب العلماء من القيام بها للخاصة والعامة، ولولا ذلك كان ما دعا إليه من الخمول أصوب فى دهر قلّ فيه من يستراح إليه، ونشأ فيه من يرغب عنه. ونحن فى موضع انقطاع عن الأمصار، فربما انتهى إلينا الخبر الذى يرعجنا، فنحرص على الصبر. فنخاف وجوب الحجة من العلم.
ولقد تبين عند أهل العلم عظم المصيبة بما فقدنا من شيخنا رضى الله عنه،
أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمامنا ومعلمنا، ومعلم من كان قبلنا منذ أكثر من ستين سنة. وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد. وما عالم كعالم، إنهم يتفاضلون ويتباينون بونا بعيدا. فقد ظننت أن عدو الله وعدو المسلمين إبليس وجنوده قد أعدوا من الفتن أسبابا، انتظروا بها فقده، لأنه كان يقمع باطلهم، ويزهق أحزابهم.(1/68)
ولقد تبين عند أهل العلم عظم المصيبة بما فقدنا من شيخنا رضى الله عنه،
أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمامنا ومعلمنا، ومعلم من كان قبلنا منذ أكثر من ستين سنة. وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد. وما عالم كعالم، إنهم يتفاضلون ويتباينون بونا بعيدا. فقد ظننت أن عدو الله وعدو المسلمين إبليس وجنوده قد أعدوا من الفتن أسبابا، انتظروا بها فقده، لأنه كان يقمع باطلهم، ويزهق أحزابهم.
وكانت أول بدعة علمتها فاشية من الفتن المضلة، ومن العماية بعد الهدى.
وقد رأيت قوما فى حياة أبى عبد الله كانوا لزموا البيت على أسباب من النسك، وقلة من العلم. فأكرمهم الناس ببعض ما ظهر لهم من حبهم للخير، فدخلهم العجب مع قلة العلم. فكان لا يزال أحدهم يتكلم بالامر العجيب. فيدفع الله ذلك بقول الشيخ، جزاه الله أفضل ما جزى من تعلمنا منه، ولا يكون من أحد منهم من ذلك شىء إلا كان سبب فضيحته، وهتك ما مضى من ستره. فأنا حافظ من ذلك لأشياء كثيرة. وإنما هذا من مكايد إبليس مع جنوده. يقول لأحدهم: أنت أنت، ومن مثلك؟ فقل، قد قال غيرك، ثم يلقى فى قلبه الشىء.
وليس هناك سعة فى علم، فيزين عنده: أن يبتدئه ليشمت به. وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
وقد ظننت أن آخرين يلتمسون الشهرة، ويحبون أن يذكروا. وقد ذكر قبلهم قوم بألوان من البدع فافتضحوا، ولأن يكون الرجل تابعا فى الخير خير من أن يكون رأسا فى الشر. وقد قال ابن مسعود «اتبعوا، ولا تبتدعوا. فقد كفيتم، كل بدعة ضلالة» وقال «أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول» وقال النبى صلى الله عليه وسلم «البركة مع أكابركم» وقال ابن مسعود «لا يز الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم» وقال ابن عمر «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس جسنة» وقال النبى صلى الله عليه وسلم «ألا هلك المنتطعون» وقال الصديق رضى الله عنه «أى أرض تقلّنى؟ وأى
سماء تظلنى؟ إذا قلت فى كتاب الله ما لا أعلم» وقال على «ما أبردها على الكبد إذا سئل الرجل عما لا يعلم: أن يقول: لا أعلم» وقال أبو موسى «من علمه الله علما فليعلمه الناس، وإياه أن يقول ما لا علم له به، فيصير من المتكلفين، ويمرق من الدين» وقال ابن مسعود «إذا سئل أحدكم عما لا يعلم، فليقر، ولا يستحى» وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث أنه قال «من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» وقى بعضها «لا تجوز شهادة محدث فى الإسلام» وفى بعضها: أنه قيل «يا رسول الله، وما الحدث؟ قال: من قتل نفسا بغير نفس. ومن امتثل مثلة بغير قود، أو ابتدع بدعة بغير سنة» فقرن ذلك بقتل النفس، ولعنة الله والملائكة. وقال الشعبى: ما حدثوك عن رأيهم فألقه فى الحشّ.(1/69)
وقد ظننت أن آخرين يلتمسون الشهرة، ويحبون أن يذكروا. وقد ذكر قبلهم قوم بألوان من البدع فافتضحوا، ولأن يكون الرجل تابعا فى الخير خير من أن يكون رأسا فى الشر. وقد قال ابن مسعود «اتبعوا، ولا تبتدعوا. فقد كفيتم، كل بدعة ضلالة» وقال «أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول» وقال النبى صلى الله عليه وسلم «البركة مع أكابركم» وقال ابن مسعود «لا يز الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم» وقال ابن عمر «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس جسنة» وقال النبى صلى الله عليه وسلم «ألا هلك المنتطعون» وقال الصديق رضى الله عنه «أى أرض تقلّنى؟ وأى
سماء تظلنى؟ إذا قلت فى كتاب الله ما لا أعلم» وقال على «ما أبردها على الكبد إذا سئل الرجل عما لا يعلم: أن يقول: لا أعلم» وقال أبو موسى «من علمه الله علما فليعلمه الناس، وإياه أن يقول ما لا علم له به، فيصير من المتكلفين، ويمرق من الدين» وقال ابن مسعود «إذا سئل أحدكم عما لا يعلم، فليقر، ولا يستحى» وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث أنه قال «من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» وقى بعضها «لا تجوز شهادة محدث فى الإسلام» وفى بعضها: أنه قيل «يا رسول الله، وما الحدث؟ قال: من قتل نفسا بغير نفس. ومن امتثل مثلة بغير قود، أو ابتدع بدعة بغير سنة» فقرن ذلك بقتل النفس، ولعنة الله والملائكة. وقال الشعبى: ما حدثوك عن رأيهم فألقه فى الحشّ.
وقال عمر بن عبد العزيز «إياك وما أحدث المحدثون. فإنه لم تكن بدعة إلا وقد مضى قبلها ما هو دليل عليها، وعبرة منها، فعليك بلزوم السنة. فإنها لك بإذن الله عصمة. وإن السنة إنما سها من قد علم ما جاء فى خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق. وارض لنفسك بما رضى به القوم لأنفسهم. فإنهم عن علم وقفوا وببصر ناقد كفوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل لو كان فيها أحرى. إنهم لهم السابقون. فلئن كان الهدى ما أنتم عليه فقد سبقتموهم إليه، وإن قلتم: حدث حدث بعدهم، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم. ولقد تكلموا منه بما يكفى، ووصفوا منه ما يشفى. فما دونهم مقصر ولا فوقهم محسر. لقد قصر دونهم أقوام فجفوا، وطمح آخرون عنهم فغلوا.
وإنهم مع ذلك لعلى هدى مستقيم».
وقال القاسم بن محمد «لأن يعيش الرجل جاهلا خير له من أن يقول على الله ما لا يعلم».
وقال ابن مسعود «إن من العلم: إذ سئل الرجل عما لا يعلم: أن يقول:
الله أعلم».(1/70)
وقال ابن عمر «العلم ثلاث: آية محكمة، وسنة ماضية. ولا أدرى».
وقال الشعبى «لا أدرى: نصف العلم».
وقال الربيع بن خثيم «إياك أن يقول الرجل: حرم هذا، ونهى عن هذا.
فيقول الله له: كذبت».
وقال أحمد بن عبد الرحمن الحميرى «لأن أرده مغبة أحب إلى من أن أتكلفه»
وقال الشعبى «والله ما أبالى سئلت عما أعلم، أو عما لا أعلم».
يقول: إنه يسهل على أن أقول: لا أعلم.
وقال عبد الله بن عتبة بن مسعود «إنك لن تخطىء الطريق مادمت على الأثر».
وقال ابن عباس «عليك بالاستقامة، وإياك والبدع والتبدع».
وقال معاذ بن جبل «إياكم والتبدع والتنطع، وعليكم بالعتيق».
وقال ابن عباس «لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض. فإن ذلك يوقع الشك فى قلوبكم».
وقال ابراهيم «ما جعل الله فى هذه الأهواء مثقال ذرة من خير. وما هى إلا زينة من الشيطان. وما الأمر الا الأمر الأول. وقد جعل الله على الحق نورا يكشف به العلماء، ويصرف به شبهات الخطأ. وإن الباطل لا يقوم للحق. قال الله عزّ وجلّ (22: 8 {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبََاطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذََا هُوَ زََاهِقٌ. وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمََّا تَصِفُونَ}) فهذه لكل واصف كذب إلى يوم القيامة. وإن أعظم الكذب أن تكذب على الله»
وإن أبا عبد الله، وإن كان قريبا موته: فقد تقدّمت إمامته، ولم يخلّف فيكم شبهة. وإنما أبقاه الله لينفع به. فعاش ما عاش حميدا. ومات بحمد الله
مغبوطا. يشهد له خيار عباد الله الذين جعلهم الله شهداء فى أرضه. ويعرفون له ورعه وتقواه، واجتهاده وزهده، وأمانته فى المسلمين وفضل علمه(1/71)
وإن أبا عبد الله، وإن كان قريبا موته: فقد تقدّمت إمامته، ولم يخلّف فيكم شبهة. وإنما أبقاه الله لينفع به. فعاش ما عاش حميدا. ومات بحمد الله
مغبوطا. يشهد له خيار عباد الله الذين جعلهم الله شهداء فى أرضه. ويعرفون له ورعه وتقواه، واجتهاده وزهده، وأمانته فى المسلمين وفضل علمه
ولقد انتهى إلينا أن الأئمة الذين لم ندركهم كان منهم من ينتهى إلى قوله، ويسأله. ومنهم من يقدمه ويصفه. ولقد أخبرت أن وكيع بن الجرّاح كان ربّما سأله وأن عبد الرحمن بن مهدى كان يحكى عنه ويحتج به. ويقدمه فى العلم ويصفه. وذلك نحو ستين سنة. وأخبرت أن الشافعىّ كانت أكثر معرفته بالحديث مما تعلم منه. ولقد أخبرت أن اسمعيل بن عليّة كان يهابه. وقال لى شيخ مرّة: ضحكنا من شىء، وثمّ أحمد بن حنبل، فجئنا بعد إلى إسماعيل فوجدناه غضبانا. فقال: تضحكون وعندى أحمد بن حنبل؟ وأخبرت أن يزيد بن هارون ذكره فبكى. وأخبرت أن يزيد عاده فى منزله. وأخبرت أن أبا عاصم قال: ما جاءنا مثله.
وكم بلغنا مثل هذا. وذكر تمام الرسالة بطولها.
وقال أبو بكر الخلال وذكر الأثرم فقال: جليل القدر، حافظ.
وكان عاصم بن على بن عاصم لما قدم بغداد طلب رجلا يخرج له فوائد يمليها.
فلم نجد له فى ذلك الوقت غير أبى بكر الأثرم. فكأنه لما رآه لم يقع منه بموقع لحداثة سنّه. فقال له: أخرج كتبك. فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ، وهذا الحديث كذا، وهذا غلط، وأشياء نحو هذا. فسرّ عاصم به، وأملاه قريبا من خمسين مجلسا، فعرضت على أحمد بن حنبل فقال: هذه أحاديث صحاح.
وكان يعرف الحديث ويحفظه، ويعلم العلوم والأبواب والمسند. فلما صحب أحمد بن حنبل ترك ذلك، فأقبل على مذهب أبى عبد الله.
فسمعت أبا بكر المروذى يقول: قال الأثرم: كنت أحفظ يعنى الفقه والإختلاف فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت ذلك كله.(1/72)
وكان معه تيقظ عجيب، حتى نسبه يحيى بن معين ويحيى بن أيوب المقابرى، فقال: أحد أبوى الأثرم جنّى.
وقال الخلال: وأخبرنى أبو بكر بن صدقه قال: سمعت أبا القاسم بن الجيلى قال: قدم رجل، فقال أريد رجلا يكتب لى من كتاب الصلاة ما ليس فى كتب ابن أبى شيبة. قال فقلنا له أو فقالوا ليس لك إلا أبو بكر الأثرم. قال:
فوجّهوا إليه ورقا. فكتب ستمائة ورقة من كتاب الصلاة. قال: فنظرنا فإذا ليس فى كتاب ابن أبى شيبة منه شىء.
قال: وسمعت الحسن بن على بن عمر الفقيه يقول: قدم شيخان من خراسان للحج، فحدثا. فلما خرجا طلب قوم من أصحاب الحديث أحدهما. قال: فخرج يعنى إلى الصّحراء فقعد هذا الشيخ ناحية، معه خلق من أصحاب الحديث والمستملى. وقعد الآخر ناحية. قال: وقعد الأثرم بينهما. فكتب ما أملاه هذا وما أملاه هذا.
قال: وأخبرنى عبد الله بن محمد قال: سمعت سعيد بن عتاب يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أحد أبوى الأثرم جنيا.
قال: وأخبرنى أبو بكر بن صدقة، قال سمعت ابراهيم بن الأصبهانى يقول:
أبو بكر الأثرم أحفظ من أبى زرعة الرازى وأتقن.
قال: وسمعت أبا بكر محمد بن على يقول: سمعت أبا بكر الأثرم يقول:
أحمد بن حنبل ستر من الله على أصحابه. فينبغى لأصحاب أحمد أن يتقوا الله ولا يعصوه، مخافة أن يعيروا بأحمد بن حنبل
وقال أحمد فى رواية الأثرم: والمحرم لا يلبس نعلا لها قيد. ووصف القيد سير يجعل فى الزمام معترضا
قال وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله مرارا يقول: إذا قام من المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك، حتى أرى شفتيه تتحركان. فلا أفهم بقية كلامه،
كأنه يذهب إلى ما روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم فى كفارة المجلس. روى أبو برزة وأبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أن يقول «سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك» ولم يقع لى تاريخ وفاته (1).(1/73)
قال وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله مرارا يقول: إذا قام من المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك، حتى أرى شفتيه تتحركان. فلا أفهم بقية كلامه،
كأنه يذهب إلى ما روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم فى كفارة المجلس. روى أبو برزة وأبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أن يقول «سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك» ولم يقع لى تاريخ وفاته (1).
58 - أحمد بن محمد البرنى أحد الأصحاب.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنى أنه سأل أبا عبد الله عن شهادة القاذف إذا تاب؟ فقال: أراها جائزة. فقلت له تعتمد على حديث عمر فى قوله لأبى بكرة «إن تبت قبلب شهادتك»: فقال؟
فقال: نعم، وقول الله أبين {(إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ)} (2)
59 - أحمد بن محمد أبو الحارث الصائغ
، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان أبو عبد الله يأنس به. وكان يقدمه ويكرمه. وكان عنده بموضع جليل. وروى عن أبى عبد الله مسائل كثيرة بضعة عشر جزءا. وجوّد الرواية عن أبى عبد الله
أخبرنا بركة أخبرنا إبراهيم عن عبد العزيز قال أخبرنا أحمد حدثنا محمد بن جعفر أبو الحارث، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: الفطرة التى فطر الله العباد عليها من الشقاوة والسعادة.
وقال أبو الحارث: قلت لأبى عبد الله: هؤلاء المحدثون الذين يأخذون على الحديث؟ قال: هذه طعمة سوء
وقال أبو الحارث: وسئل أبو عبد الله عن قراءة الألحان؟ فقال: بدعة
وقال أبو الحارث: ذكر لأبى عبد الله قراءة حمزة. فقال: أنا أكرهها. قيل
__________
(1) قال الحافظ الذهبى فى تذكرة الحفاظ: أظنه مات بعد الستين ومائتين.
وقال الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب. توفى سنة (261) أو فى حدودها.
وجدته بخط شيخنا الحافظ أبى الفضل العراقى. والحق أنه تأخر عن ذلك. فقد أرخ ابن قانع وفاته سنة (273) لكنه لم يسمه. وليس فيمن يلقب «الأثرم» غيره
(2) تقدم رقم 56(1/74)
له: وما تكرهه منها؟ قال: هذا الإدغام والإضجاع الشديد، مثل جاب وطاب وحاق
وقال فى رواية أبى الحارث: سمعت أبا عبد الله وقد ذكر له قول أبى حنيفة وأصحابه فى الخيل؟ فأنكره
وقال أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه. قال: وسمعته وسئل عن قول الحسين الكرابيسى. فقيل له: إنه يقول:
لفظى بالقرآن مخلوق. فقال: هذا قول جهم. قال الله عزّ وجلّ (9: 6 {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجََارَكَ فَأَجِرْهُ حَتََّى يَسْمَعَ كَلََامَ اللََّهِ}) فممن يسمع كلام الله؟
أهلكهم الله.
وقال أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: إنما العلم مواهب، يؤتيه الله من أحب من خلقه. وليس يناله أحد بالحسب. ولو كان لعلة الحسب لكان أولى الناس به: أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم.
60 - أحمد بن محمد بن عبد ربه المروذى، أبو الحارث.
أحد من روى عن إمامنا أشياء.
منها: قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: إذا عرف الرجل بالكذب فيما بينه وبين الناس، ولا يتوقّى فى منطقة، فكيف يؤتمن هذا على ما استتر فيما بينه وبين الله تعالى؟ مثل هذا لا يكون إماما، ولا يصلّى خلفه.
يا أبا عبد الله، فيعيد من يصلي خلفه؟ قال: لا أدرى. ولكن أحب أن يعتزل قلت: الصلاة خلفه
61 - أحمد بن محمد بن مطر أبو العباس.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال:
عنده عن أبى عبد الله مسائل، سمعتها منه. وكان فيها غرائب. سمع إمامنا وشريحا، ويونس، وغيرهما.(1/75)
62 - أحمد بن محمد بن نصر اللباد.
سمع من إمامنا أحمد رضى الله عنه فيما ذكره أبو عمرو البحترى النسيابورى فى كتاب الأربعين. فقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سهل حدثنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد حدثنى أحمد بن حنبل حدثني الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعى عن عبدة بن أبى لبابة عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عبادا اختصهم بالنعم لمنافع العباد ما بذلوها. فاذا منعوها نزعها عنهم، وحوّلها إلى غيرهم»
63 - أحمد بن محمد بن يحيى الكحال.
أنقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن الأسير يخرج من بلاد الروم ومعه علج فيقول العلج: أنا خرجت به، ويقول الأسير: أنا خرجت به؟ قال: أولى أن يقبل قول المسلم.
64 - أحمد بن محمد بن يزيد الوراق.
ويعرف بالإيتاخى، من أهل سرّ من رأى. قدم بغداد. وروى عن إمامنا أحمد، ويحيى بن معين وغيرهما.
وذكره أبو بكر الخلال، فقال: ثقة. كان عنده عن أحمد مسائل.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما شبهت الشباب إلا بشىء كان فى كمى فسقط.
65 - أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوى.
حدث عن إمامنا بأشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عمن قال القرآن مخلوق؟ فقال:
كفر. وفتح الكاف. أنبانا بهذه الرواية جدى جابر، وأحمد بن النقور، قالا:
أخبرنا أبو حفص الكتانى حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا إسحق بن إبراهيم البغوى ابن عم أحمد بن منيع، قال: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن قال:
القرآن مخلوق؟ فقال: كفر، فتح الكاف.
وقال أحمد بن منيع عبربى أحمد بن حنبل، وأنا قاعد على الباب، فقلت:
من أين يا أبا عبد الله؟ قال: من الكوفة. فقلت له: كم يا أبا عبد الله؟ قال:(1/76)
وقال أحمد بن منيع عبربى أحمد بن حنبل، وأنا قاعد على الباب، فقلت:
من أين يا أبا عبد الله؟ قال: من الكوفة. فقلت له: كم يا أبا عبد الله؟ قال:
هو خير يا أبا جعفر. قلت له: كم دخلت الكوفة؟ قال لى: بضعه عشرة دخلة.
قلت: يجزى الرجل إذا أراد أن يتفقه بالحديث: أن يكتب مائة ألف حديث؟
قال: لا. قلت: فمائتى ألف؟ قال: لا. قلت: فثلاثمائة ألف؟ قال: لا.
فقلت: فأربعمائة ألف؟ قال: لا. قلت: فخمسمائة ألف؟ قال بيده هكذا، قلبها
قلت: أنا وقد حدث البخارى عن رجل عنه
66 - أحمد بن المستنبر
حدث عن إمامنا أحمد بأشياء.
منها قال: سئل أحمد: لو أن رجلا كتب كتب وكيع كان تيققه بها؟ قال:
لا. قال: فلو كتب كتب ابن المبارك كان يتفقه بها؟ قال: نعم.
67 - أحمد بن منصور بن سيّار الرّمادى أبو بكر
، سمع من عبد الرزاق بن همام وغيره. وروى عنه جماعة، منهم أبو بكر بن أبى داود الفقيه. روى عن إمامنا أحمد أشياء
منها قال: قال أحمد: يؤدّى الخراج والزكاة جميعا فى أرض الخراج.
ومات سنة خمس وستين ومائتين. ذكره ابن المنادى. وقد استكمل ثلاثا وثمانين سنة
68 - أحمد بن محمود الساوى
ذكره أبو بكر الخلال فى الأصحاب
نقلت من كتاب الجنائز لأبى بكر الخلال، قال أحمد بن محمود الساوى:
رأيت أبا عبد الله جاء يعزى أبا طالب. فوقف بباب المسجد، فقال: عظم الله أجركم، وأحسن عزاءكم. ثم جلس، ولم يقصد أحدا منهم.
69 - أحمد بن أبى بدر المنذر بن بدر بن النضر
، أبو بكر المغازلى، الشيخ الصالح البغدادى. وكان ثقة. ويعد من الأولياء العازفين عن الدنيا، لقبه «بدر» وهو الغالب عليه. وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يكرمه ويقدمه.
وعنده عن أبى عبد الله جزء حديث، وقع له فيه مسائل أيضا. وسمعتها منه.(1/77)
، أبو بكر المغازلى، الشيخ الصالح البغدادى. وكان ثقة. ويعد من الأولياء العازفين عن الدنيا، لقبه «بدر» وهو الغالب عليه. وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يكرمه ويقدمه.
وعنده عن أبى عبد الله جزء حديث، وقع له فيه مسائل أيضا. وسمعتها منه.
وسمعت منه حديثا. وكنت إذا رأيت منزله ورأيت قعوده شهدت له بالصلاح والصبر على الفقر. وكان أحمد يخرج الشئ، فيقول: أين بدر؟ ثم يقول: هذه من بابتك، يعنى أحاديث الزهد ونحو ذلك. فكان إمامنا يتعجب منه، ويقول:
من مثل بدر؟ قد ملك لسانه
وقال أبو محمد الجريرى: كنت يوما عند بدر المغازلى، وقد باعت زوجته دارا لها بثلاثين دينارا. فقال لها بدر: نفرق هذه الدنانير فى إخواننا، ونأكل رزق يوم بيوم. فأجابته إلى ذلك. وقالت: تزهد أنت ونرغب نحن؟ هذا ما لا يكون
ومات لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين ومائتين
70 - أحمد بن أبى الحوارى، واسمه ميمون، أبو الحسن الدمشقى.
حدث عن جماعة، منهم إمامنا، وبين وفاته ووفاة البغوى: إحدى وسبعون سنة. وقال أحمد بن أبى الحوراى: قال أحمد بن حنبل: متى مولدك؟ قلت: سنة أربع وستين قال: وهى مولدى
ومات أحمد بن أبى الحوارى مدخل رجب سنة ست وأربعين ومائتين.
وقيل: إنه رمى بكتبه فى البحر. وقال: نعم الدليل كنت، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محال. وقيل: إنه طلب أحمد بن أبى الحوارى العلم ثلاثين سنة. فلما بلغ منه الغاية حمل كتبه كلها فغرقها فى البحر. وقال: يا علم، لم أفعل هذا تهاونا بك، ولا استخفافا بحقك، ولكن كنت أكتب لأهتدى بك إلى ربى. فلما اهتديت بك إلى ربى استغنيت عنك. وقال: لا دليل على الله سواه. وإنما العلم يطلب لأدب الخدمة. وكان الجنيد يقول: أحمد بن أبى الحوارى ريحانة الشام
71 - أحمد بن المكين الأنطاكي
ذكره الخلال، فقال: عنده عن أبى عبد الله مسائل، سمعتها منه فى قدمتى الثانية إلى الثغور. وكان رجلا كما يجب إن شاء الله.(1/78)
أخبرنى أحمد بن المكين: أن رجلا قال لأحمد بن حنبل: أوصنى. فقال له أحمد: انظر إلى أحب ما تريد أن يجاورك فى قبرك فاعمل به. واعلم أن الله يبعث العباد يوم القيامة على ثلاث خصال: محسن ما عليه من سبيل. لأن الله تعالى يقول (9: 91 {مََا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}) وكافر فى النار: لان الله تعالى يقول (35: 36 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نََارُ جَهَنَّمَ} الآية) وأصحاب الذنوب والخطايا. فأمرهم إلى الله، إن شاء عذب، وإن شاء غفر. لأن الله تعالى يقول (4: 48 {إِنَّ اللََّهَ لََا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مََا دُونَ ذََلِكَ لِمَنْ يَشََاءُ})
وقال أبو بكر الخلّال: حدثنى أحمد بن المكين الأنطاكى قال: سمعت أحمد بن حنبل، وقال لرجل: ما فعلت الوالدة؟ قال: توفيت يا أبا عبد الله. فقال له أحمد: أعظم الله أجرك
72 - أحمد بن ملاعب بن حبان
، أبو الفضل الحافظ المخرمى، سمع عفان بن مسلم، والفضل بن دكين فى آخرين. وحدث عن إمامنا أحمد. وذكره عبد الله بن أحمد، فقال: ثقة. وكذلك قال الدارقطنى.
وكان مولده سنة إحدى وتسعين ومائة. ومات فى جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومائتين.
وذكره أبو بكر النجاد وأبو الحسين بن المنادى فيمن روى عن أحمد فقال:
حدثنا أحمد بن ملاعب حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الله بن إدريس عن الشيبانى عن الشعبى أن النبى صلى الله عليه وسلم «صلى على قبر بعد ما دفن» قال فقلت: من حدثك؟ قال: الثقة ابن عباس.
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنى أحمد بن ملاعب المخرى، قال: سمعت أحمد بن حنبل، مالا أحصيه، وكان يكون هو المؤذن، فإذا قال «الله أكبر، الله أكبر» قليلا قليلا «الله أكبر الله أكبر» كلما قال كلمة قال مثلها قليلا قليلا، حتى يفرغ من الأذان إلى آخره.(1/79)
73 - أحمد بن المصفى الحمصى
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما حدثنا أحمد العكبرى قال حدثنا حمدان بن سليمان بن حمدان السقطى حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن جنيقا وهو جد الوالد السعيد لأمه حدثنا على بن محمد المصرى الواعظ الفقيه حدثنا على بن الحسين بن عيسى المروذى حدثنا أحمد بن محمد بن صلاح الطيالسى البغدادى قال: سمعت أحمد بن المصفى يقول:
رحل أحمد بن حنبل إلى الشام لزيارة محمد بن يوسف الفريابى. فنزل عندنا بحمص فأقام أياما يقرأ عليه. ثم ورد الخبر بموت الفريابى. فضاق صدره، وحزن لذلك فقلت له: يا أبا عبد الله، قد كتبت عن الأئمة الكبار عن سفيان، فما هذا الحزن؟
فقال: الحديث كثير، إلا أنى أردت أن أستخبره عن أخلاق الرجل. فانه كان أنيسا به. وقد بلغنى: أنه كان يقترض منه وقت الحاجة، ويقول له: يا محمد، ما أقترض منك الا لانك ما تقتضينى. فاذا قضيتك اقترضت منك.
74 - أحمد بن محمد بن واصل المقرى، أبو العباس.
صحب من النحاة ابن سعدان، ومن القراء خلفا. وكان عنده عن أحمد مسائل حسانا
منها قال: سمعت أحمد وقد سئل: أيجوز أن يخرج الزكاة من بلد إلى بلد؟ فقال: لا يجوز. فقيل له: إن كان لقرابة؟ فقال: لا.
ومات سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
حرف النون
75 - أحمد بن نصر بن مالك، أبو عبد الله الخزاعى.
قال أبو حفص العكبرى:
حدثنا يحيى بن سهل الثقفى حدثنا أبو حفص الجوهرى حدثنا أبو أحمد حدثنا أحمد بن إبراهيم الأنماطى قال: سمعت أحمد بن نصر الخزاعى يقول: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام. فقلت: يا رسول الله، بمن نقتدى فى عصرنا هذا؟
قال: عليك بأحمد بن حنبل.(1/80)
وقال أحمد بن نصر: رأيت مصابا بالصّرع قد وقع. فقرأت فى أذنه، فكلمتنى الجنية من جوفه. فقالت: يا أبا عبد الله، دعنى أخنقه. فانه يقول: القرآن مخلوق
وذكره يحيى بن معين فترحم عليه. وقال: قد ختم له بالشهادة. وقتل فى خلافة الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن، سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
وكان قد أخذه الواثق، فقال له: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلام الله. قال:
أفترى ربك يوم القيامة؟ قال: كذا جاءت الرواية به. فدعا الواثق بالصمصامة، وقال: إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معى، فانى أحتسب خطاى إلى هذا الكافر الذى يعبد ربا لا نعبده، ولا نعرفه بالصفة التى وصفه بها. ثم أمر بالنّطع فأجلس عليه، وهو مقيد. وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه، ومشى إليه حتى ضرب عنقه. وأمر بحمل رأسه إلى بغداد، فنصب فى الجانب الشرقى أياما. وفى الجانب الغربى أياما.
قال جعفر بن محمد الصائغ: بصر عينىّ وإلا فعميتا، وسمع أذنى وإلا فصمتا (1)
أحمد بن نصر الخزاعى حيث ضربت عنقه يقول رأسه: لا الله الا الله
وقال المروذى: سمعت أبا عبد الله وذكر أحمد بن نصر فقال: رحمه الله، ما كان أسخاه، لقد جاد بنفسه
وقال ابراهيم بن اسمعيل بن خلف: كان أحمد بن نصر خلّى. فلما قتل فى المحنة وصلب رأسه أخبرت أن الراس يقرأ القرآن. فمضيت فبت بقرب الرأس مشرفا عليها. وكان عنده رجالة وفرسان يحفظونه. فلما هدأت العيون سمعت الرأس يقول {(الم أَحَسِبَ النََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنََّا وَهُمْ لََا يُفْتَنُونَ؟)} فاقشعر جلدى. ثم رأيته بعد ذلك فى المنام، وعليه السندس والإستبرق، وعلى رأسه تاج. فقلت له: ما فعل الله بك يا أخى؟ قال: غفر لى وأدخلنى الجنة.
وقال أحمد بن كامل القاضى: حمل أحمد بن نصر بن مالك الخزاعى من بغداد
__________
(1) كذا بالأصول، ولعل الصواب: بصرت عيناى، وسمعت أذناى.(1/81)
إلى سرّ من رأى. فقتله الواثق فى يوم الخميس ليومين بقيا من شعبان سنة إحدى وثلاثين. وفى يوم السبت مستهل رمضان نصب رأسه ببغداد على رأس الجسر وأخبرنى أنه رآه، قال: وكان شيخا أبيض الرأس واللحية. وأخبرنى أنه وكّل برأسه من يحفظه بعد أن نصب برأس الجسر. وأن الموكل به ذكر أنه يراه بالليل يستدير إلى القبلة بوجهه. فيقرأ سورة يس بلسان طلق. وأنه لما أخبر بذلك طلب، فخاف على نفسه
76 - أحمد بن نصر، أبو حامد الخفاف.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال:
كان عنده جزء فيه مسائل حسان أغرب فيها
منها: قال: سئل أحمد عن رجل أشهد على ألف درهم، وكان الحاكم لا يحكم إلا فى مائة ومائتين يشهد له؟ قال: لا، إلا ما أشهدت عليه
ومنها قال: قال أبو عبد الله: القاذف إذا أكذب نفسه يقول: إنى قد كنت قذفت فلانة أو فلانا وكذبت عليه، يحد وتقبل شهادته.
وقال: وسئل أحمد عن القبور: مرتفعة أحب إليك، أو مسنّمة؟ قال:
مسنمة، مثل قبور أحد، مسنّمة.
حرف الهاء
77 - أحمد بن هاشم بن الحكم بن مروان الأنطاكى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: شيخ جليل متيقظ، رفيع القدر. سمعنا منه حديثا كثيرا، ونقل عن أحمد مسائل حسانا. سمعناها فى سنة سبعين أو إحدى وسبعين.
منها قال: سئل أحمد وأنا أسمع يشهد على الشهادة، ولم ينظر فى الكتاب؟
قال: إن حفظها وإلا فليس بشىء. قال: وسمعت أحمد يقول: المال الضمار الذى ألبس منه.(1/82)
78 - أحمد بن هشام
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد عن رجل أصاب ثوبه بول، فنسى فصلى فيه؟
فقال: يعيد الصلاة من قليل البول وكثيره. قال: وابن عباس يقول فى الدم إذا فحش، ثم قال: إن قوما يساوون بين البول والدم. فعجب من قولهم
حرف الياء
79 - أحمد بن يحيى أبو جعفر الحلوانى
، ذكره أبو بكر الخلال فى جملة الأصحاب.
قرأت بخط أبى حفص العكبرى حدثنا أبو بكر محمد بن على حدثنا أحمد بن يحيى الحلوانى قال: سمعت أبا عبد الله وقال له رجل: يصيب ثوبى البول؟ فأخذ الرجل فجمع بعض ثيابه، وقال: يصب عليه الماء مرتين يفركه بأصابعه مرتين يجزيه؟ قال: لا، سبع مرات، لمكان ما روى فى الكلب
ومات فى جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائتين. وسنه خمس وتسعون سنة. ودفن فى الشّونيزية. نقلته من الأوراق للصولى
80 - أحمد بن يحيى بن زيد، أبو العباس النحوى الشيبانى
، المعروف بثعلب إمام الكوفيين فى النحو واللغة. قال ثعلب: أحببت أن أرى أحمد بن حنبل فصرت اليه، فلما دخلت عليه قال لى: فيم ثنظر؟ قلت: فى النحو والعربية.
فأنشدنى أبو عبد الله أحمد بن حنبل:
اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت، ولكن قل: علىّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفل ما مضى (1) ... ولا أن ما تخفي عليه يغيب
لهونا عن الأيام، حتى تتابعت ... ذنوب على آثارهن ذنوب
فياليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن فى توباتنا فنتوب
__________
(1) فى نسخة «يغفل ساعة».(1/83)
وقال ثعلب: مات معروف الكرخى سنة مائتين. وفيها ولدت
ومات ثعلب في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين
81 - أحمد بن يحيي بن حيان الرقى
، أحد من روى عن إمامنا أحمد فيما أخبرنا أحمد بن عبيد الله.
حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النّرسى حدثنا أبو بكر محمد بن اسماعيل الوراق إملاء سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة حدثنا أبو الحسن على بن محمد البصرى الواعظ الفقيه حدثنا أحمد بن يحيى بن حيان الرقى قال: سئل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وأنا حاضر ما معنى وضع اليمين على الشمال فى الصلاة؟ فقال: ذل بين يدى عز.
قال أبو الحسن المصرى: لم يصح عندى فى العلم أحسن من هذا
82 - أحمد بن يزيد الوراق.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أحمد بن يزيد الوراق قال: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الهمز الشديد؟ فقال: لا يعجبنى الهمز الشديد.
قال أبو بكر الخلال: وأخبرنا أحمد بن يزيد الوراق، قال سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الهمز فى القرآن؟ فقال: تعجبنى القراءة السهلة.
فلنذكر الآن من اسمه أحمد ولا يعرف اسم أبيه
83 - أحمد بن أبى عبدة.
أبو جعفر همدانى.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: جليل القدر. كان أحمد يكرمه. وكان ورعا. نقل عن إمامنا أحمد مسائل كثيرة. وتوفى قبل وفاة أحمد.
وقال إمامنا أحمد: ما عبر هذا الجسر أنصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من أحمد بن أبى عبدة. قال الخلال: يعنى جسر النهروان.
قال أحمد بن أبى عبدة: كنت عند أبى زرعة، فسألته عن مسائل، وكان
فيما سألته عن المتشابه؟ فقال لى: ما يقول فيها صاحبك؟ يعنى أحمد بن حنبل.(1/84)
قال أحمد بن أبى عبدة: كنت عند أبى زرعة، فسألته عن مسائل، وكان
فيما سألته عن المتشابه؟ فقال لى: ما يقول فيها صاحبك؟ يعنى أحمد بن حنبل.
قلت: يذهب إلى حديث عبد الله بن مسعود «الإثم حوازّ القلوب» فقال:
سبحان الله ما أشبّه أحمد بن حنبل إلا بالبازى ينقضّ على الصيد من فوق.
قال أحمد بن أبى عبدة: سئل أحمد عن رجل تصدق بثلث دار له غائبة عنه على رجل مشاعة. وحدّ الدار، وهى دار معروفة؟ قال: هو جائز، وليس كما يقول هؤلاء: ليس بجائز، حتى يعرف الدار.
وقال أحمد بن أبى عبدة: قلت لأحمد: فتجوز الصدقة غير مقبوضة؟ قال:
نعم تجوز مقبوضة وغير مقبوضة. قلت: تجيزها غير مقبوضة؟ قال: نعم.
وقال أحمد بن أبى عبدة: قيل لأبى عبد الله: فالشهادة على الاستهلال؟ قال أحبّ إلى أن تكون امرأتين
84 - أحمد بن أبي عبيد الله.
نقل عن إمامنا أشياء
منها ما حدثنا: أحمد بن عبيد الله حدثنا اسماعيل بن أحمد البيهقى قال حدثنا أبى أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد السابق وكتبته من أصل سماعه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن منصور بشيراز حدثنا أبو على أحمد بن عثمان بن أحمد الأبهرى بأصبهان قال: حدثنى أبو الفضل أحمد بن جعفر بن فارس قال حدثنا أحمد بن أبى عبيد الله قال: كنت فى الدار يوم المحنة، وأنا أنظر إلى أحمد بن حنبل والسوط قد أخذ كتفيه، وعليه سراويل فيه خيط. فانقطع الخيط ونزل السراويل فلحظته، وقد حرك شفتيه، فعاد السراويل كما كان. فلما حط من الهنبارين قمت إليه وسألته عن ذلك؟ فقال لى: لما انقطع الخيط قلت: اللهمّ إلهى وسيدى، أوقفتنى هذا الموقف، فلا تهتكنى على رؤوس الخلائق، فعاد السراويل كما كان.(1/85)
باب إبراهيم
85 - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله
، أبو إسحاق الثقفى السراج اليسابورى، أخو إسماعيل ومحمد. سمع يحيى بن يحيى التميمى، ويزيد بن صالح الفراء، وعبد الأعلى بن حماد النرسى، ومحمد بن معاوية، وعبد الجبار بن عاصم، ويحيى بن الحمانى، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادى وغيرهم. وكان قد نزل بغداد وأقام بها إلى حين وفاته. وكان إمامنا يحضره ويفطر عنده، وينبسط فى منزله. وهو أكبر إخوته. وقال الدارقطنى: كان ثقة.
ومات فى صفر من سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
86 - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشر بن عبد الله بن ديسم
، أبو إسحاق الحربى. ولد سنة ثمان وتسعين ومائة. وسمع أبا نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، وعبد الله بن صالح العجلى، وإمامنا أحمد فى آخرين. ونقل عن إمامنا مسائل سمعناها. ونحن نسوق ما تيسر منها.
روى عنه أبو بكر بن أبى داود وأبو بكر بن الانبارى، وأبو بكر النجاد، وأبو عمر الزاهد، فى آخرين. وكان إماما فى العلم، رأسا فى الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث. وصنف كتبا كثيرة. منها: غريب الحديث، ودلائل النبوة، وكتاب الحمام، وسجود القرآن، وذم الغيبة. والنهى عن الكذب. والمناسك. وغير ذلك.
قال إبراهيم: رأيت رجالات الدنيا، فلم أر مثل ثلاثة: رأيت أحمد بن حنبل يعجز النساء أن يلدن مثله. ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قدمه مملوءا عقلا. ورأيت أبا عبيد كأنه جبل نفخ فيه علم.
وقال إبراهيم الحربى: ما شكوت إلى أمى ولا إلى أختى ولا إلى امرأتى،
ولا إلى بناتى حمّى قط وجدتها. الرجل هو الذى يدخل غمه على نفسه. ولا يغم عياله. وكان بى شقيقة خمسا وأربعين سنة، ما أخبرت بها أحدا قط. ولى عشرون سنة أبصر بفرد عين ما أخبرت بها أحدا قط. وأفنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتنى بهما أمى أو أختى أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الثانية. وأفنيت ثلاثين سنة من عمرى برغيف فى اليوم والليلة، إن جاءتنى به امرأتى أو إحدى بناتى أكلته، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الأخرى. والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة، إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا. ومرضت ابنتى فمضت امرأتى، فأقامت عندها شهرا. فقام إفطارى فى هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف. ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقامت نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف.(1/86)
وقال إبراهيم الحربى: ما شكوت إلى أمى ولا إلى أختى ولا إلى امرأتى،
ولا إلى بناتى حمّى قط وجدتها. الرجل هو الذى يدخل غمه على نفسه. ولا يغم عياله. وكان بى شقيقة خمسا وأربعين سنة، ما أخبرت بها أحدا قط. ولى عشرون سنة أبصر بفرد عين ما أخبرت بها أحدا قط. وأفنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتنى بهما أمى أو أختى أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الثانية. وأفنيت ثلاثين سنة من عمرى برغيف فى اليوم والليلة، إن جاءتنى به امرأتى أو إحدى بناتى أكلته، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الأخرى. والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة، إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا. ومرضت ابنتى فمضت امرأتى، فأقامت عندها شهرا. فقام إفطارى فى هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف. ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقامت نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف.
وأخبرنا على البندار عن ابن بطة قال سمعت أبا بكر بن أيوب العكبرى يقول: سمعت إبراهيم الحربى يقول: ما تزوجت ولا زوجت قط ولا أكلت من شىء واحد فى يوم مرتين.
وأنبانا أبو بكر المقرىء عن ابن سمعون قال قال أحمد بن سليمان القطيعى أضقت إضاقة، فمضيت إلى إبراهيم الحربى لأبثه ما أنا فيه. فقال لى: لا يضق صدرك. فإن الله من وراء المعونة. وإنى أضقت مرة حتى انتهى أمرى فى الإضاقة إلى أن عدم عيالى قوتهم. فقالت لى الزوجة: هب أنى أنا وإياك نصبر فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه فضننت بذلك، وقلت: اقترضى لهما شيئا، وأنظرينى بقية اليوم والليلة. وكان لى بيت فى دهليز دراى فيه كتبى. فكنت أجلس فيه للنسخ وللنظر. فلما كان فى تلك الليلة إذا داقّ يدق الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران فقلت: ادخل فقال: أطفىء السراج حتى أدخل. فكببت على السراج شيئا.
وقلت: ادخل. فدخل وترك إلى جانبى شيئا وانصرف. فكشفت عن السراج
ونظرت، فإذا منديل له قيمة، وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم.(1/87)
وقلت: ادخل. فدخل وترك إلى جانبى شيئا وانصرف. فكشفت عن السراج
ونظرت، فإذا منديل له قيمة، وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم.
فدعوت الزوجة، وقلت: أنبهى الصبيان حتى يأكلوا، ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم: وكان وقت مجىء الحاج من خراسان. فجلست على بابى من غد تلك الليلة. فإذا جمّال يقود جملين عليهما حملان ورقا. وهو يسأل عن منزل الحربى، فانتهى إلىّ، فقلت: أنا إبراهيم. فحط الحملين، وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من خراسان. فقلت: من هو؟ فقال:
قد استحلفنى أن لا أقول من هو.
وقال أبو عثمان الرازى: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربى بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمير المؤمنين أن يفرق ذلك، فرده. فانصرف الرسول، ثم عاد فقال: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه فى جيرانك. فقال: عافاك الله. هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفرقته. قل لأمير المؤمنين: إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك.
وقال أبو القاسم بن الختلى: اعتل إبراهيم الحربى علة أشرف فيها على الموت، فدخلت عليه يوما. فقال لى: يا أبا القاسم، أنا فى أمر عظيم مع ابنتى. ثم قال لها: قومى أخرجى إلى عمك، فخرجت. فألقت على وجهها خمارها، فقال لها إبراهيم: هذا عمك كلميه. فقالت لى: نحن فى أمر عظيم، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة: الشهر والدهر مالنا طعام إلا كسرا يابسة وملحا، وربما عدمنا الملح.
وبالأمس قد وجه إليه المعتضد مع بدر ألف دينار، فلم يأخذها. ووجه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منهما شيئا. وهو عليل. فالتفت الحربى إليها وتبسم، وقال:
ياينية، إنما خفت الفقر؟ قالت: نعم. قال لها: أنظرى إلى تلك الزاوية، فنظرت، فإذا كتب، فقال: هناك إثنا عشر ألف جزء لغة وغريب، كتبته بخطى، إذامت فوجهى فى كل يوم بجزء تبيعينه بدرهم. فمن كان عنده إثنا عشر ألف درهم ليس هو فقير
وأنبأنا الحسن بن على الجوهرى حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال: سمعت
أبا عمر محمد بن عبد الواحد اللغوى يقول: سمعت ثعلبا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربى من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.(1/88)
وأنبأنا الحسن بن على الجوهرى حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال: سمعت
أبا عمر محمد بن عبد الواحد اللغوى يقول: سمعت ثعلبا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربى من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.
وقال إبراهيم الحربى: ما أخذت على علم قط أجرا ولا مرة واحدة. فإنى وقفت على باب بقال، فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألنى عن مسئلة فأجبته.
فقال للغلام: أعطه بقيراط ولا تنقصه شيئا فزادنى فلسا.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبى يقول: امض إلى إبراهيم الحربى حتى يلقى عليك الفرائض.
ولما مات سعيد بن أحمد بن حنبل جاء ابراهيم الحربى إلى أحمد بن حنبل، فقام إليه عبد الله، فقال: تقوم إلى؟ فقال عبد الله: لم لا أقوم؟ والله لو رأك أبى لقام إليك. فقال الحربى: والله لو رأى ابن عينية أباك لقام إليه.
وقال محمد بن صالح القاضى: لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربى فى الأدب والحديث، والفقه، والزهد
وقال ابراهيم الحربى لجماعة عنده: من تعدون الغريب فى زمانكم هذا؟ فقال واحد منهم: الغريب من نأى عن وطنه. وقال آخر: الغريب من فارق أحبابه.
وقال كل واحد منهم شيئا. فقال ابراهيم: الغريب فى زماننا رجل صالح عاش بين قوم صالحين، إن أمر بالمعروف آزروه، وإن نهى عن المنكر أعانوه. وإن احتاج الى سبب من الدنيا مانوه، ثم ماتوا وتركوه
وقال محمد بن خلف وكيع: كان لإبراهيم الحربى ابن. وكان له إحدى عشرة سنة، قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا. قال: فمات، فجئت أعزيه، قال فقال لى: كنت أشتهى موت ابنى هذا. قال قلت: يا أبا اسحق، أنت عالم الدنيا، تقول مثل هذا فى صبى قد أنجب، ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم، رأيت فى النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس يسقونهم. وكأن اليوم يوم حار شديد حره. فقلت لأحدهم: اسقنى من
هذا الماء. قال: فنظر إلىّ وقال: لست أبى. فقلت: إيش أنتم؟ فقال: نحن الصبيان الذين متنا فى دار الدنيا، فخلفنا آباءنا نستقبلهم فنسقيهم الماء. قال: فلهذا تمنيت موته(1/89)
وقال محمد بن خلف وكيع: كان لإبراهيم الحربى ابن. وكان له إحدى عشرة سنة، قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا. قال: فمات، فجئت أعزيه، قال فقال لى: كنت أشتهى موت ابنى هذا. قال قلت: يا أبا اسحق، أنت عالم الدنيا، تقول مثل هذا فى صبى قد أنجب، ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم، رأيت فى النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس يسقونهم. وكأن اليوم يوم حار شديد حره. فقلت لأحدهم: اسقنى من
هذا الماء. قال: فنظر إلىّ وقال: لست أبى. فقلت: إيش أنتم؟ فقال: نحن الصبيان الذين متنا فى دار الدنيا، فخلفنا آباءنا نستقبلهم فنسقيهم الماء. قال: فلهذا تمنيت موته
وقال محمد بن عبد الله الكاتب: كنت يوما عند محمد بن يزيد المبرد، فأنشد:
جسمى معى، غير أن الروح عندكم ... فالجسم فى غربة. والروح فى وطن
فليعجب الناس منى: أن لى بدنا ... لا روح فيه. ولى روح بلا بدن
ثم قال: ما أظن قالت الشعراء أحسن من هذا. قلت: ولا قول الآخر؟
قال: هيه، قلت: الذى يقول:
فارقتكم، وحييت بعدكم ... ما هكذا كان الذى يجب
فالآن ألقى الناس معتذرا ... من أن أعيش وأنتم غيب
قال: ولا هذا. قلت: ولا قول خالد الكاتب:
روحان لى: روح تضمنها جسد ... وأخرى حازها بلد
وأظن شاهدتى كغائبتى ... بمكانها تجد الذى أجد
قال: ولا هذا. قلت: أنت إذا هويت الشىء ملت إليه. ولم تعدل إلى غيره. قال: لا، ولكنه الحق. فأتيت ثعلبا فأخبرته. فقال ثعلب: ألا أنشدته
غابوا فصار الجسم من بعدهم ... ما تنظر العين له فيّا
بأى وجه أتلقاهم ... إذا رأونى بعدهم حيّا؟
يا خجلتى منهم، ومن قولهم: ... ما ضرك الفقد لنا شيئا
قال: فأتيت ابراهيم الحربى، فاخبرته. فقال: ألا أنشدتهم:
يا حيائى ممن أحب إذا ... ما قال بعد الفراق: إنى حييت
لو صدقت الهوى على الصحة ... لما نأى لكنت تموت
قال: فرجعت إلى المبرد، فقال: أستففر الله إلا هذين البيتين، يعنى بيتى إبراهيم الحربى(1/90)
وقال ابراهيم الحربى: ما أنشدت بيتا من الشعر الا قرأت بعده {(قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ)} ثلاث مرات
وقال عيسى بن محمد الطومارى: دخلت على ابراهيم الحربى، وهو مريض وقد كان يحمل ماؤه إلى الطبيب. وكان يجىء إليه ويعالجه. فجاءت الجارية وردت الماء. وقالت: مات الطبيب. فبكى، ثم أنشأ يقول:
إذا مات المعالج من سقام ... فيوشك للمعالج أن يموت
وقال على بن الحسن البزار: سمعت ابراهيم الحربى يقول، وقد دخل عليه قوم يعودونه. فقالوا: كيف تجدك يا أبا اسحق؟ قال: أجدنى كما قال الشاعر:
دب فىّ البلاء سفلا وعلوا ... وأرانى أذوب عضوا فعضوا
بليت جدّتى بطاعة نفسى ... فتذكرت طاعة الله نضوا
وذكر أبو عبد الرحمن السّلمى: أنه سأل الدارقطنى عن إبراهيم الحربى؟
فقال: كان إماما. وكان يقاس باحمد بن حنبل فى علمه وزهده وورعه
وحدث عبيد الله بن أبى الفتح عن الدراقطنى قال: أبو اسحق الحربى إمام مصنف عالم بكل شىء، بارع فى كل علم صدوق. مات ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين.
وقال اسمعيل الخطمى: مات أبو اسحق ابراهيم بن اسحاق الحربى يوم الإثنين لتسع بقين من ذي الحجة. ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذى الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين. وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضى فى شارع باب الأنبار.
وكان الجمع كثيرا جدا. وكان يوما فى عقب مطر ووحل. ودفن فى بيته رحمه الله
وقال ابراهيم الحربى: سئل أحمد عن الرجل يختم القرآن فى شهر رمضان فى الصلاة: أيدعو قائما فى الصلاة، أم يركع ويسلم ويدعو بعد السلام؟ فقال: لا، بل يدعو فى الصلاة وهو قائم بعد الختمة. قيل له: فيدعو فى الصلاة بغير ما فى القرآن؟ قال: نعم(1/91)
وقال إبراهيم الحربى: وسئل أحمد عن رجل صلّى فى جماعة: أيؤم بتلك الصلاة؟ قال: لا. ومن صلى خلفه يعيد. قيل له: فحديث معاذ؟ قال: فيه اضطراب. وإذا ثبت فله معنى دقيق، لا يجوز مثله اليوم
وقال ابراهيم أيضا: وسئل أحمد عن رجل حرّ مات، وليس له وارث، وله أخ مملوك تحته زوجة حرة؟ فقال: يؤمر المملوك بأن يمسك عن وطء زوجته، حتى يعلم: هل بها حمل أم لا؟ فان بان بها حمل فهو يرث عمه الحر. وإن لم يكن بها حمل كان ميراثه لبيت المال. قيل له: إلى كم يمسك عن وطئها؟ قال: حتى تحيض، ويتبين أنه ليس عندها حمل
وقال ابراهيم الحربى أيضا: التابعون كلهم خير. وخيرهم: أحمد بن حنبل.
وهو عندى من أجلهم، يقولون: من حلف بالطلاق أن لا يفعل شيئا ثم فعله ناسيا. فكلهم يلزمونه الطلاق
وقال ابراهيم الحربى: كل شىء أقول لكم: هذا قول أصحاب الحديث.
فهو قول أحمد بن حنبل، هو ألقى فى قلوبنا منذ كنا غلمانا اتباع حديث النبى صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة والاقتداء بالتابعين
وأنبانا على البندار عن ابن بطة قال: سمعت شيخنا أبا حفص رحمه الله، لا مرّة ولا مرات، إلا مالا أحصيه يقول: سمعت ابراهيم الحربى يقول: يقول الناس: أحمد بن حنبل بالتوهم. والله ما أعرف لأحد من التابعين عليه مزية.
ولا أعرف أحدا يقدره قدره، ولا نعرف من الإسلام محله. ولقد صحبته عشرين سنة، صيفا وشتاء وحرا وبردا، وليلا ونهارا، فما لقيته لقاة فى يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس. ولقد كان يقدم أئمة العلماء من كل بلد، وإمام كل مصر فهم بجلالتهم ما دام الرجل خارجا عن المسجد. فاذا دخل المسجد صار غلاما متعلما
وسئل ابراهيم الحربى: كيف سمعت أحمد يقول فى القراءة خلف الإمام؟ فقال:
إما ألف مرة، إن لم أقل، فقد سمعته يقول: يقرأ فيما خافت. وينصت فيما جهر.(1/92)
قلت لإبراهيم الحربى: فإيش ترى أنت؟ قال: أنا ذاك علمنى، وعنه أخذت، وصحبته وأنا غلام. وكل شىء يلقيه إلينا أخذته عنه، وتمسك به قلبى.
فانا عليه، أقرأ إذا لم أسمع. وإذا جهر استمعت. ومن خالفنى أهونت به
وقال ابراهيم الحربى: قبر على بن أبى طالب رضى الله لا يدرى أين هو
87 - ابراهيم بن أبان الموصلى
عنده عن إمامنا مسائل
منها قال: سمعت أبا عبد الله وجاءه رجل فقال: إنى سمعت أبا ثور يقول: إن الله خلق آدم على صورة نفسه فأطرق طويلا. ثم ضرب بيده على وجهه، ثم قال: هذا كلام سوء. هذا كلام جهم. هذا جهمى، لا تقربوه.
88 - ابراهيم بن جابر المروزى
، ممن جالس إمامنا ونقل عنه، فيما ذكره ابن ثابت البغدادى فى كتابه الجامع: فقال حدثنى أبو القاسم السودرجانى حدثنا على بن بشارة حدثنا محمد بن عبد الله بن أسيد حدثنا على بن روحان قال حدثنى إبراهيم بن جابر المروزى قال: كنا نجالس أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله.
قال: فنذكر الحديث ونحفظه ونتقنه. فاذا أردنا أن نكتبه قال: الكتاب أحفظ، قال: فيثب وثبة ويجىء بالكتاب
89 - ابراهيم بن جعفر
نقل عن إمامنا أشياء
منها قلت لأحمد: الرجل ببلغنى عنه صلاح، فأذهب أصلى خلفه؟ قال لى أحمد: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله
90 - ابراهيم بن الجنيد الختلى
قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان.
91 - ابراهيم بن الحكم القصار.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء
منها قال: سئل أحمد بن محمد بن حنبل عن الإيمان: مخلوق أم لا؟ قال:
أما ما كان من مسموع: فهو غير مخلوق. وأما ما كان من عمل الجوارح: فهو مخلوق.(1/93)
منها قال: سئل أحمد بن محمد بن حنبل عن الإيمان: مخلوق أم لا؟ قال:
أما ما كان من مسموع: فهو غير مخلوق. وأما ما كان من عمل الجوارح: فهو مخلوق.
92 - ابراهيم بن الحارث بن مصعب بن الوليد بن عبادة بن الصامت، من أهل طرسوس.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان من كبار أصحاب أبى عبد الله روى عنه الأثرم، وحرب، وجماعة من الشيوخ المتقدمين. وكان أحمد يعظمه ويرفع قدره. وعنده عن أبى عبد الله أربعة أجزاء مسائل.
منها قال: قيل لأحمد: شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع تجوز؟ قال: نعم
وقال أيضا: وسئل أبو عبد الله عن الهمز فى القراءة؟ فقال: الكوفيون أصحاب همز، وقريش لا تهمز.
حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا يحيى بن اليمان عن سفيان عن عيسى بن أبى عزة قال سمعت الشعبى يقول «الهمز فى القرآن لحن»
93 - إبراهيم بن سعيد الجوهرى.
صحب إمامنا حكى عنه أشياء
منها قال: دخلت على أحمد بن حنبل رحمه الله أسلم عليه، فمددت يدى إليه فصافحنى. فلما أن خرجت قال: ما أحسن أدب هذا الفتى، لو انكب علينا كنا نحتاج أن نقوم
وقال أيضا: يا أبا عبد الله، إن الكرابيسى وابن الثلجى قد تكلما. فقال أحمد: فيم؟ قلت: فى اللفظ. فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق. ومن قال:
لفظى بالقرآن مخلوق: فهو جهمى.
قال: وسئل أبو عبد الله عن صدقة الفطر: متى تعطى؟ قال: قبل أن يخرج إلى الصلاة. قيل له: فإن خرج؟ قال: كان ابن عمر يعطى قبل ذلك بيوم أو يومين.(1/94)
94 - إبراهيم بن سعيد الأطروش.
روى عن إمامنا أشياء. منها: قال:
سألت أحمد بن حنبل عن قتل الجهمية؟ فقال: أرى قتل الدعاة منهم.
95 - إبراهيم بن سويد
أحد من روى عن إمامنا أحمد أشياء
منها: ما روى عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه الأصبهانى أخبرنا أبو سليمان أخبرنا أبو الشيخ أخبرنا محمد بن سليمان حدثنى إبراهيم بن سويد الأرمنى ببيروت، قال: قلت لأحمد بن حنبل: من الخلفاء؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم. قلت: فمعاوية؟ قال: لم يكن أحد أحق بالخلافة فى زمن على من على رضى الله عنه. ورحم الله معاوية.
96 - إبراهيم بن شداد
قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا أبى قال قال إبراهيم بن شداد صاحب أحمد بن حنبل: القرآن كلام الله غير مخلوق.
97 - إبراهيم بن زياد.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال قال أحمد: من كذّب بالرواية فهو زنديق.
98 - إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبى شيبة، أبو شيبة الكوفى.
عنده عن إمامنا مسائل. ذكره أبو بكر الخلال. ومات بالكوفة سنة خمسة وستين ومائتين فيما نقلته أنا من تاريخ ابن المنادى
99 - إبراهيم بن عبد الله بن مهران الدينورى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها فى لعاب الحمار والبغل: إن كان كثيرا لا يعجبى. قال: وسئل أبو عبد الله عن صدقة الفطر: متى تعطى؟ قال: قبل أن يخرج إلى الصلاة. قال. قيل له:
فإن خرج؟ قال: كان ابن عمر يعطى قبل ذلك بيوم أو يومين.(1/95)
100 - إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الرقائقى، أبو إسحاق المعروف بالختلى
صاحب كتاب الزهد والرقائق، بغدادى سكن سرّ من رأى. وحدث بها عن أبى سلمة التبوذكى، وسليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، ويحيى بن بكر، ويوسف ابن عدى. وعنده عن يحيى بن معين سؤالات كثيرة الفائدة تدل على فهمه.
وذكره أبو الحسين بن المنادى فى جملة من روى عن أحمد. روى عنه أبو العباس بن مسروق الطوسى، ومحمد بن القاسم، ومحمد بن هارون العسكرى، وأحمد بن إسماعيل الأدمى. وكان ثقة.
101 - إبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهانى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد يقول: أستحب للأمام أن يقرأ أول ليلة من شهر رمضان فى عشاء الآخرة {(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)} لأنها أول سورة نزلت من القرآن. وذكره أبو محمد الخلال من جملة الأصحاب
102 - إبراهيم بن محمد بن الحسن.
نقل إمامنا أشياء
منها: ما حدثنا أحمد بن عبيد الله أخبرنا أبو على إسماعيل بن أحمد البيهقى حدثنا أبى حدثنا على بن أبى بكر قال: أخبرنى أبو نعيم حدثنا الحسين بن محمد حدثنا أبو الأسود عبد الرحمن بن الفيض قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حضرت أحمد بن حنبل، وقد أدخل على الخليفة، وعنده ابن أبى دؤاد، وأبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز الشافعى، فأجلس بين يدى الخليفة. فقال لأبى عبد الرحمن: أى شىء تحفظ عن الشافعى فى المسح؟ قال ابن أبى دؤاد: انظروا رجلا هو ذا يقدم لضرب العنق يناظر فى الفقه؟ هذا أبو عبد الرحمن، كان يأخذ عن الشافعى من القديم، ثم تغير وذهب إلى الاعتزال
103 - إبراهيم بن موسي بن آزر.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: أنبأنا المبارك عن أبى محمد الخلال حدثنا عبد الله بن عثمان الصفار حدثنا
أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن آزر الفقيه، قال حدثنى أبى قال: حضرت أحمد ابن حنبل وسأله رجل عما جرى بين على ومعاوية فأعرض عنه. فقيل له:(1/96)
منها: أنبأنا المبارك عن أبى محمد الخلال حدثنا عبد الله بن عثمان الصفار حدثنا
أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن آزر الفقيه، قال حدثنى أبى قال: حضرت أحمد ابن حنبل وسأله رجل عما جرى بين على ومعاوية فأعرض عنه. فقيل له:
يا أبا عبد الله، هو رجل من بنى هاشم؟ فأقبل عليه، وقال: اقرأ (2: 134 {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهََا مََا كَسَبَتْ} الآية)
104 - إبراهيم بن نصر الحذاء الكندى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد
105 - إبراهيم بن هانيء، أبو إسحاق النيسابورى.
نقل عن إمامنا مسائل كثيرة. وكان ورعا صالحا، صبورا على الفقر. قال ابنه إسحاق: كان أحمد بن حنبل مختفيا ههنا عندنا فى الدار. فقال لى: ليس أطيق ما يطيق أبوك يعنى من العبادة وكان أحمد قد اختفى عنده فى أيام الواثق ثلاثة أيام. ثم رجع إلى منزله. وكان أحمد يقول: إن كان فى البلد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابورى. وقال الفتح بن شخرف: قال لى إبراهيم بن هانىء النيسابورى:
اختفى عندى أحمد بن حنبل ثلاث ليال، ثم قال: اطلب لى موضعا حتى أدور.
قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد الله. فقال لى: النبى صلى الله عليه وسلم اختفى فى الغار ثلاثة أيام ثم دار، وليس ينبغى أن نتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرخاء ونتركها فى الشدة. قال الفتح: فحدثت به صالحا وعبد الله، فقالا: لم تسمع هذه الحكاية إلا منك. وحدثت بها إسحاق بن ابراهيم بن هانئ، فقال:
ما حدثنى أبى بها.
أخبرنا سعود اليوسفى أخبرنا أبو محمد الخلال حدثنا أبو عمر بن حيوية حدثنا أبو ذر الباغندى حدثنا إبراهيم بن هانىء قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
طاعة النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب الله عز وجل فى ثلاث وثلاثين موضعا.
قال أحمد: قال الله عز وجل (24: 63 {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخََالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}).(1/97)
طاعة النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب الله عز وجل فى ثلاث وثلاثين موضعا.
قال أحمد: قال الله عز وجل (24: 63 {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخََالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}).
ومات فى يوم الأربعاء، لأربع خلون من ربيع الآخر سنة خمس وستين ومائتين. ولما حضرته الوفاة جعل يقول لابنه: يا إسحاق، ارفع الستر، مرتين. قال:
يا أبت الستر مرفوع. قال: أنا عطشان، فجاء ابنه بماء. فقال: غابت الشمس؟
قال: لا. فرده، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون. ثم خرجت روحه.
حدث عن أبى عبيد الله العيشى، ويعلى ومحمد ابنى عبيد، وغيرهم
106 - إبراهيم بن هاشم بن الحسين بن هاشم، أبو إسحاق البيع، المعروف بالبغوى.
سمع أمية بن بسطام، وإبراهيم بن الحجاج الشامى، وأبا الربيع الزهرانى وعلى بن الجعد، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عند أبو بكر النجاد، وعبد الباقى ابن قانع، وجعفر الخلدى، واسماعيل بن على الخطبى
قال الخطبى: حدثنا إبراهيم بن هاشم حدثنا أبو الربيع الزهرانى حدثنا حاتم ابن ميمون عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ قل هو الله أحد، مائتى مرة، كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة، إلا أن يكون عليه دين»
قال الخطبى: ومات يوم الخميس سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائتين
قال إبراهيم بن هاشم البغوى: سئل أحمد وأنا أسمع عن الصلاة فى الثعالب يعنى فى جلودها؟ فقال: لا يعجبنى، ولا فى شىء من جلود السباع
107 - إبراهيم بن يعقوب، أبو إسحاق الجورجانى.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: جليل جدا. كان أحمد يكاتبه ويكرمه إكراما شديدا. وقد حدثنا عنه الشيوخ المتقدمون.
وعنده عن أبى عبد الله جزءان مسائل.(1/98)
وسمعت أبا زرعة الصغير يحكى عن إبراهيم بن يعقوب قال: كان أحمد بن حنبل يصلى بعبد الرزاق، فسها يوما فى صلاته. فسأله عبد الرزاق؟ فأخبره: أنه لم يطعم شيئا منذ ثلاث.
باب ذكر من اسمه اسمعيل
108 - اسماعيل بن ابراهيم بن مقسم، أبو بشر الأسدى مولاهم.
ويعرف بابن عليّة، من أهل البصرة. وأصله كوفى. سمع من أبى التياح الضبعى حديثا واحدا. وروى الكثير عن عبد العزيز بن صهيب، وأيوب السخيتانى، وابن عون، وسليمان التيمى، وداود بن أبى هند، وحميد الطويل. وذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
قلت أنا: وقد سمع منه إمامنا أحمد. وابن جريج، وشعبة، وحماد بن زيد، وعبد الرحمن بن مهدى، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى. وغيرهم
وولى ابن علية المظالم ببغداد فى أيام هارون الرشيد. وحدث بها إلى أن توفى.
وولى صدقات البصرة.
مولده: سنة عشر ومائة. وكان يقول: من قال: ابن علية. فقد اغتابنى.
وقيل: إن علية أمه. وقيل: جدته أم أمه.
وقال زياد بن أيوب: ما رأيت لابن علية كتابا قط. وكان يقال: ابن علية يعدّ الحروف. وقال عبد الرحمن بن مهدى: ابن علية أثبت من هشيم.
وقال إمامنا أحمد: كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفى ووهيب. وكان يهاب أو يتهيب إسمعيل بن علية إذا خالفه
وقال يحيى بن معين: ابن علية كان ثقة مأمونا صدوقا، مسلما ورعا تقيا.
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبى يقول: فاتنى مالك، فأخلف الله على سفيان بن عيينة. وفاتنى حماد بن زيد فأخلف الله على اسمعيل بن علية(1/99)
وقيل: إنه لم يضحك منذ عشرين سنة
وقال على بن المدينى: بت عند اسمعيل بن علية ليلة. وكان يقرأ ثلث القرآن.
وما رأيته ضحك قط. وكان عبد الله بن المبارك يتجر فى البزّ، ويقول: لولا خمسة ما تجرت: سفيان الثورى، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، ومحمد بن السماك، وابن علية. وكان يخرج يتجر إلى خراسان، فكلما ربح من شىء أخذ القوت للعيال ونفقة الحج. والباقى يصل به إخوانه الخمسة. فقدم سنة، فقيل له:
قد ولى ابن علية القضاء. فلم يأته. ولم يصله بالصرة التى كان يصله بها فى كل سنة. فبلغ ابن علية أن ابن المبارك قد قدم، فركب إليه وتنكس على رأسه. فلم يرفع به عبد الله بن المبارك رأسا. ولم يكلمه، فانصرف. فلما كان من غد: كتب إليه رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم. أسعدك الله بطاعته. وتولاك بحفظه. وحاطك بحياطته. قد كنت منتظرا لبركة صلتك، أتبرك بها، وجئتك أمس فلم تكلمنى.
ورأيتك واجدا علىّ، فأى شىء رأيت منى، حتى أعتذر إليك منه؟
فلما وردت الرقعة على عبد الله بن المبارك دعا بالدواة والقرطاس، وقال:
يأبى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا، ثم كتب اليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك فى سردها ... عن ابن عون وابن سيرين؟
أين رواياتك فى سردها ... لترك أبواب السلاطين؟
إن قلت: أكرهت، فذا باطل ... زلّ حمار العلم فى الطين
فلما وقف ابن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء. فوطىء بساط هارون، وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله، ارحم شيبتى. فانى لا أصبر للخطأ.
فقال له هارون: لعل هذا المجنون أغرى بقلبك. فقال: الله الله، أنقذنى، أنقذك الله. فأعفاه من القضاء. فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك وجه إليه بالصرة(1/100)
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك فى سردها ... عن ابن عون وابن سيرين؟
أين رواياتك فى سردها ... لترك أبواب السلاطين؟
إن قلت: أكرهت، فذا باطل ... زلّ حمار العلم فى الطين
فلما وقف ابن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء. فوطىء بساط هارون، وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله، ارحم شيبتى. فانى لا أصبر للخطأ.
فقال له هارون: لعل هذا المجنون أغرى بقلبك. فقال: الله الله، أنقذنى، أنقذك الله. فأعفاه من القضاء. فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك وجه إليه بالصرة
وقيل: لما ولى ابن علية صدقات البصرة كتب عبد الله بن المبارك إليه هذه الأبيات، فجعل ابن علية يقرؤها ويبكى
وقال حماد بن سلمة: ما كنا نشبه شمائل ابن علية إلا بشمائل يونس بن عبيد، حتى دخل فيما دخل فيه، وقال عفان مرة أخرى: حتى أحدث.
قال عفان: وكان ابن علية وهو شاب من العباد بالبصرة.
وقال ابراهيم الحربى وسأله أبو يعقوب فقال: دخل ابن علية على محمد بن هارون. فقال له: يا ابن كذا وكذا أى شتمه إيش قلت؟ فقال:
أنا تائب إلى الله. لم أعلم، أخطات. فقال: إنما كان حدث بهذا الحديث «تجىء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقتان، من طير صواف يحاجان عن صاحبهما» قال: فقيل لابن علية ألهما لسان؟ قال:
نعم. فكيف تكلم؟ فقيل: إنه يقول: القرآن مخلوق. وإنما غلط.
وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن وهيب واسماعيل بن ابراهيم بن علية، قلت: أيهما أحب إليك إذا اختلفا؟ فقال: وهيب، كان عبد الرحمن بن مهدى يختار وهيبا على اسماعيل. قلت: فى حفظه؟ قال: فى كل شىء. ما زال إسماعيل وضيعا، من الكلام الذى تكلم به إلى أن مات. قلت:
أليس قد رجع وتاب عل رءوس الناس؟ فقال: بلى، ولكن ما زال مبغضا لأهل الحديث، بعد كلامه ذاك إلى أن مات. ولقد بلغنى أنه أدخل علىّ محمد بن هارون ثم قال لى: تعرف محمد بن هارون؟ قلت: نعم أعرفه. قال: فلما رآه زحف إليه وجعل محمد يقول له: يا ابن عم، تتكلم فى القرآن؟ قال: وجعل اسمعيل يقول:
جعله الله فداه، زلة من عالم، جعله الله فداه، زلة من عالم، ردده أبو عبد الله غير مرة. وفخم كلامه، كأنه يحكى اسمعيل. ثم قال لى أبو عبد الله: لعل الله أن
يغفر له بها يعنى لمحمد بن هارون ثم ردد الكلام وقال: لعل الله أن يغفر له لإنكاره على اسمعيل. ثم قال بعد: هو ثبت يعنى إسمعيل قلت: يا أبا عبد الله إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبى اسمعيل أبدا. لقد رأيته فى المنام كأن وجهه أسود. فقال أبو عبد الله: عافى الله عبد الوهاب. ثم قال: كان معنا رجل من الأنصار يختلف، فأدخلنى على إسمعيل. فلما رآنى غضب وقال: من أدخل هذا على؟ فلم يزل مبغضا لأهل الحديث بعد ذاك الكلام. لقد لزمته عشر سنين إلا أن أغيب، ثم جعل يحرك لسانه، كأنه يتلهف. ثم قال: وكان لا ينصف فى الحديث. قلت: كيف كان لا ينصف؟ قال: كان يحدث بالشفاعات. ما أحسن الإنصاف فى كل شىء(1/101)
جعله الله فداه، زلة من عالم، جعله الله فداه، زلة من عالم، ردده أبو عبد الله غير مرة. وفخم كلامه، كأنه يحكى اسمعيل. ثم قال لى أبو عبد الله: لعل الله أن
يغفر له بها يعنى لمحمد بن هارون ثم ردد الكلام وقال: لعل الله أن يغفر له لإنكاره على اسمعيل. ثم قال بعد: هو ثبت يعنى إسمعيل قلت: يا أبا عبد الله إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبى اسمعيل أبدا. لقد رأيته فى المنام كأن وجهه أسود. فقال أبو عبد الله: عافى الله عبد الوهاب. ثم قال: كان معنا رجل من الأنصار يختلف، فأدخلنى على إسمعيل. فلما رآنى غضب وقال: من أدخل هذا على؟ فلم يزل مبغضا لأهل الحديث بعد ذاك الكلام. لقد لزمته عشر سنين إلا أن أغيب، ثم جعل يحرك لسانه، كأنه يتلهف. ثم قال: وكان لا ينصف فى الحديث. قلت: كيف كان لا ينصف؟ قال: كان يحدث بالشفاعات. ما أحسن الإنصاف فى كل شىء
قلت. أنا: وقد روى عن ابن علية فى القرآن قول أهل الحق.
أنبأنا الحسن بن على الجرهرى أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت اسمعيل بن علية يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
وأنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا المروذى حدثنى أبو بكر بن أبى عون ومحمد بن هشام قالا: رأينا اسمعيل بن علية إذا أقيمت الصلاة قال: ههنا أحمد بن حنبل؟ قولوا له: يتقدم
ومات فى ذى القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة. ودفن ببغداد
109 - اسماعيل بن بكر السكرى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما رواه أبو بكر الخلال قال: أخبرنا اسماعيل بن بكر السكرى قال:
سألت أبا عبد الله عن فأرة وقعت فى إناء فيه ماء السكر؟ فقال: يمكن أن تكون وقعت من السقف، ويمكن أن تكون من الأرض طفرت، وقعت فيه، أو يمكن أن تكون أخرجتها من إناء إلى إناء؟ فقال: اذهب إلى البصريين. فانهم أسهل عليك، أو أرخص عليك. شك اسماعيل(1/102)
110 - اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم بن مهران، أبو بكر السراج النيسابورى، مولى ثقيف.
وهو أخو إبراهيم ومحمد. سمع يحيى بن يحيى التميمى، وعبد الله بن الجراح القهستانى، وعمرو بن زرارة، واسحق بن راهويه، ومحمد بن موسى الجرشى، وجبارة بن المغلس، وإمامنا أحمد فى آخرين
ولد ببغداد، ومات بها. وحدث بها. وكان له اختصاص بامامنا أحمد.
روى عنه أخوه محمد، ومحمد بن مخلد، وأبو سهل بن زياد القطان، وإسماعيل بن على الخطبى، وابن قانع وغيرهم. وحدث الأزهرى عن الدراقطنى قال: اسماعيل بن إسحاق بن ابراهيم بن مهران النسيابورى السراج ثقة
واختلف فى وفاته، فقيل: سنة ست وثمانين ومائتين. وقال ابن قانع: مات فى جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
ونقلت من خط أبى حفص العكبرى: حدثنا الحسين الزيات حدثنا أبو بكر اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم بن مهران الثقفى النيسابورى المعروف بالسراج، قال: سألت أحمد عن رجل يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: كافر. وسألته عمن يقول: لفظى بالقرآن مخلوق؟ قال: جهمى. وسألته عن الإيمان؟ قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. وسألته عن رجل نسى المضمضة والاستنشاق فى الوضوء وصلى؟ قال: يعيد الصلاة والوضوء. وسئل وأنا أسمع عن لحم الجزور: أيتوضأ منه؟ قال: نعم. وسألت أحمد عن الصوم فى السفر؟ قال:
الإفطار أحب إلى.
111 - إسماعيل بن إسحاق بن الحصين بن بنت معمر بن سليمان، أبو محمد الرّقى.
سكن بغداد وحدث عن عبد الله بن معاوية الجمحى، وحكيم بن سيف الرقى، وإمامنا وغيرهم.
روى عنه محمد بن العباس بن نجيح، ومحمد بن المظفر وغيرهما.(1/103)
واختلف فى موته. فقيل: سنة خمس وثلاثمائة. وقيل: سنة ست وثلاثمائة
112 - إسماعيل بن الحارث:
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد
113 - إسماعيل بن سعيد الشالنجى، أبو إسحاق.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: عنده مسائل كثيرة، ما أحسب أن أحدا من أصحاب أبى عبد الله روى عنه أحسن مما روى هذا، ولا أشبع، ولا أكثر مسائل منه. وكان عالما بالرأى كبير القدر عندهم معروفا. ولم أجد هذه المسائل عند أحد رواها عنه إلا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى. فإنه حدث بها عن إسماعيل بن سعيد. وقد سمعت أبا زرعة الصغير يحكى عن ابراهيم بن يعقوب عن إسماعيل عن أبى عبد الله: فى الرجل يأخذه الشّبق فى رمضان للجماع؟ فقال أبو عبد الله: يجامع ويكفر ويقضى يوما مكانه. وذلك: أنه إذا أخذ الرجل هذا خيف عليه أن ينشق فرجه.
وقال اسماعيل الشالنجى: سألت أحمد عن إباحة الفروج بشهادة الزور؟
فقال: محرم ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قطعت له من حق أخيه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار» والأهل أكبر من المال. وقال أحمد فى رواية اسماعيل بن سعيد وقد سئل عمن احتال فى إبطال الشفعة فقال:
لا يجوز شىء من الحيل فى إبطال حق امرىء مسلم.
وقال اسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن رجل حلف على زوجته: أن لا يأوى عندها هذا العيد؟ فقال: إذ عيّد الناس أدخل إليها. قلت: فان قال:
أيام العيد؟ فقال: على ما يعرفه الناس ويعهدونه بينهم.
وقال الشالنجى: قال أبو عبد الله: الذى يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم: ما لابد منه فى صلاته وإقامة دينه. وأقل ما يجب على الرجل من تعليم القرآن: فاتحة الكتاب وسورتان.(1/104)
وله كتاب ترجمه بالبيان على ترتيب الفقهاء. وحدث فيه عن مروان الفزارى وسفيان، وجرير، وسعيدين عامر، وشبابة، ويزيد بن هارون وغيرهم.
114 - إسماعيل بن عبد الله بن ميمون، أبو القاسم العجلى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما رواه أبو بكر الخلال عنه: أن أحمد قال فى الشغار: يفرق بينهما.
لأن النبى صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه. وقال: أرأيت لو تزوج امرأة أبيه، أليس قال الله تعالى (4: 22 {وَلََا تَنْكِحُوا مََا نَكَحَ آبََاؤُكُمْ مِنَ النِّسََاءِ})؟ وقال:
فكلما قصد له النبى صلى الله عليه وسلم بنهى: فهو له يريد أوقاله، فقام مقام الفرض
115 - إسماعيل بن عبد الله بن ميمون
ابن عبد الحميد بن أبى الرجال أبو النصر العجلى، مروزى الأصل. وهو ابن أخى نوح بن ميمون المضروب. سمع عبيد الله بن موسى العبسى، وعبد الرحمن بن قيس الزعفرانى، وأبا عبد الرحمن المقرىء، وخلف بن الوليد الجوهرى، وعبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعى، وإمامنا. ونقل عنه مسائل كثيرة. روى عنه محمد بن خلف الدورى ومحمد بن جعفر المطيرى، وأبو الحسن بن المنادى وغيرهم. ومن جملة شعره:
تخبرنى الآمال: أنى معمر ... وأن الذى أخشاه عنى مؤخر
فكيف؟ ومرّ الأربعين قضية ... علىّ بحكم قاطع لا يغير
إذا المرء جاز الأربعين فإنه ... أسير لأسباب المنايا ومعبر
ومات ليلة الاثنين. ودفن يوم الاثنين لثلاث وعشرين خلت من شعبان سنة سبعين ومائتين. وقد بلغ أربعا وثمانين سنة. ذكره ابن المنادى
فلنذكر بعض مسائله.
قال أبو النصر: قلت لأبى عبد الله: يشترى من الزكاة رقبة كاملة؟ قال: نعم.
قال: سمعت أبا عبد الله يقول فى الوتر إذا فات قال: يعيده قبل أن يصلى الغداة.
قيل له: فالوتركم هو؟ قال: ركعة، إذا كان قبلها تطوع. قلت لأبى عبد الله:(1/105)
قال: سمعت أبا عبد الله يقول فى الوتر إذا فات قال: يعيده قبل أن يصلى الغداة.
قيل له: فالوتركم هو؟ قال: ركعة، إذا كان قبلها تطوع. قلت لأبى عبد الله:
فرجل طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة ثم يظاهر منها، أيكون مظاهرا؟ قال:
نعم. لأن هذه زوجته يرثها وترثه
116 - إسماعيل بن عمر السجزى.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال: جليل مقدم، عالم بصير بالحديث والعلم. سمع من أبى عبد الله مسائل صالحة حسانا مشبعة لم يجىء بها أحد. وأغرب على أصحاب أبى عبد الله. سمعتها من مكى بن عبدان الكرمانى بكرمان عن إسماعيل بن عمر هذا
117 - إسماعيل بن العلاء.
نقل عن إمامنا أشياء
منها، ما أنبأنا أبو الحسين بن الأبنوسى قال أخبرنا الدارقطنى حدثنا جعفر بن محمد بن نصير حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف السايح قال حدثنى عمى محمد بن إسماعيل بن العلاء قال: حدثنى أبى قال: دعانى الكلوذانى رزق الله بن موسى، فقدم إلينا طعاما كثيرا. وكان فى القوم أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأبو خيثمة وجماعة. فقدم لوزينج، أنفق عليها ثمانين درهما. فقال أبو خيثمة:
هذا إسراف. قال فقال أحمد: لا. لو أن الدنيا جمعت حتى تكون فى مقدار لقمة، ثم أخذها امرؤ مسلم، فوضعها فى فم أخيه المسلم: لما كان مسرفا. قال:
فقال يحيى: صدقت يا أبا عبد الله.
118 - إسماعيل بن اخت ابن المبارك.
جالس إمامنا وسأله فيما أنبأنا على عن ابن بطة حدثنا أبو بكر الآجرى حدثنا المروذى قال: سمعت إسماعيل بن أخت ابن المبارك يكلمه فى الدخول على الخليفة. فقال له أبو عبد الله: قد قال خالك يعنى ابن المبارك لا تأتهم، فان أتيتهم فاصدقهم. فأنا أخاف أن لا أصدقهم
119 - إسماعيل بن قتيبة.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: دخلت على أحمد بن حنبل وقد قدم أحمد بن حرب من مكة
فقال لى أحمد: من هذا الخراسانى الذى قدم؟ قلت: من زهده كذا وكذا، ومن ورعه كذا وكذا. فقال: لا ينبغى لمن يدعى ما يدعيه أن يدخل نفسه فى الفتيا(1/106)
منها قال: دخلت على أحمد بن حنبل وقد قدم أحمد بن حرب من مكة
فقال لى أحمد: من هذا الخراسانى الذى قدم؟ قلت: من زهده كذا وكذا، ومن ورعه كذا وكذا. فقال: لا ينبغى لمن يدعى ما يدعيه أن يدخل نفسه فى الفتيا
120 - إسماعيل بن يوسف.
أبو على، المعروف بالديلمى
كان أحد العباد الورعين، والزهاد المتقللين، مع بصره بالحديث وحفظه له، وتمهره فى علمه. جالس إمامنا أحمد، ونقل عنه وعمن بعده من الحفاظ وذاكرهم.
وحدث عن مجاهد بن موسى. روى عنه الحسن بن عبد الوهاب بن أبى العنبر، والعباس بن يوسف الشكلى
أنبأنا الحسن بن على الجوهرى أخبرنا محمد بن العباس حدثنا أبو الحسين بن المنادى قال: وإسماعيل الديلمى: كان من خيار الناس. وذكر لى: أنه كان يحفظ أربعين ألف حديث. وكان يعبر إلى الجانب الشرقى قاصدا محمد بن أشكاب الحافظ، فيذاكره بالمسند. وكان إسماعيل من أشهر الناس بالزهد والورع، والتمسك بالصون. وأما مكسبه: فكان من المساهرة فى الأرحاء.
وقال على بن الابزارى لإسماعيل الديلمى: تسهر فى هذه الرحا بثلث درهم؟
وأى شىء يكفى ثلث درهم؟ فقال: يا بنى ما لم يتصل بنا عز التوكل فلا ينبغى أن نستعجل الذل بالسرف
وقال إسماعيل الديلمى: كنت فى البيت عند أحمد بن حنبل، فإذا نحن بداق يدق الباب. قال: فخرجت إليه، فإذا أنا بفتى عليه أطمار شعر، فقلت: ما حاجتك؟
فقال: أريد أحمد بن حنبل. قال: فدخلت إليه، فقلت: يا أبا عبد الله، بالباب شاب عليه أطمار شعر يطلبك. قال: فخرج إليه. فسلم عليه. فقال له: يا أبا عبد الله أخبرنى: ما الزهد فى الدنيا؟ فقال له أحمد: حدثنا سفيان عن الزهرى: أن الزهد فى الدنيا قصر الأمل. فقال له: يا أبا عبد الله، صفه لى قال: وكان الفتى قائما فى الشمس، والفيء بين يديه فقال: هو أن لا تبلغ من الشمس إلى الفىء.
قال: ثم ذهب ليولّى، قال فقال له أحمد: قف. قال: فدخل فأخرج له صرة،
فدفعها إليه. فقال: يا أبا عبد الله، من لا يبلغ من الشمس إلى الفىء، إيش يعمل بهذه؟ ثم تركه وولى(1/107)
قال: ثم ذهب ليولّى، قال فقال له أحمد: قف. قال: فدخل فأخرج له صرة،
فدفعها إليه. فقال: يا أبا عبد الله، من لا يبلغ من الشمس إلى الفىء، إيش يعمل بهذه؟ ثم تركه وولى
وقال كردان قال لى إسماعيل الديلمى: اشتهيت حلواء، وأبلغت شهوته إلى (1)
فحرجت من المسجد بالليل لأبول، فإذا جنبتى الطريق إخاوين حلواء، فنوديت:
يا إسماعيل، هذا الذى اشتهيت، وإن تركته خير لك. فتركته
وقبر إسماعيل وراء قبر معروف، بينهما قبور يسيرة. وهو بينه وبين المسجد المعروف بمسجد الخضر. وقد زرته مرارا.
وقد قيل: إنه كان يذاكر بتسعين (2) ألف حديث. وحدث الأزهرى عن الدارقطنى قال: إسماعيل الديلمى بغدادى زاهد ورع فاضل ثقة
ذكر من اسمه إسحاق
121 - إسحاق بن إبراهيم بن هانىء النيسابورى.
أبو يعقوب
ولد أول يوم من شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين. وخدم إمامنا هو ابن تسع سنين. وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أخا دين وورع. نقل وعن أحمد مسائل كثيرة ستة أجزاء
من جملتها: ما أخبرنا به بركة قال أخبرنا إسماعيل عن عبد العزيز حدثنا جعفر بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الذى يشتم معاوية، نصلى خلفه؟ قال: لا، ولا كرامة.
ومات ببغداد سنة خمس وسبعين ومائتين. ذكره أبو الحسين بن المنادى
وقال إسحاق: سمعت أبا عبد الله وسئل عن قول النبى صلى الله عليه وسلم «السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» الاستثناء
__________
(1) كذا فى الأصول وفى تاريخ بغداد للخطيب
(2) فى تاريخ بغداد «سبعين»(1/108)
ههنا على أى شىء وقع؟ قال: على البقاع، لا يدرى: أيدفن فى الموضع الذى سلم عليهم فيه أم فى غيره؟ ذكرها فى الشافى من كتاب الخلال
وقال إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: أخزى الله الكرابيسى، لا يجالس ولا يكلّم، ولا تكتب كتبه، ولا يجالس من يجالسه
وقال إسحاق: مات أبو عبد الله، وما خلف إلا ست قطع أو سبعا، كانت فى خرقة كان يمسح بها وجهه، قدر دانقين
ومن كتاب الأدب للخلال: أخبرنى محمد بن أبى هارون: أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: يروى عن ابن سابط أنه قال:
إن البهايم جبلت على كل شىء، إلا على أربع: على أنها تعرف ربها، وتخاف الموت، وتعرف الذكر والأنثى، وتطلب رزقها
122 - إسحاق بن ابراهيم بن مخلد، أبو يعقوب المعروف بابن راهويه.
قيل لإسحاق بن ابراهيم: من أكبر: أنت، أو أحمد بن حنبل؟ قال: هو أكبر منى فى السن وغيره. جالس إمامنا. وروى عنه أشياء
منها قال: رأيت أحمد بن حنبل رضى الله عنه يصلى. فقال بيده هكذا شير بإصبعيه فلما سلم، قلت: يا أبا عبد الله، ما قلت فى صلاتك؟ قال: كنت على طهارة. فجاء إبليس فقال: إنك على غير طهارة. فقلت: شاهدين عدلين
مولده: سنة ست وستين ومائة. وموته: سنة ثلاث وأربعين ومائتين بنيسابورى.
وقال إسحاق بن راهويه: دخلت على عبد الله بن طاهر، فقال لى: ما رأيت أعجب من هؤلاء المرجئة، يقول أحدهم: إيمانى كإيمان جبريل. والله ما أستجيز أن أقول: إيمانى كإيمان يحيى بن يحيى. ولا كإيمان أحمد بن حنبل
123 - إسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن
، أبو يعقوب المعروف بالبغوى قرابة أحمد بن منيع، يلقب لؤلؤا.(1/109)
سمع إسماعيل بن علية، ومحمد بن ربيعة الكلابى، ووكيع بن الجراح، وأبا قطن القطيعى، وإسحاق الأزرق، وداود بن عبد الحميد المعنى، وحسين ابن محمد المروذى. ونقل عن إمامنا أشياء. وسأله عن مسائل. روى عنه قاسم ابن زكريا المطرز، وعبد الله بن محمد بن ياسين، وإسماعيل الوراق، وجعفر الصيدلى، ومحمد بن مخلد الدورى.
وقال بن أبى حاتم: سمعت منه ببغداد وهو صدوق ثقة. وقال حمزة بن يوسف: سألت الدارقطنى عن إسحاق بن إبراهيم يعرف بلؤلؤ فقال: ثقة مأمون. وقال محمد بن مخلد: مات إسحاق بن ابراهيم لؤلؤا فى شعبان سنة تسع وخمسين، يعنى ومائتين
وقال أبو بكر الخلال: حدثنا عبد الرحيم بن محمد المخرمى قال: سمعت اسحاق بن إبراهيم لؤلؤا يقول: رأيت أحمد بن حنبل فى النوم، فقلت: يا أبا عبد الله أليس قدمتّ؟ قال: بلى. قلت: فما فعل الله بك؟ قال: غفر لى ولكل من صلى علىّ. قلت: يا أبا عبد الله، فقد كان فيهم أصحاب بدع؟ قال: أولئك أجروا
وروى الخلال باسناده عن ابن عباس قال «أول ما يجازى به العبد المؤمن بعد موته: أن يغفر لجميع من تبع جنازته»
أنبأنا الوالد السعيد عن يوسف القواس حدثنا أحمد بن عيسى بن السكين قال سمعت أبا يعقوب اسحاق بن ابراهيم لؤلؤا يقول: مررت فى الطريق، فاذا بشر المريسى، والناس عليه مجتمعون، فمر يهودى، فأنا سمعته يقول: لا يفسد عليكم كتابكم، كما أفسد أبوه علينا التوراة. يعنى أن أباه كان يهوديا
124 - اسحاق بن ابراهيم الفارسى
نقل عن إمامنا أشياء
125 - اسحاق بن ابراهيم الجبلى
نقل عن إمامنا أشياء
126 - اسحاق بن بيان
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما نقلته من خط أبى حفص البرمكى: أخبرنا على بن عبد الله بن العباس
الجوهرى حدثنا اسحاق بن بيان قال قال أحمد: سمعته يقول يعنى بشرا قال ابراهيم بن أدهم: ما صدق الله عبدا أحب الشهرة(1/110)
منها: ما نقلته من خط أبى حفص البرمكى: أخبرنا على بن عبد الله بن العباس
الجوهرى حدثنا اسحاق بن بيان قال قال أحمد: سمعته يقول يعنى بشرا قال ابراهيم بن أدهم: ما صدق الله عبدا أحب الشهرة
127 - اسحاق بن بهلول الأنبارى.
له الإسناد الحسن.
خرج أجزاء فعرضها على أحمد. وكانت مسائل جيادا، يعرض على أحمد الأقاويل، ويجيبه أحمد على مذهبه
فمنها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يصام عن الميت فى النذر، فأما الفريضة: فالكفارة
وكان اسحاق بن بهلول قد سمى كتابه «كتاب الاختلاف» فقال له أحمد:
سمه كتاب السعة
128 - اسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو يعقوب الشيبانى.
وهو عم إمامنا أحمد. سمع يزيد بن هارون، والحسين بن محمد المروذى. روى عنه ابنه حنبل، ومحمد بن يوسف الجوهرى. وكان ثقة.
قال حنبل: ومات أبى اسحاق بن حنبل سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
وهو ابن أربع وتسعين. ولد سنة إحدى وستين ومائة. وكان بينه وبين أبى عبد الله أقل من ثلاث سنين، هذا فى أول السنة. وهذا فى آخرها. وكانا يخضبان بالحناء
قلت أنا: ينبغى أن يكون إسحاق مات وله اثنتان وتسعون سنة. وكان ملازما فى أكثر أوقاته مجلس أحمد. ونقل عنه أشياء كثيرة
منها: ما نقلته من الثالث عشر من السّنة للخلال، قال حنبل: سمعت أبى يسأل أبا عبد الله عن كلام الكرابيسى وما أحدث؟ فقال أبو عبد الله لأبى: هذا كلام الجهمية، صاحب هذه المقالة يدعو إلى كلام جهم، إذا قال: إن لفظه بالقرآن مخلوق، فأى شىء بقى؟
وأنبأنا على عن ابن بطة حدثنا أبو بكر الآجرى حدثنا أبو بكر المروذى قال
سمعت أبا عبد الله وقال له عمه: لو دخلت إلى الخليفة، فانك تكرم عليه قال: إنما غمّى من كرامتى عليه(1/111)
وأنبأنا على عن ابن بطة حدثنا أبو بكر الآجرى حدثنا أبو بكر المروذى قال
سمعت أبا عبد الله وقال له عمه: لو دخلت إلى الخليفة، فانك تكرم عليه قال: إنما غمّى من كرامتى عليه
وبه قال المروذى: سمعت إسحاق بن حنبل ونحن بالعسكر يناشد أبا عبد الله، ويسأله الدخول على الخليفة، ليأمره وينهاه. وقال له: إنه يقبل منك، هذا إسحاق بن راهويه يدخل على ابن طاهر فيأمره وينهاه. فقال له أبو عبد الله:
تحتج علىّ باسحاق؟ فأنا غير راض بفعاله. ماله فى رؤيتى خير، ولا لى فى رؤيته خير. وقال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: يجب علىّ إذا رأيته يعنى الخليفة أن آمره وأنهاه
129 - اسحاق بن الجراح الأذني.
جليل القدر. حدث عن يزيد بن هرون وأشكاله. وذكره أبو بكر الخلال فقال: نقل عن أحمد أشياء كثيرة
قلت أنا: منها ما نقلته من السير للخلال قال: كنا عند أحمد، فجاءه رجلان عليهما أقبية، أظن أنهما جند. فسألاه عن مسألة؟ فلم يجبهما
130 - اسحاق بن الحسن بن ميمون بن سعد، أبو يعقوب الحربى.
سمع عفان بن مسلم، وهوذة بن خليفة، وأحمد بن اسحاق الحضرمى، وحرمى بن حفص، والقعنبى، والفضل بن دكين فى آخرين. روى عنه أبو بكر النجاد، ومحمد بن مخلد، وابن قانع، وأبو على بن الصواف، وغيرهم. وسئل عنه ابراهيم الحربى؟ فقال: ثقة، لو أن الكذب حلال ما كذب اسحاق. وسئل ابراهيم الحربى عن إسحاق الحربى: هل سمع من حسين المروذى؟ فقال: هو أكبر منى بثلاث ستين، وأنا قد لقيت حسينا. لا يلقاه هو؟
وذكره عبد الله بن أحمد، فقال: ثقة. وذكره أبو بكر الخلال، فقال: نقل عن إمامنا مسائل حسانا.
أخبرنا بركة الدلال أخبرنا ابراهيم بن عبد العزيز حدثنا العباس بن المغيرة قال سمعت إسحاق الحربى يقول: سمعت أبا عبد الله وذكر عنده
مسير عائشة رضى الله عنها فقال: فكرت فى طلحة والزبير، إنهما كانا يريدان أعدل من على بن أبى طالب رضوان الله عليهم أجمعين؟(1/112)
أخبرنا بركة الدلال أخبرنا ابراهيم بن عبد العزيز حدثنا العباس بن المغيرة قال سمعت إسحاق الحربى يقول: سمعت أبا عبد الله وذكر عنده
مسير عائشة رضى الله عنها فقال: فكرت فى طلحة والزبير، إنهما كانا يريدان أعدل من على بن أبى طالب رضوان الله عليهم أجمعين؟
وقال إسحاق الحربى: سمعت أبا عبد الله يقول: من أراد الحديث خدمه.
قلت لأبى عبد الله: كم يقنع الرجل أن يكتب من الحديث؟ قال لى: يا اسحاق خدمة الحديث أصعب من طلبه. قلت: ما خدمته؟ قال: النظر فيه
ومات فى شوال سنة أربع وثمانين ومائتين. وسئل الدارقطنى عنه؟ فقال: ثقة
131 - اسحاق بن حية الأعمش، أبو يعقوب.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
أنبانا المبارك عن الحسن بن محمد الحافظ أخبرنا أبو عمر بن حيويه إجازة قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهرى حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن حية الأعمش قال: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الوساوس والخطرات؟ فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون.
قال: وسمعت أبا يعقوب الأعمش أيضا يقول: سئل أحمد عن الزكاة تخرج من بلد إلى بلد؟ قال: لا. قال: وقال لنا أبو يعقوب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يكفى لكل عضو غرفة من ماء لمن يحسن يتوضأ
132 - اسحاق بن حسان الكوفى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: ماتت أهلى وتركت ولدا. فكتبت إلى أحمد بن حنبل أشاوره فى التزوج، فكتب إلى: تزوج ببكر، واحرص على أن لا يكون لها أم
133 - اسحاق بن منصور بن بهرام، أبو يعقوب الكوسج المروزى.
ولد بمرو، ودخل إلى العراق والحجاز والشام. فسمع سفيان بن عيينة ويحيى ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ووكيع بن الجراح، وأبا أسامة،
والنضر بن شميل، وأبا اليمان الحكم بن نافع. وورد بغداد. وحدث بها. فروى عنه من أهلها: ابراهيم بن اسحاق الحربى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. واستوطن نيسابور. وبها كانت وفاته. روى عنه البخارى ومسلم فى الصحيحين، وأبو زرعة وأبو عيسى الترمذى، وعبد الله بن أبى داود، ومحمد بن خزيمة.(1/113)
ولد بمرو، ودخل إلى العراق والحجاز والشام. فسمع سفيان بن عيينة ويحيى ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ووكيع بن الجراح، وأبا أسامة،
والنضر بن شميل، وأبا اليمان الحكم بن نافع. وورد بغداد. وحدث بها. فروى عنه من أهلها: ابراهيم بن اسحاق الحربى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. واستوطن نيسابور. وبها كانت وفاته. روى عنه البخارى ومسلم فى الصحيحين، وأبو زرعة وأبو عيسى الترمذى، وعبد الله بن أبى داود، ومحمد بن خزيمة.
وكان إسحاق غالما فقيها. وهو الذى دون عن إمامنا المسائل فى الفقه.
وقال حسان بن محمد: سمعت مشايخنا يذكرون: أن إسحاق بن منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن تلك المسائل التى علقها عنه. قال: فجمع إسحاق بن منصور تلك المسائل فى جراب، وحملها على ظهره، وخرج راجلا إلى بغداد، وهى على ظهره. وعرض خطوط أحمد عليه فى كل مسئلة استفتاه فيها. فأقرّ له بها ثانيا. وأعجب أحمد بذلك من شأنه.
وسئل مسلم بن الحجاج عن إسحاق بن منصور الكوسج؟ فقال: ثقة مأمون. وقال أبو عبد الرحمن النسائى: إسحاق بن منصور الكوسج مروذى ثقة
أخبرنا عبد السلام الأنصارى قراءة قال أخبرنا محمد بن أبى الفوارس قال أخبرنى أحمد السرخسى قال أخبرنى محمد بن جعفر الفربرى حدثنا محمد بن اسماعيل البخارى حدثنا اسحاق بن منصور حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشرة أمثالها، إلى سبعمائة ضعف. وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها»
وأنبانا رزق الله عن أبى الفتح بن أبى الفوارس قال أبو بكر بن مسلم حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسى حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال:
قلت لأحمد: فسّر لى المرجئة. قال: المرجئة: الذى يقول الإيمان قول.
قلت لأحمد: إذا نوى الصوم بالنهار وأن يصوم غدا من قضاء شهر
رمضان، ثم لم ينوه من الليل؟ قال: قد تقدمت منه النية. لا باس به، إلا أن يكون قد فسخ النية بعد ذلك(1/114)
قلت لأحمد: إذا نوى الصوم بالنهار وأن يصوم غدا من قضاء شهر
رمضان، ثم لم ينوه من الليل؟ قال: قد تقدمت منه النية. لا باس به، إلا أن يكون قد فسخ النية بعد ذلك
قال: وسألت أحمد عن الرجل يعرض عليه الإسلام عند الموت يقر ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله: أيرثه وارثه المسلم؟ قال: نعم. ومن يقول غير هذا؟ هؤلاء فى مذهبهم: لا ينبغى أن يكون هكذا. ولكن العجب أن لا يوافقوا. قلت لأحمد: من يقول القرآن مخلوق؟ قال: ألحق به كل بلية.
قال قلت: كفر؟ قال: إى والله.
قلت: لأحمد: الرجل يأتى أهله وليس له شهوة النساء: أيؤجر على ذلك؟
قال: إى والله، يحتسب الولد. قلت: إن لم يرد الولد، إلا أنه يقول: هذه امرأة شابة؟ قال: لم لا يؤجر؟.
ونقلت من الثانى من الأدب تأليف أبى بكر الخلال: حدثنا عبد الله بن العباس حدثنا إسحاق بن منصور قال: قلت لأحمد: يكره للمرأة أن تستلقى على قفاها؟ قال: إى والله: يروى عن عمر بن عبد العزيز: أنه كرهه.
وقال إسحاق بن منصور: رأيت أحمد محلول الإزار.
وقال إسحاق بن منصور: قال إسحاق بن راهويه: وأما قبض أرواح السباع والبهائم وسائر الدواب: فإن بقيّة أخبرنا فى حديث عن ابن عباس «أنه سئل عن أرواح البهائم: من يقبضها؟ فقال: ملك الموت» وقد ذكر فى حديث آخر:
«أنها أنفاس تخرج» وكل قد جاء.
ومات يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين بنيسابور ودفن إلى جنب اسحق بن راهويه ومحمد بن رافع وصلى عليه محمد بن طاهر.(1/115)
مفاريد حرف الألف
134 - إدريس بن جعفر بن يزيد بن خالد بن أبان بن شيرويه.
أبو محمد العطار. حدث عن أبى بدر شجاع بن الوليد، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وعبد العزيز بن أبان. ونقل عن إمامنا أشياء.
روى عنه أبو عمرو بن السماك، والطبرانى، وإسماعيل الخطبى، وقال: سألته عن سنه؟ فقال: مائة وست سنين.
وقال إدريس العطار: كنت على باب عفان وأحمد بن حنبل قاعد، وابن سجادة أبو بكر. فقال له أحمد بن حنبل: إيش أنتم من الناس؟ لا إلى الحديث تذهبون ولا إلى القياس، ولا إلى استحسان؟ ما أدرى إيش أنتم؟ قال: فقال له ابن سجادة: فنحن إذن تاركيّة، يا أبا عبد الله.
135 - ادريس بن عبد الكريم، أبو الحسن الحداد المقرئ، صاحب خلف بن هشام.
سمع خلفا، وعاصم بن على، وداود بن عمر الضبى، ومصعب بن عبد الله الزبيرى، وأبا الربيع الزهرانى، وإمامنا أحمد، ويحيى بن معين فى آخرين. روى عنه أبو بكر بن الأنبارى، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر النجاد، وأبو على الصواف، وإسماعيل الخطبى، ومحمد بن الحسين بن مقسم واللفظ له قال: كنت عند أبى العباس أحمد بن يحيى، إذ جاء إدريس الحداد فأكرمه وحادثه ساعة، وكان إدريس قد أسن. فقام من مجلسه وهو يتساند، فلحظه أبو العباس بعينه، وأنشأ يقول:
أرى بصرى فى كل يوم وليلة ... يكلّ، وطرفى عن مداهنّ يقصر
ومن يصحب الأيام تسعين حجة ... يغيّرنه، والدهر لا يتغير
لعمرى لئن أصبحت أمشى مقيدا ... لما كنت أمشى مطلق القيد أكثر
وقال أبو الحسين بن المنادى: حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ حدثنا
حمد بن محمد بن حنبل حدثنا جرير بن عبد الحميد. عن المغيرة الضّبى قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمّار. فكان إذا أراد أن يقوم قال: إذا شئتم.(1/116)
أرى بصرى فى كل يوم وليلة ... يكلّ، وطرفى عن مداهنّ يقصر
ومن يصحب الأيام تسعين حجة ... يغيّرنه، والدهر لا يتغير
لعمرى لئن أصبحت أمشى مقيدا ... لما كنت أمشى مطلق القيد أكثر
وقال أبو الحسين بن المنادى: حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ حدثنا
حمد بن محمد بن حنبل حدثنا جرير بن عبد الحميد. عن المغيرة الضّبى قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمّار. فكان إذا أراد أن يقوم قال: إذا شئتم.
أخبرنا القاضى أبو الحسين السمنانى قال أخبرنا أبو الحسن بن الصلت قال حدثنا أبو بكر بن الأنبارى حدثنا إدريس بن عبد الكريم حدثنا خلف بن هشام حدثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال «ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط، فقال: لا».
وقال حمزة بن يوسف: سألت الدارقطنى عن إدريس بن عبد الكريم الحداد؟ فقال: ثقة. وفوق الثقة بدرجة.
وقال أبو الحسين بن المنادى: ومات بالجانب الغربى من مدينتنا أبو الحسن إدريس يوم الأضحى، وهو يوم السبت سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وكتب الناس عنه لثقته وصلاحه، وذكر الدارقطنى: أنه ولد سنة تسع وتسعين ومائة.
136 - أيوب بن اسحق بن إبراهيم بن سافرى، أبو سليمان.
وهو أخو يحيى بن إسحاق. انتقل إلى الرملة فسكنها، وحدث بها وبمصر عن محمد بن عبد الله الأنصارى، وخالد بن محمد القطوانى، وموسى بن داود الضّبّي، ومعاوية ابن عمر، وأبى حذيفة موسى بن مسعود، وعبد الله بن رجاء، وزكريا بن عدى.
وذكره أبو بكر الخلال، فقال: رجل جليل عظيم القدر. لم أسمع أنا منه شيئا، حدثنى عنه محمد بن أبى هارون عن أبى عبد الله بمسائل كثيرة صالحة، فيها شىء لم يروه عن أبى عبد الله غيره.
قال أيوب بن إسحاق بن سافرى: سئل أحمد عن التكبير أيام التشريق؟
فقال: أذهب فيه إلى قول على «من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق خمسة أيام».
وقال ابن أبى حاتم: أيوب بن إسحاق: إمام. وقال ابن أبى حاتم: أيوب ابن إسحاق بن إبراهيم بن سافرى البغدادى: كتبنا عنه بالرملة، وذكرته لأبى
فعرفه، وقال: كان صدوقا، وذكره أبو سعيد بن يونس، فقال: قدم مصر، وحدث بها. وكان أخباريا، يقال: إنه بغدادى. ويقال: مروذى سكن بغداد.(1/117)
وقال ابن أبى حاتم: أيوب بن إسحاق: إمام. وقال ابن أبى حاتم: أيوب ابن إسحاق بن إبراهيم بن سافرى البغدادى: كتبنا عنه بالرملة، وذكرته لأبى
فعرفه، وقال: كان صدوقا، وذكره أبو سعيد بن يونس، فقال: قدم مصر، وحدث بها. وكان أخباريا، يقال: إنه بغدادى. ويقال: مروذى سكن بغداد.
وقدم إلى دمشق فأقام بها. وكان قدومه إلى مصر من دمشق. وكانت فى خلقه زعارة، وسأله أبو حميد فى شىء يكتبه عنه. فكتب إليه:
أبا سليمان، لا عرّيت من نعم ... ما أصبح الناس فى خصب وفى جدب
لا تجعلنّي كمن بانت إساءته ... ليس المسىء كمن لم يأت بالذنب
فابعث إلينا بذاك الجزء ننسخه ... كيما نجد لما يبقى من الكتب
وتوفى بدمشق سنة تسع وخمسين ومائتين. وقيل: توفى يوم الأحد لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين.
أخبرنا أحمد بن على نزيل دمشق قال أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب بأصبهان أخبرنا أبو بكر بن المقرىء حدثنا سلامة بن محمود القيسى بعسقلان حدثنا أيوب بن إسحاق بن سافرى قال: سألت أحمد بن حنبل ويحيى عن أبى معاوية وجرير؟ فقالا: أبو معاوية أحب إلينا، يعنيان فى الأعمش.
137 - أسود بن عامر بن عبد الرحمن، المعروف بشاذان.
أصله من الشام سمع سفيان الثورى، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، والحسن بن صالح، وشريك بن عبد الله، وإسرائيل بن يونس، وزائدة بن قدامة وأيوب بن عتبة، وعبد الله بن المبارك، وأبو بكر بن عياش. روى عنه إمامنا وبقية بن الوليد، وعلى بن المدينى فى آخرين، وذكر فى السابق واللاحق. فقال حدث عن أحمد بن حنبل: أسود بن عامر شاذان. وبين وفاته ووفاة البغوى مائة وسبع سنين. وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: أسود بن عامر ثقة.
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر المروذى حدثنا عبد الصمد بن يحيى قال: سمعت شاذان يقول: أرسلت إلى أبى عبد الله: أستأذنه فى أن أحدث بحديث حماد عن قتادة عن عكرمة عن ابن
عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم «رأيت ربى عز وجل»؟ فقال: قل له: قد حدث به العلماء، حدّث به. وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله، قلت:(1/118)
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر المروذى حدثنا عبد الصمد بن يحيى قال: سمعت شاذان يقول: أرسلت إلى أبى عبد الله: أستأذنه فى أن أحدث بحديث حماد عن قتادة عن عكرمة عن ابن
عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم «رأيت ربى عز وجل»؟ فقال: قل له: قد حدث به العلماء، حدّث به. وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله، قلت:
لأسود بن عامر عن أبى بكر بن عياش عن هشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال «لم تحبس أو ترد الشمس على أحد إلا يوشع ابن نون»؟ قال: نعم هكذا، أو نحو هذا. ومات أول سنة ثمان ومائتين.
138 - أعين بن زيد الشوبى.
أحد أصحاب إمامنا أحمد. روى عنه عبد الرحمن بن أبى حاتم فى كتاب الرد على الجهمية. قال: سمعت أعين بن زيد يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: القرآن كلام الله، غير محلوق.
باب حرف الباء
139 - بيان بن أحمد بن خفاف.
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد.
140 - بكر بن محمد النسائى الأصل، أبو أحمد البغدادى المنشأ
، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان أبو عبد الله يقدمه ويكرمه. وعنده مسائل كثيرة سمعها من أبى عبد الله.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن رجل استشهدنى على شهادة، وهو يبيع بالربا. ثم جاءنى فقال: تعالى اشهد عند السلطان؟ قال: لا تشهد له، إذا كان معاملته بالربا.
وقال بكر بن محمد عن أبيه: سألت أحمد عن الرجل يكون فى بلد وماله فى بلد آخر؟ فكأنه كان أحب إليه أن يؤدى زكاته حيث يكون المال. قلت:
فإن كان المال بعضه حيث هو، وبعضه فى مصر آخر؟ قال: يؤدى زكاة كل مال حيث هو. قلت: فإن كان غائبا عن مصره وأهله، والمال معه؟ قال: إن كان هذا المال يوجهه فى تجارة، تذهب وتجىء من هذا المصر إلى البلد الذى هو
فيه؟ فكأنه سهّل فيه: أن يعطى الزكاة بعضها فى هذا البلد وبعضها فى البلد الآخر. وأما إذا كان المال فى البلد الذى هو فيه حتى يمكث المال حولا تاما:(1/119)
فإن كان المال بعضه حيث هو، وبعضه فى مصر آخر؟ قال: يؤدى زكاة كل مال حيث هو. قلت: فإن كان غائبا عن مصره وأهله، والمال معه؟ قال: إن كان هذا المال يوجهه فى تجارة، تذهب وتجىء من هذا المصر إلى البلد الذى هو
فيه؟ فكأنه سهّل فيه: أن يعطى الزكاة بعضها فى هذا البلد وبعضها فى البلد الآخر. وأما إذا كان المال فى البلد الذى هو فيه حتى يمكث المال حولا تاما:
فكأنه لم يعجبه أن يبعث بزكاته إلى بلد آخر.
وقال فى رواية بكر بن محمد: إذا حلف على شىء ثم احتال بحيلة، فصار إليها: فقد صار إلى ذلك الذى حلف عليه بعينه. وقال: من احتال بحيلة فهو حانث.
141 - بقى بن مخلد، أبو عبد الرحمن الاندلسى الحافظ.
رحل إلى إمامنا أحمد. فسمع منه ومن أبى بكر بن أبى شيبة وغيرهما، ورجع إلى الأندلس فملأها علما جما. وكان ذا خاصة من إمامنا أحمد. ومات سنة ست وسبعين ومائتين. وقيل: بل سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
142 - بديل بن محمد بن أسد.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما ذكره أبو نصر السّجزى الحافظ رحمه الله قال: إن أبا العباس أحمد بن على بن الحسن المقرىء كتب إليّ وأدّى إلى إجازته القاضى أبو الحسن ابن الصخر الأزدى حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحق الرازى حدثنا أبو طاهر بن أبى عبيد الله المدينى حدثنى بديل بن محمد بن أسد قال: دخلت أنا وإبراهيم ابن سعيد الجوهرى على أحمد بن حنبل رضى الله عنه فى اليوم الذى مات فيه أو مات فى تلك الليلة التى تستقبل ذلك اليوم قال: فجعل أحمد يقول لنا:
عليكم بالسنة، عليكم بالأثر، عليكم بالحديث. لا تكتبوا رأى فلان ورأى فلان فسمى أصحاب الرأى ثم قال له إبراهيم بن سعيد: يا أبا عبد الله، إن الكرابيسى وابن الثلجى قد تكلما. فقال أحمد: فيم تكلموا؟ قال: فى اللفظ. فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق. ومن قال: لفظى بالقرآن مخلوق:
فهو جهمى كافر. قال أبو طاهر: ثم لقيت إبراهيم بن سعيد ببغداد، وما دخلت عليه إلا بعد كدّ فى داره، فسألته فقلت: أخبرنى بديل بن محمد: أنك سألت
أحمد حنبل عن اللفظ بالقرآن. فأخبرنى إبراهيم: أنه سأل أحمد فقال: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظى بالقرآن مخلوق فهو كافر. ثم دخلت عليه بعد ذلك فى زربة (1). فسألته عن هذه اللفظة؟ فأخبرنى بها كما أخبرنى أول مرة.(1/120)
فهو جهمى كافر. قال أبو طاهر: ثم لقيت إبراهيم بن سعيد ببغداد، وما دخلت عليه إلا بعد كدّ فى داره، فسألته فقلت: أخبرنى بديل بن محمد: أنك سألت
أحمد حنبل عن اللفظ بالقرآن. فأخبرنى إبراهيم: أنه سأل أحمد فقال: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظى بالقرآن مخلوق فهو كافر. ثم دخلت عليه بعد ذلك فى زربة (1). فسألته عن هذه اللفظة؟ فأخبرنى بها كما أخبرنى أول مرة.
143 - بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة بن حبان بن سراقة ابن مرثد بن حميرى، أبو على الأسدى البغدادى.
وكان آباؤه من أهل البيوتات والفضل والرياسات والنبل. وأما هو فى نفسه: فكان ثقة أمينا، عاقلا ذكيا.
سمع من روح بن عبادة حديثا واحدا، ومن حفص بن عمر العدنى حديثا واحدا. وسمع الكثير من هوذة بن خليفة البكراوى، والحسن بن موسى الأشيب، وخلاد بن يحيى، وأبى عبد الرحمن المقرىء، وخلف بن الوليد، وأبى نعيم الفضل ابن دكين، وعلى بن الجعد. وغيرهم. روى عنه يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر النجاد، وأحمد بن كامل، وعبد الباقى بن قانع، وأبو عمر الزاهد، وجعفر الخلدى، واسماعيل الخطبى، وأبو بكر الشافعى، وأبو على بن الصواف، وأبو بكر الخلال واللفظ له فقال:
جليل مشهور، قديم السماع، عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة. وكان أبو عبد الله يكرمه. وكتب له إلى الحميدى إلى مكة. فكتب عنه المسائل وحديثا كثيرا.
نقلت أنا من خط أبى حفص البرمكى: حدثنا أبو محمد الخطبى حدثنا أبو على بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة حدثنا أبو عبد الله أحمد بن حنبل وسألته عن التزوج؟ فقال: أراه، ورأيته يحض عليه. وقال: إلى رأى من يذهب الذى لا يتزوج؟ وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم له تسع نسوة. وكانوا
__________
(1) عين زربة بفتح الزاى وسكون الراء المهملة ويقال: زربى ثغر قرب المصيصة. مات إبراهيم بن سعيد مرابطا به.(1/121)
يجوعون. ورأيته لا يرخص فى تركه. وسألته عن القنوت فى الفجر؟ فقال:
أما أنا فما أفعله. وسألته عن الرجل يقرأ السجدة فلا يسجدها، حتى يقرأ عدة سجدات، ثم يسجد لهن جميعا؟ فكره ذلك. ومن جملة شعره قوله:
ضعفت، ومن جاز الثمانين يضعف ... وينكر منه كل ما كان يعرف
ويمشى رويدا كالأسير مقيدا ... تدانى خطاه فى الحديد ويرسف
وأنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى قال: بشر بن موسى ثقة نبيل.
وقال الخطبى: توفى أبو على بشر بن موسى الشيخ الخضيب الأسدى: يوم السبت لأربع بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومائتين. وصلى عليه محمد بن هارون بن العباس الهاشمى، صاحب الصلاة. ودفن فى مقبرة باب التبن.
وكان الجمع كثيرا.
قلت أنا: وبلغنى أن مولده سنة تسع وتسعين ومائة. وقيل: بل فى أول سنة إحدى وتسعين.
باب التاء
144 - تميم بن محمد الطوسى أبو عبد الرحمن.
حدث عن إمامنا بأشياء
منها: ما رواه البرقانى قال: قرأت على أبى العباس بن حمدان حدثكم تميم بن محمد الطوسى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عليكم بمصنفات وكيع بن الجراح
باب الجيم
145 - جعفر بن أحمد بن أبى قيماز.
وقيل: نيمان، الفقيه الأذنى. ذكره أبو بكر الخلال، فقال: حافظ كثير الحديث. سمعت منه مسائل وحديثا. وكان ضرير البصر. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل غرائب كلها سمعته منه(1/122)
146 - جعفر بن محمد بن معبد المؤدب.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما أنبانا أبو الحسين عاصم بن الحسين بن على قال أخبرنا أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدى الفارسى حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن عبد الله الدقاق حدثنا جعفر بن محمد بن معبد المؤدب قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلى بعد الجمعة ست ركعات، ويفصل فى كل ركعتين. وسألت أحمد بن حنبل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: اقرأ إذا لم يجهر
147 - جعفر بن أحمد بن شاكر.
قال: سمعت أبا عبد الله وسأله رجل:
ما تقول فى رجل حلف على غريم له: أن لا يفارقه حتى يستوفى حقه ما عليه.
فان أعطاه به ضمينا أو رهنا هل يخرجه ذلك من يمينه؟ فقال أبو عبد الله:
لا يخرجه. قيل له: ما تقول إن هرب مخاتلة: هل يحنث؟ قال: نعم
148 - جعفر بن محمد بن هاشم.
أبو الفضل المؤدب. حدث عن عفان بن مسلم. نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: لما مات أبى أرادت والدتى أن تبيع دارا ورثناها. فقالت لى: يا بنى أمض إلى أحمد بن حنبل وإلى بشر بن الحارث، فسلهما عن ذلك، فانى لا أحب أن أقطع أمرا دونهما، وأعلمهما أن بنا حاجة إلى بيعها. قال: فسألنهما عن ذلك؟
فاتفق قولاهما على بيع الأنقاض دون بيع الأرض. فرجعت إلى والدتى فأخبرتها بذلك. فلم تبعها
149 - جعفر بن محمد بن أبى عثمان، أبو الفضل الطيالسى.
سمع عفان بن مسلم، وإسحاق بن محمد الفروى، وسليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم، وعارم ابن الفضل وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر النجاد. وغيرهم. وكان ثقة ثبتا صعب الأخذ، حسن اللفظ.
فما روى عن إمامنا قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن خالد
فذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخوارج «سيماهم التحليق والتسبيت» قال جعفر: قلت لأحمد: ما التسبيت؟ قال: الحلق الشديد، يشبه النعال السّبتية.(1/123)
فما روى عن إمامنا قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن خالد
فذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخوارج «سيماهم التحليق والتسبيت» قال جعفر: قلت لأحمد: ما التسبيت؟ قال: الحلق الشديد، يشبه النعال السّبتية.
وقال جعفر الطيالسى: سمعت يحيى بن معين، وقيل له: إن حسينا الكرابيسى يتكلم فى أحمد بن حنبل؟ قال: ومن حسين الكرابيسى؟ لعنه الله. إنما يتكلم فى الناس أشكالهم. يبطل حسين ويرتفع أحمد، قال جعفر «يبطل» يعنى ينزل.
وهو الدّردى الذى فى أسفل الدن.
ومات ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة النصف من شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين. وكان مشهورا بالإتقان والحفظ والصدق. ذكره أبو الحسين بن المنادى
150 - جعفر بن محمد النسائي الشقرانى الشعرانى، أبو محمد.
ذكره أبو محمد الخلال. فقال: رفيع القدر، ثقة جليل ورع، أمّار بالمعروف نهّاء عن المنكر.
أخبرت أنه قتل بمكة فى شئ من هذا الأمر والنهى. وكان أبو عبد الله يكرمه ويقدمه. ويأنس به، ويعرف له حقه. روى عن أبى عبد الله أجزاء صالحة ومسائل كثيرة.
قلت أنا: منها قال: سمعت أحمد سئل عن معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» قال: إن يقع مرة فى ذنب لا يعود فيه
قال: وسمعت أبا عبد الله سئل عن الخل يعمل من العنب؟ فقال: يصب على العصير خل حتى يحمض
قال: وسألت أبا عبد الله عن دية اليهودى والنصرانى؟ فقال: على نصف دية المسلم ستة آلاف. ودية المسلم اثنا عشر ألفا. واذا تعمد المسلم قتل الذمى ضوعفت عليه الدية. قال: وسألت أبا عبد الله عن دية المجوسى؟ فقال: ثمانمائة
151 - جعفر بن محمد بن شاكر، أبو محمد الصائغ.
سمع محمد بن سابق، وعفان بن مسلم، وإمامنا. وكان يحضر مجلسه، ويسمع فتاويه. وسمع من خلق
كثير. روى عنه موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن خلف، ووكيع، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر بن النجاد وغيرهم. وكان عابدا زاهدا ثقة صادقا متقنا، ضابطا. ذكره أبو بكر الخلال فقال: رجل جليل، حدث عن يزيد ابن هارون. روى عن إمامنا مسائل كثيرة(1/124)
سمع محمد بن سابق، وعفان بن مسلم، وإمامنا. وكان يحضر مجلسه، ويسمع فتاويه. وسمع من خلق
كثير. روى عنه موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن خلف، ووكيع، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر بن النجاد وغيرهم. وكان عابدا زاهدا ثقة صادقا متقنا، ضابطا. ذكره أبو بكر الخلال فقال: رجل جليل، حدث عن يزيد ابن هارون. روى عن إمامنا مسائل كثيرة
منها: ما أنبأنا على عن ابن بطة قال: حدثنى أبو بكر الآجرى قال: سمعت ابن أبى الطيب يقول: حدثنى جعفر الصائغ: أنه كان فى جوار أحمد بن حنبل رجل، وكان ممن يمارس المعاصى والقاذورات. فجاء يوما إلى مجلس أحمد بن حنبل فسلم عليه. فكأن أحمد لم يرده عليه مردا تاما. وانقبض عنه. فقال له: يا أبا عبد الله، لم تنقبض عنى؟ فانى قد انتقلت عما كنت تعهد منى برؤيا رأيتها. قال:
وأى شئ رأيت؟ تقدم. قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم كأنه على علو من الأرض، وناس كثير أسفل منه جلوس، قال: فيقوم رجل إليه، فيقول: ادع لى، فيدعو له، حتى لم يبق من القوم غيرى. قال: فأردت أن أقوم فاستحييت من قبيح ما كنت عليه. قال فقال لى: يا فلان، لم لا تقوم إلىّ تسألنى أدعو لك؟
قال: قلت يا رسول الله، يقطعنى الحياء لقبح ما أنا عليه. فقال: إن كان الحياء، فقم فسلنى أدعو لك. فإنك لا تسب أجدا من أصحابى. قال: فقمت فدعا لى. قال:
فانتبهت وقد بغض الله إلىّ ما كنت عليه. قال: فقال لنا أبو عبد الله: يا جعفر يا فلان، حدثوا بهذا واحفظوه، فإنه ينتفع به.
وقال جعفر بن محمد الصائغ: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول:
كل شىء من الخير يبادر به.
ومات لاحدى عشرة خلت من ذى الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين.
ودفن فى مقابر باب الكوفة. هذا قول ابن المنادى. قال: وصلينا عليه فى الشارع الكبير. وكان من الصالحين، أكثر الناس عنه لثقته وصلاحه، بلغ تسعين سنة غير أشهر يسيرة.(1/125)
152 - جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد بن المنادى.
سمع عاصم بن على، وإمامنا أحمد، وعلى بن بحر بن برى، وسعيد بن محمد الجرمى، ومحمد بن بقية الواسطى، وأبا بكر. وعثمان ابنى أبى شيبة، ومحمد بن سليمان لوينا، ومحمد ابن عبد العزيز بن أبى رزمة. روى عنه ابنه أبو الحسين، فقال: حدثنى أبى وجدى قالا: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو القاسم عن أبى الزناد قال أخبرنى إسحاق بن حازم عن ابن مقسم يعنى عبيد الله عن جابر: أن النبى صلى الله عليه وسلم «سئل عن البحر؟ فقال: هو الطّهور ماؤه، الحل ميتته» وكان ثقة.
وقال ابنه: توفى أبى جعفر بن محمد يوم السبت بين الظهر والعصر، ودفن يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين. كتب الناس عنه فى حياة جدى وبعد ذلك.
153 - جعفر بن محمد بن على.
أبو القاسم الوراق ثم المؤدب البلخى. سكن بغداد. وحدث بها عن سهل بن عثمان العسكرى، ومحمد بن حميد الرازى.
وحضر مجلس إمامنا. وسمع منه أشياء. روى عنه محمد بن مخلد، وعبد الصمد الطستى. ومات سنة ثلاث وثمانين ومائتين فى شهر رمضان. ذكره محمد بن مخلد فى تاريخه.
154 - جعفر بن محمد بن هذيل بن بنت أبى شامة، أبو عبد الله الكوفى
ذكره أبو بكر الخلال ومدحه، وقال: عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة.
منها: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية يعنى الضرير قال قلت له: يا أبا عبد الله، تحدث عن أبى معاوية، وهو مرجئ؟ قال: لم يكن داعية.
وقال جعفر: سمعت أحمد يقول: يكره أن يعلق فى القبلة شيئا يحول بينه وبين القبلة. ولم يكره أن يضع فى المسجد المصحف ونحوه.(1/126)
155 - جعفر الأنماطى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال: حضرت أبا عبد الله يوما وهو يقرأ علينا، فجاء رجل إلى رجل معه نسخة. فقال: أسمع معك؟ قال: لا. وإن سمعت لم أعطك. فسمع أحمد كلامه، فأطبق الكتاب. وطأطأ رأسه وسكت، حتى ظن الرجل المانع أنه إنما فعل ذلك لكلامه. فقال له: تعال اسمع معى. قال له: على أنى إن سمعت معك تعطينى؟ قال: نعم أعطيك. فلما سمع أحمد قوله فتح الكتاب وقرأ.
156 - جعفر بن محمد بن معبد.
نقل عن إمامنا أشياء منها قال: رأيت أبا عبد الله مشى فى الصلاة أذرعا حتى دنا إلى سترته.
157 - الجنيد بن محمد بن الجنيد أبو القاسم الخراز، ويقال: القواريرى.
وقيل: كان أبوه قواريريا. وكان هو خرازا. وأصله من نهاوند، إلا أن مولده ومنشأه ببغداد. وسمع بها الحديث. ولقى العلماء. وصحب جماعة من الصالحين، واشتهر منهم بصحبة الحارث المحاسبى، وسرىّ السّقطى. ثم اشتغل بالعبادة.
وأسند الحديث عن الحسن بن عرفة. ونقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا عبد الرحمن بن منده قال أخبرنا على بن جهضم بمكة حدثنا محمد بن على الكرخى حدثنا أبو على الروذبارى قال: سمعت جنيدا يقول: جاء رجل إلى أبى عبد الله أحمد بن حنبل، ومعه غلام حسن الوجه. فقال له: من هذا؟ قال: ابنى. فقال أحمد: لا تجىء به معك مرة أخرى. فلما قام قيل: أيّد الله الشيخ، رجل مستور، وابنه أفضل منه؟ فقال أحمد: الذى قصدنا إليه من هذا ليس يمنع منه سترهما، على هذا رأينا أشياخنا، وبه خبرونا عن أسلافهم.
وقال جعفر الخلدى: قال الجنيد ذات يوم: ما أخرج الله إلى الأرض علما وجعل للخلق إليه سبيلا إلا وقد جعل لى فيه حظا ونصيبا.(1/127)
وقال الخلدى: بلغنى عن الجنيد: أنه كان فى سوقه، وكان ورده فى كل يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة (1).
قال: وسمعت الجنيد يقول: ما نزعت ثوبى للفراش منذ أربعين سنة. وقال الجنيد: سألنى السرى السقطى: ما الشكر؟ فقلت: أن لا يستعان بنعمه على معاصيه. فقال: هو ذاك. وقال الجنيد: كنت يوما بين يدى السرى السقطى ألعب، وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعة يتكلمون فى الشكر. فقال لى:
يا غلام ما الشكر؟ فقلت: أن لا يعصى الله بنعمه. فقال لى: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك. قال الجنيد: فلا أزال أبكى على هذه الكلمة التى قالها السرى لى. وقال الجنيد فى قوله تعالى (7: 169 {وَدَرَسُوا مََا فِيهِ)} قال: تركوا العمل به. وقال الجنيد: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، ولكن عن الجوع وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات (2). لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله. وأصله العزوف عن الدنيا، كما قال حارثة «عزفت نفسى عن الدنيا، فأسهرت ليلى، وأظمأت نهارى».
وقال أبو عمرو بن علوان: خرجت يوما إلى سوق الرّحبة فى حاجة، فرأيت جنازة، فتبعتها لأصلى عليها، ووقفت حتى يدفن الميت فى جملة الناس.
فوقعت عينى على امرأة مسفرة من غير تعمد. فأحجمت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله وعدت إلى منزلى، فقالت لى عجوز: يا سيدى مالى أرى وجهك أسود؟ فأخذت المرآة فنظرت، فإذا وجهى أسود. فرجعت إلى سرىّ أنظر من أين ذهبت؟ فذكرت النظرة، فانفردت فى موضع أستغفر الله وأسأله الإقالة
__________
(1) لم يكن هدى النبى صلى الله عليه وسلم كذلك.
(2) لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطى نفسه حظها من الطيبات على ما يحب الله وخير الهدى هديه صلى الله عليه وسلم. وشر الأمور محدثاتها. وكل بدعة ضلالة.(1/128)
أربعين مرة، فخطر فى قلبى: أن زر شيخك الجنيد، فانحدرت إلى بغداد، فلما جئت الحجرة التى هو فيها طرقت الباب، فقال لى: ادخل يا أبا عمرو، أتذنب بالرحبة، ونستغفر لك ببغداد؟ (1).
وقال لى أبو محمد الجريرى: كنت واقفا على رأس الجنيد فى وقت وفاته وكان يوم جمعة ويوم نيروز، وهو يقرأ القرآن. فقلت له: يا أبا القاسم، ارفق بنفسك فقال: يا أبا محمد ما رأيت أحوج إليه منى فى هذا الوقت. وهو ذا تطوى صحيفتى.
وقال الخلدى: رأيت الجنيد فى النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: طاحت تلك الإشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفدت تلك الرسوم. وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها فى الأسحار.
وأنبأنا الجوهرى أخبرنا محمد بن المنادى قال: مات الجنيد ليلة النيروز.
ودفن من الغد. وكان ذلك فى سنة ثمان وتسعين ومائتين.
158 - جهم العكبرى.
صحب إمامنا أحمد وبشرا الحافى.
قال جهم: أتيت يوما أحمد بن حنبل. فدخلت عليه، وهو متشح، قال: فوقع أحد عطفي إزاره عن منكبه. فنظرت إلى موضع الضرب. فدمعت عينى. ففطن أحمد، فرد الثوب إلى منكبه. قال: ثم صرت إلى بشر بن الحرث فحدثته الحديث. فقال لى: ويحك، إن أحمد طار بخطامها وعنانها فى الإسلام.
باب الحاء
ذكر من إسمه الحسن
159 - الحسن بن أحمد بن أبى الليث الرازى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: دفعت إلى أحمد بن حنبل رقعة من الحسن بن الصباح، فيها مسألة
__________
(1) فى الصحيح عن عائشة رضى الله عنها «من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية»(1/129)
يسأل عنها. فقال: كيف تركت أبا على؟ فقلت: قد أخذته ريح فى ظهره، وقد أحنته. فقال: عافاه الله، بقاؤه صالح لهذه الأمة.
قد ذكرناه فيما بعده. والصواب: البداية به هاهنا.
وقال الحسن بن أحمد بن الليث الرازى: سمعت أحمد بن حنبل وذكر له إنسان، فقال: بالرّى رجل يحدث، يقال له: أبو زرعة، يكتب عنه. فقال أحمد مجيبا له، كالمنكر عليه: أبو زرعة؟ أبو زرعة؟ أستودعه الله، حفظه الله، أعلا الله كعبه، نصره الله على أعدائه، مع دعاء كثير دعا له به. فذكرت ذلك لأبى ذرعة بعد قدومى عليه. فقال: ما وقعت بعد فى بلية إلا ذكرت هذا الدعاء، فيخلصنى الله ويسلمنى منها. وأنجو ببركة دعاء أحمد لى.
160 - الحسن بن إسماعيل بن الربعى.
سمع عبد الرحمن الفهرى وغيره.
وروى عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبانا المبارك قال أخبرنا عبد العزيز الأزجى حدثنا أبو بكر المفيد حدثنا الحسن بن اسماعيل الربعى قال قال لى أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة والصابر تحت المحنة: أجمع تسعون رجلا من التابعين وأئمة المسلمين وأئمة السلف، وفقهاء الأمصار على: أن السنة التى توفّى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أولها:
الرضا بقضاء الله عز وجل، والتسليم لأمره، والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى الله عنه. والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال فى الدين، والمسح على الخفين، والجهاد مع كل خليفة، برّ وفاجر، والصلاة على من مات من أهل القبلة، والإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينفص بالمعصية، والقرآن كلام الله، منزل على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، غير مخلوق، من حيثما تلى. والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من عدل أو جور. وأن لا نخرج على الأمراء بالسيف، وإن جاروا. وأن لا نكفر أحدا
من أهل التوحيد، وإن عملوا الكبائر. والكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والترحم عل جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أولاده وأزواجه وأصهاره. رضوان الله عليهم أجمعين. فهذه السنة الزموها، تسلموا، أخذها هدى، وتركها ضلالة.(1/130)
الرضا بقضاء الله عز وجل، والتسليم لأمره، والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى الله عنه. والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال فى الدين، والمسح على الخفين، والجهاد مع كل خليفة، برّ وفاجر، والصلاة على من مات من أهل القبلة، والإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينفص بالمعصية، والقرآن كلام الله، منزل على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، غير مخلوق، من حيثما تلى. والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من عدل أو جور. وأن لا نخرج على الأمراء بالسيف، وإن جاروا. وأن لا نكفر أحدا
من أهل التوحيد، وإن عملوا الكبائر. والكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والترحم عل جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أولاده وأزواجه وأصهاره. رضوان الله عليهم أجمعين. فهذه السنة الزموها، تسلموا، أخذها هدى، وتركها ضلالة.
وبه قال الحسن بن إسماعيل: قيل لأبى عبد الله أحمد بن حنبل، وأنا أسمع:
كم يكفى الرجل من الحديث، حتى يمكنه أن يفتى: يكفيه مائة ألف؟ قال: لا.
قيل: مائتا ألف؟ قال: لا. قيل: ثلاثمائة ألف؟ قال: لا. قيل: أربعمائة ألف؟
قال: لا. قيل: خمسمائة ألف؟ قال: أرجو.
161 - الحسن بن أيوب البغدادى.
روى عن إمامنا أشياء قال:
قلت لأحمد: الرجل يتصدق على الرجل، أو يهب له شيئا من داره، أو جزأين من أرض، أو حانوتا من حوانيت: أيجوز ذلك، إذا كان مشاعا؟ قال:
إذا كان بالثبت معلوما جاز ذلك. قال: وسمعت أبا عبد الله، وقيل له: أحياك الله يا أبا عبد الله على الإسلام، قال: والسنة
وقال الحسن بن أيوب: قال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله. وله ولد يكنى بأبى العباس، اسمه زهير، حدث عنه أبو سهل بشر بن أحمد المهرجانى. وكل ولد أحمد ثقة: صالح، وعبد الله، وزهير.
162 - الحسن بن الحسين.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: فى المذى يصيب الثوب: يغسل، ليس فى القلب منه شىء.
163 - الحسن بن ثواب، أبو على الثعلبى المخرمى.
سمع يزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن عمرو بن جبلة البصرى، وابراهيم بن حمزة المدنى، وعمار بن عثمان الحلبى، فى آخرين. روى عنه جماعة. منهم عبد الله بن محمد بن إسحاق
المروزى، وجعفر بن عبد الله بن مجاشع، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر الخلال.(1/131)
سمع يزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن عمرو بن جبلة البصرى، وابراهيم بن حمزة المدنى، وعمار بن عثمان الحلبى، فى آخرين. روى عنه جماعة. منهم عبد الله بن محمد بن إسحاق
المروزى، وجعفر بن عبد الله بن مجاشع، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر الخلال.
وقال: كان هذا شيخا جليل القدر. وكان له بأبى عبد الله أنس شديد.
قال لى: كنت إذا دخلت إلى أبى عبد الله يقول لى: إنى أفشى إليك ما لا أفشيه إلى ولدى، ولا إلى غيرهم. فأقول له: لك عندى ما قال العباس لابنه عبد الله «إن عمر بن الخطاب يكرمك ويقدمك. فلا تفشين له سرا» فإن أمت فقد ذهب. وإن أعش فلن أحدث بها عنك يا أبا عبد الله. فيفشى إليه أشياء كثيرة.
وكان عنده عن أبى عبد الله جزء كبير فيه مسائل كبار، لم يجىء بها غيره مشبعة.
يحتج عليه بقول المدنيين والكوفيين.
منها قال: سألت أحمد فى السجن عن رجل صلى بقوم، فلما قضى تشهده أحدث من غائط أو بول؟ قال: يرجع فيتوضأ، ويستقبل الصلاة لنفسه، وتتم صلاة من خلفه. قلت: فيستخلف؟ قال: أما أنا فلا آمره أن يستخلف. ولو أمرته أن يستخلف لم آمره أن يستقبل.
قلت: فالحجامة للصائم؟ قال: تفطره. قلت: لقول النبى صلى الله عليه وسلم «أفطر الحاجم والمحجوم»؟ قال: نعم. قلت: الغيبة؟ فلم ير ذلك شيئا إلا إثما.
وقال: لو كان الفطر بالغيبة ما كان لنا صوم.
قلت: هؤلاء الذين يقولون: القرآن مخلوق؟ قال: كفار بالله العلى العظيم.
قلت: فابن أبى دؤاد؟ قال: كافر بالله.
وقال البرقانى: قال لنا أبو الحسن الدارقطنى: الحسن بن ثواب الثعلبى بغدادى ثقة.
ومات فى جمادى الأولى يوم الجمعة سنة ثمان وستين ومائتين. ذكره محمد بن مخلد فى تاريخه.
164 - الحسن بن زياد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قلت لمحمد بن بن عبدة: كان أبوك عبدة نازلا عندى ببغداد،
فجاءه أحمد بن حنبل وأهل الحلقة يسلمون عليه بقدومه. فقال أبو سعد الحداد يا أبا محمد يعنى لعبدة يكون أحد يدخل فى عمل السلطان يسلم من الدماء؟(1/132)
منها قال: قلت لمحمد بن بن عبدة: كان أبوك عبدة نازلا عندى ببغداد،
فجاءه أحمد بن حنبل وأهل الحلقة يسلمون عليه بقدومه. فقال أبو سعد الحداد يا أبا محمد يعنى لعبدة يكون أحد يدخل فى عمل السلطان يسلم من الدماء؟
فقال أبوك عبدة: لا. فقال أحمد بن حنبل: ينبغى أن تكتب كلام أبى محمد.
نقلته من السنن للخلال.
165 - الحسن بن الصباح بن محمد، أبو على البزار.
سمع سفيان بن عيينة، ومعن بن عيسى، وأبا معاوية الضرير، وروح بن عبادة، وجعفر بن عون، وحجاج بن محمد الأعور، وأبا المنذر إسماعيل بن عمر، وشبابة بن سوّار، وأبا عبد الرحمن المقرى، وإمامنا أحمد. وروى عنه البخارى، ومحمد بن إسحاق الصاغانى، وابراهيم الحربى، وعبد الله بن إمامنا، وأبو إسماعيل الترمذى، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وآخر من روى عنه: القاضى المحاملى.
وقال ابن أبى حاتم: سئل أبى عنه؟ فقال: صدوق.
وكان له جلالة ببغداد، وكان إمامنا يرفع من قدره ويجله. وكان من الصالحين.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يقدمه ويكرمه، ويأنس به. روى عن أبى عبد الله مسائل كثيرة. لم تقع إلينا كلها، ومات ولم يخرجها. إلا أن الميمونى يذكر فى مسائله عن أبى عبد الله: قال الحسن لأبى عبد الله، واحتج عليه الحسن.
قال أخبرنا محمد بن خضر قال سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما يأتى على ابن البزار يوم إلا وهو يعمل فيه خيرا. ولقد كنا نختلف إلى فلان المحدث وسماه قال: كنا نقعد نتذاكر الحديث إلى خروج الشيخ، وابن البزار قائم يصلى إلى خروج الشيخ. وما أتى عليه يوم إلا وهو يعمل فيه الخير.
قال: وأخبرنى الحسن بن صالح العطار حدثنا هرون بن يعقوب الهاشمى
قال سمعت أبى سأل أبا عبد الله عن الحسن البزار؟ فقال: ثقة، اكتب عنه، ثقة صاحب سنة.(1/133)
قال: وأخبرنى الحسن بن صالح العطار حدثنا هرون بن يعقوب الهاشمى
قال سمعت أبى سأل أبا عبد الله عن الحسن البزار؟ فقال: ثقة، اكتب عنه، ثقة صاحب سنة.
وحدثنا المبارك بن عبد الجبار عن لفظه وكتابه قال حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد أخبرنا أبو عمر بن حيويه أخبرنا موسى بن عبيد الله الخاقانى حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذى قال حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال حدثنا شيخنا وسيدنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا سفيان عن أبى إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب قال «إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسى سمع له أطيط كأطيط الرحل» قال الخاقانى:
وحدثنى به عبد الله بن أحمد عن أبيه عن عبد الرحمن بن مهدى مثله.
وبالاسناد قال: وحدثنا أبو اسماعيل الترمذى حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل شيخنا وسيدنا قال: أخبرنا بهز بن أسد حدثنا أبان بن يزيد حدثنا قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ قال: فيدلي فيها رب العالمين قدمه، فينزوى بعضها إلى بعض، وتقول: قط، قط، بعزتك. قال: ولا يزال فى الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقا آخر، فيسكنهم إياها»
وقال الحسن بن الصباح: أدخلت على المأمون ثلاث مرات، رفع إليه أول مرة: أنه يأمر بالمعروف، وكان نهى أن يأمر أحد بمعروف. فأخذت فأدخلت عليه. فقال: أنت الحسن البزار؟ قلت: نعم، يا أمير المؤمنين. قال: وتأمر بالمعروف؟ قلت: لا. ولكنى أنهى عن المنكر. قال: فرفعنى على ظهر رجل، وضربنى خمس درر. وخلّى سبيلى. وأدخلت عليه المرة الثانية، رفع إليه أنى أشتم على بن أبى طالب. قال: فلما قمت بين يديه قال لى: أنت الحسن؟ قلت:
نعم، يا أمير المؤمنين. قال: وتشتم على بن أبى طالب؟ فقلت: صلى الله على مولاى وسيدى على. يا أمير المؤمنين، أنا لا أشتم يزيد بن معاوية، لأنه ابن
عمك. فكيف أشتم مولاى وسيدى؟ قال: خلوا سبيله. وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى بدندون فى المحنة فدفعت إلى أشناس. فلما مات خلّى سبيلى.(1/134)
نعم، يا أمير المؤمنين. قال: وتشتم على بن أبى طالب؟ فقلت: صلى الله على مولاى وسيدى على. يا أمير المؤمنين، أنا لا أشتم يزيد بن معاوية، لأنه ابن
عمك. فكيف أشتم مولاى وسيدى؟ قال: خلوا سبيله. وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى بدندون فى المحنة فدفعت إلى أشناس. فلما مات خلّى سبيلى.
قال السراج: مات الحسن بن الصباح بن محمد أبو على الواسطى، وكان لا يخضب، من خيار المسلمين ببغداد يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الآخر سنة تسع وأربعين ومائتين.
166 - الحسن بن عبد العزيز بن الوزير، أبو على الحزامى.
ويعرف بالجروى من أهل مصر. قدم بغداد وحدث بها عن يحيى بن حسان، وبشر بن بكر، وعبد الله بن يحيى البرلّسى وغيرهم. وروى عن إمامنا أحمد. ذكره أبو بكر الخلال، فقال: له مسائل لم يجىء بها غيره.
قلت أنا: من جملتها قال: أوصى إلى رجل بوصية، وفيها ثلث، وكان فيما خلّف: جارية تقرأ بالألحان. وكانت أكثر تركته، أو عامتها. فسألت أحمد بن حنبل والحرث بن مسكين، وأبا عبيد: كيف أبيعها؟ قالوا: بعها ساذجة.
فأخبرتهم بما فى بيعها من النقصان. فقالوا: بعها ساذجة.
روى عنه ابراهيم الحريى، وابن أبى الدنيا، وابن صاعد. وآخرهم:
أبو عبد الرحمن المحاملى
وكان الجروى من أهل الدين والفضل، مذكورا بالورع والثقة، موصوفا بالعبادة
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سئل أبى عنه؟ فقال: ثقة.
وذكره الدارقطنى. فقال: لم ير مثله فضلا وزهدا.
ومن جملة كلامه قال: من لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع.
ومات ببغداد سنة سبع وخمسين ومائتين.
أخبرنا جدى جابر قراءة عليه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن دوست العلاف قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو البحترى الرزاز حدثنا أبو بكر بن
أبى الدنيا حدثنا أبو على الجروى قال حدثنى عمرو بن أبى سلمة حدثنا أبو عبدة الحكم قال: حدثنى حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن الصّنابحى وهو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحى عن معاذ قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنى أحبك، فقل: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» قال الصنابحى: قال لى معاذ: إنى أحبك، فقل: هذا الدعاء. قال أبو عبد الرحمن: وقال لى الصنابحى: وإنى أحبك، فقل.(1/135)
أخبرنا جدى جابر قراءة عليه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن دوست العلاف قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو البحترى الرزاز حدثنا أبو بكر بن
أبى الدنيا حدثنا أبو على الجروى قال حدثنى عمرو بن أبى سلمة حدثنا أبو عبدة الحكم قال: حدثنى حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن الصّنابحى وهو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحى عن معاذ قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنى أحبك، فقل: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» قال الصنابحى: قال لى معاذ: إنى أحبك، فقل: هذا الدعاء. قال أبو عبد الرحمن: وقال لى الصنابحى: وإنى أحبك، فقل.
وقال عقبة. قال لى: أبو عبد الرحمن: وأنا أحبك فقل. قال حيوة: قال لى عقبة: وأنا أحبك فقل. قال لى أبو عبدة قال لى حيوة: وأنا أحبك فقل. قال عمرو: قال لى أبو عبدة: وأنا أحبك فقل. قال لى حسن: وأنا أحبك فقل.
قال ابن أبى الدنيا: وأنا أحبكم فقولوا. قال لنا الرزاز: وأنا أحبكم فقولوا.
حدثنا الجروى حدثنا الحرث ابن مسكين حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال يقال: إنه ليكون فى المجلس الرجل الواحد يحمد الله، فيقضى الله لأهل ذلك المجلس حوائجهم كلهم.
وبإسناده: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: ذكر بعض أهل العلم أن فى بعض الكتب التى أنزل الله عز وجل «إن الله جل جلاله قال: بشروا عبدى المؤمن. فكان لا يأتيه شىء يحبه إلا قال: الحمد لله، الحمد لله، ما شاء الله قال الله: روعوا عبدى المؤمن. قال: فلا تطلع عليه طليعة من طلائع المكروه إلا قال: الحمد لله. فقال الله عز وجل: إن عبدى يحمدنى حين روّعته، كما يحمدنى حين سررته. أدخلوا عبدى كما يحمدنى على كل حالاته الجنة».
167 - الحسن بن على بن الحسن بن على الاسكافى، أبو على.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: جليل القدر، عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة حسان كبار، أغرب فيها على أصحابه.(1/136)
سمعت بعضها بعلو عن محمد بن حمدان قاضى تكريت. وكتب إلى بتمامها يوسف بن عبد الله الإسكافى. فقال فى أثنائها: حدثنا الحسن بن على الإسكافى قال: سألت أبا عبد الله عن الهمّ؟ فقال: الهمّ همان. هم خطرات وهم إصرار.
قال: وسألت أبا عبد الله عن معنى الغيبة؟ فقال: إذا لم ترد عيبا لرجل. قلت:
فالرجل يقول: فلان لم يسمع، وفلان يخطىء. فقال: لو ترك هذا لم يعرف الصحيح من غيره.
168 - الحسن بن على بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان.
من أهل خوزستان الأهواز. ذكره أبو بكر الخلال. فقال: شيخ جليل. سمع من أحمد مسائل صالحة حسانا مشبعة. وكان أحمد يكرمه. سمعت منه.
169 - الحسن بن على الأشنانى البغدادى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد رضى الله عنه.
170 - الحسن بن القاسم جار إمامنا.
كان يحضر فى مجالسه، ويستفيد من مسائله. حدث عن مسلم بن إبراهيم.
روى عنه أبو شعيب الحرانى.
حدثنا الحسن بن القاسم حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا أبو الحتروش سلمة بن هزّال عن سعد الاسكافى عن ابن أشوع عن حديث لعائشة عن الواصلة والمستوصلة؟ فأسكتنى، وقال: إنك لمنقّر، فألححت عليه، فقال: قالت عائشة «ليست الواصلة بالتى تعنون. وما بأس أن تكون المرأة زعواء الشعر، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود. ولكن الواصلة: التى تكون بغيّا فى شبيبتها. فإذا أسنّت وصلته بالقيادة (1)».
__________
(1) قال النووى فى شرح مسلم (چ 14ص 104) وهو مروى عن عائشة.(1/137)
171 - الحسن بن الليث الرازى.
صحب إمامنا. وحدث عنه بأشياء.
منها قال: قيل لأحمد: يحبك بشر يعنون بشر بن الحرث فقال:
لا تعنوا الشيخ، نحن أحق أن نذهب إليه. قيل له: نجىء به؟ قال: لا، أكره أن يجاء به إلى، أو أذهب إليه فيتصنّع لى وأتصنّع له فنهلك.
172 - الحسن بن محمد بن الصباح، أبو على بن الزعفرانى.
سمع سفيان ابن عيينة، وعبيدة بن حميد، واسماعيل بن عليّة، وغيرهم. روى عنه الشافعى كتابه القديم. وروى عن إمامنا أحمد فيما ذكره أبو محمد الخلال حدث عنه البخارى وقاسم بن زكريا المطرز، وإسماعيل الوراق، وغيرهم. وذكره أبو الحسين بن المنادى فقال: أحد الثقات بالجانب الغربى من مدينة السلام. مات سنة ستين ومائتين.
173 - الحسن بن محمد الأنماطى البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال:
نقل عن أحمد مسائل صالحة. قال: وأخبرنى أنه جاء إلى أبى عبد الله يوما، وقد انصرف من صلاة الظهر والعصر. فإذا نحن بثلاثة مشايخ من أهل خراسان قد وقفوا له بالباب، فقالوا: يا أبا عبد الله، نسألك عن مسألة. قال: قد قلت اليوم: لا أجيب فى مسألة، ولكن ترجعون، فأجيبكم إن شاء الله.
وقال الخلال: سمعته يقول: رأيت أبا عبد الله إذا أقيمت الصلاة رفع يديه وقد قال المؤذن «لا إله إلا الله» فقال أبو عبد الله: لا إله إلا الله الحق المبين
__________
ولا يصح عنها. بل الصحيح عنها: كقول الجمهور. اهـ وقال الحافظ فى الفتح (ج 10 ص 292) وفى حديث عائشة يعنى الذى رواه البخارى فى باب وصل الشعر «أن امرأة جاءت الى النبى صلى الله عليه وسلم بابنتها، فقالت: إن زوجها يطلب منها أن تصل شعرها لانه تمعر، فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة» بطلان ما روى عنها: أنها ترخصت فى وصل الشعر بالشعر، وقالت: إن المراد بالواصلة: المرأة تفجر فى شبابها، ثم تصل ذلك بالقيادة. وقد رد ذلك الطبرى وأبطله بما جاء عن عائشة فى قصة المرأة المذكورة فى الباب(1/138)
174 - الحسن بن محمد بن الحارث السجستانى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قلت لأبى عبد الله: التّخلّى أعجب إليك؟ فقال: التخلى على علم. وقال: يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم» ثم قال أبو عبد الله: رواية شعبة عن الأعمش. ثم قال: من يصبر على أذاهم؟.
قال وسئل أحمد عن الرجل يشترى عبدا، فيبقى عنده سنة. ثم يبيعه فيدّعى عليه المشترى أنه أبق: يحلف الرجل البائع على أنه لم يأبق قط، أو يحلف على لم أنه يأبق عندى؟ قال: يحلف على أنه لم يأبق عنده، ولم ير أنه يحلف: أنه لم يأبق قط. قيل له: إن هؤلاء يحلّفونه على أنه لم يأبق قط؟ قال: لا يحلف إلا على عنده. قال أحمد: إلا أن يكون ولد عنده، فيحلف: أنه لم يأبق قط.
وقال قال أحمد: ثلاثة إذا كان الطلب: الخيار، والحدود، والشفعة، يعنى إذا كان قد طلبها الميت فللورثة أن يطلبوا: فى الحدود، وفى الشفعة، وفى الخيار.
175 - الحسن بن موسى الأشيب، أبو على.
سمع محمد بن عبد الرحمن بن أبى ذئب، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وحماد بن سلمة، وغيرهم. وذكر أبو محمد الخلال: أنه روى عن أحمد. وكذا ذكره الخطيب فى السابق واللاحق.
قلت أنا: وقد حدث عنه إمامنا، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأحمد بن منيع، وأحمد بن منصور الرمادى، وغيرهم. وكان أصله خراسانيا، وأقام ببغداد وحدث بها. وولى القضاء بالموصل وحمص لهارون الرشيد. ثم قدم بغداد فى خلافة المأمون. فلم يزل ببغداد إلى أن ولّاه المأمون قضاء طبرستان. فتوجه إليها ومات بالرّى سنة تسع أو عشر ومائتين.
وقال يحيى بن معين: الأشيب ثقة لم يكن به بأس.
وأنبأنا المبارك أخبرنا أبو بكر بن بشران حدثنا الدارقطنى حدثنا القاضى
الحسين المحاميلى. حدثنا الفضل بن سهل الأعرج حدثنا الحسن الأشيب حدثنا سفيان عن ليث عن عطاء عن عائشة رضى الله عنها قال: وحدثنا سفيان عن ليث عن عبد الله بن عبيد بن عياض بن عروة كذا قال عن عائشة قالت:(1/139)
وأنبأنا المبارك أخبرنا أبو بكر بن بشران حدثنا الدارقطنى حدثنا القاضى
الحسين المحاميلى. حدثنا الفضل بن سهل الأعرج حدثنا الحسن الأشيب حدثنا سفيان عن ليث عن عطاء عن عائشة رضى الله عنها قال: وحدثنا سفيان عن ليث عن عبد الله بن عبيد بن عياض بن عروة كذا قال عن عائشة قالت:
«أفطر الحاجم والمحجوم»
قال الحسن الأشيب: وحدثنى أحمد بن حنبل عن هاشم بن أبى النضر عن سفيان بإسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم بهذا.
176 - الحسن بن منصور الجصاص.
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد. فقال: أخبرنى أبو محمد الصائغ حدثنا يعقوب بن العباس الهاشمى قال:
سمعت الحسن بن منصور الجصّاص يقول: قلت لأحمد بن حنبل: إلى متى يكتب الرجل؟ قال: حتى يموت.
177 - الحسن بن مخلد بن الحارث.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.
178 - الحسن بن الهثيم البزار.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: أخبرنا الحسن بن الهثيم البزار قال: قلت لأحمد بن حنبل: إنى أطلب العلم، وإن أمى تمنعنى من ذلك، تريد منى أن أشتغل بالتجارة. قال لى: دارها وأرضها؟ ولا تدع الطلب.
179 - الحسن بن الوضاح المؤدب.
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد.
180 - الحسن بن عرفة.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة. فقلت له: يا أبا عبد الله قمت مقام الأنبياء. فقال لى: أسكت. فإنى رأيت الناس يبيعون أديانهم.
ورأيت العلماء ممن كان معى يقولون ويميلون. فقلت: من أنا؟ وما أنا؟ وما أقول
لربى غدا، إذا وقفت بين يديه جل جلاله؟ فقال لى: بعت دينك كما باعه غيرك.(1/140)
ورأيت العلماء ممن كان معى يقولون ويميلون. فقلت: من أنا؟ وما أنا؟ وما أقول
لربى غدا، إذا وقفت بين يديه جل جلاله؟ فقال لى: بعت دينك كما باعه غيرك.
ففكرت فى أمرى، ونظرت إلى السيف والسوط، فاخترتهما. وقلت: إن أنا متّ صرت إلى ربى عز وجل، فأقول: دعيت إلى أن قول فى صفة من صفاتك مخلوقة. فلم أقل. فالأمر إليه، إن شاء عذب وإن شاء رحم. فقلت: وهل وجدت لأسواطهم ألما؟ قال لى: نعم، وتجلّدت إلى أن تجاوزت العشرين. ثم لم أدر بعد ذلك. فلما حلّ العقابان كأنى لم أجد له ألما، وصليت الظهر قائما.
قال الحسن: فبكيت. فقال لى: ما يبكيك؟ قلت: بكيت مما نزل بك. قال:
أليس لم أكفر؟ ما أبالى لو تلفت.
مولده: سنة مائة وخمسين. وموته: سنة سبع وخمسين ومائتين
181 - الحسن بن الوضاح المؤدب، أبو محمد.
حدث عن إمامنا فيما أنبانا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى، حدثنا الحسن ابن الوضاح حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبى سهل عن سعيد بن المسيّب قال: ما أذّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا فى المسجد.
وبه حدثنا أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن يونس عن الحسن: أن سعيد ابن المسيب زوّج ابنته على درهمين.
ذكر من اسمه الحسين
182 - الحسين بن اسماعيل.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قيل لأحمد بن حنبل، وأنا أسمع: يا أبا عبد الله، كم يكتب الرجل من الحديث حتى يمكنه أن يفتى: مائة ألف؟ قال: لا. قيل له: مائتى ألف؟
قال: لا. قيل: ثلاثمائة ألف؟ قال: لا. قيل: أربعمائة ألف؟ قال: لا. قيل:
خمسمائة ألف؟ قال: أرجو.(1/141)
183 - الحسين بن إسحاق، أبو على الخرقى.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما نقلته من خط أبى إسحاق بن شاقلا: قال: قرأت على أبى عبد الله الحسين بن على بن محمد المخرمي المعروف بابن شاصو: حدثكم أبو على الحسين بن إسحاق الخرقى قال: سألته يعنى أحمد بن حنبل عن المسح على العمامة؟
فقال: لا بأس، ولكن إذا خلعها خلع وضوءه، مثل الخفين. وسألته عن المسح على الجور بين؟ فقال: إذا استمسكا بالقدمين فلا بأس. وسئل عن هؤلاء اللفظية؟ فقال: هم الجهمية.
184 - الحسين بن إسحاق التسترى ذكره.
أبو بكر الخلال. فقال: شيخ جليل. سمعت منه سنة خمس وسبعين وقت خروجى إلى كرمان. وكان عنده عن أبى عبد الله جزء مسائل كبار. وكان رجلا مقدما. رأيت موسى بن اسحاق القاضى يكرمه ويقدمه.
185 - الحسين بن بشار المخرمي.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنى الحسين بن بشار المخرمى، قال: سألت أحمد بن حنبل عن مسألة فى الطلاق؟ فقال: إن فعل حنث: فقلت: يا أبا عبد الله، اكتب لى بخطك. فكتب لى فى ظهر الرقعة «قال أبو عبد الله: إن فعل حنث» قلت: يا أبا عبد الله إن أفتانى إنسان يعنى أن لا يحنث؟ فقال لى: تعرف حلقة المدنيين؟ قلت: نعم قال الحسين بن بشار: وكانت للمدنيين حلقة عندنا فى الرّصافة فى المسجد الجامع فان أفتونى يدخل؟ قال: نعم.
186 - الحسين بن على، أبو على.
ذكره أحمد السنجى فيمن لقى إمامنا وسمع منه. قال: وله كتاب مصنف فى السنة. ذكر فيه: من قال لفظى بالقرآن مخلوق، أو القرآن بلفظى مخلوق: فهو جهمى. والجهمية عندنا كفار. واللفظية زنادقة هذه الأمة. وهم أشدهم على الناس التباسا وتشبيها.(1/142)
187 - الحسين بن مهران.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
ذكر مفاريد حرف الحاء ومثانيها
188 - حنبل بن إسحاق بن حنبل.
أبو على الشيبانى. ابن عم إمامنا أحمد.
سمع أبا نعيم الفضل بن دكين، وأبا غسان مالك بن اسماعيل، وعفان بن مسلم، وسعيد بن سليمان، وعارم بن الفضل بن دكين، وسليمان بن حرب، وإمامنا أحمد فى آخرين. حدث عنه ابنه وقد اختلف فى اسم ابنه، فقوم قالوا:
عبيد الله. وقوم قالوا: عبد الله وعبد الله بن محمد البغوى، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الخلال وغيرهم. وذكره الخطيب أحمد بن ثابت، فقال: كان ثقة ثبتا.
قال: وأخبرنا الأزهرى قال: سئل الدارقطنى عن حنبل؟ فقال: كان صدوقا
وذكره أبو بكر الخلال فقال: قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية. وأغرب بغير شىء. وإذا نظرت فى مسائله شبهتها فى حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم. وكان حنبل رجلا فقيرا. خرج إلى عكبرا. فقرأ مسائله عليهم. وخرج أيضا إلى واسط، فلقيته بواسط. فسمعت منه مسائل يسيرة. ثم سمعت مسائله بعكبرا من أصحابنا العكبريين عنه.
أنبانا أبو القاسم بن البسرى عن أبى عبد الله بن بطة حدثنا أبو حفص بن رجاء حدثنا موسى بن حمدان البزاز قال قال حنبل بن اسحاق: جمعنا عمى لى ولصالح ولعبد الله، وقرأ علينا المسند. وما سمعه منه يعنى ثانيا غيرنا. وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا. فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه. فان وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة.
وقال الحسن بن على بن مليح: سمعت بعض الشيوخ بعكبرا يقول: حضرنا عند حنبل بن إسحاق حين قدم إلى عكبرا فنزل فى غرفة. فلما اجتمع
أصحاب الحديث إليه، قال لهم: اكترينا هذه الغرفة لنسكنها. فاذا كثر الناس خشينا أن نضر. فإذا اجتمعتم خرجنا إلى المسجد.(1/143)
وقال الحسن بن على بن مليح: سمعت بعض الشيوخ بعكبرا يقول: حضرنا عند حنبل بن إسحاق حين قدم إلى عكبرا فنزل فى غرفة. فلما اجتمع
أصحاب الحديث إليه، قال لهم: اكترينا هذه الغرفة لنسكنها. فاذا كثر الناس خشينا أن نضر. فإذا اجتمعتم خرجنا إلى المسجد.
حدثنا خالى أبو محمد بن جابر قال أخبرنا الحسن أخبرنا عثمان بن أحمد حدثنا حنبل بن اسحاق حدثنا أبو الوليد الطيالسى حدثنا عاصم بن محمد قال:
سمعت أبى يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يزال هذا الأمر فى قريش ما بقى من الناس اثنان»
أخبرنا جدى جابر أخبرنا محمد بن رزقويه أخبرنا عثمان بن أحمد حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لم يزل الله متكلما. والقرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق. وعلى كل جهة. ولا يوصف الله بشىء أكثر مما وصف به نفسه عز وجل.
وقال حنبل: حججت فى سنة إحدى وعشرين. فرأيت فى المسجد الحرام كسوة البيت من الديباج. وهى تخاط فى صحن المسجد، وقد كتب فى الدارات «ليس كمثله شىء وهو اللطيف الخبير» فلما قدمت سألنى أبو عبد الله عن بعض الأخبار، فأخبرته بذلك. فقال أبو عبد الله: قاتله الله، الخبيث، عمد إلى كتاب الله فغيّره يعنى ابن أبى دؤاد يعنى «أزال السميع البصير».
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم «يضع قدمه» نؤمن به. ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. بل نؤمن بالله وبما جاء به الرسول. قال الله عز وجل (59: 7 {وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}).
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ولد العباس أقوم بالصلاة، وأشد تعاهدا للصلاة من غيرهم.
وقال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبى عبد الله فى ولاية الوثق. وشاوروه فى ترك الرضا بإمرته وسلطانه. فقال لهم: عليكم بالنّكرة فى قلوبكم.
ولا تخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقّوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وذكر الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «إن ضر بك فاصبر» أمر بالصبر.(1/144)
وقال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبى عبد الله فى ولاية الوثق. وشاوروه فى ترك الرضا بإمرته وسلطانه. فقال لهم: عليكم بالنّكرة فى قلوبكم.
ولا تخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقّوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وذكر الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «إن ضر بك فاصبر» أمر بالصبر.
وقال عبد العزيز: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عتاب حدثنا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الاستطاعة لله، والقوة لله. ما شاء الله كان وما لم يشأء لم يكن. ليس كما يقول المعتزلة: الاستطاعة إليهم.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: من زعم أن الله لا يرى فى الآخرة: فقد كفر بالله، وكذب بالقرآن. ورد على الله أمره. يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، والله تعالى لا يرى فى الدنيا، ويرى فى الآخرة.
ومات حنبل بواسط فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
ذكره أبو الحسين بن المنادى.
189 - حرب بن اسماعيل بن خلف الحنظلى الكرمانى
، أبو محمد وقيل:
أبو عبد الله ذكره أبو بكر الخلال، فقال: رجل جليل. حدث عنه أبو بكر المروذى على الخروج إليه. وقال لى: نزل ههنا عندى فى غرفة، لما قدم على أبى عبد الله. وكان يكتب لى بخطه مسائل سمعها من أبى عبد الله، وكتب لى إليه أبو بكر المروذى كتابا وعلامات، كان حرب يعرفها. فقدمت بكتابه إليه، فسرّ به وأظهره لأهل بلده، وأكرمنى. وسمعت منه هذه المسائل. وكان رجلا كبيرا، عنده عن أبى الوليد وسليمان بن حرب وغيرهما. وكان سنه أكبر من ذلك.
ولكنه قال لى: كنت أتصوف قديما، فلم أتقدم فى السماع. وقال لى: هذه المسائل حفظتها قبل أن أقدم إلى أبى عبد الله، وقيل أن أقدم إلى إسحاق بن راهويه، وقال لى: هى أربعة آلاف عن أبى عبد الله، وإسحاق بن راهويه، ولم أعدها. وكان رجلا فقيه البلد. وكان السلطان قد جعله على أمر الحكم وغيره فى البلد.(1/145)
أخبرنا بركة الدلال أخبرنا إبراهيم الفقيه عن عبد العزيز حدثنا أحمد الخلال حدثنى حرب قال: قلت لأحمد: أنصلى خلف رجلى يقدّم عليّا على أبى بكر وعمر؟ قال: لا تصل خلف هذا. وقال حرب: قلت لأحمد: الادغام؟ فكرهه.
وقال حرب: سألت أحمد عن قراءة حمزة؟ فقال: لا تعجبنى. وكرهها كراهية شديدة، والكسائى.
وقال حرب: سمعت أحمد يكره الامالة مثل: «والضحى» و «الشمس وضحاها» وقال: أكره الخفص الشديد والإدغام.
وقال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء. لأن العلم يحتاج إليه فى كل ساعة. والخبز والماء فى كل يوم مرة أو مرتين.
190 - حبيش بن سندى.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: من كبار أصحاب أبى عبد الله. ينزل القطيعة. وبلغنى أنه كتب عن أبى عبد الله نحوا من عشرين ألف حديث. وكان رجلا جليل القدر جدا. وعنده عن أبى عبد الله جزآن مسائل مشبعة حسان جدا، يغرب فيها على أصحاب أبى عبد الله. فمضيت إليه فأبى أن يحدثنى بها. وقال: أنا لا أحدث بهذه المسائل، وأبو بكر المروذى حى. وكان يكرم أبا بكر المروذى: وكان بينى وبينه كلام كثير. ومضيت من عنده على أن أسأل أبا بكر المروذى. يسأله أن يقرأها علىّ: فشغلت. فتوفى ولم أسمعها. فوجدتها بعد ذلك عند محمد بن هارون الوراق، فسمعتها. وهو رجل ما شئت، يا لك من رجل، جليل القدر، كثير العلم، مقدم عندهم فى القطيعة.
قال حبيش بن سندى: قيل لأبى عبد الله: هؤلاء الذين امتحنوا: نكتب عنهم؟ قال: أما أنا فلا أروى عن أحد منهم. قيل له: إنه قد حكى عنك أنك تأمر بالكتاب عن القواريرى؟ فأنكر ذلك. وقال: أنا أقول: لا أروى عن أحد منهم. فآمر بالكتاب عنهم؟.
وقال حبيش أيضا: سئل أبو عبد الله عن قراءة حمزة؟ فقال: نعم
أكرهها أشد الكراهية. قيل له: ما تكره منها؟ قال: هى قراءة محدثة، ما قرأ بها أحد، إنما هى: إيه، وآه.(1/146)
وقال حبيش أيضا: سئل أبو عبد الله عن قراءة حمزة؟ فقال: نعم
أكرهها أشد الكراهية. قيل له: ما تكره منها؟ قال: هى قراءة محدثة، ما قرأ بها أحد، إنما هى: إيه، وآه.
191 - حبيش بن مبشر بن أحمد بن محمد الثقفى الفقيه، طوسى الأصل.
وهو أخو جعفر بن مبشر المتكلم. سمع يونس بن محمد المؤدب، ووهب بن جرير، وبكر بن عبد الله السّهمى. روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: قعدت مع أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والناس متوافرون.
فأجمعوا: أنهم لا يعرفون رجلا صالحا بخيلا.
روى عنه إسحاق بن بيان الأنماطى، ومحمد بن محمد الباغندى، ومحمد بن مخلد الدورى وغيرهم. وكان فاضلا، يعد من عقلاء البغداديين. وقال الدارقطنى:
حبيش بن مبشر من الثقات.
قال ابن قانع: مات حبيش بن مبشر الفقيه سنة ثمان وخمسين ومائتين، يوم السبت لتسع خلون من رمضان.
192 - الحارث بن شريح، أبو عمر النقال، خورازمى الأصل.
حدث عن حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وإمامنا أحمد. وبين وفاته ووفاة البغوى إحدى وثمانون سنة.
قال ابن قانع: توفى سنة ست وثلاثين ومائتين.
روى عنه أحمد بن منصور الرّمادى، وأحمد بن أبى خيثمة، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفى، وأبو بكر بن أبى الدنيا.
أنبأنا الحسن الجوهرى أخبرنا محمد بن العباس حدثنا محمد بن القاسم الكوفى حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سئل بحيى بن معين وأنا أسمع عن حارث النقال، وأحمد بن إبراهيم الموصلى؟ فقال: ثقتان صدوقان.
193 - حريث بن عبد الرحمن، أبو عمرو.
خراسانى. ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.(1/147)
194 - حريث بن عمار.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.
195 - حاتم بن الليث بن الحارث بن عبد الرحمن
، أبو الفضل الجوهرى سمع عبد الله بن موسى، وسعيد بن داود، وإسماعيل بن أبى أويس، وإمامنا أحمد، فيما ذكره أبو محمد الخلال. وكان ثقة ثبتا متقنا حافظا. روى عنه محمد بن مخلد. ومات سنة اثنتين وستين ومائتين.
196 - حجاج بن يوسف بن حجاج، أبو محمد الثقفى.
ويعرف بابن الشاعر ذكره أبو الحسين بن المنادى فيمن روى عن أحمد. مولده ومنشؤه ببغداد. سمع يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبا أحمد الزبيرى، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وشبابة بن سوّار، وعبد الرزاق بن همام فى آخرين. روى عنه محمد بن إسحاق الصاغانى، وأبو داود السجستانى، ومسلم بن الحجاج. وآخر من حدث عنه:
المحاملى. وكان ثقة فهما من الحفاظ.
قال ابن أبى حاتم: كتبت عنه. وهو ثقة من الحفاظ، ممن يحسن الحديث.
وسئل أبى عنه؟ فقال: صدوق.
قال حجاج: جمعت لى أمى مائة رغيف، فجعلتها فى جراب، وانحدرت إلى شبابة بالمدائن، فأقمت ببابه مائة يوم، كل يوم أجىء برغيف، فأغمسه فى دجلة فآكله. فلما نفدت خرجت.
وقال حجاج أيضا: جئت إلى أحمد بن حنبل، فسألته أن يحدثني فى سنة ثلاث ومائتين. فأبى أن يحدثنى، فخرجت إلى عبد الرزاق، ثم رجعت فى سنة أربع، وقد حدث واستوى الناس عليه. وكان لأحمد فى هذا اليوم أربعون سنة.
وقال حجاج: قلت لأحمد: أكتب عمن أجاب فى المحنة؟ فقال:
أنا لا أكتب عنهم.
وقال عبد الله بن أحمد: كان الحجاج بن الشاعر لا يحدث عمن أجاب:
وقال الحجاج: القرآن كلام الله غير مخلوق.(1/148)
وقال عبد الله بن أحمد: كان الحجاج بن الشاعر لا يحدث عمن أجاب:
وقال الحجاج: القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقال حجاج: ما يسرنى أنى قتلت بين الصّفين محتسبا صابرا، بدلا من حضورى جنازة أحمد بن حنبل.
وقال محمد بن على الآجرى: قلت لأبى داود سليمان بن الأسعث: أيما أحبّ إليك:
الرمادى، أو حجاج بن الشاعر؟ فقال: حجاج خير من مائة مثل الرمادى.
وقال أبو عبد الرحمن النسائى: أبو محمد حجاج بن يوسف: بغدادى ثقة.
ومات لعشر بقين من رجب سنة تسع وخمسين ومائتين. ذكره ابن قانع
197 - الحكم بن نافع، أبو اليمان.
حدث عن جماعة، منهم إمامنا أحمد. فروى ابن ثابت فى الكفاية: أخبرنا محمد بن عيسى الهمدانى حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: سمعت القاسم بن أبى صالح يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين يقول: سمعت أبا اليمان الحكم بن نافع يقول: قال لى أحمد بن حنبل: كيف سمعت الكتب من شعيب بن أبى حمزة؟ قلت: قرأت عليه بعضه، وبعضه قرأه علىّ، وبعضه إجازة، وبعضه مناولة. فقال: قل فى كله: أخبرنا شعيب.
وهذا الحكم أحد شيوخ الحربى. وقد روى البخارى عنه فى الصحيح.
198 - حميد بن الربيع بن حميد، أبو الحسن اللخمى الكوفى الخزاز.
روى عن إمامنا فيما أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى.
حدثنا أبو بكر بن أبى داود حدثنا محمد بن خلف العسقلانى حدثنا محمد بن أبى عتاب حدثنى حميد الخزاز حدثنا أحمد بن حنبل وساق الإسناد إلى أبى بكر بن حفص قال: «كنّ أزواج النبى صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعورهن كهيئة الوفرة».
قدم حميد بغداد. وحدث بها عن هشيم بن بشير. وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس الأودى.
سئل البرقانى عنه؟ فقال: كان أبو الحسن الدارقطنى يحسن القول فيه.
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبى يحسن القول فى حميد الخزاز. وقال: كان يطلب معنا الحديث. ومات بسرّ من رأى، سنة ثمان وخمسين ومائتين.(1/149)
سئل البرقانى عنه؟ فقال: كان أبو الحسن الدارقطنى يحسن القول فيه.
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبى يحسن القول فى حميد الخزاز. وقال: كان يطلب معنا الحديث. ومات بسرّ من رأى، سنة ثمان وخمسين ومائتين.
199 - حميد بن زنجويه، أبو أحمد الأذرى، زنجويه لقب له.
واسمه مخلد بن قتيبة. خراسانى من أهل نسا. كثير الحديث، قديم الرحلة فيه إلى العراق والحجاز ومصر وغير ذلك. سمع النضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وغيرهما.
وروى عن إمامنا شياء.
منها قال: لما رجعنا من مصر دخلنا على أحمد بن حنبل، فقال: مررتم بأبى حفص عمرو بن أبى مسلمة؟ قال فقلنا له: وما كان عند أبى حفص؟ إنما كان عنده خمسون حديثا للأوزاعى، والباقى مناولة. فقال: والمناولة كنتم تأخذون منها وتنظرون فيها؟.
قلت أنا: وكان حميد بن زنجويه ثقة ثبتا حجة. روى عنه البخارى ومسلم وعامة الخراسانيين. وقدم بغداد، وحدث بها.
فروى عنه من أهلها: إبراهيم الحربى، وعبد الله بن إمامنا، ويحيى بن صاعد، والقاضى المحاملى، ومات بمصر سنة إحدى وخمسين ومائتين.
200 - حميد بن الصباح، مولى المنصور.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أخبرنا المبارك عن إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا أحمد حدثنا حميد ابن الصباح بمصر قال: سألت أحمد بن حنبل قلت: كم بيننا وبين عرش ربنا تبارك وتعالى؟ قال: دعوة مسلم يجيب الله دعوته.
وقال حميد بن الصباح: حدثنى أبى قال: أراد المنصور أن يذرع الكرخ.
فقال: احمل لى الذراع معك. فخرج وخرجت معه، ونسيت أن أحمل الذراع. فلما صرنا بباب الشرقية قال لى: أين الذراع؟ فدهشت وقلت: أنسيته يا أمير المؤمنين.
فضربنى بالمقرعة. فشحنى وسال الدم، فلما رآنى قال: أنت حر لوجه الله. حدثنى
أبى عن أبيه عن ابن عياس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ضرب عبده فى غير حد حتى يسيل دمه، فكفارته: عتقه».(1/150)
فضربنى بالمقرعة. فشحنى وسال الدم، فلما رآنى قال: أنت حر لوجه الله. حدثنى
أبى عن أبيه عن ابن عياس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ضرب عبده فى غير حد حتى يسيل دمه، فكفارته: عتقه».
201 - حمدويه بن شداد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل، وذكروا عنده أبا ثور. فقال: لا تؤذوني بمجالسته.
202 - حرمى بن يونس.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: أتيت أبا عبد الله، فسألته عن حديث؟ فقال: نعم، حتى أخرجه لك. قال: فلما كان فى نصف النهار إذا رجل يدق علىّ الباب. قال: فخرجت.
فإذا أبو عبد الله. قال، فقلت: حاجة؟ قال: نعم. قلت: تدخل؟ قال: نعم.
فدخل، فأخرج إلىّ رقعة فيها أحاديث. فقرأها علىّ، ثم أبرد عندى ومضى.
وقال إمامنا أحمد لحرمى: يا حرمى، كم فضل الصلاة عند الناس من الفرادى إلى الجماعة؟ فقال حرمى: خمسة وعشرون. فقال أحمد: إنى سمعت عبد الرزاق يقول: إنها مائة صلاة، من أجاب الداعى فهى خمسة وعشرون. ومن صلى فى الصف الأول فهى خمسون. ومن صلى يمنة الإمام فهى خمسة وسبعون. ومن صلى فى نقرة الإمام فهى مائة صلاة.
203 - حمدان بن ذى النون
، أحد من شاهد الإمام أحمد رضى الله عنه، فيما ذكره أبو ذر عبد بن أحمد الهروى.
أخبرنا أبو الحسين على بن الحسين التميمى قال: سمعت أبا حفص البخارى يقول: سمعت حمدان بن ذى النون يقول: ما رأت عينى مثل أحمد بن حنبل فى ورعه وحفظه لسانه(1/151)
باب الخاء
204 - خطاب بن بشر بن مطر، أبو عمر البغدادى المذكر.
وهو أخو محمد ابن بشير. وكان الأكبر. حدث عن عبد الصمد بن النعمان ومن بعده. روى عنه أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمى، ومحمد بن مخلد الدورى. وذكر أنه مات فى المحرم سنة أربع وستين ومائتين.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان رجلا صالحا، يقص على الناس. وقد سمعت منه حديثا، وكنت إذا سمعت كلامه كأنه نذير قوم. وأحسب أنه كان آخر القصاص الذين يفرح بهم، ويعتد بقولهم. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان صالحة.
منها قال: سألت أحمد عن الجنابة تصيب الثوب؟ فقال: يفركه ويغسله، أىّ ذلك فعل أجزأه. لأنهما قد رويا عن النبى صلى الله عليه وسلم جميعا. فقلت له:
فإذا كان رطبا، كيف يفركه؟ قال يمسحه، كما قال ابن عباس «بإذخرة» قال:
ولو كان نجسا ما كان الفرك يطهره.
205 - خشنام بن سعد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أحمد قلت: نكتب الحديث عمن يأخذ الدراهم على الحديث؟ قال: لا تكتب عنه.
ذكر الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله فى تاريخ النيسابوريين: سمعت بشر ابن أحمد بن بشر المهرجانى سمعت خشنام بن سعد يقول: قلت لأحمد بن حنبل:
أكان يحيى بن يحيى إماما؟ قال: كان عندى إماما. ولو كانت عندى نفقة لرحلت إلى يحيى بن يحيى.
206 - خالد بن خداش بن عجلان
، أبو الهيثم المهلبى، مولى آل المهلب ابن أبى صفرة الأزدى، من أهل البصرة.(1/152)
سكن بغداد. وحدث بها عن مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وصالح المرى، وغيرهم. روى عنه إمامنا أحمد، وأحمد الدورقى. ونقل عن إمامنا أحمد أشياء.
منها قال: سألت أحمد عن نكاح المحرم؟ فقال: كان عمر وعثمان وابن عمر يفرقون بينهما. وذكروا قصة ميمونة، وقول أبى رافع. فقال أبو عبد الله: يزيد ابن الأصم هى خالته قال: «تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا.
وبنى بها حلالا» يذهب ذا عليهم، وهى خالتهم؟.
وقال محمد بن المثنى: انصرفت مع بشر بن الحارث فى يوم أضحى من المصلى. فلقى خالد بن خداش المحدث. فسلم عليه. فقصّر بشر فى رد السلام.
فقال خالد: بينى وبينك مودة من أكثر من ستين سنة، ما تغيرت عليك. فما هذا التغير؟ فقال بشر: ما ههنا تغير، ولا تقصير. ولكن هذا يوم تستحب فيه الهدايا. وما عندى من عرض الدنيا شىء أهدى إليك. وقد روى فى الحديث «إن المسلمين إذا التقيا كان أكثرهما ثوابا أبشبهما بصاحبه» فتركتك لتكون أفضل ثوابا.
وقال عبد الخالق بن منصور: سئل يحيى بن معين عن خالد بن خداش؟
فقال: صدوق.
ومات خالد بن خداش ببغداد فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
207 - خلف بن هشام بن تغلب
ويقال خلف بن هشام بن طالب ابن غراب، أبو محمد البزار المقرئ. سمع مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وأبا عوانة، وشريك بن عبد الله، وهشيما وغيرهم. وروى عن إمامنا أحمد، فيما ذكره محمد بن يحيى الكسائى قال: دخلت على خلف بن هشام البزار، وقد خرج من عنده أحمد بن حنبل، وزهير بن حرب أبو خيثمة، ويحيى بن معين، فقال لى:
من رأيته خرج من عندى؟ قلت: فلان وفلان وفلان. فقال: إنه كان قدامى
قنينة فيها نبيذ. فلما رأتهم الجارية جاءت تشيلها. فقلت: لم هذا؟ فقالت:(1/153)
من رأيته خرج من عندى؟ قلت: فلان وفلان وفلان. فقال: إنه كان قدامى
قنينة فيها نبيذ. فلما رأتهم الجارية جاءت تشيلها. فقلت: لم هذا؟ فقالت:
يا مولاى جاء هؤلاء الصالحون، فيرون هذا عندك؟ فقلت: أضيفى إليها أخرى، يرى الله عز وجل شيئا، فأكتمه عن الناس؟ وأردت أن أنظر إلى عقل هذا الفتى يعنى أحمد فحول ظهره إليها. وأقبل علىّ يسألنى عما يريده؟ فقلت له:
لما أراد الانصراف من بين القوم كلهم: أى شىء تقول فى هذا يا أبا عبد الله؟
فقال: ليس ذاك إلىّ، ذاك إليك. فقلت: كيف؟ فقال: قال النبى صلى الله عليه وسلم «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» والرجل راع فى منزله ومسئول عما فيه. وليس للخارج أن يغير على الداخل شيئا. قال: فلما خرج سكبت خابيتين، وعاهدت الله: على أن لا أذوقه حتى أعرض على الله عز وجل
روى عنه عباس الدورى، وأحمد بن أبى خيثمة، وابراهيم الحربى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم. وقال أبو جعفر النّفيلى: خلف بن هشام كان من أصحاب السنة، لولا بلية فيه: شرب النبيذ.
وقال عباس الدورى وسئل عن حكاية عن أحمد بن حنبل فى خلف فقال: لم أسمعها من أحمد، ولكن حدثنى أصحابنا: أنهم ذكروا خلف البزار عند أحمد، فقيل: يا أبا عبد الله، إنه يشرب. قال: قد انتهى إلينا علم هذا عنه، ولكن هو والله عندنا الثقة الأمين، شرب أو لم يشرب.
وقال يحيى بن معين: إنه الصدوق الثقة. وقال الدارقطنى: أبو محمد خلف بن هشام بن تغلب البزار المقرىء كان عابدا فاضلا. وآخر من روى عنه: ابن منيع، وقال: أعدت صلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين
وقال عبد الله البغوى: مات خلف بن هشام البزار فى سنة تسع وعشرين ومائتين فى جمادى الآخرة ببغداد(1/154)
باب الدال
208 - داود بن عمرو بن زهير، أبو سليمان الضبى
سمع عبد الله بن عمر العمرى، ونافع بن عمر الجمحى، وداود بن عبد الرحمن وجويرية بن أسماء، وحماد بن زيد، وحسان بن إبراهيم، وأبا الأحوص سلام بن سليم، وشريك بن عبد الله، ومنصور بن أبى الأسود، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وإمامنا أحمد فيما ذكره الحفاظ منهم: أبو محمد الخلال، وابن ثابت الخطيب فى السابق واللاحق. فقال: حدث عن أحمد بن حنبل: داود ابن عمرو الضبى، وبين وفاته ووفاة البغوى: تسع وثمانون سنة. سمع منه يحيى بن معين، وحجاج بن يوسف الشاعر، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم، وأحمد الرمادى، وأحمد بن أبى خيثمة، وغيرهم.
وقد روى عنه إمامنا أيضا: مات ببغداد فى ربيع الأول وقيل فى صفر سنة ثمان وعشرين ومائتين.
209 - دلان، أبو الفضل الرازى.
قال: سلمت على أحمد بن حنبل، فلم يرد على السلام. وكانت على جبة سوداء
باب الراء
210 - رجاء بن أبي رجاء، أبو محمد المروذى وقيل السمرقندى واسم أبى رجاء: مرجّا بن رافع.
سكن بغداد. وحدث بها عن النضر بن شميل، وعلى بن الحسن بن شقيق، والفضل بن دكين. وإمامنا أحمد فى آخرين.
روى عنه أبو بكر بن أبى الدنيا، وقاسم بن زكريا المطرز، وأحمد بن أبى شيبة، ويحيى بن صاعد، والحسين والقاسم ابنا اسماعيل. وكان ثقة ثبتا، إماما فى علم الحديث وحفظه، والمعرفة به. وقال ابن أبى حاتم: سمع منه أبى بالرّى، وبدمشق، وسئل عنه؟ فقال: صدوق.(1/155)
وقال أبو بكر الخلال: سمعت أبا إسماعيل الترمذى يقول: قال لى رجاء المروذى: قلت لأحمد بن حنبل: أريد أن أعرف الحديث. قال: إن أردت أن تعرف الحديث فأكثر من الكتاب.
ومات ببغداد غرة جمادى الأولى سنة تسع وأربعين ومائتين. ذكره محمد بن إسحاق السراج.
211 - الربيع بن نافع، أبو توبة.
قال ابن أبى حاتم: حدثنا على بن الحسن قال: سمعت أبا توبة الربيع بن نافع، قال: قلت لأحمد بن حنبل: إنا قد لقينا من ضعف أهل العراق فى السّنة، فإيش تقول فيمن زعم أن القرآن مخلوق؟
فقال: أقول: إنه كافر. قال قلت: فما تقول فى دمه؟ قال: حلال، بعد أن يستتاب. فقلت: أديتها عراقية. قال أبو توبة: لا يستتاب، ولكنه يقتل.
باب الزاى
212 - زياد بن أيوب بن زياد، أبو هاشم، طوسى الأصل.
يعرف بدلّويه.
سمع هشيم بن بشير، وأبا بكر بن عياش، ويزيد بن هارون، وعبّاد بن العوام، وزياد البكّاء، والقاسم بن مالك المرى فى آخرين. وسأل إمامنا عن أشياء.
وحدث بها. روى عنه البخارى، وأبو حاتم الرازى، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد وإسحاق بن سنين الختليان، وعبد الله بن محمد البغوى فى آخرين. منهم عبد الله بن أبى داود واللفظ له قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: سألت أحمد بن حنبل عن العقيقة؟ فقال: ليست بواجبة، وأشد ما سمعنا فيها: حديث سليمان بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «الغلام مرتهن بعقيقته. فأميطوا عنه» وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه عقّ عن الحسن والحسين»
قال زياد بن أيوب: وأخبرنى ابنه عبد الله أنه قال «تعطى القابلة الرّجل»
وقال عبد الله بن أبى داود: حدثنا زياد بن أيوب قال: سألت أحمد عن جلود الثعالب؟ فقال: لا تعجبنا الصلاة فيها.(1/156)
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: لا تعجبنا الصلاة قبل المغرب. وقد روى عبد الله بن مغفل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «بين كل أذانين صلاة لمن شاء» وقال أنس «إن كان المؤذن ليؤذن فيدخل الداخل، والناس يركعون قبل المغرب» فان فعل ذلك فاعل لم يبدّع. وقد روى عن أبى بكر وعمر عليهما السلام: أنهما لم يصليا قبل المغرب
وقال أيضا: سألت أحمد عن الوتر؟ فقال: كان ابن عمر يسلم فى الثنتين، ثم يقضى الحاجة، ثم يقوم فيوتر بواحدة. وهذا عندنا ثبت، ونحن نأخذ به
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: الوتر ركعة. روى عن خمسة (1) من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يوترون بركعة
وقال زياد بن أيوب: سأل رجل أحمد بن حنبل عن على بن الجعد؟
فقال الهثيم: ومثله يسأل عنه؟ فقال أحمد: أمسك، أبا عبد الله. فذكره رجل بشىء. فقال أحمد: وتقع فى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم؟
وقال أبو هاشم زياد بن أيوب: كنت عند على بن الجعد، فسألوه عن القرآن؟
فقال: القرآن كلام الله، ومن قال مخلوق لم أعنفه. قال أبو هاشم: فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل فقال: ما بلغنى عنه أشد من هذا.
وأنبانا خال أمى عن ابن بطة حدثنا أبو بكر محمد بن محمود السراج حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب الطوسى دلّويه، حدثنا أبو نميلة يحيى بن واضح، أخبرنا موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد بن صفوان عن ابن عمر قال «من صلى بعد المغرب أربع ركعات كان كالمعقب غزوة بعد غزوة»
وقال زياد بن أيوب: من قال القرآن مخلوق فهو كافر، لا شك فيه. قيل له:
فمن لم يكفرهم: يسمع منه؟ قال: لا، ولا كرامة. قيل له: فان لى منهم قرابات: أبرّهم، وأسلم عليهم؟ قال: لا. ولا تشهد جنائزهم ولا تعدهم.
__________
(1) فى المختصر «خمسين»(1/157)
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا أبو العباس الزبيدى الفضل بن أحمد بن منصور قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: اكتبوا عن زياد بن أيوب. فانه شعبة الصغير
وقال زياد بن أيوب: سألت أحمد بن حنبل عن أبى ثور؟ فقال: لا يجالس
وكان مولد زياد بن أيوب سنة ست وستين ومائة. وذكر ابن قانع: أنه مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. زاد غيره: فى شهر ربيع الأول
213 - زكريا بن يحيى بن عبد الملك بن مروان بن عبد الله، أبو يحيى الناقد البغدادى.
سمع خالد بن خداش، وفضيل بن عبد الوهاب، وأحمد بن حنبل إمامنا فى آخرين، منهم أبو غسان الدورى قال: كنت عند على بن الجعد، فذكروا حديث النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن «ابنى هذا سيد» فقال: ما جعله سيدا؟.
وقال أبو يحيى أيضا: سمعت أبا غسان الدورى يقول: كنت عند على بن الجعد، فذكروا عنده حديث ابن عمر «كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنقول: خير هذه الأمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان.
فيبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فلا ينكر» فقال على: انظروا إلى هذه الصبى، هو لم يحسن يطلق امرأته، يقول: كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! (1)
روى عنه جماعة. منهم أبو بكر الخلال. وقال: الورع الصالح. كان عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة. سمعتها منه. وكان مقدما فى زمانه. وكان عبد الوهاب الوراق يكرمه، ويوجه به فى حوائجه ومهمات أموره
أخبرنى أحمد بن محمد صدقة قال: سمعت أبا بكر المروذى يقول: سمعت أبا عبد الله وجاءه أبو يحيى الناقد برسالة عبد الوهاب الوراق فلما قام أبو يحيى قال أبو عبد الله: هذا رجل صالح.
وذكره الدارقطنى فقال: ثقة فاضل.
__________
(1) فى تهذيب التهذيب وطبقات الحفاظ: أن على بن الجعد كان ينال من بعض الصحابة. وكان لا يكفر من يقول بخلق القرآن(1/158)
وقال محمد بن جعفر بن سام: لو قيل لأبى يحيى الناقد: غدا تموت، ما ازداد فى عمله
وقال أبو زرعة الطبرى: قال أبو يحيى الناقد: اشتريت من الله تعالى حوراء بأربعة آلاف ختمة. فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء. وهى تقول: وفيت بعهدك، فها أنا التى قد اشتريتنى. فيقال: إنه مات عن قريب
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنى زكريا بن يحيى الناقد قال: سمعت أحمد بن حنبل وإنسان يسأله فجعل يقول له: سل من يعلم، سل من يعلم.
ومات ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين ومائتين
214 - زهير بن أبى زهير
، نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: قلت لأحمد: إن فلانا يعنى أبا يوسف ربما سعى فى الأمور، مثل المصانع والمساجد والآبار. فقال لى أحمد: لا. نفسه أولى به. وكره أن يبذل الرجل نفسه ووجهه.
وقال زهير: أنا أول من تلقّى أبا عبد الله فى دار إسحاق، قبل أن يخرج من الحرّاقة. قال: فخرج وعليه الكساء الذى خلع عليه. قال: فسقط. قال:
فجعل يجره وما سواه عليه.
215 - زهير بن محمد بن قمير المروذى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد.
باب السين
216 - سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدى
، أبو داود السجستانى، الإمام فى زمانه. وهو ممن رحل وطوّف، وجمع وصنف، وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والبصريين (1).
__________
(1) فى المختصر: والمصريين(1/159)
سمع سليمان بن ابراهيم، وسليمان بن حرب، وأبا عمر الحوضى، وأبا الوليد الطيالسى، وإمامنا أحمد، وخلقا سواهم. روى عنه ابنه عبد الله، وأبو عبد الرحمن النسائى، وأبو بكر النجاد، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر الخلال، وأبو بكر بن داود الأصفهانى فى آخرين. سمع منه إمامنا أحمد حديثا واحدا (1). وسكن البصرة. وقدم بغداد غير مرة. وروى كتابه المصنف فى السنن بها. ونقله عنه أهلها. ويقال: إنه صنفه قديما وعرضه على إمامنا، فأجازه واستحسنه.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أخبرنا عبد الصمد الهاشمى قراءة قال أخبرنا الدارقطنى حدثنا عثمان بن اسماعيل بن بكر السكرى قال: سمعت أبا داود السجستانى يقول:
قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: لا، أو تعلمه أن الرجل الذى رأيته معه صاحب بدعة. فإن ترك كلامه فكلمه، وإلا فألحقه به. قال ابن مسعود «المرء بخدنه»
قال محمد بن على الآجرى: قلت لأبى داود: أيما أعلى عندك: على بن الجعد أو عمرو بن مرزوق؟ فقال: عمرو أعلى عندنا. على بن الجعد وسم بميسم سوء، قال: وما يسوءنى أن يعذب الله معاوية. وقال: ابن عمر، ذك الصبى
وأنبأنا محمد بن على بن المهتدى بالله قال أخبرنا عبيد الله بن الصيدلانى قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار قال: سمعت أبا داود يقول:
سمعت أحمد حنبل يقول: ولد الضحاك بن مزاحم وله ثنيتان.
وقال أبو داود: وكنت أرى إزار أبى عبد الله محلولة
__________
(1) ذكر الخطيب البغدادى فى ترجمة أبى داود (ج 9ص 57) عن أبى العشراء الدارمى عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة؟
فحسنها» قال ابن أبى داود: فذكرته لاحمد فاستحسنه وقال: هذا حديث غريب، أمله على. فكتبه(1/160)
أخبرنا أحمد نزيل دمشق أخبرنا البرقانى أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه أخبرنا الحسين بن إدريس حدثنا أبو داود قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
كان ابن أبى ذئب يشبّه بسعيد بن المسيّب. قيل لأحمد: خلّف مثله ببلاده؟
قال: لا، ولا بغيرها. يعنى ابن أبى ذئب.
أخبرنا بركة المجهز أخبرنا إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد بن حنبل قال له رجل: قيل: مؤمن أنت؟ قال: نعم. هل على فى ذلك شىء؟ هل الناس إلا مؤمن أو كافر؟ فغضب أحمد، وقال: هذا كلام الإرجاء. قال الله عز وجل (9: 106 {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ}) من هؤلاء؟
وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن القراءة فى فاتحة الكتاب «ملك» أو «مالك» يعنى أيهما أحب إليك؟ قال «مالك» أكثر ما جاء فى الحديث
وقال أبو داود: سمعت أبا عبد الله يقول: من قال: إن الله لا يرى فى الآخرة، فهو كافر.
وقال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعنى كتاب السنن جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث صحيح. ذكرت الصحيح وما يشبههه ويقاربه. ويكفى الإنسان لدينه من ذلك: أربعة أحاديث، أحدها: قوله عليه الصلاة والسلام «إنما الأعمال بالنيات» والثانى: قوله عليه الصلاة والسلام «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» والثالث: قوله عليه الصلاة والسلام «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه».
والرابع: قوله عليه الصلاة والسلام «الحلال بيّن. والحرام بين. وبين ذلك أمور مشتبهات الحديث».
وذكر أبو سليمان حمد بن محمد البستى الخطابى وقد سئل عن تفسير كتاب
السنن لأبى داود فحكى عن أبى عمر الزاهد قال: قال إبراهيم الحربى: لما صنف أبو داود هذا الكتاب ألين لأبى داود الحديث كما ألين لداود الحديد.(1/161)
وذكر أبو سليمان حمد بن محمد البستى الخطابى وقد سئل عن تفسير كتاب
السنن لأبى داود فحكى عن أبى عمر الزاهد قال: قال إبراهيم الحربى: لما صنف أبو داود هذا الكتاب ألين لأبى داود الحديث كما ألين لداود الحديد.
وقال أبو بكر بن جابر، خادم أبى داود: كنت مع أبى داود ببغداد، فصلينا المغرب إذ قرع الباب، ففتحته. فإذا خادم يقول: هذا الأمير أبو أحمد الموفق يستأذن. فدخلت إلى أبى داود، فأخبرته بمكانه. فأذن له. فدخل وقعد، ثم أقبل عليه أبو داود. فقال: ما جاء بالأمير فى مثل هذا الوقت؟ فقال: خلال ثلاث.
فقال: وما هى؟ قال: تنتقل إلى البصرة، فتتخذها وطنا، ليرحل إليك طلبة العلم من أقطار الأرض، فتعمر بك. فإنها قد خربت، وانقطع عنها الناس، لما جرى من محنة الزنج. فقال: هذه واحدة. هات الثانية. قال: وتروى لأولادى كتاب السنن. فقال: نعم. هات الثالثة. قال: وتفرد لهم مجلسا للرواية. فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة. فقال: أما هذه فلا سبيل إليها. لأن الناس شريفهم ووضيعهم فى العلم سواء
قال ابن جابر: وكانوا يحضرون بعد ذلك ويقعدون فى كم حيرى (1).
ويضرب بينهم وبين الناس ستر. فيسمعون مع العامة
وروى أن سنن أبى داود قرئت على ابن الأعرابى، فأشار إلى النسخة، وهى بين يديه. وقال: لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذى فيه كتاب الله عز وجل، ثم هذا الكتاب: لم يحتج معهما إلى شىء من العلم بتّة
ولد أبو داود سنة ثنتين ومائتين. ومات يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين. وله ثلاث وسبعون سنة وقيل: إنه توفى بالبصرة
217 - سليمان بن المعافى بن سليمان الحرانى.
حدث عن إمامنا، فيما أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله، عن أبى الحسين بن أخى ميمى
حدثنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا سليمان بن المعافى
__________
(1) كذا فى الأصول(1/162)
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى أنه قال لجابر الجعفى: لا تموت حتى تأتيهم بالكذب. قال: فما مات حتى أتاهم بالكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
218 - سليمان بن داود الشاذكونى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما أنبانا أبو الحسين بن المهتدى بالله قال: أخبرنا طالب بن عثمان النحوى حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار حدثنا الكديمى قال: سمعت سليمان ابن داود الشاذكونى يقول: على بن المدينى يتشبه بأحمد بن حنبل. ما أشبه السّك باللّك (1) رأيت أحمد بن حنبل أتى فاميّا، فرهن عنده سطلا على شىء يقوته، ثم شاهدته أتاه فى فكاك الرهن، وقال: أخرج سطلى، فأتاه بسطلين، وقال: قد اشتبه سطلك علىّ فخذه منهما. فقال: أنت من السطل فى حل، ومن الفكاك فى حل، وانصرف عنه، فخاصمت الفامى وقلت له: لم حملته على هذا؟ فقال:
الذى ناولته هو والله سطله. وأنا أعرفه، ولكنى أردت أن أمتحنه
219 - سليمان بن عبد الله السجزى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: المحنة. حدثنا أحمد بن عبيد الله قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد ابن حسنون النّرسى قال أخبرنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى قال حدثنا على ابن صالح المصرى حدثنا سليمان بن عبد الله السجزى قال: أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد. فدخلت الدار، فرأيت بساطا مبسوطا وكرسيا مطروحا، فوقفت بإزاء الكرسى، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد
__________
(1) السك بفتح السين المهملة مشددة طيب يتخذ من الرامك مدقوقا منخولا معجونا بالماء، ويعرك عركا شديدا، ويمسح بدهن الخيرى، لئلا يلصق بالإناء، ويترك ليلة، ثم يسحق المسك ويلقمه، ويعرك شديدا، ويقرص ويترك يومين، ثم يثقب بمسلة وينظم فى خيط قنب ويترك سنة، وكلما عتق طابت رائحته. و «اللك» بفتح اللام نبات يصبغ به، وبالضم: ثفله أو عصارته، وما ينحت من الجلود المصبوغة باللك، فيشد به نصاب السكين. قاموس(1/163)
أقبل، فجلس على الكرسى، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلا على رجل ثم قال:
يحضر أحمد بن حنبل. فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه، قال له: يا أحمد تكلم ولا تخف. فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين، لقد دخلت عليك وما فى قلبى مثقال حبة من الفزع. فقال له المعتصم: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل (9: 8 {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجََارَكَ فَأَجِرْهُ حَتََّى يَسْمَعَ كَلََامَ اللََّهِ}) فقال له: عندك حجة غير هذا؟ فقال أحمد: نعم، يا أمير المؤمنين: قول الله عز وجل (55: 1 {الرَّحْمََنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ}) ولم يقل «الرحمن خلق القرآن» وقوله عز وجل ({يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}) ولم يقل «يس والقرآن المخلوق» فقال المعتصم: احبسوه، فحبس وتفرق الناس. فلما أصبحت قصدت الباب، فأدخل الناس، فدخلت معهم. فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال:
هاتوا أحمد بن حنبل فجىء به. فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم: كيف كنت يا أحمد فى محبسك البارحة؟ فقال: بخير، والحمد لله، إلا أنى رأيت يا أمير المؤمنين فى محبسك أمرا عجبا، قال له: وما رأيت؟ قال: قمت فى نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين. فقرأت فى ركعة {(الْحَمْدُ لِلََّهِ)} و {(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النََّاسِ)} وفى الثانية {(الْحَمْدُ لِلََّهِ)} و {(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)} ثم جلست وتشهدت وسلمت. ثم قمت فكبرت وقرأت {(الْحَمْدُ لِلََّهِ)} وأردت أن أقرأ {(قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ)} فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر. فمددت عينى فى زاوية السجن، فإذا القرآن مسجّى ميتا، فغسلته وكفنته، وصليت عليه ودفنته. فقال له: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟ فقال له أحمد: فأنت كذا تقول: إنه مخلوق. وكل مخلوق يموت. فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد.
فقال ابن أبى دؤاد وبشر المريسى: اقتله، حتى نستريح منه. فقال: إنى قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف، فقال له ابن أبى دؤاد: اضربه بالسياط. فقال: نعم. ثم قال: أحضروا الجلّادين. فأحضروا. فقال المعتصم
لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟ فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين. فقال: خذه إليك. قال سليمان السجزى: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدّ فى يديه حبلان جديدان. وأخذ السوط فى يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟ فقال المعتصم: اضرب. فضربه سوطا. فقال أحمد: الحمد لله.(1/164)
فقال ابن أبى دؤاد وبشر المريسى: اقتله، حتى نستريح منه. فقال: إنى قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف، فقال له ابن أبى دؤاد: اضربه بالسياط. فقال: نعم. ثم قال: أحضروا الجلّادين. فأحضروا. فقال المعتصم
لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟ فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين. فقال: خذه إليك. قال سليمان السجزى: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدّ فى يديه حبلان جديدان. وأخذ السوط فى يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟ فقال المعتصم: اضرب. فضربه سوطا. فقال أحمد: الحمد لله.
وضربه ثانيا. فقال: ما شاء الله كان. فضربه ثالثا، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. فلما أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت إلى المئزر من وسطه قد انحل، ويريد أن يسقط. فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه، وإذا الأرض قد انشقت. وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل. فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك قال: خلوه. فتقدم إليه ابن أبى دؤاد وقال له: يا أحمد، قل فى أذنى:
إن القرآن مخلوق، حتى أخلصك من يد الخليفة. فقال له أحمد: يا ابن أبي دؤاد قل فى أذنى: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل.
فقال المعتصم: أدخلوه الحبس. قال سليمان: فحمل إلى لحبس، وانصرف الناس، وانصرفت معهم. فلما كان الغد أقبل الناس، وأقبلت معهم. فوقفت بإزاء الكرسى، فخرج المعتصم، وجلس على الكرسى، وقال: هاتوا أحمد بن حنبل.
فجىء به. فلما وقف بين يديه، قال له المعتصم: كيف كنت فى محبسك الليلة يا ابن حنبل؟ قال: كنت بخير والحمد لله. فقال: يا أحمد، إنى رأيت البارحة رؤيا. قال:
وما رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت فى منامى كأن أسدين قد أقبلا إلىّ وأرادا أن يفترسانى، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عنى، ودفعا إلى كتابا. وقالا لى: هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل فى محبسه. فما الذى رأيت يا ابن حنبل؟ فأقبل أحمد على المعتصم، فقال له: يا أمير المؤمنين فالكتاب معك؟ قال: نعم، وقرأته لما أصبحت وفهمت ما فيه. فقال له أحمد: يا أمير المؤمنين، رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الله قد جمع الأولين والآخرين فى صعيد واحد. وهو يحاسبهم. فبينما أنا قائم إذ نودى بى. فقدمت حتى وقفت بين يدى الله عز وجل. فقال لى: يا أحمد، فيم
ضربت؟ فقلت: من جهة القرآن. فقال لى: وما القرآن؟ فقلت: كلامك اللهم لك. فقال لى: من أين قلت هذا؟ فقلت: يا رب حدثنى عبد الرزاق.(1/165)
وما رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت فى منامى كأن أسدين قد أقبلا إلىّ وأرادا أن يفترسانى، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عنى، ودفعا إلى كتابا. وقالا لى: هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل فى محبسه. فما الذى رأيت يا ابن حنبل؟ فأقبل أحمد على المعتصم، فقال له: يا أمير المؤمنين فالكتاب معك؟ قال: نعم، وقرأته لما أصبحت وفهمت ما فيه. فقال له أحمد: يا أمير المؤمنين، رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الله قد جمع الأولين والآخرين فى صعيد واحد. وهو يحاسبهم. فبينما أنا قائم إذ نودى بى. فقدمت حتى وقفت بين يدى الله عز وجل. فقال لى: يا أحمد، فيم
ضربت؟ فقلت: من جهة القرآن. فقال لى: وما القرآن؟ فقلت: كلامك اللهم لك. فقال لى: من أين قلت هذا؟ فقلت: يا رب حدثنى عبد الرزاق.
فنودى بعبد الرزاق، فجىء به حتى أقيم بين يدى الله عز وجل. فقال له: ما تقول فى القرآن، يا عبد الرزاق؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل: من أين قلت هذا؟ فقال: حدثنى معمر. فنودى بمعمر، فجىء به حتى أوقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: ما تقول فى القرآن يا معمر؟ فقال معمر: كلامك اللهم لك. فقال له: من أين قلت هذا؟ فقال معمر: حدثنى الزهرى، فنودى بالزهرى فجىء به، حتى أوقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله عز وجل له:
يا زهرى، ما تقول فى القرآن؟ فقال الزهرى: كلامك اللهم لك. فقال: يا زهرى من أين لك هذا؟ قال: حدثنى عروة. فجىء به. فقال: ما تقول فى القرآن؟
فقال: كلامك اللهم لك. فقال له: يا عروة: من أين لك هذا؟ فقال: حدثتنى عائشة بنت أبى بكر الصديق. فنوديت عائشة، فجيىء بها، فوقفت بين يدى الله عز وجل، فقال الله عز وجل لها: يا عائشة: ما تقولين فى القرآن؟ فقالت: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل لها: من أين لك هذا؟ قالت: حدثنى نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فنودى بمحمد صلى الله عليه وسلم، فجىء به، فوقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: يا محمد، ما تقول فى القرآن؟ فقال له:
كلامك اللهم لك. فقال الله له: من أين لك هذا؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم:
حدثنى به جبريل. فنودى بجبريل، فجىء به، حتى وقف بين يدى الله عز وجل فقال له: يا جبريل، ما تقول فى القرآن؟ قال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال: هكذا حدثنا إسرافيل. فنودى بإسرافيل، فجىء به، حتى وقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله سبحانه: يا إسرافيل: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله له: ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل: رأيت ذلك فى اللوح الحفوظ، فجىء باللوح، فوقف بين يدى الله عز وجل. فقال له: أيها اللوح، ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك.
فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال اللوح: كذا جرى القلم علىّ. فأتى بالقلم حتى وقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: يا قلم، ما تقول فى القرآن؟(1/166)
حدثنى به جبريل. فنودى بجبريل، فجىء به، حتى وقف بين يدى الله عز وجل فقال له: يا جبريل، ما تقول فى القرآن؟ قال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال: هكذا حدثنا إسرافيل. فنودى بإسرافيل، فجىء به، حتى وقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله سبحانه: يا إسرافيل: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله له: ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل: رأيت ذلك فى اللوح الحفوظ، فجىء باللوح، فوقف بين يدى الله عز وجل. فقال له: أيها اللوح، ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك.
فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال اللوح: كذا جرى القلم علىّ. فأتى بالقلم حتى وقف بين يدى الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: يا قلم، ما تقول فى القرآن؟
فقال القلم: كلامك اللهم لك. فقال الله: من أين لك هذا؟ فقال القلم: أنت نطقت وأنا جريت. فقال الله عز وجل: صدق القلم، صدق اللوح، صدق إسرافيل صدق جبريل صدق محمد، صدقت عائشة، صدق عروة، صدق الزهرى، صدق معمر، صدق عبد الرزاق، صدق أحمد بن حنبل: القرآن كلامى غير مخلوق.
قال سليمان السجزى: فوثب عند ذلك المعتصم. فقال: صدقت يا ابن حنبل وتاب المعتصم. وأمر بضرب رقبة بشر المريسى وابن أبى دؤاد، وأكرم أحمد بن حنبل. وخلع عليه. فامتنع من ذلك، فأمر به فحمل إلى بيته.
220 - سليمان القصير.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما رواه أبو بكر الخلال قال: أخبرنى محمد بن عمرو بن مكرم الصفار قال حدثنى سليمان القصير قال: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، إيش تقول فى رجل ليس عنده شىء وله قرابة عندهم وليمة، ترى أن يقترض ويهدى لهم؟ قال: نعم
221 - سليمان بن سافرى الواسطى حضر مجلس إمامنا.
وحدث عنه بأشياء. روى الخطيب أحمد بن ثابت أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الأزرق حدثنا محمد بن الحسين النقاش المقرىء حدثنا مسيح بن حاتم حدثنا سليمان بن سافرى الواسطى قال: كنت فى مجلس أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، رأيت يزيد بن هارون فى النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال غفر لى ورحمنى، وغاتبنى. فقلت: غفر لك ورحمك وعاتبك؟ قال: نعم. قال لى:
يا يزيد بن هارون، كتبت عن حريز بن عثمان؟ قال: قلت: يا رب، ما علمت إلا خيرا. قال: إنه كان يبغض أبا الحسن على بن أبى طالب رضى الله عنه.
وبإسناده: قال أحمد بن سنان. سمعت يزيد بن هارون يقول: رأيت رب العزة تعالى فى النوم، فقال لى: يا يزيد، تكتب عن حريز بن عثمان؟ فقلت:
يا رب، ما علمت عنه إلا خيرا. فقال: يا يزيد، لا تكتب عنه. فإنه يسب عليّا رضى الله عنه.(1/167)
وبإسناده: قال أحمد بن سنان. سمعت يزيد بن هارون يقول: رأيت رب العزة تعالى فى النوم، فقال لى: يا يزيد، تكتب عن حريز بن عثمان؟ فقلت:
يا رب، ما علمت عنه إلا خيرا. فقال: يا يزيد، لا تكتب عنه. فإنه يسب عليّا رضى الله عنه.
222 - سعيد بن أبي سعيد، أبو نصر الأرطائى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا سعيد بن أبى سعيد أبو نصر الأرطائى قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الصلاة خلف المبتدعة؟ فقال:
أما الجهمية: فلا. وأما الرافضة الذين يردون الحديث: فلا
223 - سعيد بن محمد الرفا.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما قرأته بخط أبى إسحاق بن شاقلّا حدثنا محمد بن إسحاق المقرىء حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم حدثنا سعيد بن محمد الرفا قال: سألت أبا عبد الله عن أمر مكة؟ فقال: دخلت صلحا. فقلت: وأى شىء فى ذلك؟ فقال: حديث الزهرى
فاختار ابن شاقلّا هذه الرواية
قلت أنا: والرواية الصحيحة عن أحمد: أنها فتحت عنوة
224 - سعيد بن يعقوب.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: كتب إلىّ أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم: من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أما بعد. فإن الدنيا داء، والسلطان داء، والعالم طبيب، فإذا رأيت الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاحذره. والسلام عليك.
225 - سلمة بن شبيب النيسابوري.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: رفيع القدر حدث عنه شيوخنا الأجلة. وكان عنده عن عبد الرزاق والشيوخ الكبار.
وكان سلمة قريبا من مهنا، وإسحاق بن منصور
قلت أنا: ومن جملة ما نقل عن إمامنا: ما أنبأنا على عن ابن بطة قال: سمعت أبا بكر بن أيوب قال: سمعت إبراهيم الحربى يقول وسئل عن فسخ الحج إلى العمرة فقال سلمة بن شبيب لأحمد: كل شىء منك حسن غير خلة واحدة.
قال: وما هى؟ قال: تقول بفسخ الحج إلى العمرة. قال أحمد: كنت أرى لك عقلا. عندى ثمانية عشر حديثا صحاحا، أتركها لقولك؟(1/168)
قلت أنا: ومن جملة ما نقل عن إمامنا: ما أنبأنا على عن ابن بطة قال: سمعت أبا بكر بن أيوب قال: سمعت إبراهيم الحربى يقول وسئل عن فسخ الحج إلى العمرة فقال سلمة بن شبيب لأحمد: كل شىء منك حسن غير خلة واحدة.
قال: وما هى؟ قال: تقول بفسخ الحج إلى العمرة. قال أحمد: كنت أرى لك عقلا. عندى ثمانية عشر حديثا صحاحا، أتركها لقولك؟
وقال سلمة بن شبيب: سألت أحمد قلت: يا أبا عبد الله، نكتب عن هؤلاء الذين يأخذون الدراهم ويحدثون؟ قال: لا تكتب عنهم ولا كرامة
أنبأنا المبارك عن أبى إسحاق البرمكى حدثنا محمد بن إسماعيل الوراق حدثنا على بن محمد قال حدثنى أحمد بن محمد بن مهران حدثنا أحمد بن عصمة النيسابورى حدثنا سلمة بن شبيب قال: عزمت على النقلة إلى مكة، فبعت دارى فلما فرّغتها وسلمتها وقفت على بابها، فقلت: يا أهل الدار، جاورناكم فأحسنتم جوارنا. جزاكم الله خيرا، وقد بعنا الدار، ونحن على النقلة إلى مكة. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قال: فأجابنى من الدار مجيب، فقال: وأنتم فجزاكم الله خيرا، ما رأينا منكم إلّا خيرا. ونحن على النقلة أيضا. فإن الذى اشترى منكم الدار رافضى يشتم أبا بكر وعمر والصحابة رضى الله عنهم
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنى محمد بن بشر حدثنى سلمة بن شبيب حدثنى أحمد الحفار، قال: دخلت المقابر يوم الجمعة، فما انتهيت إلى قبر إلا وسمعت فيه قراءة القرآن
أنبأنا رزق الله عن أبى الفتح بن أبى الفوارس حدثنا محمد بن العباس حدثنا محمد بن حفص حدثنا محمد بن أحمد بن أبى عتاب حدثنا سلمة بن شبيب قال:
كنا عند أحمد بن حنبل، فجاءه رجل، فدق الباب، وكنا قد دخلنا عليه خفيا، فظننا أنه قد غمز بنا. فدق ثانية وثالثة، فقال أحمد: ادخل. قال: فدخل فسلم، وقال: أيكم أحمد؟ فأشار بعضنا إليه. قال: جئت من البحر من مسيرة أربعمائة فرسخ، أتانى آت فى منامى، فقال: ائت أحمد بن حنبل وسل عنه، فإنك تدلّ عليه. وقل له: إن الله عنك راض، وملائكة سمواته عنك رضوان.
وملائكة أرضه عنك رضوان. قال: ثم خرج. فما سأله عن حديث ولا مسألة.(1/169)
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا أحمد بن إبراهيم الأهوازى قال:
سألت سلمة بن شبيب بمكة عن القرآن؟ فقال: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العلى العظيم ثلاثا.
قلت: حدث عن سلمة بن شبيب جماعة، منهم مسلم فى الصحيح.
226 - سليمان بن عبد الله أبو مقاتل.
حدث عن إمامنا بأشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ههنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يظهر الكذابين: يعنى يحيى بن معين.
227 - سفيان بن وكيع بن الجراح.
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت سفيان بن وكيع يقول: أحفظ عن أبى عبد الله مسألة منذ نحو من أربعين سنة: سئل عن الطلاق قبل النكاح؟ فقال: يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن على، وعن ابن عباس، وعلى بن حسين، وسعيد بن المسيب، ونيف وعشرين من التابعين. لم يروا به بأسا. فسألت أبى عن ذلك، وأخبرته بقول سفيان. فقال: صدق.
كذا قلت.
228 - سعدان بن يزيد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سئل أحمد عن شراء السّماد وبيعه؟ فقال: سبحان الله! نأمر بهذا ونأذن فيه؟ كالمستعظم له.
وقال سعدان: حدثنى أحمد بن حنبل قال: دخل الثورى والأوزاعى على مالك. فلما خرجا من عنده قال مالك: أحدهما أوسع حديثا وأخير للإمامة.
229 - سندى، أبو بكر الخواتيمي البغدادى.
قال أبو بكر الخلال: هو من
جوار أبى الحارث مع أبى عبد الله. فكان داخلا مع أبى عبد الله ومع أولاده فى حياة أبى عبد الله. سمع من أبى عبد الله مسائل صالحة.(1/170)
قال أبو بكر الخلال: هو من
جوار أبى الحارث مع أبى عبد الله. فكان داخلا مع أبى عبد الله ومع أولاده فى حياة أبى عبد الله. سمع من أبى عبد الله مسائل صالحة.
قلت أنا: منها قال: سئل أبو عبد الله عن حلق العانة، وتقليم الأظفار: كم يترك؟ قال: أربعين، للحديث الذى يروى فيه. وقد بلغنى عن الأوزاعى أنه قال:
للمرأة خمسة عشر، وللرجل عشرون. وأما الشارب: ففى كل جمعة، لأنك إذا تركته بعد الجمعة يصير وحشا
وقال سندى أيضا: سأل رجل أبا عبد الله قال: إن أبى يأمرنى أن أطلق امرأتى، قال: لا تطلقها. قال: أليس عمر أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته؟
قال: حتى يكون أبوك مثل عمر رضى الله تعالى عنه.
وقال سندى: رأيت أبا عبد الله قام له رجل من موضعه، فأبى أن يقعد فيه. وقال للرجل: ارجع إلى موضعك. فرجع الرجل إلى موضعه، وقعد أبو عبد الله بين يديه
باب الشين
230 - شجاع بن مخلد، أبو الفضل البغوى.
سكن بغداد. وحدث بها عن هشيم، وإسماعيل بن علية، وسفيان بن عينية، ووكيع، وأبى عاصم النبيل، وغيرهم. روى عنه محمد بن عبيد الله بن المنادى، وإبراهيم الحربى، وغيرهما. وسئل يحيى بن معين عنه؟ فقال: أعرفه. ليس به بأس، نعم الشيخ، أو نعم الرجل. ثقة.
وقال إبراهيم الحربى: حدثنى شجاع بن مخلد ولم نكتب عن أحد أخير منه قال: لقينى بشر بن الحارث، وأنا أريد مجلس منصور بن عمار، فقال لى:
وأنت أيضا يا شجاع؟ وأنت أيضا يا شجاع؟ ارجع، ارجع. فرجعت
وسمع من إمامنا أشياء، منها قال: قال لى أحمد: إنما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل(1/171)
وقال المروذى: سمعت شجاع بن مخلد يقول: قال لى أبو الوليد: ما بالمصرين رجل أحب إلى من أحمد بن حنبل
وقال محمد بن عبد الله الحضرمى: سنة خمس وثلاثين ومائتين. فيها مات شجاع بن مخلد. وقال الحسن بن فهم: شجاع بن مخلد من أبناء أهل خراسان من الصين (1). وهو ثقة ثبت. وتوفى ببغداد لعشر خلون من صفر سنة خمس وثلاثين ومائتين. وحضره بشر بن كثير. ودفن فى مقبرة باب التبن ومولده سنة خمسين ومائة. هكذا ذكره موسى بن هرون عن أبيه
231 - شاهين بن السميذع، أبو سلمة العبدى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما قرأته بخط أبى حفص البرمكى قال: قرأت على أبى مردك:
حدثك على بن سعيد الخفاف حدثنا شاهين بن السميذع قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: الواقفة شر من الجهمية. ومن قال: لفظى بالقرآن مخلوق فهو كافر. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: إسحاق بن إسرائيل واقفى مشئوم.
قال: وسألت أبا عبد الله عمن يقول: أنا أقف فى القرآن تورعا. قال: ذاك شاك فى الدين. إجماع العلماء والأئمة المتقدمين: على أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
هذا الدين الذى أدركت عليه الشيوخ، وأدرك من كان قبلهم على هذا.
قال: وسألت أبا عبد الله قلت: أصلى خلف الجهمى؟ قال: لا تصلى خلف الجهمى، ولا خلف الرافضى
وأنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى قال: أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا شاهين بن السميذع قال:
سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: الحسين الكرابيسى عندنا كافر
__________
(1) كذا فى الاصل بدون نقط. وفى تاريخ بغداد للخطيب «النفس» وبهامشه: فى أصل الكوبريلى «الصين» وفى الصميصاطى «النفس» وليست هذه الجملة فى التهذيب فى ترجمة شجاع.(1/172)
وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: من قال: لفظى بالقرآن مخلوق فهو كافر
وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. ومن شك فى كفره فهو كافر
وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: الإيمان قول وعمل، قول باللسان وعمل بالأركان.
وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: من قدم عليّا على أبى بكر فقد أزرى على المهاجرين الأولين
وقال: سألت أبا عبد الله عمن يبطل الرؤية، ويقول: إن الله تبارك وتعالى لا يرى فى القيامة؟ فقال: هذا من الجهمية. من زعم أن الله لا يرى فى القيامة فقد أبطل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
باب الصاد
232 - صالح بن إمامنا أحمد
، أبو الفضل، أكبر أولاده
سمع أباه أحمد، وعلى بن الوليد الطيالسى، وإبراهيم بن الفضل الزارع. روى عنه ابنه زهير، وأبو القاسم البغوى، ومحمد بن جعفر الخرائطى، ويحيى بن صاعد، وعبد الرحمن بن أبى حاتم وسئل عنه؟ فقال: كتبت عنه بأصبهان: وهو صدوق ثقة وأبو الحسين بن المنادى، وأبو الحسين بن بشار، وأبو بكر الخلال.
وقال: سمع من أبيه مسائل كثيرة. وكان الناس يكتبون إليه من خراسان ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل. فوقعت إليه مسائل جياد. وكان أبو عبد الله يحبه ويكرمه. وكان معيلا، بلى بالعيال على حداثته. وكان أبو عبد الله يدعو له. وكان سخيا، يطول ذكر سخائه أن يرسم فى كتاب
وأخبرنى الحسن بن على الفقيه بالمصّيصة قال: كان صالح قد اقتصد، فدعا إخوانه، وأنفق فى ذلك اليوم نحوا من عشرين دينارا فى طيب وغيره(1/173)
وأخبرنى محمد بن العباس قال: حدثنى محمد بن على قال: سمعت صالح بن أحمد يقول: قال أبى: أنا أدعوك، وأبعث خلفك إذا جاءنا رجل متقشف لتنظر إليه. رجاء أن يرسخ فى قلبك إذا نظرت إلى مثله. قال: فلما صار صالح إلى أصبهان، وكنت معه أخرجنى هو، سمعته لما دخل أصبهان بدأ بمسجدها الجامع، فدخله، وصلى ركعتين، واجتمع الناس والشيوخ عليه، وجلس وقرئ عليه عهده الذى كتب له الخليفة: جعل يبكى بكاء حتى غلبه. فبكى الشيوخ الذين قربوا منه. فلما فرغ من قراءة العهد جعل المشايخ يدعون له، ويقولون: ما فى بلدنا أحد إلا وهو يحب أبا عبد الله ويميل إليك. فقال لهم: تدرون ما الذى أبكانى؟
ذكرت أبى رحمه الله: أن يرانى فى مثل هذا الحال. قال: وكان عليه السواد.
قال: كان أبى يبعث خلفى إذا جاءه رجل زاهد متقشف لأنظر إليه، يحب أن أكون مثلهم، أو يرانى مثلهم. ولكن الله يعلم ما دخلت فى هذا الأمر إلا لدين غلبنى، وكثرة عيال. أحمد الله تعالى.
وقال لى صالح غير مرة إذا انصرف من مجلس الحكم يترك سواده ويقول لى: ترانى أموت وأنا على هذا؟
وأخبرنى محمد بن على حدثنا صالح قال أبى: لا يشهد رجل عند قاض جهمى. وفى لفظ آخر: سئل أبى عن رجل يكون قد شهد شهادة، فدعوه إلى القاضى يذهب إليه، والقاضى جهمى؟ قال: لا يذهب إليه. قال: قلت: فإن استعدى عليه، فذهب به فامتحن؟ قال: لا يجيب، ولا كرامة. يأخذ كفا من تراب يضرب به وجهه
وذكره أبو حفص البرمكى فى المجموع فقال: روى صالح عن أبيه أنه قال:
عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.
وأنبأنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه بن علم قال: قال لى صالح بن أحمد: عزم أبى على الخروج إلى مكة ليقضى حجة الإسلام، ورافق يحيى بن معين، فقال: نمضى إن شاء الله، فنقضى حجتنا، ونمضى إلى عبد الرزاق إلى صنعاء نسمع منه. وكان يحيى بن معين يعرف عبد الرزاق. وقد سمع منه، فوردنا مكة وطفنا طواف الورود. فإذا عبد الرزاق فى الطواف يطوف، فطاف، وخرج إلى المقام، فصلى ركعتين، وجلس فتممنا طوافنا أنا وأحمد، وجئنا وعبد الرزاق جالس عند المقام، فقلت لأحمد: هذا عبد الرزاق، قد أراحك الله من مسيرة شهر ذاهبا وجائيا ومن النفقة. فقال: ما كان الله يرانى وقد نويت له نية أفسدها ولا أتمها(1/174)
وأنبأنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه بن علم قال: قال لى صالح بن أحمد: عزم أبى على الخروج إلى مكة ليقضى حجة الإسلام، ورافق يحيى بن معين، فقال: نمضى إن شاء الله، فنقضى حجتنا، ونمضى إلى عبد الرزاق إلى صنعاء نسمع منه. وكان يحيى بن معين يعرف عبد الرزاق. وقد سمع منه، فوردنا مكة وطفنا طواف الورود. فإذا عبد الرزاق فى الطواف يطوف، فطاف، وخرج إلى المقام، فصلى ركعتين، وجلس فتممنا طوافنا أنا وأحمد، وجئنا وعبد الرزاق جالس عند المقام، فقلت لأحمد: هذا عبد الرزاق، قد أراحك الله من مسيرة شهر ذاهبا وجائيا ومن النفقة. فقال: ما كان الله يرانى وقد نويت له نية أفسدها ولا أتمها
وأنبأنا أبو الحسين الخطيب عن عمر بن شاهين حدثنا محمد بن عبد الله بن عمرويه قال: قال صالح بن أحمد بن حنبل: قال لى أبى: يا بنى، اعلم أن إبليس موكل بالمسلمين، معه خرج فيه رقاع حوائج بنى آدم كلهم. فإذا وقفوا للصلاة أخرجها، فعرضها عليهم، ليخرج المصلى من حد الصلاة، فيشغل قلبه. واعلم أنه قد وكل بى. فإذا وقفت للصلاة وقف بحذائى. فإذا صليت ركعتين قال لى:
يا أحمد قد صليت ثلاثة، فأقول له بيدى: لا، بلا كلام. فلا يزال يقول كذلك حتى أقضى الصلاة
قلت أنا: وكان صالح قد ولى القضاء بطرسوس قبل ولاية القضاء بأصبهان
حدثنا الوالد السعيد إملاء من لفظه وأصله بجامع المنصور عن أبى الفتح القواس أن أبا عبد الله بن علم حدثهم قال: قال لى صالح: حضرت أبى الوفاة فجلست عنده، وبيدى الخرقة لأشد بها لحيته. فجعل يعرق ثم يضيق ويفتح عينيه، ويقول بيده هكذا: لا بعد، لا بعد ثلاث مرات فقلت: يا أبت، إيش هذا الذى قد لهجت به فى هذا الوقت؟ قال: يا بنى، ما تدرى؟ قلت: لا.
قال: إبليس لعنه الله قائم بحذائى عاضّا على أنامله، يقول: يا أحمد فتّنى: فأقول:
لا، حتى أموت(1/175)
ومات صالح بأصبهان. ودفن إلى قرب قبر حممة بن أبى حممة الدوسى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان سنة ست وستين ومائتين. وله ثلاث وستون سنة. وله أولاد. منهم زهير، وأحمد.
وكان مولد صالح سنة ثلاث ومائتين.
قال أبو نعيم: مات صالح سنة خمس. والتاريخ الأول أصح.
ذكر أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن خاقان فى الجزء الثامن من كتاب مذاهب أهل العلم فى أخذهم بالسماع فقال: حدثنى عبد الله بن أحمد حدثنى أخى صالح حدثنا على بن عبد الله قال: سمعت يحيى يعنى ابن سعيد يقول: قال لى سفيان بن حبيب: إن ابن جريح يصحح هذا الحديث عن الزهرى «إن ناسا من يهود غزوا مع النبى صلى الله عليه وسلم» قال يحيى: فقلت لابن جريج:
سمعت هذا من ابن شهاب؟ قال: أو قرأته،
233 - صالح بن أحمد الحلبى.
ذكره أبو بكر الخلال فى «أخلاق أحمد» فقال: أخبرنا صالح بن أحمد الحلبى قال: سمعت أحمد بن حنبل يجهر بآمين فى الصلاة، يمد بها صوته خلف الإمام.
234 - صالح بن إسماعيل.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: عنده عن أحمد مسائل صالحة. وكذلك ذكره ابن ثابت.
235 - صالح بن زياد السوسى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن الإمام يخاف أن يمتحن على الإمامة؟
قال: يتركها. قلت: فالمؤذن يخاف أن يمتحن على الأذان؟ قال: يتركه. قلت:
فالمقرىء يخاف أن يمتحن على القراءة؟ قال: لا يتركها. ليس كل الناس يحفظ القرآن.
وقال فتح بن شخرف: سمعت صالح بن زياد السوسى يقول: سألت أحمد
بن حنبل عن الرجل يكون له الزرع القائم، وليس له عدة يحصده: أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم، يأخذ(1/176)
وقال فتح بن شخرف: سمعت صالح بن زياد السوسى يقول: سألت أحمد
بن حنبل عن الرجل يكون له الزرع القائم، وليس له عدة يحصده: أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم، يأخذ
236 - صالح بن علي النوفلى من آل ميمون بن مهران.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال: سمعنا منه فى سنة سبعين بحلب. وسمعنا منه عن أبى عبد الله أيضا مسائل. وكان مقدما على أهل حلب
237 - صالح بن على الهاشمى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
238 - صالح بن على الحلبى
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سئل: أى التسليمتين أرفع؟ قال: الأولى. وهو اختبار الخلال وأبى حفص العكبرى
239 - صالح بن عمران بن حرب، أبو شعيب الدّعّاء وقيل: صالح بن عمران بن عبد الله بخارى الأصل.
سمع إمامنا أحمد، وسعيد بن داود الزبيرى، وأبا نعيم الفضل بن دكين فى آخرين. روى عنه القاضى أحمد بن كامل، والخطبى، وابن صاعد فى آخرين. ومات فى يوم السبت لتسع بقين من ذى القعدة سنة خمس وثمانين ومائتين
240 - صالح بن موسى بن حيدرة.
أبو الوجيه. ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين ابن أخى ميمى أخبرنا على ابن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا أبو الوجيه صالح بن موسى ابن حيدرة حدثنا أبو عبد الله أحمد حنبل قال: حدثنا عفان بن مسلم حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت شعبة، وسفيان بن سعيد، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن رجل لا يحفظ: أو يتهم فى الحديث؟ فقالوا جميعا: بيّن أمره(1/177)
قال: أبو الوجيه: وسمعت أبا عبد الله يقول: ومن يفلت من التصحيف؟
لا يفلت أحد منه
241 - صدقة بن موسى بن تميم بن ربيعة بن ضمرة، مولى على بن أبى طالب.
روى عن إمامنا أشياء
منها: حدثنا أحمد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله فرض عليكم حب أبى بكر وعمر وعثمان وعلى، كما فرض عليكم الصلاة والصيام والحج والزكاة. فمن أبغض واحدا منهم فلا صلاة له ولا حج ولا زكاة، ويحشر يوم القيامة من قبره إلى النار»
242 - صفدى بن الموفق، أبو ميمون السراج.
ذكره أبو بكر الخلال وأبو أحمد المؤرخ فيمن روى عن أحمد
من ذلك قال: حدثنا أحمد حدثنا عبد الرزاق قال: قدم علينا سفيان الثورى صنعاء، وطبخت له قدر سكباج، فأكل، ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل، ثم قال: يا عبد الرزاق، اعلف الحمار وكدّه، ثم قام يصلى حتى الصباح
وأنبأنا أبو الحسين الخطيب عن أبى الحسين بن أخى ميمى أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا أبو ميمون صفدى بن الموفق السراج حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رضى الله عز وجل فى رضى الوالد، وسخط الله فى سخط الوالد»
وبه: حدثنا صفدى حدثنا بشر بن الحارث حدثنا عبد الله بن داود حدثنا سويد مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث قال: سمعت عليا على المنبر يقول «خير هذه الأمة، بعد نبيها صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وعمر، وعثمان رضى الله عنهم»(1/178)
باب الطاء
243 - طيب بن اسماعيل، أبو حمدون المقرىء.
سأل إمامنا عن أشياء
منها قال: قلت له: ما تكره من قراءة حمزة؟ قال: الكسر والإدغام.
فقلت له «بسم الله الرحمن الرحيم» أين الألف واللام؟ فقال: إن كان هكذا فلا بأس
244 - طاهر بن محمد بن نزار، أبو الطيب.
أحد الأصحاب. قال: حدثنا أحمد بن حنبل فى السجن، والقيد فى رجله قال: حدثنى بعض أصحابنا عن الأشجعى عن سفيان فى قوله تعالى (43: 3 {إِنََّا جَعَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}) قال: وصفناه
245 - طالب بن حمرّة الأذنى
قال أبو بكر الخلال: أخبرنا طالب بن حرّة الأذنى قال: حضرت أحمد بن حنبل، فقال: علامة المريد: قطيعة كل خليط لا يريد ما تريد
246 - طلحة بن عبيد الله البغدادى الأصل، من ساكنى مصر.
حدث عن إمامنا قال: وافق ركوبى ركوب أحمد فى السفينة. فكان يطيل السكوت.
فإذا تكلم قال: اللهم أمتنا على الإسلام والسنة.
247 - طاهر بن محمد بن الحسين التميمى الحلبى.
قال أبو بكر الخلال:
جليل عظيم القدر. سمعت أبا بكر بن صدقة يذكره بذكر جميل، ويرفع قدره.
وسمع منه أصحابنا الذين سمعنا منهم. وكلهم يذكره بالحفظ والجلالة. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة فيها غرائب. حدثنا عنه محمد بن القاسم الأذنى.
منها: قال أحمد فى اللقطة: إن كانت ذهبا أو فضة عرّفها سنة، وهى له، وان كانت غير ذلك عرفها أبدا. واختاره عبد العزيز.
ومنها: سألت أحمد عن الماء الذى يسقى فى السبيل: هل يجوز للأغنياء الشّرب منه؟ قال: لا بأس.(1/179)
باب الظاء
248 - ظليم بن حطيط
قال أبو بكر التمار: ذكر لى أبو صالح السوسى:
أنه كان ببخارى. يروى عن أبى عبد الله كتاب الإيمان.
باب العين
ذكر من اسمه عبد الله
249 - عبد الله بن إمامنا أحمد، أبو عبد الرحمن
حدث عن أبيه، وعن عبد الأعلى بن حماد، وكامل بن طلحة، ويحيى بن معين، وأبى بكر وعثمان ابنى أبى شبيبة، وشيبان بن فروخ، وعباس بن الوليد النرسى، وأبى خيثمة زهير بن حرب، وسويد بن سعيد، وأبى الربيع الزهرانى وعلى بن حكيم الأودى، ومحمد بن جعفر الوركانى، ويحيى بن عبد ربه، وزكريا بن يحيى بن حمّويه، وعبد الله بن عمر بن أبان الجعفى، ومحمد بن أبى بكر، وسفيان بن وكيع بن الجراح، وسلمة بن شبيب، وداود بن عمرو الضبى، فى خلق كثير من أمثال هؤلاء. روى عنه أبو القاسم الباغوى، وعبد الله بن إسحاق المدائنى، ومحمد بن خلف وكيع، ويحيى بن صاعد، وعبد الله النيسابورى، والقاضيان المحاملى وأحمد بن كامل، والخطبى، والكاذى، وأبو على بن الصواف، وأبو بكر النجاد، وأبو الحسين بن المنادى، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر الخلال، وغيرهم. وكان ثبتا فهما ثقة
ولد فى جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ومائتين.
أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا أبو القاسم الأزجى قراءة أخبرنا عبد العزيز بن جعفر إجازة أخبرنا أبو بكر الخلال أخبرنا محمد بن أحمد بن الريان، قال:
سمعت عبد الله بن أحمد يقول: كنت أعرض الحديث على أبى رضى الله عنه.
فأرى فى وجهه التغير، ويقول: كأنك تطلب ما لم أسمعه. فتركته.(1/180)
وبالأسناد: أخبرنا عبد العزيز بن جعفر إجازة حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن كوثر حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال لى الحسن بن محمد الزعفرانى: كل كتاب قرأت على الشافعى كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل حاضرا. فإذا قال الشافعى: حدثنى الثقة، يعنى أباك أحمد بن حنبل.
وذكره أبو حفص البرمكى فى المجموع قال: روى عبد الله عن أبيه، أنه قال فى زيارة الرجل القبر: يجىء ويسلم ويدعو.
وروى عبد الله عن أبيه أنه قال: قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «نسمة المؤمن إذا مات طير يعلق فى شجر الجنة، حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه».
وذكر الوالد السعيد فى المعتمد قال: روى عبد الله عن أبيه قال «أرواح الكفار فى النار، وأرواح المؤمنين فى الجنة. والأبدان فى الدنيا، يعذب الله من يشاء ويرحم من يشاء. ولا نقول: إنهما يفنيان، بل هما على علم الله باقيان»
قال الوالد السعيد: وظاهر هذا: أن الأرواح تعذب وتنعم على الانفراد.
وكذلك الأبدان إن كانت باقية، أو إلى الأجزاء التى استحالت. ولا يمتنع أن يخلق الله فى الأبدان إدراكا تحس به النعيم والعذاب، كما خلق فى الجبل لما تجلّى له رؤية، حتى رأى ربه، ثم دكّه بعد الرؤية، وجعله قطعا، علامة لموسى فى أنه لا يراه فى الدنيا.
قلت أنا: ولأنه لما لم يستحل نطق الذراع المشوية لم يستحل عذاب الجسد البالى، وإيصال الألم إليه بقدرة الله تعالى.
أنبأنا القاضى عبيد الله بن أبى أحمد قال أخبرنى بكران بن أحمد الخصيب قال سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل وهو يحدث أبا بكر عبد الله بن يوسف أخا القاضى أبى عمر بزبالة، وقد بتنا بها ليلة فى طريق مكة قال: سمعت أبى يقول:
لما قدمت صنعاء اليمن أنا ويحيى بن معين فى وقت صلاة العصر، فسألنا عن منزل
عبد الرازق؟ فقيل لنا: بقرية يقال لها: الرّمادة، فمضيت لشهوتى للقائه، وتخلف يحيى بن معين، وبينها وبين صنعاء قريب، حتى إذا سألت عن منزله قيل لى: هذا منزله. فلما ذهبت أدق الباب قال لى بقال تجاه داره: مه، لا تدق. فإن الشيخ مهوب، فجلست حتى إذا كان قبل صلاة المغرب خرج للصلاة. فوثبت إليه، وفى يدى أحاديث قد انتقيتها. فقلت له: سلام عليكم، تحدثنى بهذه رحمك الله؟ فإننى رجل غريب. فقال لى: ومن أنت؟ فقلت: أنا أحمد بن حنبل. فتقاصر ورجع. وضمنى إليه، وقال: بالله، أنت أبو عبد الله؟ ثم أخذ الأحاديث، فلم يزل يقرؤها حتى أشكل عليه الظلام. فقال للبقال: هلم بالمصباح، حتى خرج وقت صلاة المغرب. وكان يؤخرها.(1/181)
لما قدمت صنعاء اليمن أنا ويحيى بن معين فى وقت صلاة العصر، فسألنا عن منزل
عبد الرازق؟ فقيل لنا: بقرية يقال لها: الرّمادة، فمضيت لشهوتى للقائه، وتخلف يحيى بن معين، وبينها وبين صنعاء قريب، حتى إذا سألت عن منزله قيل لى: هذا منزله. فلما ذهبت أدق الباب قال لى بقال تجاه داره: مه، لا تدق. فإن الشيخ مهوب، فجلست حتى إذا كان قبل صلاة المغرب خرج للصلاة. فوثبت إليه، وفى يدى أحاديث قد انتقيتها. فقلت له: سلام عليكم، تحدثنى بهذه رحمك الله؟ فإننى رجل غريب. فقال لى: ومن أنت؟ فقلت: أنا أحمد بن حنبل. فتقاصر ورجع. وضمنى إليه، وقال: بالله، أنت أبو عبد الله؟ ثم أخذ الأحاديث، فلم يزل يقرؤها حتى أشكل عليه الظلام. فقال للبقال: هلم بالمصباح، حتى خرج وقت صلاة المغرب. وكان يؤخرها.
قال: عبد الله: فكان أبى إذا ذكر أنه نوّه باسمه عند عبد الرزاق بكى.
أنبأنا رزق الله عن أبى الفتح محمد بن أحمد الحافظ أن أبا الحسن محمد بن العباس أخبرهم: حدثنا أبو الحسين بن المنادى حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قيل لأبى: لم كتبت عن عبيد الله بن موسى، ثم تركت الرواية عنه، وكتبت عن عبد الرزاق، ورويت عنه، وهما على مذهب واحد؟ فقال: أما عبد الرازق: فما سمعنا منه مما قيل عنه شيئا، ولم يبلغنا أنه كان يدعو إلى مذهبه.
وأما عبيد الله: فانه كان يدعو إلى مذهبه ويجاهر به. فتركت الرواية عنه لذلك.
وأنبأنا الخطيب أبو الحسين عن أبى حفص بن شاهين حدثنا اسمعيل بن على حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبى عن الرافضى؟ قال: الذى يسب أبا بكر وعمر رضى الله عنهما.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يقرأ عليه كثيرا. وكان ربما غاب صالح، فأقول له: إن صالحا مشغول بعياله، فاقرأ عليه، فكان لا يفعل. قال: فلما كثر ذلك عليه، وعلم كثرة شغله وتخلفه عن السماع، كان أبى يقرأ علىّ إذا غاب صالح ويدعه.(1/182)
وكان عبد الله رجلا صالحا صادق اللهجة. كثير الحياء.
سمعت أبا بكر المروذى يقول: لما حلف أبو عبد الله: أن لا يحدث، التفت إلى عبد الله ابنه فقال: وإن كان هذا يحب من الحديث ما يحب.
وسمعت حربا الكرمانى يقول: خرج أبو عبد الله ليقرأ علىّ قال: أحسبه قال: كتاب الأشربة قال: فجاء عبد الله ابنه، فقال: أليس وعدتنى أن تقرأ على؟ وهو إذ ذاك غلام قال: فجعل أبو عبد الله يصبره، قال: فبكى عبد الله. قال فقال لى أبو عبد الله: اصبر لى حتى أدخل أقرأ عليه، قال: فدخل أبو عبد الله فقرأ عليه وخرج. فلما قدمت من كرمان سألنى عبد الله عن حرب، وعما عنده من المسائل والأحكام والعلل؟ وجعل يسألنى عما جمعت من مسائل أبى عبد الله؟ فقال لى: أنت أحوج إلى ديوان يعنى لكثرتها.
فوقع لعبد الله عن أبيه مسائل جياد كثيرة، يغرب منها بأشياء كثيرة فى الأحكام. فأما العلل: فقد جود عنه، وجاء عنه بما لم يجىء به غيره.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبى: متى يجوز سماع الصبى فى الحديث؟ قال: إذا عقل وضبط.
وسمعت أبى، وسئل عن القراءة بالألحان؟ فقال: محدث.
وقرأت فى كتاب أبى الحسين بن المنادى وذكر عبد الله وصالح فقال:
كان صالح قليل الكتاب عن أبيه. فأما عبد الله: فلم يكن فى الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه. لأنه سمع المسند، وهو ثلاثون ألفا، والتفسير، وهو مائة ألف وعشرون ألفا. سمع منها ثمانين ألفا، والباقى، وجادة. وسمع الناسخ والمنسوخ والتاريخ، وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر فى كتاب الله، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخ.
وما زلنا نرى الأكابر من شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث. ويذكرون عن أسلافهم
الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف فى تقريظه إياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث عن أبيه. وكان فيما بلغنى: يكره ذلك وما أشبهه. فقال يوما فيما بلغنى كان أبى رحمه الله يعرف ألف ألف حديث، يرد بذلك على قول المسرفين الذين يفضلونه فى السماع على أبيه.(1/183)
وما زلنا نرى الأكابر من شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث. ويذكرون عن أسلافهم
الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف فى تقريظه إياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث عن أبيه. وكان فيما بلغنى: يكره ذلك وما أشبهه. فقال يوما فيما بلغنى كان أبى رحمه الله يعرف ألف ألف حديث، يرد بذلك على قول المسرفين الذين يفضلونه فى السماع على أبيه.
وقال عبد الله: كل شىء أقول «قال أبى» فقد سمته مرتين وثلاثا، وأقله مرة
أنبأنا محمد بن أبى الصقر حدثنا هبة الله الشيرازى حدثنا على بن طلحة أخبرنا سليمان الطبرانى حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا أبى قال: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة. وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فسّاق أهل السنة أولياء الله. وزهاد أهل البدعة أعداء الله.
مولد عبد الله بن أحمد فى جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ومائتين. وموته فى جمادى الآخرة سنة تسعين ومائتين. فيكون سنه سبعا وسبعين سنة.
أخبرنا أبو الحسن بن الطيورى إجازة، إن لم يكن سماعا أخبرنا أبو اسحق البرمكى حدثنى أبى حدثنا أبو محمد القاسم بن الحسن الباقلاوى بسر من رأى قال:
سمعت أبا بكر بن أبى حامد الفقيه، صاحب بيت المال، يقول: سمعت عبد الله ابن أحمد يقول: قلت لأبى رحمه الله: لم كرهت وضع الكتب، وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماما، إذا اختلف الناس فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعو إليه.
وبه: حدثنا القاسم بن الحسن قال: سمعت أبا الحسن بن عبيد الحافظ يقول. سمعت أبا عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل يقول: خرج أبى المسند من سبعمائة ألف حديث.
أخبرنا بركة أخبرنا ابراهيم عن عبد العزيز حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله قال: الاستطاعة لله، ما شاء الله كان من ذلك، وما لم يشاء لم يكن. ليس كما يقول هؤلاء المعتزله: الاستطاعة إليهم.(1/184)
وقال عبد الله: قال أبى: حديث أم الدرداء عن أبى الدرداء: أنه كان يقول: «لولا ما يدخل بيت ما لكم من هذا الغلول ما وسعته البيوت».
وقال عبد الله: قال أبى: حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، وسلست فيه الشياطين، وغلقت أبواب جهنم» قلت لأبى: قد نرى: المجنون يصرع فى رمضان؟ فقال: هكذا الحديث، ولا تكلم فى هذا. وروى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبى يضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ويقول:
روى هذا الحديث عن أبيه عن عطاء عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم «ثلاث لا يفطرن الصائم: القىء، والاحتلام، والحجامة» وقال العمرى: عن نافع عن ابن عمر «إذا ذرعه القىء فلا قضاء عليه. وإن استقاء فعليه القضاء» وقال أبى: من أصح حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «أفطر الحاجم والمحجوم» حديث شداد بن أوس وثوبان. لأن شيبان جمع الحديثين جميعا.
وقال عبد الله: قال أبى: عن عروة البارقى: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة» يريد الأجر والمغنم
وقال عبد الله بن أحمد: رأيت أبى عند موته ينظر، قلت: يا أبت، إلى أى شىء تنظر؟ قال: هذا ملك الموت قائم بحذائى يقول «إنى بكل سخى رفيق».
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن قوم يقولون: لما كلم الله موسى لم يتكلم بصوت. فقال أبى: تكلم الله تبارك وتعالى بصوت. وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت. وقال أبى: حديث ابن مسعود «إذا تكلم الله بالوحى سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان» قال أبى: والجهمية تنكره. قال أبى: وهؤلاء كفار
وقال عبد الله بن أحمد: حدثنى محمد بن بكار حدثنا أبو معشر عن أبى
الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال «مكث موسى أربعين ليلة، لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين»(1/185)
وقال عبد الله بن أحمد: حدثنى محمد بن بكار حدثنا أبو معشر عن أبى
الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال «مكث موسى أربعين ليلة، لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين»
أنبأنا يوسف المهروانى قال أخبرنا على بن بشران حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد قال: وأخبرنى السيارى قال: أخبرنى أبو العباس بن مسروق الصوفى قال أخبرنى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كنت بين يدى أبى جالسا ذات يوم، فجاءت طائفة من الكرخيين، فذكروا خلافة أبى بكر وخلافة عمر بن الخطاب، وخلافة عثمان بن عفان رضى الله عنهم. فأكثروا، وذكروا خلافة على بن أبى طالب رضى الله عنه، وزادوا، فطالوا فرفع أبى راسه إليهم، فقال:
يا هؤلاء، قد أكثرتم القول فى على والخلافة، على أن الخلافة لم تزين عليا، بل علىّ زينها. قال السيارى: فحدثت بهذا الحديث بعض الشيعة. فقال لى:
قد أخرجت نصف ما كان فى قلبى على أحمد بن حنبل من البغض.
وأنبأنا المبارك عن ابن العشارى عن أحمد بن الجندى قال: سمعت علوان بن الحسين أبا البشر يقول: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: سئل أبى: لم لا تصحب الناس؟ قال: لوحشة الفراق.
وقال عبد الله: كان فى دهليزنا دكان. وكان إذا جاء إنسان يريد أبى أن يخلو معه أجلسه على الدكان. وإذا لم يرد أن يخلو معه أخذ بعضادتى الباب وكلمه.
فلما كان ذات يوم جاءنا إنسان، فقال لى: قل لأحمد: أبو ابراهيم السائح. فخرج إليه أبى، فجلسا على الدكان. فقال لى أبى: سلم عليه. فانه من كبار المسلمين، أو من خيار المسلمين. فسلمت عليه، فقال له أبى: حدثنى يا أبا ابراهيم، فقال:
خرجت من الموضع الفلانى بقرب الدير الفلانى. فأصابتنى علة منعتنى من الحركة، فقلت فى نفسى: لو كنت بقرب الدير الفلانى؟ لعل فيه من الرهبان من يداوينى.
فإذا أنا بسبع عظيم يقصد نحوى، حتى جاءنى، فاحتملنى على ظهره حملا رفيقا حتى ألقانى عند باب الدير. فنظر الرهبان إلى حالى مع السبع فأسلموا كلهم. وهم
أربعمائة راهب. ثم قال أبو ابراهيم لأبى: حدثنى يا أبا عبد الله. فقال له: إنى كنت قبل الحج بخمس ليال أو أربع، فبينما أنا نائم إذ رأيت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال لى: يا أحمد، فانتبهت، ثم أخذنى النوم. فاذا أنا بالنبى صلى الله عليه وسلم، فقال:(1/186)
فإذا أنا بسبع عظيم يقصد نحوى، حتى جاءنى، فاحتملنى على ظهره حملا رفيقا حتى ألقانى عند باب الدير. فنظر الرهبان إلى حالى مع السبع فأسلموا كلهم. وهم
أربعمائة راهب. ثم قال أبو ابراهيم لأبى: حدثنى يا أبا عبد الله. فقال له: إنى كنت قبل الحج بخمس ليال أو أربع، فبينما أنا نائم إذ رأيت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال لى: يا أحمد، فانتبهت، ثم أخذنى النوم. فاذا أنا بالنبى صلى الله عليه وسلم، فقال:
يا أحمد حج. فانتبهت، وكان من شأنى: إذا أردت سفرا جعلت فى مزود لى فتيتا، ففعلت ذلك، فلما أصبحت قصدت نحو الكوفة، فلما انقضى بعض النهار إذا أنا بالكوفة، فدخلت مسجدها الجامع. فإذا أنا بشاب حسن الوجه طيب الريح. فقلت: سلام عليكم. ثم كبرت أصلى. فلما فرغت من صلاتى، قلت له:
رحمك الله، هل بقى أحد يخرج إلى الحج؟ فقال لى: انتظر حتى يجيىء أخ من إخواننا. فإذا أنا برجل فى مثل حالى، فلم نزل نسير، فقال له الذى معى: رحمك الله، إن رأيت أن ترفق بنا؟ فقال له الشاب: إن كان معنا أحمد بن حنبل فسوف يرفق بنا. فوقع فى نفسى أنه الخضر (1)، فقلت للذى معى: هل لك فى الطعام؟ فقال: كل مما تعرف. وآكل مما أعرف. فاذا أصبنا من الطعام غاب الشاب من بين أيدينا. ثم رجع بعد فراغنا. فلما كان بعد ثلاث إذا نحن بمكة
وقال عبد الله بن أحمد: قال أبى: قال عبيد الله: من السنة أن يكبر الإمام على المنبر فى العيدين: تسعا قبل الخطبة، وسبعا بعدها (2)
ونقلت من خط أبى على البردانى: حدثنى أحمد بن على الحافظ قال: أنبأنا أبو سعيد المالينى حدثنا إسماعيل بن عمر بن الحسن المقرىء بمكة قال: سمعت محمد بن صالح بن محمد الخولانى قال: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول:
__________
(1) قد حقق الحافظ ابن حجر وغيره من الأئمة: أن الخضر مات فى زمانه الذى كان فيه ككل الناس. ولم يأت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى شأنه إلا ما جاء فى القرآن ومعناه
(2) حقق شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله: أن خطبة العيدين تفتتح كغيرها من الخطب: بالحمد لله، وأن ذلك هو الثابت من السنة(1/187)
سمعت أبى يقول ليحيى بن معين: يا أبا زكريا، بلغنى أنك تقول: حدثنا إسماعيل بن علية؟ فقال يحيى: نعم، أقول هكذا. قال أحمد: فلا تقله. قل: إسماعيل بن ابراهيم، فإنه بلغنى أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه. قال يحيى لأبى: قد قبلنا منك يا معلم الخير.
ومات عبد الله بن أحمد فى يوم الأحد. ودفن فى آخر النهار لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة تسعين ومائتين. ودفن فى مقابر باب التبن. وصلى عليه زهير بن صالح بن أحمد. وكان الجمع كثيرا فوق المقدار. وكان يصبغ بالحمرة كثّ اللحية.
وكان يلى القضاء بطريق خراسان فى خلافة المكتفى. وكان سنه يوم مات: سبع وسبعون سنة. قيل له وقد أوصى أن يدفن بالقطيعة بباب التبن لم قلت ذاك؟
فقال: قد صح عندى أن بالقطيعة نبيا مدفونا. وأن أكون فى جوار نبى أحب إلىّ من أكون فى جوار أبى.
250 - عبد الله بن بشر الطالقانى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن سعيد: أثبت الناس.
قال أحمد: وما كتبت عن مثل يحيى بن سعيد، يعنى التاجر.
251 - عبد الله بن جعفر، المكنى بأبى بكر.
روى عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا هناد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ الغنجار ببخارى قال: سمعت أبا صالح خلف بن محمد يقول: سمعت أبا بكر عبد الله بن جعفر يعنى التاجر يقول: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الرجل يكتب الحديث فيكثر؟ قال: ينبغى أن يكثر العمل به على قدر زيادته فى الطلب. ثم قال: سبيل العلم مثل سبيل المال، إن المال إذا زاد: زادت زكاته.
252 - عبد الله بن شبويه.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.
253 - عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندى
ذكره ابن ثابت التمار فيمن روى عن أحمد رضى الله تعالى عنه(1/188)
254 - عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان القرشى الكوفى
، المعروف بمشكدانه نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أبا عبد الله عن القرآن؟ فقال: كلام الله عز وجل وليس بمخلوق.
ومات سنة تسع وثلاثين ومائتين. وبين وفاته ووفاة البغوى ثمان وسبعون سنة
255 - عبد الله بن حاضر الرازى، من قدماء مشايخ الرازيين.
وكان من الورعين، عارفا بآفات النفوس. وكان كثير المقام ببغداد. وكان من أقران ذى النون المصرى. روى عن إمام الدنيا أبى عبد الله أحمد بن حنبل الشيبانى رضى الله عنه، فيما ذكر أبو صالح المؤذن النيسابورى
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى أخبرنا أبو نصر عبد الله بن على الطوسى حدثنا محمد بن أحمد بن حسن الرازى حدثنا يوسف بن الحسين حدثنا عبد الله بن حاضر حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا روح عن سعيد عن قتادة عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»
256 - عبد الله بن العباس الطيالسى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد بن حنبل: ما يقول الرجل بين التكبيرتين فى العيد؟
قال يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. اللهم صلى على محمد النبى الأمى، وعلى آل محمد، واغفر لنا وارحمنا، وكذلك يروى عن ابن مسعود
257 - عبد الله بن محمد بن شاكر، أبو البحترى العنبرى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمنن روى عن أحمد. سمع يحيي بن آدم، ومحمد بن بشر العبدى، وغيرهما. روى عنه يحيى بن صاعد، وأبو عبد الله المحاملى، وأبو الحسين بن المنادى، واسماعيل الصفار
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سمعت منه مع أبى. وهو صدوق.(1/189)
وذكره الدارقطنى فقال: صدوق ثقة.
قلت: وكان أبو البحترى من أهل الكوفة، فاستوطن بغداد إلى حين وفاته.
وله شعر، من جملته:
يمنعنى من عيب غيرى الذى ... أعرفه عندى من العيب
عيبى لهم بالظن منى لهم ... ولست من عيبى فى ريب
إن كان غيبى غاب عنهم، فقد ... أحصى عيوبى عالم الغيب
فكيف شغلى بسوى مهجتى؟ ... أم كيف لا أنظر فى جيبى؟
لو أننى أقبل من واعظ ... إذن كفانى عظة الشيب
ومات سنة سبعين ومائتين فى يوم الجمعة قبل التروية. وكان كبير السن.
هكذا ذكره أبو الحسين بن المنادى. وقال: كتبنا عنه فى جانبنا بالرصافة.
258 - عبد الله بن محمد بن صالح بن شيخ بن عميرة، أبو بكر الأسدى ابن عم بشر بن موسى.
حدث عن إمامنا أحمد، وخالد بن خداش فى أخرين.
روى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد الأسدى.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: كتبت عنه، وقد كتب عنه أبى، وأبو زرعة.
ورويا عنه. وسئل أبى عنه؟ فقال: صدوق.
259 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور، أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع.
بغوى الأصل.
ولد ببغداد سنة ثلاثة عشرة ومائتين. وقيل: سنة أربع عشرة.
سمع على بن الجعد، وخلف بن هشام، ومحمد بن عبد الله الحارثى، وأبا الأحوص محمد بن حبان البغوى، وعبيد الله بن محمد التميمى، وأبا نصر التمار، وداود بن عمرو، وإمامنا، وعلى بن المدينى، ويحيى بن معين فى آخرين. حدث عنه يحيى بن صاعد، وعلى بن إسحاق المادارئى، وعبد الباقى بن قانع، وابن مالك،
وأبو عمر بن حيويه، والدارقطنى، وأبو حفص بن شاهين، والكتانى، وابن أخي ميمى، وغيرهم.(1/190)
سمع على بن الجعد، وخلف بن هشام، ومحمد بن عبد الله الحارثى، وأبا الأحوص محمد بن حبان البغوى، وعبيد الله بن محمد التميمى، وأبا نصر التمار، وداود بن عمرو، وإمامنا، وعلى بن المدينى، ويحيى بن معين فى آخرين. حدث عنه يحيى بن صاعد، وعلى بن إسحاق المادارئى، وعبد الباقى بن قانع، وابن مالك،
وأبو عمر بن حيويه، والدارقطنى، وأبو حفص بن شاهين، والكتانى، وابن أخي ميمى، وغيرهم.
قيل لابن أبى حاتم: يدخل أبو القاسم البغوى فى الصحيح؟ قال: نعم.
وقال الدارقطنى: كان أبو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث. فاذا تكلم كان كلامه كالمسمار فى الساج.
وسأل أبو عبد الرحمن السلمى الدارقطنى عن البغوى؟ فقال: ثقة حليل، إمام من الأئمة ثبت، أقل المشايخ حظا
قلت أنا: صنف المعجمين: الكبير، والصغير. وحدث عن داوود بن رشيد الذى حدث عنه إمامنا. وروى عن إمامنا كتاب الأشربة، وجزءا من الحديث.
وكان يقدم ذلك الجزء على كل ما سمعه، تشرفا بأحمد. وذكره أبو بكر الخلال فقال: له مسائل صالحة. وفيها غرائب.
قلت أنا: سمعت جميع المسائل من ابن الطيورى عن أبى محمد الخلال عن ابن حيويه عن البغوى.
منها قال: سئل أحمد وأنا أسمع أصوم فى السفر؟ قال: لا.
وقال أبو الطيب: قال لى أبو القاسم البغوى: قال لى أحمد بن حنبل:
خرجت أشيع الحاج إلى أن صرت فى ظهر القادسية. فوقع فى نفسى شهوة الحج.
ففكرت، فقلت: بماذا أحج، وليس معى إلا خمسة دراهم أو قيمة ثيابى خمسة. شك الراوى فاذا أنا برجل قد عارضنى، وقال: يا أبا عبد الله، اسم كبير ونية ضعيفة، عارضك كذا وكذا. فقلت: كان ذاك. فقال: تعزم على صحبتى؟ فقلت: نعم. فأخذ بيدى، وعارضنا القافلة، فسرنا بسيرها إلى وقت الرواح وهو بين العشاء والعتمة ونزلنا، فقال: تعزم على الافطار؟ فقلت:
ما آبى ذلك. فقال لى: قم، فابصر أىّ شىء هناك فجىء به، فأصبت طبقا فيه خبز حارّ وبقل وقصعة فيها عراق يفور، وزقّ فيه ماء، فجئت به وهو قائم
يصلى. فأوجز فى صلاته، فقال: يا أبا عبد الله، كل. فقلت: فأنت؟ فقال:(1/191)
ما آبى ذلك. فقال لى: قم، فابصر أىّ شىء هناك فجىء به، فأصبت طبقا فيه خبز حارّ وبقل وقصعة فيها عراق يفور، وزقّ فيه ماء، فجئت به وهو قائم
يصلى. فأوجز فى صلاته، فقال: يا أبا عبد الله، كل. فقلت: فأنت؟ فقال:
كل، ودعنى أنا. فأكلت وعزمت على أن أدّخر منه. فقال لى: يا أبا عبد الله، إنه طعام لا يدخر. فكان هذا سبيلى معه كذلك، فقضينا حجنا. وكان قوتى مثل ذلك، حتى وافينا إلى الموضع الذى أخذنى منه. فودعنى وانصرف. فقال أبو الطيب للبغوى: أتعرف الرجل؟ فقال: أظنه الخضر عليه السلام.
أخبرنا جدى لأمى جابر بن ياسين رحمه الله قراءة قال: أخبرنا أبو حفص الكتانى حدثنا عبد الله بن محمد البغوى حدثنا أحمد بن حنبل وعبيد الله القواريرى قالا: حدثنا معاذ بن هشام الدستوائى حدثنا أبى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عياس «أن رجلا أتى نبى الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا نبى الله، إنى شيخ كبير، يشقّ عليّ القيام. فمرنى بليلة، لعل الله أن يوفقنى فيها لليلة القدر. قال: عليك بالسابعة».
وأنبأنا يوسف بن محمد المهروانى حدثنا عبد الواحد بن عبد العزيز التميمى قال: سمعت المطيع الخليفة على المنبر يقول يوم عيد: سمعت شيخى عبد الله بن محمد البغوى يقول: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذلّ
وأخبرنا الوالد السعيد قراءة حدثنا عيسى بن محمد بن على قال: سمعت عبد الله بن محمد يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: قد روى الحسن عن على بن أبى طالب
ومات البغوى ليلة الفطر من سنة سبع عشرة وثلاثمائة. ودفن بمقبرة باب التبن التى دفن بها عبد الله بن إمامنا أحمد. وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا واحدا. وعلى الرواية الأخرى: مائة وأربع سنين.
260 - عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس
، أبو بكر القرشى، مولى بنى أمية، المعروف بابن أبى الدنيا صاحب الكتب المصنفة. ذكره أبو محمد
الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد. سمع سعيد بن سليمان الواسطى، وإبراهيم ابن المنذر الحزامى، وداود بن عمرو الضبى فى آخرين. روى عنه الحارث ابن أبى أسامة، ومحمد بن خلف وكيع، وأبو بكر النجاد وغيرهم.(1/192)
، أبو بكر القرشى، مولى بنى أمية، المعروف بابن أبى الدنيا صاحب الكتب المصنفة. ذكره أبو محمد
الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد. سمع سعيد بن سليمان الواسطى، وإبراهيم ابن المنذر الحزامى، وداود بن عمرو الضبى فى آخرين. روى عنه الحارث ابن أبى أسامة، ومحمد بن خلف وكيع، وأبو بكر النجاد وغيرهم.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: كتبت عنه مع أبى. وسئل أبى عنه؟
فقال: بغدادى صدوق.
أخبرنا جدى جابر قال أخبرنا أحمد بن دوست قال أخبرنا أبو جعفر ابن الرزاز حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا أخبرنا الحسن بن الصباح حدثنا عمر ابن يونس حدثنا عيسى بن عون الحنفى عن حفص بن الفرافصة الحنفى عن عبد الملك بن زرارة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أنعم الله على عبد من نعمة فى أهل ولا مال أو ولد، فيقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، فيرى فيه آفة، دون الموت».
أنبأنا القاضى الشريف الخطيب أبو الحسين عن أبى الحسين بن أخى ميمى حدثنا الحسين بن صفوان البردعى قال: قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبى الدنيا:
سألت أحمد بن حنبل: متى يصلّى على السقط؟ فقال: إذا كان لأربعة أشهر صلّى عليه، وسمى
وقد حدث فى عدة من تصانيفه عن رجال عن أحمد. حدث فى كتاب «الجائعين» وفى كتاب «القناعة» وفى كتاب «إصلاح المال» وفى كتاب «البكاء» عن البرجلانى عن أحمد. وفى كتاب «مداراة الناس» وفى كتاب «المنام» عن الحسن بن الصباح البزار، عن أحمد. وحدث فى كتاب «الأضاحى» عن أبى بكر الأثرم عنه.
أخبرنا جدى قراءة أخبرنا أحمد بن دوست أخبرنا محمد بن عمرو البحرى حدثنا عبد الله بن أبى الدنيا حدثنا على بن الجعد قال: سمعت سفيان
بن سعيد وذكر داود عليه السلام فقال قال: «الحمد الله حمدا كما ينبغى لكرم وجهه وعز جلاله» فأوحى الله إليه «يا داود، أتعبت الملائكة»(1/193)
أخبرنا جدى قراءة أخبرنا أحمد بن دوست أخبرنا محمد بن عمرو البحرى حدثنا عبد الله بن أبى الدنيا حدثنا على بن الجعد قال: سمعت سفيان
بن سعيد وذكر داود عليه السلام فقال قال: «الحمد الله حمدا كما ينبغى لكرم وجهه وعز جلاله» فأوحى الله إليه «يا داود، أتعبت الملائكة»
وبه قال: حدثنى حمزة بن العباس حدثنا عبدان بن عثمان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنى ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن أبيه عن عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال «يا رب ما الشكر الذى ينبغى لك؟ قال:
يا موسى لا يزال لسانك رطبا من ذكرى».
وبه: حدثنا أبو على المدائنى حدثنا إبراهيم بن الحسن عن شيخ من قريش يكنى أبا جعفر عن مالك بن دينار قال: قرأت فى بعض الكتب «إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم، خيرى ينزل إليك، وشرّك يصعد إلىّ، وأتحبّب إليك بالنعم وتتبغّض إلىّ بالمعاصى. ولا يزال ملك كريم قد عرج إلىّ منك بعمل قبيح»
أخبرنا جدى قال أخبرنا أحمد قال أخبرنا محمد حدثنا عبد الله حدثنى أبو عبد الله التيمى حدثنا أبو شريح العابد قال: سمعت يحيى بن حبيب الجمال وهو مولى لبنى وديعة بن عبد الله بن لؤى قال: كنا بطريق مكة، فأصابنا عطش شديد. فاكترينا دليلا يخرج بنا إلى موضع ذكر لنا أن فيه ماء. فبينما نحن نسير نبادر الماء بعد طلوع الفجر، إذا صوت نسمعه، وهو يقول: ألا تقولون ما قال يحيى؟ فأجبته فقلت: وما قال؟ قال: «اللهم ما أصبح بنا من نعمة أو عافية أو كرامة فى دين أو دنيا، جرت علينا فيما مضى، أو هى جارية علينا فيما بقى، فإنها منك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد بذلك علينا، ولك المنّ، ولك الفضل، ولك الحمد، عدد ما أنعمت به علينا، وعلى جميع خلقك من لدنك إلى منتهى علمك، لا إله إلا أنت» ثم قال: هذا من البدء إلى البقاء
ذكر أبو الحسين بن على بن محمود المروذى الصوفى. أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قراءة أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن جعفر بن حمويه المعروف بابن مشكان حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا
عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشى قال: سألت أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى: ما أقول بين التكبيرتين فى صلاة العيد؟ قال: تحمد الله عز وجل وتصلى على النبى صلى الله عليه وسلم(1/194)
ذكر أبو الحسين بن على بن محمود المروذى الصوفى. أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قراءة أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن جعفر بن حمويه المعروف بابن مشكان حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا
عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشى قال: سألت أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى: ما أقول بين التكبيرتين فى صلاة العيد؟ قال: تحمد الله عز وجل وتصلى على النبى صلى الله عليه وسلم
ومات ابن أبى الدنيا فى سنة إحدى وثمانين ومائتين.
261 - عبد الله بن محمد بن المهاجر، أبو محمد.
يعرف بفوزان. حدث عن شعيب بن حرب، ووكيع، وأبى معاوية، وإسحاق بن سليمان الرازى، وإمامنا فى آخرين. روى عنه عبد الله بن إمامنا، وأبو القاسم البغوى، ويحيى بن صاعد، وغيرهم
وقال البرقانى: قال لنا الدارقطنى: فوزان نبيل جليل. كان أحمد يجله
وذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان من أصحاب أبى عبد الله الذين يقدمهم ويأنس بهم ويخلو معهم، ويستقرض منهم. ومات أبو عبد الله وله عنده خمسون دينارا، أوصى أبو عبد الله أن تعطى من غلّته، فلم يأخذها فوزان بعد موته وأحله منها
وقال أبو بكر المطوعى: حدثنا فوزان قال: دخل السجن على أبى عبد الله شاب بعد ضربه ومعه قارورة فيها ماء رائحته رائحة المسك، وقد هاج عليه الضرب فى اليوم الثالث وصعب. قال: فأتاه الشاب، فقال: أقسمت عليك بالله إلا مكنتنى من علاجك، فتركه أبو عبد الله، فصب عليه ذلك الماء ومسحه.
فهدأ الضرب وسكن. فلما رأى ذلك السجان. تبع الشاب فقال: لو أعطيتنى من هذا الماء؟ فقال: إن ذلك لا يستقيم. إنه من ماء الجنة، أنزله لعقبه آدم بأرض الهند، وأنا من سكان ذلك المكان من الجن، ثم غاب عن عينه. فأقبل السجان مذعورا.
وقال أبو محمد فوزان: جاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال له: نكتب عن
محمد بن منصور الطوسى؟ فقال: إذا لم تكتب عن محمد بن منصور فعمن يكون ذلك مرارا؟ فقال له الرجل: إنه يتكلم فيك. فقال أحمد: رجل صالح ابتلى فينا. فما نعمل؟(1/195)
وقال أبو محمد فوزان: جاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال له: نكتب عن
محمد بن منصور الطوسى؟ فقال: إذا لم تكتب عن محمد بن منصور فعمن يكون ذلك مرارا؟ فقال له الرجل: إنه يتكلم فيك. فقال أحمد: رجل صالح ابتلى فينا. فما نعمل؟
وقال فوزان: انقطع شسعى، فسألت أحمد أصلحه فى ضوء نفّاطة على باب إسحاق بن إبراهيم. قال: لا. ذكره فى كتاب السنة
وقيل لفوزان: أنت لم تجمع من هذه المسائل عن أبى عبد الله؟ فقال: هذا الجزء. ثم جعل يقول: أبو عبد الله أهيب وأجل فى صدرى من أن أسأله. وإنما هذه المسائل بلوى.
ومن جملة مسائله قال: سمعت أحمد يقول: إذا اختلط المال، وكان فيه حلال وحرام. فالزهرى ومكحول قالا: إذا اختلط الحلال والحرام فكل هذا عندى من مال السلطان، كما قال على رحمه الله «بيت المال يدخله الخبيث والطيب» فمال السلطان يدخله الحلال والحرام، فيوصل إلى الرجل فيؤكل منه. فأما إذا كان حلالا وحراما من ميراث، أو أفاد رجل مالا حراما وحلالا:
فإنه يرد على أصحابه. فان لم يعرفهم ولم يقدر عليهم: تصدق به. فان لم يعلم كم الحلال والحرام؟ يتصدق بقدر ما يرى أن فيه من الحرام. ويأكل الباقى.
ومات فى نصف رجب من سنة ست وخمسين ومائتين. ذكره ابن قانع وغيره
262 - عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: قال لى أحمد: إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه. قال النبى صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»
263 - عبد الله بن محمد، أبو محمد اليمامى، يعرف بابن الرومى.
سكن بغداد. وحدث بها عن عبد العزيز بن محمد الدراوردى، والنضر بن محمد الجرشى، وعمر بن يونس اليمامى، وعبد الرزاق، وعبدة بن سليمان، وأبى أسامة، وأبى معاوية الضرير، وغيرهم. ونقل عن إمامنا أشياء(1/196)
منها قال: كنت عند أحمد بن حنبل، فجاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، انظر فى الأحاديث، فإن فيها خطأ. فقال: عليك بأبى زكريا. فإنه يعرف الخطأ
روى عنه جماعة، منهم أبو حاتم الرازى وقال: هو صدوق. وسئل يحيى بن معين عن ابن الرومى؟ فقال: مثل أبى محمد يسأل عنه؟ إنه مرضى.
ومات فى جماد الآخرة سنة ست وثلاثين ومائتين.
264 - عبد الله بن يزيد العكبرى
، نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت رجلا يسأل أحمد بن حنبل فقال: ما تقول فى القراءة بالألحان؟ فقال أبو عبد الله: ما اسمك؟ فقال: محمد. قال: فيسرك أن يقال لك:
يا موحاماد، ممدودا.
ذكر من اسمه عبد الله. ولم يعرف اسم أبيه
265 - عبد الله بن أبى عوانه الشاشى، أبو محمد
شيخهم الإمام الذى على مذهبه أهل الشاش. ذكر أبو بكر التمار: أنه من جملة أصحاب أحمد.
ذكر من اسمه عبيد الله
266 - عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله، ابن أخى الإمام الحلبى، أبو عبد الرحمن.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: رجل جليل جدا، كبير القدر. سمع عبيد الله ابن عمرو الرقّى، ولا أدرى: هو أكبر من أحمد بن حنبل أم لا؟ إلا أن شيوخنا الكبار حدثونا عنه.
سمع من أحمد التاريخ سنة أربعة عشر. وكانت عنده مسائل كبار جدا، يغرب بها على أصحاب أحمد، لم أكتبها عن غيره. سمعتها من رجل بطرسوس عنه
قال عبيد الله الحلبى: سمعت أبا عبد الله وسأله رجل عن حديث من حديث بشر بن نمير؟ فقال: لا تذكر الكذابين.(1/197)
قال: وسألت أحمد عن محدث كذب فى حديث واحد، ثم تاب ورجع؟
قال: توبته فيما بينه وبين الله تعالى. لا يكتب عنه حديث أبدا.
قال: وسمعت أبا عبد الله وسئل عن رجل يقيم ببلده، وينزل فى الحديث درجة؟ قال: ليس يطلب العلم هكذا، لو طلب العلم هكذا مات العلم. إنما يؤخذ العلم عن الأكابر.
ونقلت من الرابع من كتاب الروشنائى. قال: عبيد الله بن أحمد الحلبى:
سمعت أحمد قال: على الجهمية لعنة الله.
267 - عبيد الله بن ابراهيم بن يعقوب الحلبى.
نقل عن إمامنا
268 - عبيد الله بن سعد الزهري.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
269 - عبيد الله بن سعيد بن يحيى بن برد السّرخسى، أبو قدامة.
حدث عنه الشيوخ الكبار المتقدمون. منهم البخارى، ومسلم وأخرجا عنه فى صحيحيهما.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: روى عن أحمد مسائل حسانا، لم يروها عن أبى عبد الله أحد غيره. وهو أرفع قدرا من عامة أصحاب أبى عبد الله، من أهل خراسان.
أخبرنا محمد بن المسلمة قراءة أخبرنا أبو الفضل الزهرى حدثنا أبو جعفر الفريابى حدثنا أبو قدامة السرخسى حدثنا مؤمل بن اسماعيل عن حماد بن زيد عن أيوب قال: سمعت الحسن يقول «والله ما أصبح ولا أمسى مؤمن إلا وهو يخاف النفاق على نفسه».
ومات سنة إحدى وأربعين ومائتين
270 - عبيد الله بن عبيد الله، أبو عبد الرحمن الجرادى النيسابورى.
نزل
بغداد، وحدث عن إمامنا أحمد، ويحيى بن يحيى التميمى، واسحاق بن راهويه، وسعيد بن محمد الجرمى، وسليمان بن سلمة الخبائرى، ويحيى بن عثمان الحمصى، وأيوب بن محمد الرقى، وأحمد بن صالح، وأبى الطاهر المصريين. روى عنه أبو حامد بن الشرقي النيسابورى، ومحمد بن عبد الله الصفار الأصبهانى.(1/198)
نزل
بغداد، وحدث عن إمامنا أحمد، ويحيى بن يحيى التميمى، واسحاق بن راهويه، وسعيد بن محمد الجرمى، وسليمان بن سلمة الخبائرى، ويحيى بن عثمان الحمصى، وأيوب بن محمد الرقى، وأحمد بن صالح، وأبى الطاهر المصريين. روى عنه أبو حامد بن الشرقي النيسابورى، ومحمد بن عبد الله الصفار الأصبهانى.
271 - عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، أبو زرعة الرازى، مولى عباس بن مطرف القرشى.
سمع خلاد بن يحيى وأبا نعيم، وقبيصة بن عقبة، ومسلم بن ابراهيم، وأبا الوليد الطيالسى وأبا سلمة التّبوذكى، والقعنبي، وأبا عمر الحوضى، وابراهيم بن موسى الفراء، ويحيى بن بكير، وغيرهم. وقدم بغداد دفعات. وجالس إمامنا. واستفاد منه أشياء.
وقال أبو بكر الخلال: أبو زرعة وأبو حاتم خال أبى زرعة: إمامان فى الحديث. رويا عن أبى عبد الله مسائل كثيرة، وقعت إلينا متفرقة، كلها غرائب.
وكانا عالمين بأحمد بن حنبل يحفظان حديثه كله
أخبرنى محمد بن موسى العطار عن رجل سماه من أهل الرّى، سمع أبا زرعة يقول: كان أحمد بن حنبل يحفظ سبعمائه ألف حديث. قال: فقلت له: وكيف علمت؟ فقال: كنا نتناظر فى الحديث والمسائل. وكان جوابه جواب من يحفظ هذا القدر.
روى عنه جماعة، منهم: عبد الله بن أحمد، وابراهيم الحربى، وابن جرير، فى آخرين.
أنبأنا خال أمى أبو القاسم عن أبى عبد الله بن بطة حدثنا أبو حفص بن رجاء قال: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبى فكان كثير المذاكرة له. سمعت أبى يوما يقول: ما صليت غير الفرض، استأثرت بمذاكرة أبى زرعة على نوافلي.
قرأت على المبارك قلت له: حدثك محمد الصورى حدثنا أبو بكر بن الخصيب
المصيصى قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: سمعت أبا زرعة الرازى يقول: إذا رأيت الكوفى يطعن على سفيان الثورى وزائدة: فلا تشك أنه رافضى. وإذا رأيت الشامى يطعن على مكحول والأوزاعى: فلا تشك أنه ناصبى. وإذا رأيت الخراسانى يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنه مرجىء. واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل. لأن ما منهم أحد إلا وفى قلبه منه سهم لا برء له.(1/199)
قرأت على المبارك قلت له: حدثك محمد الصورى حدثنا أبو بكر بن الخصيب
المصيصى قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: سمعت أبا زرعة الرازى يقول: إذا رأيت الكوفى يطعن على سفيان الثورى وزائدة: فلا تشك أنه رافضى. وإذا رأيت الشامى يطعن على مكحول والأوزاعى: فلا تشك أنه ناصبى. وإذا رأيت الخراسانى يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنه مرجىء. واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل. لأن ما منهم أحد إلا وفى قلبه منه سهم لا برء له.
أخبرنا أبو بكر المؤرخ قراءة أخبرنا أبو طالب بن بكير أخبرنا أبو مخلد ابن جعفر قال: وأخبرنا أبو القاسم الأزهرى قال حدثنى أبو جعفر أحمد بن أبى طالب الكاتب قالا حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى حدثنى عبيد الله ابن عبد الكريم أبو زرعة الرازى حدثنا ثابت بن محمد حدثنا سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن طاووس عن ابن عباس قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل مكشوفة فخذه، فقال له: غط فخذك، فإن فخذ الرجل من العورة»
وروى بإسناده قال: قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبى: يا أبت، من الحفاظ؟
قال: يا بنى شباب كانوا عندنا من أهل خراسان، وقد تفرقوا. قلت: من هم يا أبت؟ قال: محمد بن اسمعيل، ذاك البخارى، وعبيد الله بن عبد الكريم، ذاك الرازى، وعبد الله بن عبد الرحمن، ذاك السمرقندى، والحسن بن شجاع، ذاك البلخى.
وبإسناده قال أبو زرعة: كتبت عن رجلين مائتى ألف حديث عن ابراهيم الفراء: مائة ألف، وعن ابن أبى شيبة مائة ألف حديث.
وبإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبى يقول: ما جاوز الجسر أفقه من اسحاق بن راهويه، ولا أحفظ من أبى زرعة الرازى
وبإسناده: قيل لأبى بكر بن أبى شيبة: من أحفظ من رأيت؟ قال:
ما رأيت أحدا أحفظ من أبى زرعة الرازى.(1/200)
وبإسناده: قال أبو زرعة فى شىء: ما كتبته منذ خمسين سنة، ولم أطالعه منذ كتبته، وإنى أعلم فى أى كتاب هو؟ فى أى ورقة هو؟ فى أى سطر هو؟
وبإسناده: قال أحمد بن حنبل: صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسور. وهذا الفتى يعنى أبا زرعة قد حفظ ستمائة ألف.
وبإسناده: قال اسحق بن راهويه: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازى:
ليس له أصل.
وبإسناده قال: قدم حمدون البردعى على أبى زرعة لكتابة الحديث. فرأى فى بعض داره أوانى وفرشا كثيرة. قال: وكان ذلك لأخيه، فهمّ أن يرجع ولا يكتب عنه. فلما كان من الليل رأى كأنه على شط بركة، ورأى ظل شخص فى الماء، فقال: أنت الذى زهدت فى أبى زرعة؟ أعلمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال؟ فلما أن مات أبدل الله مكانه أبا زرعة؟
وبإسناده: قال أبو حاتم الرازى: أبو زرعة إمام
وبإسناده: قال حفص بن عبيد الله: اشتهيت أن أرحل إلى أبى زرعة الرازى فلم يقدّر لى، فدخلت إلى الرى بعد موته، فرأيته فى النوم يصلى فى السماء الدنيا بالملائكة، فقلت: عبيد الله بن عبد الكريم؟ قال: نعم. قلت: بم نلت هذا؟
قال: كتبت بيدى ألف ألف حديث، أقول فيها «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» وقد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صلى علىّ صلاة صلى الله عليه عشرا».
وبإسناده: قال أبو العباس المرادى: رأيت أبا زرعة فى المنام. فقلت:
يا أبا زرعة، ما فعل الله بك؟ قال: لقيت ربى، فقال لى: يا أبا زرعة، إنى أوتى بالطفل فآمر به إلى الجنة، فكيف بمن حفظ السنن على عبادى؟ تبوأ من الجنة حيث شئت.
وقال أبو زرعة: الأخبار التى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرؤية
وخلق آدم على صورته، والأحاديث التى فى النزول ونحو هذه الأخبار: المعتقد من هذه الأخبار: مراد النبى صلى الله عليه وسلم، والتسليم بها. حدثنى أبو موسى الأنصارى قال: قال سفيان بن عينية: ما وصف الله تبارك وتعالى به نفسه فى كتابه: فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره إلا الله.(1/201)
وقال أبو زرعة: الأخبار التى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرؤية
وخلق آدم على صورته، والأحاديث التى فى النزول ونحو هذه الأخبار: المعتقد من هذه الأخبار: مراد النبى صلى الله عليه وسلم، والتسليم بها. حدثنى أبو موسى الأنصارى قال: قال سفيان بن عينية: ما وصف الله تبارك وتعالى به نفسه فى كتابه: فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره إلا الله.
وقال أبو زرعة: القرآن كلام الله غير مخلوق، والذى يقف فيه على الشك هو والذى يقول مخلوق: شىء واحد. أحمد بن حنبل يقول: تفرقت الجهمية على ثلاث أصناف: صنف قالت: القرآن مخلوق، وصنف وقفت، وصنف قالت: لفظنا بالقرآن مخلوق.
قال أبو زرعة: الإيمان عندنا قول وعمل، يزيد وينقص. ومن قال غير ذلك فهو مبتدع مرجىء.
قيل لأبى زرعة: من الذى شهد على على بن أبى طالب بتفضيل أبى بكر وعمر رضى الله عنهما؟ قال أبو زرعة: روى ذلك من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أبو موسى، وأبو هريرة، وعمرو بن حريث، وأبو جحيفة. ومن التابعين: محمد بن الحنفية وعبد خير، وعلقمة، وأبو هلال العلى.
قال أبو زرعة: الجمعة والجهاد عندنا مع البر والفاجر ممن يتولى ذلك من الولاة.
قال أبو زرعة: قال يزيد بن ميسرة: لا يكون الرجل حكيما كاملا حتى يدع شهوات الجسد كلها.
قال أبو زرعة: كان إبراهيم التيمى لا يأكل الشهر والشهرين شيئا. وكان ابن أبى نعيم يواصل خمس عشرة، وابن الزبير يواصل سبعا. وقال سفيان الثورى:
بت عند الحجاج ابن فرافضة ثلاث عشرة ليلة. فلم أره أكل ولا شرب ولا نام.
وقال أبو زرعة: ترك النبى صلى الله عليه وسلم الدنيا، وهو واجد لها، وقد ذمها. وقد عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة. فأبى ذلك صلى الله
عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم «والذى نفسى بيده، لو شئت لسارت معى جبال الدنيا ذهبا وفضة».(1/202)
وقال أبو زرعة: ترك النبى صلى الله عليه وسلم الدنيا، وهو واجد لها، وقد ذمها. وقد عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة. فأبى ذلك صلى الله
عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم «والذى نفسى بيده، لو شئت لسارت معى جبال الدنيا ذهبا وفضة».
وروى ابن ثابت فى ترجمة على بن الجعد بإسناده عن سعيد بن عمرو البردعى قال: سمعت أبا زرعة يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن على بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيتهما فى كتابه مضروبا عليهما.
ونقلت من خط أخى أبى القاسم وسماعه بإسناده: سئل أبو زرعة عن داود بن المحبر؟ فقال: ضعيف الحديث. وسئل عن الواقدى؟ فقال: ترك الناس حديثه
وقال أبو زرعة: قال عبد الرحمن بن مهدى لأحمد بن حنبل: بين إسحاق بن أبى اسرائيل ومحمد بن جابر قرابة؟ فقال أحمد: لا. فقال عبد الرحمن لأبى عبد الله: إذا ذكرته تغير وجهك. فقال: لأنه رحل إليه.
وقال أبو زرعة: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أسباط عن الشيبانى عن إبراهيم قال: سمعت ابن عباس؟ قال: عن ابن عباس. فقلت: إن أسباطا هكذا يقول؟ فقال: قد علمت، ولكن إذا قلت «عن» فقد خلّصته، وخلصت نفسى، أو نحو هذا المعنى.
وسئل أبو زرعة عن مولده؟ فقال: ولدت سنة مائتين.
ومات بالري آخر يوم من ذى الحجة سنة أربع وستين ومائتين.
272 - عبيد الله بن محمد الفقيه.
المروزى الأصل، الرقى البلد. ذكره أبو بكر الخلال، فقال: رجل حافظ للفقه، بصير باختلاف الفقهاء، جليل القدر عالم بأحمد بن حنبل. عنده عن أبى عبد الله مسائل كبار، لم يشركه فيها أحد.
سمعت منه منها فى أول خرجتى إلى الشام، وفى الخرجة الثانية بعد لقاء الميمونى، وذكر لى: أن عنده شيئا صالحا. فلما رجعت إلى بغداد خرجت إليه قاصدا إلى الرقّة، لا لحاجة غيره. فأخرج إلىّ نحوا من عشرة مسائل أيضا. وذكر أنه لا يقدر على الباقى. فكتبتها عنه. ورجعت إلى بغداد، إلا أنها مسائل كبار جدا.(1/203)
قلت: ومن جملة ما وجدت فى مسائله لامامنا أحمد: قال: سألت أحمد عن الرجل يشترى من رجل جارية، ويشترط عليه أن تخدمه؟ فقال: البيع جائز، والشرط فاسد. فان شرط أن تخدمه وقتا معلوما، فان البيع فاسد. ولا يجوز فى الوقت المعلوم
273 - عبيد الله بن يحيى بن خاقان.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها أنه قال: سمعت أحمد يقول: أنزه نفسى عن مال السلطان، وليس بحرام
وقال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان: حدثنى أبى عن أبيه قال: حضرت الحسن بن سهل، وجاءه رجل يستشفع به فى حاجة. فقضاها.
فأقبل الرجل يشكره. فقال له الحسن بن سهل: علام تشكرنا؟ نحن نرى أن للجاه زكاة، كما أن للمال زكاة. ثم أنشأ يقول:
فرضت علىّ زكاة ما ملكت يدى ... وزكاة جاهى: أن أعين وأشفعا
فإذا ملكت فجد، فان لم تستطع ... فاجهد بوسعك كله أن تنفعا
ذكر من اسمه عبد الرحمن
274 - عبد الرحمن بن إبراهيم، أبو سعيد الدمشقى، المعروف بدحيم.
قرأت فى «السابق واللاحق» لابن ثابت قال: حدث عن أحمد بن حنبل:
عبد الرحمن المعروف بدحيم، وبين وفاته ووفاة البغوى: اثنتان وسبعون سنة.
وتوفى دحيم بالرملة فى شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائتين، ولى القضاء بالرملة. وحدث عنه البخارى فى صحيحه. وقال المروزى: سمعت أحمد بن حنبل يثنى على دحيم، ويقول: هو عاقل ركين.
275 - عبد الرحمن بن زاذان بن يزيد بن مخلد الرازى، أبو عيسى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا المبارك أخبرنا محمد بن عبد الملك القندى أخبرنا أبو بكر
بن شاذان حدثنا عبد الرحمن بن زاذان قال: كنت فى المدينة بباب خراسان، وقد صلينا ونحن قعود، وأحمد بن حنبل حاضر، فسمعته يقول: اللهم من كان على هوى، أو على رأى، وهو يظن أنه على الحق، وليس هو على الحق. فرده إلى الحق، حتى لا يضل به من هذه الأمة أحد. اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفلت لنا به ولا تجعلنا فى رزقك خولا لغيرك، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا، ولا ترانا حيث نهيتنا، ولا تفقدنا من حيث أمرتنا. أعزنا ولا تذلنا، أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعاصى. قال: وجاء إليه رجل فقال له شيئا لم أفهمه. فقال له: اصبر، فإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب. وإن مع العسر يسرا. ثم قال: سمعت عفان بن مسلم يقول: أخبرنا همام عن ثابت عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «والنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا»(1/204)
منها: ما أنبأنا المبارك أخبرنا محمد بن عبد الملك القندى أخبرنا أبو بكر
بن شاذان حدثنا عبد الرحمن بن زاذان قال: كنت فى المدينة بباب خراسان، وقد صلينا ونحن قعود، وأحمد بن حنبل حاضر، فسمعته يقول: اللهم من كان على هوى، أو على رأى، وهو يظن أنه على الحق، وليس هو على الحق. فرده إلى الحق، حتى لا يضل به من هذه الأمة أحد. اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفلت لنا به ولا تجعلنا فى رزقك خولا لغيرك، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا، ولا ترانا حيث نهيتنا، ولا تفقدنا من حيث أمرتنا. أعزنا ولا تذلنا، أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعاصى. قال: وجاء إليه رجل فقال له شيئا لم أفهمه. فقال له: اصبر، فإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب. وإن مع العسر يسرا. ثم قال: سمعت عفان بن مسلم يقول: أخبرنا همام عن ثابت عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «والنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا»
وبه: حدثنا أبو بكر بن شاذان سألته عن مولده؟ فقال: سنة إحدى وعشرين ومائتين. وسألته فى أى سنة مات أحمد بن حنبل؟ قال: سنة إحدى وأربعين ومائتين. وصليت عليه مرتين. صلى عليه عم كان له، فصليت معه. وجاء عبد الله بن إسحاق بن ابراهيم صلى عليه. فصليت معه
276 - عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان البصرى
، أبو زرعة الدمشقى ذكره أبو بكر الخلال، فقال: إمام فى زمانه، رفيع القدر، حافظ عالم بالحديث والرجال. وصنف من حديث الشام ما لم يصنفه أحد. وحدثنا عن أبى مسهر وغيره من شيوخ الشام والحجاز والعراق. وجمع كتابا لنفسه فى التاريخ وعلل الرجال، سمعناه منه، وسمعنا منه حديثا كثيرا. وكان عالما بأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. وسمع منهما سماعا كثيرا. وسمع من أبى عبد الله خاصة مسائل مشبعة محكمة.
سمعتها منه. وقال لى: اكتب اسمك على الجزء، فكتبت اسمى بخطى على ظهر جزء المسائل، واسم أبى ومن لى ببغداد. وخرجت إلى مصر(1/205)
قلت أنا: ووقع لى جزء من مسائله، سمعته من ابن الطيورى
وأنبأنا به على عن ابن بطة قال: قرأت على أبى القاسم على بن يعقوب بدمشق قلت له: حدثك أبو زرعة قال: سألت أبا عبد الله عن المضمضة والاستنشاق فى الوضوء والجنابة واحد: يعيد لهما الصلاة؟ فقال: هما فى الوضوء والجنابة واحد، يعيد لهما الصلاة. قلت: لما ذكر فيهما عن النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
وسألت أبا عبد الله عن المحرم يراجع زوجته؟ قال: لا. قلت: فإنه يخاف أن تنقضى العدة، قبل أن يحل؟ قال: فما الحيلة؟
وسمعت أبا عبد الله وسئل عن الكافر يسلم ويخاف الختان؟ قال: إن كان يخاف عليه من الختان فلا بأس عليه أن لا يختتن. أسلم ناس من أهلى البصرة فختنوا فمات بعضهم
وسألت أبا عبد الله قلت: تذهب إلى حديث ثوبان «أفطر الحاجم والمحجوم»؟ قال: إليه أذهب. قلت: هو صحيح عندك؟ قال: هو صحيح.
وحديث شداد بن أوس أيضا مثله. قلت: فان احتجم رجل فى شهر رمضان نهارا، تأمره بالإعادة؟ قال: نعم، يقضى يوما بدل ذلك اليوم، لا بد منه. ولم لا يقضى؟
والنبى صلى الله عليه وسلم يقول «أفطر الحاجم والمحجوم»
توفى عبد الرحمن البصرى فى سنة ثمانين ومائتين، فيما قرأته فى تاريخ ابن المنادى، وفى تاريخ ابن ثابت: فى سنة إحدى وثمانين ومائتين
277 - عبد الرحمن بن مهدى بن حسان، أبو سعيد.
روى عن أحمد فيما أخبرنا المبارك عن ابراهيم وعبد العزيز قالا: أخبرنا على بن مردك حدثنا عبد الرحمن بن أبى حاتم حدثنا أحمد بن سنان الواسطى قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول: كان أحمد بن حنبل عندى، فقال: ناظرنا فيما يخالفكم فيه وكيع، أو فيما خالف وكيع فيه الناس. فإذا كلامه فى نيف وستين حرفا
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: هذه رواية عبد الرحمن بن مهدى عن أحمد بن حنبل.(1/206)
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبى يقول:
خالف وكيع ابن مهدى فى نحو من ستين حديثا من حديث سفيان. فقلت: هذا لعبد الرحمن بن مهدى، وكان يحكيه عبد الرحمن عنى
وقال الخلال: أخبرنا المروذى قال سمعت بعض المشيخة يقول: سمعت ابراهيم بن شماس يقول: كنا عند عبد الرحمن بن مهدى، فإذا أحمد بن حنبل قد قام أو قال أقبل فقال عبد الرحمن: من أراد أن ينظر إلى ما بين كتفى الثورى فلينظر إلى هذا
سمع عبد الرحمن: الثورى، ومالكا، وشعبة، والحمادين، وغيرهم. روى عنه عبد الله بن المبارك، وإمامنا، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وإسحاق بن راهويه، وهو بصرى. قدم بغداد.
مولده: سنة خمس وثلاثين ومائة. ومات سنة ثمان وتسعين ومائة. وهو ابن ثلاث وستين سنة.
وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا حدث عبد الرحمن بن مهدى عن رجل فهو حجة.
278 - عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان، أبو على.
سأل إمامنا عن أشياء
منها قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن ابن الثلجى؟ فقال: مبتدع صاحب هوى. قال: وسألته عن يعقوب بن شيبة؟ فقال: مبتدع صاحب هوى.
وسألته عن سوّار بن عبد الله القاضى؟ فقال: ما بلغنى عنه إلا خيرا، وسألته عن يحيى بن أكثم؟ فقال: ما عرفناه ببدعة.
وقال أبو مزاحم الخاقاني: سمعت عمى عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان يقول:
سألت أحمد بن حنبل: أيما أحب إليك: جامع سفيان، أو موطأ مالك؟ قال:
لا ذا، ولا ذا. عليك بالأثر.
قال أبو مزاحم: وكان عمى عبد الرحمن قد رزق من الولد لصلبه مائة وستة(1/207)
قال أبو مزاحم: وكان عمى عبد الرحمن قد رزق من الولد لصلبه مائة وستة
279 - عبد الرحمن أبو الفضل.
المتطبب، وقيل: أبو عبد الله البغدادى
ذكره أبو محمد الخلال، فقال: كانت عنده مسائل حسان عن أبى عبد الله.
وكان يأنس به أحمد بن حنبل، وبشر بن الحارث، ويختلف إليهما.
نقلت من كتاب أبى بكر الخلال: أخبرنى جعفر بن محمد العطار قال:
سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبى الورد يقول: كان عبد الرحمن المتطبب عندى، فقال: دخلت على أبى عبد الله، فقلت: ما تقول فى قراءة الألحان؟ قال:
بدعة، بدعة.
قال الخلال: وأخبرنى المروذى قال: سمعت عبد الرحمن المتطبب يقول:
قلت لأبى عبد الله فى قراءة الألحان؟ فقال: يا أبا الفضل اتخذوه أغانيا، اتخذوه أغانيا
قال الخلال: وأخبرنى محمد بن أبى هارون الوراق قال: سمعت عبدان الحذاء قال: سمعت عبد الرحمن المتطبب قال: سألت أبا عبد الله عن هذه الألحان؟
فقال: اتخذوه أغانيا. لا تسمع من هؤلاء
وقال عبد الرحمن المتطبب: قلت لأحمد: إنى صليت اليوم خلف من يقرأ قراءة حمزة، فأعدت الصلاة؟ قال: فقال لى: ما عليك مأثم
وقال أبو العباس محمد بن أحمد بن الصلت: سمعت عبد الرحمن المتطبب يعرف بطبيب السنة يقول: دخلت على أحمد بن حنبل أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أحمد الله إليك. أنا بعين الله. ثم دخلت على بشر بن الحرث، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أحمد الله إليك، أجد كذا، أجد كذا فقلت: أما تخشى أن يكون هذا شكوى؟ فقال: حدثنا المعافى بن عمران عن سفيان بن سعيد عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: سمعنا عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك» فدخلت على أحمد بن حنبل فحدثته. فكان إذا سألته قال: أحمد الله إليك، أجد كذا وكذا(1/208)
ذكر مفاريد العبادلة
280 - عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميرى، أبو بكر الصنعانى.
قال أحمد بن ثابت المؤرخ فى «السابق واللاحق» حدث عن أحمد بن حنبل:
عبد الرزاق بن همام الصنعانى. وبين وفاته ووفاة البغوى: مائة وست سنين.
قال أحمد المؤرخ: أخبرنا أبو طالب يحيى بن على الطبيب لفظا بحلوان قال: أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السهمى بجرجان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم قال: حدثنا مهدى بن الحرث حدثنا أبو عبد الله العطار قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا أحمد بن حنبل عن الوليد يعنى ابن مسلم عن زيد بن واقد قال: سمعت نافعا مولى ابن عمر يقول «إن ابن عمر كان إذا رأى مصليا لا يرفع يديه فى الصلاة حصبه، وأمره أن يرفع».
قلت أنا: أخبرنا المبارك أخبرنا محمد أخبرنا ابن حيويه حدثنا عبد الله المروذى قال: سمعت أحمد بن منصور الرّمادى يقول: سمعت عبد الرزاق وذكر أحمد ابن حنبل، فدمعت عيناه فقال: بلغنى أن نفقته نفدت، فأخذت بيده، فأقمته خلف هذا الباب وأشار إلى بابه وما معى ومعه أحد، فقلت: إنه لا يجتمع عندنا الدنانير، وإذا بعنا الغلة شغلناها فى شىء، وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير، فخذها، فأرجو أن لا تنفقها حتى يتهيأ عندنا شىء. قال فقال لى:
يا أبا بكر، لو قبلت شيئا من الناس قبلت منك.
وروى أبو محمد الحسن الخلال: حدثنا محمد بن عمر الدقاق حدثنا جعفر الصندلى حدثنا الهيثم بن خلف حدثنا سعيد بن محمد المصيصى قال: سمعت عبد الرزاق قال لأحمد بن حنبل: وأما أنت: فجزاك الله عن نبيك خيرا.
ومات عبد الرزاق سنة إحدى عشرة ومائتين.
281 - عبد الوهاب بن عبد الحكم ويقال: ابن الحكم بن نافع، أبو الحسن الوراق.
نسائى الأصل. صحب إمامنا أحمد وسمع منه، ومن يحيى
ابن سليم الطائفى، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى روّاد، ومعاذ بن معاذ العنبرى وأنس بن عياض، وغيرهم. روى عنه ابنه الحسن، وأبو داود السجستانى، وابنه عبد الله، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وأبو القاسم البغوى، وخطاب بن بشر، ويحيى بن صاعد، والقاضى المحاملى. وكان صالحا ورعا زاهدا. وذكره أبو الحسين بن المنادى، فقال: كان يسكن الجانب الغربى ببغداد. وحدث بألوف. وكان من الصالحين العقلاء(1/209)
نسائى الأصل. صحب إمامنا أحمد وسمع منه، ومن يحيى
ابن سليم الطائفى، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى روّاد، ومعاذ بن معاذ العنبرى وأنس بن عياض، وغيرهم. روى عنه ابنه الحسن، وأبو داود السجستانى، وابنه عبد الله، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وأبو القاسم البغوى، وخطاب بن بشر، ويحيى بن صاعد، والقاضى المحاملى. وكان صالحا ورعا زاهدا. وذكره أبو الحسين بن المنادى، فقال: كان يسكن الجانب الغربى ببغداد. وحدث بألوف. وكان من الصالحين العقلاء
وقال ابنه الحسن: كان أبى عبد الوهاب إذا وقعت منه قطعة فأكثر لا يأخذها. ولا يأمر أحدا أن يأخذها. فقلت له يوما: يا أبت، الساعة سقطت منك هذه القطعة. فلم لا تأخذها؟ فقال: قد رأيتها، ولكنى لا أعوّد نفسى أن آخذ شيئا من الأرض، كان لى أو لغيرى.
وقال ابنه أيضا: ما رأيت أبى ضاحكا قط إلا متبسما. وما رأيته مازحا قط.
ولقد رآنى مرة وأنا أضحك مع أمى، فجعل يقول: صاحب قرآن يضحك هذا الضحك؟ وإنما كنت مع أمى.
قرأت على المبارك قلت له: حدثك محمد الصورى أخبرنا أبو الحسين القسّامى قال: أملى علينا أحمد بن محمد بن الحجاج المرعشى الأنطاكى: حدثنا محمد بن منصور الحربى حدثنا محمد بن جعفر الراشدى قال: سمعت عبد الوهاب الوراق يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قيل له: وإيش الذى بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا، وأخبرنا.
وأنبأنا الوالد السعيد نور الله ضريحه عن إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا أحمد حدثنا أبو بكر المروذى قال: سمعت عبد الوهاب الوراق يقول: أبو عبد الله إمامنا، وهو من الراسخين فى العلم، إذا وقفت غدا بين يدى الله تعالى، فسألنى:
بمن اقتديت؟ أقول: بأحمد بن حنبل، وأى شىء ذهب على أبى عبد الله من أمر الإسلام؟ وقد بلى منذ عشرين سنة فى هذا الأمر(1/210)
قال: وقال إسحاق بن داود بن صبيح: نحن نقتدى بمن مات: أحمد بن حنبل إمامنا. وهو من الراسخين فى العلم، وأى شىء ذهب على أبى عبد الله من أمر الإسلام؟
قال: وسمعت أبا الحسن على بن مسلم الطوسى وذكر أبا عبد الله فقال ما أعلم أحدا بلى بمثل ما بلى به فصبر، وهو قدوة وحجة لأهل هذا العصر ومن يجىء بعدهم.
وأنبأنا الوالد السعيد حدثنا عبيد الله بن أحمد حدثنا محمد بن العباس حدثنا جعفر الصندلى سمعت خطاب بن بشر يذكر عن عبد الوهاب الوراق قال: لما قال النبى صلى الله عليه وسلم «فردوه إلى عالمه» رددناه إلى أحمد بن حنبل.
ورواه الخطيب فقال: رددناه إلى أحمد بن حنبل. وكان أعلم أهل زمانه
وروى أيضا بإسناده قال: قال عبد الوهاب: ما بلغنا أنه كان للمسلمين جمع أكثر منهم على جنازة أحمد بن حنبل، إلا جنازة فى بنى إسرائيل
وقال المروذى: سمعت أبا عبد الله يقول: عبد الوهاب الوراق رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق.
وقال: مثنى الأنبارى: ذكرت عبد الوهاب لأحمد، فقال: إنى لأدعو الله له. وفى لفظ آخر: قال أحمد: ومن يقوى على ما يقوى عليه عبد الوهاب؟
وقال عبد الوهاب الوراق: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم أقبل، فقال:
ما لى أراك محزونا؟ فقلت: وكيف لا أكون محزونا وقد حل بأمتك ما قد ترى؟
فقال لى: لينتهين الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل، لينتهين الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل.
وقال محمد بن جعفر: سألت عبد الوهاب عن أبى ثور؟ فقال: أتديّن فيه بما حدثنى به أبو طالب عن أبى عبد الله: أنه سأله عنه؟ فقال: يجفى، ويجفى من أفتى برأيه (1).
__________
(1) من الجفوة وهى الهجر.(1/211)
وقال زكريا بن الفرج: سألت عبد الوهاب غير مرة عن أبى ثور؟ فأخبرنى أن أبا ثور جهمى. وذلك: أنه قطع بقول أبى يعقوب الشعرانى. حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم على صورته؟ فقال: إنما هو على صورة آدم، ليس هو على صورة الرحمن.
قال زكريا: فقلت بعد ذلك لعبد الوهاب: ما تقول فى أبى ثور؟ فقال:
ما أدين فيه إلا بقول أحمد بن حنبل: يهجر أبو ثور، ومن قال بقوله.
قال زكريا: وقلت لعبد الوهاب مرة أخرى وقد تكلم قوم فى هذه المسألة «خلق الله آدم على صورته» فقال: من لم يقل: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فهو جهمى.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا أبى قال: قال عبد الوهاب الوراق:
القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال مخلوق فهو كافر، هو والله زنديق
وقال منصور الحربى وغيره: إنه رأى بشر بن الحرث يعنى فى المنام قال: فقلت له: ما فعل أبو نصر التمار، وعبد الوهاب الوراق؟ قال: تركتهما الساعة بين يدى الله عز وجل يأكلان ويشربان، قلت: فأنت؟ قال: علم الله قلة رغبتى فى الأكل والشرب، فأعطانى النظر إليه سبحانه وتعالى.
واختلف فى وفاة عبد الوهاب، فقيل: سنة خمسين ومائتين. وقيل: سنة إحدى وخمسين ومائتين. وهو أثبت. وصلى عليه الأمير الموفق بن المتوكل على الله.
ودفن بباب البردان.
وقال عبد الوهاب: قال أحمد بن حنبل: أحب القراءات إلىّ: نافع، فإن لم: فعاصم.
282 - عبد الملك بن عبد المجيد بن مهران الميمونى الرقى، أبو الحسن.
سمع من ابن علية، وأبى معاوية، وعلى بن عاصم، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، فى آخرين.(1/212)
وذكره أبو بكر الخلال فقال: الإمام فى أصحاب أحمد، جليل القدر.
كان سنه يوم مات: دون المائة، فقيه البدن. كان أحمد يكرمه، ويفعل معه ما كان يفعله مع غيره (1)
قال لى: صحبت أبا عبد الله على الملازمة بن سنة خمس ومائتين إلى سنة سبع وعشرين
قال: وكنت بعد ذلك أخرج وأقدم عليه الوقت بعد الوقت. قال: وكان أبو عبد الله يضرب لى مثل ابن جريج فى عطاء، من كثرة ما أسأله ويقول لى:
ما أصنع بأحد، ما أصنع بك.
وعنده عن أبى عبد الله مسائل فى ستة عشر جزءا، منها جزأين كبيرين بخط جليل مائة ورقة إن شاء الله، أو نحو ذلك، لم يسمعه منه أحد غيرى فيما علمت، من مسائل لم يشركه فيها أحد كبار جياد تجوز الحد، فى عظمتها وقدرها وجلالتها
وكان أبو عبد الله يسأله عن أخباره ومعاشه، ويحثه على إصلاح معيشته، ويعتنى به عناية شديدة. وقدمت عليه ثلاث مرات. وسمعته يقول: ولدت سنة إحدى وثمانين ومائتين.
أخبرنا بركة أخبرنا إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا الخلال حدثنى الميمونى قال: قلت: يا أبا عبد الله، تفرق بين الإسلام والإيمان؟ قال: نعم. قلت: بأى شىء تحتج؟ قال: عامة الأحاديث تدل على هذا. ثم قال «لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن» وقال الله تعالى (49: 14 {قََالَتِ الْأَعْرََابُ آمَنََّا. قُلْ: لَمْ تُؤْمِنُوا، وَلََكِنْ قُولُوا: أَسْلَمْنََا}) وحماد بن زيد كان يفرق بين الإسلام والإيمان، قال: حدثنا أبو سلمة الحرانى قال: قال مالك بن أنس وذكر قولهم وقول حماد بن زيد: فرق بين الإسلام والإيمان. قال ابن حنبل:
لو لم يجئنا فى الإيمان إلا هذا، كان حسنا. قلت لأحمد: فتذهب إلى ظاهر
__________
(1) فى نسخة «ما لا يفعله مع غيره»(1/213)
الكتاب مع السنن؟ قال: نعم. قلت: فإذا كانت المرجئة تقول: الإسلام هو القول؟ قال: هم يصيّرون هذا كله واحدا، ويجعلونه مسلما مؤمنا واحدا، على إيمان جبريل، مستكمل الإيمان. قلت: فمن ههنا حجتنا عليهم؟ قال: نعم.
وقال الميمونى: سألت أبا عبد الله عن مسائل. فكتبتها، فقال: إيش تكتب يا أبا الحسن؟ فلولا الحياء منك ما تركتك تكتبها. وإنه علىّ لشديد. والحديث أحب إلى منها. قلت: إنما تطيب نفسى فى الحمل عنك: أنك تعلم منذ مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لزم أصحابه قوم، ثم لم يزل يكون للرجل أصحاب يلزمونه ويكتبون. قال: من كتب؟ قلت: أبو هريرة. قال «وكان عبد الله بن عمرو يكتب، ولم أكتب. فحفظ وضيعت» فقال لى: هذا الحديث. فقلت له:
فما المسائل إلا حديث، ومن الحديث تشتق. قال لى: اعلم أن الحديث نفسه لم يكتبه القوم. قلت: لم لا يكتبون؟ قال: لا. إنما كانوا يحفظون ويكتبون السنن إلا الواحد بعد الواحد، الشىء اليسير منه. فأما هذه المسائل تدون وتكتب فى ديوان الدفاتر، فلست أعرف فيها شيئا. وإنما هو رأى، لعله قد يدعه غدا، وينتقل عنه إلى غيره. ثم قال لى: انظر إلى سفيان ومالك، حين أخرجا ووضعا الكتب والمسائل: كم فيها من الخطأ؟ وإنما هو رأى يرى اليوم شيئا، وينتقل عنه غدا والرأى قد يخطىء. فإذا صار إلى هذا الموضع. دار هذا الكلام بينى وبينه غير مرة.
وقال لى أبو عبد الله، وأنا أكتب عنه المسائل: يا أبا الحسن، ما كنت أكتب من هذا شيئا إلا شيئا يسيرا عن عبد الرحمن، ربما كتبت المسألة.
قال أبو بكر الخلال: وفى مسائل الميمونى شىء كثير، يقول فيها: قرأت على أبى عبد الله كذا وكذا، فأملى على كذا، يعنى الجواب.
وقال الميمونى: سألت أحمد: أيما أحب إليك: أبدأ ابنى بالقرآن، أو بالحديث؟ قال: لا، بالقرآن، القرآن. قلت: أعلمه كله؟ قال: إلا أن يعسر عليه فتعلمه منه. ثم قال: إذا قرأ أو لا تعود القراءة ولزمها.(1/214)
وقال الميمونى: سمعت أبا عبد الله يقول بعد التسليم من الصلاة: سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وقال الميمونى: صليت خلف أبى عبد الله، وكنت أسبح فى الركوع والسجود عشر تسبيحات وأكثر.
قلت لأحمد: اجتمع عيدان فى يوم: أيكفى أحدهما من الآخر؟ قال: أما الإمام فيجمعهما جميعا. ومن شاء ذهب فى الآخر ومن شاء قعد.
قلت لأحمد: من قتل نفسه يصلى عليه الإمام؟ قال: لا يصلى الإمام على من قتل نفسه، ولا على من غلّ. قلت: فالمسلمون؟ قال: يصلون عليهما.
قلت لأحمد: تحج المرأة من مكة إلى منى بغير محرم؟ قال: لا يعجبنى، قلت:
لم؟ قال: لأن مذهبنا لا تسافر امرأة سفرا إلا مع ذى محرم.
وسمعت أحمد يقول: يجهر بالقراءة فى كسوف الشمس والقمر.
وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود. فأما المرأة: فأرجو أن لا تنقطع
وسمعت أحمد يقول: إذا دخل فى اليهودية وهو نصرانى رددته إلى النصرانية، ولم أدعه على اليهودية.
وقال الميمونى: سألت أبا عبد الله عمن حلف على يمين، ثم احتال لإبطالها؟
فقال: نحن لا نرى الحيلة.
وأنبأنا الحسن بن على الجوهرى قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهرى الفقيه حدثنا أبو عروبة الحسين بن محمد الحرانى قال: سمعت الميمونى يقول:
سمعت أحمد بن حنبل وقيل له: إلام تذهب فى الخلافة؟ فقال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم. قال: فقيل له: كأنك تذهب إلى حديث سفينة؟
قال: أذهب إلى حديث سفينة وإلى شىء آخر، رأيت عليّا فى زمن أبى بكر وعمر وعثمان: لم يسمّ أمير المؤمنين، ولم يقم الجمع والحدود، ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل ذلك. فقلت: إنه قد وجب له فى ذلك الوقت ما لم يكن قد وجب له قبل
ذلك. قال الميمونى: ما رأيت أبا عبد الله قط مرخى الكمين، يعنى فى المشى.(1/215)
قال: أذهب إلى حديث سفينة وإلى شىء آخر، رأيت عليّا فى زمن أبى بكر وعمر وعثمان: لم يسمّ أمير المؤمنين، ولم يقم الجمع والحدود، ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل ذلك. فقلت: إنه قد وجب له فى ذلك الوقت ما لم يكن قد وجب له قبل
ذلك. قال الميمونى: ما رأيت أبا عبد الله قط مرخى الكمين، يعنى فى المشى.
وقال الميمونى: رأيت أبا عبد الله يوما صائفا وعليه قميص مشدود الإزار.
وقال الميمونى: سمعت أبا عبد الله يقول: العلم كثير، وربما انقطع منه القليل.
وهو أمر إن لم تقطعه لم ينقطع. وله مسائل كثيرة. وفيما ذكرناه مقنع.
283 - عبد الملك بن محمد بن عبد الله، أبو قلابة الرّقاشى البصرى.
ذكره أبو الحسين بن المنادى، فقال: حدثنا أبو قلابة الرقاشى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنى أبو المغيرة الحمصى حدثنا عثمان بن عبيد الدّوسى عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالى عن عمرو بن عبسة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «شر قبيلتين فى العرب نجران وبنو تغلب»
وقد حدث الرقاشى عن يزيد بن هارون، ومالك بن أنس، وروح بن عبادة وعلى بن عاصم، فى آخرين. روى عنه أبو بكر النجاد، وابن السماك وأبو سهل ابن زياد القطان، وغيرهم.
ومات سنة ست وسبعين ومائتين فى شوال، وصلّى عليه فى المصلى العتيق.
ودفن خارج باب السلام. نقلت أنا ذلك من تاريخ ابن المنادى.
284 - عبد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمران، أبو يحيى القطان العاقولى.
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: جليل كبير، عنده جزءان صغيران مسائل حسان مشبعة. وأخبرنى أنه قال: كنت مع أحمد، فجعلت أتأخر عنه فى الصف إجلالا له، فوضع يده على يدى، فقدمنى إلى الصف.
قال: وسمعت أحمد يقول فى الكفار: إذا أحرقوا غلتنا فعلنا بهم ذلك لأنهم يكافئون على أفعالهم، وإلا فلا تحرق بيوتهم، ولا يقطع شجرهم. وكذا فى حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه «ولا تحرق نخلا» وذلك أنه إذا قطع
الشجر وحرق: لم يجدوا فى الموضع الذى أحرق ما يأكلون. ففيه مضرة.(1/216)
قال: وسمعت أحمد يقول فى الكفار: إذا أحرقوا غلتنا فعلنا بهم ذلك لأنهم يكافئون على أفعالهم، وإلا فلا تحرق بيوتهم، ولا يقطع شجرهم. وكذا فى حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه «ولا تحرق نخلا» وذلك أنه إذا قطع
الشجر وحرق: لم يجدوا فى الموضع الذى أحرق ما يأكلون. ففيه مضرة.
فلهذا كره.
قال: وسألت أبا عبد الله عن التعريف بهذه القرى، مثل جرجراى ودير العاقول؟ فقال: قد فعله ابن عباس بالبصرة، وعمرو بن حريث بالكوفة. وهو دعاء. قيل له: يكثر الناس؟ قال: وإن كثروا. هو دعاء وخير. وقد كان يفعله محمد بن واسع وابن سيرين والحسن وذكر جماعة من البصريين.
وذكره ابن ثابت. فقال: سافر إلى بغداد، وواسط، والبصرة، والكوفة، والشام، ومصر. وسمع مسلم بن إبراهيم الأزدى، وسليمان بن حرب، والفضل ابن دكين وغيرهم.
ومات بدير العاقول فى شعبان سنة ثمان وسبعين. وكان ثقة ثبتا. حدث عنه جماعة، منهم أبو بكر بن داود الفقيه.
285 - عبد السلام.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: قلت لأبى عبد الله: إن بطرسوس رجلا قد سمع رأى عبد الله بن المبارك يفتى به. قال: هذا من ضيق علم الرجل، يقلد دينه رجلا، لا يكون واسعا فى العلم (1).
286 - عبد الصمد بن أبي سليمان بن أبى مطر.
روى عن إمامنا أشياء.
فيما قرأته فى كتاب عمر العكبرى بخطه حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا محمد ابن نعيم حدثنا عبد الصمد بن سليمان بن أبى مطر. قال: بت عند أحمد بن حنبل فوضع لى صاخرة (2) ماء. قال: فلما أصبحت وجدنى لم أستعمله، فقال: صاحب حديث لا يكون له ورد بالليل؟ قال: قلت مسافر. قال: وإن كنت مسافرا.
حج مسروق فما نام إلا ساجدا.
__________
(1) تأمل هذا فى قول الإمام أحمد، وقارن بينه وبين قول الميمونى وغيره فيما تقدم.
(2) فى القاموس: الصاخرة إناء من خزف.(1/217)
287 - عبد الصمد بن يحيى.
نقل عن إمامنا أشياء.
فيما أنبأنا محمد بن المهتدى بالله عن محمد بن أخى ميمى قال: أخبرنا على بن محمد الموصلى. قال: أخبرنا موسى بن محمد الغسانى. قال: حدثنى أبو بكر المروذى.
قال: حدثنى عبد الصمد بن يحيى. قال قال لى شاذان: اذهب إلى أبى عبد الله، فقل: ترى لى أن أحدث بحديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: «رأيت ربى عز وجل فى صورة شاب»؟ قال: فأتيت أبا عبد الله، فقلت له، فقال لى:
قل له: تحدث به. قد حدث به العلماء.
288 - عبد الصمد بن محمد العبادانى.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء.
منها: سمعت أحمد بن حنبل يقول: دخلت عبادان سنة ست وثمانين فى العشر الأواخر. وكنت دخلت إلى المعتمر فى تلك السنة. وكان بها رجل يتكلم. قلت له: هداب؟ قال: نعم. وكان بها أبو الربيع. فكتبت عنه. قلت: الأعرج؟
قال: الواسطى
289 - عبد الصمد بن الفضل.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن عمر بن شاهين أخبرنا أبو عبد الله ابن معمر البلخى حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير الكلبى؟ فقال أحمد: من أوله إلى آخره كذب. فقيل له: فيحل النظر فيه؟ فقال: لا
290 - عبد الخالق بن منصور.
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من كان عنده كتاب الحيل فى بيته يفتى به: فهو كافر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم.(1/218)
ذكر من اسمه عمر
291 - عمر بن حفص السدوسى، أبو بكر.
ذكره أبو بكر الخلال فى جملة الأصحاب.
أخبرنا المبارك أخبرنا إبراهيم أخبرنا الحسن بن حامد أخبرنا حبيب القزاز قال: سمعت أبا بكر عمر بن حفص السدوسى قال: سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل من أهل أرمينية، فقال: نحن بأرض غصب ولى بها عيال؟ قال: إن خرجوا معك، وإلا فاخرج أنت.
قال: ورأيت أحمد يمشى أمام الجنازة. ورأيته يكبر على الجنازة أربعا.
ورأيته لما بلغ المقابر خلع نعليه. ورأيته لما حثا التراب على الميت انصرف ولم يجلس
292 - عمر بن صالح البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال من جملة الأصحاب وقال: أخبرنى أن أحمد بن حنبل قال: يأتى على المؤمن زمان إن استطاع أن يكون حلسا فليفعل. قلت: ما الحلس؟ قال: قطعة مسح فى البيت ملقى.
وقال: سمعت أحمد أيضا يقول: قل لمن لا يصدق: لا تتبعنا.
وقال عمر بن صالح: سألت أبا عبد الله: بم تلين القلوب؟ فأبصر إلى، ثم أبصر إلىّ. ثم أطرق إلىّ ساعة، فقال: بأى شىء؟ بأكل الحلال. فذهبت إلى أبى نصر بشر، فقلت له: يا أبا نصر، بأى شىء تلين القلوب؟ فقال (13: 28 {أَلََا بِذِكْرِ اللََّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}) فقلت له: فإنى قد سألت أبا عبد الله، فتهلل وجهه لذكرى لأبى عبد الله. قال: سألته؟ قلت: نعم. قال: هيه قلت: قال لى:
بأكل الحلال. قال: جاءك بالأصل. كما قال: قال: فذهبت إلى عبد الوهاب، فقلت: يا أبا الحسن، بم تلين القلوب؟ فقال ({أَلََا بِذِكْرِ اللََّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}) فقلت: قد سألت أبا عبد الله، فاحمر وجهه من فرحه بأحمد. فقال: سألت أبا عبد الله؟ قلت: نعم. قال: هيه. قلت: قال لى: بأكل الحلال. فقال لأصحابه:
أما تسمعون؟ أجابه بالجوهر، أجابه بالجوهر. الأصل كما قال، الأصل كما قال.(1/219)
بأكل الحلال. قال: جاءك بالأصل. كما قال: قال: فذهبت إلى عبد الوهاب، فقلت: يا أبا الحسن، بم تلين القلوب؟ فقال ({أَلََا بِذِكْرِ اللََّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}) فقلت: قد سألت أبا عبد الله، فاحمر وجهه من فرحه بأحمد. فقال: سألت أبا عبد الله؟ قلت: نعم. قال: هيه. قلت: قال لى: بأكل الحلال. فقال لأصحابه:
أما تسمعون؟ أجابه بالجوهر، أجابه بالجوهر. الأصل كما قال، الأصل كما قال.
293 - عمر بن سليمان أبو حفص المؤدب.
صحب إمامنا. وروى عنه أشياء
منها قال: صليت مع أحمد بن حنبل فى شهر رمضان التراويح. وكان يصلى به ابن عمير. فلما أوتر: رفع يديه إلى ثدييه، وما سمعنا من دعائه شيئا، ولا من أحد ممن كان فى المسجد. وكان فى المسجد سراج على الدرجة، لم يكن فيه قنديل، ولا حصير، ولا خلوق.
294 - عمر بن عبد العزيز، جليس بشر بن الحارث.
ذكره أبو محمد الخلال فى جملة الأصحاب.
295 - عمر بن مدرك، أبو حفص الفاص.
نقل عن إمامنا أشياء.
قال أبو بكر الخلال: سمعته يقول: قدمت من خراسان فقال لى أحمد بن حنبل: أبطأت فى رحلتك. قلت: أقمت على كتب ابن المبارك. فقال: حسبك بها، ولا تبالى أن تسمع غيرها.
296 - عمر بن بكار القافلاني.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل رضى الله عنه يقول: إن لم يكن أصحاب الحديث الأبدال، فمن؟
297 - عمر الناقد.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: لما قدم سليمان الشاذكونى بغداد، قال لى أحمد بن حنبل: اذهب بنا إلى سليمان، نتعلم منه نقد الرجال
وقال عمر الناقد: ما كان فى أصحابنا أحد أحفظ للأبواب من أحمد بن حنبل، ولا أسرد للحديث من ابن الشاذكونى، ولا أعلم بالإسناد من يحيى. ما قدر أحد أن يقلب عليه إسنادا قط.(1/220)
ذكر من اسمه عثمان
298 - عثمان بن سعيد بن خالد السجستانى، أبو سعيد.
ذكره أبو محمد الخلال فى الأصحاب
299 - عثمان بن صالح بن عبد الله وقيل: ابن عبد ربه بن حرّذاذ الأنطاكى.
قال أبو بكر الخلال: جليل القدر. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل.
سمعناها منه، يغرب فيها.
قال عثمان: رأيت لأحمد بن حنبل مطهرة من خزف مخمرة بقطعة بارية بالنهار
300 - عثمان بن أحمد الموصلى.
صحب إمامنا، وروى عنه أشياء
منها: ما نقلته من المجموع لأبى حفص البرمكى، قال: كان أبو عبد الله أحمد ابن حنبل فى جنازة. فلما انتهى إلى القبر رأى رجلا يقرأ على قبر. فقال: أقيموه، وقائم إلى جنبه محمد بن قدامة الجوهرى، فقال له: يا أبا عبد الله، كيف مبشر بن إسماعيل عندك؟ فقال: ثقة. فقال: فإنه حدثنا عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال: قال لى: إنى إذا أنا مت فوضعتنى فى لحدى فسوّ قبرى، واقعد عند قبرى، واقرأ فاتحة سورة البقرة وخاتمتها. فإنى رأيت عمر يفعل ذلك. فقال أبو عبد الله: ابعثو إلى ذاك فردوه (1).
__________
(1) عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج، ليس له فى الكتب الستة إلا حديث واحد عند الترمذى عن أبيه عن عائشة فى التشديد عند الموت. وهو لم يدرك عمر ابن الخطاب. فهو منقطع، ولا يعرف هذا عن عمر. وقال الترمذى: سألت أبا زرعة عن هذا الحديث، قلت له: من عبد الرحمن بن العلاء؟ قال: هو ابن العلاء بن اللجلاج. وإنما أعرفه من هذا الوجه(1/221)
301 - عثمان بن الحارثى النخاس.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفضل التابعين: سعيد بن المسيب.
فقال له رجل: فعلقمة والأسود؟ فقال: سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود.
ذكر من اسمه علي
302 - على بن أحمد الأنماطى.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء.
منها قال: سئل أحمد بن حنبل: ما يقول الرجل بين التكبيرتين فى العيدين؟
قال: يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. واغفر لنا وارحمنا. وكذلك يروى عن ابن مسعود.
303 - على بن أحمد بن بنت معاوية بن عمرو.
أبو الحسن البغدادى.
ذكره ابن ثابت التمار من جملة الأصحاب. وقيل: يكنى بأبى غالب، مدفون عند رجل أحمد. وهو الأشهر. نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سئل أحمد وأنا أسمع عن أبى حذيفة البصرى؟ فقال: كان كثير الغلط، وقال بيده هكذا.
304 - علي بن أحمد بن النضر الأزدى، أبو غالب.
ذكره أبو محمد الخلال من جملة الأصحاب.
305 - على بن حجر.
سأل إمامنا عن أشياء.
منها عن المسح على أعلى الخف أو أسفله؟ فقال أحمد: نحن نرى أعلاه.
306 - على بن زكريا التمار.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سئل أحمد عن الرجل يكون له البنات، وليس له ولد ذكر، فيتصدق بماله عليهن؟ فقال: لا يعجبنى هذا. يفر من العصبة.(1/222)
307 - على بن الحسن الهسيجانى الرازى.
محدث جليل. روى عن أحمد التاريخ.
308 - على بن الحسن المصرى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أحمد عن العود والطّنبور والطبل، يراه الرجل مكشوفا؟
قال: يكسره. قال: وسألته عن رجل يكون له والد، يكون جالسا فى بيت مفروش بالديباج، يدعوه ليدخل عليه. قال: لا يدخل عليه. قلت: يأبى عليه والده إلا أن يدخل؟ قال: يقلب البساط من تحت رجله ويدخل.
309 - على بن الجهم
سأل إمامنا عن أشياء.
منها: ما نقلته من كتاب القدر لعبد العزيز: حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبى وسأله على بن الجهم عمن قال بالقدر: يكون كافرا؟ قال أبى: إذا جحد العلم، إذا قال: إن الله لا يعلم، أو لم يكن عالما حتى خلق علما فعلم، فجحد علم الله. فهو كافر.
310 - على بن الحسن بن زياد.
قال: كان أبى صديقا لأحمد بن حنبل. فركبه الدين، فوجه بى إلى أحمد ابن حنبل فقال: قل له: يا أبا عبد الله، قد ركبنى الدين، فترى لى أن أعمل مع هؤلاء بقدر ما أقضى دينى؟ قال: فقال لى: قل له: لا يموت بدينه، ولا يعمل معهم. قل له: يلقى الله عز وجل ولا يعمل معهم.
ذكره الخلال فى كتاب السير.
311 - على بن حرب الطائى
: ذكره أبو محمد الخلال فى جملة الأصحاب
قلت أنا: وقد حدث عن سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، ومن فى طبقتهما. روى عنه جماعة، منهم ابنه محمد، وأحمد بن سليمان العبادانى، وغيرهما.(1/223)
312 - على بن سعيد بن جرير النسوى
، أبو الحسن، ذكره أبو بكر الخلال فقال: كبير القدر، صاحب حديث، كان يناظر أبا عبد الله مناظرة شافية. روى عن أبى عبد الله جزأين مسائل. وقد كنت تعبت فيها. سمعت بعضها بنزول
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد النيسابورى حدثنا زنجويه بن محمد بن الحسن بن اللّباد الرجل الصالح، بنيسابور حدثنا أبو الحسن على بن سعيد بن جرير النسوى سنة ست وخمسين ومائتين حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يزيد بن هارون عن أيوب عن ابن العلاء عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «أفطر الحاجم والمحجوم»
وبه قال: وسئل أحمد وأنا أسمع أىّ الحديث أثبت فى هذا الباب؟ فقال:
حديث ثوبان. رواه غير واحد. فقيل له: حديث رافع؟ فقال: إنما رواه عبد الرزاق وحده. فقيل له: إن احتجم؟ قال: عليه القضاء. فقلت: على الحاجم والمحجوم؟
قال: نعم. هكذا جاء الحديث.
قال: وسمعت أحد، وسئل إن جامع ناسيا؟ قال: عليه الكفارة
وسمعت أحمد يقول، وسئل عن القصر فى السفر والإفطار: عندك واحد؟
قال: القصر أوكد، وقد صام بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر آخرون فى غزوة حنين، فلم يعب بعضهم على بعض، ولا أعلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أحدا كان يتم، إلا أن تكون عائشة. والإفطار أعجب إلينا.
وسألت أحمد عن المرأة تتزوج بغير ولى؟ فقال: يفرق بينهما، أو يستقبلوا النكاح.
وسألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وهو وليها؟ قال: لا، ولكن يولى أمرها رجلا. وتولى هى أيضا، فيزوجه ذلك الرجل.
وسمعت أحمد، وسئل عن الرجل يعرف بكذبة واحدة، هل يكون فى
موضع العدالة؟ قال: لا، الكذب أشد من ذلك. فقيل له: فإذا تاب عنه بعد ذلك، وطال عليه الأمر؟ قال: إن كان قد تاب وظهرت منه التوبة وعرف منه الرجوع. الكذب شديد.(1/224)
وسمعت أحمد، وسئل عن الرجل يعرف بكذبة واحدة، هل يكون فى
موضع العدالة؟ قال: لا، الكذب أشد من ذلك. فقيل له: فإذا تاب عنه بعد ذلك، وطال عليه الأمر؟ قال: إن كان قد تاب وظهرت منه التوبة وعرف منه الرجوع. الكذب شديد.
وسألت أبا عبد الله عن القراءة بالألحان؟ فقال: لا يعجبنى، هو محدث
313 - على بن سهل بن المغيرة البزار، أبو الحسن النسائى.
ذكره أبو بكر الخلال من جملة الأصحاب البغداديين
نقلت من التاريخ، قال أبو بكر الخلال: أخبرنا على بن سهل بن المغيرة البزار قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن خلف بن سالم؟ فقال: لا يشك فى صدقه
ونقلت من تاريخ ابن المنادى قال: مات سنة إحدى وسبعين ومائتين.
وكان صاحب عفّان.
314 - على بن شوكر.
ذكره أبو محمد الخلال من جملة الأصحاب
قال الأبار: حدثنا على بن شوكر قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
كان عمرو بن الأزهر يضع الحديث.
وقلت أنا: أخبرنا عمر وهو ابن سعيد العتلى بصرى الأصل سكن واسطا. ثم انتقل إلى بغداد فى آخر عمره فاستوطنها
315 - على بن عبد الله بن جعفر بن نجيح ابن المدينى أبو الحسن الحافظ المبرز.
بصرى الدار. حدث عن حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، وإمامنا أحمد
قال أبو بكر نزيل دمشق فى «السابق واللاحق» حدث عن أحمد بن حنبل:
أبو الحسن على بن عبد الله المدينى. وبين ووفاته ووفاة البغوى: ثلاث وثمانون سنة.(1/225)
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا أحمد بن محمد بن زياد حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا على بن عبد الله هو ابن المدينى حدثنا أحمد بن محمد هو ابن حنبل حدثنا إبراهيم بن خالد عن رباح عن عمر بن حبيب عن عمرو بن دينار عن طاووس عن حجر بن قيس المدرى عن زيد بن ثابت قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تحل الرّقبى. فمن أرقب شيئا فهو له»
وبه: حدثنا عبد الباقى بن قانع حدثنا عبد الله بن محمد بن على البلخى حدثنا أبو بكر الأعين حدثنا على بن المدينى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الطفيل عن معاذ قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك: إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخّر الظهر إلى العصر، ويصليهما جميعا. وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار. وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب وصلاها مع العشاء. وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء، وصلاها مع المغرب»
وبه: حدثنا عبد المؤمن بن خلف الخصيب عن سهل بن المتوكل قال: سألت على بن المدينى عن حديث؟ فلم يحدثنى به، وقال: نهانى سيدى أحمد بن حنبل أن أحدث إلا من كتاب
وقال على بن المدينى: قال لى أحمد بن حنبل: إنى لأحب أن أصحبك إلى مكة، فما يمنعنى إلا أنى أخاف أن أملّك أو تملّنى. فلما ودعته قلت: يا أبا عبد الله، توصينى بشىء؟ قال: نعم، ألزم التقوى قلبك، واجعل الآخرة أمامك.
أنبأنا الحسن بن على الجوهرى قال أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا محمد بن يونس بن موسى حدثنا على بن المديني قال: قال لى أحمد بن حنبل: إنى أحب أن أصحبك إلى مكة، وما يمنعنى من ذلك إلا أنى أخاف أن أملّك أو تملنى. قال: فلما ودعته قلت: يا أبا عبد الله، توصينى بشىء؟ قال: نعم، ألزم التقوى قلبك، وانصب الآخرة أمامك(1/226)
وأنبأنا القاضى الشريف أبو الحسين محمد بن على بن المهتدى بالله قال:
أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسن بن محمد بن الشاة التميمى قال: سمعت أحمد بن سعيد البغدادى يقول: سمعت صعصعة بن الحسن يقول: سمعت أبا شعيب الحرانى يقول: سمعت على بن المدينى يقول: قال لى سيدى أحمد بن حنبل:
لا تحدث إلا من كتاب
وقال ابراهيم الحربى: قد سمع على بن المدين من أحمد. وكان فى كتبه:
سمعت أحمد، وقال لى أحمد، وحدثنا أحمد
قرأت فى كتاب الخطيب: أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن الطبرانى حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال سمعت على بن المدينى يقول: أحمد بن حنبل سيدنا
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن الحسين بن إبراهيم الخفاف حدثنا أبو الحسن على بن أحمد الصوفى فى مجلس ابن مالك قال: حدثنا أبو يعلى الموصلى وأنا أسمع قال: سمعت على بن المدينى يقول: إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين، ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة
قال الخطيب: وحدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال: سمعت أبا بكر الخلال يقول: حدثنى الميمونى قال: سمعت على بن المدينى يقول: ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قام أحمد بن حنبل. قال قلت له:
يا أبا الحسن، ولا أبو بكر الصديق؟ قال: ولا أبو بكر الصديق. لأن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب
أنبأنا المبارك عن إبراهيم عن عبد العزيز أخبرنا أحمد الخلال أخبرنا محمد بن الحسن بن حيدرة البزاز حدثنا محمد بن الحسن بن الأعرابى قال: سمعت على بن المدينى يقول: لأن أسأل أحمد بن حنبل عن مسألة، فيفتينى: أحب إلىّ من أن أسأل أبا عاصم النبيل وابن داود، إن العلم ليس بالسن، إن العلم ليس بالسن.
أخبرنا أبو الحسين المحدث أخبرنا محمد الحريرى أخبرنا ابن حيويه حدثنا
عبد الله بن محمد بن إسحاق المروذى قال: سمعت محمد بن عبد ربه الزراع قال سمعت على بن المدينى يقول وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو عندى أفضل من سعيد بن جبير فى زمانه. لأن سعيدا كان له نظراء، وإن هذا ليس له نظير.(1/227)
أخبرنا أبو الحسين المحدث أخبرنا محمد الحريرى أخبرنا ابن حيويه حدثنا
عبد الله بن محمد بن إسحاق المروذى قال: سمعت محمد بن عبد ربه الزراع قال سمعت على بن المدينى يقول وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو عندى أفضل من سعيد بن جبير فى زمانه. لأن سعيدا كان له نظراء، وإن هذا ليس له نظير.
قلت أنا: قدم على بن المدينى بغداد، فحدث بها. فروى عنه: يحيى بن معين، وصالح بن أحمد بن حنبل، وحنبل بن عم أحمد، والبخارى، وابراهيم الحربى، فى آخرين.
قرأت فى كتاب أحمد بن على بن ثابت بإسناده: قال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربعة: أبى بكر بن أبى شيبة، أسردهم له. وأحمد بن حنبل أفقههم فيه. وعلى بن المدينى أعلمهم به. ويحيى بن معين أكتبهم له.
أخبرنا أحمد نزيل دمشق أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد قال: سمعت محمد بن محمد بن العباس يقول: سمعت جدى أحمد بن عبد الله يقول: سمعت جدى محمد بن يوسف يقول: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول:
ما استصغرت نفسى عند أحد إلا عند على بن المدينى
ومات سنة أربع وثلاثين ومائتين. بسرّ من رأى.
316 - على بن عبد الله الطيالسى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: مسحت يدى على أحمد بن حنبل، ثم مسحت يدى على بدنى وهو ينظر، فغصب غضبا شديدا، وجعل ينفض نفسه، ويقول: عمن أخذتم هذا؟ وأنكره إنكارا شديدا
317 - علي بن عبد الصمد الطيالسى البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان يسكن قطيعة الربيع. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة
أخبرنا عبد الله بن اسماعيل قال: سمعت على بن عبد الصمد الطيالسى يقول رأيت أحمد بن حنبل إذا سئل عن مسألة يقول: قال إبراهيم. قال الشعبى. قال فلان. قال فلان كذا، كأنه سيل ينزل من السماء، من حضور جوابه، والفهم والحفظ
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا على بن عبد الصمد الطيالسى قال: سألت أحمد بن حنبل عن الصلاة خلف من يقرأ بقراءة حمزة؟ فقال: أكرهه. قلت: يا أبا عبد الله، إذا لم يدغم ولم يكسر؟ قال: إذا لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع، فلا بأس به.(1/228)
أخبرنا عبد الله بن اسماعيل قال: سمعت على بن عبد الصمد الطيالسى يقول رأيت أحمد بن حنبل إذا سئل عن مسألة يقول: قال إبراهيم. قال الشعبى. قال فلان. قال فلان كذا، كأنه سيل ينزل من السماء، من حضور جوابه، والفهم والحفظ
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا على بن عبد الصمد الطيالسى قال: سألت أحمد بن حنبل عن الصلاة خلف من يقرأ بقراءة حمزة؟ فقال: أكرهه. قلت: يا أبا عبد الله، إذا لم يدغم ولم يكسر؟ قال: إذا لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع، فلا بأس به.
318 - على بن عبد الصمد المكى
قال أبو بكر الخلال: أخبرنى أنه قال لأحمد فى مجلس سمع فيه الحديث، وأنا لا أنظر فى النسخة فأقول: حدثنا. مثل الصك، إذا لم ينظر فيه، فيشهدون.
فقال: لو نظرت فى الكتاب كان أطيب لنفسك.
319 - على بن عثمان بن سعيد بن نفيل الحرانى، ورع.
عنده عن إمامنا أشياء. سمع منه أبو بكر الخلال وغيره
قال: سمعت أبا عبد الله يقول: شر الحديث الغرائب التى لا يعمل بها، ولا يعتمد عليها
قال: وقلت لأحمد: إن أبا قتادة كان يتكلم فى وكيع، وعيسى بن يونس، وابن المبارك؟ فقال: من كذّب أهل الصدق فهو الكاذب
320 - على بن الفرات الأصبهانى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سمعت على بن الفرات الأصبهانى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق
321 - على بن محمد المصرى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يؤكل الطعام لثلاث: مع الأخوان بالسرور، ومع الفقراء بالإثيار، ومع أبناء الدنيا بالمروءة
322 - على بن محمد القرشي.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما أخبرنا أحمد بن عبيد الله قال: حدثنا إسماعيل البيهقى قال: حدثنا
على بن محمد الشيخ الصالح قال: أخبرنى أبو نعيم حدثنا الحسين بن محمد قال حدثنى إبراهيم بن محمد بن ابراهيم بن القاص قال: حدثنى أبو عبد الله الجوهرى قال: حدثنى يوسف بن يعقوب بن الفرج قال: سمعت على بن محمد القرشى يقول: لما قدّم أحمد بن حنبل ليضرب بالسياط أيام المحنة، كنت حاضرا، وقد جرّد. فبينا هو يضرب إذ انحلّ السراويل. فجعل يحرك شفتيه ثلاث مرات.(1/229)
منها: ما أخبرنا أحمد بن عبيد الله قال: حدثنا إسماعيل البيهقى قال: حدثنا
على بن محمد الشيخ الصالح قال: أخبرنى أبو نعيم حدثنا الحسين بن محمد قال حدثنى إبراهيم بن محمد بن ابراهيم بن القاص قال: حدثنى أبو عبد الله الجوهرى قال: حدثنى يوسف بن يعقوب بن الفرج قال: سمعت على بن محمد القرشى يقول: لما قدّم أحمد بن حنبل ليضرب بالسياط أيام المحنة، كنت حاضرا، وقد جرّد. فبينا هو يضرب إذ انحلّ السراويل. فجعل يحرك شفتيه ثلاث مرات.
فرأيت يدين خرجتا من تحته، وهو يضرب، فشدتا سراويله. فلما فرغوا من الضرب وحطّوه: قمت إليه، وقلت: يا أبا عبد الله، ما كنت تقول حين انحل السراويل؟ قال: قلت: يا من لا يعلم العرش أين هو إلا هو، إن كنت تعلم أنى على الحق: فلا تبد عورتى
323 - على بن موفق، أبو الحسن العابد.
حدث عن منصور بن عمار، وأحمد بن أبى الحوارى. روى عنه أحمد بن مسروق الطوسى، وعباس بن يوسف الشّكلى، فى آخرين. وهو عزيز الحديث. وكان ثقة
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال أخبرنا عبد العزيز الأزجى حدثنا على بن جهضم حدثنا محمد بن الحسين بن عبد الله حدثنا العباس بن يوسف حدثنى على بن الموفق قال: كنت ليلة فى المسجد الحرام، فقلت: يا سيدى، كم تردنى، وكم تتعبنى؟ أقبضنى إليك، وأرحنى (1). فبينا أنا نائم إذ رأيت رب العزة عز وجل فى النوم يقول لى: يا على بن الموفق، أرأيت لو أنك بنيت دارا: من كنت تدعو إليها:
من تحبّ، أم من تكره؟ فقلت: لا، يا رب، بل من أحب. فقال عز وجل:
يا على بن موفق، قد دعوناك إلى دارنا
نقل عن إمامنا أشياء. منها قال: سئل أحمد عن الصلاة خلف من يشرب النبيذ الذى يلقى فيه الذّاذى والاكشوث (2) واللوز المر؟ فقال أحمد: لا تصلى خلف
__________
(1) تمنى الموت معصية. نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصحيح.
(2) الذاذى بمعجمتين نبت يلقى منه فى النبيذ، يعجل تخمره ليسكر. أما الداذى بدال مهملة، ثم ذال معحمة فهو نوع من الخمر. والأكشوت بالشين والثاء المثلثة نبات يشبه الليف المكى له زهر صغار بيض فيه مرارة(1/230)
من يشرب هذا، ولا خلف من يجلس إلى من يشرب هذا.
قرأت فى بعض الكتب: أنه حج ستين حجة، وقال: اللهم إن كنت تعلم أنى أعبدك خوفا من نارك فعذبنى بها. وإن كنت تعلم أنى أعبدك طمعا فى جنتك فاحرمنيها. وإن كنت تعلم أنى أعبدك حبا منى لك وشوقا إلى وجهك الكريم فأبحنيه مرة، واصنع بى ما شئت (1)
ونقلت من كتاب المكى قال: حدثت عن على بن موفق قال: رأيت فى النوم كأنى أدخلت الجنة. فرأيت رجلا قاعدا على مائدة، وملكان عن يمينه وشماله يلقمانه من جميع الطيبات، وهو يأكل. ورأيت رجلا قائما على باب الجنة يتصفح وجوه قوم فيدخل بعضا ويرد بعضا. قال: ثم جاوزتهما إلى حظيرة القدس.
فرأيت فى سرادق العرش رجلا قد شخص بصره ينظر إلى الله عز وجل، لا يطرق.
فقلت لرضوان: من هذا؟ فقال: هذا معروف الكرخى، عبد الله عز وجل لا خوفا من ناره ولا شوقا إلى جنته بل حبا له. فأباحه النظر إليه عز وجل.
وذكر الآخرين: بشر بن الحارث، وأحمد بن حنبل (2)
وقال على بن موفق: خرجت يوما لأؤذن، فأصبت قرطاسا، فأخذته ووضعته فى كمى. فأذنت وأقمت وصليت. فلما صليت قرأته، فإذا مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم يا على بن موفق تخاف الفقر وأنا ربك؟
ونقلت من حلية الأولياء لأبى نعيم بإسناده: قال على بن موفق: حججت
__________
(1) لقد ذكر الله سبحانه فى كتابه الثناء على أنبيائه: أنهم كانوا يدعونه رغبا ورهبا وكانوا له خاشعين. ومن هدى النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام يصلى سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء خشية من الله. وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمو محدثاتها
(2) كم فتنت هذه المنامات كثيرا من الناس، وأنستهم هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعروف الذى قال لسرى السقطى: كلما ضقت فائت قبرى. فإن الرجل لا يمنعه عن مريده ذراع. أو ما هذا معناه.(1/231)
نيفا وخمسين حجة، فجعلت ثوابها للنبى صلى الله عليه وسلم ولأبى بكر وعمر وعثمان وعلى ولأبوى. وبقيت حجة. فنظرت إلى أهل الموقف بعرفات وضجيج أصواتهم، فقلت: اللهم إن كان فى هؤلاء أحد لم تقبل حجته فقد وهبت له هذه الحجة، ليكون ثوابها له. قال: فبت تلك الليلة بالمزدلفة فرأيت ربى عز وجل فى المنام، فقال لى: يا على بن موفق علىّ تتسخّى؟ قد غفرت لأهل الموقف ومثلهم وأضعاف ذلك، وشفعت كل رجل منهم فى أهل بيته وخاصته وجيرانه، وأنا أهل التقوى وأهل المغفرة
وبإسناده: قال على بن الموفق: حججت سنة من السنين فى محمل. فرأيت رجالة فأحببت المشى معهم، فنزلت وأقعدت واحدا منهم فى محملى، ومشيت معهم. فتقدمنا إلى البريد، وعدلنا عن الطريق، فنمنا، فرأيت فى منامى جوارى معهن ظسوت من ذهب وأباريق من فضة، يغسلن أرجل المشاة. فبقيت أنا.
فقالت إحداهن لصاحبتها: ليس هذا منهم، هذا له محمل. فقالت: بلى، هو منهم. لأنه أحب المشى معهم. فغسلت رجلى. فذهب عنى كل تعب كنت أجده
وقرأت فى تاريخ الحسين بن المنادى قال: ومات فى سنة خمس وستين ومائتين بمدينتنا: على بن موفق. وكان من الزاهدين المذكورين
وقال الفتح بن شخرف وقد رأى الأزر تطرح على جنازة على بن موفق فضحك وقال: ما أحسن هذه المزاحمات لو كانت على الأعمال
وقال أحمد بن عبد الله الحفار: رأيت أحمد بن حنبل فى النوم، فقلت:
يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: حبانى وأعطانى، وقربنى وأدنانى. قال قلت: على بن الموفق، ما صنع الله به؟ قال: الساعة تركته فى زلال يريد العرش
324 - على بن المكري المعبرانى.
روى عن إمامنا أحمد أشياء
منها: ما سمعته من أحمد بن عبد الله قال: سمعت أبا الحسن على بن أحمد ابن على بن المكرى المعبرانى قدم علينا فى ذى القعدة من سنة اثنتين وخمسين
قال: حدثنى أبى عن جدى قال: كنت فى مسجد أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فأنفذ إليه المتوكل بصاحب له يعلمه: أن له جارية بها صرع. وسأله أن يدعو الله لها بالعافية. فأخرج له أحمد نعل خشب بشراك خوص للوضوء، فدفعه إلى صاحب له. وقال له: تمضى إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس الجارية وتقول له:(1/232)
منها: ما سمعته من أحمد بن عبد الله قال: سمعت أبا الحسن على بن أحمد ابن على بن المكرى المعبرانى قدم علينا فى ذى القعدة من سنة اثنتين وخمسين
قال: حدثنى أبى عن جدى قال: كنت فى مسجد أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فأنفذ إليه المتوكل بصاحب له يعلمه: أن له جارية بها صرع. وسأله أن يدعو الله لها بالعافية. فأخرج له أحمد نعل خشب بشراك خوص للوضوء، فدفعه إلى صاحب له. وقال له: تمضى إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس الجارية وتقول له:
يقول لك أحمد: أيما أحب إليك: تخرج من هذه الجارية، أو أصفع الآخر بهذه النعل؟ فمضى إليه، وقال له مثل ما قال أحمد. فقال المارد على لسان الجارية:
السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم فى العراق ما أقمنا به. إنه أطاع الله، ومن أطاع الله أطاعه كل شىء. وخرج من الجارية، وهدأت وزوجت ورزقت أولادا. فلما مات أحمد عاودها المارد. فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبى بكر المروذى، وعرفه الحال. فأخذ المروذى النعل، ومضى إلى الجارية، فكلمه العفريت على لسانها: لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك، ولا أقبل منك. أحمد بن حنبل أطاع الله. فأمرنا بطاعته
وبه قال: خرجت أنا والصبيان، ولى سبع سنين، أو ثمان سنين، نبصر أحمد ابن حنبل كيف يضرب؟
325 - على بن أبى خالد.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: قلت لأحمد: إن هذا الشيخ لشيخ حضر معنا هو جارى، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حرث القصير يعنى حارثا المحاسبى وكنت رأيتنى معه منذ سنين كثيرة، فقلت لى: لا تجالسه، ولا تكلمه.
فلم أكلمه حتى الساعة. وهذا الشيخ يجالسه، فما تقول فيه؟ فرأيت أحمد قد احمر لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه. وما رأيته هكذا قط. ثم جعل ينتفض، ويقول:
ذاك؟ فعل الله به وفعل. ليس يعرف ذاك إلا من خبره وعرفه، أوّيه، أوّيه، أوّيه.
ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه. ذاك جالسه المغازلى ويعقوب وفلان.
فأخرجهم إلى رأى جهم. هلكوا بسببه. فقال له الشيخ: يا أبا عبد الله، يروى
الحديث، ساكن خاشع، من قصته ومن قصته؟ فغضب أبو عبد الله، وجعل يقول: لا يغرك خشوعه ولينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه. فانه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره. لا تكلمه، ولا كرامة له. كل من حدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتدعا تجلس إليه؟ لا، ولا كرامة، ولا نعمى عين. وجعل يقول: ذاك. ذاك(1/233)
فأخرجهم إلى رأى جهم. هلكوا بسببه. فقال له الشيخ: يا أبا عبد الله، يروى
الحديث، ساكن خاشع، من قصته ومن قصته؟ فغضب أبو عبد الله، وجعل يقول: لا يغرك خشوعه ولينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه. فانه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره. لا تكلمه، ولا كرامة له. كل من حدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتدعا تجلس إليه؟ لا، ولا كرامة، ولا نعمى عين. وجعل يقول: ذاك. ذاك
326 - على بن أبى صبح السواق.
حكى عن إمامنا أشياء
منها قال: كنا فى وليمة. فجاء أحمد بن حنبل. فلما دخل نظر إلى كرسى فى الدار عليه صورة، فخرج. فلحقه صاحب المنزل: فنفض يده فى وجهه، وقال: زىّ المجوس، زى المجوس، وخرج
327 - علي بن الخواص.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد قلت: ختن لى زوج أختى، يشرب من هذا المسكر، أفرق بينهما؟ قال: الله المستعان
قلت أنا: وقد نقل المروذى عن أحمد أنه قال لرجل سأله عن مثل هذا، فقال: حولها إليك
ذكر من اسمه عباس
328 - عباس بن أحمد اليماني المستملى من طرسوس
، ممن نقل عن إمامنا
قال أبو بكر الخلال: حدثنا العباس بن أحمد اليمانى قال: سئل أبو عبد الله عن الرجل يسمع النفير وتقام الصلاة؟ قال: يصلى ويخفف. قال له الرجل: يخفف الركوع والسجود؟ قال: لا، ولكن يقرأ سورا صغارا، ويتم الركوع والسجود
وقال أيضا: سئل أبو عبد الله عن سبى عمّوريّة؟ فكرهه وقال: ما سمعت بمثل ما صنعوا فى تلك الغزاة
قال العباس اليمانى: وكان المعتصم لما فتح عمّورية فرّق الغنيمة على القواد فكره أبو عبد الله أن يشترى ما فرق(1/234)
329 - العباس بن عبد الله بن العباس، يعرف بالنخشبى
ذكره الخطيب فقال: حدث بمصر عن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. سمع منه عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى المصرى
330 - العباس بن عبد العظيم بن اسماعيل، أبو الفضل العنبرى البصرى
سمع يحيي بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ومعاذ بن هشام، وعبد الرزاق بن همام، وإمامنا أحمد فى آخرين.
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله وسأله رجل عن رفع اليدين فى الصلاة؟ فقال يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم عن غير واحد، وعن أصحابه: أنهم فعلوه «إذا افتتح الصلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع» قلت له:
فبين السجدتين؟ قال: لا. قلت: فإذا أراد أن ينحط ساجدا؟ قال: لا. فقال له العباس العنبرى: يا أبا عبد الله، أليس يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه فعله؟ قال: هذه الأحاديث أقوى وأكثر
أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن الحسين بن أخى ميمى حدثنا على بن محمد الموصلى حدثنا محمد بن موسى الغسانى حدثنا المروذى قال: قال لى العباس العنبرى:
والله لمخالفتى يونس وابن عون أسهل علىّ من خلافى أحمد بن حنبل. ثم قال: إن عبد الرحمن بن عون قال: بلينا بفتنة الضراء فصبرنا، وبلينا بفتنة السراء فلم نصبر. وأبو عبد الله قد بلى بالفتنين جميعا فصبر
روى عنه أبو حاتم الرازى. ومسلم بن الحجاج، وأبو داود، وغيرهم. وقدم بغداد. وجالس إمامنا، واستفاد منه أشياء. وجالس أبا عبيد، وبشر بن الحارث.
فسمع منه ببغداد محمد بن يوسف الجوهرى، وأبو بكر الأثرم.
قال البخارى: ومات سنة ست وأربعين ومائتين
331 - عباس بن على بن الحسن بن بسام، أبو الفضل.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد(1/235)
332 - العباس بن غالب الهمدانى الوراق.
سأل إمامنا عن أشياء
منها قال: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، أكون فى المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيرى. فيتكلم مبتدع فيه، أرد عليه؟ فقال: لا تنصب نفسك لهذا. أخبره بالسنة ولا تخاصم. فأعدت عليه القول. فقال: ما أراك إلا مخاصما
قلت أنا: وجه قول إمامنا: قول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا أراد الله بقوم شرا ألقى بينهم الجدل، وخزن عنهم العمل» وقيل للحسن البصرى: نجاد لك؟
فقال: لست فى شك من دينى. وقال مالك بن أنس: كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله؟ وقال النبى صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى، عضّوا عليها بالنواجد. وإياكم والمحدثات. فإن كل محدثة بدعة» وقال الأوزاعى «عليك بآثار من سلف. وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوا لك القول» فليحذر كل مسئول ومناظر من الدخول فيما ينكره على غيره.
وليجتهد فى اتباع السنة. واجتناب المحدثات كما أمر
333 - العباس بن محمد بن حاتم، أبو الفضل الدّورى، مولى بنى هاشم بغدادى.
سمع شبابة بن سوّارد، وأبا النضر هاشم بن القاسم، وعبد الوهاب بن عطاء، ريونس بن محمد، ويعقوب بن إبراهيم بن سعيد، وعفان بن مسلم فى آخرين. حدث عنه يعقوب بن سفيان، وعبد الله بن إمامنا، وجعفر الفريابى، وأبو عبد الرحمن النسائى، وأبو القاسم البغوى، وأبو الحسين بن المنادى وغيرهم.
وذكره أبو بكر الخلال فيمن صحب إمامنا. فقال: سمعت العباس بن محمد الدورى يقول: ربما كنا عند أحمد بن حنبل أيام الحج، فيجيئه أقوام من الحجاج، فيقبل عليهم ويحدثهم. فربما قلنا له فى ذلك. فيقول: هؤلاء قوم غرباء، وإلى أيام يخرجون.(1/236)
قال: وسمعت أحمد بن حنبل وهو شاب على باب أبى النضر فقيل له:
يا أبا عبد الله، ما تقول فى موسى بن عبيدة، وفى محمد بن إسحاق؟ فقال: أما محمد:
فهو رجل يسمع منه، ويكتب عنه هذه الأحاديث يعنى المغازى ونحوها وأما موسى بن عبيدة: فلم يكن به بأس، ولكنه روى عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أحاديث منا كير. فأما إذا جاء الحلال والحرام: أردنا أقواما، هكذا قال العباس وأرانا بيده. قال أبو بكر الخلال: وأرانا العباس فعل أبى عبد الله، قبض كفّيه جميعا، وأقام إبهاميه.
وقال أبو الحسين بن المنادى، حدثنا العباس بن محمد قال: قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل وذكر صفوان بن عيسى البصرى فقلت له: حدثونا عن صفوان بن عيسى عن ثور بن يزيد عن أبى عون الأعور وهو الأنصارى الشامى، ويقال له: ابن أبى عبد الله عن أبى إدريس الخولانى قال: سمعت معاوية بن أبى سفيان وكان قليل الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول «كل ذنب عسى الله أن يغفره. إلا الرجل يموت كافرا، أو يقتل مؤمنا محمدا» فقال أحمد بن حنبل: حدثناه صفوان.
وأخبرنا الوالد السعيد قال أخبرنا على بن معروف البزار، قال: حدثنا يزيد ابن المسلمة حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدورى حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا يونس عن أبى قلابة عن أبى المهلّب عن عمران بن حصين: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «إن أخاكم النجاشي قد مات، فصلوا عليه. قال: فقام فصفّنا عليه، وإنى فى الصف الثاني. فصلى عليه».
أخبرنا القاضى أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفى إجازة قال: سمعت أبا القاسم عبد الله بن الحسن النيسابورى يقول: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد ابن عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا العباس بن محمد الأصم يقول: سمعت
العباس بن محمد يقول: انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ستة نفر، من الصحابة رضي الله عنهم: عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله ابن مسعود، وأبىّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت. فهؤلاء طبقات الفقهاء. وأما الرواة: فستة نفر أيضا: أبو هريرة، وأنس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وأبو سعيد الخدرى، وعائشة رضى الله عنهم. وأما طبقات أصحاب الأخبار، والقصص، فستة نفر: عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ووهب بن منبّه، وطاوس اليمانى، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عمر الواقدى. وأما طبقات التفسير: فستة أيضا: عبد الله بن عباس، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، والسّدى. وأما طبقات خزّان العلم: فالأعمش، ومالك بن أنس، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعى، والثورى، ومسعر بن كدام، وشعبة. وأما طبقات الحفاظ. فستة نفر: أحمد بن محمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وأبو زرعة الرازى، ومحمد بن إسماعيل البخارى، ومسلم بن الحجاج.(1/237)
أخبرنا القاضى أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفى إجازة قال: سمعت أبا القاسم عبد الله بن الحسن النيسابورى يقول: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد ابن عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا العباس بن محمد الأصم يقول: سمعت
العباس بن محمد يقول: انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ستة نفر، من الصحابة رضي الله عنهم: عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله ابن مسعود، وأبىّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت. فهؤلاء طبقات الفقهاء. وأما الرواة: فستة نفر أيضا: أبو هريرة، وأنس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وأبو سعيد الخدرى، وعائشة رضى الله عنهم. وأما طبقات أصحاب الأخبار، والقصص، فستة نفر: عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ووهب بن منبّه، وطاوس اليمانى، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عمر الواقدى. وأما طبقات التفسير: فستة أيضا: عبد الله بن عباس، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، والسّدى. وأما طبقات خزّان العلم: فالأعمش، ومالك بن أنس، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعى، والثورى، ومسعر بن كدام، وشعبة. وأما طبقات الحفاظ. فستة نفر: أحمد بن محمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وأبو زرعة الرازى، ومحمد بن إسماعيل البخارى، ومسلم بن الحجاج.
قال عباس الدورى: سمعت أحمد بن حنبل يقول وسئل عن الدقاقين فقال: إن أموالا جمعت من عموم المسلمين، إنها لأموال سوء.
وقال عباس الدورى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عجب لأصحاب الحديث، تنزل بهم المسألة فيها: عن الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وطاوس حتى عد عدة فيذهبون إلى أصحاب الرأى فيسألونهم. ألا ينظرون إلى علمهم فيتفقهون به؟
قلت أنا: وأنبأنا محمد بن الأبنوسي عن الدارقطنى أخبرنا محمد بن مخلد قال:
سمعت العباس الدورى قال: سألت أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن احتجم وهو صائم؟ قال: أرى أن يصوم يوما مكانه.
قال: وسئل أحمد وأنا أسمع ما تقول فى الركعتين قبل المغرب؟ فجعل يقول: سعيد عن موسى السّلانى عن أنس، والمختار بن فلفل عن أنس قال «كان
اللّباب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن ابتدروا السوارى» وذكر «اللباب» ونحو هذه الأحاديث فقال له الرجل: أنت يا أبا عبد الله كيف تفعل؟ قال: ما صليتها قط، حيث يرانى الناس، قال لنا العباس الدورى: فظننا أنه كان إذا سمع المؤذن يؤذن بالمغرب صلى: الركعتين ثم خرج.(1/238)
قال: وسئل أحمد وأنا أسمع ما تقول فى الركعتين قبل المغرب؟ فجعل يقول: سعيد عن موسى السّلانى عن أنس، والمختار بن فلفل عن أنس قال «كان
اللّباب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن ابتدروا السوارى» وذكر «اللباب» ونحو هذه الأحاديث فقال له الرجل: أنت يا أبا عبد الله كيف تفعل؟ قال: ما صليتها قط، حيث يرانى الناس، قال لنا العباس الدورى: فظننا أنه كان إذا سمع المؤذن يؤذن بالمغرب صلى: الركعتين ثم خرج.
قال: وسمعت أحمد يقول: أبو عبيد عندنا ممن يزداد كل يوم خيرا. قلت للعباس: من أبو عبيد؟ قال القاسم بن سلّام.
مولده: سنة خمس وثمانين ومائة. وموته فى يوم الأربعاء لست عشرة خلت من صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين، وقد بلغ ثمانيا وثمانين سنة. ذكره ابن المنادى.
334 - عباس بن محمد بن موسى الخلال بغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان من أصحاب أبى عبد الله الأولين، الذين كان أبو عبد الله يعتد بهم، وكان رجلا له قدر وعلم وعارضة. وصعب علىّ طلب مسائله. ثم وقعت لى بعلو، ويقول فى مسائله: قبل الحبس، وبعده.
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا العباس بن محمد بن موسى الخلال قال: ذكر أبو عبد الله أن أنسا جمع أهله، ثم أمر مولى له يخطب يعنى إذا فاتته صلاة العيد فى جماعة. وإنما حملنا هذا على أن أنسا فعله بأرض له خارج البصرة.
وقال أحمد فى رواية عباس بن محمد الخلال: إذا نضب الماء عن جزيرة إلى فنائها، فلا يبنى فيها. فإن فيه ضررا على غيره. لأن الماء يرجع.
335 - عباس بن مشكويه الهمدانى
، نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أخبرنا أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أبى حدثنا أبو مسعود أحمد ابن محمد بن عبد الله الرازى قال: أخبرنا أبو الحسن على بن عبد الله بن جهضم
الهمدانى بمكة حدثنا أحمد بن سليمان بن الحسن النجاد ببغداد قال: قرىء على ابن أبى العوام الرّياحى وأنا أسمع قال: سمعت عباس بن مشكويه الهمدانى قال: كنت يوم الدار، يوم ضرب أحمد. فلما ضرب السوط الثامن اضطرب المئزر فى وسطه. فرأيته وقد رفع رأسه إلى السماء وحرك شفتيه، فما استتم الدعاء حتى رأيت كفّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره، فرد المئزر إلى موضعه بقدرة الله. فضجت العامة، وهموا بالهجوم على دار السلطان، فأمر بحله.(1/239)
منها: ما أخبرنا أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أبى حدثنا أبو مسعود أحمد ابن محمد بن عبد الله الرازى قال: أخبرنا أبو الحسن على بن عبد الله بن جهضم
الهمدانى بمكة حدثنا أحمد بن سليمان بن الحسن النجاد ببغداد قال: قرىء على ابن أبى العوام الرّياحى وأنا أسمع قال: سمعت عباس بن مشكويه الهمدانى قال: كنت يوم الدار، يوم ضرب أحمد. فلما ضرب السوط الثامن اضطرب المئزر فى وسطه. فرأيته وقد رفع رأسه إلى السماء وحرك شفتيه، فما استتم الدعاء حتى رأيت كفّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره، فرد المئزر إلى موضعه بقدرة الله. فضجت العامة، وهموا بالهجوم على دار السلطان، فأمر بحله.
فدخلت عليه، فقلت: يا أبا عبد الله، أى شىء كان تحريك شفتيك عند اضطراب المئزر؟ فقال: رفعت رأسى إلى السماء وناديت: يا غياث المستغيثين، يا إله العالمين إن كنت تعلم أنى قائم لك بحق فلا تهتك لى عورة. فاستجاب الله دعائى عند اضطراب المئزر.
336 - عباس بن محمد بن عيسى الجوهرى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من الكبائر قاص يقص على قصاص.
وحدث عن يحيى بن أيوب المقابرى، وداود بن رشيد، وشريح بن يونس.
روى عنه يحيى بن محمد المصرى، وأبو بكر الشافعى، وسليمان الطبرانى، وأبو بكر الجعانى، والإسماعيلى، وكان ثقة.
ومات سنة تسع وتسعين ومائتين.
ذكر من اسمه عبدوس
337 - عبدوس بن عبد الواحد، أبو السرى.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنى محمد بن موسى عن حمدان بن على قال: قال أبو السرى عبدوس بن عبد الواحد: كنت آتى أبا عبد الله، فجاءه شاب فسأله عن شىء. وكان للشاب هيئة وسمت وخشوع. فأجابه، فلما قام قال أبو عبد الله:
يجيئنى مثل هذا، أفلا أجيبه؟(1/240)
وقال عبدوس: سألت أبا عبد الله، قلت: رجل حج من الديوان، أترى له أن يعيد؟ قال: نعم.
338 - عبدوس بن مالك أبو محمد العطار
، ذكره أبو بكر الخلال، فقال:
كانت له عند أبى عبد الله منزلة فى هدايا وغير ذلك، وله به أنس شديد. وكان يقدمه. وله أخبار يطول شرحها. وقد روى عن أبى عبد الله مسائل لم يروها غيره، ولم تقع إلينا كلها. مات ولم تتخرج عنه ووقع إلينا منها شىء، أخرجه أبو عبد الله فى جماع أبواب السنة، ما لو رحل رجل إلى الصين فى طلبها لكان قليلا.
أخرجه أبو عبد الله، ودفعه إليه.
قرأت على المبارك، قلت له: أخبرك عبد العزيز الأزجى أخبرنا. على بن بشران أخبرنا عثمان المعروف بابن السماك حدثنا الحسن بن عبد الوهاب حدثنا سليمان ابن محمد المنقرى حدثنى عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله أحمد ابن حنبل رضى الله عنه يقول: أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهى ضلالة، وترك الخصومات، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات فى الدين. والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنة تفسّر القرآن. وهى دلائل القرآن، وليس فى السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الاتباع، وترك الهوى. ومن السنة اللازمة التى من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها. لا يقال: لم؟ ولا كيف؟
إنما هو التصديق والإيمان بها. ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له. فعليه بالإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق المصدوق (1)
__________
(1) حديث عبد الله بن مسعود فى تخليق النطفة. متفق عليه.(1/241)
وما كان مثله فى القدر، ومثل أحاديث الرؤية كلها. وإن تبت عن الأسماع واستوحش منها المستمع، فإنما عليه الإيمان بها، وأن لا يرد منها حرفا واحدا، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات، وأن لا يخاصم أحدا، ولا يناظر، ولا يتعلم الجدال. فإن الكلام فى القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه منهى عنه. لا يكون صاحبه إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة، حتى يدع الجدال ويسلم. ويؤمن بالآثار، والقرآن كلام الله، وليس بمخلوق.
ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق، وأن كلام الله ليس ببائن منه، وليس شىء منه مخلوق. وإياك ومناظرة من أحدث فيه، وقال باللفظ وغيره. ومن وقف فيه فقال: لا أدرى مخلوق أو ليس بمخلوق؟ وإنما هو كلام الله، فهو صاحب بدعة، مثل من قال: هو مخلوق. وإنما هو كلام الله وليس بمخلوق. والإيمان بالرؤية يوم القيامة، كما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الأحاديث الصحاح. وأن النبى صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه، فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح، قد رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس. والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم.
والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحدا.
والإيمان بالميزان يوم القيامة، كما جاء «يوزن العبد يوم القيامة، فلا يزن جناح بعوضة» وتوزن أعمال العباد، كما جاء فى الأثر. والإيمان به والتصديق، والإعراض عمن رد ذلك، وترك مجادلته، وأن الله يكلم العباد يوم القيامة، ليس بينه وبينهم ترجمان، والإيمان به، والتصديق به. والإيمان بالحوض، وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضا يوم القيامة ترد عليه أمته، عرضه مثل طوله، مسيرة شهر، آنيته عدد نجوم السماء، على ما صحت به الأخبار من غير وجه.
والإيمان بعذاب القبر، وأن هذه الأمة تفتن فى قبورها، وتسأل عن الإيمان
والإسلام. ومن ربّه؟ ومن نبيه؟ ويأتيه منكر ونكير. كيف شاء الله وكيف أراد. والإيمان به والتصديق به، والإيمان بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما. فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة. كما جاء الأثر. كيف شاء الله. وكما يشاء، إنما هو الإيمان به والتصديق به. والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه «كافر» والأحاديث التى جاءت فيه. والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ينزل فيقتله بباب لدّ، والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. كما جاء فى الأثر «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» و «من ترك الصلاة فقد كفر» وليس من الأعمال شىء تركه كفر إلا الصلاة. من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله. وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان.(1/242)
والإيمان بعذاب القبر، وأن هذه الأمة تفتن فى قبورها، وتسأل عن الإيمان
والإسلام. ومن ربّه؟ ومن نبيه؟ ويأتيه منكر ونكير. كيف شاء الله وكيف أراد. والإيمان به والتصديق به، والإيمان بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما. فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة. كما جاء الأثر. كيف شاء الله. وكما يشاء، إنما هو الإيمان به والتصديق به. والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه «كافر» والأحاديث التى جاءت فيه. والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ينزل فيقتله بباب لدّ، والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. كما جاء فى الأثر «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» و «من ترك الصلاة فقد كفر» وليس من الأعمال شىء تركه كفر إلا الصلاة. من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله. وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان.
نقدم هؤلاء الثلاثة، كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يختلفوا فى ذلك، ثم بعد هؤلاء الثلاثة: أصحاب الشورى الخمسة: على بن أبى طالب، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص. كلهم يصلح للخلافة. وكلهم إمام. ونذهب فى ذلك إلى حديث ابن عمر «كنا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حىّ، وأصحابه متوافرون أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت» ثم بعد أصحاب الشورى: أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على قدر الهجرة والسابقة أولا، فأولا. ثم أفضل الناس بعد هؤلاء: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. القرن الذى بعث فيهم، كل من صحبه سنة، أو شهرا، أو يوما، أو ساعة، أو رآه: فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه.
وكانت سابقته معه، وسمع منه ونظر إليه. فأدناهم صحبة: هو أفضل من القرن الذين لم يروه. ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كما هؤلاء الذين صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه، ومن رآه بعينه وآمن به
ولو ساعة أفضل بصحبته من التابعين، ولو عملوا كل أعمال الخير. والسمع والطاعة للأئمة، وأمير المؤمنين: البر والفاجر ممن ولى الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن خرج عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمى أمير المؤمنين.(1/243)
وكانت سابقته معه، وسمع منه ونظر إليه. فأدناهم صحبة: هو أفضل من القرن الذين لم يروه. ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كما هؤلاء الذين صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه، ومن رآه بعينه وآمن به
ولو ساعة أفضل بصحبته من التابعين، ولو عملوا كل أعمال الخير. والسمع والطاعة للأئمة، وأمير المؤمنين: البر والفاجر ممن ولى الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن خرج عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمى أمير المؤمنين.
والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر، لا يترك. وقسمة الفىء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة. ومن دفعها إليهم أجزأت عنه، برا كان أو فاجرا.
وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولّى جائزة تامة ركعتان، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة. ليس له من فضل جمعته شىء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة، من كانوا: برهم وفاجرهم. فالسنة أن يصلى معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة. لا يكن فى صدرك من ذلك شك. ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة، بأى وجه كان بالرضا والغلبة فقد شقّ هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. ولا يحل قتل السلطان، ولا الخروج عليه لأحد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق. وقتال اللصوص والخوارج جائز، إذا عرضوا للرجل فى نفسه وماله، فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنهما بكل ما يقدر. وليس له إذا فارقوه وتركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين، إنما له أن يدفع عن نفسه فى مقامه ذلك. وينوى بجهده أن لا يقتل أحدا.
فإن أتى على بدنه فى دفعه عن نفسه بالمعركة فأبعد الله المقتول. وإن قتل هذا فى تلك الحال وهو يدفع عن نفسه. وماله رجوت له الشهادة، كما جاء فى الأحاديث.
وجميع الآثار فى هذا: إنما أمرت بقتاله، ولم تأمر بقتله، ولا اتباعه، ولا يجهز عليه إن صرع أو كان جريحا. وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله، فيحكم فيه. ولا نشهد على أحد
من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار. نرجو للصالح. ونخاف عليه. ونخاف على المسىء المذنب، ونرجو له رحمة الله. ومن لقى الله بذنب تجب له به النار تائبا غير مصرّ عليه فإن الله يتوب عليه. والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.(1/244)
وجميع الآثار فى هذا: إنما أمرت بقتاله، ولم تأمر بقتله، ولا اتباعه، ولا يجهز عليه إن صرع أو كان جريحا. وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله، فيحكم فيه. ولا نشهد على أحد
من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار. نرجو للصالح. ونخاف عليه. ونخاف على المسىء المذنب، ونرجو له رحمة الله. ومن لقى الله بذنب تجب له به النار تائبا غير مصرّ عليه فإن الله يتوب عليه. والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب فى الدنيا فهو كفارته. كما جاء الخبر عن رسول الله صلى عليه وسلم. ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التى قد استوجب بها العقوبة: فأمره إلى الله تعالى، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
ومن لقيه كافرا عذبه، ولم يغفر له. والرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا اعترف أو قامت عليه بينة. وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمت الأئمة الراشدون. ومن انتقص واحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساويه: كان مبتدعا، حتى يترحّم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم سليما. والنفاق هو الكفر، أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام فى العلانية. مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم «ثلاث من كن فيه فهو منافق» هذا على التغليظ، نرويها كما جاءت ولا نفسرها. وقوله «لا ترجعوا بعدى كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض» ومثل «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار» ومثل «سباب المسلم فسوق. وقتاله كفر» ومثل «من قال لأخيه:
يا كافر. فقد باء بها أحدهما» ومثل «كفر بالله من تبرأ من نسب، وإن دق» ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ: فإنا نسلم له، وإن لم نعلم تفسيره.
ولا نتكلم فيه ولا نجادل فيه، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، لا نردها إلا بأجود منها. والجنة والنار مخلوقتان قد خلقتا، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دخلت الجنة فرأيت قصرا» «ورأيت الكوثر» «واطلعت فى النار فرأيت أكثر أهلها النساء» «واطلعت فى النار فرأيت كذا وكذا» فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار. ومن مات من أهل القبلة موحدا يصلى عليه ويستغفر له. ولا يحجب عنه الاستغفار. ولا نترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا، أمره إلى الله عز وجل.(1/245)
ولا نتكلم فيه ولا نجادل فيه، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، لا نردها إلا بأجود منها. والجنة والنار مخلوقتان قد خلقتا، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دخلت الجنة فرأيت قصرا» «ورأيت الكوثر» «واطلعت فى النار فرأيت أكثر أهلها النساء» «واطلعت فى النار فرأيت كذا وكذا» فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار. ومن مات من أهل القبلة موحدا يصلى عليه ويستغفر له. ولا يحجب عنه الاستغفار. ولا نترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا، أمره إلى الله عز وجل.
ذكر مفاريد حرف العين ومثانيها
339 - عصمة بن أبى عصمة، أبو طالب العكبرى.
روى عن إمامنا أشياء منها قال: سألت أبا عبد الله عمن قال: لعن الله يزيد بن معاوية؟ فقال:
لا تتكلم فى هذا. قال النبى صلى الله عليه وسلم «لعن المؤمن كقتله» وقال «خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم» وقد كان يزيد فيهم: فأرى الإمساك أحب إلى.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان صالحا. صحب أبا عبد الله قديما إلى أن مات. وروى عنه مسائل كثيرة جيادا. وأول مسائل سمعت بعد موت أبى عبد الله: مسائله
وقال أبو حفص العكبرى: بلغنى أن عصمة رأى ابنا له، وقد خرج من الحمام، وكان وضىء الوجه، فحبسه فى منزله، حتى خرج الشيب فى لحيته، وقال:
هذا إذا كان صبيا فتن الرجال، وإذا كان له لحية فتن النساء، ولم يكن يتركه يخرج إلا إلى الجمعة والجماعات. وحدث عنه جماعة منهم: أبو حفص عمر بن رجاء
ومات سنة أربعة وأربعين ومائتين. ذكره ابن قانع.
340 - عصمة بن عصام.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أبا عبد الله قال: لا تقتل النساء فى دار الحرب، إلا من قاتل منهن. فإذا قاتلن وحاربن قوتلن. ولا يقتلن صبرا، يستأنى بهن
341 - عقبة بن مكرم
قال: سألت أبا عبد الله قلت: هؤلاء الذين يأكلون
قليلا ويقللون مطعمهم؟ فقال: ما يعجبنى. سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول:(1/246)
قال: سألت أبا عبد الله قلت: هؤلاء الذين يأكلون
قليلا ويقللون مطعمهم؟ فقال: ما يعجبنى. سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول:
فعل قوم هكذا، فقطعهم عن الفرض
342 - عمرو بن الأشعث السكندى
سمع من إمامنا رضى الله عنه أشياء
343 - عمرو بن تميم
سمع من إمامنا أشياء
344 - عمرو بن معمر، أبو عثمان.
روى عن إمامنا أشياء
منها: ما ذكره أبو بكر الخلال فى كتاب العلم: أخبرنى سعيد بن مسلم الطوسى حدثنا محمد بن الهيثم قال: سمعت أبا عثمان عمرو بن معمر قال: قال أحمد بن حنبل، وعلى بن عبد الله: إذا رأيت الرجل يجتنب أبا حنيفة ورأيه والنظر فيه، ولا يطمئن إليه ولا إلى من يذهب مذهبه ممن يغلو، ولا يتخذه إماما: فارجو خيره
345 - عمار بن رجاء.
سمع من إمامنا أشياء (1)
346 - علان بن عبد الصمد.
سمع من إمامنا أشياء
347 - عيسى بن جعفر، أبو موسى الوراق الصفدى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أبا عبد الله قلت: الرجل له الضيعة يغل منها ما يقوته ثلاثة أشهر من أول السنة، يأخذ من الصدقة؟ قال: إذا نفدت
وقال أيضا: سألت أحمد: أيما أفضل عندك: العمل بالسيف والرمح والفروسية، أو الصلاة التطوع؟ قال: إذا كان ههنا يعنى ببغداد فينال من هذا وهذا. وإذا كان بالثغر: فاشتغاله بذلك أفضل من التطوع. لأن الله تعالى يقول:
(8: 60 {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبََاطِ الْخَيْلِ})
سمع عيسى بن جعفر، وشبابة بن سوّار، وشجاع بن الوليد، وغيرهما. روى عنه يحيى بن صاعد، والقاضى المحاملى، ومحمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادى،
__________
(1) قال الذهبى فى تذكرة الحفاظ: مات بجرجان سنة 267(1/247)
وقال: كان أبو موسى عيسى بن جعفر الوراق من أفاضل الناس، وشجعان المجاهدين، مع ورع وعقل ومعرفة، وحديث كثير عال، وصدق وفضل
ومات فى جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين ومائتين
وقال عيسى: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء فى الأيمان؟ فقال: أذهب فيه إلى قول الله عز وجل (48: 27 {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرََامَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ}) فقد علم أنهم داخلون واستثنى وإلى قوله عز وجل (12: 99 {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ}) وقول النبى صلى الله عليه وسلم «سلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» فقد علم النبى صلى الله عليه وسلم أنه لاحق بهم واستثنى
348 - عيسى بن فيروز الأنبارى، أبو موسى.
سمع من إمامنا أشياء
منها: ما رواه ابن ثابت الخطيب: أخبرنى على بن أحمد بن البزاز أخبرنا على بن محمد بن سعيد الموصلى حدثنا أبو موسى عيسى بن فيروز الأنبارى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن ذكوان أبى الزناد، قال كان فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان
أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا أبو موسى عيسى بن فيروز الأنبارى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية قال: كان دهاة العرب: المغيرة بن شعبة، وزياد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان.
وبه: قال عيسى: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: الإيمان قول وعمل.
349 - عسكر بن الحصين، أبو تراب التخشبى الصوفي قدم بغداد غير مرة.
وكان يحضر مجلس إمامنا. قال عبد الله بن أحمد: جاء أبو تراب النخشبى إلى أبى
رضى الله عنه، فجعل أبى يقول: فلان ضعيف. فلان ثقة. فقال أبو تراب:(1/248)
وكان يحضر مجلس إمامنا. قال عبد الله بن أحمد: جاء أبو تراب النخشبى إلى أبى
رضى الله عنه، فجعل أبى يقول: فلان ضعيف. فلان ثقة. فقال أبو تراب:
يا شيخ لا تغتاب العلماء. فالتفت أبى إليه، وقال له: ويحك. هذا نصيحة، ليس هذا غيبة
وقيل: مات فى البادية نهشته السباع سنة خمس وأربعين ومائتين
350 - عارم. أبو النعمان البصرى.
سأل إمامنا عن أشياء
منها قال: قلت له: يا أبا عبد الله، بلغنى أنك رجل من العرب. فمن أى العرب أنت؟ فقال لى: يا أبا النعمان، نحن قوم مساكين، وما نصنع بهذا؟
باب حرف الفاء
351 - الفضل بن أحمد بن منصور بن الذيال، أبو العباس، الزبيدى المقرىء.
روى عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا المبارك، أخبرنا العتيقى قال: سمعت محمد بن عبد الله بن المطلب يقول: سمعت الفضل بن أحمد يقول: سمعت أحمد بن حنبل وقد أقبل أصحاب الحديث بأيديهم المحابر فأومأ إليها وقال: هذه سرج الإسلام. يعنى المحابر.
وأنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا أبو العباس الزبيدى قال:
سمعت أبا عبد الله يقول: اكتبوا عن زياد بن أيوب. فإنه شعبة الصغير.
352 - الفضل بن الحباب، أبو خليفة الجمحى البصرى.
حدث عن أبى الوليد الطيالسى، ومحمد بن كثير، ومحمد بن سلّام الجمحى، وحكى عن إمامنا أشياء
أخبرنا الحسن بن على الجوهرى قال أخبرنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجى حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى البصرى حدثنا أبو الوليد ومحمد بن كثير حدثنا شعبة عن أبى اسحق عن البراء بن عازب قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وقال ابن كثير: أوصى رجلا فقال: إذا أخذ مضجعه أن
يقول: اللهم وجهت وجهى إليك، وأسلمت نفسى إليك، وألجأت ظهرى إليك. وفوضت أمرى إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك. آمنت بكتابك الذى أنزلت، ونبيك الذى أرسلت. قال: فإن مات مات على الفطرة».(1/249)
أخبرنا الحسن بن على الجوهرى قال أخبرنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجى حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى البصرى حدثنا أبو الوليد ومحمد بن كثير حدثنا شعبة عن أبى اسحق عن البراء بن عازب قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وقال ابن كثير: أوصى رجلا فقال: إذا أخذ مضجعه أن
يقول: اللهم وجهت وجهى إليك، وأسلمت نفسى إليك، وألجأت ظهرى إليك. وفوضت أمرى إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك. آمنت بكتابك الذى أنزلت، ونبيك الذى أرسلت. قال: فإن مات مات على الفطرة».
وأنبأنا المبارك أخبرنا أبو الحسين المعدل أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال سمعت أبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحى بالبصرة يقول: قدم علينا أحمد بن جنبل البصرة، ليسمع من أبى الوليد الطيالسى، سنة اثنتى عشرة إن شاء الله.
فاستشرف له أهل البصرة، فلقيه أبى، وكان بينهما صحبة قديمة. فسأله أن يضيفه. فأجابه. فأقام عندنا ثلاثة أيام، فكنت أذا كره بالليل كثيرا. فقلت له:
يا أبا عبد الله، سمعت شعبة بن الحجاج يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله، وعن الصلاة، وعن صلة الرحم، فهل أنتم منتهون؟ قال: فأطرق ساعة، ثم قال: أما نحن فلا نعرف هذا من أنفسنا. فإن كان شعبة يعرف من نفسه شيئا فهو أعلم
وأنبأنا عبد الرحمن بن منده أخبرنا محمد بن عبد العزيز الشيرازى بها أخبرنا أبو على الحسين بن أحمد بن محمد بن الليث الصفار الشيرازى حدثنا على بن أحمد ابن جعفر قال: حضر رجل مجلس أبى خليفة الفضل بن الحباب الجمحى، فذكر أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضى الله عنه، فقال أبو خليفة: على أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضوان الله. فهو إمامنا ومن يقتدى به، ونقول بقوله، الواعى للعلم المتقن لروايته، الصادق فى حكايته، القيم بدين الله عز وجل، المستنّ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إمام المسلمين، والناصح لإخوانه من المؤمنين، فقال له الرجل: يا أبا خليفة، ما تقول فى قوله: القرآن كلام الله غير مخلوق؟ فقال:
صدق والله فى مقالته. وقمع كل بدعى بمعرفته. قوله الصواب. ومذهبه السداد.
هو المأمون على كل الأحوال، والمقتدى به فى جميع الفعال. فقال له الرجل:
يا أبا خليفة، فمن قال القرآن مخلوق؟ قال: ذاك الرجل ضال مبتدع ألعنه ديانة، وأهجره تقربا إلى الله عز وجل. بذلك قام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضى الله عنه، مقاما لم يقمه أحد من المتقدمين، ولا من المتأخرين. فجزاه الله عن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء، ومات سنة سبع وثلاثمائة.(1/250)
هو المأمون على كل الأحوال، والمقتدى به فى جميع الفعال. فقال له الرجل:
يا أبا خليفة، فمن قال القرآن مخلوق؟ قال: ذاك الرجل ضال مبتدع ألعنه ديانة، وأهجره تقربا إلى الله عز وجل. بذلك قام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضى الله عنه، مقاما لم يقمه أحد من المتقدمين، ولا من المتأخرين. فجزاه الله عن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء، ومات سنة سبع وثلاثمائة.
353 - الفضل بن زياد، أبو العباس القطان البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان من المتقدمين عند أبى عبد الله. وكان أبو عبد الله يعرف قدره ويكرمه. وكان يصلى بأبى عبد الله. فوقع له عن أبى عبد الله مسائل كثيرة جياد. وحدث عنه جماعة، منهم: يعقوب بن سفيان الفسوى، والحسن بن أبى العنبر، وأحمد الأدمى، وجعفر الصندلى، وأحمد بن عطاء فى آخرين.
أخبرنا أحمد المؤرخ أخبرنا ابن الفضل القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنى الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل قال: بلغ ابن أبى ذئب: أن مالكا لم يأخذ بحديث «البيعان بالخيار» فقال: يستتاب فى الخيار فإن تاب وإلا ضربت عنقه. ومالك لم يردّ الحديث. ولكن تأوله على غير ذلك. فقال شامى: من أعلم، مالك، أو ابن أبى ذئب؟ فقال: ابن أبى ذئب فى هذا أكبر من مالك. وابن أبى ذئب أصلح فى بدنه، وأورع ورعا، وأقوم بالحق من مالك عند السلطان. وقد دخل ابن أبى ذئب على أبى جعفر فلم يمهله أن قال له الحق. قال له: الظلم فاش ببابك، وأبو جعفر: أبو جعفر. وقال حماد بن خالد:
كان يشبه ابن أبى ذئب بسعيد بن المسيب. وما كان ابن أبى ذئب ومالك فى موضع عند السلطان إلا تكلم ابن أبى ذئب بالحق والأمر والنهى، ومالك ساكت. وإنما كان يقال: ابن أبى ذئب وسعد بن ابراهيم: أصحاب أمر ونهى. فقيل له: ما تقول فى حديثه؟ قال: كان ثقة فى حديثه، صدوقا، رجلا صالحا ورعا. قال يعقوب: ابن أبى ذئب قرشى، ومالك يمانى.
أنبأنا رزق الله عن محمد بن أبى الفوارس حدثنا أبو عمر بن حيويه حدثنا
جعفر بن محمد الصندلى وأحمد بن الأدمى قالا أخبرنا الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، غير مرة يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص(1/251)
أنبأنا رزق الله عن محمد بن أبى الفوارس حدثنا أبو عمر بن حيويه حدثنا
جعفر بن محمد الصندلى وأحمد بن الأدمى قالا أخبرنا الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، غير مرة يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص
وبه أخبرنا الفضل حدثنا أبو عبد الله حدثنا نوح بن ميمون حدثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم (58: 7 {مََا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ََ ثَلََاثَةٍ إِلََّا هُوَ رََابِعُهُمْ}) قال: هو على العرش، وعلمه معهم. قال أبو عبد الله:
هذه السنة
وبه قال الفضل: جالس أحمد الشافعى بمكة. فأخذ عنه التفتيق وكلام قريش. وأخذ الشافعى عن أحمد معرفة الحديث. وكل شىء فى كتاب الزعفرانى:
سفيان بن عيينة، اسماعيل بن علية بلا حدثنا فهو عن أحمد بن حنبل أخذه
وأخبرنا عبيد الله بن البقال أخبرنا أبو محمد الخلال أخبرنا عمر الواعظ أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل حدثنا الفضل بن زياد سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الحديث الذى روى «إن السنة قاضية على الكتاب» فقال أحمد: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكن السنة تفسر الكتاب وتبينه.
وقال الفضل: سألت أبا عبد الله، قلت: أختم القرآن، أجعله فى الوتر أو فى التراويح، حتى يكون لنا دعاء بين اثنين: كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا، ونحن فى الصلاة، وأطل القيام. قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت. ففعلت كما أمرنى، وهو خلفى يدعو قائما. ورفع يديه
قال الفضل: وسألت أبا عبد الله عن حديث ابن شبزمة: عن الشعبى فى رجل نذر أن يطلق امرأته؟ فقال له الشعبى: أوف بنذرك، أترى ذلك؟ فقال: لا والله
قال الفضل: وسمعت أبا عبد الله وذكر يحيى بن سعيد القطان فقال:
لا والله ما أدركنا مثله.(1/252)
قال: وسمعته سئل عن الرجل يجعل أمر امرأته بيدها؟ فقال: أذهب فيه إلى قول عثمان: القضاء ما قضت
وقال الفضل: بلغه يعنى أحمد عن رجل: أنه قال: إن الله لا يرى فى القيامة. فقال: لعنه الله، من كان من الناس، أليس الله يقول: (75: 22، 23: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاضِرَةٌ، إِلى ََ رَبِّهََا نََاظِرَةٌ}) وقال (83: 15 {كَلََّا، إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ})
وقال الفضل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أكذب الناس السّؤّال والقصاص.
354 - فضل بن سهل الأعرج.
حدث عن جماعة، منهم زيد بن الحباب ومن فى طبقته. ونقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل وعلى بن المدينى يقولان: من لم يهب الحديث وقع فيه.
حدث عنه البخارى، ومسلم فى الصحيحين.
أنبأنا القاضى الخطيب أبو الحسين قال أخبرنا الشريف أبو الفضل بن المأمون حدثنا الحسين بن اسماعيل المحاملى حدثنا الفضل بن سهل حدثنا زيد بن الحباب حدثنا فضيل بن مرزوق حدثنا أبو اسحاق عن زيد بن يثيع الهمدانى الكوفى عن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن تستخلفوا أبا بكر تجدوه مسلما أمينا، زاهدا في الدنيا، راغبا فى الآخرة، وإن تؤمّروا عمر تجدوه قويا أمينا. لا تأخذه فى الله لومة لائم، قال: وإن تؤمروا عليا تجدوه هاديا مهديا، يسلك بكم الطريق».
وبه: حدثنا الفضل بن سهل حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا الأسود بن عامر حدثنا عبد الحميد بن أبى جعفر عن اسرائيل عن أبى اسحاق عن زيد بن يثيع، عن على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه(1/253)
355 - الفضل بن عبد الله الحميرى.
روى عن إمامنا فيما أنبأنا المبارك عن ابن غيلان حدثنا ابراهيم بن محمد بن يحيى المكى حدثنا عبد الواحد بن محمد بن سعيد أبو أحمد حدثنا ابراهيم بن على حدثنى الفضل بن عبد الله الحميرى، قال:
سألت أحمد بن حنبل عن رجال خراسان؟ فقال: أما إسحاق بن راهويه: فلم ير مثله. وأما الحسين بن عيسى البسطامى: فثقة. وأما اسمعيل بن سعيد الشالنجى:
ففقيه عالم. وأما أبو عبد الله القطان: فبصير بالعربية والنحو. وأما محمد بن أسلم:
فلو أمكننى زيارته لزرته.
356 - الفضل بن عبد الصمد الأصفهانى، أبو يحيي
ذكره أبو بكر الخلال فقال: رجل جليل. لزم طرسوس إلى أن مات فى الأسر. قدمت طرسوس سنة سبعين، أو إحدى وسبعين، وكان أسيرا فى بلاد الروم، ثم قدمت بغداد فأخبرت أنه فودى، ثم أسر أيضا. فمات أسيرا فى آخر الأسرين. وكان له جلالة عندهم بطرسوس، مقدما فيهم. وعنده جزء مسائل عن أبى عبد الله
أخبرنا عبد الرحمن بن داود أن الفضل بن عبد الصمد حدثهم قال سمعت أبا عبد الله، وسئل عن القرعة؟ فجعل يقوّى أمرها، ويقول: فى كتاب الله فى موضعين. قال الله (37: 141 {فَسََاهَمَ فَكََانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}) وقال (43: 4 {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلََامَهُمْ}) ثم قال أبو عبد الله: قوم جهال الذين يقولون: القرعة قمار، والنبى صلى الله عليه وسلم أقرع بين نسائه، وأقرع النبى صلى الله عليه وسلم فى ستة مملوكين وقال النبى صلى الله عليه وسلم «استهما»
وقال الفضل بن عبد الصمد. قيل لأبى عبد الله: المهاجرون الأولون من هم؟
قال: الذين صلوا إلى القبلتين.
وقال الفضل بن عبد الصمد: سمعت أحمد يقول: لا أحب أن يأخذ الزوج من زوجته إذا اختلعت أكثر مما أعطاها.(1/254)
357 - الفضل بن مضر.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سئل أحمد وأنا حاضر متى يجوز للحاكم أن يقبل شهادة الرجل؟ فقال: إذا كان يحسن يتحمل الشهادة: يحسن يؤديها.
358 - الفضل بن مهران، أبو العباس.
من جملة الأصحاب. نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أحمد، قلت: إن عندنا قوما يجتمعون فيدعون، ويقرؤن القرآن، ويذكرون الله. فما ترى فيهم؟ فقال لى أحمد: يقرأ فى المصحف، ويذكر الله فى نفسه، ويطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: فأخ لى يفعل هذا، فأنهاه؟ قال: نعم. قلت: فان لم يقبل؟ قال: بلى، إن شاء الله.
فان هذا محدث: الاجتماع والذى تصف.
359 - الفضل بن نوح.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء
منها قال: قلت لأحمد: أريد الخروج إلى الثغر، وإنى أسأل عن هذين الرجلين: عن الكرابيسى، وأبى ثور؟ فقال: احذرهما.
360 - الفرج بن الصباح البرزاطي.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما أخبرنا على البندار قراءة عن ابن بطة حدثنا عمر بن رجاء حدثنا محمد بن داود البصرى حدثنا الفرج بن الصباح البرزاطى قال: سألت أحمد عن الرجل يزوج ابنه، ويضمن الصداق، فيموت الأب؟ قال: يخرج يعنى الصداق من ماله، ثم يرجع الورثة على هذا يعنى الإبن فى نصيبه.
وبه قال: سألت أحمد عن رجل أحرق حلاله فى ضيعة له. فطارت النار، فوقعت فى زرع قوم فأحرقته؟ فقال: لا شىء عليه.
361 - الفتح بن أبى الفتح شخرف بن داود بن مزاحم، أبو نصر.
كان أحد
العباد السائحين، ثم سكن بغداد. وحدث بها عن رجاء بن مرجّا المروذى كتاب السنن عن أبى شرحبيل عيسى بن خالد بن أبى اليمان الحمصى، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمى، وغيرهم. وصحب إمامنا أحمد، وجالسه، وسأله عن أشياء كثيرة(1/255)
كان أحد
العباد السائحين، ثم سكن بغداد. وحدث بها عن رجاء بن مرجّا المروذى كتاب السنن عن أبى شرحبيل عيسى بن خالد بن أبى اليمان الحمصى، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمى، وغيرهم. وصحب إمامنا أحمد، وجالسه، وسأله عن أشياء كثيرة
منها: ما أنبأنا أبو بكر بن الخياط قال أخبرنا أبو الحسين السنجردى أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت حدثنا أبو نصر محمد بن عيسى بن الوليد حدثنا أبو بكر المروذى قال: سمعت فتح بن أبى الفتح العابد، وكان قد ختم القرآن أربعين ألف ختمة (1)، أقل أو أكثر وذاك أن عبيد بن بزيع. قال قال لى الفتح بن أبى الفتح: أترى يعذب الله رجلا ختم القرآن أربعين ألف ختمة؟ فسمعته يقول: لأبى عبد الله: من نسأل بعدك؟ فقال: سلوا عبد الوهاب، مثله يوفق لإصابة الحق
روى عنه أبو بكر النجاد، وأبو محمد البربهارى
قال البربهارى: سمعت الفتح بن شخرف يقول: رأيت رب العزة تبارك وتعالى فى النوم، فقال: يا فتح، أحذر لا آخذك على غرّة. قال: فتهت فى الجبال سبع سنين. وقال محمد بن المسيب: قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل الفتح بن شخرف
ومات يوم الثلاثاء النصف من شوال سنة ثلاث وسبعين ومائتين وصلى عليه بدر المغازلى.
وقال إسحاق بن ابراهيم بن هانىء: لما مات فتح بن شخرف ببغداد، صلى
__________
(1) لو فرضنا أنه كان يقرأ الختمة فى يوم لكان قرأ هذه الأربعين ألفا فى مائة وأحد عشر سنة. فهل عمر هذه المدة. وبدأ القراءة من يوم ولدته أمه؟ إنها لمبالغة خرجت بهم عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم خروجا بعيدا جدا حتى أعجبوا بأنفسهم، وزعموا أن الله لن يعذبهم. على أن السنة الثابتة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أن يقرأ القرآن فى ثلاثة أيام على الأقل ليمكن التدبر والفهم الذى من أجله أنزل القرآن.(1/256)
عليه ثلاث وثلاثون مرة، أقل قوم كانوا يصلون عليه: يعدون خمسة وعشرين ألفا إلى ثلاثين ألفا
أخبرنا المبارك أخبرنا محمد بن عبد الواحد أخبرنا ابن حيويه حدثنا عبد الله بن محمد المروذى سمعت أبا بكر المروذى يوم جنازة فتح بن شخرف يقول: لو أن الخليقة انحازت عن قول أحمد بن حنبل ما تحاشيت أن أجفوها
باب القاف
362 - قتيبة بن سعيد، أبو رجاء البغلانى.
حدث عن إمامنا، فيما أنبأنا محمد الكوفى أخبرنا محمد بن على بن عبد الرحمن الحسنى حدثنا محمد بن على بن عبد الله بن الحكم الهمدانى أخبرنا محمد بن عمار القطان حدثنا عبيد الله بن أحمد المروزى السلمى حدثنا عبدان بن محمد المروزى حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عثمان بن أبى العاص أنه «دعى إلى ختان، فأبى. وقال: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نأتى الختان ولا ندعى إليه».
أنبأنا محمد الصيرفى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر المروذى قال حدثنى عبد الله بن أحمد بن شبويه قال: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول:
لما مات الثورى مات الورع. ولولا أحمد بن حنبل لأحدثوا فى الدين. قال قلت لقتيبة: يا أبا رجاء، تضم أحمد إلى التابعين؟ قال: إلى كبار التابعين.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: من قال القرآن مخلوق فهو زنديق كافر بالله العلى العظيم. لا أصلى خلفه، ولا أتبع جنازته، ولا أعوده.
وحدث عن قتيبة بن سعيد: أبو عيسى الترمذى. ثم إنه حدث عن ستة
أنفس عنه. وكان قصده الجمال بإمامنا، وبمن نقل عنه من الأئمة. فقال أبو عيسى:(1/257)
وحدث عن قتيبة بن سعيد: أبو عيسى الترمذى. ثم إنه حدث عن ستة
أنفس عنه. وكان قصده الجمال بإمامنا، وبمن نقل عنه من الأئمة. فقال أبو عيسى:
أخبرنا عبد الله بن سليمان عن زكريا بن يحيى اللؤلؤى عن أبى بكر الأعين عن يحيى بن معين عن على بن المدينى عن أحمد بن حنبل عن قتيبة بن سعيد
363 - القاسم بن محمد المروزى.
أحد من روى عن إمامنا أحمد
ذكر أبو القاسم سعد الزنجانى: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن الناقد أخبرنا الحسن بن رشيق أخبرنا أبو بشر الدولابى حدثنا القاسم بن محمد المروزى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الله بن محمد بن أبى شيبة حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال «لم يكن بين الحسن والحسين إلا الحمل»
364 - قاسم بن محمد المروزى.
ذكره أبو بكر الخلال. فقال: من أصحاب أبى عبد الله المتقدمين. سمع من أبى عبد الله التاريخ قديما، وقد كان قدم ههنا.
وحدث عنه أبو بكر المروذى.
365 - القاسم بن نصر المخرمى.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما ذكره الخطيب أحمد بن ثابت فى ترجمة سليمان الشاذكونى فقال:
جالس حماد بن زيد، وبشر بن المفضل، ويزيد بن زريع وذكر جماعة فما نفعه الله بواحد منهم.
366 - القاسم بن نصر، بصرى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد رضى الله عنه.
367 - القاسم بن عبد الله البغدادى.
أحد من روى عن إمام الدنيا أحمد بن حنبل رضى الله عنه، فيما ذكره محمد بن يوسف البناء الصوفى الأصفهانى عن أبى الحسن بن الحكم، وعثمان بن عبد الله جميعا عن القاسم
وقال القاسم بن عبد الله: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وقد سأله
رجل عن زيادته ونقصانه يعنى الإيمان فقال: يزيد، حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع(1/258)
وقال القاسم بن عبد الله: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وقد سأله
رجل عن زيادته ونقصانه يعنى الإيمان فقال: يزيد، حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع
368 - قاسم بن الفرغانى
قال: سئل أحمد بن حنبل عن رجل له بسامرّا دين يخرج يقتضيه؟ قال: لا.
قلنا: فكيف يصنع؟ قال: يوكل رجلا من ثم فيقتضى دينه.
369 - القاسم بن سلام، أبو عبيد.
كان أبوه عبدا روميا لرجل من أهل هراة. ويحكى أن سلّاما خرج يوما وأبو عبيد مع ابن لمولاه فى الكتاب، فقال للمعلم: علمى القاسم. فانها كيّسة
سمع اسماعيل بن جعفر، وشريكا، واسماعيل بن عياش، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، واسماعيل بن علية، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم. وكان يقصد إمامنا أحمد. ويحكى عنه أشياء.
منها: ما رواه أبو بكر بن أبى الدنيا قال: قال أبو عبيد القاسم بن سلّام: زرت أحمد بن حنبل. فلما دخلت عليه بيته قام فاعتنقنى، وأجلسنى فى صدر مجلسه.
فقلت: يا أبا عبد الله، أليس يقال: صاحب البيت أو المجلس أحق بصدر بيته، أو مجلسه؟ قال: نعم، يقعد، ويقعد من يريد. قال: فقلت فى نفسى: خذ إليك أبا عبيد فائدة. ثم قلت: يا أبا عبد الله، لو كنت آتيك على حق ما تستحق لأتيتك كل يوم. فقال: لا تقل ذاك. فان لى إخوانا ما ألقاهم فى كل سنة إلا مرة، أنا أوثق فى مودتهم ممن ألقى كل يوم. قال قلت: هذه أخرى يا أبا عبيد.
فلما أردت القيام قام معى. قلت: لا تفعل يا أبا عبد الله. قال فقال: قال الشعبى «من تمام زيارة الزائر: أن يمشى معه إلى باب الدار، ويؤخذ بركابه» قال قلت:
يا أبا عبد الله، من عن الشعبى؟ قال: ابن أبى زائدة عن مجالد عن الشعبى. قال قلت: يا أبا عبيد، هذه ثالثة.(1/259)
أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله حدثنا عبيد الله بن حبابة حدثنا القاضى أبو الحسين عمر بن الحسن بن الأشنانى حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى وحدثنا عمر بن عامر التمار حدثنا جعفر بن سليمان بن على الهاشمى قال حدثنى أبى عن أبى قلابة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أخذ بركاب رجل لا يرجوه ولا يخافه غفر له» وقال الشعبى «أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت، فقال: أتمسك بى وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنا هكذا نصنع بالعلماء»
وقال ابن الجعابى: قال أبو عبيد: قلت لأحمد بن حنبل: كيف تصنع بمنازلك ببغداد؟ قال: أؤدى عن مسكنى وغلّتى عن كل جريب قفيزا أو درهما. قال فقلت له: المسكن لا شىء فيه. قال: قد أذن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لهم أن يسكنوا، ولكن أؤدى عما فضل عن مسكنى: عن كل جريب قفيزا أو درهما
وقال الأثرم: كنت عند أبى عبيد القاسم بن سلام وهم يذكرون المسائل.
فجرت مسألة، فأجبت فيها، قال: فقال رجل منهم: من قال هذا؟ قلت: رجل لا أعلم بالمشرق ولا بالمغرب أكبر منه: أحمد بن حنبل. قال أبو عبيد: صدق.
قلت أنا: قد أقام ببغداد، ثم ولى القضاء بطرسوس ثمانى عشرة سنة.
وخرج بعد ذلك إلى مكة، فسكنها حتى مات بها.
قال أبو الحسين بن المنادى: وأبو عبيد القاسم بن سلام: كان ينزل بدرب الريحان، ثم خرج إلى مكة فى سنة أربع وعشرين ومائتين.
وذكره ابن درستويه النحوى، فقال: وممن جمع صنوفا من العلم، وصنف الكتب فى كل فن من العلوم والآداب: أبو عبيد القاسم بن سلام. وكان مؤدبا لابن هرثمة. وصار فى ناحية عبد الله بن طاهر. وكان ذا فضل ودين وسنن، ومذهب حسن. روى عن أبى زيد الأنصارى. وأبى عبيدة، والأصمعى، واليزيدى، وغيرهم من البصريين. وروى عن ابن الأعرابى، وأبى زياد
الكلابى، وعن الأموى، وأبى عمرو الشيبانى، والكسائى، والفراء. وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا. فى القرآن، والفقه، وغريب الحديث، وغريب المصنف، والأمثال، ومعانى الشعر، وغير ذلك. وبلغنا أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالا خطيرا، استحسانا لذلك.(1/260)
وذكره ابن درستويه النحوى، فقال: وممن جمع صنوفا من العلم، وصنف الكتب فى كل فن من العلوم والآداب: أبو عبيد القاسم بن سلام. وكان مؤدبا لابن هرثمة. وصار فى ناحية عبد الله بن طاهر. وكان ذا فضل ودين وسنن، ومذهب حسن. روى عن أبى زيد الأنصارى. وأبى عبيدة، والأصمعى، واليزيدى، وغيرهم من البصريين. وروى عن ابن الأعرابى، وأبى زياد
الكلابى، وعن الأموى، وأبى عمرو الشيبانى، والكسائى، والفراء. وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا. فى القرآن، والفقه، وغريب الحديث، وغريب المصنف، والأمثال، ومعانى الشعر، وغير ذلك. وبلغنا أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالا خطيرا، استحسانا لذلك.
وقال الفسطاطى: كان أبو عبيد مع ابن طاهر. فوجه إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدة شهرين، فأنفذ إليه أبا عبيد، فأقام شهرين. فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم. فلم يقبلها، وقال: أنا فى جنبة رجل ما يحوجنى إلى صلة غيره، ولا آخذ ما فيه علىّ نقص. فلما عاد إلى ابن ظاهر وصله بثلاثين ألف دينار، بدلا مما وصله به أبو دلف. فقال له: أيها الأمير، قد قبلتها منك، ولكن قد أغنيتنى بمعروفك وبرك، وكفايتك عنها. وقد رأيت أن أشترى بها سلاحا وخيلا، وأوجه بها إلى الثغر، ليكون الثواب متوافرا على الأمير، ففعل.
ولما عمل أبو عبيد كتاب غريب الحديث عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه، وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش. فأجرى له عشرة آلاف درهم فى كل شهر.
وقال محمد بن وهب: قال أبو عبيد: كنت فى تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة. وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها فى موضعها من هذا الكتاب. فأبيت ساهرا فرحا منى بتلك الفائدة. وأحدكم يجيئنى، فيقيم عندى أربعة أشهر، وخمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير.
وقيل: أول من سمع هذا الكتاب من أبى عبيد: يحيى بن معين.
وقال جعفر بن محمد بن على بن المدينى: سمعت أبى يقول: خرج أبى إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، قال: فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين وذكر جماعة من المحدثين قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال له يحيى بن معين
اقرأ علينا كتابك الذى عملته للمأمون «غريب الحديث» فقال: هاتوه، فجاءوا بالكتاب. فأخذه أبو عبيد. فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب قال فقال له أبى: يا أبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك. فقال يحيى بن معين لعلى بن المدينى: دعه يقرأ على الوجه يقرأ على الوجه. فان ابنك محمدا معك، ونحن: فنحتاج أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد: ما قرأته إلا على المأمون. فإن أحببتم أن تقرؤه فاقرؤه. قال فقال له على بن المدينى: إن قرأته علينا وإلا فلا حاجة لنا فيه، ولم يعرف أبو عبيد على بن المدينى. فقال ليحيى بن معين: من هذا؟ قال: على بن المدينى، فالتزمه وقرأه علينا. فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول «حدثنا» وغير ذلك فلا يقول(1/261)
وقال جعفر بن محمد بن على بن المدينى: سمعت أبى يقول: خرج أبى إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، قال: فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين وذكر جماعة من المحدثين قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال له يحيى بن معين
اقرأ علينا كتابك الذى عملته للمأمون «غريب الحديث» فقال: هاتوه، فجاءوا بالكتاب. فأخذه أبو عبيد. فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب قال فقال له أبى: يا أبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك. فقال يحيى بن معين لعلى بن المدينى: دعه يقرأ على الوجه يقرأ على الوجه. فان ابنك محمدا معك، ونحن: فنحتاج أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد: ما قرأته إلا على المأمون. فإن أحببتم أن تقرؤه فاقرؤه. قال فقال له على بن المدينى: إن قرأته علينا وإلا فلا حاجة لنا فيه، ولم يعرف أبو عبيد على بن المدينى. فقال ليحيى بن معين: من هذا؟ قال: على بن المدينى، فالتزمه وقرأه علينا. فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول «حدثنا» وغير ذلك فلا يقول
وقال أبو عبيد: المتبع للسنة كالقابض على الجمر. وهذا اليوم أفضل عندى من ضرب السيف فى سبيل الله عز وجل
وقال عباس بن محمد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد القاسم بن سلام ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا
واختلف فى وفاته. فقال البخارى: مات أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين وقال غيره: سنة ثلاث وعشرين بمكة. وقيل: سنة اثنتين وعشرين فى خلافة المعتصم.
باب الميم
ذكر من إسمه محمد
370 - محمد بن أحمد بن الجراح، أبو عبد الرحيم الجوزجانى
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال قال: هو ثقة، رجل جليل القدر فى نحو إبراهيم بن يعقوب. كان أبو عبد الله يكاتبه أيضا. فكتب إليه فى أشياء لم يكن يكتب إلى أحد بمثلها فى السنّة، والرد على أهل الخلاف والكلام
وقد حدثنا عنه الشيوخ قديما: أبو بكر المروزى قال: رأيت أبا عبد الرحيم
الجوزجانى عند أبى عبد الله، وقد كان ذكره أبو عبد الله فقال: كان أبوه مرجئا أو قال: صاحب رأى. وأما أبو عبد الرحيم: فأثنى عليه(1/262)
وقد حدثنا عنه الشيوخ قديما: أبو بكر المروزى قال: رأيت أبا عبد الرحيم
الجوزجانى عند أبى عبد الله، وقد كان ذكره أبو عبد الله فقال: كان أبوه مرجئا أو قال: صاحب رأى. وأما أبو عبد الرحيم: فأثنى عليه
قال: أبو عبد الرحيم: سمعت أحمد بن حنبل، وذكر إسحاق، فقال: لا أعلم أو لا أعرف لاسحاق بالعراق نظيرا
371 - محمد بن أحمد بن على بن رزين.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رأيت ابنا للعلاء بن عبد الجبار عند سفيان، وكان كيّسا.
372 - محمد بن أحمد بن المثنى، أبو جعفر.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: أتيت أحمد بن حنبل، فجلست على بابه أنتظر خروجه. فلما خرج قمت إليه، فقال لى: أما علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار»؟ فقلت له: إنما قمت إليك ولم أقم لك، فاستحسن ذاك.
وقال أبو جعفر: قلت لأحمد: ما تقول فى بشر؟ فقال: سألتنى عن رابع سبعة من الأبدال، أو عامر بن عبد قيس؟ ما مثله عندى إلا مثل رجل ركز رمحا فى الأرض، ثم قعد منه على السنان، فهل ترى ترك لأحد موضعا يقعد فيه؟
373 - محمد بن أحمد بن واصل، أبو العباس المصرى.
سمع أباه، ومحمد بن صالح الخياط، ومحمد بن سعدان النحوى، وخلف بن هشام البزار، وإمامنا فى آخرين. روى عنه أبو مزاحم الخاقانى، وأبو الحسن بن شنبوذ وغيرهم
وذكره أبو بكر الخلال فقال: عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. قال أبو بكر الخلال سمعته يقول: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرأى؟ فرفع صوته وقال: لا تكتب شيئا من الرأى.
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: عمرة فى شهر رمضان تعدل حجة، فإن أدرك يوما من رمضان فقد أدرك عمرة فى رمضان.(1/263)
أخبرنا أحمد بن على البغدادى قال أخبرنا على السمسار قال: أخبرنا عبد الله الصفار حدثنا ابن قانع أن محمد بن أحمد بن واصل مات فى جمادى الآخرة سنة ثلاثة وسبعين ومائتين
374 - محمد بن احمد المروروذى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: روى عن أبى عبد الله مسائل لم تقع إلى غيره، ثقة من أهل مرو الروذ، سمعت عنه من بطل ثقة من أهل أصبهان، وذكره بجميل
حدثنى الحسن بن مهران بن الوليد الأصبهانى قال: سمعت محمد بن أحمد المروروذى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرؤا آية الكرسى ثلاث مرات، وقل هو الله أحد، ثم قولوا: اللهم فضله لأهل المقابر (1)
وروى أبو بكر فى الشافى قال: محمد بن أحمد المروروذى: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرؤا آية الكرسى وثلاث مرات قل هو الله أحد، ثم قولوا: اللهم إن فضله لأهل المقابر. وروى أبو بكر فى الشافى قال قال محمد بن أحمد المروروذى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرؤا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد، واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم (1)
375 - محمد بن ابراهيم بن سعيد بن موسى بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن البوشنجى
، ذكره أبو بكر الخلال فى جملة الأصحاب. نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد يقول: تقربوا إلى الله تعالى ببغض أهل الإرجاء، فانه من أوثق الأعمال إلينا.
وقال أيضا: سمعت أبا عبد الله يقول: أبو زيد اسمه: قيس بن سكن بن زعورا. وقال أيضا: سمعته يقول: قال محمد بن المنهال: ما كتبت «حدثنا»
__________
(1) لم يروه حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم(1/264)
قط. قال أبو عبد الله: لأنه كان ضريرا حافظا متقنا أمينا. وكان عنده ستة آلاف حديث عن زيد بن زريع.
ومات البوشنجى فى جمادى الأولى سنة تسعين ومائتين يوم النيروز.
وقال البوشنجى وذكر أحمد بن حنبل عنده فقال: هو عندى أفضل من سفيان الثورى. وذلك أن سفيان لم يمتحن فى الشدة والبلوى بمثل ما امتحن به أحمد بن حنبل. ولا علم سفيان ومن تقدم من فقهاء الأمصار كعلم أحمد. لأنه كان أجمع للعلم، وأبصر بمتقنهم وغالطهم، وصدوقهم وكذوبهم. ولقد بلغنى عن بشر بن الحارث أنه قال: قام أحمد مقام الأنبياء، وأحمد عندنا امتحن بالسراء والضراء، وتداوله أربعة خلفاء، بعضهم بالضراء وبعضهم بالسراء. فكان فيها مستعصما بالله عز وجل، تداوله المأمون والمعتصم والواثق، بعضهم بالضرب والحبس، وبعضهم بالإخافة والترهيب. فما كان فى هذا الحال إلا سليم الدين، غير تارك له من أجل ضرب ولا حبس. ثم امتحن أيام المتوكل بالتكريم والتعظيم، وبسط الدنيا عليه وإفاضتها عنده. فما ركن إليها، ولا انتقل من حاله الأولى، رغبة فى الدنيا ولا رغبة فى الذكر. فهذه الحالات لم يمتحن بمثلها سفيان. ولقد حكى عن المتوكل أنه قال: إن أحمد يمنعنا من بر ولده، فرحمة الله عليه. فى قصة طويلة ذكرها المتوكل.
وقال البوشنجى: حضر يوما عند أحمد جماعة من أصحاب الحديث من إخوانه.
فاشترى لهم بما كان عنده من النفقة، وأطعمهم، وصبر على مقدار ربع سويق ثمانية عشر يوما، بعسكر المتوكل، مكتفيا بذلك، حتى أتته النفقة من بغداد، لا يذوق من مائدة المتوكل شيئا.
376 - محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سالم، أبو أمية، سكن طرسوس.
فقيل له: الطرسوسى. وهو بغدادى. سمع عمر بن يونس اليمانى، وعمر بن حبيب القاضى، ويعقوب بن إسحاق الحضرمى، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبا عاصم
النبيل، ومكى بن ابراهيم، والفضل بن دكين وإمامنا فى آخرين. روى عنه أبو حاتم الرازى، والقاضى وكيع، ويحيى بن صاعد، والحسين والقاسم ابنا اسماعيل المحاملى فى آخرين.(1/265)
فقيل له: الطرسوسى. وهو بغدادى. سمع عمر بن يونس اليمانى، وعمر بن حبيب القاضى، ويعقوب بن إسحاق الحضرمى، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبا عاصم
النبيل، ومكى بن ابراهيم، والفضل بن دكين وإمامنا فى آخرين. روى عنه أبو حاتم الرازى، والقاضى وكيع، ويحيى بن صاعد، والحسين والقاسم ابنا اسماعيل المحاملى فى آخرين.
أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو الحسن الأهوازى حدثنا القاضى المحاملى حدثنا محمد بن ابراهيم الطرسوسى حدثنا إسحاق بن منصور السلولى حدثنا إسرائيل عن جابر عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره. وما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل الجنة».
سئل أبو داود عن أبى أمية؟ فقال: ثقة.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: رجل رفيع القدر جدا. سمعنا منه حديثا كثيرا. وكان إماما فى الحديث فى زمانه، متقدما. وكان عنده مسائل صالحة عن أبى عبد الله، وغرائب، سمعتها منه ومن قوم عنه.
أخبرنى أبو أمية الطرسوسى قال: سألت أحمد بن حنبل عن رجل سمع معى وهو يرى رأى الخوارج: أعطيه سماعه؟ قال: نعم. أعطة، لعل الله ينفعه به
وتوفى بطرسوس سنة ثلاث وسبعين ومائتين ذكره ابن المنادى.
377 - محمد بن ابراهيم بن يعقوب
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد رضى الله عنه.
378 - محمد بن ابراهيم الأنماطى، أبو جعفر، المعروف بمربع.
صاحب يحيى بن معين. كان أحد الحفاظ الفهماء، وحدث عن أبى سلمة التّبوذكى، وأبى حذيفة النهدى، وأبى الوليد الطيالسى، وأبى بكر بن أبى الأسود، وأحمد بن يونس، فى آخرين. ونقل عن إمامنا أشياء. روى عنه محمد التمتام، وقاسم بن زكريا المطرز، ويحيى بن صاعد، والحسين المحاملى، ومحمد بن مخلد الدورى.(1/266)
أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو عمر بن مهدى أخبرنا محمد بن مخلد حدثنا محمد بن ابراهيم مربع حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمر بن مصعب بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت «كان النبى صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس»
أخبرنا أحمد المورخ حدثنى الحسن بن أبى طالب حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة حدثنى محمد بن ابراهيم بن مربع قال:
كنت عند أحمد بن حنبل، وبين يديه محبرة، فذكر أبو عبد الله حديثا، فاستأذنته أن أكتب من محبرته. فقال: اكتب يا هذا. فهذا ورع مظلم.
أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرنا على السمسار أخبرنا عبد الله الصفار حدثنا عبد الباقى بن قانع: أن محمد بن ابراهيم مربعا مات سنة ست وخمسين ومائتين.
379 - محمد بن ابراهيم، أبو الفضل السمرقندى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها: ما ذكره الخطيب قال: أخبرنى محمد بن أحمد بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابورى قال: سمعت أبا بكر محمد بن محمد بن يوسف الخطيب ببخارى قال سمعت أبا القاسم عمر بن محمد الأنصارى السمرقندى قال:
كنت عند أحمد بن حنبل، فذكر عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: هو ذاك السيد. ثم قال أحمد: عرض علىّ الكفر فلم أقبل. وعرض عليه الدنيا فلم يقبل
380 - محمد بن ابراهيم القيسى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما رواه الأثرم قال: حدثنى محمد بن ابراهيم القيسى قال: قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك أنه قيل له: كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال:
فى السماء السابعة على عرشه يحد (1). فقال أحمد: هكذا هو عندنا.
__________
(1) هذا لفظ لم يجىء فى كتاب ولا سنة. وأسماء الله وصفاته إنما يدان فيها بما ثبت بالكتاب الصريح والسنة الصحيحة الثابتة.(1/267)
381 - محمد بن ابراهيم الماستوى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كنت فى كتاب الحيض تسع سنين، حتى فهمته.
382 - محمد بن ابراهيم، أبو حمزة الصوفى.
كان يتكلم فى جامع الرصافة.
ثم انتقل إلى جامع المدينة. وكان عالما بالقراءات. جالس إمامنا، واستفاد منه أشياء. وجالس بشر بن الحارث، وأبا نصر التمار، وسريا السقطى. وسافر مع أبى تراب النخشبى. حكى عنه محمد بن على الكتانى وخير النساج، وغيرهما.
أخبرنا أحمد نزيل دمشق أخبرنا أبو عبد الرحمن الحميرى أخبرنا محمد بن الحسين السلمى سمعت محمد بن الحسن البغدادى. يحكى عن ابن الأعرابى قال:
قال أبو حمزة: كان الإمام أحمد بن حنبل يسألنى فى مجلسه عن مسائل، ويقول:
ما تقول فيها يا صوفى؟
قلت أنا: أراد والله أعلم بسؤاله: إن أصاب أقره عليه، وإن أخطأ بيّنه له.
أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم حدثنى أبو بدر الخياط الصوفى قال: سمعت أبا حمزة يقول: سافرت سفرة على التوكل.
فبينا أنا أسير ذات ليلة والنوم فى عينى، إذ وقعت فى بئر فرأيتنى قد حصلت فيها.
فلم أقدر على الخروج لبعد مرتقاها. فجلست فيها. فبينا أنا جالس إذ وقف على رأسها رجلان. فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هذه فى طريق السابلة والمارة؟
فقال الآخر: فما نصنع؟ قال: نطمّها. فبدرت نفسى أن أقول: أنا فيها.
فنوديت: تتوكل علينا وتشكو بلاءنا إلى سوانا؟ فسكت. فمضيا ثم رجعا ومعهما شىء جعلاه على رأسها غطوها به. فقالت لى نفسى: أمنت طمها. ولكن حصلت مسجونا فيها. فمكثت يومى وليلتى. فلما كان الغد نادانى شىء يهتف بى ولا أراه تمسك بى شديدا. فمددت يدى، فوقعت على شىء خشن،
فتمسكت به. فعلاها. فطرحنى، فتأملت فوق الأرض، فاذا هو سبع. فلما رأيته لحق نفسى من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بى هاتف: يا أبا حمزة، استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكفيناك ما تخاف بما تخاف.(1/268)
فنوديت: تتوكل علينا وتشكو بلاءنا إلى سوانا؟ فسكت. فمضيا ثم رجعا ومعهما شىء جعلاه على رأسها غطوها به. فقالت لى نفسى: أمنت طمها. ولكن حصلت مسجونا فيها. فمكثت يومى وليلتى. فلما كان الغد نادانى شىء يهتف بى ولا أراه تمسك بى شديدا. فمددت يدى، فوقعت على شىء خشن،
فتمسكت به. فعلاها. فطرحنى، فتأملت فوق الأرض، فاذا هو سبع. فلما رأيته لحق نفسى من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بى هاتف: يا أبا حمزة، استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكفيناك ما تخاف بما تخاف.
ومات سنة تسع وستين ومائتين. ودفن بباب الكوفة.
383 - محمد بن إسحاق بن ابراهيم بن مخلد بن ابراهيم، أبو الحسين المروزى، المعروف بابن راهويه.
ولد بمرو. ونشأ بنيسابورى. وكتب ببلاد خراسان، وبالعراق، والحجاز والشام، ومصر. سمع أباه إسحاق بن راهويه، وعلى بن حجر المروزيين، ومحمد بن رافع القشيرى، ومحمد بن يحيى الذهلى، وإمامنا أحمد، وعلى بن المدينى، فى آخرين. وحدث ببغداد. فروى عنه من أهلها: محمد بن مخلد الدورى، وإسماعيل الخطبى، وعبد الباقى بن قانع، وأبو الحسين بن المنادى. وكان عالما بالفقه، جميل الطريقة، مستقيم الحديث.
قال محمد بن اسحاق: دخلت على أبى عبد الله، فقال: أنت ابن أبى يعقوب؟
قلت: بلى. قال: أما إنك لو لزمته كان أكثر لفائدتك. فانك لم تر مثله.
وتوفى مرجعه من الحج سنة أربع وتسعين ومائتين. قتلته القرامطة.
ذكره ابن المنادى.
384 - محمد بن إسحاق بن جعفر وقيل: ابن محمد أبو بكر الصاغانى.
سكن بغداد، أحد الأثبات المتقنين، مع صلابة فى الدين، واشتهار بالسنة، واتساع فى الرواية. ورحل فى طلب العلم. وكتب عن أهل بغداد، والبصرة.
والكوفة، والمدينة، ومكة، والشام ومصر. وسمع يعلى بن عبيد الطنافسى، وجعفر بن عون العمرى، وعبيد الله بن موسى العبسى، ومحاضر بن المورع، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وإمامنا، وخلقا كثيرا. حدث عنه موسى
بن هارون، وأبو بكر بن داود الأصبهانى فى كتابه، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وعبد الله بن إمامنا، وأبو الحسين بن المنادى، ومسلم بن الحجاج، وأبو عيسى الترمذى، وأبو عبد الرحمن النسائى، ومحمد بن خزيمة، فى آخرين.(1/269)
والكوفة، والمدينة، ومكة، والشام ومصر. وسمع يعلى بن عبيد الطنافسى، وجعفر بن عون العمرى، وعبيد الله بن موسى العبسى، ومحاضر بن المورع، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وإمامنا، وخلقا كثيرا. حدث عنه موسى
بن هارون، وأبو بكر بن داود الأصبهانى فى كتابه، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وعبد الله بن إمامنا، وأبو الحسين بن المنادى، ومسلم بن الحجاج، وأبو عيسى الترمذى، وأبو عبد الرحمن النسائى، ومحمد بن خزيمة، فى آخرين.
وقال أبو مزاحم الخاقانى: كان الصاغانى يشبه يحيى بن معين فى وقته.
وذكره الدارقطنى، فقال: كان ثقة، وفوق الثقة. وذكره أبو بكر الخلال فى جملة الأصحاب.
أنبأنا محمد بن أحمد الصيرفى عن الدارقطنى أخبرنا محمد بن مخلد حدثنا محمد بن اسحاق الصاغانى حدثنا حسين بن محمد حدثنا جرير بن حازم عن مجالد بن سعيد عن الشّعبى قال: سألت عما يذكرون من وصيّة النبى صلى الله عليه وسلم إلى على رضى الله عنه، وبحثت عن ذلك. فلم أجد له أصلا.
وروى أبو الحسين بن المنادى: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغانى قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال:
حدثنى نافع عن ابن عمر «أنه كان يصلى على راحلته، ويوتر عليها. ويذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ومات يوم الخميس لتسع خلون من صفر سنة تسعين ومائتين.
385 - محمد بن إسحاق.
من جملة من نقل عن إمامنا، فيما أنبأنا الوالد السعيد قال أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الجبائى بدمشق، سنة خمس عشرة وأربعمائة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن اسماعيل الطرسوسى قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عيسى الطرسوسى الحنبلى قال: حدثنى أبو الحسن على بن السندى قال: حدثنا محمد بن الحسن بن معاوية حدثنا أبو شعيب صالح بن عمران الأنصارى قال: حدثنى يعقوب عن محمد بن إسحاق قال: رأيت كأن القيامة قد قامت، ورأيت رب العزة، أسمع الكلام وأرى النور. فقال: ما تقول فى القرآن؟ قلت: كلامك يا رب العالمين.
فقال: من أخبرك؟ فقلت: أحمد بن حنبل. فقال: أحمد ثقة. فدعي بأحمد فقيل له: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك، يا رب العالمين. فقال: ومن أين علمت؟ فصفح أحمد ورقتين. فإذا فى إحدى الورقتين: شعبة عن المغيرة، وفى الأخرى: عطاء عن ابن عباس. فدعى شعبة فقال الله: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك، يا رب العالمين. فقال عز وجل: ومن أين علمت؟ فقال:(1/270)
من جملة من نقل عن إمامنا، فيما أنبأنا الوالد السعيد قال أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الجبائى بدمشق، سنة خمس عشرة وأربعمائة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن اسماعيل الطرسوسى قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عيسى الطرسوسى الحنبلى قال: حدثنى أبو الحسن على بن السندى قال: حدثنا محمد بن الحسن بن معاوية حدثنا أبو شعيب صالح بن عمران الأنصارى قال: حدثنى يعقوب عن محمد بن إسحاق قال: رأيت كأن القيامة قد قامت، ورأيت رب العزة، أسمع الكلام وأرى النور. فقال: ما تقول فى القرآن؟ قلت: كلامك يا رب العالمين.
فقال: من أخبرك؟ فقلت: أحمد بن حنبل. فقال: أحمد ثقة. فدعي بأحمد فقيل له: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك، يا رب العالمين. فقال: ومن أين علمت؟ فصفح أحمد ورقتين. فإذا فى إحدى الورقتين: شعبة عن المغيرة، وفى الأخرى: عطاء عن ابن عباس. فدعى شعبة فقال الله: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك، يا رب العالمين. فقال عز وجل: ومن أين علمت؟ فقال:
أخبرنا عطاء عن ابن عباس، فلم يدع عطاء، ودعى ابن عباس، فقال الله: ما تقول فى القرآن؟ فقال: كلامك، يا رب العالمين. قال: ومن أين علمت؟ قال: أخبرنا محمد رسولك. فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الله: ما تقول فى القرآن؟
قال: كلامك، يا رب العالمين. قال: ومن أخبرك؟ قال: جبريل عنك. فقال الله: صدقت، وصدقوا.
386 - محمد بن اسحاق، أبو الفتح المؤدب.
ذكره ابن ثابت، فقال:
حدث عن أحمد بن حنبل. روى عنه عبد الصمد بن على الطستى.
وتوفى فى محرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين. حكاه ابن قانع.
387 - محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة
، أبو عبد الله الجعفى البخارى صاحب الجامع الصحيح، والتاريخ، وغيرهما من التصانيف.
رحل فى طلب العلم إلى أكثر محدثى الأمصار، سمع مكى بن إبراهيم البلخى، وعبدان بن عثمان المروزى، وعبيد الله بن موسى العبسى، وأبا عاصم الشيبانى، وأبا بكر الحميدى، ويحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وإمامنا أحمد. وحدث عن رجل عنه وقد تقدم ذكره وورد بغداد دفعات. وحدث بها. فروى عنه من أهلها: ابراهيم الحربى، وعبد الله بن محمد بن ناجية فى آخرين. وآخر من حدث عنه ببغداد: الحسين بن إسماعيل المحاملى.
أخبرنا أحمد نزيل دمشق قراءة قال أخبرنا أبو عمر ابن مهدى حدثنا
القاضى الحسين المحاملى املاء حدثنا محمد بن اسماعيل البخارى حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن أبى بردة قال: أخبرنى جدى أبو بردة عن أبيه أبى موسى قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ جاءه رجل، أو طالب حاجة. فأقبل علينا بوجهه. فقال: اشفعو فلتؤجروا، وليقض الله على لسان رسوله ما شاء».(1/271)
أخبرنا أحمد نزيل دمشق قراءة قال أخبرنا أبو عمر ابن مهدى حدثنا
القاضى الحسين المحاملى املاء حدثنا محمد بن اسماعيل البخارى حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن أبى بردة قال: أخبرنى جدى أبو بردة عن أبيه أبى موسى قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ جاءه رجل، أو طالب حاجة. فأقبل علينا بوجهه. فقال: اشفعو فلتؤجروا، وليقض الله على لسان رسوله ما شاء».
أنبأنا الوالد السعيد أخبرنا أبو الفتح بن أبى الفوارس أخبرنا أحمد السرخسى أخبرنا محمد الفربرى حدثنا محمد بن اسماعيل البخارى حدثنا محمد بن عبد الله الأنصارى حدثنى أبى عن ثمامة عن أنس «أن أبا بكر لما استخلف كتب له.
فكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر «محمد» سطر، و «رسول» سطر، و «الله» سطر».
قال أبو عبد الله يعنى البخارى وزادنى أحمد يعنى ابن حنبل قال:
حدثنا الأنصارى حدثنا أبى عن ثمامة عن أنس قال «كان خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى يده، وفى يد أبى بكر بعده، وفى يد عمر بعد أبى بكر. قال:
فلما كان عثمان: جلس ببئر أريس، قال: فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به. فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فننزح البئر فلم نجده».
وبه: حدثنا أبو عبد الله البخارى فى كتاب النكاح فى باب ما يحرم من النساء وما لا يحرم، وقال لنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيي بن سعيد عن سفيان حدثنا حبيب عن سعيد عن ابن عباس «حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ (4: 23 {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهََاتُكُمْ}) الآية».
ذكر أبو إسحاق الحبال المضرى رحمه الله أخبر عبد الغنى الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن المسور الحميرى حدثنا أبو بكر عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز العمرى قال: سألت محمد بن اسماعيل البخارى عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده: أيحتج به؟ فقال: رأيت أحمد بن حنبل، وعلى بن المدينى، والحميدى، وإسحاق بن راهويه يحتجون به. ما يكون؟ ما تركه أحد من المسلمين، وصدقة وأبو عبيد، وعامة أصحابنا. لا أعلم تركه أحد».(1/272)
ذكر أبو إسحاق الحبال المضرى رحمه الله أخبر عبد الغنى الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن المسور الحميرى حدثنا أبو بكر عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز العمرى قال: سألت محمد بن اسماعيل البخارى عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده: أيحتج به؟ فقال: رأيت أحمد بن حنبل، وعلى بن المدينى، والحميدى، وإسحاق بن راهويه يحتجون به. ما يكون؟ ما تركه أحد من المسلمين، وصدقة وأبو عبيد، وعامة أصحابنا. لا أعلم تركه أحد».
وبه: أخبرنا عبد الغنى الحافظ المصرى حدثنى إبراهيم بن محمد الرعينى حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا أبو محمد الجارودى وهو عبد الله بن على حدثنى محمد ابن اسماعيل الصائغ قال: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول: اجتمع على ابن المدينى ويحيى بن معين وأحمد، وأبو خيثمة، وشيوخ من شيوخ العلم. فتذاكروا حديث عمرو بن شعيب، فثبتوه. وذكروا أنه حجة
أخبرنا محمد بن أحمد الأصفهانى أخبرنا أبو سعيد اسماعيل بن عمرو بن أبى عمرو البحترى النيسابورى قدم علينا قال: أخبرنا عمى أبو عثمان سعيد بن محمد النيسابورى إجازة قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمويه الوراق حدثنا أبو حامد أحمد بن حمدون بن رستم قال: سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن اسماعيل البخارى فقبّل ما بين عينيه، وقال: دعنى حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث فى علله. حدثك محمد بن سلام حدثنا محمد بن يزيد الحرانى قال: أخبرنا ابن جريج قال: حدثنا موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح. عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أبو حامد: وحدثنا محمد بن اسمعيل البخارى حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة قالوا: حدثنا حجاج ابن محمد عن ابن جريح قال: حدثنى موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الكفارة فى المجلس «إذا قام من مجلسه: سبحانك ربنا وبحمدك فهو كفارته» قال محمد بن اسماعيل: هذا حديث مليح. ولا أعلم بهذا الإسناد فى الدنيا حديثا غير هذا، إلا أنه معلول. حدثنا به موسى بن اسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنى سهيل، عن عون بن عبد الله
بن علية قوله. قال محمد بن إسماعيل: أولى. ولا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل، وهو سهيل بن ذكوان، مولى جويرية. وهم إخوة: سهل، وسهيل، وعثمان، وصالح بنو أبى صالح. وهم من أهل المدينة(1/273)
أخبرنا محمد بن أحمد الأصفهانى أخبرنا أبو سعيد اسماعيل بن عمرو بن أبى عمرو البحترى النيسابورى قدم علينا قال: أخبرنا عمى أبو عثمان سعيد بن محمد النيسابورى إجازة قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمويه الوراق حدثنا أبو حامد أحمد بن حمدون بن رستم قال: سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن اسماعيل البخارى فقبّل ما بين عينيه، وقال: دعنى حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث فى علله. حدثك محمد بن سلام حدثنا محمد بن يزيد الحرانى قال: أخبرنا ابن جريج قال: حدثنا موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح. عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أبو حامد: وحدثنا محمد بن اسمعيل البخارى حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة قالوا: حدثنا حجاج ابن محمد عن ابن جريح قال: حدثنى موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الكفارة فى المجلس «إذا قام من مجلسه: سبحانك ربنا وبحمدك فهو كفارته» قال محمد بن اسماعيل: هذا حديث مليح. ولا أعلم بهذا الإسناد فى الدنيا حديثا غير هذا، إلا أنه معلول. حدثنا به موسى بن اسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنى سهيل، عن عون بن عبد الله
بن علية قوله. قال محمد بن إسماعيل: أولى. ولا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل، وهو سهيل بن ذكوان، مولى جويرية. وهم إخوة: سهل، وسهيل، وعثمان، وصالح بنو أبى صالح. وهم من أهل المدينة
أنبأنا خال أمى على بن البسرى عن ابن بطة قال: سمعت الحسين بن إسماعيل المحاملى يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخارى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إنما الناس بشيوخهم. فإذا ذهب الشيوخ، تودّع من العيش؟
أخبرنا أحمد البغدادى حدثنى على بن أحمد الأصبهانى قال: سمعت أبا الهيثم الكشميهنى يقول: سمعت محمد بن يوسف الفربرى يقول: قال لى محمد بن اسماعيل البخارى: ما وضعت فى كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
أخبرنا أبو بكر المؤرخ قال: أخبرنا القاضى أبو بكر الحيرى قال: سمعت ابراهيم بن أحمد الفقيه البلخى يقول: سمعت أحمد بن عبد الله الصفار البلخى يقول: سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن أحمد المتملى يروى عن محمد بن يوسف الفربرى أنه كان يقول: سمع كتاب الصحيح لمحمد بن اسماعيل تسعون ألف رجل. فما بقى أحد يرويه عنه غيرى.
أخبرنا أحمد بن ثابت الخطيب البغدادى أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن على السوذرجانى بأصبهان من لفظه حدثنا على بن محمد بن الحسين الفقيه حدثنا خلف هو ابن صالح الختام سمعت أبا محمد المؤذن عبد الله بن محمد ابن إسحاق السمسار سمعت شيخى يقول: ذهبت عينا محمد بن اسماعيل فى صغره. فرأت والدته فى المنام إبراهيم الخليل عليه السلام. فقال لها: يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره، لكثرة بكائك، ولكثرة دعائك. قال: فأصبح وقد رد الله عليه بصره
أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت المحدث قال: كتب إلى على بن أبى حامد محمد
الأصفهانى يذكر أن أبا أحمد محمد بن أحمد بن مكى الجرجانى حدثهم قال:(1/274)
أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت المحدث قال: كتب إلى على بن أبى حامد محمد
الأصفهانى يذكر أن أبا أحمد محمد بن أحمد بن مكى الجرجانى حدثهم قال:
سمعت السعدانى يقول: سمعت بعض أصحابنا يقول: قال محمد بن اسماعيل:
أخرجت هذا الكتاب يعنى الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث
وجدت عن يوسف التفلرى الزنجانى حدثنا أحمد بن على حدثنا أبو سعد المالينى حدثنا عبد الله بن عدى الحافظ حدثنى محمد بن أحمد القومسى قال:
سمعت محمد بن حمدويه يقول: سمعت محمد بن اسماعيل يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتى ألف حديث غير صحيح.
أخبرنا أحمد بن مهدى أخبرنا أبو سعد المالينى أخبرنا عبد الله بن عدى قال سمعت الحسن بن الحسين البخارى سمعت ابراهيم بن معقل يقول: سمعت محمدا البخارى يقول: ما أدخلت فى كتابى الجامع إلا ما صح. وتركت من الصحاح لحال الطوال
أخبرنا أبو بكر بن ثابت أخبرنى الحسن بن محمد بن على الدّربندى أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرىء قال: سمعت أبا حسان مهيب بن سليم يقول: سمعت جعفر بن محمد القطان إمام الجامع بكرمينية يقول: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول:
كتبت عن ألف شيخ وأكثر، ما عندى حديث إلا أذكر إسناده
أخبرنا أحمد بن ثابت المؤرخ أخبرنا الحسن بن محمد البلخى أخبرنا محمد بن أبى بكر الحافظ ببخارى حدثنا أحمد بن محمد بن عمر المقرىء حدثنا بكر بن منير، سمعت أبا عبد الله البخارى يقول: منذ ولدت ما اشتريت من أحد بدرهم شيئا قط، ولا بعت من أحد بدرهم شيئا. فسألوه عن شراء الحبر والكواغد؟ فقال: كنت آمر إنسانا يشترى لى
أخبرنا أبو بكر البغدادى أخبرنى محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم الضبى أخبرنا محمد بن خالد المطوّعى حدثنا مسيح بن سعيد قال: كان محمد بن اسماعيل البخارى إذا كان أول ليلة من شهر رمضان: يجمع إليه أصحابه، فيصلى
بهم. ويقرأ فى كل ركعة عشرين آية. وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ فى السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن. فيختم عند السحر فى كل ثلاث ليال. وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة، يقول عند كل ختم دعوة مستجابة(1/275)
أخبرنا أبو بكر البغدادى أخبرنى محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم الضبى أخبرنا محمد بن خالد المطوّعى حدثنا مسيح بن سعيد قال: كان محمد بن اسماعيل البخارى إذا كان أول ليلة من شهر رمضان: يجمع إليه أصحابه، فيصلى
بهم. ويقرأ فى كل ركعة عشرين آية. وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ فى السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن. فيختم عند السحر فى كل ثلاث ليال. وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة، يقول عند كل ختم دعوة مستجابة
أخبرنا الخطيب أخبرنى أبو الوليد الدرنبدى أخبرنا محمد بن احمد بن محمد بن سليمان الحافظ حدثنا أحمد بن محمد بن عمر المقرىء قال: سمعت بكر بن منير يقول كان محمد بن إسماعيل البخارى يصلى ذات يوم، فلسعته الزنبور سبع عشرة مرة.
فلما قضى صلاته قال: انظروا إيش هذا الذى آذانى فى صلاتى؟ فنظروا. فاذا الزنبور قد ورّمه فى سبعة عشر موضعا. ولم يقطع صلاته
أخبرنا المؤرخ أبو بكر أخبرنا الحسين بن محمد الأشقر أخبرنا محمد بن أبى بكر البخارى الحافظ حدثنا أحمد بن محمد المقرىء سمعت بكر بن منير سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبنى أنى اغتبت أحدا
أخبرنا أحمد المؤرخ حدثنا أبو الوليد الدربندى سمعت محمد بن الفضل سمعت أبا اسحاق الزنجانى سمعت عبد الرحمن بن رساس البخارى يقول: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول: صنفت كتابى «الصحيح» لست عشرة سنة، خرّجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بينى وبين الله تعالى
أخبرنا أحمد الحافظ أخبرنا أبو الوليد أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ حدثنا محمد ابن سعيد التاجر حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن أبى حاتم سمعت حاشد بن اسماعيل يقول: كان أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخارى يختلف معنا إلى مشايخ الحديث فى البصرة، وهو غلام. فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوما: إنكما قد أكثرتما علىّ وألححتما، فاعرضا علىّ ما كتبتما. فأخرجنا ما كان عندنا. فزاد على خمسة عشر ألف حديث. فقرأها كلها عن ظهر القلب، حتى
جعلنا نحكم كتبنا على حفظه. ثم قال: أترون أنى أختلف هدرا، وأضيّع أيامى؟(1/276)
أخبرنا أحمد الحافظ أخبرنا أبو الوليد أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ حدثنا محمد ابن سعيد التاجر حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن أبى حاتم سمعت حاشد بن اسماعيل يقول: كان أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخارى يختلف معنا إلى مشايخ الحديث فى البصرة، وهو غلام. فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوما: إنكما قد أكثرتما علىّ وألححتما، فاعرضا علىّ ما كتبتما. فأخرجنا ما كان عندنا. فزاد على خمسة عشر ألف حديث. فقرأها كلها عن ظهر القلب، حتى
جعلنا نحكم كتبنا على حفظه. ثم قال: أترون أنى أختلف هدرا، وأضيّع أيامى؟
فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. قال: وكان أهل المعرفة من أهل البصرة يعدون خلفه فى طلب الحديث، وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه فى بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، قال: وكان عند ذلك شابا لم يخرج وجهه.
أخبرنا أحمد بن على أخبرنى الحسن بن محمد أخبرنا محمد بن أبى بكر حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى البزار قال: سمعت أبا بكر عبد الرحمن بن محمد ابن علوية الأبهرى يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبى يقول: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن اسماعيل البخارى
أخبرنا أحمد بن ثابت أخبرنا أبو حازم العبدوى قال: سمعت محمد بن محمد بن العباس الضبىّ يقول: سمعت أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن مطر يقول:
سمعت جدى محمد بن يوسف يقول: سمعت محمد بن اسماعيل البخارى يقول: دخلت بغداد آخر ثمان مرات، كلّ ذلك أجالس أحمد بن حنبل. فقال لى فى آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله، تترك العلم والناس، وتصير إلى خراسان؟ قال البخارى:
فأنا الآن أذكر قوله
أخبرنا أحمد البغدادى أخبرنا الحسن بن محمد الأشقر أخبرنا محمد بن أبى بكر حدثنا أبو صالح خلف بن محمد بن اسماعيل قال: سمعت أبا عمر أحمد بن نصر بن ابراهيم النسيابورى المعروف بالخفاف ببخارى، يقول: كنا يوما عند أبى إسحاق القيسى، ومعنا محمد بن نصر المروزى، فجرى ذكر محمد بن اسماعيل البخارى، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أنى قلت «لفظى بالقرآن مخلوق» فهو كذاب. فانى لم أقله. فقلت: يا أبا عبد الله، قد خاض الناس فى هذا، وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول لك، وأحكى لك عنه. قال أبو عمر الخفاف: فأتيت محمد بن اسماعيل، فناظرته فى شىء من الأحاديث، حتى
طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله، ههنا أحد يحكى عنك أنك قلت هذه المقالة؟ فقال: يا أبا عمر، احفظ ما أقول لك. من زعم من أهل نيسابور وقومس والرّى، وهمدان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة:(1/277)
أخبرنا أحمد البغدادى أخبرنا الحسن بن محمد الأشقر أخبرنا محمد بن أبى بكر حدثنا أبو صالح خلف بن محمد بن اسماعيل قال: سمعت أبا عمر أحمد بن نصر بن ابراهيم النسيابورى المعروف بالخفاف ببخارى، يقول: كنا يوما عند أبى إسحاق القيسى، ومعنا محمد بن نصر المروزى، فجرى ذكر محمد بن اسماعيل البخارى، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أنى قلت «لفظى بالقرآن مخلوق» فهو كذاب. فانى لم أقله. فقلت: يا أبا عبد الله، قد خاض الناس فى هذا، وأكثروا فيه. فقال: ليس إلا ما أقول لك، وأحكى لك عنه. قال أبو عمر الخفاف: فأتيت محمد بن اسماعيل، فناظرته فى شىء من الأحاديث، حتى
طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبد الله، ههنا أحد يحكى عنك أنك قلت هذه المقالة؟ فقال: يا أبا عمر، احفظ ما أقول لك. من زعم من أهل نيسابور وقومس والرّى، وهمدان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة:
أنى قلت «لفظى بالقرآن مخلوق» فهو كذاب. فإنى لم أقل هذه المقالة
أخبرنا أحمد بن مهدى أخبرنى أبو الوليد الدربندى أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه حدثنا أبو العباس الفضل بن بسام قال: سمعت إبراهيم بن محمد يقول: أنا توليت دفن محمد بن اسماعيل، لما أن مات بخرتنك، أردت حمله إلى مدينة سمرقند أن أدفنه بها. فلم يتركنى صاحب لنا. فدفناه فيها. فلما أن فرغنا، ورجعت إلى المنزل الذى كنت فيه قال لى صاحب القصر: سألته أمس، فقلت: يا أبا عبد الله، ما تقول فى القرآن؟ فقال: القرآن كلام الله، غير مخلوق. قال: فقلت له: إن الناس يزعمون أنك تقول: ليس فى المصاحف قرآن، ولا فى صدور الناس قرآن؟ فقال: أستغفر الله أن تشهد على بشىء لم تسمعه منى، أقول لك كما قال الله تعالى {(وَالطُّورِ وَكِتََابٍ مَسْطُورٍ)} أقول:
فى المصاحف قرآن، وفى صدور الناس قرآن. فمن قال غير هذا يستتاب. فإن تاب وإلا فسبيله سبيل الكفر
أخبرنا أحمد بن ثابت أخبرنا أبو سعد المالينى سمعت الحسن بن الحسين البزار ببخارى يقول: رأيت محمد بن اسماعيل شيخا نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير. ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة. وتوفى ليلة السبت عند صلاة العشاء، ليلة الفطر. ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت غرة شوال سنة ست وخمسين ومائتين. عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما
وقال محمد بن اسماعيل البخارى: قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل:
أنا رجل مبتلى، قد ابتليت أن لا أقول لك، ولكن أقول. فإن أنكرت شيئا
فردنى عنه: القرآن من أوله إلى آخره: كلام الله، ليس شىء منه مخلوق.(1/278)
أنا رجل مبتلى، قد ابتليت أن لا أقول لك، ولكن أقول. فإن أنكرت شيئا
فردنى عنه: القرآن من أوله إلى آخره: كلام الله، ليس شىء منه مخلوق.
ومن قال: إنه مخلوق، أو شىء منه مخلوق: فهو كافر. ومن زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق: فهو جهمى كافر؟ قال: نعم.
388 - محمد بن اسماعيل بن يوسف، أبو اسماعيل الترمذى
، سمع محمد بن عبد الله الأنصارى، والفضل بن دكين، والحسن بن سوار، وإسحاق بن محمد الفروى وقبيصة بن عقبة، وأيوب بن سليمان بن بلال، وعبد العزيز بن عبد الله الأوبسى وعبد الله بن مسلمة القعنبى، فى أمثالهم من الشيوخ. وكان فهما متقنا، مشهورا بمذهب السنة. وسكن بغداد وحدث بها
فروى عنه أبو عيسى الترمذى، وأبو عبد الرحمن النسائى، وأبو بكر بن أبى الدنيا وموسى بن هارون، وجعفر البرقانى، ويحيى بن صاعد، والقاضى المحاملى، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر النجاد، وابن جرير الطبرى
ذكره أبو بكر الخلال فقال: صاحبنا. وقد سمعنا منه حديثا كثيرا. وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة حسان. وفيها ما أغرب به على أصحاب أبى عبد الله. وهو رجل معروف ثقة كثير العلم يتفقه
أخبرنا أحمد البغدادى أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازى أخبرنا محمد بن مخلد العطار حدثنا محمد اسماعيل الترمذى حدثنا مخلد بن مالك أبو محمد الحرانى حدثنا حفص أبو عمر حدثنا زيد بن أسلم عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله: أنا عند ظن عبدى. وأنا معه حين يذكرنى. والله لله أفرح بتوبة أحدكم يجد ضالته بالفلاة. ومن تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا. ومن تقرب إلى ذراعا، تقربت منه باعا. ومن جاءنى يمشى جئته أهرول»
أنبأنا محمد بن على الحنبلى المقرىء أخبرنا عبيد الله الفرضى أخبرنا القاضى أحمد بن كامل حدثنا محمد بن جرير الطبرى حدثنا أبو اسماعيل الترمذى قال: سمعت
أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: اللفظية جهمية، يقول الله (9: 6 {حَتََّى يَسْمَعَ كَلََامَ اللََّهِ}) ممن يسمع؟(1/279)
أنبأنا محمد بن على الحنبلى المقرىء أخبرنا عبيد الله الفرضى أخبرنا القاضى أحمد بن كامل حدثنا محمد بن جرير الطبرى حدثنا أبو اسماعيل الترمذى قال: سمعت
أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: اللفظية جهمية، يقول الله (9: 6 {حَتََّى يَسْمَعَ كَلََامَ اللََّهِ}) ممن يسمع؟
وأنبأنا عمر بن الليث البخارى قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيرى الحافظ، وأبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبى عمرو البحترى قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيّع الحافظ قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلى يقول: سمعت أبا إسماعيل الترمذى يقول: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذى عند أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، فقال له أحمد بن الحسن:
يا أبا عبد الله، ذكروا لابن أبى قتيلة بمكة أصحاب الحديث، فقال: أصحاب الحديث قوم سوء؟ فقام أبو عبد الله، وهو ينفض ثوبه، وقال: زنديق زنديق زنديق. ودخل البيت
أخبرنا أحمد قال: قرأت على الحسن بن أبى بكر عن أحمد بن كامل القاضى قال: مات أبو إسماعيل الترمذى فى شهر رمضان سنة ثمان ومائتين. ودفن عند قبر أحمد بن حنبل
389 - محمد بن ادريس بن العباس، أبو عبد الله الشافعى الإمام
ولد بغزة من بلاد الشام. وقيل: بعسقلان. وقيل باليمن. ونشأ بمكة.
وكتب العلم بها، وبمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقدم بغداد مرتين.
وخرج إلى مصر. فنزلها إلى حين وفاته
سمع مالك بن أنس، وابراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، وغيرهم. واجتمع مع إمامنا أحمد، وسمع منه. وذاكره. ونقل عنه، وحاضره. ذكر ذلك الأئمة الحفاظ.
منهم: أبو حاتم الرازى، فيما أخبرنا المبارك أخبرنا إبراهيم أخبرنا على بن مردك حدثنا عبد الرحمن بن أبى حاتم قال: سمعت أبى يقول: أحمد بن حنبل
أكبر من الشافعى. تعلم الشافعى أشياء من معرفة الحديث من أحمد بن حنبل.(1/280)
منهم: أبو حاتم الرازى، فيما أخبرنا المبارك أخبرنا إبراهيم أخبرنا على بن مردك حدثنا عبد الرحمن بن أبى حاتم قال: سمعت أبى يقول: أحمد بن حنبل
أكبر من الشافعى. تعلم الشافعى أشياء من معرفة الحديث من أحمد بن حنبل.
وكان الشافعى فقيها. ولم تكن له معرفة بالحديث. فربما قال لأحمد: هذا الحديث قوى محفوظ؟ فاذا قال أحمد: نعم. جعله أصلا، وبنى عليه
ومنهم اسحاق بن حنبل ابن عم إمامنا أحمد، فيما أخبرنا المبارك عن إبراهيم عن أبى بكر عبد العزيز قال: حدثنا عبد الله قال حدثنا حنبل قال: سمعت أبى اسحاق بن حنبل يقول: كان الشافعى يأتى أبا عبد الله عندنا ههنا عامة النهار يتذاكران الفقه. وما أخرج الشافعى فى كتبه يعنى عن أبى عبد الله «حدثنى بعض أصحابنا عن إسماعيل، وأبى معاوية والعراقيين» فهو عن أبى عبد الله، كان يأخذه.
ومنهم: الفضل بن زياد فيما أنبانا رزق الله عن محمد بن أبى الفوارس أخبرنا أبو عمر بن حيويه حدثنا أبو الفضل الصندلى إملاء حدثنا فضل بن زياد عن أحمد: أنه جالس الشافعى بمكة. فأخذ عنه التّفتيق وكلام قريش، وأخذ الشافعى منه معرفة الحديث. قال فضل: وكل شىء فى كتابكم يعنى كتاب الزعفرانى «سفيان بن عينية، إسماعيل بن علية» بلا «حدثنا» فهو عن أحمد ابن حنبل أخذه.
ومنهم: أبو بكر الأثرم، فيما كتب به إلىّ المروذى فقال فى أثنائه: وأن أبا عبد الله وإن كان قريبا موته فقد تقدمت إمامته، ولم يخلف فيكم شبهة.
وإنما أبقاه الله لينفع به. فعاش ما عاش حميدا، ومات بحمد الله مستورا مغبوطا.
يشهد له بذلك خيار عباد الله، الذين جعلهم الله شهداءه فى أرضه، ويعرفون له ورعه وتقواه وزهده، وأمانته فى المسلمين، وفضل علمه. ولقد انتهى إلينا: أن الأئمة الذين لم ندركهم، كان فيهم من ينتهى إلى قوله ويسأله. ومنهم من يقدمه ويصفه بالعلم، لقد أخبرت أن وكيع بن الجرّاح كان ربما سأله، وأن عبد الرحمن ابن مهدى كان يحكى عنه، ويحتج به، ويقدمه فى العلم، ويصفه به، ونحو ذلك
منذ نحو ستين سنة، وأخبرت أن الشافعى كانت أكثر معرفته بالحديث مما تعلم منه(1/281)
يشهد له بذلك خيار عباد الله، الذين جعلهم الله شهداءه فى أرضه، ويعرفون له ورعه وتقواه وزهده، وأمانته فى المسلمين، وفضل علمه. ولقد انتهى إلينا: أن الأئمة الذين لم ندركهم، كان فيهم من ينتهى إلى قوله ويسأله. ومنهم من يقدمه ويصفه بالعلم، لقد أخبرت أن وكيع بن الجرّاح كان ربما سأله، وأن عبد الرحمن ابن مهدى كان يحكى عنه، ويحتج به، ويقدمه فى العلم، ويصفه به، ونحو ذلك
منذ نحو ستين سنة، وأخبرت أن الشافعى كانت أكثر معرفته بالحديث مما تعلم منه
ومنهم: عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما أخبرنا المبارك عن إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا عبد الله بن أحمد قال: قال لى أبى: قال لنا الشافعى: أنتم أعلم بالحديث والرجال منى. فإذا كان الحديث صحيحا فأعلمونى إن شاء أن يكون كوفيا، أو بصريا، أو شاميا، حتى أذهب إليه. إذا كان صحيحا، قال عبد الله: وسمعت أبى وذكر الشافعى فقال: ما استفاد منا أكثر مما استفدنا منه. قال عبد الله: وكل شىء فى كتاب الشافعى: عن هشيم وغيره، فهو عن أبى.
ومنهم: أبو الحسن الدارقطنى، فيما أنبأنا المبارك، أخبرنا عبد الكريم المحاملى أخبرنا الدارقطنى. قال: أخبرنى عبيد الله بن محمد بن خلف: أن عبد الله ابن محمد بن جعفر حدثهم قال: أخبرنى عمر بن عبد العزيز عن أبيه قال: حدثنا الشافعى قال: أخبرنا الثقة عن غندر عن شعبة عن الربيع بن الركين بن الربيع عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب قال «مر بنا ناس ينطلقون، فقلنا:
أين تريدون؟ قالوا: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يأتى امرأة أبيه: أن نقتله، وأراه. قال: ونأخذ ماله» قال الشافعى: وقد روى هذا الحديث عن عدي بن ثابت من طرق شتى، مثل هذا المعنى وأبين لفظا. فيه «أن نقتله ونأخذ ماله».
قال الدارقطنى: هذا حديث معروف برواية غندر عن شعبة. وقد حدث به أحمد بن حنبل عن غندر هكذا. والله أعلم عمن أخذه الشافعى. ذكر الدارقطنى هذا الحديث، فقال: حديث الشافعى عن غندر محمد بن جعفر، أو عن أحمد بن حنبل عن غندر.
ومنهم: أبو محمد الخلال. ومنهم أبو بكر الخطيب. فقال في أول كتاب «السابق واللاحق» حدث عن أحمد بن حنبل: أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى،
وأبو القاسم البغوى. وبين وفاتيهما مائة وثلاث عشرة سنة، مات الشافعى سنة أربع ومائتين، ومات البغوى سنة سبع عشرة وثلاثمائة.(1/282)
ومنهم: أبو محمد الخلال. ومنهم أبو بكر الخطيب. فقال في أول كتاب «السابق واللاحق» حدث عن أحمد بن حنبل: أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى،
وأبو القاسم البغوى. وبين وفاتيهما مائة وثلاث عشرة سنة، مات الشافعى سنة أربع ومائتين، ومات البغوى سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
حدث عن الشافعى جماعة، منهم الكرابيسى، والزعفرانى، وأبو يحيى العطار، وأبو ثور، وغيرهم.
أخبرنا المؤرخ قراءة قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدى قال: أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، قال: حدثنا محمد ابن إدريس الشافعى حدثنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءوه، فقالوا: يا رسول الله، إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه».
وقال ابن عبد الحكم: لما أن حملت أم الشافعى به: رأت كأن المشترى خرج من فرجها، حتى انقضّ بمصر، ثم وقع فى كل بلد منه شظيّته، فتأوله أصحاب الرؤيا: أنه يخرج عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق فى سائر البلدان.
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعى يختم فى كل ليلة ختمة، فإذا كان فى شهر رمضان ختم فى كل ليلة ختمة، وفى كل يوم ختمة، فكان يختم فى شهر رمضان ستين ختمة.
وقال الميمونى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستة أدعو لهم سحرا، أحدهم: الشافعى. فلنذكر الآن معتقده.
قرأت على المبارك. قلت له: أخبرك محمد بن على بن الفتح. قال: أخبرنا على بن مردك. قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبى حاتم. قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصرى قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعى يقول وقد سئل عن صفات الله، وما ينبغى أن يؤمن به؟ فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه. وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسمع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة: أن القرآن نزل به. وصح عنه بقول النبى صلى الله
عليه وسلم، فيما روى عنه العدل. فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر. فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية والفكر. ونحو ذلك أخبار الله سبحانه وتعالى، أتانا أنه سميع، وأن له يدين بقوله (5: 64 {بَلْ يَدََاهُ مَبْسُوطَتََانِ}) وأن له يمينا بقوله (39: 67 {وَالسَّمََاوََاتُ مَطْوِيََّاتٌ بِيَمِينِهِ}) وأن له وجها بقوله (28: 88 {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ}) وقوله (55: 27 {وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}) وأن له قدما بقول النبى صلى الله عليه وسلم «حتى يضع الرب فيها قدمه» يعنى جهنم، وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبى صلى الله عليه وسلم للذى قتل فى سبيل الله: «إنه لقى الله وهو يضحك إليه» وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. وأنه ليس بأعور بقول النبى صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال «إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور،» وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون القمر ليلة البدر، وأن له إصبعا بقول النبى صلى الله عليه وسلم «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل» فإن هذه المعانى التى وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية، فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها. فإن كان الوارد بذلك خبرا يقوم فى الفهم مقام المشاهدة فى السماع: وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته، والشهادة عليه، كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يثبت هذه الصفات وينفى التشبيه، كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره. فقال (43: 11 {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}).(1/283)
قرأت على المبارك. قلت له: أخبرك محمد بن على بن الفتح. قال: أخبرنا على بن مردك. قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبى حاتم. قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصرى قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعى يقول وقد سئل عن صفات الله، وما ينبغى أن يؤمن به؟ فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه. وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسمع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة: أن القرآن نزل به. وصح عنه بقول النبى صلى الله
عليه وسلم، فيما روى عنه العدل. فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر. فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية والفكر. ونحو ذلك أخبار الله سبحانه وتعالى، أتانا أنه سميع، وأن له يدين بقوله (5: 64 {بَلْ يَدََاهُ مَبْسُوطَتََانِ}) وأن له يمينا بقوله (39: 67 {وَالسَّمََاوََاتُ مَطْوِيََّاتٌ بِيَمِينِهِ}) وأن له وجها بقوله (28: 88 {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ}) وقوله (55: 27 {وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}) وأن له قدما بقول النبى صلى الله عليه وسلم «حتى يضع الرب فيها قدمه» يعنى جهنم، وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبى صلى الله عليه وسلم للذى قتل فى سبيل الله: «إنه لقى الله وهو يضحك إليه» وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. وأنه ليس بأعور بقول النبى صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال «إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور،» وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون القمر ليلة البدر، وأن له إصبعا بقول النبى صلى الله عليه وسلم «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل» فإن هذه المعانى التى وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية، فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها. فإن كان الوارد بذلك خبرا يقوم فى الفهم مقام المشاهدة فى السماع: وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته، والشهادة عليه، كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يثبت هذه الصفات وينفى التشبيه، كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره. فقال (43: 11 {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}).
390 - محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، أبو حاتم الحنظلى الرازى.(1/284)
كان أحد الأئمة الحفاظ. سمع محمد بن عبد الله الأنصارى، وأبا زيد النحوى وعثمان بن الهثيم المؤذن، وهوذة بن خليفة، وإمامنا أحمد فى آخرين. وكان أول كتبه الحديث: سنة تسع ومائتين. روى عنه يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المصريان وهما أكبر سنا منه، وأقدم سماعا وأبو زرعة الرازى، وأبو زرعة الدمشقى، ومحمد بن عوف الحمصى. وقدم بغداد وحدث بها.
فروى عنه من أهلها: أحمد بن منصور الرّمادى، وابراهيم الحربى وغيرهما
وذكره أبو بكر الخلال فقال: إمام فى الحديث. روى عن أحمد مسائل كثيرة. وقعت إلينا متفرقة كلها غرائب.
قال أبو حاتم الرازى: سألت أحمد بن حنبل عن أبى يوسف الزمى؟
فأثنى عليه.
أخبرنا أحمد البغدادى حدثنا أحمد بن الصلت حدثنا القاضى المحاملى إملاء حدثنا أبو حاتم الرازى حدثنا داود بن عبد الله الجعفرى حدثنا حاتم عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن المعرور بن سويد عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال «إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم، إن لقيتنى بملء الأرض ذنوبا لا تشرك بى شيئا لقيتك بملئها مغفرة».
وقال أبو حاتم: أول سنة خرجت فى طلب الحديث أقمت سنين أحصيت ما مشيت على قدمى: ألف فرسخ. لم أزل أحصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان. ودعا لهما. وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين.
وقال أبو حاتم: اكتب أحسن ما تسمع، واحفظ أحسن ما تكتب، وذاكر بأحسن ما تحفظ. وأنشد أبو حاتم:
تفكرت فى الدنيا. فأبصرت رشدها
وذللت بالتقوى من الله حدّها
أسأت بها ظنا. فأخلفت وعدها
وأصبحت مولاها. وقد كنت عبدها
أخبرنا خالى على بن البسرى عن ابن بطة حدثنى أبو القاسم حفص بن عمر قال: قرأ علينا أبو حاتم هذا الكلام، وقال لنا: هذا مذهبنا واختيارنا، وما نعتقده وندين الله به. ونسأله السلامة فى الدين والدنيا: أن الإيمان قول وعمل، وتصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، مثل الصلاة، والزكاة لمن كان له مال، والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وصوم شهر رمضان، وجميع فرائض الله التى فرض على عباده العمل بها من الإيمان. والإيمان يزيد وينقص.(1/285)
تفكرت فى الدنيا. فأبصرت رشدها
وذللت بالتقوى من الله حدّها
أسأت بها ظنا. فأخلفت وعدها
وأصبحت مولاها. وقد كنت عبدها
أخبرنا خالى على بن البسرى عن ابن بطة حدثنى أبو القاسم حفص بن عمر قال: قرأ علينا أبو حاتم هذا الكلام، وقال لنا: هذا مذهبنا واختيارنا، وما نعتقده وندين الله به. ونسأله السلامة فى الدين والدنيا: أن الإيمان قول وعمل، وتصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، مثل الصلاة، والزكاة لمن كان له مال، والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وصوم شهر رمضان، وجميع فرائض الله التى فرض على عباده العمل بها من الإيمان. والإيمان يزيد وينقص.
والقرآن كلام الله، وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه، ليس بمخلوق بجهة من الجهات. ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر كفرا ينتقل به عن الملة. ومن شك فى كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر. ومن كان جاهلا علّم، فإن أذعن بالحق بتكفيره وإلا ألزم الكفر. والواقفية واللفظية جهمية جهّمهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمامنا وإمام المسلمين. واتباع الآثار عن رسول الله وعن أصحابه وعن التابعين بعدهم باحسان. وترك كلام المتكلمين، وترك مجالستهم وهجرانهم، وترك من وضع الكتب بالرأى بلا آثار والنظر فى موضع بدعتهم، والتمسك بمذاهب أهل الأثر، مثل أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل. وذكر الاعتقاد بطوله.
ومات فى شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين.
391 - محمد بن أبان، أبو بكر.
حدث عن إمامنا أحمد بأشياء.
منها قال: كنت وأحمد بن حنبل وإسحاق عند عبد الرزاق. وكان إذا استفهمه واحد منا قال: أنا لا أحدثكم، فيسأل أحمد حتى يستفهمه، فيجيبنا، احتشاما لأحمد.
392 - محمد بن بشر بن مطر، أبو بكر.
أخو خطاب بن بشر. نقل عن إمامنا أحمد مسائل، سمعها منه أبو بكر الخلال. سمع عاصم بن على، وأحمد بن
حاتم الطويل، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ويحيى بن يوسف الزّمّى، وشيبان بن فروخ، وطبقتهم. روى عنه موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الشافعى. وقال إبراهيم الحربى: أخو خطاب صدوق لا يكذب.(1/286)
أخو خطاب بن بشر. نقل عن إمامنا أحمد مسائل، سمعها منه أبو بكر الخلال. سمع عاصم بن على، وأحمد بن
حاتم الطويل، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ويحيى بن يوسف الزّمّى، وشيبان بن فروخ، وطبقتهم. روى عنه موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الشافعى. وقال إبراهيم الحربى: أخو خطاب صدوق لا يكذب.
ومات فى سنة خمس وثمانين ومائتين فى شهر رمضان.
393 - محمد بن بندار السباك الجرجانى، أبو بكر.
أحد من روى عن الإمام أبى عبد الله أحمد بن حنبل فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن سكينة.
إجازة أخبرنا أبو الفتح بن أبى الفوارس حدثنا على بن أحمد الناقد حدثنا أبو بكر محمد بن داود النيسابورى حدثنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن سلمة النيسابورى قال: سمعت محمد بن بندار السباك الجرجانى يقول: قلت لأحمد بن حنبل رضى الله عنه: إنى ليشتد على أن أقول: فلان ضعيف، فلان كذاب. قال أحمد: إذا سكتّ أنت وسكتّ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟
394 - محمد بن جعفر الوركانى، أبو عمران.
نقل عن إمامنا أشياء.
وقد سمع منه إمامنا أحمد. قال عبد الله بن أحمد: كان أبى يسمع من محمد بن جعفر الوركانى، فمر على حديث شريك عن سماك عن عكرمة «أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية» فقال أبى: يا أبا عمران، إنما هذا عن شريك عن سماك عن جابر بن سمرة. فلعل شريكا سبقه لسانه. فقال الوركانى: قد نظر يحيى بن معين فى هذا، فقال أبى: وما يدرى يحيى بن معين؟ فكل شىء يعرفه يحيى اضرب عليه، فضرب عليه.
أخبرنا المبارك قال أخبرنا إبراهيم الفقيه وعبد العزيز الأزجى قالا: أخبرنا على بن مردك قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبى حاتم قال حدثني أبو بكر محمد بن عباس النكتى قال سمعت الوركانى جار أحمد بن حنبل قال: أسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس(1/287)
395 - محمد بن جعفر القطيعى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: دخلت على أحمد بن حنبل أنا وأبى، وكان أحمد يأنس بأبى.
قال: فتحدثا فأطالا الحديث، قال أحمد لأبى: تغدّ اليوم عندى. قال: فأجابه قال: فقدّم كشكية وقليّة. قال: فجعلت آكل، وفىّ انقباض لموضع أحمد. قال فقال لى: كل ولا تحتشم. قال: فجعلت آكل قالها ثلاثا أو مرتين ثم قال فى الثالثة: يا بنى كل ولا تحتشم. فإن الطعام أهون مما يحلف عليه. وقال: قال الخليل بن أحمد: الناس على ثلاثة أوقات: وقت مضى عنك فلن يعود، ووقت أنت فيه، فانظر كيف يخرج عنك؟ ووقت أنت منتظره، وقد لا تبلغ إليه.
396 - محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا، أبو جعفر الموصلى.
سكن بغداد وحدث بها عن إمامنا أحمد، وأحمد بن عبدة الضّبّي فى آخرين. روى عنه أبو بكر الخلال، وصاحبه عبد العزيز، واسماعيل الخطبى، وغيرهم. وسئل الدارقطنى عنه؟ فقال: لا بأس به. ما علمت إلا خيرا.
أخبرنا المبارك أخبرنا عبد العزيز الأزجى قال أخبرنا أحمد بن عبد العزيز بن يحيى بن صبيح حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن هرون بن بدينا. قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضى الله عنه، فقلت له: يا أبا عبد الله، أنا رجل من أهل الموصل والغالب على أهل بلدنا الجهمية. ومنهم أهل سنة نفر يسير يحبونك.
وقد وقعت مسألة الكرابيسى ففتنهم قول الكرابيسى: لفظى بالقرآن مخلوق.
فقال لى أبو عبد الله: إياك، وإياك وهذا الكرابيسى، لا تكلمه، ولا تكلم من يكلمه أربع مرار أو خمسا إلا أن فى كتابى أربعا، فقلت:
يا أبا عبد الله، فهذا القول عندك، وما شاعت منه، يرجع إلى قول جهم. قال:
هذا كله من قول جهم.(1/288)
وبه قال: سألت أبا عبد الله عن الشهادة للعشرة؟ فقال: أنا أشهد للعشرة بالجنة.
وبه قال: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء فى الإيمان؟ فقال: نعم، قد استثنى ابن مسعود وغيره، وهو قول الثورى، استثناء على غير شك، مخافة واحتياطا للعمل، قال أبو عبد الله: قال الله تعالى (48: 27 {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرََامَ إِنْ شََاءَ اللََّهُ آمِنِينَ}) قال أبو عبد الله: قال النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه «إنى لأرجو أن أكون أتقاكم لله».
ورأيت أبا عبد الله يصلى ركعتى المغرب وركعتى الفجر فى منزله، ولم أر أبا عبد الله يتطوع شيئا فى المسجد، إلا يوم الجمعة، فإنى رأيته يتطوع فى مسجد الجامع، فلما انتصف النهار أمسك عن الصلاة.
ورأيت أبا عبد الله إذا مشى فى طريق يكره أن يتبعه أحد.
وسمعت أبا عبد الله، وسأله رجل، فقال: يا أبا عبد الله، أثبت عندك حديث ابن عباس، أو حديث عبد الله بن عكيم فى جلود الميتة؟
وحضرت أبا عبد الله وسئل عن مشط العاج؟ فقال: هو ميتة، وكيف يستعمل؟
وسمعت أبا عبد الله، وسأله رجل، فقال: يا أبا عبد الله، أتوضأ من لحوم الغنم؟
قال: لا، قال: أتوضأ مما غيّرت النار؟ قال: لا. قال: أتوضأ من لحوم الجزور؟ قال: نعم.
وبه: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا عبد الله بن الوليد عن سفيان الثورى عن سماك بن حرب عن جعفر بن أبى ثور عن جابر بن سمرة «أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا. قال:
أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم».
وبه: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبى عبد الله: وحديث الوضوء من
لحوم الإبل: صحيح هو؟ فقال: نعم، صحيح، قال أبو عبد الله: فيه حديثان صحيحان. حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة.(1/289)
وبه: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبى عبد الله: وحديث الوضوء من
لحوم الإبل: صحيح هو؟ فقال: نعم، صحيح، قال أبو عبد الله: فيه حديثان صحيحان. حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة.
وبه: حدثنا أبو بكر بن الطباع حدثنا هشيم حدثنا الشيبانى عن الشعبى:
أنه كان يقول: ليس لذمى شفعة.
وبه حدثنا أبو بكر بن الطباع حدثنا هشيم حدثنا الشيبانى عن الشعبى: أنه كان يقول: سألت أبا عبد الله عن الرجل يكون بينه وبين الذمى الدار، فيبيع المسلم نصيبه، فيطلب الذمى الشفعة؟ فقال: أما أنا فلا أرى له شفعة. قيل له:
ولم؟ قال: لأنه ليس له مثل المسلمين حق، ليس له حرمة المسلمين.
وبه: قال أبو جعفر بن بدينا: حضرت أبا عبد الله، وسئل عن المسح على الجوربين والخفين والعمامة: عندك منزلة واحدة؟ فقال: نعم، إذا كان يمشى فيهما ويبيت فيهما.
قال: وسألت أبا عبد الله عمن قال بخلق القرآن؟ وقال: إن الله لم يكلم موسى: أكافر هو؟ فذهب إلى أنه كافر.
وتوفى ابن بدينا سنة ثلاث وثلاثمائة فى شوال.
397 - محمد بن الحسين، أبو جعفر البرجلانى صاحب التصانيف.
قرأت فى «السابق واللاحق» للخطيب البغدادى قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو على الحسين بن صفوان حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنى محمد بن الحسين حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا رباح بن زيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: «لم تأتينى وأنت صارّ بين عينيك؟ قال: إنى لم أضحك منذ خلقت النار».
قال الخطيب: حدث محمد هذا والبغوى عن أحمد. وبين وفاة البرجلانى والبغوى: تسع وتسعون سنة.(1/290)
قال: وبلغنى عن ابن أبى الدنيا أنه قال: مات محمد بن الحسين البرجلانى سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
398 - محمد بن حمدان، البغدادى العطار، أبو عبد الله.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء.
منها: ما رأيته بخط الوالد السعيد قال: روى ابن بطة باسناده قال: قال أبو عبد الله محمد بن حمدان العطار البغدادى: سئل أبو عبد الله وأنا أسمع متى يجب على العبد الصلاة من قعود؟ قال: إذا أخذ جميع ما يملكه، فوضعه فى كوة فى جدار، وقعد تحته، وجاء ليأخذه، لم يكن معه من الاستطاعة ما يقوم يتناوله.
قال: وسئل أبو عبد الله عن رجل دخل يوم الجمعة الجامع ليصلى مع الإمام الجمعة، فحين صعد الإمام المنبر ضغطته بولة، فصلى وهو حاقن: إيش تقول فى صلاته؟ فسمعت أبا عبد الله يقول: يعيد الظهر ويعيد الصلاة. فاذا صلى يصلى أربع ركعات لا يصلى ركعتين كما يصلى الامام.
وقال أيضا: سمعت أبا عبد الله، وقد صلى فى مسجد باب التبن. فنظر التبانون إليه فصلى خلفه جماعة. فسمعت رجلا من الصف الثانى أو الثالث، وهو قاعد يقول: تصدقوا علىّ. فسمعته وهو يقول: أيها الشاب، قم قائما عافاك الله، حتى يرى إخوانك ذلّ المسألة فى وجهك فيكون لك عذر عند الله عز وجل.
قال الوالد السعيد: فظاهر هذا: أن المسكين إذا امتنع عن المسألة فمات أثم.
ذكره فى الرواية.
399 - محمد بن حماد بن بكر بن حماد، أبو بكرى المقرىء، صاحب خلف بن هشام.
سمع يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمى، وسليمان بن حرب، وخلف بن هشام، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه القاضى وكيع، ومحمد
بن أحمد بن أبى الثلج، وأحمد بن محمد بن شاهين، ومحمد بن مخلد العطار، فى آخرين. وكان أحد القراء المجودين، ومن عباد الله الصالحين.(1/291)
سمع يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمى، وسليمان بن حرب، وخلف بن هشام، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه القاضى وكيع، ومحمد
بن أحمد بن أبى الثلج، وأحمد بن محمد بن شاهين، ومحمد بن مخلد العطار، فى آخرين. وكان أحد القراء المجودين، ومن عباد الله الصالحين.
قال ابراهيم الحربى: أبو بكر بن حماد المقرىء فى أصحابه. مثل أبى عبيد فى أصحابه. وكان يسكن الجانب الغربى من بغداد.
وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان جميل الوجه فى وجهه النور، عالما بالقرآن وأسبابه. وكان أحمد يصلى خلفه فى شهر رمضان وغيره. نقل عن أبى عبد الله مسائل جماعة، لم يجىء بها أحد غيره.
أخبرنا أحمد المؤرخ حدثنى محمد بن أبى الحسن أخبرنا عبد الرحمن التجيبى أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابى قال أخبرنى أبو بكر بن حماد قال: قيل ليزيد بن هارون: لم تحدث بفضائل عثمان، ولا تحدث بفضائل على؟
قال: إن أصحاب عثمان مأمونون على على، وأصحاب على ليسوا بمأمونين على عثمان
وقال أبو الحسين بن المنادى فى كتاب أفراح القراء: وكان أبو بكر بن حماد أحد القراء الصالحين الذين لزموا الاستقامة على الخير. وضبط الحروف.
ومات بالجانب الغربى من مدينة السلام يوم الجمعة، لأربع خلون من ربيع الآخر سنة سبع وستين ومائتين. ودفن بعد العصر فى مقابل التبانين.
400 - محمد بن حمدان، أبو عبد الله العطار البغدادى.
روى عن إمامنا أشياء.
منها قال: سئل أبو عبد الله عن رجل اشترى ثوبا من السوق: يتهيأ له الصلاة فيه من غير أن يغسله؟ فقال: جائز.
401 - محمد بن حسنويه.
صاحب الأدم. نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أنبأنا القاضى الشريف الخطيب أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى
الحسين بن أخى ميمى قال: حدثنا أبو الحسن على بن محمد الموصلى قال: حدثنا محمد بن حسنويه صاحب الأدم قال: حضرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وجاءه رجل من أهل خراسان. فقال: يا أبا عبد الله، قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة. قال له: سل. قال: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم بضعها فى الجنة. ثم قال أبو عبد الله: يا صالح، يا صالح. فلم يكن حاضرا. فقام أبو عبد الله إلى سلّة له. فأخرج له رغيفين، فدفعهما إليه. فقال الخراسانى: أمّامنك يا أبا عبد الله فنعم، وأما أنهما زادى إلى الرقة(1/292)
منها: ما أنبأنا القاضى الشريف الخطيب أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى
الحسين بن أخى ميمى قال: حدثنا أبو الحسن على بن محمد الموصلى قال: حدثنا محمد بن حسنويه صاحب الأدم قال: حضرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وجاءه رجل من أهل خراسان. فقال: يا أبا عبد الله، قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة. قال له: سل. قال: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم بضعها فى الجنة. ثم قال أبو عبد الله: يا صالح، يا صالح. فلم يكن حاضرا. فقام أبو عبد الله إلى سلّة له. فأخرج له رغيفين، فدفعهما إليه. فقال الخراسانى: أمّامنك يا أبا عبد الله فنعم، وأما أنهما زادى إلى الرقة
وبه قال: وحدثنا محمد بن حسنويه قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: الفجر يطلع بليل، ولكن تستره أشجار جنان عدن.
402 - محمد بن حبيب، أبو عبد الله البزار.
ذكره الخطيب، فقال: سمع أحمد بن حنبل، وشجاع بن مخلد. روى عنه الحسن بن أبى العنبر، وغيره
قال: وحدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلى أخبرنا أبو بكر الخلال قال:
ومحمد بن حبيب البزار: عنده عن أبى عبد الله جزء مسائل حسان، ولم أكن عرفته قديما. فذكرها لى أبو الطيب المؤدب، فسمعتها منه عن محمد بن حبيب.
وكانت عند أبى محمد بن أبى العنبر أيضا عن محمد بن حبيب. وهو رجل معروف، جليل من أصحاب أبى عبد الله
وقال محمد بن البزار: كنت مع أبى عبد الله أحمد بن حنبل فى جنازة، فأخذ بيدى، وقمنا ناحية. فلما فرغ الناس من دفنه وانقضى الدفن، جاء إلى القبر وأخذ بيدى، وجلس ووضع يده على القبر فقال: اللهم إنك قلت فى كتابك الحق (56: 9688 {فَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. وَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنْ أَصْحََابِ الْيَمِينِ فَسَلََامٌ لَكَ مِنْ أَصْحََابِ الْيَمِينِ. وَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضََّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} إلى آخر السورة) اللهم وأنا أشهد أن
هذا فلان بن فلان، ما كذّب بك. ولقد كان يؤمن بك وبرسولك عليه السلام اللهم فاقبل شهادتنا له. ودعا له وانصرف(1/293)
وقال محمد بن البزار: كنت مع أبى عبد الله أحمد بن حنبل فى جنازة، فأخذ بيدى، وقمنا ناحية. فلما فرغ الناس من دفنه وانقضى الدفن، جاء إلى القبر وأخذ بيدى، وجلس ووضع يده على القبر فقال: اللهم إنك قلت فى كتابك الحق (56: 9688 {فَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. وَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنْ أَصْحََابِ الْيَمِينِ فَسَلََامٌ لَكَ مِنْ أَصْحََابِ الْيَمِينِ. وَأَمََّا إِنْ كََانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضََّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} إلى آخر السورة) اللهم وأنا أشهد أن
هذا فلان بن فلان، ما كذّب بك. ولقد كان يؤمن بك وبرسولك عليه السلام اللهم فاقبل شهادتنا له. ودعا له وانصرف
وقال محمد بن حبيب: قال أحمد: كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو بن العلاء
ومات يعنى محمد بن حبيب سنة إحدى وتسعين ومائتين
403 - محمد بن حبيب الأندراني.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: رسالة فى السنة. فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة: من يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل، وعقد عليه على ما أظهر.
ولم يشك فى إيمانه، ولم يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب، وأرجأ ما غاب عنه من الأمور إلى الله عز وجل. وفوض أمره إلى الله عز وجل، ولم يقطع بالذنوب العصمة من عند الله. وعلم أن كل شىء بقضاء الله وقدره. والخير والشر جميعا، ورجا لمحسن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتخوف على مسيئهم. ولم ينزل أحدا من أمة محمد جنة ولا نارا باحسان اكتسبه، ولا بذنب اكتسبه، حتى يكون الله عز وجل الذى ينزل خلقه حيث يشاء، وعرف حق السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيه.
وقدّم أبا بكر وعمر وعثمان. وعرف حق على بن أبى طالب، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على سائر الصحابة. فإن هؤلاء التسعة الذين كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم على جبل حراء. فقال النبى صلى الله عليه وسلم «اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد» والنبى صلى الله عليه وسلم عاشرهم، وترحم على جميع أصحاب محمد صغيرهم وكبيرهم. وحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم. وصلاة العيدين والخوف والجمعة والجماعات مع كل أمير برّ أو فاجر. والمسح على الخفين فى السفر
والحضر، والقصر فى السفر. والقرآن كلام الله وتنزيله. وليس بمخلوق. والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصبة يقاتلون الدجال، لا يضرهم جور جائر. والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة، على حكم الكتاب والسنة، والتكبير على الجنائز أربعا، والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح. ولا تخرج عليهم بسيفك، ولا تقاتل فى فتنة. والزم بيتك.(1/294)
وقدّم أبا بكر وعمر وعثمان. وعرف حق على بن أبى طالب، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على سائر الصحابة. فإن هؤلاء التسعة الذين كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم على جبل حراء. فقال النبى صلى الله عليه وسلم «اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد» والنبى صلى الله عليه وسلم عاشرهم، وترحم على جميع أصحاب محمد صغيرهم وكبيرهم. وحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم. وصلاة العيدين والخوف والجمعة والجماعات مع كل أمير برّ أو فاجر. والمسح على الخفين فى السفر
والحضر، والقصر فى السفر. والقرآن كلام الله وتنزيله. وليس بمخلوق. والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصبة يقاتلون الدجال، لا يضرهم جور جائر. والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة، على حكم الكتاب والسنة، والتكبير على الجنائز أربعا، والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح. ولا تخرج عليهم بسيفك، ولا تقاتل فى فتنة. والزم بيتك.
والإيمان بعذاب القبر. والإيمان بمنكر ونكير، والإيمان بالحوض والشفاعة.
والإيمان أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى. والإيمان أن الموحدين يخرجون من النار بعد ما امتحشوا، كما جاءت الأحاديث فى هذه الأشياء عن النبى صلى الله عليه وسلم. نؤمن بتصديقها. ولا نضرب لها الأمثال. هذا ما اجتمع عليه العلماء فى جميع الآفاق
404 - محمد بن الحكم، أبو بكر الأحول
قال أبو بكر الخلال: كان قد سمع من أبى عبد الله. ومات قبل موت أبى عبد الله بثمان عشرة سنة. ولا أعلم أحدا أشد فهما من محمد بن الحكم فيما سئل بمناظرة واحتجاج، ومعرفة وحفظ. وكان أبو عبد الله يبوح بالشىء إليه من الفتيا، لا يبوح به لكل أحد. وكان خاصا بأبى عبد الله. وكان له فهم سديد وعلم، وكان ابن عم أبى طالب، وبه وصل أبو طالب إلى أبى عبد الله.
وتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين
قال محمد بن الحكم: سمعت أحمد يقول: إذا حج عن رجل، فيقول أول ما يلبى: عن فلان، ثم لا يبالى أن يقول بعد
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: والعمرة عندى واجبة. قال الله تعالى (2: 196 {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلََّهِ}) وعن ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم:
أنها واجبة. وفى حديث أبى رزين «حجّ عن أبيك واعتمر» وحديث يرويه سعد بن عبد الرحمن الجمحى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: «جاء رجل
إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أوصنى. فقال: تقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة.(1/295)
أنها واجبة. وفى حديث أبى رزين «حجّ عن أبيك واعتمر» وحديث يرويه سعد بن عبد الرحمن الجمحى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: «جاء رجل
إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أوصنى. فقال: تقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة.
وتصوم، وتحج، وتعتمر» فالعمرة واجبة. ومالك يقول: ليست بواجبة. وابن عباس وابن عمر أكبر. ويروى عن عائشة «أنها اعتمرت فى السنة مرارا» وتكون العمرة فى الشهر مرارا. وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره. وإذا اعتمر الرجل فلا بد له من أن يحلق أو يقصر. وفى عشرة أيام يمكن حلق الرأس
وقال أيضا: سمعت أحمد يقول: إذا طاف طواف الزيارة وهو ناس لطهارته حتى رجع. فإنه لا شىء عليه، واختار له أن يطوف وهو طاهر، فإن وطىء فحجه ماض ولا شىء عليه
وقال فى رواية محمد بن الحكم: إذا طاف طواف الزيارة أقل من سبع ناسيا، ثم ذكر بعد ما بلغ منزله. فإنه يعود فيطوف سبعا، لا يجزئه. قال الله تعالى (22: 29 {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}) فلا يكون الطواف أقل من سبع
405 - محمد بن خالد بن يزيد الشيبانى.
روى عن إمامنا أشياء
406 - محمد بن داود بن صبيح، أبو جعفر المصيصى، أخو إسحاق
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال قال فيه: كان من خواص أبى عبد الله ورؤسائهم. وكان أبو عبد الله يكرمه ويحدثه بأشياء لا يحدث بها غيره
وقال أبو بكر المروذى: قلت لأبى عبد الله: حديث ابن جريج فى الضحك، قد حدثت به؟ فقال: ما أعلم أنى حدثت به إلا لمحمد بن داود
وعنه عن أبى عبد الله مسائل كثيرة مصنفة على نحو مسائل الأثرم، ولكن لم يدخل فيها حديثا. وسمعتها من الحسين بن الحسن الوراق بطرسوس عن محمد ابن داود، وقد حدث عنه أبو بكر الأثرم فى مسائله. فقال: حدثنى محمد بن داود المصيصى عن أبى عبد الله
قلت أنا: وحدث عنه أبو عبد الرحمن النسائى فيما حدثنا محمد بن أبى منصور
القارىء قال: قرأت على أبى نصر بن أبى منصور الحافظ أخبركم أحمد بن أبى الربيع قال: أخبرنا على بن عمر الهمدانى حدثنا أحمد بن محمد الدينورى الحافظ حدثنا أبو عبد الرحمن يعنى النسائى حدثنا محمد بن داود المصيصى قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل عن خلف بن مهران عن عامر الأحول عن صالح بن بيان عن عمرو بن الشريد قال: سمعت الشريد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله عز وجل يوم القيامة، يقول: يا رب، إن فلانا قتلنى عبثا، ولم يقتلنى لمنفعة»(1/296)
قلت أنا: وحدث عنه أبو عبد الرحمن النسائى فيما حدثنا محمد بن أبى منصور
القارىء قال: قرأت على أبى نصر بن أبى منصور الحافظ أخبركم أحمد بن أبى الربيع قال: أخبرنا على بن عمر الهمدانى حدثنا أحمد بن محمد الدينورى الحافظ حدثنا أبو عبد الرحمن يعنى النسائى حدثنا محمد بن داود المصيصى قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل عن خلف بن مهران عن عامر الأحول عن صالح بن بيان عن عمرو بن الشريد قال: سمعت الشريد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله عز وجل يوم القيامة، يقول: يا رب، إن فلانا قتلنى عبثا، ولم يقتلنى لمنفعة»
قرأت فى كتاب أبى إسحاق البرمكى بخطه قال الشيخ أبو عبد الله بن حامد: وجدت فى مسائل أبى جعفر محمد بن داود المصيصى: سمعت أبا عبد الله، وقيل له فى الذى يمسح على خفيه، ثم يخلع إذا غسل قدميه وصلى ولم يتوضأ، أتجزئه صلاته؟ قال: أرجو، إن كان قد صلى. أرجو.
وأنبأنا محمد بن أحمد بن الأبنوسى قال: أخبرنا الدارقطنى قال حدثنا دعلج ابن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن على بن الجارود قال: حدثنا أبو عامر النسائى الحافظ قال: سمعت محمد بن دواد المصيصى يقول: كنا عند أحمد بن حنبل، وهم يذكرون الحديث. فذكر محمد بن يحيى النيسابورى حديثا فيه ضعف. فقال له أحمد: لا نذكر مثل هذا. فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة. فقال له أحمد:
إنما قلت هذا إجلالا لك يا أبا عبد الله.
407 - محمد بن رافع.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث.
408 - محمد بن روح العكبرى.
قال الدارقطنى: وكان صديقا لأحمد بن حنبل، كان أحمد بن حنبل إذا خرج إلى عكبراء ينزل عليه.(1/297)
نقل عن إمامنا أشياء، منها: ما رواه أبو بكر نزيل دمشق قال أخبرنا البرقانى أخبرنا محمد الأدمى قال: حدثنا محمد بن على الإيادى حدثنا زكريا بن يحيى الساجى حدثنا محمد بن روح قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لو أن رجلا ولي القضاء ثم حكم برأى أبى حنيفة، ثم سئلت عنه لرأيت أن أزد أحكامه.
409 - محمد بن رجاء
، أحد من روى عن إمامنا فيما ذكر أبو سعيد أحمد بن إبراهيم بن موسى بن أبى شمس المقرئ النيسابورى فى كتاب الأربعين. حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الأخرم حدثنا يحيى بن محمد ومحمد بن رجاء قالا: حدثنا أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر عن شعبة عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ألا إن آل أبى فلان ليسوا لى بأولياء. إنما وليّى الله وصالح المؤمنين» رواه مسلم عن أحمد بن حنبل هكذا.
410 - محمد بن زهير، أبو جعفر.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: أتيت أبا عبد الله فى شىء أسأله عنه. فأتاه رجل فسأله عن شىء، أو كلمه فى شىء، فقال له: جزاك الله عن الإسلام خيرا. فغضب أبو عبد الله، وقال له:
من أنا، حتى يجزينى الله عن الإسلام خيرا؟ بل جزى الله الإسلام عنى خيرا.
411 - محمد بن سهل بن عسكر.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: آدم بن أبى إياس من الستة أو السبعة الذين كانوا يضبطون الحديث عن شعبة.
وقال محمد بن سهل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيي بن العلاء الرازى كذاب رافضى، يضع الحديث. وبشر بن نمير أسوأ حالا منه.(1/298)
412 - محمد بن سليمان الباوزى، بغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد.
413 - محمد بن شداد الصفدى، أبو جعفر
، أحد من روى عن إمامنا فيما وجدت بخط أبى نصر الساجى.
أخبرنا أبو محمد حاتم بن أبى حاتم بهراة قال: وجدت فيما صنفه جدى أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن يعقوب الحافظ الفقيه الهروى: حدثنا محمد بن المنذر حدثنا أبو مثنى الطرسوسى قال: سمعت أبا جعفر محمد بن شداد الصفدى بالرقة يقول: سمعت أحمد بن حنبل، وتذاكرنا أمر القرآن. فقال: هو من حيث تصرف غير مخلوق، واللفظ بالقرآن من قال هو مخلوق فهذا من قول جهم. والنبى صلى الله عليه وسلم يقول «منعونى أن أبلغ كلام ربى عز وجل» وقال الله (9: 7 {حَتََّى يَسْمَعَ كَلََامَ اللََّهِ}) قال وقال أحمد: لا يجالس من قال لفظى بالقرآن مخلوق، ولا يصلى خلفه. فإن هذا من قول جهم.
414 - محمد بن سعيد بن صبيح.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: حضرت أبا عبد الله على طعام، فجاءوا بأرز، فقال أبو عبد الله:
الأرز إن أكل فى أول الطعام أشبع. فإن أكل فى آخر الطعام هضم.
415 - محمد بن طارق البغدادى
، سأل إمامنا عن أشياء.
منها قال: كنت جالسا إلى جنب أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، أستمدّ من محبرتك؟ فنظر إلى، وقال: لم يبلغ ورعى ورعك هذا.
416 - محمد بن قدامة الجوهرى
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: القراءة عند القبور واحتج بحديث ابن عمر.
417 - محمد بن طريف أبو بكر الأعين
، سأل إمامنا عن أشياء.(1/299)
منها قال: قلت لأحمد بن حنبل: من أجب إليك فى حديث الأعمش؟
قال: سفيان. قلت: شعبة؟ قال: لا، سفيان.
أخبرنا عبد الله الصّريفينى قال أخبرنا أبو القاسم بن حبابة حدثنا عبد الله البغوى حدثنا محمد بن طريف أبو بكر الأعين قال حدثنا قراد: أنه سمع شعبة يقول: كل شىء ليس فى الحديث «سمعت» فهو خلّ وبقل.
وبه: حدثنا محمد بن طريف حدثنا أبو جعفر المدائنى عن ورقاء قال قلت لشعبة: لم تركت حديث أبى الزبير؟ فقال: رأيته يزن، فاسترجح فى الميزان. فتركته
418 - محمد بن عبد الله بن سليمان
، أبو جعفر الحضرمى الكوفى مطيّن أحد الحفاظ والأذكياء الأيقاظ. صنف المسانيد.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: سمعنا منه أحاديث ومسائل عن أبى عبد الله حسانا جيادا.
أنبأنا المبارك قال: أخبرنا أبو الفرج الطناجيرى وأنبأنا محمد بن على الكوفى قال أخبرنا محمد بن اسحاق بن قدويه قالا: أخبرنا على بن عبد الرحمن البكائى أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمى حدثنا أحمد بن محمد ابن حنبل حدثنا يعقوب بن ابراهيم بن سعد حدثنى أبى عن أبى اسحاق قال أخبرنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال «والله إنّا لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام، مهم حبيب بن مسلمة الفهرى إذ قال عثمان وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج قال: إنّ أتمّ الحج والعمرة: أن لا يكونا فى أشهر الحج. فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت كان أفضل. فإن الله قد وسع لكم فى الخير. فقال له علىّ: عمدت إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخصة رخصها الله للعباد فى كتابه تضيق عليهم؟ فقال عثمان: وهل نهيت عنها؟ إنما كان شورى شرت به. فمن شاء أخذ ومن شاء ترك».(1/300)
أخبرنا أحمد بن ثابت قراءة أخبرنا البرقانى حدثنا أحمد بن ابراهيم الاسماعيلى حدثنا الحضرمى يعنى مطيّنا قال: سألت أحمد بن حنبل عن الطفاوى يعنى محمد بن عبد الرحمن؟ فقال: كان يدلّس
419 - محمد بن عبد الله بن ثابت.
أحد من روى عن إمامنا أحمد فيما أنبانا المبارك بن عبد الجبار عن القاضى أبى الحسين حدثنا أبو بكر أحمد بن عمر البرجورى حدثنا أبو بكر المعروف بباطويه الحلوانى حدثنا أبو اسحاق القافلائى المعدل حدثنا محمد بن عبد الله بن ثابت حدثنا أحمد بن حنبل الشيبانى حدثنا وكيع عن شعبة بن الحجاج عن مقسم عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال «هبط علىّ جبريل وعليه طنفسة متخلل بها. فقلت: يا جبريل، ما نزلت إلىّ فى مثل هذا الزى. فقال: إن الله أمر الملائكة أن تتخلل فى السماء كتخلل أبى بكر فى الأرض»
420 - محمد بن عبد الله بن عتاب، أبو بكر الأنماطى، يعرف بالمربع
سمع عاصم بن على، وأحمد بن يونس، وسنيد بن داود، ويحيى بن معين، وإمامنا أحمد، فيما ذكره أبو بكر الخلال. روى عنه محمد بن مخلد، والقاضى أحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعى.
أخبرنا أبو بكر نزيل دمشق قال: قرأت على الحسين بن أبى بكر عن أحمد بن كامل: أن محمد بن عبد الله بن عتاب بن المربع: مات فى جمادى الآخرة سنة ست وثمانين ومائتين. قال أبو بكر: وكان ثقة.
421 - محمد بن عبد الله بن جعفر الزهرى.
جار إمامنا أحمد. سمع منه أشياء. وكان أحد الصالحين. مات سنة خمس وستين ومائتين. كان يصلى فخرّ ميتا.
422 - محمد بن عبد الله، أبو جعفر الدينوري.
سأل إمامنا عن أشياء.
منها قال: سألت أحمد عن الصلاة فى جلود الثعالب؟ فقال: لا يعجبنى.(1/301)
423 - محمد بن عبيد الله بن يزيد، أبو جعفر بن المنادى.
سمع أبا بدر شجاع بن الوليد، وحفص بن غياث، وأبا أسامة، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، فى آخرين. حدث عنه البخارى، وأبو داود، وعبد الله البغوى، وابن ابنه أبو الحسين، ومحمد بن داود الفقيه، واسماعيل الصفار، فيما أخبرنا الحسن الفقيه.
حدثنا على المعدّل املاء حدثنا اسماعيل الصفار حدثنا محمد بن عبيد الله المنادى حدثنا يونس بن محمد حدثنا معتمر بن سليمان عن يحيى بن يعمر قال:
قلت لابن عمر «يا أبا عبد الرحمن، إن قوما يزعمون أن ليس قدر. قال: هل عندنا منهم أحد؟ قال قلت: لا. قال: فأبلغهم عنى إذا لقيتهم: أن ابن عمر برىء إلى الله عز وجل منكم، وأنتم برآء إلى الله عز وجل منه. سمعت عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أناس، إذ جاء رجل ليس عليه سيما سفر، وليس من البلد، يتخطى، حتى برك بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يجلس أحدنا فى الصلاة. ثم وضع يده على ركبتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، ما الإسلام؟ فقال:
الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء، وتصوم رمضان قال: فان فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: نعم. قال: صدقت يا محمد، قال: وما الإيمان؟
قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال:
فإن فعلت هذا فأنا مؤمن؟ قال: نعم. قال: صدقت يا محمد. قال: ما الإحسان؟
قال: أن تعمل لله كأنك تراه. فإنك إن لا تراه فانه يراك. قال: فاذا فعلت هذا فأنا محسن؟ قال: نعم. قال: صدقت. قال: فمتى الساعة؟ قال: سبحان الله! ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل. قال: إن شئت أنبأتك بأشراطها. قال:
أجل. قال: إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون فى البناء، وكانوا ملوكا.
فقال: ما العالة الحفاة العراة؟ قال: الغريب. وإذا رأيت الأمة تلد ربها وربتها فذلك من أسراط الساعة. قال: ثم نهض فولّى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بالرجل. قال: فطلبناه، فلم نقدر عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(1/302)
أجل. قال: إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون فى البناء، وكانوا ملوكا.
فقال: ما العالة الحفاة العراة؟ قال: الغريب. وإذا رأيت الأمة تلد ربها وربتها فذلك من أسراط الساعة. قال: ثم نهض فولّى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بالرجل. قال: فطلبناه، فلم نقدر عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هل تعلمون من هذا؟ هذا جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم. فخذوا عنه. فو الذى نفسى بيده؟ ما شبّه علىّ منذ أتانى قبل مرتى هذه، وما عرفته حتى ولّى».
قال الحسين: قال أبو الفتح بن أبى الفوارس: هذا حديث صحيح من حديث معتمر بن سليمان التيمى عن أبيه عن يحيى بن يعمر، أخرجه مسلم عن الحجاج بن الشاعر عن يونس بن محمد عن معتمر عن أبيه عن يحيى بن يعمر.
وقع إلينا عاليا.
وقال ابن أبى حاتم الرازى: سمعت منه يعنى محمد بن المنادى مع أبى، وسئل أبى عنه؟ فقال: صدوق كان يسكن المخرّم.
نقل عن إمامنا أحمد مسائل وغيرها. وذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن أحمد بن حنبل.
أخبرنا المؤرخ قراءة أخبرنا على بن الحسين صاحب العباسى أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى القرشى أخبرنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المنادى حدثنى أبو النضر هاشم بن القاسم حدثنى رجل عن عمر بن ذر الهمدانى أنه كان يقول «اللهم إنا أطعناك فى أحب الأشياء إليك: شهادة أن لا إله إلا أنت.
ولم نعصك فى أبغض الأشياء إليك: الشرك، فاغفر لنا ما بينهما».
قال أبو الحسين: قال لى جدى: حضرت جنازة. فذكرت هذا الحديث لقوم معى، فجذبنى رجل من خلفى فالتفت، فاذا هو يحيى بن معين فسلمت عليه، فقال:
يا أبا جعفر، حدثنى هذا عن أبى النضر. فإنى ما كتبته عنه. فامتنعت من ذلك إجلالا لأبى زكريا. فما تركنى حتى أجلسني فى ناحية من الطريق. وكتبه عنى فى ألواح كانت معه.
أخبرنا ابن ثابت قراءة أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال
حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبى داود حدثنا روح حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأبىّ بن كعب «إن الله أمرنى أن أقرئك القرآن، أو أقرأ عليك القرآن، قال أبىّ: وسمانى لك؟ قال: نعم. قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال:(1/303)
أخبرنا ابن ثابت قراءة أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال
حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبى داود حدثنا روح حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأبىّ بن كعب «إن الله أمرنى أن أقرئك القرآن، أو أقرأ عليك القرآن، قال أبىّ: وسمانى لك؟ قال: نعم. قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال:
نعم. فذرفت عيناه».
أخبرنا ابن ثابت قراءة أخبرنا البرقانى أخبرنا أبو بكر الإسماعيلى أخبرنى محمد بن أحمد بن القاسم حدثنا عبد الله بن محمد البغوى حدثنا أبو جعفر بن المنادى بنحوه.
قال ابن ثابت: روى البخارى هذا الحديث فى صحيحه عن ابن المنادى، إلا أنه سماه أحمد. فسمعت هبة الله بن الحسن الطبرى يقول: إنه اشتبه على البخارى، فجعل محمدا أحمد. وقيل: كان لمحمد أخ بمصر اسمه أحمد. وهذا القول الآخر عندنا باطل، ليس لأبى جعفر أخ فيما نعلم. ولعله اشتبه على البخارى، كما قيل، أو كان يرى أن محمدا وأحمد شىء واحد. كما أخبرنا ابن ثابت أخبرنا أبو حازم العبدرى قال: سمعت أبا بكر الإسماعيلى يقول: كان عبد الله بن ناجية يملى علينا، فيقول حدثنا أحمد بن الوليد البسرى. فقيل: إنما هو محمد. فقال: محمد وأحمد واحد
أخبرنا ابن ثابت أخبرنا محمد حدثنا محمد بن العباس قال: قرىء على ابن المنادى وأنا أسمع: وتوفى جدى أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن يزيد ليلة الثلاثاء فى السحر. ودفن يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين. وصام فيما قال لنا: اثنتين وتسعين رمضانا واثنى عشر يوما من الشهر الذى مات فيه. وله حينئذ مائة سنة وسنة واحدة، وأربعة أشهر واثنى عشر يوما وليلة. لأنه ولد فيما قال للنصف من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة.
قال: وكان أبو عبد الله أحمد بن حنبل أكبر منى بسبع سنين.
وقال محمد بن عبيد الله بن المنادى: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول:
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المصحف.(1/304)
424 - محمد بن عبد العزيز البيوردى، أبو عبد الله.
ذكره أبو بكر الخلال فقال: جليل، روى عن أبى عبد الله مسائل صالحة حسانا أغرب فيها، مقدم عندهم.
قال: وأخبرنى محمد بن يحيى بن خالد قال حدثنى محمد بن عبد العزيز البيوردى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ابن سيرين أحسن حكاية عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم من الحسن.
425 - محمد بن عبد الرحمن، أبو بكر الصيرفى.
روى أبو يوسف يعقوب بن شيبة قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفى قال: قال لى أحمد بن حنبل:
كان يحيى بن سعيد لا يعيد حديث شعبة عن هشام، ولا حديث شعبة عن قتادة.
وكان إذا سمع الحديث عن واحد منهم لم يعده عن الآخر.
426 - محمد بن عبد الرحمن الشامى، أبو عبد الله.
روى عن إمامنا أشياء.
منها: ما رواه دعلج بن أحمد قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن الشامى قال: سئل أحمد بن حنبل وأنا حاضر عن إسحاق بن ابراهيم؟ فقال من مثل إسحاق بن ابراهيم؟ مثل إسحاق يسأل عنه؟.
427 - محمد بن عبد الرحمن الدينورى
روى عن إمامنا أشياء.
428 - محمد بن عبد الرحيم بن أبى زهير البزار، أبو يحيى، مولى آل عمر بن الخطاب.
يعرف بصاعقة. وأصله فارسى، ثقة أمين، حافظ متقن.
سمع عبد الرحمن بن عطاء، وعبيد الله بن موسى بن عبادة، وسعيد بن سليمان فى آخرين. حدث عنه الأئمة: أبو داود، وابنه عبد الله، وعبد الله بن إمامنا أحمد، والبخارى فى الصحيح.
قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. لم يجيىء بها
غيره. وقيل: إنما سمى «صاعقة» لجودة حفظه. وقيل وهو المشهور إنما لقب بهذا: لأنه كان كلما قدم بلدة للقاء شيخ إذا به قد مات بالقرب(1/305)
قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. لم يجيىء بها
غيره. وقيل: إنما سمى «صاعقة» لجودة حفظه. وقيل وهو المشهور إنما لقب بهذا: لأنه كان كلما قدم بلدة للقاء شيخ إذا به قد مات بالقرب
أخبرنا عبد السلام الأنصارى أخبرنا محمد بن أبى الفوارس أخبرنا أحمد أخبرنا محمد الفربرى حدثنا محمد بن إسماعيل البخارى حدثنا محمد بن عبد الرحيم أخبرنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد بن عون عن ابن سيرين عن أنس «أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره»
مولده: سنة خمس وثمانين ومائة، ومات فى شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين. وله سبعون سنة
429 - محمد بن عبد الملك بن زنجويه، أبو بكر
سمع إمامنا فيما أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن ابن أخى ميمى أخبرنا على بن محمد الموصلى حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا أبو بكر المروزى حدثنى أبو بكر بن رنجويه قال: قدم علينا أبو عبد الله، ونحن عند أبى المغيرة، قال:
واجتمع الناس على أبى عبد الله أكثر مما اجتمعوا على أبى المغيرة. وكنت فيمن كتب عنه
430 - محمد بن عبد الملك الرقيقى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: صلى بنا أحمد العصر. فسبحت خلفه فى الركوع والسجود أربع تسبيحات، خمس تسبيحات
431 - محمد بن على بن الحسن بن شقيق
أنبأنا محمد المقرىء أخبرنا أبو أحمد الفرضى أخبرنا القاضى أحمد بن كامل حدثنا محمد بن جرير الطبرى حدثنا محمد بن على بن الحسن بن شقيق قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل عن الإيمان، فى معنى الزيادة والنقصان؟ فقال:
حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن سلمة عن أبى جعفر الخطمى عن أبيه عن جسده عمر بن حبيب قال: «الإيمان يزيد وينقص. قيل: وما زيادته ونقصانه؟ فقال: إذا ذكرنا الله فحمدناه وسبحناه: فتلك زيادته. وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا: فذلك نقصانه»(1/306)
أنبأنا محمد المقرىء أخبرنا أبو أحمد الفرضى أخبرنا القاضى أحمد بن كامل حدثنا محمد بن جرير الطبرى حدثنا محمد بن على بن الحسن بن شقيق قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل عن الإيمان، فى معنى الزيادة والنقصان؟ فقال:
حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن سلمة عن أبى جعفر الخطمى عن أبيه عن جسده عمر بن حبيب قال: «الإيمان يزيد وينقص. قيل: وما زيادته ونقصانه؟ فقال: إذا ذكرنا الله فحمدناه وسبحناه: فتلك زيادته. وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا: فذلك نقصانه»
432 - محمد بن على، أبو جعفر الجوزجانى.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: قلت لأبى عبد الله: الرجل يوم الجمعة يقدر على الدخول داخل المسجد يصلى فى الرحبة؟ قال: إذا كان ذلك من علة من الحر: أرجو أن لا يضره
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: إذا تزوج الحر الأمة فأولاده عبيد. وإذا تزوج العبد الحرة فأولاده أحرار
433 - محمد بن على بن داود، أبو بكر الحافظ.
يعرف بابن أخت غزال
نزل مصر. وحدث بها عن سعيد بن داود الزبيرى، ومحمد بن عبد الله البتنونى، وأحمد بن حنبل، ويحيي بن معين، فى آخرين. روى عنه أبو جعفر الطحاوى وغيره
أخبرنا الخطيب قراءة أخبرنا القاضى أبو العلاء أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بمصر قالا: حدثنا محمد بن على بن داود قال حدثنا سعيد بن داود الزبيرى عن مالك عن ثور بن زيد الدّيلى عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من هراقة دم»
وقرأت فى تاريخ أبى بكر نزيل دمشق فى ترجمة يحيي بن سعيد: قال محمد ابن على بن داود سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت فى هذا الشأن مثل يحيى بن سعيد(1/307)
نقلت من خطا أبى القاسم فى الأول من كتاب «الضعفاء» عن أبى زرعة الرازى: حدثنا سعيد حدثنا محمد بن على بن داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
عبد المنعم بن إدريس يكذب على وهب بن منبه
وتوفى فى قرية من أسفل أرض مصر فى شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين
434 - محمد بن علي بن شعيب.
حدث عن جماعة، منهم إمامنا أحمد
قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سمعت من عبد الرازق عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم «كان يفطر على رطبات، فان لم يجد فتمرات. فان لم يجد حسا حسوات من ماء».
435 - محمد بن علي بن عبد الله بن مهران بن أيوب، أبو جعفر الوراق الجرجانى الأصل، البغدادى المنشأ.
يعرف بحمدان.
سمع عبيد الله بن موسى، وأبا غسان مالك بن اسماعيل، وأبا نعيم، ومعلى بن أسد، وعبد الله بن رجاء، وإمامنا أحمد فى آخرين. حدث عنه عبد الله البغوى ومحمد بن داود الفقيه، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر الخلال، وأبو العباس بن سريج، وغيرهم.
قال أبو بو بكر الخلال، لما ذكره: رفيع القدر، كان عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. سمعت منه حديثا. وسمعت مسائله بنزول.
أخبرنا أبو بكر المصنف أخبرنى محمد بن الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان المقرىء، المعروف بابن ثوبان، حدثنا محمد بن على الوراق ويعرف بحمدان حدثنا السمتى محمد بن حسان حدثنا سيف بن محمد بن أخت سفيان عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حبّة بن جوين بن على العرنى الكوفى (1)
__________
(1) قال الحافظ فى التهذيب عن ابن حبان: كان غاليا فى التشيع واهى الحديث.(1/308)
عن على بن أبى طالب قال «بينا أنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى جبر (1)
لأبى طالب أشرف علينا أبو طالب، فبصر به النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:
يا عم، ألا تنزل فتصلى معنا؟ قال: يا ابن أخى، إنى لأعلم أنك على حق، ولكنى أكره أن أسجد فيعلونى أستي، ولكن انزل يا جعفر فكن جناح ابن عمك.
فقال: أما إن الله قد وصلك بجناحين تطير بهما فى الجنة، كما وصلت جناح ابن عمك».
أخبرنا محمد الدلال أخبرنا ابراهيم الفقيه عن عبد العزيز حدثنا العباس بن المغيرة وغير واحد قالوا: حدثنا حمدان بن على الوراق قال: سمعت أحمد بن حنبل وذكر عنده المرجئة فقلت: إنهم يقولون، إذا عرف الرجل ربه عز وجل بقلبه فهو مؤمن. فقال: المرجئة لا تقول هذا، الجهمية تقول بهذا.
أنبأنا الملطى أخبرنا محمد بن فارس أخبرنا أبو الحسين بن المنادى فى أثناء «مطيب سكنى مدينة السلام» فى ترجمة من كان بها قاطنا من الصلحاء والفقهاء والمحدثين، وأهل القرآن فذكر منهم حمدان بن على، فقال: مشهود له بالصلاح والفضل. بلغنا أنه قال وهو فى علة الموت ما لصق جلدى بجلد ذكر ولا أنثى قط.
وتوفى فى المحرم سنة اثنتين وسبعين ومائتين. وذكر ابن مهدى فى تاريخه أنه مات سنة إحدى وسبعين ومائتين. ودفن بمقبرة إمامنا.
وقال حمدان: سألت أبا ثور عن قول النبى صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته» فقال: على صورة آدم. وكان هذا بعد ضرب أحمد بن حنبل والمحنة. فقلت لأبى طالب: قل لأبى عبد الله. فقال أبو طالب: قال لى أحمد بن حنبل: صح الأمر على أبى ثور. من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمى. وأى صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟.
__________
(1) كذا فى أحد الأصلين. وفى الآخر مكانها بياض(1/309)
ونقلت من خط أبى إسحاق بن شاقلّا قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن على بن الفضل بن محمد بن نجاح قال: قرأت على أبى عبد الله محمد بن مخلد العطار حدثنا حمدان بن على الوراق، أبو جعفر، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل عن عبد الله بن محرر؟ فقال: ترك الناس حديثه. وسألته عن خالد بن رباح؟ فقال: ليس به بأس. وسمعت أبا عبد الله يقول: عمرو بن دينار مولى.
ولكن الله تبارك وتعالى شرفه. وسئل عن عمرو بن شعيب؟ فقال: ربما احتججنا بحديثه. وربما هجس فى القلب منه شىء. قال: قلت: لأبى عبد الله حديث زهير عن أبى الزبير «كان النبى صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ السجدة وتبارك» قال: حسبك بزهير، إذا جاءك بالشىء هو وقفه. وإنما ذاك ليث رواه. ثم قال أبو عبد الله: زهير وزائدة. قلت: زائدة يقوم عندك مقامه؟ قال: نعم. قلت لأبى عبد الله: يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب؟ قال: نعم.
436 - محمد بن عوف بن سفيان، الطائى الحمصى، أبو جعفر
قرأت فى كتاب الخلال قال: إنه حافظ إمام فى زمانه، معروف بالتقدم فى العلم والمعرفة على أصحابه.
سمع من أبى المغيرة، وأهل الشام والعراق. وكان أحمد بن حنبل يعرف له ذلك. ويقبل منه. ويسأله عن الرجال من أهل بلده. وسمع منه أحمد بن حنبل فيما بلغنى عن أبيه حديث الهزار.
أخبرنا محمد بن عوف حدثنى أبى حدثنا سفيان مولى العباس بن الوليد قال:
سمعت الهزار وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقول للعباس بن الوليد، ورأى إسرافه فى خبز السّميد وغيره «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز برّ حتى فارق الدنيا» وسمعت منه أيضا حديثا كثيرا.
وكانت عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة فى العلل وغيرها. ويغرب فيها أيضا بأشياء لم يجىء بها غيره.(1/310)
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر المسلمين.
ونقلت من خط أحمد الشنجى بإسناده قال: سمعت محمد عوف يقول: أملى علىّ أحمد بن حنبل: جاء حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال «من لقى الله بذنب يجب له به النار، تائب منه غير مصّر عليه: فان الله يتوب عليه. ومن لقيه، وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب فى الدنيا: فهو كفارته» كما جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التى قد استوجب بها العقوبة: فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إذا توفّى على الإسلام والسنة. ومن تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساويه: كان مبتدعا، خارجا عن الجماعة حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم بأجمعهم سليما. والنفاق هو الكفر بالله: أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام فى العلانية. مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن أظهر منهم الكفر قتل.
وليس بمثل هذه الأحاديث التى جاءت «ثلاث من كنّ فيه فهو منافق» هذا على التغليظ. وتروى كما جاءت، لا يجوز لأحد أن يفسرها. وقوله «لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ومثل قوله «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار» ومثل قوله «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» ومثل قوله «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما» ومثل قوله «كفر بالله من تبرأ من نسب، وإن دق» ونحوه هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ. فانا نسلّم لها، وإن لم نعلم تفسيرها. ولا نتكلم فيها ولا نجادل فيها، ولا نفسرها. ولكنا نرويها كما جاءت، نؤمن بها، ونعلم أنها حق. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونسلم بها ولا نردها. ولا نترك الصلاة على أحد من أهل القبلة بذنب أذنبه صغيرا
أو كبيرا، إلا أن يكون من أهل البدع الذين أخرجهم النبى صلى الله عليه وسلم من الإسلام: القدرية والمرجئية، والرافضة، والجهمية، فقال «لا تصلوا معهم.(1/311)
ونسلم بها ولا نردها. ولا نترك الصلاة على أحد من أهل القبلة بذنب أذنبه صغيرا
أو كبيرا، إلا أن يكون من أهل البدع الذين أخرجهم النبى صلى الله عليه وسلم من الإسلام: القدرية والمرجئية، والرافضة، والجهمية، فقال «لا تصلوا معهم.
ولا تصلوا عليهم» وكما جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة «أن النبى صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه» فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس. ورواه الحكم بن أبان العدوى عن عكرمة عن ابن عباس. ورواه على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، الإيمان بذلك، والتصديق به، وأن أهل الجنة يرون الله عز وجل عيانا، وأن العباد يوزنون بأعمالهم. فمنهم من لا يزن جناح بعوضة، وأن الله تبارك وتعالى يكلم العباد، ليس بينه وبينهم ترجمان. وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضا آنيته أكثر من عدد نجوم السماء. والإيمان بعذاب القبر وبفتنة القبر، يسأل العبد عن الإيمان والإسلام. ومن ربه؟ وما دينه؟ ومن نبيه؟
وبمنكر ونكير. والإيمان بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم، لقوم يخرجون من النار. والإيمان بشفاعة الشافعين، وأن الجنة والنار مخلوقتان. قد خلقتا، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا» و «رأيت الكوثر» و «اطّلعت فى النار فرأيت أهلها» فمن زعم أنهما لم يخلقا فهو مكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، كافر بالجنة وبالنار، يستتاب. فإن تاب وإلا قتل، وأنه إذا لم يبق لأحد شفاعة قال الله تعالى «أنا أرحم الراحمين. فيدخل كفّه فى جهنم، فيخرج منها مالا يحصيه غيره» ولو شاء أخرجهم كلهم. وحديث عبد الرحمن بن عامر الحضرمى «فوضع كفّه بين كتفى. فوجدت بردها بين ثديىّ» و «جهنم لا تزال تقول: هل من مزيد؟
حتى يأتيها الرب تبارك وتعالى، فيضع قدمه فيها، فتزوى، فتقول: قط قط، حسبى حسبى» هكذا جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا ننزل أحدا من أهل القبلة جنة ولا نارا إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وأن آدم صلى الله عليه خلق على صورة الرحمن، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/312)
حتى يأتيها الرب تبارك وتعالى، فيضع قدمه فيها، فتزوى، فتقول: قط قط، حسبى حسبى» هكذا جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا ننزل أحدا من أهل القبلة جنة ولا نارا إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وأن آدم صلى الله عليه خلق على صورة الرحمن، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن» و «كلتا يديه يمين» الايمان بذلك. فمن لم يؤمن بذلك، ويعلم أن ذلك حق، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم.
يستتاب فان تاب وإلا قتل لأن الخبر قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن الله لما خلق آدم ضرب بيده شق آدم الأيمن. ثم ضرب بيده الأخرى وكلتا يديه يمين على شق آدم الأيسر. فقال فى الأولى: من أهل الجنة. وفى الأخرى: من أهل النار» والايمان بالقدر خيره وشره. والايمان قول وعمل.
يزيد وينقص، ينقص بقلة العمل، ويزيد بكثرة العمل. والقرآن كلام الله غير مخلوق، من حيثما سمع وتلي، منه بدا وإليه يعود. وخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علىّ. فقلت له: يا أبا عبد الله، فانهم يقولون: إنك وقفت على عثمان؟ فقال: كذبوا والله علىّ. إنما حدثتهم بحديث ابن عمر «كنا نفاضل بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقول:
أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. فيبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فلا ينكره» ولم يقل النبى صلى الله عليه وسلم: لا تخايروا بعد هؤلاء بين أحد. ليس لأحد فى ذلك حجة. فمن وقف على عثمان ولم يربّع بعلى فهو على غير السنة يا أبا جعفر.
437 - محمد بن عيسى الجصاص شيخ زاهد.
نقل عن إمامنا فيما ذكره أبو بكر الخلال. سمع يحيي بن سعيد القطان، وابن مهدى وغيرهما.(1/313)
438 - محمد بن عبدوس بن كامل، أبو أحمد السلمى السراج
وقيل اسم أبيه: عبد الجبار ولقبه: عبدوس. سمع على بن الجعد، وداود بن عمر الضبى وأبا بكر بن أبى شيبة، وإمامنا فى آخرين. روى عنه عبد الله البغوى، وأبو بكر النجاد، وغيرهما.
قرأت على إبراهيم أخبرك عبد المحسن أخبرنا محمد المعروف بابن الطفال أخبرنا القاضى محمد بن أحمد بن عبد الله بن أسامة حدثنا أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل السراج حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خالد بن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبى عبيدة بن الجراح عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه ذكر الدجال، فجلّاه بحلية لا أحفظها قالوا:
يا رسول الله، فكيف قلوبنا يومئذ؟ قال: كاليوم، أو خير».
ومات فى شعبان سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
439 - محمد بن عمران الخياط، أبو جعفر.
كان من خيار الناس: كان إمام مسجد فى مربعة الخرشى. نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل فى منزله يقول: بلغنى عن أخى منصور بن عمار أنه كان يقول: اللهم قد أحاطت بنا الشدائد، وأنت ذخر لها.
فلا تعذبنا، وأنت على العفو قادر، سيدى قد أريتنا قدرتك ولم تزل قادرا، فأرنا عفوك، ولم تزل تعفو.
فان اعترض معترض بأن إمامنا أحمد محفوظ عنه: النهى عن كتب كلام منصور، والاستماع للقصاص بها؟ قيل: إنما رأى إمامنا أحمد الناس لهجين بكلامه، قد اشتهروا به حتى دونوه، وفصلوه مجالس يتحفظونها ويلقنونها، ويكثرون فيما بينهم دراستها. فكره لهم أن يلهوا بذلك عن كتاب الله تعالى، ويشتغلوا به عن حفظ السنة وأحكام الملة لا غير.(1/314)
440 - محمد بن عبدك القزاز
أنبأنا الحسن بن أحمد أخبرنا أبو محمد الخلال حدثنا محمد بن عبيد الله الفقيه الزاهد حدثنا عثمان بن عبد الله حدثنا محمد بن عبدك القزاز قال: سألت أحمد عمن احتجم فى شهر رمضان؟ قال: إن كان بلغه الخبر فعليه القضاء والكفارة. وإن لم يبلغه الخبر فعليه القضاء.
ومات سنة ست وسبعين ومائتين.
441 - محمد بن العباس النسائى
نقل عن إمامنا أشياء.
442 - محمد بن غسان العلائى.
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت معمرا يقول: سمعت إبراهيم بن الوليد يسأل الزهرى وعرض عليه كتابا من علم فقال: آخذ هذا عنك يا أبا بكر؟ قال: نعم. فمن يحدثكموه غيرى؟ قال معمر:
ورأيت أيوب السختيانى يعرض عليه العلم، فيجيزه. قال معمر: وكان منصور بن المعتمر لا يرى بالعرض بأسا.
443 - محمد بن العباس المؤدب، أبو عبد الله الطويل.
قال: سئل أحمد بن حنبل عن التقصير إلى سامرّى؟ فأظهر التبسم. وقال:
إنما التقصير فى سفر طاعة. نقلته من كتاب السير للخلال.
444 - محمد بن الفضل العتابى.
حكى عن إمامنا أشياء.
445 - محمد بن قدامة الجوهرى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: العزاء عند القبور. واحتج بحديث ابن عمر.
446 - محمد بن محمد بن إدريس الشافعى، الامام، أبو عثمان.
سمع أباه، وسفيان بن عيينة. وسأل إمامنا عن أشياء.(1/315)
منها: ما أنبأنا المبارك أخبرنا إبراهيم حدثنا محمد بن العباس حدثنا جعفر الصندلى قال: أخبرنا خطاب بن بشر قال: أتينا أحمد بن حنبل فى النصف من رجب سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، أنا وأبو عثمان ابن الشافعى. فذكر له ابن الشافعى أمر مالك، وما كان يذهب إليه من ترك أحاديث رواها عن النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر له أمر ابن أبى ذئب، وأثنى عليه. فقال: كان ابن أبى ذئب يشبه بسعيد بن المسيب فى خشونته ومذهبه وذكر اتباعه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: كان يقول فى مالك وفى تركه الحديث يرويه عن النبى صلى الله عليه وسلم وذكر له «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» وترك مالك الأخذ به، حتى يبلغ به، يعنى القتل. وذكر كلاما لأبى جعفر. ورأيته يترحم عليه كثيرا. وقال: كان يحضر هو ومالك عند السلطان. فلا يزال يتكلم ومالك ساكت. وذكر له ابن الشافعى عن الحديث الذى يرويه مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم وخالفه، فقال: هذا تخليط.
وسأله ابن الشافعى عن الحديث الذى يرويه مالك وابن أبى ذئب فى مذهب أهل المدينة فى إتيان النسائى فى أدبارهن. فقال: ما أدرى أى شىء هذا؟
الأخبار عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى خلاف هذا كثيرة. وهو الحق عندنا. قال الله عز وجل (2: 223 {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنََّى شِئْتُمْ}) الحرث لا يكون إلا موضع الولد، أو شبّهه بهذا.
وسأله ابن الشافعى عن جلود الميتة؟ فقال: لا ينتفع منها بأهاب ولا عصب إلى هذا أذهب. ثم قال: كيف يكون الدباغ ذكاة؟ يعقل هذا العرب؟ أرأيت لحم الميتة يذكيه الدباغ؟ إنما الدباغ قرظ وما أشبهه. فقال له ابن الشافعى: ليس يعقل هذا فى اللغة، ولكن الخبر الذى روى فيه؟ فقال: دع الخبر، الخبر فيه اضطراب. كلهم لا يذكرون فيه الدباغ، إلا ابن عيينة وحده. وقد خالفه مالك وغيره. والذين ذهبوا إلى هذا الخبر ذهبوا إلى الانتفاع به غير مدبوغ. وهكذا
يروى عن ابن شهاب أنه يرى الانتفاع بالجلد، وإن لم يدبغ. والخبر مضطرب، بعضهم يقول. «شاة لميمونة» وبعضهم يقول «لسودة».(1/316)
وسأله ابن الشافعى عن جلود الميتة؟ فقال: لا ينتفع منها بأهاب ولا عصب إلى هذا أذهب. ثم قال: كيف يكون الدباغ ذكاة؟ يعقل هذا العرب؟ أرأيت لحم الميتة يذكيه الدباغ؟ إنما الدباغ قرظ وما أشبهه. فقال له ابن الشافعى: ليس يعقل هذا فى اللغة، ولكن الخبر الذى روى فيه؟ فقال: دع الخبر، الخبر فيه اضطراب. كلهم لا يذكرون فيه الدباغ، إلا ابن عيينة وحده. وقد خالفه مالك وغيره. والذين ذهبوا إلى هذا الخبر ذهبوا إلى الانتفاع به غير مدبوغ. وهكذا
يروى عن ابن شهاب أنه يرى الانتفاع بالجلد، وإن لم يدبغ. والخبر مضطرب، بعضهم يقول. «شاة لميمونة» وبعضهم يقول «لسودة».
وذلك الخبر صحيح. وقد سمعت أبا عبد الله الشافعى، ورجل يناظره فيه.
وكان يذهب إلى الدباغ فيه: أنه يطهره، فقال للذى يناظره وقد أضجره وجلدك أيضا إن دبغ انتفع به؟.
وذكر أحمد حديث ابن وعلة عن ابن عباس «أيما إهاب دبغ فقد طهر» وذكر ابن وعلة فضعفه، فقال له أبو عثمان ابن الشافعى: لا يزال الناس بخير ما منّ الله عليهم، ببقائك وكلاما من هذا النحو كثيرا. فقال: لا تقل هذا يا أبا عثمان.
وسأله ابن الشافعى وأنا أسمع عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال:
لا يجهر بها. هكذا: جاء الحديث، ولكن يخفيها فى نفسه. وهى آية من كتاب الله
وسئل أحمد عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: لا يقرأ فيما يجهر، ويقرأ فيما أسر فى الركعتين الأوليين بالحمد وسورة. وفى الركعتين الأخريين بالحمد. فقال له رجل.
فان كان للامام سكتة فيما يجهر: يقرأ؟ فقال: إن كان يمكنه أن يقرأ يقرأ.
ولا أحب أن يقرأ والإمام يجهر. وجعل يعجب ممن يذهب إلى هذا. وقال:
أليس يدرك الإمام راكعا فيركع معه، ولا يقرأ. وهذا أبو بكرة قد جاء والإمام راكع. فركع دون الصف، فاحتسب بها. فقال له ابن الشافعى: الذى يذهب إلى هذا يذهب إلى الحديث «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»؟ فقال: قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة».
وتوفى أبو عثمان ابن الشافعى فى سنة إحدى وثمانين ومائتين.
447 - محمد بن محمد بن أبى الورد.
أحد أصحاب إمامنا.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنا هارون بن يوسف قال سمعت محمد بن محمد بن أبى الورد يقول: قلت لأحمد: يا أبا عبد الله، الماء يسخّن فيغتسل ويفضل
من الماء المحار فضلة: أترى للغاسل أن يغتسل بها؟ قال: لا. قلت: فانه ليس له ماء غيره. قال: يتركه حتى يبرد.(1/317)
قال أبو بكر الخلال: أخبرنا هارون بن يوسف قال سمعت محمد بن محمد بن أبى الورد يقول: قلت لأحمد: يا أبا عبد الله، الماء يسخّن فيغتسل ويفضل
من الماء المحار فضلة: أترى للغاسل أن يغتسل بها؟ قال: لا. قلت: فانه ليس له ماء غيره. قال: يتركه حتى يبرد.
قال الخلال: وأخبرنا هارون قال: سمعت محمد بن محمد بن أبى الورد قال:
قال رجل لأحمد بن حنبل: قيل لنا إنك كتبت من كتب الشافعى؟ فقال:
ما كتبت منها شيئا.
448 - محمد بن منصور بن داود بن ابراهيم، أبو جعفر العابد، المعروف بالطوسى.
سمع اسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، وعفان بن مسلم، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه عبد الله البغوى، ويحيى بن صاعد، وغيرهما.
وذكره الخلال، فقال: روى عن أحمد أشياء لم يروها غيره. وكان يجالس لصلاحه معروفا وغيره.
وذكره ابن ثابت فقال: حدثت عن عبد العزيز بن جعفر حدثنا أبو بكر الخلال أخبرنى المروذى قال: سألت أبا عبد الله وهو أحمد بن حنبل عن محمد بن منصور الطوسى؟ فقال: لا أعلم إلا خيرا، صاحب صلاة. قلت له: كان يختلف معك إلى عفان؟ قال: وقبل ذلك. قلت: سمعته يقول: كنت عند معروف. فقال لى: بعد عشاء الآخرة: قد كلمت ههنا رجلا يتعشى عنده. فأتيت عليه. فلما كان فى السحر جاءني بسفرجلة، فجعل يقول: ترى من أين له سفرجلة فى ذلك الوقت؟ فقال أبو عبد الله: كفاك بأبى جعفر.
قال ابن ثابت: أخبرنا بحكايته مع معروف أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعى حدثنا العباس بن يوسف الشكلى حدثنا سعيد بن عثمان قال: كنا عند محمد بن منصور الطوسى يوما، وعنده جماعة من أصحاب الحديث، وجماعة من الزهاد. وكان ذلك اليوم يوم الخميس، فسمعته يقول:
صمت يوما، وقلت: لا آكل إلا حلالا. فمضى يومى، ولم أجد شيئا، فواصلت
اليوم الثانى، واليوم الثالث، والرابع. حتى إذا كان عند الفطر قلت: لأجعلن فطرى الليلة عند من يزكى الله طعامه. فصرت إلى معرف الكرخى. فسلمت عليه، وقفت، حتى صلى المغرب. وخرج من كان معه فى المسجد. فما بقى إلا أنا وهو ورجل آخر. فالتفت إلى وقال: يا طوسى. قلت: لبيك. فقال لى: تحول إلى أخيك فتعش معه. فقلت: ما بى من عشاء. فتركنى، ثم رد علىّ القول. فقلت:(1/318)
صمت يوما، وقلت: لا آكل إلا حلالا. فمضى يومى، ولم أجد شيئا، فواصلت
اليوم الثانى، واليوم الثالث، والرابع. حتى إذا كان عند الفطر قلت: لأجعلن فطرى الليلة عند من يزكى الله طعامه. فصرت إلى معرف الكرخى. فسلمت عليه، وقفت، حتى صلى المغرب. وخرج من كان معه فى المسجد. فما بقى إلا أنا وهو ورجل آخر. فالتفت إلى وقال: يا طوسى. قلت: لبيك. فقال لى: تحول إلى أخيك فتعش معه. فقلت: ما بى من عشاء. فتركنى، ثم رد علىّ القول. فقلت:
مابى من عشاء: ثم فعل ذلك الثالثة. فقلت: ما بى من عشاء. فسكت عنى ساعة، ثم قال: تقدم إلىّ. فتحاملت، وما بى من تحامل من شدة الضعف، فقعدت عن يساره، فأخذ كفى اليمنى فأدخلها إلى كمه الأيسر. فأخذت من كمه سفرجلة معضوضة. فأكلتها. فوجدت طعم كل طعام طيب، واستغنيت بها عن الماء. قال: فسأله رجل كان معنا حاضرا: أنت يا أبا جعفر؟ قال: نعم، وأزيدك:
أنى ما أكلت منذ ذلك حلوا ولا غيره إلا أصبت فيه طعم تلك السفرجلة.
أنبأنا أبو القاسم على بن البسرى عن أبى عبد الله الفقيه حدثنا ابن مخلد حدثنا عباس الدورى حدثنا محمد بن أشرس الحربى حدثنا محمد بن منصور الطوسى قال:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام. فقلت:
يا رسول الله، كل ما روى عنك أبو هريرة حق؟ قال: نعم.
وقال محمد بن منصور الطوسى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من زعم أنه كان فى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم خير من أبى بكر فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد افترى على رسوله صلى الله عليه وسلم وكفر. بأن زعم أن الله يقر المنكر بين أنبيائه فى الناس. فيكون ذلك إضلالا لهم.
وأنبأنا أبو الحسين بن الأبنوسى قال أخبرنا عمر بن ابراهيم الكتانى قال حدثنا أبو الحسين بن عمر بن الحسن القاضى الأشنانى حدثنا إسحاق بن الحسن الحربى قال: حدثنى محمد بن منصور الطوسى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
ما روى لأحد من الفضائل أكثر مما روى لعلى بن أبى طالب.(1/319)
قال: وسمعت محمد بن منصور يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل:
يا أبا عبد الله، ما تقول فى هذا الحديث الذى يروى: أن عليا قال «أنا قسيم النار»؟ فقال: وما تنكرون من ذا؟ أليس روينا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعلى «لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق»؟ قلنا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قلنا: فى الجنة. قال: وأين المنافق؟ قلنا: فى النار. قال: فعلىّ قسيم النار
وروى ابن ثابت بإسناده قال: قيل لمحمد بن منصور الطوسى: يا أبا جعفر، أليس اليوم عندك قد شك الناس فيه: يوم عرفة هو أو غيره؟ فقال: اصبروا.
فدخل البيت ثم خرج. فقال: هو عندى يوم عرفة. فاستحيوا أن يقولوا له: من أين لك ذلك؟ فعدوا الأيام والليالى. فكان اليوم الذى قال محمد بن منصور يوم عرفة. فقال له أبو بكر بن سلام: من أين علمت أنه يوم عرفة؟ قال: دخلت البيت فسألت ربى. فأرانى الناس فى الموقف (1).
ومات سنة أربع وخمسين ومائتين. وله ثمان وثمانون سنة، وقيل: مات سنة ست وخمسين.
449 - محمد بن مصعب، أبو جعفر الدعاء.
قرأت فى كتاب ابن ثابت: أخبرنا محمد بن رزق أخبرنا أبو على بن الصواف حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبى ذكر محمد بن مصعب الدعاء، فقال: كان رجلا صالحا. وكان يقص ويدعو قائما فى المسجد، ثم قال: ربما كان ابن علية يجلس إليه فى المسجد يسمع دعاءه. قال عبد الله بن أحمد: قال أبى:
__________
(1) قد وقع للرسول صلى الله عليه وسلم وقائع كثيرة فى غاية الأهمية لدعوته، وكان يحتاج فيها إلى مثل هذه المكاشفات. فلم يكن يقع له، حتى كان لا يعلم المنافقين الذين حوله، ولا ما يكيد له اليهود والمشركون، إلا إذا جاءه جبريل بالوحى من عند الله.(1/320)
جاءنى، فكتب عنى أحاديث، وجلس فى مجلسك هذا فى الصّفة. ثم قال فى بعض ما يقول: رب أخبئنى تحت عرشك.
أخبرنا أبو بكر المؤرخ قراءة حدثنا الأزهرى حدثنا على بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن مخلد حدثنا محمد بن محمد بن عمر بن الحكم قال: سمعت محمد بن مصعب الزاهد يقول: من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى فى الآخرة. فهو كافر بوجهك، لا يعرفك. أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات، ليس كما يقول أعداؤك الزنادقة.
وباسناده: قال نصر بن منصور الصائغ: سمعت محمد بن مصعب العابد وكان مجاب الدعوة، وما رأيت أحدا أحسن تلاوة لكتاب الله منه سمعت ابن المبارك يذكر عن الأوزاعى عن بلال بن سعد قال: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر من عصيت؟
قال الصائغ: كان المأمون قد أمر بمحمد بن مصعب إلى الحبس، فقال: وقد ذهب به إلى الحبس، ورفع رأسه إلى السماء أقسمت عليك أن تحبسنى عندهم الليلة. فأخرج فى جوف الليل. فصلى الغداة فى منزله.
ومات ببغداد سنة ثمان وعشرين ومائتين.
450 - محمد بن ماهان النيسابورى.
جليل القدر، له مسائل حسان.
أنبأنا بها أحمد بن محمد المعروف بابن حمدويه أخبرنا أبو الفتح بن أبى الفوارس أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابورى. أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث القطان، حدثنا محمد بن ماهان سنة تسع وأربعين ومائتين قال: سألت أحمد سنة تسع وعشرين ومائتين عن المرأة إذا كانت ظالمة لزوجها: أيؤخذ منها الولد؟ قال أحمد: ابن كم الولد؟ قلت:
ابن ثلاث سنين. قال: لا يؤخذ منها الولد.(1/321)
وسئل أحمد وأنا أسمع عن رجل غاب غيبة منقطعة، وله بنت: هل يزوجها ابن عمها من رجل كفء؟ قال: نعم. إذا غاب الأب غيبة منقطعة فلا بأس أن يزوجها ابن عمها
وسئل أحمد وأنا أسمع عمن رأى الهلال قبل الزوال: أيفطر؟ قال:
لا يفطر، إذا رأى قبل الزوال أو بعد الزوال، على حديث عمر بن الخطاب «إذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا».
وسئل أحمد وأنا أسمع عن الصوم فى السفر: أحب إليك أن تصوم أو تفطر؟ قال: أحب إلىّ أن أفطر.
وسألت أحمد عن رجل طلق امرأته وهى بكر قبل أن يدخل بها، فعفا أبوها لزوجها عن نصف الصداق؟ قال: لا يجوز عفو الأب.
وسمعت أحمد يقول: التيمم ضربة للوجه والكفين مرة واحدة.
وسألت أحمد قلت: الرجل يحج، أيما تختار له: الإفراد أو القرآن؟ قال:
أختار التمتع. قلت: يسعى سعيين، ويطوف طوافين؟ قال: نعم. قال أحمد:
إذا دخل متمتعا يكون شبه قارن.
قلت لأحمد: ما تقول فى اللسان إذا قطع؟ قال: على قدر الحروف، قال:
ويجعل فى ذلك أمير نفسه، قال: على قدر ما يتبين من الكلام. قلت: هو أمير نفسه؟ قال: لا أدرى.
سئل أحمد وأنا أسمع يتوضأ بفضل وضوء المرأة؟ قال: نعم، إلا أن تكون خلت هى بالإناء وحدها، فلا يتوضأ بفضل وضوئها. وإذا اغترفا من الإناء فلا بأس به. قلت: نفقة الحامل المطلقه ثلاثا؟ قال: لا نفقة، ولا سكنى.
ومات فى جمادى الآخرة من سنة أربع وثمانين ومائتين(1/322)
451 - محمد بن المسيب
حكى عن إمامنا أشياء.
منها: قال: قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل الفتح بن شخرف.
452 - محمد بن موسى بن مشيش البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فقال:
كان يستملى لأبى عبد الله. وكان من كبار أصحابه. روى عن أبى عبد الله مسائل مشبعة جيادا. وكان جازه. وكان يقدمه ويعرف حقه
منها: ما أنبأنا المبارك عن ابن نعيم عن عبد العزيز أخبرنا أحمد حدثنا محمد بن على قال حدثنا محمد بن موسى بن مشيش قال: قلت لأحمد: فأهل البادية الذين ليس لأحذهم تمر؟ قال: فأقط. ويروى عن الحسن صاع لبن. لأن الأقط ربما ضاق. وقال عبد العزيز: فعلى هذا أعتمد. والله أعلم
قال: وسمعت احمد يقول: لا بأس أن يتزوج الرجل ربيبته
قلت أنا: لأنه لا نسب بينهما ولا سبب فصارا كالأجانب
وقال ابن مشيش: قال أحمد: العلم مواهب من الله. ليس كل أحد يناله.
453 - محمد بن مقاتل العيادانى.
صحب إمامنا. وكان يراسله فى بعض الأوقات. قال المروذى: قال لى محمد بن مقاتل: قلت لأبى عبد الله: رق على هذا الخلق، واجعلهم فى حل، فقد وجبت نصرتك. فقلت لأبى عبد الله، فجعل يقول: هذا رجل عاقل. قال المروذى: معنى كلام أبى عبد الله: أى لم يستحلنى أحد من العلماء غيره.
وقال المروذى: قلت لأحمد: وقال لى عبد الوهاب الوراق: لولا أن أبا عبد الله صبر حتى ضرب بالسياط لخفت على الناس. فقال أبو عبد الله: صدق
454 - محمد بن موسى بن أبى موسى النهرتيرى البغدادى، أبو عبد الله(1/323)
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان عنده عن أبى عبد الله جزء مسائل كبار جياد فسألته عنها؟ فقال: قدم رجل من خراسان ومعه مسائل. فأملى أبو عبد الله الجواب، وكتبناها نحن من الخراسانى
وذكره الدارقطنى، فقال: شيخ لأهل بغداد جليل. وذكره الخطيب، فقال:
كان ثقة فاضلا جليلا، ذا قدر كبير، ومحل عظيم. وكان مقربا، وهو صاحب ابن سعدان. وكان ينزل الحربية. روى عنه جماعة. منهم: أبو الحسين بن المنادى
ونقلت أنا من جملة مسائله: قال قيل لأحمد وأنا أسمع يا أبا عبد الله، يستثنى فى الإيمان؟ قال: نعم
وسمعته يسأل عن حديث عبد الله بن عكيم «أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر فى الميتة» فقال: إليه أذهب، لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب.
وسمعته يسأل عن رجل اشترى من رجل قطعة باقلّا، أو شيئا من الأشياء فغرقت، ثم نضب الماء عنها. فصار فيها سمك: لمن السمك؟ قال: لصاحب الأرض.
وسمعت أبا عبد الله وسأله رجل من خراسانى عن الوضوء من لحم الجزور؟
فقال: نعم يتوضأ منه. قد فعل النبى صلى الله عليه وسلم ذلك
455 - محمد بن مسلم، المعروف بابن وارة، أبو عبد الله الرازى الحافظ
سأل إمامنا عن أشياء.
منها قال: قلت: يا أبا عبد الله، لم قطعت الحديث والناس محتاجون، فمن فعل هذا؟ فقال: فعله رباح بن زيد. حدث ثم قطع. وحيان أبو حبيب، حدث ثم قطع.
وقال أيضا: سألت أحمد عن القرآن؟ فقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، حيثما تصرف.
ومات بالرى سنة خمس وستين ومائتين. ذكره ابن المنادى. نقلته أنا(1/324)
456 - محمد بن المصفى
أخبرنا المبارك أخبرنا إبراهيم أخبرنا على بن مردك أخبرنا عبد الرحمن بن أبى حاتم حدثنا أبى حدثنا محمد بن المصفّى حدثنا أحمد بن حنبل بحمص حدثنا روح بن عبادة عن شعبة عن سيّار أبى الحكم عن الشعبى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال «لا تناجشوا، ولا تصرّوا الإبل والبقر الحديث»
وأنبأنا خال أمى عن ابن بطة حدثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا محمد بن المصفى قال: قال بعض العقلاء: إن الرجل ليجفونى، فإذا ذكرت استغنائى عنه: وجدت لجفائه بردا على كبدى
457 - محمد بن هبيرة البغوى.
أحد الأصحاب
قال: سألت أحمد: أليس أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيه واحد؟
قال: نعم، إلا أن نهيه أشد. قلت له: ففعله؟ قال: فعله ليس عليك بواجب.
وذاك: أنه كان يقوم حتى ترم قدماه، ويفعل أفعالا لا تجب عليك
458 - محمد بن الهيثم المقريء.
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: سألت أحمد: ما تكره من قراءة حمزة؟ قال: الكسر والإدغام فقلت له: حدثنا خلف بن تميم قال: كنت أقرأ على حمزة، فمر به سفيان الثورى فجلس إليه، وسأله عن مسألة. فقال له: يا أبا عمارة، أما القرآن والفرائض:
فقد سلمناهما لك. قال أحمد: أنتم أهل القرآن وأنتم أعلم به
قال الوالد السعيد: فى «نقل القرآن ونظمه» فظاهر هذا: الرجوع عن الكراهة. والذى عليه أصحابنا: الكراهة، وكراهته ليس يخرجها عن أن تكون قراءة مأثورة، لكن غيرها من اللغات أفصح وأظهر. ومثل هذا: اختلاف الناس فى حج النبى صلى الله عليه وسلم. وكل مروى عنه. والاختيار التمتع، وكذلك الاختلاف فى التشهد، والاستفتاح. وكل مروى عنه. والاختيار تشهد ابن مسعود، واستفتاح عمر ونحو ذلك(1/325)
وأنبأنا المبارك عن ابراهيم البرمكى حدثنا محمد بن اسماعيل الوراق قال:
حدثنى أبى قال حدثنا محمد بن الهيثم حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هثيم أخبرنا منصور بن زاذان عن قتادة عن عبد الله بن معبد الزّمّانى (1) عن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: كفارة سنتين وسئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: كفارة سنة»
459 - محمد بن نصر بن منصور.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما رواه الخلال: قال: أخبرنا محمد بن نصر بن منصور الصائغ قال:
سمعت أحمد بن حنبل وقد شيّعته إلى البردان، وهو يخرج إلى المتوكل فلما ركب المحمل التفت إلينا، فقال: انصرفوا مأجورين إن شاء الله
460 - محمد بن هارون الجمال.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال قال أحمد: السواد كله خراج، والمقاسمة لم تكن، إنما هى شىء أحدث
461 - محمد بن يوسف بن الطباع.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت رجلا سأل أحمد بن حنبل فقال: يا أبا عبد الله، أصلى خلف من يشرب المسكر؟ قال: لا. قال: فأصلى خلف من يقول القرآن مخلوق؟ فقال: سبحان الله! أنهاك عن مسلم، تسألنى عن كافر؟
462 - محمد بن يونس بن موسى الكديمى القرشى.
روى عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: قال لى يحيى بن سعيد القطان:
اكتب عن أبى الوليد حديث شعبة، وعن سليمان حديث حماد بن زيد. فجئت أنا وعلى بن المدينى إلى سليمان، فقلنا: يا أبا أيوب، حدثنا بحديث حماد بن زيد من الكتاب. قال: ليس إلى الكتاب سبيل. أنا كتبت كتابى من حفظى.
وحفظى أصح من كتابى.
__________
(1) بكسر الزاى وتشديد الميم. نسبة الى زمان بن مالك(1/326)
463 - محمد بن يحيى النيسابورى الذهلى، أبو عبد الله.
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها: ما أنبأنا الشريف أبو الحسين عن عمرو بن شاهين حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا محمد بن يحيى النيسابورى قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال:
حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا يونس بن سليم قال: أملى على يونس الأيلى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارّى قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول «كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يسمع عند وجهه كدوىّ النّحل» وذكر الخبر.
وروى الخطيب قال: أخبرنا القاضى أبو بكر الحرشى قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل أبو على الميدانى قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلى قال:
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق عن ابراهيم بن معقل عن وهب بن منبه عن جابر بن عبد الله قال «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشره؟
فقال: من الشيطان».
464 - محمد بن يوسف البيكندى.
فيمن روى عن إمامنا أحمد
465 - محمد بن يس بن بشر بن أبى طاهر البلدى
، أحد الأصحاب
قال أبو بكر الخلال: سمعته يقول: سألت أبا عبد الله عن النظر فى الرأى؟
فقال: عليك بالسنة. فقلت له: يا أبا عبد الله، صاحب حديث ينظر فى الرأى إنما يريد أن يعرف رأى من خالفه؟ فقال: عليك بالسنة
466 - محمد بن يحيى بن أبى سمينة.
روى عن إمامنا أحمد فيما ذكره الخطيب فى «السابق واللاحق» فقال: وحدث عن أبى عبد الله أحمد بن حنبل محمد بن يحيى بن أبى سمينة البغدادى. وبين وفاته ووفاة البغوى: ثمان وسبعون سنة. قال: وتوفى ابن أبى سمينة سنة سبع وثمانين ومائتين(1/327)
467 - محمد بن يحيى الكحال، أبو جعفر البغدادى، المتطيب
قال أبو بكر الخلال: كانت عنده عن أبى عبد الله مسائل كثيرة حسان مشبعة. وكان من كبار أصحاب أبى عبد الله. وكان يقدمه ويكرمه
أخبرنى محمد بن يحيى الكحال أن أبا عبد الله قال: ليس فى الصوم رياء.
قلت: رمضان وغيره؟ قال: كل الصوم. وقال: كيف يكون الرياء؟ إنما يترك أكل الخبز وشرب الماء.
وقال محمد بن يحيى الكحال: قلت لأبى عبد الله: «كل مولود يولد على الفطرة» ما تفسيرها؟ قال: هى الفطرة التى فطر الله الناس عليها: شقى أو سعيد.
وقال أحمد فى رواية محمد بن يحيى الكحال: هذا الحديث: العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم «إذا كان النصف من شعبان، فلا تصوموا» ليس هو محفوظ. والمحفوظ الذى يروى عن أبى سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يصوم شعبان ورمضان»
468 - محمد بن يحيى النيسابورى.
سأل إمامنا أحمد عن أشياء
منها قال: قلت لأحمد بن حنبل فى على بن عاصم، وذكرت له خطأه.
فقال أحمد: كان حماد بن سلمة يخطىء، وأومأ أحمد بيده خطأ كثيرا ولم ير بالرواية عنه بأسا
469 - محمد بن يحيى بن منده الأصبهانى، أبو عبد الله الحافظ.
نقل عن إمامنا أحمد فيما ذكره أبو نصر السّجزى الحافظ فى كتاب «الإبانة فى الرد على الأشعرية». قال: وروى محمد بن يحيى بن منده الأصبهانى جد أبى عبد الله الحافظ عن أحمد: أنه قال: من قال لفظى بالقرآن مخلوق فهو كافر، يستتاب.
فإن تاب وإلا قتل
470 - محمد بن يزيد الطرسوسى، أبو بكر المستملى.
قال أبو بكر الخلال
انحدر مع أبى عبد الله من طرسوس أيام المأمون. وكان المروذى يذكر له ذلك ويشكره. ويقول: مرضت، فكان يحملنى على ظهره، وعنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. وقعت إلينا متفرقة.(1/328)
قال أبو بكر الخلال
انحدر مع أبى عبد الله من طرسوس أيام المأمون. وكان المروذى يذكر له ذلك ويشكره. ويقول: مرضت، فكان يحملنى على ظهره، وعنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. وقعت إلينا متفرقة.
أخبرنى محمد بن أحمد الطرسوسى قال: سمعت محمد بن يزيد المستملى يقول:
سأل رجل أحمد بن حنبل، فقال: أكتب كتب الرأى؟ قال: لا تفعل. عليك بالآثار والحديث. فقال له السائل: إن عبد الله بن المبارك قد كتبها؟ فقال له أحمد:
ابن المبارك لم ينزل من السماء. إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق
قال: وسألت أحمد عن عبد الرزاق كان له فقه؟ فقال: ما أقل الفقه فى أصحاب الحديث
471 - محمد بن يونس السرخسى.
نقل عن إمامنا أحمد أشياء
منها: مقدمة فى صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة
حدثنا أحمد بن عبيد الله العكبرى قال: أخبرنا أبو الحسن على بن محمود الزوزنى قال حدثنا أبو القاسم ابراهيم بن محمد بن على بن الشاه التميمى المرورذى قال:
حدثنا أبو معاذ بن أبى عصمة عن عسكر الصراف الزنجابي الهروى قال: حدثنى أبو مسعود سعيد بن خشنام بن محمد السمرقندى مولى بنى هاشم قال أخبرنا محمد بن يونس السرخسى قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول:
صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة: من يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل.
وعقد قلبه على ما أظهر من لسانه، ولم يشك فى إيمانه، ولا يكفر احدا من أهل التوحيد بذنب، وإرجاء ما غاب عنه من الأمور إلى الله عز وجل، وفوض أمره إلى الله تعالى. ولم يقطع بالذنوب العصمة من عند الله. وعلم أن كل شىء بقضاء الله وقدره. والخير والشر جميعا. ورجا لمحسن أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وتخوف
على مسيئهم، ولم ينزل أحدا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجنة بالإحسان، ولا النار بالذنب اكتسبه، حتى يكون الله تعالى هو الذى ينزل خلقه حيث يشاء. وعرف حق السلف الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فقدم أبا بكر ثم عمر، ثم عثمان رضى الله عنهم. وعرف حق على ابن أبى طالب، وطلحة والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على سائر الصحابة. فإن هؤلاء التسعة كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم على جبل حراء. فقال النبى صلى الله عليه وسلم «اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد» وكانوا: هؤلاء التسعة والنبى صلى الله عليه وسلم عاشرهم. وترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، صغيرهم وكبيرهم. وحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم. وصلاة العيدين وعرفات والجمعة والجماعات مع كل بر وفاجر، والمسح على الخفين فى السفر والحضر، والقصر فى السفر. والقرآن كلام الله عز وجل منزل، وليس بمخلوق، والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. والجهاد ماض منذ بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصابة يقاتلون الدجال، لا يضرهم جور جائر. والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة على حكم الكتاب والسنة، والتكبير على الجنائز أربعا، والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح ولا تخرج عليهم بسيفك، ولا تقاتل فى فتنة وتلزم بيتك، والإيمان بعذاب القبر، والايمان بمنكر ونكير، والإيمان بالحوض والشفاعة.(1/329)
وعقد قلبه على ما أظهر من لسانه، ولم يشك فى إيمانه، ولا يكفر احدا من أهل التوحيد بذنب، وإرجاء ما غاب عنه من الأمور إلى الله عز وجل، وفوض أمره إلى الله تعالى. ولم يقطع بالذنوب العصمة من عند الله. وعلم أن كل شىء بقضاء الله وقدره. والخير والشر جميعا. ورجا لمحسن أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وتخوف
على مسيئهم، ولم ينزل أحدا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجنة بالإحسان، ولا النار بالذنب اكتسبه، حتى يكون الله تعالى هو الذى ينزل خلقه حيث يشاء. وعرف حق السلف الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فقدم أبا بكر ثم عمر، ثم عثمان رضى الله عنهم. وعرف حق على ابن أبى طالب، وطلحة والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على سائر الصحابة. فإن هؤلاء التسعة كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم على جبل حراء. فقال النبى صلى الله عليه وسلم «اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد» وكانوا: هؤلاء التسعة والنبى صلى الله عليه وسلم عاشرهم. وترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، صغيرهم وكبيرهم. وحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم. وصلاة العيدين وعرفات والجمعة والجماعات مع كل بر وفاجر، والمسح على الخفين فى السفر والحضر، والقصر فى السفر. والقرآن كلام الله عز وجل منزل، وليس بمخلوق، والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. والجهاد ماض منذ بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصابة يقاتلون الدجال، لا يضرهم جور جائر. والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة على حكم الكتاب والسنة، والتكبير على الجنائز أربعا، والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح ولا تخرج عليهم بسيفك، ولا تقاتل فى فتنة وتلزم بيتك، والإيمان بعذاب القبر، والايمان بمنكر ونكير، والإيمان بالحوض والشفاعة.
والإيمان بأن أهل الجنة يرون ربهم عز وجل. والإيمان بأن الموحدين يخرجون من النار بعد ما امتحشوا، كما جاءت الأحاديث فى هذه الأشياء عن النبى صلى الله عليه وسلم نؤمن بتصديقها ولا نضرب بها الأمثال. هذا ما اجتمع عليه العلماء فى الآفاق.(1/330)
ذكر من عرف باسمه محمد وكنية أبيه
472 - محمد بن النقيب بن أبى حرب الجرجرائى
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: ورع يعالج الصبر، جليل القدر. كان أحمد يكاتبه. ويعرف قدره. ويسأل عن أخباره. عنده عن أبى عبد الله مسائل مشبعة. كنت سمعتها منه. يقول: سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يفتى بغير علم قال: يروى عن أبى موسى قال: يمرق من دينه
وقال أبو عبد الله: يكون عند الرجل سنة عن نبيه صلى الله عليه وسلم ويفتي بغيرها؟ وشدد فى ذلك
473 - محمد بن أبى عتاب، أبو بكر الأعين.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: أتيت آدم العسقلانى، فقلت له: عبد الله بن صالح كاتب الليث ابن سعد يقرئك السلام. قال: لا تقرئه منى السلام. فقلت له: لم؟ قال: لأنه قال القرآن مخلوق. قال: فأخبرته بعذره، وأنه أظهر الندامة، وأخبر الناس بالرجوع.
فقال: فأقرئه منى السلام. فقلت له بعد: إنى أريد أن أخرح إلى بغداد، فلك حاجة؟ قال: نعم. إذا أتيت بغداد فائت أحمد بن حنبل فأقرئه منى السلام، وقل له: يا هذا اتق الله، وتقرب إلى الله بما أنت فيه، ولا يستفزنك أحد. فإنك إن شاء الله مشرف على الجنة. وقل له: حدثنا الليث بن سعد حدثنا محمد بن عجلان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أرادكم على معصية الله فلا تطيعوه» فأتيت أحمد بن حنبل فى السجن، فدخلت عليه فسلمت عليه، وأقرأته السلام. وقلت له: هذا الكلام والحديث.
فأطرق أحمد إطراقة، ثم رفع رأسه فقال: رحمه الله حيّا وميتا. فلقد أحسن فى النصيحة(1/331)
474 - محمد بن أبى عبد الله الهمدانى، يعرف بمنونة
قال أبو بكر الخلال وقد ذكره: جمع مسائل أحمد وغيرها. سبعين جزءا.
475 - محمد بن أبي السرى البناء، أبو جعفر البغدادى.
ذكره أبو بكر الخلال فى جملة من صحب إمامنا. فقال: الإمام العبد الصالح
476 - محمد بن أبى صالح المكى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: لما أردت الخروج إلى بغداد قال لى حسين بن حسن، أو حسن ابن حسين، صاحب ابن المبارك: إذا قدمت بغداد فالق أحمد بن حنبل واقرأ عليه منى السلام. وقل له: علىّ دين، فترى لى أن أقدم إلى بغداد؟ قال: فقلت لأحمد فقال: عليه السلام، وقل له: لأن تلقى الله وعليك دين أحب إلى من أن تقدم بغداد
ذكر من اسمه موسى
477 - موسى ابن سعيد الدندانى
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال قال: سمعنا منه حديثا صالحا عن القعنبى ومحمد بن كثير وغيرهما. ثقة، رفيع القدر، من أهل الثغر. كانت عنده مسائل حسان، سمعتها من رجل بطرسوس عنه. قال أحمد فيما رواه عنه موسى بن سعيد الدندانى لا يجوز شىء من الحيل
وقال الخلال: أخبرنا محمد بن أحمد القاضى القحطى حدثنا موسى بن سعيد الدندانى قال: قال أبو عبد الله: فى الكلب ست خصال: ثمنه، وسؤره، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتلها. وتقطع الصلاة، ويقتل الكلب الأسود البهيم إن كان لصاحب ماشية، فلا بأس بقتله(1/332)
478 - موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو مزاحم.
وكان أبوه وزيرا للمتوكل على الله
ذكره أبو بكر الخلال. فقال: أخبرنى أنه سأل أحمد بن محمد بن حنبل عن المعروف بأبى ثور؟ فقال: ما بلغنى عنه إلا خير، إلا أنه لا يعجبنى الكلام الذى صيروه فى كتبهم. قال أبو بكر الخلال: قال أحمد: هذا القول قبل أن يبلغه عنه ما بلغه. ثم ذمه
ومات فى ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة
479 - موسى بن عيسى الموصلى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: قال أحمد فى مشرك قذف مسلما: يضرب
480 - موسى بن عيسى الجصاص البغدادى
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: ورع متخل زاهد. سمع يحيى القطان، وابن مهدى، ونحوهما. وكان لا يحدث إلا بمسائل أبي عبد الله، وشىء سمعه من أبى سليمان الدارانى فى الزهد والورع. وكانت عنده مسائل كثيرة عن أبى عبد الله فحدثنى بشىء صالح منها الحسن بن أحمد الوراق، وقال: إن الباقى ضاع منى.
فمضيت إلى الحربية إلى منزل ابنته، قلنا: لعلنا نجد الأصول، وحرصنا على ذلك.
فلم نقدر منها على شىء
وقد حدث عنه بشىء من المسائل أبو بكر المطوعى، وأبو بكر بن حماد.
وهو رجل رفيع القدر جدا
قال موسى بن عيسى: قلت لأحمد: هل يقرأ الجنب شيئا من القرآن؟
قال: لا. والتسبيح رخص فيه. وأما أن يتعمد الآية أو السورة: فلا يعجبنى
وقال: سألت أحمد، هل يخلل لحيته إذا توضأ؟ قال: إى والله(1/333)
481 - موسى بن هارون الحمال، أبو عجران جار إمامنا أحمد
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن ابراهيم عن الوليد بن أبى هشام عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمّرة عن عائشة قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد. فإذا أراد أن يركع قام بقدر ما يقرأ الإنسان أربعين آية»
قال موسى بن هارون: سمعت أبا عبد الله ذكر أن يونس بن عبيد روى عن الوليد بن أبى هشام. قال: وسمعت أبا عبد الله قال: هو ثقة، يعنى الوليد ابن أبى هشام.
وقال أبو عمران: سمعت أحمد يقول: لا تجالس أصحاب الكلام، وإن ذبوا عن السنة.
ومات سنة أربع وتسعين ومائتين يوم الخميس، لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان وله نيف وثمانون سنة. ودفن إلى جنب قبر أحمد. ذكره ابن مهدى
ونقلت من خط أبى إسحاق بن شاقلّا: أخبرنا أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز حدثنا أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان البزاز حدثنا أحمد ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا رباح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت «كان النبى صلى الله عليه وسلم حين قبض مسندا ظهره إلىّ. قالت: فدخل عبد الرحمن بن أبى بكر، وفى يده مسواك. فدعا به النبى صلى الله عليه وسلم، فأخذت السواك. فطيبته، ثم دفعته إليه. فجعل يستن به، فثقلت يده، وثقل علىّ، وهو يقول: اللهم فى الرفيق الأعلى، اللهم فى الرفيق الأعلى. اللهم فى الرفيق الأعلى. قالت: ثم قبض وهو بين سحرى ونحرى».
482 - موسى بن معمر، أبو عمران.
حدث عن إمامنا بأشياء.(1/334)
منها قال: سألت أحمد بن حنبل عن مسألة. فقال من أين أنت؟ فقلت:
من خراسان. فقال: كتبت عن إسحاق بن راهويه؟ عليك باسحاق وابن نمير.
ذكر مفاريد حرف الميم ومثانيها
483 - ميمون بن الأصبغ.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت المعتصم يوم المحنة يقول لأحمد: بلغنى أنك تقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق. فقال له: أصلح الله أمير المؤمنين. البلاغات يزيد وتنقص. فقال له أمير المؤمنين: فإيش تقول؟ قال: أقول غير مخلوق على أى الحالات كان. قال: ومن أين قلت؟ فقال: حدثنى عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن أنس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم «إن كلام الله الذى اختص به موسى: مائة ألف كلمة، وثلاثمائة وثلاثة عشر كلمة» فكان الكلام من الله والاستماع من موسى إلى أن قال قال أحمد: قال الله تعالى (32: 13 {وَلََكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ}) فإن يكن القول من الله، فالكلام كلام الله.
وقال ميمون بن الأصبغ: لما ضرب أحمد سوطا قال: بسم الله. فلما ضرب الثانى قال: الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فلما ضرب الثالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
فضربوه تسعة وعشرين سوطا. وكانت تكة أحمد حاشية ثوب. فانقطعت.
فنزلت السراويل إلى عانته. فرمى بطرفه نحو السماء وحرك شفتيه. فما كان بأسرع أن بقى السراويل فلم ينزل وذكر الكلام إلى أن قال فدخلت إلى أحمد بعد سبعة أيام من ضربه، وهو يقرأ فى مصحف بين يديه. فقلت: يا أبا عبد الله، رأيتك يوم ضربوك وقد انحل سراويلك، فرفعت طرفك نحو السماء ورأيتك تحرك
شفتيك فإيش قلت؟ قال: قلت: اللهم إنى أسألك باسمك الذى ملأت به العرش إن كنت تعلم أنى على الصواب فلا تهتك لى سترا(1/335)
فنزلت السراويل إلى عانته. فرمى بطرفه نحو السماء وحرك شفتيه. فما كان بأسرع أن بقى السراويل فلم ينزل وذكر الكلام إلى أن قال فدخلت إلى أحمد بعد سبعة أيام من ضربه، وهو يقرأ فى مصحف بين يديه. فقلت: يا أبا عبد الله، رأيتك يوم ضربوك وقد انحل سراويلك، فرفعت طرفك نحو السماء ورأيتك تحرك
شفتيك فإيش قلت؟ قال: قلت: اللهم إنى أسألك باسمك الذى ملأت به العرش إن كنت تعلم أنى على الصواب فلا تهتك لى سترا
484 - منصور بن محمد بن قتيبة بن يعمر، أبو نصر.
وراق أبى ثور.
روى عن إمامنا أحمد.
485 - منصور بن ابراهيم بن عبد الله بن مالك، أبو نصر القزوينى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن امامنا أحمد.
486 - مبارك بن سليمان.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد.
487 - مثنى بن جامع.
أبو الحسن الأنبارى. حدث عن سعيد بن سليمان الواسطى، ومحمد بن الصباح الدولابى، وعمار بن نصر الخراسانى، وشريح ابن يونس، وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه أحمد بن محمد بن الهيثم الدورى، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول فى آخرين
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال قال: كان مثنى ورعا جليل القدر، عند بشر بن الحارث، وعند عبد الوهاب الوراق. يقال: إنه كان مستجاب الدعوة.
وكان مذهبه: أن يهجر، ويباين أهل البدع. وكان أبو عبد الله يعرف قدره وحقه ونقل عنه مسائل حسانا.
أنبأنا على عن ابن بطة حدثنا محمد بن حميد حدثنا محمد بن الحسين بن شهريار حدثنا مثنى بن جامع قال: سألت أحمد بن حنبل عما أخذ هؤلاء من الزكاة؟
فرأى أن أحتسب به، يعنى السلطان.
قال: وسئل عن رجل قرأ فى صلاة الفرض (66: 10 {ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا}) فقال «للذين آمنوا» وأراد أن يقرأ فى الآية الأخرى ({ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا}) فقرأ «اللذين كفروا» فلم ير عليه إعادة. قلت: فإن قرأ آية رحمة
أو آية عذاب، فهل بعيد؟ فلم ير عليه إعادة، إذا لم يتعمد(1/336)
قال: وسئل عن رجل قرأ فى صلاة الفرض (66: 10 {ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا}) فقال «للذين آمنوا» وأراد أن يقرأ فى الآية الأخرى ({ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا}) فقرأ «اللذين كفروا» فلم ير عليه إعادة. قلت: فإن قرأ آية رحمة
أو آية عذاب، فهل بعيد؟ فلم ير عليه إعادة، إذا لم يتعمد
وسئل عن الرجل يكون له الجاه عند السلطان، فسدّ له الماء، فاستقى منه إذا لم يكن ترك له يرد على من قد سد عنه، أو نحوا مما قلت له. فأجاز لى ذلك إذا أخذت بقدر حاجتى
وسئل عن الرجل يكون وصيا للرجل، فيكون له فى يديه الطعام أو الشىء يريد بيعه أو نحوا مما قيل له: فلم ير ذلك
وسألته عن الرجل يموت وعليه من شهر رمضان مما قد فرط فيه. فرأى أن يطعم عنه، وفى النذر: أن يصام عنه
وسمعته يذكر عن وهب بن منبه: ترك المكافآت من التطفيف
قرأت فى بعض كتب أبى بكر الخلال: سمعت على بن بشار يقول: حدثنى من سمع مثنى الأنبارى يقول: لا تكونوا بالمضمون مهمومين: فتكونوا للضامن متهمين، ولقسمته غير راضين
وقال مثنى: سألت أبا عبد الله: أيهم أفضل: رجل أكل فشبع، وأكثر الصلاة والصيام، أو رجل أقل الأكل، فقلّت نوافله فكان أكثره نكرة؟ فذكر ما جاء فى الفكرة «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» أو كما قال: فرأيت هذا عنده أكثر، يعنى الفكرة
488 - مسلم بن الحجاج بن مسلم، أبو الحسين القشيرى النيسابورى.
أحد الأئمة من حفاظ الأثر. وهو صاحب المسند الصحيح
رحل إلى العراق والحجاز، والشام، ومصر. سمع يحيى بن يحيى النيسابورى، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلى بن الجعد، وإمامنا أحمد، وعبيد الله القواريرى، وخلف بن هشام، وشريح بن يونس. وقدم بغداد غير مرة. وحدث بها. فروى عنه من أهلها: يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد. وآخر قدومه بغداد كان فى سنة تسع وخمسين ومائتين.(1/337)
قرأت فى كتاب الخطيب بإسناده عن أحمد بن سلمة قال: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج فى معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما
وبإسناده قال مسلم: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
أنبأنا رزق الله عن أبى الفتح بن أبى الفوارس حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا مكى بن عبدان حدثنا مسلم بن الحجاج قال: قيل لأحمد: حديث بشير ابن إسماعيل عن سيار أبى الحكم عن طارق عن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم قال «من نزلت به فاقة» قال: إنما هو سيار أبو حمزة. وليس هو سيار أبو الحكم. سيار أبو الحكم: لم يحدث عن طارق بشىء
وبالإسناد: حدثنا مسلم حدثنا أحمد حدثنا عبد الرزاق عن بشر بن إسماعيل عن سيار أبى حمزة فذكر هذا الحديث بعينه
وبالإسناد: حدثنا مسلم حدثنا أحمد حدثنا حسين بن حسن الأشقر عن أبى بكر ابن عياش عن عاصم قال: كان يحيى بن أبى وائل قد ولى قضاء الكناسة، قال:
وكان أبو وائل يقول لجاريته: يا فلانة دعينى، ولا تطعمينى شيئا يجىء به يحيى.
قلت أنا: وحدثنا الحسن بن أحمد الفقيه لفظا قال حدثنا محمد بن أبى الفوارس حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن مسلم قال: حدثنا عمر بن محمد بن عيسى الجوهرى قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثنى أبى قال: حدثنى حسين الأشقر حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم قال: استعمل يحيى بن أبى وائل على قضاء الكناسة، فقال أبو وائل لجاريته: يا بركة، لا تطعمينى شئا مما يجىء به يحيى من الكناسة.
أخبرنا أحمد نزيل دمشق قراءة قال أخبرنا على بن محمد الطرازى بنيسابور أخبرنا أحمد بن على بن حسنويه المقرىء حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا محمد بن عباد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن أبى بردة عن
أبيه عن جده «أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، فقال: يسّرا، وبشّرا، وعلّما ولا تنفرا وأراه قال: تطاوعا فلما ولّى أبو موسى قال: يا رسول الله، إن لهم شرابا من العسل يطبخ حتى يعقد، والمز من الشعير؟(1/338)
أخبرنا أحمد نزيل دمشق قراءة قال أخبرنا على بن محمد الطرازى بنيسابور أخبرنا أحمد بن على بن حسنويه المقرىء حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا محمد بن عباد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن أبى بردة عن
أبيه عن جده «أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، فقال: يسّرا، وبشّرا، وعلّما ولا تنفرا وأراه قال: تطاوعا فلما ولّى أبو موسى قال: يا رسول الله، إن لهم شرابا من العسل يطبخ حتى يعقد، والمز من الشعير؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسكر عن الصلاة فهو حرام. فلما قدما اليمن نزلا بيتا، فتناظر قيام الليل. فقال أبو موسى: أنا أقوم أول الليل، وأنام آخره. فقال معاذ: وأنا أنام أول الليل، وأقوم آخره. فأحتسب نومى كما أحتسب قيامى. قال: وجاء معاذ، وعند أبى موسى رجل. فقالوا: هذا كان كافرا فأسلم، ثم ارتد. فقال معاذ: لا أنزل أو لا أجلس حتى يقتل. قال: فقتل»
مات مسلم عشية يوم الأحد. ودفن يوم الإثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين
489 - معاذ بن المثنى (1) بن معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان
، أبو المثنى العنبرى البصرى. من جملة الأصحاب. سكن بغداد. وحدث بها عن محمد بن كثير العبدى، ومسدد، والقعنبي، وغيرهم. ونقل عن أحمد أشياء
منها قال: قيل لأحمد: الرجل يترك الوتر متعمدا؟ قال: هذا رجل سوء، يترك سنة سنها النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هذا ساقط العدالة إذا ترك الوتر متعمدا.
مولده: سنة ثمان ومائتين. وموته: سنة ثمان وثمانين ومائتين
490 - محمود بن خداسه، أبو محمد الطالقانى.
روى عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين عن سعيد بن زكريا؟
فقالا لى: هو ثقة
ومات سنة خمسين ومائتين
__________
(1) فى التهذيب: معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان بن الحرث(1/339)
وقال يعقوب الدورقى: لما مات محمود بن خداش: كنت فيمن غسله ودفناه فرأيته فى المنام. فقلت: يا أبا محمد، ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لى ولجميع من تبعنى. قلت: فأنا قد تبعتك، فأخرج رقّا من كمه فيه مكتوب: يعقوب بن إبراهيم ابن كثير.
491 - محمود بن خالد الخانقينى، أبو أحمد.
قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا أبو أحمد محمود بن خالد الخانقينى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: القرآن كلام الله. وليس بمخلوق. ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر
492 - محمود بن غيلان، أبو أحمد المروزى.
روى عن إمامنا أشياء
منها قال: قلت لأبى عبد الله: ما تقول فيمن أجاب فى المحنة؟ فقال: أما أنا: فما أحب أن آخذ عن أحد منهم. فقلت له: فان يحيى بن يحيى قال من قال:
القرآن مخلوق: فهو كافر، لا يكلّم، ولا يجالس، ولا يناكح. فقال أحمد:
ثبت الله قوله.
وقال المروزى: سألت أحمد عن محمود بن غيلان؟ فقال: ثقة، أعرفه بالحديث صاحب سنة. قد حبس بسبب القرآن
واختلف فى موته. فقيل: سنة تسع وثلاثين ومائتين. وقيل: سنة تسع وأربعين ومائتين
روى عنه البخارى ومسلم فى الصحيحين
وقال محمود بن غيلان: سمع منى إسحاق بن راهويه حديثين.
سمع الفضل بن موسى السّينانى، وسفيان بن عيينة، وغيرهم
أخبرنا جدى قراءة قال أخبرنا أحمد بن دوست أخبرنا محمد بن عمرو ابن البحترى حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة حدثنى خالد بن محدوج أبو روح قال: سمعت أنس بن مالك يقول «إن داود نبيّ
الله: ظن فى نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وأن ملكا نزل وهو قاعد فى المحراب، والبركة إلى جنبه. فقال: يا داود، افهم ما يصوت به الضفدع فأنصت داود. فإذا الضفدع يمدحه بمدحه لم يمدحه بها داود. فقال له الملك:(1/340)
أخبرنا جدى قراءة قال أخبرنا أحمد بن دوست أخبرنا محمد بن عمرو ابن البحترى حدثنا أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة حدثنى خالد بن محدوج أبو روح قال: سمعت أنس بن مالك يقول «إن داود نبيّ
الله: ظن فى نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وأن ملكا نزل وهو قاعد فى المحراب، والبركة إلى جنبه. فقال: يا داود، افهم ما يصوت به الضفدع فأنصت داود. فإذا الضفدع يمدحه بمدحه لم يمدحه بها داود. فقال له الملك:
كيف ترى يا داود؟ أفهمت ما قالت؟ قال داود: نعم. قال: ماذا قالت؟ قال قالت: سبحانك وبحمدك، منتهى علمك يا رب. قال داود: لا، والذى جعلنى نبيه إنى لم أمدحه بهذا»
493 - المفضل بن غسان بن المفضل، أبو عبد الرحمن الغسانى البصرى.
سكن بغداد. وحدث بها عن أبيه، وعبد الله بن داود الجوينى، وعبد الرحمن ابن مهدى وإمامنا أحمد فى آخرين. روى عنه جماعة، منهم أبو بكر بن أبى الدنيا. وكان ثقة
494 - مسدد بن مسرهد بن مسربل البصرى.
حدث عن أبى سعيد يحيى بن سعيد القطان، وبشر بن المفضل، وحماد بن زيد، فى آخرين. روى عنه البخارى وغيره.
أخبرنا عبد السلام الأنصارى قراءة أخبرنا أبو الفتح بن أبى الفوارس أخبرنا أحمد أخبرنا محمد حدثنا محمد بن إسماعيل البخارى حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنى قيس بن أبى حازم عن جرير بن عبد الله قال «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم»
أنبانا على عن ابن بطة حدثنى على بن أحمد المقرى المراغى بالمراغة حدثنا محمد بن جعفر بن محمد السوندينى حدثنا على بن محمد بن موسى الحافظ المعروف بابن المعدل حدثنا أحمد بن محمد التميمى الزرندى قال: لما أشكل على مسدد بن مسرهد بن مسربل أمر الفتنة، وما وقع الناس فيه من الاختلاف فى القدر، والرفض، والاعتزال، وخلق القرآن، والإرجاء: كتب إلى أحمد بن حنبل: اكتب
إلىّ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما ورد كتابه على أحمد بن محمد: بكى وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. يزعم هذا البصرى: أنه قد أنفق على العلم مالا عظيما، وهو لا يهتدى إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب إليه:(1/341)
أنبانا على عن ابن بطة حدثنى على بن أحمد المقرى المراغى بالمراغة حدثنا محمد بن جعفر بن محمد السوندينى حدثنا على بن محمد بن موسى الحافظ المعروف بابن المعدل حدثنا أحمد بن محمد التميمى الزرندى قال: لما أشكل على مسدد بن مسرهد بن مسربل أمر الفتنة، وما وقع الناس فيه من الاختلاف فى القدر، والرفض، والاعتزال، وخلق القرآن، والإرجاء: كتب إلى أحمد بن حنبل: اكتب
إلىّ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما ورد كتابه على أحمد بن محمد: بكى وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. يزعم هذا البصرى: أنه قد أنفق على العلم مالا عظيما، وهو لا يهتدى إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذى جعل فى كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، وينهونه عن الردى، يحيون بكتاب الله تعالى الموتى، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والردى. فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه. وكم من ضال تائه قد هدوه. فما أحسن آثارهم على الناس.
ينفون عن دين الله عز وجل تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الضالين الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عنان الفتنة. يقولون على الله، وفى الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وفى كتابه بغير علم. فنعوذ بالله من كل فتنة مضلة. وصلى الله على محمد
أما بعد، وفقنا الله وإياكم لما فيه طاعته، وجنبنا وإياكم ما فيه سخطه.
واستعملنا وإياكم عمل العارفين به، الخائفين منه. إنه المسئول ذلك
أوصيكم ونفسى بتقوى الله العظيم، ولزوم السنة. فقد علمتم ما حل بمن خالفها. وما جاء فيمن اتبعها. بلغنا عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله عز وجل ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها» فآمركم أن لا تؤثروا على القرآن شيئا. فإنه كلام الله عز وجل. وما تكلم الله به فليس بمخلوق. وما أخبر به عن القرون الماضية فغير مخلوق. وما فى اللوح المحفوظ، وما فى المصاحف وتلاوة الناس وكيفما قرىء، وكيفما يوصف: فهو كلام الله غير مخلوق. فمن قال: مخلوق، فهو كافر بالله العظيم. ومن لم يكفره فهو كافر. ثم من بعد كتاب الله: سنة النبى صلى الله عليه وسلم والحديث عنه، وعن المهديين أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، والتصديق بما جاءت به الرسل، واتباع سنة النجاة. وهى التى نقلها أهل العلم كابرا عن كابر. واحذروا رأى جهم، فإنه صاحب رأى وكلام وخصومات. فقد
أجمع من أدركنا من أهل العلم: أن الجهمية افترقت ثلاث فرق فقالت طائفة منهم: القرآن كلام الله مخلوق. وقالت طائفة: القرآن كلام الله وسكتت. وهى الواقفة الملعونة. وقال بعضهم: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة. فكل هؤلاء جهمية كفار، يستتابون. فإن تابوا وإلا قتلوا. وأجمع من أدركنا من أهل العلم: أن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح، ولا يجوز قضاؤه. ولا تؤكل ذبيحته. والإيمان قول وعمل يزيد وينقص: زيادته إذا أحسنت، ونقصائه: إذا أسأت. ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شىء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها. فإن تركها كسلا أو تهاونا كان فى مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه. وأما المعتزلة الملعونة فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم: أنهم يكفرون بالذنب. ومن كان منهم كذلك فقد زعم أن آدم كان كافرا. وأن إخوة يوسف حين كذّبوا أباهم يعقوب كانوا كفارا. وأجمعت المعتزلة: أن من سرق حبة: فهو كافر، تبين منه امرأته ويستأنف الحج إن كان حج. فهؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة كفار، لا يناكحون ولا تقبل شهادتهم. وأما الرافضة: فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم: أنهم قالوا: إن على بن أبى طالب أفضل من أبى بكر الصديق، وأن إسلام على كان أقدم من إسلام أبى بكر. فمن زعم أن على بن أبى طالب أفضل من أبى بكر فقد رد الكتاب والسنة، لقول الله عز وجل (48: 29 {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}) فقدم الله أبا بكر. بعد النبى صلى الله عليه وسلم. وقال النبى صلى الله عليه وسلم «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. ولكن الله قد اتخذ صاحبكم خليلا.(1/342)
أوصيكم ونفسى بتقوى الله العظيم، ولزوم السنة. فقد علمتم ما حل بمن خالفها. وما جاء فيمن اتبعها. بلغنا عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله عز وجل ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها» فآمركم أن لا تؤثروا على القرآن شيئا. فإنه كلام الله عز وجل. وما تكلم الله به فليس بمخلوق. وما أخبر به عن القرون الماضية فغير مخلوق. وما فى اللوح المحفوظ، وما فى المصاحف وتلاوة الناس وكيفما قرىء، وكيفما يوصف: فهو كلام الله غير مخلوق. فمن قال: مخلوق، فهو كافر بالله العظيم. ومن لم يكفره فهو كافر. ثم من بعد كتاب الله: سنة النبى صلى الله عليه وسلم والحديث عنه، وعن المهديين أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، والتصديق بما جاءت به الرسل، واتباع سنة النجاة. وهى التى نقلها أهل العلم كابرا عن كابر. واحذروا رأى جهم، فإنه صاحب رأى وكلام وخصومات. فقد
أجمع من أدركنا من أهل العلم: أن الجهمية افترقت ثلاث فرق فقالت طائفة منهم: القرآن كلام الله مخلوق. وقالت طائفة: القرآن كلام الله وسكتت. وهى الواقفة الملعونة. وقال بعضهم: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة. فكل هؤلاء جهمية كفار، يستتابون. فإن تابوا وإلا قتلوا. وأجمع من أدركنا من أهل العلم: أن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح، ولا يجوز قضاؤه. ولا تؤكل ذبيحته. والإيمان قول وعمل يزيد وينقص: زيادته إذا أحسنت، ونقصائه: إذا أسأت. ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شىء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها. فإن تركها كسلا أو تهاونا كان فى مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه. وأما المعتزلة الملعونة فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم: أنهم يكفرون بالذنب. ومن كان منهم كذلك فقد زعم أن آدم كان كافرا. وأن إخوة يوسف حين كذّبوا أباهم يعقوب كانوا كفارا. وأجمعت المعتزلة: أن من سرق حبة: فهو كافر، تبين منه امرأته ويستأنف الحج إن كان حج. فهؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة كفار، لا يناكحون ولا تقبل شهادتهم. وأما الرافضة: فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم: أنهم قالوا: إن على بن أبى طالب أفضل من أبى بكر الصديق، وأن إسلام على كان أقدم من إسلام أبى بكر. فمن زعم أن على بن أبى طالب أفضل من أبى بكر فقد رد الكتاب والسنة، لقول الله عز وجل (48: 29 {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}) فقدم الله أبا بكر. بعد النبى صلى الله عليه وسلم. وقال النبى صلى الله عليه وسلم «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. ولكن الله قد اتخذ صاحبكم خليلا.
ولا نبيّ بعدى» فمن زعم أن إسلام على أقدم من إسلام أبى بكر: فقد كذب.
لأن أول من أسلم عبد الله بن عثمان عتيق ابن أبى قحافة. وهو يومئذ ابن خمس وثلاثين سنة. وعلى ابن سبع سنين، لم تجر عليه الأحكام والفرائض والحدود.
ونؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، وحلوه ومره. وأن الله خلق الجنة قبل الخلق.
وخلق لها أهلا. ونعيمها دائم. ومن زعم أنه يبد من الجنة شىء فهو كافر، وخلق النار قبل خلق الخلق. وخلق لها أهلا. وعذابها دائم. وأن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة. وأن الله يخرج أقواما من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الله كلم موسى تكليما. واتخذ إبراهيم خليلا. الصراط حق. والميزان حق. والأنبياء حق. وعيسى ابن مريم رسول الله وكلمته، والإيمان بالحوض والشفاعة. والإيمان بمنكر ونكير، وعذاب القبر. والايمان بملك الموت يقبض الأرواح: ثم ترد فى الأجساد فى القبور، فيسألون عن الإيمان والتوحيد، والإيمان بالنفخ فى الصور.(1/343)
ونؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، وحلوه ومره. وأن الله خلق الجنة قبل الخلق.
وخلق لها أهلا. ونعيمها دائم. ومن زعم أنه يبد من الجنة شىء فهو كافر، وخلق النار قبل خلق الخلق. وخلق لها أهلا. وعذابها دائم. وأن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة. وأن الله يخرج أقواما من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الله كلم موسى تكليما. واتخذ إبراهيم خليلا. الصراط حق. والميزان حق. والأنبياء حق. وعيسى ابن مريم رسول الله وكلمته، والإيمان بالحوض والشفاعة. والإيمان بمنكر ونكير، وعذاب القبر. والايمان بملك الموت يقبض الأرواح: ثم ترد فى الأجساد فى القبور، فيسألون عن الإيمان والتوحيد، والإيمان بالنفخ فى الصور.
والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل، وأن القبر الذى بالمدينة قبر محمد صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر وعمر، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن. والدجال خارج فى هذه الأمة لا محالة. وينزل عيسى ابن مريم فيقتله بباب لدّ. وما أنكرت العلماء من الشبهة فهو منكر، واحذروا البدع كلها. ولا عين نظرت بعد النبى صلى الله عليه وسلم خيرا من أبى بكر الصديق رضى الله عنه، ولا بعد أبى بكر عين نظرت حيرا من عمر. ولا بعد عمر عين نظرت خيرا من عثمان، ولا بعد عثمان بن عفان عين نظرت خيرا من على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين. قال أحمد: هم والله الخلفاء الراشدون المهديون وأن نشهد للعشرة بالجنة. وهم أبو بكر وعمر وعثمان، وعلى، وطلحة والزبير، وسعد وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف الزهرى، وأبو عبيدة بن الجراح، ومن شهد النبى صلى الله عليه وسلم له بالجنة شهدنا له بالجنة ورفع اليدين فى الصلاة زيادة فى الحسنات. والجهر بآمين عند قول الإمام {(وَلَا الضََّالِّينَ)} والصلاة على من مات من أهل هذه القبلة وحسابهم على الله عز وجل. والخروج مع كل إمام فى غزوة وحجة. والصلاة خلفهم صلاة الجمعة والعيدين.
والكف عن مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحدثوا بفضائلهم وأمسكوا عما شجر بينهم، ولا تشاور أحدا من أهل البدع فى دينك، ولا ترافقه فى سفرك. ولا نكاح إلا بولى وخاطب وشاهدى عدل. والمتعة حرام إلى يوم القيامة.
ومن طلق ثلاثا فى لفظ واحد فقد جهل، وحرمت عليه زوجته، ولا تخل له أبدا حتى تنكح زوجا غيره. والتكبير على الجنائز أربع. فإن كبر خمسا فكبر معه. قال ابن مسعود «كبر ما كبر إمامك» قال أحمد: خالفنى الشافعى وقال: إن زاد على أربع تكبيرات أعاد الصلاة. واحتج على بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشى، فكبر عليه أربع تكبيرات» والمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة. وإذا دخلت المسجد فلا تجلس حتى تركع ركعتين تحية المسجد. والوتر ركعة. والإقامة فرادى(1/344)
والكف عن مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحدثوا بفضائلهم وأمسكوا عما شجر بينهم، ولا تشاور أحدا من أهل البدع فى دينك، ولا ترافقه فى سفرك. ولا نكاح إلا بولى وخاطب وشاهدى عدل. والمتعة حرام إلى يوم القيامة.
ومن طلق ثلاثا فى لفظ واحد فقد جهل، وحرمت عليه زوجته، ولا تخل له أبدا حتى تنكح زوجا غيره. والتكبير على الجنائز أربع. فإن كبر خمسا فكبر معه. قال ابن مسعود «كبر ما كبر إمامك» قال أحمد: خالفنى الشافعى وقال: إن زاد على أربع تكبيرات أعاد الصلاة. واحتج على بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشى، فكبر عليه أربع تكبيرات» والمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة. وإذا دخلت المسجد فلا تجلس حتى تركع ركعتين تحية المسجد. والوتر ركعة. والإقامة فرادى
أحبوا أهل السنة على ما كان منهم. أماتنا الله وإياكم على السنة والجماعة.
ورزقنا الله وإياكم اتباع العلم. ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
495 - المنذر بن شاذان، أبو عمرو.
من أهل الرى. ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة، كلها غرائب. وهو رجل معروف مشهور
496 - مهنا بن يحيى الشامي السلمى، أبو عبد الله.
حدث عن بقية بن الوليد، وسمرة بن ربيعة، ومكى بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وإمامنا أحمد، وبشر، فى آخرين. روى عنه حمدان الوراق، وابراهيم النيسابورى، وعبد الله بن إمامنا أحمد، وسهل التسترى فى آخرين.
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال وقد ذكر مهنا فقال: من كبار أصحاب أبى عبد الله. روى عن أبى عبد الله من المسائل ما فخر به. وكان أبو عبد الله يكرمه، ويعرف له حق الصحبة. ورحل معه إلى عبد الرزاق. وصحبه إلى أن مات. ومسائله أكثر من أن تحد من كثرتها. وكتب عنه عبد الله بن أحمد مسائل كثيرة بضعة عشر جزءا، مسائل جيادا عن أبيه. لم تكن عند عبد الله عن
أبيه، ولا عند غيره. وكان عبد الله يرفع قدره، ويذكره كثيرا. وحدث عنه بأشياء كثيرة عن أبيه وغيره(1/345)
قرأت فى كتاب أبى بكر الخلال وقد ذكر مهنا فقال: من كبار أصحاب أبى عبد الله. روى عن أبى عبد الله من المسائل ما فخر به. وكان أبو عبد الله يكرمه، ويعرف له حق الصحبة. ورحل معه إلى عبد الرزاق. وصحبه إلى أن مات. ومسائله أكثر من أن تحد من كثرتها. وكتب عنه عبد الله بن أحمد مسائل كثيرة بضعة عشر جزءا، مسائل جيادا عن أبيه. لم تكن عند عبد الله عن
أبيه، ولا عند غيره. وكان عبد الله يرفع قدره، ويذكره كثيرا. وحدث عنه بأشياء كثيرة عن أبيه وغيره
وأخبرنى عمر بن إبراهيم، أبو بكر، قال سمعت مربّعا قال: رأيت أحمد ابن حنبل يكرم مهنا الشامى
وقرىء على عبد الله بن أحمد وأنا أسمع أن أباه قال: مهنا كان معنا تلك السنة يعنى عند عبد الرزاق وكنت أرى مهنا يسأل أبى حتى يضجره ويكرر عليه جدا، حتى ربما قام وضجر. وكنت أشبهه بابن جريج، حين كان يسأل عطاء
قال عبد الله: قال مهنا: لزمت أبا عبد الله ثلاثا وأربعين سنة. واتفقنا عند عبد الرزاق. ورأيته بمكة عند سفيان بن عيينة سنة ثمان وتسعين
قال عبد الله: سمعت مهنا يقول: صحبت أبا عبد الله، فتعلمت منه العلم والأدب، واكتسبت به مالا. قال قلت: كيف اكتسبت به مالا؟ قال: فقال:
ولى أبو موسى الأنصارى على الصدقات. فكتب العلماء، فمضوا وأخذوا. قال:
وجاء إلى أبى عبد الله، فعرض عليه فى القول. فخرج منه. فلما كان بعد ذلك ضقت، فجئت إلى أبى عبد الله، فقلت له: اكتب لى إلى أبى موسى فى الغارمين.
فلم يفعل، وقال: لو بقى الإنسان على كذا وكذا لشىء يذكره ما كان ينبغى له أن يفعل هذا. قال: فسكت عنه مدة. قال: ثم عاودته الكلام. فسكت عنى. قال: فسكت عنه مدة، قال ثم عاوته الكلام. فقال: لن أفعل ولا أفعل.
قال فلما قال: لا أفعل، علمت أنه لا يفعل. فسكت عنه مدة. ثم أتيته، فقلت:
يا أبا عبد الله لى عليك حقوق: حق الجوار، وحق الصحبة. وجعلت أذكر له حقوقى عليه. وقد قلت «لا أفعل» فأكتب عن لسانك كتابا؟ قال: فقال لى:
افعل، أنت أعلم. قال: فكتبت عن لسانه. فلما جئت بالكتاب إلى أبى موسى أنكره وقال: أحمد لا يكتب فى مثل هذا. فهذا خطه؟ قال: فحدثته بالقصة،
فقلت: إن شئت قبلت، وإن شئت وجهت إليه وسألته. قال: واختبرنى، وكتب لى إلى البصرة بأربعة آلاف، قال: وأحسب قال: كتب لى مرة أخرى قال: فاشتريت وبعت. قال عبد الله: وكان ينسى قال: فاكتسبت نحوا من ثلاثين ألفا.(1/346)
افعل، أنت أعلم. قال: فكتبت عن لسانه. فلما جئت بالكتاب إلى أبى موسى أنكره وقال: أحمد لا يكتب فى مثل هذا. فهذا خطه؟ قال: فحدثته بالقصة،
فقلت: إن شئت قبلت، وإن شئت وجهت إليه وسألته. قال: واختبرنى، وكتب لى إلى البصرة بأربعة آلاف، قال: وأحسب قال: كتب لى مرة أخرى قال: فاشتريت وبعت. قال عبد الله: وكان ينسى قال: فاكتسبت نحوا من ثلاثين ألفا.
أخبرنى بركة الدلال أخبرنا إبراهيم عن عبد العزيز حدثنا محمد بن على حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن معاوية بن أبى سفيان؟ فقال: له صحبة. فقلت:
ومن أين هو؟ قال: مكى، قطن الشام
حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن يزيد بن معاوية؟ فقال: هو الذى فعل بالمدينة ما فعل. قلت: وما فعل؟ قال: نهبها. قلت: فيذكر عنه الحديث؟
قال: لا تذكر عنه الحديث، ولا ينبغى لأحد أن يكتب عنه حديثا. قلت:
ومن كان معه بالمدينة حين فعل ما فعل؟ قال: أهل الشام. قلت: وأهل مصر؟
قال: لا. إنما كان أهل مصر فى أمر عثمان
أنبأنا محمد عن الدارقطنى حدثنا أحمد بن محمد بن أبى شيبة حدثنا مهنا بن يحيى حدثنا زيد بن أبى الزرقاء عن سفيان عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله افترض عليكم الجمعة فى مقامى هذا، فى يومكم هذا، فى شهركم هذا، إلى يوم القيامة، ألا فمن تركها استخفافا بها أو تهاونا بها، فلا جمع الله له شمله. ولا بارك له. ألا، ولا صلاة له، ألا، ولا يؤمّن فاجر برّا» قال الدارقطنى: هذا حديث غريب من حديث سفيان الثورى عن على بن زيد بن جدعان. تفرد به زيد بن أبى الزرقاء وتفرد به مهنا بن يحيى. سئل الدارقطنى عن مهنا بن يحيى؟ فقال: ثقة نبيل
قال مهنا: سألت أحمد عن رجل مات وترك كتبا كثيرة من كتب الرازى، وترك عليه دينا. فقلت له. فأى شىء يصنع بالكتب؟ قال: تدفن(1/347)
وسألت أحمد عن الرجل يحفظ الشىء ويكون فى الكتاب شىء: أيهما أحب إليك؟ قال: الكتاب
وسألت أحمد عن الرجل يجد فى كتابه الشىء، فيقول له الناس خلاف ما فى كتابه؟ قال: يقول: فى كتابى كذا وكذا، ويقول الناس: كذا
وسألت أحمد عن هشيم؟ فقال: ثقة، إذ لم يدلس، فقلت له: والتدليس عيب هو؟ قال: نعم. قلت لأبى عبد الله: سمعت عبد الرزاق يقول: قال بعض أصحابنا لسفيان الثورى: يا أبا عبد الله، حدثنا كما سمعت. قال: والله ما إليه سبيل. وما هو إلا المعافى. فقال أحمد: هو ذاك
وسألت أحمد عن الاقعاء فى الصلاة، قلت: ما تقول أنت فيه؟ قال: أليس يروى عن العبادلة: أنهم كانوا يفعلون ذلك؟ قلت: ومن العبادلة؟ قال: عبد الله ابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص قلت لأحمد: وابن مسعود؟ قال: ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة.
أخبرنا المبارك قراءة أخبرنا إبراهيم أخبرنا أبو عمر أخبرنا طيب أخبرنا أحمد القطان الهيتى حدثنا سهل التسترى قال: قرأ علينا مهنا بن يحيى الشامى:
هذا كتاب فى الصلاة، وعظم خطرها، وما يلزم الناس من تمامها وأحكامها يحتاج إليه أهل الإسلام، لما قد شملهم من الاستخفاف بها، والتضييع لها ومسابقة الإمام، فيها كتبه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إلى قوم صلى معهم بعض الصلوات.
أى قوم، إنى صليت معكم. فرأيت من أهل مسجدكم من سبق الإمام فى الركوع والسجود، والرفع والخفض. وليس لمن سبق الإمام صلاة. بذلك جاءت الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضوان الله عليهم. جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «أما يخاف الذى يرفع رأسه قبل
الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار (1)» وفى رواية «صورة كلب (2)» وذلك لإساءته صلاته. لأنه لا صلاة له. ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب، ولم يخف عليه العقاب: أن يحول الله رأسه رأس حمار. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «الإمام يركع قبلكم، ويسجد قبلكم، ويرفع قبلكم (3)» وجاء عن البراء بن عازب قال «كنا خلف النبى صلى الله عليه وسلم. فكان إذا انحط من قيامه للسجود: لا يحنى أحد منا ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبثون خلفه قياما حتى ينحط النبى صلى الله عليه وسلم ويكبر، ويضع جبهته على الأرض، وهم قيام، ثم يتبعونه (4)» وجاء الحديث عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا «لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستوى قائما. وإنا لسجود بعد» وجاء الحديث عن ابن مسعود «أنه نظر إلى من سبق الإمام. فقال: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت» والذى لم يصل وحده، ولم يقتد بإمامه: فذلك لا صلاة له. وجاء الحديث عن ابن عمر «أنه نظر إلى من سبق الإمام. فقال له: لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام. ثم ضربه، وأمره أن يعيد الصلاة (5)» ولو كانت صلاة عند عبد الله بن عمر ما أوجب عليه الإعادة. وجاء عن حطّان بن عبد الله الرقاشى أنه قال «صلى بنا أبو موسى الأشعرى صلاة. فلما كان عند القعدة، قال رجل من القوم: أقرّت بالبر والزكاة؟ فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم، انصرف. فقال: أيكم القائل هذا الكلمات؟ فأرمّ القوم (6). ثم سألهم فأرموا.(1/348)
أى قوم، إنى صليت معكم. فرأيت من أهل مسجدكم من سبق الإمام فى الركوع والسجود، والرفع والخفض. وليس لمن سبق الإمام صلاة. بذلك جاءت الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضوان الله عليهم. جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «أما يخاف الذى يرفع رأسه قبل
الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار (1)» وفى رواية «صورة كلب (2)» وذلك لإساءته صلاته. لأنه لا صلاة له. ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب، ولم يخف عليه العقاب: أن يحول الله رأسه رأس حمار. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «الإمام يركع قبلكم، ويسجد قبلكم، ويرفع قبلكم (3)» وجاء عن البراء بن عازب قال «كنا خلف النبى صلى الله عليه وسلم. فكان إذا انحط من قيامه للسجود: لا يحنى أحد منا ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبثون خلفه قياما حتى ينحط النبى صلى الله عليه وسلم ويكبر، ويضع جبهته على الأرض، وهم قيام، ثم يتبعونه (4)» وجاء الحديث عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا «لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستوى قائما. وإنا لسجود بعد» وجاء الحديث عن ابن مسعود «أنه نظر إلى من سبق الإمام. فقال: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت» والذى لم يصل وحده، ولم يقتد بإمامه: فذلك لا صلاة له. وجاء الحديث عن ابن عمر «أنه نظر إلى من سبق الإمام. فقال له: لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام. ثم ضربه، وأمره أن يعيد الصلاة (5)» ولو كانت صلاة عند عبد الله بن عمر ما أوجب عليه الإعادة. وجاء عن حطّان بن عبد الله الرقاشى أنه قال «صلى بنا أبو موسى الأشعرى صلاة. فلما كان عند القعدة، قال رجل من القوم: أقرّت بالبر والزكاة؟ فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم، انصرف. فقال: أيكم القائل هذا الكلمات؟ فأرمّ القوم (6). ثم سألهم فأرموا.
__________
(1) متفق عليه من حديث أبى هريرة
(2) رواه الطبرانى موقوفا على ابن مسعود ورواه ابن حبان من حديث أبى هريرة
(3) رواه مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى
(4) متفق عليه. ورواه البزار من حديث النعمان بن بشير
(5) رواه مسلم وأبو داود والنسائى
(6) أرم القوم: أى سكتوا(1/349)
فقال: لعلك يا حطان قلتها؟ قال: قلت: والله ما قلتها. ولقد خفت أن تبكعنى (1)
بها. فقال رجل من القوم: أنا قلتها، ولم أرد بها إلا الخير. فقال أبو موسى الأشعرى: أما تعلمون كيف تقولون فى صلاتكم؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا، فبين لنا سنتنا وما تقول فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم. ثم ليؤمكم أحدكم. فإذا كبر الإمام فكبروا. وإذا قرأ فأنصتوا.
وإذا قال ({غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضََّالِّينَ}) فقولوا: آمين يجبكم الله. وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا. فإن الإمام يركع قبلكم. ويرفع قبلكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك. وإذا رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، فارفعوا رؤوسكم وقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم. وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا. وإذا رفع رأسه فكبر، فارفعوا رؤوسكم وكبروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك وإذا كان فى القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات لله والصلوات والطيبات حتى تفرغوا من التشهد».
قول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا كبر فكبروا» معناه: أن تنتظروا الإمام حتى يكبر، ويفرغ من تكبيره، وينقطع صوته، ثم تكبرون بعده.
والناس يغلطون فى هذه الأحاديث ويجهلونها، مع ما عليه عامتهم من الاستخفاف بالصلاة، والاستهانة بها. فساعة يأخذ الإمام فى التكبير يأخذون معه فى التكبير وهذا خطأ. لا ينبغى لهم أن يأخذوا فى التكبير حتى يكبر الإمام. ويفرغ من تكبيره، وينقطع صوته. وهكذا قال النبى صلى الله عليه وسلم «إذا كبر الإمام فكبروا» والإمام لا يكون مكبرا حتى يقول «الله أكبر» لأن الإمام لو قال «الله» ثم سكت: لم يكن مكبرا، حتى يقول «الله أكبر» فيكبر الناس بعد قوله «الله أكبر» وأخذهم فى التكبير مع الإمام خطاء: وترك لقول النبى
__________
(1) قال النووى فى شرح مسلم (4: 119) هو بفتح التاء المثناة فى أوله وإسكان الباء الموحدة: أى تبكتنى وتوبخنى(1/350)
صلى الله عليه وسلم. لأنك لو قلت: إذا صلى فلان فكلمه، معناه: أن تنتظره حتى إذا صلى وفرغ من صلاته كلمه. وليس معناه: أن تكلمه وهو يصلى. فكذلك معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا كبر الإمام فكبروا» وربما طول الإمام فى التكبير، إذا لم يكن له فقه. والذى يكبر معه: ربما جزم التكبير، ففرغ من التكبير قبل أن يفرغ الإمام. فقد صار هذا مكبرا قبل الإمام. ومن كبر قبل الإمام: فليست له صلاة. لأنه دخل فى الصلاة قبل الإمام، وكبر قبل الإمام فلا صلاة له
وقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا كبر وركع، فكبروا واركعوا» معناه:
أن ينتظروا الإمام حتى يكبر ويركع، وينقطع صوته وهم قيام، ثم يتبعونه
وقول النبى صلى الله عليه وسلم «فإذا رفع رأسه وقال سمع الله لمن حمده فارفعوا رؤوسكم، وقولوا: اللهم ربنا لك الحمد» معناه: أن ينتظروا الإمام ويثبتوا ركعا، حتى يرفع الإمام رأسه، ويقول «سمع الله لمن حمده» وينقطع صوته، وهم ركع، ثم يتبعونه، فيرفعون رءوسهم ويقولون «اللهم ربنا لك الحمد».
وقوله «إذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا» معناه: أن يكونوا قياما حتى يكبر وينحط للسجود ويضع جبهته على الأرض، وهم قيام. ثم يتبعونه. وكذلك جاء عن البراء بن عازب. وهذا كله موافق لقول النبى صلى الله عليه وسلم «الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم»
وقول النبى صلى الله عليه وسلم «وإذا رفع رأسه وكبر، فارفعوا رءوسكم وكبروا» معناه: أن يثبتوا سجودا حتى يرفع رأسه فيكبر وينقطع الإمام صوته وهم سجود اتبعوه، فرفعوا رءوسهم.
وقول النبى صلى الله عليه وسلم «فتلك بتلك» يعنى انتظاركم إياه قياما حتى يكبر ويرفع وأنتم قيام، ثم تتبعونه. وانتظاركم إياه ركوعا حتى يرفع رأسه، ويقول «سمع الله لمن حمده» وأنتم ركوع. فإذا قال «سمع الله لمن حمده»
وانقطع صوته، وأنتم ركوع: اتبعتموه، فرفعتم رءوسكم، وقلتم «اللهم ربنا لك الحمد» وقوله «فتلك بتلك» فى كل رفع وخفض وهذا تمام الصلاة. فأعقلوه وأبصروه، وأحكموه.(1/351)
وقول النبى صلى الله عليه وسلم «فتلك بتلك» يعنى انتظاركم إياه قياما حتى يكبر ويرفع وأنتم قيام، ثم تتبعونه. وانتظاركم إياه ركوعا حتى يرفع رأسه، ويقول «سمع الله لمن حمده» وأنتم ركوع. فإذا قال «سمع الله لمن حمده»
وانقطع صوته، وأنتم ركوع: اتبعتموه، فرفعتم رءوسكم، وقلتم «اللهم ربنا لك الحمد» وقوله «فتلك بتلك» فى كل رفع وخفض وهذا تمام الصلاة. فأعقلوه وأبصروه، وأحكموه.
واعلموا أن أكثر الناس اليوم ما يكون لهم صلاة لسبقهم الإمام بالركوع والسجود، والرفع والخفض. وقد جاء الحديث قال «يأتى على الناس زمان يصلون ولا يصلون» وقد تخوفت أن يكون هذا الزمان. لو صليت فى مائة مسجد ما رأيت أهل مسجد واحد يقيمون الصلاة على ما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه رحمة الله عليهم. فاتقوا الله، وانظروا فى صلاتكم وصلاة من يصلى معكم.
واعلموا أن لو أن رجلا أحسن الصلاة، فأتمها وأحكمها، ثم نظر إلى من أساء فى صلاته وضيعها، وسبق الإمام فيها فسكت عنه، ولم يعلمه فى إساءته فى صلاته ومسابقته الإمام فيها، ولم ينهه عن ذلك، ولم ينصحه: شاركه فى وزرها وعارها.
فالمحسن فى صلاته: شريك المسىء فى إساءته، إذا لم ينهه ولم ينصحه. وجاء الحديث عن بلال بن سعد أنه قال «الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها. وإذا ظهرت فلم تغيّر ضرت العامة (1)» لتركهم ما لزمهم، وما وجب عليهم من التغيير والإنكار على من ظهرت منه الخطيئة. وجاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «ويل للعالم من الجاهل، حيث لا يعلمه (2)» فلولا أن تعليم الجاهل واجب على العالم لازم، وفريضة، وليس بتطوع: ما كان له الويل فى السكوت عنه. وفى ترك تعليمه. والله تعالى لا يؤاخذ من ترك التطوع إنما يؤاخذ من ترك الفرائض.
فتعليم الجاهل فريضة. فلذلك كان له الويل فى السكوت عنه وترك تعليمه
فاتقوا الله تعالى فى أموركم عامة، وفى صلاتكم خاصة. واتقوا الله فى تعليم
__________
(1) أخرجه ابن حزم فى تراجم الصحابة الذين أخرج لهم بقى بن مخلد
(2) أخرجه أبو يعلى من حديث أنس(1/352)
الجاهل. فإن تعليمه فريضة واجب لازم. والتارك لذلك: مخطىء آثم
واءمروا أهل مسجدكم بإحكام الصلاة وإتمامها، وأن لا يكون تكبيرهم إلا بعد تكبير الإمام، ولا يكون ركوعهم وسجودهم ورفعهم وخفضهم إلا بعد تكبير الإمام، وبعد ركوعه وسجوده ورفعه وخفضه.
واعلموا أن ذلك من تمام الصلاة. وذلك الواجب على الناس واللازم لهم.
كذلك جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رحمة الله عليهم
ومن العجب: أن يكون الرجل فى منزله، فيسمع الأذان، فيقوم فزعا يتهيأ، ويخرج من منزله يريد الصلاة، ولا يريد غيرها ثم لعله يخرج فى الليلة المطيرة المظلمة، ويتخبط فى الطين، ويخوض الماء وتبتل ثيابه، وإن كان فى ليالى الصيف:
فليس يأمن العقارب والهوام فى ظلمة الليل، ولعله مع هذا: أن يكون مريضا ضعيفا. فلا يدع الخروج إلى المسجد. فيتحمل هذا كله إيثارا للصلاة، وحبّا لها، وقصدا إليها. لم يخرجه من منزله غيرها. فإذا دخل مع الإمام فى الصلاة خدعه الشيطان، فيسابق الإمام فى الركوع والسجود والرفع والخفض، خدعا من الشيطان له، لما يريد من إبطال صلاته، وإحباط عمله. فيخرج من المسجد ولا صلاة له
ومن العجب: أنهم كلهم يستيقنون أنه ليس أحد ممن خلف الإمام ينصرف من صلاته حتى ينصرف الإمام. وكلهم ينتظرون الإمام حتى يسلم. وهم كلهم إلا ما شاء الله يسابقونه فى الركوع والسجود والرفع والخفض، خدعا من الشيطان لهم، واستخفافا بالصلاة منهم، واستهانة بها، وذلك حظهم من الإسلام.
وقد جاء الحديث قال «لاحظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة (1)» فكل مستخف
__________
(1) ذكر الهيثمى فى مجمع الزوائد: «أن المسور بن مخرمة دخل على عمر، وهو مسحى بعد أن طعن فقال: أيقظوه بالصلاة إلى أن قال فقال عمر: ها الله إذن، ولاحظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة» رواه الطبرانى فى الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. وكذلك رواه مالك فى الموطأ فى باب العمل فيمن غلبه الدم من جرح أو رعاف(1/353)
بالصلاة مستهين بها: هو مستخفّ بالإسلام مستهين به. وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة. ورغبتهم فى الإسلام على قدر رغبتهم فى الصلاة.
فاعرف نفسك يا عبد الله، واعلم أن حظك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظك من الصلاة وقدرها عندك. واحذر أن تلقى الله عز وجل ولا قدر للاسلام عندك. فإن قدر الإسلام فى قلبك كقدر الصلاة فى قلبك. وقد جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «الصلاة عمود الإسلام (1)» ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاس، ولم ينتفع بالطّنب ولا بالأوتاد؟
وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد. فكذلك الصلاة من الإسلام.
فانظروا رحمكم الله واعقلوا، وأحكموا الصلاة، واتقوا الله فيها، وتعاونوا عليها، وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض، والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة والنسيان. فإن الله عز وجل قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى.
والصلاة: أفضل البر. وجاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «أول ما تفقدون من دينكم: الأمانة. وآخر ما تفقدون منه: الصلاة. وليصلين أقوام لا خلاق لهم (2)» وجاء الحديث «أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله:
صلاته. فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله. وإن ردت صلاته رد سائر عمله (3)» فصلاتنا آخر ديننا. وهى أول ما نسأل عنه غدا من أعمالنا. فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين. فإذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام.
فكل شىء يذهب آخره: فقد ذهب جميعه. فتمسكوا رحمكم الله بآخر دينكم.
__________
(1) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان من حديث عمر، بلفظ «الصلاة عماد الدين» والديلمى فى مسند الفردوس عن على، وأبو نعيم فى كتاب الصلاة، بلفظ «عمود الدين» وفى مسند أحمد من حديث معاذ، بلفظ «رأس الأمر وعموده الصلاة»
(2) رواه البيهقى فى الشعب من حديث عمر ببعض اختلاف
(3) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث تميم الدارى، وأبو يعلى فى مسنده والضياء فى المختارة والطبرانى من حديث أنس(1/354)
وليعلم المتهاون بصلاته، المستخف بها، المسابق الإمام فيها: أنه لا صلاة له، وأنه إذا ذهبت صلاته فقد ذهب دينه. فعظموا الصلاة رحمكم الله. وتمسكوا بها.
واتقوا الله فيها خاصة. وفى أموركم عامة.
واعلموا أن الله عز وجل قد عظم خطر الصلاة فى القرآن وعظم أمرها وشرّفها وشرف أهلها. وخصها بالذكر من بين الطاعات كلها فى مواضع من القرآن كثيرة. وأوصى بها خاصة
فمن ذلك: أن الله تعالى ذكر أعمال البر (1) التى أوجب لأهلها الخلود فى الفردوس. فافتتح تلك الأعمال بالصلاة. وختمها بالصلاة. وجعل تلك الأعمال التى جعل لأهلها الخلود فى الفردوس بين ذكر الصلاة مرتين. قال الله تعالى:
(23: 111 {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلََاتِهِمْ خََاشِعُونَ}) فبدأ من صفتهم بالصلاة عند مديحه إياهم. ثم وصفهم بالأعمال الطاهرة الزاكية المرضية، إلى قول الله عز وجل ({وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمََانََاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رََاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلَوََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ أُولََئِكَ هُمُ الْوََارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ}) فأوجب الله عز وجل لأهل هذه الأعمال الشريفة الزاكية المرضية الخلود فى الفردوس. وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين، ثم عاب الله عز وجل الناس كلهم وذمهم، ونسبهم إلى اللؤم والهلع والجزع، والمنع للخير، إلا أهل الصلاة. فإنه استثناهم منهم، فقال الله عز وجل (70: 3519 {إِنَّ الْإِنْسََانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذََا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذََا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}) ثم استثنى المصلين منهم، فقال: ({إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلََاتِهِمْ دََائِمُونَ. وَالَّذِينَ فِي أَمْوََالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسََّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}) ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة: إلى قوله: ({وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهََادََاتِهِمْ قََائِمُونَ}) ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم، بأن ذكرهم بمحافظتهم على الصلاة. فقال: ({الَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ. أُولََئِكَ فِي جَنََّاتٍ مُكْرَمُونَ})
__________
(1) فى نسخة: فمن ذلك أن ذكر الله تعالى فى أمر الطاعات التى أوجب لأهلها(1/355)
فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة فى الجنة. وافتتح ذكر هذه الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة. فجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين. ثم ندب الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الطاعة كلها جملة وأفرد الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها. والصلاة هى من الطاعة. فقال عز وجل (29: 45 {اتْلُ مََا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتََابِ. وَأَقِمِ الصَّلََاةَ}) ففى تلاوة الكتاب: فعل جميع الطاعات، واجتناب جميع المعصية. فخص الصلاة بالذكر. فقال: ({وَأَقِمِ الصَّلََاةَ. إِنَّ الصَّلََاةَ تَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ}) وإلى الصلاة خاصة ندبه الله عز وجل، فقال (20: 132 {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلََاةِ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْهََا، لََا نَسْئَلُكَ رِزْقاً. نَحْنُ نَرْزُقُكَ}) فأمره أن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها. ثم أمر الله تعالى جميع المؤمنين بالاستعانة على طاعته كلها بالصبر، ثم خص الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها فقرنها مع الصبر بقوله (2: 153 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ}) فكذلك أمر الله تعالى بنى إسرائيل بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الطاعة. ثم أفرد الصلاة من بين الطاعة. فقال (2: 45 {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ، وَإِنَّهََا لَكَبِيرَةٌ إِلََّا عَلَى الْخََاشِعِينَ}) ومثل ذلك: ما أخبر الله عز وجل به من حكمه ووصيته خليله إبراهيم ولوطا وإسحاق ويعقوب، فقال (21: 7369 {يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ} إلى قوله: {وَنَجَّيْنََاهُ وَلُوطاً}
إلى قوله: {وَوَهَبْنََا لَهُ إِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ نََافِلَةً} إلى قوله: {وَأَوْحَيْنََا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرََاتِ وَإِقََامَ الصَّلََاةِ}) فذكر الخيرات كلها جملة، وهى جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية. وأفرد الصلاة بالذكر، وأوصاهم بها خاصة. ومثل ذلك: ما ذكر عن إسماعيل فى قوله (19: 55 {وَكََانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلََاةِ وَالزَّكََاةِ. وَكََانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}) فبدأ بالصلاة. ومثل ذلك عن نجيّه موسى عليه السلام فى قوله (20:
149 {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ مُوسى ََ} إلى قوله {إِنَّنِي أَنَا اللََّهُ، لََا إِلََهَ إِلََّا أَنَا، فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلََاةَ لِذِكْرِي}) فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فى قوله لموسى {(فَاعْبُدْنِي)}
وأفرد الصلاة وأمر بها خاصة. وقال عز وجل (7: 170 {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتََابِ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ}) والتمسك بالكتاب: يأنى على جميع الطاعة، واجتناب جميع المعصية، ثم خص الصلاة بالذكر. فقال: ({وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ}) وإلى تضييع الصلاة نسب الله عز وجل من أوجب له العذاب قبل المعاصى. فقال: (19: 59 {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ. فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}) فمن اتباع الشهوات: ركوب جميع المعاصى. فنسبهم الله عز وجل إلى جميع المعصية فى تضييع الصلاة.(1/356)
149 {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ مُوسى ََ} إلى قوله {إِنَّنِي أَنَا اللََّهُ، لََا إِلََهَ إِلََّا أَنَا، فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلََاةَ لِذِكْرِي}) فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فى قوله لموسى {(فَاعْبُدْنِي)}
وأفرد الصلاة وأمر بها خاصة. وقال عز وجل (7: 170 {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتََابِ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ}) والتمسك بالكتاب: يأنى على جميع الطاعة، واجتناب جميع المعصية، ثم خص الصلاة بالذكر. فقال: ({وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ}) وإلى تضييع الصلاة نسب الله عز وجل من أوجب له العذاب قبل المعاصى. فقال: (19: 59 {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ. فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}) فمن اتباع الشهوات: ركوب جميع المعاصى. فنسبهم الله عز وجل إلى جميع المعصية فى تضييع الصلاة.
فهذا ما أخبر الله تعالى به من آى القرآن، من تعظيم الصلاة، وتقديمها بين يدى الأعمال كلها، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات، والوصية بها دون أعمال البر عامة. فالصلاة: خطرها عظيم، وأمرها جسيم
وبالصلاة: أمر الله تبارك وتعالى رسوله، أول ما أوحى إليه بالنبوة، قبل كل عمل، وقبل كل فريضة. وبالصلاة: أوصى النبى صلى الله عليه وسلم عند خروجه من الدنيا فقال «الله الله فى الصلاة وفيما ملكت أيمانكم (1)» فى آخر وصيته إياهم وجاء الحديث «أنها آخر وصية كل نبى لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا» وجاء فى حديث آخر عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان يجود بنفسه ويقول: الصلاة، الصلاة، الصلاة (2)»
فالصلاة: أول فريضة فرضت عليهم، وهى آخر ما أوصى به أمته. وآخر ما يذهب من الإسلام. وهى أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة. وهى عمود الإسلام. وليس بعد ذهابها دين، ولا إسلام. فالله الله فى أموركم عامة، وفى صلاتكم خاصة. فتمسكوا بها، واحذروا تضييعها والاستخفاف بها، ومسابقة
__________
(1) أخرجه أحمد فى المسند والنسائى وابن ماجه وابن حبان من حديث أنس وأحمد وابن ماجه من حديث أم سلمة
(2) أخرجه ابن جرير من حديث أم سلمة(1/357)
الإمام فيها، وخداع الشيطان أحدكم عنها، وإخراجه إياكم منها. فإنها آخر دينكم.
ومن ذهب آخر دينه: فقد ذهب دينه كله. فتمسكوا بآخر دينكم.
واءمر يا عبد الله الإمام: أن يهتم بصلاته، ويعنى بها ويتمكن، ليتمكنوا، إذا ركع وسجد. فإنى صليت يومئذ. فما استمكنت من ثلاث تسبيحات فى الركوع ولا ثلاث فى السجود. وذلك لعجلته، لم يمكن ولم يستمكن. وعجل. فأعلمه أن الإمام إذا أحسن الصلاة كان له أجر صلاته، ومثل أجر من يصلى خلفه. وإذا أساء كان عليه وزر إساءته، ووزر من يصلى خلفه. وجاء الحديث عن الحسن البصرى أنه قال: «التسبيح التام: سبع، والوسط من ذلك خمس. وأدناه:
ثلاث تسبيحات». وأدنى ما يسبح الإمام فى الركوع «سبحان ربى العظيم» ثلاث مرات، وفى السجود «سبحان ربى الأعلى» ثلاث مرات، وإذا سبح فى الركوع والسجود ثلاثا ثلاثا. فينبغى له أن لا يعجل بالتسبيح، ولا يسرع فيه، ولا يبادر، وليكن بتمام من كلامه ولسانه ويمكّن. فإنه إذا عجل بالتسبيح وبادر به لم يدرك من خلفه التسبيح. وصاروا مبادرين إذا بادر، وسابقوه، ففسدت صلاتهم. فكان عليه مثل وزرهم جميعا. وإذا لم يبادر الإمام وتمكن، وأتم صلاته وتسبيحه: أدرك من خلفه ولم يبادروا. فيكون الإمام قد قضى ما عليه.
وليس عليه إثم، ولا وزر.
واءمره إذا رفع رأسه من الركوع فقال: «سمع الله لمن حمده» أن يثبت قائما معتدلا حتى يقول «ربنا ولك الحمد» وهو قائم معتدل، من غير عجلة فى كلامه ولا مبادرة. وإن زاد على ذلك فقال: «ربنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض» كان أحب إلى. لأنه جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه رفع رأسه فقال: ربنا ولك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شىء بعد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت. ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد (1)»
__________
(1) أخرجه مسلم والنسائى من حديث أنس. و «الجد» بفتح الجيم: الحظ والجاه والغنى(1/358)
وهذا لا يكاد يطمع فيه اليوم من الناس. وجاء عن أنس قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فع رأسه من الركوع: يقوم، حتى يقال: قد نسى (1)» وما فى هذا مطمع من الناس اليوم. ولكن ينبغى للإمام أن لا يبادر إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يعجل بقوله «ربنا ولك الحمد» وليكن ذلك بتمام من كلامه، وتمكن وتأنّ من غير عجلة ولا مبادرة، حتى يدرك الناس معه. وإذا سجد ورفع رأسه من السجود فليعتدل جالسا، وليثبت بين السجدتين شيئا، بقدر ما يقول:
«رب اغفر لى» من غير عجلة، حتى يدركه الناس قبل أن يسجد الثانية. ولا يبادر، فساعة يرفع رأسه من السجدة الأولى: يعود ساجدا، فيبادر الناس لمبادرته، ويقعون فى المسابقة. فتذهب صلاتهم. ويلزم الإمام وزر ذلك وإثمه. فإن الناس إذا علموا أنه يثبت ثبتوا، ولم يبادروا. وقد جاء الحديث «أن كل مصل راع ومسئول عن رعيته (2)» وقد قيل: إن الإمام راع لمن يصلى بهم. فما أولى بالإمام النصيحة لمن يصلى خلفه، وأن ينهاهم عن المسابقة فى الركوع والسجود، وأن لا يركعوا ويسجدوا مع الإمام، بل يأمرهم بأن يكون ركوعهم وسجودهم ورفعهم وخفضهم بعده، وأن يحسن أدبهم وتعليمهم، إذ كان راعيا لهم. وكان غدا مسئولا عنهم. وما أولى بالإمام أن يحسن صلاته، ويتمها ويحكمها. وتشتد عنايته بها، إذ كان له مثل أجر من يصلى خلفه إذا أحسن. وعليه مثل وررهم إذا أساء.
ومن الحق الواجب على المسلمين: أن يقدموا خيارهم، وأهل الدين والفضل منهم، وأهل العلم بالله تعالى، الذين يخافون الله عز وجل ويراقبونه. وقد جاء الحديث «إذا أمّ بالقوم رجل، وخلفه من هو أفضل منه: لم يزالوا فى سفال (3)»
__________
(1) متفق عليه
(2) أخرج معناه الطبرانى فى الأوسط والخطيب من حديث ابن عمر
(3) أخرجه العقيلى فى الضعفاء من حديث ابن عمر. ورواه الطبرانى فى الأوسط.
وفيه الهيثم بن عقاب. الأزدى: لا يعرف. وقال الهيثمى: ذكره ابن حبان فى الثقات(1/359)
وجاء الحديث «اجعلوا أمر دينكم إلى فقهائكم، وأئمتكم قراؤكم (1)» وإنما معناه: الفقهاء والقراء أهل الدين والفضل والعلم بالله، والخوف من الله عز وجل، الذين يعنون بصلاتهم وصلاة من خلفهم. ويتقون ما يلزمهم من وزر أنفسهم ووزر من خلفهم، إن أساءوا فى صلاتهم. ومعنى القراء: ليس على الحفظ للقرآن.
فقد يحفظ القرآن من لا يعمل به. ولا يعبأ بدينه، ولا بإقامة حدود القرآن، وما فرض الله عز وجل عليه فيه. وقد جاء الحديث «إن أحق الناس بهذا القرآن:
من كان يعمل به، وإن كان لا يقرأ (2)» فالإمامة بالناس، المقدم بين أيديهم فى الصلاة بهم على الفضل: فليس للناس أن يقدموا بين أيديهم إلا أعلمهم بالله، وأخوفهم له. ذلك واجب عليهم، ولازم لهم. فتزكو صلاتهم. وإن تركوا ذلك لم يزالوا فى سفال وإدبار، وانتقاص من دينهم، وبعد من الله ومن رضوانه ومن جنته.
فرحم الله قوما عنوا بصلاتهم، وعنوا بدينهم. فقدموا خيارهم، واتبعوا فى ذلك سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وطلبوا بذلك القربة إلى ربهم عز وجل
واءمر يا عبد الله الإمام أن لا يكبر أول ما يقوم مقامه للصلاة حتى يلتفت يمينا وشمالا. فإن رأى الصف معوجا والمناكب مختلفة: أمرهم أن يسووا صفوفهم وأن يحاذوا مناكبهم. فان رأى بين كل رجلين فرجة: أمرهم أن يدنو بعضهم من بعض، حتى تتماسّ مناكبهم
واعلم أن اعوجاج الصفوف واختلاف المناكب: ينقص من الصلاة. وأن الفرجة التى تكون بين كل رجلين: تنقص من الصلاة. فاحذروا ذلك. وقد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «رصوا الصفوف. وحاذوا المناكب، وسدّوا
__________
(1) رواه الدارقطنى من حديث ابن عباس. وقال شيخ الإسلام قى الفتاوى:
فى إسناده مقال. اهـ وفى إسناده سلام بن سليمان. قال العقيلى: فى حديثه مناكير
(2) لم أجده(1/360)
الخلل، لا يقوم بينكم مثل الحذف يعنى أولاد الغنم الصغار من الشياطين (1)» وقد جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قام مقامه للصلاة: لم يكبر حتى يلتفت يمينا وشمالا. فيأمرهم بتسوية مناكبهم، ويقول: لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم (2)» وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم «أنه التفت يوما. فرأى رجلا قد خرج صدره من الصف. فقال: لتسوّنّ مناكبكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم (3)» فتسوية الصفوف، ودنو الرجال بعضهم من بعض: من تمام الصلاة. وترك ذلك: نقص فى الصلاة. وجاء الحديث عن عمر «أنه كان يقوم مقام الإمام، ثم لا يكبر حتى يأتيه رجل قد وكله بإقامة الصفوف، فيخبره: أنهم قد استووا، فيكبر (4)» وجاء عن عمر بن عبد العزيز مثل ذلك. وروى «أن بلالا كان يسوى الصفوف، ويضرب عراقيبهم بالدّرة، حتى يستووا»
قال بعض العلماء: وقد يشبه أن يكون هذا من بلال على عهد النبى صلى الله عليه وسلم عند إقامته، قبل أن يدخل فى الصلاة. لأن الحديث عن بلال جاء:
«أنه لم يؤذن لأحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا يوما واحدا» إذ أتى مرجعه من الشام (5). ولم يكن للناس عهد بأذانه حينا، فطلب إليه أبو بكر وأصحاب
__________
(1) رواه أحمد فى المسند عن أبى أمامة فى حديث طويل. قال المنذرى فى الترغيب:
باسناد لا بأس به. ورواه البخارى بنحوه فى تسوية الصفوف من حديث أنس.
ورواه أبو داود بنحو ماهنا. وكذلك النسائى وابن خزيمة وابن حبان
(2) رواه أبو داود عن أبى القاسم الجدلى قال: سمعت النعمان بن بشير يقول «أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال: أقيموا الصفوف الحديث»
(3) رواه مسلم والبخارى وأبو داود من حديث النعمان بن بشير
(4) انظر تاريخ الطبرى (ج 5ص 12)
(5) كان ذلك فى سنة سبع عشرة من الهجرة. وفى تاريخ الطبرى (ج 4ص 204) ما يدل على أن ذلك كان بالشام فى ذى الحجة بعد خطبة عمر إذ عزم على القفول إلى المدينة. وذكر ابن الأثير فى أسد الغابة فى ترجمة بلال: أنه أذن لأبى بكر حياته.
وصحح ابن سعد (ج 3ص 169) أن بلالا لم يؤذن لأبى بكر(1/361)
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأذن. فلما سمع أهل المدينة صوت بلال ذكروا النبى صلى الله عليه وسلم، بعد طول عهدهم بأذان بلال وصوته: جدد ذلك فى قلوبهم أمر النبى صلى الله عليه وسلم، وشوقهم أذانه إليه، حتى قال بعضهم:
بعث النبى صلى الله عليه وسلم، شوقا منهم إلى رؤيته، ولما هيجهم بلال عليه بأذانه وصوته. فرقوا عند ذلك وبكوا، واشتد بكاؤهم عليه صلى الله عليه وسلم، حتى خرج العواتق من بيوتهن شوقا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، حين سمعن صوت بلال وأذانه، وذكر النبى صلى الله عليه وسلم. ولما قال بلال «أشهد أن محمدا رسول الله» امتنع بلال من الأذان فلم يقدر عليه. وقال بعضهم: سقط مغشيا عليه، حبا للنبى صلى الله عليه وسلم وشوقا إليه. فرحم الله بلالا والمهاجرين والأنصار، وجعلنا وإياكم من التابعين لهم بإحسان.
فاتقوا الله يا معشر المسلمين، وأحكموا صلاتكم، والزموا فيها سنة نبيكم وأصحابه صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين. فإن ذلك هو الواجب عليكم، واللازم لكم.
وقد وعد الله تعالى من اتبعهم رضوانه، والخلود فى جنته. قال الله عز وجل (9: 100 {وَالسََّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهََاجِرِينَ وَالْأَنْصََارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسََانٍ رَضِيَ اللََّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهََارُ خََالِدِينَ فِيهََا أَبَداً. ذََلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}) فاتباع المهاجرين والأنصار واجب على الناس إلى يوم القيامة.
وجاء عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان له سكتتان: سكتة عند افتتاح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من القراءة (1)» وكان النبى صلى الله عليه وسلم يسكت إذا فرغ من القراءة قبل أن يركع، حتى يتنفس. وأكثر الأئمة على خلاف ذلك
فاءمره يا عبد الله، إذا فرغ من القراءة: أن يثبت قائما، وأن يسكت حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع
__________
(1) رواه أبو داود والترمذى من حديث الحسن عن سمرة.(1/362)
وخصلة، قد غلب عليها الناس فى صلاتهم، إلا من شاء الله، من غير علة:
وقد يفعلها شبابهم وأهل القوة والجلد منهم: ينحط أحدهم من قيامه للسجود، ويضع يديه على الأرض قبل ركبتيه. وإذا نهض من سجوده، أو بعدما يفرغ من التشهد: يرفع ركبتيه من الأرض قبل يديه. وهذا خطأ، وخلاف ما جاء عن الفقهاء. وإنما ينبغى له، إذا انحط من قيامه للسجود: أن يضع ركبتيه على الأرض، ثم يديه، ثم جبهته. وإذا نهض: رفع رأسه، ثم يديه، ثم ركبتيه.
بذلك جاء الأثر عن النبى صلى الله عليه وسلم (1).
فاءمروا بذلك، وانهوا عنه من رأيتم يفعل خلاف ذلك، واءمروه أن ينهض إذا نهض على صدور قدميه، ولا يقدم إحدى رجليه. فإن ذلك مكروه.
وقد جاء عن عبد الله بن عباس وغيره: أن تقديم إحدى الرجلين إذا نهض:
يقطع الصلاة.
ويستحب للمصلى: أن يكون بصره إلى موضع سجوده. ولا يرفع بصره إلى السماء. ولا يلتفت. فاحذروا الالتفات، فانه مكروه. وقد قيل: يقطع الصلاة.
وإذا سجد يضع أصابع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه وهو ساجد، ويضم أصابعه، ويوجهها نحو القبلة. ويبدى مرفقيه وساعديه. ولا يلزقهما بجنبيه. جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا سجد لو مرت بهمة تحت ذراعيه لنفذت (2)» وذلك لشدة مبالغته فى رفع مرفقيه وضبيعه. وجاء عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى بين ضبعيه (3)» فأحسنوا السجود رحمنا الله وإياكم ولا تضيعوا شيئا. فقد
__________
(1) رواه أصحاب السنن من حديث وائل بن حجر
(2) رواه مسلم وأبو داود من حديث ميمونة أم المؤمنين
(3) رواه مسلم من حديث عبد الله بن بحينة. وأبو داود من حديث الحسن البصرى حدثنا أحمر بن جزء. قال المنذرى (1: 426) قيل: لم يرد عنه غير الحسن. ولم يرو أحمر عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث(1/363)
جاء فى الحديث «إن العبد يسجد على سبعة أعضاء (1)» فأى عضو منها ضيعه لم يزل ذلك العضو يلعنه.
وينبغى له إذا ركع أن يلقم راحتيه ركبتيه، ويفرق بين أصابعه، ويعتمد على ضبعيه وساعديه، ويسوى ظهره، ولا يرفع رأسه ولا ينكّسه، فقد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا ركع لو كان قدح من ماء على ظهره ما تحرك من موضعه (2)» وذلك لاستواء ظهره، ومبالغته فى ركوعه صلى الله عليه وسلم
فأحسنوا صلاتكم رحمكم الله. وأتموا ركوعها وسجودها وحدودها. فإنه جاء الحديث «إن العبد إذا صلى فأحسن الصلاة صعدت ولها نور. فإذا انتهت إلى أبواب السماء: فتحت لها أبواب السماء، وتشفع لصاحبها، وتقول: حفظك الله كما حفظتنى. وإذا أساء فى صلاته، فلم يتم ركوعها وسجودها وحدودها: صعدت ولها ظلمة. فتقول: ضيعك الله كما ضيعتنى. فإذا انتهت إلى أبواب السماء غلقت أبواب السماء دونها، ثم لفّت كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها (3)»
وينبغى للرجل إذا جلس للتشهد: أن يفترش رجله اليسرى، فيجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويوجه أصابعه نحو القبلة. ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويوجه أصابعها نحو القبلة. ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويشير بإصبعه التى تلى الإبهام، ويحلق الإبهام والوسطى، ويعقد الباقين. فإذا صلى إلى سترة فليدن منها، فإن ذلك مستحب. ولا يمر أحد عليها. فإن ذلك يكره.
__________
(1) رواه البخارى وأبو داود من حديث ابن عباس، وفيه «سبعة آراب»
(2) ذكر الهيثمى فى مجمع الزوائد: أن عبد الله بن أحمد قال: وجدته فى كتاب أبى: عن على. وفيه رجل لم يسم. وسنان بن هرون اختلف فيه. وذكر أن الطبرانى رواه من حديث أنس: وفيه محمد بن ثابت. وهو ضعيف
(3) قال فى مجمع الزوائد: رواه الطبرانى فى الكبير والبزار بنحوه من حديث عبادة بن الصامت. وذكره المنذرى فى الترغيب من حديث النعمان بن قرة، وقال:
رواه الطبرانى.(1/364)
جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «من صلى إلى سترة فليدن منها.
فإن الشيطان يمر بينه وبينها (1)» ومما يتهاون به الناس فى أمر صلاتهم: تركهم المار بين يدى المصلى. وقد جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ادرأ المار. فان أبى فادرأه. فان أبى فالطمه. فإنما هو شيطان (2)» فلو كان للمار بين يدى المصلى رخصة لما أمر النبى صلى الله عليه وسلم بلطمه. وإنما ذلك لعظم المعصية من المار بين يدى المصلى، والمعصية من المصلى إذا لم يدرأه. وجاء الحديث قال «لو يعلم أحدكم ما عليه فى ممرّه بين يدى أخيه فى صلاته لانتظر أربعين خريفا (3)» وجاء الحديث «أن أبا سعيد الخدرى كان يصلى. فأراد ابن أخى مروان بن الحكم أن يمر بين يديه. فمنعه أبو سعيد، فذهب ابن أخى مروان إلى مروان وهو يومئذ والى المدينة فشكى إليه ما صنع أبو سعيد. وجاء أبو سعيد بعد ذلك. فدخل. فقال له مروان: ما يذكر ابن أخى: أنك لطمته، وكان منك إليه؟ فقال أبو سعيد: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندرأ المار. فإن أبى درأناه. فإن أبى لطمناه. فإنما هو شيطان. وإنما لطمت شيطانا (4)»
ويستحب للرجل إذا خرج لصلاة الغداة: أن يصلى الركعتين فى منزله، ثم يخرج. ويستحب له ذكر الله فيما بين الركعتين وبين صلاة الغداة. ومن الجفاء:
الكلام بينهما، إلا كلاما واجبا لازما: من تعليم الجاهل، ونصيحته، وأمره ونهيه. فإن ذلك واجب لازم. والواجب اللازم: أعظم أجرا من ذكر الله تطوعا والتطوع لا يقبل حتى يؤدى الواجب اللازم. وقد جاء الحديث «لا يقبل الله نافلة حتى تؤدى الفريضة»
ويستحب للرجل إذا أقبل إلى المسجد: أن يقبل بخوف ووجل، وخشوع
__________
(1) رواه البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى من حديث أبى سعيد الخدرى
(2) رواه أبو داود من حديث أبى سعيد
(3) رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى من حديث أبى الجهيم عبد الله بن الحرث بن الصمة الأنصارى، بدون لفظ «خريفا»
(4) رواه البخارى ومسلم وغيرهما(1/365)
وخضوع، وأن يكون عليه السكينة والوقار، فما أدرك صلى، وما فاته قضى، بذلك جاء الأثر عن النبى صلى الله عليه وسلم (1)، وأنه «كان يأمر بإثقال الخطى يعنى قرب الخطى إلى المسجد (2)» ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى: أن يسرع شيئا، ما لم يكن عجلة تقبح. جاء الحديث عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم «أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الأولى، وطمعوا فى إدراكها».
فاعلموا رحمكم الله: أن العبد إذا خرج من منزله يريد المسجد: إنما يأتى الله الجبار الواحد القهار، العزيز الغفار، وإن كان لا يغيب عن الله حيث كان، ولا يعزب عنه تبارك وتعالى مثقال حبة من خردل، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، فى الأرضين السبع، ولا فى السماوات السبع، ولا فى البحار السبعة. ولا فى الجبال الصّمّ الصّلاب الشوامخ البواذخ. وإنما يأتى بيتا من بيوت الله، ويريد الله، ويتوجه إلى الله تعالى، وإلى بيت من البيوت التى (24: 36، 37 {أَذِنَ اللََّهُ أَنْ تُرْفَعَ، وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيهََا بِالْغُدُوِّ وَالْآصََالِ: رِجََالٌ لََا تُلْهِيهِمْ تِجََارَةٌ وَلََا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللََّهِ، وَإِقََامِ الصَّلََاةِ، وَإِيتََاءِ الزَّكََاةِ، يَخََافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصََارُ}) فإذا خرج أحدكم من منزله فليحدث لنفسه تفكرا وأدبا، غير ما كان عليه، وغير ما كان فيه من حالات الدنيا وأشغالها، وليخرج بسكينة ووقار. فإن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بذلك. وليخرج برغبة ورهبة، وبخوف ووجل، وخضوع وتواضع لله عز وجل. فإنه كلما تواضع لله عز وجل، وخشع وخضع، وذل لله تعالى: كان أزكى لصلاته، وأحرى لقبولها، وأشرف للعبد، وأقرب له من الله، وإذا تكبر قصمه الله، ورد عمله. وليس يقبل من المتكبر عملا
جاء الحديث عن إبراهيم خليل الله عز وجل «أنه أحيا ليلة. فلما أصبح،
__________
(1) رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى من حديث أبى هريرة بمعناه
(2) رواه البخارى ومسلم وأبو داود من حديث أبى هريرة(1/366)
أعجب بقيام ليلته. فقال: نعم الرب رب إبراهيم، ونعم العبد إبراهيم. فلما كان من الغد: لم يجد أحدا يأكل معه وكان يحب أن يأكل معه غيره فأخرج طعامه إلى الطريق ليمر به مار، فيأكل معه. فنزل ملكان من السماء، فأقبلا نحوه. فدعاهما إبراهيم إلى الغداء. فأجاباه. فقال لهما: تقدما بنا إلى هذه الروضة.
فإن فيها عينا، وفيها ماء. فنتغدى عندها. فتقدموا إلى الروضة. فإذا العين قد غارت. وليس فيها ماء. فاشتد ذلك على إبراهيم عليه السلام، واستحيى مما قال، إذ رأى غير ما قال، فقالا له: يا إبراهيم، أدع ربك، واسأله: أن يعيد الماء فى العين، فدعا الله عز وجل. فلم ير شيئا. فاشتد ذلك عليه. فقال لهما: ادعوا الله أنتما. فدعا أحدهما، فرجع وإذا هو بالماء فى العين، ثم دعا الآخر، فأقبلت العين.
فأخبراه: أنهما ملكان، وأن إعجابه بقيام ليلته رد دعاءه عليه، ولم يستجب له»
فاحذروا رحمكم الله تعالى من الكبر. فليس يقبل مع الكبر عمل، وتواضعوا بصلاتكم. فإذا قام أحدكم فى صلاته بين يدى الله عز وجل، فليعرف الله عز وجل فى قلبه بكثرة نعمه عليه، وإحسانه إليه، فإن الله عز وجل قد أوقره نعما. وأنه أوقر نفسه ذنوبا، فليبالغ فى الخشوع والخضوع لله عز وجل.
وقد جاء الحديث «إن الله أوحى إلى عيسى ابن مريم: إذا قمت بين يدىّ فقم مقام الحقير الذليل، الذامّ لنفسه، فإنها أولى بالذم. فإذا دعوتنى فادعنى وأعضاؤك تلتفض» وجاء الحديث «أن الله أوحى إلى موسى نحو هذا» فما أحقك يا أخى وأولاك بالذم لنفسك، إذا قمت بين يدى الله عز وجل
وجاء الحديث عن محمد بن سيرين: أنه كان إذا قام فى الصلاة ذهب دم وجهه حوفا من الله عز وجل، وفزقا منه. وجاء عن مسلم (1). أنه كان إذا دخل
__________
(1) هو مسلم بن يسار البصرى الأموى المكى. قال ابن سعد: قالوا: كان أرفع عندهم من الحسن البصرى، حتى خرج مع ابن الأشعث. فوضعه ذلك عند الناس اهـ تهذيب(1/367)
فى الصلاة لم يسمع حسّا من صوت ولا غيره، تشاغلا بالصلاة وخوفا من الله عز وجل وجاء عن عامر العنبرى الذى كان يقال له عامر بن عبد قيس (1) فى حديث هذا بعضه أنه قال: «لأن تختلف الخناجر بين كتفىّ أحب إلى من أن أتفكر فى شىء من أمر الدنيا وأنا فى الصلاة» وجاء عن سعيد بن معاذ أنه قال:
ما صليت صلاة قط. فحدثت نفسى فيها بشىء من أمر الدنيا حتى أنصرف. وجاء عن أبى الدرداء أنه قال فى حديث هذا بعضه: «وتعفير وجهى لربى عز وجل فى التراب: فإنه مبلغ العبادة من الله تعالى»
فلا يتقينّ أحدكم التراب، ولا يكرهن السجود عليه فلا بد لأحدكم منه.
ولا يتقى أحدكم المبالغة، فإنه إنما يطلب بذلك فكاك رقبته وخلاصها من النار التى لا تقوم لها الجبال الصم الشوامخ البواذخ، التى جعلت للأرض أوتادا، ولا تقوم لها السموات السبع الطباق الشداد، التى جعلت سقفا محفوظا. ولا تقوم لها الأرض التى جعلت للخلق دارا. ولا تقوم لها البحار السبع، التى لا يدرك قعرها، ولا يعرف قدرها: إلا الذى خلقها فكيف بأبداننا الضعيفة، وعظامنا الدقيقة، وجلودنا الرقيقة؟ نستجير بالله من النار. نستجير بالله من النار، نستجير بالله من النار.
فان استطاع أحدكم رحمكم الله إذا قام فى صلاته: أن يكون كأنه ينظر إلى الله عز وجل فانه إن لم يكن يراه فان الله يراه. فقد جاء فى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه «أوصى رجلا، فقال له فى وصيته: اتق الله كأنك تراه.
فإن لم تكن تراه فهو يراك (2)» فهذه وصية النبى صلى الله عليه وسلم للعبد فى
__________
(1) ذكره ابن الأثير فى أسد الغابة. وقال: ذكره أبو موسى فى الصحابة.
وهو تابعى. قيل: أدرك الجاهلية. وكان أعبد أهل زمانه وأشدهم اجتهادا. وسعى به إلى عثمان بن عفان: أنه لا يأكل اللحم ولا ينكح النساء. وأنه يطعن على الأئمة ولا يشهد الجمعة. فأمره أن يسير إلى الشام ثم ذكر قصة فيها تبرئته من ذلك.
(2) جاء هذا فى سؤال جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان. وهذا معنى الإحسان. وقد رواه الشيخان من حديث ابن عمر وغيره(1/368)
جميع حالاته. فكيف بالعبد فى صلاته، إذا قام بين يدى الله عز وجل فى موضع خاص، ومقام خاص، يريد الله ويستقبله بوجهه، ليس موضعه ومقامه وحاله فى صلاته كغير ذلك من حالاته؟
جاء الحديث «إن العبد إذ افتتح الصلاة استقبله الله عز وجل بوجهه. فلا يصرفه عنه، حتى يكون هو الذى ينصرف، أو يلتفت يمينا وشمالا (1)» وجاء الحديث قال «إن العبد مادام فى صلاته فله ثلاث خصال: البرّ يتناثر عليه من عنان السماء إلى مفرق رأسه، وملائكة يحفّون به من لدن قدميه إلى عنان السماء، ومناد ينادى: لو يعلم العبد من يناجى: ما انفتل (2)»
فرحم الله من أقبل على صلاته خاشعا خاضعا، ذليلا لله عز وجل، خائفا داعيا راغبا، وجلا مشفقا راجيا. وجعل أكبر همّه فى صلاته لربه تعالى، ومناجاته إياه، وانتصابه قائما وقاعدا، وراكعا وساجدا، وفرّغ لذلك قلبه وثمرة فؤاده. واجتهد فى أداء فرائضه. فإنه لا يدرى: هل يصلى صلاة بعد التى هو فيها، أو يعاجل قبل ذلك؟. فقام بين يدى ربه عز وجل محزونا مشفقا، يرجو قبولها، ويخاف ردها. فإن قبلها سعد. وإن ردها شقى.
فما أعظم خطرك يا أخى فى هذه الصلاة، وفى غيرها من عملك، وما أولاك بالهم والحزن، والخوف والوجل فيها، وفيما سواها مما افترض الله عليك. إنك لا تدرى: هل يقبل منك صلاة قط، أم لا؟ ولا تدرى: هل يقبل منك حسنة قط، أم لا؟ وهل غفر لك سيئة قط، أم لا؟ ثم أنت مع هذا تضحك وتغفل، وينفعك العيش. وقد جاءك اليقين: أنك وارد النار. ولم يأتك اليقين أنك صادر عنها. فمن أحقّ بطول البكاء وطول الحزن منك، حتى يتقبل الله
__________
(1) أخرجه احمد فى المسند وأبو داود والنسائى من حديث أبى ذر
(2) ذكره محمد بن نصر المروزى فى كتاب الصلاة من حديث الحسن البصرى، مرسلا(1/369)
منك؟ ثم مع هذا لا تدرى، لعلك لا تصبح إذا أمسيت، ولا تمسى إذا أصبحت، فمبشّر بالجنة، أو مبشّر بالنار. وإنما ذكّرتك يا أخى لهذا الخطر العظيم إنك لمحقوق أن لا تفرح بأهل ولا مال ولا ولد، وإن العجب كل العجب من طول غفلتك، وطول سهوك ولهوك عن هذا الأمر العظيم، وأنت تساق سوقا عنيفا فى كل يوم وليلة، وفى كل ساعة وطرفة عين. فتوقّع يا أخى أجلك. ولا تغفل عن الخطر العظيم الذى قد أظلّك. فإنك لا بد ذائق الموت ولاقيه، ولعله ينزل بساحتك فى صباحك أو مسائك، أشد ما تكون عليها إقبالا، وكأنك قد أخرجت من ملكك كله، فإما إلى الجنة وإما إلى النار. انقطعت الصفات، وقصرت الحكايات عن بلوغ صفتهما ومعرفة قدرهما. والإحاطة بغاية خبرهما.
أما سمعت يا أخى قول العبد الصالح: عجبت للنار كيف نام هاربها؟ وعجبت للجنة كيف نام طالبها؟ فو الله لئن كنت خارجا من الطلب والهرب، لقد هلكت وعظم شقاؤك، وطال حزنك وبكاؤك غدا، مع الأشقياء المعذبين. وإن كنت تزعم أنك هارب طالب، فاغد فى ذلك على قدر ما أنت عليه من عظم الخطر.
ولا تغرنك الأمانى.
واعلموا رحمكم الله أن الإسلام فى إدبار وانتقاص، واضمحلال ودروس، جاء فى الحديث «ترذلون فى كل يوم. وقد يسرع بخياركم» وجاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «بدأ الإسلام غريبا. وسيعود غريبا كما بدأ (1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «خير أمتى: القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. والآخر شر إلى يوم القيامة (2)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه «أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من
__________
(1) أخرجه مسلم والترمذى عن عمرو بن عوف
(2) متفق على معناه من حديث عمران بن حصين(1/370)
أبنائهم، وأبناء أبنائكم خير من أبنائهم، والآخر شر إلى يوم القيامة» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم «يأتى زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه (1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم «أن رجلا قال: كيف نهلك، ونحن نقرأ القرآن، ونقرئه أبناءنا، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم؟ قال: ثكلتك أمك، أو ليس اليهود والنصارى يقرؤن التوراة والانجيل؟ قال: بلى، يا رسول الله، قال: فما أغنى ذلك عنهم؟ قال: لا شىء يا رسول الله (2)»
وقد أصبح الناس فى نقص عظيم شديد من دينهم عامة، ومن صلاتهم خاصة.
فأصبح الناس فى صلاتهم ثلاثة أصناف: صنفان لا صلاة لهم
أحدهما: الخوارج والروافض والمشبهة، وأهل البدع يحقرون الصلاة فى الجماعات، ولا يشهدونها مع المسلمين فى مساجدهم، بشهادتهم علينا بالكفر، وبالخروج من الإسلام
والصنف الثانى: من أصحاب اللهو واللعب، والعكوف على هذه المجالس الرديئة على الأشربة والأعمال السيئة.
والصنف الثالث: هم أهل الجماعة، الذين لا يدعون حضور الصلاة عند النداء بها، ومشاهدتها مع المسلمين فى مساجدهم. فهؤلاء خير الأصناف الثلاثة. وهؤلاء مع خيرهم وفضلهم على غيرهم قد ضيعوها. ورفضوها، إلا ما شاء الله، لمسابقتهم الإمام فى الركوع والسجود، والخفض والرفع، أو مع فعله، وإنما ينبغى لهم: أن يكونوا بعد الإمام فى جميع حالاتهم. ولقد أخبرنا من صلى فى المسجد الحرام أيام الموسم قال: رأيت خلقا كثيرا فيه يسابقون الإمام. وأهل الموسم من كل أفق:
من خراسان، وأفريقية، وأرمينية، وغيرها من البلاد. إلا ما شاء الله. وقد رأينا
__________
(1) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان من حديث على
(2) أخرجه أحمد فى المسند وابن ماجة من حديث زياد بن لبيد. ورواه الترمذى بنحوه. ورواه الدارمى من حديث ابى امامة(1/371)
تصديق ذلك. ترى الخراسانى: يقدم من خراسان حاجا. يسبق الإمام إذا صلى معه، وترى الشامى كذلك، والإفريقي، والحجازى، وغيرهم كذلك. قد غلبت عليهم المسابقة. وأعجب من ذلك: أقوام يسبقون إلى الفضل، ويبكرون إلى الجمعة، طلبا للفضل فى التبكير، ومنافسة فيه، فربما صلى أحدهم الفجر بالمسجد الجامع، حرصا على الفضل، وطلبا له. فلا يزال مصليا، وراكعا وساجدا، وقائما وقاعدا، وتاليا للقرآن، وداعيا لله عز وجل، وراغبا وراهبا، وهذه حاله إلى العصر، ويدعو إلى المغرب. وهو مع هذا كله: يسابق الإمام، خدعا من الشيطان لهم، واستيلاء، يخدعهم عن الفريضة الواجبة عليهم، اللازمة لهم، فيركعون ويسجدون معه، ويرفعون ويخفضون معه، جهلا منهم، وخدعا من الشيطان لهم، فهم يتقربون بالنوافل التى ليست بواجبة عليهم. ثم يضيعون الفرائض الواجبة عليهم. وقد جاء الحديث «لا يقبل الله نافلة حتى تؤدى الفريضة» وإنما يطلب الفضل فى التبكير إلى الجمعة: غير المضيع للأصل. لأنه قد يستغنى بالأصل عن الفضل، ولا يستغنى بالفضل عن الأصل. فمن ضيع الأصل فقد ضيع الفضل، ومن ضيع الفضل وتمسك بالأصل وأحكمه كفى به، واستغنى عن الفضل. وإنما مثلك فى طلب الفضل، وتضييعك الأصل: كمثل تاجر اتجر. فجعل ينظر فى الربح ويحسبه، ويفرح به قبل أن يرفع (1) رأس المال. فلم يزل كذلك يفرح بالربح ويغفل عن النظر فى رأس المال، فلما نظر إلى رأس ماله رآه قد ذهب، وذهب الربح، فلم يبق رأس مال ولا ربح
فرحم الله رجلا رأى أخاه يسبق الإمام، فيركع أو يسجد معه، أو يصلى وحده فيسىء فى صلاته: فينصحه ويأمره وينهاه. ولا يسكت عنه. فإن نصيحته واجبة عليه. لازمة له. وسكوته عنه إثم ووزر. فإن الشيطان يريد أن تسكتوا
__________
(1) وفى نسخة المنار «يروج» وهى غلط، صححت فى طبعة الأستاذ محمود شاكر «يؤرج» وشرحها (التأريج) هو فى حساب الأموال: أن يثبت تحت كل اسم من دفعات القبض ليسهل عقده بالحساب. وهو ما نسميه اليوم «مسك الدفاتر»(1/372)
عن الكلام بما أمركم الله، وأن تدعوا التعاون على البر والتقوى، الذى أوصاكم الله به. والنصيحة التى عليكم من بعضكم لبعض، لتكونوا مأثومين مأزورين، ولا تكونوا مأجورين، ويضمحل الدين ويذهب، وأن لا تحيوا سنة، ولا تميتوا بدعة.
فأطيعوا الله فيما أمركم به: من التناصح والتعاون على البر والتقوى، ولا تطيعوا الشيطان. فإن الشيطان لكم عدو مضل مبين بذلك أخبركم الله عز وجل.
فقال (35: 6 {إِنَّ الشَّيْطََانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}) وقال تعالى (7: 27 {يََا بَنِي آدَمَ لََا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطََانُ كَمََا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ})
واعلموا أنما جاء هذا النقص فى الصلاة: من المنسوبين إلى الفضل، المبكرين إلى الجمعات (1) ممن بالمشرق والمغرب من أهل الإسلام، لسكوت أهل العلم والفقه والبصر عنهم. وتركهم ما لزمهم من النصيحة والتعليم والأدب، والأمر والنهى، والإنكار والتغيير. فجرى أهل الجهالة على المسابقة للامام. وجرى معهم كثير ممن ينسب إلى العلم والفقه، والبصر والفضل، استخفافا منهم بالصلاة. والعجب كل العجب من اقتداء أهل العلم بأهل الجهالة، ولمجراهم معهم فى المسابقة للامام والسجود والرفع والخفض، وفعلهم معهم، وتركهم ما حمّلوا وسمعوا من الفقهاء والعلماء. وإنما الحق الواجب على العلماء: أن يعلموا الجاهل وينصحوه، ويأخذوا على يده، فهم فيما تركوا آثمون، عصاة خائنون، لجريانهم معهم فى ذلك. وفى كثير من مساويهم، من الغش والنميمة، ومحقرة الفقراء والمستضعفين، وغير ذلك من المعاصى مما يكثر تعداده. وجاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه» فتعليم الجاهل واجب على العالم، لازم له. لأنه لا يكون الويل للعالم من تطوع تركه، لأن الله لا يؤاخذ على ترك التطوع. إنما يؤاخذ على ترك الفرائض. وجاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم
__________
(1) فى النسخ الأخرى: «الجماعات»(1/373)
أنه قال «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه. فان لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان (1)» والمضيع لصلاته، الذى يسابق الإمام فيها، ويركع ويسجد معه، أو لا يتم ركوعه ولا سجوده، إذا صلى وحده: فقد أتى منكرا. لأنه سارق. وقد جاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «شر الناس سرقة: الذى يسرق من صلاته. قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها، ولا سجودها (2)» فسارق الصلاة: قد وجب الإنكار عليه ممن رآه، والنصيحه له. أرأيت: لو أن سارقا سرق درهما، ألم يكن ذلك منكرا يجب الإنكار عليه ممن رآه؟ فسارق الصلاة: أعظم سرقة من سارق الدرهم. وجاء الحديث عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال «من رأى من يسىء فى صلاته فلم ينهه: شاركه فى وزرها وعارها» وجاء فى الحديث عن بلال بن سعد أنه قال «الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت فلم تغير: ضرت العامة (3)» وإنما تضر العامة: لتركهم ما يجب عليهم من الإنكار والتغيير على الذى ظهرت منه الخطيئة. فلو أن عبدا صلى حيث لا يراه الناس، فضيع صلاته، ولم يتم الركوع ولا السجود: كان وزر ذلك عليه خاصة. وإذا فعل ذلك حيث يراه الناس، فلم ينكروه ولم يغيروه: كان وزر ذلك عليه وعليهم.
فاتقوا الله عباد الله فى أموركم عامة، وفى صلاتكم خاصة. وأحكموها فى أنفسكم. وانصحوا فيها إخوانكم. فإنها آخر دينكم. فتمسكوا بآخر دينكم. ومما أوصاكم به ربكم من بين الطاعات التى افترضها الله عامة، وتمسكوا بما عهد إليكم نبيكم صلى الله عليه وسلم خاصة، من بين عهوده إليكم فيما افترض عليكم ربكم
__________
(1) أخرجه مسلم وغيره من حديث أبى سعيد الخدرى.
(2) رواه احمد فى المسند من حديث أبى قتادة. ورواه مالك والدارمى وأحمد من حديث النعمان بن مرة. وفى النسخ الأخرى «أسوأ الناس سرقة»
(3) هذا من كلام بلال بن سعد التابعى العابد. روى الامام أحمد فى المسند عن أم سلمة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ظهرت المعاصى فى أمتى عمهم الله بعذاب من عنده»(1/374)
عامة. وجاء الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان آخر وصيته لأمته، وآخر عهده إليهم، عند خروجه من الدنيا: أن اتقوا الله فى الصلاة، وفيما ملكت أيمانكم (1)». وجاء الحديث «أنها آخر وصية كل نبى لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا» وهى آخر ما يذهب من الإسلام. ليس بعد ذهابها إسلام ولا دين، وهى أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله، وهى عمود الإسلام، وإذا سقط: سقط العمود الفسطاط، فلا ينتفع بالطّنب والأوتاد، وكذلك الصلاة: إذا ذهبت فقد ذهب الإسلام.
وقد خصها الله بالذكر من بين الطاعات كلها، ونسب أهلها إلى الفضل.
وأمر بالاستعانة بها، وبالصبر على جميع الطاعات، واجتناب جميع المعصية.
فاءمروا رحمكم الله بالصلاة فى المساجد من تخلف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها. وأنكروا عليهم بأيديكم فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم. واعلموا أنه لا يسعكم السكوت عنهم، لأن التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية. فقد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام. ثم أخالف إلى قوم فى منازلهم لا يشهدون الصلاة فى جماعة، فأحرقها عليهم (2)» فتهددهم النبى صلى الله عليه وسلم بحرق منازلهم. فلولا أن تخلفهم عن الصلاة معصية كبيرة عظيمة: لما تهددهم النبى صلى الله عليه وسلم بحرق منازلهم. وجاء الحديث «لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد (3)» وجار المسجد: الذى بينه وبين المسجد أربعون دارا (4).
__________
(1) أخرجه أحمد فى المسند وابن ماجة من حديث أم سلمة. وأخرجه أحمد والنسائى وابن ماجة وابن حبان من حديث أنس. وأخرجه الطبرانى من حديث ابن عمر
(2) رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة
(3) أخرجه الدارقطنى من حديث جابر وأبى هريرة. وأخرجه الحاكم فى المستدرك من حديث أبى هريرة
(4) إلى هنا قد انتهت رسالة الصلاة فى المخطوطتين. وقد كملناها من النسخ الأخرى، لعظيم الفائدة فيها. ورحم الله الإمام احمد وجزاه عن المسلمين خيرا. فلقد أوفى فى النصيحة للمسلمين فى أهم دينهم. وفق الله المسلمين للعمل بسنة رسولهم. وإقامة كل دينهم على هداه.(1/375)
[فالصلاة أول فريضة فرضت على النبى صلى الله عليه وسلم، وهى آخر ما أوصى به أمته عند خروجه من الدنيا. وهى آخر ما يذهب من الإسلام، ليس بعد ذهابها إسلام ولا دين.
جاء الحديث قال: «من سمع المؤذن فلم يجبه. فلا صلاة له، إلا من عذر (1)»
وجاء عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه «أنه فقد رجلا فى الصلاة.
فأتى منزله. فصوت به. فخرج الرجل. فقال: ما حبسك عن الصلاة؟ قال:
علّة يا أمير المؤمنين، ولولا أنى سمعت صوتك ما خرجت، أو قال: ما استطعت أن أخرج، فقال عمر: لقد تركت دعوة من هو أوجب عليك إجابة منى:
منادى الله إلى الصلاة» وجاء عن عمر «أنه فقد أقواما فى الصلاة. فقال: ما بال أقوام يتخلفون عن الصلاة. فيتخلف لتخلفهم آخرون؟ ليحضرنّ المسجد، أو لأبعثن إليهم من يجأ فى رقابهم (2)، ثم يقول: احضروا الصلاة، احضروا الصلاة» وجاء الحديث عن عبد الله بن أم مكتوم: أنه قال «يا رسول الله، إنى شيخ ضرير البصر، ضعيف البدن، شاسع الدار، بينى وبين المسجد نخل وواد، فهل لى من رخصة إن صليت فى منزلى؟ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: أجب (3)» ولم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ضرير البصر، ضعيف البدن، شاسع الدار، بينه وبين المسجد نخل وواد:
فى التخلف عن الصلاة. فلو كان لأحد عذر فى التخلف: لرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لشيخ ضعيف البدن، ضرير البصر، شاسع الدار، بينه وبين المسجد نخل وواد.
__________
(1) قال المنذرى فى الترهيب من ترك حضور الجماعة، قال ابو بكر بن المنذر روينا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم قالوا: «من سمع النداء، ثم لم يجب من غير عذر، فلا صلاة له» منهم ابن مسعود وأبو موسى الأشعرى، وقد روى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم
(2) وجأه فى عنقه: لكزه بيده، او بعود، او بسكين
(3) متفق عليه(1/376)
فأنكروا على المتخلفين عن الصلاة، فإن ذنوبهم فى تخلفهم عظيمة. وأنتم شركاؤهم فى عظيم تلك الذنوب، إن تركتم نصيحتهم والإنكار عليهم. وأنتم تقدرون على ذلك.
وجاء عن أبى الدرداء عن ابن مسعود «إن الله تبارك وتعالى سنّ لكل نبى سنة. وسنّ لنبيكم، فمن سنة نبيكم: هذه الصلوات الخمس فى جماعة. وقد علمت: أن لكل رجل منكم مسجدا فى بيته، ولو صليتم فى بيوتكم لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم (1)»
فاتقوا الله واءمروا بالصلاة فى جماعة من تخلف، وإن لم تفعلوا تكونوا آثمين، ومن أوزارهم غير سالمين. لوجوب النصيحة لإحوانكم عليكم، ولوجوب إنكار المنكر عليكم بأيديكم. فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم.
وقد جاء الحديث «يجىء الرجل يوم القيامة متعلقا بجاره، فيقول: يا رب هذا خاننى، فيقول: يا رب، وعزتك، ما خنته فى أهل ولا مال، فيقول: صدق يا رب، ولكنه رآنى على معصية فلم ينهنى عنها (2)» والمتخلف عن الصلاة عظيم المعصية. فاحذر تعلقه بك غدا وخصومته إياك بين يدى الجبار. ولا تدع نصيحته اليوم، إن شتمك وآذاك وعاداك، فإن معاداته لك اليوم أهون من تعلقه بك غدا، وخصومته إياك بين يدى الجبار، ودحضه حجتك فى ذلك المقام العظيم. فاحتمل الشتمة اليوم لله، وفى الله. لعلك تفوز غدا مع النبيين والتابعين لهم فى الدين
__________
(1) اخرجه احمد فى المسند ومسلم وأبو داود
(2) ذكره المنذرى فى الترغيب فى الأمر بالمعروف عن أبى هريرة. قال:
«كنا نسمع: أن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة، وهو لا يعرفه، فيقول له:
مالك إلى؟ وما بينى وبينك معرفة. فيقول: كنت ترانى على الخطأ وعلى المنكر ولا تنهانى» قال المنذرى: أذكره رزين، ولم أره(1/377)
فإن رأيتم اليوم من يصلى تطوعا، ولا يقيم صلبه بين الركوع والسجود: فقد وجب عليكم أمره ونهيه ونصيحته، فإن لم تفعلوا كنتم شركاءه فى الإساءة والوزر والإثم والتضييع.
واعلموا أن مما جهل الناس: أن أحدهم يصلى متطوعا، ولا يتم الركوع ولا السجود، ولا يقيم صلبه. لأنه تطوع، فيظن أن ذلك يجزيه، وليس يجزيه ذلك عن التطوع. لأنه من دخل فى التطوع فقد صار واجبا عليه لازما له. يجب عليه إتمامه وإحكامه، كما أن الرجل لو أحرم بحجة تطوعا: وجب عليه قضاؤها، وإن أصاب فيها صيدا: وجبت عليه الكفارة، وكما أن الرجل لو صام يوما تطوعا، ثم أفطر عند العصر: وجب عليه قضاء هذا اليوم، وكما أن الرجل لو تصدق بدرهم على فقير، ثم أخذه منه: وجب عليه رد ذلك الدرهم على الفقير. فكل تطوع دخل فيه لزمه، ووجب عليه أداؤه تامّا محكما، لأنه حين دخل فيه فقد أوجبه على نفسه، ولو لم يدخل فيه لم يكن عليه شىء. فإذا رأيتم من يصلى تطوعا أو فريضة فاءمروه بتمام ذلك وإحكامه، إن لا تفعلوه تكونوا آثمين. عصمنا الله وإياكم.
وقد قال بعض أهل الجهل: ليس على من سبق الإمام ساهيا شىء، تأويلا منهم للحديث الذى جاء «ليس على من خلف الإمام سهو» وقد جاء الحديث بذلك، ولكنهم أخطئوا معناه وتأويله. إنما معناه: من قام ساهيا فيما ينبغى له أن يجلس فيه أو جلس ساهيا فيما ينبغى له أن يقوم فيه، أو سها فلم يدر: كم صلى؟ ثلاثا، أو أربعا، أو ترك بعض التكبيرات ساهيا. فليس عليه سهو، وليس ذلك فيمن سبق الإمام. لم يجىء عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن المهاجرين والأنصار بيان لمن سبق الإمام ساهيا أو غير ساه، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أما يخاف الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار» لم يقل: إلا أن يكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو. وقول ابن مسعود «لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا،
ولم يأمره بسجدتى السهو، وقول ابن عمر «لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو، ولكن ضربه وأمره بالإعادة. وقول سلمان «الذى يرفع رأسه قبل الإمام ويخفض قبله:(1/378)
وقد قال بعض أهل الجهل: ليس على من سبق الإمام ساهيا شىء، تأويلا منهم للحديث الذى جاء «ليس على من خلف الإمام سهو» وقد جاء الحديث بذلك، ولكنهم أخطئوا معناه وتأويله. إنما معناه: من قام ساهيا فيما ينبغى له أن يجلس فيه أو جلس ساهيا فيما ينبغى له أن يقوم فيه، أو سها فلم يدر: كم صلى؟ ثلاثا، أو أربعا، أو ترك بعض التكبيرات ساهيا. فليس عليه سهو، وليس ذلك فيمن سبق الإمام. لم يجىء عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن المهاجرين والأنصار بيان لمن سبق الإمام ساهيا أو غير ساه، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أما يخاف الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار» لم يقل: إلا أن يكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو. وقول ابن مسعود «لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا،
ولم يأمره بسجدتى السهو، وقول ابن عمر «لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو، ولكن ضربه وأمره بالإعادة. وقول سلمان «الذى يرفع رأسه قبل الإمام ويخفض قبله:
ناصيته بيد الشيطان، يخفضه ويرفعه» ولم يقل: إلا أن يكون ساهيا. ولم يأمره بسجدتى السهو.
وقد سها النبى صلى الله عليه وسلم. وسها عمر. وسها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من سها وترك القراءة فى الركعتين الأوليين ثم قرأ فى الأخريين، ومنهم من سها. فقام فيما ينبغى له أن يجلس فيه. وجلس فيما ينبغى أن يقوم فيه، ففى هذا كله وفيما أشبهه: سجدتا السهو. بذلك جاءت الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضى الله عنهم، وذلك هو السنة. فأما سبق الإمام: فإنما جاء عنهم «أنه لا صلاة له» على ما فسرت لك من قولهم «من سبق الإمام فلا صلاة له» ساهيا كان أو غير ساه. وليس للسهو ههنا موضع يعذر فيه صاحبه. وكيف يجوز السهو ههنا؟ وهو إذا رأى الإمام قد هوى من قيامه بادره فسجد قبله، أو ينظر إلى الإمام ساجدا بعد، وهو قد رفع رأسه، أو ينظر إليه يريد أن يسجد فيبادر السجود قبله أو ساعة يفرغ الإمام من القراءة:
يبادر فيركع قبله من قبل أن يكبر الامام فيركع. وإنما ينبغى فى هذا كله: أن ينتظر حتى يركع، أو يسجد، أو يرفع، أو يخفض، وينقطع تكبيره فى ذلك كله، ثم يتبعه بعد فعل الإمام، وبعد انقطاع تكبيره. ليس للسهو ههنا موضع يعذر به صاحبه، ولم يعذره النبى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضى الله عنهم، ولا أمروه بسجدتى السهو، ولكن أمروه بالاعادة، وخوفه النبى صلى الله عليه وسلم «أن يحول الله رأسه رأس حمار» وإنما ذلك لاستخفافه بالصلاة واستهانته بها، وصغر خطرها فى قلبه.
فليحذر جاهل أن يعذر نفسه فيما لا عذر له فيه، فيحمل وزر نفسه ووزر من يفتنه بحجة مدحوضة، لم يحتج بها أحد من الأبرار.(1/379)
فاعتنوا عباد الله بصلاتكم. فإنها آخر دينكم، وليحذر امرؤ أن يظن أنه قد صلى وهو لم يصل. فإنه جاء الحديث «أن الرجل يصلى ستين سنة وماله صلاة، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يتم الركوع ولا يتم السجود. ويتم السجود ولا يتم الركوع» وجاء الحديث عن حذيفة «أنه رأى رجلا يصلى ولا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال حذيفة: منذكم تصلى هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين سنة:
قال حذيفة: ما صليت. ولو مت: لمت على غير الفطرة» وجاء الحديث عن عبد الله بن مسعود «أنه بينما يحدث أصحابه. إذ قطع حديثه. فقالوا له: مالك يا أبا عبد الرحمن، قطعت حديثك؟ قال: إنى أرى عجبا! أرى رجلين، أما أحدهما: فلا ينظر الله إليه. وأما الآخر: فلا يقبل الله صلاته، قالوا: من هما؟
فقال: أما الذى لا ينظر الله إليه: فذلك الذى يمشى يختال فى مشيته، وأما الذى لا يقبل الله صلاته: فذلك الذى يصلى ولا يتم ركوعه ولا سجوده»
وجاء الحديث «أن رجلا دخل المسجد، فصلى. ثم جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: صليت يا فلان؟ قال: نعم يا رسول الله. قال: ما صليت، قم فأعدها. فأعادها. ثم جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: صليت يا فلان؟ قال: نعم، يا رسول الله. قال: ما صليت. قم فأعدها، فأعادها. فلما كانت الثالثة، أو الرابعة: علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلى. فصلى كما علمه النبى صلى الله عليه وسلم (1)»
فرحم الله امرءا احتسب الأجر والثواب. فبث هذا الكتاب فى أقطار الأرض. فإن أهل الإسلام محتاجون إليه لما قد شملهم من الاستخفاف بصلاتهم والاستهانة بها. والله أعلم بالصواب (2)].
وقال مهنا: قلت لأحمد بن حنبل: ما أفضل الأعمال؟ قال: طلب العلم.
__________
(1) هو حديث المسيىء صلاته المشهور فى الصحاح والسنن من حديث ابى هريرة ورفاعة بن رافع وغيرهما
(2) إلى هنا انتهت رسالة الصلاة وتكملتها من النسخ(1/380)
قال: لمن صحت نيته. قلت: وأى شىء تصحيح النية؟ قال: ينوى، يتواضع فيه، وينفى عنه الجهل.
497 - مضر بن محمد بن خالد بن الوليد بن مضر، أبو محمد الأسدى.
سمع الإمام أحمد حنبل. ويحيي بن معين، وغيرهما. روى عنه يحيى بن صاعد، وأبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن مخلد، وغيرهم. وقال الدارقطنى: هو ثقة. قال على بن عمر الحافظ: مضر بن محمد الأسدى القاضى: بغدادى. ولى قضاء واسط.
وكان راويا القراءات. حدثنا عنه جماعة من شيوخنا.
قال أبو بكر الشافعى: ومات أبو محمد الأسدى: سنة سبع وسبعين ومائتين.
498 - معروف بن الفيرزان، أبو محفوظ العابد، المعروف بالكرخى
منسوب إلى كرخ بغداد. وكان أحد المشهورين بالزهد والعزوف عن الدنيا، يغشاه الصالحون. ويتبرك بلقائه العارفون. وكان يوصف بأنه مجاب الدعوات.
وحكى عنه كرامات. وأسند أحاديث يسيرة عن بكر بن حبيش، والربيع بن صبيح وغيرهما. روى عنه خلف بن هشام البزاز، وزكريا بن يحيى المروذى، ويحيى بن أبى طالب فى آخرين. وحكى عن إمامنا أحمد حكاية. وهى:
ما أنبأ الوالد السعيد عن محمد بن فارس المعروف بابن الغورى قال: حدثنا أحمد بن المنادى قال: حدثنا أبو بكر عمر بن ابراهيم قال: حدثنا يحيى بن أكثم القاضى قال: سمعت معروفا وذكر عنده أحمد بن حنبل فقال: رأيت أحمد بن حنبل فتى عليه آثار النسك. سمعته يقول كلاما جمع فيه الخير، سمعته يقول:
من علم أنه إذا مات نسى: أحسن ولم يسىء.
وروى هذا الحكاية عن معروف أيضا: أبو الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمى قال: سمعت أبى يقول: قيل لأبى محفوظ معروف الكرخى: هل رأيت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل؟ قال: نعم رأيته، وسمعت منه كلمتين أزعجتنانى.
سمعته يقول: من علم أنه إذا مات نسى: أحسن، ولم يسىء(1/381)
وذكر أبو سعيد بن الأعرابى: أن أحمد بن حنبل كان يقول: معروف الكرخى من الأبدال، وهو مجاب الدعوة. وذكر فى مجلس أحمد معروف الكرخى، فقال بعض من حضره: هو قصير العلم. قال أحمد: أمسك، عافاك الله. وهل يراد من العلم: إلا ما وصل إليه معروف؟
وقال المعافى بن زكريا الجريرى: حدثت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، أنه قال: قلت لأبى: هل كان مع معروف شىء من العلم؟ فقال لى: يا بنى، كان معه رأس العلم: خشية الله تعالى
وحكى إسماعيل بن شداد قال: قال لنا سفيان بن عيينة: من أين أنتم؟ قلنا:
من أهل بغداد. قال: ما فعل ذلك الحبر الذى فيكم؟ قلنا: من هو؟ قال:
أبو محفوظ معروف. قال قلنا: بخير. قال: لا يزال أهل تلك المدينة بخير ما بقى فيهم.
وقال إمامنا أحمد للمروذى: إذا أخبرت عن معروف بشىء من أخبار السماء فاقبله
ومعروف كان أستاذ سرىّ السّقظى. وصحب معروف داود الطائى
وقال إبراهيم الحربى: قبر معروف الترياق المجرب (1)
وقال عبد الله بن العباس الطيالسى: قال لى ابن أخى معروف: قال لى عمى معروف: إذا كان لك إلى الله حاجة، فتوسل إليه بى (2)
__________
(1) ليس الترياق المجرب فى القبور والعكوف عندها، ودعاء أصحابها، وإنما الترياف المجرب: إخلاص العبادة لله وحده، والايمان بان معروفا وأعظم منه من الموتى لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا. ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، مما كان يعتقده مشركو الجاهلية الاولى والثانية، وجاء الرسول بكتاب الله وهداه لتطهير القلوب من وثنية تعظيم القبور واعتقاد الترياق فيها، والدعوة إلى عبادتها
(2) هذه دعوة صارخة إلى الشرك: وهى بعينها التى قالها المشركون (39: 3(1/382)
وقال عبد الوهاب الوراق: ما رأيت أحدا أخوف لله عز وجل من معروف الكرخ:
وقال معرف: كلام العبد فيما لا يغنيه خذلان من الله له
وقال محمد بن منصور: مضيت يوما إلى معروف، ثم عدت إليه من غد، فرأيت فى وجهه أثر شجّة، فهبت أن أسأله عنها. وكان عنده رجل آخر أجرأ عليه منى. فقال: يا أبا محفوظ، كنا عندك البارحة، ومعنا محمد بن منصور، فلم نر فى وجهك هذا الأثر؟ فقال له معروف: خذ فيما نحن فيه. وما تنتفع به. فقال له:
أسألك بالله. فانتفض معروف، وقال له: ويحك، وما حاجتك إلى هذا؟ مضيت البارحة إلى البيت الحرام، فصليت ثمّ عشاء الآخرة. ثم صرت إلى زمزم فشربت منه. فزلّت قدمى، فنطح وجهي الباب. فهذا الذي تراه من ذلك (1)
وقال رجل لمعروف: أوصني: فقال: توكل على الله، وأكثر ذكر الموت، حتى لا يكون لك جليس غيره. واعلم أن الشفاء من البلاء إذا نزل بك: كتمانه، وأن الناس لا ينفعونك ولا يضرونك، ولا يعطونك ولا يمنعونك
وقال معروف: إذا كان يوم القيامة: أنبت الله عز وجل لأقوام من المؤمنين أجنحة فى قبورهم. فإذا نفخ فى الصور طاروا من قبورهم، فصاروا إلى الجنة.
فتلقاهم الملائكة. فيقولون لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن المؤمنون. نحن من أمة محمد، نحن من أمة القرآن. فيقولون لهم: هل رأيتم الصراط؟ فيقولون: لا.
فيقولون: هل رأيتم الجمع؟ فيقولون: لا. فيقولون: هل رأيتم الجليل عز وجل؟
__________
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) سبحانه وتعالى عما يشركون. ولعل هذا لا يصح عن معروف، أو أن أحمد بن حنبل لم يكن يعرف هذا عن معروف، وإلا فما أظنه كان يصفه بالصلاح وخشية الله. فان الذى يدعو الناس إلى عبادته وعبادة قبره بعد موته لا يعرف الله، فضلا عن أن نحشاه
(1) هذه دعوى ليس عليها برهان، وأقرب ما تكون: أنها وقعت له من خصومة مع أحد الناس واستحيى أن يذكرها. أو أنها مختلقة كسابقتها(1/383)
فيقولون: قد رأينا نوره. فيقولون لهم: ما كانت أعمالكم فى الدنيا؟ قالوا:
عبدناه، ولم نرد غيره. ولم يعطنا من الدنيا شيئا نحاسب عليه. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عاما (1).
وكان من دعاء معروف: إلهى، لا الذى أطاعك استغنى عنك، ولا عن فضلك. ولا الذى عصاك غلبك، ولا استبدل بشىء دونك، سيدى، كيف لى بالنجاة، ولا توجد إلا لديك؟ وكيف لى بالحياة، ولا توجد إلا عندك؟ بك عرفتك، لا إله إلا أنت، جل ثناؤك، وتقدست أسماؤك. ولا إله غيرك. اللهم إنى أعوذ بك من طول أمل يمنع خير العمل
وقال خلف بن هشام البزاز: سمعت معروفا يقول: كان يقال: هذا الدعاء للفقراء وقال: خلف للدين شك خلف يقول العبد فى السحر خمسا وعشرين مرة: لا إله إلا الله. الله أكبر كبيرا. سبحان الله والحمد لله كثيرا. اللهم إنى أسألك من فضلك ورحمتك. فإنهما بيدك، لا يملكهما أحد سواك
قال: وسمعت معروفا يقول: جاء جبريل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، علمنى دعاء أدعو به. فقال جبريل:
لأعلمنك دعاء لم أعلمه أحدا قبلك، قل: اللهم استرنى بالعافية فى الدنيا والآخرة قال: فعلمها النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه. فقالوا: يا رسول الله، أفلا نقول:
اللهم استرنا؟ قال: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ذاك أفضل (2)
وقال معروف: إنى لأجد ألم الندم بعد الموت الساعة
وقال معروف: إذا أراد الله بعبد خيرا: فتح له باب العمل. وأغلق عنه باب الجدل. وإذا أراد بعبد شرا: فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل
__________
(1) هذا من علم الغيب الذى لا يعلمه إلا نبى يوحى إليه، وهو يخالف الأحاديث فى البعث
(2) من الذى روى هذا من رجال الحديث؟(1/384)
وقال معروف: من أدام النظر فى المصحف متعه الله ببصره، وخفف عن والديه العذاب، ولو كانا كافرين (1)
وقال خليل الصياد: هرب ابنى، فمكث ثلاثة أيام أو أكثر، فجعلت أمه تبكى عليه، وتقول: اخرج خلفه. فقلت: ليس يدرى أين هو؟ أين أخرج خلفه؟ فجئت إلى معروف، فقلت: ابنى قد فقدته، وأمه تبكى عليه تقول: اخرج فى طلبه، وليس أدرى أين هو؟ قال: فجعل يقول: اللهم لك ما فى السماء وما فى الأرض وما بينهما. لا يزيد على هذا. فانصرفت من عنده. فلما بلغت باب البصرة إذا أنا با بنى قائم. قال: فقلت: محمد؟ فقال: أبتى، أين أنا؟ قال: قلت:
ببغداد بباب البصرة. فقال: الساعة كنت بالأنبار (2).
وقال معروف: من سر أخاه المؤمن خلق الله من ذلك السرور يوم القيامة خلقا فيأخذ بيده حتى يدخله الجنة (3).
وقال معروف: من قال حين يستيقظ من النوم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، قال الله عز وجل لجبريل: اقض حاجة عبدى. وجبريل هو الموكل بحوائج بنى آدم (4).
وقال أبو ثابت: قعدت مرة خلف معروف فى مسجد الجامع. فلم يزل يقول واغوثاه يا الله، فأظنه قالها عشرة آلاف مرة (5).
قال: وكان يقول: أوجب الدعاء: الاستغاثة. يقول الله عز وجل (8: 9 {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجََابَ لَكُمْ})
__________
(1) من أين هذا؟ ولا ينبغى أن يقوله إلا رسول.
(2) فلماذا لم يحصل هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مهاجر من مكة إلى المدينة؟
(3) من الذى أعلم معروفا بهذا من خبر الآخرة؟
(4) من أين هذا؟ والمعلوم بالضرورة أن جبريل: هو ملك الوحى.
(5) ليس ذلك من هدى رسول الله. وشر الأمور محدثاتها(1/385)
وقال عيسى أخو معروف: دخل رجل على معروف فى مرضه الذى مات فيه. فقال يا أبا محفوظ، أخبرنى عن صومك. قال: كان عيسى صلى الله عليه وسلم يصوم كذا. قال: أخبرنى عن صومك؟ قال: كان داود يصوم كذا. قال:
أخبرنى عن صومك؟ قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يصوم كذا: قال:
أخبرنى عن صومك؟ قال: أما أنا فكنت أصبح دهرى كله صائما. فإن دعيت إلى طعام أكلت، ولم أقل: إنى صائم (1).
وقال معروف: من قال: الحمد لله رب العالمين خمس مرات. نظر إليه الله.
ومن قال الحمد لله كثيرا: ضحك الله إليه. وإذا قال العبد: الحمد لله أبدا. قال الله عز وجل: اكتبوها أبدا
وقال معروف: ودع رجل البيت، فقال: اللهم لك الحمد عدد عفوك عن خلقك. ثم حج من قابل، فقالها. فسمع صوتا: ما أحصيناها منذ قلتها عام أول (2).
وقال معروف: قال بكر بن حبيش من قال: اللهم لك الحمد أضعاف ما سبحك جميع خلقك. فقد سبح الله تسبيح أهل السماوات والأرض
وقال معروف: ثلاث تعدادهن شكر، وتركهن كفر: الحمد لله الذى خلقنى، ولم أك شيئا. والحمد لله الذى علمنى، ولم أعلم شيئا. والحمد لله الذى رزقنى ولم أملك شيئا.
وقال أسود بن سالم: حدثنا معروف قال: بلغنى أنه من لعن إماما حرم عدله
وقال معروف: من صلى ست ركعات بعد المغرب غفر له ذنوب أربعين سنة
وقال معروف: من قرأ قل هو الله أحد حين يدخل منزله: قضى الله دينه ومن قرأها خمس مرات إذا دخل بيته أغناه الله
__________
(1) لم يعجبه صوم أحد من الأنبياء
(2) فكيف يحصى الله كلام عباده وأعمالهم وحركاتهم وسكناتهم وأرزاقهم إذا أعجز ملائكته أن يحصوا هذه الكلمة؟(1/386)
وقال أسود بن سالم: حدثنى معروف قال: حدثنى أخى الخضر. قلت له:
رأيته؟ قال: فقال لى: قد أخبرنى أنه أتاك (1).
وقال أسود بن سالم: قلت لمعروف: طلبت العلم؟ قال فقال لى معروف: كيف يخاف الله من لم يعلم؟ كيف يخاف الله من لم يعلم؟
وقال معروف: من اشترى وباع ولو برأس المال: بورك فيه، كما يبارك فى الزرع بماء المطر.
وقال عبد الوهاب الوراق: قال لنا معروف مرة: أعظكم، يوقف عبد بين يدى الله عز وجل يوم القيامة، فيقول له: عبدى كيف تركت عيالك؟ قال:
أغنياء. قال: أما إنى قد أفقرتهم بعدك، انطلقوا به إلى النار. ثم قال: أعظكم، يوقف عبد بين يدى الله عز وجل، فيقول له: كيف تركت عيالك؟ قال:
فقراء. قال: أما إنى قد أغنيتهم بعدك، انطلقوا به إلى الجنة (2).
وقال بعض السادات: رأيت فيما يرى النائم معروفا. فقلت: يا أبا محفوظ إيش حالك؟ قال: صرت إلى كل خير، ولكن خرجت من الدنيا بحسرة، خرجت منها وأنا أعزب.
وقال معروف: من الإيمان: كتمان المصائب.
وقال صدقة المقابرى: رأيت معروفا فى النوم، وكأن أهل القبور جلوس، وهو يختلف بينهم بالريحان. فقلت: يا أبا محفوظ، أليس قدمت؟ فقال
موت التقى حياة لا نفاد لها ... قد مات قوم، وهم فى الناس أحياء
أنبأنا الوالد السعيد قدس الله روحه قال: أخبرنا على العكبرى. قال: قرأت على الحسن بن شهاب قال: أخبرنا يحيى الخصيب إجازة حدثنا أبو بكر
__________
(1) كل ما ذكر عن حياة الخضر ومقابلته: كذب، لا أصل له. كما حقق ذلك الحافظ ابن حجر وغيره
(2) من أخبره بهذا عن الموقف. وفى هذا ضد ما دعا إليه رسول الله. إذ قال لسعد بن أبى وقاص «إنك إن تذر ورثتك اغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس»(1/387)
العسكرى أخبرنا الحسن بن خليل بن أحمد المصرى حدثنا محمد بن على البصرى الصفار عن بعض الصالحين من أهل عبادان وحلفنى أن لا أخبر باسمه أنه قدم إلى بغداد سنة أربعين وثلاثمائة شوقا منه إلى زيارة قبر أحمد بن حنبل وقبر معروف، وأنه زار قبر معروف فى يوم السبت. قال: ففرحت فرحا شديدا لما رأيت من كثرة الناس وجمعهم، وإظهار السنة (1). فلما قضيت زيارتى، ومضيت من وقتى إلى قبر أحمد: لم أصادف عند قبره إلا الواحد بعد الواحد. فاغتممت عند عند ذلك غما شديدا، ثم إنى رأيت إنسانا، وكأن قلبى أنس إليه دون الجماعة ممن حضر، فأطلعته على ما فى نفسى من جهة قبر معروف وقبر أحمد بن محمد بن حنبل. فقال: إن زيارة هذا القبر يوم الإثنين. قال: فرجعت إليه يوم الإثنين فلم أر عند قبره عشر الذى رأيته عند قبر معروف. ولقيت ذلك الرجل بعينه، فعاودته بسبب الزيارة. فقال: إن قبر أحمد بعيد، وليس ينشط إليه كل إنسان.
فكأن قلبى سكن إلى ذلك من كلامه. ورجعت سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة إلى عبادان. فبينما أنا ذات ليلة قائم فى وردى لأقضيه، إذ حملتنى عيناى فنمت وأنا جالس. فرأيت رجلا جميلا عليه ثياب بيض، وحوله جماعة من الشيوخ يعظمونه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا أبو عبد الله أحمد بن حنبل. فدنوت منه، فسلمت عليه، وأردت أن أسأله عن زيارة قبره وقبر معرف. فقال لى:
يا فلان، كأنى بك تريد أن تسألنى عن زيارة قبرى وقبر معروف؟ فقلت: قد كان ذلك يا أبا عبد الله. فقال لى: إن أخى معروفا رحمه الله كان أشد الناس بغضا لليهود عليهم لعنة الله وكان قد ألزم نفسه أن يصلى فى كل يوم سبت مائة ركعة يقرأ فى كل ركعة عشر مرات ({قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ}) إلى أن يعلم أن اليهود قد انصرفوا من كنائسهم، غيرة لله عز وجل وتعظيما وتنزيها. قال: فلذلك نشر الله له هذا العلم الذى رأيت كل سبت. ثم قال: يا فلان، تعرفه؟ فقلت: لا والله.
__________
(1) أى سنة هذه فى شد الرحال وتزاحم الناس على قبر معروف للتبرك به؟(1/388)
قال: فالتفت عن يمينى. فإذا برجل أنضر الناس عليه ثياب بياض. فقال:
هذا معروف، فسلم عليه، فسلمت عليه، وخلوت به. فقال: يا فلان، لا أكبر فى عينيك، لما رأيت من كثرة الزيارة عند قبرى، ولا يصغر أبو عبد الله فى عينيك لما رأيت من قلة الناس عند قبره. فإنه ما من يوم وليلة إلا ويدخل الله ببركته الجنة ما لا يحصى من الناس كثرة ثم سلمت مودعا، فقال لى أحمد: قم يرحمك الله، لا يفوتك وردك. فانتبهت والحمد لله (1).
ومات معروف سنة مائتين. وقيل: سنة أربع ومائتين
499 - مراد بن أحمد، أبو أحمد.
حدث عن إمامنا بأشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الحميدى عندنا إمام. واسحاق ابن راهويه عندنا إمام.
500 - معاوية بن صالح، أبو عبيد الله.
صاحب كتاب التاريخ فى معرفة أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومعرفة الضعفاء والثقات. يروى عن يحيى بن معين، وأقرانه، قال: سألت أحمد عن المقرئ؟ فقال: ثقة، صحيح السماع من ابن لهيعة.
قلت أنا: والمقرىء هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرىء
قال: وسئل أحمد عن محمد بن سابق؟ فقال. قد كتبنا عنه
حدث ابن ثابت قال: حدثنا يوسف ابن رباح البصرى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن اسماعيل المهندس حدثنا أبو بشر الدولابى حدثنا أبو عبيد الله معاوية ابن صالح بن أبى عبيد الله قال: الهيثم بن بن خارجة: قال أحمد يعنى أحمد بن حنبل أكتب عنه. فقد كتبت عنه.
__________
(1) بمثل هذه الرؤى الخرافية تروج عبادة الموتى والقبور عند الجاهلين.(1/389)
501 - مقاتل بن صالح الأنماطي.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قلت لأحمد: صليت على بارية شرب عليها المسكر؟ قال: المسكر حرام، أعد صلاتك. قلت: كنت أقوم وأقعد عليها، وأسجد على الأرض؟
قال: أعد صلاتك.
502 - المبارك بن سليمان.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سئل أحمد بن حنبل عن قوم من المشركين بيننا وبينهم كتاب:
أن لا يغزونا ولا نغزوهم، ولا يقتلوا لنا تاجرا، ولا نقتل لهم، ويعطونا على ذلك الرهائن. ثم إنهم نكثوا وقتلوا، فما تقول فى الرهائن؟ قال: ليس عليهم شىء
503 - ميمون بن الأصبغ النصيبى.
حدث عن إمامنا بأشياء
منها قال: حضرت أحمد بن حنبل فى دار المعتصم فى يوم المحنة. فضرب ستة أسواط، فمن شدة الضرب انقطعت تكته وانحلت سراويله، فرأيت أحمد قد لحظ السماء بطرفه، وحرك شفتيه بشىء لا أدرى ما هو. فعاد سراويله إلى ما كان. فبكى الحاجب حتى بل دمعه الأرض. وكان رجلا من أهل طوس
504 - مجاهد بن موسى.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما رواه أبو بكر الخلال: أخبرنا المروذى أن مجاهد بن موسى دخل على أحمد يعوده، فقال له: أوصنى يا أبا عبد الله. فأشار أبو عبد الله إلى لسانه
باب النون
505 - نوح بن حبيب القومسى.
حدث عن إمامنا بأشياء. وقال: رأيت
أحمد بن حنبل فى مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين، وابن عيينة حى. وهو يفتى فتيا واسعة(1/390)
506 - نصر بن عمران.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
507 - نعيم بن ناعم أبو حاتم
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما قرأته بخط عمر البرمكى بإسناده قال أبو نعيم: سألت أحمد بن حنبل قلت النفير يجىء: أيخرج الرجل من غير أن يأذن له أبواه؟ قال: إذا صح عنده أنهم قد جاءوا يخرج، فيغيث المسلمين. قال: وسألت أحمد عن أسير فى أيدى العدو، فجاء العدوّ عدو لهم، يقاتل معهم؟ قال: إن خاف على نفسه، أو قالوا له:
إن قاتلت معنا نخلى سبيلك؟ يقاتل معهم. قلت: لم يخف، ولم يقولوا له: نخلى سبيلك؟ قال: فى نفسى منه شىء. قال: وسألت أحمد: كم يتزوج العبد:
اثنتين. قال: اثنتين. قال: وسألت أحمد: أيضع الرجل الكتب تحت رأسه؟
قال: أى كتب؟ قال: كتب الحديث؟ قال: إذا خاف أن تسرق فلا بأس.
وأما أن يتخذها وسادة فلا.
508 - نعيم بن طريف.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: ما أنبأنا رزق الله عن أبى الفتح بن أبى الفوارس قال كتب إلينا يحيى بن رشيق حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن يونس حدثنا أحمد بن عبد الرحمن القطان عن نعيم بن طريف عن أحمد بن حنبل فى تفسير حديث النبى صلى الله عليه وسلم «لا يزال الله يغرس فى هذا الدين غرسا»؟ قال: هم أصحاب الحديث.
باب الواو
509 - وكيع بن الجراح بن مليح.
سمع اسماعيل بن أبى خالد، وهشام بن عروة، وسليمان الأعمش فى آخرين. روى عنه عبد الله بن المبارك، ويحيى بن آدم، وقتيبة بن سعيد، وإمامنا أحمد. وقد روى وكيع عن إمامنا أحمد فيما ذكره الثقات منهم أبو محمد الخلال.(1/391)
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر المروذى حدثنى أبو بكر الأعين سمعت ابراهيم بن شماس يقول: سألنا وكيعا عن خارجة بن مصعب يحدثنا عنه؟ قال: لست أحدث عنه، نهانى أحمد بن حنبل أن أحدث عنه.
قال الدارقطنى: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا أبو بكر الأعين حدثنا إبراهيم بن شماس قال: سئل وكيع عن حديث الخارجة؟
فقال: دعوه، إن أحمد بن حنبل نهانى عنه.
وقد حدث عن وكيع: يحيى بن معين، وعلى بن المدينى.
مولده: سنة تسع وعشرين ومائة. وأراد الرشيد أن يوليه القضاء، فامتنع
وجاء إليه رجل، فقال له: إنى أمتّ إليك بحرمة. قال: وما حرمتك؟
قال: كنت تكتب من محبرتى فى مجلس الأعمش. فوثب وكيع. فدخل منزله. فأخرج له صرة فيها دنانير. وقال: اعذرنى فإنى لا أملك غيرها
وقيل لأمامنا أحمد: إن أبا قتادة كان يتكلم فى وكيع، وعيسى بن يونس وابن المبارك. فقال: من كذب على أهل الصدق فهو الكذاب
وقال يحيى بن أكثم: صحبت وكيعا فى السفر والحضر. فكان يصوم الدهر. ويختم القرآن كل ليلة.
وقال يحيى بن معين: والله ما رأيت أحدا يحدث لله تعالى غير وكيع بن الجراح.
وما رأيت أحدا قط أحفظ من وكيع. ووكيع فى زمانه كالأوزاعى فى زمانه.
وقال يحيى بن معين وذكر وكيعا فقال: ثقات الناس، أو أصحاب الحديث: أربعة: وكيع، ويعلى بن عبيد، والقعنبى، وأحمد بن حنبل
ومات يوم عاشوراء. ودفن بفيد، راجعا من الحج سنة سبع وتسعين ومائة وقيل: بل سنة ثمان وتسعين ومائة بالبطن(1/392)
510 - وريزة بن محمد الحمصى.
سأل إمامنا عن أشياء.
منها: ما أنبأنا أبو بكر محمد بن على الخياط قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن عثمان بن بكران العطار قال أخبرنا أبو يعلى عثمان بن الحسن بن على بن محمد بن عروة بن ديلم الطوسى قال حدثنا محمد بن داود بن سليمان قال: حدثنا وريزة بن محمد الحمصى قال: دخلت على أبى عبد الله أحمد بن حنبل حين أظهر التربيع بعلى رضى الله عنه، فقلت له: يا أبا عبد الله، إن هذا لطعن على طلحة والزبير.
فقال: بئسما قلت. وما نحن وحرب القوم وذكرها؟ فقلت: أصلحك الله، إنما ذكرناها حين ربّعت بعلى، وأوجبت له الخلافة، وما يجب للأئمة قبله. فقال لى:
وما يمنعنى من ذلك؟ قال: قلت: حديث ابن عمر. فقال لى: عمر خير من ابنه، قد رضى عليا للخلافة على المسلمين، وأدخله فى الشورى. وعلى بن أبى طالب رضى الله عنه قد سمى نفسه أمير المؤمنين فأقول أنا: ليس للمؤمنين بأمير؟
فانصرفت عنه.
باب الهاء
511 - هشام بن عبد الملك، أبو الوليد الطيالسى، مولى باهلة، من أهل البصرة.
مولده: سنة ثلاث وثلاثين ومائة. سمع الحمادين: ابن زيد، وابن سلمة. وحدث عنه جماعة، منهم: إمامنا أحمد. وذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.
أنبأنا محمد عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا المروذى حدثنى شجاع بن مخلد سمعت أبا الوليد الطيالسى يقول: ما بالمصرين رجل أكرم علىّ من أحمد بن حنبل. ومات بالبصرة يوم الجمعة فى صفر، ويقال: غرة شهر ربيع سنة سبع وعشرين ومائتين. وهو ابن أربع وتسعين، وقد قيل: سنة تسع وعشرين كانت وفاته. وليس بمحفوظ.(1/393)
512 - الهيثم بن خارجة، أبو أحمد.
خراسانى الأصل. سمع الليث بن سعد، ويعقوب القمى، والجراح بن مليح النهروانى، واسماعيل بن عياش. روى عنه إمامنا أحمد، ومحمد بن إسحاق الصاغانى وغيرهما. وكان صاعقة يكنى الهيثم:
أبا يحيى. وكناه الناس: أبا أحمد. وقال هشام بن عمار وذكر الهيثم بن خارجة فقال: كنا نسميه شعبة الصغير. وقال صالح بن محمد: كان أحمد بن حنبل يثنى على الهيثم بن خارجة. وكان يتزهد. وكان سىء الخلق مع أصحاب الحديث. وأصله من مروالروذ. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبى إذا رضى عن إنسان، وكان عنده ثقة: حدث عنه، وهو حى. فحدثنا عن الحكم بن موسى، وهو حى. وعن هيثم بن خارجة وأبى الأحوص وشجاع، وهم أحياء
قلت أنا: وقد سأل الهيثم بن خارجة إمامنا أحمد عن أشياء.
منها قال الحسن بن ثواب: قال الهيثم بن خارجة لأحمد: يا أبا عبد الله، أهل الثغر يقولون: إذا سبى وهو بين أبويه، فهو على الإسلام. وإذا سبى وليس معه أبواه فمات: كفن وصلى عليه ودفن، فإذا كان معه أبواه لم يصل عليه. فضحك أحمد. ثم ذكر قول الأوزاعى: إن كان من القسم الذى ذكره الله عز وجل فهو حيث هو.
وقال الهيثم بن خارجة لأحمد: أنا رأيت رجلا مسكينا، كانت له فى غنم شاتان. فجاء المصدق فأخذ إحداهما. فقال أبو عبد الله: فما تصنع؟ هذا عمل صاحبك الأوزاعى.
ومات ببغداد فى المحرم سنة ثمان وعشرين ومائتين. وقيل: فى ذى الحجة سنة سبع وعشرين ومائتين.
513 - هشام بن منصور أبو سعيد.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عنه أحمد.(1/394)
قلت أنا: من ذلك أنه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تدرى ما قال لى يحيى بن آدم؟ قلت: لا. قال: الرجل ممن أبغضه وأكره مجيئه، فاقرأ عليه كل شىء معه حتى استريح منه ويجيىء الرجل الذى أوده: فأردده حتى يرجع إلى.
514 - هلال بن العلاء بن هلال الباهلى الرقى، أبو عمر.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد.
أخبرنا أحمد بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد عبد العزيز العكبرى أخبرنا أبو سهل محمود بن عمر العكبرى حدثنا أبو حفص عمر بن محمد العكبرى الخطيب قال حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء بن هلال الباهلى قال حدثنى أحمد بن محمد حنبل قال حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعانى عن معمر عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى عن عبد الله بن محيريز قال الأوزاعى وكان سيد أهل الشام من الصالحين المبرزين قال حدثنا عطاء بن أبى رباح عن عبد الله بن العباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا فشا الزنا وظهر الربا وتمرد القضاة على ربهم، واتخذوا إلههم هواهم يأخذون المال من غير حقه، وحكموا بغير حكم الله: رماهم الله عز وجل بالغلاء والوباء. ووصل ذلك لهم بعذاب النار».
515 - هيدام بن قتيبة، يعرف بالمروذى.
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد. سمع سليمان بن حرب، وعاصم بن عدى، وأبا بلال الأشعرى فى آخرين روى عنه عبد الله بن محمد بن أبى سعيد البزار، وعبد الله بن محمد بن إسحاق المروزى وأبو بكر النجاد فى آخرين. وكان ثقة عابدا. ومات سنة أربع وسبعين ومائتين
516 - هارون بن سفيان المستملى، المعروف بمكحلة.
قال أبو بكر الخلال وقد ذكره فى كتابه فقال: رجل قديم مشهور معروف، عنده عن
أبى عبد الله مسائل كثيرة. ومات لم يحدث بها: وأخرج ابنه سفيان بخط أبيه عن أبى عبد الله مسائل صالحة. وذكر أنه يخرج الباقى أيضا.(1/395)
قال أبو بكر الخلال وقد ذكره فى كتابه فقال: رجل قديم مشهور معروف، عنده عن
أبى عبد الله مسائل كثيرة. ومات لم يحدث بها: وأخرج ابنه سفيان بخط أبيه عن أبى عبد الله مسائل صالحة. وذكر أنه يخرج الباقى أيضا.
قال هارون المستملى: قال أبو عبد الله فى الرجل يدفن فى بيت من داره:
لا بأس أن يبيعه الورثة، أو يدخلوه فى الدار إن شاء الله ما لم يبيحوا للمسلمين، فيدفنون فيه إذا أباحوه: فليس لهم أن يرجعوا فيه. وأما إذا كان هكذا: فلا بأس أن يبيعوه أو يدخلوه فى الدار.
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: حدثنا يوسف بن إسحاق بن الحجاج قال هارون المستملى: من قال القرآن فهو مخلوق فهو والله كافر.
ومات ببغداد سنة سبع وأربعين ومائتين
517 - هارون بن سفيان بن بشر، أبو سفيان.
مستملى يزيد بن هارون، يعرف بالديك. حدث عن يزيد بن هارون، ومعاذ بن فضالة. نقل عن إمامنا أحمد أشياء
منها قال: سألت عن أحمد عن الرجل يصلى فى قميص واحد؟ قال: إذا كان صفيقا فلا بأس به
518 - هارون بن يعقوب الهاشمى.
سمع من إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أبى سأل أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن القراءة بالألحان؟
قال هو بدعة ومحدثة. قلت تكرهه يا أبا عبد الله؟ قال: نعم، إلا ما كان من طبع، كما كان أبو موسى الأشعرى. فأما من تعلمه: فألحان مكروهة.
519 - هارون بن عبد الله بن مروان بن موسى البزاز.
يعرف بالحمال أبو موسى.
ذكر عبد الغنى بن سعيد الحافظ فى كتاب المؤتلف قال. كان بزازا: فلما
تزهد خمل. وكان له ولد يقال له: أبو عمران موسى بن هارون الحافظ. حدث عن دعلج وغيره.(1/396)
ذكر عبد الغنى بن سعيد الحافظ فى كتاب المؤتلف قال. كان بزازا: فلما
تزهد خمل. وكان له ولد يقال له: أبو عمران موسى بن هارون الحافظ. حدث عن دعلج وغيره.
حدث عن هارون الحمال: البخارى، والبغوى، وعبد الله بن أحمد، وابن بدينا، وأبو بكر الأثرم، فقال: ولقد حدثنى عن أحمد: الثقة، هارون بن عبد الله البزاز رحمه. الله فقد كان من الإسلام بمنزل رفيع أنه قال له: أليس القرآن غير مخلوق فى كل حال؟ فقال: بلى. وحكى عنه الإنكار الشديد على من قال:
إن لفظه بالقرآن كذا وكذا، كما قال الشراك الضال المضل.
قلت أنا: وقرأت فى كتاب أبى بكر الخلال فقال فى حقه: رجل كبير السن، قديم السماع: وكان أبو عبد الله يكرمه ويعرف حقه، وقدمه، وجلالته.
وله أخبار كثيرة يطول شرحها. وهى متفرقة فى الكتب. وكان عنده عن أبى عبد الله جزء كبير مسائل حسان جدا. وأخبرنا المروذى أنه قال: سألت أبا عبد الله عن هارون الحمال، فقلت: أكتب عنه؟ فقال: إى والله.
قال هارون الحمال: قلت لأبى عبد الله: من له قرابة بالقرب من بغداد على خمس فراسخ، وأقل وأكثر، قال: يبعث إلى قرابته بزكاة ماله، لا بأس أن يعطيهم ما لم يكن سفرا تقصر فيه الصلاة.
وقال أيضا: قيل لأبى عبد الله: تجارة فى المصيصة، يجهز إليها وهو مقيم ببغداد، فترى أن يعطى زكاة ماله ببغداد؟ قال: لا أرى بأسا أن يعطيها ببغداد.
أخبرنا الخطيب قراءة أخبرنا على بن عبد العزيز الظاهرى أخبرنا عيسى بن حامد حدثنا محمد بن على بن العباس النسائى حدثنا هارون بن عبد الله الحمال حدثنا أبى عن شعبة عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة: فى الدماء»
أخبرنا المبارك قراءة أخبرنا ابراهيم حدثنا أبو عبد الله بن حامد حدثنا أبو بكر النجاد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا هارون بن عبد الله
الحمال حدثنى محمد بن أبى كبشة قال: سمعت هاتفا هتف فى البحر ليلا، فقال:(1/397)
أخبرنا المبارك قراءة أخبرنا ابراهيم حدثنا أبو عبد الله بن حامد حدثنا أبو بكر النجاد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا هارون بن عبد الله
الحمال حدثنى محمد بن أبى كبشة قال: سمعت هاتفا هتف فى البحر ليلا، فقال:
لا إله إلا الله، كذب المريسى على الله. ثم هتف ثانية، فقال: لا إله إلا الله، على ثمامة والمريسى لعنة الله، وكان معنا فى المركب رجل من أصحاب بشر المريسى، فخر ميتا.
أخبرنا عبد الله حدثنا أبو القاسم الأزجى حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صبيح الصّريفينى حدثنا محمد بن بدينا الموصلى قال: سمعت أبا موسى هارون عبد الله السمسار يقول: مرض شاب، فوصف له الترفق دواء يصب عليه من هذا المسكر فامتنع الشاب أن يشرب وكانت له معرفة. فحلف عليه أبوه وقال: أمه طالق ثلاثا إن لم يشربه. قال أبو موسى: فجاءونى، فأتيت أبا أبا عبد الله أسأله عن هذه المسألة. فسألته؟ فالتفت إلىّ مغضبا. ثم قال: تريد منى أن أرخص له فى شرب الحرام؟ لا يشربه
وقال هارون الحمال: القرآن كلام الله ليس بمخلوق على كل حال، وعلى كل جهة. ومن زعم أن أسماء الله مخلوقة: فهو عندى كافر. ثم قرأ {(قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ)}
إلى آخر السورة
ومات هارون الحمال سنة ثلاث وأربعين ومائتين
520 - هارون بن عبد الرحمن أبو موسى العكبرى.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها: ما أخبرنا سعود اليوسفى أخبرنا أبو محمد الخلال حدثنا على بن العباس بن عثمان البردانى حدثنا يحيى بن محمد بن سهل الخطيب العكبرى حدثنا هارون بن عبد الرحمن العكبرى قال: سألت أحمد لما قدم عكبرا فى خان مليح قلت: يا أبا عبد الله، القرآن كلام الله غير مخلوق. منه بدأ وإليه يعود؟ قال:
منه بدأ علمه، وإليه يعود حكمه(1/398)
521 - هارون بن عيسى، أبو حامد الخياط.
ذكره ابن ثابت، فقال:
سمع أحمد بن حنبل. روى عنه ابن مخلد. قال: وأخبرنى محمد بن طلحة الكتانى حدثنا محمد بن العباس الحراز أخبرنا محمد بن مخلد، حدثنا هارون بن عيسى ابو حامد الخياط، قال: سئل أحمد وأنا شاهد عن رجل حلف بالطلاق ثلاثا: أن لا يتزوج، ما دامت أمه فى الأحياء؟ قال: إن كان قد تزوج: آمره أن يطلق، وإن كان لم يتزوج لم آمره أن يتزوج، مادامت أمه فى الأحياء. وسأله ما تقول فى المسكر؟ قال: لا آمره أن يشرب مسكرا. قال ابن مخلد: قال لى هارون ابن عيسى الذى سأل أبا عبد الله: من عمتك؟ ومات سنة ست وتسعين ومائتين.
522 - هارون الأنطاكي
قال: كان أحمد بن حنبل ربما أخرج إلىّ من أحاديث السلطان. قال: فيقول لى: يا أبا جعفر، هذه خيط رقبتى. فانظر كيف؟ يعنى: لا تشهرها
باب الياء
ذكر من إسمه يحيى
523 - يحيى بن آدم بن سليمان الكوفى.
يكنى أبا زكريا. مات بفم الصلح، فى النصف من شهر ربيع الآخر. ويقال: فى النصف من شهر ربيع الأول سنة ثلاث ومائتين. وصلى عليه الحسن بن سهل. ويقال: مات سنة عشر ومائتين.
حدث عنه جماعة أحدهم إمامنا أحمد. وذكره الدارقطنى، وأبو محمد الخلال:
أنه ممن روى عن أحمد
أخبرنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر المروذى قال: سمعت من حضر بطرسوس يقول: سمعت اسحاق بن رهوايه يقول: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا(1/399)
وبه قال المروذى: حدثنى أبو عبد الله النيسابورى قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كلمت يحيى بن آدم فى «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» قال: من قال به؟ فقلت: قال به سفيان بن عيينة. وقال به ابن المبارك. وقال به أحمد بن حنبل. قال اسحاق: ما قلت له أحمد بن حنبل إلا لأكسره. فقال لى:
قاله أحمد؟ قلت: نعم
524 - يحيى بن أيوب، أبو زكريا العابد، المعروف بالمقابرى
، البغدادى سمع شريكا. واسماعيل بن جعفر، وسعيد بن عبد الرحمن الحجمى، وأبا إسماعيل المؤدب، وغيرهم. وذكره أبو الحسين بن المنادى فيمن نقل عن إمامنا أحمد. وقد روى عنه إمامنا أحمد، وابنه عبد الله، ومسلم بن الحجاج، وغيرهم.
مولده: سنة سبع وخمسين ومائة. وقال عبد الرحمن الأشهلى: مررت يوما بالمقابر، فسمعت همهمة، فاتبعت الأثر. فإذا يحيى بن أيوب فى حفرة من تلك الحفر، وإذا هو يدعو ويبكى، ويقول: يا قرة عين المطيعين، ويا قرة عين العاصين ولم لا تكون قرة عين المطيعين، وأنت مننت عليهم بالطاعة؟ ولم لا تكون قرة عين العاصين، وأنت سترت عليهم الذنوب؟ قال: ويعاود البكاء. قال: فغلبنى البكاء، ففطن بى، فقال لى: تعال، لعل الله إنما بعث بك لخير.
أنبأنا الجوهرى حدثنا محمد بن العباس أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب حدثنا الحسين بن قهم قال: يحيى بن أيوب، يكنى أبا زكريا. وكان ينزل عسكر المهدى وكان ثقة، ورعا مسلما. يقول بالسنة، ويعيب على من يقول بقول جهم وبخلاف السنة. وتوفى يوم الأحد لثنتى عشرة خلت من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين ومائتين.
أخبرنا الوالد السعيد قراءة قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن أخى ميمى قراءة قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوى قراءة قال حدثنا يحيى بن أيوب العابد المعروف بالمقابرى، أبو زكريا
قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرنى محمد يعنى ابن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ينزل الله عز وجل فى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى نصف الليل الآخر أو ثلث الليل الآخر فيقول: من ذا الذى يدعونى فأستجيب له؟ من ذا الذى يسألنى فأعطيه؟ من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له؟ حتى الفجر. وينصرف القارىء من صلاة الصبح»(1/400)
أخبرنا الوالد السعيد قراءة قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن أخى ميمى قراءة قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوى قراءة قال حدثنا يحيى بن أيوب العابد المعروف بالمقابرى، أبو زكريا
قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرنى محمد يعنى ابن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ينزل الله عز وجل فى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى نصف الليل الآخر أو ثلث الليل الآخر فيقول: من ذا الذى يدعونى فأستجيب له؟ من ذا الذى يسألنى فأعطيه؟ من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له؟ حتى الفجر. وينصرف القارىء من صلاة الصبح»
525 - يحيى بن خاقان.
كان ينفذه المتوكل على الله إلى إمامنا كثيرا.
ويسأله عن أشياء. قال المروزى: قال لى أبو عبد الله: قد جاءنى يحيى بن خاقان، ومعه شوى، فجعل يقلله أبو عبد الله. قلت له قالوا: إنه ألف دينار. وقال:
هكذا قال: فرددتها عليه، فبلغ الباب، ثم رجع. فقال: إن جاءك أحد من أصحابك بشىء تقبله؟ قلت: لا. قال: إنما أريد أن أخبر الخليفة بهذا. قلت لأبى عبد الله: أى شىء كان عليك لو أخذتها فقسمتها؟ فكلح وجهه، وقال: إذا أنا قسمتها، أى شىء كنت أكون له قهرمانا؟
526 - يحيى بن زكريا المروزى، صاحب إسحاق بن راهويه
قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبى عبد الله مسائل حسان. أخبرنا بها الحسن بن الحسين بطرسوس عنه عن أحمد. وحدث عنه عبد الرحمن بن أبى حاتم فقال: حدثنا يحيى بن زكريا بن عيسى، قال: سألت أحمد بن حنبل، فقلت:
يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال كافر، ولم يتعتع فى الجواب
527 - يحيى بن سعيد.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل الذى لا يحسن العربية، يدعو فى الصلاة بالفارسية؟ قال: لا
528 - يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون بن عبد الرحمن بن ميمون، أبو زكريا الحمانى الكوفى.(1/401)
قدم بغداد. وحدث بها عن سليمان بن بلال، وابراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، وأبى بكر بن عياش، وغيرهم. روى عنه حمدان بن على الوراق، وأحمد بن يحيى الحلوانى، وأبو بكر بن أبى الدنيا، وعبد الله البغوى، فى آخرين. حدث عنه إمامنا. ذكره الخطيب فى «السابق واللاحق» فقال: حدث يحيى الحمانى عن أحمد بن حنبل. وبين وفاته ووفاة البغوى: تسع وثمانون سنة
ومات يحيى بن الحمانى بسرّ من رأى، فى شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين
قال أبو حاتم الرازى: سألت يحيى بن معين عن الحمانى؟ فأجمل القول فيه.
وقال عثمان الدارمى: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن الجعابى صدوق مشهور بالكوفة مثل ابن الحمانى.
529 - يحيى بن صالح الوحاظى.
حدث عن إمامنا أحمد. فقال: قدم علينا أحمد بن حنبل ههنا. يعنى حمص فكتب عن الصبيان، وترك المشايخ.
وذلك أنه لما قدم حمص وجه إلى يحيى: إن تركت الرأى أتيتك. وذلك: أن يحيى كان يسمع كتب أهل الرأى. وكان يذهب مذهبهم. فلم يأته أحمد. وكنت عند يحيى يوما، فسمعته تكلم بشىء من الإرجاء، فتركت الاختلاف إليه. فلذلك لم أكتب عنه.
وهذا يحيى: هو أبو سليمان الجوزجانى الذى امتنع إمامنا من إتيانه
وقال الوحاظى: كنت عند أبى سليمان، فجاءه كتاب أحمد بن حنبل، يذكر فيه: لو تركت رواية كتب أبى حنيفة أتيناك، فسمعنا كتب عبد الله بن المبارك
530 - يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن
وقيل:
يحيى بن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام أبو زكريا المرى: مرة غطفان سمع عبد الله بن المبارك، وهشيما، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وغندرا، ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ووكيعا
وأبا معاوية، وإمامنا أحمد، فيما ذكره أبو الحسين بن المنادى. روى عنه أبو خيثمة.(1/402)
يحيى بن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام أبو زكريا المرى: مرة غطفان سمع عبد الله بن المبارك، وهشيما، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وغندرا، ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدى، ووكيعا
وأبا معاوية، وإمامنا أحمد، فيما ذكره أبو الحسين بن المنادى. روى عنه أبو خيثمة.
زهير بن حرب، ويعقوب، وأحمد الدورقيان، والبخارى، وأبو داود، وعبد الله بن أحمد، وغيرهم. وكان إماما عالما حافظا.
أنبأنا محمد بن داود وعبد الله بن أحمد الأبنوسى عن الدارقطنى حدثنا على بن محمد بن عبيد الحافظ حدثنا أحمد بن أبى خيثمة قال: قيل ليحيى بن معين:
إن أحمد بن حنبل قال: من قال أبو بكر وعمر وعثمان: لم أعنفه يعنى فى التفضيل فقال يحيى: خلوت بأحمد على باب عفان، فقلت: ما تقول؟ فقال: أقول أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين
أنبأنا محمد بن الأبنوسى عن الدارقطنى أخبرنا محمد بن مخلد قال: سمعت العباس الدورى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل. لا والله، لا نقدر على أحمد، ولا على طريق أحمد
قرأت فى تاريخ الخطيب: أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان الطبرانى حدثنا محمد بن الحسين الأنماطى قال: كنا فى مجلس فيه يحيى بن معين، وأبو خثيمة زهير بن حرب، وجماعة من كبار العلماء، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل، ويذكرون فضائله. فقال رجل: لا تكثروا، بعض هذا القول. فقال يحيى بن معين: وكثرة الثناء على أحمد بن حنبل تستكثر؟ لو جلسنا مجلسنا بالثناء عليه، ما ذكرنا فضائله بكمالها.
وبإسناده: قال أبو حاتم الرازى: إذا رأيت البغدادى يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة. وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب
وبإسناده: قال يحيى بن معين: كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا به خبزا نضيجا.
وبإسناده عن إدريس بن عبد الكريم قال: رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة، ومصعب بن الزبير، ويحيى بن معين، وأبى بكر بن أبى شيبة،
وعثمان بن أبى شيبة، وعبد الأعلى بن حماد النرسى، ومحمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب، وعلى بن المدينى، وعبد الله بن عمر القواريرى، وأبى خيثمة زهير بن حرب، وأبى معمر القطيعى، ومحمد بن جعفر الوركانى، وأحمد بن محمد بن أيوب صاحب المغازلى، ومحمد بن بكار، وعمرو بن يحيى الناقد، ويحيى بن أيوب المقابرى، وشريح بن يونس، وخلف بن هشام البزار، وأبى الربيع الزهرانى، فيما لا أحصيهم من أهل العلم والفقه يعظمون أحمد بن حنبل، ويوقرونه، ويبجلونه، ويقصدونه للسلام عليه(1/403)
وبإسناده عن إدريس بن عبد الكريم قال: رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة، ومصعب بن الزبير، ويحيى بن معين، وأبى بكر بن أبى شيبة،
وعثمان بن أبى شيبة، وعبد الأعلى بن حماد النرسى، ومحمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب، وعلى بن المدينى، وعبد الله بن عمر القواريرى، وأبى خيثمة زهير بن حرب، وأبى معمر القطيعى، ومحمد بن جعفر الوركانى، وأحمد بن محمد بن أيوب صاحب المغازلى، ومحمد بن بكار، وعمرو بن يحيى الناقد، ويحيى بن أيوب المقابرى، وشريح بن يونس، وخلف بن هشام البزار، وأبى الربيع الزهرانى، فيما لا أحصيهم من أهل العلم والفقه يعظمون أحمد بن حنبل، ويوقرونه، ويبجلونه، ويقصدونه للسلام عليه
أخبرنا الوالد السعيد قراءة أخبرنا على السكرى حدثنا الحسن بن على بن عبد الجبار الصوفى الكبير حدثنا يحيى بن معين حدثنا محمد بن جعفر غندر حدثنا شعبة عن زيد بن محمد قال: سمعت نافعا يحدث عن ابن عمر عن حفصة قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلى إلا ركعتين خفيفتين»
أنبأنا الوالد السعيد أخبرنا إبراهيم، وجدت بخط أبى أخبرنا عبد العزيز الحربى قال: سمعت أبا الفرج الهندبانى سمعت أبا بكر المروذى يقول: جاء يحيى بن معين فدخل على أحمد بن حنبل، وهو مريض، فسلم، فلم يرد عليه السلام، وكان أحمد قد حلف بالعهد أن لا يكلم أحدا ممن أجاب، حتى يلقى الله. فما زال يعتذر ويقول: حديث عمار، وقال الله تعالى (16: 106 {إِلََّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمََانِ}) فقلب أحمد وجهه إلى الجانب الآخر، فقال يحيى: لا تقبل عذرا؟ فخرجت بعده، وهو جالس على الباب، فقال: إيش قال أحمد بعدى؟ قلت: قال: يحتج بحديث عمار. وحديث عمار «مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربونى» وأنتم قيل لكم: نريد أن نضربكم. فسمعت يحيى بن معين يقول: مرّ، يا أحمد غفر الله لك، فما رأيت والله تحت أديم سماء أفقه فى دين الله منك.
قال يحيى: ولدت فى خلافة أبى جعفر سنة ثمان وخمسين فى آخرها.(1/404)
وكان يحيى من قرية نحو الأنبار يقال لها نقيا ويقال: إن فرعون كان من أهل نقيا وكان أبوه كاتبا لعبد الله بن مالك، ثم صار على خراج الرى. فمات، فخلف لابنه يحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم. فأنفقه كله على الحديث، حتى لم يبق له نعل يلبسه.
وقال على بن المدينى: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين.
وقال أبو عمرو: سمعت أحمد بن حنبل يقول: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما فى الصدور
وقد قال أحمد بن عقبة: سألت يحيى بن معين: كم كتبت من الحديث يا أبا زكريا؟ قال: كتبت بيدى هذه ستمائة ألف حديث
وقال أحمد بن عقبة: وإنى أظن أن المحدثين قد كتبوا له ستمائة ألف وستمائة ألف.
وخلف يحيى بن معين من الكتب: مائة قمطر، وأربعة عشر قمطرا، وأربعة سرائية مملوءة كتبا.
وقال يحيى: أخطأ عفان فى نيف وعشرين حديثا، ما أعلمت بها أحدا، وأعلمته فيما بينى وبينه. ولقد طلب إلىّ خلف بن سالم. فقال: قل لى: أى شىء هى؟ فما قلت له. وما رأيت على رجل قط خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره. وما استقبلت رجلا فى وجهه بأمر يكرهه. ولكن أبين له خطأه فيما بينى وبينه.
وقال أبو داود السجستانى: سمعت يحيى بن معين يقول: أكلت عجينة خبز، وأنا ناقه من علة.
أنبأنا عبد الصمد بن المأمون أخبرنا على بن عمر السكرى حدثنا أبو القاسم عيسى بن سليمان القرشى، قال: أنشدنى داود بن رشيد. قال أنشدنى يحيى بن معين المال يذهب حله وحرامه ... طرا وتبقى فى غد آثامه
ليس التقى بمتق لإلهه ... حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما يحوى ويكسب كفه ... ويكون فى حسن الحديث كلامه
نطق النبى لنابه عن ربه ... فعلى النبى صلاته وسلامه
ذكر أبو نصر بن أبى بكر النيسابورى أخبرنا أبو على بن أبى سعيد الغزال أخبرنا عبد الله بن يوسف حدثنا أبو الطيب المظفر بن سهل حدثنا أبو أيوب الطيالسى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان فى أحمد بن حنبل ست خصال، ما رأيتها فى عالم قط: كان محدثا. وكان حافظا. وكان عالما. وكان ورعا. وكان زاهدا. وكان عاقلا(1/405)
أنبأنا عبد الصمد بن المأمون أخبرنا على بن عمر السكرى حدثنا أبو القاسم عيسى بن سليمان القرشى، قال: أنشدنى داود بن رشيد. قال أنشدنى يحيى بن معين المال يذهب حله وحرامه ... طرا وتبقى فى غد آثامه
ليس التقى بمتق لإلهه ... حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما يحوى ويكسب كفه ... ويكون فى حسن الحديث كلامه
نطق النبى لنابه عن ربه ... فعلى النبى صلاته وسلامه
ذكر أبو نصر بن أبى بكر النيسابورى أخبرنا أبو على بن أبى سعيد الغزال أخبرنا عبد الله بن يوسف حدثنا أبو الطيب المظفر بن سهل حدثنا أبو أيوب الطيالسى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان فى أحمد بن حنبل ست خصال، ما رأيتها فى عالم قط: كان محدثا. وكان حافظا. وكان عالما. وكان ورعا. وكان زاهدا. وكان عاقلا
وقال يحيى الأحول: تلقينا يحيى بن معين عند قدومه من مكة، فسألناه عن الحسين بن حيان؟ فقال: أحدثكم أنه لما كان بآخر رمق قال لى: يا أبا زكريا، أترى ما هو مكتوب على الخيمة؟ قلت: ما أرى شيئا. قال: بلى، أرى مكتوبا:
يحيى بن معين يقضى أو يفصل بين الظالمين. ثم خرجت نفسه.
وقال عباس الدورى: مات يحيى بن معين بالمدينة أيام الحج، قبل أن يحج.
وهو يريد مكة، سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وصلى عليه والى المدينة. فكلم الخزامى الوالى، فأخرج له سرير النبى صلى الله عليه وسلم، فحمل عليه، وصلى عليه الوالى، ثم صلى عليه مرارا. ومات يحيى وسنه سبع وسبعون سنة إلا أياما.
وقيل: مات وقد استوفى خمسا وسبعين سنة، ودخل فى الست. وهو الصحيح.
ودفن بالبقيع.
وقال الخطيب: أخبرنى الأزهرى حدثنا محمد بن الحسن الصيرفى حدثنا أبو أحمد بن المهتدى بالله حدثنى الحسين بن الخصيب حدثنى حبيش بن مبشر قال: رأيت يحيى بن معين فى النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أدخلنى عليه فى داره، وزوجنى ثلاثمائة حوراء. ثم قال للملائكة: انظروا إلى عبدى، كيف تطرّى وحسن؟.(1/406)
وروى أبو بكر الخلال: أخبرنى محمد بن بشر قال سمعت يحيى بن معين يقول حدثنى حفار مقابرنا قال: أعجب ما رأيت فى هذه المقابر: أنى سمعت أنينا من قبر كأنين المريض، وسمعت مؤذنا يؤذن، وهو يجاب من قبر، كما يقول المؤذن، أو كما قال يحيى
قال أبو بكر الخلال: وأخبرنى محمد بن مبشر قال حدثنى سلمة بن شبيب قال حدثنى حماد الحفار قال: دخلت المقابر يوم الجمعة، فما انتهيت إلى قبر إلا سمعت فيه قراءة القرآن
531 - يحيى بن محمد بن يحيى، وهو الذهلى النيسابورى.
سمع إمامنا فيما ذكر أبو سعيد أحمد بن ابراهيم بن موسى بن أبى شمس النيسابورى فى كتاب الأربعين
أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد الشيبانى أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا محفوظ بن أبى ثوبة فى آخرين قالوا: حدثنا على بن عياش قال أبو سعد هذا:
وأخبرنى أبو بكر محمد بن عبد الله الشيبانى أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا على بن عياش واللفظ لمحفوظ حدثنا شعيب بن أبى حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته، إلا وجبت له شفاعتى يوم القيامة» رواه البخارى عن على بن عياش
532 - يحيى بن المختار بن منصور بن اسماعيل النيسابورى، أبو زكريا
ذكره أبو بكر الخلال، فقال: شيخ ثقة، كبير السن سمع معنا الحديث.
وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل كلها غرائب. سمعتها منه. سكن بغداد وحدث بها عن سليمان بن سلمة الحمصى، والحسن بن محمد بن عمر الشامى، وعيسى
الرملى، والقاسم بن محمد، ومحمد بن مكى المروزيين. روى عنه محمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر الشافعى، وغيرهم. وكان صدوقا(1/407)
وكان عنده عن أبى عبد الله مسائل كلها غرائب. سمعتها منه. سكن بغداد وحدث بها عن سليمان بن سلمة الحمصى، والحسن بن محمد بن عمر الشامى، وعيسى
الرملى، والقاسم بن محمد، ومحمد بن مكى المروزيين. روى عنه محمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادى، وأبو بكر الشافعى، وغيرهم. وكان صدوقا
وتوفى يحيى بن المختار بن منصور بن اسماعيل أبو زكريا النيسابورى: سنة ثلاث وثمانين ومائتين فى صفر. هكذا ذكره محمد بن مخلد فى تاريخه.
وروايته بخطه.
وقال يحيى بن المختار: سمعت أحمد يقول فى غلام سبى وهو صغير، فلما أدرك عرض عليه الإسلام، فأبى. فقال أبو عبد الله: يقهر عليه. قال: كيف يقهر؟
قال: يضرب. فحكى مهنّا عن الأوزاعى قال يغط فى الماء حتى يرجع إلى الإسلام فرأيت أبا عبد الله يستعيذ منها. قال: كيف قال الأوزاعى؟ وجعل يتبسم
533 - يحيى بن المختار البغدادى.
سمع إمامنا أحمد، وبشر بن الحارث.
روى عنه أحمد بن مروان المالكى. هكذا ذكره ابن ثابت فى تاريخه
534 - يحيى بن نعيم.
روى عن إمامنا أشياء
منها: ما أنبأنا محمد بن المهتدى بالله عن ابن شاهين قال: حدثنا شعيب بن محمد الذراع قال: حدثنا يحيى بن نعيم قال: لما أخرج أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضى الله عنه إلى المعتصم، يوم ضرب، قال له العون الموكل به: ادع على ظالمك قال: ليس بصابر من دعا على ظالم
قلت: تأول فى ذلك: ما أنبأنا الوالد السعيد قال: أخبرنا محمد بن أخى ميمى قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوى قال حدثنا محمد بن زياد بن فروة البلدى قال حدثنا أبو الأحوص عن ميمون عن أبى منصور كذا قال محمد عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من دعا على من ظلمه فقد انتصبر»
وبه إلى البغوى قال: حدثنا مخلد بن خلاد الباهلى قال حدثنا يحيى بن يمان
عن سفيان عن عمار الدّهنى عن سالم بن أبى الجعد: أن سلطانا ضربه، فجعلت امرأته تدعو عليه، فقال: لا تدعى عليه، فإن الدعاء قصاص(1/408)
وبه إلى البغوى قال: حدثنا مخلد بن خلاد الباهلى قال حدثنا يحيى بن يمان
عن سفيان عن عمار الدّهنى عن سالم بن أبى الجعد: أن سلطانا ضربه، فجعلت امرأته تدعو عليه، فقال: لا تدعى عليه، فإن الدعاء قصاص
535 - يحيى بن هلال الوراق.
صحب إمامنا. وسأله عن أشياء. وقال جئت إلى أحمد بن حنبل، فأخرج إلى أربعة دراهم، أو خمسة دراهم. وقال لى:
هذا جميع ما أملك
536 - يحيى بن يزداد الوراق
، أبو الصقر: ذكره أبو عمر بن حمدان النيسابورى: حدثنا على بن سعيد بن عبد الله العسكرى حدثنا يحيى بن يزداد أبو الصقر، وراق أحمد بن حنبل
وذكره أبو بكر الخلال: فقال: كان مع أبى عبد الله بالعسكر. وعنده جزء مسائل حسان، فى الحمى والمساقاة، والمزارعة، والصيد واللقطة وغير ذلك
وأخبرنى محمد بن أبى هارون أن أبا الصقر سأل أبا عبد الله عن حديث النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر الفتن، ثم قال: «خير الناس مؤمن معتزل فى شعب من الشعاب» هل على الرجل بأس أن يلحق بجبل، مع أهله وولده فى غنيمة له، ينتقل من ماء إلى ماء، يقيم صلاته ويؤدى زكاته، ويعتزل الناس، يعبد الله حتى يأتيه الموت وهو على ذلك؟ هذا عندك أفضل، أو يقيم بمصر من الأمصار، وفى الناس ما قد علمت، وفى العزلة من السلامة ما قد علمت؟ فقال: إذا كانت الفتنة: فلا بأس أن يعتزل الرجل حيث شاء. وأما إذا لم تكن فتنة فالأمصار خير.
وقال أبو الصقر قال أحمد: إذا ساح رجل عينا تحت أرض. فانتهى حفره إلى أرض لرجل، أو بستان أو دار، فمنعه صاحب البستان أو الدار أن يحفر فى داره، أو فى أرضه، فليس له أن يمنعه من ظهر الأرض ولا بطنها، إذا لم يكن عليه مضرة. وفيه حديث: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة فى جداره» فهذا الجار القريب لا يمنع(1/409)
وقال أبو الصقر: قال أحمد: إذا أحيى رجل أرضا ميتة وأحيى آخر إلى جنبه أرضا، وبقيت بين القطعتين رقعة، فجاء رجل فدخل بينهما ليحيى هذه الرقعة فليس لهما أن يمنعاه، إلا أن يكونا أحيياها. وإذا كانت أرض بين قريتين، ليس فيها مزارع ولا عيون، ولا أنهار لأهل القريتين، ويزعم أهل كل قرية أنها لهم فى حرمهم. فإنها ليست لهؤلاء ولا لهؤلاء حتى يعلم أنهم أحيوها. فمن أحياها فهى له.
537 - يحيى بن أبى نصر، أبو سعيد الهدوى
واسم أبى نصر منصور ابن الحسن بن منصور. سمع حبان بن موسى، وسويد بن نصر، واسحاق بن راهويه، وعلى بن حجر، وإمامنا أحمد، وعلى بن المدينى فى آخرين. وذكره ابن ثابت. روى عنه من أهل بلده. وقدم بغداد فحدث بها. فروى عنه من أهلها:
أبو عمرو بن السماك، وعبد الصمد الطستى، واسماعيل الخطبى، وأبو بكر الشافعى
وكان ثقة، حافظا صالحا
وتوفى بهراة فى شعبان سنة سبع وثمانين ومائتين.
538 - يحيى بن زكريا بن يحيى، أبو زكريا الأحول.
حدث عن إمامنا بأشياء.
منها قال: جئت يوما وأحمد بن حنبل يملى، فجلست أكتب، فاستمددت من محبرة إنسان. فنظر إلىّ أحمد. فقال: يا يحيى استأمرته؟
وسمع من الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، وغيرهما. روى عنه محمد بن مخلد، وقال: مات سنة خمس وستين ومائتين.
539 - يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان، من ولد أكثم بن صيفى، يكنى أبا محمد.
وهو مروزى. سمع عبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، ووكيعا وخلقا كثيرا. وحدث عن إمامنا أحمد بأشياء(1/410)
منها قال: ذاكرت أحمد بن حنبل يوما بعض إخواننا وتغيره علينا. فأنشاء أبو عبد الله يقول:
وليس خليلي بالملول، ولا الذي ... إذا غبت عنه باعنى بخليل
ولكن خليلي: من يدوم وصاله ... ويحفظ سرى عند كل دخيل
روى عن يحيى بن أكثم: محمد بن إسماعيل البخارى، وأبو حاتم الرازى وإسماعيل بن إسحاق القاضى، وأخوه حماد بن اسحاق. وغيرهم. وكان عالما بالفقه، بصيرا بالأحكام. وولاه المأمون قضاء القضاة ببغداد. وقال على بن المدينى: خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث، وهو ضجر. فقال: أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد، وجالس أبا سعيد الخدرى، وجالست عمرو ابن دينار، وجالس جابر بن عبد الله، وجالست عبد الله بن دينار، وجالس ابن عمر، وجالست الزهرى، وجالس أنس بن مالك حتى عدد جماعة ثم أنا أجالسكم؟ فقال له حدث فى المجلس: أنتصف يا أبا محمد؟ قال: إن شاء الله. قال له: والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بك أشد من شقائك بنا. فأطرق، وتمثل بشعر أبى نواس:
خل جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خي ... ر لك من داء الكلام
فسأل: من الفتى؟ فقالوا: يحيى بن أكثم. فقال سفيان: هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء، يعنى السلطان. وكتب يحيى بن أكثم إلى صديق له:
جفوت، وما فيما مضى كنت تفعل ... وأغفلت من لم تلفه عنك يغفل
وعجلت قطع الوصل فى ذات بيننا ... بلا حدث، أو كدت فى ذاك تعجل
وأصبحت، لولا أننى ذو تعطف ... عليك بودى صابر متجمل
أرى جفوة أو قسوة من أخى ندى ... إلى الله فيها المشتكى والمعوّل
فأقسم لولا أن حقك واجب ... على، وأنى بالوفاء موكل
لكنت عزوف النفس عن كل مدبر ... وبعض عزوف النفس عن ذاك أجمل
ولكننى أرعى الحقوق، وأستحى ... وأحمل من ذى الود ما ليس يحمل
فإن مصاب المرء فى أهل وده ... بلاء عظيم عند من كان يعقل
وقال الفضل بن محمد الشعرانى: سمعت يحيى بن أكثم يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. فمن قال مخلوق يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه(1/411)
جفوت، وما فيما مضى كنت تفعل ... وأغفلت من لم تلفه عنك يغفل
وعجلت قطع الوصل فى ذات بيننا ... بلا حدث، أو كدت فى ذاك تعجل
وأصبحت، لولا أننى ذو تعطف ... عليك بودى صابر متجمل
أرى جفوة أو قسوة من أخى ندى ... إلى الله فيها المشتكى والمعوّل
فأقسم لولا أن حقك واجب ... على، وأنى بالوفاء موكل
لكنت عزوف النفس عن كل مدبر ... وبعض عزوف النفس عن ذاك أجمل
ولكننى أرعى الحقوق، وأستحى ... وأحمل من ذى الود ما ليس يحمل
فإن مصاب المرء فى أهل وده ... بلاء عظيم عند من كان يعقل
وقال الفضل بن محمد الشعرانى: سمعت يحيى بن أكثم يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. فمن قال مخلوق يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ذكر يحيى بن أكثم عند أبى، فقال:
ما عرفت فيه بدعة. فبلغت يحيى، فقال: صدق أبو عبد الله، ما عرفنى ببدعة قط
قال: وذكر له ما يرميه الناس به. فقال: سبحان الله! سبحان الله. ومن يقول هذا؟ وأنكر ذلك أحمد إنكارا شديدا
وولى قضاء البصرة، وسنه عشرون أو نحوها. فاستصغره أهل البصرة، فقال له أحدهم: كم سن القاضى؟ فعلم أنه قد استصغره. فقال: أنا أكبر من عتّاب بن أسيد، الذى وجه به النبى صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذى وجه به النبى صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل اليمن. وأنا أكبر من كعب بن ثور الذى وجه به عمر بن الخطاب قاضيا على أهل البصرة. وبقى سنة لا يقبل بها شاهدا. فتقدم إليه والد أبى حازم القاص.
وكان أحد الأمناء فقال له: أيها القاضى، قد وقفت الأمور وتريثت؟ قال:
وما السبب؟ فقال: فى ترك القاضى قبول الشهود. قال: فأجاز فى ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا.
ولقى رجل يحيى بن أكثم وهو على قضاء القضاة فقال له: أصلح الله القاضى، كم آكل؟ قال: فوق الجوع، ودون الشبع. قال: فكم أضحك؟ قال:
حتى يسفر وجهك، ولا يعلو صوتك. قال: فكم أبكى؟ قال: لا تملّ البكاء من خشية الله. قال: فكم أخفى من عملى؟ قال: ما استطعت. قال: فكم أظهر منه؟ قال: ما يقتدى بك البر الخيّر، ويؤمن عليك قول الناس(1/412)
ومات بالرّبذة منصرفه من الحج يوم الجمعة لخمس عشرة خلت من ذى الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وسنه ثلاث وثمانون سنة
قال أبو العيناء: حدثنا أحمد بن أبى دؤاد قال: كنا مع المأمون فى طريق الشام. فأمر فنودى بتحليل المتعة. فقال: يحيى بن أكثم لى ولمحمد بن منصور:
بكّرا غدا إليه. فإن رأيتما للقول وجها فقولا، وإلا فاسكتا إلى أن أدخل. قال:
فدخلنا إليه وهو يستاك، ويقول، وهو مغتاظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد أبى بكر، وأنا أنهى عنهما؟ ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر؟ فأومأت إلى محمد بن منصور:
رجل يقول فى عمر بن الخطاب ما يقول، نكلمه نحن؟ فأمسكنا. وجاء يحيى فجلس وجلسنا. فقال المأمون ليحيى: ما لى أراك متغيرا؟ فقال: هو غم يا أمير المؤمنين، لما حدث فى الإسلام. قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا.
قال: الزنا؟ قال: نعم، المتعة زنى. قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله، وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم. قال: الله تعالى (23: 71 {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلََاتِهِمْ خََاشِعُونَ} إلى قوله {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حََافِظُونَ إِلََّا عَلى ََ أَزْوََاجِهِمْ أَوْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُهُمْ. فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى ََ وَرََاءَ ذََلِكَ فَأُولََئِكَ هُمُ العََادُونَ}) يا أمير المؤمنين، زوجة المتعة ملك يمين؟ قال: لا. قال:
فهى الزوجة التى عنى الله عز وجل: ترث وتورث، ويلحق بها الولد، ولها شرائطها؟
قال: لا. قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين. وهذا الزهرى يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابنى محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد عن على بن أبى طالب قال «أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادى بالنهى عن المتعة وتحريمها، بعد أن كان أمر بها» فالتفت إلينا المأمون. فقال: أمحفوظ هذا من حديث الزهرى؟ فقلنا: نعم، يا أمير المؤمنين. رواه جماعة، منهم مالك. فقال أستغفر الله، نادوا بتحريم المتعة. فنادوا بها(1/413)
ذكر من اسمه يعقوب
540 - يعقوب بن ابراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم، أبو يوسف العبدى، المعروف بالدورقى.
وهو أخو أحمد بن ابراهيم.
وكان الأكبر. رأى الليث بن سعد، وسمع إبراهيم بن سعد الزهرى، وعبد العزيز الدراوردى، وسفيان بن عيينة، وغيرهم. وجالس إمامنا. وسأله عن أشياء رواها عنه
من ذلك: ما قرأته فى كتاب أبى بكر الخلال قال: أخبرنى على بن الحسن بن هارون قال حدثنى محمد بن أبى هارون الوراق قال سمعت يعقوب بن ابراهيم الدورقى قال: سألت أحمد بن حنبل عن أبى ثور، وحسين الكرابيسى؟ فقال:
متى كان هؤلاء من أهل العلم؟ متى كان هؤلاء من أهل الحديث؟ متى كان هؤلاء يضعون للناس الكتب؟ وقال يعقوب الدورقى: سألت أحمد بن حنبل عمن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: كنت لا أكفرهم، حتى قرأت آيات من القرآن (2: 145 {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوََاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}) وقوله (2: 120 {بَعْدَ الَّذِي جََاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}). وقوله (4: 166 {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}) فالقرآن من علم الله. ومن زعم أن علم الله مخلوق. فهو كافر. ومن زعم أنه لا يدرى علم الله مخلوق، أو ليس بمخلوق؟ فهو كافر، أشر ممن يقول القرآن مخلوق.
وقال يعقوب الدورقى: سألت أبا عبد الله عن الرجل يحضر فى المسجد يوم عرفة. قال: لا بأس أن يحضر المسجد، فيحضر دعاء المسلمين. قد عرّف ابن عباس بالبصرة، فلا بأس أن يأتى الرجل المسجد فيحضر دعاء المسلمين، لعل الله أن يرحمه. إنما هو دعاء (1)
وقال يعقوب: رأيت يحيى بن معين عشية عرفة فى مسجد الجامع قد حضر مع الناس، ورأيته يشرب ماء، ولم يكن بصائم
__________
(1) ولكن لا بد أن يكون على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو خير الهدى(1/414)
وقال يعقوب الدورقى: قلت لأبى عبد الله: معك اليوم أحد على هذا الأمر الذى أنت عليه؟ يعنى من المجانبة والإنكار. فقال: معى عبد الوهاب
روى عن يعقوب الدورقى أخوه أحمد، ومحمد بن إسحاق الصغانى، والبخارى ومسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وغيرهم. وآخر من حدث عنه: محمد بن مخلد.
صنف المسند. ومولده: سنة ست وستين ومائة. وموته: سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
541 - يعقوب بن إسحاق بن بختان، أبو يوسف.
سمع مسلم بن ابراهيم، وإمامنا أحمد. روى عنه أبو بكر بن أبى الدنيا، وجعفر الصندلى، وأحمد بن محمد بن أبى شيبة. وكان أحد الصالحين الثقات
أنبأنا القاضى أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى حفص بن شاهين حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا يعقوب بن بختان حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبو خالد عن أبى العالية قال: إذا اشتريت شيئا فاشتر أجوده
وقال أبو بكر بن أبى الدنيا: أبو يوسف بن بختان: كان من خيار المسلمين
وذكره أبو محمد الخلال فقال: كان جار أبى عبد الله وصديقه. وروى عن أبى عبد الله مسائل صالحة كبيرة، لم يروها غيره فى الورع، ومسائل صالحة فى السلطان.
وقال يعقوب بن بختان: سئل أحمد عن رجل نسى التشهد حتى قام؟ قال:
يعود فيقعد، ثم يتشهد ثم يسلم ويسجد. قيل له: فإن خرج؟ قال: يرجع ما كان فى المسجد. فإن خرج فتكلم: أعاد
أخبرنا ابن المبارك عن ابراهيم البرمكى عن عبد العزيز قال أخبرنا أبو بكر الخلال حدثنا محمد بن على قال حدثنا يعقوب بن بختان قال: سئل أبو عبد الله عمن زعم أن الله عز وجل لم يتكلم بصوت؟ قال: بلى يتكلم سبحانه بصوت(1/415)
وقال أيضا: سمعت أحمد، وسئل عن التوكل؟ فقال: هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق. فقيل له: ما الحجة؟ فقال: ابراهيم لما وضع فى المنجنيق، ثم طرح إلى النار. فاعترضه جبريل، فقال: يا ابراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. قال فقال له: سل من لك إليه حاجة. فقال: أحب الأمرين إليه: أحبهما إلى
وقال أيضا: سألت أحمد عن مسألة؟ فقال يقال: إن العلم خزائن والمسئلة تفتحه. دعنى حتى أنظر فيها
وقال أيضا: سئل أحمد عن رجل له فناء دار إلى زقاق، فيه أبواب لجماعة، له أن يفتح فى خائطه بابا؟ قال: نعم، يفتح. ليس لهم أن يمنعوه من فتحه.
ولكن ليس له أن يستطرقه إلا برضاهم. وإن كان له باب معهم وأراد سده، وفتح باب غيره دون ذلك: كان له. وإن أراد فتحه فوق ذلك: لم يجز له إلا برضاهم لأنه طريق لهم
542 - يعقوب بن سفيان، أبو يوسف.
سمع من إمامنا أشياء
روى ابن ثابت عن عبد الله بن اسحاق النهاوندى قال: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ، حجتى فيما بينى وبين الله رجلان. قيل له:
يا أبا يوسف من حجتك، وقد كتبت عن الأنصارى، وحيان بن هلال، والأجلة؟ فقال: حجتى أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح المصرى
543 - يعقوب بن شيبة الحافظ
ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن إمامنا أحمد رضى الله عنه
544 - يعقوب بن العباس الهاشمى.
قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبى عبد الله مسائل صالحة، حسان مشبعة. سأل عنها أبا عبد الله. وقد كنت سألت ابن هارون غير مرة، وكان يعدنى، ثم خرجت إلى طرسوس، فسمعتها من الحسن بن صالح العطار عنه عن أبيه. وقدمت وقد مات هارون(1/416)
545 - يعقوب بن يوسف بن أيوب
، أبو بكر المطوعى سمع إمامنا أحمد، وأحمد بن جميل المروزى، ومحمد بن بكار الريان، ومنصور بن أبى مزاحم، وعلى ابن المدينى، وغيرهم. روى عنه أبو بكر النجاد وغيره
وذكره الدارقطنى فقال: ثقة فاضل
أنبأنا الوالد السعيد عن عبد العزيز الوراق قال: سمعت على بن عبد الله بن الحسن الهمدانى بمكة يقول: سمعت جعفر الخلدى يقول: سمعت أبا بكر المطوعى يقول: كان وردى فى شبيبتى فى كل يوم وليلة أقرأ فيه ({قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ}) إحدى وثلاثين ألف مرة، أو إحدى وأربعين ألف مرة (1). شك جعفر.
وقال جعفر غلام أبى بكر المطوعى جاءوا إلى أستاذى بثوبين، فقالوا له: أعطنا خير هذين الثوبين. فذرعهما وقلبهما. فلما فرغ منهما قال: هذا شر من هذا
وذكره أبو بكر الخلال فى جملة أصحاب إمامنا البغداديين، فقال: كانت له مسائل صالحة حسان. مولده سنة ثمان ومائتين.
ومات فى رجب سنة سبع وثمانين ومائتين. ودفن بباب البردان
546 - يعقوب بن يوسف، أبو السرى الحربى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها: قال أبو عبد الله: وأى شىء أحسن من أن يجتمع الناس، فيصلوا ويذكروا ما أنعم الله عليهم، كما قالت الأنصار؟ (2)
547 - يعقوب بن أخي معروف الكرخي.
سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى قال: أخبرنا على بن محمد الموصلى قال حدثنا موسى بن محمد الغسانى قال حدثنى المروذى قال: قال لى يعقوب بن أخى معروف الكرخى: قلت لأبى عبد الله:
__________
(1) ليس هذا من هدى النبى صلى الله عليه وسلم ولا هدى أصحابه
(2) يعنى على ما كان عليه الأنصار المهتدون بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم(1/417)
عندنا رجل يهودى قد أسلم، وله ابنة قد زوجها من يهودى، وقد اجتمع اليهود واجتمع المسلمون على أن يتحاكموا. وقد اجتمعوا ورضوا بأن يسألوك: هل يجوز أن يزوجها يهودى أم لا؟ قال أبو عبد الله: يفرق بينهما، هى مسلمة.
ذكر من اسمه يوسف
548 - يوسف بن الحسين بن على، أبو يعقوب الرازى من مشايخ الصوفية.
كان كثير الأسفار. وصحب ذا النون المصرى، وأبا تراب النّخشبى، وأبا سعيد الخراز، وحكي عن ذى النون. وسمع إمامنا أحمد. ورد بغداد. وسمع منه بها: أبو بكر النجاد
أنبأنا الوالد السعيد عن أبى محمد الخلال حدثنى عبد الواحد بن على حدثنا أحمد بن سليمان قال: سمعت يوسف بن الحسين قال: سمعت ذا النون المصرى قال: من جهل قدره هتك ستره
وذكر أبو صالح المؤذن النيسابورى: حدثنا أحمد بن عبد الله الرازى بدمشق حدثنى يوسف بن الحسين الرازى الصوفى حدثنا أبو عبد الله أحمد ابن حنبل حدثنا مروان بن معاوية حدثنى هلال بن سويد أبو المعلى (1) عن أنس ابن مالك قال «أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طوائر ثلاث. فأكل طيرا واستخبأ خادمه طيرين. فرده عليه من الغد. فقال النبى صلى الله عليه وسلم:
ألم أنهك أن ترفع شيئا لغد؟ إن الله يأتى برزق كل غد» قال يوسف: كنت أتيت أحمد بن حنبل فى أول أيام المتوكل. فسألنى عن بلدى، فقال لى:
ما حاجتك؟ وفى أى شىء جئت إلى؟ فقلت: لتحدثنى. فقال: أما بلغك أنى قد أمسكت عن التحديث؟ فقلت: بلى، ولكن حدثنى بشىء أذكرك به، وأترحم عليك به. فحدثنى بهذا الحديث. ثم قال: هذا من بابتك يا صوفى. حدث به
__________
(1) قال الحافظ فى التهذيب: ذكره ابن حبان فى الضعفاء. فقال: شيخ مغفل لا يجوز الاحتجاج به بحال. يروى عن أنس ما ليس من حديثه.(1/418)
أبو أحمد العسال الأصبهانى عن يوسف عن أحمد بن حنبل. ولم يذكر الكلام
قرأت فى كتاب ابن ثابت: حدثنا أبو سعد المالينى أخبرنا أبو على محمد بن الحسين بن حمزة الصوفى حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد القرشى حدثنا يوسف ابن الحسين الرازى قال: قلت لأحمد بن حنبل: حدثنى. فقال: ما تصنع بالحديث يا صوفى؟ فقلت: لا بد حدثنى. فقال: حدثنا مروان الفزارى عن هلال أبى العلاء كذا قال المالينى، وإنما هو أبو المعلى عن أنس قال: «أهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم طائران. فقدم إليه أحدهما. فلما أصبح قال: هل عندكم من غداء؟ فقدم إليه الآخر، فقال: من أين ذا؟ فقال بلال: خبأته لك يا رسول الله.
فقال: يا بلال، لا تخف من ذى العرش إقلالا. إن الله يأتى برزق كل غد»
وبإسناده: قال يوسف بن الحسين: كنت فى أيام السياحة فى أرض الشام أمسك بيدى عكازة مكتوب عليها:
سر فى بلاد الله سيّاحا ... وابك على نفسك نواحا
وامش بنور الله فى أرضه ... كفى بنور الله مصباحا
وبإسناده قال: كان ليوسف بن الحسين مخلاة مكتوب عليها:
لا يومك ينساك ... ولا رزقك يعدوكا
ومن يطمع فى النا ... س يكن للناس مملوكا
فليكن سعيك لله ... فإن الله يكفيكا
وبإسناده: قال يوسف بن الحسين: قيل لى: إن ذا النون المصرى يعرف اسم الله الأعظم. فدخلت مصر. فذهبت إليه فبصر بي، وأنا طويل اللحية، ومعى ركوة طويلة. فاستشنع منظرى، ولم يلتفت إلى. فلما كان بعد أيام جاء إلى ذى النون رجل صاحب كلام. فناظر ذا النون. فلم يقم ذو النون بالحجج عليه.
قال: فاجتذبته إلى، وناظرته فقطعته. فعرف ذو النون مكانى. فقام إلى وعانقنى، وجلس بين يدى، وهو شيخ وأنا شاب. وقال: اعذرنى، فلم أعرفك، فعذرته.
وخدمته سنة واحدة. فلما كان على رأس السنة، قلت له: يا أستاذ إنى قد خدمتك،
وقد وجب حقى عليك. وقيل لى: إنك تعرف اسم الله الأعظم. وقد عرفتنى، ولا تجد له موضعا مثلى. فأحب أن تعلمنى إياه. قال: فسكت عنى ذو النون، ولم يجبنى. وكأنه أومأ إلى أنه يخبرنى. قال فتركنى بعد ذلك ستة أشهر، ثم أخرج إلى من بيته طبقا ومكبّة مشدودة فى منديل. وكان ذو النون يسكن فى الجيزة.(1/419)
وخدمته سنة واحدة. فلما كان على رأس السنة، قلت له: يا أستاذ إنى قد خدمتك،
وقد وجب حقى عليك. وقيل لى: إنك تعرف اسم الله الأعظم. وقد عرفتنى، ولا تجد له موضعا مثلى. فأحب أن تعلمنى إياه. قال: فسكت عنى ذو النون، ولم يجبنى. وكأنه أومأ إلى أنه يخبرنى. قال فتركنى بعد ذلك ستة أشهر، ثم أخرج إلى من بيته طبقا ومكبّة مشدودة فى منديل. وكان ذو النون يسكن فى الجيزة.
فقال: تعرف فلانا صديقنا من الفسطاط؟ قلت: نعم. فقال: أحب أن تؤدى إليه هذا. قال: فأخذت الطبق، وأنا متفكر فيه، مثل ذى النون يوجه إلى فلان بهدية، ترى إيش هى؟ فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر، فحللت المنديل وشلت المكبة. فإذا فأرة نفرت من الطبق، ومرت. قال: فاغتظت غيظا شديدا.
وقلت: ذو النون يسخر بى، ويوجه مع مثلى فأرة إلى فلان؟ فرجعت على ذلك الغيظ. فلما رآنى عرف ما فى وجهى وقال: يا أحمق، إنما جربناك، ائتمنتك على فأرة فخنتنى، أفأئتمنك على اسم الله الأعظم (1)؟ وقال: مرّ عنى، فلا أراك شيئا آخر
ومات سنة أربع وثلاثمائة. ورؤى فى المنام بعد موته فقيل له: ماذا فعل الله بك؟ قال: غفر لى ورحمني. فقيل: بماذا؟ فقال: بكلمة أو بكلمات قلتها عند الموت. قلت: اللهم إنى نصحت قولا. وخنت نفسى فعلا. فهب خيانة فعلى لنصيحة قولى
549 - يوسف بن بحر.
نقلى عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: جلس شعبة ببغداد، وليس فى مجلسه أحد يكتب إلا آدم بن أبى إياس، وهو يستملى ويكتب. وهو قائم
550 - يوسف بن موسى العطار الحربى.
كان ينزل فى مربعة الخرسى.
روى عن إمامنا أشياء. حدث عنه أبو بكر الخلال. وأثنى عليه ثناءا حسنا.
__________
(1) ألم يكن فى كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يعرف منه اسم الله الأعظم؟ وذو النون نشأ فى كنائس النصارى وأديرتهم، وفى معابد قدماء المصريين، وكان مشهورا بمعرفة دقائق سحر قدماء المصريين، كما هو فى تاريخه(1/420)
وكان يوسف هذا يهوديا، أسلم على يدى أبى عبد الله أحمد بن حنبل. وهو حدث فحسن إسلامه. ولزم العلم، وأكثر من الكتاب، ورحل فى طلب العلم. وسمع من قوم أجلة. ولزم أبا عبد الله، حتى كان ربما يتبرم به من كثرة لزومه له.
حدثنا يوسف بن موسى قال قيل لأبى عبد الله: عذاب القبر حق؟ قال نعم.
551 - يوسف بن موسى بن راشد، أبو يعقوب القطان الكوفى.
أصله من الأهواز، ومتجره بالرّى. ثم سكن بغداد. وحدث بها عن جرير بن عبد الحميد وسفيان بن عيينة، وغيرهما. روى عنه البخارى، وابراهيم الحربى. وسئل يحيى بن معين عنه؟ فقال: صدوق. وكتب يحيى بن معين عنه. ونقل عن إمامنا أشياء
منها قال: قال أحمد: اذا أراد الرجل أن يحج عن أبويه فليبدأ بالأم، إلا أن يكون الأب قد وجب عليه
وقال يوسف بن موسى أيضا: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة البر والفاجر، ماداموا يقيمونها.
وقال أيضا: قيل لأبى عبد الله: والله تعالى فوق السماء السابعة على عرشه. بائن من خلقه. وقدرته وعلمه بكل مكان؟ قال: نعم، على عرشه، لا يخلو شىء من علمه
ومات فى صفر سنة ثلاث وخمسين ومائتين
ذكر من إسمه اليمان
552 - اليمان بن عباد.
أحد من روى عن إمامنا أشياء
منها: قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو طالب عبد العزيز بن أحمد بن بكار حدثنا اليمان بن عباد البصرى بصنعاء قال: دخلت على أحمد بن حنبل، وقد أذن المؤذن. فقلت: يا أبا عبد الله، صليتم؟ فقال: لا
ذكر من اسمه يزيد
553 - يزيد بن جمهور، أبو الليث.
ذكره أبو محمد الخلال فى جملة أصحاب الإمام أحمد رحمة الله عليه(1/421)
554 - يزيد بن خالد بن طهمان
، أبو خالد البادا، ذكره أبو محمد الخلال فى الأصحاب.
555 - يزيد بن هارون، أبو خالد
سمع يحيى بن سعيد الأنصارى، وحميدا الطويل، والحمادين. مولده سنة ثمان عشرة ومائة. أحد شيوخ إمامنا أحمد. وكان سأل إمامنا عن أشياء
منها: ما أنبأنا القاضى أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى قال أخبرنا على بن محمد الموصلى قال حدثنا موسى بن محمد الغسانى قال حدثنا أبو بكر المروذى قال: قال لى ابن زنجويه: رأيت يزيد بن هارون يسأل أبا عبد الله: إيش تقول فى العارية؟ فقال أبو عبد الله: مؤداة: فقال له يزيد:
حدثنا حجاج عن الحكم أن عليّا لم يضمن العارية. فقال أبو عبد الله: أليس النبى صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدراعا، فقال «أغصب يا محمد؟
فقال: بل عارية مؤداة»؟ فسكت يزيد
وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله أحمد، وقيل له: يزيد بن هارون له فقه؟ فقال: نعم، ما كان أفطنه. وأذكاه وأفهمه. فقيل له: فابن علية؟
فقال: كان له فقه، إلا أنى لم أخبره خبرى يزيد بن هارون. ما كان أجمع من يزيد بن هارون. صاحب صلاة، حافظ متقن للحديث، فى صرامة وحسن مذهب
وقال عاصم بن على: كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس يعنى ابن الربيع سنة إحدى وستين. فأما يزيد: فكان إذا صلى العتمة لا يزال قائما حتى يصلى الغداة بذلك الوضوء، نيفا وأربعين سنة. وأما قيس: فكان يقوم ويصلى وينام. وأما أنا: فكنت أصلى أربع ركعات وأقعد أسبح
ومات ضريرا سنة ست ومائتين، وقيل: مولده سنة سبع عشرة ومائة.
وقيل: سنة ثمان عشرة ومائة(1/422)
ذكر من إسمه ياسين
556 - ياسين بن سهل، أبو القاسم القلاس.
ذكره أبو محمد الخلال فى جملة الأصحاب
أنبأنا القاضى أبو الحسين بن المهتدى بالله عن أبى الحسين بن أخى ميمى قال: أخبرنا على بن محمد الموصلى قال حدثنا موسى بن محمد الغسانى حدثنا ياسين ابن سهل أبو القاسم القلاس قال حدثنا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين قالا:
حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال «ثلاث من أخلاق النبوة. وهو نافع من البلغم: الصيام، والسواك، والصلاة من آخر الليل»
وبه: حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا يحيى بن آدم عن مفضل بن مهلهل عن مغيرة قال: سمعت الشعبى يقول: كان الحارث الأعور من أكذب الكذابين.
وبه: حدثنا ياسين قال حدثنا أحمد بن حنبل عن أبى نعيم قال: ذكر الحسن بن صالح عند الثورى، فقال: ذاك رجل يرى السيف على هذه الأمة.
قال: فحدث ذلك الحسن. فقال: فأين الورع؟ فأين الورع؟
باب الكنى
ذكر من عرف بكنيته ولم يذكر لنا اسمه، أو ذكر على اختلاف، ولم يتضح الصواب. فمن ذلك:
557 - أبو داود الكاذى.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنى محمد بن العباس حدثنا أبو موسى بن أبى الدور الفقيمى قال: سمعت أبا داود الكاذى يقول:
كنت عند أبى عبد الله، فجاءه رجل، فقال له: يا أبا عبد الله، أغسل ثوبى؟
فقال له: أما للناس فلا. وقال أيضا: كنت عند أبى عبد الله، وجاءه رجل، فقال له: الرجل يكون عطشانا، وهو بين الناس فلا يستسقى؟ فأظنه قال: فى الورع ما يكون أحمق.(1/423)
558 - أبو بكر الأحول.
نقل عن إمامنا أشياء.
منها قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يترك الوتر؟ فقال: لا يكون عدلا
559 - أبو بكر الطبرانى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الإسناد من الدين
560 - أبو داود الخفاف.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يعبر الجسر مثل إسحاق
561 - أبو محمد بن أخى بن عبيد بن شريك البرار.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سألت أحمد، وذكرت له شيئا من أمر العدول؟ فقال أحمد بن حنبل: ينبغى للعدل أن يكون فيه ست خصال: فقيها، عالما، زاهدا، ورعا، عفيفا، بصيرا بما يأتى، بصيرا بما يذر
562 - أبو ثابت الحطاب
قلت لأحمد: رجل أجازه إسحاق بن إبراهيم بألف درهم؟ قال: لا تسمين أحدا. قال فقلت: رجل أجازه السلطان بألف درهم؟ وآخر عامل السلطان بألف درهم، فربح عليه ألف درهم: أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما أكرهه، إلا أن الذى أجازه أحب إلى من الذى عامله. ذكره الخلال فى السر
563 - أبو بكر بن عنبر الخراسانى.
سكن بغداد. وحدث عن إمامنا بأشياء
منها قال: تبعت أحمد بن حنبل يوم الجمعة إلى مسجد الجامع. فقام عند قبة الشعراء يركع، والأبواب مفتحة. فكان يتطوع ركعتين ركعتين. فمر بين يديه سائل، فمنعه منعا شديدا. وأراد السائل أن يمر بين يديه، فقمنا إليه فنحيناه
564 - أبو عبد الله بن أبي هشام.
نقل عن إمامنا أشياء(1/424)
منها قال: كنت يوما عند أحمد. فذكروا الكتاب ودقة ذهنهم. فقال:
إنما هو التوفيق
565 - أبو عبد الله السلمى
حدث عن ضمرة بن ربيعة، وأبى دواد الطيالسى، وإبراهيم بن عيينة، وإمامنا أحمد. روى عنه عبد الله بن أحمد
أنبأنا المبارك عن محمد بن محمد بن غيلان حدثنا محمد بن عبد الله الشافعى حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا أبو عبد الله السلمى حدثنى أبو عبد الله أحمد بن حنبل عن زائدة عن الشيبانى عن عبد الملك بن ميسرة قال: كنت بالمدينة فشهد رجل «أنه رأى الهلال، فأمر ابن عمر أن يجيزوا شهادته» قلت لأحمد: من روى عن زائدة؟ قال: معاوية بن عمرو
566 - أبو السرى، المقلب.
سمع إمامنا أحمد، ويحيى بن معين
567 - أبو عبد الله النوفلي.
روى عن إمامنا أحمد فيما روى الخطيب: حدثنا محمد بن يوسف القطان النيسابورى حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ سمعت أبا زكريا العنبرى يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد السجزى يقول: سمعت النوفلى يعنى أبا عبد الله يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحلال والحرام شددنا فى الأسانيد. وإذا روينا عن النبى صلى الله عليه وسلم فى فضائل الأعمال ومالا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا فى الأسانيد.
568 - أبو محمد الشغرايى.
نقل عن إمامنا أشياء
منها قال: سمعت أبا عبد الله يقول: كان إبراهيم بن أدهم يبيع ثيابه وينفقها على أصحابه. وكانت الدنيا أهون عليه من ذاك العود
569 - أبو عمران الصوفى.
نقل عن إمامنا أشياء(1/425)
منها قال: رأى أحمد بن حنبل أصحاب الحديث، وقد خرجوا من عند محدث، والمحابر بأيديهم. فقال أحمد: إن لم يكن هؤلاء الناس، فلا أدرى من الناس؟
570 - أبو ثابت المشرف
قال: سألت أحمد بن حنبل عن هذه الأحاديث يعنى أحاديث الآيات، وأحاديث أم أيمن «إن دلّي دلو من السماء دلى إليه» وما كان من نحو هذه الأحاديث: صحاح، أو كما قال
571 - أبو ثابت الخطاب.
سأل إمامنا عن أشياء
منها قال: تزوجت امرأة. فكنت إذا أردت أن أدنو منها أنزلت.
فوصفت ذلك لإنسان. فقال لى: احتقن. فأتيت أحمد بن حنبل فسألته، قلت:
إيش ترى؟ قال: احتقن
ذكر النساء المذكورات بالسؤال لإمامنا أحمد
572 - ميمونة بنت الأقرع المتعبدة.
كتبت عن إمامنا أحمد أشياء.
فيما أنبأنا على بن عبيد الله حدثنا أبو بكر الآجرى أخبرنا المروذى قال: وذكر لأبى عبد الله ميمونة بنت الأقرع المتعبدة فقلت له: إنها أرادت أن تبيع غزلها فقالت للغزال: إذا بعت هذا الغزل فقل: إنى ربما كنت صائمة، فأرخى يدى فيه. ثم ذهبت ورجعت. فقالت: رد علىّ الغزل، أخاف أن لا يبين الغزال هذا. فترحم أبو عبد الله عليها. وقال: قد جاءتنى وكتبت لها شيئا فى غسل الميت
573 - خديجة أم محمد.
ذكرها ابن ثابت فقال: كانت تغشى أبا عبد الله وتسمع منه. وحدثت عن يزيد بن هارون. وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأبى النضر هاشم بن القاسم، روى عنها عبد الله بن أحمد بن حنبل
أنبأنا المبارك عن الحسن بن على التميمى أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثتنى خديجة أم محمد سنة ست وعشرين ومائتين. وكانت تجىء إلى أبى وتسمع منه ويحدثها، قالت: حدثنا اسحاق الأروق قال: حدثنا المسعودى عن عون بن عبد الله قال: كنا نجلس إلى أم الدرداء فنذكر الله عندها. فقالوا: لعلنا قد أمللناك؟ قالت: تزعمون أنكم قد أمللتمونى.(1/426)
أنبأنا المبارك عن الحسن بن على التميمى أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثتنى خديجة أم محمد سنة ست وعشرين ومائتين. وكانت تجىء إلى أبى وتسمع منه ويحدثها، قالت: حدثنا اسحاق الأروق قال: حدثنا المسعودى عن عون بن عبد الله قال: كنا نجلس إلى أم الدرداء فنذكر الله عندها. فقالوا: لعلنا قد أمللناك؟ قالت: تزعمون أنكم قد أمللتمونى.
ففد طلبت العبادة فى كل شىء. فما وجدت شيئا أشفى لصدرى، ولا أحرى أن أصيب به الذى أريد: من مجالس الذكر
574 - مخة أخت بشر بن الحارث وكان له أختان غيرها.
إحداهما: مضغة.
والأخرى: زبدة. وكان الثلاث أخوات مذكورات بالعبادة والورع، وأكبرهن مضغة. وهى أكبر من بشر. وكانت زبدة: تكنى بأم على. وقيل: لما ماتت ضغة: توجع عليها بشر توجعا شديدا. وبكى بكاءا شديدا. فقيل له فى ذلك.
فقال: قرأت فى بعض الكتب: أن العبد إذا قصّر فى خدمة ربه سلبه أنيسه.
وهذه كانت أنيستى من الدنيا
وقال إبراهيم الحربى: إن بشرا قال هذا يوم ماتت أخته مخّة
وقال عبد الله بن أحمد: جاءت مخة أخت بشر بن الحارث إلى أبى، فقالت له: إنى إمرأة رأس مالى دانقين: أشترى القطن، فأردّنه، فأبيعه بنصف درهم، فأتقوت بدانق من الجمعة إلى الجمعة. فمر ابن طاهر الطائف، ومعه مشعل. فوقف يكلم أصحاب المصالح. فاستغنمت ضوء المشعل. فغزلت طاقات. ثم غاب عنى المشعل. فعلمت أن لله فىّ مطالبة، فخلصنى خلصك الله. فقال لها: تخرجين الدانقين. وتبقين بلا رأس مال، حتى يعوضك الله خيرا
قال عبد الله: فقلت لأبى: يا أبت، لو قلت لها: لو أخرجت الذى أدركت فيه الطاقات؟ فقال: يا بنى سؤالها لا يحتمل التأويل. ثم قال: من هذه؟ قلت:
مخة أخت بشر بن الحارث. فقال: من ههنا أتيت
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل أيضا: كنت مع أبى يوما من الأيام
فى المنزل، فدقّ داق الباب. قال لى: أخرج، فانظر من بالباب. قال: فخرجت فإذا امرأة، قالت لى: استأذن لى على أبى عبد الله يعنى أباه قال: فاستأذنته.(1/427)
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل أيضا: كنت مع أبى يوما من الأيام
فى المنزل، فدقّ داق الباب. قال لى: أخرج، فانظر من بالباب. قال: فخرجت فإذا امرأة، قالت لى: استأذن لى على أبى عبد الله يعنى أباه قال: فاستأذنته.
فقال: أدخلها. فدخلت فجلست، فسلمت عليه، وقالت له: يا أبا عبد الله أنا امرأة أغزل بالليل فى السراج، فربما طفىء السراج فأغزل فى القمر، فعلىّ أن أبين غزل القمر من غزل السراج؟ قال: فقال لها: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبينى ذلك. قال قالت له: يا أبا عبد الله، أنين المريض شكوى؟ قال:
أرجو أن لا يكون شكوى، ولكنه اشتكاء إلى الله. قال: فودعته وخرجت.
قال فقال لى: يا بنى ما سمعت قط إنسانا يسأل عن مثل هذا. اتبع هذه المرأة، فانظر أين تدخل؟ قال: فاتبعتها. فإذا هى قد دخلت إلى بيت بشر بن الحارث، وإذا هى أخته. قال: فرجعت، فقلت له. فقال: محال أن تكون مثل هذه إلا أخت بشر
وقال أبو عبد الله القحطبى: كانت لبشر أخت صوامة قوامة. وقال بشر:
تعلمت الورع من أختى. فإنها كانت تجتهد أن لا تأكل ما للمخلوق فيه صنع
وقالت زبدة أخت بشر: دخل بشر علىّ ليلة من الليالى. فوضع إحدى رجليه داخل الدار والأخرى خارج. وبقى كذلك يتفكر حتى أصبح. فلما أصبح قلت له: فيماذا تفكر طول ليلتك؟ فقال: تفكرت فى بشر النصرانى، وبشر اليهودى، وبشر المجوسى، ونفسى واسمى بشر. فقلت: ما الذى سبق منك إليه، حتى خصك؟ فتفكرت فى تفضله على أن جعلنى من خاصته. وألبسنى لباس أحبابه (1).
575 - عباسة بنت المفضل.
زوجة إمامنا أحمد، وأم ابنه صالح. كان أحمد يثنى عليها. وسمعت منه أشياء. وماتت فى حياته.
__________
(1) قال الله سبحانه (53: 32 {فَلََا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ. هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ََ}) وصح أن الصحابة كانوا يخافون على أنفسهم النفاق. ويقول قائلهم: من أمن النفاق فهو منافق(1/428)
قال زهير بن صالح بن أحمد: تزوج جدى أم أبى عباسة بنت الفضل. وهى من العرب من الربض. ولم يولد له منها غير أبى. ثم توفيت. وقال أحمد: أقامت أم صالح معى عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهى فى كلمة
576 - ريحانة بنت عمر، عم إمامنا أحمد، زوجته،
وأم ابنه عبد الله، لم يولد له منها غيره. قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد البراثى قال:
حدثنى أحمد بن عنبر قال: لما ماتت أم صالح بن أحمد بن حنبل قال أحمد لامرأة تكون عندهم: اذهبى إلى فلانة بنت عمها، فاخطبيها لى من نفسها. فأتتها، فأجابته. فلما رجعت إليه قال: أختها كانت تسمع كلامك. قال: وكانت بعين واحدة، فقالت له: نعم. قال: فاذهبى فاخطبى تيك التى بفرد عين.
فأتتها فأجابته، وهى أم عبد الله ابنه. فأقام معها سبعا. ثم قالت له: كيف رأيت يا ابن عمى؟ أنكرت شيئا؟ قال: لا، إلا نعلك هذه تصرّ
وقال خطاب بن بشر: قالت امرأة أحمد بن حنبل لأحمد، بعد ما دخلت عليه بأيام: هل تنكر منى شيئا؟ فقال: لا، إلا هذا النعل الذى تلبسينه. لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فباعته واشترت مقطوعا. فكانت تلبسه وقال أبو بكر الخلال: وهى هذه المرأة.
سمعت ريحانة أم عبد الله من إمامنا أشياء.
577 - حسن. جارية اشتراها إمامنا بعد موت زوجته
أم ابنه عبد الله، ولدت منه أم على. واسمها زينب، ثم ولدت الحسن والحسين توما. وماتا بالقرب من ولادتهما. ثم ولدت أيضا الحسن ومحمدا، فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو الأربعين سنة. ثم ولدت بعدهما سعيدا. قال حنبل: ولد سعيد قبل موت أحمد بنحو من خمسين يوما
نقلت حسن عن إمامنا أشياء.
منها: ما رواه أبو بكر الخلال، أخبرنا محمد بن على قال: سمعت حسن أم ولد
أبى عبد الله تقول: جاءتنى امرأة من جيراننا، فقالت: قد جمعت مالا من القلف، وأريد أن أحج؟ فقال أبو عبد الله: لا تحج به. وليس ههنا أحل من الغزل(1/429)
منها: ما رواه أبو بكر الخلال، أخبرنا محمد بن على قال: سمعت حسن أم ولد
أبى عبد الله تقول: جاءتنى امرأة من جيراننا، فقالت: قد جمعت مالا من القلف، وأريد أن أحج؟ فقال أبو عبد الله: لا تحج به. وليس ههنا أحل من الغزل
وقالت حسن: خبزت يوما لمولاى، وهو وجع فى مرضه الذى توفى فيه، فقال: أين خبزتيه؟ قلت: فى بيت عبد الله. قال: ارفعيه، ولم يأكل منه
وقالت أيضا: لما ولدت حسنا: أعطى مولاى كرامته امرأة، تخدم حسن درهما، وقال لها: اذهبى إلى ابن شجاع جار لنا قصاب يشترى لك بهذا رأسا.
قالت: فاشترى لنا رأسا. وجاءت به. فأكلنا. فقال لى: يا حسن، ما أملك غير هذا الدرهم
وقالت أيضا: كان إذا لم يكن عند مولاى أبى عبد الله شىء فرح
الخاتمة
تم طبع الجزء الأول من طبقات الفقهاء الحنابلة للقاضى أبى الحسين محمد بن القاضى أبى يعلى محمد بن الحسين بن الفراء المتوفى سنة 527.
وكان طبعها وتصحيحها بمطبعة السنة المحمدية: إحياء لذكرى الأمير الشاب الصالح «منصور بن عبد العزيز آل سعود» رحمه الله وغفر له. وأمطر على قبره سحائب رضوانه. وأسكنه بصالح أعماله فسيح جناته.
وقد قمت بتصحيحها وضبطها جهد الطاقة على نسختين خطيتين. إحداهما:
أعطانيها متفضلا السلفى الصالح الشيخ محمد بن حسين نصيف. عمدة السلفيين فى جدة جزاه الله خير الجزاء، وهى نسخة رديئة جدا تدل على منتهى جهل ناسخها. والأخرى: نقلت صورتها الفوطغرافية من الإدارة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية. وهى مجودة صحيحة كتبها أمام باب الكعبة المشرفة الشيخ عبد القادر بن عبد الوهاب بن عبد المؤمن القرشى الحنفى. فرغ من كتابتها فى السابع من شهر شعبان سنة أربع وسبعين وثمانمائة. وقد ساعدنى على تصويرها الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب الموظف بالإدارة الثقافية.(1/430)
وقد استعنت كذلك على الضبط والتصحيح بتاريخ بغداد للخطيب، الذى يسميه المؤلف: تارة بابن ثابت، وتارة بالمؤرخ، وتارة بالخطيب وبمختصر الطبقات الذى طبعه الأخ أحمد أفندى عبيد. وبتهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلانى، وبغيره من كتب التاريخ والرجال.
والله المستعان والموفق لإتمام الجزء الثانى منها.
وأوله: ذكر الطبقة الثانية.(1/431)
فهرس الجزء الأول من كتاب طبقات الحنابلة
3 - مقدمة الكتاب
4 - الإمام أحمد بن حنبل
21 - الطبقة الأولى ممن روى عن الإمام أحمد
21 - باب الألف 21أحمد بن إبراهيم الدورقى
22 - أحمد بن إبراهيم الكوفى
22 - أحمد بن أصرم
22 - حرف الباء 22أحمد بن بشر الطيالسى
23 - أحمد بن بشر الكندى
23 - أحمد بن بكر
23 - حرف الجيم 23أحمد بن جعفر الوكيعى
24 - أحمد بن جعفر الاصطخرى
36 - حرف الحاء 36أحمد بن الحسن الصوفى
37 - أحمد بن الحسن الترمذى
39 - أحمد بن الحسين
39 - أحمد بن حميد
40 - أحمد بن حرب
41 - أحمد بن حبان
41 - أحمد بن أبى بكر
41 - أحمد بن حفص
42 - حرف الخاء 42أحمد بن خالد الخلال
42 - أحمد بن خليل القومسى
42 - أحمد بن الخصيب
43 - حرف الدال 43أحمد بن داود الواسطى
43 - حرف الراء 43أحمد بن الربيع بن دينار
44 - حرف الزاى 44أحمد بن أبى خيثمة
44 - أحمد بن زهير
45 - أحمد بن زرارة المقرى
45 - حرف السين 45أحمد بن سعيد اللحيانى
45 - أحمد بن سعيد الرباطى
45 - أحمد بن سعيد الدارمى
46 - أحمد بن سعد الزهرى
47 - أحمد بن سعد الجوهرى
47 - أحمد بن سهل
47 - حرف الشين 47أحمد بن شاذان الهمدانى
47 - أحمد بن شاذان العجلى(1/432)
47 - أحمد بن شبوية
47 - أحمد بن شاكر
47 - أحمد بن الشهيد
47 - حرف الصاد 47أحمد بن صالح المصرى
50 - أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل
50 - أحمد بن الصباح الكندى
51 - حرف العين 51أحمد بن عبد الله
51 - أحمد بن عبد الرحمن
51 - أحمد بن عمر
52 - أحمد بن عثمان
52 - أحمد بن على بن سعيد
52 - أحمد بن على بن مسلم
52 - أحمد بن العباس
53 - حرف الفاء 53أحمد بن الفرات
55 - حرف القاف 55أحمد بن القاسم
56 - أحمد بن القاسم الطوسى
56 - حرف الميم 56أحمد بن محمد المروذى
63 - أحمد بن محمد النورانى
64 - أحمد بن محمد البراثى
64 - أحمد بن محمد بن عبد الله
65 - أحمد بن محمد الأسدى
65 - أحمد بن محمد الكوفى
66 - أحمد بن محمد بن عيسى
66 - أحمد بن محمد بن هانىء
72 - أحمد بن محمد البرنى
74 - أحمد بن محمد الصائغ
75 - أحمد بن محمد المروزى
75 - أحمد بن محمد بن مطر
76 - أحمد بن محمد بن نصر
76 - أحمد بن محمد الكمال
76 - أحمد بن محمد الوراق
76 - أحمد بن منيع
77 - أحمد بن المستنير
77 - أحمد بن منصور
77 - أحمد بن محمود الساوى
77 - أحمد بن أبى بدر
78 - أحمد بن أبى الحوارى
78 - أحمد بن المسكين الأنطاكى
79 - أحمد بن ملاعب
80 - أحمد بن المصفى الحمصى
80 - أحمد بن محمد المقرى
80 - حرف النون 80أحمد بن نصر الخزاعى(1/433)
82 - أحمد بن نصر الخفاق
82 - حرف الهاء 82أحمد بن هاشم الأنطاكى
83 - أحمد بن هشام
83 - حرف الياء 83أحمد بن يحيى الحلوانى
83 - أحمد بن يحيى (ثعلب)
84 - أحمد بن يحيى الرقى
84 - أحمد بن يزيد الوراق
84 - أحمد بن أبى عبدة
85 - أحمد بن عبيد الله
86 - باب إبراهيم 86إبراهيم بن إسحاق النيسابورى
86 - إبراهيم بن إسحاق الحربى
93 - إبراهيم بن أبان الموصلى
93 - إبراهيم بن جابر المروزى
93 - إبراهيم بن جعفر
93 - إبراهيم بن الجنيد
93 - إبراهيم بن الحكم القصار
94 - إبراهيم بن الحارث
94 - إبراهيم بن سعيد الجوهرى
95 - إبراهيم بن سعيد الأطروش
95 - إبراهيم بن سويد
95 - إبراهيم بن شداد
95 - إبراهيم بن زياد
95 - إبراهيم بن عبد الله الكوفى
95 - إبراهيم بن عبد الله الدينورى
96 - إبراهيم بن عبد الله الختلى
96 - إبراهيم بن محمد بن الحارث
96 - إبراهيم بن محمد بن الحسن
96 - إبراهيم بن موسى
97 - إبراهيم بن نصر الحذاء
97 - إبراهيم بن هانىء النيسابورى
98 - إبراهيم بن هاشم
98 - إبراهيم بن يعقوب
99 - باب ذكر من اسمه إسماعيل 99إسماعيل بن إبراهيم
102 - إسماعيل بن بكر السكرى
103 - إسماعيل بن إسحاق النيسابورى
103 - إسماعيل بن إسحاق الرقى
104 - إسماعيل بن الحارث
104 - إسماعيل بن سعيد
105 - إسماعيل بن عبد الله العجلى
105 - إسماعيل بن عبد الله بن ميمون
106 - إسماعيل بن عمر السجزى
106 - إسماعيل بن العلاء
106 - إسماعيل بن أخت ابن المبارك
106 - إسماعيل بن قتيبة(1/434)
107 - إسماعيل بن يوسف
108 - ذكر من اسمه إسحاق 108إسحاق بن إبراهيم النيسابورى
109 - إسحاق بن إبراهيم بن راهويه
109 - إسحاق بن إبراهيم البغوى
110 - إسحاق بن إبراهيم الفارسى
110 - إسحاق بن إبراهيم الجبلى
110 - إسحاق بن إبراهيم بيان
111 - إسحاق بن بهلول
111 - إسحاق بن حنبل
112 - إسحاق بن الجراح الأذنى
112 - إسحاق بن الحسن بن ميمون
113 - إسحاق بن حية الأعمش
113 - إسحاق بن حسان الكوفى
113 - إسحاق بن منصور
116 - مفاريد حرف الألف 116إدريس بن جعفر
116 - إدريس بن عبد الكريم
117 - أيوب بن إسحاق
118 - أسود بن عامر
119 - أعين بن زيد الشوبى
119 - باب حرف الباء 119بيان بن أحمد
119 - بكر بن محمد
120 - بقي بن مخلد
120 - بديل بن محمد
121 - بشر بن موسى
122 - باب التاء 122تميم بن محمد الطوسى
122 - باب الجيم 122جعفر بن أحمد
123 - جعفر بن محمد
123 - جعفر بن أحمد بن شاكر
123 - جعفر بن محمد بن هاشم
123 - جعفر بن محمد الطيالسى
124 - جعفر بن محمد النسائى
124 - جعفر بن محمد بن شاكر
126 - جعفر بن محمد بن عبيد الله
126 - جعفر بن محمد بن على
126 - جعفر بن محمد بن هذيل
127 - جعفر الأنماطى
127 - جعفر بن محمد بن معبد
127 - الجنيد بن محمد
129 - جهم العكبرى
129 - باب الحاء 129الحسن بن أحمد
130 - الحسن بن إسماعيل
131 - الحسن بن أيوب(1/435)
131 - الحسن بن الحسين
131 - الحسن بن ثواب
132 - الحسن بن زياد
133 - الحسن بن الصباح
135 - الحسن بن عبد العزيز
136 - الحسن بن على الاسكافى
137 - الحسن بن على القطان
137 - الحسن بن على الأشنانى
137 - الحسن بن القاسم
138 - الحسن بن الليث
138 - الحسن بن محمد بن الصباح
138 - الحسن بن محمد الأنماطى
139 - الحسن بن محمد السجستانى
139 - الحسن بن موسى الأشيب
140 - الحسن بن منصور الجصاص
140 - الحسن بن مخلد
140 - الحسن بن الهيثم البزار
140 - الحسن بن الوضاح
140 - الحسن بن عرفه
141 - الحسن بن الوضاح أبو محمد
141 - ذكر من اسمه الحسين 141الحسين بن إسماعيل
142 - الحسين بن إسحاق الخرقى
142 - الحسين بن إسحاق التسترى
142 - الحسين بن بشار المخرمى
142 - الحسين بن على
143 - الحسين بن مهران
143 - ذكر مفاريد حرف الحاء ومثانيها 143حنبل بن إسحاق بن حنبل
145 - حرب بن إسماعيل
146 - حبيش بن سندى
147 - حبيش بن بشر
147 - الحارث بن شريح
147 - حريث بن عبد الرحمن
148 - حريث بن عمار
148 - حاتم بن الليث
148 - حجاج بن يوسف
149 - الحكم بن نافع
149 - حميد بن الربيع
150 - حميد بن زنجويه
150 - حميد بن الصباح
151 - حمدويه بن شداد
151 - حرمى بن يونس
151 - حمدان بن ذى النون
152 - باب الخاء 152خطاب بن بشر بن مطر
152 - خشنام بن سعد(1/436)
152 - خالد بن خداش
153 - خلف بن هشام
155 - باب الدال 155داود بن عمرو
155 - دلان أبو الفضل
155 - باب الراء 155رجاء بن أبى رجاء
156 - الربيع بن نافع
156 - باب الزاى 156زياد بن أيوب
158 - زكريا بن يحيى
159 - زهير بن أبى زهير
159 - زهير بن محمد
159 - باب السين 159سليمان بن الأشعث
162 - سليمان بن المعافى
163 - سليمان بن داود الشاذكونى
163 - سليمان بن عبد الله السجزى
167 - سليمان بن القصير
167 - سليمان بن سافرى الواسطى
168 - سعيد بن أبى سعيد
168 - سعيد بن محمد الرفا
168 - سعيد بن يعقوب
168 - سلمة بن شبيب النيسابورى
170 - سليمان بن عبد الله أبو مكاتل
170 - سفيان بن وكيع
170 - سعدان بن يزيد
170 - سندى أبو بكر الخواتيمى
171 - باب الشين 171شجاع بن مخلد
171 - شاهين بن السميذع
173 - باب الصاد 173صالح بن إمامنا أحمد
176 - صالح بن أحمد الحلبى
176 - صالح بن إسماعيل
176 - صالح بن زياد السوسى
177 - صالح بن على النوفلى
177 - صالح بن على الهاشمى
177 - صالح بن على الحلبى
177 - صالح بن عمران
177 - صالح بن موصى
178 - صدقة بن موسى
178 - صفدى بن المرفق
179 - باب الطاء 179طيب بن إسماعيل
179 - طاهر بن محمد
179 - طالب بن حرة الأذنى
179 - طلحة بن عبيد الله(1/437)
179 - طاهر بن محمد الحلبى
180 - باب الظاء 180ظليم بن حطيط
180 - باب العين 180عبد الله بن إمامنا أحمد
188 - عبد الله بن بشر الطالقانى
188 - عبد الله بن جعفر
188 - عبد الله بن شبويه
188 - عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندى
189 - عبد الله بن عمر
189 - عبد الله بن حاضر الرازى
189 - عبد الله بن عباس الطيالسى
189 - عبد الله بن محمد العنبرى
190 - عبد الله بن محمد بن صالح
190 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز
192 - عبد الله بن محمد بن عبيد
195 - عبد الله بن محمد بن المهاجر
196 - عبد الله بن محمد بن الفضل
196 - عبد الله بن محمد بن الرومى
197 - عبد الله بن يزيد العكبرى
197 - ذكر من اسمه عبد الله ولم يعرف اسم أبيه 197عبد الله بن أبى عوانه
197 - ذكر من اسمه عبيد الله 197عبيد الله بن أحمد
198 - عبيد الله بن إبراهيم
198 - عبيد الله بن سعد الزهرى
198 - عبيد الله بن سعيد
198 - عبيد الله بن عبيد الله
199 - عبيد الله بن عبد الكريم
203 - عبيد الله بن محمد الفقيه
204 - عبيد الله بن يحيى
204 - ذكر من اسمه عبد الرحمن 204عبد الرحمن بن إبراهيم
204 - عبد الرحمن بن زازان
205 - عبد الرحمن بن عمرو
206 - عبد الرحمن بن مهدى
207 - عبد الرحمن بن يحيى
208 - عبد الرحمن أبو الفضل
209 - ذكر مفاريد العبادلة 209عبد الرزاق بن همام
202 - عبد الوهاب بن الحكم
212 - عبد الملك بن عبد الحميد
216 - عبد الملك بن محمد
216 - عبد الكريم بن الهيثم
217 - عبد السلام
217 - عبد الصمد بن أبى سليمان(1/438)
218 - عبد الصمد بن يحيى
218 - عبد الصمد بن محمد العبادانى
218 - عبد الصمد بن الفضل
218 - عبد الخالق بن منصور
219 - ذكر من اسمه عمر 219عمر بن حفص السدوسى
219 - عمر بن صالح البغدادى
220 - عمر بن سليمان
220 - عمر بن عبد العزيز
220 - عمر بن مدرك
220 - عمر بن بكار الباقلانى
220 - عمر الناقد
221 - ذكر من اسمه عثمان 221عثمان بن سعيد
221 - عثمان بن صالح
221 - عثمان بن أحمد الموصلى
222 - عثمان بن الحارث
222 - ذكر من اسمه على 222على بن أحمد الأنماطى
222 - على بن أحمد البغدادى
222 - على بن أحمد الأزدى
222 - على بن حجر
222 - على بن زكريا التمار
223 - على بن الحسن الهسيجانى
223 - على بن الحسن المصرى
223 - على بن الجهم
223 - على بن الحسن
223 - على بن حرب الطائى
224 - على بن سعيد
225 - على بن سهل
225 - على بن شوكر
225 - على بن عبد الله
228 - على بن عبد الله الطيالسى
228 - على بن عبد الصمد الطيالسى
229 - على بن عبد الصمد المكى
229 - على بن الفرات
229 - على بن عثمان
229 - على بن محمد المصرى
229 - على بن محمد القرشى
230 - على بن موفق
232 - على بن المكرى
233 - على بن أبى خالد
234 - على بن أبى صبح
234 - على بن الخواص
234 - ذكر من اسمه عباس 234عباس بن أحمد اليمانى
235 - العباس بن عبد الله
235 - العباس بن عبد العظيم
235 - عباس بن على(1/439)
236 - العباس بن غالب
236 - العباس بن محمد
239 - عباس بن محمد
239 - عباس بن مشكويه
240 - عباس بن محمد الجوهرى
240 - ذكر من اسمه عبدوس 240عبدوس بن عبد الواحد
241 - عبدوس بن مالك
246 - ذكر مفاريد حرف العين ومثانيها 246عصمة بن أبى عصمة
246 - عصمة بن عصام
246 - عقبة بن مكرم
247 - عمرو بن الأشعث
247 - عمرو بن تميم
247 - عمرو بن معمر
247 - عمار بن رجاء
247 - علان بن عبد الصمد
247 - عيسى بن جعفر
248 - عيسى بن فيروز
248 - عسكر بن الحصين
249 - عارم أبو النعمان
249 - باب حرف الفاء 249الفضل بن أحمد
249 - الفضل بن الحباب
251 - الفضل بن زياد
253 - فضل بن سهل الأعرج
254 - الفضل بن عبد الله الحميرى
254 - الفضل بن عبد الصمد
255 - الفضل بن مضر
255 - الفضل بن مهران
255 - الفضل بن نوح
255 - الفرج بن الصباح
255 - الفتح بن أبى الفتح
257 - باب القاف 257قتيبة بن سعيد
258 - القاسم بن محمد
258 - قاسم بن محمد
258 - القاسم بن نصر المخرمى
258 - القاسم بن نصر بصرى
258 - القاسم بن عبد الله
259 - قاسم بن الفرغانى
259 - القاسم بن سلام أبو عبيد
262 - باب الميم 262محمد بن أحمد الجوزجانى
263 - محمد بن أحمد بن على
263 - محمد بن أحمد بن المثنى
263 - محمد بن أحمد بن واصل
264 - محمد بن أحمد المروروذى(1/440)
264 - محمد بن إبراهيم
265 - محمد بن إبراهيم بن مسلم
266 - محمد بن إبراهيم بن يعقوب
266 - محمد بن إبراهيم الأنماطى
267 - محمد بن إبراهيم أبو الفضل
267 - محمد بن إبراهيم القيسى
268 - محمد بن إبراهيم المستوى
268 - محمد بن إبراهيم الصوفى
269 - محمد بن إسحاق بن راهويه
269 - محمد بن إسحاق الصاغانى
270 - محمد بن إسحاق
271 - محمد بن إسحاق المؤدب
271 - محمد بن إسماعيل
279 - محمد بن إسماعيل بن يوسف
280 - محمد بن إدريس
284 - محمد بن إدريس بن المنذر
286 - محمد بن أبان
286 - محمد بن بشر
287 - محمد بن بندار
287 - محمد بن جعفر
288 - محمد بن جعفر القطيعى
288 - محمد بن الحسن
290 - محمد بن الحسين
291 - محمد بن حمدان
291 - محمد بن حماد
292 - محمد بن حمدان
292 - محمد بن حسنوية
293 - محمد بن حبيب
294 - محمد بن حبيب الأندرانى
295 - محمد بن الحكم
296 - محمد بن خالد
296 - محمد بن داود
297 - محمد بن رافع
297 - محمد بن روح
298 - محمد بن رجاء
298 - محمد بن زهير
298 - محمد بن سهل
299 - محمد بن سليمان
299 - محمد بن شداد
299 - محمد بن سعيد
299 - محمد بن طارق
299 - محمد بن قدامة
299 - محمد بن طريف
300 - محمد بن عبد الله
301 - محمد بن عبد الله ابن ثابت
301 - محمد بن عبد الله ابن عتاب
301 - محمد بن عبد الله ابن جعفر
301 - محمد بن عبد الله أبو جعفر(1/441)
302 - محمد بن عبيد الله
305 - محمد بن عبد العزيز
305 - محمد بن عبد الرحمن
305 - محمد بن عبد الرحمن الشامى
305 - محمد بن عبد الرحمن الدينورى
305 - محمد بن عبد الرحيم
306 - محمد بن عبد الملك
306 - محمد بن عبد الملك الدقيقى
306 - محمد بن على
307 - محمد بن على الجوزجانى
307 - محمد بن على بن داود
308 - محمد بن على بن شعيب
308 - محمد بن على بن عبد الله
310 - محمد بن عوف
313 - محمد بن عيسى
314 - محمد بن عبدوس
314 - محمد بن عمران
315 - محمد بن عبدك
315 - محمد بن العباس
315 - محمد بن غسان
315 - محمد بن العباس
315 - محمد بن الفضل
315 - محمد بن قدامة
315 - محمد بن محمد بن إدريس
317 - محمد بن محمد بن أبى الورد
318 - محمد بن منصور
320 - محمد بن مصعب
321 - محمد بن ماهان
323 - محمد بن المسيب
323 - محمد بن موسى
323 - محمد بن مقاتل
323 - محمد بن موسى البغدادى
324 - محمد بن مسلم
325 - محمد بن المصفى
325 - محمد بن هبيره
325 - محمد بن الهيثم
326 - محمد بن نصر
326 - محمد بن هارون
326 - محمد بن يوسف
326 - محمد بن يونس
327 - محمد بن يحيى الذهلى
327 - محمد بن يوسف
327 - محمد بن يحيى بن أبى سمينة
328 - محمد بن يحيى الكحال
328 - محمد بن يحيى النيسابورى
328 - محمد بن يحيى الأصبهانى
328 - محمد بن يزيد الطرسوسى(1/442)
329 - محمد بن يونس السرخسى
331 - ذكر من عرف باسمه محمد وكنية أبيه 331محمد بن النقيب
331 - محمد بن أبى عتاب
332 - محمد بن أبى عبد الله
332 - محمد بن أبى السرى
332 - محمد بن أبى صالح
332 - ذكر من اسمه موسى 332موسى بن سعيد
333 - موسى بن عبيد الله
333 - موسى بن عيسى
333 - موسى بن عيسى الجصاص
334 - موسى بن هارون
334 - موسى بن معمر
335 - ذكر مفاريد حرف الميم ومثانيها 335ميمون بن الأصبغ
336 - منصور بن محمد
336 - منصور بن إبراهيم
336 - مبارك بن سليمان
336 - مثنى بن جامع
337 - مسلم بن الحجاج
339 - معاذ بن المثنى
339 - محمود بن خداش
340 - محمود بن خالد
340 - محمود بن غيلان
341 - المفضل بن غسان
341 - مسدد بن مسرهد
345 - المنذر بن شاذان
345 - مهنا بن يحيى
381 - مضر بن محمد
381 - معروف بن الفيرزان
389 - مراد بن أحمد
389 - معاوية بن صالح
390 - مقاتل بن صالح الأنماطى
390 - المبارك بن سليمان
390 - ميمون بن الأصبغ
390 - مجاهد بن موسى
390 - باب النون 390نوح بن حبيب القومسى
391 - نصر بن عمران
391 - نعيم بن ناعم
391 - نعيم بن طريف
391 - باب الواو 391وكيع بن الجراح
393 - وريزة بن محمد الحمصى
393 - باب الهاء 393هشام بن عبد الملك
394 - الهيثم بن خارجة(1/443)
394 - هشام بن منصور
395 - هلال بن العلاء
395 - هيدام بن قتيبة
395 - هارون بن سفيان المستملى
396 - هارون بن سفيان بن بشر
396 - هارون بن يعقوب
396 - هارون بن عبد الله
398 - هارون بن عبد الرحمن
399 - هارون بن عيسى
399 - هارون الأنطاكى
399 - باب الياء 399يحيى بن آدم
399 - يحيى بن أيوب
401 - يحيى بن خاقان
401 - يحيى بن زكريا
401 - يحيى بن سعيد
401 - يحيى بن عبد الحميد
402 - يحيى بن صالح
402 - يحيى بن معين
407 - يحيى بن محمد الذهلى
407 - يحيى بن المختار النيسابورى
408 - يحيى بن المختار البغدادى
408 - يحيى بن نعيم
409 - يحيى بن هلال
409 - يحيى بن يزداد
410 - يحيى بن أبى نصر
410 - يحيى بن زكريا
410 - يحيى بن أكثم
414 - ذكر من اسمه يعقوب 414يعقوب بن إبراهيم
415 - يعقوب بن إسحاق
416 - يعقوب بن سفيان
416 - يعقوب بن شيبة
416 - يعقوب بن العباس
417 - يعقوب بن يوسف بن أيوب
417 - يعقوب بن يوسف الحربى
417 - يعقوب بن أخى معروف الكرخى
418 - ذكر من اسمه يوسف 418يوسف بن الحسين
420 - يوسف بن بحر
420 - يوسف بن موسى الحربى
420 - يوسف بن موسى الكوفى
420 - اليمان بن عباد
420 - ذكر من اسمه يزيد 420يزيد بن جمهور
422 - يزيد بن خالد
422 - يزيد بن هارون(1/444)
423 - ياسين بن سهل
423 - باب الكنى 423أبو داود الكاذى
424 - أبو بكر الأحول
424 - أبو بكر الطبرانى
424 - أبو داود الخفاف
424 - أبو محمد بن أخى
424 - أبو ثابت الحطاب
424 - أبو بكر بن عنبر الخراسانى
424 - أبو عبد الله بن أبى هشام
425 - أبو عبد الله السلمى
425 - أبو السرى المقلب
425 - أبو عبد النوفلى
425 - أبو محمد الشعرانى
425 - أبو عمران الصوفى
426 - أبو ثابت المشرف
426 - أبو ثابت الحطاب
426 - ذكر النساء المذكورات بالسؤال لإمامنا أحمد 426ميمونة بنت الأقرع
426 - خديجة أم محمد
427 - مخة أخت بشر بن الحارث
428 - عباسة بنت المفضل
429 - ريحانة بنت عمر
429 - حسن(1/445)