فإن قال لك قائل في جوابنا هذا: كذا، ما أنت راجع إليه؟. وجعل أبو العباس يوهن جواب المسألة، ويفسده، ويعتل فيه، فبقي إبراهيم سادرا لا يحير جوابا، ثم قال: إن رأى الشيخ أعزه الله أن يقول في ذلك؟ فقال أبوالعباس فإن القول على نحو كذا، فصحح الجواب الأول، وأوهن ما كان أفسده، فبقي 217و / / الزجاج مبهوتا، ثم قال في نفسه: قد يجوز أن يتقدم له حفظ هذه المسألة، وإتقان القول فيها، ثم يتفق أن أسأله عنها. فأورد عليه مسألة ثانية، ففعل أبو العباس فيها نحو فعله في المسألة الأولى حتى والى بين أربع عشرة مسألة يجيب عن كل واحدة منها بما يقنع ثم يفسد الجواب ثم يعود إلى تصحيح القول الأول. فلما رأى ذلك إبراهيم بن السري قال لأصحابه: عودوا إلى الشيخ، فلست مفارقا هذا الرجل، ولا بد لي من ملازمته والأخذ عنه فعاتبه أصحابه، وقالوا له: أتأخذ عن مجهول لا يعرف اسمه. وتدع من قد شهر علمه، وانتشر في الآفاق ذكره. فقال لهم: لست أقول بالذكر والخمول، ولكني أقول بالعلم والنظر، قال: فلزم أبا العباس، وسأله عن حاله فأعلمه برغبته في النظر، وأنه قد حبس نفسه على ذلك إلا ما يشغله من صناعة الزّجاج في كل خمسة أيام من الشهر، فيتقوّت بذلك الشهر كلّه، ثم أجرى عليه في الشهر ثلاثين درهما، وأمره أبو العباس باطراح كتب الكوفيين، ولم يزل ملازما له، وآخذا عنه حتى برع من بين أصحابه.
فكان أبو العباس لا يقرىء أحدا كتاب سيبويه حتى يقرأه على «إبراهيم»، ويصحح به كتابه، وكان ذلك أول رياسة أبي إسحاق» اهـ (1).
وفي تاريخ الخطيب (2) حكاية هذا المعنى عن «الزجاج» على وجه أخصر مما حكاه الزبيدي، وهو ما رواه عن أبي الحسن العروضي قال: «قال لي أبو إسحاق الزجاج: لما قدم المبرد بغداد أتيت لأناظره، وكنت أقرأ على أبي العباس ثعلب، وأميل إلى قولهم يعني الكوفيين فعزمت على إعناته، فلما
__________
(1) طبقات الزبيدي: 110109.
(2) انظر: 3/ 381.(2/702)
فاتحته ألجمني بالحجة، وطالبني بالعلة، وألزمني إلزامات لم أهتد لها، فتبينت فضله واسترجحت عقله وجددت 217ظ / / في ملازمته».
الأدب السادس: التزام الصمت والوقار في مجلسه
لما خرجه الحافظ أبو نعيم عن «أسامة بن شريك» شاهدا على استعمال هذا الأدب. قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله، كأنما على رؤوسهم الطير» (1).
ولما ورد عنهم من مدح الصمت في مقام التعلم على الجملة. فقد قالوا:
«إذا جالست العلماء فكن على أن تستمع أحرص منك على أن تقول» (2).
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال لابنه: «تعلم حسن الاستماع، كما تتعلم حسن الكلام، ولا تقطع على أحد حديثا، وإن طال حتى يمسك» (3).
قال ابن بطال: وقال أبو الزناد (4): «الإنصات للعلماء، والتوقير لهم، لازم للمتعلمين لأن العلماء ورثة الأنبياء، وقد أمر الله عباده المؤمنين «ألا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي، ولا يجهروا له بالقول خوف حبوط أعمالهم» (5).
وكان عبد الرحمن بن مهدي (6) إذا قرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالسكوت وقرأ: {لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}، ويتأول أنه يجب من الإنصات
__________
(1) انظر الإلماع: 48.
(2) جامع العلم: 1/ 130.
(3) م. س: 1/ 130.
(4) هو عبد الله بن ذكوان القرشي المدني ت: 131هـ 748م. من كبار المحدثين، وفقيه أهل المدينة، كما كان عالما بالعربية فصيحا، وصاحب كتابة وحساب، انظر التذكرة: 1/ 124، والتهذيب: 7/ 382.
(5) إشارة إلى الآية الكريمة: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلََا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} سورة الحجرات، الآية: 2.
(6) العنبري البصري اللؤلؤي، أبو سعيد. ت: 198هـ 813م من كبار حفاظ الحديث وله فيه تصانيف، انظر التهذيب: 6/ 279.(2/703)
والتوقير عند قراءة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما يجب له صلى الله عليه وسلم.
قال: فكذلك يجب توقير العلماء والإنصات لهم، لأنهم الذين يحيون سنته صلى الله عليه وسلم، ويقومون بشريعته.
قال: وقال شريك (1): كان الأعمش لا يتجاوز صوته مجلسه إجلالا للعلم» اهـ.
ونقل الشيخ أبو عمر عن أبي الذيال (2) قال: «تعلم الصمت كما تتعلم الكلام، فإن يكن الكلام يهديك، فإن الصمت يقيك، ولك في الصمت خصلتان: خصلة تأخذ بها من علم من هو أعلم منك، وتدفع بها جهل من هو أجهل منك» (3).
ونقل عن يزيد بن أبي حبيب (4) قال: «إن من فتنة العالم 218و / / أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع. قال: وفي الاستماع سلامة وزيادة في العلم، والمستمع شريك المتكلم، وفي الكلام تزيّن، وزيادة، ونقصان.
ونقل عنه أنه قال: إن المتكلم لينتظر الفتنة، وإن المنصت لينتظر الرحمة.
قال: وقالوا: فضل العقل على المنطق حكمة، وفضل المنطق على العقل هجنة.
قال: وقالوا: لا يجترىء على الكلام إلا فائق أو مائق» (5).
هذا فيما يخص التزام الصمت على الجملة.
__________
(1) شريك بن عبد الله النخعي الكوفي أبو عبد الله ت: 177هـ 794م، عالم بالحديث والفقه، تولى القضاء، وكان عادلا في قضائه، انظر: التهذيب: 333. والتذكرة: 1/ 232.
(2) أبو الذيال هو شويس بن حيّاش الأعرابي العدوي، ولد سنة الهجرة. انظر تنبيه البكري على الآمالي، ص: 124، والإصابة: 3983.
(3) جامع العلم: 1/ 138.
(4) هو يزيد بن سويد الأزدي بالولاء المصري أبو رجاء. ت: 128هـ 745م، كان حجة، حافظا للحديث، مفتي مصر، وأول من أظهر علوم الدين والفقه بها. انظر: التذكرة: 1/ 129.
والتهذيب: 11/ 318.
(5) جامع العلم: 1/ 137.(2/704)
وأما الوقار فقد تقدم (1) في حديث عمر رضي الله عنه: «تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا له الوقار والسكينة».
ومن المروي عن مالك رضي الله عنه في ذلك: «أن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى قبله» (2).
ولقد صدق فعله قوله رضي الله عنه ففي أخباره: من وصفه بالوقار العظيم في نفسه أولا، وفيما تعدّى منه إلى أصحابه معه في مجالس تعليمه ثانيا، ما يحق على طلاب العلوم على الإطلاق أن يتخلقوا به، ويتأملوا كيف العمل به تخلقا واتصافا.
فحكى «عياض» عن «الواقدي» وغيره أن «مجلسه كان مجلس وقار وحلم، وكان رجلا مهيبا نبيلا، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط، ولا رفع صوت» (3).
وحكي عن جماعة من أصحابه أنهم قالوا: «كان جلساء مالك كأن على رؤوسهم الطير تسمتا وأدبا» (4).
قال: «وقال ابن قعنب (5) ما رأيت قط أشد وقارا من مجلس مالك، لكأن الطير على رؤوسهم» (6).
قال: «وقال ابن وهب: كنا إذا جلسنا إلى مالك فإنما يتساءل الناس بينهم. فإذا اختلفوا وأرادوا أن يرفعوه إلى مالك، فإنما يصيح إليه الرجل الواحد بخفض الصوت مع الإجلال والهيبة فيقول: ما تقول أصلحك الله في كذا وكذا؟
__________
(1) انظر ص: 215و / مخ أ. ص 697من هذا الكتاب.
(2) جامع العلم: 1/ 135.
(3) المدارك: 2/ 13.
(4) م. س: 2/ 14.
(5) محمد بن قعنب أبو عبد الله. ت: (310هـ 922م) الفقيه، المالكي له أشعار كثيرة، انظر المدارك: 5/ 123.
(6) م. س: 2/ 15.(2/705)
218 - ظ / / فإن كان الرافع [المصيب] (1)، قال له: وفقك الله، وإن كان الآخر قالها له، فأيهم ناداه بالتوفيق، علم أنه [المصيب] (2)» (3) انتهى بعض ما هو معلوم في أخباره وسيره.
ولقد قال فيه «ابن المبارك» رحمه الله:
«صموت إذا ما الصمت زيّن أهله ... وفتّاق أبكار الكلام المختّم
وعى ما وعى القرآن من كل حكمة ... ونيطت له الآداب باللحم والدّم
وقال فيه آخر:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة ... والسائلون نواكس الأذقان
أدب الوقار وعزّ سلطان التّقى ... فهو المهيب، وليس ذا سلطان» (4)
توضيح: لا يخفى من تعقل هذا الأدب على الجملة، أن كل ما يخل به فهو مطلوب الاجتناب تحقيقا للتخلق به، ومن أهم ما ينبه عليه من ذلك خصال ثلاث:
الخصلة الأولى: المراء له فيما يلقى إليه أو إلى غيره من سائر أهل المجلس، فقد تكرر تحذير العلماء من سوء الأدب به، وشؤم الارتكاب له.
وقول الغزالي في «تفسيره»: «هو طعنك في كلام الغير لإظهار خلل فيه» (5) لغير غرض سوى تحقير قائله، وإظهار مزيتك عليه. ظاهر في مناقضته لأدب الوقار معه. وكذا على تفسير غيره عند الوقوف عليه، فمن المنقول عنهم
__________
(1) في «ج» و «د»: المصيت.
(2) في «ج» و «د»: المصيت.
(3) م. س: 2/ 1817.
(4) م. س: 2/ 161.
(5) انظر كتاب الأربعين: 89.(2/706)
في ذلك ما رواه الشيخ أبو عمر عن ميمون بن مهران (1) قال: «لا تمار عالما ولا جاهلا، فإنك إن ماريت عالما خزن عنك علمه، وإن ماريت جاهلا خشّن (2)
صدرك.
وروى عنه قال: لا تمار من هو أعلم منك، فإذا فعلت ذلك خزن عنك علمه، ولم تضرّه شيئا» (3).
قال: «ومن مواعظ لقمان 219و / / لابنه أيضا: لا تجادل العلماء فتهون عليهم ويرفضوك، ولا تجادل السفهاء فيجهلوا عليك، ويشتموك، ولكن اصبر نفسك لمن هو فوقك في العلم، ولمن هو دونك، فإنما يلحق بالعلماء من صبر لهم. ولزمهم، واقتبس من علمهم في رفق» (4).
موعظة:
روى الشيخ أبو عمر عن الزهري قال: «كان أبو سلمة يماري «ابن عباس»، فحرم بذلك علما كثيرا.
قال: وروينا من وجوه كثيرة عن «أبي سلمة» أنه قال: لو [رفقت] (5) بابن عباس لاستخرجت منه علما كثيرا».
ثم خرج عن ابن جريج (6) قال: لم أستخرج ما استخرجت من عطاء إلا
__________
(1) ميمون بن مهران الرّقي، أبو أيوب: ت: 117هـ 735م، كان ثقة في الحديث، كثير العبادة، فقيها، كما كان عالم الجزيرة الفراتية، استعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها، انظر: التذكرة: 1/ 98. والكامل لابن الأثير: 5/ 59.
(2) خشّن صدرك: أوغره، وفي جامع العلم: 1/ 129: خشن بصدرك.
(3) م. س: 1/ 129.
(4) م. س: 1/ 107.
(5) في «ج»: لو رفعت.
(6) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد، وأبو خالد ت: 150هـ 767م، فقيه الحرم المكي، وإمام أهل الحجاز في عصره، كان ثبتا لكنه يدلس، انظر: التذكرة: 1/ 169، وتاريخ بغداد: 10/ 400.(2/707)
برفقي به» (1) اهـ. والسعيد من اتعظ بغيره، وأكرم معلمه لينصحه، وتحامى من جفوة المراء، ليفوز بالنجاة من دوام داء الجهالة:
«إن المعلم والطبيب كلاهما ... لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه ... واصبر لجهلك إن جفوت معلما» (2)
الخصلة الثانية: إظهار الاستغناء عنه،
وعدم الاحتياج إلى ما عنده، فذلك أيضا مما حذر منه العلماء. قال الماوردي: «ولا يظهر له الاستكفاء منه، والاستغناء عنه، فإن ذلك كفر النعمة، واستخفاف بحقه.
قال: وربما وجد بعض المتعلمين قوة في نفسه لجودة ذكائه، وحدة خاطره، فقصد من يعلمه بالإعنات له، والاعتراض عليه إزراء به، وتبكيتا له، فيكون كمن تقدم فيه المثل السائر لأبي البطحاء (3):
أعلمه الرماية كلّ يوم ... فلما اشتدّ ساعده رماني
قال: وهذا من مصائب العلماء، وانعكاس حظوظهم، أن يصيروا عند من علموه مستجهلين، وعند من قدموه مسترذلين.
قال: وقال صالح بن عبد القدوس 219ظ / /:
وإن عناء أن تعلم جاهلا ... فيحسب جهلا أنه منك أفهم
متى يبلغ البنيان يوما تمامه ... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
متى ينتهي عن سيّىء من أتى به ... إذا لم يكن منه عليه تندم» (4)
قلت: كمصيبتهم في الانتقال عنهم زعما من كافر نعمة التعليم، أنه ما
__________
(1) جامع العلم: 1/ 129.
(2) أدب الدنيا: 41.
(3) ينسب البيت إلى معن بن أوس، وقيل: لمالك بن فهم الأزدي، وقيل هو في شعر عقيل بن علّفة. انظر: اللسان سدد.
(4) انظر أدب الدنيا: 42.(2/708)
حصل من معلمه على طائل في الاشتغال عليه. وإذ ذاك فيظهر الاستغناء عنه لا محالة.
ومن نادر ما يحكى في ذلك باعتبار تخلق المعلم الأول، وحسن إعراضه عن جفاء كافر نعمته ما ألفيته منقولا عن ابن رشيد أنه قال:
حكي عن القرافي «أن بعض الطلبة ابتدأ القراءة عليه بأجرة مدّة، ثم انتقل عنه إلى «شمس الدين الأصبهاني» (1) فقرأ عليه فاستحسنه، وأقبل يطلب من «الشهاب القرافي» ما بذل له من الأجرة، محتجا عليه بأنه لم ينتفع منه بقراءته عليه. فقال له: لولا تأنس بصرك بضياء «الشهاب لانطمس بأشعة الشمس»، وهذا من نوادره.
قال بعض الأئمة: وهذه سنة شرار المبتدئين مع الأئمة الراسخين» اهـ.
الخصلة الثالثة: ترك الإقبال عليه،
اشتغالا بما يذهله عن تذكر الوقار معه، واستحضار تأكد الصمت عما يخل بواجب التجلة له، فمن ذلك: الضحك، خصوصا مع رفع الصوت به، فقد جعل «أبو نعيم» التقليل منه من وظائف طالب العلم على الجملة، وذلك بين يدي معلمه. قال ما نصه: «وليعود نفسه الإقلال من الضحك، فإن الإكثار منه يميت القلب.
ثم خرّج حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك يميت (2) القلب».
__________
(1) محمد بن محمود السلماني أبو عبد الله، شمس الدين الأصبهاني. ت: 688هـ 1289م، من فقهاء الشافعية بأصفهان ثم استقر آخر أمره في القاهرة مدرسا. من تصانيفه: «شرح المحصول» للرازي، في أصول الفقه، و «القواعد» في أصول الفقه، والدين، والمنطق، و «غاية المطلب» في المنطق. انظر طبقات الشافعية: 5/ 41والبداية: 13/ 315.
(2) جعل ضمير الفعل يعود على المضاف إليه، كقول الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
فقد جعل ضمير الفعل يعود على الديار.(2/709)
وجعل أيضا كذلك غض الصوت من جملة وظائفه، 220و / / ولا خفاء أنه في الضحك آكد. فقال: «وتغض من صوتك إذا حضرت عند العالم»، ثم خرج حديثين:
أحدهما: عن عبد العزيز بن سعيد الشامي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من غض صوته عند [العلماء] (1) جاء يوم القيامة مع الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى من أصحابي»، وما زال الجلة من العلماء ينهون عن ذلك، ويأنفون من وقوعه بحضرتهم في مواطن التعليم، وإذا صدر من الطالب على وجه الهفوة بادر إلى ما يتوسل به في إقالة عثرته.
ومن نادر ما يحكى من ذلك ما ذكره «عياض» في «الإلماع» (2) عن جعفر بن أحمد الحافظ (3) قال: «كنا في مجلس محمد بن رافع (4) في منزله قعودا تحت الشجرة، وهو مستند إليها يقرأ علينا، وكان إذا رفع في المجلس أحد صوته، أو تبسم، قام، فلم يقدر أحد منا على مراجعته.
قال: فوقع ذرق طائر على يدي، وقلمي، وكتابي، فضحك خادم من خدم طاهر بن عبد الله (5) وأولاده معنا في المجلس، فنظر إليه محمد بن رافع، فوضع الكتاب، فانتهى ذلك الخبر إلى السلطان، فجاءني الخادم عند السحر، ومعه حمّال على ظهره بيت سامان. فقال: والله ما أملك في الوقت شيئا أحمله إليك غير هذا، وهو هدية لك فإن سئلت عني، فقل لا أدري من تبسم، فقلت:
أفعل، فلما كان من الغد حملت إلى باب السلطان، فبرأت الخادم، ثم بعت
__________
(1) في «ج» و «د»: العالم.
(2) انظر ص: 233232.
(3) هو جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري أبو محمد المعروف بالحصيري ت: 303هـ 915م.
انظر: التذكرة: 2/ 703702.
(4) هو محمد بن رافع القشيري، أبو عبد الله مولاهم النيسابوري الزاهد. ت: 245هـ 859م روى عنه البخاري، ومسلم، ثقة. انظر التذكرة: 2/ 510509، والتهذيب: 9/ 160.
(5) الخزاعي، ت: 248هـ 862م، أحد الأمراء الولاة، ولي خراسان بعد وفاة أبيه، واستمر على ولايته 18سنة، وتوفي بها. انظر الكامل لابن الأثير: 7/ 13وما بعدها.(2/710)
السامان بثلاثين دينارا، فاستعنت به في الخروج إلى العراق».
وكما أنفوا من وقوعه في مجالسهم فكذلك النهي عنه، والتنبيه على ما فيه شرعا، فحكى الإمام «فخر الدين» عن «فتح الموصلي» رضي الله عنه:
«ثلاث من النوم يبغضها الله، وثلاث من الضحك: النوم بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العتمة، والنوم في الصلاة، والنوم في مجلس الذكر، والضحك خلف الجنازة، والضحك 220ظ / / في المقابر، والضحك في مجالس الذكر».
ومن ذلك الالتفات يمينا وشمالا حتى يفوت الإقبال على المعلم، كما أمر به، فقد خرج «أبو نعيم» شاهدا عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بينما هو يعلمهم شيئا من أمر دينهم، إذ شخصت أبصارهم عنه، فقال: «ما أشخص أبصاركم عني؟».
ومن ذلك: الإقدام على الحكاية محاضرا بها بين يدي معلمه.
فقال الشيخ أبو العباس ابن زاغو: «ومن آدابهم مع الشيخ في مجلس التدريس ألا يحكي أحد فيه حكاية أصلا، بل إذا سمع من الشيخ حكاية فحظه معه أن يحسن الإصغاء إليه، ويتلقاها بالقبول.
قال: ولو فتح الباب للحكايات في مجلس العلم ما عدم واحد من أهل المجلس حكايات يذكرها، فيعود المجلس محاضرة بعد أن كان مجلس علم.
قال: وكذلك أيضا ينبغي للشيخ ألا يكثر من الحكايات في التدريس. لئلا يخرج عما هو بصدده، ويضع ما لا يعنيه بدل ما يعنيه، فيكون بذلك مضيعا للوقت من كثرة الكلام، ومن كونه دفعة واحدة، ومن غير حاجة» انتهى المراد منه.
وهناك أمور أخر لا يخفى إلحاقها بما ذكر، كالعبث بالأطراف وسائر الجوارح، والحديث مع من يلاصقه من رفقائه، وكثرة الحركة والاضطراب في الجلوس، وتنقية الأنف بالأصابع إلى غير ذلك مما هو في معناه، ومستوجب للزجر عليه، فقد جعلوا للمعلم مهما ظهر من المتعلم شيء من هذه الأمور التي
يسيء بها الأدب، أن يؤدّبه بقدر ما يراه ينجح فيه، من ردع، وزجر بالقول، أو إعراض عنه بالوجه، أو غير ذلك مما يؤدي استصلاح التربية إليه.(2/711)
وهناك أمور أخر لا يخفى إلحاقها بما ذكر، كالعبث بالأطراف وسائر الجوارح، والحديث مع من يلاصقه من رفقائه، وكثرة الحركة والاضطراب في الجلوس، وتنقية الأنف بالأصابع إلى غير ذلك مما هو في معناه، ومستوجب للزجر عليه، فقد جعلوا للمعلم مهما ظهر من المتعلم شيء من هذه الأمور التي
يسيء بها الأدب، أن يؤدّبه بقدر ما يراه ينجح فيه، من ردع، وزجر بالقول، أو إعراض عنه بالوجه، أو غير ذلك مما يؤدي استصلاح التربية إليه.
فوائد في تنبيه:
الفائدة الأولى: ما تقدم من طلب المتعلم بالتزام الصمت توقيرا لمعلمه
لا يفهم منه 221و / / الإطلاق حتى في محل توقف التحصيل على السؤال لأن ذلك المحل لا بد فيه من السؤال، حضوا عليه، وندبوا المحصل إلى استخراج ما خفي من العلم به.
قال أبو نعيم: «وليحرصوا على مساءلة العلماء. ثم أسند عن أبي جحيفة (1) قال: كان يقال: جالس الكبراء، وخالط الحكماء» (2).
قال: «وزاد غيره، «وسائل العلماء»، رواه أبو مالك النخعي عن سلمة (3)
مرفوعا. ثم أسند عنه عن سلمة عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«جالس العلماء، وسائل الكبراء، وخالط الحكماء».
وبوّب عليه الشيخ أبو عمر فقال: «باب حمد السؤال والإلحاح في طلب العلم»: «ولما كان الإفراط فيه أن صدوره على غير ما يحمد منه مطلوب الترك.
قال متمما لذلك: وذم ما منع منه.
وخرج في الباب جملة آثار صدرها بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شفاء العي السؤال». وذكر عن عائشة رضي الله عنها رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن.
__________
(1) من الستة الذين رأوا النبي، انظر طبقات ابن سعد: 2/ 384383382.
(2) جامع العلم: 1/ 126، من حديث عبد الله بن نمير.
(3) المراد سلمة بن كهيل.(2/712)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه زيادة العلم الابتغاء، ودرك العلم السؤال» (1).
وعن «عبد الله بن بريدة أن معاوية رضي الله عنه دعا دغفلا (2)
النسابة، فسأله عن العربية، وسأله عن أنساب الناس، وسأله عن النجوم، فإذا رجل عالم فقال: يا دغفل من أين حفظت هذا؟ قال: حفظت ذلك بقلب عقول، ولسان سؤول» (3).
«وعن الخليل: العلوم أقفال والسؤالات مفاتيحها. وعنه قال: إن لم تعلّم الناس ثوابا، فعلمهم لتدرس بتعليمهم علمك، ولا تجزع من تقريع السؤال، فإنه ينبهك على علم ما لم تعلم» (4).
«وعن الأصمعي: وقد سئل بم نلت ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وتلقفي الكلمة الشرود.
قال: وقال إبراهيم بن المهدي (5): سل مسألة 221ظ / / الحمقى، واحفظ حفظ الأكياس» (6) وأنشد في أثناء النقل لبعض القدماء:
«إذا كنت في بلد جاهلا ... وللعلم ملتمسا فاسأل
فإن السؤال شفاء العمى ... كما قيل في المثل الأول
وللفرزدق:
__________
(1) جامع العلم: 1/ 87.
(2) هو دغفل بن حنظلة الذهلي الشيباني ت: (65هـ 695م) نسابة العرب، يضرب به المثل في معرفة الأنساب، لم يدرك الناس مثله لسانا، وعلما، وحفظا، غرق في يوم دولاب في قتال الخوارج، انظر الإصابة: ت: 2395.
(3) انظر جامع العلم: 1/ 89.
(4) م. س: 1/ 9089.
(5) العباسي الهاشمي أبو إسحاق: 224هـ 839م. عم المأمون، وأخو هارون الرشيد، أديب وشاعر ولد ونشأ في بغداد، بويع بالخلافة في غياب المأمون بخراسان، ثم اعتذر فعفا عنه المأمون، كان واسع الصدر، سخي الكف، حاذقا بصنعة الغناء. انظر الوفيات: 1/ 4239، وتاريخ بغداد: 6/ 142.
(6) انظر جامع العلم: 1/ 92، وعيون الأخبار: 2/ 122.(2/713)
ألا خبروني أيها الناس إنما ... سألت ومن يسأل عن العلم يعلم
سؤال امرىء لم يعقل العلم صدره ... وما السائل الواعي الأحاديث كالعم
ولأمية بن أبي الصلت (1):
لا يذهبن بك التفريط منتظرا ... طول الأناة ولا يطمح بك العجل
فقد يزيد السّؤال المرء تجربة ... ويستريح إلى الأخبار من يسأل
ولسابق البربري:
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها ... ولا البصير كأعمى ما له بصر
فاستخبر الناس عما أنت جاهله ... إذا عميت فقد يجلو العمى الخبر (2)
وله رحمة الله عليه:
وقد يقتل الجهل السؤال ويشتفي ... إذا عاين الأمر المهمّ المعاين
وفي البحث قدما والسّؤال لذي العمى ... شفاء وأشفى منهما ما تعاين
قال: وكان الأصمعي ينشد:
شفاء العمى طول السّؤال وإنّما ... تمام العمى طول السّكوت على الجهل
قال وأنشد ابن الأعرابي:
وسل الفقيه تكن فقيها مثله ... من يسع في علم بفقه يمهر (3) 222و / /
وتدبّر العلم الذي تعنى به ... لا خير في علم بغير تدبّر» (4)
قلت: أنشدهما «ابن قتيبة» في «عيون الأخبار» (5) وزاد قبلهما:
__________
(1) أمية بن عبد الله الثقفي ت: 5هـ 626م. شاعر جاهلي، حكيم، امتنع عن الإسلام، شعره من الطبقة الأولى. كان مطلعا على الكتب القديمة، وممن حرموا على أنفسهم الخمر، وعبادة الأوثان في الجاهلية، وكان في شعره كثير ذكر الآخرة، انظر طبقات ابن سلام: 1/ 262، والخزانة: 1/ 247.
(2) البيتان نسبهما صاحب جامع العلم: 1/ 88، إلى أمية بن أبي الصلت.
(3) رواية البيت عند الماوردي ص: 43كالتالي:
«فسل الفقيه تكن فقيها مثله ... لا خير في علم بغير تدبر»
(4) انظر: جامع العلم: 1/ 9088.
(5) انظر: 2/ 123.(2/714)
«الجد أنهض للفتى من عقله ... فانهض بجدّ في الحوادث أو ذر
ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعدها إذا لم تقدر
وبعدهما:
ولقد يجدّ المرء وهو مقصّر ... ويخيب جدّ المرء غير مقصر
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكر لكل أمر منكر
وبقيت في خلف يزين بعضهم ... بعضا ليستر معور عن معور»
وأنشد الماوردي (1) أول بيتي أبي عمر، واقتصر بعد على بيت آخر غير ما تقدّم وهو:
«وإذا تعسّرت الأمور فأرجها ... وعليك بالأمر الذي لم يعسر
وأنشد في المعنى لبشار:
شفاء العمى طول السؤال وإنما ... دوام العمى طول السكوت على الجهل
فكن سائلا عما عناك فإنما ... دعيت أخا عقل لتبحث بالعقل»
قال أبو عمر «بسؤال العلماء يأمر القائل:
عليك بأهل العلم فارغب إليهم ... يفيدوك علما كي تكون عليما
ويحسب كلّ النّاس أنّك منهم ... إذا كنت في أهل الرشاد مقيما
فكلّ قرين بالمقارن مقتد ... وقد قال هذا القائلون قديما» (2)
تنبيه:
المذموم من السؤال، وهو ما يحسن الصمت عنه، ويحمد الوقار 222ظ / / بالتزامه، وهو ما كان على وجه الإعنات والعناد بما ألقي إليه، أو لغير ذلك مما بيّنه العلماء توجيها للذم الوارد في الإكثار من الأسئلة. وأما على الوجه الذي تقدم الحمد له، فهو المأمور به، وبتحقيق مناطهما يرتفع التعارض بين مدح السؤال وذمه.
__________
(1) انظر أدب الدنيا: 43.
(2) انظر جامع العلم: 1/ 92.(2/715)
قال الماوردي: «وقد ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم وكثرة السؤال، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة السؤال». بعد نقله بعض ما تقدم في المدح: وليس هذا بمخالف للأول، وإنما أمر بالسؤال من قصد به علم ما جهل، ونهى عنه من قصد به إعنات ما سمع.
قال: وإذا كان السؤال في موضعه أزال الشكوك، ونفى الشبهة، قيل لابن عباس رضي الله عنهما: بم نلت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول.
قال: وروي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حسن السؤال نصف العلم» (1) اهـ.
الفائدة الثانية: توقير المعلم بالتزام الصمت بين يديه لا يخل به البحث معه، والمراجعة له فيما يجري بينهما.
فقد تقدم (2) عن الخليل: «ولا تجزع من تقريع السؤال، فإنه ينبهك على علم ما لم تعلم إذ ذلك [شعبة من شعب المراجعة.
وقد روي عنه أنه قال: اجعل تعليمك دراسة لك، واجعل] (3) مناظرة المتعلم تنبيها لما ليس عندك، وأكثر من التعلم لتعلم، وأقلل منه لتحفظ» (4).
وللشيخ أبي العباس ابن زاغو: تنبيه على هذا المعنى أجاد فيه وأفاد، فلنأت بجميعه استحسانا لقصده.
قال رحمه الله: «بحث التلميذ مع الشيخ، ومراجعته في القول، واستثباته في تلقيه، إذا كان ذلك كله على وجه الاسترشاد، والتثبت، والازدياد، لا ينافي
__________
(1) انظر أدب الدنيا ص: 43.
(2) انظر ص: 221و / مخ أص: 713من هذا الكتاب.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من «د».
(4) جامع العلم: 1/ 130.(2/716)
التأدب معه، ولا ينهى عنه، بل هو مأذون فيه، ومرغب فيه، وبذلك تكمل الفائدة، ويحقق 223و / / ما يحصله إلا أن ذلك إذا طال حتى وقع الملل والضجر، أو كاد، فينبغي الإمساك عن البحث لئلا يفضي الحال إلى ما ينهى عنه.
قال: ومخالفة التلميذ للشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه، وعليها دليل قائم يقبله غير الشيخ من العلماء ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم، والإجلال اللازم. فقد خالف ابن عباس عمر، وعليّا، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وكان قد أخذ عنهم، وخالف كثير من الناس بعض الصحابة. وإنما أخذوا العلم عنهم، وخالف مالك كثيرا من أشياخه. وخالف الشافعي، وابن القاسم، وأشهب، مالكا في كثير من المسائل، وكان مالك أكبر أسانيد الشافعي، وقال: لا أحد أمن علي من مالك، وكاد كل من أخذ عنه العلم أن يخالفه بعض تلامذته في عدة مسائل، ولم يزل ذلك دأب التلاميذ مع الأساتيذ إلى زماننا هذا، وقد شاهدنا ذلك في أشياخنا مع أشياخهم رحمهم الله قال: ولا ينبغي للشيخ أن يتبرم من هذه المخالفة إذا كانت على الوجه الذي وصفناه والله أعلم» اهـ.
قلت: وقد تضمن هذا التنبيه أمورا تتأكد العناية بها:
أحدها: أن البحث مع المعلم لا ينافي توقيره ومبرّته، بل هو مرغب فيه، وما تقدم من حمد السؤال دليل عليه حتى إنهم إذا رأوا تقصير المعلم في السؤال والمراجعة نبهوه على ما يفوته من تحقيق الحاصل وحذروه من خيبة الصمت عن السؤال دائما. ومن مستحسن ما يحكى من ذلك ما رواه الشيخ أبو عمر: «أن رجلا قدم على «ابن المبارك» وعنده أهل الحديث فاستحيا يسأل، وجعل أهل الحديث يسألونه، فنظر «ابن المبارك» إليه فكتب بطاقة، وألقاها إليه، فإذا فيها هذه الأبيات 223ظ / /:
إن تلبّثت عن سؤالك عبد الله ... ترجع غدا بخفّي حنين
فاغتت الشّيخ بالسّؤال تجده ... سلسا يلتقيك بالراحتين
وإذا لم تصح صياح الثّكالى ... قمت عنه وأنت صفر اليدين» (1)
ومعنى قوله: «فاغتت الشيخ» أي كدّه في البحث والمراجعة. إذ يقال:(2/717)
إن تلبّثت عن سؤالك عبد الله ... ترجع غدا بخفّي حنين
فاغتت الشّيخ بالسّؤال تجده ... سلسا يلتقيك بالراحتين
وإذا لم تصح صياح الثّكالى ... قمت عنه وأنت صفر اليدين» (1)
ومعنى قوله: «فاغتت الشيخ» أي كدّه في البحث والمراجعة. إذ يقال:
غته بالأمر: أي كدّه. قاله الجوهري.
على أن الشيخ «تقي الدين» قال في «الاقتراح»: «وليعظم الشيخ، ولا يثقل، ولا يطول تطويلا يضجر، ولا يستعمل ما قاله بعض الشعراء»، وأنشد ما عدا البيت الأول من هذه الثلاثة، وكأنه حمل قصد قائل ذلك على ما يخرج إلى الحد الذي حذر منه في المراجعة. ومراد «ابن المبارك»: ما لم ينته إلى ذلك المقدار المنهي عنه، ومساق الحكاية لسبب النظم يدل على ذلك ويوضحه.
قلت: وتختلف أحوال الشيوخ في احتمال مراجعة التلاميذ، ومبالغتهم في البحث، وإيراد ما يمنع من قبول ما يلقى إليهم حتى أن منهم من كان يعده فائدة حياته، وأنفع مقاصد تدريسه.
فحكى الشيخ «برهان الدين ابن فرحون» (2) في «الديباج المذهب» (3) عن ابن الحاجب أنه قال في «ناصر الدين ابن المنير»: «إذ كان «ناصر الدين» قد اختص به، ولازم الاشتغال عليه:
لقد سئمت حياتي اليوم لولا ... مباحث ساكني الإسكندريه
كأحمد سبط أحمد حين يأتي ... بكل غريبة كالعبقريه
تذكرني مباحثه زمانا ... وإخوانا لقيتهم سرّيه
زمانا كان الأبياري فيه ... مدرسنا وتغبطنا البريه
مضوا فكأنهم إما منام ... وإما صبحة أضحت عشيه 224و / /
__________
(1) م. س: 1/ 90.
(2) إبراهيم بن علي بن فرحون اليعمري الداني المالكي أبو الوفاء، برهان الدين. ت: 799هـ 1397م، ولد بالمدينة ونشأ بها، وكان قاضيها، من تصانيفه: «شرح مختصر ابن الحاجب المسمى بتسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات». و «تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام». «والديباج المذهب» انظر: الدرر الكامنة: 1/ 48، والنيل: 3230.
(3) انظر: 1/ 244.(2/718)
قال: وقوله: «سبط أحمد» أشار به إلى جده لأمه. وهو كمال الدين أحمد بن فارس».
ولقد كان شيخنا الإمام العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فتوح قدس الله روحه يفسح لصاحب البحث مجالا رحبا، ويوسع المراجع له قبولا ورحبا، بل يطالب بذلك ويقتضيه، ويختار طريق التعليم به ويرتضيه، توقيفا على ما خلص له تحقيقه، ووضح به في معيار الاختيار [تدقيقه] (1)، وإلا فقد كان ما يلقيه غاية ما يتحصل، ويتمهد به مختار ما يحفظ ويتأصل.
وقد قال فيه الشيخ، الرئيس، القاضي، الجليل، العالم، العلم، أبو يحيى ابن عاصم: وقد أجرى ذكره في «بعض تقييداته» (2): «إبراهيم بن أحمد بن فتوح العقيلي يكنى أبا إسحاق، العالم المتفنن، صاحبنا محقّق النظار، وأستاذ فوائد تدريسه لجين ونضار، كلّا بل جواهر ويواقيت، ومناسك هدى لها من السّعادة مواقيت، فحسب الطالب الموثوق بفهمه، المعروف للتّحصيل مطامح مواقع سهمه، أن يلازم حلقة تعليمه، وأن يشدّ يد الضنّة بما يلقى من محصول تفهيمه، فإكسير الإفادة إنّما حصّله الواصلون من جابر (3) صنعته، وكيمياء السعادة إنّما تلقّفها الظّافرون في [نضرة] (4) روضه المخضلّ وينعته» انتهى المقصود من كلامه، الموصوف به، إمام التحقيق، وعلم أعلامه، رحمهما الله ونوّر ضريحهما.
وما كان مع النظار إذا ازدحموا بين يديه، وافتقروا في إبراز ما احتجب إلى ما لديه، إلا كما قال بعضهم في «كمال الدين بن يونس» (5)، وقد حضر في
__________
(1) في «أ» و «ب»: توقيفه.
(2) المراد كتابه: «الروض الأريض». والنص ذكره المقري في أزهار الرياض: 1/ 171نقلا عن الوادي آشي.
(3) إشارة إلى الكيميائي المتصوف جابر بن حيان.
(4) في «ج» و «د»: نظرة.
(5) موسى بن يونس الموصلي كمال الدين أبو عمران، ت: 639هـ 1242م. فقيه، أصولي، عالم بشرائع النصارى واليهود، طبيب، مشارك في كثير من العلوم. من تصانيفه: «كشف(2/719)
بعض الأيام دروسه جماعة من المدرسين أرباب الطيالس 224ظ / /:
إذا اجتمع النّظار في كلّ موطن ... فغاية كل أن يقول ويسمعوا
فلا تحسبوهم من عناد تطلّسوا ... ولكن حياء واعترافا تقنّعوا
تعريف:
ربما يبالغ بعض المحصلين في الوقار مع الشيخ، فلا يباحثه فيما يسمع منه اكتفاء والله أعلم بسماع بحث الغير منه، أو بما عنده مما يخلص به ما يتوقف على البحث والمراجعة، ولا بد أن يتقدم لهذا المحمل غالبا تحصيل على شرط البحث على أي وجه يكتفى به.
ومن نادر ما يحكى من ذلك ما ذكر «ابن خلكان» «عن بعض الفقهاء أنه سأل الشيخ كمال الدين يعني ابن يونس عن الأثير يعني الشيخ أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري (1)، صاحب التصانيف المشهورة، وعن منزلته في العلوم، فقال: ما أعلم؟ فقال: وكيف هذا يا مولانا، وهو في خدمتك منذ سنين عديدة، ويشتغل عليك؟ فقال: لأني مهما قلت له تلقّاه بالقبول، وقال: نعم مولانا، فما راجعني في بحث قط حتى أعلم حقيقة فضله.
قال «ابن خلكان»: ولا شك أنه كان يعتمد هذا القدر مع الشيخ تأدبا» (2).
قلت: وفي هذا أن الشيخ لا يعرف منزلة التلميذ إلا بالمراجعة له، أو ظهور ما يتضح به العذر في عدم المراجعة كما حكى صاعد عن ابن الأعرابي قال: «كان أبو محلّم (3) يحضر مجلسي، فيقعد في حجرة (4) من المسجد، ولا
__________
المشكلات وإيضاح المعضلات» في تفسير القرآن: «شرح كتاب التنبيه» في الفقه، و «عيون المنطق» و «الأسرار السلطانية» انظر الوفيات: 5/ 311.
(1) ت: 663هـ 1264م، حكيم منطقي، فلكي، من تآليفه: «هداية الحكمة» و «تنزيل الأفكار في تعديل الأسرار»، و «درايات الأفلاك»، انظر: الوفيات: 5/ 313. ودائرة المعارف الإسلامية: 1/ 306.
(2) انظر الوفيات: 5/ 313.
(3) محمد بن هشام التميمي ثم السعدي أبو محلم الشيباني، ت: نحو: 245هـ 859م، أحفظ أهل زمانه للشعر، ووقائع العرب له من الكتب: «خلق الإنسان»، و «كتاب الأنوار»، و «الأنواء والخلق»، انظر الفهرست: 69. والبغية: 1/ 258257.
(4) الحجرة: الناحية.(2/720)
يتكلم، فقلت له يوما: ما أراك تحظى من مجلسنا هذا بشيء فأعاد عليه أوائل المجالس إلى ذلك اليوم. فقلت: روي أنه عليه السلام قال: «يولد في كل أربعين سنة من يحفظ كلّ شيء يسمعه، وأراك ذلك». قال: أنا ذاك (1)، وقد قلت:
إذا ما غدت طلابة العلم ما لها 225و / / ... من العلم إلّا ما يدوّن في الكتب
[غدوت بتشمير وجدّ عليهم ... ومحبرّتي سمعي، ودفترهم قلبي] (2)
قال: قال السيرافي: «أبو محلم» من فصحاء العرب. وقال: «محبرّتي»:
بفتح الميم، وضم الباء، وشد الراء.
وحكى يعقوب: «محبرة» و «محبرة». وحكى بعض الكوفيين: «محبرة» بكسر الميم. و «حابورة» وليستا بثبت» (3) اهـ.
قلت: وإذا كان الشيخ لا يعلم منزلة من يأخذ عنه إلا بالمراجعة له، فأولى ألا يعرف منزلة من لا يقرأ عليه إلا بشهادة غيره، و «ليس الخبر كالعيان».
«وقد حدثني شيخنا الإمام «أبو إسحاق ابن فتوح» رحمه الله عن بعض شيوخه: الشيخ العلامة الصالح [السني] (4) [أبي] (5) يحيى ابن عاصم رحمه الله وهو صاحب الإمام أبي إسحاق الشاطبي، ووارث طريقته، وابن عم القاضي الرئيس أبي بكر (6)، والد الرئيس المتقدم الذكر، أنه كان إذا سئل عن طالب لم يقرأ عليه، لا يشهد فيه بشيء، وإن كان ممّن ظهر بالاشتغال على غيره، اطراحا للاعتبار ما لم يعلمه عيانا».
__________
(1) انظر البغية: 1/ 258.
(2) هذا البيت ساقط من «أ».
(3) الفصوص: ج 5/ 271. فص: 756.
(4) في «د»: السيد.
(5) في «أ»: أتى.
(6) محمد بن محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي أبو بكر ت: 829هـ 1426م. فقيه أصولي، مشارك في علوم كثيرة، من تصانيفه: «نظم أراجيز تحفة الأحكام» و «أرجوزة تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام»، و «إيضاح المعاني في القراءات الثماني» وغيرها. انظر النيل: 289 290.(2/721)
الثاني: أن المخالفة للمعلم لا تضر برعاية الأدب معه إذا كانت على الوجه الذي أشار إليه، وأن ذلك شأن العلماء مع شيوخهم قديما وحديثا.
ومن ذلك في هذه الصناعة ما لا يحصى كثرة، تارة مع الشيخ المأخوذ عنه، وأخرى مع من تقدم من أئمة الصناعة.
فقد قال يونس (1) حكاه الزبيدي: «لو كان أحد ينبغي له أن يؤخذ بقوله كلّه في شيء واحد لكان ينبغي لقول أبي عمرو (2) أن يؤخذ كله، ولكن ليس أحد إلا وأنت آخذ من قوله وتارك» (3).
وحكى ابن جني عن المازني أنه قال: «وإذا قال العالم قولا متقدما، فللمتعلم الاقتداء به، والانتصار له، والاحتجاج لخلافه (4)، إن وجد إلى ذلك سبيلا:
وقد قال الطائي الكبير: 225ظ / /
«يقول من تطرق (5) أسماعه ... كم ترك الأوّل للآخر» (6)
وقال قبل هذا: وقد قال الجاحظ: ما على الناس شيء أضر من قولهم:
«ما ترك الأول للآخر شيئا» (7).
قلت: قال الشيخ أبو عمر وقد نقل قولا لعلي رضي الله عنه:
__________
(1) يونس بن حبيب.
(2) المراد: أبو عمرو بن العلاء.
(3) طبقات الزبيدي: 35.
(4) أي لنقيضه، وهو موضع الاستشهاد من كلام المازني.
(5) في الديوان: 2/ 16: تقرع.
(6) انظر ديوان أبي تمام: ج 2/ 161من قصيدة له في مدح أبي سعيد التي مطلعها:
«قل للأمير الأريحي الذي ... كفّاه للبادي وللحاضر
إلى أن يقول:
لا زلت من شكري في حلّة ... لابسها ذو سلب فاخر
يقول من تطرق البيت»
(7) انظر الخصائص لابن جني: 1/ 191190، في باب: «القول على إجماع أهل العربية متى يكون حجّة».(2/722)
««قيمة كل امرىء ما يحسن». ويقال: إنه لم يسبقه إليه أحد. وقالوا: ليس كلمة أحضّ على طلب العلم منها».
قال: قالوا: ولا كلمة أضر بالعلم، وبالعلماء، أو المتعلمين، من قول القائل: «ما ترك الأول للآخر شيئا» (1) اهـ.
وتجويزه لمخالفة إجماع أهل هذه الصناعة قاض على مخالفة المعلم بالتسويغ كذلك أحرويا (2). وفي هذا المقام قال: «فكلّ من فرق له عن علّة صحيحة وطريق نهجة (3)، كان خليل نفسه، وأبا عمرو (4) فكره».
ثم استدرك شرط هذه المخالفة التي قال بجوازها فقال: «إلا أننا مع هذا الذي رأيناه له، وسوّغناه (5) مرتكبه لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التي قد طال بحثها، وتقدّم نظرها، وتتالت أواخر على أوائل، وأعجازا على كلاكل، والقوم الذين لا نشك في أنّ الله تعالى قد هداهم لهذا العلم الكريم، وأراهم وجه الحكمة في الترجيب (6) له والتعظيم، وجعله ببركاتهم، وعلى أيدي طاعاتهم، خادما لكتابه المنزل، وكلام رسوله المرسل، وعونا على فهمهما، ومعرفة ما أمر أو نهي عنه الثقلان به منهما، إلا بعد أن يناهضه إتقانا ويثابته عرفانا، ولا يخلد إلى سانح خاطره، ولا إلى أول نزوة من نزوات فكره، فإذا هو حذا على هذا المثال، وباشر بإنعام تصفحه أحناء (7) الحال، أمضى الرأي فيما يريه الله تعالى منه، غير معازّ به (8)، ولا غاضّ من السلف رحمهم الله
__________
(1) جامع العلم: 1/ 99.
(2) أي من باب أحرى وأولى.
(3) الطريق يذكر ويؤنث فتقول: طريق نهج.
(4) يريد أنه إمام نفسه كما أن الخليل إمام الناس، وأبا عمرو بن العلاء كذلك.
(5) في الخصائص: 1/ 190: (سوغنا).
(6) رجّبه: هابه وعظمه.
(7) في الأصول: أنحاء، والتصويب من الخصائص: 1/ 190: والأحناء: م حنو: وهو كل ما فيه اعوجاج من البدن، أو العود.
(8) المعازّة: المغالبة. من عازّه معازّة: غلبه في الخطاب. أي غير مفاخر ولا مغالب.(2/723)
في شيء منه، فإنه إذا فعل ذلك سدّد رأيه، وشيّع خاطره، وكان بالصواب 226و / / مئنّة (1)، ومن التوفيق مظنّة» (2).
هذا ما قال، والمقصود منه: تقريره لأدب المخالفة على الجملة، ومنها للمعلم على ذلك الشرط.
وأما إذا خرق بها إجماع أهل الصناعة، فقد أنكر ذلك عليه، حتى قال الأستاذ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله: «إن كان «ابن جني» ادعى ذلك في خصوص مسألته يعني مسألة: «هذا جحر ضب خرب» التي فرضها مما جاز فيها القول بخلاف ما أجمعوا عليه ولا يعد خرقا للإجماع، وإن أراد أن مخالفتهم جائزة على الإطلاق فباطل باتفاق أهل العلم.
قال: وقد كان بعض شيوخنا يقول: إن «ابن جني» لما عزم على مخالفة الإجماع في مسألته لم يوفق للصواب فيها، بل ذهب إلى ما لا يقبله عاقل» اهـ.
ومع هذا النكير عليه من أجل تجويزه لمخالفة إجماع النحاة، فيظهر من الأستاذ «أبي إسحاق» أن رأيه لم يستقر على إجماع الصنائع والعلوم حجة، وذلك لأنه بعد أن وضع في «مسائل الموافقات»: أن إجماعهم إجماع صحيح، أسقط ذلك، وكتب بإزائه: سقطت هذه، بل فيها نظر حسبما رأيته منقولا لشيخنا العلامة «أبي إسحاق ابن فتوح» رحمه الله ومن خطه كتبت، فالله أعلم بما تلخص عند الأستاذ «أبي إسحاق» في هذا الأصل.
الثالث: أن الشيخ إذا وقف على مخالفة التلميذ له لا ينبغي له أن يتبرم من ذلك، ويظهر الكراهية له إذا كانت على الوجه الذي أشار إليه، وهذا أيضا ظاهر، فإن الدليل هو المتبع، فلا على الشيخ من مصير التلميذ إلى خلاف رأيه، وربما يكون هو قد اتفق له ذلك مع شيخه، والحكم في الجميع واحد، لكن رب خلاف يعتقد الشيخ أنه لا وجه له، فيظهر التبرم منه 226ظ / / ويسوءه
__________
(1) المئنّة: العلامة.
(2) الخصائص: 1/ 190.(2/724)
المجاهرة به، وله في ذلك عذر كما «اتفق للشيخ الإمام «أبي عبد الله ابن عرفة» في مخالفة تلميذه الشيخ العلامة «أبي عبد الله الأبي» رحمهما الله في مسألة القائل لخصمه في أثناء تنازعهما: «أنا عدوك، وعدو نبيك». فإنها لما نزلت بتونس قال «الأبي»: فعمل فيها مجلس عن إذن خليفة الوقت الإمام الأكمل أبي العباس ابن الأمراء الراشدين فأفتى الشيخ أبو عبد الله الغرياني (1): أنه مرتدّ يستتاب، وأخذ كفره من الآية، يعني قوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ} (2) الآية.
قال: وهو أخذ حسن. وقال غيره من أهل المجلس: إنّما كفره كفر تنصيص، فلا يستتاب واستدلّوا بجزئيات، ولم ير شيخ الوقت، وظاهر العصر، «أبو عبد الله ابن عرفة» حضور هذا المجلس لكن رفع إليه، فرجّح كونه منتقصا، وبلغه عني أنّي رجّحت كونه مرتدّا، فدخلت عليه أسأله قراءة الأوراق التي بقيت من «المحصّل» (3) فقال المعلّم: إذا لم يجد نفعا فما لأحد بقراءته من حاجة، وكنت أحسب أن عندي من يحيي دين الله بعدي! قلت وما ذاك؟ قال:
سمعت عنك أنّك صوّبت قول الغرياني، فقلت: لم أنتصب للتّرجيح، ولكن يظهر لي أنّ الرّجل منتقص ولا وجه للجزئيات التي احتج بها، فدخل، فأخرج «الشفاء»، وناوله من قرأ تلك الجزئيات، ثم ذكرها، وذكر ما أجاب به، إلى أن قال له: وصاحب النازلة، أنتم وافقتم على أنه ليس بزنديق، ولم يتضح لي كونه منتقصا، فالتحقيق أنّه مرتدّ. قال: فوافق على صحة الجواب عن الجزئيات بما ذكر وقال: إن ظهر لك ما قال غيرك فارجع 227و / / إليه، وإن لم يظهر لك فلا
__________
(1) أبو عبد الله الغرياني التونسي، المحصل المدرس، الفقيه المبرز الأعدل، من معاصري ابن عرفة، تنازع معه في نازلة القبطان المكاس القائل له: أنا عدوك وعدو نبيك، انظر الشجرة:
226.
(2) سورة البقرة، الآية: 98.
(3) لعله محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء المتكلمين لفخر الدين الرازي، وهو في علم الكلام يشتمل على أحكام الأصول، والقواعد دون التفاريع والزوائد، وقد قدم له، وعلق عليه الدكتور سميح دغيم. ط: دار الفكر اللبناني بيروت: 1992.(2/725)
يحل لك أن ترجع. فقلت: لم يظهر لي إلا ما قلت لكم. قال: وكان القاضي قد حكم بقتل القائل، فأعذر إليه، فعجز فقتل» اهـ.
وقد ذكر هذه النازلة الشيخ أبو القاسم البرزلي، وحكى فيها عن ابن عرفة أنه قال: «إن وفق الله القاضي. فإنه يضرب عنقه».
«ونقل عن بعض أصحابه الموثوق بنقله: أن «الغرياني» قيد في المسألة، وذكر أن سبب هذا الخلاف أن العداوة كفر لقوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ} إلى قوله: {فَإِنَّ اللََّهَ عَدُوٌّ لِلْكََافِرِينَ} فأقام الظاهر مقام المضمر، والكفر عام وخاص. فمن أوجب قتله؟ قال: هو كفر خاص، فيكون كفر زندقة، والعام: كفر ردّة، وهو وجه من قال: إنه يقبل التوبة. قال: والظاهر إن كان قبل ذلك مظهرا لمثل هذا، مشتهرا في عدم حفظ لسانه فهو ردّة على الأظهر من المذهب، وإن لم يظهر منه هذا إلا في هذه المرة فهي علامة على خبث سريرته فيكون زندقة» اهـ.
قلت: والصواب وإن ظهر في خلاف قول «ابن عرفة» في النازلة على الجملة، ولكن اعتقاده ضعف مخالفيه، يقيم له العذر في تبرمه من خلاف تلميذه له، وأولى حيث يتفق أن يكون الخلاف على غير الوجه الذي تقدم في كلام «ابن زاغو»، وهو القصد من نقل هذه الحكاية هنا.
الفائدة الثالثة: إذا كانت المراجعة لا بد منها في تحقيق ما يلقيه المعلم،
[فمن] (1) لازم الإكثار منها بحسب الغالب: ارتفاع الصوت، وحينئذ فهل يجوز ذلك، وخصوصا إذا كان التعليم في المسجد أو لا؟
فالمنقول عن مالك رضي الله عنه «كراهة ذلك وإنكاره».
قال الشيخ في «مختصر المدونة»: «قال مالك: ونهى عن الصياح في
__________
(1) في «أ»: ممن.(2/726)
العلم، وكثرة [اللغط] (1) [قال: وقال مالك: كان سليمان بن يسار (2) أعلم أهل البلدة بعد 227ظ / / ابن المسيب، وكان إذا كثر [اللغط] (3) والكلام والمراء في المسجد أخذ نعليه وقام».
ونقل الشيخ أبو عمر في «بيان العلم» (4) عن عبد الله بن عبد الحكم (5)
عن أشهب قال: «سئل مالك عن رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره؟
فقال: لا خير في ذلك في العلم، ولا في غيره، ولقد أدركنا الناس قديما يعيبون ذلك على من يكون في مجلسه، ومن كان يكون ذلك في مجلسه كان يعتذر منه، وأنا أكره ذلك، ولا أرى فيه خيرا» اهـ.
وقد سئل أيضا عن ذلك فقال: «علم ورفع صوت» (6)؟!.
قال ابن الحاج «صاحب المدخل» (7): «فأنكر أن يكون ثمّ علم فيه رفع صوت. قال: وقد كانوا يقعدون في مجالس علمهم كأخي السّرار، فإذا كان مجلس علم على سبيل الاتباع فليس فيه رفع صوت، قال: فإن وجد رفع صوت منع منه، وأخرج من فعل ذلك لما ورد: «مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات» وهو عام والضرر به واقع فيمنع» اهـ.
وقال في موضع آخر: «ويحذر أن يرفع صوته، وأن ينزعج فيؤذي بيت ربّه إن كان فيه، وبرفع صوته يخرج عن أدب العلم، وعن حدّ السّمت والوقار، ويوقع من جالسه في ذلك لاقتدائهم به.
__________
(1) في «ج» و «د»: الغلط.
(2) أبو أيوب ت: 107هـ 725م مولى ميمونة أم المؤمنين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، قال عنه ابن سعد: ثقة. عالم، فقيه، كثير الحديث. طبقات ابن سعد: 2/ 384.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج» و «د».
(4) انظر جامع العلم: 1/ 139.
(5) أبو محمد ت: 214هـ 829م. فقيه، من أصحاب مالك، انتهت إليه الرياسة بمصر بعد أشهب.
له مصنفات في الفقه وغيره، منها: سيرة عمر بن عبد العزيز، والقضاء في البنيان، والمناسك، وغيرها انظر الوفيات: 3/ 3534.
(6) المدخل: 1/ 137.
(7) م. س: 1/ 107.(2/727)
قال: وكذلك أيضا يحذر أن يرفع أحد صوته من جلسائه، فإن رفع أحد صوته نهاه برفق وأخبره بما في ذلك من المكروه، لأن رفع الصوت إذ ذاك فيه محذورات:
منها: رفع الصوت في العلم، وقد تقدم إنكار مالك لذلك.
ومنها: رفع الصوت في المسجد إن كان فيه، وقد وقع النهي عنه.
ومنها: قلة الأدب مع العالم الذي حكى مذهبه أو كلامه إذ ذاك.
قال: وإن كانوا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم يتذاكرونه، أو أوردوه إذ ذاك شاهدا لمسألتهم 228و / / فهو أعظم في النهي، وأبلغ في الزجر لقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلََا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمََالُكُمْ وَأَنْتُمْ لََا تَشْعُرُونَ} (1). فيقعون بسبب ذلك في حبط العمل والعياذ بالله إذ لا فرق بين رفع الصوت عليه في حياته عليه السلام، وبين رفعه على حديثه.
كذا قال إمام المحدثين مالك بن أنس رضي الله عنه» (2) انتهى وفيه كفاية في توجيه ما ذهب إليه مالك رحمه الله.
وأما غيره: فقال الشيخ أبو عمر: «أجاز ذلك قوم، منهم: «أبو حنيفة» ثم أسند عن سفيان بن عيينة قال: مررت بأبي حنيفة، وهو مع أصحابه في المسجد، وقد ارتفعت أصواتهم، فقلت: يا أبا حنيفة هذا في المسجد؟! والصوت لا ينبغي أن يرفع فيه. فقال: دعهم فإنهم لا يفقهون إلا بهذا.
قال: واحتج بعض من أجاز رفع الصوت في المناظرة بالعلم، وقال: لا بأس بذلك لحديث عبد الله بن عمر قال: «تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة، ونحن نتوضأ، ونمسح على أرجلنا،
__________
(1) سورة الحجرات، الآية: 2.
(2) المدخل: 1/ 117.(2/728)
فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار، مرتين وثلاثا. ذكره البخاري وغيره» (1).
قلت: ترجم البخاري في كتاب «العلم» من «صحيحه»: «باب من رفع صوته بالعلم» وأدخل هذا الحديث.
قال ابن بطال: «والحديث حجة في جواز رفع الصوت في المناظرة بالعلم، ثم ذكر عن «ابن عيينة» ما وقع له مع أبي حنيفة، وقد ظهر من «البخاري» أنه قائل بالجواز، وتحصل من هذا النقل أن مالكا يكره ذلك في المسجد وغيره، وأن أبا حنيفة يجيزه مطلقا 228ظ.
تتمة:
بذكر فصل ذكره «ابن حزم» في حضور مجالس العلم، يكمل الغرض من هذا الأدب. قال: «إذا حضرت مجلس علم، فلا يكن حضورك إلا حضور مستزيد علما وأجرا لا حضور مستغن بما عندك، طالب عثرة تشنعها، أو غريبة تشيعها، فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في العلم أبدا، فإذا حضرتها على هذه النية، فقد حصلت خيرا على كل حال. فإن لم تحضرها كما ذكرنا، فالتزم أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها:
أإما أن تسكت سكوت الجهال، فتحصل على أجر النية في المشاهدة، وعلى الثناء عليك بقلة الفضول، وعلى كرم المجالسة، ومودة من تجالس.
ب فإن لم تفعل، فسل سؤال المتعلم فتحصل على الأربع محاسن، وعلى خامسة، وهي استزادة العلم، وصفة سؤال المتعلم. وهو أن تسأل عما لا تدري، لا عما تدري، فإن السؤال عما تدريه سخف، وقلة عقل، وشغل لكلامك، وقطع لزمانك بما لا فائدة فيه لك، ولا لغيرك، وربما أدى إلي
__________
(1) جامع العلم: 1/ 139.(2/729)
اكتساب العداوات، وهو يعد (1) عين الفضول. فيجب عليك ألا تكون فضوليا، فإنها صفة سوء، فإن أجابك الذي سألت بما فيه كفاية لك، فاقطع الكلام، وإن لم يجبك بما فيه كفاية، وأجابك بما لم تفهم، فقل له: لم أفهم، واستزده، فإن لم يزدك بيانا، وسكت، أو أعاد عليك الكلام الأول، ولا مزيد فأمسك عنه، وإلا حصلت على الشر والعداوة، ولم تحصل على ما تريده من الزيادة.
ج والوجه الثالث: أن تراجع مراجعة العالم، وصفة ذلك أن تعارض جوابه بما ينقضه نقضا بينا، فإن لم يكن ذلك عندك، ولم يكن عندك إلا تكرار قولك، والمعارضة بما لا يراه خصمك، فأمسك، فإنك لا تحصل بتكرار ذلك على أجر زائد 229و / / ولا على تعليم، ولا على تعلم، بل على الغيظ لك، ولخصمك، والعداوة التي ربما أدت إلى المضرات، وإياك وسؤال المعنت، ومراجعة المكابر، الذي يطلب الغلبة بغير علم، فهما خلقا سوء، دليلان على قلة الدين، وكثرة الفضول، وضعف العقل، وقوة السخف، وحسبنا الله ونعم الوكيل» (2).
الأدب السابع: «تلطفه له في المخاطبة بالسؤدد، والتفدية، وتقبيل اليد»
. كذا قال أبو نعيم. وزاد: «وغير ذلك مما يجتلب به مودته، واستشهد على المخاطبة بالسيادة بما رواه سهل بن حنيف (3) قال: مررنا بسيل، فدخلنا نغتسل، فخرجت منه وأنا محموم، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مروا أبا ثابت فليتعوّذ» فقلت:
يا سيدي، أو صالحة الرّقى؟ فقال: «لا رقى إلا من ثلاثة: من النظرة، والحمّة، واللدغة».
__________
(1) في الأصول: بعد من الفضول، والتصويب من رسائل ابن حزم.
(2) رسائل ابن حزم: 1/ 412411.
(3) ابن وهب الأنصاري الأوسي. ت: 38هـ 658م، صحابي شهد بدرا وثبت يوم أحد وشهد المشاهد كلها. آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين علي رضي الله عنه. استخلفه علي رضي الله عنه على البصرة بعد وقعة الجمل، له أربعون حديثا في كتب الحديث: انظر: الإصابة: ت 3520.(2/730)
وعلى المخاطب «بالتفدية» بما رواه عن عقبة بن عامر (1) قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده، فقلت: ما فواضل الأعمال جعلني الله فداك؟».
وعلى تقبيل اليد، بما رواه عن عبد الله بن عمر قال: «كنت في سرية فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده».
قلت: أما التسويد فقال النووي: «جاءت أحاديث كثيرة بإطلاق لفظ «سيد» على أهل الفضل كقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي رضي الله عنهما:
«ابني هذا سيد» الحديث. وقوله للأنصار لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قوموا إلى سيدكم».
قال: وأما ما ورد في النهي، فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا للمنافق [سيدي] (2)
فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم عز وجل».
قال: والجمع بين هذه الأحاديث، لأنه لا بأس بإطلاق 229ظ / / فلان «سيد» و «يا سيدي»، وشبه ذلك، إذا كان المسود فاضلا خيرا إما بعلم، وإما بصلاح، وإما بغير ذلك، وإن كان فاسقا أو متهما في دينه، أو نحو ذلك، كره أن يقال له: «سيد».
قال: وقد روينا عن الإمام «أبي سليمان الخطابي» في «معالم السنن» في الجمع بينهما نحو ذلك».
وأما «التفدية»، فقال النووي أيضا: «ولا بأس بقوله للرجل الجليل في علمه أو صلاحه أو نحو ذلك جعلني الله فداك أو فداك أبي أو أمي، وما أشبهه.
__________
(1) الجهني. ت: 58هـ 678م صحابي، كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم شهد صفين مع معاوية، وولي مصر بعد فتحها، كان شجاعا من الرماة، كما كان فقيها، وشاعرا، وقارئا: إذ هو أحد من جمع القرآن بخطه على غير تأليف مصحف عثمان، له خمسة وخمسون حديثا، انظر الإصابة: ت 5594، وحلية الأولياء: 2/ 98.
(2) في مخ «أ»: سيد.(2/731)
قال: ودلائل هذا من الحديث الصحيح كثيرة مشهورة».
قلت: ترجم البخاري على الجواز بقوله: باب قول الرجل: «جعلني الله فداك» وأدخل من الحديث ما صرح به من ذلك في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن بطال في هذا الباب: «رد قول من لم يجز تفدية الرجل للرجل بنفسه أو بأبويه»، وله في «كتاب الجهاد» عن الطبري تقرير الجواب عن شبهة المانع فراجعه هناك.
وأما تقبيل اليد فقال «النووي» أيضا: «إذا أراد تقبيل يد غيره، إن كان ذلك لزهده، وصلاحه، وعمله، أو شرفه، وصيانته، أو نحو ذلك من الأمور الدينية لم يكره بل يستحب، وإن كان لغناه، ودنياه، وثروته، وشوكته، ووجاهته عند أهل الدنيا، ونحو ذلك، فهو مكروه شديد الكراهة. وقال المتولي من أصحابنا:
لا يجوز، فأشار إلى أنه حرام».
قلت: وبهذه التفرقة قال «الأبهري» رحمه الله في «شرحه لمختصر ابن عبد الحكم» (1): وأما مذهب مالك رضي الله عنه فمذهبه ما قد علم في كراهية ذلك مطلقا، ولذلك لم يقيد الشيوخ تقرير مذهبه في المسألة فقال «الشيخ» في «الرسالة»: وكره «مالك» تقبيل اليد وأنكر ما روي فيه».
وفي «التلقين»: «والمعانقة مكروهة. وتقبيل اليد مشدد 230و / / في منعه لأن فيه معنى التجبر» (2).
وفي المعونة: «وتكره المعانقة، وأشد من ذلك تقبيل اليد (وإنما كره تقبيل اليد) (3)، لأنه من التكبر، والتجبر، الذي يستعمله الأعاجم، ولم ينقل عن أحد من السلف» (4) اهـ.
__________
(1) لابن عبد الحكم: المختصر الكبير، نحا به اختصار كتب أشهب، والمختصر الأوسط، والمختصر الصغير، وتوجد بخزانة القرويين قطعة من المختصر الكبير اشتملت على ثلاثين ورقة في الرق بخط أندلسي بالسواك تحت رقم: 810.
(2) عن مخ التلقين: 61ظ، مخطوط بخزانة القرويين تحت رقم: 405.
(3) زيادة من مخ المعونة: ص: 315.
(4) انظر: م. س: 315.(2/732)
وهذا لما ورد عنه من الإنكار المتكرر في مواضع. فقال «الشيخ» في «المختصر»: «وسئل مالك عن الرجل يقبل يد الولي أو رأسه، أو المولى يفعل ذلك بسيده.
قال: ليس ذلك من عمل الناس، وهو من عمل الأعاجم. قيل: فيقبل رأس أبيه. قال: أرجو أن يكون خفيفا.
وسئل في رواية أخرى: هل يقبل يد أبيه أو عمه؟ قال: لا أرى أن يفعل، وإن من العبرة أن من مضى لم يكن يفعل ذلك».
قيل: «كان ابن عمر إذا قدم من سفر قبل ابنه سالما (1)، وقال: شيخ يقبل شيخا، فأنكر الحديث وقال: لا تحدثوا بمثل هذه الأحاديث لئلا تهلكوا فيها» (2).
وفي «جامع العتبية» (3) من سماع ابن القاسم: «سئل مالك عن الرجل يقدم من السفر فيتناول غلامه أو مولاه يده فيقبلها؟
قال: ترك ذلك أحب إلي، وذكر له حديث سالم: «شيخ يقبل شيخا»، فأنكره إنكارا شديدا قال: فإياكم مثل هذه الأحاديث أن تهلكوا فيها».
قال «ابن رشد» ما ملخصه: «إنما كره أن يقبل العبد أو المولى يد مولاه، وإن كان عليه له حق، لأنه قد يكون أكرم منه عند الله تعالى، إذا كان أتقى منه، مع أن أخوة الإسلام جامعة بينهما، ولو استحسن ذلك شرعا لكان سيد الخلق أجمعين، وهو النبي صلى الله عليه وسلم أولى به عند السلام عليه، وتحية الإسلام إنما هي بالسلام، إذ ذاك فيستوي فيها الفاضل والمفضول، وإنما يفعله المولى، والعبد بسيده. وإن لم يكن مسلما لحديث صفوان بن عسال المرادي في تقبيل
__________
(1) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ت: 106هـ 725م، أحد فقهاء المدينة السبعة، من سادات التابعين، وفقهائهم، وعلمائهم، انظر التهذيب: 3/ 436.
(2) البيان والتحصيل: ج 17/ 87.
(3) م. س: ج 17/ 8885.(2/733)
اليهوديين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجليه لما سألاه (1) عن تسع آيات فأخبرهما 230ظ / / (2).
قال الترمذي فيه: حديث حسن صحيح.
وإنكار «مالك» حديث «سالم»، ونهيه عن التحدث بمثله، لأن إطلاق القبلة لا يحمل إلا على أنها في الفم بحسب الظاهر وحينئذ فيظن الجاهل منه الجواز، فيقبل فم ابنه الكبير أو صديقه، كنهيه عن التحدث «بأحاديث الصفات» مخافة أن يحملها الجاهل على ظاهرها.
وأما كونه حجة على جواز تقبيل الابن الأكبر على وجه المحبة والحنان، فذلك مما لا ينكر لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه زيد بن حارثة (3) فقام إليه، وقبله واعتنقه.
قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه عن الزهري من غير طريق (ابن إسحاق) (4) ولحديث أنه صلى الله عليه وسلم اعتنق جعفر بن أبي طالب (5)، وقبل بين عينيه حين قدم من أرض «الحبشة»، ولذلك يجب تأويل تقبيله لزيد، وتقبيل «ابن عمر سالما» أن ذلك في غير الفم، كبين العينين، أو الرأس، أو الخدين، على أن مالكا يكره معانقة الرجل الرجل، وتقبيله بين العينين، ويرى ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا به، على ما يدل عليه قضيته مع سفيان بن عيينة» (6) اهـ.
__________
(1) في «ج» و «د»: سأله.
(2) انظر رياض الصالحين: 474.
(3) الكلبي ت: 8هـ 629م، صحابي، وهبته خديجة بنت خويلد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين تزوجها فتبناه النبي قبل الإسلام، ثم أعتقه بعد ذلك وزوجه بنت عمته، وكان النبي لا يبعثه في سرية إلا أمره عليها انظر: الإصابة: ت 2884. والصفوة: 1/ 378.
(4) ساقط في جامع البيان والتحصيل: 17/ 8885.
(5) ت: 8هـ 629م الهاشمي، الصحابي أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنه حضر وقعة «مؤتة»، وكان حامل اللواء بها، فقطعت يمناه ويسراه فاحتضن الراية إلى صدره حتى وقع شهيدا، فقيل: إن الله عوضه عن يديه جناحين في الجنة، انظر الإصابة: ت 1162، والصفوة:
1/ 511.
(6) انظر جامع البيان والتحصيل: 17/ 8885. وشرح النووي على صحيح مسلم: 9/ 95.(2/734)
تنبيه:
اختار بعض الشيوخ جواز تقبيل اليد على الجملة اعتمادا على ما ورد فيه من الأحاديث حتى لقد صنف فيه «الحافظ أبو بكر الأصبهاني» (1) كتاب «الرخصة في تقبيل اليد».
قال الشيخ أبو القاسم البرزلي: «ورويناه عن شيخنا أبي الحسن [البطرني] (2) (3) قال: وقد فعلت ذلك معه، فكان ينزع يده. فقلت له: لا نروي هذا الكتاب حين لم تعمل به، فقال: كرهه مالك. فقلت له: مالك أنكر ما روي فيه، ومن حفظ حجّة على من لم يحفظ، فتركني بعد ذلك.
قال: وكذا شيخنا الإمام، وغيره من أشياخي لا ينكرون 231وعلي ذلك، وقصدي بذلك التبرك به، والتعظيم لأشياخي. ولما تقرر عندي من الأحاديث، وعدم إنكار ذلك عن معظم من يقتدى به، وفعلت ذلك مع بعض الكبراء، فقال: هو من باب المدحة في الوجه، فإن لم يخف على المفعول به ذلك من تعاظم نفسه، فلا بأس وإلا كره لما يدخل فيه من المفسدة» اهـ.
الأدب الثامن: اعترافه بفضله وعظيم ما له من المنة عليه
لما خرجه «الحافظ أبو نعيم» عن «أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا أبا المنذر، إني أمرت [بعرض] (4) القرآن عليك»، فقال: يا رسول الله، بالله آمنت، وعلى يديك أسلمت، ومنك تعلمت» هذا من حيث الجملة.
__________
(1) محمد بن إبراهيم الأصفهاني أبو بكر ت: 466هـ 1074م. محدث، من آثاره: أربعون حديثا.
انظر الكشف: 1/ 52.
(2) في «د»: الطبرني.
(3) محمد بن أحمد البطرني الأنصاري التونسي أبو الحسن وفي الشجرة أبو عبد الله ت: 793هـ 1390م، الفقيه، الرواية، المحدث، المسن، المقرىء، الصالح، الزاهد، انظر النيل: 273 والشجرة: 226.
(4) في «ج»: بعض. وفي «د»: أن أعرض بعض القرآن.(2/735)
وأما من حيث التفصيل، فمن لازم العمل على شاكلة الاعتراف بفضل المعلم عليه: ألا يلتفت إلى ما يهجس في خاطره أنه غير محتاج إليه، وهو بعد لم يصل إلى تلك الغاية، لأنه مهما أصغى إلى ذلك قصر في الاعتراف بفضله عليه من حيث الاحتياج إليه في الحال، وحينئذ فإما أن يحمله على ترك الاشتغال عليه، فينقطع عن الغاية التي اعتقد الوصول إليها، أو يبقى على اشتغاله، وهو غير مراع لهذا الأدب، وربما عوجل بنقيض ما سوّلت له نفسه حتى يظهر لك كذب دعواها، والسعيد من اتفق له ذلك فأيقظه. كما يحكى عن «الفراء» فيما ذكره «الزبيدي» أنه قال: «مدحني رجل من النحويين، فقال: ما اختلافك إلى الكسائي، وأنت مثله في العلم، قال: فأعجبتني نفسي، فناظرته وسألته، فكأني كنت طائرا يغرف من بحر» (1).
قلت: ومن العمل على مقتضى هذا الأدب ألا يظهر للشيخ عند الكلام بين يديه أنه مستقل بما يلقيه في المراجعة له، كأنه يغرف عليه بما يحاضر به، وهو لم يستفده إلا منه، وهذا من سوء الأدب 231ظ / / الموجب لمقت الشيخ، وكفه عن الإفادة بما بقي عنده. كنت يوما مع شيخنا العلامة أبي إسحاق ابن فتوح رحمه الله بمحل إقرائه من المدرسة اليوسفية بحضرة «غرناطة» حرسها الله وهو يلقي إلي كلاما في مسألة، وإذا ببعض من تقدم له اشتغال عليه قد أقبل يريد الجلوس إليه، فلما علم الشيخ ذلك قطع كلامه، وأخذ في معنى آخر، فطالبته بالعودة إلى ما كان بسبيله، فأشار إلي بما فهمت منه أنه يأمرني بالسكوت. فامتثلت ذلك. وأقبلت على سماع ما انتقل إليه، فلما قام ذلك الإنسان قلت له: يا سيدي، رأيتكم أشرتم علي بالسكوت عن الكلام الأول. فقال لي: ذلك الإنسان في عادته معي، أنه يذاكرني بما سمع مني، كأنه من عنده، فكرهت أن أصل الكلام فيما كنت أقرره، لئلا يعمل معي ما أعلم من عادته، أو معنى ما قال. وهو على ما سبق في خصوص هذا الأدب جحد لفضل المعلم، وتقدم بين يديه على فرض اعترافه بالاستفادة منه لما يلقيه بحضرته إذا
__________
(1) طبقات الزبيدي: 129.(2/736)
لم [يستدع] (1) ذلك منه.
الأدب [التاسع: [ترفقه] (2) به في جميع ما يحاول به استخراج ما عنده،
فقد قال «ابن جريج»: «لم أستخرج الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به». رواه عنه الشيخ أبو عمر (3).
هذا في مطلق ما ورد شاهدا على حمد التخلق بهذا الأدب، وأما باعتبار مواضع الرفق به، فقد ذكروا منها جملا.
منها: تلطفه في السؤال لما خرجه «أبو نعيم» عن «أبي موسى الأشعري» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أعطيت فواتح الكلام، وخواتمه، وجوامعه». قال: فقلنا: فعلمنا مما علمك الله، قال: «فعلمنا التشهد».
ومن [أظرف] (4) ما وقع من هذا 232و / / التلطف بعد ظهور عدم الإجابة إلى المقصود، ما حكاه «عياض» أن «هاشم بن جريج» لما حج، وهو حدث، أتى مالكا، وقد رحل الناس بورقتين من حديثه. فقال له: «اقرأ هذه الأحاديث فقد مضى الناس. فقال مالك: ينتظر أحدكم حتى إذا رحل الناس جاء. فقال:
اقرأ لي، فقد رحل الناس، فالتفت هاشم إلى مالك فقال: أصلحك الله إن تكن حاجة أو أمر تأمر به، انتهيت إلى طاعتك، أو وقفت عند أمرك، وفرحت بذلك في نادي قومي، وسدت به على عشيرتي استودعك الله فإن طاعتك فرض، وقولك حكم، استودعك الله، فلما ولى، قال مالك: مثل هذا طلب العلم، ردّوه، فبعث في طلبه فأتي به، فقرأ له، ثم انصرف (5) اهـ.
__________
(1) في «د»: يسترع.
(2) بياض في «ج».
(3) جامع العلم: 1/ 129.
(4) في «ج» و «د»: أطراف.
(5) المدارك 2/ 26.(2/737)
ومنها: «طرقه لبابه الطرق الخفيف، مع عدوله عن حيال الباب إلى الوقوف يمنته أو يساره، وكفه عن النظر في شق الباب.
ذكر ذلك كلّه الشيخ أبو نعيم، واستشهد على الأول بما رواه عن «المغيرة بن شعبة (1) قال:
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير».
وعلى الثاني بما خرجه عن عبد الله بن بسر المازني (2) يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستأذن [مشى الجدار] (3) مشيا، ولا يستقبل الباب استقبالا».
وعلى الثالث بما رواه عن سهل بن سعد (4)، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الأذن من [قبل] (5) البصر».
ومنها: إيناسه قبل أن يفجأه بالسؤال، ذكره أبو نعيم، واحتج عليه من الحديث بما يقتضي التأدب به مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وينظر إليه قولهم: «الإيناس قبل الإبساس».
ومن ظريف ما وقع في الاحتجاج به عند المفاتحة بالسؤال لكن باعتبار آخر في الإيناس 232ظ / / ما حكاه «الخطيب» في «تاريخه» (6): أن العتّابي (7) لما
__________
(1) الثقفي أبو عبد الله. ت: 50هـ 670م. الصحابي، كان داهية العرب، حتى قيل له: «مغيرة الرأي»، روى 136حديثا، انظر: الإصابة: ت 8175وطبقات ابن سعد: 6/ 20.
(2) ت: 88هـ 707م، أبو صفوان، صحابي، وآخر الصحابة موتا بالشام له خمسون حديثا. انظر الإصابة: ت 4555.
(3) في «ج» و «د»: مشى على الجدار.
(4) الخزرجي الأنصاري، ت: 91هـ 710م، صحابي من أهل المدينة، له 188حديثا، انظر الإصابة: ت 3526.
(5) ساقطة من «ج» و «د».
(6) تاريخ بغداد: 12/ 490489.
(7) هو كلثوم بن عمرو التغلبي أبو عمرو. ت: 220هـ 835م، يتصل نسبه بعمرو بن كلثوم، كاتب حسن الترسل، وشاعر مجيد يسلك طريقة النابغة. مدح هارون، واختص بمدح البرامكة، من تصانيفه: «فنون الحكم»، و «الألفاظ» و «الخيل» انظر تاريخ بغداد: 12/ 488، والشعر والشعراء: 2/ 863.(2/738)
قدم مدينة السلام على المأمون، أذن له فدخل عليه وعنده إسحاق الموصلي، وكان العتابي شيخا جليلا فسلم عليه فرد عليه، وأدناه، وقربه حتى قرب منه، فقبل يده، ثم أمره بالجلوس، فجلس وأقبل عليه يسائله عن حاله، وهو يجيبه بلسان طلق، فاستظرف المأمون ذلك منه، وأقبل عليه بالمداعبة والمزح. فظن الشيخ أنه استخف به. فقال يا أمير المؤمنين: «الإيناس قبل الإبساس» فاشتبه على المأمون قوله. فنظر إلى إسحاق مستفهما، فأومأ بعينه، وغمزه على معناه حتى فهمه. ثم قال: نعم، يا غلام، ألف دينار. فأتى بذلك فوضعه بين يدي العتابي، وأخذوا في الحديث، ثم غمز المأمون «إسحاق بن إبراهيم» عليه.
فجعل العتابي لا يأخذ عليه في شيء إلا عارضه فيه، فيبقى العتابي متعجبا. ثم قال: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في مساءلة هذا الشيخ عن اسمه؟ قال: نعم، سله، فقال لإسحاق: يا شيخ من أنت، وما اسمك؟ قال: أنا من الناس، واسمي «كل بصل»، فتبسم العتابي، ثم قال: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر، فقال له إسحاق: ما أقل إنصافك، أتنكر أن يكون اسمي: «كل بصل»، واسمك: «كلثوم»، وما كلثوم من الأسماء؟! أو ليس أطيب من الثوم؟ فقال له العتابي: لله درك! ما أحجك، أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني به؟ فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك، ونأمر له بمثله، فقال له إسحاق: أما إذ أقررت بهذه فتوهمني تجدني، فقال له: ما أظنك إلا «إسحاق الموصلي» الذي يتناهى إلينا خبره؟ قال. أنا حيث ظننت. فأقبل عليه بالتحية والسلام. فقال المأمون: وقد طال الحديث بينهما أما إذا اتفقتما على المودة 233و / / فانصرفا.
فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده» اهـ.
ومنها تربصه على باب منزله إذا هو قصده، ولم يتهيأ له الخروج إليه، إلى أن يخرج إليه، فلا يطرق عليه رفقا به، وتلطفا في توقيره. لما خرجه «أبو نعيم» عن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح علي من التراب فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ألا أرسلت إلي
فآتيك، فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك عن الحديث» اهـ.(2/739)
ومنها تربصه على باب منزله إذا هو قصده، ولم يتهيأ له الخروج إليه، إلى أن يخرج إليه، فلا يطرق عليه رفقا به، وتلطفا في توقيره. لما خرجه «أبو نعيم» عن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح علي من التراب فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ألا أرسلت إلي
فآتيك، فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك عن الحديث» اهـ.
وروى عنه الشيخ أبو عمر أنه قال رضي الله عنه: «وجدت عامة علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل بباب أحدهم، ولو شئت أذن لي، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه.
قال: وروى عن ابن أبي الزناد (1) عن أبيه قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يأتي عبيد الله بن عبد الله يسأله عن علم «ابن عباس». فربما أذن له، وربما حجبه» (2) اهـ.
وقال النووي جريا على نهج التنبيه على هذا الأدب لما ذكر عن ابن عباس وغيره رضي الله عنهم: «وإذا وجد الشيخ نائما، أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه، بل يصبر إلى استيقاظه، أو فراغه، أو ينصرف، والصبر أولى، كما كان ابن عباس رضي الله عنه وغيره يفعلون» (3) اهـ.
وعلى هذا المنهاج سلك فضلاء الطالبين مع من قصدوا الأخذ عنه تعظيما للعلم، وترفقا في حصول البغية منه.
ففي أخبار مالك رضي الله عنه ما حكاه عياض «أن هارون الرشيد لما حجّ أتى مالكا فاستأذن عليه، فحجبه ثم أذن له.
وفي رواية بعضهم: ثم خرج إليه، فلما دخل عليه قال: يا أبا عبد الله! ما حملك على أن أبطأت وقد علمت مكاني؟ 233ظ / / وفي رواية حبستنا ببابك؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن توضأت، وعلمت أنك لا تأتي إلا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببت أن أتأهب له. فقال له: قد علمت أن الله تعالى ما رفعك باطلا، وذكر تمام الحكاية.
__________
(1) هو عبد الرحمن بن أبي الزناد القرشي بالولاء، المدني، أبو محمد، ت: 174هـ 790م. من حفاظ الحديث، انظر التهذيب: 6/ 170، وتاريخ بغداد: 10/ 228.
(2) جامع العلم: 1/ 96.
(3) التبيان: 50.(2/740)
وذكر أيضا في حكاية من «رواية ابن نافع» (1) أن «مالكا» لما دخل على هارون الرشيد رفع مجلسه، وقال لابنيه: قوما فاجلسا بين يدي عمكما. فقاما فجلسا بين يدي مالك. فقال: حدّثهما، فتغير وجه مالك، ثم التفت إلى هارون. فقال: إن الله رفعك، وجعلك في موضعك الذي أنت فيه للعلم، فلا تكن أول من يضع عزّ العلم فيضع الله عزك. والتفت هارون إلى ابنيه، وقال لهما: قوما فإذا مضى عمكما، فأتيا منزله، فاسمعا منه، فلما انصرف مالك ركبا إليه، ونزلا، ودقا الباب. فلم يفتح لهما، فجلسا على الباب والريح تضرب وجوههما بتراب العقيق، ولما يئسا انصرفا» (2).
وحكي أيضا في أخبار الشافعي «أنه لما قصد أن يأتي مالكا ليأخذ عنه كتب له إلى مالك، وإلى والي المدينة، فلما قدمها، قال لواليها: تبعث إلى مالك يأتيك فتوصيه بي. فقال له الوالي: ليتني إذا ركبت إليه مع حشمي معك، حتى نأتي بابه، ونجلس عليه، حتى تضرب وجوهنا الريح بتراب العقيق، أذن لنا.
قال الشافعي رحمه الله: فلما صلينا العصر، ركب معي، وصرت إليه معه حتى أتينا العقيق، وكان منزله، فنزل بمن معه، وجلس على بابه، واستأذن، فخرجت إليهم جارية، فقالت: الشيخ يقول لك: إن كنت تريد المسائل فاكتبها في رقعة أجيبك عنها. فقال لها: قولي: إن الأمير قد كتب إلي في حاجة، فدخلت، وأبطأت، 234و / / ثم التفت إلي وقال: ألم أقل لك؟ قلت: بلى. ثم خرج مالك، فجلس، وقال: ما شاء الله. فناوله الأمير الكتاب، فلما بلغ موضع الشفاعة، رمى به من يده ثم قال: يا سبحان الله! وصار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بالوسائل؟! قال: فرأيت الوالي قد تهيب أن يكلمه، فتقدمت إليه وقلت:
__________
(1) هو عبد الله بن نافع المعروف بالصائغ كنيته أبو محمد: ت: 186هـ 802م. كان صاحب رأي مالك، ومفتي أهل المدينة برأي مالك، وكان أصم، أميا لا يكتب، وكل ما رواه عن مالك كان حفظا، ومنه سمع سحنون، وكبار أصحاب مالك، انظر: المدارك: 3/ 130128. والديباج:
1/ 410409.
(2) المدارك: 2/ 2119.(2/741)
أصلحك الله، إني رجل مطّلبي، ومن حالي وقصّتي، فلما سمع كلامي. نظر إلي ساعة، وكانت له فراسة فقال لي: ما اسمك؟ قلت: محمد، قال:
يا محمد، اتّق الله، واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال: نعم وكرامة. وذكر بقية القضية معه رضي الله عنهما وأرضاهما» (1).
وأنواع الرفق بالمعلم لاستخراج ما لديه كثيرة لا تخفى على متأملها، وفيما ذكرناه منها كفاية، لكن نختم ذلك بحكاية ذكرها الشيخ أبو عمر هي راجعة إلى معنى تربص الحريص على العلم واقفا على أبواب العلماء حتى يفوز، لما تعظم به الفائدة، وترجى به النجاة في الآخرة. وهي ما رواه عن «غالب القطان» قال: «أتيت الكوفة في تجارة، فنزلت قريبا من الأعمش، فكنت أختلف إليه، فلما كان ليلة أردت الانحدار إلى البصرة، قام فتهجد من الليل، فقرأ بهذه الآية: {شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَالْمَلََائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قََائِماً بِالْقِسْطِ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللََّهِ الْإِسْلََامُ} (2). قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، وأن الدين عند الله الإسلام، قالها مرارا فغدوت إليه، فودعته ثم قلت: إني سمعتك تقرأ هذه الآية، ترددها فما بلغك فيها؟ أنا عندك منذ سنة لم تحدثني به. قال: والله 234ظ / / لأحدثنك به سنة. قال: فأقمت، وكتبت على بابه تاريخ ذلك اليوم، فلما مضت السنة. قلت: يا أبا محمد قد مضت السنة.
قال: حدثني أبو وائل (3) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى: عبدي عهد إلي، وأنا أحق من وفى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنة» (4).
الأدب العاشر: استئذانه في الكتب عنه إذا أراد أن يقيد ما سمع منه.
__________
(1) م. س: 3/ 177176.
(2) سورة آل عمران: الآيتان: 18و 19.
(3) أبو وائل النهشلي. انظر البيان والتبيين: 2/ 349و 3/ 196فقد ذكر بعضا من أخباره.
(4) جامع العلم: 1/ 99.(2/742)
قال الحافظ أبو نعيم: «ليتأهب لتأدية اللفظ، وليحتفظ إذا علم أنه يدون عنه قوله. قال: لما حدثنا به علي بن هارون، وذكر سنده عن عبد الله بن عمر. وقال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك أحاديث، أفتأذن لي أن أكتبها؟
قال: نعم، فكان أول كتاب كتبته بيدي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة» اهـ.
وهذا مبني على الرخصة في كتابة العلم على الجملة، وقد كان وقع فيه في الصدر الأول خلاف، لأحاديث وردت في النهي عن ذلك، فأخذ بمقتضاه جماعة منهم، فيروى عن الشعبي أنه قال: «ما كتبت سوادا في بياض قط، ولا استعدت حديثا من إنسان مرتين.
وعنه قال: ما كتبت سوداء في بيضاء قط، وما سمعت من رجل حديثا فأردت أن يعيده علي. زاد بعضهم: ولقد نسيت من الحديث ما لو حفظه إنسان كان به عالما» (1).
وعن الأوزاعي قال: «كان هذا العلم شريفا، إذا كان من أفواه الرجال يتلاقونه، ويتذاكرونه، فلما صار في الكتب. ذهب نوره وصار إلى غير أهله».
قال الشيخ أبو عمر: «وإنما كرهوه لوجهين:
أحدهما: ألا يتخذ مع القرآن كتاب يضاهى به، ولئلا يتكل الكاتب 235وعلى ما يكتب فلا يحفظ، فيقل الحفظ كما قال الخليل:
ليس بعلم ما حوى القمطر ... ما العلم إلا ما حواه الصدر
وقال أبو العتاهية:
من منح العلم وعى ... من ضيع الحفظ وهم» (2)
«وقال أبو معشر (3):
__________
(1) م. س: 1/ 67.
(2) م. س: 1/ 68.
(3) هو نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني مولى بني هاشم. ت: 170هـ 787م فقيه، من المحدثين، كما كان أعلم الناس بالمغازي. له كتاب: «المغازي» انظر تاريخ بغداد: 13/ 427 والبيان والتبيين: 1/ 406، و 2/ 95.(2/743)
يا أيّها المضمّن الصحائفا ... ما قد روي يضارع المصاحفا
احفظ وإلا كنت ريحا عاصفا
قال: وقال أعرابي: حرف في تامورك، خير من عشرة في كتبك. قال:
والتامور: علقة في القلب» (1).
قلت: ذكر الماوردي «أن العرب أيضا تقول: حرف في قلبك خير من ألف في كتبك. وقالوا: لا خير في علم لا يعبر معك الوادي، ولا يعمر بك النادي» (2).
قال الشيخ أبو عمر عن الأصمعي قال: «سمع يونس بن حبيب رجلا ينشد:
استودع العلم قرطاسا فضيعه ... وبئس مستودع العلم القراطيس
فقال يونس: قاتله الله! ما أشد صيانته للعلم، وصيانته للحفظ، إن علمك من روحك، وإن مالك من يديك، فصن علمك صيانتك روحك. وصن مالك صيانتك بدنك.
قال: ومما ينسب إلى منصور الفقيه:
علمي معي حيثما يممت أحمله ... بطني وعاء له لا بطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ... أو كنت في السوق كان العلم في السوق» (3)
قلت: «نسبهما الماوردي للشافعي» (4).
قال أبو عمر: «وذهبوا في ذلك مذهب 235ظ / / العرب، لكونهم قد طبعوا على الحفظ، وخصوا به، قال: والذين كرهوا الكتاب (كابن عباس، والشعبي، وابن شهاب، والنخعي، وقتادة، ومن ذهب مذهبهم، وجبل
__________
(1) انظر جامع العلم: 1/ 6968.
(2) أدب الدنيا: 34.
(3) جامع العلم: 1/ 69.
(4) أدب الدنيا: 34. وديوان الشافعي: 82.(2/744)
جبلتهم) (1)، كانوا قد طبعوا على الحفظ، فكان أحدهم يجتزىء بالسّمعة. هذا ابن شهاب يقول: إني لأمر بالبقيع فأسد أذني مخافة أن يدخل فيها شيء من الخنى، فو الله ما دخل أذني شيء قط فنسيته.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه حفظ قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
[أمن آل نعم أنت غاد فمبكر]
في سمعة واحدة.
قال: وليس أحد اليوم على هذا، ولولا الكتاب لضاع كثير من العلم، وقد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب العلم، ورخص فيه جماعة من العلماء وحمدوه» (2) اهـ.
قلت: ذكر عياض أن «ذلك اليوم مجمع عليه من جميع مشايخ العلم، وأئمته، وناقليه، فمن المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيدوا العلم بالكتاب».
وروى عنه أنه كان يقول ذلك لبنيه» (3).
وعن إسحاق بن منصور قال: «قلت لأحمد بن حنبل: من كره كتاب العلم؟ قال: كرهه قوم، ورخص فيه آخرون. قلت له: لو لم يكتب العلم لذهب. قال: نعم، ولولا كتابة العلم أي شيء كنا نكون نحن.
وعن الخليل قال: اجعل ما تكتب بيت مال، وما في صدرك للنفقة» (4).
وقال أيضا: «فيما حكاه المبرد: ما سمعت شيئا إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته إلا نفعني» (5).
__________
(1) زيادة من جامع العلم: 1/ 69.
(2) م. س: 1/ 7069.
(3) الإلماع: 147.
(4) جامع العلم: 1/ 75.
(5) م. س: 1/ 77.(2/745)
قال الماوردي: «وقال بعض البلغاء: إن لهذه الآداب نوافر تنفر (1) عن عقل الأذهان، فاجعلوا الكتب عنها حماة، والأقلام لها رعاة» (2).
فوائد مكملة:
الفائدة الأولى:
إذا كتب عن الشيخ بعد تقدم 236و / / الاستئذان له فقال الحافظ أبو نعيم:
«ينبغي له أن يعرض عليه ما كتب ليصححه له. قال: فإن سليمان بن أحمد حدثنا، وذكر سنده عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة، وعرق عرقا مثل الجمان، فأكتب وهو يملي علي، فإذا فرغت قال: «اقرأه»، فقرأته، فإن كان فيه سقط أقامه ثم أخرج به إلى الناس».
قلت: وهذا إذا كتب ما سمع منه في التعليم، وهو بعد غير مستقل باختيار ما يكتب لنفسه، وأما إذا استقل بذلك، وكتب ما سمع عن الشيخ على الوجه الذي يتحمل عهدة الحكاية له، فهذا لا يطالب بالعرض على الشيخ إلا من باب الاستظهار بشهادة مثله لتجويز ما كتب.
وقد استحسنوا ذلك إذا أمكن، ولو من دون الشيخ، نص عليه شمس الدين البلالي (3) رحمه الله في «مختصر الإحياء» (4) فقال: «وحرر ما ألفه على الكمل ليتم».
قلت: وحق لو كان من طبقة من أخذ عنه، فقد حدثني شيخنا العلامة أبو
__________
(1) في أدب الدنيا: ص 35: تند.
(2) م. س: 35.
(3) هو محمد بن علي بن جعفر البلالي العجلوني أبو عبد الله ثم القاهري الشافعي (شمس الدين)، ت نحو: 820هـ 1417م، محدث، فقيه، متصوف. من تصانيفه: «مختصر الإحياء»، و «مختصر الروضة» في الفقه، و «السؤال في شيء من أحاديث الرسول» لم يكمله، وغيرها.
انظر الضوء اللامع: 8/ 179178. والشذرات: 7/ 147.
(4) ذكره صاحب الزركلي: 6/ 287. وقال عنه: إنه مخطوط في التيمورية.(2/746)
إسحاق إبراهيم بن فتوح رحمه الله أن الشيخ الإمام أبا إسحاق الشاطبي، كان يطالع تلميذه الأستاذ المحقق أبا جعفر القصار (1) ببعض المسائل حين تصنيفه «للموافقات»، ويباحثه فيها، وبعد ذلك يضعها في الكتاب، وهذا شأن الفضلاء وذوي الاتصاف بالإنصاف وفضيلة سلامة الصدر.
وقد نص «ابن الصلاح» على مثل هذا في آداب المفتي فقال: «يستحب له أن يقرأ ما في الرقعة على من بحضرته ممن هو أهل لذلك، ويشاورهم في الجواب، ويباحثهم فيه، وإن كانوا دونه وتلامذته، لما في ذلك من البركة، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف 236ظ / / الصالح رضي الله عنهم قال:
إلا أن يكون في الرقعة ما لا يحسن إبداؤه، وما لعل السائل يؤثر ستره، أو ما في إشاعته مفسدة لبعض الناس فينفرد هو بقراءتها وجوابها».
الفائدة الثانية:
إذا كتب طالب العلم عن الشيخ أو غيره، فليتوق الخط الدقيق، لما أرشد إليه العلماء على ما لا يخفى وجهه.
قال ابن الصلاح رحمه الله: «يكره الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه، روينا عن حنبل بن إسحاق (2) قال: رآني أحمد بن حنبل، وأنا أكتب خطا دقيقا، فقال: لا تفعل، أحوج ما تكون إليه يخونك. وبلغنا عن بعض المشايخ أنه كان إذا رأى خطا دقيقا قال: هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله» (3) اهـ.
قال: «والعذر في ذلك هو مثل ألا يجد في الورق سعة. أو يكون [رحالا] (4) يحتاج إلى تدقيق الخط ليخف عليه محمل كتابه» (5).
__________
(1) هو أحمد القصار الأندلسي ذكره صاحب النيل، ص: 76، وقال عنه: «لم أقف له على ترجمة».
(2) الشيباني، أبو علي، ت: 273هـ 886م من حفاظ الحديث، كان ثقة. له كتاب «التاريخ»، وكتاب «محنة الإمام أحمد بن حنبل» وغيرهما. انظر: التذكرة 2/ 600.
(3) مقدمة ابن الصلاح: 304.
(4) في «د»: رجلا.
(5) مقدمة ابن الصلاح: 304.(2/747)
قلت: كان شيخنا الأستاذ المحققق أبو إسحاق ابن فتوح رحمه الله مؤثرا للخط الدقيق، حرصا على جمع ما يكتب في أقل ما يمكنه، حتى لقد تهيأ له من ذلك ما لم يعهد مثله، وكان يعتل لذلك بأنه كان يقصد الرحلة إلى البلاد المشرقية، فجمع ما أراد ليخف محمله، كما أشار إليه ابن الصلاح.
والذي تكررت به وصايا الشيوخ إيثار غير الدقيق من الخط، وقد حكى القاضي أبو الحسن بن الحسن النباهي (1) عن القاضي أبي عبد الله محمد بن يحيى بن بكر الأشعري (2) أنه كان يقول: «أوصيكم بعد تقوى الله العظيم، يا معشر الطلبة، بالمحافظة على ثلاث:
ألا تكتبوا خطا دقيقا، فإنه يضر بأبصاركم، ويقل انتفاع الغير به بعدكم، وإذا خطّطتم أحدا، فلاحظوا في تخطيطه أن يكون كشخص المخطط غير خلي من المعنى الذي يقتضيه 237و / / كل لفظ يقع في اسمه، توخيا منكم للصدق، وتحريا [عن] (3) الكذب المحض ولا تكثروا من التهمم بكتب الشيوخ لكم على ما قرأتكم، وليكن تهممكم، وحرصكم على أن تكونوا من الديانة، والدراية، والصلاح، والخير، بمثابة من يقبل قوله فيما يدعيه من ذلك، ولا يتهم فيه» (4).
الفائدة الثالثة:
إذا كتب مقيد العلم، فعليه كما قال الماوردي أن يعتني بأمرين.
__________
(1) علي بن عبد الله ابن الحسن النباهي المالقي: ت نحو 792هـ 1390م، تولى خطة القضاء بغرناطة، والسفارة بين غرناطة وفاس، وكان صديق ابن الخطيب، ثم انقلب عدوا له، له كتب منها: «المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا». و «نزهة البصائر والأبصار». تناول فيه تاريخ بني نصر، انظر: أزهار الرياض: 2/ 5. والإحاطة: 2/ 10088.
(2) المالكي ت: 741هـ 1340م. ولي القضاء والخطابة بغرناطة، وزار مصر والشام، وقتل في الوقعة الكبرى بطريف. له كتاب التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان بن عفان: انظر الدرر الكامنة: 4/ 284، وقضاة الأندلس: 147141.
(3) في «أ»: على.
(4) قضاة الأندلس للنباهي: 146.(2/748)
«أحدهما: تقويم الحروف على أشكالها الموضوعة لها.
والثاني: ضبط ما اشتبه منها بالنقط والأشكال المميزة لها.
قال: ثم ما زاد على هذين من تحسين الخط، وملاحة نظمه، فإنما هو زيادة حذق بصناعته، وليس بشرط في صحته.
قال: وقال علي بن عبيدة (1): حسن الخط لسان اليد، وبهجة الضمير.
وقال المبرد: رداءة الخط زمانة الأدب.
وقال عبد الحميد (2): «البيان في اللسان والبنان». قال: وأنشدني بعض أهل الأدب:
اعذر أخاك على (رداءة) (3) خطه ... واغفر نذالته لجودة ضبطه
واعلم بأن الخط ليس يراد من ... تركيبه إلا تبين سمطه
قال:
فإذا أبان عن المعاني لم يكن ... تحسينه إلا زيادة شرطه
ومحل ما زاد على الخط المفهوم من تصحيح الحروف، وحسن الصورة، محل ما زاد على الكلام المفهوم من فصاحة الألفاظ، وصحة الإعراب. ولذلك قالت العرب: حسن الخط إحدى الفصاحتين.
قال: وكما أنه لا يعذر من أراد التقدم في الكلام، أن يطرح الفصاحة والإعراب، وإن فهم وأفهم، وكذلك لا يعذر من أراد التقدم في الخط أن يطرح
__________
(1) علي بن عبيدة الريحاني ت: 219هـ 834م. أحد البلغاء الفصحاء صنف كتبا سلك بها نهج الحكمة، واتهم بالزندقة، من كتبه: «المعاني»، و «الخصال» و «الإخوان» و «الأنواع» و «أخلاق هارون» و «صفة العلماء»، و «جواهر الكلم» و «فرائد الحكم». انظر تاريخ بغداد: 12/ 18، والفهرست: 1/ 174173.
(2) عبد الحميد بن يحيى العامري بالولاء، المعروف بالكاتب، ت: 132هـ 750م من أئمة الكتاب يضرب به المثل في البلاغة، وعنه أخذ المتوسلون، وله رسائل تقع في نحو ألف ورقة، طبع بعضها. انظر الوفيات: 3/ 232228.
(3) والتصويب من أدب الدنيا: ص: 36.(2/749)
تصحيح الحروف وتحسين الصور، وإن فهم وأفهم، وربما تقدم بالخط من كان الخط أجل فضائله، وأشرف خصائله، 237ظ / / حتى صار علما مشهورا، وسيدا مذكورا. غير أن العلماء أطرحوا صرف الهمة إلى تحسين الخط لأنه يشغلهم عن العلم، ويقطعهم عن التوفر عليه، وكذلك تجد خطوط العلماء في الأغلب رديئة، لا يخط منهم إلا من أسعده القضاء.
وقد قال الفضل بن سهل: من سعادة المرء أن يكون رديء الخط، ليكون الزمان الذي يفنيه بالكتابة يشغله بالحفظ والنظر.
قال: وليست رداءة الخط هي السعادة، وإنما السعادة ألا يكون له صارف عن العلم، وعادة ذي الخط الجميل أن يتشاغل بتحسين خطه عن العلم، فمن هذا الوجه صار برداءة خطه سعيدا، وإن لم تكن رداءة الخط سعادة» (1).
قلت: ينظر إلى هذا المعنى ما ورد في الحديث: «من سعادة المرء خفة لحيته»، فحمل على أن اللحية من الزينة التي ربما تحمل على الإعجاب، فتكون خفتها خفة في الزينة، وخفة الزينة سبب السعادة. وهذا في حق من عرض له ذلك. لا أن كمال اللحية شقاء على الإطلاق، كما أنه ليس خفتها سعادة على الإطلاق.
وقول صاحب البيتين:
«اعذر أخاك على [رداءة] (2) خطه»
ربما لا يوفي بذلك، وإن كان خلاف الأولى، وحينئذ فقد يروم الرديء الخط ما يعتذر به، ولا يجد إليه سبيلا.
ومن نادر ما وقع من ذلك ما حكاه ابن الجوزي في «باب من احتال فانعكس عليه مقصوده من فطن الأذكياء»: «أنه كان رجل فقيه خطه في غاية الرداءة، وكان الفقهاء يعيبونه بخطه ويقولون: لا يمكن أن يكون خط أردأ من
__________
(1) أدب الدنيا: 3736.
(2) في الأصول: نذالة.(2/750)
خطك، فضجر من تعييبهم إياه، فقصد السوق، فألفى كتابا رديء الخط فبالغ في ثمنه، فاشتراه بدينار وقيراط، وجاء به ليحتج عليهم إذا قذفوه (1)، فلما حضر معهم، أخذوا يذكرون قبح خطه، فقال لهم، قد 238و / / وجدت أقبح من خطي، وبالغت في ثمنه حتى أتخلص من عيبكم، فأخرجه فتصفحوه، وإذا في آخره اسمه، وأنه كتبه في شبابه، فخجل من ذلك» (2) اهـ.
تنبيه:
جميع ما تقدم من هذه الآداب التي يتخلق بها المتعلم مع معلمه، مع ما لم يذكر منها مما هو في معناها حاصله: يرجع إلى تعظيم المعلم، وإجلال قدره، الذي استحق به مزية الكرامة، وحظوة المبرة الواجبة له، وذلك كله إنما يحمد ما لم يؤد إلى الغلو في التعظيم، [والإفراط] (3) في اعتقاد وجوب التسليم له في كل ما يراه ويذهب إليه. قال الماوردي: «ولا ينبغي أن يبعثه معرفة الحق له على قبول الشبهة منه، ولا يدعوه ترك الإعنات له على التقليد فيما أخذ عنه، فإنه ربما غلا بعض الأتباع في عالمهم، حتى يروا أن قوله دليل وإن لم يستدل، وأن اعتقاده حجة، وإن لم يحتج، فيفضي بهم الأمر إلى التسليم له فيما أخذوا عنه، فيؤول به ذلك إلى التقصير فيما يصدر منه لأنه لا يجتهد بحسب اجتهاد من يأخذ عنه، فلا يبعد أن تبطل تلك المقالة إن انفردت، أو يخرج أهلها من عداد العلماء، فيما شاركت، لأنه قد لا يرى لهم من يأخذ عنهم، ما كانوا يرونه لمن أخذوا عنه، فيطالبهم بما قصروا فيه، فيضعفون عن إبانته، ويعجزون عن نصرته، فيذهبون ضائعين، ويصيرون عجزة مضعوفين.
قال: ولقد رأيت من هذه الطبقة، رجلا يناظر في مجلس حفيل، وقد استدل عليه الخصم بدلالة صحيحة، فكان جوابه عنها أن قال: هذه دلالة فاسدة، ووجه فسادها أن شيخي لم يذكرها، وما لم يذكره الشيخ، فلا خير فيه، فأمسك عنه المستدل تعجبا.
__________
(1) في أخبار الأذكياء: ص 119: قرأوه.
(2) م. س: 119.
(3) في «أ»: الإفراد.(2/751)
قال: وحضرت طائفة يرون فيه مثل رأي هذا الجاهل، ثم أقبل المستدل علي، وقال لي: والله لقد أفحمني بجهله، وصار سائر الناس المبرئين من هذه الجهالة 238ظ / / من بين مستهزىء، أو متعجب، أو مستعيذ بالله من جهل مغرب.
قال: وإذا كان المتعلم معتدل الرأي فيمن يأخذ عنه، متوسط الاعتقاد فيمن يتعلم منه حتى لا يحمله الإعنات على اعتراض المبكتين، ولا يبعثه الغلو على تسليم المقلدين، برىء المتعلم من المذمتين، وسلم العالم من الهجنتين» (1) اهـ.
قلت: وأكثر ما يعرض هذا التقليد الناشىء عن الغلو في تعظيم الشيوخ لهؤلاء الآخذين في زمان الصغر الذين نشأوا على اعتقاد وجوب التسليم لهم، ولم تنهض بهم أدوات التحصيل إلى تحقيق ما اعتقدوا صحته، فإذا سبق لهم ما ينكره عليهم ذوو البصيرة بحقائق العلوم، أعرضوا عن ملامهم، وقلبوا عليهم النكير، وصمموا على اتباع معظمي شيوخهم، ولقد اتفق هذا في غير ما علم، وخصوصا في العلوم الإسلامية، وإليه يشير الأستاذ «أبو إسحاق الشاطبي» رحمه الله بقوله:
«ولقد زل بسبب الإعراض عن أصل الدليل، والاعتماد على الرجال، أقوام خرجوا بسبب ذلك عن الجادة. واتبعوا أهواءهم بغير علم، فضلوا عن سواء السبيل»، وذكر لذلك أمثلة من جملتها: «رأي من أعرض عن النظر في العلم الذي أرادوا الكلام فيه، والعمل بحسبه، ثم رجعوا إلى تقليد بعض الشيوخ، أخذوا عنهم في زمان الصبا الذي هو مظنة لعدم التثبت من الأخذ أو التغافل من المأخوذ عنه. قال: ثم جعلوا أولئك الشيوخ في أعلى درجات الكمال، ونسبوا إليهم ما أنسوا به من الخطإ أو ما فهموا عنهم على غير الصواب.
__________
(1) أدب الدنيا: 4342.(2/752)
قال: كمسألة «الباء» الواقعة في هذه الأزمنة، فإن طائفة ممن تظاهر بالانتصاب للإقراء، زعم أنها «الباء الرخوة» التي القراء وهم أهل صناعة الأداء والنحويون أيضا وهم الناقلون حقيقة النطق بها عن 239و / / العرب على أنها لم تأت إلا في لغة مرذولة لا يؤخذ بها، ولا يقرأ بها القرآن، ولا نقلت عن أحد من العلماء بذلك الشأن، وإنما «الباء» التي يقرأ بها، وهي الموجودة في كل لغة فصيحة: «الباء الشديدة».
قال: فأبى هؤلاء من القراءة والإقراء بها، على أن الذين قرأوا به على الشيوخ الذين لقوهم هي تلك لا هذه. محتجين بأنهم كانوا علماء وفضلاء. فلو كانت خطأ لردوها علينا، وأسقطوا النظر والبحث عن أقوال المتقدمين فيها رأسا، تحسين ظن بالرجال، وتهمة للعلم.
قال: فصارت بدعة جارية، أعني القراءة «بالباء الرخوة»، مصرحا بأنها الحق الصريح فنعوذ بالله من المخالفة.
قال: ولقد لح بعضهم حينا، ووجهوا بالنصيحة، فلم يرجعوا» اهـ.
وفي نقل هذا المثال كفاية لتعلق النظر في أصله بهذه الصناعة.
القسم الثاني: من الآداب التي يتخلق بها المتعلم في نفسه، ويتصف بها حالة الاشتغال بتعلمه،
وهي أيضا آداب متعددة بعضها يخص تعلم هذه الصناعة، ومعظمها يعمها وغيرها من الصنائع والعلوم ويكفي من جميع ذلك ما يذكر إن شاء الله.
الأدب الأول:
أن يقلل علائقه من أشغال الدنيا
قال الغزالي: «أن يقلل علائقه من [أشغال] (1) الدنيا (2)، ويبعد عن
__________
(1) في «أ»: اشتغال.
(2) في ميزان العمل: ص 96: من الأشغال الدنيوية.(2/753)
الأهل، والولد، والوطن، فإن العلائق شاغلة، وصارفة، {مََا جَعَلَ اللََّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (1)، وكلما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق، ولذلك قيل: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، فإذا أعطيته كلك، فأنت من إعطائه إياك بعضه على خطر.
قال: والفكرة المتوزعة (2) على أمور متفرقة كانت كجدول تفرق ماؤه، فنشفت الأرض بعضه، واختطف الهواء بعضه، فلا يبقى منه ما يجتمع، ويبلغ المزرعة» (3) اهـ.
قلت: البعد عن الأهل، والوطن، يصعب طلبه 239ظ / / على الإطلاق، وربما أدى إلى شغل أعظم ما يدخل عليه وهو مقيم بموضعه هذا إن كان تهيأ له، وأما إن تعذر عليه، فالأمر أوضح. لكن على الجملة قد يكون ذلك البعد يراد به الرحلة المبتغى بها تحصيل العلم أو مزيده، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
نعم، أهم ما على المتعلم في مراعاة هذا الأدب أن يجتهد في تقليل علائقه أو قطعها على الجملة إذا أتى مجلس التعليم إذ لا أقل من ذلك، وإلا تشوش فكره، وتقسم خاطره، فلا يحصل ما يعتذر به كما أنشده الزمخشري «للشيخ عبد القاهر» (4) في فتى كان يحضر عنده ببدنه، وقلبه في محرث له، فقال عبد القاهر:
ما شئت من زهزهة والفتى ... بمصقلا باد يسقّي الزّروع» (5)
__________
(1) سورة الأحزاب، الآية: 4.
(2) في ميزان العمل: ص 97: مهما توزعت على
(3) م. س: 9796.
(4) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني أبو بكر. ت: 471هـ 1078م، واضع أصول البلاغة كان من أئمة اللغة من أهل جرجان، له شعر رقيق، من كتبه «أسرار البلاغة»، «ودلائل الإعجاز»، و «الجمل» في النحو، «وإعجاز القرآن» انظر طبقات الشافعية: 3/ 242، والنزهة: 363 364، والإنباه: 2/ 188.
(5) زه، زه: كلمة استحسان وقد تستعمل في التهكم، وزهزهة: مصدر صناعي كما في البسملة والفذلكة.(2/754)
قال الشيخ أبو العباس ابن زاغو: ««الزهزهة» من قولهم «زه، زه» بمعنى:
حسن، حسن وهي كلمة أعجمية. «ومصقلا باد»: اسم موضع.
قال: والمعنى أنك تجد وقت قراءة الفتى على أستاذه ما شئت من قوله:
حسن، حسن، ولكن قلبه حينئذ غائب، متعلق بزروعه يسقيها، ويفكر في مصالحها «بمصقلا باد»، والله أعلم.
فائدتان:
الفائدة الأولى:
إذا قلل طالب العلم من علائق الدنيا، وقطع منها ما من شأنه أن يشغل عن الإقبال بالكلية على الطلب، فربما تكون هذه الحالة مستلزمة لتعذر مادة المعاش عليه وحينئذ فهل يعذر في عدم المبالغة في قطع العلائق إلى هذا الحد. وإذ ذاك فلا عليه من التقصير في الطلب لاشتغاله بما يعود عليه بإقامة معاشه.
فالذي قرر الماوردي: وهو ظاهر بنفسه أنه «في ذلك أعذر من غيره» إلا أنه قال: «قلما يكون ذلك إلا عند ذي شره (حريص) (1)، وشهوة 240و / / مستعبدة.
قال: فينبغي أن يصرف إلى العلم حظا من زمانه، فليس كل الزمان، زمان اكتساب، ولا بد للمكتسب من أوقات استراحة وأيام عطلة.
قال: ومن صرف كل نفسه إلى الكسب، حتى لم يترك لها فراغا إلى غيره، هو من عبيد الدنيا، وأسرى الحرص» (2) اهـ.
قلت: وينبغي له أن يستعين في صرف نفسه إلى الطلب بملاحظة ما في الحديث: «طالب العلم تكفل الله برزقه».
قال ابن الحاج: «ومعناه أن الله تعالى ييسره له من غير تعب ولا مشقة،
__________
(1) في أدب الدنيا: ص 22: وعيب.
(2) في م. س: 22.(2/755)
وإن كان الله تعالى قد تكفل برزق الخلائق أجمعين، لكن حكمة تخصيص طالب العلم بالذكر: أن ذلك يتيسر عليه بلا تعب، ولا مشقة، فجعل نصيبه من التعب والمشقة في الدرس والمطالعة، والتفهم للمسائل وإلقائها وذلك من الله تعالى على سبيل اللطف والإحسان إليه». انتهى المراد الآن منه، وفيه شفاء في تقوية نفس الطالب باستشعار معنى الحديث.
وعلى ذلك حضّ الحافظ أبو نعيم وجعله من جملة آداب المتعلم فقال:
«وإن اشتغل عن الكسب والاحتراف بطلب العلم، فلا يهمه ذلك، فإن الله سيعوضه من حيث لا يحتسب».
وخرّج قوله صلى الله عليه وسلم: «من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة، وبورك له في معاشه، ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركا» (1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من طلب العلم تكفل الله برزقه».
فإن قلت: المراد بالعلم هاهنا عند الشيخ تاج الدين: «العلم النافع، القاهر للهوى» (2). الذي يستعان به على طاعة الله، ويلزم المخافة منه، والوقوف عند حدوده، قال: «وهو علم المعرفة بالله».
وإذا كان الأمر على ما قال، فعلم العربية هل له مدخل في هذا العلم أو لا؟.
قلت: نعم على ما تقرر في فضله، ومرتبته من علوم الشريعة. 240ظ / /.
وقد قال بعد ذلك أعني الشيخ تاج الدين: «ويشمل العلم النافع، العلم بالله» (3)، والعلم بما أمر الله به إذا كان تعلمه لله، ولا خفاء على ما تقرر، أن علوم العربية معينة على تلك العلوم النافعة لنفسها، فهي منها على الجملة وهذا ظاهر.
__________
(1) وانظر أيضا جامع العلم: 1/ 45.
(2) لطائف المنن: 11، والحكم العطائية: 94.
(3) انظر لطائف المنن: 14والحكم العطائية: 94.(2/756)
الفائدة الثانية:
إذا انقطع إلى طلب العلم [بمبالغته] (1) في قطع العوائق عنه، وكان مع ذلك عاجزا عن التوكل، فدخوله في الأسباب لا ينافي تجريده لطلب العلم، بل هي معينة عليه.
قال ابن الحاج: «وهو أولى به، بل أوجب من أن يأخذ أوساخ الناس، يستعين بها على طلب العلم الشريف.
قال: ويكفيه مع ذلك القليل من العلم. وقد يبارك له فيه، فيصير كثيرا.
قال: وعلى هذا كان حال السلف رضوان الله عليهم في كونهم لم يكن لهم «معلوم» على سبب من أسباب الآخرة، وإنما حدثت «الأرزاق» على أعمال الآخرة بعد ذلك، ومنه دخل الفساد على كثير ممن يتعاطى أسباب الآخرة» (2).
«فعن ذي النون المصري (3): كان الرجل من أهل العلم، يزداد بعلمه بغضا في الدنيا وتركا لها، فاليوم يزداد الرجل بعلمه للدنيا حبا، ولها طلبا، كان الرجل ينفق ماله على علمه، ويكسب اليوم بعلمه مالا، وكان يرى على طالب العلم زيادة إصلاح في باطنه وظاهره. فاليوم ترى على كثير من أهل العلم فسادا في الظاهر والباطن.
قال: فإن قيل: لا يمكن لطالب العلم التسبب في الصنائع، لأنه قد يخرج به عن سمته، ووقاره، وزيه.
__________
(1) في «ج» و «د»: بياض.
(2) المدخل 2/ 127126.
(3) هو ثوبان بن إبراهيم الأخميمي المصري أبو الفياض، أو أبو الفيض. ت: 245هـ 859م، أحد العباد الزهاد المشهورين من مصر، فهو أول من تكلم في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية.
فاتهم بالزندقة على عهد المتوكل الذي استحضره وسمع كلامه، ثم أطلقه، انظر: الوفيات: 1/ 317315. وتاريخ بغداد: 8/ 397393.(2/757)
فالجواب: أن هذا من البدع، لأن السلف لم يكن عندهم فرق في الزي ولا الملبس لفقيه ولا غيره.
قال: فإن قيل: كان ذلك في زمان [لائق بهم] (1)، وهذا زمان لا يليق به ما ذكرتم.
فالجواب: إن الزمانين بالنسبة إلى الشريعة سواء، لأن، الكل عمهم الخطاب، وتناولتهم الأحكام» (2) 241و / / وقد رأيت وباشرت بعض طلبة العلم بالمغرب يأخذون المسحاة، ويأتون إلى مواقف البنائين، فإن حصل لهم سبب مشوا فيه يومهم ذلك، وإلا رجعوا إلى الدرس والاشتغال» (3) انتهى ملخصا.
الأدب الثاني: «أن يكون مجتهدا في التحصيل،
شديد الحرص على نيل ما يؤمل من العلم مواظبا على الطلب ليله ونهاره إلا ما تدعو الضرورة إليه من نوم، أو أكل، أو تجميم نفس، أو غير ذلك مما لا بد منه. وذلك كله كما قال النووي من آدابه المتأكدة (4).
وأضاف إليه الحافظ أبو نعيم، ولا بد من ذلك أن يستعين بالله تعالى، واستدل عليه بما رواه وهو في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز».
وهنا مسألتان:
المسألة الأولى: في بيان ما يحمل على الاجتهاد في التعلم،
والحرص على التحصيل
__________
(1) في «ج» و «د»: لا يوهم.
(2) المدخل: 2/ 127126.
(3) م. س: 2/ 128.
(4) التبيان: 50.(2/758)
وأصل ذلك في الجملة: الرغبة والرهبة، إذ لا بد لكل مطلب من باعث عليه، وذلك الباعث واحد منهما أو كلاهما.
وكذا قال الماوردي: «فليكن طالب العلم راغبا، راهبا، قال: أما الرغبة، ففي ثواب الله جل وعز لطالبي مرضاته، وحافظي مفروضاته، وأما الرهبة فمن عقاب الله عز وجل لتاركي أوامره، ومهملي زواجره» (1).
قلت: وقد تقدم من فضيلة هذه الصناعة، ومنزلة رتبتها في نظر الشارع، ما يرغب في تعلمها، ويحذر على الجملة من مفسدة الجهل بها، وعند ذلك فليكن طالبها راغبا وراهبا لينهض في اجتهاده، ويشمر عن ساعد الجد في حرصه، وليستعن هو وغيره من طلاب العلوم على تقوية هذين الباعثين، على الاجتهاد والحرص بملاحظة أمور:
أحدها: حذره من التقصير والتواني: فيلازم التعلم، والمواظبة عليه، لما خرجه أبو نعيم 241ظ / / عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: «ولا أعلمه إلا ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأناة في كل شيء خير إلا في أمر الآخرة» إذ العلوم النافعة من أمر الآخرة على الجملة، فالأناة في طلبها معرض للخيبة، كما قال بعض الحكماء: العجز مع الواني، والفوت مع التواني، وإذا فات من أمر الآخرة شيء، فهي الخيبة التي يستعاذ بالله منها» (2).
الثاني: علمه أن التقصير في التعلم، والثبات على الجهل، لا يقوم له بعذر، لما خرجه أيضا عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي للعالم أن يسكت على علمه، ولا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله، فإن الله قال: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ} *».
الثالث: علمه أيضا أنه إن لم يجد ويجتهد، فإنه لا يتعلم. لما رواه أيضا عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما العلم بالتعلم، وإنما
__________
(1) أدب الدنيا: 26.
(2) م. س: 40.(2/759)
الحلم بالتحلم ومن يتحرّ الخير يعطه» اهـ.
وذكر الشيخ أبو عمر مثله عن ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه: «إن الرجل لا يولد عالما، وإنما العلم بالتعلم» (1).
وذكره «البخاري» معلّقا. ولفظه: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم» (2).
قال أبو عمر: «وذكر «أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب» عن «ابن شبيب» أنه قال: لا يكون طبع بلا أدب، ولا علم بلا طلب.
قال: ومن رجز «لسابق البربري»:
وقد قيل قبلي في الزمان الأقدم ... إني وجدت العلم بالتعلم
قال: وقد قال كثير (3):
وفي الحلم والإسلام للمرء وازع ... وفي ترك أهواء الفؤاد المتيّم
بصائر رشد للفتى مستبينة ... وأخلاق صدق علمها بالتعلم (4) 242و / /
قال: وسئل بعض الحكماء: ما السبب الذي ينال به العلم؟ قال:
بالحرص عليه يتبع، وبالحب له يستمع، وبالفراغ له يجتمع.
وقيل [لبرزجمهر] (5): بم أدركت ما أدركت من العلم؟! قال: ببكور كبكور الغراب، وصبر كصبر الحمار، وحرص كحرص الخنزير» (6).
__________
(1) جامع العلم: 1/ 100.
(2) أخرجه في «صحيحه» في غير موضع مسندا، ومعلقا، على صيغة الجزم فهو في حكم المسند، وأخرجه غيره.
(3) كثير بن عبد الرحمن الخزاعي أبو صخر ت: 105هـ 723م. شاعر أهل الحجاز في الإسلام، وصاحب عزة، له ديوان شعر. انظر الوفيات: 4/ 113106. والخزانة: 5/ 221.
(4) البيتان من قصيدته التي مطلعها:
عرّج بأطراف الديار وسلم ... وإن هي لم تسمع ولم تتكلم»
انظر الديوان: 333.
(5) بياض في مخ «أ».
(6) جامع العلم: 1/ 103101.(2/760)
تنبيه:
كما أنه إذا لم يجتهد، فلا يتعلم. كذلك هو إذا لم يتعلم لا يحصل له علم، ونعني بذلك خلاف ما يدرك بالذوق من «العلم اللدني» على ما تقول الصوفية.
فقد قال البرزلي: «سمعت شيخنا الإمام رحمه الله يقول: الإجماع على أن علم الشرائع لا يكون إلا بقصد التعليم».
قلت: وقد بسط المازري هذا الموضوع في «التقييد» الذي له على «الإحياء». وحاصله: «التمسك بعدم وقوع مثله عادة».
قال في بعض كلامه: «وقد أشار إلى اشتمال «المدونة» على ستة وثلاثين ألف مسألة ومائتين:
ومع ذلك فلا يسامح للمقتصر عليها أن يفتي، ولا أن يوصف بالإمامة، إلا بعد اطلاعه على حقائق أصول الفقه، [أفترى] (1) عاقلا يتخيل أن رجلا عاميا [تلفف] (2) في كسائه، وأدخل رأسه في طوقه، وجلس في الظلام، فانقدح في قلبه العلم بذلك كله من غير قراءة كتاب، ولا تذلل بين يدي أستاذ، وملازمة الأئمة آناء الليل، وأطراف النهار، هيهات: لا والله لا يعرف هذا كله بل بعضه إلا بعد كد الخواطر، وكلّ البصر من أنقاب (3) النواظر، وتوسد المحابر، واحتضان الدفاتر، ومضيّ السنين الكثيرة مع فهم قابل، وتوفيق من الله سبحانه، ونور منه يمده به» انتهى ملخصا.
ثم قال بعد كلام: «لسنا ممن ينكر أن يعلّم الله سبحانه العامي، أضعاف هذا في لحظة واحدة، وإن لم يطهر قلبه، فكيف به وقد طهره. ولكنا
__________
(1) في «ج» و «د»: أفتى.
(2) في «ج» و «د»: يلعب.
(3) الأنقاب: نقب العين: ج نقاب وأنقاب: وهو ما يسميه الأطباء بالقدح، وهو معالجة الماء الأسود الذي يحدث في العين، وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه: أنه اشتكى عينه فكره أن ينقبها. اللسان: نقب.(2/761)
مع تجويزه في أحكام القدر تمنعه في عادة البشر» 242ظ / /.
قلت: ولا خفاء بوضوح هذا التقرير، إلا أنه فهم من «الغزالي» أنه يرى أن تصفية الباطن يدرك بها هذا النوع من المعارف.
وهو كما حكى عن ابن عرفة خلاف الإجماع. وإنما يريد الغزالي وغيره، وما يعبر عنه بالعلم اللدني، وهو العلم الذي ينفتح في سرّ القلب من غير سبب مألوف من خارج.
قال «ابن خلدون» في «بعض كتبه»: «والشواهد عليه أكثر من أن تحصى، قال: وأوضح ما يعتبر فيه، ويشهد بصدقه حال الرؤيا وكيف تكون إذا انسدل حجاب النوم، وخف عن القلب إصر (1) الحواس الظاهرة، وانجمعت قواه إلى الباطن، كيف يفضي ذلك به إلى أن يختلس إدراكا ما من جانب عالمه، صريحا أو مثالا ومحاكاة، يشهد صدقه في اليقظة بصحة إدراكه، وما ذاك إلا لخفة الكثير من عوائق هذا الإدراك بركود الحس الظاهر، فكيف لو ارتفعت جميع العوائق البدنية، وامّحت سائر الصفات البشرية.
قال صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا من المبشرات».
قال: وكانت أحوال بداية الوحي والاطلاع إلى عالم الملكوت: الرؤيا.
قالت عائشة: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصّبح.
قال بعد كلام: ولا برهان يشهد للقوم على علم الإلهام، [وصحة] (2)
وجوده، أوضح من الرؤيا» اهـ. وقد خرجنا بنقل هذا عن المقصود، لكن رأينا استحضار الوقوف عليه، عند مطالعة هذا الموضع مكملا لمقصد الجمع بين
__________
(1) الإصر والأصر والأصر: ج آصار: العبء الثقيل. ومنه قوله تعالى: {رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً} سورة البقرة، الآية: 286.
(2) ساقطة من مخ «أ».(2/762)
توقف العلم على التعلم باعتبار علوم، وتوقف علوم أخرى على التصفية والرياضة، والله سبحانه أعلم.
الرابع: خوفه من تضييع أوقات الفراغ 243و / / لاشتغاله بالتعلم.
فقد قال الماوردي: «ينبغي لطالب العلم ألا [يني] (1) في طلبه، وينتهز الفرصة به. فربما شحّ الزمان بما سمح، وضنّ بما منح» (2).
وقال النووي: «وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل، في وقت الفراغ، والنشاط وقوة البدن، ونباهة الخاطر، وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «تفقهوا قبل أن تسودوا». معناه: اجتهدوا في كمال أهليتكم، وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة، فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين، امتنعتم من التعليم لارتفاع منزلتكم، وكثرة شغلكم.
قال: وهذا معنى قول الشافعي: تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه» (3) اهـ.
قال الشيخ أبو العباس ابن زاغو: «لا سيما إن كان له سلف ذو منصب في العلم، أو خطة من خططه».
الخامس: تحقيقه أنه إن لم يجتهد لا يحصل له من التعلم ما يدرك به مقصوده من العلم، فقد قيل: «يدرك العلم بالمصباح، والجلوس إلى الصباح، وبالسفر والسهر، والبكور في السحر. وسئل «ابن الحداد» عن رجل من جيرانه منسوب إلى العلم، فقيل له: كيف منزلته من العلم؟ فقال: ما أدري هو بالليل يشرب، وبالنهار يركب، فأنّى له بالعلم؟.
وقال الرياشي: سمعت الأصمعي، وقيل له: كيف حفظت، ونسي أصحابك؟ قال درست، وتركوا.
__________
(1) في مخ «أ»: ألا ينبي.
(2) انظر أدب الدنيا: 29.
(3) التبيان: 50.(2/763)
وسئل جالينوس: بم كنت أعلم قرنائك بالطب؟. قال: لأني أنفقت في زيت المصباح لدرس الكتب مثلما أنفقوا في شرب الخمر» (1).
قال الشيخ أبو القاسم البرزلي: «رأيت على ظهر بعض الكتب، سئل بعض الشيوخ عن أكل البلاذر فقال له: إن أردت البلاذر فعليك 243ظ / / بالدرس والتناظر، وإن أردت البلاذر الكبير، فعليك بالدرس الكثير، ومد بها صوته» اهـ.
وبلغني عن الشيخ «ابن عرفة» «أنه لقي «الأبي» في ابتداء طلبه، وهو قد جمع بعض ما يقال: إن أكله يعين على الحفظ، ويقوي ذكاء العقل. فقال له:
عليك بمعجون العربية، وسفوف المنطق، وشراب الأصول» اهـ.
المسألة الثانية: في كيفية الاجتهاد في التعلم، وبيان وجوه الحرص عليه.
وذلك أيضا بالمحافظة على أمور:
أحدها: اغتنام البكور، فإنه كما قال أبو نعيم: «من أعظم الأمور، وخرج له عن «صخر العامري»: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها». قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها من أول النهار.
قال: فإن كان بينه وبين منزل العالم مسافة فليدلج، فإنّ أبا عمر بن حمدان حدّثنا، وذكر سنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«سدّدوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة، والرّوحة، وشيء من الدّلجة»».
الثاني: مسابقته إلى مجلس التعليم قبل مجيء المعلم.
نبّه عليه الشيخ أبو العباس ابن زاغو فقال: «ومن حرصه: إتيانه مجلس العلم قبل الشيخ. قال: ولا يعجل بالرجوع إن لم يجده بل ينتظره».
قلت: ومن تمام ذلك ألا ينصرف عنه إذا انقضت نوبته من الدرس، بل
__________
(1) جامع العلم: 1/ 103.(2/764)
يلازمه إلى الفراغ من درس رفقائه، لا كما تراه من ذوي الفتور في التحصيل، لا يجلس إلا بما يخص قراءته، وإذا فرغ منها بادر بالقيام كأنما «أنشط من عقال»، لا جرم، يفوته نفع كثير، ويحرم فوائد عديدة. نعم، حيث يكون انصرافه لأمر ضروري، فهناك لا تقصير يلحقه، ولا يعدّ لأجله غير حريص على العلم، ولا مجتهد في تحصيله.
والثالث: ألا يؤثر بنوبته 244و / / غيره، لأن ذلك خلاف الحزم.
وأيضا قال النووي: «لأن الإيثار بالقرب مكروه، بخلاف الإيثار بحظوظ النفس، فإنه محبوب.
قال: فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي، فأشار عليه بذلك، امتثل أمره» (1).
الرابع: «ألا يقنع بالقليل، وهو قادر على الكثير» (2)، نبه عليه النووي لوضوح المعنى فيه حسبما بسطه من تنزل لبيان ما يلزم القانع باليسير، مع تمكنه من إحراز الكثير.
ففي كلام الماوردي: «وليكن مستقلا للفضيلة منه ليزداد منها، ومستكثرا للنقيصة فيه لينتهي عنها، ولا يقنع في العلم بما أدرك منه، لأن القناعة فيه زهد، والزهد فيه ترك، والترك له جهل.
قال: وقد قال بعض الحكماء: عليك بالعلم والإكثار منه، فإن قليله أشبه شيء بقليل الخير، وكثيره أشبه شيء بكثيره، ولن يعيب الخير إلا القلة وأما كثرته فإنه أمنية.
قال: وقال بعض البلغاء: من فضل علمك، استقلالك لعلمك، ومن كمال عقلك، استظهارك على عقلك» (3) انتهى المراد منه.
__________
(1) التبيان: 5251.
(2) م. س: 50.
(3) أدب الدنيا: 4746.(2/765)
ومن كلام الفراء في الإشارة إلى هذا المعنى. حكاه الشيخ أبو عمر: «لا أرحم أحدا كرحمتي لرجلين: رجل يطلب العلم ولا فهم له، ورجل يفهم ولا يطلبه، وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم» (1).
فقوله: «وإني لأعجب إلى آخره» شامل لمن ترك التعلم من أصل، أو الزائد على ما حصل له، بل هو في حق هذا أحرى بالتعجب منه.
فقد سئل سفيان بن عيينة: «من أحوج الناس إلى طلب العلم؟ قال:
أعلمهم، لأن الخطأ منه أقبح» (2).
وفيما يروى عن عيسى عليه السلام «يا صاحب العلم تعلم من العلم ما جهلت، وعلم الجهال ما علمت».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما لو كان أحد مكتفيا من العلم لاكتفى منه موسى عليه السلام وكما قال: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ} 244ظ / / {مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً}» (3).
«وقيل للخليل: بم أدركت هذا العلم؟ فقال: كنت إذا لقيت عالما أخذت منه، وأعطيته».
«وقال المنصور لشريك: أنى لك هذا العلم؟ قال: لم أرغب عن قليل أستفيده، ولم أبخل بكثير أفيده».
قال الماوردي: «على أن العلم يقتضي ما بقي منه، ويستدعي ما تأخر عنه، وليس للراغب فيه قناعة ببعضه.
ثم ذكر عن «ابن مسعود» رضي الله عنه أنه قال: منهومان لا يشبعان، طالب العلم، وطالب الدنيا، أما طالب العلم فإنما يزداد من الرحمن سبحانه بنهمه رضىّ، ثم قرأ: {إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ}.
__________
(1) جامع العلم: 1/ 103.
(2) م. س: 1/ 96.
(3) أدب الدنيا: 46وجامع العلم: 1/ 100.(2/766)
وأما طالب الدنيا فإنه يزداد طغيانا، ثم قرأ: {كَلََّا إِنَّ الْإِنْسََانَ لَيَطْغى ََ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ََ} (1)» (2).
قلت: رواه الشيخ أبو عمر عن ابن عباس رضي الله عنهما «منهومان لا تنقضي نهمتهما، طالب علم، وطالب دنيا، هكذا مختصرا.
قال: وروي مرفوعا من حديث أنس، وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم» (3).
الخامس: ألا يقتصر على ما يستسهل دون ما يصعب عليه اعتقادا أن ذلك من الفضول الذي يقيم العذر في ترك الاشتغال به، فإن ذلك قال الماوردي:
«مطية النّوكى، وعذر المقصّرين». قال: «ومن أخذ من العلم ما سهل، وترك منه ما صعب وتعذّر، كان كالقانص إذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع إلا خائبا، إذ ليس يرى إلا ممتنعا، كذلك العلم طلبه صعب على من جهله، سهل على من علمه» (4) انتهى المقصود منه.
وقال قبل هذا: «وربما منع من طلب العلم ما يظنه من صعوبته، وبعد غايته، ويخشى من قلة ذهنه، وبعد فطنته، وهذا الظن اعتذار ذوي النقص، وخيفة ذوي العجز، لأن الإخبار قبل الاختبار جهل، والخشية قبل الابتلاء عجز. قال: 245و / /
لا تكوننّ للأمور هيوبا ... فإلى خيبة يصير الهيوب
قال: وليس وإن تفاضلت الأذهان، وتفاوتت الفطن، ينبغي لمن قل منها حظه أن ييأس من نيل القليل، وإدراك اليسير، الذي يخرج به من حد الجهالة إلى أدنى مراتب التخصيص. فإن الماء مع لينه يؤثر في صمّ الصخور، فكيف لا يؤثر العلم الزكي في نفس راغب شهيّ، وطالب خليّ، ولا سيما وطالب العلم
__________
(1) سورة العلق، الآيتان: 6و 7.
(2) أدب الدنيا: 46.
(3) جامع العلم: 1/ 95.
(4) أدب الدنيا: 29.(2/767)
معان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع» (1).
قلت: وفي هذا المعنى قيل:
اطلب العلم ولا تضجر من طلب (2) ... فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بتكراره ... في الصخرة الصماء قد أثرا
إشارة:
قال الإمام فخر الدين في التنكيت على فضل العلم: «إنما صعب عليك لفرط حبك في الدنيا، لأنه أعطاك سواد العين، وسويداء القلب. ولا شك أن السواد أكثر من السويداء في اللفظ، لأن السويداء تصغير للسواد، ثم إذا وضعت على سواد عينك جزءا من الدنيا لا ترى شيئا» اهـ.
السادس: أن يسعى في تحصيل ما ينبغي بالمواظبة على نوبته، فإن لم يتيسر له إلا قليل منه، فليقنع به إذ هو خير من البطالة.
قال الشيخ أبو العباس ابن زاغو: والقليل مع المواظبة عليه كثير.
قلت: تقدم [إليه] (3) الحافظ أبو نعيم، لكنه ذكره فيما يخص المشتغل بحفظ القرآن، وضمّ إليه مطلق التعلم لأنواع العلوم. فقال: «ولا تحقرن قليلا من قرآن أو علم أن يتعلمه، فإن قليل العلم أعود من كثير من الدنيا على صاحبه.
وخرج له عن «أبي أمامة» 245ظ / / رضي الله عنه أن رجلا جاء فقال: يا رسول الله إني اشتريت مقسم بني فلان، فربحت فيه كذا وكذا. فقال:
«ألا أنبئك بما هو أكثر منك ربحا»؟ قال: وهل يوجد؟ قال: «رجل تعلم عشر
__________
(1) م. س: 23. وجامع العلم: 1/ 33. رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
(2) كذا ورد صدر هذا البيت في الأصول، وهو غير منسجم مع بحر السريع، الذي بني عليه عجز البيت، والبيت الثاني.
(3) بياض في «ج» و «د».(2/768)
آيات». فذهب الرجل فتعلم عشر آيات. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره» اهـ.
وينظر إلى نهيه عن احتقار القليل من العلم ما ذكروا عن [برز جمهر] (1): من العلم لا تحقر شيئا من العلم. ومن العلم تفضيل جميع العلم.
ولابن الشاط في معنى أن المواظبة على القليل من العلم كثير:
اليوم شيء وغدا مثله ... من [لقط] (2) العلم التي تلتقط
ويحصل المرء (3) بها حكمة ... والسيل معناه اجتماع النقط
ولبعضهم في غرضه:
[كن عالما أو فقيها ... فالجهل رأس المحطّه] (4)
ولا يصدّنك يأس ... عن نيل أشرف خطّه
فأوّل [النّار] (5) سقط ... وأوّل الخطّ نقطه
قال ابن زاغو: «ولا يتقلل ما يقرأ في الوقت، فيفضي ذلك إلى قلة الشكر عليه، ومن لم يشكر على القليل لم يشكر على الكثير» اهـ.
السابع: أن يستعين بمصاحبة المجتهدين في العلم، وكذا في العمل إن وجده، ويجانب مصاحبة البطالين وذوي الكسل.
ففي الحديث: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
وقد قال الخوارزمي (6):
لا تصحب الكسلان في حاجاته ... كم صالح بفساد آخر يفسد
__________
(1) في مخ «د»: بدر زجمهر.
(2) في مخ «د»: لفظ.
(3) في الأصول: ويحصل لمرء، وقد صوبناه ليستقيم الوزن.
(4) البيت ساقط من مخ «أ».
(5) في مخ «ب»: الناس.
(6) محمد بن عباس الخوارزمي أبو بكر ت نحو: (383هـ 993م) أديب، من أئمة الكتاب وأحد الشعراء العلماء. نشأ في خوارزم، ورحل في صباه إلى بعض البلدان فدخل سجستان. ومدح واليها: طاهر بن محمد. ثم هجاه، فحبسه، ثم أطلقه. له ديوان شعر، وله ديوان رسائل، انظر الوفيات: 4/ 403400واليتيمة: 4/ 241194.(2/769)
عدوى البليد إلى الجليد سريعة ... والجمر يوضع في الرماد فيجمد 246و / / (1)
[وأورد الشيخ في «المختصر» (2)، رسالة لبعض العلماء يقول في بعض فصولها: «وعليك بمن يزيدك كلامه فهما، ومنازعته علما، والاستماع إليه حكمة، والنظر إليه عبرة، إن تكلم لم يلغ. وإن صمت [لم يله] (3)، وإن نظر لم يغفل، وإن طلب لم يبطء، فاستكثر من هؤلاء. فنعم الخلطاء هم، إن غفلت أيقظوك، وإن زللت استنقذوك، لا يتعايبون بالهمز، ولا يتنابزون بالألقاب، إخوان صدق وخير، وهبنا الله وإياك من يكون لنا على الخير عونا، إنه ولي قدير] (4).
الثامن: أن يغتنم خلوات المعلم ليتمكن من سؤاله زائدا على ما يحصل له في مجلس التعليم له ولغيره. فقد استشهد لذلك أبو نعيم بما رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. فرأيت منه خلوة، واغتنمتها، فأوضعت (5) بعيري حتى انتهيت إليه. فقلت: يا رسول الله، ألا تدلني على عمل أعمل به. أدخل به الجنة؟. قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه»».
التاسع: أن يتلقف العلم من كل من وجده عنده. قال أبو نعيم: «وإن كان أصغر منه، إذا كان قد سبقه بالعلم لما حدثنا علي بن هارون، وذكر سنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العلم ضالة المؤمن حيث ما وجده أخذه»».
قال الشيخ أبو عمر: «وروينا عن علي رضي الله عنه قال في كلام له:
العلم ضالة المؤمن فخذوه، ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أن يأخذ
__________
(1) انظر البيتين في اليتيمة: 4/ 240، وفيه فيخمد.
(2) انظر: مخ مختصر المدونة: ص: 11 «باب جامع في فضيلة العلم وأهله»
(3) بياض في «أ».
(4) هذه الفقرة ساقطة من «ج» و «د».
(5) أوضع البعير: أسرع في سيره.(2/770)
الحكمة ممن سمعها منه. قال: وعنه أيضا، الحكمة ضالّة المؤمن يطلبها ولو في أيدي الشّرط (1)» (2).
العاشر: أن يلازم الشيخ ملازمة المغتنم لأوقات الاتصال به حضرا وسفرا إن اتفق ذلك، فلا يملّ المقام 246ظ / / معه، وطول الصحبة له، فإنما هو كما قيل: شجرة مثمرة ينتظر ما يسقط عليه منها، وليعتبر بما حكي من ذلك عن إمام الصناعة: «سيبويه» فإنه لازم معلمه الخليل رحمه الله ملازمة الحريص على اغتنام فوائده مقاما، ورحيلا.
فرأيت منقولا من كتاب «الفصوص» «لصاعد»: «حكى لنا أبو علي الفارسي قال: قال لنا أبو بكر محمد بن السري، قيل لسيبويه: هل رأيت مع الخليل كتبا يملي عليك منها؟ فقال: لم أجد معه كتبا إلا عشرين رطلا فيها بخط دقيق ما سمعه من لغات العرب وأشعارها، وما سمعت منه من النحو، فإملاء من قلبه، ولم يكن يأوي إلى الحاضرة إنما كان مأواه قفار (3) العرب، حيث يقرب من الماء. فكان يأمرني بحمل مخلاته، فوزنتها فإذا فيها عشرون رطلا، وعشرة أرطال من دقيق يتقوتها شهرا، يستف كل عشية منها حفنة، ويشرب عليها جرعة ماء، وكان صائم الدهر، كثير الصلاة، فإذا انفتل من صلاته أدخل رأسه في ثيابه، وأنا منه بمرأى ومسمع أنتظر منه شيئا يتكلم به فأكتبه، فربما أخرج رأسه من ثيابه، وهو معرض عني لا ينظر إلي فيقول لي: أين أنت يا فارسي؟ فأقول: لبيك، أنا حوليك، فيقول لي: ما تقول في كذا كذا؟ فأذكر ما عندي، فيقول لي اكتب فأكتب ما يمليه علي» (4).
قال: «قال لنا أبو علي الفارسي: إنما كان يعرض الخليل عن سيبويه لأنه كان يتقي غوائل الشيطان على نفسه، وكان سيبويه من أصبح النّاس وجها،
__________
(1) الشرط: الدون من الناس.
(2) جامع العلم: 1/ 101.
(3) في الفصوص: 5/ 7فص: 512: قعار.
(4) م. س: ج 5/ 7فص: 512.(2/771)
وأحسنهم صورة، وكان ذا جمّة حسنة، ورواء جميل، فكان الخليل يخاف على نفسه من فتنة الشيطان، فيوليه ظهره، ويأنس بعلمه، ويقول: ليكونن هذا الغلام واحد الإسلام في طريقته» (1).
تنبيه:
ملازمة الشيخ كما ذكر إنما تستحسن ما لم تكن في وقتين:
أحدهما: إذا خاف كراهة الشيخ 247و / / للقراءة عليه في وقت بعينه.
وقد نبه على ذلك النووي (2) رحمه الله.
الثاني: في الأوقات الخاصة بالعبادة، إذا كان يعلم من عوائد الشيخ، أن يشتغل فيها بأوراده.
نبّه على ذلك «ابن الحاج» وحذّر منه فقال: «إنه يحرم العلم بسبب ذلك أو بركته. قال: وهذا كثيرا ما يفعله بعض الناس، تجدهم يعتقدون الشخص، [ثم] (3) إنهم يأتونه في الأوقات الفاضلة، فيشغلونه عن اغتنام بركتها، وذلك مخالفة لما كان عليه السلف، فقد كانوا إذا دخل رمضان تناكر بعضهم من بعض، ونفر كل واحد من صاحبه، فإذا فرغ اجتمعوا»، انتهى ملخصا.
قلت: وقد روي عن مالك رضي الله عنه كراهة مثل هذا.
ففي «المدارك» (4) عن «مطرف» قال: «لقد رأيته يوما وهو جالس في المسجد بعد الصبح يدعو، ووجهه يخضر ويصفر حتى طال الدعاء، فأتاه سائل عن مسألة فقطع عليه، فالتفت مغضبا، فقال: يأتي أحدكم الرجل وهو في دعائه، وقد فتح الله عليه منه ما شاء أن يفتحه مما يستيقن به الإجابة فيقطع ذلك عليه فلا يعود أبدا».
__________
(1) م. س: 5/ 8، فص 513.
(2) التبيان: 50.
(3) ساقطة من «ج» و «د».
(4) انظر 2/ 56.(2/772)
تكملة لهذا الأدب بذكر فائدتين:
الفائدة الأولى:
إذا اجتهد في طلب العلم فعلى شرط أن يراعي كيفية الرتبة في أخذه، كما ترجم عليه الشيخ أبو عمر، «وأدخل عن علماء السلف ما يتضح به أن الاجتهاد في الطلب عندهم ما دخل تحت الوسع، وأمكن به التحصيل شيئا فشيئا.
فعن يونس بن يزيد قال: قال لي ابن شهاب: يا يونس، لا تكابر العلم، فإن العلم أودية، فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه، ولكن خذه مع الأيام والليالي ولا تأخذ العلم جملة، فإنه من رام أخذه جملة، ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الليالي، والأيام» (1).
وعن «الأصمعي» 247ظ / / قال: قال أبو عمرو ابن العلاء: «العلم نتف».
وعن ثعلب قال: «حدثت عن إسماعيل الموصلي (2) قال: دخلت على الأصمعي فرأيت بين يديه قميطرا، فقلت: هذا علمك كله؟ فقال: إنّ هذا من حقّ لكثير».
قلت: قال «الجوهري»: ««النّتفة»: ما تنتفه بأصابعك من النّبت، أو غيره، والجمع: «نتف». قال: ويقال: «رجل نتفه»، مثل همزة: للذي ينتف من العلوم شيئا ولا يستقصيه.
قال: والقمطر، والقمّطر: ما تصان به الكتب، والجمع: قماطر».
قلت: وذكر «الحافظ أبو نعيم»: «أن متعلم القرآن لا يحمل على نفسه ما لا يطيقه».
وخرّج في ذلك عن أبي ريحانة (3) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: «فشكوت إليه
__________
(1) جامع العلم: 1/ 104.
(2) لعله إسحاق الموصلي.
(3) شمعون، وقيل سمعون بن زيد الأزدي، حليف الأنصار، له صحبة، وشهد فتح دمشق مرابطا بعسقلان، انظر الإصابة: ت 3916. والتهذيب: 4/ 366365.(2/773)
تفلّت القرآن مني، ومشقته علي. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحمل على نفسك ما لا تطيق» اهـ.
وجميع طلاب العلم في حكم طالب القرآن في هذا المعنى، وخصوصا المبتدىء كما صرح به في موضع آخر، فقال: «ويجب للمبتدىء ألا يحمل نفسه فوق طاقته، وليأخذ ما يطيقه حتى يبقي عليه حفظه».
وخرج لذلك حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، عليكم بالقصد، عليكم بالقصد، فإن الله لا يمل حتى تملوا» اهـ.
وكذا أيضا قال النووي: «لا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل، وضياع ما حصل قال: وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال» (1) اهـ.
الفائدة الثانية:
من تأكيد الاجتهاد في طلب العلم أنهم خففوا لأجله من الأوراد المأخوذ بها طالب الآخرة، وسالك طريق الإرادة حتى قال ابن الحاج: «وليحذر أن يتكلف من العمل ما عليه فيه مشقة، أو يخل باشتغاله بالعلم، لأن اشتغاله به أفضل. قال:
وهو 248و / / باب كثير ما يدخل الشيطان منه على المشتغلين بالعلم إذا عجز عن تركهم له، فيأمرهم بكثرة الأوراد حتى ينقص اشتغالهم، لأن العلم هو العدّة التي يتقى بها، ويحذر منه بها، فإذا عجز عن الترك عاد إلى باب النقص
قال: وكان سيدي أبو محمد يعني «ابن أبي جمرة» رحمه الله يقول:
ينبغي لطالب العلم أن يكون عمله في علمه كالملح في العجين، إن عدم منه لم ينتفع به، والقليل منه يصلحه» (2) انتهى ملخصا.
لكنه مع هذا الذي قرره. ذكر بعد ذلك ما حاصله (3): «أن المجتهد في طلب العلم ينبغي أن يحافظ في العمل على أمور:
__________
(1) التبيان: 50.
(2) المدخل: 2/ 114.
(3) ذكر ذلك في باب أوراد طالب العلم.(2/774)
أحدها: المداومة على السنن والرواتب التابعة للفرض قبله أو بعده.
الثاني: ركوع الضحى لقول عائشة رضي الله عنها: «لو [نشر] (1) لي أبواي ما تركتهما».
قال: ومعناه: لو أحييا لي، وقاما من قبريهما ما اشتغلت بهما عنهما.
الثالث: قيام الليل بخمس تسليمات سوى الوتر (ويقرأ فيها) (2) بما خف من القرآن، ومتى وجد نشاطا زاد على ذلك. قال: ولعلك تقول: إنّ طالب العلم إذا فعل ذلك تعطلت عليه وظائفه في الدرس والمطالعة والبحث.
والجواب: أن نفحة من نفحات ذلك تعود عليه بالبركات والأنوار، والتحف (3) ما يعجز الوصف، وببركته يحصل له أضعاف ذلك فيما بعد.
الرابع: صيام ثلاثة أيام من كل شهر إذ لا كبير مشقة فيها تمنع من الاجتهاد في العلم، وإن هو ادعى أنها تعوقه [عن] (4) اجتهاده، فليترك طلب العلم في تلك الأيام الثلاثة لئلا يفوته بصومها ما وعد عليه من الأجر الجزيل».
انتهى ملخصا.
ثم قال: «خاتمة ذلك: ثم يكون حاله في جميع الأعمال ألا يخلي نفسه من شيء منها كما تقدم ويكون الغالب عليه اشتغاله بالدرس، والمطالعة، والتفهم، 248ظ / / والبحث مع الإخوان الذين يرتجى النفع بهم، ولقاء مشايخ العلم الذين جعلهم الله تعالى سببا للفتح والخير، فيواظب على ذلك» (5) اهـ.
الأدب الثالث: أن يكون قصده في الحال تكميل نفسه بفضيلة العلم في أيام حياته،
وتهييئها للقرب من الله تعالى بعد مماته، فلا يطلبه لطمع في الوصول إلى غايته،
__________
(1) في «ج» و «د»: لم يشتر.
(2) زيادة من المدخل: 2/ 135.
(3) كذا وردت في الأصول، وفي المدخل: 2/ 137.
(4) في «ج» و «د»: على.
(5) م. س: 2/ 139134ملتقطا من مواضع عدة.(2/775)
فإن ذلك محال، وفي الحديث على ما ذكر الماوردي: «من ظن أن للعلم غاية فقد بخسه حقه، ووضعه في غير منزلته التي وصفه الله بها حيث يقول: {وَمََا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلََّا قَلِيلًا}.
قال: وقال بعض الحكماء (1): لو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته، كنا قد بدأنا بالنقيصة، ولكنا نطلبه لننتقص في كل يوم من الجهل، ونزداد في كل يوم من العلم».
وقال بعض العلماء: المتعمق في العلم كالسابح في البحر، ليس يرى أرضا، ولا يعرف طولا ولا عرضا.
وقيل لحماد الراوية (2): ألا تشبع من هذه العلوم؟ قال: استفرغنا فيها المجهود، [فلم نبلغ منها المحدود] (3)، فنحن كما قال الشاعر:
[«إذا قطعنا علما بدا علم»] (4)
قال: وأنشد الرشيد عن المهدي [بيتين] (5)، وقال: أراهما (6) له:
يا نفس خوضي بحار العلم أو غوصي ... فالناس ما بين معموم ومخصوص
لا شيء في هذه الدنيا نحيط به ... إلا إحاطة منقوص بمنقوص» (7)
توضيح:
إنما كان العلم يقصد به تكميل النفس لأن به تعرف الفضائل والرذائل، وإذا عرفت تهيأت النفس بعد ذلك للتحلي بمقتضى ما هو فضيلة، والتخلي عن
__________
(1) في أدب الدنيا: 18: العلماء.
(2) حماد بن سابور أبو القاسم، ت: 155هـ 772م، أول من لقب بالراوية، وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأشعارها، وأخبارها، وأنسابها، ولغاتها، وهو الذي جمع «المعلقات السبع» انظر النزهة: 43، والوفيات: 2/ 210206.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج» و «د».
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج» و «د».
(5) ساقط من «أ».
(6) في أدب الدنيا: 18: أظنهما.
(7) م. س: 18.(2/776)
مقتضى ما هو رذيلة على حسب ما يساعدها التوفيق، وتنهضها العناية 249و / / الربانية.
ولابن حزم في تقرير هذا المعنى كلام حسن، ونصه:
«منفعة العلم في استعمال الفضائل عظيمة، وهو أن يعلم به حسن الفضائل، فيأتيها ولو في النّدرة، ويعلم به قبح الرذائل، فيجتنبها ولو في الندرة، ويسمع الثناء الحسن فيرغب في مثله، والثناء الرديء فينفر منه.
قال: فعلى هذه المقدمات وجب أن يكون للعلم حصة في كل فضيلة، وللجهل حصة في كل رذيلة، ولا يأتي الفضائل من لم يتعلم العلم إلا صافي الطبع جدا، فاضل التركيب، وهذه منزلة خص بها النبييون عليهم السلام لأن الله تعالى علمهم الخير كله دون أن يتعلموه من الناس. قال: وقد رأيت من العامة من يجري من الاعتدال، وحميد الأخلاق إلى ما لا يتقدمه فيه حكيم عالم رائض لنفسه، ولكنه قليل جدا. ورأيت ممن طالع العلوم وعرف عهود الأنبياء عليهم السلام، ووصايا الحكماء، وهو لا يتقدمه في خبث السيرة، وفساد العلانية والسريرة، شرار الخلق، وهذا كثير جدا، فعلمت أنها مواهب وحرمان من الله عز وجل» (1) اهـ.
انعطاف:
قال الغزالي رحمه الله: «ولا يقصد به الرياسة، والمال، ومماراة السفهاء، ومباهاة الأقران، وإذا كان هذا مقصوده (2)، طلب لا محالة الأقرب إلى مقصوده وهو علم الآخرة.
قال: ومع هذا فلا ينبغي أن ينظر بعين الحقارة إلى سائر العلوم أعني:
علم الفتاوي، وعلم النحو واللغة المتعلقين بالكتاب والسنة، وغير ذلك من ضروب العلم التي هي فرض كفاية.
__________
(1) انظر: 1/ 346من رسائل ابن حزم.
(2) في الإحياء: 53: ومقصده.(2/777)
قال: ولا تفهمن من غلونا في الثناء على علم الآخرة، تهجين هذه العلوم، فالمتكفلون بالعلوم كالمتكفلين بالثغور، والمرابطين بها، والغزاة، والمجاهدين 249ظ / / في سبيل الله عز وجل، فمنهم المقاتل، ومنهم الرّدء، ومنهم الذي يسقيهم الماء، ومنهم الذي يحفظ دوابهم، ويتعهدها، ولا ينفك واحد منهم عن أجر، إذا كان قصده إعلاء كلمة الله عز وجل دون حيازة الغنائم.
قال: فكذلك العلماء. قال الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجََاتٍ}.
وقال عز وجل: {هُمْ دَرَجََاتٌ عِنْدَ اللََّهِ} (1). والفضيلة نسبية.
قال: واستحقارنا للصيارفة عند قياسهم بالملوك لا يدل على حقارتهم إذا قيسوا بالكناسين، ولا تظن أن ما نزل عن الرتبة القصوى ساقط القدر، بل هو الرتبة العليا: للأنبياء، ثم الأولياء، ثم العلماء الراسخين في العلم، ثم الصالحين على تفاوت درجاتهم، وبالجملة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (2)، ومن قصد وجه الله عز وجل بالعلم أي علم كان نفعه، ورفعه، لا محالة» (3).
الأدب الرابع: قال الغزالي: «أن تحترز في مبدإ الأمر عن الإصغاء إلى اختلاف الناس
سواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو من علوم الآخرة، فإن ذلك يدهش عقله، ويحير ذهنه، ويفتر رأيه، و [يؤيسه] (4) عن الإدراك والاطلاع. قال: بل ينبغي أن يتلقف أولا: الطريق الحميدة الواحدة المرضية عند أستاذه، ثم بعد ذلك يصغي إلى المذاهب والشبه، وإن لم يكن أستاذه مستقلا باختيار رأي
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 163.
(2) سورة الزلزلة، الآيتان: 7و 8.
(3) ورد مختصرا في «ميزان العمل»: 107، وانظر الإحياء: 53.
(4) في «ج» و «د»: يوليه.(2/778)
واحد، وإنما عادته نقل المذاهب، وما قيل فيها، فليحذر منه، فإن إضلاله أكثر من إرشاده، فلا يصلح الأعمى لقود العميان وإرشادهم، ومن هذا حاله يعد في عمى الحيرة، وتيه الجهل.
قال: ومنع المبتدىء عن الشبهة يضاهي منع الحديث العهد بالإسلام عن مخالطة الكفار، وندب القوي إلى النظر في الاختلاف، 250و / / يضاهي حث القوي على مخالطة الكفار، ولذلك يمنع العاجز (1) عن التقحم (2) على صف الكفار، ويندب الشجاع له» (3). انتهى المقصود منه.
قلت: وهذا الاحتراس في مبدإ التعلم لهذه الصناعة من آكد ما يتعين، لأنه مهما لم يرتبط إلى ما تخلص عند معتبري أئمتها، تلاعبته القوانين، واختلفت عليه الطرق، وخصوصا عند الإعراب، والتخريج على قواعد الصناعة.
وقوله: «وإن لم يكن أستاذه مستقلا إلى آخره». مثله ما حكى «الأبي» عن الشيخ الإمام «أبي عبد الله ابن عرفة» رحمهما الله أنه كان يقول في مجالس التدريس: «إذا لم يكن فيها التقاط زائدة من الشيخ فلا فائدة في حضور مجلسه بل الأولى لمن حصلت له معرفة الاصطلاح، والقدرة على فهم ما في الكتب أن ينقطع لنفسه، ويلازم النظر. وضمن ذلك في أبيات نظمها وهي قوله:
إذا لم يكن في مجلس الذّكر نكتة ... بتقرير (4) إيضاح لمشكل صورة
وعزو غريب النقل أو حل مقفل ... أو إشكال أبدته نتيجة فكرة
فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... ولا تتركن فالجهل أقبح خلّة (5)
__________
(1) في م. س: 51: الجبان.
(2) في م. س: 51: التهجم.
(3) م. س: 51.
(4) في النيل: 275: وتقرير.
(5) في م. س: 275: وإياك تركا فهو أقبح خلة.(2/779)
قال الأبي: وكنت قلت في جواب أبياته هذه:
يمينا (1) بمن أولاك أرفع رتبة ... وزان بك الدنيا بأكمل زينة
لمجلسك السامي (2) الكفيل بكل ما ... [على حسن ما عنه المجالس خلت] (3) (4)
وذكر بعدهما بيتا ثالثا (5) يتضمن الدعاء لم أقيده كما أحب.
قال: وإني في قسمي هذا لبارّ 250ظ / /، فلقد كنت أقيد من زوائد إلقائه، وفرائد إقرائه على الدول (6) الخمس التي تقرأ بمجلسه، وهي التفسير والحديث، والدول الثلاث التي «بالتهذيب» (7) نحو الورقتين كل يوم مما ليس في كتاب، والله المسؤول أن يقدس روحه.
قال: فلقد كان الغاية، وشاهد ذلك ما اشتملت عليه تواليفه من ذلك، وناهيك «بمختصره» في الفقه، الذي ما وقع في الإسلام مثله، لضبطه فيه المذهب مسائل وأقوالا، مع الزيادة المكملة، والتنبيه على المواضع المشكلة، وتعريف الحقائق الشرعية» (8) انتهى.
قلت: حال الشيخ في بلوغه أقصى مراتب الغاية العلمية لا ينكر، ومقامه
__________
(1) في الأصول: قسما، والتصويب من م. س: 275.
(2) في م. س: 275: الأعلى.
(3) في م. س: 275:
«على حين ما عنها المجالس ولت»
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج».
(5) البيت هو:
«فأبقاك من رقاك للخلق رحمة ... وللدين سيفا قاطعا كل فتنة»
(6) الدولة: ج دول، وهي عند القدماء: المحاضرة أو الجلسة من الدرس أو العلم، ونجدها عند العبدري في رحلته، فيقول: حضرت دولتين.
(7) تهذيب المدونة للبراذعي خلف بن أبي القاسم محمد الأزدي أبو سعيد ت: 372هـ 983م، فقيه مالكي، ولد وتعلم في القيروان، وانتقل إلى صقلية، فاتصل بأميرها، وصنف عنده كتبا، منها:
«التهذيب» ومنه نسخ في خزانة القرويين، وله تمهيد مسائل المدونة، واختصار الواضحة، انظر المدارك: 7/ 258256، والديباج: 1/ 351349.
(8) انظر النيل: 276275.(2/780)
في المجاهدات العلمية من أشهر ما يعرف به ويذكر، فقد أخبرني الشيخ الفقيه الفاضل الأجل، خاتمة السلف «أبو عبد الله محمد بن محمد بن عيسى الزلديوي» (1) القسنطيني، نزيل تونس فيما كتب إلي من تونس المحروسة، وقد وصف الشيخ بقوله: «كان في العلوم كما دلت عليه تواليفه فيها، وكان في العبادة بالمرقب الأعلى.
قال رحمه الله: سمعت من شيخنا الفقيه الإمام المعظم قاضي الجماعة بالحضرة العلية سيدي «أبي مهدي عيسى بن أحمد الغبريني» (2) أنه قال: لا يرى ولا يسمع مثل سيدي الفقيه في ثلاثة أشياء: الصيام، والقيام، وتلاوة القرآن، إلا ما يذكر عن رجال «رسالة القشيري». فلا تراه أبدا إلا صائما، ويقرأ عشرين حزبا في الساعة المعتدلة، وقيامه معلوم يقوم في «جامع الزيتونة» العشر الأواخر من «رمضان» في كل عام إلى أن عجز عن ذلك قرب وفاته رحمه الله ونفع به».
قلت: وقد اشترك معه في الأخذ عن الشيخ. قال في «مكتوبه»: «أول ما لقيناه عام ثلاثة وتسعين وسبعمائة، وكان سنه إذ ذاك سبعا وسبعين، لأن مولده كان عام ستة عشرة وسبعمائة 251و / / توفي عام ثلاثة وثمانمائة.
قال: وقرأنا عليه جميع صحيح البخاري من أوله إلى آخره، بقراءة شيخنا قاضي الجماعة أبي مهدي سيدي عيسى الغبريني المذكور، وحضر لهذه «الختمة» جميع أعلام تونس وعلمائها وطلبتها صغارهم وكبارهم، وكانت من الغرائب عالم على عالم، وهما علما وقتهما، وذلك في رمضان أول عام من هذا القرن التاسع.
قال: وسبب القراءة ما أصاب أمير المؤمنين، وحجة الله على السلاطين،
__________
(1) المغربي المالكي، ت: 882هـ 1477م، كان عالما، ولي قضاء الأنكحة وانتفع به كثير من الفضلاء، له تصانيف عدة منها: «تفسير القرآن» و «شرح على المختصر»، انظر الضوء اللامع:
9/ 180179.
(2) ت: 816هـ 1413م، عالم تونس، وحافظ المذهب المالكي بها، عرف بصحة النقل وجودة الذهن، نقل عنه عصريه البرزلي، واعتمده في كثير من المواضع، انظر الضوء اللامع: 6/ 151.(2/781)
أبا فارس عبد العزيز (1) رحمه الله وغفر له بجبل أوراس، فأمر بقراءته «فإنه ترياق الشدائد». فقرىء كذلك. ثم إنهما رضي الله عنهما أجازا كل من حضر السيد أبو مهدي بقراءته، والشيخ الإمام بالقراءة عليه».
قلت: «ثم إن الشيخ رحمه الله أنسأ الله في أجله إلى أن كتب إلي «بالإجازة العامة» من «حضرة تونس» المحروسة في أواخر شوال عام أحد وسبعين وثمانمائة. وتوفي عام أربعة وسبعين، فيما بلغنا رحمة الله عليهم».
قلت: وعلى ذكر هذا الإمام الجليل أبي عبد الله ابن عرفة رحمه الله فلنذكر ما تحصل عندي من أخباره زائدا على ما ذكر منها الشيخ «برهان الدين ابن فرحون» في «الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب» (2). وإن كان ذكر ذلك خروجا عما نحن بسبيله اغتناما لفائدة العلم بأحوال الجلة من العلماء، فأفادني الشيخ الفقيه الأستاذ العالم، المتفنن، المصنف، الرواية، الرحال، الحاج، الصالح «أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي الشهير بالقلصادي البسطي»: نزيل غرناطة أجله الله وحفظه، وكتب لي بخطه ما نصه:
«وما أفادنيه شيخنا وبركتنا الإمام العلامة «سيدي محمد بن محمد بن إبراهيم بن عقاب» (3) وغيره من 251ظ / / علماء تونس في التعريف بالشيخ الإمام «أبي عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي»: كان إماما في علوم، صنف في كثير. وكان الغالب على كلامه: الاختصار. واشتغل آخر عمره بالفقه
__________
(1) عبد العزيز بن أحمد الحفصي الهنتاني، أبو فارس، المعروف بعزوز. ت: 837هـ 1434م، من كبار ملوك بني حفص بتونس، عرف بالحزم والبأس، والدين، له آثار في تونس، انظر الضوء اللامع: 4/ 214.
(2) انظر: 2/ 333331.
(3) الجذامي التونسي أبو عبد الله ت: 852هـ 1448م قاضي الجماعة بتونس، كان إماما، عالما مشاركا، متفقها في العلوم، له يد طائلة في علم الفرائض، والحساب، وله إدراك في المنطق، والأصلين، والطب، والعربية بل حتى في علم النجامة، وعلم التصوف، انظر فهرست الرصاع:
160141. ورحلة القلصادي: ص: 122118، وذكر أنه توفي 851هـ. والشجرة: 246.(2/782)
خصوصا. من حين ولايته الفتيا، وكان معتنيا «بالمدونة» غاية، ملازما لنظرها، قرأ القرآن العظيم في صغره بالسبع على ابن سلامة (1) رحمه الله من طريق الداني، وابن شريح، وعلى «ابن براء» (2) من طريق «الداني»، وقرأ أصول الفقه على «ابن علوان» (3) رحمه الله وأصول الدين على «ابن سلامة»، و «ابن عبد السلام» رحمهما الله والنحو على «ابن نفيس» رحمه الله. والجدل على «ابن الحباب» (4) رحمه الله والفقه على «ابن عبد السلام» والمعقولات بأسرها على «الشيخ الآبلي» (5)، وكان يثني عليه كثيرا، ويقول: إنه لم ير ممن قرأ عليه مثله. و «الشريف التلمساني» رحمهما الله ولي إمامة جامع الزيتونة عام: ستة وخمسين وسبعمائة. وخطابته عام: اثنين وسبعين، والفتوى عام ثلاثة وسبعين. وابتدأ تصنيف «المختصر الفقهي» عام: اثنين وسبعين، وكمله عام:
ستة وثمانين. وحج عام اثنين وتسعين. واستخلف على «الإمامة» قاضي الجماعة حينئذ سيدي «عيسى الغبريني»، وعلى «الخطابة» الشيخ الصالح الولي:
«أبا عبد الله البطرني»، وعاد من «الحج» في جمادى الأولى عام: ثلاثة وتسعين
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن سلامة التونسي الأنصاري ت: 746هـ 1375م. الفقيه، العالم، الزاهد، الصالح، العابد وإمام جامع الزيتونة. انظر: الشجرة: 209.
(2) هو أبو علي ابن البراء التونسي قاضي الأنكحة بها، ت: 797هـ 1394م، الإمام والفقيه، والعالم، انظر الشجرة: 227.
(3) هو أبو العباس أحمد بن علوان التونسي الشهير بالمصري. الفقيه العالم الزاهد الإمام المؤلف، ت: 787هـ 1385م من مؤلفاته: «لب اللباب على الجلاب» و «اقتطاف الأكف من الروض الأنف»، و «مختصر المدارك»، و «اختصار كتاب أنوار القلوب في العلم الموهوب» وغيرها.
انظر الشجرة: 226.
(4) هو أبو عبد الله محمد بن يحيى المعافري المعروف «بابن الحباب» ت: 749هـ 1348م.
الإمام، البارع، المحقق، الأصولي الجدلي، نقل عنه ابن عرفة في: «مختصره» وخالد البلوي، وعرف به في «رحلته»، من تصانيفه: «تقييد على ابن عصفور»، و «اختصار المعالم». انظر:
الشجرة: 209.
(5) محمد بن إبراهيم بن أحمد العبدري التلمساني الشهير بالآبلي، بفتح الهمزة الممدودة، وكسر الباء، نسبة إلى آبلة مدينة بالشمال الغربي لمقاطعة مدريد. ت: 757هـ 1356م، نشأ بتلمسان، ورحل إلى مصر والشام والحجاز والعراق، والمغرب، وقد تميز في العلوم العقلية، انظر الشجرة 221.(2/783)
وسبعمائة فكانت غيبته أحد عشر شهرا غير ثلاثة أيام، وعاد إلى «خططه» إلى أن توفي يوم الرابع والعشرين من جمادى الأخرى عام ثلاثة وثمانمائة.
وكان رحمه الله مجدا في العمل، صواما، قواما، تلاء لكتاب الله عز وجل، وكان مع ذلك مجدودا في دنياه، موسعا عليه فيها لا باعتبار 252و / / المال، ولا باعتبار الجاه ونفوذ الكلمة» (1) اهـ.
قلت: وقد وقفت على مكتوب له رحمه الله إلى جملة من المالقيين منهم شيخنا الأستاذ القاضي «أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأنصاري البدوي» رحمه الله يقول فيه: إنه قرأ على «ابن الحباب» جملة من «كتاب سيبويه» قراءة تحقيق وبحث.
وذكر أيضا أنه قرأ على بعض شيوخه جملة من «التسهيل» (2). وقال عند ذكر «ابن عبد السلام» سمعت عليه إلقاءه تفسير القرآن العظيم من أوله إلى آخره، بما يجب لذلك من تحقيق أحكام الاعتقاد، والفقه، وقواعد العربية، وعلم البيان، وأصول الفقه، وغير ذلك مما تتوقف هذه المذكورات عليه، مع المراجعة له فيما يجب مراجعته فيه من ذلك، والبحث فيه، وإيراد الأسئلة وأجوبتها.
قال: وقرأت عليه جميع «كتاب مسلم» بلفظي (3)، بنحو القراءة المذكورة إلا يسيرا منه سمعته من لفظ قراءة غيري، وسمعت عليه بعض «كتاب البخاري». بنحو القراءة المذكورة، وسمعت عليه بعض موطإ الإمام مالك بن أنس كذلك، وقرأت عليه جملة من «كتاب التهذيب» «للبراذعي». وسمعت سائره أزيد من ختمة واحدة بقراءة بحث، وفقه، ونقل فروع الأمهات، وأحاديث الأحكام مع التنبيه عليها بالتصحيح والتحسين، وتعقب ما تعقبه الأئمة من ذلك.
__________
(1) انظر النيل: 277276.
(2) المراد كتاب: تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد في النحو لابن مالك، وعليه شروح عدة، انظر الكشف.
(3) أي بقراءتي وسردي له.(2/784)
وذكر غير هذا مما قرأ عليه في جملة ما قرأه كذلك على غيره من شيوخه رحمه الله وقد أفاد ذلك ما يذكر بالآداب المتقدمة في الاشتغال بالتعلم، وخصوصا حكم البحث والمراجعة، وتوجيه الأسئلة، فلم يخل ما خرجنا إليه عما يخدم ما كنا بسبيله، {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا} 252ظ / / {وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} (1).
الأدب الخامس: قال ابن زاغو: ألا يهمل علما من العلوم الشرعية،
ولا ما يتقدمها، ولا ما يتوقف على تحصيله من عربية وغيرها. فإنها يستعان ببعضها على بعض، وإنما هي كالأصابع للكف فمن عدم منها علما كان كمن عدم أصبعا.
وقد تقدم «للغزالي» (2) في هذا المعنى، فليراجع من هناك، وفيه: «أنه يستفاد في الحال من الخوض في جميع الفنون ألا يكون معاديا لنوع منها بسبب الجهل». فهنا لا شك أمران يتأكد البسط لهما.
أحدهما: أنّ العلوم مرتبطة بعضها ببعض، وكل منها معين على تحصيل ما سواه، وتمثيلها بأصابع الكف مظهر لذلك وجودا وعدما.
ولبعضهم في إيضاح هذا المعنى مثال آخر ملخصه: «أن العلم على الإطلاق من غير تقييد بمعلوم معين، كشخص إنسان في غاية من الحسن والجمال ونهاية من الفضل والكمال.
كأنّ الثريا علّقت فوق نحره ... وفي أنفه الشّعرى (3) وفي وجهه القمر
أحلى من الأمن مرآه، وألذ من الظفر لقياه، يسبي العقول ويسليها، ويهيج الأشواق ويجليها:
__________
(1) سورة الأعراف، الآية: 43.
(2) انظر ص: 13ومخ «أ». ص: 132131من هذا الكتاب.
(3) الشعرى: الكوكب الذي يطلع في الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر.(2/785)
كأن الشمس في أعطافه (1) لمعت ... حسنا أو البدر من أزراره طلعا
مستقبل بالذي يهوى ولو كثرت ... منه الذنوب فمعذور بما صنعا
في وجهه شافع يمحو إساءته ... من القلوب، وجيه حيث ما شفعا
فما كان منه معرفة بالله تعالى، فهو منه بمنزلة قلبه وروحه وعقله، وما كان منه معرفة بعجائب الملك وبدائع الملكوت، فهو بمنزلة مداركه وحواسه 253و / / وما كان منه معرفة بالأوامر والنواهي وسائر الشرائع، فهو منه بمنزلة سائر جسده وبقية أجزائه، وما كان منه عملا بموجب العلم، ووفاء بمقتضى المعرفة. فهو منه بمنزلة الغذاء الذي هو أصل بقائه، ودوام صحته، فمن حوى هذه العلوم كلها، كان كمن ظفر بمصاحبة ذلك الشخص، وأنس بمواصلته ليلا ونهارا، ومن نقصه بعضها فيعتبر بنسبة ما ينقص من ذلك الشخص فقد يكون عينا، أو سمعا، أو منطقا، أو يدا، أو رجلا، أو روحا، أو جميعها فيكون كصخرة جامدة، أو خشبة مسندة فلا ينال معها إلا نصبا، ولا يصيب منها إلا تعبا».
الثاني: أن الجهل بها يحمل على معاداتها، وذلك مما لا ينبغي لعاقل أن يعرف به، ولا أن ينتقص برذيلة الانتساب إليه.
وفي وصية الكملاء: بترك البقاء على الجهل الحامل على هذه العداوة، ما يكفي ذوي الهمم في انتهاض عزائمهم إلى الخوض في كل علم على حسب الإمكان.
فيحكى عن يحيى بن خالد أنه قال لابنه: «عليك بكل نوع من العلم، فخذ منه، فإن المرء عدو ما جهل، وأنا أكره أن تكون عدو شيء من العلم، ثم أنشد:
تفنّن وخذ من كل فن (2) فإنما ... يفوق امرؤ في كل فن له علم
فأنت عدوّ للذي أنت جاهل ... به، ولعلم أنت متقنه (3) سلم» (4)
__________
(1) عطفا الرجل: جانباه.
(2) في أدب الدنيا: 20: كل علم.
(3) في م. س: 20: تتقنه.
(4) انظر م. س: 20.(2/786)
ولابن دريد في معناه. أنشده الماوردي:
«جهلت فعاديت العلوم وأهلها ... كذاك يعادي العلم من هو جاهله
ومن كان يهوى أن يرى متصدّرا ... ويكره، لا أدري، أصيبت مقاتله» 253ظ / / (1)
وأنشد أبو عمر:
«فلا تلمهم على إنكار ما نكروا ... فإنّما خلقوا أعداء ما جهلوا (2)
حكاية:
يتعظ منها القادر على وعي هذا الأدب بفضيحة من هجر من العلم غير ما قصر عليه عزيمته فسئل عنه فأحال على غيره.
روى «الخطيب» في «تاريخه» عن أبي حاتم قال: «ورد علينا عامل من الكوفة لم أر في عمال السلطان «بالبصرة» أبرع منه. فدخلت مسلما [عليه] (3)
فقال لي: يا سجستاني من علماؤكم بالبصرة؟ قلت: «الزيادي» (4) أعلمنا بعلم الأصمعي، «والمازني» أعلمنا بالنحو، «وهلال الرأي» (5) أفقهنا، و «الشاذكوني» من أعلمنا بالحديث، وأنا رحمك الله أنسب إلى علم القرآن، و «ابن الكلبي» من أكتبنا للشروط.
قال: فقال لكاتبه: إذا كان في غد فاجمعهم [لي] (3)، قال: فاجتمعنا.
فقال: أيكم المازني؟ قال أبو عثمان: هأنذا يرحمك الله. قال: هل يجزىء في كفّارة الظّهار عتق عبد أعور؟ فقال المازني: لست صاحب فقه يرحمك الله، أنا صاحب عربية، فقال: يا زيادي، كيف تكتب بين رجل وامرأة خالعها على
__________
(1) انظر م. س: 15.
(2) جامع العلم: 1/ 130.
(3) ساقطة من «ج» و «د».
(4) لعله العباس بن الفرج الرياشي، وليس الزيادي.
(5) هلال بن يحيى بن مسلم البصري ت: 245هـ 859م. فقيه من أعيان الحنفية من أهل البصرة، لقب بالرأي، لسعة علمه، وكثرة أخذه بالقياس، له كتاب في «الشروط» وله كتاب «أحكام الوقف» انظر الفهرست: 302.(2/787)
الثلث من صداقها؟ قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم الشاذكوني. قال:
يا شاذكوني، من قرأ: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} (1)؟ قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم أبي حاتم. قال: يا أبا حاتم، كيف تكتب كتابا إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة؟ وما أصابهم في الثمرة، وتسأله لهم النظر والنظرة؟ فقال:
لست رحمك الله صاحب بلاغة وكتابة، أنا صاحب قرآن. فقال: ما أقبح الرجل يتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحدا، حتى إذا سئل عن غيره لم [يجل] (2) فيه، ولم يمر، لكن عالمنا بالكوفة 254و / / الكسائي، ولو سئل عن كل هذا لأجاب» (3) اهـ.
وذكر غيره أنه قال عند الفراغ من سؤالهم فلم يجيبوا: يا غلام، أخرجهم عني، ما مثل هؤلاء إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا، لكن علماؤنا بالكوفة إذا سئلوا عن هذه العلوم أجابوا عنها.
تنبيه:
يراعى في خوض طالب العلم في الفنون العلمية أمران مهمان:
أحدهما: أن يكون بعد تحصيل ما لا بد منه من معرفة فروض الأعيان، وتقدم ما هو وسيلة إلى علم ما بعده.
أما الأول: فظاهر، وأما الثاني: فلأنّ العلوم متقدم بعضها على بعض في التعلم، وأيضا لكل منها أوائل وأواخر، وطلب الأواخر قبل الأوائل حماقة ظاهرة، ومع ذلك فالغرور بها واقع في أصناف من الطالبين لمن يحتاج إلى نوع من العلم فيقصد إلى النظر فيه استعجالا لتحصيل فائدته قبل الخوض في مقدماته.
قال الماوردي: «كرجل يؤثر القضاء، ويتصدى للحكم، فيقصد من علم
__________
(1) سورة هود، الآية: 5، {أَلََا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ}.
(2) في مخ «أ»: لم يحل وفي «ج» و «د»: لم يجد.
(3) انظر تاريخ بغداد: 11/ 407.(2/788)
الفقه إلى أدب القاضي وما يتعلق به من الدعوى والبينات، أو يحب الارتسام (1)
في الشهادات، فيتعلم كتاب الشهادة لئلا يصير موسوما بجهل ما يعاني، فإذا أدرك ذلك ظن أنه قد حاز من العلم جمهوره، وأدرك منه مشهوره، ولم ير ما بقي منه إلا غامضا طلبه، عناء وعويصا استخراجه، فناء، وذلك لقصور همته على ما أدرك، ونكوله (2) عما ترك، ولو نصح نفسه لعلم ما ترك أهم مما أدرك، لأن العلم مرتبط بعضه ببعض، ولكل باب منه تعلق بما قبله، ولا قيام للأواخر إلا بالأوائل، وقد يصبح قيام الأوائل بأنفسها، فيصير طلب الأواخر بترك الأوائل تركا للأواخر والأوائل، فإذا ليس يعرى من لوم، وإن كان تارك 254ظ / / الكل ألوم» (3) اهـ.
وذكر أيضا «من ذلك من يغفل عن التعلم في الصغر، ثم يشتغل به في الكبر.
قال: فيستحي أن يبتدىء بما يبتدىء به الصغير، ويستنكف عن أن يساويه الحدث الغرير، فيبدأ بأواخر العلوم وأطرافها، ويهتمّ بحواشيها وأكنافها، ليتقدم على الصغير المبتدىء ويساوي الكبير المنتهي.
قال: وهذا ممن قد رضي بخداع نفسه، وقنع بمداهنة حسه، لأن معقوله إن أحس، ومعقول كل ذي حس يشهد بفساد هذا التصور، وينطق باختلال هذا التخيل، لأنه شيء لا يقوم في وهم، ولجهل ما يبتدىء به المتعلم، أقبح من جهل ما ينتهي إليه العالم، وقد قال الشاعر:
ترقّ إلى صغير العلم حتّى ... يرقّيك الصّغير إلى الكبير
فتعرف بالتفكر في صغير ... كبيرا بعد معرفة الصّغير» (4)
قلت: ومن هذه الطبقة من لا يأنف من تعلم ما يبدأ به، ولكن يتكبر على
__________
(1) الارتسام: الاحتراف، أي احتراف شهادة
(2) في أدب الدنيا: 227: وانصرافها.
(3) انظر: م. س: 227.
(4) م. س: 28.(2/789)
قراءة الكتب التي من شأن المبتدىء الصغير أن يشتغل بها، فيعدل إلى قراءة ما فوقها أنفة من مشاركة الأصاغر، وترفعا إلى درجة من فوقهم، فلا يحصلون من قراءتهم على طائل وأخسر منهم صفقة من يتشوف في كبره إلى تحصيل ما فرّط فيه أيام الصغر أو لم يظفر بإمكان المعرفة به حينئذ، فيمتنع من ذلك استعظاما لقعوده مع الأصاغر في مجلس التعليم. وخصوصا إن كان المعلم يساويه في السن أو يكون في ذلك دونه، وهؤلاء أغرق في الحماقة من غيرهم، لأنهم استشعروا عيب المشاركة في التعلم للأصاغر، وغفلوا عن الجهل الذي عيبه أقبح العيوب وأخسّها 255و / / منزلة، لا سيما مع إمكان النزاهة عنه بالتعلم، والله تعالى يرشد الجميع ويتولاهم.
الثاني: أن يكون محافظا فيه على تقديم الأهم فالأهم.
وللأستاذ «أبي إسحاق الشاطبي» رحمه الله في عقد هذا الأصل ما حاصله حسبما أجاب به في بعض مسائل عنه: «أن كل علم اقتضى الوقت والحال بالنسبة إلى طلب الشرع تقديمه فهو المقدم، وما اقتضى تأخيره فهو المؤخر، وتفصيل هذه الجملة لا تخفى على ذي معرفة بمراتب العلوم في نظر الشارع. نعم ما يخاف اندراسه وذهابه، وهو من الأكيد في الجملة، فلا بد من القيام به لئلا تفوت المنفعة به عند الحاجة إليه» والله أعلم.
ومن كلام الماوردي في هذا المعنى مع التنبيه على أن غير الأهم لا يضر جهله، قوله: «ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله، فيمنعه ذلك عن إدراك ما لا يسع جهله، فإن لكل علم فضولا مذهلة، وشواذ مشغلة، إن صرف إليها نفسه قطعته عما هو أعم منها» (1) اهـ.
وفي معنى أن طلب ما لا يضرّ جهله يمنع من نيل ما لا يسع جهله. قال مالك رضي الله عنه فيما نقل من حكمه، لأبي مسهر (2): «لا تسأل عما لا
__________
(1) أدب الدنيا: 29.
(2) هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي. ت: 218هـ 833م من حفاظ الحديث، كان شيخ الشام وعالمها بالحديث، والمغازي، وأيام الناس، أكرهه المأمون على القول بخلق(2/790)
تريد، فتنسى ما تريد، فإنه من اشترى ما لا يحتاج إليه، باع ما يحتاج إليه» (1).
الأدب السادس:
ينبغي أن يؤخذ من كل علم أحسنه
وهو مرتب على ما قبله، أنه إذا كان يعلم أن العمر لا يتسع لتحصيل كل العلوم عند الخوض فيها، فينبغي كما قال الغزالي: «أن يأخذ من كل شيء أحسنه، فيكتفي بشمّة من كل علم، ويصرف الميسور من العمر (2) إلى استكمال العلم الذي هو [النجاة] (3) والسعادة، وهو غاية جميع العلوم، وهو العلم بالله تعالى» (4) انتهى المراد منه.
وقوله: ينبغي له أن يأخذ من كل شيء أحسنه هو كلام يروى عن 255ظ / / ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الشيخ أبو عمر: «روينا عنه أنه قال «العلم أكثر من أن يحصى، فخذوا من كل شيء أحسنه.
قال: وعن وهب بن منبه (5) أنه قال: العلم أكثر من أن يحاط به، فخذوا منه أحسنه.
قال: وعن الشعبي مثله» (6) اهـ.
وحكى الماوردي عن «المأمون» قال: «ما لم يكن من العلم بارعا فتكون
__________
القرآن فامتنع وحمل إلى السجن فأقام نحوا من مائة يوم، ومات. انظر: التهذيب: 6/ 98، وتاريخ بغداد: 11/ 72. المدارك: 3/ 224221.
(1) المدارك: 2/ 61.
(2) في الإحياء: 1/ 52: علمه.
(3) في «أ»: النجلة.
(4) الإحياء: 1/ 52.
(5) الصنعاني الذماري أبو عبد الله: ت: 114هـ 732م، مؤرخ، عالم بأساطير الأولين، ولا سيما الإسرائيليات، يعد في التابعين، قاضي صنعاء، حبس في كبره، وامتحن. من كتبه: «ذكر الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم، وقبورهم وأشعارهم» وله: «قصص الأنبياء»، و «قصص الأخبار». انظر: التهذيب: 11/ 166.
(6) جامع العلم: 1/ 106105.(2/791)
الصحف أولى به من صدور الرجال» (1).
وأنشد «أبو عمر» «لبعضهم»:
«ما أكثر العلم وما أوسعه ... من ذا الذي يقدر أن يجمعه
إن كنت لا بد له طالبا ... محاولا فالتمسن أنفعه
قال: وأحسن من هذا قول منصور الفقيه:
قالوا خذ العين من كل فقلت لهم ... في العين فضل ولكن ناظر العين
حرفان في ألف طومار مسوّدة ... وربما لم تجد في الألف حرفين
قال: وكان يقال: العالم النبيل الذي يكتب أحسن ما يسمع، ويحفظ أحسن ما يكتب، ويحدث بأحسن ما يحفظ» (2).
قلت: وعكسه ما حكاه «ابن قتيبة» في «عيون الأخبار» (3) «أنّ بعضهم وصف رجلا فقال: كان يغلط في علمه من وجوه أربعة: أن يسمع غير ما يقال له، ويحفظ غير ما يسمع، ويكتب غير ما يحفظ، ويحدث بغير ما يكتب».
نصيحة:
قال بعضهم في معنى وصيتهم بأخذ العين من العلوم، وهو الأحسن منها:
«وينبغي لهم أن يبحثوا عن هذه العيون، فإن {كُلُّ حِزْبٍ بِمََا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (4).
وأنشد:
«الطرق شتى وطريق (5) الحقّ مفردة ... والسالكون طريق الحقّ أفراد 256و / /
لا يعرفون ولا تدرى مقاصدهم ... فهم على مهل يمشون قصّاد
__________
(1) أدب الدنيا: 29.
(2) جامع العلم: 1/ 106105.
(3) انظر: 2/ 130.
(4) سورة الروم، الآية: 32.
(5) سياق المعنى يقتضي ما ذكره، وسياق الوزن يقتضي لفظة (طرق) عوض طريق.(2/792)
والناس في غفلة عما يراد بهم ... فكلهم عن سبيل الرّشد حيّاد (1)» (2)
قال: وبحسب ذلك ينبغي ألّا يتعلّقوا من المتعلّمين، ولا يتلبسوا من الأستاذين:
إلا بأوحد نحرير سما فطنا ... فوجهه نحو عين الحق متجه
عفّ الضمير وفي أخلاقه سنة ... عن القبيح وطرف الحق منتبه
قلت: وذلك ظاهر، فإن المعلم إذا كان غير متوجه في نظره إلى الحق الذي يجب أن يعين لأخذه واختياره على غيره، فإنه لا يرشد إلا لما هو على خلاف ذلك، وحينئذ فضره أقرب من نفعه» اهـ.
الأدب السابع: أن يصبر على شدائد التعلم ومشقاته
فإن العلم كما قيل:
«آخر العلم لذيذ طعمه ... وبديّ الذّوق منه كالصّبر (3)»
وأيضا: فإن الطالب له كما قال «الحافظ أبو نعيم»: «منتظر لإحدى الحسنيين (4)، وفسّر ذلك بما خرجه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب العلم فأدركه، كتب له كفلان من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب له كفل من الأجر» اهـ.
وأنواع مشقاته التي تحمد عاقبة الصّبر عليها متعدّدة:
أحدها: الدرس، فقد تقدم عن الأصمعي، أنه قال حين سئل عن حفظه مع نسيان أصحابه: «درست وتركوا».
ونقل الشيخ أبو عمر عن إبراهيم النخعي قال: «إنه ليطول علي الليل حتى أصبح فألقاهم فربّما [أدسه] (5) بيني وبين نفسي، أو أحدث به أهلي.
__________
(1) في الإحياء: 78: رقاد.
(2) انظر الأبيات في: م. س: 78.
(3) جامع العلم: 1/ 97.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنََا إِلََّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} سورة التوبة، الآية: 52.
(5) في «أ»: أدرس.(2/793)
قال عن بعضهم: يعني بقوله: أدسه: أتحفظه» (1).
ونقل عن الخليل: «كن على مدارسة ما في صدرك، أحرص منك على مدارسة ما في كتبك» (2).
قلت: 256ظ / / ولذلك قال النووي: «وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه» (3)، وهو أمر يضيعه كثير ممن سبق له حفظ الكتاب، فيمر بعد ذلك حفظه بعدم المراجعة له، حتى يصير كأنه لم يحفظه قط، وهو خلاف ما كان عليه المجتهدون في التحصيل.
فقد حكى عياض عن «محمد بن عبدوس (4) فيما رواه عن ابن اللباد (5) أنه صلى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة، خمس عشرة من دراسة، وخمس عشر من عبادة» (6).
وحكى الماوردي: «أنه قيل: لن يدرك العلم من لا يطيل درسه، ويكدّ نفسه، قال: وكثرة الدرس كدّ لا يصبر عليه إلا من يرى العلم مغنما، والجهل مغرما، فيحتمل تعب الدرس ليدرك راحة العلم، وينفي عنه معرة الجهل، فإنّ نيل العظيم بأمر عظيم، وعلى قدر الرغبة يكون الطلب، وبحسب الراحة يكون التعب. وقد قيل: طلب الراحة بقلّة الاستراحة.
وقال بعض الحكماء: أكمل الراحة ما كان عن كد التعب، وأعز العلم ما كان عن ذل الطلب، قال: وربما استثقل المتعلم الدرس والحفظ، واتكل بعد
__________
(1) جامع العلم: 1/ 103.
(2) م. س: 1/ 102.
(3) التبيان: 51.
(4) محمد بن إبراهيم بن عبدوس المالكي، ت: (260هـ 873م) ثقة، فقيه، زاهد، من كبار أصحاب سحنون، له كتاب: «التفاسير»، وكتاب: «المجموعة»، على مذهب مالك وأصحابه.
انظر المدارك: 4/ 228222.
(5) محمد بن محمد بن وشاح اللخمي بالولاء، المالكي أبو بكر ابن اللباد، ت: (333هـ 944م).
فقيه، مفسر، لغوي، له كتاب «الطهارة»، وكتاب «عصمة النبيين» وكتاب «فضائل مالك بن أنس» وكتاب «الآثار والفوائد». انظر الديباج: 2/ 197196، والمدارك: 5/ 295286.
(6) انظر الإلماع: 235.(2/794)
فهم المعاني على الرجوع إلى الكتب والمطالعة فيها عند الحاجة إليها، فلا يكون إلا كمن أطلق ما صاده ثقة بالقدرة عليه بعد الامتناع منه فلا تعقبه الثقة إلا خجلا، ولا التفريط إلا ندما.
قال: وهذه حال قد يدعو إليها أحد ثلاثة أمور:
إما الضجر عن معاناة الحفظ ومراعاته، أو طول الأمل في التوفر عليه عند نشاطه، أو فساد الرأي في عزيمته، أليس يعلم أن الضّجور خائب، وأن الطويل الأمل مغرور، وأن الفاسد الرأي مصاب» (1) اهـ.
قلت: ومما يعرض لمن يتكل على مراجعة الكتب ما أشار إليه القائل تحذيرا من الاتكال عليها 257و / /:
عليك بالحفظ قبل الجمع في كتب ... فإن للكتب آفات تفرقها
الماء يغرقها والنّار تحرقها ... والفار يقرضها واللّصّ يسرقها
فإن كان معتمدا على حفظه وتحصيله لم يجد لفقدها بالغرق وغيره ما يجد من لم يتكل إلا عليها. فحكى الزبيدي عن أبي موسى الهواري (2) من أهل «إستجة» (3) قال: «وهو أول من جمع الفقه في الدين، وعلم العرب بالأندلس، ورحل فلقي «مالكا» ونظراءه. ولقي الأصمعي، وأبا زيد الأنصاري، ونظراءهما. وداخل الأعراب في محالها.
قال: ولما صدر عن سفره عطب ببحر «تدمير» (4) فذهبت كتبه، فأخبرني
__________
(1) أدب الدنيا: 34.
(2) هو عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى من أهل الفقه في الدين، وأول من جمع الفقه في الدين، وعلم العرب بالأندلس، استقضى على بلده أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم، له كتاب في القراءات، وكتاب في تفسير القرآن. انظر طبقات الزبيدي: 254253، والمدارك:
3/ 343.
(3) إستجة: بالكسر ثم السكون: اسم لكورة بالأندلس على نهر غرناطة بينها وبين قرطبة عشرة فراسخ انظر معجم البلدان: 1/ 224.
(4) تدمير: بالضم ثم السكون، وكسر الميم وياء ساكنة وراءه. كورة بالأندلس تتصل بأحواز كورة جيّان وهي شرقي قرطبة. انظر معجم البلدان: 1/ 371.(2/795)
محمد بن عبد العزيز عن بعض المشيخة قال: قصد شيوخ «أهل إستجة» «أبا موسى» يهنّونه بقدومه، ويعزونه بذهاب كتبه. فقال لهم: ذهب الخرج وبقي ما في الدرج، أنا شعبي زماني، فليسألني منكم من شاء عما شاء» (1) اهـ.
وقوله: و «بقي ما في الدرج». فسره ابن الفرضي (2) فيما أورده «عياض» في «المدارك» (3) بأنه «يعني ما في صدره».
الثاني: السهر فقد سبق أيضا قول بعضهم: «يدرك العلم بالمصباح، والجلوس إلى الصباح، وبالسفر، والسهر، والبكور في السحر». وفيما أنشده «عياض» لبعضهم في استسهال تعب السهر في طلب المعالي، والعلم أسناها وأشرفها:
«أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في السّرى روض السهاد
إذا شام الفتى برق المعالي ... فأهون فائت طيب الرّقاد» (4)
وأنشد بعضهم في هذا المعنى:
فكل مطلوب إنسان له ثمن ... وعلمه، ثمناه: البحث والأرق 257ظ / /
وأنشد بعضهم:
بقدر الكد تكتسب المعالي ... ومن طلب العلا سهر الليالي
تروم المجد ثم تنام ليلا ... يغوص البحر من طلب اللآلي
الثالث: الجوع، فقد قال سحنون رحمه الله: لا يصلح لمن يأكل حتى يشبع، ولا من يهتم بغسل ثوبه.
__________
(1) طبقات الزبيدي: 253.
(2) عبد الله بن محمد الأزدي الأندلسي، القرطبي، المعروف بابن الفرضي أبو الوليد: ت: 403هـ 1013م، مؤرخ، نسابة، محدث، حافظ، فقيه، شاعر، كان قاضي مدينة بلنسية قتله البربر يوم فتح قرطبة، من مصنفاته: كتاب «شعراء الأندلس»، «الإعلام بأعلام الأندلس من العلماء والمحدثين والمتقين والفقهاء»، وغيرهما. انظر: الديباج: 1/ 452، والنفح: 2/ 129، والوفيات: 3/ 105.
(3) انظر المدارك: 3/ 343.
(4) انظر الإلماع: 236.(2/796)
وحكى البرزلي عن ابن عرفة أن بعض فقهاء تلمسان قال: «كان الطالب لا يأكل حتى يرى الحائط يرقص، ولا ينام إلا غلبة».
قلت: وقد تقدمت (1) حكاية «السبكي» عن «إمام الحرمين» أنه كان يقول:
«أنا لا أنام، ولا آكل عادة، وإنما أنام إذا غلبني النوم ليلا كان أو نهارا، وآكل إذا اشتهيت الطعام أي وقت كان». للذته بمذاكرة العلم، وطلب الفائدة، وهذا شهير من أحوال المجتهدين في التحصيل قديما وحديثا.
ولذلك قال الحافظ أبو نعيم: «ولا يتملأ من الطعام، والشراب، فيقطعه عن الدّرس»، وخرج لذلك حديث: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرّا من بطن» الحديث
ولمخافة قطعه عن الدرس، وذهابه [بتذكر] (2) المحفوظ. هجر جماعة من ذوي العناية بالعلم ما يتمتع به غيرهم من شهي الطعام، ولذيذ الشراب، صيانة لمحفوظهم عن ذهابه، وصبرا على ترك ما يستطاب، لما كان يخشى منه الضرر على القوة الحافظة.
ومن أغرب ما يحكى في ذلك: ما ذكره «الخطيب» في «تاريخ بغداد» (3)
عن ابن الأنباري رحمه الله وفيه ما يقضى منه العجب، ومساقه ما رواه عن محمد بن جعفر التميمي النحوي قال: «فأما أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري، فما رأيت أحفظ منه ولا أغزر بحرا من علمه.
وحدثني عنه أبو الحسن العروضي قال: 258و / / اجتمعت أنا وهو عند «الراضي» على الطعام، وكان قد عرف الطباخ ما يأكل أبو بكر فكان يسوّي قلّية (4) يابسة. قال: فأكلنا نحن من ألوان الطعام وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأوتينا بحلواء فلم يأكل منها، وقام، وقمنا إلى الخيش، فقام بين
__________
(1) انظر ص 93ومخ «أ». ص: 360359من هذا الكتاب.
(2) في «ج» و «د»: يتذاكر.
(3) انظر: 3/ 184183.
(4) القلّية: ما قلي فجعل مع الطبيخ ليطيبه.(2/797)
الخيشين، ونمنا نحن في خيش ينافس فيه، ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كان مع العصر قال لغلام: الوظيفة، فجاء بماء من الجبّ، وترك الماء [المزمّل] (1) بالثلج، فغاظني أمره، فصحت صيحة، فأمر أمير المؤمنين بإحضاري. وقال: ما قصتك؟ فأخبرته، وقلت: هذا يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه، وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها، ولا يحسن عشرتها، قال: فضحك، وقال: له في هذا لذّة. وقد جرت به العادة، وصار إلفا فلن يضره. ثم قلت يا أبا بكر: تفعل هذا بنفسك؟ قال: أبقي (2) على حفظي.
قلت له: قد أكثر الناس في حفظك! فكم تحفظ؟ قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا.
قال محمد بن جعفر: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله ولا بعده، وكان أحفظ الناس للغة، ونحو، وشعر، وتفسير قرآن، فحدثت أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها.
وقال لنا أبو العباس بن يونس: كان آية من آيات الله في الحفظ. وقال لنا أبو الحسن العروضي: كان ابن الأنباري يتردد إلى «أولاد الرضي» فكان يوما من الأيام قد سألته جارية عن شيء من تفسير الرؤيا فقال: أنا حاقن (3). ثم مضى فلما كان من غد، عاد وقد صار معبرا للرؤيا وذلك أنه مضى من يومه، فدرس كتاب الكرماني وجاء» (4).
قلت: وحكى ابن خلكان عن أبي علي البغدادي قال: «كان أبو بكر الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن الكريم» (5).
قال التميمي 258ظ / / «وكان يأخذ الرطب يشمه ويقول: أما إنك لطيب،
__________
(1) في «أ»: المزيل.
(2) في الأصول: «أتقي»، والتصويب: من تاريخ بغداد: 3/ 184.
(3) ومنه: لا رأي لحاقن: وهو مثل يضرب للمضطر الذي لا يملك أمر نفسه.
(4) انظر تاريخ بغداد: 3/ 184183.
(5) انظر: 4/ 341من الوفيات.(2/798)
ولكن أطيب منك حفظ ما وهب الله لي من العلم» (1) اهـ.
قال الخطيب: «ولما وقع في علة الموت، أكل كل شيء كان يشتهي، وقال: هي علة الموت» (2).
الرابع: الفقر لما شهد به غير واحد من علماء السلف.
يروى عن ابن القاسم: «كان مالك يقول: إن هذا الأمر لن ينال حتى يذاق فيه طعم الفقر، وذكر ما نزل بربيعة من الفقر في طلب العلم حتى باع خشب سقف بيته في طلب العلم، وحتى كان يأكل ما يلقى على مزابيل المدينة من الزبيب، وعصارة التمر. نقله الشيخ أبو عمر» (3).
ونقل عياض عن ابن القاسم قال: «أفضى «بمالك» طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته، فباع خشبه، ثم مالت عليه الدنيا بعد».
قال: وروي مثل هذا عن «ربيعة»» (4) اهـ.
وعن سفيان بن عيينة قال: «سمعت «شعبة» يقول من طلب الحديث أفلس.
قال أبو عمر: وروي عنه أيضا أنه قال: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، من ألح في طلب العلم، أو قال: في طلب الحديث أورثه الله الفقر» (5) اهـ.
وروي عنه أنه قال: «إذا رأيت المحبرة في بيت إنسان فارحمه، وإن كان في كمك شيء فأطعمه» حكاه عياض.
وعن حرملة (6) قال: سمعت الشافعي يقول: لا يطلب هذا العلم أحد
__________
(1) تاريخ بغداد: 3/ 184، والرطب: ما نضج من البسر قبل أن يصير تمرا.
(2) م. س: 3/ 185.
(3) جامع العلم: 1/ 97.
(4) المدارك: 1/ 30.
(5) جامع العلم: 1/ 97.
(6) حرملة بن يحيى التجيبي مولاهم المصري أبو حفص، ت: 243هـ 858م، من فقهاء المالكية، روى عن ابن عيينة، وابن وهب، والشافعي، وكان لا يفتي إلا بمذهب مالك، له في الحديث:
كتاب «المبسوط»، والمختصر، انظر: المدارك: 4/ 173171. والوفيات: 2/ 6564.(2/799)
بالمال وعز النفس فيفلح ولكن من [طلبه بذلة] (1)، وضيق عيش، وخدمة العلم أفلح» (2) اهـ.
ولم يشهد إلا بما أدرك من نفسه كما اتفق «لمالك» رحمهما الله. فذكر الشيخ أبو عمر عن الحميدي (3) قال: «قال محمد بن إدريس الشافعي: كنت يتيما في حجر أمي، فدفعتني في الكتاب، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم.
فكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام.
فلما ختمت القرآن دخلت 259و / / المسجد، فكنت أجالس العلماء، وكنت أسمع الحديث، أو المسألة فأحفظها، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به قراطيس، فكنت إذا رأيت عظما يلوح (4)، آخذه فأكتب فيه، فإذا امتلأ طرحته في جرة كانت لنا قديمة.
قال: ثم قدم وال على «اليمن» فكلمه لي بعض القرشيين أن أصحبه، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أتجمل به، فرهنت دارها (5) بستة عشر دينارا فأعطتني، فتجملت بها معه، فلما قدمنا «اليمن»، استعملني على عمل فحمدت فيه، فزادني عملا. وقدم [العمار] (6) «مكة» في «رجب» فأثنوا علي فطار لي بذلك ذكر، فقدمت من «اليمن»، فلقيت ابن أبي يحيى (7) فسلمت عليه فوبخني، وقال: تجالسوننا، وتصنعون، وتصنعون، فإذا شرع لأحدكم شيء دخل فيه، أو نحو هذا من الكلام.
__________
(1) في «أ»: بذاته. وفي «د»: ينال بذاتها.
(2) الإلماع: 52، وجامع العلم: 1/ 98.
(3) عبد الله بن الزبير صاحب الشافعي تقدمت ترجمته.
(4) لاح العظم: صار لوحا أو صحيفة يكتب فيها.
(5) في جامع العلم: 1/ 98: رداءها.
(6) في «أ»: العمال.
(7) هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق ت: 184هـ 800م. من علماء الحديث، من أهل المدينة، ومن شيوخ الإمام الشافعي في صغره، له الموطأ، طعن فيه رجال الحديث، وقالوا: قدري معتزلي، انظر: التذكرة: 1/ 247246، وميزان الاعتدال: 1/ 57 61.(2/800)
قال: فتركته ثم لقيت «سفيان بن عيينة» فسلمت عليه، فرحب بي، وقال: قد بلغتنا ولايتك، فما أحسن ما انتشر عنك، وما أديت كل الذي لله عليك، ولا تعد.
قال: فكانت موعظة سفيان إياي أبلغ مما صنع بي ابن أبي يحيى» (1) انتهى المقصود منه.
وحكايات غير واحد من العلماء قديما وحديثا في بداية أمرهم بالفقر، وقلة ذات اليد، معروفة فلا نطيل بها. وبرهان وجودها شاهد لما تقدم. أن الغالب في طلب العلم، استقباله بضيق العيش، وتقتيره، والمعروف أيضا من أحوال أهل الصدق منهم، أنهم إذا أقبلت عليهم الدنيا بعد ذلك على يد بعض أهلها لا يعتمدون إلا على الله إذ بتقدير أن ينقطع ذلك المدد الواصل إليهم، فلا عليهم من الرجوع إلى الحالة الأولى، وإن تعودوا الراحة منها رضى بما قسّم لهم، وصبرا على شدائد العلم، وإن صحبت إلى حال النهاية.
كما حكى 259ظ / / «الخطيب» عن الإمام «أبي عبد الله المروزي» المتقدم الذكر.
وسياقه أن «إسماعيل بن أحمد (2) والي خرسان، كان يصله في كل سنة بأربعة آلاف درهم. ويصله أخوه إسحاق بن أحمد بأربعة آلاف درهم. ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهم، فكان ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال ثقيل!. فقيل له: لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم، فلو جمعت من هذا شيئا لنائبة! فقال: سبحان الله! أنا بقيت «بمصر» كذا وكذا سنة، فكان قوتي، وثيابي، وكاغدي وحبري، وجميع ما أنفقه في السنة عشرين درهما، فترى إن ذهب هذا، لا يبقى ذاك» (3)!.
__________
(1) جامع العلم: 1/ 98.
(2) الساماني أبو إبراهيم، ت: 295هـ 907م، ثاني أمراء الدولة السامانية في ما وراء النهر، كان حازما في سياسته، لذلك صفا له جو الإمارة، كما كان له اشتغال بالحديث، وجمع له بعضهم:
«شمائله» في كتاب، انظر: الكامل لابن الأثير: 8/ 5، والشذرات: 2/ 219.
(3) تاريخ بغداد: 3/ 318317.(2/801)
وصية:
إذا كان فقر المريد لطلب العلم، بحيث لا يجد لأجله ما يحسب في العادة لائقا من اللباس بالمشتغلين بالطلب، فلا يمتنع بسبب ذلك من الشروع فيه، لأن السلف ما كانوا يتخصصون بزي يتميزون به. وإنما حدث ذلك فيما بعدهم. وحينئذ فلا ينبغي أن يمتنع من الاشتغال بالطلب عند العجز عن ذلك النوع من اللباس.
وقد نبّه على ذلك ابن الحاج، وقرر ما ينشأ عن ذلك، فقال: «وانظر رحمك الله إلى هذه المفسدة التي وقعت بهذا اللباس، كيف جرت إلى حرمان تعلم العلم، فلقد رأيت وباشرت من له أولاد يريد أن يشغلهم بالعلم، فيمتنع عليه ذلك، لأجل قلة ذات اليد لا يقدر أن يحصل لأحدهم تلك الثياب التي اصطلحوا عليها، ولا يقدر أن يحضر ولده مجالس العلم لأجل ذلك. وهذا هو المقصود الأعظم لإبليس وجنوده، لأن العلم به يخالف إبليس، وبتركه يطاع، فأي مفسدة أعظم من هذه قال: وسبب هذا كله: الوقوع فيما وقعنا فيه من قلة العلم والفهم، إذ لو كان لنا علم أو فهم لعرفنا 260و / / أن الفضائل والخيرات لمن تقدم، وأن ذاك لا نصل إليه إلا باتباعهم، فإذا خالفناهم فما يحصل لنا إلا النقيض (1) والعياذ بالله» (2) انتهى المراد منه.
وقبل هذا نقل عن فضلاء الشيوخ ما كانوا عليه من اختصار الزي، وعدم المبالاة بخفة المؤونة، ما فيه أسوة لمن ينسج على منوالهم، وجرى على منهجهم الواضح في أفعالهم وأقوالهم.
فحكى عن «الشيخ الجليل أبي عبد الله القرطبي رحمه الله أنه كان في بيته يغسل له ثوبه، ولم يجد شيئا يلبسه، فلبس ثوب زوجته، وجلس يشغل ولده حتى تفرغ من غسلها، ثم احتاج إلى خبز العجين في الفرن، فأخذ الطبق
__________
(1) في المدخل: 1/ 154: النقص.
(2) م. س: 1/ 154.(2/802)
على يده والولد على ذراعه، فخرج لأن يخبز، وإذا بامرأة عجوز لقيته تطلب منه أداء شهادة عند الحاكم، فذهب معها في الوقت وهو على تلك الحال والعجين على يده، وولده على ذراعه حتى جاء إلى القاضي جماعة الشهود عنده فأدى الشهادة. فقال له القاضي: ما حملك على أن تأتي على هذه الحالة؟.
فقال له: غسلت ثوبي، ولم أجد شيئا ألبسه، فلبست ثوب الزوجة، وكنت أشغل الولد عن أمه، ثم احتجت إلى الخبز فخرجت، ولقيت هذه المرأة، وطلبت مني أداء الشهادة، وهي واجبة علي، فخفت أنه لا يطول العمر، فبادرت إلى خلاص الذمة، وبعدها أدرك قضاء حاجتي، فرد القاضي رأسه إلى العدول، فقال لهم: أفيكم من يقدر أن يفعل مثل هذا؟. فقالوا: لا، فقال: وأين العدالة؟
قال: وكذلك غيره. وغيره من العلماء: متقدمهم ومتأخرهم» (1) اهـ.
[الخامس] (2): كتب العلم وتقييده.
فقد تقدم [الحض] (3) عليه حسبما استقر العمل به، ولا خفاء بما يلقى في الإكثار منه من المشقة والتعب، ولكنه من الأمور الضرورية في تحصيل العلم 260ظ / / لمن قدر عليه.
وأخبار العلماء في ذلك معروفة. فعن مالك رضي الله عنه قال:
كتبت بيدي مائة ألف حديث.
وعن أبي عبيدة حكاه الزبيدي قال: «قال عيسى يعني: ابن عمر:
كنت وأنا شاب أقعد بالليل، فأكتب حتى ينقطع سواي، أي: وسطي» (4).
قال الخطيب: «وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي يحكي أن «محمد بن جرير» يعني الطبري مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم أربعين ورقة» (5).
__________
(1) م. س: 1/ 150.
(2) ساقط من «أ».
(3) في «أ»: الحظ.
(4) طبقات الزبيدي: 42.
(5) تاريخ بغداد: 2/ 163.(2/803)
وحكى ابن الجوزي: في «تلبيس إبليس» عن «أحمد بن حنبل» أنه كان يحمل المحبرة على الكبر فقال له رجل: «إلى متى يا أبا عبد الله؟. فقال المحبرة إلى المقبرة» (1).
واستحسانهم للصبر على مشقته معلوم أيضا كذلك. أنشد «عياض» في «الإلماع» (2) «لأحمد بن حنبل»:
من طلب العلم والحديث فلا ... يضجر من خمسة يقاسيها
دراهم للعلوم ينفقها (3) ... وعند [نشر] (4) الحديث يفنيها
يضجره الضّرب في دفاتره ... وكثرة اللّحق في حواشيها
يغسل أثوابه، وبزتّه ... من أثر الحبر ليس ينقيها»
وحكى الشيخ أبو عمر: «قيل «لأبي العباس بن يحيى «ثعلب»: توحّشت من النّاس جدّا، فلو تركت لزوم البيت بعض الترك، وبرزت للناس كانوا ينتفعون بك، وينفعك الله بهم، فمكث ساعة ثم أنشأ يقول:
إن صحبنا الملوك تاهوا علينا ... واستخفوا كبرا بحق الجليس
أو صحبنا التجار صرنا إلى البؤ ... س، وعدنا إلى عداد الفلوس
فلزمنا البيوت نستخرج العل ... م، ونملا به بطون الطروس 261و / /
وهذا وإن كان من عمل أهل النهاية، ولكن المتعلم حظه من ذلك جمع ما يحصل به العلم، فإن انتهض بعد إلى درجة التصنيف، فسيجد في مكتوباته ما يستعين به أي استعانة.
قال: وأنشد محمد بن هارون الدمشقي لنفسه أو لغيره:
لمحبرة تجالسني [نهاري] (5) ... أحب إلي من أنس الصدّيق
__________
(1) انظر ص: 329من «تلبيس إبليس».
(2) انظر ص: 165.
(3) في الإلماع: 165: يجمعها.
(4) في «ج» و «د»: بشر.
(5) في «أ»: نهارا.(2/804)
ورزمة كاغد في البيت عندي ... أحب إلي من عدل الدّقيق
ولطمة عالم في الخد منّي ... ألذ لديّ من شرب الرّحيق
وأنشد أيضا:
ما [يدرك] (1) العلم إلا كلّ مشتغل ... بالعلم همّته القرطاس والقلم» (2)
وحكى «الخطيب» في «تاريخه» (3) عن صالح بن محمد (4) قال: «كان ببغداد شاعران، أحدهما: سني والآخر: معتزلي.
قال: فدعاني «المعتزلي» يوما فقال: يا بني، لم تكتب!؟ يذهب بصرك، ويحدودب ظهرك، ويزداد فقرك، ثم أخذ كتابي وكتب عليه:
إن القراءة والتفقه والتشاغل بالعلوم
أصل المذلّة والإذاية و [المهانة] (5) والهموم
ثم ذهب وجاء الآخر، فقرأ البيتين. فقال: كذب عدو نفسه بل يرتفع ذكرك، وينتشر علمك، ويبقى اسمك مع اسم النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ثم كتب هذين البيتين:
إن التشاغل بالدفاتر والكتابة والدراسه
أصل التفقه (6) والتزهد والرياسة والسياسه» 261ظ / /
عناية:
من شغفهم بكتابة العلم أنهم جعلوا أثر حبرها دليلا على المروءة، وكمال
__________
(1) في «أ»: بورك.
(2) انظر جامع العلم: 2/ 204202.
(3) انظر: 9/ 324323.
(4) صالح بن محمد بن عمرو الأسدي بالولاء أبو علي المعروف بجزرة. ت: 293هـ 906م من أئمة أهل الحديث، ولد بالكوفة، وسكن بغداد، ولم يكن في العراق وخراسان في عصره أحفظ منه، لقب بجزرة لأنه صحف في حديث: «كانت له خرزة» فقال: جزرة، انظر تاريخ بغداد: 9/ 322.
(5) ساقطة من «أ».
(6) في تاريخ بغداد: 9/ 324: التقية.(2/805)
الخصوصية. فخرج عياض عن جرير (1) عن منصور (2) قال: كان إبراهيم النخعي يقول: من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد!
قال: وفي (مثل) (3) هذا دليل على جواز لعق الكتاب بلسانه، وكان سحنون ربما كتب الشيء ثم لعقه بلسانه» (4).
قال: «وقال أبو بكر الصولي (5): كتب إبراهيم بن العباس (6) يوما كتابا، فأراد محو حرف منه، فلم يجد منديلا فمحاه بكمه، فقيل له في ذلك. فقال:
المال فرع، والعلم أصل، فهو أحق بالصون، وإنما بلغنا هذه الحال. واعتقدنا الأموال بالعلم والمداد» اهـ.
وحكى الماوردي عن عبيد الله بن سليمان «رأى على بعض ثيابه أثر صفرة، فأخذ من مداد الدواة فطلاه به وقال: المداد بنا أحسن من الزعفران، وأنشد:
[إنما] (7) الزعفران عطر الغواني ... ومداد الدواة عطر الرجال» (8)
__________
(1) جرير بن عبد الحميد الرازي الضبي، ت: 188هـ 804م. محدث الري في عصره، رحل إليه المحدثون لسعة علمه. كان ثقة، كوفي الأصل، انظر التذكرة: 1/ 272271، وتاريخ بغداد:
7/ 253.
(2) منصور بن المعتمر السلمي أبو عتاب الكوفي. ت: 132هـ 750م. من أعلام رجال الحديث، لم يكن أحفظ للحديث منه، وكان ثقة ثبتا. انظر التهذيب: 10/ 312.
(3) زيادة من الإلماع: 173.
(4) م. س: 173.
(5) هو محمد بن يحيى أبو بكر الصولي. ت: 335هـ 946م، نديم الخلفاء، ومن علماء الأدب، عرف بالشطرنجي، لأنه كان من أحسن الناس لعبا بالشطرنج، له تصانيف منها: «الأوراق» في أخبار آل العباس وأشعارهم. و «أخبار الشعراء المحدثين» و «أدب الكتاب» و «أخبار القرامطة».
انظر: تاريخ بغداد: 3/ 427، والنزهة: 274273، الوفيات: 4/ 356.
(6) إبراهيم بن العباس الصولي، أبو إسحاق، ت: 243هـ 857م كاتب العراق في عصره، كان كاتبا للمعتصم، والواثق، والمتوكل، قيل عنه: لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب أشعر منه.
له «ديوان رسائل» و «ديوان شعر» و «كتاب الدولة» و «كتاب العطر» انظر: تاريخ بغداد: 6/ 117، والوفيات: 1/ 4744.
(7) في الأصول: إنا.
(8) انظر: أدب الدنيا: 39.(2/806)
ومن شغفهم بها اعتناؤهم بآلاتها، وتفضيلهم لها على زخرف الدنيا، وما يتفاخر به المترفون من زينتها العاجلة. فأنشد صاحب «زهر الآداب» (1) لأبي الفتح كشاجم (2) يصف محبرة، ومقلمة، وأقلاما:
حسبي من اللهو وآلات الطرب ... ومن عتاد وثراء ونشب
ومن مدام ومثان تصطحب ... وهمّة طماحة (3) إلى الرتب
مجالس مصونة من الريب ... معمورة من كلّ علم وأدب (4)
تكاد من حرّ الحديث تلتهب ... شعرا وأخبارا ونحوا يقتضب
ولغة تجمع ألفاظ العرب ... وفقرا كالوعد في قلب المحب 262و / /
أو كتأتّي الرّزق من غير طلب ... أجل (5)، وحسبي من دويّ تنتخب
محلّيات بلجين وذهب ... محبرة يزهى بها الحبر الألب
مثقوبة آذانها وفي الثّقب ... مثل شنوف الخرّد البيض العرب
تضمن قطرا فيه للكتب عشب ... أسود يجري بمعان كالشهب
لا تنضب الحكمة إلّا إن نضب ... نيطت إلى يسرى يدي بسبب
كالقرط في الجيد تدلّى واضطرب ... يصحبها، والأخوات تصطحب
كأنّه (6) يودع نبلا من قصب ... لم يعلها ريش، ولم تحمل (7) عقب (8)
لا تضحك الأوراق حتّى تنتخب ... ترمي بها يمناي أعراض الكتب
__________
(1) انظر: 1/ 521520.
(2) محمود بن الحسين بن السندي المعروف بكشاجم (أبو الفتح، أو أبو النصر) ت: 360هـ 970م، الأديب الشاعر، المنجم، من كتاب الإنشاء، من أهل الرملة بفلسطين، له «ديوان شعر»، و «المصايد والمطارد»، و «أدب النديم». انظر: الفهرست: 206والشذرات: 3/ 3837.
(3) في الديوان: 65: طامحة.
(4) في م. س: 65: يطلب.
(5) في م. س: 65: نعم.
(6) في م. س: 66: كنانة. (وكنانة السهام: جعبة من جلد لا خشب فيها).
(7) في م. س: 66: ولم تكس.
(8) في زهر الآداب: 1/ 521: عصب، والعقب: العصب تعمل منه الأوتار.(2/807)
رميا متى أقصد به السمت أصب ... ومدية كالعضب ما مسّ قضب
غضبى على الأقلام من غير سبب ... تسطو بها في كلّ حين وتثب
وإنما ترضيك في ذاك الغضب ... فتملك آلاتي، وآلاتي تحب
والظرف في الآلات مما (1) يستحب ... لا سيّما ما كان منها للأدب» (2)
وأنشد القللوسي لبعضهم:
«إذا ما المسك طيّب ريح قوم ... كفاني ذاك رائحة المداد
وما شيء بأحسن (3) من يراع ... على حافاته طرق السواد
وأنشد في معناه:
لا تجزعنّ من المداد ولطخه ... إن المداد خلوق ثوب الكاتب
وأنشد أيضا: 262ظ / /
إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم ... وعدوه مما يورث المجد والكرم
كفى قلم الكتاب مجدا ورفعة ... مدى الدهر، أن الله أقسم بالقلم»
كرامة:
من فضيلة المواظبة على كتب العلم عند الله تعالى أن مداده راجح على دم الشهيد.
ففي الحديث: «لو وزن مداد العلماء، ودم الشهداء لرجح مداد العلماء».
وخرّج الشيخ أبو عمر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوزن يوم القيامة مداد العلماء، ودم الشهداء» (4).
قال ابن الحاج: «وهذا بين لأنّ دم الشهداء إنما هو في ساعة من نهار أو
__________
(1) في الديوان: 67: شيء.
(2) انظر م. س: 6765.
(3) في الأصول: أحسن.
(4) جامع العلم: 1/ 3130.(2/808)
ساعات، ثم انفصل الأمر فيه إلى إحدى الحسنيين، ومداد العلماء هو وظيفة العمر ليلا ونهارا.
قال: ثم إنه محتاج فيه لمباشرة غيره، لا بد من ذلك أو يتعلم، وكلاهما يحتاج فيه إلى مجاهدة عظيمة، لأجل خلطة الناس ومباشرتهم، وذلك أمر عسير لأنه يحتاج أن كل من اجتمع به ينفصل عنه، وهو طيب النفس، منشرح الصدر، بذلك مضت السنة، وانقرض السلف عليه.
قال: وهذا مع مراعاة الأصل الذي هو تخليص الذمة مما يترتب فيها وعليها من حقوق الإخوان في الحضرة والغيبة، والسلامة من أعراضهم، والذب عنهم، (وسلامة الصدر لهم، ومراعاة أحوالهم، وإنصافهم في الخلطة، والتوفية لهم في ذلك كله) (1) صعب عسير، فضلا عن مكابدة فهم المسائل، والوقوف على معانيها، وغامض خباياها آناء الليل وأطراف النهار، مع ما ينزل من النوازل التي تقع في زمانه كما قال «صاحب الأنوار»: «وقد خص الله العلماء بفضيلة لا يشاركهم فيها غيرهم لأن الله عز وجل يعبد بفتواهم، ويعرف حلاله وحرامه بهم غير أنهم مطالبون بشكر النعمة، موقوفون لوجود كل فتنة 263و / / ومحنة، وحادثة، وبدعة» (2) اهـ.
ومن فضيلة كتابة العلم ما يروى عن الحسن أنه قال: «صرير قلم العلماء تسبيح، وكتابة العلم والنظر فيه عبادة، وإذا أصاب من ذلك المداد ثوبه فكأنما أصابه دم الشهداء، وإذا قطر منها على الأرض تلألأ نورا، وإذا قام من قبره نظر إليه أهل الجمع فقالوا: هذا عبد من عباد الله، أكرمه الله، وحشره مع الأنبياء عليهم السلام» اهـ.
ذكره الإمام فخر الدين. وقد ضمن «ابن دريد» معنى الترجيح لمداد العلماء على دم الشهداء في أبيات أنشدها الشيخ أبو عمر (3). لكن فرض ذلك
__________
(1) زيادة من المدخل: 1/ 68.
(2) م. س: 1/ 68.
(3) انظر جامع العلم: 1/ 31.(2/809)
في جانب العلماء بالسنة، وهم إلى تلك الفضيلة أسبق من غيرهم، وجميع العلماء بالفنون الدينية يأخذون من ذلك بمقدار غناهم في حفظ دين الإسلام إذا حسنت النية فقال:
«أهلا وسهلا بالذين أحبهم ... وأودهم في الله ذي الآلاء
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى ... غرّ الوجوه وزين كل ملاء
يسعون في طلب الحديث بعفّة ... وتوقّر وسكينة وحياء
لهم المهابة، والجلالة والنّهى ... وفضائل جلّت عن الإحصاء
ومداد ما تجري به أقلامهم ... أزكى وأوفى (1) من دم الشهداء
يا طالبي علم النبي محمد ... ما أنتم وسواكم بسواء» (2)
السادس: مطالعة الكتب مهما تفرغ لها في غير أوقات القراءة على الشيخ، فإنها مادة التحصيل، [ومرجع] (3) التفريع والتأصيل، وصبر العلماء المجتهدين في الطلب على الدؤوب عليها [ليلا] (4) ونهارا معروف، ومقاماتهم في ذلك غير 263ظ / / مجهولة لا باعتبار البداية ولا باعتبار النهاية، وقد حكى «السبكي» عن «عبد الغافر الفارسي» أنه سمع «إمام الحرمين» يقول:
«طالعت في نفسي يعني وقت اشتغاله على الإمام «أبي القاسم الإسكاف» مائة مجلدة. قال: وكان يصل الليل بالنهار في التحصيل» (5).
وحكى «ابن الأبار» عن «ابن رشد الحكيم، أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقل إلا ليلة وفاة أبيه، وليلة بنائه بأهله».
قال الشيخ أبو عمر عن الحسن اللؤلؤي (6) إن صح عنه أنه قال: «لقد
__________
(1) في م. س: 1/ 31. وفي الديوان: 33: أفضل.
(2) انظر ديوان ابن دريد: 33.
(3) في «ج» و «د»: من جمع.
(4) ساقطة من «ج» و «د».
(5) انظر طبقات الشافعية: 3/ 254.
(6) الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي أبو علي ت: 204هـ 819م قاض، فقيه من أصحاب(2/810)
غبرت لي أربعون عاما ما قمت ولا نمت إلا والكتاب على صدري» (1).
قلت: لعله يعني بذلك المبالغة في لزوم المطالعة أكثر الأوقات التي من شأن المجتهدين ألا يغفلوا فيها عن النظر والمراجعة لما في الكتب، والدواوين، وحينئذ فلا بعد في الرواية عنه على حسبها كما حكى الزبيدي عن «أبي عمر أحمد بن حجاج (2)، وكان من أعلم الناس بالنحو، وأحفظهم لمسائله، وأن «كتاب سيبويه» كان بين يديه لا يفتر عن مطالعته في حال فراغه وشغله، وصحته وسقمه» (3).
ترغيب:
من عناية المعترفين بفائدة النظر في الكتب، أنهم تجاروا في مدحها، وحمد العكوف على مطالعتها بما يزيد الراغب فيها شوقا إليها. وشغفا بقصر الهمة عليها، ولمنظومهم من ذلك في القلوب المتيبة، موقع عظيم.
فحكى الشيخ أبو عمر بسنده إلى «أحمد بن أبي عمران» قال: «كنت عند «أبي أيوب أحمد بن محمد بن شجاع»، وقد تخلف في منزله، فبعث غلاما من غلمانه إلى «أبي عبد الله بن الأعرابي» «صاحب الغريب»، يسأله المجيء إليه، فعاد إليه الغلام فقال: قد سألته ذلك فقال 264و / / لي: عندي قوم من الأعراب، فإذا قضيت أربي معهم أتيت، قال الغلام: وما رأيت عنده أحدا، إلّا أنّ بين يديه كتبا ينظر فيها. فينظر في هذا مرة، وفي هذا مرة، ثم ما شعرنا حتى جاء، فقال له أبو أيوب: يا أبا عبد الله، سبحان الله العظيم! تخلّفت عنا، وحرمتنا الأنس بك، ولقد قال لي الغلام: إنه ما رأى عندك أحدا. وقلت له: أنا مع قوم من الأعراب، فإذا قضيت أربي معهم أتيتك. فقال ابن الأعرابي:
__________
أبي حنيفة. من كتبه: «أدب القاضي»، و «معاني الإيمان» و «النفقات»، و «الوصايا» انظر: تاريخ بغداد: 7/ 314. وميزان الاعتدال: 1/ 491.
(1) جامع العلم: 2/ 204.
(2) ت: 336هـ 947م، انظر طبقات الزبيدي: 300229وقد ذكر أنه كان من أحذق الناس بعلم العروض، وأحفظهم له، وكان شاعرا مجوّدا، وكان له حظ من علم الموسيقى
(3) طبقات الزبيدي: 299.(2/811)
لنا جلساء ما نملّ حديثهم ... ألبّاء مأمونون غيبا ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم (1) ما مضى ... وعقلا وتأديبا ورأيا مسددا
بلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة ... ولانتقي منهم لسانا ولا يدا
فإن قلت: أموات فما أنت كاذب (2) ... وإن قلت أحياء فلست مفندا» (3)
وأنشد لبعضهم من قصيدة:
أقبلت أهرب لا آلو مباعدة ... في الأرض منهم، فلم يحصنّي الهرب
لمّا رأيت بأني لست معجزهم ... فوتا ولا هربا قد بتّ أحتجب
فصرت في البيت مسرورا تحدّثني ... عن علم ما غاب عني في الورى الكتب
فردا تخبرني الموتى، وتنطق لي ... فليس لي في أناس غيرهم أرب
لله من جلساء لا جليسهم ... ولا خليطهم للسّوء مرتقب
لا بادرات الأذى يخشى رفيقهم ... ولا يلاقيه منهم منطق ذرب
أبقوا لنا حكما تبقى منافعها ... أخرى الليالي على الأيام وانشعبوا
إن شئت من محكم الآثار يرفعها ... إلى النبي تقاة خيرة نجب 264ظ / /
أو شئت من عرب علما بأوّلهم ... في الجاهلية تنبئني بها العرب
أو شئت من سير الأملاك من عجم ... تنبي، وتخبر كيف الرأي والأدب
حتى كأنّي قد شاهدت عصرهم ... وقد مضت دونهم من دهرنا حقب
ما مات قوم إذا أبقوا لنا أدبا ... وعلم دين، ولا بانوا ولا ذهبوا (4)
قال: «ومما يحفظ قديما:
نعم المحدث (5) والجليس [كتاب] (6) ... تخلو به إن ملّك الأصحاب
__________
(1) في طبقات الزبيدي: 197: مثل.
(2) في بهجة المجالس: 1/ 51فلست بكاذب.
(3) انظر جامع العلم: 2/ 202، وطبقات الزبيدي: 197196، وبهجة المجالس: 1/ 51.
(4) انظر جامع العلم: 2/ 203.
(5) في م. س: المؤانس.
(6) في «ج» و «د»: كتابي.(2/812)
لا مفشيا سرا ولا متكبرا ... وتفاد منه حكمة وصواب
قال: وأنشدني أحمد بن محمد رحمه الله:
وألذ ما طلب الفتى بعد التّقى ... علم هناك يزينه طلبه
ولكل طالب لذة متنزّه ... وألذّ نزهة عالم كتبه
قال: وسألني أن أزيد عليها [فزدته في حضرته» (1):
يسلي الكتاب هموم قارئه ... ويبين عنه إذا قرا [نصبه] (2)
... نعم الجليس إذا خلوت به ... لا [مكره] (3) يخشى، ولا شغبه
قال: وقال بعض البصريين:
العلم آنس صاحب ... [أخلو] (4) به في وحدتي
فإذا اهتممت فسلوتي ... وإذا خلوت فلذّتي» (5)
قال: وأنشدت لعبد الملك بن إدريس الوزير (6) من قصيدة:
«واعلم بأنّ العلم أرفع رتبة ... وأجلّ مكتسب وأسنى مفخر 265و / /
فاسلك سبيل [المقتنين] (7) له تسد ... إن السيادة تقتنى بالدفتر
والعالم المدعوّ حبرا إنما ... سماه باسم الحبر [حمل] (8) المحبر
وبضمّر الأقلام يبلغ أهلها ... ما ليس يبلغ بالجياد الضّمر» (9)
__________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من «د».
(2) في الأصول: كتبه.
(3) في «أ»: يكره.
(4) في «أ»: أخلق.
(5) جامع العلم: 2/ 204203.
(6) عبد الملك بن إدريس الجزيري الكاتب أبو مروان. ت: قبل 400هـ 1009م. وزير من وزراء الدولة العامرية، أديب، شاعر، عالم. معدود في كبار البلغاء، له رسائل وأشعار كثيرة. انظر الجذوة: 281280.
(7) في «أ»: المتقنين.
(8) في «ج» و «د»: حبل.
(9) هذه الأبيات جزء من قصيدة في الآداب والسنة، كتبها الشاعر إلى بنيه، قال عنها(2/813)
وأنشد غيره:
«الكتب إن شبهتها ... ألفيتها مثل السفن
تأتي بها الأرواح من ... صنعاء نحوك أو عدن
فإذا رأيت رأيت أع ... ودا قليلات الثمن
وإذا اختبرت وجدتها ... والكل منها قد شحن
بالمسك أو بالدر وال ... ياقوت أو عصب (1) اليمن
وأنشد أيضا:
الكتب أصداف الحكم ... تنشقّ عن درّ الكلم
منها استفاد ذوو النهى ... حسن الخلائق والشيم
وأنشد الطرطوشي (2) لابن الجهم (3):
«سمير إذا جالسته كان مسليا ... فؤادا بما قد كان فيه من الوجد (4)
يفيدك علما أو يزيدك حكمة ... وغير حسود أو [مصرّ] (5) على حقد
ويحفظ ما استودعته غير غافل ... ولا خائن عهدا على قدم العهد
__________
الحميدي: وهي من مطولاته، لا أعلم لأحد مثلها في معناها. انظر الجذوة: 281، وجامع العلم: 2/ 204.
(1) العصب: خرز تنظم منه القلائد. ففي الحديث، قيل لثوبان: اشتر لفاطمة قلادة من عصب، وسوارين من عاج، وقال الخطابي في المعالم: إن لم تكن الثياب اليمانية، فلا أدري ما هو، وما أدري أن القلادة تكون منها. وقال أبو موسى: يحتمل أن الرواية إنما هي العصب بفتح الصاد، وهي أطناب مفاصل الحيوانات، وهي شيء مدور، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة، فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز، فإذا يبس يتخذون منه القلائد، انظر اللسان: عصب.
(2) انظر سراج الملوك من ص: 355353.
(3) علي بن الجهم القرشي الشامي أبو الحسن، ت: 249هـ 863م. ولد ونشأ ببغداد، وكان يختلف إلى أحمد بن حنبل، ويسأله مسائل في الفقه، والصفات وما ماثل ذلك، له ديوان شعر.
انظر تاريخ بغداد: 11/ 369367.
(4) في سراج الملوك: 353:
«فؤادك عما فيه من ألم الوجد؟!»
(5) في «ج» و «د»: مضر.(2/814)
زمان ربيع في الزمان بأسره ... يتيحك روضا غير ذاو، ولا جعد (1)
وأنشد لبعضهم 265ظ / /:
إذا ما خلا الناس في دورهم ... بخمر سلاف، وخود كعاب
وأنسهم حسنات الليالي ... بعزّ الندامى وزهو الصحاب (2)
خلوت، وصحبي كتب العلوم ... وبتّ عروسي بنت الكتاب (3)
ودرس العلوم حياة القلوب (4) ... فدوروا (5) علي بذاك الشراب
وما يجمع المرء في دهره ... سوى العلم يجمعه للثّواب (6)»
قال: ومن مليح ما ينشد في الدفاتير والكتب:
إذا ما خلوت من المؤنسين ... جعلت المؤانس لي دفتري
فلم أخل من شاعر مؤنس (7) ... ومن عالم صالح منذر
ومن حكم بين أثنائها (8) ... فوائد للناظر المفكر
وإن ضاق صدري بأسراره ... وأودعته السر لم يظهر
وإن صرح الشعر باسم الحبيب ... فلم أحتشمه ولم أحصر
وإن عدت من ضجرة (9) بالهجا ... وسبّ الخليفة، لم أحذر
__________
(1) في سراج الملوك: 353: أضاف البيت الآتي:
«تنوّر آدابا بورد بدائع ... أخص وأولى بالنفوس من الورد»
(2) في م. س: 353: جاء البيت كالتالي:
«وأنستهم لحساب الليالي ... صفاء الندامى وزهو السحاب»
(3) في م. س: 353: جاء عجز البيت كالتالي:
«وبيت عروسي بيت الكتاب»
(4) في م. س: 353: شراب العقول.
(5) في الأصول: يدور.
(6) في الأصول: التراب.
(7) في سراج الملوك: 353: محسن.
(8) في م. س: 353: أبياتها.
(9) في م. س: 353: ضجر.(2/815)
ونادمت فيه كريم المغيب ... لندمائه طيّب المخبر
فلست أرى مؤثرا (1) ما حييت ... عليه نديما إلى المحشر
قال: وأنشد ابن حزم لبعض الأدباء:
«إن صحبنا الملوك تاهوا علينا ... واستخفوا جهلا بحق الجليس (2)
أو صحبنا التجار عدنا إلى البؤ ... س (3)، وصرنا إلى عداد (4) الفلوس
فلزمنا البيوت نستعجل الخي ... ر (5)، ونملا به وجوه الطروس 266و / /
ونفعنا بما رزقنا فصرنا ... أمراء على الملوك النّدوس» (6)
(قال: زاد فيه ابن حزم) (7):
لو تركنا وذاك كنا ظفرنا (8) ... من أمانينا بعلق نفيس
غير أن الزمان أعيا (9) بنيه ... حسدونا على حياة النفوس» (10)
قال: وأنشد غيره:
أنست إلى التفرد طول عمري ... فما لي في البرية من أنيس
جعلت محادثي ونديم نفسي ... وأنسي دفتري بدل الجليس (11)
__________
(1) في م. س: 353: مؤنسا.
(2) في م. س: 353: ورد عجز البيت كالتالي:
«استبدوا بالرأي دون الجليس»
(3) في م. س: 353: الفقر.
(4) في م. س: 353: حساب.
(5) في م. س: 353: نتخذ الحبر.
(6) هذا البيت ساقط من سراج الملوك: 353، وانظر بهجة المجالس: 1/ 51.
(7) ما بين قوسين من سراج الملوك: 354.
(8) في الأصول:
«لو تركنا وذاك ظفرنا»
وهو ساقط من حيث الوزن والتصويب من سراج الملوك.
(9) في م. س: 354: أعمى.
(10) وردت الأبيات الثلاثة الأولى سابقا في ص: 260ظ مخ «أ». ص: 580من هذا الكتاب منسوبة لأبي العباس ثعلب، وهي توافق ما جاء في جامع العلم: 2/ 203.
(11) في سراج الملوك: 354: العروس.(2/816)
قد استغنيت عن فرس [بنعلي] (1) (2) ... إذا سافرت، أو بغل [كيوس] (3) (4)
ولي عرس جديد كل يوم ... بطرح الهمّ في أمر العروس
فبطني [سفرتي] (5)، والخرج جسمي ... وهمياني فمي أبدا وكيسي
وبيتي حيث يدركني مسائي ... وأهلي كلّ ذي علق (6) نفيس»
وأنشد شيخ الإسلام «شهاب الدين ابن حجر» (7) في «أربعينياته» (8)
«لأثير الدين أبي حيان»:
«أرحت نفسي من الإيناس بالناس ... لما غنيت عن الأكياس بالياس
وصرت في البيت وحدي لا أرى أحدا ... بنات فكري وكتبي هنّ جلّاسي
وأنشد لبعضهم:
إني تركت فروضهم وعقودهم ... وفسوخهم والحكم بين اثنين
ولزمت بيتي قانعا ومطالعا ... كتب العلوم وذاك زين [الدين] (9) 266ظ / /
أهوى من الفقه الفروق دقيقة ... فيها يبين تقرّر النّصّين
وأقول في علم البديع معانيا ... مقسومة بين البيان وبيني
وتركت نظم الشعر إلا نادرا ... كالبيت في سنة وكالبيتين
__________
(1) في «أ»: بعلي.
(2) في سراج الملوك: 354: برجلي.
(3) في «أ»: بغل كبوس.
(4) في سراج الملوك: 354: أنوس.
(5) في «ج» و «د»: صفرتي.
(6) في سراج الملوك: 355: عقل.
(7) أحمد بن علي الكناني العسقلاني المصري، ت: 852هـ 1449م الشافعي المعروف بابن حجر، صاحب التصانيف الكثيرة. منها: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» و «الإصابة»، و «الدرر الكامنة»، و «ديوان شعر». انظر الضوء اللامع: 2/ 4036والشذرات: 7/ 273270.
(8) المراد الأربعين المتباينة، وقد لخصها القاضي عز الدين محمد بن جماعة وجمعها أيضا جلال الدين السيوطي، وابن سند محمد بن موسى الحافظ. انظر الكشف: 1/ 58.
(9) في «أ»: الزين.(2/817)
ما الشعر مثل الفقه فيه نباهة ... الفقه [فيه] (1) سعادة الدارين»
مزيد تشويق:
يجري مجرى الترغيب بهذه المنظومات ما حبر من الكلام المنثور على طريقة الأسلوب الأدبي، وأفرغ في قالب بلاغته، وبديع صناعته.
فمن ذلك ما أورده صاحب «زهر الآداب» (2) عن «الجاحظ» حيث قال:
«الكتاب وعاء ملىء علما، وظرف حشي ظرفا، وبستان محمّل في [ردن] (3)، وروضة تقلّب في حجر، ينطق عن الموتى، ويترجم كلام الأحياء.
قال: وقال: لا أعلم جارا أبر، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية، وأقل جناية، ولا أقل إبراما ولا إملالا، ولا أقل خلافا وإجراما، ولا أقل غيبة، ولا أبعد من عضيهة (4)، ولا أكثر أعجوبة وتصرفا، ولا أقل صلفا وتكلفا، ولا أبعد من مراء، ولا أترك لشغب، ولا أزهد في جدال، ولا أكف عن قتال من كتاب، ولا أعلم قرينا أحسن مؤاتاة، ولا أعجل مكافأة، ولا أحضر معونة، ولا أقل مؤونة، ولا شجرة أطول عمرا، ولا أجمع أمرا، ولا أطيب ثمرا، ولا أقرب [مجتنى] (5)، ولا أسرع إدراكا في كل أوان، ولا أوجد في كل إبان من كتاب، ولا أعلم نتاجا في حداثة سنّه، وقرب ميلاده، ورخص ثمنه، وإمكان وجوده، يجمع من التدابير الحسنة، والعلوم الغريبة، ومن آثار العقول الصحيحة، ومحمود الأخبار اللطيفة، ومن الحكم الدقيقة، ومن المذاهب القديمة، والتجارب الحكيمة، والأخبار عن 267و / / القرون الماضية، والبلاد المتراخية، والأمثال السائرة، والأمم البائدة ما يجمع الكتاب» اهـ.
__________
(1) ساقط من «أ».
(2) انظر 1/ 143142.
(3) في «أ» و «ج»: ودر.
(4) العضيهة: الكذب والإفك، والبهتان.
(5) في «أ»: مجتبى.(2/818)
ومن ذلك ما حكاه عن بعض العلماء وقد قيل له: «ما بلغ من سرورك بأدبك وكتبك؟.
قال: هي إن خلوت لذتي، وإن اهتممت سلوتي، وإن قلت: إن زهر البستان، ونور الجنان يجلوان الأبصار، ويمتعان بحسنهما الألحاظ، فإن بستان الكتب، يجلو العقل، ويشحذ الذهن، ويحيي القلب، ويقوي القريحة، ويعين الطبيعة، ويبعث نتائج النفوس، ويستثير دفائن القلوب، ويمتع في الخلوة، ويؤنس في الوحشة، ويضحك بنوادره، ويسرّ بغرائبه، ويفيد ولا يستفيد، ويعطي ولا يأخذ، وتصل لذته إلى القلب من غير سآمة تدرك، ولا مشقة تعرض لك» اهـ.
تنبيه:
انتفاع طالب العلم بمطالعة الكتب شرط فيه الأستاذ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله شرطين:
«أحدهما: أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة اصطلاحات أهله ما يتم له به النظر في الكتب.
قال: وذلك يحصل من مشافهة العلماء، أو مما راجع إليه، وهو معنى قول من قال: «كان العلم في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، ومفاتحه بأيدي الرجال». والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء، وهو مشاهد معتاد.
الثاني: أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد، فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين.
قال: وأصل ذلك: التجربة والخبر. أما التجربة: فهو أمر مشاهد في أي علم كان، فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علم ما بلغه المتقدم.
وأما الخبر: ففي الحديث: خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. وهو يشير إلى [أن] (1) كل قرن مع ما بعده كذلك» (2).
__________
(1) ساقطة من «أ».
(2) انظر الموافقات: 1/ 97.(2/819)
ثم ذكر في الأخبار ما يقتضي الإعلام بنقص الدين والدنيا. قال:
«وأعظم ذلك العلم 267ظ / / فهو إذا في نقص بلا شك، فلذلك صارت كتب المتقدمين، وكلامهم وسيرهم أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم، على أي نوع كان وخصوصا علم الشريعة الذي هو العروة الوثقى، والوزر الأحمى» (1) انتهى ملخصا.
قلت: حكى الشيخ «أبو الحسن الشاري» في «برنامجه»: «مبالغة بعض شيوخه في الوصية بالاعتماد على كتب المتقدمين حتى إنه كان لا يقتني كتابا من كتب المتأخرين. قال: ولقد كان بعض من لقيناه من المحققين يميل إلى هذه الطريقة».
وحكى ابن خروف: «أنه كان من مذهبه ألا يقرأ من كتب النحو [إلا] (2)
«كتاب سيبويه»، ويرى أن يطرح غيره مثل: «مفصل الزمخشري» وغيره.
قال: وكان يسمح في بعض الأوقات في «الأصول» (3) «لابن السراج» (4)، و «التبصرة» (5) المنسوبة [للصّيمري]
__________
6 (6) (7)
» انتهى ملخصا.
قلت: وقد جرت العادة منذ زمان بقراءة كتب نحاة المتأخرين لا سيما في البداية، فلا بد من مطالعة شراحها، والنظر في كلام من قيد عليها، لكن ينبغي أن يؤثر من ذلك ما هو أقرب إلى التحقيق، وأجرى على مناهج المتقدمين، وعند الانتهاض لطلب المعرفة بالصناعة على ما ينبغي. فلا غنى عن قراءة
(1) م. س: 1/ 9998، والوزر: الملجأ.
(2) في «ج» و «د»: حاشا.
(3) كتاب في أصول النحو: «هو غاية من الشرف والفائدة». ذكر ذلك الزبيدي في طبقاته: 112.
(4) تقدمت الإشارة إليه في ص: 52من هذا الكتاب فانظره من هناك.
(5) في «ج» و «د»: الزمخشري.
(6) كتاب التبصرة في النحو، للشيخ أبي محمد عبد الله بن علي الصّيمري وعليه نكت لابن ملكون الإشبيلي. ت: 584هـ انظر الكشف: 1/ 339.(2/820)
«كتاب سيبويه»، والكتب الموضوعة عليه، لا يخفى على المشتغل به ما يؤثر منها، ويكثر من مطالعته.
السابع: تعب الجسم لما رواه «مسلم» في «صحيحه» عن يحيى بن أبي كثير (1) عن أبيه قال: «لا يستطاع العلم براحة الجسم».
قال البرزلي «ذكره في باب الأوقات»: «وكأنه استشعر كثرة الطرق التي أخرجها. قال: وهذا القول حق لا يدرك إلا بالجد والكد، وسهر الليالي، ومكافحة الأقران، والدرس الكثير».
قلت: وينظر إلى ذلك من «البخاري» رحمه الله ما رواه «الخطيب» عن «الوراق» (2). قال: «كان أبو عبد الله يعني البخاري إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد 268و / / إلا في القيظ أحيانا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة (إلى عشرين مرة) (3) في كل مرة يأخذ القدّاحة، فيوري نارا بيده ويسرج، ثم يأخذ أحاديث فيعلّم عليها، ثم يضع رأسه، وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم. فقلت له: إنك تحمل على نفسك كل هذا، ولا توقظني؟ قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك» (4) اهـ.
وحكى عن محمد بن يوسف البخاري (5) قال: «كنت [عند] (6) «محمد بن إسماعيل البخاري» بمنزلة ذات ليلة، فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء [يعلقها] (7) في ليلة ثماني عشرة مرة» (8) اهـ.
__________
(1) يحيى بن صالح الطائي بالولاء، اليمامي، أبو نصر بن أبي كثير ت: 129هـ 747م عالم أهل اليمامة في عصره، وكان من ثقات أهل الحديث، انظر التهذيب: 11/ 268.
(2) هو أبو جعفر محمد بن حاتم النحوي كما جاء في تاريخ بغداد: 2/ 14.
(3) زيادة من م. س: 2/ 14.
(4) م. س: 2/ 14.
(5) هو أبو أحمد محمد بن يوسف البيكندي البخاري، ثقة، متفق عليه، انظر التهذيب: 9/ 538.
(6) ساقطة من «أ».
(7) في «ج» و «د»: يعقلها.
(8) تاريخ بغداد: 2/ 14.(2/821)
وقد ضمن الشيخ أبو الحسن بن مؤمن القرطبي بعض هذه الأمور المنافية لراحة الجسم، وزاد عليها مما هو في معناها. أنشدها «الشاري» عنه وهي:
العلم إن شئت أن تناله ... لتحرز الفضل والجلاله
فجد فيه بلا توان ... ولا فتور ولا ملاله
وارحل إلى أهله وشمّر ... ذيل التصابي مع البطاله
ودم على درسه وثابر ... في كل حين وكل حاله
واستعمل الفكر فيه حتى ... يطلع من أفقه هلاله
واقصد به الله لا سواه ... فكل من دونه علاله
فإن تطلّبته بكلّ ... أعطاك بعضا بلا محاله
وإن تطلبته ببعض ... فليس يعطي قدر [الذّباله] (1)
حكاية:
يعتبر بها في تسهيل ما يلقى عند الجد في الطلب من متاعب 268ظ / / الجسم ومشقاته.
فيروى عن أبي نصر هارون بن موسى بن جندل (2) النحوي قال: «كنا نختلف إلى أبي علي البغدادي رحمه الله وقت إملائه «النوادر» «بجامع الزهراء» ونحن في فصل الربيع، فبينما (3) أنا ذات يوم في بعض الطريق. إذ أخذتني سحابة، فما وصلت إلى مجلسه إلا وقد ابتلت ثيابي كلها. وحوالي «أبي علي» أعلام من أهل قرطبة. فأمرني بالدنو منه، وقال لي: مهلا يا أبا نصر لا تأسف على ما عرض لك، فهذا شيء يضمحل عنك بسرعة بثياب غيرها، ولقد
__________
(1) في «أ»: الذيالة.
(2) القيسي، القرطبي المجريطي الأصل، ت: 401هـ 1011م، كان ممن يحضر مجلس أبي علي القالي، وهو يملي «كتابه النوادر» له كتاب: «تفسير عيون كتاب سيبويه»: انظر: الصلة لابن بشكوال: 2/ 657656، والبغية: 2/ 321.
(3) في الصلة: 2/ 656: فبينا.(2/822)
عرض لي ما أبقى بجسمي ندوبا تدخل معي القبر.
قال لنا: كنت أختلف إلى «ابن مجاهد» رحمه الله فأدلجت إليه لأتقرب منه، فلما انتهيت إلى الدرب الذي كنت أخرج منه إلى مجلسه، ألفيته مغلقا، وصعب علي فتحه. فقلت: سبحان الله! أبكر هذا البكور!؟ وأغلب على القرب منه فنظرت إلى سرب بجنب الدرب، فاقتحمته، فلما توسطته ضاق بي، ولم أقدر على الخروج ولا على النهوض، فاقتحمته أشد اقتحام حتى نفذت بعد أن تخرقت ثيابي، وأثر السرب في لحمي حتى انكشف العظم، ومنّ الله علي بالخروج، فوافيت مجلس الشيخ على هذه الحالة، فأين أنت مما عرض لي، وأنشدنا:
ذببت للمجد والساعون قد بلغوا ... جهد النفوس، وألقوا دونه الأزرا
فكابدوا المجد حتى مل أكثرهم ... وعانق المجد من وافى ومن صبرا
لا تحسب المجد ثمرا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصّبرا
قال أبو نصر: فكتباها عنه من قبل أن يأتي موضعها في «نوادره»، وسلاني بما حكاه، وهان علي ما عرض لي من بلل (1) الثياب، واستكثرت من الاختلاف إليه ولم أفارقه 269و / / حتى مات رحمه الله» (2) اهـ.
وينظر إلى ما تضمنته من استحسان الصبر على إصابة السحاب في طريق السعي إلى مجالس التعلم ما حكاه «عياض» (3) عن مصعب الزبيري قال: «جئنا يوما إلى أبينا «بالعرصة» لنقيم عنده، ونصير بالعشي إلى مالك، فأصابتنا سماء (4)
يوما، فلم نأته تلك العشية، ولم ينتظرنا، وعرض (5) عليه الناس، فأتيناه من الغد، فقلنا له: يا أبا عبد الله أصابتنا (أمس) (6) سماء شغلتنا عن حضور
__________
(1) في م. س: 2/ 657: تلك.
(2) انظر م. س: 2/ 657656.
(3) انظر المدارك: 2/ 17.
(4) سماء: أي مطر.
(5) عرض عليه: أي درس عليه.
(6) زيادة من المدارك: 2/ 17.(2/823)
العرض، فاردده علينا. قال: لا، من طلب هذا الأمر صبر عليه».
الثامن: احتمال الذل في التعلم، فقد تقدم (1) عن «الشافعي» رضي الله عنه لا يطلب هذا العلم أحد بالمال، وعز النفس فيفلح. ولكن من طلبه بذلة النفس، وضيق العيش، وحرمة العلم أفلح».
وتقدم (2) عن ابن عباس رضي الله عنهما وقوفه على أبواب العلماء من الصحابة رضي الله عنهم حتى يخرجوا إليه.
ومن المروي عنه في ذلك قوله: «ذللت طالبا فعززت مطلوبا» (3).
وفيما أنشده «ابن عات» (4) في كتابه: «النزهة في التعريف بشيوخ الوجهة» للشيخ أبي الطاهر السّلفي (5) رحمه الله:
من ذلّ في حال التعلم ساعة ... قد عز فيما بعد عزا دائما
وإذا [تعزز] (6) ذلّ، قولا واحدا ... ما أن يرى إلا عذولا لائما
وفي المنقول من مواعظ «لقمان» لابنه، حكاه الشيخ أبو عمر: «لا تجادل العلماء فتهون عليهم ويرفضوك، ولا تجادل السفهاء، فيجهلوا عليك ويشتموك، ولكن اصبر نفسك لمن هو فوقك في العلم، ولمن هو دونك، فإنما يلحق
__________
(1) انظر ص: 258ظ مخ «أ». ص: 798797من هذا الكتاب.
(2) انظر ص: 210ظ مخ «أ». ص: 641من هذا الكتاب. وأيضا 214ومخ «أ». 491من هذا الكتاب.
(3) جامع العلم: 1/ 117.
(4) أحمد بن هارون بن أحمد بن عات النّقري الشاطبي أبو عمر ت: 609هـ 1212م، عالم بالحديث، عارف بالتاريخ، له تصانيف، منها: «النزهة في التعريف بشيوخ الوجهة». و «ريحان النفس» و «راحة الأنفس» في ذكر شيوخ الأندلس. انظر النفح: 2/ 603601. والشذرات: 5/ 3736.
(5) أحمد بن محمد بن سلفة (بكسر السين، وفتح اللام) الأصبهاني، صدر الدين أبو طاهر: 576هـ 1180م. حافظ مكثر، رحل في طلب الحديث، وكتب تعاليق، وأمالي كثيرة. له: «معجم مشيخة أصبهان»، و «معجم شيوخ بغداد» و «معجم السفر» انظر الوفيات: 1/ 107105وأزهار الرياض: 3/ 167وما بعدها.
(6) في «أ»: تعزر.(2/824)
بالعلماء من صبر لهم، ولزمهم، واقتبس من علمهم في رفق» (1).
تفصيل:
أنواع ما يتجرعه في الصبر 269ظ / / على هذا الاحتمال متعددة، واختلافها بحسب حال المتحمل لها لا تخفى على متأمل، لكن نذكر من ذلك ما تهم العناية به:
أحدها: وهو خاص بمعتقد استحقاق الكرامة واختصاصه بمزية الترفع عن مشاركة غيره في المجلس، وسواء أن يتكلف الصبر على مساواته بمن يراه دونه إجلالا لمجلس العلم عن إظهار الترفع فيه على من جمعه وإياه طلب الشرف به، واقتباس أنوار الهداية منه، كما حكى «عياض» عن «جعفر بن إبراهيم» (2) قال:
كلم صديق لأبي «مالكا» أن أسمع منه فأذن له، فكنت أختلف إليه، وأنا مدل بنسبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي، وأتخطى الناس إلى وساد «مالك»، فلا يتزحزح عنها ويريني أنه لم يرني احتقارا لي، فشكوت ذلك لأبي وغيره، فبعثوا إليه يسألونه إكرامي وأثرتي. فقال للرسول: ما هو عندنا وغيره إلا سواء، وإنما هي عافاك الله مجالس العلم، السابق إليها أحق بها، فكنت آتي، وقد أحدق المجلس، فما يوسع لي فأستدني حيث وجدت» (3).
قال: «وقال «ابن المنذر»: كان مالك لا يوسع لأحد في حلقته، ولا يرفعه، يدع أحدهم يجلس حيث انتهى به المجلس» (4).
وذكر في حكاية «اجتماع الرشيد لما قدم المدينة، أنه لما سمع عليه «الموطأ» بقراءة «المغيرة» كان «الرشيد» قد استند إلى جنب «مالك». فلما بدأ يقرأ قال له: يا أمير المؤمنين «من تواضع لله رفعه الله». وفي رواية أبي
__________
(1) جامع العلم: 1/ 107.
(2) جعفر بن إبراهيم بن محمد بن أبي طالب، وفي النسخة «أ» محمد بن جعفر بن إبراهيم.
(3) المدارك: 2/ 17.
(4) م. س: 2/ 16.(2/825)
مصعب (1): «من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم». فقام فقعد بين يديه فحدّثه، فلما فرغ عاد إلى مكانه.
قال مالك: لما كان بعد مدة قال لي الرشيد: تواضعنا لعلمك فانتفعنا به، وتواضع لنا علم 270و / / سفيان بن عيينة فلم ننتفع به. وكان يأتيهم فيحدثهم» (2).
الثاني: صبره على تأديب الشيخ متى صدر منه ما يستحق لأجله أن يؤدب.
فقد أباحوا للشيخ ذلك، كقول الحافظ أبي نعيم: «فإن عاود مساءلته فلا بأس أن يناله بأدب خفيف».
واستظهر بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه خرج إلى الصلاة، فلقيه أعرابي فسأله عن شيء، فقال له صلى الله عليه وسلم: «ليس هذه ساعة فتوى» فأعاد عليه، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فضربه بسوط كان معه، أو بشيء
فذكر الحديث» اهـ.
وله في موضع آخر تنبيه على استحسان الأدب الخفيف على إساءة أخرى منها: «معاودة الاستفهام مرة ثانية بعد الإفهام، قال: فله الانتهار».
واحتج له بما خرجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأى رجلا يسوق بدنة. فقال: «اركبها». قال: إنها بدنة. قال: «اركبها». قال:
إنها بدنة. قال: «اركبها»، «ويلك» في الثانية أو في الثالثة».
ومنها إذا عاد معترضا قال: «عليه أن يعضه بلسانه». واستدل له بما رواه أيضا عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة»، قال: قلت: وإن زنى وإن سرق؟. قال: «نعم»،
__________
(1) هو أحمد بن أبي بكر القاسم الزهري ت نحو: 242هـ 856م من أصحاب مالك. له «كتاب مختصر في قول مالك» مشهور. انظر المدارك: 3/ 349347.
(2) م. س: 2/ 23.(2/826)
قلت: وإن شرب الخمر، قال: «نعم»، وإن، رغم أنف أبي الدرداء».
قال: «فإن عاوده الرابعة، فلا بأس أن يناله بضرب خفيف». واحتج له بما رواه عن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أنؤاخذ بما نقول، ويكتب علينا. قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم منكب معاذ مرارا ثم قال: «ثكلتك أمك يا معاذ، 270ظ / / وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» اهـ.
وفي ضمن ذلك كله طلب المتعلم باحتمال الصبر على تأديبه، وزجره، وقد تقدم (1) قول من قال:
ولطمة عالم في الخد منّي ... ألذ إلي من شرب الرحيق
فرع:
إذا زجره بالقول فهل يباح له الشتم زائدا على التوبيخ، والتقريع، كأن يقول له: يا قرد؟ منعه الشيخ «أبو الحسن القابسي» في حق معلم الصبيان.
وقال ابن عرفة: «الصواب: فعل بعضهم ذلك، وقد أجازوه للقاضي، لمن يستحقه مع قدرته على ضربه.
قال: وكذا كان بعض شيوخنا يزجره في مجلس إقرائه من يستحق الضرب، ونقلوه عن بعض شيوخهم، وسمعنا منهم في ذلك عن شيوخهم مقالات.
فممن نقل لنا عنه شائعا الشيخ الفقيه العدل الخطيب «أبو محمد البرجيني»، والشيخ النحوي المشهور «بالدلدوني». وكان يصدر كثيرا من شيخنا «أبي عبد الله ابن الحباب»، وقليلا من شيخنا «أبي عبد الله ابن عبد السلام» رحمهما الله.
قال: وفائدة ذلك واضحة لمن أنصف، لأنها تكسب تثبت الطالب فيما
__________
(1) انظر ص 261ومخ «أ». ص: 803من هذا الكتاب.(2/827)
يريد أن يقوله من بحث أو نقل، وقد والله سمعت شيخنا ابن عبد السلام زجر بعض أهل مجلسنا في «مدرسة الشماعين» في قول قاله: ما يقول هذا مسلم!.
وكان هذا المقول له حينئذ متصفا بعدالة الشهود المنتصبين للشهادة وخطة القضاء المعتبرة، ولم يترك لذلك مجلسه إلى أن توفي رحمهما الله والأعمال بالنيات» اهـ.
قال البرزلي: «لعله تغايا بهذا اللفظ، ولم يرد ظاهره، ولهذا لم يظهر أنه عزله ولا أزاله عن [خطة] (1). كقول عمر في بعض القضايا: «لو تقدمت لرجمت».
وكذا 271و / / شاهدنا من شيخنا الإمام يعني ابن عرفة و [يحرجه] (2)
حتى يظهر منه هذا وأمثاله.
والأمر بإخراجه من الدرس كما جرى «لابن اللباد» مع «أبي ميمونة» (3)، ومن بعض الطلبة بصق بعضهم في وجه بعض.
قال: وهذا لا يؤاخذ به لشدة الحرج، ولا ينبغي الاقتداء به في مثل هذا، إذ هو خارج عن مهيع الأدب، لكن إن وقع سبب استشاطه الغضب، فيرجو أن يعفو الله عنه، لأن الحرج ضرب من الجنون حتى قيل ذلك في قوله تعالى: {لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ} * (4) وإن كان غير المذهب، والله يعفو ويرحم بمنه وكرمه».
قلت: «أبو ميمونة» الذي أشار إليه هو درّاس بن إسماعيل الفاسي
__________
(1) في «ج» و «د»: خطبة.
(2) في «ج» و «د»: ومجرحه.
(3) يسمى دارس، ودرّاس بن إسماعيل الفاسي، كما أشارت إلى ذلك كتب التراجم. ت: نحو 358هـ 968م، كان فقيها، حافظا للرأي على مذهب مالك وسمع من شيوخ بلده، وبإفريقية من ابن اللباد، وبالأندلس من شيوخها، وله رحلة حج فيها، وهو أول من أدخل مدونة سحنون إلى فاس، وبه اشتهر مذهب مالك، دفن خارج باب الجيزيين بفاس. انظر المدارك: 6/ 8481، وسلوة الأنفاس 2/ 179175.
(4) سورة المائدة، الآية: 89، والبقرة، الآية: 225.(2/828)
المشهور بالحفظ والاطلاع على مذهب مالك، والذي جرى «لابن اللباد» معه، هو ما ذكره عياض عن بعض أصحاب «أبي بكر ابن اللباد»، قال:
«كنت يوما جالسا في مجلس أبي بكر ابن اللباد وأبو ميمونة يقرأ عليه «الموطأ»، فتوقفا في حديث، فخالفه فيه شيخنا. وقال أبو ميمونة: كتابي هذا قرأته بالأندلس وبفاس. فأمر أبو بكر بإخراج موطإ ابن وهب، وكتب كثيرة حتى تقرر عندهم حقيقة الحرف الذي اختلفوا فيه، فلما نظر «أبو بكر» إلى الكتب والرزم قد حلت ضاق، (وقال لأبي ميمونة: يا هذا فيك استقصاء، وما أظنك تريد إلا أن تكون ديكا في بلدك) (1). فقال أبو ميمونة: أكرمك الله، لو شئت أن أكون ديكا في غير بلدي كنت. فقال له أبو بكر: قم عنا، ولا تغش لي مجلسا، قم يا هذا. واستحثه. فأخذ «أبو ميمونة» كتابه ومحبرته ووقف، وقال: اللهم إنك تشهد.
قال الحاكي: فخرجت في أثره، ومشيت معه حتى أبعدنا. وهو يسترجع، فقلت له: اجلس على هذا الدكان حتى أرجع إلى الشيخ، وأعود إليك، فرجعت وجلست بين يدي الشيخ وقلت: أصلحك الله! أنت شيخنا وإمامنا، وهذا رجل إنما قصد إليك 271ظ / / فترى إذا سألك الله لم طردته. أتقول له لأنه قال: لو شئت أن أكون ديكا في غير بلدي كنت؟ ما فعلت أصلحك الله؟ وقلت: مقبول منك، ومسموع. فقال: إنا لله، وإنا إليه راجعون. وكررها! ثم قال: يا أخي، رد الرجل، وندع المعاتبة، فسرت إليه فرجع معي فسلم على الشيخ، وجعل بعد ذلك يختلف إليه ويحضر السماع، والشيخ غير منبسط له. فشكا ذلك إلى بعض أصحابه، فقالوا له: زوجة الشيخ شابة، فلو أهديت إليها عطفته عليك، وأصلحت لك جانبه. فقال: والله لا أخذت العلم عن طريق الرشوة أبدا، والشيخ قد انتشرت إمامته، وحل في قلوب الناس بالمحل الذي قد علمت، وما قسا قلبه علي إلا لأمر تقدم لي، عوقبت عليه، ولكن والله لا أصلحت إلا ما
__________
(1) زيادة من المدارك: 6/ 83.(2/829)
بيني وبين الله، وسينتهي الأمر إلى ما يشاء.
قال: فما طالت المدة حتى كان إذا دخل «أبو ميمونة» إلى «أبي بكر» يقول له: يا أبا ميمونة أشركنا في صالح دعائك» (1) اهـ.
تنبيه:
من التأديب المباح للشيوخ وهو أيضا مما يتأكد الصبر عليه امتناعهم من إقراء المستوجب للتأديب بذلك، أو من إعادة ما قصر في تحصيله، وأخبارهم في ذلك شهيرة.
ومنها ما حكاه عياض عن الباجي رحمه الله قال: «كنت أدرس عند أبي إسحاق الشيرازي ببغداد، وكان سنّي قريبا من سنّه. كنا إذ ذاك من نحو ثلاثين عاما. وكنت المعيد على أصحابي، وكانت لي عنده حظوة، ومكانة.
فسهرت ليلة فأدركني لذلك تغير في ذهني. [فلقّنني] (2) من غد على العادة، وقمنا من بين يديه، وجلسنا على مقربة للمعاودة فتوقف علي منها شيء. فهبت أن أسأله، وجعلت بعض الحاضرين يسأل، فأجابه ثم توقف علينا موضع آخر، فجعلت من 272و / / يسأله فانتهرنا وأغلظ علينا فقمنا موبخين، فنمت ثم دخلت الحمام، وألقيت على رأسي الماء الحار معاناة للسهر بترطيبه، ثم جئت للشيخ ولاطفته ورغبت إليه. فقال لي: أمّا لك لعذرك فنعم، وأما لغيرك فلا، فأعادها علي» اهـ.
وأغلظ من هذا التأديب ما حكاه البرزلي عن بعض أصحابه قال: «كنا عقب الوباء الأول نقرأ الحوفية (3) على سيدنا الإمام يعني: ابن عرفة
__________
(1) انظر: م. س: 6/ 8482.
(2) في «ج» و «د»: فلقيني.
(3) نسبة إلى أحمد بن محمد الحوفي (أبو القاسم). ت: 588هـ 1192م. إشبيلي أصله من حوف مصر. كان من بيت علم وعدالة، كما كان فقيها، حافظا، فرضيا ماهرا له في الفرائض تصانيف: «كبير»، و «متوسط» و «مختصر»، واستقضي بإشبيلية مرتين / انظر الديباج: 1/ 221 222.(2/830)
بجامع: باب البحر من تونس، وكان يتخلف عنا كثيرا، فقلت له يوما بغلظة البربر، ما يحل لك هذا. وذكرت له الحديث فغضب وقال لي: من هو مثلكم يحل لي ألا أقرّ به، لأنكم تعملون المزية على من تقرأون عليه، وهذا إهانة للعلم».
الثالث: صبره على أخلاق الشيخ، وتحمله ما يصدر منه مما يعظم الصبر عليه غالبا أو نادرا وذلك في الواقع على أنواع:
أحدها: ما يصدر منه ابتداء مصدر الجفاء والتحامل.
قال النووي رحمه الله: «وإذا جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ، وأظهر أن الذنب له، والعتب عليه، فذلك أنفع له في الآخرة والدنيا، وأبقى (1) لقلب شيخه له، وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.
ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: ذللت طالبا فعزّزت مطلوبا» (2) اهـ.
ثانيها: أن تكون في خلقه حدة لا يتمكن معها بلوغ القصد من الأخذ عنه إلا بتحمل الصبر عليها، وتذلل النفس لما يصدر من بوادرها، فيأخذ الطالب بذلك رجاء النفع، وحصول الفائدة كما روي عن مالك رضي الله عنه أنه قال فيما حكاه عياض:
«كنت آتي نافعا مولى ابن عمر نصف النهار، وما تظلني الشجرة
__________
والحوف: (بالفتح، وسكون الواو، والفاء) بمصر، وهو حوفان الشرقي، والغربي، يشتملان على بلدان وقرى كثيرة. انظر معجم البلدان: 2/ 322، وبخزانة القرويين نسخة من مخطوط المختصر في الفرائض تحت رقم: 497. كما يوجد شرح للحوفية، شرحها عيسى بن أحمد الصنهاجي، وهو مخطوط بخزانة القرويين: الصندوق: 2من الخروم القبة السعدية تحت رقم 10، وقد أفادني بذلك الأستاذ العالم المدقق محمد بن عبد العزيز الدباغ، محافظ الخزانة.
(1) في التبيان: 49: أنقى.
(2) انظر م. س: 5049.(2/831)
272 - ظ / / من الشمس لحين خروجه فإذا خرج أدعه ساعة حتى إذا دخل البلاط أقول له: كيف قال ابن عمر في كذا وكذا؟ فيجيبني، ثم أحبس عنه.
قال: وكان فيه حدة، قال: وكنت آتي «ابن هرمز» بكرة فما أخرج من بيته حتى الليل.
قال عياض: وقال ابن عيينة: شهدت مالكا يسأل زيد بن أسلم عن حديث عمر: أنه حمل على فرس في سبيل الله، فجعل يرفق به، ويسأله عن الكلمة بعد الكلمة، والشيء بعد الشيء. قال: وكان في خلق زيد شيء» (1).
ثالثها: أن يتوسل إليه بالمعونة على ضرائره النازلة، وإن كان في ذلك ما ينافي حظوظ النفس في الترفع [عن] (2) مثله. فقد طلبوا أيضا بذلك لما فيه من المنفعة السائدة بالخير الكثير.
قال أبو نعيم: «وإذا وجدت العالم يعالج شغلا فتقربت إليه بمعاونته، أو سعيت في قضاء حاجته فلا عليك، واستظهر لما قال بحديث ابني خالد قالا: دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعالج شيئا فأعناه عليه، فقال: «لا تايسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر، يرزقه الله عز وجل» اهـ.
ومن الكلام المشهور أنه يقال: أربعة لا يأنف منهن الشريف: قيامه من مجلسه لأبيه وخدمته لضيفه، وقيامه على فرسه وإن كان له عبيد، وخدمته العالم ليأخذ من علمه.
رابعها: وهو خاصّ ببعض المعلمين أن يبخل بعلمه، ويضن بالإفادة به إلا بعد جهد فيضطر الآخذ عنه إلى تحمل ما يلاقيه به حتى ينال ما عنده، ويصل إلى البغية منه، ومما يحكى من ذلك ما ذكره الزبيدي «عن خلف بن مختار الأطرابلسي (3) أنه كان صاحب نحو ولغة إلا أنه كان يبخل بعلمه.
__________
(1) انظر المدارك: 1/ 132.
(2) في «ج» و «د»: على.
(3) ت: 290هـ 902م، انظر ترجمته في طبقات الزبيدي: 238237، وذكر أنه كان ممن يقرض الشعر ويجيد المعاني.(2/832)
فيروى عن 273و / / بعضهم أنه قال: سألت خلف بن مختار أن أقرأ عليه قصيدة النابغة
«يا دارميّة بالعلياء فالسّند» (1)
فقال: افعل، فأنشدته حتى انتهيت إلى قوله:
فظلّ يعجم (2) أعلى الروق (3) منقبضا ... في حالك اللون صدق غير ذي أود (4)
فقال لي ليختبرني وقد علمت ما أراد: ما «الصّدق»؟ قلت: لا أعلم، قال: يجب عليك أن تروي ما تعرف، وتدع ما لا تعرف، فأنشدتها بالكسر لأعلم ما يكون منه، فرأيته يتبسم، وكان إنشادي لها في «المسجد الجامع»، وكنت أحفظها. فقلت له: لم تبسمت؟ «الصدق»: الصّلب. وكذلك الرواية.
ولكن تجاهلت لك لأعلم ما يكون منك، فخجل من ذلك. وقال: أنشد ما أحببت، فإني لا أخفي عنك شيئا. فكان بعد تلك الليلة كما وعد» (5).
قلت: ويرحم الله الشافعي حيث قال للربيع بن سليمان: «يا ربيع لو قدرت أن أطعمك العلم لأطعمتك إياه».
قال الشيخ أبو عمر «أخذه الخاقاني فقال:
ألا فاحفظوا وصفي لكم ما اختصرته ... ليدريه من لم يكن منكم يدري
ففي شربة لو كان علمي سقيتكم ... ولم أخف عنكم ذلك العلم بالذخر» (6)
وحيا الله «خالد بن صفوان» حيث يقول: «إني لأفرح بإفادتي المتعلم أكثر
__________
(1) عجز البيت:
«أقوت وطال عليها سالف الأبد»
الديوان: 14.
(2) يعجم: يعض عضا شديدا بالأضراس دون الثنايا.
(3) والروق: الاعوجاج.
(4) الديوان: 20.
(5) انظر طبقات الزبيدي: 238237.
(6) انظر جامع العلم: 1/ 117.(2/833)
من فرحي باستفادتي من العلم» (1).
ورضي الله عن سعيد بن جبير حيث قال: إن مما يهمني أني وددت أن الناس قد أخذوا ما معي من العلم.
قال ابن المبارك رضي الله عنه فيما رواه عياض وغيره: «ما انتخبت على عالم قط (إلّا ندمت) (2)، ومن بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما أن يموت فيذهب علمه أو ينساه، أو يتبع سلطانا» (3).
ومن كلام الماوردي: «يجب على العلماء ألا يبخلوا بتعليم ما يحسنون، ولا يمتنعوا من إفادة ما يعلمون فإن 273ظ / / البخل به لؤم، وظلم، والمنع منه حسد وكيف يسوغ لهم البخل بما منحوه جودا. من غير بخل، وأوتوه عفوا من غير بذل، أم كيف يجوز لهم الشح بما إن بذلوه زاد ونما، وإن كتموه نقص ووهى.
قال: ولو استن بذلك من تقدمهم لما وصل العلم إليهم، ولانقرض عنهم بانقراضهم، ولصاروا على مرور الأيام جهالا، وبتقلب الأحوال وتناقضها أرذالا».
ثم ذكر من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية ما يتضمن الأمر بنشر العلم، والنهي عن كتمانه على ما هو معروف من ذلك إلى أن قال عن بعض الحكماء: «إذا كان من قواعد الحكمة بذل ما ينقصه البذل، فأحرى أن يكون من قواعد الحكمة بذل ما يزيده البذل» (4).
قال ابن المعتز في منثور الحكم: «النار لا ينقصها ما أخذ منها، ولكن يخمدها ألا تجد حطبا. كذلك العلم لا يفنيه الاقتباس، ولكن فقد الحاملين له سبب عدمه، فإياك والبخل بما تعلم» (5).
__________
(1) أدب الدنيا: 49.
(2) زيادة من الإلماع: 218.
(3) م. س: 218.
(4) أدب الدنيا: 49.
(5) م. س: 50.(2/834)
حكاية:
يظهر بها من بذل العلم خلاف ما وضح من البخل به في الحكاية السابقة.
نقل الزبيدي عن أبي زيد النحوي قال: «ما رأيت أبذل للعلم من «يونس»» (1) يعني ابن حبيب أحد شيوخ سيبويه رحمهم الله.
ثم حكى عن أبي عبيدة عن يونس قال: «كنت عند أبي عمرو ابن العلاء فجاء «شبيل بن عزرة الضّبعي» (2) فقام إليه أبو عمرو، فألقى له لبد بغلته، فجلس عليه ثم أقبل عليه يحدثه. فقال شبيل: يا أبا عمرو، سألت «رؤيبتكم» (3)
هذا عن اشتقاق اسمه فما عرفه! قال يونس: فلم أملك نفسي عند ذكره «لرؤبة» فزحفت إليه، ثم قلت: لعلك تزعم أن معدّ بن عدنان أفصح من رؤبة، ومن أبيه؟. فأنا غلام روبة. فما الرّوبة، والرّوبة، والرّوبة، والرّؤبة؟ فلم يحر جوابا وقام مغضبا، فأقبل علي أبو عمرو وقال: هذا رجل 274و / / شريف يقصد مجالسنا ويقضي حقوقنا. وقد أسأت فيما واجهته به، فقلت له: لم أملك نفسي عند ذكر روبة. فقال له أبو عمرو: أو سلطت على تقويم الناس؟ ثم فسر لنا يونس فقال: «الرّوبة»: خميرة اللبن، و «الرّوبة»: قطعة من الليل. وفلان لا يقوم «بروبة» أهله: أي بما أسندوا إليه من أمرهم، والرّوبة: [جمام] (4) [ماء] (5)
الفحل (6). والرؤبة مهموزة: القطعة تدخلها في الإناء تشعب بها الإناء» (7).
__________
(1) طبقات الزبيدي: 52.
(2) ت: نحو 140هـ 757م، رواية، مقرىء، خطيب، نسابة، من أهل البصرة، كان يرى رأي الخوارج، ثم عدل عنه. انظر التهذيب: 4/ 310.
(3) المراد رؤبة بن عبد الله العجاج التميمي السعدي أبو محمد، راجز من الفصحاء والمشهورين إمام في اللغة وكان يحتج بشعره. ت: (145هـ 762م) وروبة فيمن لا يهمز، وروبة، وروبة بالفتح والضم، وسمي بذلك لأنه ولد بعد طائفة من الليل / انظر: الوفيات: 2/ 305303، والخزانة: 1/ 43.
(4) بياض في «د».
(5) ساقطة من «أ».
(6) جمام ماء الفحل: أي اجتماعه، أو ماؤه في رحم الناقة.
(7) طبقات الزبيدي: 52.(2/835)
مزيد بيان:
قال الجوهري: «روبة اللبن: خميرة تلقى فيه من الحامض ليروب. وفي المثل: «شب شوبا لك روبته» (1) كما يقال: «احلب حلبا لك شطره».
و «روبة الليل»: طائفة منه. يقال: «هرّق عنّا من روبة الليل» (2).
وروبة الفرس: ماؤه في جمامه. يقال: أعرني روبة فرسك.
والروبة: الحاجة. تقول: فلان لا يقوم بروبة أهله، أي بما أسندوا إليه من حوائجهم قال ابن الأعرابي: روبة الرجل: عقله، يقول: هو يحدثني وأنا إذ ذاك غلام: ليس لي روبة» (3) انتهى المقصود منه.
[خامسها (4): اختياره بما يشق الصبر عليه، ويندر احتمال المواجهة به، ومن أعجب ما ينقل من ذلك ما وقفت عليه لبعض فضلاء العصر منقولا عن أبي قماش للشيخ أبي البقاء خالد بن عيسى البلوي (5) رحمه الله قال: «حكى ابن خروف رحمه الله في أول طلبه للعلم. سمع أن بفاس رجلا يقرىء «سيبويه» فرحل إليه إلى فاس. وكان يقال له: «أبو بكر ابن طاهر». وكان رجلا عالما صالحا زاهدا فاضلا. وكان خياطا، وكان يسكن بالفندق، وكان الطلبة يجيئون إليه ويقرأون عليه سيبويه. وكان يخيط، ويشتغل بشغله، وهو يقرئهم في خلال ذلك.
__________
(1) أي اعمل عملا لك فيه نصيب، ويضرب في الحث على إعانة من لك فيه منفعة، وهو مثل قولهم: احلب حلبا لك شطره، والشوب: العسل. يقال: ما عنده شوب ولا روب ويريدون بالشوب: العسل، وبالروب: اللبن الرائب. اللسان: روب.
(2) وهو هنا يقصد طلب الراحة، ويقال: هريقوا عنكم أول الليل وفحمة الليل: أي انزلوا وهي ساعة يشق فيها السير على الدواب حتى يمضي ذلك الوقت، وهما بين العشاءين. اللسان:
روي.
(3) انظر: الصحاح: روب.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج» و «د»، وهي إلى حدود قوله: التاسع.
(5) ت: بعد 767هـ بعد 1365م. قاض من فضلاء الأندلسيين، صنف رحلته: «تاج المفرق في تحلية علماء المشرق». انظر: 2/ 534532من النفح، وجذوة ابن القاضي: 1/ 192186.(2/836)
فلما ورد ابن خروف وسلم عليه. قال له: يا سيدي، رحلت من الأندلس إليك لآخذ عنك هذا الكتاب يعني: سيبويه فقال له: نعم، ولكن تفتقدني، ويكون ذلك على سعة، فلما 274ظ / / كان في اليوم الثالث من وصوله، حضر معهم، وانفصل. قال لهم الشيخ: إن شقة (1) سرقت لي من بيتي، وإن الذي سرقها هو ذلك الأندلسي الذي جاء يقرأ علينا، ولا بد، فقالوا له: لا تفعل. إنه من أمره وشأنه فقال لهم: ما أخذها إلا هو وإنما كان يختبر جدّه بذلك.
فقال لهم: قولوا له ذلك ليرد ثمنها. فصعب عليهم قول ذلك. فلما لم يجدوا من ذلك بدا، أرسلوا إليه واحدا منهم، فلما أعلمه بذلك قال له: نعم، إني وصلت ولم يكن بيدي شيء أنفقه، فسرقتها وبعتها، فارجعوا إلى الشيخ، وقولوا له: كم قيمتها؟ وأدفع له ذلك. فرجعوا إلى الشيخ، وأعلموه، فقال لهم: ألم أقل لكم سارق؟! قولوا له: يعطي كذا وكذا
فلما أصبح الصباح جاء ابن خروف إلى الشيخ للقراءة، واجتمع الطلبة، فلما قرأوا «الدولة» قام ابن خروف، وقبل يديه، وقال له: يا سيدي، قد فعلت ذلك ولا أعود، وأنا أستغفر الله، وهذه قيمتها، ودفع له قرطاسا ممتليا بالدراهم، فأخذه الشيخ منه، وبقي ابن خروف على قراءته، ولم يتغير منه شيء، ولا أهمه ذلك، فلما كان بعد زمان طويل، اجتمع الطلبة كلهم، فقال لهم الشيخ هكذا والله يطلب العلم. وهكذا والله يكون الجد، إن الأمر على غير ما كنت ذكرته لكم، وإني كنت أختبره بتلك القضية، فاعرفوا له فضله، واقدروا قدره، ولكني سأنفعه نفعا عظيما إن شاء الله.
فأقرأه الشيخ «سيبويه»، ونفعه، ونصحه نصحا عظيما حتى إنه لم يعمل مع أحد ما عمل معه» انتهى المراد منها.
التاسع]: احتمال المجانبة له من أكثر الناس، ومباعدتهم للقرب منه، واستثقالا لجانبه، وهروبا عما يدني من الملابسة به، لما يرون زعموا من
__________
(1) الشقة: جنس من الثياب. اللسان: شقق.(2/837)
ملازمة الفقر له، وتوفر 275و / / أسباب المعاش عليه وكيف لا؟! ومن هذه الجهة أعرضوا عن طلب العلم، وقنعوا بما هم عليه من الجهل، ليظهر بذلك كله مصداق ما بينهم وبين المشتغلين بالعلم من العداوة الموجبة للنّفرة، وبعد المباينة.
قال الماوردي: في كلام له يحض به على طلب العلم على حسب ما يعطيه الإمكان ويساعد عليه المقدور، وفيه بيان ما يضمحل به هذا الخيال المشار إليه: «وربما منع ذا السفاهة من طلب العلم، أن يصور في نفسه حرفة أهله. وتضايق الأمور مع الاشتغال به حتى يسمهم بالإدبار، ويتوسمهم بالحرمان، فإن رأى محبرة تطيّر منها، وإن وجد كتابا أعرض عنه. وإن رأى متحليا بالعلم، هرب منه كأنه لم ير عالما مقبلا، وجاهلا مدبرا.
قال: ولقد رأيت من هذه الطبقة جماعة ذوي منازل وأحوال، وكنت أخفي عنهم ما يصحبني من محبرة أو كتاب لئلا يكون عندهم مستثقلا.
قال: وهذه الطائفة التي تنفر من العلم هذا النفور، وتعاند أهله هذا العناد، ترى العقل بهذه المثابة، وتنفر من العقلاء هذا النفور، وتعتقد أن العاقل محارف (1)، وأن الأحمق محظوظ، وناهيك بضلال من هذا اعتقاده في العقل والعلم، هل يكون لخير أهلا، أو لفضيلة موضعا.
وقد قيل: أخبث الناس المساوي بين المحاسن والمساوىء. قال: وعلة هذا أنهم ربما رأوا عاقلا غير محظوظ، وعالما غير مرزوق فظنوا أن العلم والعقل هما السبب في قلة حظه، ورزقه، وقد انصرفت عيونهم عن حرمان النوكى، وإدبار أكثر الجهال ولو فتشت أحوال العقلاء والعلماء مع قلتهم، لوجدت الإقبال في أكثرهم، وإنما يصير ذو الحال الواسعة منهم ملحوظا مشتهرا لأن حظه 275ظ / / عجب، وإقباله مستغرب، كما أن حرمان العاقل العالم غريب، وإقلاله عجيب. ولم تزل الناس على سالف الدهور من مثل ذلك
__________
(1) المحارف: المحروم المنقوص الحظ.(2/838)
متعجبين، وبه معتبرين حتى قيل لبرزجمهر: ما أعجب الأشياء؟ قال: نجح الجاهل، وإكداء (1) العاقل، لأن الرزق بالقسم (2) والحظ، لا بالعلم والعقل، حكمة منه تعالى يدل بها على قدرته، وإجراء الأمور على مشيئته» (3). انتهى ملخصا.
وفيه أوضح تقرير في الكشف عن علة هذه المجانبة، مع البيان التام في إهدار الالتفات إليها، وإلغاء الاعتبار بها، وإذا كان ذلك من أظهر ما يتحقق عند المشتغل بطلب العلم. وإن كان سفه الجهل لا يزيد صاحبه إلا تماديا على الضلالة، وإصرارا على عماية الجهل بالحقائق، فلا مرجع له إلا للصبر على احتمال هذا النوع من الشدائد التي تعترض في طلب العلم، ويسهل عليه ذلك أن ينظر إلى مجانبه بالعين التي ينظر هو بها إليه، ليذهب عن نفسه وحشة النفور عنه، فإنه لم يصدر إلا عن ساقط الاعتبار عنده، وفي نفس الأمر كما أشار إليه الشافعي رضي الله عنه في قوله:
«ومنزلة السفيه من الفقيه ... كمنزلة الفقيه من السفيه
فهذا زاهد في قرب هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه
إذا غلب الشقاء على سفيه ... [تنطع] (4) في مخالفة الفقيه» (5)
تنبيه على [مغلطة] (6):
قد يعرض هذا الخيال الناشىء عن رؤية إقبال الدنيا على الجهال وإدبارها بالكلية عن المشتغلين بالعلم لمن عرض له هذا الإدبار من المتصفين بالعلم، فيحمله على أن يشارك الجهال في النفرة عن العلم والتزهيد في الانقطاع إليه،
__________
(1) الإكداء، أكدى الرجل إكداء: لم يظفر بحاجته.
(2) القسم: النصيب من الخير.
(3) انظر أدب الدنيا: 2423.
(4) في الأصول: تقطع.
(5) أدب الدنيا: 20.
(6) في «أ»: مغلظه.(2/839)
رغبة في [نيل] (1) حظ من إقبال الدينا على ذوي الجهل، وقناعة بعرضها 276و / / الأدنى دون الفوز بسعادة العلم، وشرف الخصوصية كما حكى «البرزلي» عن بعض شيوخ عصره «أنه منع ابنه من قراءة العلم، لأنه رأى أنه يحتاج، ولا يأكل إلا من الصدقة، وجعله في التجارة، فخرج محروما من العلم.
قال: وقدر لأبيه القائل ذلك أنه تولى خطّة الشهادة في بلده، ولم يزل شاهدا إلى الآن وهذا بحسب السوابق.
قال: وإن ثبت حديث: «إنّ الله تكفل لطالب العلم برزقه»، فهو زيادة في تقوية النفس للطلب، [وإلا] (2) فالله المتكفل بأرزاق المخلوقين. {وَمََا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلََّا عَلَى اللََّهِ رِزْقُهََا} (3). إن الله هو الرازق إلى غير ذلك» اهـ.
قلت: وبرهان الوجود شاهد بأن المتمسك بطلب العلم ولو باليسير منه محمول الحال في الأغلب كما قيل: «طالب العلم معان».
وفي ذلك أحاديث تقدم بعضها، وجميعها قد ظهر مصداقه في قوة الرجاء فيه، وظهور الركون إليه.
وقد كان شيخنا الأستاذ القاضي «أبو إسحاق البدوي» رحمه الله يقول: «عليكم بالقراءة، فإنا ما رأينا طالب علم يمد يده بسؤال الصدقة في الأسواق كما يفعل المحاويج وذوو الاضطرار من الجهال».
حكاية:
من بعض شهادة الواقع «بأن طالب العلم معان».
روى «الخطيب» في تاريخه (4): «عن «أبي العباس البكري» من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: جمعت الرحلة بين «محمد بن جرير
__________
(1) في «أ»: قيل.
(2) في «أ»: والله.
(3) سورة هود، الآية: 6.
(4) انظر: 2/ 165164.(2/840)
الطبري» و «محمد بن إسحاق بن خزيمة» و «محمد بن نصر المروزي» و «محمد بن هارون الرّوياني» (1) بمصر، فأرملوا (2) ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضرّ بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا، ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على «محمد بن خزيمة» 276ظ / / فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ، وأصلي صلاة الخيرة.
قال: فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع، وخصيّ من قبل والي مصر يدق الباب، فنزل عن دابته، فقال: أيكم «محمد بن نصر»؟ فقيل: هو هذا.
فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قال: أيكم «محمد بن جرير»؟
فقالوا: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا، فدفعها إليه ثم قال: أيكم «محمد بن هارون»؟ فقالوا: هو هذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قال: أيكم «محمد بن إسحاق بن خزيمة»؟ فقالوا: هو هذا يصلي.
فلما فرغ دفع إليه الصرة، وفيها خمسون دينارا. ثم قال: إن الأمير كان قائلا بالأمس، فرأى في المنام خيالا. قال: إن المحامد طووا كشحهم جياعا، فأنفذ إليكم هذه (الصرار) (3)، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أمدكم» اهـ.
وحكى الشيخ «خليل بن إسحاق المالكي» في مناقب شيخه العالم الصالح «عبد الله المنوفي» رحمه الله «أنه لما قرأ القرآن صلى بقوم قيام رمضان، ودفعوا إليه ثلاثين درهما.
قال: قال سيدي الشيخ: فترددت هل أدخل بها إلى «القاهرة» للاشتغال، أو أرجع إلى الواردة فدخلت الجامع، فرأيت فيها مكتوبا في جدار (4):
__________
(1) أبو بكر ت: 307هـ 920م، من حفاظ الحديث، له «مسند» وتصانيف في الفقه، نسبته إلى رويانن (بنواحي طبرستان) انظر التذكرة: 2/ 754752.
(2) أي نفد زادهم، وافتقروا.
(3) زيادة من تاريخ بغداد: 2/ 165.
(4) الأبيات للإمام الشافعي في مدح السفر: انظر الديوان: 33.(2/841)
ما في المنازل ذو عزّ وذو نصب (1) ... [من راحة] (2) (فاهجر الأوطان واغترب) (3)
سافر تجد عوضا عمّن تفارقه ... وانصب فإنّك تلقى العز في النصب (4)
إني وجدت وقوف الماء يفسده ... إن ساح طاب، وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والتبر كالتّرب ملقى في معادنه (5) ... والعود في أرضه نوع من الخشب (6) 277و / /
قال: فقوى المجيء عندي «للقاهرة» فجئت واشتغلت، وصرت أنفق درهما بعد درهم إلى أن بقي معي درهم واحد، ففكرت هل أذهب به أو أجلس، فأنا كذلك، وإذا أنا بقيم «المدرسة الصالحية» قال لي: أما تصلي في مسجد؟ قلت: نعم، فذهب بي إلى مسجد، فصليت فيه، وأعطوني ثلاثين درهما كل شهر، فواظبته إلى أن عرضت على الشيخ «شمس الدين التونسي» (7) فقال لي: يا عبد الله، كم يساوي اللحم؟. فقلت: لا أدري.
فقال لي: خذ بهذين لحما وكله الليلة. ففعلت، ثم بعد قليل دفع لي الشيخ ورقة وقال لي: اذهب إلى الصير في فأت بما فيها. فدفع إلي ستين درهما، فلما جئت بها الشيخ قال: هذه لك عن شهرين. قال: فتركت المسجد
__________
(1) النصب: ج نصيب، والنّصب: الحظ.
(2) بياض في الأصول أتممناه من ديوان الشافعي ص: 33.
(3) في ديوان الشافعي ورد البيت كالتالي:
«ما في المقام لذي عقل وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغترب»
(4) في م. س: 33:
«وانصب فإن لذيذ العيش في النصب»
والنصب: العناء.
(5) في م. س: 33: في أماكنه.
(6) وقد ختم الشافعي هذه الأبيات بقوله:
فإن تغرب هذا عزّ مطلبه ... وإن تغرب ذاك عز كالذهب
(7) محمد بن محمد بن أبي القاسم بن جميل الربعي التونسي. ت: 763هـ 1362م. من فضلاء المالكية. تونسي الأصل، أخذ عنه النذرومي بالقدس. وخرجت له مشيخة، واستقر بمصر.
انظر: الدرر الكامنة: 4/ 246.(2/842)
حينئذ، وحصل لأصحابه علي الأسف» انتهى على بعض اختصار.
قلت: ومثل هذا ما أخبرني به الشيخ الفقيه المقرىء الصالح المتبتل «أبو جعفر أحمد بن محمد بن قاسم الفهري» الشهير [بالحريري] (1) رحمه الله أنه ورث ربعا (2) عن أبيه، فاضطره الانقطاع عن الأسباب لاستعماله بالطلب إلى بيع ذلك الرّبع، والتقوّت بثمنه، فلما أشرف على نفاده، قيض الله له من أهل الجاه من تسبب له في إجراء مرتب عليه من جزية أهل الذمة «بمالقة» جمل به حاله.
قلت: واستمر له ذلك على وجه الكرامة له، والتبرك بجانبه، إلى أن توفي رحمه الله وبقي بعد ذلك يجري على والدته إلى أن توفيت، وكانت من صالحات النساء رحمة الله عليها وكل ذلك شاهد باطراد سنة الله تعالى في أن «طالب العلم معان».
تخلق كريم:
من أخلاق الفضلاء من أولي العلم أنهم إذا أقبل عليهم من شأنه أن ينفر عنهم، ويتباعد من الخلطة بهم يرون ذلك له، 277ظ / / ويجازونه بالإحسان على إحسان الرضى بهم، واغتنام القرب منهم، ويتحملون لأجل ما سبق من ذلك ما يلقون ممن هو من ناحية ذلك المقبل عليهم. كما حكى «عياض»: «أن الشيخ «أبا بكر ابن اللباد» كانت عنده امرأة سليطة تؤذيه بلسانها فحكى أنه قالت يوما [مخاطبة له] (3)، يا زان:، فقال: سلوها بمن زنيت؟!. فقالت: بالخادم.
قال: سلوها لمن هي الخادم؟ فقالت: له. فقال له أصحابه: طلّقها ونحن نؤدي حقها. قال: أخشى إن طلقتها أن يبتلى بها مسلم، ولعل الله دفع عني بمقاساتها بلاءا عظيما. قال: ويقال: بل قال: حفظتها في والدها، فإني خطبت إلى
__________
(1) في «ج» و «د»: الجزيري.
(2) الرّبع: ج: رباع، وربوع، وأربع وأرباع: الدار أو ما حولها.
(3) ساقطة من «أ».(2/843)
جماعة فردّوني، وزوجني هو لله. وكان يفعل معي جميلا، أفتكون مكافأته طلاقها، وكان يقول: [لكل] (1) مؤمن محنة، وهي محنتي» (2) انتهى ما حكاه.
وينظر إلى قوله: «لكل مؤمن محنة، وهي محنتي». ما رواه «ابن العربي» في «أحكامه» (3) قال: «كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة المعلومة، وكانت له زوجة سيئة العشرة وكانت تقصر في حقه، وتؤذيه بلسانها، فعوتب في أمرها، وعذل في الصبر عليها، فكان من جوابه أن قال:
أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني وديني، وما ملكت يميني، فلعلها بعثت عقوبة على ذنبي (4)، فأخاف إن فارقتها أن ينزل بي عقوبة أشدّ منها» اهـ.
العاشر: ملازمة الصبر على الطلب إلى الممات على ما تقتضيه الغبطة بالعلم، وصدق الرغبة في الازدياد منه.
قيل لابن المبارك: «إلى متى تطلب العلم؟ قال: حتى الممات إن شاء الله».
قال الشيخ أبو عمر: «وقيل له مرة أخرى مثل ذلك. فقال: لعل الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد» (5).
وحكى ابن مجاهد عن ابن مناذر (6) قال: «سألت أبا عمرو ابن العلاء:
متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟ فقال: ما دام 278و / / تحسن به الحياة.
وروى «أبو عمر» عن «ابن أبي غسان» قال: لا تزال عالما ما كنت
__________
(1) ساقطة من «أ».
(2) انظر: المدارك: 5/ 289.
(3) انظر: 1/ 363.
(4) في الأحكام: 1/ 363: ديني.
(5) جامع العلم: 1/ 96.
(6) محمد بن مناذر اليربوعي بالولاء أبو جعفر. ت: نحو (198هـ 813م)، كان من العلماء بالأدب واللغة، شاعر، كثير الأخبار والنوادر. تفقه وروى الحديث، وتزندق انظر: البغية: 1/ 249 ومعجم الأدباء: 19/ 6055.(2/844)
متعلما، فإذا استغنيت كنت جاهلا» (1).
وفيما يروى للقاضي عبد الوهاب:
«يا لهف نفسي على شيئين لو جمعا ... عندي لكنت إذا من أسعد البشر
كفاف عيش يقيني ذل مسألة ... وخدمة العلم حتى ينقضي عمري»
مزيد إيضاح:
من لازم الجهد لهذه الملازمة أن يحمد ابتداء طلب العلم في الكبر إذا فات تحصيله في الصغر، ولا يمنع منه علوّ السن حتى يرضى بملازمة معرفته بالجهل، وإيثار الشهرة بها على أن يصير موسوما بنسبة البداية في التعلم، وقد جاوز السن الذي [لا يستحى] (2) من بداية التعلم فيها.
فإن ذلك كما قال الماوردي: «من خدع الجهل، وغرور الكسل. قال:
لأن العلم إذا كان فضيلة فرغبة ذوي الأسنان فيه أولى، والابتداء بالفضيلة، فضيلة ولأن يكون شيخا متعلما أولى من أن يكون شيخا جاهلا.
حكي أن بعض الحكماء رأى شيخا يحب النظر في العلم ويستحيي، فقال له: يا هذا أتستحيي أن تكون في آخر عمرك أفضل مما كنت في أوله.
قال: وذكر أن إبراهيم بن المهدي دخل على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في الفقه، فقال: يا عم، ما عندك فيما يقول هؤلاء؟. فقال: يا أمير المؤمنين، شغلونا في الصغر، واشتغلنا في الكبر، فقال: لم لا تتعلمه اليوم؟
قال: أو يحسن بمثلي طلب العلم؟ قال: نعم. والله لأن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا بالجهل. قال: وإلى متى يحسن بي طلب العلم؟ قال: ما حسنت بك الحياة. قال: لأن علو السن إذا لم يكسبه فضلا، ولم يفده علما، وكانت أيامه في الجهل ماضية، ومن الفضل خالية، كان الصغير أفضل منه لأن الرجاء 278ظ / له أكثر، والأمل فيه أظهر، وحسبك نقصا من رجل يكون
__________
(1) جامع العلم: 1/ 96.
(2) في «ج» و «د»: يستحيى.(2/845)
الصغير المساوي له في الجهل أفضل منه:
إذا لم يكن مرّ السنين مترجما ... عن الفضل في الإنسان سميته طفلا
وما تنفع الأعوام حين تعدها ... ولم تستفد فيهن علما ولا فضلا
أرى الدهر من سوء التصرف ... مائلا إلى كل ذي جهل كأن به جهلا» (1)
قلت: زاد الطرطوشي بيتا رابعا لكنه قدم فيه وأخّر وهو:
وما يألف الإنسان إلا شبيهه ... كذاك رأينا العير قد يألف البغلا
اختصاص:
لقوة الرجاء في نجاح التعليم للصغار آثروهم به عند الاجتماع مع الكبر، كما يروى عن بعضهم نقله «عياض» قال: «كنت أسبق إلى حلقة «عبد الله بن المبارك» بليل مع أقراني، لا يسبقني أحد، ويجيء هو مع الأشياخ، فقيل له: قد غلبنا عليك هؤلاء الصبيان! فقال: هؤلاء أرجى عندي منكم أنتم، كم تعيشون؟
وهؤلاء، عسى الله أن يبلغ بهم» (2).
وينظر في المعنى إلى قوله:
«وما تنفع الأعوام حين تعدها»
إلى آخره
قول البستي (3) أنشده الشيخ أبو عمر:
«دعوني وأمري واختياري فإنني ... بصير بما أفري وأبرم من أمري
إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا ... ولم أقتبس علما فما هو من عمري
__________
(1) انظر أدب الدنيا: 22.
(2) الإلماع: 237236.
(3) هو علي بن محمد البستي الشافعي أبو الفتح (ت: 401هـ 1010م) أديب، كاتب، شاعر، فقيه، ولد ببست (مدينة قديمة في أفغانستان، وهي مراكز الحضارة الإيرانية القديمة غزاها تيمور لنك)، وتوفي في طريقه إلى بخارا، من آثاره: ديوان شعر، وشرح مختصر الجويني في فروع الفقه الشافعي، انظر في ترجمته: يتيمة الثعالبي: 4/ 334302م والبداية لابن كثير 11/ 278.(2/846)
قال ما حاصله: وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى عليّ يوم لا أزداد فيه علما يقربني من الله عز وجل، فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم» (1).
التفات:
طلب الكبير بالتعلم، وإن كان اكد من طلب الصغير به، فقد شهد له بصعوبة المرام 279و / / وبعد الحصول به على ما يرجى من طلب الصغير به.
فمن المنقول عن لقمان ذكره «أبو عمر» من رواية «ابن وهب» أنه قال لابنه: «يا بني، ابتغ العلم صغيرا فإن ابتغاء العلم يشق على الكبير» (2).
والأثر الشهير في هذا معروف، «وهو تعليم الشيء في الصغر كالنقش في الحجر». قيل: هو من كلام علي رضي الله عنه وقيل: من كلام الحسن البصري رحمه الله ذكره الشيخ أبو عمر وخرّج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلم العلم وهو شاب كان كوشم في حجر، ومن تعلم العلم بعد ما يدخل في السن كان كالكاتب على ظهر الماء».
قالوا: والتجربة واضحة الشهادة بصدق ما ورد من ذلك كقول علقمة: أما ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة» (3).
والعلة فيه أيضا ظاهرة، فقد حكي عن الأحنف (4) أنه سمع رجلا يقول:
«التعلم في الصغر كالنقش في (5) الحجر، فقال الأحنف: الكبير أكثر عقلا، ولكنه أشغل قلبا.
قال الماوردي: لقد فحص الأحنف عن المعنى، ونبّه عن العلة، لأن
__________
(1) جامع العلم: 1/ 61، واليتيمة: 4/ 334.
(2) انظر جامع العلم: 1/ 86.
(3) م. س: 1/ 82.
(4) الأحنف بن قيس بن معاوية المري السعدي المنقري التميمي، أبو بحر ت نحو: 72هـ 691م سيد تميم، وأحد الدهاة الشجعان الفاتحين يضرب به المثل في الحلم، أخباره كثيرة، وخطبه تجدها في كتب الأدب والتاريخ، انظر طبقات ابن سعد: 7/ 66.
(5) في أدب الدنيا: 284: على.(2/847)
قواطع الكبير كثيرة ثم ذكر منها» (1).
قلت: ومن أرشق العبارات في الإشارة إلى حمل هذه الموانع قول «بعض شراح الرسالة (2)»: «الكبير له مشاغل، ومهاول، ومنازع، ونوازع، ومتاعب، وملاعب، وصوارف، ومعارف» اهـ.
قال: «وقد خلق الله في الدماغ تخييلا ينطبع فيه مثال ما تقع عليه حاسة السمع أو حاسة البصر كالمرآة الصقيلة الصافية، ينطبع فيها مثال كل ما قابلها، ثم يعلوها وسخ ودرن فيغطي وجهها، فيحجب عنها ذلك إلى أن لا يظهر فيها شيء.
قال: فكذلك العقل، يتصاعد إلى الدماغ أبخرة حتى تغطيه، وبحسب ذلك تتفاوت العقول، فيصير الشيخ 279ظ / / كالكتابة على الماء، والصغير كالنقش في الحجر» اهـ.
وقد تجارى الشعراء في تضمين هذا المعنى، وأشاروا إلى صعوبة التحصيل على الكبير. «فقال نفطويه رحمه الله:
أراني أنسى ما تعلمت في الكبر ... ولست بناس ما تعلّمت في الصّغر
وما العلم إلا بالتّعلّم في الصبا ... وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر
ولو فلق القلب المعلم في الصبا ... لألفى فيه العلم كالنقش في الحجر (3)
وما العلم بعد الشّيب إلا تعسف ... إذا كلّ قلب المرء والسمع والبصر
وما المرء إلا اثنان: عقل ومنطق ... فمن فاته هذا وهذا فقد دحر» (4):
وقال صالح بن عبد القدوس:
«وإنّ من أدّبته في الصبا ... كالعود يسقى الماء في غرسه
__________
(1) م. س: 28.
(2) أي رسالة أبي زيد القيرواني.
(3) في عجز البيت خلل عروضي لا يفي بالوزن.
(4) انظر جامع العلم: 1/ 84.(2/848)
حتى تراه مونقا ناظرا ... بعد الذي أبصرت من يبسه
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى (1) عاوده جهله ... كذي الضّنى عاد إلى نكسه» (2)
وقال سابق البربري:
«قد ينفع الأدب الأحداث في مهل ... وليس ينفع عند الكبرة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولن تلين إذا قوّمتها الخشب» (3)
وقال أمية بن أبي الصّلت:
«إن الغلام مطيع من يؤدبه ... ولا يطيعك كهل حين يكتهل
وقال آخر:
يقوم من ميل الغلام المؤدّب ... ولا ينفع التأديب والرأس أشيب 280و / /
وقال آخر:
يقوّم بالثّقاف (4) العود لدنا ... ولا يتقوّم العود الصليب
وقال ابن مناذر:
وإذا ما يبس العود على ... أود لم يستقم منه الأود» (5)
قال الشيخ أبو عمر: «ومما ينسب لخلف الأحمر (6):
خير ما ورّث الرجال بنيهم ... أدب صالح وحسن الثناء
هو خير من الدنانير والأورا ... ق في يوم شدة أو رخاء
__________
(1) ارعوى: ارعواء عن الجهل: كف عنه فهو مرعو.
(2) انظر م. س: 1/ 86.
(3) انظر م. س: 1/ 83، وبهجة المجالس: 1/ 114113.
(4) الثقاف: ما تسوى به الرماح. (القاموس المحيط).
(5) جامع العلم: 1/ 8483.
(6) خلف بن حيان أبو محرز المعروف بالأحمر. ت: 180هـ 796م، راوية، عالم بالأدب، معلم الأصمعي، وأهل البصرة، له ديوان شعر، وكتاب: «جبال العرب» ومقدمة في النحو، انظر:
البغية: 1/ 554وطبقات ابن المعتز: 148147.(2/849)
تلك تفنى والدين والأدب الصّا ... لح لا يفنيان حتى اللقاء
إن تأدّبت يا بنيّ صغيرا ... كنت يوما تعدّ من الكبراء
وإذا ما أضعت نفسك ألفي ... ت كبيرا في زمرة الغوغاء
ليس عطف (1) القضيب إن كان رطبا ... وإذا كان يابسا بسواء» (2)
وأنشد بعضهم:
«لا تضربنّ بسيف صارم حجرا ... ولا تؤدب من فاته (3) الأدب
علم بنيك صغارا قبل كبرتهم ... فليس [بعد] (4) بلوغ الكبرة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولن تلين إذا قومتها الخشب
[العلم في صغر كالنقش في حجر ... كفضة مزجت في خلطها الذهب] (5)
والعلم في كبر كالنقش في مدر (6) ... لكن تغيره الأزمان والحقب»
انعطاف:
قال بعض الشيوخ: «ومع هذا كله، فإن تعليم الكبير آكد من تعليم الصغير، ولا يقول الكبير: لا أتعلم لأني لا أحفظ، لأن الصحابة رضي 280ظ / / الله عنهم تعلموا وهم كبار شيوخ، وكهول، واشتغلوا بالعلم في زمان الكبر، فأدركوا منه ما لم يفتح بمثله على من عرف بطلب العلم من صغره إلى كبره، وذلك مما لا يجهل قديما وحديثا، «والله يمنّ بفضله على من يشاء» (7)، ويخص به من يريد، لا إله إلا هو سبحانه. وقد قيل:
يا طالبا للعلوم في الكبر ... اطلب ورحمة ربك انتظر
__________
(1) اعوجاجه وميله.
(2) جامع العلم: 1/ 8483.
(3) كذا ورد، ولعله يفوته حتى يستقيم الوزن.
(4) ساقط من «أ».
(5) البيت ساقط من «ج» و «د».
(6) المدر: الطين العلك الذي لا يخالطه رمل.
(7) مضمنا للآية الكريمة: {وَلََكِنَّ اللََّهَ يَمُنُّ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ} سورة إبراهيم، الآية: 11.(2/850)
العلم بالعقل لا محالة وال ... كبير أعقل من أولي الصغر
ولا يعتل أيضا بأن تعليم الكبير كما قال «مسروق» (1) لشيخ كان يسأله ليخبره فلا يفهم: أتدري ما مثلك؟ مثل بغل هرم، جرب، حطيم، دفع إلى رائض، فقيل له: علمه الهملجة (2) لأن من ليس على هذه الحالة في بعد الفهم، لا يلقى فيه مثل هذه المقالة. وعسى أن يكون التعليم له نافعا، وإذا جرب نفسه يظهر له ما يعمل عليه، «والله يمنّ بفضله على من يشاء».
لاحقة تمام:
من جميل الصبر احتمال الشدائد العارضة للمجتهد في التحصيل، صبره على تحمل مشقة المبالغة في الاجتهاد قبل أن يتزوج فيشتغل بالسعي على زوجه، وعلى عيلته بسببها إن ابتلي بذلك.
فقد نقل عياض عن «بعض العلماء في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه «تفقهوا قبل أن تسوّدوا» أي قبل أن تتزوجوا فتشغلكم بيوتكم وأزواجكم عن ذلك.
قال: وفي مثل هذا قيل:
ما للمعيّل والمعالي إنما ... يسمو إليهن الوحيد الفارد 281و / /
فالشمس تجتاب السماء وحيدة ... وأبو بنات النعش (3) فيها راكد» (4)
على أن من المجتهدين في المواظبة على الازدياد من العلم من يؤثر الفراغ لتحصيله دائما على التزوج والتسري، وعند ما يراه شاغلا له عن كمال الجد في الطلب، فيفارق الزوج، ويخرج عن السرية.
__________
(1) هو مسروق بن الأجدع الهمذاني الوادعي أبو عائشة: ت 63هـ 683م. كان من عباد أهل الكوفة وكبار محدثيهم، وولاه زياد على السلسلة (موضع). انظر التهذيب: 10/ 109والصفوة: 3/ 24.
(2) الهملجة: هملج هملجة: مشى مشية سهلة في سرعة، أي حسن سيره.
(3) أبو بنات النعش الكبرى: سبعة كواكب تشاهدها جهة القطب الشمالي ويقربها سبعة أخرى تسمى بنات نعش الصغرى، والنجمة التي رسمت كبيرة، هي النجمة القطبية التي يستدل بها على نقطة القطب الشمالي. اللسان.
(4) الإلماع: 245244.(2/851)
كما يحكى عن «سيبويه» رحمه الله فيما ذكره صاعد في الفصوص (1)
عن الفارسي قال: «تزوج سيبويه رحمه الله بالبصرة جارية عشقته، وهو قد شرع (2) في كتابه، وصنف أوائل أبوابه، وهي في جرار (3)، وقطع جلود، وخرق، وأشقاف بيض، ولم يكن يقبل على الجارية، ولا يتشغل بها، وهي مشغوفة بحبه، ولم يكن يشغله عن (4) النظر، والسهر، والكتب شيء، فترصدت خروجه إلى السوق في بعض حوائجه، فأخذت جذوة نار فطرحتها في الكتب (حتى أحرقت) (5)، فرجع «سيبويه»، فنظر إلى كتبه وهي هباء، فغشي عليه أسفا، ثم أفاق، فطلقها، ثم أنشأ (6) الكتاب بعد ذلك ثانية.
قال أبو علي: وذهب منه (7) علم كثير أخذه عن الخليل فيما احترق (له) (8)، فإنا لله على ذلك».
وكما يحكى عن «ابن الأنباري» فيما ذكره «الخطيب» قال: «حدّثت (عنه) (9) أنه مضى يوما في النخاسين، وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف.
قال: فوقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي، فقال لي: أين كنت إلى الساعة؟، [فعرفته] (10)، فأمر بعض أسبابه، فمضى فاشتراها، وحملها إلى منزلي، فجئت، فوجدتها، فعلمت الأمر كيف جرى، فقلت لها:
كوني فوق إلى أن أستبرئك، وكنت أطلب مسألة قد أحيلت علي، فاشتغل قلبي، فقلت للخادم: خذها، امض بها إلى النخاس، فليس قدرها أن تشغل
__________
(1) انظر: 5/ 98. الفص رقم 514.
(2) في الفصوص: فص: 514: قد بنى عقد كتابه.
(3) في م. س: فص: 514: وهي في جزازات.
(4) في م. س: فص: 514: غير.
(5) زيادة من م. س: فص: 514.
(6) في م. س: فص: 514: ثم ابتنى.
(7) في الأصول: فيها، وأثبتنا ما في الفصوص.
(8) زيادة من الفصوص: فص: 514.
(9) زيادة من تاريخ بغداد: 3/ 184.
(10) ساقطة في «أ».(2/852)
قلبي عن عملي. فأخذها الغلام، فقالت: دعني أكلمه بحرفين، فقالت أنت رجل لك محل وعقل، وإذا أخرجتني 281ظ، ولم تبين لي لم آمن أن يظن الناس فيّ ظنا قبيحا، فعرفنيه قبل أن تخرجني، فقلت لها: ما لك عندي عيب غير أنك شغلتني عن عملي، فقالت: هذا سهل عندي، قال: فبلغ الراضي أمره فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل!» (1).
الأدب الثامن: قال الشيخ أبو العباس ابن زاغو: «أن تكون معتنيا بالنظر، والحفظ، والتفهم،
مهتما بالتحقيق لا بالتلفيق، ولا بمجرد كثرة الحفظ، فالقليل مع الفهم، والصواب، أنفع من الكثير مع قلة الفهم وعدم التحقيق.
قال: ويكفيك شاهدا على ذلك طريق مالك في «الموطأ» و «البخاري» و «مسلم» في «صحيحيهما» ومن كم حديث أخرجوا حديثهم» اهـ.
قلت: أما العناية بالنظر، وما ذكر معه فلأنه إذا كان طلبه للعلم على ذلك الوجه تيسر عليه إدراك البغية منه، وأمكنه أن يعرف ما يخفى منه على من سلك في تحصيله على غير منهاجه، وبذلك تمدّح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتبرأ به، من حالة من اتصف بنقيضه، ليرغب طلبة العلم في الاقتداء به، والتوجه إلى نحو ما دل عليه.
فخرج الشيخ أبو عمر عن الحارث الأعور (2) قال: «سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن مسألة فدخل مبادرا، ثم خرج في حذاء ورداء، وهو متبسم، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنك كنت إذا سئلت عن المسألة تكون فيها كالمسلّة (3) المحماة، قال: إني كنت حاقنا ولا رأي لحاقن، ثم أنشأ يقول:
__________
(1) انظر م. س: 3/ 185184.
(2) الحارث الأعور من رجال «علي» في حرب صفين، وكان جهير الصوت، انظر وقعة صفين:
135، 136.
(3) المسلّة: إبرة كبيرة تخاط بها العدول ونحوها، والعدل: ج عدول، وأعدال: الغرارة أي(2/853)
إذا المشكلات تصدّين لي ... كشفت حقائقها بالنظر
فإن برقت في مخيل الصوا ... ب، عمياء لا يجتليها البصر 282و / /
مقنّعة بغيوب الأمو ... ر، وضعت عليها صحيح الفكر
لسانا كشقشقة الأرحبي ... أو كالحسام اليماني الذّكر
وقلبا إذا استنطقته الفنون ... [أبرّ] (1) عليها، بواه درر
ولست بإمّعة (2) في الرجال ... يسايل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مذرب الأصغرين ... أبين مع ما مضى، ما غبر»
قال عن أبي علي: «المخيل»، السحاب يخال فيه المطر، والشقشقة: ما يخرجه الفحل من فيه عند هياجه، ومنه قيل لخطباء الرجال: شقاشق.
و «أبرّ»: زاد عليه ما يستنقطه. والإمعة: الأحمق الذي لا يثبت على رأي، والمذرب: الحاد، وأصغراه: قلبه ولسانه (3) اهـ.
وروى قبل ذلك في معنى الإمّعة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
«كنا ندعو «الإمعة» في الجاهلية: الذي يدعى إلى الطعام، فيذهب معه بآخر، وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال» (4) اهـ.
ويعني «بالمحقب»: أنه يحمل دينه الرجال تقليدا، وهو من شأن من لا عناية له بالفهم والتحقيق.
وأما الاعتماد على مجرد كثرة المحفوظ مع التلفيق في فهم ما يتصور من ذلك، فلا إشكال كما أشار إليه في عدم نفعه، وكثرة عنائه.
__________
الجوالق لأنه يحمل على جنب البعير ويعدل بآخر. اللسان.
(1) في «د»: أبدا.
(2) الإمّع، والإمّعة، ويفتحان، الرجل يتابع كل أحد على رأيه، لا يثبت على شيء، ومتبع الناس إلى الطعام من غير أن يدعى، والمحقب الناس دينه. اللسان. وسيقدم ابن الأزرق شرحا لها فيما بعد.
(3) جامع العلم: 2/ 113.
(4) م. س: 2/ 112.(2/854)
قال الماوردي: «وربما اعتنى المتعلم بالحفظ من غير تصور ولا فهم، حتى يصير حافظا لألفاظ المعاني، قيما بتلاوتها، وهو لا يتصورها، ولا يفهم ما يتضمنها، يروي بغير روية، ويخبر عن غير خبرة، فهو كالكاتب الذي لا يدفع شبهة، ولا يؤيد حجة» اهـ (1).
وفي ذلك يقول الأستاذ: أبو بكر الجزار السرقسطي (2) رحمه الله:
ودارس كتب العلم لا فهم عنده ... كساع بلا جد لإدراك مأرب 282ظ
ينال من العلم الذكي نصيبه ... وإن هو لم يعكف عليه ويدأب
وما تنفع المرء الغبي دراسة ... أينتفع الأعمى بكحل مجرب
وإذا كان سبب ذلك بلادة في الطبع، وضعف إدراك في الفهم، فهو كما قال الماوردي: «الداء المعيي (3). قال: وقد قالت الحكماء: إذا فقد العالم الذهن، قل على الأضداد احتجاجه، وكثر إلى الكتب احتياجه. قال: وليس لمن بلي به إلا الصبر والإقلال، لأنه على القليل أقدر، وبالصبر أجدر أن ينال ويظفر. قال: وليس يقدر على الصبر من هذه حالته إلا أن يكون غالب الشهوة، بعيد الهمة، فيشعر قلبه الصبر لقوة شهوته، ويكلف جسده احتمال التعب لبعد همته. فإذا يلوح له المعنى بمساعدة الشهوة، أعقبه ذلك إلحاح الآملين، ونشاط المدركين، فقل عنده كل كثير، وسهل عليه كل عسير.
ففي الحديث: «إنكم لا تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون، ولا تبلغون ما تهوون إلا بترك ما تشتهون».
قيل في منثور الحكم: «أتعب قدمك، فكم من تعب قدّمك»، قيل: «إذا اشتد الكلف هانت الكلف».
__________
(1) أدب الدنيا: 24.
(2) يحيى الجزار السرقسطي أورد له بعضا من أشعاره صاحب النفح في: 3/ 404و 464و 548و 598 و 609وفي: 4/ 159. والذخيرة: 3/ 909905.
(3) في أدب الدنيا: ص 33، الداء العياء.(2/855)
وينشد لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ولا تعجزن ولا تدخلك مضّجرة ... فالنجح يهلك بين العجز والضجر»
انتهى ملخصا» (1).
وأما أن العلماء لم يزد بعضهم على بعض بالإكثار من المروي، والمحفوظ، وإنما زادوا بالتحقيق والتبصر فيما حصلوا. فهو أيضا مما لا يخفى وجهه.
فقد قال مالك رضي الله عنه: «ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يضعه الله في القلوب» (2).
وفسره ابن رشد: «بأنه الفهم الذي به يستبين المعاني، فشبّه بالنور، وهو الضياء الذي يكشف الظلام. قال: فمن لم يكن معه ذلك النور فهو فيما حمل من كثرة الروايات 283و / / كالحمار يحمل أسفارا» اهـ.
قال عياض: «وقد روي هذا الكلام عن ابن مسعود» (3) رضي الله عنه.
والشهادة لذلك بما التمسوا من العلم، ولخصوا من صحيحه واضحة الدلالة على ما خصوا به من فضيلة التحقيق ومزية الرسوخ في المعارف.
أما مالك فنقل عياض عن ابن وهب قال: «قال مالك: سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة ما حدثت بها قط، ولا أحدّث بها. قيل له: لم؟ ليس عليها العمل» (4).
قال: «وقال الشافعي: قيل لمالك: عند ابن عيينة أحاديث ليست عندك؟
قال: إذا حدثت الناس بكل ما سمعت إني إذا لأحمق.
__________
(1) م. س: ص: 33.
(2) الإلماع: 217.
(3) المدارك: 2/ 60.
(4) م. س: 1/ 186.(2/856)
وفي رواية: إني أريد أن أضلّهم إذا، ولقد خرجت مني أحاديث لوددت أني ضربت بكل حديث منها سوطا، ولم أحدّث بها. وإن كنت أفزع الناس من السياط» اهـ (1).
ومع عظيم هذا التحري والتلخيص لما يعتمد عليه فقد روى «البياضي» عنه، ذكره «عياض» أنه قال: «ندمت ألا أكون طرحت أكثر مما طرحت من الحديث. قال: وقال له «القاسم بن مبرور» (2): أرأيت يا أبا عبد الله أحاديث، تحدث بها عنك ليس عليها رأيك، لأي شيء أقررتها؟ فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما فعلت، ولكنها انتشرت عند الناس، فإن سألني أحد عنها، ولم أحدثه بها، وهي عند غيره: اتخذني عدوا (3)» (4).
وأما البخاري فحكى «الخطيب» عنه أنه قال رضي الله عنه: «أخرجت هذا الكتاب يعني: الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث.
قال: وسمع يقول: ما أدخلت في كتابي «الجامع» إلا ما صح، وتركت من الصحاح، وروى بسنده إلى بعض أصحابه قال: سمعت «محمد بن إسماعيل البخاري» يقول: صنفت «كتاب الصحاح» لست عشرة سنة خرجته 283ظ / / من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله» (5).
وأما مسلم، فنقل الشيخ «الحافظ أبو علي الغساني» (6) عن «تاريخ الخطيب»، أنه سمع يقول: «صنفت هذا «المسند الصحيح» من ثلاثمائة ألف
__________
(1) م. س: 1/ 188.
(2) القاسم بن مبرور الأيلي (بفتح الهمزة) الفقيه. ت: نحو 158هـ 774م. انظر ترجمته في التهذيب: 8/ 333.
(3) في المدارك: 1/ 192: غرضا.
(4) انظر م. س: 1/ 192191.
(5) تاريخ بغداد: 2/ 14.
(6) الحسين بن محمد الغساني الأندلسي الجياني أبو علي (ت: 894هـ 1105م) محدث، حافظ، نسابة لغوي، أديب، شاعر، من تصانيفه: «تقييد المهمل وتمييز المشكل» في رجال الصحيحين في جزأين، و «أسماء رجال سنن أبي داود»: انظر البداية: 12/ 165.(2/857)
حديث مسموعة» (1).
اعتراف بفضيلة:
اهتمام المحصل بالمفهوم لا ينافي صرف حظّ من العناية إلى المحفوظ، فإن الجمع بينهما هو الكمال. على أنهم قد قالوا: إن ذلك من المتعذر غالبا، ولكن ينبغي لصاحب الفهم ألا يفرط في الحفظ على حسب الأماكن، فإن له فضيلة لا تنكر. وهناك مقامات لا يتخلص منها إلا باستحضار المحفوظ، ولا يحظى فيها إلا بمدّ الباع في ميدانه، لا سيما إن كان ممّن يعرف بالتبريز فيه، فيعرض له تقصير عن الوفاء بما عرف به، فيظهر شفوف غيره عليه، كما حكى عياض: «أنه لما ورد «القيروان» «أبو ميمونة دارس بن إسماعيل»، وعجب من حفظه، بلغ أبا سعيد خلف بن عمر (2) المعروف بابن أخي هشام، تقصيره بعلماء القيروان، وإضافة قلة الحفظ إليهم، فقال لأصحابه: اعملوا على أن تجمعوا بيني وبينه لئلا يقول: دخلت القيروان، ولم أر بها عالما، فما زالوا به حتى أتوا به إلى «أبي سعيد» في مسجده، فسلم عليه، فألقى «أبو ميمونة» عليه نحوا من أربعين مسألة من «المستخرجة» و «الواضحة»، فأجابه عنها أبو سعيد، ثم ألقى عليه «أبو سعيد» عشر مسائل من «ديوان محمد بن سحنون» فأخطأ فيها «أبو ميمونة» كلها. فعطف عليه «أبو سعيد» وقال له: لا تغفل عن الدراسة فإني أرى لك فهما، فإن واظبت كنت شيئا، فلما قام أبو ميمونة لم يعرف الباب من الحيرة» (3) اهـ.
وحكى الشيخ «برهان الدين ابن فرحون» 284و / / في «الديباج المذهب» (4)
__________
(1) تاريخ بغداد: 13/ 101.
(2) خلف بن عمر وقيل عثمان بن خلف الحناط توفي حوالي: 371هـ 981م كان شيخ الفقهاء، وإمام أهل زمانه في الفقه، ولم يكن في وقته أحفظ منه، انظر: المدارك 6/ 215210.
والديباج: 1/ 249247.
(3) المدارك: 6/ 212.
(4) انظر: 1/ 449448.(2/858)
أن «الشارمساحي» (1) رحل إلى «بغداد» سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بأهله وولده، وصحبه جماعة من الفقهاء، فتلقاه الخليفة المستنصر بالله (2) بالترحيب والإقبال، وبلوغ الآمال، وكان دخوله إلى «بغداد» سابع عشر المحرم.
فلما كان في عاشر صفر استدعي إلى دار الوزارة. وأخلع عليه خلعة خليفية سوداء وعمامة، وطرحة، وأعطي بغلة بمركب جميل، وولي تدريس «المدرسة المستنصرية»، وكذلك فعل بالمدرسين بالمدرسة المذكورة من الخلع، والمراكب.
وكان أول من أنشأها الخليفة، وأمر الخليفة أن يحضر عنده جميع المدرسين بجميع المدارس ببغداد، وجميع أرباب الدولة، وحجاب الديوان فحضروا، وخطب خطبة بليغة فصيحة بصدر منشرح، وأمل منفسح، وذكر اثني عشر درسا، وألقى عليه بعض العلماء مسألة بيوع الآجال، فقال: أذكر فيها ثمانين ألف وجه. فاستغرب فقهاء بغداد من ذلك، فشرع يسردها عليهم إلى أن انتهى إلى مائتي وجه، فاستطالوها، وأضربوا عن سماعها، واعترفوا بفضل الشيخ، وسعة علمه».
قلت: مثل هذا عن مشاهير الحفاظ معروف قديما وحديثا، إلا أنا لم نسمع عن أهل هذه الأزمنة المتأخرة من ذلك أعجب مما «كان يبلغنا عن الشيخ الفقيه الحافظ المحدث: «أبي القاسم بن موسى العبدوسي الفاسي (3)» نزيل
__________
(1) شار مساح: قرية كبيرة كالمدينة بمصر، من كورة الدّقهلية / معجم البلدان: 3/ 308.
والشار مساحي: هو عبد الله بن عبد الرحمن المغربي الأصل، الشار مساحي المولد، الإسكندري المنشأ والدار، ت: (669هـ 1271م) فقيه، أصولي، من تآليفه: «نظم الدرر» في اختصار المدونة. و «الفوائد» في الفقه و «التعليق» في علم الخلاف، و «شرح الجلاب»، انظر الديباج: 1/ 450448.
(2) المستنصر بالله: منصور بن محمد (الظاهر بأمر الله) خليفة عباسي. تولى الخلافة سنة: 623هـ، وهو باني المدرسة المستنصرية ببغداد للمذاهب الأربعة، وجعل فيها دار حديث، وحماما، ودار طب، ووقف عليها أوقافا عظيمة: البداية: 13/ 139.
(3) أبو القاسم عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي ت: 837هـ 1433م نزيل تونس، نعته صاحب نيل الابتهاج بالإمام الحافظ الفقيه المحدث العلامة الجليل حامل لواء المذهب والحفظ في وقته، انظر درة الحجال: 3/ 282281، والنيل: 179.(2/859)
«تونس» إلى أن كتب إلى الشيخ الفقيه الجليل «قاضي الأنكحة» بتونس المحروسة، وأحد المفتين بها «أبو عبد الله محمد بن محمد الزلديوي» رحمه الله يعرفني من بعض أخباره في الحفظ بما يقضي منه العجب، ويزيد في الغرابة على ما كنا نسمع من ذلك.
فأخبرني رحمه الله قال: «كان ورد علينا في أخريات عام سبعة عشر 284ظ / / وثمانمائة، الفقيه، العالم، العلم، الحافظ أبو القاسم ابن الشيخ الإمام «أبي عمران موسى العبدوسي» بكتاب في يده من قبل الإمام أبي عبد الله محمد بن مرزوق يقول لنا فيه: يرد عليكم حافظ المغرب الآن. فقلنا: لعل ذلك من تعسيل الإخوان لإخوانهم عند الوصاءة (1) بهم أو عليهم. فلما اجتمعنا به، وأقام عندنا أزيد من عام، رأينا منه العجب العجاب من الحفظ الذي لم نتوهمه أن يكون لأحد، لما ربّينا (2) عليه في بلادنا «الإفريقية»، ومجالس أشياخنا في «تونس» و «بجاية»:
كان بتونس فيمن أدركنا الشيخ «أبو القاسم البرزلي» يسلم (3) له أهل زماننا في حفظه الفقه و «أشياخ المدونة»، والناس في ذلك دونه.
وكان ببجاية الشيخ الفقيه «أبو القاسم المشذالي» (4)، رأيناهم وحضرنا مجالسهم، فما رأينا ولا سمعنا من يشبه العبدوسي في حفظه. وعلمنا صدق «ابن مرزوق» فيما وصفه به، وأن من ورعه ألا يذكر وألا يكتب إلا بما تحقق.
وكما قال الشاعر:
«فلما التقينا صدّق الخبر الخبر»
__________
(1) في النيل: 179: في الوصية.
(2) في م. س: 179: لما رأينا في.
(3) في م. س: 179: سلم له.
(4) هو محمد بن أبي القاسم المشذالي، مفتي بجاية، وخطيبها، ت: 866هـ 1459م، من كتبه:
«تكملة حاشية الوانوغي على المدونة»، و «مختصر البيان» لابن رشد، و «الفتاوي»، انظر الشجرة 263، والنيل: 314.(2/860)
وقال الآخر:
بل صوابه:
«صغر الخبر الخبر»
وكذلك فعلنا نحن، تركت مجلس تدريسي، وحضرت عنده لآخذ شيئا من طريقه، وأقتطف نورا (1) من يانع تحقيقه، فلما حضرت رأيت شيئا لا يدرك إلا بعناية ربانية موقوف ذلك على من رزقه الله الحفظ ينفق منه حيث شاء، وكيف يشاء، أما غير ذلك (2) فلا، لازمناه حضرا وسفرا، وعلمنا طريقه تفكرا ونظرا، ولكن لا يقدر على تلك الطريق إلا من جعل الله حافظته كاملة الاستواء، وممدة لجميع القوى. فمن طريقه أنه إذا أقرأ المدونة فاستمع لما يوحى:
يبتدىء على المسألة من كبار «أصحاب مالك»، ثم ينزل طبقة، طبقة، حتى يصل إلى علماء الأقطار 285و / / من المصريين والإفريقيين، والمغاربة، والأندلسيين، وأئمة الإسلام، وأهل الوثائق والأحكام حتى يكل السامع، وتنقطع عن تحصيل ذلك المطالع، وكذلك إذا انتقل إلى الثانية وما بعدها. هذا بعض طريقه في «المدونة».
وأما إذا ارتقى إلى كرسيّه، فترى أمرا معجزا ينتفع به من قدر له نفعه من الخاصة والعامة يبتدىء بأذكار وأدعية رتبها لذلك يكررها في كل صباح يحفظها الناس ويأتونها {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (3)، ويتسابقون في حفظها وذكرها، وبعد كمالها يقرأ القارىء الآية التي يأخذ في تفسيرها، فلا يتكلم على شيء منها إلا قليلا، ثم يفتتح فيما يناسبها من الأحاديث النبوية، وأخبار السلف وحكايات
__________
(1) في النيل: 179: من رأس يانع.
(2) م. س: 179: أما غيره.
(3) تضمين الآية الكريمة: {وَعَلى ََ كُلِّ ضََامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، سورة الحج، الآية: 27.(2/861)
صوفية، وسير شريفة نبوية وصحابية، وأخبار التابعين وتابعيهم، فلا يرجع إلى الآية إلا إذا كمل منقولاته. رجع إليها بتركابها، وربما أخذ في نقل الأحاديث، ويعدها فيقول: الحديث الأول: كذا. والثاني: كذا والثالث: إلى المائة، وإلى الواحد والمائة حتى يختمها. ونشك الآن أنه يفعل كذلك في المائة الثالثة، أما الثانية: فمحققة.
وكان ينظر (الشفاء) (1) لابن سبع، وغيرها من كتب الأحاديث.
وأما طريقه في تلك الكتب وترتّبها لنقلها، بكتب أول كل منقول أو النظر فيه، وهو يتحدث، ويحدّث أصحابه، وبالغد ينقل ذلك فأمر خارق للعادة. فعل ذلك عندنا في (مسجد الشيخ سيدي علي بن [مخلوف] (2) نفع الله به وفي تونس) (3) في مسجد القصر، وكان الناس يتسابقون إلى المواضع قبل الصبح رجالا ونساء، يزدحمون على المواضع، والذين خارج المسجد كالذين 285ظ / / في داخله أو أكثر. وصوته جهير يصل الكل، وكان السلطان رحمه الله قد منع من يخلط عليه، أو يحيره من [المشغبين] (4) من الطلبة. وإلا فطلبته التونسيون لا يردهم ذلك عمن ليس عنده مشاركة في علومهم يأتونه من قبلها، وما تصدى لمعارضته ومخالفته إلا شيخنا أبو العباس أحمد [المعلقي] (5) (6)، وحرض الطلبة التحريض التام بأن يقولوا: إنا لله! خلت تونس
__________
(1) كتاب «شفاء الصدور» للإمام الخطيب أبي الربع سليمان السبتي المعروف بابن سبع، انظر الكشف: 2/ 1050.
(2) في «ج» و «د»: خلوف.
(3) ما بين قوسين ساقط من النيل: 180.
(4) في «ج»: المشتغبين، وفي «د»: المتغبين.
(5) في «ج» و «د»: المعقلي.
(6) هناك أحمد الشهاب المعلقي المالكي الإمام العلامة المسند المعمر. ت: 829هـ 1425م انظر في ترجمته الضوء اللامع: 2/ 258.
وهناك أيضا أحمد المعلقي: ت: سنة بضع وثلاثين وثمانمائة للهجرة كما ذكر صاحب الضوء اللامع 2/ 265، ولم ندر أيهما المقصود هنا.(2/862)
حتى صار هذا يتكلم فيها بما يشتهي، ولكن خافوا من السلطان رحمه الله.
وهذه الطريق قالوا: إن ابن أخيه عبد الله يفعلها في «جامع القرويين» «بفاس»، وقالوا: إنه عملها هو في «مصر»، وتعجبوا من حفظه، ونقله تلك المائين (1) من الأحاديث، وثباته عليها وترتيبها، ولكنهم فضلوا عليه سيدنا «أبا عبد الله محمد ابن مرزوق» لمشاركته في العلوم، ومفاوضته إياهم في علوم الحديث في طريق ابن الصلاح، وما وضع (2) هو في ذلك من الأراجيز.
وقيل: إنه قيل له: إن التونسيين يقولون: إنك لا تحسن العربية، فأمرهم أن يستفتحوا عليه كتابا من كتب العربية أكبر ظني أنه «ألفية ابن مالك»، وأنه سلك لهم في إقرائها طريقه في «المدونة»، بدأ لهم بأصحاب «سيبويه»، ثم انتقل إلى «السيرافي»، و «شراح الكتاب»، و «طبقات النحويين»، حتى مل الحاضرون وكلّوا، وما زال ينقل حتى ذهبوا، وما رجع إليه أحد في ذلك.
ويقال: إنه اجتمع ليلة في جهاز بالشيخ أبي القاسم البرزلي. وكان رحمه الله أعمى فلما تكلم «العبدوسي» قال له «البرزلي»: أهلا بواعظ بلدنا. فقال له العبدوسي: قل: وفقيهها، قل: وفقيهها. فسكت «البرزلي»، فعد ذلك من رجلة العبدوسي وسرعة جوابه، رحمهم الله أجمعين» (3). انتهى ملخص ما كتب به معرفا بهذا الحافظ العظيم، «والله يؤتي فضله من يشاء» 286و / /.
تتمتان:
التتمة الأولى: من العناية بالتفهم والتحقيق في طلب العلم: أن يكون اهتمامه بالدراية لا بالإكثار من الرواية،
فقد حضوا على ذلك، حتى لقد كرهوا الإكثار من الرواية
__________
(1) في النيل: 181: ونقله المتين.
(2) م. س: 181: ونظمه في ذلك.
(3) انظر م. س: 181179.(2/863)
مخافة أن يشتغل عن التفقه في دين الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفيما يعين على ذلك، ويمد بقوة التبصر فيه، والتحقق بمعانيه، إذ لا خفاء أن ذلك هو المقصود الأعظم من حمل الشريعة ليعمل بما فيها.
قال الأستاذ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله: «لا أن يكون الإنسان كالدفاتر الممتلئة علما وحكمة».
قلت: وما هو على خلاف ذلك باعتبار عدم الاعتماد عليه كما حكى الشيخ أبو عمر: «بسنده إلى «ابن شوذب» (1) عن «مطر» (2) أنه سأله رجل عن «حديث» فحدثه به، فسأله عن تفسيره، فقال: لا أدري. إنما أنا زاملة، فقال له الرجل: جزاك الله من زاملة خيرا، فإن عليك من حلو وحامض. قال الشيخ أبو عمر: طلب الحديث على ما يطلبه كثير من أهل عصرنا اليوم دون تفقه فيه، ولا تدبر لمعانيه، مكروه عند جماعة أهل العلم» (3).
قال الأستاذ أبو إسحاق: «وهو كما قال: فإن في الإكثار شغلا يقطع به العمر عن الرجوع إلى التفقه».
وقال «ابن الصلاح» وفيه تنبيه على خيبة المقتصر على الرواية: «لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه.
فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل، وبغير أن يحصل في عداد أهل الحديث، بل لم يزد على أن صار من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون
ثم أنشد للأديب فارس بن الحسين:
__________
(1) هو عبد الله بن شوذب، أبو عبد الرحمن البلخي ت: 150هـ 767م. أخرج له الأربعة، والبخاري في الأدب المفرد. انظر التهذيب: 5/ 255.
(2) مطر الوراق أبو رجاء الخراساني السلمي ت: 140هـ 757م، تابعي، روى عن أنس وغيره، صدوق، وربما أخطأ، كان معجبا برأيه: قتله المنصور، انظر التهذيب: 10/ 167 169.
(3) جامع العلم: 2/ 127.(2/864)
يا طالب العلم الذي ... ذهبت بمدته الروايه (1)
كن في الرواية ذا العنا ... ية بالرواية و [الدرايه] (2) 286ظ / /
وارو القليل وراعه ... فالعلم ليس له نهايه» (3)
اتعاظ:
من نقص المقتصرين على الرواية ما ظهر من قصورهم عند ما عرضوا لمقامي الفتوى والحكم وفي ذلك عبرة لمن اعتبر، والسعيد من اعتبر بغيره.
أما الأول فيحكى عن الأعمش وذكره الخطيب قال: «لما سمعت الحديث قلت: لو جلست إلى سارية أفتي الناس. قال: فجلست، فأول ما سألوني لم أدر ما هو».
ويحكى عن عطية قال: «كنت عند شعبة فقال: يا أبا محمد إذا جاءتكم [معضلة] (4) من تسألون عنها؟ فقلت في نفسي، هذا رجل أعجبته نفسه. فقلت:
نوجه إليك وإلى أصحابك، حتى تفتوا، فما بقينا إلا قليلا حتى جاء سائل فقال:
يا «أبا بسطام»، رجل ضرب رجلا على أم رأسه فادعى أنه ذهب بذلك شمّه، فجعل يتشاغل عنه يمينا وشمالا، فأومأت إلى الرجل أن يلح عليه، فالتفت إلي فقال: يا أبا محمد ما أشر البغي على أهله! والله ما عندي فيه شيء، إفت أنت.
فقلت: يستفتيك وأجيبه أنا؟! قال: فإنني سائلك. فقلت: سمعت الأوزاعي والزهري يقولان: يدقّ الخردل دقا بالغا و [يشمّم] (5)، فإن عطس فقد كذب.
وإن لم يعطس فقد صدق. قال: جئت بها، والله ما يعطس رجل انقطع شمه».
__________
(1) في «أ»: ورد البيت كالتالي:
«يا طالب العلم ذا العنا ... ية بالرواية والدرايه»
(2) هذا البيت ساقط من «أ».
(3) انظر مقدمة ابن الصلاح: 373.
(4) في «أ»: معظلة.
(5) في «ج» و «د»: يشم.(2/865)
قال البرزلي: «كذا عندنا هذه المسألة: في مسألة إذا ادعى أنه قد ذهب سمعه، فإنه يختبر، ويستغفل فحينئذ يعقل، والظالم أحقّ بالحمل عليه.
قال: وكذا إذا ادعى أنه قد نقص نظره فيختبر بتقريب الشيء من تبعيده، ثم تغلق هذه، وتفتح الصحيحة، وينظر ما بينهما فيعقل» اهـ.
«ويحكى أن امرأة وقفت على مجلس فيه يحيى بن معين، وزهير بن حرب (1)، وخلف بن صالح، في جماعة 287و / / يتذاكرون الحديث فسمعتهم يقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه وما حدّث به غير فلان، فسألتهم عن الحائض، هل تغسل الموتى؟ فلم يجب أحد منهم، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض، فأقبل أبو ثور، فقالوا لها: عليك بالمقبل، فالتفتت إليه، وقد دنا منها، فسألته. فقال: نعم، تغسل الميت لحديث القاسم عن عائشة أنه عليه السلام قال لها: «إن حيضتك ليست في يدك». وقولها: «كنت أفرق رأسه عليه السلام وأنا حائض».
قال: فإذا فرقت رأس الحي، فالموتى أولى به، فقالوا: نعم رواه فلان، وحدثنا به فلان. فقالت لهم المرأة: فأين كنتم إلى الآن» اهـ.
ويحكى عن عبيد الله بن عمرو، ذكره الشيخ أبو عمر، قال: «كنت في مجلس الأعمش فجاءه رجل، فسأله عن مسألة فلم يجبه فيها، ونظر فإذا أبو حنيفة. فقال: يا نعمان، قل فيها. فقال: القول فيها كذا. قال: من أين؟ قال:
من حديث كذا أنت حدّثتناه. قال: فقال الأعمش: «نحن الصيادلة وأنتم الأطباء» (2).
قال أبو عمر: «ومن هنا قال اليزيدي:
إن من يحمل الحديث ولا يع ... رف فيه التأويل كالصيدلان
__________
(1) زهير بن حرب النسائي البغدادي، أبو خيثمة. ت: 234هـ 849م. محدث بغداد في عصره. له كتاب: «العلم»، انظر تاريخ بغداد: 8/ 482. والتذكرة: 2/ 22.
(2) جامع العلم: 2/ 131.(2/866)
حين يلفى لديه كل دواء ... وهو بالطب جاهل غير وان» (1)
توجيه ملام:
ذكر الشيخ أبو عمر في جملة ما نقل من إنكار العلماء على المقتصرين على الرواية أن ابن أبي الجوزي قال: «أتينا فضيل بن عياض (2) ونحن جماعة، فوقفنا على الباب فلم يأذن لنا بالدخول، فقال بعض القوم: إن كان خارجا لشيء فسيخرج لتلاوة القرآن.
قال: فأمرنا قارئا يقرأ، فاطلع علينا من كوة، فقلنا: السلام عليك ورحمة الله فقال: وعليكم السلام. فقلت: كيف أنت يا أبا علي، وكيف حالك؟
287 - ظ / / فقال: أنا من الله في عافية، ومنكم في أذى، وإنما أنتم فيه حدث في الإسلام. «ف {إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ»}. ما هكذا كنا نطلب العلم، ولكنا كنا نأتي المشيخة، فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم في الحلق، فنجلس دونهم ونسترق السمع، فإذا مر الحديث سألناهم إعادته، وقيدناه، وأنتم تطلبون العلم بالجهل، وقد ضيعتم كتاب الله، ولو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون.
قال: قلنا قد تعلمنا القرآن. قال: إن في تعليمكم القرآن شغلا لأعماركم، وأعمار أولادكم، قلنا: كيف يا أبا علي؟ قال: أن تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه، ومحكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، فإذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة. ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرّحمن الرّحيم {يََا أَيُّهَا النََّاسُ قَدْ جََاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفََاءٌ لِمََا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللََّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذََلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (3)» اهـ (4).
__________
(1) انظر م. س: 2/ 131. وقد ذكر البيت الأول فقط.
(2) الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي أبو علي ت: 187هـ 803م الزاهد الخراساني، كان أول أمره شاطرا ثم صار إلى الزهد والعبادة، انظر الصفوة: 2/ 237. وطبقات الصوفية: 146.
(3) سورة يونس، الآيتان: 57و 58.
(4) جامع العلم: 2/ 129128.(2/867)
وأغلظ من هذا الملام باعتبار تشبيههم من شأنه ألا يفهم، ما رواه أيضا عن يحيى بن يمان (1) قال: «يكتب أحدهم الحديث ولا يتفهم ولا يتدبر، فإذا سئل أحدهم عن مسألة جلس كأنه مكاتب».
قال أبو عمر في مثل هذا قبل:
«زوامل للأشعار لا علم عندهم ... بجيّدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأحماله أو راح ما في الغرائر (2)
قال: وقال عمار الكلبي:
إن الرواة على جهل بما حملوا ... مثل الجمال عليها يحمل الودع (3)
لا الودع ينفعه حمل الجمال له ... ولا الجمال بحمل الودع تنتفع 288و / /
قال: وأنشد الخشني (4):
قطعت بلاد الله للعلم طالبا ... فحملت أسفارا فصرت حمارها
إذا ما أراد الله حتفا لنملة ... أتاح جناحين لها فأطارها
قال: وقال منذر بن سعيد:
[انعق] (5) بما شئت تجد أنصارا ... ورم أسفارا تجد حمارا
يحمل ما وضعت من أسفار ... مثله كمثل الحمار
يحمل أسفارا له وما درى ... إن كان فيها صوابا أو خطّا
__________
(1) يحيى بن اليمان العجلي الكوفي أبو زكريا ت 189هـ 805م. مفسر ثقة، كثير الحفظ، له كتاب: التفسير. انظر: التذكرة: 1/ 286. والشذرات: 1/ 325.
(2) الغرائر: ج الغرارة: الجوالق، وهو الدعاء. اللسان: غرر.
(3) الودع: الواحدة: ودعة وهي خرز أبيض يخرج من البحر، بيضاء شقّها كشق النواة تعلق لدفع العين.
(4) هو محمد بن عبد السلام الخشني أبو عبد الله: ت: 286هـ 899م، العالم الحافظ، كان فصيح اللسان، بصيرا بكلام العرب، له رحلة إلى العراق، وإلى غيرها من البلاد، أقام فيها مدة طويلة ثم رجع إلى الأندلس، وحدث بها، انظر طبقات الزبيدي: 268. وجذوة الحميدي: 68 70.
(5) في «ج» و «د»: أنفق.(2/868)
إن سئلوا، قالوا: كذا روينا ... ما إن كذبنا [لا] (1)، ولا اعتدينا
كبيرهم يصغر عند الحفل ... لأنه قلد أهل الجهل
أوجههم من قال لي روايه ... ليس بمعناها له درايه» (2)
قلت: وأنشد في هذا المعنى بعضهم:
إن الذي يروي ولكنه ... يجهل ما يروي وما يكتب
كصخرة تنبع أمواهها ... تسقي الأراضي وهي لا تشرب
وأما الثاني: فحكى البرزلي عن [ابن مناد] (3) أن الموحدين لما خرجوا على «لمتونة»، وأخذوا «مراكش» حضرة ملكهم، وجدوا فيها كتب فقه كثيرة، فباعوها من الشواشين وغيرهم، وذكر ما حاصله: «أنهم طلبوا فقهاء الفروع بالرجوع إلى مقتضى الحديث عندهم، إلى أن ولي «المنصور» منهم، فأمر ألا يتولى القضاء إلا المحدثون.
قال: ولقد كان الذين استقضوا منهم عند الناس في حالة تقصير في قضائهم، وكانت أحكامهم سخنة 288ظ / / عين، حتى ظهر ذلك عند العامة والخاصة إذ لا اطلاع لهم على جزئيات المسائل اطلاع أهل الفقه والفروع حتى كان منهم من له دين ربما يباطن بعض الفروعيين ويسأله عن مشكلات المسائل ويتخذه معينا في قضاياه.
قال: وتذاكرنا يوما بحضرة فقيه تولى القضاء بالأندلس وإفريقية فقال:
علمتم ما سبب وصول أبي محمد ابن حوط الله (4) المحدث إلى بلادكم؟. فقلنا له: أخبرنا. فقال: كان أبو محمد قاضي إشبيلية. فدخلت امرأتان الحمام،
__________
(1) ساقطة من «ج» و «د»، والجامع أيضا.
(2) جامع العلم: 2/ 132131.
(3) في «د»: ابن مباد.
(4) هو عبد الله بن سليمان بن حوط الله الأنصاري الحارثي. ت: 612هـ 1215م كان فقيها، جليلا، أصوليا، نحويا، كاتبا، شاعرا ولي قضاء إشبيلية وقرطبة ومرسية، وسبتة وكان يغلب طريقة الظاهرية انظر: الديباج: 1/ 447، والشجرة: 1/ 174173.(2/869)
وكان بينهما شنآن، فأمرت إحداهما خدمها أن يضعن ثيابها وسط ثياب الأخرى، ففعلن ذلك، ثم خرجت، فطلبت ثيابها، فلم تجدها، فقالت لصاحبة الحمام، رأيت فلانة في الحمام، ما أخذ ثيابي إلا هي، فأنكرت ذلك الحمامية، وقالت: هي من أفاضل الناس وتفعل هذا؟ أنا أغرم لك الثياب. فألحت على تفتيش الثياب، فطلبت، فوجدت الثياب، وشهدت النساء عليها، ورفع ذلك «لابن حوط الله» فأخذ المرأة، وأمر بها فسجنت، أو قال: ضربت، فأرسلها، فقام أخوها «بجامع إشبيلية» ودعى ابن حوط الله إلى أمير المؤمنين الناصر، فرفع الرجل قصّته إليه، فأكبر القضية، وأكبرها الفقهاء. فقال: أمير المؤمنين يقتص لهذه المرأة، فعظم ذلك على الفقهاء الذين معه، فما زالوا يتلطفون مع خصمه حتى عفا عنه، وبيده وكالة من أخته تقتضي ذلك» اهـ.
قلت: ينظر إلى سؤال هذا الصنف: العلماء بالفروع على وجه الاضطرار إليهم، ما حكي عن «الأعمش» أنه لما أراد الحج وبلغ «الحيرة» قال لمن كان معه: «اذهب إلى أبي حنيفة حتى يكتب لنا المناسك». وفي ذلك كله أوضح دليل على أن الاقتصار على الرواية لا يوفي بما لا يعرف إلا بالدراية 289و / /.
التتمة الثانية: من العناية أيضا بالتحقيق في طلب العلم، أن تكون همته مصروفة إلى تحصيل المهم منه،
ليكون حاضرا عنده مهما احتاج إليه لا إلى جمع كتبه، واقتناء دواوينه. فإن ذلك، وإن كان مادة التحصيل، لكنه إن جعل معظم ما به العناية، كان سببا في إهمال الحفظ، وتضييع ما لا يجد منه عند الافتقار إليه، وقد تقدم عن «الخليل» قوله «مشيرا إلى عدم الفائدة بما في الكتب إذا جعل غاية ما به الاهتمام.
ليس بعلم ما حوى القمطر ... ما العلم إلا ما وعاه الصدر» (1)
وما زال الناس يعيبون من لا يعتني إلا بذلك بدلا عن التحصيل في النفس
__________
(1) جامع العلم: 1/ 68.(2/870)
والحفظ لما لا يمكن استحضار الدواوين عند السؤال عنه في كل وقت.
فعن الأصمعي: «يعد من العلماء، وليس منهم، المعدد ما عنده، وهو الذي إذا سئل عن الشيء قال: هو عندي في الطاق، أو في الصندوق».
وحكى الخطيب عن الأزهري قال: «سمعت أبا بكر ابن شاذان (1) يقول:
رأيت للصولي بيتا عظيما مملوءا بالكتب، وهي مصفوفة، وجلودها مختلفة الألوان لكل [صف] (2) من الكتب لون. فصف أحمر، وآخر أخضر، وآخر أصفر، وغير ذلك.
قال: وكان الصولي يقول: هذه الكتب كلها سماعي» اهـ.
ثم أنشد فيه الخطيب قول بعضهم:
«إنما الصولي شيخ ... أعلم الناس خزانه
إن سألناه بعلم ... طلبا منه الإبانه (3)
قال: يا قومي (4) هاتوا ... رزمة العلم فلانه» (5)
وحكاها ابن خلكان قال: «كانت للصولي خزانة كتب مملوءة من مسموعاته 289ظ / / فكان إذا احتاج النظر في كتاب قال لغلمانه: هاتوا كتاب كذا. فهجاه أبو سعيد العقيلي وذكر الأبيات» (6).
قلت: والإنصاف أن هذا الهجو تحامل عليه، لما وصف به من الحفظ والتحصيل والمعرفة بفنون الأدب، والحذق بصناعة التصنيف، لكن المقصود أن الإكثار من جمع الكتب مع الإهمال للتحصيل مما يعاب، وينتقص به من يعتد به
__________
(1) أحمد بن إبراهيم البزاز أبو بكر: ت: 383هـ 993م. محدث بغداد في عصره، كان يتجر بالبز إلى مصر وغيرها، له مسلسلات في الحديث. انظر تاريخ بغداد: 4/ 2018والشذرات: 3/ 104.
(2) في «أ»: صنف.
(3) في الوفيات: 4/ 360: إبانه.
(4) في م. س وتاريخ بغداد: 3/ 432: يا غلمان.
(5) انظر تاريخ بغداد: 3/ 432431.
(6) انظر الوفيات: 4/ 360.(2/871)
منزلة في الاجتهاد، وسلما إلى مرتبة الخصوصية به، حتى إنّ بعض المصنفين وهو «محمد بن بشير» (1) عاب بذلك نفسه فقال: وأنشده غير واحد، وذكر الكتاب أبو الحسن ابن رزين (2) عن أبي عبيد البكري (3) أنه أحسن ما ورد في هذا المعنى:
أما لو أعي كل ما أسمع ... وأحفظ من ذاك ما أجمع
ولم أستفد غير ما قد جمعت ... لقيل هو العالم المقنع
ولكن نفسي إلى كل فن ... من العلم تسمعه تنزع
فلا أنا أحفظ ما قد جمع ... ت ولا أنا من جمعه أشبع
ومن يك في علمه هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع
إذا لم تكن حافظا واعيا ... فجمعك للكتب لا ينفع
أأحضر بالجهل في مجلس ... وعلمي في الكتب مستودع» (4)
قال ابن رزين: وله في نقيض هذا المعنى الذي وصف به نفسه:
إذا ما غدا الطلاب للعلم ما لهم ... من الحظ إلا ما يدون في الكتب
غدوت بتشمير وجد عليهم ... فمحبرتي أذني ودفترها قلبي
وللشيخ أبي عمر في غرض ذلك المعنى مع تضمين ما يظهر منه: 290و / / «[يا من يرى العلم جمع المال والكتب ... خدعت والله ليس الجد كاللعب
__________
(1) هو محمد بن بشير المعافري. ت: 198هـ 813م، من قضاة الأندلس. حج ولقي مالكا، وكانت له في قضاياه مذاهب ودقائق لم تكن لأحد قبله انظر المدارك: 3/ 327، وقضاة الأندلس: 5347.
(2) رزين بن معاوية بن عمار العبدري الأندلسي: سرقسطي، ت: 524هـ 1129م. جاور بمكة، وحدث بها عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي وغيره. كان عالما بالحديث، وله فيه تواليف حسان. انظر الصلة: 1/ 187186.
(3) هو عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي أبو عبيد. ت: 487هـ 1094م. المؤرخ والجغرافي، والنسابة، والأديب، له تآليف منها «المسالك والممالك» و «معجم ما استعجم» و «أعلام النبوة» و «شرح أمالي القالي» انظر الصلة: 1/ 288287. والبغية: 2/ 49.
(4) جامع العلم: 1/ 68.(2/872)
العلم ويحك ما في الصدر تجمعه ... حفظا وفهما وإتقانا فداك أبي
لا ما توهمه [العندي] (1) من سفه ... إذ قال ما تبتغي عندي وفي كتب
قال الحكيم مقالا ليس يدفعه ... ذو العقل من كان من عرب ومن عرب
ما إن ينال الفتى علما ولا أدبا ... براحة النفس واللذات والطرب
نعم، ولا باكتساب المال يجمعه ... شتان بين اكتساب العلم والذهب
أليس في الأنبياء الرسل أسوتنا ... عليهم صلوات الرب ذي الحجب
حازوا العلوم وعنهم جملة ورثت ... وعاش أكثرهم جهدا، بلا نشب
إن الحياء لخير كله أبدا ... ما لم يحل بين نفس المرء والطلب
وكل ما حال دون الخير لم يك في ... ما بين [ذاك] (2) وبين الخير من نسب] (3)» (4)
وأنشد بعض الشيوخ للفقيه الأديب: «أبي عبد الله القرباقي (5) من أهل بسطة فيما يرجع إلى هذا الغرض باعتبار:
ظنوا العلوم صحائف الكتاب ... فتحيلوا في صرفها عن باب
راموا حصار العلم (6) في تابوتهم ... ونسوا خزائن فاتح الأبواب
وفيها بحث أدبي وهو أن بعضهم رآه في مخالفة الصدرين والعجزين مثل ما قيل في بيتي «امرىء القيس» (7):
كأني لم أركب جوادا للذّة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال
ولم أسبإ الزّق الرويّ ولم أقل ... لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال 290ظ / /
__________
(1) في «ج» و «د»: الهندي. وأل هنا شذوذا وللتهكم.
(2) في «أ»: يداك.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من «ب»، أي القطعة بأتمها.
(4) انظر جامع العلم: 1/ 9291.
(5) علي بن موسى بن عبيد الله اللخمي الشهير بالقرباقي ت: 844هـ 1440م، الفقيه، المفتي، المصنف الذاكر لأحوال العرب. انظر: رحلة القلصادي: 9087، والنيل: 207.
(6) في الأصول: العلوم، وذاك لا ينسجم مع الوزن.
(7) انظر الديوان: 110من قصيدته التي مطلعها:
«ألا عم صباحا أيها الطل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي»(2/873)
حكاه الشيخ الأديب أبو القاسم ابن حاتم الشهير بابن البناء فيما رأيت بخطه».
والإشارة كما قيل من ذلك في بيتي «امرىء القيس» بيانها: «أن شاعرا بغداديا فيما حكي ورد على سيف الدولة ينقد الشعر، لا يكاد يسمع منه شيئا إلا نقده، وأظهر فيه عيبا، فجرى يوما بحضرة سيف الدولة قول امرىء القيس:
«كأني لم أركب جوادا»
البيتين.
فقال: خالف في هذا فأفسد، ولو أنه قال:
كأني لم أركب جوادا ولم أقل ... لخيلي كرّي كرة بعد إجفال
ولم أسبإ الزق الروي للذة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال
لكان قد جمع بين الشيء وما يشاكله، فقرن الجواد بالكر، والنساء بالخمر، فلم يجد أحد بدا من التسليم له، فقام فتى من المجلس، فقال: الله أصدق. حيث قال: {إِنَّ لَكَ أَلََّا تَجُوعَ فِيهََا وَلََا تَعْرى ََ (118) وَأَنَّكَ لََا تَظْمَؤُا فِيهََا وَلََا تَضْحى ََ} (1). فأتى بالجوع مع العري، ولم يأت به مع الظمأ» اهـ.
وفي «اليتيمة» (2): «أن سيف الدولة كان معجبا بقصيدة أبي الطيب التي أولها:
«على قدر أهل العزم تأتي العزائم» (3)
فاستنشده إياها يوما فأنشده إلى أن بلغ قوله:
وقفت وما في الموت شك لواقف ... كأنك في جفن الردى وهو نائم
__________
(1) سورة طه، الآيتان: 118و 119.
(2) انظر 1/ 2221.
(3) عجز البيت:
«وتأتي على قدر الكرام المكارم»
انظر الديوان: 389385.(2/874)
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... ووجهك وضاح، وثغرك باسم
فقال: قد انتقدنا عليك هذين البيتين كما انتقد بحضرتنا على «امرىء القيس» قوله:
«كأني لم أركب» وذكر البيتين، وانتقادهما، ثم قال: وكان الأولى بك أن تقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف ... ووجهك وضاح وثغرك باسم 291و / /
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... كأنك في جفن الردى وهو نائم
فقال: أصلح الله مولانا إن صح أن الذي استدرك هذا على «امرىء القيس» هو أعلم بالشعر منه، فقد أخطأ «امرؤ القيس»، وأخطأت أنا، ومولانا يعلم أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك، لأن البزاز لا يعرف إلا جملته، والحائك يعرف جملته وتفاصيله (1) لأنه (هو) (2) الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية. وكذا الشاعر، وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وأنا لما ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكري الردى وهو الموت ليجانسه، ولما كان وجه الجريح والمنهزم لا يخلو من أن يكون عبوسا وعينه باكية قلت:
«ووجهك وضاح وثغرك باسم»
لأجمع بين الأضداد في المعنى، وإن لم يتسع اللفظ لجمعها. فأعجب «سيف الدولة» بقوله: ووصله بخمسمائة دينار» اهـ.
وقد كتب الشيخ أبو القاسم ما حاصله: «أن بعض الفضلاء وقف له على تقييد بخطه لقصيدة «ابن الخطيب» في مدح السلطان «أبي عنان» واستصراخه التي أولها:
أبدى لداعي الفوز وجه منيب ... وأفاق من عذل ومن تأنيب
__________
(1) في اليتيمة: 1/ 22: تفاريقه.
(2) زيادة من م. س: 1/ 22.(2/875)
ومنها:
متجسدا من جوهر النور الذي ... لم ترم يوما شمسه بغروب
متألقا في مطلع [الحق] (1) الذي ... هو نور أبصار وسر قلوب (2)
فكتب بإزاء هذين البيتين: صدر الأول أليق بعجز الثاني، وصدر الثاني أليق بعجز الأول.
قال: وأظن «ابن الخطيب» تعمد ذلك ليتفق له ما اتفق «لامرىء القيس» و «أبي الطيب». يعني فيما تقدم لهما».
ملاحظة:
جمع الكتب إذا اعتبر من جهة المعونة على 291ظ / / التحصيل الذي هو المطلوب بالقصد الأول، لا ينتقص به من له القدرة عليه، بل هو من دعائم الطلب، وأسباب الفوز بالدراية التي لا يختص بها إلا من تمكن منه، وساعده الوجد عليه، إما بالمال أو بالجاه، أو غير ذلك من الأسباب المسعدة به، وربما يعتقد بعض الناس أن العناية به على الجملة لا فضيلة فيها وليس كذلك.
ولقد أوضح «ابن حزم» في رسالة «مراتب العلوم» (3) وجه الإنصاف في هذا الموضع بما لا معدل عن قبوله فقال: «إن الاستكثار من الكتب من جملة دعائم العلم، إذ لا يخلو كتاب من فائدة وزيادة علم يجدها فيه إذا احتاج إليها، ولا سبيل إلى حفظ المرء لجميع علمه الذي يختص به، فإذا لا سبيل إلى ذلك، فالكتب نعم الخازنة له إذا طلبه.
قال: ولولا الكتب لضاعت العلوم فلم توجد. قال: وقد أخطأ من ذم الإكثار منها، ولو أخذ برأيه لتلفت العلوم، ولجاذبهم الجهال، وادعوا ما شاءوا، فلولا شهادة الكتب لاستوت دعوى العالم والجاهل» انتهى المقصود منه.
__________
(1) في «ج» و «د»: الحر.
(2) الإحاطة: 4/ 475473. وانظر الديوان: 286283القصيدة رقم 26.
(3) انظر: 4/ 77.(2/876)
وأوجز من ذلك في التنبيه على فائدة جمع الكتب وغائلته، قول الخليل حكاه الشيخ أبو عمر: «أقلوا من الكتب لتحفظوا، وأكثروا منها لتعلموا» (1).
الأدب التاسع: أن يرحل في طلب العلم الذي يهم الاعتناء به، ويضرب آباط المطي إلى تحصيل ما تحمد عاقبة السعي إليه.
إما لفضل [هذه الرحلة] (2)، فيكفي من شواهده ما خرجه الشيخ أبو عمر وغيره، عن «زر بن حبيش قال: جاء رجل من «مراد» يقال له: صفوان بن عسال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكىء على برد له أحمر قال: فقلت يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم، قال: مرحبا بطالب العلم، إن طالب العلم لتحف به الملائكة، 292و / / وتظله بأجنحتها، فيركب بعضها بعضا، حتى يبلغوا السماء من حبهم لما يطلب» (3) وذكر باقي الحديث.
وإما لمزية السلوك بها على نهج من تقدم إليها من طلاب العلوم، وملتمسي المزيد منها فلا يخفى أيضا وجه ذلك لا سيما مع استحضار جلالة قدر من أبعد فيها المسير ككليم الله موسى صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن العربي: «إنه أول من رحل في طلب العلم من أهل الشرائع، ومن لا يحصى من أفاضل الأمّة، وأئمة الإسلام، حتى قال الغزالي: «قل مذكور في العلم، محصل من زمان الصحابة إلى زماننا، إلا وحصل العلم بالسفر، وسافر لأجله».
وإما للأمر بها على الجملة فقد قال تعالى: {فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (4).
__________
(1) جامع العلم: 1/ 130.
(2) ساقطة من «د».
(3) جامع العلم: 1/ 32.
(4) سورة التوبة، الآية: 122.(2/877)
قال «ابن العربي» في «سراجه»: «والنافرون: الراحلون المنذرون المبلغون».
وذكر الشيخ أبو عمر عن مالك بن دينار قال: «أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن اتخذ نعلين من حديد، وعصا من حديد، ثم اطلب العلم والعبر حتى تخرق نعليك، أو تخلق نعلاك، وتنكسر عصاك» (1).
تنبيه:
إذا شرع في الرحلة فعليه أن يجدد لها تحسين النية.
ففي سماع أشهب من «جامع العتبية» سئل مالك فقيل له: «يا أبا عبد الله أترجو لمن خرج في طلب هذا الفقه والعلم في ذلك خيرا؟ فقال: نعم لمن حسنت نيته، وأي شيء أفضل منه. قال الله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ولكن الناس خلطوا. قال ابن رشد: إنما يرجى الخير لمن خرج طالبا للعلم إذا حسنت نيته في ذلك، لأن طلب العلم مع خلوص النية من أفضل أعمال البر وأجل نوافل الخير» (2).
مسألة: 292ظ / /
إذا كان لطالب العلم أبوان أو أحدهما، فلا يخلو إذا أراد أن يرحل لأجله أن يكون طلبه فرضا عليه أولا. فإن كان الأول، فقال الطرطوشي: «لا طاعة لهما فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
وإن كان الثاني: وهو الزائد على فرض العين. قال: فطاعتهما مقدمة، لأن طلب نوافل العلم قربة، وقد قدم صلى الله عليه وسلم صحبتهما على نوافل الجهاد.
قال: فإن كان في بلده يجد مدارسة المسائل والتفقه على طريقة التقليد، وحفظ نصوص العلماء، فأراد أن يظعن إلى بلد يتفقه على مثل طريقته، لم يجز
__________
(1) جامع العلم: 1/ 95.
(2) انظر البيان والتحصيل: 18/ 440439.(2/878)
إلا بإذنهما، لأن إذايتهما تتحقق لا لموجب، وإن قصد التفقه في الكتاب والسنة ومعرفة الإجماع، ومواقع الخلاف، ومراتب القياس، فإن وجد في بلده ذلك لم يجز له الخروج إلا بإذنهما، وإن لم يجد ذلك خرج ولا طاعة لهما في منعه لأن تحصيل الاجتهاد فرض على الكفاية.
قال سحنون: من كان أهلا لتقليد العلوم ورجاء الإمامة، فعليه فرض أن يطلبها لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1). ومن لا يعرف المعروف كيف يأمر به أو لا يعرف المنكر كيف ينهى عنه» اهـ.
وأورد عليه «القرافي» في «قواعده»: «أن مخالفتهما في فرض الكفاية ممنوعة بدليل رده صلى الله عليه وسلم: من قصد الهجرة والجهاد معه لما أخبره أن له أبوين وهذا التقرير يقتضي جواز مخالفتهما فيه.
وأجاب بأن طلب العلم لضبط الشريعة وإن كان فرض كفاية، لكنه يتعين على بعض الناس إذا جاد حفظه، وراق فهمه، وحسنت سيرته، وطابت سريرته، فإن عديم الحفظ أو قليله، أو سيّىء الفهم لا يصلح 293و / لضبط الشريعة، وكذا من ساءت سيرته لا يحصل به الوثوق للعامة، فلا تحصل به مصلحة التقليد.
قال: وإذا كانت هذه الطائفة متعينة بهذه الصفات تعينت، وصار طلب العلم عليها فرض عين. فلعل هذا هو معنى كلام «سحنون» و «الطرطوشي» والجهاد يصلح له عموم الناس، فأمره سهل، وليس الرمي بالحجر، والضرب بالسيف، كضبط العلوم، وكل أبله أو ذكي يصلح للأول، ولا يصلح للثاني إلا من تقدم وصفه» انتهى، وبعضه بالمعنى، وما قاله ظاهر وقد تقدم ما يدل عليه، والله أعلم.
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 104.(2/879)
قضية:
حكى الطرطوشي عن الفقيه: «نصر المقدسي (1) أنه لما رحل من بيت المقدس في طلب العلم إلى الفقيه «الكازروني» (2) «بميافارقين» من أرض العراق. قال له الكازروني: ألك والدة؟ قال: نعم، قال: فهل استأذنتها؟ قال:
لا. قال: فو الله لا أقرأتك كلمة حتى ترجع إليها، فتخرج من سخطها. قال:
فرجعت إليها فأقمت معها إلى أن ماتت، ثم رحلت في طلب العلم».
قلت: لعل امتناعه من إقرائه لانتفاء عذره في عدم الاستئذان على ما تقدم من تقسيم النظر في العلم الذي يرحل لأجله.
اعتبار:
أحوال الأمهات الصادقات في ابتغاء المثوبة في الإذن لأبنائهن في الخروج لطلب العلم مختلفة، فمنهن من تطالب ببقاء حفظها. كما حكى الطرطوشي أيضا عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن مسلم المازري الأصولي (3) قال: «لما عزمت على السفر إلى اليمن كان من بعض وصايا أمّه له أن قالت له: أعاهدك الله أنك في كل ليلة يستوي القمر في وسط السماء تقصد بالنظر إليه، فإني أنظر إليه في تلك الحال شوقا إليك فعسى يصادف نظري نظرك فيبرد غليلي، قال 293ظ / / فوفيت لها بذلك، وكنت أفعله» اهـ.
__________
(1) نصر بن إبراهيم النابلسي المقدسي أبو الفتح. ت: 490هـ 1096م شيخ الشافعية في عصره بالشام، ومن تصانيفه: «التهذيب» و «الكافي» و «التقريب»، و «الفصول». و «الحجة على تارك المحجة»، انظر: الأنس الجليل: 1/ 26. وهدية العارفين 2/ 491490.
(2) أحمد بن منصور الكازروني أبو العباس. ت: نحو 586هـ 1190م شافعي المذهب، أخذ عن شيوخ بغداد، وحدث بها، وعاد إلى بلده كازرون بفارس حيث تولى القضاء، له «معجم الشيوخ»، انظر: طبقات الشافعية: 4/ 56.
(3) ت: 530هـ 1136م، متكلم، أصولي، صوفي، من تصانيفه: «البيان في شرح البرهان» و «الإرشاد إلى تبيين قواعد الاعتقاد»، و «ذكر «ابن حجر» «المازري» في «تبصير المنتبه بتحرير المشتبه» ص: 4/ 1336، قال: «وهو غير «المازري محمد بن علي الفقيه شارح التلقين الذي سبقت ترجمته».(2/880)
ومنهن: من تجود لله تعالى بولدها فلا تبقي لنفسها منه حظا كما حكى ابن العربي: «أن بعض الطلبة قال لأمه: إني أردت طلب العلم، فذريني لله عز وجل. قالت له: قد فعلت. فخرج منها مهاجرا إليه، فلما تعلم عاد فدق الباب عليها فقالت: من؟ فقال لها: ابنك. قالت: وما أردت؟ قد تركناك لله، ولا نعود فيما تركناه له».
قلت: ينظر إلى هذا الصدق من جانب الرجال حتى سلم في العودة إلى أهله لاغتباطه بمحل العلم.
حكاه أيضا [المراغي] (1): «كان ممن تفقه ببغداد، وكانت كتب أهله ترد عليه من بلده فكلما ورد كتاب وضعه في الصندوق، ولم يقرأه حتى مرت عليه أحوال بلغ فيها ما شاء الله في العلم من الآمال، وعقد النية على الرجوع إلى بلده، فأخرج الكتب، وقرأها، فإذا في بعضها ما لو علمه في ذلك الوقت من اختلال حاله هناك، ومن مات من أهله، فما لبث لحظة، ولا تمت له قراءة، وأكرى، وشد رحله، وعبأه على ظهور الدواب، وتقدم ليبتاع ما يضع من الزاد في السفرة، فساوم فاميا (2)، وطفقا يتناولان هذا زاده، وهذا ثمنه، وفي أثناء ذلك قال الفامي لجاره: أي فل، أما سمعت اليوم العالم الفلاني يقول عن ابن عباس: أنه يجوز الاستثناء في اليمين ولو بعد سنة؟! قال له: نعم، قال:
إني مفكر من ذلك الوقت في هذه المسألة، ولو كان هذا صحيحا لما قال الله تعالى لأيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلََا تَحْنَثْ} (3).
وكان يقول له: قل: إن شاء الله. قال: فقف شعري تعجبا، وقلت:
اخرج من بلد؟ هذه همّة فاميّه، فضلا عن حملة الدين وذويه، لا يكون هذا أبدا، ولحقت المكاري، وقلت له: أنت في حل من الكراء. خلّ رحلي، وأخذه، وعاد إلى حالته الأولى 294و / / من الطلب والقراءة» اهـ.
__________
(1) في «ج» و «د»: أبو الفضل المراغي.
(2) الفامي: البقال.
(3) سورة ص، الآية: 44.(2/881)
وينظر أيضا إلى صدق العزيمة على الرحلة عند سماع ما يشوقه للقاء من [يستسهل] (1) لاغتنام رؤيته ركوب أثباج البحار، واستيناف قطع المهامه والقفار، ما حكاه الزبيدي: «عن عبد الوهاب بن عباس بن ناصح (2) قال: كان أبي لا يقدم من المشرق قادم إلا كشفه عمن نجم في الشعر بعد ابن هرمة، حتى أتاه رجل من التجار فأعلمه بظهور الحسن بن هانىء وارتحاله من البصرة إلى بغداد، وبالمحل الذي حل به من «الأمين» وبني برمك، وأتاه من شعره بقصيدتين إحداهما قوله:
«جريت مع الصّبا طلق الجموح» (3)
والثانية:
«أما ترى الشّمس حلّت الحملا» (4)
فقال أبي: هذا أشعر الجن والإنس، والله لا حبسني عنه حابس. فتجهز أبي إلى المشرق قال: فأخبرني، قال: لما حللت ببغداد نزلت منزلة المسافرين، ثم كشفت عن منزل «الحسن» فأرشدت إليه، فإذا بقصر على بابه حفدة (5)
وخدّام: فدخلت مع الداخلين، فوجدت الحسن جالسا في مقعد نبيل، وحوله أكثر متأدبي بغداد. يجري بينهم المثل والتمثيل (6)، والكلام في المعاني،
__________
(1) في «ج» و «د»: غير واضحة.
(2) عباس بن ناصح الجزيري (ت نحو: 230هـ 844م) كان من أهل العلم باللغة والعربية، ومن ذوي الفصاحة في لسانه وشعره، ولي قضاء شذونة والجزيرة كما وليها ابنه عبد الوهاب. انظر طبقات الزبيدي: 262، والبغية: 276.
(3) وعجزه:
«وهان عليّ مأثور القبيح»
انظر الديوان: 71.
(4) وعجزه:
«وقام وزن الزّمان، فاعتدلا»
الديوان: 63.
(5) الحفدة والحافد: الخادم، التابع والناصر. اللسان: حفد.
(6) في طبقات الزبيدي: 262: التمثل.(2/882)
فسلمت وجلست حيث انتهى بي المجلس، وأنا في هيئة السفر، فلما كاد المجلس ينقضي قال لي: من الرجل؟ قلت: باغي أدب. قال: أهلا وسهلا من أين تكون؟ قلت له: من المغرب الأقصى، وانتسبت له إلى «قرطبة» فقال لي:
دار القوم؟ قلت: نعم، قال لي: أتروي من شعر أبي المخشي (1) الذي قاله عندكم؟ قلت: نعم، قال: فأنشدني، فأنشدته شعره في العمى، فلما بلغت:
«كنت آبي للذرى إلا الذرى» (2)
قال: هذا الذي طلبته الشعراء، فأضلته. ثم قال: أنشدني «لأبي الأجرب» (3) فأنشدته، ثم قال: أنشدني «لبكر الكناني» (4)، فأنشدته. قال: شاعر البلد اليوم «عباس بن ناصح»؟.
قلت: نعم، قال: فأنشدني له فأنشدته 294ظ / /:
«فأدت القريض ومن ذا فأد»
فقال لي: أنت عباس! قلت: نعم، فنهض إلي فتلقيته، فاعتنقني، وضمني إلى نفسه، وانحرف لي عن مجلسه، فقال له من حضر المجلس: من أين عرفته أصلحك الله في قسم بيت؟ قال: إني تأمّلته عند إنشاده لغيره، فرأيته لا يبالي ما حدث في الشعر من استحسان أو استقباح، فلما أنشدني
__________
(1) ذكره الحميدي في الجذوة ص: 401، وقال عنه: شاعر أعرابي مشهور قديم، أنشد له ابن شهيد فيما استحسن من شعره، وقال عنه: قديم الحوك والصنعة، عربي الدار والنشأة، وإنما تردد بالأندلس غريبا طارئا، وهو من فحول الشعراء المتقدمين.
(2) وعجزه:
«ما فقأت عيني إلا الدّنا»
انظر الزبيدي في الطبقات: 263، والإنباه: 2/ 366.
(3) هو جعونة بن الصّمة الكلابي، من قدماء شعراء الأندلس قال عنه الحميدي: وإذا ذكرنا أبا الأجرب لم نبار به إلا جريرا والفرزدق لكونه في عصرهما، ولو أنصف لاستشهد بشعره، انظر جذوة الحميدي: 189.
(4) بكر بن عيسى الكناني كان من أهل العلم واللغة، وكان الغاية في الفصاحة حتى ضرب به المثل فقيل: أفصح من بكر الكناني، وكان شاعرا مجيدا. انظر طبقات الزبيدي: 261، والتكملة: 1/ 216.(2/883)
لنفسه، استبنت عليه وجمة، [فقلت] (1): إنه صاحب الشعر. قال عباس: ثم أتممت الشعر، فقال: هذا أشعر العرب، ثم نقلني إلى نفسه: فكنت في ضيافته عاما، ثم قدم عباس الأندلس، فتكرر على الحكم بن هشام (2) بالمديح. ثم تعرض للخدمة، فاستقضاه على بلده (3)» (4) اهـ.
الأدب العاشر: ألا يطلب ما يبعد عنه من العلم باعتبار التشوف إلى ما صعب منه، وشهوة الانتقال إلى غير معلمه القريب على غير تحقيق لمزيد النفع به.
نبه على ذلك الماوردي رحمه الله قال ما نصه:
«إذا قرب منك العلم، فلا تطلب ما بعد، وإذا سهل عليك من وجه، فلا تطلب ما صعب، وإذا حمدت من خبرته، فلا تطلب من لم تخبره، فإن العدول عن القريب إلى البعيد عناء، وترك الأسهل بالأصعب بلاء، والانتقال عن [المخبور] (5) إلى غيره خطر.
وقال علي رضي الله عنه: عقبى الأخرق مضرة، والمتعسف لا تدوم له مسرة.
وقال بعض الحكماء: القصد أسهل من التعسف، والكف أورع من التكلف.
قال: وربما تشوف الإنسان إلى من بعد عنه استهانة بمن قرب منه، وطلب ما صعب احتقارا لما سهل، وانتقل إلى من لم يخبره مللا منه لمن خبره، فلا يدرك محبوبا، ولا يظفر بطائل، وقد قالت العرب في «أمثالها»: «إن العالم
__________
(1) في «أ»: فقست. وفي «ج»: بياض.
(2) الحكم بن هشام الداخل الأموي الربضي، أبو العاص، ت: 206هـ 822انظر جذوة الحميدي: 10. والنفح: 1/ 344339.
(3) في طبقات الزبيدي: 263: الجزيرة.
(4) م. س: 263262.
(5) في «أ»: المجنون. وفي «د»: المخبر.(2/884)
كالحمة (1) يأتيها البعداء، ويزهد فيها الفقراء»، 295و / / ثم أنشد:
لا ترى عالما يحلّ بقوم ... فيحلّوه غير دار الهوان
قلّما توجد السلامة والصحة ... مجموعتان في إنسان
فإذا حلّتا مكانا سحيقا ... فهما في النفوس معشوقتان
هذه مكة المنيعة (2) بيت الله ... يسعى لحجها الثقلان
وترى أزهد البرية في الحج ... أهلها لقرب المكان» (3)
تفسير:
قال الجوهري: العين الحارة يستشفى بها الأعلاء والمرضى. وفي الحديث: العالم كالحمّة» اهـ.
قال أبو عبيد: وقال بعضهم: «أزهد الناس في العالم أهله. ويقال:
جاره» (4).
قلت: ونقله الشيخ أبو عمر عن غير واحد من السلف، «وذكر عن عيسى عليه السلام أنه قال لمن قال له: ألست ابن يوسف النجار، وأمك بغيّ؟:
إنّه لا يسبّ النبي، ولا يحقر إلا في مدينته وبيته» (5).
وحكى ابن حزم: «أنه قرأ في الإنجيل: أن عيسى عليه السلام قال:
لا يفقد النبي حرمته إلا في بلده. قال: وقد تيقنا ذلك بما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وهم أوفر الناس أحلاما، وأصحهم تمييزا (6)، وأشدهم تثبتا مع ما خصوا به من سكناهم أفضل البقاع، وتغذيتهم بأكرم المياه. حتى خص الله الأوس والخزرج بالفضيلة التي أبانهم الله تعالى بها عن جميع الناس: «والله
__________
(1) في أدب الدنيا: 44: الكعبة، والحمة: العين الحارة الماء يستشفى بها الأعلاء.
(2) في م. س: 44: العزيزة.
(3) انظر م. س: ص: 4443.
(4) انظر عيون الأخبار: 2/ 118117.
(5) جامع العلم: 2/ 174. وفي عيون الأخبار: 2/ 118.
(6) في النفح: 3/ 166: عقولا.(2/885)
يؤتي فضله من يشاء»» (1).
نتيجة:
لغلبة هذه الزهادة التي شاع بها المثل قديما وحديثا ثمرتان:
إحداهما: كساد علم العالم القريب، وضياعه بين ظهراني أهله وجيرانه، وذلك مما لم 295ظ / / يزل العلماء يظهرون الشكوى منه كما يحكى عن رؤبة بن العجاج.
وذكره الشيخ أبو عمر قال: «أتيت النسابة البكري فقال لي: من أنت؟
قلت: رؤبة بن العجاج. قال: قصرت وعرفت، فما جاء بك؟ قلت: طلب العلم. قال لعلك من قوم أنا بين أظهرهم إن سكت لم يسألوني، وإن تكلمت لم يعوا عني، قلت: أرجو ألا أكون منهم، ثم قال: أتدري ما آفة المروءة؟ قلت:
لا. فأخبرني. قال: جيران السوء إن رأوا حسنا دفنوه، وإن رأوا سيئا أذاعوه.
ثم قال لي: يا رؤبة، إن للعلم آفة، وهجنة، ونكرا، فآفته نسيانه، وهجنته أن تضعه عند غير أهله، ونكره الكذب فيه» (2).
وحكى عياض عن «ابن إدريس» قال: «كنت يوما جالسا مع الشيخ «أبي بكر ابن اللباد» على باب داره إذ خرج رجل من جيرانه، ولم يسلم، فجعلت أنظر إليه، فقال لي: يا أبا عبد الله، إن أزهد الناس في العالم أقاربه وجيرانه.
قال: وقال مرة أخرى في مثلها: ما قرب الخير من قوم قط إلا زهدوا فيه» (3).
الثانية: نفاق علم العالم الغريب إذ ورد على غير أهله وظهوره عندهم، وذلك من فوائد نقلته، وآفات إقامة من ورد عليه ممن هو مثله أو فوقه بكثير.
قال «الجاحظ» في «البيان والتبيين»: «والناس موكلون بتعظيم الغريب،
__________
(1) انظر م. س: 3/ 166ورسائل ابن حزم: 2/ 177.
(2) انظر جامع العلم: 1/ 109، وعيون الأخبار: 2/ 118.
(3) المدارك: 5/ 290.(2/886)
واستطراف البديع (1)، وليس لهم في الموجود الراهن، وفيما تحت قدراتهم من الرأي والهوى مثل الذي لهم في الغريب القليل، وفي النادر الشاذ، وكلّ ما كان من ملك غيرهم، وعلى هذا زهد الجيران في عالمهم، ويرحلون إلى النازح عنهم، ويتركون من هو أعم نفعا، وأكثر في وجوه العلم تصرفا، وأخفّ مؤونة، 296و / / وأكثر فائدة، ولذلك قدم بعض الناس الخارجي (2) على [العريق] (3)، والطارف على التليد» (4) اهـ.
وشاهد الوقوع لما قيل واضح الصدق قديما وحديثا: فحكى «ابن قتيبة» في «عيون الأخبار» (5):
«قيل لعطاء بن مصعب كيف غلبت على البرامكة وعندهم من هو آدب منك؟ قال: ليس للقرباء ظرافة الغرباء، كنت بعيد الدار، غريب الاسم، عظيم الكبر، صغير الجرم، كثير الالتواء، (شحيحا بالإملاء) (6)، فقربني إليهم تباعدي منهم، ورغّبهم فيّ رغبتي عنهم».
وحكى «ابن خلكان» عن «ابن الجوزي» «أنه قال مخاطبا لأهل بغداد، وقد اتّفق إيثار غريب من العلماء عليه:
عذيري من فتية بالعراق ... قلوبهم بالجفا قلّب
يرون العجيب كلام الغريب ... وقول القريب فلا يعجب
ميازيبهم إن تندّت (7) بخير ... إلى غير جيرانهم تقلب
__________
(1) في البيان والتبيين: 1/ 90: البعيد.
(2) الخارجي: من يسود بنفسه من غير أن يكون له قدم في السيادة، أو يكون شجاعا وهو ابن جبان.
(3) في «ج» و «د»: العريف.
(4) انظر البيان والتبيين: 1/ 90.
(5) انظر: 2/ 128.
(6) زيادة من عيون الأخبار: 2/ 128.
(7) في الأصول: تبدت وما أثبتناه من عيون الأخبار: 3/ 141.(2/887)
وعذرهم عند توبيخهم ... مغنية الحيّ لا تطرب» (1)
تعريف:
ذكر «ابن حزم» في رسالته المعروفة «برسالة الميزان» (2) في التسوية بين علماء الأندلس وأهل بغداد والقيروان: «أن هذه الجهات المغربية هي باعتبار هذا المعنى على حكم ما جرى به مثله السائر: «أزهد الناس في عالم أهله»».
قال بعد تقرير ما تقدم نقله: «ولا سيما أندلسنا، فإنها خصّت من حسد أهلها للعالم الظاهر فيهم (الماهر) (3) منهم، واستقلالهم كثير ما يأتي به، واستهجانهم حسناته، وتتبعهم سقطاته وعثراته وأكثر ذلك مدة حياته بأضعاف ما في سائر البلاد. إن أجاد قالوا: سارق مغير، ومنتحل مدّع، وإن توسّط قالوا:
غث بارد وضعيف ساقط. وإن باكر الحيازة لقصب السبق. قالوا: متى كان هذا؟ وفي أي زمان 296ظ / / قرأ؟ ومتى تعلم؟ ولأمّة الهبل! وبعد ذلك إن ولجت به الأقدار أحد طريقين: إما شفوفا بائنا يعليه على نظرائه، أو سلوكا في غير السبيل التي عهدوها، فهناك حمي الوطيس على البائس، وصار غرضا للقول، وهدفا للمطالب، ونصبا للتسبب إليه، ونهبا للألسنة (4)، وعرضة للتطرق إلى عرضه، وربما نحل ما لم يقل، وطوّق ما لم يتقلد، وألصق به ما لم يفه به، ولا اعتقده قلبه، وبالحرى وهو السابق المبرز، إن لم يتعلق من السلطان بخطّ أن يسلم من المتالف، وينجو من المخاوف، وإن تعرف لتأليف: غمز ولمز، وتعرض وهمز، واشتط عليه، وعظم يسير خطبه، واستشنع هيّن سقطه، ودفنت (5) محاسنه، وسرّت فضائله، وهتف، ونودي بما أغفل فيه، فنكس لذلك همّته، وتكل نفسه، وتبرد حميته. وهكذا عندنا نصيب من ابتدأ يحوك
__________
(1) انظر م. س: 3/ 141.
(2) في النفح: 3/ 156سماها: «رسالة ابن حزم في فضل الأندلس».
(3) زيادة من م. س: 3/ 166.
(4) في الأصول: الأسنة.
(5) في النفح: 3/ 167: وذهبت.(2/888)
شعرا، أو يعمل رسالة، فإنه لا يفلت من هذه الحبائل، ولا يتخلص من هذه النّصب إلا الناهض الفائت، والمطفّف المستولي على الأمد» (1) انتهى نص كلامه.
ولقد صدق فيه، وشهد بما استمر به الحال إلى الآن، ولذلك يقول في بعض ما صدر عنه:
«أنا الشمس في جو العلوم منيرة ... ولكنّ عيبي أنّ مطلعي الغرب
ولو أنني من جانب الشرق مطلعي (2) ... لجدّ على ما ضاع من ذكري النّهب
[ولي نحو آفاق العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصبّ] (3)
فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكرب
فكم قائل أغفلته وهو حاضر ... فيطلب (4) ما عنّي تجيء به الكتب
هناك يدري أن للبعد (5) قصّة ... وأن كساد العلم آفته القرب» (6)
وقد تلاه في هذه الشهادة على الجملة «ابن العربي» في مواضع من كتبه.
تارة باعتبار 297و / / غيره، وأخرى بالإضافة إلى نفسه، فقال في اسم الغريب من «سراجه»: «وقد ذكر أن أشد أنواع الغربة فقد النظير، فهذا بقي بن مخلد (7)
من حفاظ الأمة، رحل إلى المشرق، واغترب فيه مدة، ولقي أحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة (8)، وأكثر من الشيوخ والرواية، وجلب ما لم يجلبه أحد، ولا
__________
(1) انظر م. س: 3/ 167166، ورسائل ابن حزم: 2/ 178177.
(2) في النفح: 2/ 81: طالع.
(3) زيادة من: م. س: 2/ 81.
(4) في م. س: 2/ 81:
«وأطلب ما عنه»
(5) في م. س: 2/ 81: العبد.
(6) انظر الأبيات بتمامها في م. س: 2/ 81، والجذوة للحميدي: 310.
(7) بقي بن مخلد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي، ت: 276هـ 889م. حافظ مفسر، محقق من أهل الأندلس. له «تفسير»، وكتاب في «الحديث»، ومصنف في «فتاوي الصحابة والتابعين ومن دونهم»، انظر جذوة الحميدي: 177. والنفح: 2/ 47.
(8) هو عبد الله بن أبي شيبة العبسي، مولاهم، الكوفي، أبو بكر، ت: 235هـ 849م(2/889)
يجلبه في ظني، وعند وصوله ثارت إليه المطالبات، وتعصبت عليه الجماعات، وعزم على ابن وضاح (1) صاحبه في الرحلة والغربة إلى أن يكون معهم عليه، فقال: وما عسى أن أقول فيه وهو من هو؟ فقيل له: تحيل، ولم ير أن يخرج عنهم لئلا يتخذوه غرضا كما فعلوا به. فكتب شهادته عليه، أن عنده مناكير، وعنى بذلك أنه روى أحاديث ضعافا، فاقتنع منه بذلك، واستظهر عند الأمير بشهادته، ودفع الله عز وجل عنه بصلاحه على وجه طويل.
قال: وهذا أبو الوليد الباجي رحل وأبعد، وجلب علما جما.
ثم ذكر قضيته في المحنة الجارية عليه مما هو شهير إلى أن ختم ذلك بقوله: وهذه حكمة الله تعالى في خلقه، وابتلاؤه لحملة علمه، والعاقبة للمتقين.
ثم قال بعد كلام: وعجلت علي الغربة ابن ستة عشر عاما فكنت فيها نحو الأحد عشر عاما، كأني في أهلي ومالي. طيبا عيشي، ناعما بالي، ميسرا إلي في جميع آمالي، وكان لي هناك صاحب صدق، وأخ من غير مذق، جئت من أقاصي المغارب، وأقبل من أقاصي المشارق، والتقينا على موسطة من الأرض سطة من البلاد، وسطة في الخيار فاجتمعنا على الطلب، وكنا كما قال الأول:
نزلنا على قيسية يمنية ... لها نسب في الصالحين هجان
فقالت وأرخت جانب السّتر دوننا ... لأيّة أرض أم من الرجلان / / 297ظ
فقلت لها: أما رفيقي فقومه ... تميم، وأما أسرتي فيمان
رفيقان شتّى، ألّف الدّهر بيننا ... وقد يلتقي الشّتى فيأتلفان
__________
حافظ للحديث، له فيه كتب منها: «المسند» و «المصنف في الأحاديث والآثار» و «الإيمان»، و «كتاب الزكاة»، انظر تاريخ بغداد: 10/ 66.
(1) هو محمد بن وضاح أبو عبد الله مولى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، ت: 286هـ 899م:
من أهل قرطبة ورحل إلى المشرق في طلب العلم فأخذ عن كثير من العلماء، وعاد إلى الأندلس فانتشر عنه علم جم، وله تآليف منها «العباد والعوابد في الزهد والرقائق»، و «القطعان» في الحديث انظر جذوة الحميدي: 9593.(2/890)
ثم قدر الله عز وجل أن عدت إلى مسقط رأسي، فذهب أنسي، وأرجو حسن العاقبة، فإنه لم يرجعني إلا حق الوالدة، وصرت الآن غريبا بين قومي، وقد كنت غريبا بين الغرباء، رفيعا مشهورا موصولا ممدوحا مقبولا، وذلك لفساد النيات، وقلة الإنصاف، واعتقاد المنافسة، ونبذ التواضع للشرف والعناد للحق.
أليس غريبا أن تؤمّل طاعة ... وتدعو إليها، والزمان مساعد
يباعدك الأدنون في كل حالة ... ويمسح عطفيك الرجال الأباعد
وأنت معنّى لا سلوّ ولا أسى ... تكنّفك الغاوون: واش وحاسد
غريب عن الإخوان في كل فرقة ... إذا [عظم] (1) المطلوب قلّ المساعد
الأدب الحادي عشر: أن يكون منصفا.
فقد قال الشيخ أبو عمر: «من بركة العلم وآدابه:
الإنصاف فيه.
قال: ومن لم ينصف لم يفهم، ولم يتفهم» (2) قال: وروي عن الحسن:
«أن من أخلاق المؤمن أشياء: قوة في الدين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص على علم، وشفقة في تفقه، وقصد في عبادة، ورحمة للمجهود، وإعطاء للسائل، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، في الزلازل وقور، وفي الرخاء شكور، قانع بالذي له، ينطق ليفهم، ويسكت ليسلم، ويقر بالحق قبل أن يشهد عليه.
قال: وعن أبي حمزة الثّمالي (3) قال: دخلت على «علي بن الحسين بن علي» فقال: يا أبا حمزة: ألا أقول لك صفة المؤمن المنافق؟ قلت: بلى
__________
(1) في «ج» و «د»: عدم.
(2) جامع العلم: 1/ 131.
(3) هو ثابت بن دينار الثمالي الأزدي بالولاء الكوفي الشيعي. ت: 150هـ 767م، محدث، مفسر، قتل ثلاثة من أولاده مع زيد بن علي بن الحسين، له كتاب «النوادر» في الحديث، و «كتاب الزهد»، وغيرهما، انظر: الفهرست: 4241.(2/891)
جعلني الله فداك فقال: إن المؤمن خلط (1) 298و / /: علمه بحلمه، يسأل ليعلم، وينصت ليسلم، لا يحدث بالسر والأمانة إلّا صدقا ولا يكتم الشهادة للبعداء، ولا يحيف على الأعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء، ولا يدعه حياء، فإن ذكر بخير خاف ما يقولون، واستغفر لما لا يعلمون وإن المنافق ينهى ولا ينتهي، ويؤمر ولا يأتمر. إذا قام إلى الصلاة اعترض، وإذا ركع ربض، وإذا سجد نفر، يمسي وهمته العشاء ولم يصم، ويصبح وهمّته النوم ولم يسهر» (2).
انتهى ما ذكره متضمنا لفضيلة الإنصاف.
وأما ما ذكره هو وغيره من مواضع الاتصاف به، فهي جملة، والمهم منها بحسب الاختصار في الموضع أربعة:
أحدها: أن يتصف به في نفسه. فلا يرى لها أنه حصل من العلم على طائل كما قال بعض العلماء: «ليس معي من العلم إلا أني أعلم أني لست أعلم».
قال الشيخ أبو عمر: «وذكر ابن عبد الحكم عن ابن وهب عن مالك قال:
قال ابن هرمز: ما طلبنا هذا الأمر حق طلبه. قال مالك: أدركت رجالا يقولون:
ما طلبناه إلا لأنفسنا، وما طلبناه لنتحمل أمور الناس.
وحكي عن سحنون قال ابن القاسم لمالك: ما أعلم أحدا أعلم بالبيوع من أهل مصر. فقال له مالك: وبم ذلك؟ قال: بك. قال: فأنا لا أعرف البيوع، فكيف يعرفونها بي؟. قال: قال خالد بن يزيد بن معاوية: عنيت بجمع الكتب، فما أنا من العلماء ولا من الجهال» (3).
وعن بعض: «لم أطلب العلم لأبلغ أقصاه، ولكن لأعلم ما لا يسعني جهله» (4).
__________
(1) الخلط: ج أخلاط كل ما خالط الشيء.
(2) جامع العلم: 1/ 136.
(3) م. س: 1/ 132.
(4) م. س: 1/ 133.(2/892)
وأنشد «ليزيد بن الوليد بن عبد الملك:
إذا ما تحدّثت في مجلس ... تناهى حديثي إلى ما علمت
ولم أعد علمي إلى غيره ... وكان إذا ما تناهى سكت» (1) 298ظ / /
الثاني: عند البحث والمراجعة فقد قال «الغزالي» في «أدب المناظرة»، وهي في معنى ذلك: «أن يكون في طلب الحق كمنشد ضالة، لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينا لاخصما، ويشكره إذا عرّفه الخطأ وأظهر له الحق، كما لو أخذ طريقا في طلب ضالته، [فنبهه] (2) صاحبه على ضالته في موضع (3) آخر، (فإنه) (4) كان يشكره ولا يذمّه، ويكرمه ويفرح به.
قال: فهكذا كانت مشاورات الصحابة رضي الله عنهم» (5) اهـ.
وفي معناه نقل الشافعي أنه قال: ما ناظرت أحدا أريد إفحامه. وإنما قصدي إيضاح الحق وبيانه، وسيأتي مزيد بيان له إن شاء الله تعالى.
الثالث: عند ظهور الحق في غير ما ظهر له، وهو أصعب ما يتحمله من الغالب عليه إباية النفس، ونفورها عما يخالف غرضها، لأنه على الجملة كما قال مالك رحمه الله: «ما في زماننا شيء أقلّ من الإنصاف» (6).
وإذا كان كذلك فما الظن به في غير ذلك الزمان، ولكن مهما تكلف احتمال الصبر على تسليمه للحق، واتباعه حيثما ظهر سهل عليه بعد ذلك، وصار له خلقا على حد ما تكتسب الأخلاق البعيدة عمن يريد الإنصاف بها من الأسباب المعينة على ذلك، تأمل ما ورد عن السلف الصالح فمن بعدهم.
__________
(1) م. س: 1/ 132.
(2) في «ج» و «د»: فينبه.
(3) في الإحياء: 1/ 44: طريق.
(4) زيادة من م. س: 1/ 44.
(5) انظر م. س: 1/ 44.
(6) جامع العلم: 1/ 132.(2/893)
فعن محمد بن كعب القرظي (1) قال: «سأل رجل «عليا» رضي الله عنه عن مسألة فقال فيها. فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، فقال علي رضي الله عنه: أصبت وأخطأت، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (2).
وعن عبد الله بن مصعب (3) قال: سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، ولو كانت بنت ذي العصبة يعني: يزيد بن الحصين الحارثي، 299و / / فمن زاد ألقيت زيادته في بيت المال، فقامت امرأة من صف النساء طويلة فيها فطس، فقالت له: ليس ذلك لك. قال: ولم؟ قالت لأن الله عز وجل يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدََاهُنَّ قِنْطََاراً فَلََا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً} (4). فقال عمر: «امرأة أصابت ورجل أخطأ»» (5).
وحكى ابن بطال: «أن صاحبا «لمعاذ بن جبل» قدم على «ابن مسعود»، فقال له أصحابه: أمؤمن أنت؟ قال: نعم، قالوا من أهل الجنة؟ قال: لا أدري، لي ذنوب فلو أعلم أنها غفرت لي لقلت لكم إني مؤمن من أهل الجنة فتضاحك القوم، فلما خرج ابن مسعود، قالوا له: ألا تعجب، هذا يزعم أنه مؤمن، ولا يزعم أنه من أهل الجنة؟
قال ابن مسعود: لو قلت إحداهما أتبعتها الأخرى. فقال الرجل: رحم الله معاذا حذرني زلة العالم، وهذه زلة منك. وما الإيمان إلا أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والجنة، والنار، والبعث، والميزان، ولنا ذنوب لا ندري ما يصنع الله فيها، فلو نعلم أنها غفرت لنا لقلنا: إنا من أهل الجنة. فقال
__________
(1) محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني أبو حمزة (ت: 117هـ 735م). كان ثقة، عالما، كثير الحديث، ورعا. انظر الصفوة: 2/ 132، والتهذيب: 9/ 422420.
(2) سورة يوسف، الآية: 76.
(3) عبد الله بن مصعب أبو بكر القرشي الأسدي: ت: 184هـ 800م، أمير من أهل العدل والورع، والشعر والفصاحة، انظر تاريخ بغداد: 10/ 173.
(4) سورة النساء، الآية: 20.
(5) جامع العلم: 1/ 131.(2/894)
ابن مسعود: صدقت يا أخي، فو الله إن كانت مني لزلة».
وعن عبيد بن حيان (1): ذكره الشاطبي قال: «أتيت مجلس مالك بن أنس وهو عنه غائب، فقلت لأصحابه: ما يقول أبو عبد الله في مسألة كذا وكذا؟
فأجابوا. فقلت: ما هكذا قال أبو عمرو! ويعني الأوزاعي قالوا: وما قال؟
قلت: كذا وكذا بخلاف ما قالوه. قال: فتضاحكوا. فإني لكذلك إذ أقبل مالك. فلما جلس قالوا: يا أبا عبد الله، ألا تسمع إلى ما يحدّث الشامي عن الأوزاعي؟. قال: فقلت: ما تقول في مسألة كذا وكذا؟ فأجاب بمثل جوابهم.
فقلت: ما هكذا قال أبو عمرو، قال: كلف الشيخ فتكلف!، فتضاحكوا، فمر بي ساعة الله أعلم بها، وعلت مالكا 299ظ / / رحمه الله سكتة، فأخلد برأسه إلى الأرض مليّا، ثم رفع رأسه وقال: القول ما قال أبو عمرو، فرأيتهم وقد عاد ما كان بي بهم».
وعن عبد الرحمن بن مهدي فيما رواه «الخطيب» في «تاريخه» (2) قال:
«كنا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن يعني العنبري (3) قاضي البصرة، قال:
وهو على القضاء، فلما وضع السرير جلس، وجلس الناس حوله. قال: فسألته عن مسألة، فغلط فيها، فقلت: أصلحك الله، القول في هذه المسألة كذا وكذا إلا أني لم أرد [هذه] (4)، إنما أردت أن أرفعك إلى ما هو أرفع منها، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: إذا أرجع وأنا صاغر. إذا أرجع وأنا صاغر. لأن أكون ذنبا في الحق أحب إليّ من أن أكون رأسا في الباطل».
وعن قاسم بن أصبغ (5) رواه الشيخ أبو عمر قال: «لما رحلت إلى المشرق
__________
(1) عبيد بن حيان الدمشقي، ممن حمل الفقه والحديث عن مالك، انظر المدارك: 2/ 205.
(2) 10/ 308.
(3) ت: 168هـ 785م. قاض، من الفقهاء العلماء بالحديث، من أهل البصرة، انظر التهذيب: 7/ 87.
(4) في الأصول: هذا.
(5) قاسم بن أصبغ البياني القرطبي، ت: 340هـ 951م. محدث أهل الأندلس له كتاب: «بر الوالدين» ومسند مالك. والصحيح، والأنساب وأحكام القرآن انظر: جذوة الحميدي: 320 321. والبغية: 2/ 251والنفح: 2/ 4947.(2/895)
نزلت القيروان فأخذت عن بكر بن حماد (1) حديث مسدد (2)، ثم رحلت إلى بغداد، فلقيت الناس، فلما انصرفت عدت إليه بتمام حديث مسدد، فقرأت عليه فيه يوما حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قدم عليه قوم من مضر (3) مجتابي النمار». فقال لي: «إنما هو مجتابي الثمار». فقلت له: «إنما هو مجتابي النمار»، هكذا قرأت على كل من قرأته عليه بالأندلس، وبالعراق فقال لي: بدخولك العراق تعارضنا، وتفخر علينا، أو نحو هذا، ثم قال لي: قم بنا إلى ذلك الشيخ لشيخ كان في المسجد فإنه له بمثل هذا علم. فقمنا إليه، وسألناه عن ذلك، فقال: «إنما هو مجتابي النمار»، كما قلت. وهم قوم كانوا يلبسون الثياب مشققة، جيوبهم أمامهم. والنّمار: جمع نمرة. فقال بكر بن حماد: وأخذ بأنفه، رغم أنفي للحق، رغم أنفي للحق، وانصرف» (4).
وحكى ابن خلكان عن الدارقطني (5) أنه حضر إملاء أبي بكر الأنباري 300و / يوم الجمعة، فصحف إسما أورده: «إما «حيان» موضع «حبان» أو بالعكس. فأعظمت أن يحمله الناس عنه مصحفا، وهبت أن أنبه (6) على ذلك، فلما انقضى المجلس نبهت المستملي، وعرفته بالصواب، ثم حضرت الجمعة الثانية، فقال الشيخ «أبو بكر الأنباري» للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا
__________
(1) بكر بن حماد الزناتي أبو عبد الرحمن التاهرتي. ت: 296هـ 908م، شاعر عالم بالحديث ورجاله، فقيه ولد بتاهرت، ورحل إلى البصرة ثم إلى القيروان، انظر البيان المغرب: 1/ 153 154.
(2) مسدّد بن مسرهد الأسدي البصري أبو الحسن، ت: 228هـ 843م، محدث أول من صنف «المسند» بالبصرة، كما كان حافظا، حجة، ثبتا. انظر التذكرة: 2/ 422421، وطبقات الحنابلة: 1/ 345341.
(3) في جامع العلم: 1/ 133: مصر.
(4) م. س: 1/ 134133. والنفح: 2/ 4948.
(5) علي بن عمر الدارقطني الشافعي، ت: 385هـ 995م. إمام عصره في الحديث، أول من صنف القراءات وعقد لها أبوابا. من تصانيفه: «السنن» و «العلل الواردة في الأحاديث النبوية»، و «المؤتلف والمختلف». وغيرها: انظر: تاريخ بغداد: 12/ 34. وطبقات الشافعية: 2/ 310، والوفيات: 3/ 298297.
(6) في الوفيات: 4/ 341: أوقفه.(2/896)
صحفنا الاسم الفلاني يوم الجمعة الماضية حين أملينا حديث كذا، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال هو» (1).
وحكى الزبيدي عن بعض الشيوخ «أنه شهد عبيد الله بن يحيى (2) وهو يحدث ببعض القطعان إلى أن حدّث بحديث ذكر فيه: «لا يسجّى الرجل في عرض أخيه»، وكان في المجلس أحمد بن بشر بن الأغبس (3)، وزيد البارد (4)
ومحمد بن أرقم (5)، فبدر «ابن أرقم» فقال: سبحان الله! هذا لا ينتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أمر بالتسجية والسترة، فخجل الشيخ، والتفت إلى ابن الأغبس فقال: ما تقول فيما قال صاحبك؟ فقال: هو كما قال، ثم التفت إلى زيد البارد فقال: ما تقول يا أبا القاسم؟ فقال: أنا وإن كنت أتقدمهما في السن فهما يتقدماني في العلم، ولست أتكلم بمحضرهما، فقال لهما عبيد الله بن يحيى:
اطلبا للكلمة مخرجا دون أن تغيرا خطها. فقالا: يمكن أن يكون: لا يسحى المسلم في عرض أخيه، قال: وما يسحى؟ قالا: يقشر. يقال سحوت القرطاس (وسحيت السّحاءة) (6) وسحت السّحاية (7) الأرض. واستشهد ببيت من الشعر:
أصاب الأرض من نوء الثريا ... بساحية فأخطأت الظلالا
__________
(1) انظر م. س: 4/ 342341.
(2) عبيد الله بن يحيى بن إدريس الوزير أبو عثمان. كان وافر الأدب، كثير الشعر جليلا في أيام عبد الرحمن الناصر، انظر جذوة الحميدي: 269، والمقتبس لابن حيان الجزء الخامس في مواضع كثيرة.
(3) التجيبي، ت: نحو 326هـ 937م. كان فقيها على مذهب الشافعي، عالما بكتب القرآن، كثير الرواية، جيد الخط، انظر: طبقات الزبيدي: 282.
(4) هو زيد بن الربيع بن سليمان الحجري، ت: 300هـ 912م، كان له حظ من العربية واللغة، وكان حسن الضبط للكتب، متقنا لها، وهو الذي جمع بين الأبواب في كتاب الأخفش، انظر:
طبقات الزبيدي: 284.
(5) محمد بن محمد بن أرقم كان من أهل العلم واللغة والكلام في معاني الشعر، وكان مؤدبا للأمير عبد الرحمن الناصر، انظر طبقات الزبيدي: 284282.
(6) زيادة من طبقات الزبيدي: 279.
(7) في م. س: 279: المطرة، والسحاية: القطعة من السحاب.(2/897)
قال المحدّث: فخرجت عن المجلس بعد ما انفض أهله، فلما أتيت باب العطارين إذا محمد بن يحيى القلفاط (1) فقال لي: من أين؟ قلت: من عند الشيخ أبي مروان (2). قال: حفظ 300ظ / / الله الشيخ، شيخ المسلمين، وابن شيخهم، وسيدهم، وابن سيدهم، فهل من خبر فيما هنالك؟. قلت: نعم، حدّث الشيخ بكذا. فقال عائذا بالله أن ينسب هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: بدر ابن أرقم فقال كذا، فقال: ابن الأريقم! لقد ارتقى مرتقى صعبا. أو قد يتكلم في مجالس العلماء!؟ فما قال ابن بشر؟ قال: تابعه على مقالته. قال: فما قال زيد؟ قلت: كذا وكذا. قال: نعم حمار الطاحونة، ثم أطرق عني ساعة ثم قال:
ليس كما قالا. والصواب: «لا يشحى المسلم في عرض أخيه» قلت: وما يشحى؟ قال: يفتح فاه بسبّه. يقال: شحا الحمار، فاه بالنهيق. قال: فصاحبت المجلس من الغد. فألفيت ابن أرقم جالسا فقصصت له القصة. فقال ابن الأغبس: هذا والله الصواب. وصدق أبو عبد الله» (3).
الرابع: عند ذكر من يبتغي أن يعترف بفضله ممن يعرف بالعلم، أن يتميز بخاصية الشهرة به، فيظهر من الموافقة على ذلك ما يقتضيه التخلق بهذا الأدب كما تحلى به غير واحد من الفضلاء قديما وحديثا، وهم الأسوة في كل خير لمن نسج على منوالهم، ويتأكد ذلك عليه عند ذكر الأئمة الماضين، والشيوخ الذين سلكوا على منهاجهم، وتفقهوا في العلوم على طرائقهم سواء كانوا أصحاب المذهب المعتقد له، أو كانوا أئمة مذهب آخر من المذاهب المعتبرة في الدين، فالجميع أهل لذلك ولما هو أعظم، وحكايات المتأدبين بذلك معروفة.
ومن المتأخرة منها ما ذكره بعض الشيوخ قال: «كنا نقرأ المدونة على الشيخ سراج الدين البلقيني الشافعي، فوقعت مسألة خلافية بين مالك
__________
(1) كنيته أبو عبد الله، ويعرف بالقلفاط. كان بارعا في علم العربية، حافظا لها، كما كان شاعرا، مجودا، مطبوعا، انظر: طبقات الزبيدي: 281278. وجذوة الحميدي: 98.
(2) يقصد يحيى بن كثير، تلميذ مالك الذي أدخل كتاب الموطأ إلى الأندلس.
(3) انظر طبقات الزبيدي: 280278.(2/898)
والشافعي. فقال الشيخ سراج الدين: مذهبنا يعني في مسألة لم يقل بها الشافعي، ونسبها لنفسه، ثم فطن أن المالكية 301و / / [يتعدون] (1) عليه، ويقولون له: أنت شافعي، وليس هذا مذهب الشافعي. فقال: فإن قلتم يا مالكية لسنا بمالكية، وإنما أنتم شافعية. قلنا: كذلك أنتم قاسمية، وقد اجتمعنا، الكل في مالك رحمه الله.
قال: ولما قرأوا عليه كتاب «الشفاء» «لعياض» وأثنى عليه غاية، وكان يحضره جماعة من المالكية. فقال لهم القاضي «جلال الدين» ابنه: يا مالكية لا تكونون مثل القاضي «عياض». فقال له الشيخ سراج الدين أبوه: وما لك لا تقول للشافعية: ما لكم يا شافعية لا تكونون مثل القاضي عياض!؟» اهـ.
وهذه غاية الإنصاف والاعتراف بالفضل لأهله.
وقد اعتنى ابن الحاج (2) بهذا المعنى، فذكر في جملة آداب المعلم: «أنه إذا شرع في الدرس يكون في أثناء ذكره للعلماء فيه، يترضى عنهم، ويترحم عليهم، ويعرف من حضره قدرهم، وفضيلتهم، وحق سبقهم، واستظهر على ذلك بما نقله عن «ابن العربي» في «مراقي الزلفى» له، أن أبا حنيفة قال:
الحكايات عن العلماء، ومجالستهم أحبّ إلي من كثير من الفقه لأنها آداب القوم وأخلاقهم، قال: ثم يوجه مذهبه وينتصر إليه بشرط التحفظ على منصب غير إمامه. أن ينسب إليه ما ينسب بعض المتعصبين من الغلط والوهم لغير إمامه.
قال: فإن كنت على مذهب مالك مثلا، فلا تدخلك غضاضة لمذهب الشافعي أو غيره من الأئمة، لأنهم جعلهم الله رحمة لك، لأنهم أطباء دينك، كلما اعوج أمر في الدين قوموه، وكلما وقع لك خلل في دينك، اتفق الكل على ذهابه عنك، وتلافي أمرك وإصلاحه، واختلفوا في كيفية الدواء لك على ما اقتضى اجتهاد كل واحد منهم على مقتضى الأصول في تخليصك من علتك
__________
(1) في «أ» و «ج» و «د»: غير واضحة.
(2) انظر المدخل: 1/ 116115.(2/899)
وحميتك، وإعطاء الدواء لك فإذا 301ظ / / رجعت إلى طبيب منهم، وسكنت إلى وصفه، وما اقتضاه نظره من المصلحة لك، فلا يكن في قلبك حزازة لغيره من الأطباء الباقين الذين قد شفوا مرض غيرك من إخوانك المؤمنين، وقد أقامهم الله لمصلحة الأمة، وتدبير دينهم، فإياك، إياك، أن تجد في قلبك حزازة لبعضهم، وإن قام لك الدليل، ووضح على بطلان قوله، لأنه لم يقل ما قاله مجانا بل مستندا إلى الأصول، ولو كان حاضرا ببحث معك لرأيت مذهبه هو الصواب، بما يظهر لك من بحثه، واستدلاله، ألا ترى إلى قول مالك رحمه الله لما سئل عن أبي حنيفة. قال: رأيته رجلا لو أراد أن يستدل على هذا العمود أنه من ذهب لفعل، فيكون قلبك مع لسانك مجلا لهم، ومعظما ومحترما.
وإن كنت قد خالفتهم بالرجوع إلى إمامك في بعض الفروع فإنك لم تخالفهم في أكثرها، والأصول قد جمعت الجميع والحمد لله» (1).
قلت: ينظر إلى قوله: «ولو كان حاضرا ببحث معك» إلى آخره ما في «المدارك» (2) عن الباجي قال: «كنت أقرأ عند القاضي «أبي جعفر السّمناني» (3) بعض كتبه. وجاء كلام القاضي «أبي بكر» (4) ثم بعده كلامه هو، فكأني استحسنت كلام «السمناني»، واستضعفت كلام القاضي. فقال لي الشيخ: ألست أقول لك: إنك مغربي جاف. لو حضر القاضي لنصر جوابه بما يفضله كل من سمعه» اهـ.
قلت: زاد الشيخ «أبو القاسم» عن أبيه «أبي الوليد» رحمه الله أن السمناني قال له: على أقلّ من هذا أخرج القاضي أبو بكر أبا عبد الله الآدري
__________
(1) م. س: 1/ 116115.
(2) لم نعثر على النص في المدارك؟!.
(3) هو محمد بن أحمد السّمناني، (ت: 444هـ 1052م). فقيه، ولي القضاء بالموصل، وكان مقدم الأشعرية في وقته، وشنع عليه ابن حزم، له تصانيف في الفقه. انظر الوافي: 2/ 65. نكث الهميان: 237.
(4) المقصود بأبي بكر: أحمد بن علي الخطيب البغدادي.(2/900)
من بغداد. قال في وصف ذلك: «جرى يوما في مجلس القاضي أبي بكر بحضرته ذكر إجماع أهل المدينة، فقال «الآدري»: يغلط مالك فيما لا يغلط فيه العقلاء. فقال له القاضي أبو بكر: يا أعجمي ألكن، تذكر إمام دار الهجرة بحضرتي! اخرج من 302و / / بغداد، وإلا أهلكتك فكان سبب خروجه».
موعظة:
يعتبر بها في التعصب على العلماء وإظهار الحقد لهم، يحكى «أن بعض القضاة الشافعية بمصر، اشترى كتاب «النصرة في مذهب مالك» للقاضي «عبد الوهاب» في مائة مجلد بمائة دينار، ومحاها، وغرّقها في «فسقية الظاهرية العتيقة»، فأغرقه الله في «الفرات»، وقيل: إنه أحرقها فدعا عليه المجذوبون من المغاربة فاستجيب لهم فيه، فلم يمض إلا قليل، وأسره «تمر لنك» في الشام بعد ما أمر الفيل فأخذه بزلّومته من موضعه على سوء أدبه معه. فلعب به الفيل بحضرة الناس ساعة، ولم يقتله، وأعاده إلى موضعه الذي كان قاعدا فيه، وحمله معه في جملة الأسرى، حافي الرجلين، مكشوف الرأس، ماشيا على رجليه خلف العسكر جائعا، ومات مقرورا (1) بالثلج، وقيل: غريقا في «الفرات»، وهو الصحيح، وقيل: جوعا، ميتة المتعصبين والخوارج».
الأدب الثاني عشر: أن يكون متواضعا غير متكبر، ولا معجب بتحصيله.
قال الشيخ أبو عمر: «من أفضل آداب العالم تواضعه، وترك الإعجاب بعلمه» (2).
وقال الماوردي: «إن مما يجب أن يكون عليه العلماء من الأخلاق التي هي لهم أليق، ولهم ألزم، التواضع ومجانبة العجب» (3). انتهى المراد من كلامهما.
__________
(1) في الأصول: محروقا، والصحيح ما أثبتناه.
(2) جامع العلم: 1/ 141.
(3) أدب الدنيا: 44.(2/901)
وهو وإن كان بحسب القصد الأول فيما يطالب به المعلم، فالمتعلم يأخذ من ذلك بحظ وافر، وقد صرح به «النووي» فقال في «فضل آداب المتعلم»:
«ومما يجب عليه، ويتأكد الوصية به، ألا يحسد أحدا من رفقته، أو غيرهم على فضيلة رزقه الله تعالى إياها، وألا يعجب بنفسه بما خصّه الله» (1).
وكذلك «ابن الحاج» قال: «وإذا كان التواضع مطلوبا في العالم فمن باب أولى في المتعلم المحتاج إلى التعليم ينبغي له أن يكون تواضعه أحرى (2)، حتى لو صار أرضا توطأ كان قليلا 302ظ / / بالنسبة إلى ما هو يطلبه. ولأن التواضع يقبل بالقلوب عليه، وينشط من يعلمه لتعليمه وإرشاده. قال: والتواضع أصل كل خير وبركة كل شيء» اهـ (3).
وتقرير ما به يتضح هذا المعنى يتوقف بحسب الغرض على فرض
مسائل:
المسألة الأولى: في مدح التواضع في العلم، وذم التكبر به.
أما الأول فيدل عليه وجهان:
أحدهما: جميع ما يدل على مدح التواضع بإطلاق تارة من حيث الأمر به كما في حديث عياض بن حمار (4) رضي الله عنه رواه مسلم، وغيره، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغ واحد على أحد».
وأخرى من جهة ما يترتب عليه من الفوائد العاجلة والآجلة كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضا رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما
__________
(1) التبيان: 52.
(2) في المدخل: 2/ 128: أكثر.
(3) م. س: 2/ 128.
(4) عياض بن حمار المجاشعي التميمي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه مطرف ويزيد ابنا عبد الله بن الشخير والعلاء بن زياد، والحسن البصري ومسلم، انظر التهذيب: 8/ 200.(2/902)
نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد إلا رفعه الله» (1).
الثاني: ما يدل على حمد هذا التواضع على الخصوص تارة أيضا من حيث الأمر به كحديث عمر رضي الله عنه وقد تقدم: «تعلموا العلم، وتعلموا له السكينة والحلم. وتواضعوا لمن تعلمون، وليتواضع لكم من تعلمونه، ولا تكونوا من جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم» (2).
وأخرى من جهة ما يترتب عليه أيضا من خيرات الدنيا والآخرة، كقول بعض السلف حكاه الماوردي: «من تكبر بعلمه، وترفع، وضعه الله به، ومن تواضع بعلمه، رفعه الله به» (3).
وأما الثاني: فيدل أيضا عليه وجهان:
أحدهما: ما ورد في ذمه على الإطلاق تارة من حيث مجرد النهي عنه كحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إيّاكم 303و / / والكبر فإنّ الكبر يكون في الرّجل، وإنّ عليه العباءة». قال المنذري:
رواه الطبراني في «الأوسط». ورواته ثقات» (4).
وأخرى من جهة ما ورد من الوعيد المغلظ عليه كحديث ابن مسعود رضي الله عنه رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر» (5) الحديث.
وروي عن «أبي سعيد» و «أبي هريرة» رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: «العزّ إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني شيئا منهما عذّبته».
__________
(1) جامع العلم: 1/ 141. وفيه رواه مسلم، والإمام أحمد بن حنبل والترمذي.
(2) انظر جامع العلم: 1/ 141، وفيه أنه رواه ابن عدي في الكامل، والطبراني في الأوسط.
(3) أدب الدنيا: 44.
(4) الترغيب والترهيب: 3/ 561.
(5) انظر م. س: 3/ 566.(2/903)
الثاني: ما شهد به العلماء في خصوصية هذا الكبر حتى قال الغزالي:
«هو أعظم الآفات وأغلب الأدواء، وأبعدها عن قبول العلاج إلا بشدة شديدة، وجهد جهيد. قال: وذلك لأن قدر العلم عظيم عند الله، عظيم عند الناس، وهو أعظم من قدر المال والجاه (1) وغيرهما. بل لا قدر لهما أصلا إلا إذا كان معهما علم وعمل. ولذلك قال كعب: «إن للعلم طغيانا كطغيان المال»، وكذلك قال عمر رضي الله عنه: العالم إذا زل زل بزلته عالم، قال: فيعجز العالم عن أن لا يستعظم نفسه بالإضافة إلى الجاهل لكثرة ما نطق الشرع بفضائل العلم» (2).
تفصيل:
من بعض آفات هذا الكبر [المولد] (3) عن الإعجاب بالعلم ما ذكره الشيخ عز الدين في «مختصر الرعاية» (4) قال: «من أعجب بعلمه تكبر على من هو دونه في العلم، وعلى العامة، وينتهر من يعلمه، وإن وعظ عنف، وإن وعظ أنف، وإن أمر بالحق لم يقبله، وإن ناظر ازدرى بمناظره، وينقبض عن الناس ليبتدروه بالسلام، ويسخرهم في أغراضه، ويغضب على من لم يقم بحوائجه.
قال: فمن المتكبرين من يجمع بين هذه الخصال القبيحة، لفرط غفلته عن الله عز وجل، ومنهم من يعامل الناس ببعض ذلك.
قال: والعلم كالغيث 303ظ / / ينزل من السماء حلوا صافيا، فتغيره الأشجار إلى طباعها، فيزداد المر مرارة، والحلو حلاوة، وكذلك العلم إذا حصله المتكبرون، ازدادوا كبرا إلى كبرهم، وإذا ناله المتواضعون ازدادوا تواضعا إلى تواضعهم».
__________
(1) في الإحياء: 3/ 363: الجمال.
(2) م. س: 3/ 363.
(3) في «ج» و «د»: المتولد.
(4) كتاب الرعاية في فروع الحنبلية للشيخ نجم الدين أحمد بن حمدان الحراني المتوفى: 695هـ 1295م. انظر الكشف: 1/ 908.(2/904)
المسألة الثانية: في ذم العجب بالعلم، والتحذير من آفاته المهلكة.
ويدل على الأول وجهان:
أحدهما: ما يتضمن ذمه على الإطلاق فقد قال الغزالي:
«اعلم أن العجب مذموم في كتاب الله وسنّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} (1) وذكر ذلك في معرض الإنكار.
وقال الله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مََانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللََّهِ فَأَتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (2)، فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم» (3).
الثاني: ما ورد عن العلماء ورود الشهادة بذمه في هذا الموضع كالذي رواه الشيخ أبو عمر عن كعب أنه قال لرجل رآه يتبع الأحاديث: «اتق الله، وارض بالدون من المجلس، ولا تؤذ أحدا، لأنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب ما زادك الله به إلا سفالا ونقصانا» (4).
وأورد «عياض» فيما روي عن «مالك» رضي الله عنه من قوله كثيرا:
«لا أدري» أن بعضهم قال: «إذا قلت أنت يا أبا عبد الله: «لا أدري»، فمن يدري؟! قال ويحك! أعرفتني (5)، ومن أنا؟، وأيش (6) منزلتي، حتى أدري ما لا تدرون؟. ثم أخذ يحتج بحديث «ابن عمر»، وقال: هذا ابن عمر يقول: لا أدري، فمن أنا؟ وإنما أهلك الناس العجب، وطلب الرياسة، وهذا يضمحل عما قريب (7)» (8).
__________
(1) سورة التوبة، الآية: 25.
(2) سورة الحشر، الآية: 2.
(3) الإحياء: 3/ 369.
(4) جامع العلم: 1/ 142.
(5) في المدارك: 1/ 184: ما عرفتني.
(6) م. س: 1/ 184: وأي شيء.
(7) م. س: 1/ 184: عن قليل.
(8) م. س: 1/ 184.(2/905)
ويدل على الثاني باعتبار ما يخص العلم وجهان:
أحدهما: ما يروى عن «علي» رضي الله عنه ذكره الشيخ أبو عمر قال: «الإعجاب آفة الألباب.
قال: ولقد أحسن علي بن ثابت حيث يقول: 304و / /
المال آفته التبذير والنّهب ... والعلم آفته الإعجاب والغضب» (1)
والتصريح بكونه آفة على العلم وهو معنى التحذير منه في الموضع.
الثاني: ما ورد: «أن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. ذكره الماوردي، وإذا كان كذلك فلا يفي، كما قال: ما يدرك من فضيلة العلم بما يلحق من نقص العجب» (2).
توضيح:
من بعض آفات هذا العجب ما قرره «الغزالي» بقوله: «وإن أعجب برأيه، وعمله، وعقله، منع ذلك من الاستفادة، ومن الاستشارة، والسؤال، فيستبدّ بنفسه، وبرأيه، ويستنكف من سؤال من هو أعلم منه، وربما يعجب بالرأي الخطإ الذي لا خطر له، فيفرح بكونه من خواطره، ولا يفرح بخاطر (3) غيره، فيصر (4) عليه، ولا يسمع نصح ناصح، ولا وعظ واعظ، بل ينظر إلى غيره بعين الاستهجان (5)، ويصر على خطئه قال: ولو اتهم نفسه، ولم يثق برأيه، واستضاء بنور القرآن، واستعان بعلماء الدين، وواظب على مدارسة العلم، وتابع سؤال أهل البصيرة لكان ذلك يوصله إلى الحق» (6) انتهى المراد منه.
__________
(1) جامع العلم: 1/ 143.
(2) انظر أدب الدنيا: 44.
(3) في الإحياء: 3/ 370: بخواطر.
(4) في الأصول: فيصير، وما أثبتناه من م. س.
(5) في الإحياء: 3/ 370: الاستجهال.
(6) م. س: 3/ 370.(2/906)
المسألة الثالثة: فيما به علاج هذين الداءين المهلكين،
ولما كان الكبر منهما ناشئا عن العجب إذ هو له السبب الأكثري كما قرره العلماء رضي الله عنهم كان العلاج لهما على الجملة واحدا، وهو باعتبار التفصيل لما يخصهما منه بحسب هذا المقام أنواع:
أحدها: أن يلتفت إلى «أن التواضع» كما أشار إليه الماوردي: «عطوف، والعجب منفر» (1). ولا خفاء أن المتعلم محتاج إلى التخلق بما يستميل به قلوب المعلمين، ويدرأ به مفاسد النفور عنه، فإن هو أعجب بنفسه حتى غلب عليه الكبر، فقد تعرض للخيبة مع المقت له ومقابلته بالإعراض عنه، وقد تقدم معنى قولهم: «المتواضع من طلاب العلم أكثر علما كما أن المكان المنخفض أكثر البقاع ماء» (2).
الثاني: أن يصرف نظره إلى من فوقه من العلماء، ومن تقدمه في جودة الفهم، وإتقان التحصيل، ومتى لم ينظر إلا إلى كثرة من دونه من الجهال، تولد العجب لا محالة، ونشأ عنه بعد ذلك الزهو والكبرياء، والواجب صرف هذا النظر إلى الوجهة الأخرى. فإنه كما قال الماوردي:
«ليس متناه في العلم، إلا وسيجد من هو أعلم منه (بشيء) (3)، إذ العلم أكثر من أن يحيط به بشر. قال الله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (4).
قيل: فوق كل عالم من هو أعلم منه حتى ينتهي ذلك إلى الله عز وجل.
وقيل لبعضهم: من يعرف كل العلم؟ قال: كل الناس.
__________
(1) أدب الدنيا: 44.
(2) جامع العلم: 1/ 142.
(3) ساقطة من أدب الدنيا: 44.
(4) سورة يوسف، الآية: 76.(2/907)
وقال الشعبي: ما رأيت مثلي، وما أشاء أن ألقى رجلا أعلم مني إلا لقيته.
قال: ولم يذكر هذا القول تفضيلا لنفسه فيستقبح منه، وإنما ذكره تعظيما للعلم عن أن يحاط به.
قال: فينبغي لمن (عرف) (1) أن ينظر إلى نفسه بتقصير ما قصر فيه، ليسلم من عجب ما أدرك منه، فقد قيل: إذا علمت فلا تفكر في كثرة من دونك من الجهال، ولكن انظر إلى من فوقك من العلماء.
من شاء عيشا حميدا (2) يستفيد به ... في دينه ثم في دنياه إقبالا
فلينظرن إلى من فوقه أدبا ... ولينظرن إلى من دونه مالا» (3)
الثالث: أن يشعر نفسه بمعنى قول الماوردي في جملة هذا العلاج:
«وقلما تجد بالعلم معجبا، وبما أدركه منه مفتخرا، إلا من كان فيه مقلا، ومقصرا لأنه يجهل قدره، ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره.
فأما من كان فيه متوجها، ومنه 305و / / مستكثرا، فهو يعلم من بعد غايته، والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به.
قال: وقد قال الشعبي: العلم ثلاثة أشبار، من نال منه شبرا شمخ بأنفه، وظن أنه ناله (4)، ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه، وعلم أنه لم ينله [-4]، وأما الشبر الثالث، فهيهات لا يناله أحد أبدا» (6).
الرابع: أن يعلم أن المقدار الحاصل له من العلم لم يحصل بنفسه، وإنما هو نعمة من الله تعالى عليه، وموهبة خصه بها، ومن الخطأ كما أشار إليه الشيخ عز الدين في هذا المقام: «أن تنسب الخير إلى من لا تعرفه إلا بالشر، وأن
__________
(1) في أدب الدنيا: 44: لمن علم.
(2) في م. س: 45: هنيئا.
(3) انظر م. س: 4544، وقد نسب البيتين إلى «ابن العميد».
(4) (4) و (5) في الأصول: وأنه. والتصويب من أدب الدنيا: 45.
(6) انظر: أدب الدنيا: 45.(2/908)
تقطعه عمن له الأمر كله، وأن النعم كلها منه».
وقد قرر ابن حزم هذا المعنى مع التحذير من آفة الغفلة عنه قال: «وإن أعجبت بعلمك، فاعلم أنه لا خصلة لك فيه، وأنه موهبة من الله تعالى مجردة، وهبك إياها ربك تعالى، فلا تقابلها بما يسخطه، فلعله يسلبك (1) ذلك بعلة يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت.
قال: ولقد أخبرني (2) «عبد الملك بن طريف» (3) وهو من أهل العلم، والذكاء، واعتدال الأحوال، وصحة البحث، أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته، وأنه ركب البحر، فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ، وأخل بقوة حفظه إخلالا شديدا لم يعاوده ذلك الذكاء بعد.
قال: وأنا أصابتني علة فأفقت منها، وقد ذهب ما كنت أحفظ إلا ما لا قدر له، فما عاودته إلا بعد أعوام» (4).
قلت: وكذا عرض «لشيخنا العلامة أبي إسحاق ابن فتوح رحمه الله من مرض أصابه، فأنساه كثيرا من محفوظه، وأخل بقوته الحافظة، سمعته غير مرة يخبر بذلك».
قال ابن حزم بعد كلام 305ظ / /: «واعلم بأنك لو تعلمت كيفية تركيب الطبائع، وتولد الأخلاق من امتزاج عناصرها المحمولة في النفس، فستقف من ذلك وقوف يقين على أن فضائلك لا خصلة لك فيها، وأنها منح من الله تعالى، لو منحها غيرك لكان مثلك، وأنك لو وكلت إلى نفسك لعجزت وهلكت، فاجعل بدل عجبك بها حمدا لله تعالى الذي وهب لك إياها، وإشفاقا من
__________
(1) في رسائل ابن حزم: 1/ 387: ينسيك.
(2) في م. س: 1/ 388: أخبرت.
(3) عبد الملك بن طريف القرطبي أبو مروان، ت: نحو 400هـ 1009م من أهل اللغة والنحو له «كتاب الأفعال»، انظر الصلة: 2/ 375، والبغية: / 111.
(4) انظر رسائل ابن حزم: 1/ 388387.(2/909)
زوالها، فقد تتغير الأخلاق الحميدة بالمرض، وبالفقر، وبالخوف، وبالغضب، وبالهرم، وارحم من منع ما منحت، ولا تتعرض لزوال ما بك من النعم بالتغاضي عن الواهب (1) لها تعالى، وأن تجعل لنفسك فيما وهب لك حقا فتقدر أنك استغنيت عن عصمته، فتهلك عاجلا وآجلا.
قال: ولقد أصابتني علة شديدة ولدت علي ربوا في الطحال شديدا، فولد ذلك علي من الضجر، وضيق الخلق، وقلة الصبر، أمرا حاسبت نفسي فيه، وإذ أنكرت تبدل خلقي، واشتد عجبي من مفارقتي لطبعي، وصح عندي أن الطحال موضع الفرح فإذا فسد تولد ضده» (2).
الخامس: وهو من معنى ما قبله. أن يعلم كما قال «ابن حزم»: «أن كثيرا من أهل الحرص على العلوم يجدّون في القراءة والإكباب على الدرس والطلب، ثم لا يرزقون منه حظا.
قال: فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه، فصح أنه موهبة من الله عز وجل.
قال: فأي مكان للعجب هاهنا! ما هذا إلا موضع تواضع، وشكر لله عز وجل واستزادة من نعمه، واستعاذة من سلبها» (3).
السادس: أن يفكر في إهمال العمل بالعلم، وما في ذلك من الخطر العظيم. قال الغزالي: «إذا تفكر العالم فيما ضيعه من أوامر ربه بجنايات على جوارحه، وبذنوب في باطنه من الرياء، والحسد، والعجب، والنفاق، وغيره 306و / / (وعلم بما) (4) هو بصدده من الخطر العظيم، فارقه الكبر لا محالة» (5).
قال ابن حزم في أثناء التنبيه على هذا المعنى: «واعلم أن الجاهل حينئذ
__________
(1) في م. س: 3/ 391: واهبها.
(2) انظر م. س: 3/ 391.
(3) انظر: م. س: 1/ 388.
(4) في الأصول: وهو على ما، وما أثبتناه من الإحياء: 3/ 364.
(5) انظر م. س: 3/ 364.(2/910)
أعقل منك، وأحسن حالا، وأعذر، فأسقط (1) عجبك بالكلية. قال: ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه، من العلوم التي لا كبير حظ (2) فيها كالشعر وما جرى مجراه، فانظر حينئذ إلى من علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة، فتهون نفسك عليك» (3).
السابع: قال الغزالي: «أن يعرف العالم أن الكبر لا يليق إلا بالله عز وجل وحده، وأنه إذا تكبر صار ممقونا عند الله بغيضا، وقد أحب الله منه أن يتواضع، وقال له: إن لك عندي قدرا ما لم تر لنفسك قدرا، فإن رأيت لنفسك قدرا فلا قدر لك عندي فلا بد وأن يكلف نفسه ما يحبه مولاه، وهذا يزيل التكبر عن قلبه، وإن كان يستيقن أنه لا ذنب له مثلا أو تصور ذلك.
قال: وبهذا زال التكبر عن الأنبياء عليهم السلام إذ علموا أن من نازع الله في رداء الكبرياء قصمه، وقد أمرهم أن يصغروا أنفسهم حتى يعظم عند الخالق محلهم.
قال: فهذا أيضا مما يبعثه على التواضع لا محالة» (4).
الثامن: قال «ابن العربي» في «القانون»: «أن يعرف الإنسان مبدأه ومنتهاه». يريد: أن أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة.
قال أيضا في «أحكامه» (5): «ولا يتكبر على أحد من عباد الله، فإنه مؤلّف من أقذار، مشحون من أوضار، صائر إلى جنة إن أطاع، أو إلى نار إن عصى.
قال: ولذلك كان شيوخنا يستحبون أن ينظر المرء في الأبيات الحكمية التي جمعت هذه الأوصاف العلمية:
__________
(1) في رسائل ابن حزم: 1/ 389: فليسقط.
(2) في م. س: 1/ 389: خصلة.
(3) انظر: م. س: 1/ 389.
(4) الإحياء: 3/ 364.
(5) انظر الأحكام: 2/ 818. ومخ رحلة ابن العربي: 396.(2/911)
كيف يزهو (1) من رجيعه ... أبد الدهر ضجيعه
فهو منه وإليه ... وأخوه ورضيعه 306ظ / /
وهو يدعوه إلى الخش (2) ... ش بصغر فيطيعه»
قلت: ومثلها ما أنشده «ابن قتيبة» في «عيون الأخبار» (3):
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته ... انظر خلاك فإن النّتن تثريب
لو فكّر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبّان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ... وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك ... والعين مرمصة، والثّغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا ... أقصر فإنك مأكول ومشروب»
موعظة:
بذكر حكايتين يحذر بالاتعاظ بهما من غائلة الإعجاب.
الحكاية الأولى:
قال الماوردي: «ومما أنذرك به من حالي أني صنفت في البيوع كتابا جمعت له ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي، وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذّب، واستكمل، وكدت أعجب به، وتصورت أني أشد الناس اضطلاعا بعلمه، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشيء منها جوابا، وأطرقت متفكرا، وبحالي وحالهما معتبرا، فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة؟ قلت: لا. فقالا: إيها (4) لك. وانصرفا، ثم أتيا من يتقدمه في العلم، كثير من أصحابي، فسألاه فأجابهما مسرعا بما
__________
(1) في م. س: 396: يزهى.
(2) في الأصول: الحشر، والخش: النخل المجتمع، ويكنى به عن بيت الخلاء.
(3) انظر: 1/ 273272.
(4) في أدب الدنيا: 45: واها. وإيه اسم فعل أمر للاستزادة والحث على فعل شيء.(2/912)
أقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه، وحامدين لعلمه، وبقيت مرتبكا، وإني لعلى ما كنت عليه في تلك المسائل إلى وقتي هذا، فكان ذلك زاجر نصيحة، ونذير موعظة تذلل بهما 307و / / قياد النفس، وانخفض بهما جناح العجب، توفيقا منحته، ورشدا أتيته» (1).
قلت: يرحم الله هذا الإمام الفاضل، فلقد كان في الحرص على طلب الإخلاص بعلمه وابتغائه به ما عند الله تعالى بالمكان الذي حفظ بحراسته من غائلة الإعجاب، وآفة ما يذهل به عن شهود المنة من الله تعالى، ورؤية أن النعمة ليست إلا منه.
فحكى «ابن خلكان» «أنه قيل: إنه لم يظهر شيئا من تصانيفه في حياته، وإنما جمعها كلها في موضع، فلما دنت وفاته، قال لشخص يثق به: الكتب التي في الموضع الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نية صالحة خالصة لله تعالى لم يشبها كدر. فإذا عاينت الموت، ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها، فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى الكتب، وألقها في «دجلة» ليلا، وإن بسطت يدي، ولم أقبض على يدك فاعلم أنها قد قبلت، وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية الخالصة.
قال ذلك الشخص: فلما قارب الموت وضعت يدي في يده فبسطها، ولم يقبض على يدي، فعلمت أنها علامة القبول، فأظهرت كتبه بعده» (2).
الحكاية الثانية:
رأيت بخط الشيخ الفقيه الأديب البارع «أبي القاسم محمد بن أحمد بن حاتم العاملي المالقي الشهير بابن البناء» قال:
«حكى لي بعض الأصحاب قال: كان «بدمشق» عالم يقال له «كرواح»، وكان أفقه أهل زمانه، وأتمهم مروءة، وأكثرهم تواضعا وحسن أخلاق، وكان
__________
(1) م. س: 45.
(2) انظر الوفيات: 3/ 283282.(2/913)
قصيرا ذميما، فأتاه يوما رجل برقعة في نازلة فتأملها، وكتب عليها الجواب ثم دفعها له. فقال له السائل: هنيئا لك يا سيدي على ما أعطاك الله من العلم، والله لقد مررت بهذه النازلة على جميع من لقيته 307ظ / / بالعراق، والشام من أهل العلم، فما وجدت من يكتب لي عليها، ثم انصرف الرجل، وكأن نفس هذا العالم قد تعجبت من الرتبة التي حصلت لها في العلم، وقالت: هذا مقامك اليوم بحيث تغلب العلماء وتفوقهم.
قال: فبينما هو في هذا الخاطر، إذ مرت به امرأة فقالت له: يا سيدي، تعال معي لحاجة لي عندك، فتبعها، وكان لا يدعوه أحد إلا أجابه لفرط تواضعه، فلم يزل يقفو أثرها حتى وقفت على حانوت نقاش، فوقف هو ناحية بالقرب منها، فجعلت تقول للنقاش شيئا لا يسمعه العالم، وتشير إليه فينظر النقاش إليه ويتأمله، ثم قالت للعالم: انصرف إذا شئت، فقد قضيت حاجتي، فانصرف متعجبا من أمرها.
فلما علم انصرافها عن الحانوت كرّ راجعا، فقال للنقاش: ماذا أسرت لك المرأة حين كنت تنظر إلي؟ فامتنع النقاش من إخباره، فألح عليه فقال له: إن هذه المرأة جاءتني بالأمس ومعها لوح رصاص فقالت لي: أحب أن تنقش لي في هذا اللوح صورة إبليس. فقلت لها: وكيف؟ فقالت لي: أنا آتيك به حتى تنظر إليه، فلما جئت معها قالت لي: هذا إبليس فانظر ما أنت ناقشه. فقال له:
لا بأس عليك، ثم انصرف وقد فطن لسبب عقابه بذلك، وهو خاطر العجب، فتاب من ذلك الخاطر، واسترجع».
تكميل:
تقدم أن التواضع من أفضل آداب العلماء، وأليق أخلاق الكمال بهم، ومن أجمل ذلك وأحسنه رؤية التقصير فيما أقيموا فيه، واعتقاد أنهما أحوج إلى التعلم ممن يعلمونه، وبسط ذلك بما أشار إليه «ابن الحاج» في «المدخل». قال رحمه الله فيما قرر من آداب العالم: «وينبغي أن يكون خائفا على نفسه 308و / / من التقصير، مشفقا على نفسه في التبليغ، يرى نفسه أنها ليست أهلا
لذلك. ويرى أنه أقل عبيد الله، وأكثرهم حاجة إليه، وأفقرهم إلى التعلم كما قيل: «العالم عالم ما كان يرى نفسه أنه جاهل، فإذا رأى نفسه أنه عالم فقد جهل»، بل مسترشد متعلم يقعد مع إخوانه يرشدهم، ويسترشد منهم، ويعلمهم، ويتعلم منهم.(2/914)
تقدم أن التواضع من أفضل آداب العلماء، وأليق أخلاق الكمال بهم، ومن أجمل ذلك وأحسنه رؤية التقصير فيما أقيموا فيه، واعتقاد أنهما أحوج إلى التعلم ممن يعلمونه، وبسط ذلك بما أشار إليه «ابن الحاج» في «المدخل». قال رحمه الله فيما قرر من آداب العالم: «وينبغي أن يكون خائفا على نفسه 308و / / من التقصير، مشفقا على نفسه في التبليغ، يرى نفسه أنها ليست أهلا
لذلك. ويرى أنه أقل عبيد الله، وأكثرهم حاجة إليه، وأفقرهم إلى التعلم كما قيل: «العالم عالم ما كان يرى نفسه أنه جاهل، فإذا رأى نفسه أنه عالم فقد جهل»، بل مسترشد متعلم يقعد مع إخوانه يرشدهم، ويسترشد منهم، ويعلمهم، ويتعلم منهم.
وقع لي مع سيدي «أبي محمد» رحمه الله لما جئت أريد أن أقرأ عليه، فقال لي: أما تقرأ على العلماء؟ أريد أن أقرأ عليك. فقال لي: كيف تترك العلماء وتأتيني تقرأ على مثلي؟. فقلت: أريد أن أقرأ عليك. فقال: استخر الله تعالى، فاستخرت الله تعالى ثم جئت إليه، فقلت: أقرأ. قال: عزمت. قلت:
نعم. فقال لي: لا يخطر بخاطرك، ولا يمر ببالك أنك تقرأ على عالم. ولا أنك بين يدي شيخ، إنما نحن إخوان مجتمعون نتذاكر أشياء من أحكام الله تعالى علينا، فعلى أي لسان خلق الله تعالى الحق، والصواب قبلناه، وإن كان صبيا في المكتب.
قال: فإذا قعد الإنسان للتعليم على هذا الترتيب يريد بما ذكر وبما تقدّم قبل ذلك من [آدابه] (1) كان من أعظم الناس منزلة، وأكثرهم خيرا لما ورد في الحديث: «من صلى الفريضة، ثم قعد يعلم الناس الخير، نودي في السموات عظيما»» (2).
قلت: ويرحم الله شيخنا الإمام أبا إسحاق ابن فتوح، فلقد كان يعترف بهذا المعنى ويقول: «لو استغنيت عن المعونة بالوظائف، لتركتها إلا وظيفة التدريس لما لي فيها من الانتفاع بمذاكرة الطلبة»، وهذا من أخلاق الفضلاء قديما وحديثا.
حكى الشيخ «خليل بن إسحاق» في مناقب شيخه العالم الصالح «عبد الله المنوفي» رحمه الله «أنه كان مع العلم العظيم لا يدّعي دعوى بل يعترف
__________
(1) في «أ»: آبائه.
(2) انظر المدخل: 1/ 6867.(2/915)
بالتقصير 308ظ / / ولا يرى نفسه أهلا للإقراء، ويقول: إنما جلست لأصحح على المبتدئين وأقرئهم.
قال: وكان يقول للطلبة: إنما نحن إخوان نتذاكر العلم، وأي من أظهر الله تعالى الحق على لسانه قبلناه» اهـ.
وذكر قبل هذا من وصفه بالكمال، ما يدل على أن ذلك منه محض تواضع، وتخلق بخلق من آداب الصالحين كريم، فقال: «كان يقرىء الكتب المعقدة كابن الحاجب، والتهذيب، وغيرهما بغير مطالعة. وحل «ابن الحاجب» مرارا قبل أن يظهر له شرح عندنا، ويفتح له بما لم يفتح على غيره لكثرة النور الذي عنده، ولذلك لم يكن يجاريه غيره. قال: ولقد أخبرت أن رجلا من العلماء الفضلاء عمل على درس، يقرأ على سيدي الشيخ ثلاثة أيام، وهو من أهل البحث، والنظر، والاشتغال بالعلوم العقلية المرجوع إليه فيها، ثم جاء إلى الدرس وتكلم مع الشيخ، فقطعه الشيخ عاقلا (1).
قال: وأخبرني القاضي «حمزة نجم الدين»، وهو من أصحاب سيدي الشيخ ومحبيه: أنه كان يرى الشيخ إذا تكلم يخرج من فيه نور، وكان رضي الله عنه إذا حسر عن ساعديه يظهر عليه النور» اهـ.
الأدب الثالث عشر: ألا يقبل تقبيح غير ما شرع فيه من العلوم عنده.
فقد ذكر الغزالي «أن من عادة معلم اللغة تقبيح الفقه، وكذا معلم الفقه عادته تقبيح علم الحديث والتفسير، وأن ذلك نقل محض وسماع، وهو شأن العجاز (2)، ولا نظر للعقل فيه.
قال: ومعلم الكلام ينفر عن الفقه، ويقول: ذلك فروع، وهو كلام في
__________
(1) من العقال: أي مسكتا.
(2) في الإحياء: 1/ 57: العجائز.(2/916)
حيض (1) النسوان، فأين ذلك من الكلام في صفة الرحمن؟
قال: فهذه أخلاق مذمومة للمعلمين، فينبغي أن تجتنب، بل المتكفل بعلم واحد ينبغي أن يوسع على المتعلم طريق التعلم في غيره، 309و / / وإن كان متكفلا بعلوم فينبغي أن يراعي التدريج في ترقية المتعلم من رتبة إلى رتبة» (2) اهـ.
الأدب الرابع عشر: ألا يتشوف لطلب الرياسة بالعلم قبل استحقاقها،
فقد حذروا من ذلك لأمرين: أحدهما: عام، والآخر: خاص.
أما الأول: فالمراد به ما ورد متضمنا لذمها من الجهة التي ذم حب الجاه من أجلها على الإطلاق. كقوله تعالى: {تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (3).
قال الغزالي: «جمع بين إرادة الفساد والعلو، وبين الدار الآخرة للخالي عن الإرادتين جميعا.
وقوله تعالى: {مَنْ كََانَ يُرِيدُ الْحَيََاةَ الدُّنْيََا وَزِينَتَهََا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمََالَهُمْ فِيهََا وَهُمْ فِيهََا لََا يُبْخَسُونَ (15) أُولََئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النََّارُ وَحَبِطَ مََا صَنَعُوا فِيهََا وَبََاطِلٌ مََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (4).
قال: وهذا أيضا متناول بعمومه لحب الجاه، فإنه أعظم لذة من لذة الحياة، وأكبر زينة من زينتها».
وأما الثاني: فالمعنى به ما جاء عنهم مصرحا بالتحذير من مفاسد هذه الرياسة على التعيين وقد ذكروا لذلك مفاسد يتأكد الحذر من التعرض لها إحداها:
__________
(1) في الأصول: محيط، وما أثبتناه في ن. م. س.
(2) انظر الإحياء: 1/ 57.
(3) سورة القصص، الآية: 83.
(4) سورة هود، الآيتان: 15و 16.(2/917)
تقويتها للتعلم النافع في وقته فقد قال المأمون، حكاه الشيخ أبو عمر:
«من طلب الرياسة بالعلم صغيرا، فاته علم كثير (1).
وقولهم: «تفقهوا قبل أن تسودوا» شامل بالمعنى لذلك، لكن قد يتفق المستعجل بطلبها أن ينبه على خطإ نظره لنفسه فيراجع الأولى كما يحكى عن «ابن جني». ذكره «ابن خلكان»: «أنه فارق الشيخ أبا علي الفارسي، وقعد للإقراء «بالموصل»، فاجتاز بها شيخه «أبو علي» فرآه في حلقته، والناس حوله يشتغلون عليه، فقال له 309ظ / /: «زبّبت وأنت حصرم» فترك حلقته، وتبعه ولازمه حتى تمهر» (2).
وتقدم (3) ما يقرب من هذا «لأبي إسحاق الزجاج» حين انقطع عن «أبي العباس المبرد»، وقول المبرد له: وقد توقف عن جواب سأله عنه، وينبغي أن تعلم أن هاهنا أشياء كثيرة قد بقيت عليك، فاعتذر له ورجع إلى ملازمته».
وينظر إليه ما حكاه «القرافي» في «الذخيرة» قال: «اعتزل أبو يوسف حلقة أبي حنيفة لإقراء الناس فكره ذلك أبو حنيفة، وبعث إليه رجلا، وقال له: قل له ما تقول في قصّار جحد الثوب المستأجر على قصارته، ثم اعترف به، ودفعه مقصورا، هل يستحق الأجرة أم لا؟ فإن قال لك: يستحق، فقل له: أخطأت، وإن قال: لا يستحق. فقل له: أخطأت، فسأله، فقال: يستحق، فقال له:
أخطأت، فسكت ساعة، وقال: لا يستحق. فقال له: أخطأت. فذهب أبو يوسف إلى أبي حنيفة فقال له: لعلك جاء بك مسألة القصار؟ فقال: نعم.
فقال: ينبغي لك أن تفصل فتقول: إن قصره بعد الجحد لا يستحق، لأنه قصر لنفسه، أو قبل الجحد، استحق أنه قصره لربه.
قال: وقاله الشافعي، ومقتضى أصولنا أن له الآخرة مطلقا. ثم ذكر ما
__________
(1) جامع العلم: 1/ 144.
(2) الوفيات: 3/ 246.
(3) انظر ص: 217وظ / مخ «أ». ص: 701700من هذا الكتاب.(2/918)
يدل على ذلك، انظرها في كتاب الإجارة» (1).
الثانية: حملها على الإحداث في الدين، والتغيير لمعالم حدوده، استعجالا لنيل حظوظ الدنيا، فروى الشيخ أبو عمر عن وهب بن منبه قال:
«كان في بني إسرائيل رجال أحداث الأسنان قد قرأوا الكتب، وعلموا علما، وأنهم طلبوا بقراءتهم وعلمهم الشرف والمال، وأنهم ابتدعوا بدعا أدركوا بها المال والشرف في الدنيا، فضلوا وأضلوا» (2) اهـ.
وهذا وإن كان يعرض من حب الطلب لها على الجملة قبل الاستحقاق وبعده، كما أشار إليه أبو العتاهية (3) بقوله 310و / /:
أأخيّ من عشق الرّياسة خفت أن ... يطغى ويحدث بدعة وضلالا
ولكن عروضه للمستعجل بها أقرب، ووصف هؤلاء بحداثة السن، مقتض لطلب الرتبة قبل وقتها.
الثالثة: حملها على بغض العلوم، ومعاداة أهلها، لما يعلم من قصوره عن كمال الاستحقاق لها، فيظهر الكفاية بما عنده، ولا يحمل من الكملاء أن يعلموا بنقصه فيعاديهم لا محالة، وينفر من ذل التعلم بعد ما توهمه عزا بالرياسة، وشرفا بأحواز الرتبة، وذلك موجب لبقائه مرتبكا في ظلمات الجهالة وفي ذلك يقول الشيخ أبو عمر فيما ينسب إليه:
«حب الرياسة داء بخلق الدنيا ... ويجعل الحب حربا للمحبّينا
يفري الحلاقم والأرحام يقطعها ... فلا مروءة يبقي لا، ولا دينا
من ساد بالجهل، أو قبل الرسوخ فلا ... تلقاه إلا عدوا للمحقينا
__________
(1) انظر كتاب الأم للشافعي: 4/ 40.
(2) جامع العلم: 1/ 142.
(3) انظر شرح ديوان أبي العتاهية: 183، من قصيدة له يصف فيها خطوب الدهر ويحث المرء على طلب الآخرة، مطلعها:
«الدهر يوعد فرقة وزوالا ... وخطوبه بك تضرب الأمثالا»(2/919)
يشنأ العلوم ويقلي أهلها حسدا ... ضاهى بذلك أعداء النّبئينا» (1)
وعلى ذكر هذه الأبيات فقد قال منصور الفقيه في غرضها من التحذير عن طلب هذه الرياسة:
«الكلب أكرم عشرة ... وهو النهاية في الخساسه
ممن تعرض للريا ... سة قبل إبان الرياسه» (2)
وقال بشر بن المعتمر (3) المتكلم:
إن كنت تعلم ما أقو ... ل وما تقول فأنت عالم
أو كنت تجهل ذا وذا ... ك فكن لأهل العلم لازم 310ظ / /
أهل الرياسة من ينا ... زعهم رياستهم فظالم
لا تطلبن رياسة ... بالجهل أنت لها مخاصم
لولا مقامهم رأي ... ت الدين مضطرب الدعائم» (4)
وقال الأستاذ أبو إسماعيل الطغرائي (5): وذكر القاضي أبو الحسن بن الحسن: أن القاضي «أبا عبد الله محمد بن منصور بن هدية» (6) كان كثير الترديد لقوله (7):
__________
(1) جامع العلم: 1/ 144143.
(2) م. س: 1/ 144.
(3) بشر بن المعتمر البغدادي أبو سهل. ت: 210هـ 825م متكلم، انتهت إليه رئاسة المعتزلة ببغداد، شاعر، من آثاره: «اجتهاد الرأي»، و «الحجة في إثبات النبوة» و «حدوث الأشياء»، و «الرد على أهل التناسخ» انظر لسان الميزان: 2/ 33.
(4) جامع العلم: 1/ 144.
(5) هو الحسين بن علي الأصبهاني، الليثي المعروف بالطغرائي. ت حوالي: 513هـ 1119م إذ اختلف في سنة وفاته، أديب، ناثر، شاعر، خبير بصناعة الكيمياء، مات مقتولا، من آثاره:
ديوان شعر، لامية العجم، مفاتيح الرحمة ومصابيح الحكمة، وغير ذلك، انظر في ترجمته:
الوفيات: 2/ 190185، البداية لابن كثير: 12/ 190.
(6) محمد بن منصور بن هدية القرشي، التلمساني، ت نحو: 736هـ 1335م، مؤرخ، نسابة، كاتب من القضاة، من آثاره: «تاريخ تلمسان» و «شرح رسالة» لمحمد بن خميس الحجري نظما، ونثرا. انظر تاريخ قضاة الأندلس: 135134، وهدية العارفين: 2/ 149.
(7) أي لقول الطغراني.(2/920)
لا تطمحن إلى المراتب قبل أن ... تتكامل الأدوات والأسباب
إن الثّمار تمر قبل بلوغها ... طعما، وهن إذا بلغن عذاب (1)
تنبيه:
لطلب الرياسة على الإطلاق مفاسد كثيرة أشار إليها العلماء إجمالا وتفصيلا. فمن الأول: من حيث عموم الهلاك بها قول أبي نعيم: «والله ما هلك من هلك إلا بحب الرياسة» (2).
ومن الثاني: قول الفضيل بن عياض: «ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد، وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير» [-2].
ومن المنظوم في الغرض الأول قوله (4):
تغاير الناس فيما ليس ينفعهم ... وفرّق الناس آراء وأهواء
حب الرياسة داء لا دواء له ... وليس من أحد إلا له داء
وقال آخر (5):
حب الرياسة داء لا دواء له ... وقلما تجد الراضين بالقسم (6)
الأدب الخامس عشر: أن يحسن هيئته باستعمال الآداب الشرعية،
وقد ذكر الحافظ «أبو نعيم» من ذلك في آداب المتعلم أمورا:
«أحدها: ملازمه السواك»، وهو أول ما ندب إليه من هذه الخصال.
311 - و / / قال ما نصه: «وليعلم أنه لا يخلو إذا غشي المجالس من مجالسة العلماء، ومخاطبة الحكماء، ومذاكرة المتعلمين، ومجادلة المخالفين، فليتعهد
__________
(1) انظر قضاة الأندلس للنباهي: ص 135.
(2) (2) و (3) انظر جامع العلم: 1/ 143.
(4) نسبه في جامع العلم: 1/ 144: إلى بكر بن حماد.
(5) في الأصول: وقوله.
(6) م. س: 1/ 144.(2/921)
نفسه بما يصلحه ويزيّنه، وليبتدىء بالسواك فليلزمه.
وخرج لذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستاكون: فقال: «يدخلون عليّ قلّما، ولا يستاكون! استاكوا، فلولا أن أشقّ على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء».
الثاني: قصّ أظفاره إذا طالت لما خرجه عن أبي أيوب الأنصاري (1)
رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فسأله عن خبر السماء. فقال:
«أتسألني عن خبر السماء، وتدع أظفارك كأظفار الطير فيها الخباثة والنّفث».
الثالث: تنقية براجمه، ورواجبه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن جبريل أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال: «كيف لا يبطئ علي، وأنتم حولي لا تستنون (2)، ولا تقلمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون رواجبكم».
قال أبو نعيم: «البراجم: العقد التي في مفاصل قصبات الأصابع من باطن. والرواجب: ملتقى رؤوس السّلاميات، إذا قبض القابض كفه شخصت».
الرابع: هو اغتساله مهما أحس من نفسه ريحا، أو عرقا، يتأذى به. لما رواه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من العوالي، فيأتون في الغبار والعرق، فيخرج منهم الريح، فأتى إنسان منهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تطهرتم لهذا اليوم».
الخامس: أخذه من شاربه إذا طال، لحديث «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: قال 311ظ / / رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعفوا اللّحى، وخذوا من الشّوارب».
قلت: ذكر فيه ابن العربي: «أنه يمنع الأكل، ويذهب الفصاحة، ويستر الحاسة الشريفة، ويجتمع فيه الوسخ».
__________
(1) هو خالد بن زيد من بني النجار، ت: 52هـ 672م، صحابي، شهد العقبة وبدرا، وأحدا، والخندق، وسائر المشاهد، له 155حديثا، انظر الإصابة: 3/ 56. والصفوة: 1/ 470468.
(2) استن الرجل: نظف أسنانه مما تخللها.(2/922)
السادس: تسكينه من شعره إذا كان ذا شعر لما رواه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أشعت الرأس فقال: «أما يجد هذا شيئا يسكن به شعره؟!».
السابع: ألا يغفل الترجل والتدهن لحديث «جابر» أيضا قال: كان «لأبي قتادة» وفرة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فقال: «ادهنها وأكرمها».
الثامن: اجتهاده في نظافة ثوبه، وحذره من الوسخ عليه، لما رواه أيضا عن جابر رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا شعثا. فقال:
«أما كان يجد هذا ما يغسل ثوبه، ويلمّ شعثه؟!».
وروى عن أبي صالح (1) قال: «ما كنت أتمنّى من الدنيا إلا ثوبين أبيضين أجالس فيهما أبا هريرة».
التاسع: أن يمس من الطيب إن وجد إليه سبيلا، لما رواه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يخرج إلى أصحابه تفل الرّيح، وكان إذا كان في آخر الليل مس طيبا».
العاشر: اجتنابه للطعام الذي فيه رائحة كريهة لما رواه عن عطاء قال:
سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه البقلة فلا يغشانا في مساجدنا».
الحادي عشر: غسله ليده إذا أكل زهيما لئلا يؤذي محاذيه، لما رواه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذا اللحم شيئا، فليغسل يده من ريح وضره (2) لا يؤذي من يحاذيه».
الثاني عشر: احترازه من استقبال العالم 312و / / أو جليسه بالجشاء، بل يكظمه ويكفّه لما رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رجلا تجشّأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كفّ عنا جشاءك».
__________
(1) أبو صالح ذكوان السمان الزيات المدني، ت: نحو 101هـ 719م، من ثقات المحدثين، وكان من أوثق الناس من أبي هريرة، وكان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة، التذكرة: 1/ 9089.
(2) الوضر: أثر الطعام، وسخ الدسم.(2/923)
الثالث عشر: ألا يلبس من الثياب إلا ما يجوز لبسه لما رواه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين (1) فقال: «يا عبد الله بن عمرو، إن هذا ثياب الكفار فلا تلبسها».
الرابع عشر: أن يلبس ما ابيض من الثياب فإنه مستحب لأهل العلم لما رواه عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالبياض، فإنه خير ثيابكم، فكفّنوا فيها موتاكم، وليلبسها أحياؤكم، فإنها أطهر وأطيب»، قال: «ويتوقّى من الثياب ما له قعقعة».
وخرّج قول ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يقعقع، يعني جديدا، فقال: «من هذا»؟ قلت: أنا عبد الله، قال: «إن كنت عبد الله، فارفع إزارك»، قال: فرفعته، قال: «زد»، قال: فرفعته حتى بلغ نصف الساق».
الخامس عشر: أن يعتمّ، قال: «لأنها زينة لأهل العلم». وخرج عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اعتمّوا تزدادوا حلما».
الأدب السادس عشر: أن يعتني بحفظ صحته ليستعين بها على الطلب والتحصيل،
وقد ذكر أيضا أبو نعيم رحمه الله من ذلك أمورا وفي جملتها: «اجتنابه بما يخلّ بقوة الفهم والحفظ، ويعود عليه بضعف في النفس أو البدن.
أحدها: تعاهده بإخراج الدم، وشرب الدواء، لما رواه عن نافع، قال:
قال لي ابن عمر: يا نافع، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحجامة تزيد في العقل والحفظ، وتزيد الحافظ حفظا».
الثاني: استعانته على تقوية 312ظ / / بصره لدرسه بالجلوس عند الخضر والماء الجاري لما رواه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال
__________
(1) المعصفر: المصبوغ بلون أصفر.(2/924)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظر إلى الخضرة، والوجه الحسن يزيدان في البصر».
الثالث: تهذيب بدنه بترك ما يورث السّمن. قال: «فإنّ السّمن مضلّة للفهم، وعقلة للرجال».
وخرّج عن أبي إسرائيل الجشمي قال: سمعت جعدة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص عليه رؤيا فرأى رجلا سمينا، فجعل يطعن بطنه بشيء في يده، ويقول: «لو كان بعض هذا في غير هذا كان خيرا لك».
ثم أسند إلى مالك بن دينار قال: «قرأت في الحكمة أن الله يبغض الحبر السمين».
الرابع: ترك التملي من الطعام والشراب لئلا يقطع عن الدرس، وقد تقدم (1) عنه ذلك، وفيما ذكره الغزالي: «ومن فوائد الجوع: صفاء القلب، وإيقاد القريحة، ونفاذ (2) البصيرة، فإنّ الشّبع يورّث البلادة، ويعمي القلب، ويكثر البخار في الدماغ كشبه السّكر حتى يحتوي على معادن (3) الفكر [فيثقل] (4)
القلب بسببه عن الجريان في الأفكار، وعن سرعة الإدراك، بل الصبي إذا أكثر الأكل بطل حفظه، وفسد ذهنه، وصار بطيء الفهم، والإدراك» (5).
قلت: ومن المثل السائر في هذا قولهم: «البطنة تذهب الفطنة».
الخامس: مواظبته على السواك في كل يوم لما رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن السواك يزيد الرجل فصاحة».
قلت: ذكروا فيه عشر فوائد، أكثرها نقلها «ابن العربي» عن ابن عباس رضي الله عنهما: «مرضاة الرب، مفرحة للملائكة، مطردة للشيطان، يشدّ اللّثات، يصقل الأسنان، يزيد في الحفظ، يزيد في الفصاحة، يشهي الطعام،
__________
(1) انظر ص: 257ظ مخ «أ». ص: 795794من هذا الكتاب.
(2) في الإحياء: 3/ 184: وإنفاذ.
(3) في الأصول: معاني، وما أثبتناه من م. س.
(4) في «ج» و «د»: فيشغل.
(5) انظر الإحياء: 3/ 184.(2/925)
يجلي البصر، يطيّب النّكهة، يذهب البلغم، قيل: وفوائده كثيرة».
السادس: 313و / / أن يعود نفسه الإقلال من الضحك، قال: فإن الإكثار منه يميت القلب وخرج له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك يميت القلب».
السابع: قال: «ويجب للمبتدىء ألا يحمّل نفسه فوق طاقته، وليأخذ ما يطيقه حتى يبقي عليه حفظه». واستظهر على ذلك بما رواه عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس عليكم بالقصد، فإن الله لا يمل حتى تملوا». قال: «وقليل يدوم عليه أنفع من كثير يمله».
وذكر حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله».
الثامن: تجميم نفسه إذا وجد فترة أو سآمة، واستدل له بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: صام، صام. ويفطر حتى نقول: أفطر، أفطر».
قلت: وقد تقدم (1) ما في الأخذ بهذا عن العلماء قديما وحديثا ما فيه كفاية، فراجعه من هناك. قال: وكذا إن وجد تقسم قلب، وذكر حديث جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتمعوا على القرآن ما ائتلفت قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا».
الأدب السابع عشر: أن ينوي بتعلمه لما شرع فيه، أن يترقى به لتعلم ما فوقه من العلوم المقصودة،
وخصوصا هذه الصناعة، وما يرجع لها من فنون الأدب على ما تقدم في مرتبة تعلمها و «لابن السيد» في «اقتضابه» (2) كلام حسن في هذا المعنى.
__________
(1) انظر ص: 257ظ مخ «أ». 795794من هذا الكتاب.
(2) الاقتضاب: 1514.(2/926)
قال رحمه الله: «الأدب له غرضان: أحدهما: يقال له: الغرض الأدنى. والثاني: يقال له الغرض الأعلى.
فالغرض الأدنى: أن يحصل للمتأدب بالنظر 313ظ / / في الأدب، والتمهر فيه، قوة يقدر بها على النظم والنثر.
والغرض الأعلى: أن يحصل للمتأدب قوة على فهم كتاب الله تعالى، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ويعلم كيف تبنى الألفاظ الواردة في القرآن والحديث بعضها على بعض حتى تستنبط منها الأحكام، وتفرع الفروع، وتستنتج (1) النتائج، وتقرن القرائن على ما تقتضيه مباني كلام العرب. ومجازاتها، كما يفعل أصحاب الأصول. وفي الأدب لمن حصل في هذه المرتبة منه أعظم معونة على فهم علم الكلام، وكثير من العلوم النظرية فقد زهد الناس في علم الأدب، وجهلوا قدر الفائدة الحاصلة منه حتى ظن المتأدب أن أقصى غاياته: أن يقول أبياتا من الشعر. والشعر عند العلماء أدنى مراتب الأدب، لأنه باطل يجلى في معرض حق، وكذب يصور بصورة صدق.
قال: وهذا الذم إنما يتعلق بمن ظن صناعة الشعر غاية الفضل، وأفضل حلي أهل النبل، وأما من كان الشعر بعض حلاه، وكانت له فضائل سواه، ولم يتخذه مكسبا وصناعة، ولم يرضه لنفسه حرفة وبضاعة، فإنه زائد في جلالة قدره، ونباهة ذكره» اهـ.
قلت: حكى الشاري في «برنامجه»: «أن الشيخ أبا زيد السهيلي كتب في آخر إجازة لمن قرأ عليه كتاب سيبويه نفعنا الله وإياه بتعلم اللسان العربي، وجعله لنا مرماة إلى تدبر كتابه العلي، والتفقه في كلام رسوله النبي الأمي. آمين رب العالمين». وهذا عمل بمقتضى هذه النية، فيما يخص هذه الصناعة، وملاحظة به لهذا الغرض الأعلى مراد بها، وهو أمر لا إشكال فيه.
__________
(1) في م. س: 14: وتنتج.(2/927)
فائدة:
قال بعض العلماء: «الناس في الأدب على ثلاث 314و / طبقات: أهل الدنيا، وأهل الدين وأهل الخصوصية من أهل الدين.
فأما أهل الدنيا فأكثر آدابهم فيها الفصاحة، والبلاغة، ومعرفة أخبار الملوك، وأشعار العرب، وحكايات الشعراء [والبلغاء] (1).
وأما أهل الدين فأكثر آدابهم مع حفظ العلوم الشرعية، رياضة النفوس، وتأديب الجوارح، وتهذيب الطباع، وحفظ الحدود، وترك الشهوات، واجتناب الشبهات، والمسارعة إلى الخيرات.
وأما أهل الخصوصية من أهل الدين فآدابهم مع ما تقدم حفظ القلوب، واستواء السر والعلانية».
قلت: إذا قصد بالأدب الأول الاستعانة على ما بعده فلا يكون دنيويا محضا.
تنبيه:
من لازم هذه النية في الانتقال من تعلم علم إلى طلب علم آخر على ما أشار إليه «ابن العربي»: «ألا يتوصل غالبا إلى النهاية في علم يشتغل به على قصد النظر بعد في غيره».
قال في «العواصم» (2) منبها على التزام هذا المعنى عند الانتقال من مراتب التعلم: «ولا يقل متى أحصل هذا، فإنه ليس المطلوب منها الغاية، فإنّه لا ينالها إلا الأفراد، وإنما ينبغي لكل عاقل أن يتخصص بجزء (جزء) (3) منها، ولا يفرد نفسه ببعض العلوم، فيكون إنسانا في الذي يعلم، بهيمة فيما لا يعلم، ولا سيما من أقام عمره حاسبا أو نحويا، فقد هلك، فإنه بمنزلة من أراد صنعة شيء،
__________
(1) ساقطة من «ج» و «د».
(2) العواصم: 2/ 211.
(3) زيادة من م. س: 2/ 211.(2/928)
فشحذ [الآلة] (1) عمره، ثم مات قبل عمل صنعته.
قال: ولا يصغ إلى من يقول له: تكون مقصرا في كل علم إذا فعلت هذا، والأولى بك أن تقف نفسك على علم واحد، فإنه قول جاهل بالعلم.
قال: وأنبئكم أني ما رأيت بعيني محيطا بالعلوم، ولا مشاركا فيها
فإن الإحاطة غير ممكنة، والمشاركة ممكنة، والإحاطة بعلم واحد غير ممكن.
هذا النحو ما علمت من أحاط به إلا سيبويه، والفارسي» انتهى ملخصا.
وفيه بحث في مواضع 314ظ / / أخصها بهذا المحل: «أن هلاك من أقام عمره ناظرا في النحو لا يصح أن يحمل على الإطلاق»، ولعله لا يريده لما تقدم من تقسيم الحكم في المشتغلين على ذلك الحق.
وقوله: «إن هناك من يقول بتقصير الناظر في علوم شيء»، هو في المعنى قريب مما يقال: «إذا أردت أن تكون عالما فاقصد لفن من العلم، وإن أردت أن تكون أديبا فخذ من كل شيء أحسنه».
قال الشيخ أبو عمر: «وقال غيره: من أراد أن يكون حافظا، نظر في فن واحد من العلم ومن أراد أن يكون عالما أخذ من كل علم بنصيب.
وعن «أبي عبيد القاسم ابن سلام»: ما ناظرني رجل قط، وكان متفننا في العلوم إلا غلبته، ولا ناظرني رجل ذو فن واحد إلا غلبني في علمه ذلك» (2).
الأدب الثامن عشر: وقد فرضه «ابن قتيبة» خاصا بصناعة الأدب، لكن من حيث هو أدب أن يعتني أولا بتأديب نفسه.
قال في «أدب الكتّاب»: «ونحن نستحبّ لمن قبل عنا، وائتم بكتبنا أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه، ويهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه، ويصون مروءته عن دناءة الغيبة، وصناعته عن شين الكذب، ويجانب قبل مجانبة اللّحن وخطل القول شنيع الكلام، ورفث المزح.
__________
(1) في «ج»: آلته، وفي «د»: الله.
(2) جامع العلم: 1/ 30.(2/929)
ثم ذكر كيف كان مزح الأشراف، وذوي المروءات، وختم هذا المعنى بقوله: فأما السّباب، وشتم السلف، وذكر الأعراض بكبير الفواحش، فما لا نرضاه لخساس العبيد، وصغار الولدان» (1).
قال ابن السيد متمما لغرضه: «يريد أن المتأدب أحوج إلى تأديب أخلاقه منه إلى تأديب لسانه، وذلك أنك تجد من العامة الذين لم ينظروا في شيء من الأدب من هو حسن اللقاء، جميل المعاملة، حلو الشمائل، مكرم لجليسه وتجد في ذوي الأدب من أفنى دهره في القراءة، والنظر، وهو مع ذلك 315و / / قبيح اللقاء، سيّىء المعاملة، جافي الشمائل، غليظ الطبع، ولذلك قيل: الأدب نوعان: أدب خبرة، وأدب عشرة، وقال الشاعر:
يا سائلي عن أدب الخبره ... أحسن منه أدب العشره
كم من فتى تكثر آدابه ... أخلاقه من علمه صفره (2)
تتميم:
لبيان ما ذكره: مما يصون المتأدب مروءته بترك التلبس به وهو أربعة:
أحدها: «الغيبة، ولها أخت وهي النميمة. كلاهما من أقبح القبائح، وأكثرها انتشارا في الناس، حتى ما يسلم منها إلا القليل». قاله النووي.
وهو مشاهد، وخصوصا صنف الطالبين للعلوم.
وقد نبه «ابن الحاج» على وجوب التحفظ منها على العالم والمتعلم فقال في «فصول الكلام» على أدب المتعلم: «واكد ما عليه: تخليص ذمته من إخوانه، وجلسائه، ومعارفه، وغيرهم، إذ تخليص الذمة هو المقصود الأعظم فليحذر من هذين الأمرين الخطيرين اللذين قد عمت بهما البلوى، وغلبت على الألسن، وهما الغيبة والنميمة» (3).
__________
(1) انظر أدب الكتاب: 1211.
(2) الاقتضاب: 45.
(3) المدخل: 2/ 131.(2/930)
وقال في «فصول الكلام» على أدب العالم: «ويجب عليه ألا يسمع من ينمّ عنده، وكذلك من ينقل أخبار الناس، وما جرى لهم مما لا يترتب عليه فائدة شرعية.
قال: ويحتاج: أن يتحرز على نفسه، وعلى من حضره من الغيبة لأنها مصيبة عظمى في الدين» (1). انتهى ملخصا.
ثم قال بعد كلام: «سمعت سيدي أبا محمد رحمه الله يحكي أنه اجتمع جماعة من المباركين بتونس، فلما أرادوا الطعام أبطأ واحد منهم، فسألوا عنه، فقال قائل: ما زالت عادته هكذا، فقام سيدي «حسن الزبيدي» رحمه الله وقال: {إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ}، اليوم لي أربعون سنة لم أسمع غيبة، فسمعتموها لي اليوم، والله لا أقعد 315ظ / / في هذا المجلس، وخرج من حينه، ولم يتناول شيئا. قال: فقس على هذا، وانظر بنظرك أي نسبة بيننا وبين هذه الأحوال السنية، وما بالعهد من قدم» (2).
قلت: حكى «الأبي» عن «شيخه الإمام أبي عبد الله ابن عرفة، أن الشيخ الفقيه الصالح أبا علي القروي ذكر رجل بمحضره رجلا. فقال: فلان الخياط، فقال له الشيخ: اغتبته، فقال الرجل: إنه لا يكره ذلك، وكان هذا القائل نجارا.
فسكت الشيخ ساعة، وقال: يا فلان النجار. قال: نعم. قال له الشيخ: الله ما كرهت ندائي لك بذلك؟ فقال: لا. فقال الشيخ: الحمد لله.
قال: وكان من أصحابنا الطلبة الحاضرين معنا بدرس الشيخ من يتحفظ من الغيبة، فقلت له يوما: إن فلانا أخرج قاضيا «لجربة» (3)، [فدعا] (4)
«لجربة» وقال: اللهم لا تجعل لي في القضاء نصيبا، ثم قال لي بعد ساعة:
غررت بي، أراني قد اغتبته. فخرج حتى استحله على نحو مسافة ميلين قال:
وكان الشيخ يقول: هذا من باب الورع، وليس بغيبة حقيقية».
__________
(1) م. س: 1/ 202201.
(2) م. س: 1/ 203202.
(3) جربة: بفتح الجيم وكسرها، جزيرة بالمغرب، من ناحية أفريقية قرب قابس. انظر: معجم البلدان: 2/ 118.
(4) ساقط من «أ».(2/931)
ترهيب:
قال «البلالي شمس الدين» في «مختصر الإحياء»: «الزواجر عن الغيبة طافحة حتى في آية واحدة نهي عنها من وجوه شتى: نهي عن غيبة القلب ظنا، وعن طلب تحقيقه تجسسا، ومتى رأى عيبا حرم التصديق ما احتمل تأويلا، ومتى تحقق نصح حتما وسكت، سترا للنهي عن التلفظ به فاعلا ومفعولا حيث قال تعالى: {بَعْضُكُمْ بَعْضاً} (1). وتشبيه المغتاب يأكل الميتة، وهو منفر طبعا وشرعا، والإتيان بهمزة الإنكار ثم بقوله: {أَحَدُكُمْ}. كأنه يقول: هل يوجد أحد في العالم يحب أكل الميتة، ثم المبالغة بلحم الأخ ثم يأكله، ووجه المناسبة إدارة حنكه بالغيبة كالأكل. ثم بقوله: {مَيْتاً} فإنه أبلغ في النفرة، ثم التأكيد بقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} ثم التعريف بأن من 316و / التقوى ترك ذلك، ثم التحريض على التوبة بقوله: {إِنَّ اللََّهَ تَوََّابٌ رَحِيمٌ}.
قال: وصح أن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام. ونواهيها مشهورة جدا، فما ظنكم بكلمة لا نسلم منها بتوبة للمظلمة، حتى تبرأ، فهي أشد على النفس من الربا والزنى، وتمرج البحر، وتنقل حسناتك لغيرك، وتعذب بذنوبه التي تحملتها بغيبته، وإدام كلاب النار، وعرضتك لسخط الله ومقته، وكان تعالى فيها خصمك، ويقال لك: استحييت من الله كاستحيائك من مخلوق لا تعبأ به بحضرته؟! إلى غيرها من آفات وفضائح نسأل الله العافية» اهـ.
وهنا غريبة حكاها «الرشاطي» عن «أبي جعفر الجوزي قال: سمعت إبراهيم بن عثمان الكوفي قال: دعي بنا إلى غسل رجل من المسلمين، فلما دخلت، وكشفت عن وجهه، فإذا بحية في حلقه سوداء، فجزعت ثم قلت لها:
أيها العبد المأمور، إن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في الموتى غسلهم، فتنصرف من هذا العبد حتى نقيم فيه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وتعود إلى ما أمرت به، فرأيت الحية قد انسابت من تحت الإزار حتى أتت إلى ناحية من البيت فتطوقت، وأخذنا في أمر الرجل،
__________
(1) إشارة إلى الآية الكريمة: {وَلََا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} الحجرات: 12.(2/932)
فلما فرغنا من غسله، وأدرجناه في أكفانه، وأردنا أن نعقد عقدة الرأس، انسابت الحية. وأنا أراها حتى دخلت ما بين الكفن حتى تطوقت في حلق الرجل كما كانت، ثم إني سمعت صوتا مثل صوت الآدميين، وهو يقول لي: يا إبراهيم بن عثمان: أجزعت مني؟! لست بحية، أنا ملك سلطني الله على هذا الرجل آكل لحمه إلى يوم القيامة كما كان يأكل لحوم الناس».
فوائد مهمة:
الفائدة الأولى:
حد الغيبة: ذكرك غيرك بما فيه مما يكره.
قال النووي: «وقد نقل الإمام أبو حامد الغزالي إجماع المسلمين 316ظ / على ذلك. قال: سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقه، أو خلقه، أو ماله، أو ولده، أو والده، وزوجه، أو خادمه، أو مملوكه، أو عمامته، وثوبه، أو مشيه، وحركته، وبشاشته، وخلاعته، وعبوسه، وطلاقته، أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته بلفظك، أو كتابك، أو رمزت. أي:
أشرت إليه بعتنك، أو يدك، أو رأسك، أو نحو ذلك.
قال: فالبدن قولك: أعمى، أعرج، أعمش، أقرع، قصير، طويل، أسود، أصفر.
والدين قولك: فاسق، سارق، خائن، ظالم، متهاون الصلاة، متساهل في النجاسات، ليس بارا بوالديه، لا يضع الزكاة مواضعها، لا يجتنب الغيبة.
والدنيا: قليل الأدب، يتهاون بالناس، لا يرى لأحد عليه حقا، كثير الكلام، كثير الأكل أو النوم، ينام في غير وقته، يجلس في غير موضعه.
والمتعلق بوالده: أبوه فاسق، أو هندي، أو نبطي، أو زنجي، أو إسكاف، أو بزاز، نخاس، نجار، حداد، حائك.
والخلق: سيء الخلق، متكبر، مراء، عجول، جبّار، عاجز، ضعيف القلب، متهور، عبوس، خليع، ونحوه.(2/933)
والثوب: واسع الكم، طويل الذيل، وسخ الثياب، ونحو ذلك، قال:
ويقاس الباقي بما ذكرناه».
الفائدة الثانية:
مما يقاس على هذه المذكورات، وقد نصوا عليه اعتناء بتحذير المشتغلين بطلب العلوم من الوقوع فيه قول القائل: فعل بعض الفقهاء أو بعض من يدعي العلم أو بعض المفتين، أو بعض من ينسب إلى الصلاح، أو يدعي الزهد، أو بعض من مر بنا اليوم، أو بعض من رأيناه، إذا كان المخاطب يفهمه بعينه لحصول التفهيم.
قال النووي: «ومن ذلك غيبة المتفقهين، والمتعبدين، فإنهم يعرّضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم بالتصريح فيقال لأحدهم: كيف حال فلان؟ فيقول:
317 - و / / الله يصلحنا، الله يغفر لنا، الله يصلحه، نسأل الله العافية، نحمد الله الذي لم يبتلنا بالدخول على الظّلمة. نعوذ بالله من الشره، الله يعافينا من قلة الحياء، الله يتوب علينا، وما أشبه ذلك مما يفهم منه تنقصه، فكان ذلك غيبة محرمة».
قلت: قال الغزالي في هذا: «إنه أخبث أنواع الغيبة فإنهم يفهمون المقصود، ولا يدرون بجهلهم أنهم جمعوا بين فاحشتين: الرياء والغيبة» (1).
الفائدة الثالثة:
بعض ما يجري من هذه الغيبة على ألسنة المشتغلين بالعلم، يندرج في معنى ما استثناه العلماء من صور ما لا يحرم منها.
قال «الأبي»: «ومنه ما يقع كثيرا في كلام الشيوخ في ردّه على غيره بقوله: قصّر في كلامه، أو في كلامه قصور وضعف.
قال: وشيخنا رحمه الله تعالى يعني ابن عرفة، كثيرا ما يقع له ذلك، ويستخفه، ويراه من تعريف الرواة. قال: لأن المقول في كلامه ذلك نصب نفسه لبيان أمر، فلم يف به» اهـ.
__________
(1) الإحياء: 3/ 145.(2/934)
ومثله للنووي: «أن مصنف كتاب إذا أراد بقوله: «قال فلان كذا» بيان غلطه لئلا يقلّد، أو بيان ضعفه في العلم لئلا يغتر به، ويقبل قوله، فليس ذلك بغيبة، بل نصيحة واجبة يثاب عليها إذا أراد ذلك.
قال: وكذا إذا قال المصنف أو غيره: «قال قوم أو جماعة كذا» وهذا غلط، أو خطأ، أو جهالة، أو غفلة، أو نحو ذلك، فليس بغيبة، إذ الغيبة ذكر إنسان بعينه، أو جماعة معينين».
قلت: ومن ذلك تبيين أمر الجهال إذا اتخذوا قدوة، ومعلمين، وخيف توقع ذلك، بل ينبغي لمن يقبل قوله من العلماء وأهل الفضل أن يقوموا بذلك.
قال الأستاذ الكبير «أبو سعيد ابن لب»: «ومن خط أبي إسحاق الشاطبي رحمهما الله نقلته وشرط هذا أن 317ظ / / لا يذكر إلا ما فيهم من كذب، وجهالة، وشبه ذلك مما ينفر عن قبول قولهم، وعن الوثوق بروايتهم ونقلهم.
قال: وقد كان بعض الأئمة يقول: اجلس بنا نغتب في الله. إنما يعني في أهل البدع والجهال المتصدرين، والكذبة الناقلين، فإنهم شياطين الإنس، خلفاء الجنّ، يجب التحذير منهم، كما يحذّر من الشياطين، فمن الغيبة ما هو لله، وفي الله، وهو باب من أبواب الجهاد.
قال: وأصل هذا حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا» الحديث (1). فخرجه البخاري.
ويعني رؤوسا في العلم والدين. قال: ففساد هؤلاء في الناس عظيم. لأن الجهل أصل كل فساد.
__________
(1) والحديث بتمامه: عن عبد الله بن عمرو، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا، وأضلوا»، خرجه البخاري في صحيحه، ومسلم، والنسائي، والترمذي، والإمام أحمد بن حنبل، وابن ماجه، «رؤسا» بضم الهمزة ج.
رأس، وبالتنوين، وقال الإمام النووي: ضبطناه بضم الهمزة، انظر جامع العلم: 1/ 149.
وبهامشها تعليق دقيق.(2/935)
قال ابن سيرين: «إن قوما تركوا طلب العلم، ومجالسة العلماء»
الحديث، فكيف إذا تصدر مثل هذا معلما». انتهى كلامه.
ومن معناه قول الأبي: «كان جماعة من شيوخ شيوخننا يسمعون الكلام في الناس، ويرشدون إلى معرفة بعض الناس، وينهون عن معرفة بعض، ويخصون الأخذ عن بعض، وينهون عن الأخذ عن بعض. قال الشيخ: ذهب والدي إلى «ابن عبد السلام» يستشيره فيمن أقرأ عليه، فقال له: عليك «بابن سلامة»، فإن ميعاده نقي، وإياك وفلانا، فإني سمعت عن ميعاده شرا. قال شيخنا المذكور:
وتحقيق الباب عندي أن من يكون في مظنة من يعرض له أن يعدل، أو يجرح، فلا بأس بسماعه للكلام في الناس، لأن بذلك يصل إلى التعديل والتجريح لكن بشرط ألا يسمع إلا بهذه النية، وبشرط ألا يكون الناقل قصده التفكه بأعراض الناس، وهو في هذا بمنزلة القاضي لسماعه في الناس، ومن لم يكن بهذه الحيثية، فلا يحل له أن يسمع الكلام من أحد».
قلت: لهذا الشرط وغيره مما ذكره الشيخ «تقي الدين» في معرفة 318و / / الضعفاء، قال: «عظم الخطر في الكلام في الرجال. قال: ولذلك قلت:
أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس:
المتحدثون والحكام».
الثاني: الكذب، ويكفي المتأدب بطلب العلوم في التنفير عن شين المروءة به، ووجوب صونها من خسة الانتساب إليه أمران:
أحدهما: قبح الذنب له شرعا، ولذلك تظاهرت نصوص الكتاب على تحريمه في الجملة.
قال النووي: وإجماع الأمة منعقد على ذلك مع النصوص المتظاهرة.
قال: ويكفي في التنفير عنه قوله صلى الله عليه وسلم وهو متفق على صحته: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» اهـ.
الثاني: كونه شر غوائل العلم، وأشنع ما يكسف نوره، ويكدر صافي مورده.(2/936)
فعن الزهري: رواه الشيخ أبو عمر مسندا: «أن للعلم غوائل، فمن غوائله: أن يترك العلم حتى يذهب بعلمه، ومن غوائله: النسيان، ومن غوائله:
الكذب فيه، وهو شرّ غوائله.
وأسند إلى عبد الله بن المختار قال: نكر الحديث الكذب فيه، وآفته النسيان، وإضاعته أن تحدث به من ليس من أهله» (1).
وأسند إلى كثير بن مرة الحضرمي قال: «إن عليك في علمك حقا، كما أن عليك في مالك حقا، لا تحدث بالعلم غير أهله فتجهل، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك، ولا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك» (2).
نقيصة:
ومن شؤم الكذب على صاحب العلم أنه لا يكون به أهلا للأخذ عنه إن كان صادقا فيه. فمن كلام مالك رحمه الله في ذلك: «لا يؤخذ العلم عن أربعة، ويؤخذ عمن سواهم، لا يؤخذ عن مبتدع يدعو إلى بدعته، ولا عن سفيه معلن بالسفه، ولا عمن يكذب في أحاديث الناس، 318ظ / / وإن كان يصدق في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمن لا يعرف هذا الشأن» (3).
قال عياض: «وعن مطرف عنه، أدركت جماعة من أهل المدينة فما أخذت عنهم شيئا من العلم، وإنهم ليؤخذ عنهم العلم، وكانوا أصنافا فمنهم من كان يكذب في حديث الناس، ولا يكذب في علمه، ومنهم من كان جاهلا بما عنده، ومنهم من كان يزنّ برأي سوء، فتركتهم لذلك» (4).
فضيلة:
ومن يمن عاقبة الصدق ما قاله رحمه الله في سماع ابن القاسم وغيره:
__________
(1) جامع العلم: 1/ 108.
(2) م. س: 1/ 110.
(3) الإلماع: 60.
(4) المدارك: 1/ 137.(2/937)
«من صدق في حديثه متّع بعقله، ولم يصبه ما يصيب الناس من الهرم والخرف.
قال عياض: وقال له رجل: خرفت، فقال: إنما يخرف الكذابون» (1).
قال ابن رشد: «مثل هذا لا يكون إلا عن توقيف، وإن صح فمعناه في الغالب».
قلت: والتجربة التي يشير إليها كلام «مالك» رحمه الله من شواهد صحته، وفضل الصدق لا ينكر عليه مثل ذلك.
تنبيهان:
التنبيه الأول:
الكذب إذا كان في الشعر لا يؤاخذ به المتأدب على الجملة، لأن الشعر على ذلك مبناه حتى قيل: «أعذبه أكذبه». ومن هناك لا يترتب عليه حكم الإقرار على الجملة، ومن أظرف ما يحكى من ذلك ما أورده ابن أبي حجلة عن محمد بن داود الظاهري، وأنه التقى هو و «أبو العباس ابن سريج» الشافعي في مجلس «أبي الحسن علي بن عيسى» الوزير، فتناظرا في مسألة من الإيلاء، فقال له ابن سريج: «أنت بقولك: «من كثرت لحظاته، دامت حسراته»، (أحذق من أن تتكلم في الفقه) (2). فقال له محمد بن داود: إن قلت ذلك فأنا أقول:
أنزّه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه ... يصبّ على الصخر الأصم تهدّما 319و / /
وينطق طرفي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي ردّه، لتكلما
رأيت الهوى دعوى من الناس كلّهم ... فلست أرى حبا صحيحا مسلّما
فقال له ابن سريج: وبم تفتخر علي؟ ولو شئت لقلت:
ومساهر بالغنج من لحظاته (3) ... قد بتّ أمنعه لذيذ سناته
__________
(1) م. س: 1/ 64.
(2) في زهر الآداب: 2/ 728: أبصر منك بالكلام في الإيلاء.
(3) في م. س: 2/ 728:
«ومطاعم للشهد من نغماته»(2/938)
صبا بحسن حديثه وعتابه (1) ... وأكرّر اللحظات في وجناته
حتى إذا ما الصّبح لاح عموده ... ولّى بخاتم ربّه وبراته
فقال محمد بن داود: احفظ عليه أيها الوزير ما أقر به من الاجتماع، حتى يقيم البينة بشاهدي عدل على (البراءة) (2) فقال له ابن سريج: يلزمني من هذا ما يلزمك في قوله:
أنزه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محرما
فضحك الوزير، وقال: لقد جمعتما علما، وفهما، وظرفا، ولطفا» (3) اهـ.
ومن هذا النمط ما حكاه «ابن قتيبة» في «عيون الأخبار»: «أن «الفرزدق» أنشد سليمان بن عبد الملك:
ثلاث واثنتان فهنّ خمس ... وسادسة تميل إلى شمام
فبتن بجانبيّ مصرّعات ... وبت أفضّ أغلاق الختام
كأن مفالق الرّمان فيها ... وجمر غضا قعدن عليه حامي
فقال له سليمان: ويحك يا فرزدق، أحللت بنفسك العقوبة، أقررت عندي بالزنا، وأنا إمام، ولا بد لي أن أحدك.
قال الفرزدق: بأي شيء أوجبت علي ذلك؟ قال: بكتاب الله. قال:
فإن كتاب الله هو الذي يدرأ عني الحد. قال: وأين؟ قال في قوله:
{وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وََادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مََا لََا يَفْعَلُونَ} (4) فإنما قلت يا أمير المؤمنين 319ظ / / ما لم أفعل.
قال الشاعر:
__________
(1) في م. س: 2/ 728: وكلامه.
(2) في م. س: 3/ 729: وردت العبارة التالية: أنه ولى بخاتم ربه.
(3) انظر م. س: 2/ 729728.
(4) سورة الشعراء، الآيات: 226224.(2/939)
وإنما الشاعر مجنون كلب ... أكثر ما يأتي على فيه الكذب» (1)
التنبيه الثاني:
من فضيلة الأدب حماية صاحبه من الوقوع في محض الكذب إذا عدل إلى التعريض والتورية وهو مراد «ابن سيرين» بقوله: «الكلام أوسع من أن يكذب ظريف».
ومثله قول من قال: «في المعاريض مندوحة عن الكذب».
قال النووي: واعلم أن التورية والتعريض معناهما أن يطلق لفظا هو ظاهر في معنى، ويريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ، ولكنه خلاف ظاهره.
قال: وهذا ضرب من التغرير، والخداع. قال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب، أو حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، وإن لم يكن شيء من ذلك فهو مكروه، وليس بحرام إلا أن يتوصل به إلى أخذ باطل، أو دفع حق، فيصير حينئذ حراما، هذا ضابط الباب» اهـ.
ثم ذكر أمثلة من مجاري التعريض، والتورية، تنظر هناك، وفي محلها من كلام غيره.
الثالث: الكلام الشنيع، وهو ما فظع منه، وجاوز المقدار، ومثله الفاحش منه، وهو أيضا ما يسوء منه، ويجاوز الحد المنتهي إليه، وجميع ذلك مما يخل بالمروءة، ويسلب الأدب عن الناطق خصوصا إن أكثر منه، وأجراه في معظم الأوقات على لسانه.
قال النووي: «ومما ينهى عنه الفحش، وبذاء اللسان، قال: ومعناه، التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة وإن كانت صحيحة، والمتكلم به صادق.
ثم قال بعد كلام: روينا في «كتاب الترمذي» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، 320و / / ولا الفاحش، ولا البذيء». قال الترمذي: حديث حسن.
__________
(1) انظر: عيون الأخبار: 2/ 27.(2/940)
قال: وروينا في «كتاب الترمذي» و «ابن ماجه» عن «أنس بن مالك» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه» اهـ.
وإذا كان الفحش مما يشين الأشياء بشهادة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم على اختلاف أنواعه، أولى أن يصان ويحفظ من نقصه وعيبه، ولقد تبرأ منه أهل هذا النوع من الأدب الذي فرض فيه «ابن قتيبة» كلامه: وذموا من اتصف به، وعوّده لسانه على كثرة صدوره ممن لم يتحفظ منهم من عيبه، ولم يصن مروءته من شينه وعاره، فأنشد في «عيون الأخبار» (1) لمسكين الدارمي (2):
«وإذا [الفاحش] (3) لاقى فاحشا ... فهناكم وافق الشن الطبق
إنما الفحش ومن يعتاده ... كغراب السّوء ما شاء نعق
أو حمار السوء إن أشبعته ... رمح الناس، وإن جاع نهق
أو غلام السوء إن جوّعته ... سرق الجار، وإن يشبع فسق
أو كغيرى رفعت من ذيلها ... ثم أرخته ضرارا (4) فانمزق
أيها السائل عما قد مضى ... هل جديد مثل ملبوس خلق (5)
وأنشد في الترفع عن مقابلة الشر بمثله، مخافة الاتصاف بالفحش. قال:
ويقال: هو [للقيط] (6) بن زرارة (7):
__________
(1) وردت هذه النصوص في بهجة المجالس: 1/ 104103ولم ترد في عيون الأخبار.
(2) هو ربيعة بن عامر الدارمي التميمي، ت: 89هـ 708م، شاعر من أشراف تميم، لقب «مسكينا» لأبيات قالها: «له ديوان» انظر الشعر والشعراء: 545544، والخزانة: 1/ 467.
(3) في «أ»: الفواحش.
(4) في الأصول: مرارا، وفي الخزانة: 1/ 468: ضراطا، وقد أثبتنا ما جاء في الشعر والشعراء.
(5) البيتان الأخيران ساقطان من بهجة المجالس، وانظر الخزانة: 1/ 468467، والشعر والشعراء:
545544.
(6) في «أ»: للقيظ. وفي «ج»: للغيظ. وفي «د»: المغيط.
(7) الدارمي التميمي، ت: 53ق. هـ 571م شاعر جاهلي، يقال له: «أبو نهشل»، وكان يعتنق المجوسية، انظر الشعر والشعراء: 711710، ومعجم ما استعجم: 366365.(2/941)
ألم تر أنا إذ مددتم عنانكم ... سبقنا وكنا في الحلائب نسبق
أغركم أني بأحسن شيمة ... بصير، وأني بالفواحش أخرق 320ظ / /
وأنك قد ساببتني فغلبتني ... هنيئا مريئا أنت بالفحش أرفق
وأنشد في معناه:
ولست بشاتم أحدا لأني ... رأيت الشتم من عي الرجال
إذا جعل اللئيم أباه نصبا ... لشاتمه فديت أبي بمال
وأنشد أيضا:
أبا حسن يكفيك ما فيك شاتما ... لعرضك من شتم الرجال ومن شتمي
وتعجب إن حاولت منك تنصّفا ... وأعجب منه ما تحاول من ظلمي» (1)
الرابع: رفث المزح: وهو الفاحش منه المؤدّي إلى المفاسد التي نهي عنه من أجلها، وما لا ينتهى منه إلى هذا الحدّ، فهو على الجملة ما دون فيه.
قال النووي: «قال العلماء: المزاح المنهي عنه، هو الذي فيه إفراط، ويداوم عليه، فإنه يورّث الضحك، وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى، والفكر في مهمات الدين، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، أو يورّث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار.
قال: فأمّا ما سلم من هذه الأمور، فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله في نادر من الأحوال للمصلحة، وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهذا لا منع منه قطعا، بل هو سنة، مستحب إذا كان بهذه الصفة» اهـ.
وإلى هذا التقسيم يشير «أبو الفتح البستي» بقوله: «أنشده «عياض» في «شرحه لحديث أم زرع» (2).
أفد طبعك المكدود بالجدّ راحة ... يجمّ، وعلّله بشيء من المزح
__________
(1) انظر بهجة المجالس: 1/ 104103.
(2) انظر بغية الرائد: 183182.(2/942)
[ولكن] (1) إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما يعطى الطّعام من الملح
وأنشد في التحذير من المذموم منه عن «أبي عبيد» لبعضهم: 321و / /
أما المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق
إنّي بلوتهما فلم أحمدهما ... لمجاور جارا ولا لرفيق
وأنشد لنفسه:
إذا ما بسطت بساط انبساط ... فمنه فديتك فاطو المزاحا
فإن المزاح كما قد رآه ... أولو العلم قبل عن الحلم زاحا»
وأنشد بعضهم لابن الجزار السرقسطي:
إياك والمزح الكثي ... ر فرب مزح عاد جدا
وإذا تناهى كل شي ... ء لا محالة عاد ضدا
وأنشد غير واحد مما قيل قديما:
فإياك إياك المزاح فإنه ... يجرّي عليك الطفل والرجل النذلا
ويذهب ماء الوجه بعد صفائه ... ويورث بعد العز صاحبه ذلا
ولأبي الفضل ابن شرف القيرواني (2) من رجزه في الأمثال والوصايا:
واقصد من المزاح ... مزحا بلا جناح
ولتأت باليسير ... في المزح لا الكثير
طول المزاح مقت ... لكل شيء وقت
فاتركه بالكليّه ... واقبلها من وصيه
مزيد تحذير:
«يحكى عن الحجاج أنه قال لابن القريّة: ما زالت الحكماء تكره المزاح،
__________
(1) في «أ»: ولتكن.
(2) هو جعفر بن محمد بن أبي سعيد أبو الفضل الجذامي القيرواني، ت: 534هـ 1140م، شاعر، أديب، أصله من القيروان، فارقها إلى الأندلس واستوطن «برجة» (ناحية ألمرية). له ديوان شعر، وتآليف في الأدب والأخبار، انظر الصلة: 131130.(2/943)
وتنهى عنه، فقال: المزاح من أدنى منزلته إلى أقصاها عشرة أبواب: المزاح أوله فرح، وآخره ترح، المزاح نقائض السفهاء كالشعر نقائض الشعراء، المزاح يوغر صدر الصديق، وينفّر الرفيق، المزاح يبدي السرائر، 321ظ / / ويظهر المعايب، المزاح يسقط المروءة، ويبدي الخنى، لم يجرّ المزاح خيرا، وكثيرا ما جرّ شرا، الغالب بالمزاح واتر، والمغلوب به [ثائر] (1)، والمزاح يجلب الشّتم صغيره، والحرب كبيره، وليس بعد الحرب إلا عفو بعد قدرة. فقال الحجاج: حسبك!.
الموت خير من عفو بعد قدرة.
ويحكى عن خالد بن صفوان: أن المزاح ذكر بحضرته، فقال: ينشق أحدكم أخاه مثل الخردل، ويفرغ عليه مثل المرجل، ويرميه بمثل الجندل، ثم يقول: إنما كنت أمزح» (2).
قال صاحب زهر الآداب: «أخذ هذا المعنى محمود بن الحسن الوراق (3)
فقال:
تلقى الفتى يلقى أخاه وخدنه ... في لحن منطقه بما لا يغفر
ويقول: كنت ممازحا وملاعبا ... هيهات، نارك في الحشا تتسعر
أو ما علمت وكان جهلك غالبا ... أن المزاح هو السباب الأصغر» (4)
الأدب التاسع عشر: وهو خاص بالناظر في هذه الصناعة أن يسلم للقراءات المروية، ويتأدب مع أئمتها الناقلين لها،
فقد عيب على من طعن عليهم، وقدح في روايتهم، ظنا منه أنها لا تجري على مقاييس الصناعة، ولا يشهد لها كلام العرب بالقبول، فأخذ يشنع عليهم، ويرميهم باللحن والخروج عن حد المعروف من الكلام
__________
(1) في «أ»: باتر. وفي «ج»: فاتر. والتصويب من زهر الآداب.
(2) زهر الآداب: 1/ 476.
(3) ت: 225هـ 840م. شاعر أكثر شعره في المواعظ والحكم، روى عنه ابن أبي الدنيا، وفي الكامل للمبرد نتف من شعره، له ديوان، انظر الفوات: 4/ 79. وتاريخ بغداد: 13/ 87.
(4) انظر زهر الآداب: 1/ 476.(2/944)
العربي، كأبي حاتم في طعنه على «حمزة»، وإنحائه عليه، وعلى «الكسائي» في «الإمالة»، حتى قال: «إنها ليست من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن».
قال الشيخ «الإمام عبد الله القيجاطي» رحمه الله في «مسائله»: «ولا شك أن هذه مقالة قبيحة من قائلها يجب ردها والطعن على قائلها.
قال: وكذلك «ابن قتيبة» عرض في كتاب «المشكل» (1) 322و / / ببعض القراء السبعة تعريضا قبيحا، فانتدب «الحافظ» وغيره للرد عليهما، وعلى من قصد قصدهما، أما من قصد إلى غير ذلك، من تمييز الصحيح من السقيم، والواهي المعلول من السليم، فهو الإمام الذي يفزع إليه.
قال: هذا شأن أئمة المسلمين، وحماة الدين، الذين أيد الله هذا الدين بهم، وأظهر الحق على ألسنتهم» اهـ.
ومراده بهؤلاء الأئمة الذين طعنوا في أوجه من القراءات على ذلك القصد، وقد ذكر هو أن منهم: أبو عبيد القاسم ابن سلام، والقاضي إسماعيل، والزجاج، والفراء، والنحاس، والخليل، وسيبويه، والمبرد، وابن جني، والزمخشري، وغيرهم ممن يطول ذكرهم، وكما صرح أولئك بما أشير إليه، فقد بلوا بمثله من ناحية القراء، حتى قال بعضهم: «أصحاب النحو أعداء القرآن».
قال السخاوي (2): «يريد جهلتهم المتوهمين أن القراء قرؤوا من اختيارهم، فطعنوا، ونسبوا إلى قراءتهم الخطأ، وجاروا في الطعن عليهم.
قال: وقد تابعهم على ذلك جماعة، فوقعوا في أئمة القرآن، كوقوع أبي حاتم في حمزة، وابن قتيبة، وغيرهما، ممن ليس بقارىء ولا نحوي» اهـ.
__________
(1) يشير إلى كتاب تأويل مشكل القرآن.
(2) هو علي بن محمد الهمداني المصري السخاوي الشافعي علم الدين، أبو الحسن ت: 643هـ 1245م. مقرىء، متكلم، مفسر، محدث، فقيه، أصولي مشارك في كثير من العلوم، له «هداية المرتاب»، و «جمال القراء وكمال الإقراء»، و «المفضل في شرح المفصل» للزمخشري، «وشرح الشاطبية». انظر البغية: 349. والإنباه: 2/ 312311.(2/945)
وما أحسن قول «ابن الضائع» عند الكلام على قراءة «ابن عامر» (1):
{وَكَذََلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلََادِهِمْ شُرَكََاؤُهُمْ} (2) بإضافة القتل إلى الشركاء، والفصل بينهما بالمفعول. «وقول من قال: إن الشركاء مرفوع، ولكنه ثبت في بعض المصاحف بالياء، فغلط القارىء، فقرأه بالخفض، قول من لم يقدر للعلماء قدرهم.
قال: وكيف يجوز لحامل قراءة مستوثق برواية، أن يكون مستنده في ذلك خطأ، لا يدري أصحيح هو أم فاسد؟. هذا لا يجوز، وليس مما يجوز أن يغلط فيه من له أدنى مسكة في هذا الفن فضلا عمن شهرت عنايته وضبطه لجميع 322ظ / / أبوابه» اهـ.
ومثله قول «ابن مالك» في «شرح تسهيله» (3): «هي ثابتة بالتواتر، ومعزوّة إلى موثوق بعربيته قبل التعلم، فإنه من كبار التابعين، ومن الذين يقتدى بهم في الفصاحة كما يقتدى بمن في عصره من أمثالها الذين لم يعلم منهم مجاورة للعجم يحدث بها اللحن.
قال: ويكفيه شاهدا على ما وصفته به، أن أحد شيوخه الذين عوّل عليهم في القراءة: «عثمان بن عفان» رضي الله عنه».
قال الأستاذ «أبو إسحاق الشاطبي» رحمه الله متمما لمعناه: «وأيضا فهو ممن اتّفق الجم الغفير على اتباعه الأثر، وعدم أخذه بالرأي، كسائر السبعة وغيرهم ممن اشتهر بنبذ الرأي، واتباع السند في القراءة.
__________
(1) عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي ت: 118هـ 736م، أحد القراء السبعة، ولي قضاء دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك، وهو مقرىء الشاميين، صدوق في رواية الحديث، انظر التهذيب: 5/ 274، وميزان الاعتدال: 2/ 449.
(2) سورة الأنعام، الآية: 137. {قَتْلَ أَوْلََادِهِمْ شُرَكََاؤُهُمْ}.
(3) المراد: «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» في النحو، وهو كتاب جامع لمسائل النحو، له شروح عدة، منها شرح للمصنف نفسه وصل فيه إلى باب مصادر الفعل، ومن هذه الشروح شرح أثير الدين أبي حيان: مخ بخزانة القرويين تحت رقم 644. وانظر الكشف: 1/ 407405.(2/946)
قال: ولا أعني بهذا الكلام من زعم أن مثل هذا مختص بالشعراء، أو أنه شاذ غير مقيس، فإن قائل ذلك مقر أنه لم يحفظ مثله في كلام العرب، أو لم يكثر كثرة تعتبر في القياس، أو لم يدرك وجه القياس فيه، أو أدركه لكن رآه ضعيفا بمثل هذا الكلام معه، ولا عتب عليه. وإنما المراد من زعم أن هذه القراءة خطأ، وأن «ابن عامر» رأى مصحف الشاميين فيه ياء مثبتة في «شركائهم»، فقدر أن الشركاء هم المضلون لهم، الداعون إلى قتل أولادهم، فأضاف القتل إليهم كما يضاف المصدر إلى فاعله، ونصب الأولاد، ولو أضافه إلى المفعول، وهم «الأولاد» لزمه رفع الشركاء فخالف المصحف.
ثم أضاف تمام ما وجه به «رسم الشركاء» بالياء، والمقصود نقل ما يتضح به شهادة أهل الصناعة بتأكيد المراعاة لهذا الأدب مع القراءات المروية، ومثله موجود في مواضع.
الأدب العشرون: وهو خاتمة ما يذكر في هذا القسم، أن يعمل بما تعلم، وينوي أن يعمل كذلك بما يتعلمه بعد،
وهذا الأدب آكد ما عليه، وأهم ما يعتني به، وذلك لوجوه كثيرة يبرزها 323و / / التأمل والاستقراء لما ورد فيه، لكن أهمها في الموضع، وأخصها به بحسب الاختصار وجهان:
أحدهما: ما ثبت في الشريعة أن روح العلم إنما هو العمل، وإلا فالعلم عارية وغير منتفع به، وإذا كان كذلك فالاشتغال بطلبه مع تضييع الغاية له سعي فيما لا يجدي ثمرة، ولا يعود على صاحبه بفائدة معتبرة شرعا. والأدلة على ذلك في الكتاب والسنة، وكلام العلماء لا ينحصر، فقد قال تعالى: {إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ}. وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمََا عَلَّمْنََاهُ} (1).
قال قتادة: «يعني لذو عمل بما علمناه. وفي الحديث: «إن من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة عالما لم ينفعه الله بعلمه»» (2).
__________
(1) سورة يوسف، الآية: 68.
(2) جامع العلم: 1/ 162.(2/947)
وعن عبد الرحمن بن غنم (1) قال: حدثني عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنا نتدارس العلم في مسجد «قباء» إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن يأجركم الله حتى تعملوا» (2).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: «أن رجلا كان يسأله فقال له: كل ما تسأل عنه تعمل به؟ قال: لا. قال: فما تصنع بازدياد حجة الله عليك».
وعن سفيان الثوري قال: «إنما يتعلم العلم ليتقى الله به، وإنما فضل العلم على غيره، لأنه يتقى الله به».
وعن «ابن وهب» عن «مالك» رحمه الله «أن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى قبله» (3).
قال عياض: «وقال لبعض بني أخيه: إذا تعلمت علما من طاعة الله فلير عليك أثره، ولير فيك سمته، وتعلم لذلك الذي تعلمته، السكينة والحلم والوقار» اهـ.
وتكررت وصيته بهذا الوضوح، معناه في نفسه، ولأن السلف الصالح على ذلك درجوا.
قال الحسن: ذكره «الشيخ» في «مختصره» (4): «كان الرجل إذا طلب العلم 323ظ / / لم يلبث أن يرى ذلك في تخشعه، وبصره، ولسانه، ويده، وصلاته، وزهده، وإن كان الرجل ليصيب الباب من أبواب العلم، فيكون خيرا له من الدنيا، وما فيها لو كانت (له) (5) فجعلها في الآخرة.
__________
(1) عبد الرحمن بن غنم الأشعري، ت: 78هـ 697م. فقيه الشام في عصره ورأس التابعين. انظر التذكرة: 1/ 48. والتهذيب: 6/ 251250.
(2) جامع العلم: 2/ 6.
(3) م. س: 2/ 11.
(4) انظر، مخ المختصر: ص: 10. مخطوط بخزانة القرويين تحت رقم: 339.
(5) زيادة من م. س: 10.(2/948)
الثاني: ما تقرر أيضا أن العمل بالعلم هو مفتاح فهمه، ووسيلة الترقي إلى موهبة ما استغلق منه حسبما يدل عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا}.
وما ورد في حديث: «من عمل بما علم ورثّه الله علم ما لم يعلم».
قال الشيخ «عز الدين» في «أجوبته»: «معناه، من عمل بما يعلمه من واجبات الشرع، ومندوباته، واجتناب مكروهاته، ومحرماته، أورثه الله من العلم الإلهي ما لم يعلمه من ذلك، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا}.
قال: وإذا حمل على عمومه دخل فيه الفقهاء وغيرهم.
ثم ذكر عن بعض الأكابر: أن لكل طاعة لله عز وجل نوعا من العلم الإلهي، ولا يترتب على غيرها.
قال: ثم يختلف ذلك باختلاف التكاليف بمن له أهلية الجهاد، فإلهامه على عمله بجهاده، وكذلك من له أهلية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والفتوى والقضاء، والإمامة الكبرى، ومساعدة المسلمين على ما ندب إلى مساعدتهم عليه، [وكذلك التعاون على أعمال البر والتقوى، فيلهم المفتي إلهاما يختص بالفتاوي] (1)، وكذلك من عمل بشيء من الأعمال الصالحات، فإن إلهامه على قدر ما يختص به ذلك العمل الصالح» انتهى ملخصا.
ومثله في الجملة قول «الشعبي»: «كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به».
وقول «وكيع بن الجراح»: «كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به.
وكنا نستعين في طلبه بالصوم».
وقولهم: حكاه الشيخ أبو عمر: «قالت الحكمة: ابن آدم إن التمستني 324و / / وجدتني في حرفين تعمل بخير ما تعلم، وتدع شر ما تعلم» (2).
__________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من «ب».
(2) جامع العلم: 2/ 5.(2/949)
وقول النخعي: من تعلم علما يريد به وجه الله والدار الآخرة، أتاه الله من العلم ما يحتاج إليه.
ومثله في التفصيل قول «ابن الحاج» باعتبار مدرك آخر: «وأصل ما ينبني عليه في تعليمه، وهو آكد ما عليه (1): تقوى الله تعالى لقوله عز وجل: {وَاتَّقُوا اللََّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللََّهُ} (2)، فإذا اتصف المتعلم بالتقوى كان الله عز وجل معلمه وهاديه، ومن كان الله تعالى معلمه وهاديه، فلا يسأل عن حاله. وقد قال تعالى:
{فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (3). وهذا لفظ عام فقد يحصل للمتعلم نفائس من المسائل لا تؤخذ بالدرس، ولا بالشيوخ لأجل ما حصل من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللََّهُ}» (4) انتهى المقصود منه.
ومن تأمل الشواهد على الوجهين وجدها تفوت الحصر.
من جملتها عند جماعة من العلماء: أن الإخلال بالعمل سبب في ذهاب العلم بعد حصوله، فحكى ابن العربي عن جماعة (من الناس) (5) «أن العلم يكون أيضا بذهاب العمل به [فيحفظون القرآن، ولا يعملون به] (6) فيذهب العلم.
قال: وهو الذي ضرب به المثل «أبو الدرداء» رضي الله عنه في حديث «أبي عيسى» عنه إذ قال: هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى.
فما تغني عنهم. قال ما حاصله: (وعندي أن الوجوه الثلاثة في هذه الأمة، فقد يذنب الرجل حتى يذهب ذنبه علمه، وقد يقرؤه ولا يعمل به، وقد يقبض بعمله فلا ينتفع أحد به، أو يمنع من بثّه، فيذهب لوقته) (7). وعندي أن ذلك يكون».
__________
(1) في المدخل: 2/ 130: وردت العبارة كالتالي: وهو آكد من كل ما ذكر.
(2) سورة البقرة، الآية: 282.
(3) سورة السجدة، الآية: 17.
(4) المدخل: 2/ 131130.
(5) زيادة من العارضة: 10/ 120.
(6) بياض في «أ» و «ج» و «د». والتصويب من العارضة.
(7) ما بين قوسين زيادة من م. س: 10/ 121: ليتم المعنى.(2/950)
قاله في «العارضة» (1).
قلت: ومن المشتمل على هذا المعنى قول «ابن المبارك» رحمه الله في أبياته المعروفة:
«رأيت الذنوب تميت القلوب ... ويورثك الذلّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها» (2)
وقد نظم غير واحد في الحض على مقتضى الاتصاف بهذا الأدب 324ظ / /، وحذّروا من وبال الإخلال به والتضييع لحقه، «فأنشد الرياشي:
ما من روى أدبا فلم يعمل به ... ويكف عن زيغ الهوى بأديب
حتى يكون بما تعلّم عاملا ... من صالح فيكون غير معيب
ولقلما تجدي إصابة عالم ... أعماله أعمال غير مصيب» (3)
وقال سابق البربري في شعر له: قال الشيخ «أبو عمر»: «ويقال: إن «سفيان الثوري» كان ينشد متمثلا:
إذا العلم لم تعمل به كان حجة ... عليك ولم تعذر بما أنت جاهله
فإن كنت قد أوتيت علما فإنما ... يصدق قول المرء ما هو فاعله» [-3]
وقال ابن المبارك:
«يا طالب العلم بادر الورعا ... وهاجر النوم واهجر الشبعا
يا أيها الناس أنتم زرع ... يحصده الموت كلما طلعا
لا يحصد المرء عند فاقته ... إلا الذي في حياته زرعا» (5)
وقال منصور الفقيه:
«أيها الطالب الحريص تعلم ... أن للحق مذهبا قد ضللته
__________
(1) انظر: 10/ 121120.
(2) جامع العلم: 1/ 166165.
(3) (3) و (4) م. س: 2/ 7.
(5) م. س: 1/ 193192.(2/951)
لو ركبت السحاب في نيل ما لم ... يقدر الله نيله ما أخذته
أو جزت عاصفات ريحك كي تس ... بق أمرا مقدّرا ما سبقته
وعلام العناء إن كان في الح ... ق، سواء طلبته أو تركته
ليس يجدي عليك علمك إن لم ... تك مستعملا لما قد علمته
قد لعمري اغتربت في طلب العل ... م وحاولت جمعه فجمعته
ولقيت الرجال فيه وزاحم ... ت عليه الجميع حتى سمعته
ثم ضيعت أو نسيت، وما ين ... فع علم نسيته أو أضعته
وسواء عليك علمك إن لم ... يجد نفعا عليك، أو ما جهلته
يا ابن عثمان، فازدجر والزم البي ... ت، وعش قانعا بما قد رزقته
كم إلى كم تخادع النفس جهلا ... ثم تجري خلاف ما قد عرفته
تصف الحق، والطريق إليه ... فإذا ما علمت خالفت سمته
قد لعمري محضتك النصح يا عم ... رو بن عثمان جاهدا إن قبلته» (1)
وقال عبد الملك بن إدريس الجزيري:
«والعلم ليس بنافع أربابه ... ما لم يفد عملا وحسن تبصّر
سيان عندي علم من لم يستفد ... عملا به، وصلاة من لم يطهر
فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها ... لا ترض بالتّضييع وزن المخسر» (2)
وقال ابن مسروق:
«إذا كنت لا ترتاب أنك ميت ... ولست لبعد الموت تسعى وتعمل
فعلمك ما يجدي، وأنت مفرط ... وذكرك في الموتى معد محصل» (3)
__________
(1) م. س: 2/ 9.
(2) م. س: 2/ 9.
(3) جامع العلم: 2/ 10.(2/952)
ونظموا في معرض التوبيخ على مخالفة القول للعمل ما فيه مزدجر لمن وفق، وألهم رشده، فقال عبد الله بن عروة (1) في معنى ما روي عنه: «إنما نبكي بالدين للدنيا». حكاه الشيخ أبو عمر: 325ظ / /.
«يبكون بالدين للدنيا وبهجتها ... أرباب دين عليها كلهم صادي
لا يعملون لشيء من معادهم ... تعجلوا حظهم في العاجل البادي
لا يهتدون ولا يهدون تابعهم ... ضلّ المقود وضل القائد الهادي» (2)
وقال آخر:
«وبخت غيرك بالعمى فأفدته ... بصرا وأنت محسن لعماكا
كفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتنير موقدها وأنت كذاكا» (3)
وقال أبو العتاهية:
«إذا عبت أمرا فلا تأته ... وذو اللب مجتنب ما يعيب» (4)
وقال:
«يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا ... نصحا، وأنت من الرشاد عديم» (5)
وقال «أبو الأسود الدؤلي»: وقال «أبو عمر»: «وتروى للعرزمي (6):
__________
(1) عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي. ت: 126هـ 743م تابعي، من الخطباء، كان يشبه بعبد الله بن الزبير في لسانه، وجلده وله شعر. انظر البيان والتبيين: 1/ 317. و 2/ 173.
والتهذيب: 5/ 321319.
(2) جامع العلم: 1/ 194.
(3) نسبه الشيخ أبو عمر إلى بعض الحكماء، انظر: م. س: 1/ 195.
(4) انظر الديوان: 26من قصيدته التي مطلعها:
«ألا كل ما هو آت قريب ... وللأرض من كل حي نصيب»
وجامع العلم: 1/ 195.
(5) نسبه صاحب جامع العلم: 1/ 194إلى عبد الله بن عروة.
(6) في الأصول: للعزري، وفي جامع العلم: العرزمي، وهو أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله الكوفي العرزمي ت: 155هـ 771م. روى عن عطاء، ومكحول، وقتادة وغيرهم. انظر التهذيب 9/ 324322.(2/953)
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تعذر إن وعظت ويقتدى ... بالقول منك، ويقبل التعليم
وقال آخر:
لا تلم المرء على فعله ... وأنت منسوب إلى مثله
من ذم شيئا وأتى مثله ... فإنما يزدري على عقله
وقال منصور الفقيه 326و / /:
إنّ قوما يأمرونا ... بالذّي لا يفعلونا
لمجانين وإن هم ... لم يكونوا يصرعونا (1)
وأنشد الماوردي:
«عود لسانك قلة اللفظ ... واحفظ كلامك أيما حفظ
إياك أن تعظ الرجال وقد ... أصبحت محتاجا إلى الوعظ» (2)
قلت: وفي هؤلاء قيل: أنشده «السمعاني» لبعضهم في «ذيله لتاريخ بغداد»:
لقد كثر الوعظ والواعظون ... وقل البصير بأخبارهم
فلو قام محتسب بينهم ... لعذّر تسعة أعشارهم
مزيد بيان:
من كمال الاتصاف بهذا الأدب المهم أن يتخلق منه بمقتضى ما ضمنه القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني (3) رحمه الله أبياته
__________
(1) جامع العلم: 1/ 196195.
(2) أدب الدنيا: 49.
(3) الشافعي. ت: 392هـ 1002. فقيه، أديب، شاعر، مؤرخ، مفسر، من تصانيفه: «الوساطة بين المتنبي وخصومه»، و «تهذيب التاريخ»، و «تفسير القرآن المجيد» و «ديوان شعر». انظر الوفيات:
3/ 281278، واليتيمة: 4/ 263.(2/954)
المشهورة. أنشدها له غير واحد، وفيها تنبيه على ما ينبغي لطالب العلم أن يكون عليه من نزاهة الهمة، وترفعه عن الطمع، ووصمة الإذالة للعلم، بترك العمل على شاكلة أخلاقه. وبالجملة فهي مما يتأكد على الطالب حفظها ويجمل به استحضارها، وهو قوله:
«يقولون لي: فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
يرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما كل برق لاح لي يستفزني ... ولا كلّ من لقيت أرضاه منعما
وما زلت منحازا بعرضي جانبا ... من الذم أعتد الصيانة مغنما
إذا قلت: هذا منهل قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما 326ظ
وإني إذا ما فاتني الحظّ لم أبت ... أقلّب كفي إثره متندّما
ولكنه إن جاء عفوا قبلته ... وإن مال لم أتبعه هلّا وليتما
[وأقبض] (1) خطوي عن حظوظ قريبة ... إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
وأكرم نفسي أن أضاحك عابسا ... وأن أتلقى بالمديح مذمّما
أنهنهها عن بعض ما لا يشينها ... مخافة أقوال العدى فيم أولما
ولم أقض حقّ العلم إن كنت كلما ... دنا طمع صيرته لي سلّما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأغرسه عزا، وأجنيه ذلّة ... إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما
فإن قلت: جدّ العلم كاب فإنما ... كبا حين لم يحم حماه وأسلما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظّما
ولكن أهانوه فهان، ودنّسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهّما» (2)
__________
(1) في «ج» و «د»: أقبل حظوي.
(2) انظر أدب الدنيا: 5352، واليتيمة: 4/ 23.(2/955)
القسم الثالث: من الآداب التي يتخلق بها المتعلم مع رفقائه في الطلب.
ويصاحبهم بالمحافظة عليها في أيام الاشتغال بالتعلم، وهي أيضا جملة، الكافي منها ما نذكره إن شاء الله.
الأدب الأول: أن يجتهد في تآلف ما بينه وبينهم حتى لا يتنافروا، ولا يحقد بعضهم على بعض، ولا ينشأ بينهم بعض المخالفة، وقطيعة المنافرة.
وقد خرج الحافظ «أبو نعيم» لما يدل على هذه الترجمة حديث أبي مسعود (1) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تختلفوا فتخلف قلوبكم».
وأيضا قال الغزالي: «كما أن من حق أولاد الأب الواحد 327و / / أن يتحابوا، ولا يتباغضوا، فكذلك حق بني العلم الواحد. بل حق بني الدين الواحد، فإن العلماء كلهم مسافرون إلى الله، وسالكون إليه الطريق،
والترافق (2) في الطريق (بين المسافرين) (3) يوجب تأكد المودة، وأخوة الفضيلة فوق أخوة الولادة، وإنما منشأ التباغض إرادتهم بالعلم: المال والرياسة، فيخرجون به عن سلوك سبيل الله تعالى، ويخرجون عن قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (4). ويدخلون تحت قوله تعالى: {الْأَخِلََّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (5)» (6).
__________
(1) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري البدري، أبو مسعود. شهر بكنيته، ت: 40هـ 660م، صحابي، شهد العقبة وبدرا، انظر الإصابة: ت 5599.
(2) في الأصول: التوافق: والتصويب من الإحياء: 1/ 56.
(3) زيادة من م. س: 1/ 56.
(4) سورة الحجرات، الآية: 10.
(5) سورة الزخرف، الآية: 67.
(6) الإحياء: 1/ 56.(2/956)
وقوله: «إنما منشأ التباعض» إلى آخره مثله قول الشيخ «أبي عبد الرحمن السلمي» في «آداب الصحبة»: «قلما تقع بين أخوين مخالفة إلا بسبب الدنيا.
قال: وأصل التآلف هو بغض الدنيا، والإعراض عنها، فهي التي توقع المخالفة بين الإخوان، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف».
وفي معنى ما تضمنه هذا الكلام كله من فائدة الموافقة، وغائلة المخالفة أنشد بعض المصنفين:
«إن القداح (1) إذا اجتمعن [فرامها] (2) ... بالكسر ذو بطش شديد أيد
عزّت ولم تكسر وإن هي بدّدت ... فالوهن والتكسير للمتبدد»
الأدب الثاني: أن يصحبهم على شرط التناصح، وإفادة بعضهم بعضا حتى لا يكتم أحدهم عن صاحبه شيئا.
فقد خرّج لذلك «أبو نعيم» عن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا إخواني، تناصحوا في العلم، ولا يكتم بعضكم بعضا، فإن خيانة الرجل في علمه كخيانته في ماله، والله سائلكم عنه».
تنبيه:
من كمال التخلق بالمصاحبة على التناصح 327ظ / / في العلم ألا يكتم عن رفقائه عند المذاكرة معهم، ما وقف عليه من الصواب في الموضع المنظور فيه فيما بينهم، لأن بذلك يفيد بعضهم بعضا، ويحصل لهم بسببه خير كثير،
__________
(1) القداح: ج قدح، العود إذا بلغ فشذب عنه الغصن، وقطع على مقدار النبل الذي يراد منه الطول والقصر.
(2) في «ج»: فراها، وفي «د»: فرحا.(2/957)
ومتى انفرد كل واحد منهم بما أدرك بنفسه، وسبق إليه قبل غيره، فإنه مما لم يعثر عليه كثير، وحينئذ فإذا تصاحبوا على ذلك الوجه، فلا معنى لاجتماعهم على القراءة لفوات فائدته، وحرمان بركته، ولا يمنعه من ذلك أن تظهر تلك الفائدة من عند صاحبه قبل أن تعلم من جهته، أو يذاكر بها ذلك الصاحب في غير حضرته لأن من أخلاق فضلاء العلماء أنهم كانوا يفيدون بالفوائد الكثيرة، ولا يحبون أن تعرف أنها من قبلهم.
قال ابن الحاج: «كان السلف رضوان الله عليهم يأتون بالمسائل العظيمة، والفوائد النفيسة، ولا يريدون أن تنسب إليهم خوفا على أنفسهم من الرياء والسمعة. وكانوا من ذلك براء لشدة إخلاصهم، ومراقبتهم لربهم في أعمالهم.
ثم حكى قول الشافعي رضي الله عنه: وددت أنّ الناس انتفعوا بهذا العلم ولا ينسب إلي منه شيء. وقوله: ما ناظرت أحدا قبله فأحببت أن يخطىء.
وقوله: ما كلمت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق، ويسدد، ويعان، وتكون عليه رعاية من الله تعالى.
قال: ونحن اليوم مع قلة الإخلاص، وقلة اليقين، والجزع من الخلق، والطمع فيما في أيديهم من المال والجاه، نحب أن يسمع ما نلقيه، ويخبر عنا به، ويشاع ويذاع، كل هذا سببه المواطأة لبعضنا من بعض.
قال: فإذا كان العالم حين جلوسه يعمل على التحفظ من هذه الأشياء، وينتبه في نفسه لها، وينبه أصحابه عليها انحسمت 328و / / وقل أن يقع في مجلسه خلل إن شاء الله» (1).
قلت: ولا سبيل إلى الخلاص من هذه الأمور المناقضة لما كان عليه
__________
(1) المدخل: 1/ 120119.(2/958)
السلف، وتخلق به فضلاء العلماء إلا بالمحافظة على النصيحة في الاجتماع على الطلب، [والمرافقة] (1) في طريقه، وبها يحصل منه خير الدنيا والآخرة. وفقنا الله لكل صالح من العمل، وبلغنا مما فيه رضاه غاية الأمل.
الأدب الثالث: وهو كما قال النووي: «مما يتأكد الوصية به، ألا تحسد أحدا منهم على فضيلة رزقه الله إياها»
(2)، من نجابة في فهم، أو حفظ، أو ظهور في بحث إن أبداه، وغير ذلك مما يتنافس فيه طلبة العلوم، وملخص ما يتم به الغرض من تحصيل العلم بحقيقة هذا الأدب يتوقف بحسب الاختصار على وضع ثلاث
مسائل:
المسألة الأولى: في التنفير عن الحسد بالنسبة إلى هذا المحل،
وذلك من وجوه:
أحدها: ما ورد في النهي عنه تارة بالتصريح كحديث أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحاح» واللفظ: «لمسلم». «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظّن، فإن الظّن أكذب الحديث، ولا تحسّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا
ويشير إلى صدره، وحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله» (3).
وأخرى بما يتضمن ذلك بالإشارة إلى مفاسده، كحديثه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
__________
(1) في «ج» و «د»: الموافقة.
(2) التبيان: 52.
(3) الترغيب والترهيب: 3/ 547544.(2/959)
«إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب» أو قال:
«العشب». رواه أبو داود والبيهقي» (1).
وكحديث الزبير (2) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم 328ظ / / قال:
«دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد، والبغضاء». والبغضاء هي الحالقة: أما إني لا أقول: تحلق الشّعر، ولكن تحلق الدّين. قال المنذري: رواه البزار بإسناد جيد، والبيهقي، وغيرهما» (3).
الثاني: ما ورد محذرا للعلماء على الخصوص من التعرض به لذهاب فائدة العلم في الدنيا، وفوات النجاة به في الآخرة.
فقد قيل: «الدنيا بستان، زينت بخمسة أشياء: علم العلماء، وعدل الأمراء، وعبادة العباد، وأمانة التجار، ونصيحة المحرس. فجاء إبليس بخمسة أشياء، فأقامها بجنب هذه الخمس، جاء بالحسد، فركزه بجنب العلم، وجاء بالجور، فركزه بجنب العدل، وجاء بالرياء، فركزه بجنب العبادة، وجاء بالخيانة، فركزها بجنب الأمانة، وجاء بالغش، فركزه بجنب النصيحة».
وفي الحديث: وذكره غير واحد، «يدخل النار قبل الحساب الأمراء بالجور، والعرب بالعصبية والتكبر، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهل، والعلماء بالحسد» اهـ.
ولعروض ذلك فيما بينهم قالوا: لا يقبل قول بعضهم في بعض.
فروى الشيخ أبو عمر عن «سعيد بن جبير» عن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «استمعوا علم العلماء، ولا تصدقوا بعضهم على بعض، فو الذي نفسي بيده لهم أشدّ تغايرا من التيوس في زربها».
__________
(1) م. س: 3/ 547544.
(2) الزبير بن العوام الأسدي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، والستة أصحاب الشورى، قتله عمرو بن جرموز عند منصرفه من الجمل سنة 36هـ 656م. انظر الإصابة: ت 2783.
(3) انظر م. س: 3/ 548.(2/960)
وروي عن «مالك بن دينار» قال: يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض، فإنهم أشد تحاسدا من التّيوس تنصب لهم الشاة الضارب فينبّها (1) هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا.
قال: وقال «سعيد» في «حديثه»: فإني وجدتهم أشدّ تحاسدا من التيوس بعضها على بعض.
وأسند إلى «كعب» قال: قال موسى: يا رب، أي عبادك أعلم؟ قال:
عالم غرثان (2) من العلم. قال: ويوشك أن تروا جهال الناس يتباهون 329و / / بالعلم، ويتغايرون عليه كما يتغاير النساء على الرجال، فذلك حظهم منه» (3).
الثالث: ما تقرر عند علماء الحقائق: «أنه يورث عمى القلب حتى لا يكاد يفهم حكما من أحكام الله عز وجل». قاله «الغزالي» في «المنهاج» (4).
وحكي عن بعضهم أنه قال: «عليك بطول الصمت، تملك الورع، ولا تكن حريصا على الدنيا، تكن حافظا، ولا تكن طعّانا تنج من ألسن الناس، ولا تكن حاسدا تكن سريع الفهم» اهـ.
وكان هذا والله أعلم من باب المجازاة له بما أراد أن يكون عليه محسوده في العلم فهو جزاء وفاق، وهذا المعنى لخصه بعض الشيوخ بقوله:
ألا قل لمن كان لي حاسدا ... أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله ... لأنك لم ترض لي ما وهب
فجازاك عني بأن زادني ... وسدّ عنك وجوه الطلب
ومما ينسب للإمام «فخر الدين» قوله:
سوّدني العلم فسدت الورى ... برغم حسّادي بتسويده
__________
(1) نبّ ينبّ: صاح التيس عند الهياج.
(2) غرث، يغرث غرثا: جاع فهو غرثان أي جائع.
(3) جامع العلم: 2/ 151.
(4) انظر ص: 34.(2/961)
والجهل مسودّ بوجه الذي ... يرشق نحوي بجلاميده
يبغي مساواتي وما بيننا ... ما بين تسويدي وتسويده
قلت: ومن نمط هذه المجازاة ما اتفق «لمحمد بن يحيى الذهلي» (1) من خمول الذكر، وخفاء المعرفة به لما أراد أن يحصل مثل ذلك للإمام «أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري» رحمه الله حين طرده، ونادى ألا يجلس أحد عليه على ما هو معروف في «تاريخ الخطيب» (2)، وغيره.
وقد لخص ذلك الشيخ ناصر الدين ابن المنير 329ظ / / مع التصريح بهذه المجازاة فقال في آخر التعريف بالإمام «محمد بن إسماعيل» في «كتابه» الذي تكلم فيه على «تراجم الجامع الصحيح» له: «ومن مناقبه الدينية، ومآثره الدالة على خلوص النية، أنه امتحن بمناوأة «محمد بن يحيى الذهلي، وكان محمد هذا من جملة مشايخه، ومتعينا في عصره تقدما بالسن، وتخصصا بالفضل، وانتصابا للفائدة، واشتهارا زائدا على العبادة، وأمرا مطاعا، وحقا مراعى، واقتضى له مجموع هذه الأحوال أن ظهر على «البخاري»، وغبر في وجه وجاهته، وكدّر في اعتقاد الخلق صفو نزاهته، إلى أن نادى عليه ألا يجلس أحد إليه. فأقام «البخاري» برهة من الزمان وحيدا فريدا، ثم لم يكفه حتى أجلاه عن الوطن غريبا شريدا، وانقسم الناس في حقه قسمين، أحناهما عليه، وأدناهما إليه هو الذي يبطن فيه الاعتقاد، ولا يتجاسر على إظهار تعظيمه خشية الانتقاد، حتى قيل عنه رضي الله عنه: إنه دعا في سجوده ذات ليلة دعوة ورّخها من كان معه، وأجابه من قبل دعاءه وسمعه، وذلك أنه قال: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، فقبض لشهر من هذه الدعوة، ثم لم يكن إلا أن اجتمع الخصمان في دار الجزاء، وقدّما على الحكم العدل المنصف
__________
(1) النيسابوري أبو عبد الله، ت: 258هـ 872م. محدث، وكان يجله الإمام أحمد بن حنبل، من تصانيفه: «علل حديث الزهري»، و «كتاب التوكل»، انظر الشذرات: 2/ 138. وهدية العارفين:
2/ 16.
(2) انظر: 2/ 30.(2/962)
في القضاء، فانقلب خمول «البخاري» ظهورا، وظهور غيره دثورا، وقضى الناس بتعظيم «البخاري» أعصارا ودهورا، وقطع ذكر «الذهلي» حتى كأن لم يكن شيئا مذكورا، فهو إلى الآن لا يعرف اسمه إلا متوغل في معرفة أسماء المشاهير والخاملين، ولا يمر ذكره على الألسنة إلا في الحين بعد الحين، والعاقبة للمتقين، والعمل بالخواتم، وعندها يزول الشك باليقين
قال: 330و / / وقصة محمد بن يحيى الذهلي أسندها «الخطيب»، وهذا معناها».
قال: «حدثني «محمد بن يعقوب»، نا «محمد بن نعيم» قال: سمعت «محمد بن حامد» يقول: سمعت الحسن بن محمد يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: لما ورد «محمد بن إسماعيل البخاري» «نيسابور» قال:
اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم، فاسمعوا منه، فذهب الناس إليه، وأقبلوا بالكلية عليه حتى ظهر الخلل في مجلس «الذهلي» فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه» (1).
قال «ابن المنير»: «تحسين الظن يوجب تحرير هذه العبارة، وكأنه أراد والله أعلم فعل معه فعل الحاسدين بتأويل والله أعلم.
قال: وذكر أن «مسلم بن الحجاج» رحمه الله ثبت معه في المحنة.
وقال يوما الذهلي و «مسلم» في مجلسه: من كان مختلفا إلى هذا الرجل فلا يختلف إلينا، فعلم «مسلم» أنه المراد، فأخذ طيلسانه، وقام على رؤوس الناس، فذهب إلى «الذهلي» بجميع الأجزاء التي كان أخذها عنه.
قال: ويحقق رسوخ «البخاري» في الورع، أنه لم يمح اسم «الذهلي» من «جامعه». بل أثبت روايته عنه، غير أنه لم يوجد في كتابه إلا على أحد وجهين:
إما أن يقول: حدثنا محمد بن بقي، أو حدثنا محمد بن خالد، فينسبه إلى جد أبيه، قال: فإن قلت فما باله أخمله، واتقى أن يذكره بنسبه المشهور؟ قلت:
__________
(1) تاريخ بغداد: 2/ 30.(2/963)
لعله لما اقتضى التحقيق عنده أن يبقي روايته عنه خشية أن يكتم علما رزقه الله إياه على يديه، وعذره في قدحه فيه بالتأويل، والتعويل على تحسين الظن، خشي على الناس أن يقفوا فيه بأنه قد عدّل من جرّحه، وذلك يوهم أنه صدّقه على نفسه، فيجر ذلك إلى «البخاري» وهنا، فأخفى اسمه، وغطى رسمه، وما كتم علمه بجمع بين المصلحتين، والله أعلم بمراده من ذلك» اهـ.
قلت: ولا نشك أن «سيبويه» رحمه الله ممن جوزي بهذا 330ظ / / الجزاء، ومن تأمل ما وقع له، مع منافسه في «المسألة الزنبورية»، وما انتهى إليه حاله وحالهم على الجملة بعد الممات علم ذلك يقينا، {وَلََا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (1).
المسألة الثانية: في الفرق بين الحسد والمنافسة.
قال «الغزالي» وغيره ما حاصله: «والحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، والمنافسة تمني حصول مثلها من غير تعرض لإرادة زوالها عن صاحبها، ويعبر عنها بالغبطة، وقد تسمى المنافسة حسدا، والحسد منافسة» (2).
وإذا عرفت هذا فالحسد حرام على ما يقتضيه متقدم الذم له. وهو بعض من كل سواء تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم تصل إليه، وهو شر الحسدين، أو تمني ذلك لا مع قصد انتقالها.
قال الشيخ عز الدين: «وقد أجمع العلماء على تحريم هذين الضربين، ورد بذلك الكتاب والسنة في غير ما موضع، والمنافسة ليست حرام، بل حكمها الإباحة على الجملة».
قال القرافي: «لعدم تعلقها بمفسدة البتة».
__________
(1) سورة الكهف، الآية: 49.
(2) الإحياء: 3/ 189.(2/964)
قلت: وإباحتها من حيث التخيير بين قصدها وعدمه، لا من حيث رفع الحرج عن إرادتها على ما تقرر في الفرق بين الإباحتين. ومن هناك انقسمت إلى واجب، ومندوب، ومباح.
فالأول: كما إذا كانت النعمة واجبة شرعا كالإيمان وتوابعه من الفرائض، لأنه إن لم ينافس هنا في إرادة مثلها لنفسه كان راضيا بالمعصية، وذلك حرام.
والثاني: كما إذا كانت من الفضائل المندوبة كالإنفاق في سبيل الله، والاشتغال بالتعليم، لأن وسيلة المندوب مثله في الحكم.
والثالث: حيث تكون تلك النعمة من المباحات.
قال الغزالي: «وكل ذلك يرجع إلى إرادة المساواة في النعمة مع انتفاء كراهتها» (1).
تنبيه:
على مقصد من المنافسة 331و / / المعبر عنها بالحسد، وهي مع ذلك من قبيل المندوب، ما تضمنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث «ابن مسعود» خرجه البخاري:
«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه الله على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها». فإطلاق اسم الحسد هنا لا يراد به المذموم منه، بل ما يراد بإطلاق اسم المنافسة عليه حيث يكون مأذونا فيه على الجملة.
قال ابن بطال: «وقد بين صلى الله عليه وسلم ذلك في بعض طرق الحديث فقال: فرآه رجل يعني ينفق المال. ويتلو الحكمة. فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي، ففعلت مثل ما يفعل.
قال: فلم يتمن أن يسلب صاحب المال ماله. وصاحب الحكمة حكمته، وإنما يتمنى أن يصير في حال من يفعل الخير، وتمني الخير جائز، وقد تمنى
__________
(1) انظر م. س: 3/ 191.(2/965)
ذلك الصالحون والأخيار قال: ولهذا ترجم «البخاري»: «باب اغتباط في العلم والحكمة». لأن من أوتي مثل هذه الخلال فينبغي أن يغتبط بها، وينافس فيها.
يريد لقوله تعالى في مثل ذلك: {وَفِي ذََلِكَ فَلْيَتَنََافَسِ الْمُتَنََافِسُونَ} (1). وقوله تعالى: {سََابِقُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (2).
قال الغزالي: «وإنما المسابقة عند خوف الفوت، وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما إذ [يجزع] (3) كل واحد منهما أن يسبقه صاحبه، فيحظى عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها» (4).
قلت: وكذلك طالب العلم إذا كان يسابق صاحبه في ميدان التحصيل، وينافسه في إحراز قصب السبق قبله سالما عن قصده مذموم [الحسد] (5)، [فهو مثاب على ما نواه] (6)، ومبارك له فيما أحرزه على ذلك المقصود وحواه، على ما أرشد إليه نصّ الحديث، ونصّ عليه البررة الأخيار في القديم والحديث، وليس بحاسد مذموم، ولا 331ظ / / معذّب بترادف الأحزان والهموم.
نعم هنا كما قال الغزالي رحمه الله: «دقيقة غامضة» (7).
وملخص ما بسط منها: «أن المنافس لصاحب نعمة إذا يئس من نيل مثلها، فزوال النقصان الذي يكرهه لأجل ذلك إما بحصول تلك النعمة، أو بزوالها عن صاحبها، وعند اليأس عن الطريق الأول، فلا ينفك غالبا عن شهوة للطريق الآخر، بحيث لو زالت تلك النعمة لأزالها، فهو صاحب الحسد المذموم، وإن كان بحيث يمنعه وازع التقوى عن إزالتها فيعفى عما يجده في قلبه من كراهة نقصه بكمال غيره.
__________
(1) سورة المطففين، الآية: 26.
(2) سورة الحديد، الآية: 21.
(3) بياض في «أ» و «ج»: يخرج.
(4) الإحياء: 3/ 190.
(5) ساقطة من «ج» و «د».
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من «ج» و «د».
(7) انظر م. س: 3/ 191.(2/966)
قال: ولعله المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا ينفك المؤمن عنهن، الحسد، والظن، والطيرة».
ثم قال: وله منهن مخرج، إذا حسدت فلا تبغ، أي إن وجدت في قلبك شيئا فلا تعمل به، قال: وبعيد أن يكون الإنسان مريدا للحاق بأخيه في النعمة، فيعجز عنها ثم ينفك عن ميل لزوالها، وما من إنسان إلا ويرى فوقه من معارفه، وأقاربه، من يحب أن يساويه، ويكاد يجره ذلك إلى الحسد المذموم (1) إن لم يكن قوي الإيمان، رزين التقوى، ومهما حركه خوف ظهور نقصانه عن غيره، خرج إلى الحد المذموم كان في مقاصد الدين [أو] (2) الدنيا، ولكن يعفى عنه ما لم يعمل به إن شاء الله ويكون كراهته لذلك من نفسه كفارة له» (3) انتهى ملخصا.
ولما ذكره في هذا المعنى على حسب تقريره قال الشيخ عز الدين: «لم يكلف الله عز وجل العباد أن يخرجوا عن مقتضى طباعهم في الحسد، ولا في شيء من الشهوات، وإنما عليك إذا خطرت لك خطرة الحسد أن تكره ذلك أشد الكراهة لما يؤدي إليه من السعي في مضارّة المحسود، وكذلك تكره 332و / / جميع الشهوات إذا نازعتك نفسك وعدوك إليها». انتهى وهو أصل واضح الدليل.
المسألة الثالثة: في علاج الحسد، وشفاء القلب من مخوف مرضه.
وتحصيل ما قرره «الغزالي» في ذلك أمران، هما الدواء الذي به زوال هذا المرض:
«أحدهما: العلم. والآخر: العمل» (4).
__________
(1) في م. س: 3/ 191: المحظور.
(2) ساقطة من مخ «أ».
(3) انظر م. س: 3/ 192191.
(4) انظر م. س: 3/ 196.(2/967)
أما العلم ففيه مقامان: إجمالي وتفصيلي.
المقام الأول:
الإجمالي
قرره الإمام فخر الدين: «بأن يعلم المتأمل أن كل ما دخل في الوجود فقد كان ذلك من لوازم قضاء الله تعالى وقدره، لأن الممكن ما لم ينته إلى الواجب لم يقف عند غاية تكون مبدأ وجوده، ومتى كان كذلك فلا فائدة في النفرة عنه، والكراهة لصدوره، إذا حصل الرضا بالقضاء زال الحسد لا محالة».
المقام الثاني: التفصيلي:
وتقريره أن يعلم أن الحسد ضرر عليه في الدين والدنيا، وأن المحسود لا ضرر عليه منه لا في الدين ولا في الدنيا، بل ينتفع به في الدين والدنيا، فهذه أمور أربعة.
أحدهما: أنه ضرر عليه في الدين. وبيانه من وجوه:
أولها: أنه بالحسد كاره لحكم الله تعالى، ومنازع له في قسمته بين عباده، وعدله الذي أجراه في ملكه بخفي حكمته، وهذه جناية في حدقة التوحيد، وقذى في عين الإيمان.
يروى أن «زكرياء» عليه السلام قال: قال الله تعالى: «الحاسد عدوّ لنعمتي، مسخط لقضائي، غير راض بقسمي الذي قسمت بين عبادي.
ثانيها: مفارقته به لأولياء الله، والصالحين من عباده في إرادتهم الخير لعباد الله، فشارك إبليس، وسائر الكفرة في محبتهم للمؤمنين زوال النعمة، وحلول البلايا بهم.
ثالثها: تعرضه للعقاب المرتب عليه في الآخرة.
فقد تقدم (1) حديث: «إن ستة يدخلون النار بستة، وذكر فيهم أن العلماء
__________
(1) انظر: ص: 328ظ مخ أ. وص: 960من هذا الكتاب.(2/968)
يدخلونها بالحسد»، قال في «المنهاج» (1): «وإن بلية بلغ شؤمها أن أوردت العلماء النار 332ظ / / لحقيق أن يحذر منها».
ونقل في «الإحياء» (2) عن بعضهم أنه قال: «الحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمة (وذلّا) (3) ولا (ينال) [-3] من الملائكة إلا لعنة، وبغضا، ولا من الخلق إلا جزعا وغما، ولا عند النزع إلا شدة، ولا عند الموقف إلا فضيحة ونكالا».
رابعها: استجراره به لمفاسد كل واحد منها، كاف في ذهاب الدين به، فكيف عن اجتماعها. فيروى عن وهب أنه قال: «للحاسد ثلاث علامات:
يتملق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة (إذا نزلت) (5).
قال في «المنهاج» (6) عند نقل هذا الكلام: «وحسبك أن الله تعالى أمرنا بالاستعاذة من شر الشيطان، والساحر (فانظركم له من الشر والفتنة حتى أنزله منزلة الشيطان والساحر) (7) حتى أن لا مستعان عليه، ولا مستعاذ إلا الله رب العالمين».
الثاني: أنه ضرر عليه في الدنيا، وبيانه من وجهين:
أولهما: أنه بالحسد لا يزال معذب القلب، دائم الحزن والكمد، إذ لا ينفك عن رؤية محسوده، ونعم الله مترادفة عليه، فلا يزال معذبا بكل نعمة يراها.
قال ابن السماك (8): «لم أر ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس دائم، وعقل هائم، وغم لازم».
__________
(1) انظر ص: 34.
(2) انظر: 3/ 189.
(3) (3) و (4) زيادة من م. س: 3/ 189.
(5) زيادة من المنهاج: 34.
(6) انظر ص: 34.
(7) زيادة من المنهاج: 34.
(8) هو عبد الله بن أحمد بن محمد، أبو ذر الأنصاري الهروي. ت نحو: 434هـ 1042م، عالم بالحديث، من الحفاظ، ومن فقهاء المالكية. يقال له: ابن السماك. له تصانيف منها: «تفسير القرآن»، و «المستدرك على الصحيحين»، و «السنة والصفات» وغيرها. انظر الشجرة: 104 105، والكشف: 1/ 441.(2/969)
وقال أعرابي أيضا: «ما رأيت ظالما أشبه مظلوما من حاسد، إنه يرى النعمة عليك نقمة عليه».
وقال بعض الحكماء: «الحسد جرح لا يبرأ، وبحسب الحسود ما يلقى».
ثانيهما: أن هذا المرض القلبي بتعذيب الجسد ربما أوقع في أمراض بدنية لانفعال البدن، الناتج عن الانفعالات النفسية.
قال الإمام فخر الدين: «وربما أزال الصحة عنك، وأوقعك في الوسواس، ونغّص عليك لذة المطعم والمشرب».
مزيد عظة:
قال الغزالي: «ولو لم تكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضى الفطنة إن كنت عاقلا أن تحذر من الحسد لما فيه من ألم القلب ومساءته (1) مع عدم 333و / / النفع، فكيف وأنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة؟! فما أعجب من العاقل أن يعترض لسخط الله من غير نفع يناله، مع ضرر يحتمله، وألم يقاسيه، فيهلك دينه ودنياه من غير جدوى ولا فائدة؟!» (2).
الثالث: أن حسده لا يضر المحسود لا في دينه، ولا في دنياه.
«وذلك لأن النعمة لا تزول عنه بالحسد، بل ما قدّره الله تعالى من إقبال ونعمة، لا بد وأن يدوم إلى أجله المقدر له، فإن كل شيء عنده بمقدار، ولكل أجل كتاب ومهما لم تزل النعمة بالحسد لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا، ولا عليه إثم في الآخرة» (3).
قلت: ومن كلام «ابن المقفع» (4) في هذا المعنى مع التوطئة له بتقرير ما
__________
(1) المساءة: ج مساوىء: القبيح من الفعل أو القول.
(2) الإحياء: 3/ 196.
(3) انظر: م. س: 3/ 197196.
(4) عبد الله ابن المقفع، ت: 142هـ 759م، من أئمة الكتاب، وأول من قام بترجمة كتب المنطق إلى العربية، له «الأدب الصغير»، و «الدرة اليتيمة»، و «كليلة ودمنة»، و «الجوهرة الثمينة» في طاعة السلطان. انظر الفهرست: 178، والخزانة: 3/ 460459.(2/970)
تقدمه، أورده صاحب «زهر الآداب»: «الحاسد لا يزال زاريا على نعمة الله، ولا يجد لها مزيلا، ومكدرا على نفسه ما به من النعمة فلا يجد لها [طعما] (1)، ولا يزال ساخطا على من لا يترضاه، ومسخطا لما ينال (2)، فهو مكظوم، هلع، جزوع، ظالم، أشبه شيء بمظلوم، محروم الطّلبة، منغص المعيشة (3)، دائم السّخطة (4)، لا بما قسم له يقنع، ولا على ما لم يقسم له يغلب. والمسحود يتقلب في فضل نعم الله مباشرا [للسرور] (5) [ممهلا] (6) فيه إلى مدة لا يقدر الناس لها على قطع ولا انتقاص. ولو صبر الحاسد على ما به لكان خيرا له، لأنه كلما أراد أن يطفىء نور الله أعلاه. {وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكََافِرُونَ} (7)» (8).
الرابع: أن حسده ينتفع به المحسود في دينه ودنياه. أما في دينه، «فلأنه مظلوم من جهته لا سيما إذا أخرجه الحسد إلى ظهور أثره قولا وفعلا، كالغيبة والقدح، وهتك الستر وذكر المساوىء، وذلك كله هدية تهدى إليه من جهة أنه كلما ذكر سوء نقل إلى ديوان حسناته، وازدادت مع ذلك سيئات الحاسد، فكأنه اشتهى زوال 333ظ / / النعمة، فأزالها عن نفسه، ونقلها إلى المحسود، فزاده نعمة إلى نعمة، وأضاف إلى نفسه شقاء إلى شقاء، وذلك غاية الجهل والغباوة:
لن يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
وأما في دنياه فبيانه من وجوه:
أولها: أن أهم [أغراض] (9) الخلق مساءة الأعداء، وكونهم مغمومين معذبين، ولا عذاب أعظم مما يجده الحاسد من ألم الحسد، ويصلى به من
__________
(1) في «أ»: طمعا.
(2) في الأصول: لم لا ينال: وما أثبتناه من زهر الآداب: 1/ 247.
(3) م. س: 1/ 247: العيشة.
(4) في م. س: 1/ 247: التسخط.
(5) في «ج» و «د»: للشرور.
(6) في «ج» و «د»: مهملا.
(7) سورة التوبة، الآية: 32.
(8) انظر زهر الآداب: 1/ 248247، ط: 2.
(9) في «أ» و «د»: أعراض.(2/971)
نيران حسراته، وغاية أماني الأعداء أن يكونوا في نعمة، وحاسدهم في غم وحسرة بسببهم، وقد فعل بنفسه ما هو مرادهم حيث ينظر إلى نعمهم، فينقطع قلبه غما وحسدا ولذلك قيل:
«لا مات أعداؤك بل خلدوا ... حتى يروا منك الذي يكمد
لا زلت محسودا على نعمة ... فإنما الكامل من يحسد» (1)
وقال آخر:
«إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظا بما يجد
أنا الذي يجدوني في صدورهم ... لا أرتقي صدرا (2) عنها ولا أرد» (3)
وأنشد صاحب زهر الآداب (4) لمعن بن زائدة (5):
«إني حسدت فزاد الله في حسدي ... لا عاش من عاش غير محسود
ما يحسد المرء إلا من فضائله ... بالعلم والظرف أو بالبأس والجود»
ثانيها: أن إظهار الحسد مستلزم لإعلام الناس بفضيلة المحسود واختصاصه من حميد المناقب بما أوجب إن صار محسودا لأجلها، وإلا فلو عري منها لكان غير 334و / / محسود البتة، وحينئذ فنشر فضيلة بالحسد منفعة لا يخفى عودها إليه. وقد قال الطائي (6):
«لولا التخوف للعواقب لم تزل ... للحاسد النّعمى على المحسود
__________
(1) انظر الإحياء: 3/ 197.
(2) في عيون الأخبار: 2/ 11: صعدا.
(3) انظر م. س: 2/ 1110. وزهر الآداب: 1/ 248. ط 2.
(4) انظر: 1/ 249. ط 2.
(5) معن بن زائدة الشيباني، أبو الوليد، ت نحو: 151هـ 768م، من أجود العرب، وأحد شجعانهم، وفصحائهم، قتل غيلة، وأكثر فيه الشعراء أماديحهم، ومراثيهم، انظر الوفيات: 5/ 254244وتاريخ بغداد: 13/ 244235.
(6) من قصيدته التي مطلعها:
«أرأيت أيّ سوالف وخدود ... عنّت لنا بين اللوى فزرود!»(2/972)
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في جمر الغضا ... ما كان يعرف طيب عرف العود» (1)
قال صاحب زهر الآداب (2): أخذه الحتري (3) فقال:
«ولن تستبين الدهر موضع نعمة ... إذا أنت لم تدلل عليها بحاسد» (4)
ثالثها: أن معرفته بحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، يصير به مذموما فيما بينهم، ملعونا عندهم، وعند خالقهم، لا يهتم بما يراجع به تنقيصه، ولا يلتفت لما يرمى به ذمه وملامه، لعلم المحسود بفضيلة ما حسد عليه، ودوام النعمة عليه ما دام الحسد يفوّق إليه سهامه، وذلك من أعظم مقاصد المحسود، وآثر ما يعتمده نفعا. وقال ابن المعتز (5):
«ما عابني إلا الحسود ... وتلك من خير المعايب (6)
والخير والحساد مقرونان ... إن ذهبوا فذاهب
وإذا ملكت المجد لم ... تملك مذمّات (7) الأقارب
وإن فقدت الحاسدين ... فقدت في الدنيا الأطايب» (8)
تمثيل:
لما قرر الغزالي معنى ما تقدم في هذا المقام ذكر ما حاصله: «أن الحاسد
__________
(1) انظر ديوان أبي تمام: 1/ 397وفي الأبيات تقديم وتأخير.
(2) انظر: 1/ 248من زهر الآداب: ط 2.
(3) من قصيدته التي مطلعها:
«مثالك من طيف الخيال المعاود ... ألمّ بنا من أفقه المتباعد»
(4) انظر الديوان: 1/ 625.
(5) من قصيدته التي مطلعها:
«قد عضّني صرف النوائب ... ورأيت آمالي كواذب»
(6) في الديوان: 71: ورد البيت كالتالي:
«ما عابني إلا الحسود ... وتلك من أسنى المناقب»
(7) في م. س: 71: مودّات.
(8) انظر م. س: 71مع تقديم وتأخير في الأبيات.(2/973)
بمنزلة من رمى حجرا على عدوه ليصيب مقتله فسلم منه ورجع على حدقته 334ظ / / اليمنى، فاقتلعها فزاد غيظه.
ويعود ثانيا إلى رميه به أشد مما فعل أولا، فيرجع على عينه الأخرى فيقلعها (1)، فيزداد غيظا، ويعود ثالثا فيعود على رأسه فيشدخه (2)، وعدوه سالم في كل حال، وأعداؤه حواليه يفرحون له ويضحكون منه، وسخرية الشيطان أشد، بل حال الحاسد أقبح لأن الحجر العائد عليه لم يفوت إلا العين، ولو بقيت لفاتت بالموت، والحسد يعود عليه بالإثم الذي لا يفوت من موت، بل ربما يسوقه إلى غضب الله، وأليم عذابه، ولأن تذهب عينه في الدنيا خير من أن تبقى له عين فيدخل بها النار، ويقتلعها لهيبها. قال: فانظر كيف انتقم الله من الحاسد إذا أراد زوال النعمة عن المحسود فلم يزلها، ثم أزالها من الحاسد إذ السلامة من الإثم نعمة، والسلامة من الغم والكمد نعمة، وقد أزالها عنه تصديقا لقوله تعالى: {وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} (3). ثم قال: فهذه هي الأدوية العلمية، فمهما تفكر الإنسان فيها بذهن صاف، وقلب حاضر، انطفأت من قلبه نار الحسد» (4) انتهى ملخصا.
وأما العمل النافع في مداواته فهو أن يأتي بالفعل المنافي لمقتضى الحسد، فإن بعثه على القدح في المحسود كلف لسانه المدح له، وإن حمله على التكبر عليه تواضع له، وإن اقتضى منه ترك الإنعام عليه، زاد في الإحسان إليه، فمهما فعل ذلك عن تكلف، طاب قلبه، وأحبه وأزال عنه الحسد.
فائدة:
حصر «الغزالي» جمل أسباب الحسد في أسباب سبعة: «العداوة،
__________
(1) في الإحياء: 3/ 198: فيعميها.
(2) في م. س: 3/ 198: فيشجه.
(3) سورة فاطر، الآية: 43.
(4) انظر الإحياء: 3/ 198.(2/974)
[والتعزز] (1) (2) والكبر، والعجب، والخوف من فوت المقاصد المحبوبة وحب الرياسة، وخبث النفس وشحها بالخير على عباد الله (3)». وجعل العداوة أصلا للمحاسدات على الجملة.
قال: «وأصل العداوة التزاحم على غرض واحد 335و / / والغرض الواحد لا يجمع متباعدين بل متناسبين ولذلك كثر الحسد بينها، نعم من اشتد حرصه على الجاه العريض، والصيت البعيد في أطراف العالم، فإنه يحسد كل من في العالم ممن يشاركه في الخصلة التي يتفاخر بها» (4) انتهى ملخصا.
ثم ذكر منشأ ذلك بما حاصله على ما عبر عنه الإمام فخر الدين: «أن الكمال محبوب بالذات، وضد المحبوب مكروه، ومن جملة أنواع الكمال التفرد به، فلا جرم كان الشريك فيه مبغوضا لمنازعته في الفردانية التي هي أعظم كمال.
إلا أن هذا النوع من الكمال ممتنع الحصول إلا لله تعالى، فاختص الحسد بالأمور الدنيوية، لأن الدنيا تضيق عن المتزاحمين بخلاف الآخرة، ولذلك من كملت معرفته بالله تعالى، وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، لا يحسد غيره، لأن المعرفة لا تضيق على العارفين، بل المعلوم الواحد يعرفه ألف ألف، ويفرح بمعرفته، ولا ينقصه معرفة غيره، بل يحصل بكثرة العارفين زيادة بالأنس به».
ومن هناك لا يكون بين علماء الدين محاسدة، لأن مقصدهم معرفة الله تعالى، وهي بحر واسع، وغرضهم المنزلة عند الله، ولا ضيق فيها. نعم إن قصد العلماء بالعلم المال والجاه تحاسدوا.
لاحقة تنبيه:
كما وجب على المتعلمين ألا يتحاسدوا فيما بينهم، فكذلك يجب على
__________
(1) في «ج» و «د»: التقزز.
(2) والتعزز كما شرحه الغزالي في الإحياء: 3/ 192: «وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره بولاية أو علم أو غيرهما».
(3) انظر م. س: 3/ 194192.
(4) انظر: م. س: 3/ 195.(2/975)
المعلم من باب أولى ألا يحسد المتعلم لما يظهر عليه.
قال النووي: «ولا يحسد أحدا منهم لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله تعالى به عليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد، ويعود من فضيلته فضيلة إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل، وفي الدنيا الثناء الجميل» اهـ.
وإذا عوفي من هذا الحسد سهل عليه أن يعمل على [شاكلة] (1) النصيحة 335ظ / / للمسلمين في الإعلام بمنزله المتعلم إذا ظهر منه ما يجب أن يعرف الناس بها، لما يترتب على ذلك من المصلحة.
قال أبو نعيم: «وإذا ظهر للعالم البلاغ والكمال في العلم من بعض أصحابه، دل على مكانه، ومنزلته في العلم ليفزع الناس إليه بعده إذا فقدوه، ونزلت بهم الحوادث والمعضلات، واحتج لذلك بحديث حذيفة (2) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقتدوا بالذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار، وإذا حدثكم ابن أم عبد (3) فصدقوه».
الأدب الرابع: أن يعتقد بينه وبين من يختاره منهم مرافقة الاشتراك في القراءة لما في ذلك من الفوائد:
إحداها: ليعيد بعضهم على بعض مهما غاب واحد منهم عن حضور ما حصل لرفقائه، قال أبو نعيم: «كما حدثنا سليمان بن أحمد وذكر سنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «إني كنت أنا وجار لي من الأنصار،
__________
(1) في «أ»: شاكلته.
(2) حذيفة بن حسل العبسي أبو عبد الله اليمان، ت: 36هـ 656م، كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم.
في المنافقين، لم يعلمهم أحد غيره، وكان من الشجعان الفاتحين، له فتوحات كثيرة، له في كتب الحديث 225حديثا، انظر الإصابة: ت: 1647، والتهذيب: 2/ 219.
(3) ابن أم عبد: أشار إليه ابن سعد في الطبقات: 3/ 152و 154، و 255، وذكر أنه: «من أقرب الناس سمتا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم بل من أقربهم إلى الله وسيلة».(2/976)
في بني أمية بن زيد، وهو من عوالي المدينة، نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما، وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر في ذلك اليوم من الوحي أو غيره. وإذا نزل فعل مثل ذلك».
الثانية: ليستعملوا إن كانوا يحفظون ولا يكتبون، ما رواه أبو نعيم عن أبي أمامة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عند صلاة العشاء فقال:
«احشدوا للصلاة غدا، فإن لي إليكم حاجة». فقال رفقة منهم: دونك أول كلمة يتكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت التي تليها لئلا يفوتكم شيء من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم».
الثالثة: ليستعينوا على تحصيل ما هم بسبيل طلبه، وينهض بعضهم بعضا إلى إدراك 336و / / ما عسى أن يعجز عنهما أو يتكاسل من كان منهم منفردا بنفسه على ما هو معروف بالوجدان.
إرشاد:
قال أبو نعيم: «وخير الرفقاء أربعة يعني في هذه المرافقة وأدرجها فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «خير الأصحاب أربعة»».
الأدب الخامس: أن يراجعهم [ويعيد] (1) بعضهم على بعض،
لما في ذلك من الاستعانة به على الحفظ، ورسوخ التحصيل، قال أبو نعيم في الاستظهار على ذلك من فعل السلف: «لما حدثنا «ابن كيسان» وذكر سنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا قعودا مع النبي صلى الله عليه وسلم فعسى أن نكون ستين رجلا، فيحدثنا الحديث، ثم نريد الحاجة فنتراجعه بيننا، ثم هذا ثم هذا فنقوم كأنما زرع في قلوبنا».
الأدب السادس: أن يذاكرهم إذا اجتمعوا بعد المفارقة
لما في ذلك من
الفوائد المهمة.
__________
(1) في «ج» و «د»: ويفيد.(2/977)
الفائدة الأولى: تلقيح العقول وذكاء الخاطر.
فقد قال «الطرطوشي» في «سراجه»:
«مناظرة الأكفاء، ومعاشرة النظراء، تلقيح للعقول، وتهذيب للنفوس، وتدريب لمآخذ الأحكام» اهـ.
وقديما قيل هذا المعنى: حكى ابن قتيبة أنه كان يقال: «محادثة الرجال تلقح ألبابها» (1).
ونقل الشيخ أبو عمر عن ابن مزين (2) عن مالك رحمه الله قال: «قال عمر بن عبد العزيز: رأيت ملاحاة الرجال تلقيحا لألبابهم. قال: وقال أيضا:
ما رأيت أحدا لاحى الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم.
قال ابن مزين: يريد بالملاحاة هاهنا: المخاوضة والمراجعة على وجه التعليم والتفهم، والمذاكرة والمدارسة والله أعلم» (3).
يريد ما علم من ذم الملاحاة، وهي المنازعة على غير هذا الوجه، قيل في المثل: «من لاحاك فقد عاداك». حكاه الجوهري.
تنبيه:
336 - ظ / / وقع في رواية «أبي عبيدة» في غريب الحديث عوض قوله: «ما رأيت أحدا «لاحى الرجال» إلى آخره» عجبت لمن «لاحن الرجال» «بالنون»، واللحن: الفطنة بفتح الحاء.
الفائدة الثانية: تثبيت ما حصل من العلم وحفظه من الذهاب والنسيان.
وقد خرّج لذلك
__________
(1) انظر عيون الأخبار: 1/ 108.
(2) يحيى بن إبراهيم بن مزين أبو زكرياء. ت: 259هـ 873م، من أهل قرطبة، له دراية بالحديث ورجاله، من كتبه: «تفسير الموطأ»، و «تسمية الرجال المذكورين بالموطأ»، و «فضائل القرآن»، و «رغائب العلم وفضله»، انظر تاريخ ابن الفرضي: 1/ 181، والنفح: 3/ 168.
(3) جامع العلم: 2/ 108.(2/978)
أبو نعيم عن علي رضي الله عنه قال: «تزاوروا، وتذاكروا هذا الحديث ألا تفعلوه يدرس» (1). وذكر أبو عمر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
«تذاكروا الحديث فإنه يهيج بعضه بعضا. وعن علقمة قال: تذاكروا الحديث فإن إحياءه ذكره. وعن إسماعيل بن رجاء (2) أنه كان يأتي الصبيان في المكتب، فيعرض عليهم حديثه كي لا ينسى. وعن النخعي أنه كان يقول: إذا سمعت حديثا فحدّث به حين تسمعه، ولو أن تحدث به من لا يشتهيه فإنه يكون كالكتاب في صدرك» (3).
الفائدة الثالثة: زيادة العلم، ونماء بضاعة الفهم فيه، والإدراك لحقائقه.
فقد قال بعض الحكماء فيما حكاه الماوردي: «من أكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم. وقال الشاعر:
إذا لم يذاكر ذو العلوم بعلمه ... ولم يستفد علما نسي ما تعلما
فكم جامع للكتب في كل مذهب ... يزيد مع الأيام في جمعهما
قال: وقيل للخليل: بم أدركت هذا العلم؟ قال: كنت إذا لقيت عالما أخذت منه وأعطيته» (4).
قلت: ويذكر عن الغزالي رحمه الله أنه كان ينشد هذا البيت في مجلسه كثيرا:
إذا اجتمعوا جاءوا بكل طريفة ... ويزداد بعض القوم من بعضهم علما 337و / /
__________
(1) ورد ذكره أيضا في جامع العلم: 1/ 101.
(2) إسماعيل بن رجاء الزبيدي أبو إسحاق الكوفي، روى عن أبيه، وأوس، وعبد الله بن أبي الهذيل، وغيرهم، وروى عنه الأعمش، وهو من أقرانه، وشعبة، والمسعودي، وغيرهم، ثقة.
كان يجمع صبيان المكاتب، ويحدثهم لكي لا ينسى حديثه، انظر طبقات ابن سعد: 6/ 391، والتهذيب: 1/ 296.
(3) انظر جامع العلم: 1/ 101.
(4) أدب الدنيا: 29.(2/979)
وقد وطأ له الشيخ «أبو القاسم ابن ورد» وذيل عليه ببيت ثالث فقال:
[ولله قوم كلما كان مشهد ... رأيت شخوصا كلها [ملئت] (1) [علما] (2)
إذا اجتمعوا جاءوا بكل طريفة ... ويزداد بعض القوم من بعضهم علما
أولئك مثل الطّيب كلّ له شذا ... ومجموعه أذكى أريجا إذا شما
وذيل على ذلك «ابن رشيد» ببيتين فقال:
«تجسدت الأنوار لما تجمّعوا ... ومن ينفرد منهم [بناد] (3) يلح نجما
لهم أدب النفس النفيسة فطرة ... ومن أدب الدرس ارتووا إذ رووا جمّا»
الفائدة الرابعة: تذكر ما نسي من العلم، وتجديد العهد بما بعد منه،
وهو أمر ظاهر المعنى بنفسه، والاعتراف معروف من سير العلماء قديما وحديثا.
فعن ابن أبي ليلى (4) قال: «إحياء الحديث مذاكرته» (5).
قال الشيخ أبو عمر فيما رواه: «فقال له «عبد الله بن شداد» (6): ليرحمك الله، كم من حديث أحييته في صدري كان قد مات» (7).
الفائدة الخامسة: شفاء القلوب بمذاكرة العلوم، وشرح الصدور بما يقتبس من نور الاستخراج لها، والإثارة لما خفي منها.
__________
(1) في «ج»: ملكت، وفي «د»: غير واضحة.
(2) هذا البيت ساقط من مخ «أ».
(3) في «أ»: بماء، وفي «د»: غير واضحة.
(4) هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي، ت: 82هـ 701م أدرك مائة وعشرين من الصحابة الأنصار، انظر التهذيب: 6/ 262260.
(5) جامع العلم: 1/ 111.
(6) عبد الله بن شداد الليثي المدني: ت 81هـ 700م، من كبار التابعين وثقاتهم، شهد مع علي «يوم النهروان»، وخرج مع القراء أيام ابن الأشعث على الحجاج بعد أن كان من أخص الناس بالحجاج. انظر التهذيب: 5/ 252251.
(7) انظر جامع العلم: 1/ 111.(2/980)
خرّج الشيخ أبو عمر عن عون بن عبد الله (1) قال: «لقد أتينا أم الدرداء، فتحدثنا عندها، فقلنا: أمللناك يا أم الدرداء (2)، فقالت: ما أمللتموني، لقد طابت العبادة في كل شيء فما وجدت شيئا أشفى لنفسي من مذاكرة العلم، أو قالت من مذاكرة الفقه» (3).
وذكر عن ميمون بن مهران: «وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء» (4).
الفائدة السادسة: التقاط أطايب الحكمة الواقعة في أثناء المذاكرة.
ففيما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبهتي في التراب 337ظ / / لله، أو أجالس قوما يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمرة، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله» اهـ.
ومن معنى هذا الإيثار ما حكى «ابن قتيبة»: «أن معاوية قال لعمرو بن العاص رضي الله عنهما: ما بقي من لذّة الدنيا تلذّه؟. فقال: محادثة الرجال أهل العلم، وخبر صالح يأتيني عن ضيعتي» (5).
وفي معنى حديث عمر رضي الله عنه قول معاذ رضي الله عنه في كلامه لما نزل به الموت: «اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لكري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب الدنيا لمكابدة الليل
__________
(1) عون بن عبد الله بن عتبة الهذلي، أبو عبد الله: ت بين 110هـ 120هـ، من أهل الكوفة، ومن الزهاد، انظر التهذيب: 8/ 173171، والصفوة: 3/ 100.
(2) أم الدرداء: زوج الصحابي «أبي الدرداء»، وقد اختلفت كتب التراجم في أم الدرداء، فبعضهم يجعلها شخصين: أم الدرداء الكبرى، وأم الدرداء الصغرى، وبعضهم يعدها واحدة، وكلاهما زوج لأبي الدرداء، انظر: التهذيب: 12/ 467465. والإصابة: ت: 384.
(3) جامع العلم: 1/ 103102.
(4) م. س: 1/ 49.
(5) انظر عيون الأخبار: 1/ 309.(2/981)
الطويل، ولظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر».
الفائدة السابعة: عمران يوم الاجتماع بما يعود على مغتنم المباحثة فيه بما يخصه من الفائدة التي جعل مظنة حصولها.
فقد نقلوا عن الخليل رحمه الله أنه قال: «أيامي أربعة: يوم أخرج فيه فألقى فيه من هو أعلم مني فأتعلم منه، فذلك يوم فائدتي وغنيمتي، ويوم أخرج فيه فألقى فيه من أنا أعلم منه، فذاك يوم أجري، ويوم أخرج فيه فألقى فيه من هم مثلي فأذاكره، فذلك يوم درسي، ويوم أخرج فيه فألقى فيه من هو دوني، وهو يرى أنه فوقي فلا أكلمه، وأجعله يوم راحتي» (1).
قلت: وعلى هذا كان الناس حتى تغيرت أحوالهم.
فنقل الشيخ في «المختصر» (2) عن «أبي حازم» (3) قال: «كان العالم فيما مضى إذا لقي من هو فوقه (في العلم) (4) كان يوم غنيمته، وإذا لقي من هو مثله ذاكره، وإذا لقي من هو دونه لم يزه عليه، حتى كان هذا الزمان، فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع عنه، حتى لا يرى الناس أن به حاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من دونه».
الفائدة الثامنة 338و / /: استفادة الدربة بما ينتهض به لمناظرة الخصوم، ومجادلة المخالفين،
إذ لا يخفى على ذي بصر بالحقائق أن ذلك هو مقام الكملاء من العلماء.
__________
(1) جامع العلم: 1/ 133.
(2) انظر: مخ المختصر / 11.
(3) أبو حازم: أشار إليه عياض في الإلماع، ص: 9و 50.
(4) ساقط من مخ: المختصر: 11.(2/982)
قال بعضهم: «كل مجادل عالم، وليس كل عالم مجادلا» (1).
قال الشيخ أبو عمر: «يعني أنه ليس كل عالم تتأتى له الحجّة، ويحضره الجواب، ويسرع إليه الفهم بمقطع الحجة.
قال: ومن كانت هذه خصاله فهو أرفع العلماء، وأنفعهم مجالسة ومذاكرة. {ذََلِكَ فَضْلُ اللََّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (2)» (3).
قال بعد هذا عن ابن عبد الحكم مادحا للشافعي رحمه الله ببلوغه الغاية في هذا المقام: «ما رأيت أحدا يناظر الشافعي إلا رحمته لما أرى من مقامه بين يدي الشافعي.
وحكي عنه أنه قال: لو رأيت الشافعي يناظر لظننت أنه سبع يأكلك.
قال أيضا: الشافعي علم الناس الحجج، قال: والرد على غير الشافعي لمن حاوله سهل عليه، والرد عليه صعب مرامه» (4).
قلت: ينظر إلى هذا ما يقال عن أبي الحسن البصري من المعتزلة: أنه إذا خالف في مسألة صعب النظر فيها معه.
الفائدة التاسعة: إحراز الفوز بفضيلة اقتسام ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكى الشيخ أبو عمر عن سليمان بن عمران قال: «سمعت أسد بن الفرات (5) يقول: بلغني أن قوما كانوا يتناظرون بالعراق في العلم، فقال قائل:
__________
(1) جامع العلم: 2/ 107.
(2) سورة الحديد، الآية: 21.
(3) جامع العلم: 2/ 107.
(4) م. س: 1/ 107.
(5) أسد بن الفرات مولى بني سليم، أبو عبد الله. ت: 213هـ 828م، قاضي القيروان، وأحد القادة الفاتحين، أول من فتح صقلية، توفي وهو محاصر سرقوسة برا وبحرا. وهو مصنف الأسدية في الفقه المالكي، انظر قضاة الأندلس: 54.(2/983)
من هؤلاء؟ فقيل له: قوم يقتسمون ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1).
قلت: ويشهد له ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه حين خرج إلى الناس بسوق المدينة فنادى فيهم: «ما بالكم، ميراث النبي صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد بين أمته، وأنتم مشغولون في الأسواق؟!. فتركوا السوق وأتوا 338ظ / / المسجد فوجدوا الناس حلقا، حلقا، لتعلم القرآن، والحديث، والحلال، والحرام، فقالوا: وأين ما ذكرت يا أبا هريرة؟ فقال: هذا ميراث نبيكم، لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، وها هو ذا. أو كما قال» [-1].
الفائدة العاشرة: اغتنام فضيلة المذاكرة بالعلم.
فقد قال الشيخ أبو عمر: «الكلام في العلم من أفضل الأعمال، وهو يجري عندهم مجرى الذكر والتلاوة إذا أريد به نفي الجهل، ووجه الله، والوقوف على حقيقة المعاني» (3) اهـ.
وجميع ما ورد في فضل مجالس الذكر محمول عند العلماء على مجالس العلم تعليما ومذاكرة.
قاله ابن الحاج وغيره ممن تقدمه، وهو معنى قوله: «الكلام في العلم يجري مجرى الذكر»، وقد استنبط ذلك «الطرطوشي» من قوله تعالى: {وَلََا تَنِيََا فِي ذِكْرِي} (4)، من حيث سمى تبليغ الرسالة ذكرا.
وبالجملة فكون المذاكرة بالعلم نوعا من الذكر المبتغى به أجزل الثواب من أوضح ما هو معلوم من كلام العلماء، وعند ذلك فالتعرض له بمذاكرة العلم زائدا على فوائدها المتقدمة مما يزيد في ترغيب السعي في تحصيله، ورجاء الفوز به، وكيف لا، والمتذاكرون به ينظر الله إليهم، ومن نظر الله إليه كان حقيقا بأوفر الثواب وأجزله.
__________
(1) (1) و (2) انظر جامع العلم: 2/ 108.
(3) م. س: 1/ 138.
(4) سورة طه، الآية: 42.(2/984)
خرج أبو نعيم عن ابن بريدة أنّ «معاوية رضي الله عنه خرج من حمام [حمص] (1) فقال لغلامه: ائتني بسبيبتين (2) فلبسهما، فدخل مسجد [حمص] (3)
فركع ركعتين، فلما فرغ، إذا هو بقوم جلوس، فقال لهم: ما يجلسكم؟. قالوا:
صلينا المكتوبة، ثم قص القاص، فلما فرغ قعدنا نتذاكر بيننا سنّة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال معاوية: ما من رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم هو أقل عنه حديثا منّي، وإنّي سأحدثكم بخصلتين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من رجل يكون على الناس، فيقوم 339و / / على رأسه الرجل فيحب أن يكثر الخصوم عنده، فيدخل الجنة.
وجئت يوما مع النبي صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فإذا هو بقوم قعود: فقال: ما يقعدكم؟
قالوا: صلينا صلاة مكتوبة، فقعدنا نتذاكر بيننا كتاب الله، وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ينظر إليكم».
تكملة:
لا يخفى من حال المذاكرة أنها قد تجر إلى نزاع يفضي عند اشتعال نيرانه إلى الإخلال بفوائدها، وإذ ذاك فيطالب فيها مخافة الوقوع في هذا المحظور بأمور أهمها بحسب اختصار الموضع وظيفتان:
الوظيفة الأولى: ترك المراء والجدال المذمومين.
أما المراء فقال الغزالي: «هو طعنك في كلام الغير بإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله، وإظهار مزيتك عليه.
قال: وأما الجدال فعبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها (4)
اهـ.
__________
(1) في «د»: بمضر.
(2) السبيبة: ج سبائب، شقة كتان رقيقة، اللسان.
(3) في «د»: غير واضحة.
(4) انظر الإحياء: 3/ 117.(2/985)
وظاهر من هذه المفاسد المشار إليها في معنى هاتين الخصلتين تأكد اجتنابهما. وقد تكرر في الآثار، ووصايا العلماء الإفصاح بذمهما، وتحذير المذاكر من شرهما، وفتنتهما.
فورد في المراء: ذروا المراء، فإنه لا تفهم حكمته، ولا تؤمن فتنته.
وفي الجدال: ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدال، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مََا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلََّا جَدَلًا} (1).
وقال الشاعر:
إياك إياك المراء فإنه ... للشر دعّا وللشر جالب
وقال مسعر بن كدام (2) يخاطب ابنه «كداما». أنشده ابن قتيبة (3) وغيره:
«إني منحتك (4) يا كدام نصيحتي ... فاسمع لقول أب عليك شفيق
أما المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق 339ظ / /
إني بلوتهما (5) فلم أحمدهما ... لمجاور (6) جار، ولا لرفيق»
تنبيه:
قال النووي: «الجدال قد يكون بحق، وقد يكون بباطل. قال الله تعالى:
{وَلََا تُجََادِلُوا أَهْلَ الْكِتََابِ إِلََّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (7). وقال تعالى: {مََا يُجََادِلُ فِي آيََاتِ اللََّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} (8).
__________
(1) من قوله تعالى: {وَلَمََّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقََالُوا أَآلِهَتُنََا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مََا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلََّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}: سورة الزخرف، الآيتان: 57و 58.
(2) مسعر: بكسر أوله وفتح العين، الهلالي الكوفي أبو سلمة، ت نحو: 153هـ 770م، ثقة، ثبت، فاضل، انظر التهذيب: 10/ 115113.
(3) في عيون الأخبار: 1/ 318.
(4) في م. س: 1/ 318: ولقد حبوتك.
(5) في م. س: 1/ 318: ولقد بلوتهما.
(6) في م. س: 1/ 318: لمحاور.
(7) سورة العنكبوت، الآية: 46.
(8) سورة غافر، الآية: 4.(2/986)
فإن كان الجدال للوقوف على الحق وتقريره كان محمودا، وإن كان في مدافعة الحق أو كان جدالا بغير علم كان مذموما. قال: وعلى التفصيل تتنزل النصوص الواردة في إباحته وذمه».
قلت: وقد أجروا مثل هذا التفصيل في المراء.
قال الماوردي: «وليس المماري هو المناظر فيه طلبا للصواب، ولكنه القاصد لدفع ما يرد عليه من فاسد أو صحيح.
قال: وقد بين ذلك بعض العلماء، فقال لصاحبه: لا يمنعك حذرك المراء من حسن المناظرة، فإن المماري هو الذي لا يريد أن يتعلم منه أحد، ولا يرجو أن يتعلم من أحد» (1).
فرعان:
الفرع الأول:
قال أبو نعيم: «ولا بأس بالمناظرة والمجادلة في العلم بحضرة العالم.
وقد حدّثنا محمد بن إبراهيم، وذكر سنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يكثر مراؤنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم» اهـ.
ولا بد مع هذا من مراعاة ما يختص بأدب الحضور بين يدي الشيخ.
الفرع الثاني:
قال: «إذا كان الرجلان يتجاريان في العلم، فليستأذنهما من أراد مجالستهما، لما حدثنا الحسن بن علان، وذكر سنده إلى ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الرجلان يتحدثان في الفقه، فلا يجلس إليهما الثالث حتى يستأذنهما».
قال استطرادا لذكر ما يرجع إلى هذا المعنى في الجملة: وليتوق من أتى
__________
(1) انظر أدب الدنيا: 26.(2/987)
مجلسا أن يفرق بين الرجل وابنه، واستظهر 340و / / على ذلك بحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجلس الرجل بين الرجل وابنه في المجلس»».
وصية:
كما حذروا من التخلق ولو بواحدة من مذموم الخصلتين فكذلك حذروا من مجالسة من عرف بهما لما في مذاكرته من المضرة الزائدة على عدم الفائدة.
ذكر الشيخ في «المختصر» عن رسالة لبعض العلماء: «يا أخي، نافس في العلم أهله. واجهد (نفسك) (1) في الازدياد منه، ولا يكن همك ما يفعله الضعفاء من منتحليه، تحلّوا باسمه ولا حظّ لهم فيه، تشاغلوا عن العلم بالغمص (2) على ذوي الفضل، (فهم) (3) يعرفون فضله، ويجهلون سنته، ويتشرفون بذكره، أفضل منازعتهم فيه المراء، وأحسن مراجعتهم فيه التوبيخ، وأبلج حججهم فيه اللجاج، وأحمد شواهدهم عليه الدعوى، وأقوى سلاحهم في خصومتهم التضاحك. أولئك فاجتنب، ومنهم فتوقّ، فإنهم مشغلة عن الفهم، ومدعاة إلى الغضب، ومزهدة في الطلب» (4).
ثم قال ما تقدم نقله عند الكلام على [تحضيض] (5) المتعلم على استعانته بمصاحبة المجتهدين، «وعليك بمن يزيدك كلامه فهما، ومنازعته علما، والاستماع إليه حكمة، والنظر إليه عبرة. وإن تكلم لم يلغ، وإن صمت لم يله، وإن نظر لم يغفل، وإن طلب لم يبطئ، فاستكثر من هؤلاء، فنعم الخلطاء هم، إن غفلت أيقظوك، وإن زللت استنقدوك، لا يتعايبون بالهمز، ولا يتنابزون
__________
(1) زيادة من مخ المختصر: 11.
(2) في الأصول: بالغض وصوبناه من مخ. «المختصر»: 11.
(3) زيادة من م. س: 11.
(4) انظر م. س: 11.
(5) في «ج»: تخصص.(2/988)
بالألقاب، إخوان صدق وخير، وهبنا الله وإياك من يكون لنا على الخير عونا إنه وليّ قدير» (1) اهـ.
الوظيفة الثانية: مجاهدة النفس في اجتناب ما عسى أن يتولد عن المذاكرة من حسد، وتكبر، وحقد، وغيبة، وتزكية نفس، ونفاق،
وفرح بخطإ مذاكره، واستكبار عن قبول 340ظ / / الحق منه إلى غير ذلك من الآفات التي بسطها الغزالي في المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة والإفحام. وملاك ذلك: سلامة الصدر من المنافسة على حظ من حظوظ النفس.
ومن علامة ذلك أن يكون بعد الانفصال عن المذاكرة مع صاحبك على حد ما كنت عليه قبلها. فلا يتغير قلبك، ولا تجد في نفسك ما يحملك على إظهار شيء من تلك الآفات المشار إليها، ولك في فضلاء السلف أسوة حسنة، فعلى مناهجهم فاسلك إن كنت بهم مقتديا.
حكى الشيخ أبو عمر عن العباس بن عبد العظيم العنبري (2) قال: «كنت عند «أحمد بن حنبل»، وجاءه «علي بن المديني» (3) راكبا على دابة قال:
فتناظرا. وذكر ما كانت فيه المناظرة.
قال: وارتفعت أصواتهما حتى خفت أن يقع بينهما جفاء، وكان «أحمد» يرى شيئا و «علي» يأبى ويدفع. فلما أراد «علي» الانصراف، قام «أحمد» فأخذ بركابه» (4).
__________
(1) انظر م. س: 11.
(2) العباس بن عبد العظيم العنبري أبو الفضل ت نحو: 236هـ أو 246هـ 850م أو 860م. ثقة مأمون أعقل أهل البصرة. انظر تاريخ بغداد: 12/ 138.
(3) علي بن حمد المديني البصري السعدي بالولاء، أبو الحسن، ت: 234هـ 849م، محدث، مؤرخ، كان حافظ عصره، له نحو مئتي مصنف منها: «الأسامي والكنى»، و «الطبقات»، و «قبائل العرب» و «التاريخ» و «اختلاف الحديث» انظر التهذيب: 7/ 357349، وتاريخ بغداد: 11/ 473458، وميزان الاعتدال: 3/ 153.
(4) جامع العلم: 2/ 107.(2/989)
نتيجة:
يتولد عن التكبر الناشىء عن الإخلال بهذه الوظيفة احتقار المتكلم معه، وإظهار الاستهانة به، وذلك مما يجب الحذر منه لأمرين:
أحدهما: ما علم فيه شرعا. والآخر: ما يوقع فيه من ورطة الحصول في مناظرة من ينكشف من حاله أنه خلاف ما اعتقد فيه، وقد حذروا من ذلك، وأرشدوا إلى أن الأولى بطالب السلامة أن يحمل الناس على خلاف هذا المحمل، وبعد المكاشفة يعمل على حسب ما تبرزه.
ومن حسن ما وقع في هذا المعنى من المنظوم قول بعضهم:
لا تستهن بعقول الناس إن لهم ... من فوق عقلك مرمى لست تدركه
من أجهل النّاس، من ظن أن فتى ... من جنسه ليس في المعقول يشركه
وهبه دونك، قدّر غير ذاك لكي ... يكون رأيك أمرا أنت تملكه
وإن يكن منك أعلى كنت مستترا ... عنه وما للفتى والستر يهتكه
انعطاف:
مما لا يعد جدالا بغير الحق نصر المذاكر نقيض ما يعتقده، واحتجاجه بخلاف ما يراه في المسألة المنظور فيها لقصده بذلك أحد أمرين: تصحيح ما يراه بانجلاء المناظرة عن بطلان نقيضه، أو اختيار من يناظره، هل يوفي بإبطال ذلك النقيض، وحينئذ فيعلم أنه على يقين مما يعتقد هو في نفسه، والأعمال بالنيات.
وقد سمعت شيخنا العلامة المحقق «أبا إسحاق ابن فتوح» رحمه الله غير مرة «يحكي عن الأستاذ المحقق «أبي جعفر القصّار» أنه كان كثيرا ما يسلك هذا المسلك في مذاكرته»، وهو مقصد نبيل إذا كان مع أهله، ومن تؤمن معه غائلة النسبة إلى المراء واللجاج، وقد يقع بعد ذلك الإفصاح بالموافقة والرجوع إلى الصواب، فيرتفع الخلاف، ويطوى بساطه.
ومن أطرف ما يحكى من ذلك: «ما ذكروا أن قريشا استثقلت، وضاقت
من خبر أبي الفرج البرهاني. وكان أبو الفرج قد اختطب على اثنين وسبعين منبرا في الجاهلية والإسلام. قيل: وكان رجلا جسيما، بليغا، فصيحا، ناطقا، ذرب اللسان، فصيح البيان، ربيط الجنان، عارفا بالصواب، متماسكا بحصافة، ذا عقل، ورأي، وأدب، فبلغ ذلك قريشا. فبلغ منهم مشقة شديدة، فأتت إلى «ابن الرويزي»، وكان من أهل المعرفة بالعرب، ومن ذوي اللسان فيهم، فقالوا له:(2/990)
ومن أطرف ما يحكى من ذلك: «ما ذكروا أن قريشا استثقلت، وضاقت
من خبر أبي الفرج البرهاني. وكان أبو الفرج قد اختطب على اثنين وسبعين منبرا في الجاهلية والإسلام. قيل: وكان رجلا جسيما، بليغا، فصيحا، ناطقا، ذرب اللسان، فصيح البيان، ربيط الجنان، عارفا بالصواب، متماسكا بحصافة، ذا عقل، ورأي، وأدب، فبلغ ذلك قريشا. فبلغ منهم مشقة شديدة، فأتت إلى «ابن الرويزي»، وكان من أهل المعرفة بالعرب، ومن ذوي اللسان فيهم، فقالوا له:
يا رويزي، إن أبا الفرج متشايع في احتجاج اليمن، كلف بقومه، والقول 341ظ / / فيهم أكثر مما وجب لهم، وما لم يكونوا أهله، ولا بلغوه عن أب وجد، فهل لنا منك عوض حتى تغصّه بريقه وتشجيه. قال: نعم. فاجتمعوا وأجمعوني معه، ثم استمعوا ما أستقبله به، لأتركنّه يعرف الغضب في أنفه، فانصرفوا وأعدوا لذلك مجلسا.
قيل: فلما احتفل مجلسهم أرسلوا إلى أبي الفرج فجلس، وقام الرّويزي فقال: يا أبا الفرج، إن «معدّا» هي الناس. قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيََّامُ نُدََاوِلُهََا بَيْنَ النََّاسِ} (1). والدولة هي الدين. فهم الناس، وهم من ولد إسماعيل. فنحن الناس ومحمد صلى الله عليه وسلم منّا، فقام أبو الفرج، فحمد الله وأثنى عليه، وصّلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال: ما لك ولهذا يا رويزي؟!. أما والله إنه لخاتم النبيين، وسراج المتقين، ورسول رب العالمين، ولكن يقول وقوله الحق، {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ}. ثم قال: {وَلَمََّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (2). ثم قال تعالى: {وَقََالَ الرَّسُولُ يََا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هََذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} (3). فأنتم أولئك فما تقولون يا رويزي؟ أما تعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الأسود، والأبيض، والحر، والعبد، والذّكر، والأنثى، والصغير، والكبير، والجن، والإنس إليهم كافة، فكان أحب إليه من أجاب وأناب، وسمع، وأطاع، فدعانا ودعاكم فأجبنا، وأبيتم، وأسلمنا، وكفرتم، ونصرنا، وحاربتم،
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 140.
(2) سورة الزخرف، الآية: 57.
(3) سورة الفرقان، الآية: 30.(2/991)
كل ذلك ونحن في حزبه، وأنتم في حربه، فالله أصدق قولا، لأنه لا يستحي من الحق، فقد صدقنا بما قلنا، وكذبتم بما قلتم، ووصفنا ووصفكم، فنحن أولى بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ أَوْلَى النََّاسِ بِإِبْرََاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهََذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللََّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (1)، لم يختص بمحمد صلى الله عليه وسلم أحدا من الكفار، ولا من عبدة الأوثان، بل نحن 342و / / ومن آمن به من الأسود والأبيض المخصوصون به، وأولاهم نحن أنصار الله، وأنصار نبيه أيضا، لا بل نحن نصرناه وآويناه، وقربناه، وواليناه، إذ أبيتم أنتم عن الإيمان، والاتباع لشرائعه، وما جاء به من سنته عن ربه، بل نقمتموه، وخذلتموه، وفرطتم فيه، فأعزه الله تعالى بنا، ونصره ولكن بالله يا رويزي كم من نبي في الدنيا من العرب إن كنت عالما بذلك؟ قال له الرويزي: أربعة أنبياء، قال: ومن هم؟ قال: هود، وصالح، وشعيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم.
قال أبو الفرج: الحمد لله الذي أنطق لي بالحكمة على لسانك، وأجراها لي على قلبك، وأدحض حجتك، وردك صاغرا بغيظك، فهؤلاء يا رويزي ثلاثة مني ومن قومي مخصوص بهم دونك، والرابع أنا أولى به منك، وأنا وأنت فيه سواء.
فأما «صالح» فرجل من الهوازن إخوة حضرموت، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه فقال تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} (2). نقبوا صخرة فيها أربعون ذراعا ليلقوها على الجيش كيلا يسلم منهم أحد.
وأما «شعيب» فرجل من جذام. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الحي، جذام، قوم شعيب، وأصهار موسى، وأختان (3) عيسى بن مريم». فقيل له:
وهم أختان عيسى يا رسول الله؟. قال: «نعم». وإنه لينزل من السماء، ويتزوج من «جذام» في الحي الذي يقال له: بنو سعد الجارية التي يقال لها: سعيدة».
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 68.
(2) سورة الفجر، الآية: 9.
(3) الختن: الصهر أو كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ.(2/992)
وأما «هود»: فرجل من سبأ، وهم أفصح العرب وأجملها. وأختان سليمان بن داود وخليفته.
وأما ما ذكرته من محمد صلى الله عليه وسلم فرجل من قريش، وما خص الله به أحدا من الناس إلا نحن، لنصرتنا له، وولايتنا له، ونصرنا إياه 342ظ.
قال الرويزي: يا أبا الفرج، إن قريشا خلفاء الله في الأرض. فقال له أبو الفرج: ويحك يا رويزي! لم تفتري؟ إنما خلفاء الله اثنان: آدم، وداود عليهما السلام. وهو قوله تعالى: {إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (1) هو آدم.
وقال تعالى: {يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} (2) فهذان اللذان نطق التنزيل بهما، وأما غير هذين فإنما هم أولياء ما أتى به نبي مرسل فلا يعدّون من الخلائف.
قال الرويزي: يا أبا الفرج، رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه أكان في اليمن عنه عوض!؟ قال: نعم، آتيك به مني ومن قومي ممن بورك عليه: أبو هريرة الدّوسي. قال له: أرأيت عمر بن الخطاب أفي اليمن عنه عوض؟ قال:
نعم، آتيك به مني ومن قومي ممن بورك عليه [أويس] (3) القرني (4) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليدخلنّ الجنة في شفاعته أكثر من ربيعة ومضر».
قال له الرويزي: أرأيت خالد بن الوليد سيف الله في الأرض أفي اليمن منه عوض؟. قال: نعم، آتيك به مني ومن قومي ممن بورك عليه: حماد بن فياض الخشني أول من ضرب بسيف على باب الرحمة ببيت المقدس، وافتتح
__________
(1) سورة البقرة، الآية: 30.
(2) سورة ص، الآية: 26.
(3) في «ج»: أوير.
(4) أويس بن عامر بن جزء القرني، ت: 37هـ 657م، أحد النساك العباد المقدمين، من سادات التابعين، أدرك النبي ولم يره، فوفد على عمر بن الخطاب، ثم سكن الكوفة، وشهد وقعة صفين، ولعله قتل فيها. طبقات ابن سعد: 7/ 138، وحلية الأولياء: 2/ 8779، وميزان الاعتدال: 1/ 278.(2/993)
الأردن وفلسطين. قال: أرأيت [أبا] (1) عبيدة بن الجراح (2) أمين هذه الأمة. أفي اليمن منه عوض؟. قال: نعم، آتيك به مني، ومن قومي ممن بورك عليه: أبو موسى الأشعري أحد الحكمين الذي ما قضى مضى. قال أرأيت عثمان بن عفان، وقد كانت الملائكة تستحي منه، أفي اليمن منه عوض؟ قال: نعم، آتيك به مني ومن قومي. ممن بورك عليه دحية بن خليفة الكلبي (3). وقد كان جبريل عليه السلام ينزل في صورته. فقد تمثل «جبريل» عليه السلام في صورتنا. وتمثل «إبليس» في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (4) يوم أحد، وقال: قد قتل محمد، وصاح النبي صلى الله عليه وسلم ها أنذا محمد، ولم نمت، 343و / / ولم نقتل، ونزع البيضة عن رأسه لكي يعرفه الناس.
فوجم الرويزي، فقال أبو الفرج: يا رويزي، أرأيت حنظلة بن أبي عامر (5) الذي غسلته الملائكة أفي مضر منه عوض؟. فلم يرد عليه شيئا، ثم قال له: أرأيت خارجة بن زيد (6) الذي قتل شهيدا، وتكلم بعد الموت، وأوصى وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيته. أفي مضر عنه عوض؟. فلم يرد عليه جوابا. ثم قال له: يا رويزي، أرأيت سعد بن معاذ الذي اهتز عرش رب العالمين لموته،
__________
(1) ساقطة من الأصول.
(2) هو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي، ت: 18هـ 639م، فاتح الديار الشامية، الصحابي، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، له 14حديثا، انظر طبقات ابن سعد: 7/ 385384، والإصابة: ت 4393.
(3) دحية بن خليفة الكلبي. ت نحو 45هـ 665م. صحابي، كان يضرب به المثل في حسن الصورة، بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم برسالته إلى «قيصر» يدعوه إلى الإسلام، حضر كثيرا من الوقائع.
انظر الإصابة: ت 2390، وطبقات ابن سعد: 4/ 251249.
(4) أبو سفيان: ت 24هـ 645م، صحابي، له شعر، له في كتب الحديث 19حديثا، أسلم بعد غزوة الطائف سنة 8هـ. انظر الإصابة: ت 3109.
(5) ابن صيفي بن مالك الأنصاري الأوسي المعروف بغسيل الملائكة، وبالتقي، كان أبوه في الجاهلية يعرف بالراهب، وكان يذكر البعث، ودين الحنيفية، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم عانده وحسده وأسلم ابنه حنظلة فحسن إسلامه، واستشهد بأحد، انظر الإصابة. ت: 1139.
(6) خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري أبو زيد ت: 99هـ 717م، من بني النجار، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، تابعي / انظر الوفيات: 2/ 223، وحلية الأولياء: 2/ 190189.(2/994)
ولم يهتز لموت نبي ولا صدّيق. أفي مضر منه عوض؟ فلم يرد عليه شيئا، ووجم واستهزأ به أبو الفرج، ثم قال: يا رويزي أرأيت سعد بن عبادة (1) الذي ناحت عليه الجن والإنس حتى سمع بعضهم نحيب بعض، وسمع الإنس للجن والجن للإنس إذ قتل شهيدا؟ فلم يرد عليه شيئا، ثم قال: أرأيت ثابت بن النعمان الذي رحم الله صيامه، وما أنزل بنفسه في رضا الله عليه، [فأنزل الله عليه] (2) دوحة من الجنة برطب، وتمر، وناداه أنا الذي ألقاها إليك، كل يا ولي الله، فقد رحمك رب العالمين، وكل من السماوات العلى، أفي مضر عنه عوض؟. فلم يرد عليه شيئا، ثم قال له: أرأيت أبا قيس الذي كان تمنى على هذه الأمة، الذي أرخص الله للإسلام بسببه الأكل والشرب والنساء إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر في رمضان، وكان حراما بعد المنام أفي مضر منه عوض؟ فلم يرد عليه شيئا، ثم قال: أرأيت معاذ بن جبل أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحلال وحرام، أفي مضر منه عوض؟.
ثم قال له: أرأيت عمر بن الدحداح الذي كان حيا في الدنيا، وكان يأكل من ثمار جنته في الجنة، لأنه كافأه رب العالمين بحدائقه التي حبسها لكل من آمن بالله، وأحب محمدا صلى الله عليه وسلم، وكان الناس يأتونه، فيهنئونه بمكانه من الله. أفي مضر 343ظ / / منه عوض؟
ثم قال له: أرأيت المقداد بن الأسود الكندي (3) أول من ارتبط فرسا في سبيل الله، وقد زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت عمه: الزبير بن عبد المطلب، أفي مضر منه عوض؟ ثم قال: يا رويزي، أرأيت أصحاب الأخدود أفي مضر
__________
(1) سعد بن عبادة الخزرجي أبو ثابت: ت: 14هـ 635م، صحابي، كان سيّد الخزرج بالمدينة، وأحد الأشراف في الجاهلية والإسلام، شهد العقبة، وأحدا، والخندق / انظر طبقات ابن سعد:
3/ 617613، والإصابة: ت 3167، والصفوة: 1/ 505503.
(2) ساقط من مخ «ب».
(3) البهراني الحضرمي أبو معبد، أو أبو عمرو، ت: 33هـ 653م، صحابي، وأحد السبعة الأوائل الذين أظهروا الإسلام، وأول من قاتل على فرس في سبيل الله شهد بدرا وغيرها، له 48حديثا، انظر الإصابة: ت 8183، والصفوة: 1/ 425423.(2/995)
منهم عوض؟. آمنوا بالله وذكرهم الله في كتابه، ثم قال: أرأيت ملكة سبأ (1) التي ملكت ثلاثمائة سنة وثلاثة عشر ملكا، مع كل ملك منهم مائة ألف من الجند، تزوجها نبي الله، وابن خليفة الله، أفي مضر رجل وامرأة ملكت ثلاثمائة شاة؟! فكيف ثلاثمائة ألف وثلاثة عشر ألفا. ثم قال: أرأيت خارجة بن زيد الذي سلم عليه جبريل عليه السلام أفي مضر منه عوض أم هل سلم جبريل على واحد منكم غير النبي صلى الله عليه وسلم؟
ثم قال: أرأيت أبا بردة (2) الذي رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يذبح جذعا من المعز في الأضحى، وهو الذي قتل كعب بن [يهوذا] (3) شريف بني قريظة، أفي مضر منه عوض؟ أم هل رخص لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء؟! فلما فتر أبو الفرج، قال له الرويزي: إن لنا جاهلية لن تجهل، والقوم قعود سكوت لا ينطق منهم أحد، قال له أبو الفرج: ويحك يا رويزي ما دعاك إلى هذا؟ فو الله ما نعرف جاهليتك في قديم ولا حديث، وإن ذلك لنحن المأثورون بها. أليس في اليمن المعمر لقمان بن عاد الباني {إِرَمَ ذََاتِ الْعِمََادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهََا فِي الْبِلََادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} (4). ذو والأيدي الطوال السداد، ومنهم [التبابعة] (5) المتوجون، و [الجبابرة] (6) مثل أبرهة ذي المنار (7)، و [العبد] (8) ذي الأذعار (9)، والرائش الفتاح (10)، ولي أذينة الصفاح (11)، وجذيمة
__________
(1) المراد بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل التي أشار إليها القرآن ولم يسمها.
(2) أبو بردة بن نيار البلوي، واسمه هانىء بن نيار، وقيل مالك ابن هبيرة ت نحو: 42هـ 622م، حليف الأنصار، شهد بدرا وما بعدها، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر التهذيب: 12/ 19.
(3) في «ج»: يهوديا.
(4) سورة الفجر، الآيات: 97.
(5) في «ب» و «د»: التباعية.
(6) بياض في الأصول.
(7) أبرهة بن الحارث الرائش من حمير، من تبابعة اليمن، جاهلي لقب بذي المنار، لأنه جعل في الطريق أعلاما يهتدى بها، مات أبوه في بعض حروبه بالعراق، فتولى أبرهة الملك بعده. انظر الروض الأنف: 1/ 34.
(8) في «د»: العهودي.
(9) ذو الأذعار: جاء في القاموس المحيط: تبّع، لأنه سبى قوما وحشة الأشكال، فذعر منهم الناس، أو لأنه حمل النسناس إلى اليمن، فذعر منهم الناس وتفرقوا ذعارير. انظر سيرة ابن هشام: 1/ 33، والروض الأنف: 1/ 34.
(10) والرائش الحميري: ملك كان غزا قوما، فغنم غنائم كثيرة، وراش أهل بيته، وهو من ملوك اليمن، وسمي الرائش لأنه راش الناس بما أوسعهم من العطاء، وقسم فيهم من الغنائم، انظر الروض الأنف: 1/ 34. والقاموس المحيط.
(11) الصفاح أي الصفوح، وأذينه اسم ملك من ملوك اليمن.(2/996)
الوضاح (1)، وشمر السياح (2)، والأشراف من أولاد حمير، والنعمان بن المنذر (3)، وسيف بن 344و / / ذي يزن (4)، العظيم الشأن ذي [جدد] (5)، و [عظماء الحيرة] (6) واليمن، فلما سمع الرويزي إطنابه، ومدحه، وإسهابه، وفي ذلك يقول الحق، ويقدم الصدق، قال له: أنت يا أبا الفرج! أنت المداح المسهب، والعراف المطنب، وإن قومك لكما قلت، ولقد سلبتنا النخوة القرشية، والعزة الإسماعيلية، فقال له أبو الفرج: أما إذا أقررت بفضل العتدة (7)
اليمينة، والعصابة الحميرية، فإن الحق أحق أن يتبع، والصدق أولى أن يستمع، إن منكم سيد المرسلين والخلفاء المهتدين، وأنتم أهل بيت الله، وأمناؤه، وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه، ولكم السّدانة (8)، والسقاية، والإمامة، والراية، وبكم يتم الحج الأكبر، والوقوف بعرفة، والمشعر (9)، وبكم يقتدى في المنحر،
__________
(1) جذيمة من ملوك العرب، وجاء في اللسان، أن جذيمة ملك من ملوك الحيرة وصاحب الزباء، انظر الروض الأنف: 1/ 33.
(2) والشّمر: ملك من ملوك اليمن. يقال: إنه غزا مدينة الصّغد، فهدمها فسميت شمركند وعربت سمرقند، وقال بعضهم، بل هو بناها فسميت شمركنت وعربت سمرقند، وهي بالتركية: القرية، وإسكان الميم وفتح الراء لحن، انظر اللسان والقاموس المحيط: شمر.
(3) النعمان بن المنذر أبو قابوس ت 20ق. هـ 602م آخر ملوك اللخميين في الحيرة، ومن أشهر ملوكها، وهو صاحب يومي «البؤس والنعيم»، انظر السيرة لابن هشام: 1/ 23و 32.
(4) ت: 50هـ 574م. من ملوك عرب اليمن ودهاتهم، انظر السيرة لابن هشام: 1/ 8382 والروض الأنف: 1/ 33و 82.
(5) في «د»: جذر.
(6) في «د»: عطا الحرة.
(7) العتدة: ج عتد: العدة.
(8) السّدانة: خدمة الكعبة.
(9) الشعيرة والشعارة، والمشعر كالشّعار: مناسك الحج وعلاماته، وكل ما جعل علامة لطاعة(2/997)
وفضلكم مشهور في الجاهلية والإسلام، وزادكم شرفا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما نحن لكم وزراء، وحشم لا أمراء، فلما سمعه «الرويزي» قام إليه، ثم اعتنقا وافترقا» اهـ.
[قلت (1): وينظر لهذا الاحتجاج على فضل عرب اليمن إذ الشيء يذكر بالشيء ما يقال: وذكر عن الأصمعي «أن معاوية رضي الله عنه صعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، ليقم إلي أعلمكم بالناس، وبما أريد أن أسأل عنه، فقام إليه عدي بن حاتم (2) فقال: أنا يا أمير المؤمنين. قال: أنت يا عدي؟! قال: نعم. قال: فأخبرني عن أسخى الناس، قال: نحن يا أمير المؤمنين معشر اليمن، قال: ولم؟ قال: لأن الله عز وجل يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدََّارَ وَالْإِيمََانَ} إلى قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كََانَ بِهِمْ خَصََاصَةٌ} (3) الآية.
فقال له معاوية: اجلس، ثم قال: أيها الناس، ليقم إلي الآن أعلمكم بالناس، وبما أريد أن أسأل عنه، فقام إليه عدي بن حاتم فقال: أنا يا أمير المؤمنين. قال أخبرني 344ظ / / عن أشجع الناس. قال: نحن يا أمير المؤمنين، معشر اليمن، قال: ولم ذلك؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله تعالى اختار الأوس والخزرج لنصر نبيه مع ما كان من عمرو بن معدي كرب (4)
__________
الله عز وجل كالوقوف، والطواف، والسعي، والرمي، والذبح، وغير ذلك قال تعالى:
{فَاذْكُرُوا اللََّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرََامِ} سورة البقرة، الآية: 198. وانظر اللسان شعر.
(1) من قوله: [قلت إلى الأدب السابع] ساقط من «ج» و «د».
(2) الطائي أبو وهب، أبو طريف. ت: 68هـ 687م. صحابي، روى عنه المحدثون 66حديثا، كما كان رئيس طيء في الجاهلية والإسلام، وشهد الجمل، وصفين، وغيرهما. انظر الإصابة:
ت 5467. والخزانة: 1/ 139.
(3) سورة الحشر، الآية: 9.
(4) الصدفي أبو ثور. ت: 21هـ 642م. فارس اليمن، أسلم سنة: 9هـ. ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، ارتد عمرو في اليمن، ثم رجع إلى الإسلام. شهد اليرموك والقادسية له شعر جيد، وأشهر قصائده التي يقول فيها:
«إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع»
له شعر مجموع. انظر الإصابة، ت: 5966. وطبقات ابن سعد: 5/ 526525.(2/998)
في جاهليته». فقال له معاوية: اجلس فجلس، ثم قال: أيها الناس ليقم إلي أعلمكم بالناس، وبما أريد [أن] (1) أسأل عنه. فقام إليه عدي بن حاتم. فقال:
أنا يا أمير المؤمنين. قال: فأخبرني عن أحسن الناس، وأجملهم. قال: نحن يا أمير المؤمنين معشر اليمن، قال: لأن الله تعالى بعث جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي، ولو كان في الناس [أجمل] (2) منه لبعثه في صورته، فقال معاوية: اجلس فجلس، ثم قال: أيها الناس، ليقم إلي أعلمكم بالناس، وبما أريد أن أسأل عنه، فقام إليه عدي بن حاتم فقال: أنا يا أمير المؤمنين، قال:
فأخبرني عن أشعر الناس، قال: نحن يا أمير المؤمنين، معشر اليمن. قال: ولم ذلك؟ قال: لأن حسان بن ثابت حكم له النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين بيتا من شعر على سائر الشعراء على ما كان من «امرىء القيس» في الجاهلية، وكان منا. قال معاوية: اجلس يا عجوز اليمن، فقال له عدي: عجوز اليمن خير من عجوز مضر، لأن عجوز اليمن «بلقيس»، ملكة «سبأ»، أسلمت مع سليمان لله رب العالمين، وعجوز مضر عمتك امرأة لهب، {حَمََّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهََا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} (3).
ثم قال معاوية: يا معشر قريش، إن الله تعالى فضلكم في ثلاث آيات في كتابه وأنزل فيكم سورة، فقال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (4). وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} (5). وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللََّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (6). وأنزل فيكم سورة لم يشارك فيها أحد معكم {لِإِيلََافِ قُرَيْشٍ} (7) إلخ فقام إليه عدي بن حاتم 345و / / فقال: إن الله تعالى
__________
(1) في «ب»: عن.
(2) بياض في الأصول.
(3) سورة المسد، الآيتان: 4و 5.
(4) سورة الشعراء، الآية: 214.
(5) سورة الزخرف، الآية: 44.
(6) سورة آل عمران، الآية: 164.
(7) قريش وآياتها.(2/999)
أكذبكم في ثلاث آيات من كتابه، وأنزل فيكم سورة كاملة. فقال تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} (1) وقال تعالى: {وَقََالَ الرَّسُولُ يََا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هََذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}. وقال تعالى: {وَلَمََّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}. وأنزل فيكم سورة خاصة: {تَبَّتْ يَدََا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (2) إلى آخرها. وسمى عمتك، ولم يشارك فيها معكم أحدا. فقال معاوية للمؤذن، أقم الصلاة وأرحنا منه. فقال عدي: والله لو زدتنا لزدناك» اهـ.
الأدب السابع: وهو باعتبار من كمال آداب المذاكرة أن يرتفع عن اغتصاب مرافقيه في انتحال ما يسبقون إليه من بحث، أو نقل كلام، أو غير ذلك مما يختصون به دونه.
قال الشيخ أبو العباس ابن زاغو رحمه الله: «وينبغي له أن ينزه نفسه عن رذيلة السرقات العلمية، فلا ينسب إلى نفسه كلام غيره، ولا يتبجح بأخذ بحث غيره، فيستكثر به، ويضيفه إلى نفسه من حي أو ميت.
قال بعد كلام: ولهذا النهي أصول في الشريعة، ومن أمسها بهذا الموضع قوله تعالى: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمََا لَمْ يَفْعَلُوا} (3). وقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ} (4).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» (5) اهـ.
وقد سبق «ابن الحاج» للتنبيه على هذا الأدب وصرح بعدم جواز هذه
__________
(1) سورة الأنعام، الآية: 66.
(2) سورة المسد، الآية: 1.
(3) سورة آل عمران، الآية: 188.
(4) سورة الصف، الآية: 2.
(5) الحديث رواه البخاري في باب النكاح: 106، والدارمي في باب الأدب، ومسلم في باب اللباس: 127126، والترمذي في باب البر.(2/1000)
السرقة. قال في أثناء ذكره لبعض ما يعاب على المتذاكرين من هذا المعنى:
«وذلك يسرق بعض الناس ما يريد أن يقوله يعني غيره فيقطع الكلام عليه، ويستبد هو بالجواب أو إلقاء المسألة لنفسه.
قال: وهذا كله لا يجوز، وأصله العجب، والمباهاة، والفخر، ومحبة القيل عنه، ومحبة الظهور على الأقران».
قال 345ظ / / ابن زاغو: «عندي أن الحكم في هذا الباب: حكم السرقات الشعرية في علم البيان، فيفصل بين ما يقبل منه وما لا يقبل، ويجوز ذكره غير منسوب إلى السابق به، وما لا يجوز والله أعلم» اهـ.
قلت: ذكروا هناك أن الأخذ من شعر غيره يفضل السابق له بأحد ثلاثة أمور: زيادة معنى، أو حسن عبارة، أو اختصار لفظ، فعلى ما قال هنا: إذا انتحل شيء من المعاني العلمية على أحد هذه الوجوه، فهو مما يكون به الآخذ أولى ممن سبق إلى المعنى المأخوذ، وعدوا أيضا مما ليس بسرقة: التداول، وهو أخذ اللفظ المتداول بين الناس. والتوارد: وهو موافقة الشاعر شعر غيره من غير علم به. والحكم هنا كذلك على هذا المنزع، وهو أمر ظاهر المعنى والله أعلم.
الأدب الثامن: أن يعرف حق أكابرهم في العلم، والسن.
قاله أبو نعيم. «واستدل له بما تقدم، وأن زيد بن ثابت رضي الله عنه أراد أن يركب، فوضع رجله في الركاب، فأمسك له ابن العباس رضي الله عنهما فقال: تنح يا ابن عم رسول الله، فقال: إنا هكذا نصنع بالعلماء والكبراء» اهـ.
وعلى هذا المنزع في الاستدلال لجميع ما سبق في تعظيم المعلم، وسائر العلماء دليل على جريانه في هذا الأدب على الجملة.
الأدب التاسع: «أن يقدم أمامهم أكثرهم علما، وأوفرهم حلما ليسأل له ولهم»
. قاله أبو
نعيم أيضا. واستظهر عليه بحديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم».(2/1001)
قاله أبو
نعيم أيضا. واستظهر عليه بحديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم».
«وبحديث سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليقم الأعرابي خلف المهاجرين والأنصار 346و / / ليقتدوا بهم»» اهـ.
وفي سير مالك رحمه الله من أمره بهذا التخلق بهذا الأدب، وأخذ أصحابه بالاستعمال له في مجالس تدريسه ما فيه أسوة لمن اقتدى به، وسلك على نهج اتباعه و [اهتدائه] (1).
فحكى عياض عن مطرف وغيره كان مالك إذا جلس للحديث قال: «ليلني منكم ذو والأحلام والنهى، قيل: فربما قعد القعنبي (2) عن يمينه» (3).
قال عياض وقد قيل: «إن المخزومي كان ممن يجلس معه على فراشه» (4).
وعن إسماعيل بن حماد (5) «أتيت مالكا فرأيته جالسا في صدر بيته وأصحابه بجنبتي البيت» (6).
قال وهب: «كنا إذا جلسنا إل مالك فإنما يتساءل الناس بينهم، فإذا اختلفوا وأرادوا أن يرفعوه إلى مالك، فإنما يصيح إليه الرجل الواحد بخفض صوت مع الإجلال والهيبة فيقول: ما تقول أصلحك الله في كذا وكذا؟. فإن كان الرافع المصيب، قال له: وفقك الله، وإن كان الآخر، قال له، فأيهم ناداه
__________
(1) في «ج» و «د»: اعتدائه.
(2) عبد الله بن مسلمة القعنبي أبو عبد الرحمن البصري. ت نحو: 221هـ 836م، روى عن مالك كثيرا، ولزمه عشرين سنة، ثقة، حجة، كما كان رجلا صالحا، عارفا، انظر الديباج: 1/ 411 413، والشجرة / 57.
(3) انظر المدارك: 2/ 16.
(4) انظر م. س: 2/ 36.
(5) إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة الكوفي: ت نحو 212هـ 827م، كان قاضي البصرة، وممن حمل الفقه والحديث عن مالك، انظر التهذيب: 1/ 290. ولسان الميزان: 1/ 398.
(6) المدارك: 2/ 14.(2/1002)
بالتوفيق علم أنه المصيب» (1) اهـ. والمعروف عنه في ذلك كثير.
الأدب العاشر: أن يتأدب معهم بالمحافظة على أمور تتأكد العناية بها في المصاحبة معهم.
أحدها: أن يسلم عليهم عند الورود عليهم في المجلس، وعند الانصراف عنهم، ذكره أبو نعيم. واحتج له بما رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، فإن قام فليسلم، فإن الأولى ليست [أحق] (2) من الثانية».
فرع:
قال ابن العربي: «يسلم على الصبيان، فقد صح من رواية عيسى وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على صبيان فسلم عليهم».
الثاني: أن يجلس حيث انتهى به المجلس لحديث جابر بن سمرة (3)
رضي الله عنه قال: «كنا إذا أتينا رسول 346ظ / / الله صلى الله عليه وسلم جلسنا حيث ينتهي»، ذكره أبو نعيم.
وقد عقد «ابن الحاج» فصلا للكلام على موضع جلوس العالم، وحاصل ما يشتمل عليه: «أن العلماء أولى الناس بالتواضع، وطلب موضع معلوم للجلوس من باب الكبر والخيلاء، فلا يليق بما هو أولى بهم، وأن من سبق إلى موضع فهو أحق به من غيره، والمقيم له مرتكب لمنهي عنه.
قال: والفضيلة عند السلف رضي الله عنهم ليست بالمواضع، ولكن باتباع السنة في التواضع وغيره من الأخلاق الحميدة، فلو جلس من له فضيلة
__________
(1) انظر: م. س: 2/ 17.
(2) في «ج» و «د»: بأحق.
(3) جابر بن سمرة السّوائي، ت: 74هـ 693م، صحابي، كان حليف بني زهرة، له ولأبيه صحبة.
روى له البخاري، ومسلم، وغيرهما 146حديثا، انظر الإصابة: 1014، والتهذيب: 2/ 39.(2/1003)
عند الأقدام، لصار موضعه صدرا، وعكسه عكسه.
قال: فليحذر من هذا التنافس المذموم شرعا، فإنه سم قاتل لفاعله، ولمن يقتدى به» (1). انتهى ملخصا.
حكاية:
يعتبر بها في تواضع الكبراء في مجالس العلم، ومساقها على كمالها ما أورده عياض عن مطرف وابن نافع وغيرهما، وبعضهم يزيد على بعض: «أن هارون الرشيد لما قدم المدينة وجه إلى مالك، البرمكي، وقال له: احمل لي الكتاب الذي صنفته (2) حتى أسمعه منك. فوجد من ذلك مالك، واغتم، وقال للبرمكي: اقرئه السلام، وقل له: العلم يزار، ولا يزور، إن العلم يؤتى ولا يأتي، فرجع البرمكي إلى هارون فأخبره بذلك فغضب، وأشار عامة أصحاب مالك عليه أن يأتي هارون. وقال البرمكي للرشيد: يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك! اعزم عليه حتى يأتيك. فإذا بمالك قد دخل عليه، فسلم، وليس معه كتاب. فقال له هارون في ذلك. فقال مالك: يا أمير المؤمنين، إنّ الله تعالى بعث إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمر بطاعته واتباع سنته، [وأن نرعاه] (3) حيا وميتا، وقد جعلك الله في هذا الموضع لعلمك، فلا تكن أول من وضع 347و / / العلم [فيضعك] (4) الله، الله، الله! لقد رأيت من ليس هو في حسبك، ولا نسبك من الموالي وغيرهم يعز هذا العلم، ويجله، ويوقر حملته، فأنت أحرى أن تجل علم ابن عمك ولم يزل يعدد عليه حتى بكى. ثم قال له: حدثني الزهري، وذكر حديث زيد بن ثابت، كنت أكتب الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لََا يَسْتَوِي الْقََاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. {وَالْمُجََاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (5) وابن
__________
(1) المدخل: 1/ 197وما بعدها.
(2) في الأصول: صنعته، وما أثبتناه من المدارك: 2/ 21.
(3) في «د»: وانرعاه.
(4) في «ج» و «د»: فيضيعك.
(5) سورة النساء، الآية: 95.(2/1004)
أم مكتوم (1) عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! قد أنزل الله تعالى في فضل الجهاد ما أنزل، وأنا رجل ضرير، فهل لي من رخصة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما أدري»؟ قال زيد: وقلمي رطب لم يجف، حتى غشي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، (ووقع فخذه على فخذي، فكادت تندق من ثقل الوحي) (2)، ثم أفاق، فقال:
اكتب يا زيد، {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (3). فيا أمير المؤمنين! هذا حرف واحد بعث فيه جبريل والملائكة من مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه. أفلا ينبغي أن أعزه، وأجله؟!.
قال: فقال هارون: قم بنا إلى منزلك، فأتى منزل مالك، فدخل مالك، فاغتسل ولبس ثيابا جددا، وتطيب، ووضع مجامير فيها عود، وجلس. فقال:
هات، فقال هارون: تقرأ علي. قال: ما قرأت على أحد منذ زمان. قال:
فأخرج الناس عني حتى أقرأه عليك.
فقال مالك: إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصة لم ينتفع به الخاصة. قال: فمر بعض أصحابك يقرأه. فأمر المغيرة، فقرأه له على مالك، وفي رواية أن الذي قرأه: معن (4) قال: فكان هارون قد استند إلى جنب مالك، فلما بدأ يقرأ، قال له يا أمير المؤمنين: «من تواضع لله رفعه».
وفي رواية أبي مصعب من إجلال الله، إجلال ذي الشيبة المسلم، فقام فقعد بين يديه فحدثه، فلما فرغ عاد إلى مكانه، قال مالك: لما كان بعد مدة قال
__________
(1) هو عمرو بن قيس بن زائد بن الأصم، ت: 23هـ 643م مؤذن الرسول في المدينة مع بلال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة. يصلي بالناس في عامة غزواته، حضر حرب القادسية ومعه راية سوداء، وعليه درع سابغة فقاتل وهو أعمى، توفي بالمدينة، انظر الاستيعاب:
ت 1946. والصفوة: 1/ 584582.
(2) ما بين قوسين زيادة من المدارك: 2/ 22.
(3) سورة النساء، الآية: 95، والآية: {لََا يَسْتَوِي الْقََاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.
(4) معن بن عيسى القزاز (كان يبيع القز). ت: 198هـ 813م. من كبار أصحاب مالك، وأشد ملازمة له. كان يتكىء عليه عند خروجه إلى المسجد حتى قيل له: عصية مالك، وهو ثقة.
خرج عنه البخاري ومسلم. انظر الديباج: 2/ 345344.(2/1005)
لي الرشيد: تواضعنا لعلمك فانتفعنا 347ظ / / به، وتواضع لنا علم سفيان بن عيينة فلم ننتفع به، وكان يأتيهم فيحدثهم» (1) اهـ.
قال ابن الحاج: «ولأجل ما عنده من فضيلة العلم انقاد إلى الأدب والتواضع، ولم يزده ذلك إلا رفعة وهيبة، بل ارتفع قدره بذلك، وبقي يثنى عليه في مجالس العلماء وغيرهم» اهـ.
تنبيه:
«إذا انتهى به ما يراه موضع جلوسه فليحذر أن يكون في وسط الحلقة».
قاله أبو نعيم. واستظهر عليه بما رواه «أن رجلا جلس وسط حلقة قوم فقال حذيفة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن، أو قال: ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من جلس وسط الحلقة»».
تحذير:
إذا لم يجد في مجلس العلم موضعا ينتهي إليه فليحذر كل الحذر من ذهابه عنه، فإن فيه وعيدا عظيما.
خرج البخاري عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا.
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة، أما أحدهم:
فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر: فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر:
فأعرض، فأعرض الله عنه، ومن أعرض الله عنه فقد تعرض لسخطه، ألا ترى قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنََاهُ آيََاتِنََا فَانْسَلَخَ مِنْهََا} (2)». وهذا انسلخ من آي الله بإعراضه عنه».
__________
(1) انظر المدارك: 2/ 2321.
(2) سورة الأعراف، الآية: 175.(2/1006)
والثالث: ألا يتخطى حلقتهم لحديث أبي أمامة رضي الله عنه 348و / / قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تخطى حلقة قوم بغير إذنهم فهو عاص». ذكره أبو نعيم قائلا قبل إيراده: «وليتق أن يتخطى الحلقة».
فرع:
قال: «وإن استدناه العالم لحاجة إليه فلا بأس بتخطيه الحلقة. وأسند إلى جابر رضي الله عنه قال: كان لرجل منا حاجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليه، فوجده حين نزل عن راحلته، فقال: يا رسول الله: حاجتي، فقال: «إنما كنت أصلي بالناس، فإذا فرغت فأذني»، فلما فرغ من صلاته قال: «[أين] (1)
طالب الحاجة، فجاء يتخطى رقاب الناس». وذكر الحديث.
زاد النووي: «أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك».
الرابع: أن يوسع لهم في المجلس لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه، ثم يخالفه فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا». وأصله قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجََالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللََّهُ لَكُمْ} (2).
قال ابن العربي في أحكامه (3): «والتفسح واجب فيه».
وهنا مسائل مهمة تتكمل بها المعرفة بأحكام هذا الأدب.
المسألة الأولى:
مذهب الجمهور كما قال ابن عطية: «إن السبب في نزول الآية الكريمة، مجلس النبي صلى الله عليه وسلم والحكم مطرد في سائر مجالس الطاعات، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «أحبكم إلى الله ألينكم في الصلاة مناكب، وركبا، في المجالس».
__________
(1) في «ب»: إن.
(2) سورة المجادلة، الآية: 11، وهناك قراءة من قرأ: «تفسّحوا في المجالس».
(3) انظر: 4/ 1760.(2/1007)
قال: وهذا قول مالك رحمه الله. وقال: ما أرى الحكم إلا يطرد في مجالس العلم ونحوها [غابر] (1) الدهر.
قال: ويؤيده قراءة من قرأ في «المجالس»، ومن قرأ في «المجلس» فهو عليه: اسم جنس، يريد فيعتبر عمومه لا خصوص السبب على ما 348ظ / / تقرر اختياره في أصول الفقه، ومن هناك قال ابن رشد: لو ثبت السبب لوجب أن تحمل الآية على استغراق الجنس لوجود معنى السبب في غير مجالس النبي صلى الله عليه وسلم وهو من يريد من المجلس ما أراد أهله منه بالتوسع له فيه، والمشروع لمعنى قد يبقى عند ارتفاع ذلك المعنى كزكاة الفطر وغسل الجمعة، [والرمل في] (2)
الطواف فكيف بما كان المعنى موجودا فيه؟
قال: فلا اختلاف في وجوب التوسع في مجالس الخير والذكر إلى يوم القيامة، وإنما يرجع الاختلاف إلى وجوبه بتناول لفظ الآية أو بالقياس على ما يتناوله لفظها».
المسألة الثانية:
دل الحديث المتقدم مع مطابقته للآية الكريمة في الأمر بالتفسح على منع أن يقام جالس لوارد عليه، على ما سبق بيانه، وخصوصا في مجلس العلم، لما قرروا «أن كل أحد يجلس فيه حيث انتهى به المجلس» قاله ابن العربي (3)
وغيره. «وفي نص مالك وقوله دليل عليه».
فحكى عياض عن محمد بن جعفر بن إبراهيم قال: «كلم صديق لأبي مالكا أن أسمع منه فأذن له، فكنت أختلف إليه، وأنا مدل بنسبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي، وأتخطى الناس إلى وساد مالك فلا يتزحزح عنها، [ويريني] (4) أنه لم يرني احتقارا لي، فشكوت ذلك لأبي وغيره، فبعثوا إليه
__________
(1) في «ج» و «د»: عابر.
(2) ساقط من «ج» و «د».
(3) الأحكام: 4/ 176.
(4) في «ب»: يريبني.(2/1008)
يسألونه عن إكرامي وأثرتي، فقال للرسول: ما هو عندنا وغيره إلا سواء، إنما هي عفاك الله مجالس العلم، السابق إليها أحق بها.
قال: فكنت آتي، وقد أحدق المجلس، فما يوسع لي، فأستدني حيث وجدت» (1) اهـ.
لكن هذا النهي قيل أنه نهي أدب، وقيل نهي تحريم، وعلى الأول خرج بعضهم جواز استدناء العالم من يراه أهلا لذلك وهي 349و / /.
المسألة الثالثة:
فقد حكى ابن الفرس (2) عن جماعة من العلماء: «أنه يجب على العالم أن يليه أولو الفهم والنّهى، ويوسع لهم في الحلقة حتى يجلسوا بين يديه.
قال: فعلى هذا يكون للعالم أن يقيّم من يجلس إلى جنبه، أو بين يديه، ويجلس فيه غيره إذا كان له وجه» اهـ.
ومثله للنووي قائلا: «إذا كان في تقدمه مصلحة للحاضرين».
وقد تقدم في الأدب التاسع من قول مالك وفعله على اعتباره لهذا المحمل، وطلب هذا التعلم، بمعرفة حق أكابر رفقائه في العلم والسن، مقتض لأخذه بأن يستسلم لتقديم من فوقه عليه، إلى الجلوس صدر مجلس التعليم أو قريبا من المعلم، إذ بذلك يعرف الفضل لأهله، وبما هو من نوعه كما ورد في حديث أورده «ابن العربي» مسندا إلى «عبد الله بن المثنى الأنصاري (3) عن
__________
(1) المدارك: 2/ 17.
(2) هو عبد المنعم بن محمد الخزرجي أبو عبد الله المعروف بابن الفرس، ت: 599هـ 1203م، قاض أندلسي من علماء غرناطة، كان له النظر في الحسبة والشرطة. له تآليف منها: «أحكام القرآن». انظر قضاة الأندلس: 110.
(3) عبد الله بن المثنى الأنصاري البصري أبو المثنى، روى عن عمه ثمامة بن عبد الله، وعمي أبيه موسى والنضر ابني أنس بن مالك، والحسن البصري، وغيرهم، وروى عنه ابنه محمد وابن ابنه سلمة بن المثنى وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، من الثقات. انظر: التهذيب: 5/ 387 388.(2/1009)
عمّه: ثمامة بن عبد الله بن أنس (1) عن أنس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وقد أطاف به أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوقف، وسلم، ثم نظر مجلسا يشبهه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزحزح له عن مجلسه، وقال: «هاهنا يا أبا الحسن»، فجلس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر.
قال: فرأينا السرور في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على أبي بكر فقال:
«يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل»» (2).
المسألة الرابعة:
من نوع هذا القيام المستحسن عند «ورود من له حق قيام بعض حاضري مجلس التعليم إذا وردت عليه امرأة في مسألة أو حاجة حتى تقضى حاجتها بما قصدت» 349ظ / / قاله أبو نعيم.
واستظهر عليه بما رواه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحوله أصحابه تكلمه في حاجة لها، فطافت في المجلس فلم تجد مجلسا، فقام رجل من المجلس، فجلست في مجلسه، فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجتها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعرفها»؟ قال: لا. قال:
«فرحمتها رحمك الله ثلاث مرات أو أكثر».
قلت: وفي معنى ذلك ما يرد عليهم سائلا عما يفهم عنه أنه يريد السؤال سرا خصوصا إذا كان غريبا.
فحكى عياض عن «إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة» قال: «أتيت مالكا فرأيته جالسا في صدر بيته، وأصحابه بجنبتي البيت، كل واحد منهم له مجلس، فقمت على باب البيت قال: من أنت؟ قلت: فلان، أسأل عن مسألة. قال:
ادن، حتى أقعدني بين يده (3). فلما رأى ذلك أصحابه قاموا جميعا من
__________
(1) ثمامة بن عبد الله بن أنس البصري قاضيها تولاه سنة 106هـ، وعزل عنه سنة: 110هـ، تابعي، ثقة. انظر التهذيب: 2/ 2928.
(2) الأحكام: 4/ 1759.
(3) في المدارك: 2/ 29: يدي فراشه.(2/1010)
مجالسهم. فخرجوا من البيت، فقال لي: ما كان أبوك يقول في كذا؟ فأخبرته.
فقال: وما كانت حجته؟ فأعلمته، وجعل يسايلني عن أشياء من مذهب أبي حنيفة وعن حجته، ثم قال: سل، فسألته، فأجابني، فلما خرجت عاد أصحابه إلى مجالسهم» (1) اهـ.
وفي معناه أيضا قال ابن الصلاح في آداب [الفتيا] (2): «إن المفتي يستحب له أن يقرأ ما في الرقعة على من بحضرته ممن هو أهل لذلك، ويشاورهم في الجواب، ويباحثهم فيه، وإن كانوا دونه وتلاميذه لما في ذلك من البركة، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف الصالح رضي الله عنهم قال: اللهم إلا أن تكون في الرقعة ما لا يحسن إبداؤه، وما لعل السائل يؤثر ستره، أو ما في إشاعته مفسدة لبعض الناس، فينفرد هو بقراءتها وجوابها، والله أعلم».
المسألة الخامسة:
إذا ورد عليهم 350و / / وقام عن المجلس واحد منهم مؤثرا له به، فهل يجلس فيه أو يطلب ما ينتهي به جلوسه؟
قال النووي: «لا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل، اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما يشير به إلى ما ذكر عنه رضوان الله عليه أنه كان يقوم له الرجل من عند نفسه، فلا يجلس في مجلسه، ولا خفاء أن الاقتداء بالصحابة الكرام، من أفضل ما يتمسك به المحافظ على اتباع السنن.
قال الحسن رضي الله عنه وقد ذكرهم رضوان الله عليهم أنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فتشبهوا بأخلاقهم، وطرائقهم، فإنهم ورب الكعبة على الصراط المستقيم، وأيضا ما تقرر من إيجاب محبتهم، لما كانوا عليه من شدة المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم مقتض لتأكيد الاقتداء بهم فعلا وتركا».
__________
(1) م. س: 2/ 3029.
(2) في مخ «ب»: الفتى.(2/1011)
قال الأستاذ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله «ولما [بالغ] (1) مالك رحمه الله في هذا المعنى بالنسبة إلى الصحابة رضي الله عنهم، أو من اهتدى بهديهم، واستن بسنتهم، جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك، فقد كان المعاصرون له يتبعون آثاره، ويقتدون بأفعاله، ببركة اتباعه، لمن أثنى الله ورسوله عليهم، وجعلهم قدوة أو من اتبعهم رضي الله عليهم ورضوا عنه، {أُولََئِكَ حِزْبُ اللََّهِ أَلََا إِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2)».
قلت: يشير باتباع معاصريه لآثاره رحمه الله إلى نحو ما حكى عياض عن سعيد بن منصور (3) قال: «رأيت مالكا يطوف، وخلفه سفيان الثوري يتعلم منه كما يتعلم الصبي من معلمه، كلما فعل مالك شيئا يفعله سفيان الثوري يقتدي به.
وعن ابن عيينة: ما نحن ومالك؟ 350ظ / / إنما كنا نتبع آثار مالك، فإن (4)
أخذ عن الشيخ أخذنا عنه، قال: وحج مالك فضاق الطواف بالناس يأتمون به.
وعن الشافعي: أفطرت بالمدينة عند مالك، فخرج إلى العيد، وصلى ثم انصرف، ونظر إلى الناس عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على باب المسجد، فقال: ما لهم؟ قالوا: انصرفوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فرجع في الرّحبة إلى الحظيرة التي يطعم فيها المساكين في رمضان، وترك أن يدخل المسجد، فرأيت الناس قد خرجوا من المسجد يتّبعون أين سلك
وعن داود (5) لما أتيت المدينة حضرت جنازة فلم يبق أحد (منهم) (6)، من
__________
(1) في «ج» و «د»: بلغ.
(2) سورة المجادلة، الآية: 22.
(3) سعيد بن منصور بن شعبة الخرساني أبو عثمان، ت: 227هـ 843م. سكن مكة مجاورا، وكان حافظا، ورواية ابن علية، وأحد أئمة الحديث، روى عن مالك وغيره، وروى عنه مسلم وأبو داود وغيرهما، له مصنفات، وأملى نحوا من عشرة آلاف حديث من حفظه، انظر التهذيب: 4/ 9089.
(4) في المدارك: 1/ 168: فإذا.
(5) داود بن مهران أبو سليمان الدباغ، ت نحو: 21هـ 832م. كان شيخا صدوقا، ثقة، سكن بغداد. انظر تاريخ بغداد: 8/ 363362.
(6) زيادة من المدارك: 1/ 170.(2/1012)
بني هاشم، ومن قريش والناس إلّا حضرها، فلما أخرجت الجنازة، قام مالك، وقام الناس لقيامه، فمضى ماشيا بين يديها وتبعه (1) الناس، فما رأيت أحدا خلف الجنازة، (ومالك أمامهم) (2)» (3).
وفي المنقول من هذه في سيره رحمه الله كثير، وهو كما أشار إليه الأستاذ «أبو إسحاق» من باب الجزاء الوفاق.
المسألة السادسة:
إذا وسع في المجلس، لمن قصد ناحيته، واستدعاه هو إلى الجلوس بجانبه، فعلى هذا الجالس أن يضم نفسه، ولا يتبسط في قعوده.
قال النووي: «ولا يجلس بين صاحبين إلا بإذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه» اهـ.
والمعنى في ذلك ظاهر، وهو ما يلحقهما من الإذاية بضيق التزاحم، ومن هناك «طلبوا بتوسيع المجلس». ذكره أبو نعيم. واحتج له بما رواه عن «أبي سعيد الخدري» رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خير المجالس أوسعها»».
قلت: وهذا عام في سائر المجالس، وقد اعتبر ذلك بإطلاق.
فحكى ابن قتيبة عن المهلب: «خير المجالس ما بعد فيه [مدى] (4)
البصر (5)، وكثرت فيه فائدة الجليس. وعن الأحنف أطيب 351و / / المجالس ما سافر فيه البصر، واتّدع (6) فيه البدن، يريد سكن، واستراح من مكابدة ضيقها.
قال: فأخذه علي بن الهجم فقال:
__________
(1) في الأصول: وتبعها، وأثبتنا ما في المدارك: 1/ 170.
(2) ما بين قوسين زيادة من المدارك: 1/ 170.
(3) انظر م. س: 1/ 170168.
(4) في «أ» و «د»: مد البصر.
(5) في عيون الأخبار: 1/ 306: الطرف.
(6) اتدع: سكن واستقر وصار وديعا.(2/1013)
صحون تسافر فيها العيون ... و [تحسر] (1) عن بعد أقطارها» (2)
المسألة السابعة:
المفهوم من استحسان قيام بعض حاضري المجلس لمن المصلحة في الخروج عن المجلس له، أن ذلك لراجحية فيه، ومزية تقتضي له الإيثار على غيره، وقد تقدم التصريح بذلك من قول «مالك» وفعله، والمقصود: بيان ما هو أعم من ذلك باعتبار مجالس الطاعات مطلقا، ليتضح به كيفية التفسح فيها. وقد أشار «ابن العربي» إلى ذلك في جملة منها بعد الاعتراف بكثرة تفاصيلها:
«منها: مجالس النبي صلى الله عليه وسلم والتفسح فيه بالهجرة، والعلم، والسن.
ومنها: مجلس الجمعة والتفسح فيه بالبكور. قال: إلا ما يلي الإمام، فإنه لذوي الأحلام والنهى.
ومنها: مجلس الحرب يتقدم فيه ذوو النجدة والمراس من الناس.
ومنها: مجلس الرأي والمشاورة يتقدم فيه من له بصر بالشورى، وهو داخل في مجلس الذكر بوجه. قال: وذلك كله يتضمنه قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجََاتٍ}، فيرتفع المرء بإيمانه أولا، ثم بعلمه ثانيا.
قال: وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم ابن عباس رضي الله عنهما فكلموه في ذلك، فدعاهم، ودعاه، وسألهم عن تفسير: {إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ}؟ فسكتوا، فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (3).
الخامس: من الأمور التي يتأكّد عليه في المصاحبة معهم 351ظ /، أن يتأدب معهم في الدخول على الشيخ، وفي الجلوس بعده اقتداء بمن سلف من جلة العلماء وفضلائهم.
__________
(1) في «أ»: تحشر.
(2) انظر عيون الأخبار: 1/ 306.
(3) الأحكام: 4/ 17611760.(2/1014)
فقد حكى عياض عن «يحيى بن يحيى» قال: كنا نجتمع على بابه يعني مالكا فإذا توافينا صرخ الآذن، ليدخل أهل المدينة! ثم يؤذن لغيرهم، فنسلم، ونسكت، فإذا رأى منا ازدحاما قال: توقروا، فإنه عون لكم، وليعرف صغيركم حق كبيركم.
قال: ومن رواية أخرى: كان إذنه لنا رفع ستر في أسطوانه (1)، فندخل عليه، وهو قاعد قد ميل رأسه حتى إذا أخذ الناس مجالسهم رفع رأسه، فقال:
السلام عليكم، فحسب إنما كان يفعل ذلك لئلا يقرب بعض الناس على بعض من العلوية، أو العامة (2) أو غيرهم، فيعتقد ذلك عليه. كان يدعهم حتى يأخذوا مجالسهم، وكان بعضهم يعرف حق بعض.
قال: وقال ابن المنذر: كان مالك لا يوسع لأحد في حلقته ولا يعرفه يدع (3) أحدهم (4) يجلس حيث انتهى به المجلس» (5).
تتمة لهذه الآداب بأبيات رجزية ذكر الشيخ أبو عمر: «أنها من أحسن ما رأى من النظم في آداب التعلم، أو التفقه، وهي مما تنسب إلى اللؤلؤي، قال:
وبعضهم ينسبها إلى المأمون وهي هذه:
واعلم بأن العلم بالتعلم ... والحفظ والإتقان والتفهم
والعلم قد يرزقه الصغير ... في سنه ويحرم الكبير
وإنما المرء بأصغريه ... ليس برجليه، ولا يديه
لسانه وقلبه المركب ... في صدره، وذاك خلق عجب
والعلم بالفهم، والمذاكره ... والدرس، والفكرة، والمناظره
فرب إنسان ينال الحفظا ... ويورد النص ويحكي اللفظا 352و / /
__________
(1) أسطوان البيت: بهوه.
(2) في الأصول: العامة، وفي المدارك: 2/ 15العثمانية.
(3) هنا تنتهي مخ: «ج».
(4) هنا تنتهي مخ: «ب».
(5) المدارك: 2/ 1615.(2/1015)
وما له في غيره نصيب ... مما حواه العالم الأديب
وربّ ذي حرص شديد الحبّ ... للعلم، والذكر، بليد القلب
معجز في الحفظ والروايه ... ليست له عمن روى حكايه
وآخر يعطي بلا اجتهاد ... حفظا لما قد جاء في الإسناد
[يهزه] (1) بالقلب لا [بناظره] (2) ... ليس بمضطر إلى قماطره
فالتمس العلم وأجمل في الطلب ... والعلم لا يحسن إلا بالأدب
والأدب النافع حسن السمت ... وفي كثير القول بعض المقت
فكن لحسن الصمت ما حييتا ... مقارنا (3)، تحمد ما بقيتا
[وإن بدت بين أناس مسألة] (4) ... معروفة في العلم أو [مفتعله] (5)
[فلا تكن إلى الجواب سابقا] (6) ... حتى ترى غيرك فيها ناطقا
[فكم رأيت] [-6] من عجول سابق ... من غير فهم بالخطإ ناطق
أزرى به ذلك في المجالس ... عند ذوي الألباب والتنافس
والصمت فاعلم بك حقا أزين ... إن لم يكن عندك علم متقن
وقل إذا أعياك ذاك الأمر ... مالي بما تسأل عنه خبر
فذاك شطر العلم عند العلما ... كذاك ما زالت تقول الحكما
إياك والعجب بفضل رأيكا ... واحذر جواب القول من [خطئكا] (8)
كم من جواب أعقب الندامة ... فاغتنم الصمت مع السلامة
العلم بحر منتهاه يبعد ... ليس له حدّ إليه يقصد 352ظ / /
__________
(1) في مخ «أ»: يهده، وفي مخ «د»: بهذه.
(2) في مخ «د»: ينظره.
(3) في جامع العلم: مقارفا.
(4) ما بين المعقوفتين بياض في مخ «أ».
(5) في مخ «د»: تفتعله.
(6) (6) و (7) ما بين المعقوفتين بياض في مخ «أ».
(8) بياض في (مخ: «أ») و (مخ: «د») أكملناه من جامع العلم: 1/ 147.(2/1016)
وليس كل العلم قد حويته ... أجل ولا العشر ولو أحصيته
وما بقى عليك منه أكثر ... مما علمت، و [الجواد] (1) يعثر
فكن لما سمعته مستفهما ... وإن أنت [لا] (2) تفهم منه الكلما
القول قولان، فقول تعقله ... وآخر تسمعه فتجهله
وكل قول فله جواب ... يجمعه الباطل والصواب
وللكلام أول وآخر ... فافهمهما والذهن منك [حاضر] (3)
لا تدفع القول ولا ترده ... حتى يؤديك إلى ما بعده
فربما أعيى ذوي الفضائل ... جواب ما يلقى من المسائل
فأمسكوا بالصمت عن جوابه ... عند اعتراض الشك في صوابه
ولو يكون القول في القياس ... [من فضة بيضاء عند الناس] (4)
إذا لكان الصمت من خير الذهب ... [فافهم هداك الله آداب الطلب] (5)» (6)
__________
(1) في مخ «أ» و «د»: الجواب، والتصويب من جامع العلم: 1/ 147.
(2) في مخ «د»: لم.
(3) في مخ «أ» و «د»: بياض أكملناه من جامع العلم: 1/ 147.
(4) ما بين المعقوفتين بياض في مخ «أ».
(5) ما بين المعقوفتين بياض في مخ «أ».
(6) انظر جامع العلم: 1/ 148146.(2/1017)
وقد تم بعون الله تكميل هذا الغرض، وانقضى منه مقصود ما بالذات، فنحمد الله على ما يسر من إكماله، ونشكره على ما حقق من آلائه، ونصلي ونسلم على سيد ولد آدم، وأفضل من تأخر في الوجود وتقادم. مولانا محمد رسوله ومجتباه، وحبيبه الذي خصه بالكمال وحباه، وعلى آله الأبرار، وأصحابه الناصحين له في الإعلان والإسرار، صلاة نرجو بها القبول ونؤمله، ونوفي بها شرط الرضى ونكمله، ما تعاقب الليل والنهار، وعمر ترديدها السر والجهار.
353 - و / /
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. يقول ناسخه لنفسه محمد بن الحسن بن ظافر، جعله الله من أهل العلم العاملين: أكملته يوم الثلاثاء الثاني من شهر الله الحرام رجب من ست وثمانين وثمانمائة، عرفنا الله خيره وبركته، وذلك عند الضحى الأعلى من اليوم المذكور بمدينة مالقة المحروسة، وألفيت بآخر أصل المؤلف أبقاه الله وحفظه، وكلأه من غير الأيام وبخطه مما نصه:
فرغت من تصنيفه بعون الله تعالى، وإمداد تيسيره في السادس والعشرين لشعبان المكرم من شهور سنة خمس وسبعين وثمانمائة بمدينة مالقة حرسها الله تعالى وكلأها. قاله مصنفه الفقير إلى الله تعالى المضطر إلى وسع رحمته محمد بن علي بن محمد بن علي بن علي بن القاسم بن الأزرق الأصبحي لطف الله به، ورزقه الإنابة إليه، وغفر له ولآبائه، وأمهاته، ومشايخه، وأصحابه، وأحبابه، ولجميع المسلمين بمنه وكرمه. انتهى ما بآخر الأصل، ولله الحمد أولا وآخرا.
انتهى بحمد الله، وحسن عونه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما ووافق الفراغ منه أواخر شهر الله ربيع الثاني عام ثلاثة عشر ومائة وألف.
اللهم اغفر لكاتبه، وقارئه، وناظره، وكاسبه، ولجميع المسلمين، والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.(2/1018)
الفهارس العامة للكتاب
1 - فهرس الآيات القرآنية
2 - فهرس الأحاديث النبوية
3 - فهرس الأشعار
4 - فهرس الأعلام
5 - فهرس الكنى والألقاب
6 - فهرس القبائل والأماكن والمدن
7 - فهرس الكتب الواردة في المتن
8 - فهرس مصادر ومراجع
9 - فهرس الموضوعات(2/1019)
1 - فهرس الآيات القرآنية
: رقم الآية: الصفحة
الفاتحة
{إِيََّاكَ نَعْبُدُ وَإِيََّاكَ نَسْتَعِينُ}: 5: 329، 341.
البقرة
{إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قََالُوا أَتَجْعَلُ فِيهََا مَنْ يُفْسِدُ فِيهََا وَيَسْفِكُ الدِّمََاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قََالَ إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ}: 30: 275، 993.
{وَلََا تَقْرَبََا هََذِهِ الشَّجَرَةَ}: 35: هامش، 276.
{مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكََالَ فَإِنَّ اللََّهَ عَدُوٌّ لِلْكََافِرِينَ}: 98: 725، 726.
{وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}: 105: 202.
{فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللََّهِ}: 115: 333.
{الَّذِينَ آتَيْنََاهُمُ الْكِتََابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلََاوَتِهِ}: 121: 519.
{إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ}: 156: 387، 392، 931.(2/1021)
{أَوَلَوْ كََانَ آبََاؤُهُمْ}: 170: 433.
{وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}: 173: 325.
{شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}: 185: 564.
{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيََامَ إِلَى اللَّيْلِ}: 187: 566.
{وَلََا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكََاتِ حَتََّى يُؤْمِنَّ}: 221: 120.
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ}: 225: 828.
{وَمََا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتََابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ}: 231: 235.
{حََافِظُوا عَلَى الصَّلَوََاتِ وَالصَّلََاةِ الْوُسْطى ََ}: 238: 336.
{إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} إلى قوله تعالى: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمََالِ}: 247: 278.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرََاهِيمَ فِي رَبِّهِ}: 258: 277.
{وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ}: 260: 276.
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشََاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}: 269: 235، 292.
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ سِرًّا وَعَلََانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: 274: 577.
{فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ}: 280: 566.
{وَاتَّقُوا اللََّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللََّهُ}: 282: 514، 700.
{وَمَنْ يَكْتُمْهََا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}: 283: 443.
{رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً}: 286: 762هـ.(2/1022)
آل عمران
{شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَالْمَلََائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قََائِماً بِالْقِسْطِ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللََّهِ الْإِسْلََامُ}: 18، 19: 228، 742.
{نَدْعُ أَبْنََاءَنََا وَأَبْنََاءَكُمْ}: 61: 345.
{إِنَّ أَوْلَى النََّاسِ بِإِبْرََاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهََذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللََّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}: 68: 992.
{كُونُوا رَبََّانِيِّينَ بِمََا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتََابَ وَبِمََا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}: 79: 525.
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}: 104: 879.
{هََذََا بَيََانٌ لِلنََّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}: 138: 324، 622.
{وَتِلْكَ الْأَيََّامُ نُدََاوِلُهََا بَيْنَ النََّاسِ}: 140: 991.
{أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ}: 144: 433.
{هُمْ دَرَجََاتٌ عِنْدَ اللََّهِ}: 163: 778.
{لَقَدْ مَنَّ اللََّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: 164: 999.
{وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمََا لَمْ يَفْعَلُوا}: 188: 1000.
النساء
{فَانْكِحُوا مََا طََابَ لَكُمْ مِنَ النِّسََاءِ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ}: 3: 321.
{وَلََا تُؤْتُوا السُّفَهََاءَ أَمْوََالَكُمُ}: 5: 582.(2/1023)
{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وََاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}: 11: هامش: 537.
{وَآتَيْتُمْ إِحْدََاهُنَّ قِنْطََاراً فَلََا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً}: 20: 894.
{إِنَّ اللََّهَ لََا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}: 48: 620.
{فَقَدْ آتَيْنََا آلَ إِبْرََاهِيمَ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ}: 54: 235.
{أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}: 59: 273.
{فَأُولََئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدََاءِ وَالصََّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً}: 69: 285.
{قُلْ مَتََاعُ الدُّنْيََا قَلِيلٌ}: 77: 236.
{عَسَى اللََّهُ}: 84، 99: 336.
{كَذََلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا}: 94: 258.
{لََا يَسْتَوِي الْقََاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجََاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ}: 95: 1004.
{وَفَضَّلَ اللََّهُ الْمُجََاهِدِينَ عَلَى الْقََاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً}: 95: 267.
{وَأَنْزَلَ اللََّهُ عَلَيْكَ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مََا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكََانَ فَضْلُ اللََّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}: 113: 235، 271.
{وَاتَّخَذَ اللََّهُ إِبْرََاهِيمَ خَلِيلًا}: 125: 320.
المائدة
{وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}: 6: 547، 556، 557.
{مِنْ أَجْلِ ذََلِكَ كَتَبْنََا عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ}
إلى قوله: {فَكَأَنَّمََا أَحْيَا النََّاسَ جَمِيعاً}: 32: 233.
{فَعَسَى اللََّهُ}: 55: 336.(2/1024)
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ}: 89: 828.
{قُلْ لََا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ}: 100: 264.
{أَوَلَوْ كََانَ آبََاؤُهُمْ}: 104: 433
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبََادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: 118: 620.
الأنعام
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى ََ وَالْبَصِيرُ}: 50: 265.
{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ}: 66: 991، 1000
{وَكَذََلِكَ نُرِي إِبْرََاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}: 75: 293.
{فَلَمََّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى ََ كَوْكَباً}: 76: 276.
{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ}: 79: 276.
{وَتِلْكَ حُجَّتُنََا آتَيْنََاهََا إِبْرََاهِيمَ عَلى ََ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ}: 83: 276.
{وَنُوحاً هَدَيْنََا مِنْ قَبْلُ} إلى قوله: {وَكَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيََّا وَيَحْيى ََ وَعِيسى ََ}: 84، 85: 345.
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهََا فِي ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}: 97: 207.
{وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ}: 109: 410.
{أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ}: 122: 256.
{وَكَذََلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلََادِهِمْ شُرَكََاؤُهُمْ}: 137: 946.(2/1025)
الأعراف
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ}: 43: 785.
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ}: 172: 332.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنََاهُ آيََاتِنََا فَانْسَلَخَ مِنْهََا}: 175: 1006.
{وَلَقَدْ ذَرَأْنََا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}: 179: 319.
الأنفال
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}: 2، 4: 267.
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللََّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقََاناً}: 29: 292، 514.
التوبة
{أَنَّ اللََّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}: 3: 331، 463.
{قُلْ إِنْ كََانَ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ وَإِخْوََانُكُمْ وَأَزْوََاجُكُمْ}
إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ}: 24: 586.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}: 25: 905.
{قََاتَلَهُمُ اللََّهُ}: 30: 335.
{وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكََافِرُونَ}: 32: 971.
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنََا إِلََّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}: 52: 793هـ.
{عَسَى اللََّهُ}: 102: 336.
{فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ} إلى قوله:
{لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}: 122: 877، 878،(2/1026)
يونس
{وَاللََّهُ يَدْعُوا إِلى ََ دََارِ السَّلََامِ}: 25: 277.
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ قَدْ جََاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ} إلى قوله {هُوَ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ}: 57، 58: 867.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}: 71: 427.
هود
{كِتََابٌ أُحْكِمَتْ آيََاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}: 1: 136.
{أَلََا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ}: 5: 788.
{وَمََا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلََّا عَلَى اللََّهِ رِزْقُهََا}: 6: 840.
{مَنْ كََانَ يُرِيدُ الْحَيََاةَ الدُّنْيََا} إلى قوله:
{وَبََاطِلٌ مََا كََانُوا يَعْمَلُونَ}: 15، 16: 917.
{بِسْمِ اللََّهِ مَجْرََاهََا وَمُرْسََاهََا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}: 41: 349.
{مََا كُنْتَ تَعْلَمُهََا أَنْتَ وَلََا قَوْمُكَ}: 49: 272.
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النََّارَ}
إلى قوله: {وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ}: 98، 99: 665.
يوسف
{فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}: 17: 108.
{وَإِنْ كََانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصََّادِقِينَ}: 27: 280.
{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}: 45: 620.
{اجْعَلْنِي عَلى ََ خَزََائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}: 55: 284.(2/1027)
{وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمََا عَلَّمْنََاهُ}: 68: 947.
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}: 76: 907894.
{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتََّى يَأْذَنَ لِي أَبِي}: 80: 321.
{عَسَى اللََّهُ}: 83: 336.
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحََادِيثِ}: 101: 284.
{قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}: 108: 275.
الرعد
{أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمََاتُ وَالنُّورُ}: 16: 265.
{وَالْمَلََائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ}: 23: 285.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنََا لَهُمْ أَزْوََاجاً وَذُرِّيَّةً}: 38: 650.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنََّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهََا مِنْ أَطْرََافِهََا}: 41: 208.
إبراهيم
{وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ رَسُولٍ إِلََّا بِلِسََانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}: 4: 623.
{وَلََكِنَّ اللََّهَ يَمُنُّ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ}: 11: 850هـ.
الحجر
{إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ}: 9: 136.(2/1028)
النحل
{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ}: 43: 759696663.
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى ََ تَخَوُّفٍ}: 47: 316.
{وَمِنْ ثَمَرََاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنََابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً}: 67: 362.
{وَنَزَّلْنََا عَلَيْكَ الْكِتََابَ تِبْيََاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}: 89: 622.
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمََا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسََانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهََذََا لِسََانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}: 103: 310، 622.
{ادْعُ إِلى ََ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}: 125: 235، 278.
الإسراء
{وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنََاهُ تَفْصِيلًا}: 12: 622.
{وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا فَفَسَقُوا فِيهََا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنََاهََا تَدْمِيراً}: 16: 118، 119.
{وَمََا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلََّا قَلِيلًا}: 85: 236، 516، 776.
{حَتََّى تَفْجُرَ لَنََا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً}: 90: 175.
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ}: 111: 575.
الكهف
{وَلََا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}: 49: 964.
{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً}: 66: 262، 263، 766.
{قُلْ لَوْ كََانَ الْبَحْرُ مِدََاداً لِكَلِمََاتِ رَبِّي}: 109: 516.(2/1029)
مريم
{وَآتَيْنََاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}: 12: 235.
{فَإِنَّمََا يَسَّرْنََاهُ بِلِسََانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا}: 97: 310.
طه
{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسََانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي}: 27، 28: 622.
{وَلِتُصْنَعَ عَلى ََ عَيْنِي}: 39: 333.
{وَلََا تَنِيََا فِي ذِكْرِي}: 42: 984.
{فَقُولََا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ََ}: 44: 335.
{إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِأُولِي النُّهى ََ}: 12854: 881.
{قََالُوا إِنْ هََذََانِ لَسََاحِرََانِ}: 63: 573.
{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصََّالِحََاتِ فَأُولََئِكَ لَهُمُ الدَّرَجََاتُ الْعُلى ََ}: 75: 267.
{وَكَذََلِكَ أَنْزَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}: 113: 622.
{إِنَّ لَكَ أَلََّا تَجُوعَ فِيهََا وَلََا تَعْرى ََ * وَأَنَّكَ لََا تَظْمَؤُا فِيهََا وَلََا تَضْحى ََ}: 19118: 874
{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}: 114: 262، 272.
{وَعَصى ََ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ََ}: 121: 318.
{ثُمَّ اجْتَبََاهُ رَبُّهُ}: 122: هامش: 276.
الأنبياء
{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ}: 7: 663، 696، 759.(2/1030)
{وَلََا يَشْفَعُونَ إِلََّا لِمَنِ ارْتَضى ََ}: 28: 575.
{أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ}: 34: 433.
{مََا هََذِهِ التَّمََاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهََا عََاكِفُونَ}: 52: 277.
{وَدََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ إِذْ يَحْكُمََانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنََّا لِحُكْمِهِمْ شََاهِدِينَ * فَفَهَّمْنََاهََا سُلَيْمََانَ وَكُلًّا آتَيْنََا حُكْماً وَعِلْماً}: 78، 79: 235، 283.
الحج
{وَعَلى ََ كُلِّ ضََامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}: 27: هامش: 861.
{وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمََاتِ اللََّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}: 30: 686.
{فَهِيَ خََاوِيَةٌ عَلى ََ عُرُوشِهََا}: 45: 107.
المؤمنون
{وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبََارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}: 29: 349.
النور
{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللََّهِ عَظِيمٌ}: 15: 131.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخََالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ}: 63: 694.
الفرقان
{وَقََالَ الرَّسُولُ يََا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هََذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}: 30: 991، 1000.(2/1031)
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنََا هَبْ لَنََا مِنْ أَزْوََاجِنََا وَذُرِّيََّاتِنََا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنََا لِلْمُتَّقِينَ إِمََاماً}: 74: 185.
الشعراء
{وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلََا يَنْطَلِقُ لِسََانِي}: 13: 622.
{وَاجْعَلْ لِي لِسََانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}: 84: 185، 230.
{فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}: 119: 171.
{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعََالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلى ََ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسََانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}: 192، 195: 93، 486، 622.
{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}: 196: 94.
{وَمََا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيََاطِينُ * وَمََا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمََا يَسْتَطِيعُونَ}: 210، 211: 94.
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}: 214: 999.
{وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ}
إلى قوله: {يَقُولُونَ مََا لََا يَفْعَلُونَ}: 224، 226: 939.
النمل
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ عُلِّمْنََا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينََا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هََذََا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}: 16: 282.
{يََا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسََاكِنَكُمْ لََا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمََانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لََا يَشْعُرُونَ}: 18: 181.
{أَحَطْتُ بِمََا لَمْ تُحِطْ بِهِ}: 22: 283.(2/1032)
{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهََا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً وَكَذََلِكَ يَفْعَلُونَ}: 34: 118.
القصص
{وَأَخِي هََارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسََاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي}: 34: 622.
{تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}: 83: 917.
{كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ}: 88: 323، 334.
العنكبوت
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللََّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}: 19: 620
{وَلََا تُجََادِلُوا أَهْلَ الْكِتََابِ إِلََّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: 46: 986.
{وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا}: 69: 949.
الروم
{كُلُّ حِزْبٍ بِمََا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}: 32: 792.
السجدة
{فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}: 17: 950.
{مََا جَعَلَ اللََّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}: 4: 754
{مََا كََانَ مُحَمَّدٌ أَبََا أَحَدٍ مِنْ رِجََالِكُمْ وَلََكِنْ رَسُولَ اللََّهِ وَخََاتَمَ النَّبِيِّينَ}: 40: 432.
{إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}: 56: 583.(2/1033)
سبأ
{أَنِ اعْمَلْ سََابِغََاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صََالِحاً إِنِّي بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: 11: هامش: 443.
فاطر
{وَمََا يَسْتَوِي الْأَعْمى ََ وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمََاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ}: 19، 20، 21: هامش: 265.
{إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ}: 28: 227124، 268، 766، 947.
{وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ}: 43: 974.
يس
{وَنَكْتُبُ مََا قَدَّمُوا وَآثََارَهُمْ}: 12: 233.
{وَلَا اللَّيْلُ سََابِقُ النَّهََارِ}: 40: 370.
{فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}: 41: 75.
{سَلََامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}: 58: 285.
الصافات
{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}: 142: 109، 110.
{وَمََا مِنََّا إِلََّا لَهُ مَقََامٌ مَعْلُومٌ}: 164: 442.
ص
{وَآتَيْنََاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطََابِ}: 20: 235.
{يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}: 26: 993.(2/1034)
{وَهَبْ لِي مُلْكاً لََا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}: 35: 282.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلََا تَحْنَثْ}: 44: 881.
{لِمََا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}: 75: 333.
الزمر
{أَمَّنْ هُوَ قََانِتٌ آنََاءَ اللَّيْلِ}
إلى قوله: {أُولُوا الْأَلْبََابِ}: 9: 264، 265، 266.
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}: 18: 514.
{فَسَلَكَهُ يَنََابِيعَ فِي الْأَرْضِ}: 21: 175.
{قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}: 28: 309.
{يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ}: 56: 333.
{سَلََامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ}: 73: 285.
غافر
{مََا يُجََادِلُ فِي آيََاتِ اللََّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}: 4: 986.
فصلت
{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدََاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}: 34: 442.
{لَوْلََا فُصِّلَتْ آيََاتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}: 44: 310.
{وَمََا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا}: 47: 607.
الشورى
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}: 11: 331.
{مََا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتََابُ وَلَا الْإِيمََانُ}: 52: 272.(2/1035)
الزخرف
{إِنََّا جَعَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}: 3: 309.
{سُبْحََانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنََا هََذََا وَمََا كُنََّا لَهُ مُقْرِنِينَ}: 13: 349.
{أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصََامِ غَيْرُ مُبِينٍ}: 18: 622.
{سَتُكْتَبُ شَهََادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ}: 19: 138.
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}: 44: 999.
{وَلَمََّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}: 57: 986، 991.
{مََا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلََّا جَدَلًا}: 58: 986.
{الْأَخِلََّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}: 67: 956.
الجاثية
{وَمََا يُهْلِكُنََا إِلَّا الدَّهْرُ}: 24: 326.
الأحقاف
{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هََذََا إِفْكٌ قَدِيمٌ}: 11: 134.
محمد
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}: 30: 590.
الحجرات
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلََا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}: 2: 703، 728.(2/1036)
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}: 10: 956.
{وَلََا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}: 12: 932.
ق
{فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}: 5: 418.
{وَالنَّخْلَ بََاسِقََاتٍ لَهََا طَلْعٌ نَضِيدٌ}: 10: 607.
{مََا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلََّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}: 18: 443.
{وَجََاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذََلِكَ مََا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}: 19: 423.
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هََذََا مََا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوََّابٍ حَفِيظٍ}: 3231: 284.
{إِنَّ فِي ذََلِكَ لَذِكْرى ََ لِمَنْ كََانَ لَهُ قَلْبٌ}: 37: 296.
الطور
{نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}: 30: 326.
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمََاءِ سََاقِطاً يَقُولُوا سَحََابٌ مَرْكُومٌ}: 44: 324.
القمر
{فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}: 19: 640.
{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}: 55: 95.(2/1037)
الرحمن
{الرَّحْمََنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسََانَ * عَلَّمَهُ الْبَيََانَ}: 41: 621.
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ * وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}: 2726: 324، 333، 334.
{مُدْهََامَّتََانِ * فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكُمََا تُكَذِّبََانِ}: 6564: 597.
الواقعة
{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتََابٍ مَكْنُونٍ * لََا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}: 7977: 561، 563.
{فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ}: 89: 176.
الحديد
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظََّاهِرُ وَالْبََاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: 3: 330، 432.
{سََابِقُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}: 21: 966.
{وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}: 21: 983.
المجادلة
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجََالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللََّهُ لَكُمْ}: 11: 1007
{يَرْفَعِ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجََاتٍ}: 11: 267.
{أُولََئِكَ حِزْبُ اللََّهِ أَلََا إِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}: 22: 1012.(2/1038)
الحشر
{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مََانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللََّهِ فَأَتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}: 2: 905.
{وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}: 7: 538.
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدََّارَ وَالْإِيمََانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}
إلى قوله: {وَلَوْ كََانَ بِهِمْ خَصََاصَةٌ}: 9: 998.
{هُوَ اللََّهُ الْخََالِقُ الْبََارِئُ الْمُصَوِّرُ}: 24: 330، 336.
الممتحنة
{عَسَى اللََّهُ}: 7: 336.
الصف
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ}: 2: 1000.
الجمعة
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلََاقِيكُمْ}: 8: 575.
المنافقون
{قََاتَلَهُمُ اللََّهُ}: 4: 335.
الملك
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ}. {وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ}: 5: 207.
المزمل
{قُمِ اللَّيْلَ إِلََّا قَلِيلًا}: 2: 565.(2/1039)
المدثر
{وَثِيََابَكَ فَطَهِّرْ}: 4: 417.
{فَمََا تَنْفَعُهُمْ شَفََاعَةُ الشََّافِعِينَ}: 48: 575.
الإنسان
{إِنَّمََا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللََّهِ}: 9: 334.
المرسلات
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} *: 3428241915: 330، 334.
النبأ
{وَجَعَلْنََا سِرََاجاً وَهََّاجاً}: 13: 205.
{وَأَنْزَلْنََا مِنَ الْمُعْصِرََاتِ مََاءً ثَجََّاجاً}: 14: 535.
عبس
{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرََامٍ بَرَرَةٍ}: 1613: 562.
المطففين
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}: 1: 334.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}: 10: 330، 334.
{كَلََّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصََالُوا الْجَحِيمِ}: 1615: 487.(2/1040)
{وَفِي ذََلِكَ فَلْيَتَنََافَسِ الْمُتَنََافِسُونَ}: 26: 966.
الفجر
{إِرَمَ ذََاتِ الْعِمََادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهََا فِي الْبِلََادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ}: 97: 992، 996.
الضحى
{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ََ * وَوَجَدَكَ عََائِلًا فَأَغْنى ََ}: 7، 8: 272.
العلق
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسََانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسََانَ مََا لَمْ يَعْلَمْ}: 51: 261، 274.
{كَلََّا إِنَّ الْإِنْسََانَ لَيَطْغى ََ * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ََ}: 76: 767.
البينة
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ أُولََئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}: 7: 270.
{جَزََاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنََّاتُ عَدْنٍ}
إلى قوله {لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}: 8: 269، 270.
الزلزلة
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}: 87: 778.(2/1041)
قريش
{لِإِيلََافِ قُرَيْشٍ}: 1: 999.
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلََاتِهِمْ سََاهُونَ}: 54: 575.
الماعون
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلََاتِهِمْ سََاهُونَ}: 54: 575.
الكافرون
{قُلْ يََا أَيُّهَا الْكََافِرُونَ}: 1: 608.
النصر
{إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ}: 1: 325، 1014.
المسد
{تَبَّتْ يَدََا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}: 1: 1000.
{حَمََّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهََا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}: 54: 999.
الإخلاص
{قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ}: 1: 608.(2/1042)
2 - فهرس الأحاديث النبوية
الحديث الصفحة
آفة العلم النسيان 579
آية المنافق ثلاث 936
ابني هذا سيد 731
أتدرون ما خرافة؟ إن خرافة هامش: 541.
أتسألني عن خبر السماء 922
أحبكم إلى الله ألينكم 1007
أحبوا العرب لثلاث 97
إخراج القمامة من المسجد 243
إذا أتى علي يوم لا أزداد 847
إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين 227
إذا أراد الله بعبده خيرا، جعل فيه ثلاث 227.
إذا جاء الموت طالب العلم 218
إذا قتلتم فأحسنوا القتلة 204
إذا كان الرجلان يتحدثان في الفقه 987(2/1043)
إذا مات ابن آدم 229
إذا انتهى أحدكم إلى المجلس 1003.
أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل 333، 356
أرنا الأشياء كما هي 272
استعينوا في الصناعات 538
اطلبوا الحوائج عند 242
أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه 98
أعربوا الكلام كي تعربوا القرآن 99
أعفوا اللحى وخذوا من الشوارب 922
أفضل الأعمال الصلاة لأول ميقاتها 218
أفضل الحج العج والثج 536هـ.
ألا أخبركم عن أجود الأجودين 237
ألا أخبركم عن النفر الثلاثة 1006
ألا أدلكم على قوم 220
ألا أنبئك بما هو أكثر 768
أما رأيتم عليا في السحاب 323
أما يجد هذا شيئا يسكن به شعره 923
أما كان يجد هذا ما يغسل ثوبه 923
أنا خاتم الأنبياء 432
أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي 251
الإناة في كل شيء 759
إنا معشر الأنبياء بكاء 599(2/1044)
إن أبغضكم إلي الثرثارون 603
إنّ بعض البيان 627
إن حيضتك ليست في يدك 866
إن الرجل ليتكلم بالكلمة 544
إن الرجل لا يولد عالما 760
إن رغم أنف أبي الدرداء 827
إن ستة يدخلون النار بستة 969968
إن السواك يزيد الرجل فصاحة 925
إن طالب العلم لتحف به 201
إن العالم ليستغفر له 203
أن قوما من العرب 371
إن كنت عبد الله فارفع إزارك 924
إنكم لا تنالون ما تحبون إلا 855
إن الله أوحى إلي أن تواضعوا 902
أن الله عز وجل أوحى ولا يبغ بعضكم على بعض 697
أن الله تعالى اختار الأوس والخزرج 998
أن الله تكفل لطالب العلم برزقه 840
إن الله لا يقبض العلم انتزاعا 835
أن الله وملائكته وأهل السماوات 203
أن لله تعالى عند كل بدعة 208
إن لله ملائكة يطوفون 244
إن الله يبغض البليغ من الرجال 602(2/1045)
إن الله يحب أن يعرب 98
إن الله ينظر إليكم 985
إنّ لله تعالى عند كل بدعة 208
إن الملائكة لتضع أجنحتها 199، 768
إنما أنا لكم بمنزلة الوالد والوالدة 688، 690
إنما جعل الأذن من قبل البصر 738
إنما العلم بالتعلم 759
إنما مثل أصحابي كمثل النجوم 206
إنّ مثل العلماء في الأرض 207
إن من أحبكم إلي وأقربكم 602
إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة 947
إن من أفضل الصدقة 237
إن من البيان لسحرا 626، 627، 630، 631
إن الناس لكم تبع 257
إن هذا الدين متين 926
أنه يخرج منها أربعة أنهار 646هـ.
أني أعطيت فواتح الكلام 737
أوقع الله أجره على قدر نيته 239
أول من يشفع يوم القيامة 221
أي علم القرآن أفضل 98
إياكم والحسد 960
إياكم والظن 959(2/1046)
إياكم والكبر 903
إياكم وكثرة السؤال 716
أيما رجل تزوج 384
ابني هذا سيد 703
تعلموا العلم فإن تعليمه 258
تعلموا ما شئتم أن تعلموا 948
اتقوا زلة العالم 693
تكفل الله برزق طالب العلم 652
تلحق المسلم 229
تواضعوا لمن تتعلمون منه 697
ثكلتك أمك يا معاذ 827
ثلاث لا يستخف بهم 687
ثلاث لا ينفك المؤمن 967
جالس العلماء 712
اجتمعوا على القرآن 926
حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس 314
الحجامة تزيد في العقل 924
حسن السؤال نصف العلم 716
احشدوا للصلاة غدا 977
خلق الله النجوم لثلاثة 207
خير الأمور أوسطها 633
خير القرون قرني 819(2/1047)
خير ما يخلف الرجل 229
خير المجالس أوسعها 1013
دب إليكم داء الأمم 960
أدهنها وأكرمها 923
الرؤيا الصالحة جزء 762
الرؤيا من المبشرات 762
رحم الله امرءا أصلح من لسانه 97، 333، 356
رحم الله رجلا أصلح من لسانه 333
رحمة الله على خلفائي 240
اركبها إنها بدنة 826
سبع يجري أجرهن 231
سبعة يظلهم الله في ظله 672
استعينوا في الصناعات بأهلها 538
سددوا وقاربوا وأبشروا 764
شعبتان من شعب النفاق 630
شفاء العي السؤال 712
الصلاة لأول ميقاتها 218
طالب العلم تكفل الله برزقه 755
اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه 241
العالم كالحمة 885
اعتموا تزدادوا حلما 924
العز إزاري والكبرياء ردائي 903(2/1048)
العلماء سادة والفقهاء قادة 284
علماء هذه الأمة رجلان 203
العلم ضالة المؤمن حيث ما وجده 770
علموا ولا تعنفوا 699
عليكم بالبياض فإنه خير ثيابكم 924
عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض 231
فرحمتها رحمك الله 1010
فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي 205
فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم 215
فضل العلم أعجب إلي من فضل العبادة 215
فضل العلم خير من فضل العبادة 214
فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد 215
فقيه واحد أشد على الشيطان 216
فلعلك ترزق به 253
قام أخي عيسى بن مريم 279
اقتدوا بالذين من بعدي 276
قليل العلم خير 214
قوموا إلى سيدكم 731
قيدوا العلم بالكتاب 745
كثرة الضحك تميت القلب 545
كف عنا جشاءك 923
كيف لا يبطىء عليّ 922(2/1049)
كلا المجلسين على خير 249
كل مسكر خمر 362
للأنبياء على العلماء 221
لا تايسا من الرزق 832
لا تجتمع أمتي 662
لا تحمل على نفسك ما لا تطيق 774
لا تختلفوا فتختلف قلوبكم 956
لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم 326
لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر 326
لا تقولوا للمنافق سيدي 731
لا تكثر الضحك 926709
لا حسد إلا في اثنين 965234
لا رقى إلا من ثلاثة 730
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 878
لا يجلس الرجل 988
لا يدخل الجنة من 903
لا يشحى المسلم في عرض أخيه 897
لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم 426
لا يقيمن أحدكم الرجل 1007
لا ينبغي للعالم أن يسكت 759
لا يؤمن أحدكم حتى يحب 691
لعلك قبلت أو غمزت هامش 530(2/1050)
لقد سألت عن عظيم 770
لكل شيء عماد 216
اللهم بارك لأمتي 764
اللهم ارحم خلفائي 240
لو تطهرتم لهذا اليوم 922
لو كان بعض هذا 925
لو كنت متخذا خليلا 321
لو وزن مداد العلماء 808
ليدخلن الجنة 993
ليس من أخلاق المؤمن 695
ليس منا من لم يجل 687
ليس المؤمن بالطعان 940
ليست هذه ساعة فتوى 826
ليقم الأعرابي خلف 1002
ليلني منكم أولو الأحلام 1002
لينوا لمن تعلمون 698
ما أشخص أبصاركم 711
ما أهدى المرء لأخيه 238
ما بال أقوام تبلغني 92
ما تركنا صدقة 434
ما تصدق الناس 238
ما جميع أعمال البر 221(2/1051)
ما استرذل الله عبدا 605
ما اكتسب مكتسب مثل 215
ما كان الفحش في شيء 941
ما ملأ ابن آدم 797
ما من عبد يخرج يطلب علما 200
ما من نفس تقتل ظلما 233
ما نقصت صدقة من مال 902
ما يسكر كثيرة فقليله حرام هامش: 366
المتشبع بما لم يعط 1000
مثل الذي يسمع بالحكمة 693
مثل ما بعثني الله به 255
المرء على دين خليله 769
مرحبا بطالب العلم 201، 243، 877
ملعون من جلس وسط الحلقة 1006
من آذى وليا لله 302، 303
من أحب العرب فبحبي 91
من أفضل الفوائد 238
من أكل من هذا اللحم شيئا 923
من أكل من هذه البقلة فلا 923
من تخطى حلقة القوم 1007
من تعلم علما مما يبتغي 398
من تعلم العلم وهو شاب 847(2/1052)
من تفقه في دين الله 252
من خرج في طلب العلم 198
من خرج من بيته ابتغاء العلم 200
من سعادة المرء خفة لحيته 750
من سلك طريقا يلتمس فيه علما 197، 210
من سلك طريقا يطلب فيه علما 199
من سلك طريقا يطلب به علما 199
من سن سنة حسنة كان له أجرها 233
من صلى الفريضة، ثم قعد 915
من طلب علما فأدركه 339
من طلب العلم فأدركه 793
من طلب العلم تكفل الله برزقه 756
من ظن أن للعلم غاية 776
من علم علما 232
من عمل بما علم 514، 949
من عمل عملا ليس عليه أمرنا 336
من غدا في طلب العلم صلت عليه الملائكة 756253
من غض صوته عند العلماء جاء 710
من قام رمضان إيمانا واحتسابا 564
من قرأ القرآن فلم يعربه 101
من كانت نيته الآخرة 241
من كتم علما نافعا 601(2/1053)
من كذب علي متعمدا 425
من لزم الصلاة وحافظ عليها 222
من مات لا يشرك 826
من نفس عن مؤمن كربة 244
منهومان لا تنقضي نهمتهما 767
المؤمن إلف مألوف ولا خير 957
المؤمن القوي خير وأحب إلي 758
من يرد الله به خيرا 226، 506، 760
من يرد الله أن يهديه يفقهه 227
المؤمن إلف مألوف ولا خير 957
المؤمن القوي خير وأحب إلي 758
نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها 147
نضر الله امرءا سمع منا شيئا 240
نضر الله امرءا سمع منا حديثا 240
نضر الله عبدا سمع مقالتي 241
النظر إلى الخضرة والوجه الحسن يزيدان في البصر 925
نعم الحي جذام قوم شعيب 992
ها أنذا محمد، ولم نمت ولم نقتل 994
هلك المتنطعون 602
هم القوم لا يشقى جليسهم 246
هما ريحانتي من الدنيا 176
وعلى قدر ما تزيد تزاد 368(2/1054)
وقروا من تتعلمون منه ووقروا من تعلمونه 699
ويل للأعقاب من النار 549، 729
ويل للذي يحدث الناس 545
يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل 1010
يا أبا ذر لأن تغدو متعلم آية 217
يا أبا نغير 595
يا أبا المنذر إني أمرت بعرض القرآن عليك 735
يا إخواني، تناصحوا في العلم 957
يا أيها الناس إنما العلم بالتعلم 227
يا أيها الناس عليكم بالقصد 926774
يا حسان أجب عن رسول الله 533
يا عبد الله بن عمرو، إن هذا ثياب 924
يبعث الله العباد يوم 248
يجاء بصاحبها يوم القيامة 742
يدخل النار قبل الحساب 960
يدخلون علي قلما، ولا يستاكوا 922
يقول الله عز وجل للعلماء 247
يوزن يوم القيامة مداد العلماء، ودم الشهداء 808
يولد في كل أربعين سنة من يحفظ كل شيء يسمعه 721(2/1055)
3 - فهرس الأشعار
الصدر: القافية: البحر: عدد الأبيات: الشاعر: الصفحة إن المعلم: بناء: كامل: 2: المازني: 396
أهلا وسهلا: الآلاء: كامل: 6: ابن دريد: 810
خير ما ورث: الثناء: خفيف: 6: خلف الأحمر: 849
الناس: حواء: بسيط: 5:: 191
دع: الداء: بسيط: 1: أبو نواس: 538
تغاير: وأهواء: بسيط: 3: بكر بن حماد: 921
علم: الدعاء: خفيف: 2: موسى بن عبيد الله الخاقاني: 699
أطلب: الطلبا: المنسرح: 8: الراعي النميري: 386
العلم: صحبا: بسيط: 4:: 297
وأنا: العرب: رمل: 2:: 186
أكحل: الترب: طويل: 1:: 300
برئت: ابن باب: الوافر: 4: إسحاق بن سويد: 323
لله: والحسب: بسيط: 2: ابن بسام: 402
أبدا: صيب: كامل: 2:: 442
يا صاح: الذنب: بسيط: 1:: 548(2/1057)
أيا: المهلب: طويل: 9: أحمد بن عبد السلام: 618617
فيا طالب: ثعلب: متقارب: 3:: 619
تكلفوا: خطب: بسيط: 3: بشار: 641
لا تجزعن: الكاتب: كامل: 1:: 808
إذا ما خلا: كعاب: متقارب: 5:: 815
ما في المنازل: واغترب: بسيط: 5:: 842
ودارس: مأرب: طويل: 3: يحيى السرقسطي: 855
إذا ما غدت: في الكتب: طويل: 2: أبو محلمّ: 721، 872
يا من يرى: كاللعب: بسيط: 10: أبو عمر ابن عبد البر النمري: 871
ظنوا العلوم: عن باب: كامل: 2: أبو عبد الله القرباقي: 873
أبدى: وتأنيب: كامل: 3: ابن الخطيب: 875
ما من روى: بأديب: كامل: 3:: 951
ما عابني: المعايب: مجزوء الكامل: 4: ابن المعتز: 973
وكم: تكذب: طويل: 1: المتنبي: 209
ينادي: لا يجيب: الوافر: 1:: 340
فمنا سويد: شبيب: طويل: 1:: 343
لم يبق: مسلوب: بسيط: 1: النابغة الذبياني: 548
لدن: الثعلب: كامل: 1: ساعدة بن جؤية الهذلي: 574
غير أن: كذاب: خفيف: 1:: 617
كثرت: الألباب: خفيف: 1:: 617
مات المبرد: ثعلب: كامل: 2: أبو العباس ثعلب: 619(2/1058)
ذهب المبرد: ثعلب: كامل: 5: أبو بكر ابن العلاف: 619
تداركه: يعطب: طويل: 1: الأعشى: 640
لا تكونن: الهيوب: خفيف: 1:: 767
أقبلت: الهرب: بسيط: 12:: 812
نعم المحدث: الأصحاب: كامل: 2:: 813812
قد ينفع: الأدب: بسيط: 2: سابق البربري: 849
يقوم: أشيب: طويل: 1:: 849
يقوم: الصليب: الوافر: 1:: 849
لا تضربن: الأدب: بسيط: 5:: 850
إن الذي: يكتب: سريع: 2:: 869
عذيري: قلّب: سريع: 4: ابن الجوزي: 887
أنا الشمس: الغرب: طويل: 6: ابن حزم الظاهري: 889
المال: والغضب: بسيط: 1: علي بن ثابت: 906
يا مظهر: تثريب: بسيط: 5:: 912
لا تطمحن: الأسباب: بسيط: 2: أبو إسماعيل الطغرائي: 921
إذا عبت: يعيب: متقارب: 1: أبو العتاهية: 953
إياك إياك: جالب: كامل: 1:: 986
حسبي: ونشب: رجز: 17: كشاجم: 808807
النحو: من طلب: بسيط: 1:: 156
الرزق: سبب: رجز: 2:: 405
ليس: الغريب: مجزوء الكامل: 3: منصور الفقيه: 546
وإنما الشاعر: الكذب: رجز: 1:: 940
ألا قل: الأدب: متقارب: 3:: 961(2/1059)
ما عابني: المعايب: مجزوء الكامل: 4: ابن المعتز: 973
النحو: أتى: مجزوء الرجز: 2: منصور الفقيه: 156
أيها الذئب: ضاريات: خفيف: 1:: 109
حبذا ماء: الغانيات: مجزوء الرمل: 4: المبرد: 615
يحدو بها: عامدات: رجز: 1:: 84
إذا لم يكن: صورة: طويل: 3: أبو عبد الله ابن عرفة: 779
يمينا: زينة: طويل: 2: الأبيّ: 780
إذا ما تحدثت: علمت: متقارب: 2: يزيد بن الوليد: 893
أخلق: يلجا: بسيط: 1:: 228
أعذني: علاجا: الوافر: 1: النمر بن تولب: 626
يهب: الخلنج: خفيف: 1: ابن قيس الرقيات: 174هـ.
فسامح: المهج: مجزوء الوافر: 2:: 417
فجالت: مريج: الوافر: 1: الداخل الهذلي: 418
قل: حرج: رمل: 1: ابن الأزرق: 39م
إذا ما: المزاحا: متقارب: 2: عياض: 943
ثقي بالله: بالنجاح: الوافر: 1: جرير: 395
أفد: المزح: طويل: 2: البستي: 942
وأقصد: بلا جناح: رجز: 4: ابن شرف القيرواني: 943
الفقهاء: المرادا: رجز: 2: ابن جبير اليحصبي: 405
لنا جلساء: ومشهدا: طويل: 4: ابن الأعرابي: 812
إياك والمزح: جدا: مجزوء الرمل: 2: يحيى السرقسطي: 943
ولا يرهب: المتهدد: طويل: 1:: 430
وما أرى: من أحد: بسيط: 1: النابغة الذبياني: 442(2/1060)
إذا اختصر: بالمد: طويل: 1:: 511
كنواح: الإثمد: كامل: 1: خفاف بن ندبة السلمي: 560
وخطيب: مشهود: خفيف: 1: أبو زبيد الطائي: 624
تقول: يا ولدي: بسيط: 2: ابن الأزرق: 38م
أعاذلتي: السهاد: الوافر: 2:: 796
إذا ما المسك: المداد: الوافر: 2:: 808
سمير إذا: الوجد: طويل: 4: ابن الجهم: 814
فظل: أود: طويل: 1: النابغة: 833
إن القداح: أيد: كامل: 2:: 957
إني حسدت: محسود: بسيط: 2: معن بن زائدة: 972
ولن تستبين: بحاسد: طويل: 1: البحتري: 973
لولا التخوف: المحسود: كامل: 3: أبو تمام: 972
لو برا الله: يتوقد: مجزوء الرمل: 2:: 616
ويوم: وأومد: طويل: 2:: 617
لا تصحب: يفسد: كامل: 2: الخوارزمي: 769
الطرق شتى: أفراد: بسيط: 3:: 793792
وإذا ما يبس: الأود: رمل: 1: محمد بن منادر: 849
ما للمعيل: الفارد: كامل: 2:: 851
أليس غريبا: مساعد: طويل: 4:: 891
لا مات: يكمد: سريع: 2:: 972
إن يحسدوني: حسدوا: بسيط: 3:: 972
لم أمتدحك: الغررا: بسيط: 2: محمد الزيات: 393
على لا حب: جرجرا: طويل: 1: امرؤ القيس: 575(2/1061)
طباقاء: ولا عطرا: طويل: 1:: 624
فهذا بديه: شهرا: طويل: 1: بشار بن برد: 641
أطلب العلم: أن يضجرا: سريع: 2:: 768
ذببت للمجد: الأزرا: بسيط: 3:: 823
أنعق: حمارا: رجز: 6: منذر بن سعيد: 868
أضاعوني: ثغر: الوافر: 2: العرجي: 384، 388، 389
نفسي: الكافور: كامل: 1:: 417
عاب: من ضرر: بسيط: 2: القاضي ابن الطيب: 514
قوم إذا: النار: بسيط: 1:: 530
استعجمت: أخبار: بسيط: 1: النابغة: 540
رأيت: وقدر: الوافر: 5: أحمد بن عبد السلام: 618
وإذا يقال: العنصر: كامل: 2:: 618
إذا قال: هجر: طويل: 2:: 625
في زخرف: تعبير: بسيط: 3: الغزالي: 628
أبا حذيفة: تفكير: بسيط: 2: بشار بن برد: 641
ويجعل: للشعر: بسيط: 2: ضرار بن عمرو: 638
ومن يعترض: يدري: طويل: 1:: 693
وسل: يمهر: كامل: 2: ابن الأعرابي: 714
الجد: أو ذر: كامل: 8:: 715
يقول: للأخر: سريع: 1: أبو تمام: 722
ترق: الكبير: الوافر: 2:: 789
واعلم: مفخر: كامل: 4: عبد الملك بن إدريس الوزير: 813(2/1062)
إذا ما خلوت: دفتري: متقارب: 8:: 815
ألا فاحفظوا: يدري: طويل: 2: الخاقاني: 833
يا لهف: البشر: بسيط: 2: القاضي عبد الوهاب: 845
يا طالبا: انتظر: المنسرح: 2:: 850
لا تعجزن: والضجر: بسيط: 1: علي بن أبي طالب: 856
زوامل: الأباعر: طويل: 2:: 868
والعلم: تبصر: كامل: 3: عبد الملك بن إدريس الجزيري: 952
بضائعك: موفور: طويل: 2: أبو عبد الله الأزرق الوادياشي: 460
العلم: المطر: بسيط: 3: سابق البربري: 255، 528
الأرض: النار: بسيط: 1: بشار بن برد: 640
وليس: بصر: بسيط: 2: سابق البربري: 714
ليس بعلم: الصدر: رجز: 1: الخليل: 743، 870
كأن الثريا: القمر: طويل: 1:: 785
آخر العلم: كالصبر: رمل: 1:: 793
تلقى: يغفر: كامل: 3: محمود بن الحسن الوراق: 944
ما يضر: بحجر: رمل: 1:: 128
بينما: الأغر: رمل: 2: عمر بن أبي ربيعة: 186
بطل: عمر: رمل: 3: الخليل: 461
لا تفزع: ينجحر: سريع: 1: عمرو بن أحمد: 575
أراني: الصغر: طويل: 5: نفطويه: 848
إذا المشكلات: بالنظر: متقارب: 7: علي بن أبي طالب: 854(2/1063)
إذا ما اعتز: باعتزاز: الوافر: 2:: 156
وحديثها: المتحرز: كامل: 3: ابن الرومي: 628
لي صديق: عوز: رمل: 7: أبو الهيذام: 388
وهن يمشين: لميسا: رجز: 1:: 530
أبا مسلم: واللبس: طويل: 3: الزبيدي: 103
قالوا: ولا خرس: بسيط: 5: ابن دريد: 600
يا أيها: نفسي: سريع: 3:: 540
لقد هزلت: كل مفلس: طويل: 1:: 19م
استودع: القراطيس: بسيط: 1:: 744
إن صحبنا: الجليس: خفيف: 3: ثعلب: 804
إن صحبنا: الجليس: خفيف: 6: ثعلب: 816
أنست: أنيس: طويل: 6:: 816
أرحت: بالياس: بسيط: 2: أبو حيان: 817
النحو: ملتمس: بسيط: 4:: 156
لئن كان: الأنس: طويل: 2: الشافعي: 157
خضعت: النرجس: كامل: 2: ابن الأزرق: 37م
اقتبس: جلس: رجز: 3:: 155
إن التي: النش: رجز: 1:: 639
أشهد: العصا: رجز: 1:: 174
يا نفس: مخصوص: بسيط: 2: المهدي: 776
اليوم: نلتقط: سريع: 2: ابن الشاط: 769
لو يمسخ: الجاحظ: كامل: 2:: 643
عود لسانك: حفظ: كامل: 2:: 954
إني امرؤ: ظلعا: بسيط: 2: الأقرع القشيري: 624(2/1064)
كأن الشمس: طلعا: بسيط: 3:: 786
يا طالب العلم: الشبعا: منسرح: 3: ابن المبارك: 951
مليء: الأصابع: طويل: 1:: 626
ماذا لقينا: ابتدعوا: بسيط: 7: عمار الكلبي: 141
أيا جاعل: وطامع: طويل: 10: عبد العزيز المكي: 352
فإني: أتقنع: طويل: 1: غيلان الثقفي: 417
إذا لم: ما تستطيع: الوافر: 1: الخليل: 505
مشوق: لعلع: طويل: 8: ابن الأزرق: 38م
إنما النحو: ينتفع: رمل: 13: الكسائي: 155154
إذا اجتمع: ويسمعوا: طويل: 2:: 720
إن الرواة: الودع: بسيط: 2: عمار الكلبي: 868
أما لو أعي: أجمع: متقارب: 7: محمد بن بشير: 872
كل أناس: للشنع: مجزوء البسيط: 1:: 369
ما شئت: الزروع: سريع: 1: عبد القاهر: 754
وكل علم: المنيع: رجز: 3:: 526
قضينا: السيوفا: الوافر: 3: كعب بن مالك: 106
لو لم يكن: شرفا: بسيط: 3: أبو القاسم ابن الأبرش: 188
يا أيها: عاصفا: رجز: 3: أبو معشر: 744
حجاب: بتكلف: طويل: 2: أبو بكر الشاشي: 501
يا فاخرا: والشرف: منسرح: 3:: 688
أصبح: خلوف: خفيف: 1:: هامش: 107
ملقن: آفاق: بسيط: 1: صفوان: 638
علمي: صندوق: بسيط: 2: منصور الفقيه: 744(2/1065)
لمحبرة: الصديق: الوافر: 3: محمد بن هارون الدمشقي: 804
ولطمة: الرحيق: الوافر: 1: محمد بن هارون الدمشقي: 827
أما المزاحة: لصديق: كامل: 2:: 943
إني منحتك: شفيق: كامل: 3: مسعر بن كدام: 986
قالوا: لا ينطق: كامل: 2: أبو القاسم ابن البناء: 403
إذا جمعت: أحذق: طويل: 3: الصابي: 404
تشادق: أشدق: طويل: 1:: 603
فكل مطلوب: والأرق: بسيط: 1:: 796
ألم تر أنا: نسبق: طويل: 3: لقيط بن زرارة: 941
وكل خليل: ملق: متقارب: 1:: 622
وإذا الفاحش: الطبق: رمل: 6: مسكين الدارمي: 941
لو كنت: عذلتكا: كامل: 2: الخليل بن أحمد: 488
وبخت: لعماكا: كامل: 2:: 953
لم تر: الفلك: مجزوء الرجز: 2: ابن الصلاح: 447
ذي المعالي: وإلا فلا: خفيف: 1:: 115
ومن يك: الزلالا: الوافر: 1:: 134، 693
ماذا أقول: الجملا: بسيط: 2:: 210
إذا ما: فضلا: طويل: 4: حسان بن ثابت: 625
مالي: مثلا: بسيط: 2: بشار بن برد: 640
يا أهل: نزلا: بسيط: 4: ابن عرفة: 663
ما كان: جبلا: بسيط: 11: سراج الدين البلقيني: 664(2/1066)
إذا لم يكن: طفلا: طويل: 4:: 846
أصاب: الظلالا: الوافر: 1:: 897
من شاء: إقبالا: بسيط: 2:: 908
أأخي: وضلالا: كامل: 1: أبو العتاهية: 919
فإياك إياك: النذلا: طويل: 2:: 943
شرب: للأعمال: كامل: 2:: 366
أبلغ: مال: بسيط: 4: الخليل: 398
نقل: البطل: رمل: 2:: 460
إن التي: لم تقتل: كامل: 2: حسان بن ثابت: 534، 365
أروح: جهل: رجز: 2: أبو فراس: 544
بزجاجة: مستعجل: كامل: 1: حسان بن ثابت: 538
لا يصلح: حال: بسيط: 1: أبو العتاهية: 544
فما لجلد: قبل: البسيط: 1:: 681
وأجله: جليل: كامل: 2:: 688
وإذا كنت: فاسأل: متقارب: 2:: 713
شفاء: الجهل: طويل: 2: بشار بن برد: 714، 715
إنما الزعفران: الرجال: خفيف: 1:: 806
كأني لم أركب: خلخال: طويل: 2: امرؤ القيس: 873
ولست بشاتم: الرجال: الوافر: 2:: 942
كتاب: غفل: الوافر: 2:: 81
صريع: ومفصل: طويل: 1: الأخطل: 108
بيتا: نهشل: كامل: 1: الفرزدق: 327
أنبئت: مامول: بسيط: 1: كعب بن زهير: 430
لئن قمت: مذلل: طويل: 2:: 500(2/1067)
تأملت: البلابل: طويل: 2: ابن الأزوق: 39م
فلا تلمهم: ما جهلوا: بسيط: 1:: 787
لا يذهبن: العجل: بسيط: 2: أمية بن أبي الصلت: 714
إن الغلام: يكتهل: بسيط: 1: أمية بن أبي الصلت: 849
إذا كنت: وتعمل: طويل: 2: ابن مسروق: 952
أوردها: الإبل: رجز: 1: مالك بن زيد مناة: 114
غريب: مشاكل: الوافر: 2: ابن حداد الوادياشي: 20م
طالع: الكلاما: مجزوء البسيط: 3:: 135
لذي الحلم: ليعلما: طويل: 1: المتلمس: 346
فلما بصرنا: القياما: متقارب: 2:: 498
من منع: ظالما: سريع: 3:: 579
عجبت: أعلما: طويل: 2:: 625
إن المعلم: لم يكرما: كامل: 2:: 708
عليك: عليما: طويل: 3:: 715
من ذل: دائما: كامل: 2: أبو الطاهر السلفي: 824
أنزه في روض: محرما: طويل: 4: محمد بن داوود: 638، 639
يقولون: أحجما: طويل: 16: علي الجرجاني: 955
إذا لم يذاكر: تعلما: طويل: 2:: 979
إذا اجتمعوا: علما: طويل: 1:: 979
ولله قوم: علما: طويل: 3: أبو القاسم ابن ورد: 980
تجسدت: نجما: طويل: 2: ابن رشيد: 980
قد كان: الروم: بسيط: 3:: 141
تقول لي: فلم أقم: المنسرح: 3: حمزة بن بيض: 385
ثنتان: همم: بسيط: 4: الحمدوني: 402401(2/1068)
أيها: الكلام: خفيف: 2:: 513
ومن هاب: بسلم: طويل: 1: زهير بن أبي سلمى: 576
صموت: المختم: طويل: 2: ابن المبارك: 706
ألا خبروني: يعلم: طويل: 2: الفرزدق: 713
وقد قيل: بالتعلم: رجز: 1: سابق البربري: 760
وفي الحلم: المتيم: طويل: 2: كثير: 760
حب الرياسة: بالقسم: بسيط: 1:: 921
ثلاث: شمام: الوافر: 3: الفرزدق: 939
واعلم: والتفهم: رجز: 35: اللؤلوي: 1015
سبيلي: يسلم: طويل: 2:: 599
وإن أتاه: ولا حرم: بسيط: 1: زهير: 320
فإن ترفقي: أشام: طويل: 3:: 379
تبلج: عواتم: طويل: 2: ابن خروف: 404
أظلوم: ظلم: كامل: 1: العرجي: 393
ما ازددت: شؤم: بسيط: 2: الخريمي: 402
يسعى: وخيم: كامل: 11: الزمخشري: 403
أينكر: هشام: الوافر: 2:: 500
وإن عناء: أفهم: طويل: 3: صالح بن عبد القدوس: 601، 708
تفنن وخذ: علم: طويل: 2:: 786
ما يدرك: والقلم: بسيط: 1:: 805
وقفت: نائم: طويل: 2: المتنبي: 874
وقفت: باسم: طويل: 2: المتنبي: 875
يا أيها: التعليم: كامل: 2: عبد الله بن عروة: 953(2/1069)
لا تنه: عظيم: كامل: 3: العرزمي: 954
أيا أبت: ترم: متقارب: 3: الأعشى: 395
فمن منح: ظلم: طويل: 1:: 579
أأنثر: النعم: طويل: 5:: 581
من منح: وهم: مجزوء الرجز: 1: أبو العتاهية: 743
إن القراءة: بالعلوم: مجزوء الكامل: 2:: 805
إذا أقسم: والكرم: طويل: 2:: 808
الكتب: الكلم: مجزوء الكامل: 2:: 814
إن كنت: عالم: مجزوء الكامل: 5: بشر بن المعتمر: 920
لقد كثر: بأخبارهم: متقارب: 2: العرزمي: 954
وزلة: سليمانا: بسيط: 2: الخليل بن أحمد: 399
من كان: الدنى: سريع: 2: الحمدوني: 402
أمغطى: حسنا: خفيف: 3: مالك بن أسماء: 589
وما دون: لا تصبحينا: الوافر: 1: عمرو بن كلثوم: 641
حب الرياسة: للمحبينا: بسيط: 4: أبو عمر ابن عبد البر النمري: 919
إن قوما: لا يفعلونا: مجزوء الرمل: 2: منصور الفقيه: 954
ما ضر: البحران: كامل: 1: الفرزدق: 128
يا طالب: المجانين: بسيط: 9:: 129128
إما: كتان: بسيط: 2:: 157
النحو: يلحن: كامل: 3: إسحاق بن خلف البهراني: 157
العلم: الدين: كامل: 6:: 157
أصخ: ببيان: طويل: 2:: 447(2/1070)
أعيذك: العيون: الوافر: 1:: 608
عم: بمن: مجزوء الرجز: 9: ابن الأزرق: 37م
ويجر: البنان: خفيف: 1:: 119
بنفسي: قين: الوافر: 4:: 618
يأبى: الأذقان: كامل: 2:: 706
إن تلبثت: حنين: خفيف: 3: عبد الله بن المبارك: 717
قالوا: العين: بسيط: 2: منصور الفقيه: 792
إني تركت: اثنين: الكامل: 6:: 817
إن من يحمل: كالصيدلان: خفيف: 2: اليزيدي: 866
لا ترى: الهوان: خفيف: 5:: 885
نزلنا: هجان: طويل: 4:: 890
رأيت: تعنون: طويل: 4: ابن بسام: 155
ما يقول: إحسان: خفيف: 2:: 381
لعمرك: ألحن: متقارب: 2: أبو عمرو بن العلاء: 595
كفى: لسان الوافر: 2:: 626
وقد يقتل: المعاين: طويل: 2: سابق البربري: 714
عذري: البيان: رمل: 2: ابن الأزرق: 39م
الكتب: السفن: مجزوء الكامل: 5:: 814
خليلي: أعينها: طويل: 3: قيس بن معاذ: 111
عالجتها: أبا جادها: سريع: 3: معاذ الهراء: 142
إن سليمى: يرزؤها: منسرح: 1: ابن هرمة: 319
دع الخمر: مكانها: طويل: 2: أبو الأسود الدؤلي: 367
وكأس: منهابها: متقارب: 2: الأعشى: 538
أهين: لا يهينها: طويل: 2:: 699(2/1071)
عليك بالحفظ: تفرقها: بسيط: 2:: 795
من طلب: يقاسيها: منسرح: 4: أحمد بن حنبل: 804
قطعت: حمارها: طويل: 2: الخشني: 868
رأيت: إمانها: متقارب: 2: ابن المبارك: 951
صحون: أقطارها: متقارب: 1: ابن الجهم: 1014
إني: وورائه: كامل: 6: أبو عروبة المدني: 385، 246
لن تبلغ: أسه: سريع: 1: صالح بن عبد القدوس: 526
قال أبو ليلى: وحده: رجز: 1:: 115
لا تحقرن: رامقه: منسرح: 4: ابن دريد: 695
اعذر: ضبطه: كامل: 3:: 749
ومنزلة: السفيه: الوافر: 3: الشافعي: 839
وإن من أدبته: في غرسه: سريع: 4: صالح بن عبد القدوس: 848
ومساهر: سناته: كامل: 32: ابن سريج: 638، 639
لا تلم المرء: مثله: سريع: 2:: 522
سودني: بتسويده: سريع: 3: فخر الدين الرازي: 961، 962
لن يبلغ: نفسه: سريع: 1:: 971
تركت: عابه: متقارب: 2:: 367366
تلوم: فنونه: طويل: 2:: 192
تأمل: عقله: متقارب: 4: أبو العباس الناشئ: 192
إذا لم يكن: اجتهاده: طويل: 1:: 681
إلا بأوحد: متجه: بسيط: 2:: 793
لا تستهن: تدركه: بسيط: 4:: 990(2/1072)
تنح: مفرغه: متقارب: 3:: 149
هو العلم: قاصده: طويل: 105: أبو حيان: 159، 167
هي الخمر: جعده: متقارب: 1: عبيد بن الأبرص: 367
هامت: ناجحة: رمل: 2: ابن الخطيب: 404
لقد: خالصه: متقارب: 1: الفرزدق: 344
وفتى: البصرة: مجزوء الرمل: 2:: 614
سألنا: ثمالة: مجزوء الرمل: 3:: 162هـ، 615
إذا أنت: يقبله: طويل: 2:: 700
في بسطة: مغلقة: كامل: 1: ابن الأزرق: 39م
لقد سئمت: الاسكندرية الوافر: 5: ابن الحاجب: 718
كن عالما: المحطة: المجتث: 3:: 769
جهلت: جاهله: طويل: 2: ابن دريد: 787
ما أكثر: يجمعه: سريع: 2:: 792
إن التشاغل: والدراسة: مجزوء الكامل: 2:: 805
يسلي: نصبه: كامل: 2: أحمد بن أبي عمران: 813
وألذ: طلبه: كامل: 2: أحمد بن محمد: 813
العلم: والجلاله: مجزوء البسيط: 8: أبو الحسن بن مؤمن القرطبي: 822
يا طالب: الرواية: مجزوء الكامل: 3: فارس بن الحسين: 865
إنما الصولي: خزانة: مجزوء الرمل: 3:: 871
كيف يزهو: ضجيعه: مجزوء الرمل: 3:: 912
الكلب: الخساسه: مجزوء الكامل: 2: منصور الفقيه: 920
يا سائلي: العشرة: سريع: 2:: 930
إذا العلم: جاهله: طويل: 2: سابق البربري: 951(2/1073)
أيها الطالب: ضللته: خفيف: 13: منصور الفقيه: 951
لا يكون: الغبي: خفيف: 9: الخليل بن أحمد: 154153
ترنو: نحوي: سريع: 1:: 368
لقد: يا تيني: بسيط: 2: عروة بن أذينة: 400
وإني: لوعدي: طويل: 1: عامر بن الطفيل: 429
يا أيها: على نفسي: سريع: 3:: 540
اعمل: تقصيري: بسيط: 1: الخليل: 691
ومن: ولا يدري: طويل: 1:: 693
العلم: العالي: خفيف: 1:: 696
أعلمه: رماني: الوافر: 1: أبو البطحاء: 161هـ، 708
بقدر الكد: الليالي: الوافر: 2:: 796
العلم: وحدتي: مجزوء الكامل: 2:: 813
دعوني: أمري: طويل: 2: البستي: 846
أبا حسن: شتمي: طويل: 2:: 942
يبكون: صادي: بسيط: 3: عبد الله بن عروة: 953(2/1074)
الشطر: البحر: الشاعر: الصفحة
جريت مع الصبا طلق الجموح: الوافر: أبو نواس: 882
فأدت القريض من ذافأد: متقارب: عباس بن ناصح: 883
يا دار مية بالعليا فالسند: طويل: النابغة: 833
فلما التقينا صدق الخبر الخبر: طويل:: 860
كنت آبى للذرى إلا الذرى: رمل: أبو المخشى: 883
فغض الطرف فإنك من غير: الوافر: جرير: 114
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر: طويل: عمر بن أبي ربيعة: 745
إنك أجدى من تفاريق العصا: رجز: غنية الأعرابية: 169
لنا قمراها والنجوم الطوالع: طويل: الفرزدق: 537
أما ترى الشمس حلت الحملا: منسرح: أبو نواس: 882
صفيف شواء أو قدير معجل: طويل: امرؤ القيس: 548
ما ضر ذا تقوى لسان معجم: طويل:: 149
على قدر أهل العزم تأتي العزائم: طويل: المتنبي: 874
إذا قطعنا علم بدا علم: منسرح:: 776
كأن خروء الطير فوق رؤوسهم: طويل: جواس بن نعيم الضبي: 621
كالخصّ إذ جلّله الباريّ: رجز: العجاج بن رؤية: 406(2/1075)
4 - فهرس الأعلام
آدم عليه السلام: 202191181 285276275268231229 1018993912797.
أبان بن سليم: 238.
أبرهة بن الحارث ذو المنار: 170 996.
إبراهيم عليه السلام: 27612685 446346345321320.
إبراهيم بن أحمد بن فتوح العقيلي أبو إسحاق: 26م 16م 42م 369ت 736724721719690233 990915909748747.
إبراهيم بن أدهم: 123.
إبراهيم بن إسحاق الحربي: 631.
إبراهيم بن خالد اليمان: أبو ثور الكلبي: 866294.
إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج أبو إسحاق: 702701688569 945918.
إبراهيم بن سيار النظام أبو إسحاق:
318.
إبراهيم بن العباس الصولي أبو إسحاق: 806.
إبراهيم بن عثمان الكوفي: 932 933.
إبراهيم بن علي بن فرحون اليعمري الداني المالكي أبو الوفاء: 782718 858.
إبراهيم بن علي الحصري أبو إسحاق: 96.
إبراهيم بن علي الفهري: ابن هرمة:
(319هـ) 882.(2/1077)
إبراهيم بن علي الفيروزبادي: أبو إسحاق الشيرازي: 830447.
إبراهيم الكميلي: 61م.
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأنصاري البدوي أبو إسحاق: 26م 840784.
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق ابن أبي يحيى:
801800.
إبراهيم بن محمد العتكي أبو عبد الله: نفطويه: 848497.
إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي أبو إسحاق، الشهير بالشاطبي: 13612712585 199185184183182142 293291289287232 322321317316312298 340337334325324 453451449424358341 479473472456454 523521520511509483 580577572561546 747724690659635587 864595819790752 10131012946935895.
إبراهيم بن مهدي العباسي الهاشمي أبو إسحاق: 845713.
إبراهيم الموسوس: 621.
إبراهيم بن هلال الصابي أبو إسحاق:
(404هـ).
إبراهيم بن يزيد الكوفي النخعي أبو عمران: 744712412246 979950806793.
أبرهة: 996170.
إبقراط: 539.
إبليس: 642640217216 994968802.
أبي بن كعب الأنصاري البخاري أبو المنذر: 73562199.
أحمد بن إبراهيم البزاز: أبو بكر ابن شاذان: 871.
أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن كعب الثقفي أبو جعفر ابن الزبير: 166 167.
أحمد بن أبي طاهر: (617هـ).
أحمد بن أبي يحيى بن محمد الشريف التلمساني: 28م.
أحمد بن أحمد الغبريني أبو العباس:
671.
أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري المالكي شهاب الدين أبو العباس: (23م هـ 55م 194191
205204202200197 283272270221212211 407381379378287 478473471453409408 558326325485484 660659456643388561 709683681670668 964918879.(2/1078)
أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري المالكي شهاب الدين أبو العباس: (23م هـ 55م 194191
205204202200197 283272270221212211 407381379378287 478473471453409408 558326325485484 660659456643388561 709683681670668 964918879.
أحمد بن أبي بكر القاسم الزهري أبو مصعب: 1005826.
أحمد بن أبي عمران: 811.
أحمد بن بشر بن الأغبس: 897ت 898.
أحمد تسوكي: 24م.
أحمد بن جعفر بن المنادي أبو الحسن: 465ت.
أحمد بن حجاج أبو عمر: 811ت.
أحمد بن الحسن بن علي بن الزيات الكلاعي المالقي أبو جعفر المعروف بابن الزيات: 298.
أحمد بن حمدان الحراني نجم الدين:
904 - هـ.
أحمد بن داوود البلوي الأندلسي:
20 - م.
أحمد بن زكريا بن فارس الشافعي أبو الحسين: 183ت 451449315.
أحمد بن سليمان بن خلف الباجي أبو القاسم: 689ت 900830.
أحمد بن عبد الرحمن اللخمي القرطبي أبو العباس، المعروف بابن مضاء: 142ت 369368147 436.
أحمد بن عبد السلام: 617هـ 618هـ.
أحمد بن عبد الصمد الخزرجي:
209 - ت.
أحمد بن عبد الله بن مهران الأصبهاني الشافعي: أبو نعيم: 50م 25723723122119515 693686527526497314 712711709703697 743739738737735730 764759758956746 826797793773770768 956924222921832 987985979977976957 1006100310021001 101310101007.
أحمد بن عبد الله التنوخي المعري أبو العلاء: 554ت.
أحمد بن عبد الله المقتدي الخليفة المستظهر بالله: 500ت 501.(2/1079)
أحمد بن عطاء بن أحمد الروذباري:
139 - ت.
أحمد بن عطاء الله الإسكندري أبو الفتح تاج الدين ابن عطاء الله: 271ت 756653304.
أحمد بن علوان التونسي أبو العباس الشهير بالمصري: 783ت.
أحمد بن علي الأنصاري الغرناطي أبو جعفر، المعروف بابن الباذش: 2422.
أحمد بن علي بن أحمد بن داوود البلوي الأندلسي أبو جعفر: 20م 29م.
أحمد بن علي البغدادي أبو بكر، المعروف بالخطيب: 108ت 144 613590502427390377 787738702642616 821805803801799797 895871865857852840 963962901900.
أحمد بن علي بن المثنى التميمي أبو يعلى: 226ت.
أحمد بن علي بن خاتمة الأنصاري:
456 - ت 514478464.
أحمد بن علي المروزي: 117هـ.
أحمد بن علي الكناني العسقلاني المصري الشافعي: شهاب الدين ابن حجر: 817243242ت.
أحمد بن عمار الخراساني أبو العباس: 392ت.
أحمد بن عمر، أبو العباس المرسي المالكي: 305ت.
أحمد بن عمر بن سريج البغدادي الشافعي أبو العباس: 499305 939938.
أحمد بن عمرو البصري، أبو بكر البزار: 227ت 960231.
أحمد بن فارس كمال الدين: 718 719.
أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي أبو العباس المعروف بابن القباب: 298ت.
أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني المروزي: 201ت 207 747745555409292217 989889804.
أحمد بن محمد الدقون: 21م.
أحمد بن محمد المعافري الأندلسي الطلمنكي أبو عمر: 218ت 222 665290.
أحمد بن محمد بن برمك البرمكي الأربلي الشافعي (ابن خلكان): 139 461448444440398152
720646619596532 918913896887871798 896.(2/1080)
أحمد بن محمد بن برمك البرمكي الأربلي الشافعي (ابن خلكان): 139 461448444440398152
720646619596532 918913896887871798 896.
أحمد بن محمد بن شجاع أبو أيوب:
813811.
أحمد بن محمد بن منصور: ناصر الدين ابن المنير: 962718533 963.
أحمد بن محمد المغراوي الخزرجي التلمساني الشهير بابن زاغو: 277ت 716711692687679497 768764763755726 10011000853785769.
أحمد بن محمد بن رستم الطبري أبو جعفر: 357ت 547.
أحمد بن محمد المرادي أبو جعفر النحاس: 110ت 945569111.
أحمد بن محمد الأطرابلسي: ابن أبي الخناجر: 528ت.
أحمد بن محمد بن قاسم الفهري أبو جعفر الشهير بالحريري: 843.
أحمد بن محمد بن أبي عبدة: 391ت 392.
أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي العدوي: أبو العباس ابن البناء:
572 - ت.
أحمد بن محمد بن سلفة أبو الطاهر السلفي: 824.
أحمد بن محمد الأزدي الطحاوي:
أبو جعفر الطحاوي: 533.
أحمد بن محمد أبو القاسم الحوفي:
830 - ت / هـ.
أحمد بن محمد بن مسروق: 952.
أحمد بن منصور الكازروني أبو العباس: 880ت.
أحمد بن موسى بن مجاهد التميمي الحافظ البغدادي أبو بكر: 139ت 823620465423420339 844.
أحمد بن النضر الهلالي: 258257.
أحمد بن هارون بن أحمد بن عات النقري الشاطبي أبو عمر: 824ت.
أحمد بن يحيى «ابن أبي حجلة»:
539 - ت 938.
أحمد بن يحيى الشيباني النحوي المعروف بثعلب: 124105ت 618498413412146139 760702701621619 804773.
أحمد بن يحيى بن إسحاق البغدادي المعروف بالراوندي: 172ت.(2/1081)
أحمد بن يحيى الونشريسي: 21م 31م.
أحمد الشهاب المعلقي أبو العباس:
862.
أحمد القصار أبو جعفر: 747ت 990.
الأحنف بن قيس بن معاوية المري السعدي المنقري التميمي: 847 1013.
أذينة الصفاح: 996.
أرسطو: 642.
أسامة بن شريك رضي الله عنه:
703.
إسحاق بن إبراهيم: 503.
إسحاق بن إبراهيم بن ميمون الموصلي أبو محمد: 739151 555.
إسحاق بن إبراهيم المصعبي:
413 - ت.
إسحاق بن أحمد الساماني: 801.
إسحاق بن أبي إسرائيل: 117.
إسحاق بن أبي الحسن الحنظلي المروزي أبو يعقوب، المعروف بابن راهويه: 217ت.
إسحاق بن حسان المعروف بالخزيمي: 402ت.
إسحاق بن خلف البهراني: 157هـ.
إسحاق بن سويد العدوي التميمي البصري: 323ت.
إسحاق بن منصور بهرام المروزي أبو يعقوب: 217ت 745.
أسد بن الفرات مولى بني سليم أبو عبد الله: 983ت.
أسعد بن زرارة بن عدس المعروف بأبي أمامة: 203ت 231215 1007977768687.
الاسكندر الأكبر المقدوني: ذو القرنين: 172ت 689.
إسماعيل عليه السلام 991.
إسماعيل بن أحمد الساماني أبو إبراهيم: 801ت.
إسماعيل باشا البغدادي: 23م.
إسماعيل بن إبراهيم الأمير: 503.
إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه الحمدوني: 401ت.
القاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي الأزدي: 365ت 498 945530500499.
إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة الكوفي: 1002ت 1010.
إسماعيل بن رجاء الزبيدي أبو إسحاق الكوفي: 979ت.(2/1082)
إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني:
448 - ت.
إسماعيل بن القاسم البغدادي المعروف بالقالي: 405ت 460 822798.
إسماعيل بن يحيى المزني المصري أبو إبراهيم: 438ت 443.
إسماعيل الموصلي: 773.
الأسود بن سريع بن البزار النزال:
249 - ت 250.
الأسود بن سفيان المخزومي:
225 - هـ.
أشهب بن عبد العزيز القيسي العامري الجعدي أبو عمرو: 570ت 717 878727.
أصبغ بن الفرج: 654.
أبو الأغلب بن أبي العباس بن إبراهيم بن الأغلب: 635.
أكتم بن صيفي بن رياح التميمي:
347 - ت 539.
ألبير حبيب مطلق: 44م.
أمية بن عبد الله الثقفي المعروف بأمية بن أبي الصلت: 849714.
الخليفة الأمين: 882397.
أنس بن مالك: 20719830 363254253237232231 767745697549364 1010977941926770.
أويس بن عامر بن جزء القرني (أويس القرني): 993.
إيزابيلا: 32م (هـ).
أيوب النبي: 881.
أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني البصري أبو بكر، المعروف بأيوب السختياني: 698ت.
أيوب بن القرية الهلالي المعروف بابن القرية: 686ت 943.
با يزيد بن عثمان التركي: 35م.
بحر بن مالك (دارم): 372هـ.
برز جمهر: 839769760.
بشار بن أيوب: 466.
بشار بن برد: 637ت 642640 715.
بشر المريسي: 319ت 351320 354353.
بشر بن المعتمر البغدادي أبو سهل:
920 - ت.
البطين بن قعنب: 343.
بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل: 164 999996.(2/1083)
أبو بردة بن نيار البلوي المعروف بأبي بردة: 996.
أبو بكر بن أبي محمد عبد الله بن الحسن القرطبي المالقي: 653112 657.
أبو بكر الصديق: 444434321 1010993976840.
أبو بكر ابن الطاهر: 836.
أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي: 220ت.
أبو بكر العتكي: 542.
بقي بن مخلد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي: 889.
بكر بن حماد الزناتي أبو عبد الرحمن التاهرتي: 896ت 921.
بكر بن عيسى الكناني: 883.
بكر بن محمد بن عثمان المازني أبو عثمان: 394393373341 613452398397396395 787722657.
بلال بن أبي بردة عامر بن أبي موسى الأشعري: 691.
بلال الحبشي: 1005149.
بلقيس: 283.
بهرام: 26م.
بيان بن سمعان التميمي: 323ت 334.
توبان بن إبراهيم الإخميمي المصري، أبو الفياض أو أبو الفيض، ذو النون:
757.
ثابت بن دينار الثمالي: أبو حمزة الثمالي: 891ت.
ثابت بن قيس بن شماس: 629ت.
ثابت بن النعمان: 995.
ثعلبة بن الحكم: 247ت.
ثمامة بن عبد الله بن أنس البصري:
1010 - ت.
ثمال أبو علوان ابن صالح الكلابي معز الدولة: 554ت.
جابر بن حيان: 719.
جابر بن سمرة السوائي: 1003ت.
جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري: 273ت 759602 1007926924923774.
جابر بن يزيد الجعفي: 322321.
جالينوس: 764.
جبريل عليه السلام: 280274250 1005999996994922.
جذيمة الوضاح: 996ت.
الجرج آي: 611.(2/1084)
جرول بن أوس العبسي الملقب بالحطيئة: 117ت.
جرير بن حازم: 116هـ.
جرير بن عبد الحميد الرازي الضبي:
806 - ت.
جرير بن عطية الخطفي الكلبي اليربوعي الشاعر: 114108هـ 128هـ 395140ت 883هـ.
جعدة: 925.
جعفر بن إبراهيم بن محمد بن أبي طالب: 825.
جعفر بن أبي طالب الهاشمي: 734.
جعفر بن أحمد المعتضد أبو الفضل العباسي المعروف بالمقتدر بالله:
402.
جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري أبو محمد المعروف بالحصري الحافظ: 710.
جعفر بن البيان: 567.
جعفر بن محمد بن المعتصم: 405ت 701412410.
جعفر بن محمد الباقر زين الدي العابدين الهاشمي القرشي: 216ت.
جعفر بن محمد بن أبي سعيد أبو الفضل الجذامي القيرواني، المعروف بابن شرف القيرواني: 943ت.
جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي:
389 - ت 583.
جعونة بن الصمة الكلابي (أبو الأجرب): 883ت.
جلال الدين السيوطي: 817هـ.
القاضي جلال الدين بن سراج الدين البلقيني: 898.
جمال الدين بن عبد الكريم الوادي آشي المالكي، المعروف بالعراقي:
304.
جميل بن قيس: 211.
جندب بن جنادة الغفاري أبو ذر: 100 926218217.
جندرة بن خيشنة أبو قرصافة: 241ت 243242.
الجنيد بن محمد أبو القاسم الخزار القواريري: 294ت.
جواس بن نعيم الضبي: 621هـ.
الحارث الأعور: 853ت.
الحارث بن أسد المحاسبي أبو عبد الله: 294.
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي أبو فراس: 544ت.
الحارث بن كعب بن عمرو: 161.
الحارث بن يمجد الأشعري: 482 644.(2/1085)
حامد بن العباس: 539538.
حبيب بن أبي ثابت: 682.
حبيب بن أوس الطائي: أبو تمام:
972722172.
حبيب بن خدرة: 617.
حبيش بن مبشر الثقفي الطوسي أبو عبد الله: 247ت.
الحجاج بن أرطأة: 526.
الحجاج بن هارون: 598.
الحجاج بن يوسف الثقفي: 187 586585349348346345 943590589.
حذيفة بن حسل العبسي أبو عبد الله اليمان: 976ت 1006.
حرملة بن يحيى التجيبي: 799.
حريث بن السائب: 116.
حسان بن ثابت: 533ت 537534 999629625.
الحسن بن أحمد الفارسي: أبو علي الفسوي: 55954914485 854852771604577569 929918.
الحسن بن أحمد الكوخميثي أبو محمد: السمرقندي: 256251.
حسن الزبيدي: 931.
الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي: أبو علي اللؤلؤي: 1015810.
حسن السايح: 24م.
الحسن بن سهل: 393ت.
الحسن بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص القرشي الفهري المعروف بابن أبي الأحوص: 338 421.
الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي: 863721105.
الحسن بن عبد الله بن سعيد، المعروف بأبي أحمد العسكري: 628.
الحسن بن علان: 287.
الحسن بن علي رضي الله عنه:
731703384346345176.
الحسن بن علي بن أحمد النهرواني:
أبو بكر ابن العلاف: 619.
الحسن بن علي الطوسي أبو علي المعروف بنظام الملك: 445440 647646.
الحسن بن علي بن محمد الخلال الحلواني: 339ت.
الحسن بن محمد: 963.
الحسن بن محمد التميمي التاهرتي المعروف بابن الربيب: 171ت.
الحسن بن محمد المهلبي أبو محمد
المعروف بابن أبي صفرة: 121.(2/1086)
الحسن بن محمد المهلبي أبو محمد
المعروف بابن أبي صفرة: 121.
الحسن بن محمد الزعفراني: 506 507.
أبو الحسن بن مومن القرطبي: 822.
الحسن بن هانىء الحكمي أبو نواس:
882539538.
الحسن بن يسار البصري أبو سعيد:
240187120116101100 448438418336314 809682645642607561 1011948891847.
حسن حسني عبد الوهاب: 24م.
الحسين رضي الله عنه: 164 346345176.
الحسين بن أحمد بن محمد أبو عبيد الله الشيعي: 433432431.
الحسين بن عبد العزيز البوجردي الخبازي أبو عبد الله: 444ت.
الحسين بن عبد الله بن سينا (ابن سينا): 26م 189172.
الحسين بن علي الأصبهاني الليثي:
أبو إسماعيل الطغرائي: 920ت.
الحسين بن محمد الغساني الأندلسي الجياني المعروف بأبي علي الغساني:
857 - ت.
حكم بن عمران: 466.
الحكم بن مروان: 385.
الحكم بن هشام الداخل الأموي الربضي: 884ت.
الحكم المستنصر بالله: 83هـ.
حماد بن زيد: 117100.
حماد بن سابور أبو القاسم: حماد الراوية: 776ت.
حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري: 540424329116.
حماد بن فياض الخشني: 993.
حمد بن محمد بن خطاب البستي الخطابي: 241ت 342341340 610.
حمدون بن أحمد بن عمارة القصار النيسابوري، المعروف بحمدون القصار: 692ت.
حمد يس بن إبراهيم بن أبي محرز اللخمي: 654ت 655.
حمزة بن بيض الحنفي: 385.
حمزة بن حبيب الزيات: 108ت 945412411339.
حمزة بن الحسن الأصبهاني:
150 - ت.
حمزة نجم الدين: 916.
حنبل بن إسحاق الشيباني أبو علي:
747.(2/1087)
حنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن مالك الأنصاري الأوسي، المعروف بغسيل الملائكة: 994ت.
حواء: 191.
حيان بن خلف أبو مروان ابن حيان:
380.
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري:
أبو زيد: 994ت 996.
خالد بن صفوان بن عبد الله بن أهتم: 187ت 625624598 944833641.
خالد بن زيد: أبو أيوب الأنصاري:
922 - ت.
خالد بن عبد الله القسري: 606ت.
خالد بن عيسى البلوي أبو البقاء:
836 - ت.
خالد بن مهران المجاشعي أبو المنازل البصري المعروف بخالد الحذاء: 460 461ت.
خالد بن نزار بن المغيرة بن سليم الغساني الإيلي: 273ت.
خالد بن الوليد: 993.
خالد بن يزيد بن معاوية: 119118 892.
خالصة: 344.
خديجة بنت خويلد: 734.
الخضر عليه السلام: 263262 689285268.
خفاف بن ندبة السلمي: 560هـ.
خلاد بن خالد الأحول الكوفي:
109 - ت.
خلف بن حيان أبو محرز، المعروف بالأحمر: خلف الأحمر: 849ت.
خلف بن صالح: 866.
خلف بن عبد الملك بن بشكوال الخزرجي، المعروف بابن بشكوال:
600 - ت.
خلف بن عمر الحناط أبو سعيد المعروف بابن أخي هشام: 858ت.
خلف بن مختار الاطرابلسي: 832ت 833.
خلف بن هشام البزار الأسدي أبو محمد 108ت 231.
خلف بن هشام البزار الأسدي أبو محمد: 108ت 231.
خلف بن يوسف بن فرتون الأندلسي أبو القاسم، المعروف بابن الأبرش:
187 - ت.
الخليل بن أحمد: 160153138 399398313192176164 462461453452431 688653505487467465
723716713697691 794772771766745743 979945877870852 982.(2/1088)
الخليل بن أحمد: 160153138 399398313192176164 462461453452431 688653505487467465
723716713697691 794772771766745743 979945877870852 982.
خليل بن إسحاق المالكي: 40م 915841674393392.
الداخل زهير بن حرام الهذلي:
418 - هـ.
دارس بن إسماعيل الفاسي أبو ميمونة: 828ت 858830829.
داوود عليه السلام: 993345283.
داوود بن علي الأصبهاني أبو سليمان، المعروف بالظاهري:
547 - ت.
داوود بن عمر بن ماخل الكهاري الاسكندري: 302ت 303.
داوود بن مهران أبو سليمان الدباغ:
1012 - ت.
دحية بن خليفة الكلبي: 999994.
دغفل بن حنظلة الذهلي الشيباني:
713.
رؤبة بن عبد الله العجاج التميمي السعدي أبو محمد: 835ت 886.
الرائش الحميري: 996ت.
الراضي أمير المؤمنين: 798797 853852.
الربيع بن سليمان المرادي: 687 833699.
ربيعة بن عامر الدارمي التميمي المعروف بمسكين الدارمي: 941.
ربيعة بن عبد الرحمن التميمي المديني، أبو عثمان، المعروف بربيعة الرأي: 799680224223.
ربيعة بن عجل: 152150.
ربعي بن حراش: 617.
رزين بن معاوية العبدري الأندلسي:
872.
رضا عبد الجليل الطيار: 44م.
الزبرقان بن بدر التميمي السعدي:
630 - ت 631.
الزبير بن عبد المطلب: 995.
الزبير بن العوام الأسدي: 960.
زر بن حبيش بن أوس: 201641ت 877.
زرارة بن عدس التميمي: 327ت.
الزركلي: 23م 25م.
زكرياء عليه السلام: 968345.
زهير بن أبي سلمى: 576320.
زهير بن حرب النسائي البغدادي أبو خيثمة: 866ت.(2/1089)
زياد بن أبي سفيان: 97ت 463 632474467464.
زياد بن حصين: 530.
زياد بن سيار: 243.
زياد بن معاوية الذبياني الغطفاني المضري أبو أمامة، المعروف بالنابغة: 354ت 833548355.
زيد بن أسلم العمري المدني أبو عبد الله: 118هـ 224ت 832.
زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي البخاري: 200هـ 686350240 10041001746717697 1005.
زيد بن حارثة الكلبي: 734ت.
زيد بن الربيع بن سليمان الحجري المعروف بزيد البارد: 897ت 898.
سابق البربري: 255ت 714528 951849760.
ساعدة بن جؤية الهذلي: 574هـ.
سالم بن رستم: 117ت.
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي: 733ت 734.
السبيع بن السبيع: 108هـ.
سراج الدين البلقيني الشافعي: 664 898.
سراقة بن مالك بن جعشم الكناني أبو سفيان: 994.
سعد البزار: 24م.
سعد بن عبادة الخزرجي أبو ثابت:
995 - ت.
سعيد بن جبير: 116هـ.
سعد بن علي بن يوسف بن نصر الملقب بالمستعين بالله: 29م.
سعد بن علي بن الحسن العجلي الأسدآباذي أبو منصور الهمداني:
284 - ت.
سعد بن مالك الكناني: 347.
سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري الخزرجي، المعروف بأبي سعيد الخدري: 257253205 1013903826.
سعد بن معاذ: 994731.
سعيد بن أبي عروبة: 116هـ.
سعيد بن أوس الأنصاري المعروف بأبي زيد الأنصاري: 540143 795590565.
سعيد بن جبير التميمي الأسدي أبو عبد الله: 961960834698.
سعيد بن حميد أبو عثمان: 414.
سعيد بن سلم الباهلي البصري: 105.
سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو
عثمان العقباني: 679ت 692.(2/1090)
سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو
عثمان العقباني: 679ت 692.
سعيد بن محمد المغربي المالكي أبو عثمان ابن الحداد: 432ت 433 763.
سعيد بن مسعدة الأخفش أبو الحسن: 499452172168 658583.
سعيد بن المسيب المخزومي: 655 1002727670.
سعيد بن منصور بن شعبة الخراساي: 1012ت.
سفيان بن سعيد الثوري: 682215 1012951938.
سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي أبو محمد: 682322257 799766734729728 1006867856832826801 1021.
سلم بن قتيبة: أبو قتيبة: 1009هـ.
سلمة بن دينار المدني المخزومي أبو حازم: 225ت 982543.
سلمة بن كهيل: 712.
سلمة بن المثنى: 1009هـ.
سليمان بن داوود عليه السلام:
993345283282281268 999.
سليمان بن أبي عبد الله: 116هـ.
سليمان بن أحمد الطبراني: 183ت 239238227214211201 976903746687248.
سليمان بن الأشعث بن إسحاق
الأزدي السجستاني، أبو داوود: 199 960602240205200.
سليمان بن أيوب: 183.
سليمان التيمي: 214هـ.
سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة: 653399398.
سليمان بن خلف التجيبي القرطبي الباجي، أبو الوليد الباجي: 364 900890689567552550.
سليمان السبتي، أبو الربع ابن سبع:
862.
سليمان بن عبد الملك: 119118 939344.
سليمان بن عمران: 983.
سليمان بن محمد المالقي المشهور بابن طراوة: 162ت.
سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الأسدي: 543411110109 870866865742580579.
سليمان بن نجاح الأموي، أبو داوود:
336 - ت.(2/1091)
سليمان بن يسار أبو أيوب: 727.
سمرة بن جندب بن هلال الفزاري:
238 - ت 1002924.
سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري الأوسي أبو ثابت: 730ت.
سهل بن سعد الخزرجي الأنصاري:
738 - ت 1010988.
سهل بن عبد الله التستري: 212ت 297.
سهل بن محمد السجستاني أبو حاتم:
459 - ت 945788787465.
سويد بن سليم: 343.
سيف الدولة الحمداني: 874209 875.
سيف بن ذي يزن: 997.
شبيب بن شيبة: 122هـ 641343.
شبيب بن يزيد الشيباني: 641343.
شبيل بن عزرة الضبعي: 835ت.
شرف الدين بن سيف الدين ابن أيوب «صاحب دمشق» 648.
شرف الدين يحيى بن محمد الأنصاري المغربي الأندلسي المالكي: 29م.
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي أبو عبد الله: 31م 704ت 766.
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي الواسطي البصري: 107106 698581580540424 865799.
شعيب عليه السلام: 992277.
شعيب بن حسين الأنصاري: أبو مدين: 306.
شمر السياح: 997.
شمعون أو سمعون بن زيد الأزدي:
أبو ريحانة: 773.
شوقي ضيف: 45م.
شويس بن حياش الأعرابي العدوي:
أبو الذيال: 704.
صاعد بن الحسن الربعي البغدادي:
109 - ت 720587583498 852771.
صالح عليه السلام: 992277.
صالح بن إسحاق الجرمي أبو عمر:
357 - ت 550452358.
صالح بن عاصم الكوفي: 466.
صالح بن عبد القدوس: 601526 848708.
صالح بن محمد بن عمرو الأسدي أبو علي، المعروف بجزرة: 805.
صخر العامري: 764.(2/1092)
صفوان بن سليم المدني الزهري:
225.
صفوان بن صفوان الأنصاري: 638.
صفوان بن عسال المرادي: 208 877733243201.
صفية بنت الزبير بن عبد المطلب: 995.
طاهر بن أحمد بن بابشاذ أبو الحسن: 399.
طاهر بن عبد الله الخزاعي: 710ت.
طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني، أبو عبد الرحمن: 686.
طلحة بن مصرف: 412.
الضحاك بن عثمان: 532.
الضحاك بن مخلد الشيباني: 525ت.
ضرار بن عمرو: 638هـ.
ظالم بن عمرو الدؤلي الكناني أبو الأسود الدؤلي: 27415986 462461460459367331 469468467464463 953612611476474470.
الظريف أبو عبد الله: 296.
عائشة رضي الله عنها: 120هـ 200هـ 220هـ 762734712527 926923922866775.
عاصم بن بهدلة بن أبي النجود أبي بكر الأسدي: 467339.
عاصم بن أبي الصباح العجاج الجحدري: 466.
عاصم بن أبي النجود: 467.
عامر بن حفص الملقب بسحيم، أبو اليقظان: 346.
عامر بن شراحيل الهمذاني الكوفي أبو عمر المعروف بالشعبي: 345101 585583582383350349 796791744743686 949908.
عامر بن الطفيل: 429هـ.
عامر بن الظرب العدواني: 347.
عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي، المعروف بأبي عبيدة الجراح: 994.
عامر بن عمارة بن خزيم المري أبو الهيذام: 338.
عباد بن يعقوب الرواجني: 339.
عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي أبو الوليد: 687.
العباس بن عبد العظيم العنبري أبو الفضل: 989.
عباس بن الفرج الرياشي أبو الفضل:
951786763340143.
عباس بن ناصح الجزيري: 882 884883.(2/1093)
عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي (أبو مسهر): 790.
عبد الجبار بن علي بن محمد الإسكاف (الإسفراييني): 440437 810444.
عبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي الغرناطي (ابن عطية) 171ت 1007433432.
عبد الحميد؟: 656.
عبد الحميد بن يحيى العامري المعروف بالكاتب (عبد الحميد): 749.
عبد الرحمن أبو زيد المعروف بالمقلاش: 599.
عبد الرحمن بن أبي الزناد القرشي أبو محمد (ابن أبي الزناد): 740.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي، المعروف (بابن أبي ليلى):
980.
عبد الرحمن بن أحمد أبو الفضل عضد الدين الإيجي: 434.
عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي أبو القاسم: 569ت.
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي المدني: 543.
عبد الرحمن بن الحكم بن هشام:
113 - هـ.
عبد الرحمن بن صخر الأزدي المعروف بأبي هريرة: 19798 237231229218216211 698697693688244 902847826764758709 926925923922903 1003993987984959.
عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي المعروف بالسهيلي: 590589 927.
عبد الرحمن بن علي القرشي التميمي البكري الحنبلي البغدادي، المعروف بابن الجوزي: 14910610498 541539388387212 629611598594582544 887804750.
عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو، المعروف بالأوزاعي: 424 895865743هـ.
عبد الرحمن بن غنم الأشعري: 948.
عبد الرحمن بن القاسم العتقي أبو عبد الله، المعروف بابن القاسم:
733717665654236220 937892799.
عبد الرحمن بن محمد ابن حبيش
الأنصاري الأندلسي، المعروف بابن حبيش: 113.(2/1094)
عبد الرحمن بن محمد ابن حبيش
الأنصاري الأندلسي، المعروف بابن حبيش: 113.
عبد الرحمن بن محمد الأنباري كمال الدين، (ابن الأنباري): 620.
عبد الرحمن بن محمد الأشعث، المعروف بابن الأشعث: 348 980هـ.
عبد الرحمن بن معاوية بن هشام:
890 - هـ.
عبد الرحمن بن مهدي العنبري البصري اللؤلؤي أبو سعيد: 703 895.
عبد الرحمن بن موسى الهواري (أبو موسى الهواري): 796795.
عبد الرحمن الناصر: 897هـ.
عبد الرحمن بن هرمز أبو داوود:
159 - ت 892832461.
عبد السلام بلخياط القادري: 40م.
عبد السلام بن سعيد التنوخي الحمصي المغربي القيرواني المالكي المعروف بسحنون: 480228219 879806796672529 892.
عبد السلام بن مشيش أبو محمد الإدريسي الحسني: 306.
عبد الصمد بن المعذل العبدي:
116 - هـ 615162.
عبد العزيز بن إبراهيم (ابن بزيزة):
514.
عبد العزيز بن أحمد الحفصي الهنتاني أبو فارس المعروف بعزوز: 782.
عبد العزيز بن سعيد الشامي: 710.
عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي، المعروف بعز الدين الملقب بسلطان العلماء: 50م 92 471304301295287286 485477474473472 949908904828784633 967964.
عبد العزيز بن علي السماتي الإشبيلي أبو الأصبغ، (السماتي): 335.
عبد العزيز بن محمد الداروردي الجهني، المعروف بالداروردي: 424 425.
عبد العزيز بن موسى العبدوسي الفاسي أبو القاسم: 29م 42م 859 863860.
عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي:
355353351.
عبد العزيز بن أبي يعقوب الأمير:
653.(2/1095)
عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الشافعي، زكي الدين، أبو محمد، المعروف بالمنذري: 211201 248238231229226217 960903687259.
عبد الغافر الفارسي أبو الحسن: 444 810446445.
عبد القادر زمامة: 159هـ.
عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني أبو بكر: 754.
عبد القاهر بن عبد الله السهروردي القرشي الصديقي البكري أبو النجيب: 246.
عبد الكريم بن محمد التميمي السمعاني المروزي أبو سعيد: 437 954500.
عبد الكريم بن هوازن النيسابوري أبو القاسم القشيري: 305304286 781439.
عبد الله بن هوازن النيسابوري أبو القاسم القشيري: 305304286 781439.
عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النفزي القيرواني المالكي: 200112 568380274227220 844770733732726658 988982948.
عبد الله بن أبي إسحاق أبو بكر الحضرمي: 160124هـ 461412.
عبد الله بن أبي شيبة العبسي: 889.
عبد الله بن أبي الهذيل: 979هـ.
عبد الله بن أحمد البقني المالكي أبو الفرج: 28م.
عبد الله بن أحمد بن محمد أبو ذر الأنصاري الهروي المعروف بابن السماك: 969.
عبد الله بن أحمد الخشاب البغدادي أبو محمد: 139.
عبد الله بن إسحاق المعروف بابن التبان: 132ت 133.
أبو عبد الله الأغر: 229.
عبد الله بن بريدة: 985713100.
عبد الله بن بري المقدسي، المعروف بابن بري: 169هـ 596.
عبد الله بن بسر المازني أبو صفوان:
738.
أبو عبد الله التونسي: 662.
عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي أبو الحارث: 254252.
عبد الله بن الحسن القرطبي المالقي أبو محمد: 657653112.(2/1096)
عبد الله بن الحسين بن سعد الكاتب: 499.
أبو عبد الله الدكالي: 663661 673664.
عبد الله بن داوود الخريبي الهمذاني أبو عبد الرحمن: 427248.
عبد الله بن ذكوان القرشي المدني، أبو الزناد: 703.
عبد الله بن رؤبة بن لبيد أبو الشعثاء، المعروف بالعجاج: 406هـ.
عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي المكي، المعروف بالحميدي: 322 953800هـ.
عبد الله بن أبي جمرة الأزدي: 297 931915774650.
أبو عبد الله بن سليمان بن حوط الله الأنصاري الحارثي، المعروف بأبي محمد ابن حوط الله: 870869.
عبد الله بن شبرمة الضبي: 102 105104.
عبد الله بن شداد الليثي المدني:
980.
المولى عبد الله الشريف: 40م.
أبو عبد الله الشريف: 657.
عبد الله بن شوذب البلخي أبو عبد الرحمن، المعروف بابن شوذب: 864.
عبد الله بن طاهر: 415.
عبد الله بن عامر ابن خال عثمان:
632.
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي:
947946.
أم عبد الله بن عامر: 632.
عبد الله بن عباس: 2039897 316240219217216215 497417383350332 686625412542530527 707698697695691 745744740739717716 831824791767766 977960957925924922 10141001.
عبد الله بن عبد الحكم أبو محمد:
727.
عبد الله بن عبد الرحمن المغربي الشارمساحي ابن الجلاب، المعروف بالشارمساحي: 859.
عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي، المعروف بأبي عبيد البكري: 886872.
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة،
المعروف بابن أبي مليكة: 422331 463.(2/1097)
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة،
المعروف بابن أبي مليكة: 422331 463.
عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي: 953.
عبد الله بن علي الصيمري أبو محمد المعروف بالصيمري: 820.
عبد الله بن علي اللخمي الأندلسي المعروف بالرشاطي: 111ت 183 932404184.
عبد الله بن عمر بن الخطاب: 91 2381871201019997 629627626602363362 743733731728716 987923905903832831 10111007.
عبد الله بن عمر العرجي، المعروف بالعرجي: 393384.
عبد الله بن عمر البيضاوي: 513.
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز:
641.
عبد الله بن عمرو بن العاص: 214 935924249.
عبد الله بن عون: 105هـ.
أبو عبد الله الغرياني التونسي: 725 726.
عبد الله القيجاطي: 945.
عبد الله كنون: 24م.
عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي أبو عبد الرحمن، المعروف بابن المبارك: 717705526250 951846844834.
عبد الله بن المثنى الأنصاري البصري أبو المثنى: 1009.
عبد الله بن محمد الولي: 20م.
عبد الله بن محمد، ابن شرشير الناشىء الكبير، المعروف بأبي العباس الناشىء: 192.
عبد الله بن محمد ابن السيد البطليوسي أبو محمد: 330322 605604603595425392 634633612611607 930926638637636.
عبد الله بن محمد الأزدي، المعروف بابن الفرضي: 796.
عبد الله بن محمد بن شاس الجذامي السعدي جلال الدين أبو محمد، المعروف بابن شاس: 377.
عبد الله بن محمد أبو محمد شرف الدين، المعروف بابن التلمساني:
453452450.
عبد الله بن محمد بن يحيى اليزيدي، أبو عبد الرحمن: 465.(2/1098)
عبد الله بن محيريز: 672.
عبد الله بن المختار: 937.
عبد الله بن مسعود: 23422799 411350267250240 760742713659602580 895894856854766 979965940903.
عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المعروف بابن قتيبة: 120104 327320319318138134 599595590559346 625610609608605603 887792714636633 981978945941929912 1013986.
عبد الله بن مسلمة القعنبي أبو عبد الرحمن البصري: 1002.
عبد الله بن مصعب أبو بكر القرشي الأسدي: 894.
عبد الله بن المعتز بالله محمد بن المتوكل أبو العباس، المعروف بابن المعتز: 973834402180.
عبد الله بن المقفع: 970.
عبد الله بن منصور أبو محمد، المعروف بمكين الدين الأسمر: 304.
عبد الله الموفي المالكي: 674293 915842841675.
عبد الله بن نافع، المعروف بالصائغ:
1004741.
عبد الله بن يزيد بن معاوية: 118 119.
عبد الله بن وهب بن مسلم: 236 847829705580314249 948892856.
عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري جمال الدين أبو محمد، المعروف بابن هشام: 507408 565559537534.
عبد الله بن يوسف البخاري المالقي، المعروف بابن رضوان: 648555.
عبيد بن الأبرص الأسدي أبو زياد:
367.
عبيد بن حصين النميري المعروف بالراعي النميري: 386.
عبيد بن حيان الدمشقي: 895.
عبيد الله بن أحمد العثماني الإشبيلي الأموي أبو الحسن، المعروف بابن أبي الربيع: 56386.
عبيد الله بن الحسن العنبري: 895.
عبيد الله بن الحسين أبو عمر: 535 538.
عبيد الله بن زياد بن أبيه: 164.(2/1099)
عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي: 806415414.
عبيد الله بن عبد الله: 740.
عبيد الله بن عمرو بن العاص: 120 866.
عبيد الله بن محمد جعفر الأزدي المعروف بأبي أحمد الأزدي:
104 - ت.
عبيد الله بن محمد الفاطمي العلوي الشيعي المسمى بالمهدي: 324.
عبيد الله بن محمد التميمي أبو جعفر، المعروف بابن عائشة: 540.
عبيد الله بن معاوية: 463.
عبيد الله بن يحيى بن إدريس الوزير أبو عثمان: 897.
عبد الملك بن إدريس الجزيري الوزير أبو مروان: 952813.
عبد الملك بن حبيب السلمي أبو مروان: 654532529378.
عبد الملك بن طريف القرطبي: أبو مروان: 909.
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد وأبو خالد ابن جريج: 707 737.
عبد الملك بن قريب الباهلي المعروف بالأصمعي: 152106هـ 161هـ 389372343341340174 452448438425391390 714713584559540507 795793787773763744 998871.
عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، المعروف بابن الماجشون: 532508.
عبد الملك بن عبد الله الجويني النيسابوري المعروف بإمام الحرمين أبي المعالي ضياء الدين: 359299 439438435434360 797506448447440 810.
عبد الملك بن مروان: 101هـ 115 582343141119118 585.
عبد المنعم بن محمد الخزرجي أبو عبد الله، المعروف بابن الفرس:
1009.
عبد المؤمن ابن عم صاحب تونس:
17 - م.
عبد الهادي التازي: 24م.
عبد الواحد بن برهان أبو القاسم:
595594551.
عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة
العنبري التنوري البصري: 106.(2/1100)
عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة
العنبري التنوري البصري: 106.
عبد الوهاب بن علي الأنصاري الشافعي السبكي أبو نصر تاج الدين:
810797441359.
عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي، المعروف بالقاضي عبد الوهاب: 567450430 901845.
عبد الوهاب بن عباس بن ناصح الجزيري: 882.
عتبة بن أبي سفيان: 96.
عتبة بن أبي لهب: 186هـ.
عثمان بن جني الموصلي أبو الفتح، المعروف بابن جني: 1408584 371369333329328143 574558557429373 945918724722578.
عثمان بن حنيف الأنصاري: 660.
عثمان بن خلف الحناط، المعروف بابن أخي هشام: 858.
عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني، المعروف بابن الصيرفي: 421124 783466465.
عثمان بن سليمان البتي المعروف بالبتي: 116ت.
عثمان بن عبد الرحمن النصري الكردي الشرخاني أبو عمرو تقي الدين، المعروف بابن الصلاح: 425 747682454446427 1011864863748.
عثمان بن عفان: 946350294 994.
عثمان بن عمرو جمال الدين أبو عمرو، المعروف بابن الحاجب: 378 916718434.
عثمان بن محمد بن أبي فارس أبو عمرو: 33م 35م.
عثمان بن مقسم البري: 638.
عدي بن حاتم الطائي أبو وهب وأبو طريف: 1000999998.
أبو عروبة المدني: 385.
عروة بن أذينة: 400.
عز الدين محمد بن جماعة: 817هـ.
عز الدين يوسف بن الواسطي: 304.
عزة بنت عياض بن أبي قرصافة: 241 243.
العضد الإيجي: 434.
عطاء بن أبي الأسود الدؤلي: 159.
عطاء بن مصعب: 887.
عطاء بن يسار المدني أبو بكر: 253 707543.(2/1101)
عطية أبو محمد: 865.
عقبة بن عامر الجهني: 731.
عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود: 1002956.
عقيل بن علّفة: 708هـ.
عكرمة: 30هـ 581580.
العلاء بن زياد: 902هـ.
علقمة: 979847.
أبو علقمة النحوي: 612608.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 19116415915386 279240195194192 397356351350323322 469462460459406 605601580555541514 770722717641620 906894884856853847 1010979.
علي بن أحمد أبو الحسن، المعروف بابن سيده: 366361.
علي بن أحمد البغدادي أبو الحسن، المعروف بابن القصار: 408ت 553.
علي بن أحمد بن حزم الظاهري أبو محمد 11م 230206192184 230206192481432 777729644520481432 909888885876816 910.
علي بن إسماعيل الملقب بشمس الدين، المشهور بأبي الحسن الأبياري: 718453438435.
علي بن إسماعيل الأشعري اليماني البصري أبو الحسن، المعروف بالأشعري: 443439.
أبو علي ابن البراء التونسي: 783.
علي البياضي أبو الحسن: 20م.
علي بن ثابت: 906.
علي بن الجهم القرشي الشامي أبو الحسن: 1013814.
علي بن الحسن الشاذلي، المعروف بالشاذلي: 304302301300 499306305.
علي بن الحسن بن علي الباخرزي، المعروف بالباخرزي: 442438.
علي بن الحسن الهنائي الأزدي الملقب بكراع النمل، أبو الحسن:
83 - ت.
علي بن الحسن أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي المعروف بابن عساكر: 694.
علي بن الحسين بن علي: 891.
علي بن الحسين بن محمد بن الهيثم
المرواني الأموي القرشي الأصبهاني أبو الفرج: 459.(2/1102)
علي بن الحسين بن محمد بن الهيثم
المرواني الأموي القرشي الأصبهاني أبو الفرج: 459.
علي بن حمد المديني البصري السعدي أبو الحسن: 989.
علي بن حمزة الكسائي: 109108 168164154144141110 379377376313172 596572466412387380 945788736658639.
علي بن خلف بن بطال البكري القرطبي أبو الحسن، المعروف بابن بطال: 729703533363226 965894732.
علي سامي النشار: 23م 24م.
علي بن سعد النصري أبو الحسن:
30 - م.
علي ابن الصباغ أبو الحسن: 300 304.
علي بن العباس بن جريج البغدادي المعروف بابن الرومي: 628.
علي بن عبد العزيز الجرجاني أبو الحسن: 954.
علي بن عبد الله المتيطي: 669.
علي بن عبد الله النباهي المالقي، المعروف بالقاضي أبو الحسن النباهي: 920748.
علي بن عبيدة الريحاني: 749.
علي بن عبيد الله بن عبد الغفار:
803.
علي بن عقيل البغدادي الحنبلي: 594 595.
علي بن عمر الدارقطني الشافعي المعروف بالدارقطني: 896.
علي بن عيسى الوزير: 539538 938667658.
علي بن عيسى الربعي أبو الحسن:
550.
علي بن عيسى الرماني أبو الحسن، المعروف بالرماني: 938569.
علي بن فضال المجاشعي القيرواني أبو الحسن، المعروف بالمجاشعي:
360.
علي بن قاسم التجيبي الزقاق أبو الحسن، المعروف بالتجيبي: 21م.
علي بن المبارك الأحمر: المعروف بالأحمر: 397376.
علي بن المبارك بن يحيى السجستاني: 63م.
علي بن محمد البستي الشافعي أبو الفتح، المشهور بالبستي: 942846.
علي بن محمد القرشي البسطي القلصادي: 19م 782.(2/1103)
علي بن محمد الحضرمي الإشبيلي أبو الحسن، المعروف بابن خروف:
369368358147142130 429404373372370 837836820657436435.
علي بن محمد بن منصور، المعروف بابن بسام والبسامي: 373155 616402.
علي بن محمد الكتامي الإشبيلي، المعروف بابن الضائع: 460332 946566.
علي بن محمد بن حبيب البصري، المعروف بالماوردي: 194180 601583582526414238 708700699695688 751748746744716715 766765763759755 791790788787776767 845838834806794 906903901884855847 987979954912908.
علي بن محمد بن خلف المعافري المالكي، المعروف بابن القابسي:
827671654529522111.
علي بن محمد الغافقي الشاري أبو الحسن، المعروف بالشاري: 436 927822820657532.
علي بن محمد بن بشران أبو الحسن، المعروف بابن بشران: 465.
علي بن محمد الهاشمي: 468.
علي بن محمد الهمداني المصري السخاوي الشافعي الشافعي علم الدين أبو الحسن المشهور بالسخاوي: 27م 34م 50م 945ت.
علي بن محمد الدامغاني أبو الحسن:
500.
علي بن مخلوف: 862.
أبو علي ابن المعلم: 551550.
علي بن موسى بن عبيد الله اللخمي القرباقي أبو الحسن: 19م 873.
علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق: 208.
علي بن مؤمن الحضرمي الإشبيلي أبو الحسن، المعروف بابن عصفور: 45م 460.
علي بن هارون: 770743.
عمار الكلبي: 868140.
عمار بن ياسر الكناني: 659555 976.
عمارة بن عقيل الخطفي: 370.
عمر بن الحاج المالقي أبو علي: 591 593592.(2/1104)
عمر بن حسين الهوزني: 568.
أبو عمر بن حمدان 764.
عمر بن الخطاب: 1009997 216214185119102101 422364363356331 659645473463434427 828763717705697 976904903894851832 1014993981.
عمر بن الدحداح: 995.
عمر بن رسلان البلقيني سراج الدين:
898664.
عمر بن عبد العزيز: 48227098 978740645644628.
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: 186 745.
عمر بن علي بن قداح الهواري التونسي: 667.
عمر بن علي اللخمي الإسكندري تاج الدين، المعروف بالفاكهاني: 687.
عمر بن محمد بن عبد الله الأزدي، المعروف بأبي علي الشلوبين: 114 115.
عمر بن محمد بن علوان التونسي أبو علي: 656.
عمرو بن أحمد: 575هـ.
عمرو بن الأهتم: 631630.
عمرو بن الأهتم: 631630.
عمرو بن بحر الجاحظ أبو عثمان:
52 - م 602590589588586 626623622613612 642640636634629627 886818722.
عمرو بن جرموز: 960هـ.
عمرو بن دينار المكي أبو محمد:
92 - هـ 258.
عمرو بن سعيد بن العاص الملقب بالأشدق: 603118.
عمرو بن العاص: 400305164 981.
عمرو بن عبيد بن باب البصري: 323 599431430429.
عمرو بن عثمان بن قنبر المشهور بسيبويه: 26م 45م 10586 163162161145144138 172171168165164 370359358334313188 452435429393452 560557469462469462 687658657574569 835820811771702688 927863852837836
964952945929.(2/1105)
عمرو بن عثمان بن قنبر المشهور بسيبويه: 26م 45م 10586 163162161145144138 172171168165164 370359358334313188 452435429393452 560557469462469462 687658657574569 835820811771702688 927863852837836
964952945929.
أبو عمرو بن عثمان بن محمد: 33م.
أبو عمرو بن العلاء بن عمار المازني: 121116هـ 372339 722595430466429411 844835773723.
عمرو بن فايد الأسواري أبو علي:
329.
عمرو بن قيس الملائي: 214.
عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم، المشهور بابن أم مكتوم: 1005.
عمرو بن كلثوم: 641هـ 738هـ.
عمرو بن مالك بن ضبيعة: 346 347.
عمرو بن مسعدة بن سعيد بن صول أبو الفضل: 353.
عمرو بن معدي كرب الصدفي أبو ثور: 998.
عنبسة بن معدان الملقب بالفيل: 160 461.
عوف بن أبي جميلة الأعرابي: 384.
عوف بن يوسف الخزاعي أبو محمد:
30 - م.
عون بن عبد الله بن عتبة الهذلي أبو عبد الله: 981.
عويمر بن عامر أو ابن قيس المشهور بأبي الدرداء: 211210203199 759542232220219 950948826808.
عياض بن موسى اليحصبي السبتي أبو الفضل: 428257229132 508507506505497431 586557545544541 745740737710705687 823804799796794 834832831830829825 857856851846843 938937905899886858 100810041002948942 101510121010.
عياض بن حمار المجاشعي التميمي:
902.
عيسى عليه السلام: 330330 885766580346345341 744735992.
عيسى بن أبي ذر الهروي أبو مكتوم:
872 - هـ.
عيسى بن أحمد الصنهاجي: 831هـ.
عيسى بن أحمد الغبريني أبو مهدي:
783782781.
عيسى بن سليمان الرعيني المالقي أبو الأصبغ: 243.(2/1106)
عيسى بن عبد العزيز الجزولي المراكشي، المعروف بأبي موسى الجزولي: 596.
عيسى بن عمر الثقفي أبو سليمان:
606603468462461412 803.
عيسى بن مينا أبو موسى الملقب بقالون: 466.
الغازي بن قيس أبو محمد الأندلسي:
466.
غالب القطان: 742.
الغالي العدل: 63م.
الغضبان بن القبعثري: 349348.
غنية الأعرابية: 169هـ.
غياث بن غوث التغلبي أبو مالك المعروف بالأخطل الشاعر: 107هـ 585.
غيلان بن سلمة الثقفي: 417.
غيلان بن خرشة الضبي: 632631.
فارس بن الحسين: 864.
فاطمة رضي الله عنها: 810.
فؤاد أفرام البستاني: 23م.
أبو الفتح ابن ألب أرسلان: 646 647.
الفتح بن خاقان (وزير المتوكل): 394 617412411410405.
فتح الله: 325.
فتح الموصلي: 711.
فرديناند الخامس: 32م.
أبو الفرج البرهاني: 993992991 997996995994.
أبو الفرج ابن السلاسي: 552.
فرج بن قاسم بن لب الثعالبي الغرناطي، المعروف بابن لب: 199 340249244228220200 668667661660341 935672.
فرعون: 665622277.
فرقد بن يعقوب السبخي: 116.
الفضل بن الحباب الجمحي: 183.
الفضل بن الربيع أبو العباس: 390.
الفضل بن سهل السرخسي أبو العباس الملقب بذي الرياستين: 750387.
أبو الفضل ابن طومار: 616.
الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب: 186.
الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي:
641.
الفضل بن يحيى البرمكي: 389.
الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر
التميمي أبو علي: 921867.(2/1107)
الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر
التميمي أبو علي: 921867.
فلان بن جعفر بن علي بن ؤأبي طالب: 186.
أبو القاسم بن أحمد بن إسماعيل بن محمد، المعروف بالبرزلي: 296 664663661658645529 726673671668667 828821797764761735 866863860840830 869.
قاسم بن أصبغ البياني القرطبي: 895.
أبو القاسم ابن البراء: 529.
أبو القاسم ابن البناء المالقي: 403 913875874.
قاسم التمار: 319ت 320.
قاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي أبو عبيد: 612482347 945943929885644.
قاسم بن عبد الله بن الشاط الأنصاري الإشبيلي، المعروف بابن الشاط: 769486478.
القاسم بن علي الحريري أبو محمد المعروف بالحريري: 384383 537532529400396387.
القاسم بن مبرور الأيلي: 857.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: 866655543.
القاسم بن مخيمرة الهمداني أبو عروة: 124123122.
قتادة بن دعامة السدوسي: 744214 947.
أبو قتادة بن ربعي الأنصاري الخزرجي: 923229.
قدامة بن جعفر البغدادي أبو الفرج:
414 - ت.
ابنة قرظة بن عمرو بن نوفل: 186 187.
قعنب بن سويد: 343.
قنبر: 164.
قيس بن سهل أبو قرصافة: 243.
قيس بن عاصم المنقري: 630.
قيس بن معاذ المجنون: 111هـ
قيصر: 994.
كارل بروكلمان: 23م.
الكتنجي: 405.
كثير بن عبد الرحمن الخزاعي أبو صخر: 760.
كثير بن مرة الحضرمي: 937581.
كدام: 986.
كسرى: 320.
الكسف: أبو منصور العجلي: 324.(2/1108)
كعب بن زهير بن أبي سلمى: 430 535431.
كعب بن عمرو: 161.
كعب بن ماتع الحميري، المعروف بكعب الأحبار: 904253221 961.
كعب بن مالك الأنصاري: 253106 961904.
كعب بن يهوذا: 996.
كلاب بن أمية بن الأسكر الجندعي المشهور بأبي هارون: 257.
كلثوم بن عمرو التغلبي العتابي أبو عمرو: 739738.
كميل بن زياد النخعي: 196195 397279.
لقمان: 824707254250 847.
لقمان بن عاد: 996.
لقيط بن زرارة التميمي أبو نهشل:
941327.
الليث بن سعد: 223.
مارية بنت مغنج: 150.
ماعز بن مالك الأسلمي: 530.
مالك بن أسماء: 591590589.
مالك بن أنس الأصبحي الحميري 27م 60م 62م 219127103 226225224223222 377362317311273236 553529506480428 570569568563562554 666665660655626 726717705697687680 734733732728727 784772741740737735 823803800799795790 832831829826825 893892878861856853 905901900899898895 1002978948938937 10101009100810051004 1015101410131012.
مالك بن دينار: 925878542 761.
مالك بن فهم الأزدي: 708هـ.
المأمون: 352351208126 739412384383354353 845791.
مجاشع بن دارم بن مالك: 327.
مجالد بن سعيد أبو عمر الكوفي:
383.(2/1109)
مجاهد بن جبر المكي أبو الحجاج 208102.
مجد الدين الأخميمي: 304.
مجد الدين قاضي شيراز: 556.
مجد الدين ابن دقيق العيد: 302 304.
مجد الدين أبو بكر ابن إسماعيل السنكلومي: 464.
مجد الدين بن علي بن وهب القشيري: 303.
محمد صلى الله عليه وسلم: 325285277 905810483463433346 995994993992991 10181004998.
محمد بن إبراهيم المحدث: 987.
الحافظ محمد بن إبراهيم الأصفهاني أبو بكر: 735.
محمد بن إبراهيم بن أحمد العبدري التلمساني الشيخ الآبلي: 783692.
محمد بن إبراهيم الحسني النظيفي السوسي بالمواسين: 63م.
محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الشران، المعروف بالشران: 593.
محمد بن إبراهيم بن عبدوس المالكي: 794.
محمد بن إبراهيم بن يعقوب أبو بكر: 202هـ.
محمد بن إبراهيم بن غالب المالقي أبو جعفر: 653.
محمد بن محمد بن أبي القاسم الربعي التونسي شمس الدين: 842.
محمد بن أبي القاسم المشذالي الشهير بأبي القاسم المشذالي: 860.
محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي القرطبي، المعروف بالقرطبي المفسر: 237233230227 802300.
محمد بن أحمد البطرني الأنصاري التونسي: 783735.
محمد بن أحمد بن حاتم المالقي، الشهير بابن البناء: 875874403 913.
محمد بن أحمد الدمشقي الذهبي الحافظ: 243.
محمد بن أحمد بن حامد الأصبهاني، المعروف بالعماد الأصبهاني: 139.
محمد بن أحمد بن رشد الجد القرطبي أبو الوليد، المعروف بابن رشد الجد: 26م 346221219 663660454451450377
1008938878856733.(2/1110)
محمد بن أحمد بن رشد الجد القرطبي أبو الوليد، المعروف بابن رشد الجد: 26م 346221219 663660454451450377
1008938878856733.
محمد بن أحمد بن رشد القرطبي أبو الوليد، المعروف بابن رشد الحفيد:
810524519518495456.
محمد بن أحمد الطنجالي أبو عبد الله: 662.
محمد بن أحمد بن كيسان أبو الحسن: 977569.
محمد بن أحمد أبو بكر محيي الدين الأنصاري الشاطبي، المعروف بابن سراقة: 304.
محمد بن أحمد بن مرزوق الشهير بالحفيد العجيسي التلمساني شمس الدين أبو عبد الله، المعروف بابن مرزوق: 669474473342 863860.
محمد بن أحمد الأموي القرطبي المالكي، المعروف «بابن العطار: أبو عبد الله: 587586346.
محمد بن أحمد بن جزي الكلبي أبو القاسم، المعروف بابن جزي: 418.
محمد بن أحمد بن مزيد النحوي أبو بكر بن أبي الأزهر: 499.
محمد بن أحمد السمناني أبو جعفر:
900554.
محمد بن أحمد العتبي: 568هـ.
محمد بن أحمد الشريف التلمساني أبو عبد الله: 783692.
محمد بن إدريس الهاشمي القرشي أبو عبد الله، المعروف بالإمام الشافعي:
31028827415710396 357317316315314313 438436428409362 507506454449448440 697687557553508 799763744741717699 856839833824800 983958938918899893 1012.
محمد الأزرق الوادياشي أبو عبد الله:
460.
محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالولاء المدني، المعروف بابن إسحاق: 734542.
محمد بن إسحاق بن خزيمة: 231 841.
محمد بن إسحاق بن السليم الأندلسي أبو بكر: 660661.
محمد بن إسماعيل البخاري: 199 533530425244243228 732729627527579554 857853821784781760
965964963962935 1006966.(2/1111)
محمد بن إسماعيل البخاري: 199 533530425244243228 732729627527579554 857853821784781760
965964963962935 1006966.
محمد الأنصاري أبو عبد الله، المعروف بالرصاع: 21م.
محمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، المعروف بابن شنبوذ: 620.
محمد باقر الحسيني: 17م 32م.
أبو محمد ابن البراء: 531529 532.
محمد بن بشير المعافري: 872.
محمد بن بقي: 963.
محمد بن جبير اليحصبي: 27م 404.
محمد بن جرير الطبري: 803732 841840.
محمد بن جعفر بن إبراهيم: 1008.
محمد بن جعفر التميمي النحوي:
798797.
محمد بن حاتم النحوي أبو جعفر الوراق: 821.
محمد بن حامد: 963.
محمد بن حبان التميمي البستي أبو حاتم: 243242201.
محمد بن الحجاج بن يوسف الثقفي:
350.
محمد بن الحداد الشهير بالوادي آشي أبو عبد الله: 19م.
محمد بن أبي الحسن النصري أبو عبد الله: 16م 3217م 33م.
محمد بن الحسن الأزدي البصري أبو بكر المعروف بابن دريد: 600355 809787695.
محمد بن الحسن الزبيدي أبو بكر المعروف بالزبيدي: 358141103 429411396391376 583499469468461460 634619611606585 795736722702701658 882835832811803 897.
محمد بن الحسن الشيباني: 169 506173172.
محمد بن الحسن بن ظافر: 43م 59م 1018.
محمد بن الحسن القاضي ابن خالة الفراء: 571.
محمد بن الحسين المعروف بابن العميد أبو الفضل: 908183هـ.
محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي المعروف بالآجري: 228.
محمد بن الحسين بن موسى الأزدي
السلمي النيسابوري المشهور بأبي عبد الرحمن السلمي: 957692.(2/1112)
محمد بن الحسين بن موسى الأزدي
السلمي النيسابوري المشهور بأبي عبد الرحمن السلمي: 957692.
محمد خذابنده: 555.
محمد بن خليفة الوشتاتي المشهور بالأبي: 725531230198 934931780779764764 936.
محمد بن خالد: 963.
محمد بن خميس الحجري: 920هـ.
محمد بن داوود الأصبهاني الظاهري أبو بكر: 939938499498.
محمد بن داوود بن سلجق عضد الدين ألب أرسلان: 445440 646.
محمد بن رافع القشيري أبو عبد الله النيسابوري الزاهد: 710.
محمد بن الزبير: 631.
محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي أبو عبد الله: 811720714174 836.
محمد بن سعد البصري كاتب الواقدي: 254ت 976هـ 979هـ.
محمد بن سعد المعروف بالزغل أبو عبد الله: 16م 30م 32م 33م.
محمد بن السري أبو بكر، المعروف بابن السراج: 144هـ 574659 820771.
محمد بن سلام السلمي بالولاء البخاري أبو عبد الله البيكندي: 532.
محمد بن سلامة التونسي الأنصاري أبو سلمة: 936783.
محمد بن سليمان الهاشمي: 584.
محمد بن سيرين البصري الأنصاري أبو بكر، المعروف بابن سيرين: 104 940936249124.
محمد بن صدقة المرادي الإطرابلسي: 634.
محمد بن طيفور الغزنوي السجاوندي أبو عبد الله: 416.
محمد بن الطيب الباقلاني أبو بكر، المعروف بالباقلاني: 429359 554552551514447.
محمد بن عاصم القيسي الغرناطي، أبو يحيى: 27م.
محمد بن عباس الخوارزمي أبو بكر:
769.
محمد بن عبد الحي الكتاني: 62م 63.
محمد بن عبد الرحمن بن زياد:
391.
محمد بن عبد الرحمن البغدادي،
المعروف بابن قريعة: 121.(2/1113)
محمد بن عبد الرحمن البغدادي،
المعروف بابن قريعة: 121.
محمد بن عبد السلام التنوخي، المعروف بابن سحنون: 523522 858.
محمد بن عبد السلام الخشني، المعروف بالخشني: 868.
محمد بن عبد السلام الهواري التونسي أبو عبد الله، المعروف بابن عبد السلام: 827783419 936.
محمد بن عبد العزيز: 796.
محمد بن عبد العزيز الدباغ: 831هـ.
محمد بن عبد الكريم الجزائري: 24م 25م 34م 38م.
محمد بن عبد الله عنان: 24م.
محمد بن عبد الله العتبي، المعروف بالعتبي: 46311598.
محمد بن عبد الله العقيلي: 20م.
محمد بن عبد الله بن أخي شهاب:
102.
محمد بن عبد الله بن الجد الفهري المعروف بأبي بكر ابن الجد: 114.
محمد بن عبد اللجه بن المثنى:
1009 - هـ.
محمد بن عبد الله المعافري الإشبيلي أبو بكر، المعروف بابن العربي: 137 207204202198197 364273267255242236 519517462389367 696678567559549522 889881878877844 950928925922911899 1009100810071003 1014.
محمد بن عبد الله المنصور بن أبي عامر: 587.
محمد بن عبد الله السلماني اللوشي لسان الدين بن الخطيب: 185158 876875404.
محمد بن عبد الله البكري ابن ميقيل: 569.
محمد بن عبد الله أبو عبد الله، المعروف بالحاكم النيسابوري: 201 768هـ.
محمد بن عبد الله بن مالك أبو عبد الله الطائي الأندلسي الجياني، المعروف بابن مالك: 26م 45م 946863559404.
محمد بن عبد الله بن الحكم المصري أبو عبد الله، المعروف بابن عبد الحكم: 892732557408 983.(2/1114)
محمد بن عبد الله بن طاهر الخزاعيي أبو العباس: 414.
محمد بن عبد الله بن اشتة أبو بكر، المعروف بابن اشتة: 465.
محمد بن عبد الله بن محمد بن خيرة القرطبي: 662.
محمد بن عبد الله بن راشد البكري أبو عبد الله، المعروف بالقفصي:
645.
محمد بن عبد الله القضاعي البلنسي، المعروف بابن الأبار: 415413 810.
محمد بن عبد الله التميمي، المعروف بالبلعمي: 502.
محمد بن عبيد الله الكوفي العرزمي أبو عبد الرحمن: 953.
محمد بن عبد الملك أبو جعفر، المعروف بابن الزيات: 392.
محمد بن علي المنفلوطي القوصي، المعروف بتقي الدين ابن دقيق العيد:
936718528302.
محمد بن علي ابن الفخار الجذامي أبو بكر: 563561343330 575573571.
محمد بن علي بن عطية الحارثي، المعروف بأبي طالب المكي: 122 476127.
محمد بن علي التميمي المازري، المعروف بالمازري: 407338 761455408.
محمد بن علي بن الأزرق الأصبحي:
12 - م 15م 16م 17م 18م 20م 21م 22م 23م 25م 26م 27م 28م 29م 30م 31م 32م 33م 34م 36م 37م 39م 40م 41م 42م 43م 44م 45م 46م 47م 48م 50م 51م 53م 54م 55م 56م 57م 60م 64م 1018.
محمد بن علي بن جعفر البلالي العجلوني أبو عبد الله الشافعي المعروف بشمس الدين البلالي: 746 932.
محمد بن علي الهاشمي أبو جعفر الباقر: 215.
محمد بن علي بن حامد الشاشي أبو بكر: 501500.
محمد بن علي الأوسي أبو عبد الله، المعروف بالبلنسي: 564.
محمد بن عمر التميمي البغدادي الجعابي الشيعي أبو بكر: 183.
محمد بن عمر السبتي أبو عبد الله،
المعروف بابن رشيد: 630627 980709631.(2/1115)
محمد بن عمر السبتي أبو عبد الله،
المعروف بابن رشيد: 630627 980709631.
محمد بن عمر القرطبي، المعروف بأبي عبد الله ابن الفخار: 381380 656.
محمد بن عمر المعروف بابن القوطية: 84.
محمد بن عمر الواقدي أبو عبد الله:
705254.
محمد بن عمر التميمي البكري الطبرستاني الرازي الشافعي أبو عبد الله المعروف بفخر الدين الرازي: 188182181125 261235229209193189 267266265264262 279275272271270269 284283282281280 450365364343334285 711689559556487 975970968961809768.
محمد بن عمر الهواري أبو عبد الله:
599.
محمد بن عمران التميمي القاضي:
540.
محمد بن عيسى الأصبهاني البغدادي أبو عبد الله: 465.
محمد بن عيسى السلمي الترمذي أبو عيسى، المعروف بالترمذي: 198 541240220216215200 950940734602.
محمد بن قادم: أبو عبد الله: 412 536413.
محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، المعروف بابن الأنباري: 11999 461459422417365331 798797527467463 896852.
محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله المعروف بأبي العيناء: 427 598.
محمد بن القاسم بن سليمان الهاشمي: 410.
محمد بن قاسم بن محمد الفراء الجالطي: 112111.
محمد بن قعنب أبو عبد الله، المعروف بابن قعنب: 705.
محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني أبو حمزة: 894.
محمد بن محمد بن إبراهيم بن عقاب الجذامي التونسي أبو عبد الله:
782.(2/1116)
محمد بن محمد بن أرقم: 897 898.
محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد الغزالي: 26م 50م 55م 133ت 18918455147137 294292289286221 496453450447401300 518515513512503 679649645628601519 689688685684683 700696695693692690 778777762753706 905904893877791785 917916911910906 964961956934933925 973970967966965 989985979974.
محمد بن محمد السرقسطي أبو عبد الله: 27م.
محمد بن محمد بن عرفة الورغمي، المعروف بابن عرفة: 346230 529523513454419378 663659658656532531 762726725671664 828827797782779764 934931830837.
محمد بن محمد بن عزوز المغربي أبو البركات، المعروف بابن عزوز:
28 - م 242.
محمد بن محمد الزلديوي القسطنطيني أبو عبد الله: 28م 43م 860781.
محمد بن محمد القللوسي أبو بكر:
808699404114110.
محمد بن محمد بن يوسف بن نصر أبو عبد الله: 166هـ.
محمد بن محمد المقري أبو عبد الله: 501.
محمد بن محمد الكناني القيجاطي الأندلسي أبو عبد الله: 422.
محمد بن محمد الفارابي: 55م 470 521515496.
محمد بن محمد العبدري الفاسي الشهير بابن الحاج: 50م 213204 297293253245239 672670652649475298 683680678677673 774772757755727696 909902899808802 984958950930914902 100610031000.
محمد بن محمد بن عاصم القيسي
الغرناطي أبو بكر: 721.(2/1117)
محمد بن محمد بن عاصم القيسي
الغرناطي أبو بكر: 721.
محمد بن محمد بن عاصم القيسي الغرناطي أبو يحيى: 37م 719591 721.
محمد بن محمد بن وشاح اللخمي المالكي، المعروف بأبي بكر ابن اللباد: 843830829828794 886.
محمد بن محمود السلماني أبو عبد الله شمس الدين الأصبهاني:
709.
محمد المخلوع أبو عبد الله: 17م 32م.
محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن شهاب الزهري: 223107102 543542258229225224 745744734707655 1004937865856773.
محمد بن مسلم المازري الأصولي أبو عبد الله: 880.
محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام: 273.
محمد بن مصعب القرقساني: 528.
محمد بن مطرف المعروف بأبي غسان المدني: 118.
محمد المكي بن مؤمن بن محمد بن ناصر: 61م.
محمد بن منادر اليربوعي أبو جعفر:
849844.
محمد بن منصور الكندري أبو نصر، المعروف بالعميد الكندري: 438.
محمد بن منصور بن هدية القرشي التلمساني أبو عبد الله: 920.
محمد بن المنكدر التيمي: 225.
محمد المنوني: 40م.
محمد بن موسى بن النعمان المراكشي المزالي الهنتاني التلمساني الفاسي، شمس الدين أبو عبد الله:
300299.
محمد بن موسى الحافظ ابن سند:
817 - هـ.
محمد بن ميمون المروزي السكري:
101.
محمد بن نصر بن بسام أبو جعفر:
616.
محمد بن نصر المروزي أبو عبد الله: 841801503502.
أبو محمد بن نصر: 553.
محمد بن نعيم: 963.
محمد بن نفيس: 344.
محمد بن هارون الرشيد، المعروف بالمعتصم الخليفة: 392.(2/1118)
محمد بن هارون الدمشقي: 804.
محمد بن هارون الروياني: 841.
محمد بن هشام التميمي أبو محلم الشيباني: 721720.
محمد الهواري أبو عبد الله: 599.
محمد بن وضاح أبو عبد الله: 890.
محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي:
878846814667660658 984978880879.
محمد بن يبقى بن زرب أبو بكر، المعروف بابن زرب: 587.
محمد بن يحيى القلفاط أبو عبد الله:
898.
محمد بن يحيى بن لبابة: 569568.
محمد الشيخ ابن يحيى الوطاسي:
17 - م 34م.
محمد بن يحيى أبو عبد الله، المعروف بأبي بكر الأشعري المالكي: 748.
محمد بن يحيى أبو بكر الصولي:
871806.
محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري:
963962.
محمد بن يحيى المعافري أبو عبد الله ابن الحباب: 827784783.
محمد بن يزيد المعروف بالمبرد:
396370358162152103 466460453411410 574500499498497497 616615614613577 754702701619618617 945918749.
محمود بن يعقوب: 963.
محمد بن يوسف الخزرجي: 16م.
محمد بن يوسف النفزي الغرناطي الأندلسي، أبو حيان، أثير الدين:
44 - م 817165158.
محمد بن يوسف البخاري: 821.
محمد بن يوسف العبدري الغرناطي الأندلسي، المعروف بالمواق: 10م 21م 28م.
محمد بن يوسف الصريحي المعروف بابن زمرك: 635.
محمود بن الحسن الوراق: 944.
محمود بن الحسين بن السندي المعروف بكشاجم: 807.
محمود بن عمر الزمخشري: 26م 455415402271265167 945820754648529511.
مخلوف: 23م.
مروان بن عبد الملك: 32.
مريم: 345.(2/1119)
مسدد بن مسرهد الأسدي البصري أبو الحسن: 896.
مسروق بن الأجذع الهمذاني الوداعي أبو عائشة: 851.
مسعر بن كدام الهلالي الكوفي أبو سلمة: 986.
مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري أبو الحسن، المعروف بالإمام مسلم:
602580426332244197 902857853821784 963959.
مسلم الصيداوي القاضي أبو النجاء:
553.
مسلم بن سعد: 759.
مصعب بن الزبير: 77.
مصعب الزبيري: 823505.
مطر الوراق أبو رجاء الخراساني السلمي: 864.
مطرف بن عبد الله بن الشخير أبو عبد الله الحرشي البصري: 214 10041002937772273.
المطيع (الخليفة): 658.
معاذ بن جبل: 695580258 995981894827770.
معاذ الهراء: 141.
المعافى بن عمران الأزدي أبو مسعود: 218.
معاوية بن أبي سفيان: 226186 998985981713645463 1000999.
معد بن عدنان: 835.
معمر بن المثنى أبو عبيدة: 390355 835803461452391 978.
معمر بن راشد بن أبي عمرو الأزدي أبو عروة: 682.
المعلى بن عيسى: 466.
معن بن أوس: 708هـ.
معن بن زائدة الشيباني أبو الوليد:
972.
معن بن عيسى القزاز: 2005.
المغيرة المقرىء: 1005825.
المغيرة بن سعيد العجلي الشيعي:
638324.
المغيرة بن شعبة الثقفي أبو عبد الله:
738.
المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي أبو هشام: 425424.
المفضل بن عمر الأبهري أثير الدين:
732720.
المفضل بن محمد الضبي: 539.(2/1120)
مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني أبو الحسن: 235.
المقداد بن الأسود الكندي: 995.
مكحول بن أبي مسلم الهذلي الفارسي أبو عبد الله: 672101.
مكي بن أبي طالب القيسي: 421.
منذر بن سعيد البلوطي: 111110 868563.
منذر بن عبد الرحمن القرطبي أبو الحكم: 392391.
المنصور الموحدي: 634.
المنصور (الخليفة العباسي): 766.
منصور بن علي الزواوي أبو علي:
521.
منصور بن محمد الفقيه: 744545 954951920792.
منصور بن محمد (الظاهر بأمر الله) المستنصر الخليفة: 859411.
منصور بن المعتمر السلمي أبو عتاب الكوفي: 920806.
المهدي (الخليفة العباسي): 387 776642.
موسى عليه السلام: 264262 689622321285277268 992961877766.
موسى بن شرف الدين: 674.
أبو موسى الأشعري: 119100 994737711255248.
موسى بن أنس بن مالك: 1009هـ.
موسى بن عبيد الله الخاقاني: 833.
موسى العبدوسي أبو عمران: 860.
موسى بن يونس الموصلي كمال الدين أبو عمران، المعروف بكمال الدين ابن يونس: 720719.
موهوب بن أحمد بن الجواليقي:
619.
ميمون بن إبراهيم: 413.
ميمون الأقرن: 461159.
ميمون بن قيس بن جندل، المعروف بالأعشى: 639538395.
ميمون بن مهران الرقي، أبو أيوب:
981707.
الناصر الموحدي: 870657.
نافع مولى ابن عمر 71612034 924831.
نافع بن أبي نعيم المدني المقرىء:
466411.
نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني، المعروف بأبي معشر: 743.
نصر بن إبراهيم النابلسي المقدسي أبو الفتح، المعروف بنصر المقدسي:
880.(2/1121)
نصر بن عاصم الليثي: 460159 467461.
نصر الله: 325.
النضر بن أنس بن مالك: 1009هـ.
النضر بن شميل المازني التميمي:
387386385383.
النعمان بن ثابت الكوفي التميمي أبو حنيفة: 287270254252172 438389366365361 866729728667560553 1011918900899870.
النعمان بن المنذر اللخمي أبو قابوس: 997431352.
النمر بن تولب: 626623.
نوح عليه السلام: 427345 609.
هارون أخ موسى: 622.
هارون بن أحمد ابن عات أبو محمد النقري الشاطبي: 378.
هارون بن الحائك الضرير، المعروف بابن الحائك: 701.
هارون الرشيد: 172164105 389387379378377376 584583540539390 1004826825776741740 10061005چ هارون بن محمد المعتصم المعروف بالواثق: 395394393375 396.
هارون بن موسى بن جندل النحوي القيسي القرطبي المجريطي: 822 823.
هاشم بن جريج: 737.
هبة الله بن علي الحسن ابن الشجري: 537536535.
الهدهد: 283268.
الهرم بن سنان: 320هـ.
هرمز أو هرم أبو خالد الوالبي: 543.
هشام بن أحمد الكناني أبو الوليد، المعروف بالوقشي: 428315 449.
هشام بن بكير: 339.
هشام بن عبد الملك: 582400.
هشام بن عبد الملك الباهلي، المعروف بأبي الوليد الطيالسي: 682.
هشيم بن بشير بن قاسم السلمي 383 387385384.
هلال بن يحيى بن مسلم البصري، المعروف بهلال الرأي: 787.
همام بن غالب التميمي، المعروف بالفرزدق: 717537344128 939.(2/1122)
هند: 379.
هند بنت أسماء بن خارجاة: 589 590.
هود عليه السلام: 993992277.
الهيثم بن العريان: 610.
أبو وائل النهشلي: 742.
واثلة بن الأسقع بن كعب: 239 793.
واصل بن عطاء المعتزلي، المعروف بالغزال أبو حنيفة: 638636323 642641640.
وكيع بن الجراح بن مسلم الرؤاسي:
949215.
الوليد بن عبد الملك: 119118 160هـ 946هـ.
وهب بن منبه الصنعاني الذماري أبو عبد الله: 1002969919791.
يحيى عليه السلام: 345.
يحيى: أبو زكرياء (صاحب تونس):
35 - م.
يحيى بن أكتم التميمي المروزي: 126 388.
يحيى بن إبراهيم بن مزين أبو زكرياء، المعروف بابن مزين: 978.
يحيى بن حسان البكري الفلسطيني:
243.
يحيى بن خالد البرمكي: 389144 786390.
يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلمي أبو زكرياء المعروف بابن زياد الفراء: 172168164146144 736604583571313 945766.
يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري المديني أبو سعيد:
225.
يحيى بن سعيد القطان التميمي، أبو سعيد: 698.
يحيى بن شرف الدين النووي الدمشقي الشافعي محيي الدين أبو زكرياء المعروف بالنووي: 50م 197 669633604602287 691690687681678677 731698696694692 774772765763740732 933930902831794 959942940936935934 101110091007986976 1013.
يحيى بن صالح الطائي اليماني أبو نصر ابن أبي كثير: 821.
يحيى بن كثير (أبو مروان): 898.(2/1123)
يحيى بن عتيق الطفاوي: 100.
يحيى بن علي: 590.
يحيى بن علي الشيباني، المعروف بالخطيب التبريزي: 453.
يحيى بن المبارك اليزيدي أبو محمد، المعروف باليزيدي: 465394117 866526.
يحيى بن مجاهد الألبيري: 423.
يحيى بن محمد أبو زكرياء المناوي تاج الدين: 674.
يحيى بن محمد الأنصاري المغربي أبو زكرياء: 29م.
يحيى بن معمر: 65.
يحيى بن معين أبو زكرياء: 866247.
ابن يحيى الوطاسي: 34م.
يحيى بن الليثي المصمودي أبو محمد: 226224223222 1015680.
يحيى الجزار السرقسطي، المعروف بأبي بكر الجزار السرقسطي: 943855.
يحيى بن يعمر أبو سليمان: 159 585468467466346345 603586.
يحيى بن اليمان العجلي الكوفي أبو زكريا: 868.
يزيد بن أبي مالك الدمشقي: 644482.
يزيد بن الحصين الحارث: 894.
يزيد بن دينار بن أبي مسلم الثقفي:
350.
يزيد بن زيريع: 116هـ.
يزيد بن سويد الأزدي بالولاء المصري أبو رجاء، المعروف بيزيد بن أبي حبيب: 704.
يزيد بن عبد الله بن الشخير: 902هـ.
يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أبو خالد: 603.
يزيد بن محمد المهلبي: 410.
يزيد بن معاوية: 118هـ.
يزيد بن الملهب: 586.
يزيد بن هارون السلمي الواسطي: 99 218216.
يزيد بن الوليد بن عبد الملك: 893.
يعقوب بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي المعروف بأبي يوسف القاضي: 378397376252 918572380379.
يعقوب بن أبي سلمة بن دينار، المعروف بالماجشون: 412.
يعقوب بن إسحاق ابن السكيت أبو يوسف: 721469329.
يعقوب بن إسحاق الحضرمي أبو محمد: 466.(2/1124)
يعلي بن حكيم الثقفي: 116.
يوسف عليه السلام: 268108 322285284280.
يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي الخوارزمي (سراج الدين أبو يعقوب): 419.
يوسف بن سليمان الشنتمري الأندلسي أبو الحجاج، المعروف بالأعلم الشنتمري: 355.
يوسف بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، المعروف بالشيخ أبي عمر:
50 - م 200192186157103 215214211305203 232229227218217216 248247246240238 397258254253252249 528526525424422 624580579545544543 698697691686682 717715712707704699 740737828727722 767766460744743742 792791787773770 809808804800799793 844833824811810 866864853849847846 878877872868867 901895892891886885 929919918906905 978960953951949937 984983981980979 1015989.
يوسف النجار: 885.
يوسف بن عبد الرحمن بن غزي القرشي المهدوي أبو الحجاج، المعروف بالأقصري: 302.
يوسف بن عبد الرحمن القضاعي الكلبي الحلبي الدمشقي المزي، المعروف بجمال الدين المزي: 242.
يوسف بن عمر بن محمد الثقفي:
606.
يوسف بن يحيى اليويطي أبو يعقوب:
507.
يونس بن حبيب البصري أبو عبد الرحمن: 722626585 835744.
يونس بن علي بن عبد الملك ابن السماط البكري المهدوي أبو علي:
297.
يونس بن عبد الله بن مغيث أبو الوليد، المعروف بابن الصفار: 423.
يونس بن يزيد: 773.(2/1125)
5 - فهرس الكنى والألقاب
الأبلي: محمد بن إبراهيم: 783.
الأجري: محمد بن الحسين: 228.
الآدري: أبو عبد الله: 901900.
ابن الأبار: محمد بن عبد الله: 413 810415.
ابن الأبرش: خلف بن يوسف: 187.
أبرهة ذو المنار: 996170.
الأبي: محمد بن خليفة: 230198 780779764725531 936934931.
الأبياري: علي بن إسماعيل: 435 718453.
أبو الأجرب: جعونة بن الصمة: 883.
الأبهري المفضل بن عمر: 720 732.
أبو أحمد الأزدي: عبيد الله بن محمد: 104.
أبو أحمد العسكري: الحسن بن عبد الله: 628.
الأحمر: علي بن المبارك: 376 397.
الأحنف بن قيس بن معاوية: 847 1013.
ابن أبي الأحوص الحسن بن علي:
401338.
الأخطل: غياث التغلبي: 107هـ 585.
الأخفش: سعيد بن مسعدة: 168 65858349452172.
الأخميمي مجد الدين: 304.
ابن إدريس أبو عبد الله: 886.
ذو الأذعار: 996.
ابن أرقم: محمد بن محمد: 897 898.(2/1127)
الأزرق الوادياشي: 460.
ابن الأزرق: محمد بن علي: 12م 15م 16م 17م 18م 20م 21م 22م 23م 25م 26م 27م 28م 29م 30م 31م 32م 33م 34م 36م 37م 39م 40م 41م 42م 43م 44م 45م 46م 47م 48م 50م 51م 53م 54م 56م 57م 60م 64م 1018.
ابن أبي الأزهر: محمد بن أحمد: 449.
الأزهري: 871.
ابن أبي إسحاق: عبد الله: 124 461412.
ابن إسحاق: محمد بن إسحاق: 368 523.
أبو إسرائيل الجسمي: 925.
الإسفراييني: عبد الجبار بن علي:
810444440437.
إسماعيل بن أبي إسحاق القاضي:
696358333332229.
أبو الأسود الدؤلي: ظالم بن عمرو:
42336733127415986 464463462461460459 474470469468467 953612611476.
ابن إشتة: محمد بن عبد الله: 465.
الأشدق: عمرو بن سعيد: 118 603.
ابن الأشعت: عبد الرحمن بن محمد: 348.
الأشعري: علي بن إسماعيل: 439 443.
الأشعري أبو موسى: 119100 994737711255248.
أشهب: 878727717570.
الأصبهاني أبو بكر محمد بن إبراهيم:
735.
الأصبهاني أبو الفرج: علي بن الحسين: 459.
الأصبهاني: حمزة بن الحسن: 150.
الأصمعي عبد الملك بن قريب: 106 389372343341340 452448438425391390 713584559540507 763744714 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن الأعرابي: محمد بن زياد: 174 836811720717.
الأعشى الشاعر: ميمون بن قيس:
539538395.
الأعلم الشنتمري: يوسف بن سليمان: 355.(2/1128)
الأعمش: سليمان بن مهران: 109 742580579543411110 870866865.
أعين الطبيب: 608
الأقرع القشيري: 624هـ.
الأقصري: يوسف بن عبد الرحمن:
302.
ألب أرسلان السلجوقي: محمد بن داود بن سلجق: 646445440.
إمام الحرمين أبو المعالي ضياء الدين:
عبد الملك بن عبد الله: 359299 438437435434360 509448447440439
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو أمامة: أسعد بن زرارة: 215203 1007977768687231.
أمية بن أبي الصلت: 849714.
ابن الأنباري أبو بكر: محمد بن القاسم: 41736533111999 467463461459422 896852798797527.
ابن الأنباري: عبد الرحمن بن محمد: 620.
الأنصاري أبو زيد: سعيد بن أوس:
795590565540143.
الأنصاري أبو نصر: 553.
الأوراجي: 500.
الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو:
895865743424.
أويس القرني: أويس بن عامر: 993.
أبو أيوب: أحمد بن محمد: 811 813.
أبو أيوب الأنصاري: خالد بن زيد:
922.
ابن باب: عمرو بن عبيد: 323.
ابن بابشاذ: طاهر بن أحمد: 399.
الباجي: سليمان بن خلف أبو الوليد:
890689567552550364 900.
الباجي: أحمد بن سليمان أبو القاسم: 830689.
ابن الباذش: أحمد بن علي: 422.
الباخرزي: علي بن الحسن: 438 448.
الباقر أبو جعفر: محمد بن علي بن الحسين: 215.
الباقلاني: أبو بكر محمد ابن الطيب:
551514447429359 - البتي: عثمان بن سليمان: 116.
البحتري: 973.(2/1129)
البخاري: محمد بن إسماعيل: 199 228 (انظر تتمة الصفحات في فهرس الأسماء).
البدوي أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد: 26م 840784.
ابن البراء: أبو محمد: 531529 532.
ابن براء: أبو علي ابن براء: 783.
البراذعي: 784.
أبو بردة بن نيار: 996.
برز جمهر: 839769760.
البرزلي أبو القاسم بن أحمد: 296 664663661658645529 726673671668667 828821797764761735 840830 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
البرمكي أبو جعفر: 1004.
برهان الدين بن فرحون: إبراهيم بن علي: 858782718.
ابن برهان أبو القاسم: عبد الواحد:
595594551.
البرهاني: أبو الفرج: 991.
ابن بري: عبد الله بن بري: 596.
ابن بريدة: عبد الله: 713100 985.
البزار: أبو بكر ابن عمر البصري:
227 - ت 960231.
ابن بزيزة: عبد العزيز بن إبراهيم:
514.
ابن بسام: علي بن محمد: 155 616402373.
البستي: علي بن محمد: 942846.
أبو بسطام: شعبة بن الحجاج: 106 698581580540424107 865799.
ابن بشر: أحمد بن بشر بن الأغبس:
898897.
ابن بشران: علي بن محمد أبو الحسن: 465.
ابن بشكوال: خلف بن عبد الملك:
600.
ابن بطال: علي بن خلف: 226 894732729703533363 965.
أبو البطحاء: 708.
البطرني: محمد بن أحمد: 735 783.
أبو بكر بن أبي محمد عبد الله الحسن القرطبي: 657653112.
أبو بكر الصديق: 444434321 1010993975840.(2/1130)
البكري أبو عبيد: عبد الله بن عبد العزيز: 886872.
البلالي شمس الدين: محمد بن علي: 932746.
البلعمي: محمد بن عبد الله: 502.
بلقيس: 999996283.
البلقيني سراج الدين: عمر بن رسلان: 898664.
البلنسي: محمد بن علي: 564.
ابن البناء: أبو القاسم محمد بن أحمد: 913875874403.
ابن البناء أبو العباس: أحمد بن محمد: 572.
البرهاني أبو الفرج: 993992991 997996995994.
البوذري: 671658.
البويطي: يوسف بن يحيى: 507.
البياضي: 857220.
البيضاوي: عبد الله بن عمر: 513.
البيهقي: 960444441437.
تاج الدين ابن عطاء الله: أحمد بن عطاء الله: 756653304271.
التبريزي: يحيى بن علي: 453.
ابن التبان: عبد الله بن إسحاق: 132 133.
التجيبي: علي بن قاسم: 21م.
الترمذي: محمد بن عيسى: 198 541240220216215200 950940734602.
ابن التلمساني: عبد الله بن محمد:
453452450.
التلمساني الشريف: محمد بن أحمد:
783692.
التلمساني الشريف: أحمد بن أبي يحيى: 28م.
أبو تمام الطائي: حبيب بن أوس:
972722172.
تمرلنك: 901.
التميمي: يحيى بن سعيد القطان:
698.
أبو ثابت: سهل بن حنيف: 730.
ثعلب أبو العباس: أحمد بن يحيى:
413412146139124105 701621619618498 773760702.
الثمالي أبو حمزة: ثابت بن دينار:
891.
أبو ثور الكلبي: إبراهيم بن خالد:
866294.
الجاحظ: عمرو بن بحر: 52م 586 612602590589588
627626623622613613 634629 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).(2/1131)
الجاحظ: عمرو بن بحر: 52م 586 612602590589588
627626623622613613 634629 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الجالطي: محمد بنم قاسم: 111 112.
ابن الجبير أبو عبد الله محمد: 404.
الجحدري: عاصم بن أبي الصباح:
466.
أبو جحيفة: 712.
ابن الجد أبو بكر: الحافظ: 113.
الجرجاني: عبد القاهر بن عبد الرحمن: 754.
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز: 737707.
ابن جزء الزبيدي: عبد الله بن الحارث: 254252.
جزرة: صالح بن محمد بن عمرو:
805.
الجرمي: صالح بن إسحاق: 537 550452358.
الجزولي: عيسى بن عبد العزيز أبو موسى: 596.
ابن جزي: محمد أحمد: 418.
الجعابي أبو بكر: محمد بن عمر:
183.
أبو جعفر الجوزي: 932.
أبو جعفر السمناني: محمد بن أحمد: 900554.
أبو جعفر القصار: أحمد القصار: 747 990.
أبو جعفر: أحمد بن إبراهيم بن الزبير: صاحب العلة: 167166.
الجعفي: جابر بن يزيد: 322321.
جلال الدين البلقيني: 899.
جمال الدين المزي: يوسف بن عبد الرحمن: 242.
ابن أبي جمرة أبو محمد عبد الله:
931915774650297.
ابن جني: عثمان بن جني: 8584 369333329328143140 429373371 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن الجهم: علي بن الجهم: 814.
ابن الجواليقي: موهوب بن أحمد:
619.
ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي:
38721214910610498 594582544541539388 804750629611598 887.
ابن أبي الجوزي: 867.
الجوهري: 174171170134
543469362354203175 773718632610565 978585836.(2/1132)
الجوهري: 174171170134
543469362354203175 773718632610565 978585836.
الجويني أبو القاسم: 441.
الجويني عبد الله أبو محمد: 440 446.
الجويني أبو المعالي: عبد الملك بن عبد الله: 434360359299 447440439438437435 810797506448.
ابن الحائك: هارون بن الحائك الضرير: 701.
أبو حاتم السجستاني: سهل بن محمد: 788787465459 945.
ابن الحاج: محمد بن محمد العبدري: 50م 239213204 297293253245 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن الحاجب: عثمان بن عمرو: 378 916718434.
ابن أبي حجلة: أحمد بن يحيى: 539 938.
أبو حازم: سلمة بن دينار: 543295 982.
الحافظ شمس الدين: محمد بن أحمد الذهبي: 243.
الحاكم النيسابوري: محمد بن عبد الله: 768201هـ.
ابن الحباب: محمد بن يحيى: 783 827784.
ابن حبان: أبو حاتم محمد: 201 243241.
ابن حبيب: عبد الملك بن حبيب:
654532592378.
ابن حبيش: عبد الرحمن بن محمد:
113.
أبو الحجاج الأقصري: يوسف بن عبد الرحمن: 302.
الحجاج: الحجاج بن يوسف: 187 585349348346345 586 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن حجر: أحمد بن علي شهاب الدين: 817243242ت.
ابن الحداد: سعيد بن محمد: 432 763433.
الحذاء: خالد بن مهران: 460 461ت.
حذيفة: حذيفة بن حسل العبسي:
1006976.
حرملة: حرملة بن يحيى: 799.(2/1133)
الحريري: القاسم بن علي: 383 532529400396387384 537.
ابن حزم: علي بن أحمد الظاهري:
11 - م 230206192184 432 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو الحسن البصري: 983.
أبو الحسن البطرني: محمد بن أحمد: 783735.
أبو الحسن بن الحسن النباهي: 920.
أبو الحسن بن رزين: رزين بن معاوية: 872.
أبو الحسن الشاري علي بن محمد:
532436.
أبو الحسن العروضي: 797702 798.
أبو الحسن بن مومن القرطبي: 822.
الحصري: جعفر بن أحمد: 710.
أبو حصين: 110109.
الحطيئة: جرول بن أوس: 117.
الحلواني: الحسن بن علي: 339.
حماد الراوية: حماد بن سابور: 776.
الحمداني أبو فراس: الحارث بن سعيد: 544ت.
حمدون القصار: حمدون بن أحمد بن عمارة: 692.
الحمدوني: إسماعيل بتن إبراهيم:
401.
أبو حمزة الثمالي: ثابت بن دينار:
891.
أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي السكري: 101.
الحمدي: عبد الله بن الزبير: 322 953800هـ.
ابن أبي الحواري: 729.
ابن حوط الله: عبد الله بن سليمان:
870869.
ابن حنبل: أحمد بن محمد: 201ت 745555409292217207 747 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الحنبلي: مجير الدين: 25م 27م.
أبو حنيفة: النعمان بن ثابت: 172 365361287270254252 560553438389366 899870866729728667 918900.
ابن حيان: حيان بن خلف: 380.
أبو حيان: محمد بن يوسف النفزي:
44 - م 946817165158هـ.(2/1134)
ابن خاتمة: أحمد بن علي: 456 514478464.
الخاقاني: موسى بن عبيد الله: 833.
ابني خالد: 832.
خالصة: 344.
الخبازي أبو عبد الله: حسين بن عبد العزيز: 444.
الخدري أبو سعيد: 257253205 903826.
خرافة: 541.
ابن خروف: علي بن محمد: 130 370369368358147142 404373372 (انظر باقي الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن خزيمة: محمد بن إسحاق: 231 841.
الخزيمي: إسحاق بن حسان:
402 - ت.
ابن الخشاب: عبد الله بن أحمد:
139.
الخشني: محمد بن عبد السلام:
868.
الخطابي: حمد بن محمد: 241 610342341340.
ابن الخطيب: محمد بن عبد الله:
876875404185158.
الخطيب البغدادي: أحمد بن علي:
502427390377144108 590 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الخطيب التبريزي: يحيى بن علي:
453.
ابن خلدون: 40م 762.
خلف الأحمر: خلف بن حيان: 849.
ابن خلكان: أحمد بن محمد: 139 448444440398152
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو خليفة: الفضل بن الحباب: 183.
ابن أبي خميصة: 614.
ابن أبي الخناجر: أحمد بن محمد:
528.
الخوارزمي: محمد بن عباس أبو بكر: 769.
ابن خيرة: القرطبي محمد بن عبد الله: 662.
الدارقطني: علي بن عمر: 896.
دارم: بحر بن مالك: 372هـ.
الداروردي: عبد العزيز بن محمد:
425424.
الدامغاني: قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد: 500.(2/1135)
الداني: عثمان بن سعيد: 421124 783466465.
بنو داوود: 20م.
ابن داوود البلوي: أحمد بن علي:
20 - م 29م.
ابن داوود أبو بكر: محمد الظاهري:
939938499498.
أبو داوود المحدث: سليمان بن الأشعث: 240905200199 960602.
أبو داوود المقرىء: سليمان بن نجاج: 336.
أبو الدرداء عويمر بن عامر: 203199 542232220219211210 950948826808759.
أم الدرداء: 981.
ابن دريد: محمد بن الحسن: 355 809787695600.
دغفل بن حنظلة: 713.
دغه: مارية بنت مغنج: 150.
الدقون أحمد بن محمد: 21م.
ابن دقيق العيد تقي الدين: محمد بن علي: 936718528302.
الدلدوني: 827.
ابن أبي الدنيا: 944هـ.
أبو الدينار: 102.
أبو ذر: جندب بن جنادة: 217100 218.
أبو الذيال: شويس بن حياش: 704.
الرائش الفتاح: الرائش الحميري:
996.
رؤبة: رؤبة بن عبد الله العجاج: 835 886.
الرازي فخر الدين: محمد بن عمر:
193189188182181125 262261235229209
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الراضي: 853852798797.
الراعي النميري: عبيد بن حصين: 386.
ابن راهويه: إسحاق بن أبي الحسن:
217.
الراوندي: أحمد بن يحيى: 172.
بنت ابن رباب النميري: 554.
الربعي أبو الحسن: علي بن عيسى:
550.
ابن الربيب: الحسن بن محمد: 171.
الربيع: الربيع بن سليمان: 699687 833.
ابن أبي الربيع: عبيد الله بن أحمد العثماني: 56386.(2/1136)
ربيعة الرأي: ربيعة بن عبد الرحمن:
799680224223.
الرشاطي: عبد الله بن علي: 111 932404184183.
ابن رشد الجد: محمد بن أحمد:
26 - م 377346221219 378 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن رشد الحفيد: محمد بن أحمد:
810524519518495456.
ابن رشيد: محمد بن عمر أبو عبد الله: 709631630627 980.
الرصاع: محمد الأنصاري أبو عبد الله: 21م.
ابن رضوان: أبو القاسم عبد الله بن يوسف: 26م 648555.
الرماني: علي بن عيسى: 938569.
الروذباري: أبو عبد الله أحمد بن عطاء: 139ت.
ابن الرومي: علي بن العباس: 628.
ابن الرويزي: 994993992991 998997996995.
الرياشي: عباس بن الفرج: 143 951786763340.
أبو ريحانة: شمعون أو سمعون بن زيد: 773.
ابن زاغو: أحمد بن محمد: 277 716711692687679497 726 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو زبيد الطائي: 624هـ.
الزبيدي: محمد بن الحسن أبو بكر:
396391376358141103 583429411 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن الزبير: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم: 167166.
الزبير: الزبير بن العوام الأسدي:
960.
الزجاج: إبراهيم بن السري أبو إسحاق: 702701688569 945918.
الزجاجي: عبد الرحمن بن إسحاق أبو القاسم: 569.
ابن زرب: محمد بن يبقى: 587.
أم زرع: 942541.
الزركلي: 23م 25م.
الزعفراني: الحسن بن محمد: 506 507.
الزغل: 16م 30م 32م 33م.
أبو زكرياء السراج: 198.(2/1137)
أبو زكرياء يحى صاحب تونس: 35م.
الزلديوي: محمد بن محمد: 28م 43م 860781.
الزمخشري: محمود بن عمر: 26م 415402271265167 648 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن زمرك: محمد بن يوسف: 635.
ابن أبي الزناد: عبد الرحمن بن أبي الزناد: 740.
أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان: 703.
الزهري: محمد بن مسلم: 102 542258229224223107 744734707655543 1004937856773745.
ابن الزيات: أحمد بن الحسن أبو جعفر: 298.
الزواوي: منصور بن علي: 521.
ابن زياد: عبيد الله بن زياد بن أبيه:
164.
ابن زياد: يحيى بن زياد بن عبد الله:
164.
الزيادي: 787.
أبو زيد الأنصاري: سعيد بن أوس:
795590565540143.
زيد البارد: زيد بن الربيع: 897 898.
ابن زيد: عبد الرحمن بن زيد: 543.
ابن أبي زيد القيرواني: عبد الله بن أبي زيد: 227220200112 568380274 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو زيد النحوي: 835597.
ابن سبع: سليمان السبتي أبو الربع:
862.
السبكي: عبد الوهاب بن علي: 359 810797441.
السجستاني: أبو حاتم سهل: 459 465.
سحنون: عبد السلام بن سعيد: 219 672529480228 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن سحنون: محمد بن عبد السلام:
858523522.
السخاوي: علي بن محمد: 27م 34م 50م 945.
السختياني: أيوب بن أبي تميمة:
698.
ابن السراج: محمد بن السري:
144 - هـ 820771674659.
ابن سراقة: محمد بن أحمد: 304.(2/1138)
السرقسطي: محمد بن محمد: 27م.
السرقسطي: يحيى الجزار السرقسطي: 943855.
ابن سريج: أحمد بن عمر 499305 939938.
ابن سعد: محمد بن سعد البصري:
254 - ت 976هـ 979هـ.
أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك:
1013903826257253205.
أبو سعيد العقيلي: 871199.
أبو سفيان: 92.
السكاكي: يوسف بن أبي بكر: 419.
ابن سلامة: محمد بن سلامة: 783 936.
ابن السلالي أبو الفرج: 552.
السلفي أبو الطاهر: أحمد بن محمد:
824.
أبو سلمة بن عبد الرحمن: 533 707.
أم سلمة: 114.
السلمي أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين: 957692.
ابن سليم: محمد بن إسحاق: 667 668.
أبو سليمان الخطابي: 731.
السماتي: عبد العزيز بن علي: 335.
ابن السماط: يونس بن عبد الملك:
297.
ابن السماك: عبد الله بن أحمد:
969.
السمرقندي: الحسن بن أحمد أبو محمد: 256251.
السمعاني: عبد الكريم بن محمد:
954500437.
السمناني: محمد بن أحمد: 554 900.
السهروردي: عبد القاهر بن عبد الله: 246.
السهيلي: عبد الرحمن بن عبد الله أبو زيد: 927590589.
سيبويه أبو بشر: عمرو بن عثمان:
26 - م 45م 14413810586 165164163162161145 313188172171168
انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن السيد: عبد الله بن محمد: 322 595425392330 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن سيده: علي بن أحمد: 361 366.(2/1139)
السيرافي: أبو سعيد الحسن بن عبد الله: 863721105.
ابن سيرين محمد بن سيرين: 104 940936249124.
ابن سينا: الحسين بن عبد الله: 26م 172.
ابن شاذان: أحمد بن إبراهيم أبو بكر: 871.
الشاذكوني: 788787.
الشاذلي: علي بن الحسن: 300 306305304302301.
الشار مساحي: عبد الله بن عبد الرحمن: 859.
الشاري: علي بن محمد: 532436 927822820657.
ابن شاس: عبد الله بن محمد: 377.
الشاشي: محمد بن علي: 500 501.
ابن الشاط: قاسم بن عبد الله: 478 769486.
الشاطبي: إبراهيم بن موسى 12585 183182142136127 289287232199185184 298293291 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الشافعي: محمد بن إدريس: 96 313310288274157103 4093173163153145
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الشبلي: 994.
ابن شبيب: 760.
الشجري: 371.
ابن الشجري: هبة الله بن علي: 535 537536.
الشران: محمد بن إبراهيم: 593.
ابن شرف القيرواني: جعفر بن محمد: 943.
ابن شريح: 383.
الشريف ابن عمران الجوطي: 34م.
الشعبي: عامر بن شراحيل: 101 582383350349345 583 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الشلوبين أبو علي: عمر بن محمد:
115114.
ابن شماس: ثابت بن قيس: 629.
شمس الدين الأصبهاني: محمد بن محمود: 709.
شمس الدين البلالي: محمد بن علي: 932746.(2/1140)
شمس الدين بن النعمان: محمد بن موسى: 300299.
شمس الدين التونسي: محمد بن محمد: 842.
ابن شنبود: محمد بن أيوب: 620.
ابن شهاب الزهري: محمد بن مسلم: 225224223107102 258229 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن شهيد: 883.
ابن شوذب: عبد الله بن شوذب:
864.
ابن أبي شيبة: عبد الله بن أبي شيبة:
889.
الشيرازي: أبو إسحاق إبراهيم بن علي: 830447.
الشيعي: أبو عبيد الله: الحسين بن أحمد: 433432431.
الصائغ عبد الله بن نافع: 741 1004.
الصابوني: إسماعيل بن عبد الرحمن: 448.
أبو صالح: ذكوان السمان: 923.
ابن الصباغ أبو الحسن علي: 300 304.
ابن الصفار: يونس بن عبد الله:
423.
ابن الصلاح: عثمان بن عبد الرحمان: 446427425 748747682454 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو الصلاح: 550.
ابن أبي صفرة: الحسن بن محمد المهلبي: 121.
ابن أبي صفرة: سليمان بن حبيب:
653399398.
الصولي: محمد بن يحيى: 806 871.
الصيمري: عبد الله بن علي: 820.
ابن الضائع: علي بن محمد: 332 946566460.
الطائي أبو تمام: حبيب بن أوس:
972722172.
أبو طالب القرشي: 149.
أبو طالب المكي: محمد بن علي:
476127122.
ابن طاووس: 686.
أبو الطاهر السلفي: أحمد بن محمد:
824.
الطبراني: سليمان بن أحمد: 183 238227214211201
248 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).(2/1141)
الطبراني: سليمان بن أحمد: 183 238227214211201
248 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الطبري: أبو جعفر أحمد بن محمد:
547357.
الطبري: محمد بن جرير: 803732 841840.
الطحاوي: أحمد بن محمد: 533.
ابن طراوة: سليمان بن محمد: 162.
الطرطوشي: محمد بن الوليد: 658 879878846814667660 984978880.
الطغرائي: الحسين بن علي: 920.
أبو طلحة الأنصاري: 595هـ.
الطلمنكي: أبو عمر أحمد بن محمد:
665290222218.
الطنجالي أبو عبد الله: محمد بن أحمد: 662.
ابن طومار: أبو الفضل: 616.
الطيالسي أبو الوليد: 682.
أبو الطبيب المتنبي: 874270209 876875.
الظريف، أبو عبد الله: 296.
ابن عائشة: عبيد الله بن محمد:
540.
ابن عات: أحمد بن هارون: 824.
ابن عات: هارون بن أحمد: 378.
ابن عاصم بن أبو بكر: محمد بن محمخد: 721.
ابن عاصم أبو يحيى: محمد بن محمد: 37م 721719591.
ابن أبي العاص: 662.
ابن أبي عامر: محمد بن عبد الله المنصور: 587.
ابن عامر: عبد الله بن عامر اليحصبي: 947946.
ابن عباس: 2152039897 350332316240219216 417383 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو العباس: خليفة تونس: 725.
أبو العباس البكري: 840.
أبو العباس ابن يونس: 798.
ابن أبي عبدة: أحمد بن محمد: 391 392.
ابن عبد الحكم: محمد بن عبد الله:
983892732557408.
عبد الحميد المعروف بالكاتب: 749.
أبو عبد الرحمن السلمي: محمد بن الحسين: 957692.
أبو عبد الله محمد بن عبد السلام:
827419.(2/1142)
ابن عبد الملك خطيب جامع المنصور: 105.
ابن أم عبد: 977.
ابن عبدوس: محمد بن إبراهيم:
794.
العبدوسي: عبد العزيز بن موسى:
29 - م 42م 863860859.
أبو عبد الله الظريف: 296.
ابن عبد السلام التونسي: 783419 936827.
أبو عبد الله محمد الحاج: 21م.
أبو عبيد: قاسم بن سلام: 482347 945943929885644612.
أبو عبيد البكري: عبد الله بن عبد العزيز: 886872.
أبو عبيدة: معمر بن المثنى: 355 835803461452391390 978.
أبو عبيدة ابن الجراح: عامر بن عبد الله: 994.
العتابي: كلثوم بن عمرو التغلبي:
739738.
أبو العتاهية: 953919743544.
العتبي: محمد بن عبد الله: 98 463115.
العتكي أبو بكر: 542.
أبو عثمان العقابي: سعيد بن محمد:
692679.
العجاج: عبد الله بن رؤبة: 406هـ.
العجلي: أبو منصور: 638324.
ابن عدي: 903.
ابن العربي: محمد بن عبد الله: 137 207204202198197 255242236 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
العرجي الشاعر: عبد الله بن عمر:
393384.
ابن عرفة: محمد بن محمد الورغمي: 419378346230 529523513454 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
العرزمي: أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله: 953.
أبو عروبة المدني: 385.
عز الدين: عبد العزيز بن عبد السلام: 50م 28728692 471304301295 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن عزوز أبو البركات: 28م.
ابن عساكر: علي بن الحسن: 694.
ابن عصفور: علي بن مومن: 45م 460.(2/1143)
العضد: عضد الدين الإيجي: 434.
ابن العطار: محمد بن أحمد: 346 587586.
ابن عطية: عبد الحق بن غالب: 171 1007433432.
ابن عقاب الجذامي: محمد بن محمد: 782.
العقباني أبو عثمان: سعيد بن محمد:
692679.
ابن عقيل: علي بن عقيل: 594 595.
العقيلي أبو سعيد: 871.
العقيلي أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالعربي: 20م.
ابن العلاف: الحسن بن علي أبو بكر: 619.
أبو علقمة النحوي النميري: 608 612.
ابن علوان: أحمد بن علوان: 783.
ابن علوان: عمر بن محمد أبو علي:
656.
أبو علي: الفضيل بن عياض: 867 921.
ابن علية: 1012هـ.
أبو علي الغساني: الحسين بن محمد: 857.
أبو علي الشلوبين: عمر بن محمد:
115114.
أبو علي القالي: 798460405 822.
أبو علي المالقي: عمر بن الحاج:
593592591.
أبو العلاء أبو عمرو: أحمد بن عبد الله التنوخي: 554.
العماد الأصبهاني: محمد بن أحمد:
139.
العميد الكندري: محمد بن منصور:
438.
ابن عمر: عبد الله بن عمر: 9791 23812010199 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن عمران: 34م.
أبو عمران الفقيه: 664.
أبو عمر القاضي إسماعيل بن إسحاق: 499498.
أبو عمر: يوسف بن عبد البر: 50م 205203200192157103 217216215214211 240232229227218 246 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو عمرو بن العلاء: 121116
430429411372339 466 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).(2/1144)
أبو عمرو بن العلاء: 121116
430429411372339 466 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن العميد: أبو الفضل محمد بن الحسين: 183.
أبو عنان المريني: 875502501
أبو عنبة الخولاني: 238.
العنبري: عبيد الله بن الحسن: 895.
أبو العيناء: محمد بن القاسم: 427 598.
ابن غالب: أبو جعفر محمد بن إبراهيم: 653.
الغبريني أبو العباس: أحمد بن أحمد: 671.
الغبريني أبو مهدي: عيسى بن أحمد:
783782781.
الغزال أبو حنيفة: واصل بن عطاء:
642641640638636323.
الغزالي أبو حامد: محمد بن محمد:
26 - م 50م 55م 133ت 137 286221189184147 289 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الغزنوي: محمد بن طيفور: 416.
أبو غسان المدني: محمد بن مطرف:
118.
ابن أبي غسان: 844.
الغساني أبو علي: الحسين بن محمد: 857.
غسيل الملائكة: حنظلة بن أبي عامر:
994.
الفارابي: محمد بن محمد: 55م 521515496470.
ابن فارس: أحمد بن زكرياء: 183 451449315.
أبو فارس: عبد العزيز بن أحمد:
782.
الفارسي: الحسن بن أحمد: 85 577569559549144 604 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
الفاكهاني: عمر بن علي اللخمي:
687.
أبو الفتح كشاجم: محمود بن الحسين: 807.
أبو الفتح بن ألب أرسلان: 646 647.
ابن فتوح أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد: 26م 42م 719690369 747736724721 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن الفخار أبو عبد الله: محمد بن
عمر: 656381380.(2/1145)
ابن الفخار أبو عبد الله: محمد بن
عمر: 656381380.
ابن الفخار أبو بكر: محمد بن علي:
575573571561343230.
الفراء: يحيى بن زياد: 146144 583571313172168
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو فراس: الحارث بن سعيد: 544.
الفرزدق: همام بن غالب: 128هـ 939713537344.
ابن الفرس: عبد المنعم بن محمد:
1009.
ابن الفرضي: عبد الله بن محمد الأزدي: 796.
أبو الفضل ابن مهدي: 104.
ابن فضيلة: 662.
الفهري: 646.
ابن القابسي علي بن محمد: 111ت 927671654529522.
ابن قادم: أبو عبد الله محمد: 412 413.
ابن القاسم: عبد الرحمن بن القاسم:
733717665654236220 937892799.
أبو القاسم: أحمد بن سليمان الباجي: 900830689.
أبو القاسم الإسكاف: عبد الجبار بن علي: 810444440437.
أبو القاسم ابن ورد: 980.
أبو القاسم المشذالي: محمد بن أبي القاسم: 860.
القاضي عبد الوهاب:
عبد الوهاب بن علي: 450430 901845567.
قالون: عيسى بن مينا: 466.
القالي: إسماعيل بن القاسم أبو علي البغدادي: 822798460405.
قايتباي أبو النصر: 30م 35م.
ابن القباب: أحمد بن قاسم:
298 - ت.
أبو قتادة بن ربعي الأنصاري: 229 923.
ابن قتيبة: عبد الله بن مسلم: 104 320319318138134120 590559346327326
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن قداح: عمر بن علي: 667.
القرافي: أحمد بن إدريس: 23م / هـ 204202200197194191 221212211205 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).(2/1146)
القرباقي: أبو الحسن علي بن موسى:
19 - م 873.
القرشي أبو طالب: 149.
أبو قرصافة جندرة بن خيشنة: 241 243242.
القرطبي أبو عبد الله: محمد بن أحمد: 300237233230227 802.
ابن القرطبي أبو بكر: 657.
ابن القرطبي أبو محمد: عبد الله بن الحسن: 657653112.
أم قرفة: 401.
القرقساني: محمد بن مصعب: 528.
القروي أبو علي: 931.
ابن القرية: أيوب بن القرية: 686 943.
ابن قريعة: محمد بن عبد الرحمن:
121.
القشيري عبد الكريم بن هوازن: 286 781439305304.
القصار: حمدون بن أحمد: 692.
ابن القصار: علي بن أحمد: 408 553.
ابن قعنب: محمد بن قعنب أبو عبد الله 705.
القعنبي: عبد الله بن مسلمة: 1002.
القفصي: محمد بن عبد الله: 645.
القلصادي: علي بن محمد أبو الحسن: 19م 782.
القلفاط: محمد بن يحيى: 898.
القللوسي: محمد بن محمد أبو بكر:
808699404114110.
أبو قماش: 836.
ابن القوطية: 84.
القيجاطي: محمد بن محمد: 422.
القيرواني ابن شرف: جعفر بن محمد: 943.
أبو قيس: 995.
ابن قيس الرقيات: 174هـ.
الكازروني: أحمد بن منصور: 880.
أبو كامل: 351.
الكتنجي: 405.
كثير الشاعر: 760.
ابن كثير: 27م.
كراع النمل: علي بن الحسن: 83ت.
الكرماني: 798.
كرواح: 913.
الكسائي: علي بن حمزة: 109108 154145144141110 377376313172168164
466412387380379 788736658639596572 945.(2/1147)
الكسائي: علي بن حمزة: 109108 154145144141110 377376313172168164
466412387380379 788736658639596572 945.
الكسف: أبو منصور العجلي: 324 638هـ.
كشاجم أبو الفتح: محمود بن الحسين: 807.
ابن الكلبي: 787.
كمال الدين: أحمد بن فارس: 718 719.
كمال الدين ابن يونس: موسى بن يونس: 720719.
ابن كيسان: محمد بن أحمد: 569 977.
اللؤلؤي أبو علي: الحسن بن زياد:
1015810.
ابن لب: فرج بن قاسم: 200199 341240249244228220 672668667661660 935.
ابن لبابة: محمد بن يحيى: 568 569.
ابن اللباد: محمد بن محمد: 794 886843830829828.
اللخمي: حمديس بن إبراهيم: 654 655.
أبو لهب: 1000.
ابن أبي ليلى: عبد الرحمن: 980.
أبو ليلى: 115.
ابن ماجة: 941231229217.
الماجشون: يعقوب بن أبي سلمة:
412.
ابن الماجشون: عبد الملك بن عبد العزيز: 532508.
الماخلي: داوود بن عمر: 302 303.
المازري: محمد بن علي: 407338 761455408.
المازري: محمد بن مسلم: 880.
المازني أبو عثمان: بكر بن محمد:
396395394393373341 614613452398397 787722657.
ابن مالك: محمد بن عبد الله: 26م 45م 946863559404.
الماوردي: علي بن محمد: 180 526414238210194 582 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن المبارك: عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي: 526250 834717706.(2/1148)
ابن المبارك: يحيى بن المبارك: 117 526465394.
المبرد: محمد بن يزيد: 152103 358162 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
المتوكل: جعفر بن محمد المعتصم:
701412410405.
المتولي: 732.
المتيطي: علي بن عبد الله 669.
ابن مجاهد أحمد بن موسى: 339 844823620465423420.
مجد الدين علي بن أبي العطاء القشيري المنفلوطي، والد ابن دقيق العيد: 304302.
أبو محمد بن نصر القاضي: 553.
أبو محمد البرجيني: 827.
أبو محمد بن عبيد الله 532.
أبو محلم الشيباني محمد بن هشام:
721720.
ابن محيريز: عبد الله: 672.
المخزومي: سعيد بن المسيب: 655 1002727670.
أبو المخشي: 883.
أبو مدين: شعيب بن حسين: 306.
المراغي: 881.
امرؤ القيس: 874873575548 999876875.
ابن مرزوق أبو عبد الله محمد بن أحمد: 860669474473342 863.
المرسي أبو العباس: 302.
أبو مروان: يحيى بن كثير: 898.
المروزي أبو عبد الله: محمد بن نصر: 841801503502.
ابن مريم: 43م.
المزني: إسماعيل بن يحيى: 438 443.
المزي جمال الدين: 242.
ابن مزين: يحيى بن إبراهيم: 978.
المستنصر بالله الخليفة: منصور بن محمد: 859411.
المستظهر بالله الخليفة: 500.
المستعين بالله محمد بن علي بن يوسف بن نصر: 30م.
ابن مسروق: أحمد بن محمد: 952.
أبو مسعود: عقبة بن عمرو: 956 1002.
ابن مسعود: 24023422799 602580411350267250 713659 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).(2/1149)
المسعودي: 979هـ.
مسكين الدارمي: ربيعة بن عامر: 941.
أبو مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان: 141.
أبو مسلم بن فهد: 103.
ابن أبي مسلم يزيد بن دينار: 350.
أبو مسهر: عبد الأعلى بن مسهر:
790.
ابن المسيب: 727.
المشذالي أبو القاسم: محمد بن أبي القاسم: 860.
ابن مشيش: عبد السلام بن: 306.
أبو مصعب: أحمد بن أبي بكر القاسم: 1005826.
ابن مضاء القرطبي: أحمد بن عبد الرحمن: 368147142 436369.
ابن مطهر: 555.
ابن المعتز: عبد الله بن المعتتز بالله: 973834402180.
المعتصم بالله العباسي: محمد بن هارون: 392.
المعري أبو العلاء: أحمد بن عبد الله: 554.
أبو معشر: نجيح بن عبد الرحمن: 743.
المغلقي: أحمد: 862.
المقتدر بالله: جعفر بن أحمد: 402.
المقري: (صاحب النفح): 31م 32م 33م 36م 37م 39م 40م 42م.
المقري محمد بن محمد: 501.
ابن المقفع عبد الله: 970.
المقلاش: عبد الرحمن أبو زيد:
599.
ابن أم مكتوم: عمرو بن قيس: 1005.
أبو المكنون: 609.
مكين الدين الأسمر: 304.
ابن ملكون الإشبيلي: 594.
ابن أبي مليكة عبد الله بن عبيد الله:
463422331.
ابن مناد: 869.
ابن منادى: 310.
ابن مناذر: محمد بن مناذر: 844 849.
المناوي تاج الدين: 674.
ابن المنذر: 60م 62م 1015825.
المنذري: عبد العظيم بن عبد القوي: 226217211201 259248238231229 960903687.
أبو منصور العجلي: 638324.(2/1150)
المنصور الموحدي: 869.
ابن المنكدر: 238.
منكلي بغا الفخري: 675.
المنوفي: عبد الله: 675674.
ابن المنير ناصر الدين: أحمد بن محمد: 963962718533.
المهلبي بن أبي صفرة الحسن بن محمد: 121.
المهدي: عبيد الله بن محمد الفاطمي: 324.
المواق: محمد بن يوسف: 21م 28م.
أبو موسى الهواري: عبد الرحمن بن موسى: 796795.
ابن ميقيل: محمد بن عبد الله: 569.
أبو ميمونة: دارس بن إسماعيل: 828 858830829.
النابغة: زياد بن معاوية: 355354 833548.
الناشىء أبو العباس: عبد الله بن محمد: 192.
ابن نافع: عبد الله بن نافع: 741 1004.
النباهي: علي بن عبد الله: 620748.
أبو النجاء مسلم الصيداوي: 553.
النحاس أبو جعفر: أحمد بن محمد:
945569111110.
النخعي: إبراهيم بن يزيد: 412246 979950806793744712.
النذرومي: 842هـ.
أبو نصر: هارون بن موسى: 822 823.
النظام: 318.
نظام الملك: الحسن بن علي: 440 647646445.
أبو نعيم: أحمد بن عبد الله: 50م 314257237231221195 693686527526497
(انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
نفطويه: إبراهيم بن محمد: 497 848.
ابن نفيس: 783.
أبو نهشل: لقيط بن زرارة: 327 941.
أبو نواس: الحسن بن هانىء: 538 882539.
ذو النون: توبان بن إبراهيم: 757.
النووي: يحيى بن شرف: 50م 197 604602287 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
أبو هارون: كلاب بن أمية: 257.(2/1151)
ابن هبيرة: يزيد بن عمر: 603.
ابن هرمة: إبراهيم بن علي: 319هـ 882.
ابن هرمز: عبد الرحمن أبو داوود:
892832461159.
أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الأزدي: 21621119798 237231229218 (انظر بقية الصفحات في فهرس الأسماء).
ابن هشام: عبد الله بن يوسف: 408 565559537534507.
ابن أخي هشام: خلف بن عمر أبو سعيد: 858.
هلال الرأي: هلال بن يحيى: 787.
الهمداني أبو منصور: سعيد بن علي:
284.
الهواري: محمد بن عمر: 599.
الهوزني: عمر بن حسين: 568.
أبو الهيذام: عامر بن عمارة بن خريم المري: 388.
أبو وائل النهشلي: 742.
الواثق: هارون بن محمد: 393375 396395394.
الوادي آشي: محمد بن الحداد: 19م.
الوادي آشي: محمد بن أحمد: 29م 30م 31م.
الواقدي أبو عبد الله: محمد بن عمر الواقدي: 499141.
أبو واقد الليثي: 1006.
الوالبي أبو خالد: 543.
الوراق أبو جعفر: محمد بن حاتم: 821.
ابن وضاح أبو عبد الله: 890.
الوقشي: هشام بن أحمد: 428315 449.
الونشريسي أحمد بن يحيى: 21م 31م.
ابن وهب: عبد الله بن وهب: 236 847829705580314249 948892856.
ابن أبي يحيى: إبراهيم بن محمد:
801800.
اليربوعي: 532.
أبو يزيد خان العثماني: 18م.
اليزيدي: ييحى بن المبارك: 117 866526465394.
أبو يعلى: أحمد بن علي التميمي: 226.
أبو اليقظان عامر بن حفص: 346.
أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم: 378377376252 918572380379.
ابن يونس: 21م.(2/1152)
6 - فهرس القبائل والأماكن والمدن
الأبطح: 186.
أحد: 994.
أذربيجان: 555.
أرجونة: 17م 32م.
إرم: 996.
أرمية: 184.
الأردن: 994.
الأزد: أزد شنوءة: 617615.
استانبول: 35م.
إستجة: 796795.
الاسكندرية: 718661.
إشبيلية: 87086911484.
أصفهان: 556555446.
إفريقية: 869860324111.
المرية: 16م.
الأندلس: 11م 12م 15م 16م 17م 19م 20م 21م 22م 25م 27م 29م 30م 31م 32م 44م 45م 46م 56م 114113109 795665404360165 896888884869837829.
الأنصار: 976738730712 1002.
الأهواز: 586398.
الأوس: 998885.
إيذج: 648.
باب البردعيين: 20م.
باب الرحمة: 993.
باب العطارين: 898.
باب المحول: 620.
باجة إفريقية: 19م.
بجاية: 860454.
البرامكة: 887.
البركة: 181.(2/1153)
بسطة: 17م 19م 39م 404 873.
بيت المقدس: 880.
البشرات: 33م.
البصرة: 396394187126 470468467466412410 632606583535507 882852788787742642 895.
بغداد: 18338353322 555551507445441377 830702701700556 896888887882881859 954901.
البقيع: 742.
بلخ: 345.
بلش مالقة: 17م 20م 32م 33م.
بلنسية: 700699.
بنو الأحمر: 16م.
بنو أسد: 470109.
بنو إسرائيل: 919341264.
بنو أمية بن زيد: 722.
بنو برمك: 882.
بنو تغلب: 128.
بنو رشدان: 371.
بنو سعد: 992.
بنو العنبر: 151150.
بنو غيان: 371.
بنو قريظة: 996.
بنو ليث: 468.
بنو مازن: 394375.
بنو هاشم: 1013610.
بيت المقدس: 36م 993646.
تبوك: 770.
تدمير: 795.
تستر: 648.
تغلب: 375128.
تلمسان: 17م 19م 20م 25م 28م 29م 33م 34م 35م 40م.
تمكروت: 62م.
تميم: 890630564470327.
تهامة: 243106.
تونس: 19م 25م 28م 29م 34م 35م 43م 725454242 931862860831782781.
ثقيف: 166.
ثمالة: 615.
ثمود: 996.
الجامع الأعظم: 20م 30م.
جامع إشبيلية: 870.(2/1154)
جامع باب البحر: 831.
جامع الزهراء: 822.
جامع الزيتونة: 783781529.
جامع عمرو بن العاص: 400305.
جامع القرويين: 21م 863.
جامع المنصور: 105.
الجبل: 392.
جبل أوراس: 782.
جذام: 992.
جربة: 931.
جمكان: 556.
جيّان: 166.
جيحون (نهر): 646.
الحبشة: 734470.
الحجاز: 440412400114 552507.
الحجر: 327.
حضرموت: 992.
حلب: 554550.
حمام حمص: 985.
حوش البسطامي: 36م.
حي بني سعد: 735.
حي حذام: 735.
الحيرة: 997870.
خراسان: 503345117106 801648646586555.
الخزرج: 998885.
خيبر: 106.
خوارزم: 648.
دجلة: 913.
دمشق: 913648211.
ربيعة: 993.
رندة: 114.
الروم: 15م 413141.
زمزم: 445227.
الزنج: 141.
سبأ: 996993.
سبتة: 657.
سر من رأي، أو سامراء: 701410.
السريان: 470.
سلا: 657.
سمرقند: 801646503314.
سيراف: 600.
الشام: 122115113115111 470400242224139 914901646507.
شيراز: 556555.
صور: 553.
طرابلس: 635.
طوس: 598.(2/1155)
طيء: 470.
عاد: 640.
عاملة: 107.
(بنو) عبد قيس: 464.
العراق: 550507506470 880711665641555552 1004914896889887.
العراقين: 646379.
عسقلان: 243242.
العسكر: 445.
العقيق: 741.
غرناطة: 12م 15م 16م 17م 18م 19م 20م 21م 22م 26م 27م 28م 29م 30م 31م 32م 33م 34م 35م 39م 16545 782736166.
فارس: 555502398104.
فاس: 14م 17م 21م 25م 33م 35م 40م 836829501 863.
الفرات: 901.
الفرس: 470.
فسقية الظاهرية: 901.
فلسطين: 994243.
القاهرة: 35م 24م 304301 842841399305.
(أبو) قبيس: 327.
قحطان: 161.
القدس: 30م 36م.
قراباغ: 556.
الفزافة: 399.
قرطبة: 822665662423 883.
قريش: 999993990885364 1013.
قسطنطينة: 647.
قشتالة: 17م 32م.
قوص: 302.
القيروان: 30م 380132111 895888858432.
قيس: 470.
كتامة: 324.
الكرخ: 555.
كرمان: 555348.
الكعبة: 1011445327302.
كلب: (قبيلة): 508.
الكوفة: 123122109108 659552507470389387 788787742.
مازن تميم: 394375.(2/1156)
مازن ربيعة: 394375.
مازن قيس: 394375.
لمتونة: 869.
مالقة: 16م 17م 20م 25م 26م 27م 29م 30م 43م 59م 592 1018843653.
مدرسة البيهقي: 444441347.
المحصّب: 618.
المدرسة المستنصرية: 859.
مدرسة الشماعين: 828.
المدرسة الصالحية: 842.
المدرسة اليوسفية: 736.
المدينة: 222211119118 466463440331226224 741680507540506 1012977937901825 1015.
مدينة السلام: 739.
مراد: 878.
مراكش: 63م 869657657.
مرج غرناطة: 38.
المرسي: 296.
مرسية: 567113.
مرو: 24638322.
المرية: 16م 17م.
مسجد بني أسد: 109.
المسجد: الأقصى: 36م.
مسجد الجامع: 354.
مسجد حمص: 985.
مسجد السبيع: 108.
مسجد علي بن مخلوف: 862.
مسجد قباء: 948.
مسجد القصر بتونس: 862.
مصر: 30م 35م 36م 165110 284268254167166 507470400399370305 863841801663566 901892.
مصقلاباد: 755754.
مضر: 99599499389692 999996.
معد: 991.
معرة النعمان: 554.
المغرب الأقصى: 447444315 883882859662620554.
مقبرة الحسين: 441.
مقص: 305.
مكة: 35م 327172122118 885800566506440438.
مكناس: 20م.(2/1157)
المنصورة: 304.
المنكب: 17م.
ميافارقين: 880.
الموصل: 918.
نجد: 39م 220.
النظامية (مدرسة): 445440438 963446.
النيل: 305.
هذيل: 508506470316.
الهند: 648470.
هوازن: 992.
وائل: 128.
وج: 107.
وادي آش: 16م 17م 30م 32م 33م 34م.
واسط: 349.
ولد إسماعيل: 991.
وهران: 17م 599.
اليمن: 800540372170107 993991894880814 999998997996994.(2/1158)
7 - فهرس الكتب الواردة في المتن
أجوبة الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: 949.
الإحاطة لابن الخطيب: 158.
إحصاء العلوم للفارابي: 496330 515.
الأحكام لابن عربي: 559549 1007911844.
أحكام المعلمين والمتعلمين للقابسي:
654522.
الإحياء للغزالي: 645496292 969689679.
أخبار الأذكياء لابن الجوزي: 582 750.
أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي: 594388.
الإخبار بفوائد الأخبار لأبي بكر ابن يعقوب: 202.
أدب الكتاب لابن قتيبة: 929602.
الأدب المفرد للبخاري: 243.
أربعينيات ابن حجر 817.
أسئلة القفصي: 645.
الاستيعاب لابن عبد البر: 254.
الأشعار الستة: 360359.
الأصول لابن السراج: 820.
إعتاب الكتاب لابن الأبار: 413.
الإعتصام للشاطبي: 452313.
الأغفال: فيما أغفله الزجاج من المعاني لأبي علي الفسوي: 569.
الإفادات والإنشادات للشاطبي: 521 635.
الإقتراح لابن دقيق العيد: 718528.
إكسير الذهب في صناعة الأدب للمجاشعي: 360.
الإكمال لعيسى بن عمر: 462461.(2/1159)
الألفاظ للفارابي: 470.
الألفاظ لابن السكيت: 329.
ألفية ابن مالك: 863.
الإلماع لعياض: 804710428.
أمالي ابن الشجري: 535.
الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام:
847.
الأموال لأبي عبيد: 644482.
الإنجيل: 850885285.
الإنصاف للبطليوسي: 425.
الأنوار: 809213.
الأوسط للطبراني: 903211.
الإيضاح: 657.
إيضاح المحصول من برهان الأصول للمارزي: 303.
بدائع السلك في طبائع الملك لابن الأزرق: 12م.
برنامج الشاري: 657532436 927820.
البرهان للجويني: 453435359.
بيان العلم لابن عبد البر: 525424 727.
البيان والتبيين للجاحظ: 589588 886626590.
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 108 590502427390377144 797738702642613 910857852840821804 962.
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة: 138 945.
التبصرة للصيمري: 820.
التبيان للنووي: 492168.
تذييل تاريخ بغداد للسمعاني: 437 500.
تراجم الجامع الصحيح لناصر الدين ابن المنير: 962533.
الترغيب والترهيب: 687.
التسهيل لابن مالك: 784.
التعليقة للطرطوشي: 667658.
تفسير الرازي: 343.
تفسير الزمخشري: 415.
تفسير القرطبي: 237.
تفسير منذر بن سعيد: 563.
تقاييد القيجاطي: 422.
تقييدات أبي يحيى ابن عاصم: 719.
تقييد المازري على الإحياء: 761.
تلبيس إبليس لابن الجوزي: 804.
التلقين للقاضي عبد الوهاب: 732.
التنبيه للهواري: 599.(2/1160)
التهذيب للبراذعي: 916784780.
التوراة: 950264.
جامع البيان لابن رشد: 450.
جامع العتبية: 878733.
الجامع لعيسى بن عمر: 462461.
الجامع لما في المصنفات الجوامع في أسماء الصحابة لابن الأصبغ الرعيني المالقي: 243.
جنا النحل وحيا المحل: 320.
الجواهر والأربعين للغزالي: 147 516503.
الحجة لأبي علي الفارسي: 577.
حزب البحر لأبي الحسن الشاذلي:
302.
الحلية لأبي نعيم: 497231.
حلية الفقهاء لابن فارس: 315.
الحوفية: 830.
الحيدة لعبد العزيز المكي: 351.
حيل اللصوص للجاحظ: 643.
الخصائص لابن جني: 574328 578577.
درة الغواص للحريري: 537383.
الدعوى: 378.
الدلائل: 349.
الديباج المذهب لابن فرحون: 718 858782.
ديوان محمد بن سحنون: 858.
الذخيرة للقرافي: 918381.
ذيل تاريخ بغداد للسمعاني: 954.
رباعيات البخاري: 425.
الرحلة الصغرى لابن العربي: 137 462.
الرخصة في تقبيل اليد لأبي بكر الأصبهاني: 735.
الرد على النحويين.
رسالة ابن أبي زيد القيرواني: 274 848732431.
الرسالة للشافعي: 31331096 454.
رسالة القشيري: 781305304.
رسالة مراتب الإجماع لابن حزم:
432.
رسالة مراتب العلوم لابن حزم: 876.
رسالة الميزان لابن حزم: 888.
رقائق ابن المبارك: 250.
الروضة للمبرد: 617616.
رياضة المتعلمين: 31419597 527.
زهر الآداب للحصري: 40196 973972971944818807.(2/1161)
السراج للطرطوشي: 978.
سراج المريدين في سبيل المهتدين لابن العربي: 678696517 889.
سر صناعة الإعراب لابن جني: 557 578.
سنن ابن ماجة: 941.
السهو لأبي عبد الله محمد الهواري:
599.
السياسة لأبي القاسم ابن رضوان:
555.
شرح الأبياري على البرهان: 435.
شرح أدب الكاتب لابن السيد: 392 926633595.
شرح الأدعية للخطابي: 340.
شرح الإشارات للرازي: 189.
شرح البرهان للأبياري: 453.
شرح البرهان للمازري «وهو الذي أسماه إيضاح المحصول من برهان الأصول»: 455.
شرح التسهيل لابن مالك: 946.
شرح حديث أم زرع: 942541.
شرح حزب البحر للماخلي: 302.
شرح العضد لمختصر ابن الحاجب:
434.
شرح عقيدة الرسالة للقاضي عبد الوهاب: 430.
شرح قصيدة كعب بن زهير لابن هشام: 535.
شرح كتاب الجرمي لأبي الحسن الربعي: 550.
شرح كتاب سيبويه لابن خروف:
657.
شرح المحصول للقرافي: 566561.
شرح مختصر ابن عبد الحكم: 732.
شرح مسلم للأبي: 531.
شرح المعالم لابن التلمساني: 450.
شرح التهذيب: 669.
الشفاء لابن سبع: 862.
الشفاء للقاضي عياض: 899725.
الصحاح للجوهري: 36215283 610604603590407.
الصحيحان: 691234226.
صحيح البخاري: 729626229 963962857853784781.
صحيح ابن حبان: 241201.
صحيح ابن خزيمة: 231.
صحيح الترمذي: 941940.
صحيح مسلم: 502321197 959857853821784.(2/1162)
الصلة لابن بشكوال: 600.
صلة الجمع وعائذ التذييل لموصول كتاب الأعلام والتكميل لأبي عبد الله البلنسي: 564.
الصفوة لابن الجوزي: 212.
طبائع الحيوان للجاحظ: 642.
طب النفوس لأهل الدروس: 299.
طبقات السبكي: 441359.
طبقات النحويين للزبيدي: 358841 658469461.
الطراز: 484.
طليعة التنوير في مقدمات التفسير لابن زاغو: 679.
طوالع الأنوار للبيضاوي: 513.
العارضة لابن العربي: 951389.
العتبية للعتبي: 570451.
الاعتصام للشاطبي: 451299.
عوارف المعارف للسهروردي: 246.
العواصم لابن العربي: 928518.
عيون الأخبار لابن قتيبة: 519346 912887792714608599 941939.
الغريب لابن الأعرابي: 811.
غش الصناعات للجاحظ: 643.
فرق الفقهاء للباجي: 567550.
الفصوص لصاعد البغدادي: 498 852771.
الفصيح للثعلب: 105.
القانون لابن العربي: 911268.
القيس لابن العربي: 255236.
قضيب الذهب لابن الراوندي: 172.
الاقتضاب في شرح أدب الكاتب:
926633595392.
القواعد لعز الدين ابن عبد السلام:
485472.
القواعد للقرافي: 478381379 879668651644.
قوت القلوب لأبي طالب المكي:
122.
الكبير للطبراني: 227.
كتاب الجهاد للطبري: 732.
كتاب الدعوى: 378.
كتاب الرشاطي: 184.
كتاب سيبويه: 360358187 657569469462429393 820811784702658 927863852837836821.
كتاب كراع النمل: 83.
كتاب ابن ماجة: 941.(2/1163)
المبسوط للشافعي برواية الزعفراني:
506.
مجالس العلماء للزجاجي: 378.
المحتسب لابن جني: 329.
المحصل للرازي: 725450.
المحصول لفخر الدين الرازي: 299.
المحكم لابن سيده: 361.
مختصر أبي الأسود الدؤلي: 464.
مختصر الإحياء لشمس الدين البلالي:
932746.
مختصر ابن الحاجب: 916434.
مختصر ابن عبد الحكم: 732.
مختصر ابن عرفة في الفقه: 783780.
مختصر الرعاية للشيخ عز الدين بن عبد السلام: 904.
مختصر العين للزبيدي: 83.
مختصر المدونة لابن أبي زيد القيرواني: 733726227220 988982948770.
مختصر المستصفى لابن رشد: 350.
المدارك للقاضي عياض 431132 796772687508505497 900.
المدخل لابن الحاج: 727475 914.
المدونة: 860783761451 898863861.
مراقي الزلفى لابن العربي: 678 899.
مسائل ابن الفخار: 381343330 573561.
مسائل القيجاطي: 945.
المستخرجة للعتبي: 570568 858.
مستصفى الغزالي: 519133.
معالم السنن للخطابي: 731.
معلقات البخاري: 199.
المعونة للقاضي عبد الوهاب: 450 732.
معيار النظار للباجي: 689.
المفصل للزمخشري: 416167 820648.
المقامات: 531.
مقامات الحريري: 532531529.
مقامات الصلبان للخزرجي: 209.
مقدمة ابن الصلاح: 682.
المقدمة في النحو لأبي موسى الجزولي: 596.
مقدمة مسلم: 332.
المقنع لأبي عمرو الداني: 467.(2/1164)
مكتوب ابن عرفة: 783.
مكتوب الزلديوي: 781.
المكمل لعيسى بن عمر: 462461.
المنهاج للشافعي: 664.
المنهاج للغزالي: 969261.
الموافقات للشاطبي: 313312 747724578546521452.
موطأ ابن وهب: 829.
الموطأ لمالك: 506220114 853829825784562.
ميزان العمل للغزالي: 137134 690688684419.
النبات لأبي زيد الأنصاري: 143.
النزهة في التعريف بشيوخ الوجهة لابن عات: 824.
النصح الخالص لابن مرزوق: 342.
النصرة في مذهب مالك للقاضي عبد الوهاب: 901.
نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني: 446438.
نوادر أبي علي القالي البغدادي: 405 823822.
نوادر ابن أبي زيد القيرواني: 569.
نوازل ابن الحاج: 672.
نوازل ابن رشد: 451هـ 486454.
نوازل عز الدين بن عبد السلام: 633.
الوثائق لابن العطار: 586.
الواضحة لعبد الملك بن حبيب السلمي: 858.
وفيات الأعيان لابن خلكان: 461.
الوقف والابتداء لابن الأنباري: 417.
اليتمية للثعالبي: 874.
ينبوع العين الثرة في تفريع مسألة الإمامة بالأجرة لأبي سعيد ابن لب:
660.(2/1165)
8 - فهرس مصادر ومراجع التحقيق المخطوطة والمطبوعة
أفهرس المصادر المخطوطة:
تفسير الأسماء والدعوات للخطابي: مخطوط بالخزانة العامة. الرباط تحت رقم: ق / 1142.
التحفة القادرية لمؤلفها عبد السلام بلخياط القادري: مخطوطة خاصة محفوظة بخزانة الأستاذ محمد المنوني.
التلقين للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر المالكي البغدادي: رقم المخطوط 405بخزانة القرويين.
الذخيرة على مذهب إمام دار الهجرة النبوية عالم المدينة مالك بن أنس للقرافي:
مخطوطة بالخزانة العامة الرباط رقم ج / 582.
رحلة ابن العربي مخطوط بالخزانة العامة ضمن مجموع رقمه: ك / 251.
شذرات مخطوطة من طبقات الزبيدي بخزانة القرويين الصندوق الثاني من القبة السعدية: الكتاب رقم 14.
شرح التلقين للمازري: مخطوط بخزانة القرويين رقم: 348.
شرح خلاصة ابن مالك في النحو للشاطبي: مخطوط بخزانة القرويين رقم 423.
شرح العضد لمختصر ابن الحاجب: مخطوط بخزانة القرويين: رقم 269.
الفصوص لصاعد البغدادي: مخطوط بالخزانة العامة الرباط رقم: 1668ك.(2/1167)
فهرست المنتوري: مخطوط بالخزانة الحسنية رقم 1578.
القبس لابن العربي: مخطوط بالخزانة العامة الرباط رقم: ج 25.
اللطيفة المرضية في شرح دعاء الشاذلية لشرف الدين بن داوود الماخلي: مخطوط ضمن مجموع تحت رقم 158بالخزانة العامة للكتب والمحفوظات. تطوان.
مختصر ابن الحاجب: مخطوط بخزانة القرويين ضمن مجموع تحت رقم: 722.
مختصر العين لأبي بكر الزبيدي: مخطوط بخزانة القرويين تحت رقم: 1238.
مختصر المدونة في فقه مالك لابن أبي زيد القيرواني: مخطوط للقاضي عبد الوهاب البغدادي بخزانة القرويين رقم: 339.
كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة أبي عبد الله مالك بن أنس مخطوط بخزانة القرويين رقم: 777.
النوادر والزيادات على المدونة لابن أبي زيد القيرواني: مخطوط بخزنة القرويين رقم: 793.
نوازل ابن رشد: مخطوط بخزانة القرويين رقم 739.
ب فهرس المصادر والمراجع المطبوعة:
الإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب: تح محمد عنان. ط 13932هـ / 1973م.
إحصاء العلوم لأبي نصر الفارابي: تح. د. عثمان أمين. دار الفكر العربي:
مطبعة الاعتماد بمصر بلا تاريخ.
أحكام القرآن لأبي بكر ابن العربي: تح علي محمد البجاوي. دار الفكر. ط 3 1972.
أحكام المعلمين والمتعلمين لأبي الحسن القابسي: رسالة منشورة ضمن كتاب التربية في الإسلام: تأليف أحمد الأهواني دار المعارف بلا تاريخ.
إحياء علوم الدين للغزالي: ط 1982م، وط 1983، بيروت لبنان.
أخبار الأذكياء لابن الجوزي: تح محمد مرسي الخولي، ط: 1970.(2/1168)
أخبار الحمقى والمغفلين من الفقهاء والمفسرين والرواة والمحدثين والشعراء والمتأدبين والكتاب والمعلمين والتجار والمتسببين وطوائف تتصل للغفلة بسبب متين لابن الجوزي بيروت لبنان.
أخبار النحويين البصريين لأبي سعيد السيرافي: اعتنى بنشره فريتس كرنكو ط:
1936.
أدب الدنيا والدين لأبي الحسن الماوردي: ط: 13711هـ / 1952م.
أدب الكاتب لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: تح: محمد محيي الدين عبد الحميد. ط 4. 1382هـ / 1963م.
أزهار الرياض في أخبار عياض للمقري: صندوق إحياء التراث الإسلامي الرباط: 1398هـ 1978م.
إسعاف المبطأ برجال الموطأ للسيوطي: دار الآفاق الجديدة ط: 14012هـ 1981م.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني: ط 1سنة: 1328هـ / 1910م.
بيروت لبنان.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، وبهامشه: الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر النمري القرطبي: ط 1القاهرة، بلا تاريخ.
إعتاب الكتاب لابن الأبار: تح صالح الأشتر. ط: 1سنة: 1380هـ / 1961م.
الإعلام للزركلي: ط 7، 1986بيروت لبنان.
الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني: أشرف على مراجعته وطبعه: عبد الله العلايلي وموسى سليمان وأحمد أبو سعد. منشورات دار الثقافة، ودار مكتبة الأندلس سنة:
1374 - هـ / 1955م.
الإفادات والإنشادات للشاطبي: تح محمد أبو الأجفان ط: 1سنة: 1403هـ / 1983م.
الأفعال لابن القوطية: تح علي فوده. ط القاهرة: 1371هـ / 1952م.
الإلماع للقاضي عياض: تح أحمد صقر 1339هـ / 1970م.(2/1169)
كتاب الأم للشافعي بتصحيح محمد زهري النجار: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان. ط 1393هـ / 1973م.
الأمالي لأبي علي القالي: منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت لبنان.
الأمالي الشجرية لابن الشجري: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان.
أمراء البيان لمحمد كرد علي: ط 2القاهرة 1367هـ / 1947.
إنباه الرواة على أنباء النحاة للقفطي: تح محمد أبو الفضل إبراهيم. ط: دار الكتب 1369هـ / 1950م. القاهرة. وط: 1406هـ 1986م.
الأنساب للسمعاني ط ليدن: 1912.
الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل للحنبلي:: دار الجيل بيروت لبنان.
1393 - هـ / 973م.
الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم لابن السيد البطليوسي: تح. د. محمد رضوان الداية. ط: 1سنة 1394هـ / 1974م.
الأنيس المطرب فيمن لقيه مؤلفه من أدباء المغرب لابن الطيب العلمي. طبعة حجرية بلا تاريخ.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون: لإسماعيل باشا. ط: 1365هـ 1945/ م.
إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر الأنباري: تح محيي الدين عبد الرحمن رمضان:
ط 1390هـ / 1971م.
بدائع السلك في طبائع الملك لابن الأزرق: تح علي سامي النشار منشورات وزارة الإعلام الجمهورية العراقية: 1397هـ / 1977م. وتح محمد بن عبد الكريم الجزائري الدار العربية للكتاب تونس 1397هـ / 1978م.
البخلاء للجاحظ، المكتبة الثقافية بيروت لبنان. ط: 19782م.
البداية والنهاية لابن كثير: دار الفكر بيروت ط: 1386هـ / 1966م وط 1402هـ / 1982م.(2/1170)
البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم المليثي التلمساني. المطبعة الثعالبية: 1326هـ 1908م.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي: بتصحيح: محمد أمين الخانجي بقراءته على الشيخ أحمد بن الأمين نزيل القاهرة، ط 1326هـ. وط بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم: ط 1: 1384هـ / 1964م. وط 2دار الفكر 1399هـ / 1979م.
بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد للقاضي عياض، ومعه تفسير نفس الحديث للحافظ السيوطي: تح صلاح الدين بن أحمد الإدلبي محمد الحسن أجانف محمد عبد السلام الشرقاوي. ط 1395هـ / 1975م.
بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر النميري القرطبي: تح محمد مرسي الخولي الدار المصرية للتأليف والترجمة. بلا تاريخ.
البيان والتبيين للجاحظ: تح عبد السلام هارون، ط 4بيروت لبنان.
البيان المغرب في أخبار المغرب لابن عذاري: تح ليفي بروقنسال دار الثقافة بيروت لبنان.
تاج اللغة وصحاح العربية: للجوهري: تح أحمد عبد الغفور عطار. عنى بنشره السيد حسن شربتلي، مطابع دار الكتاب العربي بمصر.
تاريخ آل سلجوق المسمى بنصرة الفترة وعصرة الفطرة في أخبار الوزراء السلجقية للأصفهاني. ط 1318هـ / 1900م.
تاريخ الأدب العربي كارل بروكلمان ط 1368هـ / 1948م.
تاريخ الإسلام للذهبي مصر 1367هـ.
تاريخ الأمم والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. دار القاموس الحديث للطباعة والنشر بيروت لبنان.
تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي دار الكتاب العربي بيروت لبنان.
تاريخ ابن خلدون المسمى ديوان المبتدأ والخبر: ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس خليل شحادة، راجعة: د. سهيل زكار. دار الفكر، ط 1: 1401هـ / 1981م لبنان بيروت.(2/1171)
تاريخ علماء الأندلس لأبي الوليد عبد الله الأزدي ابن الفرضي الدار المصرية للتأليف والترجمة: 1966م.
تاريخ الفكر الأندلسي لآنخيل جنثالث بالنثيا: ترجمة حسين مؤنس. ط 1:
1375 - هـ / 1955م القاهرة.
تاريخ قضاة الأندلس للنباهي المالقي الأندلسي بيروت لبنان.
تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: صححه وضبطه محمد زهري النجار دار الجيل بيروت لبنان. ط: 1393هـ / 1973م.
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، شرح أحمد صقر. ط 2: 1393هـ / 1973م دار التراث القاهرة.
التبيان في آداب حملة القرآن للإمام أبي زكريا النووي: تح محمد الحجار دار ابن حزم، الطبعة 3: 1414هـ / 1994م.
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني أحمد بن علي: تح: محمد علي النجار وعلي محمد البجاوي بدون تاريخ.
تذكرة الحفاظ للذهبي دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان، بدون تاريخ.
ترتيب القاموس المحيط: للطاهر الزاوي ط 3دار الفكر.
الترغيب والترهيب للمنذري ضبط أحاديثه وعلق عليه: مصطفى محمد عمارة:
1401 - هـ / 1981م.
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: ط 1: 1355هـ.
التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات، اعتنى بنشره وتصحيحه أدولف فور مطبوعات إفريقية الشمالية الرباط 1958م.
التفسير الكبير لفخر الدين الرازي: ط 2دار الكتب العلمية طهران.
تلبيس إبليس لابن الجوزي، دار الكتب العلمية 1368هـ.
التنبيه على أوهام القالي: لأبي عبيد البكري طبعة دار الفكر. وط مطبعة السعادة بمصر ط 3. 1954.(2/1172)
تهذيب التهذيب لابن حجر: ط: 1325هـ دار المعارف النظامية الهند. وط 1.
1326 - هـ / 1908م. دار صادر بيروت.
توشيح الديباج للقرافي: تح أحمد الشتيوي. دار الغرب الإسلامي بيروت 1403هـ / 1973م.
ثبت أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي: تح د. عبد الله العمراني دار الغرب الإسلامي 1403هـ / 1983م.
جامع البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة لابن رشد: تح محمد العرايشي وأحمد الحبابي دار الغرب الإسلامي ط 1986 وط 1988م. بيروت لبنان.
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري: دار المعرفة بيروت لبنان.
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر النمري القرطبي: دار الكتب العلمية:
1398 - هـ / 1958م.
الجامع الصحيح للترمذي،: حققه وصححه عبد الرحمن محمد عثمان دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت: 1403هـ / 1983م.
جامع كرامات الأولياء ليوسف إسماعيل النبهاني دار صادر بيروت.
جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام بمدينة فاس لابن القاضي: دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط.
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحميدي: ط 1/ القاهرة 1372هـ / 1952م.
جمهرة اللغة لابن دريد: ط 1/ 1344هـ بحيدرآباد.
جواهر القرآن للغزالي، منشورات دار الآفاق الجديدة 1979م.
حدائق الأزاهر لابن عاصم الغرناطي: تح ؤ أبو همام عبد اللطيف عبد الحليم.
ط: 1413هـ / 1992م.
حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي: 1321هـ.
الحكم العطائية لابن عطاء الله: شرح محمد بن إبراهيم، المعروف بابن عباد النفزي الرندي. المطبعة الميمنية 1324هـ.(2/1173)
الحلل السندسية في الأخبار التونسية للسراج: تح محمد الحبيب الهيلة: 1390هـ / 1970م.
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصفهاني: دار الكتاب العربي بيروت لبنان. ط 1387هـ / 1967م، وط 1400هـ / 1980م.
حيلة الفقهاء لابن فارس: تح د. عبد الله التركي، ط 1: 1983م.
الحيدة لعبد العزيز الكناني المكي المطبعة الأميرية، ط 1: 1339هـ.
الحيوان للجاحظ: تح عبد السلام محمد هارون مصر سنة: 1365هـ / 1938م.
خزانة الأدب للبغدادي: ط: 1. بالمطبعة الأميرية. وط: 2بتحقيق وشرح عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي القاهرة، وط دار الثقافة بيروت.
الخصائص لابن جني: تح محمد علي النجار دار الكتب المصرية القاهرة 1371هـ / 1952م. الطبعة الثانية.
خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي المطبعة الرحمانية بمصر 1322هـ.
دائرة المعارف لفؤاد أفرام البستاني، دار الفكر. ط 1933، ومطبعة بيروت لبنان 1378هـ / 1958م.
الدراسات اللغوية في الأندلس: رضا عبد الجليل الطيار. العراق: 1980م.
درة الأسرار وتحفة الأبرار في مناقب ذي الكعب العلي سيدي علي الشاذلي لابن الصباغ. ط: 1304هـ.
درة الحجال في أسماء الرجال لابن القاضي: تح محمد الأحمدي أبو النور. ط 1 سنة 1390هـ / 1970م.
درة الغواص في أوهام الخواص للحريري: تح محمد أبو الفضل إبراهيم. دار نهضة مصر للطباعة والنشر القاهرة بلا تاريخ.
الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر. دار الجيل. بيروت لبنان بلا تاريخ.
دليل الراغبين إلى رياض الصالحين للنووي: تح فاروق حمادة. دار الثقافة.
ط 1409هـ / 1988م.(2/1174)
دمية القصر وعصرة أهل العصر للباخرزي: تح د. محمد التونجي: 1392هـ / 1972م.
دوحة الناشر لمحاسن من كان من مشايخ القرن العاشر لابن عسكر: تح محمد حجي. ط 1396هـ / 1966م. الرباط.
الديباج المذهب لابن فرحون المالكي: تح محمد الأحمدي أبو النور، دار النصر، بلا تاريخ.
ديوان الأخطل: رواية أبي عبد الله محمد بن العباس اليزدي عن أبي سعيد السكري عن محمد ابن حبيب عن ابن الأعرابي. ط: 2. دار المشرق بيروت لبنان. بلا تاريخ.
ديوان الأعشى: حققه وقدم له: فوزي عطوي، ط: 1968م بيروت لبنان.
ديوان البحتري: تح حسن كامل الصيرفي، ط: 2. دار المعارف مصر. بلا تاريخ.
ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي: تح محمد عبده عزام. ط: 4. دار المعارف مصر.
ديوان جرير: بشرح محمد بن حبيب، تح د. نعمان محمد أمين طه. دار المعارف بمصر سنة 1969م.
ديوان حسن بن ثابت: تح وشرح عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي بيروت. 1981.
ديوان ابن الخطيب: الصيب والجهام والماضي والكهام: كدراسة وتح الدكتور محمد الشريف قاهر. ط 1: 1973. الجزائر.
ديوان ابن دريد: دراسة وتح عمر بن سالم الدار التونسية للنشر: 1393هـ / 1973م.
ديوان ابن الرومي: تح د. حسين نصار. مطبعة دار الكتب 1976م.
ديوان الشافعي. جمعه وشرحه نعيم زرزور وقدم له: د. مفيد قميحة. دار الكتب العلمية بيروت، لبنان: 1412هـ / 1992م.
ديوان عبيد بن الأبرص: تح وشرح د. حسين نصار. ط 1. 1377هـ / 1957م.(2/1175)
ديوان أبي العتاهية أشعاره وأخباره عني بتحقيقها د. شكري فيصل دمشق:
1384 - هـ / 1964م. مكتبة دار الصلاح.
ديوان العجاج: رواية عبد الملك الأصمعي: تح عزت حسن. مكتبة دار الشرق بيروت: 1971.
ديوان عمر بن أبي ربيعة: دار صادر للطباعة والنشر بيروت: 1380هـ / 1961م.
ديوان أبي فراس الحمداني: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه بيروت.
1959 - م.
ديوان الفرزدق: عني بجمعه وطبعه والتعليق عليه عبد الله إسماعيل الصاوي.
ط 1: 1354هـ / 1936م. وط دار صادر بيروت: 1385هـ 1966.
ديوان ابن فركون: تقديم وتعليق د. محمد ابن شريفة: 1987م.
ديوان كثير عزة: تح إحسان عباس دار الثقافة بيروت لبنان. ط: 1391هـ / 1971م.
ديوان كشاجم: تح وشرح وتعليق خيرية محمد محفوظ بغداد: 1390هـ 1970م.
ديوان كعب بن مالك الأنصاري: دراسة وتح سامي مكي العاني. ط 1: 1386هـ / 1966. بغداد.
ديوان المتنبي: ط 1377هـ / 1958م.
ديوان امرىء القيس رواية الأصمعي من نسخة الأعلم: تح محمد أبو الفضل. ط 2.
دار المعارف بمصر 1964م،.
ديوان امرىء القيس صنعة حسن السندوبي. ط: 1349هـ / 1930م.
ديوان المفضليات من اختيار المفضل الضبي وشرح أبي محمد الأنباري. مطبعة الآباء اليسوعيين بيروت 1920م.
ديوان ابن المعتز: شرح وتح ميشيل نعمان. ط 1969م بيروت لبنان.
ديوان النابغة رواية الأصمعي نسخة الأعلم الشنتمري: تح محمد أبو الفضل إبراهيم دار المعارف بمصر.(2/1176)
ديوان أبي نواس: حققه وضبطه وشرحه أحمد عبد المجيد الغزالي دار الكتاب العربي بيروت لبنان 1953م.
الذخيرة على مذهب إمام دار الهجرة النبوية عالم المدينة مالك بن أنس للقرافي:
تح مجموعة من الأساتذة. ط 1. دار الغرب الإسلامي 1994م.
الذخيرة في محاسن الجزيرة لابن بسام الشنتريني: تح إحسان عباس دار الثقافة.
بيروت لبنان ط 2: 1399هـ / 1979م.
الذيل والتكملة: تح إحسان عباس دار الثقافة بيروت لبنان. ط 1: 1973.
رباعيات البخاري: للدكتور يوسف الكتاني: ط 1: 1404هـ / 1984م. مكتبة المعارف.
رحلة القلصادي لأبي الحسن القلصادي: دراسة وتحقيق محمد أبو الأجفان:
1978 - م تونس.
رحلة العبدري: حققه وقدم له وعلق عليه: محمد الفاسي 1968الرباط.
الرد على النحاة: نشره وحققه شوقي ضيف. ط 1: 1366هـ / 1974م. القاهرة. دار الفكر العربي.
رسائل ابن حزم: تح إحسان عباس. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط 1.
السنة: 1401هـ / 1980م.
الرسالة للشافعي: تح أحمد محمد شاكر. ط 1. السنة: 1358هـ / 1940م.
الرسالة القشيرية لأبي القاسم القشيري: تح د. عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف. ط: 1. سنة: 1385هـ / 1966م.
الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام للفقيه المحدث أبي القاسم السهيلي. ومعه السيرة النبوية لابن هشام. ط 1391هـ / 1971م.
الروض المعطار في خبر الأقطار للحميري: تح إحسان عباس مكتبة لبنان. ط 2 سنة: 1984م.
كتاب الزهد ويليه كتاب الرقائق لابن المبارك: تح وتعليق حبيب الرحمن الأعظمي دار الكتب العلمية بيروت لبنان.(2/1177)
زهر الآداب وثمر الألباب لأبي إسحاق الحصري القيرواني: تح علي محمد البجاوي. ط 1. سنة: 1372هـ / 1953م. دار إحياء الكتب العربية.
زهر الآداب وثمر الألباب لأبي إسحاق الحصري القيرواني: مفصل ومضبوط ومشروح بقلم د. زكي مبارك. ط 2. مصر.
سر صناعة الإعراب لابن جني: تح لجنة من الأساتذة. ط 1. السنة: 1374هـ / 1954م.
السر الطاهر لسليمان الحوات طبعة حجرية. فاس.
سلوة الأنفاس لمحمد الكتاني طبعة حجرية. 1318هـ / 1900م.
سمط الآلىء لأبي بكر عبيد البكري الأونبي: تح عبد العزيز الميمني. ط:
1354 - هـ / 1936م.
سنن ابن ماجة: تح محمد فؤاد عبد الباقي. ط: 1395هـ / 1979م. دار إحياء التراث العربي.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف. ط: 1360هـ / 1941م.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العمال الحنبلي، دار المسيرة بيروت.
ط 13993هـ / 1979م.
شرح الإشارات للرازي: ط 1بالمطبعة الخيرية سنة: 1325هـ.
شرح حديث أم زرع المسمى: بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد للقاضي عياض: تح صلاح الدين بن أحمد الأدبي ومحمد حسن أجانف ومحمد عبد السلام الشرقاوي. 1395هـ / 1975م.
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد المكتبة العصرية بيروت. يقع في جزأين بدون تاريخ.
شرح مسلم للأبي. ط 1: 1327هـ مطبعة السعادة بمصر.
شرح النووي على صحيح مسلم دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. ط:
1401 - هـ / 1981م.(2/1178)
شعر بشار بن برد: جمع وتح محمد بدر الدين العلوي. دار الثقافة بيروت لبنان. 1963م.
شعر الراعي النميري وأخباره: جمعه وقدم له عز الدين التنوخي. دمشق:
1383 - هـ / 1964م.
شعر زهير بن أبي سلمى: صنعة الأعلم الشنتمري: تح د. فخر الدين قباوة. ط 1:
1390 - هـ / 1970م. وط 2: 1393هـ / 1973م. دار القلم العربي بحلب.
الشعر والشعراء لابن قتيبة: شرح وتحقيق أحمد محمد شاكر. ط: 1386هـ / 1966م.
الشعر والشعراء لابن قتيبة: تح مفيد قميحة دار الكتب العلمية. بيروت لبنان.
ط 1: 1401هـ / 1981م. وط دار الثقافة: 1400هـ / 1980م. بيروت لبنان.
الشهب اللامعة في السياسة النافعة لأبي القاسم ابن رضوان المالقي: تح د. علي سامي النشار. ط 1: 1404هـ / 1984م. دار الثقافة. /
صحيح البخاري بشرح الكرماني. ط 2: 1401هـ / 1981م. دار إحياء التراث العربي. بيروت لبنان.
صفة الصفوة لابن الجوزي: حققه وعلق عليه محمود فاخوري وخرج أحاديثه: د، محمد رواس قلعة جي. ط 2: 1979م. ودار المعرفة للطباعة والنشصر والتوزيع ط: 3/ 1405هـ 1985م.
الصلة لابن بشكوال. الدار المصرية للتأليف والترجمة: 1386هـ / 1966م.
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي، منشورات دار مكتبة الحياة. بيروت لبنان.
طبقات الأولياء لابن الملقن: تح نور الدين شريبة. مطبعة دار التأليف القاهرة.
ط 1: 1393هـ / 1973م.
طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى. وقف على طبعه وصححه محمد الفقي. 1371هـ / 1952م.(2/1179)
طبقات الصوفية للسلمي: تح نور الدين شريبة. ط 2: 1389هـ / 1969م.
طبقات النحويين واللغويين للزبيدي: تح محمد أبو الفضل. دار المعارف بمصر.
1393 - هـ / 1973م.
الطبقات الكبرى لابن سعد. ط: 1380هـ / 1960م. بيروت، ودار بيروت:
1388 - هـ / 1968م.
طبقات الشافعية للسبكي: تح محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح الحلو. ط 1:
1386 - هـ / 1967م. وط 2. دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع.
طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي: قرأه وشرحه محمود محمد شاكر مطبعة المدني. القاهرة.
طبقات المفسرين لشمس الدين محمد الداوودي: راجع النسخة وضبط أعلامها لجنة من العلماء. ط: 1: 1983م. بيروت لبنان.
عارضة الأحوذي في شرح الترمذي لابن العربي. ط 1: 1350هـ / 1931م.
أبو العتاهية: أشعاره وأخباره: تح د. شكري فيصل. دار الملاح للطباعة والنشر.
العقد: الفريد لابن عبد ربه الأندلسي: تح محمد سعيد العريان. ط 2: 1372هـ / 1953م.
العمدة لابن لاشيق: تح محمد محيي الدين عبد الحميد. ط: 1344هـ.
عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة للغبريني: تح رابح بونار.
ط 1970.
عوارف المعارف للسهرودي: دار الكتاب العربي بيروت لبنان. ط 1: 1966م.
العواصم من القواصم لابن العربي: وقف على طبعه وتصحيحه: الأستاذ عبد الحميد بن باديس. ط 1. المطبعة الجزائرية الإسلامية. سنخة: 1345هـ / 1926م.
العواصم من القواصم لابن العربي: ضمن كتاب آراء أبي بكر بن العربي الكلامية لعمار الطالبي. ط الجزائر: 1394هـ / 1974م.(2/1180)
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: عني بنشره ح برجستراس. ط:
1351 - هـ / 1932م.
الفتاوي للشاطبي: تح محمد أبو الأجفان. ط 1: 1405هـ 1984م.
الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم: عبد القاهر البغدادي. ط 1: 1393هـ / 1973م.
الفروق للقرافي وبهامشه حاشية ابن الشاط المسماة أدرار الشروق على أنواء الفروق. طبعة بلا تاريخ.
فصل المقال في شرح الأمثال لأبي عبيد البكري: حققه وقدم له د. إحسان عباس ود. عبد المجيد عابدين. دار الأمانة 1391هـ / 1971م.
الفصوص لصاعد البغدادي. تح: د. عبد الوهاب التازي منشورات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية مطبعة فضالة المحمدية المغرب: 1415هـ / 1995م.
الفهرست لابن النديم: دار المعرفة للطباعة والنشر. بيروت لبنان: 1398هـ / 1978م. وطبعة القاهرة بدون تاريخ.
فهرست الرصاع: لأبي عبد الله الأنصاري: تح محمد العنابي. دار الكتب الوطنية تونس: 1387هـ / 1967م.
فهرست ابن غازي: تح محمد الزاهي الدار البيضاى: 1399هـ / 1979م.
فهرست الفهارس للكتاني: دار الغرب الإسلامي بيروت. ط 2: 1402هـ / 1982م.
فوات الوفيات للكتبي: تح إحسان عباس. دار صادر بيروت 1973م.
قلائد العقيان للفتح بن خاقان طبعة حجرية بلا تاريخ.
قواعد الأحكام في مصالح الأنام لابن عبد السلام. مطبعة الاستقامة القاهرة.
قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب المكي. دار صادر. مطبعة الميمنية مصر: 1306هـ.
الكامل في التاريخ لابن الأثير دار صادر بيروت 1385هـ / 1965م.(2/1181)
الكامل للمبرد: تح محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاته. دار نهضة مصر للطبعة والنشر. الفجالة القاهرة.
كتاب الأربعين في أصول الدين للغزالي: تح لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة. ط 3. بيروت: 1400هـ / 1980م.
كتاب الألفاظ المستعملة في المنطق لأبي نصر الفارابي: تح محسن مهدي. دار المشرق. المطبعة الكاثوليكية بيروت لبنان: 1968م.
كتاب الإمام المازري: تأليف حسن حسني عبد الوهاب دار الكتب الشرقية تونس: 1848هـ.
كتاب الأموال لأبي عبيد ابن سلام: تح محمود حامد الفقي: 1353هـ.
كتاب سيبويه: تح عبد السلام هارون. عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع بيروت.
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري.
ط 1. مطبعة الاستقامة بالقاهرة: 1365هـ / 1936م.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: لحاجي خليفة. ط: 1360هـ / 1941م.
كنز الحفاظ في تهذيب الألفاظ لابن السكيت. المطبعة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين: 1895م.
لسان العرب لابن منظور دار صادر بيروت.
لسان الميزان لابن ححجر منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. بيروت لبنان. ط 2: 1390هـ / 1971م.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر. ط: دار الفكر بيروت لبنان:
1398 - هـ / 1978م.
الاشتقاق لابن دريد: تح عبد السلام هارون. ط: 1378هـ / 1958م.
لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي، وشيخه الشاذلي أبي الحسن وكلام كل منهما وأحزابه وأدعيته وإنشاداته ووصاياه: لابن عطاء الله السكندري.
ط: القاهرة: 1322هـ / 1904م.(2/1182)
الاعتصام للشاطبي. دار المعرفة للطباعة والنشر. بيروت لبنان.
الاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن السيد البطليوسي: ط: دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة بيروت لبنان 1973م.
مجالس العلماء لأبي القاسم الزجاجي: تح عبد السلام هارون. الكويت: 1962م.
مجمع الأمثال للميداني دار القلم بيروت لبنان بلا تاريخ.
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها: لابن جني: تح على النجدي ناصف، ود. عبد الحليم النجار، ود. عبد الفتاح إسماعيل شلبي. الجزء الأول بالقاهرة: 1386هـ والجزء الثاني: 1389هـ / 1969م.
المحصول في علم أصول الفقه للرازي: دراسة وتحقيق د. طه جابر فياض العلواني. ط 1: 1399هـ / 1979م.
المدارس النحوية لشوقي ضيف: دار المعارف مصر.
المدارك للقاضي عياض: بكامل أجزائه أشرف على نشره وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
المدخل لابن الحاج. دار الفكر: 1401هـ / 1981م.
مراتب الإجماع لابن حزم: دار الكتب العلمية بيروت لبنان. بلا تاريخ.
مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي: تح محمد أبو الفضل إبراهيم. دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة: 1394هـ / 1974م.
المزهر في علوم اللغة للسيوطي: تح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي:
1361 - هـ.
المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري مكتبة النصر الحديثة الرياض.
بلا تاريخ.
مشاهدات لسان الدين بن الخطيب في بلاد المغرب والأندلس: (مجموعة من رسائله): نشر وتح د. أحمد مختار العبادي، مطبعة جامعة الاسكندرية: 1958.
المضاف والمنسوب للثعالبي. مطبعة الظاهر بالقاهرة.(2/1183)
مطمح الأنفس ومسرح التأنس للفتح بن خاقان: دراسة وتح محمد علي شوابكة.
ط 1: 1403هـ / 1983م.
مظهر النور الباصر جمع أبي الحسين ابن فركون إغداد: د. محمد ابن شريفة:
1991.
المعارف لابن قتيبة: تح ثروات عكاشة: ط 2. دار المعارف بمصر: 1388هـ / 1969م.
معاهد التنصيص على شواهد التلخيص لعبد الرحيم أحمد العباسي تح: محمد محيي الدين عبد الحميد. ط. 1367هـ / 1947م.
معجم الأدباء لياقوت الحموي: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
معجم البلدان لياقوت الحموي: دار صادر للطباعة والنشر. بيروت لبنان:
1374 - هـ / 1955م. وط: 1375هـ / 1956م. وط: 1376هـ / 1957م.
المعجم الصغير للطبراني: صححه وراجع أصوله عبد الرحمن محمد عثمان. دار النصر للطباعة القاهرة ط: 1388هـ / 1968م.
معجم قبائل العرب عمر رضا كحالة: دار العلم للملايين بيروت: 1388هـ / 1968م.
المعجم الكبير للطبراني: تح حمدي عبد المجيد السلفي. ط 1: 1398هـ / 1978م. الدار العربية للطباعة بغداد.
معجم ما استعجم للبكري: حققه وضبطه مصطفى السقا ط 1. شعبان: 1364هـ / 1945م القاهرة.
معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة دار إحياء التراث العربي بيروت.
المعجم الوسيط: قام بإخراجه لجنة من الأساتذة. المكتبة العلمية طهران.
المعيار المعرب والجامع المغرب للونشريسي. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية: 1401هـ / 1981م.
مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري: حققه وخرج شواهده. مازن المبارك، ومحمد علي حمد الله. دار الفكر. ط 2: 1969م.(2/1184)
مفتاح العلوم للسكاكي. دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
المفصل في علم العربية للزمخشري. ط 2. دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة بيروت لبنان.
مقامع الصلبان لأحمد بن عبد الصمد الخزرجي: تح عبد المجيد الشرفي ط:
يونيو 1975م.
المقتبس لابن حيان. الجزء الخامس نشره: ب شالميتا. ف كورينطي. م صبح المعهد الإسباني العربي للثقافة مدريد. كلية الآداب بالرباط. سنة 1979م.
مقدمة ابن الصلاح. ط 1: 1350هـ / 1931م. وط: دار الكتب 1974م. توثيق وتح د. عائشة بنت الشاطىء.
مقدمات ابن رشد: دار صادر بيروت.
ملء العيبة لابن رشيد تح محمد الحبيب ابن الخوجة. ج: 3. تونس: 1981م.
المنتخبات العربية الجامعية: أمين الباجوري، ومحمد حسن محمود بنظارة المعارف العمومية. ط: 1322هـ / 1904م.
المنتظم في تاريخ الملوك لابن الجوزي ط 1: 1359هـ / 1940.
منهاج العابدين للغزالي. دار العلم. بدون تاريخ.
الموافقات للشاطبي. دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان.
مواقف حاسمة لتاريخ الإسلام: محمد عنان. ط 3القاهرة: 1372هـ / 1952م.
الموطأ للإمام مالك بن أنس: دار المعرفة: 1405هـ / 1985م.
ميزان العمل للغزالي: دار الكتاب العربي: 1399هـ / 1979م.
ميزان الاعتدال للذهبي: تح علي محمد البجاوي. دار إحياء الكتب العربية. ط 1:
1382 - هـ / 1963م.
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: لابن تغري بردي دار الكتب.(2/1185)
نزهة الألباب في طبقات الأدباء للأنباري: تح محمد أبو الفضل إبراهيم. دار نهضة مصر للطبع والنشر. القاهرة. 1386هـ / 1987م.
نشأة النحو لمحمد الطنطاوي. ط 2. القاهرة.
نفح الطيب للمقري: تح إحسان عباس. دار صادر بيروت: 1388هـ / 1968م.
نكت الهميان في نكت العميان: لصلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي. ط:
1911.
نهاية الأندلس: محمد عنان. ط 1. القاهرة: 1368هـ / 1949م.
نهج البلاغة للإمام علي: شرح محمد عبده. حققه وزاد في شرحه محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة الاستقامة. بلا تاريخ.
نيل الابتهاج للتنبكتي. دار الكتب العلمية. بيروت لبنان.
هدية العارفين: أسماء المؤلفين وآثار المصنفين لإسماعيل باشا البغدادي مكتبة المثنى بيروت 1955.
الوافي بالوفيات: صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي باعتناء: س ديد رينغ. ط:
1394 - هـ / 1974م.
الوزراء والكتاب للجهشياري. ط 1: 1357هـ 1938م.
وفيات الأعيان لابن خلكان: تح إحسان عباس دار صادر بيروت لبنان.
وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري. طبع في مصر: 1365هـ.
أبو الوليد ابن الأحمر: عبد القادر زمامة. الدار البيضاء: 1398هـ / 1978م.
يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر للثعالبي: تح محمد محيي الدين دار الفكر بيروت. ط 2: 1392هـ / 1973م.
المجلات
دعوة الحق ع 3السنة 10، رمضان 1386هـ / 1987م.
دعوة الحق ع 7السنة 16، 1394هـ / 1974م.(2/1186)
دعوة الحق ع 1السنة 17، 1356هـ / 1975م.
دعوة الحق ع 223رمضان 1402هـ / يوليوز 1982م.
مجلة العربي ع 182ذو الحجة: 1393هـ / يناير 1974م.
المناهل ع 24ص: 315306.
المورد ج 3ع 2ص: 288.(2/1187)
9 - فهرس الموضوعات
الإهداء 65
تمهيد 1311
شكر واعتراف 1414
المقدمة: في مدلول اسم النحو لغة واصطلاحا 8779
الباب الأول: في تقرير فضل العربية، وتحرير الحض على تحملها 30689
وتنقسم خاتمة هذا الباب إلى ثلاثة فصول:
1 - في فضائل العلم العقلية 196180
2 - في فضائل العلم النقلية 260197
3 - في فضائل العلم المركبة من العقل والنقل 306261
الباب الثاني في منفعة النحو منها وضرورة الاحتياج إليه في ملة الإسلام 456307
الباب الثالث في حكم استنباط النحو، والاشتغال به في نظر الشرع 488457
وينقسم إلى فصلين:
1 - في حكم استنباط النحو شرعا 476459
2 - في حكم الاشتغال به في نظر الشرع 488477
الباب الرابع في نسبة النحو من العلوم ومرتبته في التعلم.
وينقسم إلى مناهج 675493(2/1189)
1 - في نسبة العربية من سائر العلوم 517495
2 - في مرتبة العربية في التعليم 546517
3 - في بيان ما يعتمد عليه من حمل قواعد العلوم على العربية وما لا يعتد به من ذلك 578546
4 - في صون العربية من الإهانة لها باستعمالها مع غير أهلها، ومن لا يحسن أن يخاطب بمقتضاها 601578
5 - في التحذير من التشدق بغريب العربية، وتفاصح المخاطبة بمقعر لغاتها 643601
6 - في حكم أخذ الرزق أو الأجرة على تعليم العربية 675643
الخاتمة في آداب المشتغل بالعربية وغيرها من العلوم 685677
وهي ثلاثة أقسام:
1 - القسم الأول ما يتخلق به مع معلمه 753686
2 - القسم الثاني من الآداب التي يتخلق بها المتعلم مع نفسه، ويتصف بها حالة الاشتغال بالتعلم 955753
3 - القسم الثالث في الآداب التي يتخلق بها المتعلم مع رفقائه، في الطلب، ويصاحبهم بالمحافظة عليها في أيام الاشتغال 1017956(2/1190)
الفهارس العامة للكتاب
1 - فهرس الآيات القرآنية 10421021
2 - فهرس الأحاديث النبوية 10561043
3 - فهرس الأشعار 10761057
4 - فهرس الأعلام 11261077
5 - فهرس الكنى والألقاب 11521127
6 - فهرس القبائل والأماكن والمدن 11581153
7 - فهرس أسماء الكتب الواردة في المتن 11661159
8 - فهرس مصادر التحقيق المخطوطة والمطبوعة 11871167
أالمصادر المخطوطة 11681167
ب المصادر والمراجع المطبوعة 11871168
9 - فهرس الموضوعات 11901189(2/1191)