غدوت بهم من برّهم واحتفائهم
كأني في أهلي وبين أقاربي
وله في لزوم ما لا يلزم المتشابه:
إذا ما نشرت بساط انبساط ... فعنه فديتك فاطو المزاحا
فإنّ المزاح كما قد حكى ... أولو العلم قبل عن العلم زاحا
أي بعد. قال صاحب قلائد العقيان: خرجنا لنزهة فلما انصرفنا أصاب غفارتي شوك شقّها فلما وصلت موضعي أمر ببعثها إليه فتأخرت (1) وحضرت الجمعة فكتبت إليه معاتبا في توقفها:
قد بقيت أعزك الله كالاسير، ولقيت التوحش بجناح كسير، إن أردت النهوض لم تنهض، وليت (2) من لا يريش لم يهض، وقد غدوت من المقام، في مثل السقام، فلتأمر من يردها (3)، لعلّي أحضر الصلاة وأشهدها، لا زلت سريا، تطلق من يد الوحشة محبوسا بريا.
قال، فكتب في جوابه:
أدام الله يا وليي (4) جلالك، وأبقى حليا في جيد الدهر خلالك، الغفارة عند من ينظر فيها، وقد بلغت غير مضيع تلافيها، ونرجو (5) تمامها قبل الصلاة وإدراكها، وتصل مع رسولي وكأنما قدّ شراكها، وإن عاق عائق، فليس مع صحة الود مضائق، والعوض رائق لائق، وهو واصل، وأنت بقبوله مواصل، والسلام ما ذرّ شارق، وأومض (6) بارق.
__________
(1) القلا: ان أبعثها إليه مع أحد عبيده المتصرفين بين يديه فلما كان من الغد تأخر صرفها.
وفي ق: ببعثها فبعثتها إليه.
(2) [من القلائد، وفي الأصل: وكنت].
(3) القلا: فلتأمر بردها
(4) في ق: ولدى؟
(5) القلا: يرجى.
(6) القلا: وومض(18/504)
ومن شعره:
لك الخير عندي لهذا الودا ... ع (1) عقل يهيم وعقل يراع
يعز علينا تنائي الديار ... وذاك سلامك لي والوداع
لكم أمل كان لي في اللقاء ... وأمنية قد طواها الزماع
فلم أجن منها سوى حسرة ... فوجد جميع وأنس شعاع
لئن حمل القلب ما لا يطاق ... فما كلف الجفن لا يستطاع
138* الفقيه القاضي أبو الحسن ابن بياع (2) *
ذكر أنه (3) صاحب وقار وسكون، وروضة أزهار وعيون، ودوحة أفنان وفنون، وبحر علم علت قيمة درره، وهطلت ديمة غرره، راوية شعر العرب ورجزها، والعارف بمطوّل (4) المعاني وموجزها، وله في الطب يد حاذق، ومعرفة موفق موافق، وأورد من شعره قوله في صفة الربيع:
أبدت لنا الأيام زهرة طيبها ... وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتزّ عطف الدهر (5) بعد خشوعها ... وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطلعت في عنفوان شبابها ... من بعد ما بلغت عنيّ مشيبها
وقفت عليه السحب وقفة راحم ... فبكت لها بعيونها وقلوبها
فعجبت للأزهار كيف تضاحكت ... ببكائها وتباشرت (6) بقطوبها
وتسربلت حللا تجر ذيولها ... من لدمها فيها وشق جيوبها
ولقد أجاد المزن في إنجادها ... وأجاد حر الشمس في تربيبها
ما أنصف الخيري يمنع طيبه ... لحضورها ويبيحه لمغيبها
__________
(1) القلا: لذاك النزاع
(2) في القلا: ابن زنباع.
(3) انظر القلا ص 259.
(4) [في الأصل: بمطلول].
(5) القلا: الأرض
(6) القلا: تبشرت(18/505)
وهي التي قامت عليه بدفئها ... وتعاهدته بدرها وحليبها
فكأنّه فرض عليه موقت ... ووجوبه متعلق بوجوبها
وعلى سماء الياسمين كواكب ... أبدت ذكاء العجز عن تغييبها
زهر توقد ليلها ونهارها ... وتفوت شأو خسوفها وغروبها
فضلت على سير النجوم بسيرها (1) ... وسروّها (2) في الخلفتين وطيبها
فتأرّجت أرجاؤها بهبوبها ... وتعانقت أزهارها بنكوبها
وتصوبت فيها فروع جداول ... تتصاعد الأبصار في تصويبها
(تطفو وترسب في أصول ثمارها ... والحسن بين طفوّها ورسوبها) (3)
فكأنما هي موحشات (4) أساود ... تنساب بين نقابها ولصوبها (5)
فأدر كؤوس الأنس في حافاتها ... واجعل سديد القول في مشروبها
فحديث إخوان الصفاء لذاذة ... تجنى ويؤمن من حمالة (6) حوبها
واركض إلى اللذات في ميدانها ... واسبق لسد ثغورها ودروبها
أعريت خيلك صيفها وخريفها ... وشتاءها هذا أوان ركوبها
أو ما ترى الأزهار ما من زهرة ... إلا وقد ركبت فقار قضيبها
والطير قد خفقت على أفنانها ... تلقي فنون الشدو في أسلوبها
تشدو وتهتز الغصون كأنما ... حركاتها رقص على تطريبها
وله في فتح (7):
كذا تصان السيوف في الخلل ... ويفخر الحظ بالقنا الذبل
وتكرم الخيل في مرابطها ... بر الفتاة العروب بالرجل (8)
__________
(1) القلا: بأسرها.
(2) في الأصل: وسرورها [وما أثبت من القلائد].
(3) [هذا البيت موجود في الأصل، ولم يثبته المحقق].
(4) القلا: موجسات
(5) القلا: في أنقابها للصوبها.
(6) القلا: جناية
(7) انظر ترجمة الأبيات 6، 7، 11، 12، 13في بيريس ص 356.
(8) في ق: القناة العرب، وفي القلا: بر الفتاة المعروف بالرجل.(18/506)
ويعطف النبع كالحواجب أو ... أحنى وتمقى (1) السهام كالمقّل
ويؤثر النثرة (2) الكمي إذا ... خير بين الدروع والحلل
فتح أنارت له البلاد كما ... أشرفت المقربات للنهل
هدّت له الروم هدة ملأت ... قلوب أبطالهم من الوجل
فما أطاقوا الولوج في نفق ... وما أطاقوا الصعود في جبل
ألقوا بأيديهم فلا سبب ... يفرق بين القناة والبطل
[فمجرءى الأسد في مرابضها ... كمجرءى الغانيات في الكلل] (3)
وربما لم تقم مناصلها ... مقام تلك اللواحظ النجل
تغامسوا (4) في الدروع زاخرة ... كي يسلموا من حرارة الأسل
فما أفادتهم الدروع سوى ... النقلة من خفّة إلى ثقل
كأنّهم والرماح تحفزهم ... جري فصال سلكن في الوحل
جاءوا بها زغفا (5) مضاعفة ... قد أخلصت بالحديد والعمل
مثل عيون الدبا فصيرها ... دم وطعن كأعين الحجل
هناك سل بالوزير من شهد ال ... حرب وإن كنت شاهدا فقل
ولا تخف إن حكيت مغربة ... عنه مقام المكذّب الخطل
فإنه الأوحد الذي ترك ال ... دهر بلا مشبه ولا مثل
حدّث بما شئت عنه من حسن ... وعظّم الأمر ثم لا تسل
ففضله يبهر الأهلّة في ... سعودها والشموس في الحمل
وذكر أنه كتب إليه مرجعا من قصيدة:
هوى منجد يلقى به الليل متهم (6) ... يصرّح عنه الدمع وهو مجمجم (7)
__________
(1) القلا: وتمهى
(2) القلا: الشرة
(3) أضفنا البيت من القلا.
(4) [في الأصل: تقاسموا، والإصلاح من القلائد].
(5) القلا: سبقا
(6) القلا: يلقي به الليل متهم؟
(7) ق والقلا: يجمجم.(18/507)
ومنها (1):
لأجفانه من كل شيء مؤرق ... ومن أين للمشتاق شيء ينوّم
وليس الهوى ما الرّأي عنه مزحزح ... ولكنه ما الرأي فيه مفخم
ومنها:
ولولا أبو نصر ولذّات أنه ... تقضّت حياتي كلها وهي علقم
فتى فتح الله المعارف باسمه ... ومن دونه باب من الجهل مبهم
وقوله (2):
أرى بارقا بالأبلق الفرد يومض ... يذهّب جلباب الدجى ويفضّض
كأن سليمى من أعاليه أشرفت ... تمد لنا كفا خضيبا وتقبض
إذا ما توالى ومضه نفض الدجى ... له صغة المسوّد أو كاد ينفض
أرقت له والقلب يهفو هفوّه ... على أنّه منه أحرّ وأرمض
وبت أداري الشوق والشوق مقبل ... عليّ وأدعو الصبر والصبر معرض
وأستنجد الدمع الأبيّ قياده (3) ... فتنجدني منه جداول فيّض
وأعذل قلبا لا يزال يروعه ... سنا النار يستشري أو البرق يومض (4)
تظنهما ثغر الحبيب وخدّه ... فذا ضاحك منه وذا متعرّض
إذا بلغت منك الخيالات ما أرى ... فأنت لماذا بالشخوص معرض
إلى أن تعرّى عن سنا الصبح سدفة ... كما انشق عن صفح من الماء عرمض
ومدت (5) إلى الغرب النجوم مروعة ... كما نفرت عير من السيل ركّض
وأدركها من فجأة الصبح بهتة ... فتحسبها فيه عيونا تمرّض
__________
(1) حذف العماد منها 15بيتا.
(2) ترجمة الأبيات 10إلى 14في بيريس ص 225.
(3) القلا: على الأسى.
(4) القلا: ينبض.
(5) القلا: ندت(18/508)
كأن الثريا والغروب يحثها ... لجام على رأس الدجى وهو يركض
وما تمتري في الهقعة العين أنها ... على عاتق الجوزاء قرط [مفضض] (1)
ومنها في صفة الحرب:
سل الحرب عنه والسيوف جداول ... تدفّق والأرماح رقط تنضنض
وبالأرض من وقع الجياد تمدد (2) ... ولكنه مما يروم تقبض (3)
وبالأفق للنقع المثار سحائب ... مواخض لكن بالصواعق تمخض
وقد سهكت تخت الحديد من الصدا ... جسوم بما علّت من المسك ترحض
ومدّت إلى ورد الصدور عيونها ... صدور العوالي والعيون تغمض
وأشرفت البيض الرقاق إلى الطلى ... لتكرع فيها والرؤوس تخفض
فلست ترى إلا دماء مراقة ... تخاض إلى أكباد قوم تخضخض
وقوله من أخرى:
جهلت وقد علاك الشيب أمرا ... يقوم بعلمه الطفل الرضيع
ولولا ذاك ما قدّرت أني ... أنوء بحمل ما لا أستطيع
فحسبك أو فحسبي منك دهر ... يشت بصرفه الشمل الجميع
وشوق تقتضيه نوى شطون ... فتقضي عنه واجبها الدموع
حملت الحب مؤتمنا عليه ... فكيف تضيع ذلك أو تذيع
لقد جشمت نفسك متلفات ... بكل ثنية منها صريع
[وحال الصب تخضبه دموع ... كحال القرن يخضبه النجيع] (4)
وقد تحمي الدروع من العوالي ... ولا تحمي من الحدق الدروع
وربّ فتى تراع الأسد منه ... يقنّص قلبه الرشأ المروع
__________
(1) سقط ما بين القوسين من الأصل [والتكملة من القلائد].
(2) في النسختين: تمرد [وما أثبت من القلائد].
(3) ق: ولكنه ماء يروم يفيض؟
(4) زدنا هذا البيت من القلا.(18/509)
وقوله:
لهواك في قلبي كريقك في فمي ... غيري يقول: الحب مر المطعم
فأدر علي بمقلتيك كؤوسه ... حتى يدبّ خماره في أعظمي
إن التلذذ في هواك تلذذ ... لو كان أقتل من ذعاف الأرقم
أحبب بحب لا يثير ملامة ... ملئت بمؤلمه عيون اللوم (1)
شغل النواظر والقلوب ولم يدع ... من لم يسمه من الأنام بميسم
ومن العجائب شغل شيء واحد ... في الحال أمكنه ولم يتقسم
وأقام أزمنة وليس بجوهر ... وجرى وليس بمائع مجرى الدم
يا أيها القمر الذي إنسانه ... يرمي أناسا للعيون بأسهم
لم أبد حبك غير أنّ جوانحي ... فاضت به فيض الإناء المفعم
لا ذنب لي، علم الذي أسررته ... نظرا ولم أرمق (2) ولم أتكلم
وأمرت بالشكوى إليك وإنما ... ينمى إلى الإنسان ما لم يعلم
ولربما لم تشكني فأماتني ... يأسي فذرني تحت أمر مبهم
وتلافني قبل التلاف فإنني ... من حمير وسيأخذونك في دمي
الطاعنين بكل أسمر داعس (3) ... والضاربين بكلّ أبيض مخذم
والواردين الصادرين إذا الوغى ... لفحت بجمرتها وجوه الحوم
ولعلهم تسمو بهم هماتهم ... أن يدركوا في الظبي ثأر الضيغم
وزاره نفر من إخوانه فقال فيهم عند تلقيهم بإحسانه:
أهلا وسهلا [بكم] (4) من سادة نجب
كالذبل السمر أو كالأنجم الشهب
__________
(1) القلا: بموليه عيون النوم.
(2) القلا: لم أرمز
(3) القلا: مدعس.
(4) التكملة من ق وفي القلا: وكم(18/510)
أجملتم وتفضلتم بزورتكم (1)
وليس ينكر فضل من ذوي الحسب
أضاء منزلنا من نور أوجهكم
وطاب من عيشنا (2) ما كان لم يطب
139* الأديب أبو جعفر الأعمى التطيلي (3) *
وصفه (4) بالفهم الفائض، والذهن الدّرّاك لخفيات الغوامض، والبصيرة بأسرار المعاني بعين الاطلاع، والفكرة المستخرجة من معادن الفوائد فرائد الجواهر بيد الاضطلاع. إن فقد المرئيات لفقد ناظره، فقد أبصر مغيبات النكت بناظر خاطره، لم يفز حيا نجحه بالهطول، ولم تعز حياته بالطول، وقد أثبت له كل ما يعجب ويطرب، ويحظى به المستحلي له المستعذب. فمن ذلك قصيدة رثى بها بعض أعيان إشبيلية وقد اغتيل، ولم ير بعده إلا على عويله التعويل، فإنه كان له مفتقدا، وفي فضله معتقدا، وهي من سياراته التي بها الآفاق طنت، وارتاحت أسماع الرفاق إليها وحنت (5):
خذا حدّثاني عن فل وفلان
لعلّ يرى باق على الحدثان
وعن دول جسن الديار وأهلها
فنين وصرف الدهر ليس بفان
__________
(1) في النسختين: بزوركم.
(2) في الأصل: من فوقنا [وما أثبت من القلائد].
(3) [في القلائد: التليطلي].
(4) انظر القلا ص 315.
(5) انظر تمام القصيدة (74بيتا) في الديوان ص 224وجاء فيه انه رثى بها محمد ابن اليناقي، وورد البيت الأول منها وترجمته في الروض المعطار ص 64.(18/511)
وعن هرمي مصر الغداة أمتعا
بشرخ شباب أم هما هرمان
وعن نخلتي حلوان كيف تناءتا
ولم تطويا كشحا على شنآن
وطال ثواء الفرقدين بغبطة
أما علما أن سوف يفترقان
وزايل بين الشعريين تصرّف
من الدهر لا وان ولا متوان
وإن تذهب الشعرى العبور لشأنها
فإن الغميصا في بقية شان
وجنّ سهين بالثريا جنونه
ولكن سلاه كيف يلتقيان
وهيهات من جور القضاء وعدله
شآمية ألوت بدين يمان
فأجمع عنها آخر الدهر سلوة
على طمع خلّاه للدبران
وأعلن صرف الدهر لا بني نويرة
بيوم ثناء غال كلّ تداني
وكانا كندماني جذيمة حقبة
من الدهر لو لم تنصرم لأوان
وهان دم بين الدّكادك واللّوى
وما كان في أمثالها بمهان
فضاعت دموع بات يبعثها أسى
يهيّجه قبر بكلّ مكان
ومال على عبس وذبيان ميلة
فأودى بمجني عليه وجان
فعوجا على جفر الهباءة عوجة (1)
لضيعة أعلاق هناك ثماني
دماء جرت منها التلاع بملئها (2)
ولا دخل إلا أن جرى فرسان
وأيام حرب لا ينادى وليدها
أهاب بها في الحرب (3) يوم رهان
فبات (4) ربيع والكلاب تهرّه (5)
ولا مثل مود من وراء عمان
وأنحى على ابني وائل فتهاصرا
غصون الردى من كرّة ولدان
تعاطى كليب فاستمر بطعنة
أقامت لها الأبطال سوق طعان
وبات عديّ بالذنائب يصطلي
بنار وغى ليست بذات دخان
فذلت رقاب من رجال أعزّة
إليهم تناهى عزّ كل مكان
وهبوا يلاقون الصوارم والقنا
بكل جبين واضح ولبان(18/512)
وعن هرمي مصر الغداة أمتعا
بشرخ شباب أم هما هرمان
وعن نخلتي حلوان كيف تناءتا
ولم تطويا كشحا على شنآن
وطال ثواء الفرقدين بغبطة
أما علما أن سوف يفترقان
وزايل بين الشعريين تصرّف
من الدهر لا وان ولا متوان
وإن تذهب الشعرى العبور لشأنها
فإن الغميصا في بقية شان
وجنّ سهين بالثريا جنونه
ولكن سلاه كيف يلتقيان
وهيهات من جور القضاء وعدله
شآمية ألوت بدين يمان
فأجمع عنها آخر الدهر سلوة
على طمع خلّاه للدبران
وأعلن صرف الدهر لا بني نويرة
بيوم ثناء غال كلّ تداني
وكانا كندماني جذيمة حقبة
من الدهر لو لم تنصرم لأوان
وهان دم بين الدّكادك واللّوى
وما كان في أمثالها بمهان
فضاعت دموع بات يبعثها أسى
يهيّجه قبر بكلّ مكان
ومال على عبس وذبيان ميلة
فأودى بمجني عليه وجان
فعوجا على جفر الهباءة عوجة (1)
لضيعة أعلاق هناك ثماني
دماء جرت منها التلاع بملئها (2)
ولا دخل إلا أن جرى فرسان
وأيام حرب لا ينادى وليدها
أهاب بها في الحرب (3) يوم رهان
فبات (4) ربيع والكلاب تهرّه (5)
ولا مثل مود من وراء عمان
وأنحى على ابني وائل فتهاصرا
غصون الردى من كرّة ولدان
تعاطى كليب فاستمر بطعنة
أقامت لها الأبطال سوق طعان
وبات عديّ بالذنائب يصطلي
بنار وغى ليست بذات دخان
فذلت رقاب من رجال أعزّة
إليهم تناهى عزّ كل مكان
وهبوا يلاقون الصوارم والقنا
بكل جبين واضح ولبان
__________
(1) القلا: فاهجبا.
(2) [في الأصل: بمثلها، وما أثبت من القلائد].
(3) في ق والديوان والقلا: الحي
(4) [في القلائد: فهاب].
(5) [في القلائد: تهزه].(18/513)
فلا خدّ إلا فيه خدّ مهند
ولا صدر إلا فيه صدر سنان
وصال على الجونين بالشعب فانثنى
بأسلاب مطلول وربقة عان
وأمضى على أبناء قيلة حكمه
على شرس أدلوا (1) به وليان
ولو شاء عدوان الزمان ولم يشأ
لكان عذير (2) الحي من عدوان
وأي قبيل لم يصدع جميعهم
ببكر من الأرزاء أو بعوان
خليلي أبصرت الردى وسمعته
فإن كنتما في مرية فسلاني
خذا من فمي هلا وسوف فإنني
أرى بهما غير الذي تريان
ولا تعداني أن أعيش إلى غد
لعل المنايا دون ما تعدان
أبا حسن ألق السلاح فإنها
منايا وإن قال الجهول أماني
أبا حسن إن المنايا وقيتها
إذا أتلفت لم تتبع بضمان
أبا حسن إحدى يديك رزئتها
فهل لك بالصبر الجميل يدان
__________
(1) القلا: ألوى به
(2) في النسختين: عزيز [وما أثبت من القلائد].(18/514)
أبا حسن هل يدفع المرء حينه
بأيد شجاع أو بكيد جبان
أبا حسن أما أخوك فقد قضى
فيا لهف نفسي (1) ما التقى أخوان
ونبهني ناع مع الصبح كلما
تشاغلت عنه عنّ لي وعناني
أغمّض أجفاني كأني نائم
وقد لجت الأحشاء في الخفقان
بنفسي وأهلي أي بدر دجنّة
لستّ خلت من شهره (2) وثمان
وأي فتى لو جاءكم في سلاحه
متى صلحت كف بغير بنان
يقولون لا تبعد ولله دره
وقد حيل بين العير والنزوان
ويأبون إلا ليته ولعلّه
ومن أين للمقصوص بالطيران
توقّوه شيئا ثم كروا وجعجعوا
بأروع فضفاض الرداء هجان
فتى كان يعروري الفيافي والدجى
ذوات جماح أو ذوات حران
__________
(1) القلا: فوا طول لهفي
(2) في الأصل والقلا: دهره(18/515)
قليل حديث [النفس] (1) عما يريبه (2)
وإن لم يزل من ظنه بمكان (3)
أبيّ فإن يتبع رضاه فمصحب
بعيد وإن يطلب جداه فدان
لك الله خوّفت العدى وأمنتهم
فذقت الردى من خيفة وأمان
إذا أنت خوّفت الرجال فخفهم
فإنك لا تجزي هوى بهوان
رياح وهبها عارضتك عواصفا
فكيف انثنى أو كان ركن أبان
بلى ربّ مشهور البلاء مشيع
قتيل بمنخوب الفؤاد هدان
أتيحت لبسطام حديدة عاصم
فخر كما خرت سحوق ليان
تداعت له أبيات بكر بن وائل
ولم ترجعيه لا ظفرت بثان (4)
وحسب المنايا أن تفوز بمثله
كفاك ولو أبقيته (5) لكفاني
سقاك كدمعي أو كجودك واكف (6)
من المزن بين السح والهملان
__________
(1) سقط ما بين المعقفين من الأصل [والتكملة من الديوان].
(2) في الديوان: يروعه
(3) الأبيات 47إلى 54غير موجودة في القلا.
(4) القلا: بشان.
(5) الديوان والقلا: أخطأته
(6) الديوان والقلا: وابل.(18/516)
شآبيب غيث لا تزال ملثة
بقبرك حتى يلتقي الثريان (1)
أبا حسن وفّ اعتزاءك حقه
فقد كنتما أرضعتما بلبان
تماسك قليلا لست أول مبتلى
ببين حبيب أو بغدر زمان
وله يرثي (2):
سل دمعي المبذول هل من حيلة ... لي أو له من نومي الممنوع
وحنيني الموصول كيف تعرضت ... شبهاته لرجائي المقطوع
لا تركننّ إلى الزمان وصرفه ... فتك الزمان بآمن ومروع
يا وانيا يأسى على ما فاته ... إن الونى طرف من التضييع
ومداجيا تخذ الخديعة جنة ... ألا أنفت لرأيك المخدوع
دافع بعزمك أو بجهدك إنها ... عزمات حكم ليس بالمدفوع
وانظر بعينك أو بقلبك هل ترى ... إلا صريعا أو مثال صريع
أبني عبيد الله أين سراتكم ... من عاثر بعنانه المخلوع
دهر كأن صروفه قد جمعت ... من نثر منتظم وشتّ جميع
يهن البقيع وليته لم يهنه ... قبر غدا شرفا بكلّ بقيع
ومنها:
وإذا عجبت من الزمان بحادث ... فلتابع يبكي على متبوع
وإذا اعتبرت العمر فهو ظلامة ... والموت منها (3) موضع التوقيع
__________
(1) القلا: شريان
(2) القصيدة (15بيتا) في الديوان ص 180.
(3) [من الديوان، وفي الأصل: فهى منها](18/517)
وله في المعنى (1):
اليوم حين لففت المجد في كفن ... نفسي الفداء على أن لات حين فدا
يا حسرة ملأت (2) بين الضلوع جوى ... ما ضر لا عجها أن لا يكون ردى
في ذمة الله قبر ما مررت به ... إلا اختبلت (3) أسى أن لم أمت كمدا
أودى الزمان وكيف اسطاعه بفتى ... قد طال ما راح في أتباعه وغدا
ملء القلوب جلالا والعيون سنا ... والحرب بأسا وأكناف النّديّ ندى
من لا يقدم في غير العلى قدما ... ولا يمد لغير المكرمات يدا
كأنه كان ثأرا بات يطلبه ... حتّى رآه فلم يعدل به أحدا
يا يوم منعى عبيد الله أي جوى (4) ... بين الجوانح يأبى أن يجيب ندا
وأي غرب مصاب لا يكفكفه ... دمعي الهتون ولا أنفاسي الصعدا
ولا البلابل من مثنى وواحدة ... باتت تسلّ سيوفا أو تسن مدى
ولا الهموم وقد أعيت طوارقها ... كأنّما بتن لي أو للدجى رصدا
قل للدجى وقد التفت غياهبها ... فلو تصوب فيها الماء ما اطردا
إن الشهاب (5) الذي كنا نجوب به ... أجوازها قد خبا في الترب أو خمدا
لهفي ولهف المعالي جار بي وبها ... صرف الردى وأرانا أيّة قصدا
يا صاحبيّ ولا يحبسكما ظمأ ... طال الحيام (6) وهذي أدمعي فردا
وحدثاني عن العليا وقد رزئت ... مسنونها اللدن أو مصقولها الفردا
واه لها وترته ثم قد علمت ... أن لا تنال به عقلا ولا قودا
هل نافع (7) والأماني كلها خدع ... قولي له اليوم: لا تبعد وقد بعدا
وهل تذمم هذا الرزء من قلق ... قام المصاب به أضعاف ما قعدا
__________
(1) القصيدة (57بيتا) في الديوان ص 26وترجمة الأبيات 25إلى 28في بيريس ص 463.
(2) الديوان والقلا: نشأت
(3) الديوان: اختلست
(4) [في القلائد: أسى].
(5) [في الأصل: الشباب، والاصلاح من القلائد].
(6) الديوان: الهيام
(7) الديوان والقلا: نافعي(18/518)
أما ويوم عبيد الله وهو أسى ... لقد تخير منا (1) الموت وانتقدا
يا ماجدا أنجز العلياء موعده ... اليوم أنجز فيك الموت ما وعدا
إن الفؤاد الذي ما زلت تعمره ... قد ريع بعدك حتى صار مفتأدا
سل المنايا على علم وتجربة ... في أي شيء بغى الإنسان (2) أو حسد
تنافس الناس في الدنيا وقد علموا ... ان سوف تقتلهم لذاتها (3) بددا
تبادروها وقد آدتهم فشلا ... وكاثروها وقد أحصتهم عددا
قل للمحدث عن لقمان أو لبد ... لم يترك الموت (4) لقمانا ولا لبدا
ولا الذي همّه البنيان يرفعه ... إن الردى لم يغادر في الشرى أسدا
ما لابن آدم لا تفنى مطالبه ... يرجو غدا وعسى أن لا يعيش غدا
وله يتغزل (5):
بحياة عصياني عليك عواذلي ... إن كانت القربات مما تنفع (6)
هل تذكرين لياليا بتنا بها ... لا أنت باخلة ولا أنا أقنع
وله (7):
هو الهوى وقديما كنت أحذره ... والسقم مورده والموت مصدره
يا لوعة وجلا من نظرة أمل (8) ... الآن أعرف رشدا كنت أنكره
جدّ من الشوق كان الهزل أوله ... أقل شيء إذا فكرت أكثره
ولي حبيب دنا لولا تمنعه (9) ... وقد أقول نأى لولا تذكره
__________
(1) الديوان والقلا: هذا
(2) [في الأصل: الاحسان].
(3) الديوان: لذاتهم
(4) الديوان: الدهر
(5) القطعة (10أبيات) في الديوان ص 78.
(6) الديوان: عندك تشفع.
(7) الأبيات في الديوان ص 240وترجمة البيت الاول في بيريس ص 409.
(8) الديوان: هي أحلى من منى أمل.
(9) الديوان: وان شط المزاربه.(18/519)
وله من قصيدة (1):
سطا أسدا وأشرق بدرتم ... ودارت بالحتوف رحى طحون (2)
وأحدقت الرماح به فأعيا ... عليّ أهالة هي أم عرين
وله (3):
مللت حمص وملّتني ولو نطقت ... كما نطقت تلاحينا على قدر
وسوّلت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى منه في الغدر
أما اشتفت مني الأيام في وطني ... حتى تضايق في ما عزّ من وطري
ولا قضت من سواد العين حاجتها ... حتى تكر على ما كان في الشعر
وله يمدح أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من قصيدة (4):
كم مقلة ذهبت في الغي مذهبها ... بنظرة هي شان أو لها شان
رهن بأضغاث أحلام إذا هجعت ... وربما حلمت والمرء يقظان
فانظر بعقلك إن العين كاذبة ... واسمع بحسك ان السمع خوّان
ولا تقل كل ذي عين له نظر ... إن الرعاة ترى ما لا ترى الضان
دع الغنى لرجال ينصبون له ... إن الغنى لفضول الهم ميدان
واخلع لبوسك من شحّ ومن أمل ... لا يقطع السيف إلا وهو عريان
وصاحب لم أزل منه على خطر ... كأنّني علم غيب وهو «حسان»
أغراه حظ توخاه وأخطأني ... أما درى أن بعض الرزق حرمان
ومن مديحها:
إني استجرت على ريب الزمان فتى ... إن لا يكن ليث غاب فهو إنسان
__________
(1) القصيدة (40بيتا) في الديوان ص 208.
(2) القلا: زبون.
(3) القصيدة (48بيتا) في الديوان ص 48.
(4) القصيدة في الديوان ص 218وقد حذف العماد منها أربعة أبيات.(18/520)
حسبي بعليا عليّ معقلا أشبا ... زمان سربي به في الأمن إيمان (1)
صعب المراقي ولكن ربما سهلت ... على المنى منه أوطار وأوطان
ومنها في صفة الخيل:
الواهب الخيل عقبانا مسوّمة ... لو سوّمت قبلها في الجو عقبان
من كل ساع أمام الريح يقدمها ... منه مهاة وإن شاءت فسرحان
دجنة تصف الأنوار غرتها ... ونبعة يدعي أعطافها البان
عصا جذيمة إلا ما أتيح لها ... من أمر موسى فجاءت وهي ثعبان
ومنها في صفة السيف:
هيم رواء لو ان الماء صافحها (2) ... لزال أو زل عنها وهو ظمآن
يكاد يخلق مهراق الدماء [بها] (3) ... فلا تقل هي أنصاب وأوثان
موتى فإن خلعت أكفانها علمت ... أن الدروع على الأبطال أكفان
نفسي فداؤك لا كفؤ ولا ثمن (4) ... ولو غدا المشتري منها وكيوان
والتبر قد وزنوه بالحديد فما ... ساوى ولكن مقادير وأوزان
140* الوزير أبو العلاء (5) ابن صهيب *
وصفه (6) بالاستيلاء في حلبة الذكاء على السباق، والاعتلاء على رتبة الأكفاء والاستحقاق، وإصابة سهم الفهم إلى المرئي الخفي، وإهداء هدى الفكر البكر من فضائل ذوي الفواضل إلى الكفؤ الكفي. وذكر أنه صحب
__________
(1) الديوان: معقل أشب سيرى به في الأرض ازمان.
(2) في النسختين: الموت صافحها [والإصلاح من القلائد].
(3) [التكملة من القلائد].
(4) الديوان: كفؤا ولا ثمنا.
(5) في النسختين: أبو يعلى [وما أثبت من القلائد].
(6) انظر القلا ص 326.(18/521)
أبا أمية (1) وبه شقي، ولقي من الهوان عنده ما لقي، وائتلفا على مماذقة، وغير موافاة ولا موافقة، وزعم أن له فيه أهاجي لم ير إثباته (وقد أورد من شعره في مدحه أبياته) (2) وهي (3):
ذكرت وقد نم الرياض بعرفه
فأبدى جمان الطل في الزهر النضر
حديثا ومرأى للسعيد يروقني
كما راق نور الشمس في صفحة الدهر (4)
سريت وثوب الليل أسود حالك
فشق بذاك السير عن غرة البدر
فلا أفق إلا من جبينك نوره
ولا نقش (5) إلا في أناملك العشر
حنانيك في بر النفوس لعلها
تؤدي (6) بلثم الكف عارفة البر
وعندي حديث من علاك علقته
يسير كما سار النسيم على النهر (7)
فيبلغ أقصى الأرض وهي عريضة
ويهدي جنيّ النّور (8) من روضة الشعر
__________
(1) هو ابراهيم ابن عصام، مرت ترجمته في رقم 132.
(2) سقط ما بين القوسين من ق.
(3) انظر الأبيات: 1إلى 4و 6في المغرب ج 2ص 257وترجمة الأبيات 6إلى 9في بيريس ص 62.
(4) المغرب: حسن الشمس الزهر.
(5) المغرب: قطر
(6) القلا: ترد.
(7) القلا والمغرب: عن الزهر.
(8) ق: جنى الروض، والقلا: جنى نور؟(18/522)
ففي كل أفق من حديثك عاطر
يسير به لفظي ويطلعه فكري
[ودونك مني قطعة الرّوض قطعة
تحييك عن ودي وتنفح عن شكري] (1)
وله إلى ذي الوزارتين الكاتب أبي بكر ابن القصيرة (2):
كتبت على رسمي فبرّا بطالب ... رضاك وطولا من نهاك بأحرف
أباهي بها عبد الحميد براعة ... وأحملها حمل «الغريب المصنف»
141* الأديب أبو القاسم ابن العطار (3) *
ذكر (4) أنه أحد نحاة إشبيلية وأدبائها وظرفائها، الخالعين العذار وألبائها، لا يقبل ملاما في مدام، ولا يقتل غراما في غلام، ولا ينهر هواه عن نهر، ولا يبهر إلا بمزهر وزهر. وقد أورد من شعره في ذلك ما يتقلد به لبات الرياض، وتنظر عن فتونه وفنونه في السحر فاترات العيون المراض، فمن ذلك في وصف نهر ركبه، حين استعذبه وأعجبه (5):
ركبنا على اسم الله نهرا كأنه ... حباب (6) على عطفيه وشي حباب
وإلا حسام جال فيه فرنده ... له من مديد الظل أي قراب
__________
(1) أضفنا هذا البيت من القلا.
(2) مرت ترجمته في رقم 102.
(3) [في الأصل: أبو القاسم العطار، وما أثبت من القلائد].
(4) انظر القلا ص 328.
(5) انظر البيتين في المغرب ج 1ص 254وترجمتهما في بيريس ص 208.
(6) المغرب: جمان(18/523)
وله فيه (1):
عبرنا (2) سماء النهر والجو مشرق ... وليس له إلا الحباب نجوم
وقد ألبسته الأيك برد ظلالها ... وللشمس في تلك البروج وجوم (3)
وله فيه (4):
لله بهجة منزه ضربت به ... فوق الغدير رواقها الأنسام
فمع الأصيل النهر درع سابغ ... ومع الضحى يلتاح فيه حسام
وله فيه (5):
مررنا بشاطي النهر بين حدائق ... بها حدق الأزهار تستوقف الحدق
وقد نسجت كف النسيم مفاضة ... عليه وما غير الحباب لها حلق
وله فيه (6):
هبت الريح بالعشي فحاكت ... زردا للغدير ناهيك جنّه
وانجلى البدر بعد هدء (7) فصاغت ... كفّه للقتال منه أسنّه
وله يصف عشية أنس (8):
لا كالعشية في رواء جمالها
وبلوغ نفسي منتهى آمالها
ما شئت شمس الأرض مشرقة [السنا] (9)
والشمس قد شدت مطي رحالها
__________
(1) البيتان في المسالك ورقة 142والنفح ج 2ص 406وص 639.
(2) النفح: ركبنا
(3) المسالك: البروج أقوم، والقلا والنفح: البرود رقوم.
(4) البيتان في المسالك والنفح ج 2ص 639.
(5) انظر هما في المسالك.
(6) البيتان في المسالك والنفح ج 2ص 639وترجمتهما في بيريس ص 202.
(7) المسالك: هذا
(8) الأبيات في المسالك، وهي غير موجودة في القلا.
(9) سقط ما بين المعقفين من الأصل [والتكملة من المسالك].(18/524)
في حيث تنساب (1) المياه أراقما
وتعيرك الأفياء برد ظلالها
وله (2):
لله حسن حديقة بسطت لنا ... فيها النفوس سوالف ومعاطف
تختال في حلل الربيع وحليه ... ومن الربيع قلائد ومطارف
وله في الغزل (3):
وسنان ما ان يزال عارضه ... يعطف قلبي بعطفة اللام
أسلمني للهوى (4) فوا حزنا ... إن بزّني عفّتي وإسلامي
لحاظه أسهم وحاجبه ... قوس وإنسان عينه رام
وله:
رقّت محاسنها ورقّ نعيمها ... فكأنّما ماء الحياة أديمها
رشأ إذا أهدى (5) السلام بمقلة ... ولى بلب سليمها تسليمها
سكرى ولكن من مدامة لحظها ... واغضض جفونك فالمنون نديمها
وله (6):
الحب تسبح في أمواجه (7) المهج
لو مد كفا إلى الغرقى به الفرج
بحر الهوى غرقت فيه سواحله
فهل سمعتم ببحر كله لجج
__________
(1) المسالك: تنسكب
(2) انظرهما في المسالك والنفح ج 2ص 639.
(3) الأبيات في النفح ج 2ص 639وترجمتهما في بيريس ص 279.
(4) [من القلائد: وفي الأصل في الهوى].
(5) في ق: رد
(6) انظر ترجمة الأبيات التالية في بيريس: 1و 2ص 213، 3و 8ص 408، 4، و 5ص 421.
(7) ق: أرواحه(18/525)
بين الردى والهوى في لحظه نسب
هذي القلوب وهذي الأعين الدعج
دين الهوى حظّه (1) عقل بلا كتب
كما مسائله ليست لها حجج
لا العدل (2) يدخل في سمع المشوق ولا
شخص السلو على باب الهوى يلج
كأن عيني وقد سالت مدامعها
بحر يفيض ومن آماقها خلج
جار الزمان على أبنائه وكذا
تغتال أعمارنا الآصال والدلج
بين الورى وصروف الدهر ملحمة
وإنما الشيب في هاماتها رهج
وله:
بأبي غزال ساحر الأحداق ... مثل الغزالة في سنا الإشراق
شمس لها فوق الجيوب مشارق ... ومغارب بجوانح العشاق
نثر العقيق ونظم در رائق ... في مرشفيه وثغره البراق
عقد من السحر الحلال بلفظه ... وبها تحل معاقد الميثاق
هلا وقد مدّت إليه ضراعتي ... يدها تصافحها يد الاشفاق
ديم الغمام برعدها وببرقها ... كاثرتها بسحائب الأشواق
ما أدمعي تنهل سحا إنما ... هي مهجتي سالت على الآماق
وله:
ألا يا نسيم الريح بلغ تحيتي ... فما لي إلى إلف سواك رسول
__________
(1) في القلا: شرعه
(2) في ق: العذل(18/526)
وقل لعليل الطرف عني بأنّني ... صحيح التصابي والفؤاد عليل
أينشر ما بيني وبينك في الهوى ... وسرك في طي الضلوع قتيل
وله (1):
هب النسيم مع العشي فشاقني ... إذ كان من جهة الحبيب هبوبه
وكأنه إذ هب من تلقائه ... عرف القرنفل والعبير يشوبه (2)
قد كنت ودعت الصبا بوداعه ... وأخو الصبابة لا تفيق ندوبه
لو لم أجب داعي الهوى وعصيته ... لغدت جفوني [بالدموع] (3) تجيبه
وله:
لا بد للدمع بعد الجري أن يقفا ... وهبك (4) سال فؤادي عنده أسفا
وبي غزال إذا صادفت غرته ... جنيت من وجنتيه روضة أنفا
كالبدر مكتملا كالظبي ملتفتا ... والروض مبتسما والغصن منعطفا
ما همت فيه ولا هام الأنام به ... حتى غدا الدهر مشغوفا به كلفا
أيرتضي الفضل أن أطوى على حرق ... وفي مراشفه العس الشفاه شفا
ما صافح الروض كف المزن من مقة ... إلا أرتنا به من خطه صحفا
وله (5):
ما لي على سطوات الدهر من جلد ... ألقيت نحو تباريح الهوى بيدي
حلئت عن منهل السلوان في رشأ ... بجيده حلية من صنعة الغيد
مذ قادني طرفه للحين أعلمني ... أن العيون لها قتل بلا قود
__________
(1) لم ترد هذه الأبيات في القلا.
(2) [في الأصل: يشوقه، وهو خطأ من الناسخ].
(3) سقط ما بين المعقفين من الأصل.
(4) القلا: وهبه
(5) لم ترد هذه الأبيات في القلا.(18/527)
وله في الوزير أبي حفص الهوزني (1) وقد مات بنهر طلبيرة عند افتتاحها من قصيدة (2):
وفي كفه من مائع الهند جدول ... عليه لأرواح العداة تحوّم
بحيث الصّدى بين الجوانح يلتظي ... ونار الوغى بالمشرفية (3) تضرم
[وما من قليب غير قلب مدجّج ... ولا شطن إلا الوشيج المقوّم] (4)
ووجه الضّحى من ساطع النقع كاسف ... بيوم له زرق الأسنة أنجم
ولما رأوا أن لا مقرّ لسيفه ... سوى هامهم لاذوا بأجرأ منهم
وكان من النهر المعين معينهم ... ومن ثلم السدّ الحسام المثلّم
فهلا ثنى عنه الردى في زلاله ... رداء برقراق الفقاقيع (5) معلم
فيا عجبا للبحر غالته نطفة (6) ... وللأسد الضرغام أرداه أرقم
وله يتغزل:
ليل يعارضه الزمان بطوله ... ما لي به إلا الأسى من مسعد
نظّمت لؤلؤ أدمعي في جيده (7) ... فكأنّها فيه نجوم الأسعد (8)
142* الأديب الحاج أبو عامر ابن عيشون (9) *
وصفه (10) بأنه أحيا (11) لبوس البؤس والنعيم، ووجد تعب المسافر وراحة المقيم، فآونة كالنسر الطائر، وتارة كالنسر الواقع، وطورا في
__________
(1) لم نعثر على ترجمة له، وأغلب الظن انه حفيد أبي حفص عمر الهوزني المترجم في المغرب ج 1ص 234.
(2) انظر البيت الثامن منها في المغرب ج 1ص 254والأبيات: 5، 6، 7، في النفح ج 2ص 499
(3) القلا: بين الأسنة
(4) [أضفنا هذا البيت من القلائد].
(5) في النسختين: الوقائع [وما أثبت من القلائد].
(6) النفح: لطفة
(7) [في الأصل: من خده، وما أثبت من القلائد].
(8) القلا: النجوم الاسعد؟
(9) في النسختين: ابن أبي عيشون [وما أثبت من القلائد].
(10) انظر القلا ص 332.
(11) في ق: أحاب(18/528)
القصور، وبرهة في البلاقع، ومرة في غنى، وأخرى في فقر، وليلة في مغنى، ويوما في قفر، وذكر أنه رحل إلى المشرق فما أحمد الرحلة، ولا حصل منها النحلة، ودخل مصر في عهد الأفضل (1) خاملا لا يعرف، وآملا لا يسعف، خالي الكيس، بادي الاخلال بالتعذير والتنكيس، كاسيا من الافلاس، عاريا من اللباس، قد بات ليله اتقد (2)، وقد كاد يتلفه البرد، وكان قد دخل عليه ابن طوفان وهو مغنّي الافضل وشم ريح حاله، وشام بارقة إمحاله، فاستدعى منه أن يعمل أبياتا يلحنها، ويشدوها عند الافضل لحسنها، فلعله يجد فرصة، ويجر إلى نار أمله من النجح قرصة، فعمل (3):
قل للملوك وإن كانت لهم همم ... تأوي إليها الأماني غير متئد
إذا وصلت بشاهنشاه لي سببا ... فان أبالي بمن منهم نفضت يدي
من واجه الشمس لم يعدل بها قمرا ... يعشو الى ضوئه لو كان ذا رمد (4)
فلما كان من الغد، وافاه بخمسين دينارا وكسوة، وذكر أنه غناه بالشعر فحل منه بقبول وحظوة. وله (5):
قصدت على أن الزيارة سنة ... يؤكّدها فرض من الودّ واجب
فألفيت بابا سهل الله إذنه (6) ... ولكن عليه من عبوسك حاجب
مرضت ومرّضت الكلام تثاقلا ... علي إلى أن خلت أنك عاتب
فلا تتكلّف للعبوس مشقّة ... سأرضيك بالهجران إذ أنت غاضب
فما الأرض تدمير ولا أنت أهلها ... ولا الرزق إن أعرضت عني جانب
__________
(1) المراد به: الأفضل بدر الدين الجمالي وزير الدولة الفاطمية، (توفي عام 513).
(2) كذا في ق: وفي الأصل.
(3) الأبيات في المسالك ورقة 143والنفح ج 1ص 797.
(4) [إلى هنا ينتهي النقص في مخطوطة (ت) الذي نبهنا اليه سابقا]
(5) الأبيات في النفح ج 1ص 797 [وهي ساقطة من (ت)].
(6) القلا: فتحه.(18/529)
وله (1):
كتبت ولو وفيّت برك حقه ... لما اقتصرت كفي على رقم قرطاس
ونابت عن الخط الخطى وتبادرت ... فطورا على عيني وطورا على رأسي
سل الكأس عني هل أديرت فلم أصغ ... مديحك ألحانا يسوغ بها كاسي
وهل نافح الآس الندامى فلم أدع ... ثناءك أذكى من منافحة الآس
143* الأديب أبو الحسن حكم بن محمد غلام البكري *
وصفه (2) بالخاطر المولد المخترع، المفتضّ عذرة المعاني [المفترع] (3)
وذكر أنه كان ذا جأش جاش، وبرى نبل النبل وراش، وطال رشاء عمره (حتى برح زكي غمره) (4)، وطواه الدهر بعد طول نشره، ولقي آخر الدولة العبادية في عنفوانه، وريعان الدولة المرابطية في آخر زمانه، وله قلائد استغربت واستعذبت، وسوائر شرقت في البلاد وغربت، فمن ذلك (5):
أرقني بعدك البعاد ... فناظري كحله سهاد
يا غائبا وهو في فؤادي ... إن كان لي بعده فؤاد
الله يدري وأنت تدري ... أن اعتقادي لك اعتقاد
تذكر والحادثات بله ... ليس لها ألسن حداد
ونحن في مكتب المعالي ... يصبغ أفواهنا المداد
__________
(1) الأبيات في النفح ج 1ص 798والثالث والرابع منها في المسالك.
(2) انظر القلا ص 334.
(3) سقط ما بين المعقفين من الأصل [والتكملة من (ت) والقلائد].
(4) سقط ما بين القوسين من ق.
(5) الأبيات 1إلى 10و 15إلى 17في المغرب ج 1ص 348و 1، 2، و 15إلى 18في المسالك ورقة 133ظهر [ومن هذه القطعة إلى القطعة التي أولها: ألاحت وللظلماء من دونها سدل ساقط من (ت)].(18/530)
يستر (1) ستر الصبا علينا ... والأمن من تحتنا (2) مهاد
لا نتهدى لما خلقنا ... نجهل ما الكون والفساد
ومنها (3):
أذمة بيننا لعمري ... يحفظها السيد الجواد
سبحان من خصكم بأيد ... بهنّ تستعبد العباد
إذا استهلت لنا سماء ... أو رق من تحتها الجماد
آثاركم في العلا قديما ... دانت لها جرهم وعاد
والآن تبلى وربّ جود ... حل على ناره الرماد
وأنت في ألسن البرايا ... معنى بألفاظها معاد
حسب العدى منك ما رأوه ... لا وريت للعدى زناد
لم يعلم الصائدون منهم ... أنك عنقاء لا تصاد
وإن في راحتيك سعدا ... تدق من دونه الصعاد
والليث شبعان لا يبالي ... إذا نزت حوله النّقاد
وله (4):
تظن مرادا بالعقيق وجدولا ... إذا كرعت فيه القبول تسلسلا
وإن مدت الأغصان أطناب ظلها ... بشطيه خلناه حساما مفللا
تنفّس من تلقائه بعد هجعة ... نسيم فخلناه عليلا معللا
وجرر ذيلا صافح النور سحرة ... وذاع فحيّاه الحيا فتبللا (5)
يحث البهار الغض يوميء باسما ... لتقبيله خدا من الورد مخجلا
ولم أر عيرا كالرباب إذا ونى ... وجد به سوط العقيقة أرقلا
يرنّ حفافيه أجش مقهقه ... يوهمنا في الدار ضبطا مرسلا (6)
__________
(1) القلا والمغرب: يدل
(2) [من القلائد. وفي الاصل: تحتها].
(3) حذف منها بيتين.
(4) لم ترد هذه القطعة في القلا.
(5) في الأصل: فتبدلا.
(6) في ق: مشيلا.(18/531)
وليل ككحل العين قد مد جنحه ... جناحا على الأرض البسيطة مرسلا
وسمت بنار الكأس قطري بهيمه ... فغادره وسمي أغر محجلا
كأن بقاياه غداف شبيبتي ... ألمّ به صفر المشيب ليرحلا
وله (1):
ألاحت وللظلماء من دونها سدل ... عقيقة برق مثل ما انتضي النصل
أطارت سناها في دجاها كأنها ... تبلج خد حوله (2) فاحم جثل
لدى ليلة رومية حبشية ... تغازلنا من شهبها أعين شهل (3)
تودّ عيون الغانيات لو انّها ... إذا مرضت عند الصباح لها كحل (4)
بدت في حلالها فاتّقينا نجومها ... بأنجم راح في الشفاه لها أفل
إلى أن بدا للصبح في طرة الدجى ... دبيب كما استقرت مدارجها النمل
نعيم أرى الأيام تثني عنانه ... علينا إذا ألقى ثنيته الحسل
أفي لهوات الليث ربع أبيته (5) ... ولو علني فيها مجاجته الصل
ذكرت (6) الدنا والأهل فيها فليس لي ... بها عقوة آوي إليها ولا أهل
وأفردني صرف الزمان كأنّني ... طرير من الهندي أخلصه الصقل
144* الأديب أبو عامر ابن المرابط *
ذكر (7) أنه كان يقصد في نظمه الترقيق لا التشديق، والإعذاب لا الإغراب، والإحلاء لا الإعلاء، والتفهيم لا التفخيم، والتقريب لا التغريب،
__________
(1) الأبيات 1إلى 6في المسالك، وقد نقل ابن بسام 23بيتا من هذه القصيدة ورد فيها الأبيات 1 و 9و 10فقط.
(2) القلا والمسالك: حفه
(3) [هذا البيت ساقط من (ت)].
(4) في الأصل: افل [والإصلاح من (ت)].
(5) في الأصل: وقع والقلا: ريع أبيه.
(6) القلا: والذخيرة: نكرت.
(7) انظر القلا ص 340.(18/532)
والتحريك لا التعريك. لكن هلاله لم يقمر، وقمره لم يبدر، وبدره لم يتم، وتمامه ما أزهر، وزهره ما أنور (1)، ونوره ما أثمر، وثمره ما ينع، وينعه ما طلع، وطلعه ما بسر، وبسره ما أتمر، وحج عمرة، لم يبلغ قران العمرة، ومشتري شبابه لم يصادف قران الزهرة، فحضره الاجل مغيرا، واحتضره دون الأمل صغيرا. ومن شعره قوله (2):
سر إن اسطعت فإنّي ... لست أسطيع مسارا
ذلك البدر الذي قا ... بلت لا يهوى (3) السرارا
قلدوا مبسمه الدر ... وجفنيه الشّفار
كلّما أومأ باللحظ يمينا ويسارا
لا ترى عيناه إلا القوم قتلى وأسارى
لا ترع يا شادن الأجرع كم تهوى النفارا
لك هذا القلب ترعا ... هـ أراكا وعرارا
وقوله (4):
هنالك الريّ من دموعي ... يا ظبي والظل من ربوعي (5)
فرد معينا ورد ظليلا ... غير مذود ولا مروع
وقوله:
من رأى ذاك الغزال ضحى ... يتمشّى في أجارعه
ينفض الأجفان عن سنة ... أشربتها في مضاجعه
__________
(1) ق: نور
(2) الأبيات الخمسة الاولى منها في المسالك ورقة 143 [وهي ساقطة من (ت)].
(3) القلا والمسالك: يلقى
(4) انظر ترجمتهما في بيريس ص 199.
(5) القلا: ضلوعي.(18/533)
نظرات الظبي روعه ... قانص أدنى مراتعه
(بشر ما مثله قمر ... سنّ قتلي في شرائعه) (1)
وقوله من قصيدة:
أعيدوا عليّ الربع إلا تحية ... أخفف منها والركاب تبوع
دعوني والأطفال أبكي فإن يكن ... ضلالا فإني للضلال تبوع
وقوله من أخرى:
فتناوحت فيه الرياح ضحى ... حتى تبل ترابه المزن
وتسيل أبطحه وأجرعه ... ويرفّ ذاك السهل والحزن
وقوله (2):
تقول مطيتي لما رأتني ... وبينك لا توادعني فواقا
لقد أخذ السرى مني ومنها ... مآخذ لا نطيق بها مساقا
لقد عنيت بنا النّكبات حتّى ... لودّت (3) كل نائية فراقا
145* الأديب أبو الحسن باقي بن أحمد *
وصفه (4) بالأدب الباهر، والحسب الزاهر، وذكر أنه لم يزل منقبضا، وبدهره في صد عرضه غرضا، (5) وقصر مدحه، على القاضي أبي أمية (6)
ولزم كسره، وألف مع عدم الانجبار كسره، فمن شعره ما كتب به إليه:
__________
(1) سقط هذا البيت من ق.
(2) [هذه القطعة، ساقطة من (ت)].
(3) في الأصل: لردت [وما أثبت من القلائد].
(4) انظر القلا ص 342.
(5) كذا وفي ق: يد الدهر في صد غرضه وقصر
(6) هو ابراهيم ابن عصام، مرت ترجمته في رقم 132.(18/534)
الدهر نولاك ما رقّت سجاياه ... والمجد لفظ عرفنا منك معناه
كان العلى والنّهى سرا تضمنه ... صدر الزمان فلما لحت أفشاه
آيات فضلك تتلوها ونكتبها ... في صفحة البدر ما أبدى محياه
فأنت عضب (1) وكف الدهر ضاربة ... تنبو الخطوب ولا تنبو غراراه
وله:
يا ماجدا في قربه ... من كل هم لي فرج
ومملكا بمقاله ... وفعاله رق المهج
هل طنّ أذنك للّقا ... ء فإن عيني تختلج
(2) قال: وصحب القاضي أبا أمية إلى العدوة، فمرّوا بفاس، وفيها الوزير أبو محمد بن القاسم (3).
فكتب إليه:
نسيم الصّبا بذمام العلى ... تمشّ على الروض مشي الكسير
وسر عبق النشر حتى تحل ... محل السيادة ربع الوزير
فطأمن حشاها (4) دوين الضلوع ... حذار مهابته أن تطير
وقبّل أنامله إنّها ... ضرائر في (5) فيضها للبحور
وذكر بحاجة ضيف له ... فؤاد يقيم وجسم يسير
له أمل قبل وشك الرحيل ... [طويل المدى ومداه قصير
وقل إن لقيا الوزير الأجل] (6) ... يقرّب كلّ بعيد عسير
__________
(1) في القلائد: فدمت عضبا
(2) [من هنا إلى آخر مخطوطة (ت) نقص في الأوراق وأكثرها مكرر يصعب الاهتداء إلى وضعه في محله].
(3) مرت ترجمته في رقم 106.
(4) [في الأصل: حشاك، وما أثبتناه من القلائد].
(5) القلا: من
(6) [التكملة من القلائد].(18/535)
146* الأديب أبو جعفر ابن البني *
وصفه (1) بالانتهاك، والمجون والاستهلاك، وامتطاء مركب الهوى، والانضواء إلى من غوى، والانطباع في النظم، والاضطلاع بحدة الفهم، وله في الطرب (2) سهم يخطي، وحظ يبطي، وذكر أنه أبعده ناصر الدولة إلى ميورقة، فلما قربت السفينة منها، نشأت ريح فردته إلى موضعه عنها، فقال في أصحابه وأحبابه، وقد صدوا عن جنابه (3):
أحبتنا الألى عتبوا علينا ... فأقصرنا (4) وقد أزف الوداع
لقد كنتم لنا جذلا وأنسا ... فهل في العيش بعد [كم] (5) انتفاع
أقول وقد صدرنا بعد يوم ... أشوق بالسفينة أم نزاع
إذا طارت بنا حامت عليكم ... كأن قلوبنا فيها شراع
وله:
يا من يعذبني لما تملكني ... ماذا تريد بتعذيبي وإضراري
تروق حسنا وفيك الموت أجمعه ... كالصقل في السيف أو كالنور في النار
وله يهجو قوما ويمدح منهم رجلين (6):
ما في بني يوسف ساع لمكرمة ... سواك أو صنوك العالي أبي الحسن
كرمتما واغتدى باللؤم غيركما ... والشوك والورد موجودان في غصن
* * *
__________
(1) انظر القلا ص 343، وترجم له الفتح أيضا في المطمح ص 91.
(2) في ق: الطلب [وفي القلائد: في علم الطب].
(3) انظر هذه الأبيات أيضا في المطمح ص 92والمغرب ج 2ص 357والنفح ج 2ص 327وص 585 (نقلها المقرى مرة عن القلا ومرة عن المطمح).
(4) المغرب والنفح: أقصوا
(5) [زيادة اقتضاها الوزن والسياق].
(6) هما القاضي أبو الوليد هشام وأخوه علي (القلا).(18/536)
هذا آخر الجماعة الذين أوردهم بالذكر من الأعيان أبو نصر الفتح بن محمد القيسي (الأندلسي) (1) مصنف قلائد العقيان، وسألت عنه بمصر فقيل [عاش] (1) بالمغرب إلى عهد شاور (2) بمصر فقد توفي سنة خمس وخمسين وخمسمائة (3) وقال لي بعض المغاربة: توفي قبل هذا التاريخ. وقد أتى في كتابه بكلام كالسحر رقة ودقة، وكالزلال عذوبة وصفاء، وكالخمر طربا وانتشاء، ولو نقلته على وجهه لم أكن إلا ناسخا، ولم أبد في الصنعة علما راسخا، لكنني اختصرت وصفه لكل فاضل بلفظي، ونمقته بمعنى من حفظي، وكسوت المعنى صورة أخرى، وجلوته في الحلية الحسنى، فإن فتحا قبّح ذكر قوم ووضعهم (4)، ونبه خاملين فرفعهم، وحاد عن الصحيح لمرضه، ووسم الحسن بالقبيح لغرضه، ومن جملة ذلك أنه ترب على أبي بكر ابن باجة، وأطلع نوره في سماء السماجة، وقد أجمع الفضلاء على أنه لم يلحق أحد مداه في زمانه، ولم يوجد شرواه في إحسانه، وقد ختم به علم (5) الهندسة، وتداعت بموته في إقليمه مباني الحكم المؤسسة.
من جماعة ذكرهم أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الأندلسي مؤلف قلائد العقيان في محاسن الأعيان لم نثبتهم إلا من هذا الكتاب، ولم ننظم إلا بعقودهم منه شمل الآداب.
147* أبو بكر ابن عبد الصمد *
وذكره ابن بشرون في كتابه فقال: أبو يحيى ابن عبد الصمد.
ذكره (6) في آخر حديث المعتمد ابن عباد وأنه جاء إلى قبره بأغمات،
__________
(1) سقط ما بين القوسين من ق.
(2) هو أبو شجاع وزير العاضد آخر الفاطميين توفي عام 565.
(3) كذا في النسختين، وفي المطرب ص 27. توفي عام 529. ياقوت ج 16ص 186، توفي عام 533 وابن خلكان ج 1ص 568: توفي عام 535.
(4) [في الأصل: ووصفهم].
(5) [في الاصل: على].
(6) انظر القلا ص 34.(18/537)
بعد أن مات، وقال بعد أن طاف بقبره والتزمه، وخر على تربه ولثمه (1):
ملك الملوك أسامع فأنادي ... أم قد عدتك عن السماع عواد
لما خلت منك القصور فلم تكن ... فيها كما قد كنت في الأعياد
أقبلت (2) في هذا الثرى لك خاضعا ... وتخذت قبرك موضع الانشاد
قال: وهي قصيدة أطال إنشادها، وبنى بها اللواعج وشادها.
148* أبو نصر الفتح بن عبيد الله ابن خاقان *
مؤلف كتاب قلائد العقيان. وصفه الرشيد ابن الزبير في كتاب الجنان وقال: كان ذرب طية (3) اللسان، غزير ركيّة البيان، كأنما يغرف من بحر زاخر، أو يقطف من زهر ناضر، حسن صناعة، وسعة براعة، وله تواليف تشهد له بدراية، وتصانيف تدل على توسعه في الرواية، إلا أنه كان يضع من نفسه بشدة تبدله، وكثرة تنقله، وغضه من ذوي الرّتب، وإساءة الأدب على الأدب، وتحليه من الخلاعة بما تعزف عنه نفس كل ذي عقل رصين، واشتفافه من الدنايا إلى ما لا يرضاه أهل المروءة والدين، وهو متوسع في النثر، قليل البضاعة في النظم، ولم أجد له منه ما يدخل فيما يدخل لأهل طبقته، فأما رسائله فقد أورد منها ما يغني الوقوف عليه عن صفته. فمن ذلك رسالة يصف فيها نزهة وقنصا وهي:
ما تزال الغرائب (4) أيد الله الملك الأجل معرضة في متنزهاته، وتثور له في ثنيات متوجهاته، فتزيد الأنس انفساحا، وتورث النفس ارتياحا، فتنطلق
__________
(1) انظر تمام القصيدة (104بيتا) في الاعلام ص 192.
(2) [من القلائد.، وفي الاصل: قبلت].
(3) كذا، وفي ق: ذوب ظبه
(4) ق: الغائب(18/538)
من عقالها ويتدفق بحر مقالها، وخرجنا معه في لمة من جنوده، وأمة (1) من عبيده، وهو يقتادهم بزمام اصطناعه، ويرتاد لهم أخصب بقاعه، ووجه الشمس أومض إيماضه، وأفاض من سناها ما أفاضه، واعلام الدولة قد حفوا بلوائه، وتألقوا بسمائه، كأنهم النجوم إشراقا، والدرر انتظاما واتساقا، فساروا يسمون صفحات البسيطة بحوافر الخيل، ويثيرون قتاما (2) كقطع الليل، فبينما هم ينجدون ويتهمون، ويبحثون عن القنص (3) في كل مكان يتوهمون، إذ سنح لهم في البسائط سانح، وارتاع من رجة الموكب آمن سارح، قد اتخذ العشب جحرا، وضم إلى ترائبه سحرا ونحرا، فمرق كالسهم يمرق من الفوق (4)، ومر لا يستمسك بواضح طريق، فتارة يسلك مستبينا، وتارة لا يعرج شمالا ولا يمينا، وما زالت الجياد تباري استنانه، وذوات المخالب تحاكي روغانه، حتى عادت عليه الأرض قفصا، وساقته إلينا قنصا، فعلقته كف كائد، لا حبالة صائد، فأخذه صاغرا، وفم الحمام قد تعرض له فاغرا، فذكاه بشفرته، وقذف زاده في ثغرته، وما زلنا نستوفر عددها، ونقصر أمدها، حتى ملأت الحقائب، وأتبعت الركائب، وأذكت الهاجرة شواظ لهيبها، ولوت الصّبا عنان هبوبها، فملنا إلى حدائق امتد عليها من أوراقها رواق، وغازلتنا من أزهارها جفون وأحداق، فحططنا بساحتها، وانبسطنا في رحب سياحتها، ودارت بيننا راح، تلقيناها بالراح ولوعا، وحسبناها شمسا طلعت طلوعا، ومازلنا نديرها كبارا وصغارا، نجوم اتخذت الأفواه مغارا، إلى أن فني اليوم أو هم، وكاد وجهه أن يدلهم، فقمنا إلى صهوات الجياد، وما منا إلا من يميل كالغصن المياد، فصرنا وما نفرّق بين البكر والأصائل، ولا ندري الأواخر من الأوائل، ويمن
__________
(1) [في الأصل: لمة].
(2) في الأصل: قياما
(3) في ق: الفيض؟
(4) [هكذا في الأصل: ولعله التفويق].(18/539)
الملك الأجلّ يهدينا، ونوره يسعى بين أيدينا، فلا زالت ليالينا به مشرقة، وغصون أمانينا في جنابه مورقة. ما عبق زهر، وتدفق نهر.
ومن أخرى:
أطال الله بقاء الوزير الأجل، عتادي الأسرى، وزنادي الأورى، وأيامه أعياد، وللسعد في زمانه انقياد. أما أنا أدام الله عزك فجوي عاتم، وأعيادي مآتم، وصبحي عشاء، وما لي إلا من الخطوب انتشاء، أبيت بين فؤاد قلق، وطرف مسهد، نائي المحل عن مزار العوّد، حيران لا أرى الروض المنور، ولا أحس سهيلا إذا ما لاح ثم غوّر، قد بعدت [دار] (1) إليّ حبيبة، ودنت مني حوادث بأدناها تودي الشبيبة، وأي عيش لمن لزم المفاوز لا يريمها، حتى ألفه ريمها، قد رمته النوائب فما أبقى، وارتقت إليه الحوائج (2) في وعر المرتقى، يواصل النوى ولا يهجر سيرا، ولا يزجر في الإراحة طيرا، قد هام بالوطن، هيام ابن طاب بالحوض والعطن، وحن إلى تلك البقاع، حنين أثلات القاع، ولا سبيل إلى تشعب صدع بينه مشاعب، أو تكلمه للدار أحجار وملاعب، وليس له إلى أن يجنح، ولا يرى أمله يسنح، قد طوى البلاد وتطرف الأرض وتوسطها ولم يلف مقيلا، ولا وجد مقيلا. إلى الله الشكوى لما أقاسي، وبيده الأقدام والنواصي، فالى متى يعتري السعد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ومن أخرى:
سقى بلدا أمست سليمى تحله ... من المزن ما يروي به ويسيم
سقى الله ذلك الجانب الذي حواك. وخص منه بالوابل مثواك، حتى يخلع الربيع فيه سندسيات بروده، ويجمع في النضرة [بين تهامته] (3)
ونجوده، فإنه جناب حل فيه الذكاء والنّبل، وقل لسقياه عندنا الوبل.
__________
(31) سقط ما بين المعقفين من الأصل.
(2) في ق: جوانح(18/540)
ورعيا لأيامنا المعلمات الذيول، المعطلات عرفي الصبا والقبول، وقد نعمنا ببكرها وآصالها، وأمتعنا بتواليها واتصالها، فاليوم لم يبق منها إلّا ذكرة لها في الفؤاد صدع، وللعراك والسلوة ردع، وعساها تعود، فيورق عود.
وكتب عن أحد الرؤساء:
أما بعد: فإن الأيدي قد امتدت، ودواعي التعدي قد اشتدت، وأموال الناس تنتهب، وزواجر كتاب الله لا ترهب، وأنت تنام عن كف هذا الانتهاب، وتلين في موضع السطوة والارهاب، وتعكف على الراح وروحاتها [وتقف بين بكرها وروحاتها] (1) وقدما أفسدت الراحة الأحوال، وجرّت إلى أهلها الأهوال، فدعها فليس بأوانها، واكتف من صحيفة الشر بعنانها (2) وأكثر الصولة، وأجدر أن يكون للمكروه عندك جولة، فلينب عن سوطك سيفك، حتى يرهب خيالك وطيفك.
ومن أخرى:
الدهر أعزك الله إن بنى مشيدا هدّه، وإن وهب نفيسا استردّه، وإن حل نعمة أصارها شرقا، وإن كحل نومة أعقبها أرقا، ولا برهان إلا ما شاهدته غداة لقيتك بظهر الفلاة، وسقيتك ألذّ من (3) طيب الحياة، والسرور قد غار في جو الجوى، والقرب قد حار في جيش النوى، فلم يك بين التسليم والوداع مهلة، ولم يبح من الالتياع من الشفاء نهلة، فما وخدت ركابك إلا وقلبي يتبعها، ولا أنجدت قناتك (4) إلا وطرفي يقرعها، فما حيرة ابن حطان وقد انتسب إلى القبائل، ولا الحارث ابن عباد وقد نشب في حرب وائل ولا ابن مفرّغ وقد خاف ولاة سميّة، ولا عبد الله ابن قيس وقد فرّ من بني أميّة. إلا دون وجدي غداة كففت دمعي المتسرب، ووقفت
__________
(1) سقط ما بين المعقفين من الأصل.
(2) [كذا بالاصل ولعل الصواب: بعنوانها].
(3) في ق: الزمن
(4) ق: قبائل(18/541)
كناظر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب، فلله أيامنا الموشية، وقوفنا بالسراة عشية، وانتشائي من مقلة وكأس، واجتلائي شارب زبرجد أو عذار آس، والتماحي خدّا كمورّد الشقيق، واستصباحي بثغر كالدر في حقّ من العقيق، زمان صحونا إلا من المدام، وسلونا إلا عن النّدام، وتفرعنا إلا من الندى، وتورعنا إلا من معاقبة العدى، وأدرنا ذهبا سائلة، ونظرنا رقبا شائلة، وبتنا لم نرم السهر، ولم نشم برقا إلا الكأس والزهر، والشّمل جامع، والدهر مجيب وسامع، فالآن منازلي أكوار، ومواصلي بطل مغوار، فتلك تضنيني بطول السفار، وذاك ينتضيني للملمات انتضاء الشفار، فأنا بين وعر يعيي، وذعر يميت ويحيي، ونوى لا يقال لعاثرها لعا، وهوى قد حشا بالجوى أضلعا، والله يريح مما عرى، ويمن بنظره إلى قرقرى.
وله إلى بعض إخوانه يوصيه بكتب أودعها عنده ويصف هرا:
استوهب الله لك أيها العماد الأعلى، والسراج الأجلى، والطود الأشم.
والبدر الأتم. من النعم أبقاها، (1) ومن العصم أوقاها، لا زلت لعنان السيادة مالكا. ولمنهاج السعادة سالكا، كتبت أعزك الله والودّ قائم رسمه، لائح وسمه، وإن كانت الأيام قد أزاحتني عن قربك، وأظمأتني إلى شربك، فإنها لم تلحق وثاقة عقدنا (2) انحلالا، ولا صحة عهدنا اعتلالا، ولو جرت الأقدار على اقتراحي، وأطلقت من الأشغال سراحي، لاخترت مجاورتك، وآثرت محاورتك، [فإنك] (3) بحر تلفظ الجواهر غواربه، وتعذب للوارد مشاربه، فيصدر عنك وقد ملأ من الدر حقائبه، وأثقل من البر ركائبه، والله يقرب لقاءك ويدنيه، ويهنئه على أفضل حال ويسنيه، وفي علمك ما استودعته أمانتك، واستحفظته صيانتك، من كتبي التي هي أنفس ذخائري وأسراها، وأحقها بالصيانة وأحراها، وما كنت أرتضي منها
__________
(1) ق: انقاها
(2) ق: وثاقة عندنا
(3) سقط ما بين المعقفين من الأصل.(18/542)
بالتغريب، لولا الترجي لمعاودة (1) الطلب عن قريب، ولا شك أنها منك تنال (2)، وبمكان تهمم واهتبال، ولكن ربما طرقها من مردة الفأر طارق، وعاث فيها كما يعيث الفاسق المارق، فينزل فيها قرظا، أو يفسد منها طولا وعرضا، إلا أن يطوف عليها هرّ نبيل، ينتمي من القطاط (3) إلى أنجب قبيل، له رأس كجمع الكف، وأذنان قد قامتا على صف، ذواتا لطافة ودقة، وسباطة ورقة، يقيمهما (4) عند التشوف، ويضجعهما عند التخوف، ومقلة كأنها تقطيعة من الزجاج المجزع، وكأن ناظرها من عيون الباقلاء منتزع، قد استطال الشعر فوق أحداقه، وحول أشداقه، كإبر مغروزة على العيون، كما تبرد أطرافه القيون، له ناب كحد المطرد، ولسان كظاهر المبرد، وأنف أخنس، وعنق أوقص، وحلق سرق، غير ملتصق، أهرت الشدقين، لاحق الأطلين، موشى الساعدين والساقين، منمنم اليدين والرجلين، يرجّل بها وبره ترجيل، ذوي الهمم، لما شعث من اللّمم، فينفض ما لصق به من الغبار، وعلق به من الأوبار، ثم يجلوه جلاء الصّيقل للحسام، والحمّام للأجسام، فينفي قذاه، ويواري أذاه، ويقعي إقعاء الأسد إذا جلس، ويثب وثبة النمر إذا اختلس، له ظهر شديد، وذنب مديد، تارة يهزّه هزّ السمهري المثقف، وتارة يلويه ليّ الصّولج المعقّف، تجول يداه في الخشب والأرائك، كما يجول في الكسائد شائك، يكب على الماء حين يلغه، ويدني منه فاه ولا يبلغه، ويتخذ من لسانه رشاء ودلوا، ويعلم به إن كان الماء مرا أو حلوا، فتسمع للماء خضخضة من نزعه (5)، وترى للسان نضنضة من جرعه، يحمي داره حماية النقيب، ويحرسها حراسة الرقيب، فإن رأى كلبا، صار عليه إلبا، وصعّر خدّه، وعظم قده، [حتى] (6)
__________
(1) ق: المعاوضة
(2) ق: بناك؟
(3) في الأصل: ألفاظ
(4) ق: تقتلها
(5) في الأصل: فروعه؟
(6) زيادة يقتضيها السياق(18/543)
يصير نده، أنفة من جنابه أن يطرق، وغيرة على حجابه أن يخرق، فإذا رأى فيه هرا، أوجف إليه مكفهرا، فدافعه بالساعد الأشد، ونازعه منازعة الخصم الألد، فإذا أطال مفاوضته، وأدام مراوضته، أبرز برثنه لمبادرته، وجوشنه لمصادرته، ثم تسلّل إليه لواذا، واستحوذ عليه استحواذا، فشد عليه شدّة، وضمّه من غير مودّة، فأطار وبره نسالا، وأرسل دمه إرسالا، بأنياب عصل، أمضى من النصل، ومخلب كمنقار الصقر، درب للاقتناص والعقر (1)، ففر قرنه ممزق الإهاب، مستبصرا في الذهاب، قد أفلت من بين أظفار وناب، ورضي من الغنيمة بالإياب، هذا وهو يخاتله دون جنّة، ويقابله بلا سيوف ولا أسنة، وإنما جنّته، منّته، وشفاره، أظفاره، وسنانه، أسنانه، إذا سمعت الفأر منه مغاء، لم تستطع له إصغاء، وتصدّعت قلوبها من الحذر، وتفرقت شذر مذر، تهجع العيون وهو ساهر، وتستثير الشخوص وهو ظاهر، يسري من عينيه بنيرين وضاحين، تخالهما في الإظلام مصباحين، يسوف الأركان، ويطوف في كل مكان، ويحكي في ضجعته السّوار تحنّيا، وقضيب الخيزران تثنيا، يغط إذا نام، ويتمطى إذا قام، لا يكون للنار مستدفئا، ولا للقدر مكفئا، (ولا في الرماد مضطجعا، ولا للجار منتجعا) (2) بل يدبر بكيده، ويقتصر على صيده، قد تمرد مقتل الأحناش والخشاش، وافترس الطير في المسارح والأعشاش، فيستقبل بمشمّه، ويجعل الاستدلال أكبر همّه، ثم يكمن للفأر حيث يجد لها عيثا، أو يسمع لها عوثا، أو يلمح (3) منها ريثا، فيلصق بالأرض، وينطوي بعضه في بعض، حتى يستوي منه الطول والعرض، فإذا تشوفت الفأر في جحرها، وأشرفت بنحرها وصدرها، دب إليها دبيب الصل، وامتد نحوها امتداد الظل، ثم وثب في الحين عليها، وجلب الحين إليها، فأثخنها جراحا، ولم يعطها براحا، فصاحت من شدة أسره، وقوّة كسره، وكلما كانت صيحتها أمد، كانت قبضته عليها أشد، حتى يستأصل أوداجها فريا، وعظامها بريا، ثم يدعها محرجة الذماء، مضرجة
__________
(1) ق: فقر؟
(2) [ما بين القوسين موجود في الاصل، وأغفله المحقق].
(3) [في الاصل: يلج].(18/544)
بالدماء، وإن كان جرذا مسنا، لم يضع عليه سنا، وإن كان درصا صغيرا فغر عليه فاه، وقبض مترفقا على قفاه، ليزداد منه تشهيا، وبه تلهيا، ثم يتلاعب به تلاعب الفرسان بالأعنة، والأبطال بالأسنّة، فإذا أوجعه عضّا، وأوعبه (1) رضّا، أجهز في الفور عليه، وعمد بالأكل إليه، فازدرد منه أطيب طعمة، واعتقده أهنأ نعمة، ثم أظهر بالالتعاق شكره، وأعمل في غيره فكره، فرجع إلى حيث أثاره، وتتبّع آثاره، راجيا أن يجد في رباعه، ثانيا من أتباعه، فيلحقه بصاحبه في الردى، حتى يفني جميع العدى، وربما انحرف عن هذه العوائد، والتقط القتات من حول الموائد، إبلاغا في الاحتماء، وبروزا في النعماء، فما له على خصاله ثمن، ولا جاء بمثاله زمن.
وقد أوردت أدام الله عزك من وصفه فصلا معربا (2)، وهزلا مطربا، إخلاصا من الطوية واسترسالا، وتسريحا للسجية وإرسالا، على أني إذا استعرت في لغته لسان أبي عبيد، وأظهرت في صفته شأن أبي زبيد، ما انتهيت في النطق إلى نصابك، ولا احتويت في السبق على قصابك (3)، والله تعالى يبقيك لثمر النبل جانيا، ولدرج الفضل بانيا، ما طلع في أفق بدر، وانطبق على قلب صدر، إن شاء الله تعالى.
وكتب معزيا:
كتبت أعزك الله والجوانح ملتهبة، واللوعة للسلو منتهبة، والدموع متسربة، والضلوع مضطربة، لوفاة من هدت [ركن] (4) المجد وفاته، وأعيت الواصف صفاته، وأحسنت مساعيه، وأخصبت للرائد مراعيه، فوا رحمة للحسب قبضت روحه، وللأدب ركدت ريحه، وللذكاء خبت شعله، وللعلاء تمزّقت حلله، لقد نصب من الصبر عدّه، وعاد شحاحا زنده، وذوى عراره المتنسم [ورنده] (4)، وحق له أن يقفر ضلوعا، ولا
__________
(1) ق: أرعبه
(2) ق: مغربا
(3) ق: فضائلك
(4) سقط ما بين المعقفين من الأصل.(18/545)
يظهر في سماء الجزع طلوعا، وقد تعطل الزمن ممن كان في لبته حليا، وفي فمه ضريا، وفي حرّه نسيما، وفي كؤوسه خمرا وتسنيما.
ومنها:
ومما كف اللوعة عن مجده، وخفف لذعة وجده، أنه أودى وقد استوفى طلقه، ولبس العمر حتى أخلقه، وسحب أذيال تمنيه، وصحب الدهر حتى كاد يفنيه، ومضى وما حملته المنساة، ولا ملته الأساة، ولا شجيت بالعيش نفسه شجو لبيد، ولا أقفر من أهله عبيد، ولا ذوى من جدب غرسه، ولا مل كما ملت صخرا سليمى عرسه، وهي المنية لا يثنيها التعمير، ولا يصرفها التأميل بل والتأمير، فقد مضى من كانت السيوف له يقمن وينحنين، وقضى كعب بعد أن طوى سنين وشايع بعد بنين، وأودى الجعدي وقد أدرك أيام الخنان، وأبقت منه الحوادث ما أبقت من السيف اليمان.
ومن أخرى في وصف غريق في البحر (1):
أتاني وأهلي بالعراق عشية ... وأيدي (2) المطايا قد قطعن بها نجدا
نعيّ أطار القلب عن مستقره ... وكنت على قصد فأغلطني القصدا
نعوا والله باسق الأخلاق فلا يخلف، ورموا قلبي بسهم أصاب صميمه وما أخلف، لقد سام الردى فيه (3) حسنا ووسامة، وطوى بطيه نجدا وتهامة (4)، فتعطل (5) منه الندى والندي، وأثكل فيه الهدى والهدي، كم راع البدر ليلة إبداره، فروع العدو في عقر داره، وكم فل السيوف طول قراعه، ودل عليه الضيوف موقد النّار بيفاعه، وتشوف إليه السرير والمنبر،
__________
(1) انظر هذه الرسالة في النفح ج 1ص 624.
(2) النفح: رحل المطايا
(3) النفح: منه
(4) في النسختين: نجدة وقسامة
(5) النفح: عطل(18/546)
وتصرف فيه الثناء المحبر، أي فتى، غدا له البحر ضريحا، واعتدى عليه الحين ماء وريحا (1)، فتبدل من ظل علاء ومفاخر، إلى قعر طامي البحر زاخر، (2) وعوض (3) من صهوات الخيل، بلهوات اللجج والليل (4)، غريق حكى مقلتي في دمعها، وأصاب (5) نفسي في سمعها، ومن حزني لا استسقى له الغمام فما له [قبر] (6) تجوده، ولا ثرى تروى به تهائمه ونجوده، فقد آليت أن لا أودع الريح تحية، ولا يورثني هبوبها أريحية، فهي التي أثارت من الموج حنقا، ومشت عليه خببا وعنقا، حتى أعادته كالكثبان، وأودعته فيه قضيب بان، فيا عجبا للبحر ختل شكله، وللدهر كيف حمل ثكله، ووا أسفا لزلال غاص في أجاج، ولسلسال فاض عليه بحر عجّاج، وما كان إلا جوهرا آب إلى عنصره، وغاب عن عين (7) مبصره، لقد آن للحسام أن يغمد ويشام، وللحمام أن يبكيه بكل أراكة وبشام، وللعذارى أن لا يحجبهن (8) الخفر والاحتشام، وينحن فتى ما ذرت الشمس إلا ضر أو نفع، ويبكين من لم يدع فقده للأنس (9) المنتفع (10)، صديق ما حمدت فيه الأيام حتى ذممتها، ولا بنيت به أركان المنى حتى هدمتها، ولو غير الحمام زحف إليه جيشه، أو سوى البحر رجف عليه ارتجاجه وطيشه، لشبا من
__________
(1) في ق الماء حينا وريحا
(2) النفح: فبدل ظل بقعر بحر طامي اللجج زاخر
(3) النفح: بدل
(4) النفح: السيل
(5) النفح: أضاء
(6) التكملة من النفح.
(7) النفح: اذهبه إلى عنصره وصدفا بان عن
(8) في النسختين: يحجبن
(9) في النفح: في العيش
(10) من هنا تختلف رواية النفح عن رواية الخريدة فجاء فيه: فكم نعمنا بدنوء ونسمنا نسيم الأنس من رواحه وغدوه وأقمنا بروضة موشية ووقفنا بالمرات عشية وأدرناها ذهبا سائلة ونظرناها وهي شائلة، ولم نرم السهر ولم نشم برقا الا الكأس والزهر ولو غير الحمام زحف إليه جيشه أو غير البحر رجف به ارتجاجه وطيشه لفداه من اسرته كل أورع ان عاجله المكروه تتطبه؟ أو جاءه الشر تأبطه، لكنها المنايا لا تردها الصوارم والاسل ولا تفوتها ذئاب الغضا العسل، قد خرقت بين مالك وعقيل وأشرقت بعدها جذيمة بالحسام الصقيل.(18/547)
شدته من يهيبه (1) ليث الشرى، ويرهبه البطل الباسل إذا استشرى، من كل أروع إن عجل إليه المكروه ثبطه، أو جاءه الشر تأبّطه، لكنه الموت لا ترده الصوارم ولا الأسل، ولا يفوته ذباب لفظ العسل.
* أبو إسحاق إبراهيم ابن خفاجة الأندلسي *
سبق ذكره (2) وقد أوردت من شعره البديع، وآثرت من فجره (3)
الصديع، ثم عثرت من رسائله، التي هي من دلائل فضائله، ما أثبته هاهنا، فمن ذلك رسالة كتبها إلى أبي الفتح ابن خاقان المقدم ذكره (4):
سيدي الأعلى، وعلقي الأغلى، حلى بك وطنك، ولا خلا منك عطنك، كتبته والود على أولاه، والعهد بحلاه، ترف زهرة ذكراه، ويمج الريّ ثراه، منطويا على لذعة حرقة، ولوعة فرقة، أبيت [بها] (5) بليل لا يندى جناحه، ولا يتنفس صباحه، فها أنا كلما تنسّمت الريح (6) أصيلا، وتنفست نفسا بليلا، أصانع البرحاء تنشقا (7)، وأتنفس الصعداء تشوقا، فهل تجد على الشمال لفحة كما (8) أجد [على الجنوب] (9) نفحة، أم هل تحس لذلك الوهج ألما، كما أجد لهذا الأرج لمما، وحقّك قسما (10)، تشتمل على الايمان كرما (11)، إن في هذه اللواعج، ما يقتضي إنضاء النواعج،
__________
(1) ق: كيني من شرته من يتهيبه؟
(2) انظر الترجمة رقم: 16.
(3) [في الاصل: بحره].
(4) انظر القلا ص 269.
(5) التكملة من القلا.
(6) القلا: تناوحت الرياح.
(7) في النسختين: تنفسا [وما أثبت من القلائد].
(8) القلا: نفحة ثم لفحة
(9) سقط ما بين المعقفين من الأصل [والتكملة من القلائد].
(10) القلا: أما وحقك قسما
(11) القلا: لزما(18/548)
ويحمل على حزق، جيب الخرق، وجر ذيل، وبرد الليل، حتى أهبط أرض ذلك الفضل، فأغتبط وأرد مشرع ذلك النبل، فأتبرد، وعسى الله بلطفه أن ينظم هذا البرد (1)، ويعيد ذلك الود، فيبرد الاحشاء، كيف شاء، بمنه. وإن كتابك الكريم وافاني فأنهى تحية (2)، هزتني أريحية، هز المدامة تتمنّى، والحمامة تتغنى، فلولا أن يقال صبا لالتزمت سطوره، ولثمت مسطوره، وما أنطقتني صبوة استفزتني، فهزتني، ولكن فضلة راح في كأس العلى تناولتها، فكلما شربت، طربت، فلولا توقع (3) غمرات الشيب، لا بتدرت شق الجيب، ثم صحت: واطرباه، وناديت: واحر قلباه، ووقفت (4) من جملته على ما وقع موقع القطر، وحسبك ثلجا، وطلع طلوع هلال الفطر، وكفاك مبتهجا، وما أغرب فيما أعرب عنه من تفسير حالك، وتفصيل حلك وارتحالك، ولا غرو أن تجدّ بك الرواحل، وتتهاداك المراحل، فما للنجم أخيك من دار، ولا في غير الشرف من مدار، فحل (5) أنّى شئت وارتع، وطر حيث أحببت أوقع (6)، فما انتضتك يد المغارب، إلا ماضي المضارب، ولا تعاطتك أقطار البلاد، إلا طيب الميلاد.
فما صار أن نعق ببينك غراب، وخفق برحلك سراب، إذ لم يغضّ من فضلك اغتراب، ولا أخل بنصلك ضراب، لا زلت مخيما بمنزلة مجد يجتمع من اتساع، في ارتفاع وامتناع (7)، بين إمرة بغدان، ومنعة غمدان، بحول الله ومنّه.
__________
(1) القلا: البدد.
(2) القلا: وفاني تحية
(3) القلا: وقوع
(4) القلا: وبعد فإني وقفت
(5) في ق: فقع اني
(6) القلا: أو طر.
(7) القلا: غراب. وخفق برحلك السراب اذ لم يقض من فضلك اغتراب في ارتفاع وامتاع في امتناع(18/549)
وكتب أبو إسحاق ابن خفاجة أيضا إلى بعض الوزراء:
وكيف لي بقربك ودونك كل علم باذخ، مج [الليل] (1) عليه رضابه، وصافحت النجوم هضابه، قد نأى بطرفه، وشمخ بأنفه (2)، وسال الوقار على عطفه، فهو يعبس، ولا ينبس، كأنما أطرق (3) به اعتبار، واجتنى منه جبار، وقد لاث من غمامة عمامة، وأرسل من ربابة ذؤابة، تطرزها البروق الخواطف، وتهفو بها الرياح العواصف، بحيث مدت البسيطة بساطا، وضربت السماء فسطاطا، فلا حظّ منك إلا ذكر يجري، وطيف يسري، وعسى، أن يلين من جانب الدهر ما عسى، فيجذب بضبعي جاذب من سنائك، إلى سمائك، حتى أرتقى، إلى حيث السهى، والمجرة من مجر أذيالك، ومواطيء نعالك.
ومنها في صفة قصيدة:
قد كنت صنعتها، منذ الزمان الأطول فأفرعتها، وفرغت منها غير أن إرجاءها، لا يقطع رجاءها، وإمهالها (4)، لا يوجب إهمالها، وقد استثبت مجدك في جلائها، واستنهضت سروّك لزفافها وهدائها، علما أن ما أوتيته في البلاغة من امتداد عنان، وانفساح ميدان، يطلعها هنالك في ملح تترى، ويبرزها في صور من الملاحة ترى، فلا تنشرها حلة [حتى تجلى عروس، ولا يسمع منها تكميل حتى] (5) يجتلى طاووس، ومعذرة في ميدان العجز عن إنصاف تلك الأوصاف، وأما والبحر من كرمك، والسحر من قلمك، إنه لينقل (6) من قلم علم مشهور بالسياسة، وخدمة الرئاسة، من انتساب واكتساب.
__________
(1) سقط ما بين القوسين من ق.
(2) في الأصل: سمح بالفه
(3) ق: أطرف
(4) ق: آمالها
(5) سقط ما بين المعقفين من الأصل.
(6) في الأصل: ليقل(18/550)
ورث السّيادة كابرا عن كابر ... موصولة الأسناد بالإسناد
لا زلت تجتلي من كنف ذلك الشرف وسماء ذلك السناء بحيث تطيف النعم بك نجوما، وتنقضّ النقم دونك رجوما.
فصل من أخرى:
أطال الله أيها السيد بقاءك، كما وصل عزتك (1) وارتقاءك، وأسنى مرتبتك وأعلاك، كما أسنى مناقبك وجلاك، وأخلق بها من دعوة هتكت حجاب الظلماء، وقرعت باب السماء، تثبت هنالك مع التوحيد سطرا، وتكتب في ديوان القبول صدرا، فإنها من قلب كرم في مشايعتك سره حتّى لست أدري أضمير، أم ماء نمير، وهل من محيد، عن هوى أروع وحيد، أرى به الفضل قد مثل صوره، والنبل قد أنزل سوره، والصبح قد تبلج باسما، والروض قد تأرّج ناسما، فهنيئا لتلك الدولة الميمونة أنك علم تلك السعادة، ووسطى قلادة تلك السيادة، وآخر مملّك خلع عليك نجاده، وأوطأ عقبيك أنجاده، وأتبع برأيك ورايتك إنجاده، أن تسمو أعطافه عزة، وتحتمي أطرافه نجدة. ويستقل على قدم به النصر، ويبسم عن ثغر إليه الثغر، ويطلع من تجاهه (2) الفتح يندى جبينه عرقا، ويمينه علقا، وقد قام على قدّ (3) من الرمح رطيب، وسفر عن خد من السيف خضيب، وخفق جناح العلم سرورا، ونطق لسان القلم صريرا.
فصل من رسالة أخرى:
واتفق لي [أن] (4) فصلت تلك العشية والأفق قد أضحى، وأبل [من] (4)
مرضه وصحا، وصفحة الشمس محطوطة القناع، مصقولة كمرآة الصناع، فما هممت بأن أجزع وادي الحضرة حتى طفق جفن الجو يندى، ومطرف
__________
(1) ق: عزمك
(2) ق: تجاهر
(3) [في الاصل: قدم، والمناسب للمقام: قد].
(4) [زيادة اقتضاها السياق].(18/551)
الغمامة يتأر ويسدى، أقسمت المطي أن تخف، وبسقت السماء (1) أن تكفّ، فمال بي وأقلع، وتسنم (2) المقطع، حتى أن حكم الهواء طيشا، ورذاذ ذلك الرباب طشا، فقلت: اللهم حوالينا ولا علينا، فما كان إلا أن عدل عنا، وضرب بجرانه غير بعيد منا، والرعد نفث رقى، وغنى ما شاء وسقى، وأفضى بنا الركض إلى مصاب سمائه، ومهراق عزالى مائه، وقد عمه لثق، وعمره غدق، وصعوده زلق، وهبوطه غرق، وحسبك من وحل يقيد مطايا الركبان، ويكب الرجالة على الأذقان، فلا ترى إلا خدودا، تعفّر سجودا، وبرودا تصبغ حمرا وسودا، فما شئت من ممسّك ومزعفر، ومعنبر ومصندل ومعصفر.
وسواء نجد هناك ووهد ... وسبيل قصدته ومسيل
وقد اعتل بين ظل وصحو ... نشر تلك الصبا وذاك الأصيل
وانتشى منه كل قطر فلولا ... هضب تلك العلى لكان يميل
فسرنا، وما كدنا، بين ساحة، ومساحة، حتى شارفنا الديار وقد عبس وجه السماء، وأدركنا أدهم المساء، يسمو النشاط بطرفه، وسيل عرق الندى على عطفه، وأشقر الشفق قد جاء خلفه، ونفض على مسقط الشمس عرفه، يمرح عزة لسبقه، ويجر من نحره عنان برقه، وذكر الله ملء الصدور والأفواه، وشفاء الألسنة والشفاه، وما كنا لنعبر مسافة تلك المجابة، إلا بدعوة اتفقت هناك مجابة، ولحقنا أدهم الإظلام يخب، وتنفس عن شمال تهب، فما اجتلينا وجه الأنس إلا بشعلة مصباح، ينوب عن غرة صباح، كأنما كرع (3) مجاجة راح، وأطلع (4) إلى بارقة سماح.
__________
(1) في النسختين: قسمت المطي ان تحف وتنشق (ق: يسبق) السماء ولعل الصواب ما ذكرناه
(2) في ق: أقنع وتنسم
(3) ق: كأنما ويح؟
(4) ق: تطلع(18/552)
عدّة من فضلاء الأندلس(18/553)
* عدّة من فضلاء الأندلس * كانت بهم حياة معالم العلم الدرس، أوردهم الرشيد ابن الزبير في كتاب الجنان، ولهم في النظم والنثر سموط الجمان، وعقود اللؤلؤ والمرجان. فمنهم:
149* أبو عامر أحمد (1) بن عبد الملك ابن شهيد *
هذا من شعراء اليتيمة (2)، وصفه برجاحة الفضل على كل مواز موازن، فإنه كان ذا فكر لأنوف أبيات المعاني خازم، (ولشنوف) (3) أبيات المعالي خازن، وله تصانيف وتواليف أغرب فيها وأعرب، وأعجز وأعجب، ومن ذلك كتاب حانوت عطار، وهو يشتمل على ملح من أبكار الأفكار، ومن جملة فقره قوله (4):
من كتم الحق بعد ما ظهر، وستر البرهان بعد ما بهر، فإنما يجحد المسك طيبه بعد شمه، ويدعي (ظلمة) (3) البدر ليلة تمه.
__________
(1) في الأصل: محمد؟
(2) انظر اليتيمة 2ص 35.
(3) سقط ما بين القوسين من ق.
(4) أورد ابن بسام (الذخيرة، المجلد الأول من القسم الرابع ص 133) بعض هذه الفصول في كتابه ونسبها إلى أبي عبد الله ابن شرف كما نقل مقامته الواردة في الخريدة (في صفحة تالية) في صفة الشعراء، ولا نشك في نسبة هذه المقامة إلى ابن شرف، فقد نشرها حسن حسني عبد الوهاب أثناء «رسائل البلغاء» التي جمعها محمد كرد علي (طبع بمصر سنة 1913)، كذلك نشرها الخانجي بمصر سنة 1926.(18/555)
وقوله في وصف جبان (1):
يزحف يوم الزحف إلى خلف، ويروعه الواحد وهو في ألف
أزهد (2) في الحرب من بني العنبر، وأدهش من مستطعم الماء على المنبر، بنو العنبر أشار إلى قول بعضهم (3):
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
ومستطعم الماء على المنبر خالد بن عبد الله القسري وخبره مشهور.
وقوله في سلطان مضيع:
إن كان من يعجبه اللهو، ويغلبه السهو، فهو.
وقوله في أوصاف، أهل إنصاف:
إخوان استوت بواطنهم وظواهرهم، وصفت علانيتهم وسرائرهم، كلهم السّموءل إلا دينه وفاء، وحاتم إلا جاهليته سخاء، وزياد إلا سميّته دهاء، وإيّاس إلا عجبه ذكاء.
وقوله في ضد ذلك (4):
إخوان أخون من السراب للعين، ومن أهل الكوفة للحسين، يبادرون الهفوة بالإشاعة، ويسبقون الزّلّة (5) بالإذاعة.
وقوله في المؤاساة:
المقلّ يرثي للمقل، لعلمه مرارة الفاقة، وضعف الطاقة، حتى أنه ليشد من أزره، بالنّزر من بره، (وللمساكين أيضا بالندى ولع) (6).
__________
(1) الذخيرة 1/ 4ص 149.
(2) الذخيرة: ان هذا
(3) البيت لقريط، انظر شعر قريط وخبر خالد بن عبد الله القسري في الذخيرة 1/ 4ص 149.
(4) الذخيرة: 1/ 4ص 151.
(5) ق: الذلة، ولم ترد الجملة الأخيرة في الذخيرة.
(6) [عجز بيت من قصيد لأشجع السلمى].(18/556)
وقوله في الشفاعة:
جعلني سبيلا من جعلك مقصدا، ورآني زائدا من رآك موردا.
وقوله في المطل:
المطل عدو النفس والإنجاز حبيبها، والتسويف مرضها والتعجيل طبيبها.
وقوله في ذم رجل:
فيه عن الشكر سكر، وعن الحمد جمد، وعن الحسن وسن، وعن الإعطاء إبطاء، وأنا أرغب إلى الله في وجهين: أحدهما لقاؤك بلا وجهين، والآخر أن أرى علق النفاق، في سوقك قليل النفاق.
ومن قوله في صفة الشعراء (1):
جرير (2) كلب منابحة، وكبش مناطحة، جارى السوابق بمطية، وفاخر غالبا بعطية.
أبو نواس (3)، خرم القياس، وترك السيرة الأولى (4)، ونكب عن الطريقة المثلى، وجعل الجد هزلا. والصعب سهلا وصادف الافهام قد كلت ونكلت، وأسباب العربية قد انحلّت ونحلت (5)، والفصاحات الصحيحة قد سئمت وملت، فمال الناس إلى ما عرفوه، وعلقت نفوسهم بما ألفوه، فتهادوا شعره، وأغلوا سعره، وشغفوا بأسخفه، وفتنوا (6) بأضعفه
وقد فطن باستضعافه، وخاف من استخفافه، فاستطرد بفصيح طرده (7):
__________
(1) انظر الذخيرة 1/ 4ص 159.
(2) الذخيرة: «أما ابن الخطفى فرهد في غزل كلب منبحة»
(3) الذخيرة 1/ 4ص 160.
(4) الذخيرة: «فاول الناس في خرم القياس وذلك انه
(5) الذخيرة: قد تخللت وانحلت
(6) الذخيرة: كلفوا
(7) الذخيرة: استدرك(18/557)
ومن شعر ابن شهيد قوله من قصيدة أولها (1):
طرقتك بالدهنا وصحبك نوّم ... والليل أدهم بالثريا ملجم
ومنها في مدح بني الشامي وتنزيه الممدوح عن النسبة إلى بلد، ولم يسبقه إليه أحد:
والشام خطتكم وليست نسبة ... إلا كما نسبت إليه الأنجم
وله (2):
ولما تملّأ من سكره ... ونام ونامت عيون العسس
دنوت إليه على بعده ... دنوّ رفيق درى ما التمس
أدب إليه دبيب الكرى ... وأسمو إليه سموّ النفس
فبت به ليلتي ناعما ... إلى أن تبسم ثغر الغلس
أقبل منه بياض الطلى ... وألثم (3) منه سواد اللعس
قوله: أدب إليه دبيب الكرى، أحسن ما قيل في هذا المعنى، قول امريء القيس (4):
سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سموّ حباب الماء حالا على حال
ونحوه قول ابن حجاج (5):
فديته من طارق في الكرى ... يسقط بالليل سقوط الندى
__________
(1) انظر ديوانه ص 142.
(2) الأبيات في الديوان ص 85، انظرها أيضا في المطرب ص 152.
(3) الديوان: أرشف
(4) انظر شرح ديوان امريء القيس للسندوبي ص 161.
(5) هو أبو عبد الله الحسين ابن أحمد توفي عام 391، انظر البستاني ج 2ص 433ومراجعه ولم نعثر على شعر له.(18/558)
ولأبي عامر ابن شهيد في وصف السيف والرمح (1):
ومن تحت حضني أبيض ذو شقائق (2)
وفي الكف من عسّالة الخط أسمر
هما صاحباي من لدن كنت يافعا
مقيلان من جد الفتى حين يعثر
فذا جدول في الغمد يشفى به الصدا (3)
وذا غصن في الكف يجنى ويثمر (4)
وله في وصف حمّام (5):
أنعم أبا عامر بلذّته (6) ... واعجب لأمرين فيه قد جمعا
نيرانه من زنادكم قدحت ... وماؤه من بنانكم نبعا
وله في وصف فرس (7):
وكأنني لما انحططت به ... أرمي الفلاة بكوكب طلق
وكأنّني لما طلبت به ... وحش الفلاة على مطا برق
وله (8):
بطل إذا خطب النفوس إلى الوغى ... جعل الظبى تحت العجاج صداقها
وإذا الملوك جرت جيادا في الندى ... والبأس قطّع سيفه (9) أعناقها
__________
(1) انظر القصيدة (17بيتا) في الديوان ص 57.
(2) الديوان: سفاسق.
(3) الديوان: يسقى به المنى.
(4) الديوان: يسقى ويثمر.
(5) القطعة (6أبيات) في الديوان ص 92.
(6) الديوان: بنعمته.
(7) انظر الديوان ص 118.
(8) القطعة (14بيتا) في الديوان ص 108.
(9) الديوان: في الوغى والجود قطع عنوه(18/559)
ومنها:
ولو أن أفواه الضراغم منهل ... للورد أورد خيله أشداقها
وله من أبيات مرثية (1):
وقالوا أصاب الموت نفسا كريمة ... فقلت لصحبي هذه نفس صالح
هذا من قول دريد ابن الصمة (2):
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا ... فقلت: أعبد الله ذلكم الرّدي
وقد أحسن مهيار الاتباع في قوله (3):
بكر النعيّ فقال أودى خيرها ... إن كان يصدق فالرضيّ هو الرّدي
ولابن شهيد رسالة في البرد (4):
صبحتنا (5) اليوم خيل البرد، مغيرة على سوام كل ممتد، وانقبضت إلى باب (6)
الإيوان، وقد خدشني (7) بصارم وسنان، وجعلت مجني حطبا دل على نفسه، وقد تشظى من يبسه، وسلطت عليه حاجب الشرر، ورميته منها ببنات الحديد [والحجر] (8) فوافقها قليلا، وعاركها حينا، (9) لها عجيج، وله من حر نزالها (10) ضجيج، ثم أثخن بها ضربا (11) فبددت شمله وألفت شملنا (12) واستحالت حية لا يستحل (13) قتلها ترمي من ألوان (14)، وتهدد
__________
(1) انظر الديوان ص 40.
(2) انظر شعر دريد في طبقات الشعراء لابن قتيبة طبع بيروت ج 2ص 636.
(3) لم نعثر على هذا البيت في ديوانه.
(4) انظر اليتيمة ج 2ص 44.
(5) [في الأصل: صحبتنا].
(6) اليتيمة: أخريات الايوان
(7) اليتيمة: كدسني
(8) التكملة من اليتيمة.
(9) اليتيمة: فواقعه قليلا وعاركه طويلا فكان لها
(10) ق: من حريق النار. اليتيمة: من حرها.
(11) اليتيمة: ثم خر لها صريعا.
(12) اليتيمة: شملها.
(13) ق: لا يستحل؟ واليتيمة: لا يستلذ
(14) اليتيمة: بألوان(18/560)
بلسان، فلذعت البرد لذعة، ونكزته على فؤاده نكزة، خرّ لها عن جبينه، ومات من حينه، وغشينا من فائض حمتها (1) حرّ كان لنا حياة، ولذلك وفاة، فالحمد لله على نعمته، وما أرانا من غريب قدرته، ودلّنا على لطيف بدعته، ولما استحال الجمر (2) رمادا، وتمهد (3) لنا من الدفء مهادا، ولمحته العين كالورد، عليه (4) كافور الهند، انبسطت يد (5) شاكرك فذكر ما كلفته (6)، من الزيادة في المعنى الذي اعتمدته
150* أبو مروان ابن أبي الخصال *
سبق ذكر أخيه أبي عبد الله ابن أبي الخصال (7)، وكان حميد الخصال، شديد النصال، سديد المصال، ولهذا رسائل كثيرة، ومحاسن أثيرة، فمن رسائل أبي مروان، رسالة كتبها إلى بعض الإخوان:
أرى النوى تقتضيني كل مرحلة ... لا تستقل بها الوخّادة الرسم
كتبت أدام الله عزكم واللوعة مرتكمة، وأيدي النوى محتكمة (8)، وزمامي بكفها تقوده وأتبع من خلفها على مشيتها أنقلب، وليس لي وراءها مذهب، ترميني منها بكل حاصب، وأغدو وأروح على سقم واصب:
وأرجو غدا فإذا ما أتى ... بكيت على أمسه الذاهب
__________
(1) ق: جميعها؟
(2) ق: جمرا. واليتيمة: جمرها
(3) اليتيمة: قد مهد
(4) اليتيمة: وذر عليه
(5) اليتيمة: نفس
(6) اليتيمة: فتذكر ما كلفته
(7) انظر الترجمة رقم 119.
(8) في الأصل: محكمة(18/561)
بينا أتوهم مصافحتكم، وأمثل لنفسي مناجاتكم، وأتخيل مسامحة الأيام بلقائكم، وأن تطلع نجومي (1) في سمائكم، فأكرع في مواردكم شاربا، وأصبح عن الحوادث بكم جانبا، إذا بها قد جرت في سجيتها من الإقصاء، ودفعت في صدري إلى الصحراء، فسقط في يدي، وتضاعف الاسى والوجد علي، وخذل بعضي بعضي، وأطبقت سمائي على أرضي، وصارت الصغرى التي كانت العظمى، وجلت الحادثة بي أن تنمى، ومت غمّا أو كدت (2)
وإن لم أمت حقيقة فقد متّ.
وإن أسلم فلم أسلم ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام (3)
وكنت أرى أن قد انتهيت من البلاء إلى أبعد طرف وغاية لا تتخلف، والآن فقد عادت لي الأطراف أوساطا، وأفرطت في التناهي إفراطا، إلى الله أشكو فقدكم وبعدكم، فطالما لقيت منها بعدكم، وأسأله وهو المليّ، وأستوهبه وهو الغني، لما يعقب اعتباطا، ويطوي من الأرض بيني وبينكم بساطا، وذلك إليه، وهيّن عليه.
وكتب إلى مغنّ:
للسرور أطال الله بقاءك مخضوبة بالمدام راحتك، وموصولة بالدوام راحتك، آلتان أنيستان، وحالتان نفسيتان، فمتى اقترنتا فقد اقترنت بيمنى يسرى، وعظم سلطان السرور واستولى، وحضرتنا إحداهما وهي ابنة العنقود، وتعذرت الأخرى وهي رنة العود، فإن رأى أن يضيف إلى اليسرى يمنى، ويجعل للقلادة وسطى، حتى يشرف خامل المسرة (قدرا) (4)، ويطلع هلال الأنس بدرا، فعل منعما.
ومن أخرى إلى صديق أراد زيارته ثم انصرف قبل الوصول إليه:
ذهبت من الهجران في كل مذهب ... ولم يك حقا كل هذا التجنب (5)
__________
(1) في الأصل: نجمي
(2) ق: عما أدركت
(3) من قصيدة للمتنبي في الحمى.
(4) سقط ما بين القوسين من ق.
(5) البيت لعلقمة وجاء في الأغاني (طبع دار الكتب. ج 8ص 189منسوبا إلى امرئ القيس.(18/562)
ما بال سيدي راجع به الله، وأجارنا من عتبه بعتباه. وقد قبض خطوه، وقصر عن الزيارة شأوه، بعد أن شارف أفقنا، وشام برقنا، ونزل منا بحيث يسمع السرار، وتتراءى للناظر النار.
كأن لم يكن يوما بزورة صالح ... وبالقصر ظل دائم وصديق
فهلا ذكر أيام الحمى فعطف، ومر بربع الأحبة فوقف، ورعى عهد أثلاث (1) القاع، وحنّ إلى نسيم الخزامى بهذه الأجزاع، ولولا أشغال تصدت، وأعواد صدت، لتيممت أرضه، [وقضيت فرضه] (2)، وهبني فعلت وحدي ذلك فما أقع من معشر يتوكفون لقاءه، ويتطلعون سناءه.
وكتب إلى أمير المسلمين (3):
أطال الله بقاء أمير المسلمين، وناصر الدين، والعدل حلية أيامه، والنجح عاقد أعلامه، واليمن مكانف سلطانه، وحافظ نظامه، ولا زال يمده النظر، ويطالعه اليسر (4)، ويشرق بمساعيه المنيرة العصر (5)، كتبته عن نصيحته التي فرضتها الشريعة، وطاعته التي هي العروة الوثقى الوثيقة المنيعة، والتزامي لأمره سريع أقيمه، وحظ من البر أستديمه. وأستعين الله (على إتيان) (6) وفقه، وأداء ما فرض من حقه.
وكتب إليه أيضا:
أطال الله بقاء أمير المسلمين، ورايته معوّدة الظفر، ودولته مشرقة الغرر، وعز سلطانه ملء السمع والبصر، كتبته وأنا أعتصم بحبله، وأستوطن حزم عدله. وأتوسد بردي ظله.
__________
(1) [في الأصل: أتلاف].
(2) الأصل: لتممت روضة، وسقط منه ما جعلناه بين المعقفين.
(3) يعني علي بن يوسف بن تاشفين.
(4) في ق: النصر ويطالعه النشر.
(5) في ق: القصر
(6) سقط ما بين القوسين من ق.(18/563)
151* أبو الحسن علي بن عطية البلنسي * المعروف بابن الزقاق
قال: شاعر متأخر في الزّمان، متقدم في الإحسان، له ألفاظ أرق من نفحات حدائق الرياض، ومعان أدق من عبرات الاحداق المراض، فمن ذلك قوله:
يا برق نجد هل شعرت بمتهم ... وهب الكرى لوميضك المتبسم
ما طالعته في الدجى لك لمحة ... إلا وقال لمزن مقلته اسجم
ومنها (1):
ولقد طرقت الحي في غسق الدجى ... والليل في زي الحصان (2) الأدهم
متنكبا زوراء مثل هلاله ... نصّلت أسهمها بمثل الأنجم
وقوله (3):
وقفت على الربوع (4) ولي حنين ... إلى الأحباب (5) ليس إلى الربوع
ولو أني حننت إلى مغاني ... أحبائي حننت إلى دموعي (6)
وقوله (7):
وحبب يوم السبت عندي إنّه ... ينادمني فيه الذي أنا أحببت
ومن أعجب الأشياء أنّي مسلم ... حنيف ولكن خير أيّامي السبت
__________
(1) البيتان في المغرب ج 2ص 323.
(2) المغرب: شية الجواد
(3) البيتان ساقطان من ق: انظرهما في المطرب ص 103.
(4) المطرب: الديار
(5) المطرب: لساكنهن
(6) المطرب: ضلوعى
(7) هما في المطرب والمغرب والنفح ج 2ص 428والفوات ج 2ص 125.(18/564)
وقوله (1):
أديراها على الزهر الندي (2) ... فحكم الصبح في الظلماء ماض
وكأس الراح تنظر عن حباب ... ينوب لنا عن الحدق المراض
وما غربت نجوم الليل (3) لكن ... نقلن من السماء إلى الرياض
وقوله يصف حمّاما (4):
رب حمّام تلظى ... كتلظي كل وامق
ثم أذرت عبرات (5) ... صوبها بالوجد ناطق
فغدا منه ومني ... عاشق في جوف عاشق (6)
وقوله مما يكتب على قوس:
دع الخطيّ يثني عطفه لي ... فإن لأسهمي فضلا عليه
إذا كان العلى قتل الأعادي ... أيفضل غير أسرعنا إليه
وقوله وهو أحسن ما قيل في دقة الخصر (7):
وإنسية (8) زارت مع الليل مضجعي ... فعانقت غصن البان منها إلى الفجر
أسائلها أين الوشاح وقد سرت (9) ... معطلة منه معطرة النشر
فقالت وأومت للسوار: نقلته ... إلى معصمي لما تقلقل في خصري
__________
(1) هما في الفوات.
(2) الفوات: المندى.
(3) الفوات: الافق
(4) الابيات في الفوات.
(5) الفوات: أدرى عبارات.
(6) الفوات: غاسق.
(7) انظرها في المطرب والمغرب.
(8) المغرب: وزائرة
(9) المغرب: أتت.(18/565)
وقوله (1):
ومرتجة الأعطاف أما قوامها ... فلدن وأما ردفها فرداح
ألمت بنا (2) والليل في قصر بها ... يطير وما غير السرور جناح
فبت وقد زارت بأنعم ليلة (3) ... يعانقني حتى الصباح صباح
على عاتقي من ساعديها حمائل ... وفي خصرها من ساعديّ وشاح
وقوله (4):
وعشية لبست ملاء (5) شقيق ... تزهى بلون في الخدود أنيق
أبقت بها الشمس المنيرة مثل ما ... أبقى الحياء بوجنة المعشوق
ولو استطعت (6) شربتها كلفا بها ... وغنيت (7) منها عن كؤوس رحيق
وقوله في غلام جرح في خده (8):
وأحوى رمى عن قسيّ الحور ... سهاما يفوّقهن النظر
يقولون وجنته قسمت ... ورسم محاسنه قد دثر
وما شق وجنته عابثا ... ولكنها (9) آية للشر
جلاها لنا الله كيما نرى ... بها كيف كان انشقاق القمر
هذا معنى مخترع، أغرب فيه وأبدع.
__________
(1) انظرها في المطرب والمغرب والفوات والنفح 2ص 637والمسالك ورقة 68وقد نسبها العمري إلى أبي عبد الله الرصافي. وانظر ترجمة البيتين الثالث والرابع منها في بيريس ص 403.
(2) المراجع: المت فبات
(3) المغرب: بأنعم حالة يعانقني
(4) انظرها في المطرب والمغرب والفوات.
(5) المطرب والفوات: رداء
(6) المراجع: استطيع
(7) المراجع: عدلت فيه.
(8) انظرها في المطرب والثالث والرابع منها في المغرب والنفح ج 2ص 281.
(9) بالمطرب والمغرب: عابث، ولكنه(18/566)
وقوله (1):
زارتك من رقبة الواشي على فرق ... حتى تبدى وميض المرهف الذلق
وخفض الجأش منها أن ملك يدي ... بحر يغص به الواشي من الشرق
سكنّتها بعد ما جالت مدامعها ... من مقلتيها فريدا في ظبى الحدق
فأقبلت بين صمت من خلاخلها ... وبين نطق وشاح حائل قلق
تبدو هلالا ويبدو حليها شهبا ... فما نفرق بين الأرض والأفق
فأرسلت من مثنى فرعها غسقا ... في ليلة أرسلت فرعا من الغسق
في ليلة خلتها زنجية طفقت ... تزهى بعقد من الجوزاء متّسق
غازلتها والدجى الغربيب قد خلعت ... منه على وجنتيها حلة (2) الشفق
فودعت ودموع المزن تسعدني ... عند الفراق بدمع واكف غدق
ومنها:
أنا الذي ظل بالأحداث مشتملا ... دون الأنام اشتمال السيف بالعلق
كأس وعاري حظوظ في شبيبته ... وكم قضيب يد عار من الورق
وقوله (3):
مطلول أملود الصبا مياسه ... خلع الشباب عليه فهو لباسه
قمر (4) وأكناف الحشا آفاقه ... ظبي وأحناء الضلوع كناسه
لم أدر (5) إذ جاءت بنكهته الصبا ... أتضوّع الكافور أم أنفاسه
ولقد عيينا إذ تمايل (6) سكرة ... ألحاظه مالت به (7) أم كاسه
للحسن مرقوم على وجناته ... سطر وصفحة خده قرطاسه
إن خالفت تلك المحاسن فعله ... فالسيف يطبع من سواه باسه
__________
(1) 5، 7، 8ومنها في المغرب.
(2) المغرب: حمرة
(3) انظر الأبيات في المغرب.
(4) المغرب: بدر
(5) المغرب: لم ندر
(6) المغرب: توالي سكره
(7) المغرب: بنا.(18/567)
وقوله يصف فرسان حرب (1):
ومسددين إلى الطعان ذوابلا ... فازوا بها يوم الكفاح قداحا
متسربلي قمص الحديد كأنها ... غدران ماء قد ملأن بطاحا
شبوا ذبال الزرق في ليل الوغى ... وأبان (2) كل مذرب مصباحا
سرج ترى الأرواح تطفئ غيرها ... أبدا (3) وهذي تطفيء الأرواحا
لا فرق بين النيرات وبينها ... إلا بتسمية الوشيج رماحا
هبها تبدت في الظلام كواكبا ... لم لا تغور مع النجوم صباحا
يجني الكماة النصر من أشجارها ... لما غدت بأكفهم أدواحا
لا غرو أن راحت نشاوى واغتدت ... فلقد شربن دم الفوارس راحا
152* أبو العلاء عبد الحق بن خلف بن مفرج * الشاطبي الكاتب المعروف بابن الجنّان
ذكره ابن الزبير في كتاب الجنان، وقال: هو حي إلى الآن، وذلك في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة (4).
وله:
وكنا وريب الدهر وسنان والنوى ... بعيد مداها لا تروع لنا سربا
فعدنا وقد صرنا بمرأى ومسمع ... فأبصر بها عينا وأسمع بها قربا
أبا حسن إن كنت أصبحت نازحا ... أراقب لمع البرق أو أسأل الركبا
فكم قد تجاذبنا الحديث لياليا ... تقلده أجيادها لؤلؤا رطبا
وهل كنت إلا الشمس لاحت لناظر ... فآونة شرقا وآونة غربا
__________
(1) البيتان الثالث والرابع منها في المغرب.
(2) المغرب أنار
(3) المغرب: عبثا
(4) في التكملة ص 147: توفي سنة 539.(18/568)
باب فى ذكر جماعة من الغرب(18/569)
* باب * في ذكر جماعة من الغرب استفدت شعرهم من الشيخ الصالح أبي علي الحسن بن صالح الأندلسي المالقي وغيره:
153* ابن الطراوة المالقي *
هو الشيخ الأستاذ أبو الحسين (1) النحوي، ذكر لي الشيخ الصالح الحافظ أبو علي الأندلسي أنه عاش ابن الطراوة نيفا وتسعين سنة ومات قبل سنة ثلاثين وخمسمائة (2). وله مصنفات في النحو. وكان من الشعراء المجيدين. وكان يعرف بالأستاذ. وذكر أنه لا يلقب بالأستاذ في المغرب إلا النحوي الأديب. قال:
أنشدني لنفسه، في أهل بلد (3) استسقوا فلم يمطروا وأقشع سحابهم بعد بدوّه:
خرجوا ليستسقوا وقد نشأت ... سحرية قمن بها رشح
حتى إذا اصطفوا لدعوتهم ... وبدا لأعينهم بها نضح (4)
كشف الغطاء إجابة لهم ... فكأنّهم خرجوا ليستصحوا
__________
(1) في النسختين: أبو الحسن.
(2) قال السيوطي في البغية ص 263والضبي في البغية ص 290انه توفي سنة 528.
(3) في الأصل: بار.
(4) في ق: تضح.(18/571)
ووجدت له في كتاب الجنان لابن الزبير قوله (1):
وقائلة أتكلف (2) بالغواني ... وقد أضحى بمفرقك النهار
فقلت لها حضضت (3) على التصابي ... أحق الخيل بالركض المعار
ولأبي الحسين ابن الطراوة:
ولما تخلوا من جراوة وانتموا
[لكلب] (4) وراموا أن يقال لهم عرب
أباحوا فروج المحصنات تشبها
بما فعلت في جاهليتها كلب
وله يهجو (5):
تظلمنا ولم نزل أبدا للظلم جنانا (6)
قد كان من خطأ الأيام ما كانا
154* أبو الحسن ابن هارون المالقي *
الفقيه المشاور. أنشدني الشيخ الصالح أبو علي الحسن بن صالح، قال أنشدني الفقيه المشاور أبو الحسين ابن هارون لأخيه أبي الحسن:
لا تحرصن فإنّ الحرص مندمة ... إذ ما يصيب الفتى قد خط بالقلم
__________
(1) انظر البيتين في معجم السلفي (المختصر المطبوع) ص 17والنفح ج 2ص 659والبغية للسيوطي ص 154.
(2) النفح والبغية: أتصبو
(3) السلفي والنفح: حثثت. والبغية: خضبت.
(4) سقط ما بين المعقفين من الاصل.
(5) لم يرد هذان البيتان في ق.
(6) كذا في الاصل ولا يستقيم الوزن.(18/572)
قال وأنشدني لأخيه يمدح القاضي أبا الفضل عياض بن عياض قاضي سبتة (1):
ظلموا عياضا وهو يحكم عنهم ... والظلم بين العالمين قديم
جعلوا مكان الراء عينا في اسمه ... كي يكتموه وأنه معلوم
لولاه ما فاحت أباطح سبتة ... والروض حول فنائها معدوم (2)
وأنشدني الشيخ الصالح ابن صالح الأندلسي لأبي الحسن ابن هارون الأندلسي في الزهد:
أراك يغرّك الأمل ... ويقطع دونه الأجل
وحالك في تنقله ... كمثل الفيء ينتقل
فديتك كيف لا تبكي ... وأنت غدا سترتحل
ورأسك بعد حلكته ... غدا بالشيب تشتعل
أرى زمن الصبا ولى ... وجاء الشيب والكسل
فهل لشبابنا رد ... وهل في رده حيل
نعم سيعود إن عادت ... عليك الأعصر الأول
وفي الأيام معتبر ... لها في أهلها دول
فقوم قد علوا فيها ... وأقوام بها سفلوا
وكم صرعت محبيها ... ولا بيض ولا أسل
وكم باتوا على فرش ... عليها تضرب الكلل
أباد الدهر جمعهم ... وجوزوا بالذي عملوا
فما للنفس غافلة ... وبالشهوات تشتغل
وتزعم أن غدت نجدا ... بمن تهواهم الإبل
وكم من قبلكم قوم ... على الدنيا قد اقتتلوا
__________
(1) مرت ترجمته في رقم 137.
(2) في ق: معلوم؟(18/573)
فما بلغوا الذي طلبوا ... ولا ما أمّلوا وصلوا
ألا لله ذو جد ... بنوم ليس يكتحل
ينادي الله مجتهدا ... وثوب الليل منسدل
بقلب حازن وجل ... ودمع العين منهمل
155* ابن حلو الشاعر (1) *
بالمغرب الأوسط، من أهل جيجل، أنشدني الفقيه نصر بن عبد الرحمان الإسكندري ببغداد في ذي الحجة سنة ستين وكتبه لي وقال أنشدني الشيخ أبو العباس النجامي الانصاري المغربي بدمشق لابن حلو الشاعر المغربي:
يحتاج من كلف الحاجات مثلكم ... نقف الشوارب بعد الكي في الراس
فلو سلختم قرانا في جماجمكم ... كونوا حثالة خلق الله في النّاس
قال: أنشدني أبو العباس أيضا. قال: أنشدني ابن حلو وقد قدمته في زقاق ضيق وقلت: للسن حق:
إن كنت قدمتني للسن معتمدا ... فالعلم أفضل تقديما من العمر
ما للكبير بلا فهم مقدمة ... ولو يكون بعمر الشمس والقمر
156* أبو القاسم عبد الرحمان ابن خرشوش المغربي (2) *
ذكره أبو الفتح نصر بن عبد الرحمان الفزاري الإسكندري قال: كان ذا أدب مجيدا في علم الشعر، آباؤه من سلاطين المغرب، له نفس سامية،
__________
(1) لم ترد ترجمة ابن حلو في الاصل [ولم يذكر المحقق مصدر هذه الترجمة والتي تليها، ولعله من نسخة ق].
(2) لم ترد ترجمته في الأصل [ولم يذكر المحقق مصدر هذه الترجمة ايضا].(18/574)
وهمة عالية، وقصائد كثيرة، وأنشدني كثيرا من شعره قال: وأنشدني بدمشق لنفسه في وصف صبي كان يستحسنه جدا يعرف بابن أبي النجم:
ملامي في حبيّك يا ابن أبي النجم
يطول وصدي عنه في غاية الحزم
سأعصي مقال العاذلين وإن غدا
وصالك عن مضناك أقصى من النجم
وما بظبى عينيك من سحر بابل
ومن سقم أهدى السقام إلى جسمي
أرح دنفا لم تدر عيناه ما الكرى
ولا جسمه يدري شعارا سوى السقم
157* أبو الحسن عبد الله ابن شمّاخ الكاتب *
له:
لئن بعدت دار (1) اغترابك وانتهى ... بك الشوق فيها منتهى لا تحدّه
فما أنت إلا بين ذكر تشيده ... وعقد اصطبار للملم تشده
(وقد يكره المرء النوى وهي سلم ... إلى كل ما يختاره ويودّه) (2)
وكم مرة ذقت الحوادث مرة ... وقاسيتها والبين قد جد جدّه
فلم يلق مني حد صبر يفله ... ولم يلف عندي طود عز يهدّه
وله في الهناء بمولود:
أيها الدهر لنت بعد عناد ... وبثثت السرور في كل ناد
نشأت نعمة وعندي شكر ... في ذرى الحاجب الرفيع العماد
__________
(1) في ق: نار
(2) سقط هذا البيت من ق.(18/575)
وانجلى الليل عن تلألؤ نجم ... ثاقب النور طيب الميلاد
فالزمان القطوب طلق المحيا ... والمراد الجموح سهل القياد
هي بشرى حلت لكل ولي ... وأمرت على قلوب الأعادي
فلنا دولة الصّعود وفيهم ... ما بقوا صولة الظبى والصعاد
أنت حظي من الملوك وسؤلي ... وطريفي من المنى وتلادي
فاستدم ما منحت بالحمد حتّى ... تدرك الشيب من بني الاولاد
نقل قول البحتري:
وبقيت حتى تستضيء برأيه ... وترى الكهول الشيب من أولاده
وله:
وبنفسي أحوى الجفون غرير ... مخصب الحسن مجدب الإحسان
158* محمد ابن السبتي (1) *
يهجو القاضي ابن حمدين (2) أنشدني الحكيم يحيى بن إسماعيل بن يحيى البياسي (3) من الأندلس:
يريد ابن حمدين (4) أن يجتدى ... وجدواه أدنى من الكوكب
إذا سئل حكّ استه (4) ... ليثبت دعواه من تغلب
هذا ينظر إلى قول جرير يهجو الأخطل (5):
والتغلبي إذا تنبه للقرى (6) ... حك استه وتمثل (7) الأمثالا
__________
(1) كذا في الأصل، وفي ق: ابن البسمين، [في الأصل: لمحمد ابن السبتي].
(2) في ق: ابن حمدون.
(3) ق: المياسي، ولم نعثر على ترجمته.
(4) كذا في النسختين ولا يستقيم الوزن.
(5) انظر ديوان جرير طبع بيروت 1379ص 363.
(6) ق: للعلى.
(7) في النسختين: متهتك [؟](18/576)
وذكر أنه لقيه ابن سارة وهو حينئذ حدث السن، فقال له: أجز يا فتى (1):
هذي البسيطة كاعب أترابها (2) ... حلل الربيع ووشيها الأزهار
فأجازه بديها:
وكأن هذا الجو فيها عاشق
قد شفه التعذيب والاضرار
فاذا شكا فالبرق قلب خافق
وإذا بكى فدموعه (3) الأمطار
(ولفرط ذلة ذا وعزة هذه
تبكي الزهور (4) ويبسم النّوار) (5)
وأنشدني له وقد قضى له بعضهم بعض حاجة:
سألتك أيها الأستاذ حاجه ... بلا ضجر تكون ولا لجاجه
فجئت ببعضها وتركت بعضا ... ومن حق المقصر أن يفاجه
جزاك الله عني نصف خير ... فإنّك قد أتيت بنصف حاجه
__________
(1) قال السلفي في معجمه (المختصر المطبوع ص 67): «سمعت أبا محمد يقول: سمعت أبا العباس أحمد ابن البني الابدى بجزيرة ميورقة يقول: قدمت حمص الأندلس فاجتمعت مع شعرائها في مجلس فأرادوا امتحاني فقال من بينهم أبو محمد ابن سارة الشنتمري وكان مقدمهم: (البيت) فقلت: (الابيات). وقال المقري في النفح (ج 2ص 618) نقلا عن ابن ظافر انه اجتمع الوزير أبو بكر ابن القبطرنة والاستاذ أبو العباس (كذا) ابن سارة في يوم جلا ذهب برقه فقال ابن سارة:
هذي البسيطة كاعب أبرادها ... حلل الربيع وحليها النوار
فقال ابن قبطرنة وكأن فقال ابن سارة: فإذا شكا فقال ابن القبطرنة:
فمن أجل غرة ذا وذلة هذه ... يبكي الغمام وتضحك الأزهار
(2) ق: اثقالها.
(3) ق: وإذا تلق فدمعه
(4) السلفي. فلأجل يبكي الغمام.
(5) لم يرد هذا البيت في ق.(18/577)
وله من قصيدة في ابن حمدين (1):
لا بد أن يقع المطلوب من سؤلي ... ولو بنى داره في دارة القمر
* ابن الرّفاء (2) *
من أهل بلنسية، توفي [شابا] (3) في حدود سنة أربعين وخمسمائة، وله:
يا ضياء الصبح تحت الغبش ... أطراز فوق خديك وشي
أم رياض دبّجتها مزنة ... وبدا الصدغ بها كالحنش
لست أدري أسهام اللحظ ما ... أتقي أم لدغ ذاك الأرقش
بأبي منك قسيّ لم تزل ... راميات أسهما لم تطش
رشقت قلبا خفوقا يلتظي ... كضرام بيدي مرتعش
(رب ليل بته ذا أرق) (4) ... [ليس الا من قتاد فرشي] (5)
سابحا في لجج الدمع ولكنني أشكو غليل العطش
ونجوم الليل في أسدافه ... كسيوف بأكف الحبش
وسماء الله تبدي قمرا ... أوضح الغرة كابن القرشي (6)
ليس فرقا في السنا بينهما ... والبها إن طلعا في غبش
غير أن الأفق مغمور بذا ... وبذا حومة باب الحبش
باب من أبواب بلنسية (7). ولقيت في هذا أبياتا قالها بعضهم وكانت (8):
__________
(1) في ق: ابن حمدون.
(2) [هكذا في الاصل ويظهر أن وضع هذا الاسم غلط صوابه (ابن الزقاق) لان القصيدة الآتية لابن الزقاق علي بن عطية البلنسي وقد سبق ذكره في الترجمة رقم 151والقصيدة موجودة في المغرب وفي المطرب [اما ابن الرفا فقد مرت ترجمته رقم 35].
(3) سقط ما بين المعقفين من الأصل.
(4) سقط هذا المصراع من ق.
(5) بياض في النسختين [والتكملة من المغرب].
(6) في الأصل: حان القرشي.
(7) لم ترد هذه الجملة والأبيات التي تليها في ق.
(8) الابيات منسوبة إلى عبد الجبار المتنبي الجريري (مرت ترجمته)، انظر البيتين الاول والثالث منها في القلا ص 73أثناء ترجمة ابن الطاهر، وفي النفح ج 2ص 445.(18/578)
معشر الناس بباب الحبش ... بدر تمّ طالع في غبش
بائع الفخار في حانوته ... عجبا من حسنه كيف وشي
علق القرط على مسمعه ... من عليه آفة العين خشي
أنا ظمآن إلى ريقته ... لو بها جاد لروّى عطشي
* أبو بكر يحيى ابن بقي الأندلسي (1) *
من شعراء الخريدة، توفي سنة أربعين وخمسمائة (2) (3):
ومشمولة في الكأس تحسب أنها
سماء عقيق (4) زينت بالكواكب
بنت كعبة اللذات في حرم الصبا (5)
فحج إليها اللهو (6) من كل جانب
* المخزومي الأعمى (7) *
من غرناطة. ذكره وقال: كان نذلا هجاء. ومن هجائه في ابن رعان (8)
وهو رجل من أكابر غرناطة:
خلا نجل رعان ليلا (9) بعرسه ... فجامعها في ساعة الدبران
فجاءت به مأبون أشوه خلقة ... كريم عجان لا كريم بنان
__________
(1) مرت ترجمته في رقم 71.
(2) كذا ابن خلكان ج 5ص 428وياقوت ج 21ص 19وفي التكملة ص 722انه توفي سنة 545.
(3) أورد البيتين ابن خلكان في الوفيات نقلا عن الخريدة. انظرهما أيضا في المسالك ورقة 71.
(4) ابن خلكان والمسالك: رصعت
(5) ابن خلكان: الصفا.
(6) ابن خلكان: الحظ والمسالك: الناس
(7) سقطت هذه الترجمة من ق وقد مرت ترجمته رقم 75.
(8) كذا في الأصل بدون أعجام.
(9) [الوزن مختل. وقد سبق نقل هذه القطعة عن «ت» بهذه الصيغة: خلا نجل ابراهيم ليلا بعرسه].(18/579)
وتدور إحدى مقلتيه لأختها ... كأنهما عنزان ينتطحان
وما وقع المأبون من حر أمّه ... إلى الأرض إلا فوق رأس ختان
159* أبو بكر البكّي (1) *
وبكة حصن في شرق الأندلس. بلغ الهرم وتوفي بعد سنة ستين وخمسمائة (2) وكل ما ينظمه هجو ومن شعره قوله:
أخاف من الجوارح أن يلموا ... وما لي بالجوارح من يدين
فإما تدخلوني حرح أسما ... فأقلب كل ذي نظر وعين
يعني: لا تّساع الموضع:
وإلا فارفعوني إن قدرتم ... على قرن الوزير أبي الحسين
أسماء: زوجته
وله:
قالوا الكتابة أعلى خطة رفعت ... قلت الحجامة أعلى عند أقوام
لا تحسبوا المجد في طرس ولا قلم ... المجد في صوفة أو مبضع دام
* * أبو بكر محمد (3) الأبيض *
توفي بعد سنة ثلاثين وخمسمائة (4)، أنشدني له في تهنئة مولود (5):
يا خير معن وأولاها بعارفة
شكرا لنعماء (6) عنها الدهر قد نفسا (7)
__________
(1) في الأصل: البكى وفي ق: النبكي. قال ابن دحية في المطرب ص 125، أثناء ترجمة البكي، «ويكة مثناة باثنتين من أسفل حصن في جوف مدينة مرسية على 45ميلا منها وتشتبه ببكة».
(2) في المغرب ج 2ص 270: «ومن ذيل الخريدة: توفي في حدود سنة ستين وخمسمائة».
(3) في النسختين: أحمد، مرت ترجمته رقم 79.
(4) في ق: خمسين وخمسمائة. المطرب ص 81. توفي بعد سنة 525.
(5) انظرها في المغرب ج 2ص 127والأبيات 3، 4، 5في المطرب ص 81.
(6) ق: شكر النعيماء، المغرب: لله نعماء
(7) المغرب: نعا.(18/580)
(ليهنك الفارس الميمون طائره
لله أنت فقد أذكيته قبسا) (1)
[تعشق الدرع مذ شدت لفائفه
وأبغض المهد لما أبصر الفرسا] (2)
أصاخت الخيل آذانا لصرخته
واهتز (3) كل هزبر عند ما عطسا
(تعلم الركض أيام المخاض به
فما امتطى الخيل إلا وهو قد فرسا) (1)
* * أبو عبد الله محمد ابن عائشة البلنسي *
قد سبق ذكره (4) وأوردت له بيتين. أحد كتاب أمير المسلمين (5)، والبلغاء الموصوفين، وكان متعففا (6)، متزهدا متقشفا، أجاب إلى الكتابة بعد امتناع وإباء، وحصل منه بكل حظ وحباء، ومن شعره قوله (7):
لله ليل بات في جنحه (8) ... طوع يدي من مهجتي في يديه
وبته أسهر أنسا به (9) ... ولم أزل أسهر شوقا إليه
عاطيته صفراء مشمولة (10) ... كأنها تعصر من وجنتيه
__________
(1) سقط ما بين القوسين من ق.
(2) [هذا البيت غير موجود في الأصل، ولم يذكر المحقق مصدره].
(3) المغرب: وارتاع
(4) انظر الترجمة رقم 62.
(5) المراد به: علي بن يوسف.
(6) ق: عفيفا.
(7) الأبيات في المطمح ص 84والنفح ج 2ص 456.
(8) المطمح والنفح: عندي به.
(9) المطمح والنفح: وبت اسقيه كؤوس الطلا.
(10) المطمح والنفح: حمراء ممزوجة.(18/581)
ما احسن قول القائل حين قال (1):
أمن خديك تعصر قال: كلا ... متى عصرت من الورد المدام
ولابن عائشة قوله: وهو مما أبدع فيه وزاد على من تقدم (2):
إذا كنت تهوى وجهه وهو روضة ... بها نرجس غض وورد مضرج (3)
فزد كلفا فيه وفرط صبابة ... فقد زاد فيه من عذار بنفسج
وقوله (4) [وقد سبق] (5):
ودوحة قد علت (6) سماء ... تطلع أزهارها (7) نجوما
كأنما الجو غار (8) لما ... بدت فأغرى بها النسيما
هفا نسيم الصبا عليها ... فخلتها أرسلت رجوما (9)
وقوله وقد أسن واكتهل. واهتبل فرصة العمر وإلى الله ابتهل (10):
ألا خلياني والأسى والقوافيا
أرددها شجوا وأجهش باكيا
أآمن شخصا للمسرة باديا (11)
وأندب رسما للشبيبة باليا
__________
(1) [هذا البيت لأبي الحسن الحصري انظر كتاب أبو الحسن الحصري].
(2) أوردهما ابن سعيد نقلا عن الخريدة (الرايات ص 80) انظر أيضا المطمح والنفح ج 2ص 554
(3) المطمح والنفح: به الورد غض والاقاج مفلج.
(4) الابيات في المطمح والرايات والمغرب ج 2ص 314والنفح ج 2ص 424وص 556والمسالك ورقة 179.
(5) التكملة من ق، وقد جاء في ص 196البيتان الأول والثالث.
(6) الرايات: أشرقت
(7) الرايات: واطلعت زهرها
(8) النفح: الافق غار
(9) المطمح: فأرسلت فوقنا رجوما.
(10) انظرها في المطمح والنفح ج 2ص 459.
(11) [في الأصل: بائدا].(18/582)
تولى الصبا إلا توالي ذكرة (1)
قدحت بها زندا من الوجد (2) واريا
وقد بان حلو العيش إلا تعلة
تحدثني عنها الأماني خواليا
فيا برد ذاك الماء هل منك قطرة
فها أنا أستسقي غمامك ناشيا (3)
وهيهات حالت دون حزوى وعهدها (4)
ليال وأيام تخال لياليا
فقل في كبير عاده عائد الصبا (5)
فأصبح محتاجا وقد كان ساليا
فيا راكبا مستعجل الخطو قاصدا
ألا عج بشقر رائحا ومغاديا
وقف حيث سال النهر ينساب أرقما
وهبّ نسيم الايك ينفث راقيا
معنى ابتكره، وما من ذي فضل إلا وعلى هذا (الإغراب) (6) شكره:
وقل لأثيلات (هناك) (6) وأجرع ... سقيت (7) أثيلات وحييت واديا
(وليس ببدع أن تعذب في الهوى ... فحييت من أجل الحبيب المغانيا) (8)
__________
(1) المطمح والنفح: فكرة.
(2) المطمح والنفح: وما زلت
(3) المطمح والنفح: فيستسقي غمامك صاديا.
(4) المطمح والنفح: أهلها.
(5) المطمح والنفح: فقل في كبير عادة صائد الظبا اليهن
(6) سقط ما بين القوسين من ق.
(7) [في الأصل: وسقت].
(8) لم يرد هذا البيت في ق ولا في المطمح والنفح.(18/583)
160* أبو بكر الخولاني المنجم *
منجم المعتمد ابن عباد، كتب إلى ابن اللبانة وقد عاد من أغمات فقصدها زائرا للمعتمد عند اعتقاله بها وزوال أمره:
بدرت إلى تقبيل عين أبي بكر ... لرؤيته البدر المنير على البدر
وقبلت فاه ناقل الحكم التي ... هي السحر من نظم يروق ومن نثر
ولو لم يدافعني عن القدم التي ... خطت نحوه قبلت أخمصها عمري
لقد نال ما استدعى حسادتنا به ... وما حسد في مثل هذا بنا يزري
حسدناه أن نال (1) البعيد مزاره ال ... ممثل منا في الخواطر والفكر
وإن قبّل الكف المبرة في الندى ... على الزاخر الفياض والواكف البشر
وإن شام لألاء الجبين الذي به ... تكشفت الظلماء في سالف الدهر
وما أبعدتنا عن مزارك غدرة ... يضاف بها للدائمين على الغدر
ولكن أمور ليس تخفى لناظر ... فلسنا بمحتاجين فيها إلى العذر
وأحفل بتسليم على البش (2) دائما ... لرؤية ملهوف ورؤية معتر
على مكسب الأملاك زهوا ونخوة ... بنيلهم تقبيل أنمله العشر
إذا ما استرحنا بالتمني فإنه ... لقاؤك في الزاهي وساحاته الخضر
ولا بأس أن يدني (الاله) (3) مزارنا ... ويجمعنا من حيث ندري ولا ندري
أمين ولا تكريرها لي مقنع ... ولو أنني كررتها عدد القطر
__________
(1) في ق: زار
(2) في الأصل: الهش؟
(3) سقط ما بين القوسين من ق.(18/584)
* * أبو القاسم الأسعد بن إبراهيم * ابن بليّطة
شاعر المعتصم ابن صمادح، ومجازيه المنائح بالمدائح، سبق ذكره (1)
في ما أورده ابن بشرون المهدوي، فلما اشتبه (2) أوردت هاهنا مما أورده ابن الزبير في كتاب الجنان من شعره وهو قوله من قصيدة طائية (3):
برامة ريم زارني بعد ما شطا
تقنصته بالحلم والشط فاشتطا
رعى من أناس في الحشا (4) ثمر الهوى
جنيا ولم يرع العرار ولا الخمطا (5)
فأشممني (6) من خده روضة الجنى (7)
وألذعني (8) من صدغه حية رقطا
أمحمرة العينين من ذوق سكره (9)
متى شربت ألحاظ عينيك أسفنطا
__________
(1) انظر الترجمة رقم 8.
(2) في ق: أتيته
(3) القصيدة (16بيتا) في المطمح ص 83، جاء فيه الابيات 1إلى 5، 7، 8، 10إلى 13. وفي الذخيرة ج 2من القسم الأول ص 290 (20بيتا) جاء فيها: 1إلى 4، 6، و 10إلى آخرها.
وفي النفح ج 2ص 454 (14بيتا) لم يرد فيه الا الرابع والسادس. والمسالك ورقة 150 (9أبيات) جاء فيها: 6و 10فقط. والبيت السادس منها في الرايات ص 50. وترجم بيريس الابيات: 6 (ص 225) و 7، 8، 9 (ص 245) و 11 (ص 311) و 12 (ص 230).
(4) المطمح والنفح: أفانين الهوى
(5) المطمح والنفح: العهود ولا الشرطا.
(6) المطمح: اكسنني، الذخيرة: فأنشقني، النفح: فألثمني من خدها
(7) الذخيرة: المنى.
(8) الذخيرة: الثمني
(9) المطمح: محيرة من غير سكره، والذخيرة: محيرة الالحاظ من غير سكرة.(18/585)
وما ذاب (1) كحل الليل في دمع فجره
إلى أن تبدى الصبح كاللمة الشمطا
كأن الدجى جيش من الزنج وافد (2)
وقد أرسل الاصباح في أثره القبطا
ومنها في وصف الديك:
وقام لنا ينعى الدجى وشقيقه
يدير لنا من بين (3) أجفانه سقطا
إذا صاح (4) أصغى سمعه لندائه (5)
وبادر ضربا من قوادمه الابطا
ومهما اطمأنت نفسه قام صارخا
على خيزران نيط من ظفره خرطا
كأن أنوشروان أعلاه تاجه
وناطت عليه كف مارية القرطا
ومنها في العذار:
أرى صورة (6) المسواك في حمرة (7) اللمى
وشاربك المخضر بالمسك قد خطا
عسى قزح قبلته فأخاله
على الشفة اللمياء قد جاء مختطا
__________
(1) المطمح والنفح: غاب
(2) الذخيرة والرايات: فاخر.
(3) المطمح: سن، والنفح: عين.
(4) النفح: أضحي
(5) المطمح والنفح: لأذانه.
(6) المطمح والنفح: نكهة.
(7) الذخيرة: حوة(18/586)
توهم عطف الصدغ نونا بخدها (1)
فباتت بمسك الخال تنقطه نقطا
وقوله:
جرت بمسك الدجى كافورة السحر ... فغاب إلا بقايا منه في الطرر
صبح يفيض وشخص الليل منغمس ... فيه كما غرق الزنجي في نهر
قد حار بينهما عن برزخ قمر ... يلوح كالشّنف بين الخد والشعر
وقال في مجدور الوجه (2):
من رأى الورد تحت قطر نداه ... لم يعب فوق وجنتي جدريا
أنا شمس أردت في الأرض مشيا ... فنثرت النجوم فوقي حليا (3)
وقوله وينسب إلى غيره:
لبسوا من الزرد المضاعف نسجه ... ماء طفا للبيض فيه حباب
صف كحاشية الرداء يؤمه ... صف القنا فكأنّه هداب
هذا معنى ابتكره واخترعه وابتدعه ولم يجز أحد في مضماره معه وإليه نظر قول ابن خفاجة:
وغدت تحف به الغصون كأنّها ... هدب تحف بمقلة زرقاء
ولابن بليطة (4):
سكران لا أدري وقد وافى بنا ... أمن الملاحة أم من الجريال
تتنفس (5) الصهباء من لهواته ... كتنفس (6) الريحان في الآصال
وكأنّما الخيلان في وجناته ... ساعات هجر في زمان وصال
__________
(1) الذخيرة: خده فبات
(2) انظرهما في الذخيرة والمسالك.
(3) الذخيرة: حليا عليا.
(4) الابيات في الرايات و 2و 3منها في الذخيرة والمسالك.
(5) الرايات: تتضوع.
(6) الرايات: أنفاسه(18/587)
وقوله في أسود أحدب يسقي الخمر (1).
يا رب زنجي لهوت به ... شمس الضحى لدجاه ممقوته (2)
[محدودب قد غاب كاهله ... في منكبيه فما ترى ليته] (3)
وكأنّه والكأس في يده ... جعل يدحرج فصّ ياقوته
* * ابن المصيصى الأندلسي (4) *
له يتغزل (5):
شكوت إليه بفرط الذنف ... فأنكر من علتي ما عرف
وقال: الشهود على المدعي (6) ... وأما أنا فعليّ الخلف
فجئت ابن جهور المرتضى ... فقيه الملاح وقاضي الكلف
فقلت له إنني عاشق ... فقال الشهود على ما تصف
فقلت له: أدمعي شهّدي ... فقال: لئن شهدت تنتصف
فأرسلت منهملات معا ... كمثل السحاب إذا ما يكف
وكان بصيرا بأمر الملاح (7) ... ويعلم من أين أكل الكتف
فأوما إلى الخد أن يجتنى ... وأوما (8) إلى الريق أن يرتشف
ومنها:
فلما رآه حبيبي معي ... ولم يختلف في الهوى مختلف
__________
(1) انظر تمام القطعة (5أبيات) في الذخيرة والبيتان الأخيران فيها:
إذا سعى بالكأس تحسبه ... جعلا يدحرج فص ياقوته
وكأنه والكأس في يده ... نجم رمى في الجو عفريته
انظرهما أيضا في المسالك.
(2) الذخيرة: الشمس عند سناء ممقوته.
(3) لم يرد هذا البيت في الأصل.
(4) مرت ترجمته في رقم 45.
(5) انظر الأبيات 1، 2، 3، 7، 8، في الذخيرة ج 2ورقة 143.
(6) الذخيرة: الشهود كما تدعي.
(7) الذخيرة: لحكم الملاح.
(8) في ق: أنهى(18/588)
أزال العتاب فعانقته (1) ... كأني لام وإلفي ألف
وظلت أعاتبه في الجفا ... فقال عفا الله عما سلف
* * * هذا آخر ما أورده من كتاب خريدة القصر وجريدة العصر الامام العالم الاوحد الصاحب الصدر الصاحب ذو الرئاستين جمال الحضرتين أكفى الكفاة أفصح البلغاء، أبلغ الفصحاء شرف الكتّاب أمين الملك عمدة الملوك والسلاطين عماد الدين عزيز الاسلام فتى الفرق ذو البلاغتين رئيس الأصحاب أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الاصفهاني الكاتب الملكي الناصري قدس الله روحه ونور ضريحه. والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
* * * في ق: تم كتاب خريدة القصر وجريدة العصر بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلواته على أشرف المخلوقات محمد وآله الطيبين الطاهرين، غفر الله لكاتبها وقارئها والناظر فيها.
__________
(1) في ق: فعاتبته.(18/589)
المحتوى
صحيفة
باب في ذكر محاسن شعراء قلائد العقيان 353
عدة من فضلاء الاندلس 553
باب في ذكر جماعة من الغرب 569(18/591)
الفهارس
فهارس المتن:
1 - فهرس الاعلام
2 - فهرس القبائل والفرق
3 - فهرس البلدان والمعالم
4 - فهرس الكتب الواردة في النص
5 - فهرس القصائد والمقطوعات والابيات
6 - فهرس النصوص النثرية
فهارس الهوامش:
7 - الاعلام
8 - القبائل والفرق
9 - البلدان والمعالم
10 - الكتب الواردة في الهوامش
11 - الابيات الشعرية
12 - مصادر ومراجع المترجم لهم في الاجزاء الثلاثة
13 - مصادر التحقيق ومراجعه(18/593)
فهارس المتن
1 - فهرس الاعلام
(أ)
آدم: 309223174136 519490
أبان (؟) 516
ابراهيم (؟) 256
ابراهيم (عليه السلام) 16886 483
ابراهيم بن محمد بن المتقن اللخمي السبتي 149148
ابراهيم بن يوسف بن تاشفين أبو القاسم 403402397 404
ابن أبي الخصال، ابو عبد الله محمد الكاتب 450449255 561453
ابن أبي الخصال أبي مروان 561
ابن أبي زنغي أبو عبد الله 337
ابن أبي النجم 575
ابن أرقم، أبو الاصبغ 416
ابن أرقم أبو عامر 416
ابن الاصيلي، أبو عامر محمد 308
ابن أضحى، أبو الحسن 497
ابن الأعلم، أبو الفضل جعفر 469
ابن الافطس، المتوكل على الله 181169136106
ابن باجة، أبو بكر بن الصائغ 332 537
ابن بشرون المهدوي 12382 251249237207191 334332296260252 585537477
ابن بقي القرطبي، أبو بكر يحي 579237236
ابن بلطية الاسعد بن ابراهيم 90 58758526926295
ابن بياع، أبو الحسن 505
ابن البين 171
ابن تفلويت، أبو بكر 333
ابن جاخ الصباغ 170
ابن جامع 226
ابن جحاف، أبو أحمد 364
ابن الجد أبو القاسم 393
ابن الجنان أحمد المرسي، أبو بكر 253
ابن الجنان، ابو العلاء عبد الحق بن خلف بن مفرج الشاطبي 568(18/595)
ابن جهور أبو الحزم جهور 56 58821061
ابن جهور أبو الوليد محمد بن جهور 21153
ابن جهور، المظفر 474
ابن الجودي 313
ابن الحاج، أبو الحسن 486
ابن الحبير، أبو محمد بن حسن القرطبي 427292
ابن حجاج، الحسين بن أحمد 558
ابن الحداد، أبو عبد الله، محمد بن عثمان 271194
ابن حسداي، أبو الفضل 460
ابن حسون القاضي 306
ابن حطان 541
ابن حلو المغربي 574
ابن حمديس، أبو محمد عبد الجبار 197196195194189 207198
ابن حمديس، محمد بن عبد الجبار 207
ابن حمدين (؟) 578576
ابن حمدين أبو العباس أحمد 398296
ابن حمدين، ابو عبد الله محمد 477293292
ابن الحناط أبو عبد الله محمد 297
ابن حنظلة البطليوسي 169
ابن حيوس، محمد بن سلطان 151
ابن خرشوش، أبو القاسم عبد الرحمان المغربي 574
ابن خفاجة ابو اسحاق ابراهيم 15014914814795 270162154152151 587550548
ابن خلصة، ابو عبد الله محمد، الكفيف النحوي 949392
ابن الدباغ، أبو المطرف 387
ابن دراج النحوي 163
ابن دري: أبو الحسن 476
ابن ذي النون (؟) 310309 439311
ابن ذي النون اسماعيل 211
ابن ذي النون يحي القادر 364 419
ابن ذي يزن 193
ابن رحيق، أبو حفص عمر 289
ابن رحيم، أبو بكر محمد 144 401
ابن رحيم، أبو الحسن علي بن أحمد 405
ابن رزين، أبو مروان عبد الملك 376360214
ابن رشيق، أبو علي الحسن 172 230224173
ابن رعمان (او رعبان) 579
ابن الرفا محمد بن يوسف البلنسي 578184183
ابن الرفا يوسف البلنسي 183
ابن الزبير، القاضي الرشيد 46 55555353832947 585572568
ابن الزقاق، ابو الحسن علي بن عطية البلنسي 564
ابن زهر، أبو زيد المتطبب 185
ابن زيدون أبو بكر ابن أبي الوليد 476(18/596)
ابن زيدون أبو الوليد 4948 715350
ابن سارة، أبو محمد عبد الله الاشبيلي 319318315 577329
ابن سراج أبو الحسين 484441
ابن سراج أبو مروان 474
ابن سفيان، أبو محمد 418
ابن السقاط أبو القاسم 499443
ابن سكرة الهاشمي 149
ابن سنان الخفاجي 318206
ابن السيد البطليوسي أبو محمد عبد الله بن محمد 478
ابن شاطر السرقسطي 192
ابن شرف ابو عبد الله محمد 165 224208173172171 230
ابن شرف، ابو الفضل جعفر 171 224173172
ابن شماخ، أبو الحسن عبد الله 575477
ابن شهيد، أبو عامر، أحمد بن عبد الملك 560559558555
ابن صمادح أبو جعفر يحي الواثق ابن المعتصم 18289
ابن صمادح المعتصم محمد بن معن 878685848338 1821411028988 278272271186183 585364284279
ابن صهيب، أبو العلاء 521
ابن الصيرفي المصري 210
ابن طاب 540
ابن الطراوة، ابو الحسين 572571
ابن طريف الوزير 311309
ابن طوفان، (مغني الافضل الجمالي) 529
ابن عباد، سعد 41
ابن عباد، شرف الدولة 41
ابن عباد عبد الله الرشيد، ابن المعتمد 4743
ابن عباد الفتح، ابن المعتمد 40
ابن عباد المعتد 123
ابن عباد المعتضد عباد 4825 777570605958 459212187
ابن عباد المعتمد محمد 2625 434136343129 705958534845 958280797271 10810710210199 183166117115112 219196195193187 537441387364356 584
ابن عباد يزيد الراضي بن المعتمد:
356454340 - ابن عبد البر، أبو محمد عبد الله 459166
ابن عبد الرزاق، أبو محمد عبد الرحيم 427
ابن عبد الصمد، أبو بكر 537
ابن عبد الغفور، أبو القاسم 437
ابن عبد الغفور، أبو محمد 429
ابن عبدوس، عامر 57
ابن عبدون، أبو بكر محمد 103 433426359104
ابن عذاب 194
ابن العطار، أبو القاسم 523
ابن عطية، أبو بكر 488(18/597)
ابن عطية، أبو جعفر (؟) 438
ابن عطية، أبو محمد عبد الحق 500490
ابن عكاشة، حريز 440439
ابن عمار أبو بكر 292826 838281727130 364192968784
ابن عيشون، الحاج أبو عامر 528
ابن فارو أبو الحجاج يوسف المغربي 341340
ابن الفخار المالقي، محمد بن الحسن 335334
ابن الفراء 194
ابن فضال أبو محمد نجم الدين 83
ابن الفكيك المصري 219
ابن القبطرنّة أبو بكر 425 427
ابن القبطرنة أبو محمد 422 424
ابن القرشي 578183
ابن قزمان أبو بكر 465
ابن قزمان محمد بن عيسى 465
ابن القصيرة، أبو بكر محمد 383 523
ابن كاتب كرامة القيرواني 223
ابن اللبانة، أبو بكر الداني 41 584440123107
ابن لبون، أبو عيسى 375140 481
ابن مثنى، أبو مروان 439
ابن محكم 475
ابن المدبر 103
ابن المرابط، أبو عامر 532
ابن مردنيش، محمد بن سعد 338 339
ابن المرعزي النصراني 91
ابن مروان (؟) 42
ابن مطرز المغربي، أبو عبد الله 236
ابن المعتز عبد الله 8636 223197153
ابن معرف المنجم 209
ابن معلى البرياني 165
ابن مفرغ 541
ابن مقبل 197
ابن مقلة 475195
ابن الملح، أبو بكر 466
ابن مهلب، أبو الحسن الوزير 435
ابن نباتة، أبو نصر 197
ابن هارون، ابو الحسن المالقي 573572
ابن هارون، أبو الحسين المالقي 572
ابن هبيرة الوزير 25
ابن هود، أحمد بن سليمان المقتدر بالله 481462217178
ابن هود، سليمان المستعين 211 480462461
ابن هود، يوسف المؤتمن 481462
ابن وحيد (؟) 256
ابن وضاح المرسي، البقيرة 251
ابن وكيع 153
ابن وهبون، عبد الجليل 9531 9996
ابن اليسع، ابو الحسن علي بن محمد 440(18/598)
ابن يعيش، محمد الاسدي 211
ابن ينق، أبو عامر 463
أبو اسحاق الصابي 89
ابو أمية، ابراهيم بن عصام، القاضي 420323322 522488487486421 535534
أبو أيوب ابن أبي أمية 467
أبو بكر (ابن علي، ممدوح ابن بقي) 241240
أبو بكر (ممدوح ابن شرف) 180
أبو بكر الاديب 6361
أبو بكر بن أسد الشاطبي 253 255254
أبو بكر البكي 580
أبو بكر الخولاني المنجم 584
أبو بكر الصديق 324
أبو بكر ابن عبد العزيز 36481 433
أبو بكر ابن العربي، القاضي 206 328
أبو بكر، ابن علي (؟) 241240
أبو بكر، محمد الابيض 259258 580
أبو بكر، محمد المرسي 252
أبو تمام، حبيب 224142 500479318
أبو جابر الوزير 309
أبو جعفر (؟) 163140
أبو جعفر، ابن أحمد 438
أبو جعفر، ابن البني 536
أبو جعفر ابن سلام الشاطبي 256
أبو الحاج، الاعلم 469
أبو الحجاج الوزير 310309
أبو الحجاج يوسف بن مقلد التنوخي 341
أبو الحسن (؟) 514338336 568536517515
أبو الحسن البلنسي 209
أبو الحسن الحصري 186
أبو الحسن الشاغتني، الراعي 164
أبو الحسن العامري 367 (1)
أبو الحسن، ابن علي بن صالح الاندلسي 73
أبو الحسن ابن منصور الديلمي 58
أبو الحسين الوزير 580
أبو الحسين الفكيك 219217
أبو حفص الهوزني 528
أبو الحكم عبد الله المغربي 236
أبو حية النميري 74
أبو زيد، ابن العمة 171
أبو زبيد 545
أبو سليمان، ابن هبة الله الكاتب 235234
أبو الصلت، أمية بن عبد العزيز الداني 74494331 14213999929081 164161153149148 185184183169167 200196195194189 315233203
أبو طالب، ابن غانم 359
أبو الطيب الازدي 208
أبو الطيب ابن البزاز 185
__________
(1) لعله علي بن مجاهد، اقبال الدولة(18/599)
أبو عامر (؟) 559395
أبو عامر الاديب 396
أبو العباس الفرباقي 487
أبو العباس ابن القاسم 411410
أبو العباس النجامي الانصاري 574
أبو عبد الرحمان، محمد بن طاهر 502501462374363
أبو عبد الرحمان النيلي 170
أبو عبد الله اللوشي 499
أبو عبيد 545104
أبو عبيد البكري 475
أبو العرب الصقلي، مصعب بن محمد بن أبي الفرات 219186
أبو علي، كاتب مؤنس 188
أبو علي، الوزير البابلي 218
أبو عمرو الباجي 380313
أبو العميثل (الشاعر) 52
أبو الفتح الوزير 312
أبو فراس الحمداني 11529
أبو الفرج الاصبهاني 9452
أبو الفضل (؟) 81
أبو القاسم (؟) 137
أبو القاسم السميسر 167
أبو محسن، ابن أبي عامر الباكري 166
أبو محمد بن أبي الفرج 308
أبو محمد بن جعفر اللرقي 147
أبو محمد الزبير 259258
أبو محمد، الطبيب المصري 193
أبو محمد العثماني 149148
أبو محمد، ابن القاسم 410409 535452434421414
أبو محمد، ابن مالك 442190 443
أبو محمد، ابن هند 186
أبو مخفور (؟) 310
أبو مروان، ابن عيسى البلنسي 165
أبو مروان، ابن غصن الحجاري 166
أبو المظفر الوزير 311
أبو المعالي، ابن عامر 58
أبو نواس 557318
أبو هريرة (رض) 323
أبو الوليد الباجي 472
أبو الوليد البجلي 193
أبو وهب، الولي 459
أبو يحي، ابن ابراهيم 326325 327
أبو يحي، ابن الطوفان 193
أبو يوسف، المغني 358
أحمد (؟) 165135
أحمد (ممدوح ابن شرف) 178
أحمد بن برد 56
أحمد بن علي الفرسقي 186
أخزم 308
الاخطل 576
الادريسي، محمد بن محمد بن اليثربي القرطبي 260256251 296
أذفونش الفونس 215
الارقم السلمي 258
الاسكندر 139
أسماء (؟) 423
أسماء (زوجة الوزير ابي الحسين) 580
أشعب 218
أصبغ بن محمد القرطبي 308
الاعشى (الشاعر) 150(18/600)
الأعشى النحوي أبو محمد 171
الأعمى المخزومي الغرناطي 255 579256
الأفضل الجمالي، شاهنشاه 529
أفلاطون 280
اقليدس 280
امرؤ القيس 558199197
أم الربيع (؟) 31
أم عمرو (؟) 454
الامين (العباسي) 418
أنوشيروان 586265
أياس القاضي 556
أيوب (عليه السلام) 101
(ب)
باديس بن حبوس 212
باقي بن أحمد أبو الحسن 488 534
البحتري أبو عبادة 233199 500
البديع (الهمذاني) 414193
برد بن أحمد بن برد 208
بسطام بن قيس 516103
بشار بن برد 104
بلقيس 274
(ت)
تاج الدولة، جعفر الامير 234
تبع 406
التطيلي، أبو جعفر الاعمى 511
التمار الواسطي 154
(ث)
الثعالبي أبو منصور 153
ثقة الدولة الأمير 234
(ج)
جابر (؟) 311
جديل (اسم فرس) 124
جذام بن عمرو بن الحارث 104
جذيمة 521512
جرير 57655742
الجعدي 546
جعفر بن ابراهيم بن الحاج اللرقي، أبو الحسن 142139
جعفر البرمكي 139
جعفر بن عبد الله الكوفي القاضي 232
جهنية 292
جوهرة (؟) 3433
(ح)
حاتم الطائي 556276169
الحارث بن عباد 541
حبوس بن ماكسن 212
الحجاج (ابن يوسف) 410
حزم (جد اليسع) 440
حسان بن المصيصي، أبو الوليد 588191
حسن (؟) 289
الحسن بن صالح الاندلسي، أبو علي 57133431517225 573
الحسن بن علي بن يحي الصنهاجي 201
الحسن بن هادة، أبو علي 193(18/601)
الحسين بن علي (رض) 556
الحطيئة 388
حكم بن محمد، غلام البكري 530
حماد (الزيري) 385
حمير (جد اليمن) 499
حواء 223
(خ)
خالد بن عبد الله القسري 556
خطاب التلمساني 341
الخليع (الشاعر) 48
خيران العامري 213
(د)
داود (عليه السلام) 15161
دريد بن الصمة 560
(ذ)
ذو رعين 310
(ر)
راشد بن عريف، الكاتب 164
الرباب (؟) 408
ربيع (؟) 51397
رجار الصقلي 260
رحيم 406
الرميكية (زوجة المعتمد بن عباد) 8371
ريا (؟) 423
(ز)
الزريزير 417
زهرة (؟) 315
زهير العامري 213
زياد (ابن أبيه) 556
زيد الخيل 82
زينب (؟) 253
(س)
سحر (جارية) 3130
السري الرفاء 49
السلامي 200
سلمى (؟) 408240237
سليمى (؟) 427275255 546540508
سليمان (عليه السلام) 283274
السمعاني 340
السموال 556
سمية 556541
سواد بن عمرو 103
سيف (؟) 33
سيف الدولة الحمداني 29
(ش)
شاور السعدي 537
شذقم (اسم فرس) 124
شريح بن محمد، أبو الحسن 25
الشريف الرضي 560
الشريف، فخر الدولة، النقيب 218
شعيب (عليه السلام) 287
الشنفري 103
شيرين 281
(ص)
الصاحب ابن عباد 414194
صالح (؟) 560(18/602)
صخر (ابن الشريد) 546
صخرة (؟) 292
صمادح 285
الصنوبري 4934
صهباء بنت بسطام 103
(ض)
ضابئى 273
ضبة بن أد 103
(ط)
الطبيب الديلمي 219
الطرطوشي، أبو بكر الفهري 290
طرفة بن العبد 139
طويس 255
(ع)
عاصم 516
عامر (؟) 285267
عبادة بن محمد بن عبادة القزاز 183
عبد الجبار، أبو طالب المتنبي 210 215
عبد الحميد (الكاتب) 523
عبد الحميد بن عبد الحميد البرجي 209
عبد الرحمان (؟) 482
عبد الرحمان بن المنصور بن أبي عامر (الناصر بن محمد) 454
عبد الصمد بن عبد الصمد 192
عبد العزيز بن جعفر العدوي، أبو الفتح 169
عبد الكريم بن فضال الحلواني، أبو الحسن 188
عبد الله (ابن الصمة) 560
عبد الله (ابن عبد المطلب) 483
عبد الله السمسطى 233
عبد الله بن طاهر 52
عبد الله بن الغابر الاندلسي، أبو الفضل 182
عبد الله بن فاطمة، أبو محمد 400
عبد الله بن قيس 541
عبد الله بن مزدلي 491416 499493
عبد الملك بن الأغلب الشاطبي 208
عبد الملك بن عبد العزيز 370367
عبد الملك بن مروان 42
عبد المؤمن بن علي 438339
عبيد 546
عبيد بن الابرص 104
عبيد الله (؟) 519518517
عبيد الله بن سرية، أبو مروان 185184
عدي (المهلهل) 513
عرابة (؟) 259
عروة (ابن حزام) 316
العزي (صنم) 276
عزة 435
عزيز الشملكي 189
العصا (اسم فرس) 521
عصام (جد القاضي أبي أمية) 325
عطاف 25
عطية 557
علي (؟) 231
علي (بن أبي طالب) 40478
علي بن أبي البشر الصقلي 153 235234(18/603)
علي بن أحمد بن أبي وهب، أبو الحسن 170169
علي بن الجهم 86
علي بن حمود الادريسي، ناصر الدولة 304
علي بن فهم، أبو القاسم القاضي 154
علي بن مجاهد العامري، اقبال الدولة 365
علي بن منجب المصري، أبو القاسم 219217
علي بن يحي بن تميم الصنهاجي 200
علي بن يوسف، أبو الحسن (؟) 536
علي بن يوسف بن تاشفين أمير المسلمين 396215210 430429410399398 581563520432431
عمارة اليمني 167
عمر (؟) 144
عمر بن أبي ربيعة 30
العمران 404
عمر بن الخطاب (رض) 324117
عمرة (؟) 263
عمرو بن السعلاة 417
عمرو بن معدي كرب 117
عمير (بن ضابئى) 273
عياض بن موسى بن عياض، أبو الفضل القاضي 413398 573503501
(غ)
غالب 557
الغبراء (اسم فرس) 471
الغزالي، أبو حامد 296
الغزي، ابراهيم بن عثمان 150 151
غليوم 260
(ف)
فاطمة الزهراء (رض) 305
الفتح بن خاقان القيسي، أبو نصر 335317173105104 383375374355353 433422411401394 502501498475445 548538537508
فرعون 311
(ق)
قارون 280
القاضي الفاضل 271202190 275
قباذ 324
قس (بن ساعدة) 195
قسطنطين 281
قصير 41
القمندر (القلمندر) أبو بكر 258
قيصر 324
قيلة 514
(ك)
كافور الاخشيدي 139
كسرى 28148
كشاجم 199
كعب (؟) 546
كعب (ابن مامة) 284276
كليب (وائل) 513(18/604)
(ل)
لاحق (اسم فرس) 482
لبد (نسر لقمان) 519
لبنى لبينى (؟) 272162 461274
لبيب العامري 213
لبيد (بن ربيعة) 546328
لخم بن عمرو بن الحارث 104
لقمان 519
ليلى (؟) 423
(م)
ماء السماء 118
مارية 586265
مالك بن نويرة 114
المامون (العباسي) 418
مبشر بن سليمان ناصر الدولة 134128120118
المتلمس 134
متمم بن نويرة 114
المتنبي، أحمد بن الحسين الجعفي 1009594895244 432198186139
المتوكل العباسي 233
المتوكل، عمر بن المظفر 356 465387358
مجاهد العامري 213
محمد احمد النبي (صلى الله عليه وسلم) 40440332730 484
محمد بن أيوب بن غالب 88
محمد بن السبتي 576
محمد السلامي 154
محمد بن عائشة البلنسي 216 582581
محمد بن عبادة القزاز أبو عبد الله 182
محمد بن عبيد، أبو عامر 192
محمد بن عذرة القيرواني، أبو عبد الله 223
محمد بن عيسى اليماني 7572 149107
محمد الغرناطي 453
محمد بن قاسم الفهري، أبو القاسم 80
مخارق 226
مخلد بن علي الشاهي 103
المذحجي (؟) 454
مر بن أد 103
المرتضى 119118
مروان الجعدي 40
مسلم بن الوليد 1439392
المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) 264114
مسيلمة 218
مضر (جد المضريين) 499
معاذ (بن جبل) 323
المعتصم (؟) 187
المعتضد (؟) 187
المعتمد (؟) 72
المعز بن باديس الصنهاجي 230 232
المقتدر (؟) 46138031272 472
المكربل العسقلاني، حسن بن سعيد 207
الملك الناصر (ابن قلاوون) 88(18/605)
مناة (صنم) 276
المنذر التجيبي 211
المنصور، محمد بن أبي عامر 213
المنقتل، احمد بن شقاق 165
مهيار الديلمي 1019480 560152
موسى (عليه السلام) 16965 521270189
مونس 188
مي 442
(ن)
النابغة الذبياني 221
ناصر الدولة (؟) 121119 536366
ناصر الدولة الحمداني حسين بن حمدان 218
ناقد الكاتب 191
نصر بن عبد الرحمان الفزاري، أبو الفتح الاسكندري 574147
نظام الملك، الوزير 189
النعمان (؟) 392
نعيم 25
نوح (عليه السلام) 163
نويرة (؟) 268266264263
نويرة (أبو مالك ومتمم) 512
(هـ)
هاروت 186102
هارون (؟) 186
هارون الرشيد 139
هاشم (القرشي) 483306
هرم (بن سنان) 284276
هرمس 280
هشام بن أحمد الوقشي، أبو الوليد 191190189
هشام المؤيد 212
الهمذاني (المؤرخ) 26
هنيدة (؟) 288
هوذة بن علي 193
(و)
وائل 513
الوجيه (اسم فرس) 482
وداد (؟) 34
ولادة (بنت المستكفي) 6661
(ي)
يحي بن تاشفين بن يوسف أبو بكر 399332
يحي بن اسماعيل بن يحي البياسي 576
يحي بن تميم بن المعز الصنهاجي 233
يحي الحكيم (؟) 255
يحي بن سير بن أبي بكر، أبو بكر 429
يحي بن المظفر، المنصور 357
اليحموم (اسم فرس) 471
اليسع بن عيسى بن اليسع الغافقي 438433429401173 503463440
اليسع بن اليسع 208 (1)
يعقوب (؟) 101
يعقوب (عليه السلام) 169
يوسف (؟) 53690
يوسف (عليه السلام) 11461 283274169151
يوسف بن تاشفين، أمير المسلمين 883837272625 38321521410199 442404393385384
يوشع (ع) 121
__________
(1) لعله نفس المذكور قبله(18/606)
2 - فهرس القبائل والفرق
(أ)
آل الاصفر، بنو الاصفر 469
آل ذي النون 418
آل طاهر 214
آل قاسم 214
آل لبنى 272
آل مذحج 102
آل مكحول 91
أبناء قيلة 514
الاعراب 468
الافرنج الفرنج 32925926
الاندلسيون 260210
(ب)
بكر بن وائل 516
بنو أسد 254
بنو أمية 541
بنو جابر 311
بنو جهور آل جهور الجهاورة 21121055
بنو حمدين 292
بنو رحيم (الرحيميون) 406144 407
بنو الزهراء 315305
بنو الشامي 558
بنو صمادح آل معن بنو معن 263213
بنو عباد آل عباد العباديون بنو ماء السماء 11010848 212143114
بنو العباس العباسيون 111
بنو عبيد الله 517
بنو العنبر 556
بنو القاسم 410
بنو القبطرنة 422
بنو هاشم هاشم 306
بنو يوسف 536
(ت)
تغلب 576
تميم 296
(ج)
جديل 124
جراوة 572
جرهم 531310
(ح)
الحبش 578
حمير 510406326(18/607)
(خ)
الخوارج 40
(ذ)
ذبيان 513
(ر)
الروم 1011009944 417289281219
(ز)
الزنج 586371
(ش)
شداد 111
شذقم 124
(ص)
الصحابة (رض) 334
الصقالبة 213
صنهاجة 403
(ط)
طيىء 169
(ع)
عاد 531168111
العامريون 213
عبد شمس 140
عبس 513
العجم 381306
عدوان 514
العرب العربان 305271 505499386381371 572
(ف)
الفرس 465281
(ق)
القبط 586
قحطان 499
قريش 310
قيلة 514
(ك)
كلب 572
كنانة 189
(ل)
لمتونة 499449214
(م)
المالكيون 428
المانوية 100
المجوس 277
المسلمون 4973269926
المشركون 371
المصريون 23422327
مضر 274
المغاربة 1231077572 537190
الملثمة (الملثمون المرابطون) 258
(ن)
النصارى 329
(هـ)
الهند 254
(و)
وائل (قبيلة) 541
(ي)
يعرب 102
اليهود 31181
اليونان 465(18/608)
3 - فهرس البلدان والمعالم
(أ)
آبرة 104
الابلق الفرد 508455115
أرجان 277
الاسكندرية 290148
اشبيلية حمص 967525 25221211110697 442432401396296 520511450
أشكرب 340
أصفهان 189
أغمات 108413925 584537112109
ألبونت 311214
البيرشة (؟) 310
ألمرية 2091028883 277263258213
الاندلس جزيرة الاندلس 25 14110188827271 210192187186165 249246239219217 330326296262251 363355353340338 453449442371364 555553472468459 580576
(ب)
باب اقليش 311
باب الحبش 579578
بابل 575415128
باجة (بالاندلس) 25
بارق 236
بجانة 83
البحر المحيط 101
برجة 209
بريانة 165
البصرة 33425
بطليوس 13699
بغداد بغدان 1113626 233196151147139 574549341340323
البقيع 517
بكة (حصن) 580
بلخ 341340
بلنسية 36430921481 578374371367
(ت)
تدمير 529
تهامة 546(18/609)
(ث)
ثبير (جبل) 195
الثغر الاعلى 211
ثهلان 481
(ج)
الجامع (باشبيلية) 26
جزيرة شقر 309308
جسر قرطبة 457
جفر الهباءة 513
جيان 498340
جيجل 574
(ح)
الحجاز 212
الحرم (المكي) 381
الحرمان 310
حزوى 583162
حلوان 512
حمص (الشام) 432
(خ)
خراسان 340187
(د)
دار الكتب النظامية (بأصفهان) 189
دارين 468405328278
دانية 213
دجلة 154
دمشق 57557435
الدهناء 558
(ذ)
ذات الدوح (؟) 296
الذنائب 513
ذو الأضى 118
ذو الأيكتين (؟) 263
(ر)
رامة 585255
الرصافة 454
رضوى 328325195
الروحاء 253
الروم (مدينة) 289
رومة 129
(ز)
الزاهي (قصر) 584
الزلاقة 21521499
زمزم 483
الزهراء 454453
زورة 563
(س)
سارية (بلدة) 262
ساحل الاندلس 101
سبأ 274
سبتة 573399101
السد 75
سردانية 309213
سرغ (؟) 337
سرقسطة 387380
سلا 410241
السهلة 214
(ش)
شاذ مهر 193
شاطبة 213
الشام 558492333
الشحر 468
الشرق المشرق 132110 472404325311310 529486
شعب المذحجي 454
شقر 583
شنب 75
شنت برية شنتمرية 409310(18/610)
(ص)
صداء (ماء) 480
الصفا 483
صقلية 234219204194 260
الصمادحية 2718583
(ط)
طرطوشة 442
طلبيرة 528
طليطلة 371211
(ع)
العدوة 53548825
العدوة القصوى 110
العذيب 453236
العراق 1721417325 492428315296246 546
عرفات 498
العقاب 454
العقيق 531402118
العقيقان 255
عمان 513
(غ)
الغرب المغرب 715025 27124524113282 432355353340335 569537475465461 574571
غرناطة 442401325212 579
غمدان 549193
الغوير (؟) 263
(ف)
فاس 535501
الفرات 323257
(ق)
القدس 481
قديد 40
قرطبة 2172106129 433296294292258 503457453449
قرقرى 542
قرمونة 75
القصبة (بمصر) 290
القصر (؟) 35
قصر ابن معن 279
قصر الخلافة 456
قصر المعتمد (بقرطبة) 29
قلبيرة 370
قلعة بني حماد 385
قونكة 370
القيروان 230187
(ك)
الكعبة البيت الحرام 484310
كلواذ (قرية) 322
الكوفة 556
(ل)
لورقة 139115
(م)
مجريت 340
المحصب 102(18/611)
مدين 287
مراكش 429339
مرسى دانية 213
مرسية 368323252214 402
مصر 219210173141 512503429401290 537529
المصلى (باشبيلية) 61
المصلى (بالمهدية) 201
المغرب الأقصى 339306246
المغرب الاوسط 574207
مكناسة 386
مكة 483
منى 498
المنار (؟) 310
المهديتان (المهدية وزويلة) 202
المهدية 233230
ميورقة 536366139118
(ن)
نجد 546159104
نعمان (مكان) 134
نهر اشبيلية 10696
نهر طلبيرة 528
النهروان 78
النيل 185
(هـ)
هراة 340
الهرمان 512
الهند 202
(و)
وادي الدروع 259
وادي الرند 426
وادي الشحر 426
وادي اليمامة 255
(ي)
اليمامة 255
اليمن 19372
يومين (قرية) 82(18/612)
4 - فهرس الكتب الواردة في المتن
(أ)
ابكار الافكار لابن شرف 171 225224208
أرجوزة أبي طالب المتنبي 210
الاشارة في أصول الفقه لابي الوليد الباجي 472
(ت)
تاريخ الاندلس الاندلسيين 88 449
تاريخ السمعاني 340
تاريخ الهمذاني 26
التسديد في أصول الدين (في معرفة التوحيد) لابي الوليد الباجي 472
(ج)
الجنان لابن الزبير 538329 585572568555553
(ح)
حانوت عطار لابن شهيد 555
الحديقة لابي الصلت 4331 14213990817449 183169167164161 315203200196189
(د)
ديوان ابن خفاجة 149
ديوان أبي الصلت أمية بن عبد العزيز 194
(ر)
الرسالة المصرية لابي الصلت 185184
روض الانس، ونزهة النفس للادريسي 260
(ش)
شفاء الامراض، في أخذ الاعراض للسميسر 167
(ع)
العمدة لابن رشيق 173
(غ)
الغريب المصنف لابي عبيد 523
(ق)
قلائد العقيان 594542 107104979686 156147143134123 243193183173162
364355353335317 410401383380374 439433429424418 463459453449440 537504497478475 538(18/613)
قلائد العقيان 594542 107104979686 156147143134123 243193183173162
364355353335317 410401383380374 439433429424418 463459453449440 537504497478475 538
(م)
مجموع ابن الزبير 4746
المختار لابن بشرون 19182 332260237207
المدونة 330
(ن)
نجح النصح لجعفر ابن شرف 173
نزهة الانفس في اخبار الاندلس 453
نزهة المشتاق للادريسي 260
(و)
الوصول الى معرفة الاصول لابي الوليد الباجي 472
(ي)
اليتيمة للثعالبي 555170154(18/614)
5 - فهرس القصائد والمقطوعات والابيات الشعرية الواردة في المتن
اعتمدنا في هذا الفهرس حركة الروي فقدمنا الضمة تليها الفتحة فالكسرة فالسكون
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
(أ)
أسماء: ابو الحسن البلنسي: 2: 209
حواء: ابو الحسن البلنسي: 1: 223
الماء: محمد بن شرف: 2: 229
واطىء: ابن الحداد: 21: 273271
رشأ: ابن الحداد: 91: 274273 ثم 287283
وبهاؤه: أبو محمد ابن القبطرنة: 2: 424
أساء: المعتمد بن عباد: 2: 29
السناء: المعتمد بن عباد: 4: 29
اطراء: اليسع بن اليسع: 2: 208
الانواء: المعتمد بن عباد: 2: 25
الشفاء: ابن زيدون: 7: 58
زرقاء: ابن خفاجة: 1: 27095 587
بصفاء: ابن عبدون: 3: 106
ظلماء: ابو اسحاق الغزي: 2: 150
الحسناء: ابن خفاجة: 4: 153
بيضاء: ابن خفاجة: 2: 155
الانداء: ابن الحناط: 3: 303
الظلماء: ابن سارة: 6: 319318
مواطئه: ابن سارة: 5: 330
الامساء: ابن سفيان: 3: 420
ثنائي: ابن سفيان: 3: 421
بدائي: أبو عيسى ابن لبون: 6: 379
صفائه: ابن سرية: 2: 185
(الالف المقصورة):::
مها: المعتمد بن عباد: 2: 32(18/615)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
(ب)
المذهب: ابن زيدون: 3: 5150
حب: مهيار الديلمي: 1: 80
تحتجب: المعتصم ابن صمادح: 2: 89
حباب: ابن بليطة: 2: 27090 587
هداب: ابن بليطة: 1: 95
العذاب: ابن وهبون: 2: 96
تكذب: المتنبي: 1: 100
مغرب: ابن اللبانة: 8: 108
رطب: ابن اللبانة: 20: 122121
المذهب: ابن اللبانة: 21: 133132
الاجانب: ابو الحسن اللرقي: 8: 143142
تنساب: ابن خفاجة: 2: 152
مغرب: ابو القاسم ابن فهم: 2: 154
العقاب: المتنبي: 1: 198
الكذب: محمد ابن حمديس: 7: 207
واذهب: ابو الحسن الفكيك: 2: 218
تذوب: محمد ابن شرف: 4: 228
ضرب: محمد ابن شرف: 3: 230
معتب: ابو سليمان ابن هبة الله: 3: 234
رسب: ابن بقي القرطبي: 2: 244
المذهب: ابن الحناط: 8: 307
يقرب: ابن الفخار: 8: 336
الثاقب: ابن عبدون: 3: 359
ذوائب: المتوكل: 2: 359
آداب: أبو عيسى ابن لبون: 4: 377
يجب: أبو محمد ابن سفيان: 5: 421420
خلب: أبو محمد ابن عبد الرزاق: 2: 427
يغرب: أبو الحسن بن اليسع: 5: 441440
طروب: أبو محمد ابن مالك: 2: 442
السبب: أبو محمد ابن مالك: 4: 442
كوكب: الفتح بن خاقان: 1: 443
ويغرب: ابو محمد ابن مالك: 2: 443(18/616)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة مذاب: ابو القاسم ابن السقاط: 5: 445444
المتصوب (1): ابن أبي الخصال: 45مخمسة: 459453
تقرب: ابو عبيد البكري: 1: 476
المناسب: أبو تمام: 1: 479
أجيب: ابو بكر ابن عطية: 7: 489
هبوبه: ابن العطار: 4: 527
واجب: ابن عيشون: 5: 529
عرب: ابن الطراوة: 2: 572
ذابا: ابن زيدون: 3: 51
مريبا: ابن زيدون: 3: 50
ثوبها: ابن زيدون: 2: 48
العضبا: ابن خلصة: 3: 94
شرابا: ابن خلصة: 6: 9594
والضربا: المتنبي: 1: 94
كوكبا: ابو منصور الثعالبي: 2: 153
الصبا: ابن وكيع: 2: 153
مذهبا: أمية بن عبد العزيز: 1: 153
مغلوبا: ابو الحسن ابن أبي وهب: 2: 169
غربا: ابن أبي عامر الباكري: 2: 166
طربا: جعفر ابن شرف: 9: 179178
صواحبا: جعفر ابن شرف: 9: 179
أن يشيبا: احمد الفرسقي: 2: 186
مضطربه: عبد الجبار المتنبي (ارجوزة) (2): 35: 215210
زغبا: ابن الحبيّر: 1: 294
لهبه: ابن سارة: 2: 321
نوائبه: أبو ايوب بن أبي أمية: 4: 468
تعذيبا: أبو بكر ابن عطية: 2: 490
سربا: ابو العلاء ابن الجنان: 5: 568
الغضب: المعتمد بن عباد: 4: 34
بالعجب: المعتمد بن عباد: 2: 36
فاعجب: المعتمد بن عباد: 2: 39
__________
(1) قافية المخمسة
(2) وضعنا قافية البيت الاول لتسهيل الرجوع اليها(18/617)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة العتب: ابن عمار: 2: 80
صعب: ابن عمار: 6: 79
ثوابي: ابن زيدون: 2: 56
التجارب: ابن عمار: 15: 8584
صاحب: المعتصم ابن صمادح: 3: 83
هربه: المعتصم ابن صمادح: 1: 87
يعرب: ابن وهبون: 2: 102
تعذيب: (؟): 2: 101
مركوب: ابن وهبون: 14: 101100
والكثب: ابن وهبون: 3: 97
ثائب: ابن عبدون: 2: 103
الحب: ابن عبدون: 2: 106
بمنكب: ابن خفاجة: 6: 160
الشباب: ابن خفاجة: 7: 156
والطرب: التمار الواسطي: 3: 154
والطبيب: السميسر: 3: 167
الصواب: ابو الحسن الحصري: 2: 187
الملاعب: ابن حمديس: 1: 198
مصاب: ابن شاطر: 3: 192
غرب: ابن حمديس: 2: 203
منيب: ابن حمديس: 29: 202201
العذب: البحتري: 1: 199
ذنب: ابن كاتب كرامة: 2: 223
القرب: ابو العرب الصقلي: 9: 220
واللعب: ابو العرب الصقلي: 7: 220
المذاهب: ابو العرب الصقلي: 9: 223222
محراب: محمد بن شرف: 2: 229
الشعب: ابن وضاح المرسي: 3: 252
حسبي: ابن رشيق: 5: 231230
الذهب: ابن سارة: 2: 320
والرتب: الادريسي: 6: 261
اربابها: ابن الجودي: 4: 314
طلابه: ابن الحناط: 4: 303
:: أشطار (رجز):
باللبيب: ابن الفخار: 10: 335334(18/618)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة الكثيب: ابن باجة: 5: 334333
مسلوب: (؟): 1: 415
كثب: ابو محمد ابن القبطرنة: 2: 424
غروب: ابو محمد ابن القبطرنة: 2: 424
التصابي: ابو بكر ابن رحيم: 13: 409408
السحاب: ابو القاسم ابن السقاط: 5: 443
القلب: ابو الوليد الباجي: 7: 473
حباب: ابن العطار: 2: 523
وقشيبها: ابن بياع: 24: 506505
ركائبي: عياض بن موسى: 7: 504503
التحبب: علقمة: 1: 562
الشهب: ابن بياع: 3: 411410
الذاهب: مهيار الديلمي: 1: 561
الكوكب: ابن السبتي: 2: 576
بالكواكب: ابن بقي: 2: 576
اضطرب: ابن خفاجة: 8: 157
منتسب: عبد الله بن الغابر: 2: 182
وعذب: عبد الحق ابن عطية: 5: 492
(ت)
::: رايات: المعتمد بن عباد: 2: 35
غايات: ابن اللبانة: 18: 110108
جاريات: ابن اللبانة: 2: 139
وكيت: ابن بليطة: 14: 267266
الكماة: ابن الحداد: 3: 289
فارقتها: ابو الحسن ابن القبطرنة: 2: 427
لامات: ابن حسداي: 11: 461
صمت: ابو بكر ابن عطية: 2: 490489
أحببت: ابن الزقاق: 2: 564
ممقوتا: راشد ابن عريف: 3: 164
ممقوته: ابن بليطة: 3: 588
فتردت: ابن اللبانة: 2: 135
وصفاته: ابو الوليد الوقشي: 3: 190
العنكبوت: ابو بكر المرسي: 3: 253(18/619)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة وروعات: ابن بليطة: 19: 268267
صفاتي: ابن بليطة: 3: 269
هاروت: ابن بليطة: 3: 269
عيراتها: ابن الحداد: 12: 276275
والوقت: ابن الاصيلي: 12: 311
والرقة: ابن سارة: 4: 317316
كرامتها: ابن سارة: 2: 330
لذات: ابو بكر ابن رحيم: 11: 405
الجهات: ابو محمد ابن القبطرنة: 22: 424423
حيراتها: ابن ينق: 4: 465
الخطرات: ابن أضحى: 9: 498
البيوت: ابن بليطة: 4: 90
(ث)
::: ورثى: ابن وهبون: 6: 102
اتبعثا: ابن الملح: 4: 467
عيث: جعفر ابن شرف: 4: 181
(ج)
نهج: ابن خفاجة: 2: 156
مقلج: عبد الكريم ابن فضال: 2: 188
سميرج: محمد بن عائشة: 2: 216
لاعجه: ابن رشيق: 5: 231
سراجها: ابن بليطة: 3: 265
الهوادج: ابن سارة: 7: 320
العلاج: عبد الحق ابن عطية: 4: 496495
الفرج: ابن العطار: 8: 526525
مضرج: ابن عائشة: 2: 582
ماجا: محمد بن شرف: 5: 228
لجاجه: ابن السبتي: 3: 577
ترتجي: ابو الحسن اللرقي: 2: 145
عجاجها: جعفر ابن شرف: 7: 181
سراجي: ابن بليطة: 6: 265264(18/620)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة بابتهاج: ابن بليطة: 7: 266
المهج: ابو الحسين ابن سراج: 3: 486485
يلهج: ابن بليطة: 5: 263
هج: ابن بليطة: 30: 264263
فرج: باقي بن احمد: 3: 535
(ح)
أقداح: العماد الاصفهاني: 2: 36
روح: ابن وهبون: 4: 103
أفرح: ابو الحسن اللرقي: 2: 144
وتنضح: ابن خفاجة: 3: 161160
سوابح: ابو زيد ابن العمة: 2: 171
الجراح: محمد بن عبادة القزاز: 4: 183
مبرح: علي بن أبي البشر: 6: 235
يمزح: ابو سليمان بن هبة الله: 6: 235
وشيح: أبو بكر القمندر: 2: 258
وضح: ابو بكر الابيض: 5: 259
كشمح: ابن الحداد: 4: 278277
الصدوح: ابن الجودي: 3: 314
وارتياح: ابو عيسى ابن لبون: 3: 376
فرداح: ابن الزقاق: 4: 566
رشح: ابن الطراوة: 3: 571
قريحا: المعتمد بن عباد: 2: 28
أوضاحا: السري الرفا: 2: 49
روحا: السري الرفا: 1: 202
صاحا: ابن الحناط: 4: 301
التباريحا: ابو عيسى ابن لبون: 2: 379
المزاحا: عياض بن موسى: 2: 504
قداحا: ابن الزقاق: 8: 568
النصاح: المعتمد بن عباد: 4: 37
الجوارح: المعتمد بن عباد: 2: 43
البطاح: الرشيد بن المعتمد: 5: 4847
الفصاح: ابن زيدون: 2: 50
السماح: ابن زيدون: 2: 55(18/621)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة السماح: ابن عمار: 3: 87
الصباح: المعتصم ابن صمادح: 3: 87
صاح: ابن وهبون: 4: 98
يوحي: ابن خفاجة: 2: 163
أقاح: جعفر ابن شرف: 31: 181179
وجراح: ابو الحسن الفكيك: 3: 219
البارح: ابن سارة: 3: 331330
صاح: ابن باجة: 2: 333
صالح: ابن شهيد: 1: 560
الرماح: المعتمد بن عباد: 2: 36
النواح: ابن زيدون: 2: 50
فناح: ابن اللبانة: 40: 131129
اقتراح: ابن حمديس: 2: 199
السماح: ابن حمديس: 2: 200
الصباح: ابن حمديس: 3: 203
صباح: ابن حمديس: 31: 206204
فدح: ابن الحبير: 1: 294
الرياح: عياض بن موسى: 2: 503
(د)
:: بعد: المعتمد بن عباد: 3: 41
راقد: الراضي بن المعتمد: 2: 47
استطراد: ابن زيدون: 2: 53
عمد: ابن زيدون: 9: 5453
أسعد: ابن عمار: 3: 78
الجلمود: ابن خفاجة: 2: 151
السواد: ابن خفاجة: 3: 161
البعاد: ابو عبد الرحمان النيلي: 2: 170
حديد: ابن المصيصي: 1: 192
الغمد: المتنبي: 1: 198
السواد: السلامي: 1: 200
ويبرد: ابو العرب الصقلي: 10: 222
يتأود: ابو بكر ابن الجنان: 5: 255
القود: ابن الجودي: 14: 315314(18/622)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة ابترد: ابن باجة: 2: 334
شدوا: عياض بن موسى: 2: 502
سهاد: حكم بن محمد غلام: 17: 531530
لا تحده: ابن شماخ: 5: 575
الودا: المعتمد بن عباد: 5: 28
مساعدة: الصنوبري: 2: 49
أوكدا: ابن زيدون: 2: 53
فرقدا: ابن زيدون: 6: 5554
العدى: ابو الحسن اللرقي: 3: 140
عقدا: ابن خفاجة: 6: 157156
قده: ابن خفاجة: 4: 157
صعده: ابو الوليد الوقشي: 4: 190189
قيادا: ابو محمد ابن مالك: 2: 190
غدا: ابن حمديس: 2: 197
وحده: ابو العرب الصقلي: 4: 221
ومقعدا: عبد الملك ابن رزين: 7: 361360
موعدا: ابن الملح: 6: 467466
فدا: الاعمى التطيلي: 28: 519518
نجدا: (؟): 2: 246
الندى: ابن حجاج: 1: 558
الوجد: المعتمد بن عباد: 4: 30
قدك: المعتمد بن عباد: 4: 33
العسجد: المعتمد بن عباد: 2: 33
انفرادك: المعتمد بن عباد: 2: 34
القد: المعتمد بن عباد: 2: 36
ايقاد: الراضي بن المعتمد: 2: 46
ومعتمد: ابن عمار: 2: 72
تبدى: ابن عمار: 14: 7776
وجلاد: ابن عمار: 2: 79
الغمد: المعتصم ابن صمادح: 4: 85
والبرد: ابن المعتز: 2: 86
الغيد: ابن وهبون: 2: 96
فؤادي: ابن وهبون: 5: 97
وعقيدي: ابن وهبون: 2: 97
أد: مخلد بن علي الشامي: 6: 104103(18/623)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة عباد: ابن اللبانة: 12: 111110
الفرد: ابن اللبانة: 14: 117115
القلائد: ابن اللبانة: 3: 124
الحداد: ابو الحسن اللرقي: 4: 140
بالجلد: ابو تمام: 2: 142
عباد: ابو الحسن اللرقي: 2: 143
مودود: مسلم بن الوليد: 1: 143
ودّه: ابن خفاجة: 2: 151
صاعد: ابن خفاجة: 2: 154
الصعّاد: ابن معلى: 2: 165
ومعتضد: ابو الحسن الحصري: 2: 187
مساجيد: ابن المصيصي: 1: 191
مغمد: ابن حمديس: 1: 197
الاغماد: ابن حمديس: 1: 198
بردك: عبد الملك الشاطبي: 3: 208
الجهاد: عبد الحميد البرجي: 2: 209
لغد: ابن بقي القرطبي: 3: 243
جلودها: ابن الحناط: 2: 297
بالاعواد: ابن الحناط: 4: 300
عميد: اصبغ بن محمد: 3: 308
عهد: ابن الجودي: 3: 314
النقد: ابن الجودي: 2: 314
عهدى: ابن فارو: 5: 341340
نجد: أبو القاسم ابن الجد: 9: 396395
بعدي: ابن أبي الخصال: 3: 452
الجسد: ابن عبد البر: 3: 459
بعد: أبو أمية ابن عصام: 3: 488487
بالحمد: ابن أضحى: 2: 497
بيدي: ابن العطار: 3: 527
مسعد: ابن العطار: 2: 528
متئد: ابن عيشون: 3: 529
عواد: ابو بكر ابن عبد الصمد: 3: 538
بالاسناد: (؟): 1: 551
الردي: دريد بن الصمة: 1: 560
الردي: مهيار الديلمي: 1: 560(18/624)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة ناد: ابن شماخ: 8: 576575
اولاده: البحتري: 1: 576
صد: المعتمد بن عباد: 4: 3332
الابد: المعتمد بن عباد: 2: 35
جمد: الخليع: 2: 48
(ذ)
:: فانفذ: ابن وهبون: 2: 103
برذاذه: ابن سارة: 36: 324322
(ر)
::: زاجر: عمر بن أبي ربيعة: 1: 30
والسهر: المعتمد بن عباد: 9: 2827
أمور: المعتمد بن عباد: 2: 32
مطر: المعتمد بن عباد: 2: 37
شكر: الراضي بن المعتمد: 4: 43
السرار: ابن زيدون: 3: 51
زهر: ابن زيدون: 4: 55
الغدر: ابن زيدون: 8: 7170
شفر: ابن وهبون: 1: 95
يعتبر: ابن وهبون: 7: 102101
وزر: ابن اللبانة: 10: 117
نهر: ابن اللبانة: 2: 123
فيقطر: ابن اللبانة: 3: 124
شعروا: ابن اللبانة: 2: 138
الاسكندر: ابن اللبانة: 2: 139
مخمور: ابو الحسن اللرقي: 2: 140
زهر: ابو الحسن اللرقي: 10: 144
واسير: ابن خفاجة: 2: 152
تستعر: ابن خفاجة: 3: 155
القطر: ابو الحسن بن أبي وهب: 4: 170
تسير: عبد الكريم ابن فضال: 3: 188
تجير: ابن حمديس: 6: 196195(18/625)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة وسرير: المعتمد بن عباد: 2: 196
ذكور: ابن نباتة: 1: 197
معتكر: ابو الحسن الفكيك: 2: 217
تنتثر: ابو العرب الصقلي: 3: 221
نار: ابن رشيق: 5: 233232
بشر: الادريسي: 8: 261260
وأقدار: (؟): 2: 290
تنظر: ابو بكر الطرطوشي: 17: 292291
قصير: (؟): 1: 295
والكبر: ابن سارة: 5: 321
القدر: ابن سارة: 7: 324
أزوره: ابن باجة: 3: 333
القدر: عبد الملك بن رزين: 3: 362
عطر: أبو القاسم ابن الجد: 11: 396
جائر: أبو محمد ابن القبطرنة: 4: 425422
ذخروا: ابو الحسن ابن القبطرنة: 2: 425
المقدار: أبو محمد بن عبد الغفور: 4: 432
الدهر: (؟): 1: 435
آثاره: ابن ابي الخصال: 2: 450
كدر: ابن السيد البطليوسي: 13: 482481
والغير: ابو الحسين ابن سراج: 5: 485
وأصدر: ابو الحسين ابن سراج: 2: 487
مزور: ابو امية ابن عصام: 3: 487
أسحار: عبد الحق ابن عطية: 5: 491
الحشر: أبو تمام: 1: 494
والقدر: ابن أضحى: 8: 499
مصدره: الاعمى التطيلي: 4: 519
اسير: ابن شهيد: 3: 559
النهار: ابن الطراوة: 2: 572
الازهار: ابن سارة: 1: 577
والاضرار: ابن السبتي: 3: 577
استعارا: المعتمد بن عباد: 18: 2726
هجرا: المعتمد بن عباد: 2: 32
جوهره: المعتمد بن عباد: 3: 33
مستعاره: الصنوبري: 5: 34(18/626)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة مأسورا: المعتمد بن عباد: 5: 3938
فقرا: ابن اللبانة: 3: 42
السرى: ابن عمار: 23: 7372
مجمرا: المعتصم: ابن صمادح: 1: 88
فأنارا: المعتصم ابن صمادح: 3: 88
سرورا: ابو الحسن اللرقي: 3: 145
عبرى: ابن خفاجة: 7: 159158
مسرى: ابن خفاجة: 4: 159
الصغارا: ابن غصن الحجازي: 2: 166
العصاره: السميسر: 2: 168
ندره: السميسر: 2: 169168
الوطرا: عبد الله بن الغابر: 7: 182
مجرا: أمية بن عبد العزيز: 3: 185
وقارا: عزيز الشملكي: 3: 189
ماهره: ابو الوليد الوقشي: 2: 191
انذارها: ابن حمديس: 16: 204203
فسحرا: برد بن أحمد: 3: 208
وزارا: الادريسي: 13: 262261
الديارا: (؟): 1: 293
والعرارا: ابن سارة: 23: 325324
عمارها: ابن سارة: 44: 327325
الحقيره: ابن سارة: 2: 331
بزوره: ابن سارة: 3: 331
ان تتغيرا: ابو عيسى ابن لبون: 16: 379377
مقتدرا: ابو الحسين ابن سراج: 2: 486
نارا: عبد الحق ابن عطية: 4: 495
مسارا: ابن المرابط: 7: 533
الخصر: ابن المرابط: 4: 30
لم يشعر: ابن المرابط: 2: 31
عمرى: ابن المرابط: 5: 40
الشكور: ابن المرابط: 2: 41
غدور: ابن اللبانة: 9: 4241
بالمغفر: المعتمد ابن عباد: 2: 42
الغير: المعتمد ابن عباد: 2: 43
الضاري: الراضي بن المعتمد: 1: 44(18/627)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة وزري: ابن زيدون: 6: 5049
بصرى: ابن عمار: 4: 80
ثارها: علي ابن الجهم: 2: 86
والبصر: ابن المرعزمي: 2: 91
وهجره: ابن وهبون: 3: 96
وعقاره: ابن وهبون: 2: 96
أخضر: ابن اللبانة: 3: 123
يعترى: ابن اللبانة: 8: 135134
البحر: العماد الاصفهاني: 2: 151
الغبار: محمد السلامي: 2: 154
وفجار: ابن خفاجة: 2: 162
ظهره: ابن خفاجة: 2: 163
مهجور: أبو الحسن بن أبي وهب: 1: 170
المحصور: جعفر ابن شرف: 1: 172
والنظر: جعفر ابن شرف: 15: 177176
لغيره: الطبيب المصري: 2: 193
ضميره: ابن حمديس: 5: 196
سفير: ابن مقبل: 1: 197
سحار: أبو العرب الصقلي: 2: 221
داري: محمد ابن شرف: 2: 227
بنارهم: محمد ابن شرف: 3: 228
عار: محمد ابن شرف: 3: 230
النسر: أبو بكر ابن الجنان: 35: 255253
الطرر: ابن بليطة: 3: 270
صدري: ابن الحبير: 2: 294
والحار: ابو بكر ابن العربي: 3: 296
قدير: ابن الحناط: 5: 306
العشير: ابن الحناط: 4: 307
أحمر: ابن سنان الخفاجي: 1: 318
قصار: أبو تمام: 1: 318
الديجور: ابن سارة: 5: 319
النمر: ابن سارة: 4: 322
جوهر: ابن الفخار: 24: 339338
تدرى: خطاب التلمساني: 4: 341
غضنفر: أبو عبد الرحمان محمد: 2: 371(18/628)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة المسفر: ابو بكر ابن رحيم: 46: 408405
حجر: أبو محمد ابن سفيان: 6: 420
ضرى: أبو محمد بن عبد الغفور: 12: 431430
النظير: أبو محمد بن عبد الغفور: 9: 431
للسمر: أبو القاسم بن عبد الغفور: 3: 437
والبكر: ابن حسداني: 9: 462
الاصفر: ابن الأعلم: 3: 469
اقصار: أبو عبيد البكري: 1: 476
بهار: ابن السيد البطليوسي: 2: 478
درر: ابن السيد البطليوسي: 11: 479
الجوهر: أبو عبد الله اللوشي: 5: 500
عذرى: عياض بن موسى: 11: 502
قدر: الاعمى التطيلي: 4: 520
النضر: ابن صهيب: 9: 523522
الكسير: باقي بن أحمد: 7: 535
واضراري: ابن البني: 2: 536
الفجر: ابن الزقاق: 3: 565
العمر: ابن حلو: 2: 574
القمر: ابن السبتي: 1: 578
البدر: أبو بكر الخولاني: 14: 584
الطرر: ابن بليطة: 3: 587
يا قمر: المعتمد بن عباد: 6: 32
العساكر: المعتمد بن عباد: 6: 45
الدفاتر: الراضي بن المعتمد: 8: 4645
قمر: ابن عمار: 5: 78
كفر: ابن عمار: 5: 8281
الزهر: (؟): 1: 138
الحور: ابو الحسن اللرقي: 6 (مخمسات): 141
خطر: ابن خفاجة: 4: 149
وتر: المكربل العسقلاني: 1: 207
الظفر: ابو الطيب الازدي: 2: 208
العفر: ابو الحسن الفكيك: 6: 217
ينتظر: أبو يوسف المغني: 4: 358
البشر: المتوكل: 3: 358
يا قمر: أبو بكر ابن القبطرنة: 4: 426425(18/629)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة ففر: أبو بكر ابن عطية: 3: 489
النظر: ابن الزقاق: 4: 566
(ز)
::: المفاوز: ابن المعتز: 1: 197
طراز: ابن سارة: 2: 331
والمستجاز: ابن فارو: 3: 341
(س)
::: وياسو: ابن زيدون: 24: 5756
الشمس: ابن عمار: 2: 80
المأنوس: ابن اللبانة: 3: 138
مغارس: محمد ابن شرف: 2: 229
حبيس: ابن رشيق: 3: 231
لباسه: ابن الزقاق: 6: 567
الاوعسا: ابن اللبانة: 13: 134
النفسا: ابن اللبانة: 16: 138136
حرسا: ابن بقي القرطبي: 3: 245244
نفسا: أبو بكر الابيض: 5: 259
الخنسا: ابن الحداد: 2: 278
الدعاسا: ابن الحناط: 10: 304
نفسا: ابو بكر الابيض: 5: 581580
الناس: المعتمد بن عباد: 3: 36
اشمس: ابن زيدون: 2: 53
شمس: ابن زيدون: 4: 59
أنفاسي: المعتصم ابن صمادح: 2: 88
لقاس: ابو الحسن اللرقي: 2: 139
الشمس: ابو الحسن اللرقي: 3: 146
الكاس: عبد الكريم ابن فضال: 4: 188
دوس: ابو علي كاتب مؤنس: 2: 188
طرسي: ابن حمديس: 7: 195194
الرمسن: أمية بن عبد العزيز: 8: 195
آس: عبد الجبار المتنبي: 2: 215(18/630)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة الراس: الحطيئة: 2: 388
القناعيس: المعري: 1: 418
قرطاس: ابن عيشون: 4: 530
الراس: ابن حلو: 2: 574
العسس: ابن شهيد: 5: 558
(ش)
عطاش: أبو مروان بن عيسى: 2: 165
طائشه: ابن اللبانة: 2: 136
الرشا: ابن الحناط: 9أشطار (رجز): 302
وشي: ابن الرفا البلنسي: 9: 184
وشي: ابن الزقاق: 11: 578
غبش: (؟): 4: 579
العطش: ابن الحناط: 4: 298
(ص)
::: خالص: المعتمد بن عباد: 3: 34
عويصا: ابو عبد الرحمان محمد: 3: 364
الحريص: ابن المرعزى: 5: 91
(ض)
اعرضوا: ابن الحداد: 6: 275274
مهيض: ابن الفخار: 2: 339
معترض: ابو العباس ابن القاسم: 2: 410
معترض: ابو محمد ابن القاسم: 14: 411410
ويفضض: ابن بياع: 21: 509508
الأضى: ابن اللبانة: 15: 119118
مراضا: عبد الملك ابن رزين: 2: 363
معرضا: ابو بكر ابن عطية: 4: 489
معتاضه: ابو الحسن بن منصور الديلمي: 2: 58
بغضهم: محمد ابن شرف: 2: 228
ماض: ابن الزقاق: 3: 565
فاغتمض: ابن زيدون: 7: 57(18/631)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
(ط)
::: شطوا: ابن زيدون: 40: 6662
المشط: كشاجم: 1: 199
نقطه: ابن زيدون: 1: 58
الشمطا: ابن بليطة: 3: 90
سقطا: محمد ابن شرف: 2: 229
سقطا: ابن بليطة: 7: 266265
فاشتطا: ابن بليطة: 13: 587585
بخطه: (؟): 1: 163
القرط: ابن حمديس: 2: 199
قنط: أبو عمر الباجي: 2: 380
(ع)
::: لماع: المعتمد بن عباد: 2: 31
ترتاع: ابن وهبون: 1: 31
تواقعه: المعتمد بن عباد: 3: 31
خضوع: المعتمد بن عباد: 8: 4039
مدمع: ابن اللبانة: 16: 115114
بلقع: (؟): 1: 138
واسع: النابغة الذبياني: 1: 221
طباعه: المخزومي الأعمى: 2: 256
يقطع: أحمد ابن حمدين: 7: 297
وودعو!: ابن باجة: 4: 333
مدمع: عبد الملك ابن رزين: 5: 362
وامتع: أبو القاسم ابن الجد: 4: 395394
البدع: أبو أيوب ابن أبي أمية: 2: 468
يراع: عياض بن موسى: 5: 505
الرضيع: ابن بياع: 9: 509
تنفع: الاعمى التطيلي: 2: 519
تبوع: ابن المرابط: 2: 534
الوداع: ابن البني: 4: 536
منعا: المعتمد بن عباد: 2: 32
اسمعا: المعتمد بن عباد: 5: 35(18/632)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة نزعا: المعتمد بن عباد: 5: 38
استودعك: ابن زيدون: 4: 5251
اجمعا: ابن الرفا البلنسي: 2: 184
ضاعا: ابو بكر ابن رحيم: 5: 409
موضعه: ابو بكر ابن عبد العزيز: 2: 433
طلعا: ابو القاسم بن عبد الغفور: 6: 438
كساعه: ابو الوليد الباجي: 2: 473
جمعا: ابن شهيد: 2: 559
لم يذع: ابن زيدون: 3: 52
واشجع: أبو العميثل: 1: 52
بدمعه: ابن اللبانة: 3: 111
مستجمع: مهيار الديلمي: 1: 152
الدروع: ابن ابي البشر: 1: 153
خادع: الشاغتني الراعي: 3: 164
طالعي: الشاغتني الراعي: 4: 165
سواجع: ابن الرفا البلنسي: 2: 184
بالرجيع: ابن هادة: 2: 193
وفروع: ابن سلام الشاطبي: 11: 257256
تصدعه: عبد الحق ابن عطيه: 6: 495
الممنوع: الاعمى التطيلي: 12: 517
ربوعي: ابن المرابط: 2: 533
أجارعه: ابن المرابط: 4: 534533
الربوع: ابن الزقاق: 2: 564
الطمع: أحد الخوارج: 3: 40
:: أشطار (رجز):
(غ)
::: سرغ: ابن الفخار: 5: 337
(ف)
:: يرعف: (؟): 1: 35
ويخلف: ابن زيدون: 3: 55
موقف: ابن زيدون: 20: 6159(18/633)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة أنف: ابن عبدون: 15: 106104
وطف: ابن سارة: 4: 329
ومعاطف: ابن العطار: 2: 525
ويوصفا: ابن اللبانة: 2: 135
أضعافا: ابو الحسن بن أبي وهب: 3: 170
مفوفا: أبو عيسى ابن لبون: 3: 376
لفاثفا: ابو بكر بن القصيرة: 1: 383
أسفا: ابن العطار: 6: 527
عرف: ابن عبدون: 2: 106
نزيف: أبو الحسن اللرقي: 2: 146
طرفك: عبد الله بن عبد البر: 2: 166
وافي: اليسع بن اليسع: 2: 209
ألوف: ابن الحناط: 4: 305
هدف: ابو القاسم بن عبد الغفور: 3: 438437
الطرف: أبو الحسن ابن السراج: 5: 441
الظرف: أبو الحسن ابن اليسع: 2: 441
طرفك: ابن عبد البر: 2: 460
نطاف: ابن قزمان: 2: 466
بأحرف: ابن صهيب: 2: 523
عرف: ابن المصيصي: 11: 589588
(ق)
::: شفق: الراضي بن المعتمد: 4: 47
تعبق: ابن زيدون: 2: 56
يحرق: ابن اللبانة: 16: 120119
خلاق: السميسر: 2: 168
التفريق: ابن حمديس: 2: 203
مخلوق: ابو الحسن الفكيك: 3: 218
رقاق: ابن سارة: 2: 329316
يشرق: ابن سارة: 2: 321
المشتاق: ابن الحبير: 18: 429428
وصديق: (؟): 1: 563(18/634)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة شيقا: ابن بليطة: 3: 270
وانتقى: ابن الحناط: 4: 306
تبقى: ابن باجة: 2: 332
والطلاقه: أبو العباس الغرباقي: 4: 487
علاقه: أبو أمية ابن عصام: 4: 487
فواقا: ابن المرابط: 3: 534
صداقها: ابن شهيد: 3: 560559
صديق: أبو الحسن اللرقي: 2: 143
واعتلاق: أبو الحسن اللرقي: 3: 146
ناطق: أبو الحسن اللرقي: 3: 146
الرحيق: ابن خفاجة: 2: 150
وريقه: ابن حيوس: 1: 151
المطوق: ابن خفاجة: 9: 158
ورحيق: ابن خفاجة: 3: 159
بالفلق: جعفر ابن شرف: 2: 171
حلق: جعفر ابن شرف: 1: 172
الارق: جعفر ابن شرف: 1: 173
أخلاقه: ابو الحسن الحصري: 2: 187
نسق: تاج الدولة جعفر: 3: 234
خافق: ابن بقي القرطبي: 10: 237236
حقوقه: ابن الحناط: 4: 307306
مشتاق: عبد الملك ابن رزين: 3: 363362
مهرق: الفتح بن خاقان: 2: 445
وتالق: أبو القاسم ابن السقاط: 4: 445
لم تفتق: (؟): 1: 476
الاشراق: ابن العطار: 7: 526
طلق: ابن شهيد: 2: 559
أنيق: ابن الزقاق: 3: 566
الذلق: ابن الزقاق: 11: 567
والمذاق: ابن بليطة: 2: 270
تحترق: ابن الحداد: 2: 289
يأتلق: ابن الحداد: 2: 289
وامق: ابو محمد بن عبد الغفور: 12: 430429
الحدق: ابن العطار: 2: 524
وامق: ابن الزقاق: 3: 565(18/635)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
(ك)
::: فلك: المعتمد بن عباد: 2: 42
ملك: ابن رشيق: 7: 232
شرك: ابن الحناط: 1: 301
افلاك: ابو القاسم ابن السقاط: 6: 444
هالكا: الراضي بن المعتمد: 3: 47
لقياكا: ابن عمار: 5: 7877
سواكا: ابو بكر ابن عبد العزيز: 2: 436
مثواكا: ابن أضحى: 3: 498
عطفاك: ابن زيدون: 8: 49
فلك: عبادة بن محمد القزاز: 2: 183
رضاك: ابو محمد ابن هند: 2: 186
الحلك: ابن اللبانة: 11: 132131
(ل)
::: أفول: الراضي بن المعتمد: 3: 45
لمسؤول: ابن زيدون: 3: 51
بخيل: ابن عمار: 3: 77
تحصيل: ابن عمار: 4: 82
طويل: المعتصم ابن صمادح: 1: 86
زحل: ابن وهبون: 7: 98
لخل: الشنفرى: 1: 103
بلابل: ابن اللبانة: 36: 129127
عجل: الاعشى: 1: 150
وتجمل: عبد الله بن الغابر: 3: 182
دلائل: ابن سرية: 2: 185
قبل: ابو الوليد الوقشي: 2: 191
والشمائل: عبد الصمد بن عبد الصمد: 2: 192
قتول: ابن حمديس: 1: 203
تتنزل: أبو الحسن الفكيك: 1: 218
باخل: أبو الحسن الفكيك: 3: 219
والعسل: ابن بقي القرطبي: 5: 245
أرحل: الادريسي: 4: 262(18/636)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة المنازل: (؟): 1: 293
لبخيل: ابن الاصيلي: 1: 312
البطل: ابن سارة: 3: 316
دلائل: ابن سارة: 2: 330
المنصل: ابو محمد ابن سفيان: 19: 420419
حجول: ابن السيد البطليوسي: 7: 483482
غفل: ابو الحسين ابن سراج: 2: 484
آمل: ابو الحسين ابن سراج: 3: 484
يزول: أبو بكر ابن عطية: 3: 490
رسول: ابن العطار: 3: 527526
النصل: حكم بن محمد غلام: 10: 532
ومسيل: (؟): 3: 552
الاجل: ابن هارون: 19: 574573
سائلا: ابن المعتز: 2: 36
جمالا: ابن عمار: 2: 71
جمالا: ابن عمار: 9: 8382
المسؤولا: ابن خلصة: 3: 94
النبالا: ابن اللبانة: 10: 133
وافضلا: ابن خفاجة: 2: 152
رحيلا: ابن خفاجة: 4: 163
جدولا: الاعشى النحوي: 2: 171
الاناملا: أبو العرب الصقلي: 2: 221
كاملا: أبو تمام: 1: 224
المقالا: ابن الحناط: 1: 305
بالقلا: ابن الفخار: 8: 338
شمولا: أبو بكر ابن القبطرنة: 3: 425
نعالها: كثير عزة: 1: 435
هملا: أبو القاسم السقاط: 2: 445
مقلا: أبو عبيد البكري: 2: 475
تسلسلا: حكم بن محمد غلام: 10: 532531
الامثالا: جرير: 1: 576
الهاطل: المعتمد بن عباد: 3: 28
الجليل: ابو فراس الحمداني: 2: 29
الوصال: الراضي بن المعتمد: 4: 4443
النصل: الراضي بن المعتمد: 1: 44(18/637)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة الجهل: الراضي بن المعتمد: 4: 46
الجميل: ابن زيدون: 5: 48
والوهل: ابو الفرج الاصبهاني: 2: 52
صل: المتنبي: 1: 52
الفضل: ابن عمار: 2: 81
رسولها: ابو اسحاق الصابي: 1: 89
الجريال: ابن بليطة: 3: 90
عذل: ابن خلصة: 18: 9392
مبتذل: مسلم بن الوليد: 2: 92
القاتل: ابن وهبون: 1: 96
بشمالي: ابن وهبون: 2: 98
والسبل: ابن اللبانة: 5: 135
البخل: ابو الحسن اللرقي: 4: 145
أجلي: ابو الحسن اللرقي: 4: 145
الخيال: ابن خفاجة: 5: 148
بالهلال: أمية بن عبد العزيز: 1: 148
عال: عمارة اليمني: 3: 167
البلبل: أبو عامر بن عبيد: 1: 192
هيكل: امرؤ القيس: 1: 197
نابل: امرؤ القيس: 1: 199
يجتلي: عبد الله السمسطي: 4: 233
وبلبالي: ابن بقي القرطبي: 58: 242237
البطل: ابن بقي القرطبي: 5: 247246
الخصال: المخزومي الأعمي: 4: 256255
الجريال: ابن بليطة: 3: 287269
لم يتكل: (؟): 3: 290
معجل: امرؤ القيس: 1: 298
أعمال: ابن سارة: 2: 316
الكالي: ابن سارة: 3: 317
بحالي: ابن باجة: 2: 333
فضلي: المتوكل عمر بن المظفر: 10: 358357
قتال: عبد الملك ابن رزين: 3: 362
طائل: ابو عبد الرحمان محمد: 1: 373
المنازل: (؟): 2: 408
عواذلي: ابو بكر ابن رحيم: 3: 408(18/638)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة كسل: أبو عامر ابن أرقم: 19: 417416
الجمال: ابو محمد بن عبد الغفور: 2: 432
الأمل: ابن ينق: 16: 465463
أبالي: ابن الملح: 3: 467
الذبل: ابن بياع: 20: 507506
آمالها: ابن العطار: 3: 525524
حال: امرؤ القيس: 1: 558
مغل: الراضي بن المعتمد: 7: 44
بكل: ابن عبدون: 3: 106
مستقل: ابن خفاجة: 2: 163
الحمل: جعفر ابن شرف: 2: 172
بالدخول: ابن الاصيلي: 4: 310309
واكتهل: ابن سارة: 2: 319
بقل: أبو بكر ابن القبطرنة: 3: 425
(م)
::: المترنم: ابن زيدون: 2: 59
أعلم: المعتصم ابن صمادح: 2: 89
يسلم: ابو جعفر ابن صمادح: 3: 89
نجوم: ابن المرعزى: 2: 91
هيام: ابن وهبون: 22: 10099
أمم: ابو فراس الحمداني: 1: 115
يسام: ابن اللبانة: 8: 118117
العالم: ابن اللبانة: 2: 136
وأوام: أبو الحسن اللرقي: 2: 147
منظوم: ابن سكره: 2: 149
ناظم: ابن خفاجة: 2: 152
يا حمام: ابن خفاجة: 7: 162
النجوم: راشد بن عريف: 4: 164
ختام: ابو الحسن الحصري: 2: 187
الكريم: ابو الحسن الحصري: 2: 187
اقتحموا: ابن حمديس: 2: 197
والقوادم: المتنبي: 1: 198
المدام: ابو الحسن الحصري: 1: 582216(18/639)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة أتبرم: ابن رشيق: 2: 233
الظلام: ابن بليطة: 3: 269
دم: ابن الحداد: 5: 276
فطموا: ابن الحناط: 4: 305
أنعم: ابن سارة: 2: 316
الغمام: ابن سارة: 19: 328
لديكم: ابو عيسى ابن لبون: 2: 376
وتسليم: ابو بكر ابن رحيم: 2: 404
الغمائم: ابن السيد البطليوسي: 25: 484483
الاسلام: عبد الحق ابن عطية: 6: 492
تحوّم: ابن اضحى: 4: 498
مجمجم: ابن بياع: 5: 508507
نجوم: ابن العطار: 2: 524
الانسام: ابن العطار: 2: 524
أديمها: ابن العطار: 3: 525
تحوم: ابن العطار: 8: 528
ويشيم: (؟): 1: 540
ملجم: ابن شهيد: 2: 558
الرسم: (؟): 1: 561
قديم: ابن هارون: 3: 573
معلما: المعتمد بن عباد: 2: 37
قدما: المعتمد بن عباد: 4: 37
والقلما: ابن اللبانة: 8: 108107
مختما: ابن اللبانة: 28: 114112
ظلاما: ابن خفاجة: 5: 158157
ظلما: ابن حمديس: 5: 200
نجوما: محمد ابن عائشة: 2: 582216
كالدمى: ابن بقي القرطبي: 3: 243
لامه: ابن الحبير: 3: 428
كلم: المعتمد بن عباد: 2: 34
حكمه: المعتمد بن عباد: 2: 38
لمندم: المعتمد بن عباد: 2: 38
ضيغم: المعتمد بن عباد: 2: 38
الحمائم: ابن عمار: 23: 7573
وسيم: ابن عمار: 6: 81(18/640)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة عزائمي: المعتصم ابن صمادح: 2: 87
لم أتكلم: المتنبي: 1: 89
أحامي: ابن اللبانة: 2: 118
لم تكتم: ابن اللبانة: 2: 124
توهم: ابن اللبانة: 44: 127124
تهمي: طرفة بن العبد: 1: 139
المتندم: محمد بن شرف: 1: 162
سقام: جعفر ابن شرف: 4: 172
وتكرم: جعفر ابن شرف: 3: 172
المقيم: جعفر ابن شرف: 2: 173
ذي أرم: جعفر ابن شرف: 25: 175174
الكلم: ناقد الكاتب: 1: 191
القوادم: ابن حمديس: 1: 198
قدمي: ابن حمديس: 3: 206
والمتيمم: ابو العرب الصقلي: 5: 220219
العالم: ابن المعتز: 2: 223
كلامي: ابن رشيق: 3: 232
المظالم: ابن بقي القرطبي: 2: 244
التكلم: ابن بقي القرطبي: 2: 244
لم أقم: ابن بقي القرطبي: 12: 246245
كالدرهم: (؟): 1: 294
ظالم: ابن الحناط: 3: 305
وجرهم: ابن الاصيلي: 2: 310
تهمي: (؟): 1: 477
الملام: باقي بن احمد: 6: 488
الكلام: أبو أمية ابن عصام: 2: 488
الظلم: عبد الحق ابن عطية: 3: 491490
المطعم: ابن بياع: 16: 510
اللام: ابن العطار: 3: 525
الحمام: (؟): 1: 562
المتبسم: ابن الزقاق: 4: 564
بالقلم: ابن هارون: 1: 572
الحزم: ابن خرشوش: 4: 575
أقوام: أبو بكر البكي: 2: 580
العدم: محمد بن عبادة القزاز: 5: 183182(18/641)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة الظلم: بعض المغاربة: 2: 190
الغمم: أبو عمرو الباجي: 20: 381380
(ن)
::: ريحان: ابن المرعزي: 2: 91
الاذن: ابن وهبون: 2: 97
وسكونه: ابو الحسن اللرقي: 3: 143
غدرانها: ابن خفاجة: 2: 150
شهبان: ابن خفاجة: 2: 161
غدرانها: ابن خفاجة: 2: 161
نشوان: عبد الكريم ابن فضال: 2: 188
كهان: ابن معرف المنجم: 2: 209
احسان: محمد بن شرف: 3: 229
الوسن: ابن وضاح المرسي: 11: 251
يتمكن: ابن الحداد: 2: 275
العين: ابن الحداد: 53: 281278
الحرمان: ابن سارة: 2: 315
أغتبن: ابو عيسى ابن لبون: 4: 380379
البساتين: ابو أيوب ابن أبي أمية: 2: 468
تكون: ابن السيد البطليوسي: 3: 478
الحيوان: ابن السيد البطليوسي: 2: 480
بان: ابن السيد البطليوسي: 13: 481480
فنونه: أبو بكر ابن عطية: 2: 459
طحون: الأعمى التطيلي: 2: 520
شان: الأعمى التطيلي: 20: 521520
المزن: ابن المرابط: 2: 534
الامتنا: المعتمد بن عباد: 3: 38
طوفانا: المعتمد بن عباد: 2: 42
فأمنا: ابن زيدون: 2: 59
مآقينا: ابن زيدون: 38: 7066
الدنا: ابن خلصة: 4: 93
فأخصبنا: ابو الفرج الاصبهاني: 3: 94
فتونا: ابو الحسن الحصري: 2: 186
غصنا: ابن خفاجة: 6: 160
غصين: ابن سنان الخفاجي: 1: 206(18/642)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة يردونه: العماد الاصفهاني: 1: 233
المنى: ابن الحداد: 32: 288287
السنه: احمد ابن حمدين: 2: 297
يصطلونا: أبو نواس: 1: 318
تلسعنا: ابن سارة: 4: 319
ملونه: ابن سارة: 2: 330
علينا: المتوكل: 2: 359
العاشقينا: عبد الملك ابن رزين: 2: 363
ركنا: أبو بكر ابن عبد العزيز: 6: 433
بنينا: عمرو بن كلثوم: 1: 477
جنه: ابن العطار: 2: 524
هانا: قريط: 1: 556
جنانا: ابن الطراوة: 2: 572
رحمانه: المعتمد وابن عمار: 2: 26
هذان: المعتمد بن عمار: 4: 33
كالارسان: ابن عمار: 2: 81
يبريني: المعتصم ابن صمادح: 3: 88
الاعين: مهيار الديلمي: 2: 94
شاني: ابن عبدون: 2: 106
التيجان: ابن اللبانة: 2: 138
اللسان: ابن اللبانة: 2: 138
الجفن: ابن خفاجة: 4: 155
عيون: السميسر: 3: 168
الثاني: ابن حنظلة: 2: 169
وحزني: عبد العزيز العدوي: 2: 169
لليمن: الطبيب المصري: 2: 193
جمان: ابن رشيق: 2: 232
الدبران: المخزومي الأعمى: 4: 579256 580
ونونه: الارقم السلمي: 2: 258
الاشطان: ابن الحداد: 2: 275
الشنأن: ابن الحداد: 5: 277
توان: ابن الحداد: 29: 283281
حنان: ابن رحيق: 4: 289
بيقين: ابن الخبير: 7: 293292(18/643)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة الابدان: ابن الحناط: 3: 308
دعاني: ابن الفخار: 17: 336335
الغصن: ابن الفخار: 2: 337
بدارين: أبو بكر ابن القبطرنة: 9: 427426
العيان: أبو مروان ابن مثنى: 2: 439
الزمان: ابن عكاشة: 3: 440
الخشن: (؟): 1: 448
بناني: ابن الأعلم: 9: 470469
وسنان: أبو مروان ابن سراج: 16: 475474
الحدثان: الاعمى التطيلي: 58: 517511
أبي الحسن: ابن البني: 2: 536
الاحسان: ابن شماخ: 1: 576
يدين: ابو بكر البكي: 3: 580
حسان: عبد الجبار المتنبي: 2: 215
ومن: العماد الاصفهاني: 3: 35
الحسان: ابو الحسن الحصري: 2: 187
(هـ)
::: مشبوه: ابو الوليد البجلي: 2: 193
ناقه: ابن الحداد: 6: 277
معناه: باقي بن أحمد: 4: 535
مها: المعتمد بن عباد: 2: 32
اللها: ابن وهبون: 2: 95
دراريها: ابن اللبانة: 3: 123
ترقاها: ابن حمديس: 2: 200
عليه: المعتمد بن عباد: 2: 28
اليه: المعتمد بن عباد: 2: 30
لنا صحيه: ابن زيدون: 4: 59
أعزيه: مهيار الديلمي: 1: 101
لديه: ابو الحسن اللرقي: 4: 144
لم تنته: السميسر: 2: 168
يعيه: الصاحب ابن عباد: 2: 194
أبيه: ابن الحداد: 1: 194
ايه: ابو بكر القمندر: 2: 258
عليه: ابن سارة: 2: 331(18/644)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة تؤذيه: ابن باجة: 4: 334
عليه: ابو الحسين ابن سراج: 3: 485
عليه: ابن الزقاق: 2: 565
مناه: ابو الحسن اللرقي: 2: 140
سواه: ابن الاعلم: 12: 470
يديه: محمد ابن عائشة: 3: 518216
(و)
::: الاحوى: المعتمد بن عباد: 4: 3130
الصبوه: الوزير نظام الملك: 2: 189
والضرو: أبو الحسن اللرقي: 2: 147
(ي)
::: العشي: المعتمد بن عباد: 3: 29
الندي: ابن عمار: 3: 3029
عري: ابن المعتز: 2: 153
الخلي: المنفتل: 2: 165
العاليه: ابن زيدون: 2: 58
التقاضيا: ابو حية النميري: 1: 74
جدريا: ابن بليطة: 2: 27090 587
اللحيه: ابن اللّبانة: 2: 136
فانيا: المتنبي: 1: 139
الحميا: ابن خفاجة: 3: 149
النكايه: ابو الطيب بن البزاز: 2: 185
شيّا: ابو الحسن الحصري: 2: 186
داعيا: ابو العرب الصقلي: 5: 222
ساريه: الادريسي: 4: 262
الرعيا: ابن بليطة: 9: 269268
التعميه: ابن الحداد: 2: 288
وناعيا: ابن الحبير: 1: 295
المعاليا: ابن الحناط: 2: 304
دانيه: ابن الاصيلي: 7: 309308
باكيا: ابن عائشة: 11: 583582
حي: أبو بكر ابن رحيم: 50: 404402(18/645)
6 - فهرس النصوص النثرية الواردة في المتن مرتبة على حسب ترتيب ورودها في الكتاب
الموضوع: بدايته: كاتبه: الصفحة حكم: العالم مع العلم كالناظر في البحر: جعفر ابن شرف: 174173
رسالة: توسل الهمم أعزك الله: جعفر ابن شرف: 175174
رسالة: أطال الله بقاء الوزير: جعفر ابن شرف: 175
وصف مطر: أذى البراغيث: محمد ابن شرف: 225224
وصف زرع برد: كان زرعا يرجى: محمد ابن شرف: 225
استهداء عمامة: قد اقترحت الخ: محمد ابن شرف: 225
على لسان محبوس: قد حكمت بسجن الاشباح: محمد ابن شرف: 225
على لسان محبوس: لان لنا قوم وخشنت: محمد ابن شرف: 225
من ابكار الافكار: لما فني عمر الامس: محمد ابن شرف: 226225
من ابكار الافكار: شربنا وقد سحبت: محمد ابن شرف: 226
في نعيم العيش: ضم القدر المجرد: محمد ابن شرف: 226
في القرابة: الوجيه بين أقاربه: محمد ابن شرف: 226
في العداوة: كم قاطعك: محمد ابن شرف: 226
في الجود والبخل: الجود أنصر من الجنود: محمد ابن شرف: 226
في انواع شتى: اذا انضم جناح الطيش: محمد ابن شرف: 227226
رسالة: جرع الفراق شراب الاحبة: ابو بكر الطرطوشي: 292290
رسالة: قولوا لصخرة: ابن الحبير: 296292
رسالة طردية: فلما توسطنا وهدأت: ابن الحناط: 305297
رسالة: والفقيه المذكور يؤويني: ابن الحناط: 307305
رسالة: وما حرك الحاجب أعزه الله: ابن الحناط: 308307
رسالة: كتب اليك أوان الخروج: ابن الأصيلي: 312308
رسالة: استبدلوا بالخير شرا: ابو الفتح الوزير: 313312
رسالة: ورد كتابك الاثيل: ابو عمرو الباجي: 313
رسالة: كتابي أعزك الله وقد ورد الخ: ابو عبد الرحمان محمد: 365364
رسالة: الآن عاد الشباب: ابو عبد الرحمان محمد: 365
رسالة: جراحات الايام هدر: ابو عبد الرحمان محمد: 366365
رسالة: اطال الله بقاء الامير منيفا: ابو عبد الرحمان محمد: 367366
رسالة: اطال الله بقاء الامير وأيده: ابو عبد الرحمان محمد: 367
رسالة: كتابي وقد طفل العشي: ابو عبد الرحمان محمد: 368367
رسالة: من ذا يضاهيك: ابو عبد الرحمان محمد: 368
رسالة: ورد كتابه مستفهما: ابو عبد الرحمان محمد: 369368
رسالة: قصدني مملوكه: ابو عبد الرحمان محمد: 369(18/646)
الموضوع: بدايته: كاتبه: الصفحة رسالة: قلدت فلانا سلمه الله: ابو عبد الرحمان محمد: 370
رسالة: قد عدمت، ايدك الله: ابو عبد الرحمان محمد: 370
رسالة: كتبت اعزك الله والحد فليل: ابو عبد الرحمان محمد: 371
رسالة: كتبت أعزك الله عن ضمير: ابو عبد الرحمان محمد: 372
رسالة: كل المعالي اليك ابتسامها: ابو عبد الرحمان محمد: 373372
رسالة: نعمه أيده الله قد أغرقتني: ابو عبد الرحمان محمد: 374373
رسالة: انا أعزك الله عليك شحيح: ابو عبد الرحمان محمد: 375374
رسالة: يا كوكب مجد أظلمت لغروبه: ابو عبد الرحمان محمد: 375
في وصف المطر: ان لله تعالى قضايا واقعة بالعدل: ابو عمرو الباجي: 382
رسالة: وافتني لك أطال الله بقاءك: ابن القصيرة: 384383
رسالة: يا أمة لا تعقل رشدها: ابن القصيرة: 385384
رسالة: وصل كتابك الذي أنفذته: ابن القصيرة: 386385
رسالة: اما بعد أصلح الله من أعمالكم: ابن القصيرة: 387386
رسالة: كتابي وانا كما تدريه الخ: ابن الدباغ: 388387
رسالة: كتابي وعندي من الدهر الخ: ابن الدباغ: 389388
تعزية: من أي الثنايا طلعت النوائب: ابن الدباغ: 389
رسالة: لئن كانت الايام تنئيك: ابن الدباغ: 390389
في ذم كتاب: وردني لك كتاب: ابن الدباغ: 390
رسالة: كنت عهدتك لا تمتنع: ابن الدباغ: 390
في استدعاء خمرة: أوصافك العطرة: ابن الدباغ: 391390
في الاستدعاء لمجلس أنس: يومنا يوم قد تجهم محياه: ابن الدباغ: 391
رسالة: ورد كتابك فنور الخ: ابن الدباغ: 392391
فصل: يا ليت شعري: ابن الدباغ: 392
فصل: طلع علينا هذا اليوم: ابن الدباغ: 393392
رسالة: لو اطعت نفسي أعزك الله: ابن الجد: 394
رسالة: كتابنا ابقاكم الله: ابن الجد: 398397
رسالة: اما وكنف برك: ابن الجد: 398
رسالة: فلان أعزه الله: ابن الجد: 399398
رسالة: كتابنا ابقاكم الله: ابن الجد: 399
رسالة: كتابي أطال الله في طاعته: ابن الجد: 400
رسالة: قد اتصل بنا أنكم الخ: ابن الجد: 401
رسالة: عذيري من ساحر بيان: ابو محمد ابن القاسم: 413411
رسالة: قد وقفت اعزكما الله: ابو الفضل ابن عياض: 414413
رسالة: لمثل نباهتك: ابو محمد ابن القاسم: 415414
رسالة: أبابل في ضمن أقلامك: ابو محمد ابن القاسم: 415(18/647)
رسالة: يا سيدي الاعلى: ابن أرقم: 418417
رسالة: كتبت وما عندي: ابن سفيان: 421
رسالة: كتبت عن ود: ابو محمد ابن القاسم: 421
رسالة: كتبت دام عزك: ابن سفيان: 422
رسالة: وما بعثناك لتشهد: ابو محمد ابن عبد الغفور: 432
رسالة: كيف راي مولاي: ابو بكر ابن عبد الغفور: 434
رسالة: الوزير الفقيه الخ: ابو بكر ابن عبد الغفور: 435434
رسالة: أسير وقد ختمت: ابو بكر ابن عبد الغفور: 437436
رسالة: زارنا الورد بانفاسك: ابو جعفر بن احمد: 439
رسالة: يومنا أعزك الله: ابن السقاط: 446
رسالة: قد بعثنا اليك: ابن السقاط: 446
رسالة: ما روضة الحزن: ابن السقاط: 447446
رسالة: طاعتكم وفقكم الله: ابن السقاط: 447
رسالة: يا سيدي الاعلى وظهيري: ابن السقاط: 449447
رسالة: الحذر اعزك الله: ابو عبد الله ابن ابي الخصال: 451450
رسالة: اوثر حقك وان أبقى الخ: ابو عبد الله ابن ابي الخصال: 451
رسالة: نبذ الوفاء الخ: ابو عبد الله ابن ابي الخصال: 451
رسالة: مثلك ثبت الله فؤادك: ابو عبد الله ابن ابي الخصال: 453452
رسالة: كتابي عن حال قد طال: ابن عبد البر: 460
رسالة: مكاتبة الصديق: ابن عبد البر: 460
رسالة: محلك أعزك الله: ابن حسداي: 463462
في وصف فرس: انظر اليه سليم الاديم: ابن الاعلم: 471
في وصف سرج: بزة جياد: ابن الاعلم: 471
في وصف لجام: متناسب الاشلاء: ابن الاعلم: 471
في وصف رمح: مطرد الكعوب: ابن الاعلم: 471
في وصف قميص: كافوري الاديم: ابن الاعلم: 471
في وصف بغل: مقرف النسب: ابن الاعلم: 472
في وصف حمار: وثيق المفاصل: ابن الاعلم: 472
في وصف حمار: وثيق المفاصل: ابن الاعلم: 472
فصل في مراجعة: وتالله اني لا تطعم: ابو عبيد البكري: 476
فصل في تهنئة: أسعد الله بوزارة سيدي: ابو عبيد البكري: 476(18/648)
الموضوع: بدايته: كاتبه: الصفحة فصل في مراجعة: عمر بابك: ابو عبد الله ابن حمدين: 477
وصف كتاب: تأملت كتابه الذي شرع: ابن السيد البطلبوسي: 478
رسالة: نحن نتدانى اخلاصا: ابن السيد البطليوسي: 479
رسالة: كتبت وروض العهد: أبو الحسين ابن سراج: 484
رسالة: فاول ما أقول في شكره: عبد الحق ابن عطية: 493492
تعزية: أدام الله تأييد الامير: عبد الحق ابن عطية: 495493
رسالة: لا زال منهل سحاب العدل: عبد الحق ابن عطية: 497496
رسالة: أطال الله بقاءك: أبو عبد الله اللوشي: 501500
رسالة: عمادي أبا نصر: القاضي عياض: 502501
رسالة: قد بقيت أعزك الله: الفتح بن خاقان: 504
رسالة: ادام الله يا وليي الخ: القاضي عياض: 504
رسالة: ما تزال الغرائب ايد الله الملك: الفتح بن خاقان: 540538
رسالة: اطال الله بقاء الوزير الاجل: الفتح بن خاقان: 540
رسالة: سقى بلدا أمست الخ: الفتح بن خاقان: 541540
رسالة: أما بعد فان الايدي الخ: الفتح بن خاقان: 541
رسالة: الدهر أعزك الله: الفتح بن خاقان: 542541
رسالة: استوهب الله لك ايها العماد: الفتح بن خاقان: 545542
تعزية: كنت أعزك الله والجوانح ملتهبة: الفتح بن خاقان: 546545
وصف غريق: أتاني وأهلي بالعراق: الفتح بن خاقان: 548546
رسالة: سيدي الاعلى، وعقلي الاغلى: ابن خفاجة: 549548
رسالة: وكيف لي بقربك: ابن خفاجة: 551550
رسالة: اطال الله أيها السيد بقاءك: ابن خفاجة: 551
رسالة: واتفق لي ان فصلت تلك العشية: ابن خفاجة: 552551
في الحكمة: من كتم الحق بعد ما ظهر: ابن شهيد: 555
وصف جبان: يزحف يوم الزحف الى خلف: ابن شهيد: 556
في سلطان مضيع: ان كان من يعجبه اللهو: ابن شهيد: 556
وصف أهل خير: اخوان استوت بواطنهم: ابن شهيد: 556
وصف أهل شر: اخوان أخون من السراب: ابن شهيد: 556
في المواساة: المقل يرثي للمقل: ابن شهيد: 556
في الشفاعة: جعلني سبيلا من جعلك مقصدا: ابن شهيد: 557
في المطل: المطل عدو النفس: ابن شهيد: 557
في ذم رجل: فيه عن الشكر سكر: ابن شهيد: 557
في صفة الشعراء: جرير كلب منابحه: ابن شهيد: 557
في البرد: صبحتنا اليوم خيل البرد: ابن شهيد: 561560(18/649)
الموضوع: بدايته: كاتبه: الصفحة رسالة: أرى النوى تقتضيني: ابو مروان ابن ابي الخصال: 562561
رسالة: للسرور أطال الله بقاءك: ابو مروان ابن ابي الخصال: 562
رسالة: ذهبت من الهجران: ابو مروان ابن ابي الخصال: 563562
رسالة: أطال الله بقاء أمير المسلمين: ابو مروان ابن أبي الخصال: 563
رسالة: أطال الله بقاء أمير المسلمين: ابو مروان ابن ابي الخصال: 563(18/650)
فهارس الهوامش
7 - فهرس الاعلام بالهوامش
(أ)
ابراهيم بن عثمان بن محمد الكلبي ابو اسحاق الغزي 150
ابراهيم بن فتحون 253
ابراهيم بن محمد بن المتقن اللخمي السبتي 148
ابراهيم بن يوسف بن تاشفين 214 397
ابن الابار 333253148 400
ابن ابي أصيبعة 148
ابن أبي أيوب (؟) 310
ابن ابي الخصال، أبو عبد الله 453255
ابن أبي زنغي، ابو عبد الله 337
ابن الاثير 218214
ابن الافطس المتوكل على الله 169
ابن باجة 332
ابن بدرون 359
ابن بسام 271267187 532477466385301 555
ابن بشرون المهدوي عثمان بن عبد الرحيم 296191
ابن بقي القرطبي 236
ابن بليطة الاسعد بن ابراهيم 26290
ابن البني أبو العباس احمد 577
ابن تاج الدولة 234
ابن تفلويت، ابو بكر 333332
ابن جاخ الصباغ 170
ابن جحاف، أبو أحمد جعفر 364
ابن جهور أبو الحزم 21055
ابن جهور ابو الوليد 210
ابن جهور عبد الملك 210
ابن الحاج اللورقي، أبو الحسن جعفر 486
ابن الحبير 427
ابن حجاج الحسين بن احمد 558
ابن الحداد 267
ابن حديد القاضي 190
ابن حسداى، أبو الفضل 387 465390
ابن حسون القاضي 307(18/651)
ابن حلو المغربي 574
ابن حمديس 205194189
ابن حمدين (؟) 578576
ابن حمدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي 477398
ابن حمدين، ابو عبد الله محمد 477296
ابن حمدين حمدين 477
ابن حمود 212
ابن الحناط 297
ابن حيوس محمد بن سلطان 151
ابن الخطيب، لسان الدين 214
ابن خفاجة 160148147 269253216205
ابن خلصة 94
ابن خلكان 153150149 210197189167154 315271245236234 480478472340329 579537481
ابن الدباغ، أبو المظفر، ابو المطرف (؟) 387
ابن دحية 580433
ابن ذي النون اسماعيل 211
ابن ذي النون عبد الرحمان 211
ابن ذي النون يحي القادر 211 364214213
ابن ذي النون يحي المأمون 211 439370365213
ابن رزين (؟) 372
ابن رزين ابن الاصلع عبد الملك حسام الدولة 214
ابن رزين عبد الملك بن خلف 214
ابن رزين هذيل بن خلف 214
ابن رزين يحي 214
ابن رشيق ابو علي الحسن 72 230187
ابن الرفا البلنسي 578185
ابن زاكور 332
ابن الزبير، القاضي الرشيد 171 329207
ابن الزقاق علي بن عطية 578
ابن زنباع 505
ابن زهر أبو العلاء زهر بن عبد الملك 332
ابن زيدون أبو بكر بن أبي الوليد 476
ابن زيدون أبو الوليد 476
ابن سارة، أبو محمد 325318 577
ابن سعيد علي 31716675 582490468429329
ابن سفيان، أبو محمد 422
ابن سنان، أبو محمد 422
ابن سنان الخفاجي، عبد الله بن محمد 318206
ابن شاكر 206
ابن شرف محمد 173171 555208
ابن صمادح أحمد معز الدولة 213
ابن صمادح سليمان بن محمد 213
ابن صمادح محمد المعتصم أبو يحي 35927126521387 440364
ابن صمادح معن، أبو الاصبغ 213
ابن صمادح يحي الواثق 182
ابن صهيب أبو العلاء 521
ابن طاهر ابو بكر أحمد بن اسحاق 214(18/652)
ابن طاهر، أبو عبد الرحمان محمد 578372214
ابن الطقطقي 199
ابن الطوفان 193
ابن ظافر 577
ابن عباد أبو القاسم محمد 212
ابن عباد الراضي بن المعتمد 356
ابن عباد المعتضد عباد 5337 2122101705554
ابن عباد المعتمد بن عباد 7526 214212210192100 276
ابن عبدون، أبو محمد عبد المجيد 359
ابن عبد الرزاق، أبو محمد عبد الرحيم 427
ابن عذارى 214213212 304
ابن العربي، ابو بكر 324
ابن العطار أبو القاسم 523
ابن عطية أبو بكر 488
ابن عطية ابو جعفر 438
ابن عطية أبو محمد عبد الحق 490
ابن عكاشة، حريز 439
ابن عمار ابو بكر 19281
ابن عيشون الحاج أبو عامر 528481
ابن فضال الحلواني 187
ابن القبطرنة، أبو بكر 577424
ابن قتيبة 56074
ابن قزمان أبو بكر 465
ابن قزمان محمد بن عيسى بن عبد الملك 465
ابن القصيرة، ابو بكر محمد 383
ابن اللبانة أبو بكر 440181
ابن المدبر 103
ابن مردنيش، محمد بن سعد 338
ابن المدبر 103
ابن مرد نيش، محمد بن سعد 338
ابن المرعزي 91
ابن المطرف (؟) 209
ابن مقبل 197
ابن مقلة أبو علي 195
ابن نباتة عبد العزيز السعدي 197
ابن النجار 148
ابن نصرون 148
ابن هندو 186
ابن هود احمد المستعين الثاني 211
ابن هود احمد المقتدر 211 365217
ابن هود سليمان المستعين 211 373
ابن هود المستنصر 401
ابن هود عماد الدولة 211
ابن هود يوسف المؤتمن 373211
ابن وكيع الحسن بن علي التنيسي 153
ابن وهبون 9589
ابو أمية ابن عصام 486324 534522
ابو بكر بن ابراهيم اللمتوني 325
ابو بكر البكي (اليكي) 580
ابو بكر بن الحديدي 211
ابو بكر عبد العزيز (؟) 213
ابو بكر بن عبد العزيز المرخي 373 433
أبو تمام 494318
أبو جعفر بن احمد ابن ابي محمد 438(18/653)
ابو الحجاج ابن مقلد التنوخي 341
ابو الحسن ابن الاخضر 479
ابو الحسن الحصري 18672 582216
ابو الحسين الفكيك 218217
ابو الحكم عبيد الله المغربي 236
ابو زيد ابن العمة 170
ابو الصلت أمية بن عبد العزيز 185184148142
أبو طالب ابن غانم 359
أبو طاهر السلفي 273148 577572401274
أبو الطيب البزاز 332
أبو عامر الاديب 396
أبو عامر التاكرني 166
أبو العباس بن علي 246
ابو عبد الله الرصافي 566
ابو عبيد البكري 475
ابو عمرو الباجي 380
ابو غالب الغرناطي 88
ابو القاسم بن أبي بكر بن عبد العزيز 437
ابو محمد الطبيب المصري 194
ابو محمد ابن عتاب 148
ابو محمد ابن مالك 442190 443
ابو محمد الوزير 214
أبو المطرف (؟) 311
أبو نصر الوزير 206
ابو الوضاح المرسي 251
الابيض احمد بن محمد بن أبي بكر 580258
الابيض محمد بن أبي بكر 258 580
احسان عباس 200197194 453203
احمد احمد بدوي 190
الادريسي محمد بن محمد اليثربي 296260256251
اذفنش الفنش الفونس بن فرديناند 214212183 364
اسحاق بن علي بن يوسف 214
اسد الدين شيركوه 329190
اسعد طلس 199
اشجع السلمي 556
أصبغ بن محمد القرطبي 300
الافضل، شاهنشاه، بن بدر الجمالي، أمير الجيوش 529210
أماري 289
أمرؤ القيس 562558298
الانباري 197
(ب)
باديس بن حبوس 213212
بديع الزمان الهمذاني 414
بروكلمان 151150148 340318210206197 359
البستاني 396213197149 558
بشار بن برد 104
البطليوسي 148
البياسي، يحي بن اسماعيل، (المياسي) (؟) 576
بيريس 243236192187 319318271246244 379377332328325
444438427426420 482474472467461 508506490488485 524523522519518 585566533525(18/654)
بيريس 243236192187 319318271246244 379377332328325
444438427426420 482474472467461 508506490488485 524523522519518 585566533525
(ت)
تاشفين بن علي 258214
التجيبي محمد بن هاشم 211
التجيبي المنذر الاول 211
التجيبي المنذر الثاني، معز الدولة 211
التجيبي هاشم بن الانقر 211
التجيبي يحي المظفر 211
التطيلي ابو جعفر الاعمى 511
التمار 154
تميم بن باديس بن حبوس 212
(ث)
الثعالبي أبو محمد 148
الثعالبي أبو منصور 154
(ج)
جذيمة 547
جرجي زيدان 210
جرير ابن الخطفي 576557
جعفر بن عبد الله الكوفي 231
الجيلاني بن الحاج يحي 186
(ح)
حبوس بن ماكسن 212
حسن حسني عبد الوهاب 555
الحسن بن علي الصنهاجي 148
الحسن بن علي بن صالح الاندلسي 571172
حسين مؤنس 440439
الحطيئة 38845
(خ)
خالد بن عبد الله القسري 556
الخانجي 555
الخطيب البغدادي 340
الخفاجي 318
خلوف بن خلف أبو سعيد القاضي 496
خليل مردم 151
خيران الصقلبي 213
(د)
دريد (بن الصمة) 560
دوزي 214213210192 377376359357332 498497379
(ر)
رباح (؟) 439
رجار الصقلي 260
الرميكية 71
(ز)
زاوي بن زيري 212
الزبير بن عمر اللمتوني 258
زنباور 260213
زهير الصقلبي 213212
(س)
السخاوي 88(18/655)
السلاوي 333
سليمان الاموي 212
السمعاني، أبو سعيد عبد الكريم 341340
السندوبي حسن 558
سير بن أبي بكر 431429214
سير بن علي بن تاشفين 258
سيف الدولة الحمداني 197154 199
السيوطي جلال الدين 148 572571
(ش)
شاور السعدي أبو شجاع 167 537329
الشريف فخر الدولة، نقيب بغداد 218
شكري فيصل 148
(ص)
الصاحب اسماعيل بن عباد 194 414
الصفدي 149148
صلاح الدين الايوبي 190167 401
الصولي 223197
(ض)
الضبي 490486251148 571491
(ط)
طارق بن زياد 213
الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري 290
طلائع ابن رزيك 329167
(ظ)
الظافر الفاطمي 190
(ع)
العاضد الفاطمي 537
عبد الجبار المتنبي 578
عبد الحميد (؟) 197
عبد الحميد (محي الدين) 199
عبد الرحمان بن المنصور بن أبي عامر 454
عبد الرحمان الناصر 213211
عبد الرحمان ياغي 230
عبد السلام هارون 184148
عبد العزيز المنصور 213
عبد الله بن باديس بن حبوس 212
عبد الله بن الحكم الاموي 211
عبد الله بن ربيعة أبو محمد 158
عبد الله بن رشيق 232
عبد الله بن سرية 184
عبد الله عنان 26
عبد الله بن فاطمة 400397
عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجي 318
عبد الله بن مزدلي 496416
عبد الملك بن عبد العزيز 370
عبد الملك المظفر 214213
عبد الملك المعافري 213
عبد الملك بن المنصور بن أبي عامر 454
عبد المؤمن بن علي الموحدي 339 438
عزام (عبد الوهاب) 318
عزت حسن 197(18/656)
عقيل 547
علقمة الفحل 562
علي بن أبي البشر 153
علي بن حمود الادريسي 301 305304
علي بن فهم القاضي التنوخي 154
علي بن مجاهد اقبال الدولة 365
علي بن منجب، الصيرفي أبو القاسم 210
علي بن يحي الصنهاجي 148
علي بن يوسف أبو الحسن 536
علي بن يوسف بن تاشفين 211 333332258255214 416410399397396 581563430
العماد الاصفهاني 149148 172171166156153 191190189186184 216214208207194 292262258255236 324315313296294 364341340332329 401375369367366 423420417413405 491488487477431 520508499496
عمارة اليمني 167166
عمر بن الخطاب (رض) 117
عمر كحالة 340318
عمرو بن معدي كرب 117
العمري ابن فضل الله 194 566468232
العميثل (ابو العميثل) 52
(غ)
غليوم الصقلي (غليالم) 260
(ف)
الفتح بن خاقان 317192156 486445443404356 536
فوستنفلد 329
(ق)
القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني 190
القزاز عبادة بن محمد 183
القزاز محمد بن عبادة 183182
قريط (الشاعر) 556
القلمندر (القمندر) ابو بكر 258
القنبطور 364
(ك)
كشاجم أبو الفتح محمد 199
كليب وائل 128
(ل)
لبيب العامري 213
اللوشي ابو عبد الله 499
ليفي بروفنسال 214
(م)
مالك 547
مالك بن نويرة 114
متمم بن نويرة 114
المتنبي احمد بن الحسين الجعفي 562432431
المتوكل عمر بن المظفر 169 373359357356211
مجاهد العامري 213(18/657)
محمد (النبيء صلى الله عليه وسلم) 147
محمد بن أحمد بن هممشاه 188
محمد ابن أخت ابن خفاجة 160
محمد بن رائق 195
محمد ابن السبتي 576
محمد بن عائشة 216
محمد بن عبد العزيز النيلي 170
محمد بن عبد الله السلامي 154
محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي ابو الحسن 149
محمد بن عيسى اليماني 149
محمد الغرناطي 453
محمد كرد علي 555
محمد محي الدين عبد الحميد 170
محمد المرزوقي 186
محمد ابن مزدلي أبو عبد الله 494493
محمد بن يعيش الاسدي 211
محمد ابن اليناقي 511
محمود بن صالح الكلابي 218206
المخلد بن علي السلامي 103
مرجليوث 486
مزدلي بن بوبلنكان 416
مقاتل العامري 213
المقري أحمد، صاحب النفح 170 431258190185184 577536466443437
المكربل حسن بن سعيد العسقلاني 207
المنتصر بالله الفاطمي 218
المنصور ابن ابي عامر 211 369368213
المنفتل احمد بن شقاق 165
المهلبي الوزير 154
مهيار الديلمي 152
مؤيد الدولة ابن بويه 194
ميلز 304
(ن)
النابغة الذبياني 221
ناصر الدولة ابن حمدان 218
نصر بن عبد الرحمان الفزاري 148
نيكل 278
(هـ)
هشام المؤيد الاموي 212
هشام بن يوسف أبو الوليد 536
الهوزني ابو حفص عمر 528
هويسي ميراندا 397258
(و)
الواحدي 431
ولادة 55
(ي)
ياقوت 210199188148 236232229228212 537486473472329 579
يحي (النبيء عليه السلام) 186
يحي بن ابي بكر بن تاشفين 399
يحي بن تميم الصنهاجي 148
يحي بن سير بن ابي بكر 429
يحي بن المظفر المنصور 357
اليسع بن عيسى بن اليسع أبو يحي 429401338
يوسف بن تاشفين 210183 399393384214212 410(18/658)
8 - فهرس القبائل والفرق بالهوامش
(أ)
آل جهور 210
آل قاسم 214
الامويون 213212211
الاندلسيون 171
(ب)
البرابرة البربر 214
بنو ذي النون 211
بنو رزين بنو الاصلع 214
بنو صمادح 213
بنو العباس (؟) 410
بنو القاسم 410409
بنو القبطرنة 422
بنو مروان 212
بنو هاشم 213211
بنو هود الهوديون 217211
(ت)
تجيب 213211
(ج)
الجلالقة 214
(ز)
الزيريون الزيرية بنو زيري 212
(س)
السلاف 213
(ش)
الشيعة 206
(ص)
الصقالبة 213
الصنهاجيون الصنهاجية صنهاجة 214213201200148
(ع)
العامريون، العامرية 213212 454
العباديون بنو عباد 212210
العباسيون 195
العجم 373
العرب 386373215
(ف)
الفاطميون 537
الفرنج الفرنجة الافرنج 213 260
(ل)
لمتونة 399214
(م)
المرابطون 214213212 416400397393258 453431429
المسلمون 383214211210 431410397393
المسيحيون 214212
المصريون 210
الموحدون 258
(هـ)
هوارة 211(18/659)
9 - فهرس البلدان والمعالم بالهوامش
(أ)
أرغون 213211
اسبانيا 212
اسطنبول 223197
الاسكندرية 329190148 401
اسوان 329
اشبيلية حمص 21221075 477429400397214 577
أشكرب 340
أصبهان 194
أغمات 212
افريقية 212
ألبونت البنت 409214212 410
البيرة 310
المرية الصمادحية 213212 271236
انبيوسة (؟) 310
الاندلس 21118614871 357329214213212 577401373
الاهواز 154
(ب)
باريس 207199150147 435317
البحر المحيط 100
برلين 431
البصرة 154
بطليوس 214136
بغداد 195154149148 340218199197
بكة (؟) 580
بلخ 150
بلنسية 333253214213 496400367364
بنشكة 338
بيروت 221199198150 576560388
(ت)
تنيس 153
(ج)
جيان 340
(ح)
حلب 218206(18/660)
(د)
دار الكتب المصرية 562199152
دار الكتب النظامية 189
دار المعارف بمصر 199197
دانية 440365213148
دجلة 154
دمشق 236218151
(ر)
رندة 27
الري 197194
(ز)
الزلاقة 21421218326
(س)
سبتة 501399397
سجلماسة 337
سردانية 213
سرقسطة 373333332211 496
سلا 410
(ش)
الشام 340236190150
الشرق المشرق 236212148
شرق الاندلس 357
شلب 75
شلطيش 210
شنتبرية شنتمرية السهلة 211 409214
(ص)
صقلية 260148
(ط)
الطالقان 194
طرطوشة 442213
طليطلة 439370213211
(ع)
العراق 154
عسقلان 207190
(غ)
الغرب 569
غرب الاندلس 357214
غرناطة 416258213212
غزة 150
(ف)
فاس 400399
الفنيدق 218
فينا 221
(ق)
القاهرة 333318190167 453401
قرطبة 304258213211 454416398
قلعة بني حماد 385
قلعة حلب 218
قلعة رباح 439
قلعة عزاز 206
القيروان 186
(ك)
الكرخ 154
كونكة قونكة 370(18/661)
(م)
مالقة 21227
المجاز (بوغاز طارق) 212
مجريت 340
المحيط الاطلسي 75
مدريد 148
مراكش 401399258214 501416
مربيطر 375
مرسية 580338214
مرو 340
مصر 190184167148 555329218199
المغرب 21421321286 401339332329
المغرب الاقصى 333
مكة 148
المهدية 148
ميورقة 577
(ن)
نبرة 493
النيل 185
(ي)
يكة 580
اليمن 236(18/662)
10 - فهرس الكتب الواردة في الهوامش
(أ)
أبو الحسن الحصري 186
الاثواب لدوزي 192
الاحاطة 449424338258
أدباء العرب في الاندلس 213
أدب النديم 199
أرجوزة التاريخ لابي طالب المتنبي 215210
ارشاد الاريب (معجم الادباء لياقوت) 2101881041038952
الاستقصاء 333
الاشارة، في اصول الفقه لابي الوليد الباجي 472
الاعلام للزركلي 194
الاعلام (بمن دخل مراكش وأغمات من الاعلام) 538
الاعلان بالتوبيخ، للسخاوي 88
أعمال الاعلام 339338214 365364362361359
الاغاني لابي الفرج 562
انباه الرواة 148
الانساب للسمعاني 340
(ب)
بدائع البدائه 31
بغية الملتمس للضبي 192148 492491490486433 571
بغية الوعاة للسيوطي 148 571486315167149 572
البيان المغرب 212211210 364304258214213 429416400397370
(ت)
تاريخ الادب الاندلسي لاحسان عباس 453
تاريخ بغداد 340149
تاريخ مرو للسمعاني 340
تاريخ المسلمين لدوزي 210 214211
تاريخ اليمن 167
ترسل الفقيه الكاتب لابن أبي الخصال 453
التسديد في معرفة التوحيد لابي الوليد الباجي 472
التكملة لابن الابار 253148 579568440401275
(ج)
جنان الجنان لابن الزبير 171 329(18/663)
(ح)
الحديقة لابي الصلت 148142
حسن المحاضرة 503
الحلة السيراء 32312827 464340393736 3572622148747 362361360359358 440439378377376 498497441
الحياة الادبية في العصر العباسي 318
(خ)
الخريدة (1) قسم الشام 148 341340150
الخريدة قسم مصر 167148 329207191190
الخريدة قسم المغرب (ج 1) 86 153148
(د)
دائرة المعارف الاسلامية 190 201200195194192 214213212211210 357339338304260 465454365359
دائرة معارف البستاني 197149 396
الدرة الخطيرة 234
دول الطوائف لعنان 26
ديوان ابن حمديس 195194 200199198197196 205204203202201 206
ديوان ابن حيوس 151
ديوان ابن خفاجة 14914895 154153152151150 159158157156155 163162161160
ديوان ابن رشيق 231230 233232
ديوان ابن زيدون 515049 575655545352 636261605958 696867666564 70
ديوان ابن شهيد 560559558
ديوان ابن المعتز 22319786
ديوان ابن مقبل 197
ديوان أبي تمام 318224
ديوان أبي فراس الحمداني 115
ديوان أبي نواس 318
ديوان الاعشى 150
ديوان الاعمى التطيلي 513511 520519518517516 521
ديوان امرىء القيس 558
ديوان جرير 576
ديوان الحطيئة 388
ديوان الغزي 150
ديوان القاضي الفاضل 190
ديوان كشاجم 199
ديوان المتنبي 431198100 562432
ديوان المعتمد بن عباد 2625 323130292827
__________
(1) اهملنا ذكر النسخ المخطوطة من الخريدة: ب ت ق لكثرة ترددها في الهوامش(18/664)
424140383736 525150494844 585756555453 646362616059 706968676665 71
ديوان مهيار الديلمي 15294
ديوان النابغة الذبياني 221
(ذ)
الذخيرة 40393837 797574737141 989083828180 168167166165154 192188187186182 228216215211210 362244243237236 270268267266265 276275273272271 316315301282281 331330329321320 364363362361360 376373372370365 385382379378377 390389388387386 416396393392391 451450433425424 466462461453452 532485477468467 586585557556555 588587
الذيل لبروكلمان 151148 340210206197
ذيل الخريدة 580
ذيل ديوان ابن حمديس 194 203200197
(ر)
الرايات 297216192167 486485318316315 585582503491490 587586
الرسالة المصرية لابي الصلت 185184148
رسائل البلغاء 555
رسائل القاضي الفاضل 190
روض القرطاس 399
الروض المعطار 511214
(ز)
زاد المسافر 147
زهر الآداب 19919474
(س)
سر الفصاحة لابن سنان 318
سمط اللئالي 74
(ش)
شذرات الذهب 199192190 440401340329315 472
شرح ابن بدرون لقصيدة ابن عبدون 359
شرح ديوان امرىء القيس 558
شرح ديوان المتنبي 431
شرح القصائد السبع 197
شرح القلائد لابن زاكور 332
الشعر الاندلسي لبيريس 187 321320319318192 331330329328325 357(18/665)
الشعر والشعراء (طبقات الشعراء) 560199
(ص)
الصلة لابن بشكوال 433210 501486449
(ع)
عنوان المرقصات 166
(ف)
فوات الوفيات 274273206 565564440318275 566
(ق)
قصيدة ابن عبدون 359
قلائد العقيان 45423829 605956555346 666564636261 727170696867 797877767573 878584838180 10310298979695 118107106105104 134123121120119 143138137136135 156147146145144 173163162161157 178177176175174 192183181180179 245244243196193 294293292247246 318317316296295 323322321320319 328327326325324 333332331330329 356338337336335 362361360359357 367366365364363 372371370369368 378377375374373 383382381380379 388387386385384 394393392391389 399398397396395 404403402401400 409408407406405 414413412411410 419418417416415 424423422421420 429428427426425 434433432431430 439438437436435 444443442441440 449448447446445 459453452451450 464463462461460 474472467466465 479478477476475 484483482481480 489488487486485 494493492491490 499498497496495 504503502501500 509508507506505 515514513511510 520519518517516 525524523522521 530529528527526 535534533532531 549548538537536 578
(ك)
الكامل لابن الاثير 218
(ل)
اللسان 334(18/666)
(م)
المثل السائر 305
المحمدون (من الوافي) 403402
المختار لابن بشرون 191
المذيل لتاريخ بغداد للسمعاني 340
مروج الذهب 199
مسالك الابصار 979590 11911811710398 134131130129120 166160157149135 232218209188185 271246245244236 319318317316315 331330329321320 379377376336335 485468426425424 532530529525524 585582579566533 588587
المصائد والمطارد 199
المطرب 18617116930 229228192188187 433432431424396 537503498461450 578566565564558 580
المطمح لابن خاقان 262216 366272271266265 467440439438437 472471470469468 583582581536486 586585
المعجب 111110109108 187120
المعجم لابن الابار 400333
معجم البلدان 340218199
معجم السلفي 317316273 577572401
المعرب، في محاسن المغرب لليسع بن عيسى 401
المغرب لابن سعيد 827372 142140939187 161146145144143 167166165164163 186183182179178 243237236216192 278276275271244 319318317281279 335333332329320 363362360359338 379377376366365 388384383381380 424408401398396 431429427426425 442441440438437 464463459444443 472468467366465 485476475474473 523522490487486 564536531530528 580568567566565 582581
المكتبة الصقلية 289260
ملوك الطوائف لميلز 304
المنتخب المدرسي 187
المنتظم 197
(ن)
النجوم الزاهرة 340296
نفح الطيب 31302926 917236353433 1161121099392 144143141140139 161157156149148
170169168167166 184183182176171 190189187186185 209208193192191 222219218217213 278275271258236 316291290281279 330321320319318 359358338332331 424401379376366 437432431427425 445443442439438 470468466461459 482481480473472 497491490488486 528525524503498 547546536530529 578577572566564 586585583582581(18/667)
نفح الطيب 31302926 917236353433 1161121099392 144143141140139 161157156149148
170169168167166 184183182176171 190189187186185 209208193192191 222219218217213 278275271258236 316291290281279 330321320319318 359358338332331 424401379376366 437432431427425 445443442439438 470468466461459 482481480473472 497491490488486 528525524503498 547546536530529 578577572566564 586585583582581
(هـ)
هيسبيريس (مجلة) 400397 429416
(و)
الوافي بالوافيات 149148 273260222221187 276275274
وفيات الاعيان 885229 579189112
(ي)
يتيمة الدهر 154153149 555329200197170 561560(18/668)
11 - فهرس الابيات الشعرية الواردة في الهوامش
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
أ
::: الماء: ابن عبدون: 1: 106
(ب)
::: شعب: ابن اللبانة: 1: 121
أبي: ابن زهر: 2: 332
تشذيب: ابن حمديس: 1: 201
(ت)
::: ياقوته: ابن بليطة: 2: 588
الشقة: ابن سارة: 1: 317
(ح)
::: السماح: ابن صمادح: 1: 87
(د)
::: غدا: ابن حمديس: 1: 196
وجلاد: ابن عمار: 1: 79
السواد: ابو الحسن اللرقي: 1: 140
بمداد: ابن جاخ: 1: 170
(ر)
::: تسير: ابن حمديس: 1: 195
مدرار: المتنبي: 1: 431
النوار: ابن سارة: 1: 577
الازهار: ابو بكر ابن القبطرنة: 1: 577
قطميرا: المعتمد بن عباد: 2: 39(18/669)
القافية: اسم الشاعر: عدد الابيات: الصفحة
الحجر: ابن عمار: 1: 80
معتذر: ابن عمار: 1: 80
احجارهم: ابن شرف: 1: 228
سفر: ابن خفاجة: 1: 149
(ط)
::: أخطى: ابن حمديس: 1: 199
(ف)
::: الطاف: ابن قزمان: 1: 466
(ل)
::: عجل: الاعشى: 1: 150
(م)
::: النسيما: ابن عائشة: 1: 216
الغمائم: ابن عمار: 1: 73
(ن)
::: العين: ابن الحداد: 1: 278
(هـ)
::: هواء: ابو الحسن اللرقي: 2: 140
واجتباه: جعفر ابن الاعلم: 1: 434
(ي)
::: النهاية: ابن باجة: 2: 332(18/670)
12 - مصادر ومراجع
المترجم لهم في الجزئين الاول والثاني بقسميه حسب ترتيب ورودهم في الكتاب
الجزء الاول 1أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أبي البشر الكاتب الصقلي الانصاري السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (الفقرة 25، 34)(18/671)
المترجم لهم في الجزئين الاول والثاني بقسميه حسب ترتيب ورودهم في الكتاب
الجزء الاول 1أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أبي البشر الكاتب الصقلي الانصاري السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (الفقرة 25، 34)
ابو الصلت: الرسالة المصرية 22
المازري: شرح الارشاد 1: 969
ابن اغلب: مختصر الدرة الخطيرة 364362
ابن منجب الصيرفي: المختار من الدرة الخطيرة (عنوان الاريب 1: 135134) ياقوت: معجم البلدان ج 1ق 2: 732
القفطي: انباه الرواة 2: 290
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 57
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 295)
ابن سعيد: رايات المبرزين 113
الذهبي: مختصر الانباه (المكتبة الصقلية 646)
ابن مكتوم: تلخيص الانباه 144
الصفدي: الوافي بالوفيات (مخطوط مكتبة احمد الثالث رقم 2920) الملك المنصور
صاحب حماة: نزهة المالك والملوك في طبقات الشعراء (المكتبة الصقلية 612)
اماري: تاريخ مسلمي صقلية 1: 100، 2: 610587
اماري: المكتبة الصقلية 579
عبد الوهاب: الاستيلاء الاسلامي على صقلية 20
عباس: العرب في صقلية 23123010
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 125121
الكعاك: الحضارة العربية 133
2 - أبو الفضل جعفر بن البرون الصقلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارون ب:
اماري: المكتبة الصقلية 581(18/673)
3 - أبو محمد بن صمنة الصقلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 581
4 - عبد الرحمن بن رمضان المالطي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 581
وانظر:
عباس: العرب في صقلية 267266
الكعاك: الحضارة العربية 22
ولعله المذكور عند:
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 32
القزويني: آثار البلاد: 557
النيفر: عنوان الاريب 1: 139138
الذكرى المئوية لمشال اماري: 2: 110
5 - عبد الحليم بن عبد الواحد بن عبد الحميد السوسي الافريقي الصقلي السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 14، 18)
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 5655، 174
القفطي: انباه الرواة 2: 108
التجاني: الرحلة 4342
السراج: الحلل السندسية ج 1: ق 2: 309، 310
النيفر: عنوان الاريب 1: 49
اماري: المكتبة الصقلية 582
عباس: العرب في صقلية 171، 172، 182، 207
. 800148: 2:
6 - عبد الرحمن بن عمر البثيري الصقلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 584582(18/674)
وانظر:
المدني: المسلمون في صقلية 229228
عباس: العرب في صقلية 269267
7 - عبد الرحمن بن ابي العباس الكاتب الاطرابنشي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 586584
وانظر:
المدني: المسلمون في صقلية 230229
عباس: العرب في صقلية 174171
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 136135
8 - أبو علي حسن بن واد الملقب بالغاون لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 386
9 - أبو موسى عيسى بن عبد المنعم الصقلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 587586
وانظر:
المدني: المسلمون في صقلية 230
10 - أبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد المنعم القفطي: اخبار العلماء 189
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1/ 57
المدني: المسلمون في صقلية 239
عباس: العرب في صقلية 283280160
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 67
11 - أبو حفص عمر بن حسن النحوي الصقلي القفطي: انباه الرواة 2: 328
الذهبي: مختصر الانباه (المكتبة الصقلية 646)(18/675)
ابن مكتوم: تلخيص الانباه 160
المدني: المسلمون في صقلية 267
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 136
الكعاك: الحضارة العربية 144
12 - عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن السوسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 589588
الكعاك: الحضارة العربية 2322
. 800148: 2
13 - أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي المعروف بابن القطاع الصقلي 515431
السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 5049)
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 130
ابن اغلب: مختصر الدرة الخطيرة 369
ياقوت: معجم الادباء 12: 283279
القفطي: انباه الرواة 2: 239236
ابن خلكان: الوفيات 3: 1211
أبو الفداء: المختصر: 2: 236
اليمني: اشارة التعيين: الورقة 31
الذهبي: مختصر الانباه (المكتبة الصقلية 646)
ابن مكتوم: تلخيص الانباه 130
اليافعي: مرآة الجنان 3: 213312
ابن كثير: البداية والنهاية 12: 188
ابن قاضي شهبة: طبقات اللغويين 2: 144143
ابن حجر: لسان الميزان 4: 209
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 209
السيوطي: بغية الوعاة 332331
السيوطي: حسن المحاضرة 1: 228
طاش كبرى زاده: مفتاح السعادة 1: 177
حاجي خليفة: كشف الظنون 4، 133، 297، 344، 739، 1023الخ
حاجي خليفة: تقويم التواريخ (المكتبة الصقلية 525)
الخوانساري: روضات الجنات 463
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4: 4645(18/676)
النيفر: عنوان الاريب 1: 124
البغدادي: هدية العارفين 1: 695
البغدادي: ايضاح المكنون 2: 100، 324
سيد: فهرس المخطوطات المصورة 1: 400
الذكرى المئوية لمشال اماري: 444431
المدني: المسلمون في صقلية 231
عباس: العرب في صقلية 56، 305
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 7769
الزركلي: الاعلام 5: 76
كحالة: معجم المؤلفين 7: 5352
14 - أبو عبد الله محمد بن حسن بن الطوبي السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 1615)
ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 366365
ابن منجب الصيرفي: المختار من الدرة الخطيرة (عنوان الاريب 1: 137)
ابن دحية: المطرب 127
القفطي: انباه الرواة 3: 108107
القفطي: المحمدون الشعراء 257256
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 298)
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 63
الذهبي: مختصر الانباه (المكتبة الصقلية 647)
ابن مكتوم: تلخيص الانباه 201
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 54
اماري: تاريخ مسلمي صقلية 2: 533532
اماري: المكتبة الصقلية 590589
المدني: المسلمون في صقلية 232231
عباس: العرب في صقلية 208207196194121119
الكعاك: الحضارة العربية 139137
الصقدي: الوافي بالوفيات 16: 129
15 - ابو الحسن علي بن الحسن بن الطوبي ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 374373
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 299)
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 63
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17/ 54أ(18/677)
عبد الوهاب: الاستيلاء الاسلامي على صقلية 2019
اماري: تاريخ مسلمي صقلية 2: 584581
كحالة: معجم المؤلفين 7: 63
. 78681: 2
16 - أبو محمد عبد العزيز بن الحاكم عمر بن عبد العزيز المعافري ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 64
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 54أ
عباس: العرب في صقلية 24
17 - ابو الحسن علي بن ابي اسحاق ابراهيم بن الوداني ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 365
ياقوت: معجم البلدان ج 4ق 2: 911
ياقوت: المشترك وضعا 434
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 64
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 54ب
عباس: العرب في صقلية 181
18 - أبو القاسم احمد بن ابراهيم الوداني لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 591
19 - ابو عبد الله محمد بن علي ابن الصباغ الكاتب ابن بسام: الذخيرة ق 4م 2: (مخطوط الخزانة العامة بالرباط)
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 299)
الصفدي: الوافي بالوفيات 4: 132
عباس: العرب في صقلية 182181
ياغي: حياة القيروان 239238
20 - الامير مستخلص الدولة عبد الرحمن بن حسن الكلبي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:(18/678)
اماري: المكتبة الصقلية 592
عباس: العرب في صقلية 178، 210، 211
21 - الامير ابو محمد القاسم بن نزار الكلبي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 592
22 - ابو علي احمد بن محمد بن القاف الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 592
23 - أبو العباس بن محمد بن القاف لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 592
24 - القائد ابو الفتوح بن القائد بدير المكلاتي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية: 592
ولعله المذكور عند:
ابن خلدون (المكتبة الصقلية 484).
25 - ابو علي حسن بن ابي الحسن بن الوداني لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
العماد الاصفهاني: الخريدة (مخطوطة المكتبة الاحمدية: 101ظ)
25 - مكرر ابو الحسن علي بن عبد الجبار الكاتب عياض: ترتيب المدارك 2: 362و
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 70(18/679)
وقارن ب:
العماد الاصفهاني: الخريدة (مخطوطة المكتبة الاحمدية: ورقة 101ظ)
26 - ابو علي حسين بن خالد الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 592
27 - ابو بكر محمد بن سهل الكاتب المعروف بالزريق القفطي: المحمدون الشعراء 340
عباس: العرب في صقلية 71
28 - أبو الفضل مشرف بن راشد ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 371
المدني: المسلمون في صقلية 233232
عباس: العرب في صقلية 181180
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 594593
29 - سليمان بن محمد الطرابنشي (حيا سنة 540)
الحميدي: جذوة المقتبس 208206
ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 371
ابن بسام: الذخيرة ق 4م 1: 93
ابن بشكوال: الصلة: 1: 203202
الضبي: بغية الملتمس 285283
ياقوت: معجم البلدان ج 3ق 2: 523
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 299)
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 183أ
ادمون فانيان: الذكرى المئوية 2: 106(18/680)
30 - أبو الفتح محمد بن الحسين بن القرقوري الكاتب القفطي: المحمدون الشعراء 258257
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 595
عباس: العرب في صقلية 180
. 800148: 2:
31 - أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن القرني الكاتب القفطي: المحمدون الشعراء 259258
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 595
32 - أبو القاسم هاشم بن يونس الكاتب ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 297)
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 67
33 - القاضي أبو الفضل الحسن بن ابراهيم بن الشامي الكناني لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 595
عباس: العرب في صقلية 55ح 1و 56
34 - أبو الفضل احمد بن علي الفهري لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 595
ابن حمديس الصقلي: الديوان 166سطر 2
35 - عبد الجبار بن عبد الرحمن بن سرعين الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 595(18/681)
36 - الامير أبو محمد عمار بن المنصور الكلبي ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 368367
المدني: المسلمون في صقلية 233
عباس: العرب في صقلية 177103
37 - ثقة الدولة جعفر بن تأييد الدولة الكلبي ابن الاثير: الكامل (المكتبة الصقلية 275274)
ابن سعيد: عنوان المرقصات 63
النويري: نهاية الارب (المكتبة الصقلية 445444)
عباس: العرب في صقلية 4847
38 - أبو الحسن علي بن عبد الله بن الشامي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 596
39 - القائد أبو محمد الحسن بن عمر بن منكود ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 368
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 63
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 54أ
اماري: تاريخ مسلمي صقلية 2: 482ح 2
اماري: المكتبة الصقلية 596ح 6
40 - أبو حفص عمر بن الحسن ابن الفوني الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 596
ولعله المذكور تحت رقم 11
41 - أبو بكر محمد بن علي بن عبد الجبار الكموني لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597(18/682)
42 - رزيق بن عبد الله الشاعر لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597
عباس: العرب في صقلية 71
43 - أبو محمد عبد الله بن مخلوف الفأفاء لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597
44 - أبو حفص عمر بن حسن ابن السبطرق لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597
45 - أبو حفص عمر بن خلف بن مكي (ت 502) ابن دحية: المطرب 88
القفطي: انباه الرواة 2: 329
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 57
الذهبي: مختصر الانباء (المكتبة الصقلية 646)
ابن مكثوم: تلخيص الانباء 160
ابن خلدون: العبر (المكتبة الصقلية 485)
السيوطي: بغية الوعاة 361
البغدادي: هدية العارفين 1: 782
عبد الوهاب: مقدمة الجمانة في ازالة الرطانة
عباس: العرب في صقلية 103، 106، 107، 110، 111، 181، 195
زيزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 6761
زيزيتانو: مقدمة تثقيف اللسان
الكعاك: الحضارة العربية 134
. 796: 2:
46 - أبو علي حسن بن عبد الله الطرابنشي سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 58
ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 299)
. 800148: 2:(18/683)
47 - أبو القاسم عبد الرحمان بن عبد الغني المقري الواعظ لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597
48 - أبو بكر عتيق بن عبد الله بن حمون الخولاني المقريء ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 357356
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 597
49 - أبو سعيد عثمان بن عتيق الصفار الكاتب ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 54أ
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 63
50 - أبو حفص عمر بن عبد الله الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
أماري: المكتبة الصقلية 598
51 - أبو محمد جعفر بن الطيب الكلبي الراجح انه المذكور تحت رقم 96
السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 1، 19، 20، 32)
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 62
52 - أبو الفتح احمد بن علي الشامي ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 369368
53 - أبو القاسم عبد الرحمن بن ابي بكر السرقوسي السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 2، 39، 53)
القفطي: انباه الرواة 2: 238(18/684)
54 - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن زيد اللخمي الكاتب القانسي (ت 524) السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية (فقرة 42)
ابن أغلب: مختصر الدرة الخطيرة 370369
العماد الاصفهاني: الخريدة (القسم العراقي 1: 326)
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 106105
ابن ميسر: تاريخ مصر: حوادث 524
ابن خلكان: وفيات الاعيان 5: 280
ابن حجر: رفع الاصر عن قضاة مصر ق 1: 9896
السيوطي: حسن المحاضرة 2: 92
عباس: العرب في صقلية 55ح 1: 182181
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي 8786
55 - أبو محمد عبد الوهاب بن عبد الله بن مبار ابن سعيد: الالحان المسلية (الذكرى المئوية 1: 297)
56 - أبو عبد الله محمد ابن العطار الكاتب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
57 - سلام بن أبي بكر بن فرحان القابسي التجاني: الرحلة 101
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 357
النيفر: عنوان الاريب 1: 60
عبد الوهاب: المجمل 180
801: 2:
58 - أبو الفضل ابن الفقيه عبد الله بن نزار الهواري القابسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
. 800148: 2:
وقد تكون له صلة بالفقيه المذكور عند:
الصفدي: الوافي 21: 52ظ (مخطوط الاحمدية)(18/685)
59 - يحيى ابن التيفاشي القفصي (ت 550) ابن سعيد: رايات المبرزين 109
عباس: العرب في صيقلية 265
. 800148: 2:
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 599
60 - محمد بن أبي العباس التيفاشي ابن خلكان: وفيات الاعيان 2: 404
ابن سعيد: رايات المبرزين 109
الصفدي: الوافي 17: 355و (مخطوط الاحمدية)
الزركشي: تاريخ الدولتين 12
اماري: المكتبة الصقلية 306
كنون: النبوغ المغربي 110
61 - السكدلي القفصي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 800148: 2:
62 - التراب السوسي التجاني: الرحلة 43
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 310. 316
النيفر: عنوان الاريب 1: 49
. 801: 2:
63 - أبو الحسين ابن الصبان المهدوي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 599
عباس: العرب في صقلية 266
. 800148: 2:(18/686)
64 - أبو عامر ساكن بن عامر الهلالي التجاني: الرحلة 102
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 358
النيفر: عنوان الاريب 1: 61
. 801148: 2:
65 - أبو ساكن عامر بن محمد بن عسكر الهلالي التجاني: الرحلة 102
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 357
النيفر: عنوان الاريب 1: 60
. 801148: 2:
66 - الامير عبد الرحمن بن زيري الصنهاجي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
67 - الملك أبو يحي تميم بن المعز بن باديس صاحب المهدية (ت 501)
ابن الاثير: الكامل 8: 91، 95، 249
ابن دحية: المطرب 6562
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 2928
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 2621
ابن خلكان: الوفيات 1: 272271
ابن عذارى: البيان المغرب 1: 304298
التجاني: الرحلة 333328977370
ابو الفداء: المختصر 2: 223
الصفدي: الوافي بالوفيات 10: 82ظ
ابن كثير: البداية والنهاية 12: 170
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 7977
ابن خلدون: العبر 6: 160159
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 198197
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 324
ابن ابي دينار: المؤنس 9085
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 469465(18/687)
ابن ابي الضياف: اتحاف اهل الزمان 1: 140139
المسعودي: الخلاصة النقية 4948
النيفر: عنوان الاريب 1: 5554
عبد الوهاب: المجمل 172168
عبد الوهاب: الخلاصة:
. 249302: 1:
68 - حميد بن سعيد بن يحي الخزرجي ابن ظافر الازدي: بدائع البدائه 97
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 28
الصفدي: الوافي بالوفيات 11: 409
69 - محمد بن حبيب المهدوي القلانسي ابن دحية: المطرب 50
القفطي: المحمدون الشعراء 265216211
ابن عذارى: البيان المغرب 1: 294
التجاني: الرحلة 329
ابن فضل الله العمري: المسالك 17: 128ب 129أ
الصفدي: الوافي بالوفيات 2: 325324
الميمني: ابن رشيق 32، 33ح 2، 57
. 789103: 2:
70 - محمد بن عبد الله المهدي المعروف بابن تومرت (ت 524) البيذق: اخبار المهدي بن تومرت
ابن القطان: نظم الجمان 1803
ابن الاثير: الكامل 8: 298294
سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ج 8ق 1: 151
ابن خلكان: الوفيات 4: 146137
ابو الفداء: المختصر 2: 234232
الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 323
ابن كثير: البداية والنهاية 12: 186
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 271266 (قسم المغرب)(18/688)
مؤلف مراكشي
مجهول: الحلل الموشية 10575
ابن خلدون: العبر 6: 226225
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 255254
الزركشي: تاريخ الدولتين 73
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4: 70
السلاوي: الاستقصا 1: 139130
ابن سعيد: رايات المبرزين 9897
عنان: تراجم اسلامية 219209
71 - اليمان بن فاطمة المرابط لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
72 - عبد الله بن حماد المراكشي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
73 - عبد المؤمن بن يحي السجلماسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
74 - عبد الخالق بن عبد الصمد النولي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
75 - محمد بن علي المسيلي الملقب بالافرم لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
76 - محمد المكناسي المعروف بينطلق لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
77 - حماد بن الرفا الفاسي الشاعر لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
78 - يحي بن عمارة لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة(18/689)
79 - علي بن عبد الله المقدسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
80 - أبو حفص عمر بن فلفول ابن القطان: الجمان 42
وقارن ب:
اماري: المكتبة الصقلية 599
. 801148: 2:
81 - أبو عبد الله محمد الكاتب المعروف بابن دفرير لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
82 - أبو القاسم عبد الرحمن الكاتب المعروف بابن العالمي ابن سعيد: رايات المبرزين 109108
83 - علي بن الزيتوني الشاعر لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
الخفاجي: شفاء الغليل 211
. 801148: 2:
84 - ابراهيم بن الهازي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
85 - علي بن الطبيب القفطي: اخبار العلماء 159
. 801148: 2:(18/690)
86 - يوسف بن المبارك لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
87 - ابن ابي المليح الطبيب لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
88 - علي بن مكوك الطيبي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
89 - حماد بن علي الملقب بالبين لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
90 - محمد بن البين البطليوسي ابن بسام: الذخيرة ق 2: 165ظ
ابن سعيد: المغرب 1: 370
ابن سعيد: رايات المبرزين: 31
العمري: مسالك الابصار 17: 173ب 174أ 189أ 190أ
المقري: نفح الطيب 3: 453
. 801148: 2:
القفطي: المحمدون الشعراء 169
91 - أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني (ت 529) ياقوت: معجم الادباء 7: 7052
ابن دحية: المطرب 115
القفطي: اخبار العلماء 57(18/691)
ابن الابار: التكملة 1: 203عدد 539
ابن الابار: المقتضب من تحفة القادم 73
ابن ابي اصيبعة: عيون الانباء 3: 10086
ابن خلكان: الوفيات 2232201
ابن سعيد: المغرب 1: 262261
ابن سعيد: رايات المبرزين 17
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 67
ابن عذارى: البيان المغرب 1: 312
التجاني: الرحلة 7473
اليافعي: مرآة الجنان 3: 253
السيوطي: حسن المحاضرة 1: 232
حاجي خليفة: كشف الظنون 51، 305، 469، 646، 772، 777، 845 891، 894، 1103، 1472، 2004
المقري: نفح الطيب 1: 497496
2: 110105
3: 400336332323322298297 484
4: 18
ابن العماد: شذرات الذهب 4: 83
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 4: 960956
البغدادي: هدية العارفين 1: 228
البغدادي: ايضاح المكنون 1: 111
النيفر: عنوان الاريب 1: 58
طوقان: تراث العرب العلمي 302300
الكعاك: نشرة الخلدونية 7863
يالنتاثا: تاريخ الفكر الاندلسي 185
. 7475: 11:
230: 11:
799809: 2:
92 - أبو الضوء السراج بن أحمد بن رجاء الكاتب السلفي: اخبار عن بعض مسلمي صقلية 22
عباس: العرب في صقلية 283279
ريزيتانو: تاريخ الادب العربي في صقلية 133
93 - أبو عبد الله محمد بن عبد الصمد بن بشير التنوخي الصفاقسي ثم المهدوي السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 3332(18/692)
التجاني: الرحلة 99، 334
الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 259258
السراج: الحلل السندسية ج 1ق 2: 470
مخلوف: شجرة النور: 126
عبد الوهاب: المجمل 175
. 798: 2:
94 - أبو جعفر أحمد بن عبد الولي البني الكاتب (ت 488) ابن خاقان: المطمح 106103
ابن خاقان: القلائد 346343
الضبي: بغية الملتمس 182
ياقوت: معجم البلدان ج 1ق 2: 488
ابن الاثير: اللباب 1: 148
ابن دحية: المطرب 195126124
المراكشي: المعجب 172171
ابن الابار: التكملة 1: 24
ابن سعيد: المغرب 2: 360357
ابن سعيد: رايات المبرزين 94
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 142ب
الصفدي: الوافي بالوفيات: 6: 342ظ
المقري: النفح 3: 487
4: 47123623122821
ابن عبد الملك: الذيل والتكملة س 1ق 1: 275273
95 - أبو حفص عمر بن علي المعروف بالزكرمي المهدوي العروضي السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 37
ابن حمديس: الديوان 295294
ياقوت: معجم البلدان ج: 2ق 9382
96 - أبو الفضل جعفر بن الطيب بن ابي الحسن الواعظ يراجع عنه ما ذكر عنه رقم 51(18/693)
97 - أبو الحسن علي بن فضال القيرواني المجاشعي الحلواني (ت 479) ابن الجوزي: المنتظم 9: 33
ياقوت: معجم الادباء 14: 9890
القفطي: انباه الرواة 2: 299
اليمني: اشارة التعيين 3534
ابن مكتوم: التلخيص 148146
اليافعي: مرآة الجنان 3: 132
ابن كثير: التاريخ 12: 132
ابن قاضي شهبة: الطبقات 2: 178177
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 124
السيوطي: بغية الوعاة 345
السيوطي: طبقات المفسرين 24
الداودي: طبقات المفسرين 106و 106ظ
حاجي خليفة: كشف الظنون 11791027
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3: 363
الخوانساري: روضات الجنات 463
البغدادي: هدية العارفين 1: 693
عبد الوهاب: الورقات 1: 189186
98 - أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله المزيني المغربي ابن أبي اصيبعة: عيون الانباء 3: 256240
ابن خلكان: الوفيات 2: 309307
الصفدي: الوافي بالوفيات 13616و 137و
المقري: النفح 2: 639637135133
4: 345
حاجي خليفة: كشف الظنون 771، 1993
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4: 153
البغدادي: هدية العارفين 1: 456
كحالة: معجم المؤلفين
99 - أبو محمد عبد الله بن محمد ابن المغربي الاندلسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
100 - اسماعيل الطليطلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة(18/694)
101 - عبد الودود الطبيب البلنسي القفطي: اخبار العلماء 154153
ابن سعيد: المغرب 2: 322
102 - أبو هارون موسى بن عبد الله الاغماتي السمعاني: الانساب 1: 320
ياقوت: معجم البلدان ج 1ق 1: 320
ابن الاثير: اللباب 1: 62
البكي: طبقات الشافعية 4: 314
103 - أبو محمد عبد الله بن يحي بن محمد ابن بهلول السرقسطي الاندلسي ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 224
المقري: النفح 2: 110
104 - أبو محمد عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن ابي حبيب الشلبي الاندلسي (ت 548) السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 58
ابن الجوزي: المنتظم 10: 154
القفطي: انباه الرواة 2: 124
ابن الابار: التكملة 2: 824
الذهبي: تاريخ الاسلام (وفيات 546)
ابن مكتوم: التلخيص 9594
ابن قاضي شهبة: الطبقات 1: 21
السيوطي: بغية الوعاة 286
المقري: النفح 2: 650136
105 - أبو علي الطليطلي المغربي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
ولعله هو المذكور في رقم 100(18/695)
106 - أبو الحسن علي بن محمد المغربي القيرواني لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
107 - محمد بن أبي بكر الاندلسي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
108 - أبو الفضل عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن ابن يوسف القرشي الطبني السمعاني: الانساب 368و
ياقوت: معجم البلدان ج 3ق 2: 515
ابن الاثير: اللباب 2: 8281
الذهبي: المشتبه 2: 423
109 - محمد بن الوليد بن الاندلسي الكاتب بمصر لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
110 - أبو الفضل يوسف بن محمد التوزري القيرواني المعروف بابن النحوي (ت 479) ابن الابار: التكملة 2: 740، رقم 2098
ابن الابار: المقتضب من تحفة القادم 98
البصروي: شرح المنفرجة (مخطوط)
النيفر: عنوان الاريب 1: 50
زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية 3: 33
عبد الوهاب: المجمل 172
798: 2:
111 - أبو بكر عتيق بن محمد بن الوراق التميمي ابن سعيد: عنوان المرقصات 62
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 50ب 51ب
ابن شاكر: فوات الوفيات 2: 6260 790: 2:(18/696)
112 - خدوج الرصفية ياقوت: معجم البلدان ج 2ق 2: 788
الصفدي: الوافي بالوفيات 12: 20و 20ط
عبد الوهاب: شهيرات التونسيات: 87
113 - محمد بن أبي بكر الصقلي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
114 - محمود بن عبد الجبار الاندلسي الطرطوشي ابن خلكان: الوفيات 1: 88
المقري: النفح 2: 90
115 - أبو الحسن عبد الودود بن عبد الملك بن عيسى النحوي السلفي: معجم السفر 1: 216
القفطي: انباه الرواة 2: 217
ابن مكتوم: التلخيص 123122
الصفدي: الوافي بالوفيات 17: 368ظ 369و
السيوطي: بغية الوعاة 318
116 - الامير شيخ الدولة عبد الرحمان بن لؤلؤ صاحب صقلية الصفدي: الوافي بالوفيات 16: 198و
وقارن ب:
أماري: المكتبة الصقلية 604
117 - القاضي الرشيد أحمد بن قاسم الصقلي لعله المذكور تحت رقم 54فلتراجع مراجعه هناك
118 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن زكرياء القلعي الاصم ابن دحية: المطرب 52
الصفدي: الوافي بالوفيات: 3: 7877(18/697)
119 - علي بن اسماعيل القلعي المعروف بالطميشر لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
120 - أبو محمد عبد الله بن سلامة لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة وقارن ب:
. 801148: 2:
121 - علي بن يقظان السبتي القفطي: اخبار العلماء: 160
المنوني: العلوم والآداب في عهد الموحدين 165
122 - ابن شقرق السبتي لا نعرف عنه اكثر مما ورد في الخريدة
123 - أبو الوليد يونس بن محمد القسطلي ابن دحية: المطرب 241
المرسي: زاد المسافر 1915
ابن الابار: التكملة 2: 741رقم 2102
ابن سعيد: المغرب 1: 328
المقري: النفح 4: 69(18/698)
الجزء الثاني (1)
1/ 124 المعتمد بن عباد السلفي: تراجم واخبار اندلسية 8219
ابن خاقان: القلائد 354
ابن بسام: الذخيرة ق 2: 8و 18و
الضبي: بغية الملتمس: 108
ابن الاثير: الكامل 8: 177156155143141
ابن دحية: المطرب 1915
المراكشي: المعجب 154138129101
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 52
ابن خلكان: الوفيات 4: 112
ابن سعيد: رايات المبرزين 109
ابن سعيد: عنوان المرقصات 60
ابن عذارى: البيان المغرب 3: 275273
أبو الفداء: المختصر 2: 208207
الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 183
ابن كثير: البداية والنهاية 12: 137
ابن الخطيب: اعمال الاعلام (قسم الاندلس) 170157
مؤلف مراكشي مجهول: الحلل الموشية 5322
ابن خلدون: العبر 4: 158
المقري: النفح: 1: 438، 440، 623، 627، 639، 640، 662
3: 193، 233، 235، 405، 407، 429، 430، 437، 498، 570، 607، 608، 612، 616، 617
4: 92، 96، 116، 127، 129، 211، 224، 245، 249، 268، 283، 313، 314، 354، 377
__________
(1) ابتدأنا في الجزء الثاني الرقم من جديد ولذلك وضعنا رقم الترجمة في السلسلة امام الرقم الاعلي بينهما فاصل(18/699)
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3: 386
دوزي: بنو عباد
علي الجارم: ماساة ملك (سلسلة اقرأ)
دوزي: ملوك الطوائف 185وما بعدها
عنان: تراجم اسلامية 199186
عباس: تاريخ الادب الاندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)
احمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد: مقدمة ديوان المعتمد بن عباد
أدهم: المعتمد بن عباد (سلسلة اعلام العرب)
خالص: المعتمد بن عباد الاشبيلي
2/ 125ولده بزيد الملقب بالراضي ابن خاقان: القلائد 35
ابن دحية: المطرب 38
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 70
ابن سعيد: رايات المبرزين: 10
ابن سعيد: عنوان المرقصات: 60
الصفدي: الوافي بالوفيات 26: 268ظ 269و
المقري: النفح 1: 663661
3: 193
4: 256249
دوزي: بنو عباد
3/ 126الرشيد بن المعتمد ابن الابار: الحلة السيراء 2: 68
المقري: النفح 3: 614612
4: 2722719594
4/ 127أبو الوليد بن زيدون الحميدي: جذوة المقتبس 171
ابن خاقان: القلائد 79
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 1: 289
الضبي: بغية الملتمس 174
ابن دحية: المطرب 168164(18/700)
المراكشي: المعجب 105
ابن الابار: اعتاب الكتاب 207
ابن خلكان: الوفيات 1: 122
ابن سعيد: المغرب 1: 6963
ابن سعيد: رايات المبرزين 4241
ابن سعيد: عنوان المرقصات 60
المقري: النفح 1: 670668632627473
3: 566565287271243242194
4: 270264211205100999490
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3123
شوقي ضيف: ابن زيدون (سلسلة نوابغ الفكر العربي)
5/ 128أبو بكر محمد بن عمار ابن خاقان: القلائد 93
ابن بسام: الذخيرة ق 782و 94ظ
الضبي: بغية الملتمس 102
ابن دحية: المطرب 174169
المراكشي: المعجب 111
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 131
ابن خلكان: الوفيات 4: 52
ابن سعيد: رايات المرزين 2725
ابن سعيد: عنوان المرقصات المطربات 60
الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 424ظ 426و
ابن الخطيب: اعمال الاعلام (قسم الاندلس) 162159
المقري: النفح: 1: 67267166865665247072
3: 602444328325244242194 616609608
4: 31431330627226021321273
5: 182181
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3: 356
ثروت اباظة: ابن عمار (سلسلة اقرأ)
خالص: محمد بن عمار الاندلسي
عباس: تاريخ الادب الاندلسي (عصر سيادة قرطبة)
6/ 129المعتصم أبو يحيى بن معن بن صمادح ابن خاقان: القلائد 53
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 241(18/701)
ابن الاثير: الكامل 8: 135
ابن دحية: المطرب 3734
المراكشي: المعجب 135
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 78
ابن الابار: التكملة 1: 401
ابن خلكان: الوفيات 4: 131
ابن سعيد: المغرب 2: 195
الصفدي: الوافي بالوفيات 4: 64و 64ظ
ابن الخطيب: اعمال الاعلام (قسم الاندلس) 192190
ابن خلدون: العبر 4: 162
المقري: النفح 1: 667666
3: 411395367366329328321 505503499498413
4: 287286499
ابن عذارى: البيان المغرب 175173
7/ 130أبو جعفر بن المعتصم بن صمادح ابن دحية: المطرب 37
ابن سعيد: المغرب 2: 201200
المقري: النفح 3: 370
8/ 131أبو القاسم الاسعد بن ابراهيم الحميدي: جذوة المقتبس 166
ابن خاقان: المطمح 94
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 290
الضبي: بغية الملتمس 228
ابن دحية: المطرب 126
ابن سعيد: المغرب 2: 17
ابن سعيد: رايات المبرزين 5150
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 152ب 54أ
المقري: النفح 4: 1005251
9/ 132ابن المرعزي النصراني ابن سعيد.: المغرب 1: 269
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 187ب
المقري: النفح 3: 522521(18/702)
10/ 133أبو عبد الله محمد بن خلصة الحميدي: جذوة المقتبس 51
ابن بسام: الذخيرة ق 3
الصبي: بغية الملتمس 64
القفطي: انباه الرواة 3: 125
القفطي: المحمدون الشعراء 310309
ابن الابار: التكملة 1: 395
ابن الابار: المقتضب من تحفة القادم 21
ابن سعيد: المغرب 2: 394393
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 188أ 188ب
الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 47
الصفدي: نكت الهميان 248
السيوطي: بغية الوعاة 40
المقري: النفح 4: 156101100
11/ 134أبو محمد عبد الجليل بن وهبون ابن خاقان: القلائد 278
ابن بسام: الذخيرة ق 2: 104و
الضبي: بغية الملتمس 374
ابن دحية: المطرب 124118
المراكشي: المعجب 102
ابن سعيد: رايات المبرزين 77
ابن سعيد: عنوان المرقصات 60
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 34أ 38أ
الصفدي: الوافي بالوفيات 16: 164و 166و
المقري: النفح 1: 657
3: 606268235195194
4: 370263262260102926059
12/ 135أبو بكر محمد بن عبدون ابن خاقان: القلائد 278
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 313وق 2: 142ظ
ابن بشكوال: الصلة 1: 370369
الضبي: بغية الملتمس 523(18/703)
ابن دحية: المطرب 183180
المراكشي: المعجب 16476
ابن سعيد: المغرب 1: 374
ابن سعيد: رايات المبرزين 32
ابن الزبير: صلة الصلة 42
الصفدي: الوافي بالوفيات 17/ 329و 331و
ابن شاكر: فوات الوفيات 2: 2319
المقري: نفح الطيب 1: 674673665663185
3: 609471470454397293
4: 30522565
13/ 136أبو بكر محمد بن اللبانة الداني ابن خاقان: القلائد 282
ابن بسام: الذخيرة ق 3 (مخطوط)
الضبي: بغية الملتمس 99
ابن دحية: المطرب 179178
المراكشي: المعجب 149
ابن الابار: التكملة 1: 410
ابن سعيد: المغرب 2: 416409
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 65أ 68ب
الصفدي: الوافي بالوفيات 4: 19و 20و
ابن شاكر: فوات الوفيات 2: 518514
المقري: النفح 1: 662169
3: 369368345333199
4: 2172141561031029894 279275274260256224222
7: 4342
ابن سعيد: رايات المبرزين 86
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4: 24
14/ 137أبو الحسن جعفر بن ابراهيم بن الحاج اللرقي السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 156
ابن خاقان: القلائد 163158
الضبي: بغية الملتمس 241
ياقوت: معجم البلدان ج 4ق 1: 555
ابن دحية: المطرب 177175(18/704)
ابن الابار: معجم اصحاب الصدفي 69
ابن سعيد: المغرب 2: 277
ابن سعيد: رايات المبرزين 80
ابن فضل الله العمري: مسالك الابصار 17: 191أ 191ب
المقري: النفح 2: 108
3: 596462259
4: 226
15/ 138أبو محمد بن جعفر اللرقي الوزير ابن خاقان: القلائد 164163
الضبي: بغية الملتمس 241 (ترجمة والده)
ابن سعيد: المغرب 2: 276
16/ 139أبو اسحاق ابراهيم بن أبي الفتح بن خفاجة الاندلسي (ت 533هـ) له ديوان مطبوع
ابن خاقان: القلائد 266
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 87
ابن دحية: المطرب 109
ابن الابار: التكملة 175ط الجزائر
ابن سعيد: المغرب 2: 367
ابن سعيد: الرايات 87
ابن الابار: معجم اصحاب الصدفي 59
نيكل: المختارات 152
17/ 140راشد بن عريف الكاتب ابن سعيد: المغرب 2: 32
ابن الابار: التكملة 68
18/ 141أبو الحسن الشاغتني الراعي؟(18/705)
19/ 142ابن معلى البرياني ابن سعيد: المغرب 2: 475
ابن بسام: الذخيرة 3: ورقة 229
ابن فضل الله العمري: المسالك 185
20/ 143أبو مروان بن عيسى البلنسي؟
21/ 144المنقتل عبد العزيز بن خيرة أبو محمد في الاصل: احمد بن شقاق، واحمد هذا رجل آخر ترجم له العمري في المسالك ورقة 184
ابن سعيد: المغرب 2: 99
ابن سعيد: الرايات 58
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 259
العمري: المسالك ورقة 148
22/ 145أبو مروان بن غصن الحجاري (ت 454) ابن سعيد: المغرب 2: 33
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 90
ابن الابار: التكملة 606
ابن الابار: اعتاب الكتاب 203، 218
الحميدي: الجذوة 378
الضبي: البغية 514
العمري: مسالك الابصار ورقة 447
23/ 146أبو محمد عبد الله بن عبد البر الكاتب (ت 458) ابن خاقان: القلائد 206
ابن سعيد: المغرب 2: 402
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 33(18/706)
ابن بشكوال: الصلة 274
ابن عذارى: البيان 3: 244
المراكشي: المعجب 67
الضبي: البغية 341
ابن الابار: اعتاب الكتاب 220
العمري: مسالك الابصار 8ورقة 246
نيكل: المختارات 146
24/ 147أبو محسن بن ابي عامر الباكري؟
25/ 148أبو القاسم السميسر: خلف بن فرج الالبيري ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 372
ابن سعيد: المغرب 2: 100
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 28، 83
ابن دحية: المطرب 95
ابن سعيد: الرايات 58
العمري: المسالك ورقة 189
نيكل: المختارات 132
26/ 149ابن حنظلة البطليوسي ابن دحية: المطرب 25
27/ 150أبو المفتح عبد العزيز بن جعفر العدوي؟
28/ 151أبو الحسن علي بن احمد بن ابي وهب؟
29/ 152أبو محمد الاعشى النحوي؟(18/707)
30/ 153أبو زيد بن العمة ابن دحية: المطرب 80
31/ 154أبو الفضل جعفر بن شرف (ت 534) ابن خاقان: القلائد 290
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 138
ابن دحية: المطرب 77
ابن بشكوال: الصلة 131
ابن سعيد: المغرب 2: 230
نيكل: المختارات 129
البستاني: دائرة المعارف 3: 261
32/ 155أبو الفضل عبد الله بن الغابر الاندلسي؟
33/ 156أبو عبد الله محمد بن عبادة القزاز السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 76
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 299
المقري: النفح 2: 279، 330، 492
ابن سعيد: المغرب 2: 134
ابن خاقان: القلائد 14
المقري: ازهار الرياض 2: 252
العمري: المسالك ورقة 137
ياقوت: معجم الادباء 19: 105
خلط المقري والسلفي بين أبي عبد الله هذا وعبادة بن محمد الآتي
34/ 157عبادة بن محمد بن عبادة القزاز السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 76
المقري: النفح، (في القزاز وابن القزاز)(18/708)
35/ 158محمد بن يوسف المعروف بابن الرفاء البلنسي العمري: مسالك الابصار ورقة 190
36/ 159أبو مروان عبيد الله بن سرية ابن دحية: المطرب 129
ابو الصلت: الرسالة المصرية 18
العمري: المسالك ورقة 190
37/ 160أبو الطيب بن البزاز؟
38/ 161أحمد بن علي الفرسقي؟
39/ 162أبو محمد بن هندو ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 281
ابن سعيد: المغرب 2: 208
40/ 163الحصري الاعمى أبو الحسن علي بن عبد الغني (ت 488) ابن بسام: الذخيرة ق 4م 1: 192
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 38، 399
ابن دحية: المطرب 858016
المراكشي: المعجب 122
ابن بشكوال: الصلة 425
ابن خلكان: الوفيات 2: 273
الصفدي: نكت الهميان 214
غرسية غومس: الاشعار 169
زكي باشا: تراجم العميان المشاهير في الشرق 57
نيكل: المختارات 106
المرزوقي وابن الحاج يحي: ابو الحسن الحصري القيرواني تونس 1963(18/709)
41/ 164أبو الحسن عبد الكريم بن فضال الحلواني ابن بسام: الذخيرة ق 4م 1: 219
ابن دحية: المطرب 65
ابن سعيد: الرايات 157
العمري: المسالك ورقة 181
42/ 165أبو علي كاتب مؤنس؟
43/ 166أبو الوليد هشام بن احمد الوقشي (489408) ابن بشكوال: الصلة 593
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 257
ابن الابار: التكملة 46728031
العمري: المسالك ورقة 189
نيكل: المختارات 181
44/ 167ناقد الكاتب؟
45/ 168أبو الوليد حسان ابن المصيصي ابن سعيد: المغرب 1: 385
ابن سعيد: الرايات 27
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 335، 336وق 2ورقة 138
العمري: المسالك ورقة 163
46/ 169ابن شاطر السرقسطي ابن دحية: المطرب 84
47/ 170أبو عامر محمد بن عبيدة؟(18/710)
48/ 171عبد الصمد بن عبد الصمد المقري: النفح 2: 497
49/ 172أبو محمد الطبيب المصري ابن خاقان: القلائد 7
العمري: ورقة 187
المقري: النفح 2: 625
50/ 173أبو علي حسن بن هادة العمري: المسالك ورقة 187
51/ 174أبو الوليد البجلي؟
52/ 175أبو محمد عبد الجبار بن حمديس (ت 527) انظر ديوانه المطبوع
ابن سعيد: المرقصات 67
ابن سعيد: الرايات 112
ابن بسام: الذخيرة ق 4خط
ابن دحية: المطرب 60
العمري: المسالك ورقة: 74
اماري: المكتبة العربية الصقلية
السقا والمنشاوي: ترجمة ابن حمديس القاهرة 1929
بروكلمان: تاريخ الادب العربي 1: 269والملحق: 474
البستاني: دائرة المعارف
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية
53/ 176ولده محمد بن حمديس؟(18/711)
54/ 177أبو الطيب الازدي؟
55/ 178أبو مروان عبد الملك ابن أغلب الشاطبي؟
56/ 179برد بن أحمد بن برد؟
57/ 180أبو الحسن اليسع بن اليسع ابن خاقان: القلائد 190
ابن سعيد: المغرب 2: 24887
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 173
58/ 181عبد الحميد بن عبد الحميد البرجي العمري: المسالك ورقة 187
المقري: النفح 2: 497
59/ 182ابن معرف المنجم المقري: النفح 2: 497
60/ 183أبو الحسن البلنسي المقري: النفح 2: 532
61/ 184أبو طالب عبد الجبار المعروف بالمتنبي ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 401
ابن سعيد: المغرب 2: 371
العمري: المسالك ورقة 150
ابن خاقان: القلائد 73
نيكل: المختارات 160(18/712)
62/ 185أبو عبد الله محمد بن عائشة البلنسي ابن خاقان: المطمح 84
ابن سعيد: المغرب 2: 314
ابن سعيد: الرايات 80
العمري: المسالك ورقة 179
63/ 186أبو الحسين الفكيك العمري: المسالك ورقة 184
ابن خلكان: الوفيات (ط فوستنفلد: اثناء ترجمة الحصري)
64/ 187أبو العرب مصعب بن محمد بن أبي الفرات القرشي (506423) ابن الابار: التكملة 386
ابن سعيد: الرايات 111
الصفدي: الوافي ورقة 155 (نسخة فينا رقم 224)
الصفدي: نكت الهميان 214
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 13868
النيفر: عنوان الاريب 1: 123
العمري: المسالك ورقة 181
ابن بسام: الذخيرة ق 4م 2خط
ابن خلكان: وفيات الاعيان رقم 461 (ط وستنفلد)
الذكرى المئوية لميلاد آماري 2: 304
البستاني: دائرة المعارف 4: 450
65/ 188ابن كاتب كرامة القيرواني؟
66/ 189ابن شرف:
ابو عبد الله محمد بن أبي سعيد بن احمد الجذامي القيرواني (ت: 460) ابن سعيد: المغرب 2: 230
ابن بسام: الذخيرة ق 4م 1: 132(18/713)
ابن بشكوال: الصلة 545
ابن دحية: المطرب 71
ياقوت: معجم الادباء 19: 37
الكتبي: الفوات 2: 410
العمري: المسالك ورقة 43
السيوطي: بغية الوعاة 47
الميمني الراجكونى: النتف من شعري ابن رشيق وزميله ابن شرف ط السلفية القاهرة 1343هـ
البستاني: دائرة المعارف
67/ 190أبو علي الحسن ابن رشيق له ديوان مطبوع
ابن سعيد: الرايات 101
العمري: المسالك ورقة 37ظ
ياقوت: معجم الادباء 8: 110
الميمني الراجكوتي: النتف من شعري ابن رشيق وابن شرف ط القاهرة 1343هـ
البستاني: دائرة المعارف 3: 109
68/ 191عبد الله السمسطي؟
69/ 192الامير تاج الدولة ابن الامير ثقة الدولة ابن خلكان: الوفيات 5: 211
ابن سعيد: عنوان المرقصات 63
زامباور: معجم الاسر الحاكمة
ابن اغلب: مختصر الدرة الخطيرة ورقة 104
النويري: نهاية الارب ورقة 71مخطوط باريس
70/ 193أبو سليمان بن هبة الله الكاتب؟
71/ 194أبو بكر يحي بن بقي القرطبي ابن خاقان: القلائد 322
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 190(18/714)
ابن سعيد: المغرب 2: 19
ابن سعيد: رايات المبرزين 48
ابن سعيد: عنوان المرقصات 68
ابن الابار: التكملة 722
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 50
ابن خلكان: الوفيات 5: 248
ياقوت: معجم الادباء 20: 19
العمري: المسالك ورقة 69
نيكل: المختارات 163
البستاني: دائرة المعارف
72/ 195ابن وضاح المرسي المعروف بالبقيرة (ت 530او 543) ابن سعيد: الرايات 78
ابن سعيد: عنوان المرقصات 67
ابن الابار: التكملة رقم 105
ابن الابار: معجم اصحاب الصدفي 11
الضبي: بغية الملتمس رقم 469
السلفي: تراجم واخبار اندلسية 115
العمري: المسالك ورقة 67
رمبروكاسير: تاريخ مرسية 158
73/ 196أبو بكر محمد المرسي؟
74/ 197أبو بكر احمد بن الجنان المرسي ابن سعيد: المغرب 2: 282
75/ 198المخزومي الاعمى الغرناطي (ت 540) ابن سعيد: المغرب 1: 223
ابن الخطيب: الاحاطة 1: 259(18/715)
76/ 199أبو جعفر بن سلام الشاطبي؟
77/ 200الارقم السلمي لعله المذكور في:
المقري: النفح 2: 513
78/ 201أبو بكر الملقب بالقلمندر ابن سعيد: المغرب 1: 369
المقري: النفح 2: 305
79/ 202أبو بكر محمد المعروف بالابيض (ت بعد سنة 530) ابن دحية: المطرب 81
ابن سعيد: المغرب 2: 127
ابن الابار: التكملة 98ط الجزائر
80/ 203محمد بن محمد يعرف بابن اليثربي الشريف الادريسي (560493) الصفدي: الوافي 1: 163
ابن ابي اصيبعة: عيون الانباء 2: 52
؟: مجلة المشرق المجلد 11: 320والمجلد 15: 400
زيدان: آداب اللغة العربية 3: 84
كنون: النبوغ المغربي 1: 88
بروكلمان: الذيل 1: 876
الزركلي: الاعلام 7: 250
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية
* الاسعد ابن بليطه راجع رقم 8(18/716)
81/ 204أبو عبد الله محمد بن عثمان المعروف بابن الحداد (ت 480) ابن خاقان: المطمح 80
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 201
ابن سعيد: المغرب 2: 143
ابن سعيد: الرايات 74
ابن الابار: التكملة 133
الحميدي: الجذوة 373
السلفي: تراجم واخبار اندلسية 17
ابن الخطيب: الاحاطة 2: 250
القفطي: المحمدون الشعراء، ورقة 32
العمري: المسالك ورقة 145
ابن شاكر: الفوات 2: 341
الصفدي: الوافي 2: 86
ابن خلكان: الوفيات 4: 132
البستاني: شعراء العرب 72
كحالة: معجم المؤلفين
82/ 205أبو حفص عمر بن رحيق؟
83/ 206الفقيه الطرطوشي:
ابو بكر محمد بن أبي محمد الفهري (520451) ابن سعيد: المغرب 2: 424
ابن بشكوال: الصلة 517
ابن خلكان: الوفيات 1: 479
الضبي: البغية 125
ابن فرحون: الديباج 276
السيوطي: حسن المحاضرة 1: 213
ابن العماد النبلي: شذرات الذهب 4: 62
اليافعي: مرآة الجنان 3: 225
مجلة المجمع العلمي العربي م 35: 139
مجلة الثقافة س 12ع 584ص 6
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية 2: 378(18/717)
انظر فهرست مؤلفاته في:
كحالة: معجم المؤلفين
بروكلمان: تاريخ الادب العربي
المراكشي: المعجب 129
84/ 207أبو محمد بن الحسن الكاتب القرطبي المعروف بابن الحبير ابن خاقان: القلائد 161
85/ 208القاضي ابو بكر محمد ابن العربي (ت 543) ابن خاقان: المطمح 62
ابن سعيد: الرايات 15
ابن سعيد: المغرب 1: 249
ابن بشكوال: الصلة 532
ابن فرحون: الديباج 281
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 5: 302
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية 2: 384
86/ 209أبو العباس احمد بن حمدين ابن سعيد: الرايات 39
وظن ابن سعيد ان ابا العباس هذا هو ابن حمدين الثائر بقرطبة
87/ 210أبو عبد الله محمد المعروف بابن الحناط (ت 537او 538) ابن بسام: الذخيرة ق 1م 1: 383
ابن الابار: التكملة 122
الحميدي: جذوة المقتبس 53
ابن بشكوال: الصلة 640
ابن سعيد: المغرب 1: 121
الضبي: البغية 67
السبكي: طبقات الشافعية 2: 161(18/718)
الصفدي: الوافي 3: 124
ابن خلكان: الوفيات 1: 582
كحالة: معجم المؤلفين 10: 50
البستاني: دائرة المعارف 3: 50
88/ 211أصبغ بن محمد القرطبي لعله: أصبغ بن عبد الله بن محمد من اهل قرطبة
ابن بشكوال: الصلة 112
او: اصبغ بن محمد بن اصبغ الازدي كبير المفتيين بقرطبة ومتوفي 505 نفس المرجع
89/ 212أبو عامر محمد بن الأصيلي (566496) ابن سعيد: المغرب 2: 444
ابن بسام: الذخيرة 3: 136
ابن الابار: التكملة 226
العمري: مسالك الابصار ورقة 179
90/ 213أبو الفتح الوزير؟
91/ 214أبو عمرو الباجي ابن خاقان: القلائد 115
ابن سعيد: المغرب 1: 405
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 59
العمري: المسالك ورقة 184158
92/ 215ابن الجودي: أبو الحسن ابن خاقان: المطمح 90
ابن الابار: المعجم 78(18/719)
93/ 216أبو محمد عبد الله ابن سارة الاشبيلي (ت 517) ابن خاقان: القلائد 299
ابن بسام: الذخيرة ق 2: 259
ابن سعيد: الرايات 35
ابن الابار: التكملة 462
ابن دحية: المطرب 82
السلفي: تراجم واخبار اندلسية 15
ابن سعيد: المغرب 1: 419
الصفدي: الوافي ج 4ق 2ورقة 219
الضبي: البغية رقم 896
ابن العماد الحنبلي: الشذرات 4: 55
السيوطي: بغية الوعاة 288
العمري: المسالك ورقة 134
ابن خلكان: الوفيات 2: 279
نيكل: المختارات 120
94/ 217أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة السرقسطي (ت 533) ابن خاقان: القلائد 346
ابن سعيد: المغرب 2: 119
القفطي: اخبار العلماء 406
ابن خلكان: الوفيات 4: 103
الصفدي: الوافي 2: 240
ابن ابي أصيبعة: عيون الانباء 2: 62
ابن الخطيب: الاحاطة 1: 178
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4: 103
الخوانساري: روضات الجنات 1: 135
بروكلمان: تاريخ الادب العربي (الملحق 830)
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية 2: 388
كحالة: معجم المؤلفين 3: 63و 7: 107
95/ 218ابن الفخار المالقي الاندلسي محمد بن حسن، أبو عبد الله (ت 539) ابن خاقان: القلائد 337
ابن سعيد: المغرب 1: 432(18/720)
ابن الابار: التكملة 175
القفطي: المحمدون الشعراء ورقة 103
العمري: المسالك ورقة 143
الضبي: البغية 60
البستاني: دائرة المعارف 3: 423
96/ 219أبو الحجاج يوسف بن محمد بن فارول (545499) ياقوت: معجم البلدان 1: 281 (مادة جيان)
ياقوت: معجم البلدان 2: 170 (مادة اشكرب)
97/ 220أبو الحسن خطاب بن احمد بن عدي التلمساني ياقوت: معجم البلدان 1: 871 (مادة تلمسان)(18/721)
الجزء الثالث
98/ 221 المتوكل ابو محمد عمر بن المظفر ابن خاقان: القلائد 41
ابن سعيد: المطرب 1: 364
ابن بسام: الذخيرة: 3ورقة 129
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 180 (القسم الاندلسي)
ابن سعيد: الرايات 29
ابن الابار: الحلة السيراء 96 (دوزي)
ابن دحية: المطرب 24
الصفدي: الوافي ج 5ق 3ورقة 51
ابن خلدون: العبر 4: 160
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية
99/ 222الحاجب ذو الرئاستين أبو مروان عبد الملك بن رزين (ت 496) ابن خاقان: القلائد 58
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 28
ابن سعيد: المغرب 2: 428
ابن دحية: المطرب 44
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 236
ابن عذارى: البيان المغرب 3: 309
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 108
العمري: المسالك ورقة 165
100/ 223الرئيس الاجل أبو عبد الرحمان بن طاهر (ت: 507) ابن خاقان: القلائد 64
ابن سعيد: المغرب 2: 247(18/723)
ابن بسام: الذخيرة 3ورقة 4
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 232
ابن الابار: الحلة 186 (دوزي)
البستاني: دائرة المعارف 3: 293
101/ 224ذو الوزارتين القائد ابو عيسى ابن لبون ابن خاقان: القلائد 161
ابن سعيد: المغرب 2: 376
ابن بسام: الذخيرة 3ورقة 27
ابن الابار: الحلة 192 (دوزي)
العمري: المسالك ورقة 173
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 209
المقري: ازهار الرياض 3: 103
* الوزير أبو عمرو الباجي يوسف بن جعفر انظر رقم 91/ 214
102/ 225الوزير ابو بكر محمد بن القصيرة (ت 508) ابن خاقان: القلائد 117
ابن بشكوال: الصلة 512
ابن بسام: الذخيرة 2ورقة 116
ابن سعيد: المغرب 1: 350
ابن دحية: المطرب 81
المراكشي: المعجب 115
ابن الابار: اعتاب الكتاب 222
القفطي: المحمدون ورقة 127
العمري: المسالك 8ورقة 219
الصفدي: الوافي 7/ 1ورقة 79 (مخطوط مصر) (مجلة هيسبيريس 77)
البستاني: دائرة المعارف 3: 457(18/724)
103/ 226الوزير أبو المطرف ابن الدباغ الكاتب ابن خاقان: القلائد 120
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 67
ابن سعيد: المغرب 2: 440
العمري: المسالك ورقة 221
البستاني: دائرة المعارف 3: 54
104/ 227الوزير الفقيه الكاتب أبو القاسم بن الجد محمد بن عبد الله (ت 515) ابن خاقان: القلائد 123
ابن بسام: الذخيرة 2ورقة 91
ابن سعيد: المغرب 1: 341
ابن بشكوال: الصلة 516
المراكشي: المعجب 124
ابن دحية: المطرب 174
البستاني: دائرة المعارف 2: 402
105/ 228ذو الوزارتين المشرف ابو بكر محمد بن رحيم (ت 532) ابن خاقان: القلائد 129
ابن سعيد: المغرب 2: 417
العمري: المسالك 7ورقة 224
القفطي: المحمدون ورقة 23
الضبي: البغية 42
البستاني: دائرة المعارف 3: 92
نيكل: المختارات 173
106/ 229الوزير الكاتب أبو محمد بن القاسم ابن خاقان: القلائد 144
ابن الخطيب: الاعمال 208
ابن عذاري: البيان المغرب 3: 215
البستاني: دائرة المعارف 3: 444(18/725)
107/ 230الوزير ابو عامر بن ارقم ابن خاقان: القلائد 150
ابن الابار: التكملة 622
نيكل: المختارات 128
البستاني: دائرة المعارف 4: 417
108/ 231الوزير أبو محمد بن سفيان ابن خاقان: القلائد 154
ابن سعيد: المغرب 2: 12
109/ 232الوزراء بنو القبطرنة:
1 - أبو بكر (ت بعد 520)
2 - أبو الحسن
3 - أبو محمد
ابن خاقان: القلائد 169
ابن سعيد: المغرب 1: 367
ابن الابار: التكملة 78
ابن سعيد: الرايات 3024
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 234
ابن دحية: المطرب 170
ابن الخطيب: الاحاطة 1: 339
العمري: المسالك ورقة 131
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 103
محمود علي مكي: وثائق تاريخية جديدة
دوزي: ملحق القواميس العربية
110/ 233أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الرزاق ابن سعيد: المغرب 2: 115
* أبو محمد بن الحبير راجع رقم 84/ 207(18/726)
111/ 234أبو محمد بن عبد الغفور ابن خاقان: القلائد 182
ابن سعيد: المغرب 1: 236
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 104
ابن سعيد: الرايات 12
ابن دحية: المطرب 182
العمري: المسالك 8ورقة 240
112/ 235الوزير الكاتب أبو بكر عبد العزيز المعروف بابن المرخي (ت 536او 540) ابن خاقان: القلائد 186
ابن سعيد: المغرب 1: 307
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 165
ابن بشكوال: الصلة 158
ابن الابار: المعجم 132
ابن دحية: المطرب 189
العمري: المسالك 8ورقة 28
113/ 236الوزير أبو القاسم بن عبد الغفور ابن خاقان: المطمح 29
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 104
ابن سعيد: المغرب 1: 237
ابن سعيد: الرايات 12
114/ 237الوزير أبو جعفر بن احمد ابن خاقان: القلائد 188
ابن سعيد: المغرب 1: 304
115/ 238الوزير أبو مروان بن مثنى ابن خاقان: المطمح 30
ابن الابار: الحلة 2: 179
116/ 239الوزير القائد ابو الحسن علي بن محمد بن اليسع تبين انه هو المذكور السابق راجع رقم 57/ 180(18/727)
117/ 240الوزير المشرف أبو محمد ابن مالك (ت 518او 530) ابن خاقان: القلائد 193
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 245
ابن سعيد: المغرب 2: 117
عباس: تاريخ الادب الاندلسي 305 (عصر الطوائف والموحدين)
118/ 241الوزير ابو القاسم بن السقاط الكاتب ابن خاقان: القلائد 195
ابن سعيد: المغرب 1: 428
ابن الابار: الحلة السيراء
دوزي: رسالة الى فلايشر 108
119/ 242ذو الوزارتين أبو عبد الله محمد بن أبي الخصال الغافقي (540465) ابن خاقان: القلائد 199
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 214
ابن بشكوال: الصلة 530
المراكشي: المعجب 124
ابن سعيد: المغرب 2: 66
ابن سعيد: الرايات 74
ابن دحية: المطرب 171
العمري: المسالك ورقة 243
ابن الخطيب: الاحاطة 2: 264
السيوطي: البغية
الضبي: البغية 121
بروكلمان: تاريخ الادب العربي 1: 368
نيكل: المختارات 173
كحالة: معجم المؤلفين 12: 18
البستاني: دائرة المعارف
* ذو الوزارتين الكاتب أبو محمد بن عبد البر راجع رقم 23/ 146(18/728)
120/ 243الوزير الكاتب أبو الفضل بن حسداي ابن خاقان: القلائد 209
ابن زاكور: شرح القلائد
ابن سعيد: المغرب 2: 441
ابن دحية: المطرب 179
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 125
ابن ظافر: بدائع البدائة 208
121/ 244الوزير أبو عامر ابن ينق (ت 547) ابن خاقان: القلائد 212
ابن سعيد: المغرب 2: 388
ابن الابار: التكملة 198
ابن الابار: المعجم 162
نيكل: المختارات 166
122/ 245الوزير الكاتب أبو بكر بن قزمان محمد بن عبد الملك (ت 508) ابن خاقان: القلائد 213
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 240
ابن سعيد: المغرب 1: 99
ابن بشكوال: الصلة 512
سركيس: معجم المطبوعات 214
وقد خلط المقري بينه وبين ابن قزمان الاصغر
123/ 246الوزير الكاتب أبو بكر بن الملح محمد بن اسحاق (ت 500) ابن خاقان: القلائد 214
ابن سعيد: المغرب 1: 383
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 143
ابن الابار: التكملة 149
ابن سعيد: الرايات 27
العمري: المسالك ج 8ورقة 257(18/729)
124/ 247الوزير الفقيه أبو أيوب بن أبي أمية ابن خاقان: المطمح 28
ابن سعيد: المغرب 2: 243
العمري: المسالك ورقة 371
125/ 248الوزير القاضي أبو الفضل جعفر بن الاعلم (ت 547) ابن خاقان: المطمح 74
ابن سعيد: المغرب 1: 396
ابن سعيد: الرايات 34
الضبي: البغية 239
126/ 249الفقيه القاضي ابو الوليد الباجي سليمان بن خلف (ت 474) ابن خاقان: القلائد 215
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 30
ابن العماد: شذرات الذهب 3: 344
ابن سعيد: المغرب 1: 2404: 424
ابن بشكوال: الصلة 199
الضبي: البغية 289
ياقوت: معجم الادباء 11: 246
ابن خلكان: الوفيات 1: 302
ابن فرحون: الديباج 120
ابن دحية: المطرب 30
ابن شاكر: الفوات 1: 356
بدران: تهذيب تاريخ دمشق 6: 248
المستشرقون: دائرة المعارف الاسلامية (الطبعة الجديدة)
127/ 250الوزير الفقيه أبو مروان بن سراج (ت 489) ابن خاقان: القلائد 217
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 307
ابن سعيد: المغرب 1: 115
ابن بشكوال: الصلة 357(18/730)
العمري: المسالك ورقة 183
السيوطي: البغية 312
الصفدي: الوافي م 6ق 2ورقة 351
ابن فرحون: الديباج
128/ 251الوزير أبو عبيد البكري (ت 487) ابن خاقان: القلائد 218
ابن سعيد: المغرب 1: 347
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 74
ابن بشكوال: الصلة 282
ابن ابي اصيبعة: عيون الانباء 2: 52
السيوطي: البغية 285
العمري: المسالك ورقة 152
129/ 252الفقيه القاضي أبو عبد الله بن حمدين (ت 529) ابن خاقان: القلائد 219
المراكشي: المعجب 123
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 2: 333326323
130/ 253الفقيه ابو محمد عبد الله ابن السيد البطليوسي (521444) ابن خاقان: القلائد 221
ابن سعيد: المغرب 1: 385
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 24، 97
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 177
ابن بشكوال: الصلة 287
ابن فرحون: الديباج 140
ابن خلكان: الوفيات 2: 282
السيوطي: البغية 283
سركيس: معجم المطبوعات 69
بروكلمان: تاريخ الادب العربي 1: 27والملحق 1: 758(18/731)
131/ 254الوزير ابو الحسين بن سراج (ت 508) ابن خاقان: القلائد 231
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 1: 319
ابن سعيد: المغرب 1: 116
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 132
ابن بشكوال: الصلة 226
ابن دحية: المطرب 123
ابن سعيد: الرايات 44
العمري: المسالك ورقة 132
ياقوت: معجم الادباء 4: 226 (ط مرجليوث)
السيوطي: بغية الوعاة 251
ابن فرحون: الديباج 126
132/ 255ذو الوزارتين القاضي ابو امية بن عصام (ت 516) ابن خاقان: القلائد 232
ابن سعيد: المغرب 1: 254
ابن سعيد: الرايات 15
العمري: المسالك ورقة 142
البستاني: دائرة المعارف 3: 381
133/ 256الفقيه الامام الحافظ أبو بكر بن عطية ابن خاقان: القلائد 237
البستاني: دائرة المعارف 3: 382
134/ 257الوزير الحافظ القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية (542481او 541) ابن خاقان: القلائد 239
ابن سعيد: المغرب 2: 117
ابن بشكوال: الصلة 380
ابن سعيد: الرايات 51
ابن الزبير: صلة الصلة 2
ابن فرحون: الديباج 174(18/732)
السيوطي: البغية 49
البستاني: دائرة المعارف 3: 182
بروكلمان: تاريخ الادب العربي
135/ 258الوزير الفقيه القاضي ابو الحسن بن اضحى علي بن عمر (ت 540) ابن خاقان: القلائد 248
ابن سعيد: المغرب 2: 108
ابن دحية: المطرب 198
ابن سعيد: الرايات 53
ابن الابار: الحلة السيراء 207
الضبي: البغية 515
عباس: تاريخ الادب الاندلسي
136/ 259الفقيه الكاتب أبو عبد الله اللوشي ابن خاقان: القلائد 252
137/ 260الفقيه القاضي ابو الفضل عياض بن موسى بن عياض (544476) ابن خاقان: القلائد 255
ابن بشكوال: الصلة 446
ابن دحية: المطرب 52، 90، 200
ابن سعيد: الرايات 76
ابن الابار: معجم اصحاب الصدفي 291
المقري: ازهار الرياض في اخبار القاضي عياض ط منه ثلاثة اجزاء بالقاهرة 1313ومنه نسخ خطية كثيرة، منها نسخة مخطوطة بمكتبة حسن حسني عبد الوهاب
138/ 261الفقيه القاضي ابو الحسن بن زنباع ابن خاقان: القلائد 259
البستاني: دائرة المعارف(18/733)
139/ 262الاديب أبو جعفر الاعمى التطيلي: احمد بن هريرة (ت 525) له ديوان جمعه وحققه احسان عباس (ط دار الثقافة بيروت)
ابن خاقان: القلائد 315
ابن بسام: الذخيرة ق 3ورقة 225
ابن سعيد: المغرب 2: 451
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 16
الصفدي: نكت الهميان 110
العمري: المسالك ورقة 139
الضبي: البغية 429
ابن سناء الملك: دار الطراز
الحميري: الروض العاطر
البستاني: أدباء العرب 87
بروكلمان: تاريخ الادب العربي
140/ 263الوزير أبو العلاء بن صهيب ابن خاقان: القلائد 326
ابن سعيد: المغرب 2: 257
ابن الابار: معجم اصحاب الصدفي 300
العمري: المسالك ورقة 142
141/ 264الاديب أبو القاسم بن العطار ابن خاقان: القلائد 328
ابن سعيد: المغرب 1: 254
ابن سعيد: الرايات 15
العمري: المسالك ورقة 142
البستاني: دائرة المعارف 3: 381
142/ 265الاديب الحاج أبو عامر ابن عيشون ابن خاقان: القلائد 328
العمري: المسالك ورقة 142
البستاني: دائرة المعارف 3: 409(18/734)
143/ 266الاديب أبو الحسن حكم بن محمد غلام البكري ابن خاقان: القلائد 334
ابن سعيد: المغرب 2: 348
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 174
الضبي: البغية 265
العمري: المسالك ورقة 133
المقريزي: رسائل ورقة 74 (مخطوط باريس 4657)
144/ 267الاديب أبو عامر ابن المرابط ابن خاقان: القلائد 240
العمري: المسالك ورقة 143
نيكل: المختارات 178
145/ 268الاديب ابو الحسن باقي بن احمد ابن خاقان: القلائد 342
الضبي: البغية 235
ابن سعيد: المغرب 2: 461
146/ 269الاديب ابو جعفر ابن البني راجع رقم 94ج 1
147/ 270أبو بكر بن عبد الصمد ابن خاقان: القلائد 34
ابن الخطيب: اعمال الاعلام 197192
148/ 271أبو نصر الفتح بن عبيد الله ابن خاقان (ت 533) ابن سعيد: المغرب 1: 254
ابن الابار: المعجم 300
ابن شاكر: الفوات 2: 246
ياقوت: معجم الادباء 16: 186(18/735)
العمري: المسالك ورقة 394
ابن العماد: الشذرات 4: 107
ابن سعيد: عنوان المرقصات: 12
ابن دحية: المطرب 27
ابن خلكان: الوفيات 2: 407
احمد ضيف: بلاغة العرب في الاندلس
البستاني: دائرة المعارف
* أبو اسحاق ابراهيم بن خفاجة انظر رقم 16/ 139
149/ 272أبو عامر احمد بن عبد الملك بن شهيد (426382) له ديوان جمعه ونشره شارل بلا
ابن خاقان: المطمح 16
ابن بسام: الذخيرة ق 1م 1: 161
ابن دحية: المطرب 147
ابن الابار: اعتاب الكتاب 203
ابن خلكان: الوفيات 1: 98
ابن الابار: الحلة السيراء 127 (ط دوزي)
ابن سعيد: عنوان المرقصات 59
الحميدي: الجذوة 124
العمري: المسالك ورقة 26
الثعالبي: يتيمة الدهر 2: 35
زكي مبارك: النثر الفني 2: 302
بروكلمان: تاريخ الادب العربي الملحق 1: 478
البستاني: دائرة المعارف 3: 269
150/ 273أبو مروان بن أبي الخصال ابن الابار: التكملة 609
المراكشي: المعجب 127
151/ 274أبو الحسن علي بن عطية البلنسي ابن الزقاق (529او 530) طبع ديوان ابن الزقاق، غرسية غومس في مدريد، وترجمه 1956م وطبع ثانية في بيروت بتحقيق عقيفة دبراني(18/736)
ابن سعيد: المغرب 2: 323
ابن دحية: المطرب 101
ابن الابار: التكملة 663
ابن سعيد: الرايات 83
ابن سعيد: عنوان المرقصات
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 19
العمري: المسالك ورقة 68واورد العمري شعره في ترجمة محمد ابن غالب الرصافي
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3: 29
ابن شاكر: الفوات 2: 125
البستاني: دائرة المعارف 3: 138
152/ 275أبو العلاء عبد الحق بن خلف بن مفرج الشاطبي ابن الجنان؟
153/ 276أبو الحسين بن الطراوة المالقي النحوي سليمان بن محمد السبائي (ت 528) ابن سعيد: المغرب 2: 208
ابن الابار: التكملة 704
السلفي: اخبار وتراجم اندلسية 6317
الضبي: البغية 290
السيوطي: بغية الوعاة 415263
ابن الابار: تحفة القادم 11
البستاني: دائرة المعارف 3: 298
154/ 277أبو الحسن بن هارون المالقي ابن سعيد: المغرب 1: 395
ابن بسام: الذخيرة ق 2ورقة 197
ابن الابار: الحلة 167 (ط دوزي)
العمري: المسالك ورقة 169
155/ 278ابن حلو الشاعر؟
156/ 279أبو القاسم عبد الرحمن بن خرشوش المغربي ابن سعيد: المغرب 2: 366
ابن سعيد: الرايات 88(18/737)
157/ 280أبو الحسن عبد الله ابن شماخ الكاتب العمري: المسالك ورقة 184
158/ 281محمد بن السبتي؟
* ابن الرفا (بل هو ابن الزقاق) انظر رقم 151/ 274
* أبو بكر يحي بن بقي الاندلسي راجع رقم 71/ 194
* المخزومي الاعمى راجع رقم 75/ 198
159/ 282أبو بكر البكي يحي بن سهل (ت حوالي 560)
ابن سعيد: المغرب 2: 266
ابن دحية: المطرب 125
ابن الابار: الحلة السيراء 2: 237
ياقوت: معجم البلدان 3: 843
الضبي: بغية الملتمس 488
مجلة هيسبريس: عدد 18سنة 1934م
* أبو بكر محمد الابيض راجع رقم 79/ 202
* أبو عبد الله محمد بن عائشة البلنسي راجع رقم 62/ 185
160/ 283أبو بكر الخولاني المنجم؟
* أبو القاسم الاسعد بن ابراهيم بن بليطة يراجع رقم 8/ 131
* ابن المصيصي الاندلسي راجع رقم 45/ 168(18/738)
13 - مصادر التحقيق ومراجعه
أالمصادر ابن الابار: ابو عبد الله محمد بن عبد الله (685)
1 - الحلة السيراء
أط القاهرة 1963م
ب ط دوزي ليدن 18511847م
2 - التكملة لكتاب الصلة
أط القاهرة 1374هـ
ب ط مجربط 1887م
ج ط الجزائر
3 - المقتضب من تحفة القادم
ط القاهرة 1957م
4 - اعتاب الكتاب
ط دمشق 1380هـ
5 - المعجم في اصحاب الامام أبي علي الصدفي ط مجربط 1886م
ابن الاثير: علي بن محمد (630)
6 - الكامل في التاريخ
ط: المنيرية، مصر 13531348هـ
7 - اللباب في تهذيب الانسباب
ط القاهرة 13691357
ابن ابي اصيبعة: احمد بن القاسم (668)
8 - عيون الانباء في طبقات الاطباء
أط بيروت 13771376هـ
ب ط مولر 1884م(18/739)
ابن اغلب: أبو اسحاق (ق: 6)
9 - مختصر الدرة الخطيرة من شعر شعراء الجزيرة
أط رومة 1959م بتحقيق الاستاذ أمبرتو ريزيتانو
ب مخطوط باريس رقم 3428
ابن بسام: أبو الحسن علي (542)
10 - الذخيرة في محاسن اهل الجزيرة
القسم الاول: ط القاهرة 13611358هـ
القسم الثاني: أمخطوط المكتبة الاحمدية بتونس رقم 4338
ب مخطوط المكتبة الوطنية باريس رقم 3322
القسم الثالث: أمخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 1324
ب مخطوط المكتبة الوطنية باريس رقم 3323
القسم الرابع: المجلد الاول ط القاهرة 1364
القسم الرابع: المجلد الثاني مخطوط الخزانة بالرباط
ابن بشكوال: ابو القاسم خلف بن عبد الملك (578)
11 - الصلة
ط القاهرة 1374هـ
البصروي: محمد خليل (809)
12 - شرح المنفرجة
مخطوط مكتبة المرحوم حسن حسني عبد الوهاب
البيذق: ابو بكر الصنهاجي (ق: 6)
13 - اخبار المهدي بن تومرث
ط باريس 1928م(18/740)
التجاني: أبو محمد عبد الله (حيا سنة 717)
14 - الرحلة
ط تونس 1377هـ
التطيلي الاعمى: أحمد بن هريرة
15 - الديوان
ط بيروت 1963
ابن تغري بردي: أبو المحاسن يوسف (874)
16 - النجوم الزاهرة في اخبار مصر والقاهرة ط دار الكتب المصرية
الثعالبي: أبو منصور (429)
17 - يتيمة الدهر في محاسن اهل العصر ط القاهرة 1947م
ابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (547)
18 - المنتظم في تاريخ الملوك والامم ط اولى حيدر آباد 13591358هـ
حاجي خليفة: مصطفى بن عبد الله (1067)
19 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ط اسطانبول 13621360هـ
ابن حجر: شهاب الدين احمد بن علي (852)
20 - لسان الميزان ط حيدر آباد 13301329هـ
21 - رفع الاصر عن قضاة مصر ط اولى القاهرة
ابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد (456)
22 - طوق الحمامة ط القاهرة 1950م
الحصري: أبو اسحاق ابراهيم بن علي (413)
23 - زهر الآداب وثمر الالباب ط القاهرة 1953م(18/741)
ابن حمديس الصقلي: عبد الجبار بن ابي بكر (527)
24 - الديوان
ط بيروت 1379هـ
الحميدي: محمد بن فتوح (488)
25 - جذوة المقتبس في ذكر ولاة الاندلس
ط اولى القاهرة 1372هـ
الحميري: محمد بن عبد المنعم (727)
26 - الروض المعطار في خبر الاقطار
ط القاهرة 1939م
ابن خاقان: الفتح بن عبيد الله القيسي (535)
27 - مطمح الانفس ومسرح التأنس في ملح اهل الاندلس
أط الجوائب 1302هـ
ب ط القاهرة 1325هـ
28 - قلائد العقيان
أط باريس 1277هـ 1860م
ب مخطوط باريس رقم 3318
ابن ابي الخصال الكاتب:
29 - ترسل الفقيه الكاتب ابن ابي الخصال
نسخة مصورة بمعهد المخطوطات بالجامعة العربية
ابن الخطيب: لسان الدين محمد بن عبيد الله (796)
30 - اعمال الاعلام
أقسم الاندلس ط بيروت 1956م
ب قسم المغرب العربي ط الدار البيضاء 1964م
31 - الاحاطة في اخبار غرناطة ط القاهرة 1319هـ
32 - جيش التوشيح
مخطوط مكتبة جامع الزيتونة بتونس(18/742)
ابن خفاجة: ابو اسحاق ابراهيم (533)
33 - الديوان
أط بيروت 1950م
ب مخطوط باريس رقم 3135
الخفاجي: شهاب الدين احمد بن محمد (1069)
34 - شفاء الغليل بما في كلام العرب من الدخيل
ط مصر 1282هـ
ابن خلدون: ولي الدين عبد الرحمن بن محمد (808)
35 - العبر وديوان المبتدأ والخبر في ايام العرب والعجم والبربر
ط بولاق 1284هـ
ابن خلكان: شمس الدين أحمد بن محمد (681)
36 - وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان ط السعادة القاهرة 1367هـ
ابن خير السرقسطي: ابو بكر محمد (575)
37 - فهرست مرويات أبي بكر بن خير
ط ثانية بيروت 1382هـ (عن طبعة سرقسطة 1893م)
الداودي: محمد بن علي المصري (945)
38 - المطرب من أشعار اهل المغرب
أط القاهرة 1954م
ب ط الخرطوم 1954م
ابن ابي دينار: محمد بن أبي القاسم (حيا 1092)
40 - المؤنس في أخبار افريقية وتونس ط ثالثة، تونس 1387هـ
الذهبي: محمد بن عثمان (748)
41 - تاريخ الاسلام
اعتمدت اشارات الاستاذ محمد ابي الفضل ابراهيم في تعليقاته على كتاب: «انباه الرواة»(18/743)
42 - المشتبه في اسماء الرجال ط القاهرة 1962
ابن رشيق: أبو علي الحسن (463)
43 - الديوان
ط بيروت 1960م
ابن زاكور:
44 - شرح قلائد العقيان
(مخطوط) نسخة الاستاذ بيريس
ابن الزبير: أبو جعفر احمد (708)
45 - صلة الصلة
ط الرباط 1937م
ابن الزبير الاسواني: القاضي الرشيد
46 - الذخائر والتحف
ط الكويت 1959م
ابن ابي زرع:
47 - روض القرطاس
ط حجرية فاس
الزركشي: محمد بن لؤلؤ (حيا 882)
48 - تاريخ الدولتين الحفصية والموحدية
ط ثانية 1962م
سبط ابن الجوزي: يوسف بن قراوغلي أبو المظفر (654)
49 - مرآة الزمان في تاريخ الاعيان
ط حيدر آباد 13711370هـ
السبكي: تاج الدين عبد الوهاب بن علي (771)
50 - طبقات الشافعية الكبرى
ط اولى مصر 1324هـ(18/744)
السراج: محمد ابن محمد (1149)
51 - الحلل السندسية في الاخبار التونسية
ط تونس 1970م
ابن سعيد: علي بن موسى (685)
52 - رايات المبرزين وغايات المميزين
ط مدريد 1941م
53 - الالحان المسلية في شعراء صقلية
ط بالرم 1910م (ضمن الذكرى المئوية لا ماري)
54 - عنوان المرقصات المطربات
ط القاهرة 1286
55 - المغرب في حلى المغرب
أط ثانية، القاهرة 1964م
ب ط اولى، القاهرة 1953م
السلفي: أبو طاهر محمد بن احمد (482)
56 - معجم السفر
أاخبار عن بعض مسلمي صقلية فصلة من حوليات كلية الآداب بجامعة عين شمس، العدد 19553م تحقيق الاستاذ امبرتو ريزيتانو
ب تراجم واخبار اندلسية
ط بيروت 1963م
السمعاني: أبو سعد عبد الكريم بن محمد (562)
57 - الانساب
أط لجنة جيب بالزنكوغراف لندن 1912م
ب ط حيدر آباد (51) 13851382هـ
ابن سناء الملك:
58 - دار الطراز في عمل الموشحات
ط دمشق 1949م
السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (911)
59 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة
ط القاهرة 1326هـ(18/745)
60 - حسن المحاضرة في اخبار مصر والقاهرة
ط مصر 1327
61 - طبقات المفسرين طهران 1960م (مصورة عن طبعة ليدن 1939م)
ابن شاكر الكتبي: صلاح الدين محمد (764)
62 - فوات الوفيات
ط السعادة، القاهرة 1951
ابن شرف: ابو عبد الله محمد بن ابي سعيد (460)
63 - مسائل الانتقاد
ط الجزائر
ابن شهيد:
64 - الديوان ط بيروت 1963م
الصفدي: صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدى (764)
65 - الوافي بالوفيات
أج 41ط اسطانبول دمشق 19591931م
ب مخطوط احمد الثالث بتركيا رقم 2920
ج مخطوط المكتبة الاحمدية بتونس رقم 4846484548444843 485148504849
66 - نكت الهميان في نكت العميان ط مصر 1329هـ
ابو الصلت: امية بن عبد العزيز الداني (529)
67 - الرسالة المصرية ط اولى القاهرة 1370هـ (ضمن المجموعة الاولى من سلسلة نوادر المخطوطات)
الضبي: احمد بن يحي بن عميرة (599)
68 - بغية الملتمس في تاريخ رجال اهل الأندلس ط مدريد 1885م(18/746)
ابن ابي الضياف: أبو العباس احمد (1291)
69 - اتحاف اهل الزمان باخبار ملوك تونس وعهد الامان ط تونس 19681963م
طاش كبري زادة: احمد بن مصطفى (968)
70 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة ط حيدر آباد 13561328هـ
ابن ظافر الازدي: علي (613)
71 - بدائع البدائه
أط مصر 1278هـ مستقلة
ب ط مصر 1316هـ جزآن على هامش معاهد التنصيص
ابن عبد الملك المراكشي: محمد بن محمد (703)
72 - الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ط بيروت
ابن عذارى المراكشي: أبو العباس احمد بن محمد (حيا 712)
73 - البيان المغرب في اخبار الاندلس والمغرب
ج 1تاريخ افريقية والمغرب من الفتح الى القرن 6نشر كولان وبروفنسال ليدن 1948م
ج 2اسبانيا الى نهاية الخلافة الاموية بقرطبة نشر كولان ليدن 1951م
ج 3ملوك الطوائف إلى بداية الدولة المرابطية نشر بروفنسال باريس 1930
ج 4قطعة خاصة بالمرابطين
أط هوبسي ميراندا في هيسبريس تمودا الرباط 1960م
ب ط بيروت
ج 5تاريخ الدولة الموحدية ط تطوان 19631960م(18/747)
العماد الاصفهاني: محمد بن محمد بن حامد (597)
74 - خريدة القصر وجريدة العصر
أقسم شعراء العراق ط بغداد 1955م
ب قسم شعراء المغرب مخطوط المكتبة القومية بباريس رقم 3329ومخطوط المكتبة الاحمدية بتونس رقم 4633
ابن العماد الحنبلي: عبد الحي بن احمد (1089)
75 - شذرات الذهب في اخبار من ذهب ط القاهرة 13511350هـ
عياض: القاضي ابو الفضل عياض بن موسى (544)
76 - ترتيب المدارك وتقريب المسالك
مخطوط مكتبة المرحوم ح ح عبد الواهاب رقم 720
ابو الفداء: الملك المؤيد اسماعيل بن علي (732)
77 - المختصر في اخبار البشر
ط اولى المطبعة الحسينية المصرية
ابن فرحون: برهان الدين ابراهيم بن علي (799)
78 - الديباج المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب ط مصر 1329هـ
ابن الفرضي:
79 - تاريخ رواة العلم بالاندلس ط القاهرة 1954م
ابن فضل الله العمري: شهاب الدين احمد بن يحي (749)
80 - مسالك الابصار
مخطوط المكتبة القومية باريس رقم 2327
ابن قاضي شهبة: ابو بكر احمد بن محمد (851)
81 - طبقات اللغويين
اعتمدت اشارات الاستاذ محمد ابي الفضل ابراهيم في تعليقاته على كتاب انباه الرواة(18/748)
ابن القاضي:
82 - جذوة الاقتباس فيمن حل بمدينة فاس ط حجرية فاس
القزويني: زكريا بن محمد (682)
83 - آثار البلاد واخبار العباد ط بيروت 1380هـ
ابن القطان: ابو الحسن علي بن محمد الكتامي (628)
84 - نظم الجمان
ط تطوان بدون تاريخ
القفطي: جمال الدين ابو الحسن علي بن يوسف (646)
85 - انباه الرواة على انباه النحاة ط دار الكتب المصرية
86 - اخبار العلماء باخبار الحكماء ط السعادة مصر 1326
87 - المحمدون من الشعراء
أط دار اليمامة السعودية 1390هـ
ب مخطوط المكتبة القومية بباريس رقم 3335
ابن كثير: عماد الدين اسماعيل بن عمر (774)
88 - البداية والنهاية
ط مصر 1351
السازري: محمد بن مسلم القرشي (350)
89 - شرح كتاب الارشاد
مخطوط مكتبة المرحوم ح ح عبد الوهاب
المراكشي: عبد الواحد (حيا 647)
90 - المعجب في تلخيص اخبار المغرب
أط: الاستقامة، القاهرة 1368هـ
ب ط دوزي ليدن 1847.(18/749)
المرسي: صفوان بن ادريس (598)
91 - زاد المسافر
ط بيروت
المسعودي: محمد الباجي (1297هـ)
92 - الخلاصة النقية في امراء افريقية ط: تونس 1283هـ
المقري: ابو العباس احمد بن محمد (1041)
93 - نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب
أط بيروت 1388هـ
ب ط ليدن 1860م
94 - ازهار الرياض في اخبار القاضي عياض
ط لجنة التاليف والترجمة والنشر، القاهرة
ابن مكتوم: احمد بن عبد القادر (749)
95 - تلخيص انباه الرواة على انباه النحاة
اعتمدت اشارات الاستاذ محمد ابي الفضل
ابراهيم في تعليقاته على كتاب «انباه الرواة»
ابن منجب الصيرفي: ابو القاسم علي (542)
96 - المختار من الدرة الخطيرة من شعر شعراء الجزيرة طبع ضمن كتاب «عنوان الاريب» تونس 1351هـ
: مؤلف مراكشي مجهول (ق 8)
97 - الحلل الموشية في الاخبار المراكشية ط تونس
ابن ميسر: تاج الدين محمد بن علي (677)
98 - تاريخ مصر
ط مصر
النويري: شهاب الدين احمد بن يحي (733)
99 - نهاية الارب في فنون الادب ط: دار الكتب المصرية(18/750)
اليافعي: عبد الله بن اسعد المكي (708)
100 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان
ط حيدر آباد 1338هـ
ياقوت الحموي: ياقوت بن عبد الله الرومي (626)
101 - معجم البلدان
ط: اروبا 18711866م
102 - المشترك وضعا والمفترق صقعا
ط غوتنجن، المانيا 1846م
103 - معجم الادباء
ط دار المامون، مصر 13571355هـ
اليمني: عبد الباقي بن عبد المجيد (744)
104 - اشارة التعيين في طبقات اللغويين
اعتمدت اشارات الاستاذ محمد ابي الفضل ابراهيم في تعليقاته على كتاب «انباه الرواة»
ب المراجع اباضة: ثروت
105 - ابن عمار الاندلسي
سلسلة اقرأ، دار المعارف بمصر
ادهم: علي
106 - المعتمد بن عباد
سلسلة اعلام العرب
اماري: ميشال (1307)
107 - تاريخ مسلمي صقلية
اعتمدت اشارات الاستاذ امبرتو ريزيتانو في تعليقاته على النص الذي نشره من «معجم السفر» للسلفي، بعنوان أخبار عن بعض مسلمي صقلية، انظر: السلفي
108 - المكتبة العربية الصقلية
ط ليبسيك 1855م(18/751)
بالنثيا: انخل جنثالث (1949م)
109 - تاريخ الفكر الاندلسي
ترجمة حسين مؤنس ط اولى القاهرة 1955م
بدوي: احمد احمد (وزميله)
110 - ديوان المعتمد بن عباد ط مصر
بروفنسال: ليفي
111 - سلسلة محاضرات عامة في الادب الاندلسي ط القاهرة 1951م
البستاني: فؤاد افرام
112 - دائرة المعارف
ط بيروت
البغدادي: اسماعيل باشا (1339م)
113 - هدية العارفين، اسماء المؤلفين وآثار المصنفين ط اسطانبول 19551951م
114 - ايضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون ط اسطانبول 13661364هـ
الجارم: علي
115 - مأساة ملك
سلسلة اقرأ دار المعارف بمصر
ابن الحاج يحي: الجيلاني (وزميله المرزوقي)
116 - ابو الحسن الحصري القيرواني
ط تونس 1963م
خالص: صلاح
117 - المعتمد بن عباد الاشبيلي
ط بغداد
118 - محمد بن عمار الاندلسي
ط بغداد(18/752)
الخوانساري: الميرزا محمد باقر الموسوي الاصبهاني (1313)
119 - روضات الجنات في احوال العلماء والسادات ط ثانية طهران 1367هـ
دوزي: رينهارت
120 - بنو عباد
ط ليدن 18631846م
121 - ملوك الطوائف
ترجمة كامل الكيلاني ط القاهرة 1351
الركابي: جودت
122 - الشعر في العصر الايوبي
123 - في الادب الاندلسي
ط القاهرة 1960
ريزيتانو: امبرتو
124 - ابن بسام: تاريخ الادب العربي في صقلية مطبوعات الجامعة الاردنية
125 - مقدمة تثقيف اللسان لابن مكي الصقلي ط القاهرة
الزركلي: خير الدين
126 - الاعلام: قاموس تراجم ط ثالثة بيروت 1391هـ
زيدان: جرجي (1332)
127 - تاريخ آداب اللغة العربية ط دار الهلال 1957م
السلاوي: ابو العباس احمد بن خالد (1315)
128 - الاستقصا الاخبار دول المغرب الاقصى ط مصر 1312هـ
سيد: فؤاد (1387)
129 - فهرس المخطوطات المصورة (ج 1)
ط القاهرة 1954م(18/753)
ضيف: شوقي
130 - ابن زيدون
سلسلة نوابغ الفكر العربي، القاهرة
طوقان: قدري حافظ (1390)
131 - تراث العرب العلمي في الرياضيات والفكر ط اولى القاهرة
عباس: احسان
132 - العرب في صقلية
ط القاهرة 1959م
133 - تاريخ الادب الاندلسي
أعصر سيادة قرطبة
ب عصر الطوائف والمرابطين
ط بيروت 19621960م
عبد الوهاب: حسن حسني (1388)
134 - الاستيلاء الاسلامي على صقلية ط تونس 1905م
135 - الجمانة في ازالة الرطانة
ط اولى تونس 1343هـ
136 - المجمل في تاريخ الادب التونسي
ط تونس
137 - خلاصة تاريخ تونس
ط رابعة تونس 1970م
138 - ورقات عن الحضارة العربية بافريقية التونسية ط تونس
139 - شهيرات التونسيات
ط ثانية تونس
عنان: محمد عبد الله
140 - تراجم اسلامية شرقية وغربية
ط القاهرة 1366هـ(18/754)
كحالة: عمر رضا
141 - معجم المؤلفين
ط دمشق
الكعاك: عثمان
142 - الحضارة العربية في جزر حوض البحر الابيض المتوسط
ط القاهرة
143 - فصل عن امية بن عبد العزيز في (نشرة الجمعية الخلدونية بتونس سنة 1930م)
كنون: عبد الله
144 - النبوغ المغربي في الادب العربي
ط بيروت
لجنة تكريم المستشرق اماري
145 - الذكرى المئوية لميلاد ميشال اماري
ط بلرم 1910م
مخلوف: محمد بن محمد (1360)
146 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ط القاهرة 1350هـ
المدني: احمد توفيق
147 - المسلمون في صقلية وجنوب ايطاليا
ط الجزائر
المراكشي: العباس بن ابراهيم (1378)
148 - الاعلام بمن حل مراكش واغمات من الاعلام 5اجزاء ط فاس 13581355هـ
المنوني: محمد
149 - العلوم والآداب والفنون في عصر الموحدين ط تطوان 1369هـ(18/755)
الميموني: عبد العزيز
150 - النتف من شعري ابن رشيق وزميله ابن شرف
ط السلفية، القاهرة
151 - ابن رشيق القيرواني
ط: السلفية
النيفر: محمد (1330)
152 - عنوان الاريب عما نشأ بالمملكة التونسية من عالم اديب
ط اولى تونس 1351هـ
نيكل:
153 - مختارات من الشعر الاندلسي ط بيروت 1949م
ياغي: عبد الرحمن
154 - حياة القيروان وموقف ابن رشيق منها ط بيروت(18/756)
الجزء التاسع عشر
مقدّمة
الخريدة:
هذا هو القسم الرابع من خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهانى.
والخريدة فى أصل وضعها أربعة أقسام: الأول للعراق، والثانى للعجم وفارس وخراسان، والثالث للشام، والرابع لمصر وصقلية والمغرب وبلاد الأندلس.
أما القسم العراقى فقد تكفل بنشره المجمع العلمى بالعراق، كما نشر الدكتور شكرى فيصل القسم الثالث عن شعراء الشام، وقام الأساتذة الدكاترة أحمد أمين وشوقى ضيف وإحسان عباس بنشر جزء من القسم الرابع وهو الخاص بشعراء مصر.
وبقى من الشعر العربى الذى عنى العماد بجمعه فيما يخص البلاد العربية هذا الجزء الذى يتضمن شعراء صقلية والمغرب والأندلس، وهو الذى نقدمه اليوم للقارىء العربى الكريم.
وتعتبر الخريدة من أمهات الكتب، ومرجعا أصيلا عن شعراء المائة السادسة الهجرية، فعنها ينقل كثير من كتب التراجم والتاريخ مثل:
وفيات الأعيان لابن خلكان، وفوات الوفيات لابن شاكر، والوافى للصفدى، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى، والمغرب لابن سعيد، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى.
وقد جعل العماد كتابه هذا ذيلا على (رينة الدهر) لأبى المعالى سعد
ابن على الحظيرىّ الوراق المتوفى سنة 568هـ، وجعل الحظيرى كتابه ذيلا على (دمية القصر، وعصرة أهل العصر) للباخرزى المتوفى سنة 467هـ، وجعل الباخرزى كتابه ذيلا على يقيمة الدهر لأبى منصور الثعالبى المتوفى سنة 429هـ، وجعل الثعالبى كتابه ذيلا على كتاب البارع لهارون بن على المنجم المتوفى سنة 288هـ.(19/1)
وقد جعل العماد كتابه هذا ذيلا على (رينة الدهر) لأبى المعالى سعد
ابن على الحظيرىّ الوراق المتوفى سنة 568هـ، وجعل الحظيرى كتابه ذيلا على (دمية القصر، وعصرة أهل العصر) للباخرزى المتوفى سنة 467هـ، وجعل الباخرزى كتابه ذيلا على يقيمة الدهر لأبى منصور الثعالبى المتوفى سنة 429هـ، وجعل الثعالبى كتابه ذيلا على كتاب البارع لهارون بن على المنجم المتوفى سنة 288هـ.
ومن ثمّ جاءت الخريدة مكملة لهذه السلسلة الذهبية من كتب التراجم والمختارات الشعرية، وتمتاز بأن صاحبها قد بذل فى جمعها جهدا عظيما، فلم يكتف بما اطلع عليه من دواوين الشعراء، بل كانت ثمرة من ثمرات مكانته الأدبية ورحلاته العديدة، واتصاله اتصالا مباشرا بعدد غير قليل من الشعراء والكتاب والأخذ عنهم، والكتابة إليهم ومراسلتهم مما جعل كتابه هذا وثيقة قيمة في بابها، لا تقف عند قطر من الأقطار الإسلامية فى عصره، ولكنها شملت رقعة فسيحة تكاد تجمع العالم الإسلامى حينذاك، وتؤرخ لحقبة تمتد من سنة خمسمائة إلى خمسمائة واثنتين وسبعين هجرية.
ولم يقتصر العماد على ذكر المشهورين من الشعراء، ولكنه احتفى بعدد كبير من المغمورين الذين راق له شعرهم، أو لم يسعدهم الجد لنيل نصيبهم الموفور من الشهرة والجاه، وبذلك تعد سجلا طيبا لشعراء عصره، يعطى فكرة واضحة عن الشعر والشعراء ومنزلتهم فى المجتمع إبان هذه الحقبة، مما يعين الباحثين اليوم حين يتصدون لدراسة الأدب في ذاك القرن.
ولم يكن العماد مجرد حامع للشعر، ولكنه تناوله تناول الأديب الذوّاقة ولا عجب فقد كانت له في دنيا الأدب فى عصره منزلة ومكانة وحتى تنزل هذا
الكتاب منزلته الصحيحة، وقبل أن نقدم إليك عملنا فيه نعرفك بصاحبه تعريفا موجزا.(19/2)
ولم يكن العماد مجرد حامع للشعر، ولكنه تناوله تناول الأديب الذوّاقة ولا عجب فقد كانت له في دنيا الأدب فى عصره منزلة ومكانة وحتى تنزل هذا
الكتاب منزلته الصحيحة، وقبل أن نقدم إليك عملنا فيه نعرفك بصاحبه تعريفا موجزا.
العماد الكاتب:
علم من أعلام الكتابة الإنشائية والدبوانية وشاعر مرموق المكانة من أدباء القرن السادس الهجرى، وهو أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد ابن عبد الله بن على المعروف بالعماد الكاتب الأصفهانى، الملقب بابن أخى الوزير.
ولد بأصبهان يوم الاثنين ثانى جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وخمسمائة، وبها نشأ، ثم قدم بغداد شابّا، وانتظم فى سلك المدرسة النظامية، وتلقى العلم بفروعه المختلفة على كبار علمائها، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، ومن ثمّ رجع إلى أصبهان فأخذ ما لدى علمائها من فقه وأدب، ثم رجع إلى بغداد، واحترف الكتابة فبرع فيها ونبغ، واتصل بالوزير عون الدين يحيى بن هبيرة، فولاه النظر بالبصرة ثم بواسط، ولما توفى ابن هبيرة وتشتت شمل المنتسبين إليه أقام العماد مدة ببغداد منكّد العيش، ثم انتقل إلى دمشق، ووصل إليها فى شعبان سنة اثنتين وستين وخمسمائة، فأنزله قاضى القضاة كمال الدين الشهرزورى بالمدرسة النورية الشافعية، المنسوبة إلى العماد الآن والمعروفة بالعمادية، وإنما نسبت إليه لأن الملك العادل نور الدين ولاه إياها سنة سبع وستين وخمسمائة.
وكان العماد له معرفة بنجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين، عرفه بتكريت حين كان نجم الدين واليا عليها فلما سمع نجم الدين بوصوله بادر لتبجيله والسلام عليه فى منزله، ومدحه العماد إذ ذاك بقصيدة مطلعها:
يوم النوى ليس من عمرى بمحسوب ... ولا الفراق إلى عيشى بمنسوب
وكان لهذا المديح أثره فى نفس نجم الدين فأكرمه وأحسن إليه، وقدمه على الأعيان وميزه وعرف به ابنه صلاح الدين وكان القاضى الشهرزورى يحضر مجالس العماد ويذاكره فى كثير من مسائل العلم، فعرف قدره وغزارة علمه، ونوّه به عند السلطان نور الدين، وذكر له تقدمه فى العلم والكناية.(19/3)
يوم النوى ليس من عمرى بمحسوب ... ولا الفراق إلى عيشى بمنسوب
وكان لهذا المديح أثره فى نفس نجم الدين فأكرمه وأحسن إليه، وقدمه على الأعيان وميزه وعرف به ابنه صلاح الدين وكان القاضى الشهرزورى يحضر مجالس العماد ويذاكره فى كثير من مسائل العلم، فعرف قدره وغزارة علمه، ونوّه به عند السلطان نور الدين، وذكر له تقدمه فى العلم والكناية.
وأهله لكتابة الإنشاء، وتردد العماد فى القيام بأمر لم يمارسه طويلا، مع أن عدّته لديه موفورة، وهو الأديب الأريب، ولكنه خاف التقصير، ثم أقدم بعد إحجام، فبرّز حتى قال ياقوت الحموى إنه «زاحم القاضى الفاضل بمنكب ضخم»، وكان ينشىء الرسائل بالفارسية كذلك فيجيد فها إجادته بالعربية.
ومن ثمّ علت منرلته لدن نور الدين، وصار صاحب سرّه، وفوّض إليه التدريس بالمدرسة العمادية كما تقدم، وولّاه الإشراف على ديوان الإنشاء.
ولما توفى نور الدين، وتولى ابنه الملك الصالح إسماعيل سمع فيه وشاية الحساد، فخاف العماد على نفسه وخرج من دمشق قاصدا بغداد، فوصل إلى الموصل ومرض بها، ولما أبلّ من مرضه بلغه رجوع السلطان صلاح الدين الأيوبى من مصر قاصدا دمشق ليستولى عليها، فكرّ راجعا إلى دمشق، والتقى بصلاح الدين فى حلب، ولزم بابه وصاحبه فى غزواته، ونوّه بفتوحاته شعرا ونثرا، وكانت أول قصيدة مدحه بها تلك التى مطلعها:
إجيران جيرون مالى مجير ... سوى عدلكم فاعدلوا أو فجوروا
وقرّبه صلاح الدين إليه واعتمد في كثير من شئونه عليه، فتصدر وزاحم الوزراء وأعيان الدولة، وعلا قدره وطار صيته. وكان إذا انقطع القاضى الفاضل عن الديوان ناب عنه في النظر عليه، وألقى إليه السلطان مقاليده، وركن إليه
بأسرره. وكان بينه وبين القاضى الفاضل مودة وتقدير ومراسلات ومحاورات.(19/4)
إجيران جيرون مالى مجير ... سوى عدلكم فاعدلوا أو فجوروا
وقرّبه صلاح الدين إليه واعتمد في كثير من شئونه عليه، فتصدر وزاحم الوزراء وأعيان الدولة، وعلا قدره وطار صيته. وكان إذا انقطع القاضى الفاضل عن الديوان ناب عنه في النظر عليه، وألقى إليه السلطان مقاليده، وركن إليه
بأسرره. وكان بينه وبين القاضى الفاضل مودة وتقدير ومراسلات ومحاورات.
ولما توفى السلطان صلاح الدين اختلت أحوال العماد، ولزم بيته، وأقبل على التصنيف والإفادة حتى توفى يوم الاثنين مستهل رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
وقد ترك العماد عدة مؤلفات منها:
1 - خريدة القصر وجريدة العصر، وهذا الكتاب الذى بين أيدينا جزء منه كما ذكرنا آنفا.
2 - البرق الشامى، وهو تاريخ حياته، بدأه بذكر نشأته ورحلته من العراق إلى الشام وأخباره مع نور الدين وصلاح الدين وذكر فيه بعض الفتوحات بالشام وأطرافها، ويقع فى عدة مجلات كما ذكر ياقوت الحموى.
3 - الفيح القسىّ فى الفتح القدسى، فى مجلد كبير، وقد جاء كله مسجوعا على الطريقة التى كانت سائدة فى الكتابة آنذاك.
4 - السيل على الذيل، وقد جعله ذيلا على كتابه خريدة القصر.
5 - نصرة الفطرة، وعصرة القطرة فى أخبار الدولة السلجوقية.
6 - رسالة سماها عقبى الزمان، وتسمى أيضا العتبى والعقبى.
7 - نحلة الرّحلة. ذكر فيه اختلال الأحوال وتغير الأمور بعد موت السلطان صلاح الدين، واختلاف أولاده، وما وقع من الخلاف بين الأمراء والعمال.(19/5)
8 - ديوان رسائل فى مجلدات.
9 - ديوان شعر فى مجلدين.
وهذا النتاج الغزير المتنوع يدل على ثقافة العماد، وميوله التاريخية والأدبية، وفى الحق لقد خدم الرجل عصره أجل خدمة وألقى أضواء ساطعة على معالمه وأحداثه ورجاله وأدبائه، أثابه الله سبحانه على ما قدم خير الثواب.
أصول القسم الرابع:
والنسخة الأصلية التى اعتمدنا عليها مصورة عن النسخة المحفوظة بمكتبة باريس رقم 3230ونحمل رقم 4255أدب بدار الكتب المصرية.
وهى نسخة قديمة كتبت فى عصر قريب من عصر المؤلف، ويقع القسم الذى نقوم بنشره فى آخر النسخة، وهو جزءان يحمل عنوان الجزء الحادى عشر، والجزء الثانى عشر حسب تقسيم الناسخ ويقع الأول منهما فى 198ورقة ومسطرته عشرون سطرا، والثانى يقع فى 218ورقة ومسطرتها 17سطرا.
وكل منهما بخط مخالف للآخر، وإن كان خط كليهما واضحا مكتوبا بالنسخ والعناوين بالثلث، والإعجام قريب من التمام غير أن الشكل نادر، وقد يهمل الناسخ فى كلا الجزئين كثيرا من الهمزات، ويلجأ إلى تخفيف الهمزة إلى الياء.
وبهامش الجزئين بعض التعليقات بخطوط مختلفة ومغايرة لخط النسخة الأصلية ولا تخرج هذه التعليقات عن أن تكون تفسيرا لبعض المفردات اللغوية فى الأغلب الأعم، أو إيرادا لمعانى بعض الأبيات، وذكر الأصول
التى أخذ منها الشعراء معانيهم. والنسخة كثيرة التصحيف والتحريف.(19/6)
وبهامش الجزئين بعض التعليقات بخطوط مختلفة ومغايرة لخط النسخة الأصلية ولا تخرج هذه التعليقات عن أن تكون تفسيرا لبعض المفردات اللغوية فى الأغلب الأعم، أو إيرادا لمعانى بعض الأبيات، وذكر الأصول
التى أخذ منها الشعراء معانيهم. والنسخة كثيرة التصحيف والتحريف.
ومن المرجح أن أجزاء الكتاب من مخطوطات القرن الثامن للهجرة، وبالنسخة نقص كثير، ولكنها أكمل النسخ الموجودة، وكثيرا ما يتخللها نقص فى بعض الأبيات، وقد أكملناها بما يقتضيه السياق أو يحتمه المعنى، ونبهنا إلى ذلك فى الهامش، وذلك بعد أن استفرغنا جهدنا فى الرجوع إلى المصادر الهامة.
واعتمدنا كذلك فى المراجعة على نسختين من مختصر الكتاب، ويسمى «عود الشباب»، وقد اختصره من الخريدة على بن محمد المعروف برضائى زاده المتوفى سنة 1039هـ وهر مختصر موجز مبالغ فى الإيجاز وفيه كثير من التصحيف والتحريف.
وإحدى النسختين مكتوبة بقلم نسخ معتاد مكتوبة فى القرن الثانى عشر تقريبا بالمداد الأسود، وعناوين التراجم مكتوب بالأحمر وتقع فى 270صفحة ومسطرتها 25سطرا وهى برقم 201أدب فى دار الكتب المصرية.
أمّا النسخة الثانية فقد جاء بأولها بخط مخالف أنها: طبقات العلماء لابن أبى طى يحيى بن حميدة الحلبى المتوفى سنة 630هـ (وهذا خطأ) وهى مخرومة من أولها. وجاء أول ما فيها فى أثناه ترجمة الطغرانى، وهى تقابل ص 68 من النسخة السابقة.
وهذه النسخة مكتوبة بقلم تعليق فارسى بالمداد الأسود، وعناوين التراجم مكتوبة بالحمرة، وبأولها فهرس من وضع المرحوم العلامة أحمد تيمور وبخطه للتراجم الموجودة بالنسخة، وهي محفوظة بالخزانة التيمورية برقم 1418
تاريخ فى 307صفحة ومسطرتها 17سطرا، وبآخر النسختين وقفة كاتب مما يدل على عدم تمامها.(19/7)
وهذه النسخة مكتوبة بقلم تعليق فارسى بالمداد الأسود، وعناوين التراجم مكتوبة بالحمرة، وبأولها فهرس من وضع المرحوم العلامة أحمد تيمور وبخطه للتراجم الموجودة بالنسخة، وهي محفوظة بالخزانة التيمورية برقم 1418
تاريخ فى 307صفحة ومسطرتها 17سطرا، وبآخر النسختين وقفة كاتب مما يدل على عدم تمامها.
ولم نكتف بهذا بل حاولنا توثيق هذه المخطوطات من مظانها فى أمهات الكتب الأدبية، وبخاصة تلك التى عنيت بالتراجم واشتهرت بالنقل عن الخريدة، وقد أثبتنا ذلك فى هامش الكتاب.
ولا نريد أن نفيض فى مقدار الجهد الذى بذلناه فى التحقيق والمراجعة، وكيف كنا نقف الساعات الطويلة أمام بيت محرّف أو ناقص ونحاول أن نهتدى إلى للصواب.
لقد بذلنا غاية جهدنا، ونلتمس من القارىء الكريم سلفا التجاوز عما عساه يجده من هنوات لا يسلم منها عمل من مثل هذا الذى اضطلعنا به، والله نسأل أن يوفقنا للصواب.
أكتوبر 1964 عمر الدسوقى على عبد العظيم(19/8)
الجزء العشرون
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
تصدير
هذا هو الجزء الثانى من القسم الرابع من كتاب خريدة القصر، وهو خاص بشعراء الأندلس وأدبائها، وقد بذلنا فى إخراجه والترجمة للشعراء والأدباء غاية الجهد، واستشرنا فى ذلك عشرات المراجع، وشرحنا الكلمات الغريبة، والأبهات المشكلة.
وقد وجدنا فى المخطوطة بياضا كثيرا، وأبياتا محرفة أو ناقصة، فحاولنا إكمال الناقص من مظانه فى كتب الأدب، فإن لم نعثر عليه اجتهدنا فى تكملة البيت وصححنا المحرف، وإنا لنرجو أن نكون قد وفقنا فيما قمنا به من جهد حتى يظهر هذا الكتاب القيم بالصورة التى هو جدير بها.
وإنه ليسعدنا أن يخرج هذا الكتاب إلى النور، ويتداوله القراء، وينتفعوا به بعد أن ظل حبيسا فى مخطوطته أمدا طويلا، وبعد أن ظهرت الأجزاء الأخرى الخاصة بمصر والشام والعراق.
وثمة ظاهرة فى هذا الجزء ننبه إليها وهى أن المؤلف يكرر بعض التراجم ولعله كان يعتمد على مصادر خاصة لديه فيكتب الترجمة، ثم يقع على مصادر جديدة فيعيد الترجمة مثل ما فعل فى ترجمة أبى القاسم الأسعد بن ابراهيم بن بليطة.(20/3)
وفى ترجمة أبى الوليد حسان بن المصيصى، وترجمة أبى بكر بن يحيى بن بقى وترجمة المخزومى الأعمى، وأبى بكر أحمد الأبيض وغيرهم. وقد نبهنا إلى ذلك فى الهامش. وقد يضيف إلى الترجمة الجديدة أحيانا أبياتا لم يذكرها من قبل استكمالا للفائدة.
هذا وقد تضخم هذا الجزء وبقيت بقية من شعراء الأندلس لم يستوعبها تقع فى مائة وأربع وسبعين صفحة يبتدىء بالمعتمد بن عباد وتنتهى بابن الحاج وهو الجزء الذى ذكر المؤلف أنه الحادى عشر وقد آثرنا أن يطبع مستقلا عن هذا الجزء الذى نقدم له ويكون جزءا ثالثا للقسم الرابع، وقد عنينا به عنايتنا بالجزئين السابقين.
والله نسأل أن ينفع به، ويوفقنا إلى الصواب؟
عمر الدسوقى على عبد العظيم(20/4)
تتمة القسم الرابع: شعراء الأندلس
ابن خفاجة الأندلسى (1)
هو أبو إسحاق إبراهيم بن أبى الفتح بن خفاجة الخفاجى الأندلسى الحريرى، أنشدنى ببغداد أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن الفزارى الإسكندرانى قال: أجاز لى القاضى أبو محمد العثمانى قال: أنشدنى الفقيه إبراهيم بن محمد بن المتقن بن ابراهيم اللخمى السبتى قدم علينا الإسكندرية، قال: أنشدنى أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة لنفسه فى صفة فرس أشهب مجلّى:
رب طرف كالطّرف سرعة عدو ... ليس يسرى سراه طيف الخيال (2)
إن سرى فى الدجى فبعض الدّرارى (3) ... أوسعى فى الفلا فإحدى السّعالى (4)
لست أدرى إن قيد (5) ليلة أسرى ... أو تمطّيته غداة قتال (6)
__________
(1) إبراهيم بن أبى الفتح بن عبد الله بن خفاجة الهوارى الأندلسى من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية شاعر مجيد من أشهر وصافى الطبيعة فى الشعر العربى، حتى شعره فى الرثاء لم يخل من وصف الطبيعة، لم يتكسب بشعره، ولم يتزوج، ويتأنق فى صياغة شعره، كما يتأنق فى صياغة نثره، ولد سنة 450وتوفى سنة 533هـ.
(2) الطرف: الكريم من الخيل، أو الكريم الأطراف من الآباء والأمهات، وهو نعت للذكور خاصة.
(3) فى الأصل «الذرارى» والتصحيح عن الديوان والمطرب والتيمورية.
(4) السعلاة والسعلاء (بكسر العين فيهما): الغول، أو ساحرة الجن، جمعها سعال بفتح السين.
(5) فى الأصل: «قيل»، والتصحيح عن الديوان والمطرب.
(6) أسرى: أسير فى الليل، تمطيته: اتخذته مطية، وكتب اللغة تذكر فى هذا المعنى أطيته وامتطيته.
(م 1الخريدة ج 2)(20/5)
أجنوب تقادلى عن جنيب ... أم شمال عنانها بشمالى (1)
أشهب اللّون أثقلته حلىّ ... خبّ فيهن فهو ملقى الجلال (2)
فبدا الصّبح ملجما بالثّريّا ... وسرى البرق مسرجا بالهلال
[وقال يرثى محمدا ابن أخته وقد توفى بالصحراء:
أرقت أكفّ الدّمع طورا وأسفح
وأنضح خدّى تارة ثم أمسح
ومنها] (3):
تحمل إلى قبر الغريب مزاده
من الدمع تندى حيث سرت وتنضح (4)
وطيب سلام بعبر البحر دونه ... فيندى وأزهار البطاح فينفح (5)
__________
(1) فى المطرب: * أجنوب مقودة من جنيب * وفى الديوان: تقتاد، وفى المطرب * أو شمال موضوعه فى شمالى *، والجنيب: الجواد المقود إلى جانب الفارس، ويلى هذا البيت بالديوان والمطرب:
جال فى أنجم من الحلى بيض ... وقميص من الصباح مذال
(2) فى الديوان والمطرب «وهو ملقى الجلال».
(3) فى الأصل بياض. وقد اقتبسنا من الديوان ما يعتبر تمهيدا للمقطوعة التى أوردها المصنف، وهى من قصيدة طويلة رثى بها المؤلف ابن أخته، وفى الديوان أن اسمه محمد، ونحن نرجح أنه ابن الزقاق أبو الحسن على بن إبراهيم بن عطية الشاعر الذى توفى قبل خاله ابن خفاجة بعامين أو ثلاثة، والقصيدة مذكورة بالديوان ص 269267، وبالقلائد ص 236235.
(4) فى القلائد: * تحمل إلى قبر القريب مزادة *.
وفى الديوان: مدامعا * تكب فتروى أو تعب فتطفح.
(5) فى الديوان: «وأحفى سلام» والأصل يتفق مع القلائد.(20/6)
وعرّج على قبر الحميم بنظرة ... تراه بها عنى هناك وتلمح (1)
ومما أورده له أبو الصلت أمية فى الحديقة قوله فى غلام التحى:
تغشى نور وجنته القتاد ... وغطّى نور صفحته السواد
فما يهفو إلى مرآه طرف ... ولا يصبو لذكراه فؤاد
يموت المرء ثم يعود حيّا ... وموت الحسن ليس له معاد
وقوله:
كتابنا، ولدينا البدر ندمان ... وعندنا بكئوس الراح شهبان (2)
والقضب مائسة، والطير ساجعة ... والأرض كاسية، والجو عريان
وقوله فى أسود يسبح:
وأسود يسبح فى لجة (3) ... لا تكتم الحصباء غدرانها
كأنها فى شكلها (4) مقلة ... زرقاء، والأسود إنسانها
ووصفه صاحب قلائد العقيان بهذا الفصل. وقال: مالك أعنّة المحاسن وناهج طريقها، العارف بترصيعها وتنميقها، الناظم لعقودها، الراقم لبرودها المجيد لإرهافها العالم بجلائها وزفافها، تصرف فى فنون الإبداع كيف شاء
__________
(1) فى الديوان: وعرج على مثوى الحبيب. والأصل متفق مع القلائد.
(2) آثرنا رواية المطرب وفى الأصل: «لكئوس». الندمان: المنادم على الشراب، والشهبان: الكواكب. والراح: الخمر.
(3) فى نفح الطيب: فى بركة.
(4) فى المختصر والتيمورية: «فى صفوها»، وفى الأصل: «كيف شاء»، وقد أخذنا برواية القلائد.(20/7)
وأتبع ذكره فى الإجادة الرشاء (1)، فشعشع القول وزوّقه، ومد فى ميدان الإعجاز طلقه فجاء نظامه أرق من النسيم العليل، وآنق (2) من الروض البليل.
وذكر أنه كان فى ريعان عمره ذا مجون وتهتك، وعاد فى زمن كهولته ذا ورع وتنسك، وأورد له يندب أيام شبابه (3):
ألا ساجل دموعى يا غمام ... وطارحنى بشجوك يا حمام
فقد وفّيتها ستين عاما (4) ... ونادتنى ورائى: هل أمام؟
وكنت ومن لباناتى (لبينى) (5) ... هناك ومن مراضعى المدام (6)
وكان به البشام مزاج أنس ... فماذا بعدنا صنع البشام (7)
فيا شرخ الشّباب ألا لقاء ... يبلّ به على برح أوام (8)
ويا ظلّ الشباب وكنت تندى ... على أفياء سرحتك السلام (9)
__________
(1) فى الأصل: الرشا وقد أخذنا برواية القلائد.
(2) فى الأصل وأينق، والتصويب عن القلائد.
(3) وردت هذه المقطوعة بالديوان مصدرة برسالة أرسلها هى والمقطوعة إلى صديقه أبى إسحق إبراهيم بن صواب بالمغرب.
(4) فى القلائد: «ستين حولا».
(5) تصغير لبنى اسم علم مؤنث.
(6) يلى هذا فى الديوان البيت الآتى:
يطالعنا الصباح ببطن حزوى ... فينكرنا، ويعرفنا الظلام
(7) فى القلائد والديوان: وكان به البشام مراح أنس فعل البشام والبشام: شجر عطر الرائحة ورقه يسود الشعر ويستاك بقضبانه.
(8) فى الأصل فياشرخ الالقاء. وفى القلائد: فأنتزح الشباب ألالقاء. وفى الديوان فياشرخ الشباب على يأس أوام.
(9) فى الأصل ويا ظل الشباب وكيف تندى على أفناء وقد آثرنا رواية الديوان والقلائد، والتيمورية والمختصر.(20/8)
ومما أورده غيره (1) وقال ابن خفاجة فى الحمام:
أهلا ببيت النار من منزل ... شيد لأبرار وفجار
نقصده ملتمسى لذّة ... فندخل الجنة فى النار (2)
وقال من أبيات يرثى فيها صديقا له:
تيقّن أن الله أكرم جيرة ... فأزمع عن دار الحياة رحيلا
فإن أقفرت منه العيون، فإنه ... تعوّض منها بالقلوب بديلا
ولم أر أنسا قبله عاد وحشة ... وبردا على الأكباد عاد غليلا
ومن تك أيام السرور قصيرة ... به كان ليل الحزن فيه طويلا
وكتب إلى ابن دراج النحوى (3) جوابا عن كتاب كتبه إليه وجعل الجواب فى ظهر الكتاب:
ومعرّض لى بالهجاء وهجره ... جاوبته عن شعره فى ظهره
فلئن يكن بالأمس قد لطنا به ... فاليوم أشعارى تلوط بشعره (4)
هو من قول الآخر:
وأجيب فى ظهر الكتاب إذا أتى ... فيلوط خطى فى الكتاب بخطه
__________
(1) غير أبى الصلت أمية بن عبد العزيز فى كتابه الحديقة.
(2) فى بعض أصول الديوان:
يدخله ملتمس لذة ... فيدخل الجنة فى النار
(3) أبو الحسن بن الدراج النحوى من أهل غرناطة، أخذ عن أبى تمام القطينى، وأقرأ العربية والآداب (تكملة الصلة).
(4) فى الديوان والذخيرة والمغرب «فلئن نكن».(20/9)
وقال فى أسود وجّهه فى حاجة فأبطأ (1):
قبّحت من أسود غبىّ ... لا يفهم الوحى حين نوحى
أبطأ فى سعيه فحاكى ... فى حالتيه غراب نوح (2)
وقال فى تفضيل أخ على أخ:
تفاوت نجلا أبى جعفر ... فمن متعال ومن مستغل (3)
فهذا يمين بها أكله ... وهذا شمال بها يغتسل (4)
__________
(1) هذان البيتان وردا فى الخريدة وحدها وقد اقتبسهما عنها ناشرا الديوان.
فى الأصل «يوحى» ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) فى الأساطير أن نوحا عليه السلام وهو بالسفينة أرسل غرابا يستكشف، فانشغل.
عنه ولم يعد إليه، وأرسل حمامة فعادت إليه بغصن زيتون، فدعا على الغراب ودعا للحمامة.
(3) فى نفح الطيب: منسفل.
(4) المقصود أن شماله يستعملها فى الاستنجاء، ويمينه فى تناول الطعام، وابنه الأول يشبه يمينه والثانى يشبه شماله.(20/10)
راشد بن عريف الكاتب (1)
أورده أبو الصلت فى الحديقة قال:
جمع فى مجلسى ندامى ... تحسدنى فيهم النجوم (2)
فقال لى منهم ظريف ... ما لى إذا قمت لا تقوم (3)
فقلت إن قمت كل حين ... فإن خطبى بكم عظيم (4)
وليس عندى إذا ندامى ... بل عندى المقعد المقيم
وقال:
يا حاسد الأقوام فضل يسارهم ... لا ترض رأيا لم يزل ممقوتا
فى المصر (5) ألف فوق رزقك رزقهم ... وبه ألوف ليس تملك قوتا
لو قسّمت أرزاقهم بسويّة ... لم تعط إلّا دون ما أعطيتا
__________
(1) راشد بن سليمان بن موسى بن عريف اللخمى من أهل طليطلة، ويكنى أبا الحسن وهو أحد كتاب المأمون يحيى بن ذى النون. روى عن أبى بكر حزم بن محمد وكتب عنه بطليطلة كتابه (نقد الشعر) سنة 457وروى أيضا عن أبى عبد الله بن شرف القيروانى أخذ عنه كتابه أعلام الكلام سنة 458 «راجع تكملة الصلة لابن الأبار»، وأورد صاحب المغرب فى تراجمه ترجمة لأبى الحسن راشد بن سليمان. وأورد عن بعضهم أن أصله من بليانة وله فيها مال موروث، وسكن حضرة مرسية وكتب عن صاحبها أبى عبد الرحمن ابن طاهر، وربما كان الاسمان لشخص واحد وإن كان صاحب المغرب أورد له ترجمة أخرى فى مكان آخر باسم راشد بن عريف. وقال: إنه من أعيان وادى الحجارة، وساد فى الكتابة، وأورد مقدمة لهذه المقطوعة قال فيها: «حضر عنده شرب فاحتاج أحدهم للقيام. فقام له، ثم تسلسل ذلك حتى ضجر فلم يقم، فاغتاظ الذى لم يقم له، فقال راشد ارتجالا»:
(2) فى نفح الطيب جمع فى مجلس نديم.
(3) فى نفح الطيب: فقال لى منهم نديم ... مالك إذ قمت لا تقوم؟
وفى المغرب: فقال لى منهم خليل ... مالك إذ قمت لا تقوم؟
(4) فى نفح الطيب: «فإن حظى بكم».
(5) فى التيمورية: «فى مصر».(20/11)
أبو الحسن الشاغتنى الراعى (1)
قال:
إلام أمنّى النفس ما الناس دونه ... كمنخدع يأوى إلى شرّ خادع
قضى زمنى إنى له سنّ نادم ... لتقرعنى عنه صفوف القوارع (2)
وإن يك ذا غيظ فإنّ بنانه (3) ... يسيل دما من عضّه المتتابع
[لمحمد بن شرف (4)]
(غيرى جنى وأنا المعاقب فيكم ... فكأننى سبابة المتندم)
لئن كان حظّى من زمانى ما أرى ... فيا شؤم ميلادى ويا شؤم طالعى
ألا ربّ ليل بت ألبس جنحه ... على ظهر عزم للمفاوز قاطع
ولم أك مثل الطيف إن رام وجهة ... مضى آخذا أذن العيون الهواجع
وهيهات إدراك المنى ووسائلى ... من الأدب المجفوّ فيها موانعى
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة.
(2) يعض النادم على إصبعه السبابة تنفيسا لغيظه.
(3) فى المختصر والتيمورية «فإنى بنانه».
(4) أبو عبد الله محمد بن سعيد بن أحمد بن شرف الجذامى القيروانى كاتب مترسل وشاعر أديب ولد بالقيروان واتصل بالمعز بن باديس فأكرمه وقربه إليه ثم رحل إلى صقلية ومنها إلى الأندلس حيث توفى بأشبيلية سنة 460هـ: ومن كتبه: أبكار الأفكار، ومقامات نشرت أخيرا باسم أعلام الكلام، وله ديوان شعر وكتب أخرى، وكانت بينه وبين ابن رشيق صاحب العمدة ملاحاة وأهاج وإن كان ابن رشيق يعترف له بالفضل أحيانا.(20/12)
ابن معلىّ البريانى (1)
من حصن فى شرق الأندلس يقال له بريّانة (2)، قال من قصيدة:
أمعتنق الصعيد وكان يغدو ... عليه وهو معتنق الصّعاد
أرى لبس الحداد عليك مما ... يشق على المهندة الحداد
__________
(1) لم نقف على ترجمة لهذا الشاعر فيما بين أيدينا من المصادر.
(2) بريانة: مدينة بالأندلس شرقى قرطبة من أعمال بلنسية.(20/13)
أبو مروان بن عيسى البلنس (1)
قال:
أدر كأس المدامة فى ندامى ... هم من فقد دائرها عطاش
فأوطار السرور بها تقضّى ... وأجنحة السرور بها تراش
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما رجعنا إليه من مصادر، ولعله البلنسى نسبة إلى بلنسية.(20/14)
أحمد بن الشنقاق المنفتل (1)
قال:
فى خدّ أحمد خال ... يصبو إليه الخلىّ
كأنه روض ورد ... جنّانه حبشىّ (2)
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة: ولقب المنفتل يلقب به أبو أحمد عبد العزيز بن خيرة القرطبى وقد ترجم له ابن بسام فى الجزء الثانى من القسم الأول من الذخيرة ص 259وأورد طائفة من شعره ونثره، ولعل اللقب مشترك بينهما، أو لعل أحمد هو ابن عبد العزيز فإن كنيته توحى بذلك.
(2) فى المختصر والتيمورية «حيا به حبشى».(20/15)
أبو مروان غصن الحجارى (1)
قال:
فديتك لا تخف منى سلوّا ... إذا ما غيّر الشّعر الصّغارا
أهيم بدنّ خلّ كان خمرا ... وأهوى لحية كانت عذارا
__________
(1) فى الأصل: الحجازى والتصويب عن جذوة المقتبس. وقد أشار إليه الحميدى فى الجذوة فقال: إنه شاعر متأخر مجود، دخل الشرق، وأورد له مقطوعتين غير البيتين الذين ذكرهما المصنف ص 278.(20/16)
أبو محمد عبد الله بن عبد البر (1)
الكاتب: كاتب المعتمد قال:
لا تكثرن تأمّلا ... واحبس عليك عنان طرفك (2)
فلربما أرسلته ... فحرى إلى ميدان حتفك (3)
__________
(1) أبو محمد عبد الله بن أبى عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البركان أبوه أبو عمر يوسف بن عبد البر من كبار علماء الأندلس، ونشأ ابنه أديبا كاتبا بارعا مات قبل أبيه بعد سنة 450، وله رسائل عن المعتضد افتتن بها معاصروه، وكاد المعتضد بن عباد يفتك به لولا أن توسل إليه أبوه أبو عمر يوسف فنجا وما كاد ينجو ويقال إن ابن زيدون ألب عليه المعتضد.
(2) فى الأصل: «وأمسك عليك» وقد آثرنا رواية جذوة المقتبس ومختارات من الشعر الأندلسى والقلائد.
(3) فى جذوة المقتبس. ومختارات من الشعر الأندلسى وقلائد العقيان.
فلربما أرسلته ... فرماك فى ميدان حتفك
وله عدة رسائل فى القسم الثانى من الذخيرة والقلائد، كما أن له قطعة شعرية بالقلائد.(20/17)
أبو محسن بن أبى عامر الباكرى (1)
قال فى مصلوب:
ورأت يداه عظيم ما جنتا ... فنفرن: ذى شرقا، وذى غربا (2)
وأمال نحو الصدر منه فما ... ليلوم فى آرائه القلبا
وإلى هذا نظر عمارة اليمنى (3) من أهل عصرنا فى وصف مصلوب وقد أوردته فى موضعه:
أراد علوّ مرتبة وقدر ... فأصبح فوق جذع، وهو عال
ومدّ على صليب الجذع منه ... يمينا لا تطول إلى الشمال
ونكّس رأسه لعتاب قلب ... دعاه إلى الغواية والضلال
__________
(1) لم نعثر على ترجمة له فيما بين أيدينا من المراجع.
(2) فى الأصل «ففرن»، وفى التيمورية والمختصر ما قد جننا، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) أبو محمد عمارة بن على بن زيدان الحكمى المذحجى اليمنى مؤرخ ثقة شاعر أديب فقيه من أهل اليمن قدم إلى مصر فأكرمه الفاطميون وأحسنوا إليه، فلما انتهت دولتهم اشترك فى مؤامرة ضد صلاح الدين الأيوبى وانكشفت المؤامرة فقتلهم صلاح الدين جميعا سنة 569هـ وله ديوان شعر وعدة مؤلفات(20/18)
أبو القاسم السميسر (1)
هو أبو القاسم (2) خلف بن فرج الألبيرى المعروف بالسّميسر، ذكره أبو الصلت فى الحديقة كان كثير الهجاء. وله كتاب لقّبه شفاء الأعراض فى أخذ الأعراض، فمن شعره قوله:
يا اكلا كلّ ما اشتهاه ... وشاتم الطبّ والطبيب
ثمار ما قد غرست تجنى ... فانتظر السقم عن قريب (3)
يجتمع الداء كلّ يوم ... أغذية السوء كالذنوب (4)
وله فى هذا المعنى:
أتأكل ما تشتهى؟ ... نهيت، ولم تنته
لأكلك ما تشتهى ... بقيت وما تشتهى (5)
وله:
يا مشفقا من خمول قوم ... ليس لهم عندنا خلاق (6)
__________
(1) فى الأصل «أبو القسم» وفى المطرب، السميسير، والتصحيح عن الذخيرة والمغرب.
(2) فى الأصل أبو القسم وهو تحريف، وقد أورد له صاحب الذخيرة مختارات عديدة ج 2من القسم الأول ص 391377كما أورد له نفح الطيب عدة مقطوعات، وكذلك المغرب والمطرب.
(3) فى رايات المبرزين: «من قريب».
(4) فى الأصل «يجتمع الدا» والتصويب عن رايات المبرزين والذخيرة ونفح الطيب والمغرب.
(5) فى الأصل «أآكل ما تشتهى» ولعل الصواب ما أثبتنا، والمعنى أنك أسلمت نفسك لشهوة البطن حتى مرضت بالتخمة وما ينشأ عنها ويشهها من الأمراض فانعدمت فيك الشهية.
(6) الخلاق: النصيب.(20/19)
ذلّوا وكم طال ما أذلوا ... دعهم يذوقوا كما أذاقوا (1)
وله:
خنتم فهنتم، وكم أهنتم ... زمان كنتم بلا عيون (2)
فأنتم تحت كل تحت ... وأنتم دون كلّ دون
سكنتم يا رياح عاد ... وكلّ ريح إلى سكون (3)
وله:
جاء القليل مكدّرا ... ومقتّرا مثل العصاره
دهن الحجارة جاءنى ... وعجبت من دهن الحجاره!!
«وله يهجو أبا الحسن على العامرى»:
حاد عن بخل علىّ ... تلك فى العالم ندره
فهى كالنار اعترتها ... عصر إبراهيم قرّه (4)
جاد نزرا فقبلنا ... درهم الساقط بدره
عجب الناس وقالوا ... كيف نيلت منه ذرّه؟
هل رأيتم بعد موسى ... أحدا فجّر صخره (5)
__________
(1) فى نفح الطيب:
ذلوا، ويا طالما أذلوا ... دعهم يذوقوا الذى أذاقوا
وفى الذخيرة:
ذلوا وقد طالما أذلوا ... دعهم يذوقوا الذى أذاقوا
(2) فى الأصل: «زمان ما كنتم»، وبه يختل الوزن، والتصويب عن نفح الطيب ومختارات من الشعر الاندلسى.
(3) الرياح التى أهلك الله بها قوم عاد كانت رياحا عاصفة ما تذر من شىء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
(4) نار الخليل إبراهيم عليه السلام استحالت عليه بردا وسلاما، البدرة: عشرة آلاف درهم.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {«وَإِذِ اسْتَسْقى ََ مُوسى ََ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتََا عَشْرَةَ عَيْناً»} الآية 60من سورة البقرة.(20/20)
ابن حنظلة البطليوسى (1)
قال يمدح ابن الأفطس (2):
زعم الناس أن حاتم طىّ ... أول فى الندى وأنت الثانى
كذب الناس ليس ذاك صحيحا ... هو مرعى وليس كالسّعدان (3)
__________
(1) أشار إليه ابن دحية فى المطرب ص 22وذكر البيتين.
(2) فى المطرب أن الممدوح المتوكل على الله بن الأفطس، وهو عمر المتوكل على الله ابن أبى بكر محمد المظفر، ورث إمارة بطليوس عن أبيه، وكان ذا قدم راسخة فى الشعر والنثر مع شجاعة وفروسية. وكان لا يغب الغزو إلى أن قتله المرابطون مع ولديه سنة 485هـ.
(3) إشارة إلى المثل المعروف «مرعى ولا كالسعدان» والسعدان: مرعى طيب يجعل اللبن دسما، ويقال: إن الحنساء هى أول من قالته.(20/21)
أبو الفتح عبد العزيز بن جعفر العدوى (1)
قال:
نظر الناس إلى حس ... ن الذى أهوى وحزنى
فرأوا يوسف منه ... ورأوا يعقوب منى (2)
__________
(1) فى المطرب: «العذرى».
(2) إشارة إلى جمال يوسف عليه السلام وحزن والده يعقوب عليه.(20/22)
أبو الحسن على بن أحمد (1)
ابن أبى وهب، أورده أبو الصلت فى الحديقة قال:
ابن أبى وهب، أورده أبو الصلت فى الحديقة قال:
قالوا تدانيت من وداعهم ... ولم نر الصبر منك مغلوبا (2)
فقلت للعلم إنى لغد ... أسمع لفظ الوداع مقلوبا (3)
نظيره لأبى عبد الرحمن النيلى من شعراء اليتيمة.
إذا دعاك الوداع فاصبر ... ولا يروعنك البعاد
وانتظر العود من قريب ... فإن قلب الوداع عادوا
ولابن خاخ الصباغ فى المقلوب:
(وتحت البراقع مقلوبها) وقد مضى ذكره.
وقال ابن أبى وهب:
قم فاسقنى والرياض لابسة ... وشيا من النّور حاكه القطر
والشمس قد عصفرت غلائلها ... والأرض تندى ثيابها الخصر
والنهر مثل المجرّ حفّ به ... من النّدامى كواكب زهر (4)
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة.
(2) فى الأصل: لم نر. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) مقلوب كلمة وداع: عادوا.
(4) المجر: المجرة وهى مجموعة النجوم والكواكب المعترضة السماء من الأفق إلى الأفق فى الليالى المظلمة والمجموعة الشمسية جزء منها، وفيها مئات الملايين من المجموعات الشمسية لأخرى.(20/23)
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى علوا (1) فرسي بأحمر (2) مزبد
وعلمت أني إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يضرر (3) عدوي مشهدي
فصرفت (4) عنهم والأحبة فيهم ... طمعا لهم بعذاب يوم مفسد (5)
تعليقات على القصيدة
4
1 - ط ل با ص: هذه مواضع. وأشداخ واد. ومدفعه مجرى سيوله.
طا: «[أظلم] جبل. مدفع مسيل عظيم إلى الوادي والجمع مدافع.
وأشداخ واد من أودية المدينة. والبرقة حجارة ورمل وطين ومنه قيل حبل أبرق إذا كانت فيه قوة بيضاء وقوة (6) سوداء».
2 - با (هـ) إزاء كلمة «أبكما»: «في نسخة ف بخط ع: الأخرس»
طا: الرسم ما كان على وجه الأرض من الآثار مثل الأثافي والرماد وآثار الأوتاد وحفر النؤي. والطلل ما ارتفع من الدار مثل المسجد والآريّ وما أشبهه.
__________
(1) العقد، غ: رموا.
(2) السيرة، العقد، غ، ح البحتري: بأشقر.
(3) السيرة: ولا ينكى، الاشتقاق: لا ينكأ.
(4) هذه رواية المخطوطات بمعنى اللازم. وفي حاشية ط: عند س: فصدفت. ومثلها في العقد والاشتقاق والاستيعاب. وفي السيرة وق حماسة البحتري وغ 4: 170فصددت. وفي غ: ففررت. ن قريش: فصدرت.
(5) ق مرصد. ح البحتري: سرمدي.
(6) اللسان (قوا): القوة الخصلة الواحدة من قوى الخبل.(20/24)
أبو محمد الأعشى النحوى (1)
قد ذكرنا الاستشهاد فى شعر ابن البين بقوله وهو:
لك إذا ادّرع الدّلاص حسبته ... لبس الغدير وهزّ منه جدولا (2)
فحذار ليثا لا ينهنه باسلا ... تجد الصوارم عيله والذّبّلا (3)
__________
(1) أشار إليه ابن الفرضى فى كتابه تاريخ العلماء ج 2ص 7كما أشار إليه الحميدى فى جذوة المقتبس 69، وصحة اسمه أبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد الواحد بن نجيح المعافرى المعروف بالأعشى، فقيه روى عن أصحاب مالك وتفقه عليهم. وكان يأخذ برأى العراقيين فى الأشربة توفى سنة 221هـ.
(2) الدلاص: الدروع الملساء اللينة تطلق على المفرد والجمع.
(3) لا ينهنه: لا يكف ولا يزجر، الصوارم: السيوف القاطعة، والذبل: الرماح اللدنة.(20/25)
شبّه تبوّج (1) رعده بحنين الإبل إلى أولادها. وأثجم سال وأمطر (2).
ط ل با ص: في كتاب ف حاشية بخط ع وليس عند س (3):
أي تبوّج البرق في السحاب مع الرعد، وهو لمعانه وتشقّقه.
9 - في م ما استعجم: «خواته». وفي اللسان: «الخوات الصوت وخصّ أبو حنيفة به صوت الرعد والسيل». وانظر أيضا حواشي م ما استعجم.
ط ل با ص: العقيق وادي المدينة وأنشد (4):
أو حشت الجمّاء من جعفر ... فجانبا عير إلى مثعر
ووئيد الرعد شدة صوته.
با: هذا البيت لابن المولى (5) يمدح جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله ابن عباس. وعجز البيت غير هذا العجز وهو: وطال ما كانت به تعمر، وكان قد عزل عن المدينة.
طا: العقيق واد بالمدينة. والجمّاء هضبة، ووئيد الرعد شدة صوته.
10 - ط ل با ص طا: إلقاؤه بركه مقامه لا يبرح، وتهزّمه تشقّقه بالماء.
طا: والبرك الصدر. تربان بالقرب من العقيق.
11 - ط ل با ص: التلعة المسيل إلى الوادي والعضاه جماعة عضة وهي شجرة ذات شوك.
__________
(1) طا: صوت.
(2) زيادة من طا.
(3) في با سقطت الإشارة إلى س. وفي ل ورد التعليق مجردا في الهامش.
(4) في ط ص با فوق كلمة (وأنشد) يوجد «لا س»، فهذا الشاهد ساقط من نسخة س.
(5) هو محمد بن عبد الله بن مسلم، عاش إلى أيام العباسيين. انظر معجم المرزباني (تحقيق فراج) 342والأغاني 3: 9688.(20/26)
ابو الفضل جعفر بن شرف (1)
هو ولد أبى عبد الله محمد مصنف أبكار الأفكار، توفى فى حدود سنة ثلاثين وخمسمائة، قال فى وصف فرس من قصيدة:
لبست أعطافه ثوب الدجى ... وتحلّى خدّه بالفلق
وانبرى: تحسبه أجفل عن ... لسعة أو حيّة أو ولق (2)
وقال:
أدخست فى الحرب من وخز القنا ... فتوارت حلقا فى حلق (3)
وقال من أخرى:
وعصرك مثل زمان الربي ... ع لا يهجر الشمس فيها الحمل (4)
تسامت علاك سموّ النجوم ... وسارت أياديك سير المثل
ومن أخرى:
قدمت لنصف شهر الصوم برءا ... لما يشكو لبعدك من سقام
__________
(1) أبو الفضل جعفر بن أبى عبد الله محمد بن أبى سعيد بن شرف القيروانى، وقد سبق أن ترجمنا لوالده. أما أبو الفضل فقد قال فيه ابن بشكوال «كان من جلة الأدباء، وكبار الشعراء، وكان شاعر وقته غير مدافع وطال عمره وأخذ الناس عنه وله تاليف حسان فى الأمثال والأخبار والآداب والأشعار». ولد سنة 440هـ وتوفى سنة 534هـ ووردت له مقطوعات بالذخيرة والقلائد والمغرب وبعض فقرات من النثر.
(2) الولق: الطعن بالسيف.
(3) فى الأصل أدحست ولعل الصواب ما أثبتناه الدخس: النخس والمعنى أن الخيل من كثرة الطعن تحلقت حلقات كثيرة فى جلدها.
(4) فى المطرب: لا تهجر الشمس فيه الحمل.(20/27)
فلما أن طلعت لنا هلالا ... حسبنا الفطر فى نصف الصيام
وصرت البدر لاح فما عجبنا ... لنصف الشّهر من بدر تمام
فإن تمكث فطود فى ثياب ... وإن ترحل فسهم فى اعتزام
وقال من أبيات:
ألمى لفقد الدمع بعد فراقهم ... ألم الجراحة بالدم المحصور
وقال وتروى لأبيه (1):
صنم من الكافور بات معانقى ... فى حلتين (2) تعفّف وتكرم
فكرت ليلة وصله فى صده ... فجرت بقايا أدمعى كالعندم (3)
فطفقت أمسح مقلتىّ بجسمه ... إذ عادة الكافور إمساك الدم
وسنورد شعر أبى عبد الله محمد بن شرف وكلامه، وكان معاصرا لابن رشيق عند ذكره إن شاء الله تعالى.
أنشدنى أبو على الحسن بن على بن صالح الأندلسى وقد قدم العراق سنة سبع وخمسين وخمسمائة، قال: أنشدنى غير واحد لابن شرف أنه قال عند وفاته:
رحلت وكنت ما أعددت زادا ... وما قصرت عن زاد المقيم
فها أنا قد رحلت بغير شىء ... ولكنّى نزلت على كريم
فما أدرى أنشدنيهما ابن شرف أو لأبى عبد الله بن شرف (4)، وذكر لى
__________
(1) نسبها ابن دحية إلى أبيه.
(2) فى الأصل: فى حجتين، والتصحيح عن المطرب.
(3) المطرب: فجرت سوابق، العندم: دم الأخوين وقيل شجر صبغه أحمر، فى المطرب:
فطفقت أمسح مقلى فى نحرها.
(4) لا يدرى الراوى أهما لأبى الفضل جعفر بن محمد بن شرف أو لأبيه أبى عبد الله محمد بن شرف.(20/28)
الفقيه اليسع بن عيسى بن اليسع الغافقى الأندلسى بمصر أن أبا الفضل جعفر ابن محمد بن شرف شيخه وهو يروى عنه. وقال: أدركته سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وقد بلغ خمسا وتسعين سنة وتوفى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة وقد أناف على المائة، وكان يروى العمدة لابن رشيق عنه بالإجازة وأجاز لى روايتها عنه بالإجازة عن ابن شرف عن ابن رشيق. وأنشدنى لابن شرف هذا:
مطل الليل بوعد الفلق ... وتشكّى النجم طول الأرق (1)
ووصفه الفتح صاحب قلائد العقيان، وقال: [الأستاذ الأديب الحكيم] (2)
الناظم الناثر، الكبير (3) المعالى والمآثر، وذكر أنه زاخر العباب فاخر الآداب وله يد فى علم الأوائل بها خبرة الألباب (4) له تصانيف منها كتابه المسمى سرّ البر، ورجزه (5) الملقب بنجح النصح، ومن حكمه قوله: العالم [مع العلم] (6)
كالناظر فى البحر يستعظم منه ما يرى والغائب عنه أكثر لولا التسويف لكثر العلم، الفاضل فى الزمان السوء كالمصباح فى البراح قد كان يضىء لو تركته
__________
(1) بلى هذا البيت فى المطرب والذخيرة:
وألاح الفجر خدا خجلا ... جال من رشح الندى فى عرق
جاوز الليل إلى أنجمه ... فتساقطن سقوط الورق
واستفاص الصبح فيها فيضة ... أيقن النجم لها بالغرق
(2) زيادة ليست بالقلائد.
(3) فى القلائد: الكثير.
(4) عبارة القلائد: إن نثر رأيته بحرا يزخر، وإن نظم قلد الأجياد درا تباهى به وتفخر، وإن نكلم فى علوم الأوائل بهرج الأذهان والألباب».
(5) فى الأصل: سر البرء ورمزه والتصويب عن القلائد.
(6) زيادة ليست بالقلائد.(20/29)
الرياح، لتكن بالحال المتزايدة أغبط منك بالحال المتناهية فالقمر (1) آخر بداره أول إدباره، لتكن بقليلك أغبط منك بكثير غيرك فإن الحى برجليه وهما ثنتان أقوى من الميت على أقدام الحملة وهى ثمان (2) المتلبس بمال السلطان كالسفينة فى البحر إن أدخلت بعضه (3) فى جوفها أدخل جميعها فى جوفه، التعليم فلاحة الأذهان (4) وليست كل أرض منبتة، الحازم من أيقن فبادر وشك فروّى (5)، قول الحق من كرم العنصر كالمرآة كلما كرم حديدها أدّت (6)
حقائق الصفات، رب سامح بالعطاء على باخل بالقبول ليس المحروم من سأل فلم يعط وإنما المحروم من أعطى فلم يأخذ ابن (7) آدم تذم أهل زمانك وأنت منهم، كأنّك وحدك البرىء، وكلهم (8) الجرىء كلّا بل جنيت وجنى (9) عليك فذكرت ما لديهم ونسيت ما لديك اعلم أن الفاضل الذكى لا يرفع (10) أمره، أو يظهر قدره، كالسراج لا تظهر أنواره، أو يرفع مناره
__________
(1) فى الأصل: والقمر: وقد آثرنا رواية القلائد.
(2) لأن النعش يحمله أربعة رجال.
(3) فى القلائد: بعضها، وهو تحريف:
(4) فى الأصل: الأبدان، وقد آثرنا رواية القلائد.
(5) فى القلائد: الحازم من شك فروى وأيقن فبادر.
(6) فى القلائد: أرت:
(7) فى القلائد: يا ابن آدم.
(8) فى القلائد: وجميعهم.
(9) فى الأصل: بل حننت وحتى عليك. والتصويب عن القلائد.
(10) فى القلائد: لا يرتفع.(20/30)
والناقص الدنىّ لا يبلغ إلى نفعه (1)، إلا بوضعه، كهوجل (2) السفينة لا ينتفع بضبطه إلا بعد الغاية من حطّه.
وله من رسالة: توسّل الهمم أعزك الله كتوسّل الذّمم ورب راق بوسيلة، ذى اشتياق واستباق (3) إلى فضيلة [رصد] (4) فقصد، واحتشد فتحرّى الرّشد، ولما طلع بك المجد من معالمه، وأينع لك الحمد فى كمائمه (5) فلاح محياك قمرا زاهرا، وفاحت سجاياك زهرا عاطرا (6)، وأنار بأفقك منار الأنوار، ودار على قطبك مدار الفخار، وحث إليك بالنفوس ارتياحها (7) وطار إليك بالنفوس جناحها، فجوامع الجوامع (8) لديك حضور، ونواظر الخواطر إليك صور (9)، وقد تخيّلتك نظرات العيون (10)، وتيمنتك (11) خطرات القلوب، فحنّت إليك حنين اليفن (12) إلى صباه، واهتزّت اهتزاز الغصن إلى صباه، ولا غرو أن رمت (13) إليك القلوب بأرواحها، وتلقتك العيون بالتماحها، فقد
__________
(1) فى الأصل: الذى لا يبلغ إلى نفس. وقد آثارنا رواية القلائد.
(2) الهوجل: أنجر السفينة وهى المرساة التى تثبتها فى الماء.
(3) فى الأصل: فأشتاق. وقد أخذنا برواية القلائد.
(4) زيادة من القلائد.
(5) فى القلائد: من كمائمة.
(6) فى الأصل: تهرا عاطرا. وقد أخذنا برواية القلائد.
(7) فى القلائد: وخف لديك بالقلوب ارتياحها، وصار إليك بالنفوس جناحها.
(8) فى القلائد: الجوانح.
(9) ماثلة.
(10) فى القلائد: النيوب.
(11) فيه: تيمنك.
(12) اليفن: الشيخ الكبير.
(13) فى القلائد: أرمت.(20/31)
يرقب المصباح، ويلمح القمر اللّياح (1)، وليس على عاشق الفصل من جناح (2).
وكتب إلى وزير: أطال الله بقاء الوزير [الأمجد، الأجلّ الأوحد] (3)، وأعلى مرتقاه فى رفعة العز ومنعة الحرز، الوزير الأجل (4) [دام عزه] (5) كالمطر الجود يملأ الحياض وينبت الرياض، بل كالقمر يقذف بالنور، ويذهب بالدّيجور، وقد ألحفنى (6) من سناه، وسقانى من سقياه، بما أفاد فأصوى (7)، وجاد فأروى، فلله أياديه (8) ما أنزلها بكل فناء وأسمعها لكل نداء، حين رعى قصدى وهو مجفىّ (9) ووعى صوتى وهو خفىّ (10)، فالآن [أدام الله رفعة الوزير] (11)
أضرب بحسام اعتناؤك جرّده (12) وآوى إلى زمام علاؤك أذكره (13)، والله (14)
__________
(1) اللياح (كسحاب وكتاب): الصبح أو الأبيض من كل شىء، وأبيض لياح: ناصع.
(2) الجناح (بالضم): الإثم.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد: الأمجد.
(5) زيادة بالقلائد، الجود: الغزير.
(6) فى القلائد: أتحفنى.
(7) فى الأصل والقلائد: بما أنار فأضوى، ولعل الصواب ما أنبتناه، صوى: قوى وأصواه: قواه.
(8) فى القلائد: أيادى الوزير.
(9) المجفو والمجفى بمعنى. وفى الأصل: محفى. وقد أخذنا برواية القلائد.
(10) فى الأصل: حفى وقد أخذنا برواية القلائد.
(11) زيادة بالقلائد.
(12) فى الأصل: اضرب بحسامه اعتنائك جوده، وقد أخذنا برواية القلائد، وفيه إعلاءك.
(13) فى الأصل: وآدى إلى زمامه علائك أكره الله. وقد أخذنا برواية القلائد.
وفيه إعلاءك.
(14) فى الأصل بياض، والتصويب عن القلائد.(20/32)
بفضله يديم نعماءه، ويعلى ارتقاءه (1)، حتى أظهر بسمائه (2)، وأشتهر بأرفع أسمائه.
ومن شعره قوله:
قامت تجر ذيول العصب (3) والحبر ... ضعيفة الخطو والميثاق والنظر
تخطو فتولى الحصا من حليها نبذا (4) ... وتخلط العنبر الوردى بالعفر (5)
غيرى الخلىّ بما تبديه من قلق
فى الوشح، أو غصص تخفيه فى الأزر (6)
لم أدر هل حنق الخلخال من غضب ... عليه؟ أم لعب الزّنّار من أشر (7)
تلفتت عن طلّا وسنان، وابتسمت
عن واضح مثل نور الرّوضة العطر (8)
إن نلت ريّاه لم أطمع بمطمعة (9) ... لأن روض الصّبا نور بلا ثمر
ما لذّ للعين نوم بعد ما ذكرت ... ليلا سمرناه بين الضّال والسّمر (10)
__________
(1) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: بديم نعماه ويعلى ارتقاه.
(2) فى القلائد: فى سمائه.
(3) ضرب من البرود. فى الأصل: المساق. والتصويب عن القلائد.
(4) فى الأصل: نبدو والتصويب عن القلائد.
(5) العفر: ظاهر التراب.
(6) فى القلائد: غير الحلى، وفى الأصل: غيرى تحلى، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) فى الأصل: الوشج. والتصويب عن القلائد والمعنى: إنه شجى بخصرها النحيل الذى يجول عليه الوشاح وبردفها الثقيل الذى يغص به الإزار، وغيره خلى لا يحس بهواه.
(8) يريد أنه ممتلىء الساق نحيف الخصر ولعلها خنق الخلخال.
(9) الطلا: ولد الظبى عند ولادته أو الصغير من كل شىء.
(10) فى القلائد: لم أطعم بمطعمه. فى الأصل: تتمرناه، وفى القلائد سحرناه، ولعل الصواب ما أثبتناه ويلى هذا بيت آخر بالقلائد:
تساقط الطلى من فيض النحور به ... تساقط الدر فى اللبات والشعر(20/33)
ومفرق الليل قد شابت ذوائبه ... فبت أدعو له بالطول فى العمر
والليل يعجب والظلماء داجية
من ساهر يتشكّى الليل بالقصر
فبت أجزع من ليل لواضحة ... تبدو، وأبخل من روض على سحر (1)
يا من جفا فجفانى الطيف، هجرك لى
بأى عذر؟ فعذر الطيف فى السهر
ذكرت بالسفح شملا غير منصدع ... بالنائبات ونظما غير منتثر (2)
ومنها فى وصف السيف:
إن قلت نارا أتندى النار ملهبة ... أو قلت ماء أيرمى الماء بالشرر
ومنها فى وصف الدرع:
من كل ماذية أنثى فلا عجب
كيف استهانت بوقع الصارم الذكر (3)
__________
(1) فى الأصل: نواضجه: تبدو وأنحل، وقد أخذنا برواية القلائد، ولعل معنى البيت أن الليل يرهب الضوء والوضوح، والروض يبخل على السحر بأن تنساب أضواؤه فى خلال الشجر، وأنا أشد جزعا من الليل وأكثر بخلا من الروض.
(2) يلى هذا بيت آخر بالقلائد:
بكل بيضاء خود خلتها جمدت ... من السكينة أو ذابت من الخفر
(3) الماذية: الدرع اللينة أو البيضاء.(20/34)
وله من أخرى أولها:
ما الرّسم من حاجة المهريّة الرّسم
ولا مرام المطايا عند ذى إرم (1)
ردّى سنا اللحظ (2) تهدين الركاب فما
بالبيد للركب [من] (3) هاد ولا علم
حثّى المطىّ وشدّى فى دوائرها ... هذا أوان انقضاء الشد من زيم (4)
ريعت لنبأة سامى السوط، فالتفتت
صعر الخدود إلى سوّاقة حصم (5)
ثبت على صهوات الناجيات، وقد
أخفت سروج المطايا صولة اللجم (6)
منوطة بغواشى البيض راحته ... كأنما اختلطت بالصارم الخذم (7)
__________
(1) الرسم: الأثر أو بقيته والمراد هنا الطلل، المهرية: الإبل المنسوبة إلى حى مهرة الرسم: التى تؤثر فى الأرض من شدة الوطء، إرم: مواطن عاد ومعنى البيت: إن الإبل المسافرة لا تحس بما يحسه هو من وجد، وليس هدفها الوصول إلى مواطن الأحباب.
(2) فى القلائد: ردى شبا الخط.
(3) زيادة من القلائد يقتضيها الورن.
(4) زيم: اسم ناقة أو فرس لجابر بن حنين. وقول الحجاج فى خطبته: هذا أوان الشد فاشتدى زيم: يقتضيها الإسراع متمثلا بقول الراجز.
(5) السواقة الحطم: الشديد الزجر القاسى فى قيادة الإبل. سامى السوط: الذى يرفع سوطه كثيرا ليضرب به.
(6) ناقة ناجية ونجية: سريعة. وفى القلائد: سروح المطايا.
(7) الخذم: القاطع.(20/35)
بتنا نكالئ طرف العين عن سنة
فالطيف يستأذن الأجفان فى الحلم (1)
معرّسين بأغفال البطاح لنا
تحت الوشيج مبيت الأسد فى الأجم (2)
قامت تغبّطنى بالخرص سالكة ... بين السبيلين لم تقعد ولم تقم (3)
ظنّت بى العجز، وارتابت فخاصمها
جور الزمان فلم تعذر ولم تلم (4)
إنى وإن عزنى نيل المنى لأرى
حرص الفتى خلّة زيدت إلى العدم (5)
فما عكفت بآمالى على وثن ... ولا سجدت بأشعارى إلى صنم
__________
(1) فى المختصر والتيمورية والقلائد والطيف.
(2) معرسين: مقيمين طلبا للراحة. أغفال البطاح: مسايل المياه الخالية من العلامات المميزة. الوشيج: مشتبك الرماح.
(3) تغبطنى: تجعلنى موضع غبطة، الخرص (بالكسر والضم) حلقة ذهبية تستعمل حلية والمعنى أن طيف حبيبته زاره: مشيرا إليه بالحلى، ولم يقم معه طويلا ولم يرحل عنه سريعا بل مكث معه بين بين فلم يقعد للمؤانة ولم يقم للانصراف، وفى الأصل: قامت تعيطنى بالحرص وفى القلائد: قامت تغبطنى بالخوص وقد أخذنا بهذه الرواية.
(4) المعنى: حسبتنى عاجزا، وشكت فى قصورى، ولكنها رأت حوادث الدهر تنتاشها وتنتاشنى فلم تعذرنى لتقصيرى، ولم تلمنى لأن أحداث الزمان فوق طاقتى وطاقتها.
(5) عزنى: أعوزنى وغلبنى على أمرئ. النحلة: بالفتح الفقر والحاجة العمدم والعمدم الفقدان وغلب على فقدان المال بمعنى الفقر الشديد. وفى القلائد: عزنى نيل المنى(20/36)
هل المناظر والألباب خالية
لا يعدمون من الدنيا سوى الفهم (1)
نالوا الحظوظ فحازوها موفّقة ... كما تقاسمت الأيسار بالزّلم (2)
لما رأيت الليالى قد طبعن على
جدب الأسود وخصب الشاء والنّعم
رجعت أضحك، والإعوال أجدر بى
من ميسر كان فيه الفوز للبرم (3)
تقلّدتنى الليالى وهى مدبرة ... كأننى صارم فى كفّ منهزم
ذهبت بالنفس لا ألوى على نشب
وإن دعيت به ابن المجد والكرم (4)
وللمصاع (5) وأطراف اليراع يد ... [بنت] لى المجد بين السيف والقلم (6)
ومن مدائحها:
وإن أحمد فى الدنيا وإن عظمت ... لواحد مفرد فى عالم أمم
__________
(1) الفهم والفهحم بمعنى واحد والتحريك أفصح، ومعنى البيت إن أصحاب المظاهر البراقة الخالية من التفكير تقبل عليهم الدنيا فلا يفوتهم منها إلا الفهم الصحيح، وفى الأصل والألباب حالية والتصحيح عن المختصر والتيمورية والقلائد.
(2) الأيسار: القوم المجتمعون على الميسر، الزلم (بضم الزاى وفتحها) القدح وجمعه أزلام
(3) البرم: من لا يدخل مع القوم فى الميسر.
(4) فى الأصل: لا ألوى على نفسى، والتصويب عن القلائد.
(5) فى الأصل وللمصاغ، وفى القلائد: فللمصارع «وبه يختل الوزن» ولعل الصواب ما أثبتناه، ماصع مصاعا: قاتل أو ضرب بالسيف.
(6) زيادة من القلائد يستقيم بها الوزن والسياق.(20/37)
تهدى الملوك به من بعد ما نكصت ... كما تراجع فلّ الجيش بالعلم (1)
رحب الذراع طويل الباع متّضح ... كأنّ غرّته نار على علم
من الملوك الألى اعتادت أوائلهم ... سحب البرود ومسح (2) المسك باللّمم
زادت مرور اللّيالى بيتهم (3) [شرفا] (4)
كالسيف يزداد إرهافا على القدم
تسنّموا نكبات الدهر، واختلطوا ... مع الخطوب اختلاط البرء بالسقم (5)
وله من أخرى أولها:
سروا ما امتطوا إلا الظلام ركائبا ... ولا اتخذوا إلا النجوم صواحبا
وقد وخطت أرماحهم مفرق الدّجى ... فبات بأطراف الأسنة شائبا
وليل كطىّ المسح (6) جبنا سواده ... كأنا امتطينا من دجاها النّوائبا
خبطنا به الظلماء حتى كأنّما ... ضربنا بأيدى العيس إبلا غرائبا
وركب كأنّ البيض أمست ضرائبا ... لهم، وهم أمسوا لهن ضرائبا (7)
إذا أوّبوا ساروا شموسا منيرة ... وإن أدلجوا أمسوا نجوما ثواقبا (8)
__________
(1) فى القلائد للعلم
(2) فى المطرب: مسح
(3) فى القلائد والمطرب بينهم.
(4) زيادة من التيمورية والمختصر والقلائد والمطرب يستقيم بها الوزن.
(5) ويلى هذا خمسة أبيات أوردها صاحب القلائد.
(6) المسح الثوب من الشعر وهو عادة أسود اللون يلبسه الرهبان.
(7) الضرائب: الأموال المفروضة، أو جمع ضريب وهو النبل المشابه، والبيض:
السيوف.
(8) أوب: سار بالنهار، أدلج: سار بالليل.(20/38)
طوال طوال الباع والخيل تحتهم ... تخالهم فوق الجياد أهاضبا
فما يحملون السّمر إلا عواليا ... ولا يركبون الخيل إلا سلاهبا (1)
إذا اعتقلوا للطعن سمرا عواليا
أو اتّشحوا للضّرب بيضا قواضبا (2)
وله من أخرى أولها:
أرح خطاك فحلى النجم قد نهبا
وقد قضى الشرق من وصل الدّجى أربا (3)
إنّا ركبنا من الظّلماء جانحة ... كأننا من ذجاه نمتطى نوبا
سل النجوم هل ارتابت بصحبتنا ... لما أثرنا إليهن القنا السّلبا (4)
إذا استمرت لمجرى النجم سالكة ... خلنا المجرّة من آثارها ندبا (5)
تهنّوا (6) الركاب فتهدينا أسنّتنا ... كأنما عارضت أطرافها الشهبا
وباتت الخيل يقدحن الحصا حنقا ... حتى تصرّم ذيل الليل (7) والتهبا
تلك الفوارس لا تثنى أعنتها ... عن وجهة أو ينال السيف ما طلبا
__________
(1) السليب: الطويل من الخيل أو الرجال.
(2) يلى هذا ثلاثة أبيات فى القلائد.
(3) فى الأصل: طربا، وقد آثرنا رواية المختصر والتيمورية والقلائد.
(4) فى القلائد: لما أثرن.
(5) فى القلائد: بمجرى النجم، وفى المختصر والتيمورية: خلت المجرة، الندب:
جمع ندبة، وهى أثر الجرح على الحد.
(6) فى المختصر والتيمورية: يهفو.
(7) فى القلائد: حتى تضرم ذيل السيل.(20/39)
باتوا على نشوة ما هاجها طرب
وقد أداروا لكاسات السّرى نخبا (1)
إذا أثاروا القنا عن جنح مظلمة ... شالوا النجوم على أطرافها عذبا
وله:
خيال زارنى عند الصباح ... وثغر الشرق يبسم عن أقاح
وقد حشر الصباح له ونادى ... فأصغى النجم منه إلى الصّباح
وفاض على الكواكب وهو طام
وطار النّسر مبلول الجناح
وزائرة طردت لها منامى ... وقد عقد الكرى راحا براح
وأدناها الهوى حتى أدلّت (2) ... وباتت بين ريحان وراح
تهز الغصن فى حقف مهيل ... وتعرى الليل عن قمر لياح (3)
وأضنانى الهوى فنعت نحولى ... وهل ينعى النحول على الصّفاح
وقد حمّلت ثقل الحب ضعفى ... كحمل الخصر للكفل الرّداح
أحنّ إلى رضاك وفيه برئى ... كما حنّ العليل إلى الصباح
و [قد] (4) أحللت حبّك من فؤادى
محل المال من أيدى الشحاح
__________
(1) النخبة: الشربة العظيمة، ولعل الاستعمال الحديث «شرب نخب فلان» يرجع إلى هذا. وفى الأصل نجبا، وفى القلائد نغبا، والنغبة: الجزعة.
(2) فى القلائد: أذلت.
(3) اللياح (كسحاب وكتاب): الأبيض من كل شىء.
(4) زيادة فى المختصر والتيمورية والقلائد يقتضيها الوزن(20/40)
سأفزع فى هواك لحسن صبرى (1) ... كما فزع الجبان إلى السلاح
وأقتدح الرغيبة من ركاب ... براهنّ السّرى برى القداح
تعنّف إن رأت شأوى بعيدا (2) ... ومن يثنى الجواد عن الجماح
سرى جبنا به الظلماء حتّى ... سبقنا البائتين إلى الصباح
إذا ونت الكواكب عن مداها ... حفزناها بأطراف الرماح
ومن كان الوزير له ظهيرا ... يسم راعيه فى حىّ لقاح (3)
بحيث الرعى فى أحوى أحمّ (4) ... وحيث الورد فى شبم قراح (5)
من القوم العزيزيّين من أهل ال ... على والطّول والنسب الصّراح (6)
أقاموا المجد فى سمك علىّ ... ومدوا العزّ فى أرض فياح (7)
فيأوى كلّ عاف من ذراهم ... إلى بيض النّهى خضر البطاح (8)
وقد قام العلى عنهم خطيبا ... وصاح الجود: حىّ على الفلاح
__________
(1) فى الأصل: يحسن صبرى، وقد آثرنا رواية التيمورية والمختصر والقلائد فى الأصل الرعيبة والتصحيح عن القلائد.
(2) فى القلائد: شأوا بعيدا.
(3) اللقاح: الحى الذين لا يدينون للملوك أنفة واعتزازا.
(4) نبات أحوى: نما والتف واشتلت خضرته حتى مال إلى السواد، الأحم:
الأسود من كل شىء.
(5) فى الأصل: فى شم قراح والتصويب عن المختصر والتيمورية والقلائد، الشبم:
البارد، القراح: الصافى النقى.
(6) فى الأصل: من القوم العزيز بن أهل وفى القلائد مثلها ولعل الصواب ما أثبتناه ونعتقد أن الشاعر يمدح بنى عبد العزيز حكام بلنسية ومرسية والمرية.
(7) السمك: السقف، فياح: واسعة.
(8) فى القلائد: بيض اللمى، ولعلها محرفة عن بيض اللها أى بيض العطايا كناية عن وضوح عطاياهم لكثرتها النهى: مقصور النهاء، والنهاء: جمع نهى وهو الغدير، وعليه يكون المعنى أن مياههم كثيرة صافية وبطاحهم مخضرة من الحصب والنماء:(20/41)
بأبنية وأعمدة طوال ... وراحات وساحات فساح
أبا بكر (1) كتمت علاك حلما ... فنمّ على الربا طيب الفواح
فكم تحيى الموالى بامتنان ... وكم تردى المعادى باجتياح (2)
يمين ملّكت رقّ المساعى ... وكف أعذبت ماء السماح
وفضل لا ينيب إلى فصيح ... وجود لا يصيخ لقول لاح (3)
وحكم أوسع الدنيا وقارا ... وقد خفقت له خفق الجناح (4)
ومنها:
دعوت المعتفين لخير مأوى ... وأحللت الطريد أعزّ ساح (5)
فما للفضل فيها (6) من زوال ... وما للمجد عنها من براح
لقد أنسى زمانك كلّ عيد ... بعز ثابت، وأسى مزاح
وذى الأيام أعياد الأيادى ... فكيف تضيفهن إلى الأضاحى
وله (7):
يا منجدى والدهر يبعث حربه ... شعثاء قد لبست رداء عجاجها
__________
(1) نرجح أنه أبو بكر بن عبد العزيز حاكم بلنسية.
(2) فى الأصل: فكم تجنى الموالى والتصويب عن القلائد.
(3) المعنى أن فضله أصيل بالفطرة لا يرجع إلى تقويم الناصحين، وجوده فطرى يجعله لا يستجيب للوم اللائمين له فى السخاء.
(4) فى القلائد: وحلم أوسع الدنيا ويلى هذا البيت أربعة عشرة بيتا أسقطها المصنف وحفظتها لنا القلائد.
(5) فى الأصل: دعوت المتقين، وقد آثرنا رواية القلائد.
(6) وفى الأصل فما للفضل منها.
(7) فى القلائد أن ابن اللبانة كتب إليه قصيدة وأورد، بضعة أبيات منها مطلعها:
يا روضة أضحى النسيم لسانها ... يصف الذى تهديه من أرجائها
فراجعه أبو الفضل:
يا منحدى والدهر يبعث حربه الأبيات(20/42)
إني لعمرو الذي يحجّ له النا ... س ومن دون بيته سرف
يمين برّ بالله مجتهد ... لقد حلفنا لو ينفع الحلف
لا نرفع العبد فوق سنّته ... ما دام منّا ببطنها شرف (1)
إنّك لاق غدا غواة بني خا ... لك فانظر ما أنت مزدهف (2)
يمشون في البيض والدروع كما ... تمشي جمال مصاعب قطف
فأبد سيماك يعرفوك كما ... يبدون سيماهم فتعترف
وانظر بأن لا ترى تحيد على رك ... نك والقلب خائف يجف
أخوالك القوم والنساء فلا ... يخطئك اللوم حيث تنصرف
وإنّ ما بيننا وبينكم ... حين يقال الأرحام والصّحف (3)
بيض خفاف كالملح مرهفة ... يتبع آثارها دم يكف
نمنع ما عندنا بعزّتنا ... والضّيم نأبى وكلّنا أنف
فقال مالك بن العجلان يردّ على درهم بن زيد:
إنّ سميرا أرى عشيرته ... قد حدبوا دونه وقد أنفوا
إن يكن الظنّ صادقا ببني النّ ... جار لا يقبلوا الذي علفوا
لن يسلمونا لمعشر أبدا ... ما دام منهم ببطنها شرف
لكن مواليّ قد بدا لهم ... رأي سوى ما لديّ أو ضعفوا
فما يقال الذي يقال لهم ... إلا لقوم عقابهم صلف (4)
__________
(1) إزاء «شرف»: «من المال. وقال العدوي: سؤدد. حتى يفنى خيارنا فلا يبقى شريف يدفع الضيم».
(2) «أي فاعل». وانظر التعليق 19في الملحق 1أ.
(3) «يعني العهود التي تحالفوا عليها». أما قوله «الأرحام» وقوله «أخوالك القوم» في البيت السابق فقد ذكر في القصة أن أم مالك إحدى نساء بني عمرو بن عوف من الأوس فناشدوه الله والرحم.
(4) أي لا خير فيهم وفي اللسان (صلف): الصلف قلة الخير.(20/43)
أبو الفضل عبد الله بن الغابر الأندلسى (1)
قال من قصيدة:
كن كالزمان فقد لانت معاطفه ... ونلت منه بفضل الواثق الوطرا
وما خصصت ولكن عمّ نائله ... فاستعبد الثّقلين: الجن والبشرا
عدل يمد رواق العز سيرته ... فيشمل الموطنين: البدو والحضر
وتكشف الظلم والأظلام غرّته
فيخجل النيرين: الشمس والقمرا
ويستوى ذكره حسنا ومنظره
فيشغل الممتعين: السمع والبصرا
مرأى وخبرا أتانا عن جلالته
فزكّيا الشاهدين: العين والأثرا
سرّح مناك إلى ساحات أنعمه
وضمّن الصادقين الخبر والخبرا (2)
وقال يهنىء بمولود فى رجب:
نجم ترا آى فى سماء الحسب ... للشهب فى أيامه منتسب
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.
(2) فى الأصل: سرح منالى الخبر والخبرا، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى ابعث بآمالك إلى ساحات أفضاله تحت ضمانة المعاينة والأخبار الصادقة.(20/44)
وأغربت ليلة ميلاده ... فليلة القدر أتت فى رجب (1)
وقال:
منّى ومنك تدلّل وتذلل ... والصبر عنك تعلّل وتجمّل
فالعين عين ما يعين معينها ... والقلب فيك على العويل معوّل (2)
فى كل جزء من جفونك صارم ... وبكل جزء من فؤادى مقتل
__________
(1) ليلة القدر فى العشر الأواخر من شهر رمضان.
(2) هكذا بالأصل وعليه يكون المعنى إن عينى من الحزن كالينبوع ولكن لا يسيل ماؤها لجمودها من الحزن، أما قلبى فقد وطد نفسه على الحزن والهلع يعين: يسيل ويتفجر ولعلها يفيض معينها بمعنى لا تنفد دموعها.(20/45)
أبو عبد الله محمد بن عبادة القزّاز (1)
قال يمدح ابن صمادح (2) ويخلط النسيب بالمديح:
نفى الحب عن مقلتىّ الكرى ... كما قد نفى عن يدىّ العدم (3)
فقد قرّ حبّك فى خاطرى ... كما قرّ فى راحتيه (4) الكرم
وفرّ سلوك عن فكرتى ... كما فرّ عن عرضه كل ذم
فحبى ومفخره باقيا ... ن لا يذهبان بطول القدم
فأبقى لى الحبّ خال وخد (5) ... وأبقى له الفخر خال وعم
ووجدت فى قلائد العقيان شعرا لابن عبادة فى المعتمد يوم العروبة (6)
مشهود له بالإجادة (7):
__________
(1) له ترجمة وأثار نثرية وشعرية فى الذخيرة ج 2ق 1ص 299، وأزهار الرياض ج 2ص 252، وكثيرا ما يلتبس الأمر على الباحثين فيخلطون بينه وبين عبادة بن ماء السماء، وقد ترجم صاحب الذخيرة للأخير فى مستهل الجزء الثانى من القسم الأول وكلاهما بارع فى صياغة الموشحات وأبو عبد الله أصغر سنا من عبادة بن ماء السماء وهناك ثالث اسمه أبو عبد الله محمد بن جعفر القزاز من النحويين اللغاة. له ترجمة فى وفيات الأعيان وبغية الوعاة.
(2) نرجح أنه محمد بن معن بن صمادح الملقب بالمعتصم بالله وبالرشيد صاحب المرية.
(3) العدم والعدم: الفقر والحاجة.
(4) فى مختارات الشعر الأندلسى: راحتيك.
(5) فى الأصل: حال وحد حال وعم. والتصويب عن: مختارات من الشعر الأندلسى.
(6) يوم الجمعة، وقد أبلى المعتمد فيه بلاء حسنا فى الموقعة المعروفة بيوم الزلاقة وفيها انتصر المسلمون على الفرنجة سنة 484هـ «قلائد العقيان ص 13والمطرب ص 135ح 2 والذخيرة ح 2ق 1ص 301».
(7) من قصيدة طويلة مستهلها:
ثناؤك ليس تسبقه الرياح ... يطير ومن نداك له جناح(20/46)
وقالوا كفه جرحت فقلنا ... أعاديه يواقعها الجراح (1)
وما أثر الجراحة ما رأيتم ... فتوهنها المناصل والرّماح
ولكن فاض سيل البأس منها ... ففيها من مجاريها انسياح (2)
وقد صحت وسحّت بالأمانى ... وفاض الجود منها والسماح
__________
(1) فى القلائد: تواقعها، وفى المطرب: توافقها.
(2) فى المطرب:
ولكن فاض سيل الجود فيها ... فأمسى فى جوانبها انسياح
وفى القلائد: من مجاريه.(20/47)
عبادة بن محمد بن عبادة القزاز (1)
قال:
إنما الفتح هلال طالع ... لاح من أزراره فى فلك
خده شمس، وليل شعره
من رأى الشمس بدت فى حلك (2)
__________
(1) أبو بكر عبادة بن عبد الله بن محمد بن عبادة الأنصارى الخزرجى ويعرف بعين ماء السماء، شاعر مقدم اشتهر بصياغة الموشحات وتوفى سنة 419بمالقة «له ترجمة فى الصلة ج 2ص 426، والذخيرة ج 2ق 1ص 121».
(2) فى الأصل تدب فى حلك ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/48)
محمد بن يوسف المعروف بابن الرفا البلنسى (1)
ذكره أبو الصلت فى الحديقة وقال يوسف ابن الرفا البلنسى قال فى شمعة:
وصفراء لم تدر الهوى غير أنها
رثت لى وباتت تسعد الليل أجمعا (2)
نحولا وسهدا واصفرارا وحرقة (3) ... وخفقا وسقما واصطبارا وأدمعا
وقال من قصيدة:
وإذ تنثنى حولى غصون معاطف
تأطّر من حلى بورق سواجع (4)
فأدعى ثريّا، كل قرط خفوقه
لقلبى ولكن دره لمدامعى (5)
__________
(1) أورد له المقرى مقطوعة من بيتين، ولم يذكر اسمه وذكر صاحب الصلة ج 1 ص 373ابن الرفا تحت اسم: عمر بن محمد بن إبراهيم العامرى المعروف بابن الرفا وذكر أنه ولى قضاء تدمير وله رحلة بالمشرق توفى سنة 380هـ.
(2) فى المختصر والتيمورية: وباتت تسعد الوجد.
(3) فيهما: وخمرة.
(4) فى الأصل: وإذ يتثنى باطر من حلى ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى المختصر والتيمورية: كقلبى، ولكن دره كمدامعى.(20/49)
أبو مروان عبيد الله بن سريّة (1)
قرأت فى رسالة أبى الصلت أمية، وقد ذكر لنفسه شعرا وقال هذا نظير ما أنشدنيه عبيد الله بن سريّة لنفسه:
راقنى النهر صفاء ... بعد تكدير صفائه
كان مثل الورد غضّا ... فهو اليوم كمائه
وشعر أبى الصلت (2):
ولله مجرى النيل فيها إذا الصّبا ... أرتنا به فى مرّها عسكرا مجرا
فشطّ يهز السّمهريّة ذبّلا ... وموج يهز البيض هندية بترا
إذا مدّ حاكى الورد غصنا، وإن صفا
حكى ماءه لونا ولم يعده نشرا
وقال عبيد الله بن سرية أيضا:
ولما رأيت الغرب قد غصّ بالدجى
وفى الشرق من ضوء الصباح دلائل (3)
توهّمت أن الغرب بحر أخوضه
وأن الذى يبدو من الشرق ساحل
__________
(1) أشار إليه ابن دحية فى المطرب باسم أبى مروان عبد الله بن سرية البلنسى وأورد له بيتين.
(2) أبو الصلت أمية بن عبد العزيز وقد تحدث عنه المصنف بإفاضة فى الجزء الأول.
(3) فى التيمورية والمختصر: قد خص بالدجى.(20/50)
أبو الطيب بن البزّاز (1)
قال فى أبى زيد المتطبب المعروف بابن زهر وأورده أبو الصلت فى رسالته:
قل للوبا أنت وابن زهر ... قد جزتما الحد فى النكايه
رفقا [بهذا الورى] قليلا ... فى واحد منكما كفايه (2)
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.
(2) فى الأصل: رفقا بالورى قليلا. وبه يختل الوزن ولعل الصواب ما أثبتناه، وربما يكون بالله رفقا بنا قليلا.(20/51)
أحمد بن على الفرسقى (1)
قال يهنىء ابن صمادح بقدومه من بعض أسفاره:
إيابك رد الشباب القشيبا ... وأمّن مسودّه أن يشيبا
تبين وتدنو كما تفعل الشم ... س حينا طلوعا وحينا غروبا
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.(20/52)
أبو محمد بن هند (1)
قال:
لما رأيت سهام لحظك أقصدت
قلبى، وسخطك سدّ باب رضاك
لم أدر أى معذّبيك يميتنى
أسقيم جفنك أم صحيح جفاك
__________
(1) لعله ابن هند الدانى من أمراء الطوائف ذكره ابن بسام فى الذخيرة القسم الثالث الورقة 141المخطوط واكتفى باسمه ابن هند، كما ورد فى نفح الطيب ج 2ص 180والمطرب ج 2ص 409بهذا الاسم وحده.(20/53)
الحصرى الأعمى المرّينى (1)
هو أبو الحسن على بن عبد الغنى من الأندلس، صاحب تصنيفات وتأليفات وإحسان فى النظم. قال فى غلام اسمه هارون:
يا غزالا فتن النا ... س بعينيه فتونا
أنت هاروت ولكن ... صحفوا تاءك نونا
وقال يهجو أبا العرب الصقلى (2):
معجب كالمتنبى ... وهو لا يحسن شيئا
إن هذا يحيوىّ ... أوتى العلم صبيّا (3)
وقال:
كم من أخ قد كان عندى شهدة ... حتى بلوت [المرّ] (4) من أخلاقه
__________
(1) أبو الحسن على بن عبد الغنى الفهرى المقرىء الحصرى الضرير وهو غير أبي إسحاق إبراهيم بن على الحصرى القيروانى صاحب زهر الأداب وجمع الجواهر وأبو الحسن على بن عبد الغنى شاعر أديب رخيم الشعر حديد اللسان، وكان عالما بالقراءات وطرقها، وأقرأ الناس للقرآن بسننه وغيرها، وله قصيدة منظومة فى قراءة نافع دخل الأندلس بعد سنة 450هـ وتوفى بطنجة سنة 488.
(2) أبو العرب الصقلى من شعراء الأندلس سكن سرقسطة ومدح المستعين بن هود بشعر كما وفد على المعتمد بن عباد وله معه نوادر، وجاوز الثمانين وقال فى هذا موجها خطابه لابن خفاجة.
أى عيش أو غذاء أو سنه ... لابن إحدى وثمانين سنه
قلص الشيب بها ظل امرىء ... طالما جر صباه رسنه
(3) نسبة إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام إشارة إلى قوله تعالى {«وَآتَيْنََاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا»} الآية 12من سورة مريم.
(4) زيادة من المختصر والتيمورية يستقيم بها الوزن.(20/54)
كالملح يحسب سكّرا فى لونه ... ومجسّه ويحول عند مذاقه
وقال يرثى المعتضد عبّادا أبا المعتمد (1):
مات عبّاد، ولكن ... بقى الفرع الكريم
فكأنّ الميت حىّ ... غير أنّ الضاد ميم (2)
وقال:
أقول له وقد حيّا بكأس ... لها من مسك راحته ختام (3)
أمن خديك تعصر قال: كلّا ... متى عصرت من الورد المدام
وقال:
وشاعر من شعراء الزمان ... يفخر عندى بالمعانى الحسان
وإنما أطيب أشعاره ... نصف خراسان أو القيروان
وقال:
إذا كان البياض لباس حزن ... بأندلس فذاك من الصواب
ألم ترنى لبست بياض شيبى ... لأنى قد حزنت على الشباب
وقال (4):
مما يبغضنى فى أرض أندلس ... سماع معتصم فيها ومعتضد (5)
أسماء مملكة فى غير موضعها ... كالهرّ يحكى انتفاخا صولة الأسد (6)
__________
(1) المعتضد بن عباد حاكم إشبيلية والد المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية وما جاورها.
(2) المعتضد تحولت ضادها إلى ميم فأصبحت المعتمد.
(3) فى المطرب: من مسك رياه، وفى وفيات الأعيان: ريقته.
(4) ينسب هذان البيتان إلى ابن رشيق القيروانى.
(5) فى الذخيرة سماع معتصم فيها
(6) فى الذخيرة: ألقاب مملكة صورة، وفى المختصر والتيمورية سورة الأسد.(20/55)
أبو الحسن عبد الكريم بن فضال الحلوانى (1)
قال:
ولما تدانوا للرحيل وقرّبت ... عتاق المطايا والركاب تسير (2)
وضعت على قلبى يدىّ مبادرا ... فقالوا محبّ للعناق يشير (3)
فقلت: ومن لى بالعناق وإنما ... تداركت قلبى حين كاد يطير
وقال:
(4)
قالوا: غدا رمضان فاستعدّ تقىّ
وتب على الصوم واهجر لذة الكأس (5)
إن الهلال يرى حتما فقلت لهم
حتّمتم بشتات بين جلّاس
فقال لى الغيم: لا تحفل بقولهم
علىّ سترته فاشرب بلا باس
فقمت أعثر فى ذيل المجون إلى
جمع المسرّة بين الكأس والطاس
__________
(1) أحد الشعراء المجيدين فى القرن الخامس أورد له ابن بسام طائفة من شعره فى الجزء الأول من القسم الرابع ص 219كما أورد له ابن دحية فى المطرب ص 59، 75، وابن سعيد فى رايات المبرزين ص 107وابن العمرى فى مسالك الأبصار ج 11ص 456.
(2) فى الذخيرة كرام المطايا.
(3) فى مسالك الأبصار والذخيرة: جعلت على قلبى.
(4) نسبها صاحب حلبة الكميت ص 229إلى ابن زيدون.
(5) فى حلبة الكميت وتب إلى الله.(20/56)
وقال من قصيدة:
ويختال بك الطّرف (1) ... كما يختال نشوان
تراه وهو لا يدرى ... درى أنك سلطان (2)
وقال فى العذار:
إذا كنت تهوى خدّه وهو روضة
به الورد غضّ والأقاحى مفلّج
فزد كلفا (3) فيه وفرط صبابة ... وقد (4) زيد فيه من عذار بنفسج
__________
(1) الجواد الكريم.
(2) المعنى: أتراه عرف أنك سلطان، مع أنه بطبيعة خلقته لا يستطيع التمييز فجملة «لا يدرى» جملة اعتراضية.
(3) فى الأصل فرد كلنا وهو تحريف.
(4) فى المختصر والتيمورية: فقد.(20/57)
أبو على كاتب مونس (1)
قال:
تقوّس بعد طول العمر ظهرى ... وداستنى الليالى أىّ دوس
فأمشى والعصا تمشى أمامى ... كأن قوامها وتر لقوسى
ولابن حمد يس (2) أيضا هذا المعنى بعينه وقد أوردناه من شعره، وأوقع ما سمعته فى العصا ما أنشدته لنظام الملك (3) الوزير:
بعد الثمانين ليس قوه ... لهفى على قوة الصبوّه
كأننى والعصا بكفى ... موسى ولكن بلا نبوه
وأنشدنى خازن دار الكتب النظامية بأصفهان لبعض فضلاء العصر بها.
وهو عزيز الشملكى أنه دخل دار الكتب وبيده عصا فقلت له كبرت وضعفت قال: وقلت له: إن العصا للشيخ رجل ثالثة، فارتجل فى الحال بديهة:
ضعف جسمى لمشيبى ... لم يدع منّى وقارا
صار حالى عبرة العا ... قل إن رام اعتبارا
العصا صارت حمارى ... ولها صرت حمارا
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المراجع.
(2) أبو محمد عبد الجبار بن أبى بكر بن محمد بن حمديس الصقلى ولد سنة 447. بجزيرة صقلية وهاجر إلى أسبانيا سنة 471هـ وعاش بإشبيلية وتوفى سنة 527بجزيرة ميورقة.
(3) أبو على الحسن بن إسحاق الطوسى الملقب بنظام الملك، كان وزيرا للسلطان ألب أرسلان ثم لابنه ملك شاه، كان أديبا عالما محسنا للشعراء والأدباء والعلماء اغتاله ديلمى سنة 485هـ.(20/58)
الفقيه أبو الوليد هشام بن أحمد الوقّشى (1)
ذكره أبو الصلت فى الحديقة، هو من بيت كنانة (2) من القديم إلى الآن ويعيش لهم فى زماننا هذا واحد كاتب بليغ مشهور لم يقع إلى [من] (3)
كلامه شىء، وأورد له هذه الأبيات فى غلام خصى وضىء الوجه:
وفاره يحمله فاره ... مرّ بنا معتقلا صعده (4)
سنانها مشتمل لحظه ... وقدها محتمل قدّه (5)
قلت لنفسى حين مدّت لها ال ... آمال، والآمال ممتدّه
لا تطمعى فيه كما الشّعر لا ... يطمع فى تسويده خدّه (6)
__________
(1) أبو الوليد هشام بن أحمد هشام بن خالد بن سعيد الكنانى المعروف بالوقشى» [وقش:
قرية بضواحى طليطلة] عالم بالنحو واللغة والشعر والأدب والفقه وفتاوى الأمصار محقق لعلم الحساب والهندسة والفلسفة ويجمع إلى ذلك حسن المعاشرة ودمائة الأخلاق ولد سنة 408هـ وتوفى سنة 489هـ[المطرب ص 223، و 224].
(2) وقد تمثل المقرى فيه بقول الشاعر.
وكان من العلوم بحيث يقضى ... له فى كل فن بالجميع
ينتسب الوقشيون بالأندلس إلى كنانة.
(3) زيادة يقتضيها المقام.
(4) فى نفح الطيب يركبه فاره مر بنا فى يده
(5) فى الأصل سنانها ممل والتصحيح عن نفح الطيب، وفى نفح الطيب وقدها منتحل قده.
(6) فى نفح الطيب:
لا تطمعى فيه كما الشمس لا ... يطمع فى تدنيسه خده(20/59)
قال: هذا كالذى أنشدته لبعض أهل البلاد وهو أبو محمد بن مالك (1):
أما الغرام فقد ألح فزادا (2) ... بأغن لا يعطى المحبّ قيادا
حلفت صحيفة خده ألّا ترى ... فى صحنها أبد الزمان مدادا
قال القاضى الفاضل (3): وهذا كقول بعض المغاربة:
إنى علقت مهفهفا ... كالبدر فى غسق الظّلم
آلت صحيفة خده ... ألّا يخطّ بها قلم
ولأبى الوليد الوقشى أيضا:
عجبا للمدام ماذا استعارت ... من سجايا معذّبى وصفاته؟
طيب أنفاسه وطعم ثنايا ... هـ، وسكر العقول من لحظاته (4)
وهي من بعد ذا علىّ حرام ... مثل تحريمه جنا رشفاته
__________
(1) أشار إليه ابن بسام فى الذخيرة ج 2من القسم الأول ص 259245 وأورد له طائفة من الشعر والنثر وذكر أنه عاش بالمرية فى خصاصة من العيش وأنه صاغ مدائح عديدة فى أميرها ابن صمادح.
(2) فى المختصر والتيمورية: وزادا.
(3) أبو على عبد الرحيم البيسانى اللخمى الكاتب الشاعر المشهور، ولى وزارة صلاح الدين الأيوبى فأحسن السياسة والتوجيه والتدبير وأغدق النعمة على الشعراء والأدباء والكتاب وتوفى سنة 596هـ.
(4) آثرنا رواية نفح الطيب ومختارات من الشعر الأندلسى، وفى الأصل وسقم العقول، ويلى هذا فى نفح الطيب.
وسنا وجهه، وتوريد خدي ... هـ، ولطف الديباج من بشراته
والتداوى منها بها، كالتداوى ... برضى من هويت من سطواته(20/60)
وللفقيه أبى الوليد أيضا هشام بن أحمد الوقشى:
قد بيّنت فيه الطبيعة أنها ... ببديع أعمال المهندس ماهره (1)
عنيت بمبسمه فخطّت فوقه ... بالمسك قوسا من محيط الدّائره (2)
وفى كتاب ابن بشرون الموسوم بالمختار: أنشدت للوقشى وأظنه لغيره (3):
جرى الموت فى عطفيه بدءا وعودة ... كما كان يجرى فيهما الماء من قبل
وأصبح ميّادا ومغرسه الحشى ... كما كان ميّادا ومنبته الرمل
__________
(1) أورد صاحب نفح الطيب البيتين فى موضعين وفى الموضع الأول يروى: بدقيق أعمال المهندس ماهرة، وفى الموضع الثانى: لبديع أعمال المهندس باهرة ويتفق الأصل مع رواية المطرب.
(2) فى نفح الطيب والمطرب: بالمسك خطا وقد علق صاحب المطرب على البيتين بأنهما: شعر وهندسة.
(3) البيتان يوحيان بأنهما فى وصف رمح.(20/61)
ناقد الكاتب (1)
قال فى وصف القلم من قصيدة:
لله درّك إذ ترويه [فى ظمإ] (2)
من المداد وفى عد من الكلم
__________
(1) نرجح أن هذا ليس علما وأنها عبارة محرفة صحتها: ناقضه الكاتب [فقال فى وصفه القلم من قصيدة].
(2) زيادة يقتضيها أو ما يماثلها السياق.(20/62)
الوليد حسان بن المصيصى (1)
قال:
نسقى ونسجد إجلالا لهيبته ... فنحن نشرب خمرا فى مساجيد
وقال من أبيات وتروى لأبى بكر بن عمار (2):
قسا قلبا وشنّ عليه درعا ... فباطنه وظاهره حديد
__________
(1) أورد له ابن بسام طائفة من الشعر «القسم الثانى من الذخيرة (مخطوط) ص 287275». وذكره ابن سعيد فى الرايات 27وابن فضل الله العمرى فى مسالك الأبصار (مخطوط) ج 11ص 428، والمطرب ج 1ص 385وذكر أنه خدم ابن عمار فقربه إلى المعتمد بن عباد واستكتبه ابنه المأمون بن المعتمد لما ولاه أبوه مملكة وطنه، وذكر له ابن سعيد مقطوعة فى مدح المعتمد.
(2) سبقت الإشارة إليه، نسبه صاحب القلائد إلى أبى بكر بن عمار من مقطوعة أولها.
وأغيد من ظباء الروم عاط ... بالفتيه من دمعى فريد
كما نسبها إليه ابن دحية فى المطرب، وقال إنها قيلت فى مملوك رومى للمؤتمن، ويتفق فى هذه النسبة مع رواية مسالك الأبصار وبغية الملتمس.(20/63)
ابن شاطر السرقسطى (1)
قال: وعادة أهل الأندلس لبس البياض فى العزاء:
قد كنت لا أدرى لأية علة ... صار البياض لباس كل مصاب
حتى كسانى الدهر سحق ملاءة ... بيضاء من شيبى لفقد شبابى
فلذا تبيّن لى إصابة من رأى
لبس البياض على نوى الأحباب (2)
__________
(1) أبو زيد عبد الرحمن بن شاطر السرقسطى وقد أورد له ابن دحية مقطوعتين إحداهما هذه المقطوعة ص 70كما أوردها صاحب نفح الطيب ج 2ص 496.
(2) فى المطرب ونفح الطيب فبذا.(20/64)
أبو عمار محمد بن عبيد (1)
قال:
روض إذا حثّ السحاب كؤوسه
شرب النبات على غناء البلبل
__________
(1) لم نجد له ذكرا فيما بين أيدينا من المصادر(20/65)
عبد الصمد بن عبد الصمد (1)
قال يصف فرسا:
على سابح فرد يفوت بأربع ... له أربعا (2) منها الصّبا والشمائل
من الفتح خوار العنان (3) كأنه ... مع البرق سار أو مع السيل سائل
__________
(1) لم نقف له على الترجمة، وقد أورد صاحب نفح الطيب البيتين منسوبين إلى ابن عبد الصمد
(2) منصوبة بالفعل «يفوت» والمقصود به الرياح التى تهب من الجهات الأربع.
(3) خوار العنان: مسترخى اللجام لأنه مندفع بطبعه.(20/66)
أبو محمد الطبيب المصرى (1)
قال:
أحذت منى غلامى ... لأيره لا لغيره
وكان عمدا لأيرى ... فصرت غمدا لأيره
وأورده صاحب قلائد العقيان فى حديث المعتمد أنه قام فى مجلسه فأنشده (2):
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
بشاذمهر ودع غمدان لليمن (3)
فأنت أولى بتاج الملك تلبسه
من هوذة بن على (4) وابن ذى يزن (5)
__________
(1) أشار إليه صاحب نفح الطيب وأورد له مختارات من شعره فى وصف قصر طليطلة الذى شيده المأمون بن ذى النون ثم فى وصف بركته والقبة المقامة عليها ص 347، 348 ج 1كما أورد له مقتطفات فى مدح المعتمد بن عباد ج 2ص 80، 625، 626ونفهم من هذه الإشارات أنه كان طبيبا، ولعله كان مصريا رحل إلى الأندلس.
(2) ورد البيتان فى نفح الطيب ج 2ص 625، والقلائد ص 7وهما مطابقان للأصل.
(3) شاذمهر بلدة فى نيسابور (ميمها مكسورة) غمدان (بضم الغين): قصر بصنعاء باليمن كان منزلا للملوك ولم يزل قائما حتى هدمه عثمان بن عفان رضى الله عنه.
(4) هوذة بن على بن ثمامة بن عمرو الحنفى صاحب اليمامة بنجد وشاعر بنى حنيفة وخطيبها قبل الإسلام وكان له تاج يتعصب به سمى ذا التاج، ودعاه النبى صلّى الله عليه وسلم إلى الإسلام فرفض الإسلام ومات سنة 7وفيه يقول الأعشى.
من يلق هوذة يسجد غير متلب ... إذا تعصب فوق التاج أو وضعا
ويظهر أن البيت المنسوب لأبى محمد مقتبس من قصيدة فى مدح عبد الله بن طاهر صاغها فيه أحد شعرائه.
(5) وابن ذى يزن هو: سيف بن ذى يزن بن أصبح الحميرى من ملوك العرب اليمانين فى الجاهلية وتدور حول حياته أساطير كثيرة توفى سنة 50قبل الهجرة.(20/67)
أبو على حسن بن هادة (1)
قال:
رأيت عند الصباح أيرا ... مضمّخ الرأس بالرجيع (2)
فقلت من أين جئت قل لى ... فقال من فقحة البديع
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة.
(2) الرجيع: فضلات الأمعاء.(20/68)
أبو الوليد النخلى (1)
قيل: قال أبو يحيى بن طوفان (2): كان أبو الوليد عند أبى وأنا أسقيه فناولته كأسا مترعة فقال:
لأبى يحيى أياد ... قلّ فيها مشبهوه (3)
ملأ الطاسات حتى ... قيل فى البيت أبوه (4)
من هذا الباب قول الصاحب بن عباد (5) فى مغنّ يعرف بابن عذاب.
أقول قولا بلا احتشام ... يفهمه كل من يعيه
ابن عذاب إذا تغنّى ... فإننى منه فى أبيه
ولابن الحداد فى شاعر يعرف بابن الفراء:
وإذا ما قال شعرا ... نفقت سوق أبيه
__________
(1) فى الأصل البجلى والتصحيح عن الذخيرة ونفح الطيب، من شعراء المعتمد بن عباد وابن صمادح وله فى الذخيرة القسم الثانى (المخطوط) ص 505، 506عدة مقطوعات كما أن له عدة مقطوعات أخرى ج 2ص 157، 223، 224، 301، 324، وله مقطوعة بالمطرب ص 37.
(2) فى الأصل: أن الطوفان والتصحيح عن نفح الطيب.
(3) فى نفح الطيب: لابن طوفان.
(4) فى نفح الطيب ملأ الكاسات.
(5) أبو القاسم إسماعيل الصاحب بن عباد من أشهر كتاب العربية فى العصر العباسى وزر لآل بويه فأحسن التدبير، وشجع العلم والأدب والتأليف، توفى سنة 385هـ.(20/69)
أبو محمد عبد الجبار بن حمديس (1)
الصقلى الأصل من أهل صقلية، وهو أقرب عصرا وقيل مات بعد الخمسمائة، ووجدت فى ديوان أبى الصلت بن أمية الأندلسى (2) أنه كتب إليه ابن حمديس الصقلى:
ولو أن من عظمى يراعى، ومن دمى
مدادى، ومن جلدى إلى مجده طرسى
وخاطبت بالعلياء لفظا منغّما ... وخططت بالظلماء أجنحة الشّمس
لكان حقيرا فى عظيم الذى له
من الحقّ فى نفس الجلال، فدع نفسى
ومالكة نفسى ملكت بها المنى ... وقد شرّدت عنى التوحش بالأنس
وقابلت منها كل معنى يعدّه ... يلوح بعين الوهم فى دهمة النفس
كأنّى فى روض أنزه ناظري ... جليل معانيه يدقّ عن الحسّ
__________
(1) أبو محمد عبد الجبار بن أبى بكر بن محمد بن حمديس الصقلى الأزدى ولد بصقلية سنة 447وهاجر إلى الأندلس سنة 471وعاش بأشبيلية وتوفى سنة 527وهو من أشهر وصافى الطبيعة فى الشعر العربى، وله مقطوعات شعرية فى مسالك الأبصار ح 11 (مصور) ص 293288والمطرب 5754وبغية الملتمس ص 521ومختارات من الشعر الأندلسى ص 120116وبدائع البدائه ص 37وترجم له الدكتور أحمد ضيف فى كتابه بلاغة العرب فى الأندلس وأورد له مختارات من شعره ص 148129وترجم له الدكتور إحسان عباس فى كتابه العرب فى صقلية ص 263235، وأورد له صاحب نفح الطيب عدة قصائد ومقطوعات ح 1ص 327321ح 2ص 417، وله ديوان شعر مطبوع.
(2) سبق الحديث عنه بإسهاب فى الجزء الأول من هذا الكتاب.(20/70)
مقلت بعينى منه خطّ ابن مقلة (1)
وقس على سمعى الفصاحة من قسّ (2)
وخفت عليه عين سحر تصيبه ... فصيّرت تعويذى له آية الكرسى
فأجابه أبو الصلت:
ولم تهو تحوى الروح منك إلى الأسى
ولكن نفخت الروح فى ساكن الرمس (3)
وما روضة بالحزن جيدت بواكف
من المزن محجوب به حاجب الشمس (4)
سرى زجل الأكناف حتى تجلببت
مدامعه بالرى فى تربها اليبس (5)
__________
(1) مقل: نظر، وابن مقلة هو أبو على محمد بن الحسين بن مقلة أشهر خطاط بالدولة العباسية يضرب بحسن خطه المثل ولى الوزارة للخلفاء: المقتدر العباسى، والقاهر بالله والراضى بالله، ثم غضب عليه فقطع يده ولسانه وعذبه حتى مات بالسحن سنة 328هـ.
(2) فى الأصل ونص، ولعل الصواب ما أثبتناه. قس الإبل: ساقها، قس بن ساعدة الإيادى خطيب من أشهر خطباء العرب فى الجاهلية يضرب به المثل فى الفصاحة توفى بعد بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
(3) فى الأصل: ولم تهد نحوى الروح منه إلى الأسى، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى: لم تنحدر روحك نحوى لتبدد غواشى الأحزان ولكن لتبعث فى الحياة.
(4) الحزن: المرتفع من الأرض، ورياض المرتفعات أجود ثمرا وأطيب غراسا، قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
(5) فى الأصل: رحل الإنسان وهو تحريف. الزجل: الصوت المتردد. الأكفان:
الجوانب والأنحاء وهو وصف للمطر بأن فيه رعدا.(20/71)
تمر بها ريح الجنوب عليلة ... فتبعث أنفاس الحياة إلى النفس
بأبدع من خط ولفظ تداعيا
بذى الحسن فى تلك اليراعة والطرس (1)
كأنّى من مبماته مترشّف
حروف شفاه عاطرات اللّمى لعس (2)
بعثت به أنسى وقد كان عازبا ... فلا غرو أن أسميته باعث الأنس
وهأنذا عارضته فى رويّة
كملتمس نيل الكواكب باللّمس (3)
وقرأت فى مجموع لابن حمديس فى المعتمد بن عباد لما خلع وأخرج (4):
جرى بك جدّ فى الزمان عثور ... وجار زمان كنت منه تجير
لقد أصبحت بيض الظّبى فى غمودها
إناثا بترك البيض وهى ذكور
__________
(1) بأبدع من خط ولفظ: خبر (ما) فى البيت: وما روضة بالحزن.
(2) فى الأصل: كأنى من مماته مترشف، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل: وها إن عارضته، وفى المختصر والتيمورية: وها أنا إذ عارضته، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) وردت هذه الأبيات فى الذخيرة القسم الثانى فى (المخطوط) ص 45:
تجىء خلافا للأمور أمور ... ويعدل دهر فى الهوى ويجور
أتيأس من يوم يناقض أمسه ... وشهب الدرارى فى البروج تدور
وقد تنتحى الأفلاك بعد خمودها ... وتخرج من بعد الكسوف يدور
ولما رحلتم بالندى فى أكفكم(20/72)
ولما رحلتم والندى فى أكفّكم ... وقلقل رضوى منكم وثبير
رفعت لسانى فالقيامة قد دنت ... فهذى الجبال الراسيات تسير
وتمام الأبيات:
إلى اليوم لم يذعر قطا الليل شزّب ... يغير بها عند الصباح مغير (1)
ولا راح من نادى المكارم بالغنى
يقلّبه فى راحتيه فقير
وهذه القطعة جواب ما كتبه إليه المعتمد بن عباد من محبسه (2):
غريب بأقصى المشرقين (3) أسير ... سيبكى عليه منبر وسرير (4)
أذل بنى ماء السماء زمانهم ... وذل بنى ماء السماء كبير (5)
وأنشدت له ببغداد ونسبت إلى أبى الصلت وصح أنها لابن حمديس (6):
ومطّرد الأرجاء يصقل متنه ... صبا أودعت سرّ الهوى فى ضميره
__________
(1) شزب جمع شازب وهو الخشن العناصر. والمعنى: بانقضاء دولتك انتهت الحروب والغارات المفاجئة التى كنت تشنها متلاحقة على الأعداء، فأمن القطا من يثيره من مهاجعه فى الظلام. وفى الأصل شرب ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) قصيدة فى أربعة عشر بيتا كتبها المعتمد بن عباد إلى ابن حمديس «ديوان المعتمد ص 98، 99».
(3) فى الديوان بأرض المطربين.
(4) فى الأصل يبكى، والتصويب عن الديوان.
(5) فى الديوان: كثير.
(6) فى وصف نهر فى نفح الطيب: ومطرد الأمواج أعلنت للعين ما فى ضميره(20/73)
جريح بأطراف الحصا كلما جرى ... عليها شكا أوجاعه بجزيره
كأن حبابا ريع فوق حبابه ... فأسرع يلقى نفسه فى غديره (1)
كأن الدجى خطّ المجرة بيننا ... وقد كلّلت حافاته ببدوره
شربنا على حافاته كأس خمرة ... وأقتل ما فى الكاس عينا مديره
قال أبو الصلت فى الحديقة: كان عبد الجبار بن حمديس جيد السبك حسن الأخذ، وأنا أذكر هاهنا طرفا من سرقاته التى زاد فيها على المسروق منه فمن ذلك قوله يصف فرسا (2).
كأن له فى الأذن عينا بصيرة ... ترى اليوم أشباحا تمرّ به غدا (3)
يقيّد بالسبق الأوابد فوقه ... ولو مرّ فى آثارهن مقيدا (4)
أخذه من قول امرىء القيس وهو أول من قال قيد الأوابد:
وقد أغتدى والطير فى وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
ومن قول ابن مقبل (5):
إنى أقيد بالمأثور راحلتى ... فلا أبالى وإن كنا على سفر
__________
(1) الحباب: حبة، والحباب: الفقاقيع التى تعلو سطح الماء.
(2) فى الديوان.
ومنقطع بالسبق من كل حلبة ... فنحسبه يجرى إلى الرهن مفردا
(3) الديوان:
كأن له فى أذنه مقلة يرى ... به اليوم أشخاصا تمر به غدا
وفى الأصل يرى اليوم اشباها، وقد آثرنا رواية المختصر والتيمورية والمطرب.
(4) آثرنا رواية المختصر والتيمورية والمطرب، فى الأصل: أقيد بالسيف.
(5) تميم بن مقبل بن عوف شاعر مخضرم أسلم ولكنه كان يبكى أهل الجاهلية وكانت بينه وبين النجاشى الشاعر مهاجاة فاستعدى على النجاشى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فحبس النجاشى وضربه. عاش مائة وعشرين سنة وتوفى نحو سنة 25هـ.(20/74)
وقال من قصيدة يصف إبلا:
ضربت لدى الإعناق (1) أعناق الفلا
بحسام ماء فى حشاها مغمد
وهو من قول ابن المعتز:
وأغمدن فى الأعناق أسياف لجّة ... مصقّلة تفرى بهنّ المفاوز
وقال ابن حمديس من أخرى:
لهم رياض حتوف فالذباب بها
يشدوهم فى الهوادى كلما اقتحموا (2)
بيض تضعن المنايا السود صارخة
وهى الذكور التى افتضّت بها الغمم (3)
وهى من شعر أبى نصر بن نباته (4):
ومن العجائب أن بيض سيوفه ... تلد المنايا السود وهى ذكور
__________
(1) الإعناق: نوع من الخطى الفسيحة فى سير الإبل والدواب.
(2) آثرنا رواية المطرب. وفى الأصل فالذباب بها تشدو، الهوادى: الأعناق.
(3) فى المطرب: يضعن المنايا افتضت بها القمم، وفى الأصل أنضت بها وقد أخذنا برواية المطرب.
(4) عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمى السعدى من شعراء سيف الدولة بن حمدان وابن العميد توفى سنة 405هـ.(20/75)
وقال من أخرى:
وجيشك هندىّ الخوافى يهزه ... جناحى عقاب سمهرىّ القوادم
وهو من قول أبى الطيب المتنبى (1):
يهز الجيش حولك جانبيه ... كما نفضت جناحيها العقاب
ومن قوله أيضا (2):
ضممت جناحيهم على القلب ضمّة ... تموت الخوافى تحتها والقوادم
وقال من أخرى:
وكأنهم فى السابغات صوارم ... والسابغات عليهم أغماد
من قول المتنبى (3):
وسيفى لأنت السيف لا ما تسله ... لضرب ومما النّصل منه لك الغمد (4)
وبيت ابن حمديس أجود لأنها سهلة وقريبة مع ما فيه من التشبيه ومن الترتيب. وقال من أخرى:
__________
(1) من قصيدة فى مدح سيف الدولة ووصف إيقاعه ببنى كلاب، مستهلها:
بغيرك راعيا عبث الذئاب ... وغيرك صارما ثلم الضراب
(2) من قصيدة له فى مدح سيف الدولة ووصف موقعة مظفرة له مع الروم مستهلها:
على قدر أهل العزم تأتى العزائم ... وتأتى على قدر الكرام المكارم
(3) من قصيدة للمتنبى فى مدح الحسين بن على الهمذانى مطلعها:
لقد حازنى وجد بمن حازه بعد ... فيا ليتنى بعد!! وما ليته وجد!!
(4) فى الديوان: ومما السيف منه لك الغمد. والمعنى وحق سيفى إنك أنت السيف الماضى لا السيف الذى لا تله، وغمدك هو الدرع المصنوع من الحديد الذى تصنع منه السيوف.(20/76)
له حملة عن فتكتين (1) انفراجها
كضربك [من] (2) وجهين شاه الملاعب (3)
من قول امرىء القيس:
تطعنهم سلكى ومخلوجة ... كرّك لأمين على نابل (4)
وقال:
أصبت رشادي فى الغرام ولم أحط ... بثابتة الخلخال خافقة القرط (5)
إذا مشطت فرعا تفرع ليله
وطال من الإعناق فيه سرى المشط (6)
من قول كشاجم (7):
ومرجل بالمشط يتعب فى ... مسراه حين تحله المشط (8)
__________
(1) فى الأصل: له حملة عن فتكين، وفى المختصر والتيمورية: لك حملة.
(2) زيادة يقتضيها الوزن والسياق.
(3) شاه الملاعب ملك الشطرنج.
(4) السلكى: الطعنة المستقيمة، مخلوجة: مائلة ذات اليمين وذات الشمال، لأمين:
مثنى لأم، وهو السهم الذى عليه ريش متناسق وفى الديوان: لقتك لأمين.
(5) فى المختصر والتيمورية بصامتة الخلخال: والمراد أن ساقها ممتلئة لا يجول فيها الخلخال وقرطها شديد الحركة لطول عنقها.
(6) فى الأصل من العناق ولعل الصواب ما أثبتناه الإعناق: الإسراع فى السير.
(7) كشاجم: محمود بن الحسين (أو محمد بن الحسين) ابن السندى أبو الفتح الرملى المعروف بكشاجم: شاعر كاتب مشهور تنقل بين القدس ودمشق وحلب وبغداد والقاهرة من شعراء سيف الدولة له ديوان شعر مطبوع وعدة رسائل توفى سنة 360هـ.
(8) التقدير يتعب المشط فى مسراه حين تحله.(20/77)
قال من أخرى:
بتّ منها مستعيدا قبلا ... كان لى منها على الدهر اقتراح
وأروى غلل الشوق بما ... لم يكن فى قدرة الماء القراح
من قول البحترى:
وبى ظمأ لا يملك الماء دفعه ... إلى نهلة من ريقها البارد العذب
وقال من أخرى يصف سفينة:
طيّارة ولها فرخان، وا عجبا!! ... إذ لا تزقّهما حتى يزقّاها (1)
كأنما البحر عين وهى أسودها ... بسبحها فيه والقيران جفناها
وهو من قول السلامى فى زورق (2):
جرى فظننت أن الأرض وجه ... ودجلة ناظر وهو السواد
ومما أورده أبو الصلت فى حديقته قوله من قصيدة فى مدح على بن يحيى ابن تميم (3):
وبلدة لطمت أيدى القلاص بها
منها وجوه قفار برقعت ظلما (4)
__________
(1) زق الطائر فرخه أطعمه بفيه، أى أن فيها رجلان لا ينالان رزقهما منها حتى يدفعاها والزق بمعنى الدفع كلمة مولدة.
(2) أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد المخزومى القرشى السلامى من أشعر أهل العراق فى عصره حظى عند الصاحب بن عباد وعند عضد الدولة وبقى فى كنفه حتى مات سنة 393هـ.
(3) أبو الحسن على بن يحيى بن تميم بن المعز الصنهاجى صاحب إفريقيا [تونس] كان شجاعا حازما. وتوفى سنة 515هـ.
(4) القلاص: الإبل الفتية القوية على السير.(20/78)
ساريت فيها سراة خلتهم ركبوا ... ربد النّقانق فيها أينقا رسما (1)
حادت بهم عن بقاع المحل جانحة
إلى بنان علىّ تطلب الدّيما (2)
مملّك برواق المجد محتجب ... له تبرّج نعمى تغمر الأمما (3)
لا يقدح العفو فى تمكين قدرته ... ولا يواقع ذنبا كلما انتقما (4)
وقوله من أخرى سبق أولها:
مجتمع الطبعين فى طبعه ... توقّد الباس وفيض السماح
يضحك فى الحرب ثغور الظّبى ... وهن يبكين عيون الجراح (5)
وقوله فى مدح أبى يحيى الحسن بن على بن يحيى بن تميم (6) من قصيدة عيدية:
فرد المصلّى فى خلال معظّم ... ووقار مختشع وسمت منيب
__________
(1) الربدة: اللون المغبر، النقانق جمع نقنق وهو ذكر النعامة أو الخفيف من كل حيوان. الأينق: النياق، الرسم: التى تؤثر بأخفافها فى الأرض بقوتها.
(2) المحل: الجدب.
(3) المعنى: إن ملكه مستقر فى سماء المجد، وهو فى احتجابه لا تحجب نعمه عن الأمم بل تبرز إليهم فى أبهى زينة وأبهج رواء.
(4) المعنى: حينما يعفو لا يتوهم أحد أن حلمه ناشىء عن الضعف وحينما يعاقب يتحرج عن الظلم.
(5) الظبى جمع ظبة وهى حد السيف والسنان، والمعنى تشرق سيوفه فى الحرب لامعة حين تسيل دماء الأعداء.
(6) الحسن بن على بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجى آخر ملوك الدولة الصنهاجية فى إفريقية الشمالية ولى الحكم صغيرا وهاجمه روجار الثانى حاكم صقلية فرحل إلى الجزائر وبايعه أهلها ودخل فى طاعة الموحدين وبهذا انتهت دولته توفى سنة 563هـ.(20/79)
بعرمرم ركبت لآجال العدى ... عقبان جوّ فيه أسد حروب (1)
عقد اللواء به على ذى هيبة
حالى المناسب بالكرام حسيب (2)
والبزل تجنح بالقباب تهاديا ... عوم السفين بشمأل وجنوب (3)
من كل رهو فى المقادة مشيه ... نقل الخطى منه على ترتيب (4)
وكأنما تعلو غواربها ربا ... روض بثجّاج الحيا مهضوب (5)
ونجائب مثل القسىّ ضوامر ... خلقت لقطع سباسب وسهوب (6)
ترعى الفلا بفم وترعى نحضها ... من ميسم بالمروذى تشذيب (7)
فى صفة الأعلام:
ومظلّة فى الخافقين خوافق ... كقلوب أعداء ذوات وجيب
من كل منشور على أفق الوغى ... بسطوره كالمهرق المكتوب (8)
__________
(1) شبه الخيل بالعقبان والجند المحاربين عليها بالآساد.
(2) فى الأصل: مالى المناسب ولعل الصواب ما اثبتناه.
(3) البزل الإبل التى بلغت تمام نموها.
(4) الرهو: السير السهل.
(5) الغوارب: الأسنمة. وفى الأصل: روض شجاج، ولعل الصواب ما أثبتناه، الثجاج:
المتدفق، الحيا: المطر أو الخصب مهضوب: ممطور.
(6) النجائب: الإبل السريعة السير، وتستعمل فى السباق. السباسب: المفازة أو الأرض المستوية الفسيحة، ومثله السهوب.
(7) النحض: اللحم أو المكتنز. المرو: حجارة بيض براقة تقدح منها النار، والمعنى إن هذه الإبل ترعى نبات البادية كما تستفيد أجسامها فى التغذى بما تكتنزه من لحومها لأنها تغذ السير وتطأ بأخفافها المشذبة الحجارة.
(8) المهرق: المراق، يشبه الأعلام المنشورة فى ميادين القتال بالسطور المسجلة على صفحات الأوراق.(20/80)
جاءت تترّبه العتاق بركضها ... والريح تنفضه من التتريب (1)
صور خلقن على الموات فخيّلت ... فيها الحياة بسورة ووثوب
وفغرن أفواها رحابا عطّلت ... أشداقها من ألسن ونبوب
من كل جسم تحتسى من ريحه ... روحا يحرك جسمه بهبوب (2)
قال القاضى الفاضل: هذا مليح جدا وقد قيل فى زق نفخ:
(مات لما سللت منه مداما ... فأعدنا له من الريح روحا)
وترى بها العنقاء تنفض سقطها ... فى نفنف للحائمات رحيب (3)
وصلت ذرى المهديتين وهاجرت ... وكرا لها بالهند غير قريب
كيما تفوز ونيله فوق المنى ... من حسن وجهك عينها بنصيب
وفى وصف الخيل المحبوبة:
وصواهل مثل العواسل عدوها ... أبدا لحرب عدوّك المحروب (4)
من كل ورد ما يشابه لونه ... إلّا تورّد وجنة المحبوب (5)
__________
(1) من عادة العرب أن تجقف الكتابة بالتراب، والذى يجفف هنا هى الخيول.
(2) تحتسى: تختبر، وفى الأصل تحتشى، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) العنقاء: طائر خرافى كبير. النفف: الهواء. وكل مهوى بين جبلين، وصقع الجبل الذى يبدو كالجدار.
(4) العواسل: الرماح اللدنة، المحروب: المسلوب.
(5) الورد: الفرس الذى لونه بين الشقرة والكمتة.(20/81)
وكأنما كبرت ذخيرة عتقه ... منه عباب البحر فى يعبوب (1)
أو أدهم أحوى الإهاب كأنما ... صبغ الغراب بلونه الغربيب (2)
أرساغه درد على فيروزج ... لان الصّفا من وقعها لصليب
أو أشهب مثل الشّهاب ورجمه ... صافى الضلوع أقب كاليعسوب (3)
لا فرق ما بين الصباح وبينه ... إلا بعدو منه أو تقريب (4)
أو أصفر مثل البهار مغبّر
بسواد عرف عن سواد عسيب (5)
أو أشعث للنار فيه شعلة ... تذكى بريح منه ذات هبوب (6)
وكأنه مرداة صخر حطّه ... من علو سيل ماج فى تصويب (7)
وكأنما سكر الكميت بلونه ... فله بمشيته اختيال طروب (8)
وكأن حدّة طرفه، وفؤاده ... من خلفه فى الأذن والعرقوب (9)
__________
(1) اليعبوب: الفرس السريع الطويل أو السهل فى عدوه، وفى الأصل يغبوب وهو تحريف.
(2) أحوى: حمرة تضرب إلى السواد، الإهاب: الجلد: الغربيب: شديد السواد.
(3) أقب: مقوس الظهر إلى الأعلى، اليعسوب ملكة النحل.
(4) التقريب: ضرب من العدو أو أن يرفع يديه معا ويضعهما معا.
(5) فى الأصل مثل النهار، وهو تحريف البهار: نبات طيب الريح من فصيلة النرجس، العسيب: منبت شعر الذنب.
(6) فى الأصل أو أشعل، وبه يختل الوزن.
(7) مرداة: صخرة مرمية أو مكان الردى، وفى الأصل مراده والتصويب عن المختصر والتيمورية، علو: ضد سفل، أى من أعلى.
(8) الكميت: الأحمر المائل للسواد والكميت أيضا الحمرة.
(9) كان نظره الحاد الذى يزيده ذكاؤه مركزا فى أذنه وأقدامه.(20/82)
وقال:
قم هاتها من كف ذات الوشاح ... فقد نعى الليل بشير الصباح (1)
من قبل أن ترشف شمس الضحى ... ريق الغوادى من ثغور الاقاح
واحلل عرى نومك عن مقلة ... أجفانها تبدو مراضا صحاح (2)
وقال من أبيات:
زادت على كحل العيون تكحّلا ... ويسمّ نصل السهم وهو قتول
وقال أبو الصلت فى الحديقة لم أسمع فى اجتماع الكحل والكحل أحسن من هذا البيت، وقال:
لو كنت زائرتى لراعك منظرى ... فرأيت بى ما يصنع التفريق
ولحال من دمعى وحرّ تنفّسى ... بينى وبينك لجّة وحريق
وقال مما أورده أبو الصلت فى الحديقة:
تخالفت النيات يوم تحملوا
فركب إلى شرق وركب إلى غرب
وما قدّ قدّ السير بالسير بينهم ... ولكنما المنقدّ بينهم قلبى (3)
__________
(1) فى الديوان: قم هاكها. ويتفق الأصل مع رواية المطرب، وفى المطرب: وقد نعى الليل، ويلى هذا فى الديوان وفى المطرب:
وباكر اللذات واركب لها ... سوابق اللهو ذوات المراح
(2) فى الأصل نبل أجفانها مراضا.
(3) قد: قطع، قد السير: الحزام الجلدى الذى تربط به الرحال.(20/83)
وقال:
قضت فى الصّبا النفس أوطارها
فأعقبها الشّيب إنذارها (1)
نعم وأجيلت قداح النّوى ... عليها فقسّمن أعشارها (2)
وراهبة أغلقت ديرها ... فكنا مع الليل زوّارها (3)
هدانا إليها شذا قهوة ... تذيع لأنفك أسرارها (4)
فما فاز بالمسك إلا امرؤ ... ييمّم دارين أودارها (5)
طرحت بميزانها درهمى ... فأجرت من الدّن دينارها (6)
وقد سكتت حركات الأسى ... قيان تحرّك أوتارها
فهذى تغازل لى عودها ... وتلك تقبّل مزمارها (7)
وراقصة لقضت رجلها ... حساب يد نقرت طارها (8)
وساقية زرّرت كفّها ... على عنق الظبى أزرارها (9)
__________
(1) فى الديوان: وأبلغها السبب إنذارها.
(2) فى الديوان: قداح الهوى. الأعشار: الأنصبة.
(3) فى الأصل علقت ديرها، وفى المختصر والتيمورية علقت وقد آثرنا رواية الديوان.
(4) القهوة هنا: الخمر، وكان من عادتهم أن يلجئوا إلى الأديرة للسكر والعربدة.
(5) دارين: فرضة بالبحرين مشهورة بالمسك الذى يجلب إليها من الهند فينسب إليها والنسبة إليها دارى، وإليها أشار الفرزدق بقوله:
كأن تريكة من ماء مزن ... ودارى الذكى من الدام
(6) شبه الخمرة بالدينار لبريقها الذهبى.
(7) فى الديوان: فهذى تعانق لى عودها.
(8) فى الأصل لفظت رجلها يد نقرت. التصويب عن الديوان، والمعنى تجاوبت ساق الراقصة مع نغمات الطبلة.
(9) ورب ساقية لها عنق كجيد الظبى عقدت عليه أزرار ردائها.(20/84)
تدير بياقوتة درّة ... فتغمس فى مائها نارها (1)
وقضب من الشمع مصفرّة ... تريك من النّور نوّارها
تقلّ الدياجى على رأسها ... فتهتك بالنور أستارها
كأنّا نسلّط أحبالها ... عليها فتمحق أعمارها (2)
ومنها:
ذكرت صقلّية والمنى ... تهيج للنفس أوطارها (3)
إن كنت أخرجت من جنة ... فإنى أحدث أخبارها (4)
وقال:
طرقت والليل ممدود الجناح ... مرحبا بالشمس من غير صباح
سلّم الإيماء عنها خجلا ... أو ما كان لها النطق مباح؟
غادة تحمل فى أجفانها ... مرضا فيه منيّات الصّحاح
بتّ منها مستعيدا قبلا ... كان لى منها على الدهر اقتراح
ألثم البدر حصا ينبع لى ... بزلال ناقعا فيه التياح (5)
__________
(1) شبه الكأس بالدّرّة، والخمر بالياقوتة.
(2) فى الأصل نسلط آجالها، وقد آثرنا رواية المختصر والتيمورية والمقصود بالأحبال ما بداخل الشموع من خيوط.
(3) فى الديوان: والأسى يهيج للنفس تذكارها.
(4) فى المختصر والتيمورية: فإنى أخذت بأخبارها، وهو تحريف.
(5) المقصود بالحصا الأسنان وبالزلال: الريق العذب، الالتياح: العطش. والمعنى:
إن ريقها يروى الغليل ولكنه فى الوقت نفسه يزيد الشوق.(20/85)
وأروّى علل الشوق بما ... لم يكن فى قدرة الماء القراح
باعتناق ما اعتنقناه خنى ... والتزام ما التزمناه سفاح
ما على من صاد فى النّوم له ... شرك الحلم مهاة من جناح
همت بالغيد فلو كنت الصبى ... لم يكن منّى عنهنّ براح
ورددت الشيب عنها جاهرا ... بكلام السلم أو كلم الكفاح (1)
علل النفس بريحان وراح ... وأطع ساقيها، واعص اللّواح
وأدر خمرا تسرى لطفا ... سكرها من شمسها فى كل صاح (2)
لا يغرّنّك منها خجل ... إنما تبديه عن خد وقاح (3)
وأعلها بالماء تعلم منهما ... أنّ بين الماء والنار اصطلاح
وإذا الخمر حماها صرفها ... مزّق المزن حماها فاستباح (4)
خلّنى أفن شبابى مرحا
لا يردّ المهر عن طبع المراح (5)
وانتظر للحلم منى كرّة ... كم فساد كان عقباه صلاح (6)
__________
(1) المعنى أرد عنها الشيب سواء بالسلم أو بالحرب.
(2) تسرى: تبعث، من سربته السرية أى أرسلت أو جردت فصيلة من الجيش.
(3) المعنى لا تغتر بحمرة الخجل منها فما هى ناشئة عن خد حيى بل عن خد وقاح.
وفى التيمورية والمختصر من جد وهو تحريف.
(4) المعنى: إذا عز شرب الراح صرفا فإن مزجها بماء المزن أساغها للشاربين واستباح حماها.
(5) المعنى: دعنى أطوى حياتى فى مرح ونشوة فإن المرح طبيعة أصيلة فى الشاعر، والمهر لا يمكن حبسه عن المرح والنشاط.
(6) المعنى: لا تيأس من رجوعى إلى الوفاء بعد أن تستنفد النفس نشاطها من البهجة والسرور، فكم فساد أعقبه صلاح.(20/86)
فالقصيب اهتز والبدر بدا ... والكثيب ارتج، والعنبر فاح
والثريا رجح الجوّ بها ... كابن ماء ضمّ للوكر جناح
فكأن الغرب منها ناشق ... باقة من ياسمين أو أقاح
وكأن الصبح ذا الأنوار من ... ظلم الليل على الظلمان صاح (1)
ثقل الراحة من كاساتها ... برداح من يد الخود الرّداح (2)
فى حديق عرّس الغيث به ... غدق الأرواح موشى البطاح (3)
يعقد الطرف أزاهير به ... ثم يعطيه أزاهير صراح (4)
أرضع الغيم ليانا بانة ... قرنت فيه بقامات الملاح
من شعر ابن سنان الخفاجى (5):
(نشأت للحسن فيهم مزنة ... أنبتت فى كل حقف غصنا)
كلّ غصن تعترى أعطافه ... رعدة النشوان من كاس اصطباح
لابس صبغة ورد كلما ... وذعت فى طرف اليوم يراح (6)
__________
(1) الظلمان: جمع ظليم وهو ذكر النعام ويضرب بها المثل فى السرعة. فكأن الظلام فر فى سرعة الظلمان أمام صيحة النهار.
(2) التمس المنعة الدائمة من كاساتها بجفنة عظيمة نتبادلها من يد فتاة ناعمة رابية الردف الرداح: الجفنة العظيمة، والمرأة الثقيلة الأوراك.
(3) عرس الغيث: أقام، غدق الأرواح: ندى النسمات، موشى البطاح: مزخرف الربوات.
(4) المعنى حينما تتجه إليه الأنظار محدقة به تصبح مثل الأزهار المتفتحة، وهو يهدى إليها أزهاره الحقيقية الفواحة بالعبير.
(5) عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجى شاعر معروف أخذ الشعر والأدب عن أبى العلاء المعرى. وكانت له قلعة فى جوار حلب تمرد بها قدس إليه الحاكم السم فمات سنة 466وله ديوان شعر مطبوع، وله كتاب سر الفصاحة مطبوع.
(6) وذع: سال، راح يراح: جرى نسيمه وخفقت ريحه، أو وجد راحة واطمئنانا يقال: راح للمعروف يراح إذا أخذت له خفة وأريحية.(20/87)
فكأنّ التّرب مسك أذفر ... وكأن الطل كافور رباح (1)
وكأن الروض رشّت زهره ... بمياه الورد أفواه الرّياح
أفلا تغنم عيشا يقتضى ... سيره عنك غدوّ ورواح
وإذا فارقت أيام الصبى ... فالليالى بأمانيك شحاح
وقال فى الشيب والعصا:
ولى عصا من طريق الأمّ أحمدها ... بها أقدّم فى تأخيرها قدمى
كأنها وهى فى كفى أهشّ بها ... على ثمانين عاما لا على غنمى
كأننى قوس رام وهى لى وتر ... أرمى عليها رمىّ الشيب والهره
أملح منه للمكر بل العسقلانى:
قوّس الدهر قامتى ... فاتخذت العصا وتر (2)
__________
(1) الرباح: بلد يجلب منه الكافور يقال كافور رباحى.
(2) فى الأصل: وترا. وهو تحريف.(20/88)
ولده محمد بن حمديس (1)
ذكره ابن بشرون فى المختار وذكر أنه أشعر من والده عبد الجبار، وأورده فى شعراء الغرب الأوسط، ووصفه فى الشعر بحسن النمط، وأورد له بائية اخترت منها أبياتا سوية فمنها:
وإنّ مردّ التهنئات إلى الألى
جنوا لك حلو العيش محضا لأعذب
وما صدّنى عن أن أزورك جفوة ... ولكن حياء مسّنى وتهيّب
ومن الهناء بالصوم والعيد:
ليهنك شهر الصوم لازلت مدركا
بأمثاله تأتى عليه وتذهب
صلاتك فيه رحمة ومثوبة ... وصومك رضوان به وتقرّب
لأوليته فى الله أحسن صحبة
ولا زلت تدعى محسنا حين تصحب
وصمت به عن كل إثم ومحرم ... صيام الورى أن يأكلوه ويشربوا
إلى أن لقيت العيد بالجد فى التّقى ... وغيرك بالأيام يلهو ويلعب
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر.(20/89)
أبو الطيب الأزدى (1)
قال وذكر ابن شرف أنهما له فى كتابه أبكار الأفكار:
قلم قلّم أظفار العدا ... فهو كالأصبع مقصوص الظّفر
أشبه الحيّة حتى إنه ... كلما عمّر فى الأيدى قصر
__________
(1) لعله أبو الطيب أحمد بن الحسين بن محمد المهدوى المسيلى ذكره ابن دحية فى المطرب ص 41، 48وذكر أنه من أعيان شعراء المغرب الراسخين فى الأدب وكان شعره مدونا بالثغر الأعلى بمدينة سرقسطة، واستوطن أخيرا مدينة فاس وولى القضاء بها وتوفى سنة 538 وأورد له مقطوعات من شعره.(20/90)
أبو مروان عبد الملك بن أغلب الشاطبى (1)
قال:
يا معطشى كم أصيح واعطشى ... إلى الرّضاب الشهىّ من بردك
ليت كما قد سكنت فى خلدى ... لو أننى خاطر على خلدك
إن كنت لا ترتضى بلثم فمى ... فإننى أرتضى بلثم يدك
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما رجعنا إليه من مصادر، ولعله أبو مروان عبد الملك بن غصن الخشنى الشاعر سجنه ابن ذى النون ثم أطلقه فسار إلى بلنسية ثم إلى قرطبة وتوفى سنة 454هـ فى غرناطة.(20/91)
برد بن أحمد بن برد (1)
قال:
اسمع لعبدك شعرا ... وإن أردت فسحرا
وما نخيّرت لفظا ... لكن تخيّرت درّا
نظمته لك عقدا ... فوافق العقد نحرا
__________
(1) هناك شاعران اسم كل منهما أحمد بن برد أحدهما جد الثانى وكلاهما شاعر كاتب وعرف الأول باسم الأكبر والثانى باسم الأصغر وكلاهما فى القرن الخامس توفى الأول سنة 428 وتوفى الثانى بعد سنة 440هـ ونرجح أن بردا هو الابن الأصغر ولم نجد له ذكرا فيما بين يدينا من المراجع.(20/92)
أبو الحسن اليسع بن اليسع (1)
قال:
راموا ملامى فكان إغراء ... وذم حبى فكان إطراء (2)
لو علم العاذلون ما خبرى ... لانقلبت فيه لا مهم راء (3)
وقال (4):
لما قدمت وعندى ... شطر من الشوق واف
قدّمت قلبى قبلى ... فصنه حتى أوافى
__________
(1) له ترجمة موجزة فى الحلة السيراء ص 194وفى القلائد 167وفيهما أنه كان صاحب لهو وبطالة وولع بالشراب، ولاه المعتمد بن عباد ولاية مرسية فثار عليه أهلها وخلعوه وأورد له صاحب نفح الطيب بعض المقطوعات.
(2) فى النفح الطيب: لاموا ملامى وكان إغراء وكان إطرا وبه تكون المقطوعة من مخلع البسيط وهى هنا من مجر المنسرح.
(3) فى نفح الطيب لو علم العاذلون ما بى.
(4) ورد هذان البيتان فى نفح الطيب دون خلاف.(20/93)
تعليقات على القصيدة
21
1 - الروض: أعسر بمعنى عسر. وفي التنزيل: {يَوْمٌ عَسِرٌ} (1)
في ص (عند كلمة «همّ»): «أي بؤس معوجّ ف ع» والظاهر أن الناسخ أخطأ فكتب كلمة «معوجّ» حيث كتبها، وموضعها الصحيح عند كلمة أعسر، وموضع «بؤس» عند «همّ».
4 - ل: «الشّعوب المنيّة». وأكثر ما يرد اسم المنيّة بدون ألف ولام على أنّه معرفة لا تنصرف وفي اللسان (شعب) بحث مفصل في ذلك.
6 - ط، ل، با، ص، طا: زيد بن حارثة الكلبيّ مولى رسول الله صلى الله عليه (2) وعبد الله بن رواحة (3) الأنصاري.
7 - طا: يقال للرجل ميمون النقيبة إذا كان مظفّرا. ورجل محدود (4)
إذا لم يكن مظفّرا.
13 - ل، با، ص: الرّضام الحجارة، ويروق يعجب. يقول:
هم الجبل والناس حولهم رضام، واحدها رضمة.
طا: الرضام الحجارة واحدها رضمة.
14 - ط: [مأزق عماس] موضع الحرب.
__________
(1) سورة القمر 54: 8.
(2) بعدها في طا: وآله، وفي ط، ل: وسلم.
(3) عبد الله بن رواحة من بني مالك الأغر بن ثعلبة من الخزرج: استشهد في مؤتة. ج ابن حزم 363، السيرة 795789/ 2: 380373.
(4) في اللسان (حدد): حد الإنسان: منع من الظفر، وكل محروم محدود.(20/94)
ابن معرّف المنجّم (1)
قال:
يرى العواقب فى أثناء فكرته ... كأن أفكاره بالغيب كهّان
لا طرفة منه إلا تحتها عمل ... كالدهر لا دورة إلّا لها شان
__________
(1) لم نقف له عن ترجمة.(20/95)
أبو الحسن على البلنسى (1)
قال:
وجرى النسيم معطرا فكأنما ... أهدت إليك سلامها أسماء
وبدت ذكاء مع العشى كأنما ... خلعت عليها بردها الصهباء
__________
(1) لم نقف له على ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر.(20/96)
أبو طالب عبد الجبار (1)
المعروف بالمتنبى من شعراء الأندلس، وجدت كنيته فى تاريخ الأندلسيين بمصر أبا طالب ووجدت فى مجموع ابن الصيرفى المصرى (2) كنيته أبا الوليد وعاش بعد سنة خمسمائة فإنه ذكر على بن تاشفين وهو أمير المسلمين فى أرجوزته المحتوية على فنون من العلوم والمحيطة بتاريخ الدول، وكان موت على بن يوسف ابن تاشفين فى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وكانت ولايته عند وفاة أبيه أمير المسلمين سنة خمس وتسعين وأربعمائة، ومن أرجوزته (3) ما أورد فى التاريخ قوله:
لما رأى أعلام أهل قرطبة (4) ... إن الأمور عندهم مضطربه
__________
(1) ترجم له صاحب الذخيرة وأورد له عدة مقطوعات كما أورد أرجوزته التاريخية المطولة ق 1ح 2ص 431401وأشار إليه ابن فضل الله العمرى فى مسالك الأبصار ح 11 (مصور) الورقة 415، كما أشار إليه المغرب ح 2ص 371، 372وأورد له عدة مقطوعات وهو من جزيرة شقر كما ذكر المقرى فى نفح الطيب، وأضاف إلى هذا أنه ألف تاريخا منظوما كما فعل قبله يحيى بن الحكم الغزالى ونزيد نحن على هذا أن احمد بن عبد ربه نظم تاريخ عبد الرحمن الناصر وقد أورد أرجوزته هذه فى «العقد الفريد ح 5ص 246227» وتناولت سيرته من سنة 322300.
(2) أبو القاسم على بن منجب بن سليمان الشهير بابن الصيرفى من أعيان المصريين ولى ديوان الإنشاء بمصر فى أيام الخليفة الفاطمى الآمر، وله عدة كتب طبع منها «الإشارة إلى من ولى الوزارة» وقانون ديوان الرسائل، وتوفى سنة 542هـ أما المجموع الذى أشار إليه المصنف فهو «المختار من شعر شعراء الأندلس» وتوجد منه نسخة خطية فريدة بمكتبة حسنى باشا عبد الوهاب بتونس. وقد اطلعنا عليها، وبها خرم كبير.
(3) فى الحديث عن ملوك الطوائف وهو يشير هنا إلى أهم إمارات الطوائف فذكر:
إمارة قرطبة وولاية أبى الحزم بن جهور ثم ابنه أبو الوليد ثم فساد أمره على يد ولديه عبد الرحمن وعبد الملك ثم ذكر إمارة سرقسطة (الثغر الأعلى) وولاية منذر بن يحى عليها ثم سليمان ابن هود ثم ذكر ولاية طليطلة وولاية يعيش بن محمد بن يعيش عليها ثم إسماعيل بن عبد الرحمن ابن ذى النون ثم إمارة حمص (إشبيلية) وولاية محمد بن عباد لها ثم ابنه عباد المعتضد ثم ابنه المعتمد بن عباد
(4) فى الذخيرة: أعلام مصير قرطبه.(20/97)
وعدمت شاكلة للطاعه ... استعملت آراءها الجماعه
فقدموا لشيخ آل جهور ... المكتنى بالحزم والتدبر (1)
ثم ابنه أبا الوليد بعده
وكان يحذو فى السداد حذوه (2)
فجاهرت بجورها الجهاوره ... وكل قطر حلّ فيه الفاقره (3)
من كل منتز بها وثائر ... وعادل عن كلّ عدل، جائر (4)
فالتغر الأعلى ثار فيه منذر ... ثم ابن هود بعد ممّا يذكر (5)
وابن يعيش ثار فى طليطله ... ثم ابن ذى النون تصفّى الملك له (6)
وثار فى حمص بنو عبّاد ... والحرب والفتون فى ازدياد
وشاع عن هشام المؤيّد ... بأنه حىّ ولما يلحد
وأنه جاء من الحجاز ... واحتل فى حمص على المجاز
وقال عبّاد به فصدقوا ... بأنّه حىّ لديه يرزق (7)
__________
(1) أبو الحزم بن جهور رئيس الجماعة بقرطبة وقد اختاره أهلها للحكم بعد سقوط الخلافة الأموية وفى الأصل من آل جهور ولكن بها يختل الوزن.
(2) أبو الوليد بن جهور ورث حكم قرطبة عن أبيه أبى الحزم حتى فتحها المعتمد بن عباد وضمها إلى ولاية إشبيلية، وفى الذخيرة يحدو.
(3) فى بعض نسخ الذخيرة: فجاهدت فى فضلها.
(4) آثرنا رواية الذخيرة، وفى الأصل من كل منبر.
(5) آثرنا رواية الذخيرة وفى الأصل بالثغر الأعلى ثار منه ثم يعد مما يذكر.
(6) آثرنا رواية الذخيرة وفى الأصل: ثم ابن ذعر النون يصفى الملك له.
(7) آثرنا رواية الذخيرة وفى الأصل فإنه حى لديه: وهو يشير إلى أسطورة هشام ابن الحكم الخليفة الأموى الذى حجبه وحكم باسمه الحاجب المنصور ثم تنازله عن الخلافة لسلمان ابن الحكم ثم اغتياله ثم ادعاء أنه حى ثم ادعاء قتله وتكرر هذا الادعاء ضده، ثم ظهور دعىّ يحمل اسمه استغله المعتضد بن عباد فى فرض حكمه على أمراء الأندلس، ثم إعلانه وفاته(20/98)
فنصبوا دعوته طلّسما ... وقد محا الممات منه الرّسما (1)
فعبدوه مدة أعواما ... إذ عدموا الألباب والأحلاما
ثم نعاه بعد ذا عبّاد ... من بعد ما طاعت له البلاد (2)
وثار فى غرناطة حبّوس ... ثم ابنه من بعده باديس (3)
وآل معن ملكوا المريّة ... بسيرة محمودة مرضيه (4)
ذكرهم فى غير ما قصيد ... يشرق مثل النحر بالفريد (5)
وثار فى شرق البلاد الفتيان ... العامريون ومنهم خيران (6)
ثم زهير والفتى لبيب ... ومنهم مجاهد اللّبيب (7)
سلطانه رسا بمرسى دانيه ... ثم غزا حتى إلى سردانيه (8)
ثم أقامت هذه الصقالبه ... لابن أبى عامرهم بشاطبه (9)
__________
(1) الطلّسم: اللغز المحير الملىء بالأسرار.
(2) طاع يطوع ويطاع: انقاد.
(3) إشارة إلى تأسيس إمارة غرناطة وقيام حبوس بن ماكس بن زيرى بن مناد الصنهاجى بأمرها وابنه باديس بعده.
(4) إشارة إلى تأسيس إمارة المرية تحت لواء معن ابن صمادح.
(5) اللؤلؤ الثمين الفريد.
(6) فى الأصل حبران وهو خطأ والتصحيح عن الذخيرة، ويشير إلى إمارة خيران العامرى زعيم الصقالبة وتغلبه على المرية.
(7) يشير إلى زعامة زهير العامرى ووراثته لإمارة خيران ثم لبيب الصقلبى صاحب طرطوشة وتغلبه على بلنسية ثم إلى أبى الجيش مجاهد العامرى وتغلبه على دانية وسيطرته على شرق الأندلس وسيطرة أسطوله على جزر غربى البحر الأبيض المتوسط حتى جزيرة سردانية وتهديده لشواطىء إيطاليا وفرنسا.
(8) فى الأصل سلطانه رسما بمرسى دانية، وقد آثرنا رواية الذخيرة.
(9) يشير إلى عبد العزيز بن الناصر بن أبى عامر.(20/99)
وجل ما ملكه بلنسيه ... وثار آل طاهر بمرسيه (1)
وبلد البونت لآل قاسم ... وهو حتّى الآن فيه حاكم (2)
وابن رزين جاره بالسهله ... أمهل أيضا ثمّ كلّ المهله (3)
ثم تمادت هذه الطوائف ... تخلفهم من آلهم خوالف (4)
وبعد عشرة أبيات (5): فى وصف الحال يذكر دولة لمتونة (6) وخبر وقعة الزلاقة:
وإذ أراد الله نصر الدّين ... استصرخ الناس ابن تاشفين (7)
فجاءهم كالصبح فى إثر غسق ... متّئدا كالماء ينقى من رنق (8)
وافى أبو يعقوب (9) كالعقاب ... فجرّد السيف عن القراب (10)
__________
(1) فى الأصل وما زال ظاهرا بمرسية والتصحيح عن الذخيرة ويشير إلى زعيم بنى طاهر أبو بكر عبد الصمد بن طاهر وتملكه مرسية.
(2) يشير إلى نظام الدولة عبد الله بن قاسم الفهرى وتسلطه على حصن البونت
(3) يشير إلى أبى محمد هذيل الأول بن خلف بن رزين وتغلبه على السهلة.
(4) فى الأصل تخلفهم من اللهم خوالف، والتصحيح عن الذخيرة.
(5) فى الذخيرة تسعة أبيات ذكرها ابن بسام.
(6) فى الأصل: دولة المثوبة، والتصحيح عن كتب التاريخ ولمتونة قبيلة كبيرة من قبائل البربر قدّمت عليها رجلا منها اسمه تاشفين بن يوسف وانضمت إليها قبيلة مسوفة البربرية، وقد استطاع ابنه يوسف أن يؤسس دولة كبرى بالغرب ضمت إليها معظم أقاليم الأندلس وعرفت باسم دولة المرابطين.
(7) فى الذخيرة: فإذا أراد الله.
(8) فى الذخيرة: مستدركا لما تبقى من رمق أنقى ونقى: صفى، الرنق: الكدر.
(9) كنية يوسف بن تاشفين.
(10) القراب: الغمد.(20/100)
وواصل (1) السير إلى (الزلّاقه) ... وساقه ليومها ما ساقه
لله درّ مثلها من وقعه ... قامت بنصر الدّين يوم الجمعه (2)
وثلّ للشّرك هناك عرشه ... لم يغن عنه يومها أذننشه (3)
فوجب الخلع لدى الجماعه ... وصرحوا ليوسف بالطاعه (4)
فاتصل الأمر على النظام ... وامتدّ ظلّ الله للإسلام (5)
ثمّ ولى علىّ بن يوسف ... مقتديا حكم أبيه يقتفى (6)
ومن شعر عبد الجبار المتنبى قوله:
أهديت مشبه قدّك الميّاس ... غصنا نضيرا ناعما من آس
فكأنما تحكيه فى حركاته ... وكأنما يحكيك فى الأنفاس
وقال:
بعوض جعلن دمى نهزة ... وغنّينى بضروب حسان
كأنّ عروقى أوتارهنّ ... وجسمى رباب وهنّ القيان
__________
(1) فى الذخيرة ووصل السير يشير إلى موقعة الزلاقة التى انتصر فيها المسلمون تحت قيادة يوسف بن تاشفين ومن معه من أمراء الأندلس على المسيحيين.
(2) تم النصر يوم الجمعة الثانى عشر من شهر رجب سنة 479هـ على أرجح الأقوال.
(3) فى الأصل: ويل للشرك لم يغن عنها نومه، والتصويب عن الذخيرة، أذفنش هو ألفونس السادس ملك ليون وقشتالة وزعيم المسيحيين وقائدهم فى موقعة الزلاقة.
(4) فى الذخيرة: لذى الخلاعة والمقصود بالخلع هو خلع أمراء الولايات الأندلسية لتفككهم وتخاذلهم واستعانتهم بالمسيحيين، وقد أفتى بعض العلماء بخلعهم ومبايعة يوسف ابن تاشفين، وقد نفذ يوسف بن تاشفين هذه الفتوى بالقوة.
(5) فى الذخيرة: واتصل الأمر على نظام.
(6) فى الذخيرة مهتديا حكم أبيه وقد ولى الأمر بعد يوسف بن تاشفين ابنه على سنة 500هـ.(20/101)
أبو محمد عبد الله بن محمد بن عائشة البلنسى (1)
قال:
ودوحة (2) قد بدت (3) سماء ... تطلع أنوارها (4) نجوما
هبّ (5) نسيم الصّبا عليها ... فخلتها أرسلت رجوما
أكثر هذه الأسماء علقتها من تعليق أبى القاسم بن منجب المصرى (6)، وذكرت فى كل شىء ما وقع لى وأضفت إليه ما سمعته.
وفى التعليق ومن الطارئين على الأندلس.
__________
(1) له ترجمة بالذخيرة القسم الثالث المصور الورقة 140، وذكره الفتح فى المطمح ص 96، وابن سعيد فى الرايات ص 80وابن فضل الله العمرى فى مسالك الأبصار (مصور) ج 11الورقة 454، وكان كاتبا للأمير على بن يوسف بن تاشفين وأورد له المقرى عدة مقطوعات فى نفح الطيب ج 2ص 424، 455، 458، 529.
(2) فى الذخيرة: وخوخة، وفى رواية لنفح الطيب: وروضة.
(3) فى المغرب والذخيرة علت. وفى رايات المبرزين ودوحة أشرقت.
(4) فى نفح الطيب والمغرب: تطلع أزهارها، وفى رايات المبرزين: وأطلعت زهرها ويلى هذا البيت (فى نفح الطيب يأتى البيت ثالثا لا ثانيا).
كأنما الجو غار لما ... بدت فأغرى بها النسيما
(5) يتفق الأصل مع الذخيرة. وفى المغرب ونفح الطيب: هفا.
(6) سبقت الإشارة إليه.(20/102)
أبو الحسن الفكيك (1)
هو أقدم عصرا ولم يلحق سنة خمسمائة، قال من قصيدة فى بعض ملوك الأندلس وهو الملقب بالمقتدر (2):
لعزّك ذلّت ملوك البشر ... وعفّرت تيجانهم فى العفر (3)
وأصبحت أخطرهم بالقنا ... وأركبهم لجواد الخطر
سهرت وناموا عن المأثرات ... فمالهم فى المعالى أثر
وجليت فى حيث صلّى الملوك ... فكلّ بذيل المنى قد عثر (4)
بدور تجرد سيف الندى ... وتغمده فى رؤوس البدر
وأنتم ملوك إذا شاجروا ... أظلّتهم من قناهم شجر
وقال:
غنّى حسامك فى أرجاء قرطبة ... صوتا أباد العدى والليل معتكر
__________
(1) ذكر المقرى فى نفح الطيب أن من الوافدين على الأندلس أبا الحسن البغدادى الفكيك. وأورد له مقتطفات من شعره ج 2ص 81، 82وأورد عنه أنه كان حاد اللسان لاذع الهجاء، هجا نقيب بغداد، وكانت فى عنقه غدة فقال فيه:
بلع الأمانة فهى فى حلقومه ... لا ترتقى صعدا ولا تتنزل
ويظهر أن إلحاحه فى الهجاء أخافه فهاجر إلى الأندلس ومدح بنى هود، ثم صار من شعراء المعتمد بن عباد.
(2) المقتدر بالله أحمد بن سليمان بن هود الجذامى صاحب سراقسطة وما جاورها توفى سنة 475.
(3) العفر: ظاهر التراب.
(4) فى الأصل وحليت، والتصحيح عن نفح الطيب، المجلى الذى يصل الغاية أولا، والمصلى هو التالى له: وفى بعض روايات نفح الطيب: بذيل العلا.(20/103)
حيث الدماء مدام، والقنا زهر
والقوم صرعى بكاس الحتف قد سكروا
ومما ينسب إليه:
ووعدتنى وعدا حسبتك صادقا ... فجعلت من طمعى أجىء وأذهب
وإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلس ... قالوا مسليمة (1) وهذا أشعب (2)
وكان مشهورا بالهجاء، وله فى الشريف فخر الدولة النقيب وفى رقبته غدة:
بلع الأمانة فهى فى حلقومه ... لا ترتقى صعدا ولا تتنزل
وقال فى الوزير البابلى وقد احترقت ترقوته وصارت رقبته تسيل:
إن الوزير أبا على لم يزل ... للنيل لا لوزارة مخلوق
(مخلوق مرفوع جعله خبر إنّ: أى أن الوزير مخلوق لم يزل لكذا لا لكذا).
وكأنه صنم الجماد إذا مشى ... وعذاره فى خدّه محلوق
__________
(1) فى نفح الطيب فإذا اجتمعت، وفى بعض رواياته فإذا جمعت. مسيلمة بنى حنيفة الذى ادعى النبوة فى أواخر أيام النبى عليه الصلاة والسلام واشتهر باسم مسيلمة الكذاب وقضى على فتنته المسلمون فى عهد أبى بكر رضى الله عنه.
(2) أشعب المشهور بالطمع والجشع ويضرب بتطفله الأمثال، وله نوادر مشهورة فى كتب الأدب. راجع نهاية الأرب ج 4ص 3725.(20/104)
يمشى كما يمشى العلوق، وخلفه ... بالدار باق حلقه المحروق (1)
وقال فى ناصر الدولة حسين بن حمدان (2) وكانت يده شلّاء:
ولئن غلطت بأن مدحتك راجيا ... جدواك مع علمى بأنك باخل
فالدولة الغراء قد غلطت بأن ... سمّتك ناصرها، وأنت الخاذل
إن تمّ أمرك مع يد لك أصبحت ... شلّاء فالأمثال شىء باطل (3)
وأنشدنى بعض الأصدقاء أبياتا فى طبيب مزوق بمصر قال هى لابن الفكيك المصرى ولم أعرف غير أبى الحسن الفكيك وهى:
قل للطبيب الدّيلمىّ وإن غدا ... فى الطب ربّ تنطّس وجراح
يمّمت طبّك جاهلا بأصوله ... فغدرت كالسارى بلا مصباح
وحكمت فى المرضى برأى مزوق ... فتركتهم صورا بلا أرواح
__________
(1) ورد البيت مضطربا بالأصل، وقد صححناه بما نعتقد أنه مقارب للصواب. العلوق:
الغول.
(2) أبو محمد الحسن بن الحسين بن حمدان التغلبى ناصر الدولة، كان أمير دمشق وعزله عنها الخليفة الفاطمى المعتضد وقبض عليه ولكنه تمكن من الخلاص وأثار فتنة اضطرت المستنصر إلى مصافاته، وولاه تدبير الأمور والعسكر وظل قائما على هذا الأمر حتى اغتاله بعض الجند سنة 465هـ.
(3) فى المختصر والتيمورية:
إن تم أمرك ذا، وكفك أصبحت ... شلّاء، فالأمثال شىء باطل(20/105)
أبو العرب مصعب بن محمد بن أبى الفرات القرشى (1)
ولد بصقلية سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وخرج منها لما تغلب الروم عليها فى سنة أربع وستين وأربعمائة قاصدا للمعتمد محمد بن عباد، قال أبو القاسم على ابن منجب (2) فى تعليقه: وبلغنى فى سنة سبع وخمسمائة أنه حى بالأندلس، قال من قصيدة مدح بها المعتمد أول ما لقيه فى سنة خمس وستين وأربعمائة:
أجاد بنا (3) هذا الربيع فخيّم ... وأمنية المرناد والمتيمم
وحط به عن ناجيات (4) كأنها ... قسىّ رمت منّا البلاد بأسهم
ومنها:
يشاهد أسرار الزمان جليّة (5) ... بفطنة مدلول البصيرة ملهم
أياد أبانت عنه وهى صوامت ... وربّ مبين ليس بالمتكلّم
فلا الغرض الأقصى عليه بعازب ... بعيد، ولا المعتاص عنه بمبهم
__________
(1) أبو العرب مصعب بن محمد بن أبى فرات القرشى الصقلى ولد بصقلية سنة 423 وغادرها عند الفتح النورماندى للجزيرة قاصدا أشبيلية حيث احتفى به المعتمد بن عباد، وتوفى بميورقة سنة 507وقيل بعدها، وقد أورد له صاحب الفتح مقطوعة وجهها للمعتمد بن عباد ص 385، 610من الجزء الثانى.
(2) الصيرفى وقد سبقت الإشارة إليه وإلى كتابه المختارات.
(3) أجاد: أتى بالجهد، ولعلها أجاد لنا
(4) الناجيات: النياق السريعة.
(5) فى الأصل جلية، ولعل الصوب ما أثبتناه.(20/106)
وقال:
تخشى بوادره، والحلم حاجزها
إن السيوف لتخشى وهى فى القرب (1)
ويضرب الذكر صفحا عن مواهبه ... كأنه لم يجد يوما ولم يهب
أولها:
اهجر رشادك فى وصل ابنة العنب
ولا تعقّن أمر اللهو واللعب (2)
متّع شبابك واستمتع بجدّته ... فهو الحبيب إذا ما بان لم يؤب
من ضيّع اللهو فى بدء الشباب طوى
كشحا على أسف لم يغن فى العقب (3)
والحلم قيد فدعه واحظ فى مرح ... والجد داء فداو النّفس باللعب
والهم للنفس شيطان يوسوسها ... فاقذفه من أنجم الصهباء بالشهب
«لله درّه لقد أجاد»:
بكر حصان إذا ما الماء وافعها ... أبدت لنا زبدا فى سورة الغضب
__________
(1) القرب: جمع قراب، وهو غمد السيف.
(2) فى الأصل: ولا تعفن أمر اللهو ولعل الصواب ما أثبتناه، أو لعلها، ولا تغن.
(3) العقب: العاقبة.(20/107)
كادت تطير نفارا حين نافسها
لولا الشّباك التى صيغت من الحبب (1)
هذا معنى بديع وقال:
وما لحظت عيناى فى الدهر قبله ... فريدا أرى كل الورى منه وحده
ومن معجزات المجد والفضل أننى ... أشاهد منه الضد ينصر ضدّه (2)
دنا كرما لما تباعد رفعة ... دنوّ الغمام المستهلّ وبعده
أقرت به هام الأعادى فخالفت ... قلوبا عرفن الحقّ واعتدن جحده
وقال:
أبهى المناظر فى عينى وأحسنها ... كأس بكف رخيم الدّلّ سمّار
كأنه إذ يسقّى سادة زهرا ... نجم يوزّع نجما بين أقمار (3)
وقال:
كأن فجاج الأرض يمناك إن يسر
بها خائف تجمع عليه الأناملا
فأنّى يفرّ المرء عنك بجرمه ... إذا كان يطوى فى يديك المراحلا
__________
(1) فى الأصل لولا السيال، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعنى حينما مزجت بالماء كادت تطير من شدة النفور منه لولا الحبب الذى يغطى سطحها كالشباك.
(2) فى المختصر والتيمورية ومن معجزات الفضل والمجد والبيت التالى يكمل معنى هذا البيت.
(3) سقاه وأسقاه وسقّاه: بمعنى واحد. قدم له ما يشربه.(20/108)
ليس يخرج هذا فى الجودة عن قول النابغة الذبيانى:
فإنك كالليل الذى هو مدركى ... وإن خلّت أن المنتأى عنك واسع
وقال:
لما لقوا جيشك المنصور منتظما ... ظلت رءوسهم بالبيض تنتثر
أولفت شبلك فى الهيجاد ماءهم ... حتى تورّد منه الناب والظّفر
إن الدّماء لمكروه مغبّتها ... لكنها عند آساد الهدى هدر
وقال (1):
وإنى لأستسقى بطيف مسلم ... يبل غليلى باللقاء ويبرد
وما خاف طيف فى الزيارة رقبة ... ولكن رقيب الطيف طرف مسهد
وهل فى ضمير الدهر للقرب عودة
فنغنى كما كنّا أم الصبر أعود (2)
ليالى ترضينا الليالى كأنها ... إلينا بإهداء المنى تتردد (3)
همام يجر الجيش جمّا عديده ... لأرض الأعادى زائر متعمّد
كأن الضحى يعتلّ منه فيكتسى
شحوبا وعين الشمس تقذى وترمد
__________
(1) فى الحنين إلى وطنه بصقلية.
(2) فى الأصل الغرب وهو تحريف لأن صقلية شرقى الأندلس.
(3) فى (العرب فى صقلية): تتودد.(20/109)
فقل هو ليل فى الظهيرة مظلم ... وقل هو بحر فى البسيطة مزبد
كأن الردى فيه تضل نفوسهم ... فيهديه من صوت القواضب منشد
نجوت، فعمرى مستجدّ وإنما ... نجاة الفتى بعد المخافة مولد
وأحسنت الأيام حتى كأنها
تنافس فى الإحسان يومى والغد (1)
وقال:
عرفت فودعت الصّبى والغوانيا ... وقلت لداعى الحلم لبّيك داعيا
فما يزدهينى دلّ كلّ غريرة
يردّ إلى الكهل الحليم التصابيا (2)
ولكن قصرت العين عن كل منظر
فما أرسلت لحظا على القلب جانيا (3)
غضوب لدين الله فى كل موطن
يعاف الرضى حتى يرى الدين راضيا
ألا أننى لما عددتك أولا ... ختمت، وما استثنيت بعدك ثانيا
__________
(1) فى المختصر والتيمورية قومى والعدو.
(2) فى الأصل: كل عزيزة يرين الكهل. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) يبدو أن هنا أبيانا ساقطة من الأصل لأن الانتقال إلى البيت التالى مبتور.(20/110)
(استثنيت هاهنا عددت ثانيا لا من الاستثناء الذى هو إخراج بعض من كلّ). وقال (1):
إلام اتباعى للأمانى الكواذب
وهذا طريق المجد بادى المذاهب
أهمّ ولى عزمان: عزم مشرق ... وآخر يغرى همتى بالمغارب
(فى نسخة يثنى همتى للمغارب):
ولا بد لى أن أسأل العيس حاجة
تشق على أخفافها والغوارب
علىّ لآمالى اضطراب مؤمّل ... ولكن على الأقدار نجح المطالب
فيا نفس لا تستصحبى الهون إنه
وإن خدعت أسبابه شرّ صاحب (2)
ويا وطى إن بنت عنّى فإننى ... سأوطن أوكار العتاق النجائب (3)
إذا كان أصلى من تراب فكلها ... بلادى وكل العالمين أقاربى
__________
(1) فى الحنين إلى وطنه بصقلية.
(2) فى الأصل سر صاحب وهو تحريف.
(3) أوطن بالمكان: أقام به. وأوطنه اتخذه وطنا العتاق من الطير: الجوارح.
النجائب: الكريمة.(20/111)
وهذا من قول ابن المعتز (1):
إذا كنت فى الناس ذا ثروة ... فأنت المسوّد فى العالم
وحسبك من نسب صورة ... تخبر أنك من آدم
وكقول الآخر:
الناس من جهة التمثال أكفاء ... أبوهم آدم والأمّ حوّاء
رجعنا إلى القصيدة:
وما ضاق عنى فى البسيطة جانب ... وإن جل إلا اعتضت منه بجانب
إذا كنت ذا همّ فكن ذا عزيمة ... فما غائب نال النجاح بغائب
__________
(1) أبو العباس عبد الله بن محمد المعتز بالله الخليفة العباسى، ويعتبر أشعر الخلفاء، ولد سنة 248هـ، وتلقى علومه على يد أمهر رجال اللغة والأدب فبرع فيهما، ولى الخلافة ليلة واحدة ثم اغتاله بعض الجند سنة 296هـ وله ديوان شعر مطبوع، وله طبقات الشعراء والبديع وغيرها من المصنفات.(20/112)
ابن كاتب كرامة القيروانى (1)
وجدت فى تعليق بعض المصريين: أنشد الفقيه أبو عبد الله محمد بن عرره القيروانى لابن كاتب كرامة القيروانى:
ولقد قطعت الليل فى دعة ... من غير تأثيم ولا ذنب
بأعز من بصرى على بصرى ... وأحبّ من قلبى إلى قلبى
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر.(20/113)
ابن شرف أبو عبد الله محمد بن أبى سعيد (1)
ابن أحمد بن شرف الجذامى القيروانى وأظنه والد جعفر وقد أوردنا شعره، هو أقدم عصرا من الذين أوردناهم، وكان فى عصر ابن رشيق، والجميع متقاربو العصر، طالعت مصنف محمد بن شرف الموسوم بأبكار الأفكار ومن منثور كلامه فيه: أذى البراغيث إذا البراغيث (2) برا (3) عليل برانا (4) وأثرى فقير ثرانا وتاريخ ذلك انصرام ناجر (5)، وقد بلغت القلوب الحناجر، بحمارّة (6)
أحمرت لها خضرة السماء، واغترت مرآة الماء، حتى انهلّ طالع وسمىّ (7) وتلاه تابع ولىّ (8) دنا فأسّف، ووكف (9) فما كفّ، فما فتئ ثرّا قطره (10)،
__________
(1) أبو عبد الله محمد بن أبى سعيد بن أحمد بن شرف كاتب مترسل وشاعر رقيق وناقد بارع، ولد بالقيروان ونشأ نشأة أدبية فألحقه المعز بن باديس بديوانه وخاصته، ثم رحل إلى صقلية ومنها إلى الأندلس وتوفى بإشبيلية سنة 461هـ وكان أعور، وله مقامات نثرية نشرت باسم أعلام الكلام وهو اسم كتاب مفقود له، وله كتاب أبكار الأفكار وهو مختارات من شعره ونثره.
(2) البرا: التراب. غيث الحقل أصابه الغيث والمعنى: يكثر أذى البراغيث حين يشتد هطول الأمطار.
(3) مسهلة من برأ، وبرأ من المرض: (بفتح الراء) لغة أهل الحجاز وبرىء عنه لغة بقية القبائل.
(4) البرا هنا بمعنى الثرى.
(5) ناجر: علم يطلق على كل شهر من شهور الصيف، وفى الأصل باحر وهو تحريف.
(6) الحمارة (بالتشديد والتخفيف): شدة الحر.
(7) الوسمى: مطر الربيع الأول لأنه يسم الأرض بالنبات.
(8) الولى: المطر بعد المطر.
(9) وكف: هطل.
(10) فى الأصل فما فتىء ثرنار أقطره.(20/114)
محجوبا شمسه وبدره حتى إذا جاء نكبه (1) بالطّامّ وصفق أعظام الآطام (2)
وقال حوض الأرض لمائح (3) المزن حسبى!! فقد ملأت وطبى، ومعّ حجاب السماء، وغيض طاغى الماء، وأطلق طلق الهواء من عقال الظلماء، وجليت عروس الشمس، معتذرة عن مغيبها بالأمس وطفقت ترشف ريق الغدران (4).
حتى جفّت عبراتها، وتعانق أعناق الغدران (5) حتى خفّت حسراتها فعندها مزّق عن الدقعاء (6) صحيح إهابها (7) واخترن درّ البرء فى أصداف ترابها، فلا، وأبى الأيام!! ما مرت بهن عاشرة (8) إلا والقيعان مسندسة والأكام مطرّسة (9) قد تجدد الشمل وتفسح الأمل وحمل الشمس الحمل (10)، وظهرت تباشير النهاية فى شمائل البداية، فرجاؤنا فى التمام أخذا بقول أبى تمام:
إن الهلال إذا رأيت نموّه ... أيقنت أن سيكون بدرا كاملا
__________
(1) النكب: الطرح أو المصيبة، ولعلها سكبه.
(2) فى الأصل: وصف أعظام، ولعل الصواب ما أثبتناه، صفقه: ضربه وخبطه، الآطام: الحصون.
(3) مائح: معط مع: ذاب.
(4) جمع غدير وهو الماء المتخلف عن السيل فى مكان منخفض.
(5) جمع غديرة وهى القطعة من النبات.
(6) الدقعاء: التراب.
(7) الإهاب: الجلد فى الأصل فلا وانى الأيام، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمقصود به هنا القسم بمرور الأيام، وأبو الأيام هو الله سبحانه المدير لها المدبر لأمرها.
(8) فى الأصل عاسرة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(9) مطرسة: مزخرفة.
(10) لعلها وحل الشمس الحمل أى حلت برج الحمل برج الشمس وهى تحلها فى الربيع.(20/115)
فخفّ من أعباء الهموم ما آد، واطمأن قلب القانط وما كاد فسبحان مطفىء نيران الجدب الحامية، بمياه الخصب الهامية، وتعالى كاشف تلك الكروب وآسى تلك النّدوب.
من فصل فى وصف زرع برد (1): كان زرعا يرجى ليوم الحصاد منتظرا فيه آخر صاد (2) فأكلته ثغور الأعوام (3) قبل ثغور الأنام.
وله يستهدى عمامة: قد اقترحت تاج الملابس وسماء اللابس، والنازلة بإشرف الحلّة مكانا، وأعلى المحلّة بنيانا ولك بإنفاذها من الثناء، مثل مكانها من البناء.
وله على لسان محبوس: قد حكمت بسجن الأشباح، وهى سجون الأرواح، فامنن على ما شئت منهما بالسراح (4)، فالحبس نزّاع الأرواح، الغفلة أخت القتله (5) وكلاهما معتد ومهر للخطوب ونقد (6)، وإنما بينهما نفس متصاعد.
__________
(1) برد: مات.
(2) آخر الصاد: حرف الدال وهو رمز للدرهم والدينار، أو لعله يقصد أنه ينتظر منه أن يبلغ تمام نموه حين يميل من كثرة الثمر مثل ميل الأعناق من التيه والعجب. وهو الصيد والصاد.
(3) فى الأصل الأعمام، ولعل الصواب ما أثبتناه: ولعله الأعتام (بالتاء) جمع عتم، وهو لفحة الحر الشديدة.
(4) يطلب إطلاق سراحه أو قتله.
(5) معنى الغفلة هنا الإغفال أى إلقاء السجين فى السجن وتركه يقاسى منه ما يقاسيه دون أمل فى الخلاص.
(6) فى الأصل: وفقد ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعنى أن السجن والقتل كليهما مدعاة للهموم واستجلاب لها كمن يخطب فتاة ويدفع لها المهر نقدا لا نسيئة، أى عجل بالقتل ولا تطل فى التعذيب.(20/116)
وأجل متباعد، فألحق منهما ما أجّلت، بما عجّلت، وقد أخرنا طلب الدّين إلى يوم الدّين.
وعلى لسان محبوس أيضا: لان لنا قوم وخشنت، ورقّوا وغلظت فأصلحت نقمتك ما أبطرته نعمة سواك وأدّبت غلظتك من تسحب عن هوى غير هواك فإطلاق بامتنان، وتسريح بإحسان، أو نزل من حميم وتصلية جحيم.
ومن منثور كلامه فى أبكار الأفكار: لما فنى عمر الأنس (1)، وطفئ سراج الشمس، لاحت بروق الثغور اللوامع، وجلجلت (2) وعود الأوتار فى السامع. وبعثت مخارق (3) وابن جامع (4) فلم يزل ذلك دأبنا، ما أقلع سحابنا، حتى متنا بالهجعة (5) وكلنا يقول بالرجعة (6).
__________
(1) المقصود هنا الأنس بالناس المجتمعين بالنهار.
(2) فى الأصل: وخلخلت ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) أبو المهنأ مخارق بن يحيى بن ناووس الجزار مولى هارون الرشيد من أشهر المغنين فى الدولة العباسية، اشتراه إبراهيم الموصلى ولقنه الغناء والموسيقى وأهداه إلى الفضل بن يحيى فأخذه الرشيد منه ثم أعتقه «راجع أخباره فى الجزء الرابع من نهاية الأرب ص 312304».
(4) أبو القاسم إسماعيل بن جامع بن عبد الله بن المطلب كان من أحفظ خلق الله للقرآن الكريم وكان يرتله فيقف الناس حوله ذاهلين، واشتغل بالغناء، وكان إبراهيم ابن المهدى لا يقدم عليه أحدا. وكان أحسن ما يكون غناء إذا حزن، غنى الخليفة الهادى والرشيد «راجع أخباره بالمصدر السابق ص 301299».
(5) النوم أو السكر.
(6) العودة إلى الحياة، وهناك طائفة تعتقد بأن بعض الأنبياء أو المقربين سيرجعون إلى الحياة الدنيا بعد موتهم والشيعة الإمامية تؤمن برجعة الإمام الثانى عشر.(20/117)
[من] (1) أخرى: شربنا وقد سحبت أذيال السّحب، وضمخت ترائب (2) الترب وبكت عين المزن، من غير حزن، مطلنا (3) القيظ بالراح (4)
إلى برد الرواح (5) وعجّلنا بالمصير، إلى الليل القصير فسألنا عزيم النوم، النّظرة (6) إلى اليوم، فأجابنا، ولم يهتك حجابنا.
وله فى وصف نعيم العيش: ضم القدّ المجرّد، ولثم الخد المورّد، وفقدان المراقب، ونسيان العواقب.
(فى القرابة): الوجيه بين أقاربه كالوادى بين مذانبه (7)، كالوادى بحدين ما. ويطلبن أظماه (8).
(فى العداوة): كم قاطعك، من راضعك وقابحك من مالحك، ونافقك من وافقك وناصبك من صاحبك وحادّك من وادّك.
(فى الجود والبخل): الجود أنصر من الجنود، من بخل بماله سمح بعرض آله.
فى أنواع شتى: إذا انفصم (9) جناح الطيش، تمّ صلاح العيش ما أحسن
__________
(1) زيادة يقتضيها المقام.
(2) الترائب: عظام الصدر.
(3) مطلنا: أجلنا.
(4) الراح: الخمر.
(5) فى الأصل: وعملنا. وهو تحريف.
(6) الانتظار.
(7) المذانب: الجداول.
(8) هكذا بالأصل: ولعلها: فالوادى يختزن الماء ويطلبه الظماء.
(9) فى الأصل انضم ولعل الصواب ما اثبتناه.(20/118)
الالسن [لمن أحسن] (1) لاكرم، لمن حرم. كيف ينجز، من يعجز إياك وإخلاف العدة، مع إسعاف الجدة (2) إياك والطعام، مع الطّغام (3)، وكثرة الأيمان، من قلة الإيمان احذر الكريم إذا افتقر، واللئيم إذا قدر احذر التقى إذا أنكر (4) والذكى إذا فكر قد ينجز المطول (5) ويؤخر المطيل (6)، المطل أحد المنعين، اليأس أحد الفيقين العشق أحد الرّقّين والسّلو أحد العتقين، رفث الكلام أحد السّفاحين وموالاة القبل أحد النكاحين، جميل الردّ أحد الجودين، وبقاء الذكر أحد الخلودين، طول الخمول أحد القبرين، وبقاء الثناء أحد العمرين بئس النّصير التقصير، المتجاسر خاسر الباذل كثير العاذل، الكريم كثير الغريم لا رياضة للأحداث (7) على الأحداث (8)، أول العقد، واسطة العقد (9) من كثر هجره وجب هجره، من كرمت خصاله وجب وصاله عيبة (10) عيوب، وذنوب ذنوب (11) سحابة
__________
(1) زيادة يقتضيها المقام ويتم بها المعنى والمقصود ما أحسن ثناء الألسن على من تعود الإحسان.
(2) الجدة: الثروة
(3) الطغام: الأوغاد.
(4) إذا رأى ما ينكره ويعده مخالفا لتعاليم الدين.
(5) المطول: الذى يماطل ويؤخر أداء ما عليه.
(6) المطيل المنعم المتفضل، والأفصح فيها المتطول. فى الأصل الناس أحد الصنفين ولعل الصواب ما أثبتناه، والفيق هو الهلاك فاق يفيق: جاد بنفسه.
(7) الاحداث: الفتيان الصغار.
(8) الأحداث: مصائب الأيام.
(9) أول المعاهدة والمحافظة عليها ينبغى صيانتها كما تصاب الدرة المتوسطة للعقد.
(10) فلان عيبة عيوب: حقيبة نقائص.
(11) الذنوب: الدلو الممتلىء.(20/119)
ضيف وزيارة طيف (1) عشرة الصّغار صغار، حيثما عقد وحل، وأينما نزل، ولّى وعزل المستلئم (2)، أحزم من المستسلم غرس الإحن (3) يثمر المحن نسيم الريح، نسيب الروح الوسيلة جناح النجاح رب عين إذا دنت ونت، إن ظمئت فريقك وردى، وإن شربت فخدّك وردى، إذا انحلت عقد السماء انتظم عقد الندماء (4) حالى بك حالى (5) الغصن بثمره، والأفق بقمره.
ومن أشعاره (6) بيتان لا يختلط فيهما حرف بحرف (7):
ودرّة فارت ذرا دارى (8) ... لا درّ درّى إن درى دارى
ولا روى راو أذاه، ولا ... ودّت ودادى إن زرى زارى
وقال:
ولقد نعمت بليلة جمد الحيا ... بالأرض فيها، والسماء تذوب
والكأس كاسية القميص كأنها ... لونا وقدّا معصم مخضوب
__________
(1) فى الأصل سحابة صيف وزيادة طيف ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) المستلئم لابس اللأمة وهى الدرع.
(3) الإحن: الأحقاد والضغائن.
(4) المعنى: إذا هطل المطر طاب الشراب مع الندماء.
(5) فى الأصل حمالى بك حمالى ولعل الصواب ما أثبتناه والمراد حالتى معك حالية بجودك وكرمك.
(6) للشاعر عدة مقطوعات شعرية أخرى فى الذخيرة (القسم الرابع) ص 185168، وفى المطرب ص 7166وفى فوات الوفيات ح 2ص 412410وفى المنتخب من الأدب التونسى ص 8179.
(7) لا تتصل حروفها فى الكتابة.
(8) فى الأصل درة نارت وزرت دارى والوزن يقتضى ما أثبتناه والمقصود بالدرة فتاة جميلة ناعمة مصقولة نار الشىء: جعل عليه سمة مميزة، والمعنى أن هذه الفتاة الناعمة أشرقت فى سماء دارى.(20/120)
مشروبة، للب شاربة، وما ... شىء سواها شارب مشروب
منّى إليه ومن يديه إلى يدى ... كالشمس تطلع بيننا وتغيب
وقال:
خليل النفس لا تخل الزجاجا ... إذا بحر الدجى فى الجوّ ماجا
وجاهر فى المدامة من يرانى ... فما فوق البسيطة من يداجى
أمط عنا الكرى، والليل ساج ... ودعنا نلبس الظلماء ساجا (1)
وهات على اهتمام الروح راحا ... تعيد هموم أنفسنا افتراجا (2)
إذا مرّيخها [زاد] احمرارا ... صببنا المشترى فيها مزاجا (3)
وله (4):
إن تلقك الغربة فى معشر ... تضافروا فيك على بغضهم (5)
فدارهم مادمت فى دارهم ... وأرضهم مادمت فى أرضهم
__________
(1) الساج: طيلسان أسود.
(2) فى الأصل اقتراحا وهو تحريف.
(3) المريخ كوكب شديد الحمرة، والمشترى كوكب شديد الضياء والمعنى إذا زادت حمرتها مزجناها بالماء الصافى النقى وكلمة [زاد] ناقصة فى الأصل وقد أثبتناها لمناسبتها السياق وتقويمها للوزن.
(4) ذكر ابن بسام (فى الذخيرة ق 4ج 1ص 134) أن الشاعر استنهض صاحبه ابن رشيق للجواز معا إلى الأندلس فأنشده ابن رشيق:
مما يبغضنى فى أرض أندلس ... سماع مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة فى غير موضعها ... كالهر يحكى انتفاخا صورة الأسد
فأنشد ابن شرف:
إن ترمك الغربة فى معشر
(5) فى الذخيرة: إن ترمك الغربة قد جبل الطبع وفى المطرب:
تطابقوا فيك(20/121)
وله فى مثله:
يا ثاويا فى معشر ... قد اصطلى بنارهم (1)
فما بقيت جارهم ... ففى هواهم جارهم (2)
وأرضهم فى أرضهم ... ودارهم فى دارهم
وله:
سأبقى على الدنيا بصولة محرب (3)
وإلا على الأخرى بوصلة محراب (4)
ولا خير فى عيش يكون قوامه ... بمنحة مكذوب ومدحة كذّاب
وله فى عود:
يا عود من أيّة الأشجار أنت، فلا ... جفا ثراها ولا أعضاءها الماء (5)
غنّى القيان عليها وهى يابسة ... بعد الحمام زمانا وهى خضراء
__________
(1) فى الذخيرة:
يا خائفا من معشر ... لا يصطلى بنارهم
ويليه هذان البيتان فى الأدب التونسى ص 80:
إن تبك من شرارهم ... على يدى شرارهم
أو ترم من أحجارهم ... وأنت فى أحجارهم
(2) فى الأصل فما غنيت جارهم، والتصحيح عن المصدر السابق وعن الذخيرة.
(3) محرب ومحراب: رجل شديد فى الحرب شجاع فى اللقاء.
(4) فى المختصر والتيمورية: بصولة محراب، ووصلة المحراب: اتصال الصلاة فى المحاريب.
(5) فى الأصل أنه الأشجار: والتصويب عن المطرب، وجملة: فلا جفا
جملة دعائية.(20/122)
وله فى مثله:
سقى الله أرضا أنبتت عودك الذى
زكت منه أغصان وطابت مغارس (1)
تغنّى عليها الطير وهى رطيبة ... وغنى عليها الناس والعود يابس (2)
وله فى متجسس:
وناصب نحو أفواه الورى أذنا ... كالقعب يلقط منهم كلّ ما سقطا
تراه يلتقط الأخبار مجتهدا ... حتى إذا ما وعاها زقّ ما لقطا
ومن شعره فى الألفاظ قوله فى ميزان البنّاء:
ومعلّق بذؤابة فى رأسه ... من غير ذنب بل له إحسان
ما زال يسأله معذّب جسمه ... فيجيبه، وجوابه تبيان
فيقول:
ملت كذا وعجت كذا ولم ... يعد الصواب وما لديه لسان
وقال فى مكمدة الثياب وأرزبتها (3):
ومضروبة فى ظهرها حين تكتسى
فإن نزعت عنها كساها فلا ضرب
__________
(1) فى المطرب: زكت منه أعراق.
(2) فى المطرب:
تغنى عليه الطير والعود أخضر ... وغنت عليه الغيد
وفى فوات الوفيات: وغنت عليها الناس.
(3) مكمدة الثياب: الوعاء الذى تكمد فيه للغسيل، الإرزبة: عصا قصيرة من الحديد.(20/123)
وذات ابنة (1) ما إن تزال تعقّها ... وتضربها حتى يرقّ لها القلب
وما تشتكى منها العقوق ولا الأذى
وبينهما مع ذا وذا الحبّ والقرب
وقال فى الحبل الذى تنشر عليه الثياب للغسيل:
ما ضئيل له الهواء مقيل ... مكتس يومه وفى الليل عارى
وترى فوقه صفوف ثياب ... وهو ذو فاقة حليف افتقار
تعتليه الكسى ثقالا، ويلقي ... يا خفافا فى أخريات النهار
__________
(1) المقصود بالابنة هنا الإرز.(20/124)
أبو على الحسن بن رشيق (1)
وحيث ذكرنا ابن شرف وليس من غرض الكتاب فنذكر لمعة من شعر ابن رشيق وكانا فى زمان المعز ابن باديس (2) بالقيروان بالمهدية فى سنة نيف وأربعين وأربعمائة، قال من قصيده:
إذا لذّة لم يبق إلا ادّكارها
فحسبى من اللّذّات ذكرى لها حسبى!!
وما اللهو إلا حلم يقظان صادق (3)
وقد يحلم النّوّام بالصدق والكذب
__________
(1) أبو على الحسن بن رشيق القيروانى أديب باحث ناقد، ولد فى المسيلة بالمغرب سنة 370هـ وقيل ولد بالمهدية سنة 390هـ وتعلم الصياغة ثم مال إلى الأدب وصياغة الشعر رحل إلى القيروان سنة 406ودخل فى خدمة المعز بن باديس فنال حظوة لديه وأصبح من شعرائه وندمائه ونال شهرة عظيمة بشعره ومؤلفاته، ولما حدثت فتنة الهلالية رحل إلى جزيرة صقلية وأقام بمدينة مازر حتى توفى بها سنة 463هـ، وقيل سنة 456هـ وكانت بينه وبين أبى عبد الله محمد بن شرف مهاجاة وملاحاة ظهرت آثارها شعرا ونثرا، ومن ذلك أن ابن شرف ألف كتابا فى النيل من ابن رشيق سماه لمح الملح فألف ابن رشيق كتابا فى الرد عليه والنيل منه اسمه: فسخ الملح ونسخ اللمح، قال ابن بسام: وكان أبو على أوسعهما نفسا وأقربهما ملتمسا، ولابن شرف أصالة منزعه وجلالة مقطعه، ومتانة لفظه وسعة حفظه ومن أشهر مؤلفات ابن رشيق الباقية الخالدة:
العمدة فى صناعة الشعر ونقده، وقراضة الذهب، وكلاهما مطبوع.
(2) المعز بن باديس الصنهاجى حاكم القيروان والد تميم بن المعز الشاعر وقد سبقت الإشارة إليه فى الجزء الأول.
(3) فى الأصل نقصان صادق ولعل الصواب ما أثبتناه والمقصود به هنا ما يسميه علماء النفس بأحلام اليقظة(20/125)
وله منها:
فقل لصروف الدهر ضرّى أو انفعى
فإنى من مثوى [المعزّ] (1) على قرب
هو المرء أما جاره فهو آرض ... وأما العدا والمال منه ففى رعب
متى يدعه الرّاجى لدفع ملمّة
يجاوبه منصور اليدين على الخطب (2)
وقال:
وربّ ساق لنا مليح ... لحظى على وجهه حبيس
بدر ولكنه قريب ... ظبى ولكنّه أنيس
إن لم يكن قدّه قضيبا ... فما لأعطافه تميس؟
وقال:
من ذا يعالج عنى ما أعالجه
من حرّ شوق أذاب القلب لاعجه؟
ومن يكن لرسيس الشوق داخله
يكن لفرط الضّنى والسّقم خارجه (3)
__________
(1) زيادة يقتضيها الوزن والسياق، إذا كانت القصيدة فى مدحه أو «من مثوى تميم على قرب» إذا كانت فى مدح تميم بن المعز.
(2) نرجح أن القصيدة فى مدح باديس، لأنه ابن المنصور وكنيته نصير الدولة.
(3) الرسيس: ابتداء الحب، وفى الأصل لفرط الصبا، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/126)
كادت خلاخل من أهوى تبوح به
سرّا وغصّت بما فيها دمالجه (1)
ومنها:
فهاك من محكمات القول معلمة ... بالشعر فيك وشرّ الشّعر ساذجه
فإن حولك قوما زاد شعرهم ... فى البرد حتّى أصاب الناس فالجه
وقال:
أحبّ أخى وإن أعرضت عنه ... وقلّ على مسامعه كلامى
ولى فى وجهه تقطيب راض ... كما قطّبت فى وجه المدام (2)
وقال:
معتّقة يعلو الحباب جيوبها ... فتحسبه فيها نثير جمان
رأت من لجين راحة لمديرها ... فجادت له من عسجد بكنان
وقال فى مدينة المعز بن باديس:
لكل حى وإن طال المدى هلك ... لا عزّ مملكة يبقى ولا ملك
لحادث منه فى أفواهنا خرس
عن الحديث وفى أسماعنا سكك (3)
__________
(1) الدمالج: جمع دملج وهو سوار يلبس فى العضد، يريد أن تحريك خلخالها كاد يفضحها، أما دمالجها فلم تتحرك لامتلاء عضدها.
(2) ويليه هذا البيت فى وفيات الأعيان:
وربّ تقعّب من غير بغض ... وبغض كان من تحت ابتسام
(3) فى الأصل غرس وهو تحريف السكك: الصمم.(20/127)
يهاب حاكيه صدقا أن يبوح به
فكيف ظنّك بالحاكين لو أفكوا
أودى المعزّ الذى كانت بموضعه ... وباسمه جنبات الأرض تمتسك
فالصوت فى صحن ذاك القصر مرتفع
والسّتر عن باب ذاك البهو منهتك
مضى فقيدا وأبقى فى خزائنه
هام الملوك وما أدراك ما ملكوا
فهل يزول عداد الليل عن أفق؟ ... وهل يكون لصبح بعده ضحك؟
وقال من قصيدة فى القاضى جعفر بن عبد الله الكرخى:
أرى الناس من ضدّين صيغت طباعهم
فظاهرهم ماء وباطنهم نار (1)
وإنّ ابن عبد الله قاضى عصره ... لأفضل من يثنى عليه ويختار (2)
كريم أراد الله إتمام فضله ... فأخلاقنا أرض وجدواه أمطار (3)
له بدهات حين لا ينطق الورى
ورأى إذا ما استعجز السيف بتار
ولم أر بحرا قط يدعى بجعفر ... سواه وإلا فالجعافر أنهار (4)
__________
(1) كناية عن الحقد الدفين الذى يستره النفاق.
(2) فى الأصل: من ثنى ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل: فأخلاقه أرض ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) الجعفر: النهر الصغير أو الواسع، ضد.(20/128)
كنت قد نظمت من قصيدة ببغداد قبل أن أسمع بهذا الشعر واعتقدت أنى ابتكرت المعنى:
وأعجب منه كيف سمّى جعفرا ... وراحته بحر الندى يردونه
وقال:
ألا ساعة يمحو بها الدهر ذنبه ... فقد طال ما أشكو وما أتبرّم
فلم أر مثلى بين عينيه جنّة ... وبين حشاه والتّراقى جهنم (1)
__________
(1) للشاعر مقطوعات أخرى فى وفيات الأعيان ج 1ص 267، 268، وفى المنتخب من الأدب التونسى 7875، وفى المطرب ص 6557.(20/129)
عبد الله السمسطى (1)
كان معاصر أبى الصّلت (2) بالمهدية:
وإنّ لأبكارى عليك تبرّجا ... وحقّ لها إذ حسن قدّك يجتلى
وجئت بفضل البحترى توكلا ... على ملك أعلى من المتوكل (3)
(قد أبطل فى القول فما بلغ درجة المتوكل أحد).
وأشعرت شعرى أن مدحك فرضه
فلم يبق فيه حصّة للتّنقّل
وكدت وإنى إن أمرت لفاعل
أحرّم ألفاظ الهوى والتّغزّل
__________
(1) فى المختصر والتيمورية: السمطى، ولم نجد له ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر، ولعله عبد الله الشقراطسى: أبو محمد عبد الله بن يحيى بن على بن زكرياء الشهير بالشقراطسى نسبة إلى قلعة شقراطس وهى قلعة رومية قديمة بالقرب من قفصه، تعلم بالقيروان ثم حج وعاد إلى بلده واشتهر فى فنون الأدب واشتهر ذكره فى الآفاق بملحمة شعرية طويلة على قافية واحدة سماها بالقصيدة الشقراطسية تناول فيها تاريخ الرسول صلّى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة وأعمالهم وأنشد هذه الملحمة تجاه ضريح الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وتوفى سنة 466هـ «المنتخب من الأدب التونسى» ص 8986وفيه قبسات من القصيدة الشقراطسية وغيرها».
(2) أمية بن عبد العزيز، وقد تحدثنا عنه فى الجزء السابق.
(3) الخليفة المتوكل العباسى.(20/130)
الأمير تاج الدولة جعفر (1)
ابن الأمير ثقة الدولة ملك صقلية وجدت فى تعليق للمصريين وقد كتب فى سنة سبع وعشرين وخمسمائة: أحسن ما سمع لأهل عصرنا من الارتحال قول هذا الأمير وقد رأى غلامين على أحدهما ثوب ديباج أحمر وعلى الآخر ثوب ديباج أسود فقال:
أرى بدرين قد طلعا ... على غصنين فى نسق
وفى ثوبين (2) قد صبغا ... صباغ الخدّ والحدق
فهذا الشمس فى شفق ... وهذا البدر فى غسق (3)
__________
(1) أبو محمد جعفر (تاج الدولة وسيف الملة) بن يوسف (ثقة الدولة) بن عبد الله الكلبى من حكام جزيرة صقلية أصاب يوسف (ثقة الدولة) فالج عطل نصفه الأيسر فتنازل عن الحكم لابنه جعفر سنة 388ولكن حدثت فى عهده فتن كثيرة استدعت خروجه من صقلية وتركه الحكم لأخيه أحمد الأكحل وتوفى بعد سنة 410هـ.
(2) فى مختصر الدرة الخطيرة: أرى ثوبين
(3) له مقطوعتان أخريان فى مختصر الدرة الخطيرة تحقيق الدكتور أمبرتو ريزيتانو (طبع روما سنة 1958) ص 356.(20/131)
أبو سليمان هبة الكاتب (1)
كتب إلى أبى الحسن على بن عبد الرحمن ابن أبى البشر الأنصارى الصقلى (2):
فديتك ما هذا القلى والتّجنّب ... فإن تك ذا عتب فإنى معتب (3)
وإن تكن الأخرى فعد لى إلى الرضى
فودّك لى من بارد الماء أعذب
وإن اصطبارى عنك صعب مرامه ... ولا سيما فى حين يلهو ويلعب (4)
فأجابه على بن أبى البشر:
وعيشك مع علمى بأنك تمزح ... لقد نالنى من ذاك وجد يبرّح
وو الله ما فارقت أمرك ساعة ... وما لى عمّا ترتضى متزحزح
وإنى على قرب المزار وبعده
حليف اشتياق ليس ينأى فيبرح (5)
فلا عيش لى إلّا بظلّك يجتنى ... ولا لهو لى إلّا بزندك يقدح
__________
(1) لم نجد له ذكرا فيما بين يدينا من المراجع.
(2) ذكره أبو القاسم التميمى السعدى فى مختصر الدرة الخطيرة تحت اسم ابن بشرى الكاتب ص 355وأورد له بيتين.
(3) قابل عتبك بالرضى.
(4) فى الأصل: يلهو ويلعب ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى الأصل ولى مع قرب المزار، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/132)
وما كان إلّا ما تحقّقت علمه ... على أننى منه إلى العذر أجنح
ولكننى من بعد ذا لائك الأذى ... حليف ضنى أمسى به ثم أصبح (1)
فأجابه أبو سليمان الكاتب:
عتاب المحبّ ليس فى الودّ يقدح ... أكان مجدا فيه أو كان يمزح
وو الله ما لى يوم بعدك لذّة ... ولا لى نشاط والمسرّة تسنح
فمن لى أن أعصى إذا ما هجرتنى ... وهل يمكننّى فى البعاد التسمّح (2)
أبا حسن إنى بودّك واثق ... فلا قادح بينى وبينك يقدح
ويا ليت لى شكواك أحمل ثقلها ... وتمسى معافى من أذاها وتصبح
وقد جاءنى وعد علقت بذيله ... فحقّقه لى فالعين نحوك تطمح
__________
(1) فى الأصل لامك الأذى ولعل الصواب ما أثبتناه، لائك: ماضغ ومعناها متجرع الآلام.
(2) لعلها: وهل يتحلى فى البعاد التسمح.(20/133)
أبو بكر يحيى بن بقىّ القرطبى (1)
الأندلسى الشاعر توفى سنة أربعين وخمسمائة، أنشدنى عبد الله المغربى قال:
أنشدنى أبو عبد الله بن المطرز المغربى لابن بقى قطعة استحسنت [منها] هذا البيت (2):
أبعدته عن أضلع تشتاقه ... كيلا ينام على فراش خافق
وتمام القطعة:
بأبى غزال غازلته مقلتى ... بين العذيب وبين شطّى بارق
وسألت منه زيارة تشفى الجوى ... فأجابنى منها بوعد صادق (3)
بتنا ونحن من الدّجى فى لجّة
ومن النجوم الزّهر تحت سرادق
عاطيته والليل يسحب ذيله ... صهباء كالمسك الفتيق لناشق
__________
(1) اسمه فى الذخيرة أبو بكر بن يحيى بن بقى، والصحيح أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن بقى الأندلسى القرطبى الكاتب الشاعر المشهور، ذكره ابن بسام فى الذخيرة «القسم الثانى المخطوط ص 393381، وابن دحية فى المطرب ص 198، المقرى فى نفح الطيب ج 2ص 141، 297، 303وياقوت فى معجم الأدباء ج 20ص 2521وابن خلكان فى وفيات الأعيان ج 5ص 250248والفتح فى القلائد ص 283278، وابن سعيد فى المغرب ج 2ص 2119، 25، وأورد له الجميع طائفة كبيرة من قصائده ومقطعاته الشعرية أدركته حرفة الأدب فخرج من طليطلة فارا منها عند محنتها إلى إشبيلية وظل ينتقل من بلد إلى بلد حتى ألقت به عصا التسيار فى مدينة «سلا» بالمغرب فاتصل بقاضيها الأمير أبى القاسم بن عشرة فأكرم وفادته، توفى سنة 540وقيل سنة 545هـ.
(2) من قصيدة ورد معظمها فى الذخيرة ص 393ومعجم الأدباء ج 20ص 23 ووفيات الأعيان ج 5ص 248، 249والمطرب ج 2ص 21.
(3) فى المغرب وسألت منه قبله.(20/134)
وضممته ضمّ الكمّى لسيفه ... وذؤابتاه حمائل فى عانقى
حتى إذا أخذت به سنة الكرى ... زحزحته عنى وكان معانقى (1)
أبعدته عن أضلع تشتاقه ... كيلا ينام على فراش خافق (2)
لما رأيت الليل آخر عهده ... قد شاب فى لمم له ومفارق (3)
ودّعت من أهوى وقلت تأسّفا ... أعزز علىّ بأن أراك مفارقى (4)
وأورده عثمان بن بشرون المهدوى (5) فى كتابه المختار وذكر أنه ذو النظم الرائق المليح وإن جلّ شعره عن التوشيح، وله ما ينيف على ثلاثة آلاف موشحة ومثلها قصائد ومقطعات منقّحة وأورد لابن بقى هذه القصيدة مصححه (6):
منازل لك يا سلمى بذى ضال ... هيّجن لاعج أوصابى وبلبالى
تعاقرتها الليالى بعد قاطنها ... بماحيين لها: ساف وهطّال (7)
__________
(1) فى معجم الأدباء والمغرب وابن خلكان ونفح الطيب والمطرب والقلائد: حتى إذا مالت به، والمطرب زحزحته رفقا، وفى القلائد ونفح الطيب زحزحته شيئا وفى الذخيرة باعدته شيئا.
(2) فى المطرب والنفح والمغرب: باعدته عن أضلع، وفى الذخيرة زحزحته، وفى جميع المصادر ما عدا الأصل: على وساد خافق.
(3) فى معجم الأدباء والوفيات: لما رأيت الليل آخر عمره.
(4) فى معجم الأدباء وقلت مشيعا.
(5) عثمان بن عبد الرحيم بن عبد الرزاق بن جعفر بن بشرون بن شبيب الأزدى المهدوى صاحب كتاب «المختار فى النظم والنثر لأفاضل أهل العصر» أتم تأليفه سنة 561هـ.
(6) نرجح بعد دراسة هذه القصيدة أنها قيلت فى مدح أبى بكر يحيى بن على بن محمد ابن عمر الحذلى من الفقهاء الحفاظ، ومن الدارسين المتعمقين لمذهب الإمام مالك رضى الله عنه.
(7) بماحيين: مثنى ماحى، كأن الأيام طمست معالمها بالرياح السافية والأمطار الهاطلة.(20/135)
هنّ المنازل قد أودت معالمها ... فيدلّ من برود سحق أسمال
وإن عهدت بها الآرام كامنة ... لله ما هابى من رسمها البالى!!
كالوشم فى أذرع، كالوحى فى صحف
كالخيل فى حلل أفضت لأجلال (1)
لم تبق مما يهيج الشوق باقية ... إلا تلوّم عشّاق بأطلال (2)
حقّا سلوت ولم تحفظ عهودهم ... وإنّما ذاك فعل الخائن السالى
هلا خببت إلى ربع أقمت به ... مع الكواكب فى تجرير أذيال (3)
وكم قضيت مع الحسناء فى أرب ... والدهر قد نام عنّا نوم إغفال (4)
تضمنا حيث لا ندرى الرقيب بنا ... زنجية بالدرارى جيدها حال (5)
كأنما البدر إذ عمّ البلاد سنا ... ملك تطلّع من إيوانه العالى
فرقعة الأرض قد أبدت مساحتها
شهب أفاضت زواياها بأشكال (6)
__________
(1) فى الأصل كالجبل فى حلل أفضت لا حلال، ولعل الصواب ما أثبتناه، والتشبيه هنا بالخيل التى كانت تزدان بحمل الفرسان والأسلحة، فأصبحت تكتسى بالحيش الذى يحفظها من البرد، الحلل: جمع حلة وحلال: الأسلحة، والجل جمع أجلال وجلال ما يوضع على الدابة ليصونها من البرد والحر أو لعلها كالخيل فى أمر جلل انتهى بها إلى السكون فى حظائرها.
(2) التلوم بالمكان: الانتظار والتريث به.
(3) الخبب: ضرب من العدو، والمقصود بالكواكب الفتيات الجميلات.
(4) فى المختصر والتيمورية: وكم قضيت من الحسناء من أرب.
(5) المقصود بالزنجية هنا ليلة تلمع فى ظلالها النجوم ويشع فيها القمر.
(6) المعنى: فى ظلمات الليل يمكن تحديد معالم الأرض برصد النجوم وتحديد زوايا سمتها(20/136)
فليت الغزال الذى وافى المساء به ... كانت إقامته من غير ترحال
وليت مكتوبة الظلماء ما محيت ... له بماء من الإصباح سيّال (1)
يا مشفقا من سقام كنت ألبسه
أنا جنيت على نفسى، وأولى لى!! (2)
هى الصبابة إلّا أنّها مرض ... لا قرّب الله منه يوم إبلالى
بيض الكواعب لا بيض القواضب بى
فمن لصبّ مشوق رهن بلبال (3)
دع الكماة لدى الهيجاء بينهم ... رجم الأسنة وارجمنى بخلخال
وإن تساقوا كئوس الموت عن حنق
فسقّنى الرّىّ عن صهباء جريال (4)
مالى وللهم ليس الهم من أربى ... أنا الغنىّ بنفسى ليس بالمال
وقد وثقت على العلّات من زمنى
أن سوف ينسخ إدبارى بإقبالى (5)
__________
(1) فى الأصل: من الأشباح، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعنى: ليت سواد الليل المسطر على صفحات السماء ظل ثابتا لا يمحوه الصباح.
(2) أولى لى: جدير بى ما نالنى من الضنى، وهى فى الأصل كلمة تهديد. قال تعالى:
{أَوْلى ََ لَكَ فَأَوْلى ََ!! ثُمَّ أَوْلى ََ لَكَ فَأَوْلى ََ»} أى قاربك ما تستحقه من الويل والثبور.
(3) فى المختصر والتيمورية بيض الكواكب لا بيض الكواعب لى، وفى الأصل لا بيض الغواضب لى، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى: أن ما أقاسيه هو من أثر الكواعب الحسناوات بى لا من أثر السيوف البتارة فقد تحتمل جراح السيوف ولا تحتمل جراح العيون.
(4) الجريال: الخمر ذات اللون الأحمر.
(5) يقول: إنه واسع الأمل فى أن يبدله الزمان بعسره يسرا.(20/137)
أما وتبريز «يحيى» فى السيادة، لا
بكيت دهرى من حط وإخمال!! (1)
أليس فى الأرض للطاوى مسارحها ... مندوحة بين إملال وإقبال (2)
قالوا تغرّبت عن أقطار أندلس ... ومن يقيم على هون وإقلال؟
مالى وإيطانها دارا وقد سئمت ... من المقام بها خيلى وأجمالى (3)
نقضت فيها من العيش الهنىّ يدى ... وهل يعيش كريم بين بخّال؟
وكم لئيم تجافى بى، فصلت به ... إذ غرّه اللّين من مسىّ وتهالى
لم ينجه أحد منى، وقد كشرت ... له القصائد عن أنياب أغوال (4)
اليوم أهللت من سلمى (5) إلى قمر ... يجلو الظلام الذى استولى على حالى
حسبى به من أبىّ الدّهر منتقص
أرمى به الدّهر، لا أرمى بأنبالى (6)
__________
(1) ورد البيت مضطربا بالأصل، وقد صححناه بما يقرب إلى المتن، كما يتفق مع الوزن والسياق ومعناه، وحق نفوق يحيى فى السيادة والمجد أننى لن أستسلم للبكاء بسبب ما نالنى من خمول ذكر وانحطاط منزلة، فإن يحيى كفيل بإنصافى من الحياة.
(2) هكذا بالأصل، ولعلها إرفال وإرقال، الإرفال: السير فى تبختر وجر الذيل فى خيلاء، والإرقال: الإسراع فى المشى أو لعلها بين أملاك وأقيال.
(3) فى الأصل: حيلى وأحمالى، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى الأصل: كثرت له القصائد عن أبيات أعوال، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) لعلها من شلب، وهى عاصمة مقاطعة أشكونية بالأندلس وهى فى غربى الأندلس ولعل الشاعر رحل منها إلى «سلا» ليأوى إلى ظل ابن عشرة فأحبها.
(6) فى الأصل: أرمى به الدهر ذا ما لا بال، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى حسبى به نصيرا فى هذا الزمن العصى الذى ينتقص الأحرار ولا يلين لهم وسأرمى به أحداث الزمان لأنه أمضى رميا من ماله، أنبال ونبال ونبلان: جمع نبل.(20/138)
لا بالقنوط إذ ما الدهر أسحته
ولا بمستكبر فى الخصب محتال (1)
له من المجد أخلاق معشّقة ... من يسل عنها فإنّى لست بالسّالى
تشبّه الناس فى الفضل المبين به ... شتان ما بين صلصال وسلسال
يا من تظلم من أيامه فغدا ... يرعى الهشيم ويستسقى من الآل (2)
إن شئت قطف الأقاحى من حدائقها
فارم العقود على وجناء شملال (3)
ففى يد ابن علىّ ما تؤمّله ... سحاب جود كفانا كلّ إمحال
كأنما الضيف إذ يحتلّ ساحته ... فى روضة من رياض الحزن محلال
كم نلت منه بلا منّ ولا عدة ... من المكارم ما لم يجر فى بالى
ما كنت فى مدحه إذ هزّه كلمى
إلا كما أسعف المهنوءة الطّالى (4)
أقالنى من عثارى آخذا بيدى
ندب به أورقت أغصان آمالى (5)
__________
(1) فى الأصل: ولا بمستكثر فى الحصب محتال، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) فى الأصل: من اللالى، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) العقود: الرحال والأصوب فيها العقدات الوجناء: الناقة الشديدة، الشملال والشمال والشملة: الناقة السريعة.
(4) فى الأصل: كما سعف ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعنى: لقد أثلجت صدرى بمدحه وداويت آلامى بقربه، كما يسعف الداهن الناقة الجرباء بدهنها بالهناء وهو القطران فكأنه داوى قلبه بإظهار شعوره نحو الممدوح.
(5) الندب: الخفيف الظريف النجيب وفى المختصر والتيمورية: ندى.(20/139)
ولم تفق نفسه حتّى تملّكنى ... بالمسترقّين من برّ وإجمال (1)
حملت أثقال نأى الدهر معترما ... إن الكريم لحمّال لأثقال (2)
فخذ مديحا أبا بكر يعن إلى ... زهر النجوم وتلقاها بإخجال (3)
من أجل تشريفكم بالجود أرض (سلا)
مات الحسود بنيران الهوى صال (4)
سلا بلد فى المغرب:
فأصبحت من تحلّيها بسؤددكم ... كالعود أعلمته من بعد إغفال (5)
وقد ورثت عن القاضى أبيك علىّ ... أضحى قسيمك فيها صنوك العالى
وكلكم سيّد ينمى إلى نفر ... شمّ الأنوف كفاة غير أكفال (6)
__________
(1) فى الأصل: بالمشرفين، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) المقصود بنأى الدهر إعراضه، فكأن الممدوح ألزم نفسه بمواساة من أصابه الدهر بالكلوم.
(3) هكذا بالأصل، ولعلها يعز على زهر النجوم ويلقاها بإخجال.
(4) الأفصح أن يقول مات الحسود بنيران الهوى صاليا وعلماء العروض والقافية يقبلون أمثال هذه الضرورات.
(5) فى الأصل:
من محلها بسؤددكم ... كالعود أغلمته
ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) أكفال: جمع كفل وهو من لا يثبت على الخيل أو من يكون فى مؤخرة الصفوف فى ميدان القتال بغرض التقهقر أو الفرار، المعنى: لا أمل من ضرب الأمثال به فى ميادين الكرم والحلم.(20/140)
تنافسوا فى معاليهم كأنهم ... كعوب رمح من الخطّىّ عسّال
يا أيّها الدهر أغمد كلّ ذى شطب ... فلا سبيل إلى تضييق أوصالى
إنى استجرت بميمون نقيبته ... ماضى العزيم كريم العمّ والخال
إذا بدا لك فى نادى عشيرته ... أبصرت أروع هونا غير مختال
إذا جرى الذكر فى حلم ومن كرم ... فما أملّ به من ضرب أمثال
أهدى له من قريضى كلّ شاردة ... رمح لأعزل أو حلى العطال
وحاش لله أن أرضى به بدلا ... والمرء ما بين تعويض وإبدال
أو أن أكون وأيدى العيس توضع بى
إلا إلى قصده نصّى وإرقالى (1)
أما الصيام فقد قضّيت لازمه ... ولم تكله لتضييع وإهمال
وإن لوى رمضان من سروركم ... وعدا، فمنجزه إقبال شوّال
ما أبتغى بهلال الفطر أرقبه؟ ... أنت الهلال الذى يلقى بإهلال (2)
وذكره صاحب قلائد العقيان وذكر أنه بلى من الزمان بالحدثان، ومن الحظ بالحرمان، وأورد من شعره قوله:
وقالوا ألا تبكى وتلك مطيّهم
على الشهب يحملن الأوانس كالدمى (3)
__________
(1) النصّ والإرقال: ضربان من السير السريع. فى الأصل: وإن لدى، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) الإهلال: التلبية أو النظر إلى الهلال.
(3) فى القلائد: فتلك مطيهم تحملن الأوانس.(20/141)
أإن نفدت منّى الدموع تغامزوا
وقالوا: سلا أو لم يكن قبل مغرما (1)
فهلّا أقاموا كالبكاء تنهدى ... إذ ما بكى القمرىّ قالوا: ترنّما (2)
وقوله:
عندى حشاشة نفس فى سبيل ردى
إن شئتما اليوم لم أمطل بها لغد (3)
وكيف أقوى على السلوان عنك وقد
ربيّت حبّك حتى شبّ فى خلدى (4)
خذها وهات ولا تمزج فتفسدها ... الماء فى النار شىء غير مطرد (5)
وقوله (6):
__________
(1) فى الذخيرة: أإن بعدت منى الدموع، وفى القلائد: لئن بعدت، وفى المختصر والتيمورية: وإن نفدت.
(2) عقب ابن بسام على هذه الأبيات بقوله: وهذا من حجول الكلام وغرره، وإلا يكن اخترع فما أتقن ما اتبع، وأورد بيتين آخرين هما:
نأوا بصموت الحجل عاطرة الشذا ... مبتلة الأعطاف معولة اللمى
ألا نظرة منها فتنقع غلة ... على كبدى؟ ما أشبه الشوق بالظما
(3) فى القلائد: إن سمتها.
(4) فى المطرب: حتى شبت، وفى القلائد حتى شاب.
(5) فى المطرب والقلائد: أصل غير مطرد.
(6) من قصيدة طويلة أوردها ابن بسام فى الذخيرة فى مدح قاضى الجماعة (لعله ابن عشرة) استهلها بقوله:
إذا ما غراب البين مد جناحه ... على وغطانى بريش قوادم
تقلبت فى طى الجناح، لعلنى ... أرى الصبح يبدو من خلال القوادم
إلى الله أشكوها نوى أجنبية ... لها من أبيها الدهر شيمة ظالم(20/142)
أكلّ بنى الآداب مثلى ضائع ... فاجعل ظلمى أسوة فى المظالم
ستبكى قوافى الشعر ملء جفونها ... على عربىّ ضاع بين أعاجم (1)
وقوله من قصيدة (2):
وضيّعنى قومى لأنى لسانهم
إذا أفحم الأقوام عند التكلّم (3)
وطالبنى دهرى لأنى دنته ... وأنّى فيه غرّة فوق أدهم (4)
وقوله:
وفتية لبسوا الأدراع تحسبها ... سلخ الأراقم إلّا أنّها رسب (5)
إذا الغدير كسا أعطافهم حلقا
طفا من البيض فى هاماتهم حبب (6)
وقوله:
أما تري الليل قد ألهبته شمعا
مثل الكواكب باتت حوله حرسا (7)
__________
(1) فى المغرب بين الأعاجم.
(2) من قصيدة أورد ياقوت نبذة صالحة منها يقول فيها:
هو الشعر أجرى فى ميادين سبقه ... وأفرج عن أبوابه كل مبهم
سلكت أساليب البديع، فأصبحت ... بأقوالى الركبان فى البيد ترتمى
وربتما غنى به كل ساجع ... يردده فى شجوه والترنم
(3) فى المختصر والتيمورية: لأنى إمامهم.
(4) فى القلائد ومعجم الأدباء: لأنّى زنته.
(5) الرّسب والرّسب: السيف يغيب فى الضريبة. ولعلها: إلا أنهم رسب.
(6) البيض: خوذات من الحديد أو النحاس.
(7) فى القلائد: كانت حوله حرسا.(20/143)
من كل ناشرة فرعا له شعب ... عند القيام وإسبال إذا نسكا
وقوله:
يا أقتل الناس ألحاظا وأطيبهم
ريقا متى كان فيك الصّاب والعسل؟
فى صحن خدّك وهو الشمس طالعة
ورد يزيدك فيه الرّاح والخجل
أيمان حبّك فى قلبى تمجّده
من خدّك الكتب أو من لحظك الرسل (1)
إن كنت تجحد أنى عبد مملكة
مرنى بما شئت آتيه وأمتثل (2)
لو اطّلعت على قلبى وجدت به
من فعل عينيك جرحا ليس يندمل (3)
وقوله من قصيدة يشكو أهل المغرب وقد ذم عندهم مثواه وصفرت من نائلهم يداه:
أقمت فيكم على الإقتار والعدم
لو كنت حرّا أبىّ النفس لم أقم (4)
__________
(1) فى المختصر والتيمورية: أيمان حبك فى قلبى مؤيدة وفى القلائد: تجدده.
(2) فى المختصر والتيمورية والقلائد ومختارات من الشعر الأندلسى إن كنت تجهل
وفى المختارات لما شئت.
(3) فى القلائد من فعلى وهو تحريف. فى الأصل: من بابكم، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) العمدم والعمدم: الفقدان وبخاصة فقدان المال.(20/144)
وظلت أبكى لكم عذرا لعلكم
تستيقظون، وقد نمتم عن الكرم (1)
فلا حديقتكم يجنى لها ثمر ... ولا سماؤكم تنهلّ بالدّيم (2)
لا رزق لى عندكم، لكن سأطلبه
فى الأرض إن كانت الأرزاق بالقسم (3)
أنا امرؤ إن نبت بى أرض أندلس
جئت العراق فقامت لى على قدم (4)
إن كان سهما فلا تنمى رمّيته ... أو كان سيفا فمسلول على البهم (5)
ما العيش بالعلم إلا حيلة. ضعفت ... وحرفة وكلت بالقعدد البرم (6)
لا يكسر الله متن الرمح إن به
نيل العلا، وأتاح الكسر للقلم (7)
__________
(1) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: أبكى بكم.
(2) فى القلائد: بها ثمر.
(3) فى القلائد: لا رزق عندكم ولكن سأطلبه.
(4) ويلى هذا البيت فى القلائد:
أين الرجا والعلا من حازم يقظ ... يغزو أعاديه فى الأشهر فى الحرم
(5) أنمى الصيد: رماه فأصابه، البهم والبهم: أولاد الضأن والماعز والبقر، وفى المختصر والتيمورية: فلا تصمى رميته.
(6) لم يرد هذا البيت فى القلائد وفى المختصر والتيمورية: ما العيش بالحلم وفى الأصل وحيلة وكلت وقد آثرنا رواية المختصر والتيمورية ونفح الطيب، القعدد: الخامل الجبان اللئيم القاعد عن المكارم، برم اللسان: العيىّ، وفلان برم: ما فيه كرم.
(7) فى الأصل: وأباح الكسر، وقد أخذنا برواية القلائد.(20/145)
ولا أراق دما من باسل بطل ... ومات كل أديب عبطة بدم (1)
أوغلت بالمغرب الأقصى وأعجزنى ... نيل الرغائب حتّى أبت بالندم (2)
ومنها:
وساقط نال من عرضى فقلت له ... إليك عنى فليس السب من شيمى
أعرضت عنه ولو أنى عرضت له
سقّيته حمة الأفعى من الكلم (3)
وقوله من قصيدة (4):
لا ينفذ العزم إلا من ينفّذه
والسيف يكهم إلّا فى يد البطل (5)
__________
(1) فى الأصل والقلائد: غبطه وهو تصحيف، يقال مات عبطة أى مات شابا فتيا وهو يدعو للأبطال بالبقاء وللأدباء بالهلاك لأن فى البطولة الحربية غناء أى غناء وفى الأدب عناء أى عناء.
(2) فى القلائد أوغلت فى المغرب.
(3) الحمة: السم أو الإبرة يضرب بها الزنبور أو الحية ونحو ذلك أو يلدغ بها، وهى عند الأفعى سن مجوفة خلفها غدة سامة تفرغ سمها بجسم اللديغ.
(4) يمدح بها أبا العباس بن على كما ذكر ابن خاقان، وأورد فى مستهلها:
ونوبة من صهيل الخيل يسمعها ... بالرمل أطيب ألحانا من الرمل
وإن كان هذا البيت ورد فى خلال القصيدة بالأصل، وترتيب الأبيات فى الاصل يختلف عنه فى القلائد.
(5) ورد البيت ناقصا شطره الثانى بالأصل، والتكملة عن المختصر والتيمورية والقلائد وفى القلائد: إلا أن ينفذه، وفى الأصل من تنفذه، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعنى: لا يستطيع أن ينفذ عزيمته إلا من فطر على التنفيذ وقوة الإرادة والحزم فالسيف نصيبه الثلوم فلا يقطع إلا فى يد بطل شجاع، ولعله نظر فى هذا إلى قول البحترى:
وما السيف إلا حلية لخريدة ... إذا لم يكن أمضى من السيف حامله(20/146)
تهويمة فى بساط البيد يهجعها
أشهى إليه من التهويم فى الكلل (1)
ونوبة من صهيل الخيل يسمعها ... بالرمل أطرب ألحانا من الرّمل (2)
يا كوكبا يغرق العافون فى دفع
منه، وتحترق الأعداء فى شعل (3)
لا يدرك الناس لو راموا ولو جهدوا
بالريث بعض الذى أدركت بالعجل
__________
(1) فى الأصل: تهجعها وقد أخذنا برواية القلائد.
(2) الرمل: ضرب من الالحان، وفى المختصر والتيمورية: ونوبة من صهيل الخيل يجمعها.
(3) ورد البيت مضطربا بالأصل وقد صححناه عن القلائد.(20/147)
جماعة من شعراء الأندلس العصريين أوردهم ابن بشرون الصقلى المهدوى ونقلته من خطه فى مصنفه (1)
__________
(1) أشرنا إليه وإلى كتابه فيما سبق.(20/148)
ابن الوضاح المرسى المعروف بالبقيرة (1)
وصف (2) بالآداب البارعة، والعلوم الجامعة، والكتابة الرائقة، والإجادة الرائعة (3)، وذكر أنه توفى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وهو طرير الشبا (4) طرى الشباب نضير العود نمير الشراب قال أنشدنى له محمد بن محمد العربى، أنه أنشده لنفسه بقرطبة (5):
هل تذكرون غريبا عاده طرب (6) ... من ذكركم، وجفا أجفانه الوسن؟
أخفى لواعجه والدمع يفضحها ... فقد تساوى لديه السّرّ والعلن (7)
يا ويلتى كيف يبقى فى جوانحه (8) ... فؤاده وهو بالأطلال مرتهن
هل شاق صحبى ما قد شاقنى سحرا
ورقاء قد شفّها أو شفى شجن (9)
__________
(1) ذكره صاحب بغية الملتمس وصاحب المطرب باسم أبى عبد الله محمد بن وضاح المعروف بالبقيرة. وقد أورد صاحب نفح الطيب عدة مقطوعات شعرية للشاعر أبى جعفر بن وضاح، أما محمد بن وضاح فقد أورده صاحب الجذوة تحت اسم محمد بن وضاح بن بزيغ أبو عبد الله وذكر أنه من الرواد المكثرين والأئمة المشهورين رحل إلى المشرق وطوف البلاد فى سبيل العلم وتوفى سنة 286هـ وهو طبعا غير الشاعر الذى ذكره المصنف. وقد اقتبس صاحب نفح الطيب منه عدة روايات باسم محمد بن وضاح. ولعل الشاعر المقصود هنا حفيده ولعل كنيته أبو جعفر وأن الأمر التبس فى الكنية على ابن دحية صاحب المطرب والضبى مؤلف البغية.
(2) المقصود بالواصف هو ابن بشرون.
(3) لعلها الفائقة ليتسق السجع.
(4) طرير الشبا: حاد السنان.
(5) أوردها صاحب المعجب منسوبة إلى ابن زيدون.
(6) فى المعجب: شجن.
(7) فى المعجب: تحنى لواعجه والشوق بفضحه.
(8) فى المعجب: يا ويلتاه!! أيبقى فى جوانحه.
(9) صدر البيت فى المعجب: وارق العين والظلماء عاكفة وفى عجزه: أو شفنى حزن(20/149)
فبتّ أشكو وباتت فوق أيكتها
وبات يهفو ارتياحا تحتها الغصن (1)
يا هل أجالس أقواما أحبّهم ... كنا وكانوا على عهد وقد ظعنوا (2)
ما للركائب ما تهدى لنا خبرا ... سدّت مسالكها أم صمّت الأذن
أسائل البرق هل وافى بربعكم؟ ... وهل أناح عليه الوابل الهتن؟
إن كان عادكم عيد فربّ فتى
بالشوق قد عاده من أجلكم حزن (3)
قد أفردته الليالى عن أحبته ... فبات يشدوكم ممّا جنى الزمن (4)
«بم التعلل لا أهل ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا سكن» (5)
وقوله فى الفراق:
حرام على عينى أن تطعم الكرى ... إلى أن يعود الحىّ ملتئم الشّعب
وكيف تنام العين بعد رحيلهم
وقد رحل القلب المشوق مع الركب (6)
يقولون: سلّ القلب بعد فراقهم ... فقلت: وهل قلب فيسلو عن الحبّ؟
__________
(1) فى المعجب. وتشكو فوق أيكتها بيننا الغصن.
(2) فى الأصل: يا أهل أجالس. وهو تحريف. وفى المعجب: فقد ضغنوا ويلى هذا البيت فى المعجب:
أو تحفظون عهودا لا أضيفها ... إن الكرام بحفظ العهد تمتحن
والبيتان التاليان فى الأصل لم يذكرهما صاحب المعجب.
(3) فى المعجب: قد عاده من ذكركم.
(4) فى المعجب وأفردته الليالى من أحبته فبات يشدوكم.
(5) مطلع قصيدة للمتنبى.
(6) فى المختصر والتيمورية: وكيف تنام الليل.(20/150)
أبو بكر المرسى (1)
ذكر (2) أن أصله من إشبيلية وتهدّيه (3) بمرسية فعرف بها ونسب إليها، هو شبل عرين أسود إشبيلية لكنه غاب عن الغاب، وألقى مرساه بمرسية، وحكى ابن بشرون فى كتابه، من سبب اغترابه: أنّه قبل أن يكتسى عذاره ويقرن بالبنفسج بهاره، وبالليل نهاره، حضر فى مجلس أنس آنق نوّاره، وأشرقت أنواره، وغنّت أطياره، وراقت أزهاره، ودارت على الشّرب عقاره، فتقدم أحدهم إليه ليجنى ورده، وهمّ ليجنى (4) عليه فصدّه وردّه ثمّ قبّله، وسامه ما أبى أن يفعله ثم أخرج سكّينا فلم يخط (5) بها مقتله، فيالها من قبلة، تقومت بقتلة، ولذّة أفضت إلى ذلّة فلما رفع إلى قاضى البلد، أقرّ بالقتل وهو ماضى الجلد، وذكر الواقعة، وأظهر له ما خفى فسجن شهرا ثم أخرج ونفى وذكر أن شعره خفيف الروح، متمكن القوافى، ناهض (6)
__________
(1) لم نجد له ذكرا فيما بين يدينا من المصادر وهناك من يعرف باسم المرسى، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد النفزى المعروف بالمرسى ذكره ابن بشكوال فى الصلة ج 1 ص 285وقال إنه كان رجلا صالحا كثير الذكر لله تعالى ولد سنة 453وتوفى سنة 538هـ.
(2) المقصود بالذكر هو ابن بشرون.
(3) يقصد تهاديه إلى مرسية أى رحلته والتهادى هو السير فى تبختر وتمايل وإعجاب.
(4) فى الأصل ليحنى عليه، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) لم يخطىء.
(6) فى الأصل ناهضا.(20/151)
فى جو التجويد بالقوادم والخوافى، وله يد فى التوشيح قويّة، وكلم بالمعانى البديعة موشيّة وأورد (1) فى النحول من شعره:
نحولى شذّ عن باب النّعوت ... فجسمى دون خيط العنكبوت
تفهّم منطقى إذ لا ترانى ... فلى صوت أرقّ من السّكوت
فألف مثل خلقى دون فلس
وبعض الفلس طول الدهر قوتى
__________
(1) فى الأصل: وادرو، وهو تحريف(20/152)
أبو بكر أحمد بن الجنتان المرسى الشاعر (1)
وصفه (2) بتدفق الطبع وتأنق الصّنع وبلاغة الترصيع والتجويد، وبراعة التقطيع والتقصيد، وأورد له هذه القصيدة فى مدح القاضى أبى بكر بن أسد الشاطبى:
ألا طرقتنا فى الدجى ربّة الخدر
وقد جنحت فى الأفق أجنحة النّسر
رمالت إلى الغرب الثّريّا كأنّها ... مطار حمام رام نهضا إلى وكر
فهبت مع الفجر النعامى فجرّرت
ذيولا على الغيطان عاطرة النّشر (3)
لويت لها من معطفىّ صبابة
كما لوت الصهباء أعطاف ذى سكر
فمن مبلغى والدار بالقوم غربة
شطون وصدق القول أجدر بالحر (4)
__________
(1) بنو الجنان بيت مجيد فى شاطبة ينتمون إلى كنانة. ومن أشهرهم المترجم له أبو بكر أحمد بن أبى العلاء عبد الحق بن خلف بن مفرج بن الجنان ورث الأدب عن أبيه وجرث له فتن دخل بسببها السجن، وأورد له صاحب المغرب مقطوعتين من الشعر ج 2ص 382، 383وهو غير أبى الوليد بن الجنان الذى ورد فى نفح الطيب.
(2) وصفه ابن بشرون.
(3) النعامى: ريح الجنوب أو بين الجنوب والشرق، وفى المختصر والتيمورية: وهبت.
(4) فى الأصل: سطوت، وصدق القول(20/153)
عن الروض بالروحاء كيف نسيمه
وهل جاده بعدى ملثّ من القطر
وهل حلّ قلبى فى معاهد زينب
بذات النّقا أم راح فى ذلك السّفر
وما وسن الأجفان غير إصابة
من القيظ لفح فاستظلّ بذى سدر (1)
يقطّع ترجيع النعام كأنه
أنين محبّ شفّه ألم الهجر
بأحسن منها يوم أومت بلحظه
وجادت برطب الدر من منطق نزر
فى وصف البرق:
ومما شجا نفسى تألق بارق ... يقد جلابيب الدّجنّة إذ يسرى
مليح إذا ما اهتاج قلت صفيحة
من الهند أو رجم من الأنجم الزّهر
ينوء به مستمطر ذو هيادب
كما نهضت بدن الحجيج إلى النّحر
إلى كم اطيع القلب فى طلب الصبى
وأجهد نفسى فى هوى البيض والسّمر
__________
(1) فى الأصل: عز إصابة.(20/154)
سأثنى عنان الشّعر عن سبل الهوى
إلى مدحة القاضى الأجلّ أبى بكر
فتى أنهض الإسلام فى سبل الهدى
وصيّر طىّ المعلوات إلى النّشر (1)
وشيّد أركان الدّيانة فاغتدت ... تزاحم أشباح النعائم والنّسر
حفيظ على ذات الأله ودينه ... ملىّ بما يرضيه فى السّرّ والجهر (2)
يكشّف إظلام الخطوب بهديه
كما صدعت جنح الدّجى غرّة الفجر
ويخدم أنحاء المعالى برأيه ... فيجمع بين النّفع فيهن والضّرّ
محدث عن آثاره فتية السّرى
كما حدّثوا فى المحل عن سبل القطر
به نظمت للمجد أفراد عقده ... وتوّجت الأيّام كالغادة البكر
فناهيك من عقد تحلى به العلى
وناهيك من تاج على مفرق الدهر
الست الّذى فرّجت كلّ غمامة
كما انفرجت سحم الغمام عن البدر (3)
__________
(1) فى الأصل العلوات ولعل الصواب ما أثبتناه والمعلوات جمع معلاة، والمعلاة كسب الشرف.
(2) ملى: جدير.
(3) فى الأصل والتيمورية: سحب الغمام.(20/155)
وإنك من قوم بهم تعقد الحبى ... وتنقدّ آباط المحبّسة الضّمر (1)
بنو أسد خير الأنام إذا انتموا ... وأقدمهم فخرا إذا عدّ ذو فخر
لهم عنفوان الماء فى كل منهل
وإن نظرت خزر القبائل عن شزر
أسود الشرى، والمرقلون إلى الردى
بحور الندى والجابرون من الفقر (2)
فى وصف القلم:
وأصفر مصقول الأديم أجلته
فريعت متون البيض والذّبّل السّمر
إذا استنطفت يمناك منه مفوّها ... أجاب بما يثنى به نوب الدهر
وإن خضّبت أعلاه مجّة حبره ... قضى بالحبور الجم عن ذلك الحبر
إليك أبا بكر بعثت عقيلة ... وما إن لها إلا قبولك من مهر
ولست كمن ببغى نوال ممدّح ... ولو نوّلتنى الشّعر بين يد الشعر
ودونكها غرّاء أمّا نسيمها
فكالروض يندى أو كعنبرة الشّحر (3)
__________
(1) ورد البيت مضطربا بالأصل، وقد صححناه بما يقارب الرسم، عقد الحبى: كناية عن العزة والوقار، الآباط: بواطن المناكب. الخيل المحبوسة والمحبسة والحبيسة: الموقوفة على الجهاد الضمر: الضامرة.
(2) المرقلون: المسرعون.
(3) الشحر: ساحل البحر بين عمان وعدن وقد اشتهر هذا الساحل بالاتجار فى العنبر، وفى الأصل السحر وهو تحريف.(20/156)
بقيت مكين العزّ مقتبل العلى
فسيح المدى سامى المراتب والذكر
وله:
خليلىّ من وادى اليمامة خبّر ... هل البان فى أرجائه يتأوّد
وهل سرحة القاع المريع جنابه ... تصيح إذا غنّى الحمام المغرّد
وما هى إلّا للوداع مواقف ... يراق بها دمع ويفنى تجلّد
فيا راكب الوجناء هل أنت مبلغ
ديار سليمى ما أقول وأنشد
متى يلتقى جسم برامة متهم ... وجسم بأكناف العقيقين منجد(20/157)
خليلىّ من وادى اليمامة خبّر ... هل البان فى أرجائه يتأوّد
وهل سرحة القاع المريع جنابه ... تصيح إذا غنّى الحمام المغرّد
وما هى إلّا للوداع مواقف ... يراق بها دمع ويفنى تجلّد
فيا راكب الوجناء هل أنت مبلغ
ديار سليمى ما أقول وأنشد
متى يلتقى جسم برامة متهم ... وجسم بأكناف العقيقين منجد
المخزومى الأعمى الغرناطى (1)
وصفه الحكيم يحيى وقال: رأيته وهو بذل (2) هجاء وصفه بالإجادة فى الهجاء والإغارة على الأعراض، والإصابة فيها إلى الأغراض، وكان مهيب الصولة، مرهوب الجولة، مخصوصا بالتحايا والتحف والهدايا والطرف، وكانت وفاته فى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وله فى ابن أبى الخصال الكاتب (3):
طويس الشّؤم يا ابن أبى الخصال
لقد نكّبت عن كرم الخصال (4)
__________
(1) أبو بكر محمد الأعمى المخزومى، ذكر لسان الدّين بن الخطيب أنه كان أعمى شديد القحة والشرة معروفا بالهجاء مسلطا على الأعراض سريع الجواب ذكى الذهن فطنا للمعارضين سابقا فى ميدان الهجاء، فإذا مدح ضعف كان حيا بعد الأربعين وخمسمائة ويشبهونه بالمعرى وبشار، ويقول فيه صاحب المسهب كما ذكر ابن سعيد «بشار الأندلس انطباعا ولسنا وأذاة، وهو الذى أحيا سيرة الحطيئة بالأندلس فمقت، وكان لا يسلم من هجوه أحد، ولا يزال يخبط فى الآفاق بعصاه، ويقع فيمن أطاعه وعصاه، وأصله من المدور وفر إلى قرطبة ثم جال على البلدان وأكثر الإقامة فى غرناطة وأورد له المقرى مقطوعات فى نفح الطيب ج 1ص 98، 117، 118، 119، 184كما أورد له ابن سعيد فى المغرب ج 1ص 227223.
(2) البذل: العنز وهو هنا يشبهه بالكبش الذى ينطح كل ما يعترضه.
(3) أبو عبد الله محمد بن مسعود بن أبى الخصال كتب ليوسف بن تاشفين، وتوفى مقتولا سنة 540هـ.
(4) طويس هو عيسى بن عبد الله مولى بنى مخزوم أول من غنى بالمدينة توقيعيا تلقاه عن أسرى الفرس كان مخشا ولد بالمدننة سنة 11هـ وأقام بها إلى أيام مروان بن الحكم ثم انتقل إلى قرية السويداء شمال المدينة فظل بها حتى مات سنة 92هـ يضرب به المثل فى الشؤم، ويحدث هو عن نفسه أنه ولد يوم وفاة النبى صلّى الله عليه وسلّم وفطم يوم مات أبو بكر وفتن يوم قتل عمر وتزوج يوم قتل عثمان وولد له يوم قتل على.(20/158)
ترغّب فى النقائص والمخازى ... وتزهد فى المكارم والمعالى
نكحت حزوّرا وسلكت طفلا ... ولم تقلع وشيبك فى اكتهال (1)
ففى [ردفيك] آثار الفياشى (2) ... كما فى البير آثار الحبال
وقال:
ابن وحيد (3) له طباع ... وقد تشين الفتى طباعه
إن ذكروا فيشلا لديه ... يرشح من جانبيه قاعه
__________
(1) الحزور: الغلام الفتى.
(2) فى الأصل (وجناك) وليس لها معنى، وقد وضعنا مكانها كلمة تؤدى المعنى المقصود الفياشى: جمع فيشة وهى رأس الذكر.
(3) شرف الدين ابن الوحيد شاعر معاصر للأعمى المخزومى لم نجد له ذكرا فيما رجعنا إليه من المصادر.(20/159)
أبو جعفر بن سلام الشاطبى
ذكر أنه لم يسمع به إلا من محمد بن محمد القرطبى المعروف بابن اليثربى (1)
أنشد له:
يا سرحة قد كان فيها مسرحى ... من تحت أغصان لها وفروع (2)
تتهافت العشاق بين ظلالها ... ما بين مكلوم وبين صريع
قد عجت فيها حيث عاج بنو الهوى
ورتعت منها فى رسوم ربوع
وبنفسى الرّشا الذى ودّعته ... والنفس تأبى وقفة التّوديع
ألصقت خدّى فى الوداع بخدّه ... وخلطت منه بالدموع دموعى
أبعدته من غيرة عن ناظري ... وجعلته بالحب بين ضلوعى
لما أشارت للوداع بكفها ... خضب النّوى أطرافها بنجيع
ولقد طربت إلى الفرات وماؤه
متسلسل قدحيك حوك دروع
__________
(1) وردت الكلمة دون إعجام بالأصل ويمكن قراءتها بابن البيرنى أو ما يماثلها ونرجح أنها اليثربى لأن المصنف تحدث عنه بعد ذلك.
(2) فى الأصل: باسرحنة وهو تحريف، كما ورد بالأصل: لها فروع ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/160)
والشمس من هول المطالع تتّقى
فرقا، وترتعد ارتعاد مروع
قد حشرجت فبدا كليلا طرفها ... فكأنها ألمت غداة نزوع (1)
فشعاعها بشعاعها وغروبها ... بغروبها وطلوعها بطلوع (2)
__________
(1) فى المختصر والتيمورية: قد أحرجت، النزوع: الشوق، أو الابتعاد.
(2) الشعاع: الضوء، والشعاع (بالفتح) التفرق وغروب الشمس معروف، والغروب أيضا: البعد والغياب، طلوع الشمس ظهورها والطلوع أيضا: المجىء أو الغياب ضد.(20/161)
تعليقات على القصيدة
90
2 - ط (105) ل (113) با (104) ص (101): [آبوا] رجعوا (1). أي لا يشربون اللبن.
7 - ط (105) ل (113) با (104) ص (101): يريد بتيوس، كما تقول شيخ ومشيخة. يقول لم يكن لهم أحساب يحافظون عليها.
ط (65) ل (68) با (74) ص (56): الأشابة الأخلاط من الناس.
طا: المأشبة الأخلاط من الناس. وروى العدوي بمتيسة.
تعليقات على القصيدة
91
1 - ط، ل، ص: الجذل الفرح، جذل يجذل جذلا.
4 - ط ل ص. الفضل التي في ثوب واحد، والمضاف المستغيث وكاعب حين كعب ثديها في صدرها.
__________
(1) سقطت من ط.(20/162)
أبو بكر الملقب بالقلمندر (1)
أورد له فى وصف المرية:
قالوا المريّة صفها ... فقلت حبل وشيح (2)
قالوا أفيها معاش ... فقلت إن هبّ ريح
وله فى المعنى:
قالوا المريّة عدن ... فقلت إذ ذاك: إيه
كأنها طست تبر ... ويبصق الدّم فيه
__________
(1) فى المختصر والتيمورية القلمندر وفى الأصل القمندر، وقد ذكره صاحب نفح الطيب باسم الأديب الطبيب أبو الأصبغ عبد العزيز البطليوسى الملقب بالقلمندر وأورد له بيتين هما:
جرت منى الخمر مجرى دمى ... فجل حياتى من سكرها
ومهما دجت ظلمات الخطوب ... فتمزيقها بسنا بدرها
وذكره ابن سعيد باسم الأديب أبى الأصبغ القلمندر، وكان يقول: أنا أولى الناس بألا يترك الخمر لأننى طبيب أحبها عن علم بمقدار منفعتها، وأمر المظفر بن الأفطس بقطع لسانه.
(2) لعله يقصد بالحبل الرمز إلى السفينة، ولعل أهل المرية يتجرون بالشيخ.(20/163)
أبو بكر المعروف بالأبيض (1)
توفى بعد سنة ثلاثين وخمسمائة، أورد له فى أبى محمد الزبير (2) صاحب مدينة قرطبة من الملثمة:
يا سائلى عن زبير أين مسكنه؟ ... هيهات تطلب شمسا ما لها وضح
لا تطلبنّ زبيرا فى مساكنه ... واسأل (عدانة) (3) عنه حين يصطبح
نشوان يكرع فى فرج وفى قدح ... والملك تحت ليان العود مطّرح (4)
يا ضيعة الجيش لم يبقى لهم سبد
أودى السماع ببيت المال والقدح (5)
وهذا الزبير قتل فى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة استشهد فى حرب الفرنج فى موضع يقال له وادى الذروع.
__________
(1) أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الأنصارى الإشبيلى المعروف بالأبيض ذكره صاحب المطرب ص 76وقال: إنه من فحول شعراء المغرب المذكورين بالسبق فى الشعر والأدب ومات بعد خمس وعشرين وخمسمائة، وأورد له مقطوعة شعرية فى المديح، وذكره صاحب المغرب ج 2ص 127، وقال: أصله من قرية همدان وتأدب فى إشبيلية وقرطبة. وهو شاعر مشهور وشّاح هجاء، ثم أورد له بعض المقطوعات الشعرية.
(2) كان واليا على قرطبة للملئمين وقد لهج الشاعر بهجائه وأفرط فى الهجاء حتى قتله الأمير.
(3) هكذا بالأصل ولعله اسم علم لصاحبة حانة.
(4) اللبان: الصدر.
(5) ارتكب الشاعر ضرورة فى البيت حيث لم يجزم الفعل المضارع ولعله نحا فى هذا نحو البيت المستشهد به:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لافت لبون بنى زياد
وكان يمكن أن يقول: يا ضيعة الجيش!! ما أبقى لهم سبدا. أو لم يترك لهم السبد:
القليل من الشّعر. يقال: ما له سبد ولا لبد، أى لا قليل ولا كثير.(20/164)
محمد بن محمد يعرف باسم اليثربى القرطبى (1)
معظم ما يذكره ابن بشرون فى المختار من الأندلسيين يرويه عنه ويذكر أنه لقيه فى مدينة صقلية لمتملكها رجار الأفرنجى [ألف له] (2)
فى مسالك الأرض وممالكها كتابا كبيرا سمّاه نزهة المشتاق فى مخترق الآفاق (3) ثم ألّف بعده لولده غليالم (4) صاحب صقلية كتابا فى المعنى (5) أكبر منه سمّاه
__________
(1) وردت ترجمة هذا الشاعر مضطربة بالأصل، ويبدو من ثناياها أنها للشريف الإدريسى الجغرافى المشهور، وإن كنا لم نجد فى كتب التراجم من يسميه باسم اليثربى أو القرطبى، فهل هناك شاعران يحملان اسم محمد بن محمد اختلطت ترجمة كل منهما بترجمة الآخر أو أنهما لشاعر واحد؟ والإدريسى هو محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الإدريسى الحسينى الطالبى أبو عبد الله مؤرخ جغرافى كبير من أدارسة المغرب الأقصى، ولد فى سبته وتعلم بقرطبة ورحل رحلة طويلة انتهى بها إلى صقلية فنزل على صاحبها روجر الثانى ووضع له كتابا سماه نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق، وقد طار ذكر هذا الكتاب فى العصور الوسطى واعتبر أهم مرجع فى الجغرافيا، وقد زوده المؤلف بالخرائط التفصيلية، وأكمله سنة 548هـ وله عدة كتب أخرى منها: روض الأنس ونزهة النفس ويعرف بالممالك والمسالك وكتاب أنس المهج وروض الفرج، قال الصفدى فى ترجمته: كان أديبا ظريفا شاعرا ولد سنة 493وتوفى سنة 560هـ. ويقول ميلر: إن الخرائط التى رسمها الإدريسى كانت ذات أثر كبير فى تصوير الدنيا للأدريسيين مدة طويلة بعد عصره. وكان روجار الثانى ملك صقلية يكرم الإدريسى ويحتفى به حفاوة عظيمة، كان الإدريسى يفد إليه راكبا بغلة، فإذا صار عنده تنجى له عن مجلسه فيأبى فيجلسان معا وكان من عادة مؤلفى العرب أن يمزجوا الجغرافيا بالتاريخ وبالأدب، ويحرصون على أن يذكروا تراجم موجزة لشعراء كل بلد يتحدثون عنه كما فعل ياقوت فى معجم البلدان.
(2) زيادة يقتضيها السياق ولعل هنا خرما نقصت به الترجمة أو اختلطت فيه ترجمتان لشاعرين مختلفين.
(3) المعروف عن هذا الكتاب أن اسمه «نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق».
(4) فى الأصل عليا لم والصحيح غليا لم.
(5) يريد فى الموضوع نفسه.(20/165)
تعليقات على القصيدة
95
2 - ط، ل، با، ص، طا: الغريف النهر. يريد أجمة في ماء.
زيادة في طا: يعني في أجمة ذات ماء. وقال العدوي: الغريف الغيضة فيها الماء والشجر.
3 - ط، ل، با، ص: يقول سقوكم بالسيوف مناياكم فصرعتكم كما تصرع الخمر شاربها (1).
تعليقات على القصيدة
96
1 - لسان، تاج: وفي التهذيب يقال لضرب من القلائد المنظومة باللؤلؤ قلقي. قال ابن سيده: وما أدري إلى أي شيء نسب إلا أن يكون منسوبا إلى القلق الذي هو الاضطراب كأنّه يضطرب في سلكه ولا يثبت فهو ذو قلق.
4 - ط، ل، با، ص، طا: يريد قول الله (2): {وَالْمَلَكُ عَلى ََ أَرْجََائِهََا} (3). يريد يوم القيامة.
__________
(1) في ل، با ص: تصرّع. وفي با: شاربيها. وفي ل: شاربها وشاربيها.
وفي حاشية ل: «نسخة: فصرعوكم كما تصرع». وفي حاشية ص: «عند ف:
شاربيها. تصرع عند ف».
(2) زيادة في طا: عز وجل.
(3) سورة الحاقة 69: 17.(20/166)
حتى إذا نم واشى الفجر قام وقد ... خاف الفضيحة مغتاظا له ضجر
وقال: لما اعتنقنا للوداع وقد ... رأى التياعى ودمعى مسبل همر
لا تبك عيناك بعدى سوف يضحكها
منّى اقتراب وزورات لنا أخر
ثم افترقنا ولو أعطى الخيار به ... لما افترقنا ولكن عاقنا القدر
وقوله:
كم ليلة جمعتنا دار بارقة
فى عصبة من ذوي الأخطار والرتب
حيتهم الرّاح فى ثوب معصفرة ... وقلّدت جيدها عقدا من الحبب
بتنابها والرحيق الصرف يصرعنا ... بين الجداول والأنهار والعشب
حتى أتى الصبح فى جيش النهار وقد
ولّت عساكر ليل جدّ فى الهرب
قمنا حيارى ندير الكأس ثانية ... بقهوة ترتمى للمزج باللهب
إلى عشاء نهار عيب آحره ... بفرقة سلبتنا بردة الطرب
وقوله من أخرى:
يأبى الذى أذكى الجوانح نارا ... وفّى فوافى فى الظلام وزارا
متحمّلا من صرف راح شعلة (1) ... صفراء يخطف نورها الأبصارا
__________
(1) فى الأصل: سمة ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/167)
ناولته كأسا فظل يشجّها ... متمزّزا بمذاقها إظهارا (1)
ثم استمرّ يسيغها، وكأنه ... ينوى العتاب ويؤثر الإسرارا (2)
حتى إذا لوت المدام بعقله ... وسطا به والى الخمار وجارا
نبذ الوقار وقام يثنى طرفه ... غضبا وأعلن بالعتاب جهارا
ما زال يسقينى مدامة عتبه ... حتى سكرت وما شربت عقارا
ونوى المسير فلم تجبه لسيره ... قدم، وقيّده الخمار عثارا
قبّت أخمص نعله وصددته ... عمّا أراد من المسير فحارا (3)
ومنها:
حتى إذا ما اللّيل شمّر ذيله ... وعدا الصّباح يضاحك الأنوارا
نبّهته من نومه وكأنه ... شمس تجلّت للعيون نهارا
أعلمته ما كان منه بسكره ... فأبى الجحود ولازم الإنكارا
وأجاب يمزح عند آخر قوله: ... من حبّ زلّ ومن تعزز جارا
وقوله فى لزوم ما لا يلزم:
أفدى التى زارت وجنح الدجى ... منسدل تخطو بنا ساريه (4)
__________
(1) تمزز: مص الشراب فى رفق وتؤدة والممز: الخمر فيها حموضة، يشجها:
يمزجها بالماء.
(2) فى الأصل ينوى العقاب ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل وحارا، وفى المختصر والتيمورية فصارا، ولعل الصواب ما أثبتناه. حار:
رجع، والمعنى إنه كان اعتزم الرحيل فقبلت رجليه ليعود عما اعتزمه من الرحلة فعاد.
(4) فى الأصل يخطو، ولعل الصواب ما أثبتناه، تخطو بنا سارية: تمر بنا فى مسراها ليلا.(20/168)
أثقلها المشى فلاحت لنا ... كأنها فى ذاتها ساريه (1)
قلت لها أمزح: من أنت ذى ... قالت: أنا جئتك من ساريه (2)
فبتّ مسرورا بها ليلتى ... والجو صاف ما به ساريه (3)
وقوله فى الزهد:
أرى كلّ يوم للمقيمين رحلة ... فلا شك أنى فيهم سوف أرحل
وليس معى زاد أعدّ لرحلتى ... ولا لى عذر عندما أنا أسأل
وعندى ذنوب لا أقوم بعدها ... يقلّ لها وزن الجبال وتثقل
وليس سوى عفو الإله، فإنّه ... كريم له عند الرجوع التفضّل
__________
(1) السارية: الأسطوانه وأساطين المسجد: أعمدته.
(2) سارية: فى طبرستان بينها وبين البحر ثلاثة فراسخ.
(3) السارية: السحابة تسرى ليلا.(20/169)
الأسعد بن بليطه الشاعر الأندلسى (1)
ذكر (2) أنه شاعر الأندلس وأديبها ومصقعها وخطيبها ووصفه بانفجار عيون الأدب بخاطره، والغوص فى بحر المعانى الأبكار واستخراج جواهره، والنفث فى عقد السحر بنكته ونوادره ومعظم أشعاره فى بنى صمادح ملوك المرية، وأنه كان سمح البديهة والروية، ولم يمت حتى نيّف على التسعين ونزف برشائها من ركيّة (3) العمر ماءها المعين (4)، وقد أورد من شعره ما يناسب نسيبه النسيم، ويماثل مزاجه التسنيم (5)، فمن ذلك قوله:
دع دمى بالدمع يمزج ... والهوى بالنفس يلهج
ربّت الحزن لقلبى ... ربّة الصّدغ المصولج (6)
__________
(1) فى الأصل ابن بليط، والتصحيح عن المختصر والتيمورية والمصادر الأندلسية، ذكره ابن بسام فى الذخيرة الجزء الثانى من القسم الأول ص 299290وابن دحية فى المطرب ص 126والحميدى فى الجذوة ص 166والفح فى المطمح ص 94ونفح الطيب ج 2 ص 453، 454والضبى فى البغية ص 238وابن سعيد فى الرايات ص 50وفى المغرب ج 2 ص 17وابن فضل الله العمرى فى مسالك الأبصار ج 11الورقة 408وأورد له الجميع مختارات من شعره، واسمه الاسعد بن إبراهيم بن الأسعد بن بليطة من قرطبة وهو شاعر بليغ فارس تردد على ملوك الطوائف، وتوفى فى حدود سنة 440هـ.
(2) ذكر ابن بشرون.
(3) الركية: البئر.
(4) ماء معين: ظاهر جار على الأرض.
(5) التسنيم: ماء بالجنة يجرى فوق الغرف أو عين تتسنم عليهم من فوق أو ما يشبه النافورة قال تعالى فى وصف شراب الأبرار «ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون» 27، 28من سورة المطففين.
(6) الصدغ: الشعر المتدلى على صفحة الخد، المصولج الملتوى كالصولجان، وفى المختصر والتيمورية ربة الحزن لقلبى.(20/170)
ودجا الفرع على صب ... ح الجبين المتبلّج
والقضيب المتثنىّ ... والكثيب المترجرج
أحسنى يا عمرة الحس ... ن فقتلى بك يسمج (1)
وقوله:
عج بذى الأيكتين عج ... وهج الأدهمين هج (2)
وصل الوخد نحو من ... ترك الوجد يعتلج (3)
وارق نجد الغوير واه ... بط على روحه الأرج (4)
والنمس روضة المحا ... سن فى روضه البهج
فعسى أن ترى نويرة ... والعين تختلج
وعسى غمة الفؤا ... د بمرآه تنفرج (5)
فدوائى بها دوا ... ئى، فقل لى متى الفرج
قمر فى رقائق ... من ضميرى وفى درج (6)
__________
(1) العمرة: التاج أو القلنسوه أو العمامة.
(2) الأدهمان: البعير والفرس المائلين للسواد.
(3) الوخد للبعير: الإسراع أو أن يرمى بقوائمه كمشى النعام أو سعة الخطو. اعتلج:
اضطرب وفى الأصل وترك الوجد، وإثبات الواو يخل الوزن.
(4) النجد: الهضبة والغوير يطلق على عدة أماكن منها ماء لكلب بين العراق والشام بالسماوة، ومنها ماء بين العقبة والقاع فى طريق مكة، ومنها موضع على الفرات فيه قالت الزباء: عسى الغوير أبؤسا، الأرج: العطر.
(5) فى الأصل: بمرآى تبتهج، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) الرقائق: الصحائف البيضاء، والدرج: الصحائف.(20/171)
أيها المعرض الذى ... باب رحماه مرتتج (1)
فنهارى به ظلا ... م، وليلى به حجج (2)
أجملن أيها الجمي ... ل، فإعراضكم سمج
وترفّق بمهجة ... هى من أنفس المهج
وتحرّج فقتلنا ... فى أناجيلكم حرج (3)
فبعيسى بن مريم ... وبما فيكم نهج (4)
والصليب الّذى علي ... هـ على زعمكم عرج (5)
وبتثليثك الذى ... ليس بالعقل يزدوج (6)
ومسوحاتك الّتى ... بك تزهى وتبتهج (7)
يوم تأتون بالرّيا ... حين والصّلب والسّرج (8)
والسوافين فى الأنا ... شيد كالطير فى الهزج (9)
__________
(1) فى الأصل: بات رحماه، وهو تحريف مرتتج: مغلق.
(2) الحجج جمع حجة والحجة هى العام والمعنى نهارى لبعده ظلام، وليلى طويل كالأعوام
(3) فى الأصل: فقلنا الحرج: الإثم، ويظهر أن محبوبه مسيحى.
(4) نهج لكم: سن لكم من الشريعة.
(5) عرج إلى السماء: ارتفع إليها (على زعمكم) إشارة إلى أن المسلمين لا يعتقدون بصلب المسيح عليه السلام.
(6) ازدوج: تكرر، والمعنى إن العقل يرفضه بدءا ولا يقبل إعادة النظر فيه.
(7) فى الأصل ومصوحاتك ولعل الصواب ما أثبتناه المسوح ثوب من شعر يلبسه الرهبان.
(8) فى الأصل يوم سائون بالدواجن والصليب.
(9) السوافين: جمع سافنة وهى الرياح التى تهب على وجه الأرض ولعله يقصد أن تموجات الهواء بالغناء يشبه تموج الهواء بأهازيج الطيور.(20/172)
وبأجفانك التى ... هى للسّحر والدّعج (1)
وبخدين كالعقي ... ق، وصدغين كالسّبج (2)
وبثغر وددت لو ... أثلج الصدر بالفلج (3)
وبأعطافك التى ... طوت الخصر فاندمج
وبزنّارك الشحي ... ح وخلخالك الحرج (4)
عطفة عطفة على ... مستهام بكم لهج (5)
دينه فى هواكم ... دون أمت ولا عوج (6)
قل لمن لجّ فى الملا ... م وتهيامنا ألج (7)
: كيف أسطيع ترك من ... هو بالنفس ممتزج (8)
فالهوى فى نويرة ... غرّق العين فى لجج
وفؤادى إلى نويرة ... مادمت منزعج
وقوله:
ليل حبّى فيك داجى ... فاجعل الوصل سراجى
__________
(1) الدعج: سواد العين مع سعتها.
(2) السبج: خرز أسود كلمة معربة.
(3) فى الأصل: ثلج الصدر وهو تحريف أثلج الصدر: سره وأبهجة. والفلج فى الأسنان تباعد ما بينها.
(4) الزنار: ما يشده الرهبان على أوساطهم، المقصود بالشحيح: أى الذى لا يسمح لبيد بأن تمتد إليه لتحله، والخلخال الحرج هو الذى لا يتحرك لامتلاء الساقين.
(5) فى الأصل عطفه عطفه ولعل الصواب ما أثبتناه، ولعلها عطفة عطفة للتوكيد.
(6) الأمت: الاختلاف، أو الارتفاع والانخفاض.
(7) ألج: أفعل تفضيل من اللجاجة، وتهيامنا إلخ جملة حالية معترضة.
(8) فى الأصل أستطيع ولا يستقيم به الوزن.(20/173)
فبمناك اكتراثى ... وبلقياك ابتهاجى (1)
وبقلبى نار شجو ... وكذاك البعد شاجى
وهوى العشاق يرجو ... وهوانا غير راج
واحتياج الناس شتّى ... ولكم كلّ احتياجى
والهوى حين، ومن ين ... جو فإنى غير ناجى (2)
وقوله:
ينفّس عن دهرى إذا غاب ليلة
محيّاه حيّاه الإله سراجها (3)
إذا رمت عنه الصبر عزّ مرامه ... وإن لمت فيه النفس زاد لجاجها
فكيف بقلبى أن يسكّن لوعة ... أبى الشوق إلا أن يدوم اهتياجها
وقوله:
من لمشتدّ لوعتى بانفراج؟ ... ولممتد كربتى بابتهاج؟ (4)
__________
(1) فى الأصل فبتناك اكتراثى وهو تحريف.
(2) الحين: الهلاك.
(3) ورد البيت بالأصل هكذا:
بنفسى من دهرى إذا غاب ليله ... محياه حباه الأله سراحها
ومع ما فى البيت من تعقيد فقد زاده التصحيف تعقيدا ولعل الصواب ما أثبتناه وعليه يكون المعنى
يفرج محياه حياه الله عن الدهر، إذا ما تخبط فى الظلام فى ليلة يغيب فيها سراجها (فمرها) لأن وجه يحل محل هذا السراج الوهاج وجملة «حياه الله» جملة اعتراضية دعائية ومحاه فاعل الفعل ينفس وسراجها فاعل الفعل غاب.
(4) فى الأصل من لمنشد ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/174)
من مجيرى من أجور الناس حكما؟
وعذيرى من داء صعب العلاج؟
يجمح القلب فيه أى جماح ... وتلجّ الدموع أىّ لجاج
فضلوعى كالجاحم المتلظّى ... ودموعى كالوابل الثّجّاج
برشا القصر لارشا القفر أصبح ... ت ويومى شبيه ليلى داجى (1)
وجفونى من فقده فى ظلام ... وبتحديق طرفه فى سراج (2)
قمر لقنا لديه نجوم ... ولمجرى الجياد ليل عجاج
وقوله:
لقنت للمنى لعلّ وليت
ولشكوى الغرام كيت وكيت (3)
فبماذا تعللى من معل ... مؤيس من جنابه ما ارتجيت
قد شجانى جفاؤه، وبرانى ... وطوانى من حبّه ما طويت (4)
فيخال العذول أنّى حىّ ... وأنا من هوى نويرة ميت
__________
(1) الرشأ: الظبى إذا قوى واشتد وسار مع أمه.
(2) فى الأصل وبنحيل طرفه، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل:
بنيت للمنى لعل وليت ... ولشكوى الغرام ليت وليت
وقد آثرنا رواية المختصر والتيمورية. والمعنى إنها تلقنت أن نقول للمحب حينما يتمنى عليها الأمانى: لعل وليت ولشاكى انغرام حججا مفتعلة. ورمز إليها بكيت وكيت
(4) فى الأصل: قد شجفانى جفاوة، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/175)
فهى ظبى له فؤادى كناس ... وهى شمس لها ضلوعى بيت (1)
فرعى الله بالغوير مقيما ... لا يراعى من حبّه ما رعيت
عجبا للجمال دلّه قلبى ... بعد ماطقت للنّوى فارعويت (2)
فبقصر اللوى رأيت محبا ... سلب اللّبّ منه ما قد رأيت
أسفر الصبح منه إذ سفر النّق ... ب فأجلى تصبرّى ما اجتليت (3)
وكميت الصبر يميل بعيني ... هـ وعطفيه لا العقار الكميت
ليتنى ما رميت أسهم لحظى ... ففؤادى أصبت حين رميت
لذّلى ما جنيت من وجنتيه ... وعلى ناظرى جنى ما جنيت
ومنها:
واتّباع الهوى ضلال، وإنى ... لو تهدّيت للسّلوّ اهتديت
أيها المبعدى، ونفسى لديه ... هات نفسى فما لها منك هيت (4)
وقوله (5):
قلبى فى ذات الأثيلات ... رهين لوعات وروعات (6)
__________
(1) الكناس: مأوى الظبى.
(2) فى الأصل عجبا للجمال وله التى، أطاق الشىء وطاقه بمعنى.
(3) سفر وأسفر: أضاء وأشرق أو كشف اللثام.
(4) فى الأصل فيا لها منك هيف، وهو تحريف هت مثلثة الآخر بمعنى هلم: والمعنى:
أيها المبتعد عنى ونفسى معه، هات نفسى فما أنتظر منك دعوة ألبيها.
(5) هذه القصيدة أوردها ابن بسام فى الذخيرة [ق 1ج 2ص 213] منسوبة إلى ابن الحداد الذى تأنى ترجمته تالية لهذه الترجمة.
(6) ويلى هذا البيت بالذخيرة قوله:
فوجها نحوهم، إنهم ... وإن بغوا قبلة بغياتى(20/176)
معرّسا من عقدات اللّوى ... بالهضبات الزّهريات (1)
فإن لى بالروم ريميّة ... تكنس ما بين الكنيسات (2)
أهيم فيها والهوى ضلّة ... بين صواميع وبيعات
وفى ظباء البدو من يزدرى ... بالظّبيات الحضرّيات
أفصح وجدى يوم فصح لهم ... بين الأريطى والذويحات (3)
وقد أتوا منه إلى موعد ... واجتمعوا فيه لميقات
بموقف بين يدى أسقف ... ممسك مصباح ومنساة (4)
وكل قسّ مظهر للتّقى ... بآى إنصات وإخبات (5)
وعينه تسرح فى عينهم ... كالذئب يبغى فرس نعجات (6)
وأى مرء سالم من هوى ... وقد رأى تلك الظبيّات (7)
فمن خدود قمريّات ... على قدود غصنيّات
وقد تلوا صحف أناجيلهم ... بحسن ألحان وأصوات
__________
(1) فى الذخيرة: فعرسا من عقدات اللوى ويليه قوله:
وعرجا يا فتيى عامر ... بالفتيات العيسويات
(2) فى الأصل: فإن لى المروم. والتصحيح عن الذخيرة والمختصر والتيمورية، الريم:
الظبى الخالص البياض، والنسبة إليه ريمى وريمية، تكنس: تستتر.
(3) فى الذخيرة: أفصح وحدى والدويحات يشير إلى يوم عبد الفصح، الأريطى:
تصغير الأرطى وهو شجر يشبه الصفصاف وثمره مر تأكله الإبل غضا والدويمات: جمع دويمة، وهى تصغير دومة، والدومة: شجرة النبق.
(4) المنساة والمنسأة. العصا.
(5) الإخبات: التواضع والخشوع.
(6) آثرنا رواية الذخيرة وفى الأصل: وفى عيسهم العين: جمع عيناء وهى واسعة العين.
(7) الظبيات جمع ظبية، تصغير ظبية، وهى الغزالة.(20/177)
والشمس شمس الحسن من بينهم ... تحت غمامات لثامات
وناظرى مختلس لمحها ... ولمحها يضرم لوعاتى
ففى الحشا نار نويرية ... صليتها منذ سنيّات
لا تنطفى وقتا، فكم رمتها ... بل تلتظى فى كل أوقاتى
فحىّ عنى رشأ المنحنى ... وإن أبى رجع تحيّاتى
وقوله (1):
نأت باصطبارى [غادة] (2) تصل النّأيا
ولم ترع منّى هائما يرتجى الرّعيا (3)
وفى الجنّة الألفاف للحسن جنّة ... تلارم أنهار الدّموع بها جريا
وفى شرعة التثليث فرد محاسن
تنزّل شرع الحبّ من طرفه وحيا
وأذهل نفسى فى هوى عيسويّة
بها ضلت النفس الحنيفيّة الهديا (4)
غزالية المرأى هلالية الرّنا ... مناريّة المجلى نواريّة اللّقيا (5)
__________
(1) بعض هذه الأبيات وردت بالذخيرة [ق 1ج 2ص 217] منسوبة إلى ابن الحداد الذى تأتى ترجمته تالية.
(2) زيادة يقتضيها الوزن والسياق.
(3) فى الأصل بدمى الرعا ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) الحنيفية: الشريعة الإسلامية.
(5) الرنا والرنو: إدامة النطر فى سكون، نوارية: منسوبة إلى نوار، والنوار هى المرأة التى تنفر من الريبة.(20/178)
رمتنا بألحاظ نلذّ سهامها
فياليتها فى القلب لم ترم الرّميا (1)
ومن لجفونى بالتماح نويرة ... فتاة هى المردى لنفسى والمحيا (2)
سبتنى على عهد من السلم بيننا
ولو أنها حرب لكانت هى السّبيا
فقد صاد ليث الغاب ظبى كنيسة ... فأعجب به ليثا وأعجب به ظبيا
ومن أشعاره فى الأوصاف والتشبيهات قوله فى وصف الياسمين والنارنج معا:
قد أعجز الياسمين حسنا ... فويق نارنجة صفاتى
كأنه لؤلؤ نظيم ... فوق ثدىّ مزعفرات
أو كفراش اللجين صيغت ... على كرات مذهّبات
وقوله:
وروضة غنّاء أزهارها ... معلنة أسحار هاروت (3)
أدواحها فى ضفّتى جدول ... كأنه أزرق ياقوت (4)
__________
(1) لم يرم: لم يبرح ولم يكف عن الشىء.
(2) فى الأصل هى المروى والتصحيح عن الذخيرة، أى هى الموت والحياة بالنسبة إلى نفسى.
(3) هاروت وماروت ملكان هبطا من السماء يعلمان الناس السحر وإليهما ينسب السحر النافذ العظيم.
(4) فى الأصل: روحا فى ضفتى جدول وفى المختصر والتيمورية: روحنا فى كفنى. ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/179)
والكأس تجرى منه فى زورق ... كأنها البرجيس فى الحوت (1)
وقوله فى الخمر:
أشرقت فى الكئوس هذى المدام ... وأنارت حتى أنار الظّلام
فاسقنيها مسنّة إن تمشّت ... فى عظام المسنّ فهو غلام
فبها للسرور فيك احتلال ... وبها للهموم عنك انهزام
وقوله فى تهيب المحبوب:
ألا بأبى رشأ مربى ... وكنت إلى لمحه شيقا
فمادت بى الأرض من هيبة ... وكادت دمائى أن تزهقا (2)
كأنّى (موسى) دعا ربّه ... فألزمه الرّوع أن يصعقا
وقوله فى العتاق:
ألا بأبى ليلة أسمحت ... بوصل لذيذ الجنا والمذاق
فبتّ وجسمى بها لاصق ... عناقا لصوق السهى بالعناق (3)
__________
(1) البرجيس: كوكب المشترى والحوت برج فى السماء.
(2) فى الأصل: فكاد دماى أن يرهفا، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) السها والعناق: كوكبان متلاصقان من مجموعة بنات نعش.(20/180)
أبو عبد الله محمد بن عثمان (1)
المعروف بابن الحداد من شعراء المغرب (2) المتأخرين. سألت القاضى الفاضل عنه (وقوله حجة) فقال: كان فى الصمادحية، وهو أديب فاضل وله القصيدتان المهموزتان وكل واحدة أكثر من مائة بيت وليس فى الغرب أشعر منه، وجدت له فى مجموع من قصيدة فى ابن صمادح الفهرى:
لعلّك للوادى المقدس شاطىء
فكالعنبر الهندىّ ما أنا واطىء (3)
ولى فى السّرى من نارهم ومنارهم
هداة حداة، والنجوم طوافىء (4)
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان القيسى الأندلسى المعروف بابن الحداد كان من فحول الشعراء وكبار الكتاب اختص بالمعتصم بن صمادح صاحب المرية وقضى معظم حياته فى ظله ثم حدثت بينهما جفوة ففر إلى ابن هود صاحب سرقسطة ثم عاد إلى المعتصم وتوفى سنة 480، وله ديوان شعر كبير وكتاب فى العروض، وقد ترجم له ابن بسام فى الذخيرة [ق 1ج 2ص 235201] وأورد مختارات من نثره وشعره كما ذكره ابن سعيد فى المغرب ج 2ص 145143وفى الرايات ص 74وابن شاكر فى فوات الوفيات ج 2 ص 341، 342وابن خاقان فى المطمح ص 9491، والصفدى فى الوافى بالوفيات (طبع استانبول ج 2ص 86) وابن الخطيب فى الإحاطة ج 2ص 250، والعمرى فى المسالك ج 11ورقة 400، والقفطى فى كتاب المحمدون الورقة 32.
(2) يطلق المشارقة كلمة المغرب على الأندلس وبلاد المغرب.
(3) فى الذخيرة والمطمح والتيمورية والمغرب: بالوادى المقدس فكالعنبر الهندى، ويلى هذا البيت فى الذخيرة والمطمح:
وأنى فى رياك واجد ريحهم ... فروح الهوى بين الجوانح ناشىء
(4) فى المغرب حداد هواد والنجوم طوافىء.(20/181)
لذلك ما حنّت ركابى وحمحمت ... عرابى، وأوحى سيرها المتباطىء (1)
فهل هاجها ما هاجنى أو لعلها
إلى الوخد من نيران وجدى لواجىء (2)
رويدا فذا وادى لبينى وإنه ... لورد لباناتى: وإنى لظامىء
ويا حبذا من آل لبنى مواطن
ويا حبذا من أرض لبنى مواطئ (3)
ميادين تهيامى ومسرح خاطرى ... فللشوق غايات بها ومبادئ (4)
فلا تحسبوا غيدا حوتها مقاصر ... فتلك قلوب ضمنتها جآجىء (5)
محا ملّة السّلوان مبعث حسنها
فكلّ إلى دين الصبابة صابىء (6)
__________
(1) فى المطمح: حداتى وأوحى ذكرها المتباطىء العراب: الخيل العربية الأصيلة، وحى: أسرع.
(2) فى الأصل: ولعلها وقد أخذنا برواية الذخيرة، الوخد: الإسراع أو أن يرمى البعير بقوائمه مثل مشى النعام.
(3) هذا البيت ساقط من الذخيرة، وفى المطمح: ويا حبذا من آل لبنى مواطىء.
(4) فى الذخيرة: وسرح ناظرى غايات به.
(5) فى الذخيرة: ولا تحسبوا حوتها معاصر وفى المطمح فلا تحسبوا سعدى حوتها مقاصر أجاجىء والجآجىء: جمع جؤجؤ وهو الصدر.
(6) المعنى: كنا ندين بالسلوان، ولكن بعثة حسنها أتت بدين جديد محادين السلوان فأصبح كل منا مائلا إلى دين الصبابة والهيام. وفى الذخيرة: مبعث حسنه وفى المختصر والتيمورية: تحاملها السلوان مبعث حبها.(20/182)
وآل الهوى جرحى، ولكن دماؤهم
دموع هوام، والجروح مآقىء (1)
وداريت أعتابا ودارأت عاتبا ... فلم يغننى أنى مدار مدارىء
ولازمت سمت الصمت لا عن قدامة ... ولى منطق للسمع والقلب مالىء
ومنها:
ولولا علا الملك ابن معن محمد ... لما برحت أصدافهنّ اللألىء (2)
لآلىء إلّا أن ذهنى غائص ... وعلمى دأماء ونطقى شاطىء (3)
ولولاه كانت كالنسىء وخاطري ... لها كفقيم للمحرّم ناسئ (4)
هو الحب لم أخرجه إلا لمجده ... ومثلى لأعلاق النفاسة خابىء
__________
(1) الصحيح مآقى دون همز، ولكن الشاعر يرتكب الضرورة فى هذه القصيدة، وقد لاحظ القدماء هذا، فعابوا عليه همز ما لا يهمز، وقد رد عليهم ردا عنيفا «الذخيرة ق 1ج 2ص 219» يقول فيه:
عجبت لغمازين علمى بجهلهم ... وأن قناتى لا تلين لغامز
وإن أنكرت أفهامهم بعض همزها ... فقد عرفت أكبادهم صحة الهمز
(2) آثرنا رواية الذخيرة. وفى الأصل: ولولا حلى الدين ابن معن محمد، يشير إلى المعتصم أبى يحيى محمد بن صمادح ورث إمارة المرية عن أبيه سنة 443وهو دون العشرين وكان شاعر أديبا أخذ بيد الشعراء والعلماء والأدباء، واجمع فى بلاطه كثير منهم، وتوفى سنة 484أثناء حصار المرابطين له.
(3) فى الأصل: ذأماء وهو تحريف. الدأماء: البحر.
(4) فى الأصل: ولولاه كانت كالمسىء، ولعل الصواب ما أثبتناه وهو يشير إلى ما كان يفعله الغلمس وهو حذيفة بن عبد فقيم من تأجيل شهر محرم إلى صفر ليتسنى القتال فيه.(20/183)
كأن علاه دولة أموية
وما ناب من خطب عمير وضابىء (1)
وان نهس العاصون فرجك آنفا ... فأيدى الوغى عمّا قليل توالىء (2)
عسوا فعصوا مستنصرين بخاذل
وأحدك أخذ الحين ما منه لاجىء (3)
وشهب القنا كالنّقب والنقع ساطع
هناء وأيدى المقربات هوانىء (4)
تعود تخضيب التّصول فإن رأى ... نصول خضاب فالدماء تراقىء (5)
__________
(1) فى الأصل: وما نابه من خطب عمر وصابىء وهو تحريف والشاعر يشير هنا إلى قصة عمير بن ضابىء الذى حبس عثمان بن عفان رضى الله أباه ضابئا فى جناية جناها، فانضم عمير إلى المتآمرين على عثمان وأراد الفتك به وفى هذا يقول:
هممت، ولم أفعل، وكدت وليتنى ... تركت على عثمان تبكى خلائله
فلما قتل عثمان رضى الله عنه وثب عمير بن ضابىء عليه فكسر ضلعين من أضلاعه، وقد قتله الحجاج فى زمنه والشاعر يشير هنا إلى ثورة ابن شبيب صاحب لورقة على المعتصم بن صمادح سنة 443ومناصرة عبد العزيز صاحب بلنسبة للثائر وقد تمكن المعتصم من إخماد هذه الثورة والاستيلاء على لورقة.
(2) فى الأصل: وإن يمس العاصين فرجك ولعل الصواب ما أثبتناه، نهس أخذه بمقدم أسنانه، الفرج: الثغر، أو موضع الخوف على الحدود، توالىء: أى متوالية مثل قولهم: الأيام دول، والشاعر يهمز ما لا يهمز كما ذكرنا سابقا.
(3) عسوا: غلظوا وخشنوا، الحين: الموت والهلاك ويشير بالتخاذل إلى عبد العزيز ابن الناصر صاحب بلنسية.
(4) النقب: الثقب الذى يحدثه الجرب، المقربات: الإبل المعدة للركوب هوانىء:
مهنوءة أى مطلية لكثرة ما أصابها من قروح الحرب.
(5) فى الأصل تعود بخصب الفصول فصول خضاب فالدماء ترابى، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى تعود تخضيب سلاحه بالدماء فإذا نصل الخضاب أعاد خضابها من دماء الصدور (التراقى عظام الصدر) والشاعر هنا يهمل ما لا يهمل.(20/184)
وله:
أربرب بالكثيب الورد أم نشأ؟ ... ومعصر فى اللّثام الورد أم رشأ (1)
وباعث الوجد سحر منك أم حور
وقاتل الصبّ عمد منك أم خطأ
كأنّ قلبى سليمان وهدهده
لحظى، وبلقيس لبنى، والهوى النّبأ (2)
فاعجب لهم وتروا نفسى وما شعروا
ولا دروا من بعينى ريمهم وجأوا (3)
جلالة لسليمان وملتمح ... ليوسف يوم للنّسوان متكأ (4)
ومنها:
تحيد عن أفقك الأملاك مجفلة ... ولا تحوّم حيث اللّقوة الحدأ (5)
وما صوارمهم إبلا، وقد سرحوا ... وليس إفرندها عزّا وقد هنئوا (6)
__________
(1) الربرب: القطيع من بقر الوحش. النشأ: صغار الإبل، المعصر: الفتاة البالغة سن الرشد، الرشأ: الظبى الذى شب بجوار أمه.
(2) فى فوات الوفيات: طرفى وبلقيس ليلى.
(3) وتروا نفسى أصابوها بترة وهى الثأر، وجأه بالسكين: ضربه بها، الريم:
الظبى الخالص البياض.
(4) لعل هنا أبياتا ساقطة من القصيدة فإن الشاعر انتقل إلى المديح انتقالا فجائيا. وهو يشبه الممدوح فى الجلال بسليمان عليه السلام وفى الحسن بيوسف عليه السلام يوم دعت امرأة العزيز نساء المدينة واعتدت لهن متكأ وأمرته بالخروج عليهن فلما رأينه أكبرنه
(5) اللقوة: العقاب الخفيفة السريعة.
(6) هنئوا: دهنوا بالهنء وهو القطران الذى تطلى به الإبل الجرباء. والمعنى انهزموا وهم شاهرون السيوف وقد أظلمت وجوههم كأنها مطلية بالقطران فأصبحوا كالرعيان الذين يسرحون بالإبل، ولم يفدهم حد السيوف عزا بل كساهم مذلة وهوانا.(20/185)
وله:
هم فى فؤادك [خيّموا] (1) أو قوّضوا
ومنى جفونك أقبلوا أو أعرضوا (2)
وهم رضاك من الزّمان وأهله
سخطوا كما زعمت وشاتك أم رضوا
أهواهم وإن استمرّ قلاهم ... ومن العجائب أن يحبّ المبغض
تنهى النّهى عنهم ويأمرنى الهوى
والنفس تعرض والمنى تتعرّض
وفويق ذاك الماء من شهب القنا
جثث ومن خضر الصّوارم عرمض (3)
ومنها بيت أنشدنيه القاضى الفاضل:
والناس أغربة إذا قايستهم
وأخو المصافاة الغراب الأبيض (4)
وقال:
واصل أخاك وإن أتاك بمنكر ... فخلوص شىء قلّما يتمكّن (5)
__________
(1) زيادة فى فوات الوفيات.
(2) فى فوات الوفيات: أم قوضوا أم أعرضوا.
(3) العرمض: الطحلب.
(4) يضرب المثل فى الندرة بالغراب الأبيض لأنه لا يكاد يوجد.
(5) فى التكملة: وإن أتاك بجفوة، وفى المغرب: سامح أخاك إذا أتاك بزلة.(20/186)
ولكلّ حسن آفة موجودة ... إنّ السراج على سناه يدخّن (1)
وقال من قصيدة فى تشبيه الرمح والنبل:
والسّمر من قلب القلوب مواتح ... وكأنها موصولة الأشطان (2)
والنّبل فى حلق الدّلاص كأنّها ... وبل الحيا فى ماتح الغدران (3)
وقال من قصيدة (4):
أما إنّها الأعلام من هضباتها
فكيف تكفّ العين عن عبراتها
ذرانى وإذراء الدموع لعله
يسكّن ما قد هاج من ذكراتها (5)
فقد عبقت ريح النّعامى كأنّها ... سلام سليمى فاح من نفحاتها (6)
وتيماء للقلب المتيّم منزل ... فعوجا بتسليم على سلماتها (7)
__________
(1) فى التكملة والذخيرة: ولكل شىء آفة، وفى المغرب فى كل شىء
(2) السمر: الرماح، مواتح جمع ماتحة وهى الدلو التى يستقى بها الماء من الآبار الأشطان جمع شطن وهو الحبل الذى يتدلى به الدلو فى البئر.
(3) الدلاص: الدروع اللينة الملساء، الوبل: المطر الشديد الحيا: الغيث.
ماتح: نازح البئر.
(4) من قصيدة طويلة أورد صاحب الذخيرة نخبة صالحة منها استهلها:
خليلى من قيس بن عيلان خليا ... ركابى تعرج نحو منعرجاتها
(5) إذراء الدموع: سفكها.
(6) فى المختصر والتيمورية: راح من نفحاتها، وفى الذخيرة: كأنما سلام سليمى راح النعامى: ريح الجنوب أو الجنوب الشرقى.
(7) فى الأصل: وتنسما للقلب المتيم. والتصحيح عن الذخيرة.(20/187)
مشاعر تهيام، وكعبة فتنة ... فؤادى من حجّاجها ودعاتها (1)
فكم صافحتنى فى مناها يد المنى
وكم هبّ عرف اللهو فى عرفاتها (2)
عهدت بها أصنام حسن عهدتنى ... هوى عبد عزّاها وعبد مناتها
[أهلّ بأشواقى إليها، وأتقى
شرائعها فى الحبّ حقّ تقاتها] (3)
وقال:
فتى البأس والجود اللّذين تباريا ... إلى غاية حازا له قصباتها (4)
تدين يداه دين كعب وحاتم
فحتم عليها الدهر وصل صلاتها (5)
يحاهد فى ذات النّدى بيت مالها ... ولا جيش إلا من أكفّ عفاتها
إذا البدر انثالت عليهم تخالها
بأيدى مواليها رءوس عداتها (6)
__________
(1) فى الأصل: وكعبة فتنة والتصحيح من الذخيرة.
(2) مناها موضع (منى) منها.
(3) هذا البيت زيادة فى نسخة التيمورية وفى المختصر، وقد أوردنه الذخيرة.
(4) فى الأصل: حاز أله قصباتها، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) كعب بن مامة الإيادى وحاتم الطائى من أجواد العرب فى الجاهلية يضرب بهما المثل فى السخاء.
(6) البدر: جمع بدرة وهى كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار.(20/188)
وقال من قصيدة:
تكاد تغنى إذا شاهدت معتركا
عن أن يسلّ حسام أو يسال دم
بلحظة منك يثنى القرن منعفرا ... كأن لحظك فيه صارم خذم (1)
أقدمت حيث الكماة الشوس محجمة
وجدت حيث المنايا السّود تزدحم (2)
وما اجتدى الموت نفسا من نفوسهم
إلّا وبيتك كعب الجود أو هرم (3)
ومنها فى وصف هام المصلوبين (4):
وقد تلمّ بها الغربان واقفة ... كأنها فوق محلوقاتها لمم (5)
وقال من قصيدة هائية طويلة:
وسقم فؤادى من سقام جفونه ... فإن نقهت عيناه فالقلب ناقه
__________
(1) خذم: حاد قاطع.
(2) الكماة: جمع كمى وهو الشجاع الشاكى السلاح، الشوس جمع أشوس وهو الناظر بمؤخر عينه تشاوسا وكبرا أو غيظا وغضبا.
(3) كعب بن مامة وهرم بن سنان وحاتم الطائى من أجواد العرب فى الجاهلية يضرب بهم المثل فى السخاء.
(4) فى الأصل المصلين، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) كأن الغربان فوق رءوسها المحلوقة خصلات من الشعر، وفى الأصل مخلوقاتها ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/189)
مراد هوى حفّت به مرد العدى
ودون جنان الخلد تلقى المكاره (1)
وما خيلاء الخيل فيها سجيّة ... ولكنّها لمّا امتطوها توائه (2)
فلا تكرهن إن خاس قوم بعهدهم
عسى الخير فى الشىء الذى أنت كاره
فنصرك أيّمّا سلكت مساير ... وفتحك أيّمّا اتّجهت مواجه
ومن وصفها:
ففى أنفس الحسّاد منها هزاهز ... وفى ألسن النقاد منها زهازه (3)
وقال من أخرى فى وصف ضيافة:
سمت السوام به الحمام كأنّما ... أخذت بثأر من ذوى الشّنآن (4)
وتبعتها ذات الجناح كأنّما ... فعلت جناحا قبل فى الطيران (5)
__________
(1) المراد: مكان الذهاب، مرد العدا عتاة العدا والجمع الصحيح مردة العدا والشاعر يشير إلى الحديث الشريف الذى رواه مسلم عن أنس رضى الله عنه: «حفت الجنة بالمكارة، وحفت النار بالشهوات».
(2) فى الأصل لما انتظرها، وهو تحريف.
(3) الهزاهز الحركة العنيفة النفسية من نكبة أو حرب أو ما يشبههما لعله يقصد ترديد كل (زه) الفارسية بمعنى بخ بخ. وجمع كلمة زه على زهازه، والاستعمال غير عربى على أى حال ويمكن أن تكون دهاده من دهده الرجل الحجر إذا دحرجه كأن النقاد انعقدت ألسنتهم وأصبحت ثقيلة كأن عليها الحجارة بسبب ما نالهم من دهش وإعجاب بهذه القصيدة.
فكأن الاستحسان عقد ألسنتهم عن الكلام.
(4) فى الأصل: أخذت لشأن ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى أن الممدوح ذبح الأنعام السائمة إكراما لضيوفه فأوردها ورد الحمام كأنما قتلت أخذا بثأر قديم من الأعداء المبغضين.
(5) المعنى: وأتبعت الأنعام فى الذبح بالطيور، كأنها ذبحت قصاصا لأنها ارتكبت إثما فى طيرانها.(20/190)
حتى عدا حمل السماء وثورها ... حذرين مما حلّ بالحملان (1)
نار بأرجاء المريّة، سقطها ... مزر ببيت النار فى أرجان (2)
المرية بلدة:
فلو المجوس تجوس بين ديارنا ... أمّت لديك عبادة النيران
وقال من أخرى:
فلا مهجة إلّا إليك نزاعها
وما زال يطوى عن سواك لها كشح (3)
وليس يحيق المكر إلا بأهله ... وكم موقد يغشاه من وقده لفح
ومن تكن الأقدار مسعدة له ... يعد شبما عذبا له الآجن الملح (4)
إذا خيف أن تشتدّ شوكة مارق
فلا رأى إلّا ما رأى السيف والرّمح
ومن أخرى:
مضاؤك مهما رمى قرطسا ... ولو يمّم الأنجم الخنّسا (5)
__________
(1) الحمل والثور: برجان من أبراج السماء والحملان: جمع حمل، وهو ولد الضأن فى السنة الأولى.
(2) أرجان أو أرغان: كورة من كور الأهواز فى مقاطعة خوزستان بإيران، وكثيرون ينطقونها مخففة فيقولون أرجان كما فعل المتنبى حيث يقول:
أرجان أيتها الجياد، فإنه ... عزمى الذى بذر الوشيج مكسرا
وهى تسمى الآن باباهان.
(3) الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفى، وطوى فلان عنى كشحه: أى هجرنى.
(4) فى الأصل لقد سيما عذبا وهو تحريف، الشيم: الماء البارد.
(5) قرطس: أصاب المرمى. الأنجم الخنس: الكواكب السيارة أو النجوم المختفية.(20/191)
إذا رمت أمرا غدا ممكنا ... وإن كان ممتنعا مؤيسا
ومن قصائده قوله من قصيدة فى أبى يحيى بن معن الصمادحى:
عج بالحمى حيث الأراك الغين ... فعسى تعنّ لنا الظباء العين (1)
واستقبلن أرج النسيم فدارهم ... ندّيّة الأرجاء لا دارين (2)
واسلك على آثار يوم رهانهم ... فهناك تغلق للقلوب رهون (3)
حيث القباب الحمر سامية الذّرى ... والأعوجيّات الجياد صفون (4)
والسمهرية كالنّهود نواهد ... والمشرفيّة فى الجفون جفون (5)
أفق إذا ما رمت لحظ شموسه ... صدتك للنقع المثار دجون
يغشاك من دون الغزال ضبارم ... فيه ومن قبل الكناس عرين (6)
أنّى أزاع لهم وبين جوانحى ... شوق يهوّن خطبهم فيهون
أو هل يهاب ضرابهم وطعانهم ... صبّ بألحاظ العيون طعين
__________
(1) العين الملتف الأخضر، والعين: جمع عيناء وهى الواسعة العينين وفى الأصل الأراك العين وهو تحريف.
(2) ندية معطرة بالند وهو عود يتبخر به دارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك والعطور من الهند فينسب إليها
(3) الرهان: المسابقة، غلق الرهن: استحقه المرتهن.
(4) الجياد الصافنة: القائمة على ثلاث أرجل وطرف الرابعة، وهى وقفة التحفز للانطلاق الأعوجيات الخيل المنسوبة إلى أعوج وهو جواد مشهور لبنى هلال، السمهرية: الرماح الصلبة منسوبة إلى رجل كان يقوّم الرماح اسمه سمهر.
(5) نواهد: ناهضة مشرعة، المشرفية: السيوف المنسوبة إلى مشارف الشام وهى قرى مشهورة بصنع السيوف الجفون: أغطية العيون.
(6) فى الأصل: صيارم ولعل الصواب ما أثبتناه، الضبارم: الأسد أو الرجل الشجاع، الكناس: سكن الظبى والمعنى: إن دون الوصول إلى هذه الفتاة الجميلة أهوال وأهوال فإنها يحجبها أسد كاسر، وحول خبائها عرينه الرهيب.(20/192)
وكأنما بيض الصّفاح جداول ... وكأنما سمر الرماح غصون
ذرنى أسر بين الأسنّة والظّبى ... والقلب فى تلك القباب رهين (1)
فلعله يروى صداى بلمحه ... وجه به ماء الجمال معين (2)
ولعى بذات القلب أفقد أضلعى
قلبا عليه ما يريم يرين (3)
تلهو وأحزن، مثل ما حكم الهوى ... لا يستوى المسرور والمحزون
وتذلّلى لم يجد غير تدلّل ... والحسن عزّ للحسان مسكين
لا غرو أن أصل الغرام بمعرض ... غير المحب بما يدان يدين
يا ربة القرط المعير خفوقه ... قلبى، فما لحراكه تسكين
توريد خدّك للصبابة مورد ... وفتور طرفك للنفوس فتون
وإذا رمقت فوحى حبّك منزل ... وإذا نطقت فإنه تلقين
لولاك ما أودى الجوى بتجلّدى ... وكفاك أنك لى منى ومنون (4)
ومنها فى المخلص إلى الممدوح ووصف قصره:
أنت الهوى، لكنّ سلوان الهوى ... قصد ابن معن والحديث شجون
فالحسن أجمع ما يريك عيانه ... لامارأته سوالف وعيون
__________
(1) فى المغرب دعنى أسر فاتعبت.
(2) فى الأصل وجها والتصحيح عن المغرب.
(3) يريم: يقيم، يرين: يغطى. والشاعر يريد أن يقول: إن قلبه يغشى صفحته ما يقيم فى حناياه من حب عنيف.
(4) فى الأصل ولقاك إنك ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/193)
والروض ما اشتملت عليه شموله ... لا ما حوته أباطح وحزون
قد عطّل الأزهار زاهر حسنه
لا الورد ملتفت ولا النّسرين (1)
فاجعل جفونك تجن منه فتوره ... نور الخدود له الأكفّ جفون
ومنها:
فنجومه زهر ثوابت لم يرم ... تعديلها زيج ولا قانون (2)
والمجلسان النّيران تآنما ... هذا لهذا فى البهاء قرين
كالمقلتين أو اليدين تأيدا ... والحسن يعضد أمره التّحسين
ومنها (3):
عصفت حناياه وضمّن بعضها ... بعضا وسحر ذلك التّضمين
كتقاطع الأفلاك، إلّا أنّه ... متباينان: تحرّك وسكون
فلكيّة لو أنها حركيّة ... لاعتد منها الرأس والتّنّين (4)
تتعاقب الأعصار فيه، وجوّه ... أبدا به آذار أو تشرين (5)
__________
(1) النسرين (بكسر النون): زهر طيب الرائحة.
(2) الزيج: جداول رياضية للرصد الفلكى. والقانون: المعادلة الرياضية، وفى الأصل ريح ولا فابون وهو تحريف.
(3) فى وصف قصر المعتصم بن صمادح.
(4) هكذا بالأصل، والعرب كانوا يعتقدون أن بعض الأجرام السماوية ثابتة وبعضها متحرك، والشاعر يشبه هنا قباب القصر بأنها مثل الأجرام السماوية وأنها لو تحركت لأشبهت بعض الأجرام المتحركة، ولعلها الدلو والتنين وكلاهما برج من أبراج السماء.
(5) آذار يقابل شهر مارس وهو شهر الربيع وتشرين الأول يقابل أكتوبر والثانى يقابل نوفمبر من الشهور الإفرنجية، وهو يريد أن يقول إن الأجواء تتغير فى هذا القصر.
ولكن الحر اللافح والبرد القارس لا يحلان فيه.(20/194)
وكأن هرمس بثّ حكمته به ... وأدار فيه الفكر أفلاطون (1)
وكأن راسم خطّه إقليدس ... فمواثل الأشكال فيه فنون (2)
من دائر ومكعّب ومعيّن ... ومحجّن تقديسه التحجين (3)
[شمخت] فلا تحنى سواريها لها ... كلا، ولا ترمى بها فتبين (4)
فهنالك التضعيف والتثليث والت ... ربيع والتسديس والتثمين
نسب حلت نسب الغناء لبعثها ... طرب النفوس وسمعها تعيين
وكأن طرفى مسمعى، وكأنه ... صوت وشكل خطوطه تلحين
متلألئ فكأنما سال المها ... فيه وذاب اللؤلؤ المكنون (5)
وكأن مبيضّ الخدود وضاءة ... صحن له، لا المرمر المسنون
تغشى بمذهب لمعه، فكأنما ... أبدى لديه كنوزه قارون (6)
هو ثالث القمرين فى ضوءيهما ... فيه تضىء لنا الليالى الجون (7)
__________
(1) تروى بعض الأساطير أن هرمس نبى مرسل وأنه إدريس عليه السلام وتزعم أنه نبى الأجرام وأفلاطون الفيلسوف الإغريقى المشهور صاحب جمهورية أفلاطون وتلميذ سقراط وأستاذ أرسطو.
(2) إقليدس عالم إغريقى من علماء الرياضة كان يعيش حوالى سنة 400 قبل الميلاد وقد جمع فى ثلاثة عشر مجلدا معظم العلوم الرياضية وأضاف إليها جديدا وترجم كتابه عد مرات فى العصر العباسى الأول.
(3) محجن: مقوس.
(4) فى الأصل: فعسى تحنى سواريها لها ولا ترمى بها فتبين ولعل الصواب أو قريبا منه ما أثبتناه، والمعنى إن البناء شامخ وطيد تحمله الأعمدة الضخمة فلا تنحنى تحت ثقله ولا تنهدم.
(5) المها: البلور.
(6) قارون: أكبر الأثرياء فى عهد موسى عليه السلام وقصته معروفة.
(7) القمران: الشمس والقمر، الجون السوداء.(20/195)
لو أبصرته الفرس قدّس نوره ... كسرى وأخبت نارها شيرين (1)
أو لو بدا للرّوم معجز صنعه ... أبدى السجود إليه قسطنطين (2)
ومنها:
هو جنّة الدنيا تبوأ نزلها ... ملك تملّكه التّقبى والدّين
فكأنما الرحمن عجّلها له ... ليرى بما قد كان ما سيكون
ومنها فى المدح:
عفّ فلا مال يباح ولا دم ... فالآمنان: ذخيرة ووتين (3)
وإذا دعا داع بطول بقائه ... خرقت له سمع السما «آمين»
ملك القلوب بسيرة عمريّة ... يحيى بها المفروض والمسنون
لا تألف الأحكام حيفا عنده ... فكأنّها الأفعال والتّنوين (4)
لو كان أوتى بشره وذكاؤه ... للنّصل ما شحذت ظباه قيون (5)
لو كان لجّ البحر مثل نواله ... غمر الربى مسجوره المشحون (6)
__________
(1) يشير إلى كسرى الثانى وزوجته شيرين وتدور حولهما أساطير كثيرة.
(2) قسطنطين الإمبراطور الرومانى المشهور. وإليه تنسب القسطنطينية، وقد اعتنق المسيحية بعد الوثنية.
(3) فى الأصل: فالأمتان، وهو تحريف.
(4) الحيف: الظلم: والتنوين من العلامات المميزة للأسماء لأنه لا يدخل الأفعال.
(5) القيون: الحدادون والمعنى لو أن حدة ذكائه ورقة نفسه تحولت إلى السيوف ما احتاج الحدادون إلى شحذ حدها لأنها تصبح رقيقة الحد مرهفة المضاء.
(6) المسجور: المملوء.(20/196)
وقوله من أخرى:
هنّ الأمانى مدمنات حران ... فصل اعتزاما لات حين توان
وإذا انقضى زمن الفتاء عن الفتى ... فبقاؤه وفناؤه سيّان (1)
ومنها:
لا تخدعن فما لإحسان الصّبى ... عوض ولا لروائه الحسّان (2)
واخلع على ريعانه حلل المنى ... فمحاسن الأشياء فى الرّيعان
وزيادة الأقمار بدء شهودها ... وتعقب الأعقاب بالنقصان
والشمس فى الحمل الذى هو أول ... تسمو كما تنحط فى الميزان
ليس الصّبى زمن الصّبى لكنه ... قمع العدى ورعاية الخلّان
حال يجول الهمّ فيها يافعا ... والخمر تثنى الشيب كالشّبان (3)
غيرى تتيمه وتقلب قلبه ... حدق المها وسوالف الغزلان
فالنفس تزداد النفاسة والهوى ... هون وما أرضى لها بهوان
ولربّ ذي أيد سعى ليضمها ... فرمته بالإيهاء والإيهان (4)
ووعيد أقوام صممت لسمعه ... سمع الأذى من آفة الآذان
__________
(1) فى الأصل الفيا وهو تحريف الفتاء: الشباب.
(2) الحسان (كرمان): الحسن الجميل.
(3) يصبح فيها الهم فتى يافعا، والهم هو الشيخ الفانى.
(4) الضمير فى يضمها يعود إلى «حدق المها وسوالف الغزلان» الإيهاء والإيهان الضعف والذل والهوان.(20/197)
وتغطرس من معشر قد انبأوا ... أن الوهاد تعود شمّ رعان (1)
قلب الزمان عيانهم وعيالهم ... وكذا الزمان مغيّر الأعيان
يا سائلا عماز كنت من الورى ... والسر قد يفضى إلى الاعلان (2)
إيها سقطت على الخبير بحالهم ... عند العروض حقائق الأوزان
هم كالقريض وكسرهم من وزنه ... يبدو من التحريك والإسكان (3)
ومتى تحل حالاهما عن كنهها ... أنكرت منه واضح العرفان
كم من خليل ساعدته سعادة ... وطوى بها كشحا على الأضغان
من كل ذى حسد لشاء شانىء
إن التحاسد باعث الشنآن (4)
هاجوا سكونى فاستدمت هياجه ... إن الحراك لآلة الحيوان (5)
لما فضلت رموا بكل عضيهة ... والفضل موقع أسهم البهتان (6)
واها لدهرى ليس يعدل حكمه ... أتراه حال العدل فى العدوان (7)
أوردّ حظّى فى الحظوظ مصلّيا ... إن كان ذهنى سابق الأذهان (8)
__________
(1) فى الأصل: ابتأوا سم رعان ولعل الصواب ما أثبتناه، الوهاد الأماكن المنخفضة، الرعان الشم، الصخور العالية فى قمم الجبال.
(2) فى الأصل ركبت من الورى والتصحيح عن الذخيرة، زكن: فطن وعلم.
(3) فى الذخيرة وكسره من وزنه.
(4) فى الأصل يشأى شاء ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى: من كل حاسد شانىء للشائى والشائى هو السابق.
(5) الحيوان: الحياة، وفى المختصر والتيمورية: دلالة الحيوان.
(6) العضيهة: الإفك والبهتان.
(7) حال: انقلب وتحول.
(8) المصلى: التالى للسابق فى الميدان.(20/198)
هلا تناءت فى التسابق حلبة ... حتى يبرّز ربّ كلّ رهان (1)
لو مدّ ميدان التناظر بيننا
علم الورى من فارس الميدان
ذكر الفتى يبدى خفىّ سنانه (2) ... والنار حامية بغير دخان
وعسى أباريه بزىّ إثارة ... ولكم تدال إدالة بطعان (3)
وملاك بغيتك المليك محمد ... يممه تحمد صرف كل زمان (4)
وقال من أخرى فى المدح مهموزة وقد سبق غزلها والتزم فيها ما لم يلزمه وذكر أنها قصيدة تنيف على أربعمائة بيت:
إذا تجلّى إلى أنصارهم صعقوا
وإن تغلغل فى أفكارهم همئوا (5)
لو أغلظ الملك أمرا فيهم ائتمروا
أو اقتضى الجيش ردءا منهم ردؤا (6)
وكل ما شاء من حكم ومحتكم ... مضى على ما أحبّوا منه أو ندؤا (7)
__________
(1) ورد البيت وجميع حروفه معجمة دون تنقيط، وقد صححناه بما يتسق مع المعنى والسياق، والمعنى هلا اتسعت حلبة الميدان ليظهر المبرز فى السباق.
(2) لعلها: خفى سماته أو شياته.
(3) ورد البيت مضطربا بالأصل، وقد صححناه بما يناسب المعنى والسياق، الزى:
التنحية من زواه زيا إذا نحاه، الإثارة: تهيج العاطفة تدال: تتحول.
(4) ملاك الأمر قوامه.
(5) همأ: بلى وتمزق، ولعلها هذئوا بمعنى هلكوا.
(6) الردء: العون ره أوا: كانوا ردءا أو دعامة.
(7) ندأ الشىء: كرهه.(20/199)
أغرّ فى مجده الأعلى وغرته ... للب محتبس واللحظ منخسا (1)
وفى سناه ومسناه ونائله
للشهب والسحب مستحيا ومنتضا (2)
سلالة لسليمان وملتمح ... ليوسف يوم للنسوان متّكأ (3)
وللملوك احتفاء أن تشابهه ... وليس يشتبه العيدان والحفأ (4)
والكل معترف بالسابقات له ... ومن زكا فله بالحق مرتكأ (5)
مملك هو من سمت الهدى ملك
وواحد هو فى شهد العلا ملأ (6)
يقل أن يطأ العيّوق أخمصه ... وكل ملك على أعقابه يطأ (7)
حوى المحاسن فى قول وفى عمل ... فمثل مهنئه الأملاك ما هنئوا (8)
وللثغور بذكرى عدله ولع ... وللقلوب لمثوى حبّه لطأ (9)
__________
(1) فى الأصل: للب منحسن ولعل الصواب ما أثبتناه، والشاعر يقصد أن وضاءة الملك تجتذب العقول إليها فتقف تفكيرها عليها ولكن الأبصار لا تستطيع التحديق فيها، افخسأ: بعد.
(2) السنا: الضوء، المسنى: الرفعة من سنى: صار ذا سناء منتضأ: منتضى، يقال نضا السيف وانتضاه، إذا أخرجه من الغمد وشهره، والشاعر هنا يهمز ما لا يهمز كعادته.
(3) سبق للمصنف أن أورد هذا البيت.
(4) فى الأصل اختفاء أن يشابهه، ولعل الصواب ما أثبتناه الحفأ: نبات البردى.
(5) المرتكى: المعتمد: يقال ما له مرتكى إلا عليك أى لا يعتمد على غيرك وقد همز الشاعر كدأبه ما لا يهمز.
(6) شهد: جمع شاهد، وفى الأصل فى سيد العلا وهو تحريف.
(7) العيوق نجم أحمر مضىء فى طرف المجرة، الأخمص: باطن القدم.
(8) الهنىء والمهنأ: ما أتاك بلا مشقة.
(9) لطأ بالشىء لطأ: لصق به.(20/200)
والمالكون سواه مثل عصرهم ... فكلما دنأت أحداثه دنؤا
والعدل ألزم ما يعنى الملوك به
فليزجروا عن سبيل الحيف وليزؤا (1)
وكيف يلقى قناة الدهر قائمة ... وفوقنا لقسىّ الشّهب منحنا
وما الزمان على حال بمعتدل ... كأنما أهله فى شخصه رفئوا (2)
فالدهر ظلماء، والمعصوم نور هدي
يضىء والشمس فى أنوارها تضأ (3)
فخلّ ما قيل عن كعب وعن هرم ... فللأقاويل منهار ومنهرأ
وتلك أنباء غيب لا يقين بها ... وقلّما فى التنائى يصدق النبأ
وما اختبار كأخبار وما ملك
إلّا ابن معن وذر قوما وما ذرؤا (4)
تفنى أياديه ما تغنى صوارمه ... وللغناء هو الإقلال والفنأ (5)
سيّان منه فتوح فى العدى طرأت ... ومعتفون على إنعامه طرؤا
فكم أناس أقاص عنده نبهوا ... كأنهم قربة فى حجره نشئوا (6)
__________
(1) وزأ القوم: دفع بعضهم عن بعض.
(2) رنأ: أدام النظر، ورنأ: تثاقل فى مشيته.
(3) وضأ يضأ: أضاء وأشرق وفى الأصل فالدهر طلما والعصوم ولعل الصواب ما أثبتناه، والشاعر يقصد بالمعصوم ممدوحه المعتصم بن صمادح.
(4) المعنى: لقد خبرناه وليس الخبر كالعيان، فى الأصل درأوا، ولعل الصواب ما أثبتناه ذرأ: خلق والمراد خلق الأكاذيب.
(5) الفنأ: الكثرة والمقصود بها هنا كثرة العيال.
(6) القربة والقربى: القرابة.(20/201)
وكيف نحصى عوافى مرتع مرع
للهائمين به مروى ومحتضأ (1)
ومن نبا وطن منه كمثلهم ... مضى به نابىء عنه ومنتبأ (2)
وللظّبى والطّلى لثم ومعتنق ... وللقنا والكلى ضمّ ومرتشأ (3)
وحيث ما أزمعت علياك واعتزمت ... حدا جحافلك التأييد والحدأ (4)
فلا تضع مربأ للجيش تنهده
فالنصر مرتبىء والسّعد مرتبأ (5)
فويحهم يوم للأعلام ملتطم ... عليهم، وبهم للجرد ملتطأ (6)
وويلهم إن شابيب القنا همأت ... وحاق باللأم والأجسام منهمأ (7)
والحين يظهر فى وارى سوالفهم ... كما به فى ثغور البيض منكمأ (8)
__________
(1) محتضأ موقد، والمقصود أنه يسقيهم ويطعمهم بما يطبخه على النيران المشتملة دائما يقرى الضيفان.
(2) فى الأصل: ومن بنا شأى عنه ومنتبأ ولعل الصواب ما أثبتناه النابىء المنتقل من بلد إلى بلد، والمنتبأ: مكان الرحلة أو زمانها، ولم نجد الفعل: انتبأ فى كتب اللغة ولعلها منتأ بمعنى متباعد.
(3) الظبى: حد السيوف: الطلا (بالضم): الأعناق مرتشأ: مأخوذة من الرشاء وهى الحبال التى يتدلى بها الدلاء فى البئر للسقيا، كأن ورود الرماح للكلى وصدورها عنها مثل الرشاء. ولم نجد فعل ارتشأ.
(4) حدىء عليه: نصره، والحدأ: النصر.
(5) المربأ: مكان الربيئة وهو من يشرف على نشز من الأرض ليدل الجيش على طلائع الأعداء، تنهده: تنهضه. مرتبىء: مرتقب. مرتبأ: مكان الراصد المستطلع.
(6) لطىء بالشىء: لصق به ولطأه: ضربه، ولم نجد فى كتب اللغة: التطأ.
(7) الشآبيب: جمع شؤبوب وهو الدفعة من المطر، أوحد كل شىء. همأ: خرق، اللأم: جمع لأمة وهى الدرع انهمأ: تقطع.
(8) هكذا بالأصل، والفعل المسموع كمىء الرجل: حفى وليست له فعل، ولم نجد فى كتب اللغة اتكمأ ولعلها منكفىء.(20/202)
وقد بدا من عرانين الظبى شمم ... وفى أنوفهم الإرغام والفطأ (1)
وللقنا منهوى فيهم ومنسرب ... وللظّبى منبرى فيهم ومنتدأ (2)
كأن سمرك والإقبال يعطفها ... بنان قوم إليهم بالردى ومأ (3)
وقد عدوا قضبا بالهام مثمرة ... ومجتنيها من الصمصام محتنىء (4)
وصال مطّعن فيهم وممتصع ... فسال منهزم منهم ومنهزىء (5)
وقال حوضهم والسيل يغمره ... قطنى!! فقد هدم الأرجاء ممتلأ (6)
هناك يبغون لو يلقونه لجأ ... وما لخلق عن المقدور ملتجأ (7)
وكان لبأسك فيهم من مصال وغّى
للّيث من سمعه روع ومجتبأ (8)
وكان فى دألهم ردّ ومتّعظ
لو صحّ من مثلهم وعظ ومنتزأ (9)
__________
(1) الفطأ: الفطس.
(2) ليس فى كتب اللغة انتدأ وإنما فيها انتدى القوم بمعنى اجتمعوا، والشاعر يهمز ما لا يهمز.
(3) الومأ، الإشارة والإيماء والتحريك للتخفيف والقافية.
(4) يريد مخضبا بالحناء. ولم ترد احتنأ فى اللغة.
(5) مصع: ضرب بالسيف، وليس فى اللغة امتصع بهذا المعنى، هزأه: قتله، ولم ترد انهزأ فى معاجم اللغة.
(6) قطنى: حسبى. ممتلأ: مصدر ميمى للامتلاء.
(7) لجأ إلى المكان لجأ: احتمى به.
(8) جبأ عن الأمر هابه، ولم نقع على (اجتبأ) فى كتب اللغة وفى الأصل محتنأ وهو تحريف.
(9) فى الأصل: وكأن فى دالهم ود ومتعط ومنتدأ ولعل الصواب ما أثبتناه، نزأه عن الفحشاء: رده عنها ولم نعثر على انتزأ فى معاجم اللغة، الدأل: المشى السريع.(20/203)
هاجوا ظباك التى بالسلم قد هجئت
فسوف يسكن منها الظّمأ والهجأ (1)
راعيت تقواك حتى فى جزائهم ... وما رعوا ما تراعيه ولا كلأوا
والآن قد آن من شهب الصّفاح لهم
درء ومن صافنات الخيل مندرأ
تهوى لقلب أعاديه مكائده ... كأنها قتر للأسد أو برأ (2)
مذهّب الشمس ما فى نورها كلف
ورأيه الشّهب ما فى سيرها خطأ (3)
وهمّة فوق ما ظنّ العداة به ... والقوم آمنة إن أمكن القرأ (4)
وبالمعاقل للأملاك مقتنع ... وما له بسوى الأفلاك مجترأ
ولو يروم نزال الطود يبلغه ... أو ينزلوا من صياصيه كما زنأوا (5)
وبرد أيامهم مرفوء سلمهم
والحرب تخرق منهم كل ما رفئوا (6)
__________
(1) فى الأصل وقد هجنت ولعل الصواب ما أثبتناه، هجىء الرجل: اشتد جوعه، والهجأ: حدة الجوع.
(2) قتر للأسد تقتيرا: وضع لحما يجد رائحته ليتمكن من صيده، البرأة: جمع برأة وهو المكان الذى يتخفى فيه الصائد.
(3) فى الأصل: مذهبة الشمس وراية الشهب وهو تحريف.
(4) قرأة البلاد وقسرؤها الأماكن الموبوءة يريد أن همته وعزيمته تهدد كل البلاد بزحفه عليها ما عدا البلاد الموبوءة فإنه يدعها للوباء، وفى الأصل والقوم آمنة إن أمكن الفوأ
(5) زنأ إليه: لجأ.
(6) مرفوء سلمهم: ما أصلحه السلام، رفئوا: أصلحوا.(20/204)
ملك له العز من ذات ومن سلف
فحسب كل الملوك الهون والحزأ (1)
نمته بدرا نجوم السّرو من يمن
وما كمثل النجوم الفقع والجبأ (2)
تكافآ عصره فخرا وعنصره ... فقد علا الفلك الأعلى به سبأ (3)
إذا صمادحه أبدى وعامره ... فللمبيرين مستخفى ومضطنأ (4)
ومنها فى مدح أولية الممدوح:
من الألى ملكوا الدنيا وما برحوا ... يبنون أسمية العليا، وما فتئوا (5)
فالحسن فى سير منهم وفى صور
إن موجدوا مجدوا أو روطئوا رطأوا (6)
__________
(1) فى الأصل تحب كل الملوك، ولعل الصواب ما أثبتناه، ومراده حسب جميع الملوك ما عداه أنهم حلوا على يديه مواطن الذل والهوان الحزء: السوق والدفع الشديد.
(2) فى الأصل يمته بدرا نجوم الروض النقع والحبأ، ولعل الصواب ما أثبتناه، السرو: الشرف فى مروءة، الفقع: الرخو من الكمأة، والجبأ: جمع جبء، وهو هنة بيضاء تشبه الكمأة ولا ينتفع بها أو هى الكمأة الحمراء أو السوداء، والشاعر يريد أن يقرر أن الممدوح ينئمى إلى السراة من أقيال اليمن، ولا تتساوى النجوم مع الكمأة وهى الثمرة المدفونة فى باطن الأرض وفى الأمثال: أذل من فقع بفرفرة (القاع الأملس).
(3) فى الأصل تكفا عصره، ولعل الصواب ما أثبتناه، وقد استعمل الشاعر هنا لغة طىء وأزد شنوءة، وعليهما اعتمد المفسرون فى تأويل قوله تعالى: {«وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا»}، وسبأ هو سبأ بن يشجب الجد الأعلى للقحطانيين.
(4) فى الأصل: منضنأ، ولعل الصواب ما أثبتناه اضطنأ: استحيا وانقبض صمادح الجد الأعلى للمعتصم، وعامر صهره فقد صاهر والده عبد العزيز بن أبى عامر صاحب بلنسية المبير: المهلك.
(5) سماوات وأسمية: جمع سماء.
(6) فى الأصل روضئوا رضئوا، ولعل الصواب ما أثبتناه، رطأت القوم: ركبتهم بما لا يحبون.(20/205)
وأبدعوا فى صنيع الجود، وابتدعوا ... فكلما سئلوا من معوز سلئوا (1)
لولاهم ما يصوب المزن مستهما
متى روى سببا من وبله هنئوا (2)
وبيت وفرهم أيمان وفدهم
فهم مياسير من حمد الورى تكأ (3)
أقمار ملتثم، آساد ملتحم ... يروعنا مجتلى منهم ومجتلأ (4)
وما صوارمهم إبلا وقد سرحوا
وليس افرندها عدّا، وقد هنئوا (5)
ولا عواملهم غبدا وقد ومقوا ... ولا أسنتها شيبا وقد حنئوا (6)
ومن مناهم مناياهم إذا حملوا ... وليس بالجاله الهيابة الخبأ (7)
__________
(1) فى الأصل: ولا أبدعوا فى صنيع الجود، وبه يختل الوزن، سلأ السمن أعده للطعام وغرض الشاعر أنهم يطعمون الطعام كلما حل بهم عاف أو فقير.
(2) فى الأصل فالولاهم يصوب المذن منهم، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى لولاهم ما أنهل المطر فأصاب طالبه، وكلما نال السائل نصيبا من النعمة هنئوا هم بهذا.
(3) بيت الوفر: بيت المال، يريد أن بيت مالهم مبذول لأيدى الوفود، وفى الأصل فكا، ولعل الصواب ما أثبتناه تكأ: متكئون، وفى الحديث: التكأة من النعمة.
(4) جلأ بالرجل: صرعه: والمجتلأ: مصدر ميمى ولم نجد الفعل اجتلأ فى معاجم اللغة.
(5) فى الأصل: وما صوار إبلا غرا، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى قد سرحوا بسيوفهم وليست إبلا وطلوها بالدماء وليس بها جرب.
(6) حنئوا: تخضبوا والمعنى: لبست رماحهم حسناوات ومع ذلك حفت بالحب، وليست أسنتها شيبا وقد خضبت بالدماء.
(7) فى الأصل: وليس بالحالة الهبابة الجنأ، ولعلنا قاربنا الصواب. الجاله الذى يرد بشدة إنسانا عن أمر يقصده، وجله الغمة كشفها. الخبأ: المستتر فى بيته، وامرأة خبأ:
لازمة بيتها.(20/206)
إن قوّضوا خلت أن الهوج ما ركبوا
أو خيّموا خلت أن الشّهب ما خبئوا (1)
لا يعبثون بمكر فى مقاومهم
وليس للأسد بالسّيدان معتنأ (2)
إذا خطوا أو تروا فى الأرض شانئهم
وللخطوب بها مسرى ومنسرأ (3)
فإن رميت بهم أقصى النّدى بلغوا
وإن منوت بهم شوس العدا زكئوا (4)
والخلق من مكمات الظلم فى ظلم ... وقد مضت هنأ من بعد هاهنأ (5)
ومخلب منه للأهواء مختلب ... ومرتم فيه للعلياء مرتمأ (6)
إذا جلا النّصر من خرصاته وضح ... علا الغزالة من قسطاله صدأ (7)
من كل أحوس نثر النّثر ديدنه ... إذا لديه يرى مستلئما يرأ (8)
__________
(1) الرياح الهوج: العاصفة والمقصود بها الخيل، والمقصود بالشهب فتياتهم الجميلات خبئوا: ستروا.
(2) السيدان: الذئاب، معتنأ: عناية، والشاعر يتجوز فى اشتقاق الأفعال ويهمز ما لا يهمز.
(3) أوتروا: أصابوا بالثأر، شانئهم: حاسدهم، منسرأ مأخوذ: من انسرى بمعنى زال يقال انسرى الهم عنى: انكشف والهمز هنا من ديدن الشاعر.
(4) فى الأصل ركئوا وهو تحريف، زكأ الأمير اللص: ضربه.
(5) فى الأصل: من ظلم. الهنء: الوقت أو الهزيع من الليل، يريه: وقد مضت أوقات بعد أوقات.
(6) مرتمأ: مرتمى وقد همزه الشاعر دون مبرر إلا للقافية.
(7) القسطل والقسطال والقسطول: الغبار.
(8) الأحوس: الجرىء النثر جمع نثرة وهى منتصف الشفة العليا فى فرجة ما بين شطرى الشارب. فى الأصل إذا يرى لديه ولعل الصواب ما أثبتناه، مستلئما: لابسا الدرع يرأ: يدفع تقول: ورأت الرجل: دفعته.(20/207)
يجىء كالهيصر الفضفاض مقتبلا
أصم كالأرقم النضناض إذ يجأ (1)
وللمنون بيمناه عيون دما ... فى جدول يتحامى ورده الظّمىء (2)
فراح نحو دم الأبطال تحسبه ... راحا لها بالقنا العسال متبأ
فى موقف للمنايا فيه مرتكض ... على الجياد، وللأحقاد منهدأ (3)
فى وصف الشعر:
وتلك عنقاؤنا وافتك مغربة
بحسنها، فاستوى العقبان والحدأ (4)
بدع من النظم موشئ الحلى عجب
تنسى الفحول وما حاكوا وما حكئوا (5)
وكل مخترع للنفس مبتدع ... فمنه للروح روح والحجى حجأ (6)
أنشأتها للعقول الزهر مصبية
كأنها للنفوس الخرّد النشأ (7)
__________
(1) الهيصر: الأسد (وفى الأصل الهصر وبه يختل الوزن) الفضفاض: الواسع، والمراد هنا الضخم الأرقم، النضناض: الثعبان الذى لا يستقر فى مكان واحد، أو إذا نهش مثل من ساعته، يجأ: يضرب.
(2) سبأ الخمر: اشتراها.
(3) منهدأ: هدوء، والشاعر يشتق من الأفعال ما لا يسمح به الاشتقاق.
(4) العنقاء: طائر خرافى كبير يقال عنقاء مغرب أى غربت فى البلاد فنأت فلم يوقف لها على أثر: جاءتك مغربة: عجيبة غريبة لإبداعها.
(5) وما حكوا والشاعر يهمز ما لا يهمز.
(6) الحجأ: الفرح.
(7) الخرد النشأ: الأبكار الفتيات.(20/208)
لم يأت قبل ولن يأتى بها بشر
وحقّ أن يوجئوا عنها كما وجئوا (1)
قبضت منها ليوث النظم مجترئا ... وغير بدع من الضّرغام مجترأ
وفى القريض فى الغيل مأسدة
والقوم حوز بمرعى البهم قد حزئوا (2)
وجمع بعض قوافيها يئودهم ... ولو منوا بمبانيها إذا ودئوا (3)
أشجى مسامعهم [تيها] (4) بما سمعوا ... ولا تقر لهم عين إذا قرؤا
وقوله فى المراثى من قصيدة:
هيهات ما تغنى القنابل والقنا ... والمشرفية فى ملاقاة المنى (5)
فعلام نستاق العتاق؟ وإن جرى
وجرين جاهدة ونين وما ونى (6)
وعلام بجتاب الدلاص فإنها ... ليست موانع سمره أن تطعنا (7)
__________
(1) فى الأصل أن يجئوا عنها كما جئوا، ولعل الصواب ما أثبتناه يوجئوا: يذادوا ويدفعوا باللكز والضرب.
(2) حوز: زجر، حزئو: سيقوا يقال حزأ الإبل: جمعها وساقها.
(3) الودأ: الهلاك.
(4) زيادة يقتضيها الوزن والسياق. قرأ: ضم وجمع، والمعنى إنهم حينما يسمعون شعرى لا يملكون أنفسهم من هزة الطرب، ولكنهم حينما يجمعونه ويضمونه تطغى عليهم عاطفة الحسد فلا تقر أعينهم بما جمعوه.
(5) القنبل والقنبلة الطائفة من الناس أو الخيل جمعها قنابل، القنا: الرماح، المشرفية:
السيوف، المنى والمنية: الموت.
(6) فى الأصل: فعلام تشتاق ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) نجتاب: نلبس، الدلاص: الدروع اللينة الملساء، السمر: الرماح.(20/209)
إن المنية ليس يدرك كنهها ... فنوافذ الأفهام قد وقفت هنا
فى كل شىء للأنام محذّر ... ما كان حذّره شعيب مدينا (1)
وحياتنا سفر، وموطننا الردى ... لكن كرهنا أن نحل الموطنا
والعيش أضنك إن تعذّر مطلب
كم من ضناك فى مطالبه ضنا (2)
ولربما أعطى الزمان مقاده ... لا يتأسنّ فرب صعب أمكنا
لا بد أن تتلو الحياة منية
من شك أن اليوم يزجى الموهنا (3)
لا ترج إبقاء البقاء على امرىء ... كلّ النفوس تحلّ أفنية الفنا
نجد الحياة نفيسة، ونفوسنا ... غرباء ترغب عندها متوطنا
لو أنها شعرت لها وتيقنت ... درت الوفاة هى الحياة تيقنا (4)
لكنها عميت ولم تر رشدها ... ما كل من لحظ الأمور تبيّنا
__________
(1) فى الأصل شيعت مذبنى، وقد حذر رسول الله شعيب عليه السلام قومه من عقاب الله قائلا لهم {«إِنِّي أَرََاكُمْ بِخَيْرٍ، وَإِنِّي أَخََافُ عَلَيْكُمْ عَذََابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ»} الآية 84 من سورة هود.
(2) الضناك: القوى الموثق الخلق الشديد. ضنى: مرض.
(3) فى الأصل تبلو الحياة ولعل الصواب ما أثبتناه. فى الأصل برحى ولعل الصواب ما أثبتناه، يزجى: يبعث، الوهن ما بعد منتصف الليل.
(4) فى الأصل: درت أن الوفاة وبها يختل الوزن، درت: علمت أو رأت.(20/210)
فتبصّرنّ مصاب سيّدة الورى
تبصر دناءة ذى الحياة وذى الدّنا (1)
ومنها:
أعظم به من حادث جبنوا له ... ما ظنّ قبل شجاعهم أن يجبنا
وتروا وما علموا بوتر ضائع ... من ذا يطالب بالتّرات الأزمنا (2)
ذابت سيوفهم أسىّ فظباتها ... تحكى المدامع والجفون الأجفنا (3)
وتقصدت أرماحهم أن لم يكن ... سحرا وشيك الموت منه يجتنى (4)
لم يذكروا إحسانها إلا نسوا
حسن العزاء، وبعدها لن يحسنا (5)
وكأنما أنفاسهم ومقالهم ... نار تحرّق بينهم عود الثّنا
ما جف من دمع عليها مدمع ... الحزن ما والى الدّموع الهتّنا (6)
أعقيلة الأملاك والملك الذى ... لبس الثناء به جلابيب السّنا
فسقاك مثل نداك أو كدموعنا ... مزن يعيد ثراك روضا محزنا (7)
__________
(1) فى الأصل: تبصر دناه ذى الحاه وذى الدنا، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) فى الأصل: التراث وهو تحريف.
(3) ظباتها: حدها، الجفون: الأغمدة، الأجفن: أغطية العيون.
(4) تقصدت: تكسرت.
(5) فى الأصل: أن يحسنا ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) المعنى لم تجف الدموع من الأسى عليها وليس بحزن ما يمسك الدموع عن الانسكاب
(7) روضا محزنا: حديقة فى مكان مرتفع، والحزن ما غلظ من الأرض، وأجود الرياض رياض الحزن قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزر بنعيم النبت مكتهل
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل(20/211)
إن كنت متّ فذا ابنك الملك الذى
يحيى البرايا والعطايا والمنا
كثرت محامده فحق بها اسمه ... وأدام إحياء المكارم فاكتنى (1)
فإذا بنى الأعداء هدّم ما بنوا ... والدهر لا يستطيع يهدم ما بنى (2)
يا أيها الملك الذى أوصافه ... تعيى البليغ ولا تطيع الألسنا
إن كان عظم الرزء أصبح كافرا ... بتجلّد لا تمس إلّا مؤمنا (3)
صبرا وإن جلّ المصاب، وسلوة ... فإليهما حكم الحجى أن تركنا
والدهر أهون أن يجىء بحادث ... لم يثنه حسن التجلد أهونا
والبر يقضى أن تكون معظما
والحجر يقضى أن تكون مهوّنا (4)
فلئن صبرت فإن فضلك باهر ... ولئن حزنت فحكمه أن تحزنا
ومن شعره أيضا فى فنون شتّى قوله فى المعمى فى اسم هنيدة:
يا ليت ملكى مائة ليتها ... فهى اقتراحى فافهم التّعمية (5)
وليس فى الأعداد لى بغية ... لكن لها اسم وافق التّسمية
__________
(1) يشير إلى أن اسم الممدوح محمد وأن كنيته هى أبو يحيى.
(2) إنه يستطيع هدم ما بناه الأعداء، والدهر لا يستطيع هدم ما بناه هو (أى الممدوح).
(3) فى الأصل لا تحسن ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) الحجر: العقل.
(5) هنيدة وهند اسم للمائة أو لما فوقها أو للمائتين وهو يرمز بالمائة إليها وقصيدة فتاته المسماة باسم هنيدة.(20/212)
وقوله فى معمى حسن:
من لى بأن أشكو إليك مدامعا ... تهمى عليك وأضلعا بك تحترق؟
فترق لى يا من غدا قلب اسمه ... متصحفا ما ضدّه ماضى يرق
ماضى يرق رق وضد رق خشن ومصحفه حسن، وقوله فى قوس:
حقيق أن تصول بى الرماة ... وأن تعنو لصولتى الكماة
إذا فوّقت فى الأبطال سهما ... فما تغنى الدروع السابغات
وإنى كالجرة فى اعتلاء ... ونبلى الشهب والحسن العداة
وقوله فى مهد:
مهد جدير أن يسمى أفق ... فإن فيها كوكبا يأتلق
كأنه إنسان عين به ... شاخصة الأبصار لا تنطبق(20/213)
مهد جدير أن يسمى أفق ... فإن فيها كوكبا يأتلق
كأنه إنسان عين به ... شاخصة الأبصار لا تنطبق
أبو حفص عمر بن رحيق (1)
قال من قصيدة يندب مدينة الروم وقد فتحها الروم فى سنة أربعين وخمسمائة (2):
نفسى تحنّ إلى أهلى وأوطانى ... وهل رأيتم محبّا غير حنّان
كانوا لقلبى أحبّاء، وفى كبدى ... نار تأجّج من شجوى وأحزانى
ما ضرّ حين نأوا لو ودّعوا دنفا
رهن الحوادث فى كف الأسى عانى
عزّ اصطبارى لرزء قد دهيت به ... وبان عنى لوشك البين سلوانى
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر.
(2) هكذا بالأصل، ولعلها بريشتر فإنها أكبر نكبة حلت بالمسلمين فى هذا العصر ولكن المعروف أنها سقطت فى يد المسيحيين سنة 456هـ.(20/214)
الفقيه الطرطوشى (1)
أبو بكر بن أبى محمد الفهرى المعروف بالطرطوشى كبير الشأن جليل المقدار والميزان، سكن مصر وانتفع به الفقهاء وتفقّهوا عليه وشدّت رواحل الطلبة إليه، ورشدت لديه، حكى أنه سعى بولده إلى العصبة المصرية فخرج أمرها بنفيه إلى الإسكندرية وطالت عليه غيبته واشتدت لوعته فكتب إليه بهذه الرسالة وليس فيها من شعره إلا القصيدة التى ختمها بها، أولها: جرع الفراق شراب الأحبة والأصفياء وغصص النأى والبعاد كئوس أهل المودة والوفاء، وأى كأس تزعج الأرواح، وتضنى الأشباح، كأس أمرّ من المنون وأدهى من الحرب الزبون.
يقولون ثكلا، ومن لم يذق ... فراق الأحبة لم يثكل
لقد جرّعتنى ليالى الفراق ... كئوسا أمرّ من الحنظل
فيا ليلة الوصل عودى لنا ... كما كنت فى الزمن الأول
__________
(1) فى الأصل: الفقيه الطرشوسى وهو تحريف، فهو أبو بكر محمد بن أبى محمد الوليد بن محمد بن خلف الفهرى الطرطوشى الفقيه المالكى المشهور بابن أبى رندقة نشأ بالأندلس وصحب القاضى أبا الوليد الباجى ثم رحل إلى الشرق ودخل بغداد والبصرة دارسا متعلما متفقها ثم سكن الشام مدة ودرس بها، وطار ذكره وقصده الباحثون، ثم نزل الإسكندرية واستوطنها وطلبه الأفضل صاحب مصر فأقام بجواره فى القاهرة وظل موضع إعزازه حتى عزل الأفضل فصرف إلى الإسكندرية إلى أن توفى سنة 520هـ ومن أشهر مؤلفاته كتاب «سراج الملوك».(20/215)
ومنها:
يا بنى فارقتكم على حكم الأقدار، ... ونأيت عنكم بسبب الاضطرار
وما كان تركى للأحبة عن قلى ... ولكنه حكم تناهى وأقدار
أراع لذكر البين فى كل حالة ... كأن حروف البين عندى لها ثار
يا بنى إذا هاج شوقى، وتضعضع اصطبارى، واضطربت عزائمى، واضطرمت بلابلى (1)، أسرّح طرفى فلا أراكم، وأستقبل الركبان فلا ألقاكم، فلا نسيمك أشمّه، ولا شخصك أعتنقه وأضمّه، ولا وجهك أستدنيه وألتزمه، وأبسط كفّا، وأرفع إلى السماء طرفا، وأذرف الدموع ذرقا، وأقول كما قال من فهم عن الله أمره، ولم يعارض قضاءه وقدره، لما ابتلى بفراق أحبابه، وصبر على بلائه:
{«فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللََّهُ الْمُسْتَعََانُ عَلى ََ مََا تَصِفُونَ»} (2) يا بنى كلما ذكرتكم هاج شوقى.
إلى رؤيتكم، ألحظ السماء لعلى ألحظ النجم الذى تلحظونه. وأنا أقول:
أقلّب طرفى فى السماء مردّدا ... لعلى أرى النجم الذى أنت تنظر
وأستعرض الركبان من كلّ وجهة
لعلى بمن قد شمّ ريحك أظفر
وأستقبل الأرواح عند هبوبها ... لعل نسيم الريح عنك يخبر (3)
وأمشى ومالى فى الطريق مآرب ... عسى نغمة باسم الحبيب تذكّر
__________
(1) البلابل: لواعج الأحزان.
(2) الآية 18من سورة يوسف.
(3) الأرواح والأرياح: جمع الريح.(20/216)
وألمح من ألقاه من غير حاجة
عسى لمحة من حسن وجهك تسفر
وإن قرعت سمعى بذكراك قرعة ... فمن مقلتى تبكى السحاب وتقطر
ومنها:
ومن ظل فى عيد يسرّ بأهله ... فمالى من الأهلين إلا التّحيّر
وإن زار إلفا إلفه زرت منزلا ... وحولى من أهل الحفيظة معشر
يضاحك فى ذا العيد كلّ حبيبه ... وما لى منكم من أناجى وأنظر
يئوب إلى الأوطان من كان غائبا
وما لى من الأوطان إلّا التّذكّر
ويأوى إلى الأحباب من كان حاضرا
ومن دون أحبابى ليال وأشهر
كأنّا خلقنا للنوى، وكأنما ... على شملنا خطّت من البين أسطر
أأحبابنا هل يجمع الله شملنا ... عسى نلتقى قبل الممات ونحضر
أما حذر الواشى من الدهر صرعة
فللدهر واش لا ينام ويسهر
لعل الذى لا يرتجى الخلق غيره ... يجمّع ذا الشمل الشتيت ويجبر
وأرجو من الرحمن إنجاز وعده ... فتقوى أجور الصابرين وتظفر
فياربّ فاحكم بين عبديك واحد ... ضعيف، وعبد يستطيل ويقدر
توفى رحمه الله فى حدود سنة ستين وخمسمائة (1).(20/217)
ومن ظل فى عيد يسرّ بأهله ... فمالى من الأهلين إلا التّحيّر
وإن زار إلفا إلفه زرت منزلا ... وحولى من أهل الحفيظة معشر
يضاحك فى ذا العيد كلّ حبيبه ... وما لى منكم من أناجى وأنظر
يئوب إلى الأوطان من كان غائبا
وما لى من الأوطان إلّا التّذكّر
ويأوى إلى الأحباب من كان حاضرا
ومن دون أحبابى ليال وأشهر
كأنّا خلقنا للنوى، وكأنما ... على شملنا خطّت من البين أسطر
أأحبابنا هل يجمع الله شملنا ... عسى نلتقى قبل الممات ونحضر
أما حذر الواشى من الدهر صرعة
فللدهر واش لا ينام ويسهر
لعل الذى لا يرتجى الخلق غيره ... يجمّع ذا الشمل الشتيت ويجبر
وأرجو من الرحمن إنجاز وعده ... فتقوى أجور الصابرين وتظفر
فياربّ فاحكم بين عبديك واحد ... ضعيف، وعبد يستطيل ويقدر
توفى رحمه الله فى حدود سنة ستين وخمسمائة (1).
__________
(1) فى الأصل أما خدر وهو تحريف ذكرنا فيما سبق أن وفاته سنة 520هـ، وجميع المصادر التى ترجمت له تؤيد هذا، وقد حدد ابن بشكوال تاريخ وفاته بشهر شعبان، وقد حدده بأدق من هذا ابن خلكان حيث قال: «وتوفى ثلث الليل الأخير من ليلة السبت لأربع بقين من جمادى الأولى سنة عشرين وخمسمائة ولكنه عقب على هذا بقوله: «هكذا وجدت تاريخ وفاة هذا الشيخ بمواضع كثيرة ثم ظفرت بدمشق بمشيخة جمعت لشيخنا القاضى بهاء الدين ذكر فيها الشيوخ الذين أجازوه فذكر فى جملتهم الشيخ أبا بكر الطرطوشى، ولا شك فى أن الشيخ بهاء الدين ولد سنة 539ولكن هذه النسخة قرئت عليه (على أبى بكر الطرطوشى) وكتب خطه عليها بالسماع فلم يبق الغلط منسوبا إلى جامع المشيخة».
ومن الطبيعى أن الطرطوشى أجاز تلميذه وقد بلغ العشرين من عمره أى فى حدود سنة 560هـ أو لعل تاريخ وفاة الطرطوشى التبس بتاريخ وفاة ابنه محمد الذى كتب إليه الرسالة والقصيدة مع ملاحظة أن اسم الأب واسم الابن محمد.(20/218)
ابن الجبير أبو محمد بن حسن الكاتب (1)
القرطبى المعروف بابن الجبير وصفه فى البراعة بالجرى فى حلبتها والجرأة بصولتها، وهو أبرع أهل بلده وأبلغهم وأحوكهم لحلل النظم والنثر وحليها وأضوعهم، وأورد له رسالة كتب بها إلى قاضى الجماعة بقرطبة محمد بن حمدين (2)
يشفع فى قريب له سجن ومن غير ذنب احتجن. أولها:
قولوا لصخرة إذ تسايل جرمها ... جيئى جهينة ترجعى بيقين (3)
أقذيت عينى بالزمان وأهله ... حتى نظرت إلى بنى حمدين
قوم إذا حضروا الندىّ تميزوا ... بعلو مرتبة ونور جبين
ومنها:
متبتّلين (4) إلى الإله، فشأنهم ... إصلاح دنيا، أو إقامة دين
__________
(1) ترجم له فى القلائد بعباراته المسجوعة التى لا تحد معالم شخصيته ولا أحداث حياته وإنما ذكر أنه الوزير الكاتب أبو محمد بن الجبير وأنه كان معاصرا له وإن حرفة الأدب نالته وأورد مختارات من شعره ونثره.
(2) تولى قضاء الجماعة بقرطبة اثنان من بنى حمدين أولهما أبو القاسم أحمد بن محمد بن على بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين الثعلبى، توفى سنة 521هـ، والثانى حمدين بن محمد بن حمدين التغلبى، وفى مقدمة ديوان ابن قزمان أنهما أخوان، وقد ولى حمدين القضاء سنة 529ثم ولى فقهاء قرطبة ودعى له بالإمارة عليها سنة 539وتسمى بأمير المسلمين وتنكرت له الدنيا فتوفى بما لقه سنة 547هـ ونرجح أن الأول هو المقصود بهذه الرسالة.
(3) صخرة اسم علم تسمى به بعض النساء، تسايل جرمها نحلت وذاب شحمها وفى الأصل جنبى خمينه ترجعى بيقين وهو تحريف وهو يشير إلى المثل المشهور «عند جهينة الخبر اليقين» وإلى هذا يشير الشاعر بقوله:
تسائل عن أبيها كل ركب ... وعند جهينة الخبر اليقين
(4) فى القلائد: متزلفين إلى الإله.(20/219)
فمحمد لله درّ محمد ... من مستهام بالعلى مفتون
طود من الفضل استقل [زماعه] (1) ... بإغاثة الملهوف والمحزون
قاض كأنّ الحقّ نور ساطع ... يغشى الورى من وجهه الميمون
وهى قطعة طويلة، ومن النثر فى الرسالة: لما أذابتنى نفحات الأشواق، فى تلك الآفاق، التى يتشرقون بها أقمارا، ويقهقهون بحارا (2) قلت، وما ذكرى بحب تراب أرض وإنما هو كما قيل:
أحب الحمى من أجل من سكن الحمى
ومن أجل أهليها تحبّ المنازل
فرابتنى زفرات الوجد، بذلك المجد، العالية قلله، البارع تبريزه، الغالبة حلله، الرائع تطريزه كما راب العليل تغامز العوّاد عاينتها نفسا صبّة، وقلبا قد حشى محبة، بما رقمته من برود لصفحات ورود:
جادت عليها كل عين ثرّة ... فتركن كلّ حديقة كالدرهم (3)
ونظمته خلاله (4) كلاما لو شرب لكان مداما، ولو ضرب به
__________
(1) زيادة من القلائد يقتضيها الوزن والسياق، الزماع التجاعة والمضاء وجودة الرأى يقال. هو زميع أى سريع أو شجاع لا ينثنى أو جيد الرأى أو مقدم على الأمور.
(2) لعلها: ويفهقون بحارا.
(3) البيت من معلقة عنترة بن شداء، ويسبقه البيتان الآتيان:
وكأن فارة تاجر بقسيمة ... سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضة أنفا تضمن نبتها ... غيث قليل الأمن لبس بمعلم
(4) فى الأصل من خلال والمقصود بخلاله: شمائله(20/220)
لكان حساما ثم أنهيته بما أمهيته (1):
ليعلم مولاى بأنى عبده ... وأن فؤادى عنده وهو فى صدرى
وأنّى لا أنفكّ أخدم مجده ... بكل بديع من قريض ومن نثر
ويأخذ بأذيال ما وصفت من هذه الحال أنه:
رمانى الزمان بأحداثه ... فبعضا أطعت وبعضا فدح (2)
ومن أثقلها وأفدحها وأفضحها وأغلبها وأعرها (3) وأسلبها أنه كان لى نسيب قريب وربيب حبيب:
ربّيته وهو مثل الفرخ أطعمه ... أمّ الطعام، ترى فى ريشه زغبا (4)
فلما شبّ دبّ، ليلقط الحب، فما خمص حتى قنص (5) ولا أخذ فى الحركة
__________
(1) أمهبته: أجدت إعداده مأخوذة من: أمهى الحديدة: أحدها وسقاها الماء، وفى الأصل أمهنته وهو تحريف.
(2) فى الأصل: وبعضا فرح ولعل الصواب ما أثبتناه أو لعله وبعضا قرح: قرحة إصابة
(3) أعرها: أفعل تفضيل من العر وهو الجرب.
(4) فى الأصل: أعظمه أم الطعام وقد أخذنا برواية ثمار القلوب فى المضاف والمنسوب للثعالبى، والبيت مطلع أبيات لأم ثواب الهزانية من أسد بن ربيعة بن نزار فى أبنائها ويلى هذا البيت:
حتى إذا آض كالفحال شذ به ... أباره، ونفى عن متنه الكربا
أنشأ يخرق أثوابى، ويضربنى ... أبعد ستين عندى يبتغى الأدبا
قالت له عرسه يوما لتسمعنى ... رفقا فإن لنا فى أمنا أربا
وفى الكامل للمبرد كما فى الأصل: أعظمه أم الطعام، أى أعظم شىء فى جسده أم الطعام وأم الطعام هى الحنطة لأن لها فضلا على سائر الحبوب، وأم الطعام هى البطن لأنها تحويه والزغب: الشعيرات الصغيرة على ريش الفرخ.
(5) فى الأصل: فما قمض حتى قبض، والتصحيح عن القلائد، خمص: جاع، قنص: صاد(20/221)
حتى وقع فى الشبكة (1) ويعدو على المرء ما يأتمر (2) وذلك أنه أمّ قرطبة [حرسها الله] (3) طالبا جذم (4) مال كان قد تصدق به عليه جدّه فإذا هو (5) قد ألفى هناك غاصبه (6)، وقد نصب له مجانبه (7)، وفتح أشراكه، وبسط تحت هذا المطمع شباكه، فما نزل حتى كتف (8)، ولا وصل حتى نتف (9)، وأصبح مغلوبا مسلوبا، محزونا مسحوبا.
إذا قام غنّته على الرّجل حلية ... لها خطوه وسط البيوت قصير (10)
هكذا أعزك الله أورد بعض من ورد، فأخبر (11) بعض من استخبر، وفى النوى يكذبك الصادق فإنه قد حدّث غيره أنه فى الوثاق ولكنه غير محلى الساق وتحت اعتقال شديد، ولكنه فى غير حديد.
ومن يسأل الركبان عن كل غائب ... فلا بد أن يلقى بشيرا وناعيا
__________
(1) فى الأصل: الشركة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) عجز بيت لإمرىء القيس والبيت مطلع قصيدة له يقول فيه:
أحار بن عمرو كأنى خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر
أى قد يصيب المرء بالضر ما يدبره هو.
(3) زيادة من القلائد.
(4) الجذم: الأصل، وفى الأصل خدم والتصحيح عن القلائد.
(5) فى القلائد: فإذا به.
(6) فى القلائد عاصبة، والعاصب هو الوارث الأصيل من الذكور.
(7) المجانب: جمع مجنب (كمنبر) الكثير من الخير، والشر، والهمز، والمراد هنا المكائد.
(8) كشف فلانا: شد يده به إلى الخلف بالكتاف.
(9) نتف الشعر: جذبه فاقتلعه.
(10) فى القلائد: إذا قام غنته على الساق حلبة: بها والمراد أنه مقيد بالأصفاد التى تشبه الخلخال الذى تتحلى به النساء.
(11) فى القلائد: وبه أخبر.(20/222)
فلو ترى أمّه [أمتك] (1) سترها الله وهى من أليم إشفاقها وعظيم وجدها وانطباقها (2) قد ذهبت أو كربت (3) بل فاتت (4) أو كادت لولا ناظر غريق (5) يطرف، وعيّن سخينة تذرف «ربّ عيش أخفّ منه الحمام (6)» وهذا المظلوم المسجون المحزون، الذى غلب صبرها همّه وملأ صدرها ملمّه، فتى تعرف بفلان عبدك، ومحل ولدى وسيدى، وأعلى عددى، أقال الله عثرته وأزال عسرته فهل لك بتدارك هذه المسكينة بحسنة، تعدل عند الله سبحانه عبادة ألف سنة، لقوله عز وجل: {«وَمَنْ أَحْيََاهََا فَكَأَنَّمََا أَحْيَا النََّاسَ جَمِيعاً»} (7) وإنى لأدرى أنى تيممت للخير أهله حين خاطبت مولاى فهززت نصله (8).
__________
(1) زيادة من القلائد، الأمة: الجارية.
(2) فى الأصل: وتطباقها وقد آثرنا رواية القلائد ولعله يقصد انحناءها من شدة الحزن والألم كأنما انطوى بعض جسمها على بعضه الآخر.
(3) كرب أن يفعل كذا: كاد.
(4) موت الفوات: موت الفجأة وفى القلائد قد ذهبت أو كادت، بل قاربت وزادت.
(5) فى الأصل: عريق والتصويب عن القلائد.
(6) عجز بيت المتنبى صدره: ذل من يغبط الذليل بعيش.
(7) الآية 32من سورة المائدة.
(8) فى القلائد: فضله.(20/223)
القاضى أبو بكر محمد بن العربى (1)
قاضى الجماعة بمدينة إشبيلية، ورد العراق، وطاف الآفاق، وقرأ على أبى حامد الغزالىّ، وتملّى من فضله البهى بأبهج الحلىّ، وعاد إلى بلاد الأندلس فى سنة سبع وخمسمائة، وألف على نمط الغزالى كتبا وفرع بها رتبا، قال ابن بشرون فى كتابه: أنشدنى محمد بن محمد القرطبى أبياتا قالها ابن العربى فى صباه وهى:
قف بالمطى قليلا أيها السارى ... إذا مررت بذات الدوح والحار
واستنطق الركب من تيم وسائلهم
عن أهيف خنث الأعطاف معطار
يشكو الذى منه أشكو غير أن له ... قلبا صبورا وقلبى غير صبار
__________
(1) أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعافرى الإشبيلى المالكى ولد بإشبيلية سنة 468هـ ورحل إلى المشرق سنة 485وبرع فى الأدب وأتقن علوم الدين وبلغ مرتبة الاجتهاد وصنف كتبا عديدة، ثم عاد إلى إشبيلية سنة 495فولى قضاءها وقد أتقن مسائل الخلاف واتسع فى الرواية وبرع فى علم الأصول وعلم الكلام وكان مشهورا بالسماحة والكرم وحسن الصحبة والوفاء وألف كتبا عديدة طبع منها أخيرا «أحكام القرآن» و «العواصم من القواصم» ويحدثنا الرواة أنه ألف تفسيرا للقرآن الكريم فى ثمانين مجلدا مجموع أوراقها ثمانون ألف ورقة ألفه فى عشرين عاما وتوفى بمراكش ودفن بمدينة فاس سنة 543هـ، وهو غير محيى الدين بن عربى، له ترجمة فى المغرب ج 1ص 249والصلة ص 558ووفيات الأعيان ج 3ص 423والمطمح ص 71ونفح الطيب ج 1ص 477والديباج المذهب ص 281وشذرات الذهب ج 4ص 141والنجوم الزاهرة ج 5ص 302.(20/224)
أبو العباسى أحمد بن حمدين (1)
قاضى القضاة بقرطبة فى عصرنا له مصنفات شانها بالرد على الغزالى وشابها بالتعصب المغالى، ذكر أنه حضر مجلس حكمه عبد أسود وامرأة له بيضاء يتحاكمان إليه فقال بديهة:
رأيت غرابا على سوسنه ... وذاك دليل لسوء السّنه (2)
فيا مرود الأبنوس افتخر ... ويا مكحل العاج زد معونه (3)
وله:
وزائرة ليلا فقلت لها أما ... خشيت رقيبا عن طريقك يقطع؟
فبادرتها لثما وأسرعت ضمها ... عناقا، وما كنا بذلك نطمع
وأبدت تعاطينى كؤوس مدامها ... وتسمعنى من ذاك ما ليس يسمع
__________
(1) تولى قضاء قرطبة أخوان يحملان اسم ابن حمدين أولهما أبو القاسم أحمد بن محمد بن حمدين. وتوفى سنة 521هـ (له ترجمة فى قضاة الأندلس ص 103والصلة ص 81): والثانى أخوه حمدين بن حمدين «له ترجمة فى قضاة الأندلس ص 103» ونرجح أنه هو المقصود لأن الأول كنيته أبو القاسم، ولأن وفاته كانت بعد ولادة المصنف بعامين، والمصنف يذكر أنه معاصر للقاضى وقت تصنيف كتابه، ولهذا نرجح أنه الثانى، ويؤيد ترجيحنا أن الزبير أورده فى كتابه صلة الصلة باسم أحمد ولى القضاء سنة 529ونادى بنفسه أميرا لقرطبة سنة 539عند اختلال أحوال المرابطين وتسمى بأمير المسلمين المنصور واستمر حاكما أربعة عشر شهرا ثم اختلت أحواله وكثرت عليه الفتن فهجر قرطبة وطاف البلاد واستقر أخيرا بمالقة تحت رعاية حكامها من بنى الحسن حتى توفى فى سنة 547.
(2) فى الأصل: وذلك دليل، وبه يختل الوزن.
(3) المعونة والمعونة بمعنى.(20/225)
فقلت لها خلّى النقاب تفضّلا ... فعما قليل سوف نجمك يطلع
فأنّت كما أنّ السليم (1) لما به ... وقلبى بتدكار التفرق يصدع
وبتنا وايم الله لا إثم بيننا ... بريئين من حدس به الظنّ يقطع
إلى أن دعا داعى الصباح فودعت
ومرت كمر البرق بل هى أسرع
__________
(1) السليم: اللديغ.(20/226)
أبو عبد الله محمد المعروف بابن الحناط (1)
له رسالة طردية (2) أورد منها فى وصف الظباء وحيدها (3): فلما توسطنا وهدات الرّبا عنّت لنا أسراب الظّبا كأنما ألبسن الدّمقس سربالا واتخذن السّندس سروالا.
من كل مخطفة الحشى (4) وحشيّة ... تحمى مداريها (5) ذمار جلودها
فكأنما أقلام مسك كتّبت ... بمداد عينيها رسوم خدودها
وهوت هوىّ السّلام (6) وهى تجول فى أجوالها (7) يمينا وشمالا، فكأنما
__________
(1) فى الأصل ابن الخياط وهو تصحيف، فالشاعر المترجم له هو أبو عبد الله محمد ابن سليمان الرعينى بن الحناط البصير كان أبوه يبيع الحنطة بقرطبة فنسب إليها، كفلة بنو ذكوان وشب تحت رعايتهم وكان أعشى الحملاق ثم أصابه العمى من كثرة القراءة وأصبح متقدما فى الآداب والبلاغة والشعر ومدح الملوك والوزراء وبخاصة الأمير محمد بن القاسم بن حمود وكانت بينه وبين الوزير أبى عامر بن شهيد مناقضات نظما ونثرا. وبرع فى المنطق حتى اتهم فى دينه ونفى عن قرطبة وكان دارسا للطب، ولكنه كان مستهترا ماجنا توفى حوالى سنة 430هـ له ترجمة بالجذوة ص 53وبغية الملتمس ص 67والذخيرة ق 1ح 1ص 383 والمغرب ج 1ص 121وقد التبس الأمر على العزى فسماه ابن الخياط، ولعل هذا تجاوز من القائمين على طبع هذا الكتاب.
(2) مطاردة الصيد، وقد ألف الشعراء أن ينظموا قصائد الطرديات يصفون فيها الوحوش والغزلان والطيور وأدوات الصيد وكلاب الصيد والصقور والعقبان والكاتب هنا ينقل الطرديات من الشعر إلى النثر المطرز بفرائد النص.
(3) الحيد: الانحراف أثناء المطاردة وفى الأصل: وجيدها.
(4) مخطفة الحشا: ضامرة الخصر.
(5) مداريها: قرونها.
(6) السلام: جمع سلم وهو الدلو بعروة واحدة كدلو السقائين، أو جمع سلمة وهى القطعة من الحجارة.
(7) أجوال: جمع جول وهو القطيع من الخيل والإبل أو النعام، أو الجانب أو الجبل(20/227)
أتيحت لآجالها (1) آجالا فغادرناها بين جريح مضرج بدمائه وقتيل يجود بذمائه.
«فصل» فى وصف معرّس (2) القوم وأكلهم وشربهم فيه ووصف الساقى:
فنزلنا معرّسين وأقمنا مخيّمين وشبّت النار وتناثر الشّرار.
وظل طهاة اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قديد معجّل (3)
فلما قرب، وصفّ الشّواء وصهب (4)، تعاطينا لحما كالعقيق، وتهادينا شحما كالشقيق (5). ثم قام كل إلى جواده يمشّ (6) بعرفيه كفّيه (7) ويمسح نسعه (8)
بين عينيه ونحن إذ ذاك بحيث تضاحك الورد والبهار وتمازح (9) النّور والأنوار وأرضنا بمخضر نبت صاغ النّور ثاجه وحاك القطر ديباجه وسماؤنا غدافيّة (10)
الأهاب هامعة السحاب فماء الندي سكوب، ورواق الطل مضروب، والريح تصفق والغصن يتثنى، والقبّرة (11) تصرصر، والبلبل يتغنى، وقد خيّم السرور وجعلت الكأس تدور ولا حديث يسقى بها، غير هاك، وهاتها:
__________
(1) الآجال: جمع إجل وهو القطع من بقر الوحش.
(2) المعرس: مكان نزول القوم للاستراحة آخر الليل.
(3) فى الأصل: من بين منصف ضعيف: والتصحيح عن ديوان إمرئ القيس فالبيت من معلقته، وفى الديوان أو قدير، وقد آثرنا رواية الأصل.
(4) صهب: احمر.
(5) مفرد شقائق وهى أزهار حمراء تنسب إلى النعمان فتسمى شقائق النعمان.
(6) المش: مسح اليد بالشىء لتنظيفها وقطع دسمها.
(7) الكاتب ينظر إلى قول الشاعر:
ثمت قمنا إلى جرد مسومة ... أعرافهن لأيدينا مناديل
(8) النسع: المفصل بين الكف والساعد، وفى الأصل: لسعته وهو تحريف.
(9) فى الأصل: وتعاوح النور، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(10) نسبة إلى الغداف وهو الغراب الأسود.
(11) فى الأصل: والغبرة وهو تصحيف.(20/228)
إذ دعا الندمان طيبا سقّنى (1) ... فضلة الكاس فقد طال العطش
من سلاف سلفت فى دنّها ... قبل عاد، وهى صرف لم تغش
من يدى ساق تحاكى خدّه ... قهوة فيها حباب كالنّمش
خلع الياقوت ثوبا فوقها ... وكساها وشيه جلد الحنش (2)
غزال يدير فى كفه منها الغزالة، وهلال تحفه من أصداغه (3) هالة، تنفس الصبح من طرفه وعسعس ليل الشعر من فوفه (4) كأن الجلّنار (5)
من خدّه خلق، والأقحوان من ثغره سرق (6)، ذو خصر جوّال الوشاح وبشر كالدر، بنهد كالتفاح، لو مشى الذّرّ (7) عليه لأدماه أو جرى النّفس عليه أجراه.
«فصل» فى وصف ركوبهم فى البحر وتصيدهم لأصناف السمك منه:
ثم رحنا إلى شاطىء البحر وقد سكن هائجه، وركد مائجه، (8) وأقبلت الزوارق تهفو بقوادم غربان وتعطو (9) بسوالف غزلان تخالها فى سمائه أهلة مكسوفة، وتحسبها فوق مائه رعيل (10) دهم مصفوفة فلما ضمّت إلينا ودخلناها قلنا اركبوا
__________
(1) فى الأصل سقتنى وبه يختل الوزن.
(2) الحنش: الأفعى.
(3) الأصداغ الشعر المتدلى على الخدود.
(4) هكذا بالأصل ولعلها من قرنه، والقرن الخصلة من الشعر.
(5) الجلنار: زهر الرمان.
(6) فى الأصل شرق ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) الذر: أصغر النمل.
(8) فى الأصل وركب سجه ولعل الصواب ما أثبتناه.
(9) تعطو: تمد أعناقها متطلعة.
(10) الرعيل: القطعة من الخيل.(20/229)
فيها باسم الله مجراها ومرساها [فركبنا] (1) ولا فرش غير الرّيحان المنضد ولا سقف غير كتّان ممدد فصفعنا بأجنحتها قفاه وذلّلنا بمجادفها مطاه، (2) وابتدر الملّاحون فبعض إلى شباك الحرير، وبعض إلى صنانير، كأظفار السنانير، قد عطفها القين (3) كالراء وصيّرها الصقل كلألاء (4)، فجاءت أحدّ من الإبر، وأرقّ من الشّعر، كأنها مخلب صرد (5) أو نصف حلقة زرد فتقلدوا سموطها، وأرسلوا خيوطها مضمّنة أكلا وبيّا (6)، وسمّا لآكله وحيّا (7)، فأهووا بها إلى مقر السمك، وقذفوها فى سماء لا زورديّة الحبك فما هو إلا ريث قذف تلك الرّجوم من فوره، وطلوع النّينان (8) أشباه النحوم من غوره تبرق بريق الصوارم المسلولة، وتلمع لمعان الذوابل المصقولة، مدنّرة (9) الأصلاب مفضّضة البطون مذهّبة الأفواه مجزّعة العيون، تصلّ صليل السيوف فى اضطرابها، وتخطر خطران الفحول بأذنابها (10)، فاستخرجنا لحما طريا واشتوينا فأكلنا هنيئا مريّا، ورحلنا عنه، وقد تزودنا منه.
«فصل» فى وصف المكان الذى أفضوا إليه عند خروجهم من البحر:
__________
(1) فى الأصل فكما ولا فرسنة يريد أن الأشرعة دفعتها إلى أن تصك صفحته.
(2) المطا: الظهر.
(3) القين: الحداد.
(4) اللألاء: البريق واللمعان.
(5) الصرد طائر كبير الرأس يصطاد العصافير.
(6) وبيا: وبيئا.
(7) سم وحى: سريع الأثر.
(8) النينان: الحيتان.
(9) فى الأصل: مديرة الأصلاب وهو تحريف.
(10) تخطر: تهتز وتضرب بأذنابها يمينا وشمالا.(20/230)
وأفضى بنا الركب إلى رملة بيضاء مفضية إلى قرارة خضراء تتفجّر فيها عين كعين زرقاء، صفاء مائها، كصفاء إنسانها، وقد أحدق بها النبت كهدب أجفانها فملنا فى نميرها، وكرعنا فى غديرها وركزنا رماح الخطّ وجعلنا عالينا رياط العصب (1)، وافترشنا مطارف الوشى، فوق درانك العشب (2)
وجعلنا من اللّجم (3) أوتادا موتودة، واتخذنا من الأعنة أسبابا (4) ممدودة، فقام الخباء واستوى البناء، (5) والماء يقهقه فى خريره، والقمرى يقرقر فى هديره، والنسيم يعبق عن الروض الذكى، والجو مضمخ بزعفران العشىّ:
تشدو بعيدان الأراك حمامة ... شدو القيان عزفن بالأعواد (6)
مال النسيم بغصنه، فتمايلت ... مهتزّة الأعطاف والأجياد
هذى تودع تلك توديع التى ... قد أيقنت منها بوشك بعاد
واستعبرت لفراقه عين النّدى ... فابتل مئزر غصنها الميّاد
وإنا لكذلك إذ برقت السماء، فسلّت مذهب نصولها، ورعدت فصربت منذر طبولها (7) وجعل الغمام يعبىء مواكبه، وأخذ الرباب يرتب كتائبه، فبعدما
__________
(1) فى الأصل رباط العصب وهو تحريف. الرياط: جمع ريطة وهى كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد أو قطعة واحدة، أو كل ثوب لين رقيق، والعصب ضرب من الأنسجة
(2) الدرانك: الطنافس.
(3) فى الأصل من اللجم والسياق يرجح ما أثبتناه، يريد أنهم أقاموا خباء مؤقتا يسمرون فيه فجعلوا حدائد اللجم أوتادا وأعنة الخيل حبالا وبهذا استوى البناء. اللجم: جمع لجام.
(4) الأسباب: الحبال
(5) فى الأصل: فقام الجنا واستوى إلينا ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) فى الأصل يشدوا لقيان غرض ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) فى الأصل: مندو طبولها وهو تصحيف.(20/231)
أغذّ السير، وامتد طلقه (1) غلبه البهر (2) فتصبّب عرقه (3) فخر هنالك لقى (4)
فعند ذلك نادم الرّوض فغنى وسقى، فتنفست الأرض عن نكهة العروس (5)
وتبرجت فى حلية الطاووس:
وكأن صوت الرعد خلف سحابه ... حاد إذا ونت السحائب صاحا (6)
مرتجّة الأرجاء يحبس سيرها ... ثقل فتعطيه الرياح سراحا (7)
أخفى مسالكها الظلام فأوقدت ... من برقها كى تهتدى مصباحا (8)
جادت على التّلعات فاكتست الربا
حللا أقام لها الربيع وشاحا (9)
فساعة خمد البرق، وانقشع ذلك الودق (10)، واعتزمنا على الرحيل والتحول فى برد الأصيل فبصرنا بمطوقة قد أفردها الدهر عن إلفها واستاقها الحين إلى حتفها تصرّف من الياقوت طوفا وتقلّب من المرجان كفّا كأن
__________
(1) الطلق: جرى الفرس لا تحتبس إلى الغاية.
(2) فى الأصل عليه البهر وهو تحريف.
(3) فى الأصل: فنصب عرقه ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) اللقى: المطروح.
(5) النكهة: رائحة النفس والعروس تكون متطيبة فى العادة.
(6) من قصيدة مطلعها:
راحت تذكر النسيم الراحا ... وطفاء تكسر للجناح جناحا
وفى الذخيرة: خلف سحابها.
(7) فى الأصل يجلس سيرها نفل ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى أن هذه الحديقة كثيفة الأشجار ملتفة الأغصان لا تكاد أغصانها تتحرك لكثافتها حتى تحركها الرياح.
(8) آثرنا رواية الذخيرة، وفى الأصل فأثبتت من تركها كى نهتدى.
(9) التلعات: جمع تلعة وهى مسيل الماء.
(10) الودق: المطر.(20/232)
الزبرجد نظم قدها والفيروزج نمنمة بردها فبينا هى فى سرحها تلتقط بمقرضى جلم (1) وتسرط مفلقى (2) قلم.
أهوى لها أسفع الخدين مطّرق
ريش القوادم، لم ينصب له شرك (3)
فكأنما اكتمل بلهب وانتعل بذهب ملتفت من شذره، وملتحف فى حبره (4)، من رماحه أظفاره، ومن سيوفه منقاره من اللواتى تنافس الملوك فيها، وتمسكها (5) عجبا بها على أيديها، آية بادية، ونعمة من الله نامية تبذل لك الجهد صراحا وتعيرك فى بغيتك جناحا، وتتفق معك على طلب الأرزاق، على اختلاف الخلق والأخلاق، ثم تلوذ بك لواذ من يرجوك وتفى لك وفاء لا يلزمه لك ابنك ولا أخوك، فلما ارتقت (6) فى السماء، اتخذ إليها (7) سلّما من الهواء، وهى تبعد منه بعد الأمل، وهو يقرب منها قرب الأجل واختطفها أسرع من اللحظ، ولا محيد لها عنه وانحدر بها أقرب من اللفظ، فكأنما هى منه
__________
(1) فى الأصل: بفرحتى حلم، ولعل الصواب ما أثبتناه، المقرض حديدة يحز بها والجلم: المقص أو المقراض وهو يشبه منقارها هنا بالمقراض الحاد.
(2) تسرط: تبتلع، فلقا القلم: شقا سنه، وهو يشبه لسانها بشق القلم.
(3) مطرق ريش القوادم أى متراكب الريش الذى فى مقدمة الجناح كناية عن القوة.
(4) الشذر: اللؤلؤ الصغار، والحبر: ضرب من برود اليمن.
(5) فى الأصل وتمكسها وهو تحريف.
(6) فى الأصل: فلما أرمقت فى السماء ولعل الصواب ما أثبتناه، والمقصود هنا الحمامة.
(7) المقصود: الصقر.(20/233)
فجعل يتناولها بمثل التسعين (1) وقد أدخلها فى أضيق من السبعين (2) فكان لها موتا عاجلا، وكانت له قوتا حاصلا والحمد لله الذى منّ بهذه النعمة على الإنسان وفضله بما سخر له من الحيوان وفيه أقول:
فانقضّ مثل الدّ ... لو جلاه الرشا
ليس يشا (3) غير الذى مغه نشا
إن طار عنه صيده ... وإن مشى
أو غاب عنه ... فى السماء فتشا
أو غاص فى الأرض عليه نبشا (4)
يسفر عن خد ... صباح أبرشا (5)
طارت بقايا الليل فيه نمشا
يخاله من ... قد رآه أرقشا
عاجا بآبنوسه ... مخرّشا (6)
__________
(1) لعله يقصد أن مخالبه تنطوى عليها وكل مخلب منها يشبه رقم التسعة، أو أنه يريد بالتسعين، سن التسعين التى تلتهم عمر الإنسان التهاما.
(2) لعله يريد ضيق لهوته التى يشبه انفراجها كل مرة رقم السبعة أو الضيق والكرب الذى أحس به السبعون الذين اختارهم موسى عليه السلام فى قوله تعالى: {«وَاخْتََارَ مُوسى ََ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقََاتِنََا، فَلَمََّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قََالَ: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيََّايَ، أَتُهْلِكُنََا بِمََا فَعَلَ السُّفَهََاءُ مِنََّا}» الآية 155من سورة الأعراف.
(3) ليس يشاء.
(4) فى الأصل: أو غاص عنه الأرض وبه يختل الوزن.
(5) الأبرش: الذى فيه نكت صغار تخالف سائر لونه، والبرشة فى شعر الفرس:
نكت صغار تخالف سائر لونه، وبياض يظهر على الأظافر.
(6) خرش الزرع: خرج أول طرفه من السنبل.(20/234)
وما زلنا فى ذلك، نتحول عن تلك المنازل ونتجول فى تلك الخمائل، حتى ثار من حمرها، أفراد حران، كأنهنّ أولاد غزلان، قد جمع الأجل منها ما افترق، وأخرجها من كل نفق، فأخذت فى الهرب وأخذنا فى الطلب أثر كل روّاغ ينعطف انعطاف البره (1) ووثّاب يجتمع اجتماع الكره، حاك القصب (2) إزاره، وصاغ التبر حلوقه وسواره (3)، وحلك (4) بالعنبر متنه، وضمّخ بالكافور بطنه ونضح بعبير، ولفع بحرير، ينام بعينى ساهر، ويفوت بجناحى طائر، قصير اليدين، طويل الساقين، هاتان فى الصعود تنجدانه، وتانك عند الوثوب تؤيدانه (5) فلما طال به الجرى وظن أنه نجا أشلينا (6)
كلبا حللناه من ساجوره (7) وخلّيناه إلى مروره (8) فمرّ يخفى شخصه غباره، سوقه أنفذ (9) من القبّ الطامحة العيون (10) والعراب (11) اللاصقة البطون
__________
(1) البرة: كالخلخال.
(2) فى الأصل الغضب ولعل الصواب ما أثبتناه، والقصب: ما كان مستطيلا من الجوهر أو الدر الرطب المرصع بالياقوت أو مجارى الماء من العيون.
(3) حلوق الأرض مجاريها وأوديتها ومضايقها. والكاتب يصف هنا حمار الوحش.
(4) هكذا بالأصل ولعلها وجلل.
(5) فى الأصل: تنجده وتؤيده ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) أشلى دابته أراها المخلاة لتأتيه، والمراد هنا أنه أرى الصيد لكلبه ليطلبه.
(7) الساجور: خشبة تعلق فى عنق الكلب.
(8) فى الأصل وحليناه إلى مسروره ولعل الصواب ما أثبتناه.
(9) فى الأصل وفى سدفة أفقه ولعل الصواب ما أثبتناه.
(10) القب: جمع أقب يريد أنه فى اندفاعه إلى هدفه أسرع وأمضى من الخيل الضامرة المقوسة الظهور وهى أسرع جريا.
(11) فى الأصل العرب ولعل الصواب ما أثبتناه، والخيل العراب هى العربية الأصيلة الخالية من الهجنة.(20/235)
معرق فى نجابته معم مخول فى فراهته (1)، يسمع منك إيحاء (2) ويفهم عنك إيماء، يمشى فلا يمسّ الأرض بأربعه (3) ويجرى فلا تسبقه الريح إلى منزعه معترض كالسمهرى الحرّض (4)، وأبلق كالإبريق المفضّض (5) طرّز بالكافور على قذّته (6)، ووسم بالمسك على لبته (7):
إذا عدا واشتد فى طلابه ... يكاد أن يخرج من إهابه (8)
متّقد كالنار فى التهابه ... لا يطعن الصّيد بغير نابه
فغشيه كالغيث، وأخذه كالليث ففقر فقاره بشفاره (9) وقدّ قميصه بأظفاره، وتلاحقنا به، وقد أكب على صيده وقعد كأنها فريسة بين ساعدى أسد فروّيناه من دمه وخلّينا (10) بينه وبين إدامه (11)، فتهيأ لنا من السوانح ما أردناه، وتمكن بالجوارح (12) ما قصدناه وحمدنا الله تعالى إذ علّمنا فعلّمناها، وجعلها آلة من آلات الرزق فاستعملناها ثم أظلّنا ليل كظهر
__________
(1) معرق: أصيل فى نسبه. النجابة: الذكاء. معم مخول: كريم الأبوين، والفراهة الفتوة والقوة.
(2) فى الأصل يسمع شك إيماء ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) كأنه يسبح فى الهواء.
(4) السمهرى: الرمح الصلب منسوب إلى سمهر صانع الرماح.
(5) البلق سواد وبياض فى جسم واحد.
(6) فى الأصل قدته وهو تصحيف والقذة: الأذن وتطلق عادة على أذن الإنسان أو الخيل.
(7) اللبة: المنحر.
(8) أخذه من قول أبى نواس فى قصيدة طردية له:
تراه فى الحضر إذا هاها به ... يكاد أن يخرج من إهابه
(9) فقر: كسر، الفقار: الظهر. والمقصود بالشفار هنا: الأنياب الحادة.
(10) فى الأصل وحللنا وهو تصحيف.
(11) الإدام: الطعام الذى يتناول مع الخبر.
(12) الجوارح: ما علمها الإنسان على معاونته فى الصيد من سباع وطيور. قال الله تعالى: {«يَسْئَلُونَكَ مََا ذََا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبََاتُ وَمََا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوََارِحِ مُكَلِّبِينَ»}
الآية 4من سورة المائدة.(20/236)
الفيل (1)، التفّ جنحه بإهابه (2) وافتر فجره عن نابه (3) فكأن بدره ينبس عن صبحه بمصباح ومرّ يحدوه النّسر، إلى أن لفّ الرّبا فى ملاءة الفجر، فنمنا نومة النّصب (4)، وهدأنا هدأة الوصب (5) فما صحت العين من رقادها، إلا لتغريد الطير فى أعوادها وذكاء قد أذكت نفسها علينا، وسفرت فكشفت عن صفحتها إلينا:
بتنا وبات البرد يضربه النّدى ... من كلّ أخضر بارد الأنداء
والليل يخفى نفسه فى نفسه ... والصّبح كشّاف لكلّ غطاء
وكأنما الإصباح ينشر مهرقا ... أثر المداد به من الإمساء (6)
وقرّبت السوابق (7) فجلنا فى متونها (8) واطمأنت الأوابد (9) فخليناها لشئونها من تلك النزهة وقد تسلّت النفوس، ورجعنا من تلك الوجهة، ولا عطر بعد عروس (10) فتفرغت إذ ذاك للجواب، وتذكرت ما أوتيه الحجب
__________
(1) فى السعة والشمول والانطباق على الأرض.
(2) يشبه جنح الظلام بجلد الفيل فى العتمة والصفاقة.
(3) يشبه النهار بسن الفيل العاجى.
(4) النصب: التعب.
(5) الوصب: المرض.
(6) المهرق: الصحيفة (كلمة معربة).
(7) الخيل السابقة.
(8) متونها: ظهورها.
(9) الوحوش أو الحيوانات البرية التى لا تأنس للانسان.
(10) مثل مشهور قالته إمرأة مات زوجها وكان اسمه عروس فحزنت عليه حزنا شديدا ثم تزوجت بعده فأمرها زوجها بالتعطر فقالت: لا عطر بعد عروس، فذهبت مثلا.(20/237)
أعزّه الله من الحكمة وفصل الخطاب فسقط فى يدى (1)، واستدّ (2) دونى باب القول فأرتج علىّ غير أنى تخيّلت أبقاه الله صفاته، فجعلت أكتب ما تحكى، وتأملت مكرماته فأخذت أنسخ ما تملى (3):
يقولون: هذا أبلغ الناس كلّهم ... فقلت: المعالى علمتنى المعانيا (4)
وما لى فى قول تضمّن لفظه ... مناقب قوم غير ما كنت راويا
وعسى الأيام أن تسعف فنلتقى (5)، أو تنصف فنستقى فلو أمكننى مكان السفير لاستعرت أجنحة الطّير فوافيت حضرة المجد أسرع من الطرف، ولاقيت عزّة السعد أطوع من الكف، وقلت:
والشعر يبدي عطفه ويهزنى ... سيف القريض ورمحه الدعّاسا (6)
من طرّقت عنه صروف زمانه ... سمعا أزلّ وحيّة نهّاسا (7)
يسرى إلى ملك تهلّل وجهه ... شمسا، وراحته ندى رجّاسا (8)
__________
(1) سقط فى يده: ندم قال تعالى: {«وَلَمََّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قََالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنََا رَبُّنََا وَيَغْفِرْ لَنََا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخََاسِرِينَ»} الآية 149من سورة الأعراف فى أمر بنى إسرائيل بعد عبادتهم العجل.
(2) استد وانسد بمعنى: أغلق.
(3) فى الأصل: ما يحكى ما يملى ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى الأصل: فقلت المعانى.
(5) فى الأصل فتلقى.
(6) الدعاس: الطعان. المعنى: الشعر ينعطف إلى ويهزنى سيفا للقريض ورمحا طعانا به.
(7) السمع: ولد الذئب ويزعم العرب أن أباه ذئب وأمه ضبعة وأنه لا يموت حتف أنفه، وأنه فى عدوه أسرع من الطير ووثبته تزيد على ثلاثين ذراعا الأزل: السريع نهاس: عضاض، طرق الإبل: حبسها عن المرعى.
(8) فى الأصل: شما وراحته ندى، رجست السماء: رعدت رعدا شديدا وسحاب رجاس ممتلىء بالرعد والبرق والمطر.(20/238)
ترمى مع الأقدار رمى مؤيّد ... جعلت لأسهم رأيه أقواسا
قد عاورت عين الزّمان وأذنه ... ما تسأم الإيناس والإنحاسا (1)
وكتيبة مكتوبة بفوارس ... يلقون لا كشفا ولا أنكاسا (2)
فإذا تفهمت الجيوش كتابه ... دانت لمن راض الأمور وساسا
وكأنما النقع المثار دجنّة ... تقد الأسنّة منهم أقباسا
وكأنما غرر الجياد أهلّة ... يقطعن من هنواته أغلاسا (3)
وتخاله سلّ المجرّة سيفه ... وتحرك العيّوق فيه لباسا (4)
على أنى أتمهد من برّ أمير المؤمنين أعزه الله زفّ الرئال (5)، وأحلّ من إكرامه محل الهلال قد أينع لى روض المنى وانتظم زهره، وطاب غرس الندى واجتنى حلوه، وفيه أقول أيده الله ونصره:
أيا نصر الدين لم أنتصر ... بغيرك من زمن ظالم
إذا ما تحرّك أسكنته ... كما أسكن الفعل بالجازم
__________
(1) أعاره الشىء وعاوره إياه منحه له عارية والمعنى إن آراءه استعارت عين الزمان، وأذنه أى تصاريفه وأحداثه فهى تضر وتفع مثلها وفى الأصل: قد غادرت عين الزمان
(2) مكتوبة: مجموعة أو معدة، من كتبت القربة إذا شددت وكاءها، فكأنها معبأة مهيأ للقتال، كشفا: منهزمين فكأنهم كشفوا قوافلهم ومواقع رباطهم.
(3) هنواته: أوقاته جمع هنوة أغلاس: ظلمات آخر الليل.
(4) العيوق: نجم مضىء أحمر فى طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا ولا يتقدمها.
(5) فى الأصل: رق النعام وهو تحريف الزف صفاء ريش النعام، وإليه أشار المتنبى بقوله فى مشيعى جنازة أم سيف الدولة:
مشى الأمراء حوليها حفاة ... كأن المرو من زف الرئال
والرئال جمع رأل وهو ولد النعام.(20/239)
يفيض نداك على المجتدى ... كبحر يفيض على العالم
بمكارم هاشمية وأفعال علوية (1):
من القوم الذين سمعت عنهم ... بنى الزهراء، واختصر المقالا
وفيهم أقول:
أبناء فاطمة رسل العلى رضعوا
وبالسماح غذوا والجود إذ فطموا (2)
قوم إذا حلف الأقوام: أنّهم ... خير البريّة لم يحنث لهم قسم
سما لهم فى سماء المجد من شرف
بيت تداعت إليه العرب والعجم
مناقب سمحت فى كل مكرمة ... كأنما هى فى أنف العلا شمم
والفقيه المذكور (3) يبوئنى كنف رعايته (4)، ويلحفنى جناح عنايته، فألوذ بما غمر من فضله، وشمل القريب والبعيد من عدله وفيه أقول:
__________
(1) المعروف أن أسرة بنى حمود من سلالة على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء رضى الله عنهما.
(2) الرسل: اللبن.
(3) هنا انتقال مفاجىء فى الرسالة، ويظهر أن المصنف اختار منها نبذا. والكاتب يشير هنا إلى الفقيه حسين بن عيسى بن حسين الكلبى قاضى مالقة وكنيته أبو على، وشهرته حسون له رحلة إلى المشرق قابل فيها كثيرين من جلة العلماء والفقهاء وتتلمذ لأبى ذر الهروى، وكان أبو ذر إذا سئل بحضرته أحال عليه الجواب قال الشعبى كان فقيها فى المسائل حافظا لها عالما بأصولها ونظائرها ما رأيت مثله فى علمه بها ويعتبر فقيه مالقة وكبيرها وقاضيها توفى سنة 453هـ.
(4) فى الأصل زعانته وهو تحريف.(20/240)
فتى واحد فى عصره غير أنه ... يقوم لراجيه مقام ألوف
وما هو إلا رحمة الله مدّها
على كلّ ملهوف وكلّ ضعيف
وأنفذ فى الأحكام آراء فيصل ... لها فى قضاياه مضاء سيوف
فقل للّيالى عن أياديه إنها ... خصونى الّتى أعتدّها وكهوفى
حكم فعدل وقال ففعل وزير وضعت به الحرب أوزارها، ومدير جعلت عليه الخلافة مدارها، فتنزه عن الكبر والعجب، ووضع [الهناء] (1) مواضع النقب، وفى ذلك أقول:
ما قدر الأقوام هذا أن يرى
أبدا، ولكن ذاك فعل قدير (2)
يلقاك بسّاما بوجه ضاحك ... سار السفير إليه دون سفير
ما يسّرت يده الكريمة فى الورى
إلّا لوضع يد وجبر كسير
إن جئته يوما لدهرك شاكيا ... أفنته فطنته عن التذكير
__________
(1) زيادة يكمل بها المثل، وهو مأخوذ من قول دريد بن الصمة يتغزل فى الخنساء وقد رآها تدهن إبلها الجرباء بالهناء وهو القطران وتضعه فى النقب وهو بثور الجرب:
ما إن رأيت ولا سمعت به ... كاليوم هانىء أينق جرب
متبذلا تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النقب
(2) فى الأصل: لما قدر الأقوام وبه يختل الوزن.(20/241)
خشن الزمان لدى حتى جئته ... فرفلت من نعماه فوق حرير
والفقيه القاضى وفقه الله ركنى الذى آوى إليه من الزمان، ومجنّى الذى أتقى به طوارق الحدثان علم العلم الذى دلّ على الفضل دلالة الخطوط على المهارق (1) وفقيه العصر الذى حل من المجد محل النّواصى من الخيل فى المفارق، وفيه أقوال:
حسنت بحسّون (2) خلافة هاشم ... قاض تخيّره الخليفة وانتقى
وأغرّ وضّاح الجبين مبارك ... تلقى الحياء قناعه عند اللّقا (3)
شرفت به الدّنيا، وأمسى شخصه
فى المغرب الأقصى فأضحى مشرقا
صلى الجميع وصام شكرا واجبا ... لما تولى أمرهم وتصدّقا
هدى فى حكمه إلى أقوم الطّرق، وحتى على علمه بحسن الخلق، صنع من حكيم عليم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم:
يا هادى الضّلّال نهج طريقه ... وموفّى الإسلام كنه حقوقه
وإمام علم الدين والقمر الذى ... كشف العما بسنا الهدى وشروقه
وأخا القضاء العدل والحكم الّذى ... سوّاه بين عدوّه وصديقه
__________
(1) المهارق الصحف (معربة).
(2) حسين بن عيسى بن حسين الكلبى القاضى الشهير يحسون الذى أشرنا إليه فيما سبق.
(3) فى الأصل تلقى الحيا (بالقصر) وبه يختل الوزن.(20/242)
ووقفت فاستقصيت أنك واحد ... وجدوا صلاح الكلّ فى توفيقه
وما حرّك الحاجب أعزه الله ساكنا، ولا نبّه بقصده نائما، وقد طلعت الشّمس التى صار بها الغرب شرقا، وهبّت الريح التى عاد بها الحرمان رزقا، لواء المجد، فارس العقد، كسير (1) صدر الجيش وهو ربّه، ويتقلب فيه وهو قلبه:
بكل خميس بعيد المدى ... يضيق بمذهبه المذهب
ثقيل الخطا قاده أدهم ... ولكنه بالظّبا أشهب (2)
كأنّ الحديد على متنه ... لجين بشمس الضحى مذهب
مياه ترقرق رجراجها ... وللنقع من فوقها طحلب
يسحّ به للندى حاجب ... إذا جاءه الضّيف لا يحجب
تهز به الخيل أعطافها ... إذا مرّ من فوقه الموكب
حباها السرور به كأسه ... فظلّت على ودّه تشرب (3)
وقالت: أفى الحق لو أننى ... أرى مثل هذا ولا أطرب
كلما لاح بارق ارتحت إليه، أو ذر شارق سلمت من البعد عليه، فإذا بدت النجوم توهمت همّته وإن همت (4) الغيوم تذكرت موهبته، ولا أسمع
__________
(1) هكذا بالأصل ولعله يشبه الممدوح بجبل كسير وهو جبل عال مشرف على أقصى بحر عمامه، أو لعلها كبير.
(2) الطبا: حد السيوف.
(3) فى الأصل عفاها السرور ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى الأصل: نهجت، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/243)
العربية إلا قلت إنها من كلماته، ولا رأيت الغنيمة (1) إلا تيقنت أنها من فعلاته ولا أحلّ الرياض إلا وأحسبها شمائله، ولا أورد البحار إلا وخلتها نوافله.
وفى ذلك أقول:
وما شبهوا بالبحر كفّيه فى النّدى ... ولكنها إحدى أنامله العشر
يدان إذا أوما بها اشتاق ضارب
وحن سنان وانبرى سارب يجرى (2)
وأظهرت الأيام نخوة قدرة
تزيد بحسن الذكر كبرا على كبر (3)
أمنت به من كلّ شرّ أخافه ... من الدهر حتى نمت فى مقلة الدهر
يعزّ الملك، ويذل الشّرك، ويرفع (4) أعلام الحق، ويبسط العدل بين الخلق، شنشنة أعرفها من أخزم (5) ومن أشبه أباه فما ظلم، ولا بد أن يمد لى الأمل كفّيه، ويهز لى الجذل عطفيه، فلئن أزهى بنظمه فإنّه من شعره، ولئن
__________
(1) فى الأصل النمينة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) السارب: الذاهب على وجهه فى الأرض، والمقصود الجواد السريع.
(3) النخوة: العزة والافتخار والهمة، وفى الأصل: نحو وهو تصحيف.
(4) فى الأصل ويدفع. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى الأصل: شنسه، وهو تحريف، وهو يشير إلى المثل المشهور «شنشنة أعرفها من أخزم» كان أخزم عافا لأبيه فلما مات أخزم أساء بنوه معاملة جدهم فقال فيهم:
إن بنى صرجونى بالدم ... شنشنة أعرفها من أخزم
والشنشنة الطبيعة والعادة.(20/244)
اعتزى بفضله، فإننى متعلق بحبله ومعترف بأن الدّرّ يغترف من بحره، وغير منكر علىّ أن أحلب من أخلاف درّه، فخذنى أعزك الله إليك فقد تطارحت بنفسى عليك ورغبت فى فنائك وآثرت أن أصير تحت لوائك:
وإذا كان عند قلبك قلبى ... لم يضرنا تنازح الأبدان
وتصفّح بعين صفحك نظما ... قد غدا عن محبتى ترجمانى
قل لريب الزمان كيف ترانى ... شاكيا بعدها وأنت ترانى؟(20/245)
وإذا كان عند قلبك قلبى ... لم يضرنا تنازح الأبدان
وتصفّح بعين صفحك نظما ... قد غدا عن محبتى ترجمانى
قل لريب الزمان كيف ترانى ... شاكيا بعدها وأنت ترانى؟
أصبغ بن محمد القرطبى (1)
له فى معذّر:
بارك الله فى سواد الخدود ... إنه سؤدد لكلّ عميد
لم تجد بالوصال إذ كنت حيا ... يا قتيل العذار جد بالصدود
لو إلينا يكون دفنك حيا ... لدفناك فى قبور اليهود
__________
(1) اصبغ بن محمد بن أصبغ الأزدى وكنيتة أبو القاسم كبير المفتين بقرطبة من جلة العلماء وكبار الفقهاء بصير بالفتوى مقدم فى الشورى عارف بالشروط وعللها تولى الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة، وكان عالى الهمة عزيز النفس ولد سنة 445هـ وتوفى سنة 505هـ «الصلة لابن بشكوال ص 110».(20/246)
أبو عامر محمد بن الاصيلى (1)
له من رسالة كتب بها إلى ذى الوزارتين أبى محمد بن أبى الفرج (2) يعرفه ما لقيه من رؤساء أهل جزيرة شقر (3) ويذمّهم:
كتبت إليك أوان الخروج ... حزينا مهينا إلى دانيه
أسائل ربّى ألّا أعود ... إلى أرضكم مرّة ثانيه
حللت الجزيرة سحقا لها ... كأنى حللت بسردانيه
منعت الدّخول إلى أهلها ... فدرت كما دارت السانيه (4)
وبتّ ثلاثا بها طاويا ... قراى همومى وأحزانيه
فقل لابن ذى النّون ما باله ... يولى الحصون بنى الزانيه؟ (5)
وإن فعال بنى آدم ... لتبقى وأشخاصهم فانيه
__________
(1) له ترجمة موجزة فى القسم الثالث المخطوط من الذخيرة الورقة 136وفى مسالك الأبصار الجزء الحادى عشر الورقة 453والمغرب ج 2ص 444ولكنها جميعا لا تكشف شخصيته ولا توضح معالمه، وبها بعض مختارات من نثره وشعره. وغاية ما فيها أنه من أدباء القرن الخامس وأنه لم يستقر به مكان وأنه من فحول الشعراء والكتاب.
(2) وزير المأمون يحيى بن اسماعيل بن ذى النون بطليطلة وقد عهد إليه المأمون بتدبير شئون الأجناد والنظر فى طبقات القواد والشئون السلطانية والأعمال الديوانية.
(3) من أعمال بلنسية وبينهما ثمانية عشر ميلا وهى إلى الجنوب منها وتقع عند مصب نهر شقر على الشاطىء الشرقى للأندلس، وهى فى الواقع شبه جزيرة، وكانت بلنسية وأعمالها تخضع إسميا لبنى ذى النون ولكنها مستقلة استقلالا فعليا تحت حكم بنى عبد العزيز.
(4) السانية: الناقة التى يستقى عليها.
(5) المأمون يحيى بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذى النون حاكم طليطلة وقد وقعت بينه وبين بنى هود ملاحم عظيمة استعان فيها بالمسيحيين كما استعان بهم ابن هود مما زلزل عرشه، ولى الحكم سنة 435وتوفى سنة 467هـ إشارة إلى قوله تعالى: {«وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ََ مََا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً»} 68من سورة الكهف(20/247)
فارقتك لا فارقتك السلامة، ولا تخطّت إليك الملامة وحالى على ما أحطت به خبرا وبلوته سرا وجهرا من إخفاق سعى، وإبتلاء عرى إذ كان الذى وصل إلىّ، وحصل فى يدىّ، بكرم عنايتك، وجميل سعايتك يسيرا، أنفقت عليه كثيرا، وأقمت عليه طويلا، فلم أسدد به خللا، ولا استجلبت به جذلا، بل كلما سترت جانبا انكشفت جوانب، وكلما قضيت مأربة عرضت مآرب، لكننى شددت عليه [شدّ] (1) النحيل، وأعددته لمئونة الرحيل وخرجت على بلنسية جبرها الله، راكب حمار، ولابس أطمار (2)، كأنى سلبت فى الطريق، أو أقصيت من حملة لذريق (3)، إلى أن وافيت الجزيرة (4)، وآمالى بها كثيرة، ونزلت منها على مقدار شأوى (5) وقدمت كتابك إلى الوزيرين الجليلين أبى جابر وابن طريف أكرم الله بهما أعواد الكنيف (6) وكان من برّهما أنى نزلت خلف السور أخزى نزول:
حتى إذا رمت دخولا أبت ... نفس أبى الحجاج لى بالدخول (7)
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) الأطمار: الأثواب البالية.
(3) لذريق هو السيد الفارسى المسيحى الشهير دياز آل بيقار كان من سلالة عائلة نبيلة واشتهر بالبسالة وتبعه كثير من المغامرين فكان يؤجر سبعة لمختلف الأمراء من مسيحيين ومسلمين وتدور حوله أساطير كثيرة حتى توفى سنة 1099م.
(4) جزيرة شقر.
(5) الشأو: الغابة والغرض هنا: ما يناسب جهدى.
(6) المرحاض:
(7) لعله أبو الحجاج يوسف بن القاسم بن أيوب الفهرى من أهل شاطبة ذكره ابن بشكوال فى الصله.(20/248)
راسلته مستنزلا داعيا ... فكاد أن يقطع رأس الرسول (1)
أكرم به من قائد ماجد ... يصلح للحرث ورعى العجول
لا بد لى إن عشت والله أن ... أخرى على لحيته أو أبول
فجعلت عند ذلك أعض أنامل المغبون، وأقول: لله در ابن أبى أيوب، فلقد تخير للعاقل كل جواد عاقل، وأكثر ما ظهر حسن الإحسان فى البكيرشه (2)
والمغارة (3) وكم سوّهما من حصن حصين، فوّض أمره إلى غير أمين فجاء من ذلك ما قد ظهر، وتولد منه ما قد عرف واشتهر والله لقد جبت البلاد، وبلوت العباد، فلا شك عندى ولا مرية أن أرذل الناس أهل شنتمريّة (4) الأوغاد الحثالة، معادن الخساسة والنذالة، أخلاق اللّوم، وروائح الثوم، أحلام البغال وأقفاء (5) النعال، قد شغلتهم الوراعة (6) والطماعة، عن التحلى بالجود والشجاعة ناموا عن المكارم، وتجنبوا أخلاق الأكارم شرق الشرق (7)
بدهمائهم، وفسد بآرائهم فليس لحمد إليهم سبيل ولا لمخدعهم دليل (8)، لا أستثنى
__________
(1) مستنزلا مطالبا النزول.
(2) هكذا بالأصل. ولعلها: بكيران، وهى قلعة حصينة من أعمال دانية جنوبى شاطبة على بعد 40ميلا منها و 40ميلا من شاطبة.
(3) فى الأصل المنار ولعل الصواب ما أثبتناه، قلعة مجاورة لبلنسية.
(4) شنتمرية عاصمة إقليم السهلة التى كانت تحت حكم بنى رزين وتعرف اليوم باسم وهو تحريف لاسم بنى رزين وفى الأصل شنت رية وهو تحريف.
(5) فى الأصل وأفقا: ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) الوراعة: الجبن والضعف الذى لا غناء معه.
(7) شرق: غص.
(8) أى إن مخدعهم مطروق معروف لأن حماهم مستباح.(20/249)
منهم فى كل الأمور إلا أنت والفاضل أبا محقور (1) فكلا كما شريف جواد، هاد إلى سبيل الرشاد، إن رأى زللا أغضى أو همّ بمكرمة أمضى، لا يتعرض للسباب، ولا يقف قصّاده بالباب.
فأقسمت بالبيت الّذى طاف حوله
رجال بنوه من قريش وجرهم
يمينا لنعم السّيّدان وجدتما
على كلّ حال من سحيل ومبرم (2)
فأمّا الوزير أبو الحجاج فقد تقعدد فى مرتبة الحجاج (3) لا ينقصه من الخلافة إلا التّاج، يختال اختيال ذى رعين (4)، ويتوهم أنه ولّى الحرمين، يذلّك إذ يخترم، ولا يكلّم إلا حين يبتسم (5) وذلك شأن اللئيم إذا أكرم وعادة المتأخر إذا قدّم، ولطالما عشّش الفأر فى سرحه (6)، وتحالفت الرّقاع فى جرحه (7)
__________
(1) فى الأصل محتور، والتصويب عن الذخيرة حيث أوردت أن من وزراء إسماعيل بن ذى النون الحاج بن محقور وأشارت إلى جرأته على المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذى النون وأنه كان يواجهه بالنصيحة وإن كانت مرة (ج 1من القسم الرابع ص 113).
(2) البيتان من معلقة زهير بن أبى سلمى فى مدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان.
(3) الحجاج بن يوسف الثقفى.
(4) ذو رعين ملك من ملوك حمير.
(5) مقتبس من قول الفرزدق فى مدح زين العابدين.
يغضى حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم
(6) السرح: فناء الدار، والمراد إنه لا يأوى إليه إلا أمثال الفئران.
(7) فى الأصل: حرمه وهو تصحيف، والمراد اتفقت الأقلام على النبل منه.(20/250)
فواحدة من بدنة سليخة، وأخرى من جلدة بطّيخة (1) والوزير أبو المطرّف، إذا لبس الفرو الأحمر وتبرج فى مشيته وتبختر، قد أسبل أكمامه، ورتّب حشمه أمامه، قابضين على العصىّ والسكاكين، لابسين السلاهم (2) والبرانس، لا يكلّم الناس إلا إيماء، ولا يسلّم عليهم نخوة وازدهاء.
مغائظ ليس لها حيلة ... إلا انتظار الحين والرفت (3)
قل لابن ذى النون (4) الرئيس الذى
ليس له شىء من البخت
يا مالكا يجعل قواده ... قوما عدوا بالسلب واللّفت (5)
جاءوا إلى الشرق جياعا فما ... يشبعهم شىء من السّحت (6)
من كل حرّاث له لحية ... تدهن بالشّحم وبالزّيت
إن صار فى حصن رأى أنه ... قد أدخل العالم فى لحت (7)
__________
(1) يريد أن الأقلام اجتمعت على ذمه وأنها من حقارته تكتب هجاءه فى الجلود المسلوخة أو فى قشر بطيخة.
(2) هكذا بالأصل ولعلها السلاجم جمع سلجم وهو النصل الطويل أو الدقيق، ويكون المراد أنهم لابسون شكة القتال.
(3) الرفت: الدق والكسر.
(4) المأمون بن ذى النون.
(5) فى الأصل قوما عدوا عليه وبه يختل الوزن اللفت اللى لفته عن حقه: لواه به وصرفه عنه.
(6) فى الأصل: شىء من السمت وهو تصحيف.
(7) اللحت القشر والسلخ أو الاستيلاء على المال بحيث لا يترك لصاحبه شيئا واللوم الشديد العنيف.(20/251)
يحسد فرعون على قوله: ... «وهذه الأنهار من تحتى» (1)
لا جبر الله بنى جابر ... وزادهم مقتا إلى مقت
وابن طريف لارنا طرفه ... فى جسمه إلا إلى برت (2)
إن تأته فى حاجة يعتذر ... عذر يهود غدوة السبت (3)
ما هذه الأشباح تبا لها ... قد ملئت بالسّفه البحت
هيهات لا حرّ ولا حرّة ... من باب أقليش إلى الرّبت (4)
طالعتك أعزك الله بما نلته من المضرّة (5)، ولقيته من عدم المسرة، لتعلم ما به دهيت وعن أىّ قوس دناءة رميت، ولتدرى أن كتابك لم ينفع، وأن خطابك لم ينجع وأن الكلبين لم يكفهما أن منعانى لقاهما، حتى حجبانى عن سواهما.
وإن امرءا ضنّت يداه على امرىء ... بنيل يد من غيره (6) لبخيل
أسأل الله أن يكفلنا برزقه ولا يحوجنا إلى أحد من خلقه وأن يجعل سعيك مشكورا وفضلك مأثورا وأن يبقى عليك وارف تعمه وجزيل كرمه والسلام.
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى حكاية عن فرعون {«أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهََذِهِ الْأَنْهََارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلََا تُبْصِرُونَ»} الآية 51من سورة الزخرف.
(2) السبرت والسبرت: الفأس كلمة يمنية.
(3) لأن اليهود لا يباشرون عملا يوم السبت طبقا لشريعتهم.
(4) أقليش مدينة بالأندلس من أعمال شنتمرية، وقيل من أعمال طليطلة وقال الحميدى إنها من أعمال طليطلة ويكتبها الأسبان اليوم أما الربت فلم نجد لها ذكرا فيما بين يدينا من المصادر ولعلها البرت، وتكون هى جبال البرت أو تسمى جبال البرانس وهى الحدود الشمالية لأسبانيا.
(5) فى الأصل: من المصر، وهو تحريف.
(6) فى الأصل من ماله لبخيل، والسياق يقتضى ما أثبتناه.(20/252)
أبو الفتح الوزير (1)
وصفه فى الأدب بالغزارة وفى النظم والنثر بالمهارة، أورد له من رسالة إلى المقتدر (2) فى ذم قوم: استبدلوا بالخير شرا، واعتاضوا من العرف نكرا واختاروا بالعلم جهلا، وآثروا على الحياة قتلا ولم تزل تعاملهم بطول التؤدة وتفسح لهم فى مجال التوبة، وتتوكّف بهم غفران الحوبة (3) وتبسط لهم وفيهم بالغ المقدرة، وتترفق بهم ترفق من لا يزال سيبه (4) يسبق سيفه، ورجاؤه يغلب خوفه، ورحمته تفثأ (5) عذابه، وأناته تدرأ (6) عقابه، حتى جرفهم السفه، واستولى عليهم العمه (7) وسوّل لهم الشيطان واستدرجهم، وأوبقهم العصيان وأزعجهم، فبدروا لوقائع (8) حتّمها عليهم خلع الطاعة وإلى مصارع حكم بهم فيها فراق الجماعة.
__________
(1) وردت هذه الكنية مجهلة. ومن العسير التثبت من صاحبها ولعله أبو الفتح أكبر أولاد المعتمد بن عباد واسمه بالكامل أبو الفتح عباد بن محمد المعتمد بن عباد المعتضد ويكنى أبا ناصر أيضا استخلفه أبوه على قرطبة بعد تغلبه عليها وطرد ابن عكاشة منها، وظل واليا على قرطبة حتى أوقع المرابطون بأبيه، وهاجموا قرطبة بجيش جرار يقوده أبو عبد الله بن الحاج فقاومهم أبو الفتح حتى سقط قتيلا سنة 484هـ، والرسالة كتبها إلى المقتدر بالله بن هود، ومن المعروف أنه كانت بينه وبين أسرة ذى النون بطليطلة حروب متلاحقة ومن المعروف أن بنى ذى النون هم ألد أعداء بنى عباد، ولعل هذه الرسالة كتبت فى النيل منهم، ولهذا نرجح أن أبا الفتح هو عباد بن المعتمد.
(2) المقتدر بالله أحمد بن سليمان بن هود حاكم سرقسطة وما جاورها من الثغور كان جريئا حازما محبا للشعراء والأدباء توفى سنة 475هـ
(3) توكف لهم تعهدهم ونظر فى أمورهم، وتوكف الأمر: ترقبه، والحوبة: الإثم.
(4) السيب: العطاء.
(5) وردت هذه الكلمة بغير إعجام، ولعل صحتها ما ذكرناه. تفثأ: تسكن.
(6) تدرأ: تدفع، فى الأصل حتى حرمهم السنة.
(7) عمه فى طغيانه عمها: إذا تردد متحيرا وتخبط فى الضلال.
(8) فى الأصل فنذروا الوقائع ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/253)
ومنها: فما كان بين مناهم وتمنّيهم إلا ريثما اشتملت عليهم الحرب، واستوعبهم الطعن والضرب، وتحكمت فيهم الرماح والسيوف، وتراءت لهم فى أقبح صورها الحتوف، {«وَكَذََلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذََا أَخَذَ الْقُرى ََ وَهِيَ ظََالِمَةٌ»} (1) فالحمد لله معطى الحقّ أهله وموتى (2) كلّ ذى فضل فضله، الذى ينصر من اتقاه، ويخذل من عصاه، ولا أعدم الله مولاى برهانا يبهر، وسلطانا يقهر وحقا يظهر، وذكرا يخلد وفتحا يعود ويتجدد.
__________
(1) الآية 102من سورة هود.
(2) مؤتى وموتى: معطى.(20/254)
أبو عمرو الباجى (1)
ذكر أنه كان من الأئمة الفقهاء والكتاب البلغاء، وله التصانيف الحسنة الشرعية، والمؤلفات المرضية المرعية وأورد له من رسالة عن المقتدر (2) إلى الوزير أبى الفتح (3) فى قبول العذر:
ورد كتابك الأثير واجتليت ما حواه من القول الجميل، المشتمل على العذر المقبول وتأملت جميعه تأمل العارف بعذرك، الحامل لبرك الطيب لذكرك، ومثلك يقرب إذا تقرّب (4) ويعتب (5) إذا استعتب، ويمنح صدق المودة إذا تودد وتحبب، وما سلف محمول على ما أوضحته، موضوع حيث وضعته، منسى لا يذكر، مدفون لا ينشر، منسوخ العين والأثر، بالميل إليك، والحرص عليك، والظن بك، والإيثار لك والرغبة فيك، والاستكثار منك، ويحسن هذا ينبغى أن تستحكم بجانبى ثقتك، وتصح إليه استنامتك.
__________
(1) هو أبو عمرو يوسف بن جعفر بن يوسف الباجى من بيت علم وأدب متوارث ترجم له الفتح فى القلائد ص 106102وابن بسام فى الذخيرة «القسم الثانى المخطوط» ص 130110وكنيته فيها أبو عمر ويبدو منها أنه توفى هو وأبوه بمدينة سالم سنة 435كتب لبنى هود ومدح المعتمد بن عباد وإلى هذا يشير صاحب القلائد بقوله:
«فتهادته» الرياسات وقادته تلك السياسات، واستدعاه المقتدر بالله فعرف محله وأحله من الحظوة لديه ما أحله ولقى من أهل سرقسطة كل ضاحك بسام»
وهذا يجعلنا نشك فى سنة وفاته، لأن المقتدر لم يتول حكم طليطلة إلا سنة 438هـ وظل حاكما لها حتى سنة 474هـ.
(2) المقتدر بن هود حاكم سرقسطة.
(3) لعله أبو الفتح عباد بن المعتمد بن عباد الذى سبق ذكره.
(4) تقرب إلى الله بكذا تودد إليه.
(5) أعتب يعتب: رضى(20/255)
ابن الجودى (1)
وصفه بصفاء جوهر الكلام، وطيب عنصر القول، وتفرّده بالاستعارة الرقيقة والإشارة الدقيقة، والعبارة اللطيفة الرشيقة، وأورد من شعره قوله:
أدر كأس المدام فقد تغنّى ... بفرع الأيك أورقه الصدوح (2)
ونمّ على الرياض نسيم صبح ... تضوّع نشره مسكا يفوح (3)
وسال النهر يشكو من حصاه ... جراحات كما أنّ الجريح
وقوله:
رعى الله ذى الدنيا لقاء وموقفا ... تأتّى اتّفاقا لا لوعد ولا عمد
بميناء تعلوها الرياح بليلة
وتنظر فيها الشمس بالأعين الرمد (4)
على صخب لمّاع متن، كأنّه
سنا البرق أو سلّ الحسام من الغمد
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة فيما رجعنا إليه من المصادر وإنما هناك إشارة عابرة إليه فى نفح الطيب باسم الشاعر أبى الحسن بن الجودى، ولم يورد له شعرا، وفى تاريخ ثورات الأندلس كان هناك تأثر فى أواخر القرن الثالث فى البيرة اسمه سعيد بن سليمان بن جودى، ويقول المقرى إن بنى جودى ينتمون إلى سعد بن بكر بن هوازن وكانت لهم بالأندلس رياسة
(2) مذكر ورقاء والورقاء هى الحمامة، ولعلها ورقاء صدوح
(3) فى الأصل مسك يفوح.
(4) فى الأصل يمينا تعلوها الرياح ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/256)
وقوله فى تسهيل الحجاب:
هو الحرّ يهوى النّدى والعلا ... ويرعى عوارف أربابها
فهل لى لبابك من آذن ... فآتى حقوقك من بابها؟
وإلا طويت عروض البلا ... د طىّ التّجار بأثوابها
وطوفت أشكر نعمى مضت ... وأرجو اللحاق بغيّابها
وقوله:
عساك تغض الطرف والنقد، إنها
هنات، وما بقيا الهنات على النقد؟
تجاوز لها واحقد على باعث لها ... فإنّ الهوى والدهر أهلان للحقد
وقال:
هل يقدر الدهر والدنيا وعائدها ... والأرحبيات والمهرية القود
أن تدنو الدار لى فى فتية سمح
يندى ويخضرّ فى أرجائها العود (1)
أفديهم طوقوا النّعمى مؤمّلها ... طوق الحمامة لا يشقى به الجيد
من كل أروع مثل السيف منصلت
تنضى له البخت أو تطوى له البيد (2)
__________
(1) «يندى ويخضر فى أرجائها العود» جملة حالية من الدار.
(2) وردت كلمة البخت دون إعجام والمعنى يقتضيها وهى نوع من الإبل الخراسانية.(20/257)
نعم الأحاديث إن حلّوا وإن رحلوا
كالماء والروض مورود ومودود
أبناء زهرة لم يفهم مواضعها
إلا العلاء وإلّا السّرو والجود (1)
كالأنجم الزّهر لا مرقاتها لمدى ... ولا تلألؤها فى الدهر مفقود (2)
وددتهم للعلى، والقوم ودّهم
رغب ورهب ومأمول ومقصود (3)
لولا القضاء وأن المرء تغلبه
أحكامه الغرّ أو أحكامه السّود (4)
لقد رجعت على نفسى بلائمة ... ولومها عذل منّى وتفنيد (5)
أشكوك يا دهر قد ملّ السّرى فرسى
وغال مهرى تخديد وتصعيد (6)
__________
(1) بنو زهرة أسرة عريقة فى إشبيلية وهم بطن من بطون قريش.
(2) فى الأصل لا مرقابها لمدى وهو تصحيف المرقاة: السلم مكان الرقى، والغرض أن رقيهم لا يقف عند حد، وأن أضواءهم لا تنتهى.
(3) فى الأصل: رغبتى ورهبتى وهو تصحيف ولعلها رغبى ورهبى.
(4) جواب الشرط فى البيت التالى.
(5) فى الأصل: عدل منى وتقييد ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) فى الأصل تحديد وتصعيد، ولعل الصواب ما أثبتناه، التخديد: الهزال يقال خدده السير: أصابه بالهزال، وكان الأنسب أن يقال: تصويب وتصعيد لأنهما متقابلان.(20/258)
عاودنى الخفض ليس المرء من جلد
ولا فؤاد الفتى فى الصدر جلمود (1)
أفى زمام العلى أنى لها وبها ... وأن حظّى مطلوب ومنشود
لا بأس جدّ الفتى من جدّ منجده
إن الذى يعلق المجدود مجدود (2)
__________
(1) فى الأصل ليس المرء فى خلد ولعل الصواب ما أثبتناه، الجلد: الأرض الصلبة.
(2) الجد: الحظ أو الثروة، والمجدود: المحظوظ.(20/259)
أبو محمد عبد الله بن سارة الإشبيلى (1)
توفى بعد سنة خمسمائة رحمه الله، ذكره لى بالعراق الفقيه أبو على الحسن ابن صالح المالقى وقد قدم وأنشدنى لابن سارة فى الوراقة:
أما الوراقة فهى أنكد حرفة ... أغصانها وثمارها الحرمان (2)
شبّهت صاحبها بإبرة خائط
تكسو العراة، وجسمها عريان (3)
ثم طالعت بالشام حديقة أبى الصلت فوجدته قد أورد من شعره البيتين وأورد أيضا قوله:
أسنى ليالى الدهر عندى ليلة
لم أخل فيها الكأس من إعمال
فرّقت فيها بين جفنى والكرى ... وجمعت بين القرط والخلخال
__________
(1) أبو محمد عبد الله بن محمد بن سارة البكرى الشنترينى من أهل شنترين (مدينة من أعمال باجة غربى الأندلس)، سكن إشبيلية واحترف فيها الوراقة وتجول فى بلاد الأندلس شرقا وغربا. امتدح الولاة والرؤساء. وكان أديبا ماهرا شاعرا ولكنه كان عاثر الجد، توفى سنة 517هـ له ترجمة ومختارات من شعره فى الذخيرة (القسم الثانى المخطوط ص 522 534) والمطرب ص 87، 138والمغرب ج 1ص 419، 420والتكملة ص 462 ورايات المبرزين ص 35وقلائد العقيان ص 271258وشذرات الذهب ج 4ص 55 ومسالك الأبصار ج 11ص 383.
(2) آثرنا رواية المختصر والتيمورية، والمطرب والقلائد، وفى مسالك الأبصار آلة وفى الأصل آيلة، وفى الذخيرة أيكة.
(3) فى الذخيرة شبّهت صاحبها بصاحب إبرة.(20/260)
وقوله (1):
ومهفهف رقّت حواشى حسنه ... فقلوبنا شفقا عليه رقاق (2)
لم يكس عارضه السواد وإنما ... نفضت عليه صبغها الأحداق (3)
وقوله:
أبدى سوالف ريم زانها العطل ... واستلّ صارم لحظ هابه البطل
وافترّ عن رتل ألمى، فعلّمنى ... ترتيل وصفى فيه ذلك الرّتل (4)
وما حرنت فصار السّبق مرتجلا
فى الشّعر حتى بدالى شعره الرّجل (5)
وقوله وقد جلس إلى جنبه غلام حسن الصورة ثم قام وأعقبه رجل أسود:
مضت جنّة المأوى وجاءت جهنّم
فأصبحت أشقى بعد ما كنت أنعم (6)
__________
(1) نسب صاحب القلائد البيتين إلى أبى الحسن بن الحاج (ص 139).
(2) فى المطرب والذخيرة ومعذر فقلوبنا وجدا وفى القلائد:
ومعذر رقت محاسن وجهه ... فقلوبنا وجدا عليه رقاق
(3) فى المطرب والذخيرة والقلائد نفضت عليها صباغها وفى الذخيرة لم تكس عوارضه وبها يختل الوزن.
(4) الرتل: بياض الأسناف وكثرة مائها، ألمى صفة للشفتين بهما حمرة مائلة للسواد.
(5) هكذا بالأصل ومعناه: وما تأبيت على الشعراء فاشترطت أن تكون المسابقة بيننا فى الشعر ارتجالا إلا حينما طالعنى شعره الرجل فأوحى إلى ولعلها: وما حويت قصاب السبق، وإن تكن قصبة السبق تجمع على قصبات والشعر الرّجل: ما بين السبوطة والجعودة
(6) فى القلائد والمغرب: فها أنا أشقى.(20/261)
وما هى إلا الشمس حان غروبها ... فأعقبها جنح من الليل مظلم (1)
وقوله فى فروة خليعة (2):
أودى بذات يدى ذماء فريّة ... كفؤاد عروة فى الضنى والرقة
يتجشّم الفرّاء فى ترقيعها ... طول المشقّة فى قريب الشّقّة (3)
إن أقر باسم الله عند لباسها ... قرأت علىّ إذا السماء انشقّت (4)
وذكره الفتح صاحب قلائد العقيان وقال (5): نادرة الدهر، وزهرة الأيام المثبت فى الأعناق من ذمّه أو مدحه مياسم كأطواق الحمام.
وتراه دميث الهيئة وقورها طيب النفس صبورها حتى إذا حرشت ضبابه ونوزع السبق فانبرى غلابه طبع من سانح طبعه منصلا وطبّق من ضريبته مفصلا، وأورد من شعره قوله فى وصف روض:
أمّا الرياض فإنّهنّ عرائس
لم يحتجبن حذار عين الكالى (6)
__________
(1) فى القلائد والمختصر والتيمورية: فأعقبها قطع.
(2) فى القلائد: يصف فروا له مع بيت زائد وخلاف فى الترتيب. الذماء البقية الباقية من النفس، فرية: تصغير فروة والمقصود أن هذه الفروة بليت ولم يبق منها إلا بقية ضئيلة، وفى القلائد: فرية أرنب، والمقصود بفؤاد عروة بن حزام، وقد أحب بنت عمه عفراء وصاغ فيها شعرا رقيقا مؤثرا، كان جاهليا أدرك الإسلام وأسلم وتوفى سنة 30هـ وله ديوان شعر مخطوط بدار الكتب المصرية، وله أشعار متفرقة فى الأغانى وأمالى المرتضى وذيل الأمالى وخزانة الأدب وفوات الوفيات.
(3) فى القلائد بعد الشقة.
(4) فى المختصر والتيمورية والقلائد: إن قلت باسم الله ويشير إلى مستهل سورة الانشقاق، أى إنها تتمزق عند ما يهم بلبسها، ويلى هذه الأبيات الثلاثة فى القلائد:
لو أن ما أنفقت فى إصلاحها ... يحصى لزاد على رمال الدجلة
(5) لم ترد هذه العبارات فى قلائد العقيان، ويقول النقاد إن المؤلف ألف من القلائد ثلاث نسخ إحداها مطولة والثانية وسيطة والثالثة وجيزة.
(6) الكالى هو الكنى(20/262)
جاد الرّبيع لها بنقد مهورها
دفعا، ولم يبخل بوزن الكالى (1)
تثنى الصّبا منها أكفّ زبرجد ... منظومة أطرافها بلآلى
وقوله فى وصف نار:
لابنة الزّند فى الكوانين جمر ... كالدرارىّ فى دجى الظّلماء
خبّرونى عنها ولا تكذبونى ... ألديها صناعة الكيمياء؟
سبكت فحمها صفائح تبر ... رصّعتها بالفضّة البيضاء (2)
كلما رفرف النسيم عليها ... رقصت فى غلالة حمراء (3)
ولابن سنان الخفاجى:
وكأنها والريح عابثة بها ... تزهى فترقص فى قميص أحمر
وأصله قول أبى تمام:
كأن ميزاننا فى رأس قلعتهم ... مصبّغات على أرسان قصّار
عود إلى شعر ابن سارة:
لو ترانا من حولها قلت شرب ... يتعاطون أكؤس الصهباء
__________
(1) الكالى هنا: الوازن مقلوب: كال.
(2) فى المغرب: سبائك تبر.
(3) ويلى هذا فى المغرب والقلائد ثلاثة أبيات هى:
كلما رفرف النسيم عليها ... رقصت فى غلالة حمراء
لو ترانا من حولها قلت شرب ... يتعاطون أكؤس الصهباء
سفرت فى عشائها، فأرتنا ... حاجب الشمس طالعا بالعراء(20/263)
هذا البيت مقلوب قول أبى نواس:
رب الشرب حولها من بعيد ... قلت: قوم من قرّة يصطبر
وأشار إلى شعر ابن سارة:
نظرت فى عشائها فأرتنا ... حاجب الشمس طالعا بالعشاء
وقوله فيها أيضا:
عفتك فى تنورها المسجور ... عراء فى حلل من الدّيجور (1)
؟؟؟ ... بس الظلام بها غلالة نور
؟؟؟ ... شررا كمثل العسجد المنثور
والجمر فى حلل برماد كافه ... وزد عليه دريرة الكافور (2)
فى ليلة خلنا دجاها إثمدا ... ونجومها مرضى عيون الحور
وقوله فيها أيضا:
قد شابت النار بكانوننا (3) ... لما تناهى عمرها واكتهل
كأنها لمّا خبا جمرها ... مطيّب الورد إذا ما ذبل
وقوله:
باتت لنا النار درياقا وقد جعلت ... عقارب البرد تحت الليل تلسعنا
__________
(1) التنور: الفرن، المسجور: الملتهب أو الممتلىء.
(2) ذريرة الكافور: محسوقه. الإثمد: الكحل
(3) فى المغرب بتنورها.(20/264)
زهراء قدّت لنا من دفئها لحفا ... لم يعلم البرد فيها أين موضعنا
لها حريق بكانون نطيف به ... كمثل جام رحيق فيه مكرعنا
تبيحنا قربها حيفا وتبعدنا ... كالأمّ تفطمنا حينا وترضعنا
وقوله فى وصف النارنج:
يا ربّ نارنجة يلهو النديم بها ... كأنّها كرة من أحمر الذّهب
أو جذوة حملتها كفّ قابسها ... لكنها جذوة معدومة اللهب
وقوله فى وصف النارنج أيضا:
أجمر على الأغصان زادت غضارة
به أم خدود أبرزتها الهوادج (1)
وقضب تثنّت أم قدود نواعم ... أعالج من وجدى بها ما أعالج
أرى شجر النارنج أبدت لنا جنى
كقطر دموع ضرّجتها اللّواعج (2)
جوامد لو ذابت لكانت مدامة
تصوغ البرى منها الأكفّ الموارج (3)
__________
(1) فى القلائد والمختصر زاهت نضارة وفى المغرب دارت نضارة.
(2) فى القلائد والذخيرة أبدى لنا جنى.
(3) فى الذخيرة: تصوغ البرى الموازج وفى القلائد: تصوغ البرى النوارج، البرى: جمع برة وهى الحلقة فى أنف البعير أو الخلخال، الموارج التى تمزجها: والمقصود أن الأكف التى تمزج هذه الخمور تصنع فيها حلقات الحبب.(20/265)
كرات عقيق فى غصون زبرجد ... بكفّ نسيم الريح منها صوالج
نقبّلها طورا وطورا نشمّها ... فهنّ خدود بيننا ونوافج (1)
فهى صبوتى ألا تصيخ إلى النّهى ... عروس من الدنيا عليها دمالج
وقوله يصف نجما فى السماء انقضّ ونزل فرآه مستطيل ضياء.
وكوكب أبصر العفريت مسترقا
للسّمع [فانقضّ] (2) يذكى إثره لهبه
كفارس حلّ إحضارا عمامته ... فجرها كلها من خلفه عذبه (3)
وقوله فى غلام أزرق:
ومهفهف أبصرت فى أطواقه ... قمرا بآفاق المحاسن يشرق
مضى على المهجات منه صعدة ... متألّق فها سنان أزرق
وقوله فى الزهد:
يا من يصيخ إلى داعى السّقاة، وقد
نادى بك النّاعيان: الشيب والكبر
إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ثوى
فى رأسك الواعيان: السّمع والبصر (4)
__________
(1) نوافج: جمع نافجة وهى وعاء المسك.
(2) زيادة يقتضيها السياق وتوحى بها القلائد حيث ورد البيت فيها:
وكوكب أبصر العفريت مسترقا ... فانقض يذكى له فى إثره لهبهه
(3) الإحضار والحضر: ارتفاع الفرس فى عدوه، وفى الأصل اجصارا وهو تصحيف.
(4) فى الأصل ففيم ثوى وهو ما عن القلائد.(20/266)
ليس الأصمّ ولا الأعمى سوى رجل
لم يهده الهاديان: العين والاثر (1)
لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ال
أعلى ولا النّيّران: الشّمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرهت ... فراقها الثاويان البدو والحضر (2)
وقوله من كلمة (3):
تنمّر الدهر حتّى ما فرقت له
من قسورىّ الدّجى فى فروة النّمر (4)
لا بد أن يقع المطلوب فى شركى ... ولو بنى داره فى دارة القمر (5)
قاضى الجماعة فى دار الإمارة لى
قاض على الدّهر إن لم يقض لى وطرى
لولا ضلوع توارى نار فطنته
لأحرقت وجنات الشّمس بالشّرر (6)
__________
(1) العين الشىء المعاين، والأثر: الشىء الباقى الذى لا يكاد يدل على أصله، يقال:
أصبح أثرا بعد عين أى لم يبق منه إلا بعض الأطلال.
(2) فى القلائد: وإن كرها
(3) من قصيدة أورد صاحب الذخيرة فيها أبياتا عديدة أولها:
سافر فإن الفتى من بات مفتتحا ... قفل النجاح بمفتاح من السفر
ولا يذودنك من وجه تصعبه ... قد ينبع الكوثر السلسال من حجر
(4) فى الذخيرة: لى حتى سرقت له «لعلها شرفت له»
(5) فى الذخيرة: ولو بنى وكره.
(6) فى الأصل نار فطرته، والتصحيح عن المختصر والتيمورية والقلائد.(20/267)
ومن قصائده فى المدح قوله من قصيدة فى مدح قاضى القضاة أبى أمية ابن عصام (1):
قدّمت بين يدى مديحك هذه ... والوبل يبدو أولا برذاذه (2)
والطّرف يعلم عتقه من طرفه ... قبل احتماء الحضر فى أفخاذه (3)
وكذا المهنّد يستبان مضاؤه
فى صفحتيه، ولم يقع بجذاذه (4)
كم ذا يعذبنى الرجاء ولا أرى ... للحظ إقبالا على إغذاذه
الذكر منك على لسان مودّتى ... أحلى من البرنىّ أو آزاذه (5)
فى قلب ليل قطّعته عزائمى ... فبكت فراقده على أفلاذه (6)
أو فى رداء ضحى تراه معصفرا
عند الأصيل بحجرة من حاذه (7)
__________
(1) أشار إليه المقرى وقال: إنه قاضى قضاة شرق الأندلس. ولم يزد على هذا ولم يعد لهذا القاضى أية إشارة فى كتاب قضاة الأندلس ولكن صاحب القلائد أورد له ترجمة تحت اسم قاضى قضاة الشرق أبو أمية إبراهيم بن عصام. وهى ترجمة لا تخرج منها بأى تفصيل عن حياته، وذكره ابن دحية فقال: الفقيه العالم الأديب الأحسب قاضى القضاة بشرق الأندلس ومخبة الأملاك من كلب، ثم عثرنا له على ترجمة موجزة فى التكملة باسم إبراهيم بن محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن عصام من أهل مرسية وقاضى قضاة الشرق يكنى أبا مكة، يعرف بابن منتال ولى قضاء بلده مدة وصرف عنه ثم أعيد إليه وأقام فى ولايته نحوا من خمس وثلاثين سنة، وله حظ من الأدب والشعر وتوفى سنة 516هـ
(2) فى القلائد: يبدأ أولا برذاذه ويلى هذا البيت فى القلائد قوله:
والسهم يبدو فى ترنم قوسه ... مقدار غلوته وكنه نفاذه
(3) الطرف: الجواد الكريم، والحضر: ارتفاع الفرس فى عدوه.
(4) الجذاذ: القطع الفاصل.
(5) فى القلائد: والذكر، البرنى، والآزاذ: نوعان من التمر الجيد.
(6) الأفلاذ: قطع الكبد الممزقة.
(7) الحاذ والحوذان: نبات له زهرة حمراء فى أصلها صفرة، وفى القلائد من ذاذه.(20/268)
وسراب كلّ ظهيرة مترقرق ... يختال عطفى فى ملاءة لاذه (1)
والركب من كاس الكرى مترنح
كالشرب فى الماخور من كلواذه (2)
والشمس فى كفّ الهواء سجنجل
يتوقّد الهندىّ من فولاذه (3)
إن قابلت مرآة رأيك أبصرت ... منها شبيها فى يدى نفّاذه (4)
لو أن عدلك يحتذيه زماننا ... لم يلقنا بالجور فى استحواذه
ولكان بالإسعاف يلقى ناظرى ... فيطوف منك بركنه وملاذه (5)
أصحبت ليثا فى مخالب ثعلب ... من مطلبى فى روغة ولواذه (6)
أستاذه الدهر الخبيث وللفتى ... شيم تلوح عليه من أستاذه (7)
للنّاس عيش درّت الدنيا لهم ... من دوننا بنعيمه ولذاذه (8)
أخذوه موفورا كما شاءوا، ولم ... يؤذن لنا فنكون من أخّاذه
__________
(1) اللاذ جمع لاذة وهى ثوب حريرى صينى أحمر.
(2) فى الأصل: فى الماجور والتصحيح عن القلائد الماخور: حانة الشراب وكلواذ قرية جنوبى بغداد بالجانب الغربى من نهر بوق أو هى موضع من أرض حمدان.
(3) السجنجل: المرآة، والذهب وسبائك الفضة، والزعفران.
(4) فى القلائد فى يدى إنفاذه.
(5) فى القلائد: فيطوف منه
(6) فى الأصل أصبحت نيلا فى روعه ولواذه والتصحيح عن القلائد، والتقدير أصبحت من مطلبى ليثا فى مخالب ثعلب.
(7) فى القلائد أستاذه الزمن الخبيث.
(8) فى الأصل الناس عيس بنميمه وبزاذه، والتصويب عن القلائد.(20/269)
حضروا وغبنا شذّذا، ولربما
حرم الغنى من كان من شذاذه (1)
وأراهم هذّوا، وأبطأنا وقد ... يدنو بعيد الخطو من هذّاذه (2)
ليست تؤدّ أخا اقتصاد عيلة ... مستظهرا فيها بخفة حاذه (3)
فذّا إذا زحف الزّمان بجمعه
رفض الجميع وحلّ فى أفذاذه (4)
والمرء قد يجنى الرّضا من سخطه
كالليث يفرس وهو فى أسفاذه (5)
وقذ الزمان جوانحى ووقذته ... فانظر إلى موقوذه ووقاذه (6)
إن صدّ عن رمحى بثغرة نحره ... فسنان عمرى واقع فى كاذه (7)
لما ذكرتك لاذ بين صروفه
يبغى النجاة، ولات حين لياذه (8)
__________
(1) يرمز إلى أنه تنقل فى البلاد راحلا فخاب وأصاب الغنيمة المقيمون.
(2) هذو: أسرعوا.
(3) فى الأصل: ليست تود، وفى القلائد: ليست تؤذ ولعل الصواب ما أثبتناه، أدته الداهية تأده وتئيده وتؤده: دهمته العيلة: الفاقة الحاذ: الظهر، يقال خفيف الحاذ:
قليل المشاغل أو قليل المال والعيال وفى القلائد ليست تؤذ أخا اقتضاء غيلة.
(4) فى القلائد: هذا إذا زحف الزمان ويلى هذا فى القلائد:
يصمى الأغن من السهام، وربما ... أنمى المريش على وفور قذاذه
(5) هكذا بالأصل، ولعلها أسباذه، والسبذة بالتحريك شبه المكتل معربة، أو لعل الأصل أصفاده، واستجاز الشاعر إبدال الدال ذالا، ولكن هذا الإبدال لم يرد فى كتب اللغة وقد يكون حمله على بغداد وبغداذ والكاغد والكاغذ.
(6) وقذه آذاه أو ضربه أو صرعه أو غلبه وتركه عليلا.
(7) فى القلائد فسنان رمحى، والكاذة لحم مؤخر الفخذين أو ما حول العورة.
(8) فى القلائد: فبغى النجاة.(20/270)
إنى منيت من الزمان بصاحب ... قاسى الفؤاد خبيثه لوّاذه (1)
وافيت مرسية فوافى قائلا ... بتصلف ما شاء: ليست هذه (2)
فمتى أصول عليه بابن عصامها ... سبّاق ميدان العلى بذّاذه (3)
ومتى أرى سعيى بدهرى هازلا ... وعلاه منه تجد فى استنقاذه (4)
يا ويح قلبى كم يضيق وكلمه ... يسع الفجاج الفيح فى إنقاذه
زادت عوائق دهره فى برحه ... إذ حان منها عوذه بمعاذه
قاض تقابلنا حبى أبراده ... بأبى هريرة فى التّقى ومعاذه (5)
ظمئت إلى ماء الفرات جوانحى ... وأنا مقيم فى ذرى بغداذه (6)
ناديت بدر التم إن شئت السّرى ... فى غير نقص فالقه أو حاذه (7)
فلألقينّ به الزّمان وأهله
فى تيه قيصره وزهو قباذه (8)
__________
(1) اللواذ: المراوغة.
(2) مرسية قاعدة مقاطعة ندمير وتقع على النهر الأبيض وبها طواحين متنقلة فى السفن وحولها سهل عامر بالفواكه.
(3) القاضى أبو أمية إبراهيم بن عصام الممدوح بهذه القصيدة، بذاذ: سباق.
(4) فى القلائد: يجد فى استنفاذه.
(5) أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسى صحابى من أكثر الصحابة رواية للحديث أسلم سنة 7هـ ولزم الرسول صلى الله عليه وسلم واستعمله عمر رضى الله عنه على البحرين مدة، توفى سنة 59هـ معاذ بن جبل بن عمر بن أوس الأنصارى صحابى جليل من أعلم الصحابة بالفتيا، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء اليمن، وغزا مع أبى عبيدة الشام توفى سنة 18هـ. الحبا: جلسة خاصة مريحة يلف فيها الجالس ثيابه حول فخذيه ووسطه، ويكنى بهذه الجلسة عن الوقار.
(6) فى القلائد: فى ثرى بغداذه، وبغذاذ هى بغداد.
(7) فى القلائد: إن شئت السنا.
(8) قباذ هو كسرى يلقب به عدة من أكاسرة الفرس.(20/271)
وله يمدحه:
يا من عزائمه أمضى إذا انتضيت
من الحوادث إذ يسطو بها القدر
ومن إذا ما بدا فى أفق طرّته
جبينه المسفر استخذى له القمر (1)
عين الرجاء إلى رؤياك شاخصة
فى حاجة أنت فيها السمع والبصر (2)
ومنها:
فى حبوتيه إذا استقبلته ملك ... مقدّس الروح إلا أنه بشر (3)
أضفى على الدين أبراد الشباب فقل
صدّيقه البرّ أو فاروقه عمر (4)
من ادّعى الشرك فى أكرومة معه
فاغلظ عليه وقل: للعاهر الحجر (5)
وقل له ما ترى فى روضة أنف
وافت ليسقيها من جودك المطر (6)
__________
(1) فى القلائد: فى أفق مكرمة.
(2) يلى هذا البيت بيتان آخران فى القلائد.
(3) الحبوة: جلسة خاصة يلف فيها الجالس كساءه حول وسطه وفخذيه، ويكنى بهذه الجلسة عن السيادة عند العرب.
(4) يشير إلى أبى بكر الصديق والفاروق عمر رضى الله عنهما.
(5) يشير إلى الحديث المشهور الولد للفراش وللعاهر الحجر.
(6) فى الأصل وافت ليسقها، والتصحيح عن القلائد.(20/272)
وقال يمدحه:
حاكها كالجنوب تزجى القطارا ... صافح الورد نفحها والعرارا (1)
فى حبير من حالك الحبر تبدي ... لك ليلا من طرسه ونهارا (2)
رقّ ديباجة فكان زلالا
حيث دارت به النواسم دارا (3)
تتلالا من المعانى شموس
فوق صفحيه تخطف الأبصارا (4)
خجل الصّبح من شكاتى فأبدى
سوسن الخد منه لى جلنارا (5)
ورآنى بلا عقار فكادت ... صفحة منه تستهلّ عقارا
ورآنى الصّباح أصحب حالا
ذات عدم فذاب ماء ونارا (6)
عثر الدهر بى، وقد جئت حرّا
زاكى الأصل ينعش الأحرارا (7)
__________
(1) فى القلائد هاكها كالجنوب، القطار: السحائب المتتابعة.
(2) الحبير: الناعم الجديد، والسحاب المثمر، والبرد الموشى، والثوب الجديد، وفى القلائد فى جبين من حالك الحبر.
(3) فى القلائد رق ديباجة فراق زلالا.
(4) فى الأصل: فوق صفحته وبها يختل الوزن والتصحيح عن القلائد.
(5) فى الأصل حجل الصبح والتصحيح عن القلائد، وفى القلائد: سوسن الخد منه جلنارا وبه يختل الوزن، والجلنار: زهر الرمان.
(6) فى القلائد: ورآنى السحاب اسحب
(7) فى القلائد: إن تكن عصمة.(20/273)
إن تكن عصمة فإنّ عصاما ... جدّه لم يزل يقيل العثارا
قاضى الشرق أشرقتنى بريقى ... نائبات يطلبن عندى ثارا
لا لذنب إلّا لأنى أديب ... طاب عود منه فكان نضارا
جلّ درا يرفّ حسنا وإن كا
نت ضلوعى تهفو عليه حرارا (1)
حاش لى أن أزفها ثيّبات ... عنّسا بل كواعبا أبكارا (2)
لقحت أضلعى بها فاستهلّت ... بين كفيك تنشد الأشعارا
طلعت فى أهلّة من ضلوع ... لى تجلو بناتها أقمارا (3)
أرضعتها درّ البلاغة منها ... أمهات لم تحتلب أظآرا (4)
وأرتك الرياض منها كمام ... جادها النّيل وابلا مدرارا
ما على بابل لو استقبلتها ... واجتنت من ثمارها الأسحارا (5)
كلّ خمريّة ولم تسق خمرا ... تلبس الحسن والدلال خمارا
تذر السامعين يثنون أعطا
ف سكارى، وما هم بسكارى (6)
__________
(1) فى الأصل أجل درا يزف، وفى القلائد أجل درا ولعل الصواب ما أثبتناه، والبيت وصف للعود فى البيت السابق والمقصود بالعود الأصل، والمعنى إن طباعه ومواهبه كالذهب الصافى المحلى بالدر الذى يتلألأ حسنا وبهجة، وإن كان صاحبه خالى الوفاض
(2) فى الأصل حاش لله أن أزفها بثبات كواعب والتصحيح عن القلائد.
(3) فى الأصل: لى تخلو بنا بناتها أقمارا والتصحيح عن القلائد.
(4) الظئر: المرضعة ولد غيرها، وكانت العرب تمتهن الظئر فى الجاهلية، وفى أمثالهم:
تجوع الهرّة ولا تأكل بثدييها وفى القلائد لم تختلب اضئارا.
(5) فى القلائد: فاجتنت من أثمارها بابل: مدينة قديمة كانت مشهورة بالسحر وبالخمر وكانت بها حدائق بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا القديمة.
(6) فى القلائد: أعطافا سكارى وفى الأصل وما هم سكارى والتصحيح عن القلائد.(20/274)
لو تغلغلن فى مسامع رضوى ... لانثنى راقصا وخلّى الوقارا (1)
ليس فى فسحة من العذر إلا ... من صبا خالعا إليها العذارا
وبها أجزل المهور، فلولا
أنت ما أدلجت بهن المهارى (2)
أبصرتها النجوم أشرق منها ... فسرت تخبط الظّلام حيارى
وقال يمدح الأمير أبا يحيى بن إبراهيم (3) وقد قدم واليا:
اليوم أخمدت الضّلالة نارها ... فاسترجعت دار الهدى عمّارها (4)
واستقبلت حدق الورى غرناطة ... وهى الحديقة فوّفت أزهارها
وكأنّ نشر نباتها نيسان إذ ... يكسو رباها وردها وبهارها (5)
فى غبّ سارية ترقرق أدمعا ... يحكى الجمان صغارها وكبارها
__________
(1) رضوى: جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع على مسيرة يوم منها وعلى ليلتين من من البحر به مياه كثيرة ويزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية حى يرزق فيه.
(2) فى القلائد: وجهها أجزل المهور المهارى: نوع من الإبل منسوبة إلى حى مهرة بن حيدان.
(3) فى القلائد أبو بكر بن إبراهيم، والواقع أن هذا هو اسمه وأن كنيته أبو يحيى، والشاعر يشير إليه فى القصيدة باسم أبى يحيى. كان صهرا لعلى بن يوسف بن تاشفين زوجه علىّ أخته وولاه غرناطة سنة 500هـ ثم ولاه بعدها سرقسطة حيث مات بها سنة 510هـ وكان كريما شجاعا ممدحا من الشعراء.
(4) فى القلائد: واسترجعت دار الهدى ويشير الشاعر إلى عمار بن ياسر من السابقين الأولين إلى الإسلام تحمل عذاب المشركين فى صبر وجلد حتى أتيحت له الهجرة إلى المدينة وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم بالطيب المطيب، وقال: فيه إن عمارا ملىء إيمانا إلى مشاشه، شهد الغزوات مع النبى صلى الله عليه وسلم، وقتل مع على رضى الله عنه بصفين سنة 37هـ وله ثلاث وتسعون سنة.
(5) فى القلائد: فكأن تشرينا بها نيسانه، تشرين الأول وتشرين الثانى شهران يقابلان أكتوبر ونوفمبر فى الشهور الإفرنجية وشهر نيسان يقابل شهر مايو والمعنى إن نباتها يبدو دائما مخضرا يانعا كأنها فى ربيع دائم.(20/275)
ما شئت من نهر كصدر عقيلة ... شقّت أناملها عليه صدارها
أو جدول كالنّصل فى يد ثائر ... أمهى صفيحته، وهزّ غرارها (1)
ما بين أشجار تميد كأنها
بشراب جريال تدير عقارها (2)
مترنّحون إذا لحاها عاذل ... تركت سكون حلومها ووقارها
لله أروع من ذوائب حمير ... راع العداة، فما يقرّ قرارها (3)
وافت به أرض الجزيرة عزمة ... خلعت على حب الجهاد عذارها (4)
ما هالها بيد تعسّفها ولا
لجج كجنح اللّيل خاض بجارها (5)
فى فتية تسرى إلى نصر الهدى ... فيظنهم سدف الدّجى أقمارها (6)
خضبوا السّواعد بالرّقاق تفاؤلا
أن سوف تخضب بالنجيع شفارها
__________
(1) فى الأصل: أبهى صفيحته وهو عدارها، والتصويب عن القلائد، أمهى السيف أحده، الغرار: حد السيف أو الرمح.
(2) فى القلائد: شراب جريال يدير عقارها، الجريال: سلافة العصفر أو الخمر الملونة باللون الأحمر.
(3) ينتمى الممدوح إلى قبيلة قسوفة إحدى قبائل صنهاجة وهى تنتمى إلى حمير الأصغر بن سبأ الأصغر بن حمير بن سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
(4) فى القلائد: خلعت على حب الجمان غدارها، وفى الأصل جعلت على حب الجهاد، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمقصود أنها خلعت عذارها فى حب الجهاد لا فى حب الحسان.
(5) فى القلائد: ما هاله.
(6) فى القلائد إلى قصر الهدى: فتظنهم، السدفة والسدف: الظلام أو اختلاط الضوء(20/276)
وتلثّموا صونا لرقّة أوجه
جعل السّماح شعارها ودثارها (1)
المنعمين على العفاة إذا شتوا ... والناقضين على العدا أوتارها (2)
غرسوا الأيادى فى ثرى معروفهم
فجنوا بألسنة الثناء ثمارها
لم لا تراح شريعة التّقوى بهم
وحفونها منهم ترى أنصارها (3)
ضربوا سرادق بأسهم من دونها
وقد اشرأبّ الكفر يهدم دارها
فرقوا بخرصان الرماح جنابها
وحموا بقضبان الصّفاح ذمارها (4)
ومسوّمات شرّب إن أحضرت
نفضت على ثوب السّماء غبارها (5)
__________
(1) من المعروف أن الممدوح ينتمى إلى الملثمين المعروفين باسم المرابطين.
(2) فى القلائد: إذا وشوا وفى الأصل: والناقصين على العدا وقد آثرنا رواية القلائد شتوا: أجدبوا فى الشتاء، قال طرفة:
نحن فى المشتاة ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر
(3) راح فلان للمعروف براح راحة: أخذته له خفة وأريحية.
(4) فرقوا أحكموا وفيه قوله تعالى: {«وَقُرْآناً فَرَقْنََاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النََّاسِ عَلى ََ مُكْثٍ وَنَزَّلْنََاهُ تَنْزِيلًا».}
(5) فى القلائد: ومسومات شزت إن أحضرت وفى الأصل ومسومات شرب
ولعل الصواب ما أثبتناه، المسومات الخيل المميزة بعلامات دلالة على تدريبها وإعدادها للقتال شزب: جمع شازب وهو الضامر الخشن القوى، أحضر الجواد: رفع رأسه وارتفع فى عدوه.(20/277)
لبسوا الدّروع على القلوب فدوّخوا
أرض العدا واستأصلوا كفّارها (1)
شهب إذا أوفت على أفق الوغى ... جعلت أبا يحيى الأمير مدارها
متلثّم بالصّبح فوق أسرّة
تهدى إلى شمس الضّحى أنوارها
أورت زناد المسلمين له يد ... بالنجح تقدح مرخها وعفارها (2)
حاشى لأزند شرعنا من كبوة ... ويد ابن ابراهيم تورى نارها
أضفى مواردها أراح سقامها
أحيى خواطرها، أقال عثارها (3)
أولى أمّة أحمد، أبهجتها
مذ صرت من جور الحوادث جارها
حلبت لك الأيام ضرعا حافلا ... وأرت على أفنانها أطيارها (4)
واري زناد الرأي منذ قدحتها ... أوريت فى مقل النجوم شرارها (5)
__________
(1) آثرنا رواية القلائد. وفى الأصل واستأصلوا أفقارها.
(2) فى الأصل مرجها وعفارها والتصحيح عن القلائد. المرخ: شجر سريع الاشتعال، العفار: شجر يتخذ منه الزناد.
(3) أضفى: اسبغ وزاد وفى القلائد: أصفى مواردها، أزاح سقامها: أرخى حرارتها
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: جلبت لك الأنعام فبرأت
(5) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل أوريت فى مثل النجوم.(20/278)
فحط الرعيّة فى مريع جنابها
وارأب ثآها واصطنع أحرارها (1)
وزد الأكابر من بنيها خطّة ... واردد كبارا بالحباء صغارها (2)
واقذف نحور المشركين بجحفل
يمحو معالم أرضها ومغارها
لجب تظن السابغات به أضا ... زرقا ونقع السابحات بحارها (3)
واحلل عرى تلك الجماجم إنّها
عقدت على نقض الهدى زنّارها (4)
وكأننى بك قد ثللت عروشهم ... وسلبت بيضة ملكه جبّارها
وقتلت بين نجادها أنجادها
وصرعت فى أغوارها أغوارها (5)
لا ترض منهم بالنفوس نحوزها ... سمر القنا، حتى تحوز ديارها (6)
__________
(1) فى القلائد: حط الرعية وارأت ثاءها وفى الأصل: وارأب باها ولعل الصواب ما أثبتناه، رأب الصدع: أصلحه الثأى: الإفساد والجراح والقتل.
(2) فى الأصل بالحياء، وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) آثرنا رواية القلائد، أضا: جمع أضاة، والأضاة: المستنقع من سيل أو غيره وفى الأصل تظن السابعات بوارضا، ولعلها بوارجا.
(4) فى القلائد على بغض الهدى.
(5) فى القلائد وقتلت من نجّادها، النجاد: الأرض المرتفعة، الأنجاد: الشجعان الفرسان الأقوياء، الأغوار القيعان أو كل منخفض من الأرض الأغوار: الجيوش، أو الجمع الكثير من الناس.
(6) فى الأصل: لا ترض منهم بالنفوس نحورها، وقد آثرنا رواية القلائد.(20/279)
وترى بها عيناك ليل ضلالها ... ويد الهدى فيها تشقّ زرارها
صمتت سيوفك فى الغمود، وجرّدت
يوم النزال فحدثت أخبارها (1)
لما احتست خمر الهياج نصالها ... أهدت إلى هام الطغاة خمارها (2)
زارتك فى قصر الإمارة كاعب
زانت محاسن جيدها تقصارها (3)
رضعت من الآداب محض لبانها ... وتجنّبت ممدوقها وسمارها (4)
تثنى اللّيالى هائمات كلّما
نفثت على أسحارها أسحارها (5)
فأجل جفون رضاك فى أعطافها ... كرما وشرّف بالقبول مزارها
وقال يمدح الفقيه القاضى أبا بكر بن العربى (6):
أيها البدر لا عداك التمام ... وسقانا من راحتيك الغمام
__________
(1) فى الأصل ضمنت سيوفك والتصحيح عن القلائد.
(2) فى الأصل: لما اختشت فضالها والتصويب من القلائد، الخمار بقية السكر
(3) فى الأصل بعصارها والتصويب عن القلائد التقصار والتقصارة: القلادة جمعهما تقاصير.
(4) الممذوق: الممزوج بالماء، والسمار: اللبن كثير الماء قليل الدسم.
(5) فى الأصل نفقت، وفى القلائد نفثت على بسحرها أسحارها، الأسحار: جمع سحر وهو الوقت قبيل الصباح وجمع سحر أيضا وهو الرئة، ولعلها نمقت على أسحارها من نمق الكتاب: حسنه وزينه.
(6) سبقت ترجمته.(20/280)
لح طليقا لنا بصفح جميل ... مثلما رقرق الفرند الحسام (1)
واجل ثغرا تشيم منه الأمانى ... بارقا للسّماح فيه ابتسام (2)
قد حططنا الرحال فى ظل دوح ... أثمر البرّ فيه والإكرام
ورأينا تواضعا من مهيب ... بمعاليه توّج الإعظام
قاعد والزمان بين يديه ... قائما والصروف والأيام (3)
كلّها سامع إليه مطيع ... ينفذ النقض فيه والإبرام
من يطع ربّه تطعه الليالى ... وتجئه الورى وهم خدّام (4)
هو رضوان فى سكينة رضوى ... رضى الله عنه والإسلام (5)
يا كتابى بالله قبّل يديه ... بدلا من فمى ففيه احتشام
ثم بين له بأن ثوائى ... كان عاما والآن قد جاء عام
ولبيد لم يشترط لبكاه ... غير حول مضى وقال: سلام (6)
قل له: قد أتته منّا القوافى ... كالأزاهير شقّ عنها الكمام (7)
__________
(1) فى القلائد: لح صليقا لما بسيف صقيل.
(2) فى الأصل: وأجل ثغرا نشيم، والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد بين يديه قائم
(4) في الأصل وتجبه الورى وتصويب عن القلائد.
(5) رضوى جبل بين مكة والمدينة. فى الأصل بأن ثوائى، وقد آثرنا رواية القلائد.
(6) فى القلائد ولبيد لم يشترط لبكاة، ولبيد شاعر مخضرم أدرك الإسلام كان جوادا شريفا توفى سنة 41هـ بعد أن جاوز المائة، وقد أوصى ابنتيه بالبكاء عليه عاما واحدا حيث يقول:
تمنى ابنتاى أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مصر
فقوما فقولا بالذى قد علمتما ... ولا تخمشا وجها، ولا تحلقا شعر
إلى الحول، ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
(7) فى القلائد: قد أتته منك القوافى.(20/281)
جالبات من المديح إليه ... مسك دارين فضّ عنه الختام (1)
فأدرنا فرائد المدح بحرا ... يغرف الدهر منه وهو تؤام (2)
والأمانى شبائب لم تفارق ... غرّة العيش والرّجاء غلام (3)
يتغنى من المديح بلحن ... فهمته منه الأيادى الجسام
رش وطوّق فإنما أنت دوح ... رفّ بالمكرمات وهى جمام (4)
حتنا للرحيل عنك اضطرار ... ولأرواحنا لديك مقام
وطالعت كتاب الجنان لابن الزبير فوجدت فيه منسوبا إلى ابن سارة قوله يصف بركة وسلاحفها:
لله مسجورة فى شكل ناظرة
من الأزاهير أهداب لها وطف (5)
فيها سلاحف ألهانى تقامسها ... فى مائها ولها من عرمض لحف (6)
__________
(1) دارين فرضة بالبحرين اشتهرت بالمسك والعطور.
(2) فى الأصل فأررنا فرائد المدح، والتصويب عن القلائد، وفى القلائد: يغرق الدر فيه.
(3) شبائب وشواب: نسوة فتيات فى سن الشباب.
(4) فى القلائد: وهى حمام، رش فعل أمر من راش الصديق إذا أطعمه وسقاه وكساه وأصلح حاله، وطوق: أى طوق الناس بأفضالك: جمام: غزيرة كثيرة.
(5) المسجورة: الممتلئة، الوطف: كثرة شعر الحاجبين والعينين وفى القلائد: من الأزاهر.
(6) فى القلائد: تقامصها، التقامس الغوص المرمض: الطحلب.(20/282)
تنافر الشّطّ إلا حين يحضرها
برد العشى فتستدنى وننصرف (1)
كأنها حين يبديها تصرّفها
جيش النصارى على أكتافها الحجف (2)
قال الرشيد بن الزبير: هذا معنى بديع لا يفطن لحسنه إلا من رأى فرسان الفرنج فى طوارقها ورؤوسهم أشبه الأشياء برؤوس السلاحف لما عليها من التخانيق، وقوله (3):
ومعذّر رقت حواشى حسنه ... فقلوبنا حذرا عليه رقاق
لم يكس عارضه السواد وإنما ... نقضت عليه صباغها الأحداق
وقوله يرثى امرأة:
تفطّرت كبد العليا للؤلؤة ... لم تودع التّرب إلّا من كرامتها
نوّارة ملأت أفق التّقى أرجا ... وردّها الدهر صوتا فى كمامتها
وقوله:
ولما رأيت الغرب قد غصّ بالدجى
وفى الشرق من ضوء الصباح دلائل
__________
(1) فى القلائد: برد الشتاء فنستدلى وتنصرف.
(2) الحجف: جمع حجفة وهى الترس الذى يتقى به الفارس طعن خصمه إذا كان مصنوعا من جلود وليس فيه خشب.
(3) سبق للمصنف أن أورد هذين البيتين. وهو هنا يرويهما عن ابن الزبير مما اختاره الشاعر.(20/283)
توهّمت أنّ الغرب بحر أخوضه
وأن الذى يبدو من الشرق ساحل
وقوله يمدح:
متى تلتقى عيناى بدر مكارم ... تودّ الثريّا أنها من مواطئه؟ (1)
ولما أهلّ المدلجون بذكره
وفاح تراب البيد مسكا لواطئه (2)
عرفنا بحسن الذكر حسن صنيعه ... كما عرف الوادى بخضرة شاطئه
أيا من محلّ النّجم فى جنباته
منيف مدى الأيام ليس بلاطئه (3)
عليك بأغراض ودع ما وراءها ... فما صائبات النّبل مثل خواطئه
وقوله فى فقهاء الأندلس:
يا ذئابا بدت لنا ... فى ثياب ملوّنة
أحلالا رأيتم ... أكلنا فى المدوّنه (4)
__________
(1) فى القلائد متى تجتلى عيناى.
(2) فى القلائد: وفاح نسيم الترب.
(3) لاطىء: لاصق بالتراب.
(4) كتاب المدونة ألفه أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخى الشهير باسم سحنون فى مذهب الإمام مالك تلقى مسائله عن ابن القاسم من تلاميذ مالك رضى الله عنهما، وتعد من أسس المذهب المالكى، وقد ألفت شروح عديدة لها ومختصرات، وتعليقات جمة عليها.(20/284)
وقوله:
ومهفهف يختال فى أبراده
مرح القضيب اللّدن تحت البارح (1)
أبصرت فى مرآة فكرى خده
فحكيت فعل جفونه بجوارحى (2)
لا غرو أن جرح التوهم خدّه ... فالسحر يعقل فى البعيد النازح (3)
وقوله يصف سيفا:
وصقيل مدارج النمل فيه
وهو مذ كان ما درجن عليه (4)
أخلص القين صقله فهو ماء ... يتلظّى السّعير فى صفحتيه (5)
وقوله فى الزهد:
بنو الدنيا بجهل عظّموها ... فجلّت عندهم وهى الحقيره
يهارش بعضهم بعضا عليها ... مهارشة الكلاب على عفيره (6)
__________
(1) فى الأصل مرج الغصون، وفى الذخيرة برج الغصون، وفى القلائد مرح الغصون اللدن تحت المارح.
(2) فى الذخيرة: عاينت فى مرآة وهمى بجوانحى وبتفق الأصل مع رواية القلائد.
(3) فى الذخيرة: فالسحر يعمل، ويتفق الأصل مع القلائد.
(4) فى القلائد: مدارج النجم.
(5) فى القلائد: أخلص التبن.
(6) العقيرة: ما عقر من صيد أو غيره.(20/285)
وقوله فى صفة نهر:
النهر قد رقّت غلالة صبغه
وعليه من صبغ الأصيل طراز (1)
تترقرق الأمواج فيه كأنّه
عكن الخصور تهزّها الأعجاز (2)
وقوله فى موت بنت:
ألا ياموت كنت بنا رؤوفا ... فجدّدت الحياة لنا بزوره
حمدت لفعلك المأثور لمّا
كفيت مئونة وسترت عوره (3)
فأنكحنا الضّريح بغير مهر ... وجهّزنا الفتاة بغير شوره (4)
__________
(1) فى القلائد: فعليه من صنع.
تمرها
(2) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل يمكن الحصور تمرها.
(3) فى القلائد حماد الشكور كففت.
(4) فى القلائد: فأنكحنا الضريح بلا صداق وقد أورد صاحب المختصر له أبياتا أخرى هى:
وجدت على بنى الأيام غيظا ... كما وجد اليتيم على الوصى
لو كانت العلياء شخصا ماثلا ... لرأيته منها مكان المقفر
هو مفخرى يوم الجدال، ومنصلى ... يوم النزال، ورايتى فى العسكر
إنى لأقنع من وصالك بالمنى ... ومن الحديث بأن يكون سماعا(20/286)
أبو بكر بن الصايغ (1)
المعروف بابن باجّة السرقسطى، لم يبلغ درجته أحد من أهل عصرنا فى الحكمة وله تصانيف فى الرياضات والمنطق والهندسة فاق فيها المتقدمين، وله من قصيدة فى الخمر «قافية»:
قبضا بها روح الظلام لأنّنا ... نرى الغبن أن نفنى وأوقاتنا تبقى
ومنها:
ولم تبك منها العين لكنّ لحظها ... حسام بماء الدمع أحسبه يسقى
وذكره ابن بشرون المهدوي فى كتابه الموسوم بالمختار من النظم والنثر لأفاضل أهل العصر ووصفه بالتّفرّد بعلم الهيئة والهندسة العملية والنظريّة وسائر
__________
(1) محمد بن يحيى بن الصائغ الشهير بابن باجة. وكنيته أبو بكر التجيبى الأندلسى السرقسطى الفيلسوف الشاعر المشهور ولد فى سرقسطة. ووزر لعلى بن يوسف بن تاشفين بالمغرب، ووزر قبلها لأبى بكر بن تقلويت، واشتغل بالعلوم الفلسفية والطب وتعمق فيها، فاتهم بالزندقة، وحمل عليه صاحب القلائد لأنه كفر به وازدراه فى أحد المجالس، ويقول ابن أبى أصيبعة إنه كان علامة زمنه وأوحد زمانه وابتلى بمحن كثيرة، وكان متقنا للموسيقى.
ويقال إنه مات مسموما سنة 533وقيل سنة 535وترك مصنفات عديدة فى الطب والعلوم الفلسفية، وترجم معظمها إلى اللاتينية. له ترجمة بالقلائد ص 298ونفح الطيب (تحقيق محيى الدين) ح 9ص 230ووفيات الأعيان ح 4ص 56والمغرب ح 2ص 169وعيون الأنباء ح 3ص 100وأشار إليه المقرى عدة مرات، ويقول عنه «هو فى المغرب بمنزلة أبى نصر الفارابى بالمشرق وإليه تنسب الألحان المطربة بالأندلس التى عليها الاعتماد
وكانت بينه وبين ابن زهر الطبيب ملاحاة فقال ابن باجة:
يا ملك الموت وابن زهر ... جاوزتما الحد فى النهايه
ترفقا بالورى قليلا ... فى واحد منكما الكفايه
ويقال ان ابن زهر أمر مولاه ابن معيوب بدس السم له فى الباذنجان واشتهرت هذه الحكاية حتى قال الوزير أبو الحسن بن الإمام الغرناطى يهجو مراكش:
يا حضرة الملك ما أشهاك لى وطنا ... لولا ضروب بلاء فيك مصبوب
ماء زعاف وجو كله كدر ... وأكله من بذنجان (ابن معيوب)(20/287)
العلوم الحكمية والأدبية، وذكر أنه استوزره أبو بكر يحيى بن تاشفين (1) مدة عشرين سنة، وكانت سيرته حسنة، وانتفع بها الناس، وأمن به البؤس والباس، وصلحت الأحوال، ونجحت الآمال وحسده أطباء البلد فكادوه، ونالوا بقتله مسموما ما أرادوه، فكانت وفاته فى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وأورد من شعره قوله عند الموت وقد أحس بالفوت:
آه من حادثات صرف اللّيالى ... فلحالى انظرا أعظك بحالى (2)
أمس أبكيت حاسدى شرقا بى ... وهو اليوم رحمة قد بكى لى (3)
وقوله قبل ذلك:
خليلىّ لا والله ما القلب صاحيا
وإن ظهرت منه شمائل صاحى
وإلّا فمالى حين لم أشهد الوغى ... أبيت كأنّى مثقل بجراح
__________
(1) لعله يقصد أبا زكريا يحيى بن تاشفين والى قرطبة للملثمين أو لعله أبو بكر أبو يحيى ابن إبراهيم المسوفى الذى سبقت الإشارة إليه من أمراء المرابطين الذى ولى غرناطة ثم سرقسطة، ويحدثنا ابن الخطيب انه لما ملك سرقسطة اختص بالوزير الحكيم أبى بكر بن الصائغ ولطف منه محله، وله معه نوادر تدل على مغالاة فى إكرامه. وقد رثاه ابن الصائغ بمرات كثيرة راجع الإحاطة ج 1ص 417412.
ويؤيد هذا ما رواه صاحب نفح الطيب من أنه وزر لأبى بكر الصحراوى صاحب سرقسطة، ووزر أيضا ليحيى بن يوسف بن تاشفين عشرين سنة بالمغرب.
(2) «انظرا» فى البيت مؤكدة بنون التوكيد الخفيفة.
(3) فى الأصل: سرفالى.(20/288)
وقال:
هم رحلوا يوم الخميس غدية (1) ... فودّعتهم لمّا استقلّوا وودّعوا
تولوا ولّت النفس إثرهم (2)
فقلت ارجعى، قالت إلى أين أرجع؟
إلى جسد ما فيه لحم ولا دم ... وما هو إلّا أعظم تتقعقع
وعينين قد أعماهما كثرة البكا ... وأذن عصت عذّالها ليس تسمع
وقال يرثى أبا بكر بن ماقامونت (3) المرابط:
سلام وإلمام ووسمى مزنة
على الحدث النائى الذى لا أزوره (4)
أحقا أبو بكر تقضى فلا يرى ... ترد جماهير الوفود ستوره (5)
لئن أنست تلك القبور بلحده
لقد أوحشت أمصاره وقصوره (6)
__________
(1) فى نفح الطيب: عشية.
(2) فى نفح الطيب: ولت النفس معهم.
(3) وردت هذه الكلمة دون تنقيط وذكر صاحب المغرب أن الشاعر رثا بهذه الأبيات.
أبا بكر بن تفلويت ملك سرقسطة، ونرجح أنه أبو بكر أبو يحيى بن إبراهيم المسوفى السابق.
ذكره، ويقول صاحب المغرب إنه غنى بها فى ألحان مبكبة.
(4) فى المغرب: سلام وإلمام وروح ورحمة ... على الجسد
(5) آثرنا رواية القلائد والمغرب ونفح الطيب، وفى الأصل: أحق أبو بكر
وفى المغرب: فما يرى
(6) آثرنا رواية القلائد والمغرب ونفح الطيب. وفى الأصل: فقد أوحشت.(20/289)
وقال:
يا صاحب القبر الغريب ... بالشام فى طرف الكثيب
بالشّعب بين صفائح ... صلد ترصّص بالجنوب
تبكى عليه حمائم ... ورق ترنّح فى قضيب
لما سمعت بكاءها ... وحنينها عند المغيب
علق الغرام بأضلعى ... والدّاء يعلق بالطبيب
وقال فى وصف مصلوب، قال ابن بشرون: وأظنه لغيره:
وسنان لا قرّة الظلماء توقظه ... ولا الهجيرة فى البيداء تؤذيه
أغفى فياليت شعرى هل يلمّ به ... إذا دجى الليل طيف كان يأتيه
خطّ السّنان كتابا بين أضلعه ... فمال يقرأ سرّا ويخفيه
كأنه مصقع من فوق منبره
يبدى الخشوع لربّ كان باريه
وله (1):
إذا وجدت أوار الحب فى كبدى ... أقبلت نحو سقاء القوم أبترد (2)
هبنى بردت ببرد الماء ظاهره ... فمن لحرّ على الأحشاء يتّقد (3)
(البيتان عليهما تشطيب بغير خط هما لبعض الصحابة) (4).
__________
(1) البيتان لعروة بن يحيى بن مالك بن الحارث الليثى الشهير بمروة بن أذينة الشاعر الغزل المشهور من متقدى أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضا. ولكن الشعر غلب عليه، توفى نحو سنة 133هـ.
(2) فى الشعر والشعراء والعقد الفريد: عمدت نحو سقاء الماء، وفى رواية أخرى للعقد:
غدوت نحو سقاء الماء.
(3) فى العقد الفريد والشعر والشعراء: فمن لنار على الأحشاء.
(4) البيتان لعروة بن أذينة كما ذكر ابن قتيبة وابن عبد ربه.(20/290)
ابن الفخار المالقى الأندلسى (1)
الفقيه المشاور، هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن كامل المعروف بابن الفخّار، أنشدنى الشيخ الصالح أبو على الحسن بن على بن صالح الأندلسى وقد قدم البصرة فى ذى الحجة سنة سبع وخمسين وخمسمائة، قال: أنشدنى الفقيه المشاور هذا لنفسه وذكر أنه عمله ارتجالا يخاطب شاعرا جاراه فى التوحيد، وهو موشح العروض:
رويدك أيها الرجل المعنى ... فإن الرّفق أجمل باللبيب
ولا تعجل فربّ فتى تأنّى ... فأدرك غاية القرم النجيب
فكم عقد سديد قد تسنّى ... بلا تعب ولا طرب مريب
فإن الجيش ليس يطيق شيئا ... لغارته بلا قدر مصيب
ولا يقضى الحيا للنّبت شطئا ... إذا لم يقض علّام الغيوب (2)
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن كامل الحضرمى المالقى الفقيه الشاعر الأديب المتوفى سنة 539هـ ويخلط بعض الباحثين بينه وبين أبى عبد الله بن الفخّار «محمد بن عمر بن يوسف» الفقيه المحدث المتوفى سنة 419هـ كما يخلط بعضهم بينهما وبين أبى عمر بن الفخار «يوسف ابن عمر بن يوسف الأنصارى الخزرجى» وللشاعر ترجمة فى المطرب ص 197والقلائد ص 292والبغية ص 90والتكملة ص 175ونفح الطيب ح 2ص 266، 267والمغرب ح 1 ص 432والمحمدون الورقة 103ومسالك الأبصار ح 11ورقة 396وبعرف بابن نصف الربض. وله خطبة موجزة أوردها صاحب نفح الطيب ح 2ص 266ألقاها امام ابن تاشفين.
(2) فى الأصل: ولا يحصى الحابستى سنا إذا لم يقض وقد صححنا البيت بما يقارب الأصل ويتفق مع السياق. الحيا: المطر، الشطء: فراخ النخل والزرع أو ورقه.(20/291)
أخوك محمّد لما تغنى ... أصاخت نحوه أذن الغريب
وقضّاها بواحدة فثنّى ... كمثل الرّمح قوّى بالقضيب (1)
فخذها غادة خضبت يرنّا ... لها ثوب تفدّم بالصّبيب (2)
(اليرنّا: الحنّاء) (3):
إذا مارامها من قد تبنى ... تعرّض دونها شيح الحروب (4)
جميع بيانها لفظا ومعنى ... كما جمع الحبيب مع الحبيب
وذكر أنه توفى بالمغرب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وأورده أبو نصر القيسى (5) فى كتاب قلائد العقيان (6) وقال: صاحب لسن، وراكب هواه من قبيح وحسن، لا يصدّ إذا صدم (7)، ولا يرد عمّا يمّم، حمىّ الأنف لا يضام (8)
قوى الشكيمة لا يرام (9)، وأورد من شعره قوله:
بأى حسام أم بأىّ سنان ... أنازل ذاك القرن حين دعانى
__________
(1) القضيب: اللطيف من السيوف.
(2) فى الأصل لها ثوب فدافدم بالصبيب ولعل الصواب ما أثبتناه تقدم اصطبغ بحمرة، الصبيب: العصفر.
(3) هذا الشرح من عند المصنف، ولم نجد فى معاجم اللغة كلمة اليرنا، ويبدو أنها كلمة أعجمية دخيلة.
(4) الشيح: الحذر الجاد فى الأمور، وقد وردت الكلمة غير معجمة بالأصل.
(5) أبو نصر الفتح بن محمد بن عبد الله بن خاقان القيسى صاحب قلائد العقيان ومطمح الأنفس، توفى قتيلا سنة 529وقيل سنة 535هـ.
(6) ص 290من قلائد العقيان.
(7) فى القلائد: إذا صمم.
(8) فى الأصل: لا ينام، وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) آثرنا رواية القلائد. وفى الأصل: لا يضام.(20/292)
لئن عرّى اليوم الجواد لعلّة ... فبالأمس شدّوا سرجه لطعان
وإن عطّل السّهم الذى كنت رائشا
ففيه دم الأعداء أحمر قانى
ألا إنّ درعى نثرة تبّعيّة ... وسيفى شدق إن هززت يمانى
وما قصبات السبق إلا لأدهمى ... له الخيل جالت فى مجال رهان (1)
تمنّى لقائى من حللت وثاقه ... وأعطى غداة المنّ ذلّة عانى
وما يزد هينى قول كلّ مموّه ... وليس له بالمعضلات يدان
وإنى لهّاض بكلّ عظيمة ... يضيق عليها ذرع كل جبان
ويزعم أنى فى البيان مقصر ... ويأبى بيانى واقتدار لسانى (2)
نهضت بها وحدى وغيرى مدّع
يشارك أهل القول شرك عنان (3)
أينسى مقامى إذ أكافح دونه ... وقد طار قلب الذّعر بالخفقان
ويذكر يوما قمت فيه بخطبة ... كآثار عهد الماء بالسّيلان (4)
__________
(1) فى القلائد إذا الخيل جالت
(2) فى القلائد ويأبى بنانى، وفى المغرب:
وقد علم الأقوام من صح وده ... ومن كان منا دائم الشنآن
وذلك عقب البيت الرابع من القصيدة «ألا إن درعى يمانى».
(3) شركة العنان: أن تعارض رجلا فى الشراء، فتقول أشركنى معك وذلك قبل أن يتم الشراء.
(4) فى القلائد: كآثار عد.(20/293)
ففرّى جعار، إن دونك حارشا ... يمنّيك بالأخلاق والولعان (1)
يوما هو إلا المرء يقطع رأسه ... وإن دهنوه حيلة بدهان
تهاون بالأنصاف حتى أحله
وقد كان ذاعزّ بدار هوان
ولو كان يعطى الزّائرين حقوقهم ... لما تركوه فى يد الحدثان
وقوله:
إلى كم يجدّ المرء والدهر يلعب
ويبعد عنه الأمن والخوف يقرب؟
وهل نافعى أن كنت سيفا مصمما
إذا لم يكن يلقى بحدّىّ مضرب
أبيتهم والليل كالنّقس أسود
وأهجمهم والصّبح كالطّرس أشهب (2)
فلا أنا عمّا رمت من ذاك مقصر ... ولا خيل عزمى للمقادير تغلب (3)
__________
(1) فى الأمثال: روغى جعار ويضرب فى فرار الجبان وخضوعه، وجعار هى الضبع.
وفى الأمثال أيضا: تيسى جعار، وعيثى جعار، والمثلان يضربان فى إبطال الشىء والتكذيب به، ويقال أيضا: روعى جعار وانظرى أين المفر؟ يضرب لمن يروم أن يفلت ولا يقدر على ذلك وتشتم المرأة فيقال لها: قومى جعار، تشبيها لها بالضبع. ويقول الشاعر:
فقلت لها: عيثى جعار، وجررى ... بلحم امرىء لم يشهد القوم عاصره
والحارش: الصائد، الولعان: التمويه والكسب وفى القلائد ففرى جعارى
حارسا بالإخلاف.
(2) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: أتيتهم والليل كالنفس النقس: المداد.
(3) اثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: ولا حبل عزمى للمقادير يغلب.(20/294)
أيا حسن سائل لمن شهد الوغى
لئن كنت لم أصبح أهشّ وأطرب
واعتنق الأبطال حتّى كأنّما
يعانقنى عنهم من البيض ربرب (1)
ومنها:
وفى كلّ باب قد دبحت لكيدهم
ولكن أمور ليس تقضى فتصعب
فوا أسفاكم قد أبيت بذلة ... وسيفى ضجيعى والجواد يقرب (2)
وقوله:
أمستنكر شيب المفارق فى الصّبا
وهل ينكر النّور المفتّح فى الغصن (3)
أظنّ طلاب المجد شيّب مفرقى
وإن كنت فى إحدى وعشرين من سنّى
__________
(1) فى القلائد: يعانفنى منهم، الربرب القطيع من بقر الوحش، يريد به سرب من الحسان ويلى هذا فى القلائد:
أخاتلهم كالذئب وحدى، وتارة ... يصول بهم منى المزعفر يقضب
(2) فى القلائد: كم ذا أبيت: والجواد مقرب التقريب: ضرب من العدو أو أن يرفع الجواد يديه معا ويضعهما معا.
(3) فى القلائد والمطرب: فى غصن.(20/295)
وقوله فى أبى عبد الله بن أبى زبغى (1):
بمن حلّ فى شرغ فؤادك هائم
وهيهات منك اليوم من حل فى شرغ (2)
وتكلف بالداعى هلمّ إلى الوغى (3)
طماعا بأن تدنو من ابن أبى ربغى (4)
وكنّا به نبغى قضاء لبانة
ولو أنّه يبغى لقصّى الذى نبغى (5)
سلام عليه!! عذّب النّفس بعده
عقارب همّ لا تفيق من اللّدغ
وشوقا إليه أصبح القلب عنده ... ولم تثنه خود معقربة الصّدغ
وقوله:
أقلّ عتابك ليس الكريم ... يجازى على حبّه بالقلى (6)
وخلّ اجتنابك إنّ الزّمان ... يمرّ بتكديره ماحلا
__________
(1) والى سجلماسة بالمغرب من قبل يوسف بن تاشفين واسمه فى القلائد: ابن أبى زنغى، وفى كتاب قيام دولة المرابطين للدكتور حسن أحمد محمود (مطبعة لجنة البيان العربى سنة 1957ص 348) اسمه ابن أبى زنفى (بالفاء).
(2) فى القلائد: بمن حل فى سرغ فى سرع سرع أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل الحاج الشامى شرغ: قرية كبيرة قرب بخارى.
(3) فى القلائد: هلم إلى النوى.
(4) وفى الأصل: ريغى وقد رجحنا رواية القلائد لأن المصنف وافقها فى عنوان الأبيات.
(5) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: وكتابه تبغى لقضى الدين ينعى.
(6) فى القلائد ونفح الطيب: أقل عتابك إن الكريم(20/296)
وواصل أخاك بعلّانه ... فقد يلبس الثّوب بعد البلى (1)
وقل كالّذى قاله شاعر ... نبيل، وحقّك أن تنبلا (2)
«إذا ما خليل أسامرّة ... وقد كان فيما مضى مجملا» (3)
«ذكرت المقدّم من فعله ... فلم يفسد الآخر الأوّلا»
أبا حسن إن أتى حادث ... تجرّد لى سيفك المنصلا (4)
إذا صيد للشّعر طير بغاث ... ربيت لها الطائر الأجدلا
ومما أنشدنيه لنفسه فى الأمير محمد بن سعد بن مردنيش ملك شرق الأندلس من قصيدة أولها (5):
اهتز منشم عرفه عن عنبر
وافترّ مبسم ثغره عن جوهر (6)
__________
(1) فى نفح الطيب وواصل أخاك بعلته وبه يختل الوزن.
(2) أورد صاحب العقد الفريد البيتين: «إذا ما خليل و: ذكرت المقدم من سخطه» منسوبين إلى طاهر بن عبد العزيز «العقد الفريد ح 2ص 118».
(3) فى المغرب: إذا ما خليلى، وفى الأصل مخملا وهو تحريف.
(4) فى القلائد:
أبا حسن إن أتى حادث ... يجرد لى سيفك المصقلا
فودى جديدك لم أبله ... يروقك فى حليه والحلا
فى القلائد: رأيت لها الطائر الأجدلا ولعلها ربأت بمعنى أعددت ربيئة.
(5) فى المطرب مرذنيش، وفى أعمال الأعلام مردنيش صاهر ابن عياض حاكم مرسية ثم هاجمها وضمها إليه واستولى أيضا على جيان وأبدة وبياسة واستجة وقرمونه وهاجم غرناطة وخاض حروبا طويلة مع الموحدين حتى توفى سنة 567أو سنة 568هـ.
(6) فى الأصل اهتز بنسيم ولعل الصواب ما أثبتناه. منشم (كمقعد ومجلس) عطر شاق الدق.(20/297)
ولوى ذوائب ليله فى نومه ... فأنار عن وجه الصّباح المسفر
واختال فى ثوب الشبيبة وانثنى ... كالغصن بين مورّق ومنوّر
زارت تثنّى فى الوشاح تستّرا ... والرّدف ينبى عنه عقد المئزر
ظنّت بأن الليل يكتم سرّها ... والحسن يفصح غرّة المتستّر
كالنور لم يفتنك رائق حسنه ... حتى تبسم فى القضيب الأخصر
وأقام زهرة وردها فى خدّها ... ماء الصبا وحيا الشّباب الأنضر
بخلت علىّ وقد سألت قطافه ... وجنته أزرار الرّدا والمعجر (1)
ساومت هذا الحبّ طيب وصاله ... والهجر يغمزنى بأن لا أشترى
فالحسن ينكرنى، ويعرفنى الهوى ... شتان بين معرّف ومنكّر
إن جار هذا الحبّ فى أحكامه
فالجور فى ذا الحب ليس بمنكر
نفسى ألومك كان ينهانى الهوى ... فأمرت قاسى صعبه فتصبّرى
من منصفى من ظالم ومحلّل ... غصب الهوى منى جميل تصبرى
إلا المهنّأ بالسرور الأكبر ... إلا الممدّح بالثناء الأعطر (2)
أمؤمّل غير الأمير محمّد
ذاك ابن سعد يا مدائح فابشرى (3)
__________
(1) الردا: مقصور الرداء، المعجر (كمنبر) ثوب يمنى.
(2) لعله يقصد غصب الهوى منى جميل الصبر ولكنه لم يغتصب منى الأمير الممدوح، والتخلص ركيك. وشعر الشاعر فى الأغلب الأعم دون المستوى الشعرى المنشود.
(3) بشر به (بفتح الشين وكسرها) فرح.(20/298)
كم جئتم من أطهر فى أطهر ... ونقلتم من أظهر فى أظهر (1)
وجنيتم ثمر الفتوح بروضة
للرّزق ينبت بالزّعاق المحقر (2)
وجلوتم صدأ الدّهور فأصبحت
كالسيف كشّف صقله عن جوهر
وصقلتم مرأى الزمان فمن يشأ ... نظر السرور فهاكه، فلينظر
جاءت بك الأفلاك فى دورانها ... كالغيث جاد على الزّمان المعسر
يهتز عطف الحمد منه نافحا
عن مدحة قيفت بمسك أذفر (3)
ما عطّرت بل عطّرت أقداحه ... نفس الزمان، فيا زمان تعطر
عهدى به شكل الضّلوع بأبيض
عهدى به نقط القلوب بأسمر (4)
__________
(1) فى الأصل كم حتيم وتعلم من أظهر ولعل الصواب ما أثبتناه. الأظهر: جمع ظهر وهو الركاب يريد أن يقول إنكم تسلسلتم من أصلاب طاهرة وتنقلتم فوق صهوات الخيل من نصر إلى نصر، وقد يكون: من أظهر فى أظهر وتكون أفعل تفضيل مأخوذة من:
ظهر على عدوه إذا غلبه، وقد تكون: من أطهر فى أطهر أى تسلستم من آباء طاهرين ونقلتم المجد إلى أبناء طاهرين.
(2) فى الأصل: بالزعاف، ولعل الصواب ما أثبتناه الزعاق المر الغليظ لا يطاق شربه المحقر: المر الحامض يريد إنكم جنيتم النصر بعد وقائع مرة.
(3) فى الأصل: فبقت بمسك أذفر، ولعل الصواب ما أثبتناه، قيفت: تليت من قاف أثره إذا تبعه.
(4) شكل الكتاب: أعجمه، والمراد هنا شك القلوب بسيفه وغمزها برمحه.(20/299)
حتى إذا ما اليأس حلّ ذماره ... صبغ الفضائل فى النجيع الأحمر
وأنشدنى له من قصيدة فى عبد المؤمن (1). وأنشدنى لنفسه فى مراكش بأقصى الغرب:
وأرض سكنّاها فيا بئس مسكن
بها العيش نكد والجناح مهيض
نروح ونغدو ليس إلا مروّع ... عقارب سود أو أراقم بيض
__________
(1) عبد المؤمن بن على مؤسس دولة الموحدين(20/300)
أبو الحجاج يوسف بن محمد بن فاره (1)
الأنصارى الأندلسى من ثغر شرقى الأندلس من بلاد المغرب (2)، أصله من مجريت (3) بمريط (4) ومولده بإشكريب (5) وتربيته ونشوه بجيان، دخل بغداد ورحل إلى خراسان فى طلب الحديث وتوفى ببلخ سلخ ذى القعدة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، قال السمعانى (6) فى تاريخه: أنشدنا أبو الحجاج المغربى لنفسه بهراة (7):
نسيم الصّبا بالله حيّى ذوى ودّى ... وقولى لهم: إنى مقيم على عهدى
فيا ليت شعرى هم على ما عهدتهم
أم استبدلوا غيرى بوصلهم بعدى؟
فو الله لا أنسى وإن شط بى النوى
ولا حدت عن وصلى، ولا حلت عن عهدى
__________
(1) أبو الحجاج أو أبو العباس يوسف بن محمد بن فاره الأشكربى نسبة إلى مدينة أشكرب من أعمال بلنسية ولد باشكرب ونشأ بجيان فانتسب إليها وسافر إلى خراسان وأقام ببلخ إلى أن مات بها سنة 548 «الحلل السندسية ح 3ص 44» وفى الأصل ابن فاروا.
(2) تطلق كلمة المغرب على ما يقابل كلمة المشرق فتشمل الأندلس وشمال أفريقيا.
(3) بحريت هى مدريد عاصمة أسبانيا الآن، وقد وردت الكلمة غير معجمة بالأصل.
(4) هكذا بالأصل.
(5) فى الأصل باسكريت والتصحيح من معجم البلدان ومراصد الاطلاع والحلل السندسية.
(6) أبو سعد عبد الكريم بن محمد منصور التميمى السمعانى المروزى مؤرخ رحالة من حفاظ الحديث مولده ووفاته بمرو من كتبه: الأنساب، وتاريخ مرو (فى عشرين جزءا)، وتذييل تاريخ بغداد، وتاريخ الوفاة للمتأخرين من الرواة وغيرها من المصنفات توفى سنة 562.
(7) بلد بخراسان.(20/301)
وصلتم قطعتم، أو ذكرتم نسيتم
فكونوا كما شئتم فهذا الذى عندى
عليكم سلامى دائبا لا عدمتم
على قدر ما بى من ضناى ومن وجدى
قال: وأنشدنى لنفسه، ببلخ (1)، فى الإجازة:
أجزت لهم رواية ما أحبّوا ... من المسموع لى والمستجاز
لأحظى منهم بدعاء خير ... وفى الأخرى إلهى لى المجازى
وخطّ المغربىّ لهم شهيد ... على وجه الحقيقة لا المجاز
__________
(1) مدينة مشهورة بخراسان.(20/302)
الفقيه خطّاب التلمسانى (1)
أبو الحسن خطاب بن أحمد بن عدى بن خطاب بن خليفة بن عبد الله ابن الوليد بن أبى الوليد ذكر الفقيه أبو الحجاج يوسف بن محمد بن مقلد التنوخى الدمشقى ببغداد أن خطابا كان إماما فاضلا، وورد بغداد وله شعر حسن ويد باسطة فى اللّغة، وأنه أنشده لنفسه:
حرام على نفسى لذاذة عيشها ... إلى أن تقرّ النفس عينا بما تذرى
بعلم يزكّى النّفس عند مليكها ... وتؤنسها أنواره فى دجى القبر
وتحشر إن أضحى الأنام بظلها ... لواء علوم يوم تدعى إلى الحشر
فإن نلت ما أمّلته أبت فائزا ... وإلا فنفسى قد أقمت بها عذرى
__________
(1) فقيه عارف من أهل مرسية روى عن الحافظ أبى بكر بن العربى وغيره توفى قبل سنة 580هـ «الحلل السندسية ح 3ص 459» طبع بالمطبعة الأميرية بالقاهرة سنة 1284هـ وقد شرحه ابن زاكور، ومن شرحه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.(20/303)
باب فى ذكر محاسن شعراء قلائد العقيان
تصنيف أبى نصر الفتح بن خاقان القيسى الأندلسى (1) بالأندلس والمغرب، طالعت كتاب قلائد العقيان فى محاسن الأعيان بعد إيراد الذين ذكرهم من الشعراء، فوجدته مشتملا على ذكر طائفة من أهل العصر الفضلاء، شذوا عن الإثبات، وقد بذوا الغايات، فأوردتهم فى هذا المجموع ليشرقوا فى آفاقه، إشراق السعود فى الطلوع، ولو نقلت كلام مصنف الكتاب المذكور، لكان أشرح للصدور، وأوقع فى نفوس الجمهور فإنه كاللؤلؤ المنثور والفرائد المستخرجة من البحور والقلائد المتبلجة على النحور لكننى أجريت جواد خاطرى فى جواد الخطر وأنصلت ضامر ضميرى فى مضمار الفكر، المضيئة الفطن بأضواء الفطر، فاستغنيت بعسلى السافى (2) عن سكر غيرى الكافى، ونسجت على منواله،
__________
(1) أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان بن عبد الله القيسى كاتب مؤرخ من أهل إشبيلية ولد ونشأ فيها وكان كثير الرحلات والأسفار. وكان مستهترا ماجنا أوعز أمير المؤمنين على بن يوسف بن تاشفين بقتله فذبح فى مراكش سنة 528هـ وكان مولده سنة 480هـ وله عدة مصنفات بقى منها: قلائد العقيان ألفه لأبى إسحق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، ويقال إنه ثلاث نسخ مسهب ووسيط وموجز ومن كتبه الباقية: مطمح الأنفس ومسرح التأنس فى ملح أهل الأندلس ويقال إنه ثلاث نسخ أيضا. وقد طبع بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1325هـ وله رسالة فى ترجمة ابن السيد البطليوسى حفظها لنا المقرى فى أزهار الرياض وبقية كتبه مفقودة.
(2) السافى: المحمول، ولعله الشافى.(20/304)
وما عرجت على نواله فالحكاية له واللفظ لى، وتركت له عمله ولى عملى فمن سبق ذكره وورد شعره وألفيت له فائدة زائدة، بحسنها للألباب صائدة وللآداب شائدة، ولأعطاف الاستحسان مائدة، ولا ضياف الامتحان مائدة رددت سمصه إلى عقده، وأوردت شرطه فى عقده. ومن استفدت من هذا الكتاب اسمه ونظمه (1) أفردته فى هذا الموضع، ونوهت بذكره فى هذا المجموع، ونبهت على نوره فى هذا المطلع.
__________
(1) ص 36من القلائد.(20/305)
فمنهم المتوكل أبو محمد عمر بن المظفر (1)
كان بعد سنة خمسمائة (2)، أورده فى الملوك بعد المعتمد وابنه الراضى، وأثنى على عزمه الماضى، وحزمه القاضى ووصفه بسوق الجنود، وخفق البنود، وسبق الملوك فى البأس والجود واعتمار الآمال إلى كعبته، وائتمار الليالى والأيام لإمرته وحلاوة جنا جنابه، ورحب ساحته، وطلاوة لهجته، وحلاوة بهجته، وعذب فصاحته، وسياسته فى نهيه وأمره، وسلاسته فى نظمه ونثره، وصفاء أيامه ومضاء أحكامه، ونموّ مكارمه، وسموّ دعائمه، حتى رمته مصيبات الأيام، بمصيبات السهام (3) وعدا عليه الدهر العادى، ووقع فى الأسر حيث لا فادى، ونقل هو واباه، إلى حيث أمرت المنون جنامناه قد ألحفوا أردأ الردى (4)، وعطل منهم نادى الندى، وأنزلوا من الثريا إلى الثرى، وصاروا عبرة لمن يرى،
__________
(1) المتوكل على الله أبو محمد عمر بن محمد المظفر بن عبد الله بن محمد بن مسلمة بن الأفطس كان ملكا عالى الهمة رفيع القدر مشهور الفضل وكانت عاصمة ملكه بطليوس فى عهده دار أدب وشعر ونحو وعلم واستولى على طليطلة فترة من الزمان، ولكن المرابطين ضايقوه وشددوا الهجوم عليه حتى قبضوا عليه وقتلوه هو وبنيه فى أخريات سنة 488 «له ترجمة فى الذخيرة القسم الثانى المخطوط ص 398وأعمال الأعلام ص 183، والقلائد ص 36والمغرب ج 1ص 364والوافى بالوفيات نسخة المصورة المجلد الثالث من القسم الخامس الورقة 516 والمعجب ص 75وذكر صاحبه أنه قتل سنة 485».
(2) أجمع المؤرخون على أن المرابطين قتلوه سنة 488ما عدا الواحدى فقد ذكر أنه قتل سنة 485هـ.
(3) مصيبات السهام: السهام الصائبة ولعلها بمصيبات السهام.
(4) قبض المرابطون على المتوكل وابنيه الفضل والعباس وعلى باقى أسرته وعبيده وحملوا الجميع إلى إشبيلية، وفى أثناء الطريق أنزلوه وأمروه أن يتأهب للموت فسأل أن يقدم ابناه قبله ليحتسبهما عند الله فقتلوهما ثم قتلوه.(20/306)
وأحلّ ذمام ذمائهم (1) وطلّ حرام دمائهم (2)، وطلوا بنجيع طلاهم (3)، وعلوا بكأس البؤس (4) بعد رفيع علاهم، وحلّيت ترائبهم (5) بالتّرب عاطلين من حلاهم، وخلّيت مطالبهم من النّجح لما عراهم، من جور الزمان وعلاهم، وقتل ولداه بين يديه صبرا، وقام ليصلى فبادروه وكسفوا منه بدرا (6)، وصار لأشلائهم بطن النّسر قبرا، ولم يقبل كسرهم بعدها جبرا وهذه عادة الأيام، غمّة مصيبتها بالغمّ صائبة الغمام، وحمى حماتها المصون مبتذل بيد الحمام، فمن شعره ما كتبه (7) إلى يحيى المنصور أخيه، وقد بلغه أنه ذكر بسوء فى ناديه (8):
فما بالهم لا أنعم الله بالهم
ينوطون بى ذاما وقد علموا فضلى (9)
__________
(1) الذماء: بقية الروح فى المذبوح.
(2) طل دمه: أهدره.
(3) طلوا: دهنوا الطلا (بضم الطاء): الأعناق.
(4) عله: سقاه مرة ثانية.
(5) الترائب: عظام الصدر.
(6) فى الأصل: وكشفوا منه بدرا، وهو تحريف.
(7) حينما توفى المظفر سنة 461قام بالأمر بعده فى بطليوس ابناه يحيى المنصور وعمر المتوكل وشبت نار الفتنة بينهما واستعرت نيرانها، وانتهز الأفرنج هذه الفرصة فاستولوا على أطراف البلاد، ومال يحيى إلى موالاة بنى ذى النون، ومال عمر المتوكل إلى موالاة المعتمد ابن عباد واستمر النزاع قائما بين الأخوين حتى توفى يحيى فجأة سنة 464.
(8) كتب المتوكل مقدمة نثرية لقصيدته أوردها ابن بسام فى الذخيرة: «القسم الثانى المخطوط ص 1399، يقول فيها: كل صديق أيدك الله إذا خاطب صديقه فأغرب ما يطنب به عليه، ويسهب فيه لديه، أن يقول: أنا كأخيك، محبة فيك فإذا كتبت إليك، فأى غريبة أورد عليك، ونحن منتهى كتب المخاطبين وغاية آمال المتحابين غير أنه جرى فى ناديك، لا زال معمورا بمعاليك، أنى أبيع الأحرار والحرائر، وأستصغر المعاصى والكبائر، والله تعالى قد نزهنى عن هذا وأبعدنى عنه فلا قدرة لبشر أن يليطه بى وبدنينى منه
(9) فى الذخيرة والقلائد ينيطون بى ذما، ناطه ينوطه: علقه.(20/307)
يسيئون فىّ القول جهلا وضلّة ... وإنى لأرجو أن يسوءهم فعلى
لئن كان حقا ما ادّعوه فلا مشت
إلى غاية العلياء من بعدها رجلى!! (1)
ولم ألق أضيافى بوجه طلاقة
ولم أمنح العافين فى زمن المحل (2)
وكيف؟ وراحى درس كلّ غريبة
وورد التّقى شمّى وحرب العدى نقلى (3)
ولى خلق فى السّخط كالشّرى طعمه
وعند الرّضا أحلا جنّى من جنى النّحل (4)
فيا أيها الساقى أخاه على النّوى
كئوس القلى مهلا رويدك بالعلّ (5)
لتطفىء نارا أضرمت فى نفوسنا ... فمثلى لا يقلى ومثلك لا يقلى
__________
(1) فى الأصل: إلى غاية العليا بعدها وجلى والتصويب عن الذخيرة والقلائد.
(2) فى الأصل: ولا ألق أضيافى ولم أمنح الباقين: والتصويب عن الذخيرة والقلائد.
(3) فى الأصل وورد التقى سمى، والتصويب عن الذخيرة والقلائد النقل: ما ينتقل به على الشراب من فاكهة وطعام خفيف والشاعر يريد أن يقول إذا كان غيرى يطوى حياته فى شرب الخمر فإن دراسة العلوم هى خمرى والتقوى هى وردى الذى أشمه ومقاتلة الأعداء هى نقلى على الشراب.
(4) الشرى: الحنظل.
(5) العل: تكرار الشراب(20/308)
وقد كنت تشكينى إذا جئت شاكيا
فقل لى لمن أشكو صنيعك بى قل لى (1)
فبادر إلى الأولى وإلّا فإنّنى
سأشكوك فى الأخرى إلى الحكم العدل
قال: وصل أبو يوسف المغنّى (2) والمتوكل مقلع عن الشرب متورع بالجد عن اللعب (3) قد لبس ثوب الخشوع واستسقى واكف الدموع، وكثرة السجود والركوع، وقد أجيبت دعوته فى إغاثة الغيث بتربة مجدب الثرى، وإنامة عيون الورى، بعد السهاد، لقدوم العهاد (4)، فى مهاد الكرى وهو باق على التوبة، متوقّ عن الحوبة (5)، فكتب إليه (6):
ألمّ أبو يوسف والمطر ... فيا ليت شعرى ما تنتظر؟ (7)
ولست بآب وأنت الشهيد ... حضور نديّك فيمن حضر (8)
__________
(1) فى الذخيرة: صنيعك لى.
(2) فى الأصل المفتى والتصويب عن قلائد العقيان.
(3) ذكر صاحب القلائد أن السماء جفت وهلك الزرع والضرع، فخشع المتوكل وتنسك ولجأ إلى الله ضارعا خاشعا متبتلا حتى جادت السماء بالمطر، واطمأنت القلوب وهدأت النفوس فاستأنف المتوكل مجالس اللهو والسماع.
(4) العهاد: المطر.
(5) الحوبة: الإثم.
(6) الكاتب هو أبو يوسف.
(7) فى الأصل ما ينتظر وفى القلائد: فما ينتظر، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(8) فى الأصل ولست بأب والتصحيح عن القلائد.(20/309)
ولا مطلعى وسط تلك السما ... ءبين النجوم وبين القمر
وركضى فيها جياد المدا ... م محثونة بسياط الوتر
فبعث إليه المتوكل مركوبا وكتب معه:
بعثت إليك جناحا فطر ... على خفية من عيون البشر
على ذلل من نتاج البروق ... وفى ظلل من نسيج الشّجر (1)
فحسبى ممّن نأى من دنا ... فمن غاب كان فدا من حضر
وكتب إليه الوزير أبو محمد بن عبدون (2) مع خمر وورد أهداهما له:
إليكها فاجتلها منيرة ... وقد خبّا حتّى الشّهاب الثاقب (3)
واقفة بالباب لم يأذن لها ... إلا وقد كاد ينام الحاجب (4)
فبعضها من المخاف جامد ... وبعضها من الحياء ذائب (5)
فقبلها وكتب إليه:
قد وصلت تلك التى زففتها ... بكرا وقد شابت لها ذوائب
__________
(1) فى القلائد: نتاج البرد ق، فى ظلل
(2) أبو محمد عبد المجيد بن عبدون اليابرى الشاعر الكاتب المشهور عاش فترة فى ظل المتوكل ثم رحل إلى المعتمد بن عباد، فلم يجد لديه قبولاه توفى سنة 529وقد رثى بنى الأفطس بقصيدة خالدة من عيون شعر المراثى مطلعها.
الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاء على الأشباح والصور؟
(3) فى الأصل وقد حنا حبى، والتصويب عن القلائد.
(4) فى القلائد: لم يؤذن لها
(5) فى الأصل من الحيا، والتصحيح عن القلائد.(20/310)
فهبّ حتّى نستردّ ذاهبا ... من أنسنا إن استردّ ذاهب
وكتب إلى أبى طالب بن غانم (1) أحد وزرائه. وكان وزير رأيه ونسيم أنسه، وحميم نفسه، يستدعيه:
أقبل أبا طالب إلينا ... وقع وقوع الندى علينا
فنحن عقد بغير وسط ... إن لم تكن حاضرا لدينا (2)
__________
(1) فى الأصل ابن غنام. والتصحيح عن القلائد والمغرب وأعمال الأعلام والذخيرة، فى المغرب: انهض أبا غانم، وفيه وفى أعمال الأعلام والذخيرة: واسقط سقوط
(2) فى الذخيرة والقلائد والمغرب وأعمال الأعلام: يغير وسطى ما لم تكن(20/311)
الحاجب ذو الرئاستين
أبو مروان عبد الملك بن رزين، (1) وصفه بالجلالة والأصالة والبسالة، وموروث المجد التالد، ومكتسبه الطارف، وترويجه سوف أولى المعارف، بإيلاء العوارف وتبليجه وجوه المكارم، بشمس فضله الوارف، وأنه من قوم قدّموا الجوانح، ودلّلوا الجوامح، وراضوا من الخطوب صعابا، وفاضوا ثوابا وعقابا، وهو واسطة عقدهم ورابطة عقدهم وأسد خيسهم، وهزبر عرّيسهم، وكانت دولته حافلة الأخلاف، كافلة بالإنصاف رافلة فى ثوب الائتلاف. مهتزة الأعطاف مغبّرة الأطراف، ولكنه كثير الشطط على ندمائه، سريع السخط على خلّانه، وربما عاد نواله وبالا، وأرغابه إرغاما وإنعامه انتقاما، لا يرى الجانى صفحة صفحة، ولا يرضى من دم المذنب إلا بسفكه وسفحه، وكان حيا النادى فى النّدى، وجيه الوادى على العدا، وله نظم ونثر لم يقصرا عن الغاية، وكلاهما فى الجود عالى الراية، فممّا أورد من شعره الرائق، وسحره الفائق. قوله فى وصف روضة أرجت أرجاؤها وتلألأت آلاؤها وتشابه لمقابلة الزّهر الزّهر (2) أرضها
__________
(1) أبو مروان عبد الملك بن رزين بن هذيل حسام الدولة بن خلف بن لب بن رزين صاحب السهلة، ورث الحكم عن أبيه سنة 436. كان شديد الإعجاب بنفسه مغرورا زاريا على أهل عصره، وتوفى سنة 496هـ «الحلل السندسية ح 2ص 102، 103» وله ترجمة فى القلائد ص 51والذخيرة القسم الثالث المخطوط الورقة 1والمطرب ص 39 والبيان المغرب ح 3ص 309وأعمال الأعلام 207والحلة السيراء ص 179ومسالك الأبصار ح 11ص 446والوافى بالوفيات (النسخة المصورة) المجلد الأول من الجزء السادس الورقة 26والمغرب ح 2ص 428، وقد سماه صاحب مسالك الأبصار بالصاحب.
(2) الزهر: النجوم، الزهر: المضيئة.(20/312)
وسماؤها، وحكى (1) جلاؤها صفاء الصّفاح، ونشرت معاطفها ملاء الملاح، وأطلعت أشجارها صباح الصباح:
وروض كساه الطّلّ وشيا مجدّدا ... فأضحى مقيما للنفوس ومقعدا (2)
إذا صافحته الريح خلت غصونه
رواقص فى خضر من العصب ميّدا (3)
إذا ما انسكاب الماء عاينت خلته ... وقد كسّرته راحة الريح مبردا (4)
وإن سكنت عنه حسبت صفاءه ... حساما صقيلا صافى المتن جرّدا
وغنّت به ورق الحمائم حولنا ... غناء ينسّيك الغريض ومعبدا (5)
فلا تجفونّ الدهر مادام مسعدا ... ومدّ إلى ما قد حباك به يدا
وخذها مداما من غزال كأنه ... إذا ما سعى بدر تحمل فرقدا (6)
وركب فى يوم غيم للصيد. وقد فصم المدام منه عرى الأيد، وشمس للضحى محجوبة، وكأس الودق مسكوبة، والسماء متدفقة، والأرض مزلقة، فعثر به جواده، وقد تفرد وغابت عنه أجناده وأمجاده فآل بعثر كميته (7)، إلى
__________
(1) فى الأصل وحكت ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) آثرنا رواية القلائد والمغرب والحلة السيراء، وفى الأصل: فروض.
(3) فى الحلة السيراء: ظلت غصونه وفى المغرب: من القضب، وفى القلائد: من العطف.
(4) فى الحلة السيراء: إذا ما انسياب الماء.
(5) فى القلائد ورق الحمائم بيننا: وفى الحلة السيراء غناء ينسينا، وفى القلائد ينسيك القريض الغريض ومعبد مغنيان من أشهر المغنّين فى الدولة الأموية.
(6) فى مسالك الأبصار: فخذها يجعل فرقدا وفى قلائد العقيان والمغرب: إذا ما سقى.
(7) فى الأصل: قال يعثر كميته، ولعل الصواب ما أثبتناه، والكميت: الجواد الملون بحمرة إلى سواد.(20/313)
التّأخّر فى بيته، وبلغه أن عدوّا له سرّ بسقطته، وفرح بفرطته (1) فى ورطته فقال:
إنّى سقطت ولا جبن ولا خور
وليس يدفع ما قد ساقه القدر (2)
لا يشمتنّ حسودى إن سقطت فقد
يكبو الجواد، وينبو الصّارم الذّكر
هذا الكسوف يرى تأثيره أبدا
ولا يعاب به شمس ولا قمر
وقال فى خليط ودّع، وأسال فراقه المدمع:
دع الدّمع يفنى الجفن ليلة ودّعوا
إذا انقلبوا بالقلب لا كان مدمع (3)
سروا كاقتداء الطير لا الصّبر بعدهم
جميل ولا طول الندامة ينفع (4)
أضيق بحمل الحادثات من النّوي
وصدرى من الأرض البسيطة أوسع (5)
وإن كنت خلاع العذار فإنّنى
لبست من العلياء ما ليس يخلع
__________
(1) فرطته: تقصيره.
(2) فى القلائد وأعمال الأعلام: ما قد شاءه القدر.
(3) فى المغرب والحلة السيراء: دع الجفن يفنى الدمع.
(4) فى الحلة السيراء: كاقتذاء الطير
(5) فى الحلة السيراء والمغرب بحمل الفادحات.(20/314)
إذا سلّت الألحاظ سيفا خشيته ... وفى الحرب لا أخشى ولا أتوقع
وقال فيمن سكر فمثّل له سكره معترك النزال ومقتحم الأبطال فاستدعى حرب الحرب واستحلى طعم الطّعن وضرب الضّرب:
نفس الذليل تعزّ بالجريال ... فتقاتل الأقران دون قتال
كم من جبان ذى افتخار باطل ... بالخمر تحسبه من الأبطال
كبش النّدىّ تخمّطا وعرامة ... وإذا تشبّ الحرب شاة نزال (1)
وقال فى الحنين والنزاع، إلى التلاقى والاجتماع:
أترى الزمان يسرنا بتلاقى
ويضمّ مشتاقا إلى مشتاق؟
وتعضّ تفّاح الخدود شفاهنا
ونرى سنا الأحداق بالأحداق (2)
ويعيد أنفسنا إلى أجسادنا ... فلطا لما شردت على الآفاق (3)
وقال:
برّح السّقم بى فليس صحيحا ... من وأت عينه عيونا مراضا
__________
(1) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل تخبطا وإذا تسد. التخمط: الكبر والتجبر.
(2) فى القلائد. تفاح النهود وقد آثرنا رواية المغرب. وفى الأصل ونرى بى الأحداق للأحداق، وفى القلائد: منى الأحداق.
(3) فى المغرب: إلى أجسامها من بعد ما تمردنى، وفيه وفى القلائد وتعود أنفسنا إلى(20/315)
إن للأعين المراض سهاما ... صيّرت أنفس الورى أغراضا
وقال فى شمعة:
ربّ صفراء تردّت ... بشحوب العاشقينا (1)
مثل فعل النار فيها ... تفعل الآجال فينا
وبقى بعد ملوك الأندلس وانقراض ملكهم وانتقاض سلكهم ملكا مطاعا ضرارا نفاعا لم تخطه الأمنيّة، إلى أن تخطّت إليه المنيّة، وبقى ابنه على رسمه، يجرى الزمان على حكمه، إلى أن دبّ إليه الكيد ووهن منه الأيد، وأوحش منه عرشه، وأنس به نعشه، فتبارك الواحد الذى ليس له ثان، ولا يفنى ملكه وكل شىء فان.
__________
(1) فى الحلة السيراء والقلائد: برداء العاشقينا.(20/316)
الرئيس الأجل أبو عبد الرحمن محمد بن طاهر (1)
وصفه بالملكة فى البراعة، والمملكة فى تصريف اليراعة، والتفرّد بالبيان والتوحد فى الإحسان، فى جدّه طود الوقار وفى مزحه مرح العقار، وعلى مفرقه تاج الملك، وفى مهرقه مزاج المسك، تسلطت عليه الخطوب فى سلطانه، ونزع من أوطاره، ونزح عن أوطانه، وبقى فى أسر ابن عمار وزير المعتمد عانيا، وللمحن معاينا، حتى خلّصه الوزير أبو بكر بن عبد العزيز (2) وآواه ببلنسية إلى معقله الحريز، وتنقلب به الأحوال بين نعمى وبوس، وبشر وعبوس وشدّة
__________
(1) محمد بن أحمد بن إسحق بن طاهر، تغلب على مرسية وظل يسوسها بحكمة وحزم إلى أن غلبته الفتن على أمره وفسدت حاله مع جيرانه فاستعدوا عليه المعتمد بن عباد فوجه إليه جيشا بقيادة وزيره ابن عمار وقائده ابن رشيق وثارت مرسية عليه فوقعت فى يد جند المعتمد وفر ابن طاهر إلى بلنسية حيث نزل فى كنف صاحبها ابن عبد العزيز حتى توفى فيها سنة 507هـ وقد نيف على السبعين، وكان فصيح القلم بليغ اللسان عذب النادرة والفكاهة، له ترجمة فى القلائد ص 56وأعمال الأعلام ص 201والذخيرة القسم الثالث المخطوط الورقة الرابعة والمغرب ح 2ص 247والمهرق: الصحيفة.
(2) الوزير أبو بكر بن عبد العزيز كان وزيرا للمظفر عبد الملك بن المنصور عبد العزيز ابن الناصر بن المنصور بن أبى عامر وكان صاحب الرأى والتدبير والتنفيذ فى حكم بلنسية، ويقول فيه لسان الدين بن الخطيب: «وكان الوزير أبو بكر بن عبد العزيز أحد رجال الكمال بالأندلس وعين بلنسية التى بها تبصر ولسانها الذى تسهب به وتختصر وكان ثانيا لأبى الحزم بن جهور وشبيها له فى الجهة الشرقية وكانت وفاته ببلنسية سنة 456هـ.
وأخبار ابن عبد العزيز شهيرة. وآدابه فى الشهرة الشمس فى الظهيرة». ولكنا نعلم أن المعتمد ولى الأمر بعد أبيه سنة 461وغزا مرسية سنة 471وابن عبد العزيز توفى سنة 456، كما نعلم أن ابن طاهر حكم مرسية من سنة 455إلى سنة 471فكيف آواه الوزير أبو بكر بن عبد العزيز الذى توفى سنة 456هـ، ولهذا نرجح أن الذى آواه هو أبو بكر محمد بن عبد العزيز (ابن روبش) وهو ابن الأول وكان المأمون بن ذى النون قد عزل صهره عبد الملك من حكم بلنسية وأناب عنه فى حكمها أبا بكر بن عبد العزيز (ابن روبش) بن أبى بكر بن عبد العزيز الذى توفى سنة 456هـ وتوفى سنة 478.(20/317)
ورخاء، وسعادة وشقاء قال مصنف قلائد العقيان: شهدت وفاته سنة سبع وخمسمائة وقد نيّف على التسعين وجف ماء عمره المعين، وزعم أنه انقرض بانقراضه الكلام وبدأ به وهو الختام وأورد من رسائله كثيرا ونظم من فضائله درا نثيرا، قال: ولم أسمع له شعرا إلا ما أنشدنى فى أبى أحمد بن جحاف (1)
عند قتله الملك الملقب بالقادر (2) فظن أنه تتم له الرئاسة فقصده القصد الناثر:
أيها الأحنف مهلا ... فلقد جئت عويصا (3)
إذ قتلت الملك يحيى ... وتقمّصت القميصا
ربّ يوم فيه تجزى ... لم تجد عنه محيصا
ومن نثره من جملة كتاب إلى المعتصم (4) أيام رئاسته يصف العدو العابث بالأندلس: كتابى أعزك الله وقد ورد كتاب للمنصور (5) ملاذى والمعتدّ (6)
بك أيده الله أودعه ما أودع من حيّات ولم يدع مكانا لمسلاة فإنه
__________
(1) كان قاضى بلنسية فلما اضطربت بها الأمور وهاجمها الإفرنج واحتلها الكنبطور (السيد) أثار ابن جحاف عزائم أهلها واستنجد بالمرابطين فأنجدوه، وتمت له الرياسة فى بلنسية ولكن الإفرنج أعادوا الكرة عليه بقوة كبيرة وانهزم الملئمون وسقط القاضى أسيرا فى يد الكنبطور فأحرقه بالنار وفتك بزعماء المدينة وأمعن فيها تخريبا وتدميرا سنة 487هـ
(2) القادر بالله يحيى حفيد المأمون بن ذى النون، بويع بالحكم فى طليطلة بعد وفاة جده، ثارت فى عصره الفتن والأحداث بسوء تصرفه وعاهد المسيحيين على أن يعاونوه ودخل مع الكنبطور بلنسية فثار أهل بلنسية عليه واعتقلوه وأمر القاضى ابن جحاف بقتله لأنه غدر بإخوانه المسلمين سنة 485هـ.
(3) الأحنف الذى به اعوجاج فى رجليه أو الماشى على ظهر قدميه وفى القلائد:
الأخيف الخيف فى الفرس وغيره زرقة إحدى العينين وسواد الأخرى.
(4) المعتصم محمد بن معتمد بن صمادح حاكم المرية.
(5) عبد العزيز المنصور حاكم بلنسية.
(6) فى الأصل المعتمد وقد أخذنا برواية القلائد.(20/318)
للقلوب مؤذ، وللعيون مقذ وللظهور قاصم، ولعري الحزم فاصم، فليندب الإسلام نادب، وليبك له شاهد وغائب فقد طفىء مصباحه، ووطىء ساحه وهيض عضده وغيض ثمده (1).
ومن أخرى (2): الآن عاد الشباب خير معاده، وابيضّ الرجاء بعد اسوداده، وافانى لك كتاب كريم كما طرز البدر النّهر أو كما بلّل الغيث الزهر، طوقنى طوق الحمامة وألبسنى ظل الغمامة (3).
وله إلى إقبال الدولة (4) برجوع أحد معاقله إليه من رسالة: جراحات الأيام [أيدك الله] (5) هدر، وجنايتها (6) قدر، وليس للمرء حيلة، وإنما هى ألطاف لله جميلة، تستنزل الأعصم من هضابه. وتأخذ المعتز (7) بأثوابه احمده عودا وبدءا [على النعمة] (8) التى ألبسك سربالها والفتنة التى أطفأ عنك اشتعالها والرّياسة التى حمى فيها حماك. فردّ خاتمها (9) بيمناك وقد تناولته للباطل يد خشناء، فاستقالته
__________
(1) للرسالة بقية فى القلائد ص 58.
(2) فى القلائد أنه وجه هذه الرسالة إلى المأمون بن ذى النون مراجعا.
(3) فى القلائد: طوقتنى به طوق الحمامة وألبستنى ظل الفخامة وللرسالة بقية بالقلائد.
(4) على بن مجاهد العامرى إقبال الدولة، حكم دانية والجزائر من سنة 436إلى سنة 468هـ.
(5) زيادة من القلائد.
(6) فى القلائد: وجناياتها.
(7) فى القلائد المغتر.
(8) فى الأصل: بالنعمة وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) فى القلائد ورد خاتمها.(20/319)
يدك الحسناء (1) فأقر الله عز وجلّ (2) الحال فى نصابها، وأبرزها فى كمالها تتراءى بين أترابها، ووضعت الحرب أوزارها، وأخفت [الأسود] أخياسها وإزئارها (3) ومن كانت مذاهبه كمذاهبك، وجوانبه للسلامة كجوانبك، أعطته القلوب أسرارها، وأعلقته المعاقل أسوارها وانجلت عنه الظلماء، وأكرم قرضه والجزاء فليهنك الإياب والغنيمة، وهما المنّة العظيمة وليكن لها من نفسك مكان ومن شكرك لله بالموهبة [إسرار و] (4) إعلان. وأمّا حظّى منها فحظّ مسلوب أمكنه سلبه (5) وذى مشيب عاوده شبابه وطربه ولما اقترنا لى (6)، وكانا معظم آمالى، وعلمت أن بهما زوال الخلاف، وتواطأ (7) الأكناف وأن بالصّدر تثلج الصدور، ويبتهج السرور بادرت إلى توفية الحق لك، وتعرف الحال بك مشيعا بالدعاء فى مزيدك ضارعا فى الإدامة لتأييدك فإن الوقت إساءة (8) وأنت إحسانه. والخير طرف (9) وأنت
__________
(1) فى القلائد: فلم يكن عنده أهلا لتلك النيابة، ولا رآه حليا لخنصر الحبابة، والأعناق قطعها المطامع، والنفاق يستوعر فيه الطامع فأقر الله عز وجل الحال فى نصابها.
(2) فى الأصل غافر عن وحل والتصحيح عن القلائد.
(3) فى الأصل واخفت أجناسها فرارها ومزارها، والزيادة والتصويب عن القلائد وإن كان فيه أجناسها وزئارها، ولم نجد للفعل رأر مصدرا بهذا الوزن، الأخياس: مآوى الآساد أزأر وزأر بمعنى.
(4) زيادة من القلائد.
(5) فى الأصل لكنه سلبه والتصويب عن القلائد.
(6) فى الأصل: ولما أقتر بالى، والتصويب عن القلائد.
(7) فى القلائد وتوطا.
(8) فى الأصل أساء، والتصحيح عن القلائد.
(9) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل عين.(20/320)
إنسانه فإن مننت (1) بما سألته أفضلت وأحسنت إن شاء الله.
وله إلى صاحب ميورقة ناصر الدولة (2): أطال الله بقاء الأمير [الأجل، ناصر الدولة ومعز الملة] (3) منيفا حرمه، رفيعا علمه إن الذى بينته الدنيا، من مناقبك العليا (4)، فتحلّت (5) منه أقاصيها، وتكالمت به نواصيها، لجاذب نحوك أحرارها (6)، وجالب (7) إلى طلبك أعيانها وأخيارها بقلوب تملكها هواها، وحرّكها نهاها، وهذا الوزير الكاتب أبو جعفر ابن البتى (8) عبدك الآمل [أبقاه الله] (9)
صمّمت به إلى ذراك همم عوال كأنها رماح (10) عوال تحملها السفين والعزم الناهد (11) المكين. وريح جد ماتلين إلى حلّى من البيان يتقلدها، يكاد
__________
(1) فى الأصل فإن منيت وقد آثرنا رواية القلائد.
(2) مبشر بن سليمان الملقب بناصر الدولة حاكم الجزائر الشرقية القريبة من شواطىء أسبانيا استقل بحكم هذه الجزائر بعد انتهاء حكم على بن مجاهد العامرى، وقد تمتعت الجزائر فى عهده بفترة من الأمن والرخاء وقصده الأدباء والشعراء وبخاصة أبو بكر بن اللبابة المعروف بالدانى، ومات أثناء حصار الإفرنج لجزيرة سنة نيف وخمسمائة.
(3) زياده فى القلائد.
(4) فى القلائد: إن الذى بثته الدنيا أعزك الله من مناقبك العليا.
(5) فى القلائد: فتجللت.
(6) فى الأصل بحادث يحول أحرارها، وفى القلائد: لجاذب إليك أجرادها ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) فى الأصل: وحالت، والتصويب عن القلائد.
(8) ترجم له الفتح فى المطمح وخلاصة ترجمته أنه شاعر مستهتر قصد ناصر الدولة مادحا ولما ظهر استهتاره نفاه من جزيرته فعاد إلى بلنسية، وذكر المقرى أن الكنبيطور (السيد) أحرقه مع من أحرقهم من أهل بلنسية سنة 488هـ وفى المطمح البنى وهو تحريف
(9) زيادة من القلائد.
(10) فى الأصل الرماح، وفى القلائد للرماح، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(11) فى القلائد النافذ الناهد: الناهض.(20/321)
السحر يحسدها وخلائق محمودة كأنها الخلوق (1) تنفح مسكا وتشوق وإن للوشى ما خط، وربما أزرى به إذ خط (2)، والخبر يغنيه عن الخبر، ويعلمه بالعين لا بالأثر [والتبر تعلمه منيف القدر والأثر] (3) لا زلت كلفا (4)
بالإحسان، منصفا من الزمان إن شاء الله تعالى.
وله إليه: أطال الله بقاء الأمير [الأجلّ ناصر الدولة، ومعز الملّة] (5)
وأيّده، وأعلى يده، الشفاعات [أيدك الله] (6) على مقدار ملتحفيها ولكلّ عندك منزلة يوافيها، ولما تأمل ذو الوزارتين [الفاضل] (7) أبو الحسن (8)
العامرى [أبقاه الله] (9) مالك فى الناس، من الطّول والإيناس، بما جبلت عليه من شرف السجية، والهمم السنية حتى مالت إليك الأهواء، ورفع لك (10) بالحمد اللواء قصد ذراك، واعتقد اليمن فى أن يراك، فيملأ من زهر العلا أجفانا، ومن نهر (11) النّدى جفانا، ويستبدل من صدّ الزمان إقبالا، ومن تهاون الأيام اهتبالا (12)، وله قدم الوجاهة، وقدم النباهة، ويدل
__________
(1) الخلوق: ضرب من الطيب.
(2) فى القلائد: وأن الوشى ما خطه، وربما أزرى به أو حطه.
(3) زيادة من القلائد.
(4) فى القلائد: فلا زلت.
(5) زيادات فى القلائد.
(6) زيادات فى القلائد.
(7) زيادات فى القلائد.
(8) زيادات فى القلائد.
(9) نرجح أنه أبو الحسن جعفر بن إبراهيم بن الحاج اللورقى عاش فى لورقة فترة من الزمن، وقد أورد صاحب المطرب والمغرب والقلائد طائفة صالحة من شعره.
(10) فى القلائد: وارتفع لك.
(11) فى الأصل زهر والتصويب عن القلائد.
(12) اهتبل الفرحة اهتالا: اغتنمها وانتهزها، وفى القلائد ابتهالا.(20/322)
عليه عيانه (1)، كما يدلّ على الجواد عنانه وأرجو أن تنال (2) تلك الآمال غضّة، والأيادى منك مبيضّة. فأقوم عنه على منبر الثناء خطيبا، وأوقد على جمر الآلاء عودا رطيبا، لا زلت للقاصدين ملاذا، وللراغبين معاذا، إن شاء الله تعالى.
وكتب إلى الوزير ابن عبد العزيز: حين نجا من اعتقاله (3) بسعيه (4) ونجا إلى بلنسية (5) راجيا، لاجئا إلى كنفه (6): كتابى وقد طفل العشىّ (7)، وسال بنا إليك المطىّ (8)، لها من ذكراك حاد، ومن لقياك هاد، وسنوافيك المساء، فنغفر للدهر (9) ما قد أساء ونرد ساحة الأمن، ونشكر عظيم ذلك المنّ، فهذه النفس أنت مقيلها، وفى برد ظلك يكون مقيلها، فلله مجدك وما تأتيه، لا زلت للوفاء تحميه (10)، فدانت (11) لك الدنيا ودامت لك [الأخرى] (12)
العليا إن شاء الله تعالى.
__________
(1) فى القلائد: بيانه.
(2) فى القلائد: أن ينال بك الآمال.
(3) ذكرنا فى ترجمته أنه فر من أمام جيش المعتمد بن عباد، وأنه لجأ إلى بلنسية حيث نزل فى كنف أبى بكر بن عبد العزيز.
(4) سعسى أبى بكر بن عبد العزيز، فإن صاحب القلائد يذكر أنه توسط له عند المعتمد ابن عباد حتى أطلق سراحه بعد أن وقع فى أسره.
(5) بالأصل ومحاه من فى بلنسية، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) فى الأصل: إلى فيه، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) طفل العشى: آخره عند الغروب.
(8) فى القلائد: ومال بنا إليك المطى، والكاتب ينظر إلى قول الشاعر:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطى الأباطح
(9) فى القلائد للزمان.
(10) فى القلائد: محييه.
(11) فى القلائد: ودانت.
(12) زيادة بالأصل وليست بالقلائد.(20/323)
وكتب إليه (1): من ذا يضاهيك، وإلى النجم مراميك (2)؟ فثناؤك لا يدرك وسعيك لا يسلك (3)، أقسم لأعقدنّ على علاك من الثّناء إكليلا، يردّ (4) اللّحظ من سناه كليلا ولأطوّقنه (5) شرق البلاد وغربها، ولأجمّلنّه عجم الرجال وعربها، وكيف لا وقد نصرتنى نصرا مؤزّرا، وصرفت عنّى الصّيم عفيرا معفّرا (6)، وألبستنى البأو بردا مسهّما (7) فأوليتنى البر متمما.
وله: فى الإعلام بخبر السيل بمرسية (8) وردنى أيدك الله كتابك الكريم (9) مستفهما لما طار [به] إليك الخبر (10)، من السيل الحافل (11) الذى عظم منه الضرر وقد كنت آخذا فى الإعلام بحوادثه العظام، فإنه أذهل الأذهان، وشغل الجنان (12) إذ أقبل، يملأ السّهل والجبل، والجنوب كما
__________
(1) فى القلائد: أن أبا بكر حينما تلقى الرسالة السابقة أنزل الكاتب فى أكرم منزل وبالغ فى الحفاوة به كل المبالغة، فكتب إليه شاكرا حفاوته مطريا سماحته.
(2) فى القلائد: مراقيك.
(3) فى القلائد فشأوك لا يدرك، وشعبك لا يسلك.
(4) فى القلائد: يذر.
(5) فى القلائد: ولأطرفنه.
(6) فى الأصل: وصرفت عن الضيم عصرا معفرا، والتصويب عن القلائد أى رددت الضيم عنى والصقته بالتراب.
(7) وردت العبارة مضطربة بالأصل، وقد أخذنا برواية القلائد، البأو: الفخر وفى الأصل والقلائد: مسنما ولعل الصواب ما أثبتناه.
(8) فى القلائد أنه كتب هذه الرسالة إلى المنصور بن أبى عامر «المنصور عبد العزيز ابن الناصر عبد الرحمن بن المنصور محمد بن أبى عامر، حكم بلنسية وتوفى سنة 452»
(9) فى الأصل: ورد كتابه مستفهما والتصحيح والزيادة من القلائد.
(10) فى الأصل لما طار إليه الخبر. والزيادة والتصحيح عن القلائد.
(11) فى الأصل: الحامل والتصحيح عن القلائد.
(12) فى القلائد: البيان.(20/324)
اضطجعت، والعيون قد هوّمت للندم أو هجعت فمن ماض قد استلبه، وناج قد حربه (1)، وفازع (2) قد أشكله (3)، وحائر لا يدرى ما حمّ له، والبرق يجب فؤاده، والودق ينسرب مزاده، قد استسلم (4) للقدر، واعتصم بالله عز وجل من وزر حتى أرانا آية إعجازه (5) وبراهينه، وعيض الماء لحينه وطلع الصباح على معالم قد غيّرها، وآكام قد خرّبها (6) لا ينقصى منها عجب الناظر (7) ولا يسمع بمثلها فى الزمن الغابر، فالحمد لله على وافى رفعه، وتلاقى غوثه (8) ونفعه، لا إله إلا هو (9).
وله من رسالة فى وصف جوارح. قصدنى مملوكه فى ارتياد أفرخ من الشّوذانقات (10) عند أوانها، والبعثة بها عند (11) تهيّئها وإمكانها، فلم أفارق لها ارتقابا ولا حدرت (12) للمباحثة عنها نقابا، ولمظانّها طلابا، إلى أن حان حين ظهورها [وامتلأت منها جحور وكورها] (13) وبدا سعيها، واكتسى
__________
(1) حرب ماله: سلبه.
(2) فى الأصل: وفارع، والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: أنكله.
(4) فى القلائد وقد استسلم.
(5) فى القلائد: غاية إعجازه.
(6) فى القلائد قد حدرها.
(7) فى القلائد: الناظر.
(8) فى القلائد: ومتلافى غوثه.
(9) فى القلائد: لا رب غيره.
(10) فى الأصل السود أبقات، والتصحيح عن القلائد الشوذانق والشيذاق والشيذقان:
الصقر أو الشاهين وتبدل سينه شينا أيضا.
(11) فى القلائد: وقت.
(12) فى الأصل: حددت وقد آثرنا رواية القلائد.
(13) زيادة من القلائد.(20/325)
عريّها، وجّهت طبا (1) رفيقا لاستنزالها، يرتقى إلى ذرى أجبالها (2)، ويميّز أفرهها (3)، ويحوز أشرهها (4)، فحصّلت (5) منها عددا، جرّبت (6) يدا فيدا، إلى أن تخرج فيها (7) ثلاثة أطيار، كأنها شعل نار [صيّدها] (8) أحلّ (9) كلّ صيد وقيّدها (10) أيّما قيد، تقلب صوادق مقل (11) وتنظر نظر مختيل، وتسرع فى الأنقضاض، كالوحى والإيماض، وترجع إلى يد وثاقها، كأنما أشفقت من فراقها بمخلب دام، وأبهة مقدام (12).
وله فى تولية حاكم (13): قلّدت فلانا سلّمه الله النظر فى أحكام فلانه، وتخيرت لها بعد ما خبرته، واستخلفته وقد عرفته واثقا بدينه، راجيا لتحصينه، لأنّه إن احتاط سلم، وإن أضاع أثم، فليقم الحق على أركانه، وليضع العدل فى ميزانه، وليساو (14) بين خصومه وليأخذ من الظالم لمظلومه، وليقف فى الحكم عند اشتباهه، ولينفذه عند اتجاهه، ولا يقبل
__________
(1) الطب: الحاذق الماهر.
(2) الأجبال والجبال والأجبل: جمع جبل.
(3) فى الأصل وتمير أثرها، والتصحيح عن القلائد.
(4) فى الأصل: وتجور أسرهها، والتصويب عن القلائد.
(5) فى القلائد: فجلب.
(6) فى القلائد: دربت يدا فيدا.
(7) فى القلائد: فخرج منها.
(8) زيادة ليست بالقلائد.
(9) فى القلائد: أجل.
(10) فى القلائد وقيده.
(11) فى القلائد: حوادق مقل.
(12) للرسالة بقية بالقلائد.
(13) فى القلائد: وله صك بتقديم إلى الأحكام فى إحدى جهاته
(14) فى القلائد وليسو.(20/326)
غير المرضىّ فى شهادته، ولا يعرف الاستقامة إلا من عادته (1)، وليعلم أن الله مطّلع على خفيّاته، وسائله يوم ملاقاته.
وكتب إلى صاحب قلنبيرة (2) يستدعى منه أقلاما: قد عدمت أيدك الله (3) بهذا القطر الأقلام. وبها يشخص (4) الكلام، وهو حلية البيان، وترجمة اللّسان، عليها تفرّع شعاب الفكر، [وذكرها] (5) منزّل فى محكم الذّكر (6)، ومنابتها بلدك، ويدك فيها يدك (7) وأريد أن تزداد [لى] منها سعة (8) كعدد الأقاليم، حسنة التّقليم فضّية الأديم، ولا تعتمد إلا صليبها (9) والطوال أبابيبها (10). وإذا استمدت من أنفاسها (11)، وافاك الشكر بطيب أنقاسها (12)، إن شاء الله تعالى.
__________
(1) فى القلائد: ولا يعرف سوى الاستقامة من عادته.
(2) قلنبيرة قرية من بلاد منطقة غرناطة الشمالية الغربية وفى الأصل قلبيرة، وفى القلائد قليبرة وكلاهما تحريف.
(3) فى القلائد: أطال الله بقاءك.
(4) فى الأصل يتشخص الكلام، وقد أخذنا برواية القلائد، يشخص يرتفع أو ينتقل من مكان إلى مكان.
(5) زيادة من القلائد.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {«ن وَالْقَلَمِ وَمََا يَسْطُرُونَ»} وقوله جل شأنه:
{«اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسََانَ مََا لَمْ يَعْلَمْ»} وقوله عز من قائل: {«وَلَوْ أَنَّ مََا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلََامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مََا نَفِدَتْ كَلِمََاتُ اللََّهِ»}.
(7) فى الأصل: ويدك فيه بدل، والتصويب عن القلائد.
(8) فى الأصل: أن تزداد منها سعة. والتصحيح عن القلائد وكان العرب يقسمون الدنيا إلى سبعة أقاليم مذكورة فى كتب جغرافيتهم.
(9) فى القلائد ولا يعتمد منها إلا صلبها.
(10) فى القلائد الطوال أنابيها.
(11) فى الأصل والقلائد أنفاسها، ولعل الصواب ما أثبتناه، الأنقاس جمع نقس وهو المداد.
(12) فى القلائد: من أنفاسها.(20/327)
وكتب إلى الوزير عبد الملك بن عبد العزيز (1) عند الحادثة يفونكه (2):
كتبت والحد فليل (3)، والذّهن كليل، بما حدث من عظيم الخرق، على جميع الخلق، فلتقم على الدين نواد به، فقد جبّ سنامه وغاربه، ولتفض عليه مدامعه وعبراته، فقد غشيه حمامه وغمراته وكان منيع الذرى، بعيدا عن أن يلحظ أو يرى، تحميه المناصل البتر، والذّوابل السّمر، والمسومة.
الجرد ومشيخة كأنهم من طول ما التثموا مرد (4)، فأبى القدر إلا أن يفجع بأشمخ مدائنه ومعاقله، ولا يترك له سوى سواحله (5) وكانت لطليطلة أختا فاستلبها فجاءة وبغتا وقبل ما سلب الجزيرة وسطى عقدها بلنسية جبرها الله، وأرجو أن يتلافى جميعها من نظر أمير المسلمين ما يعيدها فيملأها خيلا ورجالا ويتنفر بهم خفافا وثقالا (6)، عليهم من قوّادها شيبها وشبّانها، وفيهم:
من أجناده زنجها وعربانها.
من كل أبلج باسم يوم الوغى ... يمشى إلى الهيجاء مشى غضنفر (7)
يلقى الرّماح بوجهه وبنحره ... ويقيم هامته مقام المغفر
__________
(1) سبقت الإشارة إليه
(2) فونفه أو كونكة بلدة قريبة من طليطلة مطلة على وادى شفر، وكانت تابعة اشتتربة وفيها نفى المأمون بن ذى النون صهره عبد الملك بن عبد العزيز حينما، استولى منه على بلنسية سنة 457هـ ويقال إنه استعان على فتحها بالإفرنج.
(3) فليل: مفلول.
(4) إشارة إلى قول المتنبى:
سأطلب حقى بالقنا، ومشايخ ... أكنهمو من طول ما التثموا مرد
ثقال إذا لاقوا، خفاف إذا دعوا ... كثير إذا شدوا، قليل إذا عدوا
(5) فى الأصل: فجأه وقد أخذنا برواية القلائد.
(6) فى القلائد ينفر بهم وهو يشير إلى الآية: {«انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا وَجََاهِدُوا بِأَمْوََالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ»} الآية 41من سورة التوبة.
(7) ورد البيت ناقصا مضطربا بالأصل وقد صححناه عن القلائد.(20/328)
حتى يستقيل (1) جدّها العاثر، ويحيى رسمها الدّاثر فبتهج الأرض بعد غبرتها، وتكنسى الدّنيا بزهرتها، وما قصر القائد الأعلى فى الجدّ والتشمير والاحتفال فى الأبطال والمغاوير، حتى بلغ بنفسه أبلغ المجهود، والجود بالنفس أقصى غاية الجود (2). ولكن نفذ حكم من له الحكم، ورمى قضاؤه فما أخطأ السهم، والله لا يضيع له مقامه فى العام السالف، وما أورد المشركين فيه من المتالف فما انقضى فتح إلا ورد فتح (3)، كالفجر يتبعه صبح مدّ الله بسطته، وثبّت وطأته، ولا زال للصنع الجميل عن هذا الدين مراميا (4)، وله محاميا، بعزّته.
وله (5): [كتبت] (6) أعزك الله عن ضمير اندمج على سرّ اعتقادك صدره (7)، وتبلّج فى أفق مرادك بدره (8)، وسال (9) على صفحات ثنائك مسكه، وصار فى راحتى سنانك (10) ملكه، ولما ظفرت بفلان حمّلته من تحيّتى زهرا جنيّا، يوافيك عرفه ذكيا، ويواليك أنسه نجيا، ويقضى من حقك فرضا مأتيا، على
__________
(1) فى القلائد حتى يستقال.
(2) إشارة إلى قول الشاعر:
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وفى الأصل غاية الموجود وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) فى القلائد: حتى أعقبه فتح
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: ولا زال الصنيع الجميل على هذا الدين مراميا
(5) فى القلائد أنه وجه هذه الرسالة إلى القاضى ابن فورتش وهو أبو محمد عبد الله ابن محمد بن إسماعيل بن محمد بن فورتش المولود سنة 424والمتوفى سنة 495 «راجع بغية الملتمس: رقم الترجمة 894».
(6) زيادة من القلائد.
(7) فى القلائد: دره.
(8) فى القلائد: فى مرفق ودادك بدره.
(9) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل وصال.
(10) فى القلائد: سنائك.(20/329)
أن شخص جلالك لى ماثل، وبين ضلوعى نازل، لا يملّه خاطر، ولا يمسّه عرض دابر (1) [إن شاء الله عز وجل] (2).
وله (3): كل المعالى إليك [أيدك الله] (4) ابتسامها، وفى يدك انتظامها وعليك إصفاقها، ولديك إشراقها، وإن كتابك الرفيع وافانى فكان كالزهر الجنىّ، والبشرى أتت بعد النّعىّ، سرى إلى نفسى فأحياها، وأجلى (5) عنّى كرب الخطوب وجلاها، وتنبه لى وقد نامت عنى العيون. وتهمّم لى وقد أغفلنى الزمن الخئون، فملكنى بإجماله، واستخفنى باهتباله، فلتأتينّه بالثناء الركائب، تحمله أعجازها والغوارب، وأما ما وصف به الأيام من ذميم أوصافها، وتقلبها واعتسافها فما جهلتها (6)، ولقد بلوتها خبرا، ورددتها على أعقابها صفرا، فلم أخضع لجفوتها، ولم أتضعضع لنبوتها، وعلمت أن الدنيا قليل بقاؤها، وشيك فناؤها، وما عدت (7) قول القائل:
تفانى الرجال على حبّها ... وما يحصلون على طائل
وعلى حالاتها فما عدمت بها (8) من الله صنعا لطيفا، وسترا كثيفا، له الحمد
__________
(1) فى القلائد: دائر.
(2) زيادة من القلائد.
(3) فى القلائد أنه كتب هذه الرسالة إلى أبى عبد الله بن محمد بن عائشة وكان الكاتب قد استمنحه أن يلى له عملا فطلب إليه أن يحضر إليه ويعيش فى كنفه مرعيا مبجلا فوجه إليه الكاتب هذه الرسالة.
(4) زيادة من القلائد.
(5) فى القلائد: وأسرى عنى.
(6) فى القلائد: فما جهلته.
(7) فى القلائد فأعدت قول القائل.
(8) فى القلائد: فيها.(20/330)
ما أومض بارق، ولمع شارق وأما ما عرضه (1) [أيده الله] (2) من الانتقال إلى داره، والتقلب فى نعمائه (3)، والحلول بجنابه، فكيف لى به (4)؟ وقد قيدنى الهرم فما أستطيع نهضا، ولا أطيق بسطا ولا قبضا، ولو أمكننى لاستقبلت العمر جديدا، والفضل مشهودا عند من تقرّ بسوابقه العجم والعرب، وتؤكل (5)
خلائقه بالضمير وتشرب، جازاه الله بالحسنى، وولّاه (6) ثواب ما تولّى بعزته [تعالى] (7).
وله وقد دعى إلى زفاف بعض الملوك (8): نعمه أيّده الله قد أغرقتنى مدودها، وأثقلتنى لواحقها ووفودها ووافانى كتابه العزيز داعيا إلى المشهد الأعظم، والمحفل الأكرم الذى ألبس الدنيا إشراقا، والمجد إبراقا، فألفى الدعاء منى سميعا، لا سيما وقد قلّدنى (9) به الشرف والسؤدد (10) والبر جميعا وسما بناظرى
__________
(1) فى الأصل: وأما غرضه وقد آثرنا رواية القلائد.
(2) زيادة من القلائد.
(3) فى القلائد: فى نعماه.
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل والحامل. وكذلك فكيف وافى به.
(5) فى القلائد: وتوكل.
(6) فى القلائد: وأولاده.
(7) زيادة من القلائد.
(8) زوج أبو بكر بن عبد العزيز حاكم بلنسية ابنته إلى المستعين بالله أحمد بن يوسف بن المقتدر بن هود حاكم سرقسطة وكانت حفلات الزواج سنة 477هـ مضرب الأمثال فى البذخ والأبهة والجلال، وقد دعى إلى هذه الحفلات كبار الكتاب والوزراء. واعتذر الكاتب عن الحضور ووجه بهذه إلى المؤتمن (يوسف بن أحمد (المقتدر) بن سليمان (المستعين) بن هود حاكم سرقسطة ووالد الزوج.
(9) فى القلائد: وقد قلدتنى به الشرف.
(10) فى الأصل التودد والتصويب عن القلائد.(20/331)
فيه إلى حيث النجوم شوابك (1)، والمعالى أرائك (2) إلا أنه أيده الله أتمّ نظرا، وأوضح تدبّرا، من أن يلحق بخاصته الزلل، ويوقع عليه الخجل (3)، وقد علم أنّ الأيّام تركن بالى كاسفا، وخطوى (4) واقفا فكيف يسوغ لى (5) أن ألقاه بذهن كليل؟ وفكر عليل؟ إذا فقد أخللت بأياديه، وما أجللت رفيع ناديه، وأقسم القسم البرّ بحياته، أطابها الله (6) ما كان من وطرى أن أتأخر عنه ولى فيه الآمال العريضة، والقداح المفيضة (7)، وفى يدى منه مواعد زهر النظام ومواهب زرق الجمام، وإذا عرف الحقيقة [أيّده الله] رأى العذر واضحا، والسر لائحا، وعسى أن يلاحظ سعد، ويستنجز للمنى وعد، وينفسح خاطر، ويهتدى حائر، فيقف ببابه ملازما، ويخر على بساطه لاثما إن شاء الله تعالى.
وحكى القيسى (8) مؤلف قلائد العقيان أنه دخل بلنسية سنة ثلاث وخمسمائة فلقى أبا عبد الرحمن قد انحنى وهو يمشى بالعيش على ضجر (9)، ويمشى على ساق من الشّجر، ودارت بينهما مراسلات.
__________
(1) فى الاصل وسما لناظرى بثوابك والتصحيح عن القلائد.
(2) فى الأصل والمعالى لمدائك والتصحيح عن القلائد.
(3) فى القلائد: أو يوقع عليه الخلل.
(4) فى الأصل وخطرى، والتصويب عن القلائد.
(5) أخذنا برواية القلائد، وفى الأصل فكيف يسرع أن ألقاه.
(6) فى القلائد: أطالها الله.
(7) المفيضة: المستعملة فى الرهان.
(8) الفتح بن خاقان وقد سبقت الإشارة إليه.
(9) فى الأصل على صخر. وقد أخذنا برواية القلائد.(20/332)
وكتب إليه الرئيس أبو عبد الرحمن (1). أنا أعزّك الله عليك شحيح، ولك فيما تأتيه وتحتذيه نصيح فالزمان لا يساعد، والأيام تعوق وتباعد، فأقصر من هذه الهمة، واقتصر من أمورك على المهمة (2) التى تفجأ مع الأوقات، ولا يلجأ فيها إلى ميقات واقتصد فى مواهبك، واقتصد إلى العدل فى مذاهبك ولا تكلّف فى الجود بسرف ولا تقف من التبذير على شرف (3) فلو أن البحر لك مشرب، والترب مكتسب (4) لنفدا معا، ولم يسدّا موضعا، ولو كان النجم لك (5)
مصعدا، والفلك مقعدا، لما ثنيت إلى ذلك عنانا، ولا ارتضيتها لهمتك مكانا، وقد خطبتك الحظوة (6) سرا وجهرا، وبذلت لك الإمرة أسنى مراتبك مهرا (7).
وكتب إليه بعد مفارقته: يا كوكب مجد أظلمت لغروبه منيرات الآفاق، وذهب ما كنت عهدته من الإشراق (8)، لقد استرجعت مسراتى أجمعها وأزلت
__________
(1) يغريه فى هذه الرسالة على القدوم إلى بلنسية والعمل فى ظل حاكمها الكريم.
(2) فى الأصل الهمة وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) آثرنا رواية القلائد. وفى الأصل ولا تكلف فى الجود بشرف ولا تقف من التبذير على سرف.
(4) فى القلائد: مكسب.
(5) فى القلائد: لك النجم.
(6) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل وقد خطبتك فى الحظرة.
(7) للرسالة بقية بالقلائد يلومه فيها على رفضه الانضواء تحت ظل حاكم بلنسية.
(8) فى الأصل الإشراف ويقتضى ما أثبتناه السجع والسياق.(20/333)
عن نفسى فى السّلوة طمعها، فسقيا لعهدك وقلّ له السّقيا ويا لهفى بعدك إن قضى لك البقيا، وإنّ لى من الشوق ببعدك، والكدر لفقدك ما لو كان بالفلك الدوّار لم يدر، ولقد كانت أيام تلاقينا، والأنس ساقينا، وإنها لممثّلة لعينى ما يحول السّلوّ بينها وبينى وعساها تعود فتطلع معها السعود إن شاء الله تعالى.(20/334)
ذو الوزارتين القائد أبو عيسى بن ليون (1)
وصفه القيسى (2) بعزّة العظماء، وهزّة الكرماء، والشغف بالجود، والكلف بالوفود، ونفاق بضائع البدائع فى زمانه، وإشراق مطالع الصنائع بإحسانه واتّسقت مناظم سلكه، فى مراسم ملكه، وجرى مدار فلكه على مدار فلكه، وكانت مربيطر (3) مربض جياده، ومنهض أجناده، ومربط أفراس باسه، ومسقط رأس إبناسه، والدهر مسالمه، والقدر مساعده، والأمل مساعفه، والوطر معاضده، فأخذها منه ابن رزين (4) وتركه على أرض.
__________
(1) من أمراء الطوائف الصغار، وزر للمأمون بن ذى النون وكان من قواده ثم أعلن استقلاله فى مربيطر () شمال بلنسية وورث حكم لورقة بعد وفاة أخيه أبى محمد عبد الله بن ليون، وضم إليها قلعة عبد السلام من أعمال طليطلة قرب وادى الحجارة ثم احنال عليه جاره ابن رزين صاحب السهلة فانتزع منه ملكه سنة 486ولم يعوض عنه بشىء ذكره ابن الخطيب فى أعمال الاعلام ص 209، وابن سعيد فى المعرب ج 2ص 376والفتح فى القلائد ص 98باسم «ذو الوزارين القائد أبو عيسى بن ليون»، وابن بسام فى الذخيرة والقسم الثالث المخطوط والمقرى فى أزهار الرياض ج 3ص 102والعمرى فى مسالك الأبصار ج 11الورقة 445وابن الأبار فى الحلة السيراء ص 192وقد مدحه كثير من الشعراء وبخاصة ابن السيد البطليوسى.
(2) الفتح بن خاقان صاحب قلائد العقيان ص 10398.
(3) فى الأصل: مربيطو، وهو تحريف.
(4) اشتدت وطأة السيد الكنبيطور على بلنسية والأقاليم المجاورة لها فشعر عيسى بن ليون صاحب إقليم مربيطر (ساجنتو) بالخطر المحدق به وأنف من الخضوع للمسيحيين الغزاة، فآثر أن ينتمى إلى حماية أبى مروان عبد الله بن هذيل بن رزين صاحب السهلة وإمارة شنتمرية الشرق وتنازل عن الحكم وتعهد له عبد الملك برعايته وحمايته وأن يجرى عليه رزقا كافيا وتسلم منه الحكم فى أواخر سنة 486هـ ورحل ابن ليون مع عبد الملك ونزل فى كنفه، ولم يمض إلا قليل حتى تنكر له عبد الملك وأخذ فى مضايقته والتقتير عليه، فصاغ ابن ليون فى هذا قصيدة يقول فيها:
نفضت كفى عن الدنيا وقلت لها ... إليك عنى. فما فى الحق أغتبن
وستأتى فى نبذة منها فيما بعد.(20/335)
للسائب الحزين وانعكس حظّه، وانتكس لحظه، ونابه القدر فى قدره النابه السلطان بنابه السّلط (1)، وشابته الغير من دهره المتشابه الحدثان بعد الرّفع بالحطّ، ورابه الزمن بالمكاره دون مكارمه، وحار مهتمّا (2) فى بحار مهامه محارمه، وله نظم يظمأ إلى مناهل ورده، ويجتلى الحسن من مطالع سعده، فمن ذلك قوله فى خليط مزايل وحبيب راحل:
سقى أرضا ثووها كلّ مزن ... وسايرهم سرور وارتياح
فما ألوى بهم ملل ولكن ... صروف الدّهر والقدر المتاح
سأبكى بعدهم حزنا عليهم ... بدمع فى أعنّته جماح
وقال:
قم يا نديم أدر علىّ القرقفا
أو ما ترى زهر الرّياض مفوّفا (3)
فتخال محبوبا مدلا وردها ... وتظنّ نرجسها محبّا مدنفا (4)
والجلنار دماء قتلى معرك ... والياسمين حباب ماء قد طفا
وقال يعاتب بعض إخوانه ويعاتب بعض خلانه:
لحى الله قلبى كم يحنّ إليكم ... وقد بعتم حظّى فضاع لديكم (5)
__________
(1) السلط: الحاد من كل شىء، يقال لسان سلط: حاد لاذع.
(2) مهتما: مهموما حزينا، وفى الأصل: مهما ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) القرقف: الخمر يرعد عنها صاحبها.
(4) فى المغرب: وتخال نرجسها.
(5) فى القلائد: وضاع لديكم.(20/336)
إذا نحن أنصفناكم من نفوسنا ... ولم تنصفونا فالسلام عليكم (1)
وقال بعد التسلط عليه فى سلطانه يحن إلى أوطاره فى أوطانه (2):
يا ليت شعرى وهل فى ليت من أرب
هيهات لا تنقضى من ليت آراب (3)
أين الشموس التى كانت تطالعنا ... والجو من فوقه لليل جلباب (4)
وأين تلك الليالى إذ تلم بنا
فيها، وقد نام حرّاس وحجّاب (5)
تهدى إلينا لجينا حشوه ذهب ... أنامل العاج والأطراف عناب (6)
وقال يندب أيامه الموسومة السعود بالإشراق المنظومة العقود على الاتساق ويذكر تعثر آماله وتغير أحواله:
خليلىّ عوجا بى على مسقط اللوى ... لعل رسوم الدار أن تتغيرا (7)
وأسأل عن ليل تولّى بأنسنا ... وأندب أياما تقضّت وأعصرا (8)
__________
(1) فى القلائد: أما نحن أنصفناكم.
(2) بعد أن تنازل عن الحكم لعبد الملك بن رزين وأوى إلى كنفه فنكث عبد الملك عهوده معه وضايقه.
(3) فى المغرب: لا تنقضى للمرء آراب.
(4) آثرنا ترتيب الأبيات كما وردت فى المغرب لأن السياق يقتضى هذا الترتيب، وقد ورد هذا البيت فى القلائد وفى الأصل بعد البيت التالى له، وفى القلائد: إن الشموس
(5) فى المغرب إذ نلم بها.
(6) فى الأصل: يهدى إلينا، وقد آثرنا رواية المغرب والقلائد.
(7) فى القلائد: لم تتغيرا.
(8) فى القلائد: فأسأل.(20/337)
ليالى إذ كان الأمان مسالما
وإذ كان غصن العيش فينان أخضرا
وإذ كنت أسقى الراح من كفّ أغيد
يناولنيها رائحا ومبكّرا
أعانق منه الغصن يهتزّ ناعما ... وألثم منه البدر يطلع مقمرا
وقد ضربت أيدى الأمانى رواقها
علينا وكفّ الدهر عنّا، وأقصرا (1)
فما شئت من لهو وما شئت من دد
ومن مبسم يجنيك عذبا مؤشّرا (2)
وما شئت من عود يغنّيك مفصحا
«سما لك شوق بعد ما كان قصّرا» (3)
ولكنها الدّنيا تخادع أهلها
تغرّ بصفو وهى تطوى مكدّرا (4)
لقد أوردتنى بعد ذلك كلّه ... موارد ما ألفيت عنهن مصدرا
وكم كابدت نفسى لها من ملمّة ... وكم بات طرفى من أساها مسهّرا
__________
(1) فى القلائد: وقد ضربت أيدى الأمان قبابها.
(2) تأشير الأسنان تحديد أطرافها وتحزيزها وفى القلائد: مؤثرا.
(3) فى القلائد: بعد ما كان أقصرا، وهو مستهل قصيدة لامرىء القيس مطلعها:
سما لك شوق بعد ما كان أقصرا ... وحلت سليمى بطن قو فعرعرا
(4) فى القلائد: تكدرا.(20/338)
خليلى ما بالى على صدق عزمتى ... أرى من زمانى ونية وتعذّرا (1)
ووالله ما أدرى لأى جريمة ... تجنّى؟ ولا عن أىّ ذنب تغيّرا؟
ولم آل من كسب المكارم عاجزا
ولا كنت فى نيل أنيل مقصّرا (2)
لئن ساء تمزيق الزمان لدولتى ... لقد ردّ عن جهل كثير وحذّرا (3)
وأيقظ من نوم الغرارة نائما ... وكسّب علما بالزمان وبالورى
وقال:
يا ربّ ليل شربنا فيه صافية ... صفراء فى لونها تنفى التّباريحا (4)
ترى الفراش على الأكواس ساقطة ... كأنما أبصرت فيها مصابيحا (5)
وقال يأنف من المنام (6) والربوض ويتقاضى عزمة السير والنهوض. ويعاف ما رتّب من الجزاء (7) ويميل إلى الإدلاج والإسراء:
ذرونى أجب شرق البلاد وغربها ... لأشفى نفسى أو أموت بدائى (8)
__________
(1) فى الأصل: ونبه أن نعذرا، والتصحيح عن القلائد.
(2) فى القلائد: ولم أك عن كسب.
(3) فى القلائد: وبصرا.
(4) فى الحلة السيراء والقلائد والمغرب حمراء فى لونها.
(5) فى الحلة السيراء والقلائد والمغرب: كأنما أبصرت منها ولعلها: على الأكواب ساقطة.
(6) فى الأصل: من المرام، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) فى الأصل: من الأحراء وفى القلائد: من الإجراء، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(8) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: لأسعى بنفسى أو أموت(20/339)
فلست ككلب السّوء يرضيه مربض
وعظم ولكنى عقاب سماء
تحوم لكيما تدرك الخصب حومها
أمام أمام أو وراء وراء (1)
وكنت إذا ما بلدة لى تنكرت ... شددت إلى أخرى مطىّ إبائى (2)
وسرت ولا ألوى على متعذّر ... وصمّمت لا أصغى إلى النّصحاء (3)
كشمس تبدّت للعيون بمشرق ... صباحا، وفى غرب أصيل مساء
وقال عند زهده فى الدنيا وانقباضه، ونفض يده عنها وإعراضه:
نفضت كفّى عن الدّنيا، وقلت لها: ... إليك عنّى فما فى الحق أغتبن (4)
من كسر بيتى لى روض، ومن كتبى
جليس صدق على الأسرار مؤتمن (5)
أدرى به ما جرى فى الدهر من خبر ... فعنده الحق مسطور ومختزن
وما مصابى سوى موتى، ويدفننى
قوم وما لهم علم بمن دفنوا (6)
__________
(1) لكيما تدرك الخصب: جملة اعتراضية، وفى القلائد: يدرك الخصب.
(2) فى الأصل: مطية إبائى، والتصويب عن القلائد.
(3) انظر إلى قول الشاعر:
إذا هم ألقى بين عينيه همه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر فى أمر غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا
(4) فى المغرب ونفح الطيب: من الدنيا.
(5) فى الأصل ومن كسر بيتى، والتصويب عن الحلة السيراء ونفح الطيب والمغرب والقلائد.
(6) فى الأصل: وما مضى بى سوى موتى بما دفنوا، والتصويب عن الحلة السيراء ونفح الصيب والمغرب والقلائد وفى المغرب: ويدفننى قومى.(20/340)
الوزير أبو عمر بن الباجى الكاتب (1)
قرأت له من مجموع هذين البيتين:
غلطت يا دهر أكثر الغلط ... فارجع، فإن الأنام فى قنط
فلم تزل ترفع الخفاف على
حال، ولكن من غير ذا النّمط
ووصفه كتاب قلائد العقيان بالإعجاز فى البيان، والسبق فى ميدان الإحسان، وأنه كان فى زمان نفاق الفضائل، وإشراق الوسائل (2)، وتزيّن سماء السماح بكواكب الأكارم، وترنم أطيار الأوطار فى رياض النجاح بغناء
__________
(1) أبو عمر يوسف بن جعفر بن يوسف الباجى وباجة إحدى مدن الجانب الغربى من الأندلس وكانت من إشبيلية وينتسب إليها كثيرون. ويلتبس الأمر على بعض الباحثين فتختلط لديه الأسماء والمسميات وتحب أن نوضح هنا بعض اللبس فهناك «أبو عمر الباجى» أحمد بن عبد الله بن محمد بن على بن شريفة اللخمى، المتوفى سنة 396وأبو مروان الباجى «عبد الملك بن عبد العزيز ابن شريفة اللخمى من سلالة الأول» توفى سنة 532هـ، وأبو الوليد الباجى «سليمن بن خلف بن سعد بن أيوب الباجى» المتوفى سنة 474وهناك يوسف الباجى جد الشاعر وقد أنجب الكاتب جعفر بن يوسف الباجى، كاتب يحيى بن إسماعيل بن ذى النون، والد الشاعر، وأنجب هذا الوالد ولدين هما عبد الله، وأبو عمر يوسف وهو الشاعر الذى نتحدث عنه، ويذكر ابن بسام أن رسائله تختلط مع رسائل أبيه ويصعب التحقق من صحة النسبة إلى الأب أو إلى الابن رحل الشاعر إلى المشرق وحج وولى قضاء حلب وعاد إلى الأندلس فجل قدره عند المقتدر بن هود ملك سرقسطة، ثم رحل عنه وظل يراسله والمودة بينهما قائمة له ترجمة فى الذخيرة (القسم الثانى المخطوط) ص 120110، وله ترجمة فى المغرب ج 1ص 405والقلائد ص 102ومسالك الأبصار ج 11الورقة 420وفى الأصل والقلائد أبو عمرو، والتصحيح عن المصادر المذكورة.
(2) لعلها: الرسائل.(20/341)
الغنائم (1) وحظى من المعروف بالمقتدر (2) بكل معروف وقدر، وتمكن منه تمكن القلب فى الصّدر، ولقى من أهل سرقسطة (3) ما أجزل من كل عارفة قسطه ثم رحل عنهم فحنّ إلى لقائهم فقال يخاطبهم ويثنى على آلائهم:
سلام على صفحات الكرم ... على الغرر الفارجات الغمم (4)
على الهمم الفارعات النّجوم ... على الأيمن الغامرات الدّيم
سلام شج لانقلاب المزار ... نوى غربة عن جوار أمم
صمى عن نزاع يذيب الدّموع ... بنار الجوانح لا عن ندم (5)
وأىّ النّدامة عن مجمع ... على ما يرى، همه أىّ هم (6)
وهل يتلوّن رأى الأريب ... إذا جدّ فى أمره واعتزم (7)
أضاحك ضيفى وأطوى الفجاج ... وفى كبدى لاعج كالضّرم (8)
__________
(1) لعلها الغمائم.
(2) أحمد بن سليمان بن هود الشهير بالمقتدر، وقد سبقت الإشارة إليه ومدة حكمه من سنة 438إلى سنة 474سنة وفاته.
(3) سرقسطة عاصمة بنى هود من أكبر مدن الأندلس وتقع على ضفة نهر إبرة. وتسمى المدينة البيضاء، وتقع إلى الشمال الغربى من الأندلس وكانت ثغرا من ثغور الجهاد.
(4) فى الأصل على الغزو الفارجات والتصحيح عن المغرب والقلائد.
(5) صما: تقلب، وفى القلائد شجى عن نزاع وفى الأصل: على الندم والتصويب عن القلائد.
(6) فى القلائد: من مجمع على ماثوى وفى الأصل: أنى همم، والتصويب عن القلائد
(7) فى القلائد: رأى اللبيب ويلى هذا البيت فى القلائد:
عزمت على رحلتى عنكم ... فسرت بقلب شديد الألم
(8) فى القلائد أضاحك صحبى.(20/342)
فما أنس لا أنس ذاك السّنا ... وذاك السّناء وتلك الشّيم (1)
ودنيا بكم طلقة المجتلى ... ودهرا بكم واضح المبتسم (2)
وساعات أنس تجول النّفو ... س فيه مجال حمام الحرم (3)
أحنّ إليكم، فمن شاقه ... تذكّر عهدكم لم يلم (4)
وإن كنت مغتبطا ساحبا ... ذيول الرّضى فى قرار النّعم
وأنشر من فضلكم ما جنيت ... على أنّه سافر كالعلم (5)
فما روضة الحزن ذات الفنون ... إذا ما الصّباح عليها ابتسم (6)
وقد بلّل الطّلّ أحدافها ... كأنّ الفريد عليها انتظم
بأطيب من نفحات الثنا ... أسير بها عنكم فى الأمم (7)
أروح وأغدو بها حاطبا ... لدى سامعى عرب أو عجم
لدى كلّ معترف تابع ... إذا قلت ألقى إلىّ السّلم (8)
__________
(1) فى القلائد: ذاك الحياء وذاك السناء، وفى المغرب:
فلا أنس لا أنس ذاك الحيا ... وتلك المعالى وتيك الشيم
(2) فى الأصل: ودنيا تلم والتصويب عن المغرب والقلائد.
(3) فى الأصل: وساعة السن، والتصويب عن المغرب والقلائد وفى القلائد تجول النفو س فيها، وفى المغرب: تجول النفوس لديها.
(4) فى المغرب والقلائد ومن شاقه.
(5) فى القلائد: من فضلكم ما وليت وفى المغرب: ما علمت على أنه ظاهر
(6) فى القلائد: عليها بسم، ورياض الحزن تشتهر بجودتها لأن الحزن مرتفع عن الأرض، قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
(7) فى القلائد: أسيرها عنكم.
(8) يلى هذا البيت بيت أخير فى القلائد هو:
ومن حقكم شكر آلائكم ... ومن حق شانئكم أن يذم(20/343)
ومن نثره كنظم السمط يصف المطرغب القحط: إن لله تعالى قضايا واقعة بالعدل، وعطايا جامعة للفضل، ومنحا يبسطها إذا شاء ترفيها وإنعاما، ويقبضها إذا أراد تنبيها وإلهاما (1)، ويجعلها لقوم صلاحا وخيرا، وعلى آخرين فسادا وضميرا (2) {«وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مََا قَنَطُوا، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [3]» وأنه بعد ما كان من امتساك الحيا، وتوقّف السّقيا (4) الذى ريع به الآمن، واستطير له الساكن (5) ورجفت الأكباد فزعا وذهبت الألباب جزعا (6) [وأذكت ذكاء حرّها، ومنعت السماء درها] (7)
واكتست الأرض غبرة بعد خضرة، ولبست شحوبا بعد نضرة، وكادت برود الأرض تطوى ومدود نعم الله تزوى (8) [ثم] (9) يسّر الله تعالى رحمته (10)، وبسط نعمته، وأتاح منته، وأزاح محنته (11)، فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح، بماء دفق، ورواء غدق، من سماء طبق،
__________
(1) فى القلائد: إذا شاء ترفيعا وإنعاما وفى الذخيرة: إذا شاء إنعاما وترفيها ويقبضها إذا أراد إلهاما وتنبيها.
(2) فى الذخيرة: ولآخرين فسادا وضيرا.
(3) الآية 28من سورة الشورى.
(4) فى الذخيرة وإنه كان من امتساك السقبا وتوقف الحبا.
(5) فى الذخيرة: ماريع به الآمن واستطير به الساكن.
(6) فى الأصل: ورجعت الأكباد. والتصحيح عن الذخيرة والقلائد وفيهما: وذهلت الألباب.
(7) زيادة عن القلائد والذخيرة. فى الذخيرة واكتست الرياض.
(8) فى الذخيرة: برود الرياض تقوى ومدود نعم الله تذوى، وفى الأصل: ومدود نعمه، وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) زيادة من الذخيرة.
(10) فى القلائد والذخيرة: نشر الله.
(11) فى القلائد: وزاح محنته.(20/344)
استهل جفنها فدمع، وسحّ مزنها وهمع (1) وصاب وبلها ونفع (2) فاحتوفت الأرض ربّا، واستكملت من نباتها أثاثا ورثيا (3) فزينة الأرض مشهورة، وحلية الرياض منشورة (4) ومنّة الرب موفورة، والقلوب ناعمة بعد بوسها (5)
والوجوه ضاحكة بعد عبوسها (6) وآثار الجوع ممحوّة (7) وسور الحمد متلوّة (8)
ونحن نستزيد الواهب نعمة التوفيق، ونستهديه فى قضاء الحقوق، إلى سواء الطريق، ونستعيذ به من المنة أن تصير فتنة (9) ومن المنحة أن تعود محنة وهو حسبنا ونعم الوكيل.
__________
(1) فى القلائد: وسح دمعها فهمع. وفى الذخيرة وسمح دمعها فهمع.
(2) فى الذخيرة والقلائد فنقع.
(3) فيهما وربا.
(4) فى الذخيرة: وحلة الزهر وفى القلائد وحلة الروض.
(5) فى القلائد: بعد بؤسها.
(6) فى الذخيرة إثر عبوسها.
(7) فى الذخيرة والقلائد: وآثار الجزع ممحوة.
(8) فى الذخيرة: وسور الشكر متلوة.
(9) فى الذخيرة أن تعود فتنة.(20/345)
الوزير أبو [بكر] محمد بن القصيرة (1)
قرات له فى بعض التعاليق، هذا البيت [الموسوم] (2) بجودة النظم.
بالتوفيق والتحقيق وهو من أبيات يهنىء فيها بمولود:
لم يستهلّ بكا، ولكن منكرا
أن لم تعدّ له الدروع لفائفا (3)
ولم يورد القيسى (4) مصنّف قلائد العقيان، شيئا من شعره (5)، لكنّه وشّح كتابه بنثره، ووصفه بترجح الأقلام فى بيانه، وتبجح الأيّام بمكانه (6)
وأنه كان فى سماء العلى وتاجها درّيا ودرّة، ولمشرفىّ الشرف وجبهة الوجاهة،
__________
(1) فى الأصل أبو محمد بن القصيرة، ويظهر أن كلمة بكر سقطت من الناسخ فهو ذو الوزارتين أبو بكر محمد بن سليمان المعروف بابن القصيرة الكلاعى الولبى بدأ حياته الأدبية منطويا على نفسه حتى كشف ابن زيدون موهبته فقدمه إلى المعتضد بن عباد وزكاه عنده ثم عند ابنه المعتمد فلمع نجمه وازدهرت مواهبه وقام بالكتابة والسفارة لكل منهما ثم استدعاه يوسف بن تاشفين أمير الملثمين فولاه أمر كتابته، توفى سنة 508عن سن عالية وخرق أصابه قبيل موته، له ترجمة فى الصلة ص 539والذخيرة القسم الثانى المخطوط ص 156142 والمغرب ج 1ص 350وأشار إليه صاحب المعجب ص 164وصاحب المطرب ص 76وصاحب المسالك ج 8ورقة 219والقفطى فى «المحمدون» مخطوط ورقة 127والصفدى فى الوافى بالوفيات المجلد الأول من الجزء السابع [المصور] اللوحة 79وابن الأبار فى إعتاب الكتاب (مخطوط) ص 84والقلائد ص 103.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) فى الأصل بكاء والوزن يقتضى القصر.
(4) الفتح بن خاقان.
(5) وكذلك صاحب الذخيرة، حيث يقول:
ولم يقع إلى من شعره ما أوشح هذا المجموع بذكره، ولا بأس بإثباته إن حصل، وبالله أستعين وعليه أتوكل.
(6) الترجح: الاهتزاز، إشارة إلى كثرة الحركة التبجح: الفرح والبهجة.(20/346)
عذارا وغرّة، واشتملت عليه دولة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين (1)، اشتمال الجفن على البصر، والكمام على الثمر، والهالة على القمر، إلى أن أضمره أمسه، وكوّرت شمسه، قال القيسى: فمن كلامه رقعة راجعنى بها: وافتنى لك أطال الله بقاءك أحرف (2) كأنها الوشم فى الخدود، تميس فى حلل إبداعها كالغصن الأملود. وإنك لسابق هذه الحلبة (3) لا يدرك غبارك (4)
فى مضمارها، ولا يضاف سرارك إلى إقمارها (5)، وما أنت فى أهل البلاغة إلا نكتة فلكها (6)، ومعجزة تتشرف (7) الدول بتملكها وما كان أخلقك بملك يدنيك، وملك يقتنيك ولكنها الحظوظ لا تغتمد من تتجمل به وتتشرّف، ولا تقف إلا على من توقّف، ولو أنفقت بحسب الرتب لما ضربت إلا عليك قبابها (8)، ولا خلعت إلا عليك أثوابها، (9) وأمّا ما عرضته فلا أرى إنفاذه قواما ولا أرضى لك أن نترك عيون آرائك نياما (10) ولو كففت
__________
(1) مؤسس دولة المرابطين بمراكش استغاث به أمراء الأندلس ليحميهم من اندفاع الإفرنج لالتهام إمارتهم فخف إلى نجدتهم وهزم الفرنجة فى موقعة الزلاقة المشهورة سنة 480هـ ثم ضم إمارات الأندلس إلى سلطانه وتوفى سنة 493.
(2) فى القلائد وافتنى أعزك الله لك أحرف
(3) فى القلائد: الحلية وهو تحريف.
(4) فى الأصل غبارها والتصويب عن القلائد والمغرب.
(5) فى القلائد والمغرب إلى إبدارها.
(6) فى الأصل نسكة فلكها والتصويب عن القلائد والمغرب.
(7) فى المغرب تشرف الدول.
(8) فى المغرب: لما ضربت عليك إلا قبابها.
(9) فى المغرب ولا عطفت عليك إلا أثوابها.
(10) فى المغرب: ولا أرى أن تترك عيون رأيك نياما.(20/347)
من هذا الخلق وانصرفت عن تلك الطرق، لكان أليق بك وأذهب مع حسن مذهبك، فقديما أوردت الأففة [مع] (1) أهلها موارد لم يحمدوا مصدرها (2) والموفّق من أبعدها وهجرها، وسأستدرك الأمر قبل فواته (3)، وأرهف لك مفلول شباته، فتوقف قليلا، ولا تنفد فيه دبيرا ولا قبيلا، حتى ألقاك هذه العشية وأعلمك بما تنبنى (4) عليه القضية.
وكتب عن أمير المسلمين (5) إلى طائفة متعدية: يا أمة لا تعقل رشدها، ولا نجرى إلى ما تقتضيه (6) نعم الله عندها ولا تقلع عن أذى تفشيه (7)
قربا وبعدا جهدها، فإنكم لا ترعون لجار ولا لغيره (8) حرمة، ولا تراقبون فى مؤمن إلّا ولا ذمّة قد أعماكم من مصالحكم الأشر، وأضلكم ضلالا بعيدا البطر، ونبذتم المعروف وراء ظهوركم، وأتيتم ما ينكر مقتديا فى ذلك صغيركم بكبيركم وخاملكم بمشهوركم ليس فيكم زاجر، ولا منكم إلّا غوىّ فاجر،
__________
(1) زيادة ليست بالقلائد.
(2) فى القلائد: صدرها.
(3) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل بعد فواته.
(4) فى الأصل ننسى، والتصحيح عن القلائد.
(5) يوسف بن تاشقين.
(6) فى القلائد تقضيه.
(7) فى الأصل تقبسه وقد آثرنا رواية القلائد.
(8) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: ولا غيره.(20/348)
وما نرى إلا أنّ الله عزّ وجلّ [قد شاء] (1) مسخكم، [وأراد نسخكم] (2)
وفسخكم فسلّط عليكم الشيطان الرجيم، يغركم ويغريكم ويزيّن لكم قبائح معاصيكم وكأنكم به قد نكص على عقبيه عنكم، وقال إنى برىء منكم (3)
وترككم فى صفقة خاسرة، لا تستقيلونها إن لم تتوبوا فى دنيا ولا آخرة، وحسبنا هذا إعذارا لكم، وإنذارا قبلكم، فتوبوا، وأنيبوا وأقلعوا، وانزعوا واقضوا (4) من أنفسكم كلّ من وترتموه، وأنصفوا جميع من ظلمتموه وغششتموه ولا تستطيلوا على أحد بعده ولا يكن إلى أذاه صدر ولا ورد (5)، وإلّا عاجلكم من عقوبتكم (6) ما يجعلكم مثلا سائرا، وحديثا غابرا، فاتقوا الله فى أنفسكم وأهليكم، وإياكم والاغترار فإنه يورطكم فيما يرديكم، ويسوقكم إلى ما تشمت به أعاديكم (7)، وكفى بهذا تبصرة وتذكرة، ليست [لكم] (8)
بعدها حجة ولا معذرة، [ولا توفيق إلا بالله تعالى] (9).
وكتب عن أمير المسلمين إلى صاحب قلعة حماد (10):
__________
(1، 2) زيادة من القلائد.
(3) إشارة إلى قوله تعالى {«وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطََانُ أَعْمََالَهُمْ. وَقََالَ: لََا غََالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النََّاسِ وَإِنِّي جََارٌ لَكُمْ، فَلَمََّا تَرََاءَتِ الْفِئَتََانِ نَكَصَ عَلى ََ عَقِبَيْهِ وَقََالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ََ مََا لََا تَرَوْنَ إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ، وَاللََّهُ شَدِيدُ الْعِقََابِ»} الآية 48من سورة الأنفال.
(4) فى القلائد: واقتصوا، ولعل الصواب وأقيدوا.
(5) فى القلائد: صدور ولا ورد.
(6) فى القلائد: من عقوبتنا
(7) فى القلائد: ما يشمت بكم أعاديكم.
(8) زيادة من القلائد.
(9) زيادة من القلائد.
(10) قلعة بنى حماد مدينة حصينة على قمة جبل قرب أشير فى جبال البرير بالمغرب.(20/349)
وصل كتابك الذى أنفذته من وادى منى صادرا (1) عن الوجهة الّتى استظهرت عليها بأضدادك، وأجحفت فيها بطارفك وتلادك وأخفقت فيها من مطلبك ومرادك، فوقفنا على معانيه وعرفنا المصرّح (2) به والمشار إليه فيه، ووجدناه يجمل سيئك حسنا (3) ونكرك معروفا (4) وخلافك (5) صوابا بيّنا، ويقضى (6) لنفسك بفلج الخصام (7)، وتوافيها (8) الحجّة البالغة فى جميع الأحكام، ولم تتأوّل أن وراء كل حجة أدليت (9) بها ما يدحضها، وإزاء كل دعوى أبرمتها ما ينقضها، وتلقاء (10) كل شكوى صححتها ما يمرضها، ولولا استنكاف الجدال واجتساب تردّد (11) القيل والقال، لفضضنا (12) فصول كتابك أوّلا فأوّلا، ونقريناها تفاصيل (13) وجملا، وأضفنا إلى كلّ فصل ما يبطله، ويخجل من انتحله (14) حتّى لا يدفع
__________
(1) فى الذخيرة: منصرفك من الوجهة.
(2) فى الأصل: الصدح، والتصويب عن الذخيرة والقلائد.
(3) فى الذخيرة: ووجدناك تتجنى وتثرب على من يستوجب التثريب، وتجعل سيئك حسنا. وفى القلائد ووجدناك تحمل سيئك حسنا.
(4) فى الذخيرة: ومنكرك معروفا.
(5) فى الذخيرة: وخطأك.
(6) فى القلائد وتقضى، وفى الذخيرة: وتقتضى.
(7) فى القلائد بفلح الخصام وفى الذخيرة بصلح الخصام.
(8) فى الذخيرة: وتولى، وفى القلائد: وتوليها.
(9) فى الذخيرة: أوليتها.
(10) فى الأصل وتلقى والتصحيح عن الذخيرة والقلائد.
(11) فى القلائد: ترديد.
(12) فى الذخيرة: لتفصيلنا وفى القلائد لفضضنا.
(13) فى الأصل: تفاصيلا والتصحيح عن القلائد، وفى الذخيرة: تفصيلا.
(14) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل سحله، وفى الذخيرة: ينحله.(20/350)
حجّته (1) واقع، ولا ينبو عن قبول أدلّته راء ولا سامع.
ومنها: وأنت [خلال ذلك] (2) تحتفل وتحنشد، وتقوم [بحميّة] (3)
وتقعد، وتبرق غيظا (4) وترعد وتستدعى ذؤبان (5) العرب وصعاليكهم، من مبعد (6) ومقترب، فتعطيهم (7) ما فى خزائنك جزافا، وتنفق عليهم ما كنزه أوائلك (8) إسرافا، وتمنح أهل العشرات مئين وأهل المئين آلافا، كلّ ذلك تعتضد (9) بهم، وتعتمد على تعصّبهم [وتألّبهم] (10) وتعتقد أنهم جنّتك من المحاذير، وحماك (11) من المقادير (12) وتذهل عما فى الغيب من أحكام العزيز القدير (13).
وكتب إلى أهل مكناسة (14) عنه: أما بعد أصلح الله من أعمالكم
__________
(1) فى الذخيرة: لصحنه.
(2) زيادة من القلائد والذخيرة.
(3) زيادة من الذخيرة
(4) فى الذخيرة: غضبا.
(5) فى القلائد: دؤابات.
(6) فى الذخيرة: من متبعد وفى القلائد: مبتعد.
(7) فى الذخيرة: وتعطيهم.
(8) فى القلائد أولئك.
(9) فى القلائد لتعتضد.
(10) زيادة فى الذخيرة.
(11) فى القلائد: وحماتك.
(12) فى الذخيرة: دون المقادير.
(13) فى الذخيرة: القادر وللرسالة بقية طويلة فى الذخيرة ولكن المصنف ينقل هنا عن القلائد ويقتصر على ما أوردته.
(14) مكناسة تطلق على بلدين بالمغرب، أولاهما: مدينة بالمغرب فى بلاد البربر بينها وبين مراكش أربع عشرة مرحلة نحو الشرق والثانية مكناسة الزيتون حصينة مكينة فى طريق المار من فاس إلى سلا على شاطىء البحر.(20/351)
ما اختلّ، وأصحّ من وجوه صلامكم ما اعتلّ، فقد بلغنا ما أنتم بسبيله من التقاطع والتدابر، وما ركبتم رؤوسكم فيه من التنازع والتهاتر، قد استوى فى ذلك عالمكم وجاهلكم، وصار شرعا سواء فيه نبيهكم وخاملكم، لا تأتمرون رشدا، ولا تطيعون مرشدا، [ولا تأتون سددا] (1)، ولا تقيمون مقصدا (2)
ولا تفلحون إن لم ترغووا (3) عن غوايتكم أبدا، فلا يسوغ لنا أن نترككم فوضى، وندعكم سدى ولا بدّ لنا من أخذ قناتكم بثقاف إما أن تستقيم أو تتشظّى قصدا. فتوبوا من ذنب التباغض بينكم والتباين، واعصوا شياطين التحاقد والتشاحن، وكونوا على الخير أعوانا، وفى ذات الله إخوانا، ولا تجعلوا للغواية (4) عليكم يدا ولا سلطانا (5) واتقوا الله وكونوا مع الصادقين (6)
ولا تتولّوا عن الموعظة وأنتم معرضون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (7).
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) فى القلائد: ولا تنحون مقصدا.
(3) فى القلائد: إن لم تنزعوا وفى الأصل ترعوا. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى القلائد: للعقوبة.
(5) فى القلائد: واعلموا أن من نزع بينكم بشر أو نفث فى فتنة بضر قام عندنا عليه الدليل واتجه إليه السبيل أخرجناه عنكم، وأبعدناه منكم فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {«يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَكُونُوا مَعَ الصََّادِقِينَ»} الآية 119من سورة التوبة.
(7) اقتباس من الآيتين الكريمتين {«يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ، وَلََا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ، وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قََالُوا سَمِعْنََا وَهُمْ لََا يَسْمَعُونَ»} الآيتان 20، 21من سورة الأنفال.
وللكاتب عدة رسائل أخرى ممتعة فى الذخيرة.(20/352)
الوزير أبو المطرف بن الدباغ الكاتب (1)
لم يورد له نظما، ووصفه بالاشتهار بالبلاغة، والاقتصار على حسن البلاغ فى كل إراغة، وكلف المعتد به، فاعتمد (2) عليه بحسن مذهبه، فانبرى لشأنه الشّانى، فأصابت كماله عين الرّانى، فأحله اضطراب الحالة حلّة الإضطرار، وأفضى به الاغترار إلى الاعترار (3)، وحصل دون درك الإيثار، فى شرك العثار، فانتقل إلى المتوكّل (4) متوكّلا، فرفع ووسع له منزلة ومنزلا، وكرّ إلى سرقسطة بلده ومحله ليكون مع ولده وأهله، فبات ليلة فى بعض حدائقها فرمقته النوائب بأحداق بوائقها، فطرقه عدوّ له وهنا (5) وكسا قواه بفرى (6)
__________
(1) ابن الدباغ لقب يطلق على عدة علماء وأدباء يختلط فيهم الأمر على بعض الباحثين فمنهم: أبو على الحسن بن نصر بن الدباغ الزجال الأندلسى صاحب كتاب ملح الزجالين أشار إليه ابن سعيد وترجم له فى المغرب ومنهم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عباس بن الدباغ وكان عالما مشاورا للأحكام فى قرطبة وتوفى سنة 463ومنهم أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ من العلماء المحدثين بمرسية توفى سنة 546هـ أما المترجم له فهو: أبو المطرف عبد الرحمن بن فاخر المعروف بابن الدباغ نشأ فى ظل المقتدر بن هود وحدثت بينهما جفوة فهاجر من لدنه ولجأ إلى المعتمد بن عباد ثم إلى المتوكل بن الأفطس ولكن سوء خلقه وكثرة فجره لم تكن له عند أحد من الأمراء، فرجع إلى سرقسطة وذبح فى أحد بساتينها، له ترجمة فى المغرب ج 2ص 440، والذخيرة فى القسم الثالث المخطوط الورقة 41ومسالك الأبصار (المخطوط ج 8الورقة 221) والقلائد ص 106.
(2) فى الأصل: فاعتماده ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) الاعترار: الفقر والتعرض للمعروف دون سؤال.
(4) ابن الأفطس.
(5) الوهن بعد نصف الليل أو ساعة منه.
(6) فى الأصل: ويعرى وهو تحريف.(20/353)
أوداجه وهنا (1) وطعنه ممداه، وردّاه رداه، وسقاه من الموت الأحمر كأس حمامه، وتركه لا يستيقظ من منامه.
ومن كتبه وكان كبيرا يشكو فيها من الدهر ونوبه (2): كتابى وأنا كما تدريه، غرض للأيام ترميه ولكن غير شاك لآلامها (3) لأن قلبى فى أغشية من سهامها، فالنصل على مثله يقع (4)، والتألم بهذه الحالة قد ارتفع، كذلك التّفزيع (5) إذا تتابع هان، والخطب إذا أفرط فى الشدة لان (6) والحوادث تنعكس إلى الأضداد (7) إذا تناهت فى الاشتداد (8)، وتزايدت على الآباد (9).
وكتب فى مثل ذلك: كتابى وعندى من الدهر ما يهز أيسره الرّواسى ويفتّت (10) الحجر القاسى ومن أجلها (11) قلب محاسنى مساويا [وانقلاب]
__________
(1) الوهن: الضعف.
(2) كتب هذه الرسالة إلى صديقه أبى الفضل حداى بن يوسف بن حداى.
(3) فى القلائد: من آلامها.
(4) ينظر إلى قول المتنبى:
رمانى الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادى فى غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتنى سهام ... تكسرت النصال على النصال
(5) فى القلائد: التقريع.
(6) فى القلائد: والخطب إذا اشتد لان.
(7) فى القلائد إلى أضدادها.
(8) فى القلائد: اشتدادها.
(9) فى القلائد: آمادها.
(10) فى المغرب: ويفت.
(11) الجلل: العظيم أو الحقير ضد، وفى المغرب: ومن أقلها، فى المغرب مساوى.(20/354)
أوليائى أعاديا (1)، وقصدنى بالبغضة، من جهة المقة (2)، واعتمدنى (3) بالخيانة من جانب الثّقة (4)، فقس هذا على [ما] سواه (5) وعارض به ما عداه ولا تعجب إلا بثبوتى لما لا يثبت عليه الحلق السّرد (6)، وبقائى على ما لا يبقى [عليه الحجر الصّلد] (7) ولا أطول عليك فقد غير علىّ حتى شرابى وأوحشنى [حتى] (8) ثيابى، فها أنا أتهم عيانى، وأستريب من بنانى، وأجنى الأساءة من غرس إحسانى، وقاتل الله «الحطيئة» (9).
فى قوله فاشد ما غرر بقوله (10):
من يزرع الخير يحصد ما يسرّ به
وزارع الشرّ منكوس على الرّاس
__________
(1) فى الأصل وأوليائى أعاديا وفى الذخيرة: وأوليائى أعادى والزيادة عن القلائد، وفى المغرب: ومكارمى مخازى.
(2) فى القلائد من حيث المقة.
(3) فى المغرب والقلائد: واعتمادى.
(4) فى المغرب من جهة الثقة.
(5) فى القلائد فقس بهذا على سواه وفى الذخيرة: وفى الأصل فقس هذا على سواه، وقد أخذنا برواية المغرب والذخيرة.
(6) الحلق: جمع حلقة وهى الدرع، السرد: المنسوجة المحبوكة.
(7) زيادة من القلائد.
(8) زيادة عن الذخيرة والمغرب.
(9) أبو مليكة جرول الحطيئة العبسى الشاعر المخضرم أحد كبار الهجائين المداحين المجيدين نشأ معلول النسب فحقد على الأشراف وبسط لسانهم فيهم، ولكن عمر بن الخطاب رضى الله عنه هدده بقطع لسانه إذا تناول أعراض المسلمين واشترى أعراضهم منه بثلاثة آلاف درهم، ولكنه نكث بعهده بعد وفاة عمر، ولم ينج من هجائه أبوه وأمه وزوجته توفى سنة 59هـ.
(10) من قصيدة فى هجاء الزبرقان بن بدر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامل عمر بن الخطاب على الصدقات.(20/355)
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
أنا والله فعلت خيرا فعدمت جوازيه، وما أحمدت عوائده ومباديه، وزرعته فلم أحصد إلّا شرّا، [ولا اجتنيت منه إلا ضرا] (1) وهكذا جدّى فما أصنع، وقد أبى لى القضاء إلا أن أفنى عمرى فى بؤسى؟ ولا أنفكّ من نحوسى ويا ليت باقيه قد انصرم، وغائب الحمام قد قدم فعسى أن يكون بعد الممات راحة من هذا النصب، وعكرة (2) عن هذه الخطوب والنّوب، ودع (3) بنا هذا فالدهر ليس بمعتب (4) من يجزع (5)، ولا فى الأيام رجاء ومطمع.
وله فصل من تعزية: من أى الثّنايا طلعت النوائب؟ وأى حمى رتعت فيه المصائب، فواها لحشاشة الفضل أرصدها الردى غوائله، وبقيّة الكرم جرّ عليها الدهر كلاكله، ويا حسرتا للجة المواهب كيف سجّرت، ولشمس المعالى وكيف كوّرت؟ ويا لهفى على هضبة الحلم كيف زلزلت (6) [وحدّة الدكاء والفهم كيف فلّلت؟] (7) فإنّا لله وإنا إليه راجعون (8)
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) فى القلائد: وسلوة.
(3) فى القلائد: فدع.
(4) معتب: قابل للعتاب ومعقب عليه بالرضاء. وفى الأصل بمتعنب والتصحيح عن القلائد.
(5) مقتبس من قول أبى ذؤيب الهذلى:
أمن المنون وريبها تتوجع؟ ... والدهر ليس بمعتب من يجزع
فى الأصل: النيانا طلعت النوائب والزيادة عن القلائد.
(6) فى الأصل كيف قلله، والتصويب عن القلائد.
(7) زيادة من القلائد.
(8) فى القلائد فإنا لله أخذا بوصاياه وتسليما لقضاياه.(20/356)
وله فصل: لئن كانت الأيام تنئيك، فالأمانى تدنيك ولئن كنت محجوبا (1) عن الناظر، فإنك مصوّر فى الخاطر، أناجيك بلسان الضمير وأعاطيك سلاف السرور.
وله فصل فى ذم كتاب: وردنى لك كتاب خلته للطفه سماء وتوهمته من خفته هباء (2)، وفضضته عن أسطر فيها سواد، لم يتحصل منه مستفاد، فتعوذت برب ذلك الفلق، من شر ذلك الغسق.
وله: (3) كنت عهدتك لا تمتنع من مداعبة من يداعبك ولا تنقبض عن مراجعة من يخاطبك فمن أين حدث هذا التعالى؟ وما سبب هذا التغالى عرّفنى جعلت فداك ما الذى عداك؟ ولعلّك رأيت الحضرة قد حلت من قاض فطمعت فى القضاء، وجعلت تأخذ نفسك بأهبته، وتترشح لرتبته، وأنت الآن لاشك تتفقّه فى الأحكام وتتطلع شريعة الإسلام (4) وهبك تحلّيت بهذا السمت، وتأهبت وتهيأت لذلك الدّست (5)، ما تصنع فى قصّة السبت، دع عنك هذا التخلق وارجع إلى أخلاقك، وعد فى إطراقك وتجاهل ما قبلك جاهل وتحامق مع الحمقى وأنت عاقل، فلا تمنع لذّة الاسترسال (6)، ولا تبغ (7)
__________
(1) فى القلائد محجورا.
(2) فى الأصل، سماه هباه والتصويب عن القلائد.
(3) إلى صديقه حسداى بن يوسف.
(4) المعروف أن حداى بن يوسف كان يهوديا من أشراف اليهود ثم هداه الله إلى الإسلام، ومن هنا يتّضح تهكم الكاتب به.
(5) كلمة فارسية معناها صدر المجلس، والمقصود هنا مجلس القضاء.
(6) فى القلائد: فلا تمتنع لذة الاسترسال.
(7) فى القلائد: ولا تتبع.(20/357)
الدنيا بجدّ منك (1) فى سائر الأحوال، فما أشبه إدبارها بالإقبال، وكثرتها بالإقلال.
وله يستدعى خمرا: أوصافك العطرة، ومكارمك المشتهرة، تنشط سامعها من غير توطية (2)، فى اقتضاء ما عرض من أمنية، وللراح (3) من قلبى محل لا تصل إليه سلوة، ولا تعترضه جفوة إلا أن معينها قد جفّ، وقطينها قد خفّ، فما توجد بالشراء، ولو بحشاشة الحوباء، فصلنى منها بما يوازى قدرى ويقوم له شكرى، فإن قدرك أرفع من أن تقتضى حقّه زاخرات البحار ولو سالت بذوب النّضار [لا بصافية العقار] (4).
وله يستدعى إلى مجلس أنس: يومنا يوم قد تجهّم محيّاه (5)، ودمعت عيناه، وبرقعت شمسه الغيوم، ونثرت صباه لؤلؤة المنظوم، وملأ الخافقين دخان دجنة، وطبق بساط الأرض هملان جفنه، فأعرضنا عنه إلى مجلس وجهه كالصباح المسفر، وجلبابه كالرداء المحبّر، (6) وحليه يشرق فى ترائبه، وندّه يعبق فى جوانبه، وطلائع أنواره تظهر، وكواكبه بإيناسه تزهر (7)، وأباريقه
__________
(1) فى الأصل: بخدمتك والتصويب عن القلائد.
(2) سهل الكاتب الهمزة للسجع، وفى القلائد توطئة.
(3) فى القلائد: فللراح.
(4) زيادة بالأصل ليست بالقلائد.
(5) يوم غائم، وكان من عادتهم الشرب فى أيام الأمطار.
(6) فى القلائد: المجر.
(7) فى القلائد وكواكب إيناسه تزهر.(20/358)
تركع وتسجد، وأوتاره تنشد وتغرّد، وبدوره تستحث أنجمها محيّية (1) وتقبل أنملها مفدية، وسائر نعمائها: «خذ وهاتها (2)» وأملها أن تحثّ خطاك حتى يلوح سناك ونشتفى بمرآك (3).
وله: ورد كتابك فنوّر ما كان بالإغباب داجيا (4)، وحسّن مشافها عنك ومناجيا، واسترد إلى الخلّة بهاءها، وأجرى فى صفحة الصلة ماءها (5)، وعند شدة الطمأ (6) يعذب الماء، وبعد مشقة السهر يطيب الإغفاء ورأيت ما وعدت (7)
به من الزيارة فسرّنى سرورا بعث من إطرابى، وحسّن لى دين التصابى، فارتحت كأنما أدار علىّ مدام مديرها، وجاوب المثانى والمثالث زيرها، ولا تسأل عن [حال استطلعتها فهى كاسفة بالى، كاشفة عن خبالى] (8) لصبح (9) لاح من خلال ذوائبى (10) وتنفس فى ليل المنى (11) فأدجى مطالع أعمالى، وأرانى مصارع آمالى
__________
(1) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: تحييه.
(2) فى الأصل حدو منابها والتصويب عن القلائد
(3) فى الأصل: وتنسقى بمراك، والتصويب عن القلائد
(4) الاغباب: فلة الزيارة، وفى الأصل والقلائد بالاعباب داجيا ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى الأصل: إلى الحلة بهاها وأجرى فى صفحة الصلة ماها، وقد أخذنا برواية القلائد
(6) فى القلائد وعنده: شدة الظماء
(7) فى القلائد: وعدتنى
(8) زيادة من القلائد يتسق بها السياق
(9) فى الأصل: يصبح والتصحيح عن القلائد.
(10) الكلمة غير واضحة بالأصل وقد وضحناها من القلائد.
(11) فى الأصل وبنفس فى ليل المنى وقد أخذنا برواية القلائد.(20/359)
وله فصل، يا ليت شعرى كيف أتغير على بعضى؟ وأمنحه قطيعتى وبغضى؟
وله فصل: طلع علينا هذا اليوم وكاد يمطر (1) من الغضارة صحوه ويقبس من الإنارة جوّه ويحيى الرسم الرّميم (2) اعتداله، ويضنى الحليم جماله فلفّتنا (3) زهرته، ونظمتنا (4) بهجته فى روضة أرضعتها السماء شآبيبها، ونثرت عليها كواكبها، ووفد عليها النعمان بشقيقه، وأقبل (5) فيها الهند بخلوقه (6)
وبكر إليها بابل برحيقه، فالجمال يثنى لحسنه (7) طرفه، والنسيم يهز لأنقاسه عطفه، وتمنينا أن يتبلج صبحك من خلال فروجه، وتحل شمسك فى منازل بروجه فيطلع علينا الأنس بطلوعك، وتهديه (8) بوقوعك ولن (9) تعدم نورا يحكى شمائلك طيبا وبهجة، وراحا (10) تخالها خلالك صفاء ورقة وألحانا (11) تثير أشجان الصب، وتبعث إطراب القلب، وندامى (12) ترتاح إليهم الشّمول، وتتعطر بأرجهم القبول، ويحسد الصبح عليهم الأصيل، ويقصر لمجالستهم الليل الطويل.
__________
(1) القلائد: فكاد يخطر.
(2) فى الأصل الرسم، والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل: فلفتينا، والتصويب عن القلائد.
(4) فى القلائد: وضمتنا.
(5) فى القلائد: واحتل.
(6) الخلوق: ضرب من الطيب.
(7) فى القلائد: بحسنه.
(8) فى الأصل ويهديك وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) فى الأصل وإن تعدم، والتصويب عن القلائد.
(10) فى الأصل مراء، والتصويب عن القلائد.
(11) فى الأصل: واكانا، والتصويب عن القلائد.
(12) فى القلائد: وندى.(20/360)
الوزير الفقيه الكاتب أبو القاسم بن الجد (1)
وصفه بالإعجاز فى الصدور، [والأعجاز] (2)، وإقطاع استعارته جانبى الحقيقة والإيجاز، وإنارة أفق أدبه، ونضارة روض السداد به، والافتنان بالعلم، والإزديان بالحلم قد احتوت على السّحر الحلال مهارقه (3)، وأضاءت بنور الإقبال مشارقه وجادت بصوب النّوال بوارقه، كان بالدرس مشتغلا، وللأنس بالعلم معتزلا حتى استدعاه أمير المسلمين (4)، فأجاب وأحسن عنه المناب، وقد أورد من نثره الباهر، ونظمه الزاهر ما تسلب الألباب أساليبه، وتروى الآداب شآبيبه، وفى رسائله ما هو مؤرخ بسنة اثنتى عشرة وخمسمائة، وقد عاش بعد ذلك طويلا (5) وأوتى جاها عريضا طويلا. فمن ذلك رقعة ذكر القيسى (6)
أنه راجعه بها عن معاتبة فى توقف مجاوبة وهى:
لو أطعت (7) نفسى أعزك الله يسبب هواها. ومحتمل قواها لما
__________
(1) بيت بنى الجد بيت عريق فى الأدب والعلم منهم: أبو الحسن محمد بن محمد بن الجد.
وأبو عامر أحمد بن عبد الله بن الجد. وأبو محمد بن عبد الله بن يحيى بن الجد وقد تحدث عن كل منهم ابن سعيد فى المغرب ووردت لهم تراجم متناثرة فى كتب الأدب أما المترجم له فهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن الجد الفهرى المعروف بالأحدب، تولى خطة الشورى فى لسبلة وتقلد وزارة الراضى بن المعتمد بن عباد فى رنده ثم كتب لأبى الحسن على بن يوسف بن تاشفين وكان متفننا فى المعارف والعلوم مقدما فى الأدب والبلاغة وله حظ جيد من الفقه والحديث، وكان فاضلا حسن العشرة توفى سنة 515له ترجمة فى الصلة ص 544والمطرب ج 1ص 245 والذخيرة القسم الثانى المخطوط ص 173والقلائد ص 109ومسالك الأبصار ج 8ص 223.
(2) زيادة من القلائد.
(3) المهراق: الصحيفة، فارسية معربة.
(4) أبو الحسن على بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين.
(5) توفى سنة 515هـ حسبما ذكره ابن بشكوال فى الصلة.
(6) الفتح بن خاقان صاحب قلائد العقيان والمطمح.
(7) فى الأصل لو أطلعت والتصويب عن القلائد.(20/361)
خططت طرسا، ولا سمعت للقلم جرسا. ولنمت فى حجر العصلة مستريحا، ولزمت بيت العزلة جلسا طريحا، ولكنى بحكم الزمان مغلوب، وبحقوق الإخوان مطلوب، فلا أجد بدّا من إعمال الخاطر وإن غدا طليحا، وتناهى (1) تبليحا (2)، ولما طلع علىّ طالع خطابك الكريم، فى صورة المقتضى الغريم، نعين الأداء ووجب الإعداء، وقد كنت تغافلت عن الكتاب الأول تغافل للساكن إلى العذر المتأوّل (3) فهزتنى من الثانى كلمات (4) مؤلمات، ولكنها فى وجوه الحسن والإحسان سمات، لم توجد (لى) (5) فى المعذرة (6) طريقا، ولا سوّغتنى فى النّظرة ريقا، فتكلفت هذه الأسطر تكلّف المضطرّ، حفزه (7) ثقل البرّ، وأنت بفضلك تقبل وجيزها، ولا تبخل بأن تجيزها، والله يطيل بقاءك محسود النجابة، ولا يخلى دعوتى لك من الإجابة. وله من قصيدة:
لئن راق مرأى للحسان ومسمع
فحسناؤك الغراء أبهى وأمتع (8)
عروس جلاها مطلع الفكر فانثنت
إليها النجوم الزاهرات تصلّع (9)
__________
(1) وردت الكلمة مبهمة بالأصل، وتوضيحها من القلائد.
(2) فى الأصل: لميحا والتصويب عن القلائد. يقال بلح الرجل تبليحا: أصابه الإعياء.
(3) فى الأصل العدو المنازل والتصويب عن القلائد.
(4) وردت الكلمة غير واضحة بالأصل والتوضيح عن القلائد.
(5) زيادة يقتضيها السياق. وفى القلائد: لم توجد فى.
(6) فى الأصل: العرفة والتصويب عن القلائد.
(7) فى الأصل: حفرة والتصويب عن القلائد.
(8) فى الذخيرة لئن راق معنى لحسناؤك.
(9) فى الأصل نجوم الزاهرات، وقد أخذنا برواية الذخيرة والقلائد.(20/362)
زففت بها بكرا تضوّع طيبها ... وما طيبها إلا الثناء المضوّع (1)
لها من طراز الحسن وشى مهلهل
ومن صنعة الإحسان تاج مرصّع (2)
وله مراجعا (3):
سلام كأنفاس الاحبّة موهنا
سرت بشذاها العنبرىّ صبا نجد
سلام كإيماض الغزالة بالضّحى
إلى الروضة الغناء تحت الحيا العدّ (4)
حبانى من حبك اللسان بلأمة
مضاعفة التّأليف محكمة الرّدّ (5)
دلاص من النّظم البديع حصينة
تردّ سنان النّقد منثلم الحدّ (6)
__________
(1) فى الذخيرة تأرج طيبها.
(2) فى الأصل: والقلائد والذخيرة وشى مهلل، ولعل الصواب ما أثبتناه، وشى مهلهل: رقيق النسج وفى الذخيرة: ومن صيغة الإحسان، ويلى هذا أربعة أبيات فى الذخيرة ق 2ص 198.
(3) مطلع القصيدة فى الذخيرة:
سلام كعرف المسك أو عبق الند ... على من غدا فى الفضل فذا بلا ند
ونرجح أنه كتب هذه القصيدة إلى أبى عامر بن عقال «من شعراء المطمح ص 98».
(4) الغزالة: الشمس، وفى الذخيرة والقلائد: غب الحيا العد.
(5) فى الذخيرة والقلائد. غزانى من حوك اللسان بلأمة، اللأمة: الدرع.
(6) دلاص: لينة ملساء.(20/363)
عليها من الإحسان والحسن رونق
كما ديس متن السّيف من صدأ الغمد (1)
وفيها على الطبع الكريم دلالة
كما افترّ ضوء السّقط عن كرم الزّند (2)
أبا عامر لا زال ربعك عامرا
بوفد الثّناء الحر والسّؤدد الرّغد
لقد سمتنى فى حومة القول خطة
لففت لها رأسى حياء من المجد (3)
وكتب إلى أحد الشعراء مراجعا (4):
أما ونسيم الرّوض طاب به فجر
وهبّ به من كلّ زاهرة نشر (5)
تحامى له عن سرّه زهر الرّبا
ولم يدر أن السّرّ فى طيّه نشر (6)
ففى كلّ سهب من أحاديث طيبه ... تمائم لم يعلق بحاملها وزر (7)
__________
(1) الدوس: صقل السيف.
(2) فى الذخيرة من كرم الزند. وفى القلائد كما اقترضوا للسقط:
(3) فى الذخيرة لففت بها ويلى هذا ستة أبيات أخرى فى الذخيرة.
(4) ذكر صاحب الذخيرة أنه أبو عامر السابق ذكره.
(5) فى الذخيرة والقلائد وهب له.
(6) فى الذخيرة: تجافى له عن سره وفى القلائد عن سره زهرة الربا ولم تدر، وفى الأصل وإن لم يدر وبإقحام «إن» يختل الوزن.
(7) السهب: (بالفتح الفلاة، (وبالضم) المستوى من الأرض فى سهولة.(20/364)
لقد نغمتنى من ثنائك نفحة ... ينافسنى فى طيب أنفاسها العطر (1)
تضوّع منها العنبر الورد فانثنت ... وقد أوهمتنى أنّ منزلها الشّحر (2)
سرى الكبر فى نفسى لها، ولربّما
تجانف عن مسرى ضرائبى الكبر (3)
وشمت بها معنى من الراح مطربا ... فخيّل لى أن ارتياحى بها سكر (4)
أبا عامر أنصف أخاك، فإنّه
وإيّاك فى محض الهوى الماء والخمر (5)
أمثلك يبغى فى سمائك كوكبا
وفى جوّك الشمس المنيرة والبدر (6)
وتلتمس الحصباء فى ثغب الحصا
ومن بحرك الفيّاض يستخرج الدّر (7)
عجبت لمن يهدى من الصّفر تومة
وقد سال فى أرجاء معدنه التبر (8)
__________
(1) فى الأصل والذخيرة: لقد نعمتنى من ثناياك، والتصويب عن القلائد.
(2) فى الأصل والقلائد أن منزلها السحر والتصويب عن الذخيرة الشحر: ساحل البحر بين عمان وعدن ويشتهر بتجارة العطر.
(3) الضرائب جمع ضريبة وهى الطبيعة.
(4) فى الأصل: وسنت بها معنى وفى الذخيرة: وشيت بها وفى القلائد: وشبت، ولعل الصواب ما أثبتناه، شام البرق: نظر إليه.
(5) آثرنا رواية الذخيرة والقلائد، وفى الأصل فى محض القوى.
(6) فى الذخيرة والقلائد: فى سمائى كوكبا.
(7) فى الأصل: فى نقب الحصا، وفى الذخيرة ويلتمس الحصباء فى نقب وفى القلائد:
ويلتمس الحصباء فى نقب ولعل الصواب ما أثبتناه، الثغب: الغدير فى ظل الجبل.
(8) فى الأصل: يومه، والتصويب عن القلائد والذخيرة، التومة: اللؤلؤة.(20/365)
ومن رسائله، كتب عن أمير المسلمين وناصر الدين (1) إلى أهل أشبيلية:
كتابنا أبقاكم الله وعصمكم بتقواه، ويسركم من الاتفاق والائتلاف لما يرضاه، وجنّبكم من أسباب الشّقاق والخلاف ما يسخطه ويأباه (2)، من حضرة مراكش حرسها الله لستّ بقين من جمادى سنة اثنتى عشرة وخمسمائة، وقد بلغنا ما تأكد بين أعيانكم من أسباب التباعد والتباين، ودواعى التحاسد والتضاغن، واتصال التباغض والتدابر، وتمادى التقاطع والتهاجر، وفى هذا على فقهائكم وصلحائكم مطعن بيّن، ومغمز لا يرضاه مؤمن ديّن، فهلّا سعوا فى إصلاح ذات البين سعى الصالحين، وجدّوا فى إبطال أعمال المفسدين، وبذلوا فى تأليف الآراء المختلفة [وجمع الأهواء المفترقه] (3) جهد المجتهدين ورأينا والله الموفق [للصواب] أن نعذر إليكم بهذا الخطاب، فإذا وصل إليكم، وقرىء عليكم فأقمعوا الأنفس الأمّارة بالسوء، وارغبوا فى [السكون] (4)
والهدوء ونكّبوا عن طريق البغى الذميم المشنوء واحذروا دواعى الفتن، وعواقب الإحن، وما يجرّ رداءة الضمائر (5)، وفساد السرائر، وعمى البصائر، ووخيم المصائر وأشفقوا على دياركم (6). وأعراضكم [وثوبوا إلى الصلاح
__________
(1) أبو الحسن على بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين.
(2) فى القلائد: وينعاه.
(3) زيادة من القلائد.
(4) زيادة فى القلائد.
(5) فى القلائد: وما يجر داء الضمائر.
(6) فى القلائد: على أديانكم.(20/366)
فى جميع أغراضكم] (1)، وأخلصوا السمع والطاعة لوالى أموركم وخليفتنا فى تدبيركم، وسياسة جمهوركم، أخينا الكريم أبى إسحاق إبراهيم (2) أبقاه الله، وأدام عره بتقواه واعلموا أن يده فيكم كيدنا، ومشهده كمشهدنا فقفوا عند ما يحضكم عليه، ويدعوكم إليه ولا تختلفوا فى أمر من الأمور لديه وانقادوا أسلس انقياد لحكمه وعرمه، ولا تقيموا على ثبج (3) عناد بين حدّه ورسمه، والله تعالى يفىء بكم إلى الحسنى، وييسركم لما فيه صلاح الدين والدنيا، بقدرته.
وله فصل لأجل الفقيه أنى الفضل بن عياض (4) إلى أحمد بن حمدين (5).
أما وكنف (6) برك لمن أمّك من أهل الفضل [ممهّد] (7)، وجفن رعايتك
__________
(1) زيادة فى القلائد.
(2) أبو إسحق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين والى اشبيلية من قبل أخيه أبى الحسن على بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، كان محبا للعلماء والأدباء وباسطا ظله على الباحثين والفقهاء وكان يرسل إلى الشيخ أبى على الصدفى ليسمع منه الحديث وينتفع بعلمه وفضله.
وكان متواضعا سهل الخلق رحب الفناء. أوسع كنفه وبسط يده للطبيب الفيلسوف عبد الملك ابن زهر فألف له كتابا فى الطب وأهداه إليه.
(3) وردت الكلمة مبهمة بالأصل وما أثبتناه أقرب إلى رسمها، الثبج: وسط الشىء، ومعظمه واضطراب الكلام وتفنينه وتعميه الخط وترك بيانه.
(4) أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى من أهل سبتة رحل إلى المشرق فى طلب العلم وعنى بالحديث والفقه وولى القضاء ببلده ثم بغرناطة ولد سنة 486وتوفى بمراكش 544.
(5) أبو القاسم أحمد بن محمد بن على بن حمد بن التغلبى قاضى الجماعة بغرناطة كان نافذا فى أحكامه جزلا فى أفعاله من بيت علم ودين وجلالة ولم يزل يتولى قضاء قرطبة حتى توفى سنة 521هـ.
(6) فى الأصل: وكيف برك والتصحيح عن القلائد.
(7) زيادة عن القلائد.(20/367)
لهم مسهّد، ومنزل حمايتك (1) بهم متعهّد، فكل وعر يلقونه فى سبيل قصدك مستسهل، لا يرويهم دونك منهل (2)، ولا يضل بهم للعلم (3) مجهل، وممّن رأى أن يقتحم نحوك ظهرى لجّة ومحجّة، ويقرن فى أمّ كعبة فضلك بين عمرة وحجّة، ويرحل إلى حضرتك المألوفة مهاجرا، ويعتمدها فى طلب العلم تاجرا، ليجتهد فى جمعه وكسبه اجتهاد مغترب (4)، ويملأ من بضائعه وفوائده وعاء غير سرب (5)، ومذهبه الاقتباس من أنوارك، والالتباس (6) برهة بجوارك، والاستئناس بأسرّة بشرك ومسرّة جوارك [فلان]، وله فى الفضل مذاهب بهرج (7) عندها الذّهب، وعنده من النّبل ضرائب لا يفارق زندها اللهب، وستقرّبه فتستغربه وتخبره، فتكبره، إن شاء الله تعالى.
وكتب عن أمير المسلمين [فى أمر أبى الفضل بن عياض المذكور] (8) إلى ابن حمدين (9): فلان أعزه الله [بتقواه]، وأعانه على ما نواه، ممّن له فى العلم
__________
(1) فى الأصل: حفايتك، والتصويب عن القلائد.
(2) فى الأصل منهم والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: وأنت العلم.
(4) فى الأصل: معترف والتصويب عن القلائد.
(5) سرب الإناء: سال ما فيه من الماء.
(6) لبس قوما: تملى بهم دهرا، ولبس فلانة عمره: كانت معه شبابه كله أما الالتباس فهو الشك والغموض ولعلها واللبس برهة بجوارك.
(7) البهرج: الباطل الردىء وبهرج الشىء أهمله، وفى الأصل: تبهرج، وقد أخذنا برواية القلائد.
(8) فى الأصل: فى معنى بن عياض، والتصويب والزيادة عن القلائد.
(9) يظهر أن هذه رسالة ثانية تأكيدا للرسالة السابقة.(20/368)
حظّ (1) وافر، ووجه سافر، وعنده دواوين أغفال، لم يفتح لها على الشيوخ أقفال وقصد تلك الحضرة ليقيم أود متونها، ويعانى رمد عيونها وله إلينا ماتّة مرعيّة، أوجبت الإشادة بذكره، والاعتناء بأمره وله عندنا مكانة حفية تقتضى مخاطبتك بخبره، وإيهاجك (2) إلى قضاء وطره، وأنت إن شاء الله تسدّد عمله، وتقرب أمله، وتصل أسباب العون له [إن شاء الله] (3).
وكتب عن أمير المسلمين إلى أهل سبتة بولاية الأمير أبى زكريا يحيى ابن أبى بكر (4): كتابنا أبقاكم الله، وأكرمكم بتقواه، ويسّركم لما يرضاه، وأسبغ عليكم نعماه، وقد رأينا والله لفضله يقرن جميع آرائنا بالتّشديد، ولا يخلينا (5) فى كافة أنحائنا من النظر الحميد أن تولى أبا زكريّا [يحيى ابن أبى بكر] (6) محل ابننا، الناشىء فى حجرنا أعزّه الله، وسدّده فيما قلدناه إيّاه مدينتى فاس وسبتة (7) وجميع أعمالهما حرسهما (8) الله على
__________
(1) زيادة عن القلائد.
(2) فى القلائد: وإنهاضك.
(3) زيادة من القلائد.
(4) نرجح أنه يحيى بن أبى بكر بن يوسف بن تاشفين الفارس المشهور المعروف بيحيى ابن الصحراوية من أمراء الملثمين. كان له بلاء عظيم فى مقاومة دعوة الموحدين، وأبلى فى الحروب بلاء حسنا فحارب فى تلمسان وفى فاس، ولما غلب على أمره استسلم للموحدين فأكرموه، وولوه بعض القيادات، ثم بلغهم عنه ما يريب فسجنه عبد المؤمن مؤسس دولة الموحدين حتى مات فى سجنه:
(5) فى القلائد: ولا يخلنا.
(6) زيادة من القلائد.
(7) فى القلائد: مدينتى فلس وسبته.
(8) فى الأصل أعمالها حرسها الله وقد أخذنا برواية القلائد.(20/369)
الرسم الذى تولّاها غيره قبله، فأنفذنا ذلك [له] (1)، لما توسّمناه من مخائل النجابة قبله ووصيناه بما نرجو أن يحتذيه ويمتثله ويجرى عليه قوله وعمله، ونحن من وراء اختباره، والفحص عن أخباره، لأنّنى بحمد الله فى امتحانه وتجريبه، والعناية بتخريجه وتدريبه والله عزّ وجلّ يحقق مخيلتنا فيه، ويوفقه من سداد النول والعمل لما يرضيه (2).
فإذا وصل إليكم خطابنا فالتزموا له السمع والطاعة، والنصح والمشايعة [جهد الاستطاعة] (3)، وعظموا بحب مكانه منّا قدره (4)، وامتثلوا فى كل عمل من أعمال الحقّ نهيه وأمره، والله تعالى يمدّه بتوفيقه وهدايته، ويعرفكم يمن ولايته بعزته.
وكتب عنه إلى أبى محمد عبد الله بن فاطمة (5): كتابى أطال الله فى طاعته عمرك وأعزّ بتقواه قدرك، وشد فيما تتولّاه (6) أزرك وعضد بالتّسديد والتوفيق أمرك، من حضرة مراكش [حرسها الله] (7)
وقد رأينا والله ولىّ التوفيق، والهادى إلى سواء الطريق، أن نجدد عهدنا إلى عمالنا عصمهم الله بالتزام أحكام الحق، وإيثار أسباب الرّفق، لما
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) فى القلائد إلى ما يرضيه.
(3) زيادة فى القلائد.
(4) هو ابن أخى الأمير الحاكم أبى الحسن على بن يوسف بن تاشفين أمير المسلمين وعاهل المرابطين.
(5) من ولاة على بن يوسف بن تاشفين على إشبيلية ثم على بلنسية.
(6) فى القلائد فيما تولاه.
(7) زيادة فى القلائد.(20/370)
فرجوه فى تلك الصلاح الشّامل، والخير العاجل [والآجل] (1) والله تعالى ييسّرنا (2) لما يرضيه من قول وعمل بمنّه (3)، وأنت أعزك الله ممّن يستغنى بإشارة التّذكير (4) ويكتفى بلمحة التّبصير (5) لما نأوى إليه من السياسة والتّجربة، فاتّخذ الحقّ إمامك، وملّك يده زمامك وأجر عليه فى القوىّ والصّعيف أحكامك، وارفع لدعوة المظلوم حجابك، ولا تسدّ فى وجه المضطهد المهصوم (6) بابك، ووطّىء (7) للرعية حاطها الله أكنانك، وابذل لها إنصافك، واستعمل عليها من يرفق بها ويعدل فيها، واطّرح كلّ من يحيف عليها ويؤذيها، ومن سبّب عليها من عمّالك زيادة، أو خرق فى أمرها عادة، أو عيّر رسما، أو بدّل حكما. أو أخذ لنفسه [فيها] (8) درهما ظلما، فاعزله عن عمله، وعاقبه فى بدنه، وألزمه ردّ ما أخذه متعدّيا (9) إلى أهله، واجعله نكالا لغيره، حتى لا يقدم أحد منهم (10) على مثل فعله، إن شاء الله، وهو تعالى ولىّ تسديدك، والملىّ بتعضيدك وتأييدك، لا إله غيره.
__________
(1) زيادة فى القلائد.
(2) فى الأصل ييسر وقد أخذنا برواية القلائد.
(3) فى الأصل منه، وقد آثرنا رواية القلائد.
(4) فى القلائد التذكرة.
(5) فى القلائد: التبصرة.
(6) فى القلائد: المهضوم.
(7) أخذنا برواية القلائد وفى الأصل: وواطئ.
(8) زيادة فى القلائد.
(9) فى القلائد تعديا.
(10) فى القلائد: منهم أحد.(20/371)
وكتب عنه إلى أهل غرناطة من كتاب (1): قد اتصل بنا أنكم من مطالبة فلان على أولكم (2)، وفى عنفوان عملكم، وأنه لا يعدم تشغيبا وتأليبا من قبلكم، فإلى متى تلحّون فى الطلب وتجرون فى الغلب (3) وتقرعون النّبع بالغرب (4) ولقد آن لحركتكم فى أمره أن تهدأ (5)، وللنائرة (6) بينكم أن تصلح، ولوجوه المراشد قبلكم أن تتّضح، [وإذا وصل إليكم خطابنا هذا] (7)
فاتركوا متابعة الهوى واسلكوا من الطريقة المثلى، ودعوا التنافس على حطام الدنيا، وليقبل كلّ واحد منكم على ما يغنيه (8) ولا يشتغل بما ينصبه ويعنّيه، ولا بد لكل عمل، من أجل، ولكل ولاية، من غاية، ولن يسبق شىء إناء (9)، وإذا أراد الله أمرا سنّاه (10) {«وَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللََّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ»} (11) وفقكم الله لما فيه صون أياديكم وأعراضكم، وتسديد أنحائكم وأغراضكم بمنه (12).
__________
(1) أوله كما فى القلائد: كتابنا عصمكم الله بتقواه، ويسركم لما يرضاه، وجنبكم ما يسخطه وينعاه، من حضرة مراكش حرسها الله، يوم الجمعة التاسع من شهر الصوم المعظم سنة سبع وخمسمائة، وقد اتصل بنا أنكم من مطالبة فلان:
ونلاحظ أن مستهل الرسالة يتفق مع مستهل الرسالة التى وجهها إلى أهل إشبيلية سنة 512هـ.
وقد سبق أن أوردها المصنف.
(2) فى القلائد: عن أدلكم.
(3) فى القلائد: وتجدون فى القلب.
(4) الأصل: وتفرغون التبع بالغرب والتصويب عن القلائد، النبع شجر القسى والسهام ينبت فى قلة الجبل، الغرب شجر شائك أخضر تعمل منه الأقداح جيد الاشتعال.
(5) فى الأصل ولقد آن تحكيكم به أن تهدأ والتصويب عن القلائد.
(6) النائرة: الثورة والاضطراب.
(7) زيادة فى القلائد.
(8) فى القلائد يعنيه.
(9) الإنى: الحين أو الوقت، أناه: وقته المتحدد.
(10) سناه: بسره.
(11) الآية 216من سورة البقرة.
(12) زيادة من القلائد: وللكاتب عدة رسائل فى الذخيرة والقلائد.(20/372)
ذو الوزارتين المشرف أبو بكر محمد بن أحمد بن رحيم (1)
ذكره لى الفقيه اليسع بمصر وقال: أدركته سنة عشرين وخمسمائة، وهو صاحب ديوان أشبيلية، وذكره الفتح فى قلائد العقيان وأثنى عليه وعلى بحاره وسنى الحمد إلى علاه محاره (2)، ووصفه بشرف السّؤدد، وكرم المحتد، والشجاعة فى السجية، والسماحة، والأريحية والسلامة من الكبر والخيلاء، والاستقامة فى الفكر والذكاء والاستقلال بالإبرام، والنقض، ولاستبداد بالبسط والقبض. والرفع والخفض، وافتقار الدولة إليه: افتقار الجسد إلى الروح، والمشكل إلى الوضوح، وقد أورد من شعره قصيدة نظمها فى شعبان سنة خمس عشرة وخمسمائة فى الأمير أبى إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين (3):
سقى الله الحمى صوب الولىّ ... وحيّا بالأراكة كلّ حىّ (4)
وإن ذكر العقيق فباكرته ... سحائب معقبات بالرّوىّ
__________
(1) المشرف أبو بكر محمد بن أحمد بن رحيم من أسرة كريمة يقول عنها ابن خاقان «وبنو رحيم من أعلام الشرق فى القديم والحديث» ونشأ أبو بكر على غرار من سبقوه فكان من المبرزين فى دولة المرابطين. له ترجمة فى المغرب ج 1ص 417والقلائد ص 115والبغية ص 42ومسالك الأبصار ج 8الورقة 224وإن كانت هذه التراجم جميعا لا تعطى تفاصيل حباته وإنما تنقل مختارات من آثاره مع مقدمات مسجوعة مبهمة عراقة أصله.
(2) محاره: مرجعه أى أصوله ووطنه.
(3) سبقت الإشارة إليه.
(4) الولى: المطر بعد المطر.(20/373)
يروّى مسقط العلمين سكبا ... يلبّسه جنى الزّهر الجنىّ (1)
ولا بليت بمرسية برود ... مطرزة بأشتات الحلىّ (2)
ذكرت معاهدا أقوت، وكانت ... أواهل بالقريب وبالقصىّ
أقول وإن غدوت حليف شجو ... أعلّل لوعة القلب الشّجىّ
لأصرف عفّة طرفى وكفى ... عن للحظ العليل النّرجسىّ (3)
وأخزن منطقى عن كل هجر ... وأهجر كل ملّسان بذىّ
ولما أن رأيت الدهر يدنى ... دنيئا ثم يسطو بالسّنىّ (4)
وجدت به على الأيام غيظا ... كما وجد اليتيم على الوصىّ (5)
طلبت فما سقطت على خبير ... يخبّر عن وداد أوصفى (6)
كما أنّى بحثت على كريم ... فما ألفيت ذا خلق رضىّ
ولولا واحد لسددت عينى ... فلم تفتح على شخص سرىّ
هو الملك المعظّم من ملوك ... ينير بهم (7) سنا الأفق السّنىّ
لهم همم تعالى كلّ حين ... يفوت بها ذرى النجم العلىّ
وحسن خلائق زانت فجاءت ... كما هبّ النّسيم مع العشىّ (8)
__________
(1) فى القلائد: ترو من مسقط العلمين وتلبسه.
(2) فى القلائد: لمرسية، وفى الأصل بأسباب الحلى وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) فى القلائد: لأصرف عنه كفى ولحظى.
(4) فى القلائد: يدنى دنيا.
(5) فى «عود الشباب» أن هذا البيت من شعر أبى محمد عبد الله الإشبيلى.
(6) فى القلائد: يخبر عن ودود.
(7) فى القلائد ينير بها.
(8) فى القلائد: وحسن خلائق رقت.(20/374)
مصون العرض مبذول العطايا ... ندّى التّرب مبرور النّدىّ
جواد جوده إن سيل سيل
ويأتى عرفه مثل الأتىّ (1)
يمد إلى العفاة يمين يمن ... تليّن قسوة الدهر الأبى
تحلى ملكه بعلا نهاه ... كما ازدان المقلّد بالحلىّ (2)
تدار عليه أكواس المعالى ... فتأخذ من هزبر أريحىّ (3)
يطارد بالضّحى خيل الأعادى ... ويأوى كلّ وفد بالعشىّ
لإبراهيم عند الله سرّ ... يدقّ به عن النّظر الخفىّ (4)
يرى غيب الأمور إذا ادلهمّت
بعين الرأى والفكر البدىّ (5)
ويوضح كلّ مشكلة فيرمى ... بها فيصيب شاكلة الرّمىّ
درت صنهاجة ولها علاها
بأن علاه مفتخر الندىّ (6)
__________
(1) يريد أن جوده مثل السيل إذا سئل وسهل الهمزة للتخفيف والوزن، وفى القلائد إن سال سيل، الأتى: السيل والجدول.
(2) فى القلائد: مجلا نهاه.
(3) لعلها: أكواب المعالى.
(4) فى القلائد يدق على على النظر الخفى، ولعلها يدق علا على النظر الخفى.
(5) البديئة: البديهة، والفكر البدىء: البديهى المرتجل، سهل الشاعر الهمزة وأدغم ياءها فى الياء فأصبحت البدى.
(6) ينتمى الممدوح إلى قبيلة صنهاجة التى ينتمى إليها بنو تاشفين زعماء المرابطين.(20/375)
وتعلم أنّه سيف مجلّى
لدفع الخطب أو قرع الكمىّ (1)
وكم من سيّد فيهم، ولكن
أتى الوادى فطّم على القرىّ (2)
أيا ليت الحروب ومن تردّى ... رداء الفضل والخلق الرّضىّ
لقد أصبحت روح العدل حقّا ... وأسود مقلة الملك الحفىّ
سواك يريح من وخد المطىّ
ويقصر عن مدى الأمد القصىّ (3)
وأنت تصادم العلياء لما ... غدت مرقى لكل فتى علىّ
تصادر كلّ معضلة بورد
متى هجمت بصدر السّمهرى (4)
أبا إسحاق يا [ابن] أمير ملك
يقصّر عنه ملك التبعىّ (5)
__________
(1) فى الأصل: ويعلم، وفى القلائد: أنه السيف المحلى جلا عنه الغم كشفه والمراد بالسيف المجلى. السيف المسلول من غمده.
(2) طم: طفا: القرى: مسيل الماء فى الرياض.
(3) فى القلائد: الأمل القصى
(4) فى القلائد: كل معضلة نئود، النئود: الداهية، يقال: نأدت الداهية فلانا: دهته:
الورد. الجرىء، أو الجواد لونه بين الكميت والأشقر، والأسد، يريد أنه يصادر كل معضلة بقلب جرىء أو بقلب أسد.
(5) فى الأصل: يا أمير ملك، والزيادة عن القلائد، التبابعة ملوك اليمن ويضرب المثل بسعة ملكهم وخصبه وقدمه.(20/376)
ليوسف مفخر يروى ويتلى ... كما يتلى الحديث عن النّبىّ (1)
ركبت مناهج التّقوى ففاتت ... أمورك كلّ أمر معتلىّ (2)
وسرت بسيرة العمرين عدلا ... ولم تقعد مضاء عن علىّ (3)
أيا ملك الملوك لدىّ قول ... فوطّىء لى على كنف وطىّ
وحسّن فضل أخلاق كرام ... إذا حيّت فعن مسك ذكىّ
لك الفضل الّذى أوليتنيه ... فأشكره، ولى حقّ الولىّ
فأمرى مظلم بالشّرق حتى ... تبلّجه لدى المولى «علىّ» (4)
وهذا وقت خدمة كلّ أمر ... فسبّب لى إلى السّبب الحظىّ (5)
ومهما دار قول نمّقته ... رجال لا يضاف إلى سرىّ (6)
فلا تسمع لمشاء نميم ... ودع أقوال همّاز غوىّ (7)
دعىّ فى الصفاء، فليس يعطى ... بقدر الحبّ والودّ الخفىّ (8)
__________
(1) يوسف بن تاشفين والد الممدوح ومؤسس دولة المرابطين والملثمين، وبطل من أعظم أبطال المسلمين فى جميع عصور التاريخ.
(2) فى القلائد: ففاقت: أمورك.
(3) العمران: أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وعلى هو على بن أبى طالب كرم الله وجهه.
(4) فى الأصل فأمرى مسلم. وقد آثرنا رواية القلائد: وفى القلائد: وأمرى مظلم بالشرق لدى المولى العلى، والشاعر يقصد أبا الحسن على بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين بالمغرب والأندلس وشقيق الممدوح.
(5) فى القلائد: فسبب بى.
(6) فى القلائد: لا تضاف.
(7) فى القلائد: لمشاء منم والمقصود بالمشاء، الساعى بالنميمة.
(8) فى القلائد: وليس يعطى.(20/377)
وليت قلوبنا شقّت فتدري ... بها فضل الخئون على الوفىّ (1)
ويهنى المجد عزّ نلت فيه ... جزيل الأجر بالسعى الزكى (2)
كلامى قاده ودّى فأهدى ... إليك قصيدة مثل الهدىّ (3)
فخذها كالعروس تفوت طبعا ... أيا ويح الشجىّ من الخلى (4)
وله من قصيدة فيه (5):
بينى وبين النّوى ذحل فإن صدعت
شملى فعندى تفويض وتسليم (6)
وإن تكن نثرت سلكى نوى قذف
فإنّ سلك رجائى فيك منظوم (7)
وله:
نفديك من منزل بالنفس والذات
كم لى بمغفاك من أيّام لذّات
__________
(1) فى القلائد: من الوفى.
(2) فى القلائد: غزو نلت فيه جسيم الاحر.
(3) فى القلائد: الهذى وهو تحريف: الهدى: العروس.
(4) فى الأمثال: ويل للشجى من الخلى وفى القلائد: ويا ويل الشجى من الحلى.
(5) فى القلائد: إنه وجهها إليه فى عيد الفطر سنة 515هـ.
(6) فى الأصل والقلائد: دخل، وهو تحريف الذحل: الثأر.
(7) اكتفى المصنف باختيار هذين البيتين من خلال القصيدة، وقد أورد صاحب.
القلائد منها 27بيتا قبل وبعد هذين البيتين.(20/378)
تجنى بك العيش والأيّام دانية
أعوام فضل قطعناها كساعات (1)
نسقى لديك اغتباقات مسلسلة
والدهر قد نام عنّا باصطباحات (2)
يا قبة الدّهر لا زالت مجدّدة ... تلك المعالم مادامت مقيمات (3)
حفظت من قبّة بيضاء حفّ بها
نهر تفضّض يجرى بين دوحات (4)
عليك منّى ريحان السماء كما
حيّتك مسكة دارين بنفحات (5)
لله يوم ضربنا للمدام به ... رواق لهو بكاسات وجامات (6)
ومنها:
وللحياة ابتسام فى جداولها ... كما تشقّ جيوب فوق لبّات
حدائق أحدقتها للمنى شجر ... خضر وأودية حفت بروضات
__________
(1) فى القلائد: والآمال دانية أعوام وصل
(2) فى الأصل اعتناقات وقد أخذنا برواية القلائد، الاغتباق: شراب المساء، ويقابله الاصطباح شراب الصباح.
(3) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل ياقبة المهر.
(4) آثرنا رواية القلائد: وفى الأصل خفضت.
(5) فى القلائد: ريحان السلام، دارين: قرية بالبحرين ينسب إليها المسك الدارى.
(6) ويلى هذا بيتان بالقلائد هما:
وللبلابل ألحان مرجعة ... تجيبهن غوانينا بأصوات
والرياحين أنفاس معنبرة ... مع الرياح توافينا لأوقات(20/379)
جنات أنس رعى الرحمن بهجتها ... حسبت نفسى منها وسط جنات
منازل لست أهوى غيرها سقيت ... حيا يعمّ وحفّت بالتّحيّات (1)
وله من قصيدة يهنّىء فيها أخاه الوزير أبا الحسن (2) بمولود:
خلصت إليك مع النسيم الأنور ... أمنيّة مثل الصباح المسفر
غرّاء إلا أنّها من خاطرى
بمكان أسود ناظرى من محجرى
أرجت شذا أرجاؤها فكأنّما ... قد ضمخّت بلخالخ من عنبر (3)
أهدت إليك مع النسيم تحية ... فتقت نوافجها بمسك أذفر (4)
فأتت كما زارتك عاطرة اللّمى ... بيضاء صيغت جوهرا فى جوهر
هيفاء رؤد ذات خصر صائم
ومعاطف لدنّ وردف مفطر (5)
هزّت جوانب لمّتى وكأنما ... عجبا بها أنا تبّع فى حمير (6)
يا حسن موقع ذلك الأمل الذى ... تزرى حلاوته بطعم السّكّر
__________
(1) فى الأصل حياء والتصحيح عن القلائد.
(2) فى القلائد: وله بهنىء الوزير المشرف أبا الحسن أخاه بمولود، وكان أكرم من الغمام
(3) اللخالخ: ضروب من الطيب، وفى القلائد: فكأنها قد ضمخت.
(4) فى القلائد: أهدت إلى النوافج: أوعية المسك: الأذفر: أطيب الريح، المذكى:
الساطع.
(5) الرؤد: الشابة الحسنة، الخصر الصائم: النحيل، والمعاطف اللدن: الجوانب الطرية البضة. الردف المفطر: الضخم الثقيل وفى الأصل والقلائد: الرود ولا مبرر لتسهيل الهمزة.
(6) فى القلائد: هزت جوانب همتى وتبع لقب من ألقاب ملوك اليمن، وهو هنا يقصد تبعا الأكبر.(20/380)
نظم السرور كما نظمت لآلئا
بيد الصّبابة فى مقلّد معصر (1)
ورد الكتاب به فرحت كأنّنى ... نشوان راح فى ثياب تبختر
لما فضضت ختامه فتبلّجت
بيض الأمانى من سواد الأسطر
قبلت من فرح به خدّ الثّرى
شكرا ولا حظّ لمن لم يشكر
يا مورد الخير الشّهىّ وحامل ال
أمل القصىّ، وهادى النّبإ السّرى (2)
زدنى من الخير الذى أوردته ... يا برد ذاك، على فؤاد المخبر
صفحا وعفوا للزّمان، فإنّه ... ضحكت أسرّة وجهه المتنمّر
طلع البشير بنجم سعد لاح من ... أفق العلا، وبشبل ليث مخدر
لله درّك، أىّ فرع سيادة ... أعطيته، وقضيب دوحة مفخر
طابت أرومته، وأينع فرعه
والفرع يعرف فيه طيب العنصر
__________
(1) المعصر: الفتاة المناهزة للعشرين قال عمر بن أبى ربيعة:
فكان مجنى دون من كنت أتقى ... ثلاث شخوص: كاعبان ومعصر
(2) فى القلائد: وحادى الأمل.(20/381)
أنت الجدير بكلّ فضل نلته
وحويته، وبكلّ مكرمة حرى
يهنى رحيما أنها قد أنجبت ... برحيم المحمود أسنى مذخر (1)
فامت عيون الدهر عن جنباته ... وحمت مناهله متون الضّمّر
وصفا له ولإخوة يتلونه ... ماء الحياة لديك غير مكدر
فلأنت بدر السّعد وهو هلاله
ولأنت سيف المجد وهو السمهرى (2)
بأبى أبوه!!! أخى كبيرى سيدى
أسدى إلىّ مواهبا لم تصغر (3)
ذاك الذى علقت بعلق نفاسة ... منه المنى، فكأنه لم يشعر (4)
مصباح من هامت به ظلماؤه ... ومنار هدى السائر المتحيّر (5)
بدر، ولكن إن تطلّع كامل
ليث، ولكن عند عزمته جرى
ندب تدلّ على علاه جلالة
كالسيف يدرى فضله فى الجوهر (6)
__________
(1) فى القلائد تهنا رحيما، رحيم لقب أسرة الممدوح المهنأ والشاعر المهنىء، وفى الأصل مدخر والتصويب عن القلائد، المذخر: مصدر ميمى من الذخر.
(2) السمهرى: الرمح المنسوب إلى سمهر، وقد اشتهر بصنع الرماح الصلبة.
(3) فى القلائد: أخى كبيرى والذى
(4) فى القلائد: منه العلا، وكأنه لم يشعر.
(5) فى الأصل: ومنا زهذى البلاد المتخير والتصويب عن القلائد.
(6) فى القلائد: تدل على علاه خلاله.(20/382)
سيف تحلّى بالعلاء رياسة ... وصفت جواهره لطيب المسكسر
لو كانت العلياء شخصا ماثلا ... لرأيته منها مكان المغفر
ومنها:
نحن الرحيميون إن ذكر النّدى
نذكر، وإن ذكر الخنا لم نذكر (1)
إن أخبروك أو اختبرت علاهم
أنساك طول الخبر طيب المخبر (2)
شرف سقاه الفضل وسمى العلا ... فتضوع، أزهار الثناء الأعطر
ساداتنا سادات كلّ معاشر ... إن حصّلوا ولأنت سيّد معشر
فإذا تلاحظت المكارم من فتى
مضر، أشار إليك أهل المحضر
وإذا جروا يوم العكرّ سبقتهم ... وأتوا لقسمة مغنم لم تحضر (3)
ومنها:
هو مفخرى يوم الجدال ومنصلى
يوم النّزال ورايتى فى العسكر (4)
__________
(1) ينسب صاحب المختصر والتيمورية هذا البيت إلى أبى محمد عبد الله الإشبيلى. ويلى هذا البيت فى القلائد:
وكذا رحيم من نمته، فإنه ... حاز السيادة أكبرا عن أكبر
(2) فى القلائد: أنساك فضل الخبر ويليه فى القلائد:
قسموا الثناء مع البرية والسنا ... يوما، ففازوا بالقداح الأيسر
(3) يلى هذا البيت فى القلائد خمسة أبيات أخرى.
(4) ينسب صاحب عود الشباب هذا البيت إلى أبى محمد عبد الله الإشبيلى.(20/383)
من لم يرد علياه لم يرد العلى ... من لم يلذ بحريمه لم ينصر (1)
ومنها:
أنا ذاك شيمتى الوفاء، وإنّنى ... لا بالملول، ولست بالمتغير
وإذا تنكّرت الأحبّة فالرضا
منى الجزاء ولست بالمتنكّر (2)
إنى لأصبر عند كلّ عظيمة ... وإذا ظلمت مجاهرا لم أصبر
مهما تقسنى بالرّجال وجدتهم ... مثل الحصا ووجدتنى كالجوهر
فإليكها مثل العروس زففتها ... سكرى تجر ذيولها بتبختر (3)
ومنها:
فابسط بفضلك عذر وافدة العلى ... وابسط لها وجه الكريم الموسر
واسمح بها لا تفتقدها إنها
مع مفرط الأعجاز قول مقصّر (4)
وعنّى له بشعر يشهد قبول القلوب لحسنه فعمل على وزنه، والشعر الذى غنّى به:
__________
(1) يلى هذا البيت سبعة أبيات أخرى فى القلائد، وفى الأصل: ما لم يرد بحريمه وقد أخذنا برواية القلائد.
(2) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: ولست بالمتكبر.
(3) فى القلائد وإليكها مثل العروس، ويلى هذا البيت ثلاثة أبيات أخرى فى القلائد.
(4) فى القلائد واسمح لها مع مفرط الإعجال ويلى هذا ثلاثة أبيات تنتهى بها القصيدة والقلائد.(20/384)
خليلىّ سيرا واربعا بالمناهل
وردّا تحيات الخليط المزايل (1)
فإن سأل الأحباب عنّى تشوّقا ... فقولا: تركناه رهين البلابل
فقال:
وإن يتناسونى (2) لعذر فذكّرا
بأمرى ولا يدرى بذاك عواذلى (3)
لعل الصّبا نأتى فتحيى بنفحة ... فؤادى من تلقاه من هو قاتلى
فيا ليت أعناق الرّياح تقلّنى ... وتنزلنى ما بين تلك المنازل
وله من قطعة أولها (4):
خصّ يا غيث مربع الأحباب ... وتعاهد بالعهد عهد التّصابى
ولتسلّم على معرّس سلمى
ولتصل بالرّباب دار الرّباب (5)
هى روضات كلّ أنس وطيب ... ومغان سكّانها أصل مآبى
وكساها العلاء ثوب بهاء ... وسقاها جمال ماء الشباب (6)
__________
(1) أخذنا برواية المغرب، وفى الأصل: الخليط المنازل. وفى القلائد المزائل.
(2) وردت الكلمة مضطربة بالأصل وقد أوضحناها عن المغرب والقلائد
(3) فى المغرب: ولا يشعر بذاك عواذلى.
(4) فى القلائد: وله من قطعة ذهب أولها ولم يبق إلا تغزلها، ونحن نعتقد أن الموجود هو أول القصيدة وأن كلمة (ذهب) مقحمة، فإن التغزل هو الباقى بين يدينا.
(5) الرباب: السحاب الأبيض.
(6) فى القلائد: فكساها العلا وسقاها الجمال(20/385)
ثم طارت ألبابنا، فبقينا ... بين أهل الهوى بلا ألباب (1)
فأصيبت بها القلوب فصارت ... لشقائى مآلف الأوصاب (2)
أمرضتنى مرضى صحاح، ولكنّ ... عذابى بين الثّنايا العذاب
أقسم الشوق أن يقسّم قلبى
بين قوم لم يسألوا عن مصابى (3)
فرقة آثرت صدودى وأخرى
أخذت جدّ سيرها فى الذهاب (4)
أىّ وجد أشكو وقد صار قلبى
رهن أيدى الصدد والإغتراب؟
لمعب حظّى من الوفاء متى ما ... لم أمت حسرة على الأحباب
ولئن همت بالجمال، فإنّى ... أبدا عفت موضع الارتياب
ردعتنى عن المقابح نفس ... خلقت من محاسن الآداب (5)
__________
(1) فى الأصل. ثم سارت ألبابنا.
(2) فى القلائد. وأصيبت بها القلوب، وفى الأصل: فألف الأحباب، والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: لم يسألوا عن صحابى.
(4) فى القلائد: حد سيرها.
(5) فى الأصل ودعتنى من التائح نفس وفى القلائد: ودعتنى عن الفابح ولعل الصواب ما أثبتناه، وقد تكون ورعتنى بمعنى كفّتنى.(20/386)
وله:
يا بغيتى قلبى لديك رهينة ... فلتحفظيه، فربّما قد ضاعا
أو قدته وتركته متضرّما ... بأوار حبّك يستطير شعاعا
لا تسلميه، فإنّه نزعت به ... تلك الخلال إلى هواك نزاعا
حاشى لمثلك أن يضيع ضراعتى ... ولمثل حبّى أن يكون مضاعا
إنى لأقنع من وصالك بالمنى ... ومن الحديث بأن يكون سماعا (1)
__________
(1) نسب صاحب عود الشباب هذا البيت إلى أبى محمد عبد الله الإشبيلى.(20/387)
الوزير الكاتب أبو محمد بن القاسم (1)
كان والده صاحب شنتبريه (2)، وصفه بالكرم والنفاسة، والشرف والرئاسة، والتدبير والسياسة، والوقار الذى لا يستخفّه كأس العقار، والمآثر التى آثرتها ألسنة الإيثار بحسن الآثار، وذكر أن للدولة مع فقرها إلى غنائه، وفخرها بمضائه وإنارة فجرها بأضوائه، وفضارة روضها بنواره وأنواره، تخلّت عنه تخلّى الحسناء من حليّها، والعقود عن درّها، والبروج عن دربها، وذكر أنه قد أنس بوحشة انفراده، ولبس حلّة انزوائه عن أنداده، وانقبض عن مخالطة الناس، ورفض مجالسة سائر الأنواع والأجناس، وولّى وجهه شطر مسجد التقوى، ولزم بيته ونفسه، يتقوّت بغذاء العلم ويتقوى، فهذا على ما ذكره
__________
(1) أبو محمد عبد الله بن يمن الدولة محمد بن عبد الله بن قاسم من بنى قاسم أمراء إقليم البنت ويلقب بجناح الدولة، ونظام الدولة من سلالة عبد الملك بن قطن الفهرى الذى ولى إمارة الأندلس بعد موقعة بلاط الشهداء انتزع أبو محمد عبد الله الحكم من ابن أخيه الطفل محمد ابن أحمد بن محمد عبد الله بن قاسم وظل يباشر الحكم منذ سنة 440هـ أكثر من أربعين سنة ولما استشرى أمر المسيحيين بالشمال وعاث السيد فسادا بالأندلس اضطر عبد الله إلى دفع الجزية والخضوع إلى ملك قشتالة إلى أن استولى المرابطون على إمارة البونت سنة 495أو سنة 496أو سنة 500هـ وهاجر هو إلى المغرب فقضى فيها بقية حياته.
(2) وردت الكلمة مبهمة فى الأصل، وقد صححناها بالرجوع إلى كتب جغرافية وتاريخ الأندلس وتسمى بالأسبانية وهى بلدة خصينة تقع فى شمال غربى قونقة وجنوبى شرقى وادى الحجارة على مقربة من منابع نهر الناجة، وهى متصلة بحوز مدينة سالم بالأندلس شرقى قرطبة، وبها حصون كثيرة ويبدو أنها كانت نواة لتأسيس إمارة البونت وهى بالاسبانية، هذا مع ملاحظة أن هناك مدنا أخرى تلتبس أسماؤها باسم مدينة شنتبريه منها شنتيره وشنترين، وشنت مرية الشرق وشنتمرية الغرب وفيها ما يختلط الأمر على بعض الباحثين.(20/388)
صاحب قلائد العقيان قريب الزمان من أهل عصرنا الأعيان، وحكى عنه أنه لما انفصل عن أمير المسلمين اختار لمسكنه «سلا» (1) واعتقد أنه بمجاورة بنى العباس (2) يتسلّى، وكانت ولايتها إلى أبى العباس (3) ولأبى محمد لديه يد أنجته (4) من نكبة تمت له، بدّله فى حال الوحشة بالإيناس، فنسبه فيه إلى قلة الوفاء، وحسبه من كثرة الجفاء، فكتب إليه أبو العباس يعتذر بأنه من أمير المسلمين يحذر:
وا حسرتا لصديق ماله عوض
إن قلت من هو؟ لا يلقاك معترض
ألقاه بالنّفس لا بالجسم من حذر ... لعلّة ما رأيت الحرّ ينقبض
فكتب الوزير أبو محمد بن القاسم إليه فى جوابه:
شدّ الجياد إذا أجريت منقبض
ما للوجيه على الميدان معترض؟ (5)
__________
(1) سلا مدينة بالمغرب على المحيط الأطلسى قرب المهدية.
(2) فى القلائد: بنى القاسم.
(3) أبو العباس بن عشرة قاضى سلا، وكان يخشى أن يغضب عليه أبو الحسن على ابن يوسف بن تاشفين سلطان الملثمين إذا أظهر مودة لأبى محمد بن القاسم.
(4) وردت العبارة مبهمة بالأصل، وقد وضحناها بما يتفق مع السياق.
(5) يريد أنك إذا أجريت خيلك فلن يجرؤ مسابق على شد جياده ولا يستطيع أن يعترض طريقك، وفى المغرب: شر الجياد(20/389)
أنّى يضاهيه فرسان الكلام ومن
غباره فى هواديهن ما نفضوا (1)
جرت على مستوفى فى طبعه كلم
هى المشارب لكن مالها فرض (2)
كأنه منشد نشوان من طرب ... أو بلبل من سقيط الطل ينتفض
تحيّة من أبى العباس زار بها
طيف من العذر فى أثوابه يمض (3)
لا بالجلىّ فتستوفى حقيقته ... وتستبان بعين مالها غمض (4)
لكن أغضّ عليها جفن ذى مقة
كما يسدّ مكان الجوهر العرض (5)
يا من يعزّ علينا أن نعاتبه ... إلا عتاب محب ليس يمتعض
فاشدتك الله والإنصاف مكرمة
أمّا الوفاء بحسن العهد مفترض (6)
__________
(1) الهوادى: الأعناق.
(2) فى القلائد من طبعه كلم.
(3) فى الأصل: لمض، والتصويب عن القلائد ومض بمعنى: لمع وفى القلائد أبنائها يمض.
(4) فى الأصل: لا بالحلى، والتصويب عن القلائد، وفيه: ويستبان بعين
(5) فى القلائد: كما يسد مسد الجوهر
(6) فى القلائد: بحسن الود.(20/390)
عقب المزار لمعنى الرّيب مرتفع
ما للوداد بظهر الغيب ينخفض (1)
أما لكل نبيه فى العلا حيل
تقضى الحقوق بها والمرء منقبض
كن كيف شئت فمن دأبى محافظة ... على الذمام وعهد ليس ينتقض (2)
وهمّة لم تضق ذرعا بحادثة ... إن الكريم على العلّات ينتهض
والحرّ حرّ، وصنع الله منتظر
والذكر يبقى وعمر المرء ينقرض (3)
ومن نثره ما ذكر القيسى فى كتابه أنه كتب إليه فى جوابه فراجعه به من رقعة كتبها إليه مودعا ووصف النجوم:
عذيرى من ساحر بيان ونائر ترجمان ومظاهر إبداع وإحسان، ما كفاه أن اعتام الجواهر اعتياما (4) وجلاها فى أبهج مطالعها نثرا ونظاما حتى حشر الكواكب والأفلاك، وجلبها تحوى (5) كتائب من هنا وهناك. وقدما حمل
__________
(1) فى القلائد: بظهر الغيب منخفض.
(2) فى الأصل: فمن ذالى محافظة والتصويب عن القلائد.
(3) فى المغرب وأمر الله منتظر وعمر المرء منقرض.
(4) اعتام المال: أخذ خياره.
(5) فى القلائد: وجند نحوى.(20/391)
لواء النباهة، وأعجز أذواء (1) البداهة فكيف بمن نكل (2) حتى عن الرّويّة، ورفض الخطابة رفضا غير ذى مثنوية (3)، وليس الغمر كالنزر، رويدك أبا النصر (4) فما سمّيت فتحا لتفتح علينا أبواب المعجزات، ولا (5) ملئت سروا لترتقى عنا (6) إلى الأنجم الزاهرات فتأتى بها قبيلا وتريد منا أن نسومها كما سمتها (7) قدرا وتذليلا، وأنّى لنا أن نساجل احتكاما، أو نباسل إقداما من أقدم حتى على القمرين (8)، ونحكم حتى فى انتقال الفرقدين (9) وقص قوادم النسرين (10) ثم ورد المجرة وقد تسلسلت غدرانها، وتفتح فى حافاتها (11)
أقحوانها، وهناك اعتقد التنجيم، وأحمد المراد الكريم، حتى إذا رفع قبابه،
__________
(1) فى الأصل والقلائد أو داء البداهة، ولعل الصواب ما أثبتناه، وذو بمعنى صاحب جمعها ذوون، وإن كان العرب جمعوا ذو يزن على أذواء بمعنى أصحاب يزن. ولعل الكاتب سار على نهجهم.
(2) فى القلائد بمن يكل.
(3) نسبة إلى مثنى بمعنى مزدوج. يريد بغير رجوع، ولعلها دون ثنيوية نسبة إلى الثنياء وهى كل ما استثنيته من أمر.
(4) أبو نصر الفتح بن خاقان صاحب قلائد العقيان.
(5) فى الأصل: فلا، وقد أخذنا برواية القلائد.
(6) فى القلائد: علينا.
(7) فى القلائد: كما سمت.
(8) الشمس والقمر.
(9) نجمان يهتدى بهما وهما متلازمان قال الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
(10) كوكبان يسمى أولهما النسر الطائر، والثانى النسر الواقع.
(11) فى القلائد: فى جاماتها.(20/392)
ومد ما أحب (1) أطنابه سئم الدهناء (2) وصمّم المضاء، فاقتحم على العذراء (3)
رواقها، ونصم عن الجوزاء نطاقها، وتغلغل فى تلك الأرجاء، واستباح ما شاء أن يستبيحه من نجوم السّماء ثم ما أقنعه أن بهر بإدلاله (4) حتى ذعرها بجياد أقواله. وغمرها باطّراد سلساله، فله ثمّ خيل وسيل (5)، لأجلها شمر عن سوق التوأمين ذيل. وتعلّق برجل السّفينة سهيل (6). هنالك سلّم المسالم وأسلم المعارض والمقاوم، فما الأسد وإن لبس الزّبرة (7)
بلبا، واتخذ الهلال مخلبا (8)، وإنما انتهض تحت صبا أعنته وقبض على شبا أسنته، وما الشجاع (9) وإن هال مقتحما، وفغر عن الدواهى فما (10)، وقد أطرق فما رآه (11)، وما وجد مساغا ناياه (12)، وما الرامى (13) وقد أقعص عن
__________
(1) فى القلائد: كما أحب.
(2) الدهناء: الفلاة.
(3) برج السنبلة أو الجوزاء.
(4) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: أن يمر بإذلاله.
(5) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: وسبيل.
(6) سهيل: نجم يطلع من جهة اليمن تنضج الفواكه عند طلوعه.
(7) الزبرة: الشعر المجتمع بين كتفى الأسد، وهى أيضا كوكبان نيران بكاهلى الأسد ينزلهما القمر. وفى العبارة توربة، اليلب: الدروع من الجلود، وفى القلائد: الربرة.
(8) هنا إيجاز بالحذف وهو حذف خبر ما، وقد تكرر الحذف فى الجمل التالية، والتقدير بمستطيع أن يثبت أمامه.
(9) لعله يقصد التنين «» وهو كوكبة من كواكب السماء.
(10) هنا إيجاز حذف كما ذكرنا، وفى القلائد: وففر عن الوداهى.
(11) فى القلائد: مما رآه.
(12) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: مساغا يأباه والكاتب ينظر إلى قول الشاعر فأطرق إطراق الشجاع، ولو رأى ... مساغا لنابيه الشجاع لصمما
(13) لعلها: وما الراعى، يقصد أحد الكواكب.(20/393)
مرامه (1)، ووجئت لبّته بسهامه (2)، أو السماك (3) وقد قطّر دفينا (4) وغودر بذابله طعينا (5) وما الفوارس (6) وقد جلّلت سريّتها عجاجه، ومسحت حليتها زجاجه (7) ولذلك قطّب (8) زحل، واضطرب المريخ (9) فى نار وجده يشتعل، ووجل المشترى (10) وامتقع (11) لونه وضياؤه، وشعشع بالصّفرة بياضه ولألاؤه وتاهت الزّهرة (12) بين كمال الجمال، ودلّ الاستبسال (13)
فلذلك ما تتقدّم آوئة ونتأخّر، وتغيب تارة ثم تظهر (14)، وأما عطارد فلاذ
__________
(1) قعصه وأقعصه: قتله فى مكانه.
(2) وجأه: ضربه أو رض عظامه وللبة: أعلى الصدر، وفى الأصل وجبت لبته.
والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل الشمال والتصحيح عن القلائد السماك أحد نجوم السماء، والمقصود هنا السماك الرامح.
(4) قطر عن فرسه أو عن مكانه هوى منه.
(5) الذابل: الرمح.
(6) لعله بعض ما يسميه علماء الفلك بالنجوم العمالقة أو ممسك الأعنة.
(7) الزجاج: جمع ازج وهى الحديدة فى أسفل الرمح، وهنا إيجاز حذف كما فى الجمل السابقة.
(8) اثرنا رواية القلائد وفى الأصل: ولذلك ما ترطب زحل. زحل: أحد كواكب المجموعة الشمسية.
(9) المريخ أحد كواكب المجموعة الشمسية وهو قريب من الأرض من غير جهة الشمس.
(10) المشترى أحد كواكب المجموعة الشمسية.
(11) فى القلائد: وانتقع.
(12) فى القلائد وتاهت الزهرة. الزهرة أحد كواكب الشمس مجاورة للأرض من جهة الشمس واسمها العلمى.
(13) فى القلائد: وذل الاستبسال.
(14) فى القلائد: فلذلك ما تتقدم تارة وتتاخر وتغيب آونة ثم تظهر. وفى الأصل فلذلك ما سدم آونة والتصويب عن القلائد.(20/394)
بكناسه (1) ورد بضاعته فى أكياسه وتحجبت الشمس بالغمام، واعتصم بمغربه (2)
قمر التمام، هذه حال النجوم معك فكيف بمن يتعاطى أن يشرع (3) فى قول مشرعك، أو يطّلع من ثنيّة (4) فضل مطلعك.
ومنها فى وداعه: فخذ السّانح من عفوى، وتجاوز لمقتى (5) وصفوى، ثم متّعنى بفكرى فقد رجع قليلا (6)، ودع لى ذهنى عسى أن يتودّع قليلا، وإنى وقد أظله (7) من بينك الشّغل الشّاغل، وودعه (8) من قربك الظلّ الزائل ولا أنس بعدك إلّا فى تخيّل معاهدك (9)، وتذكّر مصادرك النبيلة (10)
ومواردك، فسر فى أمن السلامة محافظا، وتوجه فى ضمن الكرامة مشاهدا بالأوهام ملاحظا، رعاك الله فى حلّك ومرتحلك، وقدمت على السنى من متمنّاك، والمرضىّ من أمّلك، بمنّ الله وفضله (11).
وكتب إليهما الفقيه الحافظ أبو الفضل بن عياض (12) فى ذلك: قد
__________
(1) عطارد «» أقرب كوكب المجموعة الشمسية إليها، كناس الظبى: مأواه.
(2) فى الأصل: بمعربه والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل: أن يسرع وقد أخذنا برواية القلائد.
(4) فى القلائد: فى ثنية.
(5) فى القلائد: وتجاوز عن مقتى.
(6) فى الأصل قليلا، والتصويب عن القلائد أى مغلولا.
(7) فى القلائد: أضله.
(8) فى الأصل وردعه، وقد أخذنا برواية القلائد.
(9) فى القلائد: لا فى تخيل معاهدك.
(10) فى القلائد: مصادر النبيلة.
(11) للرسالة بقية بالقلائد.
(12) سبقت الإشارة إليه.(20/395)
وقفت أعزّكما الله على بدائعكما الغريبة، وتنازعكما [البعيدة] (1) القريبة، ورأيت ترقّيكما من الزّهر إلى الزّهر (2)، وتنقّلكما من الدرارى بعد الدرّ، فأبحتما حمى النّجوم، وقذفتماها من ثواقب أفهامكما لرجوم وتركتماها بعد الطلاقة ذات وجوم فحللتما (3) بسيطها غارة شعواء. لها عوت أكلب العواء (4)
هناك افترست الفوارس (5) ولم يعن السماك الداعس (6)، وغودرت النّثرة (7)
نثارا، وأغشى لألاءها نقعا مثارا، كأنّ لكما عندها ثارا (8)، وأشعرت الشّعريان (9) ذعرا، وقطعت [له] (10) إحداهما أواصر الأخرى، فأخذت بالحزم منها العبور، وبدرت خيلكما (11) وسيلكما بالعبور، وحذرت اللحاق عن أن تعوق، عن منحى العيّوق (12) فخلفت أختها (13) تندب الوفاء، وتجهد
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) الزهر: النجوم المضيئة.
(3) لعلها: فجللتها.
(4) الكلب الأصغر «» كوكبة أو الكلب الأكبر كل منهما كوكب.
(5) لعلها النجوم العمالقة.
(6) السماك الرامح، وقد سبقت الإشارة إليه.
(7) كوكبان بينهما قدر شبر ولهما لطخ بياض كأنها قطعة سحاب. ولعلها النجم العنقودى.
(8) فى القلائد: قبلها ثارا.
(9) الشعرى العبور والشعرى الغميصاء نجمان قريبان من نجم سهيل والاسم العلمى لكل منهما الشعرى العبور أو اليمانية، والشعرى الغميصاء أو الشامية.
(10) زيادة من القلائد.
(11) فى الأصل حليكما، والتصويب عن القلائد.
(12) العيوق نجم أحمر مضىء فى طرق المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.
(13) الشعرى الغميصاء.(20/396)
جهدها فى الاختفاء، وكأن الثريا (1) حين ثرتم بقطينها (2) اتّقتكم بيمينها فحذذتم بنانها، وبذلتم للخضيب (3) أمانها، فعندها استهلّ سهيل (4) للفرار، فأبعد بيمينه القرار، وولّى الدّبران (5) إثره مدبرا، وذكر البعاد فوقف متحيرا، وعادت العوائد [بعراقها] (6) وشامها، وألقت الجوزاء الأمان بنطاقها ونظامها، فمهلا أعزّكما الله سكنى الدهماء فقد ذعرتما حتى نجوم السماء فغادرتماها بين برق وفرق وغرق أو حرق، فزحزحا (7) فى مجدكما قليلا واجعلا بعد كما للناس إلى البيان سبيلا، فقد أخذتما بآفاق المعالى والبدائع، لكما قمراها والنجوم الطوالع.
فكتب أبو محمد بن القاسم إليه مراجعا عنها: لمثل (8) نباهتك سارت الأخبار، وفيك وفى بداهتك اعتبار، لقد نلت فيها كل طائل، وقلت فلم تترك مقالا لقائل وعززت بثالث هو الجميع، وبرّزت فأين من شأوك الصاحب
__________
(1) الثريا مجموعة نجوم متقاربة معروفة فى وضع يشبه راحة اليد.
(2) القطين: المقيم فى مكان، والمراد هنا بجيرانها.
(3) فى القلائد: للخصيب وهو تحريف، الكف الخضيب: نجم ولعله ما يطلق عليه علماء الفلك الأذرع اللولبية.
(4) سهيل نجم تنضج الفواكه عند طلوعه وينتهى القيظ وفى القلائد استسهل سهيل.
(5) الدبران نجم يقول العرب إنه منزل للقمر.
(6) زيادة بالأصل لم ترد بالقلائد، الجوزاء: مجموعة من النجوم معروفة. الدهماء:
السوداء.
(7) فى القلائد: فتزحزحا.
(8) فى القلائد: بمثل نباهتك.(20/397)
والبديع (1)، جلاء بيان (2)، فى خفاء معان، هذا أثبت للسهى جلالا، وأسار فيه لذى النّهى أمثالا وذاك رفع للأقمار لواء، وألقى على شمس النهار بهجة وضياء، أقسم بسبقك (3)، ومقدّم حقّك ائن أفحمت (4) بما نطقت، لقد أفهمت عن أى صبوح رقّقت (5) ومهما أبهمت تفسيرا، فدونك منه شيئا يسيرا لما اعتمدنا نحن ذلك المظهر، فما أبعدنا هنالك الأثر بل اقتصدنا فى الإصعاد، وقدنا من تلك النّيرات كلّ سلس القياد حتى إذا اشمأزّ طلقها (6) نفر أبلقها (7) وصبّحنا مواردها، فافتتحنا ماردها (8)، وثنينا عنان الكريمة (9) وارتضينا إيابا ببعض الغنيمة (10) هببت أنت هبوب زيد
__________
(1) الصاحب بن عباد: أبو القاسم اسماعيل كافى الكفاة. كان وزيرا وكاتبا لمؤيد الدولة بن بويه ثم لأخيه فخر الدولة وله فى ملكهما اليد المطلقة والأمر النافذ، مات سنة 385هـ كان من أبدع الكتاب وأبلغ الأدباء. وكان مجلسه حافلا بالأدباء والعلماء يطارحهم الآداب ويساجلهم الشعر ويغمرهم بأياديه البيضاء، وله مجموعة رسائل طبعت أخيرا والبديع هو بديع الزمان أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذانى الكاتب المترسل والشاعر المبدع، أول من أنشأ فن المقامات، ودبج الرسائل البارعة والقصائد الممتعة توفى سنة 398هـ.
(2) فى الأصل: خلاء بيان والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل: بشفعك، والسجع يقتضى ما أثبتناه.
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: أفهمت.
(5) فى القلائد: رفقت.
(6) الطلق: كلب الصيد والمقصود هنا كواكب الصيد:.
(7) الأبلق: حصن للسموأل بن عادياء يضرب بمنعته الأمثال.
(8) مارد: حصن بدومة الجندل، والأبلق: حصن بتيماء يضرب بهما المثل فى المنعة يقال: إن الزباء قصدتهما فعجزت: فقالت تمرد مارد وعز الأبلق.
(9) الكريمة: كل جارحة شريفة فى الإنسان كالعين واليد والأنف والأذن.
(10) يشير إلى قول الشاعر.
لقد طوفت فى الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب(20/398)
الفوارس (1) وقرّبت تقريب الألدّ المداعس (2) يومض فى رجوم، ويمتعض للنجوم (3)، فاستخرجتها من أيدينا وأزعجتها عن نواحينا، ثم صيّرت إليك شملها، وكنت أحق بها وأهلها، ومن هناك، وصلت سراك (4)، فصبّحت [الفيالق] (5)، وفتحت المغالق وتسنّمت تلك الحصون وأقسمت لتخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون (6)، فأذعن لشروطك الشّرطان (7) وازدحمت بالبطين (8) حلقتا البطان (9)، وثار بالثريا ثبور، وعصفت بالدّبران (10)
دبور (11)، وهكذا استعرضت المنازل، فاستهضم (12) جميعها الخطب النازل، ثم تيامنت نحو الجنوب فواها للمعاصم والجنوب.
لم يبق غير طريد غير منفلت ... وموثّق فى حبال القد مسلوب (13)
__________
(1) زيد بن حصين بن ضرار الضبى فارس شاعر جاهلى، أورد أبو تمام نتفا من شعره فى الحماسة.
(2) التقريب: ضرب من العدو، أو أن يرفع الجواد يديه معا ويضعهما معا، الألد:
الخصم الشديد، المداعس المطاعن بالرمح وفى القلائد: الأسد المداعس
(3) فى القلائد: تومض فى وجوم
(4) آثرنا رواية القلائد لاتساق السجع، وفى الأصل: ومن هنالك أوصلت سراك.
(5) زيادة من القلائد.
(6) مقتبس من الآية الكريمة {«ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لََا قِبَلَ لَهُمْ بِهََا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهََا أَذِلَّةً وَهُمْ صََاغِرُونَ»} الآية 37من سورة النمل.
(7) الشرطان: نجمان من نجوم الحمل وهما قرنان.
(8) البطين: منزل للقمر من ثلاثة كواكب صغار كأنها الأتافى.
(9) البطان (بكسر الباء): حزام القتب، يقال: أبطن البعير إذا شد حزامه
والبطان: (بفتح الباء) عنز السوء، ولعله يقصد بها ما يسميه الفلكيون نجم العنز.
(10) سبقت الإشارة إليه.
(11) الدبور: (بضم الدال) الزنابير، والدبور (بفتح الدال): ريح غريبة تقابل الصبا.
(12) فى القلائد: فاستهظم.
(13) القد: السير من الجلد غير مدبوغ والبيت للنابغة الذبيانى.(20/399)
استخرجت السفينة (1) من لججها وجالت الناقة (2) بهودجها. وغودرت العقرب (3) بخفق فؤادها. وذعرت النعائم (4) فخاب (5) إصدارها وإيرادها، ولما تصفّحت تلك الآفاق (6) وأنخت فيها وشددت الوثاق (7)، عطفت الشّمال (8). واتّبعت أسباب الشّمال (9)، فلا مطلع إلا ألقى إليك اليمين، واستدارت الفكّة فسميت قصعة المساكين (10) وانتهيت إلى القطب (11)
فكان عليه المدار، وتبدّأته فقيه عن جلالتك (12) افتخار، ثم أزحت صعادك وأرحت ممسك الأعنة (13) جيادك، ونعمت بدار منك
__________
(1) لعله يقصد ما يسميه الفلكيون ويقول فلكيو العرب أنها خمسة وأربعون كوكبا تشبه السفينة.
(2) الناقة مجموعة من النجوم مصطفة على هيئة ناقة. ولعلها ما يسميه الفلكيون.
حشد الفلاس المجرى ويقول فلكيو العرب أنها تتكون من ثمانية كواكب.
(3) كوكبة العقرب.
(4) النعائم: منزل من منازل القمر.
(5) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: فخاب.
(6) فى القلائد: ولما مسحت تلك الآفاق.
(7) فى القلائد: فأمحنت فيها وشددت الوثاق.
(8) الشّمال: الناقة السريعة.
(9) الشمال: الريح التى تهب من ناحية القطب أو من مطلع النعش إلى مسقط النسر الطائر.
(10) الفكة: كواكب مستديرة خلف السماك الرامح ويسميها الصبيان قصعة المساكين.
(11) القطب: النجم الثابت فى الأفق الشمالى أو الجنوبى.
(12) فى القلائد من جلالتك.
(13) ممسك الأعنة: ما يسميه علماء الفلك فى الأصل محلا لك والتصويب عن القلائد.(20/400)
محلال (1) ثم ما نمت عن ذى إكبار لك وإجلال، تتيّمه بسحر الكلام، وتجشمه أن يستقل استقلالك بالأعلام وإذ لا يتعاطى مضمارك، ولا يشقّ غبارك، فدونك ما قبلى من بضاعة مزجاة، وإليك منى معطى طاعة وطالب نجاة إن شاء الله عز وجل.
وله من رسالة: أبابل (2) فى ضمن أقلامك، وما أنزل على الملكين (3)
فى وزن كلامك، لسان لا غطاء دونه وما أحقه بأن يكونه.
__________
(1) محلال: يحلها القاصدون كثيرا، قال امرؤ القيس:
ونحسب سلمى لا تزال ترى ظلا ... من الوحش أو بيضا بميثاء محلال
(2) بابل: مدينة قديمة مشهورة بالخمر والسحر.
(3) يشير إلى ما أنزل على الملكين ببابل: هاروت وماروت وقد أشار إليهما القرآن الكريم حيث أوجز قصتهما فى سورة البقرة الآية 102.(20/401)
الوزير أبو عامر بن أرقم (1)
وصفه بالارتواء من ورد لآداب النمير، والاحتواء على كنز الفضل الغزير، والاستواء على سرير الملك فى البراعة، والاستيلاء على إبداع الصنائع بسرّ الصناعة، والانتشاء من سلاف سلفه، فى فضله وشرفه فقد كان أبوه الوزير الكاتب أبو الأصبع (2) مبرّزا فى الكتابة على مباريه، سابقا لمجاريه، فنشأ أبو عامر عامرا بجدايته مربوبا فى حجر حجره (3)، مهادى فى مهاد الإحسان من سحر البيان ونحره (4)، ومن شعره الذى أورده ما يشعر بفضله، ويعرف بفرده فى مدح الأمير عبد الله بن مزدلى (5):
سريت والليل من مسراك فى وهل ... مبرّأ العزم من أين ومن كسل
وسرت فى جحفل يهدى فوارسه
سناك تحت الدجى والعارض الهطل
__________
(1) من خطاب كتبه إلى الوزير الكاتب أبى بكر بن عبد العزيز.
(2) فى الأصل لإعطاء وقد آثرنا رواية القلائد نشأ فى كنف ابن أبى الأصبع عبد العزيز بن أرقم وزير المعتصم بن صمادح، وبرع فى صناعتى النظم والنثر وقد أورد له صاحب القلائد نتفا من الشعر والنثر تشهد بإبداعه.
(3) حجره: عقله: قال تعالى: {«هَلْ فِي ذََلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ»} سورة الفجر الآية الخامسة.
(4) السحر «بفتح السين» وضمها: الرئة، يقال بين سحره ونحره أى بين فقرة أسفل العنق وفقرة أسفل الصدر.
(5) من أمراء الملئمين استرد بلنسية من المسيحيين مع أبيه «أبى محمد» وأخيه «عبد الواحد» وذلك سنة 495هـ.(20/402)
والبدر محتجب لم تدر أنجمه
أغاب عن سرر أم غاب عن خجل (1)
هوت أعاديك من سار يؤرّقه
ركض الجواد وحمل اللأمة الفضل (2)
إذ الملوك نيام فى مضاجعهم
يستحسنون بهاء الحلى والحلل (3)
لله صومك برّا يوم فطرهم ... وما توخيّت من وجه ومن عمل
نحرت فيه الكماة الصّيد محتسبا ... وحسب غيرك نحر الشاء والإبل
إذا صرير المدارى هزّهم طربا
ألهاك عنه صرير البيض والأسل (4)
وإن ثنتهم عن الإقدام عاذلة
مضيت قدما ولم تأذن إلى العذل
كم ضم ذا العيد من لاه به غزل
وأنت تنشد أهل اللهو والغزل (5)
فى الخيل والخافقات البيض لى شغل
ليس الصبابة والصهباء من شغلى
__________
(1) السرر: آخر ليلة من ليالى الشهر.
(2) رجل فضل وامرأة فضل: متفضل فى ثوب واحد، واللأمة: الدرع.
(3) فى القلائد مستحسنون.
(4) المدارى: الأمشاط التى تسرح بها المرأة شعرها. البيض والأصل: السيوف والرماح.
(5) يريد بأهل اللهو والغزل الملوك المترفين المنعمين الذين يحرص الممدوح على سلب ملكهم.(20/403)
ظللت يومك لم تنقع به ظمأ ... وظلّ رمحك فى علّ وفى نهل
وكلما رامت الروم الفرار أتت
من كلّ صوب وضمّتها يد الأجل (1)
فصار مقبلهم نهبا ومدبرهم ... وعاد غانمهم من جملة النّفل
وكم فككت عن الأعلال من عنق
وكم سددت بهذا الفتح من خلل (2)
أنت الأمير الذى للمجد همّته ... وللمسالك يحميها وللدّول
وللمواهب أو للحظ أنمله
[ما] (3) لم تحنّ إلى الخطّيّة الذّبل (4)
ومنها:
الجابرين صدوع المعتفى كرما
والكاسرين الظبى فى هامة البطل (5)
والعادلين عن الدنيا ونضرتها
والسالكين على الأهدى من السّبل (6)
__________
(1) فى القلائد من كل أوب.
(2) فى القلائد: فكم فككت من الأغلال عن عنق.
(3) زيادة من القلائد.
(4) الخطية الذبل: الرماح اللدنه، ويلى هذا البيت فى القلائد:
لمزدلى لواء كان يرفعه ... مناسب كالضحى والشمس فى الحمل
(5) فى القلائد: المعتفى لهم.
(6) فى القلائد: والعاذلين عن الدنيا.(20/404)
ومن نثره ما كتب فى حق رجل حرفته استجداء الأعيان، واستعداء معروفهم على نوب الزمان (1) يعرف بالزّريزير، ويصف الزّرزور (2): يا سيدى الأعلى وعلقى الأعلى (3) وسراجى الأجلى (4)، ومن أبقاه الله والأمكنة بمساعيه فسيحة، والألسنة بمعاليه فصيحة، موصّله وصل الله حبلك حيوان (5)، يصفّر (6) كل أوان ويقرّ بين الإخوان، رقيق الحاشية، أنيق الشّاسية (7)، يعتمد على كرواء ويسمع بحدواء (8) وينظر من عين، كأنها عين (9)، ويلقط بمنقار، كأنه من قار (10)، أطبق على لسان كأنه إغريضه (11) فى جوف
__________
(1) لهج الكتاب بوصف أصحاب الكدية من الأدباء، وقد سن لهم هذا النهج بديع الزمان فى مقاماته ونسح على منواله معظم كتاب المقامات:
(2) الزرزور: والزرزور «بضم الزاى وفتحها» طائر من فصيلة العصافير من فضيلة تشتمل على أكثر من خمسين جنسا ذات مناقير مستقيمة أو مقوسة قليلا، وأجنحتها طويلة وأذنابها قصيرة قوية الطيران نشيطة لا تكن أبدا تتغذى بالحشرات والديدان وبعض الثمار والزريزير تصغير الزرزور.
(3) العلق: النفيس.
(4) فى القلائد: وشهابى الأجلى.
(5) فى القلائد: وصل الله حذلك.
(6) فى الأصل: يصغر، والتصويب عن القلائد، والمعروف أن الزرزور كثير الصفير:
(7) فى الأصل: الساشية وفى القلائد الشاشية، ولعل الصواب ما أثبتناه، الشاسية النظرة المتعالية من الشوس وهو النظر بمؤخرة العين تيها وكبرا، وهو هنا يعنى أنه رفيق النظر.
(8) فى الأصل: يعتمد على كروا، ويسجع بجدوى، وفى القلائد: يعتمد على كدواء ويستمع بجدواء ولعل الصواب ما أثبتناه، ساق كرواء: دقيقة الحدواء: ريح الشمال، يريد أن يقول: إنه يعتمد على ساق رقيقة ويسمع بآذان الرياح.
(9) عين ماء.
(10) القار: القطران.
(11) فى القلائد: على لسانه تخاله إغريضه، والإغريض: الطلع.(20/405)
إحريضه (1). يسلّى المحزون، بالمقطّع والموزون، وينفّس عن المكظوم، بالمنثور والمنظوم، مسكىّ الطّيلسان، تولّد بين الطائر والإنسان، كما سمعت بسمع (2) الفلاة، وعمرو بن السّعلاة (3)، قطع من منابت الربيع، إلى منازل الصقيع، ومن مطالع الزيتون، إلى مواقع السحاب الهتون، فصادف من الجليد، ما يذهب [قوى] (4) الجليد، ومن البرد، ما لا يدفعه ريش ولا برد (5)، والحدائق قد غمضت أحداقها، وانحسرت أوراقها والبطاح قد قيدت النّور (6)، بحبائل الكافور وأوقعت الصّرد (7) فى شرك الصّرد (8) فمنى البائس (9) بما لم يعهده، كما وسم بالزّرزور ولم يشهده، ولما قال رأيه (10) وأخفق أو كاد
__________
(1) الإحريضة: قطعة من العصفر.
(2) السمع «بكسر السين» حيوان خرافى يقولون إنه يتولد بين الذئب والضبع ويزعمون أنه لا يموت حتف أنفه كالحية وهو فى عدوه أسرع من الطير والسمع «ككر» الشول الفلاة: الصحراء.
(3) عمرو بن يربوع: يزعم العرب أنه متولد من السعلاة والإنسان والسعلاة هى أخبث الغيلان وأنشد أبو عمرو:
يا قبح الله بنى السعلاة عمرو بن يربوع شرار النات ليسوا أعفاء ولا أكيات وقد قلب السين تاء وهى لغة بعض العرب ويزعم العرب أيضا أن جرهما من نتاج الملائكة وبنات آدم وكذلك ملكة سبأ. وكذلك الاسكندر ذو القرنين: ولعل الأساطير الإغريقية القديمة فى تزاوج الآلهة مع البشر صلة بهذه الأساطير العربية.
(4) زيادة من القلائد.
(5) البرد: ثوب مخطط الريش: اللباس الفاخر.
(6) فى القلائد: الفور.
(7) الصّرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير.
(8) الصّرد: الجيش العظيم وفى القلائد: فى شباك.
(9) فى الأصل: فمن البائس، والتصويب من القلائد.
(10) فى الأصل: قال رأيه، والتصويب عن القلائد، قال رأيه: خاب وأخطأ.(20/406)
سعيه، التفت إلى عطفة أشمط، وإلى اديمة أرقط (1) صاح، سوّى الجناح، وقد نكر مزاجه (2) ونسى ألحانه وأهزاجه، ولا شك أنه واقع بفنائك، راشف من إنائك آمل حسن غنائك وإغنائك (3)، وأنت بارق ذلك العارض، ورائد ذلك الأنف البارض (4) تهيىء له جنى (5)، يجزيك عنه ثناء جميلا وحبا (6) وقد يحفظ يا سيدى (7) رسائل [جعلت له وسائل] (8) فسام بها أهل الآداب، بسوء العذاب (9)، ودعا البطىء [منهم] (10) إلى الإهذاب (11).
__________
(1) فى الأصل إلى عطفه أشمط وإلى أديمه أرقط، العطفة: نبت يتلوى على الشجر لاروق له والمقصود هنا الشعر الأشمط الذى اختلط بياضه بسواده، الأديم: الجلد ومثله الأديمة، الأرقط السواد المشوب بنقط بيضاء أو العكس.
(2) نكره وأنكره بمعنى.
(3) الغناء: النفع والإغناء: الإثراء، أغناه عن الناس: منحه ما يستغنى به عنهم وفى القلائد: حسن غنائك واعتنائك.
(4) الأنف: الثنية، البارس: أول ما يخرج من النبات.
(5) فى الأصل: تهنىء له جنا، وفى القلائد تهيىء له حبا.
(6) فى القلائد: رحبا. الحبا: مقصور الحباء وهو المحاباة.
(7) فى القلائد: وقد تحفظ يا سيدى.
(8) زيادة بالأصل ساقطة عن القلائد.
(9) فى القلائد: وقد تحفظ يا سيدى رسائل تسام بها أهل الآداب سوء العذاب.
(10) زيادة من القلائد.
(11) الإهذاب: الإسراع، وفى الأصل الأهداب، والتصحيح عن القلائد.(20/407)
وابن اللبون إذا ما لزّ فى قرن
لم يستطع صولة البزل القناعيس (1)
وإذا ألقى كتابى إليك يفسّر هذه الجملة عليك، لا زلت منافسا للعلوم (2)
آسيا للأحوال والكلوم [إن شاء الله عز وجلّ وهو المستعان والسلام عليك ورحمة الله] (3).
__________
(1) البيت من شعر جرير ابن اللبون ولد الناقة فى نهاية العام الثانى أو أول الثالث من عمره لز: شد القرن: حبل يجمع البعيرين، والبعير المقرون بآخر، البزل: جمع بازل.
وهو البعير إذا بلغ السنة التاسعة من عمره. القناعيس: جمع قنعاس وهو العظيم من الإبل، والرجل الشديد المنيع.
(2) فى القلائد: فى العلوم.
(3) زيادة من القلائد ونلاحظ أن الكاتب متأثر بما كتبة أبو إسحق الصابى إلى أبى الفرج الببغاء كما نلاحظ أن أبا الحسن بن سراج كتب رسالة مثل هذه فى الشفاعة المزريزير وأجابه عن رساله بمثلها أبو القاسم بن الجد «راجع القسم الثانى المخطوط من الذخيرة ص 220217».(20/408)
الوزير أبو محمد بن سفيان (1)
قرظه (2) صاحب القلائد بالرتبة العالية، والحالة الحالية، والجدّ الصاعد، والهمة الواطئة بأخمصها هام الفراقد، والرأى المتوصّل به إلى إنالة المقاصد، وإلانة الشدائد، واليراع المستخدم به بيض الصفائح. لسود الصحائف (3)، والبلاغة الموضحة غرر الكلم الفصائح، فى جباه المعارف، وقيامه فى دولة آل ذى النون، قيام الأمين المأمون، حتى أنقت نضارة أيامها، وأغدقت غزارة إنعامها، ورجيت بوارقها، وأمنت بوائقها، ووصفه بالأدب العذب الجنا، الرحب الجناب، السامى الربا، الهامى الرباب، والكلمات الآخذة بمجامع القلوب، الوالجة فى مسامع القبول، وأثبت من عقوده ما يثبت شهادة العقول، يشهدها المعسول فمن ذلك من أبيات كتبها إلى ذى النون.
خطت بسبقى فى الزمان براعة ... سبقت إلى كفى وصلّى المنصل (4)
أغشى العوالى والمعالى باسما
وأقوم فى الخطب البهيم فأفصل (5)
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة، وكل ما نعلمه عنه أنه كان مختصا بيحيى بن ذى النون.
(2) فى الأصل: قرضه ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل لسود الصفائح ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى القلائد: خطبت بسيفى. وفى الأصل خطب، ولعل الصواب ما أثبتناه. فى القلائد: سجدت إلى كفى، صلى: أتى تاليا للسابق فالسابق هو المجلى والتالى هو المصلى، ويلى هذا البيت.
أولست من وطىء السماء تأودا ... وسما فقد سفل السماك الأعزل
(5) فى الأصل: فأفضل وقد أخذنا برواية القلائد.(20/409)
ومتى أعد ليلا نهار صحيفة ... وضحت كواكبه عليه تهلّل (1)
وإذا أجلت جياد فكرى فى مدى ... سبقت فكبّر حاسدون، وهلّلوا
رمدت عيون الحاسدين، أما ترى ... قمر العلا والمجد ليلة يكمل؟
ما الذنب عندهم ودونك فاختبر ... إلا هوى بالمكرمات مؤكّل (2)
همم إلى صرف العلى مصروفة
وحجى أقام وقد تزحزح يذبل (3)
ولئن يضع فضلى ويذهب نقصهم
صعدا، فأرحج كفة من يسفل
فلأغشين الحادثات بصارم ... خدم غراراه حريق مشعل (4)
وبصيرة تذر الخطوب لوائحا ... فكأنها فى كفهن سجنجل (5)
ومشرف كالنار إن يذهب به
حضر، وإن يسكن فماء سلسل (6)
__________
(1) فى الأصل: ومتى أغذ وصحت والتصحيح عن القلائد.
(2) فى القلائد: ودونك فاخبرن.
(3) فى الأصل ترحرح يذبل والتصويب عن القلائد، يذبل، جبل مشهور بنجد يقال إنه لباهلة ويلى هذا البيت فى القلائد:
وبلاغة بلغت بآفاق لدنى ... وغدت تحية من يقوم ويرحل
(4) الخدم: المرهف الحسر، الغرار: الحد وفى القلائد حدم، والتصويب عن القلائد.
(5) فى القلائد: نذر العقول فكأنها فى كشفهن، السجنجل: المرآة.
(6) فى الأصل حصر. والتصويب عن القلائد. وفى القلائد: ومشرب كالنار، والبيت فى وصف جواد ينعته بالشرف وبأنه عال يقال: شرف الربوة وأشرفها إذا علاها، الحضر:
ارتفاع الفرس فى عدوه.(20/410)
نهد إذا استنهضته لملمّة ... أعطاك عفوا عدوه ما تسأل (1)
قيد الأوابد والنواظر إن بدا ... قلت: الجواد أو الحبيب المقبل (2)
ومفاضة زعف كأن قميصها ... ماء الغدير جرت عليه الشّمأل (3)
ترد العوالى منه شرعة حتفها ... وتعبّ فيه مناصل فتفلّل
وعزائم بيض الوجوه كأنها ... سرج توقّد أو زمان يقبل (4)
شيم عمرن ربوع مجد قد خلت
فأضاء معتكر وأخصب ممحل
وله:
يا ضرة الشمس قلبى منك فى وهج
لو كان بالنار لم تسكن ذرى حجر
أبيت أسهد لا أغفى فإن سنحت
إغفاءة فكمثل اللّمح فى البصر (5)
إذا رأيت الدجى تعلو غواربها ... والنجم فى قيده حيران لم يسر
أقول ما بال بازى الصبح ليس له ... وقع، وما لغراب اللّيل لم يطر
__________
(1) فى الأصل يهدأ إذا استنهضته عفوا عذره والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: أم الحبيب.
(3) يصف درعا، المفاضة: الدرع الواسعة، زغف: لينة واسعة محكمة.
(4) فى القلائد: زمان مقبل.
(5) فى القلائد: بالبصر.(20/411)
فإن سمحت بوصل أو بخلت به
شكوت ليلى من طول ومن قصر (1)
لا أفقد النجم أرعاه وأرقبه
فى الوصل منك وفى الهجران من قمر
وله فى الغزل أيضا:
نفسى فداك وعدتنى بزيارة ... فظللت أرقبها إلى الإمساء
حتى رأيت نسيم وجهك طالعا ... لم تنتقصه غضاضة استحياء (2)
فعلمت أنّك قد حجبت وأنّه ... لو راء وجهك ما سرى بسماء (3)
وله يعرض بأحد الملوك ويخاطب أبا أمية إبراهيم بن عصام (4):
ابرز بقاضى القضاة إنّ له ... حقّا على كل مسلم يجب (5)
وقل له إن ما سمعت به ... عن سرّ من راء كلّه كذب (6)
قد غرّنى مثل ما غررت به ... فجئته يستحثّنى الطّرب
__________
(1) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: فإن سمحت بليلى.
(2) يشير إلى القمر.
(3) راء: لغة فى رأى. والمعنى: إننى حينما لمحت القمر متجليا فى صفحة السماء أدركت أنك محتجب، لأن القمر لو رأى وجهك لخجل من الظهور أمامك ولما حدثته نفسه بأن يسرى فى صفحة السماء.
(4) ستأتى ترجمته فيما بعد.
(5) فى القلائد: امرر بقاضى القضاة.
(6) سر من رأى: مدينة بناها المعتصم وجعلها حاضرته فانتقل إليها من بغداد هو وجنده، راء لغة فى رأى، والشاعر هنا يرمز بسر من رأى إلى ملك معاصر له يخدع الناس بمظهره وتصنعه للكرم والسخاء.(20/412)
حتى إذا ما انتهيت سرت إلى ... سراب قفر من دونه حجب (1)
وملة للسّماح ناسخة ... لها نبىّ إلهه الذّهب (2)
وله إليه وقد كتب عين زمانه فوقعت نقطة على العين فظن أبو أمية أنه أبهمها (3) واعتقدها وردها وانتقدها:
لا يلزمنى ما جنته يراعه ... طمست برّيقها عيون ثنائى (4)
حقدت علىّ لزامها فتحوّلت ... أفعى تمجّ سمامها بسخاء (5)
غدر الزمان وأهله عرف ولم ... أسمع بغدر يراعة وإناء (6)
ومن نثره ما كتبه إلى الوزير أبى محمد بن القاسم (7) من رسالة: كتبت وما عندى من الودّ أصفى من الراح، وأضوأ من سقط الزّند (8) عند الاقتداح،
__________
(1) فى القلائد: صرت إلى.
(2) يريد إنه أتى بدين جديد ناسخ للشريعة الإسلامية والإله فى هذا الدين الجديد هو الذهب.
(3) الغين (بفتح الغين): الظمأ، أو الرين الذى يطمس القلوب فتنصرف عن الرشاد.
قال تعالى: {«كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ»} والغين (بكسر الغين): الصديد.
(4) الريق: الأصل أو الأول، يقال هو فى ريق الشباب أى أوله، وفى القلائد:
طمست بريقتها وهو الأنسب للمعنى.
(5) فى الأصل تمج سهامها بشجاء، وقد آثرنا رواية القلائد، والمعنى: إننى أتعب أقلمى لكثرة ما كتبت به فتحول إلى تعبان يمج السم بسخاء فيما أكتبه فحول العين إلى غين.
(6) فى الأصل: بقدر براعة وإباء، والتصويب عن القلائد، والمقصود بالإناء هو المحبرة.
(7) سبقت الإشارة إليه.
(8) الزند: العود الذى يقدح به النار، والسقط (مثلثة السين): الشرار المتولد من القدح.(20/413)
وليس فيما أدعيه من ذلك لبس، وكيف وهو ما تجزى به نفسا نفس (1)، فإن شككت فيه فسل ما تطوى (2) لى جوانحك عليه، أو اتهمته فارجع إلى ما أرجع عند الاشتباه إليه (3)، تجده عندنا (4) قراحا (5)، سائل الغرّة لياحا (6) ولم لا يكون ذلك وبيننا أذمّة (7) تجلّ أن تحصى بالحساب، بيض الوجوه كريمة الأنساب، لو كانت نسيما لكانت بليلا (8)، ولو كانت (9) زمانا لم يكن (10) إلا سحرا أو أصيلا.
فراجعه أبو محمد برقعة فيها: كتبت عن ودّ ولا (11) أقول كصفو الراح فإن فيها جناحا (12)، ولا كسقط الزّند (13) فربما كان شحاحا (14) ولكن أصفى من ماء الغمام، وأضوأ من القمر فى (15) التمام.
__________
(1) فى الأصل وهو ما يجرى به وفى القلائد ما تجزى به نفسا عن نفس. ولعل الصواب ما أثبتناه ونفسا مفعول به مقدم، ونفس فاعل مؤخر.
(2) فى القلائد: ما تنطرى
(3) فى القلائد: عند اشتباه الأمر إليه.
(4) فى القلائد: عذبا.
(5) القراح: الماء النقى.
(6) الغرة كل ما بدا لك من صبح أو بياض، ومن القمر طلعته، ومن المتاع خياره اللياح: الأبيض من كل شىء وفى القلائد: سائل الغرة نياحا، والنياح: فرس يعترض فى مشيته نشاطا.
(7) الأذمة: جمع ذمام وهو الحرمة والحق، وفى القلائد وبيننا ذمة.
(8) آثرنا رواية القلائد: وفى الأصل لكان ليلا.
(9) فى القلائد: أو كانت.
(10) فى القلائد: لم تكن.
(11) فى القلائد: لا أقول.
(12) الجناح بضم الجيم: الإثم.
(13) آثرنا رواية القلائد: وفى الأصل كزند الزند.
(14) الشحاح كالسحاب: البخيل.
(15) فى القلائد: متوافى التمام.(20/414)
فراجعه عنها أبو محمد برقعة فيها: كتبت دام عزّك عن ودّ كماء الورد نفحة، وعهد كصفائه (1) صفحة، ولا أقول أصفى من ماء الغمام (2) فقد يكون معه الشّرق (3)، ولا أضوأ من القمر فى التمام فقد يدركه النّقص ويتمحّق (4) وليس ما وقع به (5) الاعتراض مختصا بصفو الراح، ولا بسقط الزّند عند الاقتداح فإن أمور العالم هذه سبيلها، وجياد الكلم (6) تجول كيف شاء مجيلها، وإنّما نقول ما قيل ونتّبع من (7) أجاد التحصيل، وحسّن التّأويل، فنستعير ما استعار (8)، ونشير فى التلميح فى القول إلى ما أشار (9)، وبيّن أنّا لم نرد من الراح الجناح، ومن الزّناد (10) الشّحاح ولا من ماء الورد ما فيه [من] (11)
مادة الزكام، ولا زيادة فى بعض الأسقام.
__________
(1) فى الأصل: كصقاية، والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: من صوب الغمام.
(3) الشرق: (بفتح الراء) الغصة قال المتنبى:
ولقد بكيت على الشباب ولمنى ... مسودة، ولماء وجهى رونق
حذرا عليه قبل يوم فراقه ... حتى لكدت بماء جفنى أشرق
(4) تمحق: أدركه المحاق ومثلها امتحق وامحق وفى القلائد ويمحق.
(5) فى القلائد: فيه.
(6) فى القلائد: الكلام.
(7) فى القلائد: ما.
(8) فى القلائد: ما استعاروا.
(9) فى القلائد: ويشير من التمليح فى القول إلى ما ساروا، وفى الأصل التلمح وهو تحريف.
(10) فى الأصل: الرماد، وهو تحريف، وفى القلائد: الزند.
(11) زيادة من القلائد.(20/415)
الوزراء بنو القنطرية (1)
ذكر أنهم أركان المجد وأثافيه ولهم قوادم الحمد وخوافيه وأنهم للمعالى نجوم وللأعادى رجوم ولهم النظم الفائح الفاتق، والنثر الشائع السابق.
فمنهم:
__________
(1) فى القلائد: القبطرنية، وفى المغرب: القبطرونة وفى الإحاطة القبطرنة وهو متفق فى هذا مع المعجب والتكملة لابن الأبار ويرجح بعض الباحثين أنها مشتقة من الكلمة الأسبانية بمعنى الحفار أو بمعنى بائع المعاطف، وقد اشتهر من هذه الأسرة بالشعر والكتابة أبو محمد طلحة، وأخواه أبو بكر وأبو الحسن. وفيهم يقول ابن الخطيب فى الإحاطة: كانوا عيونا من عيون الأدب بالأندلس ممن اشتهروا بالأدب والظرف والجلالة وقال ابن بسام فى الذخيرة: أسرة أصالة وبيت جلالة أخذوا العلم أولا عن آخر ورووه كابرا عن كابر، ثلاثة كهقعة (منكب) الجوزاء. وأن أربوا عن الشهر فى السنا والسناء، وقال ابن دحية فى المطرب: بيت الفضل والإحسان والمعانى الحسان.(20/416)
أبو محمد (1)
ذكر أنّه كتب إلىّ (2) وذكر منها أبياتا:
أبا النصر إنّ الجدّ لا شك عاثر ... وإنّ زمانا شاء بينك جائر (3)
فلا توّجت من بعد بعدك راحة
براح، ولا حنّت عليها المزامر (4)
ولا اكتحلت من بعد نأبك مقلة ... بنوم ولا ضمّت عليها المحاجر
ومنها:
تشيّعك الألباب وهى أواسف ... وتتبعك الألحاظ وهى مواطر (5)
وله:
يا خليلىّ لقلب ... نيل من كل الجهات
لم أن هام بريّا ... وبليلى والبنات (6)
__________
(1) أبو محمد طلحة بن سعيد بن عبد العزيز بن القبطرنة وفى الإحاطة طلحة بن عبد العزيز ابن سعيد البطليوسى والرواية الأولى لابن الأبار فى التكملة وهو أقرب عهدا للشاعر من ابن الخطيب. وذكر أنه أخذ عن مشيخة بلده وأنه أحد الأدباء الأذكياء، توفى فى حياة أخيه أبى بكر عبد العزيز بن سعيد كما ذكر أن عبد العزيز بن سعيد توفى سنة 520هـ.
(2) فى الأصل إليه، والتصحيح عن القلائد.
(3) الخطاب موجه إلى أبى نصر الفتح بن خاقان صاحب القلائد والمطمح.
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل. ولا حفت عليك المرامر.
(5) يريد: أن العيون تبكى لفقده حين نأيه، وقد أسقط المصنف خمسة أبيات سابقة لهذا البيت أوردها صاحب القلائد.
(6) ليم: مبنى للمجهول من الفعل لام يلوم. وفى القلائد: بالبنين والبنات.(20/417)
وبأن صادته أسما ... بين بيض خفرات (1)
بلحاظ ساحرات ... وجفون فاترات
وبجيد الظبية ارتا ... عت، وظلّت فى التفات (2)
وبعينى مغزل تر ... عى غزالا فى الفلاة (3)
تتمشى بين أترا ... ب لها حور لدات
وعليها الوشى والخزّ ... وبرد الحبرات (4)
راعها لما التقينا ... ما درت من فتكات
عثرت ذعرا فقلنا: ... لا لعا للعثرات (5)
ضحكت عجبا، وقالت ... لأخصّ الفتيات:
راجعيه، ثم قولى: ... إيتنا فى السّمرات (6)
وارقب الأعداء واحذر ... للعيون النّاظرات
فإذا علق فيها النّ ... وم أشراك السّبات (7)
__________
(1) فى القلائد: وبأن صادته سمر.
(2) فى القلائد: فظلت فى التفات.
(3) فى القلائد: فى فلاة، ظبية مغزل. ذات غزال صغير، ترعى: تلاحظ فى شفقة وحنان.
(4) الحبرات: جمع حبرة: وهى ضرب من برود اليمن الموشاة.
(5) فى الأصل: عثرت ذرعا، والتصحيح من القلائد وفيه: والعا للعثرات لعا:
كلمة تقال لمن يتعثر ومعناها أقال الله عثرتك، قال الشاعر:
كم قال قائلهم: لعا ... لك، عند عثرته لعاثر
(6) السمرات: جمع السمر وهو الظلمة أو الليل، وفى القلائد إئتنا.
(7) فى القلائد: فإذا أعلق فيها النوم، وفى الأصل أسراك، والتصويب عن القلائد وفيه السنات.(20/418)
وعلا البدر جلابيب ... لباس الظّلمات
فاطرق الحى تجدنا ... فى ظهور الحجرات
فالتقينا بعد يأس ... بدليل النفحات (1)
وتلازمنا اعتناقا ... كالتواء الألفات (2)
وبثثنا بيننا شج ... وا كنفث الراقيات
وبردنا لوعة الحبّ ... بماء العبرات
وتشاغلنا ولم نع ... لم بأنّ الصبح آت
وبدت فيه تباشي ... ر مشيب فى شوات (3)
وله:
ومنكرة شيبى لعرفان مولدى
توجّع، والأجفان ذات غروب (4)
فقلت: يسوق الشيب من قبل وقته
زوال نعيم أو فراق حبيب
وله:
إذا ما الشوق أرقنى ... وبات الهم عن كشب (5)
__________
(1) التقينا فى الظلام مستدلين بنفحتها العطرية.
(2) فى الأصل كاللنوا، والتصويب عن القلائد، ويريد أثنا تعانقنا وامتزجنا كما تتعانق حروف الألف فى الخطوط المتشابكة.
(3) الشواة: قحف الدماغ.
(4) فى القلائد: ترجع يريد أنها تتوجع ودموعها سائلة متدفقة كأنها مصبوبة من الدلاء.
(5) فى الأصل من كتبى، فى القلائد: من كتب.(20/419)
فضضت الطينه الحمرا ... ء عن صفراء كالذهب (1)
وذكر صاحب قلائد العقيان أنه بات مع إخوته أيام الصّبا فى روضة رائقة الحلى مرهومة (2) الرّبا (3)، وقد عاقروا العقار، ونبذوا الوقار، وقد ارتضعوا للانتشاء درّا، وصرعوا للإغفاء سكرا، فلما خلع الصباح رداءه على الأفق، وهزم كتائب الغياهب يقق الفلق (4) قام الوزير أبو محمد فقال:
يا شقيقى وافى الصباح بوجه ... ستر اللّيل نوره وبهاؤه (5)
فاصطنج واغتنم مسرّة يوم ... لست تدرى بما يجىء مساؤه (6)
ثم استيقظ أخوه أبو بكر فقال:
يا أخى قم تر النسيم عليلا ... باكر الروض والمدام شمولا (7)
[فى رياض تعانق الزّهر فيها ... مثلما عانق الخليل خليلا] (8)
لا تنم واغتنم مسرّة يوم ... إنّ تحت التراب نوما طويلا
ثم استيقظ أخوهما أبو الحسن وقد هب من الوسن فقال:
__________
(1) يريد أنه فض ختم زجاجة الخمر الصفراء الذهبية.
(2) ممطرة.
(3) سماها صاحب القلائد: منية البديع وقال: إن المتوكل كان مولعا بارتيادها.
(4) بياض الصباح.
(5) فى الإحاطة: يا شقيقى وافى الصباح بوجهه، وعلى هذه الرواية يختل الوزن فالبيتان من بحر الخفيف، وفى المطرب والمغرب: يا شقيقى أتى الصباح، وفى المطرب ضوءه وبهاؤه.
(6) فى القلائد والمغرب: ليس يدرى.
(7) فى المغرب: والمدام الشمولا.
(8) زيادة من القلائد ونفح الطيب ولكنه فى النفح يأتى ثالث البيتين.(20/420)
يا صاحبىّ ذرا لومى (1) ومعتبتى
قم نصطبح خمرة (2) من خير ما ذخروا
وبادرا غفلة الأيام واغتنما ... فاليوم خمر ويبدو فى غد خبر (3)
وقال الوزير أبو بكر يستدعى:
دعاك خليلك واليوم طلّ ... وعارض خدّ الثّرى قد بقل (4)
لقدرين فاحا وشمّامة ... وإبريق راح، ونعم المحل
فلو شاء زاد، ولكنّه ... يلام الصّديق إذا ما احتفل
وللوزير أبى بكر أيضا فى المعنى:
هلمّ إلى أرضنا يا زهر ... ولج فى سماء المنى يا قمر (5)
وفوّق إلى الأنس سهم الإخاء ... فقد عضّلت قوسه والوتر (6)
__________
(1) فى الأصل: نومى وقد أخذنا برواية المصادر السابقة.
(2) فى الاحاطة: نصطبح قهوة وقد علق ناشر ومحقق كتاب الإحاطة على كلمة قهوة مستغربا أن تذكر القهوة فى شعر قديم كهذا الشعر [هامش 4ص 430ج 1] ويظهر أن الأستاذ محمد عبد الله عنان محقق الاحاطة ظنها المصنوعة من البن، والقهوة هى الخمر وقد وردت فى شعر الأعشى وعنده بهذا المعنى.
(3) إشارة إلى قول امرىء القيس حينما بلغه مصرع أبيه: «اليوم خمر وغدا أمر، لا صحو اليوم، ولا سكر غدا».
(4) فى المغرب: وعارض وجه الثرى بقل: ظهر فيه البقل مثل الشعر.
(5) فى الإحاطة يا زهير، وفى المغرب فى سماء العلا، وفى الأصل ولج فى سماء المنى وقد آثرنا رواية المصدرين السابقين.
(6) آثرنا رواية الإحاطة، وفى الأصل والقلائد هلم إلى الأنس والبيت ساقط من المغرب.(20/421)
إذا لم تكن عندنا حاضرا ... فما لغصون الأمانى ثمر (1)
وقعت من القلب وقع المنى ... وحسّنت فى العين حسن الحور (2)
وله إلى الوزير أبى محمد بن عبدون (3) يستدعى سوذانقا (4):
أغادية باتت مع النّور والتقت
على الغور ريح الفجر مرت بدارين (5)
خطت فوق أرض من عرار وحنوة
وحطّت بروض من بهار ونسرين (6)
وباتت بوادى الشّحر تحت يد الصّبا
إلى الصبح فيما بين رشّ وتدجين (7)
ومرت بوادى الرّند ليلا فأيقظت ... به قائمات الورد بين الرّياحين (8)
__________
(1) فى الإحاطة: فما بغصون وفى المغرب فما لعيون الأمانى ممر.
(2) فى الإحاطة: وخرت من العين حسن الحور.
(3) أبو محمد عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون اليابرى القرشى الفهرى من شعراء وكتاب للتوكل بن الأفطس والمعتمد بن عباد توفى سنة 527أو 529.
(4) السوذانق أو الشوذانق: الصقر أو الشاهين فارسية معربة.
(5) الغادية: السحاب والنسائم، دارين فرضه بالبحرين مشهورة بالمسك وأنواع العطور وفى القلائد بانت مع الروض.
(6) فى الأصل والقلائد والمختصر: وحبوة، وهو تصحيف الحنوة: ضرب من الريحان، والعرار نوع من النرجس وكذلك البهار، وفى الأصل وخطت بروض، وقد آثرنا رواية المختصر والقلائد.
(7) الشحر: ساحل البحرين بين عمان وعدن أو بطن الوادى أو مجرى الماء، وفى الأصل السحر، وقد أخذنا برواية المختصر والقلائد، والرش: المطر الخفيف، والدجنة: سحاب يتكانف.
(8) الرند: العود أو الآس، أو شجر طيب الرائحة.(20/422)
إذا ملّت عن مجرى النجوم فبلّغى
سلامى مبلول الجناح ابن عبدون (1)
بين يدى شوقى إليه لبانة ... تخفف من قلب للقياه محزون (2)
مضى الأنس إلا لوعة تستفزنى
إلى الصيد، إلا أنّنى دون شاهين (3)
فمنّ به ضافى الجناح كأنه
على دستبان الكف بعض السلاطين (4)
إذا أخذت كفاه يوما فريسة ... فمن عقد سبعين إلى عقد تسعين (5)
ولأبى الحسن أخيه:
ذكرت سليمى، وحرّ الوغى ... كجسمى ساعة فارقتها
وأبصرت بين القنا قدّها ... وقد ملن نحوى فعانقتها (6)
__________
(1) فى القلائد: عن مجرى الجنوب.
(2) فى القلائد: تحقق من قلب.
(3) الشاهين: نوع من الصقور.
(4) فى الأصل: فمن به صافى الجناح، وفى المختصر: فمر به صافى الجناح، وقد آثرنا رواية القلائد.
(5) فى المختصر: إذا أخذت عيناه.
(6) فى نفح الطيب: وأبصرت قد الفا شبهها، اقتبس معناه من قول عنترة فى ملعقته:
ولقد ذكرتك والرياح نواهل ... منى، وبيض الهند تقطر من دمى
فوددت تقبيل السيوف، لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسم(20/423)
أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الرزاق (1)
الوزير الكاتب، وصفه باشتمال مطارف المعارف واعتلاق حبائل الفضائل وأعلام العلوم والتبحر فى علوم النجوم، واشتغاله آخر عمره بطلب الكيمياء واشتعاله فى حبها اشتعال النار فى الحلفاء، وأفسد ذلك شكل عينيه ولم يحصل له منها طائل فى يديه، وأورد له هذين البيتين فى الغزل:
إن التى منّتك نفسك نائلا ... منها وبرق عداتها لك خلّب
أمست يعلّلها سواك فأصبحت
«علقت معالقها وصرّ الجندب» (2)
__________
(1) أشار إليه ابن سعيد فى المغرب ج 2ص 115واختار له مقطوعة من ثلاثة أبيات وذكر أنه وزير عبد الله بن بلقين ملك غرناطة، ونحن نعلم أن عبد الله بن بلقين بن باديس خلع سنة 483وآل أمر غرناطة إلى المرابطين ولم نعثر له على ترجمة لا بالقلائد ولا بالمطمح مع أن المصنف يقول: إنه اقتبس ترجمته من القلائد، ويبدو أنه كان مغمورا فإن ابن الصيرفى يقول فى حديثه عن عبد الله بن بلقين أمير غرناطة «ولم يكن فى وزراء مملكته وأحياء دولته أصيل الرأى جزيل الكلمة إلا ابن خيثمة، ومؤمل من عبيد جده، وجعفر من فتيانه، من كتاب مذكرات الأمير عبد الله طبع دار المعارف بالقاهرة 1955ص 213.»
(2) يريد أن يقول: إن التى تمنيت قربها طمعا فى مواعيدها الكاذبة تعلقت بسواك، وانتهى الأمر ولا حيلة فى علاجه وعبارة: «علقت معالقها وصر الجندب» مثل عربى قديم، وأصله: أن رجلا بدويا انتهى إلى بئر فعلق رشاءه فيها. وادعى جوار صاحبها لأن رشاءه علقت برشاء صاحب البئر، فأمره بالرحيل فرفض الانتقال لأن الصيف حل والجندب صر «الجندب: الجراد» ولا حيلة فى الرحيل، وقال: «علقت معالقها وصر الجندب» فصارت مثلا «مجمع الأمثال للميدانى ج 2ص 15مطبعة السنة المحمدية» ومن الأمثال القرآنية الكريمة «قضى الأمر الذى فيه تستفتيان».(20/424)
أبو محمد الوزير الكاتب (1)
قال: شيخ الأوان القاعد على كيوان، ووصفه بالكلام الرائق والنظام المتناسق، ومن شعره الذى أورده:
رأيت الكتابة والجاهلو ... ن قد لبسوا عزها لامّه (2)
فقلت لكلّ فتى عالم ... بديع الفصاحة علامه (3)
إذا عزّ غيركم بالمداد ... فلا أنبت الله أقلامه
وله:
أركابهم شطر العذيب تساق ... يوم النوى أم قلبى المشتاق
عميت علىّ عيون رأيى فى الهوى ... الله ما صنعت بى الأشواق (4)
ولقد أقول لصاحب ودّعته ... وقد استهلّ بدمعى الإشفاق:
__________
(1) الوزير الكاتب أبو محمد بن الجبير أورد له صاحب القلائد مختارات من شعره دون أن يعرف به ص 159154، وكان معاصرا له ولكننا عثرنا على نبذة عنه فى التكملة ننقلها بنفسها «عبد الله بن الجبير بن عثمان بن عيسى بن الجبير اليحصبى من أهل لوشة يكنى أبا محمد، كان أديبا كاتبا شاعرا من بيت نباهة وأدب، وله ولابنه أبى عمر ومحمد رواية وعناية وتوفى سنة 518، وذكر وفاته ابن حبيش» التكملة ج 2 ص 817، 818.
(2) اللامة: الدرع.
(3) فى القلائد: لكل فتى كاتب.
(4) فى الأصل: رأى فى الهوى، وقد أخذنا برواية القلائد.(20/425)
يا فائزا قبلى برؤية دوحة
أضفت ظلال فروعها الأعراق (1)
من تغلب الحرب التى إن غولبت ... شقيت بحد سيوفها الأعناق (2)
فهم إذا ما جالسوا أو راكبوا ... أخذوا بحقهم الصدور فراقوا (3)
قاض كأنّ الليث حشو بروده ... وكأنّ ضوء جبينه الإشراق
بالله ربّك خصّه بتحيّة ... من ذى خلوص قلبه توّاق
يصبو إلى تلك العلى فكأنما ... صبّ أصابت لبّه الأحداق (4)
ثاو بأرض بداوة، لكنّها ... بالمالكبّين الكرام عراق
قوم إذا ومضت روقهم همى ... صوب الحيا وأنارت الآفاق
وإذا استقل بانهم بيراعة
لبست وشيع برودها الأوراق (5)
وإذا انتدوا وتكلّموا أنسيت ما ... صانته من أعلاقها الأحقاق (6)
__________
(1) فى القلائد أضفت ظلال فروعها الأطواق.
(2) فى الأصل: من يغلب، وقد آثرنا رواية القلائد، ويظهر أن الممدوح من قبيلة تغلب.
(3) فى القلائد: أو واكبوا فراق.
(4) فى القلائد: فكأنه صب.
(5) الوشيع: جمع وشيعة وهى الطريقة فى البرد، والمراد أن الأوراق تتزين فى أبهى حلة وأفخر لباس.
(6) ما تصونه الأحقاق من النفائس الثمينة هو الدرر واللآلىء أو الأحجار الكريمة ويلى هذا البيت بالقلائد:
أنصاركم، وحماة مجدكم وما ... أولاكموه من العلا الخلاق(20/426)
بلقالق ذلق كأنّ حديثها ... درر يفصّل بينها النّسّاق (1)
فهم إذا ألقوا حبال كلامهم
غلبوا جهابذة الكلام وفاقوا (2)
لما جروا شأوا ونالوا ما اشتهوا ... وثنوا أعنّتهم وهم سبّاق
نصبت لهم حسدا على ما خوّلوا ... من سؤدد ونفاسة أوهاق (3)
__________
(1) اللقالق: جمع لقلق وهو اللسان ذلق: حادة.
(2) فى القلائد حبال بنانهم. ففاقوا، ولعلها محرفة عن: حبال بيانهم: إشارة إلى عصا موسى عليه السلام التى ألقاها فابتلعت ما كانوا يأفكون من السحر.
(3) الأوهاق: جمع وهق، وهو الحبل يرمى فى أنشوطة يعلق بها الإنسان أو الحيوان والمعنى إن أعداءهم دبروا لهم المكايد حسدا لهم على ما بلغوه من سمو وفخار، وفى الأصل جسدا وقد أخذنا برواية القلائد.(20/427)
أبو محمد بن عبد الغفور الوزير الكاتب (1)
ذكره لى الفقيه اليسع بمصر وقال: أدركته بمراكش سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وهو كاتب أمير المسلمين، ووجدت مؤلف قلائد العقيان يذكر عوجه (2)، ويستوعر منهجه، ويرميه بالحقد والحسد، وينميه إلى الغلّ والنّكد، غير أنه يثنى على نظمه البديع ونثره، ومن شعره فى مدح الأمير أبى بكر يحيى بن سير (3) يذكر فرسا أشهب سابقا (4):
يا ملكا لم يزل قديما ... بكل علياء جدّ وامق
وسابقا فى النّدى أنتنا ... جياده فى المدى سوابق
لله منها أسيل خدّ ... هريت شدق مثل الجوالق (5)
__________
(1) من بهت علم وأدب، كان أبوه «أبو القاسم محمد بن عبد الغفور» من المقربين إلى المعتمد بن عباد وقد رثاه المعتمد عند موته بقصيدة منها:
أبا قاسم قد كنت دنيا صحبتها ... قليلا، كذا الدنيا قليل مناعها
وابنه أبو القاسم محمد من الكتاب المرموقين وأبو محمد هذا هو كاتب على بن يوسف بن تاشفين.
(2) طيشه، وصاحب القلائد متحامل على أبى محمد بن عبد الغفور، وقد قال الحجازى:
«قطع الله الفتح صاحب القلائد، فإنه شرع فى ذمه بما ليس من أهله، والله ما أبصرت عينى شخصا أحق بفضله منه» المطرب ج 1ص 236، 237.
(3) من قبيلة لمتانة، ولى بعد أبيه إمارة إشبيلية للمرابطين.
(4) ذكر الفتح بن خاقان أن القصيدة من بحر المنسرح. والصحيح أنها من مخلع البسيط ووزنه «مستفعلن فاعلن فعولن» لكل شطر من أشطره.
(5) الهريت: الواسع، الجوالق بكسر الجيم واللام، وبضم الجيم وفتح اللام وكسرها:
وعاء كبير، وفى القلائد: أهديت شدقيه كالجوالق، وبعد هذا البيت فى القلائد:
حديد قلب حديد طرف ... ذو منكب يشبه البواسق(20/428)
ذو وحشة فى الصهيل حلت ... منه على أكرم الخلائق (1)
أشهب كالرجع مستطير ... كأنه الشّيب فى المفارق
خبّ غداة الرّهان حتّى ... أجهد فى إثره البوارق (2)
ما أنس لا أنس إذ شآها ... مترّبات مثل البواشق (3)
وبذها [شذّبا] عتاقا ... لم يرض عن حضرها العواتق (4)
فقمن يرشحن منه رشحا ... مطيبات به المخانق (5)
أفديه من شافع لبيض ... قد كنّ عن بغيتى عوائق (6)
أنصع منه لرأى عين ... سود عذار الفتى الغرانق (7)
__________
(1) فى القلائد: دلت منه.
(2) فى الأصل: حث عداه الرهان، وقد أخذنا برواية القلائد.
(3) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: لا أنس لا أنس شأى: سبق، متربات:
ملوث وجهها بالتراب، والبواشق جمع باشق وهو طائر صيد صغير، ولعلها البواسق أى مغبرة بالتراب مثل النبات وفى القلائد مشربات مثل البواشق.
(4) فى الأصل: وبذها شرها عتاقا لم نعرض عن خصرها. وفى القلائد وبدّها شرّبا
عن خصرها ولعل الصواب ما أثبتناه، شذب: ضوامر، عتاق جميلة، والحضر ارتفاع الفرس فى عدوه، العواتق: الفتيات الجميلات، والمعنى إنه فاق الخيل فى سرعته وتركها متخلفة على الرغم من جمالها ونحو لها فسخرت العواتق من هذه الخيول المتخلفة.
(5) فى القلائد: فقمن يمسحن منه رشحا المخانق: القلائد أو موضعها حول العنق.
(6) يقول إن هذا الجواد جذب إليه بحسنه وسبقه الفتيات البيضاوات بعد أن كن عنى معرضات.
(7) الغرانق: الشاب الأبيض الجميل والمعنى إن سواد عذار الفتى الجميل الأبيض أحب إلى العين من هذا الجواد الأبيض السباق.(20/429)
وله من قصيدة يمدح أمير المسلمين (1):
خليلىّ عوجابى على جانب الحمى
عسى الظبية اللّعساء تكشف من ضرّى (2)
وإن خفتما جورا عن القصد فاكشفا
نوافج يفعمن التّنوفة بالعطر (3)
ولما دنت تلك الفتاة وأعرضت ... إلى القبة الغراء بالكثب العفر (4)
خلعت لها نعلى حياء من الحجى
وطفت بأركان العلى [تالى الفخر] (5)
أقبل منها قرب كسرى جلالة
وأستنزل الشّعرى بأدمعى الغزر (6)
فيا مقلة ما كان أضيع دمعها ... وبالوعة يغلى بها مرجل الصدر
__________
(1) لعله على بن يوسف بن تاشفين أمير الملثمين ولم ترد هذه القصيدة فى نسخة القلائد التى بين أيدينا.
(2) اللعساء: ذات الشفة الحمراء الماثلة للسواد.
(3) النوافج: أوعية المسك التنوفة: المفازة والمعنى إذا خفتما الضلال فى البيداء فاكشفا سناء هذه الفتاة المعطرة فإنكما تهتديان بنفحاتها المكية.
(4) الكثب جمع كثيب، وهو التل من الرمل. العفر جمع أعفر وهو الذى يعلو بياضه حمرة.
(5) وردت العبارة مصحفة دون نقط. وقد صححناها بما يناسب المقام.
(6) الشعرى: نجمان قريبان من سهيل أحدهما تسمى الشعرى العبور والثانية الشعرى الغميصاء.(20/430)
ومنها:
أمير له فى سدفة الخطب مطلع ... كما انشقّت الظلماء عن وضح الفجر
لأذهب بالضرغام هاجر نومه
وأرعب فالدنيا به حمة الوكر (1)
ومنها يصف الخيل:
بأشقر وقّاد الإهاب كأنما ... تجسّم من جمر صريح ومن خمر (2)
أطل بهاديه على كل ربعة ... كما نبّهت نار المعالم للسّفر (3)
خفىّ السرى كالطيف لم يسم النّدى
بوقع، ولم يشعر به نوّم الكدر (4)
تودّ الثّريا أن تكون عليقه
[وإن كان ألوى] بالسّماكين والنّسر (5)
__________
(1) أذهب به: أزاله، الحمة الإبرة التى تلسع بها العقرب أو ناب الحية، والمعنى إن بأسه شرد الآساد وبدد نومها، وجعل الدنيا ضيقة على أعدائه مرهوبة مثل وكر الأفعى.
(2) الإهاب: الجلد وكأنه مصوغ من الجمر أو من الخمر.
(3) فى الأصل: أظل تهادته على كل ربعه، ولعل الصواب ما أثبتناه الهادى العنق، والربعة: مكان النزول فى الربيع كالمرباع والمرتبع، والسفر: المسافرون.
(4) الكدر: نوع من القطا غير الألوان رقش الظهور وفى المثل «ولو ترك القطا ليلا لناما» لأنه يفزع من أى حركة والمعنى: إن هذا الجواد خفيف السير لا يترك أثرا فى التراب لخفة وقعه، ولا يشعر به القطا النائم وفى الأصل: خفى السرى للطيف لم يسم الندى ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) العليق كأمير ما يقضمه الحيوان من علفه وقد ورد الشطر الثانى هكذا: «ثناه بالسماكين والنسر» ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/431)
وله من قصيدة (1):
أرعى من النّجم للرّعايا ... أروع سام عن النظير
لذت به من صروف دهرى ... وكان من جورها مجيرى (2)
ومدّ نحوى كفّا بجود ... أهمى من العارض المطير (3)
ألقى شعاعا علىّ ليلا ... فخلتنى فى ضحى منير (4)
حمى فأرضى الإله ثغرا ... جفا له لذة الثغور (5)
قرّت به أعين البرايا ... وأعملوا أكؤس السرور (6)
ومنها:
وشنّ غاراتها عليهم ... مثل العراجين فى ضمور
أهلّة لا تزال تسرى ... لتحرز الحظ من ظهور
__________
(1) من قصيدة فى مدح الأمير يحيى بن سير مطلعها كما فى القلائد:
إن الأمير الأجل يحيى ... نجل الأمير الأجل سير
(2) فى القلائد: فكان من جورها
(3) فى القلائد: يدا بجود.
(4) فى القلائد: فى سنا منير.
(5) فى الأصل حمى بأرض الإله وفى القلائد: حمى فأرضى الإله حقا له وهو تحريف والمعنى: إنه حمى هذا الثغر وجاهد فى سبيل الله فشغله الجهاد عن تقبيل الثغور.
(6) فى القلائد: فأعملوا أكؤس السرور، ويلى هذا عدة أبيات بالقلائد.(20/432)
وله إلى أمير المسلمين فى غزوة غزاها (1):
سر حيث شئت يحلّه النّوّار ... وأراد فيك مرادك المقدار (2)
وإذا ارتحلت فشيعتك سلامة ... وغمامة لا ديمة مدرار (3)
تنفى الهجير بظلّها، وتنيم بالرّ ... شّ القتام، وكيف شئت تدار
وقضى الإله بأن تعود مظفرا ... وقضت بسيفك نحبها الكفّار
هذا ممّا تمنّاه الولىّ لا ما تمناه الجعفىّ (4) فإنه قال: حيث ارتحلت (5) وديمة ما تكاد تنفذ معها عزيمة (6) وإذا سفحت على ذى سفر فما أحراها بأن تعوقه عن الظفر، ونعتها بمدرار وكان ذلك أبلغ فى الإضرار (7).
__________
(1) فى القلائد والمغرب ما يدل على أنه نظمها فى الأمير يحيى بن سير المتقدم ذكره، وفى المطرب ما يشعر بهذا، والأبيات يعارض بها المتنبى فى قصيدة مطلعها هو مطلع أبيات الشاعر.
(2) صدر البيت فى المطرب هكذا.
«سر حل حيث تحله النوار»، وفى المغرب «سر حيث شئت تحله النوار»، وفى القلائد:
حيث سرت.
(3) فى المطرب: أنّى حللت وديمة مدرار. وفى المغرب: وغمامة بل ديمة.
(4) الجعفى: المتنبى: لأنه ينسب لى كندة من قبائل الرمن كما ينسب إلى جعفى بن سعد العشيرة وهو أبو حى من أحياء اليمن.
(5) ينتقد المتنبى فى قوله «حيث ارتحلت» فكأنه يود ألا يستقر الممدوح فى مكان، أما الشاعر فيقول: إذا ارتحلت فكأن السفر طارىء لا أصل.
(6) ينتقد المتنبى فى أنه دعا للمدوح بأن تصحبه لديمة، ولديمة هى المطر الدائم، وهو يعوق المسافر عند سفره، ويجعله مضطربا لا يمضى عزيمة، أما الشاعر هنا فدعا لممدوحه بأن تصحبه الغمامة، وهى السحابة البيضاء وهى فى الغالب غير ممطرة وإذا أمطرت فمطرها خفيف. وقائدتها أن تظلل الممدوح وأن تندى الجوبرشها الخفيف ثم زاد على ذلك بأنها تدور حيثما أراد، على حين أن المتنبى لم يكتف بالديمة الممطرة بل نعتها بأنها مدرار.
(7) النقد وصياغته اقتبسه المؤلف من قلائد العقيان. واقتبس كذلك البيتين التاليين.(20/433)
فسر ذا راية خفقت بنصر ... وعدنى جحفل بهج الجمال
إلى حمص، فأنت بها حلىّ ... تغاير فيه ربات الحجال
وحمص أيضا بلدة فى المغرب هى أشبيلية.
وكتب عن أمير المسلمين إلى بعض الأمراء جوابا عن كتاب يعتذر فيه عن هزيمة انهزمها ويصف من فرّ من العساكر ومن لزمها: وما بعثناك لتشهد، وإنما بعثناك لتجهد فى طعن بخطّىّ أو ضرب بمهنّد (1)، فإذا لم تعقل فلا أقل مما تجلد (2) وتصبر، وتحمل من معك على الصبر، ولا تكون أوّل من فرّ فتعدى بفرارك تثبّت جارك، ولو كتمتها من شهادة لما أثم قلبك (3)، فلا تؤثر الكتب، بما يثير عليك العتب، ولتأنف من المستأنف (4) من إيثار الدّنيّة على المنية، ولتكن لك نفس أبية، والسلام.
__________
(1) الخطى: الرمح نسبة إلى الخط، وهو مرفأ بالبحرين تنسب إليها الرماح، والمهند:
السيف لأنه مصنوع من حديد الهند.
(2) جلد يجلد: تكلف الجلد، والمعنى فلا أقل من الجلد والصبر، وما هنا مصدرية.
(3) المعنى: لو كتمت الخوف فى قلبك وثبت فى مكانك فإن جارك كان ثبت بثباتك، أما إعلانك الخوف وإيثارك الفرار، فقد نقل عدوى الخوف إلى بقية الجيش فانهزم بانهزامك وكتمان الخوف فضيلة ولا إثم فيه يشير إلى قوله تعالى فى الشهادة {«وَمَنْ يَكْتُمْهََا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ»}.
(4) المقصود بالمستأنف هنا ما يأنفه الإنسان الكريم.(20/434)
بو بكر بن عبد العزيز الأندلسى الوزير الكاتب (1)
المعروف بابن المرخى (2)، قال الفقيه اليسع (3): ما كتب قط لأحد بجلالة قدره، توفى سنة أربعين وخمسمائة (4)، والفتح مصنف القلائد وصفه بالبراعة القاضية، والبراعة الماضية، والهمة العالية، والحالة الحالية والنظم الباهر، والفضل الظاهر، ومما أورد له قوله:
قد هززناك فى المكارم عصنا ... فاستلمناك فى النوائب ركنا (5)
ووجدنا الزمان قد لان عصفا ... وتأتّى فعلا، وأشرق حسنا (6)
فإذا ما سألته كان سمحا ... وإذا ما هززته كان لدنا
مؤثرا أحسن الخلائق لا يع ... رف ضنّا ولا يكذّب ظنّا
__________
(1) يلتبس الأمر على كثير من المحققين فيخلطون بين أبى بكر بن عبد العزيز المعروف بابن روبش وكان وزيرا للمظفر عبد الملك بن عبد العزيز حاكم بلنسية، ثم استقل بحكمها بعد أحداث كثيرة. وكان مشهورا بالأدب والشعر وحسن السياسة والتدبير حتى توفى سنة 478هـ، وبين سميه أبى بكر محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز اللخمى المعروف بابن المرخى، وكان أبوه كاتبا للمأمون بن المعتمد بن عباد بقرطبة وورث ابنه عنه فضله وأدبه وكان مشهورا بالشعر والكفاية والتبحر فى علوم اللغة وتوفى سنة 536هـ وقد أورد له صاحب الذخيرة مختارات من شعره ونثره «القسم الثانى المخطوط 345331».
(2) وهو المقصود هنا، ضبطه صاحب المطرب بهذا الضبط المرخى بفتح الخاء وقال هذا هو الصواب.
(3) هو الفقيه الأديب أبو يحيى اليسع بن عيسى مؤلف كتاب المعرب فى آداب المغرب بالقاهرة وتوفى بها سنة 575هـ.
(4) اتفق ابن بشكوال فى الصلة مع الصدفى فى معجمه على أن وفاته سنة 536هـ.
(5) فى القلائد والمطرب: واستلمناك فى النوائب.
(6) تأتى له: ترفق وأتاه من وجهه، وتأتى الأمر: تهيأ.(20/435)
أنت ماء السماء أخصب وا ... ديه ورقّت رياضه فانتجعنا (1)
نزعت بى إلى ودادك نفس
قلّما استصحبت سوى الفضل خدنا (2)
وله يودع الوزير أبا محمد بن عبدون (3):
فى ذمّة المجد والعلياء مرتحل
فارقت صبرى إذ فارقت موضعه (4)
ضاءت به برهة أرجاء قرطبة ... ثم استقلّ فسرّ البين مطلعه (5)
ومن نثره مما كتبه إلى الوزير أبى محمد بن القاسم (6): كيف رأى مولاى فى عبد له [وهو أنا] (7) موات (8) يرى الوفاء دينا وملّة، ولا يعتقد فى حفظ
__________
(1) فى المطرب ورفت.
(2) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: من النقل خدنا، وفى المطرب فلما استمتعت بذى الفضل.
(3) أبو محمد عبد المجيد بن عبد الله بن عبد ربه بن عبدون اليابرى من شعراء وكتاب المتوكل بن الأفطس، ثم اتصل بالمعتمد بن عباد فلم يحظ عنده، وكان عالما أديبا عارفا بالأخبار والأحاديث توفى فى يابرة سنة 527هـ.
(4) فى الذخيرة فى ذمة الفضل وفى المطرب إذ فارقت موضعه.
(5) فى الأصل ضمان، والتصحيح عن الذخيرة والقلائد والمطرب ويلى هذا سبعة أبيات بالقسم الثانى المخطوط من الذخيرة وفى الأصول جميعها فسد البين مطلعه ولعل الصواب ما أثبتناه، ومعنى سر: أخفى.
(6) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن القاسم وثب على إمارة البونت فنزعها من ابن أخيه الطفل سنة 440هـ وتزوج أم الطفل وظل حاكما ما يقرب من خمسين عاما حتى استولى المرابطون على إمارته، وكان شاعرا كاتبا أديبا.
(7) زيادة فى القلائد.
(8) ليست بالقلائد.(20/436)
الإخاء مله (1) فصدّته (2) الأقدار عن رأيه. وأخّرته الأيام عن سعيه فادّرع العقوق ولبئست الخلّة، وضيّع الحقوق ولم تضع الخلّة (3). أيرده (4) بعيب ما جناه الدهر أم يسمح؟ فشيمته (5) الصير، بل يعفو (6) ويصفح، ولو كان الغضب يفيض (7) على صدره ويطفح، وله (8) أعزّه الله العقل الأرجح، والخلق الأسجح (9)، والأناة (10) التى يزلّ الذّنب عن صفاتها (11) ولا يتعلق العيب بصفائها وأن كتابه الكريم (12) وردنى مشيرا إلى جملة تفصيلها فى يد العواقب، والزمان المتعاقب (13) ومنها: وفلان أيّده الله كما تدريه (14) يردد محاسنه ويرويها،
__________
(1) فى الأصل ولا يعتف فى حفظ الإخاء، وقد آثرنا رواية القلائد، الملة:
السآمة والملل.
(2) فى القلائد: قصرته.
(3) الخلة: الخصلة التى يتصف بها الإنسان أو الصداقة وكلتاهما بفتح الخاء، والمعنى إنه اضطر لظروفه القاسية إلى هجر إخوانه، وهى خصلة سيئة أرغمته الأقدار عليها وهو مع هذا باق على مودتهم وصداقتهم، وفى القلائد: ولبئست الحلة ولم يضع الحلة بالحاء المهملة.
(4) أخذنا برواية القلائد، وفى الأصل: أبرده يقصد أنه جعل نفسه عبدا للمرسل إليه والسيد له أن يرد عبده على بائعه إذا آنس فيه عيبا.
(5) أخذنا برواية القلائد، وفى الأصل: فيسهبه.
(6) فى الأصل: بل يسمح ويصفح وفى القلائد بأن يعفو ويصفح وقد زاوجنا بين الروايتين محافظة على الأصل ومطابقة للمعنى.
(7) فى القلائد: يقبض.
(8) فى القلائد: فله.
(9) الحسن الجميل اللين السهل.
(10) فى القلائد. والإنابة.
(11) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل صفحاتها.
(12) فى القلائد العزيز.
(13) فى القلائد سطران زيادة عما هنا.
(14) فى القلائد: يدريه.(20/437)
وينشر فضائله ويطويها، إلا أنّ الأمور انقلبت عليه فى هذه البلاد، ولا يعرف (1) له حالة، إلا وقد داحلتها استحالة، وربّما عاد ذلك إلى نقصان فى الوفاء، وإن كان باطنه على غاية الاستيفاء، ولله تعالى نظر، وعنده خير منتظر (2).
وكتب إليه مسلّيا عن نكبته (3): الوزير الفقيه أدام الله عزّه، وكفاه ما عزّه (4)، أعلم بأحكام الزمان من أن يرفع إليها طرفا، أو ينكر بها (5) صرفا، أو يطلب (6) فى مشارعها مشربا زلالا أو صرفا، فشهدها مشوب بعلقم، وروضها مكمن لكلّ صلّ أرقم، وما فجئته [أعزه الله] (7)
الحوادت بنكبة (8)، ولا حطته النوائب (9) عن رتبة [ولا كانت الأيام رفعته قبل بوزارة ولا كتبة] (10) فهو المرء يرفعه دينه ولبّه وينفعه لسانه وقلبه،
__________
(1) فى القلائد: فلا تعرف.
(2) بقية الرسالة فى القلائد.
(3) فقد أبو محمد عبد الله محمد بن القاسم ولايته البونت حين استولى عليها المرابطون.
(4) عزه: غلبه، قال تعالى {«إِنَّ هََذََا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وََاحِدَةٌ فَقََالَ أَكْفِلْنِيهََا وَعَزَّنِي فِي الْخِطََابِ»}.
(5) فى القلائد: وينكر لها.
(6) فى القلائد: ويطلب.
(7) زيادة من القلائد.
(8) يريد أن استيلاء المرابطين على جميع إمارات الأندلس كان أمرا متوقعا.
(9) فى القلائد: التائبات.
(10) زيادة من القلائد والمراد إنه ارتفع إلى المجد بشخصه لا بمنصب تولاه من وزارة أو كنابة.(20/438)
ويشفع له علمه وحسبه، ويسمو به همته وأدبه ويعنو (1) بين يديه شافيه وحاسده، وينبت (2) فى أرض الكرم حين يريد أن يجنيه (3) حاصده، ويقر له بالفضل (4)
من لا يودّه وينصره الله بإخلاصه حين لا ينصره سواعه وودّه (5).
(وإن أمير المسلمين وعتبه
لكالدّهر لا عار بما فعل الدّهر)
[أدام الله عزه] (6) وما هو إلّا نصل أغمد ليجرّد، وسهم سدّ طريقه يسدّد، وجواد ارتبط [ليخلى] (7) عنانه، وقطر تأنّى (8) [به] (9) صحابه وسيسلمه عنانه (10) وأن المهارق (11) لتلبس بعده من ثياب حداد، وأن ألسنة الأقلام لتخاصم عنه بألسنة حداد، وسينجلى هذا القتام (12) عن سابق لا يدرك مهله، ويعتمده الملك [الهمام بإكرام لا يكدّر منهله، ويؤنس ربع
__________
(1) فى الأصل: ويعفو، والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: ويثبت.
(3) فى القلائد: يجتثه.
(4) فى القلائد: ويغذّ به بالفضل.
(5) سواع وود صنمان للعرب فى الجاهلية.
(6) زيادة بالقلائد.
(7) زيادة فى القلائد.
(8) فى الأصل يأتى، وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) زيادة بالأصل.
(10) فى القلائد وسيسيله عنانه، العنان: بفتح العين: السحاب.
(11) المهارق جمع مهرق، والمهرق الصحيفة، كلمة معربة والمعنى: إن الصحائف المكتوبة تشعر بالحداد حزنا لفقد أقلامه.
(12) القتام: الغبار.(20/439)
الملك] (1) الذى أوحش ويؤهله، ويرقيه أيّده الله إلى أعلى المنازل ويؤهّله، وينشد فيه، وفى طالبيه:
(وسعى إلىّ بعيب عزّة نسوة ... جعل الإله خدودهن نعالها) (2)
وأنا أعلم [أعزه الله] (3) أنه سيتبرّم (4) بهذا الكلام، ويولينى جانب الملام، ويعدّ قولى مع السّفاهات والأحلام، فقد ذهب فى رفض الدنيا مذهبا، وجلا (5) التوفيق عن عينيه غيهبا، وتركتنا (6) عبيد الشّهوات نمسك بخطامها، ونرتع (7) فى حطامها، وأسأل الله عملا صالحا، وقلبا مصالحا ويقينا نافعا، وإخلاصا شافعا، بمنّه [إن شاء الله] (8).
ومن مكاتبة إلى الوزير أبى الحسن بن مهلب (9).
أسير وقد ختمت على فؤادى ... بحبّك أن يحلّ به سواكا
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) البيت لكثير فى عزة وفى القلائد بهجر عزة.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد: سيبرم.
(5) فى الأصل ويحلى، وقد آثرنا رواية القلائد.
(6) الضمير للدنيا.
(7) أخذنا برواية القلائد وفى الأصل: ونريع.
(8) زيادة بالقلائد، وقد أجابه أبو محمد بن القاسم على هذه الرسالة برسالة شعرية نثرية أوردها صاحب القلائد ص 130، 131.
(9) لعله أبو الحسن على بن موهب الجذامى المعروف بابن الرقاق، محدث رواية أديب توفى سنة 532، أو أبو الحسن على بن مهلهل الجلبانى كان فى حاشية أبى بكر بن سعيد والى غرناطة للملثمين، أو أبو الحسن على بن عبد الرحمن بن مهدى التنوخى المعروف بابن الأخضر المتوفى سنة 514ونرجح أنه أبو الحسن بن مهلب من الوزراء المديرين للسياسة فى إمارة بلنسية فى عهد مبارك ومظفر العامريين، ولم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.(20/440)
فلو أنّى استطعت خفضت طرفى ... فلم أبصر به حتى أراكا
عمادى الأعلى وصل الله اعتلاءه ممّن قدّس الله شريعته، وأنفس طبيعته، صيّر كرم الرأى فى مضمار التجارب طليعته، وجعل الحقّ ينطق على لسانه، والفصل (1) يجرى على أسنانه، فمن حصّل منه أدنى محبّة، وأعطى من إخائه ولو مثقال حبّة، نال ما اشتهاه، وبلغ من الأمل منتهاه وعد ممّن رجحت نهاه، كما عدّ من تهرج فى نفده، وأخرج من عقده، ما سقط من ديوانه، وأهبط عن إيوانه (2)، تبرأت منه ذمّة الأدب، وهلك بغمّه [وحرده] (3) فلم يقم على [ما] (4) ندب، وما زلت مذ أحرزت ودّه، وعلمت مكانى عنده، أحسن الظّنّ بفهمى، وألفى بين أهل الحظوة سهمى وأعلم أنى فى ولادة الإخاء منجب، ولفضل المسعى موجب فإن واليت المخاطبة، فللإدلال، وأن هبت المكاتبة فللإخلال (5)، وإنى لأنتظر من رأيه فى الحالين ما يسدّد سمتى (6)، ويحسّن كلامى أو صمتى، وما أخلو مع تقديم المشاورة من هداية، يطلع نجمها أفقه، ودراية، يفتّح علمها وفقه (7) وهو أدرى بالجميل يدنى إليه، ويحمل عليه، إن شاء الله.
__________
(1) القول الفصل.
(2) يظهر أن عبارة أو أكثر سقطت من المصنف فإن المفعول الثانى للفعل (عدّ) محذوف.
(3) فى الأصل: وريده ولعل الصواب ما أثبتناه، أو لعلها: ورهده: أى سحقه.
(4) زيادة يقتضيها السياق.
(5) أى خشية السقوط فى الكتابة.
(6) السمت: القصد.
(7) لعلها: ومقه اى محبته.(20/441)
ومنها: وقد كنت أسلفت من الرّغبة فى أمر الوزير أبى فلان [وأمره] (1)
باهتباله منوط، وبين يدى إجماله مبسوط، ومن شروط وغبتى على إنعامه، وشفاعتى على إكرامه، أن تردّ عنه ظلم ذلك الخارص (2) الذى جمع الإصرار، مع الإضرار، واللجاج، إلى الاعوجاج ومتى تم عليه اعتداؤه زادت حاله اختلالا، وأمره اعتلالا، وعمادى المعظّم يجعل دونه من حمايته سدّا لا يستطيع الظالم أن يظهره (3)، ويسكنه من عنايته ظلالا تبلغ تلك السمائم أن تصهره، وأقرأ عليك سلاما يترجم عن ودّى، وينوب عنى فيما يؤدى
__________
(1) زيادة توضح المعنى، أى أن شأن هذا الوزير مطروح على أبى الحسن أتى اغتنام فرصة عطف منه.
(2) الخارص: الكذاب.
(3) يعلوه، قال تعالى فى وصف سد يأجوج ومأجوج {«فَمَا اسْطََاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطََاعُوا لَهُ نَقْباً»}:(20/442)
الوزير أبو القاسم بن أبى بكر بن عبد العزيز (1)
وصفه بالذكاء والدهاء، والبهجة والبهاء، والنظم المصون من الوهاء (2)، والفضل المقرون حسن ابتدائه بحسن الانتهاء، والخاطر الفتىّ غربه فى اقتضاب كل غريبة، واقتصاص كل رغيبة عن ألّافها (3). وقد أورد منه شعرا كالوشى المنسوج، والرحيق المختوم الممزوج، فمن ذلك قوله:
تركت النّصابى للصّواب وأهله
وبيض الطّلى للبيض والسّمر للسمر (4)
مدادى مدامى والكئوس محابرى
وندماى أقلامى ومنقلتى شعرى (5)
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر، ولكننا وجدنا ترجمة فى المطرب موجزة لأبى الحكم على بن أبى بكر بن عبد العزيز لذى سبقت ترجمته وروى ابن دحية أنه كان عالما جليلا وأنه أخذ عنه جميع ما رواه ونقل عنه فصلا غزيرا وأنه سأله عن مولده فقال سنة 519هـ ثم ذكر أنه توفى بحضرة مراكش سنة 584هـ وأنه حضر جنازته ولعله هو المترجم له، فإن الكنى تتعدد أحيانا لشخص واحد وبخاصة العظماء وإن كان هذا يوقع كثيرا فى اللبس ولم نجد له ترجمة فى القلائد.
(2) يقصد الوهى بمعنى الضعف.
(3) فى الأصل آلامها، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) يريد: إنه هجر التصابى إلى الصواب: وأنه ترك الفتيات ذوات الأعناق البيضاء لأرباب السيوف البيض والفتيات السمراوات لأصحاب الرماح، لأنه فرغ لدراسة العلم والعلماء.
(5) لعل الصواب: نداماى أقلامى والندامى: جمع ندمان وهو النادم مع الشراب، ومنقلتى لعله يقصد بها النقل وهو ما يتناوله الشارب مع الخمر من بعض الأطعمة المشهية.(20/443)
ومسمعتى ورقاء ضنت بحسنها
فأسدلت الأستار من ورق خضر
وقال:
لا تنكروا أنّنا فى رحلة أبدا
نخبّ فى نفنف طورا وفى هدف (1)
فدهرنا سدفة، ونحن أنجمها
وليس ينكر مجرى النجم فى السّدف (2)
لو أسفر الدهر لى أقصرت فى سفرى ... وملت عن كلفى بهذه الكلف (3)
وقال:
رويدك يا بدر التمام فإنّنى
أرى العيس حسرى والكواكب ظلّعا
كأن أديم الصّبح قد قدّ أنجما ... وغودر درع الليل منه مرقعا
فيا ليل هل أضمرت عنى رحلة
ويا صبح هل أسررت نحوى مرجعا
__________
(1) فى الأصل: نحب، وهو تحريف النفنف: الهواء وكل مهوى بين جبلين والمفازة الهدف: كثيب من الرمل.
(2) السدفة: سواد الليل أو بياض الصبح، ضد، أو اختلاطهما.
(3) فى الأصل: ولو أسفر، وبها يختل الوزن.(20/444)
يحضّ على زور الشّباب سميّه
لأصبح شيخا بالشباب مبرقعا (1)
وإنّى وإن كان الجمال محبّبا ... وأشهى إلى قلبى وأبرد موقعا
الآنف من حسن لشعرى مفترى
فآنف من حسن بشعرى مدّعى (2)
__________
(1) معناه: يحضنى صديقى على أن أصبغ شعرى لأزور الشباب وأتقنع بقناعه الظاهرى مع أننى شيخ تجاوز طور الشباب.
(2) يريد أن يقول: إننى على ولعى بالجمال لا أحب أن أنتحل شعر غيرى البديع، فمن الطبيعى ألا أنتحل السواد لشعرى الذى جلله المشيب.(20/445)
الوزير أبو جعفر بن أبى محمد (1)
ذكره اليسع وقال: وزر لعبد المؤمن سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، ليس هذا ذاك فإن وزير عبد المؤمن هو ابن عطية (2)، ومصنف القلائد وصفه بالعقل والإصابة والإجادة فى الكتابة لكنه كان منحوسا غير مبخوت (3) وقد أورد من نثره ما يدل على كرم فرنده وجودة أثره فمن ذلك وقد أهدى إليه ورد (4):
زارنا الورد بأنفاسك، وسقانا مدامة الأنس من كاسك، وأعاد لنا معاهد الأنس جديدة، وزفّ إلينا من فتيات البرّ خريدة، واحمرّ حتى خلته شفقا، وابيض حتى أبصرته من النور فلقا، وأرج (5) حتى قلت: أرج (6) المسك فى ذكائه، وتضاعف حتى قلت الورد من حيائه (7)، فليتصور شكرى (8)
فى رؤاه (9) وليتخيّله (10) نفحته وريّاه (11) إن شاء الله تعالى.
__________
(1) شيوع الكنى والألقاب والاكتفاء بها يجعل من العسير علينا تحديد شخصية المترجم له، بل إن القدماء أنفسهم وقعوا فى هذا كما وقع فيه أبو يحيى اليسع بن عيسى بن اليسع صاحب كتاب المعرب فى آداب المغرب ومع أن المصنف نبه إلى هذا إلا أنه ترك الأمر مبهما.
(2) يشير إلى التباس ترجمته بترجمة أبى جعفر أحمد بن عطية كاتب عبد المؤمن بن على أمير الموحدين ووزيره وكان يثق به ويفوض إليه أموره حتى نقم عليه فقتله سنة 553هـ ومن الطبيعى أنه غير المترجم له كما نبه المصنف إلى ذلك.
(3) وردت حروف هذه الكلمة بالأصل مهملة غير معجمة وقد صححناها بما يناسب المقام المبخوت: صاحب الحظ الحسن
(4) ذكر صاحب القلائد أن الذى أهدى إليه الورد هو أبو عبد الرحمن بن طاهر، وهو محمد بن أحمد بن إسحق بن طاهر أمير مرسية وأحد الكتاب والشعراء المرموقين بالأندلس، فر أمامه جيش المعتمد بن عباد، وأقام لاجئا فى بلنسية حتى توفى سنة 507هـ.
(5) أرج المسك: فاح طيبه.
(6) فى القلائد: حتى كأن المسك فى ذكائه.
(7) قلت: هلك، والمعنى: إن عطر هذه الباقة تزايد حتى خجلت جميع الورود من مناظرته فهلكت حياء أو إن هذا الورد جاء برائحته العطرية وبالغ فى بذل أنفاسه حتى خر صريعا وعلى هذا المعنى الأخير يكون التعبير «قلت الورد من حبائه» أى عطائه، وفى القلائد حتى قلت من حيائه.
(8) فى الأصل: سكرى، وقد آثرنا رواية القلائد.
(9) فى القلائد: مرآه، وفى الأصل رواه، ولعلها محرفة عن رؤاه، والرؤا: مقصور الرؤاء وهو المنظر الحسن الجميل، وقد تسهل الهمزة فيصبح الرواء.
(10) فى الأصل: ولينبله والتصويب عن القلائد أو لعلها وليخله.
(11) الريا: الرائحة الجميلة.(20/446)
الوزير أبو مروان بن مثنى (1)
وصفه بالتّقعير والتقعيب (2)، والتوعر فى المنهج الغريب، وكان من روّاد حياض دولة ابن ذى النون (3)، وروّاد رياض جوده الهتون، وله إلى ابن عكاشة (4) يذكر من عدم الراح استيحاشه:
يا فريدا دون ثانى ... وهلالا فى العيان
عدم الراح فصارت ... مثل دهن البلسان (5)
فكتب إليه ابن عكاشة:
يا فريدا لا يجارى ... بين أبناء الزّمان
جاء من شعرك روض ... جاده صوب البيان
فبعثناها سلافا ... كسجاياك الحسان
__________
(1) لعله أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى وكان كاتبا للمأمون بن ذى النون وأعانه على فتح بلنسية، ولم يرد ذكره فى القلائد، ومن شعره:
يلاحظنى بلحظ بابلى ... ويفعل بى فعال السامرى
ويفرط فى الصدود وفى التعنى ... كإفراط الروافض فى على
(2) التقعيب التقعر فى الكلام.
(3) المأمون بن ذى النون حاكم طليطلة، وقد حكمها بعده أبناؤه.
(4) حكم بن عكاشة قائد موال للمأمون بن ذى النون انتزع له قرطبة من يد بنى عباد وقتل حاكمها سراج الدولة عباد بن المعتمد بن عباد، ثم استعاد بنو عباد حكم قرطبة ويشكا وقتلوه سنة 467هـ.
(5) شجرة صغيرة تشبه الحناء اشتهرت بها قديما عين شمس ضاحية القاهرة، وهى مشهورة بالدهن ويتنافس الناس فى الحصول على هذا الدهن، يريد أن الخمر نادرة مثل هذا الدهن لأن هذه الشجرة لم تكن تنبت إلا فى عين شمس.(20/447)
الوزير القائد أبو الحسن على بن محمد بن اليسع (1)
قال الفقيه اليسع (2): هو ابن عمّ جدّه اخترم (3) ولم يدركه ومصنف القلائد وصفه مع علو شأنه وسمو مكانه بخلع العذار والاشتهار فى الاستهتار وافتضاض عذرة الجدّ مع العذراء ذات الخمار، وأخذ العقار، ونبذ الوقار، وحب المجون، وشرب الزرجون (4)، فأفضى به ذلك إلى وهن ملكه ووهى سلكه، وخلعه بسبب الخلاعة، وضياع قدره لما قدره من الإضاعة، وأورد من شعره ما يدل على حسنه وإحسانه فى العبارة والبراعة، فمن ذلك قوله يخاطب أبا بكر بن اللّبانة (5) وكانا على طريقين فلم يظفرا من التلاقى باللّبانة:
تشرّق آمالى وشعرى يغرّب ... وتطلع أشجانى وأنسى يعذب (6)
سريت أبا بكر إليك، وإنما
أنا الكوكب السارى تخطّاه كوكب
__________
(1) هو القائد الأمير الحسن على بن محمد بن اليسع حاكم جزيرة لورقة، أعان المعتمد ابن عباد على فتح مرسية ثم ناب عنه فى حكمها حتى ثار عليه أهل مرسية ففر منهم ولم تلبث إمارته أن سقطت فى يد المرابطين.
(2) صاحب كتاب المعرب فى آداب المغرب وقد أشرنا إليه سابقا.
(3) فى الأصول: حرم، لعل الصواب ما أثبتناه، اخترم: مات.
(4) الخمر.
(5) أبو بكر محمد بن عيسى المشهور بابن اللبانة كان من فحول الأدباء وكبار الشعراء، واشتهر بالقصائد والموشحات وله كتاب سقيط الدرر ولقيط الزهر توفى بميورقة سنة 507 وقد أورد له كل من صاحب الذخيرة والمعجب والقلائد عدة قصائد وموشحات.
(6) فى المغرب: وسعيى يغرب. وفيه وفى القلائد وتطلع أرجالى.(20/448)
فبالله إلّا، ما منحت تحيّة
تكرّ بها السبع الدرارى وتذهب
وبعد فعندى كلّ علق تصونه ... خلائق لا تفنى ولا تتقلب (1)
كتبت على حالين بعد وعجمة
فياليت شعرى كيف يدنو فيعرب (2)
وذكر أنه قصد المعتمد فأمر الوزيرين أبا الحسين بن سراج (3) وأبا بكر ابن القنطرية (4) بالمشى إليه إجلالا لموضعه، واحتفالا بموقعه، تنويها بقدومه، وتنبيها على خصوصى فضله وعمومه، فوافياه وهو فى خلوة مع خشف وطرف (5)
ونشوة ورشف فاختفى عنهما خشفه، وشفّ (6) لهما عنه سخفه، فلما انصرفا عزما على أن يكتبا إليه، فكتب الوزير أبو الحسن إليه:
سمعنا خشفة الخشف ... وشمنا طرفة الطّرف (7)
وصدّقنا، ولم نقطع ... وكذّبنا، ولم ننف
__________
(1) فى المغرب: كل ذخر، والعلق هو النفيس من كل شىء والأصل لا تبغى وقد آثرنا رواية المطرب، وفى القلائد: لا تبلى.
(2) فى الأصل: يدنو ويقرب وقد أخذنا برواية القلائد والذخيرة.
(3) هو أبو الحسن سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج من بيت فى أدب وفضل من شعراء المعتمد بن عباد توفى سنة 508هـ.
(4) سبقت الإشارة إليه ويرجح بعض الباحثين أن صحة الاسم القبطورنة.
(5) الخشف (مثلثة الحاء) ولد الظبى الصغير والطرف: الكريم من كل شىء.
(6) فى الأصل وسف وهو تحريف.
(7) الخشفة الصوت أو الحركة أو الحس الخفى، شمنا: رأينا، طرفة الطرف: نجم الغلام الجميل (الطرفة بالفتح كوكب).(20/449)
وأغضينا لإجلال ... ك عن أكرومة الظّرف (1)
ولم تنصف وقد جئنا ... ك ما ننهض من ضعف
وكان الحقّ أن تحمل أو ... تردف فى الرّدف (2)
فكتب إليهما مراجعا لها:
أيا أسفى على حال ... سللت بها من الظّرف
ويا لهفى على جهل ... بضيف كان من صنفى (3)
__________
(1) فى الأصل: أكرومة الضيف، وقد آثرنا رواية القلائد والمغرب مراعاة لسلامة القافية.
(2) فى القلائد: وكان الحكم.
(3) فى الأصل: من صيف والتصحيح عن القلائد والمغرب.(20/450)
الوزير المشرف أبو محمد بن مالك (1)
من غرناطة، مات سنة ثلاثين (2) وصفه بسمو الهمم ونموّ الكرم، وصفو الشّيم، كصوب الديم، ووقور الوقار، وظهور المقدار، وذكر أنه ولاه أمير المسلمين ابن تاشفين ما له بالأندلس (3)، وتمكّن قبوله الأنفس من الأنفس وبحر أدبه زاخر، وزهر فضله باهر، وأورد من نظمه بيتين زعم أنه قالهما فى مجلس طرب مؤنس وهما:
لا تلمنى إذا طربت لشجو
يبعث الأنس والكريم طروب (4)
ليس شقّ الجيوب حقّا علينا ... إنّما الحقّ أن تشقّ القلوب (5)
وذكر أنه اجتاز عليه بطرطوشة، والجدود فيها بجدّه منعوشة، وأنه أسمعه من شعره كلّ مستطاب مستفاد، استطابة العين الشاهدة للرّقاد فمن ذلك قوله:
__________
(1) عاش فى كنف ابن صمادح أمير المرية، وبنى هود أصحاب سرقسطة ثم كان عاملا ليوسف بن تاشفين وابنه على، واشتهر بالبراعة فى النظم والنثر، وقد أورد له ابن بسام طائفة من الشعر والنثر «الذخيرة الجزء الثانى من القسم الأول ص 259245» توفى سنة 518 «نفح الطيب ج 2ص 155والمغرب ج 2ص 117».
(2) ذكر صاحب نفح الطيب أنه توفى سنة 518هـ.
(3) فى القلائد حينما أقطعه أمير المسلمين خلد الله ملكه ما له بالأندلس من حصة، وأقعده على تلك المنصة.
(4) فى القلائد ونفح الطيب: لا تلمنى بأن طربت، وفى القلائد: لشدو، وفى المختصر لا تلمنى لئن طربت وفى نفح الطيب فالكريم طروب.
(5) فى نفح الطيب: إنما الشأن.(20/451)
سالت بمىّ صروف الدهر والنوب
وبان حظك منها وانقضى السّبب (1)
فماء حزنك فى الخدّين منسجم
ونار وجدك فى الأحشاء تلتهب (2)
تعجّب الناس من حاليك فاعتبروا ... وكلّ أمرك فيه عبرة عجب (3)
ضدّان فى موضع كيف التقاؤهما ... النار مضرمة، والماء منسكب
وذكر أنه اجتمع به فى إشبيلية فى روض مونق، وزهر مفتق، وقطف وسيم (4) زهرة، كأنما البدر قارن الزّهرة، [فى] كفّه فسألنى (5)، أن أقول شيئا فى وصفه، فقلت:
وبدر بدا والطرف مطلع حسنه ... وفى كفّه من رائق النّور كوكب
فقال أبو محمد:
يروح لتعذيب القلوب ويغتدى ... ويطلع فى أفق الجمال ويغرب
ويحسد منه الغصن أىّ مهفهف
يجىء على مثل الكثيب ويذهب (6)
__________
(1) هكذا بالأصل ولعلها شطت بمى وفى القلائد: قد سالمتنى، والمعنى على رواية القلائد ضعيف لأن صروف الدهر حاربته ولم تسالمه فسالت دموعه واشتعلت نيران قلبه: فأين المسالمة.
(2) فى الأصل فماء جدك والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: واعتبروا.
(4) غلام جميل.
(5) زيادة يقتضيها السياق.
(6) فى القلائد: ويحسن منه الغصن.(20/452)
الوزير أبو القاسم بن السقاط الكاتب (1)
كان كاتبا لأبى محمد بن مالك المذكور.
وصف استعذاب مقاطعه، واستغراب مطالعه، وتضوّع نشر وفائه، وتوضّح بشر صفائه، وتبسم ثغر أدبه عن أقاحى المعانى الزهر، وتنسم أرج فضله فى نواحى الأمانى الغر، لكنه عابه بالاشتهار بالمردان والاستهتار يحبّ الصّبيان وأورد من نظمه ما شاكل عقود اللآلىء فى فحور الحسان، فمن ذلك قوله:
سقى الله أيامنا بالعذيب ... وأزماننا الغرّ صوب السحاب
[إذ الحبّ يا بثن ريحانة ... تجاذبها خطرات العتاب] (2)
وإذ أنت نوّارة تجتنى ... بكفّ المنى من رياض التصابى (3)
ليالى والعيش سهل الجنى ... نضير الجوانب طلق الجناب
رميتك طيرا بدوح الصّبا ... وصدتك ظبيا بوادى الشّباب
__________
(1) أورد له صاحب القلائد مختارات شعرية ونثرية ص 170وكذلك صاحب المغرب ج 1ص 428وصاحب مسالك الأبصار ج 8لوحة 245وإن كانت شخصيته لم تتضح، وكل ما نعرفه أنه كان كاتبا لأبى محمد بن مالك السابق ذكره، وأنه ولى فترة من الزمان أعمال مالقة ومن المناسب أن نذكر أن هناك أديبا آخر اسمه ابن السقاط هو أبو عبد الله محمد ابن خلف بن مسعود المعروف بابن السقاط من العلماء الثقات والمحدثين المتمكنين ولى قضاء قرطبة ولد سنة 395وتوفى سنة 485 «الصلة ص 529».
(2) زيادة فى القلائد والمغرب.
(3) فى القلائد بكف الهنا.(20/453)
وقوله يصف يوما رفّ ظلّه، وراق طلّه، ودارت أفلاك سعادته، ودرّت أخلاف إرادته:
ويوم ظللنا والمنى تحت ظلّه ... تدار علينا بالسعادة أفلاك (1)
بروض سقته الجاشريّة مزنة
لها صارم من لامع البرق بتّاك (2)
توسدنا الصّهباء أضعاف كاسه
كأنّا على خضر الأرائك أملاك (3)
وقد نظمتنا للرّضى راحة الهوى ... فنحن اللآلى والمودّات أسلاك
تطاعننا فيه ثدىّ نواهد ... نهدن لحربى والسّنوّر أفلاك (4)
وتجلى لنا فيه وجوه نواعم
يحلن بدورا والغدائر أحلاك (5)
وقوله:
ويوم لنا بالخيف راق أصيله ... كما راق تبرّ للعيون مذاب
__________
(1) فى المغرب: ظللنا للمنى، وفى المغرب والقلائد والشعر الأندلسى: ظله: تدور.
(2) فى الأصل الحياسرة حزنة، والتصويب عن المغرب والقلائد، والشعر الأندلسى والجاشرية: شراب الصباح أو لا يكون إلا من ألبان الإبل خاصة، أو نصف النهار.
(3) فى الأصل: أضعاف كاسه.
(4) فى الأصل مهدن نحوى، والتصويب عن المغرب والقلائد، وفيهما والسنور أفناك والأفناك جمع فنك وهو ضرب من الفراء السنور: ملبس من الجلد كالدرع يحمى الجسم فى الحرب الأفلاك جمع فلك وهو كل شىء مستدير، أو موج البحر، أو التى من الرمل وامله يقصد أن هذه الثدى طعنته كالرماح واتقت هجمته بالروادف.
(5) آثرنا رواية القلائد والمغرب والشعر الأندلسى وفى الأصل وتحكى لنا وفى المغرب والغدائر أفلاك.(20/454)
نعمنا به والنّهر ينساب ماؤه
كما أنساب ذعرا حين ريع حباب (1)
وللموج تحت الرّيح منه تكسّر ... تألّف فوق المتن منه حباب (2)
وقد نجمت قضب لدان بشطّه ... حكتها قدود للحسان رطاب (3)
وأينع مخضرّ النبات خلالها ... كما اقتبلت نعمى فراق شباب (4)
قال وكتبت إليه:
عسى روضة نهدى إلى أنيقة ... تدبج أسطارا على ظهر مهرق (5)
أحلّى بها نحرى علاء وسؤددا ... وأجعلها تاجا بهيّا لمفرقى (6)
فكتب إلىّ مراجعا:
أتتنى عن شخص العلاء تحية
كرأد الضّحى فى رونق وتألّق (7)
أنمّ من الريحان ينضح بالنّدى ... وأطرب من سجع الحمام المطوّق
__________
(1) الحباب (بالضم): الحبة، الحباب (بالفتح) الفقاقيع الطافية على سطح الماء.
(2) فى القلائد نولد فوق المتن، وفى الأصل تؤلف. وما أثبتناه أقرب إلى رواية المصنف.
(3) فى الأصل قطب لدان، والتصويب عن القلائد.
(4) فى القلائد كما أقبلت نعمى وراق شباب.
(5) المهرق: الصحيفة معربة.
(6) فى القلائد: بمفرقى.
(7) فى القلائد: على شخص العلاء.(20/455)
وسطران فى مغزاهما أمن خائف ... وسلوة مشغوف وأنس مشوّق (1)
بصرت أبا نصر بها همم العلى ... وأطلقت من آمالها كلّ موثق (2)
قال: فزارنى مقجهما فبسطنى. وواجما فنشطنى والسماء قد نسخ صحوها وغيم جوها فأنشدنى:
يوم تجهّم فيه الأفق وانتثرت ... مدامع الغيث فى خد الثرى هملا
رأى وجومك فارتدّت طلاقته ... مضاهيا لك فى الأخلاق ممتثلا (3)
ومن رسائله المعسولة، وفضائله المقبولة، ممّا تهشّ إليه كلّ نفس، فكاتبته فى استدعاء صديق إلى مجلس أنس:
يومنا أعزّك الله يوم [قد] (4) نقّبت شمسه بقناع الغمام، وذهّبت كاسه بشعاع المدام، ونحن من قطار الوسمىّ، فى رداء هدى (5)، ومن نضير النّوار، على نضائد النضار (6)، ومن نواسم الزّهر (7)، فى لطائم (8) العطر، ومن عرّ النّدمان، بين زهر البستان، ومن حركات الأوتار، خلال نغمات الأطيار، ومن سقاة الكؤوس، ومعاطى المدام، بين مشرقات الشموس، وعواطى
__________
(1) فى القلائد: سطيران.
(2) فى الأصل نصرت لها نصرا والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: رأى وجوهك، وهو تحريف.
(4) زيادة من القلائد.
(5) الهدى: العروس.
(6) فى القلائد: على نظائر النظار.
(7) فى القلائد: من بواسم الزهر.
(8) جمع لطيمة وهى المسك أو كل طيب يحمل على الصدغ.(20/456)
الآرام (1) فرأيك فى مصافحة الأفمار، ومنافحة الأنوار، واجتلاء غرر الظباء الجوازى (2)، وانتقاء درر الغناء الحجازى، موفقا إن شاء الله تعالى.
وله فصل من رسالة فى إهداء فرس: قد بعثنا بجواد (3) يسبق الحلبة وهو يرسف ويتمهّل، متى ما ترقى العين فيه تستهلّ (4) يزحم منكب الجوزاء بك منكبه، وينزل عنه مثله حين تركبه (5) إن بدا قلت: انقضاضة شهاب (6)، أو اعتراضة (7) بارق ذى النهاب، فاضممه إلى أوىّ (8) جيادك واتخذه ليومى وهانك وطرادك إن شاء الله تعالى (9).
وله فصل: ما روضة الحزن وقد نفح بها النسيم بليلا، وسفح عليها الغمام
__________
(1) العواطى: جمع عاطية وهى المستشرفة المتطلعة إلى أعلى، الآرام: جمع رئم وهو الظبى الخالص البياض.
(2) فى الأصل الجوارى وقد أخذنا برواية القلائد مراعاة للسجع. الجوازى: جمع جازية بمعنى المغنية عن غيرها أو التى تجزى محبيها بوصالها.
(3) فى القلائد وقد بعثت إليك أيدك الله بجواد.
(4) استهلت عينه بالدموع: تبادرت بها، وفى القلائد: متى ترمق العين فيه يسهل.
(5) فى الأصل وينزل يركبه، وقد أخذنا برواية القلائد، والكاتب يقتبس قول الشاعر فى وصف جواد:
وأصرع أى الوحش قفيته به ... وأنزل عنه مثله حين أركب
أى لا يناله جهد ولا إعياء من كثرة الطراد.
(6) فى القلائد: «إن بدا قلت: ظبية ذات غرارة تعطو إلى عزارة أو عدا قلت انقضاضة شهاب».
(7) فى القلائد: أو اعتراض.
(8) طير أوى كجنى: متجمعة محتشدة، وفى القلائد إلى أرى جيادك من أرت الدابة إلى الدابة تأرى أريا ألفت معها معلفا واحدا.
(9) فى القلائد عز وجل.(20/457)
دمعا همولا، فرفغت (1) أحداق أنوارها، وتفتحت نوافج آسها وعرارها، بأعطر من شكرى لك، وقد غصّ النّدىّ بزواره، وقرئت آيات القطر واستغربت معالم آثاره.
وكتب عن أحد الأمراء إلى قوم علية شفعوا لجناة (2): طاعتكم وفقكم الله ثابتة الرسوم واضحة الوسوم (3)، وضنانتكم بالسلطان عصمه الله، ضنانة الجبان بالحياة (4)، وإعدادكم للمكافحة عن الدولة وطدها الله إعداد المهلب للبيات (5) فما لكم والشفاعة لرعاع ندّوا عن عصمة الجماعة، ونفروا وخاسوا بذمام الطّاعة وختروا (6)، ثم ودّوا لو تكفرون كما كفروا (7) فارفضوهم عن جماعتكم، وذودوهم عن حياض شفاعتكم، ذياد الأجرب، عن المشرب، فلا نقبل (8) على توسّل مستخفّ [بالنفاق مستسر] (9) ولا تقبل الخديعة (10)
من متماد على الغواية مصر.
__________
(1) وردت الكلمة بالأصل دون إعجام. ولعل الصواب ما أثبتناه، والرفغ: السعة والنعيم والخصب.
(2) فى الأصل والقلائد: الحناة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) الوسوم: مأخوذة من وسمه إذا وضع عليه علامات مميزة.
(4) فى الأصل: وصيانتكم صيانة الحبان والتصحيح عن القلائد.
(5) المهلب بن أبى صفرة: قائد عربى مظفر من أشهر قواد الدولة الأموية وولاتها أبلى فى القضاء على الخوارج أحسن البلاء ويقصد بالبيات مباغتة الأعداء ليلا.
(6) خاص بالعهد: نقضه، ختر: غدر.
(7) يقتبسه من الآية الكريمة {«وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمََا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوََاءً»}
89 - من سورة النساء.
(8) فى القلائد: فنحن لا نقبل.
(9) فى الأصل مستخف بالنفا ولا تقبل الخديعة، والإصلاح والتكملة من القلائد.
(10) فى القلائد: الخدعة.(20/458)
وله يستشفع لمدلّ بذمام شباب صوّح نوره، وبرّح به الزمان وجوره:
يا سيدى الأعلى، وظهرى ومنجدى فى الجلّى، ونصيرى المنيف فى دوحة النّبل فرعه، الحنيف فى ملّة الفضل شرعه، ومن أبقاه الله لرحم (1) أدب مجفوة ينظمها (2)، وحرمة مقطوعة يلحمها، الوفاء لمحاسن الأخلاق، وقى الله (3)
جديدا أنعمك من الدّروس والإخلاق (4) كالقلم (5) المذهّب، والخضاب الموشّى لراحة (6) الحبّ تستفيد (7) به بهجة التكحل فى العين، ورونق التشبيب (8)
فى مصوغ التّبر واللجين، وقد رتّبته النّهى أشرف ترتيب، وبوّبته العلا أبدع تبويب. فما أحقّه بصدر النادى، وأسبقه إلى المرتبة بشرف المبادى (9)، رعاية لأوامر الآداب، والمحافظة على الخلة (10) [الواشجة] (11) فى أعصر الشباب
__________
(1) الرحم: القرابة، وفى الأصل لرحمة والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: يصلها ولم نأخذ برواية القلائد على إبداعها إيثارا للوزن.
(3) فى الأصل: وفاء الله والتصحيح عن القلائد.
(4) الدروس: المحو. والإخلاق: القدم والبلا.
(5) فى الأصل كالعلم وقد اخترنا رواية القلائد.
(6) الراحة: باطن الكف.
(7) فى القلائد: يستفيد.
(8) فى الأصل ورونق فى التسبب، وقد آثرنا رواية القلائد: يريد أن يقول إن الوفاء أشبه بالقلم الذى يذهب الكتابة والخضاب الذى يزين راحة الحب بلون الذهب، فيسر العين مرآه، كما يسرها قيمة معدنه النفيس ولعل المقصود بالتبر أو اللجين الكلام الجيد النفيس.
(9) فى القلائد: المنادى.
(10) فى الأصل الجلة والتصويب عن القلائد.
(11) زيادة عن القلائد.(20/459)
وتذكّرا لعهود (1) الصبى وأطلاله، وأوقات (2) اللذات المنتابة (3) فى بكره وآصاله، وما سحبت (4) الليالى فى ميادينه من لبوس (5)، نعيم وبوس، وأجنت الأيام فى بساتينه من زهرات، أتراح (6) ومسرّات، حذوا للخلق الأكمل، وأخذا بقول الأول:
إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا
من كان يألفهم فى المنزل الخشن
وموصّله وصل الله سرّاك، وأثّل علاك (7) ذاكر مشاهدك الغرّ الحسان، وناشر ما تعتمده فى صلته من مقاصد الحسن والإحسان [أبقاه الله] (8) ما نظمنى معه سمط ناد، وما احتوانى (9) وإياه مضمار شكر وإحماد، إلا وأثبت من مآثرك خليطى الدّرّ والمرجان، وجاء بطليعة السوابق فى إمضاء مفاخرك (10) رخىّ اللّبب مرخى العنان (11) فلقد فاوضنى من أحاديث
__________
(1) فى القلائد: الربوع.
(2) فى القلائد: وعهود.
(3) فى القلائد: الشالة.
(4) فى الأصل والقلائد: أسحبت ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى الأصل فى لبوس والتصحيح عن القلائد.
(6) فى الأصل أفراح وقد أخذنا برواية القلائد.
(7) فى القلائد: وصل الله سراءك. وأثل علاءك.
(8) فى الأصل: من صلته من تقاصد والتصويب من القلائد، والزيادة من القلائد.
(9) فى القلائد: ولا احتوانى.
(10) فى القلائد فى إحصاء مفاخرك.
(11) فى الأصل: وحى والتصويب عن القلائد، والمعنى إنه يتسابق إلى ذكر محامدك ونشرها بطبعه الأصيل المتدفق دون جهد أو عناء.(20/460)
ائتلافكما فى العصور الدارسة العافية، وانتظامكما فى زهرات الأنس فى ظلال العافية، واتّساقكما فى حبرات العيش الرّقاق الضافية، وارتشافكما لسلافة النعيم المزّة الصّافية، بأفانين [الغيطان و] (1) النجود، وزخارف الرّوض المجود، ومعاطف الطّرر بين خيلان الخدود (2) ما لو لقيت بشاشتها الصخر (3) لمنح بهجة الإيراق، ولو ألقيت عذوبته فى البحر لأصبح حلو المذاق، ولو رقى به البدر لوقى آفة المحاق، ولو مرّت [ببيداء] (4) لعادت كسواد (5) العراق، وأزمع أن يسير بنواعج (6) لواعجه، [فى طرقه ومناهجه] (7) فى ذلك الدوّ، ويطير بجناح ارتياحه إلى متقاذف ذاك الجو (8)، ليكحل بالتماحك (9) جفونه، ويجلو بأوضاحك دجونه، ويجدّد بلقائك عهدا أنهج (10) البين رسمه، ويشاهد بمشاهدة علائك سرورا محت يد البين وشمه (11) ويحطّ (12) من أفناء بشرك بالآهل العامر، ويسقط من أنواء
__________
(1) زيادة من القلائد.
(2) فى الأصل: ومعاطف الطروس خيلان الخدور والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل: الصحو، والتصويب عن القلائد.
(4) زيادة بالقلائد.
(5) السواد: الريف والحقول والقرى.
(6) النواعج: جمع ناعجة وهى الناقة السريعة.
(7) زيادة من القلائد.
(8) فى القلائد: ويطير بجناح الارتياح فى الدو، إلى متقاذف ذلك الجو، والدو: الفلاة.
(9) فى الأصل: ليكمل بالتماحل والتصويب عن القلائد.
(10) فى الأصل أبهج والتصحيح عن القلائد.
(11) فى الأصل رسمه والتصحيح عن القلائد.
(12) فى الأصل وينحط والتصويب عن القلائد.(20/461)
برك على الحائل الغامر، فخاطبت معرضا عن التمريض، ومجتزئا بنبذ (1)
العرض ولمح التعريض، وبائحا له بأسرارك الخطرات (2) ذكرا للعهود (3)
القديمة، وارتياحك للقاء مثله من أعلاق العشرة الكريمة وأنت ولىّ ما تتلقاه [به] (4) من تأنيس ينشر موت (5) رجائه ويعمر مقفر أرجائه، لازلت عاطفا على الأخلّاء بكرم الودّ، قاطفا زهر الثناء من كمام الحمد [بحول الله] (6).
__________
(1) النبذ: طرح الشىء أمامك أو خلفك.
(2) فى القلائد: وتابعا له بأسرارك تلك الخطرات.
(3) فى القلائد: ذكرا العهود.
(4) زيادة بالقلائد.
(5) فى القلائد: ميت.
(6) زيادة بالقلائد.(20/462)
ذو الوزارتين أبو عبد الله محمد بن أبى الخصال (1)
الكاتب الغافقى ثم القرطبى، ذكره مصنف تاريخ الأندلسيين وقال: مات فى أول وهلة من الفتنة الثانية بالأندلس فى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لفتنة طائفة من عبيد لمتونة المتغلبين على قرطبة (2) وهو يخرج من داره للفرار إلى موضع يتحصّن فيه، فذبح عند بابه ولم يعرفوا قدره ولا علموا مكانه، وأما مصنف قلائد العقيان فإنه وصفه بالرّواء والنباهة، والرويّة والبداهة، والنبل والوجاهة، والفضل والنزاهة، والوقار الواقى حلمه من السّفاهة، والفخار العارى رسمه من عار العاهة، والأدب الزاخر البحر، والحب الزاهر البدر، والمذهب الباهر الفخر، لكنه نبّه على خمول منشاه، ونزول مرباه، وإنما ظهر بذاته، وتطهر من بذاذاته، وقدّمته براعته، وفخّمته عبارته، وبلغت به بهو البهاء بلاغته وخصّته للمراتب خصاله وأخلصته للمناصب خلاله. وأورد من بدائعه ما بدا به سنا إحسانه (3) وأخزى شأن شانيه (4) حسدا لعلوّ شانه
__________
(1) هو الوزير الكاتب الشاعر أبو عبد الله محمد بن مسعود بن أبى الخصال الغافقى أصله من أهل شقورة وسكن قرطبة وكان مفخرة وقته متفننا فى العلوم متبحرا فى لآداب واللغات، كان كاتبا ووزيرا لأبى الحسن على بن يوسف بن تاشفين، وله ديوان رسائل شغف به أهل الأندلس وجعلوه [إماما يحتذونه ونصوه إماما يقتفونه] كما يقول المراكشى، وله عدة مؤلفات ذكرها ابن دحية وتوفى مقتولا سنة 539أو سنة 540هـ وكان مولده سنة 465هـ «راجع الصلة ص 557والمطرب ص 187والمعجب ص 173».
(2) تحرك يحيى بن غائبة زعيم اللمتونيين (المرابطين) من إشبيلية إلى قرطبة للقضاء على أحمد بن حمدين المتغلب عليها وقضى عليه سنة 540هـ.
(3) فى الأصل: ما بدله سنا أحشابه، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى الأصل: وجرى شأن، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/463)
فمن ذلك قوله فى مغنّ زار بعد الإغباب وشعا رسم العتاب بالإعتاب (1):
وافى وقد عظمت علىّ ذنوبه ... فى غيبة قبحت بها آثاره (2)
فمحا إساءته بها إحسانه ... واستغفرت لذنوبه أوتاره
وذكر أنه كان بأشبيلية سنة ثلاث وخمسمائة ورحل أمير المسلمين (3) عنها فسار ابن أبى الخصال معه وأخلى بالبلد مجمعه فكتب إليه يستدعى من كلامه ما يثبته فى ديوانه وينبته بين زهر بستانه.
فكتب إليه الوزير جوابا: الحذر أعزّك الله يؤتى من الثقة، والحبيب يؤذى من المقة (4) وقد كنت أرضى من ودك وهو الصحيح بلمحة وأقنع من ثنائك وهو المسك بنفحة، فما زلت تعرّضنى للامتحان وتطالبنى بالبرهان، وتأخذنى بالبيان وأنا بنفسى أعلم، وعلى مقدارى أحوط وأحزم المعيدىّ يسمع به لا أن يرى (5) وإن وردت أخباره تترى فشخصه مقتحم يزدرى (6) لا سيّما بمن لا يجلّى (7) ناطقا ولا يبرّز سابقا [فتركه] (8)
__________
(1) الإعتاب: قبول العتب والرضا بعد الخصام.
(2) فى الأصل: وإنى وقد عظمت والتصويب عن القلائد.
(3) على بن يوسف بن تاشفين.
(4) المقة: المحبة، والمعنى: إنك مع صداقتى لك وثقتى بك تعرضنى للامتحان وتنزلنى فوق منزلتى مما يكشفنى للأنظار وهو يقول هذا تواضعا.
(5) إشارة إلى المثل المعروف: تسمع بالمعيدى خير من أن تراه.
(6) فى القلائد: مزدرى.
(7) يجلى: يسبق.
(8) زيادة فى القلائد.(20/464)
والظنون ترجمه (1)، والقيل والقال يقسّمه، والأوهام تحلّه وتحرّمه، أولى به من كشف القناع، والتخلّف عن منزلة الامتناع (2) وفى الوقت من فرسان، هذا الشان، وأذمار (3) هذا المضمار، وقطّان هذه المنازل وهداة تلك المجاهل، من تحسد فقره الكواكب، ويترجّل (4) إليه منها الراكب، فأما الأزاهر فملقاة فى رباها، ولو حلّت عن المسك حباها وصنعت من الشّمس حلاها، فهى من الوجد تنظر بكل عين شكرى لا تكرى (5)، وإذا كانت أنفاس هؤلاء الأقران (6) مبثوثة، وبدائعهم مبثوثة (7)، وجواهرهم (8) على محاسن الكلام مبعوثة، فما غادرت متردّما (9) ولا استقبلت لمتأخّرها (10) متقدّما فعندها يقف الاختيار وبها يقع المختار، وأنا أنزه ديوانه النزيه، وتوجيهه
__________
(1) تختلف به الظنون فتتوهم رجما بالغيب أى تركه مستورا لا يعرف أحد شيئا عنه إلا بالظن أولى من كشف ستاره.
(2) فى القلائد عن منزلة الإمتاع.
(3) فى الأصل والقلائد: أدمار، ولعل الصواب ما أثبتناه، أذمار جمع ذمر ككبد وهو الفارس الشجاع.
(4) فى الأصل: ويترحل، والتصويب عن القلائد.
(5) شكرى ممتلئه بالدموع من شكرت الناقة إذا امتلأ ضرعها باللبن تكرى: تنام، من كرى يكرى كرضى يرضى، وفى الأصل سكرى والتصويب عن القلائد وفيه لا نكرا وهو تحريف.
(6) فى القلائد: الأفراد.
(7) فى القلائد: منثونة. أى ذائعة شائعة.
(8) فى القلائد: وخواطرهم.
(9) تردم فلانا تعقبه واطلع على ما هو فيه، والمعنى: ما تركت آثارهم بحالا لمن يتطلع إلى الزيادة وهو ناظر فى هذا إلى قول عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم
(10) فى القلائد: المتأخر، أى لم نترك للأخير أن يبلغ ما بلغه الأوائل.(20/465)
الوجيه، عن سقط من المتاع، قليل الإمتاع (1)، إلّا أن يعود به جماله، ويحرس نقصه (2) كماله، وهبه أعزه الله استهل استلحاقه، وطامن له أخلاقه، أترانى أعطى الكاشحين فى إثباته يدا، وأترك عقلى (3) لهم سدى، وما إخالك ترضاها لى مع الودّ خطّة خسف، ومهواة حتف، لا يستقلّ ظعينها، ولا يبل طعينها (4).
وله من أخرى (5): [ولولا أن الجواب فرض يجرح معطله لاعتذرت (6)
واقتصرت، ولكنى] أوثر حقّك وإن أبقى علىّ دركا وبوّانى دركا (7). وقد حمّلت فلانا ما سمح به الوقت، وإن اشتبه [علىّ] (8) القصد والسمت.
ومن أخرى (9): نبذ الوفاء، فحذفنا لفاء (10)، وجفا الكريم، فألغينا
__________
(1) فى القلائد [ثقيل روح السرد، ملك صر البرد].
(2) فى الأصل بنقصه. والتصويب عن القلائد.
(3) فى الأصل: وأنزل على عقلى، وقد أخذنا برواية القلائد.
(4) فى القلائد. لا يستقل غبينها، ولا يمل ظعينها، أبلى من مرضه: شفى منه.
(5) ذكر صاحب القلائد أن هذه الرسالة فصل من الرسالة السابقة، وأورد نحو عشرة أسطر قبل ما ذكره المصنف فى بدء الرسالة.
(6) بدء الجملة كما فى القلائد.
(7) الدرك: التبعة والدرك (بفتح الراء وسكونها): قاع الشىء ويطلق على قعر جهنم، قال تعالى: {«إِنَّ الْمُنََافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النََّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»}.
(8) زيادة من القلائد.
(9) من رسالة أوردها صاحب القلائد أولها: أيدك الله، ليست الأذناب كالأعراف ولا الأنذال كالأشراف.
(10) الواء: الحمار الوحشى، أى أنه ترك الوفاء، فحذفنا حرف الفاء، فأصبحت الكلمة الواء وهو الحمار الوحشى.(20/466)
الميم (1)، أقسم بالمبتسم (2) البارد [والحبيب الوارد] (3)، قسما تبقى على الشّيب جدّته، وتعزّ على المشيب حدّته، ذكرى من ذلك العهد مدّت بسببه ومتّت (4) إلى القلب بنسبه.
وله يعتذر من استبطاء المكاتبة:
ألم تعلموا والقلب رهن لديكم
يخبّركم عنّى بمضمره بعدى
ولو قلبتنى الحادثات مكانكم
لأنهبتها وفرى، وأوطأتها خدّى (5)
ألم تعلموا أنّى وأهلى وواحدى
فداء، ولا أرضى بتفدية وحدى (6)
وله من رسالة إلى وزير نكب، وكبير للنصب نصب وهو أبو محمد ابن القاسم (7): مثلك ثبّت الله [فؤادك] (8) وخفّف عن كاهل المكارم
__________
(1) إذا حذفنا حرف الميم من كلمة الكريم تصبح الكرى، وهو السهاد وهنا أسقط المصنف من الرسالة بضعة سطور حفظتها القلائد.
(2) فى الأصل: بالمتبسم، وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد: ومنت.
(5) فى المطرب: ولو قبلتنى الحادثات.
(6) فى المطرب: ولا أرضى بنقمتى.
(7) صاحب إقليم البونت، وقد سبقت الإشارة إليه.
(8) زيادة فى القلائد.(20/467)
ما آدها [بك وآدك] (1) يلقى دهره غير مكثرث، وينازله بصير غير منتكث، ويبسم عند قطوبه، ويفل شباة خطوبه (2) فما هى إلا غمرة ثم تنجلى وخطرة يليها من الصّنع الجميل ما يلى، لا جرم أن الحرّ كيف كان حرّ، وأن الدّرّ برغم من جهله درّ، وهل كنت إلا حساما انتضاه، قدر أمضاه وساعد أنضاه (3) فإن أغمده فقد قضى ما عليه، وإن جرّده فذلك إليه، أما أنّه ما سلم حدّه (4)، ولبس جوهر الفرند حدّه، لا يعدم طبنا يشترطه، ويمينا تخترطه، هذه الصّمصامة، تقوم على ذكرها القيامة، طبقت البلاد أخباره، وقامت مقامه فى طرائقه آثاره (5). وأما حامله فنسى منسىّ [وعدم منهى] (6)، وما الحسن إلا المجرّد العريان وما الصبح إلا الطلق الإضحيان (7) وما النّور إلا ما صادم الظلام، ولا النّور (8)
إلا ما فارق الكمام، وما ذهب ذاهب، أجزل حظّه لعوض واهب (9)
إلى هاهنا من قلائد العقيان.
ذكر محمد الغرناطى فى نزهة الأنفس فى أخبار أهل الأندلس.
__________
(1) زيادة بالقلائد.
(2) الشبا والشباة: الحد.
(3) فى القلائد: ارتضاه.
(4) فى القلائد: ما أنتم حده، ما هنا ظرفية.
(5) الطبن: الذكى الفطن.
(6) فى القلائد: فى كل أفق آثاره.
(7) زيادة من القلائد.
(8) المضىء: المشرق.
(9) فى القلائد: أجزل منه العوض واهب.(20/468)
الوزير أبو عبد الله محمد بن أبى الخصال
وأثنى عليه وأورد له مسمطة (1) فى منادب قرطبة والزهراء وهى:
سمت لهم بالغور والشمل جامع ... بروق بأعلام العذيب لوامع
فباحت بأسرار الضمير المدامع ... وربّ غرام لم تنله المسامع
أذاع به مرفضّها المتصوّب (2)
ألا فى سبيل الشوق قلب موكّل ... بركب إذا شاموا البروق تحمّلوا
هو الموت إلا أننى أتجمّل ... إذا قلت هذا منهل عنّ منهل
وراية برق نحوها القلب يجنب (3)
أبى الله!! أمّا كلّ بعد فثابت ... وأما دنوّ الدار منهم ففائت (4)
ولا يلفت البين المصمّم لافت ... ويا ربّ حتّى البارق المتهافت
غراب بتفريق الأحبّة ينعب
حذوا بدمى ذاك الوميض المضرّجا ... وروضا لغير العاشقين تأرّجا
عفا الله عنه قائلا ما تحرّجا ... تمشى الردى فى نشره وتدرّجا
__________
(1) تذكرنا هذه المسمطة بمسمطتى ابن زيدون فى وصف جمال قرطبة وآثارها ويبدو تأثر الشاعر هنا بمعانى ابن زيدون وأسلوبه واضحا كل الوضوح.
(2) فى الأصل: أذاع بها ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى: إن المدامع أداعت أسرار هذا الحب المكتوم.
(3) يجنب: يشتاق.
(4) فى الأصل: أفى الله فنابت، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/469)
وفى كل شىء للمنية مرهب (1)
سقى الله عهدا قد تقلّص ظله
حيا مطرة يحيى الربا مستهله (2)
وحيّا به شخصا كريما أجلّه ... يصحّ فؤادى تارة ويعلّه (3)
ويلأمه بالذّكر طورا ويشعب (4)
رمانى على فوت بشرح ذكائه (5)
فأعشت جفونى نظرة من ذكائه (6)
وغصّت بأدنى شعبة من سمائه (7) ... شعابى، وجاء البحر فى غلوائه (8)
فكل قرىّ ردع حدّيه يركب (9)
ألم يأته أنى ركبت قعودا (10) ... وأجمعت عن وفد الكلام قعودا
__________
(1) مرهب. مصدر ميمى بمعنى الرهبة، ولعلها: مذهب.
(2) الحيا. الحصب، وفى الأصل حيا بطرة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل: وصبابه شخصا ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) يلأم الصدع: يصلحه يشعبه: يصدعه.
(5) الفوت: القرب، دون التمكن من الاتصال، يقال هو فوت رمحه أو بعده أى يراه ولا يصل إليه، والشرخ: نصل لم يسق بعد ولم تركب عليه قائمة، والذكاء: النار المشتعلة أو الفطنة القوية.
(6) ذكاء بضم الذال): الشمس.
(7) الشعبة: سيل الماء فى الرمال أو ما عظم من سوق الأودية.
(8) علوائه: خدته.
(9) القرى جمع قرية وهى عود الشراع الذى يركب فى صارى المركب، الردع: العنق، ولعل المعنى: حينما غرفت شعابى فى أمواج جلاله وجماله، تهيأت أشرعة الزوارق لتسير فى هذا التيار الجارف.
(10) القعود من الإبل: ما يمتطيه الراعى فى كل حاجته.(20/470)
ولم أهتصر للبين بعدك عودا ... وأرهقنى هذا الزمان صعودا (1)
فربع النّدى بين الجوانح سبسب (2)
على تلك من حال دعوت سميعا ... وذكرت روضا بالعقاب مريعا
وشملا بشعب المذحجىّ جميعا ... وسربا بأكناف الرصافة ريعا (3)
وأحداق عين بالحمام تقلّب
ولم أنس ممشانا إلى القصر ذى البخل
بحيث تجافى الطود عن دمث سهل
وأشرف لاعن عظم قدر ولا فضل
ولكنه للملك قام على رجل
يقيه تباريح الرّياح ويحجب
وكم موجع ينتابه برسيسه (4) ... ومعتبر ألقى بأرحل عيسه
ويرى أم عمرو فى بقايا دريسه (5) ... كسحق اليمانى تعتليه بغيسه (6)
__________
(1) كلفنى اقتحام عقبة بعد عقبة.
(2) السبسب: المفازة أو الأرض المستوية البعيدة.
(3) رصافة قرطبة.
(4) الرسيس: ابتداء الحب أو بدء الحمى.
(5) أم عمرو أو أم عامر: كنية للضبع، الدريس: البالى، السحق: الثوب الخلق البالى.
(6) اليمانى نسبة إلى اليمن، الغيس: الشعر الأنيث الناعم، ولعلها العيس بمعنى إناث الجراد. وفى الأصل تقتلبه نفيسه، ولعلها يغيسه كما أثبتناها أو بعيسه، ويكون المعنى أن الضبع تجول فى هذه الآثار وما يتخللها من نبات يشبه الثوب اليمانى النفيس الممزق وما فيه من أهداب يشبه الشعر الناعم الكثيف، أو أن أهدابه تشبه أرجال الجراد.(20/471)
فرقعته تسبى القلوب وتعجب
بيضاء للبيض البهاليل تعتزى (1) ... وتعثر بالبالى ملالا وتنترى (2)
سوى أنّها بعد الصنيع المطّرز ... كساها البلى والثكل أسمال معوز
فتبكى وتبكى الزائرين وتندب
وكم لك بالزّهراء من متردّد ... ووقفة مستنّ المدامع مقصد (3)
فسكنّ من خفق الجوانح باليد ... وتهتك حجب الناصر بن محمد
ولا هيبة تخشى هناك وترقب
لنعم مقام الخاشع المتنسّك
وكانت محلّ العبشمىّ المملّك (4)
متى ترد النّفس العزيزة يسفك (5)
وإن يسم نحو الأبلق الفرد يملك (6)
__________
(1) فى الأصل تعترى وهو تصحيف، والمقصود بالوصف هنا المدينة التى غيرتها الأحداث.
والبهاليل: جمع بهلول وهو السيد الجامع لكل خير.
(2) فى الأصل حلالا ولعل الصواب ما أثبتناه، تنتزى: تتولب.
(3) مستن المدامع: مضطر بها يريد المدامع التى تنحدر حينا وتمسك حينا، والمقصد (بالبناء للمجهول): المريض المشرف على الموت، عبد الرحمن الناصر أشهر ملوك الأمويين بالأندلس وباقى مدينة الزهراء التى يتحدث الشاعر عن أطلالها.
(4) العبشمى نسبة إلى عبد شمس وهو جد الأمويين الأعلى يشير إلى الخليفة الناصر.
(5) أى أنه كان يفدى هذه المدينة بنفسه إذا أرادت.
(6) الأبلق الفرد: حصن يضرب المثل بمناعته للسموأل بن عادياء اليهودى بأرض تيماء تزعم الأساطير أنه من بناء سليمان عليه السلام.(20/472)
وأىّ مرام رامه يتصعّب (1)
قصور كأنّ الماء يعشق مبناها ... وطورا يرى تاجا بمفرق أعلاها
وطورا ترى خلخال أسوق سفلاها
إذا زلّ وهنا عن ذوائب مهواها
يقول هوى بدر أو انقضّ كوكب
أتاها على رنم الجبال الشواهق ... وكلّ منيف للنجوم مراهق (2)
وكم دفعت فى الصّدر منه بعائق ... فأودع فى أحشائها والمفارق
حساما بأنفاس الرّياح يذوب (3)
هى الخود من قرن إلى قدم حسنا (4)
تناصف أقصاها جمالا مع الأدنى
ودرّجن بالأفلاك مثنى على مثنى (5)
فوافقن فى الإتقان، واختلف المعنى
وأسباب هذا الحسن قد تتشعّب
فأين الشموس الطالعات بها ليلا ... وأين الغصون المائلات بها ميلا
__________
(1) الاستفهام هنا إنكارى.
(2) مراهق: مقارب.
(3) يقصد أن الماء بتدفق إليها على الرغم من الجبال المنيعة والعوائق المحيطة بها.
(4) الخود: الفتاة الجميلة الشابة أو الناعمة.
(5) درجن: صعدن، مثنى على مثنى: متزاوجة.(20/473)
وأين الظباء السّاحبات بها ذيلا
وأين الثرى رجلا وأين الحصا خيلا (1)
فوا عجبا لو أنّ من يتعجّب
كم احتضنت فيها القيان المراهرا (2)
وكم قد أجاب الضّير فيها المرامرا
وكم فاوحت فيها الرياض المجامرا ... وكم شهدت فيها الكواكب سامرا
عليهم من الدنيا شعاع مطنّب
كأن لم يكن يقضى بها النهى والأمر
ويجبى إلى خرّانها البرّ والبحر (3)
ويسفر مخفورا بذمّتها الفجر ... ويصبح مختوما بطينتها الدهر (4)
وأيامه تعزى إليها وتنسب
ومالك عن ذات القسىّ النواضح (5) ... وناصحة تعزى قديما لناصح (6)
__________
(1) فى الأصل: رحلا وحيلا، وهو تصحيف.
(2) القيان: الجوارى المغنيات المزاهر: العيدان.
(3) ورد الشطر الأخير بالأصل مهمل الحروف وقد صححناه بما يناسب السياق.
(4) كانت أوامر الخلفاء تصدر فى خطابات مختومة بخاتمهم على نوع خاص من الطين يشبه ما نسميه الآن بالشمع الأحمر.
(5) المقصود بذات القسى النواضح: قنطرة قرطبة.
(6) قصر ناصح: من مشاهد قرطبة المعدودة وإليه أشار ابن زيدون فى مخمسته المشهورة بقوله:
وأحسن بأيام خلون صوالح ... بمصنعة الدولاب أو قصر ناصح
كما يقول فيه:
وليس ذميما عهد مجلس ناصح ... فأقبل فى فرط الولوع به نصحا(20/474)
وذى أثر باق على الدهر واضح ... يخبر عن عهد هنالك صالح
ويعمر ذكر الذاهبين ويخرب
تلاقى عليها فيض نهر وجدول ... تصعّد من سفل وأقبل من عل
وهذا جنوبىّ وذلك شمألى (1) ... وما انفقا إلا على خير منزل
وإلّا بإنّ الفضل فيه مجرّب
كأنهما فى الطيب كانا تنافرا ... فسارا إلى فصل القضاء وسافرا (2)
فلما تلاقى السابقان تناظرا ... فقال ولىّ الحقّ مهلا تضافرا
فكلّكما عذب المجاجة طيّب
ألم تعلما أن اللجاج هو المقت ... وأن الذى لا يقبل النصح منبت
وما منكما إلاله عندنا وقت ... فلما استبان الحقّ واتجه السّمت (3)
تقشّع عن نور المودّة غيهب
وإنّ لنا بالعامرىّ لمظهرا ... ومستشرفا يلهى العيون ومنظرا
وروضا على شطّى خضارة أخضرا (4)
وجوسق ملك قد علا وتجبّرا (5)
__________
(1) فى الأصل وهذى جفونى وهو تحريف.
(2) فى الأصل: إلى نضل القضاء، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) السمت: القصد.
(4) خضارة: البحر.
(5) الجوسق: القصر.(20/475)
له ترة عند الكواكب تطلب
تخيّره فى عنفوان الموارد ... وأثبته فى ملتقى كلّ وارد
وأبرزه للأريحىّ المجاهد
وكلّ فتى عن حرمة الدّين ذائد (1)
حفيظته فى صدره تتلهّب (2)
تقدّم من قصر الخلافة فرسخا
وأصحر (3) بالأرض الفضاء ليصرخا
فخالته أرض الشرك فيها مؤخّا ... كذلك من جاس الخلال ودوّخا
فروعته فى القلب تسرى وتذهب
أولئك قوم قد مضوا وتصدّعوا
قضوا ما قضوا من أمرهم ثم ودّعوا
فهل لهم ركن يحسّ ويسمع ... تأمل فهذا ظاهر الأرض بلقع
ألا أنهم فى بطنها حيث غيّبوا
ألست ترى أن المقام على شفى (4) ... وأن بياض الصّبح ليس بذى خفا
وكم رسم دار للأحبة قد عفا ... وكان حديثا للوفود معرّقا
__________
(1) فى الأصل زائد وهو تحريف.
(2) حفيظته: غضبه وموجدته فى سبيل الدين.
(3) أصحر برز بالصحراء، وفى الأصل وأسخر، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) ما بقى إلا شفى: إلا قليل، ويريد هنا: على خطر أى أن النهاية قريبة.(20/476)
فأصبح وحش المنتدى يتحنّب
ولله فى الدارات ذات المصاقع ... أخلّاء صدق كالنجوم الطوالع
أشيّع منهم كلّ أبيض ناصع
وأرجع حتى لست [يوما براجع] (1)
فيا ليتنى فى فسحة أتأهّب
أقرطبة لم يثننى عنك سلوان ... ولا مثل إخوانى بمغناك إخوان
وإنّى إذا لم أسق ماءك ظمآن
ولكن عدانى [عن طروقك أشجان] (2)
وموطىء آثار تعدّ وتكتب
لك الحقّ والفضل الذى ليس يدفع ... وأنت لشمس الدين والعلم مطلع
ولولاك [كان الشّرع] (3) يطوى ويرفع
وكلّ التقى والهدى والخير أجمع
إليك تناهى والحسود معذّب
ألم تك خصّت باختيار الخلائف ... ودانت لهم فيها ملوك الطّوائف
وعضّ ثقاف الملك كلّ مخالف (4) ... بكل حسام مرهف الحد راعف
__________
(1) بياض بالأصل وقد أكملنا الشطر بما يناسب المقام. يريد أنه يشيع أصحابه ويعود وسيأتى يوم لا يعود فيه.
(2) بالأصل بياض وقد أكملنا الشطر بما يناسب المقام.
(3) بياض بالأصل وقد أكملناه بما يناسب المقام.
(4) الثقاف: الجلاد أو الخصام أو ما تسوى به الرماح، والمعنى أن الثوار ذاقوا مرارة الجهاد حتى ذلوا وهانوا.(20/477)
به تحقن الآجال طورا وتسكب (1)
إلى ملكها انقاد الملوك وسلّموا ... وكعبتها زار الوفود ويمّموا
ومنها استفادوا شرعهم وتعلموا ... وعاذوا بها من دهرهم وتحرموا (2)
فنكّب عنهم صرفه المتصحّب (3)
علوت فما فى الحسن فوقك مرتقى ... هواؤك مختار وتربك منتقى
وجسرك للدنيا وللدّين ملتقى ... وبيتك مرفوع القواعد بالتقى
إلى فضله الأكباد تنضى وتضرب (4)
[ووالى كرام] (5) التابعين بناءه (6) ... ومدوا طويلا صيته وثناءه
وخطّوا بأطراف العوالى فناءه (6) ... فلا خلع الرّحمن منه بهاءه
ولا زال مسعى كائديه يخيّب
[تأنّق فيه] (7) كلّ أروع أشيد
طويل المعالى والمكارم باليد
وشادوا وجادوا سيّدا بعد سيّد ... فبادوا جميعا عن صنيع مخلّد
__________
(1) تحقن الآجال: تصان وتحفظ.
(2) فى الأصل وعادوا بها من دهرهم، وهو تحريف.
(3) المتصحب: المستحى أى أن الدهر استحى من مهاجمتهم عند تحصنهم بهذه المدينة.
(4) يريد أكباد الإبل أى يتوافد الزوار إلى هذا البلد مجهدين إبلهم فى السير.
(5) بياض بالأصل وقد أكملناه بما يوافق السياق.
(6) فناء الدار: ما اتسع أمامها، والقناء (بالقاف) الجدار الذى يفىء عليه الظل، وكلاهما صالح هنا.
(7) بياض بالأصل، وقد أكملناه بما يناسب المعنى.(20/478)
يقوم عليهم بالثناء ويخطب
مصابيحه مثل النجوم الشوابك
تحرّق [أسداف] (1) الليالى الحوالك
وتحفظه من كل لاه وسالك ... أجادل تنقض انقضاض النّيازك
فأبشارهم بالطّبطبيّة تنهب (2)
أجدّك لم تشهد به ليلة القدر ... وقد جاش مدّ البأس منه إلى بحر
وقد أسرجت فيه جبال من الزهر ... فلو أن ذاك النّور يقبس من فجر
لأوشك نور الفجر يفنى وينضب
كأنّ الثّريا ذات أطواد نرجس ... ذوائبها تهفو بأدنى تنفّس
وطيب دخان النّدّ فى كل معطس (3)
وأنفاسه فى كل جسم وملبس
وأذياله فوق الكواكب تسحب
إلى أن تبدّت راية الفجر تزحف
وقد قضى الفرض الذى لا يسوّف
تولّوا وأزهار المصابيح تقطف ... وأبصارها صوتا تغضّ وتطرف
__________
(1) بياض بالأصل والكلمة مناسبة للمقام.
(2) الطبطبية: درة للتأديب، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يحملها فى يده للارهاب، والأشار: الجلود.
(3) الند: نوع من الطيب يستعمل فى البخور، وقيل هو العنبر.(20/479)
كما تنصل الأرماح ثم تركب (1)
سلام على غيّابها وحضورها ... سلام على أوطانها وقصورها
سلام على صحرائها وقبورها ... ولا زال سور الله من دون سورها
فحسن دفاع الله أحمى وأرهب
وفى ظهرها المعشوق كلّ مرفع (2) ... وفى بطنها الممشوق كل مشفع (3)
متى تأته شكوى الظلامة ترفع ... وكل بعيد المستغاث مدفع
من الله فى لك المواطن يقرب
وكم كربة ملء الجوانح والقلب
طرقت وقد نام المواسون من صحبى
بروعتها قبر الولىّ أبى وهب (4)
وناديت فى الترب المقدّس يا ربّ
__________
(1) نصل الرمح: جعل فيه نصلا أو أزالة ضد وأنصلته: أخرجته، والمعنى كما تعد أطراف الرماح الحديدية ثم تركب فى أعوادها الخشبية.
(2) رفيع المنزلة.
(3) صالح تقى مقبول الشفاعة عند الله يوم القيامة.
(4) الزاهد الورع الصالح أبو وهب عبد الرحمن العباسى طرأ على قرطبة من الشرق، وأقبل على العبادة والزهد فذاع صيته فى الأندلس، وقالوا: إنه كان مجاب الدعوة مقبولا فى الناس، وما زالت إجابة الدعوة معروفة عند قبره بظاهر قرطبة، وقالوا إنه باع أثاث بيته قبل موته بأيام يسيرة فلما سئل فى ذلك قال أريد سفرا طويلا، وتوفى سنة 344هـ عن تسعين سنة، ويتحدثون عن كراماته أحاديث كثيرة [المغرب ج 1ص 58].(20/480)
فأبت بما يهوى الفؤاد ويرغب
فيا صاحبى إن كان قبلك مصرعى
وكنت على عهد الوفا والرّضا معى
فخطّ بضاحى ذلك الترب مضجعى ... وذرنى فجار القوم غير مروّع
وعندهم للجار أمن ومرحب
رعى الله من يرعى العهود على النّوى
ويظهر بالقول المحيّر ما نوى
ولبّيه من مستحكم الودّ والهوى ... يرى كلّ واد غير واديه مجتوى
وأهدى سبيليه الّتى يتجنب(20/481)
فأبت بما يهوى الفؤاد ويرغب
فيا صاحبى إن كان قبلك مصرعى
وكنت على عهد الوفا والرّضا معى
فخطّ بضاحى ذلك الترب مضجعى ... وذرنى فجار القوم غير مروّع
وعندهم للجار أمن ومرحب
رعى الله من يرعى العهود على النّوى
ويظهر بالقول المحيّر ما نوى
ولبّيه من مستحكم الودّ والهوى ... يرى كلّ واد غير واديه مجتوى
وأهدى سبيليه الّتى يتجنب
ذو الوزارتين الكاتب أبو محمد بن عبد البر (1)
ذكره صاحب قلائد العقيان بأنه كان واحد الأندلس، وهادى الأنفس، بالهدى وبحر البيان، وفخر الزمان، إلا أنه حصل عند عبّاد المنبوذ بالمعتضد (2)
فى طالع سعده آفل، وبغمام نعماه [غير] (3) حافل، ولولا فراره لأظلم نهاره، ولولا هربه، لم يقض قبل أن يقضى نحبه أربه، وقد أورد من نظمه ونثره ما يسخر بالسحر، ويسخّر له قلائد الدر، فمن ذلك فى رجل مات مجذوما:
مات من كنّا نراه أبدا ... سالم العقل سقيم الجسد
بحر سقم ماج فى أعضائه ... فرمى فى جلده بالزّبد
كان مثل السّيف إلا أنّه ... حسد الدهر عليه فصدى
وقوله:
لا تكثرنّ تأملا ... واحبس عليك عنان طرفك
فلربّما أرسلته ... فرماك فى ميدان حتفك
__________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن الحافظ أبى عمر بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر السمرى، ورث عن أبيه الثقافة الإسلامية الواسعة وبرع فى الكناية براعة فائقة حتى جعله المعتضد بن عباد كاتبه وعشيره، ولكنه انقلب عليه وكاد يفتك به كعادته مع كبار رجال حاشيته لولا أن تشفع فيه أبوه الحافظ أبو عمر بن عبد البر وكان رجل الأندلس علما وحفظا ودراية، فاكتفى المعتضد بعزله، توفى سنة 458هـ فى حياة أبيه [ترجم له ابن بسام فى الذخيرة (المجلد الثالث مخطوط الورقه 20] والضّبى فى البغية ص 341وابن بشكوال فى الصلة 270وابن سعيد فى المغرب ح 2ص 402وابن خاقان فى القلائد ص 180.
(2) المعتضد بن عباد صاحب أشبيلية.
(3) زيادة يقتضيها لمقام.(20/482)
ومن نثره من رسالة (1): كتابى [أعزّك الله تعالى] (2) عن حال قد طال (3)
جناحها، وآمال قد أسفر صباحها، ويد قد اشتدّ زندها ونفس قد انتجز فى كل محاول وعدها (4)، بما وردنى به كتابك (5).
ومن أخرى (6): مكاتبة الصديق عوض من لقائه إذا امتنع اللقاء، واستدعاء لأنبائه إذا انقطعت الأنباء، وفيهما (7) أنس، تلذّ به النفس وارتياح، تنعش به الأرواح وارتباط، يتّصل فيه (8) الاغتباط وافتقاد، يتبيّن (9) منه الاعتقاد والوداد، ومثل خلّتك الكريمة عمرت معاهدها، ومثل عشرتك الجميلة شدّت معاقدها، ومثل مكارمك (10) البرّة حمدت مصادرها ومواردها، وإذ قد تسبّبت لى أسبابها، فلا أقطعها، وإذ قد انفتحت لى (11) أبوابها فلا أدعها (12).
__________
(1) ذكر ابن خاقان أنه كتب هذه الرسالة عن الموفق أبى الجيش [مجاهد العامرى صاحب دانية وهو والد زوجة المعتضد] إلى المعتضد يهنئه بالاستيلاء على مدينة شلب الحصينة.
(2) زيادة فى القلائد.
(3) لعلها: طار.
(4) فى القلائد: ونفس قد انتجز بنجح كل مأمول وعدها.
(5) فى القلائد: بما وردنى به كتاباك الكريمان. ثم أكمل صاحب القلائد الرسالة (ص 181)
(6) قطعة من رسالة انتخبها المصنف من وسط الرسالة المنشورة كاملة بالقلائد ص 181، 182.
(7) فى القلائد: وفيها.
(8) فى القلائد: به.
(9) فى القلائد: به.
(10) فى القلائد: مكارمك.
(11) القلائد بيننا.
(12) بقية الرسالة بالقلائد ص 182.(20/483)
الوزير الكاتب أبو الفضل بن حسداى (1)
وصفه بالإحراء فى ميدان البلاغة إلى أبعد أمد، والاستمداد من البيان والبراعة أغزر مدد، وكان من درجة الأكفاء محطوطا غير محظوظ، وبأهل الذمة ملحقا غير ملحوظ، محفوفا بالحرمة لكن فى منصب غير محفوظ، حتى هداه للحق (2) فلحق به، وسما بعد ذلك فى رتبه، وكان فى زمان المنعوت فى المغرب بالمقتدر (3)، وأورد له قطعة فيه كالمنتثر، نظمها فى مجلس أنس دارت كؤوسه، وأنارت شموسه ورقدت حوادثه، وتنبهت مثانيه ومثالثه وهى:
توريد خدّك للأحداق لذات ... عليه من عنبر الأصداغ لامات
نيران هجرك للعشاق نار لظّى
لكنّ وصلك إن واصلت جنات (4)
__________
(1) هو أبو الفضل حسداى بن يوسف بن حسداى بن إسحق كان جده حسداى بارعا فى الثقافة الإسرائيلية ونال حظوة عند الحكم بن الناصر وجلب إلى مكتبته كثيرا من ذخائر التراث اليهودى بالمشرق، وكان أبوه يوسف متصرفا فى دولة ابن رزين بإقليم السبلة، وكان أديبا بارعا ونشأ ابنه أبو الفضل حسداى فى بيئة علمية أدبية، فظهر نبوغه فيها، ويقول صاعد الأندلسى عنه فى طبقات الأمم ص 100من بيت أشراف اليهود بالأندلس من ولد موسى النبى عليه السلام أحكم العربية ونال حظا كبيرا من الشعر والنثر وبرع فى علم العدد والهندسة والنجوم ثم يقول فارقته سنة 458هـ[له ترجمة فى طبقات الأمم ص 100والمغرب: ج 2ص 441والمطرب 196والقسم الثالث المخطوط من الذخيرة الورقة 77والقلائد ص 182وذكر الجميع أنه أعلن إسلامه].
(2) هداه الله إلى الإسلام.
(3) المقتدر بن هود صاحب إمارة سرقسطة وأعظم أمرائها توفى سنة 474هـ.
(4) المطرب: لكن رضا لك.(20/484)
كأنّما الراح والراحات تحملها ... بدور تمّ وأيدى الشّرب هالات
حشاشة ما تركنا الماء يقتلها ... ألا لتحيى بها منّا حشاشات
قد كان فى كاسها من قبلها ثقل
فخفّ إذ ملئت منها الزّجاجات (1)
عهد لبنى تقاضته الأمانات ... بانت وما قضيت منها لبانات
يدنى التوهّم للمشتاق منتزحا
من الأمور، وفى الأوهام راحات
تقضى عدات إذا عاد الكرى وإذا
هبّ النسيم فقد تهدى تحيّات (2)
زور تعلّل قلب المستهام به
دهرا، وقد بقيت فى النّفس حاجات (3)
لعل عتب الليالى أن يعود إلى ... عتبى، فتبلغ أوطار ولذّات
حتى نفوز بما جاد الخيال به ... فربّما صدقت تلك المنامات
وله وقد ركب مع المنعوت بالمستعين (4) فى زورق فى يوم مونق:
__________
(1) فى نفح الطيب: قد كان من قبلها فى كاسها ثقل.
(2) فى نفح الطيب: إذا هب الكرى.
(3) فى القلائد ونفح الطيب: زور يطل.
(4) المستعين أحمد بن المؤتمن يوسف بن المقتدر أحمد بن هود حاكم سرقسطة وراثة عن أبيه وجده، وقد توفى شهيدا فى حروبه مع مسيحيى الشمال سنة 503هـ. وقد أبقى يوسف بن تاشفين على إمارته لتكون حاجزا بينه وبين المسيحيين.(20/485)
لله يوم أنيق واضح الغرر
مفضّض مذهب الآصال والبكر
كأنما الدهر لما ساء أعتبنا
فيه بعتبى، وأبدى صفح معتذر (1)
تسير فى زورق حفّ السفين به ... من جانبيه بمنظوم ومنتثر (2)
مدّ الشّراع به نسرا على ملك ... بذا لأوائل فى أيّامه الأخر (3)
تحوى السفينة منه آية عجبا ... بحر تجمّع حتى صار فى نهر (4)
وللندامى به عبّ ومرتشف
كالرّيق يعذب فى ورد وفى صدر (5)
والشرب فى [مدح مولى] (6) خلقه زهر
يذكو، وغرّته أبهى من القمر
__________
(1) فى النفح الطيب فأبدى صفح معتذر.
(2) فى نفح الطيب: حف السرور به.
(3) فى رواية لنفح الطيب: نشرا على ملك، وفى رواية أخرى قدا على ملك، وفى القلائد: نشر على ملك ويلى هذا البيت فى القلائد.
هو الإمام الهمام المستعين حوى ... علياء مؤتمن عن هدى مقتدر
إشارة إلى أبيه الموتمن وجده المقتدر بن هود.
(4) يلى هذا البيت بالقلائد:
تثار من قعره النينان مصعدة ... صيدا كما ظفر الغواص بالدرر
(5) آثرنا رواية القلائد ونفح الطيب، وفى الأصل عف ومرتشف.
(6) بياض بالأصل والتكملة عن نفح الطيب، وفى القلائد ورواية أخرى للنفح:
فى ود مولى.(20/486)
ومن نثره فى استدعاء كبير إلى عرض أمير وهو أبو عبد الرحمن بن طاهر (1)
صاحب المظالم (2): محلّك أعزّك الله فى طىّ الجوانح ثابت وإن نزحت الدار، وعيانك فى أحناء الضلوع باد وإن شحط المزار فالنّفس فائزة منك لتمثل الخاطر (3) بأوفر الحظ، والعين منازعة إلى أن تمتّع من لقائك بظفر اللّحظ، فلا عائدة أسبغ بردا، ولا موهبة أسوغ وردا، من تفضلك بالخفوف إلى مأنس يتمّ بمشاهدتك التئامه (4) ويتصل بمحاضرتك انتظامه، ولك فضل الإجمال، بالإمتاع من ذلك بأعظم الآمال وأنا أعزّك الله على شرف سؤددك حاكم، وعلى مشرع سنائك حائم، وحسبى ما تتحقّقه من نزاعى وتشوّقى، وتتبينه (5) من تطّلعى وتتوّفى وقد تمكن الارتياح، باستحكام الثّقة، واعترض الانتزاح (6) بارتقاب الصّلة، وأنت وصل الله سعدك بسماحة شيمك، وبارع كرمك، تنشىء للمؤانسة عهدا، وتورى بالمكارمة زندا، وتقتضى (7) بالمشاركة شكرا (8) حافلا وحمدا، لازلت مهنأ بالسعود المستقبله (9) مسوّغا اجتلاء غرر الأمانى المتهلّلة، بمنه.
__________
(1) محمد بن أحمد بن اسحق بن طاهر صاحب مرسية، وقد سبقت الإشارة إليه.
(2) كتب هذه الرسالة بمناسبة زواج المستعين أحمد بن هود صاحب سرقسطة من بنت أبى بكر بن عبد العزيز صاحب مرسية.
(3) فى القلائد: بتمثل الخاطر.
(4) فى القلائد بمشاهدتك التامة.
(5) فى القلائد وتتبعته.
(6) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل الارتياع.
(7) فى الأصل وتقضى وقد آثرنا رواية القلائد.
(8) فى القلائد: أشكرا وهو تحريف.
(9) فى القلائد: لمقتبلة.(20/487)
الوزير أبو عامر بن ينّق (1)
قال اليسع (2): طبيب كاتب شاعر، وأنا أروى عنه شعره كله، وأجازنى، ومصنف القلائد وصفه بالذكاء الباهر والذهن الزاهر، والفهم الحاضر، وحدّة القريحة والخاطر، لكنه ذو عجب مشتهر غير أنّ فضله الحسن نسخ قبح مجتواه (3)، وأورد من شعره المستبدع، ونظمه المصرّع المرصّع قوله:
حسبى من الدّهر أنّ الدهر يفتح لى
بكر الخطوب وأنّى عاثر الأمل (4)
دعنى أصادى زمانى فى تقلّبه ... فهل سمعت بظلّ غير منتقل (5)
وكلما راح جهما رحت مبتسما ... والبدر يزداد إشراقا مع الطفل (6)
__________
(1) أبو عامر محمد بن يحيى بن محمد بن خليفة بن ينق، درس العلوم الدينية وتعمق فيها ثم رحل إلى قرطبة فاتصل بأدبائها وشعرائها، ومال إلى الأدب وعلوم اللغة فمهر فيها وبلغ درجة عالية فى الكتابة والشعر ثم اتصل بأشهر أطباء عصره أبى العلاء بن زهر وتلقى عنه الطب فنال فيه شهرة عظيمة جذبت الناس إليه، وكان محببا إلى الجمهور مرموق المكانة.
واشتغل بالتأليف فألف كتابا فى الحماسة وآخر فى ملوك الأندلس وأعيانها وشعرائها وأنشأ خطبا وعظية عارض بها ابن نباتة. ولد سنة 482وتوفى سنة 547هـ (الحلل السندسية ج 3ص 264، 265والمغرب ح 2ص 388و 389)
(2) سبقت الإشارة إليه وهو صاحب المعرب فى آداب المغرب.
(3) فى الأصل: غير أن فضله الحسن على نسج فيح محتد ولعل الصواب ما أثبتناه، وفى القلائد والمغرب: لولا عجب استهواه وأخل بما حواه إلا أن حسنة إحسانه لتلك السيئة ناسخة والمجتوى هو المكروه.
(4) فى القلائد ينتج لى.
(5) صاداه: داجاه وجاراه وتملقه.
(6) فى المغرب: كالبدر يزداد إشراقا، والطفل: الشمس قرب الغروب.(20/488)
ولا يروعك إطراقى لحادثة ... فاللّيث مكمنه فى الغيل للغيل (1)
فما تأطّر عطف الرّمح من خور
فيه، ولا احمر صفح السيف من خجل (2)
لا غرو أن عطّلت من حليها هممى
فهل يعيّر جيد الظّبى بالعطل
ويلاه هلّا أنال القوس باريها ... وقلّد السّيف جيد الفارس البطل
ومنها فى المديح:
أغرّ إن تدعه يوما لنائبة
جلّى، ولا يكشف الجلّى سوى جلل
قد أوسع الأرض عدلا والبلاد ندى
فالرّوض طلق الرّبا والشمس فى الحمل
يرعى الممالك، فى قرب وفى بعد
ويأخذ الأمر بين الرّيث والعجل (3)
ذو عزمة لخطوب الدهر جرّدها ... أمضى من الصارم المطرور فى القلل
__________
(1) فى القلائد والمغرب: ولا يروعنك، الغيل (بكسر الغين وفتحها) الشجر الكثيف الملتف والحلفاء والأجمة، والغيل (بكسر الغين وفتح الياء) جمع غيلة وهى القتل المفاجىء.
(2) المعنى: إن إطراقى ليس عن ضعف وإنما عن مداراة ومسايرة حتى تحين الفرصة المناسبة، ولا غرو فالرمح تلين قناته لا من الخور والضعف، والسيف تحمر صفحته لا من الخجل والحياء.
(3) فى القلائد: يرعى المماليك.(20/489)
ودو أياد على العافين جاد بها
أشفى من البارد السّلسال للغلل (1)
مصرّف قصب الأقلام، نال بها ... مناله بشبا الخطّيّة الذّبل (2)
من كل أهيف ما فى متنه خصل ... والسّمهريّة قد تعزى إلى الخطل (3)
دع عنك ما خلّدت يونان من حكم
وسار فى حكماء الفرس من مثل
وانظر إليها نجدها أحرزت سبقا ... فى الجهد منها، وحاز السّبق فى مهل
وله يتغزل:
وهيفاء يحكيها القضيب تأوّدا ... إذا ما انثنت فى الرّيط أو حبراتها
يضيق الإزار الرّحب عن ردفها كما
تضيق بها الأحشاء عن زفراتها (4)
وما ظبية أدماء تألف وجرة ... ترود ظلال الضّال أو أثلاتها (5)
بأحسن منها يوم أومت بلحظها ... إلينا، ولم تنطق حذار وشاتها (6)
__________
(1) فى الأصل: أسفى من البارد السلسال، وقد آثرنا رواية القلائد.
(2) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: قضب الأقلام.
(3) فى الأصل: نامى مته فد نعرى إلى خطل، والتصحيح عن القلائد.
(4) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل الأحناء من زفراتها.
(5) آثرنا رواية المغرب. وفى الأصل: وما ظبية وجناء، وفى القلائد وما ظبية إذ ما، الظبية الأدماء: المائل لونها إلى البياض، الوجر: المكهف. ووجرة موضع بين مكة والبصرة ملىء بالغزلان والوحوش ويضرب بغزلانها المثل فى الجمال، وقد عبر عن هذا شوقى بقوله:
يحسدجن بالحدق الحواسد دمية ... كظباء وجرة مقلتين وجيدا
(6) آثرنا رواية المغرب والقلائد، وفى الأصل: يوم أرنت.(20/490)
الوزير الكاتب أبو بكر بن قزمان (1)
خدم فى أوّل عمره المنعوت بالمتوكل (2) فى الغرب [وهناك] (3) آخر يعرف بابن قزمان (4) ينظم الأزجال، وصفه بالإعجاز والإيجاز، والتبريز فى البيان فى ميدان الأحراز، وأنّ صدور عمره كانت أحسن له من الأعجاز، فإنّه منى بالذلّة بعد الاعتزاز، وأخلف الدهر له فى مواعده فلواها دون النّجاز، وأورد له من قوله ما يترنّح لحسنه عطف الاهتزاز. وهو:
ركبوا السّيول من الخيول، وركّبوا
فوق العوالى السّمر زرق نطاف (5)
وتجلّلوا الغدران من ماذّيهم ... مرتجّة إلّا على الأكتاف (6)
__________
(1) يطلق هذا الاسم على اثنين من أدباء الأندلس أحدهما أبو بكر بن قزمان الأكبر والآخر أبو بكر بن قزمان الأصغر، والأول عم الثانى وقد أوقع هذا التشابه كثيرين من الباحثين فى الأخطاء، فنسبوا إلى كل منهما آثار الآخر. وبعض الباحثين جعلوهما شخصا واحدا، حتى المقرى صاحب نفح الطيب خلط بين لاثنين والأصغر هو الذى اشتهر بزعامة فن الزجل وإن كانت له مقطوعات شعرية بالعربية الفصحى والأكبر هو المقصود هنا وهو محمد بن عبد الملك بن قزمان، كان أديبا لبقا راوية للغة والأدب اتخذه المتوكل صاحب بطليوس كاتبا ومشيرا، أساء إليه القاضى ابن حمدين لحدة كانت فيه وتوفى سنة 508أما ابن أخيسه الزجال فهو محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان توفى سنة 555هـ.
(2) المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) ابن قزمان الأصغر الذى أشرنا إليه.
(5) آثرنا رواية القلائد والذخيرة والمغرب، وفى الأصل فوق طول السمر. ولعلها فوق الطوال السمر ويلى هذا البيت فى الذخيرة البيت التالى:
واستودعوا الحلل الجداول وامتطوا ... بيض الرءوس من الحباب الصافى
(6) فى الذخيرة: وتخللوا من دمائهم، وفى الأصل من ناديهم، وقد آثرنا رواية القلائد والمغرب، والماذى كل سلاح حديدى.(20/491)
الوزير الكاتب أبو بكر بن الملح (1)
وصفه بالأخذ من طرفى الدّين والدّنيا، وحلول كنفى لعلم والعليا، فإنه لاذ بالتوبة بعد الحوبة (2)، وطلب الورد من الورد (3)، وحظى بالصفوة بعد الصّبوة، ورقى صهوة المنابر بعد القهوة، وكاس (4) بعد الكاس، وأدنى سنا الطهر بعد دجى الأدناس (5) ولبّى سريعا منادى الهدى فى نزع ما ارتداه فى خلع العذار من اللباس، وقد أورد من قوله ما هو أنضر من روض الورد والآس، وهو قوله (6):
والروض يبعث بالنّسيم كأنّما
أهداه يضرب لاصطباحك موعدا (7)
__________
(1) أبو بكر محمد بن الملح من شعراء المعتضد والمعتمد بن عباد، وأصله من شلب وكان ذا منزلة ومال، روى عنه المراكشى فى المعجب ما يدل على فضله وسخائه وعطفه على الشعراء ص 214، 215كما اختار له ابن بسام فى الذخيرة «القسم الثانى المخطوط الورقة 91» بعض المختارات وكذلك صاحب المغرب ج 1ص 383والقلائد ص 186».
(2) الحوبة: الإثم.
(3) الورد الأولى: الرى، والورد الثانية تلاوة الأذكار، والمعنى أنه طلب الورود على الجنة بالعبادة والإدمان على الأذكار.
(4) كاس: فطن وتدبر.
(5) جمع دلس وهو الإثم.
(6) من قصيدة فى مدح المعتمد بن عباد كما روى صاحب الذخيرة مطلعها:
سكن اشتياقك، ما عدا مما بدا ... أرويت أم حمت الخطوب الموردا؟
(7) فى الذخيرة: لاصطباحه، وهو تحريف.(20/492)
سكران من ماء النّعيم، فكلّما ... غنّاه طائره وأطرب ردّدا (1)
يهوى إلى زهر كأنّ عيونه ... رقباء تقعد للأحبّة مرصدا (2)
زهر يبوح به اخضرار نباته
كالزّهر أسرجها الظلام وأوقدا
ويبيت فى فنن توهّم ظلّه
يمسى ويصبح فى القرارة مرودا (3)
قد خفّ موقعه عليه إن بدا
مسح النعيم بعطفه فتأوّدا (4)
وله يتغزل:
حسب القوم أننى عنك سال
أنت تدرى سريرتى ما أبالى (5)
قمرى أنت كل حين وبدرى ... فمتى كنت قبل هذا هلالى؟ (6)
__________
(1) فى الذخيرة: وكلما غناه طائرة.
(2) فى الذخيرة والقلائد والمغرب يأوى إلى زهر.
(3) إنك تتوهم ظلال أفانه الوريفة لتكائفها وسوادها كأنها مرود تكحل به العيون ملقى على قرارة الروضة.
(4) فى القلائد: قد خف موقعه عليه وربما مسح فتأودا وفى الذخيرة:
قد خف موقعه لديه وربما سمح فتأدوا وفى الأصل نسج النعيم، وقد آثرنا رواية القلائد.
(5) آثرنا رواية الذخيرة وفى الأصل والمغرب: أنت تدرى قضيتى، وفى القلائد صبابتى.
(6) فى المغرب: قمرى أنت كل يوم، وفى الأصل: وتدرى، وقد آثرنا رواية الذخيرة والقلائد والمغرب.(20/493)
أنت كالشمس لم تغبّ، ولكن ... حجبت ليلها حذار الملال (1)
وله يتغزل أيضا:
ظبى يموج الهوى بناظره ... حتّى إذا مارنا به انبعثنا (2)
مبتدع الخلق لا كفاء له ... يعدّ شكوى صبابتى رفثا (3)
أنكر سقمى، وما قصدت له ... وما تعرّضت للهوى عبثا
أقسم فى الحبّ أن أموت به ... فما قضى برّه ولا حنثا (4)
__________
(1) فى القلائد، لم تغب لى، ولكن، وفى الذخيرة لم تغير.
(2) فى الأصل يموح الهوى، وفيه وفى القلائد: حتى إذا ما رمى، وقد آثرنا رواية الذخيرة.
(3) فى الذخيرة: مبتدع البخل.
(4) آثرنا رواية الذخيرة والقلائد، وفى الأصل أموت له.(20/494)
الوزير الفقيه أبو أيوب بن أبى أمية (1)
توفى سنة اثنتين وعشرين، أثنى عليه بكل فضيلة، وثنى عليه عنان كل محمدة جميلة، ونزّهه من كل رذيلة، ووصفه بأنه فى وفاء الوتار، ونجاء النّجار، يتّقى بوفائه ذماء الذّمار، ويذكى لذكائه كبار الكبار رأيه رىّ، وزنده ورىّ، شيم بارق الحسنى والحسن من شيمه، ولم شعث الأمل كرمة من كرمه، يستسقى الحزن رباه ويستنشق نشر الخير من ريّاه، وذكر أنه دعى للقضاء فاستعفى وعاف الأوزار وناظر ديانته ما أغفى وأن لديه ينبت (2) الحقّ، وينبّت (3) الباطل، ويثبت (4) العالم وينتفى الجاهل، وأنه كالبحر الزاخر فى المحاضرة، وكالبدر الزاهر فى المجاورة، وهو واحد الأندلس الأوحد، وعضبها (5) المجرّد، وله إنشاء للسامع منه انتشاء، وقد أثبت من شعره ما يثنى الإحسان إلى جيّده الجيد، ويغرى الأعراب بصيّده الصيّد، فمن ذلك يصف متنزها حلّه:
يا منزل الحسن (6) أهواه وآلفه ... حقا لقد جمعت فى صحنك البدع
__________
(1) أبو أيوب سليمان بن أبى أمية من المتبحرين فى الثقافة الدينية والعلوم الأدبية عرض عليه القضاء فأبى تصونا، أشار إليه الفتح فى المطمح ص 28وابن فضل الله فى مسالك الأبصار «المصور ج 11ص 424» وصاحب المغرب ج 1ص 243، وتوفى سنة 522.
(2، 3، 4) وردت هذه الكلمات معجمة الحروف وقد رددناها إلى أصولها بما يتسق مع السياق.
(5) فى الأصل وعطنها، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) فى المطمح: يا منزل الأنس.(20/495)
لله ما اصطنعت نعماك عندى فى ... يوم نعمت به والشّمل مجتمع
وله أيضا فى وصف متنزه:
يا دار أمّنك الزما ... ن صروفه ونوائبه
وجرت سعودك بالذى ... يهوى نزيلك دائبه
فلنعم مثوى الضّيف أن ... ت إذا تحاموا جانبه (1)
حظّ شأوت به الديا ... ر فأذعنت لك ناصبه (2)
وله فيه (3):
أمسك دارين حيّاك النسيم به؟
أم عنبر الشّحر؟ أم هذى البساتين (4)
بشاطىء النهر حيث النّور مؤتلق (5)
والراح تعبق، أم تلك الرياحين (6)؟
__________
(1) فى المطمح:
فلنعم مثوى أنت لى ... إما تحاموا جانبه
(2) فى المطمح:
خطر سأرت به لديا ... ر، وأذعنت لك ناصبه
شأوت: سبقت، ناصبة: مجهدة من السباق.
(3) فى وصف المتنزه السابق.
(4) فى المطمح: أم عنبر البحر، الشحر: ساحل البحر بين عمان وعدن ويشتهر بالعطور وبخاصة المسك، دارين: ثغر بحرى فى البحرين مشهور بتجارة المسك.
(5) فى الأصل حيث النهر. وقد أخذنا برواية المغرب. وفيه حيث النور مؤتنق، وفى المطمح: بشاطىء الروض حيث الروض.
(6) فى المطمح: أو تلك الرياحين.(20/496)
الوزير الفقيه القاضى أبو الفضل جعفر بن الأعلم (1)
وصفه بتدرّع التّورّع، عابدا متنسكا زهّادة، واعتقال العقل واعتلاقه، والاعتناء بالنّبل واعتناقه إلّا صبوة أخذت بالعاقبة صفوه، وتوبة لم يجد فى الإقلاع عنها نبوة، وجدّه أبو الحجاج الأعلم (2) وهو فى عصره العلامة والعلم وأورد لأبى الفضل ما أبى الفضل به أن يصادف نظير، وعرف أنّ روض معرفته بالأدب مونق نضير. وذكر أنه لقيه بشنتمريه (3) داره، ومطلع إهلاله وإبداره، ومن جملة ما أشعرنا به من شعره، وأدارنا به من دره، فى وصف قلم (4):
متألّق تنبيك (5) صفرة لونه ... بقديم صحبته (6) لآل الأصفر
__________
(1) سماه صاحب المطمح باسم أبى الفضل يوسف بن الأعلم، ولكن صاحب المغرب وصاحب البغية وصاحب المطرب سموه باسم أبى الفضل جعفر بن محمد بن الأعلم الشنتمرى، وفى شعره الآتى ما يؤيد هذه التسمية، وهو حفيد الأعلم الشنتمرى النحوى المشهور، توفى سنة 547هـ.
(2) الأعلم الشنتمرى النحوى المعروف توفى سنة 476هـ.
(3) شنتمرية الغرب، وكان بنو هرون يحكمونها حتى استولى عليها المعتضد بن عباد سنة 433وتقع فى جنوبى البرتغال على المحيط الأطلسى وتسمى الآن مدينة فارو البرتغالية وهى غير شنتمرية الشرق التى كانت تحت حكم بنى رزين.
(4) من أبيات مطلعها كما فى المطمح:
ومهفهف ذلق صليب المكسر ... سبب لنيل المطلب المتعذر
(5) فى الأصل نثنيك وقد آثرنا رواية المطمح.
(6) فى المطمح بقديم صفرته.(20/497)
ما ضرّه أن كان كعب يراعة
وبحكمه اطّردت كعوب السّمهرى (1)
وله عند فراق الصبا والصبوة واكتهال بنت الكهولة، وشدّ عقد التوبة، بانحلال ما كان للحوبة، من الحبوة:
أما أنا فقد ارعويت عن الصّبا ... وعضضت من ندم عليه بنانى
وأطعت نصّاحى، وربّ نصيحة ... جاءوا بها فلججت فى العصيان
أيام أحيا بالغوانى والغنا ... وأموت بين الراح والريحان (2)
أيّام أسحب من ذيول شبيبتى ... مرحا وأعثر فى فضول عنانى
وأجلّ كأسى أن ترى موصوعة ... فعلى يدى أو فى يدى ندمانى
فى فتية فرضوا اتّصال هواهم ... بمناهم دينا من الأديان (3)
هزّت علاهم أريحيات الصّبا ... فهى النسيم، وهم غصون البان (4)
من كل مخلوع الأعنّة لم يبل ... فى غيّه بتصرّف الأزمان (5)
أنحنى على الجريال حتى نوّرت ... فى وجنتيه شقائق النّعمان (6)
__________
(1) فى الأصل كعب براعة وهو تصحيف، اليراعة: القصب والمعنى إن كان مصنوعا من القصب فإنه بسحر بلاغته يتحكم فى كعوب الرماح.
(2) فى الأبيات اختلاف فى الترتيب بالنسبة الى المطمح، الغوانى: الحسناوات المستغنيات بجمالهن عن الزينة، العنا مقصور العناء.
(3) فى المطمح: ومناهم دنا من الأدنان.
(4) فى المختصر هزت عليهم أريحيات.
(5) فى المطمح فى عيه وفى الأصل يتصارف وقد آثرنا رواية المطمح.
(6) هذا البيت غير مذكور فى المطمح، ومعناه إنه أقبل على الخمر حتى توردت وجنتاه كشقائق النعمان من تأثير الشراب.(20/498)
أقول: قد هز عطف طربى هذا المعنى، وانتشيت لما انتشقت هذا النسيم الذى يبلّ به المعنّى.
وله فى الزهد والعظة وذكر الموت لاستقامة اليقظة:
الموت شغل ذكره ... من كلّ معلوم سواه (1)
فاعمر به ربع ادّكا ... رك بالعشىّ وبالغداه (2)
واكحل به طرف اعتبا ... رك طول أيّام الحياه
قبل ارتكاض النّفس ما ... بين التّرائب واللهاه (3)
فيقال هذا جعفر ... رهن بما كسبت يداه (4)
عصفت به ريح المنو ... ن، فصيّرته كما تراه
فضعوه فى أكفانه ... ودعوه يجنى ما جناه
وتمتّعوا بمتاعه ال ... مخزون فاحووا ما حواه (5)
يا مصرعا مستبشعا ... بلغ الكتاب به مداه (6)
لقّيت فيك بشارة ... يشفى فؤادى من جواه (7)
ولقيت بعدك أحمدا ... عبد الإله ومجتباه (8)
__________
(1) فى المطمح: الموت يشغل ذكره.
(2) فى المطمح فاعمر له.
(3) الترائب عظام الصدر، بهاه: قطعة من اللحم مشرفة على الحلق.
(4) هذا دليل على أن اسمه جعفر لا يوسف.
(5) فى المطمح: واحووا.
(6) فى المطمح: يا مصرما متبشعا.
(7) يدعو الله أن يتلقى عند موته ما يبشره بمكانته فى الجنة.
(8) يقصد أن يحظى بلقاء الرسول صلى الله عليه وسلّم فى جنة النعيم.(20/499)
فى دار خفض، ما اشتهت ... نفس المقيم به أتاه (1)
وأورد من نثره فى الأوصاف، ما هو أروق وأرق من السّوالف والسّلاف، فمن ذلك فى وصف فرس:
أنظر إليه سليم الأديم (2) كريم القديم (3) كأنما نشأ بين غبراء واليحموم (4)، نجم إذا بدا، ووهم إذا عدا، يستقبل بغزال، ويستدبر برال (5)، ويتحلى بشيات تقسّمت الجمال (6).
وفى وصف سرج:
بزّة جياد، ومركب أجواد، جميل الظاهر، رحيب ما بين القادم والآخر (7)، كأنما قدّ من الخدود أديمه، واختص بإتقان المجيد تحكيمه (8).
__________
(1) ما تشتهيه النفس يأتى إليها فى جنة الخلد.
(2) الأديم: الجلد.
(3) القديم: النسب.
(4) يريد إنه جواد كريم الأصل نتج من سلالة كريمة، والغبراء: فرس حمل بن بدر الفزارى وبسبب الرهان عليها قامت الحرب بين عبس وذبيان وسميت حرب داحس والغبراء باسم فرس الرهان، والغبراء فرس قدامة بن مصاد أيضا، اليحموم: فرس النعمان بن المنذر، وفرس الحسين بن على عليهما السلام، وفرس هشام بن عبد الملك من نسل الحرون، وفرس حسان الطائى [الفرس: يطلق على الذكر والأنثى] وفى الأصل بين عيراء اليحموم، والتصويب عن المطمح.
(5) الرال: تسهيل الرأل وهو ولد النعام، ويضرب به المثل فى السرعة والمعنى إنه يستقبلك بشكل الغزال ويدبر عنك بشكل الرأل.
(6) فى المطمح: بشتات تقسيمات الجمال.
(7) فى المطمح القادمة والآخر.
(8) فى المطمح: واختص بإتقان الحبك تقويمه.(20/500)
وفى وصف لجام:
متناسب الأشلاء، صحيح الانتماء، إلى ثريّا السماء، نكله (1)
نكال، وسائره جمال.
وفى وصف رمح:
مطّرد الكعوب، صحيح اتصال العالية بالأنبوب (2) أخ كلّما استنبته ينوب (3)، ويصدق كلّ أمل مكذوب، خطّى الأرومة (4) شهمىّ العزيمة (5) يستدّ بردينىّ، ويردّ بقعضبى (6)، ظمآن على كثرة وروده، عريان تنسب صنعاء إلى وشى بروده.
وفى وصف قميص:
كافورى الأديم (7)، بابلى الرّسوم، تباشر منه الجسوم، ما يباشر الرّوض من النسيم.
__________
(1) النكل (بكسر النون) حديدة اللجام.
(2) فى المطمح: صحيح اتصال الغالب والمغلوب.
(3) فى المطمح: أخ ينوب كلما استنيب ويصيب وما بعد هذا ليس فى المطمح.
(4) نسبة إلى الخط وهى قرية مشهورة بصناعة الرماح وإليها تنسب.
(5) لعلها سهمى العزيمة أى إنه يمضى إلى غايته كالسهم النافذ.
(6) يستد: يستقيم. ردينى نسبة إلى ردينة المشهورة بصناعة الرماح، القعضبى: رجل مشهور بصناعة الأسنة.
(7) فى المطمح: كافورى فى الأديم.(20/501)
وفى وصف بغل:
مقرف النسب (1) مستجيز للشّرف من كثب (2)، إن ركب أقنع أعماله، وأن نسب استقلّ بها أخواله (3).
وفى وصف حمار:
وثيق المفاصل، عتيق النهضة إذا ونت المراسل (4)، يشفى امتهانه، ويدنى من الأمل رديانه (5).
__________
(1) المقرف: المختلط النسب بأن تكون أمه عربية وأبوه غير عربى، والمخالطة فى النسب تسمى الهجنة أو الإقراف وهى دلالة على الجودة والنجابة. وقد أثبت علماء الورانة هذه الخاصية الآن سواء فى النبات أو الحيوان والبغل يتولد من حمار وفرس وفيه جلد وصبر واحتمال يضرب به فيها الأمثال.
(2) الشرف: المكان العالى، كثب: قريب، وفى المطمح: مستخبر الشرف آمن الكبب.
(3) فى المطمح إن ركب أقنع اعتماله أو ركب استقل بها أحواله.
(4) ما يأتى ليس بالمطمح.
(5) الرديان: رجم الأرض بالحوافر أو هو بين الدو والمشى.(20/502)
الفقيه القاضى أبو الوليد الباجى (1)
إمام فى الأصول والفروع، ومن مصنفاته الوصول إلى معرفة الأصول (2)، كتاب التسديد فى أصول الدين (3)، الإشارة (4)، ذكر أنه كان فقيه الأندلس وإمامها والذى جلّى بنور علمه ظلامها، وأنه رحل إلى المشرق فأشرقت أنوار اقتباسه، وأحيا (5) ليالى الطّلب بنفى (6) نعاسه، وأنفق أنفاسه فى العلم حتى اقتبس من أنفاسه، وعاد إلى الأندلس، فاستقر من العزّة فى الأعين والأنفس، وصار إلى المنعوت بالمقتدر (7) فراش جناح نجاحه فى الورد والصّدر، وذكر أن نظمه موقوف على ذاته، غير مصروف إلى رفث القول وبذاذاته، وله فى الزهد:
__________
(1) أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبى الباجى المالكى من أعلام فقهاء وعلماء الأندلس وقد انتهت الغاية فى الأندلس إلى ثلاثة هم أبو محمد على بن حزم، وأبو عمر يوسف بن عبد البر، وأبو الوليد الباجى، رحل إلى المشرق سنة 426فأقام بمكة ملازما لأبى ذر الهروى، ثم رحل إلى بغداد فأقام فيها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويكتب الحديث ويذاكر أئمة الفقهاء ثم رحل إلى الموصل وأقام به عاما ومدة رحلته العلمية إلى المشرق تناهز الثلاثة عشر عاما، ولد ببطليوس سنة 403وتوفى بالرباط سنة 474وقيل سنة 494هـ[القلائد 187الصلة ص 197المغرب ج 1ص 404الديباج المذهب ص 120والذخيرة القسم الثانى الورقة 19] وكانت بينه وبين ابن حزم مناظرات علمية عنيفة. وهو أستاذ أبى عمر يوسف بن عبد البر، وكان يقوم بسفارات بين الملوك والرؤساء، وترك عدة مصنفات قيمة.
(2) فى الديباج المذهب: إحكام الفصول فى أحكام الأصول.
(3) فى الديباج المذهب: التشديد إلى معرفة طريقة التوحيد.
(4) فى الديباج المذهب: الإشارة فى أصول الفقه.
(5) وردت هاتان الكلمتان بالأصل مهملتين فأصلحناهما بما يناسب المقام.
(6) وردت هاتان الكلمتان بالأصل مهملتين فأصلحناهما بما يناسب المقام.
(7) المقتدر بن هود صاحب سرقسطة.(20/503)
إذا كنت اعلم مستيقنا ... بأنّ جميع حياتى كساعه (1)
فلم لا أكون ضنينا بها ... وأجعلها فى صلاح وطاعه؟
وله يرثى ولديه وقد ماتا غريبين وذويا قضيبين:
رعى الله قبرين استكانا ببلدة
هما أسكناها فى السّواد من القلب (2)
لئن غيّبا عن ناظرى وتبوءا
فؤادى، لقد زاد التباعد فى القرب
يقرّ بعينى أن أزور ثراكما ... وألزق مكنون الترائب بالترب (3)
وأبكى وأبكى ساكنيها لعلنى
سأنجد من صحب وأسعد من سحب
فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى
ولا روّحت ريح الصّبا عن أخى كرب
ولا استعذبت عيناى بعد كما كرى
ولا ظمئت نفسى إلى البارد العذب (4)
أحنّ ويثنى اليأس نفسى عن الأسى ... كما اضطرّ محمول على المركب الصّعب
__________
(1) فى الصلة والمغرب والقلائد: إذا كنت أعلم علما يقينا وفى نفح الطيب: علم اليقين.
(2) فى المغرب رعى الله قلبين، وفيه وفى القلائد ونفح الطيب: هما أسكناها وقد آثرنا روايتهما على رواية الأصل وهى: هما سكناها.
(3) فى القلائد ونفح الطيب: أن أزور ثراهما، وفى نفح الطيب، والمغرب: وألصق وفى المغرب: فى الترب.
(4) فى القلائد والمغرب ونفح الطيب: ولا استعذبت عيناى بعدهما.(20/504)
الوزير الفقيه أبو مروان بن سراج (1)
ذكر أنه درس علوما درست معالمها ودعا للرفع آدابا تداعت دعائمها فتح أقفال المبهمات، وبيّن أغفال المشكلات، وشرح وأوضح، وفضح مناضليه ونصح، ولما طوى بساط عمره طويت المعارف، وتنقص فضلها الوافر، وتقلّص ظلها الوارف، ووصفه بالضّجر عند السؤال، فما يكاد يجيب، والمستفيد منه يكاد لتغيظه يخيب، وأورد من شعره قوله فى مدح المظفر بن جهور (2):
أمّا هواك ففى أعزّ مكان ... كم صارم من دونه وسنان
وبنى حروب لم تزل تغذوهم ... حتى الفطام ثديها بلبان (3)
فى كل أرض يضربون قبابهم ... لا يمنعون تخيّر الأوطان
__________
(1) أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج، كان جده سراج ابن قرة الكلابى صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ووقع بعض ولده فى الأسر فأصبحوا من موالى بنى أمية ويقول فيه ابن بسام. «إنه محيى رسم علم اللسان بجزيرة الأندلس لم ير مثله قبله ولم ير بعده» وأثنى على مكانة الأسره بقرطبة، وقال ابن بشكوال فيه: «إمام اللغة بالأندلس غير مدافع، وكان وقور المجلس لا يجسر أحد على الكلام فيه لمهابته وعلو مكانه، عالما بالتفاسير ومعانى القرآن ومعانى الحديث وأحفظ الناس للسان العرب وكان حسنة من حصنات الزمان وبقية الأشراف والأعيان ولد سنة 400هـ». «راجع الصلة ص 346 والمغرب ج 1ص 115، والذخيرة المجلد الثانى من القسم الأول ص 307والقلائد ص 188 وبغية الوعاة ص 312والديباج المذهب ص 157».
(2) عبد الملك بن محمد جهور آخر حكام قرطبة انتزعها منه المعتمد بن عباد.
(3) فى القلائد: بين حروب تغدوهم وهو تحريف.(20/505)
أو ما ترى أوتادها قصد القنا ... وحبالهن ذوائب الفرسان (1)
عجبا لأسد فى القباب تكفّلت ... برعاية الظّبيات والغزلان (2)
ولقد سريت وما صحبت على السّرى
غير النجوم إرادة الكتمان
فى ليلة نظرت إلى نجومها ... ومقحّم الغمرات غير جبان (3)
قالت فتاتهم وقد نبّهتها ... والليل ملقى كلكل وجران
كيف اجترأت على تجاوز من ترى
من نائم حولى ومن يقظان
أولست إنسانا؟ وما إن تنتهى ... هذى نهاية جرأة الإنسان (4)
فأجبتها إن ابن جهور الرّضى ... منع المخاوف أن تحلّ جنابى
ومنها فى العتاب والاستماحة:
أتعود دلوى من بحور سماحكم
صفرا وليست رثة الأشطان
__________
(1) فى الأصل: ذئب، والتصحيح عن المغرب والقلائد.
(2) فى القلائد: تكلفت برعاية الظبيان.
(3) فى القلائد: أتقحم الغمرات غير.
(4) فى القلائد: هذى النهاية.(20/506)
ويكون ربعى مستبيئا جدبه ... حتى أهيم بنجعة البلدان
قسنى بمن ينأى برفع مكانه
[بنديّك] (1) العالى وخفض مكانى
أمن السّويّة أن يحلّوا بالرّبا ... من أرضه وأحلّ بالغيطان
إن ترخصوا خطرى فكم مغل له ... يستام فيه بأرفع الأثمان (2)
__________
(1) بياض بالأصل والتكملة عن القلائد.
(2) فى القلائد فكم مغل به.(20/507)
الوزير الفقيه أبو بكر عبيد البكرى (1)
ذكر أنه رأى هذا الفقيه فى سن ابن محكّم (2)، وقد فاق كل متكلّم، وهو (3) غلام ما أبدر قمره، ولا أينع ثمره، ولا تعبّق لعذاره زهره، وقرظه بأنّه كان حلى الزّمان العاطل، وصيت الدّهر الخامل، وقطب مدار الأدب فى أفلاكه، وواحد المغرب ومقرّب أملاكه، وكانوا يتهادونه تهادى العيون الوسن والاستماع للصوت الحسن غير أن شربه المدام مدام (4) ولم يزل منه له من غير ندامة ندام، قد صار هجّيره (5) لا يهجره أصيله وهجيره، وله فى البيان مصنفات، بفرائد الحكم مشنّفات قال أبو نصر: إنّه رآه وقد جرى [ذكر] (6) ابن مقلة وخطّه (7) فقال:
__________
(1) صحة اسمه: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكرى من أهل شلسطيش من رجال اللغة والأدب والمعرفة بالغريب والأنساب والأخبار، ومن مصنفاته معجم ما استعجم، وقد طبع مرتين وهو فى ضبط الأعلام الجغرافية توفى سنة 487هـ[راجع الذخيرة، قسم 2مخطوط ورقة 49، والقلائد ص 190والصلة ص 277والمغرب ح 1ص 347وطبقات الأطباء ح 2ص 52ومسالك الأبصار مصور ح 11ورقة 422].
(2) فى القلائد ابن محلم ولعله يقصد بالمحكم الشيخ المجرب الحكيم أخذه من قول طرفة:
ليت المحكم والموعوظ صوتكما ... تحت التراب إذا ما الباطل انكشفا
(3) أى صاحب القلائد.
(4) أى شربه الخمر دائم، المدام الأولى: الخمر، والمدام الثانية اسم مفعول من أدام.
(5) هجيره وهجيراه: عادته ودأبه أبدا.
(6) زيادة يقتضيها السياق.
(7) أبو على محمد بن على بن الحسن بن مقلة إمام الخطاطين فى العصر العباسى كان وزيرا للخليفة المقتدر العباسى وللخليفة الراضى ثم وشى به أعداؤه فألقى به فى السجن وقطع لسانه ويده ومات بالسجن سنة 328هـ.(20/508)
خطّ ابن مقلة من أرعاه مقلته
ودّت جوارحه لو أصبحت مقلا (1)
وله فصل من كتاب راجع به الفقيه أبا الحسن بن درّى (2): وتالله إنى لأتعلّم (3) جنى محاورتك (4) فتقف فى اللهاة، وأجد لتخيّل مجالستك ما يجده الغريق من النجاة، وأعتقد فى محاضرتك (5) ما يعتقده الجبان فى الحياة.
أما تخطىء الأيّام فىّ بأن ترى
بغيضا تنائى أو حبيبا تقرب (6)
ورأيت رغبتك فى الكتاب الذى لم يتحرر ولم يتهذب، وكيف التفرّغ لقضاء أرب، والنّشاط قد ولّى وذهب، فما أحد إلا كما قال (7):
نزرا كما استنكهت عابر نفخة
من فارة المسك التى لم تفتق (8)
__________
(1) فى المغرب لو بدلت مقلا.
(2) فى الأصل: أبا لحسن ذرى والتصويب عن القلائد، وهو أبو الحسن على بن درى المقرىء والخطيب بالمسجد الجامع بغرناطة توفى فى شهر رمضان سنة 520 «الصلة ص 404».
(3) فى القلائد: لا أطعم ولعلها لأطعم.
(4) فى الأصل: حبى محافزتك، والتصحيح عن القلائد.
(5) فى القلائد: مجاورتك.
(6) فى القلائد:
متى تخطىء الأيام فى بأن أرى ... بغيضا يناءى أو حبيبا يقرب
والبيت من قصيدة للمتنبى فى مدح كافور.
(7) فى القلائد: فما أجده إلا كما قيل.
(8) فى الأصل بدرا وقد آثرنا رواية القلائد، وفيها كما استكرهت عائر نفخة.(20/509)
وإن يعن الله على المراد فيك، والله يستفاد، وبرغبتك أخرجه إلى الوجود من العدم (1) وإليك يصل أدنى ظلم (2) [بحول الله] (3).
وله فصل يهنّىء الوزير أبا بكر بن زيدون بالوزارة (4): أسعد الله بوزارة سيّدى الدّنيا والدين، وأجرى لها الطّير الميامين ووصل بها التأييد والتمكين، فالحمد لله (5) على أمل بلّغه، وجذل قد سوّغه، وضمان حقّقه، ورجاء صدّقه وله المنّة فى ظلام كان أعزّه [الله] (6) صبحه، ومستبهم غدا شرحه، وعطل نحر كان حليه وضلال دهر صار هديه، (7) فقد عمر الله الوزارة باسمه، وردّ إليها أهلها بعد إقصار.
__________
(1) فى الأصل والقلائد: من الوجود إلى العدم ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) أدنى ظلم: قريبا، أو أول كل شىء، أو حين يختلط الظلام بالضياء.
(3) زيادة من القلائد.
(4) أبو بكر بن زيدون ابن الوزير الشاعر أبى الوليد بن زيدون، وزر للمعتمد بن عباد بعد وفاة والده وظل قائما بالوزارة حتى توفى سنة 484هـ.
(5) فى القلائد: والحمد لله.
(6) زيادة من القلائد.
(7) فى الأصل: وضلال صار فقد عمر الله الوزارة، والتصويب عن القلائد.(20/510)
الفقيه الأجل قاضى الجماعة أبو عبد الله بن حمدين (1)
وأظنه هو الذى سبق ذكره فى مصنف ابن بشرون، ووصفه بحماية الدّين ورعاية أهله، والهداية إلى سبله، وأنه مالك زمام العلوم، ومحيى رسمها، ومعلى اسمها، وبه اجتثّت أصول الملحدين ورثّت حبال المفسدين فى سنة تسع وتسعين (2)، وأورد من نثره ما لذت قطوفه، وبذّت قلائد الدر صنوفه وذلك من كتاب.
فصل يراجع به ابن شمّاخ (3): غشى بابك، وأخصب جنابك، وطاوعك زمانك، ونعم به إيوانك.
(وسقى بلادك غير مفسدها ... صوب الربيع وديمة تهمى) (4)
فما درج لسبيله (5)، من كنت سلالة سليله، ووارث معرّسه
__________
(1) أبو عبد الله محمد بن على بن عبد العزيز بن حمدين بن التغلبى قاضى الجماعة بقرطبة ولى القضاء سنة 490هـ وكان حميد السيرة واسع العلم صارم الحكم، وظل متوليا القضاء حتى وافته منيته سنة 508هـ وكان مولده سنة 439هـ «الصلة ص 359» وهو والد القاضى أبى القاسم أحمد بن محمد بن حمدين وقد أشار إليه ابن بسام وأطنب فى مدحه ج 1من القسم الثانى ص 333كما وأورد له رسالة طويلة ص 326من المصدر السابق 4سنة 499.
(2) أى سنة 499هـ.
(3) الوزير الكاتب أبى مروان عبد الملك بن محمد بن شماخ «ترجم له صاحب الذخيرة القسم الأول ج 2ص 323وأورد رسالته إلى ابن حمدين ورد ابن حمدين عليها ص 326).
(4) البيت لطرفة بن العبد أورده العسكرى فى الصناعتين ص 379كما أورده صاحب العمدة ج 2ص 41مثالا للاحتراس.
(5) فى الأصل: إشبيليه، والتصحيح عن القلائد.(20/511)
ومقيله (1).
ومنها: بيننا وسائل، أحكمتها الأوائل، ما هى بالأنكاث، والوشائج الرثاث، من دونها عهد، جناه شهد، أرج عرف النسيم، مشرق جبين الأديم، رائق رقعة الجلباب، مقبل رداء الشباب، كالصباح المنجاب، تروق أساريره، وتلقاك قبل اللقاء تباشيره:
(ورثناهن عن آباء صدق ... ونورثها إذا متنا بنينا) (2)
__________
(1) للرسالة بقية فى القلائد.
(2) من معلقة عمرو بن كلثوم التغلبى.(20/512)
الفقيه الأستاذ أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسى (1)
ذكر أنه ركن فى آخر زمانه إلى إقراء علوم النحو، وإثبات ما عفّت (2)
منه يد المحو، والقناعة بسكر الحظّ بعد الصحو، وأورد من كلامه ما يجلو عن الليل بسناه دجى ظلامه فمن ذلك قوله فى طول الليل:
ترى ليلنا شابت نواصيه كبرة ... كما شبت أم فى الجو روض بهار
كأن الليالى السبع فى الأفق علّقت
ولا فصل فيما بينها بنهار (3)
وله رقعة يصف فيها كتاب قلائد العقيان (4): تأملت [فسح الله لسيّدى ووليّى فى أمد بقائه] (5) كتابه الذى شرع فى إنشائه، فرأيت كتابا ينجد ويغور (6) ويبلغ حيث لا تبلغ البدور، وتبيّن به الذّرى والمناسم، ويعتدى له
__________
(1) قال ابن بشكوال: «كان عالما بالآداب واللغات متبحرا فيهما مقدما فى معرفتها وإتقانها، وكان حسن التعليم جيد التلفيق ثقة ضابطا، وله عدة مؤلفات أشهرها:
الاقتضاب فى شرح أدب الكتاب، ولد سنة 444هـ وتوفى سنة 512 «الصلة ص 282 القلائد 192، وفيات الأعيان ح 1ص 373، بغية الوعاة ص 283، الديباج المذهب ص 140 أزهار الرياض ح 1ص 56المغرب ح 1ص 385».
(2) فى الأصل ما عنف وهو تحريف.
(3) آثرنا رواية القلائد ومختارات من الشعر الأندلسى وفى الأصل: فيها بينها لنهار.
(4) تأليف الفتح بن خاقان المتوفى قتيلا بمراكش سنة 529أو سنة 535هـ والمصنف ينقل عنه كثيرا.
(5) زيادة بالقلائد.
(6) أنجد: أتى نجدا، وغار: أتى الغور، بمعنى يشرق ويغرب، ويعلو ويهبط وفى القلائد: سينجد ويغور.(20/513)
غرر فى أوجه ومواسم، فقد أسجد الله الكلام لكلامك، وجعل النيرات طوع أقلامك، فأنت تهدى بنجومها، وتردى برجومها، فالنّثرة من نثرك، والشّعرى من شعرك، والبلغاء لك معترفون، وبين يديك متصرّفون، وليس يباريك مبار، ولا يجاريك إلى الغاية مجار، إلّا وقف حسيرا، وسبقت ودعى أخيرا، وتقدمت لا عدمت شفوفا، ولا برح مكانك بالآمال محفوفا.
وله فى وصف زبربطانة (1):
وذات عمى لها طرف بصير ... إذا رمدت فأبصر ما تكون
لها من غيرها نفس معار ... وناظرها لدى الإبصار طين
وتبطش باليمين إذا أردنا ... وليس لها إذا بطشت يمين
وله يجيب شاعرا قرطبيا [مدحه] (2):
قل للذى غاص فى بحر من الفكر
بذهنه فحوى ما شاء من درر
__________
(1) هكذا بالأصل وبالقلائد: زبرطانة، ولعلها الذبطانة وهى أنبوبة جوفاء يرمى بها الطير ويبدو من وصف الشاعر لها أنها تشبه ما نسميه الآن (ببندقية الهواء) توضع فيها قطعة من الطين الجاف المحروق وتدفع بضغط الهواء فتصيب الطير وقد أنبأ صديقنا الباحث الأستاذ عبد القادر زمامة أنها آلة لصيد الطيور على هيئة مثلث مشدود بخيط رفع يجذبه الصائد فيقع الطائر بين ذراعى هذه الآلة، وأن الأطفال لا يزالون يستعملونه فى المغرب، وأن بفاس حيا بسمى حى الذربطانة كان موضعا قديما للصيد، وفيه الآن معهد الذربطانة التابع لجامعة القرويين.
(2) زيادة من القلائد.(20/514)
لله عذراء زفّت منك رائحة
تختال من حبرها المرقوم فى حبر (1)
صداقها الصّدق من ودّى، ومنزلها
بصيرتى وسواد القلب والبصر
هزّت بدائعها عطفىّ من طرب ... لحسنها هزّة المشغوف بالذّكر
كأنما خامرتنى من بشاشتها
راح وسكر بلا راح ولا سكر (2)
لها الجراء بشىء لست تدركه
ولو بدرت إلى التوجيه بالبدر (3)
لكن جزائى صفاء الود أضمره
إذا القلوب انطوت منه على كدر
جاراك ذهنى فى مضمارها، فكبا
ذهنى، وفزت بخصل السّبق والظفر (4)
__________
(1) فى الأصل فى جبرها، وقد آثرنا رواية القلائد، الحبر: الحسن أو النعمة، الحبر:
جمع حبرة: ضرب من برود اليمن.
(2) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: الأوهام والقطر، ويلى هذا البيت فى القلائد:
ولا توهمت أيام الربيع ترى ... فى ناضر غضة الأنوار والزهر
(3) فى القلائد: أما الجزاء فشىء لست مدركه.
(4) فى الأصل: يحصل السبق والتصحيح عن المختصر والقلائد.(20/515)
وهل بطليوس فى نظم مناظرة ... يوما لقرطبة فى حكم ذى نظر
وله من مكاتبة (1): نحن [أعزّك الله (2)] نتدانى إخلاصا، وإن كنا نتناءى (3) أشخاصا، ويجمعنا الأدب، وإن فرقنا النسب، فالأشكال أقارب، والآداب مناسب، وليس يضرّ تنائى الأشباح مع تقارب الأرواح (4)، وما مثلنا فى هذا الانتظام إلا كما قال أبو تمام (5):
نسيبى فى رأيى وعلمى ومذهبى
وإن باعدتنا فى الأصول المناسب (6)
وله فى الزهد:
وما دارنا إلّا موات لو أنّنا ... نفكر، والاخرى هى الحيوان
شربنا بها عزا بهون جهالة ... وشتان عزّ للفتى وهوان (7)
__________
(1) من رسالة وجهها إلى أبى الحسن ابن الأخضر، وهو أبو الحسن على بن عبد الرحمن بن مهدى التنوخى المعروف بابن الأخضر توفى سنة 514وكان من أهل المعرفة باللغة والآداب (الصلة ص 404).
(2) زيادة بالقلائد.
(3) فى القلائد وإن نقاه.
(4) فى القلائد: إذا تقاربت.
(5) يقول أبو تمام الطائى:
وقلت أخ، قالوا أخ ذو قرابة ... فقلت لهم إن الشكول أقارب
نسيبى فى رأيى البيت.
(6) للرسالة بقية فى القلائد.
(7) فى القلائد: يهون جلالة.(20/516)
وله من قصيدة يمدح المستعين بن هود (1):
هم سلبونى حسن صبرى إذ بانوا
بأقمار أطواق مطالعها بان
لئن غادرونى فى اللوى إن مهجتى
مسايرة أظعانهم أينما كانوا (2)
سقى عهدهم بالخيف عهد غمائم
منازعها مزن من الدّمع هتّان (3)
أأحبابنا هل ذلك العهد راجع
وهل لى عنكم آخر الدهر سلوان
ولى مقلة عبرى، وبين جوانحى
فؤاد إلى لقياكم الدهر حنّان
تنكرت الدنيا لنا بعد بعدكم
وحفّت بنا من معضل الخطب ألوان (4)
ومنها:
رحلنا سوام الحمد عنها لغيرها
فلا ماؤها صدّا، ولا النبت سعدان (5)
__________
(1) أحمد بن يوسف صاحب سرقطة.
(2) فى الأصل أضغانهم والتصويب عن القلائد والمختارات، وفيها حيثما كانوا.
(3) فى المختارات والقلائد ينازعها مزن.
(4) فى المختارات: وحلت بنا.
(5) فى الأصل غيرها وقد آثرنا رواية القلائد، والشاعر يشير إلى المثل المعروف «ماء ولا كصداء ومرعى ولا كالسعدان».(20/517)
إلى ملك حاباه بالمجد يوسف ... وشاد له البيت الرفيع سليمان (1)
إلى مستعين بالإله مؤيّد ... له النصر حزب والمقادير أعوان
بوجه ابن هود كلما عرض الورى ... صحيفة إقبال لها البشر عنوان
فتى المجد فى برديه بدرّ وضيغم
وبحر وقدس ذو الهضاب وثهلان (2)
من النفر البيض الذين أكفّهم
غيوث، ولكن الخواطر نيران (3)
ليوث شرى ما زال منهم لدى الوغى
هربر بيمناه من السّمر ثعبان (4)
وله يعزى الوزير أبا عيسى بن ليون فى أخيه (5):
للمرء فى أيّامه عبر ... والصّفو يحدث بعده كدر
خرس الزمان لمن تأمّله ... نطق، وخبر صروفه خبر
نادى فأسمع لو دعت أذن ... وأرى العواقب لو رأى بصر
__________
(1) يشير إلى والد الشاعر ووالده جده: يوسف بن أحمد المؤتمن، وسليمان بن هود المستعين مؤسس أسرة بنى هود بسرقطة.
(2) القدس: جبل عظيم بنجد، وثهلان: جبل مشهور.
(3) فى القلائد: من النفر الشم.
(4) فى القلائد: فيمناه من السمر ثعبان.
(5) كان وزيرا للمأمون بن ذى النون ثم استقل بحكم حصن مربيطر ولورقة فترة فى عهد ملوك الطوائف، وكان شاعرا عالما أديبا، والشاعر يعزيه فى أخيه أبى محمد عبد الله بن لبون الذى حكم مدينة لورقه قبله.(20/518)
كم قال: هبّوا طالما هجعت ... منكم عيون حقّها السّهر
أبأذن من هو مبصرى صمم؟ ... أم قلب من هو سامعى حجر
لولا عماكم عن هدى نذرى ... ومواعظى ما جاءت النّذر
هذى مصارع معشر هلكوا ... ووعظتكم بالصّمت فاعتبروا (1)
ومنها فى الشيب:
قالت أرى ليل الشباب بدت ... للشيب فيه أنجم زهر
فأجبتها: لا تكثرى عجبا ... من شيبة لم يجنها كبر
لكن طويت من الهموم لظى ... أضحى لها فى عارضى شرر
ومنها:
حسنت شمائلكم وأوجهكم ... فتطابقا مرأى ومختبر
والحسن فى صور النفوس، وإن ... راقتك من أجسامها الصّور
لا ضعضعت أيدى الخطوب لكم ... ركنا، ولا راعتكم الغير
وله فى وصف فرس:
وأدهم من آل الوجيه ولا حق
له الليل لون والصباح حجول (2)
__________
(1) فى القلائد: وعظتكم بالعتب فاعتبروا.
(2) لاحق اسم لجواد أصيل واشتهر بهذا الاسم عدة جياد، منها جواد معاوية بن أبى سفيان، وغنى بن أعصر وعتبة بن الحارث وكذلك اسم الوجيه مطلق على عدة جياد.(20/519)
تحيّر ماء الحسن فوق أديمه
فلولا التهاب الحضر ظلّ يسيل (1)
كأنّ هلال الأفق لاح بوجهه ... فأعيننا شوقا إليه تميل (2)
كأن الرّياح العاصفات تقلّه ... إذا ابتلّ منه محزم وتليل (3)
إذا عابد الرحمن فى متنه علا
بدا الزّهو فى العطفين منه يجول
فمن رام تشبيها له قال موجزا
وإن كان وصف الحسن منه يطول
هو الفلك الدوّار فى صهواته ... لبدر الدياجى مطلع وأفول
وله يتشوق مكة حرسها الله تعالى:
أمكة تفديك النفوس الكرائم ... ولا برحت تنهل فيك الغمائم
وكفّت أكفّ السوء عنك وبلّغت
مناها قلوب فى ثراك حوئم
فإنك بيت الله والحرم الذى ... لعزّته ذل الملوك الأعاظم (4)
وقد رفعت منك القواعد بالتقى ... وشادنك أيد برّة وعواصم (5)
__________
(1) الحضر ارتفاع الفرس فى عدوه، وفى الأصل: الخضر والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: كأن هلال الفطر.
(3) التليل: العنق.
(4) فى القلائد: بعزته.
(5) فى القلائد: ومعاصم.(20/520)
وساويت فى الفضل المقام، كلاهما ... تنال به الزّلفى وتمحى المآثم
ومن أين تعدوك الفضائل كلها ... وفيك منامات الهدى والمعالم
ومبعث من ساد الورى وحوى العلا
بمولده عبد الاله وهاشم
نبىّ حوى فضل النّبيّين واغتدى ... لهم أولا فى فضله وهو خاتم
وفيك يمين الله يلثمها الورى ... كما يلثم اليمنى من الملك لاثم
[وفيك لإبراهيم إذ وطىء الصفا ... ضحا قدم برهانها متقادم] (1)
دعا دعوة فوق الصّفا فأجابه
قطوف من الفج العميق وراسم (2)
فأعجب بدعوى لم تلج مسمعى فتى
ولم يعها إلا ذكىّ وعالم (3)
ألهفى لأقدار عدت عنك همّتى ... فلم تنتهض منّى إليك العزائم
فياليت شعرى هل أرى فيك داعيا
إذا جأرت لله فيك الغمائم (4)
__________
(1) زيادة بالقلائد.
(2) قطوف: دابة ضيقة المشى، راسم سائر مخطّط فى الأرض والمقصود أن الله استجاب دعوة خليله إبراهيم عليه السلام فى جعل الكعبة مقصدا للناس فقصدها الحجاج من كل فج عميق راجلين وراكبين.
(3) فى الأصل: ولم يعيها وهو تحريف.
(4) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل هل أرى منك.(20/521)
وهل تمحون عنى خطايا اقترفتها
خطّى فيك لى أو يعملات رواسم؟ (1)
[وهل لى من سقيا حجيجك شربة
ومن زمزم يروى بها النفس حائم] (2)؟
وهل لى فى أجر الملبّين مقسم ... إذا بذلت للناس فيك المقاسم؟
وكم زار مغناك المعظم محرم (3) ... فحطّت به عنه الخطايا العظائم
ومن أبن لا يضحى مرجّيك آمنا ... وقد أمنت فيك المها والحمائم؟
لئن فاتنى منك الذى أنا رائم ... فإنّ هوى نفسى عليك لرائم
وإن يحمنى حامى المقادير مقدما ... عليك فإنى بالفؤاد لقادم
عليك سلام الله ما طاف طائف ... بكعبتك العليا وما قام قائم
إذا نسم لم يهد عنّى تحيّة ... إليك فمهديها الرياح النّواسم (4)
أعوذ بمن أنشاك من شر خلقه ... ونفسى فما منه سوى الله عاصم (5)
وأهدى صلاتى والسلام لأحمد ... لعلّى به من كبّة النار سالم
__________
(1) المعنى: هل تكفر سيئاتى عنى خطواتى فى ثراك وركوبى الإبل إليك.
(2) زيادة بالقلائد.
(3) فى القلائد: بحرم.
(4) النسم: الروح والمراد إذا كان أحد لا يبلغك عنى التحية فإن النسائم تحمل إليك عنى أطيب التحيات.
(5) يعوذ بالله الذى أنشأ مكة من شر ما خلق ومن شر نفسه أيضا فلا عاصم من هذا الشر إلا الله وحده، وفى القلائد بمن أسناك.(20/522)
الوزير الأستاذ ابو الحسين بن سراج (1)
اطرى فضله بما أطرب أهله، وذكر أنه لما ضمّت عليه من الفبر ضلوعه، غفت رسوم المجد ودرست ربوعه، وتفرقت جموعه، وعادت المعارف مناكر، والمعالم مجاهل، وأورد له من رقعة خاطبه بها: كتبت وروض العهد قد أفصحت أناشيده. وديوان الودّ قد صحت أسانيده، ودوح الإخاء يتفاوح زهرا، ويتناوح مجتنىّ ومهتصرا، والله يصوّب مزنته بشآبيب الوفاء، ويمنح مغبته (2) أعلى درجات العذوبة والصفاء، برحمته، وأما تلك المراجعة فكأنّها لما عاقت عقّت، وقد نالها من عتابى فى ذلك ما استحقت.
وله يصف كتابا:
كتاب يزدرى بالسّحر حسنا ... وسمت به زمانك وهو غفل (3)
معان تعبق الآفاق منها ... يشيب لها حسودك وهو طفل (4)
__________
(1) أبو الحسين سراج بن أبى مروان عبد الملك بن سراج، وقد سبقت ترجمة أبيه ورث عن أبيه العلوم لدينية واللغوية والمنزلة الأدبية وفيه يقول ابن بشكوال: «كانت له عناية كاملة بكتب الآداب واللغات والتقييد لها والضبط لشكلها مع الحفظ والإتقان لما جمعه منها. أخذ الناس عنه كثيرا وكان حسن الخلق كامل المروءة من بيت علم ونباهة وفضل وجلالة، ومولده سنة 439هـ ووفاته سنة 508هـ «الصلة ص 222»، والذخيرة المجلد الثانى من القسم الأول ص 319والمغرب ج 1ص 116والقلائد ص 200ومعجم الصوفى ص 305 ومسالك الأبصار (مصور) ح 11الورقة 411والديباج المذهب ص 126والبغية ص 251
(2) النغبة: الجرعة من الماء.
(3) فى القلائد: كتابى يزدرى وفى الأصل: وهو عقل والتصحيح عن القلائد.
(4) فى الأصل تعبق الآفاق عنها وقد آثرنا رواية القلائد.(20/523)
وله فى ثوب رآه على غير أهله وكان عهده على من كان يودّه:
يا لابس الثوب لا عرّيت من سقم
ولا تخطاك صرف الدهر والغير (1)
ويحى عليه ولهفى من تبدّله ... كم قد تطّلع من أطواقه القمر
وكم ترنّح فى أثنائه غصن ... منعّم النّبت يدمى خدّه الخفر (2)
وكم ثنيت يدى عنه وقد نعمت ... وظلّ منها فتيت المسك ينتثر
فاليوم أوحش عمّا كنت أعهده ... كذاك صفو اللّيالى بعده الكدر
وله:
لما تبوّأ من فؤادى منزلا ... وغدا يسلّط مقلتيه عليه (3)
ناديتة مسترحما من زفرة ... أفضت بأسرار الضمير إليه (4)
رفقا بمنزلك الّذى تحتلّه ... يا من يخرّب بيته بيديه
وله:
لئن لم تفز عيناى منك بنظرة
ولم أقض من لقياك ما كنت آمل
فما لم ما تخفى السرائر عالم ... بأنك فى عينى وقلبى ممثل
__________
(1) فى القلائد: والخطر.
(2) فى القلائد يدمى خده النظر.
(3) فى الذخيرة: لما تمكن.
(4) فى المختصر: مترحما، وفى الذخيرة: من عبرة وفى المغرب: من لوعة
بأسرار الضلوع وفى رواية الذخيرة بأسرار الدموع.(20/524)
وأنّك ممّن أنتحيه بخلّتى
وأمحضه ودى لصدر وأوّل
وله:
بما بعينيك من غنج ومن دعج ... ومن صوارم تنضوها على المهج
لا ترتض الخلف فى وعد تركت به
قتيل حبّك قد أوفى على الفرج (1)
أولا فثبّته (2) للمشتاق يله [به] (3)
وفيت أم لا تفى قل لى بلا حرج (4)
وكتب شافعا:
بث الصنائع لا تحفل بموضعها (5)
فيمن نأى أودنا ما كنت مقتدرا
كالغيث ليس يبالى حيثما انسكبت
منه الغمائم تربا كان أو حجرا (6)
__________
(1) فى القلائد: وقد وفى.
(2) فى القلائد: أولا فثنيه.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد أو لم تفى.
(5) فى القلائد والمطرب والديباج المذهب والصلة: لا تحفل بموقعها وفى الصلة والمطرب من آمل شكر الإحسان أو كفرا. وفى الديباج المذهب: فى آمل شكر المعروف أو كفرا.
(6) فى المطرب والديباج والصلة فالغيث، وفى المطرب والصلة. أينما انسكبت وفى المختصر أم حجرا.(20/525)
«ذو الوزارتين الفقيه القاضى»
قاضى قضاة المشرق أبو أمية إبراهيم بن عصام (1) وصفه بالمهابة التى يطرق الدهر لها توقيرا، ويشرق السعد لبهائها منيرا، وأنه نظم الرئاسة فى سلك القضاء، وهزم الكتائب بالمضاء، مستنير بذكائه، لا يستشير غير رأيه (2)
بذكائه، وأورد من نظمه ونثره ما يستمد البحر من غزارته، والروض من نضارته، فمن ذلك أنه كتب إليه أبو الحسين بن الحاج (3):
ما زلت أضرب فى علاك بمعوّلى
دأبا، وأورد فى رضاك وأصدر (4)
واليوم أعذر من يطيل ملامة
وأقول زد شكوى وأنت مقصّر (5)
__________
(1) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن عصام من أهل مرسية وقاضى قضاة الشرق، قال ابن الأبار: «ولى قضاء بلده مدة ثم صرف عنه بأبى على الصدفى سنة 505هـ ثم أعيد إليه وأقام فى ولايته نحوا من خمس وثلاثين سنة، وكان ذا جلالة فى أحكامه مهيبا ممدوحا خارجا عن زى القضاة وسمتهم أقرب إلى الرؤساء منه إلى الفقهاء له حظ من الأدب وقرض الشعر توفى سنة 516 «ويظهر أنه قضى فى القضاء 35سنة تخللتها ولاية أبى على الصدفى» المغرب ج 2ص 258وبغية الملتمس ص 207ومعجم الصدفى ص 56والتكملة ح 1ص 142والقلائد 202».
(2) يشير إلى قول الشاعر:
إذا هم ألقى بين عينيه همه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر فى أمره غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا
(3) محمد بن أحمد بن خلف المعروف بابن الحاج قاضى الجماعة بقرطبة لما ثار ضد المرابطين وقتل سنة 529هـ.
(4) فى القلائد: بمقولى.
(5) فى القلائد: فأنت مقصر.(20/526)
فأجابه أبو أمية:
الفخر يأبى والسيادة تحجر
أن يستبيح حمى الوفاء مزوّر (1)
[وعليك أن ترضى بسمع ملامة
عين السناء، وعهده لا يخفر] (2)
ولدىّ إن نفث الصديق لراحة ... صبر الوفىّ وشيمة لا تغدر (3)
وكتب إليه أبو العباس الغربانى (4):
أما ترى اليوم يا ملاذى ... يحكيك فى البشر والطلاقه
والقلب يرتج مثل قلب ... راقب من إلفه فراقه
[والجوّ صافى الأديم زهر ... مدّ على أرضه رواقه] (5)
فامنن بمشى إليه، إنى ... مالى على الصبر عنه طاقه (6)
فأجابه أبو أمية:
عندى لما تشتهى بدار ... يشهد أنى على علاقه
فاخبر بما شئت صدق عهدى ... تجد دليلا على الصداقه
__________
(1) فى المغرب: حمى الوقار.
(2) زيادة فى المغرب والقلائد، وفى القلائد عنى السناء لا يختر.
(3) فى المغرب: صبر الوفاء.
(4) فى القلائد الغرياقى.
(5) زيادة فى القلائد.
(6) فى القلائد: مالى على الصبر.(20/527)
واسكن إلى رأى ذى احتفاء ... يعجز من رأمه لحاقه
يطلع برّ الصديق بدرا ... أمّتنه عمره محاقه
وكتب إلى أبى العباس المذكور:
كتبت وعندى للنزاع عزيمة ... فسهّل تجشيم اللّقاء على بعد
ومعهد أنس ما عهدت تحفيا
فهل مقرض برى ومستقرض حمدى (1)
وإن عاق من عهد لبّرك عائق
تلطفت فى العذر الجميل إلى ودّى
وكتب إليه كاتبه [أبو الحسن] (2) باق (3) وهو بالعدوة بهذه الأبيات:
قصىّ الدار فى أسر الغرام ... أليم القلب من وقع الملام
يضاهى دمعه دمع الغوادى ... ويحكى شجوه شجو الحمام
وتذكره البدور سنا وجوه ... زهاها الحسن عن حمل الثام (4)
ترق له الرياح فنقتضيه ... إذا هبّت تحيّة مستهام
__________
(1) فى القلائد فهل مقرض شكرى.
(2) زيادة من القلائد.
(3) هو أبو الحسن باق بن أحمد بن باق من الشعراء المرموقين صحب أبا أمية إبراهيم بن عصام وصاغ فيه أمداحا كثيرة، واقتصر عليه فلم يقصد سواه.
(4) فى الأصل: حمل اللثام، والتصحيح عن القلائد.(20/528)
ولولا طاعة ملكت قيادى ... لأبلج فى الذّؤابة من عصام
لما آثرت بعدا عن حبيب ... يجرّع بعده غصص الحمام
فأجابه أبو أمية:
ذخرنا البرّ من لطف النّظام ... ومال برأينا سحر الكلام
وعندى للمطيع مطاع أمر ... يجدّد للّقاء ظبى اعتزام (1)
__________
(1) فى الأصل يجر، والتصويب عن القلائد.(20/529)
الفقيه الإمام الحافظ أبو بكر بن عطية (1)
ذكر أنه حافظ الحديث النبوى وضابط المسموع منه والمروى، وشيخ العلم وحامل رايته، والعارف بالأدب وروايته، طال عمره، وطار ذكره، وطاب نشره، وطاف فى الآفاق نظمه ونثره، فمن شعره قوله يحذّر من أهل الزمان:
كن بذيب صائد مستأنسا ... وإذا أبصرت إنسانا ففر
إنما الإنسان بحر، ماله ... ساحل فاحذره إيّاك الغرر
واجعل الناس كشخص واحد ... ثم كن من ذلك الشخص حذر
وقوله فى الزهد:
أيها المطرود عن باب الرّضا ... كم يراك الله تلهو معرضا
كم إلى كم أنت فى جهل الصّبى ... قد مضى عمر الصّبى وانقرضا
قم إذا اللّيل دجت ظلمته ... واستلذ الجفن أن يغتمضا
فضع الخدّ على الأرض، ونح ... واقرع السّنّ على ما قد مضى
وله فى هذا المعنى:
قلبى يا قلبى المعنّى ... كم أنا أدعى فلا أجيب
__________
(1) غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية المحاربى فقيه زاهد محدث حافظ رحل إلى الشرق واتصل بكثير من العلماء وبرع فى صياغة الشعر ولد سنة 441هـ وتوفى سنة 518 «المطرب ص 210، 23وبغية الملتمس رقم الترجمة 1277، والصلة ص 432، 433».(20/530)
كم أتمادّى على ضلال ... لا أرعوى، لا ولا أنيب
ويلاه من سوء ما دهانى ... يتوب غيرى ولا أتوب
وا أسفى كيف برء دائى ... داء كما شاءه الطّبيب (1)
لو كنت أدنو لكنت أشكو ... ما أنا من بابه قريب
أبعدنى منه سوء فعلى ... وهكذا يبعد المريب
مالى قدر وأىّ قدر ... لمن أخلّت به الذنوب؟ (2)
وله فى الزهد أيضا:
لا تجعلن رمضان شهر فكاهة ... يلهيك فيه من القبيح فنونه (3)
واعلم بأنّك لا تنال قبوله ... حتّى تكون تصومه وتصونه
وله فى المعنى:
إذا لم يكن فى السّمع منى تصاون
وفى بصرى غضّ وفى مقولى صمت
فحظّى إذا من صومى الجوع والظّما
وإن قلت إنّى صمت يومى فما صمت (4)
__________
(1) فى الأصل: كما ساءه، والتصحيح عن نفح الطيب والقلائد، وفيهما دائى كما شاءه.
(2) فى الأصل والقلائد: لمن أحلت، وقد أخذنا برواية نفح الطيب.
(3) فى نفح الطيب تلهيك فيه.
(4) فى نفح الطيب: صمت يوما.(20/531)
وله يعاتب بعض إخوانه (1):
وكنت أظنّ أنّ جبال رضوى ... تزول وأن ودّك لا يزول
ولكن الأمور لها اضطراب ... وأحوال ابن آدم تستحيل (2)
فإن يك بيننا وصل جميل ... وإلا فليكن هجر طويل (3)
وله:
كيف السلوّ ولى حبيب هاجر ... قاسى الفؤاد يسومنى تعذيبا (4)
لما درى أنّ الخيال مواصلى ... جعل السّهاد على الفؤاد رقيبا (5)
__________
(1) نسبها صاحب المغرب إلى ابنه أبى محمد عبد الحق بن عطية ص 118من الجزء الثانى.
(2) فى المطرب: لها انقلاب.
(3) آثرنا رواية نفح الطيب والقلائد، وفى الأصل: وصف جميل صبر جميل، وفى طرب وإلا فليكن هجر جميل.
(4) فى نفح الطيب والقلائد والمختارات: وكل حب هاجر.
(5) فى القلائد والمختارات ونفح الطيب: على الجفون.(20/532)
ابنه الوزير الفقيه الحافظ القاضى أبو محمد عبد الحق بن عطية (1)
قرّظه بأنّه فرع أصل العلاء، ونبع دوح الذكاء، وهو فى كل علم علم، وله فى كل معرفة يد وقدم، وأورد له من نظمه المستجاد، ما يتضوع كباء، ويتوضّح ذكاء (2) فمن ذلك قوله من قصيدة:
وليلة جئت فيها الجزع مرتديا
بالسيف، أسحب أذيالا من الظّلم (3)
والنجم حيران فى بحر الدجى غرق
والبرق فوق رداء الليل كالعلم
كأنما الليل زنجىّ بكاهله ... جرح فيثعب أحيانا له بدم (4)
__________
(1) القاضى عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربى من أهل غرناطة كان فقيها متبحرا فى الأحكام والحديث والتفسير أديبا بارعا شاعرا ولى قضاء مدينة المرية سنة 529وألف كتابه «الوجيز فى التفسير» وهو من خير كتب التفسير اعتمد عليه القرطبى كثيرا فى كتابه الجامع لأحكام القرآن وقد طبعت مقدمة هذا التفسير بالقاهرة مع مقدمة لتفسير آخر مجهول: باسم مقدمتان لتفسير القرآن الكريم، وأهل البصر بالتفسير يعدون تفسير ابن عطية من أجود كتب التفسير وتوجد منه نسخ خطية بدار الكتب ومكتبات أخرى، ولد ابن عطية سنة 481وتوفى سنة 541بمدينة لورقة «تاريخ قضاة الأندلس ص 159والقلائد ص 207 والصلة ص 367والديباج المذهب ص 174والمغرب ح 2ص 117».
(2) الكباء (ككساء) عود البخور أو ضرب منه الذكاء انتشار الرائحة الطيبة.
(3) فى القلائد: جبت فيها.
(4) ثعب: سال وتفجر.(20/533)
وله يتخلق بأخلاق الشيب قبل المشيب من قطعة:
سقيا لعهد شباب [ظلت] (1) أمرح فى
ريعانه، وليالى العيش أسحار
أيّام روض الصّبى لم تذو أغصنه ... ورونق العمر غضّ، والهوى جار
والنفس تركض فى تضمير شرّتها
طرفا له فى رهان الفتك إحضار (2)
عهدا كريما لبسنا منه أردية
كانت عيونا ومحّت وهى آثار (3)
مضى وأبقى بقلبى منه نار أسى ... كونى سلاما وبردا فيه يا نار (4)
وله فى الأمير عبد الله بن مزدلى (5) رقد قفل منصورا فى بعض غزواته:
ضاءت بنور إيابك الأيّام ... فاعتزّ تحت لوائك الإسلام (6)
أمّا الجميع ففى أعمّ مسرّة ... لما انجلى بظهورك الإظلام
ومنها:
كم صدمة لك فى العدا مشهورة
غصّ العراق بذكرها والشّام (7)
__________
(1) زيادة اقتضاها الوزن من المختصر والقلائد.
(2) فى الأصل عن تضمر سرتها الفتك إحصار والتصويب عن القلائد، الطرف:
الكريم من الخيل، الإحضار: ارتفاع الفرس فى عدوه.
(3) مح الثوب يمح: بلى وتمزّق وفى القلائد: فهى آثار.
(4) للقصيدة بقية فى القلائد.
(5) قائد بارع من قواد المرابطين ولاه يوسف بن تاشفين أمر غرناطة.
(6) فى القلائد: واعتز تحت لوائك.
(7) فى القلائد: كم صدمة لك فيهم.(20/534)
فى مأزق فيه الأسنّة والظّبى ... برق، ونقع العاديات غمام
والضّرب قد صبغ النّصول، كأنما
يجرى على ماء الحديد ضرام
والطعن يبتعث النّجيع، كأنما ... ينشقّ عن زهر الشّقيق كمام
وله يصف روضا ونرجسا غضّا:
نرجس باكرت منه روضة ... لذّ قطع الروض فيها وعذب (1)
حنّت لربح بها خمر حيا ... رقص النبت لها ثم شرب
فغدا يسفر عن وجنته ... نوره الغضّ ويهتز طرب
خلت لمع الشمس فى مشرقه ... لهبا يحمله منه لهب
وبياض الظلّ فى صفرته ... نقط الفضّة فى خط الذّهب
ومن نثره (2): شكره الذى فغم الأفق طيبا (3)، وأسمع الصّمّ خطيبا (4).
[واعتقادك فى جهتى أنّ] (5) الوشاة أثنوا بالذى عابوا، وصافت (6) سهامهم فما أصابوا (7)، الغواة لا يتركون أديما صحيحا، ولا يدرون فى المعالى رأيا
__________
(1) فى الأصل باكر منه روضة، والتصويب عن القلائد، وفيه لذ قطع الدهر.
(2) من رسالة أورد صاحب القلائد صدرهما وهو: يا سيدى الأعظم وعمادى الأكرم
فأول ما أقول فى شكره.
(3) فغمه الطيب: ملأ خياشيمه وفى القلائد أفعم.
(4) فى القلائد بعد هذا زيادة عدة أسطر.
(5) بدء الجملة كما فى القلائد.
(6) صاف السهم عن الهدف يصوف مال عنه وفى القلائد: خابت سهامهم.
(7) سقطت هنا بضع جمل حفظتها القلائد.(20/535)
رجيحا، بل يتسنّمون إلى ذوائب الشرف بالأذى، ويطرقون المشارب الزّرق الجمام بالقذى، فإن ألفوا مهزّا، أو صادفوا لشفرة محزّا (1)، صدّوا وألحموا (2)، وصرّحوا بالغضاضة وهينموا (3) وأى حيلة [أدام الله كرامتك] (4)
فيمن يخلق ما يقول، وأتّى بالخلاص (5)، والسلامة من الناس شىء ما إليه سبيل (6)، وما زلت مذ صحبت الأمجاد، وثافنت (7) الحسّاد، أجعل هذه الأمور دبر الأذن وأقنع لها بإبلاه (8) التّجارب والفتن، علما بأن سري سيبيّنه (9) اطّراد الإعلان، وأن قول الغوىّ ستفضحه شواهد الامتحان، وبأواخر الأمور تقضى الأوائل (10) والله عزّ وجهه عند لسان كل قائل، ولو تتبّعت كلّ وشاية بالتكذيب، وأجبت كل نعيق ونعيب (11) لما اتّسع لغير
__________
(1) فى الأصل الشفرة والتصحيح من القلائد، والشفرة: السكين العريضة العظيمة وشفرة السيف حده، محز الشفرة: مكان الحز.
(2) فى الأصل شدوا وألجموا ولعل الصواب ما أثبتناه سدى وألحم وصل الخيوط الظاهرة والباطنة فى النسيج، وفى القلائد: سدوا وصرخوا.
(3) فى القلائد: وصرخوا بالفظاظة وهينموا الهينمة: الصوت الحفى.
(4) زيادة بالقلائد.
(5) فى الأصل: بالخلاصة والتصويب عن القلائد.
(6) فى القلائد: والسلامة من شىء.
(7) ثافن: جالس ولازم، وفى الأصل ونافيت والتصحيح عن القلائد.
(8) فى القلائد: بإيلاء: الإبلاء (بالباء) الاختبار.
(9) وردت الكلمة غير واضحة بالأصل وقد أخذنا برواية القلائد.
(10) أى إن الأوائل يتبعون قاعدة الحكم على الأمور بخواتيمها. وفى القلائد وبأواخر الأمور يقضى للأوائل.
(11) فى القلائد كل نعيب وضغيب النعيق صوت الغراب والنعيب صوت الراعى فى الهش على غنمه وصوت الغراب أيضا الضغب: صوت، الذئب.(20/536)
تلك العمر، ولا استراح من وساوسه الفكر (1)، وعياذا أن يخفى الصواب بين عهدك الوفىّ، وظنّك الألمعى، وتثبّتك الشّرعى والله تعالى يعمر (2)
بالسؤدد ربعك، ويوسع بحمل (3) أثقال المعالى وأعبائها ذرعك، ويجعل من كفايته ووقايته جنّتك من الزمن ودرعك.
وله من كتاب تعزية إلى الأمير عبد الله بن مزدلى (4) بمصاب أخيه المستشهد (5): أدام الله تأييد الأمير الأجل محروسة بحسام القدر جوانبه، مكتنفة بجنن (6) السّعد مذاهبه، جارية مسرى الأنجم مراتبه، وأطال بقاءه جابر صدوع الرياسة عند انفصامها، وخلف سلف النفاسة ووسطى نظامها، ولا زال يوزن به فيرجح (7) ويعارض بغرته بهيم النوائب فيصبح. كتبته [أعلى الله يدك] (8) عن فؤاد دام، ودمع عام، ولب حائر، وقلب فى جناحى طائر، ونفس يجرى بذؤبها النّفس، ولا تفيق (9) إلا ريثما تنتكس، بهذا الطارق المطرق، والنبأ المغصّ المشرق، والضارب بين مفرق الإسلام وجبينه، والمغيّل
__________
(1) سقطت هنا جملتان حفظتهما القلائد هما: وأنت وصل الله عزك الملم بحفظ العهد، وجبر الأجر والقصد.
(2) فى الأصل: يعم، وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) فى القلائد: لحمل.
(4) من أشهر قواد المرابطين بالأندلس وقد تحدثنا عنه فيما سبق.
(5) الأمير محمد بن مزدلى استشهد فى موقعه نارة.
(6) فى الأصل بحنى وفى القلائد ببحنن.
(7) فى القلائد: توزن به الأوائل فيرجح.
(8) زيادة بالقلائد.
(9) فى الأصل تضيق والتصحيح عن القلائد.(20/537)
فى غيل الملك وعرينه (1)، مصاب [الأمير الأجل أبى عبد الله] (2) أخيك سقى الله ثراه، وضوّأ بأنوار الشهادة أفقه وذراه، وبرّد له بنوافح الرحمة (3) مضجعا، وأزجى إليه الغوادى مربعا ثم مربعا، هلال ملك بادره السّرار عند إبداره، وروح مجد هصرته المنون أوان إثماره، حين مالت به الرياسة كما اهتزّ الغصن تحت البارح (4) وافترّ نابه عن شباه القرح (5)، فإنا لله وإنا إليه راجعون، تسليما فيه للقضاء المصمّم (6) وتأسفا منه على فرد يفدى بالخميس العرمرم، ولله درّه حين التفّت عليه الفوارس، وحمى الوطيس واشتدّ المداعس (7) وعظم المطلوب فقل المساعد، وهبّ من سيفه مولّى نصره لا يحارد (8) فرأى المنيّة ولا الدنيّة، وجرع الحمام، ولا النجاء برأس طمرّة ولجام (9)، فشمّر عن أكرم ساعد وبنان، وقضى حقّ المهنّد والسّنان، ولبس قلبه فوق درعه ولم يضق بالجلاد رحيب ذرعه.
__________
(1) المغيل: الداخل فى الغيل والغيل هو الشجر الكثيف الملتف.
(2) زيادة بالقلائد.
(3) فى القلائد: بنوافج الرحمة.
(4) فى القلائد المارح وهو تحريف.
(5) الشباة والشبا: الحد، القارح: سقوط السن التى تلى الرباعية وفى القلائد شباة.
(6) فى القلائد: المصم.
(7) فى القلائد التداعس المداعس: المطاعن.
(8) يحارد: يمنع، وفى القلائد: نصله لا يجارد.
(9) يشير إلى قول الشاعر:
ترك الأحبة لم يقاتل دونهم ... ونجا برأس طرة ولجام
أى نجا بفرسه تاركا أهله وأحبابه.(20/538)
(وأثبت فى مستنقع الموت رجله
وقال لها: من تحت أخمصك الحشر) (1)
ومضى وقد وقّع على الله أجره ورفع فى علّيين ذكره، وخلد فى ديوان الشهادة فخره (2)، ولا غرو [أدام الله تأييدك] (3) أن عضّ الزمان فى غارب، فالشر لا يحسب ضربة لازب، أو أناخ (4) كلكله مره، فالعيش طورا شماس وطورا غرّة، ومثلك دام أمرك من حلب الدهر أشطرا، وعرف الأيّام (5) بطونا وأظهرا وخبر امتزاج النعم بالنوائب، وعنى بفهم التجارب (6)، يرغم بجميل الصبر أنف الحادث، ويفلّ بلأمة الجلد حدّ الكارث، ويعلم أن الدهر (7) وإن سرّ حينا فهمّه ناصب، والدنيا إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب، فأنت أعلى الله يدك أثقف قناة، وأصلد صفاة، وأصلب على البرى عودا، وأثقب مع الورى زنودا، من أن يضعضع الريب لهضبة عزمك ركنا، أو يعمر الخطب بساحة (8) حلمك مغنى، أو يقذف الدهر عليك بصرف، أو يبدع إلا بسجية
__________
(1) من قصيدة أبى تمام المشهورة التى مطلعها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم يقض ماؤها عذر
(2) هنا أسقط المصنف بعض جمل حفظتها القلائد.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد: وأناخ طورا يعاند وطورا يقبل متهللا ويصح أن تكون أناخ كلكله غرة أى مفاجأة.
(5) فى القلائد: للأيام.
(6) فى القلائد: وغنى بفهمه عن التجارب.
(7) فى القلائد: الزمن.
(8) فى القلائد: لساحة.(20/539)
وعرف (1)، لا يعتب (2) الجازع الزمن، ولا يرد الفائت الحزن، والله عزّ وجل يلم بسعدك الشعث ويرأب الشعب، ويضفى من رئاستك الذوائب ويعلى الكعب، ويذيق الذين يضاهونك هونك، ويجعل الذين يحسدونك دونك (3).
وله يصف فحما:
جعلوا القرى للقرّ فحما حالكا ... قدح الزناد به فأورى نارا (4)
فبدا دبيب السّقط فى جنباته ... كالبرق فى جنح الظلام أنارا (5)
ثم انبرى لهبا، وثار كأنّه
فى الحرق ذو حرق يطالب ثارا (6)
فكأنّه ليل تفجّر فجره ... نهرا فكان على المقام نهارا (7)
وله فى الوداع:
أستودع الله من ودّعته، ويدى ... على فؤادى خوفا من تصدعه
__________
(1) أسقط المصنف بضعة أسطر حفظتها القلائد.
(2) فى القلائد: إذ لا يعتب، يعتب: يرضى ويقبل العتاب.
(3) للرسالة بقية بالقلائد.
(4) القر: البرد ويخص بالشتاء، يريد أنهم أطعموا البرد نار الفحم.
(5) السقط: الشرر.
(6) الحرق الأولى بمعنى الحريق، ذو حرق: ذو غيظ وغضب جعله يحرق نابه أى يصك أسنانه بعضها ببعض حتى يسمع لها صريف إظهار للغيظ والغضب، ويصح ذا حرق: جمع حرقة كأن قلبه يلتهب بالنار من حدة الغضب والألم.
(7) فى القلائد: وكأنه.(20/540)
بدر من الودّ حازته مغاربه
فالنفس قد أشخصت طرفا لمطلعه
أتبعته بعد توديعى له نظرا ... إنسانه غرق فى بحر أدمعه
ما أوجع البين فى قلب الكريم غدا
يفارق المجد فى ثوبى مودّعه (1)
يذيقه البين تعذيبا، ويمنعه
من أن يطير شعاعا أسر أضلعه (2)
يسطو به البين مغلوبا، فليس سوى
تململ فى فراش من تفجعه (3)
وله يصف الزمان وأهله:
داء الزمان وأهله ... داء يعزّ له العلاج
أطلقت فى ظلمائه ... ودّا كما سطع السّراج
لصحابه أعيا ثقا ... فى من قناتهم اعوحاج (4)
[أخلاقهم ماء، صفا ... مرأى، ومطعمهم أجاج] (5)
كالدرّ ما لم تختبر ... فإذا اختبرت فهم زجاج
__________
(1) فى القلائد: يفارق القلب فى يومى مودعه.
(2) فى القلائد: يذيبه البين.
(3) فى القلائد: من توجعه.
(4) الثقاف: ما تسوى به الرماح وفى الأصل: أعنى ثقافى والتصويب عن القلائد.
(5) زيادة بالقلائد.(20/541)
ومن مكاتبة له (1): لا زال منهلّ سحاب العدل، ممتدّ أطناب الظّل، مخضرّ جناب الفضل (2). لا يقرع باب أمل إلّا ولجه، ولا يعنّ لما تكره النفوس من أمر إلا فرّجه، [بعزة الله] (3) كتبته (4) عن منبر (5) ودّك الذى لا تخبو ناره ولا تأفل عندى شموسه وأقماره، ونضير (6) عهدك الذى لا يخلع لبسته الكرم (7) ولا يزداد إلّا طيبا على القدم، وعطير (8) حمدك الذى بنوافجه (9) أحاور وأحاضر، وبمحاسنه أباهى وأكاثر (10)، والله تعالى يملأ بمحامدك أسماعا، ويطلق ألسنا، ويبقيك (11) للفضل عينا كريمة (12) وأثرا حصنا، ويديم ما بيننا فى ذاته زكىّ الفروع ثابت الأصول، حصين الشّكّة (13) مرهف
__________
(1) من رسالة كتبها إلى القاضى أبى سعيد بن خلف «كما ذكر صاحب القلائد»، وهو أبو سعيد خلوف بن خلف الله من البربر ولى قضاء غرناطة للملثمين سنة 510ثم صرف عن قضائها يأبى عبد الله بن حسون الكلبى سنة 515هـ وولى قضاء مدينة فاس ثم ولى قضاء الجماعة بمراكش، وكان صالحا تقيا توفى سنة 516هـ «تكملة الصلة ص 314» وقد حذف المصنف مقدمة الرسالة التى أوردها صاحب القلائد ص 214.
(2) فى القلائد: جوانب الفضل.
(3) زيادة عن القلائد.
(4) حذف المصنف هنا بضع جمل ذكرها صاحب القلائد.
(5) لعلها منير ودك.
(6) فى القلائد ونظير.
(7) اللّبسة ضرب من الثياب وهيئة من هيئات اللباس، قال امرؤ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفصل
(8) فى القلائد: وعطر.
(9) فى القلائد: به.
(10) فى القلائد وأفاخر.
(11) فى القلائد: ويتقبل.
(12) فى القلائد: غيثا كريما.
(13) فى القلائد: السكة وهو تحريف والشكة (بكسر الشين) هى السلاح.(20/542)
الفصول [بمنّه بعد أن] (1)، ورد كتابك الكريم روضة الحزن (2)، غبّ المزن، وحديقة الزّهر، تبسّمت لوفد المطر، تتجارى إلى محاسنه العين والنّفس، ويترقرق من خلاله الأنس فانتهت (3) منه إلى ما يقتضى رضى وتسليما، ويسر كما سمّى اللديغ سليما (4)، [فإن الأمير الأجل أبا محمد عبد الله بن مزدلى] (5)
أطلّ عليهم إطلال الفجر على الظّلام، وأخذ هنالك بضبع (6) الإسلام، وأقام مرة كالحيّة النضناض، وطورا كالأسد القضقاض (7)، سرّب (8) إلى محلّتهم من يضرم (9) نار الحرب فى أكنافها، ويأتى أرضهم ينقصها من أطرافها (10)
ولولاه ما علا [هنالك] (11) للإسلام اسم ولا خفا للمدافعة وسم (12) ولا لاح
__________
(1) زيادة بالقلائد.
(2) الحزن: المكان المرتفع تضرب برياضه الأمثال.
(3) فى القلائد: وانتهيت، وقد حذف المصنف هنا نحو عشرة أسطر من الرسالة حفظتها القلائد، وفيها إن الأمير أبا على عبد الله بن مزدلى تهيأ للقاء الإفرنج فى سرقسطة وأنه [أطل عليهم إطلال الفجر على الظلام].
(4) تفاؤلا بسلامته.
(5) صدر الجملة كما فى القلائد.
(6) الضبع: العضد أو الإبط أو ما بين الإبط إلى النصف الأعلى من العضد، وأخذ بعضده: بناصره، وفى الأصل يضيع للاسلام وقد آثرنا رواية القلائد.
(7) القضقاض (بفتح القاف) وضمها الأسد الكاسر.
(8) فى الأصل سيرت وهو تحريف وسرب بمعنى أرسل، وفى القلائد يسرب.
(9) فى القلائد من يضرب.
(10) فى الأصل والقلائد: ينقضها ولعل الصواب ما أثبتناه وفيه إشار إلى الآية الكريمة {«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنََّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهََا مِنْ أَطْرََافِهََا، وَاللََّهُ يَحْكُمُ لََا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسََابِ».}
(11) زيادة من القلائد.
(12) خفا البرق يخفو: لمع وخفا الشىء ظهر والوسم العلامة، وفى الأصل، ولا جنى ولعل الصواب ما أثبتناه وفى القلائد ولا عاد للمدافعة رسم.(20/543)
للمكافحة رسم (1) ولا عنّ لتلك العلل المجهولة (2) على تلك الأقطار جسم، ولكنه ركب صعب الأهوال، وصدق الصيال، وهى [أعزك الله] (3) أقطار إن لم تقم القوّة منها ميلا وحنفا (4)، ويستعمل الجدّ لها نظرا أنفا (5) وإلا فعقدها بمدرج تبار (6)، وهى فى طريق انتكاث وعثار، والله يكفى المسلمين فيها وينعم عليهم بتلافيها (7).
__________
(1) هذه الفقرة ساقطة من القلائد.
(2) فى القلائد المجهزة.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) الحنف: الاعوجاج فى الرجل.
(5) الأنف: الجديد، والمقصود تدبيرا جديدا محكما.
(6) التبار: الهلاك، والمدرج الطريق وفى القلائد بمدرج نثار.
(7) القلائد زيادة: [بعزته، والسلام الجزيل عليك يا عمادى ورحمة الله].(20/544)
الوزير الفقيه الحسيب المشاور
القاضى أبو الحسن بن أضحى (1)، وصفه بالنسب المضىّ (2) والحسب الرّضىّ، والشرف الباذح، والعلم الراسخ، والحلم الراجح، والعمل الصالح، والمحتد القديم، والعنصر الكريم، والمعشر الأكابر المورّث مجدا أوائلهم الأواخر (3)، إن سخا فالغيث، أوسطا فالليث، له الوقار والسّكينة واللّبث، وفى المالى الإسراع وعن الدنايا الإبطاء والمكث، قال: وبما [ذا] (4) أحليه وعنه تقصر الحلا، وبه يتزين الدهر ويتحلّى، ما عرفت له صبوة، ولا حلّت له فى محظور حبوة، وقد تولى القضاء وحكم بالعدل، وأتى بالخطاب الفصل، ومن شعره المعتدل المزاج، المشتعل السراج، العذب المجاج، الرحب الثّجاج، قوله فى جواب شفيع رفيع:
ومستشفع عندى بخير الورى عندى
وأولاهم بالشّكر منّى وبالحمد
__________
(1) أبو الحسن على بن أضحى الهمدانى من بيت علم وأدب وفقه وصلاح ولى قضاء المرية سنة 514، ولما ضعف شأن المرابطين نار بغرناطة ودعا لنفسه بها واستعان بجيرانه سنة 539ولم يطل أمره حيث توفى سنة 540هـ «الحلة السيراء طبع دوزى ص 207 القلائد ص 210معجم السلفى الورقة 18، الرايات لابن سعيد ص 53المغرب ح 2ص 108، وفى الأصل أصبحى وهو تحريف.
(2) أى المضىء.
(3) أى يورث أوائلهم مجدهم للأواخر. وفى الأصل الموروث، وهو تحريف، ولعلها الموروث مجد أوائلهم للأواخر.
(4) زيادة عن القلائد.(20/545)
وصلت فلما لم أقم بجزائه ... لففت له رأسى حياء من المجد
قال صاحب قلائد العقيان: كان لصاحب البلد الذى تولى القضاء به ابن من أحسن الناس صورة، وكانت محاسن الأقوال والأفعال عليه مقصورة، فكتبت إلى القاضى فيه مداعبا له فراجعنى بهذه القطعة:
أتتنى أبا نصر نتيجة خاطر
سريع كرجع الطّرف فى الخطرات
فأعربت عن وجد كمين طويته ... بأهيف طاو فاتر اللحظات (1)
غزال أحم لمقلتين عرفته
نحيف منّى للحين أو عرفات (2)
رماك فأصمى، والقلوب رميّة
لكل كحيل الطرف ذى فتكات (3)
فظنّ بأن القلب منك محصّب ... فلبّاك من عينيه بالجمرات (4)
فقرّب بالنساك من كلّ منسك ... وضحّى غداة النحر بالمهحات (5)
__________
(1) فى القلائد: فأعرب عن وجد.
(2) فى الأصل: أجم المقلتين، والتصويب عن القلائد.
(3) أخذنا برواية القلائد، وفى الأصل ومال فأسمى.
(4) المحصب: موضع رمى الجمار بمنى، وفى الأصل مخضب والتصويب عن القلائد.
(5) فى القلائد تقرب بالساك فى كل منسك.(20/546)
وكانت له جيّان مثوى فأصبحت
ضلوعك مثواه بكلّ فلاة (1)
يعز علينا أن تهيم فتنطوى ... كئيبا على الأشجان والزفرات
فلو قبلت للناس فى الحب فدية ... فديناك بالأموال والبشرات (2)
وله:
يا ساكن القلب رفقاكم تقطّعه ... الله فى منزل قد ظلّ مثواكا
يشيد الناس للتحصين منزلهم ... وأنت تهدمه بالعنف عيناكا
والله والله ما حبّى لفاحشة ... أعاذنى الله من هدا وعافاكا
وله يتوجع من الفراق ويصف الوداع:
أزف الفراق، وفى الفؤاد كلوم ... ودنا الترحّل والحمام يحوم
قل للأحبة كيف أنعم بعدكم ... وأنا أسافر والفؤاد مقيم (3)
قالوا: الوداع يهيج منك صبابة ... ويثير ما هو فى الهوى مكتوم
قلت اسمحوا لى أن أفوز بنظرة ... ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
__________
(1) مدينة جيان والأسبان ينطقونها الآن خيان كعادتهم فى قلب الجيم خاء، وهى مدينة كبيرة عاصمة لمقاطعة تعرف بهذا الاسم قرب البيرة وتشتهر بتربية الحرير وكثرة العيون المتدفقة وفى الأصل: وكانت له حيان والتصويب عن القلائد.
(2) هكذا بالأصل والقلائد. ولعلها البدرات جمع بدرة وهو كيس فيه آلاف الدراهم أو الدنانير، وقد تكون من أبشرت الأرض: أخرجت بشرتها أى ما ظهر من نباتها.
(3) فى المطرب وأنا المسافر.(20/547)
وله إلى الأمير عبد الله بن مزدلى (1) من قطعة:
يا أيها الملك مضمون لك الظّفر ... أبشر فمن جندك التأييد والقدر (2)
[وأب لنا سالما، والسعد مقتبل
والدّين منتظم، والكفر منتثر] (3)
ومنها:
وقد طلعت على البيضاء من كثب
كما تطّلع من جنح الدّجا القمر (4)
حللت فى أرضنا فى جحفل لجب
كما يحلّ بها فى الأزمة المطر (5)
وحولك الصيد من لمتونة وهم ال
أبطال يوم الوغى والأنجم الزّهر (6)
__________
(1) قائد من أبرع قواد الملثمين، وقد سبقت الإشارة إليه.
(2) فى الأصل: المصون لك الظفر وقد أخذنا برواية القلائد.
(3) زيادة بالقلائد.
(4) فى القلائد فى جنح الدجا.
(5) فى القلائد: فى أرضها.
(6) المتونة قبائل الملثمين، وفى القلائد: وهم أبطال.(20/548)
والعرب ترفل فوق العرب سابحة
كالأسد ليس لها إلّا القنا ظفر (1)
من كل أروع وضّاع عمامته ... كالبدر نحو لقاء البدر يبتدر (2)
شعاره البر والتقوى، ومؤنسه ... فى ليله رمحه، والصارم الذكر
ذؤابة المجد من قحطان كلّهم ... أبوهم أدد ذو المجد أو مضر (3)
__________
(1) يريد أن فرسان العرب يمتطون الخيل العراب كأنهم آساد مفترسة أظفارها الرماح.
(2) فى القلائد: وضاح عمامته ولعل المقصود برواية المصنف أنه قائد وزعيم معروف ناظرا إلى قول الشاعر:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفونى
البدر: القمر والبدر أيضا: السيد فى القلائد نحو لقاء الجيش ببندر.
(3) فى القلائد: إبراهيم حمير ذو المجد أو مضر، ومن الملاحظ أن مضر من العدنانيين لا من القحطانيين.(20/549)
الفقيه الكاتب أبو عبد الله بن اللوشى (1)
وصفه بالشّيمة المشيمة (2) منها بارقة الوفاء، والسريرة المديمة له بحسن السيرة ديمة الصفاء، والفضل المحتوية عليه أثوابه، والنبل المنتمية إليه آدابه، ووصمه بعد ذلك بالخلق الحرج، والعطن الضيق اللّجج، وأورد من نظمه ونثره ما يعرب عن رفعة قدره، فمن ذلك قوله من قطعة راجع بها الوزير أبا القاسم ابن السقّاط (3) [ارتجالا] (4):
لله أبيات أتتنا خمسة
مثل الفرند نظمن نظم الجوهر (5)
__________
(1) نرجح أنه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المذحجى من أهل غرناطة، ولعل لقب اللوشى أنى من نسبته إلى ألوشة وهى حاضرة من حواضر غرناطة وأصله منها كما ذكر صاحب التكملة ويسميها الأسبان لوجة ويطلقون عليها سان فرنسيسكو وموقعها جميل فى سفح جبل على الضفة الجنوبية من نهر شنيل ويعتبرها الحربيون مفتاح غرناطة وأبو عبد الله هذا كان فقيها مشاورا توفى قبل الأربعين وخمسمائة «راجع التكملة ج 1ص 444» ونحب أن ندفع وهما قد توقعنا فيه النظرة العاجلة، وهو أن هناك آخر يسمى أبا عبد الله محمد بن محمد بن سعيد اللوشى ولكنه ولد سنة 561بعد وفاة صاحب القلائد بنحو العشرين عاما فليس هو المقصود وقد ترجم صاحب القلائد لأبى عبد الله اللوشى ص 218.
(2) فى الأصل: وصفه بالمشيمة منها ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) من ولاة مالقة كان شاعرا مجيدا وكاتبا متفننا أورد له صاحب المغرب مختارات من شعره ج 1ص 428وكذلك صاحب المسالك ج 8الورقة 245.
(4) زيادة فى القلائد.
(5) قبل هذا البيت وردت ستة أبيات رواها صاحب القلائد أولها:
يا لابسا برد العلاء مفونا ... بأجل مأثرة وأسنى مفخر
وفى القلائد: الجوهرى.(20/550)
جمعت من السحر الحلال محاسنا ... من كل معنى رائق مستندر
سوّى وشيعتها لسان حائك ... ووشى سداها خاطر كالسّمهرى (1)
فأتت حبيبا لن يفوه بمثلها
وأتت بما يزرى بنبل البحترى (2)
فألبس هنيئا برد مجد سابغ ... واصحب ذيولك زاهيا وتبختر
وله من رسالة إلى الفقيه عبد الحق بن عطية (3): أطال الله بقاءك (4)
محدوما بأيدى الأقدار، معصوما من عوادى الليل والنهار، مكتنفا من لطائف لله الخفية، وعوارف صنائعه الحفيّة، بما يرفع عن حوزتك نوائب الخطوب، ويصنع لك فى طىّ المكروه نهاية المحبوب، لله تعالى أقدار لا تتجاوز مداها، وأحكام لا تخطىء مراميها ولا تتخطاها، وآثار يحلها المرء ويغشاها، ولهذا من كتبت عليه خطا مشاها (5)، غير أنه [دام عزك] (6)
__________
(1) فى الأصل: سوى وسيعها لسان جائل، ووشى شذاها والتصحيح عن القلائد الوشيعة: علم الثوب، أو خشبة يلف عليها النساج ألوان الغزل، والقصبة يجعل فيها النساج لحمة الثوب، والطريقة فى البرد.
(2) فى الأصل فأتت حبيا أن يفوز، والتصحيح عن القلائد، ويقصد مجيب أبا تمام حبيب ابن أوس الطائى وفى البيت تورية، والبحترى الشاعر المشهور أبو عبادة الطائى.
(3) الشاعر الكاتب الفقيه أبو محمد عبد الحق بن عطيه صاحب المحرر الوجيز فى التفسير المتوفى سنة 518هـ وقد سبقت الإشارة إليه.
(4) يختصر المصنف الرسالة بحذف بعض فقراتها التى حفظها لنا صاحب القلائد.
(5) مقتبسة من قول الشاعر:
مشيناها خطا كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطا مشاها
(6) زيادة من القلائد.(20/551)
قد يخيّر الله لعبده فى الأمر المكروه، ويلبسه فى أثناء المحنة ثوبا من المنحة لا يسروه (1)، فمن الحزامة (2) لمن تحقق بالأيام ومعرفتها، وعلم صروف الليالى بكنه صفتها، أن يضحى عند الخطب شهما يواثبه (3) ولا يتوقّى ظهر ما هو راكبه (4)، إذ لا محالة أن العيش ألوان، وأن حرب (5) الزمان عوان، وحتم أن يستشعر الصّبر والجلد مناوىء الرجال (6)، ويقرر فى نفسه (7) أن الأيام دول، وأن الحرب سجال ويعتقد أن ما يعرضه فى خلال النضال، من وخز الكفاح، ويعترضه لمحال الرجال (8) من حفز الرماح، غمار تقلع (9)، وغبار يقشع، لا سيما إذا كان الذى أصابه جرح (10) أشواه (11)، وسهم غرب صاف (12) عن المقتل (13) إلى سواه، ثم أجلت (14) الحرب عن قرانه ترب
__________
(1) يسروه: يلقيه عنه.
(2) الحزامة: الحزم.
(3) فى الأصل عند الخطوب وفى القلائد: عن الخطب، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) أى لا يهاب ما ينطوى تحت الخطب من آلام.
(5) فى القلائد: وحرب الزمان.
(6) فى القلائد من يناوىء الرجال.
(7) فى القلائد: ويقرى فى نفسه.
(8) فى القلائد بمحال الرجال.
(9) الغمار: جمع غمرة وهى الشدة.
(10) فى القلائد: جرحا
(11) أشواه: أصاب أطرافه ولم يقتله.
(12) صاف السهم عن الهدف يصوف ويصيف: مال عنه وانحرف وفى القلائد: حاب.
(13) فى الأصل المعتل، والتصويب عن القلائد.
(14) فى الأصل أحلت، والتصويب عن القلائد.(20/552)
الجبين (1)، شرقا بدم الوتين وقد أربت (2) لذّة غلبه، وفرحة منقلبه، على ما غاله من وصبه، وناله من تجشم نصبه، وراح (3) بعزّة الظّفر، وهزّة بلوغ الأمل (4) وقضاء الوطر (5)، وأيم الله يا سيدى [الأعلى] (6) لكدّر بعدك المحيّا (7)، ونغّص فراقك الدنيا، واقشعرّت بعدك النّعمى (8)، وأصبح طرف لا أراك به أعمى، إلى أن وافى [من فلان] (9) راجلك بشيرا، فاغتديت (10)
[لعمر الله] (11) جذلا وارتددت (12) بصيرا، وقلت عودة من الزمان، وعطفة من درك الآمال والأمان، فالحمد لله الذى وهب هذه المسرّة بتمامها، وأطلق النّفس من عقلة اغتمامها، والشكر له على ما منّ به من إيابك، وأنعم فيه من فيئتك واقترابك (13) فإنها النعمة المالكة خلدى، المالثة لسانى ويدى، التى هى أحلى من الأمان، وأسنى من كرة العمر وعودة الزمان.
__________
(1) فى الأصل ترب الحنين وفى القلائد ترب الجبين وقد أخذنا ما فيهما من الصواب وتركنا التحريف، والكاتب يريد أن إصابته هو غير قاتلة أما إصابة خصمه فقاتلة مهلكة.
(2) فى القلائد: فقد أربت.
(3) فى القلائد: وأراح.
(4) فى القلائد: بغرة الظفر وبلوغ الأمل.
(5) حذف المصنف من الرسالة نحو اثنى عشر سطرا حفظتها القلائد.
(6) زيادة من القلائد.
(7) فى القلائد تكدر بعدك المحيا.
(8) فى القلائد: العليا.
(9) زيادة فى القلائد.
(10) فى القلائد: فاعتديت وهو تحريف.
(11) زيادة بالقلائد.
(12) فى الأصل: وارتديت بصيرا، والتصويب عن القلائد.
(13) وردت الكلمتان مهملتين وقد صححناهما عن القلائد.(20/553)
الفقيه الحافظ القاضى أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض (1)
توفّى بفاس سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة (2)، وصفه بالاعتناء بعلوم الشّريعة، واختصاصه برتبتها الرفيعة، والانتباه للنباهة، والاتجاه للوجاهة، وكان كبير الشّأن، غزير البيان، وأورد من نثره رقعة ذكر أنه كتبها على يده. تحية للرئيس أبى عبد الرحمن بن طاهر (3) وهى: عمادى أبا نصر، مثنى الوزارة وجيد (4) العصر هل لك فى منّة تفوت الحصر؟ تخفّ محملا، وتبلّغ أملا، وتشكر قولا وعملا، شكرا تترنم به الحداة ثقيلا ورملا، إذا بلغت الحضرة [العلية] (5) مستلما (6) ولقيت الطاهر ابن الطاهر (7) فخر الوزارة مسلّما، وحللت
__________
(1) القاضى أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض اليحصبى أصله من سبته. كان أجداده من الأندلس ثم انتقلوا إلى مدينة فاس ثم إلى سبته.
وكان فقيها أصوليا عالما باللغة والآداب بصيرا بالأحكام حافظا للمذهب المالكى شاعرا مجيدا وكاتبا بارعا ولى القضاء بالأندلس والمغرب، ولد سنة 476وتوفى سنة 544هـ فى مراكش، وترك مصنفات عديدة من أشهرها كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم وكتاب ترتيب المدارك وكتب المقرى عنه كتابا سماه أزهار الرياض فى أخبار القاضى عياض فى خمسة أجزاء طبع منها فى القاهرة ثلاثة أجزاء «الديباج المذهب ص 172168والصلة ص 429، 430وتاريخ قضاة الأندلس ص 101والقلائد ص 224221».
(2) ذكر صاحب الصلة أنه توفى بمراكش سنة 544هـ.
(3) أبو عبد الرحمن بن طاهر صاحب مرسية. وقد انتزعها منه المعتمد بن عباد، وسبقت الإشارة إليه.
(4) فى القلائد ووحيد والمخاطب هنا الفتح بن خاقان صاحب القلائد.
(5) زيادة من القلائد.
(6) فى الأصل: مسلما وقد أخذنا برواية القلائد.
(7) فى القلائد ابن طاهر.(20/554)
من فيائه الأرحب حرما، ولمست بمصافحته ركن المجد يندى كرما، فقف شوقى بعرفات تلك المعارف وانسك (1) شكرى بمشاعر تلك العوارف، وأطف إكبارى (2) بكعبة ذلك (3) الجلال سبعا، وبوّىء، لودادى فى مقر ذاك (4) الكمال ربعا، وأبلغ عنّى تلك الفضائل سلاما، يلتئم بصريح الحب لتئاما، ويحسن عنى بظهر الغيب مقاما، ويسير [عنى بارح الجد] (5) إنجادا وإتهاما.
وله إليه (6):
أبا النّصر إن شدّوا رحالك للنوى ... فإن جميل الصبر عنك بها شدّوا
وإن تتركوا قلبى مقيما وترحلوا ... فماذا ترى فى مهجة معكم تغدو
ومن شعره قوله:
عسى تعرف العلياء ذنبى إلى الدهر ... فأبدى له جهد اعترافى أو عذرى
فقد حال ما بينى وبين أحبة ... ألفتهم إلف الخمائل القطر (7)
هم اودعوا قلبى تباريح لوعة
فنأيهم أذكى وأنكى من الجمر (8)
__________
(1) نسك الثوب أو غيره: طهره وطيبه.
(2) فى الأصل: كيادى، والتصحيح عن القلائد.
(3) فى القلائد: ذاك.
(4) فى القلائد: ذاك.
(5) فى الأصل ويسير بارحى أنجادا وإتهاما، وقد أخذنا برواية القلائد.
(6) ورد البيتان بالأصل مضطربين. وقد صححناهما عن القلائد.
(7) فى القلائد: وقد حال.
(8) فى الأصل بنانها أذكى والتصويب عن القلائد. م(20/555)
على أن لى سلوى بأن فراقهم
وإن طال لم يمزج بصدّ ولا هجر (1)
سأفزع للريح الشّمال لعلنى ... أحمّلها نجوى تلجلج فى صدرى
تبلغ منها للوزير تحيّة ... معطرة الأرجاء دائمة النشر
تظلّله من حرّ كلّ ممجيرة ... وتؤنسه فى وحشة البلد القفر
وتنبثه أنى أكنّ صبابة
بحسن بدا فى غير شعر ولا شعر (2)
وأنّى أشدو فى البوادى بذكره
كما شدت الورقاء فى الغصن النّضر (3)
أجل وعساها أن تبلغ مهجتى
فأبلى بها عذرى، وأقضى بها نذرى
وله فى زروع بينها شقائق النعمان:
انظر إلى الزرع وخاماته ... تحكى وقد هبت عليها الرياح (4)
كتيبة خضراء مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح (5)
__________
(1) فى الأصل فإن طال وقد أخذنا برواية القلائد.
(2) فى القلائد: لحسن بدا.
(3) فى القلائد: فى النوادى.
(4) فى الشعر الأندلسى: وقاماته، وفيه وفى القلائد أو الديباج والمطرب: وقد ماست أمام الرياح.
(5) فى القلائد والشعر الأندلسى: كتائبا تجفل مهزومة. وفى المطرب والديباج كما فى الأصل.(20/556)
وله عند ارتحاله من قرطبة، أنشدنى الفقيه اليسع بمصر قال: أنشدنى القاضى عياض لنفسه:
أقول وقد جدّ ارتحالى وغردت ... حداتى وزمّت للفراق ركائبى
وقد غمضت من كثرة الدّمع مقلبى
وصارت هواء من فؤادى ترائبى
ولم تبق إلا وقفة يستحثها ... وداعى للأحباب لا للحبائب
رعى الله جيرانا بقرطبة العلا ... وجاد رباها بالعهاد السواكب
وحيّى زمانا بينهم قد ألفته
طليق المحيّا مستلان الجوانب (1)
أإخواننا بالله فيها تذكروا ... معاهد جار أو مودة صاحب
غدوت بهم من برّهم واحتفائهم ... كأنّى فى أهلى وبين أقاربى
وله فى لزوم ما لا يلزم المتشابه:
إذا ما نشرت بساط انبساط ... فعنه فديتك فاطو المزاحا
فإن المزاح كما قد حكى ... أولو العلم قبل عن العلم زاحا
«أى بعد»، قال صاحب قلائد العقيان: خرجنا لنزهة فلما انصرفنا
__________
(1) فى القلائد مستلين الجوانب.(20/557)
أصاب غفارتى (1) شوك شقّها فلمّا وصلت موضعى أمر يبعثها إليه فتأخرت وحضرت الجمعة، فكتبت إليه معاتبا فى توقفها: قد بقيت أعزّك الله كالأسير، ولقيت التوحش بجناح كسير، إن أردت النهوض لم ينهض، وكنت من لا يريش لم يهض، وقد غدوت من المقام، فى مثل السّقام، فليأمر من بردّها (2)، لعلى أحضر الصلاة وأشهدها، لا زلت سريّا، تطلق من يد الوحشة محبوسا بريا، [إن شاء الله] (3) قال فكتب فى جوابه: أدام الله يا وليىّ (4)
جلالك (5) وأبقى حليا فى جيد الدهر خلالك، الغفارة عند من ينظر فيها، وقد بلغت غير مضيع تلافيها، ونرجو (6) تمامها قبل الصلاة وإدراكها، وتصل مع رسولى، وكأنما قدّ شراكها، وإن عاق عائق، فليس مع صحّة (7)
الود مضايق، والعوض رائق لائق (8)، وهو واصل، وأنت بقبوله مواصل، والسلام ما ذرّ شارق، وأومض بارق، ومن شعره:
__________
(1) الغفارة زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع بها المتسلح.
(2) فى القلائد: فلتأمر بردها.
(3) زيادة فى القلائد.
(4) فى القلائد: يا ولى.
(5) فى الأصل: حلالك والتصويب عن القلائد.
(6) فى القلائد: ويرجى.
(7) فى القلائد: مع مجة الود.
(8) فى القلائد: لابق.(20/558)
لك الخير عندى لهذا الودا ... ع عقل يهيم وقلب يراع (1)
يعزّ علينا تنائى الديار ... وذاك سلامك لى والوداع
لكم أمل كان لى فى اللّقاء ... وأمنيّة قد طواها الزّماع
فلم أحس منها سوى جسرة ... فوجد جميع وأنس شعاع (2)
لئن حمل القلب ما لا يطاق ... فما كلف الجفن لا يستطاع
__________
(1) فى الأصل: وعفل يراع، وفى القلائد: لنرك النزاع عقل بهيم وقلب يراع وقد زاوجنا بين المصدرين بما نراه أقرب للصواب.
(2) فى القلائد: فلم أجن منها.(20/559)
الفقيه القاضى أبو الحسن بن زنباع (1)
ذكر أنه صاحب وقار وسكون، وروضة أزهار وعيون، ودوحة أفنان وفنون، وبحر علم غلت قيمة درّه، وهطلت ديمة غزره، راوية شعر العرب ورجزها، والعارف بمطول المعانى وموجزها، وله فى الطب يد حاذق ومعرفة موفّق موافق، وأورد من شعره قوله فى صفة الربيع:
أبدت لنا الأيام زهرة طيبها ... وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتز عطف الأرض بعد خشوعها
وبدت بها النعماء بعد شحوبها (2)
وتطلعت فى عنفوان شبابها ... من بعد ما بلغت عتىّ مشيبها
وقفت عليها السّحب وقفة راحم ... فبكت لها بعيونها وقلوبها
فعجبت للأزهار كيف تضاحكت
ببكائها، وتباشرت بقطوبها (3)
__________
(1) فى الأصل: ابن بياع وهو تحريف، أبو الحسن بن زنباع قاضى مدينة طنجة من شعراء وعلماء القرن الخامس، ولم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر، وقد أورد له صاحب القلائد عدة قصائد ص 230225نقل طرقا منها صاحبا كتاب الأدب المغربى «محمد بن تاويت ومحمد الصادق عفيفى، مطبعة دار الكتاب اللبنانى ببيروت سنة 1960» ص 144142.
(2) وفى الأصل: واهتز عطف الدهر وقد آثرنا رواية القلائد.
(3) فى القلائد: وتبشرت بقطوبها.(20/560)
وتسربلت حللا تجرّ ذيولها ... من 2لدمها فيها وشقّ جيوبها (1)
فلقد أجاد المزن فى إنجادها ... وأجاد حر الشمس فى ترتيبها (2)
ما أنصف الخيرىّ يمنع طيبه ... لحضورها ويبيحه لمغيبها (3)
وهى التى قامت عليه بدفّها ... وتعاهدته بدرّها وحليبها (4)
وكأنه فرض عليه موقت ... ووجوبه متعلق بوجوبها (5)
وعلى سماء الياسمين كواكب ... أبدت ذكاء العجز عن تغييبها
زهر توقّد ليلها ونهارها ... وتفوت شأو خسوفها وغروبها
فضلت على سير النجوم بسيرها ... وسرورها فى الحلقتين وطيبها (6)
فتأرّجت أدجاؤها بهبوبها ... وتعانقت أزهارها بنكوبها
وتصوّبت فيها فروع جداول ... تتصاعد الأبصار فى تصويبها
تطفو وترسب فى أصول ثمارها ... والحسن بين طفوّها ورسوبها
فكأنما هى موحشات أساود ... تنساب بين نقابها ولصوبها (7)
__________
(1) فى المختصر: من لزمها واللدم هو اللطم.
(2) فى المختصر: من إيجادها.
(3) الخيرى نوع من الأزهار الطيبة الريح من فصيلة الورد وفى الأصل الجيرى وهو تحريف.
(4) فى القلائد: قامت عليه بدفئها.
(5) فى القلائد: فكأنه فرض.
(6) فى القلائد: بأسرها وسروها فى الخافقين.
(7) فى القلائد: موجسات أساود تنساب من أنقابها للصوبها، النقاب: جمع النّقب وهو الطريق فى الجبل واللصوب واللصاب: جمع لصب، وهو مضيق الوادى أو الشّعب الصغير فى الجبل، والأساود جمع أسود وهو الحية الكبيرة.(20/561)
فأدر كئوس الأنس فى حافاتها
واجعل سديد القول فى مشروبها (1)
فحديث إخوان الصفاء لذاذة ... تجنى وتؤمن من حمالة حوبها (2)
واركض إلى اللذات فى ميدانها ... واسبق لسدّ ثغورها ودروبها
أعريت خيلك صيفها وخريفها ... وشتاءها هذا أوان ركوبها
أو ما ترى الأزهار ما من زهرة ... إلا وقد ركبت فقار قضيبها
والطير قد خفقت على أفنانها ... تلقى فنون الشدو فى أسلوبها
تشدو وتهتز الغصون، كأنّما ... حركاتها رقص على تطريبها
وله فى فنح:
لذا تصان السيوف فى الخلل ... ويفخر الخطّ بالقنا الذّبل (3)
وتكرم الخيل فى مرابطها ... برّ الفتاة العروب بالرّجل (4)
ويغطف النّبغ كالحواجب أو ... أحنى وتمقى السّهام كالمقل (5)
__________
(1) فى القلائد: من مشروبها.
(2) الحمالة (كسحابة): الدية يحملها قوم عن قوم، والحوب هو الذنب، وفى القلائد:
عن جنابة حوبها.
(3) الخلل: منفرج ما بين الشيئين، والمقصود هنا الأغماد وفى القلائد: كذا تصان السيوف.
(4) العروب: المتحبة إلى زوجها جمعها عرب ومنه قوله تعالى {«إِنََّا أَنْشَأْنََاهُنَّ إِنْشََاءً فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً عُرُباً أَتْرََاباً»}، وفى القلائد بر الفتاة المعروف بالرجل.
(5) تمقى السهام: تجلى وتلمع، وفى القلائد تمهى السهام.(20/562)
ويؤثر النثرة للكمىّ إذا ... خيّر بين الدروع والحلل (1)
فتح أنارت له البلاد، كما ... أشرفت المقربات للنّهل (2)
هدّت له الروم هدّة ملأت ... قلوب أبطالهم من الوجل
فما أطاقوا الولوج فى نفق ... ولا أطاقوا الصّعود فى جبل (3)
ألقوا بأيديهم فلا سبب ... يفرق بين القناة والبطل (4)
وربّما لم تقم مناصلها ... مقام تلك اللواحظ النّجل
تغامسوا فى الدّروع زاخرة
كى يسلموا من حرارة الأسل (5)
فما أفادتهم الدروع سوى ال ... نّقله من خفّة إلى ثقل
كأنهم والرماح تحفزهم
جرى فصال سلكن فى وحل (6)
جاءوا بها زعّفا مضاعفة ... قد أخلصت بالحديد والعمل (7)
__________
(1) النثرة: الدرع السلسة الملبس أو الواسعة وفى القلائد: ويؤثر الشعرة.
(2) المقربات الإبل أو الجياد السارية بالليل طلبا لورد الغداة.
(3) فى القلائد: وما أطاقوا الصعود.
(4) فى القلائد: ولا سبب يفرق بين الفتاة والبطل.
(5) فى الأصل: تقاسموا وقد آثرنا رواية القلائد، والمعنى غاصوا فى الدروع، الأسل:
برماح.
(6) فى القلائد: والرمساء تحفزهم، وهو تحريف، وفى الأصل حرى نصال وجل، والتصحيح عن القلائد وفيه: فى الوحل.
(7) فى القلائد: سبقا مضاعفة ولعلها سبغا، من الزغفة: وهى الدرع اللينة الواسعة المحكمة.(20/563)
مثل عيون الدّبا فصيّرها ... دم وطعن كأعين الحجل (1)
هناك سل بالوزير من شهد أل ... حرب، وإن كنت شاهدا فقل
ولا تخف إن حكيت مغربة ... عنه مقام المكذّب الخطل
فإنه الأوحد الذى ترك الدّ ... هو بلا مشبه ولا مثل
حدّث بما شئت عنه من حسن ... وعظم الأمر ثم لا تسل
ففضله يبهر الأهلّة فى ... سعودها والشموس فى الحمل
وذكر أنه كتب إليه مراجعا من قصيدة (2):
هوى منجد يلقى به اللّيل متهم
يصرّح عنه الدّمع وهو مجمجم (3)
ومنها:
لأجفانه من كل شىء مؤرّق ... ومن أين للمشتاق شىء ينوّم
وليس الهدى ما الرأى عنه مزحزح
ولكنه ما الرأى فيه مفخّم
__________
(1) الدبى: أصغر الجراد أو النمل، والحجل طائر معروف باسم دجاج البر وهو فى حجم الحمام وعيناه واسعتان.
(2) إلى صاحب القلائد.
(3) فى القلائد: وهو يجمجم ويلى هذا البيت فى القلائد:
يبيت يدارى أو يدارى لما به ... ويغلبه أمر الهوى فيسلم(20/564)
ومنها:
ولولا أبو نصر ولذّات أنسه
نقضت حياتى كلّها وهى علقم (1)
فتى فتح الله المعارف باسمه
ومن دونه باب من الجهل مبهم (2)
وقوله:
أرى بارقا بالأبلق الفرد يومض
يذهّب جلباب الدّجى ويفضّض (3)
كأن سليمى من أعاليه أشرقت ... تمدّ لنا كفّا خضيبا وتقبض (4)
إذا ما توالى ومضه نفض الدجى ... له صبغه المسود أو كاد ينفض (5)
أرقت له والقلب يهفو هفوّه ... على أنّه منه أحرّ وأرمض (6)
وبت أدارى الشّوق والشوق مقبل
علىّ، وأدعو الصّبر والصّبر معرض
__________
(1) فى الأصل تقصت حياتى والتصويب عن القلائد.
(2) فى القلائد: ومن دونها يشير إلى اسم صاحب القلائد وهو أبو نصر الفتح بن خاقان.
(3) الأبلق الفرد حصن بتيماء بضرب به المثل فى المناعة وصاحبه السموأل بن عادياء الزعيم الشاعر اليهودى الجاهلى المعروف.
(4) فى القلائد: أشرفت.
(5) فى القلائد: إذا ما تولى ومضه أو كان ينفض.
(6) فى القلائد: وأرقت له على أنه منه أحد وأومض.(20/565)
وأستنجد الدّمع الأبىّ قياده ... فتنجدنى منه جداول فيّض (1)
وأعذل قلبا لا يزال يروعه
سنا النار يستشرى أو البرق يومض (2)
إذا بلغت منك الخيالات ما أرى ... فأنت لماذا بالشخوص تعرّض (3)
تظنهما ثغر الحبيب وخدّه ... فذا ضاحك منه وذا متعرّض (4)
إلى أن تعرت عن سنا الصّبح سدفة
كما انشق عن صفح من الماء عرمض (5)
وندّت إلى الغرب النجوم مروعة
كما نفرت غير من السّيل ركّض (6)
وأدركها من فجأة الصبح بهتة ... فتحسبها فيه عيونا تحرّض (7)
كأن الثريّا والغروب يحثّها
لجام على رأس الدجى وهو يركض
__________
(1) فى القلائد والشعر الأندلسى: الدمع الأبى على الأسى.
(2) فى القلائد والشعر الأندلسى: وللبرق يفض.
(3) هذا البيت متأخر عن البيت التالى له كما فى القلائد، وفيه فأنت لما ذاب الشخوص معرض.
(4) الضمير يعود على سنا النار والبرق يومض، وفى الأصل تظنها ثغر الحبيب، والتصويب عن القلائد والشعر الأندلسى.
(5) فى الأصل: إلى أن تعرى وفى القلائد: إلى أن تغرت. العرمض: الطحلب.
(6) فى الأصل ومدت إلى الغرب والتصويب عن القلائد.
(7) فى الأصل عيون والتصويب عن القلائد.(20/566)
وما تمترى فى الهفعة العين أنها
على عاتق الجوزاء [قرط مفضّض] (1)
ومنها فى صفة الحرب:
سل الحرب عنه والسّيوف جداول
تدفّق، والأرماح رقط تنضنض (2)
وبالأرض من وقع الجياد تمدّد ... ولكنه مما يروم تقبّض (3)
وبالأفق للنقع المثار سحائب
مواخض لكن بالصواعق تمخض (4)
وقد سهكت تحت الحديد من الصّدى
جسوم بما علّت من المسك ترحض (5)
ومدّت إلى ورد الصدور عيونها ... صدور العوالى والعيون تغمّض
وأشرفت البيض الرّقاق إلى المصلّى ... لنكرع فيها، والرءوس تخفّض
فلست ترى إلّا دماء مراقة
تخاض إلى أكباد قوم تخضخض (6)
__________
(1) تكملة البيت من القلائد الهقعة: ثلاثة كواكب فوق منكبى الجوزاء.
(2) الرقط: الحيات المنقطة الجلد، نضنضت الحبة: أخرجت لسانها تحركه.
(3) فى الأصل: من وقع الجياد تمرد، وقد آثرنا رواية القلائد، وفيه ولكنه فيما تروم تقبض.
(4) فى القلائد: لكن بالصواعق تمحض.
(5) سهكت: تغيرت رائحتها وخبثت، ترحض: تغسل.
(6) تخضخض: تتحرك.(20/567)
وقوله من أخرى (1):
جهلت وقد علاك الشيب أمرا
يقوم بعلمه الطفل الرّضيع
ولولا ذاك ما قدرت أنى ... أنوء بحمل ما لا أستطيع (2)
فحسبك أو فحسبى منك دهر ... يشتّ بصرفه الشمل الجميع
وشوق تقضيه نوّى شطون ... فتقضى عنه واجبها الدموع
حملت الحب مؤتمنا عليه ... فكيف تضيع ذلك أو تذيع (3)
لقد جشّمت نفسك متلفات ... بكل ثنية منها سريع
وقد تحمى الدروع من العوالى ... ولا تحمى من الحدق الدّروع
ورب فتى تراع الأسد منه ... تقنّص قلبه الرّشأ المروع
وقوله:
لهواك فى قلبى كريقك فى فمى ... غيرى يقول: الحبّ مرّ المطعم
فأدر علىّ بمقلتيك كئوسه ... حتى يدبّ خماره فى أعظمى
إن التّلدّد فى هواك تلذّذ ... لو كان أقتل من ذعاف الأرقم (4)
__________
(1) من قصيدة ولها كما فى القلائد:
نزاع ما أرى بك أم نزوع ... لقد شقيت به منك الضلوع
(2) فى الأصل أنو يحمل، والتصويب عن القلائد.
(3) فى القلائد: فكيف يضيع ذلك أو يذيع.
(4) فى الأصل والقلائد: إن التلذذ ولعل الصواب ما أثبتناه، التلدد: المتحير فى بلادة، الذعاف: السم.(20/568)
احبب بحب لا يشير ملامة ... ملئت بمؤلمة عيون اللّوم (1)
شغل النواظر والقلوب، ولم يدع ... من لم يسمه من الأنام بميسم
ومن العجائب شغل شىء واحد ... فى الحال أمكنة، ولم يتقسّم (2)
وأنام أزمنة وليس بجوهر
وجرى وليس بمائع مجرى الدّم
يا أيّها القمر الذى إنسانه ... يرمى أناسا للعيون بأسهم
لم أبد حبّك غير أن جوانحى ... فاضت به فيض الإناء المفعم
لا ذنب لى، علم الذى أسررته ... نظرا ولم أرمق، ولم أتكلّم (3)
وأمرت بالشكوى إليك، وإنما ... ينمى إلى الإنسان ما لم يعلم (4)
ولربما لم تشكنى فأماتنى
يأس، فذرنى تحت أمر مبهم (5)
وتلافنى قبل التلاف فإنّنى ... من حمير، وسيأخذونك فى دمى
الطاعنين بكل أشمر داعس ... والضاربين بكل أبيص مخذم (6)
__________
(1) دعاء على اللائمين، وفى القلائد ملئت بموليه عيون النوم.
(2) يريد أن يقول: إن الشىء لا يشغل إلا مكانا واحدا أما إذا قسمناه فيمكن أن يشغل أماكن عديدة إلا هذا الحب فإنه يشغل قلوبا عديدة دون أن ينقسم.
(3) فى القلائد: ولم أرمز.
(4) ينمى: يرتفع وينتقل.
(5) أشكاه أزال شكواه، وفى القلائد: فأماتنى يأسى.
(6) فى القلائد: أسمر مدعس.(20/569)
والواردين الصادرين إذا الوغى ... لفحت بجمرتها وجوه الحوّم
ولعلهم تسمو بهم همّانهم ... أن يدركوا فى الظبى ثأر الضّيغم
وزاره نفر من إخوانه فقال فيهم عند تلقّيهم بإحسانه:
أهلا وسهلا [بكم] (1) من سادة نجب
كالذّبل السّمر أو كالأنجم الشّهب
أجملتم وتفضّلتم بزوركم
وليس ينكر فضل من ذوى الحسب (2)
أضاء منزلنا من نور أوجهكم
وطاب من وقتا ما كان لم يطب (3)
__________
(1) ناقصة من الأصل، وفى القلائد: وكم، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) فى القلائد: بزورتكم من ذوى حسب.
(3) فى القلائد: وطاب من عيشنا.(20/570)
الأديب أبو جعفر الأعيمى التطيلى (1)
وصفه بالفهم الفائض، والذهن الدرّاك لخفيّات الغوامض، والبصيرة المبصرة لأسرار المعانى بعين الاطلاع، والفكرة المستخرجة من معادن الفوائد فرائد الجواهر بيد الاضطلاع، إن فقد المرئيّات لفقد ناظره، فقد أبصر مغيبات النكت بناظر خاطره، لم يفز حيا نجحه بالمطول، ولم يقر حياته بالطول (2)، وقد أثبت له كل ما يعجب، ويطرب، ويحظى به المستحلى له المستعذب، فمن ذلك قصيدة رثى بها بعض أعيان إشبيلية وقد اغتيل، ولم ير بعده إلّا على عويله التعويل، فإنه كان له مفتقدا، وفى فضله معتقدا، وهى من سياراته التى بها الآفاق طنّت وارتاحت أسماع الرفاق إليها وحنت:
خذا حدّ ثانى عن فل وفلان ... لعلّ يرى باق على الحدثان (3)
__________
(1) أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن هريرة الأعمى التطيلى من الشعراء والكتاب المبرزين اختار له ابن بسام منتخبات من آثاره. الذخيرة القسم الثانى المخطوط ص 471453» توفى سنة 525هـ «القلائد ص 271ونكت الهميان فى نكت العميان للصفدى (المطبعة الجمالية ص 110) مسالك الأبصار ج 11الورقة 389والمغرب ح 2ص 451».
(2) وردت الجملتان فى الأصل غير منقوطتين. وقد صححناهما بما يقارب الأصل والسياق وفى القلائد: إلا أنه اختصر حين احتضر، واعتبط، عندما استبشر به واغتبط، والمراد أنه مات فتيا.
(3) فى الأصل من فل، والتصويب عن القلائد والمغرب والمراد حدثانى عن هذا وذاك لعلنا نظفر بمن هو باق على الحدثان، وفى القلائد والمغرب: لعلى أرى باق على الحدثان.(20/571)
وعن دول جسن الديار وأهلها
فنين، وصرف الدهر ليس بفان (1)
وعن هرمى مصر الغداة أمتّعا ... بشرخ شباب أم هما هرمان
وعن نخلتى حلوان كيف تناءنا ... ولم تطويا كشحا على شنآن (2)
وطال ثواء الفرقدين بغبطة ... أما علما أن سوف يفترقان
وزايل بين الشّعر بين تصرّف ... من الدهر لاوان ولا متوان (3)
فإن تذهب الشّعرى العبور لشأنها ... فإن الغميصا فى بقيّة شان
وجنّ سهيل بالثريّا جنونه ... ولكن سلّاه كيف يلتقيان
وهيهات من جور القضاء وعدله ... شآمية ألوت بدين يمان (4)
فأجمع عنها آخر الدهر سلوة ... على طمع حلّاه للدّبران (5)
__________
(1) فى الأصل وعن دون حسن وفى القلائد وعن دول حسن، ولعل الصواب ما أثبتناه
(2) إشارة إلى قول مطيع بن إياس فى هاتين النخلتين وكانتا من غرس الأكاسرة فى حلوان من مدن إيران:
أسعدانى يا نخلتى حلوان ... وابكيا لى من ريب هذا الزمان
واعلما إن علمتما أن نحسا ... سوف يلقا كما فتفترقان
(3) فى القلائد وزاءل بين الشعريين وهما نجمان أحدهما الشعرى العبور والثانى الشعرى الغميصاء.
(4) يشير إلى قول عمر بن أبى ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هى شامية إذا ما استهلت ... وسهيل إذا استهل يمانى
(5) الدبران: أحد منازل القمر وفى القلائد: خلاه.(20/572)
وأعلن صرف الدهر لابنى نويرة
بيوم تناء غال كلّ تدان (1)
فكانا كندمائى جذيمة حقبة ... من الدّهر لو لم ينصرم لأوان (2)
فهان دم بين الدكادك واللّوى ... وما كان فى أمثالها بمهان (3)
فضاعت دموع بات يبعثها أسى ... يهيّجه قبر بكلّ مكان (4)
ومال على عبس وذبيان ميلة ... فأودى بمجنىّ عليه وجانى (5)
فعوجا على جفر الهباءة عوجة ... لضيعة أعلاق هناك ثمان (6)
__________
(1) يشير إلى متمم بن نويرة وأخيه مالك، وقد ظل متمم يرثى مالكا رثاء دلسا طوال حياته، ومتمم صحابى جليل.
(2) يشير إلى قول متمم فى رثاء أخيه مالك:
وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأنى ومالكا ... لطول اشتياق لم نبت ليلة معا
وجذيمة هو جذيمة بن الأبرش ملك الحيرة كان له نديمان قتلهما فى ثورة سكر، ثم ندم على قتلهما وأقام لهما يومين كل عام يحيى فيهما ذكراهما فى قصة طويلة
(3) إشارة إلى قول متمم فى رثاء أخيه:
لقد لامنى عند القبور على البكا ... رفيقى لتدراف الدموع السوافك
وقال أتبكى كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت له: إن الشجا يبعث الشجا ... فدعنى فهذا كله قبر مالك
(4) فى القلائد: يبعثها الأسى.
(5) فى الأصل: وذببان مثله، وقد آثرنا رواية القلائد، يشير إلى حروب داحس وغبراء التى دارت بين قبيلتى عبس وذبيان فأفنت منهما خلقا كثيرا.
(6) يشير إلى يوم جفر الهباءة، وهو يوم لعبس على ذبيان قتل فيه الربيع بن زياد من شيوخ عبس حمل بن بدر فرثاه قيس بن زهير العبسى من أبيات:
نعلم أن خير الناس ميت ... على جفر الهباءة ما يريم
ولولا ظلمه ما زلت أبكى ... عليه الدهر ما طلع النجوم
وفى القلائد: وعوجا على جبر الهباءة فاعجبا(20/573)
دماء جرت منها التّلاع بمثلها ... ولا دخل إلا أن جرى فرسان (1)
وأيام حرب لا ينادى وليدها
أهاب بها فى الحرب يوم رهان (2)
فبات الربيع والكلاب تهره ... ولا مثل مود من وراء عمان (3)
وأنحى على ابنى وائل فتهاصرا
غصون الرّدى من كرة ولدان (4)
تعاطى كليبا فاستمر بطعنة
أقامت لها الأبطال سوق طعان (5)
وبات عدى بالذنائب يصطلى ... بنار وغى ليست بذات دخان (6)
__________
(1) فى القلائد: جرت منها القلاع بملثها، ويشير إلى أن الحروب قامت بين عبس وذبيان بسبب الرهان على فرسين هما داحس والغبراء وبهما سميت هذه الحروب.
(2) فى القلائد: فى الحى يوم رهان ويوم لا ينادى وليده يقال فى اليوم الخطير الذى اشتغل فيه الآباء والأمهات عن الأولاد حتى لو مد الوليد يده إلى أعز الأشياء فلا ينادى عليه زجرا.
(3) يشير إلى أن الربيع بن زياد العبسى وبنى عبس بعد هذه الموقعة هجروا أرضهم إلى اليمن خوفا من ثأر ذبيان منهم، وفى القلائد فهاب ربيع والكلاب تهزة.
(4) يشير إلى حروب بكر وتغلب، وهما قبيلتان تنتميان إلى وائل، وهاجت الحروب بينهما بسبب قتل جساس بن مرة صهره وابن عمه كليب بن ربيعة، وتسمى هذه الحروب بحرب اليسوس.
(5) فى الأصل والقلائد كليب.
(6) الذنائب: يوم انتصرت تغلب فيه على بكر وقتلت منهم مقتلة عظيمة، عدى بن ربيعة الشهير بالمهلهل شاعر وفارس مشهور وهو أخو كليب وكان من فرسان هذا اليوم المعدودين وسجله فى شعره.(20/574)
فذلّت رقاب من رجال أعزة ... إليهم تناهى عزّ كل مكان
وهبّوا يلاقون الصّوارم والفنا ... بكل جبين واضح ولبان
فلا خدّ إلا فيه خدّ مهند ... ولا صدر إلا فيه صدر سنان (1)
وصال على الجونين بالشّعب فانثنى ... بأسلاب معلول وربقة عان (2)
وأمضى على أبناء قيلة حكمه ... على شرس أدلوا به وليان (3)
ولو شاء عدوان الزمان ولم يشأ
لكان عزيز الحى من عدوان (4)
وأى قهيل لم يصدع جميعهم ... ببكر من الأرزاء أو بعوان
خليلى أبصرت الردى وسمعته ... فإن كنتما فى مرية فسلانى
خذا من فمى «هلّا» و «سوف» فإننى
أرى بهما غير الذى تريان
__________
(1) فى القلائد: حد مهند.
(2) إشارة إلى يوم الشعب وهو لتغلب على بنى يربوع.
(3) أبناء قيلة: لأوس والخزرج. وكانت بينهما حروب طاحنة فى الجاهلية حتى هداهم الله إلى الإسلام فاتحدوا وسماهم الرسول (ص) بالأنصار.
(4) قبيلة عدوان بن عمرو بن قيس عيلان وهو إلياس بن مضر. ويضرب به المثل فى العزة، والمعنى لو أراد الزمان إبقاء الفقيد ولم يعتد عليه لبلغ من العزة ما بلغه عزيز عدوان، وهو عامر بن الظرب اجتمعت تحت قيادته قبائل معد كلها ضد اليمن يوم البيداء، ولم تجتمع إلا تحت راية ربيعة بن الحارث يوم السلان وتحت راية كليب يوم الخزاز.(20/575)
ولا تعدانى أن أعيش إلى غد ... لعل المنايا دون ما تعدانى (1)
أبا حسن ألق السلاح فإنها ... منايا وإن قال الجهول أمانى
أبا حسن إن المنايا وقيتها ... إذا أتلفت لم تتّبع بضمان
أبا حسن إحدى يديك رزئتها ... فهل لك بالصّبر الجميل يدان
أبا حسن هل يدفع المرء حينه ... بأيد شجاع أو بكيد جبان (2)
أبا حسن أما أخوك فقد قضى ... فيا لهف نفسى ما التقى أخوان (3)
ونبّهنى ناع مع الصّبح كلّما ... تشاغلت عنه عنّ لى وعنانى (4)
أغمض أجفانى كأنّى نائم ... وقد لجّت الأحشاء فى الخققان
بنفسى وأهلى أىّ بدر دجنّة ... لستّ خلت من شهره وثمانى (5)
وأىّ فتى لو جاءهم فى سلاحه ... متى صلحت كفّ بغير بنان (6)
يقولون: لا يبعد!! ولله دره ... وقد حيل بين العير والنزوان
__________
(1) هناك تقديم وتأخير فيما رواه المصنف بالنسبة للقلائد.
(2) فى الأصل بأيدى شجاع. وقد آثرنا رواية القلائد الأيد: القوة، الكيد:
الحيلة وحيلة الجبان لا تقل أثرا عن قوة الشجاع.
(3) فى القلائد والمغرب: فوا طول لهفى.
(4) فى القلائد: من الصبح.
(5) فى القلائد: من دهره.
(6) فى القلائد: لو جاءكم.(20/576)
ويأبون إلّا «ليته» و «لعله» ... ومن أين للمقصوص بالطيران
توقّوه شيئا ثم كرّوا وجعجعوا ... بأروع فضفاض الرداء هجان
فتى كان يعرورى الفيافى والدّجى ... ذوات جماح أو ذوات حران
قليل حديث [النفس] عما يريده ... وإن لم يزل من ظنه بمكان (1)
أبىّ وإن يتبع رضاه فمصحب ... بعيد وإن يطلب جداه فدان
لك الله خوّفت العدا وأمنتهم
فذقت الردى من خيفة وأمان (2)
إذا أنت خوّفت الرجال فخفهم
فإنّك لا تجزى هوى بهوان (3)
رياح وهبها عارضنك عواصفا
فكيف انثنى أو كاد ركن أبان (4)
بلى ربّ مشهور البلاء مشيّع ... قتيل بمنخوب الفؤاد هدان (5)
__________
(1) فى الأصل قليل حديث عما يريبه، ولزيادة يقتضيها الوزن والسياق، وهذا البيت مع ستة الأبيات التالية له لا توجد بالقلائد ولا بالمغرب.
(2) الأصل من حتفه وأمان، ولعل الصواب ما أثبتناه والمعنى إنك أخفت الأعداء فأمنتهم فجاءك الردى من هؤلاء الخائفين ومن اطمئنانك إلى ضعفهم عن مواجهتك، ويرشح لهذا صدر البيت «خوفت العدا وأمنتهم».
(3) فى الأصل فحقهم. ولعل الصواب ما أثبتناه، والبيت حكمة معناه إذا أخفت الرجال فيجب أن تحذرهم لأنهم لا يقابلون إذلالك إياهم بمحبتك.
(4) فى الأصل: أو كان، ولعل الصواب ما أثبتناه، ولعلها أو مال، والمعنى: هب الرياح الهوج عارضنك فكيف استطاعت أن تميل جانبك الراسخ كجبل أبان.
(5) فى الأصل بمنجوب وهو تحريف، والمعنى: رب جبان خائر القلب قتل شجاعا جريئا، مشهورا بالإقدام، والهدان: الأحمق الثقيل.(20/577)
أتيحت لبسطام حديدة عاصم ... فخرّ كما خرّت سحوق لبان (1)
تداعت له أبيات بكر بن وائل ... ولم ترجعنه، لا ظفرت بثان (2)
وحسب المنايا أن تفوز بمثله ... كفاك، ولو أبقيته لكفانى (3)
سقاك كدمعى أو كجودك واكف
من المزن بين السّحّ والهملان (4)
شآبيب غيث لا تزال ملثّة ... بقبرك حتى يلتقى الثريان (5)
أبا حسن وفّى اعتزاؤك حقّه ... فقد كنتما أرضعتما بلبان (6)
تماسك قليلا لست أوّل مبتلىّ ... ببين حبيب أو بغدر زمان (7)
وله يرثى:
سل دمعى المبذول هل من حيلة ... لى أوله فى نومى الممنوع؟
وحنينى الموصول كيف تعرضت ... شبهاته لرجائى المقطوع
__________
(1) اللبان (بالضم) شجر الصنوبر، والشاعر يشير فى البيت إلى مصرع بسطام بن قيس ابن مسعود بطل شيبان وفارسهم حين باغته عاصم بن خليفة الضبى فقتله.
(2) انتقل فى الشطر الثانى من الغيبة إلى الخطاب.
(3) فى القلائد: ولو أخطأته لكفانى.
(4) فى القلائد: أو كجودك وابل.
(5) الثريان: الأرض والندى، يقال المتقى الثريان إذا فاض المطر فى الأرض حتى التقى ونداها.
(6) فى الأصل وف اعتراك وفى القلائد دون اعتزاءك ولعل الصواب ما أثبتناه، الاعتزاء:
الادعاء أو الشعار فى الحرب.
(7) حذف المصنف كثيرا من أبيات القصيدة وقد أوردتها القلائد.(20/578)
لا تركننّ إلى الزمان وصرفه ... فتك الزمان بآمن ومروع
يا وانيا يأسى على ما فاته ... إن الونى طرف من التصنيع
ومداجيا تخذ الخديعة جنّة ... ألّا أنفت لرأيك المخدوع
دافع بعزمك أو بجهدك إنّها ... عزمات حكم ليس بالمدفوع
وانظر بعينك أو بقلبك هل ترى ... إلّا صريعا أو مثال صريع
أبنى عبيد الله أين سراتكم ... من عاثر بعنانه المخلوع
دهر كأنّ صروفه قد جمّعت ... من نثر منتظم وشتّ جميع
يهنى البقيع ولينه لم يهنه ... قبر غدا شرفا لكلّ بقيع (1)
ومنها:
فإذا عجبت من الزّمان لحادث ... فلتابع يبكى على متبوع (2)
وإذا اعتبرت العمر فهى ظلامة ... والموت منها موضع التوقيع (3)
وله فى المعنى:
اليوم حين لففت المجد فى كفن
نفسى الفداء على أن لات حين فدا
يا حسرة ملأت بين الضلوع جوى ... ما ضر لاعجها أن لا يكون ردى (4)
__________
(1) البقيع: مقبرة المسلمين بالمدينة، وبالقلائد: بكل بقيع.
(2) فى القلائد: وإذا عجبت.
(3) فى القلائد: فهو ظلامة.
(4) فى القلائد: نشأت بين الضلوع.(20/579)
فى ذمّة الله قبر ما مررت به ... إلا اختبلت أسى إن لم أمت كمدا
أودى الزمان وكيف اسطاعه بفتى
قد طال ما راح فى أتباعه وغدا (1)
ملء القلوب جلالا والعيون سنا
والحرب بأسا، واكناف النّدىّ ندمى (2)
من لا يقدّم فى غير العلا قدما ... ولا يمدّ بغير المكرمات يدا
كأنه كان ثأرا بات يطلبه ... حتى رآه فلم يعدل به أحدا
يا يوم منعى «عبيد الله» أىّ جوى
بين الجوانح يأبى أن يحيب ندا
وأى غرب مصاب لا يكفكفه ... دمعى الهتون ولا أنفاسى الصّعدا
ولا البلابل من مثنى وواحدة
باتت تسلّ سيوفا أو تسنّ مدا (3)
ولا الهموم وقد أعيت طوارقها ... كأنما بتن لى أو للدّجى رصدا
قل للدّجى وقد التفّت غياهبها ... فلو تصوّب فيها الماء ما اطّردا
إن الشهاب الذى كنا نجوب به
أجواءها قد خبا فى الترب أو خمدا (4)
__________
(1) فى الأصل: فى أتباعه، وعدا، والتصويب عن القلائد.
(2) فى الأصل والقلائد: ملا القلوب، وفى الأصل وأكناف الندى مدى.
(3) البلابل: الأشجان التى تبلبل القلب، وتسل عليهم السيوف وتسن السكاكين.
(4) فى الأصل إن الشباب، والتصويب عن القلائد.(20/580)
لهفى ولهف المعالى جار بى وبها
صرف الرّدى، وأرانا أنّه قصدا (1)
يا صاحبىّ ولا يحبسكما ظمأ ... طال الحيام وهذى أدمعى فردا
وحدثانى عن العلياء قد رزئت
مسنونها اللّدن أو مصقولها الفردا (2)
واه لها ونرته، ثم قد علمت ... ألّا تنال به عقلا ولا قودا (3)
هل نافع ولأمانى كلّها خدع
قولى له اليوم: لا تبعد، وقد بعدا
وهل تذمّم هذا الرزء من قلق ... قام المصاب به أضعاف ما قعدا
أما وبوم عبيد الله وهو أسى ... لقد تخيّر منّا الموت وانتقدا (4)
يا ماجدا أنجز العلياء موعده ... اليوم أنجز فيك الموت ما وعدا
إن الفؤاد الذى ما زلت تعمره
قد ريع بعدك حتّى صار مفتأدا (5)
سل المنايا على علم وتجربة
فى أى شىء نعى الإحسان أو حسدا (6)
__________
(1) قصد: اقتصد، وفى القلائد: وأرانا آية قصدا ولعلها أية قصدا.
(2) السيف الفرد: الذى لا نظير له، وفى القلائد: عن العليا وقد رزئت.
(3) فى القلائد: آه لها، وترته: أصابته، العقل الدية. القود: القصاص.
(4) فى القلائد: هذا الموت.
(5) مفتأدا: مشتملا.
(6) أى سبب جعله ينعى الإحسان ويحسده وفى القلائد: بغى الإنسان.(20/581)
تنافس الناس فى الدنيا وقد علموا ... أن سوف تقتلهم لذّاتها بددا (1)
تبادروها وقد آذتهم فشلا ... وكاثروها وقد أحصتهم عددا
قل للمحدّث عن لقمان أو لبد ... لم يترك الموت لقمانا ولا لبدا (2)
ولذى همه البنيان يرفعه ... إن الرّدى لم يغادر فى الشّرى أسدا
ما لابن آدم لا تغنى مطالبه ... يرجو غدا، وعسى ألّا يعيش غدا
وله يتغزل:
بحياة عصيانى عليك عواذلى ... إن كانت القربات ممّا تنفع (3)
هل تذكرين لياليا بتنا بها ... لا أنت باخلة ولا أنا أقنع (4)
وله:
هو الهوى، وقديما كنت أحذره
السّقم مورده والموت مصدره (5)
يا لوعة أجلا من نظرة أمل
الآن أعرف رشدا كنت أنكره (6)
__________
(1) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: بردا.
(2) لبد: النسر السابع الذى تروى القصة أن لقمان سظل حيا لمدة عمر سبعة نسور، فلما انتهى عمر النسر السابع لبيد، قال لقمان: كأنى عشت يوما واحدا.
(3) فى القلائد والمغرب: إن كانت القربات عندك.
(4) فى الأصل هد تذكرين، وهو تحريف والتصويب عن المغرب والقلائد.
(5) فى المغرب: هذا الهوى وفى الأصل: والسقم مورده، وقد أخذنا برواية الذخيرة والقلائد والمغرب.
(6) أخذنا برواية الذخيرة. وفى الأصل: بالوعة وحلا، وفى القلائد وجلا.(20/582)
جدّ من الشوق كان الهزل أوّله ... أقلّ شىء إذا فكّرت أكثره
ولى حبيب دنا لولا تمنعه ... [وقد] (1) أقول نأى لولا تذكره
وله من قصيدة:
سطا أسدا، وأشرق بدر تمّ
ودارت بالحتوف رحى طحون (2)
وأحدقت الرماح به فأعيى ... علىّ أهالة هى أم عرين؟
وله (3):
مللت حمص وملّتنى، فلو نطقت ... كما نطقت تلاحينا على قدر (4)
وسوّلت لى نفسى أن أفارقها ... والماء فى المزن أصفى منه فى الغدر
أما اشتفت منّى الأيام فى وطنى
حتى تضايق فيما عزّ من وطرى (5)
ولا قضت من سواد العين حاجتها
حتى تكرّ على ما كان فى الشّعر (6)
__________
(1) زيادة بالذخيرة والقلائد والمغرب.
(2) فى المغرب والقلائد: رحى زبون.
(3) من قصيدة ذكر صاحب الذخيرة أنها فى مدح أبى العلاء بن زهر [والد عبد الملك بن زهر الطبيب الأندلسى المعروف] ومطلعها.
يفديك كل جبان فى ثياب جرى ... نازعته الود واستأثرت بالظفر
(4) حمس هنا هى إشبيلية.
(5) فى الأصل أما استقت والتصويب عن الذخيرة والقلائد والمغرب وفيها جميعها فيما عن.
(6) فى نفح الطيب: فلا قضت وفيه وفى الذخيرة على ما ظل.(20/583)
وله يمدح أمير المسلمين على بن يوسف (1) بن تاشفين من قصيدة:
كم مقلة ذهبت فى الغىّ مذهبها ... بنظرة هى شان أولها شان
رهن بأضغاث أحلام إذا هجعت ... وربما حلمت والمرء يقظان
فانظر بعقلك إنّ العين كاذبة
واسمع بحسّك إنّ السّمع خوّان
ولا تقل: كلّ ذى عين له نظر ... إن الرّعاة ترى ما لا ترى الضّان
دع الغنى لرجال ينصبون له ... إن الغنى لفضول الهم ميدان (2)
واخلع لبوسك من همّ ومن أمل
لا يقطع السيف إلّا وهو عريان (3)
وصاحب لم أزل منه على خطر ... كأننى علم غيب وهو حسان (4)
__________
(1) أمير المرابطين، وقد سبقت الإشارة إليه مرارا، وفى القلائد إنها فى مدح القاضى أبى الحسن على بن القاسم بن عشرة وهو أحد قضاة مدينة سلا بالمغرب من أسرة وليت القضاء بها فى عهد المرابطين، وقد سماها صاحب القلائد عشيرة والصواب عشرة ومدينة سلا مجاورة للرباط عاصمة المغرب وكانت مرفأ للمجاهدين فى سبيل الله من المغاربة طيلة القرون الوسطى ولا تزال عامرة إلى الآن.
(2) فى الأصل لفصول الهم وقد أخذنا برواية القلائد.
(3) فى القلائد: من شح ومن أمل.
(4) لعله يشير إلى تنبأ حسان بن ثابت بالحروب الطاحنة بين على ومعاوية بعد مصرع عثمان ابن عفان فى قوله:
يا ليت شعرى، وليت الطير تخبرنى ... ما كان شأن على وابن عفانا
لتسمعن وشيكا فى ديارهم: ... «الله أكبر!! يا ثارات عثمانا!!»
أو لعلها كأننى علم غيب وهو شيطان، إشارة إلى استراق الشياطين للسمع التماسا لمعرفة الغيب وإصابتهم بشهاب ثاقب.(20/584)
أغراه حظّ توخّاه وأخطأنى ... أما درى أن بعض الرّزق حرمان
ومن مديحها:
إنى استجرت على ريب الزمان فتى
إن لا يكن ليث غاب فهو إنسان (1)
حسبى بعليا علىّ معقلا أشبا ... زمان سربى به فى الأمن إيمان (2)
صعب المراقى، ولكن ربّما سهلت
على المنى منه أوطار وأوطان
ومنها فى صفة المحيل:
كواهب الخيل عقبانا مسوّمة
لو سوّمت قبلها فى الجو عقبان
من كل ساع أمام الريح يقدمها
منه مهاة، وإن شاءت فسرحان (3)
دجنّة تصف الأنوار غرّتها ... ونبعة يدعى أعطافها البان
__________
(1) فى الأصل: إنى استخرت، والتصحيح من القلائد.
(2) المعنى: بسط الأمير على حمايته. فأصبح سربى آمنا فى معقله الحصين، وكانت حمايته لى بمنزلة الإيمان فى أعماق نفسه، وفى القلائد زمان سرى به فى الأمن أزمان.
(3) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: منه نهاه وإن ساءت المهاة: البقرة الوحشية السرحان: الذئب أو الأسد.(20/585)
عصا جذيمة إلا ما أتيح لها
من أمر موسى فجاءت وهى ثعبان (1)
ومنها فى وصف السيف:
هيم رواء لو أنّ الموت صافحها ... لزال أو زلّ عنها وهو ظمآن (2)
تكاد تخلق مهراق الدّماء [بها] ... فلا تقل هى أنصاب وأوثان (3)
موتى وإن خلعت أكفانها علمت
أن الدروع على الأبطال أكفان
نفسى فداؤك لا كفؤ ولا ثمن ... ولو غدا المشترى منها وكيوان (4)
والتبر قد وزنوه بالحديد، فما ... ساوى، ولكن مقادير وأوزان
__________
(1) عصا جذيمة: فرس جذيمة الأبرش اسمها العصا، ويشير إلى أن عصا موسى عليه السلام انقلبت إلى ثعبان عظيم التقم سحر كهنة المصريين.
(2) فى الأصل هيم رواء ألوان وفى القلائد: هيم تراءت، ولعل الصواب ما أثبتناه أى إن السيوف عطاش ترتوى من دماء الفرسان لو صافحها الموت لتبدد أو تحول عنها ظامئا، وفى القلائد: لو أن الماء صافحها لذل.
(3) كلمة [بها] زيادة من القلائد يستقيم بها الوزن، والمعنى: إنها لا تكاد ترى خالية من الدماء كأنها تخلقها خلقا وليست أصناما تراق حولها الدماء، وفى القلائد يكاد يخلق مهراق الدماء بها.
(4) كيوان: كوكب زحل، وفى القلائد لا كفأ ولا ثمنا، ولمكلتا الروايتين توجيه إعرابى مقبول.(20/586)
الأديب أبو العلاء بن صهيب (1)
وصفه بالاستيلاء، فى حلية الذكاء، على السّبّاق، والاعتلاء، على رتبة الأكفاء، ولاستحقاق، وإصابة سهم الفهم إلى المرمى الخفى (2)، وإهداء هدىّ الفكر البكر من فضائل ذوى الفواضل (3) إلى الكفء والكفىّ (4)، وذكر أنه صحب أبا أمية (5) وبه شقى، وبقى من الهوان عنده ما لقى، وائتلفا على مماذقة (6)، وغير موافاة ولا موافقة، وزعم أن له فيه أهاجى لم ير إثباتها (7)، وقد أورد من شعره فى مدحه أبياته وهى:
ذكرت وقد نمّ الرياض بعرفه
فأبدى جمان الطلّ فى الزّهر النّضر
حديثا ومرأى للسّعيد بروقنى
كما راق نور الشمس فى صفحة الزّهر (8)
__________
(1) فى الأصل أبو يعلى وهو تحريف وليست له ترجمة وافية فيما بين أيدينا من المصادر وقد اختار له صاحب القلائد مختارات ص 281والمغرب ج 2ص 257ومسالك الأبصار ج 11الورقة 394.
(2) فى الأصل: إلى الرمى الخفى، وقد أخذنا برواية المختصر.
(3) فى المختصر: ذوى الفضائل.
(4) الكافى.
(5) أبو أمية إبراهيم بن عصام قاضى مرسية وقد سبقت الإشارة إليه.
(6) المماذقة: ضد الإخلاص.
(7) عبارة القلائد: وله فيه أهاج مقذعة، وأقوال مستبشعة أضربت عن ذكرها، وصفت كتابى عن نكرها.
(8) فى القلائد: كما راق حسن الشمس فى صفحة الدهر.(20/587)
سريت وثوب اليل أسود حالك
فشق بذاك السير عن غرّة البدر (1)
فلا أفق إلا من جبينك نوره ... ولا نقش إلا فى أناملك العشر (2)
حنانيك فى بر النفوس لعلها ... تؤدى بلثم الكف عارفة البر (3)
وعندى حديث من علاك علقته ... يسير كما سار النسيم على النهر (4)
فيبلغ أقصى الأرض وهى عريضة
ويهدى جنىّ النّور من روضة الشعر (5)
ففى كل أفق من حديثك عاطر ... يسير به لفظى ويطلعه فكرى
وله إلى ذى الوزارتين الكاتب أبى بكر بن القصيرة (6):
كتبت على رسمى فبرّا بطالب
رضاك، وطولا من نهاك بأحرف
أباهى بها عبد الحميد براعة
وأحملها حمل الغريب المصنف (7)
__________
(1) فى الأصل: شربت والتصحيح عن المغرب والقلائد.
(2) فى المغرب: ولا قطر إلا فى أناملك، وفى القلائد: ولا نفس.
(3) فى القلائد: ترد بلثم الكف.
(4) فى القلائد: على الزهر، وفى المغرب: عن الزهر.
(5) فى القلائد جنى نور من الروضة الشعر.
(6) أبو بكر محمد بن سليمان الكلاعى الكاتب الشاعر المعروف بابن القصيرة من أهل إشبيلية نوه به ابن زيدون فلمع فى دولة بنى عباد ثم لمع فى دولة المرابطين توفى سنة 508 فى مراكش «الصفة ص 539».
(7) يرجوه أن يوجه إليه رسالة ليفتخر بأنها من قلمه وإنشائه يورى الشاعر هنا بكتاب الغريب المصنف لأبى عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ وقد أقبل الأندلسيون على هذا الكتاب حفظا ودراسة فى أتم عناية.(20/588)
الأديب أبو القاسم العطار (1)
ذكر أنه أحد نحاة إشبيلية وأدبائها وظرفائها الخالعين العذار وألبّائها (2) لا يقبل ملاما فى مدام، ولا يقتل غراما فى غلام، ولا ينهر هواه عن نهر، ولا ينهر إلا بمزهر وزهر (3)، وقد أورد من شعره فى ذلك، وما تتقلد به لبّات الرياض، وتنظر عن فتونه وفنونه فى السحر فاترات العيون المراض.
فمن ذلك فى وصف نهر ركبه، حين استعذبه وأعجبه:
ركبنا على اسم الله نهرا كأنّه
حبّات على عطفيه وشى حباب (4)
وإلّا حسام جال فيه فرنده ... له من مديد الظّلّ أىّ قراب
وله فيه:
عبرنا سماء النّهر والجوّ مشرق ... وليس له إلّا الحباب نجوم
__________
(1) اختار له صاحب القلائد ص 283مختارات شعرية وكذلك صاحب المغرب ج 1 ص 254وابن سعيد فى الرايات ص 15وابن فضل الله فى المسالك ج 11الورقة 394.
(2) فى الأصل: وألبابها والسجع يرجح ما أثبتناه.
(3) كان الشاعر مولعا بارتياد الأنهار وقضاء الأيام على شطآنها الحالية بالأزهار، فى مرح ولهو وشرب وغزل وموسيقى وغناء، وعبارة القلائد: لا يعرج إلا على ضفة نهر، ولا يلهج إلا بقطعة زهر ولا يحفل بملام، ولا ينتقل إلا فى طاعة غلام أنهر دخل فى النهار.
(4) الحباب والحبب (بفتح الحاء) الفقاقيع الطافية على سطح الماء والكأس، والحباب (بالضم): الحية وفى المغرب: جمان على عطفية وشى حباب.(20/589)
وقد ألبسته الأيك برد ظلالها
وللشّمس فى تلك البروج وجوم (1)
وله فيه:
لله بهجة منزه ضربت به ... فوق الغدير رواقها الأنسام (2)
فمع الأصيل النّهر درع سابغ ... ومع الضحى يلتاح فيه حسام
وله فيه:
مررنا بشاطى النهر بين حدائق
بها حدق الأزهار تستوقف الحدق (3)
وقد نسجت كف النسيم مفاضة
عليه، وما غير الحباب لها حلق (4)
وله فيه:
هبّت الريح بالعشىّ فحاكت ... زردا للغدير ناهيك جنّة
وانجلى البدر بعد هدء فصاغت ... كفّه للقتال منه أسنّه (5)
__________
(1) فى الأصل: برد ظلاله، وقد آثرنا رواية القلائد، وفى القلائد: وللشمس فى تلك البرود رقوم.
(2) آثرنا رواية المغرب، وفى القلائد ونفح الطيب الأنشام وفى الأصل الأبشام.
(3) شاطى سهلت همزتها للوزن، وفى الأصل بشاطىء وهو تحريف يختل به لوزن، والتصويب عن القلائد.
(4) المفاضة: الدرع.
(5) فى المختصر: وانجلى البدر بعد هذى(20/590)
وله يصف عشية أنس (1):
لا كالعشية فى رواء جمالها ... وبلوغ نفس منتهى آمالها
ما شئت شمس الأرض مشرقة [بها] (2)
والشمس قد شدّت مطىّ رحالها
فى حيث تنساب المياه أراقما ... وتعيرك الأفياء برد ظلالها
وله:
لله حسن حديقة بسطت لنا
فيها النفوس سوالف ومعاطف (3)
تختال فى حلل الربيع وحليه ... ومن الربيع قلائد ومطارف
وله فى الغزل:
وسنان ما إن يزال عارضه ... يعطف قلبى بعطفة اللام (4)
أسلمنى للهوى فوا حربا ... إن بزّنى عفّتى وإسلامى (5)
لحاظه أسهم، وحاجبه ... قوس، وإنسان عينه رام
وله:
رقّت محاسنها ورقّ نعيمها ... فكأنّما ماء الحياة أديمها
__________
(1) لم يذكر صاحب القلائد هذه المقطوعة.
(2) زيادة يقتضيها الوزن والسياق، والمقصود بشمس الأرض حبيبته.
(3) فى القلائد: منها النفوس، ولعلها: منها النفيس.
(4) يشبه عذاره برسم حرف اللام.
(5) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل أسلمنى فى الهوى.(20/591)
رشا إذا أهدى السّلام بمقلة ... ولّى بلبّ سليمها تسليمها (1)
سكرى ولكن من مدامة لحظها
فاغضض جفونك فالمنون نديمها (2)
وله:
الحب تسبح فى أمواجه المهج ... لو مدّ كنّا إلى الغرقى به الفرج
بحر الهوى غرقت فيه سواحله ... فهل سمعتم ببحر كلّه لجج (3)
بين الرّدى والهوى فى لحظه نسب
هذى القلوب، وهذى الأعين الدّعج (4)
دين الهوى حظّه غفل بلا كتب ... كما مسائله ليست لها حجج (5)
لا العذل يدخل فى سمع المشوق، ولا
شخص السّلوّ على باب الهوى يلج
كأنّ عينى وقد سالت مدامعها
بحر يفيض ومن آماقها خلج
جار الزمان على أبنائه وكذا ... تغتال أعمارنا الآصال والدّلج
بين الورى وصروف الدهر ملحمة ... وإنما الشّيب فى هاماتها رهج
__________
(1) فى المختصر: إذا رد السلام، السليم: اللديغ.
(2) فى القلائد: من مدامة لحظه.
(3) فى القلائد: غرقت فى وبه يختل الوزن.
(4) فى القلائد: بين الهوى والردى.
(5) فى القلائد: عين الهوى شرعه عقل بلا كتب.(20/592)
وله:
بأبى غزال ساحر الأحداق ... مثل الغزالة فى سنا الإشراق
شمس لها فوق الجيوب مشارق ... ومغارب بجوانح العشّاق (1)
نثر العقيق ونظم درّ رائق ... فى مرشفيه وثغره البرّاق
عقد من السّحر الحلال بلفظه ... وبه تحلّ معاقد الميثاق
هذا وقد مدّت إليه ضراعتى
يدها، تصافحها يد الإشفاق (2)
ديم الغمام برعدها وببرقها ... كاثرتها بسحائب الأشواق
ما أدمعى تنهلّ سحّا إنّما ... هى مهجتى سالت على الآفاق
وله:
ألا يا نسيم الريح بلّغ تحيتى ... فما لى إلى إلف سواك رسول (3)
وقل للعليل الطرف عنّى فإننى
صحيح التصابى، والفؤاد عليل (4)
أينشر ما بينى وبينك فى الهوى ... وسرّك فى طىّ الضّلوع قتيل
__________
(1) فى المختصر: ومغارب بجوانب العشاق.
(2) آثرنا رواية القلائد وفى الأصل: هلا وقد مدت.
(3) فى القلائد: إلى إلفى.
(4) فى المختصر: وقل لعليل الطرف.(20/593)
وله (1):
هبّ النّسيم مع العشىّ فشاقى ... إذ كان من جهة الحبيب هبوبه
وكأنه إذ هبّ من تلقائه ... عرف القرنفل والعبير يشوبه (2)
قد كنت ودعت الصبى بوداعه ... وأخو الصبابة لا تفيق ندوبه
لو لم أجب داعى الهوى (3) وعصيته
لغدت جفونى [بالدموع] (4) تجيبه
وله:
لا بدّ للدّمع بعد الجرى أن يقفا ... وهبه سال فؤادى عنده أسفا (5)
وبى غرال إذا صادفت غرّته ... جنيت من وجنتيه روضة أنفا
كالبدر مكتملا، والظبى ملتفتا
والروض مبتسما، والغصن منعطفا (6)
ما همت فيه، ولا هام الأنام به ... حتى غدا الدهر مشغوفا به كلفا
أيرتضى الفضل أن أطوى على حرق
وفى مراشفه اللّعس للشفاه شفا؟
__________
(1) هذه المقطوعة لم يوردها صاحب القلائد.
(2) فى الأصل والعبير يشوقه، والتصحيح من المختصر.
(3) فى المختصر: الصبا.
(4) زيادة من المختصر استقام بها الوزن والسياق.
(5) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: وهبك.
(6) فى القلائد كالبدر كالطبى كالروض كالغصن(20/594)
ما صافح الروض كفّ المزن من مقة
إلا أرتنابه من خطّه صحفا (1)
وله (2):
مالى على سطوات الدهر من جلد ... ألقيت نحو تباريح الهوى بيدى
حلّئت عن منهل السلوان فى رشا ... بجيده حلية من صنعة الغيد (3)
مذ قادنى طرفه للحين أعلمنى ... أن العيون لها قتلى بلا قود (4)
وله فى الوزير أبى حفص بن الهوزنى وقد مات بنهر طلبيره عند افتتاحها (5)
من قصيدة:
وفى كفّه من مائع الهند جدول ... عليه لأرواح العداة تحوّم
بحيث الصّدى بين الجوانح يلتظى ... ونار الوغى بالمشرفيّة تضرم (6)
ووجه الضّحى من ساطع النّقع كاسف
بيوم له زرق الأسنّة أنجم
ولما رأوا إلّا مقرّ لسيفه
سوى هامهم لاذوا بأجراء منهم (7)
__________
(1) المقة: المحبة، وفى القلائد كف المزن ترمقه.
(2) لم ترد هذه المقطوعة بالقلائد.
(3) حلىء عن الماء: منع منه وطرد عنه. وفى الأصل: حليت، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) القود: القصاص.
(5) أى فتح مدينة طلبيرة، ولعل المرثى هو أبو حفص عمر بن أبى القاسم محمد بن أبى حفص عمر الهوزنى وأبوه أبو القاسم هو الذى حرض يوسف بن تاشفين على القضاء على دولة بنى عباد انتقاما لمصرع ابن أبى حفص عمر الهوزنى بيد المعتضد بن عباد.
(6) فى القلائد: بين الأسنة تضرم.
(7) فى الأصل بأجزاء منهم وقد أخذنا برواية القلائد، والأجراء جمع جر وهو وولد الكلب(20/595)
وكان من الدهر المعين معينهم ... ومن ثلم السّدّ الحسام المثلم (1)
فهلا ثنى عنه الردى فى زلاله ... رداء برقراق الوقائع معلم (2)
فيا عجبا للبحر غالته نطفة!! ... وللأسد الضّرغام أرداه أرقم!!
وله يتغزل:
ليل يعارضه الزمان بطوله ... مالى به إلّا الأسى من مسعد
فنظمت لؤلؤ أدمعى فى جيده ... فكأنها فيه نجوم الأسعد (3)
__________
(1) فى القلائد: فكان من الدهر.
(2) فى القلائد: فى دلالة رداء برقراق الفقاقيع معلم.
(3) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل: أدمعى من خده.(20/596)
الأديب الحاج أبو عامر بن أبى عيشون (1)
وصفه بأنه أختى (2) لبوسنى البؤس والنعيم، ووجد تعب المسافر وراحة المقيم، فآونة كالنّسر الطائر، وتارة كالنسر الواقع، وطورا فى القصور، وبرهة فى البراقع، ومرة فى غنى وأخرى فى فقر، وليلة فى مغنى ويوم فى قفر، وذكر أنه رحل إلى المشرق فما أحمد الرحلة ولا حصّل منها النّحلة، ودخل مصر فى عهد الأفضل خاملا لا يعرف، وآملا لا يسعف، خالى الكيس، بادى الإخلال، بالتعذير والتنكيس، كاسيا من الأفلاس، عاريا من اللباس، قد مات ليلة المصد (3)، قد كاد يتلفه البرد، وكأن قد (4)، فدخل عليه ابن الطوفان وهو مغنّى الأفضل، وشم ريح حاله، وشام بارقه إمحاله، فاستدعى منه أن يعمل أبياتا يلحنها، ويشدو عند الأفضل بحسنها، فلعله يجد فرصة، ويجرّ إلى نار أمله من النجع فرصة (5)، فصل:
__________
(1) لم نعثر له على ترجمة فيما بين يدينا من المصادر سوى ما تحدث به عنه صاحب القلائد وما رواه من مختاراته ص 288286وذكر له رحلة إلى مصر، وقد ذكر المصنف هنا أنه رحل إلى مصر فى عهد الأفضل «أواخر عصر الفاطميين».
(2) فى الأصل: أحيا، ولعل الصواب ما أثبتناه يقال أختى ثيابه إذا باعها ثوبا فثوبا.
(3) فى الأصل: الغد، ولعل الصواب ما أثبتناه، المصد: البرد الشديد أو الرعد وفى نفح الطيب: «وبات بليلة ابن عبدل، تهب عليه صرصر» وابن عبدل هو الحكم ابن عبدل الأسدى شاعر أموى أكثر من وصف سوء حاله بالليل كقوله:
قد بات همى قرنا أكابده ... كأنما مضجعى على حجر
(4) كأن قد: تعبير يدل على المقاربة، كأن البرد قتله.
(5) الفرصة: الريح الرخاء.(20/597)
قل للملوك وإن كانت لهم همم
تأوى إليها الأمانى غير متّئد
إذا وصلت بشاهنشاه لى سببا
فلا أبالى بمن منهم نفضت يدى (1)
من واجه الشمس لم يعدل بها قمرا ... يعشو إلى ضوئه لو كان ذا رمد
فلما كان من الغد وافاه بخمسين دينارا وكسوة، وذكر أنه غناه بالشعر فحل منه بقبول وحظوه، وله:
قصدت على أن الزيارة سنّة ... يؤكدها فرض من الودّ واجب
فألفيت بابا سهّل الله إذنه
ولكن عليه من عبوسك حاجب (2)
مرضت ومرّضت الكلام تثاقلا ... علىّ، إلى أن خلت أنك عاتب (3)
فلا تتكلّف للعبوس مشقّة
سأرضيك بالهجران إذ أنت غاضب
__________
(1) شاهنشاه: كلمة فارسية بمعنى ملك الملوك وفى القلائد ونفح الطيب: بشاه شاه فلن أبالى.
(2) فى القلائد: سهل الله فتحه.
(3) فى القلائد ونفح الطيب: تثاقلا إلى.(20/598)
فما الأرض تدمير، ولا أنت أهلها
ولا الرزق إن أعرضت عنّى جانب (1)
وله (2):
كتبت ولو وفّيت برّك حقّه
لما اقتصرت كفّى على رقم قرطاس
ونابت عن الخطّ الخطا وتبادرت
فطورا على عينى، وطورا على راسى (3)
سل الكأس عنّى هل أدبرت فلم أصغ
مديحك ألحانا يسوغ بها كاسى
وهل نافح الآس النّدامى فلم أذع ... ثناءك أذكى من منافحة الآس
__________
(1) فى نفح الطيب والمختصر: فلا الأرض، وتدمير كورة بالأندلس حاضرتها مرسيه والمعنى: أرض الله واسعة فليست مقصورة على تدمير، وليس رزقى مقصورا عليك، وفى القلائد: إن أعرضت عنى حاجب.
(2) فى القلائد: وكتب إلى يستعتبنى (أى صاحب القلائد).
(3) آثرنا رواية القلائد، وفى الأصل ونابت عن الحظ الخطا.(20/599)
الأديب أبو الحسن حكم بن محمد غلام البكرى (1)
وصفه بالخاطر المولّد المخترع المفتضّ عذر قالمعانى، وذكر أنه كان ذا جأش جاش، وبرى نبل النّبل وراش، وطال رشاء عمره حتى نزح ركىّ (2) عمره، وطواه الدهر بعد طول نشره، ولقى آخر الدولة العبادية فى عنفوانه، وريعان الدولة الرابطية فى آخر زمانه، وله قلائد استغربت واستعذبت، وسوائر شرقت فى البلاد وغربت فمن ذلك:
أرّقنى بعدك البعاد ... فناظرى كحله سهاد
يا غائبا وهو فى فؤادى ... إن كان لى بعده فؤاد
الله يدرى وأنت تدرى ... أنّ اعتقادى لك اعتقاد (3)
تذكر والحادثات بله ... ليس لها ألسن حداد
ونحن فى مكتب المعالى ... يصبغ أفواهنا المداد
يستر ستر الصّبا علينا ... والأمن من تحتها مهاد (4)
__________
(1) غلام أبى عبيد البكرى شاعر أديب اقتبس له صاحب الذخيرة عدة قصائد فى القسم الثانى المخطوط ص 357350وكذلك صاحب القلائد ص 290288والمغرب ج 1ص 349348وكان منقطعا لبنى عباد فلما زالت دولتهم زهد فى الشعر وافتجاع الأمراء.
(2) الركى: جمع ركية وهى البئر والعمر (بفتح العين) هى الحياة.
(3) اعتقاد عقيدة، وهى أيضا امتلاك.
(4) فى القلائد والمغرب: يسدل والأمن من تحتنا.(20/600)
لا نهتدى لما خلقنا ... نجهل ما الكون والفساد (1)
ومنها (2):
أذمّة بيننا لعمرى ... يحفظها السّيّد الجواد
سبحان من خصّكم بأيد ... بهنّ تستعبد العباد
إذا استهلّت لنا سماء ... أورق من تحتها الجماد
آثاركم فى العلا قديما ... دانت بها جرهم وعاد
والآن تبلى وربّ جود ... حلّ على ناره الرّماد
وأنت فى ألسن البرايا ... معنى بألفاظها معاد
حسب العدا منك ما رأوه ... لا وريت للعدا زناد
لم يعلم الصائدون منهم ... أنك عنقاء لا تصاد
وأنّ فى راحتيك سعدا ... تندقّ من دونه الصّعاد
والليث شبعان لا يبالى ... إذا نزت حوله النّقاد (3)
وله (4):
نظن مرادا بالعقيق وجدولا
إذا كرعت فيه القبول تسلسلا (5)
__________
(1) فى القلائد والمغرب: لا نتهدى لما خلقنا، ويلى هذا البيت فى القلائد والمغرب:
فكلؤنا من حفاظ بكر ... لواحظ ما لها رقاد
وهمة ناصت الثريا ... تقود صعبا، ولا تقاد
(2) فى القلائد: زيادة فى عدد الأبيات وخلاف فى التقديم والتأخير.
(3) النقاد: جمع نقد وهو صنف ردىء من الغنم.
(4) لم ترد هذه القصيدة بالقلائد.
(5) كرع «كسمع ومتع»: إذا تناول الماء بفيه من موضعه دون آتية ودون كفيه والقبول: ريح الصبا.(20/601)
وإن مدّت الأغصان أطناب ظلّها ... بشطّيه خلناه حساما مفللا
تنفّس من نلقائه بعد هجعة ... نسيم فخلناه عليلا معلّلا
وجرّر ذيلا صافح النّور سحره ... وذاع، فحيّاه الحيا فتبذّلا (1)
بحيث البهار الغضّ يومىء باسما ... لتقبيله خدّا من الورد مخجلا
ولم أر عيرا كالرباب إذا ونى ... وجدّ به سوط لعقيقة أوقلا (2)
يرن حفافيه أجشّ مقهقه
فيوهمنا فى الدار ضبطا مرسّلا (3)
وليل ككحل العين قد مدّ جنحه
جناحا على الأرض البسيطة مرسلا
وسمت بنار الكأس قطرى بهيمة
فغادره وسمى أغرّ محجّلا (4)
كأنّ بقاياه غداف شبيبتى
ألمّ به صقر المشيب ليرحلا (5)
__________
(1) تبذل: أصبح شائعا مبدولا.
(2) العير: حمار الوحش، الرباب: السحاب العقيقة: البرق، أرفل: أسرع.
(3) فى الأصل: حفا فيه وهو تحريف والجفاف: الجانب، أجش: غليظ الصوت، الضبط: المطر، والمعنى: إننا توهمنا لشدة المطر أن الدار ترسل علينا مطرا من سقفها.
(4) فى الأصل فطرى بهيمة وهو تحريف والمعنى: إنه أضاء بكأسه حواشى الليل فتركت الكأس آثارا فى الليل فأصبح كالجواد له غرة وحجول.
(5) الغداف: الغراب الأسود، قال عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسحم(20/602)
وله:
ألاحت والظلماء من دونها سدل
عقيقة برق مثل ما انتضى النّصل
أطارت سناها فى دجاها كأنها
تبلّج خدّ حوله فاحم جثل (1)
لدى ليلة روميّة حبشية ... تغازلنا من شهبها أعين شهل (2)
تودّ عيون الغانيات لو أنّها
إذا مرضت عند الصّباح لها كحل (3)
بدت فى حلاها فالتقينا نجومها
بأنجم راح فى الشّفاه لها أفل (4)
إلى أن بدا للصبح فى طرّة الدجى ... دبيب كما استقرت مدارجها النّمل
نعيم أرى الأيام تثنى عنانه ... علينا إذا ألقى ثنيّته الحسل (5)
__________
(1) فى القلائد: كأنه تبلج خد حفه
(2) المراد بقوله: رومية حبشية أنها سوداء مزدانة بالنجوم البيضاء والمتلألئة.
(3) فى الأصل: لها أفل والتصويب عن المختصر والقلائد.
(4) الأفل: الأفول وفى الأصل: فامقتنا نجومها، وفى القلائد فالتقتنا نجومها، ولعل الصواب ما أثبتناه أو لعله فاقتنصنا نجومها.
(5) الحسل: ولد الضب والعرب يعتقدون أنه لا تسقط له سن ويزعمون أن أسنانه قضعة واحدة غير مفرقة، والمعنى: إن هذا النعيم لا تثنى الأيام عنانه إلينا ولا تقبل به علينا إلا إذا ألقى الحمل ثنيته. وهو أمر مستحيل لأنه لا ثنية له [والثنية هى إحدى أربعة أسنان فى مقدمة الفم ثنتان من أعلى وثنتان من أسفل].(20/603)
أفى لهوات الليث رتع أثيبه ... ولو علّنى فيها مجاجته الصّل (1)
ذكرت الدّنا والأهل فيها فليس لى
بها عقوة آوى إليها ولا أهل (2)
وأفردنى صرف الزمان، كأنّنى
طرير من الهندى أخلصه الصّقل
__________
(1) فى الأصل وقع أتيته، وفى القلائد ربع أبيه ولعل الصواب ما أثبتناه، الرتع: الخصب والسعة، أثيبه: أرحمه: الصل: الحبة.
(2) فى الأصل: ذكرت الدنا عفوة تأوى والتصويب عن القلائد والذخيرة، العقوة: ما حول الدار أو المحلة.(20/604)
الأديب أبو عامر بن المرابط (1)
ذكر أنه كان يقصد فى نظمه الترقيق، لا التشديق، والإعذاب، لا الإغراب والإحلاء، لا الإعلاء والتفهيم، لا التفحيم والتقريب، لا لتغريب والتحريك، لا التعريك لكن هلاله لم يقمر، وقمره لم يبدر وبدره لم يتم، وتمامه ما أزهر، وزهره ما نوّر، ونوره ما أثمر، وثمره ما ينع، وينعه ما طلع وطلعه ما بسر، وبسره ما أتمر، وحجّ عمره لم يبلغ قران العمرة، ومشترى شبابه لم يصادف قران الزّهرة، فحضره الأجل مغيرا، واختصره دون الأمل صغيرا، ومن شعره قوله:
سر إن اسطعت فإنى ... لست أستطيع مسارا (2)
ذلك لبدر الذى قا ... بلت لا يهوى السرارا (3)
قلّدوا مبسمه الد ... رّ وجفنيه لشّفارا
كلما أومأ باللحظ ... يمينا ويسارا (4)
__________
(1) لم نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر، وهناك اثنان كل منهما يسمى ابن المرابط أولهما: أبو عبد الله محمد بن خلف بن سعيد بن وهب الشهير بابن المرابط من أهل العلم والرواية والتفنن فى العلم توفى سنة 480هـ «الصلة ج 2ص 528» وثانيهما: «وربما كان هو المقصود هنا»: أبو الحسن ظافر بن ابراهيم بن أحمد بن أمية بن أحمد المرادى من أهل أوريوله المعروف بابن المرابط وهو من أصحاب القاضى أبى على الصدفى ولد سنة 481هـ وتوفى سنة 523هـ «الحلل السندسية ج 3ص 354، 360، والتكملة ج 1ص 347».
(2) فى الأصل: إن استطعت أستطيع، وبه يختل الوزن، والتصحيح عن القلائد.
(3) فى القلائد: لا يلقى السرارا.
(4) فى القلائد: أو يسارا.(20/605)
لا ترى عيناه إلا ال ... قوم قتلى وأسارى (1)
لا ترع باشادن ال ... أجرع كم تهوى النّفارا (2)
لك هذا القلب ترعا ... هـ أراكا وعرارا
وقوله:
هنالك الرىّ من دموعى ... يا ظبى، والظل من ربوعى (3)
فرد معينا، ورد ظليلا ... غير مذود ولا مروع
وقوله:
من رأى ذاك الغزال ضحى ... يتمشّى فى أجارعه؟
ينفض الأجفان عن سنة ... أشربنها فى مضاجعه (4)
تظرات الظبى روّعه ... قانص أدنى مراتعه
بشر ما مثله قمر ... سنّ قتلى فى شرائعه (5)
وقوله من قصيدة:
أعيدوا علىّ الرّبع إلّا تحيّة ... أخفف منها والركاب رتوع (6)
__________
(1) فى القلائد: لا ترى عيناك.
(2) فى القلائد: يا شادن الأجراع.
(3) فى القلائد: والظل من ضلوعى.
(4) فى الأصل: أسر بها، والتصويب عن القلائد ومختارات من الشعر الأندلسى.
(5) فى القلائد: بشر أو مثله.
(6) فى الأصل: والركاب منوع، وفى القلائد: ربوع ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/606)
دعونى والأطلال أبكى، فإن يكن
ضلالا فإنى للضلال تبوع
وقوله من أخرى:
فتناوحت فيه الرّياح ضحى ... حتّى تبلّ ترابه المزن (1)
ويسيل أبطحه وأجرعه ... ويرفّ ذاك السهل والحزن (2)
وقوله:
تقول مطيتى لما رأتنى ... وبينك لا يوادعنى فواقا (3)
وقد أخذ السّرى منى ومنها ... مآخذ لا نطيق بها مساقا
لقد عنيت بنا النكبات حتى ... لردّت كل نائبة فراقا (4)
__________
(1) فى القلائد: فيه الرياح مع الضحى.
(2) فى القلائد: وأجرعه معا وبرق.
(3) الفواق ما بين الحلبتين من الوقت والريح التى تشخص من الصدر
(4) فى القلائد لودت كل نائبة.(20/607)
الأديب أبو الحسن باقى بن أحمد (1)
وصفه بالأدب الباهر، والحب الزاهر، وذكر أنه لم يزل منقبضا، وبدهره فى صد غرضه عرضا، وقصر مدحه على القاضى أبى أمية (2) ولزم كسره وألف مع عدم الانجبار كسره، فمن شعره ما كتب به إليه:
الدهر لولاك ما راقت سجاياه
والمجد لفظ عرفنا منك معناه (3)
كان العلا والنهى سرّا تضمّنه ... صدر الزمان فلما لحت أفشاه
آيات فضلك نتلوها ونكتبها ... فى صفحة البدر ما أبدى محيّاه
فدمت عضبا وكفّ الدهر ضاربة
تنبو الخطوب ولا تنبو غراراه (4)
__________
(1) أبو الحسن باقى بن أحمد بن باقى أديب شاعر مجيد ذكره الضبى فى البغية ص 235 والفتح فى القلائد ص 294والمغرب ج 2ص 461وذكر ابن الأبار فى التكملة ج 1 ص 230، 231أن اسمه باقى بن عبد الله بن إسماعيل الأسلمى من أهل ألش، وقال:
«إنه سكن مرسية ويكنى أبا خالد، وكناه صاحب قلائد العقيان أبا الحسن وكان أديبا شاعرا نحويا له معرفة بالطب وغير ذلك. وكتب للقاضى أبى أمية بن عصام وحل منه ألطف محل».
(2) القاضى أبو أمية إبراهيم بن عصام وقد سبقت الإشارة إليه.
(3) فى القلائد: ما رقت سجاياه.
(4) فى القلائد: فأقت عضب وكف الدهر(20/608)
وله (1):
يا ماجدا فى قربه ... من كلّ همّ لى فرج (2)
ومملّكا، بمقاله ... وفعاله رقّ المهج
هل طنّ أذنك للقا ... ء فإنّ عينى تختلج (3)
قال: وصحب القاضى أبا أمية إلى العدوة فمروا بفاس وفيها الوزير أبو محمد ابن القاسم (4) فكتب إليه:
نسيم الصبا بذمام العلا ... تمشّ على الروض مشى الكسير
وسر عبق النّشر حتى تحلّ ... محلّ السيادة ربع الوزير
فطامن حشاك دوين الضلو ... ع حذار مهابته أن تطير (5)
وقبّل أنامله إنها ... ضرائر فى قبضتها للبحور
وذكّر بحاجة ضيف، له ... فؤاد يقيم وجسم يسير
له أمل قبل وشك الرحيل ... [طويل المدى ومداه قصير] (6)
[وقل: إنّ لقيا الوزير الأجلّ] (7) ... يقرّب كلّ بعيد عسير
__________
(1) فى القلائد: أنه كتب هذه الأبيات إلى أبى العباس العريانى ولعله أبو العباس العريانى من شيوخ محيى الدين بن عربى ومن كبار متصوفى الأندلس.
(2) فى المختصر: يا ماجدا فى همه.
(3) يبدو من هذا البيت أنهم كانوا يعتقدون بأنّ إختلاج البين أو طنين الأذن يشير بلقاء الأصحاب. ولا يزال العامة فى مصر يعتقدون أن اختلاج العين بشير باللقاء.
(4) صاحب إمارة البونت وقد سبقت الإشارة إليه.
(5) فى القلائد: فطأمن حشاها أن يطير.
(6، 7) زيادة القلائد.(20/609)
الأديب أبو جعفر بن البنى (1)
وصفه بالانتهاك والمجون والاستهلاك، وامتطاء مركب الهوى، والانضواء إلى من غوى، والانطباع فى النظم، والاضطلاع بحدّة الفهم، وله فى الطرب (2)
سهم يخطل، وحظ يبطى. وذكر أنه أبعده ناصر الدولة إلى ميورقة فلما قربت السفينة منها نشأت ريح فردّته إلى موضعه عنها فقال فى أصحابه وأحبابه وقد صدّوا عن جنابه:
أحبتنا الألى عتبوا علينا ... فأقصرنا، وقد أزف الوداع (3)
لقد كنتم لنا جذلا وأنسا ... فهل فى العيش بعدكم انتفاع (4)
__________
(1) أبو جعفر أحمد بن عبد الولى بن أحمد بن عبد الولى البنى نسبة إلى قرية بنه من إقليم بلنسية وقد خلط الفتح بن خاقان وابن سعيد فى الرايات بينه وبين شاعر آخر اسمه أبو جعفر بن عبد الولى ويظهر أن هذا الخلط أوقع المصنف فى اللبس فقد أورد فيما سبق ترجمة بهذا الاسم وجعله ابن البنى (ج 11ص 194)، والأمر يحتاج إلى بحث وقد لبسه ابن الأبار إلى هذا الخلط فى التكملة ج 1ص 24حيث أورد له بيتين ثم قال «وقد أنشأ مؤلف قلائد العقيان هذين البيتين لأبى جعفر النبى اليعمرى، وأحدهما غالط من قبل اشتباه نسبهما، والتفرقة بينهما مستوفاة فى تأليفى الموسوم بهداية المتسعف فى المؤتلف والمختلف»، وذكر أنه كان كاتبا شاعرا بليغا مطبوعا عالما باللغة والآداب وأشعار الجاهلية والإسلام وذكر أن القنبيطور «السيد» أغرقه سنة 488هـ «له ترجمة بالمغرب ج 2ص 357والتكملة ج 1ص 24والمطرب ص 195، وأشار إليه صاحب المعجب وترجم له بأنه من مدينة جبان وسماه أبا جعفر احمد بن محمد ص 171، 172والقلائد ص 295والمطمح ص 103.
(2) عبارة القلائد: فى الطب.
(3) فى نفح الطيب: عنتوا علينا وأقصونا، وفى المغرب: فأقصونا.
(4) فى الأصل: بعد انتفاع وقد أخذنا برواية القلائد والمطمح، وفى المغرب:
فما فى العيش وفى نفح الطيب فما بالعيش.(20/610)
أقول وقد صدرنا بعد يوم ... أشوق بالسفينة أم نزاع
إذا طارت بنا حامت عليكم ... كأنّ قلوبنا فيها شراع
وله:
يا من يعذّبنى لما تملكنى ... ماذا تريد بتعذيبى وإضرارى
تروق حسنا وفيك الموت أجمعه
كالصّقل فى السيف أو كالنور فى النار
«وله يهجو قوما ويمدح منهم رجلين»:
ما فى بنى يوسف ساع لمكرمة ... سواك أو صنوك العالى أبى الحسن
كرمتما واغتدى باللّؤم غيركما
والشوك والورد موجودان فى غصن (1)
هذا آخر الجماعة الذين أوردهم بالذكر من الأعيان أبو نصر الفتح بن محمد القيسى الأندلسى مصنف قلائد العقيان، وسألت عنه بمصر فقيل عاش بالمغرب إلى عهد شاور بمصر، فقد توفى بعد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وقال لى بعض المغاربة: توفى قبل هذا التاريخ (2) وقد أتى فى كتابه بكلام كالسحر رقة ودقة، وكالزلال عذوبة وصفاء، وكالخمر طربا وانتشاء، ولو نقلته على وجهه لم أكن
__________
(1) فى القلائد: واعتدى باللوم غيركما.
(2) ذكر ابن خلكان فى وفيات الأعيان أنه توفى سنة 535هـ قتيلا بمراكش وقيل سنة 529، ويذكر أن الذى أشار بقتله هو أمير المسلمين أبو الحسن على بن يوسف ابن تاشفين أخو أبى إسحق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين الذى ألف له الفتح كتاب قلائد العقيان، أمر بقتله فى الفندق بمراكش.(20/611)
إلا ناسخا، ولم أبد فى الصنعة علما راسخا، لكننى اقتصرت وصفه لكل فاضل بلفظى، ونمّقته بمعنى من حفظى وكسوت المعنى صورة أخرى وجلوته فى الحلية الحسنى، فإن فتحا (1) قبّح ذكر قوم ووضعهم (2)، ونبة خاملين فرفعهم، وحاد عن الصحيح لمرضه، ووسم الحسن بالقبيح لغرضه، ومن جملة ذلك أنه ترّب على أبى بكر بن باجّة (3) وأطلع نوره فى سماء السماجة (4) وقد أجمع الفضلاء على أنه لم يلحق أحد مداه فى زمانه، ولم يوجد شرواه (5) فى إحسانه، وقد ختم به على الهندسة، وتداعت بموته فى إقليمه مبانى الحكم المؤسسة، من جماعة ذكرهم أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسى الأندلسى مؤلف قلائد العقيان فى محاسن الأعيان لم نثبتهم إلّا من هذا الكتاب ولم ينتظم إلّا بعقودهم منه شمل الآداب.
__________
(1) الفتح بن خاقان صاحب القلائد السابق ذكره.
(2) فى الأصل: ووصفهم، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) فى الأصل: ابن ناجية، وهو تحريف، وهو أبو بكر محمد بن الحسين بن باجة الشاعر الأديب الفيلسوف الطبيب الشهير بأبى بكر بن الصائغ، ترجم له صاحب القلائد ص 298 وحمل عليه حملة عنيفة اتهمه فيها بالفجور والإلحاد وأسف فى الهجوم عليه. ذكر ابن ذاكور فى شرحه على القلائد أن ابن باجة وزر لعلى بن يوسف بن تاشفين عشرين سنة بالمغرب، وذكر أن سبب حقد صاحب القلائد عليه أنه ازدراه وكذبه فى مجلس إقرائه فتسابا وكان أبو بكر من خواص أبى بكر بن تيفلويت أمير سرقسطة ورثاه بمراث كثيرة لحنها وتغنى بها «القلائد ص 298المغرب ج 2ص 119طبقات الأطباء ج 2ص 62، والوافى للوفيات للصفدى طبع استانبول ج 2ص 240ووفيات الأعيان ج 3ص 9».
(4) فى الأصل: السماحة وهو تحريف.
(5) الشروى: المثيل.(20/612)
أبو بكر بن عبد الصمد (1)
وذكره ابن بشرون فى كتابه فقال: أبو يحيى بن عبد الصمد ذكره فى آخر حديث المعتمد بن عباد، وأنه جاء إلى قبره بأغمات بعد أن مات، وقال بعد أن طاف بقبره والتزمه وخرّ على تربه ولثمه:
ملك الملوك أسامع فأنادى ... أم قد عدتك عن السماع عواد
لما خلت منك القصور فلم تكن ... فيها كما قد كنت فى الأعياد (2)
أقبلت فى هذا الثرى لك خاضعا ... وتخذت قبرك موضع الإنشاد (3)
قال: وهى قصيدة أطال إنشادها وبنى بها اللواعج وشادها.
__________
(1) ذكره صاحب القلائد فى حديثه عن المعتمد بن عباد ص 30، 31وأورد جزءا من قصيدته فى رثاء المعتمد «خمسة عشر بيتا»، وروى ابن الخطيب أن الشاعر حج إلى قبر المعتمد فى أغمات ومرغ خده فى تراب القبر وأنشد القصيدة، فارتقع بكاء الناس وعويلهم ثم أورد أكثر من مائة بيت من القصيدة وأشعر أنه اختصرها «أعمال الأعلام ج 3 ص 170165».
(2) فى القلائد: ولم تكن.
(3) آثرنا رواية القلائد وأعمال الأعلام، وفى الأصل قبلت فى هذا الثرى
موضع الآساد.(20/613)
أبو نصر الفتح بن عبيد الله بن خاقان (1)
مؤلف كتاب قلائد العقيان، وصفه الرشيد بن الزبير فى كتاب الجنان، وقال: كان ذرب طية اللسان، غزير ركيّة البيان، كأنما يغرف من بحر زاخر، أو يقطف من زهر ناضر، حسن صناعة وسعة براعة، وله تواليف تشهد له بدراية، وتصانيف تدل على توسعه فى الرواية، إلّا أنه كان يضع من نفسه بشدة تبذله، وكثرة تنقّله، وغضّه من ذوى الرتب، وإساءة الأدب على الأدب، وتحلّيه من الخلاعة بما تعزف عنه نفس كل ذى عقل رصين، وإسفافه من الدنايا إلى ما لا يرضاه أهل المروءة والدين، وهو متوسع فى النثر، قليل البضاعة فى النظم، ولم أجد له منه ما يدخل فيما يدخل لأهل طبقته، فأما رسائله فقد أورد منها ما يغنى الوقوف عليه عن صفته، فمن ذلك رسالة يصف فيها نزهة وقنصا وهى:
ما تزال الغرائب أيدّ الله الملك الأجلّ معرّضة فى متنزهاته،
__________
(1) الأديب أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان القيسى صاحب كتاب قلائد العقيان وكتاب مطمح الأنفس. قال فيه صاحب المطرب «كان رحمنا الله واياه، مخلوع المذار فى دنياه لكن كلامه فى تواليه كالسحر الحلال، والماء الزلال قتل ذبحا فى مسكته بفندق طبيب من حضرة مراكش صدر سنة تسع وعشرين وخمسمائة وأن الذى أشار بقتله على ابن يوسف بن تاشفين. وذكر ابن خلكان أنه توفى قتيلا سنة 435وقيل سنة 429قتله على بن تاشفين أخو أبى إسحق إبراهيم بن تاشفين الذى ألف كتاب القلائد برسمه وذكره فى مقدمته [معجم الأدباء ج 16ص 186وذكر أن مصرعه سنة 533هـ الوفيات ج 3 ص 194المغرب ج 1ص 204معجم الصدفى ج 1ص 300 «طبع مجربط» مسالك الأبصار ج 11الورقة 294شذرات الذهب ج 4ص 107].»(20/614)
وتثوّر له فى ثنيّات متوجّهاته (1)، فتزيد الأنس انفساحا، وتورث النفس ارتياحا، فتنطلق من عقالها، ويتدفّق بحر مقالها، وخرجنا معه فى ثلّة من جنوده، ولمّة من عبيده، وهو يقتادهم بزمام اصطناعه، وبرتاد لهم أخصب بقاعه، ووجه الشّمس أومض إيماضه، وأفاض من سناها ما أفاضه، وأعلام الدولة قد حفّوا بلوائه، وتألّفوا بسمائه، كأنهم النجوم إشراقا، والدر انتظاما واتّسانا، فساروا يسمون صفحات البسيطة بحوافر الخيل، ويثيرون قياما كقطع الليل (2)، فبينما هم ينجدون ويتهمون ويبحثون عن القنص فى كل مكان يتوهمون، إذ سنح لهم فى البسائط سانح، وارتاع من رجّة الموكب آمن سارح قد اتخذ العشب جحرا، وضم إلى ترائبه سحرا ونحرا فمرق كالسّهم مرق من الفوق، ومرّ لا يستمسك بواضح طريق، فتارة يسلك مستبينا، وتارة لا يعرّج شمالا ولا يمينا، وما زالت الجياد تبارى لمستنانه وذوات المخالب تحاكى روغانه حتى عادت عليه الأرض قضّا (3)، وساقته إلينا قبضا، فعلقنه كفّ كائد، لأحباله صائد، فأخذه صاغرا، وفم الحمام قد تعرّض له فاغرا، فذكّاه بشفرته، وقذف زاده فى ثغرته، وما زلنا نستوقر عددها، وتقصّر أمدها، حتى ملأت الحقائب،
__________
(1) نور الوحش أو القط: هاجه ليصطاده، ثنيات: خلال، وقد ورد الأصل دون إعجام وقد صححناه بما يناسب المقام.
(2) يصف حيوان الصيد بأنه ينهض من مكانه الخفى مندفعا فى غبرة كأنه قطعة متحركة من الليل.
(3) فى الأصل قضفا ولعل الصواب ما أثبتناه، القض: الحصا الصغار أو الكبار أو الكبة الصغيرة من الغزل أو الهضبة الصغيرة.(20/615)
وأتعبت الركائب، وأذكت الهاجرة شواظ لهيبها، ولوّت الصّبا عنان هبوبها، فملنا إلى حدائق امتدّ عليها من أوراقها رواق، وغازلتنا من أزهارها جفون وأحداق، فحططنا بساحتها، وانبسطنا فى رحب ساحتها، ودارت بيننا راح تلقيناها بالرّاح ولوعا، وحسبناها شمسا طلعت طلوعا، وما زلنا نديرها كبارا وصغارا، نجوم اتخذت الأفواه مغارا، إلى أن فنى اليوم أوهم، وكاد وجهه أن يدلهمّ فقمنا إلى صهوات الجياد، وما منّا إلّا من يميل كالغصن الميّاد، فصرنا وما نفرق بين البكر والأصائل، ولا ندرى الأواخر من الأوائل، ويمن الملك الأجل يهدينا، ونوره يسعى بين أيدينا، فلا زالت ليالينا به مشرقة، وغصون أمانينا فى جنابه مورقة، ما عبق زهر وتدفق نهر.
ومن أخرى: أطال الله بقاء الوزير الأجل، عتادى الأسرى (1)، وزنادى الأورى، وأيامه أعياد وللسعد فى زمامه (2) انقياد. أما أنا أدام الله عزّك فجوّى عاتم (3)، وأعبادى مآتم، وصبحى عشاء، ومالى إلّا من الخطوب انتشاء، أبيت بين فؤاد قلق وطرف مسهّد، نائى المحل عن مزار العوّد، حيران لا أدرى الروض المنوّر، ولا أحس سهيلا إذا ما لاح ثم غوّر، قد بعدت إلىّ حبيبة، ودنت منى حوادث بأدناها تودى الشبيبة، وأى عيش لمن لزم المفاوز لا يريمها، حتى ألفه ريمها، قد رمته النوائب فما أبقى، وارتقت إليه الجوانح فى وعر المرتقى، بواصل النوى ولا يهجر سيرا، ولا بزجر فى الإراحة طبرا، قد هام
__________
(1) من السرو وهو الشرف والمروءة فى سخاء.
(2) فى الأصل فى زمانه ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) عاتم ومعتم: مظلم.(20/616)
بالوطن، هيام ابن طاب (1) بالحوض والعطن، وحنّ إلى تلك البقاع، حنين أثلاث القاع، ولا سبيل إلى تشعب (2) صدع ثبّته (3) شاعب، أو تكلّمه للدّار أحجار وملاعب (4)، وليس له إلى أن يجنح، ولا يرى أمله يسنح، قد طوى البلاد، وتطرف الأرض وتوسطها، ولم يلف مقيلا، ولا وجد مقيلا (5)، إلى الله الشكوى لما أقاسى، وبيده الأقدام والنواصى، فإلى متى يعدونى السعد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ومن أخرى:
سقى بلدا أمست سليمى تحله ... من المزن ما يروى به ويسيم
سقى الله ذلك الجانب الذى حواك، وخص منه بالوابل مثواك، حتى يخلع الربيع فيه سند سيّات بروده، ويجمع فى النضرة [أغواره] بنجوده (6)، فإنه جناب حلّ فيه الذكاء والنبل، وقل لسقياه عندنا الوبل، ورعيا لأيامنا المعلمات الذيول، المعطلات عرفى الصّبا والقبول، وقد نعمنا بسكرها وآصالها وأمتعنا بتواليها وانصالها، فاليوم لم يبق منها إلا ذكرة لها فى الفؤاد صدع، وللعراك والسلوة ردع، وعساها تعود، فيورق عود.
وكتب عن أحد الرؤساء:
__________
(1) ابن طاب: ضرب من رطب المدينة، وعذق ابن طاب: نخل بها، وفى أمثال المدينة المنورة إذا وافق الهوى الصواب، فلا خوف من ابن طاب.
(2) التشعب: التجمع أو الفرق ضد، والمراد هنا: رأب الصدع.
(3) فى الأصل بينه، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) فى الأصل أو تكلمة للدار، ولعل الصواب ما أثبتناه، وأحجار وملاعب بدل من الدار.
(5) مقيلا (بفتح الميم) مكان أو وقت القيلولة، ومقيلا (بضم الميم) منقذا من العثرة.
(6) فى الأصل ويجمع فى النضرة ونجوده، ولعل الصواب ما أثبتناه من زيادة يقتضيها السياق ومقتضى فاصلة السجع.(20/617)
أما بعد فإن الأيدى قد امتدت، ودواعى التعدّى قد اشتدت، وأموال الناس تنتهب، وزواجر كتاب الله لا ترهب، وأنت تنام عن كفّ هذا الانتهاب، وتلين فى موضع السطوة والإرهاب، وتعكف على لراح وروحاتها (1)، وقدما أفسدت الراحة الأحوال، وجرّت إلى أهلها الأهوال، فدعها فليس بأوانها، واكتف من صحيفة الشر بعنيانها (2)، وأكثر الصولة، واحذر أن يكون المكروه عندك جولة، فلينب عن سوطك سيفك، حتى يرهب خيالك وطيفك.
ومن أخرى: الدهر أعزك الله إن بنى مشيدا هدّه، وإن وهب نفيسا استردّه، وإن نحل نعمة أصارها شرقا، وإن كحل نومة أعقبها أرقا، ولا برهان إلّا ما شاهدته غداة لقيتك بظهر الفلاة، وسقيتك ألذّ من طيب الحياة، والسرور قد غار فى جو الجوى، والقرب قد حار من حنش النوى (3)، فلم يك بين التسليم والودائع مهلة، ولم ينج (4) من الالتياع من الشّفاه نهلة، فما وخدت ركابك إلا وقلبى يتبعها، ولا أنجدت قناتك إلا وطرفى يقرعها، فما حيرة ابن حطّان (5) وقد انتسب إلى القبائل، ولا الحارث ابن عبّاد وقد نشب فى حرب
__________
(1) فى الأصل ورواحاتها، ولعل الصواب ما أثبتناه:.
(2) العنيان: العنوان، وفى الأصل بعنانها ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) الحنش: الطرد أو الصيد، النوى: الفراق.
(4) فى الأصل ولم يبح، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5) فى الأصل ابن خطان. وهو تحريف، والمقصود عمران بن حطان الخارجى، يشير إلى قوله:
طورا يمان إذا لاقيت ذا بمن ... وإن لقيت سعديا فعدنانى
يشير إلى أن الإسلام لا يفرق بين القبائل والشعوب.(20/618)
وائل (1) ولا ابن مقنع وقد خان ولاءه سميّه (2) ولا عبد الله بن قيس وقد فر من بنى أمية (3) إلّا دون وجدى غداة كفكفت دمعى المتسرّب ووقفت كناظر مع الصبح فى أعقاب نجم مغرّب، فلله أيامنا الموشيّة، وفوقنا بالسّراة عشيّة، وانتشائى من مقلة وكاس، واجتلائى شارب زبرجد أو عذار آس، والتماحى خدّا كمورّد الشقيق، واستصباحى بثغر كالدر فى حقّ من العقيق، زمان صحونا إلّا من المدام، وسلوّنا إلّا عن النّدام (4) وتفرّغنا إلّا من النّدى، وتورعنا إلا من معاقبة العدى، وأدرنا ذهبا سائلة، ونظرنا رقبا شائلة (5)، وبتنا لم نرم السّهر، ولم نشم برقا إلا الكأس والزهر، والشمل جامع والدهر مجيب وسامع، فالآن منازلى أكوار (6)، ومواصلى بطل مغوار فتلك يضنينى
__________
(1) يشير إلى أن الحارث بن عباد البكرى كان قد اعتزل حرب تغلب وبكر ابنى وائل بعد مصرع كليب استعظاما منه لقتله ولكن المهلهل أخا كليب قتل بجير بن عمرو وهو ابن أخ الحارث قائلا له: بؤبشسع نعل كليب. فنضب الحارث ودعا بفرسه النعامة، واشترك فى الحرب قائلا:
قربا مربط النعامة منى ... إن بيع الكريم بالشسع غالى
لم أكن من جناتها علم الل ... هـ، وإنى بحرها اليوم صالى
(2) فى الأصل ابن مفرع، وهو تحريف. والمقصود ابن المقنع الكندى لقوله من أبيات:
وإن الذى بينى وبين بنى أبى ... وبين بنى عمى لمختلف جسدا
فإن أكلوا لحمى وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدى بنيت لهم مجدا
(3) يشير إلى أبى موسى الأشعرى «عبد الله بن قيس» ونفوره من بنى أمية ولجوئه إلى مكة، وقد أرسل إليه معاوية يستدعيه للشام ويمنيه بالرغائب فأبى كل الإباء.
(4) الندام. جمع نديم وندمان.
(5) الرقب «بضم القاف» جمع رقيب وهى الحية، شائلة: رافعة ذنبها ولعله يقصد المياه المتدفقة كالثعابين.
(6) أكوار: جمع كور وهو رحل البعير، ينظر إلى قول أبى تمام:
خليفة الخضر، من يربع على وطن ... فى بلدة فظهور العيس أوطانى
بالشام أهلى، وبغداد الهوى، وأنا ... بالرقعين، وبالغسطاط إخوانى
وما أظن النوى ترضى بما صنعت ... حتى تشانه بى أدنى خراسان(20/619)
بطول السّفار (1)، وذاك ينتضينى للملمات انتضاء الشّفار، فأنا بين وعر يعيى، وذعر يميت ويحيى، ونوى لا يقال لعاثرها لعا، وهوى قد حشا بالجوى أضلعا، والله يريح مما عرا، ويمن بنظرة إلى قرقرا (2).
وله إلى بعض إخوانه يوصيه بكتب أودعها عنده. ويصف هرّا (3):
استوهب الله لك أيها العماد الأعلى، والسراج الأجلى، والطود الأشم، والبدر الأنم، من النعم أبقاها، ومن العصم أوقاها، لا زلت لعنان السيادة مالكا، ولمنهاج السعادة سالكا، كتبت أعزّك الله والودّ قائم رسمه، لائح وسمه، وإن كانت الأيام قد أزاحتنى عن قربك، وأظمأتنى إلى شربك، فإنها لم تلحق وثاقة عقدنا انحلالا، ولا صحة عهدنا اعتلالا، ولو جرت الأقدار على اقتراحى، وأطلقت من الأشغال سراحى، لاخترت مجاورتك وآثرت محاورتك، بحر تلفظ الجواهر غواربه، وتعذب الموارد مشاربه، فيصدر عنك وقد ملأ من الدرّ حقائبه وأثقل من البرّ ركائبه، والله يقرب لقاك ويدنيه، ويهنئه على أفضل حال ويسنيه، وفى علمك ما استودعته أمانتك، واستحفظته صيانتك، من كتبى التى هى أنفس ذخائرى وأسراها وأحقّها بالصيانة وأحراها، وما كنت أرتضى منها بالتّغريب، لولا الترجى لمعاودة الطلب عن
__________
(1) فى الأصل تضنينى بتلك السفار، ويظهر أن عبارة بتلك زيادة من الناسخ.
(2) القرقر: نواحى البلد الظاهرة أو القاع الأملس.
(3) فى الأصل: هذا، وهو تحريف.(20/620)
قريب، ولا شك أنها منك بنال (1) وبمكان تهمّم (2) واهتبال ولكن ربما طرقها من مردة الفئرة (3) طارق، وعاث فيها كما يعيث الفاسق المارق، فينزل فيها قرضا، أو يفسد منها طولا أو عرضا إلا أن يطوف عليها هزّ نبيل ينتمى من القطاط (4) إلى أنجب قبيل، له رأس كجمع الكف، وأذنان قد قامتا على صفّ، ذواتا لطافة ودقة، وسباطة ورقّة يقيمها عند التشوّف (5)، ويضجعها عند التخوّف، ومقلة كأنها تقطيعة من الزجاج المجزع، وكأن ناظرها من عيون الباقلاء منتزع، قد استطال الشعر فوق أحداقه، وحول أشواقه، كإبر مغروزة على العيون، كما تبرد أطرافه القيون (6)، له ناب كحد المطرد (7)، ولسان كظاهر المبرد، وأنف أخنس، وعنق أوقص (8)، وحلق مسترق (9)، غير ملتصق، أهرت الشدقين (10) لاحق الإطلين (11)، موشّى الساعدين والساقين منمم اليدين والرجلين، يرجّل بها وبره، ترجيل ذوى الهمم لما شعث من عن اللّمم فينفض ما لصق به من الغبار، وعلق به من الأوتار، ثم يجلوه
__________
(1) النال والنيل والنالة كلها بمعنى لحصول على الشىء يريد أنها بمنزلة الشىء المحصول عليه الواقع فى اليد وفى الأصل تنال. ولعل الصواب ما أثبتناه مراعاة لعطف الجملة التالية.
(2) تهمم الشىء تهمما طلبه.
(3) الفئرة: جمع فأر وفى الأصل الفأر ولعل الصواب ما أثبتناه.
(4) القطاط: جمع قط، وفى الأصل الفاط وهو تحريف.
(5) التشوف: التطلع لاصطياد الفريسة.
(6) القيون: الحدادون.
(7) المطرد (كمنبر): رمح قصير.
(8) أوقص: قصير.
(9) مسترق: قصير، وبالأصل سرق ولعل الصواب ما أثبتناه لما فيه من اتساق السجع.
(10) فى الأصل اهزب الشدقين، وهو تحريف، أهرت: الشدقين: واسعهما.
(11) الإطلى: الخاصرة.(20/621)
جلاء الصيقل للحسام، والحمّام للأجسام فينقى قذاه، ويوارى أذاه، ويقعى إقعاء الأسد إذا جلس، ويثب وثبة النمر إذا اختلس، له ظهر شديد وذنب مديد، تارة يهزه هز السّمهرىّ المثقف، تجول يداه فى الخشب والأرائك، كما تجول فى الكشائد سائك (1)، يكب على الماء حين يلغه (2)، ويدنى منه فاه ولا يبلغه ويتخذ من لسانه رشاء ودلوا، ويعلم به إن كان الماء مرّا أو حلوا، فتسمع للماء خضخضة من قرعه (3)، وترى للسان نضنضة من جرعه، يحمى داره حماية النقيب، ويحرسها حراسة الرقيب، فإن رأى كلبا، صار عليه إلبا، وصعّر خدّه، وعظم قده، ليصير ندّه، أنفة من جنابه أن يطرق، وغيرة على حجابه أن يخرق، فإذا رأى فيه هرا، أوجف إليه مكفهرا فدافعه بالساعد الأشد، ونازعه منازعة الخصم الألد، فإذا أطال مفاوضته وأدام مراوضته، أبرز برثنه لمبادرته، وجوشنه (4) لمصادرته، ثم تسلّل إليه لواذا، واستحوذ عليه استحواذا، فشدّ عليه شدّة، وضمّه من غير مودّة، فأطار وبر نسالا، وأرسل دمه إرسالا، بأنياب عصل (5)، أمضى من النّصل ومخلب كمنقار الصقر درب للاقتناص والعقر، فغبّر (6) قرنه ممزّق الأهاب، مستنصرا
__________
(1) فى الأصل الكسائد، ولعل الصواب ما أثبتناه، والمقصود بالكشائد الأسنان مأخوذة من كشده يكشده إذا قطعه بأسنانه، والسائك إسم فاعل من ساك بمعنى أجرى المسواك على أسنانه.
(2) فى الأصل: بلغه وهو تحريف، الفعل: ولغ يلغ إذا تناول الماء بفيه
(3) الخضخضة: صوت حركة الماء.
(4) الجوشن: الصدر، أو الدرع.
(5) فى الأصل: عضل، وهو تحريف، والمراد أنياب حادة أمض من أسنة النصال.
(6) غشاه بالغبار.(20/622)
فى الذهاب (1)، قد أفلت من بين أظفار فناب (2)، ورضى من الغنيمة بالإياب هذا وهو يخاتله دون جنّة، ويقاتله بلا سيوف ولا أسنّة، وإنما جنّته منّته (3)، وشفاره (4)، أظفاره، وسنانه أسنانه، إذا سمعت الفار منه مغاء (5)، لم تستطع له إصفاء، وتصدعت قلوبها من الحذر، وتفرقت شذر مذر، تهجع العيون وهو ساهر، وتستتر (6) الشخوص وهو ظاهر، يسرى من عينيه بنيّرين وضّاحين، تخالهما فى الإظلام مصباحين، يسوف (7) الأركان، ويطوف فى كلّ مكان، ويحكى فى ضجعته السوار تحنيا، وقضيب الخيزران، تثنّيا، يغط إذا نام، ويتمطى إذا قام، لا يكون للنار مستدفئا، ولا للقدر مكفئا، ولا فى الرماد مضطجعا ولا للجار منتجعا، بل يدبر بكيده، ويقتصر على صيده، قد تمرد بقتل الأحناش (8) والخشاش (9) وافترس الطير فى المسارح والأعشاش، فيستقبل بمشمّه، ويجعل الاستدلال أكبر همه، ثم يكمن للفار حيث يجد لها عبثا، أو يسمع لها عيثا (10)، أو يلوح (11) منها ريثا، فيلصق بالأرض، وينطوى
__________
(1) طالبا النصر فى الهرب.
(2) ناب وأناب: تاب إلى الله ورجع.
(3) المنة: القوة.
(4) شفاره: نصاله الحادة.
(5) مغا السنور يمغو مغاء: صاح.
(6) فى الأصل: وتستثير الشخوص، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) يسوف: يشم.
(8) جمع حاش وهو الثعبان وفى الأصل الأخناس ولعل الصواب ما أثبتناه.
(9) الخشاش: حية الجبل، وحشرات الأرض.
(10) فى الأصل: عوثا، ولعل الصواب ما حررناه العيث: الافساد.
(11) فى الأصل يلج ولعل الصواب ما أثبتناه، لاحه يلوحه: أبصره.(20/623)
بعضه فى بعض، حتى يستوى منه الطول والعرض، فإذا تشوّفت (1) الفار فى جحرها، وأشرقت بنحرها وصدرها، دبّ إليها دبيب الصّل (2)، وامتد نحوها امتداد الظل، ثم وثب فى الحين عليها، وجلب الحين إليها (3) فأنخنها جراحا، ولم يعطها براحا، فصاحت من شدة أسره، وقوّة كسره، وكلما كانت صيحتها أمدّ، كانت قبضته عليها أشد، حتى يستأصل أوداجها فريا، وعظامها بريا، ثم يدعها مخرجة الذّماء (4)، مضرّجة بالدماء وإن كان جرذا مسنا، لم يضع عليه سنّا، وإن كان درصا (5) صغيرا فغر عليه فاه وقبض مترفقا على قفاه، ليزداد منه تشهيّا، وبه تلهّيا، ثم يتلاعب به تلاعب الفرسان بالأعنّة، والأبطال بالأسنّة، فإذا أوجعه عضا، وأرعبه رضا، أجهز فى الفور عليه، وعمد بالأكل إليه، فازدرد منه أطيب طعمه، واعتقده أهنأ نعمة، ثم أظهر بالالتحاق شكره، وأعمل فى غيره فكره، فرجع إلى حيث أثاره، ويتبع آثاره، راجيا أن يجد فى رباعه، ثانيا من أتباعه، فيلحقه بصاحبه فى الردى، حتى يفنى جميع العدا، وربّما انحرف عن هذه العوائد، والتقط الفتات من حول
__________
(1) تشوف: تطلع.
(2) الصل: الثعبان.
(3) الحين «بكسر الحاء»: الوقت والحين «بفتح الحاء»: الهلاك.
(4) الذماء: بقية الروح.
(5) الدرس (بفتح الدال وكسرها) ولد الفأر وولد الأرنب.(20/624)
الموائد، إبلاغا فى الاحتماء (1)، ومزورّا فى النعماء، فماله على خصاله ثمن، ولا جاء بمثاله زمن، وقد أوردت أدام الله عزّك من وصفه فصلا مغربا، وهزلا مطربا، إخلاصا من الطويّة، واسترسالا، وتسريحا للسجية، وإرسالا على أنّى إذا استعرت فى لغته لسان أبى عبيد (2)، وأظهرت فى صفته شأن أبى زيد (3)، ما انتهيت فى النطق إلى نصابك، ولا احتويت فى السّبق على قصابك (4)، والله تعالى يبقيك لتمر النّبل جانبا، ولدرج الفضل بانيا، ما طلع فى أفق بدر، وانطبق على قلب صدر، إن شاء الله تعالى.
وكتب معزّيا:
كتبت أعزك الله والجوانح ملتهبة واللوعة منتهبة والدموع منسربة، والضلوع مضطربة لوفاة من هدّت المجد وفاته، وأعيت الواصف صفاته، وأحسنت مساعيه، وأخصبت للرائد مراعيه، فوا رحمة للحسب قبضت روحه، وللأدب ركدت ريحه، وللذكاء خبت شعله، وللعلاء تمزقت حلله، لقد
__________
(1) الاحتماء هنا مشتق من الحمية، وهى الإقلال من الطعام يقال حمى المريض ما يضره منعه منه فاحتمى وتحمى.
(2) أبو عبيد القاسم بن سلام عالم متعمق فى الدراسات اللغوية والأدبية ولى القضاء وترك عدة مؤلفات ومن أهمها كتاب الغريب المصنف قضى فى تأليفه أربعين سنة وفيه نحو ألف فصل منه نسخة خطية بدار الكتب بالقاهرة وفى مكتبة أيام صوفيا بالآستانة توفى سنة 223هـ.
(3) أبو زيد الأنصارى سعيد بن أوس من أهل البصرة ومن أشهر رجال اللغة والأدب والرواية. وكان سيبويه يروى عنه ويكتفى فى التنويه به بقوله «الثقة» ومن أهم كتبه النوادر فى اللغة طبع فى بيروت سنة 1894توفى سنة 315هـ وفى الأصل أبى زبيد وهو تحريف.
(4) القصاب: الديار، وهو يريد هنا قصبات السباق.(20/625)
نضب من الصبر عدّه (1)، وعاد شحاحا (2) زنده، وذوى عراره المتنسّم وحقّ له أن يقفر ضلوعا، ولا يظهر فى سماء الجزع طلوعا، وقد تعطل الزمن ممن كان فى لبّته حليا، وفى فمه ضربا وأريا، وفى حرّه نسيما، وفى كئوسه خمرا وتسنيما.
ومنها: ومما كفّ اللوعة عن مجده، وخفّف لذعة وجده، أنه أودى وقد استوفى طلقه، ولبس العمر حتى أخلقه، وسحب أذيال تمنّيه، وصحب الدهر حتى كاد يفنيه، ومضى وما حملته المنسأة (3) ولا ملته الأساة، ولا شجيت بالعيش نفسه شجو لبيد (4)، ولا أقفر من أهله عبيد (5) ولا ذوى من جدب غرسه ولا ملّ كما ملت صخرا سليمى عرسه (6)، وهى المنية لا يثنيها التعمير، ولا يصرفها التأميل بل والتأمير، فقد مضى من كانت السيوف له يقمن وينحنين،
__________
(1) فى الأصل: نصب من الصبر مدة، ولعل الصواب ما أثبتناه العد: الماء الجارى.
(2) فى الأصل: وعاد شماحا، وهو تحريف.
(3) المنسأة: العصا، وفى الأصل: النسأة وهو تحريف، وقد خفف الكاتب الهمزة مراعاة للسجع.
(4) عاش لبيد عمرا طويلا فى الجاهلية والإسلام. وفى طول عمره يقول:
ولقد سلمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس: كيف لبيد؟
(5) يشير إلى مصرع عبيد بن الأبرس حين قتله النعمان بن المنذر، وقال له قبل قتله أنشدنى فى قصيدتك:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطيبات فالذنوب
فقال له:
أقفر من أهله عيد ... فاليوم لا يبدى ولا يعيد
(6) يشير إلى صخر بن عمرو أخى الخنساء الشاعرة. طال مرضه فسهرت عليه أمه أما زوجته فبرمت وكانت تجيب من يسأل عنه بقولها: لا حى فيرجى، ولا ميت فينعى، فقال صخر من أبيات:
أرى أم صخر ما تمل عيادتى ... وملت سليمى مضجعى ومكانى(20/626)
وقضى كعب (1) بعد أن طوى سنيه، وشيّع (2) بعد بنيه، وأودى الجعدى (3)
وقد أدرك أيام الخنان (4)، وأبقت منه الحوادث ما أبقت من السيف اليمان.
ومن أخرى فى وصف غريق فى البحر:
أتانى وأهلى بالعراق عشيّة ... وأيدى المطايا قد قطعن بها نجدا
نعىّ أطار القلب عن مستقرّه ... وكنت على قصد فأغلطنى القصدا
نعوا والله باسق الأخلاق فلا يخلف، ورموا قلبى بسهم أصاب صميمه وما أخلف لقد سام الردى فيه حسنا ووسامه، وطوى بطيه نجدة وقسامة، فعطّل منه الندى والنّدىّ، واستكمل فيه الهدى والهدىّ (5)، كم راع البدر ليلة إبداره، فروّع العدو فى عقر داره، وكم فلّ السيوف طول قراعه، ودل عليه الضيوف موقد النار بيفاعه، وتشوّف (6) إليه السرير والمنبر وتصرف فيه الثناء المحيّر، أى فنى غدا له البحر ضربحا، واغتدى عليه الحين ماء وريحا، فتبدل من ظل علاء ومفاخر، إلى مقر طامى البحر زاخر، وعوض من صهوات الخيل، لهوات اللجج واللّيل، غريق حكى مقلتى فى دمعها، وأصاب نفسى فى سمعها،
__________
(1) لعله كعب بن زهير الشاعر المخضرم المشهور.
(2) فى الأصل: وشايع، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) النابغة الجعدى: حسان بن قيس أحد الشعراء المعمرين المخضرمين، يقال إنه عمر مائة وثمانين عاما.
(4) فى الأصل الجنان وهو تحريف، وزمن الخنان كان فى عهد المنذر بن ماء السماء وأصاب الإبل فيه وباء.
(5) الهدى: العروس.
(6) تشوف: تطلع.(20/627)
ومن حزنى (1) لا أستسقى له الغمام فماله [حاجة] (2) بجوده، ولا ثرى تروى به تهائمه ونجوده، فقد آليت ألّا أودع الريح تحيّة، ولا يورثنى هبوبها أريحية، فهى التى أثارت من الموج حنقا، ومشت عليه خببا وعنقا (3) حتى أعادته كالكثبان، وأودعته فيه قضيب بان، فيا عجبا للبحر ختل شكله (4) وللدهر كيف حمل ثكله، ووا أسفا لزلال غاض فى أجاج (5) ولسلسال فاض عليه بحر عجاج، وما كان إلا جوهرا ثاب إلى عنصره، وغاب عن عين مبصره، لقد آن للحسام أن يغمد ويسام (6) وللحمام، أن يبكيه بكل أراكة وشام (7)، وللعذارى أن لا يحجبهن الخفر والاحتشام، ينحن فتى ما ذرّت الشمس إلا ضر أو نفع، ويبكيه من لم يدع فقده للأنس المنتفع، صديق ما حمدت فيه الأيام حتى ذممتها، ولا بنيت به أركان المنى حتى هدمتها، ولو غير الحمام زحف إليه جيشه، أو سوى البحر زحف عليه ارتجاجه وطيشه، لثنى من شدته من يتهبّبه ليث الشرى ويرهبه البطل الباسل إذا استشرى، من كلّ أروع إن عجل إليه المكروه ثبّطه أو جاءه الشر تأبّطه، لكنه الموت لا ترده الصوارم ولا الأصل، ولا يفوته ذباب لفظ العسل (8).
__________
(1) وردت الكلمة مهملة فأعجمناها بما يناسب المقام.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) الخبب والعنق: ضربان من السير السريع.
(4) خدع شبيهه فى الكرم والسخاء.
(5) رجلى عذب الأخلاق والسجايا غرق فى بحر مالح أجاج.
(6) يسام: يغالى به فى السوم ولعله يقصد بذلك رثاءه والإشادة بأخلاقه الكريمة، ولعلها يشام أى يتصلع إلى مآثره ومفاخره.
(7) الأراك شجر السواك، والبشام: شجر عطر الرائحة يسود بورقه الشعر ويستاك بقضبانه، قال ابن خفاجة:
وكان لنا البشام مراح أنس ... فماذا بعدنا فعل البشام؟
(8) الذباب الذى يلفظ العمل وهو النحل.(20/628)
أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة الأندلسى (1)
سبق ذكره، وقد أوردت من شعره البديع، وأثرت من بحره الصديع، ثم عثرت من رسائله التى هى من دلائل فضائله ما أثبته هاهنا، فمن ذلك رساله كتبها إلى أبى الفتح بن خاقان (2) المقدم ذكره:
سيدى الأعلى، وعلقى الأجلى (3) حلا بك (4) وطنك، ولا خلا (5) منك عطنك، كتبته (6) والود على أولاه، والعهد بحلاه، ترفّ زهرة (7) ذكراه، ويمجّ الرّىّ ثراه، منطويا على لذعة حرقه، ولوعة فرقه (8) أبيت [لها] (9)
بليل لا يندى جناحه ولا يتنفّس صباحه، فها أنا كلما تنسمت الرياح أصيلا (10)، وتنفّست نفسا بليلا (11)، أصانع البرحاء تنشّقا (12)، وأتنفّس الصعداء تشوّقا، فهل تجد على الشّمال نفحه (13) كما أجد [على الجنوب (14)] لفحة (15)، أم هل تحس
__________
(1) سبق للمصنف أن أورد طائفة مختارة من شعره وهو هنا يورد طائفة مختارة من رسائله.
(2) أبو نصر الفتح بن خاقان صاحب قلائد العقيان وقد سبقت الإشارة إليه.
(3) فى القلائد: وعلقى الأغلى.
(4) فى ديوان ابن خفاجة: تحلى.
(5) فى ديوان ابن خفاجة: ولا تخلى.
(6) فى القلائد: كتبت.
(7) فى الأصل زهرة والتصويب عن القلائد والديوان.
(8) فى القلائد: بل لوعة فرقة وفى الديوان بل لدغة فرقة.
(9) زيادة من الديوان، وفى القلائد: بها.
(10) فى القلائد والديوان، كلما تناوحت الرياح أصيلا.
(11) فى القلائد: وتنفس نفسا عليلا.
(12) فى الأصل تنفسا والتصويب عن القلائد والديوان.
(13) فى الأصل لفحة والتصويب عن القلائد والديوان.
(14) زيادة من الديوان والقلائد.
(15) فى الأصل: نفحة، والتصويب عن الديوان والقلائد.(20/629)
لذلك الوهج ألما، كما أجد لهذا الأرج لما (1) [أما (2)] وحقك، قسما يشتمل على الإيمان كرما (3)، إن فى [أدنى] (4) هذه اللواعج، ما يقتضى إنضاء النواعج (5)، ويحمل على خرق (6)، جيب الخرق (7)، وجرّ ذيل برد الليل حتى أهبط أرض ذاك (8) الفضل فأغتبط، وأرد مشرع ذلك النيل (9) فأبترد (10)، وعسى الله بلطفه أن ينظم هذا البدد (11) ويعيد ذلك الود (12) فيبرّد الأحشاء، كيف شاء بمنّه، وإن كتابك الكريم وافانى فأنهى تحية (13)، هزّتنى أريحيّة، عز المدامة تتمنىّ (14) والحمامة نتغنىّ، فلولا أن يقال صبا لالتزمت سطوره، ولثمت مسطوره، وما أنطقتنى (15) صبوة استفزّتنى، فهزتنى، ولكن فضلة راح فى كأس لعلا تناولتها (16)، فكلما شربت، طربت، فلولا توقع غمرات
__________
(1) فى القلائد تحسن. وفى القلائد: كما أجد الأرج لمما، وفى الديوان: كما أحس لهذا الأرج لمما.
(2) فى الأصل وحقك وقد أخذنا برواية القلائد والديوان.
(3) فى القلائد على الأيمان لزما.
(4) زيادة من القلائد والديوان.
(5) فى القلائد: هذه النواعج النواعج جمع ناعجة وهى الناقة السريعة التى يصطاد عليها نعاج الوحش، أو الناقة البيضاء.
(6) فى القلائد: حرق.
(7) الخرق: الأرض الواسعة أو القفر.
(8) فى القلائد والديوان: ذلك.
(9) فى الديوان: ذلك الأنس.
(10) آثرنا رواية الديوان، وفى الأصل والقلائد فأتبرد.
(11) فى الأصل البرد وقد آثرنا رواية القلائد والديوان.
(12) فى الديوان: الدد، والده، والددا: اللعب.
(13) فى الديوان: وإن خطابك الكريم وافى، وفى القلائد: وفانى تحية.
(14) الديوان تتمشى.
(15) آثرنا رواية القلائد والديوان، وفى الأصل انطقنى.
(16) فى الديوان: ولكن سؤر فى كاس الشباب تناولته.(20/630)
الشيب (1)، لابتدرت شقّ الجيب، ثم صحت واطرباه!! وناديت واحرّ قلباه!! [وبعد، فإنى] (2) وقفت من جملته على ما وقع موقع القطر، وحسبك ثلجا، وطلع طلوع هلال الفطر، وكفاك مبتهجا وما أغرب فيما أعرب عنه من تفسير حالك (3)
وتفصيل حللك وارتحالك (4) ولا غرو أن تتجاذبك (5) الرواحل، وتتهاداك المراحل، فحا للنجم أخيك من دار، ولا فى غير الشرف من مدار. فحلّ إن شئت واربع (6)، وطر (7) حيث أحببت أوقع، فما انتضتك يد المغارب، إلّا ماضى المضارب (8)
ولا تعاطتك أقطار البلاد، إلّا طيب الميلاد، فما ضار (9) إن نعق ببينك غراب، وحفق برحلك سراب، إذ لم يغضّ (10) من فضلك اغتراب ولا أخلّ بنصلك ضراب (11)، لا زلت مخيما بمنزلة مجد (12) تجمع من اتساع، فى ارتفاع، [وإمتاع فى] امتناع، بين أمرة بغدان ومنعة غمدان بحول الله ومنّه (13).
__________
(1) فى القلائد: فلولا وقوع غمرات الشيب، وفى الديوان فلولا توقع تغامز الشيب.
(2) زيادة فى الديوان والقلائد.
(3) فى القلائد: وما أعرب عنه من تفسير حالك.
(4) فى الديوان والقلائد: وترحالك.
(5) فى القلائد أن تجذبك الرواجل، وفى الأصل أن تجد وقد آثرنا رواية الديوان.
(6) فى القلائد: وارفع.
(7) فى الديوان: أوطر.
(8) فى الديوان فما انتضتك يد المغرب، إلا ماضى المضرب.
(9) فى القلائد فما صار.
(10) فى القلائد إذا لم يقض.
(11) فى الديوان: وكم يخل بنصلك ضراب.
(12) فى الديوان بمنزلة عز.
(13) زيادة فى القلائد والديوان. فى القلائد بحول الله وبركاته، بغدان: بغداد، غمدان:
قصر حصين بناه يشرخ أحد أقيال اليمن وبنى داخله قصرا بسبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعا كما نقول الأساطير.(20/631)
وكتب أبو إسحاق ابن خفاجة أيضا إلى بعض الوزراء (1): وكيف لى بقربك (2) ودونك كل علم باذخ (3) مجّ الليل عليه رضابه، وصافحت النجوم هضابه، طمح بطرفه (4)، وشمخ بأنفه (5)، وسال الوقار على عطفه، فهو يعبس، ولا ينبس، كأنما أطرق به اعتبار، أو احتبى منه جبّار (6)، وقد لاث من غمامة، عمامة، وأرسل من ربابه (7) ذؤابة (8) تطّرزها البروق الخواطف وتهفو بها الرياح العواصف، بحيث مدت البسيطة بساطا، وضربت السّماء فسطاطا (9) فلاحظّ منك إلّا ذكر يجرى، وطيف يسرى، وعسى، أن يلين من جانب الدهر ما عسا (10)، فيجذب بضبعى جاذب من سنائك (11) إلى سمائك، حتى أرتقى إلى حيث نلتقى (12) والمجرّة من مجرّ أذيالك، ومواطىء نعالك.
__________
(1) من رسالة فى ديوان ابن خفاجة وبأولها أنه أرسلها إلى وزير الدولة. ونرجح أنه أرسلها لأبى الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين، ومستهلها قوله: يا عمادى الأعلى، وقدحى المعلى، نداء بسحب الثناء عليك رداء. ص 3127من الديوان «طبع دار المعارف بالقاهرة سنة 1960».
(2) فى الديوان: وكيف؟ وأين بذلك المتمنى، ودونك بدلا من العبارة التى أوردها المصنف.
(3) العلم: الجبل.
(4) آثرنا رواية الديوان وفى الأصل: قد ناء بطرفه.
(5) آثرنا رواية الديوان وفى الأصل وسمح بإلفه.
(6) آثرنا رواية الديوان وفى الأصل أو اجتنى منه خيار.
(7) الربابة: السحابة البيضاء.
(8) فى الأصل دوابة، والتصحيح من الديوان.
(9) تجاوز المصنف هنا عن أكثر من صفحة من الرسالة وهى موجودة بالديوان.
(10) عسا: غلظ ويبس.
(11) فى الأصل من سنائك، وهو تحريف والتصحيح من الديوان.
(12) فى الأصل: البهى، والتصحيح عن الديوان.(20/632)
ومنها فى صفة قصيدة (1): قد كنت صنعتها (2) منذ الزمان الأطول فأفرغتها [إبريزا] (3) وفرغت [تطريزا] (4).
ومنها: غير أن إرجاءها لا يقطع رجاءها (5)، وإمهالها، لا يوجب إهمالها، وقد استثبت (6) مجدك فى جلائها (7) واستنهضت سؤددك (8) لزفافها وإهدائها (9)، علما أن ما أوتيته فى البلاغة من امتداد عنان، وانفساح ميدان، يطلعها هنالك فى ملح [من البراعة] (10) تترى، ويبرزها فى صور من الملاحة [شتىّ] (11) ترى فلا تنشرها [بها] (12) حلة حتى [تجلى عروس، ولا يسمع منها بلبل حتّى] (13)
تجتلى طاووس (14)، ومعذرة فى العجز عن إنصاف، تلك الأوصاف (15)، أما والبحر من كرمك (16)، والسحر من قلمك، إنه ليقل [له] (17) من قلم، علم،
__________
(1) وردت القصيدة فى أول الديوان موجهة للأمير أبى الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين، ومطلعها:
أما والتفات الروض عن زورق النهر ... وإشراف جيد الغصن فى حلية الزهر
(2) فى الديوان: صغتها فيه.
(3و 4) زيادة بالديوان.
(5) وفى الديوان: ثم أنشأت، ما أنشأت، لعلل شغبت وشغلت، غير ان إرجاءها
(6) فى الديوان استنبت.
(7) جلاء العروس: تهيئتها للزفاف.
(8) فى الديوان سروك.
(9) آثرنا رواية الديوان، وفى الأصل هدائها.
(10و 11) زيادة من الديوان.
(12و 13) زيادات بالديوان.
(14) أسقط المصنف من الرسالة هنا بضع فقرات.
(15) أسقط المصنف هنا أيضا بضع فقرات.
(16) فى الديوان: لنكرمك.
(17) زيادة بالديوان.(20/633)
سشهور بالسيّاسة، وخدمة الرّياسة، من انتساب واكتساب (1):
ورث السيادة كابرا عن كابر ... موصولة الأسناد بالإسناد (2)
لازلت تجتلى (3) من كنف، ذلك الشرف وسماء ذلك السناء بحيث تطيف النّعم بك نجوما، وتنقضّ النّقم دونك رجوما (4).
فصل من أخرى (5): أطال الله أيها السيد [الأوحد] (6) بقاءك، كما وصل عزتك وارتقاءك (7) وأسنى مرتبتك وأعلاك (8)، كما أسنى مناقبك وحلاك، وأخلق بها من دعوة هتكت حجاب الظّلماء وقرعت باب السماء، [أن] (9)
تثبت هنا لك مع التوحيد سطرا (10) وتكتب فى ديوان القبول صدرا، فإنها من قلب (11) كرم فى مشايعتك سيرة، [وخلص فى جهتك عقيدة وسريرة] (12)
حتى لست أدرى أضمير، أم ماء نمير، وهل من محيد، عن هدى أروع وحيد،
__________
(1) فى الديوان: بين اكتساب وانتساب.
(2) فى الديوان:
ورث السيادة كابرا عن كابر ... كالرمح أنبوبا على أنبوب
(3) فى الديوان: تخيم.
(4) اختصر المصنف الرسالة فحذف أولها ونهايتها كما حذف أثناءها كثيرا.
(5) من رسالة وجهها الشاعر إلى أبى بكر بن الحاج وقدم لها بقصيدة طويلة. والرسالة والقصيدة موجودتان بالديوان ص 189184.
(6) زيادة بالديوان.
(7) آثرنا رواية الديوان وفى الأصل بقاك وارتقاك.
(8) فى الديوان: وغلاك.
(9) زيادة بالديوان.
(10) فى الديوان: مع المجرة سطرا.
(11) فى الديوان عن قلب.
(12) زيادة بالديوان.(20/634)
أرى به الفضل قد مثّل صورة، والنّبل قد أنزل سورة، والصبح قد تبلّج باسما (1) والروض قد تأرّج ناسما (2)، فهنيئا لتلك الدولة الميمونة أنك علم تلك السعادة (3)، ووسطى قلادة تلك السيادة، وأحر بملك (4) خلع عليك نجاده، وأوطأ عقبيك أنجاده واتّبع برأيك ورايتك إنجاده (5) أن تسمو أعطافه عزّة (6)، وتحتمى أطرافه نجدة، ويستقلّ على قدم به النصر ويبتسم عن ثغر إليه الثغر ويطلع من تجاهه الفتح، يندى جبينه عرقا، ويمينه علقا، وقد قام على قدّ (7) من الرّمح رطيب، وسفر عن خدّ (8) من السّيف خضيب، وخفق جناح العلم سرورا، ونطق لسان القلم صريرا.
فصل من رسالة أخرى له (9): واتفق (10) لى أن فصلت تلك العشيّة، والأفق قد أضحى وأبلّ من مرضه وصحا (11) وصفحة الشّمس محطوطة القناع، مصقولة كمرآة الصّناع فما هممت بأن أجزع وادى الحضرة (12)، حتى طفق
__________
(1) فى الديوان: يتبلج باسما.
(2) فى الديوان: يتأرج ناسما.
(3) فى الديوان: إنك علم رداء، ذلك الرواء، ووسطى قلادة.
(4) فى الأصل: وآخر تملك والتصحيح عن الديوان.
(5) فى الديوان: وأوطأ عقبيك أمجاده ورايتك أنجاده.
(6) فى الديوان: أن تنثنى أعطافه عزة.
(7) فى الأصل: قدم، وقد أخذنا برواية الديوان.
(8) فى الأصل: جد، والتصويب عن الديوان.
(9) من رسالة طويلة كتبها إلى الوزير الفقيه أبى مروان بن الخصال عقب التقائهما بحضرة شاطبة «الديوان ص 307302».
(10) فى الديوان: وإنه اتفق.
(11) فى الديوان: وأبل من ثمله.
(12) فى الديوان فما هممت أجزع، جزع الأرض: قطعها.(20/635)
جفن الجوّ يندى، ومطرف الغمامة (1) ينار (2) ويسدّى، فسمت المطىّ أن تجف وتسبق السّماء أن تكف (3) فما لبىّ فأهطع (4) وتسنّم بى المقطع، حتى آل حلم ذلك الهواء طيشا (5)، ورذاذ ذلك الرباب طشّا، فقلت: اللهم حوالينا، ولا علينا، فما كان إلا أن عدل عنّا، وضرب بجرانه (6) غير بعيد منّا، والرعد نفث ورقى (7)، وغنّى (8) ما شاء وسقى وأنضى بنا الركض إلى مصاب سمائه، ومهراق عزالى (9) مائه، وقد عمّه لثق (10)، وغمره غدق (11)، فصعوده زلق، وهبوطه غرق، وحسبك من وحل يقيّد مطايا الركبان، ويكب الرّجالة على الأذقان (12)، فلا ترى إلّا خدودا تعفّر سجودا، وبرودا تصبغ حمرا وسودا فما شئت من ممسّك ومعنبر، ومصندل ومعصفر (13).
وسواء نجد هناك ووهد ... وسبيل قصدته ومسيل (14)
__________
(1) فى الديوان: الغمام.
(2) ينار: مأخوذة من نار الثوب نيرا إذا جعل له أعلاما أو زينة بالقصب.
(3) فى الأصل قسمت المطى أن تحف وتنشق السماء والتصحيح عن الديوان.
(4) فى الأصل فمالنى وأقلع، وقد أخذنا برواية الديوان.
(5) أخذنا برواية الديوان. وفى الأصل حتى أن حكم الهوى طيشا.
(6) فى الديوان: بكلكله.
(7) فى الديوان: وأرعد فنفث ورقى.
(8) فى الديوان ثم غنى.
(9) عزالى وعزالى: مصب الماء من فم القربة ونحوها.
(10) فى الديوان وقد صبحه لثق: بلل وندى.
(11) فى الديوان: وغبقه غدق.
(12) فى الديوان ويكب آونة على الأذقان.
(13) آثرنا رواية الديوان، وفى الأصل: من ممسك ومزعفر ومعنبر ومصندل ومعصفر.
(14) فى الديوان: وسبيل خبطته.(20/636)
وقد اعتلّ بين ظل وصحو ... نشر تلك الصّبا وذاك الأصيل (1)
وانتشى منه كل قطر فلولا ... هضب تلك العلا لكان يميل (2)
فسرنا، وما كدنا، بين سباحة، ومساحة حتى شارفنا الديار وقد عبس وجه السماء، وأدركنا أو همّ المساء (3) يسمو النشاط بطرفه، ويسيل عرق (4)
الندى على عطفه، وأشقر الشّفق قد جاء خلفه، ونفض على مسقط الشمس عرفه (5)، يمرح عزّة لسبقه (6) ويجر من نحره (7) عنان برقه، وذكر الله [تعالى] (8) ملء الصدور والأفواه وشفاء الألسنة والشفاه، وما كنا لنعبر مسافة تلك المجابة (9)، إلا بدعوة اتّفقت هناك مجابة (10) ولحقنا أدهم الإظلام يخب (11)، ويتنفس عن شمأل (12) تهب، فما اجتلينا وجه الأنس إلا بشعلة مصباح، [أزهر لياح، طلق الأسرّة وضاح] (13) ينوب عن غرّة صباح، كأنما (14)
كرع فى مجاجة راح، واطّلع (15) إلى بارقة سراح (16).
__________
(1) فى الديوان بين طل وصحو.
(2) فى الديوان: وانتشى ريا كل قطر وفى الأصل: نقصت تلك العلا والتصويب عن الديوان.
(3) فى الديوان: وأدرك بنا كميت السماء.
(4) فى الديوان: غدق.
(5) فى الديوان وأشقر الشفق قد نبذ المعمورة خلفه، ونفض على مسقط الشمس عرفه.
(6) فى الديوان: يسبقه.
(7) فى الديوان نخوة.
(8) زيادة بالديوان.
(9) فى الأصل المحابة، والتصويب عن الديوان.
(10) حذف المصنف بعض فقرات من الرسالة.
(11) فى الديوان ولحق بالحاقنا أدهم الظلماء يخب.
(12) فى الديوان عن شمال.
(13) زيادة بالديوان.
(14) فى الديوان: فكأنما.
(15) فى الديوان: أو تطلع.
(16) حذف المصنف نحو صفحتين من الرسالة.(20/637)
عدة من فضلاء الأندلس
كانت بهم حياة معالم العلم والدرس أوردهم الرشيد بن الزبير فى كتاب الجنان، ولهم فى النظم والنثر سموط الجمان، وعقود اللؤلؤ والمرجان، فمنهم:(20/638)
أبو عامر محمد بن عبد الملك بن شهيد (1)
هذا من شعراء اليتيمة (2)، وصفه برجاحة الفضل على كل مواز موازن، فإنه كان ذا فكر لأنوف أبيات (3) المعانى خازم، ولشنوف (4) أبيات المعالى خازن، وله تصانيف، وتواليف، أغرب فيها وأعرب، وأعجز وأعجب، ومن ذلك كتاب «حانوت عطار» وهو يشتمل على ملح من أبكار الأفكار.
ومن جملة فقره قوله: من كتم الحقّ بعد ما ظهر، وستر البرهان بعد ما بهر، يجحد المسك طيبه بعد شمة، ويدعى ظلمة البدر ليلة تمّه.
وقوله فى وصف جبان: يزحف يوم الزّحف، إلى خلف، ويروعه
__________
(1) الصحيح أنه الوزير أبو عامر أحمد «لا محمد» بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك ابن شهيد الأشجعى حامل لواء الشعر والكتابة فى عصره، وكان جوادا عزيز النفس فكهما ملما بالطب من وزراء المستظهر ثم المعتمد بالله آخر خلفاء الأمويين: وهو من سلالة وزراء، وأبوه عبد الملك أول من تلقب بلقب ذى الوزارتين فى عهد الناصر، ومن أشهر كتبه:
التوابع والزوابع، وحانوت عطار، وكشف الدك وإيضاح الشك، وقد نوه به ابن حزم فى رسالته فى فضل الأندلس، وتوفى سنة 426هـ وصلى عليه حاكم قرطبة أبو الحزم بن جمهور «المطرب ص 158والمغرب ج 1ص 78وجذوة المقتبس ص 124والذخيرة ق 1ج 1 ص 161والمطمح ص 19ومسالك الأبصار ج 11ورقة 206وشذرات الذهب ج 3 ص 230».
(2) يتيمة الدهر للثعالبى.
(3) لعلها أنياب جمع ناب وهى الناقة المسنة، والمعنى: إنه يقود أبىّ المعانى كما يقود صاحب الناقة ناقته حين يخزمها.
(4) لعلها شفوف وهى الثياب الرقيقة.(20/639)
الواحد وهو فى ألف، أزهد فى الحرب من بنى العنبر (1)، وأدهش من مستطعم الماء على المنبر.
«بنو العنبر» أشار إلى قول بعضهم.
لكن قومى وإن كانوا ذوى عدد ... ليسوا من الشرفى شىء وإن هانا
وتستطعم الماء على المنبر خالد بن عبد الله القسرى وخبره مشهور (2).
وقوله فى سلطان مضيّع: إن كان من يعجبه اللهو، ويغلبه السهو فهو
وقوله فى أوصاف أهل إنصاف: إخوان استوت بواطنهم وظواهرهم، وصفت علانيتهم وسرائرهم، كلّهم السموءل (3) إلّا دينه وفاء، وحاتم (4) إلّا جاهليته سخاء، وزياد (5) إلّا سمّيته دهاء، وإياس (6)
إلا عجبه ذكاء.
__________
(1) يشير إلى قول قريط بن أنيف يذم قومه بنى العنبر:
لو كنت من مازن لم تستبح أبلى ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
لكن قومى وإن كانوا ذوى عدد ... ليسوا من الشر فى شىء وإن هانا
كأن ربك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع الناس إنسانا
(2) أدركته الحيرة فقال: أطعمونا ماء.
(3) السموأل بن عادياء اليهودى صاحب حصن تيماء. ومن شعراء الجاهلية المعدودين.
وفى لورثة امرىء القيس بدروعه وأمواله وضحى بابنه فى سبيل الوفاء فى قصة مشهورة.
(4) حاتم الطائى من أشهر أجواد العرب وشعرائها المشهورين مات فى الجاهلية وقد حفلت كتب الأدب بأشعاره وأخبار سخائه.
(5) زياد بن أبيه، كانت أمه سمية فى الجاهلية مطروفة الخباء، فنشأ مجهول النسب حتى استلحقه معاوية بنسبه واعترف بأنه أخوه فسمى زياد بن أبى سفيان، وكان من دهاة العرب المعدودين.
(6) أبو وائلة إياس بن معاوية، كان قاضيا يضرب بذكائه المثل. وله نوادر مشهورة فى حدة الذكاء وقد أشار إليه أبو تمام فى قوله:
إقدام عمرو، فى سماحة حاتم ... فى حلف أحنف، فى ذكاء إياس(20/640)
وقوله فى ضد ذلك: إخوان أخون من السّراب للعين، ومن أهل الكوفة للحسين (1)، يبادرون الهفوة بالإشاعة، ويسبقون الزلة بالإذاعة.
وقوله فى المواساة: المقل، يرثى للمقلّ، لعلمه مرارة الفاقة، وضعف الطاقة، حتّى أنه ليشد من أزره، بالنّزر من برّه «وللمساكين أيضا بالندى ولع» (2).
وقوله فى الشفاعة: جعلنى سبيلا من جعلك مقصدا، ورآنى رائدا من رآك موردا.
وقوله فى المطل: المصل عدو النفس، والإنجاز حبيبها، والتسويف مرضها، والتعجيل طبيبها.
وقوله فى ذم رجل: فيه عن الشكر سكر. وعن الحمد جمد (3). وعن الحسن، وسن. وعن لإعطاء، إبطاء، وأنا أرغب إلى الله فى وجهين، أحدهما لقاك بلا وجهين، والآخر أن أرى علق النفاق (4)، فى سوقك قليل النفاق.
ومن قوله فى صفة الشعراء: جرير كلب منابحة، وكبش مناطحة،
__________
(1) خدعوا الحسين بن على عليهما السلام فاستدعوه ليقود ثورتهم ضد يزيد بن معاوية ثم خذلوه ولما سأل فى طريقه إليهم الفرزدق عنهم قال له: قلوبهم معك وسيوفهم عليك والنصر من عند الله.
(2) مقتبس من قول أشجع السلمى:
جاء الشتاء، وما عندى له ورق ... مما وهبت وما عندى له خلع
كانت، فأودى بها جود ولعت به ... وللمساكين أيضا بالندى ولع
(3) الجمد والجمود بمعنى ولعلها جحد.
(4) العلق: الغالى الثمين.(20/641)
جارى السوابق بمصيّه وفاخر غالبا بعطيه (1). أبو نواس، حزم القياس، وترك السّيرة الأولى ونكب عن الطريقة المثلى (2)، وجعل الجدّ هزلا، والصّعب سهلا، وصادف الأفهام قد كلّت، ونكلت، وأسباب العربية قد نحلت (3)، وانحلّت، والفصاحات الصحيحة قد سئمت وملّت، فمال الناس إلى ما عرفوه، وعلقت نفوسهم بما ألقوه فتهادوا شعره، وأغلوا سعره، وشغفوا بأسخفه، وفتنوا بأضعفه، وقد فطن باستضعافه، وخاف من استخفافه، فاستطرد بفصيح طرده (4).
ومن شعر ابن شهيد قوله من قصيدة أولها:
طرقنك بالدهنا وصحبك بوّم ... والليل أدهم بالثريا ملجم
ومنها فى مدح بنى الشامىّ وتنزيه الممدوح عن النسبة إلى بلد ولم يسبقه إليه أحد:
والشام خطتكم وليست نسبة ... إلا كما نسبت إليه الأنجم (5)
__________
(1) غالب والد الفرزرق، وكان كثير الفخر به لما له من مجد تليد، وعطية والد جرير وكان خاملا مغمورا، سأل أحد الرواة جريرا عن أشعر الشعراء، فأخذه بيده إلى حيت كان أبوه عطية منبصحا على الأرض فى هيئة رنة يرضع ثدى عنز، وأشار إليه قائلا: أشعر الشعراء الذى فاخر بهذا ثمانين شاعرا فغلبهم.
(2) نكب عنه: عدل ومال عنه.
(3) من النّحول.
(4) يشير إلى فن الطرديات وهو وصف فنون الصيد وقد افتن أبو نواس فى هذا الفن وصاغه فى قصائد عديدة من بحر الرجز طاول فيها رؤبة والعجاج وتعمد فيها الغريب.
(5) يشير إلى الثريا ونسبتها إلى الشآم وفى هذا يقول عمر بن أبى ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هى شامية إذا ما استهلت ... وسهيل إذا استهل يمانى(20/642)
وله:
ولما تملّأ من سكره ... ونام ونامت عيون العسس (1)
دنوت إليه على بعده ... دنوّ رفيق درى ما التمس (2)
أدبّ إليه دبيب الكرى ... وأسمو إليه سموّ النّفس
فبتّ به ليلى ناعما ... إلى أن تبسّم ثغر الغلس (3)
أقبّل منه بياض الطّلا ... وألثم منه سواد اللّعس (4)
قوله:
أدب إليه دبيب الكرى
أحسن ما قيل فى هذا المعنى قول امرىء القيس:
(سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سموّ حباب الماء حالا على حال)
ونحوه قول ابن حجاج:
(فديته من طارق فى الكرى ... يسقط بالليل سقوط الندى)
ولأبى عامر بن شهيد فى وصف السيف والرمح:
__________
(1) فى الشعر الأندلسى: ولما تمدد، وفى الذخيرة والمطرب: فنام ونامت.
(2) فى الشعر الأندلسى: على قربة دنو رفيق إذا
(3) فى الذخيرة والشعر الأندلسى والمختارات: وبت به.
(4) فى الذخيرة والشعر الأندلسى والمختارات والمطرب: وأرشف منه.(20/643)
ومن تحت حضنى أبيض ذو شقاشق
وفى الكف من عسّالة الخطّ أسمر (1)
هما صاحباى من لدن كنت يافعا ... مقيلان من جدّ الفتى حين يعثر
فذا جدول فى الغمد يشفى به الصدى
وذا غصن فى الكف يجنى ويثمر (2)
وله فى وصف حمّام (3):
أنعم أبا عامر بلذّته ... واعجب لأمرين فيه قد جمعا (4)
نيرانه من زنادكم قدحت ... وماؤه من بنانكم نبعا
وله فى وصف فرس:
وكأننى لمّا انحططت به ... أرمى الفلاة بكوكب طلق
وكأننى لما طلبت به ... وحش الفلاة على مطابرق (5)
وله:
بطل إذا خطب النّفوس إلى الوغى ... جعل الظّبى تحت العجاج صداقها
__________
(1) فى المغرب: ومن تحت حضنى من ظبا الهند أبيض، وفى الذخيرة ذو سفاسق فيثمر السفاسق: الطرائق.
(2) فى الذخيرة والمغرب: تسقى به المنى فيثمر.
(3) وجه الشاعر عدة أبيات إلى المنصور بن أبى عامر حينما دخل الحمام منها هذان البيتان وأول المقطوعة:
شكرت للدهر حسن ما صنعا ... طائر مجد بجنتى وقعا
(4) فى الذخيرة: فانعم أبا عامر بنعمته.
(5) المطا: الظهر.(20/644)
وإذا الملوك جرت جيادا فى النّدى ... والبأس قطع سيفه أعناقها
ومنها:
ولو أن أفواه الضراغم منهل ... للورد أورد خيله أشداقها
وله من أبيات مرثية:
وقالوا أصاب الموت نفسا كريمة ... فقلت لصحبى هذه نفس صالح
هذا من قول دريد بن الصمة:
تنادوا فقالوا: أردت الخيل فارسا ... فقلت: أعبد الله ذلكم الرّدى
وقد أحسن مهيار الاتباع فى قوله (1):
بكر النعى فقال أودى خيرها ... إن كان يصدق فالرّضىّ هو الرّدى
ولابن شهيد من رسالة فى البرد: صحبتنا اليوم خيل البرد مغيرة على سوام كلّ ممتد، وانقبضت إلى باب الإيوان، وقد خدشنى بصارم وسنان، وجعلت مجنىّ حطبا دلّ على نفسه، وقد تشظّى من يبسه، وسلطت عليه حاجب الشرر، ورميته منها ببنات الحديد، فوافقها قليلا وغازلها حينما لها عجيج، وله من حرّ نزالها ضجيج ثم اثخن بها ضربا، فبددت شمله، وألّفت شملنا، واستحالت حيّة لا نستحلّ قتلها ترى من ألوان، وتهدّد بلسان، فلدغت البرد لدغة،
__________
(1) فى رثاء الشريف الرضى.(20/645)
ونكزته على فؤاده نكزة، خرلها عن جبينه ومات من حينه، وغشينا من قانص حمتها (1) حرّ كان لنا حياة، ولذلك (2) وفاة، فالحمد لله على نعمته، وما أرانا من غريب قدرته، ودلّنا على لطيف بدعته (3) ولمّا استحال الجمر رمادا ومهّد (4)
لنا من الدفء مهادا ولمحته العين كالورد، عليه كافور الهند، انبسطت يد شاكرك، فذكر ما كلفته، من الزيادة فى المعنى الذى اعتمدته.
__________
(1) فى الأصل: قائض ولعل الصواب ما أثبتناه، الحمة: السم أو الإبرة تلدغ بها العقرب أو الحية أو ما شابههما.
(2) لذلك البرد.
(3) إبداعه.
(4) فى الأصل: وتمهد: ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/646)
أبو مروان بن أبى الخصال (1)
سبق ذكر أخيه أبى عبد الله بن أبى الخصال، وكان حميد الخصال، سديد النّصال شديد المصال (2)، ولهذا رسائل كبيرة ومحاسن أثيرة.
فمن رسائل أبى مروان رسالة كتبها إلى بعض الإخوان:
أرى النوى تقتضينى كل مرحلة ... لا تستقل بها الوخادة الرّسم (3)
كتبت أدام الله عزكم واللوعة مرتكمة، وأيدى النوى محتكمه، وزمامى بكفتها، تقوده، وأتبع من خلفها، على مشينتها أتقلّب (4)، وليس لى وراءها مذهب، ترمينى منها بكل حاصب وأغدو وأروح على سقم واصب، وأرجو غدا، فإذا ما أتى ... بكيت على أمسه الذّاهب
بينا أتوهم مصافحتكم، وأمثل لنفسى مناجاتكم وأنخيل مسامحة الأيام بلقائكم، وأن يطلع نجمى فى سمائكم، فأكرع فى مواردكم شاربا وأصبح
__________
(1) أبو مروان عبد الملك بن مسعود بن أبى الخصال الغافقى كان هو وأخوه عبد الله من لكتاب المرموقين فى بلاط على بن يوسف بن تاشفين، وقد نقم عليه على بن تاشفين حينما كلفه بكتابة رسالة عتاب لجنود المرابطين فى بلنسية لتخاذلهم فسبهم فى الرسالة سبا عنيفا قبيحا فغضب على بن تاشفين، وقال لأخيه أبى عبد الله بن أبى الخصال كنا فى شك من بغض أخيك للمرابطين والآن قد صح عندنا، وعزله عن الكتابة. وتوفى شهيدا بمراكش سنة 539 «المعجب ص 126والمغرب ج 2ص 68والبغية ص 369وجذوة الاقتباس ص 272والوافى لنسخة المصورة «المجلد الأول من الجزء السادس الورقة 23» والتكملة ج 2ص 609».
(2) المصال: الإفساد، ولعلها المحال.
(3) البيت مقتبس من شعر المتنبى.
(4) فى الأصل على مشيتها أنقلب، ولعل الصواب ما أثبتناه.(20/647)