مقدمة
بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ
والصلاة والسلام على محمد بدر التمام وعلى آله خير الأنام وعلى أصحابه الكرام ورحمة اللََّه وبركاته.
ابن الفارض
هو عمر بن الحسين بن علي بن المرشد بن علي شرف الدين أبو حفص الحموي الأصل (1) ولد بالقاهرة في الرابع من ذي القعدة سنة 576هـ الموافق للعام 1181م قدم أبوه من حماة في بلاد الشام إلى مصر فأقام فيها، وكان يثبت الفروض للنساء على الرجال بين يدي الحكام فلقب بالفارض (2) وهناك رزق بولده عمر لذلك سمي بابن الفارض. فهو بذلك شأمي الأصل حجازي الحنين، مصري المقام لذلك «فهو شاعر مصر والشام والحجاز وله في هذه الأقطار الثلاثة محبون يرونه مترجما لأدق ما يضمرون من نوازع القلب والوجدان» (3).
كان ابن الفارض في شبابه مضرب الأمثال في وسامة الوجه ونضارة الجسم وحسن التقاسيم وإشراق الجبين ويقول ابن بنته علي في هذا الأمر «كان الشيخ، (4)، رضي اللََّه عنه، معتدل القامة، وجهه جميل حسن «مشرب» بحمرة ظاهرة. وإذا استمع وتواجد وغلب عليه الحال، يزداد وجهه جمالا ونورا، ويتحدر (5)
العرق من سائر جسده حتى يسيل تحت قدميه على الأرض ولم أر في العرب ولا في
__________
(1) هدية العارفين اسماعيل باشا البغدادي مكتبة المثنى بغداد ص 786
(2) شرح ديوان ابن الفارض الشيخ حسن البوريني دار التراث بيروت ص 3
(3) التصوف الإسلامي، د. زكي مبارك المكتبة العصرية صيدا بيروت ص 246.
(4) الشيخ: عمر ابن الفارض.
(5) يتحدر: يتصبب.(1/3)
العجم مثل حسن شكله وكان عليه نور وخفر (1)، وجلالة وهيبة، ومن فهم معاني كلامه، دلته معرفته على مقامه، ومن اختصه اللََّه بمحبته وأنسه، يعرف المحب بين أهل المحبة من جنسه، وقد جعل اللََّه المحبين خزائن أسراره المصونة، ومعادن قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (2).
فشاعرنا وشيخنا يدين بالأصل إلى حماة في بلاد الشام ولهذا الأصل أهمية في طبائع الشاعر فأهل الشام لهم في الأدب صولات وجولات وطول باع. يشغلهم الجمال ويتفننون في إظهار روائع الحسن وصور الجمال ونزعتهم إلى الغزل لا مثيل لها بين شعراء العراق ومصر، وفي ذلك يقول الثعالبي «أبو منصور عبد الملك» في يتيمة الدهر «السبب في تبريز القوم (3) قديما وحديثا على من سواهم في الشعر:
قربهم من خطط العرب ولا سيما أهل الحجاز وبعدهم عن بلاد العجم، وسلامة ألسنتهم من الفساد العارض لألسنة أهل العراق لمجاورة الفرس والنبط وما منهم إلا أديب جواد، يحب الشعر وينتقده، ويثيب على الجيد فيجزل ويفصل. انبعثت قرائحهم في الإجادة، فقادوا محاسن الكلام بألين زمام، وأحسنوا وأبدعوا ما شاءوا» (4).
وكان أبو بكر الخوارزمي يقول: «ما فتق قلبي، وشحذ فهمي، وصقل ذهني، وأرهف حدّ لساني، وبلغ هذا المبلغ بي إلا تلك الطرائف الشامية، واللطائف الحلبية التي علقت بحفظي، وامتزجت بأجزاء نفسي، وغصن الشباب رطيب، ورداء الحداثة قشيب» (5).
وأما حنينه إلى الحجاز فيعود لوجود المقامات والحضرات
__________
(1) الخفر: الحياء والبهجة.
(2) سورة المائدة الآية 57.
(3) القوم: شعراء الشام.
(4) يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر. ابو منصور الثعالبي دار الكتب العلمية ص 34 الجزء الأول.
(5) المصدر نفسه ص 3635.(1/4)
المحمدية في تلك الربوع وكيف لا يصبو إليها وقد تعلقت نفسه بهذه المقامات حتى كاد لسانه لا يتلفظ إلّا بها.
وقد كان يشتاق دائما للوصول إلى مكة وشعابها. وإلى الحجاز ورحابها لكن اللََّه لم يفتح عليه إلا بعد وفاة والده في مصر. وحصل ذلك عند دخوله المدرسة السيوفية بالقاهرة. إذ وجد شيخا بقالا على باب المدرسة، يتوضأ بوضوء غير مرتب. فقال له: يا شيخ أنت في هذا السن، على باب المدرسة بين فقهاء المسلمين وتتوضأ وضوءا خارجا عن الترتيب الشرعي؟. فنظر إليه وقال: يا عمر (1)، أنت ما يفتح عليك في مصر، إنّما يفتح عليك بالحجاز، في مكة، شرفها اللََّه تعالى، فاقصدها، فقد آن لك وقت الفتح. فعلم أن الرجل من أولياء اللََّه، وأنه يتستر بالمعيشة وإظهار الجهل بلا ترتيب الوضوء. فجلس بين يديه وقال له: يا سيدي وأين أنا وأين مكة؟ لا أجد ركبا ولا رفقة في غير أشهر الحج فنظر الشيخ إليه وأشار بيده وقال: هذه مكة أمامك. يقول ابن الفارض: فنظرت معه فرأيت مكة شرفها اللََّه فتركته وطلبتها فلم تبرح أمامي إلى أن دخلتها في ذلك الوقت، وجاءني الفتح حين دخلتها فترادف (2)
ولم ينقطع وإلى ذلك يشير في شعره:
يا سميري روّح بمكة روحي ... شاديا إن رغبت في إسعادي
كان فيها أنسي ومعراج قدسي ... ومقامي المقام، والفتح بادي
ثم يتابع الشيخ عمر ابن الفارض فيقول:
ثم شرعت في السياحة في أودية مكة وجبالها وكنت أستأنس فيها بالوحوش ليلا ونهارا وإلى ذلك يقول في تائيته:
فلي بعد أوطاني سكون إلى الفلا (3) ... وبالوحش أنسي إذ من الأنس وحشتي
__________
(1) عمر: الاسم الأول لشيخنا ابن الفارض.
(2) ترادف: جاء تكرارا.
(3) الفلا: الفلاة اي الأرض الواسعة يشير بها إلى بلاد الحجاز.(1/5)
ثم يقول: وأقمت بواد كان بينه وبين مكة عشرة أيام للراكب المجد، وكنت آتي منه كل يوم وليلة، وأصلي في الحرم الشريف الصلوات الخمس، ومعي سبع عظيم الخلقة يتبعني في ذهابي وإيابي، وينخ لي كما ينخ الجمل، ويقول: يا سيدي اركب فما ركبته قط (1).
قضى شيخنا ابن الفارض في مكة وشعابها خمس عشرة سنة، سمع بعدها الشيخ البقال الذي لقيه على باب المدرسة السيوفية سمعه يقول: يا عمر تعالى إلى القاهرة احضر وفاتي وصلّ علي، فأتيته مسرعا، والحديث ما زال لابن الفارض فوجدته قد احتضر فسلمت عليه، وسلم عليّ. وناولني دنانير ذهب، وقال: «جهزني بهذه، وافعل كذا وكذا، وأعط حملة نعشي الى القرافة (2)». كل واحد منهم دينارا واطرحني على الأرض في هذه البقعة، وأشار بيده إليها، فلم تبرح أمامي أنظر إليها وهي بالقرافة تحت الجبل المعروف بالعارض بالقرب من مراكع موسى بسفح الجبل المقطم عند مجرى السيل، تحت المسجد المبارك المعروف بالعارض قال: وانتظر قدوم رجل يهبط عليك من الجبل، فصلّ أنت وهو عليّ، وانتظر ما يفعل الله في أمري.
قال: أي الشيخ عمر فهبط إليّ رجل من الجبل كما يهبط الطائر المسرع، ولم أره يمشي على رجليه، فعرفته بشخصه، كنت أراه يصفع قفاه في الأسواق، فقال يا عمر:
تقدم فصلّ بنا على الشيخ، فتقدمت وصليت إماما ورأيت طيورا بيضا وخضرا، صفوفا بين السماء والأرض، يصلون معنا، ورأيت طائرا منهم أخضر عظيما قد هبط عند رجليه، وابتلعه، وارتفع إليهم، وطاروا جميعا ولهم زجل (3) فسألته عن ذلك فقال:
«يا عمر، أما سمعت أن أرواح الشهداء في أجواف طيور بيض تسرح في الجنة حيث شاءت، هم شهداء السيوف، أما شهداء المحبة فأجسادهم وأرواحهم في أجواف طيور خضر وهذا الشيخ منهم يا عمر» فأوصى ابن الفارض سبطه أن يدفنه في تلك البقعة المباركة وضريحه معروف فيها.
__________
(1) شرح ديوان ابن الفارض. الشيخ حسن البوريني دار التراث بيروت ص 6.
(2) القرافة: تربة معروفة بمصر.
(3) الزجل: الصوت الحسن، والتطريب ورفع الصوت، لسان العرب، ابن منظور.(1/6)
أما إقامته في مصر، فقد كانت بحكم إقامة والده، حيث كان في أول صباه يستأذن والده، ويطلع الى وادي المستضعفين بالجبل الثاني من المقطم ويأوي إليه، ويقيم في هذه السياحة ليلا ونهارا، ثم يعود إلى والده كي لا يخالف أوامره، فكان والده يجبره على الجلوس في مجالس أهل العلم يتزود منهم بلطائف المعارف وحقائق العلوم، وكانت نفسه رحمه اللََّه تشتاق دوما إلى العالم العلوي، والحضرات والأسماء الربانية، فنشأ متصوفا زاهدا عابدا، وقد ظهرت نزعة الصوفية في شعره ولولا التصوف والمعاني الصوفية في شعره لما حفل بهذه القيمة العظيمة فلو جردنا شعره من المعنى الصوفي لأصبح من جملة الشعراء المغمورين حيث ينازعه في شعره في الخمريات منازع خطير هو أبو نواس، وله في الحنين إلى الحجاز إمام لا نظير له ولا مثيل: هو الشريف الرضي، وله في الصبابة سيد هو العباس بن الأحنف، وما يكاد شعر ابن الفارض يخرج عن الصبابة والحنين والخمريات (1).
شغل ابن الفارض بالشعر نحو أربعين سنة. وذلك أمد طويل، ولكن شعره بقيمة معانيه وليس بقيمة ألفاظه فهو من حيث الديباجة والسبك شاعر ضعيف، ولكنه من حيث المعاني فحل من الفحول، لأنه استطاع الجمع بين الحقيقة والخيال، فالحقيقة عند هذا الشاعر، هي الصورة الروحية وأما الخيال فهو الصورة الحسية التي رمز بها إلى المعنويات (2).
ولا شك أن ابن الفارض كان يعيش حالات الوجد والفناء بالله كما عاشها كبار مشايخ الصوفية كابن عربي والحلاج وغيرهم. فقد كانوا يعيشون في غيبوبة تطول لأيام.
حتى أثناء صحوه كان ابن الفارض أحيانا كثيرة لا يسمع كلام محدثه ولا يراه وقد أرقته كثيرا قصيدته التائية وفي هذا المجال يقول ولده محمد: سمعت الشيخ (3) رضي الله عنه يقول: «رأيت رسول الله في المنام وقال لي: يا عمر ما سميت قصيدتك؟
__________
(1) التصوف الاسلامي في الأدب والأخلاق. د. زكي مبارك. المكتبة العصرية بيروت ص 246.
(2) المصدر نفسه ص 247.
(3) الشيخ: المقصود ابن الفارض.(1/7)
فقلت: يا رسول الله، سميتها: لوائح الجنان وروائح الجنان فقال: لا. بل سمها: نظم السلوك، فسميتها بذلك.
ويضيف الشيخ محمد ابن الشيخ عمر ابن الفارض قائلا: كان الشيخ في غالب أوقاته لا يزال دهشا، وبصره شاخصا. لا يسمع من يكلمه ولا يراه، فتارة يكون واقفا، وتارة يكون قاعدا، وتارة يكون مضطجعا إلى جنبه، وتارة يكون مستلقيا على ظهره.
مسجى كالميت. ويمر عليه عشرة أيام متواصلة، واقل من ذلك وأكثر، وهو على هذه الحالة لا يأكل ولا يشرب، ولا يتكلم ولا يتحرك، ثم يستفيق وينبعث من هذه الغيبة، ويكون أول كلامه انه يملي من القصيدة (نظم السلوك) ما فتح اللََّه عليه منها.
ومن الشطحات الصوفية المعروفة عن ابن الفارض انه كان جالسا على باب الجامع الأزهر أمام قاعة الخطابة بين جماعة من الفقراء والأمراء وجماعة من المشايخ الأعاجم المجاورين في الجامع فكانوا كلما ذكروا حالا من أحوال الدنيا كالفرشخانة (1) والطشتخانة (2) كانوا يقولون هذا من زخم العجم وإذا المؤذنون يرفعون أصواتهم بالأذان دفعة واحدة فقال الشيخ: وهذا زخم العرب. وتواجد وصرخ كل من كان حاضرا حتى صار لهم ضجة عظيمة. ومن شطحاته أيضا انه كان ماشيا في السوق بالقاهرة فرأى جماعة من الحرسية يضربون بالناقوس ويغنون بهذين البيتين:
مولاي سهرنا نبتغي منك وصال ... مولاي لم تسمح فنمنا بخيال
مولاي فلم يطرق فلا شك بأن ... ما نحن إذا عندك مولاي ببال
فلما سمعهم الشيخ ابن الفارض، صرخ صرخة عظيمة ورقص رقصا كثيرا في وسط السوق، ورقص جماعة كثيرة من المارين في الطريق، حتى صارت جولة وإسماع عظيم. وتواجد الناس إلى ان سقط أكثرهم الى الأرض والحراس يكررون ذلك وخلع الشيخ كل ما كان عليه من الثياب. ورمى بها إليهم، وخلع الناس معه ثيابهم، وحمل
__________
(1) الفرشخانة: فرش البيت وأثاثه. خانه بالفارسية معناها بيت.
(2) الطشتخانة: وعاء البيت الذي يستعمل في غسل الأيدي والملابس وخلافه.(1/8)
بين الناس إلى الجامع الأزهر، وهو عريان مكشوف الرأس، وفي واسطه لباسه، وأقام في هذه السكرة أياما، ملقى على ظهره، مسجى كالميت، فلما أفاق، جاء الحراس إليه ومعهم ثيابه، فوضعوها بين يديه فلم يأخذها، وبذل الناس لهم فيها ثمنا كبيرا. فمنهم من باع، ومنهم من امتنع عن بيع نصيبه، وخلاه عنده تبركا به (1).
وروي عنه أيضا انه كان ماشيا في الشارع الأعظم، وإذا بنائحة تنوح، وتندب على ميتة في طبقة والنساء يجاوبنها وهي تقول:
ستي متي متي حقا ... أي واللََّه، حقا حقا
فلما سمعها ابن الفارض، صرخ صرخة عظيمة، وخرّ مغشيا عليه، فلما أفاق صار يقول ويردد:
نفسي متي متي حقا ... أي والله حقا حقا
وفي أخباره أيضا أنه كان يقيم في شهر رمضان بالحرم لا يخرج إلى السياحة، ويطوي ويحيي ليله وفي ذلك يقول:
في هواكم رمضان عمره ... ينقضي ما بين أحياء وطي
فشد وسط ولده محمد وكذلك فعل المجاورون بالحرم المكي، وهم في طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. فخرج الولد ليلا من الحرم لقضاء حاجة فرأى البيت والحرم ودور مكة وجبالها ساجدين لله تعالى، ورأى أنوارا عظيمة بين السماء والأرض، فجاء مهرولا إلى والده يخبره بذلك. فصرخ أبوه وقال للمجاورين الواقفين في طلب تلك الليلة: هذا ولدي قد رأى ليلة القدر. فصرخ الناس معه إلى أن علا ضجيجهم بالبكاء والدعاء والصلاة والطواف الى الصباح وخرج ابن الفارض هائما في أودية مكة، ولم يدخل الحرم الى يوم العيد في تلك السنة (2).
وما دمنا نعالج شطحات وصوفية ابن الفارض التي ظهرت في شعره ولا سيما
__________
(1) البحر الفائض في شرح شعر ابن الفارض. شرح حسن البوريني.
(2) المصدر نفسه.(1/9)
في قصائد الديوان فلا بد لنا من تسجيل بعض الأمور التي امتاز بها شعره خصوصا انه ذاع وانتشر على ألسنة الناس.
أابن الفارض شاعر عاشق توزعت عواطفه بين عالمي المادة والروح، وهو في أكثر أشعاره يعبر عن نفس أبية شريفة كان لها تأثير في نفوس الناس إلى زمن غير قليل.
ب شعر ابن الفارض مزيج من الفطرة والتكلف، فهو شاعر بالأصل ولكنه حاول أن يجاري شعراء العصر في نماذج شعرهم فوقع في بعض التكلف أحيانا، والصناعة أحيانا أخرى، وخصوصا في استعماله لفنون البديع من جناس وطباق وتورية.
ويكفي من تكلفه قصيدته الذالية فالمعروف ان الشعراء يبتعدون عن هذه القافية لصعوبتها وندرة ألفاظها فكيف بنا إذا عرفنا أنه نظم فيها ما يزيد على الخمسين بيتا فاختياره لهذه القافية وإن دل على طول باع في ميادين العلم والشعر إلا أن ذلك يشغله عن المعاني إلى البحث عن الكلمات وهنا لا بد من الإشارة إلى مطلع القصيدة:
صدّ حمى ظمأي لماك لماذا ... وهواك قلبي صار منه جذاذا.
ج اعتماده طريقة الألغاز مجاراة لأبناء عصره. لذلك وقع أيضا بالتكلف وجاءت اشعاره في الألغاز بعيدة عن مضامين شعره، في الوجد والتصوف.
د اكثر ابن الفارض من استعمال التصغير في شعره ولا تكاد تخلو قصيدة واحدة من هذا الباب وألفاظه في التصغير كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أهيل تصغير أهل. اميلح تصغير أملح. أحيلى تصغير أحلى. فتيّ تصغير فتى. ظبيّ تصغير ظبي.
هـ تتعدد أسماء الحبيبة في شعره وإن كان المقصود فيها محبوبة واحدة هي الحضرة المحمدية فكان يكنيها بأسماء متعددة منها: نعم واسماء وأمية مرخمة بأمي ورقية مرخمة برقي. وليلى وجمل وريا وعتبة وغيرها.
ويكثر ابن الفارض في شعره من أوصاف الضعف والضنى والنحول حتى أصبح هذا الأمر ميزة له تميزه عن غيره وصفة تغلب على شعره.(1/10)
هـ تتعدد أسماء الحبيبة في شعره وإن كان المقصود فيها محبوبة واحدة هي الحضرة المحمدية فكان يكنيها بأسماء متعددة منها: نعم واسماء وأمية مرخمة بأمي ورقية مرخمة برقي. وليلى وجمل وريا وعتبة وغيرها.
ويكثر ابن الفارض في شعره من أوصاف الضعف والضنى والنحول حتى أصبح هذا الأمر ميزة له تميزه عن غيره وصفة تغلب على شعره.
خفيت ضنى حتى خفيت عن الضنى ... وعن برء أسقامي ويرد أوامي
ولم يبق منى الحب غير كآبة ... وحزن وتبريح وفرط سقام
ز يكثر ابن الفارض في شعره من ذكر طيف المحبوب والخيال وما مرد ذلك إلا إلى حالات الوجد التي كانت تصيبه فهو يستعذب ذلك الطيف لأنه خيال المحبوب الحقيقي. وصوره الشعرية في هذا الباب تمتاز بالألق النفساني والقلق الروحاني.
لم أخل من حسد عليك فلا تضع ... سهري بتشنيع الخيال المرجف
واسأل نجوم الليل هل زار الكرى ... جفني، وكيف يزور من لم يعرف
وله في هذا المعنى أيضا:
يدني الحبيب وان تناءت داره ... طيف الملام لطرف سمعي الساهر
فكأن عذلك عيس من أحببته ... قدمت عليّ وكان سمعي ناظري
ح يكثر في شعر ابن الفارض تعداد اسماء الخمرة وأوصافها، وما ذلك إلا تعبير عن حالات الغيبوبة والفناء في اللََّه.
يقولون لي صفها فأنت بوصفها ... خبير أجل عندي بأوصافها علم
صفاء ولا ماء، ولطف ولا هوى ... ونور ولا نار، وروح ولا جسم
ي تتعدد في شعره ألفاظ الحب، وتختلف أسماؤه حتى زادت على الخمسين ونذكر من الألفاظ التي دلت على الحب: المحبة والعلاقة والهوى، والصبوة والصبابة والشغف، والوجد، والكلف، والتتيم، والعشق، والجوى، والوله، والدنف، والشجو، والشوق والتباريح، والوهن، والشجن، والاكتئاب، والوصب والحزن والكمد واللوعة والفتون والجنون والخبل، والداء المخامر، والغرام، والهيام، والتعبد وغيرها (1).
__________
(1) روضة المحبين ونزهة المشتاقين: ابن قيم الجوزية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت ص 25.(1/11)
ك أكثر أشعاره كانت في الحجاز والحنين إليها، أما مصر فكانت لا تمر في شعره إلا لماما، ولعل أبرز موضع يذكر فيه مصر أثناء مناجاته لأهل نجد قائلا:
مذ غبتم عن ناظري لي أنة ... ملأت نواحي أرض مصر نواحا
عدا عن الأبيات التي يذكر فيها جبل الطور في سيناء حيث كلم موسى ربه وهي كثيرة.
نشير أخيرا إلى مكانة الشيخ عمر ابن الفارض الأدبية والفنية فهو بالرغم من اعتبار مؤرخي الأدب أنه ليس من فحول الشعراء، فقد ذاع صيته وانتشرت اشعاره على ألسنة الناس، بل أحيا كثير من مشايخ الصوفية حلقات الذكر على اسمه فكان الناس يجتمعون في بيت الصواف، في حي الحسين بمصر ليسمعوا مشايخ الذكر وهم يتغنون بأشعاره ولا سيما الشيخ الحويحي حيث ينشد من شعره:
ما بين معترك الأحداق والمهج ... أنا القتيل بلا إثم ولا حرج
عذب بما شئت غير البعد عنك تجد ... أوفى محب بما يرضيك مبتهج
وخذ بقية ما أبقيت من رمق ... لا خير في الحب أن أبقى على المهج
ومما يذكر عنه أيضا أن السلطان محمد الكامل كان يحب أهل العلم، ويحاضرهم في مجلس مختص بهم وكان يميل إلى فن الأدب فتذاكروا يوما في أصعب القوافي، فقال السلطان: من أصعبها الياء الساكنة، فمن كان منكم يحفظ شيئا منها فليذكره فتذاكروا في ذلك فلم يتجاوز أحد منهم عشرة أبيات. فقال السلطان أنا أحفظ منها خمسين بيتا قصيدة واحدة، وذكرها. فاستحسن الجماعة ذلك منه فقال القاضي شرف الدين كاتب سر السلطان أنا أحفظ منها مائة وخمسين بيتا قصيدة واحدة، فقال السلطان: يا شرف الدين جمعت في خزائني دواوين الشعراء في الجاهلية والإسلام وأنا أحب هذه القافية، فلم أجد فيها أكثر من الذي ذكرته لكم فأنشدني هذه الأبيات فأنشده القاضي شرف الدين قصيدة ابن الفارض اليائية، والتي مطلعها:
سائق الأظعان يطوي البيد طي ... منعما عرج على كثبان طي
فقال يا شرف الدين لمن هذه القصيدة فلم اسمع بمثلها. وهذا نفس محب فقال
هذه من نظم الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض قال: وفي أي مكان مقامه؟ قال: كان مجاورا بالحجاز، وفي هذا الزمان حضر إلى القاهرة، وهو مقيم بقاعة الخطابة في الجامع الأزهر. فقال السلطان: يا شرف الدين خذ منا ألف دينار وتوجه بها إليه وقل له عنا ولدك محمد يسلم عليك، ويسألك أن تقبل منه هذه برسم الفقراء الواردين عليك، فإذا قبلها اسأله الحضور لدينا لنأخذ حظنا من بركته. فقال: مولانا السلطان يعفيني من ذلك فإنه لا يأخذ الذهب ولا يحضر، ولا أقدر بعد ذلك أن أدخل عليه حياء منه، فقال السلطان لا بدّ من ذلك. فأخذها القاضي شرف الدين وقصد مكان ابن الفارض، فوجده واقفا على الباب ينتظره، فابتدأه بالكلام، وقال: يا شرف الدين ما لك ولذكري في مجلس السلطان؟! رد الذهب إليه ولا ترجع تجيئني إلى سنة فرجع، وقال للسلطان: وددت ان أفارق الدنيا ولا أفارق رؤية الشيخ سنة فقال السلطان: مثل هذا الشيخ يكون في زماني ولا أزوره! لا بدّ لي من زيارته ورؤيته. فنزل السلطان في الليل إلى المدينة متخفيا مع عدد من كبار حاشيته ودخل الجامع بعد صلاة العشاء، فلما أحس ابن الفارض بهم خرج من باب آخر بظاهر الجامع. وسافر إلى الاسكندرية، وأقام فيها مدة. فغضب السلطان منه ورد طلبه بعد مدة ببناء ضريح عند قبر امه بتربة الامام الشافعي ثم استأذنه ان يبني مزارا لنفسه فلم يأذن له (1).(1/12)
سائق الأظعان يطوي البيد طي ... منعما عرج على كثبان طي
فقال يا شرف الدين لمن هذه القصيدة فلم اسمع بمثلها. وهذا نفس محب فقال
هذه من نظم الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض قال: وفي أي مكان مقامه؟ قال: كان مجاورا بالحجاز، وفي هذا الزمان حضر إلى القاهرة، وهو مقيم بقاعة الخطابة في الجامع الأزهر. فقال السلطان: يا شرف الدين خذ منا ألف دينار وتوجه بها إليه وقل له عنا ولدك محمد يسلم عليك، ويسألك أن تقبل منه هذه برسم الفقراء الواردين عليك، فإذا قبلها اسأله الحضور لدينا لنأخذ حظنا من بركته. فقال: مولانا السلطان يعفيني من ذلك فإنه لا يأخذ الذهب ولا يحضر، ولا أقدر بعد ذلك أن أدخل عليه حياء منه، فقال السلطان لا بدّ من ذلك. فأخذها القاضي شرف الدين وقصد مكان ابن الفارض، فوجده واقفا على الباب ينتظره، فابتدأه بالكلام، وقال: يا شرف الدين ما لك ولذكري في مجلس السلطان؟! رد الذهب إليه ولا ترجع تجيئني إلى سنة فرجع، وقال للسلطان: وددت ان أفارق الدنيا ولا أفارق رؤية الشيخ سنة فقال السلطان: مثل هذا الشيخ يكون في زماني ولا أزوره! لا بدّ لي من زيارته ورؤيته. فنزل السلطان في الليل إلى المدينة متخفيا مع عدد من كبار حاشيته ودخل الجامع بعد صلاة العشاء، فلما أحس ابن الفارض بهم خرج من باب آخر بظاهر الجامع. وسافر إلى الاسكندرية، وأقام فيها مدة. فغضب السلطان منه ورد طلبه بعد مدة ببناء ضريح عند قبر امه بتربة الامام الشافعي ثم استأذنه ان يبني مزارا لنفسه فلم يأذن له (1).
وكأني بالشيخ قد استلهم قول القائل: «إذا رأيت العلماء على باب الزعماء فبئس العلماء وبئس الزعماء وإذا رأيت الزعماء على باب العلماء فنعم العلماء ونعم الزعماء».
وعن منزلته في عصره يقول حفيده ابن بنته، الشيخ علي رحمهما اللََّه:
كان إذا مشى في المدينة، تزدحم الناس عليه يلتمسون منه البركة والدعاء، ويقصدون تقبيل يده فلا يمكن أحدا من ذلك، بل يصافحه. وكانت ثيابه حسنة، ورائحته طيبة، وكان إذا حضر في مجلس، يظهر على ذلك المجلس سكون وهيبة.
وسكينة ووقار. ورأيت جماعة من مشايخ الفقهاء والفقراء، وأكابر الدولة من الأمراء
__________
(1) شرح ديوان ابن الفارض، الشيخ حسن البوريني.(1/13)
والوزراء، والقضاة ورؤساء الناس يحضرون مجلسه، وهم في غاية ما يكون من الأدب معه، والاتضاع (1) له، وإذا خاطبوه فكأنما يخاطبون ملكا عظيما، وكان ينفق على من يرد عليه نفقة متسعة، ويعطي من يده عطاء جزيلا، ولم يكن يتسبب في تحصيل شيء من الدنيا، ولا يقبل من أحد شيئا.
أما قصة وفاته، فقد ذكرها سبطه الشيخ علي على النحو التالي قال:
إن الشيخ كان يتردد الى المسجد المعروف بالمشتهى في أيام النيل، ويحب مشاهدة البحر وقال من الأبيات فيه:
وطني مصر وفيها وطري ... ولعييّ مشتهاها مشتهاها
فتوجه إليه أي إلى المشتهى يوما فسمع قصارا (2) يقصر ويضرب مقطعا على حجر ويقول:
قطع قلبي هذا المقطع، ما قال أي ما كان يصفو أو يتقطع.
فما زال الشيخ يصرخ ويكرر هذا السجع، ساعة بعد ساعة، ويضطرب اضطرابا شديدا، وينقلب إلى الأرض ثم يسكن اضطرابه، حتى يظهر أنه مات، ثم يستفيق ويتكلم معنا بكلام صوفي ما سمعنا مثله قط، ولا نحسن أن نعبر عنه، ثم يضطرب على كلامه ويعود إلى حال وجده، ودخل إلينا رجل من أصحابه فلما رآه وشاهد حاله قال:
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ... فكم أحيا عليك وكم أموت
فوثب الشيخ قائما واعتنقه، وقال له: أعد ما قلت، فسكت الرجل شفقة منه عليه، وسأله أن يرفق بنفسه، وذكر له شيئا من حاله عند غلبة الوجد عليه فقال:
إن ختم اللََّه بغفرانه ... فكل ما لاقيته سهل
__________
(1) الاتضاع: التواضع.
(2) القصار: الذي يصنع الحجارة للبيوت وغيرها.(1/14)
ولم يزل على هذه الحال من حين سمع كلام القصار إلى أن توفي رحمة اللََّه عليه.
وكانت وفاة سلطان العاشقين شرف الدين عمر ابن الفارض في العام الثاني والثلاثين بعد المائة السادسة للهجرة (632هـ) الموافق لعام 1234للميلاد ودفن في سفح جبل المقطم في مكان يدعى اليوم قرافة ابن الفارض وهو نفس المكان الذي سجي به الشيخ البقال. وما زال قبره حتى الساعة مزارا يزدحم بأفواج المؤمنين. نفعنا اللََّه وإياهم من بركاته.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا فإنك أنت من وراء القصد بك نستعين وإليك العودة والمآل والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مهدي محمد ناصر الدين ماجستير في اللغة العربية وآدابها(1/15)
تنبيه
إلى القارئ الكريم.
اعتمدنا في شرحنا لديوان ابن الفارض تقسيم القصائد حسب قوافيها ورتبناها بالتسلسل على حروف الهجاء من الألف إلى الياء، وأفردنا قسما في نهاية القصائد لباب الألغاز دون أن تدخل ضمن القصائد الصوفية.
أما شرح الأبيات فكان يمر بمرحلتين الأولى شرح الكلمات لغويا وحل إشكالها، وإذا أشكل المعنى كنا نعمد إلى شرح البيت بكامله شرحا لغويا.
ثم وضعنا في آخر الشرح الرمز (م. ص.) أي المعنى الصوفي للبيت وذلك ليسهل على القارئ الكريم كنه ومعرفة القصائد من حيث معانيها اللغوية والصوفية.
واللََّه الموفق وبه نستعين(1/17)
قافية الهمزة
يا راكب الوجناء
[البحر الكامل] أرج النّسيم سرى من الزّوراء، ... سحرا، فأحيا ميّت الأحياء (1)
... أهدى لنا أرواح نجد عرفه، ... فالجوّ منه معنبر الأرجاء (2)
... وروى أحاديث الأحبّة، مسندا، ... عن إذخر بأذاخر، وسحاء (3)
__________
(1) الأرج: الرائحة الطيبة سرى: أتى ليلا. الزوراء: موقع قرب مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بالمدينة المنورة أوائل الصباح.
المعنى الصوفي (م. ص) ان ارج النسيم وهو انتشار ما تحمله الروح من توجه أمر الله تعالى في المعارف الربانية.
والزوراء هي الحضرة في المسجد الحرام والسحر هو بدايات الهدى للسائرين في طريق الله. والمقصود ان الرائحة الطيبة احيت من مات بعد ظهور الحياة الربانية.
(2) الأرواح: مفردها الريح وتجمع على أرياح ورياح أيضا العرف الرائحة الزكية. المعنبر الذي تفوح منه رائحة العنبر. الارجاء: النواحي.
م. ص: ان الجو الروحاني المنبعث من روح الله، اوحى بالاسرار الإلهية في نواحي قلوب المؤمنين.
(3) روى: نقل الحديث عن السند الإذخر: من النباتات الزكية الرائحة. الأذاخر: مكان قرب مكة. السحاء: مكان تؤمه جماعات النحل عسله غاية في الطيب.
م. ص: الاحبة: الأسماء الإلهية. والإذخر: الأوصاف الجمالية، السحاء: المعرفة المكتسبة من العلم الإلهي.
فسكرت من ريّا حواشي برده ... وسرت حميّا البرء في أدوائي (1)
... يا راكب الوجناء، بلّغت المنى ... عج بالحمى، إن جزت بالجرعاء (2)
... متيمّما تلعات وادي ضارج، ... متيامنا عن قاعة الوعساء (3)
... وإذا أتيت أثيل سلع، فالنّقا ... فالرّقمتين، فلعلع، فشظاء (4)
... وكذا عن العلمين من شرقيّة، ... مل، عادلا، للحلّة الفيحاء (5)(1/19)
__________
م. ص: الاحبة: الأسماء الإلهية. والإذخر: الأوصاف الجمالية، السحاء: المعرفة المكتسبة من العلم الإلهي.
فسكرت من ريّا حواشي برده ... وسرت حميّا البرء في أدوائي (1)
... يا راكب الوجناء، بلّغت المنى ... عج بالحمى، إن جزت بالجرعاء (2)
... متيمّما تلعات وادي ضارج، ... متيامنا عن قاعة الوعساء (3)
... وإذا أتيت أثيل سلع، فالنّقا ... فالرّقمتين، فلعلع، فشظاء (4)
... وكذا عن العلمين من شرقيّة، ... مل، عادلا، للحلّة الفيحاء (5)
(1) الريا: الريح الطيبة. الحواشي: مفردها الحاشية وهي طرف الشيء. البرد: نوع من الثياب منها المخطط الحميا: دوار الرأس من السكر البرء: الشفاء. الأدواء واحدها الداء وهو المرض. تكثر المحسنات اللفظية في هذا البيت من استعارات وطباق وجناس حيث استعار للنسيم ثوبا وجانس بين البرد والبرء وسكرت وسرت وطابق بين الريا والحميا والداء والبرء.
(2) الوجناء: الناقة الشديدة. عج من عاج أي مال وهنا أمل رأس بعيرك جزت: مررت الجرعاء: الأرض الكثيرة الحصى.
المعنى الصوفي: الوجناء كناية عن النفس المطمئنة القوية بإيمانها والحمى هي الحضرة الإلهية والجرعاء مقام المجاهدات الإنسانيّة والنفسانية والصعوبات في سبيل الله تعالى.
(3) المتيمم: القاصد التلعات: مفردها التلعة وهي الأرض المنخفضة. ضارج: واد بالحجاز. المتيامن: قاصد الجهة اليمنى، القاعة: الأرض السهلة المطمئنة.
الوعساء: اسم مكان.
المعنى الصوفي: أراد بالتلعات: الاطمئنان الذي يلقاه من يسلك طريق الله. وأراد بضارج القلب الإنساني وجهة اليمين موضع النفس باعتقاد أهل التصوف. والوعاء:
النفس الحيوانية التي تعتبرها صبوات الجسد.
(4) الأثيل: تصغير للأثل وهو شجر معروف. سلع والنقا: موضعان بالمدينة. الرقمتان:
واحدها الرقمة وهي مجتمع ماء الوادي عند سفحه. لعلع: ماء بالبادية. شظا: اسم جبل.
م. ص. سلع من المقامات النبوية والنقا: مقام محمدي تنكشف فيه الأمور لصاحبها والرقمة مقام محمدي متصل بمكان آخر تظهر فيه الأمور واضحة كالتوشية في الثوب ولعلع: مكان الصفاء. وشظا مكان الارتقاء.
(5) العلمان: جبلان بين عرفة والمزدلفة. من شرقية: من شرقي جبل شظا، الحلة:
مكان حلول المؤمنين الفيحاء: الواسعة.
يقصد بالعلمين المأزمين بين المزدلفة وعرفة ويقول انهما مع ساكنيهما من صنف واحد ليس فيهم من أصحاب الشر. أقيمت فيهما منازل الكاملين وهي واسعة فيحاء تتجلى فيها صور الملك والجبروت.
واقر السلام عريب ذيّاك اللّوى ... من مغرم، دنف، كئيب، نائي (1)
... صبّ، متى قفل الحجيج تصاعدت ... زفراته بتنفّس الصّعداء (2)
... كلم السهّاد جفونه، فتبادرت ... عبراته، ممزوجة بدماء (3)
... يا ساكني البطحاء، هل من عودة ... أحيا بها، يا ساكني البطحاء؟ (4)
... إن ينقضي صبري، فليس بمنقض ... وجدي القديم بكم، ولا برحائي (5)
... ولئن جفا الوسميّ ماحل تربكم ... فمدامعي تربي على الأنواء (6)
... وا حسرتا، ضاع الزّمان ولم أفز ... منكم، أهيل مودّتي، بلقاء (7)
... ومتى يؤمّل راحة من عمره ... يومان: يوم قلى، ويوم تنائي (8)(1/20)
__________
يقصد بالعلمين المأزمين بين المزدلفة وعرفة ويقول انهما مع ساكنيهما من صنف واحد ليس فيهم من أصحاب الشر. أقيمت فيهما منازل الكاملين وهي واسعة فيحاء تتجلى فيها صور الملك والجبروت.
واقر السلام عريب ذيّاك اللّوى ... من مغرم، دنف، كئيب، نائي (1)
... صبّ، متى قفل الحجيج تصاعدت ... زفراته بتنفّس الصّعداء (2)
... كلم السهّاد جفونه، فتبادرت ... عبراته، ممزوجة بدماء (3)
... يا ساكني البطحاء، هل من عودة ... أحيا بها، يا ساكني البطحاء؟ (4)
... إن ينقضي صبري، فليس بمنقض ... وجدي القديم بكم، ولا برحائي (5)
... ولئن جفا الوسميّ ماحل تربكم ... فمدامعي تربي على الأنواء (6)
... وا حسرتا، ضاع الزّمان ولم أفز ... منكم، أهيل مودّتي، بلقاء (7)
... ومتى يؤمّل راحة من عمره ... يومان: يوم قلى، ويوم تنائي (8)
(1) اللوى: ما استرق من الرمل المدنف: العاشق الذي اصابه المرض من شدة العشق.
النائي: البعيد.
م. ص: ساكنو اللوى هم أهل المعارف والحقائق واللوى هو المقام النبوي والمغرم هو المتيم بحب الله.
(2) الصب: الشديد العشق. قفل الحجيج: عادوا بعد أداء الفريضة. الصعداء: النفس الطويل الذي يأتي من الاعماق.
م. ص. ان انفاس المؤمنين تصاعدت إلى الجهة العلوية دون حدود تقف دونها لأن أبواب السماء تكون مفتوحة لها.
(3) الكلم: الجراح السهاد: عدم النوم العبرات: مفردها العبرة وهي الدمعة.
م. ص: أن نزول الدمع اتى من جراء الحزن لمفارقة الحضرة الإلهية والتجليات الربانية.
(4) البطحاء: أرض واسعة تجتمع فيها الحصى.
م. ص: ساكنو البطحاء الأولياء والعارفون. والعودة هي الرجعة إلى ذلك المكان.
(5) لم يجزم ابن الفارض فعل ينقضي بحذف الياء من آخره بعد اداة الشرط «إن» قياسا على ما ورد في الآية الكريمة: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} إلخ. الوجد: شدة العشق البرحاء: الأمراض والآلام.
(6) الوسمي: أول مطر الربيع. تربي: تزيد: الأنواء: واحدها النوء وهو المطر.
الماحل: الذي انقطع عنه المطر.
(7) اهيل: تصغير لكلمة أهل.
(8) القلى: البغض والكراهية. التنائي: البعاد والفراق. وقوله متى يؤمل: استفهام انكاري معناه لا يؤمل.(1/21)
وحياتكم، يا أهل مكّة، وهي لي ... قسم، لقد كلفت بكم أحشائي (1)
... حبيّكم، في الناس، أضحى مذهبي ... وهواكم ديني وعقد ولائي (2)
... يا لائمي في حبّ من من أجله ... قد جدّ بي وجدي، وعزّ عزائي ... هلّا نهاك نهاك عن لوم امرئ ... لم يلف غير منعّم بشقاء (3)
... لو تدر فيم عذلتني لعذرتني، ... خفض عليك، وخلّني وبلائي (4)
... فلنازلي سرح المربّع، فالشّبيكة ... ، فالثّنيّة من شعاب كداء (5)
... ولحاضري البيت الحرام، وعامري ... تلك الخيام، وزائري الحثماء (6)
... ولفتية الحرم المريع، وجيرة ... الحيّ المنيع، تلفّتي وعنائي (7)
... فهم هم صدّوا، دنوا، وصلوا، جفوا ... غدروا، وفوا، هجروا، رثوا لضنائي (8)
... وهم عياذي، حيث لم تغن الرّقى ... وهم ملاذي، إن غدت أعدائي (9)
__________
(1) الواو واو القسم فهو يقسم بحياة أهل مكة بأن أحشاءه تحبهم ويضيف في البيت الثاني أن حبهم أضحى مذهبه المشهور ودينه المبرور حبهم وهواهم وودهم وولاهم. وحبه لأهل مكة كناية عن حبه للََّه الحق المتجلي بهم.
(2) الوجد: الحزن والحب. العزاء: الصبر.
(3) نهاك: مفردها النهية ومعناها العقل. يلفى: يوجد.
(4) عذلتني: لمتني. خفض عليك: هون على نفسك خلني: دعني واتركني.
(5) السرح: شجر عظيم لا شوك فيه المربع: موضع بالحجاز الشبيكة موضع قرب مكة. الثنية الطريق في الجبل والمقصود الطريق التي تصل إلى عرفة كداء: جبل بأعلى مكة ومنه دخل النبي (صلّى الله عليه وسلّم).
(6) الحثماء: بقية الرمل في الوادي.
(7) الفتية: مفردها الفتى وهو الشاب المريع: الخصيب. الحي المنيع: الذي يمنع دخوله عنوة وفي الأبيات سجع لطيف بين البيت الحرام وعامري تلك الخيام وبين الحرم المريع والحي المنيع.
(8) معنى البيت إنهم احباء كيفما كانوا. في القرب والبعد في الجفاء والوصل في الوفاء والغدر ويكثر الطباق في هذا البيت على نحو ما ذكرنا فلو أخذنا كل كلمتين بعد هم هم لرأيناهما تشكلان طباقا حيث نذكر الشيء وضدّه.
(9) عياذي: مأواي وملجئي. الرقى: التعاويذ وهي كلمات يتحصن بها الإنسان عند مداهمة الخطر. الملاذ: الملجأ والحصن.
وهمّ بقلبي، إن تناءت دارهم ... عني، وسخطي في الهوى ورضائي (1)
... وعلى محلّي، بين ظهرانيهم، ... بالأخشبين، أطوف حول حمائي (2)
... وعلى اعتناقي للرّفاق، مسلّما، ... عند استلام الرّكن، بالإيماء (3)
... وتذكّري أجياد وردي في الضّحى ... وتهجّدي في اللّيلة اللّيلاء (4)
... وعلى مقامي بالمقام، أقام في ... جسمي السّقام، ولات حين شفاء (5)
... عمري، ولو قلبت بطاح مسيله ... قلبا، لقلبي الرّيّ بالحصباء (6)
... أسعد أخيّ، وغنّني بحديث من ... حلّ الأباطح، إن رعيت إخائي (7)
... وأعده عند مسامعي، فالرّوح، إن ... بعد المدى، ترتاح للأنباء ... وإذا أذى ألم ألمّ بمهجتي، ... فشذى أعيشاب الحجاز دوائي (8)
... أأذاذ عن عذب الورود بأرضه ... وأحاد عنه، وفي نقاه بقائي (9)
... وربوعه أربي، أجل، وربيعه ... طربي، وصارف أزمة اللأواء (10)(1/22)
__________
(9) عياذي: مأواي وملجئي. الرقى: التعاويذ وهي كلمات يتحصن بها الإنسان عند مداهمة الخطر. الملاذ: الملجأ والحصن.
وهمّ بقلبي، إن تناءت دارهم ... عني، وسخطي في الهوى ورضائي (1)
... وعلى محلّي، بين ظهرانيهم، ... بالأخشبين، أطوف حول حمائي (2)
... وعلى اعتناقي للرّفاق، مسلّما، ... عند استلام الرّكن، بالإيماء (3)
... وتذكّري أجياد وردي في الضّحى ... وتهجّدي في اللّيلة اللّيلاء (4)
... وعلى مقامي بالمقام، أقام في ... جسمي السّقام، ولات حين شفاء (5)
... عمري، ولو قلبت بطاح مسيله ... قلبا، لقلبي الرّيّ بالحصباء (6)
... أسعد أخيّ، وغنّني بحديث من ... حلّ الأباطح، إن رعيت إخائي (7)
... وأعده عند مسامعي، فالرّوح، إن ... بعد المدى، ترتاح للأنباء ... وإذا أذى ألم ألمّ بمهجتي، ... فشذى أعيشاب الحجاز دوائي (8)
... أأذاذ عن عذب الورود بأرضه ... وأحاد عنه، وفي نقاه بقائي (9)
... وربوعه أربي، أجل، وربيعه ... طربي، وصارف أزمة اللأواء (10)
(1) تناءت: ابتعدت. السخط: الغضب.
(2) بين ظهرانيهم في وسطهم وفي معظمهم. الاخشبان. جبلا مكة وجبلا منى.
(3) الاعتناق: وضع العنق على العنق عند السلام الإيماء: الإشارة.
(4) أجياد: جبل بمكة الورد: قراءة بعض سور القرآن التهجد: الصلاة والدعاء في الليل الليلة الليلاء: الشديدة السواد.
(5) المقام: مقام إبراهيم عليه السلام. السقام: المرض.
(6) البطاح: المقيل الواسع الذي تجتمع فيه الحصى الصغيرة والهاء في مسيله عائدة للحرم المريع. القلب: مفردها القليب وهي البئر. الحصباء: الأرض الكثيرة الحصى.
(7) اسعد: اسعف. الأباطح ورد ذكرها.
(8) المّ: أصاب الشذا: الرائحة الطيبة. اعيشاب: تصغير اعشاب.
(9) أذاذ: أمنع واطرد. الورود: طلب الماء العذب أحاد: أنحّي النقا: أرض بالحجاز.
(10) الربوع: ربوع الحجاز أدبي: حاجتي وطلبي الصارف: الدافع والكاشف للحزن والغم. اللأواء: الازمة والشدة وسنة الجدب والقحط.
وجباله لي مربع، ورماله ... لي مرتع، وظلاله أفيائي (1)
... وترابه ندّي الذّكيّ، وماؤه ... وردي الرّويّ، وفي ثراه ثرائي (2)
... وشعابه لي جنّة، وقبابه ... لي جنّة، وعلى صفاه صفائي (3)
... حيّا الحيا تلك المنازل والرّبى، ... وسقى الولي مواطن الآلاء (4)
... وسقى المشاعر والمحصّب، من منى ... سحّا، وجاد مواقف الأنضاء (5)
... ورعى الإله بها أصيحابي، الألى ... سامرتهم بمجامع الأهواء (6)
... ورعى ليالي الخيف، ما كانت سوى ... حلم مضى، مع يقظة الإغفاء (7)
... واها على ذاك الزّمان، وما حوى ... طيب المكان، بغفلة الرّقباء (8)
... أيّام أرتع في ميادين المنى، ... جذلا، وأرفل في ذيول حباء (9)(1/23)
__________
(10) الربوع: ربوع الحجاز أدبي: حاجتي وطلبي الصارف: الدافع والكاشف للحزن والغم. اللأواء: الازمة والشدة وسنة الجدب والقحط.
وجباله لي مربع، ورماله ... لي مرتع، وظلاله أفيائي (1)
... وترابه ندّي الذّكيّ، وماؤه ... وردي الرّويّ، وفي ثراه ثرائي (2)
... وشعابه لي جنّة، وقبابه ... لي جنّة، وعلى صفاه صفائي (3)
... حيّا الحيا تلك المنازل والرّبى، ... وسقى الولي مواطن الآلاء (4)
... وسقى المشاعر والمحصّب، من منى ... سحّا، وجاد مواقف الأنضاء (5)
... ورعى الإله بها أصيحابي، الألى ... سامرتهم بمجامع الأهواء (6)
... ورعى ليالي الخيف، ما كانت سوى ... حلم مضى، مع يقظة الإغفاء (7)
... واها على ذاك الزّمان، وما حوى ... طيب المكان، بغفلة الرّقباء (8)
... أيّام أرتع في ميادين المنى، ... جذلا، وأرفل في ذيول حباء (9)
(1) المربع: مكان الربوع أو الإقامة في أيام الربيع.
(2) الند: من أنواع الطيب الزكي: الجميل الرائحة الورد: طلب الماء الثرى: التراب الثراء: كثرة المال والثروة.
(3) الشعاب: شعاب مكة وجبل الحجاز. القباب: مفردها القبة وهي بناء مجوف مرتفع على نمط التدوير. الجنة بضم الجيم: الترس الواقي. الصفا: من المشاعر المقدسة حيث يجري السعي ما بين مروة والصفا.
(4) حيّا الأولى: سلم الحيا: المطر الولي: المطر الذي يتأخر عن أول مطر الربيع الذي يدعى الوسمي. الآلاء: النعم والواحد منها الألى أو الإلى.
(5) المشاعر: الأماكن المقدسة. المحصب: موضع رمي الجمار السبع في منى.
السح: المطر الغزير الأنضاء: واحدها النضو وهو الهزيل من الإبل.
(6) الألى: اسم موصول بمعنى الذين. سامرتهم: قضيت الليل في الحديث معهم والسمير هو رفيق الليل.
(7) الخيف: موضع قرب منى. واليقظة: نقيض النوم.
(8) واها: لفظة تفيد معنى التلهف الزمان: زمان السلوك والمجاهدات النفسانية.
(9) الجذل: المسرور والفرح أرفل: أتبختر وأتخايل.
ما أعجب الأيّام، توجب للفتى ... منحا، وتمنحه بسلب عطاء (1)
... يا هل لماضي عيشنا من عودة ... يوما وأسمح بعده ببقائي (2)
... هيهات، خاب السعي وانفصمت عرى ... حبل المنى، وانحلّ عقد رجائي (3)
... وكفى غراما أن أبيت متيّما، ... شوقي أمامي، والقضاء ورائي (4)(1/24)
__________
(9) الجذل: المسرور والفرح أرفل: أتبختر وأتخايل.
ما أعجب الأيّام، توجب للفتى ... منحا، وتمنحه بسلب عطاء (1)
... يا هل لماضي عيشنا من عودة ... يوما وأسمح بعده ببقائي (2)
... هيهات، خاب السعي وانفصمت عرى ... حبل المنى، وانحلّ عقد رجائي (3)
... وكفى غراما أن أبيت متيّما، ... شوقي أمامي، والقضاء ورائي (4)
لم أحسبه في الأحياء
[البحر المنسرح] لم أخش وأنت ساكن أحشائي ... إن أصبح عني كل خلّ نائي (5)
... فالناس اثنان: واحد أعشقه ... والآخر لم أحسبه في الأحياء
(1) قوله ما اعجب الأيام تفرض وتعطي وتمنح وتحجب كناية عن اهوال الدهر. وقد ورد في الحديث الشريف: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر».
(2) عبارة يا هل: اشتياق للماضي أيام العمل في طريق المعرفة الإلهية حيث يكون المرء مريدا طالبا للََّه تعالى.
(3) هذا البيت يؤكد أنه لم يصل إلى الطريق التي كان ينوي الوصول إليها.
(4) الغرام: العذاب في سبيل الله بلغة الصوفيين. المتيم: المريض من الحب. الشوق هو الحق بالتعبير الصوفي.
(5) لم اخش: لم أخف. الخل: الصاحب. نائي: بعيد.(1/25)
قافية التاء
التائية الكبرى
لوائح الجنان وروائح الجنان (1)
[البحر الطويل] نظم السلوك
سقتني حميّا الحبّ راحة مقلتي، ... وكأسي محيّا من عن الحسن جلّت (2)
... فأوهمت صحبي أنّ شرب شرابهم ... به سر سرّي، في انتشائي بنظرة (3)
... وبالحدق استغنيت عن قدحي ومن ... شمائلها، لا من شمولي، نشوتي (4)
... ففي حان سكري، حان شكري لفتية ... بهم تمّ لي كتم الهوى مع شهرتي (5)
... ولمّا انقضى صحوي تقاضيت وصلها ... ولم يغشني في بسطها، قبض خشيتي (6)
__________
(1) لوائح الجنان وروائح الجنان هو الاسم الأول لهذه القصيدة. ولكن الشيخ ابن الفارض يروي انه خلال خلوته واعتزاله في الجامع الأزهر بمصر بقصد الرياضة الروحية، ظهر له الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام وطلب إليه ان يغير اسمها. ويسميها نظم السلوك. فكان ذلك. كما وأن هذه القصيدة تدعى التائية الكبرى لانتهاء رويها بحرف التاء. وهناك قصيدة اخرى تدعى التائية الصغرى، عدد أبياتها أقل من عدد أبيات هذه القصيدة.
(2) الحميا: الخمرة الراحة: باطن الكف مقلتي: عيني. المحيا: الوجه. جلت:
تنزهت وترفعت.
(3) سرّ: فرح الانتشاء: اللذة والدوار بفعل الشرب.
(4) الحدق: مفردها الحدقة وهي سواد العين. الشمائل: مفردها الشميلة وهي العادة أو المزية. الشمول: من اسماء الخمرة.
(5) الحان: مكان الشراب. حان: حل وقته.
(6) يغشاني: يصيبني وحذفت الفها لوجوب الجزم. بسطها: انطلاقها.
وأبثثتها ما بي، ولم يك حاضري ... رقيب لها، حاظ بخلوة جلوتي (1)
... وقلت، وحالي بالصبّابة شاهد، ... ووجدي بها ما حيّ، والفقد مثبتي: (2)
... هبي، قبل يفني الحبّ منّي بقيّة ... أراك بها، لي نظرة المتلفّت (3)
... ومنّي على سمعي بلن، إن منعت أن ... أراك، فمن قبلي، لغيري، لذّت ... فعندي، لسكري، فاقة لإفاقة، ... لها كبدي، لولا الهوى، لم تفتّت (4)
... ولو أنّ ما بي بالجبال، وكان طور ... سينا بها، قبل التجلّي، لدكّت (5)
... هوى عبرة نمّت به وجوى نمت ... به حرق، أدواؤها بي أودت (6)
... فطوفان «نوح» عند نوحي كأدمعي ... وإيقاد نيران «الخليل» كلوعتي (7)
... ولولا زفيري أغرقتني أدمعي، ... ولولا دموعي أحرقتني زفرتي ... وحزني، ما يعقوب بثّ أقلّه، ... وكلّ بلى أيّوب بعض بليّتي (8)
... وآخر ما لاقى الألى عشقوا، إلى ... الرّدى بعض ما لاقيت، أوّل محنتي (9)
... فلو سمعت أذن الدّليل تأوّهي ... لآلام أسقام، بجسمي، أضرّت (10)(1/26)
__________
(6) يغشاني: يصيبني وحذفت الفها لوجوب الجزم. بسطها: انطلاقها.
وأبثثتها ما بي، ولم يك حاضري ... رقيب لها، حاظ بخلوة جلوتي (1)
... وقلت، وحالي بالصبّابة شاهد، ... ووجدي بها ما حيّ، والفقد مثبتي: (2)
... هبي، قبل يفني الحبّ منّي بقيّة ... أراك بها، لي نظرة المتلفّت (3)
... ومنّي على سمعي بلن، إن منعت أن ... أراك، فمن قبلي، لغيري، لذّت ... فعندي، لسكري، فاقة لإفاقة، ... لها كبدي، لولا الهوى، لم تفتّت (4)
... ولو أنّ ما بي بالجبال، وكان طور ... سينا بها، قبل التجلّي، لدكّت (5)
... هوى عبرة نمّت به وجوى نمت ... به حرق، أدواؤها بي أودت (6)
... فطوفان «نوح» عند نوحي كأدمعي ... وإيقاد نيران «الخليل» كلوعتي (7)
... ولولا زفيري أغرقتني أدمعي، ... ولولا دموعي أحرقتني زفرتي ... وحزني، ما يعقوب بثّ أقلّه، ... وكلّ بلى أيّوب بعض بليّتي (8)
... وآخر ما لاقى الألى عشقوا، إلى ... الرّدى بعض ما لاقيت، أوّل محنتي (9)
... فلو سمعت أذن الدّليل تأوّهي ... لآلام أسقام، بجسمي، أضرّت (10)
(1) أبثثتها: ضمنتها أو أخبرتها. الحاظي: اسم فاعل من حظي بمعنى حصل أو كسب.
الجلوة: الظهور والبروز.
(2) الصبابة: شدة العشق الوجد: الوله والمرض من الحب.
(3) هبي: افترضي. يفني: يبيد.
(4) الفاقة: الحاجة. الافاقة: الصحو.
(5) طور سيناء: جبل معروف كان يصعد إليه نبينا موسى (ع). التجلي: إشارة إلى تجلي نور الله جل وعلا على جبل سيناء. دكت: تهدمت.
(6) العبرة: الدمعة. نمت من النميمة: وشت. الجوى: الحزن وهوى الباطن. نمت:
كبرت. الأدواء: الأمراض. اودت: أهلكت.
(7) نوحي: بكائي. نيران الخليل: النيران التي القي بها سيدنا إبراهيم الخليل وكانت بردا وسلاما عليه بإذن الله. اللوعة: الحرقة.
(8) بث: أذاع وأعلن والمقصود ان حزن يعقوب على سيدنا يوسف لم يعادل شيئا من حزنه. البلى: المصاب.
(9) الألى: البشر الردى: المنية والهلاك. المحنة: المصيبة.
(10) التأوه: زفرات الحزن. الأسقام: واحدها السقم وهو المرض.
لأذكره كربي أذى عيش أزمة ... بمنقطعي ركب، إذا العيس زمّت (1)
... وقد برح التّبريح بي، وأبادني، ... وأبدى الضّنى منّي خفيّ حقيقتي (2)
... فنادمت في سكري، النحول مراقبي، ... بجملة أسراري، وتفصيل سيرتي (3)
... ظهرت له وصفا، وذاتي، بحيث لا ... يراها لبلوى من جوى الحبّ، أبلت (4)
... فأبدت، ولم ينطق لساني لسمعه، ... هواجس نفسي سرّ ما عنه أخفت ... وظلّت، لفكري، أذنه خلدا بها ... يدور به، عن رؤية العين أغنت (5)
... فأخبر من في الحيّ عنّي، ظاهرا، ... بباطن أمري، وهو من أهل خبرتي ... كأنّ الكرام الكاتبين تنزّلوا، ... على قلبه وحيا، بما في صحيفتي ... وما كان يدري ما أجنّ، وما الذي، ... حشاي من السّرّ المصون، أكنّت (6)
... وكشف حجاب الجسم أبرز سرّ ما ... به كان مستورا له، من سريرتي (7)
... فكنت بسرّي عنه في خفية، وقد ... خفته، لوهن، من نحولي أنّتي (8)
... فأظهرني سقم به، كنت خافيا ... له، والهوى يأتي بكلّ غريبة (9)
... وأفرط بي ضرّ، تلاشت لمسّه ... أحاديث نفس، بالمدامع نمّت (10)(1/27)
__________
(10) التأوه: زفرات الحزن. الأسقام: واحدها السقم وهو المرض.
لأذكره كربي أذى عيش أزمة ... بمنقطعي ركب، إذا العيس زمّت (1)
... وقد برح التّبريح بي، وأبادني، ... وأبدى الضّنى منّي خفيّ حقيقتي (2)
... فنادمت في سكري، النحول مراقبي، ... بجملة أسراري، وتفصيل سيرتي (3)
... ظهرت له وصفا، وذاتي، بحيث لا ... يراها لبلوى من جوى الحبّ، أبلت (4)
... فأبدت، ولم ينطق لساني لسمعه، ... هواجس نفسي سرّ ما عنه أخفت ... وظلّت، لفكري، أذنه خلدا بها ... يدور به، عن رؤية العين أغنت (5)
... فأخبر من في الحيّ عنّي، ظاهرا، ... بباطن أمري، وهو من أهل خبرتي ... كأنّ الكرام الكاتبين تنزّلوا، ... على قلبه وحيا، بما في صحيفتي ... وما كان يدري ما أجنّ، وما الذي، ... حشاي من السّرّ المصون، أكنّت (6)
... وكشف حجاب الجسم أبرز سرّ ما ... به كان مستورا له، من سريرتي (7)
... فكنت بسرّي عنه في خفية، وقد ... خفته، لوهن، من نحولي أنّتي (8)
... فأظهرني سقم به، كنت خافيا ... له، والهوى يأتي بكلّ غريبة (9)
... وأفرط بي ضرّ، تلاشت لمسّه ... أحاديث نفس، بالمدامع نمّت (10)
(1) الكرب: الحزن والغم. منقطعو الركب: الذين يتخلفون عن القافلة. العيس:
الإبل زفت. جهزت للركوب.
(2) برح: بالغ. التبريح: الأذى. ابادني: اهلكني. الضنى: المرض والضعف.
(3) النحول: الهزال والضعف.
(4) الجوى: حرقة الداخل. أبلت: أصابت.
(5) خلدا بها: سمعا شديدا.
(6) أجن: اخفي. الحشا: الأمعاء وهنا القلب أو الروح المصون: المحفوظ. أكنّت:
سترت.
(7) السريرة: ما تحول به الصدور والله وحده اعلم بالسرائر.
(8) كنت: اخفيت. خفته: كتمته. الوهن: الضعف. النحول: الهزال. الأنة: زفرة الألم.
(9) السقم: الداء. الغريبة: البلوى والمصيبة.
(10) أفرط: أصاب. تلاشت: ضعفت. نمت: أينعت.
فلو همّ مكروه الرّدى بي لما درى ... مكاني، ومن إخفاء حبّك خفيتي (1)
... وما بين شوق واشتياق فنيت في ... تولّ بحظر، أو تجلّ بحضرة (2)
... فلو، لفنائي من فنائك ردّ لي ... فؤادي، لم يرغب إلى دار غربة (3)
... وعنوان شأني ما أبثّك بعضه، ... وما تحته، إظهاره فوق قدرتي (4)
... وأمسك، عجزا، عن أمور كثيرة ... بنطقي لن تحصى، ولو قلت قلّت (5)
... شفائي أشفى بل قضى الوجد أن قضى ... وبرد غليلي واحد حرّ غلّتي (6)
... وبالي أبلى من ثياب تجلّدي، ... به الذّات، في الاعدام، نيطت بلذّة (7)
... فلو كشف العوّاد بي، وتحققوا ... من اللّوح، ما منّي الصّبابة أبقت (8)
... لما شاهدت منّي بصائرهم سوى ... تخلّل روح، بين أثواب ميّت (9)
... ومنذ عفا رسمي وهمت، وهمت في ... وجودي، فلم تظفر بكوني فكرتي (10)
... وبعد، فحالي فيك قامت بنفسها، ... وبيّنتي في سبق روحي بنيّتي (11)
... ولم أحك، في حبّيك، حالي تبرّما ... بها لاضطراب، بل لتنفيس كربتي (12)(1/28)
__________
(10) أفرط: أصاب. تلاشت: ضعفت. نمت: أينعت.
فلو همّ مكروه الرّدى بي لما درى ... مكاني، ومن إخفاء حبّك خفيتي (1)
... وما بين شوق واشتياق فنيت في ... تولّ بحظر، أو تجلّ بحضرة (2)
... فلو، لفنائي من فنائك ردّ لي ... فؤادي، لم يرغب إلى دار غربة (3)
... وعنوان شأني ما أبثّك بعضه، ... وما تحته، إظهاره فوق قدرتي (4)
... وأمسك، عجزا، عن أمور كثيرة ... بنطقي لن تحصى، ولو قلت قلّت (5)
... شفائي أشفى بل قضى الوجد أن قضى ... وبرد غليلي واحد حرّ غلّتي (6)
... وبالي أبلى من ثياب تجلّدي، ... به الذّات، في الاعدام، نيطت بلذّة (7)
... فلو كشف العوّاد بي، وتحققوا ... من اللّوح، ما منّي الصّبابة أبقت (8)
... لما شاهدت منّي بصائرهم سوى ... تخلّل روح، بين أثواب ميّت (9)
... ومنذ عفا رسمي وهمت، وهمت في ... وجودي، فلم تظفر بكوني فكرتي (10)
... وبعد، فحالي فيك قامت بنفسها، ... وبيّنتي في سبق روحي بنيّتي (11)
... ولم أحك، في حبّيك، حالي تبرّما ... بها لاضطراب، بل لتنفيس كربتي (12)
(1) هم: أصاب. مكروه الردى: الموت.
(2) التولي: الغياب. التجلي: الحضور والظهور والتجلي والتولي ضربان من الرياضات الصوفية.
(3) الفناء الأولى: الهلاك. الفناء الثانية: ساحة الدار.
(4) أبثك: أعلمك. والمعنى ان الاعلان عن حال الأسى يسبب الاسى اكثر من السكوت عليه.
(5) أمسك: أكف عن الأمر.
(6) الغليل: شدة العطش. الغلة: كالغليل العطش.
(7) ابلى: أصبح قديما رثا. الاعدام: واحدها العدم وهو الحرمان. نيطت: ألحقت.
(8) العواد: زوار المرضى. اللوح: عظم الكتف والصدر. الصبابة: العشق الشديد.
(9) البصائر: الانظار تخلل روح: بقايا نفس.
(10) عفا: زال. رسمي: صورتي والمقصود جسدي. همت: ضعت وهمت: تعلقت بنفسي الأوهام.
(11) البينة: الحجة والدليل. البينة: الجسد.
(12) التبرم: الضجر. الكربة: الضيقة والحزن.
ويحسن إظهار التجلّد للعدى، ... ويقبح غير العجز، عند الأحبّة (1)
... ويمنعني شكواي حسن تصبّري ... ولو أشك للأعداء ما بي لأشكت (2)
... وعقبى اصطباري في هواك حميدة ... عليك، ولكن عنك غير حميدة (3)
... وما حلّ بي من محنة، فهو منحة ... وقد سلمت من حلّ عقد عزيمتي (4)
... وكلّ أذى في الحبّ منك، إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيّتي ... نعم وتباريح الصّبابة، إن عدت ... عليّ، من النّعماء، في الحبّ عدّت (5)
... ومنك شقائي بل بلائي منّة، ... وفيك لباس البؤس أسبغ نعمة (6)
... أراني ما أوليته خير قنية، ... قديم ولائي فيك من شرّ فتية (7)
... فلاح وواش: ذاك يهدي لعزّة ... ضلالا، وذا بي ظلّ يهذي لغرّة (8)
... أخالف ذا، في لومه، عن تقى، كما ... أخالف ذا، في لؤمه، عن تقيّة (9)
... وما ردّ وجهي عن سبيلك هول ما ... لقيت، ولا ضرّاه، في ذاك، مسّت (10)
... ولا حلم لي في حمل ما فيك نالني ... يؤدّي لحمدي، أو لمدح مودّتي (11)
... قضى حسنك الداعي إليك احتمال ما ... قصصت وأقصى بعد ما بعد قصّتي ... وما هو إلا أن ظهرت لناظري ... بأكمل أوصاف على الحسن أربت (12)(1/29)
__________
(12) التبرم: الضجر. الكربة: الضيقة والحزن.
ويحسن إظهار التجلّد للعدى، ... ويقبح غير العجز، عند الأحبّة (1)
... ويمنعني شكواي حسن تصبّري ... ولو أشك للأعداء ما بي لأشكت (2)
... وعقبى اصطباري في هواك حميدة ... عليك، ولكن عنك غير حميدة (3)
... وما حلّ بي من محنة، فهو منحة ... وقد سلمت من حلّ عقد عزيمتي (4)
... وكلّ أذى في الحبّ منك، إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيّتي ... نعم وتباريح الصّبابة، إن عدت ... عليّ، من النّعماء، في الحبّ عدّت (5)
... ومنك شقائي بل بلائي منّة، ... وفيك لباس البؤس أسبغ نعمة (6)
... أراني ما أوليته خير قنية، ... قديم ولائي فيك من شرّ فتية (7)
... فلاح وواش: ذاك يهدي لعزّة ... ضلالا، وذا بي ظلّ يهذي لغرّة (8)
... أخالف ذا، في لومه، عن تقى، كما ... أخالف ذا، في لؤمه، عن تقيّة (9)
... وما ردّ وجهي عن سبيلك هول ما ... لقيت، ولا ضرّاه، في ذاك، مسّت (10)
... ولا حلم لي في حمل ما فيك نالني ... يؤدّي لحمدي، أو لمدح مودّتي (11)
... قضى حسنك الداعي إليك احتمال ما ... قصصت وأقصى بعد ما بعد قصّتي ... وما هو إلا أن ظهرت لناظري ... بأكمل أوصاف على الحسن أربت (12)
(1) التجلد: الصبر.
(2) اشكت: ازالت الشكوى.
(3) العقبي: النتيجة المنتظرة.
(4) المحنة: المصيبة. العزيمة: القوة والبأس.
(5) التباريح: أول معالم الشيء أو التباشير. الصبابة: العشق الشديد. النعماء: الفيض والخير. عدت: حسبت.
(6) البلاء: المصيبة المنة: الهبة والاعطية. النعمة السابغة: العطاء الجزيل.
(7) أوليته: أعرته. القنية: ما يقتنيه المرء من الحاجيات.
(8) اللاحي: اللائم. يهذي: يتحدث بكلام غير واضح. الغرة: الغفلة.
(9) التقية: السكوت عن الشيء لخوف وعدم مقدرة على مقاومته.
(10) الهول: الخوف والهلع. الضراء: المصيبة. مست: اصابت.
(11) الحلم: العقل.
(12) اربت: زادت.(1/30)
فحلّيت لي البلوى، فخلّيت بينها ... وبيني، فكانت منك أجمل حلية (1)
... ومن يتحرّش بالجمال إلى الرّدى، ... رأى نفسه، من أنفس العيش، ردّت (2)
... ونفس ترى في الحبّ أن لا ترى عنا، ... متى ما تصدّت للصبابة صدّت (3)
... وما ظفرت بالودّ، روح مراحة ... ولا بالولا نفس صفا العيش، ودّت (4)
... وأين الصّفا؟ هيهات من عيش عاشق ... وجنّة عدن، بالمكاره، حفّت (5)
... ولي نفس حرّ، لو بذلت لها، على ... تسلّيك، ما فوق المنى ما تسلّت ... ولو أبعدت بالصدّ والهجر والقلى ... وقطع الرّجا عن خلّتي ما تخلّت (6)
... وعن مذهبي، في الحبّ، مالي مذهب ... وإن ملت يوما عنه، فارقت ملّتي (7)
... ولو خطرت لي، في سواك، إرادة ... على خاطري، سهوا، قضيت بردّتي (8)
... لك الحكم في أمري فما شئت فاصنعي ... فلم تك، إلّا فيك، لا عنك، رغبتي ... ومحكم عهد، لم يخامره بيننا ... تخيّل نسخ، وهو خير أليّة (9)
... وأخذك ميثاق الولا حيث لم أبن ... بمظهر لبس النفس، في فيء طينتي (10)
... وسابق عهد لم يحل مذ عهدته، ... ولا حق عقد، جلّ عن حلّ فترة (11)
__________
(1) الحلية: الثوب. البلوى: المصاب.
(2) يتحرش: يتعرض الردى: الموت. أنفس العيش: أحسنه وأرغده.
(3) العناء: التعب. تصدت: واجهت. صدت: جوبهت.
(4) ظفرت: نالت وكسبت. المراحة: الهانئة المطمئنة، ودت: ارادت أو طلبت.
(5) حفت: أحيطت من كل جانب.
(6) الصد: المنع القلى: البغضاء. الخلة: الاجنة ما تخلت: ما قطعت الود.
(7) ملتي: مذهبي او ديني الذي أنا عليه.
(8) الردة: العودة عن المذهب المعتنق إلى مذهب سابق.
(9) محكم عهد: عهد موثوق يخامره: يصيبه. النسخ: الزوغان والإبطال الألية:
القسم والحلفان.
(10) الميثاق: العهد. الولاء: التأييد. لبس النفس: شكها. الطينة: الطبيعة التي جبل عليها.
(11) لم يحل: لم يتغير العقد: الرباط أو الاتفاق. حل الفترة: نهاية العقد.
ومطلع أنوار بطلعتك، الّتي ... لبهجتها، كل البدور استسرّت (1)
... ووصف كمال فيك، أحسن صورة، ... وأقومها، في الخلق، منه استمدّت ... ونعت جلال منك، يعذب دونه، ... عذابي، وتحلو، عنده لي قتلتي ... وسرّ جمال، عنك كلّ ملاحة ... به ظهرت، في العالمين، وتمّت ... وحسن به تسبى النّهى دلّني على ... هوى حسنت فيه، لعزّك ذلّتي (2)
... ومعنى وراء الحسن، فيك شهدته، ... به دقّ عن إدراك عين بصيرتي ... لأنت منى قلبي، وغاية بغيتي، ... وأقصى مرادي، واختياري وخبرتي (3)
... خلعت عذاري، واعتذاري لا بس ... الخلاعة، مسرورا بخلعي وخلعتي (4)
... وخلع عذاري فيك فرضي وإن أبى ... اقترابي، قومي، والخلاعة سنّتي (5)
... وليسوا بقومي ما استعابوا تهتّكي، ... فأبدوا قلى واستحسنوا فيك جفوتي (6)
... وأهلي، في دين الهوى، أهله، وقد ... رضوا لي عاري، واستطابوا فضيحتي ... فمن شاء فليغضب، سواك، ولا أذى ... إذا رضيت عنّي كرام عشيرتي ... وإن فتن النّسّاك بعض محاسن ... لديك، فكلّ منك موضع فتنتي (7)
... وما احترت، حتى اخترت حبّيك مذهبا ... فوا حيرتي، إن لم تكن فيك خيرتي ... فقالت: هوى غيري قصدت، ودونه ... اقتصدت، عميّا، عن سواء محجّتي (8)
... وغرّك، حتى قلت ما قلت، لا بسا ... به شين مين، لبس نفس تمنّت (9)(1/31)
__________
(11) لم يحل: لم يتغير العقد: الرباط أو الاتفاق. حل الفترة: نهاية العقد.
ومطلع أنوار بطلعتك، الّتي ... لبهجتها، كل البدور استسرّت (1)
... ووصف كمال فيك، أحسن صورة، ... وأقومها، في الخلق، منه استمدّت ... ونعت جلال منك، يعذب دونه، ... عذابي، وتحلو، عنده لي قتلتي ... وسرّ جمال، عنك كلّ ملاحة ... به ظهرت، في العالمين، وتمّت ... وحسن به تسبى النّهى دلّني على ... هوى حسنت فيه، لعزّك ذلّتي (2)
... ومعنى وراء الحسن، فيك شهدته، ... به دقّ عن إدراك عين بصيرتي ... لأنت منى قلبي، وغاية بغيتي، ... وأقصى مرادي، واختياري وخبرتي (3)
... خلعت عذاري، واعتذاري لا بس ... الخلاعة، مسرورا بخلعي وخلعتي (4)
... وخلع عذاري فيك فرضي وإن أبى ... اقترابي، قومي، والخلاعة سنّتي (5)
... وليسوا بقومي ما استعابوا تهتّكي، ... فأبدوا قلى واستحسنوا فيك جفوتي (6)
... وأهلي، في دين الهوى، أهله، وقد ... رضوا لي عاري، واستطابوا فضيحتي ... فمن شاء فليغضب، سواك، ولا أذى ... إذا رضيت عنّي كرام عشيرتي ... وإن فتن النّسّاك بعض محاسن ... لديك، فكلّ منك موضع فتنتي (7)
... وما احترت، حتى اخترت حبّيك مذهبا ... فوا حيرتي، إن لم تكن فيك خيرتي ... فقالت: هوى غيري قصدت، ودونه ... اقتصدت، عميّا، عن سواء محجّتي (8)
... وغرّك، حتى قلت ما قلت، لا بسا ... به شين مين، لبس نفس تمنّت (9)
(1) استسرت: اختفت وفي البيت إشارة إلى آخر ليالي الشهر القمري وهي تدعى السرار.
(2) تسبي: تسحر النهى: العقول. الذلة: المهانة.
(3) غاية بغيتي: أقصى ما أرجو، أو أطلبه. اقصى المراد: أبعده.
(4) العذار: النقاب أو الغطاء. الخلعة: الثوب.
(5) أبى: رفض. سنتي: منهجي وطريقي.
(6) القلى: البغض. الجفوة: القطيعة.
(7) النساك: الواحد ناسك وهو الزاهد المتعبد.
(8) قصدت: سعيت إلى. اقتصدت: لم تسرف. العميا: العمى. المحجة: السبيل.
(9) الشين والمين: العيب. لبس النفس: شكوكها.
وفي أنفس الأوطار أمسيت طامعا ... بنفس تعدّت طورها، فتعدّت (1)
... وكيف بحبّي، وهو أحسن خلّة ... تفوز بدعوى، وهي أقبح خلّة (2)
... وأين السّهى من أكمه عن مراده ... سها، عمها، لكن أمانيك، غرّت (3)
... فقمت مقاما حطّ قدرك دونه، ... على قدم، عن حظّها، ما تخطّت ... ورمت مراما، دونه كم تطاولت، ... بأعناقها، قوم إليه، فجذّت (4)
... أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها، ... وأبوابها، عن قرع مثلك، سدّت (5)
... وبين يدي نجواك قدّمت زخرفا ... تروم به عزا، مراميه عزّت (6)
... وجئت بوجه أبيض، غير مسقط ... لجاهك في داريك خاطب صفوتي (7)
... ولو كنت بي من نقطة «الباء» خفضة ... رفعت إلى ما لم تنله بحيلة (8)
... بحيث ترى أن لا ترى ما عددته، ... وأنّ الذي أعددته غير عدّة ... ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى، ... ولكنّها الأهواء عمّت، فأعمت (9)
... وقد آن أن أبدي هواك، ومن به ... ضناك، بما ينفي ادّعاك محبّتي (10)
... حليف غرام أنت، لكن بنفسه، ... وإبقاك، وصفا منك، بعض أدلّتي ... فلم تهوني ما لم تكن فيّ فانيا، ... ولم تفن ما لا تجتلى فيك صورتي (11)(1/32)
__________
(9) الشين والمين: العيب. لبس النفس: شكوكها.
وفي أنفس الأوطار أمسيت طامعا ... بنفس تعدّت طورها، فتعدّت (1)
... وكيف بحبّي، وهو أحسن خلّة ... تفوز بدعوى، وهي أقبح خلّة (2)
... وأين السّهى من أكمه عن مراده ... سها، عمها، لكن أمانيك، غرّت (3)
... فقمت مقاما حطّ قدرك دونه، ... على قدم، عن حظّها، ما تخطّت ... ورمت مراما، دونه كم تطاولت، ... بأعناقها، قوم إليه، فجذّت (4)
... أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها، ... وأبوابها، عن قرع مثلك، سدّت (5)
... وبين يدي نجواك قدّمت زخرفا ... تروم به عزا، مراميه عزّت (6)
... وجئت بوجه أبيض، غير مسقط ... لجاهك في داريك خاطب صفوتي (7)
... ولو كنت بي من نقطة «الباء» خفضة ... رفعت إلى ما لم تنله بحيلة (8)
... بحيث ترى أن لا ترى ما عددته، ... وأنّ الذي أعددته غير عدّة ... ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى، ... ولكنّها الأهواء عمّت، فأعمت (9)
... وقد آن أن أبدي هواك، ومن به ... ضناك، بما ينفي ادّعاك محبّتي (10)
... حليف غرام أنت، لكن بنفسه، ... وإبقاك، وصفا منك، بعض أدلّتي ... فلم تهوني ما لم تكن فيّ فانيا، ... ولم تفن ما لا تجتلى فيك صورتي (11)
(1) الأوطار: مفردها الوطر وهو الرغبة أو الحاجة. تعدت الأولى: تجاوزت. تعدت الثانية: ناصبت العداء أو اعتدت.
(2) الخلة: الصحب والخلة في آخر العجز: العادة.
(3) السهى: الغفلة الأكمه: الأعمى. سها: ضل. العمة: الضلال.
(4) رمت مراما: طلبت حاجة. جذت: قطعت.
(5) ظهور البيوت سطوحها. وفي البيت إشارة إلى منعة هذه البيوت لكرامة أصحابها
(6) النجوى: الطلب سرا. تروم: تطلب. عزت: صعبت.
(7) الداران: الدنيا والآخرة. الصفوة: الحب والوداد.
(8) الخفضة: حركة الكسر.
(9) الأهواء: أعراض النفس. عمت: انتشرت. أعمت: افقدت الأبصار.
(10) آن: حان. ابدي: أظهر. الضنا: المرض.
(11) الفناء في الأمر: الحلول به حتى الزوال تجتلي: تنظر بجلاء.
فدع عنك دعوى الحب، وادع لغيره ... فؤادك، وادفع عنك غيّك بالتي (1)
... وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حيّ، إن تكن صادقا مت (2)
... هو الحبّ، إن لم تقض، لم تقض مأربا ... من الحبّ فاختر ذاك أو خلّ خلّتي (3)
... فقلت لها: روحي لديك، وقبضها ... إليك، ومن لي أن تكون بقبضتي (4)
... وما أنا بالشّاني الوفاة على الهوى، ... وشأني الوفا تأبى سواه سجيّتي (5)
... وماذا عسى عني يقال سوى: «قضى ... فلان، هوى»! من لي بذا، وهو بغيتي (6)
... أجل أجلي أرضى انقضاه صبابة ... ولا وصل، إن صحّت لحبّك نسبتي (7)
... وإن لم أفز حقا إليك بنسبة ... لعزّتها، حسبي افتخارا بتهمة ... ودون اتّهامي إن قضيت أسى، فما ... أسأت بنفس، بالشّهادة، سرّت ... ولي منك كاف إن هدرت دمي، ولم ... أعدّ شهيدا، علم داعي منيّتي (8)
... ولم تسو روحي في وصالك بذلها ... لديّ لبون بين صون وبذلة (9)
... وإني، إلى التّهديد بالموت، راكن، ... ومن هوله أركان غيري هدّت (10)
... ولم تعسفي بالقتل نفسي، بل لها ... به تسعفي إن أنت أتلفت مهجتي (11)(1/33)
__________
(11) الفناء في الأمر: الحلول به حتى الزوال تجتلي: تنظر بجلاء.
فدع عنك دعوى الحب، وادع لغيره ... فؤادك، وادفع عنك غيّك بالتي (1)
... وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حيّ، إن تكن صادقا مت (2)
... هو الحبّ، إن لم تقض، لم تقض مأربا ... من الحبّ فاختر ذاك أو خلّ خلّتي (3)
... فقلت لها: روحي لديك، وقبضها ... إليك، ومن لي أن تكون بقبضتي (4)
... وما أنا بالشّاني الوفاة على الهوى، ... وشأني الوفا تأبى سواه سجيّتي (5)
... وماذا عسى عني يقال سوى: «قضى ... فلان، هوى»! من لي بذا، وهو بغيتي (6)
... أجل أجلي أرضى انقضاه صبابة ... ولا وصل، إن صحّت لحبّك نسبتي (7)
... وإن لم أفز حقا إليك بنسبة ... لعزّتها، حسبي افتخارا بتهمة ... ودون اتّهامي إن قضيت أسى، فما ... أسأت بنفس، بالشّهادة، سرّت ... ولي منك كاف إن هدرت دمي، ولم ... أعدّ شهيدا، علم داعي منيّتي (8)
... ولم تسو روحي في وصالك بذلها ... لديّ لبون بين صون وبذلة (9)
... وإني، إلى التّهديد بالموت، راكن، ... ومن هوله أركان غيري هدّت (10)
... ولم تعسفي بالقتل نفسي، بل لها ... به تسعفي إن أنت أتلفت مهجتي (11)
(1) محاكاة للآية الكريمة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} *.
(2) جانب: خذ جانب الامر الوصل: الحب.
(3) تقضي: تموت. تقضي مأربا: تحقق غاية. خل: امر من خلى بمعنى دع. المودة:
الصحبة.
(4) قبضها: مصيرها أي ان روحه بيدها. القبضة: اليد.
(5) الشاني: المبغض. السجية: الطبيعة والعادة.
(6) البغية: المطلب والمراد.
(7) الأجل: نهاية العمر. نسبتي: انتسابي.
(8) هدرت: ابحت. المنية: الموت.
(9) البون: المسافة البعيدة. الصون: الحماية.
(10) راكن: مستسلم. الهول: الخوف. الأركان: واحدها الركن وهو الزاوية.
(11) تعسفي: تظلمي. لم تسعفي: لم تعيني. اتلفت: أهلكت. والجناس واضح بين تسعفين وتعسفين.
فإن صحّ هذا القال منك رفعتني، ... وأعليت مقداري، وأغليت قيمتي (1)
... وها أنا مستدع قضاك وما به ... رضاك، ولا أختار تأخير؟ مدّتي ... وعيدك لي وعد، وإنجازه مُنى ... وليّ بغير البعد إن يرم يثبت (2)
... وقد صرت أرجو ما يخاف فأسعدي ... به روح ميت للحياة استعدّت ... وبي من بها نافست بالرّوح، سالكا، ... سبيل الألى قبلي أبوا غير شرعتي (3)
... بكلّ قبيل كم قتيل بها قضى ... أسى، لم يفز يوما إليها بنظرة (4)
... وكم في الورى مثلي أماتت صبابة ... ولو نظرت عطفا إليه لأحيت (5)
... إذا ما أحلّت، في هواها، دمي، ففي ... ذرى العزّ والعليا قدري أحلّت (6)
... لعمري، وإن أتلفت عمري، بحبّها ... ربحت وإن أبلت حشاي أبلّت (7)
... ذللت لها في الحيّ حتى وجدتني، ... وأدنى منال عندهم فوق همّتي ... وأخملني وهنا خضوعي لهم، فلم ... يروني، هوانا بي، محلا لخدمتي (8)
... ومن درجات العزّ أمسيت مخلدا ... إلى دركات الذّلّ من بعد نخوتي (9)
... فلا باب لي يغشى، ولا جاه يرتجى، ... ولا جار لي يحمى لفقد حميّتي (10)(1/34)
__________
(11) تعسفي: تظلمي. لم تسعفي: لم تعيني. اتلفت: أهلكت. والجناس واضح بين تسعفين وتعسفين.
فإن صحّ هذا القال منك رفعتني، ... وأعليت مقداري، وأغليت قيمتي (1)
... وها أنا مستدع قضاك وما به ... رضاك، ولا أختار تأخير؟ مدّتي ... وعيدك لي وعد، وإنجازه مُنى ... وليّ بغير البعد إن يرم يثبت (2)
... وقد صرت أرجو ما يخاف فأسعدي ... به روح ميت للحياة استعدّت ... وبي من بها نافست بالرّوح، سالكا، ... سبيل الألى قبلي أبوا غير شرعتي (3)
... بكلّ قبيل كم قتيل بها قضى ... أسى، لم يفز يوما إليها بنظرة (4)
... وكم في الورى مثلي أماتت صبابة ... ولو نظرت عطفا إليه لأحيت (5)
... إذا ما أحلّت، في هواها، دمي، ففي ... ذرى العزّ والعليا قدري أحلّت (6)
... لعمري، وإن أتلفت عمري، بحبّها ... ربحت وإن أبلت حشاي أبلّت (7)
... ذللت لها في الحيّ حتى وجدتني، ... وأدنى منال عندهم فوق همّتي ... وأخملني وهنا خضوعي لهم، فلم ... يروني، هوانا بي، محلا لخدمتي (8)
... ومن درجات العزّ أمسيت مخلدا ... إلى دركات الذّلّ من بعد نخوتي (9)
... فلا باب لي يغشى، ولا جاه يرتجى، ... ولا جار لي يحمى لفقد حميّتي (10)
(1) القال: القول.
(2) الوعيد: التهديد. الإنجاز: إتمام الأمر.
(3) السالك: المتعبد. السبيل: النهج والطريق. الألى: الناس. أبوا: رفضوا.
الشرعة: المسلك.
(4) القبيل: القوم ومعشر الناس. قضى: مات.
(5) الورى: الناس. الصبابة: الوجد وشدة العشق.
(6) الذرى: مفردها الذروة وهي القمة. أحلت: وضعت أي رفعت قدرة إلى أعلى المراتب.
(7) اتلفت: أفنيت. أبلّت: شفت.
(8) اخملني: جعلني خاملا أي كسولا. الوهن: الضعف.
(9) الدركات: مفردها الدركة أو الدرك وهو المنزلة السفلى. النخوة، الاندفاع والحمية.
(10) يغشى: يصاب والمعنى يدخله زائر. الجاه: الرفعة والمرتبة العالية.
كأن لم أكن فيهم خطيرا، ولم أزل ... لديهم حقيرا في رخاء وشدّة ... فلو قيل من تهوى، وصرّحت باسمها ... لقيل كنى، أو مسّه طيف جنّة (1)
... ولو عزّ فيها الذّلّ ما لذّ لي الهوى، ... ولم تك لولا الحبّ، في الذلّ عزّتي ... فحالي بها حال بعقل مدلّه، ... وصحّة مجهود، وعزّ مذلّة (2)
... أسرّت تمنّي حبّها النفس حيث لا ... رقيب حجى سرّا لسرّي وخصّت (3)
... فأشفقت من سير الحديث بسائري ... فتعرب عن سرّي، عبارة عبرتي (4)
... يغالط بعضي عنه بعضي، صيانة، ... وميني، في إخفائه، صدق لهجتي (5)
... ولمّا أبت إظهاره، لجوانحي، ... بديهة فكري، صنته عن رويّتي (6)
... وبالغت في كتمانه، فنسيته، ... وأنسيت كتمي ما إليه أسرّت ... فإن أجن من غرس المنى ثمر العنا، ... فلله نفس، في مناها، تعنّت (7)
... وأحلى أماني الحبّ، للنفس، ما فضت ... عناها به من أذكرتها وأنست ... أقامت لها مني عليّ مراقبا، ... خواطر قلبي، بالهوى، إن ألمّت (8)
... فإن طرقت، سرّا، من الوهم، خاطري ... بلا حاظر، أطرقت إجلال هيبة (9)
... ويطرف طرفي، إن هممت بنظرة ... وإن بسطت كفّي إلى البسط كفّت (10)(1/35)
__________
(10) يغشى: يصاب والمعنى يدخله زائر. الجاه: الرفعة والمرتبة العالية.
كأن لم أكن فيهم خطيرا، ولم أزل ... لديهم حقيرا في رخاء وشدّة ... فلو قيل من تهوى، وصرّحت باسمها ... لقيل كنى، أو مسّه طيف جنّة (1)
... ولو عزّ فيها الذّلّ ما لذّ لي الهوى، ... ولم تك لولا الحبّ، في الذلّ عزّتي ... فحالي بها حال بعقل مدلّه، ... وصحّة مجهود، وعزّ مذلّة (2)
... أسرّت تمنّي حبّها النفس حيث لا ... رقيب حجى سرّا لسرّي وخصّت (3)
... فأشفقت من سير الحديث بسائري ... فتعرب عن سرّي، عبارة عبرتي (4)
... يغالط بعضي عنه بعضي، صيانة، ... وميني، في إخفائه، صدق لهجتي (5)
... ولمّا أبت إظهاره، لجوانحي، ... بديهة فكري، صنته عن رويّتي (6)
... وبالغت في كتمانه، فنسيته، ... وأنسيت كتمي ما إليه أسرّت ... فإن أجن من غرس المنى ثمر العنا، ... فلله نفس، في مناها، تعنّت (7)
... وأحلى أماني الحبّ، للنفس، ما فضت ... عناها به من أذكرتها وأنست ... أقامت لها مني عليّ مراقبا، ... خواطر قلبي، بالهوى، إن ألمّت (8)
... فإن طرقت، سرّا، من الوهم، خاطري ... بلا حاظر، أطرقت إجلال هيبة (9)
... ويطرف طرفي، إن هممت بنظرة ... وإن بسطت كفّي إلى البسط كفّت (10)
(1) كنى: سمي باسمها. مسه: أصابه. طيف الجنة: الجنون.
(2) المدلة: الحائر من اثر الحب والغرام.
(3) أسرت: تكلمت بصوت منخفض. الحجى: العقل.
(4) تعرب عن سرّي: تفصح عنه. العبرة: الدمعة.
(5) المين: الخداع والكذب.
(6) أبت: رفضت. البديهة: سرعة الخاطر. الروية: التعقل والاتزان.
(7) اجني: أحصّل. العناء: التعب. تعنت: أصابها العناء والتعب.
(8) الخواطر: الهواجس. ألمّت: احاطت بالأمر.
(9) طرفت: مرت سريعا. الحاظر: المائع. اطرقت: طأطأت الرأس. الإجلال:
الاحترام. الهيبة: الوقار.
(10) يطرف طرفي: يصاب نظري بسوء. هممت: باشرت. كفت: منعت.
ففي كلّ عضو فيّ، إقدام رغبة، ... ومن هيبة الإعظام، إحجام رهبة (1)
... لفي وسمعي فيّ آثار زحمة ... عليها بدت عندي كإيثار رحمة (2)
... لساني، إن أبدى، إذا ما تلا اسمها، ... له وصفه سمعي، وما صمّ، يصمت (3)
... وأذني، إن أهدى لساني ذكرها ... لقلبي ولم يستعبد الصّمت صمتّ ... أغار عليها أن أهيم بحبّها، ... وأعرف مقداري، فأنكر غيرتي ... فتختلس الرّوح ارتياحا لها، وما ... أبرّىء نفسي من توهّم منية (4)
... يراها، على بعد عن العين، مسمعي، ... بطيف ملام زائر، حين يقظتي (5)
... فيغبط طرفي مسمعي عند ذكرها، ... وتحسد، ما أفنته مني، بقيّتي (6)
... أممت أمامي في الحقيقة، فالورى ... ورائي، وكانت حيث وجّهت وجهتي (7)
... يراها إمامي، في صلاتي، ناظري، ... ويشهدني قلبي أمام أئمّتي ... ولا غرو أن صلّى الإمام إليّ أن ... ثوت في فؤادي، وهي قبلة قبلتي (8)
... وكلّ الجهات الستّ نحوي توجّهت ... بما تمّ من نسك، وحجّ وعمرة (9)
... لها صلواتي، «بالمقام»، أقيمها، ... وأشهد فيها أنّها لي صلّت (10)
... كلانا مصلّ واحد، ساجد إلى ... حقيقته، بالجمع، في كلّ سجدة ... وما كان لي صلّى سواي، ولم تكن ... صلاتي لغيري، في أدا كلّ ركعة(1/36)
__________
(10) يطرف طرفي: يصاب نظري بسوء. هممت: باشرت. كفت: منعت.
ففي كلّ عضو فيّ، إقدام رغبة، ... ومن هيبة الإعظام، إحجام رهبة (1)
... لفي وسمعي فيّ آثار زحمة ... عليها بدت عندي كإيثار رحمة (2)
... لساني، إن أبدى، إذا ما تلا اسمها، ... له وصفه سمعي، وما صمّ، يصمت (3)
... وأذني، إن أهدى لساني ذكرها ... لقلبي ولم يستعبد الصّمت صمتّ ... أغار عليها أن أهيم بحبّها، ... وأعرف مقداري، فأنكر غيرتي ... فتختلس الرّوح ارتياحا لها، وما ... أبرّىء نفسي من توهّم منية (4)
... يراها، على بعد عن العين، مسمعي، ... بطيف ملام زائر، حين يقظتي (5)
... فيغبط طرفي مسمعي عند ذكرها، ... وتحسد، ما أفنته مني، بقيّتي (6)
... أممت أمامي في الحقيقة، فالورى ... ورائي، وكانت حيث وجّهت وجهتي (7)
... يراها إمامي، في صلاتي، ناظري، ... ويشهدني قلبي أمام أئمّتي ... ولا غرو أن صلّى الإمام إليّ أن ... ثوت في فؤادي، وهي قبلة قبلتي (8)
... وكلّ الجهات الستّ نحوي توجّهت ... بما تمّ من نسك، وحجّ وعمرة (9)
... لها صلواتي، «بالمقام»، أقيمها، ... وأشهد فيها أنّها لي صلّت (10)
... كلانا مصلّ واحد، ساجد إلى ... حقيقته، بالجمع، في كلّ سجدة ... وما كان لي صلّى سواي، ولم تكن ... صلاتي لغيري، في أدا كلّ ركعة
(1) الإحجام: الكف عن الأمر. الرهبة: الخوف والمهابة.
(2) إيثار الرحمة: طلبها.
(3) معنى البيت: إن لساني وسمعي مشغوفان بسماع اسمها فإن ذكرها لسانه أصغى سمعه إلى اسمها وإن سكت لسانه عن ذكرها صمّ سمعه عن باقي الأمور.
(4) أبرئ: اشفي. المنية: الرغبة.
(5) الطيف: الخيال.
(6) يغبط: يفرح ويسرّ. أفنته: اتلفته.
(7) أممت: سرت إلى الامام. الورى: الخلق والناس.
(8) ثوت: اقامت. الفؤاد: القلب.
(9) الجهات الست: الجهات الأربع المعروفة أضاف إليها فوق وتحت.
(10) المقام: مقام إبراهيم في الكعبة.
إلى كم أواخي السّتر؟ ها قد هتكته ... وحلّ أواخي الحجب في عقد بيعتي (1)
... منحت ولاها، يوم لا يوم، قبل أن ... بدت عند أخذ العهد، في أوّليّتي (2)
... فنلت ولاها، لا بسمع وناظر، ... ولا باكتساب، واجتلاب جبلّة (3)
... وهمت بها في عالم الأمر، حيث لا ... ظهور، وكانت نشوتي قبل نشأتي (4)
... فأفنى الهوى ما لم يكن ثمّ باقيا، ... هنا، من صفات بيننا، فاضمحلّت (5)
... فألفيت ما ألقيت عنّي صادرا ... إليّ، ومنّي واردا بمزيدتي (6)
... وشاهدت نفسي بالصّفات، التي بها ... تحجّبت عني في شهودي وحجبتي (7)
... وإني التي أحببتها، لا محالة، ... وكانت لها نفسي عليّ محيلتي (8)
... فهامت بها من حيث لم تدر، وهي في ... شهودي، بنفس الأمر غير جهولة ... وقد آن لي تفصيل ما قلت مجملا ... وإجمال ما فصّلت، بسطا لبسطتي (9)
... أفاد اتّخاذي حبّها، لاتّحادنا، ... نوادر، عن عاد المحبّين، شذّت (10)
... يشي لي بي الواشي إليها، ولائمي ... عليها، بها يبدي، لديها، نصيحتي ... فأوسعها شكرا، وما أسلفت قلى ... وتمنحني برّا، لصدق المحبّة (11)
... تقرّبت بالنّفس احتسابا لها، ولم ... أكن راجيا عنها ثوابا، فأدنت(1/37)
__________
(10) المقام: مقام إبراهيم في الكعبة.
إلى كم أواخي السّتر؟ ها قد هتكته ... وحلّ أواخي الحجب في عقد بيعتي (1)
... منحت ولاها، يوم لا يوم، قبل أن ... بدت عند أخذ العهد، في أوّليّتي (2)
... فنلت ولاها، لا بسمع وناظر، ... ولا باكتساب، واجتلاب جبلّة (3)
... وهمت بها في عالم الأمر، حيث لا ... ظهور، وكانت نشوتي قبل نشأتي (4)
... فأفنى الهوى ما لم يكن ثمّ باقيا، ... هنا، من صفات بيننا، فاضمحلّت (5)
... فألفيت ما ألقيت عنّي صادرا ... إليّ، ومنّي واردا بمزيدتي (6)
... وشاهدت نفسي بالصّفات، التي بها ... تحجّبت عني في شهودي وحجبتي (7)
... وإني التي أحببتها، لا محالة، ... وكانت لها نفسي عليّ محيلتي (8)
... فهامت بها من حيث لم تدر، وهي في ... شهودي، بنفس الأمر غير جهولة ... وقد آن لي تفصيل ما قلت مجملا ... وإجمال ما فصّلت، بسطا لبسطتي (9)
... أفاد اتّخاذي حبّها، لاتّحادنا، ... نوادر، عن عاد المحبّين، شذّت (10)
... يشي لي بي الواشي إليها، ولائمي ... عليها، بها يبدي، لديها، نصيحتي ... فأوسعها شكرا، وما أسلفت قلى ... وتمنحني برّا، لصدق المحبّة (11)
... تقرّبت بالنّفس احتسابا لها، ولم ... أكن راجيا عنها ثوابا، فأدنت
(1) أواخي: اطلب واتوخى. الأواخي: ما يظهر من الحبل على شكل الحلقة بعد دفن أطرافه في الأرض.
(2) يوم لا يوم: قبل بدء الخليقة.
(3) اجتلاب الجبلّة: اكتساب الطبع.
(4) النشوة: قمة اللذة. النشأة: الولادة.
(5) أفنى: أهلك. ثم: هنالك بفتح الثاء. اضحملت: زالت.
(6) ألفيت: وجدت: ألقيت: رميت. الصدور: الذهاب إلى الماء والورود: العودة منه.
(7) شهودي: ظهوري. حجبتي: غيبتي.
(8) محيلة: داعية إلى الأمر وموجهة إليه.
(9) آن: حان. البسط: التفصيل.
(10) عاد: عادات. شذت: نفرت وكانت غريبة عن الأمر.
(11) أسلفت: قدمت فيما مضى. القلى: البغضاء. البر: الوفاء بالوعد.
وقدّمت مالي في مآلي، عاجلا، ... وما إن عساها أن تكون منيلتي (1)
... وخلّفت خلفي رؤيتي ذاك، مخلصا ... ولست براض أن تكون مطيّتي (2)
... ويمّمتها بالفقر، لكن بوصفه ... غنيت، فألقيت افتقاري وثروتي (3)
... فأثنيت لي إلقاء فقري والغنى ... فضيلة قصدي، فاطّرحت فضيلتي ... فلاح فلاحي في اطّراحي، فأصبحت ... ثوابي، لا شيئا سواها مثيبتي (4)
... وظلت بها، لا بي، إليها أدلّ من ... به ضلّ عن سبل الهدى وهي دلّت ... فخلّ لها، خلّي، مرادك، معطيا ... قيادك من نفس بها مطمئنّة (5)
... وأمس خليّا من حظوظك، واسم عن ... حضيضك واثبت، بعد ذلك تنبت (6)
... وسدّد، وقارب واعتصم واستقم لها ... مجيبا إليها، عن إنابة مخبت (7)
... وعد من قريب، واستجب واجتنب غدا ... أشمّر، عن ساق اجتهاد، بنهضة (8)
... وكن صارما كالوقت فالمقت في «عسى» ... وإيّاك «علّا»، فهي أخطر علّة (9)
... وقم في رضاها، واسع، غير محاول ... نشاطا، ولا تخلد لعجز مفوّت (10)
... وسر زمنا، وانهض كسيرا، فحظّك ... البطالة ما أخّرت عزما لصحّة(1/38)
__________
(11) أسلفت: قدمت فيما مضى. القلى: البغضاء. البر: الوفاء بالوعد.
وقدّمت مالي في مآلي، عاجلا، ... وما إن عساها أن تكون منيلتي (1)
... وخلّفت خلفي رؤيتي ذاك، مخلصا ... ولست براض أن تكون مطيّتي (2)
... ويمّمتها بالفقر، لكن بوصفه ... غنيت، فألقيت افتقاري وثروتي (3)
... فأثنيت لي إلقاء فقري والغنى ... فضيلة قصدي، فاطّرحت فضيلتي ... فلاح فلاحي في اطّراحي، فأصبحت ... ثوابي، لا شيئا سواها مثيبتي (4)
... وظلت بها، لا بي، إليها أدلّ من ... به ضلّ عن سبل الهدى وهي دلّت ... فخلّ لها، خلّي، مرادك، معطيا ... قيادك من نفس بها مطمئنّة (5)
... وأمس خليّا من حظوظك، واسم عن ... حضيضك واثبت، بعد ذلك تنبت (6)
... وسدّد، وقارب واعتصم واستقم لها ... مجيبا إليها، عن إنابة مخبت (7)
... وعد من قريب، واستجب واجتنب غدا ... أشمّر، عن ساق اجتهاد، بنهضة (8)
... وكن صارما كالوقت فالمقت في «عسى» ... وإيّاك «علّا»، فهي أخطر علّة (9)
... وقم في رضاها، واسع، غير محاول ... نشاطا، ولا تخلد لعجز مفوّت (10)
... وسر زمنا، وانهض كسيرا، فحظّك ... البطالة ما أخّرت عزما لصحّة
(1) المآل: العودة. المنيلة: المنية والعطاء.
(2) المطية: الوسيلة المهيئة للوصول.
(3) يممتها: احطتها.
(4) لاح: بدا وظهر. الفلاح: الفوز والظفر. اطراحي: تركي للأمر وهنا إلقاء الفقر والغنى والانصراف إلى العبادة. المثيبة: التي تجزي الخير.
(5) خل لها: أطعها.
(6) اسم: فعل أمر من سما بمعنى ارتفع. الحضيض: المكان المنخفض.
(7) سدد: سر في الطريق السليم. الإنابة: التوبة. المخبت: الخاشع.
(8) اشمر: اكشف. النهضة: الهمة.
(9) الصارم: الحاد القاطع. المقت: البغضاء. عسى وعل أو لعل تفيدان معنى التمني والرجاء والمقصود إياك ان يثنيك التمني عن القيام بما تريده من الأعمال.
(10) تخلد: تركن وتستسلم. العجز المفوت: العمل الذي لا ينجز.(1/39)
وأقدم، وقدّم ما قعدت له مع ... الخوالف، واخرج عن قيود التّلفّت (1)
... وجذّ، بسيف العزم سوف، فإن تجد ... تجد نفسا، فالنفس إن جدت جدّت (2)
... وأقبل إليها، وانحها مفلسا، فقد ... وصيت لنصحي، إن قبلت نصيحتي (3)
... فلم يدن منها موسر باجتهاده، ... وعنها به لم ينأ مؤثر عسرة (4)
... بذاك جرى شرط الهوى بين أهله، ... وطائفة، بالعهد، أوفت فوفّت ... متى عصفت ريح الولا قصفت أخا ... غناء، ولو بالفقر هبّت لربّت (5)
... وأغنى يمين، باليسار جزاؤها، ... مدى القطع ما، للوصل، في الحب مدّت (6)
... وأخلص لها، وأخلص بها عن رعونة ... افتقارك من أعمال بر تزكّت (7)
... وعاد دواعي القيل والقال، وانج من ... عوادي دعاو صدقها قصد سمعة (8)
... فألسن من يدعى بألسن عارف، ... وقد عبرت كل العبارات، كلّت (9)
... وما عنه لم تفصح، فإنّك أهله، ... وأنت غريب عنه، إن قلت، فاصمت (10)
... وفي الصمت سمت، عنده جاه مسكة ... غدا عبده من ظنّه خير مسكت (11)
... فكن بصرا وانظر، وسمعا وعه، وكن ... لسانا وقل، فالجمع أهدى طريقة (12)
__________
(1) اقدم: أمر من أقدم بمعنى اندفع. الخوالف: واحدها الخالفة، وهي بمعنى الكسل والتقاعس عن القيام بالعمل.
(2) جذّ: اقطع. السوف: الكذب والمماطلة.
(3) انحها: سر باتجاهها. مفلسا: فارغ الكفين.
(4) يدنو: يقترب. الموسر: صاحب الرغد والسعة في العيش. المؤثر: المفضل.
العثرة: الزلة والسقطة.
(5) عصفت: اشتدت. الولا: الولاء مخففة. ربت: أصلحت.
(6) المدى: مفردها المدية وهي السكين أو الشفرة.
(7) الرعونة: الجهل والطيش. تزكت: تنزهت عن فعل هذا الأمر.
(8) القيل والقال: كلام العامة الذي لا فائدة منه إلا تناول الناس بالباطل.
(9) الألسن: صاحب اللسان الفصيح. كلت: تعبت.
(10) تفصح: تعرب. اصمت: اسكت. أي اجعل لكل مقام مقالا وإذا كنت لا تعرف الأمر فلا تتحدث به.
(11) الصمت: السكوت. السمت: حسن التصرف. المسكة: العقل.
(12) عه فعل أمر من وعى أضيف إليه ضمير النصب الهاء.(1/40)
ولا تتّبع من سوّلت نفسه له، ... فصارت له أمّارة، واستمرّت (1)
... ودع ما عداها، واعد نفسك فهي من ... عداها، وعذ منها بأحصن جنّة (2)
... فنفسي كانت، قبل، لوّامة متى ... أطعها عصت، أو أعص عنها مطيعتي ... فأوردتها ما الموت أيسر بعضه ... وأتعبتها، كيما تكون مريحتي (3)
... فعادت، ومهما حمّلته تحمّلته ... منّي، وإن خفّفت عنها، تأذّت ... وكلّفتها، لا بل كفلت قيامها ... بتكليفها، حتى كلفت بكلتي (4)
... وأذهبت، في تهذيبها، كلّ لذّة، ... بإبعادها عن عادها فاطمأنّت (5)
... ولم يبق هول دونها ما ركبته، ... وأشهد نفسي فيه غير زكيّة (6)
... وكلّ مقام، عن سلوك، قطعته، ... عبوديّة حقّقتها، بعبودة (7)
... وصرت بها صبّا، فلمّا تركت ما ... أريد، أرادتني لها وأحبّت (8)
... فصرت حبيبا، بل محبّا لنفسه، ... وليس كقول مرّ: (نفسي حبيبتي) ... خرجت بها عني إليها، فلم أعد ... إلي، ومثلي لا يقول برجعة (9)
... وأفردت نفسي عن خروجي، تكرما ... فلم أرضها، من بعد ذاك، لصحبتي (10)
... وغيّبت عن إفراد نفسي، بحيث لا ... يزاحمني إبداء وصف بحضرتي ... وها أنا أبدي، في اتّحادي، مبدئي، ... وأنهي انتهائي في تواضع رفعتي
__________
(1) في البيت محاكاة للآية الكريمة: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
(2) اعد نفسك: امنعها. العدي جمع عدو. عذ: فعل أمر من عاذ بمعنى التجأ. الجنة بضم الجيم: الحصن.
(3) أوردتها: أوصلتها. أيسر: اسهل.
(4) كلفتها: حملتها. بكلتي: بجميع أعضائي.
(5) عادها: المقصود عاداتها.
(6) الهول: الخوف. دونها: في سبيلها.
(7) العبودة: المقصود بها العبادة.
(8) الصب: الشديد التعلق والعشق.
(9) لا يقول برجعة: لا يعود إلى الحياة بعد المنية.
(10) أفردت نفسي أفردتها وجعلتها تخلو وتنفرد عن الناس.(1/41)
جلت في تجليّها، الوجود لناظري ... ففي كلّ مرئي أراها برؤية (1)
... وأشهدت غيبي، إذ بدت، فوجدتني، ... هنالك، إيّاها، بجلوة خلوتي (2)
... وطاح وجودي في شهودي وبنت عن ... وجود شهودي، ماحيا، غير مثبت (3)
... وعانقت ما شاهدت في محو شاهدي ... بمشهده للصّحو، من بعد سكرتي ... ففي الصّحو، بعد المحو لم أك غيرها ... وذاتي بذاتي، إذ تحلّت تجلّت ... فوصفي، إذ لم تدع باثنين، وصفها ... وهيئتها، إذ واحد نحن، هيئتي (4)
... فإن دعيت كنت المجيب وإن أكن ... منادى أجابت من دعاني، ولبّت ... وإن نطقت كنت المناجي كذاك إن ... قصصت حديثا، إنّما هي قصتّ ... فقد رفعت تاء المخاطب بيننا ... وفي رفعها، عن فرقة الفرق، رفعتي (5)
... فإن لم يجوّز رؤية اثنين واحدا ... حجاك، ولم يثبت لبعد تثبّت (6)
... سأجلو إشارات، عليك، خفيّة، ... بها كعبارات، لديك، جليّة ... وأعرب عنها، مغربا، حيث لات حين ... لبس، بتبياني سماع ورؤية (7)
... وأثبت بالبرهان قولي، ضاربا ... مثال محقّ، والحقيقة عمدتي (8)
__________
(1) جلت: أظهرت بوضوح. التجلي: الكمال.
(2) الجلوة: التزين. الخلوة: الانفراد.
(3) طاح: أهلك. الشهود: البروز والحضور. بنت: ماض من بان بمعنى ابتعد. ماحيا:
زائلا.
(4) في هذه الأبيات تبدو طريقة الحلولية التي اتبعها اكثر الصوفيين ومنها قول الحلاج:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... نحن روحان سكنا بدنا
(5) رفعت تاء المخاطب أي حذفت من الضمير أنت فأصبحت أنا وهذا ما يؤكد القول السابق في امر انحدار الذاتين أو ما يسمى بالحلولية.
(6) يجوزه: يجعله جائزا أي حلالا. حجاك: عقلك.
(7) أعرب: افصح. مغربا: قائلا القول الغريب. اللبس: الالتباس.
(8) الحقيقة عمدتي: الحقيقة ما اعتمد عليه.(1/42)
بمتبوعة، ينبيك، في الصّرع، غيرها ... على فمها في مسّها، حيث جنّت (1)
... ومن لغة تبدو بغير لسانها، ... عليه براهين الأدلّة صحّت ... وفي العلم، حقا، أنّ مبدي غريب ما ... سمعت سواها وهي في الحسن أبدت ... فلو واحدا أمسيت أصبحت واجدا ... منازلة، ما قلته عن حقيقة ... ولكن على الشّرك الخفيّ عكفت، لو ... عرفت بنفس عن هدي الحق ضلّت (2)
... وفي حبّه من عزّ توحيد حبّه، ... فبالشّرك يصلى منه نار قطيعة (3)
... وما شأن هذا الشأن منك سوى السّوى ... ودعواه، حقّا، عنك إن تمح تثبت (4)
... كذا كنت حينا، قبل أن يكشف الغطا ... من اللّبس، لا أنفكّ عن ثنويّة (5)
... أروح بفقد، بالشّهود مؤلّفي، ... وأغدو بوجد، بالوجود مشتّتي (6)
... يفرّقني لبّي، التزاما، بمحضري، ... ويجمعني سلبي، اصطلاما، بغيبتي (7)
... أخال حضيضي الصّحو والسكر معرجي ... إليها، ومحوي منتهى قاب سدرتي (8)
... فلمّا جلوت (الغين) عنّي اجتليتني ... مفيقا، ومنّي العين بالعين قرّت (9)
__________
(1) المتبوعة: التي مسها الجان. الصرع: ألم يصيب الرأس والمقصود أثر الجن وتأثيره.
جنت: أصابها الجنون.
(2) الشرك الخفي: الكفر بأن يجعل للََّه شريكا. عكفت: أقبلت. ضلت: تاهت عن الطريق المستقيم.
(3) يصلى نارا: يحرق بها.
(4) شأن: أبغض. السوي: سواك من الناس أي غيرك.
(5) يكشف الغطاء: يظهر نور الله فيظهر الحق. الثنوية: الشرك بالله والقول بوجود إلهين اثنين.
(6) مؤلفي: جامعي من بعد فرقة. الوجد: الحزن. المشتت: المفرق والمباعد.
(7) اللب: العقل. الاصطلام: القطع والاستئصال.
(8) الحضيض: المكان المنخفض. الصحو: اليقظة. المعرج: الوسيلة التي تستعمل للارتقاء إلى الدرجات الروحية العليا. القاب: المقدار ومنها قاب قوسين أو أدنى.
السدرة: سدرة المنتهى. مكان أو شجر في الجنة.
(9) الغين: بالمعنى والمصطلح الصوفي: الخلوة مع صحة الاعتقاد. ويمكن ان يكون الخطأ وقع عن المخطوطة أو النسخة الاصلية فتكون لفظة الغين محرفة عن العين، بحيث يزول الالتباس.
ومن فاقتي، سكرا، غنيت إفاقة ... لدى فرقي الثاني فجمعي كوحدتي (1)
... فجاهد تشاهد فيك منك، وراء ما ... وصفت، سكونا عن وجود سكينة ... فمن بعد ما جاهدت شاهدت مشهدي ... وهاديّ لي إيّاي، بل بي قدرتي (2)
... وبي موقفي، لا بل إليّ توجّهي، ... كذاك صلاتي لي، ومنّي كعبتي (3)
... فلا تك مفتونا بحسنك، معجبا ... بنفسك، موقوفا على لبس غرة (4)
... وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة، بالاتّحاد تحدّت ... وصرّح باطلاق الجمال ولا تقل ... بتقييده، ميلا لزخرف زينة (5)
... فكلّ مليح، حسنه، من جمالها، ... معار له، بل حسن كلّ مليحة ... بها قيس لبني هام، بل كلّ عاشق، ... كمجنون ليلى، أو كثيّر عزّة (6)
... فكلّ صبا منهم إلى وصف لبسها، ... بصورة حسن، لاح في حسن صورة (7)
... وما ذاك إلّا أن بدت بمظاهر، ... فظنّوا سواها، وهي فيها تجلّت (8)
... بدت باحتجاب، واختفت بمظاهر ... على صبغ التّلوين في كلّ برزة (9)(1/43)
__________
(9) الغين: بالمعنى والمصطلح الصوفي: الخلوة مع صحة الاعتقاد. ويمكن ان يكون الخطأ وقع عن المخطوطة أو النسخة الاصلية فتكون لفظة الغين محرفة عن العين، بحيث يزول الالتباس.
ومن فاقتي، سكرا، غنيت إفاقة ... لدى فرقي الثاني فجمعي كوحدتي (1)
... فجاهد تشاهد فيك منك، وراء ما ... وصفت، سكونا عن وجود سكينة ... فمن بعد ما جاهدت شاهدت مشهدي ... وهاديّ لي إيّاي، بل بي قدرتي (2)
... وبي موقفي، لا بل إليّ توجّهي، ... كذاك صلاتي لي، ومنّي كعبتي (3)
... فلا تك مفتونا بحسنك، معجبا ... بنفسك، موقوفا على لبس غرة (4)
... وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة، بالاتّحاد تحدّت ... وصرّح باطلاق الجمال ولا تقل ... بتقييده، ميلا لزخرف زينة (5)
... فكلّ مليح، حسنه، من جمالها، ... معار له، بل حسن كلّ مليحة ... بها قيس لبني هام، بل كلّ عاشق، ... كمجنون ليلى، أو كثيّر عزّة (6)
... فكلّ صبا منهم إلى وصف لبسها، ... بصورة حسن، لاح في حسن صورة (7)
... وما ذاك إلّا أن بدت بمظاهر، ... فظنّوا سواها، وهي فيها تجلّت (8)
... بدت باحتجاب، واختفت بمظاهر ... على صبغ التّلوين في كلّ برزة (9)
(1) الفرق الثاني بالمصطلح الصوفي: شهود الخلق بالحق. والفرق الأول: احتجاب الخلق عن الحق.
(2) جاهدت: قمت بالرياضة والمجاهدة الروحية. الهادي: المرشد. إياي: عزة نفسي.
(3) يعبر هذا البيت عن مبدأ الكمال الروحي والرؤى التي يراها المتريض السالك لسبيل المجاهدة الروحية.
(4) اللبس: الشك. الغرة: الغفلة.
(5) صرّح: أعط الاجازة. الزخرف: التزيين.
(6) قيس لبني، وقيس بن الملوح. وكثير عزة شعراء نسبوا إلى اسماء حبيباتهم لشدة تعلقهم بهنّ.
(7) صبا: ذاب من الوجد والعشق.
(8) إشارة إلى ان بعض المتيمين كقيس بن الملوح مثلا كان يرى حبيبته في كل شيء سواها. يراها في جذع النخلة. وفي مقلتي الظبي. حتى إذا دنا منها سأل هل هذه ليلى؟.
(9) بدت: ظهرت. الاحتجاب: الاختفاء. البرزة: الظهور بمظهر الحسن. وهذا البيت يتمم معنى البيت الذي سبقه.
ففي النّشأة الأولى تراءت لآدم ... بمظهر حوّا، قبل حكم الأمومة ... فهام بها، كيما يكون به أبا، ... ويظهر بالزّوجين حكم البنوّة ... وكان ابتدا حبّ المظاهر بعضها ... لبعض، ولا ضدّ يصدّ ببغضة ... وما برحت تبدو وتخفى، لعلّة، ... على حسب الأوقات، في كلّ حقبة ... وتظهر للعشّاق في كلّ مظهر، ... من اللّبس في أشكال حسن بديعة ... ففي مرّة لبني، وأخرى بثينة، ... وآونة تدعى بعزّة عزّت (1)
... ولسن سواها، لا ولا كنّ غيرها ... وما إن لها، في حسنها، من شريكة (2)
... كذاك بحكم الاتّحاد بحسنها، ... كما لي بدت، في غيرها، وتزيّت (3)
... بدوت لها في كلّ صب متيّم، ... بأيّ بديع حسنه وبأيّة (4)
... وليسوا، بغيري في الهوى، لتقدّم ... عليّ لسبق في اللّيالي القديمة ... وما القوم غيري في هواها، وإنّما ... ظهرت لهم، للّبس، في كل هيئة ... ففي مرة قيسا، وأخرى كثيّرا، ... وآونة أبدو جميل بثينة ... تجلّيت فيهم ظاهرا، واحتجبت با ... طنا بهم، فأعجب لكشف بسترة (5)
... وهنّ وهم، لا وهن وهم مظاهر ... لنا، بتجلّينا بحبّ ونضرة (6)
... فكلّ فتى حب أنا هو، وهي حبب ... كلّ فتى، والكلّ أسماء لبسة (7)(1/44)
__________
(9) بدت: ظهرت. الاحتجاب: الاختفاء. البرزة: الظهور بمظهر الحسن. وهذا البيت يتمم معنى البيت الذي سبقه.
ففي النّشأة الأولى تراءت لآدم ... بمظهر حوّا، قبل حكم الأمومة ... فهام بها، كيما يكون به أبا، ... ويظهر بالزّوجين حكم البنوّة ... وكان ابتدا حبّ المظاهر بعضها ... لبعض، ولا ضدّ يصدّ ببغضة ... وما برحت تبدو وتخفى، لعلّة، ... على حسب الأوقات، في كلّ حقبة ... وتظهر للعشّاق في كلّ مظهر، ... من اللّبس في أشكال حسن بديعة ... ففي مرّة لبني، وأخرى بثينة، ... وآونة تدعى بعزّة عزّت (1)
... ولسن سواها، لا ولا كنّ غيرها ... وما إن لها، في حسنها، من شريكة (2)
... كذاك بحكم الاتّحاد بحسنها، ... كما لي بدت، في غيرها، وتزيّت (3)
... بدوت لها في كلّ صب متيّم، ... بأيّ بديع حسنه وبأيّة (4)
... وليسوا، بغيري في الهوى، لتقدّم ... عليّ لسبق في اللّيالي القديمة ... وما القوم غيري في هواها، وإنّما ... ظهرت لهم، للّبس، في كل هيئة ... ففي مرة قيسا، وأخرى كثيّرا، ... وآونة أبدو جميل بثينة ... تجلّيت فيهم ظاهرا، واحتجبت با ... طنا بهم، فأعجب لكشف بسترة (5)
... وهنّ وهم، لا وهن وهم مظاهر ... لنا، بتجلّينا بحبّ ونضرة (6)
... فكلّ فتى حب أنا هو، وهي حبب ... كلّ فتى، والكلّ أسماء لبسة (7)
(1) لبني: حبيبة قيس وقد مرّ ذكرها. بثينة: حبيبة جميل بن معمر. عزة حبيبة كثير.
عزت: كرمت وغلت.
(2) لسن سواها. أي كلهنّ حواء أو الأنثى. ان حرف نفي بمعنى ليس.
(3) الاتحاد: الوصال الروحي. تزيت: ارتدت وتزينت.
(4) اللهاف: من اللهفة وهي الحرقة والشوق. الصب: العاشق المدنف. والمتيم:
الشديد العشق.
(5) تجليت: برزت وظهرت واضحا. السترة: الاحجاب.
(6) هن وهم: الحبيبات والمحبون. الوهن: الضعف. النضرة: الزينة والبهجة.
(7) هذا البيت والذي يليه وصف لحالة ابن الفارض واتصاله بعالم الروح حيث تجلت له الحقيقة الإلهية فوصل إلى اعلى درجات العشق الإلهي واستعمل المجاز بالحب المعروف ليقول انه سلطان العاشقين.
أسام بها كنت المسمّى حقيقة، ... وكنت لي البادي بنفس تخفّت ... وما زلت إيّاها، وإياي لم تزل، ... ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبّت ... وليس معي، في الملك، شيء سواي، ... والمعيّة لم تخطر على المعيّة (1)
... وهذي يدي، لا إنّ نفسي تخوّفت ... سواي، ولا غيري، لخيري، ترجّت ... ولا ذلّ إخمال لذكري توقّعت، ... ولا عز إقبال لشكري توخّت (2)
... ولكن لصدّ الضّدّ عن طعنه على ... علا أولياء المنجدين، بنجدتي (3)
... رجعت لأعمال العبادة، عادة، ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي (4)
... وعدت بنسكي بعد هتكي، وعدت من ... خلاعة بسطي، لانقباض بعفّة (5)
... وصمت نهاري، رغبة في مثوبة، ... وأحييت ليلي، رهبة من عقوبة (6)
... وعمّرت أوقاتي بورد لوارد، ... وصمت لسمت، واعتكاف لحرمة (7)
... وبنت عن الأوطان، هجران قاطع ... مواصلة الإخوان، واخترت عزلتي (8)
... ودقّقت فكري في الحلال، تورّعا ... وراعيت، في إصلاح قوتي، قوّتي (9)
... وأنفقت من ستر القناعة، راضيا ... من العيش، في الدنيا، بأيسر بلغة (10)
... وهذّبت نفسي بالرياضة، ذاهبا ... إلى كشف ما، حجب العوائد، غطّت(1/45)
__________
(7) هذا البيت والذي يليه وصف لحالة ابن الفارض واتصاله بعالم الروح حيث تجلت له الحقيقة الإلهية فوصل إلى اعلى درجات العشق الإلهي واستعمل المجاز بالحب المعروف ليقول انه سلطان العاشقين.
أسام بها كنت المسمّى حقيقة، ... وكنت لي البادي بنفس تخفّت ... وما زلت إيّاها، وإياي لم تزل، ... ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبّت ... وليس معي، في الملك، شيء سواي، ... والمعيّة لم تخطر على المعيّة (1)
... وهذي يدي، لا إنّ نفسي تخوّفت ... سواي، ولا غيري، لخيري، ترجّت ... ولا ذلّ إخمال لذكري توقّعت، ... ولا عز إقبال لشكري توخّت (2)
... ولكن لصدّ الضّدّ عن طعنه على ... علا أولياء المنجدين، بنجدتي (3)
... رجعت لأعمال العبادة، عادة، ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي (4)
... وعدت بنسكي بعد هتكي، وعدت من ... خلاعة بسطي، لانقباض بعفّة (5)
... وصمت نهاري، رغبة في مثوبة، ... وأحييت ليلي، رهبة من عقوبة (6)
... وعمّرت أوقاتي بورد لوارد، ... وصمت لسمت، واعتكاف لحرمة (7)
... وبنت عن الأوطان، هجران قاطع ... مواصلة الإخوان، واخترت عزلتي (8)
... ودقّقت فكري في الحلال، تورّعا ... وراعيت، في إصلاح قوتي، قوّتي (9)
... وأنفقت من ستر القناعة، راضيا ... من العيش، في الدنيا، بأيسر بلغة (10)
... وهذّبت نفسي بالرياضة، ذاهبا ... إلى كشف ما، حجب العوائد، غطّت
(1) المعية: المصاحبة. الالمعية: الذكاء.
(2) الإخمال: الكسل. توخت: ارادت أو طلبت.
(3) العلاء: الارتفاع في المقام. المنجدين: العارفين المخلصين. نجدتي: نصرتي.
(4) أعددت: جهزت. العدة: السلاح.
(5) النسك: التعبد. التهتك والهتك: المجون.
(6) المثوبة: العفو. الرهبة: الخوف.
(7) عمّرت اوقاتي: ملأتها. الورد: السقاء. السمت: الطريق والجانب. الاعتكاف:
الاعتزال والامتناع.
(8) بنت: ابتعدت.
(9) التورع: التقوى والخوف من الله. القوت: الطعام.
(10) ايسر بلغة: الحد الأدنى من العيش.
وجرّدت، في التجريد، عزمي تزهّدا ... وآثرت، في نسكي، استجابة دعوتي ... متى حلت عن قولي: أنا هي، أو أقل ... وحاشا لمثلي: إنّها فيّ حلّت (1)
... ولست على غيب أحيلك، لا ولا ... على مستحيل موجب سلب حيلتي ... وكيف، وباسم الحق ظلّ تحقّقي ... تكون أراجيف الضّلال مخيفتي (2)
... وها «دحية»، وافى الأمين نبيّنا، ... بصورته، في بدء وحي النّبوءة (3)
... أجبريل قل لي: كان دحية، إذ بدا ... لمهدي الهدى، في هيئة بشريّة؟ (4)
... وفي علمه، عن حاضريه، مزيّة، ... بماهيّة المرئيّ من غير مرية (5)
... يرى ملكا يوحي إليه، وغيره ... يرى رجلا يدعى لديه بصحبة (6)
... ولي، من أتم الرّؤيتين، إشارة، ... تنزّه، عن رأي الحلول، عقيدتي ... وفي الذكر ذكر اللّبس ليس بمنكر، ... ولم أعد عن حكمي كتاب وسنّة (7)
... منحتك علما، إن ترد كشفه فرد ... سبيلي، واشرع في اتّباع شريعتي (8)
... فمنبع صدّي من شراب، نقيعه ... لديّ، فدعني من سراب بقيعة (9)
... ودونك بحرا خضته، وقف الألى ... بساحله، صونا لموضع حرمتي (10)
... ولا تقربوا مال اليتيم، إشارة ... لكفّ يد صدّت له، إذ تصدّت (11)(1/46)
__________
(10) ايسر بلغة: الحد الأدنى من العيش.
وجرّدت، في التجريد، عزمي تزهّدا ... وآثرت، في نسكي، استجابة دعوتي ... متى حلت عن قولي: أنا هي، أو أقل ... وحاشا لمثلي: إنّها فيّ حلّت (1)
... ولست على غيب أحيلك، لا ولا ... على مستحيل موجب سلب حيلتي ... وكيف، وباسم الحق ظلّ تحقّقي ... تكون أراجيف الضّلال مخيفتي (2)
... وها «دحية»، وافى الأمين نبيّنا، ... بصورته، في بدء وحي النّبوءة (3)
... أجبريل قل لي: كان دحية، إذ بدا ... لمهدي الهدى، في هيئة بشريّة؟ (4)
... وفي علمه، عن حاضريه، مزيّة، ... بماهيّة المرئيّ من غير مرية (5)
... يرى ملكا يوحي إليه، وغيره ... يرى رجلا يدعى لديه بصحبة (6)
... ولي، من أتم الرّؤيتين، إشارة، ... تنزّه، عن رأي الحلول، عقيدتي ... وفي الذكر ذكر اللّبس ليس بمنكر، ... ولم أعد عن حكمي كتاب وسنّة (7)
... منحتك علما، إن ترد كشفه فرد ... سبيلي، واشرع في اتّباع شريعتي (8)
... فمنبع صدّي من شراب، نقيعه ... لديّ، فدعني من سراب بقيعة (9)
... ودونك بحرا خضته، وقف الألى ... بساحله، صونا لموضع حرمتي (10)
... ولا تقربوا مال اليتيم، إشارة ... لكفّ يد صدّت له، إذ تصدّت (11)
(1) حلت عن قولي: تراجعت عنه. حلّت: نزلت.
(2) أراجيف الضلال: أكاذيب الباطل.
(3) دحية: دحية الكلبي. كان الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) يراه في المنام عند بدء الدعوة.
(4) بدا: ظهر. مهدي الهدى: الرسول الأعظم محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
(5) المزية: العلامة والصفة. ماهية المرئي: حقيقة المنظور. المرية: الكذب.
(6) الملك: جبرائيل. الرجل: دحية.
(7) لم اعد: لم اتخط.
(8) ردّ سبيلي: اعد إلى صوابي سلوك الطريق الصحيح. اشرع: أمر من شرع بمعنى بدأ.
(9) النقيع: مكان يجتمع فيه الماء. القيعة: المنبسط بين جبلين.
(10) الألى: الناس. الصون: الحفظ.
(11) كف اليد: منعها. صدّت: منعت. تصدت: واجهت.
وما نال شيئا منه غيري سوى فتى، ... على قدمي، في القبض والبسط، ما فتي (1)
... فلا تعش عن آثار سيري واخش غين ... إيثار غيري، وأغش عين طريقتي (2)
... فؤادي ولاها، صاح، صاحي الفؤاد في ... ولاية أمري، داخل تحت إمرتي ... وملك معالي العشق ملكي وجندي ... المعاني، وكلّ العاشقين رعيّتي ... فتى الحبّ، ها قد بنت عنه بحكم من ... يراه حجابا، فالهوى دون رتبتي ... وجاوزت حدّ العشق، فالحبّ كالقلى ... وعن شأو معراج اتّحادي رحلتي (3)
... فطب بالهوى نفسا، فقد سدت أنفس ... العباد من العبّاد، في كلّ أمّة ... وفز بالعلى، وأفخر على ناسك علا ... بظاهر أعمال، ونفس تزكّت ... وجز مثقلا، لو خفّ طفّ موكّلا ... بمنقول أحكام، ومعقول حكمة (4)
... وحز بالولا ميراث أرفع عارف، ... غدا همّه إيثار تأثير همّة (5)
... وته ساحبا، بالسّحب، أذيال عاشق ... بوصل، على أعلى المجرّة جرّت (6)
... وجل في فنون الاتحاد ولا تحد ... إلى فئة، في غيره العمر أفنت (7)
... فواحده الجمّ الغفير، ومن غدا ... هـ شرذمة، حجّت بأبلغ حجّة (8)
... فمتّ بمعناه، وعش فيه أو فمت ... معنّاه، واتبع أمّة فيه أمّت (9)
... فأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... اجتهاد، مجدّ عن رجاء وخيفة ... وغير عجيب هزّ عطفيك دونه ... بأهنا، وأنهى لذّة ومسرّة(1/47)
__________
(11) كف اليد: منعها. صدّت: منعت. تصدت: واجهت.
وما نال شيئا منه غيري سوى فتى، ... على قدمي، في القبض والبسط، ما فتي (1)
... فلا تعش عن آثار سيري واخش غين ... إيثار غيري، وأغش عين طريقتي (2)
... فؤادي ولاها، صاح، صاحي الفؤاد في ... ولاية أمري، داخل تحت إمرتي ... وملك معالي العشق ملكي وجندي ... المعاني، وكلّ العاشقين رعيّتي ... فتى الحبّ، ها قد بنت عنه بحكم من ... يراه حجابا، فالهوى دون رتبتي ... وجاوزت حدّ العشق، فالحبّ كالقلى ... وعن شأو معراج اتّحادي رحلتي (3)
... فطب بالهوى نفسا، فقد سدت أنفس ... العباد من العبّاد، في كلّ أمّة ... وفز بالعلى، وأفخر على ناسك علا ... بظاهر أعمال، ونفس تزكّت ... وجز مثقلا، لو خفّ طفّ موكّلا ... بمنقول أحكام، ومعقول حكمة (4)
... وحز بالولا ميراث أرفع عارف، ... غدا همّه إيثار تأثير همّة (5)
... وته ساحبا، بالسّحب، أذيال عاشق ... بوصل، على أعلى المجرّة جرّت (6)
... وجل في فنون الاتحاد ولا تحد ... إلى فئة، في غيره العمر أفنت (7)
... فواحده الجمّ الغفير، ومن غدا ... هـ شرذمة، حجّت بأبلغ حجّة (8)
... فمتّ بمعناه، وعش فيه أو فمت ... معنّاه، واتبع أمّة فيه أمّت (9)
... فأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... اجتهاد، مجدّ عن رجاء وخيفة ... وغير عجيب هزّ عطفيك دونه ... بأهنا، وأنهى لذّة ومسرّة
(1) القبض والبسط: ضدان بمعنى الضيق والفرج. ما فتي: ما فتئ.
(2) لا تعش: لا تتعام اي تفقد بصرك. الغين في المصطلح الصوفي الاحتجاب عن الشهود مع صحة الاعتقاد وقد مرّ شرحه سابقا. أغش: اقصد.
(3) جاوزت: تخطيت. القلى: البغضاء. الشأو: الغاية.
(4) جز: اعبر. طفّ: اقترب.
(5) حز: احصل. الولا: الولاء للََّه تعالى. الإيثار: التفضيل.
(6) ته: فعل أمر من تاه. المجرة: مجموعة من النجوم لا عدّ ولا حصر لها.
(7) جل: فعل أمر من جال بمعنى طاف.
(8) الجم الغفير: الجمع الكثير. الشرذمة: القليل من الناس.
(9) مت معنّاه: مت من تعبه. أمت: أتبعت.(1/48)
وأوصاف من تعزى إليه، كم اصطفت ... من الناس منسيّا وأسماه أسمت (1)
... وأنت على ما أنت عنّي نازح، ... وليس الثّريّا، للثّرى، بقرينة (2)
... فطورك قد بلّغته، وبلغت فو ... ق طورك حيث النّفس لم تك ظنّت ... وحدّك هذا، عنده، قف، فعنه لو ... تقدّمت شيئا، لاحترقت بجذوة (3)
... وقدري، بحيث المرء يغبط دونه ... سموّا، ولكن فوق قدرك، غبطتي (4)
... وكلّ الورى أبناء آدم، غير أني ... حزت صحو الجمع، من بين إخوتي (5)
... فسمعي كليميّ، وقلبي منبّأ ... بأحمد، رؤيا مقلة أحمديّة (6)
... وروحي للأرواح روح، وكلّ ما ... ترى حسنا في الكون من فيض طينتي ... فذر لي ما قبل الظّهور عرفته ... خصوصا وبي لم تدر في الذرّ رفقتي (7)
... ولا تسمني فيها مريدا، فمن دعي ... مرادا لها، جذبا، فقير لعصمتي (8)
... وألغ الكنى عني، ولا تلغ ألكنا ... بها، فهي من آثار صيغة صنعتي (9)
... وعن لقبي بالعارف ارجع، فإن تر ... التّنابز بالألقاب، في الذّكر، تمقت (10)
... فأصغر أتباعي، على عين قلبه، ... عرائس أبكار المعارف، زفّت
__________
(1) تعزى: تنتسب. اسمت: علت وارتفعت.
(2) الثريا والثرى: السماء والأرض. القرينة: المثيل والشبيه.
(3) الجذوة: الجمرة أو القطعة من النار.
(4) يغبط: يسر. السمو: العلو والارتقاء.
(5) الورى: الناس: حزت: أحرزت.
(6) الكليم: النبي موسى (ع). أحمد: النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم). الرؤيا الأحمدية: رؤية المسلم. المقلة: العين.
(7) ذر: دع. الذر: الإشراف.
(8) المريد: الذي يتوجه للََّه دون سواه وهو الذي يتمرد على ارادته. والمريد والمراد من درجات الصوفية أما المراد فهي درجة اعلى من المريد بحيث يتجاوز المرء المقامات والرسوم من غير تعب.
(9) الكنى: مفردها الكنية وهي اللقب. الألكن: الصعب النطق أو ثقيل اللسان.
(10) التنابز بالألقاب: تعيير الإنسان لآخر باللقب وهو أمر نهى الله سبحانه وتعالى عنه:
{وَلََا تَنََابَزُوا بِالْأَلْقََابِ}. العارف: العالم الصوفي. تمقت: تغضب.
جنى ثمر العرفان من فرع فطنة، ... زكا باتّباعي، وهو من أصل فطرتي ... فإن سيل عن معنى أتى بغرائب، ... عن الفهم جلّت، بل عن الوهم دقت (1)
... ولا تدعني فيها بنعت مقرّب، ... أراه بحكم الجمع فرق جريرة (2)
... فوصلي قطعي، واقترابي تباعدي، ... وودّي صدّي، وانتهائي بداءتي ... وفي من بها ورّيت عنّي، ولم أرد ... سواي، خلعت اسمي ورسمي وكنيتي (3)
... فسرت إلى ما دونه وقف الألى، ... وضلّت عقول، بالعوائد ضلّت (4)
... فلا وصف لي والوصف رسم، كذاك ... الاسم وسم، فإن تكني، فكنّ أو انعت (5)
... ومن أنا إياها إلى حيث لا إلى ... عرجت، وعطّرت الوجود برجعتي (6)
... وعن أنا إيّاي لباطن حكمة، ... وظاهر أحكام، أقيمت لدعوتي ... فغاية مجذوبي إليها، ومنتهى ... مراديه ما أسلفته، قبل توبتي (7)
... ومنّي أوج السّابقين، بزعمهم، ... حضيض ثرى آثار موضع وطأتي (8)
... وآخر ما بعد الإشارة، حيث لا ... ترقّي ارتفاع وضع أول خطوتي (9)
... ولا غرو أن سدت الألى سبقوا، وقد ... تمسّكت، من طه بأوثق عروة (10)
... عليها مجازي سلامي، فإنّما ... حقيقته مني إليّ تحيتي ... وأطيب ما فيها وجدت بمبتدا ... غرامي، وقد أبدى بها كلّ نذرة (11)(1/49)
__________
{وَلََا تَنََابَزُوا بِالْأَلْقََابِ}. العارف: العالم الصوفي. تمقت: تغضب.
جنى ثمر العرفان من فرع فطنة، ... زكا باتّباعي، وهو من أصل فطرتي ... فإن سيل عن معنى أتى بغرائب، ... عن الفهم جلّت، بل عن الوهم دقت (1)
... ولا تدعني فيها بنعت مقرّب، ... أراه بحكم الجمع فرق جريرة (2)
... فوصلي قطعي، واقترابي تباعدي، ... وودّي صدّي، وانتهائي بداءتي ... وفي من بها ورّيت عنّي، ولم أرد ... سواي، خلعت اسمي ورسمي وكنيتي (3)
... فسرت إلى ما دونه وقف الألى، ... وضلّت عقول، بالعوائد ضلّت (4)
... فلا وصف لي والوصف رسم، كذاك ... الاسم وسم، فإن تكني، فكنّ أو انعت (5)
... ومن أنا إياها إلى حيث لا إلى ... عرجت، وعطّرت الوجود برجعتي (6)
... وعن أنا إيّاي لباطن حكمة، ... وظاهر أحكام، أقيمت لدعوتي ... فغاية مجذوبي إليها، ومنتهى ... مراديه ما أسلفته، قبل توبتي (7)
... ومنّي أوج السّابقين، بزعمهم، ... حضيض ثرى آثار موضع وطأتي (8)
... وآخر ما بعد الإشارة، حيث لا ... ترقّي ارتفاع وضع أول خطوتي (9)
... ولا غرو أن سدت الألى سبقوا، وقد ... تمسّكت، من طه بأوثق عروة (10)
... عليها مجازي سلامي، فإنّما ... حقيقته مني إليّ تحيتي ... وأطيب ما فيها وجدت بمبتدا ... غرامي، وقد أبدى بها كلّ نذرة (11)
(1) سيل: سئل. دقّت: صعبت.
(2) النعت: الصفة. الجريرة: الذنب.
(3) وريت: احفيت وسترت. ورّى الشيء ستره وأخفاه. الكنية: اللقب.
(4) الألى: الناس. العوائد: المعارف والعلوم. ضلت: تاهت.
(5) الوسم: الصفة والميزة. كنّ وانعت فعلا أمر من كنّى: سمّى ونعت: وصف.
(6) عرجت: ملت.
(7) غاية مجذوبي: منتهى تعلقي. أسلفته: قدمته سابقا.
(8) الأوج: المنتهى والعز. الحضيض: المكان الأسفل. موضع الوطأة: موطئ القدم.
(9) معنى البيت: انني وصلت إلى موضع لا يمكن ان ترتفع إليه قدم.
(10) سدت الألى: أصبحت سيد الناس. طه: سيدنا ونبينا محمد (صلّى الله عليه وسلّم). العروة:
الصلة.
(11) النذرة: الأنذار.
ظهوري، وقد أخفيت حالي منشدا ... بها، طربا، والحال غير خفيّة ... بدت، فرأيت الحزم في نقص توبتي ... وقام بها عند النّهى عذر محنتي (1)
... فمنها أماني من ضنى جسدي بها، ... أمانيّ آمال سخت، ثمّ شحّت (2)
... وفيها تلافي الجسم، بالسّقم، صحة ... له، وتلاف النّفس نفس الفتوّة (3)
... وموتي بها، وجدا، حياة هنيئة، ... وإن لم أمت في الحبّ عشت بغصّة ... فيا مهجتي ذوبي جوى وصبابة، ... ويا لوعتي كوني، كذاك، مذيبتي (4)
... ويا نار أحشائي أقيمي، من الجوى، ... حنايا ضلوعي، فهي غير قويمة (5)
... ويا حسن صبري، في رضى من أحبّها ... تجمّل، وكن للدّهر بي غير مشمت (6)
... ويا جلدي، في جنب طاعة حبّها ... تحمّل، عداك الكلّ، كلّ عظيمة (7)
... ويا جسدي المضنى تسلّ عن الشّفا، ... ويا كبدي، من لي بأن تتفتّتي (8)
... ويا سقمي لا تبق لي رمقا، فقد ... أبيت، لبقيا العزّ، ذلّ البقيّة (9)
... ويا صحّتي، ما كان من صحبتي انقضى ... ووصلك في الأحشاء ميتا كهجرة ... ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّي ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمة (10)
... ويا ما عسى منّي أناجي، توهّما، ... بياء النّدا، أونست منك بوحشة (11)(1/50)
__________
(11) النذرة: الأنذار.
ظهوري، وقد أخفيت حالي منشدا ... بها، طربا، والحال غير خفيّة ... بدت، فرأيت الحزم في نقص توبتي ... وقام بها عند النّهى عذر محنتي (1)
... فمنها أماني من ضنى جسدي بها، ... أمانيّ آمال سخت، ثمّ شحّت (2)
... وفيها تلافي الجسم، بالسّقم، صحة ... له، وتلاف النّفس نفس الفتوّة (3)
... وموتي بها، وجدا، حياة هنيئة، ... وإن لم أمت في الحبّ عشت بغصّة ... فيا مهجتي ذوبي جوى وصبابة، ... ويا لوعتي كوني، كذاك، مذيبتي (4)
... ويا نار أحشائي أقيمي، من الجوى، ... حنايا ضلوعي، فهي غير قويمة (5)
... ويا حسن صبري، في رضى من أحبّها ... تجمّل، وكن للدّهر بي غير مشمت (6)
... ويا جلدي، في جنب طاعة حبّها ... تحمّل، عداك الكلّ، كلّ عظيمة (7)
... ويا جسدي المضنى تسلّ عن الشّفا، ... ويا كبدي، من لي بأن تتفتّتي (8)
... ويا سقمي لا تبق لي رمقا، فقد ... أبيت، لبقيا العزّ، ذلّ البقيّة (9)
... ويا صحّتي، ما كان من صحبتي انقضى ... ووصلك في الأحشاء ميتا كهجرة ... ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّي ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمة (10)
... ويا ما عسى منّي أناجي، توهّما، ... بياء النّدا، أونست منك بوحشة (11)
(1) الحزم: البأس والشدة. النهى: مفردها النهية ومعناها العقل. المحنة: الازمة.
(2) الضنى: الضعف. سخت: جادت، شحت: بخلت.
(3) تلاف الجسم: فساده. السقم: العلة والمرض.
(4) الجوى والصبابة: الوجد أو شدة العشق.
(5) حنايا الضلوع: أصلها. قويمة: مستقيمة.
(6) تجمل: اصبر. المشمت: الذي يفرح بمصيبة غيره.
(7) الجلد: الصبر.
(8) الجسد المضني: الجسم المريض.
(9) الرمق: النفس الأخير. أبيت: رفضت. البقيا: البقاء.
(10) العظام الرميمة: الميتة التي لا حياة فيها.
(11) المعنى: أنه لم يبق له إلا المناجاة ومخاطبة الله جل وعلا بالادعية. يا
وكلّ الذي ترضاه والموت دونه ... به أنا راض والصبابة أرضت ... ونفسي لم تجزع، بإتلافها أسى، ... ولو جزعت كانت بغيري تأسّت (1)
... وفي كلّ حيّ كلّ حيّ كميّت ... بها، عنده قتل الهوى خير موتة ... تجمّعت الأهواء فيها، فما ترى ... بها غير صبّ، لا يرى غير صبوة (2)
... إذا سفرت في يوم عيد تزاحمت ... على حسنها أبصار كلّ قبيلة ... فأرواحهم تصبو لمعنى جمالها، ... وأحداقهم من حسنها في حديقة (3)
... وعندي عيدي، كلّ يوم أرى به، ... جمال محيّاها، بعين قريرة ... وكلّ اللّيالي ليلة القدر، إن دنت ... كما كلّ أيّام اللّقا يوم جمعة (4)
... وسعيي لها حجّ، به كلّ وقفة، ... على بابها، قد عادلت كلّ وقفة (5)
... وأيّ بلاد الله حلّت بها، فما ... أراها، وفي عيني حلت، غير مكّة ... وأيّ مكان ضمّها حرم، كذا ... أرى كل دار أوطنت دار هجرة ... وما سكنته فهو بيت مقدّس، ... بقرّة عيني فيه، أحشاي قرّت (6)
... ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض، عليها تمشّت (7)
... مواطن أفراحي، ومربى مآربي، ... وأطوار أوطاري، ومأمن خيفتي (8)
... مغان، بها لم يدخل الدّهر بيننا، ... ولا كادنا صرف الزّمان بفرقة (9)(1/51)
__________
(11) المعنى: أنه لم يبق له إلا المناجاة ومخاطبة الله جل وعلا بالادعية. يا
وكلّ الذي ترضاه والموت دونه ... به أنا راض والصبابة أرضت ... ونفسي لم تجزع، بإتلافها أسى، ... ولو جزعت كانت بغيري تأسّت (1)
... وفي كلّ حيّ كلّ حيّ كميّت ... بها، عنده قتل الهوى خير موتة ... تجمّعت الأهواء فيها، فما ترى ... بها غير صبّ، لا يرى غير صبوة (2)
... إذا سفرت في يوم عيد تزاحمت ... على حسنها أبصار كلّ قبيلة ... فأرواحهم تصبو لمعنى جمالها، ... وأحداقهم من حسنها في حديقة (3)
... وعندي عيدي، كلّ يوم أرى به، ... جمال محيّاها، بعين قريرة ... وكلّ اللّيالي ليلة القدر، إن دنت ... كما كلّ أيّام اللّقا يوم جمعة (4)
... وسعيي لها حجّ، به كلّ وقفة، ... على بابها، قد عادلت كلّ وقفة (5)
... وأيّ بلاد الله حلّت بها، فما ... أراها، وفي عيني حلت، غير مكّة ... وأيّ مكان ضمّها حرم، كذا ... أرى كل دار أوطنت دار هجرة ... وما سكنته فهو بيت مقدّس، ... بقرّة عيني فيه، أحشاي قرّت (6)
... ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض، عليها تمشّت (7)
... مواطن أفراحي، ومربى مآربي، ... وأطوار أوطاري، ومأمن خيفتي (8)
... مغان، بها لم يدخل الدّهر بيننا، ... ولا كادنا صرف الزّمان بفرقة (9)
(1) لم تجزع: لم تخف. الإتلاف: الموت. تأست: تعزت.
(2) الأهواء: الأغراض. الصبّ: الشديد العشق والصبوة: حبّ الشباب.
(3) تصبو: تنظر. الأحداق: المقل.
(4) المعنى أنه ينتظر لقياها في كل ليلة كما ينتظر المؤمنون لقاء ليلة القدر في كل عام.
(5) السعي والوقفة: من اعمال الحج والمقصود أن الوقوف على بابها يعادل الوقوف على جبل عرفات.
(6) أحشاي: احشائي. قرّت: هدأت واطمأنت.
(7) مساحب بردها: أطراف ثوبها.
(8) المواطن: المساكن. المآرب: الغايات. الأوطار: الحاجات.
(9) المغاني: الحجرات. كادنا: أصابنا بمكيدة. صرف الزمان: كيده.
ولا سعت الأيّام في شتّ شملنا، ... ولا حكمت فينا الليالي بجفوة (1)
... ولا صبّحتنا النائبات بنبوة، ... ولا حدّثتنا الحادثات بنكبة (2)
... ولا شنّع الواشي بصدّ وهجرة ... ولا أرجف اللاحي ببين وسلوة (3)
... ولا استيقظت عين الرّقيب ولم تزل ... عليّ لها، في الحبّ، عيني رقيبتي ... ولا اختصّ وقت دون وقت بطيبة ... بها كلّ أوقاتي مواسم لذة ... نهاري أصيل كلّه، إن تنسّمت ... أوائله منها بردّ تحيّتي ... وليلي فيها كلّه سحر، إذا ... سرى لي منها فيه عرف نسيمة (4)
... وإن طرقت ليلا، فشهري كلّه ... بها ليلة القدر، ابتهاجا بزورة (5)
... وإن قربت داري، فعامي كلّه ... ربيع اعتدال، في رياض أريضة (6)
... وإن رضيت عني، فعمري كلّه ... زمان الصّبا، طيبا، وعصر الشبيبة ... لئن جمعت شمل المحاسن صورة ... شهدت بها كلّ المعاني الدّقيقة ... فقد جمعت أحشاي كلّ صبابة ... بها، وجوى ينبيك عن كلّ صبوة (7)
... ولم لا أباهي كلّ من يدّعي الهوى ... بها، وأناهي في افتخاري بحظوة (8)
... وقد نلت منها فوق ما كنت راجيا ... وما لم أكن أمّلت من قرب قربتي (9)(1/52)
__________
(9) المغاني: الحجرات. كادنا: أصابنا بمكيدة. صرف الزمان: كيده.
ولا سعت الأيّام في شتّ شملنا، ... ولا حكمت فينا الليالي بجفوة (1)
... ولا صبّحتنا النائبات بنبوة، ... ولا حدّثتنا الحادثات بنكبة (2)
... ولا شنّع الواشي بصدّ وهجرة ... ولا أرجف اللاحي ببين وسلوة (3)
... ولا استيقظت عين الرّقيب ولم تزل ... عليّ لها، في الحبّ، عيني رقيبتي ... ولا اختصّ وقت دون وقت بطيبة ... بها كلّ أوقاتي مواسم لذة ... نهاري أصيل كلّه، إن تنسّمت ... أوائله منها بردّ تحيّتي ... وليلي فيها كلّه سحر، إذا ... سرى لي منها فيه عرف نسيمة (4)
... وإن طرقت ليلا، فشهري كلّه ... بها ليلة القدر، ابتهاجا بزورة (5)
... وإن قربت داري، فعامي كلّه ... ربيع اعتدال، في رياض أريضة (6)
... وإن رضيت عني، فعمري كلّه ... زمان الصّبا، طيبا، وعصر الشبيبة ... لئن جمعت شمل المحاسن صورة ... شهدت بها كلّ المعاني الدّقيقة ... فقد جمعت أحشاي كلّ صبابة ... بها، وجوى ينبيك عن كلّ صبوة (7)
... ولم لا أباهي كلّ من يدّعي الهوى ... بها، وأناهي في افتخاري بحظوة (8)
... وقد نلت منها فوق ما كنت راجيا ... وما لم أكن أمّلت من قرب قربتي (9)
(1) شت الشمل: الفرقة. الجفوة: القطيعة والتباعد.
(2) النائبات: مفردها النائبة وهي المصيبة والبلاء. النبوة: الجفاء. الحادثات: مفردها الحادثة وهي النكبة.
(3) شنع: كرّه الصد: الجفاء. ارجف اللاحي: أبعد المبغض. البين: الفراق.
السلوى: النسيان.
(4) سرى: أتى ليلا. العرف: الرائحة الطيبة. النسيمة: تصغير لكلمة نسمة.
(5) طرقت: زارت ليلا. الزورة: الزيارة.
(6) الرياض: مفردها الروضة وهي الحديقة الغنّاء. الأريضة: الكثيرة الاخضرار.
(7) الصبابة: شدة العشق الجوى: عذاب الحب. ينبيك: يخبرك.
(8) أناهي: أغالب. الحظوة: اللقية الثمينة.
(9) القربة: ما يتقرب به الإنسان من الله عز وجل.
وأرغم أنف البين لطف اشتمالها ... عليّ، بما يربي على كلّ منية (1)
... بها مثلما أمسيت أصبحت مغرما ... وما أصبحت فيه من الحسن أمست ... فلو منحت كلّ الورى بعض حسنها ... خلا «يوسف»، ما فاتهم بمزيّة (2)
... صرفت لها كلّي، على يد حسنها ... فضاعف لي إحسانها كلّ وصلة (3)
... يشاهد منّي حسنها كلّ ذرة ... بها كلّ طرف جال، في كلّ طرفه (4)
... ويثني عليها فيّ كلّ لطيفة، ... بكلّ لسان، طال في كلّ لفظة ... وأنشق ريّاها بكلّ دقيقة، ... بها كلّ أنف ناشق كلّ هبّة (5)
... ويسمع منّي لفظها كلّ بضعة ... بها كلّ سمع سامع متنصّت (6)
... ويلثم منّي كلّ جزء لثامها ... بكلّ فم، في لثمه كلّ قبلة (7)
... فلو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر ... به كلّ قلب، فيه كلّ محبّة ... وأغرب ما فيها استجدت، وجاد لي ... به الفتح، كشفا، مذهبا كلّ ريبة (8)
... شهودي بعين الجمع كلّ مخالف، ... وليّ ائتلاف، صدّه كالمودّة (9)
... أحبّني اللّاحي، وغار، فلا مني، ... وهام بها الواشي، فجار برقبة (10)
... فشكري لهذا حاصل حيث برّها ... لذا واصل، والكلّ آثار نعمتي (11)(1/53)
__________
(9) القربة: ما يتقرب به الإنسان من الله عز وجل.
وأرغم أنف البين لطف اشتمالها ... عليّ، بما يربي على كلّ منية (1)
... بها مثلما أمسيت أصبحت مغرما ... وما أصبحت فيه من الحسن أمست ... فلو منحت كلّ الورى بعض حسنها ... خلا «يوسف»، ما فاتهم بمزيّة (2)
... صرفت لها كلّي، على يد حسنها ... فضاعف لي إحسانها كلّ وصلة (3)
... يشاهد منّي حسنها كلّ ذرة ... بها كلّ طرف جال، في كلّ طرفه (4)
... ويثني عليها فيّ كلّ لطيفة، ... بكلّ لسان، طال في كلّ لفظة ... وأنشق ريّاها بكلّ دقيقة، ... بها كلّ أنف ناشق كلّ هبّة (5)
... ويسمع منّي لفظها كلّ بضعة ... بها كلّ سمع سامع متنصّت (6)
... ويلثم منّي كلّ جزء لثامها ... بكلّ فم، في لثمه كلّ قبلة (7)
... فلو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر ... به كلّ قلب، فيه كلّ محبّة ... وأغرب ما فيها استجدت، وجاد لي ... به الفتح، كشفا، مذهبا كلّ ريبة (8)
... شهودي بعين الجمع كلّ مخالف، ... وليّ ائتلاف، صدّه كالمودّة (9)
... أحبّني اللّاحي، وغار، فلا مني، ... وهام بها الواشي، فجار برقبة (10)
... فشكري لهذا حاصل حيث برّها ... لذا واصل، والكلّ آثار نعمتي (11)
(1) البين: الفراق والبعد. يربي: يزيد.
(2) الورى: الخلق: خلا: عدا. يوسف (ع): ابن يعقوب (ع) الذي كان آية في الحسن والجمال. المزية: الصفة.
(3) صرفت: منحت: الوصلة: الاتصال.
(4) الطرف: النظر. حال: تنقل. الطرفة: النظرة.
(5) أنشق: أشم. رياها: عطرها.
(6) البضعة: القطعة من الجسد. متنصت: مصغ بانتباه.
(7) يلثم: يقبّل. اللثام: غطاء الوجه والفم.
(8) استجدت: اخترت كل جديد. الريبة: الشك.
(9) شهودي: حضوري. الائتلاف: الصلة والمودة. الصد: المنع والهجران.
(10) اللاحي: المبغض. جار: ظلم. الرقبة: الرقابة.
(11) برها: عطاؤها.
وغيري على الأغيار يثني، وللسّوى ... سواي، يثنّي منه عطفا لعطفتي (1)
... وشكري لي، والبرّ منّي واصل ... إليّ، ونفسي، باتّحادي، استبدّت (2)
... وثمّ أمور تمّ لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطّت ... وعنّي بالتّلويح يفهم ذائق، ... غنيّ عن التصريح للمتعنّت (3)
... بها لم يبح دمه، وفي ... الإشارة معنى، ما العبارة حدّت (4)
... ومبدأ إبداها اللّذان تسبّبا ... إلى فرقتي، والجمع يأبى تشتّتي (5)
... هما معنا في باطن الجمع واحد، ... وأربعة في ظاهر الفرق عدّت ... وإنّي وإيّاها لذات، ومن وشى ... بها، وثنى عنها صفات تبدّت (6)
... فذا مظهر للرّوح، هاد، لأفقها ... شهودا، بدا في صيغة معنوية ... وذا مظهر للنّفس، حاد، لرفقها ... وجودا، غدا في صيغة صوريّة ... ومن عرف الأشكال مثلي لم يشبه ... شرك هدى، في رفع إشكال شبهة ... وذاتي باللّذّات خصّت عوالمي ... بمجموعها، إمداد جمع، وعمّت (7)
... وجادت ولا استعداد كسب بفيضها ... وقبل التّهيّؤ، للقبول، استعدّت (8)
... فبالنّفس أشباح الوجود تنعّمت ... وبالرّوح أرواح الشّهود تهنّت ... وحال شهودي: بين ساع لأفقه ... ولاح مراع رفقه، بالنّصيحة (9)
... شهيد بحالي، في السّماع لجاذبي، ... قضاء مقرّي، أو ممرّ قضيّتي(1/54)
__________
(11) برها: عطاؤها.
وغيري على الأغيار يثني، وللسّوى ... سواي، يثنّي منه عطفا لعطفتي (1)
... وشكري لي، والبرّ منّي واصل ... إليّ، ونفسي، باتّحادي، استبدّت (2)
... وثمّ أمور تمّ لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطّت ... وعنّي بالتّلويح يفهم ذائق، ... غنيّ عن التصريح للمتعنّت (3)
... بها لم يبح دمه، وفي ... الإشارة معنى، ما العبارة حدّت (4)
... ومبدأ إبداها اللّذان تسبّبا ... إلى فرقتي، والجمع يأبى تشتّتي (5)
... هما معنا في باطن الجمع واحد، ... وأربعة في ظاهر الفرق عدّت ... وإنّي وإيّاها لذات، ومن وشى ... بها، وثنى عنها صفات تبدّت (6)
... فذا مظهر للرّوح، هاد، لأفقها ... شهودا، بدا في صيغة معنوية ... وذا مظهر للنّفس، حاد، لرفقها ... وجودا، غدا في صيغة صوريّة ... ومن عرف الأشكال مثلي لم يشبه ... شرك هدى، في رفع إشكال شبهة ... وذاتي باللّذّات خصّت عوالمي ... بمجموعها، إمداد جمع، وعمّت (7)
... وجادت ولا استعداد كسب بفيضها ... وقبل التّهيّؤ، للقبول، استعدّت (8)
... فبالنّفس أشباح الوجود تنعّمت ... وبالرّوح أرواح الشّهود تهنّت ... وحال شهودي: بين ساع لأفقه ... ولاح مراع رفقه، بالنّصيحة (9)
... شهيد بحالي، في السّماع لجاذبي، ... قضاء مقرّي، أو ممرّ قضيّتي
(1) يثني: يعطف. للسوى: للغير. العطف: الجانب. العطفة: الميل.
(2) استبدت: جارت وظلمت.
(3) التلويح: الإشارة. المتعنت: المتصلب الرأي.
(4) لم يبح: لم يذع. أباح الدم: أهرقه. حدت: حددت.
(5) إبداها: تخفيف لكلمة ابدائها. تشتتي: تفرقي.
(6) ثنى: صرف. تبدت: ظهرت.
(7) امداد جمع: وصول الخير للجميع. عمت: شملت.
(8) الفيض: العطاء الكثير. التهيؤ: الاستعداد.
(9) اللاحي: اللائم.
ويثبت نفي الالتباس تطابق ... المثالين بالخمس الحواس المبينة (1)
... وبين يدي مرماي، دونك سرّ ما ... تلقّته منها النّفس، سرّا، فألقت (2)
... إذا لاح معنى الحسن في أيّ صورة ... وناح معنّى الحزن في أيّ سورة (3)
... يشاهدها فكري بطرف تخيّلي، ... ويسمعها ذكري بمسمع فطنتي (4)
... ويحضرها للنّفس وهمي، تصوّرا ... فيحسبها، في الحسّ، فهمي، نديمتي ... فأعجب من سكري بغير مدامة ... وأطرب في سرّي، ومنّي طربتي (5)
... فيرقص قلبي، وارتعاش مفاصلي ... يصفّق كالشادي، وروحي قينتي (6)
... وما برحت نفسي تقوّت بالمنى، ... وتمحو القوى بالضّعف، حتى تقوّت (7)
... هناك وجدت الكائنات تحالفت ... على أنّها، والعون منّي، معينتي ... ليجمع شملي كلّ جارحة بها، ... ويشمل جمعي كلّ منبت شعرة ... ويخلع فينا، بيننا، لبس بيننا، ... على أنّني لم ألفه غير ألفة (8)
... تنبّه لنقل الحسّ للنّفس، راغبا ... عن الدّرس، ما أبدت بوحي البديهة (9)
... لروحي يهدي ذكرها الرّوح، كلما ... سرت سحرا منها شمال، وهبّت (10)
... ويلتذّ إن هاجته سمعي، بالضّحى ... على ورق ورق، شدت، وتغنّت (11)(1/55)
__________
(9) اللاحي: اللائم.
ويثبت نفي الالتباس تطابق ... المثالين بالخمس الحواس المبينة (1)
... وبين يدي مرماي، دونك سرّ ما ... تلقّته منها النّفس، سرّا، فألقت (2)
... إذا لاح معنى الحسن في أيّ صورة ... وناح معنّى الحزن في أيّ سورة (3)
... يشاهدها فكري بطرف تخيّلي، ... ويسمعها ذكري بمسمع فطنتي (4)
... ويحضرها للنّفس وهمي، تصوّرا ... فيحسبها، في الحسّ، فهمي، نديمتي ... فأعجب من سكري بغير مدامة ... وأطرب في سرّي، ومنّي طربتي (5)
... فيرقص قلبي، وارتعاش مفاصلي ... يصفّق كالشادي، وروحي قينتي (6)
... وما برحت نفسي تقوّت بالمنى، ... وتمحو القوى بالضّعف، حتى تقوّت (7)
... هناك وجدت الكائنات تحالفت ... على أنّها، والعون منّي، معينتي ... ليجمع شملي كلّ جارحة بها، ... ويشمل جمعي كلّ منبت شعرة ... ويخلع فينا، بيننا، لبس بيننا، ... على أنّني لم ألفه غير ألفة (8)
... تنبّه لنقل الحسّ للنّفس، راغبا ... عن الدّرس، ما أبدت بوحي البديهة (9)
... لروحي يهدي ذكرها الرّوح، كلما ... سرت سحرا منها شمال، وهبّت (10)
... ويلتذّ إن هاجته سمعي، بالضّحى ... على ورق ورق، شدت، وتغنّت (11)
(1) الالتباس: الحيرة والشك في الأمر.
(2) المرمى: الهدف. دونك: اسم فعل أمر بمعنى خذ.
(3) المعنى: المريض. السورة: سورة القرآن الكريم.
(4) الفطنة: النباهة والذكاء.
(5) المدامة: الخمرة.
(6) الشادي: المغني. القينة: الفتاة المغنية.
(7) تتقوت: تتناول الطعام. المنى: الأمل. تقوت: قويت.
(8) يخلع: يمحو ويحطم. بيننا: فرقتنا. اللبس: الشك. لم ألفه: لم أجده.
(9) البديهة: سرعة الخاطر.
(10) الرّوح: الراحة. السحر: أوائل الصباح. الشمال: ريح الشمال الخفيفة.
(11) هاجته: حركته. الضحى: الصباح. الورق: مفردها الورقاء وهي الحمامة. شدت:
تغنت.
وينعم طرفي إن روته، عشيّة، ... لإنسانه عنها بروق، وأهدت (1)
... ويمنحه ذوقي ولمسي أكؤس ... الشّراب، إذا ليلا، عليّ أديرت (2)
... ويوحيه قلبي للجوانح باطنا ... بظاهر ما رسل الجوارح أدّت (3)
... ويحضرني في الجمع من باسمها شدا ... فأشهدها، عند السّماع، بجملتي (4)
... فينحو سماء النّفح روحي ومظهري ... المسوّى بها، يحنو لأتراب تربتي (5)
... فمنّي مجذوب إليها وجاذب ... إليه، ونزع النّزع في كلّ جذبة (6)
... وما ذاك إلّا أنّ نفسي تذكّرت ... حقيقتها، من نفسها، حين أوحت ... فحنّت لتجريد الخطاب ببرزخ ... التّراب، وكلّ آخذ بأزمّتي (7)
... وينبيك عن شأني الوليد، وإن نشا ... بليدا، بإلهام كوحي وفطنة (8)
... إذا أنّ من شدّ القماط، وحنّ، في ... نشاط، إلى تفريج إفراط كربة (9)
... يناغي، فيلغي كلّ كلّ أصابه ... ويصغي لمن ناغاه، كالمتنصّت (10)
... وينسيه مرّ الخطب حلو خطابه ... ويذكره نجوى عهود قديمة (11)(1/56)
__________
تغنت.
وينعم طرفي إن روته، عشيّة، ... لإنسانه عنها بروق، وأهدت (1)
... ويمنحه ذوقي ولمسي أكؤس ... الشّراب، إذا ليلا، عليّ أديرت (2)
... ويوحيه قلبي للجوانح باطنا ... بظاهر ما رسل الجوارح أدّت (3)
... ويحضرني في الجمع من باسمها شدا ... فأشهدها، عند السّماع، بجملتي (4)
... فينحو سماء النّفح روحي ومظهري ... المسوّى بها، يحنو لأتراب تربتي (5)
... فمنّي مجذوب إليها وجاذب ... إليه، ونزع النّزع في كلّ جذبة (6)
... وما ذاك إلّا أنّ نفسي تذكّرت ... حقيقتها، من نفسها، حين أوحت ... فحنّت لتجريد الخطاب ببرزخ ... التّراب، وكلّ آخذ بأزمّتي (7)
... وينبيك عن شأني الوليد، وإن نشا ... بليدا، بإلهام كوحي وفطنة (8)
... إذا أنّ من شدّ القماط، وحنّ، في ... نشاط، إلى تفريج إفراط كربة (9)
... يناغي، فيلغي كلّ كلّ أصابه ... ويصغي لمن ناغاه، كالمتنصّت (10)
... وينسيه مرّ الخطب حلو خطابه ... ويذكره نجوى عهود قديمة (11)
(1) الطرف: النظر. روته: زارته. انسان العين: بؤبؤها.
(2) أكؤس: جمع تكسير لكأس.
(3) الجوارح: الحشا. أدت: أوصلت.
(4) الشدا: الغناء. بجملتي: لكل جسدي.
(5) ينحو: يتجه. النفح: الريح الطيبة. الأتراب: واحدها الترب وهو الرفيق. التربة:
المقبرة.
(6) المجذوب: المشدود. والجاذب اسم فاعل من جذب بمعنى شد. النزع: الموت.
(7) البرزخ: القناة بين موضعين. الأزمة: مفردها الزمام وهو العنان أو الرسن.
(8) ينبيك: يخبرك. نشا: نشأ وترعرع بليدا: كسولا خاملا.
(9) شد القماط: كناية عن صغر السن. التفريج: الترويح. الإفراط: الكثرة. الكربة:
الهم والضيق.
(10) المناغاة: كلام الحب. الكلّ: التعب. المنصت: المستمع بدقة.
(11) الخطب: الأمر العظيم. النجوى: حديث القلب.
ويعرب عن حال السّماع بحاله ... فيثبت، للرّقص، انتفاء النقيصة (1)
... إذا هام شوقا بالمناغي، وهمّ أن ... يطير إلى أوطانه الأوّليّة (2)
... يسكّن بالتّحريك، وهو بمهده ... إذا، ما له أيدي مربّيه، هزّت (3)
... وجدت، بوجد، آخذي عند ذكرها ... بتحبير تال، أو بألحان صيّت (4)
... كما يجد المكروب في نزع نفسه ... إذا ما له رسل المنايا توفّت (5)
... فواجد كرب في سياق لفرقة ... كمكروب وجد لاشتياق لرفقة (6)
... فذا نفسه رقّت إلى ما بدت به، ... وروحي ترقّت للمبادي العليّة (7)
... وباب تخطّيّ اتّصالي، بحيث لا ... حجاب وصال عنه، روحي ترقّت (8)
... على أثري من كان يؤثر قصده، ... كمثلي، فليركب له صدق عزمة (9)
... وكم لجّة قد خضت قبل ولوجه ... فقير الغنى ما بلّ منها بنغبة (10)
... بمرآة قولي، إن عزمت، أريكه ... فأصغ لما ألقي بسمع بصيرة (11)
... لفظت من الأقوال لفظي، عبرة ... وحظّي، من الأفعال، في كلّ فعلة(1/57)
__________
(11) الخطب: الأمر العظيم. النجوى: حديث القلب.
ويعرب عن حال السّماع بحاله ... فيثبت، للرّقص، انتفاء النقيصة (1)
... إذا هام شوقا بالمناغي، وهمّ أن ... يطير إلى أوطانه الأوّليّة (2)
... يسكّن بالتّحريك، وهو بمهده ... إذا، ما له أيدي مربّيه، هزّت (3)
... وجدت، بوجد، آخذي عند ذكرها ... بتحبير تال، أو بألحان صيّت (4)
... كما يجد المكروب في نزع نفسه ... إذا ما له رسل المنايا توفّت (5)
... فواجد كرب في سياق لفرقة ... كمكروب وجد لاشتياق لرفقة (6)
... فذا نفسه رقّت إلى ما بدت به، ... وروحي ترقّت للمبادي العليّة (7)
... وباب تخطّيّ اتّصالي، بحيث لا ... حجاب وصال عنه، روحي ترقّت (8)
... على أثري من كان يؤثر قصده، ... كمثلي، فليركب له صدق عزمة (9)
... وكم لجّة قد خضت قبل ولوجه ... فقير الغنى ما بلّ منها بنغبة (10)
... بمرآة قولي، إن عزمت، أريكه ... فأصغ لما ألقي بسمع بصيرة (11)
... لفظت من الأقوال لفظي، عبرة ... وحظّي، من الأفعال، في كلّ فعلة
(1) يعرب: يدلي ويصرح. يثبت للرقص: يميل إلى الرقص وهي عادة بعض الصوفيين أثناء الذكر. النقيصة: العيب.
(2) هام شوقا: أحب بعنف. المناغي: الحبيب. هم: باشر.
(3) يسكن: يهدأ. المهد: السرير.
(4) جدت: تكرمت. الوجد: العشق الشديد. التالي: المقرئ. الصّيت: المرتفع الصوت.
(5) المكروب: المحزون اسم مفعول من كرب. المنايا: مفردها المنية وهي الحتف والموت.
(6) الكرب: الحزن. السياق: السبيل والمجال. مكروب مرّ ذكرها في البيت السابق.
(7) رقت: لانت وحنت. ترقت: سمت وارتفعت.
(8) التخطي: التجاوز. الحجاب: المانع.
(9) يؤثره: يفضله. العزمة: العزيمة أو القوة.
(10) اللجة: الموجة الكبيرة. الولوج: الدخول. النغبة: الجرعة.
(11) أريكه: أريك إياه.(1/58)
ولحظي على الأعمال حسن ثوابها ... وحفظي، للأحوال، من شين ريبة (1)
... ووعظي بصدق القصد إلقاء مخلص ... ولفظي اعتبار اللّفظ في كلّ قسمة ... وقلبي بيت فيه أسكن، دونه ... ظهور صفاتي عنه من حجبيتي (2)
... ومنها يميني، فيّ ركن مقبّل، ... ومن قبلتي، للحكم، في فيّ قبلتي ... وحولي بالمعنى طوافي، حقيقة، ... وسعيي، لوجهي، من صفائي لمروتي (3)
... وفي حرم من باطني أمن ظاهري ... ومن حوله يخشى تخطّف جيرتي (4)
... ونفسي بصومي عن سواي، تفرّدا ... زكت، وبفضل الفيض عنّي زكّت ... وشفع وجودي في شهودي ظلّ في ... اتّحادي، وترا، في تيقّظ غفوتي (5)
... وإسراء سرّي، عن خصوص حقيقة ... إليّ، كسيري في عموم الشريعة (6)
... ولم أله باللّاهوت عن حكم مظهري ... ولم أنس بالنّاسوت مظهر حكمتي (7)
... فعنّي، على النّفس، العقود تحكّمت ... ومنّي على الحسّ، الحدود أقيمت (8)
... وقد جاءني منّي رسول، عليه ما ... عنتّ، عزيز بي، حريص لرأفة (9)
... بحكمي من نفسي عليها قضيته، ... ولما تولّت أمرها ما تولّت (10)
__________
(1) الشين: العيب. الريبة: الشك.
(2) حجبيتي: اختفائي وتستري.
(3) الطواف والسعي من اعمال الحج. والصفا والمروة: مكانان يطوف الحجاج بينهما.
(4) معنى البيت: ان ما في نفسي من الايمان يمنع الاعتداء على جسدي ويلحق هذا العفو من أحاطني من الجيران.
(5) الشفع: العدد المزدوج والوتر العدد المفرد.
(6) الإسراء: السير ليلا.
(7) اللاهوت والناسوت: تعابير تعبر عن حضرة الخالق.
(8) العقود: العهود والمواثيق. والحدود. إقامة الحد على النفس ومعاقبتها إذا تخطت الحدود الشرعية.
(9) عنت: شديد العناد.
(10) تولت الأولى: أحكمت موضعها. تولت الثانية: بارحت.
ومن عهد عهدي، قبل عصر عناصري ... إلى دار بعث، قبل إنذار بعثة (1)
... إليّ رسولا كنت مني مرسلا، ... وذاتي، بآياتي عليّ، استدلّت ... ولما نقلت النّفس من ملك أرضها ... بحكم الشّرا منها، إلى ملك جنّة (2)
... وقد جاهدت، واستشهدت في سبيلها ... وفازت ببشرى بيعها، حين أوفت (3)
... سمت بي لجمعي عن خلود سمائها، ... ولم أرض إخلادي لأرض خليفتي (4)
... ولا فلك إلّا، ومن نور باطني، ... به ملك، يهدي الهدى بمشيئتي ... ولا قطر إلّا من فيض ظاهري ... به قطرة، عنها السّحائب سحّت (5)
... ومن مطلعي، النور البسط، كلمعة ... ومن مشرعي، البحر المحيط كقطرة (6)
... فكلّي لكلّي طالب، متوجّه، ... وبعضي، لبعضي، جاذب بالأعنّة (7)
... ومن كان فوق التّحت، والفوق تحته ... إلى وجهه الهادي عنت كلّ وجهة (8)
... فتحت الثّرى فوق الأثير لرتق ما ... فتقت، وفتق الرّتق ظاهر سنّتي (9)(1/59)
__________
(10) تولت الأولى: أحكمت موضعها. تولت الثانية: بارحت.
ومن عهد عهدي، قبل عصر عناصري ... إلى دار بعث، قبل إنذار بعثة (1)
... إليّ رسولا كنت مني مرسلا، ... وذاتي، بآياتي عليّ، استدلّت ... ولما نقلت النّفس من ملك أرضها ... بحكم الشّرا منها، إلى ملك جنّة (2)
... وقد جاهدت، واستشهدت في سبيلها ... وفازت ببشرى بيعها، حين أوفت (3)
... سمت بي لجمعي عن خلود سمائها، ... ولم أرض إخلادي لأرض خليفتي (4)
... ولا فلك إلّا، ومن نور باطني، ... به ملك، يهدي الهدى بمشيئتي ... ولا قطر إلّا من فيض ظاهري ... به قطرة، عنها السّحائب سحّت (5)
... ومن مطلعي، النور البسط، كلمعة ... ومن مشرعي، البحر المحيط كقطرة (6)
... فكلّي لكلّي طالب، متوجّه، ... وبعضي، لبعضي، جاذب بالأعنّة (7)
... ومن كان فوق التّحت، والفوق تحته ... إلى وجهه الهادي عنت كلّ وجهة (8)
... فتحت الثّرى فوق الأثير لرتق ما ... فتقت، وفتق الرّتق ظاهر سنّتي (9)
(1) العهد: الزمان. عهدي: ميثاقي. دار البعث: الآخرة.
(2) الشرا: الشراء.
(3) البشرى: النبأ السار. أوفت: وصلت.
(4) سمت: ارتفعت. الإخلاد: الرضوخ.
(5) القطر: البلد. الفيض: ما تجود به النفس. سحت: سكبت.
(6) المشرع: مورد الماء.
(7) الأعنة: واحدها العنان وهو زمام الامر ورباطه.
(8) في البيت إشارة إلى وجود الله جل وعلا في كل الجهات في الشرق والغرب والشمال والجنوب وفوق وتحت وهي الجهات الست.
(9) الثرى: الأرض. الأثير: الجو أو الفضاء. الرتق: الجمع. فتقت: قسمت أو شقّيت.
ولا شبهة، والجمع عين تيقّن، ... ولا جهة، والأين بين تشتّتي (1)
... ولا عدّة، والعدّ كالحدّ قاطع ... ولا مدّة، والحدّ شرك موقت ... ولا ندّ في الدّارين يقضي بنقض ما ... بنيت، ويمضي أمره حكم إمرتي (2)
... ولا ضدّ في الكونين، والخلق ما ترى ... بهم للتّساوي من تفاوت خلقتي ... ومني بدا لي ما عليّ لبسته، ... وعني البوادي بي إليّ أعيدت (3)
... وفي شهدت السّاجدين لمظهري، ... فحقّقت أني كنت آدم سجدتي (4)
... وعاينت روحانيّة الأرضين، في ... ملائك علّيّين، أكفاء رتبتي (5)
... ومن أفقي الدّاني اجتدى رفقي الهدى ... ومن فرقي الثاني بدا جمع وحدتي (6)
... وفي صعق دك الحسّ خرّت إفاقة ... لي، النّفس، قبل التّوبة الموسويّة (7)
... فلا أين بعد العين، والسّكر منه قد ... أفقت وعين الغين بالصّحو أصحت (8)
... وآخر محو جاء ختمي، بعده، ... كأوّل صحو، لارتسام بعدّة (9)(1/60)
__________
(9) الثرى: الأرض. الأثير: الجو أو الفضاء. الرتق: الجمع. فتقت: قسمت أو شقّيت.
ولا شبهة، والجمع عين تيقّن، ... ولا جهة، والأين بين تشتّتي (1)
... ولا عدّة، والعدّ كالحدّ قاطع ... ولا مدّة، والحدّ شرك موقت ... ولا ندّ في الدّارين يقضي بنقض ما ... بنيت، ويمضي أمره حكم إمرتي (2)
... ولا ضدّ في الكونين، والخلق ما ترى ... بهم للتّساوي من تفاوت خلقتي ... ومني بدا لي ما عليّ لبسته، ... وعني البوادي بي إليّ أعيدت (3)
... وفي شهدت السّاجدين لمظهري، ... فحقّقت أني كنت آدم سجدتي (4)
... وعاينت روحانيّة الأرضين، في ... ملائك علّيّين، أكفاء رتبتي (5)
... ومن أفقي الدّاني اجتدى رفقي الهدى ... ومن فرقي الثاني بدا جمع وحدتي (6)
... وفي صعق دك الحسّ خرّت إفاقة ... لي، النّفس، قبل التّوبة الموسويّة (7)
... فلا أين بعد العين، والسّكر منه قد ... أفقت وعين الغين بالصّحو أصحت (8)
... وآخر محو جاء ختمي، بعده، ... كأوّل صحو، لارتسام بعدّة (9)
(1) التيقن: التأكد من الأمر. الأين: الآن: التشتت: التفرق.
(2) الند: الشبيه. النقض: المغالطة والإلغاء.
(3) البوادي: الظواهر.
(4) في البيت تورية يقصد بها أنه أول الساجدين للََّه تعالى. بفضل ما أوتيت نفسه من الايمان والاتصال بالعالم الرباني وهذا أمر لم يصل إليه انسان قبله فكان كسيدنا آدم أول من سجد للََّه تعالى.
(5) الأرضين: جمع الأرض. عليين: أعلى اماكن الجنة. الأكفاء: الموازون. الرتبة:
المنزلة.
(6) الداني: القريب. اجتدى: حصل. الفرق الثاني: مصطلح صوفي معناه شهود قيام الخلق بالحق من غير احتجاب.
(7) الدك: الهدم. خرت: تهدمت. الموسوية: نسبة إلى كليم الله سيدنا موسى (ع).
(8) لا أين بعد العين: مجاز معناه لا سؤال بعد ظهور الحقيقة. الغين: تعبير صوفي معناه: الاحتجاب عن الشهود مع صحة الاعتقاد.
(9) المحو: الزوال والمقصود هنا النوم. الصحو: اليقظة ويظهر الطباق واضحا وهذا شأن ابن الفارض في معظم أبيات القصيدة.
وكيف دخولي تحت ملكي كأولياء ... ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي (1)
... ومأخوذ محو الطّمس محقا وزنته ... بمحذوذ صحو الحسّ، فرقا بكفّة (2)
... فنقطة عين الغين، عن صحوي انمحت ... ويقظة عين العين، محوي، ألغت (3)
... وما فاقد بالصّحو، في المحو واحد ... لتلوينه، أهلا، لتمكين زلفة (4)
... تساوى النشاوى والصّحاة لنعتهم ... برسم حضور، أو بوسم حظيرة (5)
... وليسوا بقومي من عليهم تعاقبت ... صفات التباس، أو سمات بقيّة (6)
... ومن لم يرث عنّي الكمال، فناقص ... على عقبيه ناكص في العقوبة (7)
... وما فيّ ما يفضي للبس بقيّة، ... ولا فيء لي يقضي عليّ بفيئة (8)
... وماذا عسى يلقى جنان، وما به ... يفوه لسان، بين وحي وصيغة (9)
... تعانقت الأطراف عندي، وانطوى ... بساط السّوى، عدلا، بحكم السويّة (10)
... وعاد وجودي، في فنا ثنويّة ... الوجود، شهودا في بقا أحديّة (11)
... فما فوق طور العقل أوّل فيضة ... كما تحت طور النّقل آخر قبضة (12)(1/61)
__________
(9) المحو: الزوال والمقصود هنا النوم. الصحو: اليقظة ويظهر الطباق واضحا وهذا شأن ابن الفارض في معظم أبيات القصيدة.
وكيف دخولي تحت ملكي كأولياء ... ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي (1)
... ومأخوذ محو الطّمس محقا وزنته ... بمحذوذ صحو الحسّ، فرقا بكفّة (2)
... فنقطة عين الغين، عن صحوي انمحت ... ويقظة عين العين، محوي، ألغت (3)
... وما فاقد بالصّحو، في المحو واحد ... لتلوينه، أهلا، لتمكين زلفة (4)
... تساوى النشاوى والصّحاة لنعتهم ... برسم حضور، أو بوسم حظيرة (5)
... وليسوا بقومي من عليهم تعاقبت ... صفات التباس، أو سمات بقيّة (6)
... ومن لم يرث عنّي الكمال، فناقص ... على عقبيه ناكص في العقوبة (7)
... وما فيّ ما يفضي للبس بقيّة، ... ولا فيء لي يقضي عليّ بفيئة (8)
... وماذا عسى يلقى جنان، وما به ... يفوه لسان، بين وحي وصيغة (9)
... تعانقت الأطراف عندي، وانطوى ... بساط السّوى، عدلا، بحكم السويّة (10)
... وعاد وجودي، في فنا ثنويّة ... الوجود، شهودا في بقا أحديّة (11)
... فما فوق طور العقل أوّل فيضة ... كما تحت طور النّقل آخر قبضة (12)
(1) الأتباع والحزب والشيعة: مسميات لمعنى واحد وهو الانصار.
(2) الطمس: زوال الأثر واختفاؤه. المحق: الإفناء. المحذوذ: اسم مفعول من حذ بمعنى قطع.
(3) معنى البيت: إن اتصاله بالعالم الروحاني أصبح وثيقا ولم يعد هناك من عوائق تفصله عن هذا العالم.
(4) الزلفة: القربى للََّه تعالى.
(5) النشاوى: السكارى والمعنى مجازي يراد به نشوة العشق الإلهي. الرسم والوسم العلامة. الحظيرة: مكان الاجتماع.
(6) تعاقبت: توالت. الالتباس: الريبة والشك.
(7) نكص على عقبيه: رجع عمّا كان عليه من خير ولا تستعمل إلّا للخير.
(8) الفيئة: الرجعة.
(9) الجنان: العقل أو القلب. يفوه: ينطق.
(10) السوي: الغير. السوية: العدل.
(11) الثنوية: الشرك بالله والاعتقاد بوجود اله ثان. الأحدية: الإقرار بوحدانية اللََّه الذي لا شريك له.
(12) الفيضة: ما تجود به الروح من تعلقها بأمر الخالق.
لذلك عن تفضيله، وهو أهله، ... نهانا، على ذي النّون، خير البريّة (1)
... أشرت بما تعطي العبارة، والذي ... تغطّى فقد أوضحته بلطيفة (2)
... وليس ألست الأمس غير المن غدا ... وجنحي غدا صبحي، ويومي ليلتي (3)
... وسرّ «بلى» للََّه مرآة كشفها ... وإثبات معنى الجمع نفي المعيّة (4)
... فلا ظلم تغشى، ولا ظلم يختشى ... ونعمة نوري أطفأت نار نقمتي (5)
... ولا وقت إلّا حيث لا وقت حاسب ... وجود وجودي، من حساب الأهلّة ... ومسجون حصر العصر لم ير ما وراء ... سجيّته، في الجنّة الأبديّة (6)
... فبي دارت الأفلاك، فأعجب لقطبها ... المحيط بها، والقطب مركز نقطة (7)
... ولا قطب قبلي، عن ثلاث خلفته ... وقطبيّة الأوتاد عن بدليّة (8)
... فلا تعد خطّي المستقيم، فإنّ في ... الزّوايا خبايا، فانتهز خير فرصة (9)
... فعنّي بدا في الذّرّ فيّ الولا، ولي ... لبان ثديّ الجمع، منّي درّت (10)
... وأعجب ما فيها شهدت، فراعني ... ومن نفث روح القدس في الرّوع روعتي (11)
... وقد أشهدتني حسنها، فشدهت عن ... حجاي، ولم أثبت حلاي لدهشتي (12)(1/62)
__________
(12) الفيضة: ما تجود به الروح من تعلقها بأمر الخالق.
لذلك عن تفضيله، وهو أهله، ... نهانا، على ذي النّون، خير البريّة (1)
... أشرت بما تعطي العبارة، والذي ... تغطّى فقد أوضحته بلطيفة (2)
... وليس ألست الأمس غير المن غدا ... وجنحي غدا صبحي، ويومي ليلتي (3)
... وسرّ «بلى» للََّه مرآة كشفها ... وإثبات معنى الجمع نفي المعيّة (4)
... فلا ظلم تغشى، ولا ظلم يختشى ... ونعمة نوري أطفأت نار نقمتي (5)
... ولا وقت إلّا حيث لا وقت حاسب ... وجود وجودي، من حساب الأهلّة ... ومسجون حصر العصر لم ير ما وراء ... سجيّته، في الجنّة الأبديّة (6)
... فبي دارت الأفلاك، فأعجب لقطبها ... المحيط بها، والقطب مركز نقطة (7)
... ولا قطب قبلي، عن ثلاث خلفته ... وقطبيّة الأوتاد عن بدليّة (8)
... فلا تعد خطّي المستقيم، فإنّ في ... الزّوايا خبايا، فانتهز خير فرصة (9)
... فعنّي بدا في الذّرّ فيّ الولا، ولي ... لبان ثديّ الجمع، منّي درّت (10)
... وأعجب ما فيها شهدت، فراعني ... ومن نفث روح القدس في الرّوع روعتي (11)
... وقد أشهدتني حسنها، فشدهت عن ... حجاي، ولم أثبت حلاي لدهشتي (12)
(1) ذو النون: النبي يونان، البرية: البشر.
(2) اللطيفة: بالمصطلح الصوفي كل إشارة تفهم دون ان يعبّر عنها بالكلام.
(3) جنحي: ليلي أو ظلامي.
(4) انه صدق بوحدانية الله بكل صفاته وانكر ان يكون مع الله احد.
(5) تغشى: تغطي والمعنى: عند اتصال الروح بعالم خالقها يمتنع الظلم والخوف ويسود نور النعمة في صدر العارف المريد.
(6) سجين: واد في جهنم. ويقال أيضا أنه في اسفل الأرض السابعة حيث ابليس وجنوده.
(7) القطب: المدار وفي المعنى الصوفي القطب هو الرجل العارف الذي ينظر إليه الله في كل زمان ومكان.
(8) خلفته: ورثته. الأوتاد: المنازل الرئيسية الأربعة بين منازل البروج الاثني عشر.
(9) تعدو: تتجاوز وتتخطى.
(10) بدا: ظهر. الذّر: صغار النمل. الولا: ترخيم الولاء. درّت: فاضت لبنا.
(11) راعني: أخافني. النفث: النفخ. الروع: الخوف.
(12) شدهت: دهشت. الحجى: العقل.
ذهلت بها عنّي، بحيث ظننتني ... سواي، ولم أقصد سواء مظنّتي (1)
... ودلّهني فيها ذهولي، فلم أفق ... عليّ ولم أقف التماسي بظنّتي (2)
... فأصبحت فيها والها لاهيا بها، ... ومن ولّهت شغلا بها، عنه ألهت (3)
... وعن شغلي عنّي شغلت، فلو بها ... قضيت ردى ما كنت أدري بنقلتي (4)
... ومن ملح الوجد المدلّه في الهوى، ... المولّه عقلي، سبي سلب كغفلتي (5)
... أسائلها عنّي، إذا ما لقيتها، ... ومن حيث أهدت لي هداي أضلّت (6)
... وأطلبها منّي، وعندي لم تزل، ... عجبت لها بي كيف عنّي استجنّت (7)
... وما زلت في نفسي بها متردّدا ... لنشوة حسّي، والمحاسن خمرتي ... أسافر عن علم اليقين، لعينه، ... إلى حقّه، حيث الحقيقة رحلتي ... وأنشدني عني، لأرشدني، على ... لساني، إلى مسترشدي عند نشدتي (8)
... وأسألني رفعي الحجاب بكشفي ... النّقاب، وبي كانت إليّ وسيلتي (9)
... وأنظر في مرآة حسني كي أرى ... جمال وجودي، في شهودي طلعتي ... فإن فهت باسمي أصغ نحوي، تشوّقا ... إلى مسمعي ذكري بنطقي وأنصت (10)
... وألصق بالأحشاء كفّي عساي أن ... أعانقها في وضعها، عند ضمّتي (11)(1/63)
__________
(12) شدهت: دهشت. الحجى: العقل.
ذهلت بها عنّي، بحيث ظننتني ... سواي، ولم أقصد سواء مظنّتي (1)
... ودلّهني فيها ذهولي، فلم أفق ... عليّ ولم أقف التماسي بظنّتي (2)
... فأصبحت فيها والها لاهيا بها، ... ومن ولّهت شغلا بها، عنه ألهت (3)
... وعن شغلي عنّي شغلت، فلو بها ... قضيت ردى ما كنت أدري بنقلتي (4)
... ومن ملح الوجد المدلّه في الهوى، ... المولّه عقلي، سبي سلب كغفلتي (5)
... أسائلها عنّي، إذا ما لقيتها، ... ومن حيث أهدت لي هداي أضلّت (6)
... وأطلبها منّي، وعندي لم تزل، ... عجبت لها بي كيف عنّي استجنّت (7)
... وما زلت في نفسي بها متردّدا ... لنشوة حسّي، والمحاسن خمرتي ... أسافر عن علم اليقين، لعينه، ... إلى حقّه، حيث الحقيقة رحلتي ... وأنشدني عني، لأرشدني، على ... لساني، إلى مسترشدي عند نشدتي (8)
... وأسألني رفعي الحجاب بكشفي ... النّقاب، وبي كانت إليّ وسيلتي (9)
... وأنظر في مرآة حسني كي أرى ... جمال وجودي، في شهودي طلعتي ... فإن فهت باسمي أصغ نحوي، تشوّقا ... إلى مسمعي ذكري بنطقي وأنصت (10)
... وألصق بالأحشاء كفّي عساي أن ... أعانقها في وضعها، عند ضمّتي (11)
(1) السواء: الاستقامة. المظنة: الظّن.
(2) دلهني: أصاب قلبي بالهم. الذهول: الدهشة. أقفو: اتتبّع.
(3) والها: شديد العشق.
(4) الردى: الموت والهلاك. النقلة: الانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة.
(5) الملح: المحاسن. الوجد: شدة العشق. المدلة: معنّى القلب. السبي: الأسر.
(6) أضلت: اضاعت.
(7) استجنت: اختفت.
(8) مسترشدي: دليلي. نشدتي: مطلبي.
(9) أسألني: اسأل نفسي. الحجاب والنقاب: غطاء الوجه.
(10) فهت: نطقت. أنصت: استمع بدقة.
(11) المعنى انه يلعق كفه بأحشائه عسى ان يعانق روحه.
وأهفو لأنفاسي لعلّي واجدي ... بها مستجيزا أنّها بي مرّت (1)
... إلى أن بدا منّي، لعيني، بارق، ... وبان سنا فجري، وبانت دجنّتي (2)
... هناك، إلى ما أحجم العقل دونه ... وصلت وبي منّي اتّصالي ووصلتي (3)
... فأسفرت بشرا، إذ بلغت إليّ عن ... يقين، يقيني شدّ رحل لسفرتي (4)
... وأرشدتني، إذ كنت عني ناشدي ... إليّ، ونفسي بي عليّ دليلتي (5)
... وأستار لبس الحسّ، لما كشفتها ... وكانت لها أسرار حكمي أرخت ... رفعت حجاب النفس عنها بكشفي ... النّقاب، فكانت عن سؤالي مجيبتي ... وكنت جلا مرآة ذاتي من صدا ... صفاتي، ومني أحدقت بأشعّة (6)
... وأشهدني إيّاي، إذ لا سواي، في ... شهودي، موجود، فيقضي بزحمة (7)
... وأسمعني في ذكري اسمي ذاكري، ... ونفسي بنفي الحس أصغت وأسمت (8)
... وعانقتني، لا بالتزام جوارحي ... الجوانح، لكنّي اعتنقت هويّتي ... وأوجدتني روحي، وروح تنفّسي ... يعطّر أنفاس العبير المفتت ... وعن شرك وصف الحسّ كلّي منزه ... وفيّ، وقد وحّدت ذاتي، نزهتي (9)
... ومدح صفاتي بي يوفّق مادحي ... لحمدي، ومدحي بالصفات مذمّتي ... فشاهد وصفي بي جليسي وشاهدي ... به، لاحتجابي، لن يحلّ بحلّتي (10)(1/64)
__________
(11) المعنى انه يلعق كفه بأحشائه عسى ان يعانق روحه.
وأهفو لأنفاسي لعلّي واجدي ... بها مستجيزا أنّها بي مرّت (1)
... إلى أن بدا منّي، لعيني، بارق، ... وبان سنا فجري، وبانت دجنّتي (2)
... هناك، إلى ما أحجم العقل دونه ... وصلت وبي منّي اتّصالي ووصلتي (3)
... فأسفرت بشرا، إذ بلغت إليّ عن ... يقين، يقيني شدّ رحل لسفرتي (4)
... وأرشدتني، إذ كنت عني ناشدي ... إليّ، ونفسي بي عليّ دليلتي (5)
... وأستار لبس الحسّ، لما كشفتها ... وكانت لها أسرار حكمي أرخت ... رفعت حجاب النفس عنها بكشفي ... النّقاب، فكانت عن سؤالي مجيبتي ... وكنت جلا مرآة ذاتي من صدا ... صفاتي، ومني أحدقت بأشعّة (6)
... وأشهدني إيّاي، إذ لا سواي، في ... شهودي، موجود، فيقضي بزحمة (7)
... وأسمعني في ذكري اسمي ذاكري، ... ونفسي بنفي الحس أصغت وأسمت (8)
... وعانقتني، لا بالتزام جوارحي ... الجوانح، لكنّي اعتنقت هويّتي ... وأوجدتني روحي، وروح تنفّسي ... يعطّر أنفاس العبير المفتت ... وعن شرك وصف الحسّ كلّي منزه ... وفيّ، وقد وحّدت ذاتي، نزهتي (9)
... ومدح صفاتي بي يوفّق مادحي ... لحمدي، ومدحي بالصفات مذمّتي ... فشاهد وصفي بي جليسي وشاهدي ... به، لاحتجابي، لن يحلّ بحلّتي (10)
(1) اهفو: أميل. المستجيز: طالب الاجازة والسماح في الأمر.
(2) البارق: الشعاع. السنا: الضياء. الدجنة: الظلام.
(3) أحجم: امتنع. الوصلة: الوسيلة إلى الأمر.
(4) البشر: الفوز بالسعادة. شد الرحل: التهيؤ للسفر.
(5) ناشدي: طالب نفسي.
(6) جلا: ترخيم جلاء ومعناها وضوح. أحدقت: أحيطت.
(7) واشهدني إياي: أرى نفسي دون سواها.
معنى البيت: لا اردد غير اسمي ونفسي عند ما أنكرت الحس. لم تتلفظ بغير اسمي.
(8) الجوارح: اعضاء الجسد. الجوارح. الحشى والضلوع. هويتي: مذهبي.
(9) الشرك: الكفر. منزّه: مترفع. والنزهة: الترفع عن الأمور الدنيا.
(10) شاهدي: ناظري. احتجابي: اختفائي. يحل: يقيم. حلتي: مقامي.
وبي ذكر أسمائي تيقّظ رؤية، ... وذكري بها رؤيا توسّن هجعتي (1)
... كذاك بفعلي عارفي بي جاهل، ... وعارفه بي عارف بالحقيقة ... فخذ علم أعلام الصفات بظاهر ... المعالم، من نفس بذاك عليمة ... وفهم أسامي الذّات عنها بباطن ... العوالم، من روح بذاك مشيرة ... ظهور صفاتي عن أسامي جوارحي ... مجازا بها للحكم، نفسي تسمّت ... رقوم علوم في ستور هياكل، ... على ما رواء الحسّ، في النّفس ورّت (2)
... وأسماء ذاتي عن صفات جوانحي، ... جوازا لأسرار بها، الرّوح سرّت (3)
... رموز كنوز عن معاني إشارة، ... بمكنون ما تخفي السرائر حفّت (4)
... وآثارها في العالمين بعلمها، ... وعنها بها الأكوان غير غنيّة ... وجود اقتنا ذكر، بأيد تحكّم ... شهود اجتنى شكر بأيد عميمة (5)
... مظاهر لي فيها بدوت، ولم أكن ... عليّ بخاف، قبل موطن برزتي (6)
... فلفظ، وكلّي بي لسان محدّث، ... ولحظ، وكلّي فيّ عين لعبرتي (7)
... وسمع، وكلّي بالنّدى أسمع النّدا، ... وكلّي، في ردّ الرّدى، يد قوّة (8)
... معاني صفات، ما وراء اللّبس أثبتت ... وأسماء ذات، ما روى الحسّ بثّت (9)(1/65)
__________
(10) شاهدي: ناظري. احتجابي: اختفائي. يحل: يقيم. حلتي: مقامي.
وبي ذكر أسمائي تيقّظ رؤية، ... وذكري بها رؤيا توسّن هجعتي (1)
... كذاك بفعلي عارفي بي جاهل، ... وعارفه بي عارف بالحقيقة ... فخذ علم أعلام الصفات بظاهر ... المعالم، من نفس بذاك عليمة ... وفهم أسامي الذّات عنها بباطن ... العوالم، من روح بذاك مشيرة ... ظهور صفاتي عن أسامي جوارحي ... مجازا بها للحكم، نفسي تسمّت ... رقوم علوم في ستور هياكل، ... على ما رواء الحسّ، في النّفس ورّت (2)
... وأسماء ذاتي عن صفات جوانحي، ... جوازا لأسرار بها، الرّوح سرّت (3)
... رموز كنوز عن معاني إشارة، ... بمكنون ما تخفي السرائر حفّت (4)
... وآثارها في العالمين بعلمها، ... وعنها بها الأكوان غير غنيّة ... وجود اقتنا ذكر، بأيد تحكّم ... شهود اجتنى شكر بأيد عميمة (5)
... مظاهر لي فيها بدوت، ولم أكن ... عليّ بخاف، قبل موطن برزتي (6)
... فلفظ، وكلّي بي لسان محدّث، ... ولحظ، وكلّي فيّ عين لعبرتي (7)
... وسمع، وكلّي بالنّدى أسمع النّدا، ... وكلّي، في ردّ الرّدى، يد قوّة (8)
... معاني صفات، ما وراء اللّبس أثبتت ... وأسماء ذات، ما روى الحسّ بثّت (9)
(1) تيقظ رؤيتي: ساعات الصحو عندي. التوسن من الوسن وهو النعاس. الهجعة: الرقاد والنوم.
(2) رقوم العلوم: الحواس. ستور: مفردها الستر وهو الخباء. ورّت: أخفت.
(3) جوانحي: ضلوعي. سرت: انشرحت.
(4) المكنون: المستتر من الأمور. السرائر: مفردها السريرة وهي الضمير. حفت:
أحيطت.
(5) اقتنا: تخفيف اقتناء استعملت بهذا الشكل لاستقامة الوزن وكذلك الأمر بالنسبة لكلمة اجتنى: اجتناء الايدي العميمة: الايدي المحيطة بكل الأمور: العارفة.
(6) بدوت: ظهرت. برزتي: ظهوري وانكشافي.
(7) اللحظ: النظر. العبرة: الدمعة.
(8) الندا: تخفيف النداء. رد الردى: دفع المنية.
(9) اللبس: الحيرة والشك. بثت: نشرت واشاعت.
فتصرفها من حافظ العهد أوّلا، ... بنفس، عليها بالولاء، حفيظة ... شوادي مباهاة، هوادي تنبّه، ... بوادي فكاهات، غوادي رجيّة (1)
... وتوقيفها من موثق العهد آخرا، ... بنفس، على عزّ الإباء، أبيّة (2)
... جواهر أنباء، زواهر وصلة، ... طواهر أبناء، قواهر صولة (3)
... وتعرفها من قاصد الحزم، ظاهرا، ... سجيّة نفس، بالوجود، سخيّة (4)
... مثاني مناجاة، معاني نباهة، ... مغاني محاجاة، مباني قضيّة (5)
... وتشريفها من صادق العزم، باطنا، ... إنابة نفس، بالشّهود، رضيّة (6)
... نجائب آيات، غرائب نزهة، ... رغائب غايات، كتائب نجدة (7)
... فللّبس منها بالتعلّق في مقام ... الإسلام، عن أحكامه الحكميّة ... عقائق إحكام، دقائق حكمة، ... حقائق إحكام، رقائق بسطة (8)
... وللحسّ منها بالتحقّق في مقام ... الإيمان، عن أعلامه العمليّة ... صوامع أذكار، لوامع فكرة ... جوامع آثار، قوامع، عزّة (9)(1/66)
__________
(9) اللبس: الحيرة والشك. بثت: نشرت واشاعت.
فتصرفها من حافظ العهد أوّلا، ... بنفس، عليها بالولاء، حفيظة ... شوادي مباهاة، هوادي تنبّه، ... بوادي فكاهات، غوادي رجيّة (1)
... وتوقيفها من موثق العهد آخرا، ... بنفس، على عزّ الإباء، أبيّة (2)
... جواهر أنباء، زواهر وصلة، ... طواهر أبناء، قواهر صولة (3)
... وتعرفها من قاصد الحزم، ظاهرا، ... سجيّة نفس، بالوجود، سخيّة (4)
... مثاني مناجاة، معاني نباهة، ... مغاني محاجاة، مباني قضيّة (5)
... وتشريفها من صادق العزم، باطنا، ... إنابة نفس، بالشّهود، رضيّة (6)
... نجائب آيات، غرائب نزهة، ... رغائب غايات، كتائب نجدة (7)
... فللّبس منها بالتعلّق في مقام ... الإسلام، عن أحكامه الحكميّة ... عقائق إحكام، دقائق حكمة، ... حقائق إحكام، رقائق بسطة (8)
... وللحسّ منها بالتحقّق في مقام ... الإيمان، عن أعلامه العمليّة ... صوامع أذكار، لوامع فكرة ... جوامع آثار، قوامع، عزّة (9)
(1) الشوادي: مفردها الشادي وهو المغني المترنم. المباهاة: التفاخر والاعتزاز. الهوادي مفردها الهادي وهو المرشد. البوادي مفردها البادي وهو الظاهر. الغوادي: مفردها الغادي وهو الآتي في الصباح. الرجية: الأمل.
(2) موثق العهد: العهد الأكيد. الاباء: الشمم.
(3) الزواهر: الورود. الوصلة: الود واللقاء. الصولة: العراك.
(4) السجية: الطبع. السخية: الكريمة.
(5) المثاني: الآيات الكريمة. النباهة: الفطنة والذكاء. المحاجاة: المجادلة بالأحاجي والألغاز.
(6) انابة: توبة. رضية: قانعة.
(7) نجائب: مفردها نجيب ونجيبة. وهنا الآية الكريمة. كتائب: مفردها كتيبة وهي الفرقة من الجيش.
(8) العقائق: مفردها العقيقة وهي شعاع البرق المتبقى في السحاب. الرقائق: الصحائف البيضاء.
(9) الصوامع: مفردها الصومعة وهي مكان العبادة. الأذكار مفردها الذكر وهو التوحيد.
اللوامع: بلغة الصوفية هي الأنوار التي تبدو لأهل البدايات من أرباب النفوس الطاهرة.
القوامع: الروادع.(1/67)
وللنّفس منها، بالتخلّق، في مقام ... الإحسان عن أنبائه النبويّة ... لطائف أخبار، وظائف منحة، ... صحائف أحبار، خلائف حسبة (1)
... وللجمع من مبدا، كأنّك وانتهى ... فإن لم تكن عن آية النظريّة (2)
... غيوث انفعالات، بعوث تنزّه، ... حدوث اتصالات، ليوث كتيبة (3)
... فمرجعها للحسّ، في عالم الشهادة ... المجتدي، ما النفس منّي أحسّت ... فصول عبارات، وصول تحيّة، ... حصول إشارات، أصول عطيّة ... ومطلعها في عالم الغيب ما وجدت ... من نعم مني، عليّ استجدّت (4)
... بشائر إقرار، بصائر عبرة، ... سرائر آثار، ذخائر دعوة (5)
... وموضعها في عالم الملكوت ما ... خصصت من الإسرا به دون أسرتي (6)
... مدارس تنزيل، محارس غبطة، ... مغارس تأويل، فوارس منعة (7)
... وموقعها من عالم الجبروت من ... مشارق فتح، للبصائر مبهت (8)
... أرائك توحيد، مدارك زلفة، ... مسالك تمجيد، ملائك نصرة (9)
__________
(1) اللطائف: مفردها اللطيفة وهي النادرة الطريفة. الصحائف الأوراق. الأحبار واحدها الحبر وهو العالم العارف. الخلائف مفردها الخليفة وهو الذي يلي المتقدمين.
الحسبة: الثواب.
(2) مبدا: مبدأ.
(3) الغيوث: مفردها الغيث وهو المطر. وهنا مفردها الغائث والمغيث وهو المنجد.
البعوث: الموفدون. الليوث: الأسود وواحدها الليث. الكتيبة: الفرقة من الجيش.
(4) استجدت: طرأت.
(5) البشائر: الاخبار السارة. البصائر: العقول ومفردها البصيرة ومعناها بلغة الصوفيين القلب القوي بنور الله الذي يرى ظواهر الأشياء وبواطنها. السرائر: مفردها السريرة وهي الضمير. الذخائر مفردها: الذخيرة وهي المقتنى من كل شيء.
(6) الإسرا: الإسراء أو السير ليلا. أسرتي: أهلي.
(7) محارس: حراس. الغبطة: السرور. مغارس: زارعون: التأويل: شرح آيات الكتاب.
المنعة: الحمية والقوة.
(8) الجبروت: القوة. المشارف: بدايات الأمر. مبهت: مدهش.
(9) الأرائك: مفردها اريكة وهي المتكأ. مدارك: واحدها مدرك وهو الواصل للأمر العارف فيه. الزلفة: القربى من الله تعالى.
ومنبعها بالفيض، في كلّ عالم، ... لفاقة نفس، بالإفاقة أثرت (1)
... فوائد إلهام، روائد نعمة، ... عوائد إنعام، موائد نعمة ... ويجري بما تعطي الطريقة سائري، ... على نهج ما مني، الحقيقة أعطت ... ولمّا شعبت الصّدع والتأمت فطور ... شمل بفرق الوصف غير مشتّت (2)
... ولم يبق ما بيني وبين توثّقي ... بإيناس ودّي، ما يؤدّي لوحشة (3)
... تحقّقت أنّا، في الحقيقة، واحد، ... وأثبت صحو الجمع محو التشتت (4)
... وكلّي لسان، ناظر، مسمع، يد، ... لنطق، وإدراك، وسمع، وبطشة (5)
... فعيني ناجت، واللّسان مشاهد، ... وينطق مني السمع، واليد أصغت (6)
... وسمعي عين تجتلي كلّ ما بدا، ... وعيني سمع، إن شدا القوم تنصت (7)
... ومنّي، عن أيد، لساني يد، كما ... يدي لي لسان في خطابي وخطبتي (8)
... كذاك يدي عين ترى كلّ ما بدا، ... وعيني يد مبسوطة عند بسطتي (9)
... وسمعي لسان، في مخاطبتي، كذا، ... لساني، في إصغائه، سمع منصت(1/68)
__________
(9) الأرائك: مفردها اريكة وهي المتكأ. مدارك: واحدها مدرك وهو الواصل للأمر العارف فيه. الزلفة: القربى من الله تعالى.
ومنبعها بالفيض، في كلّ عالم، ... لفاقة نفس، بالإفاقة أثرت (1)
... فوائد إلهام، روائد نعمة، ... عوائد إنعام، موائد نعمة ... ويجري بما تعطي الطريقة سائري، ... على نهج ما مني، الحقيقة أعطت ... ولمّا شعبت الصّدع والتأمت فطور ... شمل بفرق الوصف غير مشتّت (2)
... ولم يبق ما بيني وبين توثّقي ... بإيناس ودّي، ما يؤدّي لوحشة (3)
... تحقّقت أنّا، في الحقيقة، واحد، ... وأثبت صحو الجمع محو التشتت (4)
... وكلّي لسان، ناظر، مسمع، يد، ... لنطق، وإدراك، وسمع، وبطشة (5)
... فعيني ناجت، واللّسان مشاهد، ... وينطق مني السمع، واليد أصغت (6)
... وسمعي عين تجتلي كلّ ما بدا، ... وعيني سمع، إن شدا القوم تنصت (7)
... ومنّي، عن أيد، لساني يد، كما ... يدي لي لسان في خطابي وخطبتي (8)
... كذاك يدي عين ترى كلّ ما بدا، ... وعيني يد مبسوطة عند بسطتي (9)
... وسمعي لسان، في مخاطبتي، كذا، ... لساني، في إصغائه، سمع منصت
(1) الفيض: الجود. الفاقة: الحاجة والعوز. اثرت: اغثنت.
(2) شعبت الصدع: جمعت الكسر. التأمت: اتحدت. الفطور: الشقوق. مشتت:
مفرّق.
(3) توثّقي: يقيني. الإيناس: السلوى.
(4) يعود ابن الفارض في هذا البيت إلى مذهب أو فكرة الحلولية وهي التوحد بين نفس المرء وعالم الروح وفي ذلك حلول الواحد في الكل وعكسه.
(5) كلمات العجز تعود بالترتيب إلى كلمات الصدر فاللسان للنطق والإدراك للنظر والسمع للمسمع والبطشة لليد وهذا الأسلوب يسمى في البلاغة الطيّ والنشر. أو رد العجز على الصدر.
(6) يظهر في هذا البيت وما يليه توحد الأشياء بحيث يصبح السمع مرة بصرا ومرة يدا وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الأعضاء.
(7) تجتلي: ترى بوضوح. بدا: ظهر. شدا: ترنم وهنا تكلم.
(8) الأيد: القوة والدعم.
(9) اليد المبسوطة: الممدودة. البسطة: الانشراح.
وللشّمّ أحكام اطّراد القياس في ... اتّحاد صفاتي، أو بعكس القضيّة (1)
... وما فيّ عضو خصّ، من دون غيره ... بتعيين وصف مثل عين البصيرة (2)
... ومني، على أفرادها، كلّ ذرّة، ... جوامع أفعال الجوارح أحصت (3)
... يناجي ويصغي عن شهود مصرّف ... بمجموعه في الحال عن يد قدرة (4)
... فأتلو علوم العالمين، بلفظة، ... وأجلو عليّ العالمين، بلحظة ... وأسمع أصوات الدّعاة وسائر ... اللّغات بوقت، دون مقدار لمحة ... وأحضر ما قد عزّ، للبعد، حمله ... ولم يرتدد طرفي إليّ بغمضة (5)
... وأنشق أرواح الجنان، وعرف ما ... يصافح أذيال الرّياح بنسمة (6)
... وأستعرض الآفاق نحوي، بخطرة، ... وأخترق السّبع الطّباق بخطوة (7)
... وأشباح من لم تبق فيهم بقيّة ... لجمعي، كالأرواح حفّت، فخفّت ... فمن قال، أو من طال، أو صال، إنما، ... يمتّ بإمدادي له برقيقة (8)
... وما سار فوق الماء، أو طار في الهوا ... أو اقتحم النّيران، إلّا بهمّتي (9)(1/69)
__________
(9) اليد المبسوطة: الممدودة. البسطة: الانشراح.
وللشّمّ أحكام اطّراد القياس في ... اتّحاد صفاتي، أو بعكس القضيّة (1)
... وما فيّ عضو خصّ، من دون غيره ... بتعيين وصف مثل عين البصيرة (2)
... ومني، على أفرادها، كلّ ذرّة، ... جوامع أفعال الجوارح أحصت (3)
... يناجي ويصغي عن شهود مصرّف ... بمجموعه في الحال عن يد قدرة (4)
... فأتلو علوم العالمين، بلفظة، ... وأجلو عليّ العالمين، بلحظة ... وأسمع أصوات الدّعاة وسائر ... اللّغات بوقت، دون مقدار لمحة ... وأحضر ما قد عزّ، للبعد، حمله ... ولم يرتدد طرفي إليّ بغمضة (5)
... وأنشق أرواح الجنان، وعرف ما ... يصافح أذيال الرّياح بنسمة (6)
... وأستعرض الآفاق نحوي، بخطرة، ... وأخترق السّبع الطّباق بخطوة (7)
... وأشباح من لم تبق فيهم بقيّة ... لجمعي، كالأرواح حفّت، فخفّت ... فمن قال، أو من طال، أو صال، إنما، ... يمتّ بإمدادي له برقيقة (8)
... وما سار فوق الماء، أو طار في الهوا ... أو اقتحم النّيران، إلّا بهمّتي (9)
(1) اطّراد القياس: الحكم على أمر مشابه. القضية: الأمر المختلف عليه.
(2) عين البصيرة: صواب العقل.
(3) الذرة: القسم الأصغر من الشيء. الجوارح: الضلوع. أحصت: عدت.
(4) يناجي: يحدث بقلبه. الشهود المصرف: الحقيقة المرئية المطلقة.
(5) يلاحظ ان الشاعر فك ادغام الحرف الأخير في الفعل يرتد وذلك مراعاة للوزن. والطرف هو النظر.
(6) أنشق: أشم وأتنفس. العرف: الرائحة الطيبة.
(7) الخطرة: اللمحة. السبع الطباق: السموات السبع.
(8) البقية: الرمق. حفّت: أحاطت.
في هذا البيت يعزو ابن الفارض الفضل في علوم العارفين إلى نفسه. فكل من قال قولا أن كان له يد فصال وجال كانت له من الشاعر مساعدة.
يمت: يتصل. الرقيقة: اللطيفة أو المساعدة وهي في المعنى الصوفي الواسطة التي تصل بين شيئين ومنها الخيرات التي تصل من الخالق إلى العبد.
(9) في هذا البيت تتمة لما ورد في البيت السابق. فهو يقول أن الطيور والبهائم والناس ما كانت لتقوم بأي عمل ما لم يقدم هو يد المساعدة.
وعنّي من أمددته برقيقة، ... تصرّف عن مجموعه في دقيقة (1)
... وفي ساعة، أو دون ذلك، من تلا ... بمجموعه جمعي تلا ألف ختمة (2)
... ومنّي، لو قامت، بميت، لطيفة، ... لردّت إليه نفسه، وأعيدت ... هي النّفس، إن ألقت هواها تضاعفت ... قواها، وأعطت فعلها كلّ ذرّة (3)
... وناهيك جمعا، لا بفرق مساحتي ... مكان مقيس أو زمان موقّت (4)
... بذاك علا الطّوفان نوح، وقد نجا ... به من نجا من قومه في السفينة ... وغاض له ما فاض عنه، استجادة، ... وجدّ إلى الجودي بها، واستقرّت (5)
... وسار، ومتن الرّيح تحت بساطه، ... سليمان بالجيشين، فوق البسيطة (6)
... وقبل ارتداد الطرف أحضر من سبا ... له عرش بلقيس، بغير مشقّة (7)
... وأخمد إبراهيم نار عدوّه، ... وعن نوره عادت له روض جنّة (8)
... ولمّا دعا الأطيار من كلّ شاهق، ... وقد ذبحت، جاءته غير عصيّة (9)(1/70)
__________
(9) في هذا البيت تتمة لما ورد في البيت السابق. فهو يقول أن الطيور والبهائم والناس ما كانت لتقوم بأي عمل ما لم يقدم هو يد المساعدة.
وعنّي من أمددته برقيقة، ... تصرّف عن مجموعه في دقيقة (1)
... وفي ساعة، أو دون ذلك، من تلا ... بمجموعه جمعي تلا ألف ختمة (2)
... ومنّي، لو قامت، بميت، لطيفة، ... لردّت إليه نفسه، وأعيدت ... هي النّفس، إن ألقت هواها تضاعفت ... قواها، وأعطت فعلها كلّ ذرّة (3)
... وناهيك جمعا، لا بفرق مساحتي ... مكان مقيس أو زمان موقّت (4)
... بذاك علا الطّوفان نوح، وقد نجا ... به من نجا من قومه في السفينة ... وغاض له ما فاض عنه، استجادة، ... وجدّ إلى الجودي بها، واستقرّت (5)
... وسار، ومتن الرّيح تحت بساطه، ... سليمان بالجيشين، فوق البسيطة (6)
... وقبل ارتداد الطرف أحضر من سبا ... له عرش بلقيس، بغير مشقّة (7)
... وأخمد إبراهيم نار عدوّه، ... وعن نوره عادت له روض جنّة (8)
... ولمّا دعا الأطيار من كلّ شاهق، ... وقد ذبحت، جاءته غير عصيّة (9)
(1) أمددته: وصلته بالمساعدة. الرقيقة: اللطيفة أو المساعدة.
(2) تلا: قرأ القرآن. الختمة هي الختمة أو تلاوة القرآن الكريم بالكامل.
(3) ألقت: رمت وهنا بمعنى وضعت. تضاعفت: ازدادت قوة.
(4) ناهيك: اسم فعل بمعنى زد على ذلك.
(5) غاض: هدأ واستقر. جدّ: سار بعزم. الجودي: الجبل الذي استقرت عنده سفينة نوح (ع) عند الطوفان.
(6) الجيشين: جيش الإنس والجان. وفي البيت إشارة إلى قصة سيدنا سليمان (ع).
البسيطة: الأرض.
(7) في البيت محاكاة للآية الكريمة: {قََالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتََابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}. من الآية 40من سورة النمل والمقصود في القول عرش بلقيس في سبأ».
(8) إشارة إلى قصة سيدنا إبراهيم (ع) حين القي في النار وكانت عليه بردا وسلاما. أخمد:
اطفأ. الروض: الجنة.
(9) الشاهق: المكان المرتفع. غير عصية: مطيعة لأمره.
ومن يده موسى عصاه تلقّفت، ... من السّحر، أهوالا على النّفس شقّت (1)
... ومن حجر أجرى عيونا بضربة ... بها ديما، سقّت، وللبحر شقّت (2)
... ويوسف، إذ ألقى البشير قميصه ... على وجه يعقوب، عليه بأوبة (3)
... رآه بعين، قبل مقدمه بكى ... عليه بها، شوقا إليه، فكفّت (4)
... وفي آل إسرائيل مائدة من ... السّماء، لعيسى، أنزلت ثمّ مدّت (5)
... ومن أكمه أبرا، ومن وضح عدا ... شفى، وأعاد الطّين طيرا بنفخة (6)
... وسرّ انفعالات الظّواهر، باطنا ... عن الإذن، ما ألقت بأذنك صيغتي ... وجاء بأسرار الجميع مفيضها ... علينا، لهم ختما على حين فترة (7)
... وما منهم، إلّا وقد كان داعيا ... به قومه للحقّ، عن تبعيّة ... فعالمنا منهم نبيّ، ومن دعا ... إلى الحقّ منّا قام بالرسليّة (8)
... وعارفنا، في وقتنا، الأحمديّ من، ... أولي العزم منهم، آخذ بالعزيمة (9)
... وما كان منهم معجزا، صار بعده، ... كرامة صدّيق له، أو خليفة(1/71)
__________
(9) الشاهق: المكان المرتفع. غير عصية: مطيعة لأمره.
ومن يده موسى عصاه تلقّفت، ... من السّحر، أهوالا على النّفس شقّت (1)
... ومن حجر أجرى عيونا بضربة ... بها ديما، سقّت، وللبحر شقّت (2)
... ويوسف، إذ ألقى البشير قميصه ... على وجه يعقوب، عليه بأوبة (3)
... رآه بعين، قبل مقدمه بكى ... عليه بها، شوقا إليه، فكفّت (4)
... وفي آل إسرائيل مائدة من ... السّماء، لعيسى، أنزلت ثمّ مدّت (5)
... ومن أكمه أبرا، ومن وضح عدا ... شفى، وأعاد الطّين طيرا بنفخة (6)
... وسرّ انفعالات الظّواهر، باطنا ... عن الإذن، ما ألقت بأذنك صيغتي ... وجاء بأسرار الجميع مفيضها ... علينا، لهم ختما على حين فترة (7)
... وما منهم، إلّا وقد كان داعيا ... به قومه للحقّ، عن تبعيّة ... فعالمنا منهم نبيّ، ومن دعا ... إلى الحقّ منّا قام بالرسليّة (8)
... وعارفنا، في وقتنا، الأحمديّ من، ... أولي العزم منهم، آخذ بالعزيمة (9)
... وما كان منهم معجزا، صار بعده، ... كرامة صدّيق له، أو خليفة
(1) تلقفت: التهمت. الأهوال: مفردها الهول وهو الأمر العظيم. شقت: صعبت.
(2) إشارة إلى الآية الكريمة: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ إِذِ اسْتَسْقََاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتََا عَشْرَةَ عَيْناً} من الآية 160سورة الأعراف.
الديم: مفردها الديمة وهي السحابة الماطرة.
(3) محاكاة لقصة سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام. عند ما جاءه البشير بقميص يوسف فاستبشر يعقوب بعودته. والأوبة هي العودة.
(4) إشارة إلى ارتداد بصر يعقوب بعد ان عميت عيناه حزنا على فراق ولده يوسف (ع).
(5) إشارة إلى سورة المائدة {رَبَّنََا أَنْزِلْ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ}.
(6) إشارة إلى معجزات الأنبياء (ع) في شفاء الأكمه والأبرص.
الأكمه: المولود وهو اعمى. الوضح: الأبرص.
(7) الفترة: المسافة الزمنية بين مجيء نبيّين.
(8) الرسلية: تأدية الرسالة.
(9) الأحمدي: نسبة إلى النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم). أولي العزم انبياء الله: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداوود وعيسى عليهم السلام.
بعترته استغنت عن الرّسل الورى ... وأصحابه، والتّابعين الأئمّة (1)
... كراماتهم من بعض ما خصّهم به ... بما خصّهم من إرث كلّ فضيلة ... فمن نصرة الدّين الحنيفيّ بعده ... قتال أبي بكر، لآل حنيفة ... وسارية، الجاه للجبل النّداء ... من عمر، والدّار غير قريبة ... ولم يشتغل عثمان عن ورده، وقد ... أدار عليه القوم كأس المنيّة (2)
... وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا ... عليّ، بعلم ناله بالوصيّة (3)
... وسائرهم مثل النجوم، من اقتدى ... بأيّهم منه اهتدى بالنصيحة ... وللأولياء المؤمنين به، ولم ... يروه اجتنى قرب لقرب الأخوّة ... وقربهم معنى له، كاشتياقه ... لهم صورة، فأعجب لحضرة غيبة ... وأهل تلقّى الروح باسمي، دعوا إلى ... سبيلي، وحجّوا الملحدين بحجّتي (4)
... وكلّهم، عن سبق معناي، دائر ... بدائرتي، أو وارد من شريعتي (5)
... وإنّي، وإن كنت ابن آدم، صورة، ... فلي فيه معنى شاهد بأبوّتي (6)
... ونفسي على حجر التّجلّي، برشدها، ... تجلّت، وفي حجر التجلّي تربّت (7)
... وفي المهد حزبي الأنبياء، وفي ... عناصري لوحي المحفوظ، والفتح سورتي (8)
... وقبل فصالي، دون تكليف ظاهري، ... ختمت بشرعي الموضحي كلّ شرعة (9)(1/72)
__________
(9) الأحمدي: نسبة إلى النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم). أولي العزم انبياء الله: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداوود وعيسى عليهم السلام.
بعترته استغنت عن الرّسل الورى ... وأصحابه، والتّابعين الأئمّة (1)
... كراماتهم من بعض ما خصّهم به ... بما خصّهم من إرث كلّ فضيلة ... فمن نصرة الدّين الحنيفيّ بعده ... قتال أبي بكر، لآل حنيفة ... وسارية، الجاه للجبل النّداء ... من عمر، والدّار غير قريبة ... ولم يشتغل عثمان عن ورده، وقد ... أدار عليه القوم كأس المنيّة (2)
... وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا ... عليّ، بعلم ناله بالوصيّة (3)
... وسائرهم مثل النجوم، من اقتدى ... بأيّهم منه اهتدى بالنصيحة ... وللأولياء المؤمنين به، ولم ... يروه اجتنى قرب لقرب الأخوّة ... وقربهم معنى له، كاشتياقه ... لهم صورة، فأعجب لحضرة غيبة ... وأهل تلقّى الروح باسمي، دعوا إلى ... سبيلي، وحجّوا الملحدين بحجّتي (4)
... وكلّهم، عن سبق معناي، دائر ... بدائرتي، أو وارد من شريعتي (5)
... وإنّي، وإن كنت ابن آدم، صورة، ... فلي فيه معنى شاهد بأبوّتي (6)
... ونفسي على حجر التّجلّي، برشدها، ... تجلّت، وفي حجر التجلّي تربّت (7)
... وفي المهد حزبي الأنبياء، وفي ... عناصري لوحي المحفوظ، والفتح سورتي (8)
... وقبل فصالي، دون تكليف ظاهري، ... ختمت بشرعي الموضحي كلّ شرعة (9)
(1) العترة: العشيرة وذوو القربى. الورى: الخلق.
(2) الورد: تلاوة الجزء من القرآن الكريم.
(3) في هذا البيت والثلاثة التي سبقته تعداد لمآثر الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
(4) حجوا الملحدين: غلبوا الكفّار بحجتهم. وعقلهم.
(5) دائر بدائرتي: مجاز مفاده آخذ من علمي وارد: شارب. الشريعة: مورد الماء.
(6) يتطرق ابن الفارض في هذا البيت إلى قول الصوفية بوجودهم قبل وجود سيدنا آدم (ع).
(7) الحجر بكر الحاء المنزل والحصن.
(8) في البيت إشارة إلى ثبات العقيدة التي لا يتمتع بها إلا الأنبياء.
(9) الفصال: سن الفطام. التكليف: الوصول إلى سن البلوغ. الموضحي: المبين لي.
فهم والألى قالوا بقولهم على ... صراطي، لم يعدوا مواطئ مشيتي (1)
... فيمن الدعاة السابقين إليّ في ... يميني، ويسر اللّاحقين بيسرتي (2)
... ولا تحسبنّ الأمر عنّي خارجا، ... فما ساد إلّا داخل في عبودتي (3)
... ولولاي لم يوجد وجود، ولم يكن ... شهود، ولم تعهد عهود بذمّة ... فلا حيّ، إلّا من حياتي حياته، ... وطوع مرادي كلّ نفس مريدة (4)
... ولا قائل، إلّا بلفظي محدّث، ... ولا ناظر إلّا بناظر مقلتي (5)
... ولا منصت، إلّا بسمعي سامع، ... ولا باطش إلّا بأزلي وشدّتي (6)
... ولا ناطق غيري، ولا ناظر، ولا ... سميع سوائي من جميع الخليقة (7)
... وفي عالم التركيب، في كلّ صورة، ... ظهرت بمعنى، عنه بالحسن زينت ... وفي كلّ معنى، لم تبنه مظاهري، ... تصوّرت، لا في صورة هيكليّة ... وفيما تراه الرّوح كشف فراسة ... خفيت عن المعنى المعنّى بدقّة (8)
... وفي رحموت البسط، كلّي رغبة ... بها انبسطت آمال أهل بسيطتي (9)
... وفي رهبوت القبض، كلّي هيبة، ... ففيما أجلت العين منّي أجلّت (10)
... وفي الجمع بالوصفين، كلّي قربة ... فحيّ على قربى خلالي الجميلة (11)
... وفي منتهى في، لم أزل بي واجدا ... جلال شهودي، عن كمال سجيّتي (12)(1/73)
__________
(9) الفصال: سن الفطام. التكليف: الوصول إلى سن البلوغ. الموضحي: المبين لي.
فهم والألى قالوا بقولهم على ... صراطي، لم يعدوا مواطئ مشيتي (1)
... فيمن الدعاة السابقين إليّ في ... يميني، ويسر اللّاحقين بيسرتي (2)
... ولا تحسبنّ الأمر عنّي خارجا، ... فما ساد إلّا داخل في عبودتي (3)
... ولولاي لم يوجد وجود، ولم يكن ... شهود، ولم تعهد عهود بذمّة ... فلا حيّ، إلّا من حياتي حياته، ... وطوع مرادي كلّ نفس مريدة (4)
... ولا قائل، إلّا بلفظي محدّث، ... ولا ناظر إلّا بناظر مقلتي (5)
... ولا منصت، إلّا بسمعي سامع، ... ولا باطش إلّا بأزلي وشدّتي (6)
... ولا ناطق غيري، ولا ناظر، ولا ... سميع سوائي من جميع الخليقة (7)
... وفي عالم التركيب، في كلّ صورة، ... ظهرت بمعنى، عنه بالحسن زينت ... وفي كلّ معنى، لم تبنه مظاهري، ... تصوّرت، لا في صورة هيكليّة ... وفيما تراه الرّوح كشف فراسة ... خفيت عن المعنى المعنّى بدقّة (8)
... وفي رحموت البسط، كلّي رغبة ... بها انبسطت آمال أهل بسيطتي (9)
... وفي رهبوت القبض، كلّي هيبة، ... ففيما أجلت العين منّي أجلّت (10)
... وفي الجمع بالوصفين، كلّي قربة ... فحيّ على قربى خلالي الجميلة (11)
... وفي منتهى في، لم أزل بي واجدا ... جلال شهودي، عن كمال سجيّتي (12)
(1) لم يعدوا: لم يتخطوا. المواطئ: الأماكن التي تدوسها الأقدام.
(2) اليمن: الخير والبركة. اليسر: تيسير الأمر.
(3) ساد: سيطر واستلم القيادة. العبودة: العبودية.
(4) يعزو ابن الفارض وجود الخلق لوجوده. إذ لولاه لما وجدت الدنيا.
(5) المقلة: العين.
(6) الباطش: القوي الجبار. الأزل: الشدة.
(7) سوائي: سواي أو غيري.
(8) الفراسة: النباهة. المعنى المعنّى: المعنى المقصود.
(9) الرحموت: الرحمة. انبسطت: انفرجت. البسيطة: الأرض.
(10) الرهبوت: الرهبة. الهيبة: الوقار. أجلت العين: أدرتها. أجلت: أوضحت.
(11) القربة: التقرب من الله تعالى. الخلال: المزايا والصفات.
(12) في منتهى في: في نهاية كل امر. السّجية: الطبع والخلق.
وفي حيث لا في، لم أزل فيّ شاهدا ... جمال وجودي، لا بناظر مقلتي (1)
... فإن كنت منّي، فانح جمعي وامح فرق ... صدعي، ولا تجنح لجنح الطبيعة (2)
... فدونكها آيات إلهام حكمة، ... لأوهام حدس الحسّ، عنك، مزيلة (3)
... ومن قائل بالنّسخ، والمسخ واقع ... به، ابرأ، وكن عمّا يراه بعزلة (4)
... ودعه ودعوى الفسخ، والرّسخ لائق ... به، أبدا، لو صحّ في كلّ دورة (5)
... وضربي لك الأمثال، منّي منّة، ... عليك بشأني، مرّة بعد مرّة (6)
... تأمّل مقامات السّروجيّ، واعتبر ... بتلوينه تحمد قبول مشورتي (7)
... وتدر التباس النّفس بالحسّ، باطنا، ... بمظهرها في كلّ شكل وصورة ... وفي قوله إن مان فالحقّ ضارب ... به مثلا، والنفس غير مجدّة (8)
... فكن فطنا، وانظر بحسّك، منصفا ... لنفسك في أفعالك الأثريّة (9)
... وشاهد، إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء، في المرائي الصقيلة (10)
... أغيرك فيها لاح، أم أنت ناظر ... إليك بها، عند انعكاس الأشعّة(1/74)
__________
(12) في منتهى في: في نهاية كل امر. السّجية: الطبع والخلق.
وفي حيث لا في، لم أزل فيّ شاهدا ... جمال وجودي، لا بناظر مقلتي (1)
... فإن كنت منّي، فانح جمعي وامح فرق ... صدعي، ولا تجنح لجنح الطبيعة (2)
... فدونكها آيات إلهام حكمة، ... لأوهام حدس الحسّ، عنك، مزيلة (3)
... ومن قائل بالنّسخ، والمسخ واقع ... به، ابرأ، وكن عمّا يراه بعزلة (4)
... ودعه ودعوى الفسخ، والرّسخ لائق ... به، أبدا، لو صحّ في كلّ دورة (5)
... وضربي لك الأمثال، منّي منّة، ... عليك بشأني، مرّة بعد مرّة (6)
... تأمّل مقامات السّروجيّ، واعتبر ... بتلوينه تحمد قبول مشورتي (7)
... وتدر التباس النّفس بالحسّ، باطنا، ... بمظهرها في كلّ شكل وصورة ... وفي قوله إن مان فالحقّ ضارب ... به مثلا، والنفس غير مجدّة (8)
... فكن فطنا، وانظر بحسّك، منصفا ... لنفسك في أفعالك الأثريّة (9)
... وشاهد، إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء، في المرائي الصقيلة (10)
... أغيرك فيها لاح، أم أنت ناظر ... إليك بها، عند انعكاس الأشعّة
(1) في حيث لا في: حيث لا ينتهي أمر.
(2) انح: أمر من نحا بمعنى سار نحو. الجنح: الجهة.
(3) دونك: اسم فعل أمر بمعنى خذ. الحدس: الشعور بالشيء قبل حصوله وهو ما يسمى بالحاسّة السادسة.
(4) النسخ: انتقال الروح من انسان إلى انسان آخر وهي فكرة شبيهة بالتقمص. والمسخ انتقال ذات الإنسان إلى بدن حيوان.
(5) الفسخ: انتقال النفس الإنسانية من بدن الإنسان إلى الجماد. وأما الرسخ فهو انتقال النفس إلى النبات.
(6) المنة: العطاء والجميل.
(7) السروجي: بطل مقامات الحريري كما ابن هشام بطل مقامات الهمذاني. التلوين:
الانتقال من حال إلى حال وعدم الثبات على موقف.
(8) حان: كذب. المجدّة: الساعية.
(9) الفطن: الداري الذكي. الأفعال الأثرية: الأفعال الباقية بعد زوال الإنسان.
(10) استجليت نفسك: رأيتها بوضوح. مراء مفردها المرآة. الصقيلة: الجيدة الصقل التي تعكس الرؤيا بوضوح.
وأصغ لرجع الصوت، عند انقطاعه ... إليك، بأكناف القصور المشيدة (1)
... أهل كان من ناجاك، ثمّ، سواك، أم ... سمعت خطابا عن صداك المصوّت (2)
... وقل لي: من ألقى إليك علومه، ... وقد ركدت منك الحواس بغفوة (3)
... وما كنت تدري، قبل يومك، ما جرى ... بأمسك، أو ما سوف يجري بغدوة ... فأصبحت ذا علم بأخبار من مضى ... وأسرار من يأتي، مدلا بخبرة (4)
... أتحسب من جاراك، في سنة الكرى ... سواك بأنواع العلوم الجليلة (5)
... وما هي إلّا النّفس، عند اشتغالها ... بعالمها، عن مظهر البشريّة ... تجلّت لها بالغيب، في شكل عالم، ... هداها إلى فهم المعاني الغريبة (6)
... وقد طبعت فيها العلوم، وأعلنت ... بأسمائها، قدما، بوحي الأبوّة (7)
... وبالعلم من فوق السّوى ما تنعّمت، ... ولكن بما أملت عليها تملّت (8)
... ولو أنّها، قبل المنام، تجرّدت ... لشاهدتها مثلي، بعين صحيحة (9)
... وتجريدها العاديّ، أثبت، أوّلا ... تجرّدها الثّاني المعادي، فأثبت ... ولا تك ممّن طيّشته دروسه، ... بحيث استقلّت عقله، واستقرّت (10)
... فثمّ، وراء النّقل، علم، يدقّ عن ... مدارك غايات العقول السليمة (11)(1/75)
__________
(10) استجليت نفسك: رأيتها بوضوح. مراء مفردها المرآة. الصقيلة: الجيدة الصقل التي تعكس الرؤيا بوضوح.
وأصغ لرجع الصوت، عند انقطاعه ... إليك، بأكناف القصور المشيدة (1)
... أهل كان من ناجاك، ثمّ، سواك، أم ... سمعت خطابا عن صداك المصوّت (2)
... وقل لي: من ألقى إليك علومه، ... وقد ركدت منك الحواس بغفوة (3)
... وما كنت تدري، قبل يومك، ما جرى ... بأمسك، أو ما سوف يجري بغدوة ... فأصبحت ذا علم بأخبار من مضى ... وأسرار من يأتي، مدلا بخبرة (4)
... أتحسب من جاراك، في سنة الكرى ... سواك بأنواع العلوم الجليلة (5)
... وما هي إلّا النّفس، عند اشتغالها ... بعالمها، عن مظهر البشريّة ... تجلّت لها بالغيب، في شكل عالم، ... هداها إلى فهم المعاني الغريبة (6)
... وقد طبعت فيها العلوم، وأعلنت ... بأسمائها، قدما، بوحي الأبوّة (7)
... وبالعلم من فوق السّوى ما تنعّمت، ... ولكن بما أملت عليها تملّت (8)
... ولو أنّها، قبل المنام، تجرّدت ... لشاهدتها مثلي، بعين صحيحة (9)
... وتجريدها العاديّ، أثبت، أوّلا ... تجرّدها الثّاني المعادي، فأثبت ... ولا تك ممّن طيّشته دروسه، ... بحيث استقلّت عقله، واستقرّت (10)
... فثمّ، وراء النّقل، علم، يدقّ عن ... مدارك غايات العقول السليمة (11)
(1) اكناف القصور: ارجاء القصور. المشيدة: العامرة.
(2) ثم: غير. صداك المصوّت: صوت نفسك عند ترجيع الصدى.
(3) ركدت: هدأت. الغفوة: النوم القليل.
(4) المدلّ: المعتدّ.
(5) جاراك: سايرك. السنة: النعاس. الكرى: النوم.
(6) تجلت: ظهرت واضحة.
(7) طبعت فيها العلوم: وجدت بكثرة حتى أصبحت من صفاتها.
(8) السوي: الغير. تنعمت: حصلت على الخير. أملت: نصّت. تملت: شبعت.
(9) تجردت: مجاز معناه ظهرت على حقيقتها. العين الصحيحة: التي لا تشوبها شائبة.
(10) طيشته: أجهلته. استقرت: توطنت. والمعنى لا تكن جاهلا تتحكم اهواؤه بمسار حياته.
(11) يدق: ينم. المدارك: المعالم.(1/76)
تلقّيته منّي، وعني أخذته، ... ونفسي كانت، من عطائي، ممدّتي (1)
... ولا تك باللّاهي عن اللهو جملة ... فهزل الملاهي جدّ نفس مجدّة (2)
... وإيّاك والإعراض عن كلّ صورة ... مموّهة، أو حالة مستحيلة (3)
... فطيف خيال الظلّ، يهدي إليك، في ... كرى اللهو، ما عنه الستائر شقّت (4)
... ترى صورة الأشياء تجلى عليك، من ... وراء حجاب اللّبس، في كلّ خلعة (5)
... تجمّعت الأضداد فيها لحكمة، ... فأشكالها تبدو على كلّ هيئة ... صوامت تبدي النطق، وهي سواكن، ... تحرّك، تهدي النّور، غير ضويّة (6)
... وتضحك إعجابا، كأجزل فارح ... وتبكي انتحابا، مثل ثكلى حزينة (7)
... وتندب، إن أنّت، على سلب نعمة، ... وتطرب، إن غنّت، على طيب نغمة (8)
... يرى الطير في الأغصان يطرب سجعها ... بتغريد ألحان، لديك، شجيّة ... وتعجب من أصواتها بلغاتها، ... وقد أعربت عن ألسن أعجمية ... وفي البرّ تسري العيس، تخترق الفلا، ... وفي البحر تجري الفلك في وسط لجة (9)
... وتنظر للجيشين في البرّ، مرّة، ... وفي البحر، أخرى، في جموع كثيرة ... لباسهم نسج الحديد لبأسهم ... وهم في حمى حدّي: ظبى وأسنّة (10)
__________
(1) تلقيته: أخذته. الممدّة: المعينة على الأمر.
(2) الهزل: عدم الجد. الجد: السعي. مجدة: ساعية.
(3) الإعراض: الميل. مموهة: غير واضحة المعالم.
(4) الطيف: الخيال أو الصورة الغير واضحة. الكرى: النوم. شقت: فتحت ليظهر ما وراءها.
(5) تجلى: تظهر بوضوح. حجاب اللبس: حجاب الشك. الخلعة: الثوب.
(6) صوامت: ساكتات. سواكن: ساكنات. ضوية: منيرة.
(7) أجزل فارح: أكثر الناس فرحا. انتحابا: بكاء قويا. الثكلى: التي فقدت زوجها أو ابنها.
(8) أنت: توجعت من البكاء والحزن. سلب النعمة: فقدانها.
(9) العيس: الإبل. تخترق: تجتاز. الفلا: الأرض الواسعة كالصحراء. الفلك: السفن.
اللجة: الموج العظيم.
(10) نسج الحديد: الدروع. البأس: الشدة. الظبي والأسنة: السيوف والرماح.
فأجناد جيش البرّ، ما بين فارس ... على فرس، أو راجل، ربّ رجلة (1)
... وأكناد جيش البحر، ما بين راكب، ... مطا مركب، أو صاعد، مثل صعدة (2)
... فمن ضارب بالبيض، فتكا، وطاعن ... بسمر القنا العسّالة السمهريّة (3)
... ومن مغرق، في النار، رشقا بأسهم ... ومن محرق بالماء، زرقا بشعلة (4)
... ترى ذا مغيرا، باذلا نفسه، رذا ... يولّي كسيرا، تحت ذلّ الهزيمة (5)
... وتشهد رمي المنجنيق، ونصبه ... لهدم الصّياصي، والحصون المنيعة (6)
... وتلحظ أشباحا، تراءى بأنفس ... مجرّدة، في أرضها مستجنّة (7)
... تباين أنس الإنس صورة لبسها ... لوحشتها، والجنّ غير أنيسة ... وتطرح في النهر الشّباك، فتخرج ... السّماك يد الصّيّاد منها، بسرعة ... ويحتال، بالأشراك، ناصبها على ... وقوع خماص الطّير فيها بحبّة (8)
... ويكسر سفن اليمّ ضاري دوابه ... وتظفر آساد الشّرى بالفريسة (9)
... ويصطاد بعض الطّير بعضا من الفضا ... ويقنص بعض الوحش بعضا بقفرة (10)
... وتلمح منها ما تخطّيت ذكره، ... ولم أعتمد إلّا على خير ملحة (11)
... وفي الزّمن الفرد اعتبر تلق كلّ ما ... بدا لك، لا في مدّة مستطيلة(1/77)
__________
(10) نسج الحديد: الدروع. البأس: الشدة. الظبي والأسنة: السيوف والرماح.
فأجناد جيش البرّ، ما بين فارس ... على فرس، أو راجل، ربّ رجلة (1)
... وأكناد جيش البحر، ما بين راكب، ... مطا مركب، أو صاعد، مثل صعدة (2)
... فمن ضارب بالبيض، فتكا، وطاعن ... بسمر القنا العسّالة السمهريّة (3)
... ومن مغرق، في النار، رشقا بأسهم ... ومن محرق بالماء، زرقا بشعلة (4)
... ترى ذا مغيرا، باذلا نفسه، رذا ... يولّي كسيرا، تحت ذلّ الهزيمة (5)
... وتشهد رمي المنجنيق، ونصبه ... لهدم الصّياصي، والحصون المنيعة (6)
... وتلحظ أشباحا، تراءى بأنفس ... مجرّدة، في أرضها مستجنّة (7)
... تباين أنس الإنس صورة لبسها ... لوحشتها، والجنّ غير أنيسة ... وتطرح في النهر الشّباك، فتخرج ... السّماك يد الصّيّاد منها، بسرعة ... ويحتال، بالأشراك، ناصبها على ... وقوع خماص الطّير فيها بحبّة (8)
... ويكسر سفن اليمّ ضاري دوابه ... وتظفر آساد الشّرى بالفريسة (9)
... ويصطاد بعض الطّير بعضا من الفضا ... ويقنص بعض الوحش بعضا بقفرة (10)
... وتلمح منها ما تخطّيت ذكره، ... ولم أعتمد إلّا على خير ملحة (11)
... وفي الزّمن الفرد اعتبر تلق كلّ ما ... بدا لك، لا في مدّة مستطيلة
(1) الفارس: المحارب راكب الفرس. الراجل: المحارب على قدميه. ربّ الرجلة:
قائد الرجال.
(2) الاكناد: واحدها الكند وهو القوي الشرس. مطا: ركب فوق.
(3) البيض: السيوف. سمر القنا: الرماح. العسالة والسمهرية: من صفات الرماح.
(4) الرشق والزرق: رمي النبال.
(5) المغير: المتقدم. المولي: المتراجع. الكسير: المغلوب.
(6) المنجنيق: من آلات الحرب القديمة. الصياصي: القلاع ومفردها الصيصية.
(7) تراءى: تتراءى تظهر. مستجنة: ظاهرة.
(8) الأشراك: واحدها الشرك وهو الفخ. خماص الطير: الطيور الجائعة.
(9) اليم: من أسماء البحر. ضاري الدواب: الوحوش الكاسرة. آساد الشرى: سباع الغاب.
(10) يقنص: يصيد. القفرة: الأرض الخلاء أو الصحراء.
(11) تخطيت: تتبعت. الملحة: الطرفة.
وكلّ الذي شاهدته فعل واحد ... بمفرده، لكن بحجب الأكنة (1)
... إذا ما أزال السّتر لم تر غيره، ... ولم يبق، بالاشكال، إشكال ريبة (2)
... وحقّقت، عند الكشف، أنّ بنوره ... اهتديت، إلى أفعاله، بالدّجنّة (3)
... كذا كنت، ما بيني وبيني، مسهلا، ... حجاب التباس النّفس، في نور ظلمة (4)
... لأظهر بالتدريج، للحسّ مؤنسا ... لها، في ابتداعي، دفعة بعد دفعة (5)
... قرنت بجدّي لهو ذاك، مقرّبا، ... لفهمك، غايات المرامي البعيدة (6)
... ويجمعنا، في المظهرين، تشابه، ... وليست، لحالي، حاله بشبيهة ... فأشكاله، كانت مظاهر فعله، ... بستر تلاشت، إذ تجلّى، وولّت (7)
... وكانت له، بالفعل، نفسي شبيهة ... وحسّي كالإشكال واللّبس سترتي ... فلمّا رفعت السّتر عنّي، كرفعه، ... بحيث بدت لي النفس، من غير حجّة ... وقد طلعت شمس الشّهود، فأشرق ... الوجود، وحلّت بي عقود أخيّة (8)
... قتلت غلام النفس بين إقامتي ... الجدار لاحكامي، وخرق سفينتي ... وعدت بإمدادي على كلّ عالم، ... على حسب الأفعال، في كلّ مدّة ... ولولا احتجابي بالصفات، لأحرقت ... مظاهر ذاتي، من سناء سجيّتي (9)
... وألسنة الأكوان، إن كنت واعيا، ... شهود بتوحيدي، بحال فصيحة(1/78)
__________
(11) تخطيت: تتبعت. الملحة: الطرفة.
وكلّ الذي شاهدته فعل واحد ... بمفرده، لكن بحجب الأكنة (1)
... إذا ما أزال السّتر لم تر غيره، ... ولم يبق، بالاشكال، إشكال ريبة (2)
... وحقّقت، عند الكشف، أنّ بنوره ... اهتديت، إلى أفعاله، بالدّجنّة (3)
... كذا كنت، ما بيني وبيني، مسهلا، ... حجاب التباس النّفس، في نور ظلمة (4)
... لأظهر بالتدريج، للحسّ مؤنسا ... لها، في ابتداعي، دفعة بعد دفعة (5)
... قرنت بجدّي لهو ذاك، مقرّبا، ... لفهمك، غايات المرامي البعيدة (6)
... ويجمعنا، في المظهرين، تشابه، ... وليست، لحالي، حاله بشبيهة ... فأشكاله، كانت مظاهر فعله، ... بستر تلاشت، إذ تجلّى، وولّت (7)
... وكانت له، بالفعل، نفسي شبيهة ... وحسّي كالإشكال واللّبس سترتي ... فلمّا رفعت السّتر عنّي، كرفعه، ... بحيث بدت لي النفس، من غير حجّة ... وقد طلعت شمس الشّهود، فأشرق ... الوجود، وحلّت بي عقود أخيّة (8)
... قتلت غلام النفس بين إقامتي ... الجدار لاحكامي، وخرق سفينتي ... وعدت بإمدادي على كلّ عالم، ... على حسب الأفعال، في كلّ مدّة ... ولولا احتجابي بالصفات، لأحرقت ... مظاهر ذاتي، من سناء سجيّتي (9)
... وألسنة الأكوان، إن كنت واعيا، ... شهود بتوحيدي، بحال فصيحة
(1) الحجب: الستور واحدها الحجاب. الأكنة: الحجب وهي الهياكل الإنسانية المرخية بين عالم الغيب والحق.
(2) الإشكال: الشك في الأمر. الريبة: الشك.
(3) الدجنة: سواد الليل.
(4) مسبلا: مرخيا.
(5) المؤنس: المسلي. ابتداعي: ابتكاري.
(6) قرنت: مازجت. المرامي: الغايات.
(7) الستر: الحجب وقد مرّ معناها الصوفي قبل أبيات.
(8) عقود أخية: مواثيق ذمة وحرمة.
(9) احتجابي: تستري. السناء: النور. السجية: الطبع.
وجاء حديث، في اتّحادي، ثابت، ... روايته في النقل غير ضعيفة (1)
... يشير بحبّ الحقّ، بعد تقرّب ... إليه بنقل، أو أداء فريضة (2)
... وموضع تنبيه الإشارة ظاهر: ... بكنت له سمعا، كنور الظّهيرة ... تسبّبت في التوحيد، حتى وجدته، ... وواسطة الأسباب إحدى أدلّتي (3)
... ووحّدت في الأسباب، حتى فقدتها، ... ورابطة التّوحيد أجدى وسيلة ... وجرّدت نفسي عنهما، فتجرّدت ... ولم تك يوما، قطّ، غير وحيدة ... وغصت بحار الجمع، بل خضتها على ... انفرادي، فاستخرجت كلّ يتيمة (4)
... لأسمع أفعالي بسمع بصيرة، ... وأشهد أقوالي بعين سميعة ... فإن ناح في الايك الهزار، وغرّدت، ... جوابا له، الأطيار في كلّ دوحة (5)
... وأطرب بالمزمار مصلحه على ... مناسبة الأوتار من يد قينة (6)
... وغنّت من الأشعار ما رقّ فارتقت ... لسدرتها الاسرار في كلّ شدوة (7)
... تنزّهت في آثار صنعي، منزّها ... عن الشرك، بالأغيار جمعي وألفتي (8)
... فبي مجلس الاذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمّار عين طليعة (9)
... وما عقد الزّنّار، حكما، سوى يدي، ... وإن حلّ بالإقرار بي، فهي حلّت ... وإن نار، بالتّنزيل، محراب، مسجد ... فما بار، بالإنجيل، هيكل بيعة (10)(1/79)
__________
(9) احتجابي: تستري. السناء: النور. السجية: الطبع.
وجاء حديث، في اتّحادي، ثابت، ... روايته في النقل غير ضعيفة (1)
... يشير بحبّ الحقّ، بعد تقرّب ... إليه بنقل، أو أداء فريضة (2)
... وموضع تنبيه الإشارة ظاهر: ... بكنت له سمعا، كنور الظّهيرة ... تسبّبت في التوحيد، حتى وجدته، ... وواسطة الأسباب إحدى أدلّتي (3)
... ووحّدت في الأسباب، حتى فقدتها، ... ورابطة التّوحيد أجدى وسيلة ... وجرّدت نفسي عنهما، فتجرّدت ... ولم تك يوما، قطّ، غير وحيدة ... وغصت بحار الجمع، بل خضتها على ... انفرادي، فاستخرجت كلّ يتيمة (4)
... لأسمع أفعالي بسمع بصيرة، ... وأشهد أقوالي بعين سميعة ... فإن ناح في الايك الهزار، وغرّدت، ... جوابا له، الأطيار في كلّ دوحة (5)
... وأطرب بالمزمار مصلحه على ... مناسبة الأوتار من يد قينة (6)
... وغنّت من الأشعار ما رقّ فارتقت ... لسدرتها الاسرار في كلّ شدوة (7)
... تنزّهت في آثار صنعي، منزّها ... عن الشرك، بالأغيار جمعي وألفتي (8)
... فبي مجلس الاذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمّار عين طليعة (9)
... وما عقد الزّنّار، حكما، سوى يدي، ... وإن حلّ بالإقرار بي، فهي حلّت ... وإن نار، بالتّنزيل، محراب، مسجد ... فما بار، بالإنجيل، هيكل بيعة (10)
(1) الحديث الثابت: المسند الذي لا شك فيه.
(2) الحق: الله جلا جلاله. النقل: الاتصال.
(3) تسببت: أخذت سببا. الأسباب: الحبال.
(4) اليتيمة: الدرّة التي لا مثيل لها.
(5) الأيك: الشجر الكثير الملتف. الهزار: من الطيور وهو البلبل. الدوحة: الشجر الأخضر.
(6) المزمار: من آلات الطرب التي تعتمد على النفخ. القينة: الفتاة المغنية.
(7) ارتقت: ارتفعت. سدرة المنتهى: شجرة في السماء. الشدوة: الغناء والترتيل.
(8) تنزهت: ترفعت. الأغيار: غير الله عز وجل.
(9) مجلس الأذكار: مجلس التلاوة. الحانة: مكان الشرب. العين الطليعة: المتقدمة السابقة لغيرها.
(10) محراب المسجد: مكان التوجه للصلاة. بار: هلك.
وأسفار توراة الكليم لقومه، ... يناجي بها الأحبار في كلّ ليلة (1)
... وإن خرّ للأحجار في البدّ، عاكف ... فلا وجه للإنكار بالعصبيّة (2)
... فقد عبد الدّينار، معنى، منزّه، ... عن العار بالإشراك بالوثنية ... وقد بلغ الإنذار عني من بغى، ... وقامت بي الأعذار في كلّ فرقة ... وما زاغت الأبصار من كلّ ملّة، ... وما زاغت الأفكار من كلّ نحلة (3)
... وما اختار من للشّمس عن غرّة، صبا ... وإشراقها من نور إسفار غرّتي (4)
... وإن عبد النّار المجوس، وما انطفت ... كما جاء في الاخبار في ألف حجّة ... فما قصدوا غيري، وإن كان قصدهم ... سواي، وإن لم يظهروا عقد نيّة ... رأوا ضوء نوري، مرّة فتوهّموه ... نارا، فضلّوا في الهدى بالأشعّة ... ولولا حجاب الكون قلت، وإنّما ... قيامي بأحكام المظاهر مسكتي ... فلا عبث والخلق لم يخلقوا سدى ... وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة (5)
... على سمة الأسماء تجري أمورهم ... وحكمة وصف الذات للحكم، أجرت (6)
... يصرّفهم في القبضتين، ولا ولا، ... فقبضة تنعيم، وقبضة شقوة (7)
... ألا هكذا، فلتعرف النّفس، أو فلا، ... ويتل بها الفرقان كلّ صبيحة (8)
... وعرفانها من نفسها، وهي التي، ... على الحسّ، ما أمّلت مني، أملت (9)
... ولو أنني وحّدت، ألحدت، وانسلخت ... من آي جمعي، مشركا بي صنعتي (10)(1/80)
__________
(10) محراب المسجد: مكان التوجه للصلاة. بار: هلك.
وأسفار توراة الكليم لقومه، ... يناجي بها الأحبار في كلّ ليلة (1)
... وإن خرّ للأحجار في البدّ، عاكف ... فلا وجه للإنكار بالعصبيّة (2)
... فقد عبد الدّينار، معنى، منزّه، ... عن العار بالإشراك بالوثنية ... وقد بلغ الإنذار عني من بغى، ... وقامت بي الأعذار في كلّ فرقة ... وما زاغت الأبصار من كلّ ملّة، ... وما زاغت الأفكار من كلّ نحلة (3)
... وما اختار من للشّمس عن غرّة، صبا ... وإشراقها من نور إسفار غرّتي (4)
... وإن عبد النّار المجوس، وما انطفت ... كما جاء في الاخبار في ألف حجّة ... فما قصدوا غيري، وإن كان قصدهم ... سواي، وإن لم يظهروا عقد نيّة ... رأوا ضوء نوري، مرّة فتوهّموه ... نارا، فضلّوا في الهدى بالأشعّة ... ولولا حجاب الكون قلت، وإنّما ... قيامي بأحكام المظاهر مسكتي ... فلا عبث والخلق لم يخلقوا سدى ... وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة (5)
... على سمة الأسماء تجري أمورهم ... وحكمة وصف الذات للحكم، أجرت (6)
... يصرّفهم في القبضتين، ولا ولا، ... فقبضة تنعيم، وقبضة شقوة (7)
... ألا هكذا، فلتعرف النّفس، أو فلا، ... ويتل بها الفرقان كلّ صبيحة (8)
... وعرفانها من نفسها، وهي التي، ... على الحسّ، ما أمّلت مني، أملت (9)
... ولو أنني وحّدت، ألحدت، وانسلخت ... من آي جمعي، مشركا بي صنعتي (10)
(1) الاسفار: الأوراد التي أتت في التوراة. الكليم: موسى (ع). الأحبار: الناسكون.
(2) البد: بيت الصنم. العاكف: العازم على الأمر.
(3) زاغت: حادت أو ضعف نورها. الملة: المذهب. النحلة: البدعة.
(4) الغرة: الجبين. صبا: تطلع. اسفار: ظهور.
(5) العبث: اللهو. السديدة: الصائبة.
(6) السمة: العلامة. أجرت: سارت بالأمر.
(7) ولا في آخر الصدر تخفيف ولاء أي مناصرة. التنعيم: الرخاء. الشقوة: البؤس.
(8) الفرقان: القرآن الكريم.
(9) أمّلت: تعللت بالآمال. أملت: فرضت.
(10) ألحدت: كفرت.
ولست ملوما أن أبثّ مواهبي، ... وأمنح أتباعي جزيل عطيّتي (1)
... ولي من مفيض الجمع، عند سلامه ... عليّ بأو، أدنى إشارة نسبة (2)
... ومن نوره مشكاة ذاتي أشرقت ... عليّ فنارت بي عشائي، كضحوتي (3)
... فأشهدتني كوني هناك، فكنته ... وشاهدته إيّاي، والنّور بهجتي ... فبي قدّس الوادي، وفيه خلعت خلع ... نعلي على النادي، وحدت بخلعتي (4)
... وآنست أنواري، فكنت لها هدى ... وناهيك من نفس عليها مضيئة ... وأسست أطواري، فناجيتني بها، ... وقضّيت أوطاري، وذاتي كليمتي (5)
... وبدري لم يأفل، وشمسي لم تغب ... وبي تهتدي كلّ الدّراري المنيرة (6)
... وأنجم أفلاكي جرت عن تصرّفي ... بملكي، وأملاكي، لملكي، خرّت (7)
... وفي عالم التّذكار للنفس علمها ... المقدّم، تستهديه منّي فتيتي ... فحيّ على جمعي القديم، الذي به ... وجدت كهول الحيّ أطفال صبية (8)
... ومن فضل ما أسأرت شرب معاصري ... ومن كان قبلي، فالفضائل فضلتي (9)(1/81)
__________
(10) ألحدت: كفرت.
ولست ملوما أن أبثّ مواهبي، ... وأمنح أتباعي جزيل عطيّتي (1)
... ولي من مفيض الجمع، عند سلامه ... عليّ بأو، أدنى إشارة نسبة (2)
... ومن نوره مشكاة ذاتي أشرقت ... عليّ فنارت بي عشائي، كضحوتي (3)
... فأشهدتني كوني هناك، فكنته ... وشاهدته إيّاي، والنّور بهجتي ... فبي قدّس الوادي، وفيه خلعت خلع ... نعلي على النادي، وحدت بخلعتي (4)
... وآنست أنواري، فكنت لها هدى ... وناهيك من نفس عليها مضيئة ... وأسست أطواري، فناجيتني بها، ... وقضّيت أوطاري، وذاتي كليمتي (5)
... وبدري لم يأفل، وشمسي لم تغب ... وبي تهتدي كلّ الدّراري المنيرة (6)
... وأنجم أفلاكي جرت عن تصرّفي ... بملكي، وأملاكي، لملكي، خرّت (7)
... وفي عالم التّذكار للنفس علمها ... المقدّم، تستهديه منّي فتيتي ... فحيّ على جمعي القديم، الذي به ... وجدت كهول الحيّ أطفال صبية (8)
... ومن فضل ما أسأرت شرب معاصري ... ومن كان قبلي، فالفضائل فضلتي (9)
كما راح أتى
[البحر المنسرح] قد راح رسولي وكما راح أتى ... بالله متى نقضتم العهد متى؟! (10)
(1) ابث: اذيع. الجزيل: العطاء الكثير.
(2) المفيض: الخير الكثير.
(3) المشكاة: الكوة. العشاء: اوقات المساء. الضحوة: اوائل الصباح.
(4) محاكاة للآية الكريمة في خطاب الله جل جلاله لسيدنا موسى {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ. إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} الخلعة: الرداء.
(5) الأطوار بلغة الصوفيين سبعة: الطبع والنفس والقلب والروح والسر والخفيّ والأخفى.
الأوطار: الغايات.
(6) لم يأفل: لم يغب. الدراري: مفردها الدرة والمقصود هنا النجوم.
(7) الأملاك: الملائكة، خرّت: وقعت ساجدة.
(8) الكهول: المسنّون. الفتية: الشباب.
(9) اسأرت: أبقيت بعض الشراب في الإناء. الفضلة: البقية.
(10) نقضتم العهد: نكثتم به ولم تحافظوا عليه.
ماذا ظنّي بكم ولا ذا أملي ... فقد أدرك في سوله من شمتا (1)(1/82)
__________
(10) نقضتم العهد: نكثتم به ولم تحافظوا عليه.
ماذا ظنّي بكم ولا ذا أملي ... فقد أدرك في سوله من شمتا (1)
التائية الصغرى
هي البدر أوصافا
[البحر الطويل] نعم، بالصّبا، قلبي صبا لأحبّتي، ... فيا حبّذا ذاك الشّذى حين هبّت (2)
... سرت، فأسرّت للفؤاد، غديّة ... أحاديث جيران العذيب، فسرّت (3)
... مهيمنة بالرّوض، لدن رداؤها، ... بها مرض، من شأنه برء علّتي (4)
... لها بأعيشاب الحجاز تحرّش ... به، لا بخمر، دون صحبي، سكرتي ... تذكّرني العهد القديم، لأنّها ... حديثة عهد من أهيل مودّتي (5)
(1) سوله: سؤاله والألف في آخر البيت للإطلاق.
(2) الصبا: ريح الصباح الخفيفة. صبا: اشتاق وحنّ. الشذا: الريح الطيبة.
المعنى الصوفي: ان القلب اشتاق إلى الحضرة الإلهية وهي كناية عما تنقله الروح إلى الحقيقة الإنسانية عن لطائف خالقها.
(3) سرت: هبت ليلا. أسرّت: أخفت أو خبأت. العذيب: تصغير للعذب وهو صفة للماء.
المعنى الصوفي: مشت الروح بأمر خالقها فأعطت أسرارها للقلب القريب من الرحمن وأمدته بالعطاء الرباني العذب.
(4) الهيمنة: الوشوشة. الروض: المكان الوارف الكثير الظلال. البرء: الشفاء. العلة:
المرض.
المعنى الصوفي: ان الروح الإلهية سرت في عالم الأجسام ولفتها برداء المعرفة وشفت النفوس من الأغراض الشهوانية فإن السالك مريض بالجهل والغفلة فإذا عرف نفسه عرف روحه وإذا عرف روحه صحّ من مرضه وأصبح مرضه الجديد صحة وشفاء.
(5) العهد القديم: إشارة إلى قول الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ} الأعراف الآية 171.
أيا زاجرا حمر الأوارك، تارك ... الموارك، من أكوارها، كالأريكة (1)
... لك الخير إن أوضحت «توضيح» مضحيا ... وجبت فيافي خبت آرام وجرة (2)
... ونكّبت عن كثب «العريض» معارضا ... حزونا، لجزوى، سائقا لسويقة (3)
... وباينت بانات، كذا، عن طويلع، ... بسلع، فسل عن حلّة فيه حلّت (4)
... وعرّج بذيّاك الفريق، مبلّغا،، ... سلمت، عريبا، ثمّ، عنّي تحيّتي (5)(1/83)
__________
(5) العهد القديم: إشارة إلى قول الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ} الأعراف الآية 171.
أيا زاجرا حمر الأوارك، تارك ... الموارك، من أكوارها، كالأريكة (1)
... لك الخير إن أوضحت «توضيح» مضحيا ... وجبت فيافي خبت آرام وجرة (2)
... ونكّبت عن كثب «العريض» معارضا ... حزونا، لجزوى، سائقا لسويقة (3)
... وباينت بانات، كذا، عن طويلع، ... بسلع، فسل عن حلّة فيه حلّت (4)
... وعرّج بذيّاك الفريق، مبلّغا،، ... سلمت، عريبا، ثمّ، عنّي تحيّتي (5)
(1) الزاجر: سائق الإبل. الأوراك: مفردها الأركة وهي الإبل المقيمة في الأراك والأراك شجر تتخذ منه عيدان السوك والموارك واحدها الموركة وهي الحشية أو الوسادة التي يضعها الراكب تحته. الأكوار: واحدها الكور وهو الرجل والاريكة السرير المنجد.
المعنى الصوفي: يا قائما على كل نفس بما كسبت أي يا الله انك عالم بالنفوس البشرية تمنعها بأوامرك ونواهيك عن الإتيان بالمعاصي فإذا استوليت على قلب المؤمن تنزه عن كل عيب وأصبح طاهرا في الظاهر وفي الباطن.
(2) توضح: اسم مكان. جبت: قطعت وهو فعل ماض من جاب. الفيافي: مفردها فيفاء وهي الصحراء. الخبت: الأرض المستوية. الآرام: مفردها الرئم أو الريم وهو الظبي الأبيض. وجرة: اسم مكان.
المعنى الصوفي: ان الله تعالى مشرف من عليائه على جميع خلقه يفيض بعلمه على الكائنات فتصبح جميلة كالآرام في جمال العيون والأعناق.
(3) نكبت: عدلت. الكتيب: ما اجتمع من الرمل. العريض وحزوى والسويقة:
أماكن. الحزون: مفردها الحزن وهو الأرض الغليظة.
المعنى الصوفي: أن الله تعالى يسوق السعداء من بني آدم إلى مواضع النور ويسكنهم اماكن عباده الصالحين كالسويقة وهي موضع سكن آل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
(4) باينت: فارقت وابتعدت. بانات: مفردها بانة وهي شجرة معروفة. طويلح: موضع فيه ماء عذب. سلع: جبل بالمدينة. الحلة: القوم الحالون بالمكان.
المعنى الصوفي: إشارة إلى الآية الكريمة: {وَاللََّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبََاتاً} والمقصود ان الله جعل أولياءه في مقامات سنية يحلون بها ويستطيبون الإقامة.
(5) عرج: أقصد. الفريق: القوم العريب سكان الأمصار.
المعنى الصوفي: أقم بين الأهل الصالحين «فريق من الجنة» سكان المقامات المحمدية.
فلي، بين هاتيك الخيام، ضنينة ... عليّ بجمعي، سمحة بتشتّتي (1)
... محجّبة بين الأسنّة والظبا ... إليها انثنت ألبابنا، إذ تثنّت (2)
... ممنّعة، خلع العذار نقابها ... مسربلة بردين: قلبي ومهجتي (3)
... تتيح المنايا إذ تبيح لي المنى، ... وذاك رخيص منيتي بمنيّتي (4)
... وما غدرت في الحبّ أن هدرت دمي ... بشرع الهوى، لكن وفت إذ توفّت ... متى أوعدت أولت، وإن وعدت لوت ... وإن أقسمت: لا تبرئ السقم، برّت (5)
... وإن عرضت أطرق حياء وهيبة، ... وإن أعرضت أشفق، فلم أتلفّت(1/84)
__________
المعنى الصوفي: أقم بين الأهل الصالحين «فريق من الجنة» سكان المقامات المحمدية.
فلي، بين هاتيك الخيام، ضنينة ... عليّ بجمعي، سمحة بتشتّتي (1)
... محجّبة بين الأسنّة والظبا ... إليها انثنت ألبابنا، إذ تثنّت (2)
... ممنّعة، خلع العذار نقابها ... مسربلة بردين: قلبي ومهجتي (3)
... تتيح المنايا إذ تبيح لي المنى، ... وذاك رخيص منيتي بمنيّتي (4)
... وما غدرت في الحبّ أن هدرت دمي ... بشرع الهوى، لكن وفت إذ توفّت ... متى أوعدت أولت، وإن وعدت لوت ... وإن أقسمت: لا تبرئ السقم، برّت (5)
... وإن عرضت أطرق حياء وهيبة، ... وإن أعرضت أشفق، فلم أتلفّت
(1) الضنينة: البخيلة. التشتت: التفرق.
المعنى الصوفي: أن الحقيقة ضنينة لامتناعها على الناس فلا يصل إليها إلا السالكون للنور الإلهي.
(2) المحجبة: المستورة. الأسنة: الحراب. الظبا: مفردها الظّبة وهي طرف السهم أو السيف.
المعنى الصوفي: أن الحقيقة محمية بالسيوف والسهام والرماح والوصول إليها محفوف بالتعب والمشقة والهلاك وهذه حال العارفين بالنور الإلهي فلا يصلون إليها إلّا بعد التعب والمكابدة.
(3) العذار: جانب الخد. النقاب: ما يخفي جسد المرأة ووجهها. مسربلة: لابسة السربال أو الثوب. البرد: الثوب.
المعنى الصوفي: أن الحقيقة لا تنكشف بسهولة أمام طالبيها ولا تظهر لكل متهتك لا يبالي بما يظهر منه من المباحات فهي موجودة في القلب الروحاني ولابسة للروح كقوله تعالى: {وَلَلَبَسْنََا عَلَيْهِمْ مََا يَلْبِسُونَ}.
(4) تتيح: تمنح. المنايا: مفردها المنية وهي الموت. تبيح: تعطي. المنى: الأمل.
والجناس واضح بين تتيح وتبيح وبين منيتي أي أملي ومنيتي أي موتي.
المعنى الصوفي: ان المحب الحقيقي يأبى أن يكون هذا الحب لغيره من الناس ولا يرضى أن يضاهيه في حبه هذا أو يزاحمه في معرفة الله أي مخلوق
(5) أوعدت: هددت بالشر. أولت: وفت بوعدها وبرت به. لوت: ما طلت. تبرئ:
تشفي. برت: صدق وعدها.
المعنى الصوفي: أن المؤمن يخاف الحقيقة وجبروتها إجلالا وتعظيما لها. فإذا احتجبت عنه خاف منها وقد قال الله تعالى: {فَلََا يَأْمَنُ مَكْرَ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخََاسِرُونَ}.(1/85)
ولو لم يزرني طيفها، نحو مضجعي ... قضيت، ولم أستطع أراها بمقلتي (1)
... تخيّل زور كان زور خيالها ... لمشبهه، عن غير رؤيا ورؤية (2)
... بفرط غرامي ذكر قيس بوجده ... وبهجتها لبني، أمتّ، وأمّت (3)
... فلم أر مثلي عاشقا، ذا صبابة، ... ولا مثلها معشوقة، ذات بهجة (4)
... هي البدر أوصافا، وذاتي سماؤها، ... سمت بي إليها همّتي، حين همّت (5)
... منازلها منّي الذّراع، توسّدا، ... وقلبي وطرفي أوطنت، أو تجلّت (6)
... فما الودق، إلّا من تحلّب مدمعي ... وما البرق، إلا من تلهّب زفرتي (7)
__________
(1) الطيف: الخيال. المضجع: مكان النوم. قضيت: متّ. المقلة: العين.
المعنى الصوفي: لو لم يزره خيال الحقيقة الإلهية فلم يستطع ان يرى تلك المحبوبة بعينيه لان الميت جماد لا يمكن أن يرى بنفسه فهي التي تملك بصره وتريه ما نشاء من الأمور.
(2) التخيل: التوهم. الزور من الزيارة. الرؤية: النظر. الرؤيا: المنام.
(3) الفرط والإفراط: الشدة. قيس: ابن الملوح العامري المشهور بحبه لابنة عمه ليلى العامرية. لبني: اسم امرأة. امت: من الإماتة وأمت الاخيرة فعل ماض من أم أي جعله إماما والجناس واضح بين أمت وأمت.
(4) الصبابة: العشق.
المعنى الصوفي: لم ار قبلي صاحب عشق حقيقي فالباقون عشقهم مزيف فأنا اعشق الروح والباقون يعشقون الصورة الخارجية أي الجسد.
(5) المعنى الصوفي: ان المعرفة بالحقيقة هي كالبدر في الارتفاع والظهور وفي القول إشارة إلى قول الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) «سترون ربكم كما ترون البدر هل تضامون في رؤيته» صدق رسول الله.
(6) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف: من تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا.
(7) الودق: المطر. التحلب: السيلان.
المعنى الصوفي: هذا البيت تتمة لما سبق إذ جعل نفسه سماء وجعل فيها منازل للقمر وهو بالتالي قريب من الحضرة الإلهية فالله ينعم عليه بالتجليات والحقائق ويبتليه بالنحيب والبكاء.
وكنت أرى أنّ التعشّق منحة ... لقلبي، فما إن كان، إلا لمحنتي (1)
... منعّمة أحشاي، كانت قبيل ما ... دعتها لتشقى بالغرام، فلبّت ... فلا عاد لي ذاك النعيم، ولا أرى ... من العيش، إلا أن أعيش بشقوتي (2)
... ألا في سبيل الحبّ حالي، وما عسى، ... بكم أن ألاقي، لو دريتم، أحبّتي (3)
... أخذتم فؤادي، وهو بعضي، فما الذي ... يضرّكم أن تتبعوه بجملتي؟ ... وجدت بكم وجدا، قوى كلّ عاشق ... لو احتملت من عبئه البعض، كلّت (4)
... برى أعظمي من أعظم الشوق ضعف ما ... بجفني لنومي، أو بضعفي لقوّتي (5)
... وأنحلني سقم، له بجفونكم ... غرام التياعي بالفؤاد، وحرقتي (6)
... فضعفي وسقمي: ذاكراي عواذلي، ... وذاك حديث النفس عنكم برجعتي ... وهي جسدي ممّا وهي جلدي، لذا ... تحملّه يبلى، وتبقى بليّتي (7)
... وعدت بما لم يبق منّي موضعا ... لضرّ، لعوّادي حضوري كغيبتي (8)(1/86)
__________
المعنى الصوفي: هذا البيت تتمة لما سبق إذ جعل نفسه سماء وجعل فيها منازل للقمر وهو بالتالي قريب من الحضرة الإلهية فالله ينعم عليه بالتجليات والحقائق ويبتليه بالنحيب والبكاء.
وكنت أرى أنّ التعشّق منحة ... لقلبي، فما إن كان، إلا لمحنتي (1)
... منعّمة أحشاي، كانت قبيل ما ... دعتها لتشقى بالغرام، فلبّت ... فلا عاد لي ذاك النعيم، ولا أرى ... من العيش، إلا أن أعيش بشقوتي (2)
... ألا في سبيل الحبّ حالي، وما عسى، ... بكم أن ألاقي، لو دريتم، أحبّتي (3)
... أخذتم فؤادي، وهو بعضي، فما الذي ... يضرّكم أن تتبعوه بجملتي؟ ... وجدت بكم وجدا، قوى كلّ عاشق ... لو احتملت من عبئه البعض، كلّت (4)
... برى أعظمي من أعظم الشوق ضعف ما ... بجفني لنومي، أو بضعفي لقوّتي (5)
... وأنحلني سقم، له بجفونكم ... غرام التياعي بالفؤاد، وحرقتي (6)
... فضعفي وسقمي: ذاكراي عواذلي، ... وذاك حديث النفس عنكم برجعتي ... وهي جسدي ممّا وهي جلدي، لذا ... تحملّه يبلى، وتبقى بليّتي (7)
... وعدت بما لم يبق منّي موضعا ... لضرّ، لعوّادي حضوري كغيبتي (8)
(1) المحنة: البلاء.
المعنى الصوفي: المحنة هنا هي البلاء الحسن وفي ذلك إشارة إلى الآية الكريمة:
{وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلََاءً حَسَناً}.
(2) م. ص. اختار شقاء البلاء الإلهي على لذائذ الجهل ونعيم اللذة الفانية.
(3) احبتي في آخر البيت كناية عن اسماء الله الحسنى المتعددة وليس المقصود عدد الأحبة.
فكل اسم من اسماء الله حبيب إليه.
(4) م. ص. عشق الإنسان للإنسان زائل لا محال أما عشقه فدائم لارتباطه بالحق الإلهي.
(5) برى: انحل.
م. ص. الاشتياق إلى النوم هو غاية الاشتياق وذلك لمناجاة الله تعالى.
(6) انحل: أضعف. الالتياع من اللوعة. والسقم: الضعف.
م. ص. الجفن كناية عن صور المخلوقات الحسيّة وسقم الجفون هو ضعف للمخلوق أمام الخالق.
(7) وهي: ضعف. الجلد: الصبر. البلية: المصيبة.
م. ص. ضعف الجسد من ضعف القوة. فالجسد تابع للقلب إن شكا الباطن شكا الظاهر. أيضا.
(8) العواد: الزوار أثناء المرض.
م. ص. إشارة إلى فناء النفس بالمعرفة الإلهية وهو غاية التجلي في طرق الصوفية.
كأنّي هلال الشّكّ، لولا تأوّهي، ... خفيت، فلم تهد العيون لرؤيتي (1)
... فجسمي وقلبي: مستحيل وواجب ... وخدّي مندوب لجائز عبرتي (2)
... وقالوا: جرت حمرا دموعك، قلت: عن ... أمور جرت، في كثرة الشّوق، قلّت ... نحرت لضيف الطيف، في جفني الكرى ... قرى، فجرى دمعي دما فوق وجنتي (3)
... فلا تنكروا، إن مسّني ضرّ بينكم، ... عليّ سؤالي كشف ذاك ورحمتي (4)
... فصبري أراه، تحت قدري، عليكم، ... مطاقا، وعنكم، فاعذروا، فوق قدرتي (5)
... ولمّا توافينا، عشاء، وضمّنا ... سواء سبيلي ذي طوى، والثّنيّة (6)
... ومنّت، وما ضنّت، عليّ بوقفة، ... تعادل عندي، بالمعرّف، وقفتي (7)(1/87)
__________
م. ص. إشارة إلى فناء النفس بالمعرفة الإلهية وهو غاية التجلي في طرق الصوفية.
كأنّي هلال الشّكّ، لولا تأوّهي، ... خفيت، فلم تهد العيون لرؤيتي (1)
... فجسمي وقلبي: مستحيل وواجب ... وخدّي مندوب لجائز عبرتي (2)
... وقالوا: جرت حمرا دموعك، قلت: عن ... أمور جرت، في كثرة الشّوق، قلّت ... نحرت لضيف الطيف، في جفني الكرى ... قرى، فجرى دمعي دما فوق وجنتي (3)
... فلا تنكروا، إن مسّني ضرّ بينكم، ... عليّ سؤالي كشف ذاك ورحمتي (4)
... فصبري أراه، تحت قدري، عليكم، ... مطاقا، وعنكم، فاعذروا، فوق قدرتي (5)
... ولمّا توافينا، عشاء، وضمّنا ... سواء سبيلي ذي طوى، والثّنيّة (6)
... ومنّت، وما ضنّت، عليّ بوقفة، ... تعادل عندي، بالمعرّف، وقفتي (7)
(1) هلال الشك: هلال ما بين الشهرين الذي لم تثبت رؤيته.
م. ص. لم ترني عيون الناس على ما أنا عليه فظاهري شيء يختلف تماما عما في باطني.
(2) مندوب: مدعو. الجائز: السائر. العبرة: الدمعة.
م. ص. الجسد فان والقلب قاس إشارة إلى الآية الكريمة: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ فَهِيَ كَالْحِجََارَةِ}.
(3) جرت: سالت. وجرت الثانية: حصلت.
(4) م. ص. في البيت تيمّن بقول النبي أيوب عليه السلام حيث قال: اني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين.
(5) م. ص. أستطيع تحمل صدكم وهجرانكم ولكن لا أستطيع ان انساكم وافعل كما تفعلون.
(6) التوافي: اللقاء. ذي الطوى والثنية: موضعان.
(7) منت: وهبت. المعرف: الوقوف على جبل عرفة.
عتبت، فلم تعتب، كأن لم يكن لقا، ... وما كان إلّا أن أشرت وأومت (1)
... أيا كعبة الحسن، التي لجمالها ... قلوب أولي الألباب لبّت وحجّت (2)
... بريق الثّنايا منك أهدى لنا سنا ... بريق الثّنايا، فهو خير هديّة (3)
... وأوحى لعيني أنّ قلبي مجاور ... حماك، فتاقت للجمال وحنّت (4)
... ولولاك ما استهديت برقا، ولا شجت ... فؤادي، فأبكت، إذ شدت، ورق أيكة (5)
... فذاك هدى أهدى إليّ، وهذه، ... على العود، إذ غنّت، عن العود أغنت (6)
... أروم، وقد طال المدى، منك نظرة، ... وكم من دماء، دون مرماي، طلّت (7)
... وقد كنت أدعى، قبل حبّيك، باسلا، ... فعدت به مستبسلا، بعد منعتي (8)
... أقاد أسيرا، واصطباري مهاجري ... وأنجد أنصاري أسى، بعد لهفتي (9)
... أما لك عن صدّ أما لك عن صد ... لظلمك، ظلما منك، ميل لعطفة (10)(1/88)
__________
(7) منت: وهبت. المعرف: الوقوف على جبل عرفة.
عتبت، فلم تعتب، كأن لم يكن لقا، ... وما كان إلّا أن أشرت وأومت (1)
... أيا كعبة الحسن، التي لجمالها ... قلوب أولي الألباب لبّت وحجّت (2)
... بريق الثّنايا منك أهدى لنا سنا ... بريق الثّنايا، فهو خير هديّة (3)
... وأوحى لعيني أنّ قلبي مجاور ... حماك، فتاقت للجمال وحنّت (4)
... ولولاك ما استهديت برقا، ولا شجت ... فؤادي، فأبكت، إذ شدت، ورق أيكة (5)
... فذاك هدى أهدى إليّ، وهذه، ... على العود، إذ غنّت، عن العود أغنت (6)
... أروم، وقد طال المدى، منك نظرة، ... وكم من دماء، دون مرماي، طلّت (7)
... وقد كنت أدعى، قبل حبّيك، باسلا، ... فعدت به مستبسلا، بعد منعتي (8)
... أقاد أسيرا، واصطباري مهاجري ... وأنجد أنصاري أسى، بعد لهفتي (9)
... أما لك عن صدّ أما لك عن صد ... لظلمك، ظلما منك، ميل لعطفة (10)
(1) اومت: اشارت باليد.
م. ص. في الأبيات الثلاثة الأخيرة إشارة إلى الإقبال على حضرة الحق. وذي طوى إشارة إلى القرب من الحضرة الإلهية. {إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً}.
(2) م. ص. الكعبة. الحضرة في تجليها في قلوب العارفين السالكين.
(3) الثنايا: الأركان الأربعة وهي اسماء الله: الحي والعليم اعلى. والمريد والقدير اسفل.
(4) م. ص. إشارة إلى اشتياق العين لجمال الحقيقة الظاهرة بتجليها في آثار أفعالها.
(5) الشجى: الحزن. الورق: مفردها الورقاء وهي الحمامة والأيك: الشجر الملتف.
م. ص. خطاب للحقيقة المشار إليها في الأبيات السابقة والورق هي الأرواح المختلفة والايكة الجسم المختلف المزاج والطبائع.
(6) في البيت جناس بين العود والعود فالأولى تعني الغصن والثانية آلة الطرب أو البربط.
م. ص. البرق هو برق الأكوان والورق هي الروحانيات.
(7) أروم: اطلب. المدى: المجال.
(8) الباسل: الأسد الشجاع. المستبسل: طالب الموت.
(9) م. ص: القائد هو الله تعالى إلى حيث يريد وما الحزن والحسرة والاستغاثة إلا من سبل الاستعانة على تحمل مشاق البلاء في طريق المحبة الإلهية.
(10) م. ص. استحالة ظلم الله تعالى كما في قوله: {وَمََا رَبُّكَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
فبلّ غليل من عليل على شفا، ... يبلّ شفاء منه، أعظم منّة (1)
... فلا تحسبي أنّي فنيت، من الضنّى ... بغيرك، بل فيك الصّبابة أبلت (2)
... جمال محيّاك، المصون لثامه ... عن اللّثم، فيه عدت حيّا كميّت (3)
... وجنّبني حبّيك وصل معاشري، ... وحبّبى، ما عشت، قطع عشرتي (4)
... وأبعدني، عن أربعي، بعد أربع: ... شبابي، وعقلي، وارتياحي، وصحّتي (5)
... فلي، بعد أوطاني، سكون إلى الفلا، ... وبالوحش أنسي إذ من الإنس وحشتي (6)
... وزهّد في وصلي الغواني، إذ بدا ... تبلّج صبح الشيب، في جنح لمّتي (7)
... فرحن بحزن، جازعات، بعيد ما ... فرحن بحزن الجزع بي، لشيبتي (8)
... جهلن، كلوّامي، الهوى، لا علمنه ... وخابوا، وإني منه مكتهل، فتي(1/89)
__________
(10) م. ص. استحالة ظلم الله تعالى كما في قوله: {وَمََا رَبُّكَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
فبلّ غليل من عليل على شفا، ... يبلّ شفاء منه، أعظم منّة (1)
... فلا تحسبي أنّي فنيت، من الضنّى ... بغيرك، بل فيك الصّبابة أبلت (2)
... جمال محيّاك، المصون لثامه ... عن اللّثم، فيه عدت حيّا كميّت (3)
... وجنّبني حبّيك وصل معاشري، ... وحبّبى، ما عشت، قطع عشرتي (4)
... وأبعدني، عن أربعي، بعد أربع: ... شبابي، وعقلي، وارتياحي، وصحّتي (5)
... فلي، بعد أوطاني، سكون إلى الفلا، ... وبالوحش أنسي إذ من الإنس وحشتي (6)
... وزهّد في وصلي الغواني، إذ بدا ... تبلّج صبح الشيب، في جنح لمّتي (7)
... فرحن بحزن، جازعات، بعيد ما ... فرحن بحزن الجزع بي، لشيبتي (8)
... جهلن، كلوّامي، الهوى، لا علمنه ... وخابوا، وإني منه مكتهل، فتي
(1) بل: ارو. الغليل: العطش. الشفاء: حد الهلاك.
(2) الضنى: الهزال والمرض. الصبابة: شدة العشق. أبلت: اصابت فأفنت.
(3) المحيا: الوجه. المصون: المحفوظ. اللثام: الغطاء. اللثم: التقبيل.
م. ص. المحيا: وجه الله تعالى. كما في الآية الكريمة {فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللََّهِ}.
(4) إشارة إلى تجنب معاشرة الناس واللجوء إلى العزلة والتجرد من احوال البشر. وسلوك طريق الأخيار بغية العناية والتوفيق.
(5) الأربع الأولى هي الدار والمنزل والأربع الثانية هي العدد.
م. ص. ان زوال الشباب والعقل والراحة والصحة دليل على الفناء في الروح الحقيقية. وما هذه الظواهر سوى انتصار للنفس على الجسد.
(6) الفلا: الأرض الواسعة.
(7) الغواني: مفردها الغانية وهي المرأة التي استغنت بحسنها عن كل زينة التبلج:
الاشراق أو ظهور النور. اللمة: مجتمع شعر الذقن أو ما نبت منه تحت الأذن.
م. ص. الغواني: كناية عن الأسماء الإلهية والتجليات العليا واللمة هي الشعور بمعنى الإدراك وهو حديث النفس ينبت كما ينبت الشعر في البدن وهو أسود فإذا شاب أشرق وأضاء.
(8) في البيت جناس تام بين الحزن والحزن. فالأولى بمعنى الاسى والثانية تعني ما غلظ من الأرض. الجزع: منعطف الوادي.
وفي قطعي اللّاحي عليك، ولات حين ... فيك جدال، كان وجهك حجّتي (1)
... فأصبح لي، من بعد ما كان عاذلا ... به، عاذرا، بل صار من أهل نجدتي (2)
... وحجّي، عمري، هاديا ظلّ مهديا ... ضلال ملامي، مثل حجّي وعمرتي (3)
... رأى رجبا سمعي الأبيّ ولومي ... المحرّم، عن لؤم، وغشّ النصيحة ... وكم رام سلواني هواك، ميمّما ... سواك، وأنّى عنك تبديل نيّتي؟ (4)
... وقال: تلاف ما بقي منك، قلت: ما ... أراني إلا للتّلاف تلفّتي (5)
... إبائي أبى إلّا خلافي، ناصحا ... يحاول منّي شيمة غير شيمتي (6)
... يلذّ له عذلي عليك، كأنّما ... يرى منّه منّي، وسلواه سلوتي (7)(1/90)
__________
(8) في البيت جناس تام بين الحزن والحزن. فالأولى بمعنى الاسى والثانية تعني ما غلظ من الأرض. الجزع: منعطف الوادي.
وفي قطعي اللّاحي عليك، ولات حين ... فيك جدال، كان وجهك حجّتي (1)
... فأصبح لي، من بعد ما كان عاذلا ... به، عاذرا، بل صار من أهل نجدتي (2)
... وحجّي، عمري، هاديا ظلّ مهديا ... ضلال ملامي، مثل حجّي وعمرتي (3)
... رأى رجبا سمعي الأبيّ ولومي ... المحرّم، عن لؤم، وغشّ النصيحة ... وكم رام سلواني هواك، ميمّما ... سواك، وأنّى عنك تبديل نيّتي؟ (4)
... وقال: تلاف ما بقي منك، قلت: ما ... أراني إلا للتّلاف تلفّتي (5)
... إبائي أبى إلّا خلافي، ناصحا ... يحاول منّي شيمة غير شيمتي (6)
... يلذّ له عذلي عليك، كأنّما ... يرى منّه منّي، وسلواه سلوتي (7)
(1) اللاحي: الناهي عن المحبة.
م. ص: ان رؤية وجه الله تنهى عن المعارضة والمجادلة.
(2) م. ص. لو رأى الناس ما اراه من العشق الإلهي والجمال الرباني لعذروني وأصبحوا من أنصاري.
(3) حجي: مصدر حجة وهي قوة الاقناع. الحج الثانية والعمرة من فرائض الإسلام.
م. ص. ان اقامتي الحجة على من ينهاني عن الحب هو الأمر الذي يهدي من الضلال وأجر هوايتي إياه يعادل ثواب الحج والعمرة في سبيل الله تعالى.
(4) رام: طلب. سلواني: نسياني.
م. ص. لقد طلب الهادي مرات كثيرة ان انسى هذه المحبة. ولكن ليس في نيتي اي تبديل لما أنا عليه.
(5) تلاف: فعل امر بمعنى تدارك. التلاف: الموت.
م. ص. قال الهادي تدارك نفسك قبل الهلاك فقلت ليس لي التفات سوى إلى الموت.
(6) الإباء: الكره والرفض. الشيمة: العادة والمزية.
م. ص. كرهت كل شيء يبغضني ويبعدني عن الحضرة العلوية ومن كانت فيه عادة يصعب عليه تركها.
(7) المن: الطل أو الندى. والمن الثانية مع السلوى. طعام الجنة الذي خص بهما الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بهما في البرية. العذل: اللوم.
م. ص. السلوى: طائر معروف مفرده السلواة. فالناصح يأكل من لحم هذا الطائر ويتلذذ به اما هو فلا يلتذ إلا بالمعرفة ولا ينهل إلا من الروح الصافية.
ومعرضة عن سامر الجفن، راهب ... الفؤاد المعنّى، مسلم النفس صدّت (1)
... تناءت، فكانت لذّة العيش وانقضت ... بعمري، فأيدي البين مدّت لمدّتي (2)
... وبانت، فأمّا حسن صبري فخانني، ... وأمّا جفوني بالبكاء فوفّت ... فلم ير طرفي، بعدها، ما يسرّني، ... فنومي كصبحي حيث كانت مسرتي ... وقد سخنت عيني عليها، كأنّها ... بها لم تكن، يوما من الدّهر، قرّت ... فإنسانها ميت، ودمعي غسله، ... وأكفانه ما ابيضّ، حزنا، لفرقتي (3)
... فللعين والأحشاء، أول «هل أتى» ... تلا عائدي الآسي، وثالث «تبّت» (4)
... كأنّا حلفنا، للرّقيب، على الجفا ... وأن لا وفا، لكن حنثت وبرّت (5)
... وكانت مواثيق الإخاء أخيّة، ... فلمّا تفرّقنا عقدت وحلّت ... وتاللََّه، لم أختر مذمّة غدرها، ... وفاء، وإن فاءت إلى ختر ذمّتي (6)(1/91)
__________
م. ص. السلوى: طائر معروف مفرده السلواة. فالناصح يأكل من لحم هذا الطائر ويتلذذ به اما هو فلا يلتذ إلا بالمعرفة ولا ينهل إلا من الروح الصافية.
ومعرضة عن سامر الجفن، راهب ... الفؤاد المعنّى، مسلم النفس صدّت (1)
... تناءت، فكانت لذّة العيش وانقضت ... بعمري، فأيدي البين مدّت لمدّتي (2)
... وبانت، فأمّا حسن صبري فخانني، ... وأمّا جفوني بالبكاء فوفّت ... فلم ير طرفي، بعدها، ما يسرّني، ... فنومي كصبحي حيث كانت مسرتي ... وقد سخنت عيني عليها، كأنّها ... بها لم تكن، يوما من الدّهر، قرّت ... فإنسانها ميت، ودمعي غسله، ... وأكفانه ما ابيضّ، حزنا، لفرقتي (3)
... فللعين والأحشاء، أول «هل أتى» ... تلا عائدي الآسي، وثالث «تبّت» (4)
... كأنّا حلفنا، للرّقيب، على الجفا ... وأن لا وفا، لكن حنثت وبرّت (5)
... وكانت مواثيق الإخاء أخيّة، ... فلمّا تفرّقنا عقدت وحلّت ... وتاللََّه، لم أختر مذمّة غدرها، ... وفاء، وإن فاءت إلى ختر ذمّتي (6)
(1) الإعراض: الصد. سامر الجفن: الذي لا تنام عينه. راهب الفؤاد: خائف القلب.
المعنى: المريض.
م. ص. المعرضة هي المحبوبة الحقيقة والاعراض كناية عن التنزه والتجرد وسامر الجفن عينه التي لم تنم بغية رؤية المحبوبة المعرضة عنه.
(2) تناءت: ابتعدت وفارقت. البين: الفراق.
م. ص. ان ثنائي المحبوبة عنه يعني فراق اللذة الحقيقية عنه وما فراقها إلا غياب للذة في الحياة. فحياته وموته بعدها سيان.
(3) انسان العين: المثال الذي يرى في البؤبؤ.
(4) في البيت إشارة إلى الآية الكريمة: {هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} وفي نهاية البيت إشارة إلى الآية: {تَبَّتْ يَدََا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
(5) الحنث: الغدر وعدم الوفاء. برت: وفت بالوعد.
م. ص. الرقيب كناية عن الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس. وهذا القسم هو تأكيد للشيطان انهما لا يلتقيان مطلقا.
(6) الختر: الغدر والخديعة.
م. ص. الغدر نقض العهد والميثاق وهو كناية عن بعد العبد عن حضرة العلم الازلي.
سقى، بالصّفا، الرّبعيّ، ربعا به الصفا ... وجاد، بأجياد، ترى منه ثروتي (1)
... مخيّم لذّاتي، وسوق مآربي، ... وقبلة آمالي، وموطن صبوتي (2)
... منازل أنس، كنّ، لم أنس ذكرها ... بمن بعدها والقرب: ناري وجنّتي ... ومن أجلها حالي بها، وأجلّها ... عن المنّ، ما لم تخف والسقم حلّتي ... غرامي، بشعب عامر، شعب عامر، ... غريمي، وإن جاروا، فهم خير جيرتي (3)
... ومن بعدها، ما سرّ سرّي لبعدها، ... وقد قطعت منها رجائي بخيبتي (4)
... وما جزعي، بالجزع، عن عبث، ولا ... بدا ولعا فيها، ولوعي بلوعتي (5)
... على فائت، من جمع «جمع» تأسّفي ... وودّ على وادي «محسّر» حسرتي (6)
... وبسط، طوى، قبض التنائي بساطه ... لنا بطوى ولّى بأرغد عيشة (7)
... أبيت بجفن، للسّهاد، معانق، ... تصافح صدري راحتي، طول ليلتي (8)(1/92)
__________
م. ص. الغدر نقض العهد والميثاق وهو كناية عن بعد العبد عن حضرة العلم الازلي.
سقى، بالصّفا، الرّبعيّ، ربعا به الصفا ... وجاد، بأجياد، ترى منه ثروتي (1)
... مخيّم لذّاتي، وسوق مآربي، ... وقبلة آمالي، وموطن صبوتي (2)
... منازل أنس، كنّ، لم أنس ذكرها ... بمن بعدها والقرب: ناري وجنّتي ... ومن أجلها حالي بها، وأجلّها ... عن المنّ، ما لم تخف والسقم حلّتي ... غرامي، بشعب عامر، شعب عامر، ... غريمي، وإن جاروا، فهم خير جيرتي (3)
... ومن بعدها، ما سرّ سرّي لبعدها، ... وقد قطعت منها رجائي بخيبتي (4)
... وما جزعي، بالجزع، عن عبث، ولا ... بدا ولعا فيها، ولوعي بلوعتي (5)
... على فائت، من جمع «جمع» تأسّفي ... وودّ على وادي «محسّر» حسرتي (6)
... وبسط، طوى، قبض التنائي بساطه ... لنا بطوى ولّى بأرغد عيشة (7)
... أبيت بجفن، للسّهاد، معانق، ... تصافح صدري راحتي، طول ليلتي (8)
(1) الصفا: موضع معروف بالحجاز. الربعي: مطر الربيع. الربع: الدار. الصفا: ضد الكدر. جاد: أمطر. أجياد: موضع بمكة.
م. ص. الربعي: العلوم الإلهية والصفا هو المقام الروحاني.
(2) المآرب: واحدها المأرب وهو الحاجة. الصبوة: اللذة وجهلة الفتوة.
(3) الشعب: القبيلة الكبيرة. والشعب الثانية معناها الطريق في الجبل. وعامر: من قبائل العرب.
(4) سرّ: فرح. الخيبة: فقدان الأمل.
(5) الجزع: عدم الاحتمال. والجزع بتسكين الزاي وكسر العين منعطف الوادي.
الولوع: التعلق. اللوعة: الحرقة من هم أو حب أو مرض.
(6) الجمع الأولى ضد التفريق. والجمع الثانية: علم في المزدلفة. وادي المحسر:
موضع قرب المزدلفة يستحسن لسالكه ان يسرع عند الوصول إليه لأنه المكان الذي عذب فيه اصحاب الفيل.
م. ص. كناية عن المحبة الحاصلة مع العجز والإعياء عن حمل مشقاتها وان كانت ادنى من مقامه لحنينه إلى البداية في مقام النهاية.
(7) طوى: واد قرب مكة. الرغد: السعة في العيش.
(8) الراحة: باطن الكف.(1/93)
وذكر أويقاتي، التي سلفت بها، ... سميري، لو عادت أويقاتي الّتي (1)
... رعى الله أياما، بظلّ جنابها، ... سرقت بها، في غفلة البين، لذّتي (2)
... وما دار هجر البعد عنها بخاطري ... لديها، بوصل القرب في دار هجرتي (3)
... وقد كان عندي وصلها دون مطلبي ... فعاد تمنّي الهجر، في القرب، قربتي ... وكم راحة لي أقبلت، حين أقبلت، ... ومن راحتي، لمّا تولّت، تولّت (4)
... كأن لم أكن منها قريبا، ولم أزل ... بعيدا، لأيّ ما له ملت ملّت (5)
... غرامي أقم، صبري، انصرم، دمعي انسجم ... عدوي احتكم، دهري انتقم، حاسدي اشمت (6)
... ويا جلدي، بعد النّقا، لست مسعدي، ... ويا كبدي عزّ اللّقا، فتفتّتي (7)
... ولمّا أبت إلّا جماحا، ودارها انتزاحا ... ، وضنّ الدّهر منه بأوبة (8)
__________
(1) سلفت: مضت. السمير: رفيق الليل.
م. ص. ساعات السمر هي ساعات الذكر. وهي عادة المحبين ان يراود اجفانهم الكرى فيضعون يدا تحت رأسهم يتوسدون بها واليد الأخرى يضعونها على صدورهم.
(2) م. ص. الأيام: التجليات الإلهية إشارة إلى الآية الكريمة: {أَلَمْ تَرَ إِلى ََ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}.
(3) دار الهجر. مدينة الرسول وفيها الحقيقة المحمدية التي خلق الله تعالى منها كل شيء بوجه الأمر الإلهي القائم به كل شيء.
(4) راحتي في العجز: باطن الكف. تولت: مضت.
م. ص: حين أقبلت المعرفة تجلت على قلبه فانكشف الامر له على وجه اليقين.
(5) م. ص: أن ميل الإنسان بقلبه إلى شيء مادي حجاب له عن المعرفة العلوية فلا يقدر مع هذا الميل أن يعرفها أو ان يصل إليها.
(6) انصرم: امر بمعنى انقطع. انسجم من الانسجام بمعنى السيلان. اشمت: امر من الشماتة وهي فرح الإنسان ببلية غيره.
(7) الجلد: الصبر. النقا: موضع. تفتت: فعل أمر من التفتت وهو الانقطاع والتكسر.
(8) أبت: كرهت. الجماح: الرفض. الانتزاح: بعد المكان. ضنّ: بخل الأوبة: العودة.
تيقّنت أن لا دار، من بعد طيبة، ... تطيب، وألّا عزّة بعد عزّة (1)
... سلام على تلك المعاهد من فتى، ... على حفظ عهد العامريّة، ما فتي (2)
... أعد، عند سمعي، شادي القوم، ذكر من ... بهجرانها والوصل، جادت وضنّت (3)
... تضمّنه ما قلت، والسّكر معلن ... لسرّي، وما أخفت بصحوي سريرتي (4)(1/94)
__________
(8) أبت: كرهت. الجماح: الرفض. الانتزاح: بعد المكان. ضنّ: بخل الأوبة: العودة.
تيقّنت أن لا دار، من بعد طيبة، ... تطيب، وألّا عزّة بعد عزّة (1)
... سلام على تلك المعاهد من فتى، ... على حفظ عهد العامريّة، ما فتي (2)
... أعد، عند سمعي، شادي القوم، ذكر من ... بهجرانها والوصل، جادت وضنّت (3)
... تضمّنه ما قلت، والسّكر معلن ... لسرّي، وما أخفت بصحوي سريرتي (4)
اشتياق الروح
[المنسرح] روحي للقاك يا مناها اشتاقت ... والأرض عليّ، كاختيالي، ضاقت ... والنفس لقد ذابت غراما وجوى ... في جنب رضاك في الهوى ما لاقت
(1) العزة الأولى الرفعة والمجد وعزة الثانية حبيبة كثير المشهورة والتي اقترن اسمه باسمها «كثير عزة».
م. ص. لقد عز لقاء المعرفة الحقيقة وزاد نفورها لتفردها بالجلال والكبرياء فكره الدار والإقامة إذ لا حياة في دار بعدت الحقيقة الإلهية عنها.
(2) العامرية: المنسوبة إلى بني عامر.
م. ص. المعاهد: الحضرات المحمدية وهي محط عهد الربوبية حين خرجت الذرية من ظهر آدم يوم الميثاق {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
(3) الشادي: المغني. حادت: منحت. ضنت: بخلت.
م. ص. القوم: جملة العارفين والشادي المغني للعلوم الإلهية والمعارف الكشفية {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قََالُوا سَمِعْنََا وَهُمْ لََا يَسْمَعُونَ}.
(4) السكر: الغيبة بالاستغراق. السريرة: ما يكتمه الواحد في الصدر ولا يعلم ما في السرائر إلّا الله سبحانه وتعالى.(1/95)
قافية الثاء
أهوى رشا
[البحر المنسرح] أهوى رشا، كلّ الهوى لي بعثا ... مذ عاينه تصبّري ما لبثا (1)
... ناديت، وقد فكّرت في خلقته: ... سبحانك ما خلقت هذا عبثا!!
__________
(1) الرشا: ولد الظبية. عاينه: شاهده. والرشا كناية عن الصورة الكاملة التي يتجلى بها الحق تعالى.(1/96)
قافية الجيم
لك البشارة
[البحر البسيط] ما بين معترك الأحداق، والمهج، ... أنا القتيل بلا إثم، ولا حرج (1)
... ودّعت، قبل الهوى روحي، لما نظرت ... عيناي من حسن ذاك المنظر البهج (2)
... للََّه أجفان عين، فيك، ساهرة، ... شوقا إليك، وقلب بالغرام، شجي (3)
... وأضلع نحلت كادت تقوّمها، ... من الجوى، كبدي الحرّى، من العوج (4)
__________
(1) المعترك: مكان القتال وكل معترك فيه قتيل أو جريح (القاموس المحيط). الاحداق:
العيون. المهج: النفوس.
المعنى الصوفي: كنى بالعيون عن تجليات الوجود وسوادها عن عدمية الوجود فالكون كله ظلمة. وقوله بلا اثم ولا حرج لان قاتله متصرف في ملكه عادل في حكمه فلا يسأل عمّا يفعل.
(2) م. ص. عيناي عنى بهما عيون البصر في العالم الدنيوي وعين البصيرة في عالم الملكوت وكنى بالمنظر عن وجه الحق في كل شيء.
(3) الشجي: الحزين.
المعنى الصوفي: أراد بالعين الوجود الحق والأجفان صور المخلوقات. والسهر كناية عن عدم الغفلة في ظلمة الأكوان، والشوق هو المحبة للوجه الإلهي، والقلب هو اللب أو العقل الكامل حيث قال الله: أقبل. فأقبل ثم قال: أدبر فأدبر الحديث. فالمقبل قلب والمدبر نفس.
(4) نحلت: ضعفت. الجوى: الحزن الشديد. الحرّى: الشديدة الحرارة والمعنى ان الغصن المعوج يعرض للنار ليستقيم.
المعنى الصوفي: أراد بالاضلع الأخلاق الكريمة وبالنحول فقدان هذه الأخلاق وضعفها والكبد الحرّى كناية عن الحب الإلهي المسيطر على قلبه.
وأدمع هملت، لولا التنفّس من ... نار الهوى، لم أكد أنجو من اللّجج (1)
... وحبّذا فيك أسقام خفيت بها ... عني، تقوم بها، عند الهوى، حججي (2)
... أصبحت فيك، كما أمسيت مكتئبا، ... ولم أقل جزعا: يا أزمة انفرجي (3)
... أهفو إلى كلّ قلب، بالغرام، له ... شغل، وكلّ لسان، بالهوى لهج (4)
... وكلّ سمع، عن اللاحي، به صمم، ... وكلّ جفن، إلى الإغفاء، لم يعج (5)
... لا كان وجد، به الآماق جامدة، ... ولا غرام، به الأشواق لم تهج (6)(1/97)
__________
المعنى الصوفي: أراد بالاضلع الأخلاق الكريمة وبالنحول فقدان هذه الأخلاق وضعفها والكبد الحرّى كناية عن الحب الإلهي المسيطر على قلبه.
وأدمع هملت، لولا التنفّس من ... نار الهوى، لم أكد أنجو من اللّجج (1)
... وحبّذا فيك أسقام خفيت بها ... عني، تقوم بها، عند الهوى، حججي (2)
... أصبحت فيك، كما أمسيت مكتئبا، ... ولم أقل جزعا: يا أزمة انفرجي (3)
... أهفو إلى كلّ قلب، بالغرام، له ... شغل، وكلّ لسان، بالهوى لهج (4)
... وكلّ سمع، عن اللاحي، به صمم، ... وكلّ جفن، إلى الإغفاء، لم يعج (5)
... لا كان وجد، به الآماق جامدة، ... ولا غرام، به الأشواق لم تهج (6)
(1) هملت: فاضت. اللجج: مفردها اللجة وهي الموجة أو معظم الماء.
المعنى الصوفي: قوله أدمع معطوف على أضلع في البيت السابق وعنى بقوله ما يخرج من عين الوجود بالتجليات الإلهية والتنفس يعني انفراد شخصه بهذا الامر واللجج هي بحار العلوم الإلهية الفائضة.
(2) الأسقام: الأمراض: الحجج: الأدلة والبراهين.
المعنى الصوفي: فيك تعود إلى المنظر البهيج الذي تحدث عنه في البيت السابق وهو وجه الوجود الحق والقوة الإلهية الحافظة للأكوان والأسقام: وهن العرفان وقوة الإدراك الفانية أمام القوة الإلهية الحقيقية.
(3) بين أصبحت وأمسيت طباق. وتقديم الصباح مقصود لأن الألم يكون عادة في المساء أما حال ابن الفارض فكانت الشدة في كل الأوقات. مكتئبا: حزينا. الجزع: الشدة.
الأزمة: الأمر العسير.
المعنى الصوفي: أصبحت: صرت في صباح نور الأحدية وبذلك بادت ظلمة الكون الظاهر. والمساء عنده ثبات لعين الحق فحاله في الوقتين سواء.
(4) أهفو: أميل. لهج: ناطق.
المعنى الصوفي: القلب هو قلب المريد السالك لطريق الله تعالى واللسان لسان العابد الذي لا كلام له إلا الكلام بمحبة الله تعالى.
(5) اللاحي: اللائم. الصمم: عدم السمع أي الطرش. لم يعج: لم يعرج أو لم يمل.
المقصود أن الجفن لا يميل إلى النوم للتفكر في حالة المحبوب وهو الله سبحانه وتعالى وهذا هو غاية المطلوب.
(6) الآماق: مفردها مؤقة وهي محجر العين. والمعنى لا جعل الله حبا يكون صاحبه بعيدا عن الدموع ولا حبا لا تكون فيه الاشواق هائجة مضطربة وجمود المآقي دليل على تلافها وعدم صلاحها.
عذّب بما شئت، غير البعد عنك تجد ... أوفى محبّ، بما يرضيك، مبتهج (1)
... وخذ بقيّة ما أبقيت من رمق، ... لا خير في الحبّ، إن أبقى على المهج (2)
... من لي بإتلاف روحي في هوى رشا، ... حلو الشمائل، بالأرواح ممتزج (3)
... من مات فيه غراما عاش مرتقيا، ... ما بين أهل الهوى، في أرفع الدّرج (4)
... محجّب، لو سرى في مثل طرّته ... أغنته غرّته الغرّا عن السّرج (5)
... وإن ظللت بليل، من ذوائبه، ... أهدى، لعيني الهدى، صبح من البلج (6)
... وإن تنفّس قال المسك، معترفا، ... لعارفي طيبه: من نشره أرجي (7)(1/98)
__________
(6) الآماق: مفردها مؤقة وهي محجر العين. والمعنى لا جعل الله حبا يكون صاحبه بعيدا عن الدموع ولا حبا لا تكون فيه الاشواق هائجة مضطربة وجمود المآقي دليل على تلافها وعدم صلاحها.
عذّب بما شئت، غير البعد عنك تجد ... أوفى محبّ، بما يرضيك، مبتهج (1)
... وخذ بقيّة ما أبقيت من رمق، ... لا خير في الحبّ، إن أبقى على المهج (2)
... من لي بإتلاف روحي في هوى رشا، ... حلو الشمائل، بالأرواح ممتزج (3)
... من مات فيه غراما عاش مرتقيا، ... ما بين أهل الهوى، في أرفع الدّرج (4)
... محجّب، لو سرى في مثل طرّته ... أغنته غرّته الغرّا عن السّرج (5)
... وإن ظللت بليل، من ذوائبه، ... أهدى، لعيني الهدى، صبح من البلج (6)
... وإن تنفّس قال المسك، معترفا، ... لعارفي طيبه: من نشره أرجي (7)
(1) المعنى الصوفي: الخطاب للمحبوب وهو الله تعالى والعقاب من يد الحبيب عذوبة بحيث يشغله حبه عن الم الجسد على خلاف العذاب إذا كان من انسان كاره.
(2) الخطاب أيضا للََّه تعالى والرمق بقية الروح التي يجذبها الحق تعالى إليه لأنها نفخ من روحه.
(3) الرشأ: ولد الغزال. الشمائل: الخصال.
م. ص: الإتلاف هو فساد العقل والجسد والروح والامتزاج كناية عن التجلي لأن الشيء يظهر مصورا بتجلي مصوره.
(4) المعنى ان قتلي المحبة احياء لأنهم شهداء لأن شهادة الحب الرباني من قبيل شهادة الآخرة.
(5) سرى: مشى ليلا. الطرة: الشعر الأسود الفاحم. الغرة الغراء: الجبين الأبيض.
السرج واحدها السراج وهو القنديل ونحوه.
المعنى الصوفي: لو سرى وجود الحق في عالم الكون كان نور وجهه مغنيا عن الشموس المضيئة.
(6) ضللت: تهت. الذوائب. اطراف الشعر. البلج: بياض في الجبهة.
المعنى الصوفي: الصبح هو ظهور نور الوجود الحق في ليل ظلمة النفس البشرية والبلج بمعنى الانارة.
(7) النشر والأرج: الرائحة الزكية. الطيبة.
م. ص. النفس هو نفس الرحمن المتجلي على العرش والطيب هو رائحة الإيمان بالحق.
أعوام إقباله، كاليوم، في قصر، ... ويوم إعراضه، في الطّول، كالحجج (1)
... فإن نأى سائرا، يا مهجتي، ارتحلي، ... وإن دنا زائرا، يا مقلتي ابتهجي! (2)
... قل للذي لامني فيه، وعنّفني: ... دعني وشأني، وعد عن نصحك السمج (3)
... فاللّوم لؤم، ولم يمدح به أحد ... وهل رأيت محبّا بالغرام هجي؟ (4)
... يا ساكن القلب لا تنظر إلى سكني، ... واربح فؤادك، واحذر فتنة الدّعج (5)
... يا صاحبي، وأنا البرّ الرّؤوف، وقد ... بذلت نصحي، بذاك الحيّ، لا تعج ... فيه خلعت عذاري، واطّرحت به، ... قبول نسكي، والمقبول من حججي (6)
... وابيضّ وجه غرامي في محبّته، ... واسودّ وجه ملامي فيه بالحجج (7)(1/99)
__________
م. ص. النفس هو نفس الرحمن المتجلي على العرش والطيب هو رائحة الإيمان بالحق.
أعوام إقباله، كاليوم، في قصر، ... ويوم إعراضه، في الطّول، كالحجج (1)
... فإن نأى سائرا، يا مهجتي، ارتحلي، ... وإن دنا زائرا، يا مقلتي ابتهجي! (2)
... قل للذي لامني فيه، وعنّفني: ... دعني وشأني، وعد عن نصحك السمج (3)
... فاللّوم لؤم، ولم يمدح به أحد ... وهل رأيت محبّا بالغرام هجي؟ (4)
... يا ساكن القلب لا تنظر إلى سكني، ... واربح فؤادك، واحذر فتنة الدّعج (5)
... يا صاحبي، وأنا البرّ الرّؤوف، وقد ... بذلت نصحي، بذاك الحيّ، لا تعج ... فيه خلعت عذاري، واطّرحت به، ... قبول نسكي، والمقبول من حججي (6)
... وابيضّ وجه غرامي في محبّته، ... واسودّ وجه ملامي فيه بالحجج (7)
(1) الإقبال: الإتيان وهو عكس الادبار أي الذهاب. الحجج: السنون الطوال.
م. ص: الإقبال هو كشف النفس عن عين البصيرة والإعراض هو سدول حجب النفس على بصيرة المخلوق.
(2) نأى: ابتعد وهي طباق لكلمة دنا بمعنى اقترب. ابتهجي: افرحي.
م. ص. النأي: تلهف النفس على ابتعاد مطلوبها. والدنو فرح العين برفع حجاب النفس.
(3) التعنيف: اللوم بشدة. السمج: القبيح.
(4) م. ص. أن المحبين لم يهجهم احد لسبب حبهم للََّه ولا تكون المحبة سبا وشتما لاحد اصلا.
(5) الدعج: شدة سواد العين واتساعها.
م. ص: يا صاحب القلب المطمئن بإيمانه وأشواقه اثبت على الصراط المستقيم وكف بصرك عما دونه ولا يفتنك ظهور عين الوجود عن سلوك المسالك العادلة.
(6) لا تعج: لا تمل.
م. ص. يا ساكن القلب لا تعطف رأس بعيرك خوف ان تفتن وتقع في شرك المحنة والبلاء. وخلع العذار كناية عن عدم المبالاة بفعل الغير واطراح الشيء تركه اي انه القى عن قلبه الإقبال لغير الله تعالى ولم يشتغل عنه بسواه.
(7) الوجه: الطريق. الحجج: اقام الحجة عليه ادانه.
م. ص. ان الله ينير طريق المريد لان اعماله مقبولة عنده وتسود طرقات العابث لأنه لا يعمل بأمر الله.
تبارك الله! ما أحلى شمائله، ... فكم أماتت وأحيت فيه من مهج (1)
... يهوى لذكر اسمه، من لجّ في عذلي ... سمعي، وإن كان عذلي فيه لم يلج (2)
... وأرحم البرق في مسراه، منتسبا ... لثغره، وهو مستحي من الفلج (3)
... تراه، إن غاب عنّي، كلّ جارحة ... في كلّ معنى لطيف، رائق، بهج (4)
... في نغمة العود والنّاي الرّخيم، إذا ... تألّفا بين ألحان من الهزج (5)
... وفي مسارح غزلان الخمائل، في ... برد الأصائل، والإصباح في البلج (6)
... وفي مساقط أنداء الغمام، على ... بساط نور، من الأزهار منتسج (7)(1/100)
__________
م. ص. ان الله ينير طريق المريد لان اعماله مقبولة عنده وتسود طرقات العابث لأنه لا يعمل بأمر الله.
تبارك الله! ما أحلى شمائله، ... فكم أماتت وأحيت فيه من مهج (1)
... يهوى لذكر اسمه، من لجّ في عذلي ... سمعي، وإن كان عذلي فيه لم يلج (2)
... وأرحم البرق في مسراه، منتسبا ... لثغره، وهو مستحي من الفلج (3)
... تراه، إن غاب عنّي، كلّ جارحة ... في كلّ معنى لطيف، رائق، بهج (4)
... في نغمة العود والنّاي الرّخيم، إذا ... تألّفا بين ألحان من الهزج (5)
... وفي مسارح غزلان الخمائل، في ... برد الأصائل، والإصباح في البلج (6)
... وفي مساقط أنداء الغمام، على ... بساط نور، من الأزهار منتسج (7)
(1) الشمائل: الصفات.
م. ص. ان الصفات الإلهية تكشفت للميت فأحيته وعرف انه حي بالله لا بنفسه.
(2) لج: ألحّ. عذلي: لومي. لم يلج: لم يدخل.
م. ص. يعود إلى ذكر الرشاء المحجب كناية عن الأنوار الربانية المحتجبة في نفس المريد.
(3) البرق كناية عن ثغر الحبيب. والفلج: تباعد ما بين الأسنان.
م. ص. أن ظهور أمر الله تعالى كالبرق اللامع لا يمكن أن تستره حجب الغيوم مهما بلغ شأنها.
(4) في هذا البيت والأبيات الخمسة التي تليه إشارة إلى تعلق الشيخ ابن الفارض بالمحاسن الربانية.
(5) العود والناي من آلات الطرب الاولى وترية والثانية نفخية. الرخيم: الصوت الذي يخرج سهلا عند النطق. الهزج: الغناء والترنم.
م. ص. ان الخالق ينكشف لنا دون ان نراه كما لو كنا نسمع صوت لحن فنشعر به في داخلنا وإن كنا لم نره.
(6) المسارح: هنا المراعي وواحدها المسرح. الخمائل مفردها الخميلة وهي الأرض الكثيرة الماء والخضرة. الأصائل: مفردها الأصيل وهي ساعات بعد العصر واوائل الغروب.
م. ص. أن الحق يتجلى له في صورة مراعي الغزلان بين الأشجار الملتفة وذلك في العشيّ والأبكار.
(7) المساقط: مفردها المسقط وهو موضع السقوط. الأنداء جمع ندى. الغمام جمع غمامة وهي السحابة.
م. ص. أن الحق يتجلى في مواضع سقوط الندى والأمطار وفي الوان الزهر المنسوجة بأنواع النقوش المختلفة.
وفي مساحب أذيال النّسيم، إذا ... أهدى إليّ، سحيرا، أطيب الأرج (1)
... وفي التثامي نغر الكأس، مرتشفا، ... ريق المدامة، في مستنزه فرج (2)
... لم أدر ما غربة الأوطان، وهو معي ... وخاطري، أين كنّا، غير منزعج (3)
... فالدّار داري، وحبّي حاضر، ومتى ... بدا، فمنعرج الجرعاء منعرجي (4)
... ليهن ركب سروا ليلا، وأنت بهم ... بسيرهم في صباح، منك، منبلج ... فليصنع الرّكب ما شاءوا بأنفسهم ... هم أهل بدر، فلا يخشون من حرج (5)
... بحقّ عصياني اللّاحي عليك، وما ... بأضلعي، طاعة للوجد، من وهج (6)(1/101)
__________
م. ص. أن الحق يتجلى في مواضع سقوط الندى والأمطار وفي الوان الزهر المنسوجة بأنواع النقوش المختلفة.
وفي مساحب أذيال النّسيم، إذا ... أهدى إليّ، سحيرا، أطيب الأرج (1)
... وفي التثامي نغر الكأس، مرتشفا، ... ريق المدامة، في مستنزه فرج (2)
... لم أدر ما غربة الأوطان، وهو معي ... وخاطري، أين كنّا، غير منزعج (3)
... فالدّار داري، وحبّي حاضر، ومتى ... بدا، فمنعرج الجرعاء منعرجي (4)
... ليهن ركب سروا ليلا، وأنت بهم ... بسيرهم في صباح، منك، منبلج ... فليصنع الرّكب ما شاءوا بأنفسهم ... هم أهل بدر، فلا يخشون من حرج (5)
... بحقّ عصياني اللّاحي عليك، وما ... بأضلعي، طاعة للوجد، من وهج (6)
(1) م. ص: ان الروائح العطرة تتسرب إلى انف الشيخ ابن الفارض فتنكشف له الحقيقة الإلهية ويظهر نور الحق باديا له.
(2) الالتثام: التقبيل. مرتشفا: شاربا. المدامة: الخمرة. المستنزه: مكان النزهة.
الفرج: المكان الذي يشرح الصدر.
م. ص. المدامة هي مطالعة المعاني الإلهية والحقائق الوجدانية والمستنزه هو التجليات الإلهية للحواس الخمس فالابيات الخمسة التي مرت يعبر كل بيت منها عن حاسة من الحواس الخمس السمع والشم والبصر واللمس والذوق بحيث تجتمع هذه الأمور لتجسد عظمة الخالق عز وجل.
(3) الغربة: النزوح عن الوطن. الخاطر هنا بمعنى القلب.
م. ص. انه لا يعرف معنى الغربة لإعراضه عن كل امر سوى وجود الحق الذي لا يفارقه.
(4) المنعرج: مكان نزول الأحباب. الجرعاء: مكان والمقصود مكان اجتماعهم في الصحراء لأن الجرعاء تطلق على الأرض الكثيرة الرمل.
م. ص. منعرج الجرعاء حالات السلوك في الطريق المستقيم حيث يدخل المريد فيعود نفسه على الشدائد فيصبح هذا المنعرج موطنه وموطن محبوبه في نفس الوقت.
(5) الركب: الجمع الذي يركب الإبل. سروا: مشوا ليلا. الصبح المنبلج: الصبح المشرق.
م. ص. الركب: طائفة أهل الله العارفين والسري ليلا: هو عدم الخوف من الظلمة لأن الأنوار الإلهية تسهل للعارفين سبل السير وإشارة إلى أهل بدر ووجود القمر بينهم فالحق يتجلى لهم ويسيرون بنور هداه.
(6) اللاحي: اللائم. الوجد: شدة العشق. الوهج اللهيب.
أنظر إلى كبد ذابت عليك جوى، ... ومقلة من نجيع الدّمع، في لجج (1)
... وارحم تعثّر آمالي، ومرتجعي ... إلى خداع تمنّي الوعد بالفرج (2)
... واعطف على ذلّ أطماعي بهل وعسى ... وامنن عليّ بشرح الصدر من خرج (3)
... أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه، ... قول المبشّر، بعد اليأس، بالفرج (4)
... لك البشارة، فاخلع ما عليك، فقد ... ذكرت ثمّ، على ما فيك من عوج (5)(1/102)
__________
(6) اللاحي: اللائم. الوجد: شدة العشق. الوهج اللهيب.
أنظر إلى كبد ذابت عليك جوى، ... ومقلة من نجيع الدّمع، في لجج (1)
... وارحم تعثّر آمالي، ومرتجعي ... إلى خداع تمنّي الوعد بالفرج (2)
... واعطف على ذلّ أطماعي بهل وعسى ... وامنن عليّ بشرح الصدر من خرج (3)
... أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه، ... قول المبشّر، بعد اليأس، بالفرج (4)
... لك البشارة، فاخلع ما عليك، فقد ... ذكرت ثمّ، على ما فيك من عوج (5)
(1) الجوى: مرض الباطن من شدة العشق. المقلة: العين. النجيع: الدم.
(2) التعثر: السقوط في مقام اليأس.
في هذا البيت تراتب بالمقامات فالمرتبة الأولى هي الرجوع والتمني هو المرتبة الثانية ثم الوعد والفرج ويأتيان في المرتبتين الثالثة والرابعة.
م. ص. ان النفس تخدعه بحصول الفرج بعد الشدة التي هو فيها.
(3) هل تعني السؤال والاستفهام أي اسأل عني ولا تتركني بحيث لا تلتفت إلي وأجبر كسري وتعطف على ذل طمعي وأما عسى فمعناها الرجاء والرجاء هنا أن يلتفت إليه المحبوب فإن في هذا أملا وقوة للحبيب.
(4) المبشر: حامل البشارة والبشارة هي الخبر السار.
(5) م. ص. المبشر هو النذير الرباني أو الهاتف بالغيب. واخلع ما عليك أي اترك الأمور الدنيوية المستولية عليك وارتق من أمر الدنيا إلى عوالم الأرواح والأنوار.(1/103)
قافية الحاء
صيّرت المساء صباحا
[البحر الكامل] أو ميض برق، بالأبيرق، لاحا، ... أم، في ربى نجد، أرى مصباحا؟ (1)
... أم تلك ليلى العامريّة أسفرت ... ليلا، فصيّرت المساء صباحا؟ (2)
... يا راكب الوجناء، وقّيت الرّدى، ... إن جبت حزنا، أو طويت بطاحا (3)
__________
(1) الوميض: اللمعان. الابيرق: تصغير الأبرق وهو مكان فيه حجارة ورمل وطين مختلفة. لاح: ظهر. الربى: الأماكن المرتفعة والواحدة ربوة. نجد: مكان.
م. ص. البرق ظهور الوجود الحق والابيرق عالم الأجساد بعناصرها وطبائعها المختلفة. والوميض الروح والربى الأرواح المنفوخة بأمر الله والمصباح امر الله تعالى المشرق على عالم الأرواح فهي مضيئة به.
(2) ليلى العامرية: صاحبة قيس بن الملوح (مجنون ليلى) ولكن المقصود هنا الحبيبة المطلقة كما يطلق الحسن على يوسف. اسفرت: أظهرت وجهها.
م. ص. الليل: ظلمة الأكوان. والاسفار وقت صلاة الصبح. صيرت الماء صباحا كناية عن الأنوار الإلهية التي انكشفت.
(3) الوجناء: الناقة الشديدة. وقيت: حميت. الردى: الهلاك. جبت: قطعت. الحزن بفتح الحاء الوادي أو المكان الوعر. طويت: قطعت. البطاح: واحدها الأبطح وهو مسيل الماء.
م. ص. الوجناء النفس الشديدة في سلوك طريق المعرفة وراكبها هو المريد السالك.
الحزن: مقام مخالفة النفس لان النفس تطلب الأماكن والأشياء السهلة. البطاح:
أصعب مقامات السلوك كالصبر والشكر والتقوى والزهد والورع.
وسلكت نعمان الأراك، فعج إلى ... واد، هناك، عهدته فيّاحا (1)
... فبأيمن «العلمين»، من شرقيّة ... عرّج، وأمّ «أرينه» الفوّاحا (2)
... وإذا وصلت إلى ثنيّات اللّوى، ... فأنشد فؤادا، بالأبيطح، طاحا (3)
... واقر السّلام أهيله، عنّي، وقل ... غادرته، لجنابكم، ملتاحا (4)
... يا ساكني نجد، أما من رحمة ... لأسير إلف، لا يريد سراحا (5)
... هلّا بعثتم، للمشوق، تحيّة ... في طيّ صافية الرّياح، رواحا (6)(1/104)
__________
أصعب مقامات السلوك كالصبر والشكر والتقوى والزهد والورع.
وسلكت نعمان الأراك، فعج إلى ... واد، هناك، عهدته فيّاحا (1)
... فبأيمن «العلمين»، من شرقيّة ... عرّج، وأمّ «أرينه» الفوّاحا (2)
... وإذا وصلت إلى ثنيّات اللّوى، ... فأنشد فؤادا، بالأبيطح، طاحا (3)
... واقر السّلام أهيله، عنّي، وقل ... غادرته، لجنابكم، ملتاحا (4)
... يا ساكني نجد، أما من رحمة ... لأسير إلف، لا يريد سراحا (5)
... هلّا بعثتم، للمشوق، تحيّة ... في طيّ صافية الرّياح، رواحا (6)
(1) النعمان: واد الأراك: شجر السواك. عج: أمر من عاج أي مال. عهدته: عرفته سابقا. فياحا: واسعا.
م. ص. سلكت نعمان الأراك دخلت في التجليات الإلهية وهذا الوادي واسع لا نهاية له لما يفيض به من العلوم الربانية.
(2) بأيمن: على يمين. العلمان: جبلان علم السعد وعلم دجوج. أمّ: اقصد وهو الأمر من أمّ. الارين موضع. الفواح: الشديد الرائحة.
م. ص. ايمن العلمين: النفس الموجودة على يمين الجسد والعلم الآخر هو القلب الموجود على يسار الجسد.
(3) الثنيات: مفردها الثنية وهي الطريق في الجبل. اللوى: مسترق الرمل. الابيطح:
تصغير ابطح وهو مسيل الماء. طاح. هلك.
م. ص. الخطاب لصاحب النفس الشديدة. وثنيات اللوى حضرات الأسماء والصفات الربانية. والابيطح: المقام الذاتي الجامع لجميع الصفات والأسماء.
(4) أقر: أمر من قرأ وهو مخفف بحذف الهمزة من آخره. الملتاح: المشتاق.
م. ص. الاهيل أولياء الله العارفين. المغادرة: ترك كل ما هو لغير الله حتى الفؤاد تركه قاصدا المعرفة.
(5) نجد: موضع معروف الإلف بكسر الهمزة الأليف أو الحبيب. السراح: الانطلاق.
واستعملها هنا لإكمال معنى الأسر الوارد في البيت.
م. ص: ساكني نجد كناية عن أصحاب المقامات العلية. إذا وجدهم المريد وصل إلى كل ما يريد.
(6) طي: ضمن. صافية الرياح: الرياح التي لا يخالطها غبار. الرواح: وقت العشاء.
م. ص. المشوق: يعني نفسه وصافية الرياح الأرواح المنفوخة بأمر الله تعالى والتحية هي سلام الله على الرسل والأنبياء الصالحين كما في قوله تعالى: {سَلََامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.
يحيا بها من كان يحسب هجركم ... مزحا، ويعتقد المزاح مزاحا ... يا عاذل المشتاق جهلا بالذي ... يلقى مليّا، لا بلغت نجاحا (1)
... أتعبت نفسك في نصيحة من يرى ... أن لا يرى الإقبال، والإفلاحا (2)
... أقصر، عدمتك واطّرح من أثخنت ... أحشاءه، النّجل العيون، جراحا (3)
... كنت الصديق، قبيل نصحك مغرما ... أرأيت صبّا يألف النصّاحا؟ ... إن رمت إصلاحي، فإنّي لم أرد، ... لفساد قلبي في الهوى، إصلاحا (4)
... ماذا يريد العاذلون بعذل من ... لبس الخلاعة، واستراح، وراحا ... يا أهل ودّي، هل لراجي وصلكم ... طمع، فينعم باله استرواحا؟ (5)
... مذ غبتم عن ناظري لي أنّة، ... ملأت نواحي أرض مصر نواحا (6)
... وإذا ذكرتكم أميل، كأنّني، ... من طيب ذكركم، سقيت الرّاحا (7)
... وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم، ... ألفيت أحشائي، بذاك، شحاحا (8)
... سقيا لأيّام مضت مع جيرة، ... كانت ليالينا بهم أفراحا (9)(1/105)
__________
م. ص. المشوق: يعني نفسه وصافية الرياح الأرواح المنفوخة بأمر الله تعالى والتحية هي سلام الله على الرسل والأنبياء الصالحين كما في قوله تعالى: {سَلََامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.
يحيا بها من كان يحسب هجركم ... مزحا، ويعتقد المزاح مزاحا ... يا عاذل المشتاق جهلا بالذي ... يلقى مليّا، لا بلغت نجاحا (1)
... أتعبت نفسك في نصيحة من يرى ... أن لا يرى الإقبال، والإفلاحا (2)
... أقصر، عدمتك واطّرح من أثخنت ... أحشاءه، النّجل العيون، جراحا (3)
... كنت الصديق، قبيل نصحك مغرما ... أرأيت صبّا يألف النصّاحا؟ ... إن رمت إصلاحي، فإنّي لم أرد، ... لفساد قلبي في الهوى، إصلاحا (4)
... ماذا يريد العاذلون بعذل من ... لبس الخلاعة، واستراح، وراحا ... يا أهل ودّي، هل لراجي وصلكم ... طمع، فينعم باله استرواحا؟ (5)
... مذ غبتم عن ناظري لي أنّة، ... ملأت نواحي أرض مصر نواحا (6)
... وإذا ذكرتكم أميل، كأنّني، ... من طيب ذكركم، سقيت الرّاحا (7)
... وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم، ... ألفيت أحشائي، بذاك، شحاحا (8)
... سقيا لأيّام مضت مع جيرة، ... كانت ليالينا بهم أفراحا (9)
(1) العاذل: اللائم. لا بلغت نجاحا. لا دعائيه والمعنى لا وصلت أو لا أوصلك الله إلى النجاح.
(2) م. ص. عدم رؤية الإقبال والفلاح دليل على اشتغاله وانبهاره بما ظهر من التجليات الإلهية بحيث لم يبق عنده ما يبهجه عن هذا الامر.
(3) اقصر: أمر من قصر والمعنى انته. عدمتك: فقدتك. اطرح: ارم. العيون النجل:
العيون الواسعة والواحدة نجلاء.
(4) رمت: طلبت. فساد القلب: تلفه.
(5) الراجي: المتأمل. البال: الخاطر. والاسترواح مصدر استروح والاسترواح وجود الراحة.
(6) ناظري: بصري. النواحي: الارجاء. النواح: البكاء.
م. ص. الغيبة عن الناظر: غيبة الحق وسيطرة الغفلة على قلبه.
(7) الراح: الخمر. والمعنى ان ذكرهم يبعث في نفسه النشوة كما تفعل الخمرة بالعقول.
(8) ألفيت: وجدت. شحاح: بخلاء.
م. ص. تناسي العهد هو تناسي عهد الربوبية المأخوذ على كل نفس بشرية كما ورد في الآية الكريمة: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ. قََالُوا بَلى ََ}.
(9) سقيا: مصدر من سقا. استعمله العرب للدعاء والتحبب.
حيث الحمى وطني، وسكّان الغضا ... سكني، ووردي الماء فيه مباحا (1)
... وأهيله أربي، وظلّ نخيله ... طربي، ورملة وادييه مراحا (2)
... واها على ذاك الزّمان، وطيبه، ... أيّام كنت، من اللّغوب، مراحا (3)
... قسما بمكّة، والمقام، ومن أتى ... البيت الحرام، ملبّيا سيّاحا (4)
... ما رنّحت ريح الصّبا شيح الرّبى ... إلّا وأهدت منكم أرواحا (5)(1/106)
__________
(9) سقيا: مصدر من سقا. استعمله العرب للدعاء والتحبب.
حيث الحمى وطني، وسكّان الغضا ... سكني، ووردي الماء فيه مباحا (1)
... وأهيله أربي، وظلّ نخيله ... طربي، ورملة وادييه مراحا (2)
... واها على ذاك الزّمان، وطيبه، ... أيّام كنت، من اللّغوب، مراحا (3)
... قسما بمكّة، والمقام، ومن أتى ... البيت الحرام، ملبّيا سيّاحا (4)
... ما رنّحت ريح الصّبا شيح الرّبى ... إلّا وأهدت منكم أرواحا (5)
(1) الحمى: مكان الإقامة. الغضا: شجر صلب. الورد: طلب الماء. المباح:
المسموح.
م. ص. الحمى: الحضرة الجامعة للأسماء والصفات والوطن مكان الإقامة الأزلي فالمنزل الدنيوي منزل سفر لا وطن.
سكان الغضا: المعلومات الإلهية. ورد بكسر الواو الماء: طلب العلم.
(2) أربي: مطلبي. المراح: المكان الواسع حيث تأوي الماشية.
م. ص. اهيل الحي كناية عن التجليات والمظاهر الربانية والنخيل الحقائق العلمية أما الرملة فهي علوم الوهب الإلهي والوادي هو الشريعة والحقيقة.
(3) اللغوب: التعب. مراحا: مستريحا.
م. ص. الراحة من الجهد والتعب لان المريدين أهل تشريف بالاحكام لا أهل تكليف. فكان مستريحا من أتعاب التكليف.
(4) مكة والمقام: مقام إبراهيم (ع). والبيت مواضع مقدسة. ملبيا: مستجيبا لدعوة الله.
السياح: المتجول في كل مكان.
م. ص. مكة: الحضرة الإلهية. والمقام مقام الإسلام والتلبية سرعة الانجذاب إلى الحضرة الربانية. السياحة. تجلي الأماكن النورانية.
(5) رنحت: مالت. الشيح: نبات معروف طيب الرائحة.
م. ص ريح الصبا: الروح الأعظم وهو من أمر الله من مطلع شمس الأحدية.
شيح الربى: الأجسام النابتة في المراتب العالية.(1/107)
خليليّ
[البحر المتقارب] خليليّ، إن جئتما منزلي ... ولم تجداه فسيحا، فسيحا (1)
... وإن رمتما منطقا من فمي، ... ولم تسمعاه فصيحا، فصيحا (2)
لقاء البدر
[البحر المنسرح] يا ليلة الوصل، صبحها لم يلح ... من أوّلها شربته من قدحي (3)
... لما قصرت طالت، وطابت بلقيا ... بدر، محني في حبّه، من منحي (4)
__________
(1) الخليل: الصديق والخليلان هنا: العقل والإيمان. والمقام: المنزل. الفسيح:
الواسع. سيحا: فعل الأمر من ساح أي ذهب.
(2) رمتما: أردتما. فصيحا: بيّنا أو بليغا. صيحا: فعل أمر من صاح أي تكلم بأعلى صوته.
(3) لم يلح: لم يظهر.
(4) المحن: جمع محنة وهي البلوى. المنح: العطايا مفردها المنحة.(1/108)
قافية الدال
خفّف السير
[البحر الخفيف] خفّف السّير واتّئد، يا حادي، ... إنّما أنت سائق بفؤادي (1)
... ما ترى العيس بين سوق وشوق ... لربيع الرّبوع، غرثى، صوادي (2)
... لم تبقّي لها المهامه جسما، ... غير جلد على عظام بواد (3)
... وتحفّت أخفافها، فهي تمشي، ... من وجاها، في مثل جمر الرّماد (4)
__________
(1) ائتد: ترفق. الحادي: سائق الإبل.
م. ص. السير كناية عن السلوك بالروحانية وتخفيف السير للتملي من المشاهدات فالسرعة تدهش البصائر وتذهل العقول.
(2) العيس: الإبل التي يخالط بياضها شقرة. الغرثى: الجائعة. الصوادي: العاطشة.
م. ص. العيس نفوس السالكين التي ابيض طرف منها بلمحات الروحانية. وربيع الربوع كناية عن مقامات العارفين وما يجدون فيها من العلوم والحقائق.
(3) الأولى في الفعل تبقي ان يحذف آخره المعتل ولكن الشاعر أبقاه استقامة للوزن مستدلا بالآية الكريمة: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ}. المهامه: المفازة أو البلد المقفر.
البوادي: الظواهر.
م. ص. المهامه: بيوت السالكين المقفرة حيث لا يشاركهم بها احد وعدم الجلد كناية عن القوى النفسانية.
(4) تحفت: رقت. والخف للجمل كالحافر للفرس. الوجى: الحفاء.
م. ص: تحفت أخفافها كناية عن ترك النفوس لأمر الدنيا.
والجوى: السير في الأمور الدنيوية وجمر الرماد: صعوبة هذه الأمور وتعذر حصولها.
وبراها الونى، فحلّ براها، ... خلّها ترتوي ثماد الوهاد (1)
... شفّها الوجد، إن عدمت رواها، ... فاسقها الوخد من جفار المهاد (2)
... واستبقها، واستبقها، فهي ممّا ... تترامى به إلى خير واد (3)
... عمرك الله، إن مررت بوادي ... ينبع، فالدّهنا، فبدر، غادي (4)
... وسلكت النّقا، فأودان ودّا ... ن، إلى رابغ الرّويّ الثّماد (5)
... وقطعت الحرار، عمدا، لخيما ... ت «قديد»، مواطن الأمجاد (6)(1/109)
__________
والجوى: السير في الأمور الدنيوية وجمر الرماد: صعوبة هذه الأمور وتعذر حصولها.
وبراها الونى، فحلّ براها، ... خلّها ترتوي ثماد الوهاد (1)
... شفّها الوجد، إن عدمت رواها، ... فاسقها الوخد من جفار المهاد (2)
... واستبقها، واستبقها، فهي ممّا ... تترامى به إلى خير واد (3)
... عمرك الله، إن مررت بوادي ... ينبع، فالدّهنا، فبدر، غادي (4)
... وسلكت النّقا، فأودان ودّا ... ن، إلى رابغ الرّويّ الثّماد (5)
... وقطعت الحرار، عمدا، لخيما ... ت «قديد»، مواطن الأمجاد (6)
(1) براها: اذهب غالب شحمها ولحمها. الونى: التعب. البري: مفردها البرة وهي الحلقة في أنف البعير. الري: إزالة العطش: الثماد: بقايا الماء.
م. ص. حل البري: كناية عن رفع القيود والارتواء هو الشرب من ماء الإلهام الرباني.
(2) شفها: هزلها. الوجد حزن المحبة. الوخد: السير السريع. الجفار: مفردها الجفرة وهي السعة في الأرض. والمهاد: الأراضي المستوية.
م. ص. الوخد كناية عن الجهد والمعاناة في العبادة مع الإخلاص والتقوى وجفار المهاد كناية عن طبيعة الأخلاق البشرية.
(3) الوادي: مكة المكرمة شرفها الله.
م. ص. الوادي: موطن الخير ومقام العبادات والطاعات في مكة المعظمة وفيها حضرة الأسماء الإلهية والصفات الربانية.
(4) ينبع: حصن فيه نخيل وزرع وعيون. الدهناء: موضع لتميم ويقصر موضع أمام ينبع.
بدر: موضع بئر معروف. غادي: سائر وقت الغداة. والوقف على الحال (غادي) لغة تميم.
م. ص: الحادي الموجه الخطاب له: النور المحمدي. ينبع: كناية عن حضرة الأمر الإلهي والدهناء كناية عن النفس المسماة بلسان الشرع باللوح المحفوظ. وبدر الطبيعة الكلية قبل ان تصير أربعة برودة وحرارة ورطوبة ويبوسة.
(5) النقا: القطعة من الرمل وهنا مكان بطريق الحجاز وبقية الأسماء الواردة في البيت مواقع.
م. ص: النقا كناية عن العرش والمستوي الرحماني. وروي الثماد كناية عن فناء الوجود في مقامات السلوك وهو فناء النفس الإنسانية عن قوتها وبأسها.
(6) الحرار: الواحدة حرّة وهي أرض ذات حجارة نخرة سوداء. القديد: موقع.
وتدانيت من خليص، فعسفا ... ن، فمرّ بالظّهران، ملقى البوادي ... ووردت الجموم فالقصر، فالدّكناء ... ، طرّا، مناهل الورّاد ... وأتيت التّنعيم، فالزّاهر الزّاهر ... نورا، إلى ذرى الأطواد ... وعبرت الحجون، واجتزت فاختر ... ت، ازديادا، مشاهد الأوتاد ... وبلغت الخيام، فأبلغ سلامي، ... عن حفاظ، عريب ذاك النّادي (1)
... وتلطّف، واذكر لهم بعض ما بي ... من غرام، ما إن له من نفاد (2)
... يا أخلّاي، هل يعود التّداني ... منكم بالحمى، بعود رقادي؟ (3)
... ما أمرّ الفراق، يا جيرة الحيّ ... ، وأحلى التّلاق بعد انفراد (4)
... كيف يلتذّ بالحياة معنى، ... بين أحشائه كوري الزّناد (5)
... عمره واصطباره في انتقاص، ... وجواه ووجده في ازدياد(1/110)
__________
(6) الحرار: الواحدة حرّة وهي أرض ذات حجارة نخرة سوداء. القديد: موقع.
وتدانيت من خليص، فعسفا ... ن، فمرّ بالظّهران، ملقى البوادي ... ووردت الجموم فالقصر، فالدّكناء ... ، طرّا، مناهل الورّاد ... وأتيت التّنعيم، فالزّاهر الزّاهر ... نورا، إلى ذرى الأطواد ... وعبرت الحجون، واجتزت فاختر ... ت، ازديادا، مشاهد الأوتاد ... وبلغت الخيام، فأبلغ سلامي، ... عن حفاظ، عريب ذاك النّادي (1)
... وتلطّف، واذكر لهم بعض ما بي ... من غرام، ما إن له من نفاد (2)
... يا أخلّاي، هل يعود التّداني ... منكم بالحمى، بعود رقادي؟ (3)
... ما أمرّ الفراق، يا جيرة الحيّ ... ، وأحلى التّلاق بعد انفراد (4)
... كيف يلتذّ بالحياة معنى، ... بين أحشائه كوري الزّناد (5)
... عمره واصطباره في انتقاص، ... وجواه ووجده في ازدياد
(1) في هذا البيت والأبيات الأربعة التي سبقته أسماء مواقع استعملها الشيخ ابن الفارض للدلالة على المعاناة التي يلاقيها المريد أثناء رياضته ومجاهدته.
م. ص. الأوتاد هم الشيوخ المحققون وأن ذلك الموضع هو موضع شهودهم في الحضرات الإلهية وعريب ذاك النادي هو أهل الجمع والتوحيد من التجليات الإلهية الكاملة والهياكل الربانية الفاضلة.
(2) النفاد: الانتهاء.
م. ص: المعنى ان الحب الإلهي لا ينتهي ولا ينقطع لان متعلقه وهو الله سبحانه وتعالى قديم لا يتغير.
(3) اخلاي: اصدقائي. التداني: الاقتراب. الرقاد: النوم.
م. ص. الاخلة: الأصدقاء في سلوك طريق الله والحمى كناية عن الحضرة الإلهية وعود الرقاد كناية عن الرجوع إلى البداية وهو الكمال الحقيقي وذلك بالعودة إلى الرقاد بعد اليقظة وطول السهر.
(4) التلاق: التلاقي وحذفت الياء مراعاة للوزن.
م. ص: جيرة الحي كناية عن أمثاله النازلين في مرتبة اولياء الله والتلاقي الدخول في الجمع بعد الفرقة أو بعد الانفراد بنفسه للرياضة.
(5) الوري: خروج النار من حجر القدح والزند تستعمل للنار.
م. ص: اللذة كناية عن ادراك الملائم. والحياة حياة الروح والمعنى: العاشق والزناد نار المحبة والشوق.
في قرى مصر جسمه، والأصيحاب ... ، شآما، والقلب في أجياد (1)
... إن تعد وقفة، فويق الصّحيرات ... رواحا، سعدت بعد بعادي (2)
... يا رعى الله يومنا بالمصلّى، ... حيث ندعى إلى سبيل الرّشاد (3)
... وقباب الركاب، بين العليمين ... ن، سراعا، للمأزمين، غوادي (4)
... وسقى جمعنا بجمع، ملثّا، ... ولييلات الخيف، صوب عهاد (5)
... من تمنّى مالا، وحسن مآل، ... فمنائي منى، وأقصى مرادي (6)(1/111)
__________
م. ص: اللذة كناية عن ادراك الملائم. والحياة حياة الروح والمعنى: العاشق والزناد نار المحبة والشوق.
في قرى مصر جسمه، والأصيحاب ... ، شآما، والقلب في أجياد (1)
... إن تعد وقفة، فويق الصّحيرات ... رواحا، سعدت بعد بعادي (2)
... يا رعى الله يومنا بالمصلّى، ... حيث ندعى إلى سبيل الرّشاد (3)
... وقباب الركاب، بين العليمين ... ن، سراعا، للمأزمين، غوادي (4)
... وسقى جمعنا بجمع، ملثّا، ... ولييلات الخيف، صوب عهاد (5)
... من تمنّى مالا، وحسن مآل، ... فمنائي منى، وأقصى مرادي (6)
(1) أجياد: موضع بمكة. والمعنى انه لا يلتذ بالحياة مع تفرق باله وكثرة هواجسه بين مصر والشام ومكة.
م. ص: الأصيحاب كناية عن أمثاله من الأولياء والشيوخ وتفرق الحال دليل على بداية سلوكه في طريق الله تعالى.
(2) فويق: تصغير فوق. الصخيرات: التي كان يقف عليها النبي (صلّى الله عليه وسلّم) على جبل عرفات.
الرواح: وقت المساء.
م. ص: الوقفة هي الوقوف بعرفة ومعناها الصوفي الوصول إلى تمام المعرفة الربانية.
والصخيرات إشارة إلى القلب المتصلب وما يتفجر عنها من الإيمان. وهو ايمان أرباب اليقين ووقت الرواح هو وقت الوجد الصوفي فكلما مالت الشمس نحو مغربها مالت أجساد المريدين إلى جهة المطلع الرباني.
(3) رعى: حفظ وحمى. المصلى: مكان بمكة. الرشاد: طريق الخير والهداية.
م. ص. المصلى مقام عبادة الله والدعوة موجهة من النبي (صلّى الله عليه وسلّم).
(4) قباب الركاب: هوادج الحجيج. المأزم: مضيق بين جبلين. الغوادي: سائرو الصباح. العلمان: مكان مرّ ذكره.
م. ص. الهوادج صورة الأولياء المحمولين بمعنى الآية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنََا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنََاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} والركاب الأرواح الحاملة للصور الجسمانية والعلمان:
الشريعة والحقيقة. والمأزمان: الأمر والنهي.
(5) جمعنا: اجتماعنا. الجمع: اللقاء بالمزدلفة. لييلات: تصغير ليلات. والخيف:
مسجد معروف العهاد والملث: المطر.
م. ص. الجمع معاشر اولياء الله الصالحين. ولييلات كناية عن العبادة في السر والعلن والعهاد كناية عن العلوم الربانية التي تنزل كالمطر على قلوب العارفين.
(6) حسن المآل: الآخرة أو الملجأ. منى: واد بمكة. المراد: المطلوب.
م. ص. المال والمآل: الدنيا والآخرة. ومنى الوصول إلى الحضرة الإلهية.
يا أهيل الحجاز إن حكم الدّهر ... ببين، قضاء حتم إرادي (1)
... فغرامي القديم فيكم غرامي، ... وودادي، كما عهدتم، ودادي (2)
... قد سكنتم من الفؤاد سويدا ... هـ، ومن مقلتي سواء السّواد (3)
... يا سميري روّح بمكّة، روحي، ... شاديا، إن رغبت في إسعادي (4)
... فذراها سربي، وطيبي ثراها، ... وسبيل المسيل وردي وزادي (5)
... كان فيها أنسي ومعراج قدسي، ... ومقامي المقام، والفتح باد (6)
... نقلتني عنها الحظوظ، فجذّت ... وارداتي، ولم تدم أورادي (7)(1/112)
__________
م. ص. المال والمآل: الدنيا والآخرة. ومنى الوصول إلى الحضرة الإلهية.
يا أهيل الحجاز إن حكم الدّهر ... ببين، قضاء حتم إرادي (1)
... فغرامي القديم فيكم غرامي، ... وودادي، كما عهدتم، ودادي (2)
... قد سكنتم من الفؤاد سويدا ... هـ، ومن مقلتي سواء السّواد (3)
... يا سميري روّح بمكّة، روحي، ... شاديا، إن رغبت في إسعادي (4)
... فذراها سربي، وطيبي ثراها، ... وسبيل المسيل وردي وزادي (5)
... كان فيها أنسي ومعراج قدسي، ... ومقامي المقام، والفتح باد (6)
... نقلتني عنها الحظوظ، فجذّت ... وارداتي، ولم تدم أورادي (7)
(1) م. ص. أهيل الحجاز الأولياء المقربين أو الورثة المحمديين. والدهر من اسماء الله تعالى «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر». والبين احتجاب القلب في صور الكمال.
(2) م. ص. حكم الدهر: الإرادة الأزلية. والغرام: الحب الإلهي الذي لا تنقض فيه العهود.
(3) السويداء: نقطة سوداء داخل كل قلب. المقلة: العين. سواء: عدا.
م. ص. السكن بسويداء القلب أي في نقطته السوداء هو التجلي فإذا حجبوا بها فهي السواد وإذا تجلوا بها فهي النور المبين.
(4) السمير: صديق الليل. روّح فعل أمر من الترويح. شاديا: مرتلا.
م. ص: السمير كناية عن أصحابه الغافلين في ليل الأكوان وجيرانه كناية عن المريدين العارفين به من اصحاب القلوب الهائمة في مظاهر التجليات وكرامات الأولياء.
(5) الذرى: الأعالي والواحدة ذروة. السرب: الموطن. الثرى: التراب. السبيل:
الطريق. الورد: مكان الماء.
م. ص. أهل الذرى أهل الجذب الإلهي والإيقان الرباني والثرى كناية عن أجساد أولياء الله العارفين والمسيل اسفل الوادي كناية عن الكعبة المشرفة والورد كناية عن السقاء من بئر زمزم.
(6) معراج قدسي: ارتقائي مدارج الكمال. باد: ظاهر.
م. ص: معراج قدسي: كناية عن الارتقاء إلى الحضرة الإلهية والفناء عمّا سواها من الحضرات الكونية. والمقام كناية عن مقام الإسلام الحقيقي ظاهرا وباطنا.
(7) جذّت: قطعت. الأوراد: الاجزاء من القرآن الكريم.
م. ص. نقلتني: كناية عن انتقاله من مكة إلى مصر والحظوظ هي الحظوظ النفسانية التي أبعدته عن مناسك عبادته وانقطاع الأوراد كناية عن الانشغال بالأمور الدنيوية عن الأمور الإلهية.(1/113)
آه لو يسمح الزّمان بعود، ... فعسى أن تعود لي أعيادي (1)
... قسما بالحطيم، والرّكن، والأستار ... ، والمروتين، مسعى العباد (2)
... وظلال الجناب، والحجر، والميزاب ... ، والمستجاب، للقصّاد (3)
... ما شممت البشام إلّا وأهدى ... لفؤادي، تحيّة من سعاد (4)
مؤنس الوحشة
[البحر المنسرح] روحي لك، يا زائر اللّيل فدا ... يا مؤنس وحشتي إذا اللّيل هدا (5)
... إن كان فراقنا مع الصبح بدا ... لا أسفر بعد ذاك صبح أبدا (6)
__________
(1) م. ص. الأعياد كناية عن حصول الأحوال الشريفة ومكة كناية عن الحضرة الإلهية التي يحصل بها السرور من جرّاء العبادة.
(2) الحطيم: موضع بمكة. والركن ركن الكعبة أو الركن اليماني. والمروتان: الصفا والمروة. المسعى: بين الصفا والمروة.
(3) الجناب هضاب بمكة والحجر بكسر الحاء حجر إسماعيل في البيت الحرام.
والميزاب: ميزاب الرحمة في البيت الحرام والميزاب موضع يستجاب الدعاء فيه.
(4) البشام: شجر طيّب الرائحة.
م. ص 2، 3، 4، الحطيم كناية عن النفس فالقلب بيت الرب والنفس منه كالحطيم. الركن هو الالتجاء للََّه تعالى. والأستار كناية عن الحجب النورانية والمروتان صفات الإنسان الروحية والمادية والسعي سلوك طريق الرشاد والظلال كناية عن شواخص الإرادة الربانية. والجناب كناية عن الحضرة الإلهية والميزاب لسان العارف المريد ولغته الايمانية. والمستجاب: حرم مكة فمن دخلها فهو آمن والبشام كناية عن الروح الإيماني والنور المحمدي والحبيبة سعاد كناية عن الحضرة الإلهية أو مكة. والحمد للََّه.
(5) م. ص. الخطاب للمحبوب الحقيقي. وزائر الليل كناية عن المدد الرحماني والليل كناية عن ظلمة الأكوان وفيه أي في الليل ينزل الله إلى سماء الدنيا كما قيل.
(6) م. ص. الفراق كناية عن دخول مقام الفرق بعد الجمع، والصبح كناية عن نور الوجود الحق.(1/114)
بتنا معا
[البحر المنسرح] ما أطيب ما بتنا معا في برد ... إذ لاصق خدّه، اعتناقا خدّي (1)
... حتّى رشحت من عرق وجنته ... لا زال نصيبي منه ماء الورد! (2)
__________
(1) بتنا معا: نمنا سوية. البرد: الثوب.
م. ص. المبيت كناية عن الدخول في بيت الظلمة الكونية. والبرد كناية عن النشأة الإنسانية. والملاصقة كناية عن الاتصال بالملإ الأعلى.
(2) رشحت: سالت أو تندت. الوجنة: صفحة الوجه.
م. ص. الخدّ كناية عن الحضرة الاسمائية والوجنة كناية عن نور الإيمان الآتي من حضرات الأسماء الربانية والعرق كناية عن العلم الخاص الذي يصيب الأولياء والعارفين.(1/115)
قافية الذال
رئم الفلا
[البحر الكامل] صدّ حمى ظمإي لماك لماذا، ... وهواك، قلبي صار منه جذاذا (1)
... إن كان في تلفي رضاك، صبابة، ... ولك البقاء، وجدت فيه لذاذا (2)
... كبدي، سلبت صحيحة، فامنن علي ... رمقي بها، ممنونة أفلاذا (3)
... يا راميا، يرمي، بسهم لحاظه، ... عن قوس حاجبه، الحشا انفاذا (4)
... أنّى هجرت لهجر واش، بي، كمن ... في لومه لؤم حكاه، فهاذى (5)
__________
(1) الصد: المنع. الظمأ: العطش. واللمي: سمرة الشفاه. الجذاذ: القطع.
م. ص. المنع حاصل من المحبوب الحقيقي الله هو الله عز وجل والكاف في لماك للََّه تعالى وإذا وقعت الكنايات في العاشق تكلم بكل ما أراد.
(2) الصبابة: شدة العشق. واللذاذ مصدر اللذة. التلف. الهلاك والفساد.
م. ص. التلف هو الفناء في سبيل الله والصبابة كناية عن القبول بهذا الفناء.
(3) الرمق: بقية الحياة. الأفلاذ مفردها الفلذة وهي القطعة من الكبد. ممنونة: مقطوعة.
م. ص. الخطاب للمحبوب الذي سلب قلبه واخذه قهرا بسبب المحبة وطلب رجوع القلب للتحقق بمعرفة محبوبه.
(4) الرامي: ضارب السهام. اللحاظ مؤخر العين. الحشا: الكبد والضلوع. الإنفاذ:
الاجازة.
(5) الواشي: النمّام. هاذى فعل ماض من الهذيان م. ص. الوشاية كناية عن الهوى الذي يقع في القلب فيفسد الأعمال واللوم كناية عن لوم العقل على هذه الأعمال فالعقل يمشي بالعبد على مقتضى الإدراك.
وعليّ فيك من اعتدى في حجره، ... فقد اغتدى، في حجره، ملّاذا (1)
... غير السّلوّ تجده عندي، لائمي، ... عمّن حوى حسن الورى استحواذا (2)
... يا ما أميلحه رشا، فيه حلا ... تبديله حالي الحلي بذّاذا (3)
... أضحى بإحسان وحسن معطيا ... لنفائس، ولأنفس أخّاذا (4)
... سيفا تسلّ، على الفؤاد، جفونه ... وأرى الفتور له بها شحّاذا (5)
... فتكا بنا يزداد منه، مصورا ... قتلي مساور، في بني يزدادا (6)(1/116)
__________
(5) الواشي: النمّام. هاذى فعل ماض من الهذيان م. ص. الوشاية كناية عن الهوى الذي يقع في القلب فيفسد الأعمال واللوم كناية عن لوم العقل على هذه الأعمال فالعقل يمشي بالعبد على مقتضى الإدراك.
وعليّ فيك من اعتدى في حجره، ... فقد اغتدى، في حجره، ملّاذا (1)
... غير السّلوّ تجده عندي، لائمي، ... عمّن حوى حسن الورى استحواذا (2)
... يا ما أميلحه رشا، فيه حلا ... تبديله حالي الحلي بذّاذا (3)
... أضحى بإحسان وحسن معطيا ... لنفائس، ولأنفس أخّاذا (4)
... سيفا تسلّ، على الفؤاد، جفونه ... وأرى الفتور له بها شحّاذا (5)
... فتكا بنا يزداد منه، مصورا ... قتلي مساور، في بني يزدادا (6)
(1) الحجر: المنع. اغتدى: صار. الملّاذ: بتشديد اللام ضعيف الرأي والعقل.
م. ص. ان عقلي الذي منعني عن لقائك أصبح في حفظه لي من المؤذيات وستره لأحوالي قد سبب لي الأذى.
(2) السلوّ: النسيان. الورى: الخلق. الاستحواذ: الاستيلاء والغلبة.
(3) أميلح: تصغير أملح. الرشا: الغزال إذا قوي ومشى مع أمه. البذاذ: السيئ المظهر.
م. ص. الكلام يعود إلى المحبوب الحقيقي وهو الله وتبديله كناية عن ظهوره بمظاهر شتى. والحلي الصور المحسوسة والمعقولة.
(4) النفائس: الأشياء الثمينة. اخاذ صيغة مبالغة من أخذ. على وزن فعال.
م. ص. النفائس هي العلوم الربانية والمعارف الإلهية والأخاذ كناية عن أخذ نفس الكاملين لتتجلى ببدائع الحسن والجمال فكأنما اصحاب هذه النفوس يموتون موتا طوعيا أما بقية الناس فيموتون موتا قهريا.
(5) الفؤاد: القلب. الجفن غطاء العين ويستعمل للسيف أيضا. الفتور: الضعف. شحاذ فعال من شحذ بمعنى سنّ.
م. ص. القلب موطن المعرفة والجفون الأشياء الحافظة فإذا انفتح الجفن تجلت الحقيقة. والنظرة العليا هي النظرة الروحانية والنظرة السفلى هي الجسدية المادية.
(6) الفتك: القتل. مساور: رجل رومي قاتل بنو يزداد واوقع بهم.
م. ص. الفتك كناية عن عموم الفناء لظهور وجه الله تعالى: الا كل شيء ما خلا الله باطل.
لا غرو أن تخذ العذار حمائلا ... إذ ظلّ فتّاكا به وقّاذا (1)
... وبطرفه سحر، لو أبصر فعله ... هاروت، كان له به أستاذا (2)
... تهذي بهذا البدر، في جوّ السّما، ... خلّ افتراك، فذاك خلّي لاذا (3)
... عنت الغزالة والغزال لوجهه، ... متلفّتا، وبه، عياذا، لاذا (4)
... أربت لطافته على نشر الصّبا، ... وأبت ترافته التقمّص لاذا (5)
... وشكت بضاضة خدّه من ورده ... وحكت فظاظة قلبه الفولاذا (6)(1/117)
__________
م. ص. الفتك كناية عن عموم الفناء لظهور وجه الله تعالى: الا كل شيء ما خلا الله باطل.
لا غرو أن تخذ العذار حمائلا ... إذ ظلّ فتّاكا به وقّاذا (1)
... وبطرفه سحر، لو أبصر فعله ... هاروت، كان له به أستاذا (2)
... تهذي بهذا البدر، في جوّ السّما، ... خلّ افتراك، فذاك خلّي لاذا (3)
... عنت الغزالة والغزال لوجهه، ... متلفّتا، وبه، عياذا، لاذا (4)
... أربت لطافته على نشر الصّبا، ... وأبت ترافته التقمّص لاذا (5)
... وشكت بضاضة خدّه من ورده ... وحكت فظاظة قلبه الفولاذا (6)
(1) العذار: جانب اللحية. الحمائل: علائق السيف. الفتاك: القتال. الوقاذ: فعال من وقذ اي ضرب. العذار كناية عمّا في جانب القلب من المعاني والشعور وجمع الجفون وأفراد السيف للدلالة على الوحدانية للََّه.
(2) الطرف: العين. هاروت ساحر. الأستاذ المعلم الفارسي.
م. ص. هاروت ملك أنزله الله تعالى ليعلم السحر للناس وليفرقوا بين معجزات الأنبياء والأولياء وبين السحر في الأمور الدنيوية.
(3) تهذي: تتكلم بكلام غير مفهوم. الافتراء: الكذب. الخل: الصديق.
م. ص. البدر كناية عن الحقيقة الإنسانية المستمدة من الحقيقة الإلهية. والنور هو نور الحق.
(4) عنت: خضعت. الغزالة: الشمس. العياذ: الالتجاء. لاذ: تحصن.
م. ص. الوجه وجه الله والشمس شمس الحقيقة المستمدة من نوره فهي تستتر بوجه الله وتتحصن عن الفناء وبمعنى آخر فالغزالة هي الروحانية الإنسانية والغزال القلب المتلفت بالفكر والخيال إلى عوالم الإمكان.
(5) أربت: زادت. النشر: الرائحة الطيبة. الصبا: الريح الصباحية الشرقية الخفيفة.
أبت: كرهت. الترفه: التنعم. التقمص: لبس القميص. اللاذ مفرده اللاذة وهي ثوب من الحرير الصيني الرقيق.
م. ص. نشر الصبا. كناية عن الروح {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} والروح الأعظم بمنزلة الرائحة المنتشرة من المسك وغيره. والترفه كناية عن كمال الأجسام والتقمص لبس القميص وهو الصورة والمعنى.
(6) البضاضة: رقة الجلد وامتلاؤه والمراد حمرة الخد. الفظاظة: الغلظة.
م. ص. كنى بالبضاضة عن الخدين فالخد الأيمن صفات الجمال والخد الأيسر صفات الجلال وبضاضة الخد كمال النعم والفظاظة كناية عن النار التي أحرقتهم ببعدهم عن وجه الله وهجره لهم.
عمّ اشتعالا خال وجنته أخا ... شغل به، وجدا، أبى استنقاذا (1)
... خصر اللّمى، عذب المقبّل بكرة ... قبل السّواك، المسك ساد، وشاذى (2)
... من فيه والألحاظ سكري، بل أرى ... في كلّ جارحة به، نبّاذا (3)
... نطقت مناطق خصره ختما، إذا ... صمت الخواتم، للخناصر، آذى (4)
... رقّت ودقّ، فناسبت منّي النّسيب ... ، وذاك معناه استجاد، فحاذى (5)
... كالغصن قدّا، والصّباح صباحة، ... واللّيل فرعا منه حاذى الحاذا (6)(1/118)
__________
م. ص. كنى بالبضاضة عن الخدين فالخد الأيمن صفات الجمال والخد الأيسر صفات الجلال وبضاضة الخد كمال النعم والفظاظة كناية عن النار التي أحرقتهم ببعدهم عن وجه الله وهجره لهم.
عمّ اشتعالا خال وجنته أخا ... شغل به، وجدا، أبى استنقاذا (1)
... خصر اللّمى، عذب المقبّل بكرة ... قبل السّواك، المسك ساد، وشاذى (2)
... من فيه والألحاظ سكري، بل أرى ... في كلّ جارحة به، نبّاذا (3)
... نطقت مناطق خصره ختما، إذا ... صمت الخواتم، للخناصر، آذى (4)
... رقّت ودقّ، فناسبت منّي النّسيب ... ، وذاك معناه استجاد، فحاذى (5)
... كالغصن قدّا، والصّباح صباحة، ... واللّيل فرعا منه حاذى الحاذا (6)
(1) الخال: الشامة. الوجنة: كرسي الخد. أبى: كره. الاستنقاد: طلب النقد أو التخليص.
م. ص. الخال كناية عن ظلمة عالم الخلق في صفحة الأسماء والصفات والاشتعال كناية عن جمال السواد في البياض ولا سيما في وجه الله الأبيض الجميل المتعالي.
(2) الخصر بفتح الخاء وكسر الصاد: البارد. اللمي: السمرة في الشفاه والمقصود الريق العذب. والمقبّل: الفم. السواك عود الأراك الذي ينظف به الفم والإنسان. شاذى:
فحّ ريحه.
م. ص. اللمي كناية عن الريق وهو لطائف المناجاة بالمعاني الربانية حيث يحلو الفم بها والسواك كناية عن التنزيل الذي يزيل اوساخ النفس. والمسك هو التجلي الإلهي الذي فاح نشره في كل مكان.
(3) من فيه: من فمه. الألحاظ مفردها اللحظ وهو النظر بطرف العين. الجارحة: كل عضو في الجسد. النباذ: الخمر أو النبيذ.
م. ص. الفم هو التجلي كما مرّ في البيت السابق. والألحاظ حضرات الأسماء والصفات والسكر الغيبة عن عالم المادة.
(4) المناطق: جمع منطقة وهي الخصر. الختم: شمع النحل. صمت الخواتم:
ضيقها. الخنصر: الإصبع الثاني من اليد لجهة البنصر. والأصابع بالترتيب: البنصر والخنصر والوسطى والسبابة والإبهام. آذى: الحق الأذى.
م. ص. الختم كناية عن اظهار الأثر على ما هو عليه في الحضرة العلمية والأصابع حضرات الجلال والجمال والخواتم مظاهر هذه الحضرات في قلوب العارفين.
(5) رقت التاء للمناطق. ودق للخصر. النسيب: الحبيب. حادى: جانب وقارب.
م. ص. رقت المناطق اي أخفت كمال رقتها لتناسب اللطف الإلهي والمحاذاة هي المقاربة من الأسماء والصفات.
(6) القدّ: القوام. الصباحة: الجمال. الفرع: الشعر. حاذى: قارب. الحاذ:
الظهر.
م. ص. ان المحبوب يظهر في قلوب العارفين كالغصن النابت من شجرة كريمة والصباح النور الروحاني الذي يشرف على ظلام النفوس. والفرع الليل. حيث ينكشف الأمر الإلهي على ما هو عليه ويشهد العقل خلق الله فيذهب الليل ويأتي نهار العرفان.
حبّيه علّمني التّنسك إذ حكى، ... متعفّفا، فرق المعاد، معاذا (1)
... فجعلت خلعي للعذار لثامه، ... إذ كان، من لثم العذار، معاذا (2)
... ولنا بخيف منى عريب، دونهم ... حتف المنى، عادي لصبّ عاذا (3)
... وبجزع ذيّاك الحمى ظبي حمى ... بظبي اللّواحظ، إذ أحاذ، أخاذا (4)
... هي أدمع العشّاق جاد وليّها ... الوادي، ووالى جودها الألواذا (5)(1/119)
__________
م. ص. ان المحبوب يظهر في قلوب العارفين كالغصن النابت من شجرة كريمة والصباح النور الروحاني الذي يشرف على ظلام النفوس. والفرع الليل. حيث ينكشف الأمر الإلهي على ما هو عليه ويشهد العقل خلق الله فيذهب الليل ويأتي نهار العرفان.
حبّيه علّمني التّنسك إذ حكى، ... متعفّفا، فرق المعاد، معاذا (1)
... فجعلت خلعي للعذار لثامه، ... إذ كان، من لثم العذار، معاذا (2)
... ولنا بخيف منى عريب، دونهم ... حتف المنى، عادي لصبّ عاذا (3)
... وبجزع ذيّاك الحمى ظبي حمى ... بظبي اللّواحظ، إذ أحاذ، أخاذا (4)
... هي أدمع العشّاق جاد وليّها ... الوادي، ووالى جودها الألواذا (5)
(1) حبيه: حبي له. النسك: العبادة. التعفف: الكف عن الحرام. المعاد: الآخرة.
معاذ: معاذ بن جبل من صحابة الرسول (صلّى الله عليه وسلّم).
م. ص. ان حب الله علمه التعفف كمعاذ بن جبل الذي تعفف عن كل شيء سوى محبوبه اتقاء ليوم الآخرة.
(2) خلع العذار: التهتك واصل العذار جانب اللحية. اللثام: النقاب. اللثم: التقبيل.
معاذ: اسم مفعول بمعنى السلامة من الأمر.
م. ص. خلع العذار كناية عن تحجبه عن وجه الحق. لأن من يرى الحجاب الحقيقي كان سالما من كل ذنب. ولثم العذار كناية عما يشعر المرء بوجه الحق من الحجب النورانية. فلا تدركه الأبصار.
(3) الخيف: مسجد بمنى. الحتف: المنية. المنى: مفردها المنية وهي الموت.
الصب: العاشق المشتاق. عاذ: لجأ.
م. ص. خيف منى كناية عن القلب الخائف بين الضلوع. وكنى بعريب عن الحق في قلب المؤمن. والمنى كناية عن المراد والمطلوب وهو وجه الله تعالى.
(4) الجزع: منعطف الوادي. الحمى: المكان الذي لا يقرب. الظبي: ولد الغزال.
الظبي: مفردها الظبة وهي طرف السهم. اللواحظ: العيون. احاذ: قاهر. الأخاذ:
غدير الماء.
م. ص. الحمى: قلب العارف. واللواحظ: حضرات الأسماء والصفات الربانية.
الاحاذ: القاهر وهو الله سبحانه وتعالى والأخاذ كناية عن عالم الأكوان والمعنى ان الله جل جلاله حمى الكون بأسمائه التي منها القهار والغالب.
(5) جاد: تكرم. الولي: المطر الثاني بعد الوسمي. الجود: المطر الغزير. الالواذ:
واحدها اللوذ وهو جانب الجبل.
م. ص. الأدمع والولي كناية عن مطر النعمة. والوادي كناية عن أهل الحضرة المقدسة وسكان الوادي هم العارفين.
كم من فقير، ثمّ، لا من جعفر ... وافى الأجارع، سائلا، شحّاذا (1)
... من قبل ما فرق الفريق عمارة ... كنّا ففرّقنا النّوى أفخاذا (2)
... أفردت عنهم بالشّام، بعيد ذاك ... الالتئام، وخيّموا بغداذا (3)
... جمع الهموم البعد عندي، بعد أن ... كانت، بقربي، منهم أفذاذا (4)
... كالعهد، عندهم العهود، على الصّفا ... أنّى، ولست لها، صفا، نبّاذا (5)
... والصّبر صبر عنهم، وعليهم، ... عندي أراه إذن أذى أزّاذا (6)(1/120)
__________
م. ص. الأدمع والولي كناية عن مطر النعمة. والوادي كناية عن أهل الحضرة المقدسة وسكان الوادي هم العارفين.
كم من فقير، ثمّ، لا من جعفر ... وافى الأجارع، سائلا، شحّاذا (1)
... من قبل ما فرق الفريق عمارة ... كنّا ففرّقنا النّوى أفخاذا (2)
... أفردت عنهم بالشّام، بعيد ذاك ... الالتئام، وخيّموا بغداذا (3)
... جمع الهموم البعد عندي، بعد أن ... كانت، بقربي، منهم أفذاذا (4)
... كالعهد، عندهم العهود، على الصّفا ... أنّى، ولست لها، صفا، نبّاذا (5)
... والصّبر صبر عنهم، وعليهم، ... عندي أراه إذن أذى أزّاذا (6)
(1) الفقير: الحفرة أو فم القناة. الجعفر: النهر الصغير. الاجارع: مفردها الاجرع وهي الأرض المجدبة. الشحاذ: ما يطلبه السائل.
م. ص. الفقير هو المريد الكاذب في ارادته والجعفر: القلب الصادق الاجارع كناية عن المشايخ الكاذبين ومثلهم لا يقصدهم إلا إذا كان كاذبا.
(2) الفريق: الطائفة. العمارة: اصغر من القبيلة أي الحي العظيم. النوى: البعد والتحول من مكان إلى مكان والأفخاذ مفردها الفخذ وهو الحي.
م. ص. الفريق فريق الجنة كما في قوله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}.
النوى هو البعد المتفاوت مع الحق والأفخاذ: الشيع والفرق.
(3) أفردت: أبعدت وبقيت وحيدا. الالتئام: الاجتماع. خيموا: أقاموا الخيام بالمكان أي سكنوه وبغداذ: بغداد ويقال فيها بغدان. وفغدان.
م. ص. الافراد هو مقام الخلوة للرياضة. وبغداد مكان القطب الذي تدخل جميع أهل المراتب الربانية تحت حيطته.
(4) الافذاذ: واحدها الفذّ وهو الفرد.
م. ص. المعنى انه تحمل القسط الأكبر من البلاء شأنه في ذلك شأن الأنبياء والعارفين تيمنا بالحديث الشريف: «اشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل».
(5) العهد: أول المطر وهو المطر الوسمي. الصفا: الصخرة. النباذ: صيغة مبالغة من نبذ. ونبذ الشيء: طرحه.
م. ص. قلوب العارفين كالصخرة لا يعلق بها المطر. وذلك لاشتغالهم بامور الدين وغفلتهم عن أمور الدنيا.
(6) صبر الثانية في البيت عصارة شجر مرّ. والازاذ: ثمر طيب.(1/121)
عزّ العزاء، وجدّ وجدي بالألى ... صرموا، فكانوا بالصّريم، ملاذا (1)
... رئم الفلا، عنّي إليك، فمقلتي ... كحلت، بهم، لا تغضها استئخاذا (2)
... قسما بمن فيه أرى تعذيبه ... عذبا، وفي استذلاله استلذاذا (3)
... ما استحسنت عيني سواه، وإن سبى، ... لكن سواي، ولم أكن ملّاذا (4)
... لم يرقب الرّقباء إلّا في شج، ... من حوله يتسلّلون لواذا (5)
... قد كان، قبل يعدّ من قتلي رشا، ... أسدا، لآساد الشّرى بذّاذا (6)
... أمسى بنار جوى حشت أحشاءه ... منها، يرى الإيقاد لا الإنقاذا (7)
__________
(1) الألى: اسم موصول جمع الذي. صرموا: قطعوا. الصريم: مكان. الملاذ:
المأوى والملجأ.
م. ص. الصريم هو المكان المنقطع للعبادة والملاذ هو حالة المريدين حيث يكون بعضهم لبعض سندا.
(2) الرئم: الغزال الأبيض. الفلا: الفلاة وهي الأرض الواسعة. المقلة: الحدقة في العين. اغضى: ضم الجفن إلى الجفن. الاستيحاذ: تنكيس الرأس من الألم.
م. ص. ريم الفلا: المحبوب اللطيف الخصال. وقوله لا تغضبها يعني لا تحجب عني رؤية أنوار اللََّه.
(3) استذلاله: استحقاره.
(4) سبا: أسر. الملّاذ بتشديد اللام المتصنع الذي لا تصح صحبته.
م. ص. العين لم تسر إلا بوجه المحبوب وانشغلت عمّا عداه.
(5) الرقباء: الحراس وواحدها الرقيب. الشجي: الحزين. يتسلطون: يمشون خفية.
اللواذ: الضياء.
م. ص. الرقباء كناية عن العناية التي تحفظ أهل الخير والشجي هو المريد الذي احزنته محبة اللََّه فهو الفاني المستنير بأنوار اللََّه تعالى.
(6) الرشاء: الظبي. الآساد: جمع اسد. الشرى: طريق في الجبل. واسم لجبل تكثر فيه السباع. البذاذ: الغالب.
م. ص. الرشا. كناية عن المليح المتصف بالمحاسن وهو اللََّه سبحانه وتعالى.
(7) الجوى: نار الحب. حشت: اصابت الحشا. الإيقاد: الاشتعال.
م. ص: أمسى دخل في المساء والمساء كناية عن ظلمة الأكوان. فالمريد يحترق بنار الشوق من الأنوار الربانية التي لا يستطيع الهرب منها.
حيران لا تلقاه إلّا قلت من ... كلّ الجهات: أرى به جبّاذا (1)
... حرّان، محنيّ الضّلوع على أسى، ... غلب الإسى فاستنجذ استنجاذا (2)
... دنف، لسيب حشى سليب حشاشة ... شهد السّهاد بشفعه ممشاذا (3)
... سقم ألمّ به، فآلم، إذ رأى ... بالجسم، من اغداده، اغذاذا (4)
... أبدى حداد كآبة لعزاه، إذ ... مات الصبا، في فوده، جذّاذا (5)
... فغدا، وقد سرّ العدي بشبابه، ... متقمّصا، وبشيبه مشتاذا (6)(1/122)
__________
م. ص: أمسى دخل في المساء والمساء كناية عن ظلمة الأكوان. فالمريد يحترق بنار الشوق من الأنوار الربانية التي لا يستطيع الهرب منها.
حيران لا تلقاه إلّا قلت من ... كلّ الجهات: أرى به جبّاذا (1)
... حرّان، محنيّ الضّلوع على أسى، ... غلب الإسى فاستنجذ استنجاذا (2)
... دنف، لسيب حشى سليب حشاشة ... شهد السّهاد بشفعه ممشاذا (3)
... سقم ألمّ به، فآلم، إذ رأى ... بالجسم، من اغداده، اغذاذا (4)
... أبدى حداد كآبة لعزاه، إذ ... مات الصبا، في فوده، جذّاذا (5)
... فغدا، وقد سرّ العدي بشبابه، ... متقمّصا، وبشيبه مشتاذا (6)
(1) الجهات: عنى بها الجهات الست: شرق، غرب، شمال، جنوب، فوق. تحت.
الجباذ: الجذّاب.
م. ص. الحيرة كناية عن تراكم الظهورات الإلهية والجباذ هو الجذب والشوق الذي يدفعه إلى رؤية وجه اللََّه في كل الجهات.
(2) الحران: الشديد العطش. الأسى: الحزن. الإسى: مفردها الآسي وهو الطبيب.
الاستنجاذ: كثرة البلايا والعض على النواجذ.
م. ص. ان حرارته ارتفعت وشمل الحزن ضلوعه وقلبه فعجز الأطباء عنه. وهذا الأمر دفعه إلى العض على نواجذه.
(3) الدنق: المريض من الحب. اللسيب: اللديغ. الحشاشة: بقية الروح. السهاد:
الأرق. ممشاذ الدينوري: رجل صالح قيل أنه بقي أربعين سنة لا ينام قضاها في العبادة.
المعنى: أنه مريض عليل الحشا مسلوب الروح يسهر للعبادة دون غيرها.
(4) السقم: المريض. الاغداد: الغدد. الإغذاذ: التورم أو سيلان الدم من الجراح.
م. ص. الاغداد: ظهور النفس على حالة الجسد والإغذاذ كفارته عن المجاهدة الشديدة وهذه حال العارفين بالله.
(5) الحداد: ترك الزينة من الحزن. الكآبة: الغم وسوء الحال. الصبا: اسوداد شعر الرأس. الفود جانب الرأس. الجذاذ: القاطع.
م. ص. الحداد كناية عن ترك الدنيا وظهور الشيب كناية عن الفرح والكآبة ظهور نور الوجود في مشاعره ومداركه.
(6) المتقمص: لابس القميص. المشتاذ: المعمم.
م. ص. الشباب ثوب أو قميص الفتوة وبياض الشعر ظهور نور الوجود والعدا شياطين النفس.
حزن المضاجع، لا نفاد لبثّه ... حزنا، بذاك قضى القضاء نفاذا (1)
... أبدا تسحّ، وما تشحّ جفونه، ... لجفا الأحبّة، وإبلا ورذاذا (2)
... منح السّفوح، سفوح مدمعه، وقد ... بخل الغمام به، وجاد، وجاذا (3)
... قال العوائد، عند ما أبصرنه: ... إن كان من قتل الغرام، فهذا! (4)(1/123)
__________
م. ص. الشباب ثوب أو قميص الفتوة وبياض الشعر ظهور نور الوجود والعدا شياطين النفس.
حزن المضاجع، لا نفاد لبثّه ... حزنا، بذاك قضى القضاء نفاذا (1)
... أبدا تسحّ، وما تشحّ جفونه، ... لجفا الأحبّة، وإبلا ورذاذا (2)
... منح السّفوح، سفوح مدمعه، وقد ... بخل الغمام به، وجاد، وجاذا (3)
... قال العوائد، عند ما أبصرنه: ... إن كان من قتل الغرام، فهذا! (4)
أهوى رشا
[البحر المنسرح] أهوى رشا هواه للقلب غذا ... ما أحسن فعله لو كان أذى (5)
... لم أنس وقد قلت له: الوصل متى ... مولاي إذا متّ أسى؟ قال: إذا (6)
(1) المضاجع: واحدها المضجع وهو مكان النوم. النفاد: الفراغ. البيت: الشكوى وإظهار السر.
م. ص: حزن المضاجع كناية عن شدة حاله على حجاب المحبة. وقوة الشوق النفساني إلى وجه اللََّه.
(2) تسح: تسيل. ما تشح: ما تبخل. الجفون أغطية العين. الجفا مخففة من الجفاء وهو القطيعة. الوابل: المطر الشديد. الرذاذ: المطر الخفيف.
م. ص. الأحبة: ظهور الصفات والأسماء الإلهية والجفاء كناية عن البعد عن مدارك العلوم.
(3) منح: وهب. السفح: جانب الجبل. سفوح المدمع: الخدود. جاد: اعطى. جاذ:
أحدث حفرا.
م. ص. السفوح كناية عن التجوال في شعاب مكة وذلك لسلوك امر اللََّه. وجاذ كناية عن حفر النفس وحزنها على ما فات سدى.
(4) العوائد: زوار المريض.
المعنى الصوفي: قتيل الغرام كناية عن العشق للََّه والفناء بتعاليمه بحيث تنكشف حقيقة الموت فيقتله سيف العشق الإلهي المجرد من موت المعاني الكونية.
والحمد للََّه رب العالمين.
(5) أهوى: أعشق. الغذا: الغذاء. الرشا: ولد الظبية. أذى: اتى بالأذية.
(6) (م. ص) الوصل كناية عن العبادة والانقطاع عمّا سواها. متّ أسى كناية وإشارة للحديث الشريف «إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا».(1/124)
قافية الراء
احفظ فؤادك
[البحر الكامل] احفظ فؤادك، إن مررت بحاجر ... فظباؤه، منها الظّبى بمحاجر (1)
... فالقلب فيه واجب من جائز ... ان ينج كان مخاطرا بالخاطر (2)
... وعلى الكثيب الفرد حيّ، دونه ... الآساد صرعى، من عيون جآذر (3)
... أحبب بأسمر صين فيه بأبيض ... أجفانه منّي مكان سرائري (4)
... وممنّع، ما إن لنا من وصله، ... إلّا توهّم زور طيف زائر (5)
__________
(1) حاجر: موضع. الظباء: واحدها الظبي وهو الغزال. الظبي: مفردها الظّبة وهي السيف. المحاجر مفردها المحجر وهو ما يحيط بالعين.
المعنى الصوفي: الخطاب إلى السالك في طريق اللََّه وحاجر كناية عن مقام الأولياء والظباء كناية عن الصور الكاملة في مقام العرفان.
(2) الجائز: المار بالمكان. الخاطر: القلب.
م. ص. القلب قلب السالك في بحار المحبة الإلهية وهو القلب الخافق من الخوف والخشية. والخاطر كناية عن أهل المعرفة الإلهية من الأولياء والصديقين.
(3) الكثيب: مجتمع الرمل. الحي: الفرع من القبيلة. الآساد: جمع اسد. صرعى:
قتلي. الجآذر: مفرده الجوذر وهو ولد البقرة الوحشية.
م. ص. الكثيب كناية عن المقام المحمدي والفرد حضرة الفردية الإلهية والحي كناية عن العارفين المتناسيين في المعرفة. والأسد أهل السلوك والجآذر كناية عن أصحاب القلوب المتولدة من النفوس البشرية.
(4) صين: حفظ. السرائر: النوايا والقلوب. الأسمر: الرمح.
(5) الزور: الزيارة. الطيف: الخيال.
م. ص. الممنع كناية عن الحق تعالى حيث يصعب إدراكه وقوله لنا تعني الناس المريدين والوصل التحقق من الأمر وإدراكه. والطيف كناية عن صورة الأكوان الحسية أو العقلية «فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
للماه عدت، ظما، كأصدى وارد ... منع الفرات، وكنت أروى صادر (1)
... خير الأصيحاب، الذي هو آمري ... بالغيّ فيه، وعن رشادي زاجري (2)
... لو قيل لي: ماذا تحبّ، وما الذي ... تهواه منه؟ لقلت: ما هو آمري ... ولقد أقول للائمي، في حبّه، ... لمّا رآه، بعيد وصلي، هاجري ... عنّي إليك، فلي حشا، لم يثنها ... هجر الحديث، ولا حديث الهاجر (3)
... لكن وجدتك، من طريق، نافعي ... وبلذع عذلي، لو أطعتك، ضائري (4)
... أحسنت لي، من حيث لا تدري، وإن ... كنت المسيء، فأنت أعدل جائر (5)
... يدني الحبيب، وان تناءت داره، ... طيف الملام، لطرف سمعي الساهر (6)
... فكأنّ عذلك عيس من أحببته، ... قدمت عليّ، وكان سمعي ناظري (7)
... أتعبت نفسك واسترحت بذكره ... حتّى حسبتك، في الصّبابة، عاذري (8)(1/125)
__________
م. ص. الممنع كناية عن الحق تعالى حيث يصعب إدراكه وقوله لنا تعني الناس المريدين والوصل التحقق من الأمر وإدراكه. والطيف كناية عن صورة الأكوان الحسية أو العقلية «فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
للماه عدت، ظما، كأصدى وارد ... منع الفرات، وكنت أروى صادر (1)
... خير الأصيحاب، الذي هو آمري ... بالغيّ فيه، وعن رشادي زاجري (2)
... لو قيل لي: ماذا تحبّ، وما الذي ... تهواه منه؟ لقلت: ما هو آمري ... ولقد أقول للائمي، في حبّه، ... لمّا رآه، بعيد وصلي، هاجري ... عنّي إليك، فلي حشا، لم يثنها ... هجر الحديث، ولا حديث الهاجر (3)
... لكن وجدتك، من طريق، نافعي ... وبلذع عذلي، لو أطعتك، ضائري (4)
... أحسنت لي، من حيث لا تدري، وإن ... كنت المسيء، فأنت أعدل جائر (5)
... يدني الحبيب، وان تناءت داره، ... طيف الملام، لطرف سمعي الساهر (6)
... فكأنّ عذلك عيس من أحببته، ... قدمت عليّ، وكان سمعي ناظري (7)
... أتعبت نفسك واسترحت بذكره ... حتّى حسبتك، في الصّبابة، عاذري (8)
(1) اللمي: السمرة في الشفتين. الظمأ: العطش. أصدى: عطشان. الأروى: الذي شبع من الماء (ارتوى). الصادر: الراجع عن الماء بعد الشرب.
م. ص. اللمي: كناية عن العلم الإلهي والارتواء كناية عن سرور القلب بعلوم المعرفة الربانية.
(2) الغي: الضلال عكس الرشاد. الزاجر: المانع معنى البيت ان خير الاصحاب يمنعه ويأمره بالغواية ويزجره عن رشاده في اتباع رضا اللََّه.
(3) حديث الهاجر: حديث البذاءة والفحش.
م. ص. الحشى كناية عن القلب الروحاني والهاجر هو المحبوب الحقيقي وحديثه هو الحديث الصادر عن الحق بما لم يصدر منه.
(4) اللذع: لمس النار. العذل: اللوم. ضائري: ضارا لي.
(5) الجائر: الظالم.
م. ص. ان لوم اللائم كان منفعة له لأن اللوم أوصله إلى مدارك اليقين والمعرفة.
(6) يدني: يقترب. تناءت: بعدت. الطيف: الخيال.
م. ص. الطيف. كناية عن النوم والانشغال عما يحيط به والسمع الساهر كناية عن الاستماع الدائم لنداء المحبوب الحقيقي.
(7) العيس: الإبل. وفي البيت تمازج ما بين حاستي السمع والبصر.
(8) الصبابة: شدة العشق. عاذري: قابلا عذري.
فأعجب لهاج، مادح عذّاله، ... في حبّه، بلسان شاك، شاكر ... يا سائرا بالقلب غدرا كيف لم ... تتبعه ما غادرته من سائري؟ (1)
... بعضي يغار عليك من بعضي، ويحسد ... باطني، إذ أنت فيه ظاهري (2)
... ويودّ طرفي، إن ذكرت بمجلس ... لو عاد سمعا، مصغيا لمسامري (3)
... متعوّدا إنجازه، متوعّدا، ... أبدا، ويمطلني بوعد نادر (4)
... ولبعده اسودّ الضّحى عندي، كما ... ابيضّت، لقرب منه كان دياجري (5)(1/126)
__________
(8) الصبابة: شدة العشق. عاذري: قابلا عذري.
فأعجب لهاج، مادح عذّاله، ... في حبّه، بلسان شاك، شاكر ... يا سائرا بالقلب غدرا كيف لم ... تتبعه ما غادرته من سائري؟ (1)
... بعضي يغار عليك من بعضي، ويحسد ... باطني، إذ أنت فيه ظاهري (2)
... ويودّ طرفي، إن ذكرت بمجلس ... لو عاد سمعا، مصغيا لمسامري (3)
... متعوّدا إنجازه، متوعّدا، ... أبدا، ويمطلني بوعد نادر (4)
... ولبعده اسودّ الضّحى عندي، كما ... ابيضّت، لقرب منه كان دياجري (5)
لن ترى
[البحر الكامل] زدني بفرط الحبّ فيك تحيّرا، ... وارحم حشى بلظى هواك تسعّرا (6)
(1) غدرا: تركا. سائري: بقيتي.
م. ص. السائر هو المحبوب الحقيقي. والمقصود من الخطاب كيف لم تأخذ مع قلبي ما تبقى مني ظاهرا وباطنا.
(2) البعض الأول: هو الجسد والبعض الثاني: القلب.
(3) الطرف: النظر. المسامر: صديق الليل.
م. ص. المسامر هو المحبوب الحقيقي والسمع هو الاذن المرهفة لسماع الأوراد والآيات.
(4) الإنجاز: إيفاء الوعد. يمطلني: يخلف وعدي. نادر: قليل الحصول.
م. ص. ان اللََّه تعالى إذا توعد عبده بالشرّ أنجز وعده تطهيرا لنفس العبد وإذا وعده بالخير اجّل ذلك إلى الآخرة ليكمل الجزاء.
(5) الضحى: اوائل الصباح. الدياجر: واحدها الديجور وهو الليل الشديد السواد.
والمعنى: ان الدنيا والصباح اسودا في عينيه لبعد المحبوب الحقيقي. بينما كانت لياليه السوداء ضحى وبياضا عند ما كانت علاقته بالحق وطيدة.
م. ص. الضحى كناية عن الأنوار الربانية التي تضيء صدر العارف والديجور كناية عن ظلمة الأكوان وتخبط البعيدين عن أمر الحق بها.
والحمد للََّه
(6) فرط من الإفراط وهو المجاوزة في الحد. الحشى: الأمعاء. اللظى: اللهيب.
السعر: الاشتعال.
المعنى الصوفي: الحيرة في اللََّه تعالى هي المحبة الحقيقة.
واللهيب والسعر كناية عن العلوم والأنوار الربانية التي تتألق في نفس المريد.
وإذا سألتك أن أراك حقيقة، ... فاسمح، ولا تجعل جوابي: «لن ترى»! (1)
... يا قلب! أنت وعدتني في حبّهم ... صبرا، فحاذر أن تضيق وتضجرا (2)
... إنّ الغرام هو الحياة، فمت به، ... صبّا، فحقّك أن تموت، وتعذرا (3)
... قل للّذين تقدّموا قبلي، ومن ... بعدي، ومن أضحى لأشجاني يرى (4)
... عني خذوا، وبي اقتدوا، ولي اسمعوا، ... وتحدّثوا بصبابتي بين الورى (5)(1/127)
__________
واللهيب والسعر كناية عن العلوم والأنوار الربانية التي تتألق في نفس المريد.
وإذا سألتك أن أراك حقيقة، ... فاسمح، ولا تجعل جوابي: «لن ترى»! (1)
... يا قلب! أنت وعدتني في حبّهم ... صبرا، فحاذر أن تضيق وتضجرا (2)
... إنّ الغرام هو الحياة، فمت به، ... صبّا، فحقّك أن تموت، وتعذرا (3)
... قل للّذين تقدّموا قبلي، ومن ... بعدي، ومن أضحى لأشجاني يرى (4)
... عني خذوا، وبي اقتدوا، ولي اسمعوا، ... وتحدّثوا بصبابتي بين الورى (5)
(1) في هذا البيت تلميح إلى قصة سيدنا موسى (ع) حين طلب لقاء ربه فقال تعالى: {لَنْ تَرََانِي}. واعترض كثير من الصوفية على هذا البيت فإذا تعذرت الرؤية على كليم اللََّه فكيف تطلبها نفس الشيخ ابن الفارض والمهم في الأمر أن شيخنا طلب الرؤية في الآخرة وليس في الحياة الدنيا.
م. ص. في البيت تأكيد ان الخالق لا يرى. لذلك صرف الأمر إلى السؤال والسؤال يقين بأن الحق لا يرى فهو منزه عن المادة.
(2) حاذر: احذر. تضجر: تمل.
م. ص: الوفاء بالوعد كناية عن القيام بالعهد وهو على المؤمن قدر لا نفاد منه.
والضيق والضجر من سمات أهل الدنيا على خلاف العارفين السالكين طريق النور.
(3) المعنى الصوفي: ان الغرام والحب الصوفي هو العلاقة بين الطارئ والازلي والوسيلة بين التواضع والتكبر. وموت القلب في حب اللََّه هو الحياة الحقيقة.
(4) الذين تقدموا: الشيوخ من أهل السلوك. الأشجان: الأحزان.
م. ص. الخطاب للقلب كما ورد في البيت السابق فموت القلب بالله هو الحياة الحقيقية وهو العبرة لمن تقدم ولمن يتأخر. فالكل يعود إلى امر اللََّه تعالى.
(5) اقتدوا: فعل أمر من اقتدى بمعنى تمثل أو سار على خطى. الصبابة: شدة العشق.
الورى: الخلق.
م. ص. عني خذوا: تعلموا علوم الرحمن تعالى التي تفيض عني والخطاب للسالكين الذين يهضمون أنفسهم تارة ويتضاءلون لعظمة القدرة تارة أخرى أو يشطحون بسبب المواقف ولوامع المعارف.
ولقد خلوت، مع الحبيب، وبيننا ... سرّ أرقّ من النسيم، إذا سرى (1)
... وأباح طرفي نظرة أمّلتها، ... فغدوت معروفا، وكنت منكّرا (2)
... فدهشت بين جماله وجلاله، ... وغدا لسان الحال، عنّي، مخبرا ... فأدر لحاظك في محاسن وجهه، ... تلقى جميع الحسن، فيه، مصوّرا (3)
... لو أنّ كلّ الحسن يكمل صورة ... ورآه، كان مهلّلا، ومكبّرا (4)(1/128)
__________
م. ص. عني خذوا: تعلموا علوم الرحمن تعالى التي تفيض عني والخطاب للسالكين الذين يهضمون أنفسهم تارة ويتضاءلون لعظمة القدرة تارة أخرى أو يشطحون بسبب المواقف ولوامع المعارف.
ولقد خلوت، مع الحبيب، وبيننا ... سرّ أرقّ من النسيم، إذا سرى (1)
... وأباح طرفي نظرة أمّلتها، ... فغدوت معروفا، وكنت منكّرا (2)
... فدهشت بين جماله وجلاله، ... وغدا لسان الحال، عنّي، مخبرا ... فأدر لحاظك في محاسن وجهه، ... تلقى جميع الحسن، فيه، مصوّرا (3)
... لو أنّ كلّ الحسن يكمل صورة ... ورآه، كان مهلّلا، ومكبّرا (4)
انشقاق القمر
[البحر المنسرح] عيني جرحت وجنته بالنّظر ... من رقّتها فانظر لحسن النظر (5)
... لم أجن وقد جنيت ورد الخفر ... إلّا لترى كيف انشقاق القمر (6)
(1) خلوت: انفردت. سرى: مشى ليلا.
م. ص. السرّ هو الأمر الذي يخفى على العقول وهو اليقين من أمر الوجود الحق والنسيم الساري كناية عن الروح المنبعث من امر اللََّه.
(2) غدوت: صرت. منكر: غير معروف. الطرف: النظر.
(3) أدر في أول البيت فعل طلبي جوابه تلقى. ولم يحذف الشاعر حرف العلة من آخره تيمنا بالآية الكريمة: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ}.
م. ص. الوجه هو وجه المحبوب والتصوير تجليات ذلك الوجه وعلاماته الحسنة.
(4) م. ص. التهليل والتكبير ذكر الخالق عند استحسان أي أمر فالتهليل قول لا إله إلا اللََّه والتكبير قول اللََّه أكبر تمجيدا لجبروت الخالق وعظمته.
(5) حسن النظر: الاحمرار الذي يبدو في العين لكثرة نظرها.
(6) الخفر: الحياء.
م. ص. الوجنة كناية عن تجلي النور الحق والرقة كناية عن كمال اللطف وشدة التنزه.(1/129)
كم أنتظر
[البحر المنسرح] ما أصنع، وقد أبطأ عليّ الخبر ... ويلاه! إلى متى، وكم أنتظر! ... كم أحمل؟ كم أكتم؟ كم أصطبر؟ ... يقضى أجلي وليس يقضى وطر (1)
الاسم العذب
[البحر المنسرح] عوّذت حبيّبي برب الطور ... من آفة ما يجري من المقدور (2)
... ما قلت حبيّبي من التحقير ... بل يعذب اسم الشيء بالتصغير
إن غاب أو حضر
[البحر البسيط] حديثه، أو حديث عنه يطربني، ... هذا إذا غاب، أو هذا إذا حضرا ... كلاهما حسن عندي أسرّ به، ... لكنّ أحلاهما ما وافق النّظرا
__________
(1) الأجل: المنية: الوطر: الغاية والمراد.
(2) حبيبي تصغير حبيبي. والطور جبل سيناء. الآفة: العاهة.(1/130)
قافية السين
يا جنة فارقتها النفس مكرهة
[البحر البسيط] قف بالدّيار، وحيّ الأربع الدّرسا ... ونادها، فعساها أن تجيب، عسى (1)
... وإن أجنّك ليل، من توحّشها، ... فاشعل من الشّوق في ظلمائها، قبسا (2)
... يا هل درى النّفر الغادون عن كلف ... يبيت جنح اللّيالي، يرقب الغلسا (3)
... فإن بكى في قفار خلتها لججا، ... وإن تنفّس عادت كلّها يبسا (4)
__________
(1) حي: فعل أمر من التحية بمعنى سلم. الأربع: مفردها الربع وهو منزل القوم أيام الربيع. الدرس: البائدة المعالم.
م. ص. قف أمر للسالك في طريق اللََّه تعالى والديار مجموع الصور الكونية.
والوقوف لعدم تخطيها لان التجليات الإلهية موجودة بها.
(2) أجنك: سترك. القبس: الشعلة من النار.
م. ص: الليل كناية عن ظلمة الأكوان والوحشة وحشة الدنيا والقبس اشتعال نور المحبة في نفوس السالكين وهو السبب في الوصول إلى المعرفة.
(3) النفر: الناس. الغادون مفردها الغادي وهو السائر في الغدوة أي الصباح. الكلف:
العاشق. الجنح: الجانب. الغلس: ظلمة آخر الليل.
م. ص. النفر الغادون كناية عن اولياء اللََّه العارفين المسافرين إلى منازل التجليات الربانية. وترقب الغلس: المبيت في ظلمة الكون ترقبا لقبس نوراني في حلك الأكوان.
(4) القفار: الصحاري. خلتها: ظننتها. اللجج مفردها اللجة وهي الموجة العظيمة أو معظم الماء.
م. ص. القفار كناية عن النفوس الخالية من التجليات والبكاء كناية عن الوجد على مفارقة المحبوب الحقيقي والتنفس كناية عن إظهار الذوق والوجدان في حقائق الأعيان.
واليباس كناية عن الأرواح الخالية التي تشبه الأشباح.
فذو المحاسن لا تحصى محاسنه ... وبارع الأنس لا أعدم به أنسا (1)
... كم زارني، والدّجى يربدّ من حنق ... والزّهر تبسم عن وجه الذي عبسا (2)
... وابتزّ قلبي، قسرا، قلت، مظلمة ... يا حاكم الحبّ هذا القلب لم حبسا!؟ (3)
... غرست باللّحظ وردا، فوق وجنته ... حقّ لطرفي أن يجني الذي غرسا!! (4)
... فإن أبى، فالأقاحي منه لي عوض ... من عوّض الدّرّ عن زهر، فما بخسا (5)
... إن صال صلّ عذاريه، فلا حرج ... أن يجن لسعا، وأني أجتني لعسا (6)(1/131)
__________
واليباس كناية عن الأرواح الخالية التي تشبه الأشباح.
فذو المحاسن لا تحصى محاسنه ... وبارع الأنس لا أعدم به أنسا (1)
... كم زارني، والدّجى يربدّ من حنق ... والزّهر تبسم عن وجه الذي عبسا (2)
... وابتزّ قلبي، قسرا، قلت، مظلمة ... يا حاكم الحبّ هذا القلب لم حبسا!؟ (3)
... غرست باللّحظ وردا، فوق وجنته ... حقّ لطرفي أن يجني الذي غرسا!! (4)
... فإن أبى، فالأقاحي منه لي عوض ... من عوّض الدّرّ عن زهر، فما بخسا (5)
... إن صال صلّ عذاريه، فلا حرج ... أن يجن لسعا، وأني أجتني لعسا (6)
(1) البارع: الماهر الفائق على أمثاله. الأنس عكس الوحشة.
م. ص. في البيت إشارة إلى الآية الكريمة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا}
والمحاسن هي الحق المتجلي لكل صورة والبارع وجه الحق تعالى والانس هو النظر إلى وجه الحق.
(2) الدجى: الظلمة والمقصود الليل. يربد: يتهجم. الحنق: الغيظ والغضب.
م. ص. الدجى: كناية عن ظلمة الأكوان. والحنق كناية عن عالم الأكوان والإعراض عن وجه اللََّه تعالى. والدهر من اسماء اللََّه «لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو اللََّه» والتبسم الكشاف الأمر الرباني.
(3) ابتزّ: سلب. القسر: القهر. لم استفهامية وحركت بالسكون لاستقامة الوزن.
م. ص. حاكم الحب هو المحبوب الحقيقي والقلب الذي سلب كناية عن قلب المريد الذي استولت المحبة عليه فسببت له الظلم والقهر وهذا فضل على المريد عظيم.
(4) اللحظ: النظر. الوجنة: كرسي الخد. الورد: لون الخدود.
م. ص. زرعت باللحظ كناية إلى المراقبة الإلهية والورد كناية عن حمرة الروحانية السارية في الكائنات والوجنة كناية عن ارتقاء العارفين في الملكوت. والطرف كناية عن البصيرة.
(5) الاقاحي: من الزهور والمقصود خد الحبيب. الدر: الجوهر. بخس: انتقص من القيمة.
م. ص. الاقاحي كناية عن ظهور الأمر الإلهي والوجنة هي شهود غلبة الروح على طبيعة الجسد والدر كناية عن العلوم العلية.
(6) صال: جال. الصل: الحية. العذار: جانب اللحية. اللعس: السمرة في الشفاء.
م. ص. العذار كناية عن ظهور آيات الجمال بالمحاسن الكونية واللعس حلاوة التوحيد التي تظهر من شهود الأمر الإلهي.
كم بات طوع يدي، والوصل يجمعنا ... في بردتيه، التّقى، لا نعرف الدّنسا (1)
... تلك اللّيالي التي أعددت من عمري، ... مع الأحبّة، كانت كلّها عرسا (2)
... لم يحل، للعين، شيء، بعد بعدهم، ... والقلب مذ آنس التّذكار ما أنسا ... يا جنّة، فارقتها النفس، مكرهة ... لولا التّأسّي بدار الخلد متّ أسى (3)(1/132)
__________
م. ص. العذار كناية عن ظهور آيات الجمال بالمحاسن الكونية واللعس حلاوة التوحيد التي تظهر من شهود الأمر الإلهي.
كم بات طوع يدي، والوصل يجمعنا ... في بردتيه، التّقى، لا نعرف الدّنسا (1)
... تلك اللّيالي التي أعددت من عمري، ... مع الأحبّة، كانت كلّها عرسا (2)
... لم يحل، للعين، شيء، بعد بعدهم، ... والقلب مذ آنس التّذكار ما أنسا ... يا جنّة، فارقتها النفس، مكرهة ... لولا التّأسّي بدار الخلد متّ أسى (3)
(1) طوع يدي: لا يخالفني. البردة: الثوب. التقى: الورع.
م. ص. طوع اليد كناية على حصول التجلي بالارادة بعد السلوك الصعب الذي يسلكه المريد والبردتين هما الأسماء والصفات الإلهية والدنس كناية عن مخالطة الأغيار.
(2) م. ص. الأحبة كناية عن اسماء اللََّه تعالى وصفاته والعرس هو الفرحة بالأسماء والعلوم والصفات.
(3) دار الخلد: الآخرة. الأسى: الحزن.
م. ص. الجنة كناية عن حضرة التجلي الإلهي وفناء النفس يكون في هذا التجلي.
دار الخلد كناية عن جنة الفردوس وأهلها موعودون بربهم فيها.(1/133)
قافية الشين
يا عيش
ما بال وقاري فيك قد أصبح طيش ... واللََّه لقد هزمت من صبري جيش (1)
... بالله متى تكون ذا الوصل متى؟ ... يا عيش محبّ تصليه يا عيش
هيهات
[البحر المنسرح] يا من لكثيب ذاب وجدا برشا ... لو فاز بنظرة إليه انتعشا (2)
... هيهات ينال راحة منه شج ... ما زال معثرا به مذ نشا (3)
__________
(1) الوقار: الهيبة والاحترام وهو عكس الطيش بمعنى الجهل.
(2) الكثيب: مجتمع الرمل. الرشا: ابن الغزالة.
(3) الشجي: المحزون. معثرا: مضطربا في جميع أحواله. نشا: نشأ.(1/134)
قافية الطاء
الصواب والخطأ
[البحر المنسرح] لمّا نزل الشّيب برأسي وخطا ... والعمر مع الشباب، ولّى وخطا (1)
... أصبحت بسمر «سمرقند» و «خطا» ... لا أفرّق ما بين صواب وخطا (2)
__________
(1) خطا في آخر الصدر: نزل. خطا في آخر العجز مشى.
(2) سمرقند وخطا مدينتان. خطا في آخر العجر خطأ عكس الصواب.(1/135)
قافية العين
نشر الخزامي
(1)
[البحر الطويل] أبرق بدا من جانب الغور، لامع ... أم ارتفعت، عن وجه ليلى، البراقع (2)
... أنار الغضا، ضاءت، وسلمى بذي الغضا ... أم ابتسمت، عمّا حكته، المدامع (3)
... أنشر خزامى فاح أم عرف «حاجر» ... بأمّ القرى، أم عطر «عزّة» ضائع (4)
__________
(1) بقيت هذه القصيدة ضائعة من ديوان أشعار ابن الفارض مائة سنة إلى ان ردها اللََّه على يد شيخ صالح يدعى برهان الدين إبراهيم. الذي وجدها في كتاب عنده بخط صاحبها الذي لم يذكر اسمه وفي جلسة صوفية طرح موضوع القصيدة ومطلعها فانتبه الشيخ برهان إلى الأمر وعرف إنها القصيدة الموجودة عنده.
نشير أيضا إلى ان حفيد الشيخ ابن الفارض ويدعى الشيخ علي كان قد نظم قصيدة معارضة لقصيدة جده معتمدا على البيت الأول منها. وقد أثبتت قصيدة الحفيد في معظم النسخ إلا أننا نعتمد في نسختنا هذه على قصيدة الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض الاصلية وهي القصيدة الوحيدة العينية له من بين اشعاره.
(2) الغور: الوادي. البراقع: واحدها البرقع وهو غطاء الوجه.
المعنى الصوفي: البرق كناية عن تجلي الوجود الحق الذي هو كلمح البصر والغور كناية عن باطن الإنسان المشتمل على الروح. سلمى. الحبيبة كناية عن الحضرة الإلهية والبراقع كناية عن الأمور الهالكة في تجليات الوجه الإلهي.
(3) الغضى: شجر صلب العيدان. ذو الغضى: واد.
م. ص. ذو الغضى كناية عن عالم الإمكان واحمرار المدامع كناية عن البكاء والنحيب مخافة فوات لقاء الحبيب.
(4) النشر: الرائحة الطيبة. الخزامي: نبات زكي الرائحة. العرف كالنشر مسميان لمعنى واحد. حاجر: موضع بالحجاز. ام القرى: مكة المكرمة. ضائع: منتشر من ضاع يضوع.
م. ص. نشر الخزامي كناية عن تجلي الحق على صفحات الكائنات وأم القرى كناية عن قلب العارف وقوله ضائع كناية عن ظهور الحق المبين في صدور العارفين.
ألا ليت شعري: هل سليمى مقيمة ... بوادي «الحمى» حيث المتيّم والع (1)
... وهل لعلع الرّعد الهتون بلعلع ... وهل جادها صوب من المزن هامع؟ (2)
... وهل أردن ماء «العذيب» و «حاجر» ... جهارا، وسرّ الليل، بالصّبح، شائع (3)
... وهل قاعة «الوعساء» مخضرّة الرّبى ... وهل، ما مضى فيها من العيش، راجع (4)
... وهل بربي «نجد» «فتوضح» مسند ... أهيل «النّقا» عمّا حوته الأضالع (5)
... وهل بلوى «سلع» يسل عن متيّم ... «بكاظمة» ماذا به الشّوق صانع (6)
... وهل عذبات الرّند يقطف نورها ... وهل سلمات، بالحجاز، أيانع (7)(1/136)
__________
م. ص. نشر الخزامي كناية عن تجلي الحق على صفحات الكائنات وأم القرى كناية عن قلب العارف وقوله ضائع كناية عن ظهور الحق المبين في صدور العارفين.
ألا ليت شعري: هل سليمى مقيمة ... بوادي «الحمى» حيث المتيّم والع (1)
... وهل لعلع الرّعد الهتون بلعلع ... وهل جادها صوب من المزن هامع؟ (2)
... وهل أردن ماء «العذيب» و «حاجر» ... جهارا، وسرّ الليل، بالصّبح، شائع (3)
... وهل قاعة «الوعساء» مخضرّة الرّبى ... وهل، ما مضى فيها من العيش، راجع (4)
... وهل بربي «نجد» «فتوضح» مسند ... أهيل «النّقا» عمّا حوته الأضالع (5)
... وهل بلوى «سلع» يسل عن متيّم ... «بكاظمة» ماذا به الشّوق صانع (6)
... وهل عذبات الرّند يقطف نورها ... وهل سلمات، بالحجاز، أيانع (7)
(1) المتيم: العاشق. الوالع: المتولع بالحب.
م. ص. وادي الحمى كناية عن الروح الأعظم.
(2) لعلع الرعد: أحدث صوتا. الهتون: صفة للسماء والمقصود هنا صفة للمطر الشديد.
لعلع: موضع. جادها: أمطرها. الصوب: المطر. المزن: السحاب. الهامع:
المطر المتساقط.
م. ص. لعلع الرعد الهتون: كناية عن تتابع التجليات الإلهية والمطر كناية عن العلوم النازلة من السماء على الاراضي في فلوات الحضرة العلية.
(3) العذيب وحاجر: مكانان فيهما ماء. الجهار: العلن.
م. ص. العذيب كناية عن الروح والماء كناية عن الأمداد الرباني وسر الليل كناية عن ظلمة الأكوان. والصبح ضياء نور الوجود.
(4) القاعة: ساحة المنزل. الوعاء: المكان المرتفع فيه رمال تنبت فيها الخضار والبقول.
الربى: مفردها الربوة وهي الهضبة.
م. ص. قاعة الوعساء كناية عن الحقيقة المحمدية التي هي نور اللََّه والربى كناية عمن ارتفع من أهل الحق والعرفان.
(5) نجد وتوضح والنقا والأضالع: اماكن. أهيل: تصغير أهل.
(6) لوى سلع: مكان بالمدينة. المتيم: من اذله الحب كاظمة: مدينة بالعراق.
م. ص. سلع كناية عن الحقيقة المحمدية وهو اسم لجبل في مدينة الرسول (صلّى اللََّه عليه وسلّم).
(7) العذبات: اطراف الاغصان. الرند: شجر معروف بالحجاز. النور: زهر الأشجار.
السلمات: أشجار معروفة واحدها السلم. أيانع: مفردها يانع وأينع وهو الناضج.
م. ص. عذبات الرند كناية عن أرواح الكاملين من اولياء اللََّه والنور كناية لما يصدر عنهم من المعارف العلية والحقائق الربانية وأيانع كناية عن بلوغهم مدارج الكمال.
وهل أثلات الجزع مثمرة، وهل ... عيون عوادي الدّهر عنها هواجع (1)
... وهل قاصرات الطرف عين، «بعالج» ... على عهدي المعهود، أم هو ضائع (2)
... وهل ظبيات الرّقمتين بعيدنا ... أقمنا بها، أم دون ذلك مانع (3)
... وهل فتيات «بالغوير» يرينني ... مرابع نعم، نعم تلك المرابع (4)
... وهل ظلّ ذاك الضّال، شرقيّ «ضارج» ... ظليل، فقد روّته منّي المدامع (5)
... وهل عامر، من بعدنا، شعب «عامر» ... وهل هو، يوما، للمحبّين جامع (6)(1/137)
__________
م. ص. عذبات الرند كناية عن أرواح الكاملين من اولياء اللََّه والنور كناية لما يصدر عنهم من المعارف العلية والحقائق الربانية وأيانع كناية عن بلوغهم مدارج الكمال.
وهل أثلات الجزع مثمرة، وهل ... عيون عوادي الدّهر عنها هواجع (1)
... وهل قاصرات الطرف عين، «بعالج» ... على عهدي المعهود، أم هو ضائع (2)
... وهل ظبيات الرّقمتين بعيدنا ... أقمنا بها، أم دون ذلك مانع (3)
... وهل فتيات «بالغوير» يرينني ... مرابع نعم، نعم تلك المرابع (4)
... وهل ظلّ ذاك الضّال، شرقيّ «ضارج» ... ظليل، فقد روّته منّي المدامع (5)
... وهل عامر، من بعدنا، شعب «عامر» ... وهل هو، يوما، للمحبّين جامع (6)
(1) الأثلات شجر واحدة الأثل. الجزع: جانب الوادي. عوادي الدهر: مصائبه.
هواجع: نيام.
م. ص. أثلات الجزع كناية عن المريدين الصادقين والجزع: منعطف الوادي المقدس والثمر هو ظهور العلوم الإلهية فالثمر نادر في الأثل كالعارفين بالله فهم قلة.
(2) قاصرات الطرف: العفيفات اللواتي لا ينظرن إلى المحارم. العين: جميلات العيون.
عالج: موضع.
م. ص. قاصرات الطرف كناية عن نفوس العارفين التي لا تنظر إلى المحارم.
والعين كناية عن التحقق في المعرفة الإلهية. وعالج كناية عن مقام المجاهدة في سبيل اللََّه.
(3) الظبيات: جمع ظبية وهي انثى الغزال. الرقمتان: موضع.
م. ص. الظبيات كناية عن حضرات التجلي النافرة عن الأكوان.
الرقمتان العلم والكلام والمانع كناية عن الرجوع إلى مقام العبودية.
(4) الغوير: تصغير الغور وهو الوادي. المرابع: مفردها المربع وهو منزل الإقامة في الربيع.
م. ص. الفتيات كناية عن المريدين المبتدئين في سلوك طريق الحق. والغور كناية عن الروح في ثنايا الجسد والمرابع كناية عن مظاهر التجلي ومراتب الظهور الرحماني.
(5) الظل: الفيء. الضال: شجر الدر. ضارج: مكان. الظليل: الوارف الظلال.
المدامع: العيون.
م. ص. الظل كناية عن جملة الكون من جماد وحياة. وضارج كناية عن حضرة الصفات والأسماء والظليل كناية عن دوام العلوم في الدنيا والآخرة.
(6) عامر: فيه عمران ولم يفن. الشعب: الفرجة بين جبلين. عامر الثانية: من قبائل العرب.
وهل أمّ بيت اللََّه، يا أمّ مالك، ... عريب، لهم عندي، جميعا، صنائع (1)
... وهل نزل الرّكب العراقي، معرّفا، ... وهل شرعت، نحو الخيام، شرائع (2)
... وهل رقصت، بالمأزمين، قلائص، ... وهل، للقباب البيض، فيها تدافع (3)
... وهل لي بجمع الشمل في «جمع» مسعد، ... وهل لليالي «الخيف» بالعمر بائع (4)
... وهل سلّمت سلمى على الحجر الذي ... به العهد، والتفّت عليه الأصابع (5)
... وهل رضعت من ثدي زمزم، رضعة ... فلا حرّمت، يوما عليها، المراضع (6)
... لعلّ أصيحابي، بمكّة، يبردوا، ... بذكر سليمى، ما تجنّ الأضالع (7)(1/138)
__________
(6) عامر: فيه عمران ولم يفن. الشعب: الفرجة بين جبلين. عامر الثانية: من قبائل العرب.
وهل أمّ بيت اللََّه، يا أمّ مالك، ... عريب، لهم عندي، جميعا، صنائع (1)
... وهل نزل الرّكب العراقي، معرّفا، ... وهل شرعت، نحو الخيام، شرائع (2)
... وهل رقصت، بالمأزمين، قلائص، ... وهل، للقباب البيض، فيها تدافع (3)
... وهل لي بجمع الشمل في «جمع» مسعد، ... وهل لليالي «الخيف» بالعمر بائع (4)
... وهل سلّمت سلمى على الحجر الذي ... به العهد، والتفّت عليه الأصابع (5)
... وهل رضعت من ثدي زمزم، رضعة ... فلا حرّمت، يوما عليها، المراضع (6)
... لعلّ أصيحابي، بمكّة، يبردوا، ... بذكر سليمى، ما تجنّ الأضالع (7)
(1) أمّ: قصد. بيت اللََّه: الكعبة المشرفة. العريب: تصغير عرب. الصنائع:
المعروف.
م. ص. بيت اللََّه كناية عن الكعبة المشرفة والعريب أهل المعرفة أصحاب الصنائع:
العارفون السالكون في طريق الحق وهم مشايخ السلوك.
(2) الركب: راكبو الإبل. معرفا: واقفا بعرفات. شرعت: فتحت. الشرائع: الطرقات ومفردها الشريعة.
م. ص. الركب كناية عن الأولياء المحمولين على نجائب أرواحهم.
(3) المأزمان: موضع. القلائص مفردها القلوص وهي الناقة الفتية. البيض: صفة للقباب.
م. ص. المأزمان كناية عن العقل والشعور. والقلائص كناية عن النفوس الإنسانية السالكة سبيل الحق. والقباب العقول البشرية والبيض عالم الأنوار العلوية.
(4) جمع الشمل: اللقاء بعد الفرقة. جمع مسعد. المزدلفة مكان بين عرفة ومنى.
الخيف مسجد. وليالي الخيف ليالي البقاء في منى في مناسك الحج وهي ثلاثة أيام.
م. ص. الجمع يوم المزدلفة وأيام منى شهود الأمر الإلهي كلمح البصر وليالي منى الثلاث الجسد والنفس والروح وهي ظلمات ثلاث بالنسبة إلى نور الوجود الحق.
(5) الحجر: الحجر الأسود في الكعبة المشرفة.
م. ص. الحجر كناية عن القلب المتحجر فإن القلوب إذا قست شبهت بالحجارة.
والعهد عهد الربوبية الذي قطعه اللََّه تعالى على بني آدم.
(6) زمزم: ماء معروف بمكة المكرمة.
م. ص. ماء زمزم كناية عن العلوم الفائضة عن القدرة العلية وعليها كناية عن نفسه التي هي صورة التجلي والمراضع كناية عن المشرب المحمدي الذي يستقي منه العارفون.
(7) تجن: تخفي. الاضالع: الضلوع.(1/139)
وعلّ اللّييلات التي قد تصرّمت، ... تعود لنا، يوما، فيظفر طامع (1)
... ويفرح محزون، ويحيا متيّم ... ويأنس مشتاق، ويلتذّ سامع
كلّفت فؤادي
[البحر المنسرح] كلّفت فؤادي فيه ما لم يسع ... حتّى يئست رأفته من جزعي (2)
... ما زلت أقيم في هواه عذري ... حتّى رجع العاذل بهواه معي (3)
لا سمع ولا بصر
[البحر المنسرح] يا حادي قف بي ساعة في الربع ... كي أسمع أو أرى ظباء الجزع (4)
... إن لم أرهم أو أسمع ذكرهم ... لا حاجة لي بنظري والسّمع
__________
(1) اللييلات: تصغير الليلات. تصرمت: انقضت.
17، 2م. ص. سلمى كناية عن المحبة الحقيقية التي تبرّد حرارة الشوق. وما تجن الأضالع كناية عن نيران الأشواق واللييلات هي ليالي منى الثلاث الجسد والروح والنفس وقوله تعود كناية عن ان الأمر الإلهي يمر سريعا كلمح البصر وقوله محزون ومتيم ومشتاق وسامع كناية عن نفسه وتحقيرها فإذا عادت تلك الليالي يحيا بعد موته ويظفر بعد فوته.
والحمد للََّه رب العالمين
(2) جزعي: خوفي وفي القول إشارة إلى ان الحق تعالى ما كلّف نفسا إلا وسعها.
(3) العاذل: اللائم.
(4) الحادي: سائق الإبل. الربع: مكان الإقامة في الربيع. الجزع منعطف الوادي.(1/140)
قافية الغين
لدغ الحبيب
[البحر المنسرح] ما أحسن ما بلبل منه الصدغ ... قد بلبل عقلي وعذولي يلغو (1)
... ما بتّ لديغا من هواه وحدي ... من عقربه في كلّ قلب لدغ (2)
__________
(1) الصدغ ما بين العين والأذن. بلبل: أحزن. عذولي: لائمي. يلغو: يتكلم كلاما لا معنى له.
(2) لديغا: ملسوعا.(1/141)
قافية الفاء
قلبي يحدثني
[البحر الكامل] قلبي يحدّثني بأنّك متلفي، ... روحي فداك، عرفت أم لم تعرف (1)
... لم أقض حقّ هواك إن كنت الذي ... لم أقض فيه أسى، ومثلي من يفي (2)
... ما لي سوى روحي، وباذل نفسه، ... في حبّ من يهواه، ليس بمسرف (3)
... فلئن رضيت بها، فقد أسعفتني ... يا خيبة المسعى، إذا لم تسعف! (4)
... يا مانعي طيب المنام، ومانحي، ... ثوب السّقام، به ووجدي المتلف (5)
__________
(1) القلب: مفاده هنا العقل. متلفي: هالكي.
المعنى الصوفي: حديث القلب هو الحديث الصادق. اما حديث النفس فلا يعتمد عليه لما فيه من الكذب. فحديث القلب روحاني وحديث النفس شيطاني. والخطاب للََّه تعالى. ومتلفي كناية عن هلاك كل شيء إلا وجه اللََّه تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ}.
(2) لم أقض: لم اف. الأسى: الحزن.
م. ص. الخطاب للمحبوب وهو الحق تعالى والموت في سبيله حق. ومن لم يمت في سبيل اللََّه لم يوفّ اللََّه حق قدره.
(3) باذل نفسه: مقدم نفسه. الإسراف: التفريط.
م. ص. بعد فناء الجسد تأكيدا لمعنى البيت السابق لم يبق غير الروح لان مرجعها للََّه تعالى والروح قصد بها النفس.
(4) م. ص. يوجه الخطاب إلى الامر الحق قائلا: إذا لم ترض مني برفع الروح وتسليمها لك فأنا انعي حظي لأن مسعاي في سبيلك قد خاب.
(5) المانع: عكس المانح. السقام: المرض. المتلف: المميت.
م. ص. المانع والمانح هو اللََّه تعالى.
عطفا على رمقي، وما أبقيت لي ... من جسمي المضنى، وقلبي المدنف (1)
... فالوجد باق، والوصال مماطلي ... والصّبر فان، واللّقاء مسوّفي (2)
... لم أخل من حسد عليك، فلا تضع ... سهري بتشنيع الخيال المرجف (3)
... واسأل نجوم اللّيل: هل زار الكرى ... جفني، وكيف يزور من لم يعرف (4)
... لا غرو إن شحّت بغمض جفونها ... عيني، وسحّت بالدّموع الذّرف (5)
... وبما جرى في موقف التوديع من ... ألم النّوى، شاهدت هول الموقف (6)
... إن لم يكن وصل لديك، فعد به ... أملي، وما طل، إن وعدت، ولا تفي (7)
... فالمطل منك لديّ، إن عزّ الوفا، ... يحلو كوصل من حبيب مسعف(1/142)
__________
م. ص. المانع والمانح هو اللََّه تعالى.
عطفا على رمقي، وما أبقيت لي ... من جسمي المضنى، وقلبي المدنف (1)
... فالوجد باق، والوصال مماطلي ... والصّبر فان، واللّقاء مسوّفي (2)
... لم أخل من حسد عليك، فلا تضع ... سهري بتشنيع الخيال المرجف (3)
... واسأل نجوم اللّيل: هل زار الكرى ... جفني، وكيف يزور من لم يعرف (4)
... لا غرو إن شحّت بغمض جفونها ... عيني، وسحّت بالدّموع الذّرف (5)
... وبما جرى في موقف التوديع من ... ألم النّوى، شاهدت هول الموقف (6)
... إن لم يكن وصل لديك، فعد به ... أملي، وما طل، إن وعدت، ولا تفي (7)
... فالمطل منك لديّ، إن عزّ الوفا، ... يحلو كوصل من حبيب مسعف
(1) الرمق: بقية الحياة. المضنى: المتعب. المدنف: العليل.
م. ص. تلطف أيها الحبيب ببقية عمري لأن لو شئت أخذت البقية إذ الروح بأمر خالقها.
(2) الفاني: البائد. المسوف: المماطل.
م. ص. الوجد كناية عن شدة العشق الإلهي. والوصال مماطلي كناية عن ان هذا الاتصال يخطر بباله مرة فيتعلل بالأمل وتارة يستقصي فيبعد عنه بالكلية.
(3) لم أخل: لم افرغ. الشناعة: القبح. الخيال المرجف: الوهم الكاذب.
م. ص. السهر كناية عن الاشتغال بالعبادة والخيال المرجف كناية عن الخوف من عدم قبول هذه الأعمال.
(4) الكرى: النوم والنعاس.
م. ص. إذا كان الكرى لم يخطر بباله وهو أول النوم فكيف يزوره النوم أو يعرف اجفانه.
(5) شحت: بخلت. سحت: أمطرت والمعنى جادت بالدمع.
(6) الذرف: مفردها الذارفة وهي الهاطلة أو الماطرة.
النوى: الفراق. الهول: الأمر العظيم.
م. ص. هول الموقف كناية عن يوم القيامة والوقوف بين يدي اللََّه تعالى.
(7) الوصل: الاتصال واللقاء. والمماطلة: تسويف الوعد.
المعنى عدني بلقائك وعلل نفسي بهذا اللقاء حتى وان كان هذا اللقاء مستحيلا. ثم يتأكد المعنى في البيت الذي يليه.
أهفو لأنفاس النّسيم، تعلّة، ... ولوجه من نقلت شذاه تشوّفي (1)
... فلعلّ نار جوانحي بهبوبها ... أن تنطفي، وأودّ أن لا تنطفي (2)
... يا أهل ودّي! أنتم أملي، ومن ... ناداكم «يا أهل ودّي» قد كفي (3)
... عودوا لما كنتم عليه من الوفا، ... كرما، فإنّي ذلك الخلّ الوفي (4)
... وحياتكم وحياتكم، قسما، وفي ... عمري، بغير حياتكم، لم أحلف ... لو أنّ روحي في يدي، ووهبتها ... لمبشّري بقدومكم، لم أنصف (5)
... لا تحسبوني، في الهوى، متصنّعا، ... كلفي بكم خلق بغير تكلّف (6)
... أخفيت حبّكم، فأخفاني أسى، ... حتى، لعمري، كدت عني أختفي (7)
... وكتمته عنّي، فلو أبديته ... لوجدته أخفى من اللّطف الخفي (8)(1/143)
__________
المعنى عدني بلقائك وعلل نفسي بهذا اللقاء حتى وان كان هذا اللقاء مستحيلا. ثم يتأكد المعنى في البيت الذي يليه.
أهفو لأنفاس النّسيم، تعلّة، ... ولوجه من نقلت شذاه تشوّفي (1)
... فلعلّ نار جوانحي بهبوبها ... أن تنطفي، وأودّ أن لا تنطفي (2)
... يا أهل ودّي! أنتم أملي، ومن ... ناداكم «يا أهل ودّي» قد كفي (3)
... عودوا لما كنتم عليه من الوفا، ... كرما، فإنّي ذلك الخلّ الوفي (4)
... وحياتكم وحياتكم، قسما، وفي ... عمري، بغير حياتكم، لم أحلف ... لو أنّ روحي في يدي، ووهبتها ... لمبشّري بقدومكم، لم أنصف (5)
... لا تحسبوني، في الهوى، متصنّعا، ... كلفي بكم خلق بغير تكلّف (6)
... أخفيت حبّكم، فأخفاني أسى، ... حتى، لعمري، كدت عني أختفي (7)
... وكتمته عنّي، فلو أبديته ... لوجدته أخفى من اللّطف الخفي (8)
(1) أهفو: اتطلع. التعلة: التشاغل.
م. ص. أنفاس الروح كناية عن قوى الروح في الجسد والشذا كناية عن الفيض الروحاني الذي يبثه في قلب المؤمن.
(2) م. ص. حرارة الشوق تعود إلى المحبوب الحقيقي وهو اللََّه تعالى والهبوب هو أخبار تهب من الحضرة الربانية. وعدم انطفاء النار لعدم اجتماع الحق والباطل.
(3) أهل الود: أهل المحبة.
م. ص. أهل الود كناية عن العارفين والمريدين والأولياء الصالحين.
(4) الخل الوفي: الصديق المخلص.
م. ص. الخطاب إلى الأولياء الصالحين. وقوله عودوا إشارة إلى الآية الكريمة:
{كَمََا بَدَأْنََا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنََا، إِنََّا كُنََّا فََاعِلِينَ}.
(5) لو أن روحي في يدي «إشارة إلى الآية الكريمة: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ. قُلِ}
والقدوم كناية عن الغيب المطلق. والمبشر كناية عن الوارد الرباني في المقام الصمداني.
(6) المتصنع: المتكلف. الكلف: العشق.
المعنى ان ما يصدر عني من شعور الحب هو صادق دوما لاني لا ابتغي تصنعا في ذلك.
(7) الأسى: الحزن.
(8) كتمته: أخفيته. أبديته: سترته.
م. ص. اللطف الخفي كناية عن التوفيق الذي يخلقه اللََّه تعالى في صدر المؤمن من حيث لا يدري. واختفي كناية عن الفناء بالله تعالى.
ولقد أقول لمن تحرّش بالهوى: ... عرّضت نفسك للبلاء، فاستهدف (1)
... أنت القتيل بأيّ من أحببته، ... فاختر لنفسك، في الهوى، من تصطفي (2)
... قل للعذول، أطلت لومي، طامعا ... إنّ الملام عن الهوى مستوقفي (3)
... دع عنك تعنيفي، وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت، فبعد ذلك عنّف (4)
... برح الخفاء بحبّ من لو، في الدّجى ... سفر اللّثام، لقلت: يا بدر اختف (5)
... وإن اكتفى غيري بطيف خياله، ... فأنا الّذي، بوصاله، لا أكتفي (6)
... وقفا عليه محبّتي، ولمحنتي، ... بأقلّ من تلفي به، لا أشتفي (7)(1/144)
__________
م. ص. اللطف الخفي كناية عن التوفيق الذي يخلقه اللََّه تعالى في صدر المؤمن من حيث لا يدري. واختفي كناية عن الفناء بالله تعالى.
ولقد أقول لمن تحرّش بالهوى: ... عرّضت نفسك للبلاء، فاستهدف (1)
... أنت القتيل بأيّ من أحببته، ... فاختر لنفسك، في الهوى، من تصطفي (2)
... قل للعذول، أطلت لومي، طامعا ... إنّ الملام عن الهوى مستوقفي (3)
... دع عنك تعنيفي، وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت، فبعد ذلك عنّف (4)
... برح الخفاء بحبّ من لو، في الدّجى ... سفر اللّثام، لقلت: يا بدر اختف (5)
... وإن اكتفى غيري بطيف خياله، ... فأنا الّذي، بوصاله، لا أكتفي (6)
... وقفا عليه محبّتي، ولمحنتي، ... بأقلّ من تلفي به، لا أشتفي (7)
(1) تحرش: اغرى وتحرش للهوى أغري به. الهوى: المحبة. البلا: الموت وهو مخففة من البلاء.
م. ص. الهوى هو الحب المطلق للحق تعالى والبلاء امتحان اللََّه تعالى لعبده.
(2) تصطفي: تختار وهنا تختار من الأحبة.
م. ص. أنت القتيل. القتل كناية عن الموت المطلق والذي لا بدّ منه لكل انسان.
(3) العذول: اللائم.
(4) التعنيف: اللوم بشدة.
(3، 4) م. ص. الخطاب للمعنف الذي تحرش بالهوى الذي يقيس الأمور على نفسه من خلال محبته للمادة والصور الكونية على عكس المريدين الذين يتوجهون بمحبتهم لصورة الحق تعالى وتجلياته.
(5) برح الخفاء: وضح الأمر. الدجى: الظلمة. سفر اللثام: أزيل الغطاء.
م. ص. برح الخفاء كناية عن ظهور حال المحب للََّه تعالى على حقيقته وسفر اللثام كناية عن صور الكائنات واختفاء البدر كناية عن الروح المنفوخ بأمر اللََّه في جسد كل انسان واختفاء البدر كناية عن ظهور شمس الحقيقة والمعرفة وعند ظهور الشمس لا لزوم بعدها ولا دور للبدر.
(6) م. ص. ان اكتفى غيري: غيري كناية عن الجاهلين بالحب الحقيقي. وهم المكتفون بأنفسهم عن ظهور الحق تعالى. وقوله لا اكتفي كناية عن حبه وتعطشه الدائم للمعرفة العلوية.
(7) المحنة المصيبة. التلف: الفناء والهلاك.
م. ص. الوقف في أول البيت كناية عن حبس النظر عما حرّم اللََّه تعالى. والضمير في عليه يعود إلى الخالق الذي هو المحبوب الحقيقي. والمحنة هي قصاص اللََّه تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ}.
وهواه، وهو أليتي، وكفى به، ... قسما، أكاد أجلّه كالمصحف (1)
... لو قال: تيها: قف على جمر الغضا ... لوقفت ممتثلا، ولم أتوقّف (2)
... أو كان من يرضى، بخدّي، موطئا، ... لوضعته أرضا، ولم أستنكف (3)
... لا تنكروا شغفي بما يرضى، وإن ... هو، بالوصال، عليّ لم يتعطّف ... غلب الهوى، فأطعت أمر صبابتي ... من حيث فيه عصيت نهي معنّفي (4)
... مني له ذلّ الخضوع، ومنه لي، ... عزّ المنوع، وقوّة المستضعف ... ألف الصّدود، ولي فؤاد لم يزل ... مذ كنت، غير وداده لم يألف (5)
... يا ما أميلح كلّ ما يرضى به، ... ورضابه، يا ما أحيلاه بفي! (6)(1/145)
__________
م. ص. الوقف في أول البيت كناية عن حبس النظر عما حرّم اللََّه تعالى. والضمير في عليه يعود إلى الخالق الذي هو المحبوب الحقيقي. والمحنة هي قصاص اللََّه تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ}.
وهواه، وهو أليتي، وكفى به، ... قسما، أكاد أجلّه كالمصحف (1)
... لو قال: تيها: قف على جمر الغضا ... لوقفت ممتثلا، ولم أتوقّف (2)
... أو كان من يرضى، بخدّي، موطئا، ... لوضعته أرضا، ولم أستنكف (3)
... لا تنكروا شغفي بما يرضى، وإن ... هو، بالوصال، عليّ لم يتعطّف ... غلب الهوى، فأطعت أمر صبابتي ... من حيث فيه عصيت نهي معنّفي (4)
... مني له ذلّ الخضوع، ومنه لي، ... عزّ المنوع، وقوّة المستضعف ... ألف الصّدود، ولي فؤاد لم يزل ... مذ كنت، غير وداده لم يألف (5)
... يا ما أميلح كلّ ما يرضى به، ... ورضابه، يا ما أحيلاه بفي! (6)
(1) أليتي: مشمي. المصحف: القرآن الكريم. أجله: أحترمه.
م. ص. الإجلال كناية عن احترام ما ورد من التعاليم وإذا ظهرت المحبة في العبد ظهرت معه اسرار معاني القرآن الكريم.
(2) تيها: إعجابا. الغضى: شجر جيد الاشتعال. ممتثلا: طائعا.
م. ص. المعنى لو طلب مني الوقوف والسجود على الجمر اطاعة لأمر المحبوب تعالى لما تأخرت.
(3) الموطئ: حيث تدوس النعال. استنكف: أتخلف.
م. ص. في البيت محاكاة للآية الكريمة: {وَمََا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
(4) الصبابة: العشق. عصيت: خالفت. المعنف: اللائم. في البيت حالة من الوجد والعشق الصوفي الذي لا يعرفه إلا المريدون «لا يعرف الشوق إلّا من يكابده».
(5) ألف: تعود. الصدود: الجفاء والهجر. الفؤاد: القلب. الوداد: الحب. لم يألف: لم يأنس.
م. ص. ألف الصدود معناها أن الحق تعالى لا يشغله امر عن تدبير أمره. فهو القيوم المدبر لكل أمر والوداد هو التعلق بالمحبوب الحقيقي دون الالتفات إلى سواه.
(6) أميلح: تصغير أملح. الرضاب: الريق. احيلاه: تصغير أحلاه وفي التصغير شذوذ عن المألوف هنا لأن التصغير اختص بالأسماء دون الأفعال (كأملح واحلى). فيّ:
فمي.
م. ص. رضا المحبوب كناية عن الايمان والتقوى في صدر الشيخ والرضاب كناية عن الروح الآمري وما يلقيه في نفس المؤمن من العلوم والمعارف العلوية.
لو أسمعوا يعقوب ذكر ملاحة ... في وجهه، نسي الجمال اليوسفي (1)
... أو لو رآه، عائدا، أيّوب في ... سنة الكرى، قدما، من البلوى شفي (2)
... كلّ البدور، إذا تجلّى مقبلا، ... تصبوا إليه، وكلّ قد أهيف (3)
... إن قلت: عندي فيك كلّ صبابة، ... قال: الملاحة لي، وكلّ الحسن في (4)
... كملت محاسنه، فلو أهدى السّنا ... للبدر، عند تمامه، لم يخسف (5)
... وعلى تفنّن واصفيه بحسنه، ... يفنى الزّمان، وفيه ما لم يوصف (6)
... ولقد صرفت، لحبّه، كلّي، على ... يد حسنه، فحمدت حسن تصرّفي (7)(1/146)
__________
م. ص. رضا المحبوب كناية عن الايمان والتقوى في صدر الشيخ والرضاب كناية عن الروح الآمري وما يلقيه في نفس المؤمن من العلوم والمعارف العلوية.
لو أسمعوا يعقوب ذكر ملاحة ... في وجهه، نسي الجمال اليوسفي (1)
... أو لو رآه، عائدا، أيّوب في ... سنة الكرى، قدما، من البلوى شفي (2)
... كلّ البدور، إذا تجلّى مقبلا، ... تصبوا إليه، وكلّ قد أهيف (3)
... إن قلت: عندي فيك كلّ صبابة، ... قال: الملاحة لي، وكلّ الحسن في (4)
... كملت محاسنه، فلو أهدى السّنا ... للبدر، عند تمامه، لم يخسف (5)
... وعلى تفنّن واصفيه بحسنه، ... يفنى الزّمان، وفيه ما لم يوصف (6)
... ولقد صرفت، لحبّه، كلّي، على ... يد حسنه، فحمدت حسن تصرّفي (7)
(1) يعقوب: من انبياء اللََّه وولده يوسف الذي اشتهر بحسنه وقصتهما معروفة في القرآن الكريم.
(2) أيوب: من انبياء اللََّه ابتلاه بأمور كثيرة ليمتحنه وقصته أيضا معروفة. الكرى: النعاس.
العائد: زائر المريض.
(1، 2) م. ص. لو اسمعوا كناية عن الناس المطلعين في ذلك الزمان على تجلي الوجه الرحماني. والوجه كناية عن وجه اللََّه الظاهرة من مشكاة الحقيقة المحمدية في الصورة الآدمية الجمال اليوسفي إشارة إلى الحديث «أعطي يوسف شطر الحسن واعطي محمد الحسن كله». والإشارة إلى النبي أيوب تعني لو أن أيوب نظر إلى عظمة الحق وما فيها من احوال لشفي من البلوى.
(3) تصبو: تميل. والقد الاهيف: الغصن المائل.
م. ص. البدور كناية عن النفوس الإنسانية الكاملة التي هي مظاهر تجلي الوجود الحق في ظلمة الأكوان والقد الأهيف كناية عن صورة أهل الكمال والجلال.
(4) في: آخر البيت مشددة (فيّ) ولكنها خففت مراعاة للروي.
(5) السنا: الضياء.
م. ص. النساء ضياء وجه الحق الذي لا يزول بخلاف بقية الأشياء الحسية فلا دوام لنورها ولذلك ينخسف نورها من وقت لآخر.
(6) التفنن: المبالغة في تعداد المآثر. يفنى: يبيد.
م. ص. في البيت إشارة إلى الآية الكريمة: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ، وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}.
(7) صرفت: أفنيت. كلي: كل جسدي.
م. ص. ولقد صرفت كناية عن فنائه في محبة الحق وكلي كناية عن الظاهر والباطن.
وحسن التصرف كناية عن طلب رضا وجه الحق.
فالعين تهوى صورة الحسن، التي ... روحي بها تصبو إلى مغنى خفي (1)
... أسعد أخيّ، وغنني بحديثه، ... وانثر على سمعي حلاه، وشنّف (2)
... لأرى بعين السّمع شاهد حسنه ... معنى، فأتحفني بذاك، وشرّف (3)
... يا أخت سعد، من حبيبي، جئتني ... برسالة أدّيتها بتلطّف (4)
... فسمعت ما لم تسمعي، ونظرت ما ... لم تنظري، وعرفت ما لم تعرفي (5)
... إن زار يوما، يا حشاي، تقطّعي، ... كلفا به، أو سار، يا عين اذرفي (6)
... ما للنّوى ذنب، ومن أهوى معي، ... إن غاب عن إنسان عيني، فهو في (7)(1/147)
__________
وحسن التصرف كناية عن طلب رضا وجه الحق.
فالعين تهوى صورة الحسن، التي ... روحي بها تصبو إلى مغنى خفي (1)
... أسعد أخيّ، وغنني بحديثه، ... وانثر على سمعي حلاه، وشنّف (2)
... لأرى بعين السّمع شاهد حسنه ... معنى، فأتحفني بذاك، وشرّف (3)
... يا أخت سعد، من حبيبي، جئتني ... برسالة أدّيتها بتلطّف (4)
... فسمعت ما لم تسمعي، ونظرت ما ... لم تنظري، وعرفت ما لم تعرفي (5)
... إن زار يوما، يا حشاي، تقطّعي، ... كلفا به، أو سار، يا عين اذرفي (6)
... ما للنّوى ذنب، ومن أهوى معي، ... إن غاب عن إنسان عيني، فهو في (7)
(1) تصبو: تميل.
م. ص. صورة الحسن كناية عن تجلي الحقيقة المحمدية وقوله خفي كناية عن مقام الوراثة والتطلع إلى وجه الحق الذي لا تدركه الأبصار ولا يحيط به عقل.
(2) التشنف تزيين الاذن بالحلي واستعملت العبارة كناية عن الطرب.
م. ص. الحديث حديث المحبوب الحقيقي الذي تسر الأذن لسماعه.
(3) في البيت توحد للحواس بحيث تحل الأذن محل العين والعين محل الأذن.
م. ص. السمع إشارة إلى الصفات المنثورة على المسامع التي تجسدت بصورة النظر فسرّ القلب بها.
(4) م. ص. اخت سعد كناية عن الروح وهي روح أرباب العصمة من الأنبياء.
والرسالة كناية عن العلوم العلية والمعارف الرحمانية. وهذه الأمور لا يعرفها إلا الأولياء الصالحين كما ورد في معنى البيت اللاحق.
(5) م. ص. اخت سعد كناية عن الروح وهي روح أرباب العصمة من الأنبياء.
والرسالة كناية عن العلوم العلية والمعارف الرحمانية. وهذه الأمور لا يعرفها إلا الأولياء الصالحين كما ورد في معنى البيت اللاحق.
(6) الكلف: التولع والتعلق. اذرفي: اسكبي الدمع.
م. ص. زارني تعني انكشاف التجلي لي بعد فناء وجودي. وبكاء العين بكاء لحظ المؤمن لأنه لا يتمكن دائما من لذة الشهود والتمتع.
(7) النوى: البعد. انسان العين: بؤبؤها.
م. ص. قوله من أهوى معي كناية عن المحبوب الذي لا يفارق والبعد كناية عن التفات العبد إلى سواه والغيبة عن العين هي احتجاب شهود صور الأكوان الحسية واشتغال القلب بالتجليات الروحية وهي بالتالي فناء المادة في وجود الحق.
والحمد للََّه رب العالمين(1/148)
الطيف المحال
[البحر المنسرح] ما جئت منى أبغي قرى كالضّيف ... عندي بك شغل عن نزول الخيف (1)
... والوصل يقينا فيك ما يقنعني ... هيهات فدعني في محال الطّيف (2)
الروح اللطيفة
[البحر المنسرح] يا محيي مهجتي ويا متلفها ... شكوى كلفي عساك أن تكشفها (3)
... عين نظرت إليك ما أشرفها ... روح عرفت هواك ما ألطفها
قف وصف
[البحر المنسرح] بالشّعب كذا عن يمنة الحقّ قف ... واذكر جملا من شرح حالي، وصف (4)
... إن هم رحموا كان، وإلا حسبي، ... منهم، وكفى بأن فيهم تلفي
__________
(1) م. ص. منى كناية عن مقام الأفعال الإلهية وهي آثار الأسماء الربانية يظهر فيها الحق تعالى في صورة كل شيء. ونزول الخيف يعني به الهبوط من شهود الوحدانية.
والخيف كناية عن الصور الكونية في الحس والعقل.
(2) الطيف كناية عن صورة المحبوب التي يراها النائم وهي محال لأن رؤيتها لا تتحقق دائما.
(3) المتلف: الفاني: كلفي: شدة حبي.
(4) اليمنة: جهة اليمين.(1/149)
واو العطف
[البحر المنسرح] أهواه مهفهفا ثقيل الرّدف ... كالبدر يجلّ حسنه عن وصف ... ما أحسن واو صدغه حين بدت ... يا رب، عسى تكون واو العطف (1)
__________
(1) الصدغ ما بين العين والأذان. واو الصدغ: خصلة الشعر المتدلية فوق الجبهة. واو العطف تورية أريد بها معنيان الأول غير مقصود بمعنى المشابهة والمعنى البعيد المقصود العطف بمعنى الحنان والرحمة.(1/150)
قافية القاف
أهوى قمرا
[البحر المنسرح] أهوى قمرا له المعاني رق ... من صبح جبينه أضاء الشرق ... تدري بالله ما يقول البرق ... ما بين ثناياه وبيني فرق
يا راحلا
[البحر البسيط] يا راحلا وجميل الصّبر يتبعه، ... هل من سبيل إلى لقياك يتّفق؟ (1)
... ما أنصفتك جفوني، وهي دامية، ... ولا وفي لك قلبي، وهو يحترق (2)
__________
(1) يتفق: يحصل أو يمكن حدوثه.
(2) دامية: مجاز معناه كثرة سيلان الدمع.(1/151)
قافية الكاف
اختبرني في هواك
[البحر الخفيف] ته دلالا، فأنت أهل لذاكا، ... وتحكّم، فالحسن قد أعطاكا (1)
... ولك الأمر، فاقض ما أنت قاض، ... فعليّ الجمال قد ولّاكا (2)
... وتلافي، إن كان فيه ائتلافي ... بك، عجّل به، جعلت فداكا (3)
... وبما شئت، في هواك، اختبرني ... فاختياري ما كان فيه رضاكا (4)
... فعلى كلّ حالة أنت منّي ... بي أولى، إذ لم أكن لولاكا
__________
(1) ته فعل أمر من تاه بمعنى تكبر.
المعنى الصوفي، الخطاب للمحبوب الحقيقي. والتيه كناية عن رضا المحب فالتيه من صفات القادر ولا يشاركه فيه أحد وتحكم كناية عن ان جميع المخلوقات خاضعة لحكمه.
(2) ولّاك: جعلك وليا.
م. ص. اقضى كناية عن ان حكمه مبرم لا مرد له وهو إشارة إلى الغلبة والقهر الذي يتصف بهما المحبوب الحقيقي.
(3) تلافي: هلاكي. ائتلافي: اجتماعي وصحبتي.
م. ص. الائتلاف كناية عن الاستئناس بالتجليات وشهود مظاهر المحبوب الحقيقي.
لان شهود الإنسان لنفسه حجاب له عن شهود ربه.
(4) شئت: أردت. اختبرني: جرّبني.
م. ص. الخطاب للمحبوب والرضا كناية عن عدم الصد والجفاء. والاختبار كناية عن ان للعبد حقوق المجاورة والصحبة وللََّه حق القبول أو الرفض.
وكفاني عزّا، بحبّك، ذلّي، ... وخضوعي، ولست من أكفاكا (1)
... وإذا ما إليك، بالوصل، عزّت ... نسبتي، عزّة، وصحّ ولاكا (2)
... فاتّهامي بالحبّ حسبي، وأنّي ... بين قومي أعدّ من قتلاكا (3)
... لك في الحيّ هالك بك حيّ، ... في سبيل الهوى استلذّ الهلاكا (4)
... عبد رقّ، ما رقّ يوما لعتق ... لو تخلّيت عنه ما خلّاكا (5)
... بجمال حجبته بجلال ... هام، واستعذب العذاب هناكا (6)
... وإذا ما أمن الرّجا منه أدناك ... ، فعنه خوف الحجى أقصاكا (7)
... فبإقدام رغبة، حين يغشاك ... ، بإحجام رهبة يخشاكا (8)
... ذاب قلبي، فأذن له يتمنّاك ... ، وفيه بقيّة لرجاكا(1/152)
__________
م. ص. الخطاب للمحبوب والرضا كناية عن عدم الصد والجفاء. والاختبار كناية عن ان للعبد حقوق المجاورة والصحبة وللََّه حق القبول أو الرفض.
وكفاني عزّا، بحبّك، ذلّي، ... وخضوعي، ولست من أكفاكا (1)
... وإذا ما إليك، بالوصل، عزّت ... نسبتي، عزّة، وصحّ ولاكا (2)
... فاتّهامي بالحبّ حسبي، وأنّي ... بين قومي أعدّ من قتلاكا (3)
... لك في الحيّ هالك بك حيّ، ... في سبيل الهوى استلذّ الهلاكا (4)
... عبد رقّ، ما رقّ يوما لعتق ... لو تخلّيت عنه ما خلّاكا (5)
... بجمال حجبته بجلال ... هام، واستعذب العذاب هناكا (6)
... وإذا ما أمن الرّجا منه أدناك ... ، فعنه خوف الحجى أقصاكا (7)
... فبإقدام رغبة، حين يغشاك ... ، بإحجام رهبة يخشاكا (8)
... ذاب قلبي، فأذن له يتمنّاك ... ، وفيه بقيّة لرجاكا
(1) أكفاك: أكفائك مخففة: والأكفاء: الإقران والنظراء.
م. ص. غاية مطلبي ان أحظى برضاك فما أنا من الإقران الذين يدعون مساواتك وإنما عزي بذلي إليك.
(2) الوصل: اللقاء. نسبتي: قرابتي. ولاك: ملكك.
(3) معنى البيت إذا صح ولاك علي وملكك لي ولم انتسب بالوصل إليك فاتهامي في الحب وعدي من جملة قتلاك هو كفايتي من الافتخار بما صدر عنك.
(4) الحي الأولى: القبيلة. الحي الثانية في الصدر ضد الميت.
م. ص: الحي كناية عن معشر الأولياء الذين يستلذون الفناء في اللََّه.
(5) الرق: العبودية. العتق: التحرر. ما خلاك: ما عداك.
م. ص: ما خلاك كناية عن التعلق بالله حتى وان كان الصد من جانبه.
(6) حجبته: اخفيته. الجلال: الوقار. هام: سار على غير هدى.
م. ص. الحجاب: جمال صورة المحبوب الذي لا تدركه الأبصار.
(7) الرجا: الرجاء مخففة. أدناك: قربك. الحجى: العقل.
م. ص. الرجاء هو الطمع في رؤية المحبوب وذلك بواسطة العقل وليس بالعين والخوف فقط من حصول الستر لعين البصيرة.
(8) الاقدام: عكس الاحجام والرغبة عكس الرهبة. يغشاك: يصيبك.
م. ص. الاقدام كناية عن الرغبة في المحبة والاحجام كناية عن الخوف والاحتراز من المقام العلوي.
أو مر الغمض أن يمرّ بجفني ... فكأني به مطيعا عصاكا (1)
... فعسى، في المنام، يعرض لي الوهم ... ، فيوحي، سرا، إليّ سراكا (2)
... وإذا لم تنعش بروح التّمنّي ... رمقي، واقتضى فنائي بفاكا (3)
... وحمت سنّة الهوى سنّة الغم ... ض، جفوني، وحرّمت لقياكا (4)
... أبق لي مقلة لعلّي يوما، ... قبل موتي، أرى بها من رآكا (5)
... أين منّي ما رمت، هيهات، بل أين ... لعيني، بالجفن، لثم ثراكا (6)
... فبشيري لو جاء منك بعطف، ... ووجودي في قبضتي قلت: هاكا (7)
... قد كفى ما جرى دما من جفون، ... بك، قرحى، فهل جرى ما كفاكا (8)
... فأجر من قلاك، فيك، معنّى، ... قبل أن يعرف الهوى بهواكا (9)(1/153)
__________
م. ص. الاقدام كناية عن الرغبة في المحبة والاحجام كناية عن الخوف والاحتراز من المقام العلوي.
أو مر الغمض أن يمرّ بجفني ... فكأني به مطيعا عصاكا (1)
... فعسى، في المنام، يعرض لي الوهم ... ، فيوحي، سرا، إليّ سراكا (2)
... وإذا لم تنعش بروح التّمنّي ... رمقي، واقتضى فنائي بفاكا (3)
... وحمت سنّة الهوى سنّة الغم ... ض، جفوني، وحرّمت لقياكا (4)
... أبق لي مقلة لعلّي يوما، ... قبل موتي، أرى بها من رآكا (5)
... أين منّي ما رمت، هيهات، بل أين ... لعيني، بالجفن، لثم ثراكا (6)
... فبشيري لو جاء منك بعطف، ... ووجودي في قبضتي قلت: هاكا (7)
... قد كفى ما جرى دما من جفون، ... بك، قرحى، فهل جرى ما كفاكا (8)
... فأجر من قلاك، فيك، معنّى، ... قبل أن يعرف الهوى بهواكا (9)
(1) مر: فعل أمر من أمر. الغمض: النوم.
(2) السري: المشي ليلا.
(1، 2) م. ص. قوله ذاب قلبي كناية عما ينفخ فيه من الروح الآمري وامر اللََّه كلمح البصر.
(3) الرمق: بقية الحياة. الفناء: الهلاك.
م. ص. الفناء: هلاك المحب في العشق الإلهي وهو كناية عن فناء الصور الحسية وبقاء وجه الحق {وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}.
(4) حمت: صانث. السنّة: الشريعة. الغمض: النوم وقد مرّت السنة: بكسر السين النعاس والغفلة.
(5) المقلة: العين.
م. ص. الرؤية أو أرى كناية عن رؤية النور المحمدي الذي هو من نور اللََّه وقد رأى ربه تعالى في ليلة الإسراء {«فَكََانَ قََابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ََ»}.
(6) رمت: طلبت. اللثم: التقبيل. الثرى: الأرض.
م. ص. السؤال كناية عن بعد الوصول إلى الغاية وكأن غايته ابقاء مقلته ليرى بها وجه المحبوب الحقيقي والثرى كناية عن الحياة الامرية السارية في الأجسام.
(7) البشير: حامل البشرى وهي الخبر السار. قبضتي: كفي.
م. ص. البشير كناية عن الروح المنفوخ بأمره تعالى.
(8) جرى في صدر البيت بمعنى سال. قرحى: جريحة. جرى الثانية: حصل.
(9) أجر فعل أمر بمعنى احم. القلى: البغض. المعنى: المريض.
م. ص. قبل ان يعرف الهوى أي من حين ولادته وذلك إشارة إلى الآية الكريمة:
{وَاللََّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ لََا تَعْلَمُونَ شَيْئاً}.
هبك أنّ اللّاحي نهاه، بجهل، ... عنك، قل لي: عن وصله من نهاكا (1)
... وإلى عشقك الجمال دعاه، ... فإلى هجره، ترى من دعاكا؟ (2)
... أترى من أفتاك بالصّدّ عنّي، ... ولغيري، بالودّ من أفتاكا (3)
... بانكساري، بذلّتي، بخضوعي ... بافتقاري، بفاقتي، بغناكا (4)
... لا تكلني إلى قوى جلد، خان ... ، فإنّي أصبحت من ضعفاكا (5)
... كنت تجفو، وكان لي بعض صبر، ... أحسن اللََّه، في اصطباري، عزاكا (6)
... كم صدودا، عساك، ترحم شكوا ... ي، ولو باستماع قولي، عساكا (7)
... شنّع المرجفون عنك، بهجري ... وأشاعوا أنّي سلوت هواكا (8)
... ما بأحشائهم عشقت، فأسلو ... عنك يوما، دع يهجروا، حاشاكا (9)(1/154)
__________
{وَاللََّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ لََا تَعْلَمُونَ شَيْئاً}.
هبك أنّ اللّاحي نهاه، بجهل، ... عنك، قل لي: عن وصله من نهاكا (1)
... وإلى عشقك الجمال دعاه، ... فإلى هجره، ترى من دعاكا؟ (2)
... أترى من أفتاك بالصّدّ عنّي، ... ولغيري، بالودّ من أفتاكا (3)
... بانكساري، بذلّتي، بخضوعي ... بافتقاري، بفاقتي، بغناكا (4)
... لا تكلني إلى قوى جلد، خان ... ، فإنّي أصبحت من ضعفاكا (5)
... كنت تجفو، وكان لي بعض صبر، ... أحسن اللََّه، في اصطباري، عزاكا (6)
... كم صدودا، عساك، ترحم شكوا ... ي، ولو باستماع قولي، عساكا (7)
... شنّع المرجفون عنك، بهجري ... وأشاعوا أنّي سلوت هواكا (8)
... ما بأحشائهم عشقت، فأسلو ... عنك يوما، دع يهجروا، حاشاكا (9)
(1) هبك: هب من أفعال القلوب لا ماضي له. وهو بمعنى احسب. اللاحي: اللائم.
(2) معنى البيت: أن النهي حاصل من اللائم لكن نهيك لم يعرف له سبب كذلك عشقك فإن مرده إلى الجمال أما هجرك فلا مبرر له.
(3) أفتاك: أعطاك الفتوى. الصد: الهجر. الود: المحبة.
(4) الذلة: المسكنة. الفاقة: الحاجة والعوز.
م. ص. اقسم بانكساري في بابك وذلتي امام عزك وافتقاري إلى غناك وفاقتي إلى رحمتك.
(5) لا تكلني: لا تسلمني. الجلد: الصبر.
م. ص. في البيت إشارة إلى أن اللََّه يحب العبد المتعلق بأهداب الرحمة فالعبد ضعيف واللََّه قوي لطيف.
(6) تجفو: تصد وتمنع المحبة. العزاء: الصبر الجميل.
م. ص. قوله كنت تجفو إشارة إلى أيام غفلته وجهله بربه والاصطبار كانت نتيجته العزاء والعزاء دليل على وصوله إلى مرتبة العرفان وبلوغه مبلغ المريدين والأولياء.
(7) م. ص. عسى من أفعال الرجاء وهو يرجو ربه ان يقبل منه أعماله.
(8) المرجفون: الكاذبون. أشاعوا: بثوا واعلنوا. سلوت: نسيت.
(9) معنى البيت: لم أنس هواك كما افترى المرجفون لأني عشقتك بحشاي وليس بأحشائهم.
كيف أسلو، ومقلتي كلّما لا ... ح، بريق، تلفّتت للقاكا (1)
... إن تبسّمت تحت ضوء لثام، ... أو تنسّمت الرّيح من أنباكا (2)
... طبت نفسا إذ لاح صبح ثناياك ... ، لعيني، وفاح طيب شذاكا (3)
... كلّ من في حماك يهواك، لكن ... أنا وحدي بكلّ من في حماكا (4)
... فيك معنى حلّاك في عين عقلي، ... وبه ناظري معنّى حلاكا (5)
... فقت أهل الجمال، حسنا، وحسنى، ... فبهم فاقة إلى معناكا (6)
... يحشر العاشقون تحت لوائي، ... وجميع الملاح تحت لواكا (7)(1/155)
__________
(9) معنى البيت: لم أنس هواك كما افترى المرجفون لأني عشقتك بحشاي وليس بأحشائهم.
كيف أسلو، ومقلتي كلّما لا ... ح، بريق، تلفّتت للقاكا (1)
... إن تبسّمت تحت ضوء لثام، ... أو تنسّمت الرّيح من أنباكا (2)
... طبت نفسا إذ لاح صبح ثناياك ... ، لعيني، وفاح طيب شذاكا (3)
... كلّ من في حماك يهواك، لكن ... أنا وحدي بكلّ من في حماكا (4)
... فيك معنى حلّاك في عين عقلي، ... وبه ناظري معنّى حلاكا (5)
... فقت أهل الجمال، حسنا، وحسنى، ... فبهم فاقة إلى معناكا (6)
... يحشر العاشقون تحت لوائي، ... وجميع الملاح تحت لواكا (7)
(1) المقلة: العين. بريق: تصغير برق والبرق معروف.
(2) اللثام: غطاء الوجه. تنسمت: أرسلت نسيما خفيفا. انباك: انباؤك مخففة بمعنى اخبارك.
م. ص. التبسم كناية عن انكشاف أسماء اللََّه تعالى وصفاته العليا واللثام كناية عن الصور الحسية والمعنوية وضوء اللثام كناية عن نور الوجود.
(3) الثنايا: مقدم الأسنان وقد شبهها بالصبح لبياضها. فاح: انتشر. الشذا: الرائحة الطيبة.
م. ص. صبح ثناياك كناية عن انوار الحق المشرقة والشذا كناية عن العلوم والمعارف الربانية.
(4) حماك: رزقك. يهواك: يحبك.
م. ص. الحمى كناية عن تقوى اللََّه تعالى وعن مقام الورع وقوله أنا وحدي دليل على تفرده بين العارفين المنسوبين بالمعرفة إلى الخالق والتفرد دليل الشكر فهو يذكر نعمة اللََّه {وَأَمََّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.
(5) المعنى الصوفي: الخطاب للمحبوب الحقيقي وهو اللََّه سبحانه وتعالى والمعنى كناية عما يظهر من مفهوم تجلياته على العقول. والمعنّى المريض والمرض كناية عن الانشغال بالصفات العلية والأسماء الربانية.
(6) فقت: علوت والحسنى: إعطاء الإحسان والمعاملة به. الفاقة: الحاجة.
م. ص. أهل الجمال كناية عن أصحاب القلوب العامرة بمحبة اللََّه والفاقة إلى المعنى كناية عن التجليات في القلوب المعمورة بمحبة اللََّه.
(7) يحشر: يجمع. اللواء: الراية. الملاح: الحسان.
م. ص. العاشقون كناية عن أهل المحبة الإلهية. والمرء يحشر على ما مات عليه واللواء كناية عن الروح والملاح كناية عن التجليات الربانية والروح في آخر البيت كناية عن روح اللََّه الأعظم.
ما ثناني عنك الضّنى، فبماذا، ... يا مليح، الدّلال عني ثناكا (1)
... لك قرب منّي ببعدك عنّي، ... وحنوّ وجدته في جفاكا (2)
... علّم الشّوق مقلتي سهر اللّيل ... ، فصارت، من غير نوم، تراكا (3)
... حبّذا ليلة بها صدت إسراك ... ، وكان السّهاد لي أشراكا (4)
... ناب بدر التّمام طيف محيّاك ... ، لطرفي بيقظتي، إذ حكاكا (5)
... فتراءيت في سواك لعين ... بك، قرّت، وما رأيت سواكا (6)
... وكذاك الخليل قلّب قبلي ... طرفه، حين راقب الأفلاكا (7)
... فالدّياجي لنا بك الآن غرّ، ... حيث أهديت لي هدى من سناكا (8)(1/156)
__________
م. ص. العاشقون كناية عن أهل المحبة الإلهية. والمرء يحشر على ما مات عليه واللواء كناية عن الروح والملاح كناية عن التجليات الربانية والروح في آخر البيت كناية عن روح اللََّه الأعظم.
ما ثناني عنك الضّنى، فبماذا، ... يا مليح، الدّلال عني ثناكا (1)
... لك قرب منّي ببعدك عنّي، ... وحنوّ وجدته في جفاكا (2)
... علّم الشّوق مقلتي سهر اللّيل ... ، فصارت، من غير نوم، تراكا (3)
... حبّذا ليلة بها صدت إسراك ... ، وكان السّهاد لي أشراكا (4)
... ناب بدر التّمام طيف محيّاك ... ، لطرفي بيقظتي، إذ حكاكا (5)
... فتراءيت في سواك لعين ... بك، قرّت، وما رأيت سواكا (6)
... وكذاك الخليل قلّب قبلي ... طرفه، حين راقب الأفلاكا (7)
... فالدّياجي لنا بك الآن غرّ، ... حيث أهديت لي هدى من سناكا (8)
(1) الثناء: المديح. الضنا: المرض. ثناك: امالك عني أو أبعدك.
م. ص. الدلال كناية عن امتناع بعض المظاهر عنه وإقبال بعضها عليه والضنا كناية عن تعب الجسد في حبّ اللََّه تعالى.
(2) الحنو: المحبة. الجفاء: الصد.
م. ص. القرب كناية عن الاتصال الروحي بين العبد وخالقه والبعد كناية عن عدم مناسبة المخلوق للخالق.
(3) في البيت تأكيد لاجتماع الحواس ورد الإدراك كله إلى القلب.
م. ص. ان صاحب المحبة الإلهية إذا مرض وفني في محبة الخالق اجتمعت حواسه في قلبه.
(4) صدت: اصطدت وهنا بمعنى ترقبت. اسراك: اسرارك مخففة والإسراء السير في الليل. السهاد: عدم النوم والأرق. الإشراك مفردها الشرك بفتح الراء وهو الفخ.
م. ص. صيد الإسراء هو السهر للعبادة ولتحصيل معنى التجلي الإلهي.
(5) ناب: حل محل. بدر التمام: القمر في ليلته الرابعة عشرة. الطيف: الخيال.
م. ص. بدر التمام: كناية عن الإنسان الكامل الظاهر عليه نور الوجود وطيف المحيا كناية عن ظهور وجه الحق تعالى.
(6) م. ص. تراءيت كناية عن ظهور تجليات الخالق في الصور الحسية.
(7) الخليل: سيدنا إبراهيم (ع). الطرف: النظر. الأفلاك: النجوم م. ص. في البيت إشارة إلى مراقبة النبي إبراهيم الخليل (ع) للنجوم بحثا عن ربه إلى ان منّ اللََّه عليه بالتجلي {وَكَذََلِكَ نُرِي إِبْرََاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}.
(8) الدياجي: الظلمات. الغر: البيضاء. السنا: الضياء.
م. ص. الدياجي كناية عن المظاهر الكونية باعتبار نظر أهل الغفلة والاحتجاب إليها. ولنا كناية عن معشر العارفين والأولياء الصالحين. والغر كناية عن اشراق النفوس بنوره.
ومتى غبت ظاهرا عن عياني، ... ألفه، نحو باطني، ألقاكا (1)
... أهل بدر ركب، سريت بليل، ... فيه، بل سار في نهار ضياكا (2)
... واقتباس الأنوار من ظاهري ... غير عجيب، وباطني مأواكا (3)
... يعبق المسك، حيثما ذكر اسمي، ... منذ ناديتني أقبّل فاكا (4)
... ويضوع العبير في كلّ ناد، ... وهو ذكر، معبّر عن شذاكا (5)
... قال لي حسن كلّ شيء تجلّى: ... بي تملّى! فقلت: قصدي وراكا (6)(1/157)
__________
م. ص. الدياجي كناية عن المظاهر الكونية باعتبار نظر أهل الغفلة والاحتجاب إليها. ولنا كناية عن معشر العارفين والأولياء الصالحين. والغر كناية عن اشراق النفوس بنوره.
ومتى غبت ظاهرا عن عياني، ... ألفه، نحو باطني، ألقاكا (1)
... أهل بدر ركب، سريت بليل، ... فيه، بل سار في نهار ضياكا (2)
... واقتباس الأنوار من ظاهري ... غير عجيب، وباطني مأواكا (3)
... يعبق المسك، حيثما ذكر اسمي، ... منذ ناديتني أقبّل فاكا (4)
... ويضوع العبير في كلّ ناد، ... وهو ذكر، معبّر عن شذاكا (5)
... قال لي حسن كلّ شيء تجلّى: ... بي تملّى! فقلت: قصدي وراكا (6)
(1) عياني: مشاهدتي. ألفه: أجده.
المعنى مهما ابتعدت عن ناظري فأنت موجود في داخلي وكياني والخطاب إلى المحبوب الحقيقي.
(2) الركب: راكبو الإبل المستعدون للسفر. سريت: مشيت ليلا.
م. ص. أهل بدر أصحاب الغزوة المشهورة وهم كناية عن العارفين بالله وأمره.
والركب إشارة إلى الآية الكريمة {وَلَقَدْ كَرَّمْنََا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنََاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}
والضياء كناية عن انكشاف نور التجلي للأولياء العارفين.
(3) معنى البيت ان ظهر الضياء على ملامحي فلا عجب في ذلك لأن مأواك في قلبي ولا بد ان يفيض باطني على ظاهري من نورك.
م. ص. في البيت إشارة إلى قول الرسول (صلّى اللََّه عليه وسلّم) «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن».
(4) يعبق: يفوح وينتشر. فاك: فمك.
م. ص. فاك كناية عن مصدر الكلام الإلهي والتقبيل كناية عن كشف الذات لحقيقة الوجود الحق.
(5) يضوع: ينتشر. النادي. مكان اجتماع القوم. الذكر: الصيت.
م. ص: العبير كناية عن مجموع الصفات والأسماء الإلهية.
(6) تجلي: ظهر جليا وواضحا. تملّى: تمنع وتحصن. وراك: وراءك.
معنى البيت ان الحسن قال لي تحصن بي فقلت له ان غايتي هي أبعد منك فاخدع بزينتك غيري.
م. ص. ترك الحسن كناية عن التعلق بجمال الرحمن. فالجمال الحسي فان أمّا الجمال الروحاني فباق.
لي حبيب أراك فيه معنّى، ... عزّ غيري، وفيه، معنى، أراكا (1)
... إن تولّى على النّفوس تولّى، ... أو تجلّى يستعبد النّساكا (2)
... فيه عوّضت عن هداي ضلالا، ... ورشادي غيّا، وستري انهتاكا (3)
... وحدّ القلب حبّه، فالتفاتي ... لك شرك، ولا أرى الإشراكا (4)
... يا أخا العذل فيمن الحسن، مثلي ... هام وجدا به، عدمت أخاكا (5)
... لو رأيت الذي سباني فيه ... من جمال، ولن تراه، سباكا (6)
... ومتى لاح لي اغتفرت سهادي، ... ولعينيّ، قلت: هذا بذاكا (7)(1/158)
__________
م. ص. ترك الحسن كناية عن التعلق بجمال الرحمن. فالجمال الحسي فان أمّا الجمال الروحاني فباق.
لي حبيب أراك فيه معنّى، ... عزّ غيري، وفيه، معنى، أراكا (1)
... إن تولّى على النّفوس تولّى، ... أو تجلّى يستعبد النّساكا (2)
... فيه عوّضت عن هداي ضلالا، ... ورشادي غيّا، وستري انهتاكا (3)
... وحدّ القلب حبّه، فالتفاتي ... لك شرك، ولا أرى الإشراكا (4)
... يا أخا العذل فيمن الحسن، مثلي ... هام وجدا به، عدمت أخاكا (5)
... لو رأيت الذي سباني فيه ... من جمال، ولن تراه، سباكا (6)
... ومتى لاح لي اغتفرت سهادي، ... ولعينيّ، قلت: هذا بذاكا (7)
(1) المعنّى: المريض.
(2) تولى: استولى وتسلط. تولى الثانية: أعرض. النساك: العابدون.
م. ص. تجلى كناية عن ظهور النور الإلهي في صدور العارفين.
(3) رشادي: هدايتي. انتهاك الستر: كشفه.
م. ص. الهدى هدى النفس بعينها وهو غواية ما لم تهتد بأمر الخالق.
(4) التفاني: الموت والفناء في الحبيب.
م. ص. وحد القلب حبّه دليل على وحدانية الخالق والتعلق به لأن الانشغال بغيره يعتبر كفرا وشركا بوحدانيته.
(5) أخ العذل: اللائم. هام: أحب وهنا سار على غير هدى.
م. ص. عدم المؤاخاة كناية عن تصنيف البشر بين الجاهلين والعارفين.
(6) سباني: اسرني بسحره.
م. ص. في البيت إشارة إلى الآية {فَأَغْشَيْنََاهُمْ فَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ} فالأعمى لا يرى البدر حتى ولو كان كاملا.
(7) السهاد: مفارقة النوم.
م. ص. إن السهاد والسهر للََّه تعالى هو من اللذة بمكان يعادل النوم معدم النوم طلبا للََّه يعادل راحة الجسد. مقوله هذا كناية عن لذة رؤية المحبوب الحقيقي الذي لاح له وقوله ذاك كناية عن الألم الذي حصله من جرّاء سهره.
والحمد للََّه رب العالمين(1/159)
قافية اللام
يا صاحبي هذا العقيق فقف به
[البحر الكامل] ما بين ضال «المنحنى» وظلاله، ... ضلّ المتيّم، واهتدى بضلاله (1)
... وبذلك الشّعب اليماني منية ... للصبّ، قد بعدت على آماله (2)
... يا صاحبي، هذا «العقيق» فقف به ... متوالها، إن كنت لست بواله (3)
... وانظره عنّي، إنّ طرفي عاقني ... إرسال دمعي فيه عن إرساله (4)
__________
(1) الضال: نوع من الشجر. المنحنى: موضع. ضل: تاه. المتيم: العاشق.
المعنى الصوفي: الضال كناية عن حضرة العلم الإلهي والمنحني كناية عن وجود الحق المطلق فكأنه ينحني بالنظر إلى من يراه. والظلال في آخر صدر البيت كناية عن العوالم السفلية التي هي ظلال العوالم الربانية وضل المتيم كناية عن فناء العاشق في الوجود الحق.
(2) الشعب: بكسر الشين: الطريق في الجبل. المنية بضم الميم: المطلوب والغاية.
الصّب: العاشق.
م. ص. الشعب اليماني كناية عن الركن إلى يمين الكعبة. والمنية كناية عن الوصول إلى الحضرة الإلهية والبعد كناية عن تنزه هذه الحضرة عن مشابهة الأكوان.
(3) العتيق: موضع قرب مكة. المتواله: الحائر.
م. ص. يا صاحبي نداء إلى عقله الملازم له والوقوف إشارة إلى عدم تخطي المكان لأنه هو المقصود. وهو سدرة منتهى مدارك العقول.
(4) طرفي: نظري. عاقني: منعني. الإرسال: اطلاق الدمع والإرسال في آخر البيت إطلاق النظر.
م. ص. الإرسال كناية عن فناء النفس وزوالها في الوجود الحق.(1/160)
واسأل غزال كناسه: هل عنده ... علم بقلبي في هواه، وحاله (1)
... وأظنّه لم يدر ذلّ صبابتي، ... إذ ظلّ ملتهيا بعزّ جماله (2)
... تفديه مهجتي، التي تلفت، ولا ... منّ عليه، لأنّها من ماله (3)
... أترى درى أنّي أحنّ لهجره، ... إذ كنت مشتاقا له كوصاله (4)
... وأبيت سهرانا أمثّل طيفه، ... للطّرف، كي ألقى خيال خياله ... لا ذقت يوما راحة من عاذل، ... إن كنت ملت لقيله ولقاله (5)
... فو حقّ طيب رضى الحبيب، ووصله، ... ما ملّ قلبي حبّه لملاله (6)
... واها إلى ماء العذيب وكيف لي ... بحشاي، لو يطفى ببرد زلاله (7)
... ولقد يجلّ، عن اشتياقي، ماؤه، ... شرفا، فوا ظمئي للامع آله! (8)
__________
(1) الكناس: بيت الغزال.
م. ص. الكناس كناية عن الحضرة العلية والغزال كناية عن الإنسان العارف البعيد عن عوالم الجاهلين.
(2) لم يدر: لم يعرف. الصبابة: شدة العشق.
(3) تلفت: فنيت. المنّ: التعيير بالعطاء.
(4) م. ص. الهجر كناية عن مفارقة الصور الحسية والوصال كناية عن التعلق بالعلوم الرحمانية.
(5) القيل والقال: كلام الشر واكثر ما تستعمل هذه العبارة للدلالة على الكلام الذي لا طائل منه.
(6) الملال: الصد والهجران.
م. ص. الخطاب للمحبوب الحقيقي والقسم بعظمته والوصال كناية عن التعلق بتجلياته وما يفيض عنه.
(7) واها: للتعجب والتلهف. والعذيب: موضع فيه ماء. الزلال: الماء البارد العذب.
م. ص. ماء العذيب كناية عن وجود الحق والحشا كناية عن قلب المريد العارف.
(8) ظمئي: عطشي. آله: سرابه. الآل: السراب.(1/161)
هو الحب
[البحر الطويل] هو الحبّ فأسلم بالحشا، ما الهوى ... سهل، فما اختاره مضنى به، وله عقل (1)
... وعش خاليا، فالحبّ راحته عنا، ... وأوّله سقم، وآخره قتل (2)
... ولكن لديّ الموت فيه، صبابة ... حياة، لمن أهوى، عليّ بها الفضل (3)
... نصحتك علما بالهوى، والذي أرى ... مخالفتي، فاختر لنفسك ما يحلو (4)
... فإن شئت أن تحيا سعيدا، فمت به ... شهيدا، وإلّا فالغرام له أهل (5)
... فمن لم يمت في حبّه لم يعش به، ... ودون اجتناء النّحل ما جنت النّحل (6)
__________
(1) المضنى: المريض.
المعنى الصوفي: الحب هو المحبة الإلهية. وقوله فأسلم خطاب للسالك في طريق المعرفة والحشا كناية عن القلب والسلامة هي الموافقة لأمر اللََّه تعالى.
(2) العنا: العناء مخففة والعناء هو التعب. السقم: المرض.
(3) الصبابة: مرض العشق أو شدته.
م. ص. أراد بالموت الموت الاختياري لا الإجباري فمن خاف من الموت ليس بمؤمن. وقوله من أهوى يعود إلى القدرة الربانية العظيمة.
(4) م. ص. الخطاب للسالك العالم فيقول له ان أحببت وعشقت طلبا للوصول إلى الصور الفانية فحبه قاتل له وأما من أحب وعشق للأنوار الرحمانية فقد فاز وسلم من الموت.
(5) فالغرام له أهل: اترك الغرام لغيرك لأنك غير جدير به.
م. ص. قوله إذا شئت ان تحيا فمت إشارة إلى الآية الكريمة: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً بَلْ أَحْيََاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
(6) جنى النحل: العسل. جنت: أكسبت. جنت النحل: اعطت جناها وهو اللسع والوخز.
م. ص. اجتناء النحل هو اقتطاف عسل العلوم والمعارف الإلهية ووخز النحل كناية عن الذين لا يحسنون العمل الصالح فيقلب عملهم إلى سيئات تلسعهم حين لقاء ربهم.
تمسّك بأذيال الهوى، واخلع الحيا ... وخلّ سبيل الناسكين، وإن جلّوا (1)
... وقل لقتيل الحبّ: وفّيت حقّه، ... وللمدعي: هيهات ما الكحل الكحل (2)
... تعرّض قوم للغرام، وأعرضوا، ... بجانبهم، عن صحّتي فيه، واعتلوا (3)
... رضوا بالأماني، وابتلوا بحظوظهم، ... وخاضوا بحار الحبّ، دعوى فما ابتلّوا (4)
... فهم في السّرى لم يبرحوا من مكانهم ... وما ظعنوا في السّير عنه، وقد كلّوا (5)
... وعن مذهبي، لمّا استحبّوا العمى على ... الهدى حسدا من عند أنفسهم ضلّوا (6)
... أحبّة قلبي، والمحبّة شافعي ... لديكم، إذا شئتم بها اتّصل الحبل (7)(1/162)
__________
م. ص. اجتناء النحل هو اقتطاف عسل العلوم والمعارف الإلهية ووخز النحل كناية عن الذين لا يحسنون العمل الصالح فيقلب عملهم إلى سيئات تلسعهم حين لقاء ربهم.
تمسّك بأذيال الهوى، واخلع الحيا ... وخلّ سبيل الناسكين، وإن جلّوا (1)
... وقل لقتيل الحبّ: وفّيت حقّه، ... وللمدعي: هيهات ما الكحل الكحل (2)
... تعرّض قوم للغرام، وأعرضوا، ... بجانبهم، عن صحّتي فيه، واعتلوا (3)
... رضوا بالأماني، وابتلوا بحظوظهم، ... وخاضوا بحار الحبّ، دعوى فما ابتلّوا (4)
... فهم في السّرى لم يبرحوا من مكانهم ... وما ظعنوا في السّير عنه، وقد كلّوا (5)
... وعن مذهبي، لمّا استحبّوا العمى على ... الهدى حسدا من عند أنفسهم ضلّوا (6)
... أحبّة قلبي، والمحبّة شافعي ... لديكم، إذا شئتم بها اتّصل الحبل (7)
(1) تمسك بأذيال الهوى مجاز معناه لازم الحب ولا تفارقه. الحيا: الحياء مخففة لضرورة الشعر. خلّ: اترك. السبيل: الطريق. الناسكون: العابدون.
(2) معنى البيت قل لمن يدعي بلسانه ولا يعتقد بنفسه لقد بعد عنك ما تريده وتطلبه فإن التكحل المصنوع ليس كالكحل المطبوع.
م. ص. قتيل الحب هو قتيل المحبة الإلهية وهو شهيد عند ربه كما نصت الآية. {وَلََا تَحْسَبَنَّ} {يُرْزَقُونَ}
(3) تعرض: تصدى. اعرضوا: مالوا بنظرهم عنه.
م. ص. الغرام: العشق الإلهي والصحة كناية عن موافقة الحق.
(4) الأماني: مفردها الامنية وهي مطلب النفس. الدعوى: الأمر الكاذب.
م. ص. الدعوى كناية عن ادعاء الكذب في امر اللََّه وفي خوض بحار علمه وقوله ابتلّوا من المبلل أي رغم خوضهم لبحار المحبة لم تبتل أجسادهم ولا أرواحهم بتلك المياه لأنهم لم يعرفوا المحبة الحقة.
(5) السري: سير الليل. لم يبرحوا: لم يغادروا. ظعنوا: رحلوا. كلّوا: تعبوا.
م. ص. السري: سير العارفين لأن الليل وقت العبادة. وقوله لم يبرحوا معناه انه لم يحققوا شيئا ممّا يطلبون لان نفوسهم أمّارة بالسوء وقوله كلوا دليل على ان أعمالهم ورياضاتهم قد حبطت.
(6) ضلوا: تاهوا.
م. ص. مذهبي كناية عن اعماله وهي الاشتغال بالتقوى في القلب والانهماك في أعمال الباطن لا أعمال الظاهر. والعمل كناية عن غفلة النفس وعدم التيقظ لأمر اللََّه تعالى وفي البيت إشارة للآية الكريمة: {وَأَمََّا ثَمُودُ فَهَدَيْنََاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى ََ عَلَى الْهُدى ََ}.
(7) م. ص. الخطاب للأحبة وقد أضافهم إلى القلب والمحبة عائدة للأسماء والصفات الربانية الظاهرة بآثارها في عوالم الأكوان. وقوله اتصل الحبل إشارة إلى قوله تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا}.
عسى عطفة منكم عليّ بنظرة، ... فقد تعبت بيني وبينكم الرّسل (1)
... أحبّاي أنتم، أحسن الدّهر أم أسا ... فكونوا كما شئتم، أنا ذلك الخلّ (2)
... إذا كان حظي الهجر، منكم، ولم يكن ... بعاد، فذاك الهجر عندي هو الوصل (3)
... وما الصّدّ إلّا الودّ، ما لم يكن قلى، ... وأصعب شيء غير أعراضكم سهل (4)
... وتعذيبكم عذب لديّ، وجوركم ... عليّ، بما يقضي الهوى لكم، عدل (5)
... وصبري صبر عنكم، وعليكم، ... أرى أبدا عندي مرارته تحلو (6)
... أخذتم فؤادي، وهو بعضي، فما الذي ... يضرّكم لو كان عندكم الكلّ (7)(1/163)
__________
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا}.
عسى عطفة منكم عليّ بنظرة، ... فقد تعبت بيني وبينكم الرّسل (1)
... أحبّاي أنتم، أحسن الدّهر أم أسا ... فكونوا كما شئتم، أنا ذلك الخلّ (2)
... إذا كان حظي الهجر، منكم، ولم يكن ... بعاد، فذاك الهجر عندي هو الوصل (3)
... وما الصّدّ إلّا الودّ، ما لم يكن قلى، ... وأصعب شيء غير أعراضكم سهل (4)
... وتعذيبكم عذب لديّ، وجوركم ... عليّ، بما يقضي الهوى لكم، عدل (5)
... وصبري صبر عنكم، وعليكم، ... أرى أبدا عندي مرارته تحلو (6)
... أخذتم فؤادي، وهو بعضي، فما الذي ... يضرّكم لو كان عندكم الكلّ (7)
(1) م. ص. الخطاب للحضرات الإلهية الظاهرة بالآثار الكونية والنظرة هي طلب الاعتناء بأمره والنظر في حاله.
(2) أسا: أساء وهي ضد احسن. الخل: الصديق الوفي.
م. ص. الدهر من اسماء اللََّه. قال (صلّى اللََّه عليه وسلّم) لا تسبوا الدهر فإن اللََّه هو الدهر وإنما عدل ابن الفارض عن التسمية الصريحة لأن من عادة العرب ان ترد الإساءة إليه سبحانه وذلك في ردّ الأمور إلى أسبابها الظاهرة. والخل كناية عن المحب الصادق المتعلق بالمحبوب الحقيقي وهو اللََّه سبحانه وتعالى.
(3) م. ص. الهجر كناية عن ترك المناجاة الإلهية في السر وعدم الاعتناء بأمر اللََّه تعالى.
(4) القلى: البغض. الصد: الهجر والقطيعة. الود: المحبة.
م. ص. الصد كناية عن الإعراض عن امر اللََّه تعالى والود كناية عن التعلق بحبائله والإعراض كناية عن العقاب الذي يوجهه الرحمن للعبد وأصعب البلايا يهون أمام هذا الإعراض.
(5) الجور: الظلم.
م. ص. الجور كناية عن عدم استجابة المحبوب الحقيقي على الدوام وعدم النظر إلى العبد المؤمن يعتبره المؤمن جورا وظلما له بينما لا يجوز للعبد ان يتقول بهذا الأمر لأن اللََّه حليم حكيم في أمره.
(6) الصبر: نبات مر الطعم.
م. ص. الصبر كناية عن تحمل المشاق بما يكابده المؤمن في سلوك طريق اللََّه تعالى.
(7) م. ص. أخذتم: الخطاب للأحبة أي للأسماء والصفات الإلهية والفؤاد هو العقل بلغة الصوفية والكل كناية عن الروح والجسد.
نأيتم، فغير الدّمع لم أر وافيا، ... سوى زفرة، من حرّ نار الجوى، تغلو (1)
... فسهدي حيّ، في جفوني، مخلّد، ... ونومي، بها ميت، ودمعي له غسل (2)
... هوى طلّ ما بين الطّلول، دمي فمن ... جفوني جرى بالسفح من سفحه وبل (3)
... تباله قومي، إذ رأوني متيّما، ... وقالوا: بمن هذا الفتى مسّه الخبل (4)
... وماذا عسى عنّي يقال سوى غدا، ... بنعم، له شغل؟! نعم لي بها شغل (5)
... وقال نساء الحيّ: عنّا بذكر من ... جفانا، وبعد العزّ لذّ له الذّلّ (6)
... إذا أنعمت نعم عليّ بنظرة، ... فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل (7)
... وقد صدئت عيني برؤية غيرها، ... ولثم جفوني تربها، للصّدا يجلو (8)(1/164)
__________
(7) م. ص. أخذتم: الخطاب للأحبة أي للأسماء والصفات الإلهية والفؤاد هو العقل بلغة الصوفية والكل كناية عن الروح والجسد.
نأيتم، فغير الدّمع لم أر وافيا، ... سوى زفرة، من حرّ نار الجوى، تغلو (1)
... فسهدي حيّ، في جفوني، مخلّد، ... ونومي، بها ميت، ودمعي له غسل (2)
... هوى طلّ ما بين الطّلول، دمي فمن ... جفوني جرى بالسفح من سفحه وبل (3)
... تباله قومي، إذ رأوني متيّما، ... وقالوا: بمن هذا الفتى مسّه الخبل (4)
... وماذا عسى عنّي يقال سوى غدا، ... بنعم، له شغل؟! نعم لي بها شغل (5)
... وقال نساء الحيّ: عنّا بذكر من ... جفانا، وبعد العزّ لذّ له الذّلّ (6)
... إذا أنعمت نعم عليّ بنظرة، ... فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل (7)
... وقد صدئت عيني برؤية غيرها، ... ولثم جفوني تربها، للصّدا يجلو (8)
(1) نأيتم: بعدتم. وافيا: كاملا. الجوى: الحزن والمرض.
م. ص. النأي هو اعراض المحبوب الحقيقي عنه وأبعاده عن التجليات الربانية.
(2) سهدي: أرقي. مخلّد: أزلي أو دائم.
(3) طلّ دمي: اهدره. الطلول الآثار البائدة. السفح والوبل المطر العزير.
م. ص. الطلول كناية عن جسده البالي والمعنى ان الهوى أهدر دمي وخرّب جسدي فجرت مياه المعرفة الربانية من جفوني.
(4) تباله قومي: أظهروا البله أي الجنون. المتيم: العاشق. مسّه الخبل: أصابه الجنون.
(5) م. ص. نعم اسم انثوي وهو كناية عن الحضرة الإلهية والشغل كناية عن حب هذه الحضرة والاشتغال بها عمّا عداها.
(6) م. ص. ان من عرف اللََّه تعالى أدرك حقيقة فناء المخلوقات فلا يكون عنده عزّ إلا عز اللََّه جل وعلا. وكل ما عدا ذلك يعتبر ذلا وهوانا.
(7) نعم وسعدى وجمل أسماء الحبيبات. اسعدت: أسرت وأفرحت. أجملت: قدمت الجميل واسدته.
م. ص. نعم كناية عن الحضرة الإلهية كما مر سابقا. والنظرة كناية عن رؤية التجليات بستائر الأكوان ومظاهر الصور والأعيان.
(8) صدئت عيني: تلفت لكثرة ما علاها من القيح والغبار وبالتالي تعطلت الرؤيا عنده.
الترب: التراب.
م. ص. صدئت عيني تكاثرت ذنوبها فمنعت من اجتلاء الرؤيا كما يقع الغبار على المرآة فيمنع النور عنها. وقوله للصدا يجلو كناية عن انكشاف نور الحقيقة في الحضرة والأسماء الإلهية فتجلت له هذه الحضرة وفنيت وبادت الحجب التي تمنعها عنه.
وقد علموا انّي قتيل لحاظها، ... فإنّ لها، في كلّ جارحة، نصل (1)
... حديثي قديم في هواها، وما له، ... كما علمت، بعد، وليس لها قبل (2)
... وما لي مثل في غرامي بها، كما ... غدت فتنة، في حسنها، ما لها مثل (3)
... حرام شفا سقمي لديها، رضيت ما ... به قسمت لي في الهوى، ودمي حلّ (4)
... فحالي وإن ساءت فقد حسنت به، ... وما حطّ قدري في هواها به أعلو ... وعنوان ما فيها لقيت، وما به، ... شقيت، وفي قولي اختصرت ولم أغل (5)
... خفيت ضنى، حتى لقد ضلّ عائدي ... وكيف ترى العوّاد من لا له ظلّ (6)
... وما عثرت عين على أثري، ولم ... تدع لي رسما في الهوى الأعين النّجل (7)(1/165)
__________
م. ص. صدئت عيني تكاثرت ذنوبها فمنعت من اجتلاء الرؤيا كما يقع الغبار على المرآة فيمنع النور عنها. وقوله للصدا يجلو كناية عن انكشاف نور الحقيقة في الحضرة والأسماء الإلهية فتجلت له هذه الحضرة وفنيت وبادت الحجب التي تمنعها عنه.
وقد علموا انّي قتيل لحاظها، ... فإنّ لها، في كلّ جارحة، نصل (1)
... حديثي قديم في هواها، وما له، ... كما علمت، بعد، وليس لها قبل (2)
... وما لي مثل في غرامي بها، كما ... غدت فتنة، في حسنها، ما لها مثل (3)
... حرام شفا سقمي لديها، رضيت ما ... به قسمت لي في الهوى، ودمي حلّ (4)
... فحالي وإن ساءت فقد حسنت به، ... وما حطّ قدري في هواها به أعلو ... وعنوان ما فيها لقيت، وما به، ... شقيت، وفي قولي اختصرت ولم أغل (5)
... خفيت ضنى، حتى لقد ضلّ عائدي ... وكيف ترى العوّاد من لا له ظلّ (6)
... وما عثرت عين على أثري، ولم ... تدع لي رسما في الهوى الأعين النّجل (7)
(1) اللحاظ: واحدها اللحظ وهو مؤخر العين. الجارحة: العضو في الجسد. النصل:
جديدة السهم والرمح والسيف.
م. ص: اللحظ كناية عن التجليات الربانية. والنصل كناية عن القوة العظمى واثرها في نفوس المريدين العارفين.
(2) حديثي بمعنى كلامي وقصة حبي معها. فهي شغله الشاغل فيما مضى وإلى ما يشاء اللََّه.
م. ص. حديثه القديم كناية عن تعلقه الازلي بالأسماء والصفات العلية فإن العلم الإلهي قديم محيط بالواجبات والممكن والمستحيل.
(3) المعنى: كما انفردت في حسنها دون سواها تفردت في حبي لها دون سواي.
(4) الشفا: الشفاء مخففة لاستقامة الوزن والشفاء هو البرء. سقمي: مرضي. حلّ:
حلال.
م. ص. الحديث عن المحبوبة الحقيقية وهي الحضرة الإلهية. والهوى كناية عن الوجد وحالات العشق الإلهي. والدم الحلال كناية عن الشهادة في سبيل اللََّه. وفي ذلك إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً بَلْ أَحْيََاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.}
(5) لم أغل: لم أبالغ في قولي. الضنى: المرض.
والمعنى ان جسمي فني وإذا كان زواري في مرضي لا يرون لي جسما فكيف يرون لي ظلا.
(6) لم أغل: لم أبالغ في قولي. الضنى: المرض.
والمعنى ان جسمي فني وإذا كان زواري في مرضي لا يرون لي جسما فكيف يرون لي ظلا.
(7) عثرت: وجدت. الرسم: الأثر الباقي. النجل: مفردها النجلاء وهي العين الواسعة.
م. ص. العين كناية عن عين البصيرة وهي العقل والرسم كناية عن فنائه في اللََّه تعالى.
ولي همّة، تعلو، إذا ما ذكرتها، ... وروح بذكراها، إذا رخصت، تغلو (1)
... جرى حبّها مجرى دمي في مفاصلي، ... فأصبح لي، عن كلّ شغل، بها شغل ... فنافس ببذل النّفس فيها أخا الهوى ... فإن قبلتها منك، يا حبّذا البذل (2)
... فمن لم يجد، في حبّ نعم، بنفسه، ... ولو جاد بالدّنيا، إليه انتهى البخل (3)
... ولولا مراعاة الصّيانة، غيرة ... ولو كثروا أهل الصّبابة، أو قلّوا (4)
... لقلت لعشّاق الملاحة: أقبلوا ... إليها، على رأيي، وعن غيرها ولّوا (5)
... وإن ذكرت يوما، فخرّوا لذكرها ... سجودا، وإن لاحت الى وجهها صلّوا (6)
... وفي حبّها بعت السعادة بالشّقا، ... ضلالا، وعقلي عن هداي، به عقل (7)(1/166)
__________
م. ص. العين كناية عن عين البصيرة وهي العقل والرسم كناية عن فنائه في اللََّه تعالى.
ولي همّة، تعلو، إذا ما ذكرتها، ... وروح بذكراها، إذا رخصت، تغلو (1)
... جرى حبّها مجرى دمي في مفاصلي، ... فأصبح لي، عن كلّ شغل، بها شغل ... فنافس ببذل النّفس فيها أخا الهوى ... فإن قبلتها منك، يا حبّذا البذل (2)
... فمن لم يجد، في حبّ نعم، بنفسه، ... ولو جاد بالدّنيا، إليه انتهى البخل (3)
... ولولا مراعاة الصّيانة، غيرة ... ولو كثروا أهل الصّبابة، أو قلّوا (4)
... لقلت لعشّاق الملاحة: أقبلوا ... إليها، على رأيي، وعن غيرها ولّوا (5)
... وإن ذكرت يوما، فخرّوا لذكرها ... سجودا، وإن لاحت الى وجهها صلّوا (6)
... وفي حبّها بعت السعادة بالشّقا، ... ضلالا، وعقلي عن هداي، به عقل (7)
(1) الهمة: العزيمة. تغلو: يرتفع ثمنها.
الحديث عن الحضرة الإلهية والهمة كناية عن عمله الدؤوب في سبيل اللََّه والذكرى ذكرى المحبوبة والروح نفس المريد لأن من عرف نفسه عرف ربه.
(2) نافس: غالب وأطلب النفيس. البذل: العطاء.
م. ص. أخ الهوى كناية عن العارفين الأولياء والهاء في قبلتها يعود إلى المحبوبة الحقيقية وهي الحضرة الإلهية العلية.
(3) لم يجد: لم يتكرم.
م. ص. الجود بالنفس من كرامات واعمال السالكين ولا يحرزون هذا الأمر حتى يخرجوا عن أنفسهم ويزهدوا في الدنيا.
(4) الصيانة: الحفظ.
م. ص. الصيانة كناية عن حفظ الأشياء الخمسة التي فرضها الدين الإسلامي الحنيف وهي الدين والدم والعقل والمال والعرض.
(5) أقبلوا: اقدموا وهي عكس ولوا في آخر البيت.
م. ص. عشاق الملاحة هم المفتونون بمحاسن الأكوان من النساء والأموال والمآكل والمشارب والهاء في غيرها عائد للمحبوبة الحقيقية.
(6) خروا: وقعوا وهنا بمعنى سجدوا. لاحت: ظهرت.
(7) الشقا: الشقاء مخففة لاستقامة الوزن. الضلال عكس الرشاد.
م. ص. بعث السعادة كناية عن السعادة الدنيوية التي يرغب فيها الغافلون. وبيعها كناية عن ترك هذه اللذة الدنيوية والالتفات إلى امر الخالق تعالى.
وقلت لرشدي والتنسّك، والتّقى، ... تخلّوا، وما بيني وبين الهوى خلّوا (1)
... وفرّغت قلبي عن وجودي، مخلصا، ... لعلّي في شغلي بها، معها أخلو (2)
... ومن أجلها، أسعى لمن بيننا سعى، ... وأعدو، ولا أعدو لمن دأبه العذل (3)
... فأرتاح للواشين بيني وبينها ... لتعلم ما ألقى، وما عندها جهل (4)
... وأصبو (5) إلى العذّال، حبّا لذكرها ... وكلّي، إن حدّثتهم ألسن تتلو (6)
... تخالفت الأقوال فينا، تباينا، ... برحم ظنون، بيننا، ما لها أصل (7)
... فشنّع قوم بالوصال، ولم تصل ... وارجف بالسّلوان قوم، ولم أسل (8)(1/167)
__________
م. ص. بعث السعادة كناية عن السعادة الدنيوية التي يرغب فيها الغافلون. وبيعها كناية عن ترك هذه اللذة الدنيوية والالتفات إلى امر الخالق تعالى.
وقلت لرشدي والتنسّك، والتّقى، ... تخلّوا، وما بيني وبين الهوى خلّوا (1)
... وفرّغت قلبي عن وجودي، مخلصا، ... لعلّي في شغلي بها، معها أخلو (2)
... ومن أجلها، أسعى لمن بيننا سعى، ... وأعدو، ولا أعدو لمن دأبه العذل (3)
... فأرتاح للواشين بيني وبينها ... لتعلم ما ألقى، وما عندها جهل (4)
... وأصبو (5) إلى العذّال، حبّا لذكرها ... وكلّي، إن حدّثتهم ألسن تتلو (6)
... تخالفت الأقوال فينا، تباينا، ... برحم ظنون، بيننا، ما لها أصل (7)
... فشنّع قوم بالوصال، ولم تصل ... وارجف بالسّلوان قوم، ولم أسل (8)
(1) الرشد: الهداية. النسك: العبادة. خلّوا: اتركوا.
م. ص. اتركوني مع العشق الإلهي ولا تدخلوا في هذه الموالح ودعوني أعالج سبل الهوى واسلك طريق الحقائق.
(2) فرغت قلبي: أخليته. أخلو: انفرد.
م. ص. فراغ القلب كناية عن التوجه لأمر اللََّه وترك كل امر سواه. وأخلوا كناية عن الخلوة التي يقضيها أهل اللََّه وينقطعون فيها للعبادة.
(3) أسعى: أمشي. سعى: قام بمسعى الصلح. أعدو: أسير مسرعا. دأبه: غايته.
العذل: اللوم.
م. ص. الكلام عن المحبوبة الحقيقية. والسعي كناية عن عمل الخير.
(4) الواشون: المفسدون.
م. ص. قوله ارتاح كناية عن الراحة والنشاط لممارسة أعمال اللََّه تعالى وما عندها جهل يقصد المحبوبة الحقيقية فهي عالمة بعلمها القديم.
(5) أصبو: أشتاق. العذال مفردها العاذل وهو اللائم.
م. ص. مقام المحبة محجوب دائما عن المحب فالمحب دائما يتقرب من الحبيبة وهي لعزتها وعظمتها وصعوبة الوصول إليها تحتجب عن طالبيها.
(6) تتلو: تتحدث بسيرتها.
(7) التباين: الاختلاف في الأقوال. رجم الظنون: القذف بالأقوال الكاذبة.
م. ص. ما لها أصل كناية عن أقوال الواشين الكاذبة حيث يتناولون اعمال المؤمن بألسنتهم السليطة.
(8) شنع: أذاع الأخبار السيئة. أرجف: كذّب. السلوان: النسيان. لم اسل: لم انس.
م. ص. المشنعون كناية عن طائفة الناس الغافلين عن معرفة اللََّه الذين يظنون ان المخلوق يصل إلى ادراك الخالق.(1/168)
فما صدق التشنيع عنها، لشقوتي ... وقد كذبت عني الأراجيف والنقل (1)
... وكيف أرجّي وصل من لو تصوّرت حماها المنى، ... وهما، لضاقت بها السّبل (2)
... وإن وعدت لم يلحق الفعل، قولها، ... وإن أوعدت بالقول يسبقه الفعل (3)
... عديني بوصل، وامطلي بنجازه، ... فعندي، إذا صح الهوى، حسن المطل (4)
... وحرمة عهد بيننا، عنه لم أحل ... وعقد بأيد بيننا، ما له حلّ (5)
... لأنت، على غيظ النّوى، ورضى الهوى ... لديّ، وقلبي ساعة منك ما يخلو (6)
... ترى مقلتي يوما ترى من أحبّهم، ... ويعتبني دهري، ويجتمع الشّمل (7)
... وما برحوا معنى أراهم معي، فإن ... نأوا صورة، في الذّهن قام لهم شكل (8)
__________
(1) التشنيع: الكذب. الشقوة: التعاسة. الأراجيف: الأكاذيب.
(2) أرجي: آمل. الحمى: المكان المنيع المحمي. السبل: واحدها السبيل وهو الطريق.
م. ص. الحمى. كناية عن الحضرات والأسماء والصفات الإلهية والسبل هي طرقات الوصول إليها.
(3) أوعدت: هددت.
م. ص. إن وعدت بالخير أخرت ذلك الوعد إلى يوم القيامة وما وعدت به أمور لا فناء لها فوعدها البشرى بالجنة {لَهُمُ الْبُشْرى ََ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا}.
(4) الوصل: اللقاء. امطلي: لا تفي بالوعد. نجازه: تحقيقه.
(5) حرمة العهد: المحافظة عليه. لم أحل: لم أغير أو اتبدل. العقد: الاتفاق.
م. ص. حرمة العهد كناية عن الثبات في طريق اللََّه واحترام مواثيقه {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ}.
(6) الغيظ: الغضب. النوى: البعد. ما يخلو: لا يفرغ.
(7) المقلة: العين. يجتمع الشمل: يحصل اللقاء بعد الفرقة.
المعنى: إذا رأت عينه قوم الحبيبة فإنها تحبهم لأنهم أهلها وأهل الحبيبة هم أهل التقى السالكون طريق اللََّه تعالى.
(8) برحوا: غادروا. نأوا: ابتعدوا.
م. ص. ان صورتهم لا تفارق الذهن أينما بعدوا. فإن بعدت أجسادهم فإن ذكرهم دائما في البال وفي البيت إشارة إلى الآية الكريمة: {هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ}.
فهم نصب عيني، ظاهرا، حيثما سروا، ... وهم في فؤادي، باطنا، أينما حلّوا (1)
... لهم أبدا مني حنوّ، وإن جفوا، ... ولي أبدا ميل إليهم، وإن ملّوا (2)(1/169)
__________
م. ص. ان صورتهم لا تفارق الذهن أينما بعدوا. فإن بعدت أجسادهم فإن ذكرهم دائما في البال وفي البيت إشارة إلى الآية الكريمة: {هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مََا كُنْتُمْ}.
فهم نصب عيني، ظاهرا، حيثما سروا، ... وهم في فؤادي، باطنا، أينما حلّوا (1)
... لهم أبدا مني حنوّ، وإن جفوا، ... ولي أبدا ميل إليهم، وإن ملّوا (2)
لم يخطر سواكم على بالي
[البحر الطويل] أرى البعد لم يخطر سواكم على بالي ... وإن قرّب الأخطار من جسدي البالي (3)
... فيا حبّذا الأسقام، في جنب طاعتي ... أوامر أشواقي، وعصيان عذّالي (4)
... ويا ما ألذّ الذلّ في عزّ وصلكم ... وإن عزّ، ما أحلى تقطّع أوصالي (5)
... نأيتم، فحالي بعدكم ظلّ عاطلا ... وما هو ممّا ساء، بل سرّكم حالي (6)
(1) نصب عيني: امام ناظري. سروا: مشوا ليلا. حلّوا: أقاموا.
م. ص. السري كناية عن أعمال التقي التي اكثر ما تكون ليلا.
(2) الحنو: الحنين والعطف. جفوا: صدوا. ملّوا: سئموا.
م. ص. اني اشتاق دائما إلى شهود التجليات الإلهية وان استترت عني وحجبتني عن مشاهدتها. فإن العظمة الإلهية لها التجلي أو الاستتار على حسب ما تريد وتختار.
والحمد للََّه
(3) لم يخطر: لم يمر في الذهن. الأخطار: الأمور المخيفة. البالي: الفاسد.
(4) الأسقام: جمع سقم وهو المرض. العذال مفردها العاذل وهو اللائم.
المعنى الصوفي: انه يطيع عصيان من يلومه على المحبة كما انه مطيع أوامر اشواقه وذلك بسبب المرض والتحول في المحبة الإلهية طلبا للوصول وحصول القبول.
(5) الوصل: اللقاء. الأوصال: الأجزاء والأعضاء.
م. ص. الخطاب للحضرات والأسماء والصفات العلية فإن وصلها عزيز والوصول إليها مطلوب.
(6) نأيتم: بعدتم.
م. ص. ظل عاطلا كناية عن احوال أهل الدنيا فلا ورع ولا تقى. وحسنه مقبول لأنه فائض عن الأسماء والصفات الإلهية.
بليت به لمّا بليت صبابة ... أبلّت، فلي منها صبابة إبلال (1)
... نصبت على عيني، بتغميض جفنها ... لزورة زور الطّيف، حيلة محتال (2)
... فما أسعفت بالغمض، لكن تعسّفت ... عليّ بدمع، دائم الصّوب، هطّال (3)
... فيا مهجتي، ذوبي على فقد بهجتي، ... لترحال آمالي، ومقدم أوجالي (4)
... وضنّي بدمع، قد غنيت بفيض ما ... جرى من دمي، إذ طلّ ما بين أطلال (5)
... ومن لي بأن يرضى الحبيب، وإن علا ... النّحيب، فإبلالي بلائي وبلبالي (6)
... فما كلفي في حبّه كلفة له، ... وإن حلّ ما ألقى من القيل والقال (7)(1/170)
__________
م. ص. ظل عاطلا كناية عن احوال أهل الدنيا فلا ورع ولا تقى. وحسنه مقبول لأنه فائض عن الأسماء والصفات الإلهية.
بليت به لمّا بليت صبابة ... أبلّت، فلي منها صبابة إبلال (1)
... نصبت على عيني، بتغميض جفنها ... لزورة زور الطّيف، حيلة محتال (2)
... فما أسعفت بالغمض، لكن تعسّفت ... عليّ بدمع، دائم الصّوب، هطّال (3)
... فيا مهجتي، ذوبي على فقد بهجتي، ... لترحال آمالي، ومقدم أوجالي (4)
... وضنّي بدمع، قد غنيت بفيض ما ... جرى من دمي، إذ طلّ ما بين أطلال (5)
... ومن لي بأن يرضى الحبيب، وإن علا ... النّحيب، فإبلالي بلائي وبلبالي (6)
... فما كلفي في حبّه كلفة له، ... وإن حلّ ما ألقى من القيل والقال (7)
(1) بليت: بضم الباء فنيت. بليت بفتح الباء: أصبت. الصبابة: مرض العشق.
الإبلال: مصدر أبل بمعنى شفي.
م. ص. بليت به اي بالمحبوب الحقيقي. والصبابة هي العشق وحالات الوجد الصوفي. والابلال بقايا الشوق في نفس المريض.
(2) نصبت: أقمت. الزورة: الزيارة. الطيف: الخيال.
م. ص. الطيف كناية عن التجليات الإلهية والتغميض كناية عن النوم وفي ذلك إشارة إلى قوله (صلّى اللََّه عليه وسلّم) «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
(3) أسعفت: أعانت. تعسفت: ظلمت. الصوب: النزول. الهطّال: الغزير.
م. ص. عدم النوم كناية لعدم رؤية المحبوب الحقيقي وذلك بسبب السهر الدائم ترقبا لطيف الرحمة الإلهية.
(4) البهجة: السرور. الترحال: الرحيل. المقدم: المجيء. الاوجال: واحدها الوجل أي الخوف.
م. ص. الخطاب للروح وهي ما سميت بالمهجة والدعوة لها بترك الجمود الذي يمنع عن شهود الحق الذي هو كلمح البصر وغيبة البهجة أو فقدها كناية عن عدم رؤية الجمال الحق.
(5) ضني: ابخلي. طل: أريق. الاطلال: بقايا الأثر.
(6) النحيب: البكاء. الابلال: النجاة أو الشفاء من البلوى والمرض. البلبال: الحزن.
(7) الكلف: المشقة. القيل والقال: كلام الناس.
م. ص. الإجلال: فيض المحبوب الحقيقي والقيل والقال كناية عن كلام الوشاة والحاسدين في الحب وعلاقة المحب بالمحبوب.
بقيت به، لمّا فنيت بحبّه، ... بثروة إيثاري، وكثرة إقلالي (1)
... رعى اللََّه مغنى لم أزل في ربوعه، ... معنّى، وقل إن شئت: «يا ناعم البال»! (2)
... وحيّا محيّا عاذل لي لم يزل ... يكرّر من ذكرى أحاديث ذي الخال (3)
... روى سنّة عندي، فأروى من الصّدى، ... وأهدى الهدى، فأعجب وقد رام إضلالي (4)
... فأجبت لوم اللّؤم فيه، لو انّني ... منحت المنى، كانت علامة عذّالي ... جهلت بأن قلت: اقترح يا معذّبي عليّ، ... فأجلى لي وقال: «اسل سلسالي» (5)
... وهيهات أن أسلو، وفي كلّ شعرة، ... لحتفي، غرام مقبل ايّ إقبال (6)
... وقال لي اللاحي، مرارة قصده ... تحلّى بها، دع حبّه قلت: أحلى لي (7)(1/171)
__________
م. ص. الإجلال: فيض المحبوب الحقيقي والقيل والقال كناية عن كلام الوشاة والحاسدين في الحب وعلاقة المحب بالمحبوب.
بقيت به، لمّا فنيت بحبّه، ... بثروة إيثاري، وكثرة إقلالي (1)
... رعى اللََّه مغنى لم أزل في ربوعه، ... معنّى، وقل إن شئت: «يا ناعم البال»! (2)
... وحيّا محيّا عاذل لي لم يزل ... يكرّر من ذكرى أحاديث ذي الخال (3)
... روى سنّة عندي، فأروى من الصّدى، ... وأهدى الهدى، فأعجب وقد رام إضلالي (4)
... فأجبت لوم اللّؤم فيه، لو انّني ... منحت المنى، كانت علامة عذّالي ... جهلت بأن قلت: اقترح يا معذّبي عليّ، ... فأجلى لي وقال: «اسل سلسالي» (5)
... وهيهات أن أسلو، وفي كلّ شعرة، ... لحتفي، غرام مقبل ايّ إقبال (6)
... وقال لي اللاحي، مرارة قصده ... تحلّى بها، دع حبّه قلت: أحلى لي (7)
(1) الإيثار: التكرم بالشيء رغم الحاجة إليه. الإقلال: الحاجة.
م. ص. الفناء كناية عن انقطاع العبد عن المعبود وانشغاله بالشؤون الذاتية. والإيثار وصل إلى مقام البقاء بالله بعد الفناء فيه وكثرة الإقلال كناية عن الحاجة إلى اللََّه تعالى كما في قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرََاءُ إِلَى اللََّهِ}.
(2) المغنى: المنزل الذي يغني صاحبه عن منازل غيره. الربوع: الجوار. معنى:
مريض.
م. ص. المغنى: كناية عن العالم الإنساني. والربوع الحضرات الإلهية التي تظهر فيها التجليات الإلهية.
(3) المحيا: الوجه. العاذل: اللائم. ذي الخال: صاحب الشامة على الخد.
م. ص. الخال كناية عن النقطة السوداء في الوجه الإلهي وهي الكون لأن الكون ظلمة وإنما اناره ظهور الحق.
(4) السنة: الطريق. أروى: أطفأ الظلمأ. الصدى: العطش. رام: أراد أو طلب.
م. ص. السنة كناية عن سلوك درب الحق على سنة محمد (صلّى اللََّه عليه وسلّم).
(5) أجلى: أظهر. اسل: انس. السلسال: الماء العذب وهو الريق.
م. ص. الخطاب إلى المحبوب الحقيقي وهو اللََّه تعالى. وقوله اجلى كناية عن ظهور نور الحق. والسلسال كناية عمّا يظهر من الأكوان.
(6) اسلو: أنسى. الحتف: الموت.
(7) اللاحي: اللائم أو المبغض.
م. ص. كيف اترك هذه المحبة ولو كانت مرة فهي عندي اكثر حلاوة من كل شيء حلو واشتهى من كل لذيذ فكيف اترك ما أجده حلوا وأصير من محبته خلوا؟.
بذلت له روحي لراحة قربه، ... وغير عجيب بذلي الغال في الغالي (1)
... فجاد، ولكن بالبعاد، لشقوتي، ... فيا خيبة المسعى، وضيعة آمالي! (2)
... وحان له حيني، على حين غرّة، ... ولم أدر أنّ الآل يذهب بالآل (3)
... تحكّم في جسمي النّحول، فلو أتى ... لقبضي رسول، ضلّ في موضع خال (4)
... فلو همّ باقي السقم بي لاستعان، في ... تلافي بما حالت له، من ضنى، حالي (5)
... ولم يبق منّي ما يناجي توهّمي، ... سوى عزّ ذلّ في مهانة إجلال (6)(1/172)
__________
م. ص. كيف اترك هذه المحبة ولو كانت مرة فهي عندي اكثر حلاوة من كل شيء حلو واشتهى من كل لذيذ فكيف اترك ما أجده حلوا وأصير من محبته خلوا؟.
بذلت له روحي لراحة قربه، ... وغير عجيب بذلي الغال في الغالي (1)
... فجاد، ولكن بالبعاد، لشقوتي، ... فيا خيبة المسعى، وضيعة آمالي! (2)
... وحان له حيني، على حين غرّة، ... ولم أدر أنّ الآل يذهب بالآل (3)
... تحكّم في جسمي النّحول، فلو أتى ... لقبضي رسول، ضلّ في موضع خال (4)
... فلو همّ باقي السقم بي لاستعان، في ... تلافي بما حالت له، من ضنى، حالي (5)
... ولم يبق منّي ما يناجي توهّمي، ... سوى عزّ ذلّ في مهانة إجلال (6)
(1) بذلت: وهبت. الغالي الأولى الروح. والغالي الثانية راحة القرب.
م. ص. قوله الغال كناية عن روحه التي بذلها وقوله في الغالي على قلوب العابدين كناية عن وجه الحق. وهو ذو الخال الذي تقدم ذكره سابقا.
(2) جاد: تكرم. الشقوة: التعاسة.
(3) حيني: موتي. الآل الأولى: السراب. الآل الثانية: الأهل.
م. ص. الآل أي السراب كناية عن عالم الأكوان الفاني الذي يخيب ظن من تعلق به.
(4) النحول: الرقة وضعف الجسد. قبضي: أخذ روحي. ضلّ: تاه.
م. ص. النحول كناية عن تعب الأجساد في طلب المراد. والموضع الخالي كناية عن الروح التي تصعد نحو خالقها مفارقة للجسد.
(5) همّ: أراد قتلي. القسم: الضعف. الفناء: النحول والمرض.
والمعنى لو أراد ما بقي من جسدي من السقم هلاكي لاستعان على ذلك بنحول جسدي من الضنا والأسقام.
(6) المهانة: التحقير. الإجلال: الوقار والاحترام.
م. ص. يعني انه فني في وجود محبوبه الحقيقي وبادت رسومه الظاهرة والباطنة. فلم يبق في نفسه ما يناجي به نفسه وإنما بقي منه ذل وانكسار وهما بمثابة عز وافتخار له أما مهانته وابتذاله فهما تعظيم له وإجلال.
والحمد للََّه رب العالمين(1/173)
أهل الهوى جندي
[البحر الطويل] نسخت بحبّي آية العشق من قبلي، ... فأهل الهوى جندي وحكمي على الكلّ (1)
... وكلّ فتى يهوى، فإنّي إمامه، ... وإني بريء من فتى سامع العذل (2)
... ولي في الهوى علم، تجلّ صفاته، ... ومن لم يفقّهه الهوى، فهو في جهل (3)
... ومن لم يكن في عزّة الحبّ تائها ... بحبّ الذي يهوى فبشّره بالذّل (4)
... إذا جاد أقوام بمال رأيتهم ... يجودون بالأرواح منهم بلا بخل (5)
... وإن أودعوا سرا رأيت صدورهم ... قبورا لأسرار تنزّه عن نقل (6)
__________
(1) نسخت: غيرت وأقمت مقام الأمر.
المعنى الصوفي. المحبة كناية عن محبة اللََّه والنور المحمدي المتجلي بالحضرات العلية. وأهل الهوى كناية عن ورثة الدين من العابدين السالكين. والعسكر كناية عن الأعوان لأنهم يقومون بما أمر اللََّه. وقوله حكمي على كل خلق اللََّه من أهل الهوى.
(2) العذل: اللوم.
م. ص. الفتى كناية عن السالك المتعبد المريد والهوى كناية عن حالات الوجد والعشق الإلهي. وقوله فإني إمامه معناه {«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللََّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ»}.
وسامع العذل أو اللوم هو ابن الدنيا الغافل عن الأنوار والعلوم الرحمانية.
(3) تجل: تعظم.
م. ص. الهوى كناية عن الميل الرباني والحب الرحماني والجهل كناية عن حياة الغافلين المحرومين من نور اللََّه تعالى.
(4) تائها: من التيه أي الافتخار وتائها مفتخرا.
م. ص. عزة الحب كناية عن الحب الرباني الذي تبدو علاماته في كل محبوب وإنما تستمد العزة من عظمة الخالق. والذل هو للمحبة الكونية الفانية. وقوله بشره بالذل محاكاة لقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} *.
(5) جاد: تكرم.
المعنى ان أهل الدين يجودون بالأرواح ولا يبخلون بها لأنهم جند الحق كما مرّ سابقا.
(6) النقل: الاذاعة والإفشاء.
م. ص. السر هو الأمور الخافية على أهل الحجاب من الغافلين عن طاعة اللََّه.
وإن هدّدوا بالهجر ماتوا مخافة، ... وإن أوعدوا بالقتل حنّوا إلى القتل (1)
... لعمري هم العشّاق عندي حقيقة ... على الجدّ، والباقون منهم على الهزل (2)(1/174)
__________
م. ص. السر هو الأمور الخافية على أهل الحجاب من الغافلين عن طاعة اللََّه.
وإن هدّدوا بالهجر ماتوا مخافة، ... وإن أوعدوا بالقتل حنّوا إلى القتل (1)
... لعمري هم العشّاق عندي حقيقة ... على الجدّ، والباقون منهم على الهزل (2)
يا قبلتي في صلاتي
[مجزوء الرمل] أنتم فروضي ونفلي، ... أنتم حديثي وشغلي (3)
... يا قبلتي في صلاتي، ... إذا وقفت أصلي (4)
... جمالكم نصب عيني ... إليه وجّهت كلّي (5)
... وسرّكم في ضميري، ... والقلب طور التّجلّي (6)
(1) م. ص. الخوف من جهة الحق تعالى والهجر كناية عن إرخاء سدل الحجاب على القلب والقتل كناية عن الموت في سبيل اللََّه.
(2) الجد: العمل والاجتهاد في الأمر وهو عكس الهزل.
م. ص. العشاق هم أهل الحب الحقيقي دون سواهم الذين يعشقون النور الإلهي وأصحاب الهزل هم الغافلون عن أمور الدين الناظرون إلى مفاتن الدنيا.
والحمد للََّه
(3) الفروض: جمع الفرض وهو ما أوجبه اللََّه من الصلوات. تفلي: فروضي الغير واجبة والنوافل هي الصلوات قربة لوجه اللََّه تعالى.
المعنى الصوفي. أنتم خطاب للحضرات الإلهية والتجليات الاسمائية وأنتم فروضي يعني ظهور جميع ما يفعله من الفرائض بالحضرات الإلهية لا بنفسه والمعنى ان جميع سكناته صادرة عن المولى تعالى لأنه وكيل في كل أموره.
(4) القبلة: وجهة الصلاة وهي عند المسلمين مكة المكرمة.
م. ص. يا قبلتي نداء للحضرات الإلهية تيمنا بقوله تعالى {فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللََّهِ}.
(5) نصب: امام. كلي: كل جوارحي أو جسدي وروحي.
م. ص. الجمال كناية عن التجليات الإلهية ونصب عيني ظهور هذه التجليات لحواسه الخمس. وكلّي كناية عن الظاهر والباطن.
(6) الضمير هنا القلب. طور التجلي. طور سيناء وهو جبل الانكشاف الإلهي لسيدنا موسى.
م. ص. «المعنى انه تعالى يناجيني من قلبي لاستيلائه عليه».
آنست في الحيّ نارا ... ليلا، فبشّرت أهلي (1)
... قلت امكثوا، فلعلّي ... أجد هداي لعلّي (2)
... دنوت منها فكانت ... نار المكلّم قبلي (3)
... نوديت منها جهارا: ... ردّوا ليالي وصلي (4)
... حتى إذا ما تدانى ... الميقات في جمع شملي (5)
... صارت جبالي دكا ... من هيبة المتجلّي (6)
... ولاح سر خفي ... يدريه من كان مثلي ... وصرت موسى زماني ... مذ صار بعضي علّي ... فالموت فيه حياتي، ... وفي حياتي قتلي (7)(1/175)
__________
م. ص. «المعنى انه تعالى يناجيني من قلبي لاستيلائه عليه».
آنست في الحيّ نارا ... ليلا، فبشّرت أهلي (1)
... قلت امكثوا، فلعلّي ... أجد هداي لعلّي (2)
... دنوت منها فكانت ... نار المكلّم قبلي (3)
... نوديت منها جهارا: ... ردّوا ليالي وصلي (4)
... حتى إذا ما تدانى ... الميقات في جمع شملي (5)
... صارت جبالي دكا ... من هيبة المتجلّي (6)
... ولاح سر خفي ... يدريه من كان مثلي ... وصرت موسى زماني ... مذ صار بعضي علّي ... فالموت فيه حياتي، ... وفي حياتي قتلي (7)
(1) أنست: أبصرت. الحي: الفرع من القبيلة. ويكنى به عن البيت.
م. ص. النار كناية عن حرارة عشقه والليل كناية عن ظلمة النفوس اهلي كناية عن نفسه وقواها الظاهرة والباطنة.
(2) امكثوا: لا تغادروا مكانكم.
م. ص. الهدى كناية عن الأنوار والعلوم الربانية التي تسكن قلب المؤمن فتيسر اعماله وتسدده إلى الصراط المستقيم.
(3) دنوت: قربت. المكلم: موسى (ع) وهو كليم اللََّه.
م. ص. قبلي كناية عن زمان بني إسرائيل عند ما أرسل لهم اللََّه تعالى نوره بصورة اللََّه في شجرة زيتون {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ مُوسى ََ إِذْ رَأى ََ نََاراً فَقََالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نََاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهََا بِقَبَسٍ}.
(4) جهارا: علنا. الوصل: ليالي العشق.
م. ص. منها يعني من النار الموقدة في أفئدة المؤمنين. والليالي كناية عن أيام العبادة والعشق الإلهي.
(5) تدانى: تقارب. الميقات: الوقت. جمع الشمل: اللقاء بعد الفراق.
م. ص. الميقات كناية عن حلول وقت رفع السدل والحجب المسدولة على القلوب.
وجمع الشمل كناية عن لقاء المحبوب الحقيقي.
(6) دكا: مهدومة. م. ص. المتجلي وجه الحق تعالى.
(7) م. ص. الموت مفارقة الحياة فإن العارف المؤمن إذا فقد نفسه وجدها في يد البارئ كالقلم في يد الكاتب.(1/176)
أنا الفقير المعنّى ... رقوا لحالي وذلّي (1)
كم من ليلة
[البحر الكامل] أشاهد معنى حسنكم، فيلذّ لي ... خضوعي لديكم في الهوى، وتذلّلي (2)
... وأشتاق للمغنى الذي أنتم به، ... ولولاكم ما شاقني ذكر منزل (3)
... فلله، كم من ليلة، قد قطعتها ... بلذّة عيش، والرّقيب بمعزل (4)
... ونقلي مدامي، والحبيب منادمي، ... وأقداح أفراح المحبّة تنجلي (5)
... ونلت مرادي، فوق ما كنت راجيا ... فوا طربا، لو تم هذا ودام لي (6)
__________
(1) المعنى: المريض المنهك.
م. ص. المعنى المنهك من ممارسة الرياضة والعبادة وذلّي كناية عن ذل الميت بين يدي الحي الباقي وذلك ذل لا ينفك عن العبد ازلا وأبدا.
(2) معنى حسنكم: أثره وعلاماته. التذلل: الهوان والضعف.
المعنى الصوفي: الخطاب للاحبة من حيث الظهور الإلهي والحسن كناية عن الجمال الحقيقي في حضرة الأسماء الحسنى. وقوله لديكم أي في حضرتكم والحضرة هي حضرة الأكوان والهوى كناية عن المحبة الإلهية التي توجب الخضوع بين يدي المحبوب الحقيقي.
(3) المغنى: المنزل. شاقني: هاجني.
م. ص. المغنى كناية عن عالم الأكوان الذي هو من آثار المشيئة الإلهية والمنزل كناية عن الوطن الأصلي وهو علم الحق تعالى.
(4) م. ص. الليلة كناية عن النشأة الكونية ولذة العيش هي الحياة الربانية والرقيب كناية عن خاطر الأغيار والنفس المتقلبة. وقوله بمعزل كناية عن عدم استجابته للحياة الفانية ونسيانها.
(5) المدام: الخمر، منادمي: رفيقي في الشرب. تنجلي: تصفو.
م. ص. المدام كناية عن الغيبة عن الكائنات والحبيب هو اللََّه تعالى والأقداح كناية عن النشأة الكونية والعارفين الممتلئين من شراب العلوم الربانية المسكرة للعقول الإنسانية. {وَسَقََاهُمْ رَبُّهُمْ شَرََاباً طَهُوراً}.
(6) المراد: المطلوب والمقصود. ثمّ: دام.
م. ص. المراد كناية عن الوصال والقرب والمشاهدة لجمال وجه الحق تعالى وقوله لو تم لي يعني الاتحاد الحقيقي بعد الفناء الكلي في الوجود الحق.
لحاني عذولي، ليس يعرف ما الهوى ... وأين الشجيّ المستهام من الخلي (1)
... فدعني ومن أهوى، فقد مات حاسدي ... وغاب رقيبي، عند قرب مواصلي (2)(1/177)
__________
م. ص. المراد كناية عن الوصال والقرب والمشاهدة لجمال وجه الحق تعالى وقوله لو تم لي يعني الاتحاد الحقيقي بعد الفناء الكلي في الوجود الحق.
لحاني عذولي، ليس يعرف ما الهوى ... وأين الشجيّ المستهام من الخلي (1)
... فدعني ومن أهوى، فقد مات حاسدي ... وغاب رقيبي، عند قرب مواصلي (2)
الصبر الجميل
وحياة أشواقي إليك، ... وتربة الصّبر الجميل ... ما استحسنت عيني سواك، ... ولا صبوت إلى خليل!!
(1) لحاني: لا مني. العذول: اللائم. الشجي: الحزين. المستهام مريض الحب.
الخلي: الخالي وهنا الخالي من المحبة.
م. ص. العذول هو اللائم الذي لم يسلك طريق الحق تعالى. وكذلك الخلي أي الذي لم تدخل المحبة الإلهية قلبه.
(2) دعني: اتركني. مواصلي: اقترابي من الأمر.
م. ص. الحديث عن العذول كما مرّ في البيت السابق وهو الجاهل المنكر على أهل العلوم في طريق الحق تعالى. والحاسد كناية عن الشيطان وقرب المواصل كناية عن الدنو من وجه الحق والفناء في الوجود الأزلي.(1/178)
قافية الميم
شمس وهلال
[البحر الطويل] شربنا، على ذكر الحبيب، مدامة ... سكرنا بها، من قبل أن يخلق الكرم (1)
... لها البدر كأس، وهي شمس، يديرها ... هلال، وكم يبدو إذا مزجت نجم (2)
... ولولا شذاها ما اهتديت لحانها، ... ولولا سناها ما تصوّرها الوهم (3)
... ولم يبق منها الدّهر غير حشاشة، ... كأنّ خفاها، في صدور النّهى، كتم (4)
__________
(1) المدامة: الخمرة. الكرم: البستان أو حيث تزرع اشجار العنب أي امهات الخمر.
م. ص. الخمرة كناية عن المعرفة الإلهية والغيبة عن الكائنات. وشربنا بالجمع كناية عن السالكين في طريق اللََّه تعالى. سكرنا كناية عن اغفال امور الدنيا والحياة مع الحقيقة العلية.
(2) م. ص. الشمس كناية عن ظهور نور الحقيقة. والبدر كناية عن الإنسان الممتلئ في الإيمان وهو يبادر الشمس في طلوعه والكأس كناية عن مظهر التجلي وادارة الخمرة كناية عن نشر اسماء اللََّه وصفاته الحسنى والنجم كناية عن قوله (صلّى اللََّه عليه وسلّم) «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
(3) الشذا: الرائحة الطيبة. الحان: بيت الخمر. السنا: الضياء.
م. ص. الشذا كناية عن الروح الأعظم والحان كناية عن حضرات الذات العلية والسنا كناية عن نور العقل الإنساني فإنه ضوء البرق الروحاني.
(4) الدهر: الزمن الطويل. الحشاشة: بقية الروح. النهى: العقل.
م. ص. الدهر كناية عن الدنيا وزخارفها التي تشغل قلوب الضعفاء.
والمعنى ان خفاء الحقيقة الإلهية عن العقول البشرية يشبه خفاء الاسرار وكتمها في صدور أهل العقل والعلم الإلهي.
فإن ذكرت في الحيّ أصبح أهله ... نشاوى، ولا عار عليهم، ولا إثم (1)
... ومن بين أحشاء الدّنان تصاعدت، ... ولم يبق منها، في الحقيقة، إلّا اسم (2)
... وإن خطرت يوما على خاطر امرئ ... أقامت به الأفراح، وارتحل الهمّ (3)
... ولو نظر النّدمان ختم إنائها، ... لأسكرهم من دونها ذلك الختم (4)
... ولو نضحوا منها ثرى قبر ميّت، ... لعادت اليه الرّوح، وانتعش الجسم (5)
... ولو طرحوا، في فيء حائط كرمها ... عليلا، وقد أشقى، لفارقه السّقم (6)
... ولو قرّبوا، من حانها، مقعدا مشى، ... وتنطق من ذكرى مذاقتها البكم (7)(1/179)
__________
والمعنى ان خفاء الحقيقة الإلهية عن العقول البشرية يشبه خفاء الاسرار وكتمها في صدور أهل العقل والعلم الإلهي.
فإن ذكرت في الحيّ أصبح أهله ... نشاوى، ولا عار عليهم، ولا إثم (1)
... ومن بين أحشاء الدّنان تصاعدت، ... ولم يبق منها، في الحقيقة، إلّا اسم (2)
... وإن خطرت يوما على خاطر امرئ ... أقامت به الأفراح، وارتحل الهمّ (3)
... ولو نظر النّدمان ختم إنائها، ... لأسكرهم من دونها ذلك الختم (4)
... ولو نضحوا منها ثرى قبر ميّت، ... لعادت اليه الرّوح، وانتعش الجسم (5)
... ولو طرحوا، في فيء حائط كرمها ... عليلا، وقد أشقى، لفارقه السّقم (6)
... ولو قرّبوا، من حانها، مقعدا مشى، ... وتنطق من ذكرى مذاقتها البكم (7)
(1) النشاوى: مفردها النشوان وهو السكران.
م. ص. أهل الحي كناية عن المتأهلين لقبول انوار الفيض الرباني والنشاوى كناية عن الغيبة عن الأمور الدنيوية والعيش في ظل العالم الروحاني.
(2) الدنان: واحدها الدّن. وهو وعاء الخمر.
م. ص. قوله تصاعدت كناية عن خفاء العلوم الإلهية من صدور الرجالية وتقاصر الهمم الروحانية عن نيلها.
(3) خطرت: مرت سريعا. الخاطر: البال.
م. ص. خطرت كناية عن مرور الحقيقة بالبال ومرّها يكون سريعا. فإن ظهورها واحتجابها على حسب مشيئتها وارتحال الهم كناية عن نسيان الدنيا لأنها همّ بحد ذاتها.
(4) الندمان: واحدها النديم: هو رفيق الشرب. الإناء: الوعاء وهنا وعاء الخمر.
م. ص. الندمان كناية عن العارفين السالكين طريق اللََّه تعالى وختم الإناء كناية عن اثر التجلي الرباني في قلب المؤمن.
(5) نضحوا: رشوا وبلّوا. الثرى: الأرض والتراب.
م. ص. الحديث عن الندمان وهم العارفين السالكين. والنضح كناية عما يفيض عنهم من العلوم العلية، وانتعش الجسم كناية عن عودة الروح إلى الجسم بعد فراقها له وذلك بشفاعة الأولياء الصالحين.
(6) طرحوا: رموا. العليل: المريض. السقم. المرض.
م. ص. الفيء كناية عن عالم الخيال في الأكوان. وحائط كرمها كناية عن عالم الإمكان الظاهر للحس. والعقل فهذا العالم المذكور هو جدار بين الدنيا والآخرة.
وقوله عليلا كناية عن مرض القلب فإن القلوب تمرض روحانيا كما يمرض الجسم.
(7) الحان: بيت الخمر. المقعد: الذي لا يستطيع السير. البكم: جمع ابكم وهو الأخرس الذي لا يستطيع النطق.
م. ص. الحان كناية عن مجالس أهل المعرفة. والمقعد كناية عن الإنسان الخامل في طريق المعرفة. وتنطق البكم كناية عن الكلام بالعلوم الإلهية والحقائق الربانية.
ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها ... وفي الغرب مزكوم، لعاد له الشّمّ (1)
... ولو خضبت من كأسها، كفّ لامس ... لما ضلّ في ليل، وفي يده النجم (2)
... ولو جليت، سرّا، على أكمه غدا ... بصيرا، ومن راووقها تسمع الصّم (3)
... ولو أنّ ركبا يمّموا ترب أرضها ... وفي الرّكب ملسوع، لما ضرّه السّمّ (4)
... ولو رسم الرّاقي حروف اسمها، على ... جبين مصاب جنّ، أبرأه الرسم (5)
... وفوق لواء الجيش لو رقم اسمها ... لأسكر من تحت اللّوا ذلك الرّقم (6)(1/180)
__________
م. ص. الحان كناية عن مجالس أهل المعرفة. والمقعد كناية عن الإنسان الخامل في طريق المعرفة. وتنطق البكم كناية عن الكلام بالعلوم الإلهية والحقائق الربانية.
ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها ... وفي الغرب مزكوم، لعاد له الشّمّ (1)
... ولو خضبت من كأسها، كفّ لامس ... لما ضلّ في ليل، وفي يده النجم (2)
... ولو جليت، سرّا، على أكمه غدا ... بصيرا، ومن راووقها تسمع الصّم (3)
... ولو أنّ ركبا يمّموا ترب أرضها ... وفي الرّكب ملسوع، لما ضرّه السّمّ (4)
... ولو رسم الرّاقي حروف اسمها، على ... جبين مصاب جنّ، أبرأه الرسم (5)
... وفوق لواء الجيش لو رقم اسمها ... لأسكر من تحت اللّوا ذلك الرّقم (6)
(1) عبقت: فاحت، وانتشرت. الطيب: الرائحة الزكية، المزكوم: اسم مفعول من زكم وهو المصاب بالزكام أي فاقد حاسة الشم.
م. ص. الشرق كناية عن بلاد أولياء بلاد العراق ونشر الطيب كناية عن معاني التجليات الإلهية. والغرب بلاد المغرب التي خرج منها ابن الفاضل. والزكام كناية عن الذين لا يشمون المعاني ويتذوقون ما بها لأن حاسة ادراك روائح التحقيق والعرفان مفقودة عنده.
(2) خضبت: صبغت. ضلّ: تاه.
م. ص. كف اللامس كناية عن يد المريد الصادق والنجم كناية عن المدد الذي حصل له من لمس كف الشيخ المريد فالصحبة المحمدية باقية بين المؤمنين إلى يوم القيامة.
(3) الأكمه: الأعمى. الراووق: المصفاة. الصم: جمع اصمّ وهو الأطرش.
م. ص. الجلاء كناية عن انكشاف الحقيقة المحمدية. والأكمه كناية عن العبد الغافل عن معرفة تجليات ربه والراووق كناية عن عقل الإنسان الذي ينير قلب السالك.
(4) الركب: راكبو الإبل وهم القوم المسافرون. يمموا: قصدوا. الملسوع: الذي لدغته افعى واللسع هو اللدغ.
م. ص. الركب كناية عن أهل السلوك والعرفان. وترب أرضها كناية عن الصور الجسمانية التي تنشأ منها الصور الروحانية والملسوع كناية عن المحب العاشق. والسم كناية عن شرور الدنيا.
(5) رسم: كتب وصور الراقي: كاتب الرقي والتعاويذ. أبرأه: شفاه. الرسم: حروف الكتابة.
م. ص. الراقي كناية عن الإنسان المرشد العاقل. والحروف كناية عن الصور والتجليات الربانية. ومصاب الجن كناية عن الإنسان الغافل الذي يتأثر بالوساوس والأوهام.
(6) اللواء: الفرق الكبيرة من الجيش. واللواء: الراية وهو المعنى المقصود.
م. ص. الجيش: كناية عن حاملي لواء العلم والمعرفة السائرين بأمر اللََّه تعالى.
وأشار باللواء إلى غطاء العلم الذي يسير تحته أهل العرفان والذين هم تحت اللوى كناية عن السالكين الذين يضعون أنفسهم بتصرف شيخهم.
تهذّب أخلاق النّدامى، فيهتدي ... بها لطريق العزم، من لا له عزم (1)
... ويكرم من لم يعرف الجود كفّه ... ويحلم، عند الغيظ، من لا له حلم (2)
... ولو نال فدم القوم لثم فدامها، ... لأكسبه معنى شمائلها اللّثم (3)
... يقولون لي: «صفها، فأنت بوصفها ... خبير»، أجل! عندي بأوصافها علم (4)
... صفاء ولا ماء، ولطف ولا هوا، ... ونور ولا نار، وروح ولا جسم (5)
... تقدّم كلّ الكائنات حديثها، ... قديما، ولا شكل هناك، ولا رسم (6)
... وقامت بها الأشياء ثمّ، لحكمة، ... بها احتجبت عن كلّ من لا له فهم (7)(1/181)
__________
وأشار باللواء إلى غطاء العلم الذي يسير تحته أهل العرفان والذين هم تحت اللوى كناية عن السالكين الذين يضعون أنفسهم بتصرف شيخهم.
تهذّب أخلاق النّدامى، فيهتدي ... بها لطريق العزم، من لا له عزم (1)
... ويكرم من لم يعرف الجود كفّه ... ويحلم، عند الغيظ، من لا له حلم (2)
... ولو نال فدم القوم لثم فدامها، ... لأكسبه معنى شمائلها اللّثم (3)
... يقولون لي: «صفها، فأنت بوصفها ... خبير»، أجل! عندي بأوصافها علم (4)
... صفاء ولا ماء، ولطف ولا هوا، ... ونور ولا نار، وروح ولا جسم (5)
... تقدّم كلّ الكائنات حديثها، ... قديما، ولا شكل هناك، ولا رسم (6)
... وقامت بها الأشياء ثمّ، لحكمة، ... بها احتجبت عن كلّ من لا له فهم (7)
(1) الندامى: جمع النديم وهو رفيق الشراب. العزم: الفتوة والقوة. لا له: لا حرف نفي بمعنى ليس والمعنى ليس له.
م. ص. أشار بالندامى إلى المريدين السالكين طريق اللََّه تعالى والعزم كناية عن السير في طريق الخير.
(2) الجود: الكرم. الكف: باطن اليد. الحلم: العقل. الغيظ: الغضب.
م. ص. الكرم والجود من صفات أهل التقوى. وكذلك الحلم والأخلاق الحميدة فهي فيض من العلوم الربانية يعطيها الرحمن لسالكي دربه.
(3) الفدم: البليد الثقيل. اللثم: التقيل. الفدام: غطاء إبريق الشراب. الشمائل:
مفردها الشميلة وهي المزية.
م. ص. الفدم كناية عن الجاهل الغافل والفدام كناية عن الحجاب الذي تحتجب به العقول البشرية عن معرفة الأمر الحق والشمائل كناية عن المعاني الاخلاقية والصفات الرحمانية.
(4) م. ص. الكلام على المحجوبين عن المعرفة الإلهية والعلم بأوصاف المعرفة دليل على تمرسه بالإيمان والتقوى.
(5) م. ص. في البيت وصف للمدامة المكنى عنها بالمعرفة وتعطيل لعناصرها الأربعة الصفاء واللطف والنور والنفس.
(6) م. ص. ان الأشكال والرسوم هي صور الكائنات وإنما المعرفة موجودة بأمر الخالق وهي بمنزلة الظل من الشاخص.
(7) ثم: هناك. من لا له: من ليس له.
م. ص. من ليس له فهم كناية عن الغافلين المحجوبين عن شهود المعرفة واكثر من ذلك فإنهم ينكرون على المريدين معرفتهم ويرمونهم بالعظائم.
وهامت بها روحي، بحيث تمازجا، ... اتّحادا، ولا جرم تخلّله جرم (1)
... فخمر ولا كرم، وآدم لي أب ... وكرم ولا خمر، ولي أمّها أمّ (2)
... ولطف الأواني، في الحقيقة، تابع ... للطف المعاني، والمعاني بها تنمو (3)
... وقد وقع التفريق، والكلّ واحد، ... فأرواحنا خمر، وأشباحنا كرم (4)
... ولا قبلها قبل، ولا بعد بعدها، ... وقبليّة الأبعاد، فهي لها حتم (5)
... وعصر المدى من قبله كان عصرها، ... وعهد أبينا بعدها، ولها اليتم (6)
... محاسن، تهدي المادحين لوصفها ... فيحسن فيها منهم النّثر والنّظم (7)(1/182)
__________
م. ص. من ليس له فهم كناية عن الغافلين المحجوبين عن شهود المعرفة واكثر من ذلك فإنهم ينكرون على المريدين معرفتهم ويرمونهم بالعظائم.
وهامت بها روحي، بحيث تمازجا، ... اتّحادا، ولا جرم تخلّله جرم (1)
... فخمر ولا كرم، وآدم لي أب ... وكرم ولا خمر، ولي أمّها أمّ (2)
... ولطف الأواني، في الحقيقة، تابع ... للطف المعاني، والمعاني بها تنمو (3)
... وقد وقع التفريق، والكلّ واحد، ... فأرواحنا خمر، وأشباحنا كرم (4)
... ولا قبلها قبل، ولا بعد بعدها، ... وقبليّة الأبعاد، فهي لها حتم (5)
... وعصر المدى من قبله كان عصرها، ... وعهد أبينا بعدها، ولها اليتم (6)
... محاسن، تهدي المادحين لوصفها ... فيحسن فيها منهم النّثر والنّظم (7)
(1) هامت: من الهيام بمعنى الحب. تمازجا: اختلط الواحد بالآخر. الجرم: بكسر الجيم: الجسد.
م. ص. الهيام كناية عن حالة الوجد والعشق. وتمازجا كناية عن ان وجود المخلوقات هو من وجود الحق تعالى.
(2) م. ص. الكرم كناية عن عالم المخلوقات الفانية. والمعنى ان كل شيء يتغير ويفنى إلا وجهه الكريم.
(3) الاواني: واحدها الإناء وهو الوعاء. تنمو: تكبر وتنضج.
م. ص. الاواني كناية عن عالم الإمكان والحقيقة كناية عن حقيقة الأمر الإلهي ولطف المعاني هو ما تدل صور الكائنات على قوة الحضرة الإلهية.
(4) م. ص. الأشباح كناية عن صور الكائنات الفانية والكرم كناية عن العصير الروحاني الذي يسكر العقول بما يفيض عليها من الحقائق والعلوم.
(5) م. ص. الكلام عن المعرفة الإلهية المنزهة عن الدخول في قيود الزمان والمكان.
فهي موجودة قبل وبعد كل شيء.
(6) عصر المدى: طول الأيام. أو الدهر.
م. ص. ان المعرفة ازلية وهي فريدة من نوعها ولا يمكن لأي امر آخر ان يشابهها أو يقترن بها.
(7) المحاسن: الصفات الحميدة. النظم: الشعر.
م. ص. المحاسن كناية عن اوصاف المعرفة والمادحون أهل العلم والعرفان والنثر والنظم كناية عن كلام العارفين ومدحهم لهذه المعرفة.
ويطرب من لم يدرها، عند ذكرها ... كمشتاق نعم، كلّما ذكرت نعم (1)
... وقالوا: شربت الإثم! كلّا، وإنّما ... شربت التي، في تركها عندي الإثم (2)
... هنيئا لأهل الدّير! كم سكروا بها، ... وما شربوا منها، ولكنّهم همّوا (3)
... وعندي منها نشوة، قبل نشأتي، ... معي أبدا تبقى، وإن بلي العظم (4)
... عليك بها صرفا، وإن شئت مزجها ... فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظّلم (5)
... فدونكها في الحان، واستجلها به، ... على نغم الألحان، فهي بها غنم (6)
... فما سكنت والهمّ، يوما بموضع، ... كذلك لم يسكن، مع النّغم، الغم (7)
... وفي سكرة، منها، ولو عمر ساعة، ... ترى الدّهر عبدا طائعا، ولك الحكم (8)(1/183)
__________
م. ص. المحاسن كناية عن اوصاف المعرفة والمادحون أهل العلم والعرفان والنثر والنظم كناية عن كلام العارفين ومدحهم لهذه المعرفة.
ويطرب من لم يدرها، عند ذكرها ... كمشتاق نعم، كلّما ذكرت نعم (1)
... وقالوا: شربت الإثم! كلّا، وإنّما ... شربت التي، في تركها عندي الإثم (2)
... هنيئا لأهل الدّير! كم سكروا بها، ... وما شربوا منها، ولكنّهم همّوا (3)
... وعندي منها نشوة، قبل نشأتي، ... معي أبدا تبقى، وإن بلي العظم (4)
... عليك بها صرفا، وإن شئت مزجها ... فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظّلم (5)
... فدونكها في الحان، واستجلها به، ... على نغم الألحان، فهي بها غنم (6)
... فما سكنت والهمّ، يوما بموضع، ... كذلك لم يسكن، مع النّغم، الغم (7)
... وفي سكرة، منها، ولو عمر ساعة، ... ترى الدّهر عبدا طائعا، ولك الحكم (8)
(1) لم يدرها: لم يعرفها. نعم: اسم الحبيبة.
م. ص. من لم يدرها هو الغافل المحجوب عن رؤية الحق والجمال والمعرفة الإلهية ونعم كناية عن الحضرة الإلهية.
(2) الإثم: من اسماء الخمر وهي صفة للخمرة المعصورة من العنب الأحمر.
م. ص. الكلام عن اللائمين وشرب الخمر عنده الغفلة عن عالم المخلوقات والحياة مع الروح وامر اللََّه.
(3) هموا: بادروا إلى القيام بالعمل. الدير: مسكن الرهبان.
م. ص. أهل الدير كناية عن الرهبان الوارثين للمقام العيسوي ما شربوا منها كناية عن عدم وصولهم إلى معرفة النور المحمدي.
(4) النشوة: السكر. النشأة: الولادة. بلي: فني.
المعنى: أن نشوة المعرفة الإلهية تدوم معه حتى وان بلي الجسد فهي تدوم ولو كان الجسد معدوما.
(5) عليك: اسم فعل بمعنى تمسك. الصرف: الخالص.
م. ص. عليك: خطاب للسالكين طريق المعرفة. والصرافة في الشراب كناية عن فناء كل شيء ما خلا الوجه الحق.
(6) دونكها: اسم فعل امر بمعنى خذها. الحان: بيت الخمر. استجلها: اطلب جلاها أي صفاءها. الغنم: الربح.
م. ص. الغنم كناية عن كسب رضا اللََّه باكتساب تعاليمه ومعارفه العلية.
(7) سكنت: حلّت وأقامت. الغم: الحزن.
(8) م. ص. الخطاب للمريد السالك والعبد الطائع هو العارف لأمر ربه المؤتمر بأوامره والمنتهي بنواهيه والحكم كناية عن تحكم المريد بأمر نفسه وكبح جماحها عن الرغبات الفانية.
فلا عيش في الدّنيا لمن عاش صاحيا، ... ومن لم يمت سكرا بها، فاته الحزم (1)
... على نفسه، فليبك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب، ولا سهم (2)(1/184)
__________
(8) م. ص. الخطاب للمريد السالك والعبد الطائع هو العارف لأمر ربه المؤتمر بأوامره والمنتهي بنواهيه والحكم كناية عن تحكم المريد بأمر نفسه وكبح جماحها عن الرغبات الفانية.
فلا عيش في الدّنيا لمن عاش صاحيا، ... ومن لم يمت سكرا بها، فاته الحزم (1)
... على نفسه، فليبك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب، ولا سهم (2)
نار ليلى
[البحر البسيط] هل نار ليلى بدت ليلا «بذي سلم» ... أم بارق لاح في «الزوراء»، فالعلم (3)
... أرواح «نعمان»، هلّا نسمة سحرا ... وماء «وجرة»، هلّا نهلة بفم (4)
... يا سائق الظّعن يطوي البيد معتسفا، ... طيّ السّجلّ، بذات الشّيح من إضم (5)
(1) الصاحي: الواعي الذي لم تؤثر الخمرة به. الحزم: الرأي السديد.
م. ص. ان المعرفة الإلهية عيش الحياة وكسب الوفاة ومن عاش خاليا منها فهو جسد بلا روح.
(2) السهم: النصيب.
م. ص. هذا البيت تأكيد للبيت السابق بأن من لم يعرف المحبة والحقيقة الرحمانية أضاع عمرا سدى بعيدا عن مسالك الإيمان والعرفان.
والحمد للََّه رب العالمين
(3) بدت: ظهرت. البارق. السحاب الحامل للبرق. لاح: ظهر. ذو سلم والزوراء والعلم: مواقع.
المعنى الصوفي: نار ليلى كناية عن ظهور الوجود الحق. والليل كناية عن ظلمة الأكوان وذو سلم كناية عن القلب السليم.
(4) أرواح: جمع ريح. هلا حرف يستعمل للتحضيض أو الطلب بشدة. السحر: اوائل الصباح. النهلة: المرة الواحدة من الشرب. نعمان ووجرة موضعان.
م. ص. أرواح نعمان كناية عن اقطاب المنازل والنسمة كناية عن الروح الآمري والسحر كناية عن بداية احوال السالكين ووجرة كناية عن ماء العلم الإلهي والنهلة هي العلوم الربانية التي تنعش نفس المريد.
(5) الظعن: الإبل المهيأة للرحيل والسفر. يطوي: يقطع البيد: جمع البيداء وهي الفلاة الواسعة المعتسف: التائه. ذات الشيح وإضم: موضعان.
م. ص. سائق الظعن كناية عن الروح الأعظم والبيد كناية عن المظاهر الكونية. وطي السجل كناية عن فناء النفوس البشرية وذات الشيح كناية عن الخلق تأكيدا للآية الكريمة {وَاللََّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبََاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهََا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرََاجاً}.
عج بالحمى، يا رعاك اللََّه، معتمدا ... خميلة الضّال، ذات الرّند والخزم (1)
... وقف «بسلع» وسل «بالجزع»: هل مطرت ... «بالرّقمتين»، أثيلات بمنسجم (2)
... ناشدتك اللََّه إن جزت «العقيق» ضحى، ... فاقر السّلام عليهم، غير محتشم (3)
... وقل تركت صريعا في دياركم، ... حيّا كميت، يعير السّقم للسّقم (4)
... فمن فؤادي لهيب ناب عن قبس ... ومن جفوني دمع فاض كالدّيم (5)
... وهذه سنّة العشّاق، ما علقوا ... بشادن، فخلا عضو من الألم (6)(1/185)
__________
م. ص. سائق الظعن كناية عن الروح الأعظم والبيد كناية عن المظاهر الكونية. وطي السجل كناية عن فناء النفوس البشرية وذات الشيح كناية عن الخلق تأكيدا للآية الكريمة {وَاللََّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبََاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهََا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرََاجاً}.
عج بالحمى، يا رعاك اللََّه، معتمدا ... خميلة الضّال، ذات الرّند والخزم (1)
... وقف «بسلع» وسل «بالجزع»: هل مطرت ... «بالرّقمتين»، أثيلات بمنسجم (2)
... ناشدتك اللََّه إن جزت «العقيق» ضحى، ... فاقر السّلام عليهم، غير محتشم (3)
... وقل تركت صريعا في دياركم، ... حيّا كميت، يعير السّقم للسّقم (4)
... فمن فؤادي لهيب ناب عن قبس ... ومن جفوني دمع فاض كالدّيم (5)
... وهذه سنّة العشّاق، ما علقوا ... بشادن، فخلا عضو من الألم (6)
(1) عج: فعل امر من عاج بمعنى مال. الخميلة: الشجر الكثير. الضال: نوع من الشجر. الرند والخزم: زهر طيب الرائحة.
م. ص. الحمى كناية عن الصورة الرحمانية وتجلياتها وخميلة الضال كناية عن الدنيا ومخلوقاتها والرند كناية عن الأعمال الصالحة.
(2) سلع: جبل في المدينة. الجزع: منعطف الوادي. الرقمتان: موضع. الأثيلات:
شجر.
م. ص. الجزع كناية عن اللوح المحفوظ وفيه احوال العوالم والأمطار كناية عن العلوم المحمدية. والرقمتان كناية عن حضرة العلم الإلهي. وحضرة الإرادة الربانية.
والمنسجم كناية عن المطر الذي يجانس الدمع ودمعة المؤمن رحمة.
(3) نشدتك: سألتك. جزت: قطعت وتخطيت. العقيق: واد بالمدينة المنورة. الضحى:
أوائل الصباح. غير محتشم: غير خجل.
م. ص. العقيق كناية عن ورثة النور المحمدي والجواز كناية عن القيام بأعمالهم والضحى كناية عن اشراق شمس المعرفة. والاحتشام كناية عن جمال النفس.
(4) الصريع: القتيل. السقم: المرض.
م. ص. الصريع كناية عن نفسه المقتولة بسيوف المجاهدة في طريق العرفان والديار كناية عن الحضرات الربانية العلية.
(5) الفؤاد: القلب. اللهيب اشتعال النار الصافي من الدخان. القبس: الشعلة من النور.
الديم: جمع الديمة وهي السحابة الماطرة.
م. ص. اللهيب لهيب التجلي الإلهي والدمع كناية عن الرحمة لأن دمعة المؤمن رحمة. والديم كناية عن العلم الرباني والأمداد الرحماني.
(6) سنة العشاق: طريقتهم. الشادن: ولد الغزال.
م. ص. ان قبض الدموع يعبر عن التجليات الإلهية والعشاق هم السالكون والمريدون أصحاب النظر إلى الجمال الحقيقي والألم هو ألم المجاهدة الذي يلقاه المريد في طريق اللََّه تعالى والشادي عبارة عن الإنسان الذي لا يهدأ في سبيل الوصول إلى ما يريد.(1/186)
يا لائما لامني في حبّهم، سفها، ... كفّ الملام، فلو أحببت لم تلم (1)
... وحرمة الوصل والودّ العتيق، وبالعهد ... الوثيق، وما قد كان في القدم (2)
... ما حلت عنهم بسلوان، ولا بدل ... ليس التبدّل والسّلوان من شيمي (3)
... ردّوا الرّقاد لجفني، علّ طيفكم ... بمضجعي زائر في غفلة الحلم (4)
... آها لايّامنا بالخيف، لو بقيت، ... عشرا، وواها عليها كيف لم تدم (5)
... هيهات، وا أسفي، لو كان ينفعني ... أو كان يجدي على ما فات، وا ندمي (6)
... عنّي إليكم، ظباء المنحنى، كرما ... عهدت طرفي لم ينظر لغيرهم (7)
... طوعا لقاض أتى في حكمه عجبا ... أفتى بسفك دمي في الحلّ والحرم (8)
__________
(1) السنه: الجهل. كف: أوقف.
م. ص. اللائم كناية عن الجاهل الغافل والحب هو حب المظاهر الإلهية المتجلي في صور الكون.
(2) الوصل لقاء المحب بالحبيب والود العتيق كناية عن المحبة الاصيلة. والعهد الوثيق هو عهد اللََّه تعالى.
(3) حلت: ابتعدت. السلوان: النسيان. الشيم: جمع الشيمة وهي الصفة والعادة.
الشيمة: الخلق.
(4) الرقاد: النوم. الطيف: الخيال. المضجع: مكان النوم.
م. ص. غفلة الحلم إشارة إلى الحديث الشريف «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
(5) آها: للتوجع والشكوى. الخيف: جبل بالحجاز خلف جبل أبي قبيس.
م. ص. الخيف كناية عن الطبائع البشرية والليالي العشر الأيام الثلاثة في وادي منى والليالي السبع في تأدية مناسك الفريضة والحج.
(6) المعنى: ان الأسف والندم لا ينفعان ولا يردان للإنسان ما كان عليه.
(7) م. ص. ظباء المنحنى: كناية عن حضرات الصفات والأسماء. وهذه الحضرات لا يميل طرفه إلّا إليها.
(8) الطوع: الانقياد.
م. ص. الحل كناية عما خرج من حرم مكة والحرم حرم مكة أي حرم اللََّه ورسوله فمن دخله كان آمنا.
أصمّ لم يسمع الشكوى، وأبكم لم ... يحر جوابا، وعن حال المشوق عمي (1)(1/187)
__________
م. ص. الحل كناية عما خرج من حرم مكة والحرم حرم مكة أي حرم اللََّه ورسوله فمن دخله كان آمنا.
أصمّ لم يسمع الشكوى، وأبكم لم ... يحر جوابا، وعن حال المشوق عمي (1)
أصلّي فأشدو بذكرها
[البحر الطويل] أدر ذكر من أهوى، ولو بملام، ... فإنّ أحاديث الحبيب مدامي (2)
... ليشهد سمعي من أحبّ، وإن نأى ... بطيف ملام، لا بطيف منام (3)
... فلي ذكرها يحلو على كلّ صيغة ... وإن مزجوه عذّلي بخصام (4)
... كأنّ عذولي، بالوصال، مبشّري، ... وإن كنت لم أطمع بردّ سلام ... بروحي من أتلفت روحي بحبّها ... فحان حمامي، قبل يوم حمامي (5)
... ومن أجلها طاب افتضاحي، ولذّ لي اطّرا ... حي، وذلّي، بعد عزّ مقامي (6)
... وفيها حلا لي، بعد نسكي، تهتّكي، ... وخلع عذاري، وارتكاب أثامي (7)
(1) الأصم: فاقد السمع والأبكم الذي لا يستطيع النطق. لم يحر جوابا: لم يرد. عمي:
فاقد النظر.
المعنى ان قاضي الهوى جائر في حكمه لا يعبأ بكبير ولا يشفق على صغير.
والحمد للََّه رب العالمين
(2) أدر: فعل امر اكثر ما يستعمل مع الخمر. مدامي: خمرتي.
م. ص. المدام كناية عن الغيبة الروحية وغفلة المريد عن كل امور الدنيا أثناء توجهه في العبادة.
(3) نأى: بعد. الطيف: الخيال.
م. ص. ليشهد سمعي كناية عن ان المحبوب لا يدرك بالحواس.
(4) الصيغة: الهيئة الحسنة. العذل: اللوام.
(5) اتلفت: أفسدت وأماتت. الحمام: الموت.
م. ص. في البيت إشارة إلى الحديث الشريف «موتوا قبل أن تموتوا» وباعتقاد الصوفية هناك ميتات أربع: الموت الأبيض وهو الجوع والموت الأخضر وهو لبس الثياب المرقعة والموت الأسود وهو تحمل أذى الخلق والموت الأحمر وهو مخالفة النفس في مشيئة اهوائها.
(6) م. ص. الافتضاح كناية عن ظهور عيبه أمام الغافلين الذي لا يعلمون حقيقة حاله.
(7) نسكي: عبادتي. التهتك: ارتكاب الأثم.
أصلّي، فأشدو حين أتلو، بذكرها، ... وأطرب في المحراب، وهي إمامي (1)
... وبالحج، إن أحرمت، لبيّت باسمها ... وعنها أرى الإمساك فطر صيامي (2)
... أروح بقلب، بالصبّابة، هائم، ... وأغدو بطرف، بالكآبة، هام (3)
... وشأني، بشأني، معرب وبما جرى ... جرى، وانتحابي معرب بهيامي (4)
... فقلبي وطرفي: ذا بمعنى جمالها ... معنّى، وذا مغرى بلين قوام (5)
... ونومي مفقود، وصبحي، لك البقا، ... وسهدي، موجود، وشوقي نام (6)
... وعقدي وعهدي: لم يحلّ ولم يحل ... ووجدي، وجدي، والغرام غرامي (7)
... يشفّ عن الأسرار جسمي من الضّنى ... فيغدو بها، معنى، نحول عظامي (8)(1/188)
__________
(7) نسكي: عبادتي. التهتك: ارتكاب الأثم.
أصلّي، فأشدو حين أتلو، بذكرها، ... وأطرب في المحراب، وهي إمامي (1)
... وبالحج، إن أحرمت، لبيّت باسمها ... وعنها أرى الإمساك فطر صيامي (2)
... أروح بقلب، بالصبّابة، هائم، ... وأغدو بطرف، بالكآبة، هام (3)
... وشأني، بشأني، معرب وبما جرى ... جرى، وانتحابي معرب بهيامي (4)
... فقلبي وطرفي: ذا بمعنى جمالها ... معنّى، وذا مغرى بلين قوام (5)
... ونومي مفقود، وصبحي، لك البقا، ... وسهدي، موجود، وشوقي نام (6)
... وعقدي وعهدي: لم يحلّ ولم يحل ... ووجدي، وجدي، والغرام غرامي (7)
... يشفّ عن الأسرار جسمي من الضّنى ... فيغدو بها، معنى، نحول عظامي (8)
(1) أشدو: أغني والمقصود ترتيل القرآن. المحراب موقف الإمام تجاه قبلة المصلين.
م. ص. الكلام عن المحبوبة الحقيقية وهي الحضرة الإلهية والامام كناية عن الشيخ العارف الذي يقتدي به أهل العلم والمعرفة.
(2) لبيت: عبارة عن التلبية المستحبة التي يطلقها الحجيج أثناء تأدية الفريضة بقولهم «لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك».
(3) شأني الأولى: دمعي وشأني الثاني أمري. جرى الأولى: سال جرى الثانية حصل.
انتحابي: شدة بكائي.
المعنى أن دمعي مبين لحالي لأنه يظهر ما جرى لي من خلال البكاء والنحيب.
(4) أروح: من الرواح وهو السير بعد الظهر. وأغدو: أسير قبل الظهر. الصبابة: مرض العشق. الطّرف: النظر. الكآبة: الحزن. هام: منسكب.
(5) المعنى: بضم الميم المتعب. المغري: المولع بالشيء.
المعنى أن قلبه تعب دائما لأنه يتصور جمال الحبيب وكذلك نظره لأنه مولع بالجمال.
(6) عبارة لك البقاء تستعمل في مقام التعزية والمقصود انه فقد نومه لكثرة اشتغاله بأمور الدين.
السهاد: السهر. النامي: المتعاظم.
م. ص. فقدان النوم كناية عن اليقظة الحقيقة والصبح رؤية نور الصباح الكوني والنور الإلهي.
(7) عقدي: وثاقي وعهدي لهم. لم يحل: لم ينفك. لم يحل بفتح الياء: لم يتبدل.
م. ص. العهد إشارة إلى الآية الكريمة {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ} وهو عهد الربوبية للخالق تعالى.
(8) يشف: يرق. الضنا: النحول والضعف.
م. ص. أن جسمي لشدة ضعفه صار رقيقا شفافا تظهر الأسرار الإلهية منه.
طريح جوى حبّ، جريح جوانح، ... قريح جفون، بالدّوام دوامي (1)
... صريح هوى، جاريت من لطفي الهوا ... سحيرا، فأنفاس النّسيم لمامي (2)
... صحيح، عليل، فاطلبوني من الصّبا، ... ففيها، كما شاء النّحول، مقامي (3)
... خفيت ضنى، حتى خفيت عن الضّنى ... وعن برء أسقامي، وبرد أوامي (4)
... ولم أدر من يدري مكاني، سوى الهوى ... وكتمان أسراري، ورعي ذمامي (5)
... ولم يبق منّي الحبّ غير كآبة، ... وحزن، وتبريح، وفرط سقام (6)
... فأمّا غرامي واصطباري وسلوتي ... فلم يبق لي منهنّ غير أسامي (7)(1/189)
__________
م. ص. أن جسمي لشدة ضعفه صار رقيقا شفافا تظهر الأسرار الإلهية منه.
طريح جوى حبّ، جريح جوانح، ... قريح جفون، بالدّوام دوامي (1)
... صريح هوى، جاريت من لطفي الهوا ... سحيرا، فأنفاس النّسيم لمامي (2)
... صحيح، عليل، فاطلبوني من الصّبا، ... ففيها، كما شاء النّحول، مقامي (3)
... خفيت ضنى، حتى خفيت عن الضّنى ... وعن برء أسقامي، وبرد أوامي (4)
... ولم أدر من يدري مكاني، سوى الهوى ... وكتمان أسراري، ورعي ذمامي (5)
... ولم يبق منّي الحبّ غير كآبة، ... وحزن، وتبريح، وفرط سقام (6)
... فأمّا غرامي واصطباري وسلوتي ... فلم يبق لي منهنّ غير أسامي (7)
(1) الطريح: الذي لا يستطيع الحراك. الجوى: الحزن وهو الباطن. القريح: الجريح.
الدوامي: السائلة الدماء.
(2) الهوى الصريح: الحب الظاهر. جاريت: سايرت. السحير: تصغير السحر وهو آخر الليل.
م. ص. الهوى كناية عن المحبة الإلهية وأنفاس النسيم كناية عن تنفسات الروح الأعظم.
(3) العليل: المريض. الصبا: الريح الشرقية أو الشمالية الخفيفة. النحول: الهزال والضعف.
م. ص. الخطاب للمريدين والصبا كناية عن الروح الأعظم. والسقام كناية عن الفناء في الوجود الحق.
(4) البرء: الشفاء. الأسقام: الأمراض وواحدها السقم. أوامي: عطشي.
م. ص. إخفاء الضنى كناية عن الأشواق الداخلية والأوام: هو عطش المحبة الإلهية فلا يقبل عطشه الزوال لأن حالته هذه نابعة من قناعة وحب داخلي.
(5) رعي الذمام: الحفاظ على العهد.
م. ص. الهوى كناية عن المحبة الإلهية والأسرار كناية عن العلوم العلية الخفية عن مدارك العقول.
(6) الكآبة: الحزن. التبريح: شدة العشق. الفرط: المبالغة أو الزيادة. السقام: المرض.
م. ص. قوله مني يعني نشأته الكونية والحب كناية عن الحب الحقيقي للحضرات العلية.
(7) سلوتي: نسياني. الأسامي: الأسماء.
م. ص. الغرام هو العشق الإلهي والأسماء أو الأسامي كناية عن الأسماء الإلهية.
لينج، خليّ من هواي، بنفسه، ... سليما، ويا نفس: اذهبي بسلام ... وقال: اسل عنها، لائمي، وهو مغرم، ... بلومي فيها، قلت: فاسل ملامي (1)
... بمن أهتدي في الحبّ لو رمت سلوة ... وبي يقتدي، في الحبّ، كلّ إمام (2)
... وفي كلّ عضو فيّ كلّ صبابة ... إليها، وشوق جاذب بزمامي (3)
... تثنّت، فخلنا كلّ عطف تهزّه ... قضيب نقا، يعلوه بدر تمام (4)
... ولي كلّ عضو، فيه كلّ حشا بها، ... إذا ما رنت، وقع لكلّ سهام (5)
... ولو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر، ... به كلّ قلب، فيه كلّ غرام (6)
... وفي وصلها، عام لديّ كلحظة ... وساعة هجران عليّ كعام (7)
... ولمّا تلاقينا عشاء، وضمّنا ... سواء سبيلي دارها وخيامي (8)
... وملنا كذا شيئا عن الحيّ، حيث لا ... رقيب، ولا واش بزور كلام (9)(1/190)
__________
م. ص. الغرام هو العشق الإلهي والأسماء أو الأسامي كناية عن الأسماء الإلهية.
لينج، خليّ من هواي، بنفسه، ... سليما، ويا نفس: اذهبي بسلام ... وقال: اسل عنها، لائمي، وهو مغرم، ... بلومي فيها، قلت: فاسل ملامي (1)
... بمن أهتدي في الحبّ لو رمت سلوة ... وبي يقتدي، في الحبّ، كلّ إمام (2)
... وفي كلّ عضو فيّ كلّ صبابة ... إليها، وشوق جاذب بزمامي (3)
... تثنّت، فخلنا كلّ عطف تهزّه ... قضيب نقا، يعلوه بدر تمام (4)
... ولي كلّ عضو، فيه كلّ حشا بها، ... إذا ما رنت، وقع لكلّ سهام (5)
... ولو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر، ... به كلّ قلب، فيه كلّ غرام (6)
... وفي وصلها، عام لديّ كلحظة ... وساعة هجران عليّ كعام (7)
... ولمّا تلاقينا عشاء، وضمّنا ... سواء سبيلي دارها وخيامي (8)
... وملنا كذا شيئا عن الحيّ، حيث لا ... رقيب، ولا واش بزور كلام (9)
(1) اسل: فعل امر من سلا أي نسي.
المعنى ان اللائم طلب منه أن ينسى الحبيبة فقال له أنا مغرم بها وأنت مغرم في لومي فانس هذا اللوم إذا كنت تستطيع.
(2) رمت: أردت أو طلبت. السلوة: النسيان.
(3) الجذب بالزمام: كناية عن التعلق بالمحبوب الحقيقي.
(4) تثنت: تمايلت. خلنا: ظننا. العطف: تمايل الجسد. النقا: كثيب الرمل.
م. ص. الكلام عن المحبوبة الحقيقية والعطف كناية عن ظهور الأسماء والصفات.
والغصن كناية عن النشأة الكونية وبدر التمام كناية عن وجه العارف الكامل.
(5) الحشا: الباطن. رنت: نظرت بطرف عينها. الوقع: الأثر.
م. ص. رنت بطرف عينها كناية عن ان وجه اللََّه لا تدركه الأبصار والسهام هي سهام العشق في قلوب العاشقين.
(6) م. ص. بسط الجسم كناية عن الاطلاع على الحقيقة وفي البيت تأكيد على أن المحبة انتشرت في كل جزء من جسده ولا يمكن فصلها عنه.
(7) العام: السنة. وهذا المعنى شائع في لغة المحبين.
(8) م. ص. العشاء أول ظلام الليل وهو كناية عن الملاقاة الكونية بينه وبين الحضرة الإلهية. فالدار كناية عن الروح الأعظم والخيام كناية عن الجسد.
(9) المعنى اننا ابتعدنا عن الحي قليلا حيث لا واش ولا رقيب ينغص حالنا.
م. ص. الحي كناية عن جهة العالم الكوني والابتعاد عن هذا الحي كناية عن الدخول في عالم الروحانيات.
فرشت لها خدّي، وطاء، على الثّرى ... فقالت: لك البشرى بلثم لثامي (1)
... فما سمحت نفسي بذلك، غيرة، ... على صونها منّي لعزّ مرامي (2)
... وبتنا، كما شاء اقتراحي، على المنى ... أرى الملك ملكي، والزمان غلامي (3)(1/191)
__________
م. ص. الحي كناية عن جهة العالم الكوني والابتعاد عن هذا الحي كناية عن الدخول في عالم الروحانيات.
فرشت لها خدّي، وطاء، على الثّرى ... فقالت: لك البشرى بلثم لثامي (1)
... فما سمحت نفسي بذلك، غيرة، ... على صونها منّي لعزّ مرامي (2)
... وبتنا، كما شاء اقتراحي، على المنى ... أرى الملك ملكي، والزمان غلامي (3)
ملوك العشق خدّامي (4)
[البحر البسيط] نشرت، في موكب العشّاق أعلامي، ... وكان قبلي بلي، في الحبّ، أعلامي (5)
... وسرت فيه ولم أبرح بدولته، ... حتى وجدت ملوك العشق خدّامي (6)
(1) الوطاء: مكان دوس القدم. الثرى: التراب والأرض. اللثم: التقبيل. اللثام: الفم أو غطاء الفم.
م. ص. الوطاء كناية عن الجسد المركب من الطين والماء واللثام كناية عن الصور الحسية.
(2) صونها: حمايتها. المرام: الغاية والطلب.
م. ص. عز المرام كناية عن الحظوة بالحقيقة الذاتية
(3) م. ص. أرى الملك ملكي كناية عن توصله إلى درجات العلم والعشق الصوفي والظهور بالمظهر الرباني بعد فناء النشأة الجسمانية والزمان غلامي كناية عن امتلاكه للحياة بحيث أصبحت طوع بنانه.
والحمد لله رب العالمين
(4) في هذه القصيدة ستة أبيات فقط من نظم الشيخ ابن الفارض قدس اللََّه سره سنشير إليها عند الوصول في الشرح إليها. أما بقية الأبيات فهي من نظم حفيده الشيخ علي حيث أضافها قبل الأبيات المنسوبة للشيخ عمر وبعدها.
(5) اعلامي في آخر الصدر جمع علم وهو الراية. وأعلامي في آخر العجز جمع علم وهو سيد القوم.
والمعنى ان أسيادي في المحبة الإلهية قد ماتوا قبلي وأنا اليوم اقتفي آثارهم.
(6) لم أبرح: لم أغادر. الدولة: انقلاب الزمان.
المعنى أني لم أزل على عهد الحب الإلهي حتى أصبح أهل الزمان رعايا لي في محبتي للحق ونصرتي على الباطل.
ولم أزل، منذ أخذ العهد في قدمي، ... لكعبة الحسن، تجريدي وإجرامي (1)
... وقد رماني هواكم في الغرام، إلى ... مقام حبّ شريف، شامخ، سام (2)
... جهلت أهلي فيه، أهل نسبته ... وهم أعزّ أخلّائي وألزامي (3)
... قضيت فيه، إلى حين انقضى أجلي ... شهري، ودهري، وساعاتي، وأعوامي (4)
... ظنّ العذول بأنّ العذل يوقفني ... نام العذول، وشوقي زائد نام (5)
... إن عام إنسان عيني في مدامعه، ... فقد أمدّ بإحسان وإنعام (6)
... يا سائقا عيس أحبابي عسى مهلا ... وسر رويدا فقلبي بين أنعام (7)
... سلكت كلّ مقام في محبّتكم، ... وما تركت مقاما، قطّ، قدّامي (8)(1/192)
__________
المعنى أني لم أزل على عهد الحب الإلهي حتى أصبح أهل الزمان رعايا لي في محبتي للحق ونصرتي على الباطل.
ولم أزل، منذ أخذ العهد في قدمي، ... لكعبة الحسن، تجريدي وإجرامي (1)
... وقد رماني هواكم في الغرام، إلى ... مقام حبّ شريف، شامخ، سام (2)
... جهلت أهلي فيه، أهل نسبته ... وهم أعزّ أخلّائي وألزامي (3)
... قضيت فيه، إلى حين انقضى أجلي ... شهري، ودهري، وساعاتي، وأعوامي (4)
... ظنّ العذول بأنّ العذل يوقفني ... نام العذول، وشوقي زائد نام (5)
... إن عام إنسان عيني في مدامعه، ... فقد أمدّ بإحسان وإنعام (6)
... يا سائقا عيس أحبابي عسى مهلا ... وسر رويدا فقلبي بين أنعام (7)
... سلكت كلّ مقام في محبّتكم، ... وما تركت مقاما، قطّ، قدّامي (8)
(1) كعبة الحسن: الجمال الإلهي.
(2) الشامخ: المرتفع. وكذلك السامي.
م. ص. الكلام عن الأحبة والغرام حالات الوجد الصوفي والمقام هو مقام الحضرات والصفات.
(3) الأخلاء: جمع خليل، وهو الصاحب والمحب.
م. ص. الأخلاء والإلزام هم الشيوخ العارفون السالكون طريق المعرفة ودرب الهدى.
(4) انقضى أجلي: حان موتي. والشهر والدهر والساعات والأعوام من أسماء الزمان.
والمعنى أنه أفنى حياته كلها في العبادة والعمل في سبيل اللََّه.
(5) العذول: اللائم. النامي: الكثير المتعاظم.
والمعنى أنه كلما زاد لوم اللائمين له في هذا الأمر كلما تعاظم حبه وازداد إصرارا على هذا الأمر.
(6) عام: سبح. انسان العين: بؤبؤها. أمدّ: أعال.
والمقصود ان البكاء من خشية اللََّه كالبكاء من أجل محبته ومعروف أن دمعة المؤمن رحمة.
(7) العيس: الإبل. رويدا: اسم فعل امر بمعنى تمهل. الانعام: جمع لا مفرد له يطلق على الإبل.
م. ص. سائق العيس كناية عن الحق تعالى والإبل أو العيس كناية عن النفوس الانسانية.
(8) م. ص. المقام هو كناية عن الإقامة الروحية في الحضرة الربانية وخلفي وقدامي كناية عن فناء العمر فيما مضى والنية فيما سيأتي في العمل في سبيل اللََّه.
وكنت أحسب أنّي قد وصلت إلى ... أعلى، وأغلى مقام، بين أقوامي (1)
... حتى بدا لي مقام لم يكن أربي، ... ولم يمرّ، بأفكاري وأوهامي (2)
... إن كان منزلتي في الحبّ عندكم، ... ما قد رأيت، فقد ضيّعت أيّامي (3)
... «أمنيّة ظفرت روحي بها زمنا، ... واليوم أحسبها أضغاث أحلام» (4)
... «وإن يكن فرط وجدي، في محبّتكم ... إثما فقد كثرت، في الحبّ، آثامي» (5)
... «ولو علمت بأنّ الحبّ آخره ... هذا الحمام، لما خالفت لوّامي» (6)
... «أودعت قلبي إلى من ليس يحفظه ... أبصرت خلفي، وما طالعت قدّامي» ... «لقد رماني بسهم من لواحظه، ... أصمى فؤادي، فوا شوقي إلى الرامي» (7)(1/193)
__________
(8) م. ص. المقام هو كناية عن الإقامة الروحية في الحضرة الربانية وخلفي وقدامي كناية عن فناء العمر فيما مضى والنية فيما سيأتي في العمل في سبيل اللََّه.
وكنت أحسب أنّي قد وصلت إلى ... أعلى، وأغلى مقام، بين أقوامي (1)
... حتى بدا لي مقام لم يكن أربي، ... ولم يمرّ، بأفكاري وأوهامي (2)
... إن كان منزلتي في الحبّ عندكم، ... ما قد رأيت، فقد ضيّعت أيّامي (3)
... «أمنيّة ظفرت روحي بها زمنا، ... واليوم أحسبها أضغاث أحلام» (4)
... «وإن يكن فرط وجدي، في محبّتكم ... إثما فقد كثرت، في الحبّ، آثامي» (5)
... «ولو علمت بأنّ الحبّ آخره ... هذا الحمام، لما خالفت لوّامي» (6)
... «أودعت قلبي إلى من ليس يحفظه ... أبصرت خلفي، وما طالعت قدّامي» ... «لقد رماني بسهم من لواحظه، ... أصمى فؤادي، فوا شوقي إلى الرامي» (7)
(1) الأقوام: العشيرة. وهي كناية عن المشايخ من أصحاب السلوك الرحماني.
(2) الأرب: الحاجة والقصد والمعنى انه خلال هذه العبادة والرياضة لم يصل إلى غايته التي يتمناها.
(3) هذا البيت والأبيات الخمسة التي تليه مجموع ما نظمه الشيخ ابن الفارض من هذه القصيدة.
المنزلة: الرتبة.
م. ص. الكلام عن المحبة الإلهية والمنزلة هي المقام الدنيوي وضياع الأيام كناية عن عدم بلوغ المقصود.
(4) ظفرت: فازت. أحسبها: أظنها. أضغاث الأحلام: الأحلام التي يصعب تفسيرها.
م. ص. المعنى في خلال الأيام الماضية لم أنل غايتي وإن ما تقدم من عمري لم يكن سوى خيالات وأوهام.
(5) فرط الوجد: كثرته. الآثام: جمع الإثم وهو الذنب. وارتكاب المعصية.
المعنى: أن ذنوب المحب على قدر محبته فإذا كانت أشواقه كثيرة فلا بد أن يقصر في الوصول والتقصير كناية عن الذنوب التي يتكلم عنها.
(6) الحمام: بكسر الحاء الموت.
المعنى: لو كنت أعلم أن المحبة ذنب وأن آخرها الموت لما خالفت اللوام في عذلهم لي.
(7) اللواحظ: العيون. أصمى: قتل.
م. ص. الكلام عن المحبوب الحقيقي واللواحظ كناية عن وجه الحق الذي لا تدركه الأبصار وتبقى النفوس بشوق إلى رؤية وجهه الكريم.(1/194)
آها على نظرة منه أسرّ بها، ... فإنّ أقصى مرامي رؤية الرّامي (1)
... إن أسعد اللََّه روحي، في محبّته، ... وجسمها، بين أرواح وأجسام (2)
... وشاهدت واجتلت وجه الحبيب، فما ... أسنى وأسعد أرزاقي وأقسامي (3)
... ها قد أظلّ زمان الوصل، يا أملي، ... فامنن، وثبّت به قلبي وأقدامي (4)
... وقد قدمت وما قدّمت لي عملا ... إلّا غرامي وأشواقي، وإقدامي (5)
... دار السلام إليها، قد وصلت إذن ... من سبل أبواب إيماني وإسلامي (6)
... يا ربّنا، أرني أنظر إليك، بها، ... عند القدوم، وعاملني بإكرام!! (7)
__________
(1) أسر: أفرح. أقصى: أبعد. المرام: الغاية والمقصود.
م. ص. في البيت إشارة إلى الآية الكريمة {وَمََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ رَمى ََ}.
(2) المحبة هي محبة اللََّه. والأرواح والأجسام كناية عن نفوس وأجساد اصحاب السلوك من أهل المعرفة.
(3) اجتلت: كشفت بنفسها. أسنى: ارفع. الأقسام: الحظوظ.
م. ص. وجه الحبيب كناية عن نور المعرفة أما الأرزاق والأقسام فهي كناية عن المعارف والحقائق الربانية التي حصّلها.
(4) أظل: قرب. امنن: أنعم.
الوصل كناية عن اللقاء والاجتماع بالحق والمقصود قرب الأجل ودنو المنية.
(5) الغرام والأشواق كناية عن الشوق إلى المحبة الإلهية والإقبال عليها طوعا.
(6) السبل: جمع السبيل وهو الطريق.
م. ص. دار السلام كناية عن الجنة.
(7) في البيت محاكاة لقصة كليم اللََّه سيدنا موسى إذ ناجى ربه مع المفارقة أن سيدنا موسى كلمه في الحياة بينما الشيخ ابن الفارض يكلمه في الممات.
والحمد للََّه رب العالمين.(1/195)
ساكنو «العلما»
إن جزت بحيّ. ساكنين العلما ... من أجلهم حالي كما قد علما (1)
... قل: عبدكم ذاب اشتياقا لكم ... حتى لو مات من ضنى ما علما
بدون عتاب
[البحر المنسرح] العاذل كالعاذر عندي، يا قوم ... أهدى لي من أهواه في طيف اللوم ... لا أعتبه، ان لم يزر في حلمي ... فالسمع يرى ما لا يرى طيف النوم
من يسعفني
[البحر المنسرح] يا قوم، إلى كم ذا التجني يا قوم ... لا نوم لمقلة المعنّى ولا نوم ... قد برح بي الوجد فمن يسعفني ... ذا وقتك يا دمعي، فاليوم، اليوم (2)
__________
(1) جزت: مررت. العلم: مكان. الألف للإطلاق.
(2) م. ص. ان المحبوب الحقيقي حكم بالذنوب على المحب فأصبح الحب لا نوم ولا يقظة. وطال وقته ولم تعد له حيلة إلا البكاء.(1/196)
قافية النون
شاني معرب عن شاني
[البحر المنسرح] أصبحت وشاني معرب عن شاني ... حيّ الأشواق، ميّت السّلوان (1)
... يا من نسخ الوعد بهجر ونأى ... فرّح أملي بوعد زور ثان (2)
__________
(1) شاني الأولى: دمعي. وشاني الثانية: حالي. السلوان: النسيان.
(2) النسخ: التغيير. نأى: رحل وبعد. الزور: خلاف الحق وهو الباطل.(1/197)
قافية الهاء
نزيه الحسن
[البحر المنسرح] عيني لخيال زائر مشبهه ... قرّت فرحا فديت من وجّهه ... قد وحّده قلبي وما شبّهه ... طرفي فلذا في حسنه وجّهه
سلاها ما سلاها
[بحر الرمل] جلّق جنّة من تاه، وباهى ... ورباها منيتي، لولا وباها (1)
... قيل لي: صف بردى كوثرها، ... قلت: غال برداها برداها (2)
... وطني مصر، وفيها وطري، ... ولعيني مشتهاها مشتهاها (3)
... ولنفسي غيرها، إن سكنت، ... يا خليليّ، سلاها ما سلاها؟ (4)
__________
(1) جلق: اسم لدمشق، أو لغوطتها. والاسم فارسي الأصل مؤلف من كلمتين. جل:
بمعنى ورد. ولق: بمعنى مليون ومعروف عن دمشق كثرة أزهارها. تاه من التيه أو التكبر. وباهى: فاخر. الربى: مفردها الربوة وهي المكان المرتفع. الوباء: المرض.
م. ص. المباهاة تعود لمقام دمشق حيث الابدال منها: قال رسول اللََّه (ص) الأبدال بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل اللََّه مكانه رجلا يسقى بهم الغيث.
(2) بردى: نهر يمر بالشام. الكوثر: نهر بالجنة. برداها: بثوبها.
م. ص. قوله غال برداها معناه أن الكمال الإلهي متيسر لأهلها اكثر من غيرهم فهم أهل الكمال العرفاني ولكن الإنكار عليهم فيها اكثر من إنكار غيرهم على أهل اللََّه في غيرها.
(3) وطري: مرادي. المشتهى: مكان في مصر. ومشتهاها الثانية ما تريده نفسها.
(4) سلاها الأولى فعل أمر من سأل أي وجّها السؤال إليها. سلاها الثانية: أضعفها وأذابها.
المعنى يا خليلي سلا نفسي كيف استطاعت نسيان بلدها فأقامت في بلد سواها. فحب الوطن من الايمان وإليه حنين كل إنسان.(1/198)
قافية الياء
علّهم أن ينظروا عطفا إليّ
[بحر الرمل] سائق الأظعان، يطوي البيد طي، ... منعما، عرّج على كثبان طي (1)
... وبذات الشّيح عنّي، إن مررت ... بحيّ من عريب الجزع حي (2)
... وتلطّف، وأجر ذكري عندهم ... علّهم أن ينظروا، عطفا، إلي (3)
... قل تركت الصّبّ فيكم شبحا ... ما له، ممّا برأه الشّوق، في (4)
... خافيا عن عائد لاح كما ... لاح في برديه، بعد النشر، طي (5)
__________
(1) الأظعان: جمع الظعينة، وهي المرأة داخل الهودج. البيد: مفردها البيداء وهي الفلاة الواسعة. عرّج: مل. الكثبان مفردها الكثيب وهو التل من الرمل. وطي: اسم قبيلة منها حاتم الطائي المشهور بكرمه.
المعنى الصوفي: السائق هو الرحمن تعالى والأظعان هم البشر وكثبان طي كناية عن المقامات المحمدية. وفيها أي في طي مقامات استاذه ابن عربي معلم الصوفية.
(2) ذات الشيح: موضع من ديار بني يربوع. الحي: من بطون العرب. العريب: سكان المدن وهي تصغير لكلمة عرب. الجزع: وسط الوادي ومنحناه. حيّ: الق التحية.
(3) تلطف: ترفق، أجر: اطرح.
م. ص. الخطاب لله تعالى أن يكون شفيعه في الحضرات المحمدية وذلك بالتلطف بذكر اسمه علّهم ينظرون إليه برحمة.
(4) الصب: العاشق المدنف المشتاق. برأه الشوق: أضعفه.
م. ص. يقصد أنه فني في حب اللََّه تعالى حتى صار شبحا ليس له ظل أو خيال على الأرض.
(5) العائد: زائر المريض. لاح: ظهر. البرد: الثوب المخطط. والطي خلاف النشر.
م. ص. خافيا: كناية عن فنائه في اللََّه كالثوب إذا طوي بعد نشره فهو كالسراب تحسبه ماء فإذا اقتربت منه ابتعد.
صار وصف الضّرّ ذاتيّا له، ... عن عناء، والكلام الحيّ لي (1)
... كهلال الشّكّ، لولا أنّه ... أنّ، عيني، عينه، لم تتأي (2)
... مثل مسلوب حياة مثلا، ... صار في حبّكم ملسوب حي (3)
... مسبلا للنأي طرفا جاد، إن ... ضنّ نوء الطّرف، إذ يسقط خي (4)
... بين أهليه غريبا نازحا ... وعلى الأوطان لم يعطفه لي (5)
... جامحا، إن سيم صبرا عنكم ... وعليكم جانحا لم يتأي (6)(1/199)
__________
م. ص. خافيا: كناية عن فنائه في اللََّه كالثوب إذا طوي بعد نشره فهو كالسراب تحسبه ماء فإذا اقتربت منه ابتعد.
صار وصف الضّرّ ذاتيّا له، ... عن عناء، والكلام الحيّ لي (1)
... كهلال الشّكّ، لولا أنّه ... أنّ، عيني، عينه، لم تتأي (2)
... مثل مسلوب حياة مثلا، ... صار في حبّكم ملسوب حي (3)
... مسبلا للنأي طرفا جاد، إن ... ضنّ نوء الطّرف، إذ يسقط خي (4)
... بين أهليه غريبا نازحا ... وعلى الأوطان لم يعطفه لي (5)
... جامحا، إن سيم صبرا عنكم ... وعليكم جانحا لم يتأي (6)
(1) الضر: العناء والشدة. العناء: التعب. اللي: الخفي أو الغير واضح المعنى.
م. ص. الضر هو البلاء وهو ما يمتحن به اللََّه عبده، المؤمن كسيدنا أيوب (ع) وفي الحديث: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأقرب فالأقرب من ميراث الأنبياء».
(2) هلال الشك: هلال مطلع الشهر الهجري الذي تصعب رؤيته. عيني لم تتأي: لم تتعمد عيني عينه.
م. ص. الأنين لإظهار الشكاية من الضر الذي مسّه بسبب التكاليف الشرعية الثقيلة على كاهله.
(3) الملسوب: الملدوغ أو الملسوع. والحي: ذكر الأفعى أو الثعبان.
م. ص. مسلوب الحياة هو الميت والسالك هو الميت موتا إراديا، وفي ذلك إشارة إلى قول النبي (ص) «موتوا قبل أن تموتوا».
(4) مسبلا: ساكبا. النأي: البعد. الطرف: العين. جادت العين: فاض دمعها. ضنّ:
بخل. الطرف: كوكبان. خي: مجدب وهو مصدر الفعل خوى أي امحل.
م. ص. ان عيون المحب فاضت بمياه الحياة على أراضي نفوس الغافلين حيث تجلت كواكب أرواحهم على نفوسهم بالفيض الإلهي.
(5) النازح: البعيد عن وطنه. اللي مصدر لواه اي أبعده.
م. ص. الغربة عن الأهل كناية عن التحقق بالله تعالى. وحاصل المعنى أنه خرج من عالم أهله وأوطانه ولم يدخل في عالم الغيب لبقاء أثر البشرية عليه.
(6) الجامع: الممتنع. سيم صبرا: كلف بالصبر. الجانح: المائل. لم يتأي: لم يتوقف.
م. ص. الصبر هو تحمل مشقات المجاهدة وفي ذلك خلاف واضح عن عادات النفوس البشرية التي لا تطيق الصبر.
نشر الكاشح ما كان له ... طاوي الكشح، قبيل النأي، طي (1)
... في هواكم، رمضان، عمره ... ينقضي، ما بين إحياء وطي (2)
... صاديا شوقا لصدّا طيفكم، ... جدّ ملتاح إلى رؤيا وري (3)
... حائرا في ما إليه أمره، ... حائر، والمرء في المحنة عي (4)
... فكأيّ من أسى أعيا الإسا، ... نال لو يعنيه قولي وكأي (5)
... رائيا إنكار ضرّ مسّه، ... حذر التّعنيف في تعريف ري (6)
... والّذي أرويه عن ظاهر ما ... باطني يزويه، عن علمي، زي (7)(1/200)
__________
م. ص. الصبر هو تحمل مشقات المجاهدة وفي ذلك خلاف واضح عن عادات النفوس البشرية التي لا تطيق الصبر.
نشر الكاشح ما كان له ... طاوي الكشح، قبيل النأي، طي (1)
... في هواكم، رمضان، عمره ... ينقضي، ما بين إحياء وطي (2)
... صاديا شوقا لصدّا طيفكم، ... جدّ ملتاح إلى رؤيا وري (3)
... حائرا في ما إليه أمره، ... حائر، والمرء في المحنة عي (4)
... فكأيّ من أسى أعيا الإسا، ... نال لو يعنيه قولي وكأي (5)
... رائيا إنكار ضرّ مسّه، ... حذر التّعنيف في تعريف ري (6)
... والّذي أرويه عن ظاهر ما ... باطني يزويه، عن علمي، زي (7)
(1) الكاشح: المبغض. طاوي الكشح: مضمر البغضاء والعداوة. النأي: البعد. والطي مصدر طوى أي أخفى.
م. ص. الكاشح: كناية عن شيطان النفوس فهو مضمر العداوة لكل نفس.
(2) الطي: البقاء على الجوع.
م. ص. أنه صائم كل عمره عن رؤية الأشغال الدنيوية وذلك لانصرافه للعبادة فهو لم يأكل ولم يشرب بل يطعمه ربه ويسقيه.
(3) الصادي: العطشان. صدا: صداء مخففة وهي اسم بئر عذب الماء، الطيف: الخيال.
الملتاح: العطشان.
م. ص. العطش سببه الشرب من بحر التوحيد بعد فناء الأغيار وظهور الحق تعالى فكل من يشرب من هذا البحر يظل ظمآنا للشرب مرة أخرى.
(4) العي: العاجز عن الكلام.
م. ص. ان المحب المتقدم ذكره لا يعرف نهاية أمره، فهل تكتب له السعادة أو الشقاء وهذا الأمر كان دائما محيرا لعقول أهل العلم والسلوك الرباني.
(5) كأي: كم. الأسى: الحزن. أعيا: أتعب. الإسا: الاساء مخففة وهي جمع الآسي أي الطبيب.
م. ص. بذكر ما أصاب المحب في طريق العشق الإلهي من الحزن الشديد الذي عجزت عنه الأطباء ولم يجدوا له دواء.
(6) الضر: الفاقة والعازة. والضر: المكروه. مسّه: أصابه. التعنيف: اللوم. الري: إطفاء العطش.
م. ص. الضر أو المكروه مصدره الغافلين الجاهلين الذين يلومون أهل السلوك وينكرون أعمالهم ويرمونهم بالفواحش.
(7) الذي أرويه: الذي أنقله من الحديث. أزويه: أطويه. والزي: الطبي.
م. ص. الرواية كناية عن نقل الأحاديث المحمدية الشريفة، والزي أو الطي كناية عن ترك الفواحش والأمور التي نهى عنها (ص).
يا أهيل الودّ أنّى تنكروني ... كهلا، بعد عرفاني فتي (1)
... وهوى الغادة، عمري، عادة ... يجلب الشّيب إلى الشّاب الأحي (2)
... نصبا أكسبني الشّوق، كما ... تكسب الأفعال نصبا لام كي (3)
... ومتى أشك جراحا بالحشا، ... زيد بالشكوى إليها الجرح كي (4)
... عين حسّادي عليها لي كوت، ... لا تعدّاها أليم الكيّ كي (5)
... عجبا، في الحرب، أدعى باسلا، ... ولها مستبسلا في الحبّ، كي (6)
... هل سمعتم، أو رأيتم أسدا، ... صاده لحظ مهاة، أو ظبي (7)(1/201)
__________
م. ص. الرواية كناية عن نقل الأحاديث المحمدية الشريفة، والزي أو الطي كناية عن ترك الفواحش والأمور التي نهى عنها (ص).
يا أهيل الودّ أنّى تنكروني ... كهلا، بعد عرفاني فتي (1)
... وهوى الغادة، عمري، عادة ... يجلب الشّيب إلى الشّاب الأحي (2)
... نصبا أكسبني الشّوق، كما ... تكسب الأفعال نصبا لام كي (3)
... ومتى أشك جراحا بالحشا، ... زيد بالشكوى إليها الجرح كي (4)
... عين حسّادي عليها لي كوت، ... لا تعدّاها أليم الكيّ كي (5)
... عجبا، في الحرب، أدعى باسلا، ... ولها مستبسلا في الحبّ، كي (6)
... هل سمعتم، أو رأيتم أسدا، ... صاده لحظ مهاة، أو ظبي (7)
(1) أهيل: تصغير أهل. الود: الحب. الكهل: المسن. الفتى: الشاب.
(2) الغادة: المرأة الناعمة. الأحي: تصغير الأحوى وهو الأسمر.
م. ص. الغادة كناية عن الحضرة المحمدية والشيب هو انفتاح الأسرار والكشف عن سواد الأكوان وظلمة الأعيان.
(3) النصب بكسر الصاد: التعب. ولام كي: هي من النواصب التي تنصب الفعل المضارع.
م. ص. التعب أو النصب كناية عن المشقات التي يلاقيها المريد في طريق جهاده فحاله منسوب إلى التعب كما ينسب النصب إلى الأفعال المضارعة، إذا سبقتها لام كي الناصبة.
(4) الحشى: اعضاء الباطن.
م. ص. ان هذه المحبوبة كلما شكوت إليها ما ألاقيه في طريق محبتها زادتني حرقة على ما أنا فيه.
(5) الكي: الحرق بالنار.
م. ص. الحساد هم الغافلون الجاهلون الذين يتناولونه بألسنتهم لسلوكه طريق المعرفة. وعين الحساد هي عين الشيطان الذي يوسوس دائما للنفس لسلوك طريق الشر.
(6) الباسل: الشجاع. الكي في آخر البيت تخفيف لكلمة كيء وهو الجبان.
م. ص. الاستبسال كناية عن المجاهدة في طريق العرفان والمكابدة على العبادة الجسمانية. والجبن كناية عن عدم استطاعته مواجهة المحبوبة الحقيقية.
(7) المهاة: الغزالة أو البقرة الوحشية. الظبي: الغزال. اللحظ: النظر.
م. ص. كنى بالأسد عن نفسه لشجاعته في طريق المجاهدة الشرعية والاصطياد هو الوقوع في مجال التجليات والمهاة والظبي كناية عن المحبوبة الحقيقية.
سهم شهم القوم أشوى، وشوى ... سهم ألحاظكم أحشاي شيء (1)
... وضع الآسي، بصدري، كفّه، ... قال: ما لي حيلة في ذا الهوي (2)
... أيّ شيء مبرد حرّا شوى ... للشّوى، حشو حشائي، أيّ شيء (3)
... سقمي من سقم أجفانكم، ... وبمعسول الثّنايا لي دوي (4)
... أوعدوني أو عدوني وامطلوا، ... حكم دين الحبّ دين الحبّ لي (5)
... رجع اللّاحي عليكم آئسا ... من رشادي، وكذاك العشق غي (6)
... أبعينيه عمى عنكم كما ... صمم عن عذله في أذني (7)(1/202)
__________
م. ص. كنى بالأسد عن نفسه لشجاعته في طريق المجاهدة الشرعية والاصطياد هو الوقوع في مجال التجليات والمهاة والظبي كناية عن المحبوبة الحقيقية.
سهم شهم القوم أشوى، وشوى ... سهم ألحاظكم أحشاي شيء (1)
... وضع الآسي، بصدري، كفّه، ... قال: ما لي حيلة في ذا الهوي (2)
... أيّ شيء مبرد حرّا شوى ... للشّوى، حشو حشائي، أيّ شيء (3)
... سقمي من سقم أجفانكم، ... وبمعسول الثّنايا لي دوي (4)
... أوعدوني أو عدوني وامطلوا، ... حكم دين الحبّ دين الحبّ لي (5)
... رجع اللّاحي عليكم آئسا ... من رشادي، وكذاك العشق غي (6)
... أبعينيه عمى عنكم كما ... صمم عن عذله في أذني (7)
(1) الشهم: الذكي المتوقد الذهن. اشوى: أصاب الأطراف من غير مقتل. الشي:
مصدر شوى اي أحرق بالنار.
م. ص. الشهم كناية عن كل عارف سالك لطريق اللََّه والسهم كناية عن نفاذ البصيرة.
وسهم الحقيقة الربانية هو النافذ في تحقيق العرفان.
(2) الآسي: الطبيب. الهوي: المصاب بالهوى اي المغرم.
م. ص. عجز الطبيب مرده إلى انه أسلم كيانه إلى خالقه فهو أولى به من كل طبيب.
(3) الحر: كناية عن حرقة الباطن والبرد هو طلب المعرفة واليقين تيمنا بقول إبراهيم (ع) {«رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ»} قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي».
(4) السقم: المرض. الثنايا: الأسنان. ومعسول الثنايا: الرضاب أو الريق. الدوي:
تصغير دواء.
م. ص. الثنايا الأضراس الأربعة وهي كناية عن حضرة الأسماء الإلهية والتي أصلها أربع: الاسم الحي والعالم والمريد والقادر.
(5) أوعدوني: هددوني. امطلوا: لا تفوا بالوعد. اللي: التشويق والمماطلة.
م. ص. الوعيد والوعد سيان عند المحب ومطل الوعد وعدم الوفاء مقبول لأنه صادر عن المحبوب الحقيقي وهو صاحب الأمر والنهي فيما يشاء.
(6) اللاحي: اللائم. آيسا: خائبا.
م. ص. اللاحي هو الشيطان الموسوس للنفس بارتكاب الإثم. والعشق هو المحبة للمحبوب الحقيقي. وقوله في كناية عن ان العاشق لا يستطيع ان يترك حبه بسهولة.
(7) العمى عمى البصيرة والبصر قال تعالى: {وَتَرََاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ}.
أو لم ينه النّهى عن عذله ... زاويا وجه قبول النّصح زي (1)
... ظلّ يهدي لي هدى، في زعمه، ... ضل، كم يهذي، ولا أصغي لغي (2)
... ولما يعذل، عن لمياء، طوع هوى ... في العذل، أعصى من «عصي» (3)
... لومه صبّا، لدى الحجر، صبا ... بكم، دلّ على حجر صبي (4)
... عاذلي عن صبوة عذريّة، ... هي بي لا فتئت، هيّ بن بي (5)
... ذابت الرّوح اشتياقا، فهي، بعد ... نفاذ الدّمع، أجرى عبرتي (6)
... فهبوا عينيّ، ما أجدى البكا ... عين ماء، فهي إحدى منيتي (7)(1/203)
__________
(7) العمى عمى البصيرة والبصر قال تعالى: {وَتَرََاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ}.
أو لم ينه النّهى عن عذله ... زاويا وجه قبول النّصح زي (1)
... ظلّ يهدي لي هدى، في زعمه، ... ضل، كم يهذي، ولا أصغي لغي (2)
... ولما يعذل، عن لمياء، طوع هوى ... في العذل، أعصى من «عصي» (3)
... لومه صبّا، لدى الحجر، صبا ... بكم، دلّ على حجر صبي (4)
... عاذلي عن صبوة عذريّة، ... هي بي لا فتئت، هيّ بن بي (5)
... ذابت الرّوح اشتياقا، فهي، بعد ... نفاذ الدّمع، أجرى عبرتي (6)
... فهبوا عينيّ، ما أجدى البكا ... عين ماء، فهي إحدى منيتي (7)
(1) النهى: العقل. العذل: اللوم. زاويا وجهه: قابضا له. والزي: مصدر زوي أي قبض.
م. ص. ان المريد يعرض بوجهه عن قبول لوم العاذل لأن القلب له وجهة واحدة هي وجهة الحق تعالى وبالتالي فهو يعرض عن قبول الباطل والوساوس الشيطانية.
(2) زعمه: قوله الشائع. أصغي: اسمع الغي: كلام الباطل.
(3) اللمياء: الشفة السمراء. العذل: اللوم. عصي: قبيلة.
م. ص. أتعجب من لوم اللائم في حبي للمحبوبة اللمياء وهي الحضرة الإلهية وهو بلومه هذا يعصي امر الخالق ويكون من أكبر العصاة.
(4) الحجر: البيت الحرام. صبا: جهل جهل الفتوة.
م. ص. ان لوم اللائم للعاشق الذي لزم البيت الحرام دليل على ان عقله عقل صبي. والصبي إشارة إلى الغافل الذي يتكلم على العارفين بأمور اللََّه.
(5) الصبوة: الجهلة والعاذل: اللائم. وعذرية: نسبة إلى قبيلة عذرة التي اشتهر ابناؤها بالحب. ابن بي: عبارة تطلق على مجهول الأب.
م. ص. ابن بي كناية عن مقطوع النسب وكل من انكر على أهل العلم والعرفان عملهم هو ابن بي لأنه لا يقدر العلم حق تقديره.
(6) نفاد الدمع: فراغه وعدم وجوده. عبرتيّ: مثنى عبرة وهي الدمعة.
م. ص. ذابت الروح كناية عن فنائها في امر اللََّه تعالى لأنها من امره {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.
(7) أجدى: أنفع. منيتي: مثنى منية وهي المطلوب والغاية.
م. ص. العين الظاهرة في عالم الحس الباطنة في عالم المعاني وهذا الأخير هو عالم الملكوت. وعين الماء سر الحياة {وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.
أو حشا سال، وما أختاره، ... إن تروا ذاك بها منّا علي (1)
... بل أسيئوا في الهوى، أو أحسنوا، ... كلّ شيء حسن منكم لدي (2)
... روّح القلب بذكر المنحنى، ... وأعده عند سمعي، يا أخي (3)
... واشد باسم اللاء خيّمن كدا، ... عن «كدا» وأعن بما أحويه حي (4)
... نعم ما زمزم شاد محسن ... بحسان، تخذوا زمزم جي (5)
... وجناب، زويت من كلّ فج ... ، له قصدا، رجال النّجب زي (6)
... وادّراعي حلّل النّقع، ولي ... علماه، عوض عن علمي (7)(1/204)
__________
م. ص. العين الظاهرة في عالم الحس الباطنة في عالم المعاني وهذا الأخير هو عالم الملكوت. وعين الماء سر الحياة {وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.
أو حشا سال، وما أختاره، ... إن تروا ذاك بها منّا علي (1)
... بل أسيئوا في الهوى، أو أحسنوا، ... كلّ شيء حسن منكم لدي (2)
... روّح القلب بذكر المنحنى، ... وأعده عند سمعي، يا أخي (3)
... واشد باسم اللاء خيّمن كدا، ... عن «كدا» وأعن بما أحويه حي (4)
... نعم ما زمزم شاد محسن ... بحسان، تخذوا زمزم جي (5)
... وجناب، زويت من كلّ فج ... ، له قصدا، رجال النّجب زي (6)
... وادّراعي حلّل النّقع، ولي ... علماه، عوض عن علمي (7)
(1) الحشا: الباطن من الجسم. سال: ناس. منا علي: كرما علي.
م. ص. الحشا كناية عن القلب المشغول بالله والسلو كناية عن غيبة الحق عنه والمن كناية عن تنعمه بالصور المحمدية المقدسة.
(2) م. ص. كل ما يصدر عن المحبوبة الحقيقية مقبول لديه لأنه عبد والعبد محكوم بإرادة ربه.
(3) روح: أعط الراحة. المنحنى: مكان انحناء الوادي.
م. ص. اجعل في القلب الراحة من تعب الغفلة والق فيه النشاط والمنحنى كناية عن الحضرة الربانية.
(4) خيمن: نصبن الخيام. كدا: جبل بمكة. أعن: اهتم.
م. ص. كدا كناية عن الحضرة الربانية. وخيمن كناية عن القاطنين تحت استار الكعبة.
(5) زمزم: أرسل صوتا عن بعد له دوي. وزمزم: بئر معروف عند الكعبة المشرفة.
جي: واد يجتمع فيه الماء.
م. ص. الشادي كناية عن المؤمن الداعي إلى اللََّه تعالى والزمزمة سماع صوته لدى العارفين. والحسان كناية عن اسماء اللََّه تعالى الحسنى. وبئر زمزم كناية عن القلب المحمدي وماؤه ماء العلوم الربانية.
(6) الجناب: جمع جنب وهو الناحية. زويت: جمعت. الفسح: الطريق الواسع بين جبلين. النجب: جمع نجيب وهو الكريم. الزي: الجمع.
م. ص. الجناب كناية عن الحضرات الإلهية. والفج كناية عن عالمي الظاهر والباطن. والنجب كناية عن الرجال الصالحين.
(7) الادراع: لبس الدرع. الحلل: جمع الحلة وهي الرداء. النقع: الغبار والعلمان:
جبلان.
م. ص. الادراع كناية عن لبس الحلل والتحلي بالصور الروحانية. والنقع كناية عن العالم الجسماني والعلمين كناية عن جلال اللََّه وجماله أو عن أسمائه وأفعاله.(1/205)
واجتماع الشمل في جمع، وما ... مرّ، في مرّ، بأفياء الأشي (1)
... لمنى عندي المنى بلّغتها، ... وأهيلوه، وإن ضنّوا، بفي (2)
... منذ أوضحت قرى الشام، و ... باينت، بانات ضواحي حلّتي (3)
... لم يرقني منزل بعد النّقا، ... لا ولا مستحسن من بعد مي (4)
... آه، وا شوقي لضاحي وجهها، ... وظما قلبي لذيّاك اللّمي (5)
... فبكلّ منه والألحاظ لي، ... سكرة، واطربا من سكرتي (6)
__________
(1) جمع: اسم للمزدلفة. ومرّ اسم مكان قريب من مكة.
م. ص. اجتماع الشمل كناية عن اللقاء بالحقيقة المحمدية. وجمع كناية عن المزدلفة وهي المقام الروحاني والأفياء آثار المرادات الإلهية فهي بمنزلة الظلال البادية من الحضرات الإلهية.
(2) منى: واد معروف بمكة. المنى: جمع المنية بضم الميم وهي المطلوب أهيلوه:
تصغير أهله. ضنوا: بخلوا.
م. ص. منى كناية عن عالم الملكوت السماوي والمنى كناية عن الاشتياق إلى الوصول للنور المحمدي والفيء هو شهود العالم الرحماني.
(3) أوضحت: تبينت. باينت: فارقت. البانات: جمع بانة وهي شجرة معروفة.
حلتي: مثنى حلة. وهي محل الإقامة.
م. ص. قرى الشام كناية عن عالم الغفلة لأنها على يسار الكعبة. والحلتين في نهاية البيت كناية عن حلة الجلال وحلة الجمال.
(4) لم يرق: لم يصف. النقا: مجتمع الرمل. وهو هنا مكان بعينه. مي: اسم انثى.
م. ص. النقا: كناية عن المقام المحمدي. وهي كناية عن الحضرة الإلهية المحتجبة بصور الأكوان العدمية.
(5) آه: اسم فعل مضارع بمعنى أتوجع. ضاحي وجهها: وجهها المشرق. الظمأ:
العطش. اللمي: اسمر الشفاه.
م. ص. ظمأ القلب كناية عن الشوق إلى المعرفة الحقيقية واللمي كناية عن الكلام الإلهي.
(6) الألحاظ: العيون.
المعنى ان يسكر مرتين مرة باللمى وهي كناية عن الكلام الإلهي ومرة بالالحاظ وهي كناية عن الحقائق الإلهية التي تظهر في صور عوالم الإمكان.
وأرى، من ريحه، الرّاح انتشت، ... وله، من وله، يعنو الأري (1)
... ذو الفقار اللّحظ منها، أبدا، ... والحشا منّي عمرو وحيي (2)
... أنحلت جسمي نحولا، خصرها، ... منه حال، فهو أبهى حلّتي (3)
... إن تثنّت، فقضيب، في نقا، ... مثمر بدر دجى فرع ظمي (4)
... وإذا ولّت تولّت مهجتي، ... أو تجلّت صارت الألباب في (5)
... وأبى يتلو إلّا يوسفا، ... حسنها، كالذّكر، يتلى عن أبي (6)
... خرّت الأقمار طوعا، يقظة، ... إن تراءت، لا كرؤيا في كري (7)(1/206)
__________
المعنى ان يسكر مرتين مرة باللمى وهي كناية عن الكلام الإلهي ومرة بالالحاظ وهي كناية عن الحقائق الإلهية التي تظهر في صور عوالم الإمكان.
وأرى، من ريحه، الرّاح انتشت، ... وله، من وله، يعنو الأري (1)
... ذو الفقار اللّحظ منها، أبدا، ... والحشا منّي عمرو وحيي (2)
... أنحلت جسمي نحولا، خصرها، ... منه حال، فهو أبهى حلّتي (3)
... إن تثنّت، فقضيب، في نقا، ... مثمر بدر دجى فرع ظمي (4)
... وإذا ولّت تولّت مهجتي، ... أو تجلّت صارت الألباب في (5)
... وأبى يتلو إلّا يوسفا، ... حسنها، كالذّكر، يتلى عن أبي (6)
... خرّت الأقمار طوعا، يقظة، ... إن تراءت، لا كرؤيا في كري (7)
(1) الريح: الرائحة. الراح: الخمرة. انتشت: دبّت فيها النشوة. الأري: العسل.
م. ص. النشوة كناية عن غيبوبة المريد عن عالم الأكوان.
(2) ذو الفقار: اسم لسيف الامام علي بن ابي طالب (ع). اللحظ: العين. عمرو: عمرو ابن ود العامري قتله الإمام علي يوم الخندق. حيي: حيي بن اخطب والد صفية زوجة النبي (صلّى اللََّه عليه وسلّم).
(3) أنحلت: أضعفت.
م. ص. الكلام عن المحبوبة الحقيقية والخصر كناية عن نفس السالك التي هي وسط عالمه الإنساني كما الخصر واسطة الجسد.
(4) تثنت: تمايلت. النقا: المكان المحدودب من الرمل. الدجى: الظلمة. الفرع:
الشعر. الظمى: الذابل الشفاه.
م. ص. النقا: كناية عن المقام المحمدي الدائم الترقي. والبدر كناية عن قلب الإنسان الممتلئ بفيض المعرفة كما يمتلئ البدر نورا من الشمس. والدجى كناية عن ظلمة الأكوان.
(5) ولت وتولت: أدبرت. مهجتي: روحي. تجلت: ظهرت الألباب: العقول. في:
فيء مخففة وهو الماء الذي ينال من غير قتال وهو ما يسمى بالغنيمة.
م. ص. الفيء كناية عن رسوم الأمر الإلهي وظهور الروح بلا واسطة.
(6) أبى: رفض. يوسف: ابن يعقوب المشهود بحسنه والذكر القرآن الكريم: ابي: ابن كعب صحابي جليل كان عمر رضي اللََّه عنه يقول: أبي سيد المسلمين.
(7) خرّت: سقطت من العليا. اليقظة: ساعات الصحو. الكرى: النوم.
م. ص. الأقمار كناية عن العارفين بالله تعالى حيث ينكشف لهم الوجود الحقيقي وتضمحل الرسوم الفانية عند انكشاف حقيقة الشأن الإلهي.
لم تكد، أمنا، تكد من حكم: لا ... تقصص الرّؤيا، عليهم يا بني (1)
... شفعت حجّي، فكانت، إذ بدت، ... بالمصلّى، حجّتي في حجّتي (2)
... فلها الآن أصلّي، قبلت، ... ذاك منّي، وهي أرضى قبلتي (3)
... كحلت عيني عمى، إن غيرها، ... نظرته ايه عنّي ذا الرّشي (4)
... جنّة عندي، رباها، أمحلت ... أم حلت، عجّلتها من جنّتي (5)
... كعروس جليت في حبر، ... صنع «صنعاء» وديباج «خوي» (6)
... دار خلد، لم يدر في خلدي ... أنّه من ينأ عنها يلق غي (7)
... أيّ من وافى، حزينا، حزنها، ... سرّ، لو روّح سرّي سرّ أيّ (8)(1/207)
__________
م. ص. الأقمار كناية عن العارفين بالله تعالى حيث ينكشف لهم الوجود الحقيقي وتضمحل الرسوم الفانية عند انكشاف حقيقة الشأن الإلهي.
لم تكد، أمنا، تكد من حكم: لا ... تقصص الرّؤيا، عليهم يا بني (1)
... شفعت حجّي، فكانت، إذ بدت، ... بالمصلّى، حجّتي في حجّتي (2)
... فلها الآن أصلّي، قبلت، ... ذاك منّي، وهي أرضى قبلتي (3)
... كحلت عيني عمى، إن غيرها، ... نظرته ايه عنّي ذا الرّشي (4)
... جنّة عندي، رباها، أمحلت ... أم حلت، عجّلتها من جنّتي (5)
... كعروس جليت في حبر، ... صنع «صنعاء» وديباج «خوي» (6)
... دار خلد، لم يدر في خلدي ... أنّه من ينأ عنها يلق غي (7)
... أيّ من وافى، حزينا، حزنها، ... سرّ، لو روّح سرّي سرّ أيّ (8)
(1) في البيت إشارة إلى الآية الكريمة من قصة يوسف {يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ}.
(2) شفعت: من الشفع خلاف الوتر. الشفع العدد المزدوج والوتر العدد المفرد. الحجة:
البرهان.
م. ص. الكلام عن المحبوبة الحقيقية والحجتان: الحج إلى بيت اللََّه وهو الحج الظاهر والحج الباطن إلى قلبه التي تنجلي فيه انوار المعرفة.
(3) م. ص. المعنى انه يصلي لهذه المحبوبة التي قبلت صلاته فصلاة الظاهر نحو الكعبة وصلاة الباطن قبلتها وجه المحبوبة.
(4) الرشا: الغزال.
م. ص. الرشا كناية عن الفتاة المتجلية بوجه الحق.
(5) الربى: جمع الربوة وهي المكان المرتفع من الأرض. أمحلت: أجدبت. حلت: من الحلاوة أي الجمال.
م. ص. الربى كناية عن المقامات الإلهية وفي البيت إشارة إلى الآية {وَلِمَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ جَنَّتََانِ}.
(6) جليت: زينت. الحبرة: ثوب مصنوع باليمن. الديباج: الثوب من الحرير الخالص الموشى بالذهب. صنعاء بلاد اليمن. خوي: مكان بأذربيجان.
(7) دار الخلد: دار البقاء. الخلد: البال. ينأى: يبتعد ويفارق. الغي: الخيبة والضلال.
م. ص. دار الخلد كناية عن الحياة التي يحياها العارفون بعيدا عن الغواية والضلال.
(8) الحزن بفتح الزاي ما غلظ من الأرض.
المعنى: كل من اقتحم الأمور الصعاب سهلت عليه لعظيم سرها فهي المحبوبة الحقيقية التي تدخل السرور على مريديها.
بئس حالا، بدّلت من أنسها ... وحشة، أو من صلاح العيش غي (1)
... حيث لا يرتجع الفائت، وا ... حسرتا، أسقط، حزنا، في يدي (2)
... لا تملني عن حمى مرتبعي، ... عدوتي تيما لربع بتمي (3)
... فلباناتي لبانات، ... تراضعنا فيها لبان الحبّ سي (4)
... مللي من «ملل»، والخيف حيف ... تقاضيه، وأنّى ذاك وي (5)
... بالدّنى، لا تطمعن في مصرفي ... عنهما، فضلا، بما في مصرفي ... لو ترى اين خميلات «قبا» ... وتراءين جميلات القبي (6)
... كنت، لا كنت بهم، صبّا يرى ... مرّ ما لاقيته فيهم، حلي ... فأرح من لذع عذل مسمعي ... وعن القلب لتلك الرّاء زي (7)(1/208)
__________
المعنى: كل من اقتحم الأمور الصعاب سهلت عليه لعظيم سرها فهي المحبوبة الحقيقية التي تدخل السرور على مريديها.
بئس حالا، بدّلت من أنسها ... وحشة، أو من صلاح العيش غي (1)
... حيث لا يرتجع الفائت، وا ... حسرتا، أسقط، حزنا، في يدي (2)
... لا تملني عن حمى مرتبعي، ... عدوتي تيما لربع بتمي (3)
... فلباناتي لبانات، ... تراضعنا فيها لبان الحبّ سي (4)
... مللي من «ملل»، والخيف حيف ... تقاضيه، وأنّى ذاك وي (5)
... بالدّنى، لا تطمعن في مصرفي ... عنهما، فضلا، بما في مصرفي ... لو ترى اين خميلات «قبا» ... وتراءين جميلات القبي (6)
... كنت، لا كنت بهم، صبّا يرى ... مرّ ما لاقيته فيهم، حلي ... فأرح من لذع عذل مسمعي ... وعن القلب لتلك الرّاء زي (7)
(1) المعنى الصوفي: المعنى انه حاله بدلت بؤسا ووحشة بسبب الغفلة عنها وتناسيها.
(2) م. ص. الفائت كناية عما وقع منه في الزلة والغفلة والذهول عن ملاحظة وجه الحق في سلوكه.
(3) الحمى: مكان الرعي الممنوع على الغير مرتبعي: محل اقامتي في الربيع. عدوتي:
جانبي. تمي: اسم لمصر أو مكان ملحق بها.
م. ص. عدوتا تيم كناية عن جنبيه الشمال واليمين ففي اليمين النشأة النفسانية وفي الشمال النشأة القلبية.
(4) اللبانات: جمع لبانة وهي الحاجة. البانات: جمع بانة وهي شجرة معروفة. لبان: جمع لبن. سي: سواء أو شبيه.
م. ص. البانات كناية عن المشايخ العارفين وأمثاله من السالكين الصادقين وفيهم الآية: {وَاللََّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبََاتاً}.
(5) الملل: السأم. ملل: اسم جبل. وي: كلمة للتعجب.
م. ص. عنهما كناية عن عالم الجسم وعالم الروح.
(6) الخميلات جمع خميلة وهي الأرض الكثيرة النبات والشجر. قبا: موضع قرب المدينة تراءين: ظهرن. القبي: الثوب.
م. ص. خميلات قبا وجميلات القبي كناية عن منازل الحقيقة المحمدية وورثتها من حملة النور المحمدي.
(7) المعنى اجعل الراء في فعل أرح زايا فيصبح الفعل أزح فيصبح المعنى أرح أيها العاذل سمعي من احتراقه بنار العذل والملام وازحه عن قلبي.
خلّ خلّي عنك ألقابا، بها ... جيء مينا، وانج من بدعة جي (1)
... وادعني، غير دعيّ، عبدها، ... نعم ما أسمو به هذا السّمي (2)
... إن تكن عبدا لها، حقّا، تعد ... خير حرّ، لم يشب دعواه لي (3)
... قوت روحي ذكرها، أنّى تحور ... عن التّوق لذكري، هيّ هي (4)
... لست أنسى، بالثّنايا، قولها: ... كل من في الحيّ أسرى في يدي (5)
... سلهم مستخبرا أنفسهم: ... هل نجت أنفسهم من قبضتي؟ (6)
... فالقضا ما بين سخطي والرّضى، ... من له أقص قضى، أو أدن حي (7)
... خاطب الخطب دع الدّعوى، فما ... بالرّقى ترقى إلى وصل «رقي» (8)(1/209)
__________
(7) المعنى اجعل الراء في فعل أرح زايا فيصبح الفعل أزح فيصبح المعنى أرح أيها العاذل سمعي من احتراقه بنار العذل والملام وازحه عن قلبي.
خلّ خلّي عنك ألقابا، بها ... جيء مينا، وانج من بدعة جي (1)
... وادعني، غير دعيّ، عبدها، ... نعم ما أسمو به هذا السّمي (2)
... إن تكن عبدا لها، حقّا، تعد ... خير حرّ، لم يشب دعواه لي (3)
... قوت روحي ذكرها، أنّى تحور ... عن التّوق لذكري، هيّ هي (4)
... لست أنسى، بالثّنايا، قولها: ... كل من في الحيّ أسرى في يدي (5)
... سلهم مستخبرا أنفسهم: ... هل نجت أنفسهم من قبضتي؟ (6)
... فالقضا ما بين سخطي والرّضى، ... من له أقص قضى، أو أدن حي (7)
... خاطب الخطب دع الدّعوى، فما ... بالرّقى ترقى إلى وصل «رقي» (8)
(1) خل: دع أو اترك. خلي: صاحبي. البدعة: الحدث في الدين ومخالفة امر اللََّه.
جي: لقب أصفهان قديما او اسم لقرية أول ما ظهرت البدع فيها.
(2) السمي: تصغير الاسم.
(21) م. ص. لا تنعتني بالألقاب كناصر الدين وشرف الدين وغيرها فإنه كذب في حقي. وهذه الألقاب هي بدعة في دين المحبة بل سمني عبدها ولا تكن كاذبا في نسب عبوديتي.
(3) لم يشب: لم يخالط. اللي: الإنكار والجحود.
(4) القوت: الطعام. تحور: ترجع. التوق: الحنين إلى الام.
م. ص. القوت هو العلم الرباني الذي يعتبر غذاء للنفس.
(5) الثنايا: جمع الثنية وهي العقبة في الجبل. أسرى: جمع أسير وهو الحبيس.
م. ص. الثنايا كناية عن الحضرات والأسماء الإلهية والحي كناية عن عالم المادة واليدان كناية عن اسماء الجلال وأسماء الجمال.
(6) م. ص. القبضتان كناية عن قبضة السعادة وقبضة الشقاوة كما جاء في قوله تعالى:
{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}.
(7) السخط: الغضب. أقصي: أبعد. أدنو: أقرب.
م. ص. كل من يبتعد عن شهود الحضرة الإلهية هالك في انسانيته وروحانيته وكل من يقترب من الحضرة ويدانيها فهو حيّ يتجلى في حياته الازلية {أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ وَجَعَلْنََا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النََّاسِ}.
(8) خاطب: طالب. الخطب: الأمر العظيم. الرقى: جمع الرقية وهي ما يتلى من آيات اللََّه وأسمائه على المريض ترقى: ترتفع رقي في آخر العجز: ترخيم لاسم رقية.
رح معافى، واغتنم نصحي، وإن ... شئت أن تهوى، فللبلوى تهي (1)
... وبسقم همت بالأجفان، إن ... زانها وصفا بزين وبزي (2)
... كم قتيل من قبيل، ما له ... قود في حبّنا، من كلّ حي (3)
... باب وصلي السّأم من سبل الضّنى، ... منه لي، ما دمت حيّا، لم تبي (4)
... فإن استغنيت عن عزّ البقا، ... فإلى وصلي، ببذل النفس، حي (5)
... قلت: روحي، إن تري بسطك في ... قبضها، عشت، فرأيي أن تري (6)
... أيّ تعذيب، سوى البعد، لنا ... منك عذب، حبّذا ما بعد أي (7)
... إن تشي راضية قتلي جوى، ... في الهوى، حسبي افتخارا أن تشي (8)(1/210)
__________
(8) خاطب: طالب. الخطب: الأمر العظيم. الرقى: جمع الرقية وهي ما يتلى من آيات اللََّه وأسمائه على المريض ترقى: ترتفع رقي في آخر العجز: ترخيم لاسم رقية.
رح معافى، واغتنم نصحي، وإن ... شئت أن تهوى، فللبلوى تهي (1)
... وبسقم همت بالأجفان، إن ... زانها وصفا بزين وبزي (2)
... كم قتيل من قبيل، ما له ... قود في حبّنا، من كلّ حي (3)
... باب وصلي السّأم من سبل الضّنى، ... منه لي، ما دمت حيّا، لم تبي (4)
... فإن استغنيت عن عزّ البقا، ... فإلى وصلي، ببذل النفس، حي (5)
... قلت: روحي، إن تري بسطك في ... قبضها، عشت، فرأيي أن تري (6)
... أيّ تعذيب، سوى البعد، لنا ... منك عذب، حبّذا ما بعد أي (7)
... إن تشي راضية قتلي جوى، ... في الهوى، حسبي افتخارا أن تشي (8)
(1) تهي: تهيأ وحذفت الهمزة لاستقامة الوزن.
م. ص. البلوى كناية عن البلاء الحسن {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلََاءً حَسَناً}
(2) السقم: المرض. همت: أحببت وهي من الهيام أي الحب. زانها: جمّلها. الزين الحسن. الزي: الهندام.
م. ص. الأجفان كناية عن صور الأكوان وضعف الأجفان من الأوصاف الحسنة عند السالكين وذلك لابتعادهم عن مباهج الدنيا وبهارجها.
(3) القبيل: الجماعة. القود: قصاص القتل بالقتل.
م. ص. القبيل كناية عن محبي اللََّه من كل أجناس البشر كالعرب والعجم وأهل الهند والروم وغيرهم.
(4) السام: جمع السامة وهي الموت. الضنا: المرض: لم تبي: لم تتبوأ أي لم تصل إلى المقام المطلوب.
م. ص. المعنى انك ما دمت حيا لا تصل إلى مقامي ولا إلى رتبة السالكين.
(5) حي: اقبل كما في قولنا: حي على الصلاة. حيّ على الفلاح.
م. ص. عز البقاء صفة من صفات الرحمن فهو الباقي والكائنات إلى فناء {وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ} والوصل هو لقاء اللََّه باتباع تعاليمه.
(6) الخطاب للمحبوبة الحقيقية ومعنى القول ان كان رضاك في قبض روحي صرت حيا بالحياة الأبدية وزال عني حكم الدنيا وهكذا ترضين بذلك.
(7) م. ص. كل عذاب مقبول لديه إلا عذاب المحبوبة فهو البعد عن شهود الحضرة الإلهية وهذا جزاء الكافرين {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}.
(8) تشي: تشائين. الجوى: هوى الباطن.
المعنى ان أردت قتلي بحزني وحرقتي فذلك كاف لافتخاري وأنت بذلك راضية.
ما رأت، مثلك، عيني حسنا، ... وكمثلي، بك صبّا، لم تري ... نسب أقرب، في شرع الهوى ... بيننا، من نسب، من أبوي (1)
... هكذا العشق رضيناه ومن ... يأتمر إن تأمري، خير مري (2)
... ليت شعري، هل كفى ما قد جرى ... مذ جرى ما قد كفى من مقلتي (3)
... حاكيا عين وليّ، إن علا ... خدّ روض، تبك عن زهر تبي (4)
... قد برى أعظم شوقي أعظمي، ... وفني جسمي، حاشا أصغري (5)
... وتلافيك، كبرئي، دونه ... سلوتي عنك، وحظّي منك عي (6)
... شافعي التّوحيد في بقياهما، ... كان عند الحبّ عن غير يدي (7)
... ساعدي بالطّيف، إن عزّت منى، ... قصر، عن نيلها، في ساعدي (8)(1/211)
__________
المعنى ان أردت قتلي بحزني وحرقتي فذلك كاف لافتخاري وأنت بذلك راضية.
ما رأت، مثلك، عيني حسنا، ... وكمثلي، بك صبّا، لم تري ... نسب أقرب، في شرع الهوى ... بيننا، من نسب، من أبوي (1)
... هكذا العشق رضيناه ومن ... يأتمر إن تأمري، خير مري (2)
... ليت شعري، هل كفى ما قد جرى ... مذ جرى ما قد كفى من مقلتي (3)
... حاكيا عين وليّ، إن علا ... خدّ روض، تبك عن زهر تبي (4)
... قد برى أعظم شوقي أعظمي، ... وفني جسمي، حاشا أصغري (5)
... وتلافيك، كبرئي، دونه ... سلوتي عنك، وحظّي منك عي (6)
... شافعي التّوحيد في بقياهما، ... كان عند الحبّ عن غير يدي (7)
... ساعدي بالطّيف، إن عزّت منى، ... قصر، عن نيلها، في ساعدي (8)
(1) م. ص. النسب كناية عن القرب من اللََّه تعالى وذلك بإطاعة امره وعبادته عبادة صالحة.
(2) مري: تصغير مرء.
م. ص. العشق كناية عن حالات الوجد والاتصال الروحي وخير مري كناية عن الإنسان العابد الصالح.
(3) مقلتي: مثنى المقلة وهي العين.
المعنى: هل دمعي الذي جرى كاف لاقناع المحبوبة بحالتي التي أنا فيها.
(4) الولي: المطر الثاني ويأتي بعد الوسمي. الروض: الشجر الكثيف الملتف. تبي:
تضحك وقد قالت العرب (حياك اللََّه وبياك) اي أضحكك.
المعنى ان الدمع الذي جرى من مقلتيه هو كالمطر الذي علا ازهار الروض فيضحك هذا الروض من زهر تفتحت اكمامه.
(5) برى العظم: أضعفه وأنحله. الأصغران: القلب واللسان.
م. ص. ضعف الجسم كناية عن الفناء بالله تعالى وبقاء القلب واللسان لتلقي المعارف في القلب ولنشر العلوم والتلفظ بها باللسان.
(6) المعنى ان اعتقاده بوحدانية اللََّه شفع له في عدم فناء قلبه ولسانه.
(7) تلافيك: تداركك. برئي: شفائي. سلوتي: نسياني. العي: عدم الاهتداء للمطلوب.
م. ص. البرء كناية عن الانكشاف والظهور وذلك لشفائه من داء الهجر وعدم السلوى كناية عن حالات الوجد الدائمة.
(8) ساعدي: اسعفي. الطيف: الخيال. عزت: صعبت. المنى: جمع المنية بضم الميم وهي المطلوب والغاية.
م. ص. يتمنى ان يزوره خيال المحبوبة في المنام تأكيدا للحديث الشريف «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» ولا يطلب هذا الأمر إلا الأتقياء العارفين بالله.
شام من سام، بطرف ساهر، ... طيفك الصّبح بألحاظ عمي (1)
... لو طويتم نصح جار، لم يكن ... فيه، يوما، يأل طيّا، يال طي (2)
... فاجمعوا لي همما، إن فرّق ... الدّهر شملي بالألى بانوا قضي (3)
... ما بودّي، آل ميّ، كان بثث ... الهوى إذ ذاك، أودى ألمي (4)
... سرّكم عندي ما أعلنه ... غير دمع عند ميّ، عن دمي (5)
... مظهرا ما كنت أخفي من قديم ... حديث، صانه منّي طي (6)
... عبرة فيض جفوني، عبرة ... بي أن تجري أسعى واشيي (7)
... كاد، لولا أدمعي، أستغفر ... الله، يخفى حبّكم عن ملكي (8)(1/212)
__________
م. ص. يتمنى ان يزوره خيال المحبوبة في المنام تأكيدا للحديث الشريف «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» ولا يطلب هذا الأمر إلا الأتقياء العارفين بالله.
شام من سام، بطرف ساهر، ... طيفك الصّبح بألحاظ عمي (1)
... لو طويتم نصح جار، لم يكن ... فيه، يوما، يأل طيّا، يال طي (2)
... فاجمعوا لي همما، إن فرّق ... الدّهر شملي بالألى بانوا قضي (3)
... ما بودّي، آل ميّ، كان بثث ... الهوى إذ ذاك، أودى ألمي (4)
... سرّكم عندي ما أعلنه ... غير دمع عند ميّ، عن دمي (5)
... مظهرا ما كنت أخفي من قديم ... حديث، صانه منّي طي (6)
... عبرة فيض جفوني، عبرة ... بي أن تجري أسعى واشيي (7)
... كاد، لولا أدمعي، أستغفر ... الله، يخفى حبّكم عن ملكي (8)
(1) شام: نظر البرق. سام: طلب. الطرف: النظر. عمي: تصغير اعمى.
م. ص. ان من يطلب رؤية خيال المحبوبة بعين ساهرة لغير اللََّه تعالى فقد مرّ عليه الصبح ولم يره.
(2) طويتم: كتمتم. يأل: يقصر. يال طي: يا آل طي.
م. ص. الجار كناية عن شخصه والنصح كناية عن الكلام بالمعارف الإلهية والنداء إلى آل طي فيه خطاب لشيخه محي الدين بن العربي الطائي.
(3) الهمم: مفردها الهمة وهي العزيمة. بانوا: فارقوا. قصي: بعيد.
م. ص. الاحبة الذين بانوا هم الحقائق والأسماء الإلهية الظاهرة بآثارها في الأكوان.
(4) ما بودي: ليس مرادي. الآل: الأهل والأقارب بث الهوى: إظهاره واشاعته. اودى:
أهلك.
م. ص. أهل مي كناية عن أهل التقى والعرفان والهوى هو الحب الحقيقي وبث الهوى نشر العلوم الربانية وذلك من امتلاء القلوب بتجليات الحق.
(5) العندمي من العندم وهو نبات احمر. دمي: تصغير دمى.
م. ص. الدمع كناية عن خشية الخالق ولا سيما ان دمعة المؤمن رحمة.
(6) صانه: حماه وكتمه. الطي: الإخفاء.
المعنى ان الدمع اظهر ما كان يعلمه من الحديث والكلام الرباني.
(7) العبرة بكسر العين الدرس والحكمة. الفيض: سيلان الدمع. العبرة بفتح العين:
الدمعة. واشيي: مثنى واش.
(8) ملكي: ملكا اليمين والشمال اللذان يحصيان اعمال المرء من حسنات وسيئات.(1/213)
صارمي حبل وداد أحكمت، ... باللّوى منه، يد الإنصاف لي (1)
... أترى، حلّ لكم حلّ أواخي ... روى ودّ، أواخي منه عي (2)
... بعدي الدّاريّ، والهجر عليّ ... جمعتم، بعد داري هجرتي (3)
... هجركم، إن كان حتما قرّبوا ... منزلي، فالبعد أسوا حالتي (4)
... يا ذوي العود ذوى عود ودا ... دي منكم، بعد أن أينع ذي (5)
... يا أصيحابي، تمادى بيننا، ... ولبعد بيننا لم يقض طي (6)
... عهدكم، وهنا، كبيت العنكبوت ... ، وعهدي، كقليب، آد طي (7)
... علّلوا روحي بأرواح الصّبا، ... فبريّاها يعود الميت حي (8)
__________
(1) صارمي: قاطعي. اللي: الفتل. اللوى: اسم مكان.
م. ص. الصارمون هم أهل العلم والمعرفة السالكون طريق اللََّه تعالى والوداد كناية عن الحب الحقيقي. واللوى كناية عن مقام التجلي.
(2) الاواخي: مفردها آخية وهي حلقة أو عود في حبل. روى: فتل.
م. ص. الخطاب للاحبة ومعروف ان قطع المحبة من غير عذر حرام إلّا على العارفين الأتقياء لأنهم مشغولون بالله دون سواء.
(3) الداران: مكة المكرمة والمدينة المنورة.
م. ص. كنّى بالهجر عن الهجرتين المعروفتين الأولى من مكة إلى بلاد الحبشة وهي الهجرة النفسانية والثانية من مكة إلى المدينة.
(4) م. ص. البعد كناية عن غياب المحبوب الحقيقي عنه وفي هذه الحالة يزداد شوق المريد وتتضاعف حالات وجده ليكون قريبا من اللََّه.
(5) العود: الإحسان. أينع: نضج. ذوى: ذبل. الذي: الذبول.
م. ص. الجفاء كناية عن انشغال المحبوب عنه والذبول كناية عن حالة المحب أثناء جفاء المحبوب.
(6) تمادى: تطاول. بيننا: فراقنا. الطيّ: القطع.
م. ص. الأصحاب كناية عن الملائكة الحافظين له.
(7) وصف العهد ببيت العنكبوت لأنه عهد واه لا اعتماد عليه. آد: قوي واشتد. القليب:
البئر. الطي: العامر.
المعنى ان عهدكم واه وضعيف كبيت العنكبوت أما عهدي فقوي كبئر عامرة.
(8) الأرواح جمع ريح وتجمع على أرياح أيضا. الصبا: الريح الشرقية الخفيفة. رياها:
نداها ورائحتها الطيبة.
م. ص. الأصحاب هم الملائكة الحافظون. وأرواح الصبا كناية عن الأرواح المنفوخة في الهياكل النورانية والترابية الارضية.
ومتى ما سرّ نجد عبرت، ... عبّرت عن سرّ ميّ وأميّ (1)
... ما حديثي بحديث، كم سرت ... فأسرّت لنبيّ من نبي (2)
... أي صبا، أيّ صبا هجت لنا، ... سحرا، من أين ذيّاك الشّذي (3)
... ذاك أن صافحت ريّان الكلا، ... وتحرّشت بحوذان كلي (4)
... فلذا تروي، وتروي، ذا صدى، ... وحديثا، عن فتاة الحيّ، حي (5)
... سائلي، ما شفّني؟ في سائل الدّمع ... ، لو شئت، غنى، عن شفتي (6)
... عتب لم تعتب، وسلمى أسلمت ... وحمى أهل الحمى رؤية ري (7)
... والتي يعنو لها البدر سبت، ... عنوة روحي، ومالي، وحمي (8)(1/214)
__________
م. ص. الأصحاب هم الملائكة الحافظون. وأرواح الصبا كناية عن الأرواح المنفوخة في الهياكل النورانية والترابية الارضية.
ومتى ما سرّ نجد عبرت، ... عبّرت عن سرّ ميّ وأميّ (1)
... ما حديثي بحديث، كم سرت ... فأسرّت لنبيّ من نبي (2)
... أي صبا، أيّ صبا هجت لنا، ... سحرا، من أين ذيّاك الشّذي (3)
... ذاك أن صافحت ريّان الكلا، ... وتحرّشت بحوذان كلي (4)
... فلذا تروي، وتروي، ذا صدى، ... وحديثا، عن فتاة الحيّ، حي (5)
... سائلي، ما شفّني؟ في سائل الدّمع ... ، لو شئت، غنى، عن شفتي (6)
... عتب لم تعتب، وسلمى أسلمت ... وحمى أهل الحمى رؤية ري (7)
... والتي يعنو لها البدر سبت، ... عنوة روحي، ومالي، وحمي (8)
(1) سر نجد: موضع. عبرت: اجتازت. عبّرت: بتشديد الباء قالت. مي: ترخيم مية وأمي ترخيم امية.
م. ص. سر نجد كناية عن الهياكل الطاهرة والأجسام الزكية ومية وأمية كناية عن حضرتي الصفات والأسماء الإلهية.
(2) سرت: مشت ليلا. أسرت: تكلمت سرا وبصوت خافت.
(3) اي حرف نداء والصبا مر ذكرها قبل بيتين. السحر: مطلع الفجر.
م. ص. الصبا كناية عن عالم الأرواح والسحر وقت نزول الرب إلى سماء الدنيا.
(4) الريان: الندي. الكلأ: العشب. تحرشت: تصديت.
الحوذان: نبات طيب. كلي: تصغير كلا وهو جانب الوادي.
(5) ذو الصدى: العطشان. تروي: تطفئ العطش. تروي: تنقل الحديث.
م. ص. الصادي أو ذو الصدى كناية عن المتعطش للقاء ربه. ونقل الحديث وروايته كناية عن اخبار المريدين الصادقين.
(6) شفني: اضعفي واهزلني.
م. ص. سائل الدمع كناية عما يفيض من عين بصيرته فن الحقائق الإلهية.
(7) سلمى وعتب وري اسماء نساء لم تعتب: لم تلم.
م. ص. عتب كناية عن الروح الإنسانية. ولم تعتب كناية عن العالم الأعلى الذي لا يهتم بالأمور السفلى وأهل الحي كناية عن الأسماء الإلهية وري كناية عن الذات الإلهية.
(8) يعنو: يذل ويخضع. سبت: اسرة. العنوة: القهر.
م. ص. البدر كناية عن الإنسان الكامل. والكلام عن المحبوبة الحقيقية.
عدت ممّا كابدت من صدّها، ... كبدي، حلف صدى، والجفن ري (1)
... واجدا، منذ جفا برقعها، ... ناظري من قلبه في القلب، كي (2)
... ولنا بالشّعب، شعب، جلدي ... بعدهم خان، وصبري كاء كي (3)
... حلفت نار جوى حالفني: ... لا خبت دون لقا ذاك الخبي (4)
... عيس حاجّي البيت حاجّي لو أمكن ... أن أضوي، إلى رحلك، ضي (5)
... بل على ودّي بجفن قد دمي، ... كنت أسعى راغبا عن قدمي (6)
... فزت بالمسعى الذي أقعدت عنه ... هـ، وعاويك له، دوني، عي (7)(1/215)
__________
م. ص. البدر كناية عن الإنسان الكامل. والكلام عن المحبوبة الحقيقية.
عدت ممّا كابدت من صدّها، ... كبدي، حلف صدى، والجفن ري (1)
... واجدا، منذ جفا برقعها، ... ناظري من قلبه في القلب، كي (2)
... ولنا بالشّعب، شعب، جلدي ... بعدهم خان، وصبري كاء كي (3)
... حلفت نار جوى حالفني: ... لا خبت دون لقا ذاك الخبي (4)
... عيس حاجّي البيت حاجّي لو أمكن ... أن أضوي، إلى رحلك، ضي (5)
... بل على ودّي بجفن قد دمي، ... كنت أسعى راغبا عن قدمي (6)
... فزت بالمسعى الذي أقعدت عنه ... هـ، وعاويك له، دوني، عي (7)
(1) كابدت: عانيت وقاسيت. الصد: الهجر. الصدى: العطش. الري: إطفاء العطش.
المعنى انه صار عطشا لما قاساه كبده من هجر الحبيبة وأصبح جفنه ريانا بالبكاء نتيجة لهذا الصد والهجران.
(2) البرقع: غطاء الوجه والعين لدى النساء.
م. ص. البرقع كناية عن الغطاء على وجه الحق وهو الحجب والسدول التي تستر العقول البشرية.
(3) الشعب: الطريق في الجبل. الشعب بفتح الشين: القبيلة الكبيرة. كاء: جبن.
الكي: الجبن.
م. ص. الشعب بكسر الشين كناية عن عالم الأجسام والشعب بفتح الشين كناية عن الأسماء الإلهية المتجلية بالأكوان.
(4) حالفني: لازمني. خبت النار: خمدت. الخبي: الخباء.
م. ص. الخبي تصغير للخباء وهو كناية عن الصورة الحسية الظاهرة بفيض الأسماء والصور الإلهية.
(5) العيس: الإبل البيضاء التي يخالط لونها بياض. أضوي: التجي أو أحتمي.
والمعنى أيتها الإبل الحاملة الحجاج إلى بيت اللََّه منيتي لو أنضم إليك.
(6) المعنى كنت أود ان أسعى إلى ركب الحاجّين العارفين إلى بيت اللََّه ليس على قدمي بل بعيني الدامية.
(7) المسعى من أعمال الحج بين الصفاء والمروة. عاويك عيا: داعيك إلى السفر.
م. ص. المسعى بين الصفا والمروة من أعمال الحج بأن يطوف الحاج سبقه أشواط بين المكانين.
سيء بي، إن فاتني من فاتني ... الخبت، ما جبت إليه السّيّ طي (1)
... حاظري، من حاضري مرماك، با ... دي، قضاء، لا اختيار لي شيء (2)
... لا برى جذب البري جسمك، و ... اعتضت، من جدب البري والنأي، بي (3)
... خفّفي الوطء، ففي الخيف، سلمت ... ، على غير فؤاد لم تطي (4)
... كان لي قلب، بجرعاء الحمى، ... ضاع منّي، هل له ردّ عليّ؟ (5)
... إن ثنى، ناشدتكم، نشدانكم، ... سجرائي، لي عنه عيّ عي (6)
... فاعهدوا بطحاء وادي سلم، ... فهي ما بين كداء وكدي (7)
... يا سقى اللََّه عقيقا، باللّوى، ... ورعى ثمّ فريقا من لؤي (8)(1/216)
__________
م. ص. المسعى بين الصفا والمروة من أعمال الحج بأن يطوف الحاج سبقه أشواط بين المكانين.
سيء بي، إن فاتني من فاتني ... الخبت، ما جبت إليه السّيّ طي (1)
... حاظري، من حاضري مرماك، با ... دي، قضاء، لا اختيار لي شيء (2)
... لا برى جذب البري جسمك، و ... اعتضت، من جدب البري والنأي، بي (3)
... خفّفي الوطء، ففي الخيف، سلمت ... ، على غير فؤاد لم تطي (4)
... كان لي قلب، بجرعاء الحمى، ... ضاع منّي، هل له ردّ عليّ؟ (5)
... إن ثنى، ناشدتكم، نشدانكم، ... سجرائي، لي عنه عيّ عي (6)
... فاعهدوا بطحاء وادي سلم، ... فهي ما بين كداء وكدي (7)
... يا سقى اللََّه عقيقا، باللّوى، ... ورعى ثمّ فريقا من لؤي (8)
(1) الخبت: ما اتسع من الأرض. السي: الفلاة.
م. ص. السي: كناية عن طريق المجاهدة وسبيل السلوك إلى لقاء الملوك.
(2) الحاظر: المانع. المرمى: مكان رمي الحجار السبع.
م. ص. المرمى كناية عن الصفات السبع وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام.
(3) برى: أضعف وأهزل. البري: جمع بره وهي حلقة في انف البعير.
م. ص. الخطاب لعيس حاجي البيت وذلك كناية عن عالم الأجسام الإنسانية وجذب البري كناية عن التكاليف الشرعية.
(4) الخيف: واد بالحجاز. لم تطي: لم تطئ.
م. ص. الخيف أرض العلم والعلماء والخطاب لعيس بيت اللََّه الحرام أي العيس القاصدة له والطلب منها ان تخفف الوطء على قلوب المحبين.
(5) الجرعاء: الأرض الطيبة.
م. ص. الجرعاء كناية عن مقام المجاهدة والحمى حمى الحضرة الإلهية.
(6) السجراء: الأحبة والخلان.
(7) البطحاء: الأرض السهلة. وادي سلم: موضع بالحجاز. كداء: موضع في اعلى مكة. كدي: موضع في اسفل مكة.
م. ص. بطحاء وادي سلم ووادي طوى وهو كناية عن عالم الأرواح وكداء كناية عن النور الأعلى أي نور اللََّه وكدي كناية عن النور الثاني وهو النور المحمدي.
(8) العقيق: موضع باليمامة. اللوى: ما التوى من الرمل. رعى: حفظ. لؤي: قبيلة من بني غالب بن فهر.
م. ص. عقيق اللوى كناية عن المقام المحمدي موضع الفيض الرحماني والفريق كناية عن الشيوخ العارفين.
وأويقات بواد سلفت ... فيه، كانت راحتي في راحتي (1)
... معهد من عهد أجفاني، على ... جيده، من عقد أزهار، حلي (2)
... كم غدير، غادر الدّمع به ... أهله غير ألي حاج لري (3)
... فثرائي من ثراه كان، لو ... عاد لي عفّرت فيه وجنتي (4)
... حيّ، ربعيّ الحيا، ربع الحيا ... بأبي جيرتنا فيه، وبي (5)
... أيّ عيش مرّ لي في ظلّه، ... أسفي، إذ صار حظّي منه أي (6)
... أي، ليالي الوصل، هل من عودة؟ ... ومن التعليل قول الصبّ: أي (7)(1/217)
__________
م. ص. عقيق اللوى كناية عن المقام المحمدي موضع الفيض الرحماني والفريق كناية عن الشيوخ العارفين.
وأويقات بواد سلفت ... فيه، كانت راحتي في راحتي (1)
... معهد من عهد أجفاني، على ... جيده، من عقد أزهار، حلي (2)
... كم غدير، غادر الدّمع به ... أهله غير ألي حاج لري (3)
... فثرائي من ثراه كان، لو ... عاد لي عفّرت فيه وجنتي (4)
... حيّ، ربعيّ الحيا، ربع الحيا ... بأبي جيرتنا فيه، وبي (5)
... أيّ عيش مرّ لي في ظلّه، ... أسفي، إذ صار حظّي منه أي (6)
... أي، ليالي الوصل، هل من عودة؟ ... ومن التعليل قول الصبّ: أي (7)
(1) راحتي: مثنى الراحة وهي باطن الكف.
م. ص. الوادي كناية عن قلب المؤمن العارف والراحة كناية عن العالم الروحاني قبل ان يعرف التركيب المادي والعنصري.
(2) المعهد: مكان السكن. الجيد: العنق.
المعهد كناية عن مكان العارفين ومحل نزول الفيض والأمداد الإلهي والأزهار كناية عن العلوم الناتجة بفضل المدد الرحماني.
(3) الغدير: مكان الماء. غادر: ترك. الري: الارتواء من العطش. اولي: أصحاب.
الحاج: الحاجات.
والمعنى ان الدمع قد ملأ من الغدران ما يكفي أهلها.
(4) الثراء: الثروة والمال. الثرى: التراب. عفرت: مرغت. الوجنة: ظاهر الوجه.
م. ص. الثرى: كناية عن تربة الأرض المقدسة أرض المقامات وأصحاب العرفان والوجنتان كناية عن ظاهر الإنسان وباطنه.
(5) ربعي: مثنى الربع وهو مكان الإقامة في الربيع. الحيا: المطر. حي وبي: من لغة العرب حياك اللََّه وبياك أي حياك وأصلحك.
م. ص. ربعي الحيا كناية عن مطر العلم الإلهي وقوله حي من الاستحياء كناية عن الإنسان الكامل وجيرته المجاورين له في المقام الصمداني وهم الكاملون العارفون.
(6) أي في أول البيت وآخره استفهامية وقد استعملت بهذا الشكل من باب رد العجز على الصدر.
(7) الوصل: الوداد. الصب: العاشق المدنف.
م. ص. ليالي الوصل كناية عن أيام المجاهدة والعبادة حيث يتصل العبد روحانيا بخالقه.
وبأيّ الطرق أرجو رجعها، ... ربما أقضي، وما أدري بأي (1)
... حيرتي، بين قضاء جيرتي، ... من ورائي، وهو بين يدي (2)
... ذهب العمر ضياعا، وانقضى ... باطلا، إذ لم أفز منكم بشي (3)
... غير ما أوليت من عقدي، ولا ... عترة المبعوث، حقا، من قصيّ (4)(1/218)
__________
م. ص. ليالي الوصل كناية عن أيام المجاهدة والعبادة حيث يتصل العبد روحانيا بخالقه.
وبأيّ الطرق أرجو رجعها، ... ربما أقضي، وما أدري بأي (1)
... حيرتي، بين قضاء جيرتي، ... من ورائي، وهو بين يدي (2)
... ذهب العمر ضياعا، وانقضى ... باطلا، إذ لم أفز منكم بشي (3)
... غير ما أوليت من عقدي، ولا ... عترة المبعوث، حقا، من قصيّ (4)
(1) اقضي: أموت.
المعنى: أي طريق تعيدني إلى ليالي الوصل فربما أموت ولا اهتدي قبل موتي إلى تلك الطريق.
(2) حيرتي: عدم اهتدائي.
المعنى ان حيرته ناتجة عن امرين أولهما القضاء الإلهي الذي لا مردّ لدفعه والثاني هو الهوى أو الميل النفساني وجيرته كناية عن أهل طريق اللََّه من السالكين العابدين.
(3) م. ص. يندب ابن الفارض حظه لان عمره ضاع سدى ولم يستفد منه بمعرفة ربه المعرفة الحقة وهذا حال العارفين يتواضعون رغم ما عندهم من الورع والتقى. والهلاك أو ضياع العمر إشارة إلى {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ} أو إلى الآية: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}.
(4) اوليت: أوكلت أو أعطيت. العترة: النسل والأحفاد. المبعوث: النبي محمد (صلّى اللََّه عليه وسلّم) قصي: قصي بن كلاب الذي ينتسب إليه النبي العربي محمد (صلّى اللََّه عليه وسلّم).
المعنى: انه لم يفز طوال عمره من اللََّه تعالى بشيء لأنه تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
واستثنى من هذا موالاته لأهل بيت النبوة عليهم السلام وهذا الشيء أو هذه الموالاة هي سلم الخلاص والسبيل إلى النجاة.
والحمد للََّه رب العالمين(1/219)
في السّر أقول
[البحر المنسرح] إن متّ وزار تربتي من أهوى ... لبّيت مناجيا بغير النجوى ... في السر أقول: يا ترى ما صنعت ... ألحاظك بي، وليس هذا شكوى؟
مات معنّاكم
[البحر المنسرح] إن جزت بحيّ لي على الأبرق حي، ... وأبلغ خبري، فإنني أحسب حي ... قل مات معنّاكم غراما وجوى ... في الحبّ، وما اعتاض عن الرّوح بشي
خبر الغرام
عرّج بطويلع، فلي ثمّ هويّ ... واذكر خبر الغرام، وأسنده إليّ ... واقصص قصصي عليهم وابك عليّ ... قل: مات، ولم يحظ من الوصل بشي
خذ الروح
أهوى رشا، رشيق القدّ، حليّ ... قد حكّمه الغرام والوجد عليّ ... إن قلت: خذ الرّوح! يقل لي: عجبا ... الرّوح لنا، فهات من عندك، شيء
مواليا
ذبحتني
قلت لجزّار عشقتو: كم تشرّحني، ... ذبحتني، قال: ذا شغلي توبّخني(1/220)
ومال إليّ، وبأس رجلي يربّخني، ... يريد ذبحي، فينفخني ليسلخني (1)
ألغاز لغوية
نصير
قال ملغزا في نصير:
اسم الّذي أهواه تصحيفه ... وكلّ شطر منه مقلوب ... يوجد في تلك إذن قسمة ... ضئزى، عيانا، وهو مكتوب (2)
قمري
وقال في قمري:
ما اسم لطير شطره بلدة ... في الشّرق، من تصحيفها مشربي ... وما بقي تصحيف مقلوبه، ... مضعّفا، قوم من المغرب (3)
بزغش
قال في بزغش:
ما اسم، إذا فتّشت شعري تجد ... تصحيفه، في الخطّ، مقلوبه (4)
... وهو، إذا صحّفت ثانيه، من ... أنواع طير، غير محبوبه (5)
__________
(1) بأس: أي قبّل. يربخني: يجعلني ضعيفا.
(2) إذا قلبنا الشطر الأول من «نصير» صار: «صن»، وإذا قلبنا الشطر الثاني منه صار «ري»، فإذا جمعنا الشطرين المقلوبين صار «صنري»، وتصحيفها «ضئزى»، وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ََ} أي جائرة.
(3) اسم البلدة «قم» و «ري» هو الشرب، والشطر الأخير «ري» إذا قلب وحرف، أصبح «بر» وتضعيفه «بربر» وهم قوم من المغرب.
(4) إذا قلبت كلمة (شعري) صارت (يرعش)، وإذا صحفت الياء باء، والراء زايا، أصبحت (بزغش)، وهو اسم تركي.
(5) أي إذا صحفت الزاي راء في (بزغش) أصبح (برغش).(1/221)
ونقط حرف فيه، إن زال مع ... ألف به، بيع بخرّوبه (1)
... ونصفه الثّلثان من آلة، ... لجنسه في الضّرب منسوبه (2)
... ونصفه الآخر نصف اسم من ... جانسه، يتبع أسلوبه (3)
... وقلبه قلب، لما فهمه، ... من بعد لام، كلّ أعجوبه (4)
... حاشيتاه عوذة، بعد ما ... صحّفتا، في الذّكر، مطلوبه (5)
... والجيم فيه، إن تعد داله، ... والدّال جيما، فيه محسوبه ... من بعد حرفين به صحّفا، ... والزّاي واو، فيه مكتوبه ... صار اسم من شرّفه اللََّه بالوحي ... ، كما شرّف مصحوبه (6)
نوم
قال في نوم:
ما اسم بلا جسم يرى صورة ... وهو إلى الإنسان محبوبه ... وقلبه، تصحيفه صنوه، ... فأعن به يعجبك ترتيبه (7)
__________
(1) أي إذا زالت نقطة الزاي، وحذفت الغين (لان الغين عبارة عن ألف، في حساب الجمل) أصبح (برش)، والبرش من المسكرات، ولذا قال: (بيع بخروبة) لرخص ثمنه.
(2) عند الأتراك آلة تدعى (قبز)، فيكون حرفا الباء والزاي في (بزغش) ثلثي اسم آلة (قبز).
(3) وعندهم أيضا كلمة أخرى هي (أزغش)، فيكون الحرفان الأخيران في (بزغش) هما نصف كلمة (أزغش)، فإذا لفظت الكلمة الأولى كان عليك أن تلفظ الثانية، فتقول:
«بزغش أزغش».
(4) قلب «بزغش» أي وسطه «زغ»، فإذا قلبته أصبح «غز» وإذا جعلت قبله حرف اللام أصبح «لغز».
(5) الحاشيتان: الطرفان «حرف الباء وحرف الشين»، وهكذا إذا صحف الحرفان بجعل الباء ياء، وبجعل الشين سينا، حصل لفظ «يس»، وهو اسم سورة من القرآن الكريم.
(6) «بزغش» تصبح عند التصحيف «يوشع»، ويوشع بن نون الذي شرفه اللََّه بالوحي.
(7) إذا قلبت «نوم» وجعلت النون تاء صارت «موت».
حاشيتا الاسم، إذا أفردا، ... أمر به، والأمن مصحوبه (1)
... حروفه، أنّى تهجّيتها، ... فكلّ حرف منه مقلوبه (2)(1/222)
__________
(7) إذا قلبت «نوم» وجعلت النون تاء صارت «موت».
حاشيتا الاسم، إذا أفردا، ... أمر به، والأمن مصحوبه (1)
... حروفه، أنّى تهجّيتها، ... فكلّ حرف منه مقلوبه (2)
بقلة
قال، ملغزا، في بقلة:
ما اسم قوت لأهله، ... مثل طيب تحبّه ... قلبه، إن جعلته ... أولا، فهو قلبه (3)
طيّ
وقال، ملغزا في طي:
اسم الذي تيّمني حبّه، ... تصحيف طير، وهو مقلوب (4)
... ليس من العجم، ولكنّه، ... إلى اسمه في العرب منسوب ... حروفه، إن حسبت، مثلها ... لحاسب الجمّل، أيّوب (5)
شعبان
وقال، ملغزا في شعبان:
ما اسم فتى، حروفه ... تصحيفها، إن غيّرت ... في الخطّ عن ترتيبها، ... مقلته، إن نظرت (6)
(1) إذا حذفت الواو من «نوم» صار «نم»، فعل أمر من فعل «نام»
(2) إذا تهجيت كل حرف من حروف «نوم»: نون، واو، ميم، وحاولت قلب كل من هذه الحروف، لم تتغير.
(3) أي إذا جعلت «قل» في بقلة، في أوله، أصبح «قلبه»، الكلمة الأخيرة في البيت الثاني.
(4) أي ان (طي) لو قلب لأصبح (يط)، فلو حرف هذا الاسم الأخير لأصبح (بط).
(5) حساب الجمل، كحساب حروف الشعر الذي يؤرخ به ناظموه لحدث هام، وعليه يكون طي، في هذا الحساب، مساويا للعدد 19، وكذلك أيوب. ط / 9ي / 10/ 19.
(6) أي إذا صحفت حروف شعبان، وأبدلت ترتيب الحروف، تصبح اللفظة نعسان.
أدعو له من قلبه ... بعودة، منه سرت (1)(1/223)
__________
(6) أي إذا صحفت حروف شعبان، وأبدلت ترتيب الحروف، تصبح اللفظة نعسان.
أدعو له من قلبه ... بعودة، منه سرت (1)
حنطه
وقال، ملغزا في حنطه:
ما اسم قوت يعزى لأوّل حرف ... منه بئر بطيبة مشهوره (2)
... «ثمّ» تصحيفها لثانيه مأوى، ... ولنا مركب، وباقيه سورة (3)
بطيخ
وقال، ملغزا في بطيخ:
خبّروني عن اسم شيء شهيّ، ... اسمه ظلّ، في الفواكه، سائر ... نصفه طائر، وإن صحّفوا ما ... غادروا من حروفه، فهو طائر (4)
حسن
وقال، ملغزا في حسن:
ما اسم لما ترتضيه، ... من كلّ معنى وصوره ... تصحيف مقلوبه اسما ... حرف، وأوّل سوره (5)
هذيل
وقال، ملغزا في هذيل:
سيّدي! ما قبيلة في زمان، ... مرّ فيها، في العرب، كم حيّ شاعر (6)
(1) المقصود، هنا، حرف باء، وباء بمعنى عاد.
(2) حاء اسم بئر في المدينة (وقد دعاها الشاعر: طيبة).
(3) تصحيف ثم: يم، أي بحر، وثانيه هو المركب، وباقيه «طه» وهو اسم سورة في القرآن الكريم.
(4) نصفه «بط»، والنصف الثاني «يخ» إذا حرف، صار «بج» والبج فرخ الطائر.
(5) لو قلبت حسن، وغيرت النون إلى ياء والحاء إلى جيم أو خاء، لأصبح يسج ويسخ، وكل منهما مؤلف من يس، وهي سورة قرآنية كريمة.
(6) (هذيل) قبيلة نبغ فيها عدد من الشعراء.
ألق منها حرفا، ودع مبتداها ... ثانيا، تلق مثلها في العشائر (1)
... وإذا ما صحّفت حرفين منها، ... كلّ شطر، مضعّفا، اسم طائر (2)(1/224)
__________
(6) (هذيل) قبيلة نبغ فيها عدد من الشعراء.
ألق منها حرفا، ودع مبتداها ... ثانيا، تلق مثلها في العشائر (1)
... وإذا ما صحّفت حرفين منها، ... كلّ شطر، مضعّفا، اسم طائر (2)
قطره
وقال، ملغزا في قطره:
ما اسم شيء من الحيا ... نصفه قلب نصفه، (3)
... وإذا رخّم، اقتضى ... طيبه حسن وصفه (4)
صقر
وقال، ملغزا في صقر:
ما اسم طير، إذا نطقت بحرف ... منه، مبداه كان ماضي فعله (5)
... وإذا ما قلبته، فهو فعلي، ... طربا، إن أخذت لغزي بحلّه (6)
لوزينج
وقال، ملغزا، في لوزينج:
يا سيّدا، لم يزل، في ... كلّ العلوم، يجول ... ما اسم لشيء لذيذ، ... له النّفوس تميل ... تصحيف مقلوبه في ... بيوت حيّ نزول (7)
(1) أي احذف الياء، واجعل الذال أولا، يصبح (ذهل)، وهو اسم عشيرة أخرى.
(2) إذا حرف الشطر الأول من الكلمة (هذا) إلى (هد) وضعف يصبح: هدهد، وكذلك يل تصبح بعد تصحيفها وتضعيفها تصبح بلبل.
(3) القسم الأول من قطره هو (قط)، والقسم الثاني، مقلوبا هو (هر)، وهما بمعنى واحد.
(4) ترخيم قطره، بحذف الهاء، هو قطر وهو السكر المعقود.
(5) الفعل الماضي هو صاد، والصاد هو أول حرف في صقر.
(6) إذا قلبت صقر صار رقص.
(7) لو قلبت كلمة (لوزينج) وهو نوع من الحلوى وصحفت الجيم إلى حاء، والنون إلى ياء، والياء إلى نون، لصارت الكلمة (حي نزول) المذكورة في آخر الأبيات.(1/225)
سلامه
وقال، ملغزا، في سلامه:
ما اسم، إذا ما سأل المرء، عن ... تصحيفه، خلا له أفحمه (1)
... فنصف «يس» له أوّل، ... من غير ما شكّ، ولا جمجمه (2)
... وإن ترد ثانيه، فهو لا، ... يذكر للسائل، كي يفهمه (3)
... وإن تقل: بيّن لنا ما الّذي ... منه تبقّى بعد ذا، قلت: مه (4)
... بيّنه لي، إن كنت ذا فطنة، ... فإنّني قد جئت بالتّرجمه
صقر
وقال، ملغزا، في صقر:
يا خبيرا باللّغز، بيّن لنا ما ... حيوان، تصحيفه بعض عام (5)
... ربعه إن أضفته لك، منه ... نصفه، إن حسبته، عن تمام (6)
حلب
وقال، ملغزا في حلب:
ما بلدة، في الشّأم، قلب اسمها ... تصحيفه أخرى، بأرض العجم (7)
__________
(1) لو حرفت سلامه لصارت شلامه، وهي غير ذات معنى، وبذلك يعجز المرء عن تصحيفها إلى كلمة معروفة المعنى.
(2) أي ان حرف (س) في يس. (سورة من القرآن الكريم) هو أول حروف الكلمة سلامه.
(3) الحرف الثاني (لا)، وقد ذكره ابن الفارض في آخر صدر البيت.
(4) بقية الاسم مه وهي اسم فعل بمعنى اسكت.
(5) لو صحفت صقر تصبح صفر، شهر عربي أي قسم من السنة.
(6) لك: متعلق ب (أضفته)، ومنه: متعلق ب (ربعه)، والشاعر يقصد، هاهنا، الإضافة النحوية، وذلك كأن تقول: صقري باضافة الياء إلى صقر، وصقري، في حساب الجمل يساوي (400) ص 90. ق 100. ر 200. ي 10والمقصود ب (ربعه)، الراء منه، وهي ربعه في عدد الحروف، ونصفه في عدد الجمل، لأنها عبارة عن مائتين.
(7) لو قلبت لفظة (حلب) وحرفت الحاء إلى خاء، تصبح بلخ، وهي بلدة فارسية.
وثلثه، إن زال من قلبه، ... وجدته طيرا، شجيّ النّغم (1)
... وثلثه نصف، وربع له، ... وربعه ثلثاه، حين انقسم (2)(1/226)
__________
(7) لو قلبت لفظة (حلب) وحرفت الحاء إلى خاء، تصبح بلخ، وهي بلدة فارسية.
وثلثه، إن زال من قلبه، ... وجدته طيرا، شجيّ النّغم (1)
... وثلثه نصف، وربع له، ... وربعه ثلثاه، حين انقسم (2)
ليف
قال، ملغزا في ليف:
ما اسم شيء من النبات إذا ما ... قلبوه وجدته حيوانا (3)
... وإذا ما صحّفت ثلثيه، حاشا ... بدأه، كنت واصفا إنسانا (4)
قند (5)
وقال، ملغزا، في قند:
أيّ شيء حلو، إذا قلبوه، ... بعد تصحيف بعضه، كان خلوا (6)
... كاد، إن زيد فيه من ليل صبّ ... ثلثاه يرى من الصّبح، أضوا (7)
... وله اسم، حروفه مبتداها ... مبتدا أصله، الذي كان مأوى (8)
(1) إذا حذفت اللام من قلب حلب، وصحفت الحاء إلى جيم لصارت بج وهو فرخ الطائر.
(2) يقصد أن اللام ثلثه، وهي تساوي في حساب الجمل 30، علما بأن حلب تساوي في هذا الحساب 40. ح 8. ل 30. ب 2، فتكون اللام بمقدار نصفه وربعه معا. وكذلك فإن الحاء والباء هما ثلثا حلب الآخران، وهما يساويان عشرة، في الحساب، وهي ربع الأربعين.
(3) إذا قلبت ليف تصبح فيل وهو حيوان معروف.
(4) إذا صحفت الياء إلى باء والفاء إلى قاف يصبح لبق وهو وصف للإنسان.
(5) القند: العسل المصنوع من قصب السكر.
(6) الخلو: هو المريض الخالي من الصحة، فإذا قلبت قند، وحرفت القاف إلى فاء، أصبح دنف أي مريض.
(7) إذا زدنا ياء ولام إلى قند أصبح قنديل.
(8) أي إن القند أصله من القصب قصب سكر، فأول قند هو القاف، وكذلك أول أصله قصب.(1/227)