الإهداء
إلى اسم المرحوم الدكتور محمود محمد قاسم (19731913)(1/5)
إلى اسم المرحوم الدكتور محمود محمد قاسم (19731913)
محتويات الكتاب
صفحة
تصدير 13
المقدمة 17
منهج التحقيق 49
رموز الكتاب 53
النص
الفصل الأول (211).
تمهيد: 57
موضوعات الفصل (1)، فيما تشبه الألفاظ والمعانى الحروف المكتوبة (2)، كيف تتصف الألفاظ والمعانى بالصدق وبالكذب وكذلك الاسم والكلمة (3).
القول فى الاسم: 59
حد الاسم (4)،لماذا يقال فى الاسم إنه بتواطؤ (5)، الاسم المحصل والغير محصل (6)، الاسم المصرف والغير مصرف (7)، خاتمة (8).
صفحة(1/7)
حد الاسم (4)،لماذا يقال فى الاسم إنه بتواطؤ (5)، الاسم المحصل والغير محصل (6)، الاسم المصرف والغير مصرف (7)، خاتمة (8).
صفحة
القول فى الكلمة: 61
حد الكلمة (9)، الكلمة المحصلة والغير محصلة (10)، الكلمة المصرفة والغير مصرفة (11)، كيف تشبه الكلمة الاسم (12)، خاتمة (13).
الكلام فى القول: 65
حد القول (14)، القول يدل على طريق التواطؤ لا بالطبع (15)، القصد هاهنا التكلم فى القول الجازم (16)، حد القول الجازم (17)، كيف يمكن أن يكون القول الجازم واحدا أو كثيرا (18)، القول الجازم يحتاج إلى الكلمة (19)، الإيجاب والسلب (20)، تقابل الإيجاب والسلب (21).
الفصل الثاني (3922).
أصناف المعانى والمتقابلات: 70
صنفا المعانى (22)، أصناف المتقابلات ستة (23)، اقتسام المعانى والمتقابلات للصدق والكذب (24).
الموضوع والمحمول بحسب هذه المتقابلات: 74
ينبغى أن تؤخذ المتقابلات مع موضوع واحد ومحمول واحد (25)، وإلا فليس الإيجاب ولا السلب واحدا (26)، ثلاثة أحوال ينبغى أن تشترط فى المتقابلات (27).
الاتفاق نوع من الأمور الموجودة فى المستقبل 76
المتقابلات فى الأمور الموجودة فى الآن وفيما مضى تقتسم الصدق والكذب ضرورة (28)، أقسام المتقابلات فى الأمور الموجودة
صفحة فى المستقبل (29)، الصنف الذي يقتسم الصدق والكذب على التحصيل (30)، لا يوجد ما هو باتفاق فى هذا الصنف (31)، ما يلزم من شك عن هذا (32)، الصنف الذي لا يقتسم الصدق والكذب (33)، الشناعات التي تلزم عن رفع الممكن (34)، مخالفة ذلك لما فطرنا عليه (35)، أصناف الممكن ثلاثة (36)، صنفا الضرورى (37)، ما هو ضرورى وما هو ممكن من المتقابلات فى الأشياء الموجودة (38)، خاتمة (39).(1/8)
المتقابلات فى الأمور الموجودة فى الآن وفيما مضى تقتسم الصدق والكذب ضرورة (28)، أقسام المتقابلات فى الأمور الموجودة
صفحة فى المستقبل (29)، الصنف الذي يقتسم الصدق والكذب على التحصيل (30)، لا يوجد ما هو باتفاق فى هذا الصنف (31)، ما يلزم من شك عن هذا (32)، الصنف الذي لا يقتسم الصدق والكذب (33)، الشناعات التي تلزم عن رفع الممكن (34)، مخالفة ذلك لما فطرنا عليه (35)، أصناف الممكن ثلاثة (36)، صنفا الضرورى (37)، ما هو ضرورى وما هو ممكن من المتقابلات فى الأشياء الموجودة (38)، خاتمة (39).
الفصل الثالث (6340).
القضايا الثنائية والقضايا الثلاثية: 84
عدد القضايا الثنائية (40)، عدد القضايا الثلاثية (41)، مقابلات القضايا الثلاثية (42)، تلازم الموجبة البسيطة والسالبة المعدولة فى الصدق (43)، تلازم السالبة البسيطة والموجبة المعدولة فى الصدق (44)، تلازمهما فى الكذب (45)، تلازم العدمية مع البسيطة والقضايا التي على القطر (46)، قانون عام فى تعرف هذه المتلازمات (47)، أخذ موضوع القضايا باسم غير محصل ومحمولها باسم محصل أو غير محصل (48)، حرف السلب وحرف العدل فى هذا الصنف من القضايا الثلاثية (49)، حرف السلب وحرف العدل فى القضايا الثنائية (50)، الموضع من القضايا الذي فيه قوة حرف العدل هى قوة حرف السلب (51)، تفسير هذا
صفحة الموضع (52)، الموضع الذي فيه لا تكون قوة حرف العدل قوة حرف السلب (53)، التقابل بين الاسم المحصل والاسم غير المحصل (54)، القضايا البسيطة التي موضوعها اسم غير محصل تلازم القضايا المعدولة التي موضوعها اسم غير محصل (55)، تبديل ترتيب المحمول والموضوع لا يغير القضايا (56).(1/9)
عدد القضايا الثنائية (40)، عدد القضايا الثلاثية (41)، مقابلات القضايا الثلاثية (42)، تلازم الموجبة البسيطة والسالبة المعدولة فى الصدق (43)، تلازم السالبة البسيطة والموجبة المعدولة فى الصدق (44)، تلازمهما فى الكذب (45)، تلازم العدمية مع البسيطة والقضايا التي على القطر (46)، قانون عام فى تعرف هذه المتلازمات (47)، أخذ موضوع القضايا باسم غير محصل ومحمولها باسم محصل أو غير محصل (48)، حرف السلب وحرف العدل فى هذا الصنف من القضايا الثلاثية (49)، حرف السلب وحرف العدل فى القضايا الثنائية (50)، الموضع من القضايا الذي فيه قوة حرف العدل هى قوة حرف السلب (51)، تفسير هذا
صفحة الموضع (52)، الموضع الذي فيه لا تكون قوة حرف العدل قوة حرف السلب (53)، التقابل بين الاسم المحصل والاسم غير المحصل (54)، القضايا البسيطة التي موضوعها اسم غير محصل تلازم القضايا المعدولة التي موضوعها اسم غير محصل (55)، تبديل ترتيب المحمول والموضوع لا يغير القضايا (56).
القضايا بالجملة: 97
حمل الأسماء التي تدل على معنى واحد (57)، حال هذا فى السؤال الجدلى (58)، الفرق بين السؤال الجدلى والسؤال على طريق التعليم (59)، الأحوال الأربعة للمحمولات التي تحمل على موضوع واحد (60)، ليس كل ما يصدق فرادى يصدق مجموعا (61)، متى تكون قضية واحدة مع محمولات كثيرة (62)، حال الأشياء التي تصدق وهى مجموعة ولا تصدق إذا أفردت (63).
الفصل الرابع (8464).
القضايا ذوات الجهات وغير ذوات الجهات (64) 105
النظر فى المتقابلات من القضايا ذوات الجهات: 106
موضع حرف السلب هاهنا فى بادئ الرأى (65)، حرف السلب لا يوضع مع الكلمة الوجودية فى القضايا ذوات الجهات (66)، ولكن يجب أن يوضع مع الجهة (67)، السلب الحقيقى فى القضايا المتقابلة ذوات الجهات (68).
صفحة(1/10)
موضع حرف السلب هاهنا فى بادئ الرأى (65)، حرف السلب لا يوضع مع الكلمة الوجودية فى القضايا ذوات الجهات (66)، ولكن يجب أن يوضع مع الجهة (67)، السلب الحقيقى فى القضايا المتقابلة ذوات الجهات (68).
صفحة
النظر فى المتلازمات من القضايا ذوات الجهات: 108
أصناف المتلازمات (69)، رسم أصنافها (70)، نقيض الممكن يلزم عن الممتنع وبالعكس (71)، ضد النقيض يلزم عن الواجب (72)، السبب فى هذا (73)، نقيض الواجب لا يلزم عن الممكن (74)، ولكن يظهر أن اللازم عنه هو ضد النقيض (75)، نقيض الممكن يلزم خلفا فى الواجب (76)، وكذلك مع كل قضية واجبة إلا السالبة المعدولة وهو ضد النقيض (77)، شك قد يعرض فى هذا البيان (78)، هذا الشك يحدث لأن الممكن يقال على أنحاء كثيرة (79)، ويقال أيضا باشتراك الاسم (80)، أى صنف من الممكن يلزم عنه الواجب (81)، الواجب ينبغى أن يوضع مبدأ لكل هذه القضايا (82)، وذلك لأن ما هو واجب هو أقدم (83)، خاتمة (84).
الفصل الخامس (9585).
الفحص فى هذا الفصل عن القول الذي هو أشد تضادا (85): 117
النظر فى اعتقادات الذهن: 118
التقابل الذي فى اعتقادات الذهن هو بالضد أو بالسلب (86)، التضاد الموجود فى الاعتقاد يشبه التضاد الموجود خارج النفس (87)، لكن هذا الشبه كاذب (88)، ذلك أنه ليس كل اعتقاد كاذب كان عندنا هو الاعتقاد المضاد لاعتقاد صادق (89).
صفحة(1/11)
التقابل الذي فى اعتقادات الذهن هو بالضد أو بالسلب (86)، التضاد الموجود فى الاعتقاد يشبه التضاد الموجود خارج النفس (87)، لكن هذا الشبه كاذب (88)، ذلك أنه ليس كل اعتقاد كاذب كان عندنا هو الاعتقاد المضاد لاعتقاد صادق (89).
صفحة
السلب أشد تضادا من الضد: 121
السلب يقتضى دفع الاعتقاد الموجب بذاته (90)، وهو أعم مضادة للإيجاب من الضد (91)، كما أن الإيجاب هو المضاد الذي فى الغاية للسلب كذلك السلب هو المضاد الذي فى الغاية للإيجاب (92)، لا فرق فى هذا إذا تلفظنا بالسور الكلى (93)، السلب الكلى هو الضد والنقيض للإيجاب الكلى (94).
الاعتقادات التي قيل فيها هاهنا ليست متضادة فى الحقيقة (95) 124
انتهاء الكتاب (96).
الفهارس
الأعلام
أرسطو 127
أالمواضع التي ذكر فيها أرسطو.
ب المواضع التي أشير فيها إلى أرسطو.
ج المواضع التي فيها إشارة إلى أقوال أرسطو.
سائر الأعلام 127
الكتب الواردة بالنص 128
مقابلة فقرات تلخيص كتاب العبارة لابن رشد بنصوص كتاب
العبارة لأرسطو 129(1/12)
العبارة لأرسطو 129
تصدير
هذا هو الجزء الثاني من أجزاء ثمانية هى أقسام تلخيص ابن رشد لكتب أرسطو فى المنطق أى «الأورجانون». ورغم أن تلخيص كتاب العبارة فى هذه النشرة العربية المحققة هو الكتاب الثاني إلا أنه يعد الكتاب الثالث هاهنا حيث يسبقه تلخيص كتاب المقولات، ويسبقهما تلخيص إيساغوجى لفرفريوس الذي لم يصل إلينا نصه العربى الذي ألفه ابن رشد بل وصل إلينا فى ترجمة عبرية نشرت كجزء أول من تلك السلسلة (انظر مقدمة تلخيص كتاب المقولات).
وتحقيقنا هذا شأنه شأن تحقيقنا لتلخيص كتاب المقولات وهو الجزء الثاني وأيضا تلخيص كتاب الجدل وهو الجزء السادس واللذين نشرا قبل هذا يعتمد على مخطوطة فلورنزا رقم 54، ومخطوطة جامعة ليدن رقم 2073. وقد اتخذنا مخطوطة فلورنزا بوجه عام أصلا للتحقيق كما اتخذنا مخطوطة ليدن أصلا ثانيا، وقد قارنّاهما بأربع مخطوطات أخرى إضافية هى: مخطوطة دار الكتب رقم 9منطق، ومخطوطة مشكاة رقم 375بطهران، ومخطوطة شستربيتي رقم 3769بدبلن، ومخطوطة شوراى ملى رقم 5496بطهران.
وباستثناء حالات نادرة فإن تلك المخطوطات الأخيرة لم تضف شيئا ذا قيمة للنص.
وكما سبق أن بينا فى مقدمة كتاب المقولات فإن ابن رشد هناك قد ميز عبارة أرسطو بإيرادها بعد كلمة «قال» وقد وردت فى قرابة 42موضعا من الكتاب، إلا أنا نلاحظ هنا فى تلخيص ابن رشد لكتاب العبارة أنه قد نحى
نص أرسطو والإشارة إليه جانبا فلم يذكره إلا فى حالات نادرة جدا، فقد أشار إلى أرسطو بصورة مباشرة فى مواضع خمسة فقط، وفى موضعين من هذه المواضع الخمسة نلاحظ أن نص أرسطو الذي أشار إليه ابن رشد لا يوجد ما يماثله فى نص أرسطو لكتاب العبارة، وأيضا فإن ابن رشد لم يتقيد حرفيا بترتيب نص أرسطو بل سمح لنفسه باتخاذ مسار خاص من أجل أن يقدم نص أرسطو بصورة تبدو مفيدة لفهم نص أرسطو، فنراه يفصل فى مواضع أوجزها أرسطو ورأى ابن رشد ضرورة بسطها. ورغم هذا الخروج على نص أرسطو فإن ابن رشد نجح فى أن يجعل نص أرسطو أسهل تناولا للقارئ، فهو يبسط ما أوجزه أرسطو فى حديثه عن اللغة وما إذا كانت توقيفية أم اصطلاحية أو بعبارة أخرى هل هى بالتواطؤ أم بالطبع، ورأى أن دلالة الألفاظ تكون بتواطؤ لا بالطبع، وبالجملة فإن ابن رشد بنهجه الجديد هذا قد بلغ هدفه الأساسى فى تفسير مذهب أرسطو.(1/13)
وكما سبق أن بينا فى مقدمة كتاب المقولات فإن ابن رشد هناك قد ميز عبارة أرسطو بإيرادها بعد كلمة «قال» وقد وردت فى قرابة 42موضعا من الكتاب، إلا أنا نلاحظ هنا فى تلخيص ابن رشد لكتاب العبارة أنه قد نحى
نص أرسطو والإشارة إليه جانبا فلم يذكره إلا فى حالات نادرة جدا، فقد أشار إلى أرسطو بصورة مباشرة فى مواضع خمسة فقط، وفى موضعين من هذه المواضع الخمسة نلاحظ أن نص أرسطو الذي أشار إليه ابن رشد لا يوجد ما يماثله فى نص أرسطو لكتاب العبارة، وأيضا فإن ابن رشد لم يتقيد حرفيا بترتيب نص أرسطو بل سمح لنفسه باتخاذ مسار خاص من أجل أن يقدم نص أرسطو بصورة تبدو مفيدة لفهم نص أرسطو، فنراه يفصل فى مواضع أوجزها أرسطو ورأى ابن رشد ضرورة بسطها. ورغم هذا الخروج على نص أرسطو فإن ابن رشد نجح فى أن يجعل نص أرسطو أسهل تناولا للقارئ، فهو يبسط ما أوجزه أرسطو فى حديثه عن اللغة وما إذا كانت توقيفية أم اصطلاحية أو بعبارة أخرى هل هى بالتواطؤ أم بالطبع، ورأى أن دلالة الألفاظ تكون بتواطؤ لا بالطبع، وبالجملة فإن ابن رشد بنهجه الجديد هذا قد بلغ هدفه الأساسى فى تفسير مذهب أرسطو.
ويسرنى أن أعبر عن عظيم شكرى للأشخاص الكثيرين والمؤسسات التي عاونت فى صدور هذا الكتاب، وقبل كل شىء فإنى أتقدم بوافر الشكر للمعاونة الكريمة التي قدمتها لى أسرة المرحوم الدكتور محمود قاسم التي قدمت لى مشكورة صورة من مسودات عمله فى تحقيق هذا الكتاب وتحقيق المقولات والقياس والبرهان. كما أود أن أنوه بالتشجيع الأدبى والعون والتوجيه الذي لقيه هذا المشروع وهو برنامج دراسة المنطق الإسلامى فى العصور الوسطى من الأستاذ الدكتور محسن مهدى. كما يجب على أن أذكر المساعدات المادية والأدبية التي يلقاها المشروع من جانب مركز البحوث الأمريكى بمصر بفضل نشاط وتوجيه مديره الأستاذ الدكتور بول ووكر. وعلى أن أضيف أيضا تقديرى وشكرى
للمعاونة التي قدمت للمشروع من مؤسسة فولبرايت للأبحاث بالولايات المتحدة الأمريكية وأيضا من معهد سميثسونيان والجمعية الفلسفية الأمريكية. وأخيرا أود أن أعبر عن خالص شكرى وتقديرى لزميلى فى العمل الأستاذ الدكتور أحمد عبد المجيد هريدى الذي شاركنى رحلة العمل فى هذا النص.(1/14)
ويسرنى أن أعبر عن عظيم شكرى للأشخاص الكثيرين والمؤسسات التي عاونت فى صدور هذا الكتاب، وقبل كل شىء فإنى أتقدم بوافر الشكر للمعاونة الكريمة التي قدمتها لى أسرة المرحوم الدكتور محمود قاسم التي قدمت لى مشكورة صورة من مسودات عمله فى تحقيق هذا الكتاب وتحقيق المقولات والقياس والبرهان. كما أود أن أنوه بالتشجيع الأدبى والعون والتوجيه الذي لقيه هذا المشروع وهو برنامج دراسة المنطق الإسلامى فى العصور الوسطى من الأستاذ الدكتور محسن مهدى. كما يجب على أن أذكر المساعدات المادية والأدبية التي يلقاها المشروع من جانب مركز البحوث الأمريكى بمصر بفضل نشاط وتوجيه مديره الأستاذ الدكتور بول ووكر. وعلى أن أضيف أيضا تقديرى وشكرى
للمعاونة التي قدمت للمشروع من مؤسسة فولبرايت للأبحاث بالولايات المتحدة الأمريكية وأيضا من معهد سميثسونيان والجمعية الفلسفية الأمريكية. وأخيرا أود أن أعبر عن خالص شكرى وتقديرى لزميلى فى العمل الأستاذ الدكتور أحمد عبد المجيد هريدى الذي شاركنى رحلة العمل فى هذا النص.
تشارلس بترورث القاهرة فى 27/ 12/ 1980(1/15)
تشارلس بترورث القاهرة فى 27/ 12/ 1980
المقدمة
بين ابن رشد وأرسطو:
سبق أن بينا فى مقدمة كتاب المقولات أهمية شروح ابن رشد لكتب أرسطو، وبمقارنة تلخيص ابن رشد لكتاب المقولات وتلخيصه لكتاب العبارة يظهر جليا للفاحص بعض الاختلافات فى طريقة التلخيص. وأول هذه الاختلافات أن ابن رشد يذكر فى مقدمة كتاب المقولات «الغرض فى هذا القول تلخيص المعانى التي تضمنتها كتب أرسطو فى صناعة المنطق وذلك على عادتنا فى سائر كتبه» بينما لا يشير إلى مثل ذلك فى مقدمة كتاب العبارة.
وثانيها هو التغير الملحوظ فى طريقة العرض، فبينما نجده فى كتاب المقولات يتابع أرسطو فى ترتيبه وتقسيماته للكتاب، نراه فى عرضه كتاب العبارة يخرج عن هذه المتابعة ويقدمه فى صورة مغايرة تماما لترتيب وتقسيم أرسطو، وقد يكون ذلك لإحساس ابن رشد أن المتابعة هنا سوف لا تمكنه من تلخيص معانى كتاب العبارة بصورة جيدة. لذلك فقد اختط ابن رشد لنفسه نهجا خاصا، فآثر تقسيم تلخيصه إلى فصول خمسة فقط، وقد جمع فى كل فصل منها فصلا أو أكثر من الفصول المتناظرة فى كتاب أرسطو. ثم يبدأ ابن رشد شرح الموضع الذي تكلم فيه أرسطو دون أن نجد الكلمة المشهورة «قال» التي تعنى أن ما يليها هو كلام أرسطو إلا نادرا، بينما تكررت كثيرا فى تلخيص كتاب المقولات.
وقد استخدم ابن رشد عبارة «قال» خمس مرات فقط فى كتاب العبارة، وفى
أولى هذه المرات وهى فاتحة الكتاب نجد الكلام الذي يتبعها بعيد جدا عما قاله أرسطو. وفى مرتين أخريين لا نجد ما بعد عبارة «قال» ما يناظره فى نص أرسطو لكتاب العبارة (1).(1/17)
وقد استخدم ابن رشد عبارة «قال» خمس مرات فقط فى كتاب العبارة، وفى
أولى هذه المرات وهى فاتحة الكتاب نجد الكلام الذي يتبعها بعيد جدا عما قاله أرسطو. وفى مرتين أخريين لا نجد ما بعد عبارة «قال» ما يناظره فى نص أرسطو لكتاب العبارة (1).
وبحد ابن رشد لا يذكر اسم أرسطو فى هذه الحالات النادرة إلا مرتين فقط، بينما يشير إلى أرسطو بعبارة «قال» تسع مرات (2). ومقابل هذا نجد ابن رشد يتحدث بضمير المتكلم المفرد أو ضمير المتكلم الجمعى فى مواضع كثيرة سواء فى صيغ الحاضر أو الماضى مثل «أقول» و «أقوله» و «نقول» و «قلنا» و «ذكرنا» و «فسرنا». وفى ثلاث مرات على الأقل يجذب ابن رشد انتباه القارئ إلى ما يريد أن يقوله بعبارة «فأقول» (3). وأخيرا فإن ابن رشد لا يصحب أرسطو معه إلا نادرا طوال تلخيصه هنا. فهو رغم اتباعه الإطار العام الذي سار فيه أرسطو يسرف فى الخروج عن محتوى هذا الإطار، وكثيرا ما يخرج إلى قضايا أخرى مختلفة خلال نقاشه لبعض القضايا
__________
(1) انظر، فيما يلى، تلخيص كتاب العبارة لأرسطو الفقرتين 85و 93وكذلك الفقرتين 82و 83، وهذه الفقرات لا تتطابق مع نص أرسطو. وفى الفقرة 13يستعمل ابن رشد الفعل قال مسندا إلى ضمير الغائب.
(2) انظر الفقرتين 15و 47وأيضا الفقرات 2، 8، 15، 47، 84والفقرتين 13 و 16فى مكانين.
(3) يستعمل ابن رشد ضمير المفرد المتكلم فى الفقرات 48، 69، 75، 76، 92، كما يستعمل ضمير الجمع للمتكلم فى الفقرات 1، 2، 3، 24، 27، 28، 35، 47، 50، 52، 60، 61، 62، 64، 65، 70، 71، 72، 74، 76، 77، 78، 79، 82، 85، 86، 87، 88، 93. وتكرر استعمال ضمير الجمع للمتكلمين مرتين فى كل من الفقرات 1، 60، 62، 64، 82، 86، وتكرر استعماله ثلاث مرات فى الفقرتين 71، 78وأربع مرات فى الفقرة 93.(1/18)
التي ذكرها أرسطو، يضاف إلى ذلك أن ابن رشد ينصرف إلى مناقشات ليس لها نظائر فى نص أرسطو فى ما يقرب من خمس هذا الكتاب (4).
ولم نذكر ما تقدم من خروج ابن رشد عن نص أرسطو لنوحى بأن هذا الكتاب قد يكون تلخيص غير ابن رشد أو إلقاء الشك فى نسبته إليه بل لنعطى انطباعا عاما عنه ولنؤكد أنه ليس من الممكن بالضرورة أن يسير المؤلف على منهج واحد فى تلخيصه، خاصة إذا أحس أن تقيده بالمنهج يحرمه من توصيل الفائدة التي ابتغاها من عمله. فلذلك كان ما فعله ابن رشد من تعديل وإعادة ترتيب لكلام أرسطو أمرا مقبولا، وذلك لأن الكلام فى المشكلة التي يقوم عليها كتاب العبارة وهى مشكلة اللغة ودلالتها وهل هى شىء بالطبيعة أم بالتواطؤ يفرض على ابن رشد أن يصنع ما صنع. وأرسطو وابن رشد يتابعه فى ذلك يفتتحان الكتاب بالإشارة إلى الألفاظ التي ينطق بها ودلالتها على المعانى ودلالة الحروف على الألفاظ، وأن الألفاظ التي يعبر بها عن المعانى ليست واحدة بعينها عند جميع الأمم، ولذلك كانت دلالة هذين الألفاظ والحروف بتواطؤ لا بالطبع، ويريان أن اللغة وضعية. ولما كانت قضية وضعية اللغة قضية تحتاج إلى مزيد من المعالجة فقد أدرك ابن رشد الحاجة إلى أن يستبدل ما قاله أرسطو اعتمادا على اللغة اليونانية فيقدم أمثلة وقضايا تعتمد على اللغة العربية.
وما فعله ابن رشد فى كتاب العبارة لم يكن هناك ما يستلزمه فى كتاب المقولات الذي تناقش فيه قضايا عقلية عامة فى جميع اللغات وعند كل الأقوام، ولذلك
__________
(4) انظر الفقرات 27، 39، 42، 43، 44، 45، 46، 49، 52، 60، 64، 77، 78، 81، 87، وانظر أيضا الفقرتين 40و 41.(1/19)
كان اختلاف منهج كتاب العبارة الذي يناقش قضية اللغة، فلا بد أن تكون الأمثلة والقضايا المناقشة تخضع للغة العربية وقواعدها وإمكاناتها التعبيرية (5).
وكما سبق أن قدمنا فإن ابن رشد قسم تلخيصه إلى فصول خمسة الأول منها بمثابة مقدمة أو مدخل للكتاب، وقسم هذا الفصل إلى أقوال ثلاثة، قول فى الاسم وثان فى الكلمة (أى الفعل) وثالث فى القول (أى الجملة).
والقولان الأولان يمهدان للقول الجازم (أى الجملة الإخبارية) الذي اتخذه كل من أرسطو وابن رشد غرضا للكتاب (6). والغرض من هذا هو تقديم وصف عام لأجزاء القول خصوصا للكلمة وللاسم وتمييز القول الجازم عن الأقاويل الغير جازمة وكذلك الأقاويل الغير تامة، ورغم أن وصف أرسطو لهذه الأمور تتوزعه فصول ستة فى ترجمة كتابه التي وصلت إلينا، إلا أنه أوضح بجلاء فى أول الكتاب أن الغرض من شرحه لها هو أن تكون تمهيدا للكتاب وأنه رغب أن يكون حديثه عنها أولا (7).
والكلام فى هذا التمهيد عند ابن رشد هو عن المصطلحات كما هو الحال عند أرسطو أيضا. ويستهل كل منهما كلامه بتعريف اللفظ بأنه الجنس الذي يوجد فيه الاسم والكلمة كنوعين. ثم ينتقلا بعد ذلك إلى شرح تفصيلى للسمات الأساسية للاسم والكلمة والقول، وبالإضافة إلى هذه المناقشة للمصطلحات فقد جرت مناقشتان أخريان إحداهما عن علاقة اللغة بالتواطؤ (أى الوضع)
__________
(5) انظر الفقرات 9، 10، 11، 19، وانظر أيضا الفقرات 24، 40، 50.
(6) انظر الفقرة 16بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو (نشرة بيكر) 178.
(7) انظر كتاب العبارة لأرسطو 16113.(1/20)
والطبيعة، والأخرى عن موضع الصدق والكذب فى اللغة. ويبدو أن ما قاله أرسطو كذلك التشابه بين الكلمات المنطوقة والحروف المكتوبة فى استهلال الكتاب دفع ابن رشد إلى تبيين سبب ذلك وهو أن الألفاظ المنطوقة والحروف المكتوبة تدين بنشوئها للتواطؤ (أى الوضع) أكثر من الطبيعة. ثم إن ملاحظة أرسطو التي تلت الكلام السابق والمتعلقة بالخاصية الغير متغيرة للمعانى فى النفس تطلبت من ابن رشد حديثا أطول فنراه يؤكد أن هذه المعانى واحدة بعينها للجميع وكأنها خيالات فى نفس الإنسان للموجودات التي توجد بالطبع (8). إلا أن هذه المعانى أو هذه الخيالات لا توجد هى بأعيانها فى نفس الإنسان بالطبع بل تكتسب أولا فأولا بالتعلم والدراسة، ولكنا نملك القوانين الخاصة بالحكم على هذه المكتسبات وهى تحدث عن معرفتنا بالعالم الطبيعى، وقد يبلغ هذه المعرفة كل إنسان ذى ذكاء عادى.
وهنا يتابع ابن رشد أرسطو فيما فعل من قطع المناقشة وإحالة القارئ إلى كتاب النفس لمزيد من الشرح. ويبدو أنه لا أرسطو ولا ابن رشد كان راغبا فى أن يناقش هنا السؤال الأكبر وهو كيف تنظر معانينا أو تصوراتنا العالم الذي نحن فيه. ويبدو أن كلا منهما كان مهتما أكثر بمتابعة مناقشة السؤال المحدود حول نشأة اللغة، ولذلك فإنهما يبدوان مستعدين لأن ينحيا جانبا فى هذا الكتاب السؤال الأكبر عن كيفية توافق ذلك مع الواقع. وهذا السؤال الأكبر يمكن أن يجاب عليه إما بجهة تاريخية أى بشرح كيف شكل الناس اللغة فعلا وكيف تطورت وإما بجهة نفسانية أى بتعريف ذلك الوجه من النفس البشرية الذي يسمح للإنسان بأن يسمى الأشياء وبشرح كيفية تأدية
__________
(8) انظر الفقرة 2بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 9. 164.(1/21)
هذه الوظيفة. ويدلنا إحالة كل منهما إلى كتاب النفس على تفضيلهما للاتجاه الأخير.
ومع ذلك فهذه الإشارة إلى القول فى المعنى والطبيعة فى كتاب النفس لا تعنى أن موضوع الخاصية الوضعية للغة قد أقفل. فعند ما يبدأ مؤلفانا فى شرح ما هو الاسم يعودان إلى ذلك الموضوع ويؤكد كل منهما أن الاسم هو لفظ له معنى يرجع إلى الوضع أى التواطؤ وحده. ويصر كل منهما على النشأة الوضعية للفظ لأنهما ينكران أن يكون للفظ معنى بطبيعته. ومع ذلك فإن مثل هذا القول ليس مقنعا للوهلة الأولى. وذلك أنه يبدو أن للأصوات التي تصدر عن الحيوانات معنى، ومثل هذه الأصوات لا يمكن أن يكون لها مصدر آخر غير الطبيعة.
ويرد أرسطو هذا الاعتراض وذلك بإنكار أن تكون تلك الأصوات هى أسماء.
ولكن هذا يعنى الاعتراف بأن للأصوات الصادرة عن الحيوانات معنى بالطبيعة، ولذلك يحاول ابن رشد شرح هذه الإمكانية.
وابن رشد يؤكد أننا نستطيع تمييز الأصوات التي لها معنى بالطبيعة عند الحيوانات لأنها تأتلف من نفس المقاطع كالأصوات التي نستعملها فى الألفاظ التي ننطق بها أو لأنها تأتلف من مقاطع تقارب فى المخرج الحروف التي نستعملها (9).
وهذا الشرح لا يوضح لنا شيئا عدا أنا نميز أن للأصوات التي تستعملها الحيوانات نوعا من المعنى، وأيضا لا يخبرنا لماذا يكون لها معنى فى الواقع. ولما كان الإنسان وحده هو الحائز للنطق فلا يمكن أن يكون لأصوات الحيوانات هذه معنى من أجل أن الحيوانات تقلد عن وعى أصوات الإنسان. ولا يمكن شرح
__________
(9) انظر الفقرتين 4و 5بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 162029.(1/22)
المعنى الذي فى تلك الأصوات بحسب تسمية الأشياء أو الأفعال بحكاية أصواتها، لأن مثل هذه الأصوات ذات محاكاة وليست ذات مغزى. ولسوء الحظ لا نجد ابن رشد يذكر هنا أكثر من هذا عن مثل هذه الأصوات. ويترك ابن رشد المطلوب حتى يصل إلى قوله فى الخاصية الوضعية للقول.
ولا يقنع ابن رشد بتكرار قول أرسطو بأن للقول معنى بالتواطؤ لا بالطبع.
فهو يصر على مهاجمة هؤلاء الذين يرون أن لكل معنى ولكل لفظ دلالة طبيعية، وأن ليس لنا اختيار فى استعمالنا للألفاظ بل إننا نحتاج إلى أن نقيد الألفاظ وتراكيبها بمعانيها الطبيعية (10). ولكن ابن رشد بدلا من أن يظهر خطأ هذا الرأى يعود مرة أخرى ليقرر موقفه وهو وضعية اللغة ويعتمد فى ذلك على حد أرسطو السابق للاسم بأنه لفظ دال بتواطؤ على معنى، وهى خطوة تتيح له أن يعود إلى قوله السابق عن الشبه بين أصوات الحيوانات التي لها معنى بالطبيعة وألفاظ البشر. ولكنه هنا يشرح ذلك التشابه بأن عبارة الصوت وعبارة اللفظ تشتركان فى الاسم فقط، وذلك أنه لا يمكن أن يقال إن الإنسان يستعمل ألفاظا تشبه ما تستعمله الحيوانات بالطبيعة إلا باشتراك الاسم. والذي لا يذكره ابن رشد هو أن ذلك الاشتراك فى الاسم سببه فى اللغة اليونانية أنه لا توجد للمعنيين أكثر من عبارة واحدة، ولا يحدث هذا الخلط فى اللغة العربية لوجود التعبيرين فيها وهما الصوت واللفظ. ومع أنه يتغاضى عن هذا التمايز بين اللغتين، بالرغم من أنه يوضح ميزات أخرى فى أجزاء أخرى من تلخيصه، فإن ابن رشد يقرر مرة ثانية رأيه بأن معنى الأقاويل أو الألفاظ أى المعنى الذي تدل عليه عند ما توضع أولا
__________
(10) انظر الفقرة 15بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 1712.(1/23)
هو بكامله فى اختيارنا، لأنه يعتمد على التواطؤ فقط. ولم يشرح بهذا لماذا كان للأصوات معنى بالطبيعة عند الحيوانات، بينما التواطؤ وحده يعطيها المعنى عند البشر، ولقد أكد فقط موقفه الوضعى ولم يبرهن عليه.
ولكن ما يلزم عن إرجاعه التشابه بين أصوات الحيوان والألفاظ البشرية إلى الاشتراك فى الاسم هو إنكار الفكرة أن لأصوات الحيوان معنى بالطبع.
وهذا الإنكار يتفق مع الفكرة أن النطق للإنسان فقط.
ولا يعتنق أرسطو ولا ابن رشد هذا الموقف الوضعى كى ينكرا وجود نظام طبيعى أو لينكرا أنه ينبغى على الإنسان أن يجتهد ليفهم هذا النظام بل يرغب كلاهما فى تعيين الشروط للحكم على صدق الكلام أو كذبه. وهذا الاهتمام مرتبط ارتباطا وثيقا باعتمادهما بأنه بينما الإنسان حرفى تشكيل الكلام حسبما يريد إلا أنه يجب عليه أن يجتهد ليجعله مرآة لما هو موجود فى الحقيقة خارج الذهن وليس لمجرد نزوة أو صورة ذهنية لديه. والألفاظ بما هى ألفاظ لا تقبل الصدق أو الكذب بل يجب أن تجتمع وتقسم قبل أن ينطبق عليها الصدق أو الكذب، أى أنه يجب أن تستعمل حتى تعبر عن حكم. وغرض هذا الكتاب هو الكلام فى القول الجازم لأنه هو الذي يتصف بالصدق أو الكذب (11). ولذلك حالما نكون قد فهمنا الاسطقسات الأساسية للقول وأصبح لنا إدراك لما هو القول أى ما الذي يقصد البشر التعبير عنه بواسطة القول نكون مستعدين لأن نفحص كيف تتعلق الأقاويل إحداها بالأخرى، وبعد ذلك يمكن أن تستعمل لإخبارنا عن العالم من حولنا. ومع أن السبيل الوحيد لإدراك كل العلاقات المختلفة الممكنة
__________
(11) انظر الفقرتين 3و 11بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 161019، 1758.(1/24)
للقول هو أن نتبعه فى كل أحواله وأن نبحث عن ما يقابله فى كل واحد من هذه الأحوال، فإن ابن رشد يحذرنا من أن الأمثلة المستعملة فى المناقشة التالية ليست بالضرورة مطابقة للواقع وهو يهتم أكثر من أرسطو بتوضيح هذا المظهر الزائف للمناقشة ويجذب انتباهنا إليه بتطويل فى مناسبتين، بينما يعده أرسطو أمرا لا يستحق أكثر من ملاحظة عابرة (12). والغرض هو أنه رغم أن الإنسان بالفعل يقرر كيف سيؤدى الكلام وظيفته، وكيف سيعبر عن المعنى فى ألفاظ وأقاويل، إلا أنه لا يمكنه إهمال الحدود التي يفرضها الواقع، وذلك لأنه لا يمكنه إهمالها إلا إذا كان مستعدا لأن يهبط إلى التكلم بالتفاوه. وفى العالم الحقيقى وهو عالم منظم لا يمكن للحقيقة أن تناقض الحقيقة، أو بصورة أخرى فإن الأقاويل ومقابلاتها التي تفحص فيما يلى لا ينبغى أن تؤخذ على أنها مرآة للحقيقة بل على أنها أمثلة لتأليف الألفاظ.
وهذا السؤال عن العلاقة بين العالم الواقعى وأنواع الأشياء التي يمكن تخيلها يصير أكثر حدة فى الفصل الثاني من تلخيص ابن رشد، وهو فصل يقابل الفصول السابع والثامن والتاسع فى كتاب أرسطو. وبدأ ابن رشد الفصل الثاني بأن عدد بدقة الأصناف الست المختلفة للقضايا المتقابلة التي يمكن أن تشكل بأخذ الموضوع كليا أو جزئيا مع أو بدون حرف يدل على كيفيته. وقد تكلم أرسطو فى ثلاث من هذه الأصناف فقط ولم يقل شيئا عن الثلاث الأخرى، وبمعنى آخر يدخل ابن رشد أصنافا من القضايا المتقابلة لم يقدمها أرسطو. ولم يفسر ابن رشد كيف توصل إلى هذه الأصناف الإضافية بل قنع بسرد جميع تراكيبها الممكنة. وبعد ذلك السرد المفصل يعرف ابن رشد الحالات
__________
(12) انظر الفقرتين 21و 95بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 2467.(1/25)
التي يمكن فيها للمتقابلتين أن تصدقا أو تكذبا، والحالات التي يستلزم صدق الأولى من المتقابلتين كذب الثانية (13). وهذه المناقشة هامة جدا كمقدمة لشرح فكرة التناقض الذي هو بدوره ذو أهمية لمناقشة وجود الأمور الممكنة.
والسؤال فى وجود الأمور الممكنة هو طريق إلى السؤال فيما يوجد فى المستقبل وهو هل ما يوجد فى المستقبل ممكن أو ضرورى الوجود؟ ويحدث هذا الشك لأنه ظاهر أنه من كل قضيتين فى الأمور الماضية أو الحاضرة يجب أن تصدق إحداهما وأن تكذب الأخرى. فسقراط مثلا إما قد وجد وإما لم يوجد، وذلك الرجل هناك ذو القبعة البيضاء إما أن يكون واقفا وإما أن يكون غير واقف. ولا يوجد اعتراض يمكن إثارته ضد مثل هذا الفهم للقضايا فى الأمور الماضية والحاضرة، فلا يعرف حال القضايا فى الأمور المستقبلة. فإذا انطبق هذا نفسه على قضيتين فى أمور المستقبل أعنى أنه يجب أن تصدق إحداهما وتكذب الأخرى فلا يمكن أن يوجد شىء باتفاق. وفى هذا الموضع نجد شرح أرسطو مضطربا حتى ليكاد يستحيل تعقب خط تفكيره، وفى مقابل هذا نجد هذه النقطة واضحة للفهم عند ابن رشد الذي يتابع بعناية كل خطوات المشكلة (14).
ورغم أن ابن رشد يسلم بغرابة النتيجة وهى أنه لا شىء يوجد بالاتفاق، إلا أنه يحاول أن يبين أن هذا الرأى أفضل من مقابله وهو أن الأشياء قد تحدث بأي سبيل وبأية حال. ومع أن الرأى بأن الأشياء يجب إما أن توجد فى المستقبل بالضرورة أو لا توجد يتوقف على افتراض أن الأشياء إنما يمكن أن توجد
__________
(13) انظر الفقرتين 23و 25بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 175187.
(14) انظر الفقرات 3828بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 1828194.(1/26)
على التحصيل، فإن مثل هذا الافتراض أقل خطرا من محاولة تصور عالم تصدق فيه الأشياء وتكذب معا، أو لا تصدق ولا تكذب معا. ولكن هذه السلسلة من المناقشات فيها ما فيها من المحال، وهو أمر يشير إليه ابن رشد، فإنها مبنية على التجرد الكامل من الحياة العملية. ومع أن أرسطو لم يقل هذا فلا بدّ أنه كان قد أدرك ذات المشكلة، لأنه كابن رشد يتوقف ليثير الشكوك على القول ضد الاتفاق وليلاحظ أنه لا يترك مجالا على الإطلاق للفكر البشرى. وبالتأمل يبدو من المعقول الآن القول بأنه رغم أن شيئا واحدا من اثنين يجب بالضرورة أن يكون أو أن لا يكون فإنه يمكن التأثير على ذلك بأشياء أخرى عدة وبالتدخل البشرى قبل كل شىء. وإذا كان ذلك كذلك فإن وجود الشىء ليس ضروريا بل باتفاق. فالأشياء توجد أو لا توجد بالضرورة، ولكننا لا يمكننا أن نعرف سلفا ما إذا كان شىء ما بعينه سيحدث أم لا، ولا حتى متى قد يحدث.
وهذا القول المأخوذ من الخبرة العملية لا يفعل أكثر من تأكيد اعتقادنا بفعالية الإرادة البشرية. فهو لا يبرهن على أن الأشياء توجد فى الحقيقة تبعا للاتفاق، وإنما نرى أن العقل المطلق يؤدى بلا شك إلى نتائج فى الأشياء المستقبلة لها عواقب عملية غير مقبولة، ولذلك يجب أن نعدل نتائج العقل المطلق. وفى هذا الموضع يعطى أرسطو مثال الثوب فهو قد يتمزق قبل أن يسبق إليه البلى. ويأخذ ابن رشد نفس المثال ويتابع أرسطو فى شرح أنه قبل الواقعة لا يمكننا أن نعرف أيهما سيحدث أولا البلى أم التمزق. ومع أنه واضح أن شيئا ما سيحدث للثوب إلا أننا لا نعرف ما هو، وهذا الشىء لا يعتمد على إرادة بشرية. كما أنه ليس بحال من الأحوال أمرا يخضع للفكرة. وبتعبير آخر هناك أمور اتفاقية تقع خارج حدود الإرادة الإنسانية.
والنتيجة المنطقية المباشرة لهذا القول هى إدراك أرسطو وابن رشد لضرورة التمييز بعناية بين الممكن والضرورى. ويصبح ابن رشد أكثر حرصا على الدقة وأكثر تطويلا فى القول من أرسطو، فنراه يجتهد فى شرح الأصناف الثلاثة المختلفة للممكن والصنفين المختلفين للضرورى، ويشرح أيضا كل ضروب الصنفين المختلفين. ويبدو أن قلم ابن رشد قد جرى طويلا هنا لاهتمامه بالعلاقة بين هذه الأمور الاتفاقية ومسألة النبوة، فإنه يؤكد أثناء شرحه أن ما يقال يجب أن يكون مطابقا لما هو عليه وجود الأشياء فى العالم خارج النفس، ثم يواصل حديثه ليبين لنا أنه لا محل هنا للتكهن بحوادث المستقبل. فالأشياء الممكنة على الأكثر هى التي يمكننا أن نعلم بحدوثها قبل أن تحدث فعلا. وهذه الأفكار تقود إلى سؤال آخر لا يمكن أن يكون ابن رشد لم يلاحظه رغم سكوته عنه وهو علم الله بالجزئيات. فإذا كانت الأشياء لا توجد بالضرورة، وإذا كانت قد توجد بجهة أو بأخرى تبعا لعوامل أخرى لا يمكن تحديدها مقدما، فهى ليست إذن بالقضاء والقدر، وبتعبير آخر فإن علم الله بالجزئيات ليس يقضى من قبل لا على تكونها ولا على فسادها. ويبدو أن مثل هذه الأشياء تدخل فى الصنف الثاني من الضرورى كما حدده ابن رشد، وهى الأشياء التي يكون وجودها أو عدم وجودها ضروريا فى الوقت الذي فيه هى موجودة أو غير موجودة. ولكن شرحه لهذا الصنف من الضرورى مجرد حتى ليصعب رؤية كيف يطبق على الجزئيات، ويبدو أن ابن رشد كان يريد تجنب التحديد فيبقى فى شرحه عند مستوى الكليات الإنسان والعقل. ولذلك فإن اسطقسات المناقشة تقترب من حواف المسائل الفلسفية دون أن تتعداها. ولعل هذا هو الصواب، لأن الغرض الرئيسى للمناقشة
هو شرح اسطقسات الكلام المنطقى. وتطبيق الكلام المنطقى على مثل هذه المسائل المهمة هو فى الحقيقة موضع فحص آخر.(1/27)
وهذا القول المأخوذ من الخبرة العملية لا يفعل أكثر من تأكيد اعتقادنا بفعالية الإرادة البشرية. فهو لا يبرهن على أن الأشياء توجد فى الحقيقة تبعا للاتفاق، وإنما نرى أن العقل المطلق يؤدى بلا شك إلى نتائج فى الأشياء المستقبلة لها عواقب عملية غير مقبولة، ولذلك يجب أن نعدل نتائج العقل المطلق. وفى هذا الموضع يعطى أرسطو مثال الثوب فهو قد يتمزق قبل أن يسبق إليه البلى. ويأخذ ابن رشد نفس المثال ويتابع أرسطو فى شرح أنه قبل الواقعة لا يمكننا أن نعرف أيهما سيحدث أولا البلى أم التمزق. ومع أنه واضح أن شيئا ما سيحدث للثوب إلا أننا لا نعرف ما هو، وهذا الشىء لا يعتمد على إرادة بشرية. كما أنه ليس بحال من الأحوال أمرا يخضع للفكرة. وبتعبير آخر هناك أمور اتفاقية تقع خارج حدود الإرادة الإنسانية.
والنتيجة المنطقية المباشرة لهذا القول هى إدراك أرسطو وابن رشد لضرورة التمييز بعناية بين الممكن والضرورى. ويصبح ابن رشد أكثر حرصا على الدقة وأكثر تطويلا فى القول من أرسطو، فنراه يجتهد فى شرح الأصناف الثلاثة المختلفة للممكن والصنفين المختلفين للضرورى، ويشرح أيضا كل ضروب الصنفين المختلفين. ويبدو أن قلم ابن رشد قد جرى طويلا هنا لاهتمامه بالعلاقة بين هذه الأمور الاتفاقية ومسألة النبوة، فإنه يؤكد أثناء شرحه أن ما يقال يجب أن يكون مطابقا لما هو عليه وجود الأشياء فى العالم خارج النفس، ثم يواصل حديثه ليبين لنا أنه لا محل هنا للتكهن بحوادث المستقبل. فالأشياء الممكنة على الأكثر هى التي يمكننا أن نعلم بحدوثها قبل أن تحدث فعلا. وهذه الأفكار تقود إلى سؤال آخر لا يمكن أن يكون ابن رشد لم يلاحظه رغم سكوته عنه وهو علم الله بالجزئيات. فإذا كانت الأشياء لا توجد بالضرورة، وإذا كانت قد توجد بجهة أو بأخرى تبعا لعوامل أخرى لا يمكن تحديدها مقدما، فهى ليست إذن بالقضاء والقدر، وبتعبير آخر فإن علم الله بالجزئيات ليس يقضى من قبل لا على تكونها ولا على فسادها. ويبدو أن مثل هذه الأشياء تدخل فى الصنف الثاني من الضرورى كما حدده ابن رشد، وهى الأشياء التي يكون وجودها أو عدم وجودها ضروريا فى الوقت الذي فيه هى موجودة أو غير موجودة. ولكن شرحه لهذا الصنف من الضرورى مجرد حتى ليصعب رؤية كيف يطبق على الجزئيات، ويبدو أن ابن رشد كان يريد تجنب التحديد فيبقى فى شرحه عند مستوى الكليات الإنسان والعقل. ولذلك فإن اسطقسات المناقشة تقترب من حواف المسائل الفلسفية دون أن تتعداها. ولعل هذا هو الصواب، لأن الغرض الرئيسى للمناقشة
هو شرح اسطقسات الكلام المنطقى. وتطبيق الكلام المنطقى على مثل هذه المسائل المهمة هو فى الحقيقة موضع فحص آخر.(1/28)
وهذا القول المأخوذ من الخبرة العملية لا يفعل أكثر من تأكيد اعتقادنا بفعالية الإرادة البشرية. فهو لا يبرهن على أن الأشياء توجد فى الحقيقة تبعا للاتفاق، وإنما نرى أن العقل المطلق يؤدى بلا شك إلى نتائج فى الأشياء المستقبلة لها عواقب عملية غير مقبولة، ولذلك يجب أن نعدل نتائج العقل المطلق. وفى هذا الموضع يعطى أرسطو مثال الثوب فهو قد يتمزق قبل أن يسبق إليه البلى. ويأخذ ابن رشد نفس المثال ويتابع أرسطو فى شرح أنه قبل الواقعة لا يمكننا أن نعرف أيهما سيحدث أولا البلى أم التمزق. ومع أنه واضح أن شيئا ما سيحدث للثوب إلا أننا لا نعرف ما هو، وهذا الشىء لا يعتمد على إرادة بشرية. كما أنه ليس بحال من الأحوال أمرا يخضع للفكرة. وبتعبير آخر هناك أمور اتفاقية تقع خارج حدود الإرادة الإنسانية.
والنتيجة المنطقية المباشرة لهذا القول هى إدراك أرسطو وابن رشد لضرورة التمييز بعناية بين الممكن والضرورى. ويصبح ابن رشد أكثر حرصا على الدقة وأكثر تطويلا فى القول من أرسطو، فنراه يجتهد فى شرح الأصناف الثلاثة المختلفة للممكن والصنفين المختلفين للضرورى، ويشرح أيضا كل ضروب الصنفين المختلفين. ويبدو أن قلم ابن رشد قد جرى طويلا هنا لاهتمامه بالعلاقة بين هذه الأمور الاتفاقية ومسألة النبوة، فإنه يؤكد أثناء شرحه أن ما يقال يجب أن يكون مطابقا لما هو عليه وجود الأشياء فى العالم خارج النفس، ثم يواصل حديثه ليبين لنا أنه لا محل هنا للتكهن بحوادث المستقبل. فالأشياء الممكنة على الأكثر هى التي يمكننا أن نعلم بحدوثها قبل أن تحدث فعلا. وهذه الأفكار تقود إلى سؤال آخر لا يمكن أن يكون ابن رشد لم يلاحظه رغم سكوته عنه وهو علم الله بالجزئيات. فإذا كانت الأشياء لا توجد بالضرورة، وإذا كانت قد توجد بجهة أو بأخرى تبعا لعوامل أخرى لا يمكن تحديدها مقدما، فهى ليست إذن بالقضاء والقدر، وبتعبير آخر فإن علم الله بالجزئيات ليس يقضى من قبل لا على تكونها ولا على فسادها. ويبدو أن مثل هذه الأشياء تدخل فى الصنف الثاني من الضرورى كما حدده ابن رشد، وهى الأشياء التي يكون وجودها أو عدم وجودها ضروريا فى الوقت الذي فيه هى موجودة أو غير موجودة. ولكن شرحه لهذا الصنف من الضرورى مجرد حتى ليصعب رؤية كيف يطبق على الجزئيات، ويبدو أن ابن رشد كان يريد تجنب التحديد فيبقى فى شرحه عند مستوى الكليات الإنسان والعقل. ولذلك فإن اسطقسات المناقشة تقترب من حواف المسائل الفلسفية دون أن تتعداها. ولعل هذا هو الصواب، لأن الغرض الرئيسى للمناقشة
هو شرح اسطقسات الكلام المنطقى. وتطبيق الكلام المنطقى على مثل هذه المسائل المهمة هو فى الحقيقة موضع فحص آخر.
والآن بعد أن عدد ابن رشد الأصناف الستة من القضايا المتقابلة وبين جهات إيجابها أو سلبها بحسب الصدق والكذب، فقد كان من اللائق فحص هذه القضايا بما هى قضايا وتحديد ملازمة بعضها البعض الآخر. وهذا هو موضوع الفصل الثالث لتلخيص ابن رشد وهو ما يناظر الفصلين العاشر والحادى عشر عند أرسطو، إلا أن هذا التناظر يبدو غير مترابط. فمع أن ابن رشد فى فصله الثالث الذي يقابل الفصلين المشار إليهما عند أرسطو قد عرض الموضوعات التي فحصت عند أرسطو إلا أنه يخضعها للإمكانات المتاحة فى اللغة العربية دون أن يوضح لنا أنه خرج فى ذلك عن طريقة أرسطو. وأيضا فإن اعتماد ابن رشد على المفسرين المتأخرين طوال هذا القسم من التلخيص وهو اعتماد لم يصرح به يجعل التناظر أقل ترابطا.
ورغم ذلك فإن استيعاب ابن رشد غير العادى جعل عرضه ناجحا فى تقديم نص أرسطو فى صورة أوضح وأكثر ترتيبا. فبينما يبدأ أرسطو بوصف الحكم الإيجابى ثم ينتقل إلى تعديد كل الأنواع الأخرى الممكنة من الأحكام دون أى ترتيب أو هدف واضح فإنا نرى ابن رشد يسير وفق مخطط ثابت جدا. ففى البداية يعتمد ابن رشد على ما أقره أرسطو من أن الفعل «يوجد» فى التعبير «الإنسان يوجد عادلا» هو حد ثالث فى القول، ويتابع ابن رشد المفسرين ويميز بين القضايا الثنائية والقضايا الثلاثية. فالقضايا الثنائية هى التي المحمول
فيها فعل، أو بتعبير مختلف هى التي محمولها غير مرتبط بالموضوع بواسطة الفعل.(1/29)
ورغم ذلك فإن استيعاب ابن رشد غير العادى جعل عرضه ناجحا فى تقديم نص أرسطو فى صورة أوضح وأكثر ترتيبا. فبينما يبدأ أرسطو بوصف الحكم الإيجابى ثم ينتقل إلى تعديد كل الأنواع الأخرى الممكنة من الأحكام دون أى ترتيب أو هدف واضح فإنا نرى ابن رشد يسير وفق مخطط ثابت جدا. ففى البداية يعتمد ابن رشد على ما أقره أرسطو من أن الفعل «يوجد» فى التعبير «الإنسان يوجد عادلا» هو حد ثالث فى القول، ويتابع ابن رشد المفسرين ويميز بين القضايا الثنائية والقضايا الثلاثية. فالقضايا الثنائية هى التي المحمول
فيها فعل، أو بتعبير مختلف هى التي محمولها غير مرتبط بالموضوع بواسطة الفعل.
أما القضايا الثلاثية فهى التي محمولها وموضوعها يكونان اسمين مع الرابطة التي تربط المحمول بالموضوع. وبعد هذا التمييز يتأمل ابن رشد الأصناف المختلفة من القضايا الثنائية والثلاثية التي يمكن ائتلافها إذا تركب الإيجاب والسلب مع الأصناف الستة المختلفة من المتقابلات وكذلك عند ما تركب مع الأزمنة الثلاثة المختلفة للفعل وأيضا حالات وجودها ممكنة أو ضرورية أو ممتنعة ومثل هذا الفهم يؤدى إلى اكتشاف أن القضايا المؤتلفة من القضايا الثنائية هى مائتا قضية وست عشرة قضية، وأن ضعف هذا العدد ينتج من القضايا الثلاثية (15). ولا يحدثنا ابن رشد عن المعنى المقصود بهذا التحديد ولا يوجد أى معنى يظهر لأول وهلة لهذا التحديد لعدد القضايا اللهم إلا إذا كان الغرض منه أن يكتسب القارئ الذي يزعجه البحث عن كل إمكانات أنواع القضايا فكرة جيدة عن كيفية ائتلاف القضايا.
والسبب فى أن عدد القضايا الثلاثية ضعف القضايا الثنائية هو أن القضايا الثلاثية تسمح بوجود المحمول غير المحصل ولذلك فإنه بينما لا يمكن ائتلاف الأقاويل التي بشكل «الإنسان لا يوجد، لا إنسان لا يوجد» لا فى القضايا الثنائية ولا فى القضايا الثلاثية فإنه يمكن أن تأتلف أقاويل مثل «الإنسان يوجد لا عادلا، لا إنسان يوجد لا عادلا» فى القضايا الثلاثية. فهذه القضايا وسالباتها تسمى قضايا معدولة وهى تتميز عن القضايا البسيطة التي من ضرب «الإنسان يوجد عادلا، لا إنسان يوجد عادلا» وسالباتها (16). وبعد هذا التمييز يعود ابن رشد إلى شرح
__________
(15) انظر الفقرتين 40و 41بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 19519، 192223.
(16) انظر الفقرتين 40و 41بالمقارنة مع الفقرتين 42، 48.(1/30)
مفصل جدا للعلاقة بين القضايا البسيطة الموجبة والسالبة، والقضايا المعدولة الموجبة والسالبة، والقضايا العدمية الموجبة والسالبة أى القضايا التي من ضرب «الإنسان يوجد جائرا، الإنسان يوجد لا جائرا». ومع أن هذا الترتيب يشبع فى أصوله بعض ما يقوله أرسطو، فالنتائج التي يستنبطها ابن رشد من ملازمة أو عدم ملازمة هذه القضايا بعضها لبعض لا يوجد ما يناظرها فى كتاب أرسطو (17). ويبدو ابن رشد مصمما على إظهار جهة تعلق هذه القضايا بعضها ببعض بما هى قضايا وعلى أن يجذب انتباهنا إلى أنها لا يمكن أن يتعلق بعضها ببعض فى الحقيقة إلا إذا كانت تخبرنا بشيء عن العالم الخارجى. وهو دائما يتذكر التحذير الذي وضعه فى بداية تلخيصه وهو أن المعانى مرتبطة بما هى عليه الأشياء، وللتأكيد على ألا تفوت أحدا هذه النقطة فإنه يبين صحة كل واحد من أمثلته.
وقبل أن نورد مثالا أو مثالين من هذه الأمثلة المثيرة ينبغى أن ننبه إلى ما قد يظهر أنه تناقض، وذلك أنه لا يوجد خلاف بين هذه الملاحظة وهى أن ابن رشد يفرض أن أقاويله تخبرنا بشيء ما عن العالم الخارجى وبين بيانه السابق وهو أن كثيرا من الأقاويل المستعملة فى التلخيص لا تعكس الواقع. فالقصد من ذلك هو أن الفحص المتقن يتطلب اختبار كل الإمكانات، وهذا يؤدى إلى ائتلاف الأقاويل التي تسلب أقاويل بينة الصدق أو التي توجب أقاويل بينة الكذب. ومثل هذه الأقاويل المتناقضة لا علاقة لها بالواقع. وقد سردت بغرض إتقان الفحص فقط. وهى فى الواقع هذر من القول. وهناك أقاويل صادقة مطابقة للواقع وهذه هى الأقاويل الجديرة بالتفكير فيها من أجل فهم أفضل للعالم الخارجى.
__________
(17) انظر الفقرات 4642.(1/31)
وعلى سبيل المثال فمع أن القضية البسيطة الموجبة من ضرب «الإنسان يوجد عادلا» يلزم عنها بالضرورة «الإنسان ليس يوجد لا عادلا» إلا أن العكس لا يلزم. والسبب هو أن هذه القضية تصدق على الإنسان العادل وأيضا على الشخص الذي لا ينسب إليه لا العدل ولا الجور أى على الطفل أو على الغير مدنى أعنى غير المواطن. فإذن بلغة المنطق تكون القضية المعدولة السالبة أعم من القضية البسيطة الموجبة. وهذا ما يشرحه ابن رشد كثيرا وبوضوح (18). وبلغة الأخلاق فإنا إذا تأملنا فى هذا سنرى لماذا يجب أن يكون الشخص مسنا بدرجة كافية كى يتمكن من التصرف بمعقولية وبمسئولية حتى يكون الحكم عليه بالعدل أو بالجور لائقا. وكذلك فليس لهذه الأحكام معنى لمن لا يكون مواطنا، لأن العدل والجور يرتبطان أساسا بالإقامة مع الآخرين فى ظل القانون. وبتعبير آخر لا يوجد شىء مثل العدالة والجور فى حالة الوحشية. وهذه النتيجة لا تقتضى بالضرورة عدم وجود معيار طبيعى لعدل أو لحق طبيعى، لأنه من الممكن دائما إدراك أن هذا المعيار يتطلب مستوى عاليا من المعرفة الذي يتطلب بدوره نظاما سياسيا متطورا. ولكن متابعة هذه الأسئلة على أساس هذا الدليل الواهى يكون نوعا من التهور.
ويقول ابن رشد أيضا إنه يلزم بالضرورة عن القضية المعدولة الموجبة من ضرب «الإنسان يوجد لا عادلا» القضية البسيطة السالبة «الإنسان ليس يوجد عادلا» ولكن ليس ينعكس الأمر. ودليله هاهنا يشابه دليله فى الحالة السابقة، وذلك أن صدق القضية البسيطة السالبة أعم من صدق القضية المعدولة
__________
(18) انظر الفقرة 43.(1/32)
الموجبة. وبعبارة أخرى تصدق القضية الأولى على الشخص الجائر وكذلك على الشخص الذي لا يوصف بالعدل ولا بالجور وهو كما قيل الطفل أو الغير مدنى أعنى غير المواطن وتصدق القضية الثانية على الشخص الجائر فقط.
وهنا أيضا فالهدف المنطقى وكذلك المضمون الأخلاقى واضح تماما. ويزيد ابن رشد المضمون وضوحا بأن يؤكد على أن وصف شخص ما بأنه «لا عادل» هو تعبير بطريق العدم وأن العدم الذي حد فى كتاب المقولات يشير إلى فقد ما شأنه أن يوجد فى شخص ما فى الوقت الذي شأنه أن يوجد فيه (19). والعمى فى الإنسان هو مثال للعدم وكذلك الصلع. وبعبارة أخرى فإن العدل أساسى لوجود الإنسان فغيابه فى الوقت الذي شأنه أن يوجد فيه هو عدم كما أن فقد البصر أو الشعر عدم. ولكن لما كان العدل أو الجور ليس صفة معتادة للطفل أو للغير مدنى، فمتى كان ينبغى أن يوجد؟ يبدو أن ذلك مناسب للشخص العاقل والناضج الذي يعيش فى ظل نظام سياسى مدبر بالقوانين. ولكن للمرة الثانية فإن التمادى فى هذه التأملات يعد ابتعادا عن حدود النص.
ويقدم ابن رشد تأويلا أكثر أمانة لملاحظات أرسطو فى ما تبقى من هذا الفصل. فيتخلى ابن رشد عن منهجه السابق ويتابع تفسير قول أرسطو فى اختيار المحمولات الصحيحة وهو القول الذي قدمه أرسطو فى الفصل الحادى عشر.
وما لم تختر المحمولات الصحيحة فإن القضية الواحدة تدل على أكثر من معنى مما يؤدى إلى الارتباك. وهذا مهم جدا وعلى الأخص فى السؤال والجواب الجدليين. ويبذل كل من أرسطو وابن رشد جهدا عظيما لبيان جهة ائتلاف
__________
(19) انظر الفقرة 44، وانظر أيضا تلخيص كتاب المقولات لأرسطو لابن رشد، تحقيق قاسم وبترورث وهريدى (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980) الفقرتين 92و 97.(1/33)
الأسئلة الجدلية. وفى هذا الموضع يحيل أرسطو إلى ما ذكره فى كتاب الجدل يعنى يحيل إليه وكأنه كان مكتوبا ويزيد ابن رشد إلى ذلك بلفت نظر القارئ إلى فقرة محددة فى كتاب الجدل أو فى تلخيصه لذلك الكتاب (20).
وأيا كان الأمر الذي يود أن يتخذه المرء فيما يتعلق بمسألة تأريخ تأليف كتب أرسطو، فإن إشارة ابن رشد ذات مغزى بالنسبة للتساؤل حول تأريخ تأليف كتبه هو أيضا. وبالرغم من أن أحد المخطوطين العربيين المعروفين لتلخيصه لكتاب الجدل يحوى تأريخا يوضح متى انتهى ابن رشد من تلخيص الجزء الثاني من كتاب الجدل، وأن كلى المخطوطين يحويان تأريخا يوضح متى انتهى من تلخيصه لكتاب الخطابة، إلا أنه لا يعرف أكثر من ذلك عن الفترات التي ألف فيها ابن رشد كتبه أو عن ترتيب تأليفها ولكن من المهم أن نشير إلى أن إحالات ابن رشد فى تلخيصه لكتاب الجدل إلى المؤلفات الأخرى فى المنطق إنما هى من جهة قول أرسطو فيها، وعلى العكس من ذلك هنا وفى تلاخيصه للكتب الأخرى فى المنطق فإنه يحيل إلى ما قد تبين فى كل كتاب يعنى أن الإحالات فى تلخيص كتاب الجدل هى إلى مؤلفات أرسطو وإلى قوله فيها، لكن فى التلاخيص الأخرى ليس من المؤكد أنها إشارات إلى كتب أرسطو فقط بل ويحتمل أن تكون الإشارة أيضا إلى تلخيص ابن رشد لتلك المؤلفات، وهذا يوحى بأن ابن رشد صنع أولا تلخيص كتاب الجدل ثم أتبعه بتلاخيصه للكتب الأخرى.
وبالإضافة إلى ما تقدم فإن هذا الفصل عند ابن رشد يختلف عن نظيره فى نص أرسطو، فعند مناقشة ائتلاف الأسئلة الجدلية فإن أرسطو ينتقد سقراط
__________
(20) انظر الفقرتين 57و 58بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 201426.(1/34)
بصورة غير مباشرة دون الإشارة إلى اسمه وذلك بالإلحاح على أن السؤال على طريق التعليم ب «ما هو» ليس استفهاما جدليا (21). ويجد ابن رشد فى هذا النقد دعوة للتمييز بين السؤال الجدلى والسؤال على طريق التعليم، ويحجم مثل أرسطو عن التصريح باسم سقراط، ولكنه فى تناوله لنقد أرسطو لسقراط يدلل على تقديره لما كان يحاول سقراط أن يصل إليه بصناعة الجدل. ويرى ابن رشد أن سقراط كان معلما وله وجهة نظره الخاصة. ولذلك فهو يرى أن سقراط قد استخدم صناعة الجدل بغرض تعليمى للآخرين وليس للفحص عن الأشياء التي كان يجهلها. وبعبارة أخرى فإن ابن رشد يفهم صناعة الجدل عند سقراط على أنها التأليف التعليمى للأقاويل التي كانت قد فحصت من قبل بصناعة منطقية أخرى أكثر منها آلة لفحص مجرد. ورغم أن ابن رشد لا يتابع الموضوع هاهنا بأكثر من هذا، فإن هذه الملاحظة مهمة لأنها تتفق إلى حد بعيد مع تقديره للجدل الذي بينه فى تلخيصه لكتاب الجدل لأرسطو.
والفصل الرابع عند ابن رشد يناظر الفصلين الثاني عشر والثالث عشر عند أرسطو فهو يتناول القضايا ذوات الجهات والعلاقات الموجودة بينها. فالقضايا ذوات الجهات توجب أو تسلب وجود المحمول للموضوع من جهة الممكن أو المحتمل أو الضرورى أو الممتنع. والعلاقات القائمة بين هذه الأصناف من القضايا أى ملازمة أو مقابلة هذه القضايا بعضها لبعض كثيرة، ويجد كلا مؤلفينا بيان هذه العلاقات محفوفا بالصعاب، وهذا صحيح وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا ذوات الجهات الدالة على الممكن وتلك الدالة على الضرورى. وذلك
__________
(21) انظر الفقرة 59بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 202730.(1/35)
لأن المعانى المختلفة المرتبطة بكل تعبير تلزم كلا من أرسطو وابن رشد بأن يضع شروحا مطولة مجهدة لتوضيح ارتباطهما. وفى كل موضع من هذا الفصل يثابر ابن رشد بجلد لتفصيل كل خطوة من خطوات شرحه فيبتعد بذلك عن نص أرسطو إلى درجة الشروع فى مناقشات لم يتعرض لها أرسطو قط.
فعلى سبيل المثال فى الفقرة الأولى من الفصل الرابع يذكر ابن رشد أن هناك نوعين من ألفاظ الجهات يدل الأول منهما على الضرورى وما يتبعه على جهة اللزوم ويعد معه ويدل الثاني على الممكن وما يتبعه على جهة اللزوم ويعد معه. ثم ليؤكد على وضوح تقسيمه هذا بأن القضايا ذوات الجهات صارت جهتين يبين أن هذا التقسيم مطابق للموجود وأن الموجود قسمان إما بالقوة وهو ما يعبر عنه ابن رشد بالممكن وإما بالفعل وهو ما يعبر عنه ابن رشد بالضرورى. وهذا التقسيم من ابن رشد وليس له ما يناظره فى نص أرسطو. وفى الجانب الآخر نجد ابن رشد قد حذف مناقشة أرسطو للقضايا ذوات الجهات المحتملة، رغم أنه يشير بصورة عابرة إلى المحتمل بأنه يتبع الممكن كما أنه يشير إلى أن الممتنع غير موجود بالضرورة.
وقد أغفل كل ذكر للقضايا ذوات الجهات المحتملة فى سائر مناقشته وقصر حديثه على القضايا المتعلقة بالضرورى والممتنع والممكن. وابن رشد فى هذه الفقرة الأولى أيضا أدق من أرسطو فى تبيين ترتيب المناقشة التالية. فهو منذ البداية يؤكد على أن شرحه سيرتكز على فحص متقابلات ومتلازمات القضايا ذوات الجهات وذلك فى القضايا ذوات الجهات المعدولة وفى القضايا ذوات الجهات البسيطة.
فبينما يبين أرسطو متقابلات القضايا ذوات الجهات فى الفصل الثاني عشر ومتلازماتها فى الفصل الثالث عشر بصورة منفصلة نراه لا يشير إلى ما يدل على الارتباط الوثيق بين المطلوبين.
وبيان ابن رشد فى ائتلاف متقابلات القضايا ذوات الجهات يناظر بيان أرسطو لها. وهذا الموضوع يحتاج إلى أن يعالج بإسهاب بسبب الشك الحقيقى فى موضع حرف السلب فى مثل هذه القضايا. فمثلا عند صياغة مقابل القضية الموجبة البسيطة ذات الجهة أى عند صياغة قضية سالبة بسيطة ذات جهة هل ينبغى أن يوضع حرف السلب مع اللفظة الوجودية أى الكلمة الرابطة أو مع المحمول أو فى مكان آخر؟ وبعبارة أخرى ما هو مقابل القضية «يمكن أن يوجد الإنسان عادلا»؟ فإذا وضعنا حرف السلب مع الكلمة الوجودية وقلنا «يمكن أن لا يوجد الإنسان عادلا» لا نكون قد أتينا بالمقابل بل إن هذه القضية ليست إلا بيانا أوفى لمعنى ما هو ممكن. فإذا كان ممكنا أن يوجد الشىء فإنه ممكن أن لا يوجد وإلا فوجوده ضرورى بدلا من أن يكون ممكنا.(1/36)
فبينما يبين أرسطو متقابلات القضايا ذوات الجهات فى الفصل الثاني عشر ومتلازماتها فى الفصل الثالث عشر بصورة منفصلة نراه لا يشير إلى ما يدل على الارتباط الوثيق بين المطلوبين.
وبيان ابن رشد فى ائتلاف متقابلات القضايا ذوات الجهات يناظر بيان أرسطو لها. وهذا الموضوع يحتاج إلى أن يعالج بإسهاب بسبب الشك الحقيقى فى موضع حرف السلب فى مثل هذه القضايا. فمثلا عند صياغة مقابل القضية الموجبة البسيطة ذات الجهة أى عند صياغة قضية سالبة بسيطة ذات جهة هل ينبغى أن يوضع حرف السلب مع اللفظة الوجودية أى الكلمة الرابطة أو مع المحمول أو فى مكان آخر؟ وبعبارة أخرى ما هو مقابل القضية «يمكن أن يوجد الإنسان عادلا»؟ فإذا وضعنا حرف السلب مع الكلمة الوجودية وقلنا «يمكن أن لا يوجد الإنسان عادلا» لا نكون قد أتينا بالمقابل بل إن هذه القضية ليست إلا بيانا أوفى لمعنى ما هو ممكن. فإذا كان ممكنا أن يوجد الشىء فإنه ممكن أن لا يوجد وإلا فوجوده ضرورى بدلا من أن يكون ممكنا.
ومع ذلك فواضح أننا لا يمكننا وضع حرف السلب مع المحمول فنقول «يمكن أن يوجد الإنسان لا عادلا» لأن هذه القضية أيضا هى بيان أوفى لمعنى الممكن بدلا من مقابله. وهى مثال لقضية موجبة معدولة ذات جهة وليست مثالا لقضية سالبة بسيطة ذات جهة. ولذلك يكون السبيل الوحيد لصياغة مقابل القضية الموجبة ذات الجهة هو أن يوضع حرف السلب مع الجهة ذاتها. فيكون مقابل القضية التي هى «يمكن أن يوجد الإنسان عادلا» هو القضية «ليس يمكن أن يوجد الإنسان عادلا» (22). ومناقشة ابن رشد المتشابكة الطويلة لهذه النقطة التي تبدو لأول وهلة قليلة الشأن تبين بوضوح مدى الصعوبة الحقيقية التي تقف فى سبيل الوصول إلى صياغة صحيحة لذات الجهة السالبة وتؤكد الصلة الوثيقة لهذه المسألة بالمناقشة التالية.
__________
(22) انظر الفقرات 6865بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 2138229.(1/37)
ورغم أن ابن رشد يصل فى النهاية إلى نتائج تماثل نتائج أرسطو فى متلازمات القضايا ذوات الجهات إلا أن خطوات بيانه تختلف كثيرا عن أرسطو. ففى حين يسرد أرسطو أصناف المتلازمات التي تنشأ عن القضايا ذوات الجهات ثم يرتب بعد ذلك أربعا من هذه القضايا تتوازى كل واحدة منها مع ثلاث من متلازماتها فى جدول مكون من أربعة أجزاء، فإن ابن رشد يبدأ بتعريف أربعة أصناف مختلفة من القضايا ذوات الجهات وأيضا متلازمتين لكل صنف، ثم يضع هذه القضايا بعد ذلك فى جدول من جزءين يتألف من ست قضايا ومقابلاتها الست.
وبذلك فإن بيان أرسطو يزيد أربع قضايا عن بيان ابن رشد لأن أرسطو أدرج فى بيانه القضايا المحتملة. ومع هذا فإن مناقشة ابن رشد لهذه القضايا هى أدق بكثير فنيا من مناقشة أرسطو. فهو يعرف أولا كلا من قضاياه الاثنتى عشر وفقا للتعبيرات التي سبق له أن وضعها فى تلخيصه أى موجبة الممكن البسيطة وسالبتها ثم موجبة الممكن المعدولة وسالبتها ثم موجبة الضرورى البسيطة وسالبتها ثم موجبة الضرورى المعدولة وسالبتها ثم موجبة الممتنع البسيطة وسالبتها ثم موجبة الممتنع المعدولة وسالبتها ثم يورد بعد ذلك مثالا لكل من قضاياه. وعلى ذلك فعند ما يرتب هذه القضايا على صورة جدول أو رسم تخطيطى يصبح يسيرا متابعة بيانه. ومع أن سبب اختلاف عدد وترتيب هذه القضايا عند ابن رشد وعند أرسطو واضح فإن الدافع الذي أدى به إلى ذلك لم يتضح لنا بعد (23).
وعلى أية حال فإن الاستعمال المطرد للاصطلاحات الدقيقة عند ابن رشد يسمح له بأن يبين بوضوح المطلوب الذي ينشأ فى متلازمات القضايا الضرورية.
وقبل أن يشير إلى هذا المطلوب يلاحظ هو وأرسطو أن المتناقضات هى
__________
(23) انظر الفقرتين 69، 70بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 221432.(1/38)
متلازمات القضايا الممتنعة والممكنة. وهذا يعنى أن المتلازمة لقضية موجبة ممكنة من ضرب «يمكن أن يوجد» هى قضية سالبة ممتنعة من ضرب «ليس يمتنع أن يوجد». وكذلك المتلازمة لقضية موجبة ممتنعة من ضرب «يمتنع أن يوجد» هى قضية سالبة ممكنة من ضرب «ليس يمكن أن يوجد» (24). ولكن أرسطو وابن رشد كلاهما يلاحظ بشيء من الاهتمام أن الأمور ليست بهذه البساطة بأية حال من جهة القضايا الضرورية. وكما يوضح ابن رشد فإنه يلزم عن القضية الضرورية مقابل القضية المناقضة وليس القضية المتناقضة فقط. ويقدم كلاهما بيانا معقدا جدا لهذا الشذوذ. ولكن النقطة الهامة هى أنه من أجل الدلالات المتعددة التي تستخدم بها لفظة «ممكن» تنشأ الصعوبة عند ما نحاول الكلام عن القضايا الممكنة التي تلزم عن القضايا الضرورية. والتحليل المنطقى لا يساعد فى توضيح المطلوب، بل إن ابن رشد يجد نفسه مضطرا للاعتراف بأن جدوله قد صمم بصورة خاطئة. وفى النهاية يستنتج كلا من مؤلفينا أن بيانه يبرهن على أنه ينبغى أن تبدأ المناقشة فى متلازمات القضايا ذوات الجهات مع فحص عن متلازمات القضايا الضرورية (25).
ويوشى ابن رشد المناقشة بتقديم برهان على قوله إن فى الجهات الضرورية المتلازمة للقضية الموجبة الممكنة البسيطة «يمكن أن يوجد» هى القضية السالبة المعدولة الضرورية «ليس ضروريا أن لا يوجد». ويشتمل برهانه على سرد لجميع أصناف القضايا الضرورية التي قد تلزم عن القضايا الموجبة الممكنة البسيطة أى السالب البسيط والموجب البسيط والموجب المعدول والسالب المعدول
__________
(24) انظر الفقرة 71بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 223337.
(25) انظر الفقرات 8372بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 22382317.(1/39)
وفحص لكل هذه القضايا بعناية. ويحذف بعد ذلك كل شىء فيما عدا القضية السالبة المعدولة الضرورية ويبين لماذا هى متلازمة فعلا (26). وهو يختتم المناقشة بالإشارة مرتين إلى أنه بصدد النقل عن أرسطو، ولكن الجملة التي تعقب كلمة «قال» ليست من نص أرسطو. وأول هذين القولين غير الملتزمين بنص أرسطو يتيح ببساطة لابن رشد الإشارة إلى نتيجة المناقشة السابقة بأسلوب أقوى مما فعله أرسطو، والثاني يسمح له بأن يبين أن هذه المسائل ستناقش بتفصيل أكبر فى الكتاب الذي يعقب كتاب العبارة هذا، وهو كتاب القياس.
يعتقد كل من أرسطو وابن رشد أن مشكلة تحديد الضد الصحيح لقضية معينة جديرة بفصل منفرد، وقد خصص كلاهما الفصل الأخير من كتابيهما لهذا السؤال. وعلى خلاف النهج الذي اتبعه كل منهما فى فصوله السابقة نجد أرسطو يتجه هاهنا مباشرة وبإيجاز إلى حل المشكلة، بينما ينشغل ابن رشد فى مناقشات وتأملات مربكة أكثر مما هى مضيئة. وتنشأ المشكلة من حيث أنه ممكن لأى قضية تقريبا أن يقابلها إما سالبها وإما قضية موجبة التي هى مضادة للقضية الأصلية. ويظهر من المثال الذي استعمله كلا من أرسطو وابن رشد أنه ممكن أن تقابل القضية «كل إنسان عدل» القضية السالبة «ولا إنسان واحد عدل» أو القضية المضادة لها «كل إنسان جائر».
وبافتراض مثل هذه القضية لا يتضح فى الحال أى هذين الصنفين الأخيرين من القضايا يكون أكثر مضادة للقضية الأصلية.
ويدلل أرسطو على جدوى هذا الاستقصاء على أساس أننا لا نشكل دائما حكما عقليا يتطابق مع الحكم الذي يعبر عنه فى القضية المضادة. ولو كان ممكنا
__________
(26) انظر الفقرتين 82، 83بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 231827.(1/40)
الوثوق من أننا سنفهم دائما مدى الدقة التي تزيل بها القضية المضادة القضية التي تقابلها، لما كانت تنشأ مشكلة حقيقية. ولكنا نعجز أحيانا عن إدراك مغزى القضية المضادة أى إدراك أنها مضادة للقضية الأصلية. وفى بعض الحالات فإن ما يبدو قضية مضادة لا يدل فعلا على حكم مضاد. ولذلك فإنه رغم أن ما يقابل القضية «الموت شر» هو القضية «الحياة خير» إلا أنهما ليستا قضيتين متضادتين. وذلك أنهما قضيتان صادقتان. والقضايا المتضادة شأنها أن تصدق إحداها وتكذب الأخرى (27).
ويتأمل ابن رشد فى هذه المشكلة بذاتها إلا أنه يضع المشكلة فى إطار المناقشة السابقة. وبدلا من طرحها على أنها سؤال آخر ينشأ عن الفحص عن اللغة يذكر القارئ بما قد ذكره فى الفصول السابقة ويعرض المشكلة بصورة نعتقد نحن أنها أشد تضادا. فهو يذكر القارئ بالمناقشة التي مرت للمقابلات ويبقى على التمييز الذي سبق أن وضعه بين القضايا المتعلقة بمعان جزئية أو شخصية وتلك المتعلقة بمعان كلية، وذلك أن المشكلة الحالية نحص فقط أصناف المقابلات الأخيرة. وفى هذا الموضع يؤكد ابن رشد على المعتقدات التي نحتفظ بها عن القضايا المتضادة ويخلق بذلك انطباعا مؤداه أنه هو أيضا يرى أن المشكلة تنشأ أساسا بسبب أنا قد نصل إلى أحكام خاطئة عنها. إلا أنه يبدو كما لو كان غير مقتنع بذكر المشكلة بهذه الحدود فقط. فيعود إلى مراجعة بيان أرسطو على أساس احتمال أن لا تتفق أحكامنا العقلية مع معنى الأحكام التي ننطقها فى الكلام.
وبذلك يجعل ابن رشد نقطة الخلاف تتحول إلى البحث عن أى صنف من القضايا هو أحرى أن يقع لنا التصديق به. وهو يأخذ كمقدمة منطقية القول
__________
(27) انظر كتاب العبارة لأرسطو 2328237.(1/41)
المذكور فى بداية تلخيصه من جهة الاتصال بين ألفاظنا والمعانى التي فى نفوسنا ثم يفحص عن قوة اعتقادنا فى مضاد قضية ما وعن قوة اعتقادنا فى سلبها أيهما أقوى اعتقادا لنا. وبعبارة أخرى تعتمد المشكلة التي يفحص عنها ابن رشد على ما قيل من قبل فى اسطقسات اللغة وفى ائتلافها، وليس على التباين المحتمل بين الكلام والإدراك الذهنى (28).
ولكن صياغة المشكلة هكذا هى صياغة غير صحيحة لها. وإن كان ما نعتقد أنه مضاد يشبه ما هو مضاد فى الحقيقة، فإن اعتقاداتنا كثيرة العدد حتى أنه لا يوجد اتصال بين الاعتقاد والحقيقة على الدوام. وابن رشد نفسه يعترف بهذا التباين متحدثا بضمير المتكلم دون الإشارة إلى نص أرسطو. ومثل هذا الاعتراف لا يحثه على الرجوع إلى قول أرسطو فى المشكلة بل يدفعه إلى الكشف عن أصول التباين وبعد ذلك إلى الشرح بما يجعلنا نقبل من غير شك قضية ما كمضادة لقضية أخرى (29). وعند هذه النقطة فقط يعود قوله فى التلخيص إلى السير مع قول أرسطو.
وابن رشد مثل أرسطو، يرى أن القضية السالبة تقوم بصورة أكمل كمضادة لقضية ما. وهو لا ينكر أن كثيرا من الاعتقادات والقضايا قد تكون مضادة لقضية ما، ولكنه يصر على أن هناك اعتقادا واحدا وقضية واحدة اللذان هما المضاد بغير نزاع. والقضية السالبة هى مضاد ذاتى بين فى نفسه. وهذا يعنى أنه فى حين يحتاج إلى المرور بمجموعة من الخطوات المنطقية حتى نفهم
__________
(28) انظر الفقرتين 85و 86بالمقارنة مع الفقرتين 2، 23.
(29) انظر الفقرات 8987بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 23814.(1/42)
لماذا تضاد القضية «كل إنسان يوجد جائرا» القضية «كل إنسان يوجد عادلا» يظهر مباشرة لماذا تكون القضية «ولا إنسان واحد عدل» ضدا لها.
أو كما يبين ابن رشد على سبيل الإيضاح الأكثر، فإن العدم وهو عدم الوجود أكثر مضادة من أى نوع آخر من أنواع التضاد مثل الكون أو الفساد. وغير الوجود أو عدم الوجود هو أكثر مضادة لأنه لا يدخل فى الوجود البتة، وكلا من تلك المتضادات الأخرى تدخل فيه، وإن كان ذلك بالاتفاق فقط. وحيث أن السلب يزيل قوة القضية الموجبة تماما، فإنه يمثل ضدا ذاتيا، وأيضا يمكن استخدامه كمضاد فى غير ذلك من الاعتقادات والقضايا التي ليس لها مضاد (30).
ويحاول أرسطو بعد إثبات أن القضية السالبة أتم تضادا للقضية الموجبة أن يختم قوله ببيان أن انعكاس الحكم السابق صادق أيضا. والغاية هاهنا هى تبيين أن الصلة بين الإيجاب والسلب هى التضاد الأساسى. ويتابع ابن رشد بيان أرسطو فى كل تفصيلاته، ويدعمه بعض الشىء بالتوسع فى بيان سبب عدم تضاد الأشكال الأخرى من إمكانات القضايا. وبعد ذلك ينهى كلا من المؤلفين المناقشة ببيان أن جهة المضادة لا تتأثر بأي حال إذا دل على الإيجاب بتعبيرات كلية. وابن رشد فى سرده المسهب لهذه النقطة مقتنع ببيانه السابق بصورة تجعله يعيد صياغة مصطلحاته الخاصة. فهو الآن يعرف القضية السالبة بأنها الضد المناسب الوحيد، ويبدو أنه نسى أن هناك حالات أخرى للتضاد.
وعلى ذلك فعند ما يشرح صياغة السالب الكلى لقضية موجبة كلية يتكلم عن هذا السالب على أنه الضد فى ذاته وبهذا يبعد المعنى الأكثر شيوعا للضد إلى طى النسيان. ووفقا لملاحظات ابن رشد فى فقرات سابقة فإن ضد القضية «كل
__________
(30) انظر الفقرتين 90و 91بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 231532.(1/43)
إنسان خير» ينبغى أن يكون «كل إنسان ليس بخير». وذلك أن صياغة الضد تكون بتعديل محمول القضية ولكن ابن رشد يقدم هنا القضية «ولا إنسان واحد خير» على أنها هى القضية المضادة. وهو يفعل هذا رغم أنها حالة سالبة فى الحقيقة (31).
وبعد إثبات الغاية الأساسية المنطقية يذكر أرسطو وابن رشد القارئ بأن هذه الإشارات إلى المضادات لها حدود معينة. فمن بين حكمين متضادين يلزم أن يصدق أحدهما وأن يكذب الآخر، والسبب كما يقول ابن رشد:
«ليس يمكن أن يكون حق ضدا لحق ولا اعتقاد حق لاعتقاد حق ولا لفظ مناقض للفظ إذا كان كلاهما يدلان على معنى هو فى نفسه حق».
وهو يواصل بعد ذلك بيان أن المعتقدات المتضادة لا توجد إلا فى القضايا التي موجباتها وسالباتها متقابلة. ورغم أن أرسطو كان قانعا بترك هذه الملاحظات النهائية مع التأكيد على أنه لا يمكن لمتضادتين أن تجتمعا معا فى الموضوع الواحد، فإن ابن رشد يثير انتباه القارئ إلى المناقشة السابقة لهذه المشكلة ويعدد بعد ذلك أصناف القضايا التي تقبل المتضادات (32). وهو بهذا لا يغير قول أرسطو أو يحرفه بأية حال، ولكنه يجعل الغاية أكثر وضوحا بالفعل، ويذكر القارئ بأنه سبق مناقشتها فعلا، وعلى ذلك فابن رشد عند نهاية تلخيصه كما هو الحال فى فصوله السابقة وفى لهدفه وهو تلخيص معانى كتب أرسطو بصورة واضحة مع إضافة تفسيرات مفصلة لمعانى أرسطو التي وردت مقتضبة.
__________
(31) انظر الفقرتين 92و 93، وكذلك الفقرة 94بالمقارنة مع الفقرات 7371و 78 وانظر أيضا كتاب العبارة لأرسطو 2333246.
(32) انظر الفقرتين 95، 24بالمقارنة مع كتاب العبارة لأرسطو 2479.(1/44)
وبهذا المعنى بعد ابن رشد مفسرا كفؤا مفيد النص أرسطو، وهو يرشدنا إلى كيفية قراءة هذا المؤلف، وينبهنا إلى المشاكل التي قد نهملها اولا تنبيهه لنا على وجودها. واهتمام ابن رشد المتوالى بالتفسير المتقن يؤدى به إلى الاستفاضة فى عرض المعانى المتضمنة فى ملاحظات أرسطو وإلى الكشف عن ما يجمع الأجزاء المختلفة للنص. ومعرفة ابن رشد ووعيه بآراء المفسرين المتقدمين لكتاب أرسطو يتيحان له أن يطيل فى تبيين ملاحظات أرسطو دون أن يؤدى به ذلك إلى إساءة الفهم أو الشرح أو إلى استنباط نتائج ينكرها أرسطو. وعلى العكس من ذلك فإن طريقة عرض ابن رشد التي اختارها لتلخيص كتاب أرسطو ساهمت فى تأويل أوفى وأدق للنص مع إدراك لوصف أرسطو الشامل لكيفية تأدية اللغة لوظيفتها.
ومع ذلك فقد بقيت عدة مسائل فى نص أرسطو لم يحلها ابن رشد بصورة مرضية تماما. وعلى سبيل المثال فبينما كان من الواضح أن ملاحظات أرسطو عن الجهة التي تدل عليها اللغة لأى شخص يعرف اللغة اليونانية يمكن توضيحها لشخص متمكن من العربية، لا نجد بيانا واضحا للصلة بين اللغة والطبيعة والوضع. ونحن نلاحظ أنه يمكن الحديث عبر تقاليد لغوية عن القواعد التي تحكمها ونقبل التأكيد بأنا جميعا ندرك نفس الموجودات الطبيعية، مهما قمنا بالتعبير عن تلك الموجودات وعن علاقاتها بتقاليدنا اللغوية المختلفة. ولكنا لا نصادف هاهنا بيانا كاملا لحصولنا على هذه الصورة العامة. وأيضا فإننا انتهينا من هذا التلخيص بفهم أوضح لصياغة القضايا ووعى أكبر للعلاقات المختلفة بين قضايانا، إلا أنا لا نفهم فى الحقيقة لماذا هى صحيحة. وقد شرح ابن رشد ما قاله أرسطو عن تلك العلاقات، كما طور تماما ملاحظات أرسطو ولكنه لم يدلل على صحتها ولم يبين مغزاها.
ورغم أن الغرض الأقصى من معرفة مقابلة القضايا بعضها لبعض وتلازمها ينبغى أن
يجعلنا قادرين على صياغة مقدمات القياسات المنطقية بوضوح أكثر فإن ابن رشد لا يكاد يذكر كيف تعدنا هذه الأمور لفهم ما سيذكر فى كتاب القياس.(1/45)
ورغم أن الغرض الأقصى من معرفة مقابلة القضايا بعضها لبعض وتلازمها ينبغى أن
يجعلنا قادرين على صياغة مقدمات القياسات المنطقية بوضوح أكثر فإن ابن رشد لا يكاد يذكر كيف تعدنا هذه الأمور لفهم ما سيذكر فى كتاب القياس.
وكذلك فيما عدا إشارات ابن رشد هاهنا للملاحظات عن العدم المشار إليها فى كتاب المقولات لا نجد أية محاولة لربط تعليم ذلك الكتاب بتعليم هذا الكتاب.
وهناك بعض المسائل التي لم يذكرها أرسطو كنا ننتظر من ابن رشد أن يثيرها.
فبالرغم من المشاكل الواضحة فى وصف أرسطو لمبدإ التناقض فإنه يدافع عنه بأنه يجب أن يكون مبدأ ذاتيا ولا بد. ويعدل ابن رشد وصف أرسطو بصورة تكفى لمساندة وجود الأمور الممكنة المستقبلة ومساندة الصعوبات المحيطة بالعلاقات بين القضايا الممكنة والضرورية، ولكنه يترك المبدأ سليما وتبين سبب فعل ابن رشد ذلك يتيح لنا أن ندرك المبدأ بصورة أكمل. وأيضا إذا عرفنا لماذا يقبل ابن رشد مصطلحات المفسرين ويرتب قضايا أرسطو فى صورة قضايا ثنائية وقضايا ثلاثية قد نفهم مدى استخدامه لهذه التفاسير وتقديره لفائدتها. وأيضا كنا نحب بيانا أطول يوضح لنا لماذا بعض المتقابلات ليست دائما متقابلة.
ويمدنا ابن رشد بالخيوط الأولى لذلك بوصفه لجهات تقابل كل صنف من أصناف هذه القضايا المتقابلة أو عدم تقابلها. ولكنه لا يتجاوز ذلك التعديد إلى البحث عن سبب حدوث ذلك.
ومع ذلك قد يكون من غير الإنصاف أن ننقد ابن رشد لتقصيره فى توضيح المسائل التي تركها أرسطو غامضة أو لنفوره من إثارة مسائل لم يثرها أرسطو قط.
وعلى كل حال فقد ذكر ابن رشد أن هدفه إنما هو بيان مذهب أرسطو وهو لا يدعى فى أى مكان أنه يقصد إلى تنقيح ذلك المذهب. وبالإضافة إلى ذلك
فإن تلخيصه شاهد صادق على الجمع بين العمق والبساطة الذي تعودنا أن نجده فى كتب القدماء. ويثير الكتاب من المسائل أكثر مما يحل، وذلك لأنه يجعلنا نفكر جنبا إلى جنب مع المؤلف. وبذلك يزودنا كل من ابن رشد وأرسطو بعناصر الإجابة على السؤال حول العلاقة بين الطبيعة واللغة والوضع دون أن يزودنا فى الواقع بإجابة ما. ويبين لنا كلاهما كيف تنشأ اللغة بالوضع ويؤديان بنا إلى التفكير فى المدى الذي تعكس فيه اللغة النظام الطبيعى. ولكن لا يصرح أى منهما كيف تدل اللغة على هذا الأمر، لأن مثل هذا السرد يعتمد على بحث آخر فى الطبيعة وفى النفس البشرية. ومع ذلك الإغفال منهما فإن كلاهما يؤكد على أن مثل هذا البحث سوف يكشف عن العلاقة بينهما لأن كلاهما مقتنع بأن النفس البشرية يمكنها إدراك النظام الطبيعى. وهذا يعنى أن كلاهما يرى أنه يمكن للإنسان أن يفهم العالم الذي يعيش فيه، ليس فقط لأن الإنسان له قوة عقلية على أن يفعل ذلك بل أيضا لأن من شأن العالم أنه معلوم ومدرك. إلا أن مؤلفينا يقتصران هنا على بحث الآلات التي نستطيع بها متابعة المهمة وهى الأقاويل، والأسماء والكلمات التي تؤلفها، ومتلازماتها أو متقابلاتها.(1/46)
وعلى كل حال فقد ذكر ابن رشد أن هدفه إنما هو بيان مذهب أرسطو وهو لا يدعى فى أى مكان أنه يقصد إلى تنقيح ذلك المذهب. وبالإضافة إلى ذلك
فإن تلخيصه شاهد صادق على الجمع بين العمق والبساطة الذي تعودنا أن نجده فى كتب القدماء. ويثير الكتاب من المسائل أكثر مما يحل، وذلك لأنه يجعلنا نفكر جنبا إلى جنب مع المؤلف. وبذلك يزودنا كل من ابن رشد وأرسطو بعناصر الإجابة على السؤال حول العلاقة بين الطبيعة واللغة والوضع دون أن يزودنا فى الواقع بإجابة ما. ويبين لنا كلاهما كيف تنشأ اللغة بالوضع ويؤديان بنا إلى التفكير فى المدى الذي تعكس فيه اللغة النظام الطبيعى. ولكن لا يصرح أى منهما كيف تدل اللغة على هذا الأمر، لأن مثل هذا السرد يعتمد على بحث آخر فى الطبيعة وفى النفس البشرية. ومع ذلك الإغفال منهما فإن كلاهما يؤكد على أن مثل هذا البحث سوف يكشف عن العلاقة بينهما لأن كلاهما مقتنع بأن النفس البشرية يمكنها إدراك النظام الطبيعى. وهذا يعنى أن كلاهما يرى أنه يمكن للإنسان أن يفهم العالم الذي يعيش فيه، ليس فقط لأن الإنسان له قوة عقلية على أن يفعل ذلك بل أيضا لأن من شأن العالم أنه معلوم ومدرك. إلا أن مؤلفينا يقتصران هنا على بحث الآلات التي نستطيع بها متابعة المهمة وهى الأقاويل، والأسماء والكلمات التي تؤلفها، ومتلازماتها أو متقابلاتها.(1/47)
وعلى كل حال فقد ذكر ابن رشد أن هدفه إنما هو بيان مذهب أرسطو وهو لا يدعى فى أى مكان أنه يقصد إلى تنقيح ذلك المذهب. وبالإضافة إلى ذلك
فإن تلخيصه شاهد صادق على الجمع بين العمق والبساطة الذي تعودنا أن نجده فى كتب القدماء. ويثير الكتاب من المسائل أكثر مما يحل، وذلك لأنه يجعلنا نفكر جنبا إلى جنب مع المؤلف. وبذلك يزودنا كل من ابن رشد وأرسطو بعناصر الإجابة على السؤال حول العلاقة بين الطبيعة واللغة والوضع دون أن يزودنا فى الواقع بإجابة ما. ويبين لنا كلاهما كيف تنشأ اللغة بالوضع ويؤديان بنا إلى التفكير فى المدى الذي تعكس فيه اللغة النظام الطبيعى. ولكن لا يصرح أى منهما كيف تدل اللغة على هذا الأمر، لأن مثل هذا السرد يعتمد على بحث آخر فى الطبيعة وفى النفس البشرية. ومع ذلك الإغفال منهما فإن كلاهما يؤكد على أن مثل هذا البحث سوف يكشف عن العلاقة بينهما لأن كلاهما مقتنع بأن النفس البشرية يمكنها إدراك النظام الطبيعى. وهذا يعنى أن كلاهما يرى أنه يمكن للإنسان أن يفهم العالم الذي يعيش فيه، ليس فقط لأن الإنسان له قوة عقلية على أن يفعل ذلك بل أيضا لأن من شأن العالم أنه معلوم ومدرك. إلا أن مؤلفينا يقتصران هنا على بحث الآلات التي نستطيع بها متابعة المهمة وهى الأقاويل، والأسماء والكلمات التي تؤلفها، ومتلازماتها أو متقابلاتها.
منهج التحقيق
أعتمد هذا التحقيق الخاص بتلخيص كتاب العبارة مثله فى ذلك مثل تحقيقنا للكتاب السابق وهو تلخيص كتاب المقولات على ست مخطوطات، وبالرغم من معرفتنا بوجود تسع مخطوطات أخرى لم نتمكن حتى الآن من الحصول على مصورات لها. إلا أن هذه المخطوطات التسعة تنتمى إلى أسرة من المخطوطات اعتمدنا أربعا منها فى تحقيقنا هذا. وهذه المخطوطات فى رأينا لا تؤثر كثيرا على تحقيقنا الحالى، فهى من خلال الأوصاف المقدمة عنها فى الفهارس تنتمى إلى أسرة متأخرة، بالإضافة إلى حداثة تاريخ نسخها ومشابهتها لما اعتمدنا عليه من نسخ تلك الأسرة من ناحية الأخطاء ونقص بعض الفقرات.
والأهم من ذلك أنها مثل المخطوطات الأربعة التي اعتمدنا عليها لا تحوى إلا تلخيصا لأربعة من الكتب الأولى فقط وهى المقولات والعبارة والقياس والبرهان، وقد كتبت جميعهما بالمشرق الأسيوى. وعلى ذلك فإن الرغبة العلمية فى تقصى كل النسخ هى فقط التي تدعو إلى الأسف لعدم تمكننا من الحصول على مصورات هذه المخطوطات التسعة.
والنص المقدم هنا مبنى أساسا على استخدامنا لمخطوطتين قديمتين هما أقدم مخطوطات الكتاب فيما نعلم، ونعنى بهما مخطوطة مكتبة لورنزيانا رقم 54، بمدينة فلورنزا، ومخطوطة مكتبة جامعة ليدن رقم 2073بهولندا. وقد بلغت عدد حالات القراءة التي اختلفت فيها روايات المخطوطتين 295حالة، فضلنا
قراءة مخطوطة فلورنزا فى 219حالة منها. والدافع إلى ذلك هو الاقتناع بأن مخطوطة فلورنزا قد قدمت فى هذه الحالات رواية أفضل وضرورية لأن يستقيم النص. وهناك أسباب أخرى سبق بيانها فى مقدمة كتاب المقولات دفعت إلى اعتبار مخطوطة فلورنزا أصلا أول فى التحقيق وهى قدم مخطوطة فلورنزا الزمنى عن قرينتها مخطوطة ليدن، وأيضا ما ثبت من الفحص الداخلى للنص حيث استبان لنا أن الأصل الذي نقلت عنه نسخة فلورنزا يمثل فترة زمنية لفكر ابن رشد أحدث مما يمثله نص مخطوطة ليدن، يدعم ذلك أيضا دقة العبارة اللغوية المستخدمة فى نسخة فلورنزا عند ما يكون هناك اختلاف بين رواياتيهما.(1/49)
والنص المقدم هنا مبنى أساسا على استخدامنا لمخطوطتين قديمتين هما أقدم مخطوطات الكتاب فيما نعلم، ونعنى بهما مخطوطة مكتبة لورنزيانا رقم 54، بمدينة فلورنزا، ومخطوطة مكتبة جامعة ليدن رقم 2073بهولندا. وقد بلغت عدد حالات القراءة التي اختلفت فيها روايات المخطوطتين 295حالة، فضلنا
قراءة مخطوطة فلورنزا فى 219حالة منها. والدافع إلى ذلك هو الاقتناع بأن مخطوطة فلورنزا قد قدمت فى هذه الحالات رواية أفضل وضرورية لأن يستقيم النص. وهناك أسباب أخرى سبق بيانها فى مقدمة كتاب المقولات دفعت إلى اعتبار مخطوطة فلورنزا أصلا أول فى التحقيق وهى قدم مخطوطة فلورنزا الزمنى عن قرينتها مخطوطة ليدن، وأيضا ما ثبت من الفحص الداخلى للنص حيث استبان لنا أن الأصل الذي نقلت عنه نسخة فلورنزا يمثل فترة زمنية لفكر ابن رشد أحدث مما يمثله نص مخطوطة ليدن، يدعم ذلك أيضا دقة العبارة اللغوية المستخدمة فى نسخة فلورنزا عند ما يكون هناك اختلاف بين رواياتيهما.
وقد سبق لنا أن بينا فى مقدمة كتاب المقولات وصفا دقيقا للنسخ لا داعى لإعادته هاهنا. ولكن سنبين فقط أين يقع تلخيص كتاب العبارة فى كل من هذه المخطوطات. يقع كتاب العبارة فى مخطوطة فلورنزا فى 11ورقة، فيبدأ فى الورقة 12ب وإلى الورقة 22و. ويقع فى مخطوطة ليدن فى 12ورقة، فيبدأ بالورقة 12وثم ينتهى بالورقة 22ظ، مع ملاحظة أن الورقة 20قد تكرر ترقيمها.
وقد أشرنا بهامش النص المطبوع إلى أرقام أوراق مخطوطتى فلورنزا وليدن اللتين اتخذناهما أصلا للتحقيق. أما مجموعة المخطوطات الأخرى والتي اتخذت أصولا مساعدة فأولاها مخطوطة دار الكتب المصرية بالقاهرة رقم 9منطق، ويقع تلخيص العبارة بها فى 30ورقة، تبدأ فى الورقة 27ظ وتنتهى فى الورقة 57ظ.
وقد قدمت مخطوطة القاهرة فى أحد عشر حالة (انظر الفقرة 7ملاحظة 3، الفقرة 23ملاحظة 6، الفقرة 24ملاحظة 8وملاحظة 10، الفقرة 31ملاحظة 5، الفقرة 34ملاحظة 1، الفقرة 42ملاحظة 9، الفقرة 56ملاحظة 5، الفقرة 72ملاحظة 3، الفقرة 75ملاحظة 3، الفقرة 83ملاحظة 4) قراءة أفضل
مما فى مخطوطتى فلورنزا وليدن. وثانية هذه المخطوطات هى مخطوطة مشكاة رقم 375بطهران ويقع كتاب العبارة بها فى 21ورقة تبدأ فى الورقة 18وثم ينتهى فى الورقة 37ظ، مع ملاحظة أنه قد سقط ترقيم ورقة بعد الورقة رقم 33.(1/50)
وقد قدمت مخطوطة القاهرة فى أحد عشر حالة (انظر الفقرة 7ملاحظة 3، الفقرة 23ملاحظة 6، الفقرة 24ملاحظة 8وملاحظة 10، الفقرة 31ملاحظة 5، الفقرة 34ملاحظة 1، الفقرة 42ملاحظة 9، الفقرة 56ملاحظة 5، الفقرة 72ملاحظة 3، الفقرة 75ملاحظة 3، الفقرة 83ملاحظة 4) قراءة أفضل
مما فى مخطوطتى فلورنزا وليدن. وثانية هذه المخطوطات هى مخطوطة مشكاة رقم 375بطهران ويقع كتاب العبارة بها فى 21ورقة تبدأ فى الورقة 18وثم ينتهى فى الورقة 37ظ، مع ملاحظة أنه قد سقط ترقيم ورقة بعد الورقة رقم 33.
وقد قدمت مخطوطة مشكاة قراءة أفضل مما فى مخطوطتى فلورنزا وليدن اتفقت مع القراءات السابقة لمخطوطة القاهرة فى سبع من الحالات الأحد عشر فقط (انظر الفقرة 7ملاحظة 3، الفقرة 24ملاحظة 8، الفقرة 42ملاحظة 9، الفقرة 56ملاحظة 5، الفقرة 72ملاحظة 3، الفقرة 75ملاحظة 3، الفقرة 83ملاحظة 4) ثم قدمت فى مرة واحدة (الفقرة 66ملاحظة 1) كلمة لم ترد فى سائر المخطوطات. وقدمت فى موضعين آخرين (الفقرة 11ملاحظة 6، الفقرة 57ملاحظة 5) قراءة أفضل مما فى مخطوطتى فلورنزا وليدن ومما فى مخطوطة القاهرة. أما الفقرات الباقية فى ملاحظات مخطوطة القاهرة (وهى الفقرة 23ملاحظة 6، الفقرة 24ملاحظة 10، الفقرة 31ملاحظة 5، الفقرة 34ملاحظة 1) فإن مخطوطة مشكاة قد اتفقت مع مخطوطتى فلورنزا وليدن.
وأما مخطوطة مكتبة شستربيتي رقم 3769بدبلن فإن نص كتاب العبارة يقع بها فى 31ورقة، تبدأ فى الورقة 29ظ وتنتهى فى الورقة 60و. وقد اتفقت قراءة هذه المخطوطة مع مخطوطة القاهرة فى تسعة مواضع من المواضع الأحد عشر السابق الإشارة إليها، واختلفت معها فى موضعين (الفقرة 24ملاحظة 8 وملاحظة 10) وقدمت قراءة واحدة موافقة لقراءة مخطوطة مشكاة فى الفقرة 57ملاحظة 5. أما المخطوطة الرابعة وهى مخطوطة مكتبة شوراى ملى رقم 5496 بطهران، فإن نص كتاب العبارة يقع بها فى 26ورقة، تبدأ بالورقة 25وإلى
الورقة 50و. وقد اتفقت قراءة هذه المخطوطة مع جميع القراءات السابق الإشارة إليها من مخطوطة شستربيتي.(1/51)
وأما مخطوطة مكتبة شستربيتي رقم 3769بدبلن فإن نص كتاب العبارة يقع بها فى 31ورقة، تبدأ فى الورقة 29ظ وتنتهى فى الورقة 60و. وقد اتفقت قراءة هذه المخطوطة مع مخطوطة القاهرة فى تسعة مواضع من المواضع الأحد عشر السابق الإشارة إليها، واختلفت معها فى موضعين (الفقرة 24ملاحظة 8 وملاحظة 10) وقدمت قراءة واحدة موافقة لقراءة مخطوطة مشكاة فى الفقرة 57ملاحظة 5. أما المخطوطة الرابعة وهى مخطوطة مكتبة شوراى ملى رقم 5496 بطهران، فإن نص كتاب العبارة يقع بها فى 26ورقة، تبدأ بالورقة 25وإلى
الورقة 50و. وقد اتفقت قراءة هذه المخطوطة مع جميع القراءات السابق الإشارة إليها من مخطوطة شستربيتي.
وقد قسمنا النص المقدم هنا كما فى كل تحقيقاتنا لتلاخيص كتب أرسطو فى المنطق إلى فقرات وحاولنا أن تكون كل فقرة دالة على قول أرسطو حين يذكر ابن رشد كلمة «قال»، أو أن تكون دالة على قول لأرسطو ولم يذكر ابن رشد كلمة «قال» أو عند ما يذكر ابن رشد أقوالا ليست من نص أرسطو. وفى الأحوال التي لم يشر ابن رشد فيها إلى أرسطو بكلمة «قال» كان تقسيمنا للنص إلى فقرات وما ذكرناه بهامشه من أرقام لصفحات وسطور نص أرسطو كما ورد فى نشرة بيكر لكتب أرسطو (برلين 1831م) خير معين لمتابعة نص أرسطو وأيضا لإبراز إبداع ابن رشد حين يتحرر من نص أرسطو ليذكر شيئا مما أغفله أرسطو، أو ليقول ما يريد قوله مما يكون مفيدا لفهم نص أرسطو. وقد رتبنا الملاحظات فى الهامش تبعا لتسلسل أرقام الفقرات وسلسلت الملاحظات الخاصة بكل فقرة على حدة، وأشرنا أيضا فى الهوامش مقترنة بنجمة إلى المصادر التي رجع إليها ابن رشد وأشار إليها سواء كتب أرسطو أو ابن رشد نفسه أو غيرها.(1/52)
وقد قسمنا النص المقدم هنا كما فى كل تحقيقاتنا لتلاخيص كتب أرسطو فى المنطق إلى فقرات وحاولنا أن تكون كل فقرة دالة على قول أرسطو حين يذكر ابن رشد كلمة «قال»، أو أن تكون دالة على قول لأرسطو ولم يذكر ابن رشد كلمة «قال» أو عند ما يذكر ابن رشد أقوالا ليست من نص أرسطو. وفى الأحوال التي لم يشر ابن رشد فيها إلى أرسطو بكلمة «قال» كان تقسيمنا للنص إلى فقرات وما ذكرناه بهامشه من أرقام لصفحات وسطور نص أرسطو كما ورد فى نشرة بيكر لكتب أرسطو (برلين 1831م) خير معين لمتابعة نص أرسطو وأيضا لإبراز إبداع ابن رشد حين يتحرر من نص أرسطو ليذكر شيئا مما أغفله أرسطو، أو ليقول ما يريد قوله مما يكون مفيدا لفهم نص أرسطو. وقد رتبنا الملاحظات فى الهامش تبعا لتسلسل أرقام الفقرات وسلسلت الملاحظات الخاصة بكل فقرة على حدة، وأشرنا أيضا فى الهوامش مقترنة بنجمة إلى المصادر التي رجع إليها ابن رشد وأشار إليها سواء كتب أرسطو أو ابن رشد نفسه أو غيرها.
رموز الكتاب
ف: مخطوطة رقم 54، فى مكتبة لورنزيانا بمدينة فلورنزا بإيطاليا.
ل: مخطوطة رقم 2073فى مكتبة جامعة ليدن بهولندا.
ق: مخطوطة رقم 9منطق فى دار الكتب والوثائق القومية بمصر.
م: مخطوطة رقم 375مشكاة فى المكتبة المركزية بجامعة طهران بإيران.
د: مخطوطة رقم 3769فى مكتبة شستربيتى بدبلن بإيرلندا.
ش: مخطوطة رقم 5496فى مكتبة شوراى ملى بطهران بإيران.
هـ: إهمال فى النقط.
ح: فى الحاشية.
يد 2: ما كتبته يد غير يد ناسخ المخطوطة.
: زيادة.
: نقص.(1/53)
: نقص.
تلخيص كتاب العبارة لابن رشد(1/55)
بسم الله الرحمن الرحيم [صلى الله على] (1) [محمد وآله] (2)
الفصل الأول
(1) قال: وينبغى أن نقول أولا ما هو الاسم وما هى الكلمة. ثم نقول بعد ذلك ما هو الإيجاب والسلب وبالجملة ما هو الحكم والقول الذي هو جنس (3)
الإيجاب والسلب.
(2) فنقول: إن الألفاظ التي ينطق بها هى دالة أولا على المعانى التي فى النفس، والحروف التي تكتب هى (4) دالة أولا على هذه الألفاظ. وكما أن الحروف المكتوبة أعنى الخط ليس هو واحدا بعينه لجميع الأمم كذلك الألفاظ التي يعبر بها عن المعانى ليست (5) واحدة بعينها عند جميع الأمم. ولذلك كانت دلالة هذين (6) بتواطؤ لا بالطبع. وأما المعانى التي فى النفس، فهى واحدة بعينها للجميع كما أن الموجودات التي المعانى التي فى النفس أمثلة لها ودالة عليها هى واحدة وموجودة بالطبع للجميع. ولكن القول فى جهة دلالة المعانى التي
__________
(1) عنوان صلى على ف، ل: سيدنا ل ق، م، د، ش.
(2) محمد وآله ف، ل: وسلم تسليما كتاب العبارة ل ق، م، د، ش.
(3) جنس ف، ل، ق، م، د، ش: يعرض له (ح) ف.
(4) هى ف: ل، ق، م، د، ش.
(5) ليست ف، ل، ق، م، د، ش: هى ل، ق، م، د، ش.
(6) هذين ف، ق، م، د، ش: هاتين ل.(1/57)
فى النفس على الموجودات خارج النفس هو من غير هذا العلم. وقد تكلم فيه فى كتاب النفس.
(3) والألفاظ تشبه المعانى المعقولة فى أنه كما أن الشىء ربما كان معقولا من غير أن يتصف بالصدق والكذب، كذلك اللفظ ربما كان مفهوما من غير أن يتصف بصدق ولا كذب. وكما أنه ربما كان المعقول / من الشىء يتصف بالصدق والكذب، كذلك اللفظ قد يكون ما يفهم منه يتصف (1)
بالصدق والكذب. والصدق والكذب إنما يلحق المعانى المعقولة والألفاظ الدالة عليها متى ركب بعضها إلى بعض أو فصل بعضها من بعض. وأما متى أخذت مفردة، فإنه ليس تدل (2) على صدق ولا كذب. والاسم والكلمة يشبهان المعانى المفردة التي لا تصدق ولا تكذب، وهى التي تؤخذ من غير تركيب ولا تفصيل. مثال ذلك قولنا إنسان وبياض، فإنه متى لم يقترن به يوجد أو ليس يوجد فليس هو بعد لا صادقا ولا كاذبا، بل إنما يدل على الشىء المشار إليه من غير أن يتصف ذلك الشىء بصدق ولا كذب. ولذلك كان قولنا عنز أيل وعنقاء مغرب ليس يتصف بصدق ولا كذب ما لم يقترن (3) بذلك (4) يوجد أو ليس يوجد إما مطلقا وإما فى زمان فنقول عنز أيل موجود عنز أيل غير موجود أو عنز أيل يوجد أو لا يوجد.
__________
(1) يتصف ف، م: متصف ل، ق متصفا د، ش.
(2) تدل ف: يدل ل، ق، م، د، ش.
(3) يقترن، ف، د: يقرن ل، م، ش يقتيرن ق.
(4) بذلك ف، ل، ق، م، د، ش: قولنا ل، د، ش.(1/58)
القول فى الاسم
(4) والاسم هو لفظ دال بتواطؤ على معنى مجرد من الزمان من غير أن يدل واحد من أجزائه إذا أفرد على جزء من ذلك المعنى سواء كان الاسم المفرد بسيطا مثل زيد أو عمرو أو مركبا مثل عبد الملك الذي هو اسم لرجل. وذلك أن عبد الملك الذي هو اسم لرجل إذا أفرد عنه عبد أو الملك لم يدل على جزء من المعنى الذي دل عليه مجموعهما كما يدل عليه فى قولنا عبد الملك إذا أردنا أنه عبد لملك. فإن عبدا يدل هاهنا على جزء من المعنى الذي دل عليه قولنا عبد الملك، وكذلك الملك يدل على جزء من المعنى. والفرق بين الأسماء البسيطة والأسماء المركبة مثل عبد قيس وبعل بك أن الجزء من الاسم البسيط وهو المقطع الواحد من المقاطع التي تركب (1) منها الاسم ليس يدل على شىء أصلا لا بالذات ولا بالعرض مثل الزاى من زيد. وأما الجزء من الاسم المركب، فليس يدل إذا أفرد إلا بالعرض مثل أن يتفق لمن اسمه عبد الملك أن يكون عبدا لملك.
(5) وإنما زيد فى حد الاسم بتواطؤ من قبل أن الألفاظ التي ينطق بها الناس ليست دالة بالطبع مثل كثير من الأصوات (2) التي تنطق بها
__________
(1) تركب ف: ركب ل، ق، م، د، ش.
(2) الاصوات ف، ق، م، د، ش: الالفاظ ل.(1/59)
الحيوانات وهى الأصوات (1) التي لا تكتب. فإن الأصوات (2) التي ينغم بها كثير من الحيوان مؤلفة من المقاطع التي تؤلف منها الألفاظ التي ينطق بها الإنسان أو من مقاطع مؤلفة من حروف تقاربها فى المخرج وهى دالة على معان فى أنفسها (3)
عند الحيوان.
(6) / والاسم منه محصل وغير (4) محصل. فأما المحصل فهو الاسم الدال على الملكات مثل إنسان وفرس. وأما غير المحصل فهو الاسم الذي يركب (5)
من اسم الملكة وحرف لا فى الألسنة التي يستعمل فيها هذا النوع من الاسم مثل قولنا لا إنسان ولا حيوان. وهذا الصنف من الأسماء إنما سمى اسما غير محصل لأنه لا يستحق أن يسمى اسما بإطلاق إذ كان لا يدل على ملكة ولا هو أيضا قول سالب لأن دلالته دلالة الاسم المفرد وإن كان مركبا. ولذلك قد يلحقه السلب كما يلحق الاسم المحصل.
(7) والاسم أيضا إذا نصب أو خفض أو غير تغييرا آخر مما أشبه ذلك لم يقل فيه إنه اسم بإطلاق بل [اسما مصرفا] (6). فتكون الأسماء [أيضا منها] (7)
__________
(1) الاصوات ف، ق، م، د، ش: الالفاظ (مع علامة صح ح) ف، ل.
(2) الاصوات ف، ق، م، د، ش: الالفاظ (مع علامة صح ح) ف، ل.
(3) انفسها ف، ل، ق، م، د، ش: اعنى ل، ق، م، د، ش.
(4) وغير ف: ومنه غير ل، ق، م، د، ش.
(5) يركب ف: (هـ) ل تركب ق، د، ش يتركب م.
(6) اسما مصرفا ف: اسم مصرف ل، ق، م، د، ش.
(7) ايضا منها ف: منها ايضا ل، ق، م، د، ش.(1/60)
مصرفة ومنها غير مصرفة. والحد الذي حد به الاسم يشملها جميعا، إلا أن الفرق بين المصرف وغير المصرف وهو المرفوع فى كلام العرب أنه إذا أضيف إلى الأسماء المصرفة وهى التي تسمى المائلة أيضا مثل (1) كان أو يكون أو هو الآن فقيل زيدا كان بالنصب أو زيد يكون بالخفض لم يصدق ولم يكذب. والاسم الغير مصرف وهو المسمى المستقيم إذا أضيف إليه واحد من هذه، كان صادقا أو كاذبا مثل قولنا زيد كان أو زيد وجد بالرفع.
(8) فهذا هو ما ذكره من حد الاسم وأصنافه.
القول فى الكلمة
(9) والكلمة وهى (2) التي تسمى عند نحويى (3) العرب الفعل هى لفظ دال على معنى وعلى زمان ذلك المعنى المحصل بأحد الأزمان الثلاثة التي هى الماضى أو الحاضر أو المستقبل، وليس واحد من أجزائه يدل أيضا على انفراده وذلك بالذات. وخاصة الكلمة أنها تكون أبدا خبرا لا مخبرا عنه ومحمولا لا موضوعا.
ولذلك تدل أبدا على معنى شأنه أن يحمل على غيره، وذلك إما بأن (4) تكون بصيغتها تدل على المعنى المحمول وعلى ارتباط المحمول بالموضوع وذلك حيث تكون خبرا بنفسها مثل قولك زيد يصح وزيد (5) يمشى وإما أن تكون بصيغتها تدل على ارتباط المحمول بالموضوع إذا كان المحمول اسما من الأسماء مثل قولك زيد
__________
(1) مثل ق، م، د، ش: ف، ل.
(2) وهى ل، ق، م، ش: ف هى د.
(3) نحويى ف: ل، ق، م، د، ش.
(4) بان ف، ق، م، ش: ان ل، د.
(5) وزيد ف: زيد ل، ق، م، د، ش.(1/61)
يوجد حيوانا. والمحمول الذي / يدل (1) على ارتباطه بالموضوع، إما أن يكون مما يقال فى موضوع وذلك إذا كان عرضا فى الموضوع وإما أن يكون مما يقال على موضوع إذا كان [المحمول جزءا من الموضوع] (2). وما زيد فى حد الكلمة من أنها تدل مع دلالتها على المعنى على زمان ذلك المعنى هو الفصل الذي به تفارق الكلمة الاسم. وذلك أن قولنا يصح وهو كلمة يدل على ما يدل عليه قولنا (3) صحة وهو اسم وعلى الزمان الحاضر أو المستقبل الذي فيه (4) توجد الصحة.
(10) والكلية أيضا منها محصلة ومنها غير محصلة. والمحصلة هى التي تدل على المعنى الذي يدل عليه الاسم المحصل وعلى زمان ذلك المعنى. والغير محصلة هى التي تدل على ما يدل عليه الاسم الغير محصل (5) وعلى زمان ذلك المعنى. وذلك هو عدم ما يدل عليه الاسم المحصل أعنى العدم الذي حد فى كتاب المقولات (6)، مثل قولنا لاصح فإنه يدل على ما يدل عليه قولنا لا صحة وعلى زمان ذلك المعنى.
والكلمة الغير محصلة هى نوع من أنواع الكلمة، إذ كانت داخلة تحت الحد المتقدم للكلمة بإطلاق وموجود لها الخاصة المتقدمة للكلمة وهو أنها أبدا إنما
__________
(1) يدل ل، ق، م، د، ش: تدل ف.
(2) المحمول الموضوع ف، ق، م، د: الموضوع جزءا من المحمول ل المحمول من الموضوع ش.
(3) قولنا ل، ق، م، د، ش: ف.
(4) فيه ف، ق، م، د، ش: ل.
(5) محصل ل: المحصل ف، ق، م، د، ش.
(6) انظر تلخيص كتاب المقولات لابن رشد، تحقيق قاسم وبترورث وهريدى (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980) الفقرة 92والفقرة 93.(1/62)
تدل على ما شأنه أن يحمل على غيره إما حمل الشىء على الموضوع وإما (1) فى الموضوع. وإنما سمى هذا الصنف كلمة غير محصلة لأنها مشتقة من اسم غير محصل. وهذا النوع من الكلم غير موجود فى لسان العرب، كما كان الاسم غير المحصل غير موجود.
(11) والكلمة منها (2) المصرفة ومنها غير المصرفة وهى التي يقال اسم الكلمة عليها بإطلاق. والكلمة الغير مصرفة هى التي تدل فى لسان كثير من الأمم على الزمان الحاضر، والمصرفة هى التي تدل على الزمان الذي يوجد كأنه دائر حول الزمان الحاضر وهو الزمان الماضى والمستقبل. وليس للزمان الحاضر صيغة خاصة فى لسان العرب. وإنما الصيغة التي توجد له فى كلام العرب مشتركة بين الحاضر / والمستقبل مثل قولنا يصح ويمشى. ولذلك قال [نحويو العرب] (3)
إنهم إذا أرادوا أن يخلصوها للاستقبال أدخلوا عليها السين أو سوف فقالوا سيصح أو (4) سيمشى. والزمان الحاضر هو (5) الذي يأخذه الذهن موجودا بالفعل ومشار إليه مثل قولنا هذه الساعة وهذا الوقت. ولذلك قيل اسم الزمان على هذا بإطلاق، إذ كان هو الأعرف عند الجمهور وكان بالإضافة إليه يفهم الزمان الماضى والمستقبل. فإن الماضى هو المتقدم لهذا الزمان والمستقبل هو المتأخر
__________
(1) واما ف: او ل، ق، م، د، ش.
(2) منها ف، ل، ق، م، د، ش: الكلم ل الكلمة ق، م، د، ش.
(3) نحويو العرب ف: نحويوهم ل، ق، م، د، ش.
(4) او ف، ق، م، د، ش: ول.
(5) هو ف، ل، ق، م، د، ش: الزمان ل، ق، م، د، ش.(1/63)
عنه. وأما هل ما يتخيله (1) من الزمان الحاضر هو موجود على نحو ما يتخيله (2) أو ليس بموجود، فذلك [ليس مما] (3) يحتاج إليه فى هذا الموضع.
(12) والكلمة تشبه الاسم وتشاركه فى أنها إذا قيلت (4) مفردة فهم منها معنى مستقل بذاته كما يفهم ذلك من الاسم إذا قيل مفردا بذاته. ولذلك إذا سمعها السامع قنع بها، إلا أنه لا يفهم من المعنى المدرك منها أن الشىء بعد موجود (5) أو غير موجود مثل قولنا كان أو يكون هذا إذا كانت هذه الكلم أخبارا بذاتها. وأما إذا كانت روابط، فإنه لا يفهم منها معنى مستقل بنفسه (6) [كالحال فى الحرف] (7) لأنها إنما تدل حينئذ على تركيب المحمول مع الموضوع ولا سبيل إلى فهم التركيب دون فهم الأشياء المركبة. وذلك يكون عند التصريح بها مثل قولك زيد يوجد عالما أو ليس يوجد عالما. فيكون الكلم صنفين (8) صنف يفهم بذاته وهى الكلم التي تكون بنفسها (9) خبرا وصنف لا يفهم بذاته وهى الكلم الروابط التي تسمى الوجودية.
__________
(1) يتخيله ف، م، د: تتخيله ل تتخيله ق (هـ) ش.
(2) يتخيله م: يتخيلوه ف يتخيله ل، ق (هـ) د، ش.
(3) ليس مما ف: مما ليس ل، م، د، ش ما ليس بموجود ق.
(4) قيلت ل، م، د، ش: قبلت ف، ق.
(5) موجود ف، م، د: موجودا ل، ق، ش.
(6) بنفسه ف، ق، م، د، ش: فى نفسه ل.
(7) كالحال فى الحرف ل، ق، م، د، ش: كالحرف ف.
(8) صنفين ف: صنفان ل، ق، م، د، ش.
(9) بنفسها ف، ق، م، د، ش: بذاتها ل.(1/64)
(13) فهذا ما قاله فى حد الاسم والفعل ومعرفة أصنافها الضرورية هاهنا.
وهى التي تختلف القضايا باختلافها. وأما الحروف، فهو يذكرها فى كتاب الشعر (1).
الكلام فى القول
(14) والقول هو لفظ دال. الواحد من أجزائه الأول أى البسيطة (2)
يدل على انفراده [من جهة أنه لفظ على أنه جزء مفرد لا على أنه إيجاب أو سلب] (3)
مثل قولنا الإنسان حيوان. فإن لفظ الإنسان الذي هو جزء أول من هذا القول يدل على شىء مفرد [لا على جهة أن ذلك الشىء موجود أو غير موجود] (4)
وكذلك لفظ الحيوان الذي هو الجزء الثاني من هذا القول. وهذا الذي أخذ فى حد القول من أن الواحد من أجزائه الأول يدل على معنى مفرد هو الفصل الذي به يفارق القول الاسم. فإن الاسم البسيط ليس يدل الجزء منه وهو المقطع على شىء أصلا، والاسم المركب أيضا ليس يدل الجزء منه على شىء إلا بالعرض مثل أن يعرض لإنسان اسمه عبد الملك أن يكون عبدا لملك.
__________
(1) انظر كتاب الشعر لأرسطو ص 1456ب س 3519.
(2) البسيطة ف، ل، ق، م، د، ش: فد ل.
(3) من جهة سلب ف: على جهة الفهم والتصور لا على جهة الايجاب او السلب ل على جهة الفهم والتصور لا على جهة الايجاب وسلب على معنى مفرد ق على جهة الفهم والتصور لا على جهة الايجاب والسلب على معنى مفرد م، د، ش.
(4) لا موجود ف، ق، م، د، ش: ل.(1/65)
(15) والقول إنما يدل على طريق التواطؤ لا بالطبع ولا على طريق أن لكل معنى مركب لفظا / مركبا [يدل عليه] (1) بالطبع من غير أن توجد تلك الدلالة فى لفظ آخر غيره كما لا يوجد فعل الآلة فى غير الآلة. فإن قوما يرون أن الألفاظ هكذا دلالتها، وقوم أخر (2) يرون أن الألفاظ تدل بالطبع من غير أن يكون لنا اختيار فيها أصلا لا اختيار تركيب وضعى ولا اختيار تركيب طبيعى وهو رأى من يرى أن هاهنا تراكيب للألفاظ تدل بالطبع على معنى معنى. [وقد يمكن أن يقال: إنما قال أرسطو فى حد الاسم لفظ يدل بتواطؤ لهذا المعنى. وقد يمكن أن يكون أراد بلفظ صوتا، إن قيل، أن اللفظ الذي يشترك فيه الإنسان والحيوان هو باشتراك الاسم، وهذا هو الصحيح] (3).
(16) والقول منه تام وغير تام. والتام منه الجازم ومنه غير الجازم مثل الأمر والنهى. والقصد هاهنا إنما هو التكلم فى القول الجازم. وأما ما عداه من الأقاويل التامة فهو يتكلم فيها فى كتاب الخطابة (4) والشعر (5) كما أن أصناف الأقاويل الغير تامة وهى الحدود الرسوم سيتكلم (6) فيها فى كتاب البرهان (7).
__________
(1) يدل عليه ف: ويدل ل يحاكيه ق، م، د، ش.
(2) اخر ف: آخرون ل، ق، م، ش د.
(3) وقد الصحيح ف: ل، ق، م، د، ش.
(4) انظر كتاب الخطابة لأرسطو ص 1355آس 183، ص 1358آس 10 35، ص 1359آس 266، ص 1393آس 25إلى ص 1397آس 6، ص 1418آس 211.
(5) انظر كتاب الشعر لأرسطو ص 1457آس 3023.
(6) سيتكلم ف: يتكلم ل، ق، م، د، ش.
(7) انظر كتاب البرهان لأرسطو من ص 90آس 35إلى ص 100ب س 3.(1/66)
(17) والقول الجازم هو الذي يتصف بالصدق أو الكذب. وهو صنفان، بسيط ومركب. والبسيط هو [ما ركب] (1) من محمول واحد وموضوع واحد لا من محمول أكثر من واحد وموضوع أكثر من واحد. وهذا نوعان، النوع الأول المتقدم الإيجاب، والثاني المتأخر السلب.
(18) [وقد يقال فى القول إنه واحد إذا كان حدا لشىء واحد مثل قولنا فى الإنسان حيوان ناطق، إلا أن هذا من معنى القول الواحد خارج عما قصدنا له فى هذا الكتاب] (2). والقول البسيط يكون واحدا متى كان الموضوع فيه دالا على معنى واحد وكذلك المحمول. ويكون [القول الجازم أيضا] (3) كثيرا متى كان المحمول [فيه يدل] (4) على معان كثيرة أو الموضوع أو كلاهما. والقول المركب يكون واحدا برباط يربطه ويكون كثيرا / إذا لم يكن له رباط يربطه. فلذلك كل قول إما أن يكون واحدا أو كثيرا. فإن كان واحدا، فإما أن يكون واحدا من قبل أن الموضوع فيه والمحمول [يدل كل واحد منهما (5) على معنى واحد، وإما أن يكون واحدا من قبل الرباط الذي يربطها وهى الأقاويل التي يوجد فيها أكثر من موضوع واحد ومحمول واحد مثل المقاييس الشرطية والحملية. فإن الشرطية هى واحدة بالرباط الذي هو
__________
(1) ما ركب ف: المركب ل، ق، م، د، ش.
(2) وقد الكتاب ف: ل، ش والمركب هو المركب من قولين بسيطين ق، م، د.
(3) القول ايضا ف: ل القول الجازم ق، م، د، ش.
(4) فيه يدل ف: يدل فيه ل، ق، م، د، ش.
(5) يدل منهما ف: يدلان ل، ق، م، د، ش.(1/67)
الحرف الشرطى مثل قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. فإن الفاء هى التي صيرت هذين القولين البسيطين وهو قولنا الشمس طالعة والنهار موجود قولا واحدا. وأما الحملية فهى واحدة بالرباط الذي هو الحد الأوسط مثل قولنا الإنسان حيوان والحيوان جسم على ما سيأتى بعد (1).
وإن كان القول كثيرا فإما أن يكون كثيرا من قبل أن المحمول فيه أو الموضوع أو كليهما يدلان على معان كثيرة وإما من قبل أنه ليس لها رباط يربطها.
(19) وكل قول جازم [فلا بد فيه من كلمة أعنى فعلا] (2)
أو ما يقوم مقام الكلمة فى رباط المحمول بالموضوع. وذلك أن القول الجازم الذي الموضوع فيه اسم والمحمول اسم لا بد فيه من كلمة أو ما يقوم مقام الكلمة يدل على ارتباط المحمول بالموضوع. وذلك إما بالفعل (3) ومصرحا به كما يوجد الأمر فيما عدا لسان العرب وإما بالقوة ومضمرا كما يوجد الأمر فى الأكثر فى (4) لسان العرب. فإنه لما كان هاهنا ثلاثة معان موضوع ومحمول ونسبة تربط بين المحمول والموضوع وجب أن يكون هاهنا ثلاثة ألفاظ لفظ يدل على الموضوع ولفظ يدل على المحمول ولفظ يدل على النسبة. واللفظ الذي يدل على ارتباط المحمول بالموضوع ربما دل على ارتباطه فى الزمان الماضى أو المستقبل أو الحال كقولك زيد يوجد الآن عالما أو زيد وجد عالما أو زيد سيوجد عالما وربما دل على ارتباط غير مقيد بزمان. وهذا هو
__________
(1) انظر تلخيص كتاب القياس، تحقيق قاسم وبترورث وهريدى (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1981) الفقرة 27.
(2) فلا فعلا ف: فهو مركب من اسم وكلمة ل فلا بد فيه من اسم وكلمة ق، م، د فلا بد فيه من كلمة ش.
(3) بالفعل ف، ق، م، د، ش: بفعل ل.
(4) فى ف، ق، م: من ل د، ش.
الحمل الضرورى، وذلك مثل قول القائل المثلث موجود زواياه مساوية لقائمتين. وليس فى لسان العرب لفظ يدل على هذا النحو من الرباط وهو موجود فى سائر الألسنة. وأقرب الألفاظ شبها بها فى لسان العرب هو ما يدل عليه لفظ هو فى مثل قولنا زيد هو حيوان أو موجود فى مثل قولنا زيد موجود حيوانا.(1/68)
الحمل الضرورى، وذلك مثل قول القائل المثلث موجود زواياه مساوية لقائمتين. وليس فى لسان العرب لفظ يدل على هذا النحو من الرباط وهو موجود فى سائر الألسنة. وأقرب الألفاظ شبها بها فى لسان العرب هو ما يدل عليه لفظ هو فى مثل قولنا زيد هو حيوان أو موجود فى مثل قولنا زيد موجود حيوانا.
(20) والاسم والكلمة ليس [بصدق ولا كذب] (1). وأما القول، فإنه الذي يصدق أو يكذب. والقول الذي يصدق أو يكذب يسمى الجازم ويسمى الحكم. والحكم البسيط يشبه الإيجاب منه جعل (2) شىء على شىء والسلب انتزاع شىء من شىء. / والمؤلف (3) من هذا هو القول المركب. وقد يرسم أيضا الحكم البسيط بأنه لفظ يدل على أن الشىء موجود أو غير موجود، وذلك إما فى الزمان الماضى وإما فى المستقبل وإما فى الحاضر وإما بإطلاق.
(21) وأما الإيجاب فإنه الحكم بإثبات شىء لشىء والسلب هو الحكم بنفى شىء عن شىء. ولما كان قد يمكن أن يحكم بالقول من جهة ما هو فى النفس على ما هو موجود خارج النفس أنه غير موجود وعلى ما ليس هو موجودا [خارج النفس] (4) أنه موجود وعلى ما هو موجود أنه موجود وعلى ما ليس بموجود أنه ليس بموجود، وذلك إما حكما مطلقا وإما فى أحد الأزمنة الثلاثة التي هى الحاضر أو الماضى أو المستقبل فقد يمكن فى كل ما أوجبه
__________
(1) بصدق ولا كذب ف: تصدق ولا تكذب ل، يصدق ولا يكذب ق، م، د، ش.
(2) جعل ف، ش: حمل ل، ق، م، د.
(3) المولف ف، ق، م، د، ش: المركب ل.
(4) خارج النفس ف، ق، م، د، ش: ل.(1/69)
موجب أن يسلبه سالب وفى كل ما سلبه (1) سالب أن يوجبه موجب. وإذا كان ذلك كذلك، فلكل إيجاب سلب يقابله ولكل سلب إيجاب يقابله.
وذلك من حيث السلب والإيجاب موجودان فى النفس لا خارج النفس، فإنه ليس يوجد للأشياء الموجبة من حيث هى خارج النفس سلب يقابلها ولا للأشياء المسلوبة من حيث هى خارج النفس إيجاب يقابلها. لكن النظر فى الإيجاب والسلب هو من حيث هما فى النفس. والسلب والإيجاب إنما يكونان / متقابلين بالحقيقة (2) متى كان المعنى (3) المحمول فيهما واحدا من جميع الجهات وكذلك المعنى الموضوع. وأما متى لم يكن واحدا إما من قبل اشتراك الاسم أو من قبل سائر الأشياء التي حفظ منها فى كتاب السفسطة (4) فليسا (5) بإيجاب ولا سلب متقابلين.
[الفصل الثاني] (6)
(22) والمعانى صنفان إما كلية وإما جزئية أى شخصية. وأعنى بالكلى الذي من شأنه أن يحمل على أكثر من واحد مثل حمل الحيوان على الإنسان والفرس وسائر أنواع الحيوان وبالجزئى ما ليس ذلك من شأنه [أعنى أن يحمل على أكثر من واحد] (7)، مثل زيد وعمرو المشار إليه. وإذا كان الأمر
__________
(1) سلبه ف، م، د، ش: يسلبه ل سالبه ق.
(2) بالحقيقة ف: فى الحقيقة ل، ق، م، د، ش.
(3) المعنى ف، ق، م، د، ش: ل.
(4) انظر كتاب السفسطة لأرسطو ص 175آس 1إلى ص 183آس 36مع ص 165ب س 12إلى ص 174ب س. 4.
(5) فليسا ل، ق، م، د: فليس ف وليسا ش.
عنوان
(6) الفصل الثاني ف، م، ش: فصل ب ل ق (مكانه بياض) د.
(7) اعنى واحد ف: ل، ق، م، د، ش.
كذلك فواجب ضرورة متى حكمنا بإيجاب أو سلب (1) لشىء أن يكون ذلك الحكم إما لمعنى من المعانى الشخصية وإما لمعنى من المعانى الكلية. ثم إذا كان لمعنى من المعانى الكلية، فلا بد من أن يكون إما مأخوذا بغير سور أو مأخوذا بسور وأعنى بالسور لفظ كل وبعض. ثم إذا كان مأخوذا بسور، فلا يخلو أن يكون مأخوذا بسور كلى أو جزئى.(1/70)
كذلك فواجب ضرورة متى حكمنا بإيجاب أو سلب (1) لشىء أن يكون ذلك الحكم إما لمعنى من المعانى الشخصية وإما لمعنى من المعانى الكلية. ثم إذا كان لمعنى من المعانى الكلية، فلا بد من أن يكون إما مأخوذا بغير سور أو مأخوذا بسور وأعنى بالسور لفظ كل وبعض. ثم إذا كان مأخوذا بسور، فلا يخلو أن يكون مأخوذا بسور كلى أو جزئى.
(23) فالمتقابلة بالإيجاب والسلب التي موضوعها معنى من المعانى الشخصية تسمى الشخصية مثل قولنا زيد منطلق زيد ليس بمنطلق. والمتقابلات التي موضوعها معنى كلى مأخوذ بغير سور [أى ليس يحمل على ذلك المعنى الكلى ولا على بعضه بل يكون الحمل مطلقا] (2) تسمى المهملة مثل قولنا الإنسان أبيض الإنسان ليس بأبيض. والمتقابلة التي موضوعها معنى كلى مأخوذ مع سور هى ثلاثة، إما أن يكون كل واحد من المتقابلين يقرن به سور كلى، وإما أن يكون كل واحد منهما يقرن به سور جزئى، وإما أن يكون يقرن بأحدهما سور جزئى (3) وبالآخر كلى (4). أما التي يقرن بكل واحدة منهما سور كلى فتسمى المتضادة مثل قولنا كل إنسان أبيض ولا إنسان واحد أبيض. وأما التي يقرن بأحدهما سور كلى وبالآخر سور جزئى، فتسمى المتناقضة. وهذه صنفان، إما أن يكون الكلى مقرونا بالإيجاب والجزئى مقرونا بالسلب مثل قولنا كل إنسان أبيض ليس كل إنسان أبيض أو بعض الناس ليس بأبيض فإن السالب الجزئى
__________
(1) سلب ف، د: بسلب ل، ق، م، ش.
(2) اى مطلقا ف، ق، م، د، ش: ل.
(3) جزئى ف، ق، م، د، ش: كلى ل.
(4) كلى ف: سور جزئي ل، سور كلى ق، م، د، ش.(1/71)
يعبر عنه بهاتين العبارتين وإما أن يكون عكس هذا أعنى أن يقرن السور الكلى بالسلب والجزئى بالإيجاب مثل قول القائل إنسان ما أبيض ولا إنسان واحد أبيض. وأما التي يقرن بكل واحد منهما سور جزئى، فتسمى (1) ما تحت المتضادة مثل قولنا إنسان ما أبيض إنسان ما ليس بأبيض. فتكون أصناف المتقابلات بالإيجاب والسلب ستة شخصية، ومهملة، ومتناقضة وهذه صنفان، ومتضادة، وما تحت المتضادة. وليس للقضايا قسمة من جهة اقتران السور بالمحمول [ما عدا هذه الأقسام] (2) لأن السور متى قرن بالمحمول كان إما كذبا وإما فضلا. أما الكذب ففى مثل قولنا كل إنسان هو (3) كل حيوان. وأما الفضل فمثل قولنا كل إنسان هو بعض الحيوان [أو كل إنسان هو كل ضحاك] (4).
(24) وإذا تقررت أصناف القضايا، فنقول: أما الشخصية فإنها تقتسم الصدق والكذب دائما أعنى أنه متى كذبت إحداهما صدقت الأخرى ومتى صدقت إحداهما كذبت الأخرى وليس يمكن أن يجتمعا معا لا على صدق ولا على كذب مثل قولك زيد خرج زيد لم يخرج / وذلك بين بنفسه عند التأمل (5). وكذلك المتناقضات تقتسم الصدق والكذب فى جميع المواد. وأما
__________
(1) فتسمى ل، م، د، ش: فيسمى ف، ق.
(2) ما الاقسام ف، ق، م، د، ش: ل.
(3) هو ق، د، ش: ف، ل، م.
(4) او ضحاك ف، ق، م، د، ش: ل.
(5) التامل ف: التصفح ل، ق، م، ش اى التتبع (ح يد 2) ش.(1/72)
المتضادة (1) [فلا يمكن (2) أن يصدقا معا (3). وأما ما تحت المتضادة [فيمكن فيهما الصدق معا] (4). وأما المهملات فقد يمكن فيها (5) أن يكون حكمها حكم المتضادة [وحكم ما تحت المتضادة] (6)، والسبب فى ذلك أن الألف واللام وما قام مقامهما فى سائر الألسنة مرة تدل (7) على ما تدل / عليه الأسوار الكلية ومرة تدل على ما تدل عليه الأسوار الجزئية. فإذا دلت على ما تدل عليه الأسوار الكلية كانت قوتها قوة المتضادة، ومتى دلت على ما تدل عليه الأسوار الجزئية كانت قوتها قوة ما تحت المتضادة، وذلك أنه قد يمكن أن يصدقا (8) معا كقولنا (9)
الإنسان أبيض الإنسان ليس بأبيض متى كان ما يدل عليه الألف واللام هو
__________
(1) المتضادة ف، ل، ق، م، د، ش: فنقتسم الصدق والكذب فى الضرورى والممتنع وتكذبان معا فى الممكنة ل، ق، م، د، ش.
(2) فلا يمكن ف: وليس يمكن فيهما ل، د، ش وليس يمكن فيها ق، م.
(3) معا ف، ل، ق، م، د، ش: بل متى صدقت احداهما كذبت الاخرى ل، ق، م، د، ش.
(4) فيمكن معا ف: فتقتسمان الصدق والكذب ايضا فى الضرورية والممتنعة وتصدقان معا فى الممكنة ومتى كذبت احداهما صدقت الاخرى ضرورة مثال كذب المتضادتين معا فى الممكنة قولنا كل انسان ابيض ولا انسان واحد ابيض ومثال صدق ما تحت المتضادتين قولنا انسان ما ابيض انسان ما ليس بابيض ل، ق، م، د، ش.
(5) فيها ف، ل، ق، م، ش: ان تصدق معا فى المادة الممكنة وقد يمكن فيها ل، ق، م، ش فيهما ان تصدق معا فى المادة الممكنة وقد يمكن فيهما د.
(6) وحكم المتضادة ف: ل، ق، م، د، ش.
(7) تدل ق، م: يدل ف، د، ش (هـ) ل.
(8) يصدقا ل، ق، م، ش: يصدق ف، د.
(9) كقولنا ق: قولنا ف، ل، م، د، ش.(1/73)
ما يدل عليه البعض. وقد يمكن أن يكونا معا كاذبين متى كان ما يدل عليه الألف واللام هو ما يدل عليه السور الكلى.
(25) وإنما يمكن أن توجد أصناف هذه المتقابلات بالأحوال التي وصفت من اقتسام بعضها الصدق والكذب دائما وصدق بعضها معا وكذب بعضها معا متى تحفظ فيها بأن يؤخذ للإيجاب الواحد منها سلب واحد وللسلب الواحد إيجاب واحد مع سائر الشروط (1) التي قيلت، لا متى أخذ للإيجاب الواحد أكثر من سالب واحد مثل أن يؤخذ للموجب الكلى سالب كلى وسالب جزئى مثل أن يؤخذ (2) مقابل قولنا كل إنسان أبيض ولا إنسان واحد أبيض وليس كل إنسان أبيض أو يؤخذ للسالب الكلى موجب جزئى وموجب كلى مثل أن يؤخذ (3) مقابل قولنا ولا إنسان واحد أبيض إنسان ما أبيض كل إنسان أبيض. وإنما كان ذلك كذلك لأن السلب الواحد إنما يكون سلبا لإيجاب واحد. وكذلك الإيجاب الواحد إنما هو إيجاب لسلب واحد.
والدليل على ذلك أن السالب إنما يسلب المعنى المحمول بعينه الذي أوجبه الموجب عن الشىء الموضوع بعينه الذي أوجبه له الموجب سواء كان ذلك الموضوع من المعانى الشخصية (4) أو من المعانى الكلية (5) قرن به سور كلى أو سور جزئى.
فإنه إن كان المحمول فى الإيجاب غير المحمول فى السلب أو الموضوع فيه غير الموضوع فى السلب كان لذلك الإيجاب سلب آخر ولذلك السلب إيجاب آخر.
__________
(1) الشروط ف: الشرائط ل، ق، م، د، ش.
(2) يؤخذ ف، ق، م، د، ش: ناخذ ل.
(3) يؤخذ ف، ق، م، د، ش: ناخذ ل.
(4) الشخصية ف: الكلية ل، ق، م، د، ش.
(5) الكلية ف: الشخصية ل، ق، م، د، ش.(1/74)
والإيجاب أو السلب يكون واحدا متى كان ما يدل عليه لفظ المحمول والموضوع فيهما معنى واحدا سواء كان الموضوع معنى جزئيا أو كليا قرن بالمعنى الكلى سور كلى (1) أو لم يقرن به مثل قولنا:
كل إنسان أبيض * ليس كل إنسان أبيض الإنسان أبيض * الإنسان ليس بأبيض إذا وضعنا أن الإنسان والأبيض يدلان على معنى واحد.
(26) فأما إذا كان لفظ الموضوع فيهما أو المحمول ليس يدل على معنى واحد فليس الإيجاب واحدا ولا السلب واحدا. مثال ذلك إن وضع واضع للإنسان والفرس اسما واحدا وهو ثوب مثلا فقال الثوب أبيض الثوب ليس بأبيض، لم يكن هذا الإيجاب إيجابا واحدا ولا هذا السلب سلبا واحدا، وذلك أن قولنا حينئذ الثوب أبيض يدل على إيجابين لأنه يدل على ما يدل عليه قولنا الإنسان أبيض والفرس أبيض، وهما قضيتان لا واحدة. وكذلك قولنا الثوب ليس بأبيض يدل على سلبين وهو قولنا الفرس ليس بأبيض والإنسان ليس بأبيض. وإنما كان ذلك كذلك لمكان اللفظ المشترك الذي هو قولنا الثوب (2). وكذلك (3) القضية التي يكون محمولها أو موضوعها أو كلاهما اسما مشتركا ليست واحدة، بل قضايا كثيرة عدتها على عدة المعانى التي يدل عليها الاسم المشترك. وإذا كان ذلك كذلك، فالمتقابلات التي تكون من أمثال هذا القضايا
__________
(1) كلى ف، م، د، ش: ل الكلى ق.
(2) الثوب ف، ق: ثوب ل، م، د، ش.
(3) كذلك ف: لذلك ل، ق، م، د، ش.(1/75)
المشتركة الأسماء أعنى المتناقضة والشخصية ليس يجب أن يكون أحدهما صادقا والآخر كاذبا. وسيقال فيما يستأنف متى تكون القضايا التي موضوعها أو محمولها معان كثيرة قضية واحدة ومتى لا تكون (1).
(27) / فها هنا إذن ثلاثة أحوال ينبغى أن تشترط فى المتقابلات وحينئذ تؤخذ (2) فى التقابل على ما وصفنا. أحدها أن يكون [المحمول والموضوع (3)
فيهما واحدا من جميع الجهات لا أن يكون [فى أحدهما مأخوذا (4) بجهة وفى الآخر بغير تلك الجهة. والثاني أن يكون الإيجاب فيهما واحدا والسلب واحدا.
والثالث أن يجعل المقابل للإيجاب الواحد سلبا واحدا. فقد تبين من هذا متى تكون المتقابلة متقابلة وكم أصناف المتقابلات وكيف أحوالها فى التقابل.
(28) ونقول: إن ما يقتسم من هذه المتقابلات الصدق والكذب دائما فى جميع المواد هى الشخصية / والمتناقضة. أما فى الأمور الموجودة فى الزمان الحاضر والموجودة فيما مضى، فواجب ضرورة أن يكون اقتسامها للصدق والكذب على أن أحدهما فى نفسه هو الصادق والآخر هو الكاذب سواء عرفنا نحن الصادق من الكاذب أو لم نعرفه. وذلك أن كون زيد موجودا الآن أو غير موجود من البين بنفسه أن أحد هذين القولين ضرورة هو صادق والآخر كاذب سواء تحصل لنا الصادق من (5) الكاذب أو لم يتحصل لنا، إذ هو محصل الوجود فى
__________
(1) انظر الفقرة 57.
(2) توخذ ف: توجد ل، ق، م يوجد د، ش.
(3) المحمول والموضوع ف، ق، م، د، ش: الموضوع والمحمول ل.
(4) فى احدهما ماخوذا ف: ماخوذا فى احدهما ل، ق، م، د، ش.
(5) من ف: عن ل ق، م، د، ش.
نفسه. وكذلك الأمر فى الأشياء السالفة وفى الأمور الضرورية التي ليس يشترط فى وجودها زمان.(1/76)
نفسه. وكذلك الأمر فى الأشياء السالفة وفى الأمور الضرورية التي ليس يشترط فى وجودها زمان.
(29) وأما الأمور الموجودة فى الزمان المستقبل وهى الأشياء الممكنة فليس اقتسامها الصدق والكذب على التحصيل فى نفسه. وذلك أن الأمر فى هذه المتقابلات فى هذه المادة لا يخلو من أقسام، إما أن تكون مقتسمة للصدق والكذب، أو لا تكون. ثم إن كانت مقتسمة للصدق والكذب، فإما أن يكون ذلك على التحصيل أو على غير التحصيل. وإن كانت غير مقتسمة للصدق والكذب، فإما أن تكون (1) صادقتين (2) معا، أو كاذبتين (3) معا أو يوجد فيهما الأمران معا (4).
(30) فإن كان كل إيجاب وسلب يقتسم الصدق والكذب على التحصيل فى نفسه فواجب فى كل شىء أن يكون إما موجودا وإما غير موجود، فيجب على هذا متى قال إنسان فى شىء من الأشياء المستقبلة إنه سيكون وقال آخر إنه لا يكون، أن يكون أحد هذين القولين هو الصادق والآخر هو الكاذب. وذلك أنه لا يمكن أن يوجد الأمران معا أعنى الكون ولا كون. وإنما كانت طبيعة الموجود تابعة للقول الصادق والقول الصادق تابع لها، لأنه إن قال إنسان فى شىء ما إنه أبيض وكان صادقا فواجب أن يكون خارج النفس أبيض، وإن كان كاذبا فواجب أن يكون [خارج النفس (5) غير أبيض. وإن قلنا
__________
(1) تكون ف: يكونا ل، ق، ش تكونا م (هـ) د.
(2) صادقتين ف، م: صادقين ل، ق، د، ش.
(3) كاذبتين ف، م: كاذبين ل، ق، د، ش.
(4) معا ل، م، د، ش: ف، ق.
(5) خارج النفس ف، م، د، ش: ل، ق.(1/77)
إنه غير أبيض وكان صادقا فواجب أن يكون خارج النفس غير أبيض، وإن كان كاذبا فواجب أن يكون خارج النفس أبيض. وكذلك عكس هذا وهو أنه إن كان الشىء خارج النفس أبيض فواجب أن يكون القول الصادق فيه إنه أبيض والكاذب إنه ليس بأبيض، وإن كان خارج النفس غير أبيض فالقول الصادق فيه هو إنه ليس بأبيض والكاذب إنه أبيض.
(31) فإن كان الإيجاب والسلب المتقابلان يقتسمان الصدق والكذب فى الأمور المستقبلة على أن أحدهما محصل الوجود فى نفسه، فالأمور المستقبلة ضرورية فى وجودها وليس يكون هاهنا شىء يوجد بالاتفاق وعن غير سبب محصل، ولا يوجد شىء يقال فيه إنه (1) ممكن أن يكون وأن لا يكون، بل يكون كون الشىء أو لا كونه ضرورة. وذلك واجب لكون الصدق والكذب فى أحد المتقابلين محصلا فى نفسه، وذلك أنه ليس يجوز أن يخرج منهما (2) إلى الوجود غير الصادق من إيجاب كان أو (3) سلب لأنه لو جاز ذلك لما كان الصدق فى أحد المتقابلين محصل الوجود فى نفسه. وإذا لم يكن الصدق والكذب فى المتقابلين محصل الوجود فى نفسه، كان إمكان كون الشىء ولا كونه على مثال واحد كما أنه إذا كان إمكان كون الشىء أو لا كونه على مثال واحد لم يكن الصدق والكذب فى المتقابلين / المقولين عليه محصل الوجود فى نفسه، ولا كان الشىء بالإيجاب أولى (4) منه بالسلب ولا بالسلب [أولى منه] (5) بالإيجاب ولا يصير كذلك من أجل أن موجبا أوجبه أو سالبا سلبه.
__________
(1) انه ف، ق، م، د، ش: ل.
(2) منهما ف، ق، م: منها ل، د، ش.
(3) او ف، ل، ق، م، ش: من ل، ق، م، ش د.
(4) اولى ل، ق، م، د، ش: او لا ف.
(5) اولى منه ق، م، د، ش: منه اولى ف اولا منه ل.(1/78)
(32) ويجب على هذا إن صار شىء من الأشياء أبيض فى وقت من الأوقات أن يكون القول فيه من قبل أن يصير أبيض إنه سيصير أبيض قولا صادقا وضروريا. وكذلك يكون القول فى كل شىء يكون قبل أن يتكون بأنه سيكون قولا صادقا، كما كان فيه فى حين تكونه حتى يكون صدق القول بأنه موجود فى الموجود الحاضر كصدق القول بأنه سيوجد فى المستقبل. فإذا كان ذلك كذلك فليس يمكن فى الشىء الممكن الذي هو غير موجود الآن ويقال فيه إنه سيوجد أن لا يوجد. وما كان لا يمكن أن لا يوجد فمن المحال أن لا يوجد.
والشىء الذي من المحال أن لا يوجد فواجب أن يوجد. وما هو واجب فهو ضرورى الوجود. فجميع الأشياء إذن ضرورية الوجود. وإذا كان ذلك كذلك فليس هاهنا شيء يحدث بالاتفاق (1) ولا شىء هو معد أن يكون وأن لا يكون.
وذلك أن ما يحدث بالاتفاق هو بهذه الصفة أعنى أن كونه ليس واجبا ضرورة كما أن ما كونه أو لا كونه واجب ضرورة فليس يحدث عن الاتفاق.
(33) وأيضا فإنه ليس يجوز أن تقول (2) إن السلب والإيجاب / يجتمعان فى الأمور المستقبلة حتى يكونا صادقين معا ولا يرتفعان عنها (3) حتى يكونا كاذبين معا مثل أن يكون قولنا فى الشىء إنه يمكن أن يكون ويمكن أن لا يكون صادقين معا أو كاذبين معا. فإنهما إن كانا كاذبين جميعا لزم عنه أن لا يكون المتناقضان يقتسمان الصدق والكذب فى جميع المواد، وذلك شىء قد تبين خلافه
__________
(1) بالاتفاق ف: باتفاق ل، ق، م، د، ش.
(2) تقول ف، م: نقول ل يقول ق، ش (هـ) د.
(3) عنها ل، ق، م، د، ش: عنما.(1/79)
وكذلك يلزم (1) إن كانا صادقين معا (2). وأيضا فإنه يلزم إن كانا صادقين معا أن يكون الشىء موجودا معدوما معا، وذلك محال مع أنه [ترتفع أيضا] (3) طبيعة الممكن، وإن كانا كاذبين لزم (4) أن يكون الشىء لا موجودا ولا معدوما.
(34) فهذا ما يلزم من المحال إن فرضنا المتقابلات التي تقتسم الصدق والكذب فى جميع المواد تقتسمها على التحصيل فى الأمور المستقبلة أو لا تقتسمها بأن يصدقا معا أو يكذبا معا. وهو ظاهرا أنه يلزم (5) شناعات كثيرة لرفعنا طبيعة الممكن وإنزالنا أن الأمور المستقبلة كلها ضرورية. أولها أنها تبطل الروية والاستعداد لدفع شر (6) يتوقع أو التأهب لخير يحصل. فيكون ما يراه الإنسان من أنه إن فعل ما يجب كان ما يجب وإن لم يفعل ما يجب لم يكن ما يجب [أمرا باطلا واعتقادا فاسدا] (7) حتى إنه يلزم هذا من الشنعة أنه [لو روى] (8) إنسان ما فى حادث ما وقطع [على أنه يحدث فى] (9) عشرة آلاف سنة مثلا وأخذ فى إعداد الأسباب الموجبة لحدوثه وكونه فى هذه المدة الطويلة لو عمرها إنسان وروى آخر فى هذه المدة بعينها فى منع حدوثه ونظر (10) فى إعداد الأسباب التي تمنع حدوثه، لكان
__________
(1) يلزم ف، ق، م، د، ش: يلزمه ل.
(2) انظر الفقرة 24والفقرة 28.
(3) ترتفع ايضا ف، ق، م، د، ش: ايضا ترتفع ل.
(4) لزم ف، م: ل، ق، د، ش.
(5) يلزم ق، د، ش: (هـ) ف تلزم ل، م.
(6) شر (ح يد 2) ل، ق، م، د، ش: شيء ف، ل.
(7) امرا فاسدا ل، ق، م، د، ش: امر باطل واعتقاد فاسد ف.
(8) لو روى ف: ان روا ل ان روى ق، م، ش د.
(9) على فى ل، ق، م، د، ش: ف.
(10) نظر ف، ل، ق، م، د، ش: فى جميع هذا الزمان ل، ق، م، د، ش.
فعل كل واحد منهما باطلا وعبثا ورويته ساقطة لا معنى لها. وذلك أن الصادق منهما فى نفسه يجب ضرورة أن يكون هو الموجود سواء روى أحدهما فى إبطاله والآخر فى وجوده أو لم يرو واحد منهما فى ذلك. فانه يجب على هذا أن لا تكون الإرادة سببا لحدوث شىء من الأشياء بل تكون جميع الأشياء تجرى مجراها (1) بالطبع وعلى ما لها من أحد المتناقضين وإن لم يرو مرو فى إيجاد شىء من ذلك أو منع وجوده. ويكون حكم من روى فى الشىء عشرة آلاف سنة مثل (2) حكم من روى فيه زمانا يسيرا أى زمان كان بل يكون حكمه حكم من لم يرو فيه أصلا.(1/80)
فعل كل واحد منهما باطلا وعبثا ورويته ساقطة لا معنى لها. وذلك أن الصادق منهما فى نفسه يجب ضرورة أن يكون هو الموجود سواء روى أحدهما فى إبطاله والآخر فى وجوده أو لم يرو واحد منهما فى ذلك. فانه يجب على هذا أن لا تكون الإرادة سببا لحدوث شىء من الأشياء بل تكون جميع الأشياء تجرى مجراها (1) بالطبع وعلى ما لها من أحد المتناقضين وإن لم يرو مرو فى إيجاد شىء من ذلك أو منع وجوده. ويكون حكم من روى فى الشىء عشرة آلاف سنة مثل (2) حكم من روى فيه زمانا يسيرا أى زمان كان بل يكون حكمه حكم من لم يرو فيه أصلا.
(35) وهذه الأشياء كلها فى غاية الشناعة وخلاف ما فطرنا عليه. وذلك أنا نرى أن هاهنا أشياء مبدأ حدوثها الروية وأخذ الأهبة لها. وقد يظهر أيضا فى الأمور التي لا (3) تفعل أن فيها أشياء هى بطبعها معدة لأن يكون عنها الشىء ومقابله على السواء أعنى أنها ممكنة / أن يكون عنها الشىء أو لا يكون على السواء (4). ومثال ذلك أن الثوب قد يمكن فيه أن يتمزق قبل أن يسبق إليه البلى وقد يمكن فيه أن لا يتمزق بل يبلى. وذلك أن إمكان هذين المعنين فى الثوب هو
__________
(1) مجراها ف: مجاريها ل، ق، م، د، ش.
(2) مثل ف: ل، ق، م، د، ش.
(3) لا ف: ل، ق، م، د، ش.
(4) السواء ف، ل، ق، م، د، ش: وذلك من جهة الفاعل والقابل معا ل، ق، م، ش وذلك من جهة القابل والفاعل معا د.(1/81)
على السواء (1). وكذلك يجرى الأمر فى جميع الأمور المتكونة فى هذه المادة التي فيها هذا النوع من الإمكان والقوة.
(36) وإذا كان هذا هكذا فظاهر أنه ليس جميع الأشياء ضرورية بل يظهر أن الأشياء صنفان، إما ضرورية وإما ممكنة، وأن (2) الممكنة ثلاثة أصناف. إما ممكنة على التساوى، وهى التي لا يكون فيها وجود الشىء أحرى من عدمه ولا عدمه أحرى من وجوده. وإما ممكنة على الأكثر، وهى التي يكون فيها أحد المتقابلين أحرى من الثاني بالوجود ويكون حدوث الثاني على الأقل.
وفى هذا الجنس يوجد النوعان جميعا من الممكن أعنى الذي على الأكثر والذي على الأقل.
(37) وأما الضرورية فمنها ضرورية بإطلاق، وهى الأشياء التي وجودها دائما أو عدمها دائما. ومنها ضرورية لا بإطلاق، وهى الأشياء التي وجودها ضرورى فى الوقت الذي هى فيه موجودة أو أشياء عدمها ضرورى فى الوقت الذي هى فيه معدومة. وهذه ضربان، إما أشياء محمولاتها ضرورية الوجود لموضوعاتها ما دامت موضوعاتها موجودة مثل وجود النطق لإنسان ما (3)
إذا وجد ذلك الإنسان أو أشياء معدومة ما دامت موضوعاتها غير موجودة، وإما أشياء موجودة ما دامت هى موجودة مثل وجود الإنسان ما دام موجودا.
__________
(1) السواء ف، ل، ق، م، د، ش: من جهة الفاعل والقابل ل، ق، م، د، ش.
(2) وان ف، م، د، ش: فان ل ق.
(3) ما ل، ق، م، د، ش: ف.(1/82)
(38) وإذا كانت هذه هى أقسام طبيعة الوجود وكان واجبا أن تكون جهة اقتسام السلب والإيجاب للصدق والكذب مطابقا لما عليه الموجود (1)
خارج النفس، فظاهر أن المتقابلين اللذين يقتسمان الصدق والكذب فى جميع المواد أنهما يقتسمان الصدق والكذب فى أصناف الأمور الضروريات على التحصيل فى نفسه أعنى على أن الصادق منهما والكاذب محصل فى نفسه خارج النفس وإن لم تتحصل (2) / لنا معرفته وجهلنا كيف الأمر فيه. [وأما فى المادة الممكنة فى الأمور المستقبلة] (3)، فإنهما أيضا يقتسمان الصدق والكذب. وذلك أنه واجب أن يوجد أحد المتناقضين فيما يستقبل لكن لا على التحصيل فى أنفسهما بل على أنهما فى طبيعتهما من عدم التحصيل مثل ما هما عندنا. ولذلك لا يمكن أن يحصل فى هذا الجنس معرفة، إذ كان الأمر فى نفسه مجهولا. لكن ما كان من الممكن على الأكثر لا على التساوى فإن أحد المتقابلين فيه أحرى بالصدق من الثاني، إذا كان وجوده أحرى من لا وجوده. وفى هذا الجنس يمكن أن تحصل المعرفة بحدوث الحادث منها قبل حدوثه أعنى بحدوث ما شأنه أن يحدث على الأكثر فيعم كل متقابلين من شأنهما أن يقتسما (4) الصدق والكذب أنها يقتسمان الصدق والكذب فى الأمور المستقبلة فى المادة الممكنة لا على التحصيل. لكن أما فى الممكن الذي على التساوى فليس أحد المتقابلين فيه أحرى بالصدق من
__________
(1) الموجود ف: الوجود ل، ق، م، د، ش.
(2) تتحصل ف، م: (هـ) ل، ش يتحصل ق، د.
(3) واما المستقبلة ل، ق، م، د، ش: فى الامور المستقبلة واما فى المادة الممكنة ف.
(4) يقتسما ل، ق، م، د، ش: يقتسم ف.(1/83)
الآخر، وأما فى الممكنة الأكثرية فأحد المتقابلين فيها (1) أحرى بالصدق من الآخر، وأما فى الممكن على الأقل فإن كذب أحد المتقابلين فيها (2) أحرى بالكذب من الثاني.
(39) فقد تبين من هذا كيف اقتسام المتقابلين الصدق والكذب فى جميع الأمور. وذلك فيما شأنه منهما أن يقتسم الصدق والكذب دائما وهى المتناقضات والشخصيات.
[الفصل الثالث] (3)
(40) ولما كانت القضايا منها ثنائية وهى التي محمولها كلمة ومنها ثلاثية وهى التي محمولها اسم وإنما سميت التي محمولها كلمة ثنائية لأنها مؤلفة من محمول وموضوع فقط وسميت التي محمولها اسم ثلاثية لأنها مؤلفة من موضوع وكلمة رابطة ومحمول، وكان الاسم والكلمة التي تؤلف منهما (4) القضايا إما إن يكونا محصلين أو غير محصلين، فظاهر أن كل قضية ثنائية هى مؤلفة إما من اسم محصل وكلمة محصلة مثل قولنا / الإنسان يوجد وإما من اسم غير محصل وكلمة غير محصلة مثل قولنا لا إنسان لا يوجد وإما من اسم محصل وكلمة غير محصلة مثل قولنا الإنسان لا يوجد وإما من اسم غير محصل
__________
(1) فيها ل، م: فيه ف، ق، د فيهما ش.
(2) فيها ل، ق، م، د، ش: فيهما ف.
(3) الفصل الثالث ف: ل، ق، م، د، ش.
(4) منهما ل، م، د: منها ف، ق، ش.(1/84)
وكلمة محصلة مثل قولنا لا إنسان يوجد لكن الكلمة الغير محصلة لم تجر العادة باستعمالها فى أمثال هذه القضايا أعنى الثنائية. وذلك أنه ليس يتميز فيها موضع حرف السلب من حرف العدل، إذ كان موضع حرف السلب فيها هو بعينه موضع حرف العدل. فلذلك ليس توجد (1) فى الألسنة التي تستعمل (2)
فيها المعدولة قضية ثنائية تكون الكلمة فيها معدولة. ولذلك يسقط من أصناف هذه القضايا الأربع (3) صنفان الصنف الذي اسم المحمول والموضوع فيه غير محصل، والصنف الذي اسم المحمول فيه غير محصل ويبقى صنفان. فتكون المتقابلات التي فيها اثنين (4) والمقدمات أربعا (5). فإذا ضربنا هذين الزوج من المتقابلات فى الستة الأزواج من المتقابلات [التي تقدمت] (6) (7) تكون المتقابلة فى القضايا الثنائية [اثنى عشر] (8) والقضايا [أربعا وعشرين] (9). ولأن كل واحدة من القضايا الثنائية إما أن تكون الكلمة فيها دالة على الزمان الحاضر وإما أن تكون دالة على الزمان المستقبل وإما أن تكون دالة على الزمان الماضى فإذا ضربنا هذه الثلاثة (10) فى الأربع وعشرين (11) قضية، تكون القضايا
__________
(1) توجد ف، م: يوجد ل، ق، د، ش.
(2) تستعمل ل، م: يستعمل ق، د، ش (هـ) ف.
(3) الاربع ف: الأربعة ل، ق، م، د، ش.
(4) اثنين ف، ق، م، د، ش: اثنتين ل، (ح يد 2) ش.
(5) اربعا ف: اربع ل، ق، م، د، ش.
(6) التي تقدمت ف: المتقدمة ل، ق، م، د، ش.
(7) انظر الفقرة 23.
(8) اثنى عشر ف: اثنتى عشرة ل، ق، م، د، ش.
(9) اربعا وعشرين ل، ق، م، د، ش: اربع وعشرون ف.
(10) الثلاثة ف، ق: الثلاث ل، م، د، ش.
(11) عشرين ف: العشرين ل، ق، م، د، ش.
الموجودة فى هذا الجنس اثنين (1) وسبعين قضية وستا وثلاثين مقابلة. فإن ضربناها فى المواد الثلاث الذي هو الممكن والضرورى والممتنع كانت القضايا المجتمعة من هذه مائتى قضية وست عشرة قضية.(1/85)
الموجودة فى هذا الجنس اثنين (1) وسبعين قضية وستا وثلاثين مقابلة. فإن ضربناها فى المواد الثلاث الذي هو الممكن والضرورى والممتنع كانت القضايا المجتمعة من هذه مائتى قضية وست عشرة قضية.
(41) وأما القضايا الثلاثية فإنها ضعف القضايا الثنائية، ومقابلاتها ضعف مقابلاتها. وذلك أنه تتأتى فيها الأصناف الأربعة من المتقابلات أعنى الصنف الذي يكون فيه اسم الموضوع واسم المحمول محصلا وهى التي تعرف بالبسيطة مثل قولنا الإنسان يوجد عدلا الإنسان ليس يوجد عدلا، والصنف الذي يكون فيه أسماؤهما غير محصلين مثل قولنا لا إنسان يوجد لا عدلا لا إنسان ليس يوجد لا عدلا، والصنفان الباقيان أعنى الذي يكون أحدهما محصلا والآخر غير محصل وذلك إما [المحمول وإما الموضوع] (2) ومقابلاتها.
(42) والقضايا الثلاثية التي موضوعها (3) اسم محصل ومحمولها إما اسم محصل وإما اسم غير محصل إذا وضعت مع مقابلاتها فى شكل ذى أربعة أضلاع ووضعت المتقابلات (4) على الضلعين اللذين فى عرض الصفح والغير متقابلة (5)
على الضلعين اللذين فى طول الصفح على أن تكون الموجبة من البسيطة مع السالبة من المعدولة على ضلع واحد والسالبة من / البسيطة مع الموجبة من المعدولة على ضلع واحد أيضا، وجدت حال القضايا المعدولة مع البسيطة فى التلازم كحال
__________
(1) اثنين ف، م: اثنتين ل، ق، د، ش.
(2) المحمول واما الموضوع ف: الموضوع واما المحمول ل، ق، م، د، ش.
(3) موضوعها ل، ق، م، د، ش: موضوعهما ف.
(4) المتقابلات ف: المتقابلة منها ل المقابلة منها ق، م، د، ش.
(5) متقابلة ف: المتقابلة ل، د، ش المتقابلة ق، م.(1/86)
القضايا العدمية مع البسيطة فى التلازم أيضا (1). وليس توجد (2) حال العدميات من المعدولة كحال المعدولة من البسيطة، وذلك فى جميع أصناف المتقابلات الستة (3).
وأعنى بالقضايا العدمية هاهنا القضايا التي يدل اسم محمولها إما على العدم الذي تقدم رسمه (4) مثل قولنا الإنسان جاهل وإما على أخس الضدين مثل قولنا الإنسان جائر. فلننظر من ذلك أولا فى المهملات ولنضعها فى شكل ذى أربعة أضلاع على ما شرطنا ونضع أيضا العدميات تحت المعدولة على مثل ما (5) وضعنا المعدولة مع البسيطة، وذلك بأن نضيف إلى الشكل ذى الأربعة الأضلاع شكلا آخر يشارك الشكل الأول فى أحد أضلاعه. مثال ذلك أنا نضع شكل اب ج د، ونضع الشكل المتصل (6) به شكل [ج د هـ ز] (7). ونضع على ضلع (8) اب الموجبة البسيطة ومقابلتها وهى / الإنسان يوجد عادلا الإنسان ليس يوجد عادلا وعلى ضلع ج د السالبة المعدولة ومقابلتها وهى الإنسان ليس يوجد لا عادلا الإنسان يوجد لا عادلا وعلى ضلع هـ ز السالبة العدمية
__________
(1) يظهر أن الشكل الذي يصفه ابن رشد هو هكذا:
الإنسان يوجد عادلا * الإنسان ليس يوجد عادلا الإنسان ليس يوجد لا عادلا * الإنسان يوجد لا عادلا
(2) توجد ف: يوجد ل، ق، م، د، ش.
(3) الستة ف: الست ل، ق، م، ش السلب د.
(4) انظر تلخيص كتاب المقولات، النشرة المذكورة، الفقرة 92والفقرة 93.
(5) ما ل، ق، م، د، ش: ف.
(6) المتصل ل، ق، م، د، ش: ف.
(7) ج د هـ ز ل: ج هـ ز د ف، م هـ ز ق هـ د د هـ ر د ش.
(8) ضلع ق، م، د، ش: ف ضلعه ل.
ومقابلتها وهى الإنسان ليس يوجد جائرا الإنسان يوجد جائرا فإذا تؤملت هذه القضايا على هذا الوضع (1):(1/87)
ومقابلتها وهى الإنسان ليس يوجد جائرا الإنسان يوجد جائرا فإذا تؤملت هذه القضايا على هذا الوضع (1):
الإنسان يوجد عادلا آب الإنسان ليس يوجد عادلا الإنسان ليس يوجد لا عادلا ج د الإنسان يوجد لا عادلا الإنسان ليس يوجد جائرا هـ ز الإنسان يوجد جائرا وجدت التي على الأضلاع منها فى عرض الصفح لا تتلازم لأنها متقابلة.
وقد عرفت (2) فيما تقدم حالها فى التقابل (3).
(43) وإذا تأملت (4) التي على الضلع منها فى طول الصفح وجدت السالبة المعدولة تلزم فى الصدق عن (5) الموجبة البسيطة وليس ينعكس الأمر فيها. وذلك أنه إذا صدق قولنا الإنسان يوجد عادلا، صدق قولنا الإنسان ليس يوجد لا عادلا. وليس يلزم إذا صدق قولنا الإنسان ليس يوجد لا عادلا أن يصدق قولنا الإنسان يوجد عادلا، لأن قولنا الإنسان ليس يوجد لا عادلا يصدق على الإنسان العادل وعلى الإنسان الذي لا يتصف لا بالعدل ولا بالجور وهو الصغير وعلى الإنسان الذي ليس بمدنى. فإذن السالبة المعدولة أعم صدقا من الموجبة البسيطة، لأنها تصدق على ثلاثة والموجبة البسيطة على واحد. وإذا وجد العام، ليس يلزم أن يوجد الخاص كما يلزم عن وجود الخاص وجود العام. مثال ذلك
__________
(1) يوجد الشكل فى نسخة ف.
(2) عرفت ف، ق، م، د: عرف ل ش.
(3) انظر الفقرة 23.
(4) تاملت ف، م، د، ش: توملت ل ق.
(5) عن ل، ق، م، د، ش: ف.(1/88)
الحيوان والإنسان، فإنه إذا وجد الإنسان وجد الحيوان وليس يلزم إذا وجد الحيوان أن يوجد الإنسان.
(44) وأما السالبة البسيطة مع الموجبة المعدولة فإنها توجد فى الصدق بعكس هذا أعنى أن السالبة البسيطة تلزم عن الموجبة المعدولة وليس ينعكس.
وذلك أن السالبة البسيطة أعم صدقا من الموجبة المعدولة، إذ كان قولنا الإنسان ليس يوجد عادلا يصدق على الإنسان الجائر وعلى الإنسان الذي ليس بجائر ولا عادل وهو الغير مدنى وعلى الطفل. وقولنا الإنسان يوجد لا عادلا إنما يصدق على الجائر فقط، لأن قولنا لا عادل يدل على العدم والعدم هو رفع الشىء عما شأنه أن يوجد فيه فى الوقت الذي شأنه أن يوجد فيه على ما حد قبل (1).
فالموجبة المعدولة تصدق على واحد والسالبة البسيطة على ثلاثة.
(45) وأما إذا نظر تلازمها فى الكذب فيوجد الأمر بعكس هذا أعنى أن الموجبة البسيطة تلزم عن السالبة المعدولة. وذلك أن السالبة المعدولة أخص كذبا من الموجبة البسيطة، لأن قولنا الإنسان يوجد عادلا يكذب على الجائر وعلى الإنسان الذي ليس بعادل ولا جائر، وقولنا الإنسان ليس يوجد لا عادلا إنما يكذب على الجائر فقط. وكذلك يلفى (2) الحال فى تلازم السالبة البسيطة مع الموجبة المعدولة فى الكذب بعكس تلازمها فى الصدق أعنى أن اللازم فيها يعود ملزوما عنه.
(46) وإذا تؤملت العدمية مع البسيطة فى هذا التلازم وجد حالها فى الصدق والكذب كحال المعدولة مع البسيطة (3). وأما التي على القطر منها وهو
__________
(1) انظر تلخيص كتاب المقولات، النشرة المذكورة، الفقرة 92والفقرة 93.
(2) يلفى ف: تلفى ل، م تلقى ق، ش (هـ) د.
(3) البسيطة ل، ق، م، د، ش: البسائط ف.
قطر اد فهى متضادة من جهة المواد. وستعرف حالها فيما يستقبل (1).(1/89)
قطر اد فهى متضادة من جهة المواد. وستعرف حالها فيما يستقبل (1).
(47) وإذا وضعت سائر أصناف المتقابلات هذا الوضع وجدت حالها فى التلازم حالا واحدة (2) أعنى المتناقضات والشخصيات / والمتضادة وما تحت المتضادة. وأما حال ما كان منها على الأقطار فى صنف صنف فيختلف، وذلك أن منها ما يمكن أن يصدقا معا ومنها ما يمكن أن يكذبا معا. وأرسطو لم يذكر من هذه إلا التي ذكرناها فقط، وأرجأ الأمر فيها إلى كتاب القياس (3). والقانون العام فى تعرف / هذه المتلازمات أن كل مقدمتين من هذه اتفقتا فى الكمية وهو السور واختلفتا فى الكيفية وهو السلب والإيجاب [والعدل وعدم العدل] (4)
فهى متلازمة أعنى أن الأعم منها يلزم الأخص. وأما التي لا تتلازم فهى المتقابلات على جهة التضاد وعلى جهة التناقض كما قيل (5).
(48) والقضايا الثلاثية إذا أخذ موضوعها باسم غير محصل ومحمولها مرة باسم محصل ومرة باسم غير (6) محصل حدث فى هذا الجنس بسائط ومعدولات موجبات وسوالب غير التي سلفت. فتكون البسائط فيها ما كان محمولها اسما محصلا كما كان ذلك فى الصنف الأول من البسائط والمعدولات التي محمولها اسم غير محصل. وذلك أن اعتبار القضية فى كونها بسيطة أو معدولة هو من جهة المحمول، لا من جهة الموضوع. فتكون البسيطة الموجبة فى هذا الجنس
__________
(1) انظر الفقرة 47.
(2) واحدة ل، ق، م، د، ش: واحدا ف.
(3) انظر تلخيص كتاب القياس، النشرة المذكورة، الفقرات 342337بالمقارنة مع كتاب القياس لأرسطو ص 63ب س 31إلى ص 63ب س 27.
(4) والعدل العدل ف: ل، ق، م، د، ش.
(5) انظر الفقرة 46والفقرة 42.
(6) غير ف، ق، م، د، ش: (مرتين) ل.(1/90)
مثل قولنا لا إنسان يوجد عادلا، وسالبتها لا إنسان ليس يوجد عادلا وتكون (1)
معدولتها الموجبة قولنا لا إنسان يوجد لا عادلا، وسالبتها لا إنسان ليس يوجد لا عادلا. وهو بين أن هاتين المتقابلتين اللتين تحدث فى هذا الجنس من الثلاثية أعنى التي موضوعها اسم غير محصل غير المتقابلتين اللتين تحدثان (2) فى الصنف من القضايا التي موضوعها اسم محصل، فإن موضوع هذه هو عدم موضوع تلك.
وقد لخصت أصناف العدم الذي يدل عليها الاسم الغير محصل (3) فى غير هذا الموضع (4).
(49) وهذا الصنف من القضايا إذا عمل منها سوالب فليس يقوم حرف السلب مقام حرف العدل فيها ولا يجزى أحدهما عن صاحبه، بل ينبغى أن يرتب حرف السلب فيها. أما فى ذوات الأسوار فمع السور كالحال فى الصنف الأول من القضايا الثلاثية، وأما فى المهملات والشخصية فمع الكلمة الوجودية. وأما حرف العدل، فيرتب فيها أبدا مع الموضوع حتى يكون أما فى القضايا البسيطة السالبة من هذا الجنس فيؤتى فيه بحرف السلب مرتين وذلك مع السور فى القضايا المسورة ومع الموضوع، ومع الكلمة الوجودية ومع الموضوع فى المهملات والشخصيات. وأما فى المعدولة فثلاث مرات، مرة مع السور أو الكلمة الوجودية (5)
وثانية مع الموضوع وثالثة مع المحمول. وليس يجزى أحد حرفى السلب فيها عن الأخر [أعنى ليس يقوم حرف العدل مقام حرف السلب فى الحقيقة وإن
__________
(1) تكون ل، م: يكون ق، ش (هـ) ف، د.
(2) تحدثان ف، ق: تحدث ل يحدث م، د، ش.
(3) محصل ف: المحصل ل، ق، م، د، ش.
(4) انظر الفقرة 6والفقرة 10وكذلك تلخيص كتاب المقولات، النشرة المذكورة، الفقرة 92والفقرة 93.
(5) الوجودية ل، ق، م، د، ش: ف.
كان كلاهما سلبا، لكن حرف العدل إذا قرن بموضوعه ليس يصدق ولا يكذب وحرف السلب إذا قرن بموضوعه صدق أو كذب] (1). مثال ذلك أن سلب قولنا كل إنسان يوجد عادلا قولنا ليس كل لا إنسان يوجد عادلا لا قولنا ليس كل إنسان يوجد (2) عادلا. وسلب قولنا كل لا إنسان يوجد لا عادلا قولنا ليس كل لا إنسان يوجد لا عادلا، وذلك بأن نأتى (3) بحرف السلب فى ثلاثة مواضع لا بأن نأتى به فى موضعين مثل (4) أن نقول ليس كل انسان يوجد لا عادلا.(1/91)
كان كلاهما سلبا، لكن حرف العدل إذا قرن بموضوعه ليس يصدق ولا يكذب وحرف السلب إذا قرن بموضوعه صدق أو كذب] (1). مثال ذلك أن سلب قولنا كل إنسان يوجد عادلا قولنا ليس كل لا إنسان يوجد عادلا لا قولنا ليس كل إنسان يوجد (2) عادلا. وسلب قولنا كل لا إنسان يوجد لا عادلا قولنا ليس كل لا إنسان يوجد لا عادلا، وذلك بأن نأتى (3) بحرف السلب فى ثلاثة مواضع لا بأن نأتى به فى موضعين مثل (4) أن نقول ليس كل انسان يوجد لا عادلا.
(50) وكذلك الحال فى الثنائية التي فى هذا الجنس أعنى فى البسيطة منها، إنه قد قلنا إنه لا يوجد منها معدولة بحسب دلالات الألسنة المتعارفة (5).
فإن حرف السلب (6) فى هذه أيضا ينبغى أن يرتب فيها مرتين، مرة مع الموضوع، ومرة مع السور فى ذوات (7) السور أو مع الكلمة نفسها فى الشخصية والمهملات ولا يكتفى بأحدهما أيضا دون الثاني. مثال ذلك أنه كما أن سلب قولنا كل إنسان يمشى وهى التي موضوعها اسم محصل هو قولنا ليس كل إنسان يمشى كذلك سلب قولنا كل لا إنسان يمشى قولنا ليس كل لا إنسان يمشى، لا قولنا ليس كل إنسان يمشى ولا ليس كل إنسان لا يمشى. فإن حرف السلب ليس يقوم مقام حرف العدل ولا حرف العدل يقوم مقامه، إذ كل واحد منهما يرفع عن القضية شيئا غير الذي يرفعه الآخر. وذلك أن حرف السلب
__________
(1) اعنى كذب ف: ل، ق، م، د، ش.
(2) يوجد ل، ق، م، د: يؤخذ ش ف.
(3) ناتى ف: تاتى فى ذلك ل، م تانى فى ق يتأتى فى ذلك د ناتى فى ذلك ش.
(4) مثل ف، ق، م، د، ش: مثال ل.
(5) انظر الفقرة 40.
(6) السلب ف، ق، م، د، ش: السالب ل.
(7) ذوات ل، ق، م، د، ش: ذات ف.
فى ذوات الأسوار إنما يرفع الحكم الكلى الذي تضمنه السور الكلى أو الحكم الجزئى الذي تضمنه السور / الجزئى. وأما حرف العدل فإنما يرفع / الموضوع الكلى [أو المحمول الكلى] (1) لا الحكم الكلى. وذلك أن السور الكلى المقرون بالقضية ليس يدل على أن المعنى الموضوع كلى فيكون رفعه رفعا للمعنى الكلى الموضوع، بل إنما يدل على أن الحكم على المعنى الكلى كلى. وذلك بين فى المهملات، فإنه ليس كونها غير ذوات أسوار مما لا يوجب أن تكون المعانى الموضوعة فيها كلية إذ كانت دلالات (2) الألفاظ عليها دلالة كلية مثل قولنا الإنسان عادل، الإنسان ليس بعادل، فإن لفظ الإنسان يدل على معنى كلى وإن لم يقرن به لفظ كل. ولو كانت لفظة كل هى التي تدل على أن المعنى كلى، لكانت لفظة الإنسان لا تدل على معنى كلى إلا إذا قرن بها كل. ولذلك ما يجب أن يقرن حرف السلب فى القضايا المسورة التي موضوعاتها أسماء غير محصلة متلازمة كانت أو متعاندة (3) مع السور ويعاد حرف السلب ثانية مع الموضوع. فإن كانت معدولة أعيد ثالثة مع المحمول. وإن كانت غير معدولة اكتفى بإعادته مع الموضوع. وقد تأتى مواضع فى المادة الممكنة يكون فيها حرف العدل قوته قوة حرف السلب فى اقتسام الصدق والكذب (4) فى جميع المواد وتأتى مواضع ليس يلزم ذلك فيها.(1/92)
فى ذوات الأسوار إنما يرفع الحكم الكلى الذي تضمنه السور الكلى أو الحكم الجزئى الذي تضمنه السور / الجزئى. وأما حرف العدل فإنما يرفع / الموضوع الكلى [أو المحمول الكلى] (1) لا الحكم الكلى. وذلك أن السور الكلى المقرون بالقضية ليس يدل على أن المعنى الموضوع كلى فيكون رفعه رفعا للمعنى الكلى الموضوع، بل إنما يدل على أن الحكم على المعنى الكلى كلى. وذلك بين فى المهملات، فإنه ليس كونها غير ذوات أسوار مما لا يوجب أن تكون المعانى الموضوعة فيها كلية إذ كانت دلالات (2) الألفاظ عليها دلالة كلية مثل قولنا الإنسان عادل، الإنسان ليس بعادل، فإن لفظ الإنسان يدل على معنى كلى وإن لم يقرن به لفظ كل. ولو كانت لفظة كل هى التي تدل على أن المعنى كلى، لكانت لفظة الإنسان لا تدل على معنى كلى إلا إذا قرن بها كل. ولذلك ما يجب أن يقرن حرف السلب فى القضايا المسورة التي موضوعاتها أسماء غير محصلة متلازمة كانت أو متعاندة (3) مع السور ويعاد حرف السلب ثانية مع الموضوع. فإن كانت معدولة أعيد ثالثة مع المحمول. وإن كانت غير معدولة اكتفى بإعادته مع الموضوع. وقد تأتى مواضع فى المادة الممكنة يكون فيها حرف العدل قوته قوة حرف السلب فى اقتسام الصدق والكذب (4) فى جميع المواد وتأتى مواضع ليس يلزم ذلك فيها.
(51) فأما الموضع الذي قوة حرف العدل فيه قوة حرف السلب، فهى القضايا الشخصية إذا أخذت موضوعاتها موجودة (5) فى الوقت الذي من شأنها
__________
(1) او المحمول الكلى ف، ق، م، د: ل والمحمول الكلى ش.
(2) دلالات ل، ق، م، د، ش: دلالة ف.
(3) متعاندة ف، ق، م، د، ش: متباينة ل.
(4) والكذب ل، ق، م، د، ش: ف.
(5) موجودة ف، ل، ق م، د، ش: ول.(1/93)
أن تتصف بالملكة أو العدم المقابل لها. مثال [ذلك إذا] (1) سأل سائل [عن سقراط هل هو] (2) عدل أو ليس بعدل فكان الجواب الصادق فيه أنه ليس بعدل فأجاب السائل مكان قوله (3) إنه ليس بعدل إنه لا عدل. فإن قوة قولنا هاهنا لا عدل هو قوة قولنا ليس بعدل، إذ كان قولنا سقراط عدل أو لا عدل إذا اتفق أن وجد فيه الشرطان المتقدمان يقتسمان الصدق والكذب على مثل ما يقتسمه قولنا سقراط عدل أو ليس بعدل.
(52) وقد يمكن فى هذا الموضع كما يقول المفسرون إذا كان قصد السائل أن يتسلم من المجيب مقدمة موجبة فأجابه بالسالبة، أن يأخذ بدل السالبة معدولتها فينتفع بها إذا وضعها من القياس فى الموضع الذي إنما ينتفع فيه بالموجبة لا بالسالبة مثل الصغرى من الشكل الأول. فإن الصغرى متى كانت سالبة فى الشكل الأول لم ينتفع بها فى الإنتاج على ما سيبين فى كتاب القياس (4). وقد ينتفع السائل بهذه الوصية أيضا إذا أراد أن ينتج عن السالب شيئا مناقضا. لكن ما فسرنا نحن به الموضع هو أليق بغرض هذا الكتاب.
(53) وأما الموضع الذي لا يكون فيه قوة حرف العدل إذا قرن مع الملكة (5)
قوة حرف السلب فى اقتسام الصدق والكذب، فهى القضايا الكلية فى هذه
__________
(1) ذلك اذا ف: ذلك انه ان ل ذلك انه اذا ق، م، د، ش.
(2) عن هو ف: هل سقراط ل، ق، م، د هل سقراط وا ش.
(3) قوله ف: قولنا ل، ق، م، د، ش.
(4) انظر تلخيص كتاب القياس لابن رشد، النشرة المذكورة، الفقرة 33وكذلك الفقرة 41والفقرة 43.
(5) الملكة ف، ل: الكلمة (ح يد 2) ل، ق، م، د الكلية ش.(1/94)
المادة مثل أن يسأل سائل هل كل إنسان حكيم، أو ليس كل إنسان حكيما فيجيب المجيب بدل قوله ليس كل إنسان حكيما كل إنسان لا حكيم. وذلك أن الذي يقابل قولنا كل إنسان حكيم مقابلة يقتسمان الصدق والكذب دائما بها هو قولنا ليس كل إنسان حكيما لا قولنا كل إنسان لا حكيم، إذ كان قولنا حكيم ولا حكيم قوته قوة المتضادين وهو قولنا كل إنسان حكيم ولا إنسان واحد حكيم. والمتضادان قد (1) يكذبان معا فى هذه المادة كما تبين قبل (2).
(54) والتقابل الذي بين الاسم المحصل والاسم غير المحصل والكلمة المحصلة والغير محصلة (3) ليس هو من جنس مقابلة الإيجاب للسلب (4). فإنه ليس قولنا لا إنسان يدل فى الألسنة التي تستعمل فيها أمثال هذه الأسماء على ما يدل عليه قولنا ليس بإنسان. فإن قولنا ليس بإنسان يدل على موضوع سلب عنه الإنسانية وإن لم يصرح به فى هذا القول، فهو لذلك قول مركب. وكذلك يدل عليه قولنا ليس بصحيح. وأما قولنا لا إنسان ولا صح، فإنه لا يدل دلالة السلب إذا قيل من غير أن يقرن باسم ولا كلمة مصرح بها، بل إنما يدل قولنا لا إنسان على عدم الإنسانية وقولنا لا صح على عدم الصحة وهو المعنى المفرد الذي يدل عليه قولنا مرض. ويظهر أنه ليس دلالتها دلالة السلب من أن / السلب يصدق أو يكذب. وأما قولنا لا إنسان، فليس هو لا صادقا ولا كاذبا. وذلك أنه إذا كان قولنا إنسان ليس بصادق ولا كاذب ما لم يقرن به خبر مع أنه يدل
__________
(1) قد ف، م: ل، ق، د، ش.
(2) انظر الفقرة 47.
(3) محصلة ف: المحصلة ل، م، د، ش: ق.
(4) للسلب ف: والسلب ل، ق، م، د، ش.
على ملكة وصورة موجودة، فأحرى أن يكون قولنا لا إنسان لا يدل على صدق أو كذب إذ كان ليس يدل على وجود محصل وإنما يدل على وجود غير محصل.(1/95)
على ملكة وصورة موجودة، فأحرى أن يكون قولنا لا إنسان لا يدل على صدق أو كذب إذ كان ليس يدل على وجود محصل وإنما يدل على وجود غير محصل.
(55) والقضايا التي موضوعها اسم غير محصل توجد حال البسيطة منها والمعدولات متلازمة كحال البسيطة مع المعدولة فى القضايا التي موضوعها اسم محصل. وذلك أن قولنا كل لا إنسان يوجد لا عادلا وهى [الموجبة / المعدولة] (1) فى هذا الجنس تدل على ما يدل عليه قولنا ليس يوجد شىء مما هو لا إنسان عادلا وهى السالبة البسيطة. وليس بين هذا الصنف من القضايا أعنى التي موضوعها اسم غير محصل وبين الصنف من القضايا التي موضوعها اسم محصل تلازم ولا تقابل.
(56) وإذا تبدل ترتيب اسم المحمول أو الموضوع أو الكلمة الرابطة فى القضايا الثلاثية أو اسم الموضوع أو المحمول أعنى الكلمة فى الثنائية أعنى (2) مثل أن يقدم منها ما شأنه أن يؤتى به أخيرا أو (3) يؤتى أولا بما شأنه منها أن يؤتى به ثانيا أو يؤتى متأخرا بما شأنه منها أن يؤتى به متقدما وبالجملة أن يغير ترتيبها ويبقى المحمول فيها محمولا والموضوع موضوعا فإن القضية تبقى واحدة بعينها محفوظة الصدق إن كانت صادقة، أو الكذب إن كانت كاذبة.
ومثال ذلك قولنا يوجد الإنسان عدلا يوجد عدلا الإنسان، فإن هذه القضية هى واحدة بعينها وكذلك قولنا زيد قام وقام زيد. فإنه لو لم تكن القضايا التي
__________
(1) الموجبة المعدولة ل، ق، م، د، ش: المعدولة الموجبة ف.
(2) اعنى ف: ل، ق، م، د، ش.
(3) او ف: اعنى ان ل، ق، م، ش د.(1/96)
لا تختلف إلا فى ترتيب أجزائها من التقدم والتأخر قضية واحدة، للزم أن يكون لقضية واحدة أكثر من سالب واحد. وقد تبين أنه ليس للموجب الواحد إلا سالب واحد (1). وذلك أنه إن لم يكن قولنا يوجد الإنسان عدلا وقولنا يوجد عدلا الإنسان قضية واحدة بل قضيتين مختلفتى المعنى، وكان سلب قولنا يوجد الإنسان عدلا قولنا ليس يوجد الإنسان عدلا وسلب قولنا يوجد عدلا الإنسان ليس يوجد عدلا الإنسان، وكان قولنا أيضا ليس يوجد عدلا الإنسان بين أنه سلب لقولنا يوجد الإنسان عدلا للزم (2) أن يوجد لقولنا يوجد الإنسان عدلا سلبان، أحدهما قولنا ليس يوجد الإنسان عدلا، والآخر ليس يوجد عدلا الإنسان وهو سلب القضية التي وضعنا أنها مغايرة فى المعنى لقولنا يوجد الإنسان عدلا وهو قولنا يوجد عدلا الإنسان. [فإنه أعرف أن هذين السلبين هو سلب واحد] (3)
[من أن هاتين الموجبتين موجبة واحدة (4). فقد بان أن الأسماء والكلم التي هى أجزاء القضايا متى ترتيبها فى القول عن العادة الجارية فى ذلك اللسان أعنى عن الترتيب الذي هو الأفصح وبقى المحمول محمولا والموضوع موضوعا (5)، أنها تبقى تلك القضية بعينها.
(57) وإذا أوجب اسم واحد لأسماء كثيرة أو أجبت (6) أسماء كثيرة لاسم واحد أو سلب اسم واحد عن أسماء كثيرة أو سلبت أسماء كثيرة عن اسم
__________
(1) نظر الفقرة 25.
(2) للزم ف: لزم ل، ق، م، د، ش.
(3) فانه واحد ف، ق، م، د، ش: ل.
(4) من واحدة ق، م، د، ش: ف، ل.
(5) موضوعا ل، ق م، د: ف، ش.
(6) اوجبت ل، ق، م، د، ش: اجبت ف.
واحد، فليس يكون ذلك الإيجاب إيجابا واحدا ولا ذلك السلب سلبا واحدا، كما أنه إذا أوجب اسم واحد لاسم واحد أو (1) سلب عنه لا يكون إيجابا واحدا ولا سلبا واحدا ما لم يكن المعنى الذي يدل ذلك اللفظ الواحد عليه واحدا على ما قيل فيما سلف إلا أن تكون تلك الأسماء الكثيرة تدل على معنى واحد (2).(1/97)
واحد، فليس يكون ذلك الإيجاب إيجابا واحدا ولا ذلك السلب سلبا واحدا، كما أنه إذا أوجب اسم واحد لاسم واحد أو (1) سلب عنه لا يكون إيجابا واحدا ولا سلبا واحدا ما لم يكن المعنى الذي يدل ذلك اللفظ الواحد عليه واحدا على ما قيل فيما سلف إلا أن تكون تلك الأسماء الكثيرة تدل على معنى واحد (2).
وذلك إما بأن تكون تلك الأسماء الكثيرة مترادفة وهى التي يدل كل واحد منهما على معنى واحد أو يكون ما تدل عليه الأسماء الكثيرة أجزاء حد أو رسم لشىء واحد مثل قولنا الإنسان حيوان والإنسان ناطق، فإن المجتمع من هذين المحمولين هو حد للإنسان (3)، وذلك أن الإنسان حيوان ناطق. وكذلك إن كان أيضا رسما له مثل قولنا إن (4) الإنسان حيوان والإنسان ذو رجلين فإن المجتمع هو رسم للإنسان وهو أنه حيوان ذو رجلين. ولفظ الإنسان يدل دلالة مجملة على ما يدل عليه كل واحد من هذين القولين مفصلا. فأما إن كانت المحمولات الكثيرة ليس المجتمع منها واحدا فليس الإيجاب / لها إيجابا واحدا ولا السلب لها سلبا واحدا.
وكذلك إن كانت موضوعات كثيرة يحمل عليها محمول واحد فليس ذلك إيجابا واحدا ولا سلبا واحدا. ومثال ذلك حملنا على الإنسان أنه أبيض وأنه يمشى، فإن هذين إذا حملا مجموعين على الإنسان فقيل الإنسان أبيض يمشى لم يدل على معنى واحد إلا بالعرض. والحال فى هذه كالحال فى المحمول الذي هو لفظ مشترك يدل على أكثر من معنى واحد إذا حمل على موضوع واحد، أو كالموضوع الذي هو لفظ مشترك
__________
(1) او ف، ق، م، د، ش: ول.
(2) انظر الفقرة 26والفقرة 27.
(3) للانسان ف: الانسان ل، ق، م، د، ش.
(4) ان ف: ل، ق، م، د، ش.
إذا حمل عليه محمول واحد يدل على معنى واحد أعنى أنه كما أن القضية التي المحمول لها لفظ مشترك ليست قضية واحدة ولا القضية التي فيها الموضوع بهذه الصفة قضية واحدة كذلك الحال فى القضية التي توجب (1) فيها معان كثيرة بأسماء متباينة لموضوع واحد أو التي يوجب فيها محمول واحد لموضوعات كثيرة يدل عليها بأسماء متباينة، إذا لم يكن المجتمع من تلك المحمولات أو الموضوعات الكثيرة معنى واحدا.(1/98)
إذا حمل عليه محمول واحد يدل على معنى واحد أعنى أنه كما أن القضية التي المحمول لها لفظ مشترك ليست قضية واحدة ولا القضية التي فيها الموضوع بهذه الصفة قضية واحدة كذلك الحال فى القضية التي توجب (1) فيها معان كثيرة بأسماء متباينة لموضوع واحد أو التي يوجب فيها محمول واحد لموضوعات كثيرة يدل عليها بأسماء متباينة، إذا لم يكن المجتمع من تلك المحمولات أو الموضوعات الكثيرة معنى واحدا.
(58) والقضايا التي محمولها أو موضوعها اسم مشترك، لما كانت قضايا كثيرة لم يكن ينبغى / أن يكون السؤال الجدلى عنها سؤالا واحدا ولا الجواب الجدلى جوابا واحدا، وإن (2) كانت جميع المعانى التي يدل عليها الاسم المشترك الموضوع يصدق عليها المحمول الواحد، أو كانت جميع المعانى التي يدل عليها الاسم المشترك المحمول تصدق (3) على الموضوع الواحد (4)، أو كان لفظ المحمول والموضوع يدل كل واحد (5) منهما على معان كثيرة إلا أن جميع المعانى التي يدل عليها لفظ المحمول صادقة على جميع المعانى التي يدل عليها لفظ الموضوع على ما تبين (6)
__________
(1) توجب م، د، ش: يوجب ل، ق (هـ) ف.
(2) وان ف، ق، م، د، ش: ان ل.
(3) تصدق ف: يصدق ل، ق، م، د، ش.
(4) الواحد ف، ل، ق، م، د، ش: وكانت المعانى الكثيرة هى المحمول (مع علامة الاغفال) ل سواء كانت المعانى الكثيرة هى الموضوع (ح يد 2بحروف عبرية) ل اذ كانت المعانى الكثيرة هى المحمول ق، د او كانت المعانى الكثيرة هى المحمول م، ش.
(5) واحد ل، ق، م، د، ش: ف.
(6) تبين ف، ق، م، د، ش: يبين ل بين د.(1/99)
فى كتاب الجدل (1). فإن المجيب على طريق الجدل ليس عليه أن يصلح على السائل سؤاله بأن يفهمه تلك المعانى التي يقال عليها ذلك الاسم المشترك، إذ كان المجيب والسائل فى مرتبة واحدة من معرفة الشىء الذي فيه يتناظران. وإنما قصد السائل على طريق الجدل أن يتسلم من المجيب أحد جزأي النقيض الذي يريد أن يضعه مقدمة يبطل بها وضع المجيب. فمتى سأل السائل (2) المجيب فى الجدل بالمقدمة المشتركة اللفظ فسلم له المجيب أحد جزأي النقيض فوضع السائل من احد تلك المعانى مقدمة يروم أن ينتج منها ما قصد إبطاله على المجيب، كان للمجيب حينئذ أن يقول لم أسلم هذا المعنى وإنما الذي سلمت معنى كذا وكذا، فلا ينتفع السائل حينئذ بتسليم المجيب له أحد جزأي النقيض.
(59) وأما السؤال على طريق التعليم فقد يكون بالاسم المشترك لأن على المعلم إصلاح (3) السؤال بتفصيل ما يدل ذلك الاسم المشترك عليه. ولذلك لم يكن هذا السؤال سؤالا جدليا لأن هذا النوع من السؤال قد يقتضى تفصيل ما يدل عليه الاسم المشترك مثل أن يسأل سائل ما هو العين، فإن المجيب له يقول إنه يدل على معان شتى، على الجارحة وعلى عين الماء وعلى (4) عين الشمس وغير ذلك.
وأما السؤال الجدلى فلما كان إنما يسأل السائل فيه بجزءي النقيض ليسلم له أحدهما مثل أن يسأل هل كذا كذا أو ليس بكذا فقد ينبغى أن يكون
__________
(1) انظر تلخيص كتاب الجدل لابن رشد، تحقيق بترورث وهريدى (القاهرة:
الهيئة المصر العامة للكتاب 1979) الفقرة 335.
(2) السائل ل، ق، م، د، ش: ف.
(3) اصلاح ف: ان يصلح ل، ق، م، ش د.
(4) وعلى ف: على ل، ق، م، د، ش.(1/100)
السؤال محدودا ليكون الجواب الذي يقع عليه محدودا، وذلك إنما يكون [إذا كان السؤال] (1) بالاسم المتواطئ.
(60) ولما كانت المحمولات الكثيرة التي تحمل على موضوع واحد توجد بأربعة أحوال إما محمولات إذا أفردت صدقت وإذا جمعت صدقت وكان المجتمع منها محمولا واحدا وهو الذي قلنا إن المجتمع منها يكون قضية واحدة (2)، وإما محمولات إذا أفردت صدقت وإذا جمعت صدقت إلا أن المجتمع منها ليس يكون محمولا واحدا إلا بالعرض، وإما محمولات إذا أفردت صدقت وإذا جمعت كان الكلام هذرا وفضلا، وإما محمولات إذا أفردت صدقت وإذا جمعت كذبت فقد ينبغى أن نعطى القانون الذي به تبين (3) هذه المحمولات بعضها من بعض بعد أن نبين أنه ليس واجبا أن يكون ما يصدق مفردا يصدق مجموعا من غير أن ينطوى فى ذلك كذب ولا فضل.
(61) فنقول: إنه ليس يلزم أن تكون جميع المحمولات التي تصدق فرادى تصدق مجموعة من غير أن يكون الكلام هذرا وفضلا. وذلك بين من قبل المواد / ومما يلحق هذا الوضع إن سلمناه من الشناعة. أما من قبل المواد، فإنه قد يصدق على زيد أنه طبيب ويصدق عليه أنه بصير أى حاذق وليس يلزم أن يصدق عليه الأمران جميعا حتى نقول فيه إنه طبيب بصير. وأما الشناعة التي تلحق من قال إن كل ما يصدق فرادى يصدق مجموعا من غير أن يلحق القول هذر، فأحدها أنه إن كان قولنا فى زيد إنه إنسان حقا وإنه أبيض حقا فيجب
__________
(1) اذا كان السؤال ف: ل، ق، م، د، ش.
(2) انظر الفقرة 57.
(3) تبين ف، د: تتبين ل يتابين ق بتبين م يتباين ش.(1/101)
أن يكون القول بإجماعهما (1) حقا أعنى أن يكون زيد إنسانا أبيض. وإن كان حملنا عليه أيضا أنه إنسان أبيض وأنه أبيض على أنهما محمولات مفردان، فقد يجب أن يصدق عليه أنه إنسان أبيض أبيض. وكذلك إذا أخذنا هذا القول بمنزلة محمول واحد مفرد وأخذنا القول الأول بمنزلة محمول مفرد، صدق عليه أنه (2)
إنسان أبيض إنسان أبيض أبيض من غير أن يكون فى الكلام هذر ولا فضل وإن مر الأمر إلى غير نهاية، وذلك شنيع. وأيضا فإنه إذا حملت عليه مفردات كثيرة لزم أن تصدق (3) عليه جميع التراكيب التي تعرض عن تلك المفردات أعنى إذا ركب بعضها إلى بعض وهى غير متناهية فيصدق على الموضوع الواحد أشياء غير متناهية مثل أنه إن صدق عليه أنه إنسان وأنه أبيض وأنه يمشى فيجب أن يصدق عليه أنه إنسان أبيض يمشى وأنه إنسان إنسان أبيض يمشى وأنه إنسان إنسان إنسان أبيض يمشى. وكذلك أنه أبيض أبيض ويمشى يمشى، فتكون المحمولات الصادقة عليه غير متناهية. فقد تبين من هذا أنه ليس كل ما يصدق فرادى يصدق مجموعا على ما كان يرى كثير من القدماء.
(62) وإذ قد تبين هذا فلننظر متى يكون من المعانى الكثيرة التي تحمل على معنى / واحد ومن (4) المعنى الواحد الذي يحمل على معان كثيرة قضية واحدة وذلك بأن يكون المجتمع من تلك المعانى الكثيرة معنى واحدا وصادقا ومتى لا يكون. فنقول: إنه متى لم يكن حمل تلك المعانى الكثيرة على الموضوع حملا
__________
(1) باجماعهما ف: بمجموعهما ل، ق، م، د مجموعهما ش.
(2) انه ف، ق، م، د، ش: ل.
(3) تصدق ف: يصدق ل، ق، م، د، (هـ) ش.
(4) ومن ل، ق، م، د، ش: او من ف.(1/102)
بالعرض ولا كان أحدهما منطويا فى الآخر ومنحصرا فيه أعنى أن يكون الشرط منحصرا فى [ذى الشرط] (1) وأحرى بذلك أن يكون الشرط هو بعينه ذو الشرط، مثل أن نقول إن زيدا الأبيض أبيض ما لم يكن ذلك على جهة التأكيد فإن المجموع من تلك المعانى يكون معنى واحدا. فأما متى كان حملها بالعرض مثل قولنا (2) فى زيد إنه أبيض وإنه يمشى فإنه ليس المجموع منها معنى واحدا، وكذلك متى كان الثاني محصورا فى الأول لأن الكلام حينئذ يكون فضلا مثل قولنا فى زيد إنه إنسان حي على جهة تقييد (3) الإنسان بالحى، فإن لفظ الإنسان قد انطوى فيه الحى ولذلك كان تقييدنا إياه بالحى هذرا بخلاف تقييد الجنس بالفصل. فمتى عريت المحمولات المفردة من هاتين الصفتين أعنى من الحمل الذي بالعرض ومن أن يكون أحدهما منحصرا فى الآخر فالقضية تكون واحدة مثل قولنا فى الإنسان إنه حيوان وإنه ذو رجلين.
(63) وأما الأشياء التي تصدق مجموعة فى الحمل على شىء ما إذا قيد بعضها ببعض، فمنها ما تصدق إذا أفردت ومنها ما ليس يصدق (4). والصادقة منها هى التي يجتمع فيها شيئان. أحدهما أن لا ينحصر فى الشىء المشترط فى القول شىء هو مقابل للشىء (5) الذي اشترط فيه وقيد به، وذلك بأي نحو اتفق من أنحاء التقابل
__________
(1) ذى الشرط ف: المشترط ل، م المشروط فيه د بالشرط فيه ش ق.
(2) قولنا ف، ق، م، د، ش: قولك ل.
(3) تقييد ف، ق، م، د: تفسير ل تغير ش.
(4) يصدق ف، ق، م، د، ش: تصدق ل.
(5) للشيء ف: الشيء ل، ق، م، د، ش.(1/103)
الأربعة (1)، كان ظهور ذلك المقابل له بحسب ما يدل عليه اسمه مثل قولنا حيوان ميت، فإن الميت ضد الحيوان من جهة دلالة هذا الاسم عليه، أعنى اسم الحيوان أو كان ظهور ذلك لا من جهة دلالة الاسم بل من جهة دلالة الحد أو الرسم مثل قولنا إنسان ميت، فإن الإنسان إنما يظهر أنه مقابل للميت من جهة حده الذي يقال فيه إنه حيوان ناطق. فمتى انحصر التقابل فى أمثال هذه المقيدات كذبت إذا أفردت، فإنه يصدق على الميت أنه إنسان ميت وليس يصدق عليه أنه إنسان. والشرط الثاني أن لا يكون حمل المقيد على الموضوع بالعرض أى من أجل غيره / بل بالذات أى (2) من أجل ذاته فإنه إذا كان محمولا بالعرض على هذه الجهة كذب إذا أفرد مثل قولنا امرؤ القيس موجود شاعرا أو موجود متوهما، فإنه إذا أفرد هذا فقيل امرؤ القيس موجود كان كذبا إذ هو الآن معدوم. والسبب فى ذلك أن لفظ قولنا موجود هو محمول على امرئ القيس من جهة أنه متوهم أو شاعر لا حملا أولا من أجل ذاته أى بإطلاق وقولنا فيه إنه موجود من جهة ما هو فى الذهن متوهما هو قول صادق. ولذلك أمكن فيها إذا أخذت بهذه الجهة لفظة الموجود أن تصدق على المعدوم، كما أن لفظة غير الموجود إذا حملت على الشىء من أجل غيره صدقت على الشىء الموجود وليس تصدق عليه إذا حملت عليه من أجله مثل قولنا فى زيد المشار إليه إنه غير موجود حائكا، فإنه ليس يصدق عليه أنه غير موجود بإطلاق كما ليس يصدق على المعدوم أنه موجود بإطلاق. فإذن متى لم ينحصر فى الشرط أو القيد مقابل
__________
(1) انظر تلخيص كتاب المقولات، النشرة المذكورة، الفقرة 89.
(2) اى ل، ق، م، ش: ف، د.(1/104)
للشىء (1) المقيد متى دل على الشىء المقيد بحده أو اسمه ولا كان هنالك (2) محمولا من أجل غيره فإنه واجب متى أفردت أمثال هذه فى الحمل أن تصدق فرادى كما صدقت مجموعة.
[الفصل الرابع] (3)
(64) ولما كانت القضايا منها ذوات جهات ومنها ما هى غير ذوات جهات، والجهة هى اللفظة التي تدل على كيفية وجود المحمول للموضوع مثل قولنا الإنسان واجب أن يكون حيوانا أو ممكن أن يكون فيلسوفا وكانت أجناس ألفاظ الجهات جهتين، إحداهما الضرورى وما يتبعه على جهة اللزوم ويعد معه وهو الواجب والممتنع الذي هو أيضا أحد قسميه إذ كان الضرورى إما ضرورى الوجود وإما ضرورى العدم وهو الممتنع، والثانية الممكن وما يتبعه على جهة اللزوم ويعد معه مثل قولنا محتمل فقد ينبغى أن ننظر فى المتقابلات فى هذا الجنس أى هى وفى المتلازمة أيضا منها. وذلك فى المعدولة منها أيضا والبسيطة. وإنما صارت ألفاظ الجهات جهتين لأنه إنما قصد بها أن تكون دلالتها مطابقة للموجود، والموجود قسمان إما بالقوة وإما بالفعل، والضرورى يقال على ما بالفعل، والممكن يقال على ما بالقوة. فلننظر (4) فى المتقابلة منها أولا، ثم فى المتلازمة.
__________
(1) للشىء ف: الشيء ل، ق، م، د، ش.
(2) هنالك ل، ق، م: ف هناك د، ش.
(3) الفصل الرابع ف، ق، م، د، ش: فصل ل ج (ح يد 2) ل.
(4) فلننظر ل، ق، م: فلينظر ف، د، ش.(1/105)
(65) فنقول: إنه قد يظهر فى بادئ الرأى أن حرف السلب ينبغى أن يوضع فى أمثال هذه القضايا مع اللفظة الوجودية التي هى الرابطة لا مع المحمول كالحال فى القضايا غير ذوات الجهات، وذلك أن سلب قولنا الإنسان يوجد عدلا هو قولنا الإنسان ليس يوجد عدلا لا قولنا الإنسان يوجد لا عدلا. وذلك أنه لما كان الإيجاب / والسلب يقتسمان الصدق والكذب على جميع الأشياء، فإن وضعنا أن سالب قولنا [يوجد الإنسان] (1) عدلا قولنا [يوجد الإنسان] (2) لا عدلا وجب مثلا فى هذين القولين أن يقتسما الصدق والكذب على جميع الأشياء حتى يجب إن كان قولنا فى الخشبة مثلا إنها توجد إنسانا (3) عدلا كاذبا [أن يكون] (4) الصادق عليها أنها توجد إنسانا (5) لا عدلا (6).
(66) وإذا كان حرف السلب إنما يوضع فى القضايا الثلاثية أو الثنائية مع الكلمة الوجودية (7) فقد يظن أن الحال فى القضايا ذوات الجهات هى هذه
__________
(1) يوجد الانسان ف: الانسان يوجد ل، ق، م، د، ش.
(2) يوجد الانسان ف: الانسان يوجد ل، ق، م، د، ش.
(3) انسانا: انسان ف ل، ق، م، د، ش.
(4) ان يكون ف: فيكون ل، ق، م، د، ش.
(5) انسانا: انسان ف ل، ق، م، د، ش.
(6) عدلا ف، ل، ق، م، د، ش: لكن لما كان قولنا عدلا ولا عدلا يقتسمان الصدق والكذب على الانسان فقد يجب ان كان الصادق ان الخشبة توجد لا عدلا أن يصدق عليها ان الخشبة انسان لا عدلا وذلك فى غاية الاستحالة ل، ق، م، د، ش.
(7) الوجودية م: ف، ل، ق، د، ش.(1/106)
الحال، فيكون على هذا سلب قولنا فى الشىء إنه يمكن أن يوجد قولنا (1) إنه يمكن أن لا يوجد. غير أنه قد يظهر أنه يصدق على الشىء بعينه أن يقال فيه إنه يمكن أن يوجد ويمكن أن لا يوجد. ومثال ذلك أن ما [هو ممكن] (2) أن ينقطع فهو ممكن (3) أن لا ينقطع وما هو ممكن أن يمشى فهو ممكن (4) أن لا يمشى، وذلك أن الممكن هو ما ليس بضرورى الوجود. ولذلك قد يمكن فيه أن يوجد وأن لا يوجد، ولما كان المتقابلان ليس يمكن فيهما أن يجتمعا على الصدق فى شىء واحد فبين أنه ليس سلب قولنا يمكن أن يوجد قولنا يمكن أن لا يوجد.
(67) فإذ قد تبين أن حرف السلب فى هذه القضايا أعنى ذوات الجهات لا ينبغى أن يوضع / لا مع المحمول ولا مع الكلمة الوجودية، فقد يجب أن يوضع مع الجهة. فيكون سلب قولنا فى الشىء إنه يمكن أن يوجد قولنا إنه ليس يمكن أن يوجد. وهكذا الأمر فى جميع الجهات التي عددناها، وذلك واجب. فإنه كما أن فى القضايا التي ليست بذات جهة إنما كنا نقرن حرف السلب بالشيء الذي يتنزل فى الحمل منزلة الصورة وهى الكلمة الوجودية لا بالشيء الذي يتنزل منزلة المادة وهو المحمول كذلك هاهنا إنما يوضع حرف السلب فى الشىء الذي يتنزل من الكلمة الوجودية منزلة الكلمة الوجودية فى غير ذوات الجهات من المحمول وهى الجهة. وذلك أن الكلمة الوجودية لما كانت فى القضايا التي ليست بذات جهة تدل على كيفية حال
__________
(1) قولنا ل، ق، م، د، ش: ف.
(2) هو ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.
(3) ممكن ف، ق: يمكن ل، م، د، ش.
(4) ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.(1/107)
المحمول من الموضوع، صارت الكلمة الوجودية نسبتها إلى المحمول فى هذه القضايا نسبة الصورة إلى المادة. ولما كانت هذه النسبة بعينها هى نسبة الجهة إلى الكلمة الوجودية وذلك أنها (1) تدل على كيفية وجود المحمول للموضوع كانت نسبتها أيضا إلى الكلمة الوجودية نسبة الصورة إلى المادة. وإذا كانت النسبتان واحدة وكان حرف السلب هنا لك يوضع مع الكلمة، فواجب أن يوضع هاهنا مع الجهة.
(68) وبالجملة فهو ظاهر بنفسه أن سلب قولنا يمكن أن يوجد قولنا ليس يمكن أن يوجد، إذ كان هذان يقتسمان الصدق والكذب دائما. وأما قولنا يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، فليست متناقضات بل متلازمات. وكذلك سلب قولنا يمكن أن لا يوجد وهى المعدولة الممكنة هو قولنا ليس يمكن أن لا يوجد. وسلب قولنا واجب أن يوجد قولنا ليس واجبا أن يوجد. وسلب قولنا واجب أن لا يوجد وهى المعدولة الواجبة قولنا ليس واجبا أن لا يوجد. وكذلك سلب قولنا ممتنع أن يوجد قولنا ليس ممتنعا أن يوجد.
وسلب قولنا ممتنع أن لا يوجد قولنا [لا ممتنع] (2) أن لا يوجد فهذه هى القضايا المتقابلة (3) فى هذا الجنس.
(69) وأما المتلازمة فعلى ما أقوله: أما الموجبة الممكنة البسيطة وهى قولنا ممكن (4) أن يوجد فإنه يلزمها اثنتان (5)، السالبة الممتنعة مثل قولنا
__________
(1) انها ف، ل، ق، م، د، ش: قد ل، ق، م، د، ش.
(2) لا ممتنع ف: لا يمتنع ل، د ليس بممتنع ق، م، ش.
(3) المتقابلة ل، ق، م، د، ش: المتقابلات ف.
(4) ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.
(5) اثنتان ل، ق، م، د، ش: اثنان ف.(1/108)
ليس ممتنعا (1) وسالبة الواجب وهى قولنا ليس واجبا أن يوجد.
وأما الموجبة الممكنة المعدولة مثل قولنا ممكن (2) أن لا يوجد فإنه يلزمها بحسب الأشهر والأعرف اثنتان (3) إحداهما (4) سالبة الواجب المعدولة وهو قولنا ليس واجبا أن لا يوجد والثانية سالبة الممتنع المعدولة وهى قولنا ليس ممتنعا أن لا يوجد. وأما سالبة الممكن البسيطة وهى قولنا ليس يمكن أن يوجد فإنه يلزمها اثنتان (5) أيضا، إحداهما (6) موجبة الواجب المعدولة وهو قولنا واجب أن لا يوجد والثانية موجبة الممتنع البسيطة وهو قولنا ممتنع أن يوجد. وأما سالبة الممكن المعدولة مثل قولنا ليس يمكن أن لا يوجد فإنه يلزمها اثنتان (7)، إحداهما (8) موجبة الواجب البسيطة وهى قولنا واجب أن يوجد والثانية موجبة الممتنع المعدولة وهى قولنا ممتنع أن لا يوجد.
(70) فلنضع المتقابلات منها فى عرض الصفح والمتلازمات بعضها تحت بعض فيأتى ذلك على هذا الرسم:
__________
(1) ممتنعا ل، م، د، ش: ممتنع ف، بممتنع ق.
(2) ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.
(3) اثنتان ل، ق، م، د، ش: اثنان ف.
(4) احداهما ل، ق: احدهما ف إحداهما م، د، ش.
(5) اثنتان ل، ق، م، د، ش: اثنان ف.
(6) احداهما ل، ق: احدهما ف، د إحداهما م، ش.
(7) اثنتان ل، ق، م، د، ش: اثنان ف.
(8) احداهما ل، ق: احدهما ف إحداهما م، د، ش.(1/109)
ممكن أن يوجد * ليس ممكنا (1) أن يوجد ليس واجبا أن يوجد * واجب أن لا يوجد ليس ممتنعا أن يوجد * ممتنع أن يوجد ممكن أن لا يوجد * ليس ممكنا أن لا يوجد ليس واجبا أن لا يوجد * واجب أن يوجد ليس ممتنعا أن لا يوجد * ممتنع أن لا يوجد (71) فإذا تأملنا هذا اللزوم المشهور وتعقبناه / وجدنا قولنا ممتنع وقولنا ليس بممتنع يلزمان قولنا ممكن وليس بممكن أعنى أن النقيض منها يلزم النقيض، أى الموجب فيها يلزم السالب إلا أن ذلك على القلب أعنى أن السالب من الممتنع يلزم الموجب من الممكن والموجب من الممتنع يلزم السالب من الممكن.
(72) فأما القضايا الواجبة، فإن اللازمة / منها للممكنة ليس هو النقيض بل الضد أعنى ضد الموجبة الواجبة التي تناقض السالبة الواجبة، [وهى قولنا واجب أن لا يوجد] (2) وذلك أنه ليس سلب [هذه المقدمة] (3) [التي هى] (4)
قولنا واجب أن لا يوجد اللازم عن قولنا ليس ممكنا أن يوجد قولنا ليس واجبا أن يوجد الذي هو لازم عن قولنا ممكن أن يوجد [على ما وضع] (5). (6)
__________
(1) ممكنا ل: ممكن ف يمكن ق، م د، ش.
(2) وهى يوجد ف، ق، م، د، ش: ل.
(3) هذه المقدمة ف، ق، م، د، ش: ل.
(4) التي هى ق، م، د، ش،: هو ف ل.
(5) على ما وضع ف، ق، م، د، ش: ل.
(6) انظر الفقرة 69والفقرة 70.(1/110)
وذلك أنهما قد يمكن أن يصدقا على شىء واحد بعينه، فإن ما هو واجب أن لا يوجد يصدق عليه ليس واجبا أن يوجد. بل قولنا واجب أن لا يوجد ضد قولنا واجب أن يوجد الذي هو نقيض قولنا ليس واجبا (1) أن يوجد. (2) وإذا كان هذا هكذا فلم يلزم هاهنا النقيض للنقيض. وإنما لزم النقيض ضد النقيض أعنى أنه لم يلزم عن سالبة الممكن موجبة الواجب التي هى نقيض سالبة الواجب التي (3) وضعناها لازمة لموجبة الممكن. وإنما لزم عن سالبة الممكن ضد الواجبة وهى قولنا واجب أن لا يوجد (4).
(73) والسبب فى أن لزم الممكنة السالبة البسيطة [موجبة الواجب] (5)
المعدولة ولزم سالبة الممكن المعدولة موجبة الواجب البسيطة أن الممتنع هو ضد الواجب الوجود، وإن كانت قوتهما فى الضرورية (6) قوة واحدة فلما كانت السالبة الممكنة البسيطة تلزمها الممتنعة [الموجبة البسيطة] (7) وكانت الممتنعة [الموجبة البسيطة (8) ضد الموجبة الواجبة البسيطة، لزم ضرورة أن يتبعها ضد الموجبة الواجبة البسيطة وهى الموجبة الواجبة المعدولة. ولما كانت السالبة الممكنة المعدولة تلزمها (9) الممتنعة المعدولة الموجبة (10) وكانت الممتنعة المعدولة الموجبة (11) ضد الواجبة المعدولة الموجبة (12) وجب أن يلزمها من الواجب ضد الواجبة المعدولة الموجبة (13)
وهى الواجبة البسيطة الموجبة (14).
__________
(1) واجبا ل، ق، م، د، ش: واجب ف.
(2) واذا يوجد ف: ل، ق، م، د، ش.
(3) التي: الذي ف ل، ق، م، د، ش.
(4) موجبة الواجب ل، ق، م، د، ش: الواجبة ف.
(5) الضرورية ف: الضرورة ل، ق، م، د، ش.
(6) الموجبة البسيطة ل، ق، م، د، ش: ف.
(7) تلزمها ف: يلزمها ل، ق، م، د، ش.
(8) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(9) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(10) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(11) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(12) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(13) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.
(14) الموجبة ل، ق، م، د، ش: ف.(1/111)
(74) لكن إذا تعقب هذا فقد يظن أن الحال فيما يلزم الممكن من الواجب كالحال فيما يلزمه من الممتنع أعنى أن النقيض منها يلزم النقيض لكن على غير الجهة الأولى التي تبين وهيها. فيكون اللازم عن قولنا يمكن أن يوجد قولنا ليس واجبا أن لا يوجد الذي هو نقيض قولنا واجب أن لا يوجد اللازم عن قولنا ليس يمكن أن يوجد لا قولنا ليس واجبا أن يوجد. ويكون اللازم عن قولنا ممكن أن لا يوجد من الواجب قولنا ليس واجبا أن يوجد لا قولنا ليس واجبا أن لا يوجد كما فرضناه فى الوضع الأول (1).
(75) فأما كيف يظهر أن اللازم عن قولنا ممكن أن يوجد قولنا ليس بواجب أن لا يوجد لا قولنا ليس بواجب أن يوجد، فإنه يترتب على بيان أن قولنا ممكن أن يوجد هو لازم عن قولنا واجب أن يوجد. فأما كيف يتبين هذا [فمما أقوله] (2): وذلك أن قولنا واجب أن يوجد إما أن يصدق عليه قولنا ممكن أن يوجد أو قولنا ليس ممكنا (3) أن يوجد لأن قولنا ممكن أن يوجد وليس ممكنا أن يوجد متناقضان والمتناقضان يقتسمان الصدق والكذب على جميع الأشياء. فإن لم يصدق عليه قولنا ممكن أن يوجد فسيصدق عليه قولنا ليس بممكن أن يوجد، لكن إن صدق عليه قولنا ليس بممكن أن يوجد صدق عليه قولنا ممتنع أن يوجد إذ كان هذا يلزم قولنا ليس يمكن أن يوجد. وإذا صدق عليه قولنا ممتنع أن يوجد لزم عن ذلك أن يكون ما هو واجب أن يوجد ممتنعا (4) أن يوجد، وذلك
__________
(1) انظر الفقرة 69.
(2) فمما اقوله ف: فبما اقوله ل، م، د فيما قوله ق فبما اقول ش.
(3) ممكنا ل، د، ش: ممكن ف يمكن ق، م.
(4) ممتنعا ق، م، د، ش: ممتنع ف، ل.
خلف لا يمكن. فإذن الصادق على قولنا واجب أن يوجد قولنا ممكن أن يوجد، لأنه إذا كذب أحد النقيضين صدق الآخر.(1/112)
خلف لا يمكن. فإذن الصادق على قولنا واجب أن يوجد قولنا ممكن أن يوجد، لأنه إذا كذب أحد النقيضين صدق الآخر.
(76) وإذا تقرر أن قولنا ممكن أن يوجد يلزم قولنا واجب أن يوجد، فأقول: إن اللازم عن قولنا ممكن أن يوجد من مقدمات الواجب هى السالبة المعدولة التي هى قولنا ليس واجبا أن لا يوجد. برهان ذلك أنه لا يخلو أن يكون اللازم عن ذلك أعنى عن الممكنة البسيطة الموجبة سالبة الواجب البسيطة أو موجبة الواجب (1) البسيطة أو موجبة الواجب (2) المعدولة أو سالبة الواجب المعدولة. فإن كانت سالبة الواجب البسيطة على ما وضعنا وهى قولنا ليس بواجب أن يوجد (3) وقد كانت الموجبة البسيطة الموجبة لازمة عن الواجبة البسيطة، لزم أن يلزم عن الواجبة البسيطة نقيضها وهى السالبة البسيطة لأنه يأتى القول هكذا ما كان واجبا أن يوجد فممكن أن يوجد وما هو ممكن أن يوجد فليس واجبا أن يوجد. فإذن ما كان واجبا أن / يوجد فليس واجبا أن يوجد، هذا خلف لا يمكن. فان النقيضين / لا يمكن فيهما أن يصدقا معا.
(77) وإذا لم يلزم عنها السالبة الواجبة البسيطة، فلم يبق أن يلزم عنها إلا موجبة الواجب البسيطة أو المعدولة أو سالبة الواجب (4) المعدولة. لكن موجبة الواجب البسيطة أو المعدولة ليس تصدق واحدة منهما (5) مع الموجبة
__________
(1) انظر الفقرة 69.
(2) الواجب ف، ق، م: الواجبة ل د، ش.
(3) الواجب ف، ق: الواجبة ل، م، د، ش.
(4) الواجب ل، ق، م، د، ش: الموجب ف.
(5) منهما ل، م: منها ف، د، ش.(1/113)
الممكنة. وذلك أن ما هو ممكن أن يوجد فهو ممكن أن يوجد وأن لا يوجد.
وما هو ممكن أن يوجد وأن لا يوجد فليس هو واجبا (1) أن يوجد ولا واجب أن لا يوجد. وذلك بين بنفسه فإذا كان واجبا أن يلزم واحد من قضايا الواجب الأربعة الممكنة البسيطة وقد تبين أن الثلاثة منها ليس تلزمها (2)، فلم يبق أن تكون اللازمة لها إلا قولنا ليس بواجب أن لا يوجد وهى سالبة الواجب المعدولة. وذلك واجب أيضا لأنه لا يعرض عنه المحال العارض فيما تقدم من وضعنا أن غير الممكن يلزم الواجب (3)، فإنه قد يلزم قولنا واجب أن يوجد قولنا ليس واجبا أن لا يوجد إذ كانا (4) يصدقان معا على شىء واحد.
(78) لكن قد يعرض شك فيما بينا أن قولنا ممكن أن يوجد يلزم عن قولنا واجب أن يوجد (5). وذلك أنه إن لم يكن يلزمه فنقيضه يلزمه.
ونقيضه إما أن يكون قولنا ليس ممكنا أن يوجد وإما قولنا يمكن أن لا يوجد.
لكن إن لزمه قولنا ليس ممكنا أن يوجد، لزم المحال المتقدم الذي فرغنا من ذكره (6)، وإن لزمه قولنا ممكن (7) أن لا يوجد لزم أن يكون ما هو واجب أن يوجد يمكن أن لا يوجد، وذلك خلف لا يمكن. فهذا القول يجب عنه أن يكون
__________
(1) واجبا ل، ق، م: واجب ف، د واجبان ش.
(2) تلزمها ف، ق: يلزمها: ل، م، د، ش.
(3) انظر الفقرة 75.
(4) كانا ف، ق، م، د، ش: كان ل.
(5) انظر الفقرة 75.
(6) انظر الفقرة 75.
(7) ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.(1/114)
اللازم عن قولنا واجب أن يوجد قولنا (1) ممكن (2) أن يوجد، لكن إذا فرضنا أن اللازم عنه قولنا ممكن أن يوجد وكان الشىء الذي يمكن فيه أن يوجد يمكن فيه أن لا يوجد فقد يلزم أن يكون ما هو واجب أن يوجد يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، وذلك خلف لا يمكن. وإذا كان القول الأول يوجب أن يكون اللازم عن قولنا واجب أن يوجد قولنا ممكن أن يوجد والثاني يبطل أن يكون الممكن يتبع الواجب ويلزمه، فبين أنه يجب أن يكون ما أثبت القول الأول من طبيعة الممكن أنه لازم عن الواجب غير ما نفاه الثاني.
(79) فالممكن إذن يقال على أكثر من معنى واحد، وذلك أيضا بين بالاستقراء. فإنه يظهر أنه ليس كل ما يقال إنه ممكن أن يفعل كذا أو يقبل ففيه قوة على أن لا يفعل وعلى أن يفعل. وذلك أن الأشياء التي نقول إن فيها قوى فاعلة توجد على ضربين، إما قوى مقرونة بنطق وهى التي يعبر عنها بالاستطاعة وإما قوى ليست مقرونة بنطق مثل تسخين النار وتبريد الثلج. فأما القوى المقرونة بالنطق، فإن فيها قوة على أن تفعل الأضداد أعنى أن تفعل وأن لا تفعل، ومثال ذلك المشي، فإن فى الإنسان قوة على (3) أن يمشى وأن لا يمشى على السواء. وأما القوى التي ليست مقرونة بنطق، فإن [ما فيها هو] (4) قوة على أحد الأضداد فقط. ومثال ذلك النار، فإنها إنما فيها قوة على أن تسخن فقط لا على أن لا تسخن إلا بالعرض، وذلك إما عند ما لا تجد موضوعا
__________
(1) قولنا ل، ق، م، د، ش: ف.
(2) ممكن ف: يمكن ل، ق، م، د، ش.
(3) على ف: ل، ق، م، د، ش.
(4) ما فيها هو ف: فيها ل، ق، م، د، ش.(1/115)
يقبل السخونة وإما عند ما يعوقها عائق عن الفعل الذي لها بالطبع فى ذلك الموضوع (1). وقد يوجد فى القوى المنفعلة الغير ناطقة (2) ما يقبل المتقابلين على السواء. وإذا كان هذا هكذا فليس كل ممكن فهو ممكن لأن يقبل الأشياء المتقابلة.
(80) ولا أيضا الممكن مما يقال بتواطؤ حتى يكون نوعا واحدا، بل اسم الممكن مما يقال باشتراك الاسم. وذلك أنا قد نقول ممكن فيما هو موجود بالفعل وقولنا فيه إنه ممكن إنما هو بمعنى أن هذه الحالة الموجودة له بالفعل قد كانت ممكنة له وإلا لم يكن ليقبلها. وهذا قد يقال وإن لم يتقدم الإمكان فيه الفعل، بالزمان، إن وجد شىء بهذه الصفة. ومنه ما يقال فيه إنه ممكن بمعنى أن من شأنه أن يوجد فى المستقبل. وهذا الإمكان إنما يوجد فى الأشياء المتحركة وحدها فاسدة كانت أو غير فاسدة، إلا أنه ما كان منه فى الأشياء الغير فاسدة (3)
فحدوثه واجب مثل طلوع الشمس غدا وما كان منه فى الأشياء الفاسدة فليس كونه واجبا.
(81) وأما الصنف الثاني من الممكن، فهو يوجد فى الأشياء الغير متحركة (4). / وهذا الصنف من الممكن هو الذي يلزم الواجب. وأما الصنف الأول، فليس يلزم الواجب وذلك ما كان منه فى الأشياء الفاسدة. لكن قد يشبه أن يقال إن الممكن إذ كان أعم من الواجب، وذلك أنه يقع على الواجب وغير الواجب، فقد يجب أن يكون لازما عنه على جهة ما يلزم الأعم الأخص أعنى على جهة ما يلزم الحيوان الإنسان.
__________
(1) الموضوع ف، ق، م، د، ش: الموضع ل.
(2) ناطقة ف: الناطقة ل، ق، م، د، ش.
(3) فاسدة ف: الفاسدة ل، ق، م، د، ش.
(4) متحركة ف: المتحركة ل، م، د، ش المحركة ق.(1/116)
(82) قال: وإذ قد تبينت أنحاء الممكن فقد يجب أن نضع الأول الذي تقع إليه المقايسة فى هذا اللزوم قولنا واجب أن يوجد ليس واجبا أن يوجد، إذ كان (1) هو المبدأ / لهذه كلها، ثم نتأمل ما يلزم ذلك من تلك القضايا الباقية.
(83) قال: وهذا شىء قد فعل فى كتاب القياس، فلنرجئ (2) الأمر إلى ذلك الموضع (3). وإنما كان الواجب هو المبدأ لهذه لأن الأشياء الواجبة هى الأزلية الموجودة بالفعل على ما تبين فى العلوم الفكرية (4). ولما كانت الأشياء الأزلية أقدم، وجب أن تكون الأشياء التي هى بالفعل أقدم من الأشياء التي هى بالفعل تارة وبالقوة تارة. ولذلك بعض الموجودات توجد (5) بالفعل دون القوة مثل الموجود الأول وبعضها بالفعل تارة وبالقوة (6) تارة وهى الأشياء الكائنة الفاسدة وبعض الأشياء مع القوة فقط من غير أن تفارقها مثل الحركة وبالجملة وجود الغير متناه (7) من جهة ما هو غير متناه على ما تبين (8)
أيضا فى العلم الطبيعى.
(84) فهذه جملة ما تكلم به فى القضايا ذوات الجهات.
[الفصل الخامس] (9)
(85) قال: ولما كانت الأقاويل المتقابلة إما متقابلة بالإيجاب والسلب وإما متقابلة بأن موادها متضادة وهى الأقاويل التي محمولاتها متضادة
__________
(1) كان ف، ل، ق، م د، ش: هذا ل، ق، م، د.
(2) فلنرجى ف، ش: فارجا ل فارختى ق فارخى م فلنرجع د.
(3) انظر تلخيص كتاب القياس، النشرة المذكورة، الفقرة 20إلى الفقرة 23.
(4) الفكرية ف: النظرية ل، ق، م، د، ش.
(5) تجد ف، ش: يوجد ق، م، د (هـ) ل.
(6) بالقوة ق، م، د، ش: القوة ف، ل.
(7) متنا هـ ف: المتناهى ل، ق، م، د، ش.
(8) تبين ف، ق، م، د، ش: بين ل.
(9) الفصل الخامس ف، م، د، ش: فصل ل د (ح يد 2) ل (مكانه بياض) ق.
وكانت توجد فى التي محمولاتها متضادة ما يشبه الأصناف الخمسة من المتقابلة التي من جهة الإيجاب والسلب التي (1) تقدم القول فيها (2)، فقد يجب أن ننظر هاهنا أى هذه الأقاويل أشد تضادا وأبعد تباينا فى الاعتقاد، هل المتضادة على طريق الإيجاب والسلب أو المتضادة على طريق اعتقاد الضد. مثال ذلك أن قولنا كل إنسان عدل يقابله قولان، أحدهما ولا إنسان واحد عدل وهو المقابل على جهة السلب والثاني قولنا كل إنسان جائر وهو المقابل على جهة الضدية. فأى هذين هو أشد مضادة لقولنا كل إنسان عدل، هل قولنا ولا إنسان واحد عدل أو قولنا كل إنسان جائر.(1/117)
وكانت توجد فى التي محمولاتها متضادة ما يشبه الأصناف الخمسة من المتقابلة التي من جهة الإيجاب والسلب التي (1) تقدم القول فيها (2)، فقد يجب أن ننظر هاهنا أى هذه الأقاويل أشد تضادا وأبعد تباينا فى الاعتقاد، هل المتضادة على طريق الإيجاب والسلب أو المتضادة على طريق اعتقاد الضد. مثال ذلك أن قولنا كل إنسان عدل يقابله قولان، أحدهما ولا إنسان واحد عدل وهو المقابل على جهة السلب والثاني قولنا كل إنسان جائر وهو المقابل على جهة الضدية. فأى هذين هو أشد مضادة لقولنا كل إنسان عدل، هل قولنا ولا إنسان واحد عدل أو قولنا كل إنسان جائر.
(86) فنقول: إنه إذا كانت الألفاظ إنما تدل على المعانى القائمة بالنفس وكان قد يوجد فى الذهن اعتقاد شىء ما واعتقاد ضده أو اعتقاد شىء ما واعتقاد سلبه، فبين أنه إنما يقال فى القول إنه ضد للقول أو مقابل له من جهة تقابل الاعتقادات التي فى النفس إما باعتقاد الضد أو باعتقاد السلب. وإذا كان الأمر كذلك فقد ينبغى أن ننظر أى اعتقاد هو الذي فى الغاية من التضاد والمباينة (3)
للاعتقاد الصادق أو الكاذب، هل اعتقاد ضده أو اعتقاد سلبه. ومثال ذلك إذا اعتقدنا فى شىء ما أنه خير وكان ذلك عقدا صادقا مثل اعتقادنا فى الحياة أنها خير فيكون إذن هاهنا عقدان كاذبان مقابلان له، أحدهما أنها شر والآخر أنها ليست بخير. فأى من هذين الاعتقادين الكاذبين فى الحياة هو الذي
__________
(1) التي ل، ق، م، د، ش: الذي ق.
(2) انظر الفقرة 23.
(3) المباينة ف: التباين ل، ق، م، د، ش.(1/118)
هو فى غاية المضادة فى الذهن للاعتقاد الصادق الذي هو قولنا الحياة خير، هل اعتقادنا أنها شر أو اعتقادنا أنها ليست بخير.
(87) فنقول: إن التضاد الموجود فى الاعتقاد أعنى الذي فى غاية التباين فيه يشبه (1) التضاد الموجود خارج النفس فى المواد. فهل يجب أن يكون ما كان من الأشياء أكثر تضادا خارج النفس هو أشد تضادا فى الاعتقاد (2).
(88) فنقول: إنه لما كان الشيئان اللذان يتضادان خارج النفس بمضادتين أقل تضادا فى الاعتقاد من الشيئين اللذين يتضادان بمضادة واحدة وكانا (3) مع ذلك غير متضادين فى الاعتقاد بل أكثر ذلك هما متلازمان مثل اعتقادنا أن الحياة خير والموت شر، فإن هذين القولين متضادان (4) بالمحمول والموضوع خارج النفس فبين أنه ليس سبب التضاد الموجود فى الاعتقاد هو التضاد الموجود خارج النفس إذ لو كان سببه لكان ما هو أكثر مضادة خارج النفس أحرى أن يكون مضادا فى الاعتقاد. / [وإذا كان ذلك كذلك] (5) فما كان مضادته فى الاعتقاد من قبل المواد فهو أحرى أن لا يكون هو المضاد بإطلاق فى الاعتقاد. وأما التضاد الذي يوجد فى الاعتقاد من قبل الإيجاب والسلب، فليس ذلك موجودا فيه من قبل غيره، بل من قبل ذاته ومن قبل حالة موجودة فيه فى
__________
(1) يشبه ف، م، د، ش: سببه ل تشبه ق.
(2) الاعتقاد ف، ل، ق، م، د، ش: ام لا ل، ق، م، د، ش.
(3) وكانا ف: او كانا ل، د، ش ان كانا ق اذ كانا م.
(4) متضادان ل، ق، م، د، ش: متضادين ف.
(5) واذا كذلك ف، ق، م، د، ش: ل.(1/119)
الذهن. فالذى (1) التضاد فيه من قبل ذاته أحرى بأن (2) يكون مضادا من الذي التضاد فيه من قبل غيره.
(89) وأيضا فإنه إذا كان عندنا اعتقاد ما فى شىء أنه خير وكان عقدا صادقا، فإنه ليس كل اعتقاد كاذب كان عندنا فى ذلك الشىء هو الاعتقاد المضاد لهذا الاعتقاد الصادق مثل أن يكون عندنا فيه أنه شىء آخر مما ليس هو موجودا (3) له أو أنه ليس بشيء آخر مما هو موجود له فإن الاعتقادات هى بغير (4) نهاية. وإنما الاعتقاد الذي يضاد ذلك الاعتقاد فيه اعتقاد واحد وهو الاعتقاد الذي نرى أنه يقتسم الصدق والكذب دائما مع الاعتقاد الأول.
وهذان هما الاعتقادان يفرضان جزأي نقيض / فى المطلوب، ثم تقع (5) بعد ذلك فيهما الشبهة والحيرة أى منهما هو الصادق وأى منهما هو الكاذب. وأما الاعتقادان اللذان يمكن أن يكذبا معا على الموضوع الواحد بعينه أو يصدقا معا، فليس يمكن أن تقع بينهما الشبهة والحيرة ولا يجعلان جزأي نقيض فى المطلوب على أن الحق فى أحدهما محصل الوجود فى نفسه وإن لم يكن عندنا محصلا.
[وأيضا فبين] (6) أن الاعتقاد الذي يقابل الوجود (7) بالحقيقة هو الاعتقاد الذي
__________
(1) فالذى ف: والذي ل، ق، م، ش د.
(2) بان ف، ق، م، د: من ان ل ان ش.
(3) موجودا ل، ق، م، د، ش: موجود ف.
(4) بغير ف، ق، م، د، ش: لغير ل.
(5) تقع ف، ق، م، يقع ل، د، ش.
(6) وايضا فبين ف: وبين ل، د، ش وبين ايضا ق، م.
(7) الوجود ف، ق، م د، ش: الموجود ل.(1/120)
يكون فى الشىء الذي منه يكون الكون وهو السلب. وذلك أن الكون إنما يكون من غير موجود إلى موجود، والفساد من موجود إلى غير موجود.
(90) وأما الاعتقاد الذي يكون فى الأشياء التي فيها الاستحالة وهو التغير (1) الذي يكون من الأضداد فهو أقل ضدية فى الاعتقاد، إذا كان العدم أشد مقابلة للموجود من الضد للضد لأن الضد موجود ما. ولذلك ليس يكون التكون من موجود إلا بالعرض. وأيضا فإن العقد الذي يكون بالسلب يقتضى رفع الاعتقاد الموجب بذاته، إذ كانت ماهية السلب إنما تقتضى ارتفاع الإيجاب الذي هو محاك (2) للشىء الموجود. وأما اعتقاد ضد المحمول فى الشىء الذي اعتقد فيه وجود المحمول، فليست تقتضى ماهيته رفع الإيجاب إذ كان ليس حدوث الضد فى الموضوع يقتضى بجوهره رفع ضده المقابل له، وإنما هو شىء يعرض عن حدوثه فى الموضوع أعنى أن يرتفع الضد بحلول الضد الآخر فيه. مثال ذلك أن ارتفاع الحرارة عن الماء بحلول البرودة فيه هو منسوب إلى البرودة بالقصد الثاني أو بالعرض. وذلك أن الارتفاع هاهنا إنما هو حادث عن وجود والارتفاع فى السلب إنما هو ارتفاع حادث عن السلب بالذات.
والذي (3) يلزم عنه (4) ارتفاع الإيجاب بالذات هو أحرى بالضدية الموجودة فى الاعتقاد من الذي عنه يكون الارتفاع بالعرض أو بالقصد الثاني، وهو أتم مضادة وأشد. فإن كان الضدان هما المختلفان اللذان فى غاية الاختلاف وكانت المضادة
__________
(1) التغير ل، ق، م، د، ش: التغيير ف.
(2) محاك ل، ق، م، د، ش: محاكيا ف، محال د.
(3) والذي ف، ق، م، د، ش: فالذى ل.
(4) عنه ف: منه ل، ق، م، د، ش.(1/121)
التي فى الذهن للشىء الموجب من قبل النقيض أشد من المضادة التي تكون له من قبل اعتقاد ضده الموجود خارج النفس، فمن البين أن اعتقاد النقيض هو الاعتقاد المضاد للإيجاب بإطلاق وأيضا فإن الاعتقاد فى الشىء الذي هو خير أنه شر هو اعتقاد يلزمه اعتقاد آخر وهو أنه ليس بخير. وأما الاعتقاد فيما هو خير أنه ليس بخير فليس يلزمه اعتقاد آخر أعنى أنه شر. ولو كان ذلك كذلك لما وجد اعتقاد مضاد فى الأشياء التي ليس لها ضد.
(91) فإذن اعتقاد السلب هو أعم مضادة للإيجاب من اعتقاد الضد، وهو المضاد بذاته إذ كان يوجد للأشياء التي لها ضد والتي ليس لها ضد، فإنه يجب أن يكون الاعتقاد الذي هو ضد بالطبع للإيجاب هو الاعتقاد الموجود مضادا فى كل موضع لا فى موضع دون موضع. فالاعتقاد العام الذي هو فى كل / موضع وبذاته مضاد هو أشد مضادة من الاعتقاد الذي هو فى موضع دون موضع، إذ كان العام متقدما بالطبع على الخاص. ولذلك إذا وجد الخاص وجد العام، وليس ينعكس ذلك أعنى إذا وجد العام أن يوجد الخاص. فإن كان المضاد فى الاعتقاد لما ليس له ضد هو السلب، فواجب أن يكون المضاد فى كل موضع هو السلب أعنى الذي فى الغاية.
(92) وأيضا فإن العقد فيما هو خير أنه خير والعقد فيما ليس بخير أنه ليس بخير هما اعتقادان صادقان، والعقد فيما ليس بخير أنه خير أو فيما هو خير أنه ليس بخير هما اعتقادان كاذبان. فأى عقد ليت شعرى هو المضاد لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير الذي هو عقد صادق فإنه لا يخلو ذلك من ثلاثة أحوال. أحدها أن يكون المضاد له اعتقاد ضده وهو العقد فيما ليس بخير أنه شر. والثاني أن يكون المضاد سلب الضد وهو الاعتقاد فيما ليس بخير أنه
ليس بشر (1). والثالث أن يكون المضاد للاعتقاد فيما ليس بخير أنه خير. فأما اعتقاد ضده، فليس بضد له فى الاعتقاد. وذلك أنه قد يمكن أن يصدقا معا، فإن كثيرا من الأشياء مما ليست بخير هى شر. وأما اعتقاد سلب ضده، فليس أيضا باعتقاد مضاد له إذ كان قد يصدقان معا على شىء واحد فإن الخط يصدق فيه أنه ليس بخير ولا شر، وبالجملة ما ليس شأنه أن يتصف بواحد من هذين الضدين. وإذا كان ذلك كذلك فالاعتقاد المضاد لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير هو اعتقادنا فيما ليس بخير أنه خير. وإذا كان الاعتقاد الذي فى غاية المضادة لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير هو اعتقادنا فيه / أنه خير، فإذن [المضاد الذي] (2) فى الغاية من التباين لاعتقادنا فيما هو خير أنه خير هو اعتقادنا فيه أنه ليس بخير، لا اعتقادنا فيه أنه شر، لأنه إن كان الإيجاب هو المضاد الذي فى الغاية للسلب فواجب أن يكون منه فى غاية البعد. وإذا كان ذلك كذلك وكان الضد إنما له ضد واحد، فالمضاد للإيجاب الذي فى الغاية هو السلب.(1/122)
(92) وأيضا فإن العقد فيما هو خير أنه خير والعقد فيما ليس بخير أنه ليس بخير هما اعتقادان صادقان، والعقد فيما ليس بخير أنه خير أو فيما هو خير أنه ليس بخير هما اعتقادان كاذبان. فأى عقد ليت شعرى هو المضاد لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير الذي هو عقد صادق فإنه لا يخلو ذلك من ثلاثة أحوال. أحدها أن يكون المضاد له اعتقاد ضده وهو العقد فيما ليس بخير أنه شر. والثاني أن يكون المضاد سلب الضد وهو الاعتقاد فيما ليس بخير أنه
ليس بشر (1). والثالث أن يكون المضاد للاعتقاد فيما ليس بخير أنه خير. فأما اعتقاد ضده، فليس بضد له فى الاعتقاد. وذلك أنه قد يمكن أن يصدقا معا، فإن كثيرا من الأشياء مما ليست بخير هى شر. وأما اعتقاد سلب ضده، فليس أيضا باعتقاد مضاد له إذ كان قد يصدقان معا على شىء واحد فإن الخط يصدق فيه أنه ليس بخير ولا شر، وبالجملة ما ليس شأنه أن يتصف بواحد من هذين الضدين. وإذا كان ذلك كذلك فالاعتقاد المضاد لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير هو اعتقادنا فيما ليس بخير أنه خير. وإذا كان الاعتقاد الذي فى غاية المضادة لاعتقادنا فيما ليس بخير أنه ليس بخير هو اعتقادنا فيه / أنه خير، فإذن [المضاد الذي] (2) فى الغاية من التباين لاعتقادنا فيما هو خير أنه خير هو اعتقادنا فيه أنه ليس بخير، لا اعتقادنا فيه أنه شر، لأنه إن كان الإيجاب هو المضاد الذي فى الغاية للسلب فواجب أن يكون منه فى غاية البعد. وإذا كان ذلك كذلك وكان الضد إنما له ضد واحد، فالمضاد للإيجاب الذي فى الغاية هو السلب.
(93) قال: ولا فرق فى هذه المثالات التي استعملناها هنا من القضايا المتضادة من جهة السلب والإيجاب بين أن يلفظ بالموضوع فيها معرفا بالألف واللام أو يلفظ به مسورا بالسور الكلى، فإن الألف واللام قد قلنا إنها قد تدل على ما يدل عليه السور الكلى (3). فلا فرق على هذا المفهوم أن نقول إن ضد العقد فيما هو خير أنه ليس بخير أو نقول إن ضد العقد فى كل ما هو خير أنه ولا واحد منه خير. وذلك أن الإيجاب والسلب الذي هو الاعتقاد المضاد إنما يوجد فى النفس للمعنى الكلى.
__________
(1) بشر ل، ق، م، د، ش: بخير ف.
(2) المضاد الذي ل، ق، م، د، ش: المضادة التي ف.
(3) انظر الفقرة 24.(1/123)
(94) فإن كان ما يخرج باللفظ دليلا على ما فى النفس من الاعتقادين المضادين، فمن البين أن ضد الإيجاب فى اللفظ إنما هو السلب فى اللفظ لذلك المعنى الكلى بعينه الذي دل عليه الإيجاب إذا دل على ذلك المعنى الكلى فى الإيجاب والسلب باللفظ الكلى وهو السور. ومثال ذلك أن ضد قولنا كل إنسان خير قولنا ولا إنسان واحد خير، ونقيضه ليس كل إنسان خيرا (1).
(95) وهو بين أن الاعتقادات التي قيل فيها هاهنا إنها متضادة أنه ليس يمكن أن تكون الاعتقادات الصادقة، إذ كان ليس يمكن أن يكون حق ضدا لحق ولا (2) اعتقاد حق لاعتقاد حق ولا لفظ مناقض للفظ إذا (3) كان كلاهما يدلان على معنى هو فى نفسه حق، بل الاعتقادات المتضادة إنما هى فى المتقابلات بالإيجاب والسلب ومن تلك فى المتناقضة وفى المتضادة فى المادة الضرورية. وذلك أن كثيرا من المتقابلات قد يمكن فيها كما قيل (4) أن تصدقا (5) معا وهى المهملات وما تحت المتضادين. وأما المتضادة، فليس يمكن فيهما (6) أن يصدقا (7) معا فى شىء واحد بعينه ولا يمكن فيهما أن يكذبا معا فى المادة الضرورية / إذ كان لا يتعرى الموضوع منهما (8).
__________
(1) خيرا ل، ق، م، د، ش: خير ف.
(2) ولا ف، ق، م، ش: لا ل ود.
(3) اذا ف: اذ ل، ق، م، د، ش.
(4) انظر الفقرة 24.
(5) تصدقا ل: يصدقا ف، م يصدق ق، (هـ) د، ش.
(6) فيهما ل، ق، م، د، ش: فيها ف.
(7) يصدقا ف، ق، م، د، ش: تصدقا ل.
(8) منهما ل: منها ف، ق، م، د، ش.
(96) وهنا انقضى تلخيص المعانى التي تضمنها هذا الكتاب بانقضاء المعانى التي تضمنها هذا الكتاب (1).(1/124)
(96) وهنا انقضى تلخيص المعانى التي تضمنها هذا الكتاب بانقضاء المعانى التي تضمنها هذا الكتاب (1).
__________
(1) الكتاب ف، ل، ق، م، د، ش: والحمد لله على ذلك كثيرا ف والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد نبيه الكريم وعلى آله وسلم تسليما يتلوه تلخيص كتاب انالوطيقى الأول وهو كتاب القياس ان شاء الله تعالى وهو المعين لا رب سواه ل يتلوه كتاب انالوطيقى وهو كتاب القياس ق ويتلوه كتاب انالوطيقى وهو كتاب القياس م، د يتلوه كتاب انالوطيقى هو كتاب قياس ش.(1/125)
فهارس الكتاب (1)
الأعلام
1 - أرسطو االمواضع التي ذكر فيها أرسطو:
15، 47.
ب المواضع التي أشير فيها إلى أرسطو:
قال: 1، 13، 82، 83، 85، 93. ج المواضع التي فيها إشارة إلى أقوال أرسطو: 2، 8، 13، 15، 16 (2)، 47، 84.
2
سائر الأعلام
الجمهور: 11.
العرب: 7، 9، 10 (2)، 11 (3)، 19 (4).
القدماء: 61.
المفسرون: 52.
نحويو العرب: 9، 11.
__________
(1) الإحالات فى هذه الفهارس إلى أرقام فقرات كتاب العبارة، والرقم الذي بين قوسين يحدد عدد مرات التكرار فى الفقرة.(1/127)
الكتب الواردة بالنص
اأرسطو كتاب القياس: 47، 83.
كتاب البرهان: 16.
كتاب السفسطة: 21.
كتاب الخطابة: 16.
كتاب الشعر: 13، 16.
كتاب النفس: 2.
ب ابن رشد كتاب المقولات: 10، 48.
كتاب العبارة: 18 (2)، 42، 47، 52، 53، 56، 57، 85، 93، 95 (2)، 96 (2).
كتاب القياس: 52، 83.
كتاب الجدل: 58.(1/128)
كتاب الجدل: 58.
فهرس مقابلة فقرات تلخيص كتاب العبارة لابن رشد بنصوص كتاب العبارة لأرسطو
ابن رشد أرسطو (1) 1613 (2) 1649 (3) 161019 (4) 162027 (5) 162829 (6) 163034 (7) 1615 (8) (9) 16612 (10) 161316 (11) 161716 (12) 162026 (13) (14) 162734 (15) 1712 (16) 1758 (17) 17910 (18) 171317 (19) 171112 (20) 171824 (21) 172538 (22) 1739172 ابن رشد أرسطو (23) 17523 (24) 1724187 (25) 181217 (26) 181828 (27) (28) 182930 (29) 183334 (30) 1835185 (31) 1869 (32) 181017 (33) 181825 (34) 1826197 (35) 19817 (36) 191823 (37) 192428 (38) 1928194 (39) (40) 19519 (41) 192026 (42) (43) (44)
ابن رشد أرسطو (45) (46) (47) 193132 (48) 1933203 (49) (50) 20423 (51) 202326 (52) (53) 202631 (54) 203237 (55) 203740 (56) 20113 (57) 201422 (58) 202326 (59) 202730 (60) (61) 2031218 (62) 21919 (63) 211933 (64) (65) 2138216 (66) 21723 (67) 212432 (68) 2133229 (69) 221423 (70) 222432 ابن رشد أرسطو (71) 223337 (72) 2238221 (73) 22211 (74) 221221 (75) 222128 (76) 222935 (77) (78) (79) 2236236 (80) 23717 (81) (82) 231821 (83) 232227 (84) (85) 232831 (86) 2333232 (87) (88) 2337 (89) 23814 (90) 231527 (91) 232832 (92) 2334243 (93) 2449 (94) 2416 (95) 2479 (96)(1/129)
ابن رشد أرسطو (1) 1613 (2) 1649 (3) 161019 (4) 162027 (5) 162829 (6) 163034 (7) 1615 (8) (9) 16612 (10) 161316 (11) 161716 (12) 162026 (13) (14) 162734 (15) 1712 (16) 1758 (17) 17910 (18) 171317 (19) 171112 (20) 171824 (21) 172538 (22) 1739172 ابن رشد أرسطو (23) 17523 (24) 1724187 (25) 181217 (26) 181828 (27) (28) 182930 (29) 183334 (30) 1835185 (31) 1869 (32) 181017 (33) 181825 (34) 1826197 (35) 19817 (36) 191823 (37) 192428 (38) 1928194 (39) (40) 19519 (41) 192026 (42) (43) (44)
ابن رشد أرسطو (45) (46) (47) 193132 (48) 1933203 (49) (50) 20423 (51) 202326 (52) (53) 202631 (54) 203237 (55) 203740 (56) 20113 (57) 201422 (58) 202326 (59) 202730 (60) (61) 2031218 (62) 21919 (63) 211933 (64) (65) 2138216 (66) 21723 (67) 212432 (68) 2133229 (69) 221423 (70) 222432 ابن رشد أرسطو (71) 223337 (72) 2238221 (73) 22211 (74) 221221 (75) 222128 (76) 222935 (77) (78) (79) 2236236 (80) 23717 (81) (82) 231821 (83) 232227 (84) (85) 232831 (86) 2333232 (87) (88) 2337 (89) 23814 (90) 231527 (91) 232832 (92) 2334243 (93) 2449 (94) 2416 (95) 2479 (96)(1/130)