الجزء الاول
«المقدمة»
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: حدّثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«أقرأني جبريل على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» اهـ. رواه الشيخان.
والقرآن الكريم كتب بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم مجرّدا من النقط، والشكل لحكم جليلة، في مقدمتها: أن يحتمل الخط القراءات التي نزلت على الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم، واستقرت في العرضة الأخيرة، وهي القراءات المتواترة الصحيحة.
وكان في الصدر الأول الاعتماد الأساسي في قراءات القرآن الكريم على التلقي والمشافهة وفقا للكيفية التي نزل بها أمين الوحي «جبريل» عليه السلام من ربّ العالمين على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم.
وقد علّم الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم صحابته القرآن الكريم بجميع رواياته التي نزلت عليه، واستقرت في العرضة الأخيرة.
والصحابة رضوان الله عليهم علموها من بعدهم، وهكذا حتى وصلت إلينا بطريق التواتر، والسند الصحيح حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ومن نعم الله تعالى عليّ التي لا تحصى أنني تلقيت جميع القراءات المتواترة دراية ورواية، وذلك على أستاذي الشيخ «عامر السيد عثمان» ت 1408هـ.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة إنه سميع مجيب فقد قرأت عليه جميع القراءات
المتواترة مشافهة كلمة كلمة، وحرفا حرفا، من أول القرآن الكريم إلى آخره والحمد لله ربّ العالمين.(1/7)
رحمه الله تعالى رحمة واسعة إنه سميع مجيب فقد قرأت عليه جميع القراءات
المتواترة مشافهة كلمة كلمة، وحرفا حرفا، من أول القرآن الكريم إلى آخره والحمد لله ربّ العالمين.
والشيخ «عامر السيد عثمان» رحمه الله تعالى كان من أعلى قرّاء عصره إسنادا، كما كان حجّة عصره في القراءات بلا منازع، وكان أستاذا لتعليم القراءات بقسم تخصص القراءات بالأزهر، كما عيّن شيخا لعموم القراء والقراءات بمصر الحبيبة، كما تمّ اختياره ليكون مستشارا فنّيا بمجمّع خادم الحرمين الشريفين الملك «فهد بن عبد العزيز» حفظه الله وأمدّ الله في عمره لطباعة المصحف.
وكان الشيخ عامر يشرف على القراء الذين يسجلون مصاحف مرتّلة بالمجمع، وهو بالمدينة المنورة.
ومن نعم الله عليّ وهي كثيرة جدّا ولا أستطيع حصرها أنني منذ أن حصلت على شهادة «التخصص في القراءات وعلوم القرآن» من الأزهر عام 1953م. قمت بتوفيق من الله تعالى بوضع الكثير من المصنفات المتصلة بالقرآن الكريم مثل: تجويده، وضبطه، وقراءاته، وإعجازه وأحكامه وآدابه، ولهجاته الخ.
وهذه المصنفات مفصلة تحت عنوان: «مصنفات المؤلف».
ويسعدني اليوم أن أضيف إلى مكتبة «علوم القرآن الكريم» مصنّفي هذا الذي جعلته تحت عنوان:
الهادي شرح طيّبة النشر في القراءات العشر والكشف عن علل القراءات وتوجيهها
ومتن طيبة النشر أحفظه ولله الحمد عن ظهر قلب، وقد تلقّيت القراءات التي بمضمّنه: دراية، ورواية بقسم تخصص القراءات بالأزهر الشريف.
وقد قمت بشرحه، وتدريسه لطلّاب القراءات، والحمد لله ربّ العالمين.(1/8)
ومتن طيبة النشر أحفظه ولله الحمد عن ظهر قلب، وقد تلقّيت القراءات التي بمضمّنه: دراية، ورواية بقسم تخصص القراءات بالأزهر الشريف.
وقد قمت بشرحه، وتدريسه لطلّاب القراءات، والحمد لله ربّ العالمين.
وهذا المتن يعتبر فريدا في بابه، ولم ينسج أحد قطّ على منواله. ولم يزل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وبخاصة المشتغلين بالقراءات يحفظونه، ويتلقّون القراءات التي بمضمّنه، لأن هذا المتن يعتبر الدّرّة الفريدة التي لا منافس لها.
إلّا أن هذا المتن منذ تصنيفه لم يقيض الله تعالى له من يفكّ رموزه، ويوضح مقصوده سوى بضعة أشخاص قلائل.
ومع ذلك فلم يطبع من تلك الشروح سوى شرح وجيز لنجل المؤلف رحمه الله تعالى، وهو شرح لا يفي بالمقصود. وكثيرا ما راودتني نفسي أن أقوم بشرح هذا المتن خدمة لقراءات القرآن الكريم.
حتى شاء الله تعالى وشرح صدري، فاستعنت بالله تعالى وطلبت منه بقلب مخلص أن يوفقني لخوض هذا البحر، وسألته العون حتى ترسو السفينة على شاطئ الأمان. كما أسأله عزّ وجلّ أن يجعل لهذا الكتاب من اسمه نصيبا، وأن يكون هاديا إلى كل من يريد دراسة القراءات، والوقوف على أسرارها وتخريجاتها.
وأرفع إليه تعالى أكفّ الضراعة أن يجعل عملي هذا في صحائف أعمالي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم. وصلّ اللهمّ على سيدنا «محمّد» وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منهج الشرح
لقد سلكت في هذا الشرح المنهج الآتي:
أولا: أصدّر الشرح دائما بمتن «الطيبة» بعد قولي: قال «ابن الجزري». ثم بعد ذلك أشرح ألفاظ «المتن» شرحا علميّا، مبيّنا القراءة الواردة عن كل إمام من الأئمة العشرة، أو عن أحد رواة هؤلاء الأئمة بطريقة سهلة وميسرة.
ثانيا: سألتزم بالوحدة الموضوعيّة حسب ورودها في «متن الطيّبة».
ثالثا: أكتب الكلمة القرآنية التي جاءت فيها قراءات مشيرا إلى سورتها، ورقم آيتها.(1/9)
ثانيا: سألتزم بالوحدة الموضوعيّة حسب ورودها في «متن الطيّبة».
ثالثا: أكتب الكلمة القرآنية التي جاءت فيها قراءات مشيرا إلى سورتها، ورقم آيتها.
رابعا: بعد الانتهاء من بيان كلّ قراءة سأقوم بتوجيهها توجيها علميّا متجنبا الإطناب الممل، أو الإيجاز المخلّ.
خامسا: إذا اقتضى توجيه القراءة شرح مسألة نحوية، أو صرفية، أو إلقاء الضوء على المعنى الدلالي للآية القرآنية فسأقوم به بعون الله تعالى.
سادسا: لن أتعرض لتحرير القراءات، أو ذكر طرق القرّاء، لأن ذلك يفوّت على دارس هذا الكتاب فهم المقصود من الشرح، علما بأن تحريرات القراءات، وطرق القرّاء، لها مصنفات خاصة فليرجع إليها من يريد.
سابعا: نقلت شرح سورة الفاتحة من أصول القراءات، وجعلته في مقدمة سور القرآن، أثناء الكلام على «فرش الحروف» كي تتحد وحدة الموضوع.
وقد سبقني إلى مثل ذلك القراء الذين لهم مصنفات، منهم:
1 - أبو علي الفارسيّ ت 377هـ في كتابه «الحجة للقراء السبعة».
2 - أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران ت 381هـ في كتابيه: «المبسوط في القراءات العشر» و «الغاية في القراءات العشر».
3 - أبو زرعة عبد الرحمن بن زنجلة، في كتابه: «حجّة القراءات».
4 - أبو طاهر اسماعيل بن خلف الأنصاري الأندلسي ت 455هـ في كتابه:
«العنوان في القراءات السبع».
5 - أبو جعفر أحمد بن علي بن الباذش ت 540هـ في كتابه: «الإقناع في القراءات السبع».
فهؤلاء جميعا جعلوا سورة الفاتحة في مقدمة سور القرآن أثناء حديثهم عن خلاف القراء في «فرش الحروف».
والله الهادي إلى سواء السبيل
وبعد: فيقول خادم العلم والقرآن محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن.(1/10)
والله الهادي إلى سواء السبيل
وبعد: فيقول خادم العلم والقرآن محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن.
من نعم الله تعالى التي لا تحصى أن جعلني من حملة كتابه ومن الذين تلقوا القرآن الكريم بجميع رواياته وقراءاته التي صحت عن نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم بواسطة أمين الوحي «جبريل» عليه السلام عن «الله» تعالى ربّ العالمين.
وهذه القراءات القرآنية تلقاها الخلف عن السلف حتى وصلت إلينا بطريق التواتر، والسند الصحيح حتى نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام.
وأقرر ولله الحمد والشكر والثناء الحسن الجميل: بأنني تلقيت «القراءات العشر» بمضمّن كل من:
(1) «التيسير» في القراءات السبع «لأبي عمرو الداني» ت 444هـ.
(2) «الدرّة» في القراءات الثلاث للإمام «محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الجزري ت 833هـ.
كما تلقيت ولله الحمد والشكر «القراءات العشر الكبرى» بمضمن كتاب «النشر في القراءات العشر» للإمام ابن الجزري رحمه الله. تلقيت جميع هذه القراءات القرآنية مشافهة على أستاذي علّامة عصره، المشهور بالدقّة، والضبط، وصحة السند فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان» شيخ القراء، والقراءات، وجميع عموم المقارئ بمصر الحبيبة وذلك بمعهد «القراءات» بالأزهر الشريف بالقاهرة وذلك خلال سبع سنوات من عام 1946م إلى عام 1953م وكان أستاذي فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان» يقوم بتدريس «القراءات» بالمعهد المذكور.
ومما أحمد الله تعالى عليه أنني قرأت على شيخي فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان» «القرآن الكريم» كله آية آية، وكلمة كلمة، من أوله إلى آخره، وقد قرأت على شيخي مشافهة ختمتين كاملتين طوال سبع سنوات:
الختمة الأولى «بالقراءات العشر» بمضمّن الشاطبية والدّرّة. والختمة
الثانية «بالقراءات العشر الكبرى» بمضمن طيبة النشر. وقد أجازني أستاذي فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان» بأن أقرأ، وأقرئ «القرآن الكريم» بجميع القراءات، والروايات التي تلقيتها على فضيلته إفرادا أو جمعا.(1/11)
الختمة الأولى «بالقراءات العشر» بمضمّن الشاطبية والدّرّة. والختمة
الثانية «بالقراءات العشر الكبرى» بمضمن طيبة النشر. وقد أجازني أستاذي فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان» بأن أقرأ، وأقرئ «القرآن الكريم» بجميع القراءات، والروايات التي تلقيتها على فضيلته إفرادا أو جمعا.
فلله جزيل الحمد والمنّة، ثم لشيخي خالص الشكر الجزيل أسأل الله أن يجمعني معه في جنات النعيم يوم يقوم الناس لربّ العالمين.
وصلّ اللهم على نبينا «محمد» وعلى آله وصحبه أجمعين.
وهذا نصّ إجازة شيخي فضيلة الشيخ «عامر السيد عثمان»:
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف النبيين والمرسلين نبينا «محمد» وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أقرر بأن ابني وتلميذي: محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن تلقى عليّ القراءات القرآنية مشافهة بمضمن كل من: الشاطبية، والدرّة، والطيبة.
وقد أجزته بالقراءة والإقراء بذلك إفرادا وجمعا.
أسأل الله أن ينفع به المسلمين إنه سميع مجيب.
عامر السيد عثمان 1953م خادم العلم والقرآن د. محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن المدينة المنورة الجمعة 11رجب 1409هـ.
الموافق 17فبراير 1989.
بسم الله الرحمن الرحيم(1/12)
الموافق 17فبراير 1989.
بسم الله الرحمن الرحيم
«مقدّمة ابن الجزري»
قال محمد هو ابن الجزري ... يا ذا الجلال ارحمه واستر واغفر
المعنى: بدأ المؤلف رحمه الله تعالى «محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف» المعروف بابن الجزري، المولود سنة 751هـ والمتوفى سنة 833هـ ألفيّته: «طيّبة النشر في القراءات العشر» وقد أطلقت على منظومته «الألفيّة» لقول المؤلف رحمه الله تعالى في نهاية منظومته:
وهاهنا تمّ نظام الطّيّبه ... ألفيّة سعيدة مهذّبه
بالرّوم من شعبان وسط سنة ... تسع وتسعين وسبعمائة
بدأ بمناجاة الله تعالى، والتوجّه إليه قائلا: «يا ذا الجلال» فالله سبحانه وتعالى هو ذو الجلال والإكرام. وجلال الله تعالى: عظمته، وهو سبحانه وتعالى الجليل الموصوف بنعوت الجلال المطلقة، ولا يقال: «الجلال» إلّا لله تعالى.
وبعد هذه المناجاة الدالّة على عمق ايمان المؤلف، طلب من الله تعالى أن يمنّ عليه بثلاثة أمور وهي:
أولا: الرحمة، فالله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، والرحمة: المغفرة، و {رَحْمَتَ اللََّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}. (سورة الأعراف الآية 56).
ثانيا: السّتر، وهنيئا لمن ستره الله تعالى، وفي الحديث:
«إنّ الله حييّ ستّير يحبّ السّتر».
والسّتر: بالفتح: مصدر سترت الشيء، أستره: إذا غطيته فاستتر.
ثالثا: طلب المغفرة من الله تعالى، فهو وحده غفّار الذنوب. وأصل «الغفر»:(1/13)
والسّتر: بالفتح: مصدر سترت الشيء، أستره: إذا غطيته فاستتر.
ثالثا: طلب المغفرة من الله تعالى، فهو وحده غفّار الذنوب. وأصل «الغفر»:
التغطية، والسّتر، والغفر: الغفران.
قال ابن الجزري:
الحمد لله على ما يسّره ... من نشر منقول حروف العشرة
المعنى: يرفع المؤلّف أكفّ الضراعة إلى الله تعالى بالثناء عليه، والشكر له، حيث وفّقه، وأعانه على تصنيف كتابه: «النشر في القراءات العشر» وقد جمع «ابن الجزري» في كتابه «النشر» قراءات الأئمة العشرة، ثم نظم هذه القراءات في منظومته: «طيّبة النشر في القراءات العشر».
قال ابن الجزري:
ثمّ الصلاة والسلام السّرمدي ... على النبيّ المصطفى محمد
وآله وصحبه ومن تلا ... كتاب ربّنا على ما أنزلا
المعنى: بعد أن بدأ المؤلّف بالثناء على الله تعالى، ثنّى بالصّلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم.
والصلاة من الله تعالى: الرحمة، والسلام: التحيّة، والأمان. «وآل» النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: هم أقاربه المؤمنون بالله تعالى من «بني هاشم، وبني المطلب».
و «صحبه» صلّى الله عليه وسلّم: اسم جمع لصاحب، والمراد به هنا الصحابيّ، وهو من اجتمع بالنبي عليه الصلاة والسلام في حياته، وآمن به، وبالرسالة التي جاء بها.
وقوله: «ومن تلا» الخ أي قرأ كتاب الله تعالى قراءة صحيحة ووفقا للكيفية التي قرأ بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم علمها صحابته، والصحابة علموها من بعدهم، وهكذا حتى وصلت إلينا بطريق التواتر، والسند الصحيح، دون أيّ تحريف، أو تغيير، أو تبديل.(1/14)
وقوله: «ومن تلا» الخ أي قرأ كتاب الله تعالى قراءة صحيحة ووفقا للكيفية التي قرأ بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم علمها صحابته، والصحابة علموها من بعدهم، وهكذا حتى وصلت إلينا بطريق التواتر، والسند الصحيح، دون أيّ تحريف، أو تغيير، أو تبديل.
«فضل حملة القرآن»
قال ابن الجزري:
وبعد فالإنسان ليس يشرف ... إلّا بما يحفظه ويعرف
المعنى: بعد أن بدأ «ابن الجزري» رحمه الله تعالى ألفيته بالثناء على الله تعالى، ثم ثنى بالصلاة والسلام الدائمين على الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم.
ثم ثلث بالصلاة والسلام على «آل الرسول» عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
ثم على كلّ من قرأ «القرآن الكريم» وعمل بما فيه من أحكام، وآداب.
شرع في بيان الأمور التي بها يشرف الإنسان، وترتفع منزلته بين المسلمين، فبيّن أن الإنسان المسلم لا تسمو مكانته، ولا ترتفع منزلته إلّا بما يحفظه، ويعيه من الفنون، والعلوم.
قال ابن الجزري:
لذاك كان حاملو القرآن ... أشراف الامّة أولي الإحسان
المعنى: هذا شروع من «ابن الجزري» رحمه الله تعالى، في بيان أهمّ أنواع المعرفة التي يسمون بها المؤمن وبخاصة عند الله تعالى، فبين أن حملة «القرآن الكريم» هم أشراف الأمّة الإسلامية، لأن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى لنبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، وأنه المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي، ومما يدلّ على أن حفظة «القرآن الكريم» هم أشراف الأمّة الإسلامية، الكثير من أحاديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم، منها
قوله صلّى الله عليه وسلّم: في الحديث الذي روي عن:
«عثمان بن عفان» رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» اهـ. (1).
قال ابن الجزري:
وإنّهم في الناس أهل الله ... وإن ربّنا بهم يباهي
__________
(1) رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، انظر: التاج ج 4/ 3.(1/15)
المعنى: لا زال الحديث عن بيان فضل أهل القرآن، فحفاظ القرآن هم أهل الله وخاصته، يؤيد ذلك الحديث التالي:
فعن «أنس بن مالك» رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لله أهلين من الناس، قالوا من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» اهـ (1).
ومن فضل أهل القرآن أن الله عزّ وجلّ يفاخر بأهل القرآن ملائكته، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على حبّ الله لهم، يوضح هذا المعنى الحديث التالي:
فعن «أبي هريرة» رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنّة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السّكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
وقال في القرآن عنهم وكفى ... بأنه أورثه من اصطفى
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذا البيت، إلى قول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتََابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنََا مِنْ عِبََادِنََا} (سورة فاطر الآية 32).
قال ابن الجزري:
وهو في الأخرى شافع مشفّع ... فيه وقوله عليه يسمع
يعطى به الملك مع الخلد إذا ... توّجه تاج الكرامة كذا
يقرا ويرقى درج الجنان ... وأبواه منه يكسيان
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بهذه الأبيات إلى بعض الأحاديث الواردة في فضل حفاظ القرآن:
__________
(1) رواه النسائي، وابن ماجة، والحاكم، انظر: الترغيب ج 2/ 593.
(2) رواه مسلم، وأبو داود، انظر: التاج ج 4/ 5.(1/16)
1 - فعن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ القرآن واستظهره، فأحلّ حلاله وحرّم حرامه، أدخله الله به الجنّة وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت له النار» اهـ. (1).
2 - وعن «أبي أمامة الباهليّ» رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيابتان، أو كأنهما فرقان من طير صوافّ تحاجّان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة» اهـ (2).
3 - وعن «عبد الله بن عمرو بن العاص» رضي الله عنهما، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتق، ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» اهـ (3).
4 - وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا ربّ حلّة، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلّة الكرامة، ثم يقول: يا ربّ ارض عنه فيرضى عنه، فيقال له:
اقرأ وارق، وتزاد بكل آية حسنة» اهـ (4).
5 - وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والده تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا» اهـ (5).
__________
(1) رواه الترمذي، انظر: الفضائل للدكتور / محمد سالم محيسن ص 242. وانظر: التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج 4/ 6.
(2) انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة للدكتور / محمد سالم محيسن ص 245.
(3) انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة للدكتور / محمد سالم محيسن ص 240.
(4) انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة للدكتور / محمد سالم محيسن ص 240.
(5) انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة للدكتور / محمد سالم محيسن ص 241. انظر: التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج 4/ 5.(1/17)
«فضل قراءة القرآن»
قال ابن الجزري:
فليحرص السّعيد في تحصيله ... ولا يملّ قطّ من ترتيله
المعنى: هذه وصية من «ابن الجزري» رحمه الله تعالى لكل مسلم أن يحرص على حفظ القرآن، وليقرأه ليل نهار، ففي ذلك الأجر العظيم، والثواب الجزيل، يوضح ذلك الأحاديث الآتية:
1 - فعن «عائشة» أم المؤمنين، رضي الله عنها، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ وهو يشتدّ عليه له أجران» اهـ (1).
2 - وعن «عبد الله بن عمر» رضي الله عنهما، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» اهـ (2).
3 - وعن «أبي سعيد الخدريّ» رضي الله عنه، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يقول الله تعالى: «من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» اهـ (3).
4 - وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما، قال: قال رجل: يا رسول الله أيّ العمل أحبّ إلى الله تعالى؟ قال: «الحالّ المرتحل» قال: وما الحالّ المرتحل؟
قال: «الذي يضرب من أوّل القرآن إلى آخره كلّما حلّ ارتحل» اهـ (4).
__________
(1) رواه الأربعة، انظر: التاج الجامع للأصول ج 4/ 4.
(2) رواه الترمذي، انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة ص 241.
(3) رواه الترمذي، انظر: الفضائل في ضوء الكتاب والسنة ص 243.
(4) رواه الترمذي، انظر: التاج الجامع للأصول ج 4/ 7.(1/18)
«أركان القراءة الصحيحة»
قال ابن الجزري:
وليجتهد فيه وفي تصحيحه ... على الذي نقل من صحيحه
فكلّ ما وافق وجه نحو ... وكان للرّسم احتمالا يحوي
وصحّ إسنادا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختلّ ركن أثبت ... شذوذه لو أنّه في السّبعة
فكن على نهج سبيل السّلف ... في مجمع عليه أو مختلف
المعنى: هذا شروع من المصنّف رحمه الله تعالى في بيان أركان القراءة الصحيحة، وقد تصدّى لبيان هذه الأركان في كتابه «النشر في القراءات العشر» فقال ما معناه: «ثم إن القراء كثروا، وتفرقوا في البلاد، وانتشروا، وخلفهم أمم بعد أمم، عرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم، فكان منهم المتقن للتلاوة، المشهور بالرواية، والدّراية.
ومنهم من اقتصر على وصف من هذه الأوصاف، وكثر بينهم لذلك الاختلاف، وقلّ الضبط، واتّسع الخرق، وكاد الباطل يلتبس بالحق.
فقام جهابذة علماء الأمّة، وصناديد الأمّة، فبالغوا في الاجتهاد، وبيّنوا الحقّ المراد، وجمعوا الحروف، والقراءات، وعزوا الوجوه، والروايات، وميزوا بين المشهور، والشاذ، والصحيح، والفاذ، بأصول أصّلوها، وأركان فصّلوها.
وها نحن نشير إليها، ونعوّل كما عوّلوا عليها فنقول:
1 - كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه.
2 - ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا.
3 - وصح سندها.
فهذه القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها، ولا يحلّ إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين. ومتى
اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها: ضعيفة أو شاذّة، أو باطلة.(1/19)
فهذه القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها، ولا يحلّ إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين. ومتى
اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها: ضعيفة أو شاذّة، أو باطلة.
سواء كانت عن السبعة، أو عمّن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عن أئمّة التحقيق من: السلف والخلف. صرح بذلك:
1 - الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ت 444هـ.
2 - أبو محمد مكّي بن أبي طالب ت 437هـ.
3 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمّار المهدوي ت 430هـ.
4 - أبو القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل أبو شامة ت 665هـ.
فلا ينبغي أن يغترّ بكلّ قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة، ويطلق عليها لفظ الصحة وإن هكذا أنزلت إلّا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنّف عن غيره، ولا يختصّ ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد في استجماع تلك الأوصاف، لا عمّن تنسب إليه، فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة، وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه، والشّاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم، وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم» (1).
«الأدلة على نزول القراءات»
قال ابن الجزري:
وأصل الاختلاف أن ربّنا ... أنزله بسبعة مهوّنا
وقيل في المراد منها أوجه ... وكونه اختلاف لفظ أوجه
المعنى: يشير «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بهذين البيتين إلى الأحاديث الواردة في نزول القراءات على الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم (2). وأقول: لقد تواتر الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنّ القرآن الكريم أنزل على سبعة أحرف.
__________
(1) انظر: المزيد من هذا في النشر بتحقيقنا ج 1/ 6053وانظر هذا المبحث مفصلا في كتابنا في رحاب القرآن ج 1/ 423405.
(2) لقد وفّيت الكلام على ذلك مفصّلا في كتابي: في رحاب القرآن ج 1/ 262211.(1/20)
روى ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم ما يقرب من اثنين وعشرين صحابيّا (1) سواء كان ذلك مباشرة عنه صلّى الله عليه وسلّم، أو بواسطة.
وإليك قبسا من هذه الأحاديث التي تعتبر من أقوى الأدلّة على أن القراءات القرآنية كلها كلام الله تعالى، لا مدخل للبشر فيها، وكلها منزلة من عند الله تعالى، على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، ونقلت عنه نقلا متواترا حتى وصلت إلينا دون تحريف، أو تغيير:
الحديث الأول: عن «ابن شهاب محمد بن مسلم أبي بكر الزهري» ت 124هـ قال: حدّثني «عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهلالي» ت 98هـ أنّ «عبد الله بن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما حدّثه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف» اهـ (2).
الحديث الثاني: عن «ابن شهاب» قال: «أخبرني عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي» ت 93هـ أنّ «المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي» ت 64هـ و «عبد الرحمن بن عبد القارّي» ت 80هـ. حدّثاه أنهما سمعا «عمر بن الخطاب» ت 23هـ رضي الله عنه يقول: «سمعت هشام بن حكيم» يقرأ سورة «الفرقان» في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبّرت حتّى سلم، فلبّبته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟
قال: أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد
__________
(1) وهم: عمر بن الخطاب، عثمان بن عفّان، علي بن أبي طالب، عبد الله بن مسعود، أبيّ بن كعب، أبو هريرة، معاذ بن جبل، هشام بن حكيم، عمرو بن العاص، عبد الله بن عباس، حذيفة بن اليمان، عبادة بن الصّامت، سليمان بن صرد، أبو بكرة الأنصاري، أبو طلحة الأنصاري، أنس بن مالك، سمرة بن جندب، أبو جهيم الأنصاري، عبد الرحمن بن عوف، عبد الرحمن بن عبد القاري، المسور بن مخرمة، أمّ أيوب، رضي الله عن الجميع.
(2) رواه البخاري ج 6/ 100.(1/21)
أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: إنّي سمعت هذا يقرأ «سورة الفرقان» على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «لعمر»: «أرسله». فأرسله «عمر» فقال: «لهشام»: اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كذلك أنزلت».
ثم قال: «اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«كذلك أنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسّر منه» اهـ واللفظ للبخاري (1).
«بيان المراد من الأحرف السبعة»
بعد ذلك انتقل إلى الحديث عن بيان المراد من الأحرف السبعة فأقول وبالله التوفيق:
لقد اهتم العلماء قديما وحديثا ببيان المراد من الأحرف السبعة: ومن هؤلاء العلماء:
1 - أبو عبيد القاسم بن سلام ت 224هـ في كتابه: غريب الحديث.
2 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310هـ في تفسيره المشهور.
3 - مكّي بن أبي طالب ت 437هـ في كتابه: الإبانة عن معاني القراءات.
4 - شهاب الدين المعروف بأبي شامة ت 665هـ في كتابه: المرشد الوجيز.
5 - بدر الدين الزركشي ت 794هـ في كتابه: البرهان في علوم القرآن.
6 - جلال الدين السيوطي ت 911هـ في كتابه: الإتقان في علوم القرآن إلى غير ذلك من المفسرين، والكتّاب عن «علوم القرآن» ومن يطالع مصنفات هؤلاء العلماء يجد العجب العجاب حيث إن الكثيرين من هؤلاء المصنفين يجعل كلّ همه نقل العديد من الآراء حتّى ولو كانت غير معزوّة إلى أحد من العلماء (2).
__________
(1) رواه البخاري ج 6/ 100، ومسلم ج 2/ 202، والترمذي ج 11/ 61وأبو داود ج 2/ 101.
أنظر: المرشد الوجيز ص 77، في رحاب القرآن ج 1/ 214.
(2) لقد بلغت الأقوال التي نقلها السيوطي في الإتقان نحو أربعين قولا.(1/22)
ومن يقف على الأحاديث الواردة في هذه القضيّة يجد هاتين الظاهرتين:
الظاهرة الأولى: لم تتعرض تلك الأحاديث على كثرتها إلى بيان ماهيّة الاختلاف في القراءات القرآنية التي جعلت الصحابة رضوان الله عليهم يتخاصمون، ويتحاكمون إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم.
الظاهرة الثانية: لم يثبت من قريب أو بعيد أن النبي عليه الصلاة والسلام بيّن المراد من الأحرف السبعة.
ولعل ذلك يرجع إلى عدّة عوامل أهمها:
أنّ ذلك كان معروفا لدى الصحابة رضوان الله عليهم، فلم يحتاجوا إلى بيانه، لأنهم لو كانوا في حاجة إلى معرفة ذلك لسألوا عنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فعدم سؤالهم دليل على عدم خفاء ذلك عليهم.
ولقد اتفق العلماء قديما وحديثا على أنه لا يجوز أن يكون المراد بالأحرف السبعة: هؤلاء القراء السبعة المشهورين، كما يظنّه بعض العوامّ، والكثيرون من الذين لا صلة لهم بعلوم القرآن، لأن هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد وجدوا أثناء نزول القرآن الكريم.
«ولقد تتّبعت أقوال العلماء الواردة في هذه القضية الهامّة في كتابي: «في رحاب القرآن» ج 1/ 262238. ورتّبت هذه الأقوال ترتيبا زمنيّا، وانتهيت إلى الرأي الآتي:
فقلت: والذي أراه في هذه القضية الهامة، أن المراد من الأحرف السبعة هو:
أن القرآن الكريم نزل بلغة كلّ حيّ من أحياء العرب، وهذا القول هو الذي قال به كلّ من:
1 «الإمام علي بن أبي طالب» ت 40هـ رضي الله عنه.
2 - عبد الله بن عباس ت 68هـ رضي الله عنهما.
ومن ينعم النظر في هذا القول يجد أنه يندرج تحته العديد من اللهجات العربيّة المشهورة.
وهذه اللهجات كلها تندرج بالتالي تحت قولهما:(1/23)
ومن ينعم النظر في هذا القول يجد أنه يندرج تحته العديد من اللهجات العربيّة المشهورة.
وهذه اللهجات كلها تندرج بالتالي تحت قولهما:
«نزل بلغة كلّ حيّ من أحياء العرب (1).
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
«الأئمة العشرة، ورواتهم العشرون وسلسلة أسانيدهم حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم»
قال ابن الجزري:
قام بها أئمة القرآن ... ومحرز التّحقيق والإتقان
ومنهم عشر شموس ظهرا ... ضياؤهم وفي الأنام انتشرا
حتى استمدّ نور كلّ بدر ... منهم وعنهم كلّ نجم درّي
وها همو يذكرهمو بياني ... كلّ إمام عنه راويان
فنافع بطيبة قد حظيا ... فعنه قالون وورش رويا
المعنى: أخبر المؤلف رحمه الله تعالى بأن الأحرف السبعة التي نزلت على الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم بوساطة أمين الوحي «جبريل» عليه السلام، وقد علّمها الرسول صلّى الله عليه وسلّم صحابته رضوان الله عليهم، والصحابة علموها من بعدهم، وهكذا حتى وصلت هذه القراءات إلى الأئمة العشرة، ورواتهم، بطريق التواتر، والسند الصحيح.
وهؤلاء الأئمة العشرة، ورواتهم انتشر ذكرهم في الآفاق، وذاع صيتهم، وثبتت عدالتهم، ووثق جميع المسلمين فيهم، حيث عرفوا بالصدق، والأمانة، وجودة القراءة والإتقان، فانتشرت قراءاتهم في جميع الأقطار، يتلقاها جيل بعد جيل، بالرضا، والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها وأقرأت بها. والحمد لله رب العالمين.
__________
(1) لقد جعلت فصلا خاصّا في كتابي: «المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية» ضمنته الحديث بالتفصيل عن «اللهجات العربية في القرآن الكريم» فمن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إليه.
طبع مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة، وطبع مكتبة شباب الجامعة بالإسكندريّة.(1/24)
وهكذا فقد عمّ نور «القرآن الكريم» جميع أنحاء الدنيا، وصدق الله حيث قال: {إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ} (سورة الحجر الآية 9).
ثم بيّن المؤلف رحمه الله تعالى بأن كلّ إمام من الأئمة العشرة، وإن كان تتلمذ عليه الكثيرون، إلا أنه اشتهر بالأخذ عنه راويان.
ثم أخذ المؤلف يذكر بالتفصيل هؤلاء الأئمة العشرة، ورواتهم.
وأقول: بعون الله تعالى، وتوفيقه سأقوم بإلقاء الضوء على تاريخ الأئمة العشرة، ورواتهم، بعيدا عن الإطناب الممل، أو التقصير المخلّ، مع بيان سلسلة أسانيدهم في القراءة حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الإمام الأول: نافع المدني.
هو: أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، أصله من أصفهان، وهو من علماء الطبقة الرابعة (1)، وكان شديد سواد اللون، وهو مولى «جعونة بن شعوب الليثي».
قال «الإمام مالك بن أنس» ت 179هـ: «نافع إمام الناس في القراءة» اهـ.
وقال «أحمد بن هلال المصري» قال لي الشيباني، قال لي رجل ممّن قرأ على «نافع»: إنّ «نافعا» كان إذا تكلّم يشمّ من فيه رائحة المسك، فقلت له: يا أبا عبد الله، أو يا أبا رويم أتتطيّب كلّما قعدت تقرئ؟ قال: ما أمسّ طيبا، ولكنّي رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ في «فيّ» فمن ذلك أشمّ من «فيّ» «هذه الرائحة» اهـ (2).
قال «ابن معين» يحيى بن معين بن عون بن زياد الغطفاني ت 233هـ:
«كان الإمام نافع ثقة».
وقال «أبو حاتم محمد بن حبّان بن أحمد التميمي» ت 354هـ: «كان «نافع» صدوقا».
__________
(1) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ط القاهرة ج 1/ 90.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ط القاهرة ج 1/ 90.(1/25)
شيوخ الإمام «نافع»:
اتفقت جميع المصادر على أن «الإمام نافعا» قرأ على سبعين من التابعين، أذكر منهم»:
1 - أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128هـ.
2 - عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ت 117هـ.
3 - شيبة بن نصاح القاضي ت 130هـ.
4 - يزيد بن رومان ت 120هـ.
5 - مسلم بن جندب الهذلي ت 130هـ.
وقد تلقّى هؤلاء الخمسة القراءات عن ثلاثة من الصحابة وهم:
1 - أبو هريرة ت 59هـ.
2 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ت 68هـ.
3 - عبد الله بن عيّاش بن ربيعة المخزومي ت 78هـ.
وقرأ هؤلاء الثلاثة على: «أبي بن كعب» ت 20هـ.
وقرأ «أبي بن كعب» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
من هذا يتبين أن قراءة «الإمام نافع» متواترة، ومتصلة السند بالرسول صلّى الله عليه وسلّم.
تلاميذ «الإمام نافع»:
لقد تتلمذ على «الإمام نافع» عدد كثير، من المدينة المنورة، ومصر، والشام، والبصرة، وغير ذلك من سائر بلاد المسلمين، ومن تلاميذ «الإمام نافع»:
1 «قالون» وهو الراوي الأول عن «نافع».
2 «ورش» وهو الراوي الثاني عن «نافع».
وإليك إلقاء الضوء على تاريخ كل منهما:(1/26)
وإليك إلقاء الضوء على تاريخ كل منهما:
تنبيه:
سبق أن بينت سلسلة سند «الإمام نافع» في القراءة حتى رسول صلّى الله عليه وسلّم.
وهكذا سأفعل مع كل إمام من الأئمة العشرة بإذن الله تعالى. وحينئذ أجد المقام لا يحتاج إلى سند كل راو من الرواة العشرين حتى رسول الله عليه الصلاة والسلام، اكتفاء بذكر أسانيد شيوخهم.
الراوي الأول عن «الإمام نافع» «قالون» ت 220هـ
. هو: عيسى بن مينا، المدني معلّم العربية، ويكنى أبا موسى، و «قالون» لقب له.
يروى أن «نافعا» لقّبه به لجودة قراءته، لأن «قالون» بلسان «الروم»:
جيّد (1).
ولد «قالون» سنة 120هـ وتوفي بالمدينة المنورة سنة 220هـ عشرين ومائتين (2).
وكان «قالون» قارئ المدينة المنورة، ونحويّها، وكان أصمّ لا يسمع «البوق» فإذا قرئ عليه القرآن سمعه.
قال «قالون»: قرأت على «نافع» قراءته غير مرّة، وكتبتها عنه.
ذكره «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة الخامسة ضمن القراء الكبار (3).
الراوي الثاني عن «الإمام نافع» «ورش» ت 197هـ.
هو: عثمان بن سعيد المصريّ، ويكنى أبا سعيد، و «ورش» لقب له، و «نافع» هو الذي لقّبه به لشدّة بياضه (4).
__________
(1) أنظر: المستنير في تخريج القراءات المتواترة للدكتور محمد سالم محيسن ج 1/ 8.
(2) أنظر: المهذب في القراءات العشر للدكتور محمد سالم محيسن ج 1/ 9.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 128.
(4) أنظر: الإرشادات الجليّة في القراءات السبع للدكتور محمد سالم محيسن ص 8.(1/27)
وقد ذكره «الذهبي» ضمن قراء الطبقة الخامسة، وقال:
«كان «ورش» أشقر، سمينا، مربوعا، يلبس مع ذلك موقّرة، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه» (1).
وقال «يونس بن عبد الأعلى»:
«كان «ورش» جيّد القراءة، حسن الصوت إذا يهمز، ويمدّ، ويشدّد، ويبيّن الإعراب، لا يملّه سامع» اهـ (2).
وقال «الإمام ابن الجزري»:
«رحل «ورش» من «مصر» إلى المدينة المنورة ليقرأ على «نافع» فقرأ عليه أربع ختمات في سنة 155هـ خمس وخمسين ومائة، ورجع إلى مصر فانتهت إليه رئاسة الإقراء بها، فلم ينازعه فيها منازع، مع براعته في العربيّة، ومعرفته بالتجويد، وكان حسن الصّوت» اهـ. (3)
قال ابن الجزري:
وابن كثير مكّة له بلد ... بزّ وقنبل له على سند
المعنى: تضمن هذا البيت الإشارة إلى الإمام الثاني وهو: «ابن كثير المكّيّ»، وراوييه: «البزّي، وقنبل»:
فابن كثير ت 122هـ (4):
هو: عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز المكّيّ من علماء الثالثة من القراء الكبار. (5)
__________
(1) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي طبع القاهرة ج 1/ 16.
(2) أنظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري بتحقيقنا ج 1/ 113.
(3) أنظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري بتحقيقنا ج 1/ 113.
(4) أنظر: ترجمة ابن كثير بتوسع في كتابنا في رحاب القرآن ج 1/ 303.
(5) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ط القاهرة ج 1/ 71.(1/28)
ولد «ابن كثير» سنة 45هـ خمس وأربعين، وتوفي سنة 122هـ اثنتين وعشرين ومائة.
قال «الأصمعي عبد الملك بن قريب أبو سعيد البصري» ت 215هـ:
«قلت: لأبي عمرو بن العلاء البصريّ: قرأت على «ابن كثير»؟ قال:
نعم ختمت على «ابن كثير» بعد ما ختمت على «مجاهد بن جبر» وكان أعلم بالعربية من «مجاهد» وكان فصيحا، بليغا، مفوّها، أبيض اللّحية طويلا، أسمر، جسيما، أشهل، يخضب بالحناء عليه السكينة، والوقار» اهـ.
وقال «ابن مجاهد البغدادي» ت 324هـ:
«لم يزل وابن كثير» الإمام المجتمع عليه في القراءة بمكّة حتّى مات» اهـ.
وقال «ابن الجزري» ت 833هـ:
«كان «ابن كثير» إمام الناس في القراءة بمكّة المكرمة لم ينازعه فيها منازع» (1).
شيوخ «ابن كثير»:
تلقى «ابن كثير» القراءة عن عدد كبير، وفي مقدّمتهم:
1 - أبو السائب عبد الله بن السائب المخزومي ت 68هـ.
2 - أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي ت 104هـ.
3 - درباس مولى ابن عباس، لم أقف على تاريخ وفاته.
وقرأ «عبد الله بن السائب» شيخ «ابن كثير» على كلّ من:
1 - أبيّ بن كعب الأنصاري ت 30هـ.
2 - عمر بن الخطاب ت 23هـ.
وقرأ «مجاهد بن جبر» شيخ «ابن كثير» على كلّ من:
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري ج 1/ 121120.(1/29)
1 - عبد الله بن عباس ت 68هـ.
2 - عبد الله بن السائب ت 68هـ.
وقرأ «درباس مولى ابن عباس» شيخ «ابن كثير» على:
1 - مولاه «عبد الله بن عباس».
وقرأ «عبد الله بن عباس» على كلّ من:
1 - أبيّ بن كعب الأنصاري.
2 - زيد بن ثابت ت 45هـ.
وقرأ كل من «زيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
من هذا يتبيّن أن قراءة «ابن كثير» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.
الراوي الأول عن «ابن كثير» «البزّي» ت 250هـ.
هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزّة، المؤذّن المكي، ويكنى أبا الحسن (1).
ولد «البزّي» سنة 170هـ سبعين ومائة، وتوفي سنة 250هـ خمسين ومائتين (2) ذكره «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة (3).
قال «أبو عمرو الدانيّ» ت 444هـ:
حدثنا «فارس بن أحمد» عن «أحمد بن محمد بن أبي بزّة» قال:
قرأت على «عكرمة بن سليمان» ت 198هـ فلما بلغت «والضحى» قال:
«كبّر» قرأت على «شبل بن عبّاد المكي» ت حوالى 160هـ.
و «إسماعيل بن قسطنطين المكي القسط» ت 170هـ.
__________
(1) أنظر: ترجمة «البزّي» مفصلة في كتابنا «معجم حفاظ القرآن» رقم الترجمة / 8.
(2) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ط القاهرة ج 1/ 121.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ط القاهرة ج 1/ 143.(1/30)
فقالا: «كبّر» قرأنا على «عبد الله بن كثير» فقال لنا: «كبّر» فإني قرأت على «مجاهد» فقال لي: «كبّر» قرأت على «ابن عبّاس» فقال لي «كبّر» قرأت على «أبيّ ابن كعب» فقال لي: «كبّر» قرأت على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: «كبّر» اهـ (1).
قال «ابن الجزري»:
«كان «البزّي» إماما في القراءة، محقّقا، ضابطا، متقنا لها، ثقة فيها، انتهت إليه مشيخة الإقراء «بمكة» وكان مؤذّن المسجد الحرام» اهـ (2).
الرّاوي الثاني عن «الإمام ابن كثير»: «قنبل» ت 291هـ (3).
هو: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد المكي المخزومي بالولاء، ويكنى أبا عمرو، ويلقّب بقنبل، وذلك لأنه من قوم يقال لهم القنابلة (4).
وقيل: إنه كان يستعمل دواء يسقى للبقر يسمى قنبل، فلما أكثر من استعماله عرف به (5).
ولد «قنبل» سنة 195هـ خمس وتسعين ومائة، وتوفي بمكة سنة 291هـ إحدى وتسعين ومائتين.
قال «الإمام الذهبي» ت 748هـ:
انتهت إلى «قنبل» رئاسة الإقراء بالحجاز.
وقال «الإمام ابن الجزري»:
«كان «قنبل» إماما في القراءة، متقنا، ضابطا، انتهت إليه مشيخة الإقراء
__________
(1) أنظر معرفة القراء الكبار للذهبي ط القاهرة ج 1/ 145.
(2) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 121.
(3) أنظر: ترجمة «قنبل» بتوسع في كتابنا «معجم حفاظ القرآن» رقم الترجمة / 225.
(4) أنظر: الإرشادات الجليّة في القراءات السبع للدكتور / محمد سالم محيسن ص 8.
(5) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 187.(1/31)
بالحجاز، ورحل إليه الناس من الأقطار (1).
عدّة «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة السابعة (2).
قال ابن الجزري:
ثمّ أبو عمرو فيحيى عنه ... ونقل الدّوري وسوس منه
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى إلى الإمام الثالث وهو «أبو عمرو» ورواياه: الدّوري، والسّوسي»:
فأبو عمرو ت 154هـ (3).
هو: زبّان بن العلاء بن عمّار بن العريان المازني، التميمي البصري، وقيل: اسمه «يحيى» وقيل: اسمه كنيته.
ولد «أبو عمرو» بمكة سنة 68هـ وقيل: سنة 65هـ وتوفي بالكوفة سنة 154هـ أربع وخمسين ومائة (4).
كان «أبو عمرو» إمام البصرة في العربية، ومقرئها.
قال «ابن الجزري»:
«كان «أبو عمرو بن العلاء» أعلم الناس بالقرآن، والعربية، مع الصدق، والثقة، والأمانة، والدين» اهـ (5).
شيوخ «أبي عمرو بن العلاء البصري»:
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 121.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 186.
(3) أنظر: ترجمة «أبي عمرو» مستوفاة في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، رقم الترجمة / 207.
(4) أنظر: مؤلفنا: المهذب في القراءات العشر ط القاهرة ج 1/ 7.
(5) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 134.
أنظر: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ج 1/ 443.
أنظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ج 1/ 314.(1/32)
قرأ «أبو عمرو» على خلق كثير: بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، ويعتبر «أبو عمرو» أكثر القراء شيوخا، وفي مقدمتهم:
1 - مجاهد بن جبر ت 104هـ، وتقدم سند «مجاهد» في قراءة «ابن كثير».
2 - أبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي ت 93هـ.
وقرأ «أبو العالية» شيخ «أبي عمرو بن العلاء البصري» على كلّ من:
1 - عمر بن الخطاب ت 23هـ.
2 - أبيّ بن كعب ت 30هـ.
3 - زيد بن ثابت ت 45هـ.
4 - عبد الله بن عباس ت 68هـ.
وقرأ كلّ من «زيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (1) من هذا يتبيّن أن قراءة «أبي عمرو» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الراوي الأول عن «أبي عمرو بن العلاء» «الدّوري» ت 246هـ (2).
هو: أبو عمرو حفص بن عمر بن عبد العزيز الدّوري، النحوي، البغدادي، الضّرير، والدّور: محلّة معروفة بالجانب الشرقيّ من بغداد (3).
قال «أبو علي الأهوازيّ» ت 446هـ:
«رحل «الدّوريّ» في طلب القراءات، وقرأ بسائر الحروف السبعة، وجمع من ذلك شيئا كثيرا، وهو ثقة في جميع ما يرويه، وعاش دهرا، وذهب بصره في آخر عمره، وكان ذا دين وخير» (4).
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 123.
أنظر: مؤلفنا في رحاب القرآن ج 1/ 307.
(2) أنظر: ترجمة «الدوري» بتوسع في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، رقم الترجمة / 207.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 159.
(4) أنظر: في رحاب القرآن ج 1/ 336.(1/33)
وقال ابن الجزري:
«كان «الدّوريّ» إمام القراءة في عصره، وشيخ الإقراء في وقته، ثقة، ثبتا، ضابطا، كبيرا، وهو أوّل من جمع القراءات، ولقد روينا القراءات العشر عن طريقه» اهـ (1).
الرّاوي الثاني عن «الإمام أبي عمرو بن العلاء» «السّوسي» ت 261هـ (2).
هو: أبو شعيب صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ ضمن علماء القراءات.
قال «الذهبي»: قرأ «السوسي» على «اليزيدي» وسمع بالكوفة من «عبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد»، وبمكة من «سفيان بن عيينة» اهـ (3).
وقال «ابن الجزري»:
أخذ «أبو شعيب السوسي» القراءة عرضا وسماعا، عن: «أبي محمد اليزيدي» وهو من أجلّ أصحابه» (4).
وقد اشتهرت قراءة «السوسي» وعمّت الآفاق، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا، والقبول حتى الآن.
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 134.
(2) أنظر: ترجمة السوسي في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 133.
ومؤلفنا: في رحاب القرآن ج 1/ 337.
والنشر في القراءات العشر ج 1/ 134.
ومعرفة القراء الكبار ج 1/ 193.
وتهذيب التهذيب لابن حجر ج 4/ 392.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 193.
(4) أنظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1/ 333.(1/34)
قال ابن الجزري:
ثمّ ابن عامر الدّمشقي بسند ... عنه هشام وابن ذكوان ورد
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى إلى الإمام الرابع «ابن عامر الدمشقي» وراوييه: «هشام، وابن ذكوان»:
فابن عامر ت 118هـ (1).
هو: «عبد الله بن عامر الشامي، اليحصبيّ، ويكنى أبا عمرو، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة (2).
قال «ابن عامر»: ولدت سنة ثمان من الهجرة، بضيعة يقال لها «رحاب» وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولي سنتان (3). ويعتبر «ابن عامر» إمام «أهل الشام» في القراءة.
قال ابن الجزري:
«كان «ابن عامر» إماما كبيرا، وتابعيّا جليلا، وعالما شهيرا، أمّ المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة في أيام «عمر بن عبد العزيز» رضي الله عنه، فكان يأتمّ به وهو أمير المؤمنين، وجمع له بين الإمامة، والقضاء، ومشيخة الإقراء بدمشق، فأجمع الناس على قراءته، وعلى تلقيها بالقبول، وهم الصّدر الأوّل الذين هم أفاضل المسلمين» (4).
شيوخ «ابن عامر»:
قرأ «ابن عامر» على كلّ من:
1 - أبي هاشم بن أبي شهاب ت 91هـ.
__________
(1) أنظر: ترجمة «ابن عامر» بتوسع في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 163.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 67.
(3) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 144.
(4) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 144.(1/35)
2 - عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي.
3 - أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس ت 32هـ.
وقرأ «عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي» شيخ «ابن عامر» على:
عثمان بن عفان ت 35هـ.
وقرأ «أبو الدرداء» شيخ «ابن عامر» و «عثمان بن عفّان» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (1).
من هذا يتبين أن قراءة «ابن عامر» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.
الرّاوي الأول عن «الإمام ابن عامر» «هشام» ت 245هـ.
هو: هشام بن عمّار بن نصير القاضي الدمشقي، ويكنى أبا عمرو (2) ذكره الذهبي «ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن» (3).
قال «ابن الجزري»: «كان هشام عالم أهل دمشق، وخطيبهم، ومقرئهم، ومحدّثهم، ومفتيهم، مع الثقة والضبط، والعدالة» (4).
الرّاوي الثاني عن «الإمام ابن عامر» «ابن ذكوان» ت 242هـ (5).
هو: عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، القرشي الدمشقي، ويكنى أبا عمرو (6).
ذكره «الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن (7) ولد
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 143.
(2) أنظر: مؤلفنا المستنير في تخريج القراءات ج 1/ 9.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 160.
(4) أنظر: النشر ج 1/ 142.
(5) أنظر: ترجمة «ابن ذكوان» بتوسع في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، رقم الترجمة / 105.
(6) أنظر: مؤلفنا: الإرشادات الجلية في القراءات السبع ص 9.
(7) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 163.(1/36)
«ابن ذكوان» سنة 173هـ ثلاث وسبعين ومائة، وتوفي بدمشق سنة 242هـ اثنتين وأربعين ومائتين (1).
قال «أبو زرعة الدمشقي» عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان ت 280هـ: «لم يكن بالعراق، ولا بالحجاز، ولا بالشام، ولا بمصر، ولا بخراسان، في زمان «ابن ذكوان» أقرأ عندي منه» اهـ (2).
وقال «ابن الجزري»:
«كان «ابن ذكوان» شيخ الإقراء بالشام، وإمام الجامع الأموي، إليه انتهت مشيخة الإقراء بعد «أيوب بن تميم» اهـ (3).
قال ابن الجزري:
ثلاثة من كوفة فعاصم ... فعنه شعبة وحفص قائم
المعنى: أخبر «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذا البيت، بأنّ هناك ثلاثة أئمة من القراء الكوفيّين، في مقدمتهم: «الإمام عاصم» وراوياه: «شعبة، وحفص»:
فعاصم هو الإمام الخامس ت 127هـ (4).
هو: عاصم بن بهدلة أبي النّجود الأسدي، ويكنى أبا بكر، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن (5).
قال «أبو بكر بن عيّاش» ت 193هـ:
«لا أحصي ما سمعت» «أبا إسحاق السبيعي» يقول:
__________
(1) أنظر: مؤلفنا: المهذب في القراءات العشر ج 1/ 10.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 164.
(3) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 145.
(4) أنظر: ترجمة «عاصم» بتوسع في مؤلفنا: المغني في توجيه القراءات ج 1/ 29.
(5) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 73.(1/37)
ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من «عاصم».
وقال «ابن عيّاش»: دخلت على «عاصم» وقد احتضر فجعل يردّد هذه الآية يحقّقها كأنه في الصلاة: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللََّهِ مَوْلََاهُمُ الْحَقِّ} (سورة الأنعام آية 62) (1)
وقال «ابن الجزري»: كان «عاصم هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد «أبي عبد الرحمن السلمي» ت 73هـ.
ثم قال: وقد جلس في موضعه، ورحل الناس إليه للقراءة، وكان قد جمع بين الفصاحة، والإتقان، والتحرير، والتجويد، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن» (2).
شيوخ «الإمام عاصم»:
قال «ابن الجزري» ت 833هما معناه:
«قرأ «عاصم» على كلّ من:
1 - أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي ت 73هـ.
2 - أبي مريم زرّ بن حبيش الأسدي ت 82هـ.
3 - أبي عمرو سعد بن إلياس الشّيباني ت 96هـ.
وقرأ هؤلاء الثلاثة على:
عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه ت 32هـ.
وقرأ كلّ من: أبي عبد الرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش على:
1 - عثمان بن عفان رضي الله عنه.
2 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقرأ «أبو عبد الرحمن السلمي» أيضا على:
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 155.
(2) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 155.(1/38)
1 - أبيّ بن كعب رضي الله عنه.
2 - زيد بن ثابت رضي الله عنه.
وقرأ كلّ من:
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
2 - عثمان بن عفان رضي الله عنه.
3 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
4 - أبي بن كعب رضي الله عنه.
5 - زيد بن ثابت رضي الله عنه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (1).
من هذا يتبين أن قراءة «عاصم» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
الرّاوي الأول عن «الإمام عاصم» «شعبة» ت 193هـ (2).
هو: أبو بكر شعبة بن عيّاش بن سالم الكوفي.
قال «ابن الجزري»: كان «شعبة» إماما، علما كبيرا، عالما عاملا، حجّة من كبار أئمة السّنّة، ولما حضرته «الوفاة» بكت «أخته» فقال لها: ما يبكيك؟
انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة» اهـ (3).
الرّاوي الثاني عن «الإمام عاصم» «حفص» ت 180هـ (4).
هو: أبو عمر حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي. ولد «حفص» سنة 90هـ تسعين، وتوفي سنة 180هـ ثمانين ومائة.
ذكره «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة الرابعة وقال: «كانت القراءة
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 155.
(2) أنظر: ترجمة شعبة بتوسع في كتابنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 193.
(3) أنظر: النشر بتحقيقنا ج 1/ 156.
(4) أنظر: ترجمة «حفص» بتوسع في كتابنا «معجم حفاظ القرآن» ورقم الترجمة / 180.(1/39)
التي أخذها عن «عاصم» ترتفع إلى «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه» (1).
قال «ابن الجزري»: كان «حفص» أعلم أصحاب «عاصم» بقراءة «عاصم» وكان ربيب «عاصم» ابن زوجته» اهـ (2).
وقال «ابن المنادي»: «كان الأوّلون يعدّونه في الحفظ فوق «ابن عيّاش» ويصفونه بضبط الحروف التي قرأها على «عاصم» وأقرأ الناس دهرا طويلا» (3).
قال ابن الجزري:
وحمزة عنه سليم وخلف ... منه وخلّاد كلاهما اغترف
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى إلى الإمام السادس: «حمزة» وراوييه: «خلف وخلّاد»:
فحمزة ت 156هـ (4).
هو: حمزة بن حبيب بن عمارة، الزيّات، ويكنى أبا عمارة.
ذكره «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن (5).
ولد «حمزة» سنة 80هـ ثمانين، وتوفي في خلافة «أبي جعفر المنصور» سنة 156هـ ستّ وخمسين ومائة.
قال «ابن الجزري»: «كان «حمزة» إمام الناس في القراءة بالكوفة بعد «عاصم» و «الأعمش» وكان ثقة كبيرا حجّة، رضيّا، قيّما بكتاب الله، مجوّدا، عارفا بالفرائض، والعربيّة، حافظا للحديث، ورعا، عابدا، خاشعا، متنسكا، زاهدا، قانتا لله تعالى، لم يكن له نظير.
__________
(1) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 117.
(2) أنظر: النشر بتحقيقنا ج 1/ 156.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 117.
(4) أنظر: ترجمة حمزة بتوسع في مؤلفنا في رحاب القرآن ج 1/ 313.
(5) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 93.(1/40)
ثم يقول «ابن الجزري»: «وكان «حمزة» يجلب الزيت من «العراق» إلى «حلوان» ويجلب الجبن، والجوز منها إلى الكوفة» (1).
قال «حمزة» عن نفسه: «ما قرأت حرفا من كتاب الله تعالى إلّا بأثر» اهـ (2).
وكان «الأعمش» إذا رآه يقول: «هذا حبر القرآن» (3).
شيوخ «حمزة»:
قال «ابن الجزري»: قرأ «حمزة» على كلّ من:
1 - أبي حمزة حمران بن أعين ت 129هـ.
2 - أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132هـ.
3 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ت 148هـ.
4 - أبي محمد طلحة بن مصرّف بن عمرو بن كعب ت 112هـ.
5 - أبي عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.
وقرأ «أبو محمد طلحة بن مصرّف» شيخ «حمزة» على:
1 - أبي محمد يحيى بن وثّاب ت 103هـ.
وقرأ «أبو محمد يحيى بن وثّاب» على كلّ من:
1 - أبي شبل علقمة بن قيس ت 62هـ.
2 - الأسود بن يزيد بن قيس ت 62هـ.
3 - زرّ بن حبيش ت 82هـ.
4 - زيد بن وهب الكوفي ت 82هـ.
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 166.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 95.
(3) أنظر: النشر ج 1/ 166.(1/41)
5 - عبيدة بن عمرو السلماني.
6 - عبيد بن نضيلة ت 75هـ.
وقرأ «عبيد بن نضيلة» على:
علقمة بن قيس بن مالك الصحابي ت 62هـ.
وقرأ «أبو حمزة حمران بن أعين» شيخ حمزة على:
«محمد الباقر».
وقرأ «أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي» شيخ «حمزة» على كلّ من:
1 - أبي عبد الرحمن السلمي ت 73هـ.
2 - زرّ بن حبيش بن أبي مريم ت 82هـ.
3 - عاصم بن ضمرة.
4 - الحارث بن عبد الله الهمذاني.
وقرأ كلّ من: «عاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:
1 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقرأ كلّ من «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني على:
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وقرأ كل من: «على بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (1).
من هذا يتبيّن أن قراءة «حمزة» الكوفي، متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 165.
أنظر: في رحاب القرآن مؤلفنا ج 1/ 316315.(1/42)
الرّاوي الأول عن «الإمام حمزة» «خلف» ت 229هـ (1).
هو: خلف بن هشام البزّار، ويكنى أبا محمد.
كان «خلف البزّار» من المبكّرين في حفظ «القرآن» فقد حفظه وهو ابن عشر سنين، وانقطع لطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة (2).
قال «الحسين بن فهم»: «ما رأيت أنبل من «خلف بن هشام» كان يبدأ بأهل القرآن، ثم يأذن للمحدثين، وثقه «ابن معين، والنسائي».
وقال «الدارقطني»: كان عابدا فاضلا.
ولد «خلف» سنة 150هـ خمسين ومائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة 229هـ تسع وعشرين ومائتين.
الرّاوي الثاني عن «الإمام حمزة» «خلّاد» ت 220هـ (3).
هو: خلّاد بن خالد، ويقال: ابن خليد الصيرفي.
ذكره الذهبي ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن (4).
قال «ابن الجزري»: «كان «خالد» إماما في القراءة، ثقة، عارفا، محقّقا، مجوّدا، أستاذا، ضابطا، متقنا» اهـ (5). توفي بالكوفة سنة 220هـ عشرين ومائتين (6).
قال ابن الجزري:
ثمّ الكسائيّ الفتى عليّ ... عنه أبو الحارث والدّوريّ
__________
(1) أنظر: ترجمة خلف بتوسع في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 98.
(2) أنظر: طبقات القراء ج 1/ 173.
(3) أنظر: ترجمة «خلاد» بتوسع في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، رقم الترجمة / 95.
(4) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 710.
أنظر: في رحاب القرآن ج 1/ 344.
(5) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 166.
(6) أنظر: مؤلفنا الإرشادات الجليّة في القراءات السبع ص 10.(1/43)
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذا البيت إلى «الإمام السابع» «الكسائي» وراوييه: «أبي الحارث، والدّوريّ»:
فالكسائي ت 189هـ.
هو: علي بن حمزة النحوي، ويكنى أبا الحسن، وقيل له الكسائي (1) من أجل أنه أحرم في كساء.
ذكره «الإمام الذهبي» ت 748هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة، وقال:
«انتهت إلى «الكسائي» الإمامة في القراءة بعد وفاة شيخه «حمزة وكذا في العربية» اهـ (2).
قال «ابن معين»: «ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي» (3).
وقال «الإمام ابن الجزري»: «كان الكسائي إمام الناس في القراءة في زمانه، وأعلمهم بالقراءة» (4).
وقال «أبو بكر بن الأنباري» ت 328هـ: «اجتمعت في الكسائي أمور:
كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم بالغريب، وكان أوحد الناس في القرآن، فكانوا يكثرون عليه، فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو القرآن من أوّله إلى آخره، وهم يسمعون، ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ» اهـ (5).
توفي «الكسائي» ببلدة يقال لها «رنبويه» بالريّ سنة 189هـ تسع وثمانين ومائة.
ولما توفي كلّ من: «الكسائي، ومحمد بن الحسن» صاحب «أبي حنيفة»
__________
(1) أنظر: ترجمة الكسائي بتوسع في كتابنا: معجم حفاظ القرآن، رقم الترجمة / 196.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 101.
(3) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 172.
(4) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 172.
(5) أنظر: مصنفنا في رحاب القرآن ج 1/ 318.(1/44)
قال «هارون الرشيد»: دفنا «النحو، والفقه» معا «بالريّ» (1).
شيوخ الإمام الكسائي:
(2)
أخذ «الكسائي» القرآن وحروف القراءات على عدد كبير من مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:
1 - الإمام نافع المدني ت 169هو هو الإمام الأول.
2 - الإمام حمزة بن حبيب الزيات، ت 156هـ وهو الإمام السادس.
وقد تقدّم سند كل من: «الإمام نافع، والإمام حمزة» حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
من هذا يتبين أن قراءة «الإمام الكسائي» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
الرّاوي الأول عن «الإمام الكسائي» «أبو الحارث» ت 240هـ (3).
هو: اللّيث بن خالد، أبو الحارث البغدادي، ثقة، معروف، ضابط، حاذق.
ذكره «الإمام الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن (4).
قال «ابن الجزري»: كان «أبو الحارث ثقة، قيّما بالقراءة، ضابطا لها، توفي سنة 240هـ أربعين ومائتين (5).
الرّاوي الثاني عن «الإمام الكسائي» «حفص الدوريّ» ت 246هـ.
__________
(1) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 107.
(2) أنظر: الحديث مفصلا عن شيوخ الكسائي في مصنفنا: في رحاب القرآن ج 1/ 318.
(3) أنظر: ترجمة أبي الحارث مفصلة في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن.
وانظر: مصنفنا: المستنير في تخريج القراءات ج 1/ 10.
(4) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 173.
(5) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 171.(1/45)
هو: أبو عمرو حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوريّ، وهو أحد رواة «الإمام الثالث أبي عمرو بن العلاء» وقد تقدمت ترجمته أثناء الحديث عن الرّاوي الأول عن «الإمام أبي عمرو ابن العلاء البصري» (1).
قال ابن الجزري:
ثم أبو جعفر الحبر الرّضى ... فعنه عيسى وابن جمّاز مضى
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذا البيت إلى «الإمام الثامن» «أبي جعفر» وراوييه: «ابن وردان، وابن جماز»:
فأبو جعفر ت 128هـ (2).
هو: يزيد بن القعقاع المخزومي، المدني، الإمام الثقة، الضابط. ذكره «الذهبي» ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن (3).
قال «ابن الجزري»: «كان «أبو جعفر» تابعيّا كبير القدر، انتهت إليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة» (4).
قال «الإمام مالك بن أنس» ت 179هـ:
«كان «أبو جعفر» رجلا صالحا».
وقال «يحيى بن معين»: «كان «أبو جعفر» إمام أهل المدينة، وكان ثقة» (5)
توفي «أبو جعفر» سنة 128هـ ثمان وعشرين ومائة.
شيوخ «الإمام أبي جعفر»
. __________
(1) أنظر: في رحاب القرآن ج 1/ 345.
(2) أنظر: ترجمة أبي جعفر يتوسع في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 68.
(3) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 59.
(4) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 178.
(5) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 60.(1/46)
چاپ محتويات کتاب var _gaq = _gaq || []; _gaq.push(['_setAccount', 'UA-22777804-1']); _gaq.push(['_trackPageview']); (function () { var ga = document.createElement('script'); ga.type = 'text/javascript'; ga.async = true; ga.src = ('https:' == document.location.protocol ? 'https://ssl' : 'http://www') + '.google-analytics.com/ga.js'; var s = document.getElementsByTagName('script')[0]; s.parentNode.insertBefore(ga, s); })(); var HttpPath='/DLView/HttpHandler/';var FilesURL='/File/FA/Default/';LanguageID = 1;var BookVol=1; document.getElementById("form1").action="/DLView/FA/PrintBook.rem?BookID=1010097&BookPageNum=47&BookViewKind=1&VolumeNum=1&ProjectID=16879&VisitorID=150690&ModePrint=1";(1/47)
قال ابن الجزري:
تاسعهم يعقوب وهو الحضرمي ... له رويس ثمّ روح ينتمي
المعنى: أشار «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذا البيت إلى الإمام التاسع «يعقوب الحضرمي» وراوييه: «رويس، وروح»:
فيعقوب ت 205هـ (1).
هو: أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي، البصري، من علماء الطبقة الخامسة (2).
قال «ابن الجزري»: كان «يعقوب» إماما كبيرا، ثقة، عالما، صالحا، دينا، انتهت إليه رئاسة القراءة بعد «أبي عمرو بن العلاء» وكان إمام جامع البصرة سنين» (3).
وقال «أبو حاتم السجستاني»: «سهل بن محمد بن عثمان» ت 255هـ:
كان «يعقوب» أعلم من رأيت بالحروف، والاختلاف في القراءات، وعلله ومذاهبه، ومذاهب النحو، وأروى الناس لحروف القرآن، وحديث الفقهاء» (4).
وقال «علي بن جعفر السعدي»:
«كان «يعقوب» أقرأ أهل زمانه، وكان لا يلحن في كلامه» (5).
وقال «أبو القاسم الهذلي»: «لم ير في زمن يعقوب مثله» (6).
__________
(1) أنظر بتوسع ترجمة يعقوب في مصنفنا: المغني في توجيه القراءات ج 1/ 40.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 130.
(3) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 178.
(4) أنظر: كتابنا في رحاب القرآن ج 1/ 322.
(5) أنظر: كتابنا في رحاب القرآن ج 1/ 323.
(6) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 131.(1/48)
توفي يعقوب في ذي الحجة سنة 205هـ خمس ومائتين.
شيوخ «الإمام يعقوب»
أخذ «يعقوب» القراءة، وحروف القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم:
1 - أبو المنذر سلام بن سليمان المزني ت 171هـ.
2 - شهاب بن شرنفة ت 162هـ.
3 - أبو يحيى مهدي بن ميمون ت 171هـ.
4 - أبو الأشهب جعفر بن حيّان العطاردي ت 165هـ.
وقرأ «أبو المنذر سلّام بن سليمان المزني» شيخ «يعقوب» على كل من:
1 - عاصم الكوفي، وهو الإمام الخامس.
2 - أبي عمرو بن العلاء، وهو الإمام الثالث.
وقد تقدم سند كل من «الإمام عاصم، والإمام أبي عمرو بن العلاء» حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
من هذا يتبين أن قراءة «يعقوب» متواترة، ومتصلة السند حتى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الرّاوي الأوّل عن «الإمام يعقوب» «رويس» ت 238هـ (1).
هو: أبو عبد الله محمد بن المتوكّل اللؤلئي البصري، ورويس لقب له، ذكره «الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة (2).
قال «ابن الجزري»: كان «رويس إماما في القراءة، قيّما بها، ماهرا، ضابطا، مشهورا، حاذقا، وهو من أحذق أصحاب «يعقوب» اهـ» (3).
توفي «رويس» بالبصرة سنة 238هـ ثمان وثلاثين ومائتين.
__________
(1) أنظر ترجمة «رويس» بتوسع في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 110.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 176.
(3) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 191.(1/49)
الرّاوي الثاني عن «الإمام يعقوب» «روح» ت 234هـ (1).
هو: أبو الحسن بن عبد المؤمن البصري، النحوي، من علماء الطبقة السادسة (2).
قال «ابن الجزري»: كان «روح» مقرئا، جليلا، ثقة، ضابطا، مشهورا، من أجلّ أصحاب «يعقوب» وأوثقهم» (3).
توفي «روح» سنة 234هـ أربع وثلاثين ومائتين.
قال ابن الجزري:
والعاشر البزّار وهو خلف ... إسحاق مع إدريس عنه يعرف
المعنى: أشار «ابن الجزري»: رحمه الله تعالى في هذا البيت، إلى الإمام العاشر وهو «خلف البزّار» وراوييه: «إسحاق، وإدريس»:
فخلف البزّار ت 229هـ (4).
هو: أبو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي (5). ولد «خلف» سنة 150هـ خمسين ومائة، وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، وبدأ في طلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وكان «خلف» إماما كبيرا، عالما ثقة، زاهدا عابدا (6).
توفي «خلف» في جمادى الآخرة سنة 229هـ تسع وعشرين ومائتين.
الرّاوي الأوّل عن «خلف البزّار» «إسحاق» ت 286هـ (7).
__________
(1) أنظر ترجمة «روح» في مصنفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 109.
(2) أنظر: معرفة القراء الكبار ج 1/ 176.
(3) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 187.
(4) أنظر: ترجمة «خلف» في مصنفنا: «المستنير» ج 1/ 10.
(5) أنظر: في رحاب القرآن ج 1/ 325.
(6) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 191.
(7) أنظر ترجمة «إسحاق» في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 23.(1/50)
هو: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عثمان الورّاق المروزي (1).
قال «ابن الجزري»: «كان «إسحاق» ثقة، قيّما بالقراءة، ضابطا لها، منفردا برواية: اختيار «خلف» لا يعرف غيره» (2).
توفي «إسحاق» سنة 286هـ ستّ وثمانين ومائتين.
الرّاوي الثاني عن «خلف البزّار» «إدريس» ت 292هـ (3).
هو: أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم البغدادي الحدّاد (4).
قال «ابن الجزري»: كان «إدريس» إماما، ضابطا، متقنا، ثقة، وسئل عنه «الدّارقطنيّ» فقال: «ثقة، وفوق الثقة بدرجة» (5).
توفي «إدريس» سنة 292هـ اثنتين وتسعين ومائتين، عن ثلاث وتسعين سنة.
وبهذا ينتهي ولله الحمد الكلام عن: الأئمة العشرة، ورواتهم العشرين، وسلسلة أسانيدهم حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(والله أعلم)
__________
(1) أنظر: مؤلفنا: التذكرة في القراءات الثلاث ج 1/ 11.
(2) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 191.
(3) أنظر ترجمة: «إدريس» في مؤلفنا: معجم حفاظ القرآن، ورقم الترجمة / 21.
(4) أنظر: التذكرة في القراءات الثلاث ج 1/ 12.
(5) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 196.(1/51)
«الطّرق الثمانون»
(1)
قال ابن الجزري:
وهذه الرّواة عنهم طرق ... أصحّها في نشرنا محقّق
باثنين في اثنين وإلّا أربع ... فهي زها ألف طريق تجمع
المعنى: مما سبق عرفنا أن «ابن الجزري» رحمه الله تعالى، ذكر عن كلّ إمام من الأئمة العشرة راويين، وبذلك أصبح العدد الإجمالي للرواة عشرين راويا، إلّا أن «الدّوريّ» روى عن كل من:
1 «أبي عمرو بن العلاء البصري».
2 «علي بن حمزة الكسائي الكوفي».
من هذا يتبيّن أن العدد الإجماليّ للرواة من حيث «الذّات» تسعة عشر راويا.
ومن حيث الرواية عشرون راويا.
وقد أشار المؤلف رحمه الله تعالى بهذين البيتين إلى أن هؤلاء الرواة العشرين وردت عنهم طرق.
وقد اختار المؤلف في كتابه: «النّشر في القراءات العشر» عن كلّ راو من هؤلاء الرواة العشرين «طريقين»، وعن كل طريق «طريقين» فيكون عن كل راو من العشرين أربع طرق.
__________
(1) أنظر: الحديث عن الطرق مفصّلا في النشر بتحقيقنا ج 1/ 278166.(1/52)
وحيث لم يتأتّ له ذلك من راوية «خلف، وخلّاد» عن «حمزة» جعل عن «خلف» أربع طرق عن «إدريس» عنه.
وعن «خلّاد» بنفسه أربع طرق.
وفي رواية «رويس» عن «التّمّار» عنه أربع طرق.
وفي رواية «إدريس» أربع طرق عن نفسه، ليتمّ عن كل راو أربع طرق.
وحينئذ يكون عن الرواة العشرين ثمانون طريقا.
والطريق لغة: السبيل، والمذهب.
واصطلاحا هي الرواية عن الرواة عن أئمّة القرآن، وإن سفلوا.
فتقول مثلا: هذه قراءة «نافع» من رواية «قالون» من طريق «أبي نشيط»، من طريق «ابن بويان» من طريق «الفرضي».
ولا يقال: هذه رواية «نافع» كما لا يقال: قراءة «قالون» ولا طريق «قالون».
كما لا يقال: رواة «أبي نشيط»:
فما كان عن أحد الأئمة العشرة، أو من هو مثلهم، يقال: قراءة.
وما كان عن أحد رواتهم، يقال: رواية.
وما كان عمّن بعدهم وهلمّ جرّا يقال: طريق.
وقول «ابن الجزري» رحمه الله تعالى: فهي زها ألف طريق تجمع. معنى ذلك أن هذه الطرق الثمانين تتشعب فيما بعد فتبلغ عدّة الطرق قريبا من ألف طريق، كلها مذكورة في كتاب «النشر في القراءات العشر».
ومن أعظم فوائد معرفة الطرق، تحقيق الخلاف، وعدم التّخليط، والتركيب بما لم يقرأ به.
وهذا بيان الطرق الثمانين بإيجاز:
فقالون الراوي الأوّل ت 220هـ نقلت روايته عن «نافع» من طريقين وهما:(1/53)
وهذا بيان الطرق الثمانين بإيجاز:
فقالون الراوي الأوّل ت 220هـ نقلت روايته عن «نافع» من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي نشيط» ت 258هـ ثمان وخمسين ومائتين.
2 - طريق «الحلواني» ت 250هـ خمسين ومائتين.
وأبو نشيط من طريقين وهما:
1 «ابن بويان» ت 344هـ أربع وأربعين وثلاثمائة.
2 «القزّاز» ت قبل الأربعين وثلاثمائة.
والحلواني من طريقين وهما:
1 «ابن مهران» ت 289هـ تسع وثمانين ومائتين.
2 «جعفر بن محمد» ت في حدود تسعين ومائتين.
وورش الراوي الثاني ت 197هـ نقلت روايته عن «نافع» من طريقين:
1 «الأزرق» ت في حدود أربعين ومائتين.
2 «الأصبهاني» ت 296هـ ست وتسعين ومائتين.
والأزرق من طريقين وهما:
1 - إسماعيل النحّاس ت سنة بضع وثمانين ومائتين.
2 - ابن سيف ت 307هـ سبع وثلاثمائة.
والأصبهاني من طريقين وهما:
1 - ابن جعفر هبة الله ت قبيل الخمسين وثلاثمائة.
2 - المطوّعي ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة.
والبزّي الراوي الثالث ت 170هـ نقلت روايته عن «ابن كثير» من طريقين:
1 - طريق أبي ربيعة ت 294هـ أربع وتسعين ومائتين.
2 - طريق ابن الحباب ت 301هـ إحدى وثلاثمائة.
وأبو ربيعة من طريقين وهما:(1/54)
2 - طريق ابن الحباب ت 301هـ إحدى وثلاثمائة.
وأبو ربيعة من طريقين وهما:
1 - طريق «ابن بنان» بضمّ الباء الموحدة ت 374هـ أربع وسبعين وثلاثمائة.
2 - طريق «النقّاش» ت 351هـ إحدى وخمسين وثلاثمائة.
وابن الحباب من طريقين وهما:
1 - طريق «أحمد بن صالح» ت بعد الخمسين وثلاثمائة.
2 - طريق «عبد الواحد البغدادي» ت 349هـ تسع وأربعين وثلاثمائة.
وقنبل الراوي الرابع ت 291هـ نقلت روايته عن «ابن كثير» من طريقين:
1 - طريق «ابن مجاهد» البغدادي ت 324هـ أربع وعشرين وثلاثمائة.
2 - طريق «ابن شنبوذ» ت 328هـ ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وابن مجاهد من طريقين وهما:
1 - طريق «صالح بن محمد بن المبارك» ت في حدود الثمانين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي أحمد عبد الله بن الحسين السامري» ت 386هـ ستّ وثمانين وثلاثمائة.
وابن شنبوذ من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي الفرج القاضي» ت 390هـ تسعين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي الفرج محمد بن أحمد الشّطوي» ت 388هـ ثمان وثمانين وثلاثمائة.
والدّوري الراوي الخامس ت 246هـ نقلت روايته عن «أبي عمرو» من طريقين:
1 - طريق «أبي الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس الدقاق» ت سنة بضع وثمانين ومائتين.
2 - طريق «أحمد بن فرح» بالحاء المهملة ت 303هـ ثلاث وثلاثمائة.
وأبو الزّعراء من طريقين وهما:(1/55)
2 - طريق «أحمد بن فرح» بالحاء المهملة ت 303هـ ثلاث وثلاثمائة.
وأبو الزّعراء من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي العبّاس محمد بن يعقوب» المعروف بالمعدّل ت بعد العشرين وثلاثمائة.
2 - طريق «ابن مجاهد» البغدادي ت 324هـ أربع وعشرين وثلاثمائة.
وابن فرح من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي العباس الحسن بن سعيد المطّوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي القاسم زيد بن علي بن أبي بلال» ت 358هـ ثمان وخمسين وثلاثمائة.
السوسيّ الراوي السادس ت 261هـ نقلت روايته عن «أبي عمرو» من طريقين:
1 - طريق «أبي عمران موسى بن جرير» ت 316هـ ست عشرة وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي عيسى بن موسى بن جمهور» ت في حدود الثلاثمائة.
وابن جرير من طريقين وهما:
1 - طريق «عبد الله بن الحسين السامريّ» ت 386هـ ست وثمانين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي علي الحسين بن حبش» ت 373هـ ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
وابن جمهور من طريقين وهما:
1 - طريق «أحمد بن نصر الشذائي» ت 370هـ سبعين وثلاثمائة.
2 - طريق محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذيّ» ت 388هـ ثمان وثمانين وثلاثمائة.
هشام الراوي السابع ت 245هـ نقلت روايته عن «ابن عامر» من طريقين:
1 - طريق «أحمد بن يزيد الحلواني» ت 250هـ خمسين ومائتين.
2 - طريق «أبي بكر محمد الدّاجوني» ت 324هـ أربع وعشرين وثلاثمائة.(1/56)
1 - طريق «أحمد بن يزيد الحلواني» ت 250هـ خمسين ومائتين.
2 - طريق «أبي بكر محمد الدّاجوني» ت 324هـ أربع وعشرين وثلاثمائة.
والحلواني من طريقين وهما:
1 - طريق «محمد بن أحمد الخزرجي» ت بعد الثلاثمائة.
2 - طريق «أبي عبد الله الحسين» المعروف بالجمّال ت في حدود الثلاثمائة.
والدّاجوني من طريقين وهما:
1 - طريق «زيد بن علي بن أبي بلال» ت 358هـ ثمان وخمسين وثلاثمائة.
2 - طريق «أحمد بن نصر الشّذائي» ت 370هـ سبعين وثلاثمائة.
ابن ذكوان الراوي الثامن ت 242هـ نقلت روايته عن «ابن عامر» من طريقين:
1 - طريق «الأخفش» ت 292هـ اثنتين وتسعين ومائتين.
2 - طريق «الصّوري» ت 307هـ سبع وثلاثمائة.
والأخفش من طريقين وهما:
1 - طريق «النقّاش» ت 351هـ إحدى وخمسين وثلاثمائة.
2 - طريق «ابن الأخرم» ت 341هـ إحدى وأربعين وثلاثمائة.
والصّوري من طريقين وهما:
1 - طريق «الرّملي»، وهو: «أبو بكر الدّاجوني» ت 324هـ أربع وعشرين وثلاثمائة.
2 - طريق «المطوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة.
شعبة الراوي التاسع ت 95هـ نقلت روايته عن «عاصم» من طريقين:
1 - طريق «يحيى بن آدم» ت 203هـ ثلاث ومائتين.
2 - طريق «يحيى العليمي» ت 243هـ ثلاث وأربعين ومائتين.
ويحيى بن آدم من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي حمدون» ت في حدود أربعين ومائتين.(1/57)
ويحيى بن آدم من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي حمدون» ت في حدود أربعين ومائتين.
2 - طريق «شعيب بن أبي أيوب» ت 261هـ إحدى وستين ومائتين.
ويحيى العليمي من طريقين وهما:
1 - طريق «الرزّاز أبو عمرو عثمان بن أحمد» ت في حدود ستين وثلاثمائة.
2 - طريق «ابن خليع» وهو أبو الحسن علي بن محمد ت 356هـ ست وخمسين وثلاثمائة. وذلك بوسطاة «أبي بكر الواسطي» ت 323هـ ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
«حفض» الراوي العاشر ت 180هـ نقلت روايته عن «عاصم» من طريقين:
1 - طريق «عبيد بن الصباح» ت 335هـ خمس وثلاثين وثلاثمائة.
2 - طريق «عمرو بن الصباح» ت 221هـ إحدى وعشرين ومائتين.
وعبيد بن الصباح من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم» ت 349هـ تسع وأربعين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي الحسن الهاشمي البصري» ت 368هـ ثمان وستين وثلاثمائة.
وعمرو بن الصباح من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي الحسن زرعان البغدادي» ت في حدود التسعين ومائتين.
2 - طريق «أبي جعفر أحمد بن حميد الفيل» ت 289هـ تسع وثمانين ومائتين.
«خلف» الراوي الحادي عشر ت 229هـ نقلت روايته عن «حمزة» من أربع طرق:
1 «ابن بويان» ت 344هـ أربع وأربعين وثلاثمائة.
2 «ابن صالح» أبو علي أحمد بن عبيد الله بن حمدان ت في حدود الأربعين وثلاثمائة.
3 «المطوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة.(1/58)
2 «ابن صالح» أبو علي أحمد بن عبيد الله بن حمدان ت في حدود الأربعين وثلاثمائة.
3 «المطوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة.
4 «ابن مقسم»، وهو: أبو بكر محمد بن الحسن ت 354هـ أربع وخمسين وثلاثمائة.
أربعتهم عن «إدريس» عن «خلف».
«خلّاد» الراوي الثاني عشر ت 220هـ نقلت روايته عن «حمزة» من أربع طرق:
1 - أبي محمد القاسم الوزّان الكوفي ت قريبا من خمسين ومائتين.
2 - أبي عبد الله محمد بن الهيثم ت 249هـ تسع وأربعين ومائتين.
3 - أبي داود سليمان بن عبد الرحمن الطلحي ت 252هـ اثنتين وخمسين ومائتين.
4 - أبي بكر بن شاذان البغدادي ت 186هـ ست وثمانين ومائة.
أربعتهم عن «خلّاد».
أبو الحارث الراوي الثالث عشر ت 240هـ نقلت روايته عن «الكسائي» من طريقين:
1 - طريق «محمد بن يحيى البغدادي» ت 288هـ ثمان وثمانين ومائتين.
2 - طريق «سلمة بن عاصم البغدادي» ت 270هـ سبعين ومائتين.
وابن يحيى من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي إسحاق إبراهيم بن زياد القنطري» ت 310هـ عشر وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي الحسن أحمد بن الحسن البطّي» ت بعد الثلاثمائة.
وسلمة بن عاصم من طريقين وهما:
1 - طريق «أحمد بن يحيى ثعلب» ت 291هـ إحدى وتسعين ومائتين.
2 - طريق «أبي الفرج محمد بن الفرج الغساني» ت قبيل الثلاثمائة.
«الدّوري» الراوي الرابع عشر ت 246هـ نقلت روايته عن الكسائي من طريقين وهما:
1 - طريق «جعفر النصيبي» ت 307هـ سبع وثلاثمائة.(1/59)
«الدّوري» الراوي الرابع عشر ت 246هـ نقلت روايته عن الكسائي من طريقين وهما:
1 - طريق «جعفر النصيبي» ت 307هـ سبع وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير» ت 310هـ عشر وثلاثمائة.
وجعفر النصيبي من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي بكر محمد بن علي بن الحسن بن الجلندا»، المتوفى سنة بضع وأربعين وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي عمر عبد الله بن أحمد بن ديزويه» المتوفى بعد الثلاثين وثلاثمائة.
وأبو عثمان الضرير من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم» ت 349هـ تسع وأربعين وثلاثمائة.
2 - طريق «أحمد بن نصر الشذائي» ت 370هـ سبعين وثلاثمائة.
«ابن وردان» الراوي الخامس عشر ت 160هـ نقلت روايته عن «أبي جعفر» من طريقين وهما:
1 - طريق «الفضل بن شاذان» ت 290هـ تسعين ومائتين.
2 - طريق «هبة الله بن جعفر البغدادي» ت في حدود خمسين وثلاثمائة.
والفضل بن شاذان من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي بكر أحمد بن محمد بن شبيب» ت 312هـ اثنتي عشرة وثلاثمائة.
2 - طريق «أبي بكر محمد بن أحمد بن هارون» المتوفى سنة بضع وثلاثين وثلاثمائة ببغداد.
وهبة الله من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي الحسن علي بن أحمد الحمامي» ت 417هـ سبع عشرة وأربعمائة.
2 - طريق «أبي عبد الله محمد بن أحمد الحنبلي» ت بعد التسعين وثلاثمائة.
«ابن جمّاز» الراوي السادس عشر ت 170هـ نقلت روايته عن «أبي جعفر» من طريقين وهما:(1/60)
2 - طريق «أبي عبد الله محمد بن أحمد الحنبلي» ت بعد التسعين وثلاثمائة.
«ابن جمّاز» الراوي السادس عشر ت 170هـ نقلت روايته عن «أبي جعفر» من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي أيوب الهاشمي» ت 219هـ تسع عشرة ومائتين.
2 - طريق «الحافظ الدّوري» ت 246هـ ست وأربعين ومائتين.
والهاشمي من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي عبد الله محمد بن رزين» ت 253هـ ثلاث وخمسين ومائتين.
2 - طريق «أبي عبد الله الحسين بن علي الأزرق» ت 307هـ سبع وثلاثمائة، المتقدم ضمن طرق «ورش».
والحافظ الدّوري ت 246هـ من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي عبد الله جعفر بن عبد الله بن نهشل» ت 314هـ أربع عشرة وثلاثمائة.
2 - طريق «ابن النفّاح» بالحاء المهملة ت 314هـ أربع عشرة وثلاثمائة.
«رويس» الراوي السابع عشر ت 238هـ نقلت روايته عن «يعقوب» من أربع طرق وهي:
1 - طريق «ابن مقسم» ت 380هـ ثمانين وثلاثمائة، وقد تقدّم ضمن طرق «خلف» عن «حمزة».
2 - طريق «أبي الطيب محمد بن أحمد البغدادي» ت سنة بضع وخمسين وثلاثمائة.
3 - طريق «أبي القاسم عبد الله بن الحسن النّخاس» بالخاء المعجمة المتوفى 368هـ ثمان وستين وثلاثمائة.
4 - طريق «أبي الحسن علي بن عثمان الجوهري» المتوفى في حدود الأربعين وثلاثمائة.
وأربعتهم عن «أبي بكر محمد بن هارون التمّار» المتوفى بعد عشرة، وثلاثمائة.
«روح» الراوي الثامن عشر ت 224هـ نقلت روايته عن «يعقوب» من طريقين وهما:(1/61)
وأربعتهم عن «أبي بكر محمد بن هارون التمّار» المتوفى بعد عشرة، وثلاثمائة.
«روح» الراوي الثامن عشر ت 224هـ نقلت روايته عن «يعقوب» من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي بكر محمد بن وهب» ت في حدود سبعين ومائتين.
2 - طريق «أبي عبد الله الزبيري» المتوفى سنة بضع وثلاثمائة.
وابن وهب من طريقين وهما:
1 - طريق «حمزة بن علي البصري» المتوفى قبيل العشرين وثلاثمائة.
2 - طريق «المعدّل» وهو: «أبو العباس محمد بن يعقوب» المتوفى بعد العشرين وثلاثمائة.
والزّبيري من طريقين وهما:
1 - طريق «أبي الحسن علي بن عثمان بن حبشان الجوهري» ت 340هـ أربعين وثلاثمائة، وهو المتقدّم ضمن طرق «رويس».
2 - طريق «ابن شنبوذ» ت 328هـ وقد تقدّم ضمن طرق «قنبل».
«إسحاق» الراوي التاسع عشر ت 286هـ نقلت روايته عن «خلف البزّار» من الطرق الآتية:
1 - طريق نجله «محمد بن إسحاق» المتوفى بعد التسعين ومائتين، وأبي الحسن ابن عثمان النجار المعروف بالبرصاطي، المتوفى في حدود الستين وثلاثمائة.
2 - والطريق الثاني عن «إسحاق» ت 286هـ طريق «أبي الحسن محمد بن عبد الله» المعروف بابن أبي عمر، وقد أخذ عن «ابن أبي عمر» «أبو الحسن أحمد بن عبد الله السوسنجردي» المتوفى 402هـ اثنتين وأربعمائة. و «بكر بن شاذان بن عبد الله البغدادي» ت 405هـ خمس وأربعمائة.
«إدريس» الراوي العشرون ت 292هـ نقلت روايته عن «خلف البزّار» من أربع طرق وهي:
1 - طريق «أبي إسحاق إبراهيم بن الحسين المعروف بالشّطّي» المتوفى في حدود السبعين وثلاثمائة.
2 - طريق «المطوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة، وقد تقدم ضمن طرق «الأصبهاني» عن «ورش».(1/62)
1 - طريق «أبي إسحاق إبراهيم بن الحسين المعروف بالشّطّي» المتوفى في حدود السبعين وثلاثمائة.
2 - طريق «المطوّعي» ت 371هـ إحدى وسبعين وثلاثمائة، وقد تقدم ضمن طرق «الأصبهاني» عن «ورش».
3 - طريق «أبي بكر أحمد بن جعفر القطيعي» ت 368هـ ثمان وستين وثلاثمائة.
4 - طريق «أبي الحسن أحمد بن عثمان بن جعفر بن بويان» المتوفّى سنة 344هـ أربع وأربعين وثلاثمائة، وقد تقدم ضمن طرق «قالون».
هذه الطرق الثمانون، وقد تفرّع عنها عدّة طرق بلغت تسعمائة وثمانين طريقا، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «واستقرّت جملة الطرق عن الأئمّة العشرة، على تسعمائة طريق، وثمانين طريقا حسبما فصّل فيما تقدم عن كلّ راو، راو، من رواتهم، وذلك بحسب تشعّب الطرق من أصحاب الكتب
ثم يقول: وفائدة ما عيّناه، وفصّلناه من الطرق، وذكرناه من الكتب هو عدم التركيب فإنها إذا ميّزت، وبينت ارتفع ذلك والله الموفق» اهـ (1).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 1/ 276.(1/63)
«نظم الطرق الثمانين»
وقد نظم بعض العلماء هذه الطرق الثمانين فقال:
حمدت إلهي مع صلاتي مسلّما ... على المصطفى والآل والصّحب والولا
وبعد فخذ طرق الرّواة لعشرهم ... كما جاء في التقريب درّا مفصّلا
فقالون جا عنه أب لنشيطهم ... فعنه ابن بويان وقزّازهم ولا
وثانيهما الحلوان خذ عنه جعفرا ... ونجل أبي مهران وافهم لتفضلا
والأزرق عن ورش فنحّاسهم له ... كذاك ابن سيف كان عدلا مبجّلا
وعن الاصبهاني نجل جعفرهم أتى ... ومطوّعي فاحفظ وكن متأمّلا
وعن أحمد البزّي أب لربيعة ... له ابن بنان ثمّ نقّاشهم تلا
ونجل حباب عنه نجل لصالح ... كذلك عبد الواحد الحبر نقلا
وعن قنبل فابن المجاهد قد روى ... وصالحهم والسّامري منه نوّلا
وقل لابن شنبوذ أتى من طريقه ... أبو الفرج القاضي مع الشّطوي كلا
لدور أبو الزّعرا فعنه المعدّل ... وثان له فابن المجاهد قد خلا
وثان لدور فابن فرح وعنه خذ ... لمطوّعي مع زيد الحبر تكملا
وسوسيهم قد جاءه ابن جريرهم ... له ابن حسين وابن حبش تسبّلا
وقل لابن جمهور الشذائي أحمد ... مع الشّنبوذي المفضّل في العلا
هشام له الحلوان قد جاء راويا ... وعنه ابن عبدان وجمّالهم تلا
وثانيهما الدّاجون عنه وقد أتى ... طريقا لزيد والشّذائي على الولا
والاخفش عن نجل لذكوان خصّه ... بنقّاشهم ثم ابن الاخرم يعتلا
لصور أتى الرّملي ومطوعيهم ... وعن شعبة يحيى بن آدم يجتلا
فعنه بن حمدون ثمّ شعيبهم ... ويحيى العليمي عنه رزاز نقّلا
لعمرو روى زرعان والفيل يا فتى ... وعن خلف طرق لإدريس ذي العلا
فعنه ابن عثمان يليه ابن صالح ... فمطوّعي ثمّ ابن مقسمهم علا
لخلّاد الوزّان ثمّ ابن هيثم ... فطلحيّهم ثم ابن شاذان كمّلا
وعن ليثهم نجل ليحيى وعن قن ... طري وبطي أذاعا عن الملا
وثان عن اللّيث ابن عاصم اعلمن ... له ثعلب وابن الفرح فتقبلا
ودور روى عنه النّصيبيّ جعفر ... له ابن الجلندا وابن ديزونة كلا
وثان عن الدّور الضرير وعنه قد ... روى ابن أبي هاشم وأحمد يا فلا
وعيسى له الفضل بن شاذان ناقل ... له ابن شبيب وابن هارون نقلا
كذا هبة الله ابن جعفر هم أتى ... له الفاضل الحمّام والحنبلي كلا
سليمان عنه الهاشمي وقد روى ... له ابن رزين ثمّ الأزرق وصّلا
عن الحافظ الدّوري يروي ابن نهشل ... كذا ولد النّفّاح كن عنه سائلا
رويس له التّمّار عنه ابن مقسم ... أبو الطيّب النخّاس والجوهري كلا
وروح روى عنه ابن وهب وعنه قد ... روى حمزة البصري معدّلهم ولا
وقل للزّبيري نجل حبشان جاء مع ... غلام ابن شنبوذ بنقل تنقّلا
لاسحاق يروي نجله وأبو الحسن ... ألا وهو البرصاط كن متأمّلا
كذلك عن إسحاق نجل أبي عمر ... له السوسنجردي وبكر روى كلا
لإدريس الشّطّي ومطّوعيّهم ... كذلك القطيعي وابن بويان كمّلا (1)
(تمّ النظم ولله الحمد)(1/64)
حمدت إلهي مع صلاتي مسلّما ... على المصطفى والآل والصّحب والولا
وبعد فخذ طرق الرّواة لعشرهم ... كما جاء في التقريب درّا مفصّلا
فقالون جا عنه أب لنشيطهم ... فعنه ابن بويان وقزّازهم ولا
وثانيهما الحلوان خذ عنه جعفرا ... ونجل أبي مهران وافهم لتفضلا
والأزرق عن ورش فنحّاسهم له ... كذاك ابن سيف كان عدلا مبجّلا
وعن الاصبهاني نجل جعفرهم أتى ... ومطوّعي فاحفظ وكن متأمّلا
وعن أحمد البزّي أب لربيعة ... له ابن بنان ثمّ نقّاشهم تلا
ونجل حباب عنه نجل لصالح ... كذلك عبد الواحد الحبر نقلا
وعن قنبل فابن المجاهد قد روى ... وصالحهم والسّامري منه نوّلا
وقل لابن شنبوذ أتى من طريقه ... أبو الفرج القاضي مع الشّطوي كلا
لدور أبو الزّعرا فعنه المعدّل ... وثان له فابن المجاهد قد خلا
وثان لدور فابن فرح وعنه خذ ... لمطوّعي مع زيد الحبر تكملا
وسوسيهم قد جاءه ابن جريرهم ... له ابن حسين وابن حبش تسبّلا
وقل لابن جمهور الشذائي أحمد ... مع الشّنبوذي المفضّل في العلا
هشام له الحلوان قد جاء راويا ... وعنه ابن عبدان وجمّالهم تلا
وثانيهما الدّاجون عنه وقد أتى ... طريقا لزيد والشّذائي على الولا
والاخفش عن نجل لذكوان خصّه ... بنقّاشهم ثم ابن الاخرم يعتلا
لصور أتى الرّملي ومطوعيهم ... وعن شعبة يحيى بن آدم يجتلا
فعنه بن حمدون ثمّ شعيبهم ... ويحيى العليمي عنه رزاز نقّلا
لعمرو روى زرعان والفيل يا فتى ... وعن خلف طرق لإدريس ذي العلا
فعنه ابن عثمان يليه ابن صالح ... فمطوّعي ثمّ ابن مقسمهم علا
لخلّاد الوزّان ثمّ ابن هيثم ... فطلحيّهم ثم ابن شاذان كمّلا
وعن ليثهم نجل ليحيى وعن قن ... طري وبطي أذاعا عن الملا
وثان عن اللّيث ابن عاصم اعلمن ... له ثعلب وابن الفرح فتقبلا
ودور روى عنه النّصيبيّ جعفر ... له ابن الجلندا وابن ديزونة كلا
وثان عن الدّور الضرير وعنه قد ... روى ابن أبي هاشم وأحمد يا فلا
وعيسى له الفضل بن شاذان ناقل ... له ابن شبيب وابن هارون نقلا
كذا هبة الله ابن جعفر هم أتى ... له الفاضل الحمّام والحنبلي كلا
سليمان عنه الهاشمي وقد روى ... له ابن رزين ثمّ الأزرق وصّلا
عن الحافظ الدّوري يروي ابن نهشل ... كذا ولد النّفّاح كن عنه سائلا
رويس له التّمّار عنه ابن مقسم ... أبو الطيّب النخّاس والجوهري كلا
وروح روى عنه ابن وهب وعنه قد ... روى حمزة البصري معدّلهم ولا
وقل للزّبيري نجل حبشان جاء مع ... غلام ابن شنبوذ بنقل تنقّلا
لاسحاق يروي نجله وأبو الحسن ... ألا وهو البرصاط كن متأمّلا
كذلك عن إسحاق نجل أبي عمر ... له السوسنجردي وبكر روى كلا
لإدريس الشّطّي ومطّوعيّهم ... كذلك القطيعي وابن بويان كمّلا (1)
(تمّ النظم ولله الحمد)
__________
(1) أنظر هذا النظم في مؤلفنا: المهذب في القراءات العشر ج 1/ 23.
أنظر أيضا مؤلفنا في رحاب القرآن ج 1/ 378.(1/65)
«الرموز الحرفيّة»
قال ابن الجزري:
جعلت رمزهم على التّرتيب ... من نافع كذا إلى يعقوب
أبج دهز حطّي كلم نصع فضق ... رست ثخذ ظغش على هذا النّسق
المعنى: هذا شروع من المؤلف في بيان الرموز التي اصطلح عليها ليرمز بها إلى القراء في قصيدته، واستعمال الرّمز يدلّ على براعة المؤلف، فضلا عن الإيجاز، والاختصار. ومن ينعم النظر في اصطلاحات «ابن الجزري» يجده وافق فيها «الإمام الشاطبي» في منهجه الذي اتبعه في قصيدته «الشاطبية» في القراءات السبع.
وقد أشار «ابن الجزري» إلى الدوافع التي جعلته يصنع ذلك. فبعد أن أتمّ الكلام على مصطلحاته الخاصة بالرموز، والأضداد قال:
وكلّ ذا تبعت فيه الشّاطبي ... ليسهل استحضار كلّ طالب
أيّ إنّما سلك «ابن الجزري» مسلك «الشاطبي» في الرموز والأضداد ليسهل على المشتغلين بدراسة القراءات الرجوع إلى كلّ من: «الشاطبية، والطيبة» دون أن تكون هناك مشقة، أو عناء، نظرا لوحدة الاصطلاحات في النظمين.
والرموز تنقسم قسمين: رموز حرفية، ورموز كلميّة.
وقد بدأ «ابن الجزري» بالحديث عن «الرموز الحرفية» فجعل لتسعة من الأئمة العشر، ورواتهم، حروفا يرمز لكل واحد منهم بحرف معين.
وقد جعل هذه الحروف في تسع كلمات، كلّ كلمة مكونة من ثلاثة أحرف، يرمز بالحرف الأول من الكلمة إلى الإمام، وبالحرفين الأخيرين للرّاويين عن الإمام.(1/66)
وقد بدأ «ابن الجزري» بالحديث عن «الرموز الحرفية» فجعل لتسعة من الأئمة العشر، ورواتهم، حروفا يرمز لكل واحد منهم بحرف معين.
وقد جعل هذه الحروف في تسع كلمات، كلّ كلمة مكونة من ثلاثة أحرف، يرمز بالحرف الأول من الكلمة إلى الإمام، وبالحرفين الأخيرين للرّاويين عن الإمام.
وقد رتب هذه الكلمات التسع وفقا للترتيب الذي سلكه من قبل أثناء حديثه عن الأئمة، ورواتهم. والكلمات التسع هي:
أبج دهز حطّي كلم نصع فضق رست ثخذ ظغش.
فالألف «لنافع» والباء «لقالون» والجيم «لورش» والدال «لابن كثير» والهاء «للبزّي» والزاي «لقنبل» والحاء «لأبي عمرو» والطاء «للدّوري» والياء «للسوسي» والكاف «لابن عامر» واللام «لهشام» والميم «لابن ذكوان» والنون «لعاصم» والصاد «لشعبة» والعين «لحفص» والفاء «لحمزة» والضاد «لخلف» والقاف «لخلاد» والراء «للكسائي» والسين «لأبي الحارث» والتاء «للدّوري» والثاء «لأبي جعفر» والخاء «لابن وردان» والذال «لابن جمّاز» والظاء «ليعقوب» والغين «لرويس» والشين «لروح».
قال ابن الجزري:
والواو فاصل ولا رمز يرد ... عن خلف لأنّه لم ينفرد
المعنى: بلغ العدد الإجمالي للأئمة التسعة، ورواتهم سبعة وعشرين.
وبناء عليه فقد رمز لهم «ابن الجزري» بسبعة وعشرين حرفا من حروف الهجاء.
وحينئذ لم يبق من حروف الهجاء سوى «الواو» فجعلها «ابن الجزري» للفصل بين أحرف الخلاف بين القراء، ولو لم يجعل المؤلف «الواو» للفصل لاختلطت المسائل، وعسر التمييز في أكثرها.
أمّا عند أمن اللّبس فالمؤلف قد لا يحتاج إلى «الواو» الفاصلة، مثال ذلك قوله:
مالك نل ظلّا روى السراط مع ... سراط زن خلفا غلا كيف وقع
فبعد أن تكلم المؤلف عن خلاف القراء في «مالك» شرع يتكلم عن خلافهم في لفظ «السراط» ولكنه لم يفصل بين المسألتين بالواو، لأمن اللبس.(1/67)
مالك نل ظلّا روى السراط مع ... سراط زن خلفا غلا كيف وقع
فبعد أن تكلم المؤلف عن خلاف القراء في «مالك» شرع يتكلم عن خلافهم في لفظ «السراط» ولكنه لم يفصل بين المسألتين بالواو، لأمن اللبس.
أمّا عند خوف اللبس فلا بدّ من الإتيان بالواو الفاصلة، مثال ذلك قول ابن الجزري:
... تطوّع التّا يا وشدّد مسكنا
ظبّى شفا الثّاني شفا والريح هم ... كالكهف مع جاثية توحيدهم
فبعد أن تكلم المؤلف عن خلاف القراء في «تطوّع» وشرع يتكلم عن خلافهم في لفظ «الريح» أتى بالواو الفاصلة بين المسألتين، وهكذا.
ومعنى قول ابن الجزري:
ولا رمز يرد ... عن خلف لأنه لم ينفرد
أي أنّ «ابن الجزري» لم يجعل للإمام العاشر وهو: «خلف البزّار» وراوييه: «إسحاق، وإدريس» رموزا حرفيّة كما فعل مع جميع القراء، وعلّة ذلك أنه لم تكن «لخلف» أو أحد راوييه قراءة خاصّة انفرد بها عن قراءة واحد من الأئمة السابقين، أو رواتهم.
قال ابن الجزري:
وحيث جا رمز لورش فهو ... لأزرق لدى الأصول يروى
والأصبهانيّ كقالون وإن ... سمّيت ورشا فالطّريقان إذن
المعنى: عرفنا مما سبق أن قراءة «ورش» نقلت من طريقين:
الأول: طريق «الأزرق» هو: «أبو يعقوب يوسف بن عمرو بن يسار المدني عم المصري» المتوفّى في حدود أربعين ومائتين.
الثاني: طريق «الأصبهاني» هو: «أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن سعيد ابن يزيد بن خالد الأسدي» ت 296هـ.
كما عرفنا أن المؤلف جعل «الجيم» رمزا حرفيّا للدلالة على «ورش».
ومما هو معلوم لدى علماء القراءات أن مصنفات القراءات تنقسم قسمين:(1/68)
كما عرفنا أن المؤلف جعل «الجيم» رمزا حرفيّا للدلالة على «ورش».
ومما هو معلوم لدى علماء القراءات أن مصنفات القراءات تنقسم قسمين:
الأول: ما يسمّى بالأصول.
والثاني: ما يسمّى بالفرش.
وقد أخبر «ابن الجزري» في هذين البيتين بأنه تارة يرمز لورش بالجيم، وأخرى يذكر اسمه صريحا:
فإذا رمز له بالجيم وكان ذلك في «الأصول» فحينئذ يكون المقصود «ورش» من طريق «الأزرق».
وتكون قراءة ورش من طريق «الأصبهاني» مثل قراءة «قالون». مثال ذلك قوله في «باب المد والقصر»:
إن حرف مدّ قبل همز طوّلا ... جد فد
فالجيم من «جد» لورش من طريق «الأزرق».
وإذا رمز له بالجيم وكان ذلك في «الفرش» فحينئذ يكون المقصود «ورش» من الطريقين:
مثال ذلك قوله في سورة الحج:
... لام ليقطع حرّكت
بالكسر جد حزكم غنا ...
فالجيم من «جد» رمز لورش من الطريقين.
أمّا إذا سمّى «ورشا» باسمه صريحا فإن المقصود حينئذ «ورش» من الطريقين، سواء كان ذلك في الأصول، أو الفرش. مثال ذلك قوله في «باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها:
وانقل إلى الآخر غير حرف مد ... لورش إلّا ها كتابيه أسد
«وبهذا ينتهي كلام المؤلف عن الرموز الحرفية» (والله أعلم).(1/69)
وانقل إلى الآخر غير حرف مد ... لورش إلّا ها كتابيه أسد
«وبهذا ينتهي كلام المؤلف عن الرموز الحرفية» (والله أعلم).
«جدول بالرموز الحرفيّة ومدلولاتها»
الرمز الحرفيّ / مدلوله ا / نافع ب / قالون ج / ورش من طريق الأزرق إذا كان ذلك في الأصول وورش من الطريقين إذا كان ذلك في الفرش د / ابن كثير هـ / البزّي ز / قنبل ح / أبو عمرو ط / الدّوري ي / السوسي ك / ابن عامر ل / هشام م / ابن ذكوان الرمز الحرفيّ / مدلوله ن / عاصم ص / شبعة ع / حفص ف / حمزة ض / خلف ق / خلّاد ر / الكسائي س / أبو الحارث ت / الدوري عن الكسائي ث / أبو جعفر خ / ابن وردان ذ / ابن جماز ظ / يعقوب غ / رويس ش / روح(1/70)
الرمز الحرفيّ / مدلوله ا / نافع ب / قالون ج / ورش من طريق الأزرق إذا كان ذلك في الأصول وورش من الطريقين إذا كان ذلك في الفرش د / ابن كثير هـ / البزّي ز / قنبل ح / أبو عمرو ط / الدّوري ي / السوسي ك / ابن عامر ل / هشام م / ابن ذكوان الرمز الحرفيّ / مدلوله ن / عاصم ص / شبعة ع / حفص ف / حمزة ض / خلف ق / خلّاد ر / الكسائي س / أبو الحارث ت / الدوري عن الكسائي ث / أبو جعفر خ / ابن وردان ذ / ابن جماز ظ / يعقوب غ / رويس ش / روح
«الرموز الكلميّة»
قال ابن الجزري:
فمدنيّ ثامن ونافع ... بصريّهم ثالثهم والتّاسع
المعنى: هذا شروع من «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في ذكر الرّموز الكلميّة وبيان مدلولاتها: فإذا ما قال الناظم: «المدني» فالمراد به الإمام الثامن وهو «أبو جعفر»، ونافع» والمدني نسبة إلى المدينة المنورة وذلك لأنهما كانا بها.
وإذا ما قال الناظم: «البصري» فالمراد به الإمام الثالث وهو: «أبو عمرو» والإمام التاسع وهو: «يعقوب الحضرمي». و «البصريّ» نسبة إلى مدينة «البصرة» التي مصّرت زمن الخليفة الثاني: «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، ومعناها في الأصل: الحجارة البيض الرّخوة.
والنسبة إليها بكسر الباء على الفصيح، وهو مما خرج عن القياس في باب النسب.
قال ابن الجزري:
وخلف في الكوف والرّمز كفى ... وهم بغير عاصم لهم شفا
المعنى: أفاد هذا البيت أنّ «خلف البزار» وهو الإمام العاشر داخل ضمن علماء الكوفة وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي» وإنما أدخله المؤلف ضمن العلماء الكوفيين، لأن قراءته لا تختلف عن قراءتهم، أو عن قراءة أحدهم، لأنه تتلمذ على «الإمام حمزة» الإمام الكوفي.
وقد رمز «ابن الجزري» إلى علماء الكوفة الأربعة بكلمة «كفى». ورمز إلى
كل من «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بكلمة «شفا».(1/71)
وقد رمز «ابن الجزري» إلى علماء الكوفة الأربعة بكلمة «كفى». ورمز إلى
كل من «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بكلمة «شفا».
إذا كلمة «شفا» رمز للكوفيين عدا «الإمام عاصم».
قال ابن الجزري:
وهم وحفص صحب ثمّ صحبه ... مع شعبة وخلف وشعبه
صفا
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «صحب» إلى كلّ من: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وحفص».
ورمز بكلمة «صحبة» إلى كلّ من: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة».
ورمز بكلمة «صفا» إلى كلّ من: «خلف العاشر، وشعبة».
قال ابن الجزري:
وحمزة وبزّار فتا ... حمزة مع عليّهم رضى أتى
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «فتا» إلى كلّ من «حمزة، وخلف البزّار» أي خلف العاشر.
ورمز بكلمة «رضى» إلى كلّ من: حمزة، والكسائي».
قال ابن الجزري:
وخلف مع الكسائيّ روى ... وثامن مع تاسع فقل ثوى
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «روى» إلى كلّ من: «خلف العاشر، والكسائي».
ورمز بكلمة «ثوى» إلى كلّ من: «الإمام الثامن وهو: أبو جعفر، والإمام التاسع وهو: يعقوب الحضرمي».
قال ابن الجزري:(1/72)
ورمز بكلمة «ثوى» إلى كلّ من: «الإمام الثامن وهو: أبو جعفر، والإمام التاسع وهو: يعقوب الحضرمي».
قال ابن الجزري:
ومدن مدا وبصريّ حما ... والمدني والمكّ والبصري سما
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «مدا» إلى المدنيّين وهما: «نافع، وأبو جعفر».
ورمز بكلمة «حما» إلى «البصريّين» وهما: «أبو عمرو، ويعقوب».
ورمز بكلمة «سما» إلى كلّ من: «المدني، والمكي، والبصري» وهم:
«نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب».
قال ابن الجزري:
مكّ وبصر حقّ مكّ مدني ... حرّم وعمّ شامهم والمدني
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «حقّ» لكلّ من: «ابن كثير، وأبي عمرو، ويعقوب».
وبكلمة «حرم» لكلّ من: «ابن كثير، ونافع، وأبي جعفر».
وبكلمة «عمّ» لكلّ من: «ابن عامر، ونافع، وأبي جعفر».
قال ابن الجزري:
وحبر ثالث ومكّ كنز ... كوف وشام
المعنى: رمز المؤلف بكلمة «حبر» لكلّ من: «أبي عمرو، وابن كثير».
وبكلمة «كنز» لكلّ من: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وابن عامر».
وبهذا ينتهي الكلام على الرموز الكلمية.(1/73)
وبهذا ينتهي الكلام على الرموز الكلمية.
«جدول بالرموز الكلميّة ومدلولاتها»
الرمز الكلمي / مدلوله كفى / عاصم، حمزة، الكسائي، خلف العاشر شفا / حمزة، الكسائي، خلف العاشر صحب / حفص، حمزة، الكسائي، خلف العاشر صحبة / شعبة، حمزة، الكسائي، خلف العاشر صفا / خلف العاشر، شعبة فتى / حمزة، خلف العاشر رضى / حمزة، الكسائي روى / خلف العاشر، الكسائي ثوى / أبو جعفر، يعقوب مدّا / نافع، أبو جعفر حما / أبو عمرو، يعقوب سما / نافع، ابن كثير، أبو عمرو، أبو جعفر، يعقوب حقّ / ابن كثير، أبو عمرو، يعقوب حرّم / ابن كثير، نافع، أبو جعفر عمّ / ابن عامر، نافع، أبو جعفر حبر / أبو عمرو، ابن كثير كنز / عاصم، حمزة، الكسائي، خلف العاشر، ابن عامر(1/74)
الرمز الكلمي / مدلوله كفى / عاصم، حمزة، الكسائي، خلف العاشر شفا / حمزة، الكسائي، خلف العاشر صحب / حفص، حمزة، الكسائي، خلف العاشر صحبة / شعبة، حمزة، الكسائي، خلف العاشر صفا / خلف العاشر، شعبة فتى / حمزة، خلف العاشر رضى / حمزة، الكسائي روى / خلف العاشر، الكسائي ثوى / أبو جعفر، يعقوب مدّا / نافع، أبو جعفر حما / أبو عمرو، يعقوب سما / نافع، ابن كثير، أبو عمرو، أبو جعفر، يعقوب حقّ / ابن كثير، أبو عمرو، يعقوب حرّم / ابن كثير، نافع، أبو جعفر عمّ / ابن عامر، نافع، أبو جعفر حبر / أبو عمرو، ابن كثير كنز / عاصم، حمزة، الكسائي، خلف العاشر، ابن عامر
«من مصطلحات ابن الجزري»
قال ابن الجزري:
... وتجيء الرّمز
قبل وبعد ...
المعنى: لما فرغ «ابن الجزري» رحمه الله تعالى من ذكر الرموز الحرفية، والكلميّة، وبيان مدلولاتها. أخذ في بيان مصطلح من مصطلحاته التي سيسير عليها في كتابه، فبيّن أنّ كلّا من الرمز الحرفي، والكلميّ يجيء بعد الكلمة المختلف فيها بين القراء، ويجيء قبلها، وهذه أمثلة لذلك:
1 - فما جاء بعد الكلمة المختلف فيها والرمز حرفيّ قوله:
وأزال في أزل ... فوز وآدم انتصاب الرفع دل
2 - ومما جاء بعد الكلمة المختلف فيها والرمز كلميّ قوله:
ينزل كلّا خفّ حق.
3 - ومما جاء بعد الكلمة المختلف فيها والرمز حرفيّ وكلميّ قوله:
مالك نل ظلّا روى 4ومما جاء قبل الكلمة المختلف فيها والرمز حرفيّ قوله:
وصف يمسك خف 5ومما جاء قبل الكلمة المختلف فيها والرمز كلميّ قوله:
وعمّ يرتدد
6 - ومما جاء قبل الكلمة المختلف فيها والرمز حرفيّ، وكلميّ قوله:(1/75)
وعمّ يرتدد
6 - ومما جاء قبل الكلمة المختلف فيها والرمز حرفيّ، وكلميّ قوله:
ودم رضا حلا الّذي يبشّر قال ابن الجزري:
وبلفظ أعنى ... عن قيده عند اتّضاح المعنى
المعنى: أفاد «ابن الجزري» في هذا البيت أنه ربما يلفظ بالقراءة في بعض المواضع من غير تقييد.
وذلك حيث اتضح المعنى، وأمن اللبس، وهذه أمثلة لذلك:
1 - تارة يلفظ بإحدى القراءتين، ولا يقيّد القراءة الأخرى لشهرتها، مثال ذلك قوله:
مالك نل ظلّا روى السّراط مع ... سراط زن خلفا غلا كيف وقع
2 - وتارة يلفظ بإحدى القراءتين، ويقيّد القراءة الأخرى، مثال ذلك قوله:
... تفجر الأولى كتقتل ظبا
3 - وتارة يلفظ بالقراءتين معا من غير تقييد لواحدة منهما، مثال ذلك قوله:
وما يخادعون يخدعونا ... كنز ثوى.
4 - وتارة يلفظ بالقراءتين، ويقيّد بعض الأخرى، مثال ذلك قوله:
وفي وطأ وطاء واكسرا ... حزكم
(والله أعلم)(1/76)
(والله أعلم)
«استعمال الأضداد»
قال ابن الجزري:
وأكتفي بضدّها عن ضدّ ... كالحذف والجزم وهمز مدّ
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في بيان مصطلحه الذي سيسير عليه في نظمه وهو: «استعمال الأضداد»:
وذلك أنه سيقيّد إحدى القراءتين بقيد معيّن، وفقا لمصطلحه الآتي بعد.
فإذا كان القيد الذي سيذكره ضدّا للقيد الآخر فإنه سيكتفي بذكر أحدهما عن الآخر طلبا للاختصار.
والأضداد تنقسم قسمين:
الأول: يطّرد، وينعكس:
بمعنى أنّ أحد الضدين إذا ذكر دلّ على ضده الآخر وينعكس، مثال ذلك:
1 - الحذف، فإنّ ضدّه الإثبات، وبالعكس، أي الإثبات ضدّه الحذف.
2 - الهمز، فإن ضدّه عدم الهمز، وبالعكس، أي عدم الهمز ضدّه الهمز.
3 - المدّ، ضدّه القصر، وبالعكس، أي القصر ضدّه المدّ.
4 - النقل، ضدّه عدم النقل، وبالعكس، أي عدم النقل ضدّه النقل.
5 - الغيب، ضدّه الخطاب، وبالعكس، أي الخطاب ضدّه الغيب.
وهكذا، وسيأتي بيان ذلك مفصّلا فيما بعد بإذن الله تعالى.
القسم الثاني: أضداد تطّرد، ولا تنعكس:(1/77)
وهكذا، وسيأتي بيان ذلك مفصّلا فيما بعد بإذن الله تعالى.
القسم الثاني: أضداد تطّرد، ولا تنعكس:
بمعنى أنّ أحد الضدّين إذا ذكر دلّ على ضدّه الآخر، ولا عكس، مثال ذلك:
1 - الجزم، ضدّه الرفع، ولكنه لا ينعكس، لأن «الرفع» ضدّه «النصب».
2 - الضمّ، ضدّه الفتح، ولا عكس، لأن «الفتح» ضدّه «الكسر».
أمّا إذا كان «القيد» الذي سيذكره المؤلف ليس ضدّا للآخر، فإن المؤلف سينصّ على الكيفية التي تقرأ بها القراءة الثانية، وهذا النوع قليل، مثال ذلك قوله:
... وآدم انتصاب الرّفع دلّ
وكلمات رفع كسر درهم
المعنى: المرموز له بالدال من «دل» والدال من «درهم» وهو: «ابن كثير» يقرأ قوله تعالى: {فَتَلَقََّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمََاتٍ فَتََابَ عَلَيْهِ} (سورة البقرة الآية 37) بنصب ميم آدم، ورفع تاء كلمات.
ولما كانت قراءة الباقين لا تؤخذ من الضدّ نصّ عليها، فبيّن أنهم يقرءون برفع ميم «آدم» ونصب تاء «كلمات» بالكسر.
قال ابن الجزري:
ومطلق التحريك فهو فتح ... وهو للاسكان كذاك الفتح
للكسر والنّصب لخفض إخوة
المعنى: هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في بيان الأضداد، فأفاد:
أنه إذا أطلق التحريك كان المراد به «الفتح» فقط دون «الضمّ، أو الكسر» مثال ذلك قوله في سورة الإسراء:
وكسفا حرّكن عمّ نفس
أي أن المرموز لهم ب «عمّ» والنون من «نفس» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وعاصم» يقرءون «كسفا» من قوله تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمََاءَ كَمََا زَعَمْتَ عَلَيْنََا كِسَفاً} (سورة الإسراء الآية 92) بفتح السين، فتعين للباقين القراءة بإسكان السين، من ضدّ التحريك.(1/78)
وكسفا حرّكن عمّ نفس
أي أن المرموز لهم ب «عمّ» والنون من «نفس» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وعاصم» يقرءون «كسفا» من قوله تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمََاءَ كَمََا زَعَمْتَ عَلَيْنََا كِسَفاً} (سورة الإسراء الآية 92) بفتح السين، فتعين للباقين القراءة بإسكان السين، من ضدّ التحريك.
أمّا إذا قيّد الناظم التحريك فإنه ينصرف إلى ما قيّد به، مثال ذلك قوله في سورة ص:
وقبل ضمّا نصب ثب ضمّ اسكنا ... لا الحضرمي
أن المرموز له بالثاء من «ثب» وهو: «أبو جعفر» قرأ «بنصب» من قوله تعالى:
{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ بِنُصْبٍ وَعَذََابٍ} (سورة ص الآية 41) بضمّ النون، والصاد.
وأنّ المصرّح باسمه وهو: «يعقوب الحضرمي» «بنصب» بفتح النون، والصاد.
فتعين للباقين القراءة «بنصب» أي بضم النون، وإسكان الصاد.
ويكون ضدّ التحريك سواء كان مطلقا، أو مقيّدا «الإسكان»، والإسكان يكون ضدّه «التحريك المطلق» وهو: «الفتح».
والفتح، ضدّه «الكسر» و «الكسر» ضده «الفتح». إذا فهما ضدّان مضطردان، ومنعكسان.
والنّصب ضدّه «الخفض» و «الخفض» ضدّه «النصب» إذا فهما ضدّان مضطردان، ومنعكسان.
قال ابن الجزري:
... كالنّون لليا ولضمّ فتحة
المعنى: النون، والياء، ضدّان، مضطردان، ومنعكسان، مثال ذلك قوله في سورة «التغابن»:
يجمعكم نون ظبّا(1/79)
كالنّون لليا ولضمّ فتحة
المعنى: النون، والياء، ضدّان، مضطردان، ومنعكسان، مثال ذلك قوله في سورة «التغابن»:
يجمعكم نون ظبّا
أيّ أن المرموز له بالظاء من «ظبا» وهو: «يعقوب» يقرأ «يجمعكم» من قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}. (سورة التغابن الآية 9) بالنون، فتعين للباقين القراءة بالياء. من ضدّ النون.
وقوله في سورة «النساء»:
ويا سيؤتيهم فتى
أي أن مدلول «فتى» وهما: «حمزة، وخلف العاشر» قرآ «سنؤتيهم» من قوله تعالى: {سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء الآية 162) بالياء التحتية، فتعين للباقين القراءة بالنون، من ضدّ الياء.
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن «الضمّ» ضدّه «الفتح» مثال ذلك قوله في سورة البقرة:
ضمّ يخافا فز ثوى
أي أن المرموز له بالفاء من «فز» ومدلول «ثوى» وهم: «حمزة، وأبو جعفر، ويعقوب «يقرءون» «يخافا» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ يَخََافََا أَلََّا يُقِيمََا حُدُودَ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 229) بضم الياء، على البناء للمفعول.
فتعين للباقين القراءة بفتح الياء، من ضدّ الضمّ. إلّا أن الفتح لا ينعكس مع الضمّ لأنّ ضدّ الفتح الكسر.
إذا فالضم والفتح ضدّان مضطردان غير منعكسين. والفتح، والكسر ضدّان مضطردان منعكسان.
قال ابن الجزري:
كالرّفع للنّصب اطردن وأطلقا ... رفعا وتذكيرا وغيبا حقّقا
المعنى: الرّفع ضدّه «النصب» مثال ذلك قوله في سورة البقرة:
... يقول ارفع ألا.
أي أن المرموز له بالألف من «ألا» وهو: «نافع» «يقول» من قوله تعالى:(1/80)
يقول ارفع ألا.
أي أن المرموز له بالألف من «ألا» وهو: «نافع» «يقول» من قوله تعالى:
{وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (سورة البقرة الآية 214) برفع اللام، فتعيّن للباقين القراءة بنصب العين، من ضدّ «الرفع» إلّا أن «النصب» لا ينعكس مع «الرفع»، لأن ضدّ «النصب» الخفض.
إذا فالرفع، والنصب ضدّان مضطردان غير منعكسين.
والتذكير ضدّه التأنيث، وبالعكس، أي التأنيث ضدّه التذكير. والغيبة ضدّها الخطاب، وبالعكس، أي الخطاب ضدّه الغيبة.
ومعنى قوله: وأطلقا رفعا وتذكيرا وغيبا حقّقا:
أي أنه ذكر هذه الأحوال الثلاثة وهي: الرفع، والتذكير، والغيبة، مطلقة، ويريد بها التقييد:
أي يعلم من إطلاقه لها أنها المرادة لا أضدادها، وقد اجتمع الثلاثة في قوله في سورة الأعراف:
خالصة إذ يعلموا الرابع صف ... يفتح في روى
قال ابن الجزري:
وكلّ ذا تبعت فيه الشّاطبي ... ليسهل استحضار كلّ طالب
المعنى: بعد أنّ أتمّ «ابن الجزري» الحديث عن مصطلحاته: «الرموز الحرفيّة، والكلميّة، والأضداد» قرّر في هذا البيت حقيقة واقعة وهي:
أنه تبع في هذه المصطلحات «الإمام الشاطبي» رحمه الله تعالى المتوفى بالقاهرة في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة 590هـ تسعين وخمسمائة من الهجرة وذلك في منظومته: «الشاطبية في القراءات السبع». وهذا عرفان من «ابن الجزري» بفضل السبق «للشاطبي» رحمهما الله تعالى.
ثم ذكر السبب الذي جعله يقتفي أثر «الإمام الشاطبي» في هذه
المصطلحات، فقال: «ليسهل استحضار كلّ طالب» أي ليسهل على من درس «الشاطبية» دراسة «الطيبة» وبالعكس، وهذه غاية نبيلة، وهدف جليل.(1/81)
ثم ذكر السبب الذي جعله يقتفي أثر «الإمام الشاطبي» في هذه
المصطلحات، فقال: «ليسهل استحضار كلّ طالب» أي ليسهل على من درس «الشاطبية» دراسة «الطيبة» وبالعكس، وهذه غاية نبيلة، وهدف جليل.
وبهذا ينتهي الكلام على الأضداد.
(والله أعلم)(1/82)
(والله أعلم)
«ابن الجزريّ يشيد بمكانة «ألفيّته»: «الطّيّبة»»
قال ابن الجزري:
وهذه أرجوزة وجيزه ... جمعت فيها طرقا عزيزه
المعنى: أشار المؤلف رحمه الله تعالى في هذا البيت إلى أنّ «ألفيّته» «الطيّبة» نظمها من بحر «الرّجز»، وسمّي بذلك لتقارب أجزائه، وقلّة حروفه.
قال «ابن سيده أبو الحسن علي بن إسماعيل» ت 458هـ:
«الرجز: شعر ابتداء أجزائه: سببان، ثمّ «وتد» وهو وزن يسهل في السمع، ويقع في النّفس» اهـ (1) وأصل وزن بحر «الرّجز: مستفعل» ستّ مرات. ويأتي من «الرّجز»: المجزوء، والمشطور، والمنهوك.
فالمجزوء: ما حذف منه ثلث البيت.
والمشطور: ما حذف نصف بيته، وبقي شطر منه يقفّى ويوقف عليه.
والمنهوك: ما حذف ثلثاه.
ثم أشاد «ابن الجزري» بمكانة أرجوزته، حيث ضمنها طرقا، وروايات كثيرة، وهي مع قلّة أبياتها بالنسبة لغيرها كثيرة الدلالات، عظيمة القدر، وسيأتي لذلك المزيد.
قال ابن الجزري:
ولا أقول إنها قد فضلت ... حرز الأماني بل به قد كملت
__________
(1) أنظر: لسان العرب مادة «رجز» ط دار المعارف ج 3/ 1588.(1/83)
المعنى: بعد أن أشاد «ابن الجزريّ» بمكانة «ألفيّته» «الطيّبة» قرّر بأن منظومته مع علوّ شأنها، إلّا أنها مع ذلك لم تفضل منظومة «الإمام الشاطبي»:
«حرز الأماني ووجه التهاني» وذلك لأن «الشاطبي» له فضل السبق.
وموقف «ابن الجزري» هذا النبيل يذكرني بموقف «ابن مالك» ت 672هـ حيث قال في مقدمة «ألفيته»:
وتقتضي رضا بغير سخط ... فائقة ألفيّة ابن معطي
وهو بسبق حائز تفضيلا ... مستوجب ثنائي الجميلا
والله يقضي بهبات وافره ... لي وله في درجات الآخرة
هذا هو شأن العلماء الصالحين، أسأل الله أن يجعلني منهم إنه سميع مجيب.
قال ابن الجزري:
حوت لما فيه مع التّيسير ... وضعف ضعفه سوى التّحرير
المعنى: من أسباب إشادة «ابن الجزري» بمكانة ألفيّته: «الطيبة» أنه ضمّنها القراءات، والطرق، التي جاءت في منظومة الشاطبي: «حرز الأماني ووجه التهاني». علما بأن العدد الإجمالي «للطيبة» ألف بيت، والعدد الإجمالي «لحرز الأماني» ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتا. وقد أشار «ابن الجزري» إلى ذلك بقوله في آخر منظومته:
وهاهنا تمّ نظام الطيّبة ... ألفيّة سعيدة مهذّبه
كما أشار «الشاطبي» في آخر منظومته بقوله:
وأبياتها ألف تزيد ثلاثة ... ومع مائة سبعين زهرا وكمّلا
كما اشتملت «الطيبة» على القراءات التي في كتاب:
«التيسير في القراءات السبع» للإمام أبي عمرو الدانيّ ت 444هـ بل إنّ ألفيّة «ابن الجزري» زادت على ما في هذين الكتابين.
وقول «ابن الجزري»: سوى التحرير: أن الطيبة مع ما اشتملت عليه
من زيادة في أوجه القراءات، والطرق على «الشاطبية، والتيسير» هي مع ذلك مشتملة أيضا على الدقّة، والتحقيق، والتقويم. كل هذه الأمور رشّحت «طيّبة» ابن الجزري أن تتفوق على غيرها من مصنفات القراءات، سواء كانت منظومة، أو منثورة.(1/84)
وقول «ابن الجزري»: سوى التحرير: أن الطيبة مع ما اشتملت عليه
من زيادة في أوجه القراءات، والطرق على «الشاطبية، والتيسير» هي مع ذلك مشتملة أيضا على الدقّة، والتحقيق، والتقويم. كل هذه الأمور رشّحت «طيّبة» ابن الجزري أن تتفوق على غيرها من مصنفات القراءات، سواء كانت منظومة، أو منثورة.
قال ابن الجزري:
ضمّنتها كتاب نشّر العشر ... فهي به طيّبة في النّشر
المعنى: أفاد هذا البيت أن «ابن الجزري» ضمّن «الفيّته» «الطيّبة» جميع القراءات، والروايات الصحيحة التي ذكرها في كتابه المشهور: «النشر في القراءات العشر».
فجاءت «الطيّبة» بذلك طيّبة الرائحة، يشمّ منها ما هو أطيب من رائحة «المسك» ألا وهو: رائحة العلم الذي لا يشبع منه العلماء، وبه تستنير القلوب، وبه تسمو مكانة الإنسان في الدنيا والآخرة، وخير عمل يبذله الإنسان ما كان في طلب العلم، أو نشر العلم، أو تصنيف العلم. جعلني الله تعالى من الذين يعملون على خدمة العلم ونشره. وبخاصة كلّ ما يتصل بالقرآن الكريم، إنه سميع مجيب.
(والله أعلم).(1/85)
(والله أعلم).
«الحديث عن مخارج الحروف»
1 - معرفة مخارج الحروف، وصفاتها.
2 - معرفة أنواع القراءة.
3 - معرفة أهميّة تجويد القرآن الكريم.
4 - معرفة أنواع الوقوف.
وسيفصل الحديث عن هذه الأمور فيما يأتي بإذن الله تعالى:
قال ابن الجزري:
مخارج الحروف سبعة عشر ... على الذي يختاره من اختبر
المعنى: المخارج جمع مخرج، والمخرج لغة محلّ الخروج. واصطلاحا محلّ خروج الحرف. وعدد مخارج الحروف سبعة عشر مخرجا على القول الراجح.
وتنقسم إجمالا خمسة أقسام وهي:
1 - الجوف 2الحلق 3اللسان 4الشفتان 5الخيشوم قال ابن الجزري:
وها أنا مقدّم عليها ... فوائدا مهمّة لديها
كالقول في مخارج الحروف ... وكيف يتلى الذّكر والوقوف
المعنى: أشار ابن الجزريّ بهذا البيت إلى أنه سيقدّم على أصول القراءات وفرشها فوائد لها أهميتها بالنسبة لمن يريد معرفة القراءات، ويدرسها دراسة علميّة، أو عمليّة، ويأخذها عن العلماء موصولي السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، من هذه الفوائد الأمور الآتية:
قال ابن الجزري:(1/86)
وها أنا مقدّم عليها ... فوائدا مهمّة لديها
كالقول في مخارج الحروف ... وكيف يتلى الذّكر والوقوف
المعنى: أشار ابن الجزريّ بهذا البيت إلى أنه سيقدّم على أصول القراءات وفرشها فوائد لها أهميتها بالنسبة لمن يريد معرفة القراءات، ويدرسها دراسة علميّة، أو عمليّة، ويأخذها عن العلماء موصولي السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، من هذه الفوائد الأمور الآتية:
قال ابن الجزري:
فالجوف للهاوي وأختيه وهي ... حروف مدّ للهواء تنتهي
القسم الأول من أقسام مخارج الحروف «الجوف»: وهو لغة الخلاء، واصطلاحا: خلاء الفم والحلق. ويخرج منه حروف المدّ الثلاثة وهي:
1 - الألف، ولا تكون إلا ساكنة، ولا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا.
2 - الواو الساكنة المضموم ما قبلها.
3 - الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
ولقبت هذه الحروف بالجوفيّة، والهوائيّة، لأنّ مبدأ أصواتها مبدأ الحلق.
ثمّ تمتدّ الأصوات، وتمرّ في كل جوف الحلق والفم، وهو الخلاء الداخل فيه، فليس لهنّ حيّز محقّق ينتهين إليه كما هو لسائر الحروف، بل ينتهين بانتهاء الهواء، أعني هواء الفم وهو الصوت.
قال ابن الجزري:
وقل لأقصى الحلق همز هاء ... ثمّ لوسطه فعين حاء
أدناه غين خاؤها
المعنى: القسم الثاني من أقسام مخارج الحروف «الحلق»: وهو القصبة الممتدّة ممّا يلي الصدر حتّى «الفم» وفيه ثلاثة مخارج، ويخرج منه ستّة حروف، وتفصيلها كما يأتي:
1 - أقصى الحلق: أي أبعده مما يلي الصدر، ويخرج منه: الهمزة والهاء.
2 - وسط الحلق: ويخرج منه: العين والحاء المهملتان.
3 - أدنى الحلق: أي أقربه ممّا يلي «الفم» ويخرج منه: الغين والخاء المعجمتان.
ولقّبت هذه الحروف بذلك، ونسبت إلى الحلق، لخروجها منه.
قال ابن الجزري:
والقاف ... أقصى اللّسان فوق ثمّ الكاف
أسفل والوسط فجيم الشّين يا ... والضّاد من حافته إذ وليا
لاضراس من أيسر أو يمناها ... واللّام أدناها لمنتهاها
والنّون من طرفه تحت اجعلوا ... والرا يدانيه لظهر أدخل
والطاء والدّال وتا منه ومن ... عليا الثّنايا والصّفير مستكن
منه ومن فوق الثّنايا السّفلى ... والظاء والذّال وثا للعليا
من طرفيهما(1/87)
والقاف ... أقصى اللّسان فوق ثمّ الكاف
أسفل والوسط فجيم الشّين يا ... والضّاد من حافته إذ وليا
لاضراس من أيسر أو يمناها ... واللّام أدناها لمنتهاها
والنّون من طرفه تحت اجعلوا ... والرا يدانيه لظهر أدخل
والطاء والدّال وتا منه ومن ... عليا الثّنايا والصّفير مستكن
منه ومن فوق الثّنايا السّفلى ... والظاء والذّال وثا للعليا
من طرفيهما
المعنى: القسم الثالث من أقسام مخارج الحروف «اللسان»: وفيه عشرة مخارج، ويخرج منه ثمانية عشر حرفا، وبيانها كما يأتي:
1 - أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى، ويخرج منه «القاف».
2 - أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى، أسفل مخرج «القاف» ويخرج منه «الكاف».
وهذان الحرفان يلقّبان باللهويّة، لأنهما يخرجان من آخر اللسان، عند «اللهاة» فنسبا إليها.
3 - وسط اللسان مع ما يليه من الحنك الأعلى، ويخرج منه: «الجيم، والشين، والياء غير المدّية» أي المتحركة، أو الساكنة بعد فتح. ولقّبت هذه الحروف الثلاثة بالشّجريّة، لخروجها من «شجر الفم» وهو منفتح ما بين اللّحيين.
4 - أدنى حافّتي اللسان مع ما يليه من الأضراس العليا من الجهة اليسرى أيسر وأكثر استعمالا، ومن اليمنى أصعب وأقلّ استعمالا، ومنهما معا أعزّ، وأقلّ استعمالا، ويخرج منه «الضاد المعجمة».
5 - أدنى حافّتي اللسان بعد مخرج «الضاد» إلى منتهى طرفه، مع ما يليها من أصول الثنايا العليا، ويخرج منه «اللام».
6 - طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى تحت مخرج «اللام» ويخرج منه «النون» المتحركة، والساكنة إذا كانت مظهرة.
7 - طرف اللسان مما يلي ظهره مع ما فوقه من الحنك الأعلى، ويخرج منه «الراء».(1/88)
6 - طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى تحت مخرج «اللام» ويخرج منه «النون» المتحركة، والساكنة إذا كانت مظهرة.
7 - طرف اللسان مما يلي ظهره مع ما فوقه من الحنك الأعلى، ويخرج منه «الراء».
والحروف الثلاثة: «اللام، والنون، والراء» تلقّب بالذّلقيّة، وذلك لخروجها من «ذلق اللسان» وهو طرفه.
8 - طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا ويخرج منه: «الطاء، والدال، والتاء».
وهذه الحروف الثلاثة تلقّب بالنّطعيّة، لخروجها من «اللّثة» المجاورة لنطع الفم، أيّ جلد غار الحنك الأعلى وهو سعته.
9 - طرف اللسان مع أطراف الثنايا السّفلى، ويخرج منه: «الصاد، والزاي، والسين».
وهذه الحروف الثلاثة تلقّب بالأسليّة، لخروجها من أسلة اللسان، وهي طرفه.
10 - طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، ويخرج منه: «الظاء، والذال، والثاء».
وهذه الحروف الثلاثة تلقّب باللّثويّة، لمجاورة مخرجها «اللثة» وهي:
اللّحم المركب فيه الأسنان.
قال ابن الجزري:
ومن بطن الشّفه ... فالفا مع أطراف الثّنايا المشرفة
للشّفتين الواو باء ميم
المعنى: القسم الرابع من أقسام مخارج الحروف «الشّفتان»: وفيهما مخرجان، ويخرج منهما أربعة أحرف، وبيانها ما يأتي:
1 - بطن الشفة السّفلى مع أطراف الثنايا العليا، ويخرج منه «الفاء».
2 - الشّفتان معا ويخرج منهما: «الباء، والميم، والواو غير المدّيّة أي المتحركة، أو الساكنة بعد فتح، مع ملاحظة انطباق الشفتين أثناء خروج كل من:
«الفاء، والباء، والميم». وانفتاحهما قليلا أثناء خروج «الواو».
ولقّبت هذه الحروف الأربعة بالشّفويّة لخروجها من الشفتين.(1/89)
«الفاء، والباء، والميم». وانفتاحهما قليلا أثناء خروج «الواو».
ولقّبت هذه الحروف الأربعة بالشّفويّة لخروجها من الشفتين.
قال ابن الجزري:
... وغنّة مخرجها الخيشوم
المعنى: القسم الخامس من أقسام مخارج الحروف «الخيشوم»: وهو:
خرق الأنف المنجذب إلى الدّاخل فوق سقف الفم، وليس بالمنخر، وتخرج منه «الغنّة».
فائدة: إذا أردت معرفة مخرج أيّ حرف فشدّده، أو سكّنه، ثم أدخل عليه همزة الوصل وانطق به، واصغ إليه فحيث انقطع الصوت فهو مخرجه.
وبهذا ينتهي الكلام على مخارج الحروف.
(والله أعلم)
«هذا جدول ببيان مخرج كل حرف حسب ترتيب حروف الهجاء»
الحرف / مخرجه 1/ الجوفء / أقصى الحلق ب / الشفتان ت / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ث / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ج / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ح / وسط الحلق الحرف / مخرجه ص / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ض / أدنى حافّتي اللسان مع ما يليهما من الأضراس العليا ط / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ظ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ع / وسط الحلق غ / أدنى الحلق
الحرف / مخرجه خ / أدنى الحلق د / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ذ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ر / طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ز / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى س / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ش / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى هـ / أقصى الحلق و / من الجوف إذا كانت مدّية ومن الشفتين إذا لم تكن مدّيّة الحرف / مخرجه ف / بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا ق / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ك / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف ل / أدنى حافّتي اللسان إلى منتهى طرفه م / الشفتان ن / طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا تحت مخرج اللام ي / من الجوف إذا كانت مدّية ومن وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى إذا كانت غير مدّيّة.(1/90)
الحرف / مخرجه 1/ الجوفء / أقصى الحلق ب / الشفتان ت / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ث / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ج / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ح / وسط الحلق الحرف / مخرجه ص / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ض / أدنى حافّتي اللسان مع ما يليهما من الأضراس العليا ط / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ظ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ع / وسط الحلق غ / أدنى الحلق
الحرف / مخرجه خ / أدنى الحلق د / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ذ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ر / طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ز / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى س / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ش / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى هـ / أقصى الحلق و / من الجوف إذا كانت مدّية ومن الشفتين إذا لم تكن مدّيّة الحرف / مخرجه ف / بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا ق / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ك / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف ل / أدنى حافّتي اللسان إلى منتهى طرفه م / الشفتان ن / طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا تحت مخرج اللام ي / من الجوف إذا كانت مدّية ومن وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى إذا كانت غير مدّيّة.(1/91)
الحرف / مخرجه 1/ الجوفء / أقصى الحلق ب / الشفتان ت / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ث / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ج / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ح / وسط الحلق الحرف / مخرجه ص / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ض / أدنى حافّتي اللسان مع ما يليهما من الأضراس العليا ط / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ظ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ع / وسط الحلق غ / أدنى الحلق
الحرف / مخرجه خ / أدنى الحلق د / طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا ذ / طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا ر / طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ز / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى س / طرف اللسان، وأطراف الثنايا السّفلى ش / وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى هـ / أقصى الحلق و / من الجوف إذا كانت مدّية ومن الشفتين إذا لم تكن مدّيّة الحرف / مخرجه ف / بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا ق / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى ك / أقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف ل / أدنى حافّتي اللسان إلى منتهى طرفه م / الشفتان ن / طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا تحت مخرج اللام ي / من الجوف إذا كانت مدّية ومن وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى إذا كانت غير مدّيّة.
«الحديث عن صفات الحروف»
قال ابن الجزري:
صفاتها جهر ورخو مستفل ... منفتح مصمتة والضّدّ قل
مهموسها فحثّه شخص سكت ... شديدها لفظ أجد قط بكت
وبين رخو والشّديد لن عمر ... وسبع علو خصّ ضغط قظ حصر
وصاد ضاد طاء ظاء مطبقة ... وفرّ من لبّ الحروف المذلقة
المعنى: هذا شروع من «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في بيان صفات الحروف: والصفات جمع صفة:
والصفة لغة: ما قام بالشيء من المعاني: كالعلم، وما أشبه ذلك.
واصطلاحا: كيفية عارضة للحرف عند حصوله في المخرج من: «جهر، وهمس» الخ.
وصفات الحروف سبع عشرة صفة، على القول الراجح، وتنقسم إجمالا قسمين:
القسم الأوّل: صفات لها ضدّ
وهي خمسة، وضدّها خمسة. واعلم أنه لا بدّ أن يكون لكلّ حرف من الحروف خمس صفات من هذه الصفات التي لها ضدّ، وإليك بيان ذلك:
1 - الهمس، وضدّه الجهر:
والهمس لغة: الخفاء، واصطلاحا: جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
وحروف الهمس «عشرة» مجموعة في قول الناظم: «فحثّه شخص سكت» وهي: الفاء، والحاء، والثاء، والهاء، والشين، والخاء، والصاد، والسين، والكاف، والتاء.(1/92)
والهمس لغة: الخفاء، واصطلاحا: جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
وحروف الهمس «عشرة» مجموعة في قول الناظم: «فحثّه شخص سكت» وهي: الفاء، والحاء، والثاء، والهاء، والشين، والخاء، والصاد، والسين، والكاف، والتاء.
والجهر لغة: الإعلان، واصطلاحا: انحباس جريان النفس عند النطق بالحرف لقوّة الاعتماد على المخرج.
وحروف «الجهر» ثمانية عشر حرفا، وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف «الهمس».
2 - الشدّة، والتّوسّط، وضدّهما الرّخاوة:
والشدّة لغة: القوّة، واصطلاحا: انحباس جريان الصوت عند النطق بالحرف لكمال الاعتماد على المخرج.
وحروف «الشدّة» ثمانية، مجموعة في قول المؤلف: «أجد قط بكت» وهي: الهمزة، والجيم، والدال، والقاف، والطاء، والباء، والكاف والتاء.
والتوسّط لغة: الاعتدال، واصطلاحا: اعتدال الصوت عند النطق بالحرف لعدم كمال انحباسه، كما في حروف الشدّة، وعدم كمال جريانه، كما في حروف «الرخاوة».
وحروف التوسّط خمسة مجموعة في قول المؤلف: «لن عمر» وهي: اللام، والنون، والعين، والميم، والراء.
والرخاوة لغة: اللين، واصطلاحا: جريان الصوت مع الحرف لعدم الاعتماد على المخرج.
وحروف «الرخاوة» خمسة عشر حرفا، وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف: «الشدّة، والتوسط».
3 - الاستعلاء، وضدّه الاستفال:
والاستعلاء لغة: الارتفاع، واصطلاحا: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
وحروف الاستعلاء سبعة مجموعة في قول المؤلف: «خصّ ضغط قظ» وهي: الخاء، والصاد، والضاد، والغين، والطاء، والقاف، والظاء.(1/93)
والاستعلاء لغة: الارتفاع، واصطلاحا: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
وحروف الاستعلاء سبعة مجموعة في قول المؤلف: «خصّ ضغط قظ» وهي: الخاء، والصاد، والضاد، والغين، والطاء، والقاف، والظاء.
والاستفال لغة: الانخفاض، واصطلاحا: انخفاض اللسان إلى قاع الفم عند النطق بالحرف.
وحروف الاستفال واحد وعشرون حرفا، وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء.
4 - الإطباق، وضدّه الانفتاح:
والإطباق لغة: الإلصاق، واصطلاحا: انطباق اللسان على سقف الحنك الأعلى عند النطق بالحرف.
وحروف الإطباق أربعة وهي: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء.
والانفتاح لغة: الافتراق، واصطلاحا: انفتاح ما بين اللسان، والحنك الأعلى، عند النطق بالحرف.
وحروف الانفتاح أربعة وعشرون حرفا، وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف «الإطباق».
5 - الإذلاق، وضدّه الإصمات:
والإذلاق لغة: حدّة اللسان، أي طلاقته، واصطلاحا: خفّة النطق بالحرف لخروجه من بطن اللسان، أو الشفتين.
وحروف الإذلاق ستّة مجموعة في قول المؤلف: «فرّ من لبّ» وهي:
«الفاء، والراء، والميم، والنون، واللام، والباء».
والإصمات لغة: المنع، واصطلاحا: ثقل النطق بالحرف لخروجه من غير طرف اللسان، والشفتين.
وحروف الإصمات اثنان وعشرون حرفا، وهي الباقية بعد حروف الإذلاق.
وبهذا ينتهي الكلام على الصفات التي لها ضدّ.
(والله اعلم).(1/94)
(والله اعلم).
«الحديث عن الصفات التي لا ضدّ لها»
القسم الثاني: صفات لا ضدّ لها، وهي سبعة:
واعلم أنه قد يكون للحرف صفة، أو صفتان من هذه الصفات السبع، علاوة على الصفات الخمس التي تكون له من الصفات التي لها ضدّ. وبناء عليه يكون الحدّ الأدنى لصفات كل حرف خمسة، والأعلى سبعة.
وهذا بيان الصفات السبع التي لا ضدّ لها:
1 - الصفير: وهو لغة: صوت يشبه صوت الطائر. واصطلاحا: صوت يخرج مصاحبا لأحد حروف الصفير.
وحروف الصفير ثلاثة: «الصاد، والزاي، والسين».
2 - القلقلة: وهي لغة: الاضطراب، والتحريك. واصطلاحا: اضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكنا حتّى تسمع له نبرة قويّة.
وحروف القلقلة خمسة مجموعة في قول المؤلف: «قطب جد» وهي:
القاف، والطاء، والباء، والجيم، والدال.
3 - اللّين: وهو لغة: ضدّ الخشونة. واصطلاحا: إخراج الحرف في لين وعدم كلفة.
وحروف اللين اثنان، وهما: الواو، والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما.
4 - الانحراف: وهو لغة: الميل، والعدول. واصطلاحا: ميل الحرف عن مخرجه إلى طرف اللسان، وله حرفان، هما: اللام، والراء.
5 - التكرير: وهو لغة: إعادة الشيء مرّة بعد أخرى. واصطلاحا: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف.(1/95)
4 - الانحراف: وهو لغة: الميل، والعدول. واصطلاحا: ميل الحرف عن مخرجه إلى طرف اللسان، وله حرفان، هما: اللام، والراء.
5 - التكرير: وهو لغة: إعادة الشيء مرّة بعد أخرى. واصطلاحا: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف.
وللتكرير حرف واحد، وهو: الراء.
6 - التفشّي: وهو لغة: الانتشار، والاتساع. واصطلاحا: انتشار الريح في الفم عند النطق بالحرف.
وللتفشي حرف واحد، وهو: الشين.
7 - الاستطالة: وهي لغة: الامتداد. واصطلاحا: امتداد الصوت من أوّل إحدى حافتي اللسان إلى آخرها، ولها حرف واحد وهو: الضاد.
قال ابن الجزري مشيرا إلى هذه الصفات السبع:
صفيرها صاد وزاي سين ... قلقلة قطب جد واللّين
واو وياء سكنا وانفتحا ... قبلهما والانحراف صحّحا
في اللام والرّا وبتكرير جعل ... وللتّفشّي الشين ضادا استطل
فائدة:
إذا أردت أن تعرف صفات أيّ حرف فانظر أوّلا في حروف الهمس، فإن وجدته ضمنها كان الهمس صفة لهذا الحرف، وإلّا فتكون صفته ضدّ الهمس وهو الجهر. ثمّ انتقل إلى حروف الشدّة، وهكذا حتى تنتهي من الصفات السبع التي لا ضدّ لها، فإذا وجدت الحرف ضمن حروف إحدى هذه الصفات كانت صفة له.
واعلم أن كلّ حرف لا تقلّ صفاته عن خمس صفات، ولا تزيد عن سبع.
ولا يوجد حرف له سبع صفات سوى «الراء» فقط.
(والله أعلم).(1/96)
(والله أعلم).
«أقسام الصفات من حيث القوّة والضّعف»
الصفات تنقسم قسمين:
1 - صفات قويّة.
2 - صفات ضعيفة.
فالصفات القوية اثنتا عشرة صفة وهي:
الجهر، والشدّة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، والصفير، والقلقلة، والانحراف، والتكرير، والتفشي، والاستطالة، والغنة.
وأقواها: القلقلة، فالشدّة، فالجهر، فالإطباق، فالاستفال، فالباقي.
والصفات الضعيفة ست وهي:
الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والذلاقة، واللّين.
أمّا صفات التوسط فلا توصف بقوة، ولا ضعف.
(والله أعلم)(1/97)
(والله أعلم)
«هذا جدول ببيان صفات كل حرف من حروف الهجاء»
الصفات الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفاتء / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ب / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / القلقلة / / 6 ت / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ث / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ج / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ح / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 خ / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 د / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / القلقلة / / 6 ذ / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ر / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / التكرير / 7 ز / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 س / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 ش / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / التفشي / / 6 ص / الهمس / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الصفير / 6 ض / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الاستطالة / / 6 ط / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / القلقلة / / 6 ظ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / / / 5 ع / الجهر / التوسط / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 غ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ف / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ق / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ك / الهمس / الشدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5
الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفات ل / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / / 6 م / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ن / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 هـ / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 و / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6 ي / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6(1/98)
الصفات الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفاتء / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ب / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / القلقلة / / 6 ت / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ث / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ج / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ح / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 خ / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 د / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / القلقلة / / 6 ذ / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ر / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / التكرير / 7 ز / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 س / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 ش / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / التفشي / / 6 ص / الهمس / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الصفير / 6 ض / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الاستطالة / / 6 ط / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / القلقلة / / 6 ظ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / / / 5 ع / الجهر / التوسط / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 غ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ف / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ق / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ك / الهمس / الشدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5
الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفات ل / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / / 6 م / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ن / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 هـ / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 و / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6 ي / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6(1/99)
الصفات الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفاتء / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ب / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / القلقلة / / 6 ت / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ث / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ج / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ح / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 خ / الهمس / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 د / الجهر / الشّدة / الاستفال / الانفتاح / القلقلة / / 6 ذ / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ر / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / التكرير / 7 ز / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 س / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / الصفير / / 6 ش / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / التفشي / / 6 ص / الهمس / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الصفير / 6 ض / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / الاستطالة / / 6 ط / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / القلقلة / / 6 ظ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الإطباق / الإصمات / / / 5 ع / الجهر / التوسط / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 غ / الجهر / الرخاوة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / / / 5 ف / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ق / الجهر / الشدة / الاستعلاء / الانفتاح / الإصمات / القلقلة / / 6 ك / الهمس / الشدة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5
الحرف 1/ 2/ 3/ 4/ 5/ 6/ 7/ مجموع الصفات ل / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / الانحراف / / 6 م / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 ن / الجهر / التوسط / الاستفال / الانفتاح / الإذلاق / / / 5 هـ / الهمس / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / / / 5 و / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6 ي / الجهر / الرخاوة / الاستفال / الانفتاح / الإصمات / اللين / / 6
«الحديث عن كيفيّة قراءة القرآن»
قال ابن الجزري:
ويقرأ القرآن بالتّحقيق مع ... حدر وتدوير وكلّ متّبع
المعنى: هذا بيان من المؤلف رحمه الله تعالى للكيفيّة التي يقرأ بها القرآن الكريم، فبيّن أنه يقرأ بإحدى الحالات الثلاث وهي:
التّحقيق:
هو: المبالغة في الإتيان بالشيء على حقّه من غير زيادة فيه، ولا نقص منه.
والتحقيق عند القراء: إعطاء كل حرف حقّه من إشباع المدّ، وتحقيق الهمز، وإتمام الحركات، وإظهار الحروف، وكمال التشديدات، وتوفية الصفات، وتفكيك الحروف: وهو بيانها، وإخراج بعضها عن بعض، والسكت، والترتيل، والتؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف، من غير أن يتجاوز فيه إلى حدّ الإفراط.
والحدر: هو: الإسراع.
وهو عند القراء: عبارة عن إدراج القراءة، وسرعتها، وتحقيقها بالقصر، والاختلاس، والإبدال، والإدغام، ونحو ذلك ممّا صحّت به الرواية مع إيثار الوصل، وإقامة الإعراب. والحدر ضدّ التحقيق، ولعلّ الهدف من القراءة بالحدر: تكثير الحسنات، وإحراز فضل كثرة التلاوة.
ولكن يجب أن يحذر القارئ بتر الحروف المدّيّة، وإذهاب صوت الغنّة، وقصر المدّ المتصل، واللازم.
ويجب على القارئ أن يحذر التفريط إلى حالة لا تجوز القراءة بها.(1/100)
ولكن يجب أن يحذر القارئ بتر الحروف المدّيّة، وإذهاب صوت الغنّة، وقصر المدّ المتصل، واللازم.
ويجب على القارئ أن يحذر التفريط إلى حالة لا تجوز القراءة بها.
والتّدوير:
هو: عبارة عن التوسط بين: «التحقيق، والحدر».
قال ابن الجزري:
مع حسن صوت بلحون العرب ... مرتّلا مجوّدا بالعربي
المعنى: بعد أن بيّن المؤلف رحمه الله تعالى الحالات الثلاث التي يجوز أن يقرأ بها القرآن الكريم، أشار في هذا البيت إلى أنه يجب على القارئ أن يراعي في كلّ حالة من هذه الحالات أن تكون القراءة مشتملة على خمسة أمور وهي:
الأمر الأول:
أن تكون بصوت حسن، وهناك عدّة أحاديث كلها تفيد الحثّ على أن تكون القراءة بصوت حسن، لأن ذلك أدعى إلى الاستماع إلى كتاب الله تعالى، وتدبّر معانيه:
فعن «البراء بن عازب» عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «زيّنوا القرآن بأصواتكم» اه (1).
وفي رواية أخرى: «زيّنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا» اهـ (2).
وعن «جابر بن عبد الله الأنصاري» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إنّ أحسن الناس صوتا الذي إذا سمعته يقرأ حسبته يخشى الله عزّ وجلّ» اهـ (3).
__________
(1) أخرجه أبو داود ج 2/ 74، والنسائي ج 2/ 179، وابن ماجة ج 1/ 427.
(2) رواه الحاكم ج 1/ 575.
(3) أخرجه ابن ماجة في سننه ج 1/ 425، والدارمي في سننه ج 2/ 838.(1/101)
الأمر الثاني:
أن تكون القراءة بلحون العرب، وأصواتها، لأن «القرآن الكريم» نزل بلغة العرب، قال الله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} (سورة الزمر الآية 28). وقال تعالى: {وَكَذََلِكَ أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا} (سورة الشورى الآية 7). وقال تعالى: {إِنََّا جَعَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (سورة الزخرف الآية 3).
وعن «حذيفة بن اليمان» رضي الله عنه قال:
قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكبائر، وأهل الفسق، فإنه سيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء، والرهبانية، والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب من يعجبهم شأنهم» اه (1).
الأمر الثالث:
أن تكون القراءة مرتّلة لقوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (سورة المزمّل الآية 4).
وعن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه في معنى قوله تعالى:
{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (سورة المزمل الآية 4) قال: «الترتيل تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف» (2).
الأمر الرابع:
أن تكون القراءة مجوّدة:
والتجويد لغة: التحسين، يقال: جوّد الشيء أي حسّنه.
واصطلاحا: إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه حقّه، ومستحقّه، والمراد قراءة القرآن الكريم وفقا للكيفية التي نزل بها «جبريل» عليه السلام،
__________
(1) رواه الطبراني في الأوسط:
أنظر: مجمع الزوائد [باب القراءة بلحون العرب] ج 7/ 172.
(2) أنظر: الإتقان للسيوطي ج 1/ 85.
أنظر: منار الهدى في الوقف والابتداء ص 13.(1/102)
على نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام، والرسول صلّى الله عليه وسلّم علمها صحابته، والصحابة رضوان الله عليهم علموها من بعدهم، وهكذا حتى وصلت إلينا بطريق التواتر والسند الصحيح.
الأمر الخامس:
أن تكون القراءة باللغة العربية، لا بغيرها من سائر اللغات، ومعنى ذلك أنه لا تجوز ترجمة ألفاظ «القرآن الكريم» إلى غير العربية، ولا يجوز لغير العربي أن يقرأ القرآن بغير العربية، بل يجب على كل من يريد أن يقرأ شيئا من القرآن ولو يسيرا، أن يقرأه باللغة التي نزل بها وهي لغة العرب، وصدق الله حيث قال: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (سورة الزمر الآية 28).
(والله أعلم)(1/103)
(والله أعلم)
«حكم تعلّم التجويد وبيان معناه»
قال ابن الجزري:
والأخذ بالتّجويد حتم لازم ... من لم يجوّد القرآن آثم
لأنّه به الإله أنزلا ... وهكذا عنه إلينا وصلا
وهو إعطاء الحروف حقّها ... من صفة لها ومستحقّها
مكمّلا من غير ما تكلّف ... باللّطف في النّطق بلا تعسّف
المعنى: بعد أن بيّن المؤلف رحمه الله تعالى في البيت السابق الأصول التي يقرأ بها «القرآن» شرع في بيان حكم تعلّم التجويد، وبيان معناه، فبيّن أنّ العمل بأحكام التجويد أمر واجب على كل من يريد أن يقرأ شيئا من القرآن، إذ بالتجويد يحفظ الإنسان لسانه عن الخطإ في «القرآن» ثمّ بيّن الدليل على وجوب تعلّم أحكام التجويد بقوله:
لأنه به الإله أنزلا ... وهكذا عنه إلينا وصلا
أي أنّ «القرآن» نزل من عند الله تعالى مجوّدا على الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم، والصحابة أخذوه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مجوّدا، والتابعون نقلوه عن الصحابة مجوّدا، وهكذا تتابع حفّاظ القرآن يتلقّونه مجوّدا حتى وصل إلينا، ونحن ولله الحمد والشكر تلقيناه عن شيوخنا مجوّدا، وعلمناه أبناءنا مجوّدا، وهكذا سيظل القرآن يقرأ مجوّدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومما يثلج صدري وتطمئن إليه نفسي القراءة المجوّدة التي يقدمها الأطفال الصّغار في برنامج «في رياض القرآن» وغيره من البرامج التي على شاكلته، والتي تذاع في الصباح والمساء.
وممّا هو جدير بالذكر في هذا المقام أننا نسمع «القرآن» من جميع وسائل الإعلام: المسموعة، والمرئيّة، في سائر أنحاء العالم يقرأ مجوّدا، فالحمد لله رب العالمين.(1/104)
ومما يثلج صدري وتطمئن إليه نفسي القراءة المجوّدة التي يقدمها الأطفال الصّغار في برنامج «في رياض القرآن» وغيره من البرامج التي على شاكلته، والتي تذاع في الصباح والمساء.
وممّا هو جدير بالذكر في هذا المقام أننا نسمع «القرآن» من جميع وسائل الإعلام: المسموعة، والمرئيّة، في سائر أنحاء العالم يقرأ مجوّدا، فالحمد لله رب العالمين.
ثمّ بيّن المؤلف رحمه الله تعالى معنى التجويد فقال:
وهو إعطاء الحروف حقّها ... من صفة لها ومستحقّها
مكمّلا من غير ما تكلّف ... باللّطف في النّطق بلا تعسّف
أي التجويد: إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه حقّه ومستحقّه، وحقّ الحرف صفاته الذّاتيّة، ومستحقه: صفاته العرضيّة، ولا يعرف ذلك معرفة تامّة إلّا بدراسة أحكام التجويد دراسة علميّة، وعمليّة، على علماء القرآن والقراءات، وهي سهلة وميسّرة بإذن الله.
قال ابن الجزري:
فرقّقن مستفلا من أحرف ... وحاذرن تفخيم لفظ الألف
كهمز الحمد أعوذ اهدنا ... الله ثمّ لام لله لنا
وليتلطف وعلى الله ولا الض ... والميم من مخمصة ومن مرض
وباء بسم باطل وبرق ... وحاء حصحص أحطت الحقّ
وبيّن الإطباق من أحطت مع ... بسطت والخلف بنخلقكم وقع
المعنى: بعد أن تحدث المؤلف رحمه الله تعالى عن حكم تعلّم التجويد، وبيّن معناه، شرع يرشد قارئ القرآن إلى بعض أحكام التجويد فبيّن أنّ الحروف المستفلة وهي التي كثرت صفاتها الضعيفة التي هي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والذلاقة، واللين.
هذه الحروف يجب على القارئ أن ينطق بها مرقّقة.
والترقيق لغة: التّنحيف. واصطلاحا: عبارة عن نحول يدخل على الحرف عند النطق به، حتى يمتلئ الفم بصداه.
وضدّ الترقيق التفخيم، وهو لغة: التسمين.(1/105)
والترقيق لغة: التّنحيف. واصطلاحا: عبارة عن نحول يدخل على الحرف عند النطق به، حتى يمتلئ الفم بصداه.
وضدّ الترقيق التفخيم، وهو لغة: التسمين.
والتفخيم: عبارة عن سمين يدخل على صوت الحرف عند النطق به حتى يمتلئ الفم بصداه.
والتفخيم، والتغليظ، لفظان مترادفان بمعنى واحد، إلّا أنه اشتهر استعمال عبارة «التغليظ» في باب «اللام» وعبارة «التفخيم» في باب «الراء».
واعلم أن حروف الهجاء تنقسم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حروف مفخمة، وهي سبعة مجموعة في كلمة: «خصّ ضغط قظ».
والقسم الثاني: حروف مرققة وهي تسعة عشر حرفا وهي: ء ب ت ث ج ح د ذ ر ز س ش ع ف ك م ن هـ وي.
والقسم الثالث: حروف لها حالتان وهي: الألف، واللام، والراء:
فالألف: تفخم إذا كان الحرف الذي قبلها مفخما مثل: «قال» وترقق إذا كان الحرف الذي قبلها مرققا مثل: «باع».
واللام: حكمها الترقيق إلّا إذا كانت في كلمة: «الله» وكان قبلها فتح مثل: «قال الله» أو ضم نحو: «أتى أمر الله» فإنها تفخم.
أمّا «الراء» فتارة تكون متحركة، وأخرى ساكنة:
فالمتحركة: إن كانت مكسورة نحو: «الغرمين» فلا خلاف في ترقيقها.
وإن كانت مفتوحة نحو: «الرّحمن» أو مضمومة نحو: «الرّوح» فلا خلاف في تفخيمها.
والساكنة: إمّا أن يكون سكونها ثابتا وصلا ووقفا، أو وقفا فقط:
فإن كان سكونها ثابتا وصلا، ووقفا، وكانت بعد فتح نحو: «وارزقنا» أو ضمّ نحو: «اركض» فحكمها التفخيم.
وإن كانت ساكنة بعد كسر أصليّ متصل بها، ولم يقع بعدها حرف
استعلاء في كلمتها مثل: «فرعون» فحكمها الترقيق.(1/106)
وإن كانت ساكنة بعد كسر أصليّ متصل بها، ولم يقع بعدها حرف
استعلاء في كلمتها مثل: «فرعون» فحكمها الترقيق.
وإن كانت ساكنة ووقعت بعد كسر عارض نحو: «إن ارتبتم» فتفخّم.
وإن كانت ساكنة بعد كسر ووقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء، وكانا معا في كلمة واحدة نحو: «قرطاس» فحكمها التفخيم.
إلّا إذا كان حرف الاستعلاء مكسورا نحو: «فرق» فإنها حينئذ يجوز تفخيمها، وترقيقها.
أمّا إذا كان حرف الاستعلاء في كلمة أخرى نحو: «فاصبر صبرا جميلا»، فإنها حينئذ ترقق.
وإن كان سكونها للوقف ووقعت بعد كسر متصل نحو: «واصبر» أو بعد ياء ساكنة نحو: «المصير» فحكمها حينئذ الترقيق.
وإن وقعت بعد كسر، وفصل بينها وبين الكسر حرف ساكن من غير حروف الاستعلاء نحو: «الذّكر» فحكمها أيضا الترقيق.
أمّا إذا كان الساكن الفاصل بينها وبين الكسر «صادا» نحو: «مصر» أو «طاء» نحو: «القطر» فإنه يجوز التفخيم، والترقيق.
إلّا أنّ المختار في راء «مصر» التفخيم، وفي راء «القطر» الترقيق.
ثم أخذ «ابن الجزري» رحمه الله تعالى يحذّر القارئ من تفخيم بعض الحروف المستفلة على سبيل المثال.
وهذه الحروف هي:
1 - ألف الوصل في نحو قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ}. (سورة الفاتحة الآية 2).
2 - الهمزة، في نحو: «أعوذ».
3 - اللام، في نحو: «لله»، لنا، وليتلطّف، ولا الضالّين.
4 - الميم، في نحو: مخمصة»، «مرض».
5 - الباء، في نحو: «بسم الله»، «باطل»، «وبرق».(1/107)
4 - الميم، في نحو: مخمصة»، «مرض».
5 - الباء، في نحو: «بسم الله»، «باطل»، «وبرق».
6 - الحاء، في نحو: «حصحص»، «أحطت»، «الحق».
7 - الطاء، في نحو: «أحطت» «بسطت».
أمّا كلمة «نخلقكم» من قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مََاءٍ مَهِينٍ}
(سورة المرسلات الآية 20). فإن علماء القراءات اختلفوا في إدغام القاف في الكاف:
فذهب «الإمام أبو عمرو الداني» ت 444هـ وجماعة من القراء إلى إدغام القاف في الكاف إدغاما كاملا من غير إبقاء صفة الاستعلاء التي في القاف.
وذهب «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ إلى إدغام القاف في الكاف إدغاما ناقصا تبقى معه صفة الاستعلاء التي في القاف.
(والله أعلم)(1/108)
(والله أعلم)
«بعض احكام التجويد»
قال ابن الجزري:
وأظهر الغنّة من نون ومن ... ميم إذا ما شدّدا وأخفين
الميم إن تسكن بغنّة لدى ... باء على المختار من أهل الأدا
وأظهرنها عند باقي الأحرف ... واحذر لدى واو وفا أن تختفي
المعنى: لا زال «ابن الجزري» رحمه الله تعالى يتحدث عن بعض أحكام التجويد، وأشار في هذه الأبيات إلى حكم كلّ من النون، والميم المشدّدتين، وحكمين من أحكام الميم الساكنة:
فبيّن أن للنون، والميم المشدّدتين حكما واحدا وهو «الغنة» والغنة لغة:
الترنّم، واصطلاحا: صوت لذيذ مركب في جسم النون، والميم.
والغنة صفة ملازمة لكل من النون، والميم المشدّدتين، ولذا سمّي كل منهما حرف غنة مشدّدا.
ولذلك يجب على قارئ القرآن أن يظهر الغنة أثناء النطق بكل من النون، والميم المشدّدتين.
ثم أخذ المؤلف يتحدث عن حكمين من أحكام الميم الساكنة، وهما:
الإخفاء، والإظهار:
فبيّن أن الميم الساكنة إذا وقع بعدها «الباء» كان حكمها الإخفاء مع الغنة، وهذا الإخفاء يسمّى إخفاء شفويّا، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللََّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة آل عمران الآية 101).
وإذا وقع بعد الميم الساكنة حرف من حروف الهجاء عدا «الباء والميم» كان حكمها الإظهار، بمعنى أنه ينطق بها بدون إدغام، ولا إخفاء، ويسمى هذا الإظهار إظهارا شفويا، نحو قوله تعالى: {لَقَدْ جََاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}
(سورة التوبة الآية 128).(1/109)
فبيّن أن الميم الساكنة إذا وقع بعدها «الباء» كان حكمها الإخفاء مع الغنة، وهذا الإخفاء يسمّى إخفاء شفويّا، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللََّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة آل عمران الآية 101).
وإذا وقع بعد الميم الساكنة حرف من حروف الهجاء عدا «الباء والميم» كان حكمها الإظهار، بمعنى أنه ينطق بها بدون إدغام، ولا إخفاء، ويسمى هذا الإظهار إظهارا شفويا، نحو قوله تعالى: {لَقَدْ جََاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}
(سورة التوبة الآية 128).
ثم حذّر المؤلف قارئ القرآن من إخفاء الميم الساكنة إذا وقع بعدها:
«الواو، أو الفاء» نحو قوله تعالى:
{أُولََئِكَ أَصْحََابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ} (سورة البقرة الآية 82). وقوله تعالى: {وَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ} (سورة البقرة الآية 62). وذلك لأن «الميم، والواو» تخرج من الشفتين، «والفاء» تخرج من بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا.
كما أن «الميم» تشترك مع «النون» في الصفات الآتية:
الجهر والتوسط والاستفال والانفتاح والإذلاق.
و «الميم» تشترك مع «الفاء» في الصفات الآتية:
الاستفال والانفتاح.
وهذه كلها أمور مرشحة للإخفاء، لذلك نبّه المؤلف القارئ إلى عدم إخفاء الميم مع هذين الحرفين.
قال ابن الجزري:
وأوّلي مثل وجنس إن سكن ... أدغم كقل ربّ وبل لا وأبن
سبّحه فاصفح عنهم قالوا وهم ... في يوم لا تزغ قلوب قل نعم
والمتجانسان: هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجا، واختلفا صفة. فإذا كان الحرف الأوّل ساكنا، والثاني متحركا، سمّيا متجانسين صغير. وحكمه الإظهار نحو قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبََارَ النُّجُومِ} (سورة الطور الآية 49).
وقوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (سورة الزخرف الآية 89). وقوله تعالى: {رَبَّنََا لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنََا} (سورة آل عمران الآية 8).
المعنى: ذكر «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذين البيتين قاعدة كليّة وهي: إذا التقى حرفان متماثلان، أو متجانسان، وكان الحرف الأول ساكنا، والحرف الثاني ساكنا، وجب على القارئ إدغام الحرف الأول في الثاني.(1/110)
وقوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (سورة الزخرف الآية 89). وقوله تعالى: {رَبَّنََا لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنََا} (سورة آل عمران الآية 8).
المعنى: ذكر «ابن الجزري» رحمه الله تعالى في هذين البيتين قاعدة كليّة وهي: إذا التقى حرفان متماثلان، أو متجانسان، وكان الحرف الأول ساكنا، والحرف الثاني ساكنا، وجب على القارئ إدغام الحرف الأول في الثاني.
ولكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، وتفصيلها فيما يأتي:
فالمثلان: هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجا، وصفة، كالباءين، والهاءين، والميمين الخ.
فإذا كان الحرف الأول ساكنا، والثاني متحركا سمّيا مثلين صغير، وحكم الحرف الأول وجوب الإدغام في الحرف الثاني لجميع القراء، بشرط ألّا يكون الحرف الأول حرف مدّ نحو قوله تعالى:
{فِي يَوْمٍ كََانَ مِقْدََارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (سورة المعارج الآية 4.)
وقوله تعالى: {قََالُوا وَهُمْ فِيهََا يَخْتَصِمُونَ} (سورة الشعراء الآية 96).
أو هاء سكت نحو قوله تعالى: {مََا أَغْنى ََ عَنِّي مََالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطََانِيَهْ} (سورة الحاقة الآيتان 2928) فإن كان الأول هاء سكت جاز الإظهار، والإدغام.
إلّا في خمسة أحوال فإنه يجب فيها الإدغام وهي:
1 - الدال مع التاء نحو قوله تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (سورة البقرة الآية 256).
2 - والتاء مع الدال نحو قوله تعالى: {قََالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمََا} (سورة يونس الآية 89).
3 - والتاء مع الطاء نحو قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طََائِفَتََانِ} (سورة آل عمران الآية 122).
4 - والذال مع الظاء نحو قوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} (سورة الزخرف الآية 39).
5 - والثاء مع الذال نحو قوله تعالى: {أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذََلِكَ}. (سورة الأعراف الآية 176).
وأمّا الباء مع الميم في قوله تعالى: {ارْكَبْ مَعَنََا} (سورة هود الآية 42).(1/111)
5 - والثاء مع الذال نحو قوله تعالى: {أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذََلِكَ}. (سورة الأعراف الآية 176).
وأمّا الباء مع الميم في قوله تعالى: {ارْكَبْ مَعَنََا} (سورة هود الآية 42).
فقد اختلف فيها القراء العشرة: فأدغمها قولا واحدا: «أبو عمرو، والكسائي، ويعقوب»، وأدغمها بالخلاف: «ابن كثير، وعاصم، وخلاد».
وأظهرها الباقون قولا واحدا.
(والله أعلم)(1/112)
(والله أعلم)
«أقسام الوقف»
قال ابن الجزري:
وبعد ما تحسن أن تجوّدا ... لا بدّ أن تعرف وقفا وابتدأ
فاللّفظ إن تمّ ولا تعلّقا ... تام وكاف إن بمعنى علّقا
قف وابتدئ وإن بلفظ فحسن ... فقف ولا ابتدأ سوى الآي يسن
وغير ما تمّ قبيح وله ... يوقف مضطرّا ويبدا قبله
وليس في القرآن من وقف يجب ... ولا حرام غير ما له سبب
وفيهما رعاية الرّسم اشترط ...
المعنى: بعد أن قدّم «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بعض القضايا الهامة الخاصة بأحكام التجويد، شرع يتحدث في هذه الأبيات عن أقسام الوقف لما له من أهميّة خاصة بقراءة القرآن الكريم. إذ بالوقف تتبيّن معاني الآيات، ويؤمن الاحتراز عن الوقوع في المشكلات.
والوقف والابتداء باب عظيم القدر اهتمّ به الصحابة والتابعون ومن بعدهم، فكانوا يتناقلون مسائله مشافهة، ويتعلمونه كما يتعلمون أحكام تجويد القرآن الكريم، لأنه لا يتأتى معرفة معاني القرآن معرفة تامّة وصحيحة إلا بمعرفة أنواع الوقوف: فالوقف حلية التلاوة، وتحلية الدّراية، وزينة القارئ، وبلاغة القارئ، وفهم المستمع، وفخر العالم.
وممّا يدلّ على أهميّة الوقف والابتداء ما صحّ
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه عند ما سمع رجلا يخطب ويقول:
«من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما» ثم وقف.
فقال له الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم معلّما ومرشدا: «بئس خطيب القوم أنت، قل:
«من يطع الله ورسوله فقد رشد، ثمّ قف ثمّ ابدأ وقل: ومن يعصهما فقد غوى».(1/113)
فقال له الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم معلّما ومرشدا: «بئس خطيب القوم أنت، قل:
«من يطع الله ورسوله فقد رشد، ثمّ قف ثمّ ابدأ وقل: ومن يعصهما فقد غوى».
فهذا الخبر يدلّ دلالة واضحة على أهميّة الوقف والابتداء، لصحّة المعنى إذ لا يجمع بين من أطاع، ومن عصى في حكم واحد. وإذا كان عدم معرفة الوقف والابتداء مستقبحا في سائر الكلام فهو في كلام الله تعالى أشدّ قبحا، وتجنّبه أولى.
والوقف ينقسم أربعة أقسام وهي:
1 - التامّ:
هو ما تمّ معناه، ولم يتعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى مثل قوله تعالى:
{أُولََئِكَ عَلى ََ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة البقرة الآية 5). وأكثر ما يكون الوقف التامّ في نهاية القصص، وخواتيم السور، وحكمه:
حسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده.
2 - الكافي:
هو ما تمّ من جهة اللفظ وتعلّق بما بعده من جهة المعنى، مثل قوله تعالى:
{أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة الآية 6) وحكمه حسن الوقف عليه، والابتداء، بما بعده.
3 - الحسن:
هو ما تمّ في ذاته وتعلّق بما بعده لفظا ومعنى مثل: «الحمد لله» وحكمه: جواز الوقف عليه، ثم يحسن وصله بما بعده، إلّا إذا كان رأس آية، فإنه يسنّ الوقف على رءوس الآي.
4 - القبيح:
هو ما لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظا ومعنى. مثل الوقف على: «إله» من قوله تعالى:
{وَمََا مِنْ إِلََهٍ إِلَّا اللََّهُ} (سورة آل عمران الآية 62). وحكمه: قبح الوقف عليه إلّا لضرورة، فإذا وقف عليه القارئ لضرورة كانقطاع نفس، أو عطاس، فإنه يجب وصله بما بعده.
(والله أعلم)(1/114)
(والله أعلم)
«القطع، والوقف، والسكت»
قال ابن الجزري:
... والقطع كالوقف وبالآي شرط
والسّكت من دون تنفّس وخص ... بذي اتّصال وانفصال حيث نص
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في بيان معنى كل من:
1 - القطع 2الوقف 3السكت.
فالقطع: عبارة عن قطع القراءة رأسا. فهو انتهاء القراءة، كالمنتقل من حالة إلى أخرى. كالقطع على حزب، أو عشر، أو ربع، أو نحو ذلك. فهو كالوقف حيث لا يجوز إلا على تام، سواء أكان تامّا، أم كافيا، أم حسنا.
ويجب في القطع، والوقف رعاية الرسم. ويشترط في «القطع» أن لا يكون إلّا على رأس آية. بخلاف «الوقف» فإنه يكون على رأس الآية، وعلى أبعاضها.
والوقف: عبارة عن قطع الصوت عن الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة مع نيّة استئناف القراءة.
والسكت: عبارة عن قطع الصوت زمنا دون زمن «الوقف» عادة من غير تنفس، والمشافهة تحكم زمن السكت.
والسكت مخصوص بما اتصل رسما نحو: «الأرض، وشيء، وقرآن» وبما انفصل رسما نحو: «قد أفلح، وقل أوحى» و «من راق» وبين السورتين.
(والله أعلم)(1/115)
(والله أعلم)
«مقدمة ابن الجزري»
قال ابن الجزري:
والآن حين الأخذ في المراد ... والله حسبي وهو اعتمادي
المعنى: بعد أن أتمّ «ابن الجزري» رحمه الله تعالى الحديث عن مقدمته التي اشتملت على الكثير من القضايا الهامة، قال مستعينا بالله تعالى: والآن أشرع في المقصود من ذكر اختلاف القراء العشرة، ورواتهم.
ثم قال: والله حسبي في ذلك، وعليه اعتمادي، وعليه أتوكل فيما قصدته.
وأنا العبد الفقير إلى الله تعالى أقول أيضا بقلب مخلص: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني، ويوفقني على إتمام هذا الشرح المبارك خدمة للقرآن الكريم إنه سميع مجيب، وأختم شرحي لهذه المقدمة بهذه الأبيات التي قالها:
«عبد المنعم بن غلبون» ت 389هـ:
صنّفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهدا ... لكي أكون مع الأبرار والسّعدا
في جنّة في جوار الله خالقنا ... في ظلّ عيش مقيم دائم أبدا
وصلّ اللهم على نبينا وحبيبنا «محمّد» صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
تمّت مقدمة ابن الجزري ومصطلحاته ولله الحمد والشكر(1/116)
تمّت مقدمة ابن الجزري ومصطلحاته ولله الحمد والشكر
«باب الاستعاذة»
قال ابن الجزري:
وقل أعوذ إن أردت تقرا ... كالنّحل جهرا لجميع القرّا
المعنى: أي هذا باب يذكر فيه المؤلف مذاهب القراء في الاستعاذة قبل الشروع في القراءة، إذا فهو خبر مبتدإ محذوف، وبدأ المؤلف رحمه الله تعالى بهذا الباب لأن الاستعاذة أول ما يبدأ بها القارئ عند الشروع في القراءة.
والاستعاذة: طلب العوذ من الله تعالى، وهي عصمته.
والعوذ: مصدر عاذ بكذا: أي استجار به وامتنع. وهذا البيت يتحدّث عن صيغة الاستعاذة: والمختار في صيغتها لجميع القراء عند إرادة القراءة:
«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» والمختار لهم أيضا الجهر بها. وهذه الصيغة هي الواردة في قوله تعالى في سورة النحل:
{فَإِذََا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ مِنَ الشَّيْطََانِ الرَّجِيمِ} (سورة النحل الآية 98).
قال ابن الجزري:
وإن تغيّر أو تزد لفظا فلا ... تعد الّذي قد صحّ ممّا نقلا
المعنى: يجوز لقارئ القرآن أن يغيّر صيغة الاستعاذة الواردة في سورة
«النحل» بقصد الزيادة في تنزيه الله تعالى. ولكن ذلك التغيير مشروط بأن لا يتجاوز ما ورد عن أئمة القراءة:(1/117)
وإن تغيّر أو تزد لفظا فلا ... تعد الّذي قد صحّ ممّا نقلا
المعنى: يجوز لقارئ القرآن أن يغيّر صيغة الاستعاذة الواردة في سورة
«النحل» بقصد الزيادة في تنزيه الله تعالى. ولكن ذلك التغيير مشروط بأن لا يتجاوز ما ورد عن أئمة القراءة:
فمن ذلك ما روي عن «الأعمش سليمان بن مهران» ت 148هـ: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم» (1) وما روي عن «الحسن البصري» ت 110هـ:
«أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم» وإدغام الهاء في الهاء (2).
قال ابن الجزري:
وقيل يخفي حمزة حيث تلا ... وقيل لا فاتحة وعلّلا
المعنى: هذا البيت يتحدث عن: إخفاء الاستعاذة. فهو كالاستدراك على قوله السابق: «جهرا لجميع القرّا» وقد ورد عن «حمزة» روايتان في إخفاء الاستعاذة سوى الجهر:
الرواية الأولى: الإخفاء مطلقا: أي حيث قرأ سواء كان أوّل السورة، أو أثناءها، ووجه ذلك ليفرق «حمزة» بين القرآن وغيره.
والرواية الثانية: الجهر بالاستعاذة أوّل سورة «الفاتحة» وإخفاؤها فيما عدا أوّل الفاتحة.
ووجه تخصيص الفاتحة بالجهر: الفرق بين ابتداء القرآن وغيره، وذلك أن القرآن عنده كالسورة الواحدة.
وهذان القولان ضعيفان، والأصح الجهر «لحمزة» كباقي القراء.
والذي تلقيته، وقرأت به عن شيوخي رحمهم الله تعالى الجهر بالاستعاذة
__________
(1) أنظر: إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة / الورقة 4/ ب مخطوط يحققه الطالب / أحمد خالد شكري لنيل الدكتوراة بإشرافنا.
(2) أنظر: المرجع المتقدم الورقة 4/ ب، والكتاب للقباقبي.(1/118)
لجميع القراء العشرة بما فيهم «حمزة».
والمختار في ذلك لجميع القراء العشرة التفصيل:
فيستحب إخفاء الاستعاذة في مواطن، والجهر بها في مواطن:
فمواطن الإخفاء أربعة:
الأول: إذا كان القارئ يقرأ سرّا، سواء كان يقرأ منفردا، أو في مجلس.
الثاني: إذا كان خاليا وحده، سواء قرأ سرّا، أو جهرا.
الثالث: إذا كان في الصلاة، سواء كانت الصلاة سرّية، أو جهريّة.
الرابع: إذا كان يقرأ مع جماعة يتدارسون القرآن، ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة.
وما عدا ذلك يستحب فيه الجهر بالاستعاذة.
فائدة: لو قطع القارئ قراءته لعذر طارئ، كالعطاس، أو التّنحنح، أو لكلام يتعلق بمصلحة القراءة لا يعيد الاستعاذة.
أمّا لو قطعها إعراضا عن القراءة، أو لكلام لا تعلق له بالقراءة، ولو «ردّ السلام» فإنه يستأنف الاستعاذة.
قال ابن الجزري:
وقف لهم عليه أو صل واستحب ... تعوّذ وقال بعضهم يجب
المعنى: تضمن هذا البيت الحديث عن قضيتين:
الأولى: إذا كان القارئ مبتدئا بأوّل سورة سوى «براءة» تعيّن عليه الإتيان بالبسملة كما سيأتي أثناء الحديث عن «البسملة» وحينئذ يجوز له بالنسبة للوقف على الاستعاذة، أو وصلها بالبسملة أربعة أوجه:
الأول: الوقف على كل من: الاستعاذة، والبسملة، ويسمّى قطع الجميع.
الثاني: الوقف على الاستعاذة، ووصل البسملة بأوّل السورة، ويسمّى قطع
الأول، ووصل الثاني بالثالث.(1/119)
الثاني: الوقف على الاستعاذة، ووصل البسملة بأوّل السورة، ويسمّى قطع
الأول، ووصل الثاني بالثالث.
الثالث: وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف على البسملة، ويسمّى وصل الأوّل بالثاني، وقطع الثالث.
الرابع: وصل الاستعاذة بالبسملة مع وصل البسملة بأوّل السورة، ويسمى وصل الجميع.
أمّا إذا كان القارئ مبتدئا بأول سورة «براءة» فإنه يجوز له وجهان:
الأول: الوقف على الاستعاذة، والبدء بأوّل السورة بدون بسملة.
الثاني: وصل الاستعاذة بأوّل السورة بدون بسملة أيضا.
القضية الثانية: اختلف القراء في معنى قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ} (سورة النحل الآية 98) هل الطلب للوجوب، أو النّدب:
فذهب جمهور أهل الأداء إلى أنه على سبيل الندب ولو تركها القارئ لا يكون آثما.
وذهب بعض العلماء إلى أنه على سبيل الوجوب، وقالوا: إن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة.
وبناء على هذا المذهب لو ترك القارئ الاستعاذة يكون آثما.
تمّ باب الاستعاذة ولله الحمد والشكر(1/120)
تمّ باب الاستعاذة ولله الحمد والشكر
«باب البسملة»
قال ابن الجزري:
بسمل بين السّورتين بي نصف ... دم ثق رجا وصل فشا وعن خلف
فاسكت فصل والخلف كم حما جلا ... واختير للسّاكت في ويل ولا
بسملة والسّكت عمّن وصلا ...
المعنى: أتبع المؤلف رحمه الله تعالى باب الاستعاذة بباب البسملة على حسب ترتيبهما في القراءة.
والبسملة: مصدر «بسمل»: إذا قال: «بسم الله الرحمن الرحيم» كما يقال: «هلّل، وهيلل» إذا قال: «لا إله إلّا الله» و «حوقل، وحولق»: إذا قال:
«لا حول ولا قوة إلّا بالله» ومثل ذلك: «حيعل، وحمدل، وحسبل» وهي لغة مولّدة أريد بها الاختصار.
والبسملة مستحبّة عند ابتداء كل أمر مباح، أو مأمور به. وهي من «القرآن» بالإجماع في سورة النمل من قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمََانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} (سورة النمل الآية 50). وأمّا في أوائل السور فالخلاف فيها مشهور بين القراء، والفقهاء، والكلمة على البسملة يشمل ثلاثة أحوال:
الأولى: بين السورتين.
الثانية: في ابتداء كل سورة.
الثالثة: أثناء الابتداء بأواسط السور.(1/121)
الثانية: في ابتداء كل سورة.
الثالثة: أثناء الابتداء بأواسط السور.
وبدأ المؤلف بالحديث عن البسملة بين السورتين:
فبيّن أن المرموز له بالباء من «بي» والنون من «نصف» والدّال من «دم» والثاء من «ثق» والراء من «رجا» وهم: «قالون، وعاصم، وابن كثير، وأبو جعفر، والكسائي» والأصبهاني، عن «ورش».
يقرءون بالفصل بالبسملة بين كل سورتين، سوى سورة «براءة» لما
روي عن «ابن عباس» رضي الله عنهما أنه قال:
«كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل «بسم الله الرحمن الرحيم» فإذا نزلت: «بسم الله الرحمن الرحيم» عرف أن السورة قد ختمت، واستقبلت» اهـ (1) أي ابتدئت سورة أخرى.
ثم أمر المؤلف بالقراءة المرموز له بالفاء من «فشا» وهو: «حمزة» بوصل آخر السورة بأوّل ما بعدها من غير بسملة، وذلك لبيان ما في آخر السورة من حركة الإعراب، أو البناء، وما في أوّل السورة التّالية من همزات قطع، أو وصل، أو إظهار، أو إدغام، أو إقلاب الخ.
ثمّ أمر للمصرّح باسمه وهو: «خلف العاشر» بالقراءة له بوجهين هما:
«الوصل، بدون بسملة والسّكت»:
والمراد بالسكت: الوقف على آخر السورة السابقة وقفة لطيفة من غير تنفس، ومقداره حركتان:
والحركة قدّرها علماء القراءة بمقدار قبض الإصبع، أو بسطه.
ووجه السكت لبيان أنهما سورتان، وإشعار بالانفصال.
ثمّ بين أن المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «حما» والمرموز له بالجيم
__________
(1) رواه البزّار بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح:
أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي «باب في بسم الله الرحمن الرحيم» ج 2/ 112.(1/122)
من «جلا» وهم: «ابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب، والأزرق عن ورش» يقرءون بثلاثة أوجه وهي: 1البسملة 2السكت 3الوصل.
تنبيه: هذا الحكم الذي تقدم للقراء عام بين كل سورتين، سواء كانتا مرتبتين، كآخر «البقرة» وأوّل «آل عمران» أو غير مرتبتين، كآخر «الأعراف»، وأوّل «يوسف». لكن بشرط أن تكون السورة الثانية بعد الأولى حسب ترتيب «القرآن الكريم» كما مثلنا.
أمّا إذا كانت السورة الثانية قبل الأولى في الترتيب كأن وصل آخر «الكهف» بأول «يونس» تعيّن الإتيان بالبسملة لجميع القراء، ولا يجوز حينئذ:
«السكت، ولا الوصل» لأحد منهم.
وإذا وصل آخر السورة بأولها كأن كرّر قراءة سورة «الإخلاص» مثلا، فإن البسملة تكون متعينة أيضا حينئذ للجميع.
ثم بيّن المؤلف أن بعض أهل الأداء اختار الفصل بالبسملة بين: «المدثّر، والقيامة» و «الانفطار، والتطفيف» و «الفجر، والبلد» و «العصر، والهمزة» لمن روي عنه السكت في غيرها وهم: «الأزرق، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب، وخلف العاشر» وذلك لأنهم استقبحوا القراءة بالوصل بدون بسملة.
كما بين المؤلف أن بعض أهل الأداء اختار «السكت» بين هذه السور التي ذكرت قبل المسمّاة بالأربع الزّهر لمن روي عنه «الوصل» في غيرها، وهم:
«الأزرق» ومن معه، و «حمزة» وذلك لأن الوصل فيه إيهام لمعنى غير المراد.
قال ابن الجزري:
... وفي ابتدأ السّورة كلّ بسملا
سوى براءة فلا ولو وصل ...
المعنى: هذه الحال الثانية من أحوال الكلام على البسملة وهي: الابتداء بأوائل السور:
وقد أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأوّل كل سورة
سوى سورة «براءة». وذلك لكتابتها في المصحف.(1/123)
وقد أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأوّل كل سورة
سوى سورة «براءة». وذلك لكتابتها في المصحف.
قال ابن الجزري:
... ووسطا خيّر وفيها يحتمل
المعنى: هذه الحال الثالثة من أحوال الكلام على البسملة وهي: أثناء الابتداء بأواسط السور: يجوز لكل القراء الإتيان بالبسملة أثناء الابتداء بأواسط السور، لا فرق في ذلك بين سورة براءة، وغيرها.
وذهب بعض العلماء إلى استثناء وسط «براءة» فألقحه بأوّلها في عدم جواز الإتيان بالبسملة لأحد من القراء. وهذا الذي تلقيته عن شيوخي، وعلمته أبنائي.
قال ابن الجزري:
وإن وصلتها بآخر السّور ... فلا تقف وغيره لا يحتجر
المعنى: يجوز لكل من فصل بين السورتين بالبسملة ثلاثة أوجه:
الأوّل: الوقف على آخر السورة ثم على البسملة، ويسمى قطع الجميع.
الثاني: الوقف على آخر السورة، ووصل البسملة بأول السورة التالية، ويسمّى قطع الأوّل، ووصل الثاني بالثالث.
الثالث: وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة بأول السورة التالية، ويسمّى وصل الجميع.
أمّا الوجه الرابع وهو: وصل البسملة بآخر السورة، والوقف على البسملة، فهذا الوجه ممتنع للجميع، وذلك لأنه في هذه الحالة يوهم أن البسملة لأواخر السور، لا لأوائلها.
وعلى هذا يكون ل «قالون، والأصبهاني، وابن كثير، وعاصم، والكسائي، وأبي جعفر» هذه الأوجه الثلاثة بين كل سورتين، سوى الأنفال،
وبراءة، فإن حكم ذلك سيأتي قريبا بإذن الله تعالى.(1/124)
وعلى هذا يكون ل «قالون، والأصبهاني، وابن كثير، وعاصم، والكسائي، وأبي جعفر» هذه الأوجه الثلاثة بين كل سورتين، سوى الأنفال،
وبراءة، فإن حكم ذلك سيأتي قريبا بإذن الله تعالى.
ويكون ل «الأزرق، وأبي عمرو، وابن عامر، ويعقوب» بين كلّ سورتين خمسة أوجه: ثلاثة البسملة، والسكت، والوصل.
ويكون ل «حمزة» بين كل سورتين سوى الأربع الزهر «الوصل» فقط.
ويكون ل «خلف العاشر» بين كل سورتين سوى الأربع الزهر «الوصل، والسكت».
ويكون لكل واحد من القراء العشرة بين «الأنفال، وبراءة» ثلاثة أوجه:
الأول: الوقف على آخر «الأنفال» وقفة يسيرة مع التنفس.
الثاني: السكت على آخر «الأنفال» بدون تنفس.
الثالث: وصل آخر الأنفال بأوّل «براءة».
والأوجه الثلاثة من غير بسملة.
وهذه الأوجه الثلاثة جائزة لكل القراء بين أوّل «براءة» وبين أيّ سورة، بشرط أن تكون هذه السورة قبل «التوبة» في الترتيب، كما لو وصل آخر «الأنعام» بأوّل «براءة».
أمّا إذا كانت هذه السورة بعد «براءة» في الترتيب، كما لو وصل آخر سورة «الفرقان» بأوّل «براءة» فالذي يظهر لي والله أعلم أنه يتعين الوقف حينئذ، ويمتنع «السكت، والوصل».
كذلك يتعين الوقف، ويمتنع «السكت، والوصل» إذا وصل آخر «براءة» بأوّلها.
تمّ باب البسملة ولله الحمد والشكر(1/125)
تمّ باب البسملة ولله الحمد والشكر
«باب الإدغام الكبير»
قدّم المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب على غيره من سائر الأبواب من أجل تقديم «الرحيم ملك».
وافتتح به أبواب الأصول، وسيتبعه بغيره بحسب الترتيب.
والإدغام، والإظهار، إحدى الظواهر اللغوية التي اهتم بها العلماء قديما، وحديثا، ووضعوا لها الكثير من الضوابط، والقواعد. واختلف العلماء في تعليلها، وتفسيرها، وفي أيّ القبائل العربية التي كانت تميل إلى النطق بالإظهار، وأيّها كانت تميل إلى الإدغام الخ. وفي البداية نتعرف على حقيقة كل من الإظهار، والإدغام فنقول:
الإظهار لغة: البيان، واصطلاحا إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف المظهر.
والإدغام لغة: إدخال الشيء في الشيء، يقال: أدغمت اللجام في فم الدّابة أي أدخلته فيه.
واصطلاحا النطق بالحرفين حرفا كالثاني مشدّدا.
فإن قيل: هل الأصل الإظهار، أو الإدغام؟
أقول: لعلّ الإظهار هو الأصل، لأنه لا يحتاج إلى سبب في وجوده، بخلاف الإدغام فإنه يحتاج إلى سبب.
وينقسم الإدغام إلى كبير، وصغير:(1/127)
أقول: لعلّ الإظهار هو الأصل، لأنه لا يحتاج إلى سبب في وجوده، بخلاف الإدغام فإنه يحتاج إلى سبب.
وينقسم الإدغام إلى كبير، وصغير:
فالكبير: هو أن يتحرك الحرفان معا المدغم، والمدغم فيه نحو الراءين في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ} (سورة البقرة الآية 185). وقد خصص المؤلف هذا الباب للحديث عن الإدغام الكبير.
والصغير: هو أن يكون المدغم ساكنا، والمدغم فيه متحركا نحو التاءين في قوله تعالى: {فَمََا رَبِحَتْ تِجََارَتُهُمْ} (سورة البقرة الآية 16).
وسمّي الأول كبيرا لكثرة العمل فيه، وهو تسكين الحرف أولا ثم إدغامه ثانيا.
وسمّي الثاني صغيرا لقلّة العمل فيه، وهو الإدغام فقط. وقد عقد المؤلف للإدغام الصغير بابا خاصا به، سيأتي بإذن الله.
واعلم أن الإدغام ينقسم قسمين: كامل، وناقص:
فالكامل: هو أن يذهب الحرف، وصفته، مثل إدغام النون الساكنة في الراء نحو قوله تعالى:
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} (سورة البقرة الآية 26).
والناقص: هو أن يذهب الحرف، وتبقى صفته، مثل إدغام النون الساكنة في «الياء» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ} (سورة البقرة الآية 8) على قراءة الجمهور.
والإدغام ينقسم إلى: واجب، وجائز، وممتنع، وقد تقدم الحديث عن الإدغام الواجب أثناء قول ابن الجزري في مقدمته:
وأوّلي مثل وجنس إن سكن ... أدغم كقل ربّ وبل لا
كما تحدث ابن الجزري عن الإدغام الممتنع أثناء قوله في المقدمة:
... وأبن
سبّحه فاصفح عنهم قالوا وهم ... في يوم لا تزغ قلوب قل نعم
وسيتكلم المؤلف في هذا الباب، وباب الإدغام الصغير عن الإدغام الجائز، وسيذكر موانع الإدغام.(1/128)
وأبن
سبّحه فاصفح عنهم قالوا وهم ... في يوم لا تزغ قلوب قل نعم
وسيتكلم المؤلف في هذا الباب، وباب الإدغام الصغير عن الإدغام الجائز، وسيذكر موانع الإدغام.
واعلم أن الإدغام له شروط، وأسباب، وموانع، وسيتكلم المؤلف عن كل ذلك مفصّلا بإذن الله تعالى.
قال ابن الجزري:
إذا التقى خطّا محرّكان ... مثلان جنسان مقاربان
أدغم بخلف الدّور السّوسي معا
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في الحديث مفصّلا عن «الإدغام الكبير.»
وبدأ بالحديث عن: شروط الإدغام، وأسبابه، ومن ورد عنه الإدغام الكبير من القراء.
وسأتحدّث عن هذه الأمور الثلاثة بالتفصيل حسب ترتيبها بإذن الله تعالى فأقول وبالله التوفيق:
شروط الإدغام:
أن يلتقي الحرفان: المدغم، والمدغم فيه خطّا ولفظا، أو خطّأ لا لفظا، ليدخل نحو: «إنه هو» لأن الهاءين وإن لم يلتقيا لفظا لوجود الواو المدّيّة أثناء النطق، فإنهما التقيا خطّا، إذ الواو المدّيّة لا تكتب في رسم المصحف، وإنما يعوض عنها «واو» صغيرة، وهي من علامات «الضبط».
إذا فالعبرة في الإدغام التقاء الحرفين خطّأ نحو: «إنه هو». وخرج نحو:
«أنا نذير» لأن النونين وإن التقيتا لفظا إلّا أن «الألف» التي بعد «أنا» تعتبر فاصلة بينهما، ولذا فإنّ النونين في هذا المثال لا تدغمان، وكذا كل ما يماثلهما.
وأسباب الإدغام ثلاثة:
التماثل، أو التقارب، أو التجانس.
فالتماثل: أن يتفق الحرفان في المخرج والصفات معا، كالهاء في الهاء.(1/129)
التماثل، أو التقارب، أو التجانس.
فالتماثل: أن يتفق الحرفان في المخرج والصفات معا، كالهاء في الهاء.
والتقارب: أن يتقاربا مخرجا، أو صفة، أو مخرجا وصفة، كالتاء في الثاء، والجيم في الذال.
والتجانس: أن يتفقا مخرجا، ويختلفا صفة، كالدال في التاء، والتاء في الطاء، والثاء في الذال.
وقد أمر المؤلف رحمه الله تعالى بالإدغام الكبير لكل من: «الدّوري والسوسي» بخلف عنهما، إذا ما وجدت الشروط، والأسباب، وعدمت الموانع التي سيذكرها فيما يأتي.
قال ابن الجزري:
... لكن بوجه الهمز والمدّ امنعا
المعنى: أشار المؤلف رحمه الله تعالى في شطر هذا البيت إلى بعض موانع الإدغام:
فبيّن أن «الإدغام الكبير» يمتنع «لأبي عمرو» في حالتين:
الأولى: حالة تحقيق الهمز المفرد الساكن الذي له فيه الإبدال.
والثانية: حالة مدّ «المدّ المنفصل». وسيأتي خلاف «أبي عمرو» في مدّ «المنفصل» وقصره.
ويتفرّع على ذلك الأحوال الثلاثة الآتية:
1 - اجتماع الإدغام الكبير مع همز ساكن.
2 - اجتماع الإدغام الكبير مع «مدّ منفصل».
3 - اجتماع الإدغام الكبير مع همز ساكن، ومدّ منفصل.
فإذا اجتمع الإدغام الكبير، والهمز الساكن نحو قوله تعالى: {وَلَمََّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذََلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (سورة يونس الآية 39) كان لأبي عمرو ثلاثة أوجه وهي:
1 - تحقيق الهمزة والإظهار
2 - إبدال الهمزة والإظهار.(1/130)
1 - تحقيق الهمزة والإظهار
2 - إبدال الهمزة والإظهار.
3 - إبدال الهمزة والإدغام.
ويمتنع الإدغام على تحقيق الهمزة.
وإذا اجتمع الإدغام الكبير مع «مدّ منفصل» نحو قوله تعالى: {قُلْ لََا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزََائِنُ اللََّهِ وَلََا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (سورة الأنعام الآية 50) كان لأبي عمرو ثلاثة أوجه وهي:
1 - قصر المنفصل والإظهار.
2 - قصر المنفصل والإدغام.
3 - مدّ المنفصل والإظهار.
ويمتنع الإدغام على مدّ المنفصل.
وإذا اجتمع الإدغام الكبير مع «الهمز، ومدّ منفصل» نحو قوله تعالى:
{قََالَ لََا يَأْتِيكُمََا طَعََامٌ تُرْزَقََانِهِ إِلََّا نَبَّأْتُكُمََا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمََا} (سورة يوسف الآية 37) كان لأبي عمرو ثلاثة أوجه وهي:
1 - الإظهار، وتحقيق الهمزة، وقصر المنفصل.
2 - الإظهار، وتحقيق الهمزة، ومدّ المنفصل.
3 - الإدغام، وإبدال الهمزة، وقصر المنفصل.
ويمتنع ثلاثة أوجه وهي:
1 - الإدغام، وتحقيق الهمزة، وقصر المنفصل.
2 - الإدغام، وتحقيق الهمزة، ومدّ المنفصل.
3 - الإدغام، وإبدال الهمزة، ومدّ المنفصل.
قال ابن الجزري:
فكلمة مثلي مناسككّم وما ... سلككم وكلمتين عمّما
المعنى: أخبر المؤلف رحمه الله تعالى بأن «أبا عمرو» أدغم من المثلين إذا كانا في كلمة واحدة موضعين فقط وهما:
1 «مناسككم» من قوله تعالى: {فَإِذََا قَضَيْتُمْ مَنََاسِكَكُمْ} (سورة البقرة الآية 200).(1/131)
فكلمة مثلي مناسككّم وما ... سلككم وكلمتين عمّما
المعنى: أخبر المؤلف رحمه الله تعالى بأن «أبا عمرو» أدغم من المثلين إذا كانا في كلمة واحدة موضعين فقط وهما:
1 «مناسككم» من قوله تعالى: {فَإِذََا قَضَيْتُمْ مَنََاسِكَكُمْ} (سورة البقرة الآية 200).
2 «ما سلككم» من قوله تعالى: {مََا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (سورة المدثر الآية 42). وأظهر ما عداهما، نحو قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (سورة فاطر الآية 14).
أمّا إذا كان المثلان في كلمتين فإن «أبا عمرو» يعمّم الإدغام فيهما ويدغمهما بالخلاف ما لم يمنع مانع مما سيذكره المؤلف في البيت الآتي.
وقد وقع المثلان من كلمتين في سبعة عشر حرفا وهي: الباء، والتاء، والثاء، والحاء، والراء، والسين، والعين، والغين، والفاء، والقاف، والكاف، واللام، والميم، والنون، والهاء، والواو، والياء، وهذه أمثلة لهذه الحروف:
1 - فالباء، نحو قوله تعالى: {ذََلِكَ بِأَنَّ اللََّهَ نَزَّلَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ} (سورة البقرة الآية 176).
2 - والتاء، نحو قوله تعالى: {فَأَصََابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمََا مِنْ بَعْدِ الصَّلََاةِ} (سورة المائدة الآية 106).
3 - والثاء، نحو قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (سورة البقرة الآية 191).
4 - والحاء، نحو قوله تعالى: {وَلََا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكََاحِ حَتََّى يَبْلُغَ الْكِتََابُ أَجَلَهُ} (سورة البقرة الآية 235).
5 - والراء، نحو قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (سورة البقرة الآية 185).
6 - والسين، نحو قوله تعالى: {وَتَرَى النََّاسَ سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ} (سورة الحج الآية 2).
7 - والعين، نحو قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلََّا بِإِذْنِهِ} (سورة البقرة الآية 255).
8 - والغين، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلََامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}
(سورة آل عمران الآية 85).
9 - والفاء، نحو قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَتْهُمُ الْبَيِّنََاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} (سورة البقرة الآية 213).(1/132)
8 - والغين، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلََامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}
(سورة آل عمران الآية 85).
9 - والفاء، نحو قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَتْهُمُ الْبَيِّنََاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} (سورة البقرة الآية 213).
10 - والقاف، نحو قوله تعالى: {فَلَمََّا أَفََاقَ قََالَ سُبْحََانَكَ} (سورة الأعراف الآية 143).
11 - والكاف، نحو قوله تعالى: {إِنَّكَ كُنْتَ بِنََا بَصِيراً} (سورة طه الآية 35).
12 - واللام، نحو قوله تعالى: {وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ لََا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} (سورة البقرة الآية 11).
13 - والميم، نحو قوله تعالى: {الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ * مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (سورة الفاتحة الآيتان 43).
14 - والنون، نحو قوله تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (سورة البقرة الآية 30).
15 - والهاء، نحو قوله تعالى: {لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2).
16 - والواو، نحو قوله تعالى: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة الأنعام الآية 127).
17 - والياء، نحو قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خِلََالٌ}
(سورة إبراهيم الآية 31).
قال ابن الجزري:
ما لم ينوّن أو يكن تا مضمر ... ولا مشدّدا وفي الجزم انظر
فإن تماثلا ففيه خلف ... وإن تقاربا ففيه ضعف
المعنى: هذا شروع في بيان موانع الإدغام الكبير. وهي قسمان: متفق عليها، ومختلف فيها: فالمتفق عليها ثلاثة:
المانع الأول: أن يكون الأول منهما منونا، سواء كانا مثلين نحو قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(سورة البقرة الآية 173).
أو متجانسين، نحو قوله تعالى: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتََّى} (سورة الحشر الآية 14).(1/133)
المانع الأول: أن يكون الأول منهما منونا، سواء كانا مثلين نحو قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(سورة البقرة الآية 173).
أو متجانسين، نحو قوله تعالى: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتََّى} (سورة الحشر الآية 14).
أو متقاربين، نحو قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمََاتٍ ثَلََاثٍ} (سورة الزمر الآية 6).
وإنما امتنع الإدغام في هذه الحالة لأن التنوين نون ساكنة فصلت بين الحرفين، فانتفى شرط التقاء الحرفين لفظا.
المانع الثاني: أن يكون الأوّل منهما تاء ضمير لمتكلم، أو مخاطب:
نحو قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكََافِرُ يََا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرََاباً} (سورة النبأ الآية 40).
ونحو قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النََّاسَ حَتََّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (سورة يونس الآية 99).
وإنما امتنع الإدغام في هذه الحالة، لأن تاء المتكلم مضمومة، وتاء المخاطب مفتوحة إذا كان المخاطب مذكّرا، ومكسورة إذا كانت المخاطبة مؤنثة، فامتنع الإدغام لشدة الحرص على عدم اللبس، لأن الإدغام يجعل النطق بتاء المتكلم، والمخاطب واحدا.
المانع الثالث: أن يكون الأوّل منهما مشدّدا:
نحو قوله تعالى: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} (سورة القمر الآية 48).
ونحو قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى ََ} (سورة الرعد الآية 19).
ونحو قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللََّهَ كَذِكْرِكُمْ آبََاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}
(سورة البقرة الآية 200).
وإنما امتنع الإدغام في هذه الحالة، لأن الحرف المشدد مركب من حرفين:
الأول ساكن، والثاني متحرك، فحينئذ لا يحتمل الحرف الثاني أن يدغم فيه حرفان في وقت واحد.
ففي هذه الأحوال الثلاثة التي يكون الحرف المدغم منونا، أو تاء ضمير، أو مشدّدا، يتعين الإظهار، ويمتنع الإدغام قولا واحدا.(1/134)
الأول ساكن، والثاني متحرك، فحينئذ لا يحتمل الحرف الثاني أن يدغم فيه حرفان في وقت واحد.
ففي هذه الأحوال الثلاثة التي يكون الحرف المدغم منونا، أو تاء ضمير، أو مشدّدا، يتعين الإظهار، ويمتنع الإدغام قولا واحدا.
والموانع المختلف فيها مثل: الجزم، وتوالي الإعلال، وقلة الحروف الخ كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
فإذا كان المانع الجزم ففيه تفصيل: وذلك لأنه إما أن يكون في المثلين، أو المتجانسين، أو المتقاربين:
فإن كان في المثلين نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلََامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (سورة آل عمران الآية 85) أو في المتجانسين نحو قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طََائِفَةٌ أُخْرى ََ} (سورة النساء الآية 102).
ففي هاتين الحالتين يكون في إدغامه خلاف لأصحاب الإدغام.
وجه الإدغام: النظر إلى الحالة الموجودة وهي التقاء الحرفين لفظا وخطّا.
ووجه الإظهار: النظر إلى الحالة الأصلية قبل دخول الجازم، حيث كان في آخر الكلمة الأولى حرف حذف للجازم.
وإن كان في المتقاربين، وهو في قوله تعالى: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمََالِ}.
(سورة البقرة الآية 247).
ففي هذه الحالة يكون فيه وجهان أيضا، وهما:
الإظهار، وهو الأرجح والأقوى، نظرا لكثرة طرقه التي جاء منها.
والإدغام، وهو ضعيف نظرا لقلّة طرقه التي روته.
قال ابن الجزري:
والخلف في واو هو المضموم ها ... وآل لوط جئت شيئا كاف ها
كاللّاء لا يحزنك فامنع ...
المعنى: اختلف أصحاب الإدغام الكبير في إدغام «الواو» من «هو»
المضموم هاؤه، وقد وقع في ثلاثة عشر موضعا، نحو قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} (سورة البقرة الآية 249).(1/135)
المعنى: اختلف أصحاب الإدغام الكبير في إدغام «الواو» من «هو»
المضموم هاؤه، وقد وقع في ثلاثة عشر موضعا، نحو قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} (سورة البقرة الآية 249).
وعلة إظهاره مصيره إلى حرف مدّ، وذلك أنه إذا أدغم سكن، وإذا سكن صار حرف مدّ، وحرف المدّ لا يدغم. وعلّة إدغامه، وجود سبب الإدغام، وانتفاء المانع.
واختلف عنهم أيضا في إدغام «اللام» من «ءال لوط» وهو في أربعة مواضع:
اثنان في الحجر وهما في قوله تعالى: {إِلََّا آلَ لُوطٍ إِنََّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} (سورة الحجر الآية 59). وقوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ} (سورة الحجر الآية 61).
وموضع في النمل وهو قوله تعالى: {فَمََا كََانَ جَوََابَ قَوْمِهِ إِلََّا أَنْ قََالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} (سورة النمل الآية 56).
وموضع في القمر وهو قوله تعالى: {إِنََّا أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ حََاصِباً إِلََّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنََاهُمْ بِسَحَرٍ} (سورة القمر الآية 34).
وجه الإظهار توالى الإعلال عليه، لأن أصله «أهل» فقلبت «الهاء، همزة» ثم أبدلت ألفا، ثم بعد ذلك تدغم فيكون في الكلمة ثلاث إعلالات، وذلك قليل في لغة العرب.
ووجه الإدغام، وجود السبب، وانتفاء المانع.
واختلف عنهم أيضا في إدغام «التاء» من قوله تعالى: {قََالُوا يََا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا} (سورة مريم الآية 27).
وجه إظهاره كونه تاء مضمر.
ووجه إدغامه دون إدغام {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} (سورة الكهف آية 71).
أن موضع مريم مكسور التاء، وموضع الكهف مفتوح التاء، والكسر ثقيل فأدغم تخفيفا، يضاف إلى ذلك صحة الرواية.
فإن قيل: لم لم يدغم قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكََافِرُ يََا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرََاباً}
(سورة النبأ الآية 40) وهو مضموم، والضم أثقل من الكسر؟(1/136)
أن موضع مريم مكسور التاء، وموضع الكهف مفتوح التاء، والكسر ثقيل فأدغم تخفيفا، يضاف إلى ذلك صحة الرواية.
فإن قيل: لم لم يدغم قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكََافِرُ يََا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرََاباً}
(سورة النبأ الآية 40) وهو مضموم، والضم أثقل من الكسر؟
أقول: الأصل في القراءة صحة النقل، يضاف إلى ذلك إخفاء النون التي قبل التاء، والإخفاء من موانع الإدغام.
واختلف عنهم أيضا في إدغام {وَاللََّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} (سورة الطلاق الآية 4) على وجه إبدال الهمزة ياء ساكنة.
وجه الإظهار: أن أصل هذه الكلمة: «اللائي» بهمزة مكسورة، بعدها ياء ساكنة، فحذفت الياء لتطرفها، وانكسار ما قبلها، ثم خففت الهمزة لثقلها فأبدلت ياء ساكنة على غير قياس، فحصل في هذه الكلمة إعلالان، فلم تكن لتعلّ ثالثا بالإدغام.
وقيل: أظهرت لأن أصل الياء الهمزة، فإبدالها وتسكينها عارض، ولم يعتدّ بالعارض فيها، فلذلك لم تدغم. وإلى هذا أشار الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى بقوله:
وقبل يئسن الياء في اللّاء عارض ... سكونا أو اصلا فهو يظهر مسهلا
ووجه الإدغام: أن الياء مبدلة من الهمزة، فالتقى مثلان فأدغما.
ومعنى قول الناظم: لا يحزنك فامنع:
أي امنع الإدغام قولا واحدا في قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَلََا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} (سورة لقمان الآية 23). من أجل إخفاء النون.
تنبيه: لم يرد الإدغام في قوله تعالى: {فَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} (سورة يس الآية 76) لأن الكاف وقعت بعد سكون النون، وشرط إدغامها في القاف أن تقع بعد متحرك، وقد أشار إلى ذلك «ابن الجزري» بقوله:
والكاف في القاف وهي فيها وان ... بكلمة فميم جمع واشرطن
فيهنّ عن محرّك ...
قال ابن الجزري:(1/137)
والكاف في القاف وهي فيها وان ... بكلمة فميم جمع واشرطن
فيهنّ عن محرّك ...
قال ابن الجزري:
وكلم ... رض سنشدّ حجّتك بذل قثم
تدغم في جنس وقرب فصّلا ... فالرّاء في اللام وهي في الراء لا
إن فتحا عن ساكن لا قال ثم ... لا عن سكون فيهما النّون ادّغم
ونحن أدغم ضاد بعض شأن نص ... سين النفوس الرأس بالخلف يخص
مع شين عرش ...
المعنى: هذا شرع في بيان ما يدغم من المتجانسين، والمتقاربين، وهو ستة عشر حرفا، أشار إليها الناظم في قوله:
«رض سنشدّ حجّتك بذل قثم».
وهي: الراء، والضاد، والسين، والنون، والشين، والدال، والحاء، والجيم، والتاء، والكاف، والباء، والذال، واللام، والقاف، والثاء، والميم.
ثم شرع المؤلف في بيان الحروف التي يدغم فيها كل حرف من هذه الحروف الستة عشر، مع توضيح شروط ذلك الإدغام: فبين أن «الراء» تدغم في «اللام» نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا قَوْمِ هََؤُلََاءِ بَنََاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} (سورة هود الآية 78).
وقوله تعالى: {غُفْرََانَكَ رَبَّنََا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا} (سورة البقرة الآيتان 286285).
وقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلََافِ اللَّيْلِ وَالنَّهََارِ لَآيََاتٍ لِأُولِي الْأَلْبََابِ} (سورة آل عمران الآية 190).
وشرط إدغام «الراء» في «اللام» ألّا تقع الراء مفتوحة بعد ساكن، فإن وقعت مفتوحة وسكن ما قبلها لم تدغم بل يتعين إظهارها، نحو قوله تعالى:
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغََالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهََا وَزِينَةً} (سورة النحل الآية 8).
و «اللام» تدغم في «الراء» إذا تحرك ما قبل اللام، نحو قوله تعالى:
{قََالُوا يََا لُوطُ إِنََّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} (سورة هود الآية 81).
فإن سكن ما قبل اللام أدغمت مضمومة، ومكسورة، نحو قوله تعالى:(1/138)
{قََالُوا يََا لُوطُ إِنََّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} (سورة هود الآية 81).
فإن سكن ما قبل اللام أدغمت مضمومة، ومكسورة، نحو قوله تعالى:
{فَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنََا آتِنََا فِي الدُّنْيََا} (سورة البقرة الآية 200).
وقوله تعالى: {ادْعُ إِلى ََ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (سورة النحل الآية 125).
وأظهرت مفتوحة، نحو قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مََا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ} (سورة المنافقون الآية 10) وذلك لخفة الفتحة.
إلّا لام «قال» فإنها تدغم مع أنها مفتوحة بعد ساكن، وذلك لكثرة وقوعها في «القرآن الكريم» مثال ذلك قوله تعالى: {قََالَ رَجُلََانِ مِنَ الَّذِينَ يَخََافُونَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمَا} (سورة المائدة الآية 23).
وقوله تعالى: {قََالَ رَبِّ بِمََا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (سورة القصص الآية 17).
«والنون» تدغم في كل من «الراء، واللام» بشرط أن يتحرك ما قبلها، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (سورة إبراهيم الآية 7).
وقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يََا مُوسى ََ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتََّى نَرَى اللََّهَ جَهْرَةً}
(سورة البقرة الآية 55).
فإن سكن ما قبل النون أظهرت، نحو قوله تعالى: {يَخََافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} (سورة النحل الآية 50).
وقوله تعالى: {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (سورة الأحزاب الآية 36).
إلا «النون» من «نحن» فإنها تدغم في «اللام» بعدها مع أن قبلها ساكنا، وذلك لثقل حركتها وهي الضم، مع لزومها، ولكثرة تكرارها، وورودها في «القرآن الكريم» مثال ذلك قوله تعالى: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (سورة البقرة الآية 133).
وقوله تعالى: {وَنَحْنُ لَهُ عََابِدُونَ} (سورة البقرة الآية 138).
وقوله تعالى: {وَمََا نَحْنُ لَكُمََا بِمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس الآية 78).(1/139)
وقوله تعالى: {وَنَحْنُ لَهُ عََابِدُونَ} (سورة البقرة الآية 138).
وقوله تعالى: {وَمََا نَحْنُ لَكُمََا بِمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس الآية 78).
وقوله تعالى: {وَمََا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (سورة هود الآية 53).
و «الضاد» تدغم في «الشين» من قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} (سورة النور الآية 62).
وقوله: «نص» أي نصّ على إدغامه «الإمام أبو عمرو الداني». وقد قرأت على شيخي رحمه الله تعالى بالإظهار، والإدغام.
و «السين» تدغم في «الزاي» في قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}
(سورة التكوير الآية 7).
وفي «الشين» في قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} (سورة مريم الآية 4).
وقوله: «بالخلف يخص» أي أن السين تدغم في هذين اللفظين بالخلاف، واختص الإدغام بهذين اللفظين فقط، فلا يشمل غيرهما نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ النََّاسَ شَيْئاً} (سورة يونس الآية 44).
فحكمه الإظهار قولا واحدا، وقد قرأت بذلك والحمد لله رب العالمين.
قال ابن الجزري:
الدّال في عشر سنا ... ذا ضق ترى شد ثق ظبا زد صف جنا
إلّا بفتح عن سكون غيرتا ...
المعنى: أشار الناظم رحمه الله تعالى بهذا إلى أن «الدال» المهملة تدغم في عشرة أحرف، وهي الأوائل من العشر كلمات التي ذكرها وهي: السين، والذال، والضاد، والتاء، والشين، والثاء، والظاء، والزاي، والصاد، والجيم، وهذه أمثلة لهذه الحروف العشرة:
1 - فمثال «الدال» في «السين» قوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفََادِ * سَرََابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرََانٍ} (سورة إبراهيم الآيتان 5049).
2 - ومثال «الدال» في «الذال» قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ وَالْقَلََائِدَ ذََلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ} (سورة المائدة الآية 97).(1/140)
1 - فمثال «الدال» في «السين» قوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفََادِ * سَرََابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرََانٍ} (سورة إبراهيم الآيتان 5049).
2 - ومثال «الدال» في «الذال» قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ وَالْقَلََائِدَ ذََلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ} (سورة المائدة الآية 97).
3 - ومثال «الدال» في «الضاد» قوله تعالى: {وَإِذََا أَذَقْنَا النََّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرََّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذََا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيََاتِنََا} (سورة يونس الآية 21).
4 - ومثال «الدال» في «التاء» قوله تعالى: {وَلََا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عََاكِفُونَ فِي الْمَسََاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 187).
5 - ومثال «الدال» في «الشين» قوله تعالى: {وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ أَهْلِهََا}
(سورة يوسف الآية 26).
6 - ومثال «الدال» في «الثاء» قوله تعالى: {مَنْ كََانَ يُرِيدُ ثَوََابَ الدُّنْيََا}
(سورة النساء الآية 134).
7 - ومثال «الدال» في «الظاء» قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعََالَمِينَ}
(سورة آل عمران الآية 108).
8 - ومثال «الدال» في «الزاي» قوله تعالى: {يَكََادُ زَيْتُهََا يُضِيءُ} (سورة النور الآية 35).
9 - ومثال «الدال» في «الصاد» قوله تعالى: {نَفْقِدُ صُوََاعَ الْمَلِكِ} (سورة يوسف الآية 72).
10 - ومثال «الدال» في «الجيم» قوله تعالى: {وَقَتَلَ دََاوُدُ جََالُوتَ} (سورة البقرة الآية 251).
وقول الناظم: «إلّا بفتح عن سكون غيرتا» معناه أن الدال تدغم في هذه الحروف العشرة بشرط ألّا تقع «الدال» مفتوحة بعد ساكن، فإن فتحت بعد ساكن، فإنها لا تدغم إلّا في «التاء» فقط، وذلك لقوة المجانسة، إذ يخرجان معا من: طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: «الشدة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات».
مثال الدال المفتوحة بعد ساكن قوله تعالى: {وَلََا تَنْقُضُوا الْأَيْمََانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهََا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللََّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} (سورة النحل الآية 91).(1/141)
وقول الناظم: «إلّا بفتح عن سكون غيرتا» معناه أن الدال تدغم في هذه الحروف العشرة بشرط ألّا تقع «الدال» مفتوحة بعد ساكن، فإن فتحت بعد ساكن، فإنها لا تدغم إلّا في «التاء» فقط، وذلك لقوة المجانسة، إذ يخرجان معا من: طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: «الشدة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات».
مثال الدال المفتوحة بعد ساكن قوله تعالى: {وَلََا تَنْقُضُوا الْأَيْمََانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهََا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللََّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} (سورة النحل الآية 91).
قال ابن الجزري:
... والتّاء في العشر وفي الطّا ثبتا
والخلف في الزّكاة والتّوراة حل ... ولتأت آت
المعنى: هذا شروع في بيان الحروف التي تدغم فيها «التاء» فبيّن أنّ «التاء» تدغم في العشرة الأحرف التي تدغم فيها «الدال» وفي «الطاء» أيضا، فيصبح للتّاء أحد عشر حرفا، إلا أن إدغام «التاء» في «التاء» من باب المثلين، وليس من باب المتجانسين، أو المتقاربين، فإذا أسقطنا من جملة العدد «التاء» أصبحت الحروف التي تدغم «التاء» فيها عشرة أحرف، وهي: السين، والذال، والضاد، والشين، والثاء، والظاء، والزاي، والصاد، والجيم، والطاء.
وهذه أمثلة لهذه الحروف العشرة:
1 - فمثال «التاء» في «السين» قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (سورة النساء الآية 57).
وأمّا قوله تعالى: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمََالِ} (سورة البقرة الآية 247) فلم يرد فيه الإدغام لأجل الجزم، وقد قرأته بالإظهار وعدم الإدغام.
2 - ومثال «التاء» في «الذال» قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنََاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئََاتِ ذََلِكَ ذِكْرى ََ لِلذََّاكِرِينَ} (سورة هود الآية 114).
واختلف المدغمون في إدغام «التاء» في «الذال» من قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى ََ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} (سورة الإسراء الآية 26).
ومن قوله تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبى ََ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}
(سورة الروم الآية 38) وقد أشار الناظم إلى هذا الخلاف بقوله:
والخلف في الزكاة والتوراة حل ... ولتأت آت
فإن قيل: ما وجه الخلاف في هذين الموضعين بالذات؟(1/142)
والخلف في الزكاة والتوراة حل ... ولتأت آت
فإن قيل: ما وجه الخلاف في هذين الموضعين بالذات؟
أقول: لعلّ وجه الإظهار أن هذين الموضعين من المجزوم.
ووجه الإدغام من أجل التقارب الذي بين الحرفين وقوة الكسرة وقد أشار الناظم إلى هذا بقوله:
. ... وفي الجزم انظر
فإن تماثلا ففيه خلف ... وإن تقاربا ففيه ضعف
3 - ومثال «التاء» في «الضاد» قوله تعالى: {وَالْعََادِيََاتِ ضَبْحاً} (سورة العاديات الآية 1).
4 - ومثال «التاء» في «الشين» قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنََاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدََاءَ} (سورة النور الآية 4).
وقد تقدم التنبيه على الخلاف الذي في قوله تعالى: {قََالُوا يََا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا} (سورة مريم الآية 27).
5 - ومثال «التاء» في «الثاء» قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئََاتِ ثُمَّ تََابُوا مِنْ بَعْدِهََا وَآمَنُوا} (سورة الأعراف الآية 153).
واختلف المدغمون في إدغام «التاء» في «الثاء» من قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْكُمْ} (سورة البقرة الآية 83).
ومن قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرََاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهََا} (سورة الجمعة الآية 5).
وقد أشار الناظم إلى هذا الخلاف بقوله: «والخلف في الزكاة والتوراة حل».
6 - ومثال «التاء» في «الظاء» قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ قََالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} (سورة النساء الآية 97).
7 - ومثال «التاء» في «الزاي» قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} (سورة الزمر الآية 73).
8 - ومثال «التاء» في «الصاد» قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلََائِكَةُ صَفًّا لََا يَتَكَلَّمُونَ إِلََّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمََنُ} (سورة النبأ الآية 38).(1/143)
7 - ومثال «التاء» في «الزاي» قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} (سورة الزمر الآية 73).
8 - ومثال «التاء» في «الصاد» قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلََائِكَةُ صَفًّا لََا يَتَكَلَّمُونَ إِلََّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمََنُ} (سورة النبأ الآية 38).
9 - ومثال «التاء» في «الجيم» قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ جُنََاحٌ فِيمََا طَعِمُوا إِذََا مَا اتَّقَوْا} (سورة المائدة الآية 93).
10 - ومثال «التاء» في «الطاء» قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلََاةَ طَرَفَيِ النَّهََارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} (سورة هود الآية 114).
واختلف المدغمون في إدغام «التاء» في «الطاء» من قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طََائِفَةٌ أُخْرى ََ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (سورة النساء الآية 102).
وقد أشار الناظم إلى هذا الخلاف بقوله:
والخلف في الزكاة والتوراة حل ... ولتأت آت
فإن قيل: ما وجه الخلاف في هذا الموضع بالذات؟
أقول: لعلّ وجه الإظهار في هذا الموضع أنه من المجزوم. ووجه الإدغام التجانس الذي بين الحرفين، وقوة الكسرة.
قال ابن الجزري:
... ولثا الخمس الأول
المعنى: هذا شروع في بيان الحروف التي تدغم «الثّاء» فيها، وهي الحروف الخمسة التي ذكرت أوّلا من الحروف التي تدغم «الدال» فيها، وهي:
«السين، والذال، والضاد، والتاء، والشين» وهذه أمثلة لهذه الحروف الخمسة:
1 - فمثال «الثاء» في «السين» قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمََانُ دََاوُدَ} (سورة النمل الآية 16).
2 - ومثال «الثاء» في «الذال» قوله تعالى: {وَالْأَنْعََامِ وَالْحَرْثِ ذََلِكَ مَتََاعُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (سورة آل عمران الآية 14).
3 - ومثال «الثاء» في «الضاد» قوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (سورة الذاريات الآية 24).
4 - ومثال «الثاء» في «التاء» قوله تعالى: {وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} (سورة الحجر الآية 65).(1/144)
3 - ومثال «الثاء» في «الضاد» قوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (سورة الذاريات الآية 24).
4 - ومثال «الثاء» في «التاء» قوله تعالى: {وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} (سورة الحجر الآية 65).
5 - ومثال «الثاء» في «الشين» قوله تعالى: {وَكُلََا مِنْهََا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمََا وَلََا تَقْرَبََا هََذِهِ الشَّجَرَةَ} (سورة البقرة الآية 35).
قال ابن الجزري:
والكاف في القاف وهي فيها وإن ... بكلمة فميم جمع واشرطن
فيهنّ عن محرّك والخلف في ... طلّقكنّ
المعنى: يفهم من هذا أنّ «الكاف» تدغم في «القاف» إذا تحرك ما قبل «الكاف» نحو قوله تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قََالَ إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة الآية 30).
فإن سكن ما قبل «الكاف» لم تدغم نحو قوله تعالى: {وَإِذََا رَأَوْا تِجََارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهََا وَتَرَكُوكَ قََائِماً} (سورة الجمعة الآية 11).
ويفهم أيضا أنّ «القاف» تدغم في «الكاف» إذا تحرك ما قبل «القاف» نحو قوله تعالى: {بَلْ يَدََاهُ مَبْسُوطَتََانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشََاءُ} (سورة المائدة الآية 64).
وكذلك تدغم «القاف» في «الكاف» إذا كانت معها في كلمة واحدة، وكان بعد «الكاف» ميم جمع، نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (سورة البقرة الآية 21).
واختلف المدغمون في إدغام «القاف» في «الكاف» من قوله تعالى:
{عَسى ََ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوََاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ} (سورة التحريم الآية 5).
فإن قيل: ما وجه الخلاف في هذا اللفظ؟
أقول: وجه الإظهار في هذا اللفظ فقد الشرط وهو: عدم وقوع «ميم جمع» بعد الكاف.
ووجه الإدغام ثقل الكلمة بالتأنيث والجمع، وكأنّ نون النسوة الدالة على الجمع قامت مقام «واو الجمع» في الثقل فخفف اللفظ بالإدغام، والوجهان
صحيحان، وقرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين. وقد أشار إلى هذا الخلاف «الإمام الشاطبي» بقوله:(1/145)
ووجه الإدغام ثقل الكلمة بالتأنيث والجمع، وكأنّ نون النسوة الدالة على الجمع قامت مقام «واو الجمع» في الثقل فخفف اللفظ بالإدغام، والوجهان
صحيحان، وقرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين. وقد أشار إلى هذا الخلاف «الإمام الشاطبي» بقوله:
وإدغام ذي التحريم طلقكنّ قلّ ... أحقّ وبالتأنيث والجمع أثقلا
فإن فقد شرط من الشرطين المتقدمين: بأن سكن ما قبل «القاف» أو لم يقع بعد «الكاف» «ميم جمع» وجب الإظهار، مثال ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ وَرَفَعْنََا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} (سورة البقرة الآية 63). وقوله تعالى:
{نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعََاقِبَةُ لِلتَّقْوى ََ} (سورة طه الآية 132).
وقد أشار إلى ذلك «الإمام الشاطبي» بقوله:
... وميثاقكم أظهر ونرزقك انجلا
قال ابن الجزري:
... . ولحا زحزح في
والذّال في سين وصاد الجيم صح ... من ذي المعارج وشطأه رجح
والباء في ميم يعذّب من فقط ...
المعنى: يفهم من هذا أنّ «الحاء» تدغم في «العين» من قوله تعالى:
{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النََّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فََازَ} (سورة آل عمران الآية 185).
والإدغام خاص بهذا اللفظ فقط دون غيره على خلاف بين المدغمين، وقيّد الناظم الإدغام بهذا اللفظ ليخرج ما عداه فحكمه الإظهار قولا واحدا، مثال ذلك قوله تعالى: {وَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ فِيمََا تَرََاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}
(سورة النساء الآية 24).
وقوله تعالى: {وَمََا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (سورة المائدة الآية 3).
وقول الناظم «في» هو فعل أمر من: «وفي يفي» إذا تمّ وكثر. ويجوز أن يكون فعل أمر من «الوفاء» الذي هو ضدّ الغدر، وحينئذ يكون المعنى: أتمّ إدغامه، وأعطه حقه إذا لفظت به ولا تكن غادرا، ولا مخالفا، لما ورد عن علماء القراءات الثقات.
ويفهم أيضا من كلام الناظم أن «الذال» تدغم في حرفين هما: «السين، والصاد» وذلك في قوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً} (سورة الكهف الآية 61). وقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً} (سورة الكهف الآية 63). وقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ صََاحِبَةً وَلََا وَلَداً} (6) (سورة الجنّ الآية 3).(1/146)
وقول الناظم «في» هو فعل أمر من: «وفي يفي» إذا تمّ وكثر. ويجوز أن يكون فعل أمر من «الوفاء» الذي هو ضدّ الغدر، وحينئذ يكون المعنى: أتمّ إدغامه، وأعطه حقه إذا لفظت به ولا تكن غادرا، ولا مخالفا، لما ورد عن علماء القراءات الثقات.
ويفهم أيضا من كلام الناظم أن «الذال» تدغم في حرفين هما: «السين، والصاد» وذلك في قوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً} (سورة الكهف الآية 61). وقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً} (سورة الكهف الآية 63). وقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ صََاحِبَةً وَلََا وَلَداً} (6) (سورة الجنّ الآية 3).
ويفهم من كلام الناظم أيضا أنّ «الجيم» تدغم في حرفين هما:
1 «التاء» من قوله تعالى: {مِنَ اللََّهِ ذِي الْمَعََارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلََائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (سورة المعارج الآيتان 32).
2 «الشين» من قوله تعالى: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}
(سورة الفتح الآية 29). على الراجح من الوجهين، والوجهان صحيحان، وبهما قرأت.
ويفهم من كلام الناظم أيضا أنّ «الباء» تدغم في «ميم» «يعذب من يشاء» فقط، وذلك في خمسة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة آل عمران الآية 129).
2 - قوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَلِلََّهِ مُلْكُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (سورة المائدة الآية 18).
3 - قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة المائدة الآية 40).
4 - قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشََاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} (سورة العنكبوت الآية 21).
5 - قوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ وَكََانَ اللََّهُ غَفُوراً رَحِيماً}
(سورة الفتح الآية 14).
تنبيه: ليس من هذه المواضع قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة الآية 284) حيث إن «أبا عمرو» يقرأه بجزم الباء، وإدغامه
حينئذ يكون من باب الإدغام الصغير، وليس من الإدغام الكبير.(1/147)
تنبيه: ليس من هذه المواضع قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة الآية 284) حيث إن «أبا عمرو» يقرأه بجزم الباء، وإدغامه
حينئذ يكون من باب الإدغام الصغير، وليس من الإدغام الكبير.
ومعنى قول الناظم: «والباء في ميم يعذّب من فقط» أنّ ما عداه لا خلاف في إظهاره، نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا} (سورة البقرة الآية 26). وقوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مََا قََالُوا} (سورة آل عمران الآية 181).
قال ابن الجزري:
... والحرف بالصّفة إن يدغم سقط
المعنى: يفهم من هذا أن الحرف إذا أدغم في هذا الباب فإنه يدغم إدغاما كاملا بحيث تذهب ذات الحرف وصفته، لأن الإدغام هو: النطق بالحرفين حرفا كالثاني مشدّدا.
قال ابن الجزري:
والميم عند الباء عن محرّك ... تخفى
المعنى: أنّ «الميم» المتحركة إذا وقعت بعد حرف متحرك، ووقع بعد «الميم» «الباء» فإن «الميم» في هذه الحالة تخفى، أي تستتر مع الغنة:
فالإخفاء لغة: الستر، واصطلاحا: هو النطق بحرف بصفة بين الإظهار، والإدغام، عار عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف المخفي.
فإن قيل: لماذا عدل عن إدغام «الميم في الباء» إلى «الإخفاء»؟ أقول: من أجل المحافظة على غنة «الميم» إذ الإدغام يذهب الغنة.
فإن كان الحرف الذي قبل «الميم» ساكنا فإنه لا خلاف في إظهار «الميم» حينئذ، مثال ذلك قوله تعالى: {وَوَصََّى بِهََا إِبْرََاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} (سورة البقرة الآية 132).
قال ابن الجزري:
... وأشممن ورم أو اترك
في غير با والميم معهما وعن ... بعض بغير الفا
المعنى: تجوز الإشارة بالروم، والإشمام إلى حركة الحرف المدغم. والمراد بالروم هنا: الإخفاء، والاختلاس، وهو: الإتيان بمعظم الحركة.(1/148)
وأشممن ورم أو اترك
في غير با والميم معهما وعن ... بعض بغير الفا
المعنى: تجوز الإشارة بالروم، والإشمام إلى حركة الحرف المدغم. والمراد بالروم هنا: الإخفاء، والاختلاس، وهو: الإتيان بمعظم الحركة.
والمراد بالإشمام هنا: ضمّ الشفتين مع مقارنة النطق بالإدغام.
والروم خاص بالمضموم، والمرفوع والمجرور، والمكسور.
والإشمام خاص بالمضموم، والمرفوع فقط.
والآخذون بالروم، والإشمام في هذا الباب أجمعوا على منع الروم، والإشمام في الحرف المدغم إذا كان «باء» والمدغم فيه «باء أو ميما» نحو قوله تعالى: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنََا مَنْ نَشََاءُ} (سورة يوسف الآية 56).
وقوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة آل عمران الآية 129).
أو كان الحرف المدغم «ميما» والمدغم فيه «باء أو ميما» نحو قوله تعالى:
{وَاللََّهُ أَعْلَمُ بِمََا تَصِفُونَ} (سورة يوسف الآية 77).
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا فِي السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ} (سورة الحج الآية 70).
واستثنى بعض الآخذين بالروم، والإشمام في هذا الباب، الروم، والإشمام في «الفاء» المدغمة في مثلها، نحو قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (سورة المطففين الآية 24).
وجه منع الروم، والإشمام في: «الباء، والميم، والفاء» تعذّر الروم، والإشمام، لأن هذه الحروف تخرج من «الشفتين».
قال ابن الجزري:
... ومعتلّ سكن
قبل امددن واقصره ...
المعنى: إذا كان الحرف المدغم حرف علة، سواء كان حرف مدّ ولين، أو حرف لين فقط، يجوز فيه الأوجه التي تجوز في عارض السكون عند الوقف من
القصر، والتوسط، والمدّ، والسكون المحض، والروم، والإشمام، كما هو مبين في علم التجويد، مثال ذلك في حرف المدّ واللين، قوله تعالى: {الرَّحِيمِ * مََالِكِ} (سورة الفاتحة الآيتان 43). وقوله تعالى: {قََالَ لَهُمْ مُوسى ََ وَيْلَكُمْ لََا تَفْتَرُوا عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (سورة طه الآية 61). وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنََا آتِنََا فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً} (سورة البقرة الآية 201).(1/149)
المعنى: إذا كان الحرف المدغم حرف علة، سواء كان حرف مدّ ولين، أو حرف لين فقط، يجوز فيه الأوجه التي تجوز في عارض السكون عند الوقف من
القصر، والتوسط، والمدّ، والسكون المحض، والروم، والإشمام، كما هو مبين في علم التجويد، مثال ذلك في حرف المدّ واللين، قوله تعالى: {الرَّحِيمِ * مََالِكِ} (سورة الفاتحة الآيتان 43). وقوله تعالى: {قََالَ لَهُمْ مُوسى ََ وَيْلَكُمْ لََا تَفْتَرُوا عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (سورة طه الآية 61). وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنََا آتِنََا فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً} (سورة البقرة الآية 201).
ومثال ذلك في حرف اللين قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى ََ مِنْ بَعْدِهِ}
(سورة الأعراف الآية 148).
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعََادٍ} (سورة الفجر الآية 6).
قال ابن الجزري:
والصّحيح قل ... إدغامه للعسر والإخفا أجل
المعنى: إذا وقع قبل الحرف المدغم حرف صحيح ساكن جاز فيه وجهان:
الإدغام المحض، والإخفاء، وقد يعبر عنه بالاختلاس. مثال ذلك قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (سورة البقرة الآية 185). وقوله تعالى: {قََالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كََانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (سورة مريم الآية 29).
قال ابن الجزري:
وافق في إدغام صفّا زجرا ... ذكرا وذروا فد وذكرا الاخرى
صبحا قرا خلف ...
المعنى: أشار المؤلف رحمه الله تعالى في هذا البيت، والأبيات الآتية إلى من وافق «أبا عمرو» على إدغام بعض ما تقدم، ثم استطرد فيه أحرفا أخرى ملحقة بالإدغام الكبير: فوافق «حمزة» «أبا عمرو» على إدغام أربعة أحرف بلا خلاف عن حمزة، وهي:
1 «التاء» في «الصاد» من قوله تعالى: {وَالصَّافََّاتِ صَفًّا}. (سورة الصافات، الآية 1)
2 «التاء» في «الزاي» من قوله تعالى: {فَالزََّاجِرََاتِ زَجْراً}. (سورة الصافات، الآية 2).(1/150)
1 «التاء» في «الصاد» من قوله تعالى: {وَالصَّافََّاتِ صَفًّا}. (سورة الصافات، الآية 1)
2 «التاء» في «الزاي» من قوله تعالى: {فَالزََّاجِرََاتِ زَجْراً}. (سورة الصافات، الآية 2).
3 «التاء» في «الذال» من قوله تعالى: {فَالتََّالِيََاتِ ذِكْراً}. (سورة الصافات، الآية 3).
4 «التاء» في «الذال» من قوله تعالى: {وَالذََّارِيََاتِ ذَرْواً}. (سورة الذاريات، الآية 1).
ووافق «خلاد» «أبا عمرو» على إدغام حرفين بخلاف عنه، وهما:
1 «التاء» في «الذال» من قوله تعالى: {فَالْمُلْقِيََاتِ ذِكْراً} (سورة المرسلات الآية 5).
2 «التاء» في «الصاد» من قوله تعالى: {فَالْمُغِيرََاتِ صُبْحاً} (سورة العاديات الآية 3).
تنبيه: اعلم أن إدغام «حمزة» يكون مع المدّ المشبع، لأنه من باب المدّ اللازم، بخلاف إدغام «أبي عمرو» فهو من باب المد العارض. كما أن إدغام «حمزة» لا يكون معه «روم» بخلاف إدغام «أبي عمرو». ويفهم هذا من قول «ابن الجزري»: «وافق في إدغام صفا زجرا» الخ أي أن الموافقة في الإدغام فقط دون غيره.
قال ابن الجزري:
وبا والصّاحب ... بك تمارى ظنّ
المعنى: وافق المرموز له بالظاء من «ظن» وهو «يعقوب» «أبا عمرو» على إدغام «الباء» في «الباء» من قوله تعالى: {وَالصََّاحِبِ بِالْجَنْبِ} (سورة النساء الآية 36).
وانفرد «يعقوب» عن «أبي عمرو» بإدغام «التاء في التاء» من قوله تعالى:
{فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكَ تَتَمََارى ََ} (سورة النجم الآية 55). وهي قراءة صحيحة ومتواترة.
وذلك لأنّ «أبا عمرو» لا يدغم من المثلين في كلمة إلّا «مناسككم، وما سلككم».
واعلم أن إدغام «يعقوب» لا يتأتى إلا في حالة وصل «تتمارى» بالكلمة التي قبلها. أمّا في حالة الابتداء ب «تتمارى» فإنه يظهر التاءين كباقي القراء.
قال ابن الجزري:(1/151)
واعلم أن إدغام «يعقوب» لا يتأتى إلا في حالة وصل «تتمارى» بالكلمة التي قبلها. أمّا في حالة الابتداء ب «تتمارى» فإنه يظهر التاءين كباقي القراء.
قال ابن الجزري:
. ... أنساب غبي
ثمّ تفكّروا نسبّحك كلا ... بعد
المعنى: وافق المرموز له بالغين من «غبي» وهو: «رويس» «أبا عمرو» على إدغام أربع كلمات وهي: قوله تعالى: {فَلََا أَنْسََابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ} (سورة المؤمنون الآية 101). وقوله تعالى: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنََا بَصِيراً} (سورة طه الآيات 3533). وأدغم «رويس» وحده «التاء» في «التاء» من قوله تعالى: {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مََا بِصََاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} (سورة سبأ الآية 46).
واعلم أن «إدغام» «رويس» لا يتأتى إلا في حالة وصل «تتفكروا» بالكلمة التي قبلها. أما في حالة الابتداء ب «تتفكروا» فإنه يظهر التاءين كباقي القراء وأن «أبا عمرو» لا يدغمها، لأنه لا يدغم من المثلين في كلمة إلّا «مناسككم، وما سلككم».
قال ابن الجزري:
... ورجّح لذهب وقبلا
جعل نحل أنّه النّجم معا ...
المعنى: أن المرموز له بالغين من «غبي» وهو: «رويس» وافق «أبا عمرو» في إدغام عدد من الكلمات سيأتي تفصيلها بإذن الله تعالى. وهذا الإدغام على ثلاثة أقسام:
الأول: ما يترجح إدغامه على إظهاره.
والثاني: ما ورد فيه الخلاف من غير ترجيح.
والثالث: ما يترجح إظهاره على إدغامه.
وبدأ الناظم رحمه الله تعالى بالحديث عن القسم الأول فأفاد أن «رويسا»
أدغم أربع كلمات في اثني عشر موضعا وهي:(1/152)
وبدأ الناظم رحمه الله تعالى بالحديث عن القسم الأول فأفاد أن «رويسا»
أدغم أربع كلمات في اثني عشر موضعا وهي:
1 - قوله تعالى: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} (سورة البقرة الآية 20).
2 - قوله تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لََا قِبَلَ لَهُمْ بِهََا} (سورة النمل الآية 37).
و «جعل لكم» جميع ما في النحل وهو ثمانية أحرف وهي:
1 {وَاللََّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً} (سورة النحل الآية 72).
2 {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوََاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (سورة النحل الآية 72).
3 {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ} (سورة النحل الآية 78).
4 {وَاللََّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً} (سورة النحل الآية 80).
5 {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعََامِ بُيُوتاً} (سورة النحل الآية 80).
6 {وَاللََّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمََّا خَلَقَ ظِلََالًا} (سورة النحل الآية 81).
7 {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبََالِ أَكْنََاناً} (سورة النحل الآية 81).
8 {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرََابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (سورة النحل الآية 81).
«وأنه هو» الموضعان الأخيران في النجم وهما:
1 {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى ََ وَأَقْنى ََ} (سورة النجم الآية 48).
2 {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ََ} (سورة النجم الآية 49).
قال ابن الجزري:
... وخلف الأوّلين مع لتصنعا
مبدّل الكهف وبا الكتابا ... بأيد بالحقّ وإن عذابا
والكاف في كانوا وكلّا أنزلا ... لكم تمثّل وجهنّم جعلا
شورى ...
المعنى: هذا شروع في بيان القسم الثاني: وهو ما ورد فيه الإدغام عن «رويس» من غير ترجيح، وهو أربعة عشر حرفا وهي:
1 {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ََ} (الأول من النجم الآية 43).
2 {وَأَنَّهُ هُوَ أَمََاتَ وَأَحْيََا} (الثاني من النجم الآية 44).(1/153)
1 {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ََ} (الأول من النجم الآية 43).
2 {وَأَنَّهُ هُوَ أَمََاتَ وَأَحْيََا} (الثاني من النجم الآية 44).
3 {وَلِتُصْنَعَ عَلى ََ عَيْنِي} (سورة طه الآية 39).
4 {لََا مُبَدِّلَ لِكَلِمََاتِهِ} (سورة الكهف الآية 27).
5 {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتََابَ بِأَيْدِيهِمْ} (سورة البقرة الآية 79).
6 {أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ وَالْعَذََابَ بِالْمَغْفِرَةِ} (سورة البقرة الآية 175).
7 {ذََلِكَ بِأَنَّ اللََّهَ نَزَّلَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ} (سورة البقرة الآية 176).
8 {كَذََلِكَ كََانُوا يُؤْفَكُونَ} (سورة الروم الآية 55).
9 {فِي أَيِّ صُورَةٍ مََا شََاءَ رَكَّبَكَ * كَلََّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} (سورة الانفطار الآيتان 98).
10 {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَنْبَتْنََا بِهِ حَدََائِقَ ذََاتَ بَهْجَةٍ} (سورة النمل الآية 60).
11 {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعََامِ ثَمََانِيَةَ أَزْوََاجٍ} (سورة الزمر الآية 6).
12 {فَتَمَثَّلَ لَهََا بَشَراً سَوِيًّا} (سورة مريم الآية 17).
13 {مِنْ جَهَنَّمَ مِهََادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوََاشٍ} (سورة الأعراف الآية 41).
14 {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً} (سورة الشورى الآية 11).
قال ابن الجزري:
وعنه البعض فيها أسجلا ...
المعنى: هذا شروع في بيان القسم الثالث: وهو ما ورد فيه الإدغام عن «رويس» مع ترجيح الإظهار. وهو: «جعل لكم» في غير «النحل، والشورى» وهو سبعة عشر موضعا وهي:
1 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرََاشاً} (سورة البقرة الآية 22).
2 {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهََا فِي ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (سورة الأنعام الآية 97).
3 {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} (سورة يونس الآية 67).
4 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} (سورة طه الآية 53).(1/154)
3 {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} (سورة يونس الآية 67).
4 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} (سورة طه الآية 53).
5 {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبََاساً} (سورة الفرقان الآية 47).
6 {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} (سورة القصص الآية 73).
7 {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (سورة السجدة الآية 9).
8 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نََاراً} (سورة يس الآية 80).
9 {اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} (سورة غافر الآية 61).
10 {اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرََاراً} (سورة غافر الآية 64).
11 {اللََّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعََامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهََا وَمِنْهََا تَأْكُلُونَ} (سورة غافر الآية 79).
1312 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهََا سُبُلًا} (سورة الزخرف الآية 10).
14 {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعََامِ مََا تَرْكَبُونَ} (سورة الزخرف الآية 12).
15 {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} (سورة الملك الآية 15).
16 {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (سورة الملك الآية 23).
17 {وَاللََّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسََاطاً} (سورة نوح الآية 19).
قال ابن الجزري:
... وقيل عن يعقوب ما لابن العلا
المعنى: يشير المؤلف رحمه الله تعالى بهذا إلى ما ذكره: «المبارك بن الحسن ابن أحمد بن عليّ بن فتحان، أبو الكرم الشّهرزوري، البغدادي» المولود سنة 462هـ والمتوفى سنة 550هـ في كتابه: «المصباح الزاهر في العشرة البواهر» وغيره من علماء القراءات، من إدغام «يعقوب» كلّ ما أدغمه «أبو عمرو» من المثلين والمتجانسين والمتقاربين، وهو وجه صحيح وقد قرأت به والحمد لله.
قال ابن الجزري:
بيّت حزفز تعدانني لطف ... وفي تمدّونني فضله ظرف
المعنى: لما فرغ الناظم من مذهب «أبي عمرو، ورويس، ويعقوب» فيما أدغموه من الإدغام الكبير، شرع في ذكر أحرف بقيت من الإدغام الكبير.(1/155)
بيّت حزفز تعدانني لطف ... وفي تمدّونني فضله ظرف
المعنى: لما فرغ الناظم من مذهب «أبي عمرو، ورويس، ويعقوب» فيما أدغموه من الإدغام الكبير، شرع في ذكر أحرف بقيت من الإدغام الكبير.
فأخبر أن المرموز له بالحاء من «حز» والفاء من «فز» وهما: «أبو عمرو، وحمزة» قرأ بإدغام «التاء» في «الطاء» قولا واحدا وذلك في قوله تعالى: {بَيَّتَ طََائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} (سورة النساء الآية 81). وقرأ الباقون بالإظهار.
تنبيه: اعلم أن إدغام «أبي عمرو» لهذا الحرف يختلف عن إدغامه لما تقدم أول الباب: فهو يدغم هذا الحرف بلا خلاف، سواء قصر المنفصل، أو مدّه، وسواء أبدل الهمز المفرد، أو حققه.
ثم أخبر أن المرموز له باللام من «لطف» وهو: «هشام» أدغم «النون» في «النون» من قوله تعالى: {أَتَعِدََانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} (سورة الأحقاف الآية 17).
والباقون بالإظهار، وعلى الإدغام يتعين إشباع المدّ.
والمرموز له بالفاء من «فضله» والظاء من «ظرف» وهما: «حمزة، ويعقوب» أدغما «النون» في «النون» من قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَ سُلَيْمََانَ قََالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمََالٍ} (سورة النمل الآية 36). مع المدّ المشبع، ولهما إثبات الياء وصلا ووقفا.
وقرأ الباقون بالإظهار.
وقرأ «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر» بإثبات الياء وصلا فقط.
وقرأ «ابن كثير» بإثبات الياء في الحالين.
وقرأ الباقون بحذف الياء في الحالين.
قال ابن الجزري: تمدّونني في سما.
قال ابن الجزري:
مكّنّ غير المكّ تأمنّا أشم ... ورم لكلّهم وبالمحض ثرم
المعنى: قرأ جميع القراء غير «ابن كثير المكي» «مكنّي» من قوله تعالى:
{قََالَ مََا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} (سورة الكهف الآية 95) بنون واحدة مشددة مكسورة، وذلك على إدغام «النون» التي هي لام الفعل في نون الوقاية.(1/156)
مكّنّ غير المكّ تأمنّا أشم ... ورم لكلّهم وبالمحض ثرم
المعنى: قرأ جميع القراء غير «ابن كثير المكي» «مكنّي» من قوله تعالى:
{قََالَ مََا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} (سورة الكهف الآية 95) بنون واحدة مشددة مكسورة، وذلك على إدغام «النون» التي هي لام الفعل في نون الوقاية.
وقرأ «ابن كثير المكي» بنونين خفيفتين: الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، بدون إدغام، على الأصل.
وقوله تعالى: {قََالُوا يََا أَبََانََا مََا لَكَ لََا تَأْمَنََّا عَلى ََ يُوسُفَ} (سورة يوسف الآية 11) أصله «تأمننا» بنونين مظهرتين، وقد أجمع القراء العشرة على عدم إظهار النون الأولى، واختلفوا بعد ذلك في كيفية القراءة: فقرأ جميع القراء عدا «أبا جعفر» بوجهين:
الأول: الإدغام مع الإشمام، والثاني: اختلاس ضمة النون الأولى.
وقرأ «أبو جعفر» بالإدغام المحض من غير روم ولا إشمام.
تمّ باب الإدغام الكبير ولله الحمد والشكر(1/157)
تمّ باب الإدغام الكبير ولله الحمد والشكر
«باب هاء الكناية»
هاء الكناية في عرف القراء هي هاء الضمير التي يكنّى بها عن الواحد المذكر الغائب.
والأصل في هاء الكناية الضمّ نحو قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (سورة الإسراء الآية 1). وقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (سورة الملك الآية 13). إلّا إذا وقع قبلها كسرة، أو ياء ساكنة فإنها حينئذ تكسر للمناسبة، نحو قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (سورة الملك الآية 13). وقوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2).
ويجوز ضم هاء الكناية إذا وقعت بعد كسرة، أو ياء ساكنة، مراعاة للأصل، ولذلك قرئ بالوجهين: الكسر، والضم، في قوله تعالى: {إِذْ رَأى ََ نََاراً فَقََالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نََاراً} (سورة طه الآية 10). وقوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفى ََ بِمََا عََاهَدَ عَلَيْهُ اللََّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة الفتح الآية 10). وقدّم الناظم رحمه الله تعالى هذا الباب على غيره لتقدم قوله تعالى: {لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً}.
والخلاف بين القراء في «هاء الكناية» دائر بين: ضمها، وكسرها، وإسكانها، وقصر حركتها، أي عدم مدّها بالكليّة، وإشباع حركتها وهو المعبّر عنه بالصلة.
واعلم أنّ لهاء الكناية أربعة أحوال:
الأولى: أن تقع بين ساكنين نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنََاهُ الْإِنْجِيلَ} (سورة المائدة الآية 46).(1/159)
واعلم أنّ لهاء الكناية أربعة أحوال:
الأولى: أن تقع بين ساكنين نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنََاهُ الْإِنْجِيلَ} (سورة المائدة الآية 46).
الثانية: أن تقع قبل ساكن، وقبلها متحرك، نحو قوله تعالى: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى ََ وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ} (سورة القصص الآية 70).
وحكمها في هاتين الحالتين عدم الصلة لجميع القراء، وذلك لأن الصلة تؤدي إلى الجمع بين الساكنين، بل تبقي «الهاء» على حركتها ضمة كانت، أو كسرة، وقد أشار إلى ذلك «الإمام الشاطبي» بقوله: ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن.
الثالثة: أن تقع بين متحركين، نحو قوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيََاتِنََا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (سورة الإسراء الآية 1). وقوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (سورة الملك الآية 13). وحكمها في هذه الحالة الصفة لجميع القراء، وذلك لأن «الهاء» حرف خفيّ فقوي بالصلة بحرف من جنس حركته، وإلى ذلك أشار «الإمام الشاطبي» بقوله: «وما قبله التحريك للكل وصلا».
الرابعة: أن تقع قبل متحرك، وقبلها ساكن نحو قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مََا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (سورة البقرة الآية 75). وقوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2) وحكمها في هذه الحالة الصلة بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، لابن كثير، كما قال «الإمام ابن الجزري»:
صل ها الضّمير عن سكون قبل ما ... حرّك دن
وقرأ باقي القراء بالقصر: أي بكسر الهاء المكسورة، وضم الهاء المضمومة من غير إشباع.
وهناك كلمات خرجت عن هذه القاعدة ذكرها الناظم رحمه الله تعالى وهذا ما سيتم شرحه وبيانه بإذن الله تعالى فيما سيأتي:
قال ابن الجزري:(1/160)
وهناك كلمات خرجت عن هذه القاعدة ذكرها الناظم رحمه الله تعالى وهذا ما سيتم شرحه وبيانه بإذن الله تعالى فيما سيأتي:
قال ابن الجزري:
... فيه مهانا عن دما
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» والدال من «دما» وهما: «حفص، وابن كثير» بصلة هاء الكناية من قوله تعالى: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهََاناً} (سورة الفرقان الآية 69). وقرأ الباقون بالكسر من غير صلة.
قال ابن الجزري:
سكّن يؤدّه نصله نؤته نول ... صف لي ثنا خلفهما فناه حل
وهم وحفص ألقه اقصرهنّ كم ... خلف ظبى بن ثق
المعنى: اختلف القراء في هاء الكناية الواقعة في الكلمات الآتية:
1 «يؤده» معا من قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطََارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينََارٍ لََا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلََّا مََا دُمْتَ عَلَيْهِ قََائِماً} (سورة آل عمران الآية 75).
2 «نصله» من قوله تعالى: {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسََاءَتْ مَصِيراً} (سورة النساء الآية 115).
3 «نؤته» في ثلاثة مواضع، موضعان في آل عمران وهما في قوله تعالى:
{وَمَنْ يُرِدْ ثَوََابَ الدُّنْيََا نُؤْتِهِ مِنْهََا وَمَنْ يُرِدْ ثَوََابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهََا وَسَنَجْزِي الشََّاكِرِينَ} (سورة آل عمران الآية 145). وموضع في «الشورى» في قوله تعالى: {وَمَنْ كََانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيََا نُؤْتِهِ مِنْهََا وَمََا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (سورة الشورى الآية 20).
4 «نولّه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُشََاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مََا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى ََ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مََا تَوَلََّى} (سورة النساء الآية 115).
5 «فألقه» من قوله تعالى: {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} (سورة النمل الآية 28).
وهذا بيان القراءات الواردة في الكلمات الخمس المتقدمة: أمّا «يؤدّه، نصله، نؤته، نولّه»:
فقد قرأهن «أبو عمرو، وشعبة، وحمزة» بإسكان الهاء وصلا ووقفا.(1/161)
وهذا بيان القراءات الواردة في الكلمات الخمس المتقدمة: أمّا «يؤدّه، نصله، نؤته، نولّه»:
فقد قرأهن «أبو عمرو، وشعبة، وحمزة» بإسكان الهاء وصلا ووقفا.
وقرأهنّ «قالون، ويعقوب» بقصر الهاء، أي بكسرها من غير صلة.
وقرأهنّ «ابن ذكوان» بالقصر، والإشباع.
وقرأهنّ «أبو جعفر» بالإسكان، والقصر.
وقرأهنّ «هشام» بالإسكان، والقصر، والإشباع.
وقرأهنّ «الباقون» وهم: «ورش، وابن كثير، وحفص، والكسائي، وخلف العاشر» بالإشباع.
وجه القراءة بالإشباع: أنه الأصل في هاء الضمير. ووجه الإسكان:
التخفيف، وهو لهجة «أزد السراة». ووجه القصر، أو الاختلاس، أنه لهجة «عقيل، وكلاب». وهذا التوجيه عام في جميع «باب هاء الكناية» فلا حاجة إلى تكراره.
وأمّا «فألقه»:
فقد قرأها «أبو عمرو، وعاصم، وحمزة» بإسكان الهاء، وصلا ووقفا.
وقرأها «قالون، ويعقوب» بقصر الهاء، أي بكسرها من غير صلة.
وقرأها «ابن ذكوان» بالقصر، والإشباع.
وقرأها «أبو جعفر» بالإسكان، والقصر.
وقرأها «هشام» بالإسكان، والقصر، والإشباع.
وقرأ «الباقون» وهم: «ورش، وابن كثير، والكسائي، وخلف العاشر» بالإشباع.
قال ابن الجزري:
... ويتّقه ظلم
بل عد وخلفا كم ذكا وسكّنا ... خف لوم قوم خلفهم صعب حنا
والقاف عد ...
المعنى: اختلف القراء في «ويتّقه» من قوله تعالى: {وَيَخْشَ اللََّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْفََائِزُونَ} (سورة النور الآية 52). والقراء فيها على سبع مراتب:(1/162)
ويتّقه ظلم
بل عد وخلفا كم ذكا وسكّنا ... خف لوم قوم خلفهم صعب حنا
والقاف عد ...
المعنى: اختلف القراء في «ويتّقه» من قوله تعالى: {وَيَخْشَ اللََّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْفََائِزُونَ} (سورة النور الآية 52). والقراء فيها على سبع مراتب:
الأولى: لقالون، ويعقوب «يتّقه» بكسر القاف، واختلاس كسرة الهاء.
الثانية: لحفص «يتّقه» بإسكان القاف، واختلاس كسرة الهاء.
الثالثة: لأبي عمرو، وشعبة «يتّقه» بكسر القاف، وإسكان الهاء.
الرابعة: لابن ذكوان، وابن جماز «يتّقه، يتّقه»: بكسر القاف، ولهما في «الهاء» الاختلاس، والإشباع.
الخامسة: لخلاد، وابن وردان «يتّقه، يتّقه» بكسر القاف، ولهما في «الهاء» الإسكان والإشباع.
السادسة: لهشام «يتّقه، يتّقه، يتّقه» بكسر القاف، وله في «الهاء» الاختلاس، والإسكان، والإشباع.
السابعة: للباقين وهم: ورش، وابن كثير، وخلف عن حمزة، والكسائي. وخلف العاشر «يتّقه» بكسر القاف، وإشباع كسرة الهاء.
قال ابن الجزري:
يرضه يفي والخلف لا ... صن ذا طوى اقصر في ظبى لذ نل ألا
والخلف خل مز ...
المعنى: اختلف القراء في «يرضه» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (سورة الزمر الآية 7). والقراء فيها على ستّ مراتب:
الأولى: لنافع، وحفص، وحمزة، ويعقوب «يرضه» باختلاس ضمة الهاء.
الثانية: لابن كثير، والكسائي، وخلف العاشر «يرضه» بالإشباع.
الثالثة: للسوسي «يرضه» بالاسكان.
الرابعة: لدوري أبي عمرو، وابن جماز «يرضه، يرضه» بالإسكان، والإشباع.(1/163)
الثالثة: للسوسي «يرضه» بالاسكان.
الرابعة: لدوري أبي عمرو، وابن جماز «يرضه، يرضه» بالإسكان، والإشباع.
الخامسة: لهشام، وشعبة «يرضه، يرضه» بالإسكان، والاختلاس.
السادسة: لابن ذكوان، وابن وردان، بالاختلاس، والإشباع.
قال ابن الجزري:
يأته الخلف بره ... خذ غث سكون الخلف يا
المعنى: اختلف القراء في «يأته» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصََّالِحََاتِ} (سورة طه الآية 75). فقرأ «قالون، وابن وردان، ورويس» بوجهين:
الأول: باختلاس كسرة «الها» والثاني: بإشباع كسرتها.
وقرأ «السوسي» بوجهين:
الأول: بإسكان «الهاء» والثاني: بإشباع الكسرة.
وقرأ الباقون: بإشباع الكسرة.
قال ابن الجزري:
... ولم يره
لي الخلف زلزلت خلا الخلف لما ... واقصر بخلف السّورتين خف ظما
المعنى: اختلف القراء في «لم يره» من قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} (سورة البلد الآية 7). و «يره» من قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (سورة الزلزلة الآيتان 87).
فقرأ «هشام» «لم يره» في سورة البلد بوجهين:
الأول: بسكون الهاء، والثاني: بإشباع ضمة الهاء.
وقرأه «ابن وردان، ويعقوب» بوجهين:
الأول: بقصر الهاء، والثاني: بإشباع الضمة.(1/164)
وقرأه «ابن وردان، ويعقوب» بوجهين:
الأول: بقصر الهاء، والثاني: بإشباع الضمة.
وقرأه «الباقون» بإشباع الضمة.
أمّا «يره» في الزلزلة:
فقرأهما «هشام» بإسكان الهاء.
وقرأهما «ابن وردان» بوجهين:
الأول: بإسكان الهاء، والثاني: بقصر الهاء.
وقرأهما «يعقوب» بوجهين:
الأول: بقصر الهاء، والثاني: بإشباع الضمة.
وقرأهما «الباقون» بإشباع الضمة.
قال ابن الجزري:
بيده غث ...
المعنى: اختلف القراء في «بيده» من قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكََاحِ} (سورة البقرة الآية 237). وقوله تعالى: {إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}
(سورة البقرة الآية 249). وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} (سورة المؤمنون الآية 88). وقوله تعالى: {فَسُبْحََانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} (سورة يس الآية 83).
فقرأ «رويس» «بيده» في جميع المواضع باختلاس كسرة الهاء.
وقرأ «الباقون» بإشباع الكسرة.
قال ابن الجزري:
ترزقانه اختلف ... بن خذ
المعنى: قرأ المرموز له بالباء من «بن» والخاء من «خذ» وهما: «قالون،
وابن وردان» «ترزقانه» من قوله تعالى: {قََالَ لََا يَأْتِيكُمََا طَعََامٌ تُرْزَقََانِهِ إِلََّا نَبَّأْتُكُمََا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمََا} (سورة يوسف الآية 37). بوجهين: الأول: كسر الهاء من غير صلة، الثاني: الكسر مع الصلة أي المدّ.(1/165)
المعنى: قرأ المرموز له بالباء من «بن» والخاء من «خذ» وهما: «قالون،
وابن وردان» «ترزقانه» من قوله تعالى: {قََالَ لََا يَأْتِيكُمََا طَعََامٌ تُرْزَقََانِهِ إِلََّا نَبَّأْتُكُمََا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمََا} (سورة يوسف الآية 37). بوجهين: الأول: كسر الهاء من غير صلة، الثاني: الكسر مع الصلة أي المدّ.
وقرأ «الباقون» بالكسر مع الصلة.
قال ابن الجزري:
... عليه الله أنسانيه عف
بضمّ كسر ...
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عف» وهو «حفص» بضم الهاء من «عليه الله، أنسانيه» من قوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفى ََ بِمََا عََاهَدَ عَلَيْهُ اللََّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة الفتح الآية 10). وقوله تعالى: {وَمََا أَنْسََانِيهُ إِلَّا الشَّيْطََانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}
(سورة الكهف الآية 63).
وقرأ الباقون بكسر الهاء.
وقيد الناظم «عليه» باسم الله تعالى، ليخرج ما عداه، نحو قوله تعالى:
{وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلََالَةُ} (سورة النحل الآية 36). فإنه يقرأ بكسر الهاء من غير صلة لجميع القراء.
قال ابن الجزري:
أهله امكثوا فدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فدا» وهو: «حمزة» بضم الهاء من {لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} في (سورة طه الآية 10وسورة القصص الآية 29).
وقرأ الباقون بكسر الهاء.
قال ابن الجزري:
... والأصبهانيّ به انظر جوّدا
المعنى: قرأ «الأصبهاني» عن «ورش» بضم الهاء من «به انظر» من قوله تعالى: {مَنْ إِلََهٌ غَيْرُ اللََّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}
(سورة الأنعام الآية 46).(1/166)
والأصبهانيّ به انظر جوّدا
المعنى: قرأ «الأصبهاني» عن «ورش» بضم الهاء من «به انظر» من قوله تعالى: {مَنْ إِلََهٌ غَيْرُ اللََّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}
(سورة الأنعام الآية 46).
وقرأ الباقون بكسر الهاء.
وقيّد الناظم «به» ب «انظر» ليخرج ما عداه، نحو قوله تعالى: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ} (سورة مريم الآية 97) فإنه يقرأ بكسر الهاء من غير صلة لجميع القراء.
قال ابن الجزري:
وهمز أرجئه كسا حقّا وها ... فاقصر حما بن مل وخلف خذ لها
وأسكنن فزنل وضمّ الكسر لي ... حقّ وعن شعبة كالبصر انقل
المعنى: اختلف القراء في أرجئه وأخاه في سورتي: «الأعراف، والشعراء» من قوله تعالى:
1 {قََالُوا أَرْجِهْ وَأَخََاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدََائِنِ حََاشِرِينَ} (سورة الأعراف الآية 111).
2 {قََالُوا أَرْجِهْ وَأَخََاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدََائِنِ حََاشِرِينَ} (سورة الشعراء الآية 36).
وللقرّاء فيها ستّ قراءات:
الأولى: «لقالون، وابن وردان» بخلف عنه «أرجه» بترك الهمزة، وكسر الهاء من غير صلة.
الثانية: «لورش، والكسائي، وابن جماز، وخلف العاشر، وابن وردان» في وجهه الثاني «أرجه» بترك الهمزة، وكسر الهاء مع الصلة.
الثالثة: «لحفص، وحمزة، وشعبة» بخلف عنه «أرجه» بترك الهمزة، وسكون الهاء.
الرابعة: «لابن كثير، وهشام» بخلف عنه «أرجئه» بالهمز، وضمّ الهاء مع الصلة.
الخامسة: «لأبي عمرو، ويعقوب، وهشام، وشعبة» في وجههما الثاني «أرجئه» بالهمز، وضم الهاء من غير صلة.(1/167)
الرابعة: «لابن كثير، وهشام» بخلف عنه «أرجئه» بالهمز، وضمّ الهاء مع الصلة.
الخامسة: «لأبي عمرو، ويعقوب، وهشام، وشعبة» في وجههما الثاني «أرجئه» بالهمز، وضم الهاء من غير صلة.
السادسة: «لابن ذكوان» «أرجئه» بالهمزة، وكسر الهاء من غير صلة.
تمّ باب هاء الكناية ولله الحمد والشكر(1/168)
تمّ باب هاء الكناية ولله الحمد والشكر
«باب المدّ والقصر»
المدّ لغة: الزيادة، واصطلاحا: إطالة زمن الصوت بحرف المدّ عند ملاقاة همز، أو سكون.
والقصر لغة: الحبس، واصطلاحا: إثبات حرف المدّ من غير زيادة عليه.
وحروف المدّ ثلاثة وهي:
1 - الألف، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
2 - الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
3 - الواو الساكنة المضموم ما قبلها.
وينقسم المدّ إلى قسمين: أصليّ، وفرعيّ:
فالمدّ الأصليّ، ويسمّى أيضا بالمدّ الطبيعي: هو الذي لا يتوقف مدّه على سبب من سببي المدّ الفرعي، وهما: الهمز، أو السكون.
والمدّ الفرعيّ: هو الذي يتوقّف مدّه على سبب من همز أو سكون.
وينقسم ستّة أقسام وهي:
1 - المنفصل 2المتصل 3اللازم 4البدل 5اللين 6العارض للسكون.
فالمدّ المنفصل: هو أن يكون حرف المدّ في كلمة، والهمز بعده في الكلمة الأخرى.
والمدّ المتصل: هو أن يكون حرف المدّ والهمز بعده في كلمة واحدة.(1/169)
فالمدّ المنفصل: هو أن يكون حرف المدّ في كلمة، والهمز بعده في الكلمة الأخرى.
والمدّ المتصل: هو أن يكون حرف المدّ والهمز بعده في كلمة واحدة.
والمدّ اللازم: هو أن يقع بعد حرف المدّ سكون ثابت وصلا ووقفا.
وينقسم المدّ اللازم أربعة أقسام:
1 - كلمي مثقّل 2كلمي مخفّف 3حرفي مثقّل 4حرفي مخفّف.
ومدّ البدل: هو ما تقدم فيه الهمز على حرف المدّ.
ومدّ اللين: هو الواو، والياء الساكنتان، المفتوح ما قبلهما.
والمدّ العارض للسكون: هو ما وقع بعد حرف المدّ واللين، أو حرف اللّين سكون عارض حالة الوقف.
وسبب المدّ أي موجبه نوعان: 1لفظيّ 2معنويّ.
فالسبب اللفظيّ: همز، أو سكون، وهذا هو المدّ الفرعي، وسبق بيان أقسامه الستّة.
والسبب المعنويّ: هو قصد المبالغة في النفي.
ويكون في مدّ «لا» النافية للجنس، للمبالغة في النفي.
ويكون أيضا في المدّ المنفصل الخاصّ بلفظ الجلالة نحو: «لا إله إلا الله» وذلك لقصد المبالغة في نفي الألوهيّة عمّا سوى الله تعالى.
قال «الإمام ابن الجزري» رحمه الله تعالى: وبه قرأت، وهو حسن.
وأنا أقول: وبه قرأت والحمد لله ربّ العالمين.
وسيأتي بعون الله تعالى التفصيل عن جميع أقسام المدود التي سبق بيانها، وبيان اختلاف القراء فيها، مع بيان مراتبهم في مقدار مدّ كلّ نوع على حدة، والله حسبي ونعم الوكيل.
قال ابن الجزري:
إن حرف مدّ قبل همز طوّلا ... جد فد ومز خلفا وعن باقي الملا
وسّط وقيل دونهم نل ثمّ كل ... روى فباقيهم أو اشبع ما اتّصل
للكلّ عن بعض وقصر المنفصل ... بن لي حما عن خلفهم داع ثمل
المعنى: أخبر المؤلف رحمه الله تعالى بأن المرموز له بالجيم من «جد» والفاء من «فد» والميم من «مز» بخلف عنه وهم: «الأزرق» عن ورش، وحمزة، وابن ذكوان بخلف عنه، يقرءون بتطويل حرف «المدّ» أي بمدّه مدّا مشبعا وهو ستّ حركات، وقدّر علماء القراءات «الحركة» بزمن قبض «الإصبع» أو بسطه، والعبرة في ذلك على التّلقّي، وذلك إذا وقع حرف المدّ قبل الهمز: سواء كان منفصلا عنه، أو متصلا به:(1/170)
إن حرف مدّ قبل همز طوّلا ... جد فد ومز خلفا وعن باقي الملا
وسّط وقيل دونهم نل ثمّ كل ... روى فباقيهم أو اشبع ما اتّصل
للكلّ عن بعض وقصر المنفصل ... بن لي حما عن خلفهم داع ثمل
المعنى: أخبر المؤلف رحمه الله تعالى بأن المرموز له بالجيم من «جد» والفاء من «فد» والميم من «مز» بخلف عنه وهم: «الأزرق» عن ورش، وحمزة، وابن ذكوان بخلف عنه، يقرءون بتطويل حرف «المدّ» أي بمدّه مدّا مشبعا وهو ستّ حركات، وقدّر علماء القراءات «الحركة» بزمن قبض «الإصبع» أو بسطه، والعبرة في ذلك على التّلقّي، وذلك إذا وقع حرف المدّ قبل الهمز: سواء كان منفصلا عنه، أو متصلا به:
فالمنفصل نحو: «بما أنزل» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمََا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (سورة البقرة الآية 4).
والمتصل نحو: «أولئك» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ عَلى ََ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة البقرة الآية 5).
ثمّ أمر الناظم رحمه الله تعالى بتوسيط المدّين: المغفل، والمتصل لباقي القراء العشرة، ويدخل معهم «ابن ذكوان» في وجهه الثاني. والتوسط مقداره:
أربع حركات.
ثمّ أخبر الناظم أن المرموز له بالنون من «نل» وهو: «عاصم» يقرأ المدّين بمرتبة دون مرتبة الطول، وهي خمس حركات، وهي فويق التوسط.
ثمّ أخبر أن المرموز له بالكاف من «كلّ» ومدلول «روى» وهم: «ابن عامر، والكسائي، وخلف العاشر» يقرءون المدّين بمرتبة دون مرتبة «عاصم» وهي: أربع حركات.
ثمّ أخبر أن باقي القراء وهم: «الأصبهاني عن «ورش» وقالون، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» يقرءون المدّين بمرتبة دون مرتبة التوسط، وهي: ثلاث حركات، وهي المسمّاة بفويق القصر.
ثم أمر الناظم بإشباع «المدّ المتصل» فقط لجميع القراء العشرة.
ثمّ أخبر الناظم بأن المرموز له بالباء من «بن» واللام من «لي» ومدلول «حما» والعين من «عن» بخلف عنهم، والمرموز له بالدال من «داع» والثاء من «ثمل» بدون خلاف وهم: «قالون، وهشام، وأبو عمرو، ويعقوب، وحفص» بخلف عنهم، و «ابن كثير، وأبو جعفر» بدون خلاف كل هؤلاء يقرءون بقصر المنفصل، أي بمده حركتين.(1/171)
ثم أمر الناظم بإشباع «المدّ المتصل» فقط لجميع القراء العشرة.
ثمّ أخبر الناظم بأن المرموز له بالباء من «بن» واللام من «لي» ومدلول «حما» والعين من «عن» بخلف عنهم، والمرموز له بالدال من «داع» والثاء من «ثمل» بدون خلاف وهم: «قالون، وهشام، وأبو عمرو، ويعقوب، وحفص» بخلف عنهم، و «ابن كثير، وأبو جعفر» بدون خلاف كل هؤلاء يقرءون بقصر المنفصل، أي بمده حركتين.
مما تقدم يتبيّن أن القراء في «المدّ المنفصل» على ثمان مراتب:
الأولى: قالون، والأصبهاني، وأبو عمرو، ويعقوب بالقصر، وفويق القصر، والتوسط.
الثانية: الأزرق، وحمزة، بالإشباع فقط.
الثالثة: ابن كثير، وأبو جعفر، بالقصر فقط.
الرابعة: هشام، بالقصر، والتوسط.
الخامسة: ابن ذكوان، بالتوسط، والإشباع.
السادسة: شعبة، بالتوسط، وفويق التوسط.
السابعة: حفص، بالقصر، والتوسط، وفويق التوسط.
الثامنة: الكسائي، وخلف العاشر، بالتوسط فقط.
وجه القصر: أنه الأصل أي بقاء حرف المدّ من غير زيادة عليه، ووجه المدّ وإن تفاوتت مراتبه للتمكّن من النطق بالهمز لبعد مخرجه حيث يخرج من «أقصى الحلق».
وأنّ القراء في المدّ المتصل على أربع مراتب:
الأولى: قالون، والأصبهاني، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، بفويق القصر، والتوسط، والإشباع.
الثانية: الأزرق، وحمزة، بالإشباع فقط.
الثالثة: ابن عامر، والكسائي، وخلف العاشر، بالتوسط، والإشباع.(1/172)
الثانية: الأزرق، وحمزة، بالإشباع فقط.
الثالثة: ابن عامر، والكسائي، وخلف العاشر، بالتوسط، والإشباع.
الرابعة: عاصم، بالتوسط، وفويق التوسط، والإشباع.
تنبيه: اتفق جميع القراء على عدم قصر المدّ المتصل، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: تتبعت قصر المتصل فما وجدته في قراءة صحيحة، ولا شاذة» اهـ.
قال ابن الجزري:
والبعض للتّعظيم عن ذي القصر مد ...
المعنى: ورد عن بعض أئمة القراءة الأخذ بالمدّ للتعظيم عن أصحاب قصر المنفصل المتقدم ذكرهم، وهو سبب معنوي، والمدّ هنا مقداره أربع حركات، وهو التوسط. نحو «لا إله إلّا الله» من قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كََانُوا إِذََا قِيلَ لَهُمْ لََا إِلََهَ إِلَّا اللََّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (سورة الصافات الآية 35). ونحو: «لا إله إلا هو» من قوله تعالى: {وَمََا أُمِرُوا إِلََّا لِيَعْبُدُوا إِلََهاً وََاحِداً لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ} (سورة التوبة الآية 31).
ومن العلماء الذين ورد عنهم المدّ للتعظيم:
1 - أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، الأصبهاني، ثم النيسابوري، وهو أستاذ محقق ومن الثقات، قرأ على «ابن الأخرم، وابن بويان». وغيرهما، وله عدّة مؤلفات منها: كتاب الشامل، والغاية، والمبسوط في القراءات، توفي سنة: إحدى وثمانين وثلاثمائة من الهجرة (1).
2 - أبو القاسم يوسف بن عليّ بن جبارة الهذلي، وهو: أستاذ كبير محقق، ومن الثقات، طاف البلاد من أجل القراءات، فكثر شيوخه، وقد بلغ عددهم
__________
(1) أنظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1/ 347.
وغاية النهاية في طبقات القراء ج 1/ 49.(1/173)
مائة واثنان وعشرون، وألّف «كتاب الكامل» في القراءات، جمع فيه طرقا كثيرة، وكان عالما بالنحو، والصرف، وعلل القراءات. توفي سنة خمس وستين وأربعمائة من الهجرة (1).
3 - عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الطبري القطان الشافعي، شيخ أهل مكة المكرمة، وهو أستاذ محقق ومن الثقات، له عدّة مصنفات منها:
«التلخيص في القراءات الثمان، وسوق العروس» جمع فيه ألفا وخمسمائة رواية، وطريق». توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة من الهجرة (2). وقد قرأت بالمدّ للتعظيم، والحمد لله رب العالمين.
قال ابن الجزري:
... وأزرق إن بعد همز حرف مد
مدّ له واقصر ووسّط كنأى ... فالآن أوتوا إيء آمنتم رأى
لا عن منوّن ولا السّاكن صحّ ... بكلمة أو همز وصل في الأصح
وامنع يؤاخذ وبعادا الأولى ... خلف والآن وإسرائيلا
المعنى: تحدث الناظم رحمه الله تعالى عن: «مدّ البدل» نحو: «ءادم» نحو قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمََاءَ كُلَّهََا} (سورة البقرة الآية 31) و «أوتي» نحو قوله تعالى: {قََالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتََّى نُؤْتى ََ مِثْلَ مََا أُوتِيَ رُسُلُ اللََّهِ} (سورة الأنعام الآية 124) و «إيمان» نحو قوله تعالى: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمََانٍ} (سورة الطور الآية 21).
فبين أن «الأزرق» عن «ورش» يقرأه بالقصر، والتوسط، والإشباع. وأن باقي القراء يقرءونه بالقصر فقط.
وجه القصر، أن علّة «المدّ» في كل من المنفصل، والمتصل، للتمكن من النطق بالهمز.
__________
(1) أنظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2/ 397.
ومعرفة القراء الكبار ج 1/ 329.
(2) أنظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1/ 401.
وطبقات المفسرين للداودي ج 1/ 338.(1/174)
والهمز في «البدل» متقدم على حرف المدّ فليس هناك ما يدعو إلى المدّ.
ووجه من مدّه: نظر إلى وجود المدّ، والهمز في كلمة بصرف النظر عن تقدمه، أو تأخره.
وقد استثنى علماء القراءات القائلون بالتوسط، والإشباع «للأزرق» في مدّ البدل أصلين مطردين، وكلمة اتفاقا، وأصلا مطردا، وثلاث كلمات اختلافا.
أمّا الأصلان المطردان اتفاقا:
فأحدهما: أن تكون الألف مبدلة من التنوين وقفا نحو: «دعاء» من قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمََا لََا يَسْمَعُ إِلََّا دُعََاءً وَنِدََاءً} (سورة البقرة الآية 171) ونحو «هزؤا» من قوله تعالى: {قََالُوا أَتَتَّخِذُنََا هُزُواً} (سورة البقرة الآية 67). ونحو «ملجأ» من قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغََارََاتٍ} (سورة التوبة الآية 57).
فحكمها القصر إجماعا، لأنها غير لازمة.
والأصل الثاني المطرد اتفاقا: أن يكون قبل الهمزة ساكن صحيح متصل نحو: «القرآن» من قوله تعالى: {الرَّحْمََنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ} (سورة الرحمن الآيتان 21) ونحو: «مسئولا» من قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤََادَ كُلُّ أُولََئِكَ كََانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا} (سورة الإسراء الآية 36) فحكمها القصر إجماعا، لحذف صورة الهمزة رسما.
وأمّا الكلمة المستثناة باتفاق فهي: «يؤاخذ» كيف وقعت، نحو قوله تعالى: {لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ} (سورة البقرة الآية 225). وقوله تعالى:
{وَلَوْ يُؤََاخِذُ اللََّهُ النََّاسَ بِظُلْمِهِمْ مََا تَرَكَ عَلَيْهََا مِنْ دَابَّةٍ} (سورة النحل الآية 61) فحكمها القصر إجماعا، وذلك لأنها من «واخذت» غير مهموز، وقد صرّح بذلك «الإمام أبو عمرو الداني» ت 444هـ.
والأصل المطرد المختلف فيه: حرف المدّ الواقع بعد همزة الوصل، في حالة الابتداء، نحو: «اؤتمن» من قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمََانَتَهُ} (سورة البقرة الآية 283). ونحو: «ائتوني» من قوله تعالى:
{ائْتُونِي بِكِتََابٍ مِنْ قَبْلِ هََذََا} (سورة الأحقاف الآية 4).
وجه المدّ في هذه الحالة وجود حرف مدّ بعد همزة محققة لفظا، وإن عرضت ابتداء.(1/175)
{ائْتُونِي بِكِتََابٍ مِنْ قَبْلِ هََذََا} (سورة الأحقاف الآية 4).
وجه المدّ في هذه الحالة وجود حرف مدّ بعد همزة محققة لفظا، وإن عرضت ابتداء.
ووجه القصر كون همزة الوصل عارضة، والابتداء بها عارض، فلم يعتدّ بالعارض. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين.
والكلمات الثلاث المختلف فيها، هي:
الأولى: «عادا الأولى» من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عََاداً الْأُولى ََ} (سورة النجم الآية 50) وهي من المغير بالنقل.
والثانية: «آلآن» المستفهم بها في موضعي يونس، من قوله تعالى:
{آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (سورة يونس الآية 51). وقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (سورة يونس الآية 91) وهما من المغير بالنقل، والمراد الألف الأخيرة، لأن الأولى من باب اللازم.
وأصل هذه الكلمة «ءان» بهمزة مفتوحة ممدودة، وبعدها نون مفتوحة، وهي اسم مبني علم على الزمان الحاضر، ثم دخلت عليها «أل» التي للتعريف، ثم دخلت عليها همزة الاستفهام فاجتمع فيها همزتان مفتوحتان متصلتان:
الأولى: همزة الاستفهام، والثانية: همزة الوصل. ويأتي في «آلآن» في يونس بحسب الاعتداد بالعارض، وعدمه، على الاستثناء، وعدمه للأزرق ستة أوجه، نظمها «ابن الجزري» في بيتين من الطويل وهما:
للأزرق في آلآن ستة أوجه ... على وجه إبدال لدى وصله تجري
فمدّ وثلّث ثانيا ثمّ وسّطن ... به وبقصر ثم بالقصر مع قصري
والكلمة الثالثة المختلف فيها: «إسرائيل» حيث وقعت في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعََالَمِينَ} (سورة البقرة الآية 47) وذلك لكثرة المدود لأنها دائما مركبة مع كلمة «يبني» والوجهان صحيحان في الكلمات الثلاث، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:(1/176)
للأزرق في آلآن ستة أوجه ... على وجه إبدال لدى وصله تجري
فمدّ وثلّث ثانيا ثمّ وسّطن ... به وبقصر ثم بالقصر مع قصري
والكلمة الثالثة المختلف فيها: «إسرائيل» حيث وقعت في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعََالَمِينَ} (سورة البقرة الآية 47) وذلك لكثرة المدود لأنها دائما مركبة مع كلمة «يبني» والوجهان صحيحان في الكلمات الثلاث، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
وحرفي اللّين قبيل همزة ... عنه امددن ووسّطن بكلمة
لا موئلا موءودة ومن يمد ... قصّر سوءات وبعض خصّ مد
شيء له مع حمزة ...
المعنى: تحدث الناظم رحمه الله تعالى عن اختلاف القراء في «حرفي اللين» إذا وقع بعدهما همز متصل نحو: «شيء» كيف وقع في القرآن الكريم: مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا، ونحو: «كهيئة، سوأة» (1) مثل قوله تعالى: {وَإِنْ فََاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوََاجِكُمْ إِلَى الْكُفََّارِ} (سورة الممتحنة الآية 11). وقوله تعالى:
{وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (سورة البقرة الآية 48). وقوله تعالى:
{إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة الآية 20).
فبيّن رحمه الله تعالى أن القراء في حرفي اللين على مذهبين:
الأول: القصر لجميع القراء عدا «الأزرق» أي عدم المدّ بالكلية، وذلك لعدم إلحاقهما بحروف المدّ.
وقد ورد عن بعض علماء القراءات أمثال:
1 «أبي طاهر اسماعيل بن خلف الأنصاري» ت 455هـ صاحب كتاب «العنوان» في القراءات السبع.
2 - و «أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون» ت 389هـ.
3 - و «أبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون» ت 399هـ.
4 - و «الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة» ت 514هـ.
وغيرهم من: المصريين، والمغاربة. «التوسط» بالخلاف في لفظ «شيء» كيف أتى في القرآن عن: «حمزة».
__________
(1) مثل قوله تعالى: {كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} سورة آل عمران الآية 49.
مثل قوله تعالى: {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوََارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} سورة المائدة الآية 31.(1/177)
والوجه الثاني له: «السكت» والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
المذهب الثاني:
التوسط، والإشباع «للأزرق» إلحاقا لهما بحروف المدّ لما فيهما من خفاء، سوى كلمتين وهما:
1 «موئلا» من قوله تعالى: {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} (سورة الكهف الآية 58).
2 «الموءودة» من قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ} (سورة التكوير الآية 8).
فليس فيهما سوى القصر أي عدم المدّ بالكلية كباقي القراء. وذلك لعروض سكونهما لأنهما من: «وال، ووأد».
واختلف أيضا عن «الأزرق» في «واو» سواتهما، سوءاتكم» من قوله تعالى: {فَلَمََّا ذََاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمََا سَوْآتُهُمََا} (سورة الأعراف الآية 22). وقوله تعالى: {يََا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنََا عَلَيْكُمْ لِبََاساً يُوََارِي سَوْآتِكُمْ} (سورة الأعراف الآية 26).
قال «ابن الجزري» في النشر: «فإني لا أعلم أحدا روى الإشباع في هذا الباب إلّا وهو يستثني «سوءات» اهـ (1).
فعلى هذا يكون الخلاف دائرا بين التوسط والقصر أي عدم المد بالكلية، وهذا معنى قول ابن الجزري في الطيبة:
ومن يمد ... قصّر سوءات
قال «ابن الجزري» ما معناه: وعلى هذا لا يتأتى لورش من طريق «الأزرق» في «سوءات» سوى أربعة أوجه وهي:
قصر الواو مع الثلاثة في البدل، والرابع التوسط فيهما طريق «الداني» وقد نظم رحمه الله تعالى ذلك في بيت هو:
__________
(1) أنظر: النشر ج 1/ 347.(1/178)
وسوآت قصر الواو والهمز ثلّثا ... ووسّطهما فالكلّ أربعة فادر
وذهب بعض علماء القراءات إلى قصر المدّ في حرفي اللين عن «الأزرق» على لفظ «شيء» فقط كيف أتى مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا. والمراد بالمدّ:
التوسط، والإشباع. أما غير «شيء» من حرفي اللين فأصحاب هذا المذهب يقرءونه بعدم المدّ بالكلية.
وهذا معنى قول «ابن الجزري»:
وبعض خصّ مد ... شيء له مع حمزة
تنبيه: سبق أن قلت إن الخلاف في حرفي اللين مشروط بوقوع همز متصل بعدهما. أما إذا كان الهمز منفصلا عن حرفي اللين نحو: «خلوا إلى، ابني ءادم» من قوله تعالى: {وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ} (سورة البقرة الآية 14) وقوله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} (سورة المائدة الآية 27). فإنه لا خلاف فيه بين القراء، وحكمه عدم المدّ بالإجماع.
قال ابن الجزري:
والبعض مد ... لحمزة في نفي لا كلا مرد
المعنى: ورد عن بعض علماء القراءات مدّ المبالغة في النفي للتنزيه عن «حمزة» في «لا» النافية للجنس حيثما وقعت في القرآن الكريم، ومقدار المدّ أربع حركات، وذلك لضعف السبب لأنه سبب معنوي. وهو وجه صحيح وقد قرأت به. مثال ذلك قوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ} (سورة البقرة الآية 2). وقوله تعالى: {لََا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} (سورة هود الآية 22).
وقوله تعالى: {وَإِذََا أَرََادَ اللََّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلََا مَرَدَّ لَهُ} (سورة الرعد الآية 11). وقوله تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لََا قِبَلَ لَهُمْ بِهََا} (سورة النمل الآية 37).
قال ابن الجزري:
وأشبع المدّ لساكن لزم ... ونحو عين فالثّلاثة لهم
كساكن الوقف وفي اللّين يقل ... طول
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى عن الحديث عن السبب الثاني من أسباب المدّ الفرعيّ، وهو السكون:(1/179)
وأشبع المدّ لساكن لزم ... ونحو عين فالثّلاثة لهم
كساكن الوقف وفي اللّين يقل ... طول
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى عن الحديث عن السبب الثاني من أسباب المدّ الفرعيّ، وهو السكون:
والسكون إمّا أن يكون لازما، أي لا يتغير وقفا، ولا وصلا.
وإمّا أن يكون السكون عارضا حالة الوقف فقط.
فإذا كان السكون لازما، فإما أن يكون قبله حرف مدّ ولين، أو حرف لين فقط:
فإن كان قبله حرف مدّ ولين فقد يكون في كلمة نحو: «الحاقّة»، «ءالآن» أو في حرف نحو «الم»، «ق»، «ص»: وحكمه في هذه الحالة إشباع المدّ بمقدار ستّ حركات لجميع القراء. وإن كان السكون لازما وقبله حرف لين نحو:
«عين» من قوله تعالى: {كهيعص}، {عسق}:
فحكمه في هذه الحالة جواز قصره، وتوسطه، ومدّه، لكل القراء.
وإن كان السكون عارضا حالة الوقف:
فإمّا أن يكون قبله حرف مدّ ولين، نحو: «الرحيم» نستعين، «للمتقين».
وحكمه في هذه الحالة جواز قصره، وتوسطه، ومدّه، لكل القراء.
وإن كان قبل السكون العارض حرف لين نحو: «البيت، خوف» من قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هََذَا الْبَيْتِ} (سورة قريش الآية 3). وقوله تعالى:
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (سورة قريش الآية 4).
فحكمه في هذه الحالة جواز قصره، وتوسطه، ومدّه، لكل القراء. إلّا أن علماء القراءات الذين ورد عنهم «الطول» في هذا النوع قليلون، والأكثرون ورد عنهم فيه القصر، والتوسط. والأوجه الثلاثة صحيحة، وقد قرأت بها.
قال ابن الجزري:
... وأقوى السّببين يستقل
المعنى: إذا اجتمع سببان: قويّ، وضعيف، عمل بالقويّ وألغي الضعيف إجماعا. وقد نظم بعض علماء القراءات مراتب المدود فقال:(1/180)
وأقوى السّببين يستقل
المعنى: إذا اجتمع سببان: قويّ، وضعيف، عمل بالقويّ وألغي الضعيف إجماعا. وقد نظم بعض علماء القراءات مراتب المدود فقال:
أقوى المدود لازم فما اتّصل ... فعارض فذو انفصال فبدل
وهذه أمثلة لما اجتمع فيه سببان: أحدهما قويّ، والآخر ضعيف:
1 - قوله تعالى: {وَجََاؤُ أَبََاهُمْ} من قوله تعالى: {وَجََاؤُ أَبََاهُمْ عِشََاءً يَبْكُونَ} (سورة يوسف الآية 16).
فقد اجتمع مدّان: الأول: المدّ المنفصل، والثاني: مدّ البدل: والمدّ المنفصل أقوى من مدّ البدل، ولهذا يجب إلغاء مدّ البدل بالنسبة للأزرق، ويعمل له بالمدّ المنفصل. وبناء عليه فلا يجوز للأزرق القصر، أو التوسط في مدّ البدل بل يتعين إشباع المدّ عملا بأقوى السببين.
2 «يشاء» حالة الوقف عليها من قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة الآية 284).
فقد اجتمع في كلمة «يشاء» حالة الوقف عليها مدّان لمن يقرأ بتحقيق الهمز، وهما: المدّ المتصل، والمدّ العارض للسكون، والمدّ المتصل أقوى من المدّ العارض للسكون. وبناء عليه فلا يجوز فيه القصر وقفا عن أحد من القراء الذين يهمزون.
3 «مستهزءون» حالة الوقف عليها، من قوله تعالى: {وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (سورة البقرة الآية 14).
فقد اجتمع في كلمة «مستهزءون» حالة الوقف عليها مدّان: المدّ العارض للسكون، ومدّ البدل، والمدّ العارض للسكون أقوى من مدّ البدل. وبناء عليه فلا يجوز التثليث للأزرق وقفا إلّا على مذهب من قصر مدّ البدل، عملا بأقوى السببين. وحينئذ تصبح الأوجه الجائزة للأزرق في نحو هذا ستّة أوجه وهي:
من قرأ بقصر البدل وصلا، وقف كذلك إن لم يعتدّ بالعارض، ووقف بالتوسط، والإشباع إن اعتدّ به.
ومن قرأ بتوسط البدل وصلا، وقف به إن لم يعتدّ بالعارض، وبالإشباع إن اعتدّ به.(1/181)
من قرأ بقصر البدل وصلا، وقف كذلك إن لم يعتدّ بالعارض، ووقف بالتوسط، والإشباع إن اعتدّ به.
ومن قرأ بتوسط البدل وصلا، وقف به إن لم يعتدّ بالعارض، وبالإشباع إن اعتدّ به.
ومن قرأ بإشباع البدل وصلا، وقف كذلك سواء اعتد بالعارض أو لم يعتدّ به.
وعلى ما ذكرته يستعمل القارئ القياس. وقد قرأت بذلك وأقرأت به، والحمد لله ربّ العالمين.
فإن قيل: نريد الكشف عن علّة ترتيب المدود من حيث القوّة والضعف.
أقول: أقوى المدود «المدّ اللازم» لأن سبب مدّه السكون اللازم، ولا يتمكّن من النطق بالساكن بحقه إلّا بالمد، ولذلك اتفق القراء العشرة على مدّه مدّا مشبعا.
يليه «المدّ المتصل» لأن سببه «الهمز المتصل» والهمز من أبعد الحروف مخرجا، إذ يخرج من «أقصى الحلق» ولذلك أجمع القراء على عدم قصره، ليتمكّن من النطق بالهمز. يليه «المدّ المنفصل» والدليل على أن «المنفصل» أضعف من «المتصل» صحة جواز قصر «المنفصل» دون «المتصل». يلي المدّ المنفصل «المدّ العارض للسكون» لأن الهمز وإن انفصل عن حرف المدّ إلّا أنه موجود في اللفظ وصلا ووقفا، أما السكون العارض فلا يوجد إلّا حالة الوقف. يلي «المدّ العارض» «مدّ البدل» وذلك لتقدم سببه وهو الهمز. يلي «مدّ البدل» «مدّ التعظيم، ومدّ التبرئة» وذلك لأن سببهما معنويّ، وهو أضعف من السبب اللفظيّ.
قال ابن الجزري:
والمدّ أولى إن تغيّر السّبب ... وبقي الأثر أو فاقصر أحب
المعنى: إذا وقع حرف المدّ قبل همز مغيّر سواء غير بالتسهيل، أو بالإبدال أو بالحذف جاز فيه وجهان:
أحدهما: القصر، والآخر المدّ، ولكن أيهما أولى؟
المدّ أولى فيما بقي لتغييره أثر.
والقصر أولى فيما لم يبق لتغييره أثر.(1/182)
المدّ أولى فيما بقي لتغييره أثر.
والقصر أولى فيما لم يبق لتغييره أثر.
وقد أشار إلى ذلك الشيخ «خلف الحسيني» رحمه الله تعالى بقوله:
وإن حرف مدّ قبل همز مغيّر ... يجز قصره والمدّ ما زال أعدلا
إذا أثر الهمز المغيّر قد بقي ... ومع حذفه فالقصر كان مفضّلا
ومثال ما بقي لتغييره أثر:
رواية كل من: «قالون، والبزّيّ» في نحو قوله تعالى: {هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31). لأنهما يقرءان بتسهيل الهمزة الأولى بين بين.
ومثال ما لم يبق لتغييره أثر:
قراءة «أبي عمرو» ورواية كل من: «قنبل، ورويس» في أحد الوجهين عنهما في نحو قوله تعالى: «هؤلاء إن كنتم صدقين» بإسقاط الهمزة الأولى.
تمّ باب المدّ والقصر ولله الحمد والشكر(1/183)
تمّ باب المدّ والقصر ولله الحمد والشكر
«باب الهمزتين من كلمة»
الهمزة من أصعب الحروف في النطق، وذلك لبعد مخرجها إذ تخرج من أقصى الحلق.
كما اجتمع فيها صفتان من صفات القوّة وهما: الجهر، والشدّة. لذلك فقد عمدت بعض القبائل العربية إلى تخفيف النطق بالهمز. فمن الحقائق العامة أن الهمز كان خاصّة من الخصائص البدويّة التي اشتهرت بها قبائل وسط الجزيرة العربية، وشرقيّها: «تميم» وما جاورها.
وإن تخفيف الهمز كان خاصة حضرية امتازت بها لهجة القبائل في شمال الجزيرة، وغربيها.
وقد ورد النصّ في كلام «أبي زيد الأنصاري» ت 215هـ أنّ «أهل الحجاز، وهذيل، وأهل مكة، والمدينة المنورة» لا ينبرون (1).
وقد نسب عدد من العلماء الأوائل ظاهرة تخفيف الهمز إلى «الحجازيين».
ولكن ينبغي أن لا نأخذ هذا الحكم مأخذ الصحة المطلقة لاعتبارين:
الأول: أنّ الأخبار تدلّ على أنّ بعض «الحجازيين» كانوا يحققون الهمز.
__________
(1) أنظر: اللهجات العربية في القراءات القرآنية د / محمد سالم محيسن ص 95. والقراءات وأثرها في علوم العربية د / محمد سالم محيسن ج 1/ 94.(1/185)
الثاني: أنّ تخفيف الهمز لم يكن مقصورا على منطقة دون أخرى، وإنما كان فاشيا في كثير من المناطق العربية وإن تفاوتت صوره ودرجاته (1).
وإذا كانت القبائل البدويّة التي تميل إلى السرعة في النطق، وتسلك أيسر السبل إلى هذه السرعة فإن تحقيق الهمز كان في لسان الخاصّة التي تخفّف من عيب هذه السرعة، أي أنّ الناطق البدويّ تعوّد «النبر» في موضوع الهمز، وهي عادة أملتها ضرورة انتظام الإيقاع النطقيّ، كما حكمتها ضرورة الإبانة عمّا يريده من نطقه لمجموعة من المقاطع المتتابعة السريعة الانطلاق على لسانه، فموقع النبر في نطقه كان دائما أبرز المقاطع وهو ما كان يمنحه كل اهتمامه وضغطه.
أمّا القبائل الحضريّة فعلى العكس من ذلك: إذ كانت متأنّية في النطق، متّئدة في أدائها، ولذا لم تكن بها حاجة إلى التماس المزيد من مظاهر الأناة، فأهملت همز كلماتها، أعني المبالغة في النبر واستعاضت عن ذلك بوسيلة أخرى كالتسهيل، والإبدال، والإسقاط.
وبالتتبع وجدت الوسائل التي سلكها العرب للتخفيف الهمز ما يأتي:
التسهيل، والإبدال، والحذف، والنقل (2).
وقد وردت القراءات القرآنية الصحيحة بكل ذلك، وهذا ما سيتجلّى في هذا الباب، والأبواب التالية له بإذن الله تعالى.
قال ابن الجزري:
ثانيهما سهّل غنى حرم حلا ... وخلف ذي الفتح لوى أبدل جلا
خلفا ...
المعنى: لما انقضى الكلام عن المدّ والقصر، أتبع ذلك بالكلام على
__________
(1) أنظر: من أصول اللهجات العربية في السودان د / عبد المجيد عابدين ص 120.
(2) أنظر: الكشف عن أحكام الوقف والوصل في العربية مخطوط د / محمد سالم محيسن ص 120.(1/186)
الهمزتين من كلمة، لأنهما وقعتا في «ء أنذرتهم» بعد المدّ والقصر في «بما أنزل، أولئك»، والهمزتان من كلمة تأتي الثانية منهما متحركة، وساكنة:
فإن كانت متحركة فتكون مفتوحة، ومكسورة، ومضمومة، ولا تكون الأولى إلّا مفتوحة، وهي همزة زائدة تدخل على الكلمة للاستفهام، ولغيره، وتكون الثانية همزة قطع، وهمزة وصل:
فمثال الثانية المفتوحة وهي همزة قطع: «ء أنذرتهم» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة الآية 6).
ومثال الثانية المكسورة وهي همزة قطع: «أئنكم» من قوله تعالى: {أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسََاءِ} (سورة النمل الآية 55).
ومثال الثانية المضمومة وهي همزة قطع: «أؤنبئكم» من قوله تعالى: {قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذََلِكُمْ} (سورة آل عمران الآية 15).
وقد أمر الناظم بتسهيل الهمزة الثانية بين بين من همزتي القطع المتحركتين المتلاصقتين في كلمة واحدة، في الأحوال الثلاثة للمرموز له بالغين من «غنى» ومدلول «حرم» والحاء من «حلا» وهم: «رويس، ونافع بخلف عن الأزرق في المفتوحتين، وابن كثير، وأبو جعفر، وأبو عمرو»: وكيفيّة التسهيل إذا كانت الثانية مفتوحة تسهل بين الهمزة والألف.
وإذا كانت الثانية مكسورة تسهل بين الهمزة والياء.
وإذا كانت الثانية مضمومة تسهل بين الهمزة والواو.
ولا تعرف حقيقة ذلك إلا بالتلقي والمشافهة.
وقد روى بعض علماء القراءات عن «رويس» تحقيق الهمزة الثانية من:
{أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} (في سورة الأنعام خاصة الآية 19)، وحينئذ يكون ل «رويس» فيها وجهان: التحقيق، والتسهيل. وقد أشار إلى ذلك «الإمام الشاطبي» رحمه الله تعالى بقوله:
والإبدال محض والمسهّل بين ما ... هو الهمز والحرف الّذي منه أشكلا
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لوى» وهو «هشام» يقرأ بتسهيل الهمزة الثانية من همزتي القطع إذا كانت مفتوحة بخلف عنه.(1/187)
{أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} (في سورة الأنعام خاصة الآية 19)، وحينئذ يكون ل «رويس» فيها وجهان: التحقيق، والتسهيل. وقد أشار إلى ذلك «الإمام الشاطبي» رحمه الله تعالى بقوله:
والإبدال محض والمسهّل بين ما ... هو الهمز والحرف الّذي منه أشكلا
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لوى» وهو «هشام» يقرأ بتسهيل الهمزة الثانية من همزتي القطع إذا كانت مفتوحة بخلف عنه.
ثم أمر الناظم بإبدال الهمزة الثانية ألفا من همزتي القطع إذا كانت مفتوحة للمرموز له بالجيم من «جلا» وهو: «الأزرق» عن «ورش» بخلف عنه.
وحينئذ يصبح للأزرق في الهمزة الثانية المفتوحة وجهان: التسهيل بين بين، والإبدال ألفا.
وعلى وجه الإبدال ألفا لا بدّ من المدّ المشبع في «ء أنذرتهم» ونحوه من كل ما بعده ساكن، للفصل بين الساكنين. ولكن لا يجوز الإبدال وقفا في «ء أنت» ونحوه (1) بل يوقف عليه بالتسهيل فقط، فرارا من اجتماع ثلاث سواكن متوالية ليس فيها مدغم مثل: {صَوََافَّ} (سورة الحج الآية 36) وهو غير موجود في كلام العرب.
قال صاحب إتحاف البريّة:
ء أنت فسهّل مع أريت بوقفه ... ويمنع إبدالا سواكنه الولا
قال ابن الجزري:
... وغير المكّ أن يؤتى أحد ... يخبر
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «أن يؤتى» من قوله تعالى: {أَنْ يُؤْتى ََ أَحَدٌ مِثْلَ مََا أُوتِيتُمْ} (سورة آل عمران الآية 73).
فقرأ جميع القراء عدا «ابن كثير» بهمزة واحدة على الخبر.
وقرأ «ابن كثير» «ء أن يؤتى» بهمزتين على الاستفهام، وهو على أصله في تسهيل الهمزة الثانية بين بين.
__________
(1) مثل: «أرأيت» على وجه الإبدال ألفا للأزرق.(1/188)
قال ابن الجزري:
... أن كان روى اعلم حبر عد
وحقّقت شم في صبا ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «أن كان» من قوله تعالى: {أَنْ كََانَ ذََا مََالٍ وَبَنِينَ} (سورة ن الآية 14).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر المفهوم من عطفه على ما تقدم مدلول «روى» والمرموز له بالألف من «اعلم» ومدلول «حبر» والمرموز له بالعين من «عد» وهم: «الكسائي، وخلف العاشر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص».
وقرأ الباقون «ء أن كان» بهمزتين على الاستفهام وهم: «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، وأبو جعفر، ويعقوب».
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالشين من شم، والفاء من في والصاد من صبا وهم: «روح، وحمزة وشعبة» يقرءون بتحقيق الهمزتين. فتعين للباقين من المستفهمين وهم: «ابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» القراءة بتسهيل الهمزة الثانية بين بين.
قال ابن الجزري:
وأعجمي ... حم شد صحبة أخبر زد لم
غص خلفهم ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «أعجميّ» من قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنََاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقََالُوا لَوْلََا فُصِّلَتْ آيََاتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}
(سورة فصلت الآية 44).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر بالخلاف المرموز له بالزاي من «زد» واللام من «لم» والغين من «غص» وهم: «قنبل، وهشام، ورويس».
وقرأ الباقون من القراء «ء أعجميّ» بهمزتين على الاستفهام ومعهم «قنبل،
وهشام، ورويس» في وجههم الثاني. ثم الذين يقرءون بالاستفهام اختلفوا بين التحقيق والتسهيل:(1/189)
وقرأ الباقون من القراء «ء أعجميّ» بهمزتين على الاستفهام ومعهم «قنبل،
وهشام، ورويس» في وجههم الثاني. ثم الذين يقرءون بالاستفهام اختلفوا بين التحقيق والتسهيل:
فقرأ بتحقيق الهمزتين المرموز لهم بالشين من «شدّ» ومدلول «صحبة» وهم: «روح، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
وقرأ الباقون بتسهيل الهمزة الثانية بيّن بيّن وهم: «نافع، والبزّي، وأبو عمرو، وابن ذكوان، وحفص، وأبو جعفر» ومعهم: «قنبل، وهشام، ورويس» في الوجه الثاني على القراءة بالاستفهام.
والأزرق على أصله في تسهيل الهمزة الثانية بين بين، وفي إبدالها ألفا مع المد المشبع من أجل الساكن اللازم.
قال ابن الجزري:
أذهبتم اتل حز كفا ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «أذهبتم» من قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا} (سورة الأحقاف الآية 20).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر المرموز له بالألف من «اتل»، والحاء من «حز» ومدلول «كفا»، وهم: «نافع، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
وقرأ الباقون «ء أذهبتم» بهمزتين على الاستفهام، وهم على أصولهم في التسهيل، والتحقيق:
«فابن كثير، وأبو جعفر، ورويس، وهشام» بخلف عنه بالتسهيل بين بين.
«وابن ذكوان، وروح، وهشام» في وجهه الثاني بالتحقيق.
قال ابن الجزري:
... ودن ثنا إنّك لأنت يوسفا
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «إنك» من قوله تعالى: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} (سورة يوسف الآية 90).(1/190)
ودن ثنا إنّك لأنت يوسفا
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «إنك» من قوله تعالى: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} (سورة يوسف الآية 90).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر المرموز له بالدال من «دن» والثاء من «ثنا» وهما: «ابن كثير، وأبو جعفر».
وقرأ الباقون «أءنك» بهمزتين على الاستفهام، وهم على أصولهم في التسهيل، والتحقيق:
فسهل الثانية بين بين: «نافع، وأبو عمرو، ورويس».
وحققها: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة والكسائي، وروح، وخلف العاشر».
قال ابن الجزري:
وآئذا ما متّ بالخلف متى ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «أءذا ما مت» من قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسََانُ أَإِذََا مََا مِتُّ} (سورة مريم الآية 66).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر بخلف عنه المرموز له بالميم من «متى» وهو:
«ابن ذكوان».
وقرأ الباقون «أءذا ما متّ» بهمزتين على الاستفهام ومعهم «ابن ذكوان» في وجهه الثاني.
وكل على أصله في التسهيل، والتحقيق.
قال ابن الجزري:
... إنّا لمغرمون غير شعبتا
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في {إِنََّا لَمُغْرَمُونَ}
(سورة الواقعة الآية 66).
فقرأ جميع القراء عدا «شعبة» بهمزة واحدة على الخبر.(1/191)
إنّا لمغرمون غير شعبتا
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في {إِنََّا لَمُغْرَمُونَ}
(سورة الواقعة الآية 66).
فقرأ جميع القراء عدا «شعبة» بهمزة واحدة على الخبر.
وقرأ «شعبة» «أءنّا لمغرمون» بهمزتين على الاستفهام، وهو على أصله في القراءة بالتحقيق.
قال ابن الجزري:
أئنكم الأعراف عن مدا ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «إنكم لتأتون» من قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسََاءِ} (سورة الأعراف الآية 81).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر المرموز له بالعين من «عن» ومدلول «مدا» وهم: «حفص، ونافع، وأبو جعفر».
وقرأ الباقون «أءنكم لتأتون الرجال» بهمزتين على الاستفهام، وهم على أصولهم في القراءة بالتسهيل، والتحقيق.
قال ابن الجزري:
أئن ... لنا بها حرم علا
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «إنّ لنا لأجرا» من قوله تعالى: {قََالُوا إِنَّ لَنََا لَأَجْراً إِنْ كُنََّا نَحْنُ الْغََالِبِينَ} (سورة الأعراف الآية 113).
فقرأ بهمزة واحدة على الخبر مدلول «حرم» والمرموز له بالعين من «علا» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وحفص».
وقرأ الباقون «أءنّ لنا لأجرا» بهمزتين على الاستفهام، وكل على أصله في التسهيل، والتحقيق.
قال ابن الجزري:
... والخلف زن
آمنتموا طه وفي الثّلاث عن ... حفص رويس الأصبهاني أخبرن
وحقّق الثّلاث لي الخلف شفا ... صف شمء آلهتنا شهد كفا
والملك والأعراف الاولى أبدلا ... في الوصل واوا زر وثان سهّلا
بخلفه ...(1/192)
والخلف زن
آمنتموا طه وفي الثّلاث عن ... حفص رويس الأصبهاني أخبرن
وحقّق الثّلاث لي الخلف شفا ... صف شمء آلهتنا شهد كفا
والملك والأعراف الاولى أبدلا ... في الوصل واوا زر وثان سهّلا
بخلفه ...
المعنى: اختلف القراء في القراءة بالاستفهام والخبر في «ء آمنتم» في «الأعراف، وطه، والشعراء» من قوله تعالى:
1 {قََالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (سورة الأعراف الآية 123).
2 {قََالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}
(سورة طه الآية 71).
3 {قََالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}
(سورة الشعراء الآية 49).
فقرأ المرموز له بالزاي من «زن» وهو «قنبل» موضع «طه» بوجهين:
الأول: بالإخبار. والثاني: بالاستفهام، وهو على أصله في تسهيل الثانية بين بيّن. أمّا موضع «الأعراف» فقرأه بالاستفهام، وله حالة الوصل أي وصل «ء آمنتم» بما قبله إبدال الهمزة الأولى واوا من غير خلاف، وله في الهمزة الثانية:
التحقيق، والتسهيل بين بين. أمّا حالة الابتداء ب «ء آمنتم» فإنه يقرأ بتحقيق الهمزة الأولى، وله في الثانية التسهيل بين بين فقط. وأمّا موضع «الشعراء» فقرأه بالاستفهام وتسهيل الثانية بين بين.
وقرأ المواضع الثلاثة بالإخبار: «حفص، ورويس، والأصبهاني».
وقرأ المرموز له باللام من «لي» بخلف عنه، ومدلول «شفا» والمرموز له بالصاد من «صف» والشين من «شم» وهم: «هشام بخلف عنه، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة، وروح» بتحقيق الهمزة الثانية في المواضع الثلاثة.
وقرأ الباقون بالاستفهام في المواضع الثلاثة وهم: «الأزرق، وقالون،
والبزي، وأبو عمرو، وابن ذكوان» ولهم تسهيل الهمزة الثانية بين بين، ومعهم «هشام» في وجهه الثاني.(1/193)
وقرأ الباقون بالاستفهام في المواضع الثلاثة وهم: «الأزرق، وقالون،
والبزي، وأبو عمرو، وابن ذكوان» ولهم تسهيل الهمزة الثانية بين بين، ومعهم «هشام» في وجهه الثاني.
تنبيه: اعلم أن «الأزرق» لا يبدل الهمزة الثانية ألفا، وذلك كي لا يلتبس الاستفهام بالخبر. أمّا القصر، والتوسط، والمدّ في «البدل» فهي جائزة «لورش» من طريق الأزرق حسب قاعدته. واتفق القراء الذين يقرءون بالاستفهام في المواضع الثلاثة على عدم إدخال ألف بين الهمزتين، لئلا يصير في اللفظ أربع ألفات.
قال ابن الجزري:
والبدل والفصل من نحوء آمنتم خطل وأخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالشين من «شهد» ومدلول «كفا» وهم: «روح، وعاصم، وحمزة، والكسائي وخلف العاشر» يقرءون «ء آلهتنا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا أَآلِهَتُنََا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} (سورة الزخرف الآية 58) بالاستفهام وتحقيق الهمزة الثانية.
والباقون وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» يقرءون بالاستفهام وتسهيل الثانية بين بين. واعلم أن «الأزرق» لا يبدل الثانية ألفا، كي لا يلتبس الاستفهام بالخبر.
وأخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالزاي من «زر» وهو: «قنبل» يقرأ حالة وصل «النشور» ب «ء أمنتم» من قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ * أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمََاءِ} (سورة الملك الآيتان 1615). بإبدال الهمزة الأولى واوا، وله تحقيق الثانية، وتسهيلها بين بين قولا واحدا. أمّا إذا وقف على «النشور» وابتدأ ب «ء أمنتم» حقق الأولى وسهل الثانية.
وقرأ الباقون «ء أمنتم» بهمزتين على الاستفهام، وكلّ على أصله في التسهيل، والتحقيق. كما أن «الأزرق» على أصله في تسهيل الثانية بين بين، وله أيضا إبدال الهمزة الثانية ألفا خالصة مع القصر فقط لعروض حرف المدّ بالإبدال، وضعف السبب بتقدمه على الشرط.
قال ابن الجزري:(1/194)
وقرأ الباقون «ء أمنتم» بهمزتين على الاستفهام، وكلّ على أصله في التسهيل، والتحقيق. كما أن «الأزرق» على أصله في تسهيل الثانية بين بين، وله أيضا إبدال الهمزة الثانية ألفا خالصة مع القصر فقط لعروض حرف المدّ بالإبدال، وضعف السبب بتقدمه على الشرط.
قال ابن الجزري:
أئنّ الأنعام اختلف ... غوث
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غوث» وهو: «رويس» «أئنكم» من قوله تعالى: {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللََّهِ آلِهَةً أُخْرى ََ قُلْ لََا أَشْهَدُ} (سورة الأنعام الآية 19) بتحقيق الهمزة الثانية، وبتسهيلها.
وباقي القراء على أصولهم من التحقيق، والتسهيل.
قال ابن الجزري:
... أئنّ فصّلت خلف لطف
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لطف» وهو: «هشام» «أئنكم» من قوله تعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدََاداً}
(سورة فصلت الآية 9) بتحقيق الهمزة الثانية، وبتسهيلها.
وباقي القراء على أصولهم من التحقيق، والتسهيل.
قال ابن الجزري:
ء أسجد الخلاف مز ...
المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «مز» وهو: «ابن ذكوان» «ء أسجد» من قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنََا لِلْمَلََائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلََّا إِبْلِيسَ قََالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} (سورة الإسراء الآية 61) بتحقيق الهمزة الثانية، وبتسهيلها.
وباقي القراء على أصولهم من التحقيق، والتسهيل.
قال ابن الجزري:
وأخبرا ... بنحو أئذا أئنّا كرّرا
أوّله ثبت كما الثّاني رد ... إذ ظهروا والنّمل مع نون زد
رض كس وأولاها مدا والسّاهره ... ثنا وثانيها ظبّى إذ رم كره
وأوّل الأوّل من ذبح كوى ... ثانيه مع وقعت رد إذ ثوى
والكلّ أولاها وثاني العنكبا ... مستفهم الاوّل صحبة حبا
المعنى: تحدث الناظم رحمه الله تعالى في هذه الأبيات عن اختلاف القراء في المكرر من الاستفهامين، وجملته أحد عشر موضعا، في تسع سور، وبيان ذلك فيما يأتي:(1/195)
وأخبرا ... بنحو أئذا أئنّا كرّرا
أوّله ثبت كما الثّاني رد ... إذ ظهروا والنّمل مع نون زد
رض كس وأولاها مدا والسّاهره ... ثنا وثانيها ظبّى إذ رم كره
وأوّل الأوّل من ذبح كوى ... ثانيه مع وقعت رد إذ ثوى
والكلّ أولاها وثاني العنكبا ... مستفهم الاوّل صحبة حبا
المعنى: تحدث الناظم رحمه الله تعالى في هذه الأبيات عن اختلاف القراء في المكرر من الاستفهامين، وجملته أحد عشر موضعا، في تسع سور، وبيان ذلك فيما يأتي:
1 - في الرعد موضع وهو: {إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (سورة الرعد الآية 5).
2 - وفي الإسراء موضعان: {أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً وَرُفََاتاً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً}
(سورة الإسراء الآيتان 9849).
3 - وفي المؤمنون موضع: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة المؤمنون الآية 82).
4 - وفي النمل موضع: {أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً وَآبََاؤُنََا أَإِنََّا لَمُخْرَجُونَ} (سورة النمل الآية 67).
5 - وفي العنكبوت موضع: {وَلُوطاً إِذْ قََالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفََاحِشَةَ مََا سَبَقَكُمْ بِهََا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعََالَمِينَ * أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نََادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} (سورة العنكبوت الآيتان 2928).
6 - وفي السجدة موضع: {وَقََالُوا أَإِذََا ضَلَلْنََا فِي الْأَرْضِ أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (سورة السجدة الآية 10).
7 - وفي الصافات موضعان:
الأول: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة الصافات الآية 16).
والثاني: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَدِينُونَ} (سورة الصافات الآية 53).
8 - وفي الواقعة موضع: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة الواقعة الآية 47).
9 - وفي النازعات موضع: {أَإِنََّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحََافِرَةِ * أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً نَخِرَةً}
(سورة النازعات الآيتان 1110).(1/196)
8 - وفي الواقعة موضع: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة الواقعة الآية 47).
9 - وفي النازعات موضع: {أَإِنََّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحََافِرَةِ * أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً نَخِرَةً}
(سورة النازعات الآيتان 1110).
ففي موضع «الرعد»: {أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} قرأ «نافع، والكسائي، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله في التحقيق، والتسهيل.
وقرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني.
وكلّ على أصله كذلك.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضعي «الإسراء» {أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً وَرُفََاتاً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} قرأ «نافع، والكسائي، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله في التحقيق، والتسهيل.
وقرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني.
وكلّ على أصله كذلك.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضع «المؤمنون»: {قََالُوا أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ}
قرأ «نافع، والكسائي، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله في التحقيق، والتسهيل.
وقرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وكلّ على أصله كذلك.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضع «النمل»: {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً وَآبََاؤُنََا أَإِنََّا
لَمُخْرَجُونَ} قرأ «نافع، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وكلّ على أصله في التحقيق، والتسهيل.(1/197)
وفي موضع «النمل»: {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً وَآبََاؤُنََا أَإِنََّا
لَمُخْرَجُونَ} قرأ «نافع، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وكلّ على أصله في التحقيق، والتسهيل.
وقرأ «ابن عامر، والكسائي» «أءذا» بالاستفهام «إنّنا» بالإخبار مع زيادة نون، وكلّ على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضع «العنكبوت»: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفََاحِشَةَ}، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ} قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «أبو عمرو، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضع «السجدة»: {وَقََالُوا أَإِذََا ضَلَلْنََا فِي الْأَرْضِ أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} قرأ «نافع، والكسائي، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي الموضع الأول من «والصافات»: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ «ابن عامر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وهو على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكل على أصله.(1/198)
وقرأ «ابن عامر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وهو على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكل على أصله.
وفي الموضع الثاني من «والصافات»: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَدِينُونَ} القراء فيه مثل الموضع الأول، سوى أن «أبا جعفر» قرأ هذا الموضع بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني مثل «ابن عامر» وكلّ على أصله.
وفي موضع «الواقعة»: {وَكََانُوا يَقُولُونَ أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ الباقون بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
وفي موضع «والنازعات»: {يَقُولُونَ أَإِنََّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحََافِرَةِ أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً نَخِرَةً} قرأ «نافع، وابن عامر، والكسائي، ويعقوب» بالاستفهام في الأول، والإخبار في الثاني، وكلّ على أصله.
وقرأ «أبو جعفر» بالإخبار في الأول، والاستفهام في الثاني، وهو على أصله.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة وخلف العاشر» بالاستفهام فيهما، وكلّ على أصله.
قال ابن الجزري:
والمدّ قبل الفتح والكسر حجر ... بن ثق له الخلف وقبل الضّمّ ثر
والخلف حزبي لذو عنه أوّلا ... كشعبة وغيره امدد سهّلا
المعنى: لما فرغ الناظم رحمه الله تعالى من الكلام على حكم الهمزتين من كلمة تسهيلا، وتحقيقا، وما اختلف فيه القراء إخبارا، واستفهاما، شرع في الكلام على الفصل بين الهمزتين بحرف المدّ وعدمه.
والمراد بذلك: إدخال ألف بين الهمزتين تمدّ بمقدار حركتين، سواء كانت
الثانية مفتوحة نحو: «ء أنذرتهم» من نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة الآية 6). أو مكسورة نحو:(1/199)
والمراد بذلك: إدخال ألف بين الهمزتين تمدّ بمقدار حركتين، سواء كانت
الثانية مفتوحة نحو: «ء أنذرتهم» من نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة الآية 6). أو مكسورة نحو:
«أئنكم» من قوله تعالى: {أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسََاءِ} (سورة النمل الآية 55). أو مضمومة نحو: «أءنزل» من قوله تعالى: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنََا} (سورة ص الآية 8).
فأخبر أن المرموز له بالحاء من «حجر» والباء من «بن» والثاء من «ثق» واللام من «له» بخلف عنه، وهم: «أبو عمرو، وقالون، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه يقرءون بإدخال ألف بين الهمزتين إذا كانت الثانية مفتوحة، أو مكسورة.
وقد استثنى بعض علماء القراءات أمثال: «أبي الحسن بن غلبون، وابن سفيان، وابن شريح، والمهدوي، ومكي بن أبي طالب، وابن بلّيمة، وغيرهم، سبعة أحرف إذا كانت الهمزة الثانية مكسورة، فقرءوها «لهشام» بالإدخال قولا واحدا. والأحرف السبعة هي:
1 {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسََاءِ} (سورة الأعراف الآية 81).
2 {قََالُوا إِنَّ لَنََا لَأَجْراً إِنْ كُنََّا نَحْنُ الْغََالِبِينَ} (سورة الأعراف الآية 113).
3 {أَإِذََا مََا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} (سورة مريم الآية 66).
4 {قََالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنََا لَأَجْراً إِنْ كُنََّا نَحْنُ الْغََالِبِينَ} (سورة الشعراء الآية 41).
5 {يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} (سورة الصافات الآية 52).
6 {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللََّهِ تُرِيدُونَ} (سورة الصافات الآية 86).
7 {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} (سورة فصلت الآية 9).
وقد أشار «الإمام الشاطبي» إلى ذلك بقوله:
وفي سبعة لا خلف عنه بمريم ... وفي حرفي الأعراف والشّعرا العلا
أئنّك أئفكا معا فوق صادها ... وفي فصّلت حرف وبالخلف سهّلا
كذلك خصّ جمهور المغاربة، وبعض العراقيّين: كالدّاني، وابن شريح،
وابن سفيان، والمهدوي، وغيرهم تسهيل حرف «فصّلت»: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} عن «هشام».(1/200)
وفي سبعة لا خلف عنه بمريم ... وفي حرفي الأعراف والشّعرا العلا
أئنّك أئفكا معا فوق صادها ... وفي فصّلت حرف وبالخلف سهّلا
كذلك خصّ جمهور المغاربة، وبعض العراقيّين: كالدّاني، وابن شريح،
وابن سفيان، والمهدوي، وغيرهم تسهيل حرف «فصّلت»: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} عن «هشام».
وحينئذ يكون ل «هشام» في حرف «فصلت» ثلاث قراءات هي: تسهيل الهمزة الثانية مع الإدخال، وتحقيقها مع الإدخال وعدمه.
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثر» وهو: «أبو جعفر» يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين إذا كانت الثانية مضمومة قولا واحدا.
وأن المرموز له بالحاء من «حز» والباء من «بي» واللام من «لذ» وهم: «أبو عمرو، وقالون، وهشام» يقرءون بإدخال ألف بين الهمزتين إذا كانت الثانية مضمومة بخلف عنهم.
وقد وردت الهمزة المضمومة في ثلاثة مواضع متفق عليها، وموضع مختلف فيه. فالمواضع الثلاثة المتفق عليها هي:
1 {قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذََلِكُمْ} (سورة آل عمران الآية 15).
2 {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنََا} (سورة ص الآية 8).
3 {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنََا} (سورة القمر الآية 25).
وقد روى جماعة من علماء القراءات عن «هشام» في موضع «آل عمران» القراءة له بالتحقيق وعدم الإدخال مثل قراءة، «شعبة». وفي موضعي: «ص، والقمر» القراءة له بالتسهيل مع الإدخال، قولا واحدا، وهذا معنى قول الناظم:
وعنه أوّلا ... كشعبة وغيره امدد سهّلا
أمّا الموضع المختلف فيه فهو: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} (سورة الزخرف الآية 19).
وسيأتي حكمه في سورته بإذن الله تعالى.
قال ابن الجزري:
وهمز وصل من كآلله أذن ... أبدل لكلّ أو فسهّل واقصرن
كذا به السّحر ثنا حز ...
المعنى: إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل المفتوحة، نحو «ءالله أذن لكم» وقد وقع ذلك في ثلاث كلم في ستة مواضع هنّ:(1/201)
وهمز وصل من كآلله أذن ... أبدل لكلّ أو فسهّل واقصرن
كذا به السّحر ثنا حز ...
المعنى: إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل المفتوحة، نحو «ءالله أذن لكم» وقد وقع ذلك في ثلاث كلم في ستة مواضع هنّ:
1 «ءآلذكرين» من قوله تعالى: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} الموضعان في (سورة الأنعام الآيتان 144143).
2 «ءآلئن» من قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (سورة يونس الآية 51). ومن قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} (سورة يونس الآية 91).
3 «ءآلله» من قوله تعالى: {قُلْ آللََّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللََّهِ تَفْتَرُونَ} (سورة يونس الآية 59). ومن قوله تعالى: {آللََّهُ خَيْرٌ أَمََّا يُشْرِكُونَ} (سورة النمل الآية 59).
فقد اتفق القراء على تسهيل الهمزة الثانية أي همزة الوصل، إلّا أنهم اختلفوا في كيفية ذلك التسهيل: فأكثرهم على إبدالها ألفا خالصة مع إشباع المدّ للساكنين. والآخرون على تسهيلها بين بين مع القصر. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثنا» والحاء من «حز» وهما: «أبو جعفر، وأبو عمرو» يقرءان «به السحر» من قوله تعالى: {قََالَ مُوسى ََ مََا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} (سورة يونس الآية 81) بزيادة همزة استفهام قبل همزة الوصل. وحينئذ تكون مثل: «ءآلذكرين» فيكون لكل منهما وجهان:
الأول: إبدال همزة الوصل ألفا مع المدّ المشبع للساكنين.
الثاني: تسهيلها بين بين مع القصر.
وعلى قراءتهما توصل هاء الضمير في «به» بياء ويكون المدّ حينئذ من قبيل المنفصل فكل يمد حسب مذهبه.
قال ابن الجزري:
والبدل ... والفصل من نحوء آمنتم خطل
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أنه إذا اجتمع ثلاث همزات في كلمة واحدة نحو: «ء ءامنتم» من قوله تعالى:
1 {قََالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (سورة الأعراف الآية 123).(1/202)
والبدل ... والفصل من نحوء آمنتم خطل
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أنه إذا اجتمع ثلاث همزات في كلمة واحدة نحو: «ء ءامنتم» من قوله تعالى:
1 {قََالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (سورة الأعراف الآية 123).
2 {أَثُمَّ إِذََا مََا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} (سورة يونس الآية 51).
3 {قََالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (سورة طه الآية 71).
4 {قََالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (سورة الشعراء الآية 49).
و «ء ءالهتنا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا أَآلِهَتُنََا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} (سورة الزخرف الآية 58) فإنه لا يجوز في ذلك إبدال الهمزة الثانية ألفا «للأزرق» كي لا يلتبس الاستفهام بالخبر. كما لا يجوز لأحد من القراء إدخال ألف بين الهمزتين، لئلا يصير في اللفظ تقدير أربع ألفات: همزة الاستفهام، وألف الوصل، وهمزة القطع، وهو إفراط. وهذا هو الصحيح، والمقروء به.
قال ابن الجزري:
أئمّة سهّل أو ابدل حط غنا ... حرم ومدّ لاح بالخلف ثنا
مسهّلا والأصبهاني بالقصص ... في الثّان والسّجدة معه المدّ نص
المعنى: اختلف القراء في تحقيق، وتسهيل «أئمّة» وهي في خمسة مواضع:
1 {فَقََاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لََا أَيْمََانَ لَهُمْ} (سورة التوبة الآية 12).
2 {وَجَعَلْنََاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنََا} (سورة الأنبياء الآية 73).
3 {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوََارِثِينَ} (سورة القصص الآية 5).
4 {وَجَعَلْنََاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النََّارِ} (سورة القصص الآية 41).
5 {وَجَعَلْنََا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنََا لَمََّا صَبَرُوا} (سورة السجدة الآية 24).
و «أئمة» جمع «إمام» وأصلها: «أأممة» على وزن «أفعلة» التقى ميمان فأريد إدغامهما، فنقلت حركة الميم الأولى للساكن قبلها وهو الهمزة الثانية، فأدى ذلك إلى اجتماع همزتين ثانيتهما مكسورة.
وقد أمر الناظم رحمه الله تعالى بتسهيل الهمزة الثانية بين بين، وبإبدالها ياء خالصة للمرموز له بالحاء من «حط» والغين من «غنا» ومدلول «حرم» وهم:
«أبو عمرو، ورويس، ونافع، وابن كثير، وأبو جعفر». فتعين للباقين القراءة
بالتحقيق وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر».(1/203)
«أبو عمرو، ورويس، ونافع، وابن كثير، وأبو جعفر». فتعين للباقين القراءة
بالتحقيق وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر».
ثم بيّن الناظم أن المرموز له باللام من «لاح» وهو: «هشام» يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين في المواضع الخمسة بالخلاف.
وأن المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين على قراءة التسهيل فقط. وحينئذ يكون ل «أبي جعفر» في المواضع الخمسة وجهان:
الأول: تسهيل الهمزة الثانية مع الإدخال.
الثاني: إبدال الهمزة الثانية ياء خالصة مع عدم الإدخال.
ثم بيّن الناظم أن «الأصبهاني» يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين على قراءة التسهيل، وذلك في موضعين فقط:
الأول: الموضع الثاني بالقصص رقم / 41.
الثاني: موضع السجدة.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على عدم الإدخال حالة إبدال الهمزة الثانية ياء.
قال ابن الجزري:
أن كان أعجميّ خلف مليا ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالميم من «مليا» وهو:
«ابن ذكوان» يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين بالخلاف، وذلك في موضعين:
الأول: {أَنْ كََانَ ذََا مََالٍ وَبَنِينَ} (سورة ن الآية 14).
الثاني: {ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} (سورة فصلت الآية 44).
وتتميما للفائدة سأذكر قراءة القراء في هاتين الكلمتين:
أمّا «ء أن كان» فقد قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، والكسائي، وخلف العاشر»: «أن كان» بهمزة واحدة على الخبر.(1/204)
وتتميما للفائدة سأذكر قراءة القراء في هاتين الكلمتين:
أمّا «ء أن كان» فقد قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، والكسائي، وخلف العاشر»: «أن كان» بهمزة واحدة على الخبر.
وقرأ الباقون «ء أن كان» بهمزتين على الاستفهام وهم: «ابن عامر، وشعبة، وحمزة وأبو جعفر، ويعقوب».
وقد حقّق الهمزتين من المستفهمين: «شعبة، وحمزة، وروح» وسهل الهمزة الثانية مع الإدخال «أبو جعفر وابن عامر» بخلف عنه.
وسهلها بدون إدخال «رويس» وهو الوجه الثاني ل «ابن عامر».
وأمّا «ء أعجمي» فقد قرأ «قالون، وأبو عمرو وأبو جعفر» بهمزتين على الاستفهام، مع تحقيق الأولى، وتسهيل الثانية، وإدخال ألف بينهما.
وقرأ «الأصبهاني، والبزّي، وحفص» بهمزتين على الاستفهام وتسهيل الثانية مع عدم الإدخال.
وللأزرق وجهان:
القراءة بهمزتين على الاستفهام، مع تسهيل الثانية بدون إدخال، وإبدالها حرف مدّ محضا مع المدّ المشبع.
«ولقنبل، ورويس» وجهان:
تسهيل الثانية مع عدم الإدخال، والقراءة بهمزة واحدة على الخبر.
ولابن ذكوان وجهان:
تحقيق الهمزة الثانية مع الإدخال، وعدمه.
ولهشام ثلاثة أوجه:
تسهيل الهمزة الثانية مع الإدخال وعدمه، والقراءة بهمزة واحدة على الخبر.
والباقون وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» بتحقيق الثانية مع عدم الإدخال.
قال ابن الجزري:(1/205)
والباقون وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» بتحقيق الثانية مع عدم الإدخال.
قال ابن الجزري:
... والكلّ مبدل كآسى أوتيا
المعنى: اتفق القراء على إبدال الهمزة الثانية إذا كانت ساكنة حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها: فتبدل في نحو: «ءادم» ألفا من نحو قوله تعالى:
{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمََاءَ كُلَّهََا} (سورة البقرة الآية 31). وفي نحو: «إيمان» ياء من نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمََانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (سورة المائدة الآية 5). وفي نحو: «اؤتمن» واوا من قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمََانَتَهُ} (سورة البقرة الآية 283).
تمّ باب الهمزتين من كلمة ولله الحمد والشكر(1/206)
تمّ باب الهمزتين من كلمة ولله الحمد والشكر
«باب الهمزتين من كلمتين»
المراد بهما همزتا القطع المتلاصقتان وصلا، فخرج نحو: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى ََ} (سورة الأنعام الآية 35) وتكون الهمزة الأولى آخر كلمة، والهمزة الثانية أول الكلمة الأخرى. وتقعان متفقتين، ومختلفتين:
فالمتفقتان: تتفقان في الفتح نحو: {إِنَّهُ قَدْ جََاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} (سورة هود الآية 76) وتتفقان في الكسر نحو: {هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31) وتتفقان في الضم وهو في قوله تعالى: {وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيََاءُ أُولََئِكَ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ} (سورة الأحقاف الآية 32).
والمختلفتان: على خمسة أقسام:
1 - تكون الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة نحو: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدََاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} (سورة البقرة الآية 133).
2 - وتكون الأولى مفتوحة، والثانية مضمومة وهو في قوله تعالى: {كُلَّ مََا جََاءَ أُمَّةً رَسُولُهََا كَذَّبُوهُ} (سورة المؤمنون الآية 44) ولا ثاني له.
3 - وتكون الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة نحو: {قََالُوا أَنُؤْمِنُ كَمََا آمَنَ السُّفَهََاءُ أَلََا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهََاءُ} (سورة البقرة الآية 13).
4 - وتكون الأولى مضمومة، والثانية مكسورة نحو: {وَاللََّهُ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة البقرة الآية 213).
5 - وتكون الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة نحو: {وَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ فِيمََا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسََاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} (سورة البقرة الآية 235).(1/207)
4 - وتكون الأولى مضمومة، والثانية مكسورة نحو: {وَاللََّهُ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة البقرة الآية 213).
5 - وتكون الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة نحو: {وَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ فِيمََا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسََاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} (سورة البقرة الآية 235).
ولم يقع في القرآن الكريم عكس هذا، وهو أن تكون الأولى مكسورة، والثانية مضمومة.
قال ابن الجزري:
أسقط الأولى في اتّفاق زن غدا ... خلفهما حز وبفتح بن هدى
وسهلا في الكسر والضّمّ وفي ... بالسّوء والنّبئ الادغام اصطفى
وسهّل الأخرى رويس قنبل ... ورش وثامن وقيل تبدل
مدّ زكا جودا وعنه هؤلا ... ءن والبغا إن كسر ياء أبد لا
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في بيان اختلاف القراء في الهمزتين من كلمتين، وبدأ بالهمزتين المتفقتين، فبيّن أن المرموز له بالزاي من «زن» والغين من «غدا» والحاء من «حز» وهم: «قنبل، ورويس» بخلف عنهما، و «أبو عمرو» بدون خلاف يقرءون بإسقاط الهمزة الأولى في الأحوال الثلاثة: أي سواء كانتا مفتوحتين، أو مكسورتين، أو مضمومتين.
وما ذكره الناظم من أن الساقطة هي الأولى هو ما عليه جمهور أهل الأداء. وذهب بعض علماء القراءات أمثال «أبي الطيب بن غلبون، وأبي الحسن الحمّاميّ» إلى أن الساقطة هي الثانية، وإلى ذلك أشار صاحب إتحاف البريّة بقوله:
وأسقط الأولى في اتفاقهما معا ... وقيل بل الأخرى فخذ عن فتى العلا
وتظهر فائدة هذا الخلاف في المدّ: فمن قال الساقطة الأولى كان المدّ عنده من قبيل المنفصل، ومن قال الساقطة الثانية كان المدّ عنده من قبيل المتصل (1).
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز له بالباء من «بن» والهاء من
__________
(1) أنظر: النشر لابن الجزري ج 1/ 389.(1/208)
«هدى» وهما: «قالون، والبزّي» يقرءان بإسقاط الهمزة من المفتوحتين ويقرءان بتسهيل الهمزة الأولى من المكسورتين، والمضمومتين.
إلّا أنه اختير «لقالون، والبزّي» في «بالسوء إلّا» من قوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلََّا مََا رَحِمَ رَبِّي} (سورة يوسف الآية 53) فقرآه بإبدال الهمزة الأولى واوا، وإدغام الواو التي قبلها فيها: وحينئذ يجوز لهما في هذه الكلمة وجهان:
الأول: التسهيل بين بين مع المدّ والقصر.
الثاني: الإبدال مع الإدغام.
كما أنه اختير «لقالون» موضعين فقرأهما بإبدال الهمزة الأولى «ياء» وإدغام الياء التي قبلها فيها. والموضعان هما:
1 {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهََا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرََادَ النَّبِيُّ} (سورة الأحزاب الآية 50).
2 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} (سورة الأحزاب الآية 53) لأن «قالون» يقرأ بهمزة «النبي» فلا تجتمع الهمزتان فيهما إلّا على قراءة «نافع». وحينئذ يجوز «لقالون» في هاتين الكلمتين وجهان:
الأول: التسهيل بين بين مع المدّ والقصر.
الثاني: الإبدال مع الإدغام.
ثم بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن «رويسا، وأبا جعفر، والأصبهانيّ» يقرءون بتسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين المتفقتين في الأحوال الثلاثة.
وأن «قنبلا، والأزرق» يقرءان الهمزة الثانية في الأحوال الثلاثة بوجهين:
الأول: تسهيلها بين بين.
الثاني: إبدالها حرف مدّ محضا من جنس حركتها: فالمفتوحة تبدل ألفا، والمكسورة تبدل ياء، والمضمومة تبدل واوا.
تنبيه: إذا أبدلت الهمزة الثانية حرف مدّ محضا «للأزرق وقنبل» فإن وقع بعده ساكن صحيح نحو: {هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31) زيد في حرف المدّ إلى ستّ حركات من أجل الساكن اللازم.(1/209)
الثاني: إبدالها حرف مدّ محضا من جنس حركتها: فالمفتوحة تبدل ألفا، والمكسورة تبدل ياء، والمضمومة تبدل واوا.
تنبيه: إذا أبدلت الهمزة الثانية حرف مدّ محضا «للأزرق وقنبل» فإن وقع بعده ساكن صحيح نحو: {هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31) زيد في حرف المدّ إلى ستّ حركات من أجل الساكن اللازم.
وإن وقع بعد حرف المدّ متحرك نحو قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا جََاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنََا وَهُمْ لََا يُفَرِّطُونَ} (سورة الأنعام الآية 61) لم يزد على مقدار حرف المدّ لعدم وجود السبب.
وإن عرض التحريك نحو قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهََا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرََادَ النَّبِيُّ} (سورة الأحزاب الآية 50) جاز المدّ والقصر.
وإن وقع بعد الثانية من المفتوحتين ألف وذلك في قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ} (سورة الحجر الآية 61) جاز «للأزرق وقنبل» حالة الإبدال القصر، والمدّ، فالقصر على تقدير حذف الألف، والمدّ على تقدير عدم الحذف وزيادة ألف ثالثة للفصل بين الساكنين، ويمتنع التوسط على الإبدال.
وقد أشار إلى ذلك صاحب إتحاف البريّة بقوله:
والأخرى كمدّ عند ورش وقنبل ... وقد قيل محض المدّ عنها تبدّلا
ومدّ إذا كان السكون بعيده ... وإن طرأ التحريك فاقصر وطوّلا
وجا آل ابدلن عند ورشهم ... بقصر ومدّ فيه قل ولقنبلا
ثمّ بيّن الناظم رحمه الله تعالى أن «الأزرق» يقرأ قوله تعالى:
1 {فَقََالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمََاءِ هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31).
2 {وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} (سورة النور الآية 33) بإبدال الهمزة الثانية ياء خفيفة مكسورة. وحينئذ يكون للأزرق في هاتين الكلمتين ثلاثة أوجه:
الأول: تسهيل الهمزة الثانية بين بين.
الثاني: إبدالها حرف مدّ محضا مع المد المشبع في «هؤلاء إن كنتم» ومع المدّ المشبع والقصر في «على البغاء إن أردن تحصنا».
الثالث: إبدال الهمزة الثانية ياء خالصة مكسورة.(1/210)
الثاني: إبدالها حرف مدّ محضا مع المد المشبع في «هؤلاء إن كنتم» ومع المدّ المشبع والقصر في «على البغاء إن أردن تحصنا».
الثالث: إبدال الهمزة الثانية ياء خالصة مكسورة.
فائدة: يفهم مما تقدم أن اختلاف القراء العشرة في الهمزتين من كلمتين المتفقتين على النحو الآتي:
أولا: «قالون، والبزّي» يسقطان في المفتوحتين، ويسهلان الأولى في المكسورتين، والمضمومتين، ولهما الإدغام في «بالسوء إلّا». وقالون له الإدغام في {لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرََادَ النَّبِيُّ} (سورة الأحزاب الآية 50)، {بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} (سورة الأحزاب الآية 53).
ثانيا: «الأصبهاني، وأبو جعفر» يقرءان بتسهيل الهمزة الثانية قولا واحدا في الأحوال الثلاثة.
ثالثا: «الأزرق» له وجهان:
1 - تسهيل الهمزة الثانية بين بين في الأحوال الثلاثة.
2 - إبدال الهمزة الثانية حرف مدّ محضا.
وله في {هََؤُلََاءِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 31) {عَلَى الْبِغََاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} (سورة النور الآية 33) إبدال الهمزة الثانية ياء خفيفة مكسورة.
رابعا: «قنبل» له ثلاثة أوجه:
1 - الإسقاط في الأحوال الثلاثة.
2 - تسهيل الهمزة الثانية بين بين في الأحوال الثلاثة.
3 - إبدال الهمزة الثانية حرف مدّ محضا.
خامسا: «أبو عمرو» له الإسقاط قولا واحدا في الأحوال الثلاثة.
سادسا: «رويس» له وجهان:
1 - الإسقاط في الأحوال الثلاثة.
2 - تسهيل الهمزة الثانية بين بين في الأحوال الثلاثة.
سابعا: الباقون وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» لهم التحقيق في الهمزتين في الأحوال الثلاثة.
قال ابن الجزري:(1/211)
سابعا: الباقون وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» لهم التحقيق في الهمزتين في الأحوال الثلاثة.
قال ابن الجزري:
وعند الاختلاف الاخرى سهّلن ... حرم حوى غنا ومثل السّوء إن
فالواو أو كاليا وكالسّماء أو ... نشاء أنت فبالإبدال وعوا
المعنى: هذا شروع في بيان اختلاف القراء في الهمزتين من كلمتين المختلفتين في الحركة. وقد أمر الناظم رحمه الله تعالى بتسهيل الهمزة الثانية في الأقسام الخمسة المتقدمة لمدلول «حرم» والمرموز له بالحاء من «حوى» والغين من «غنا» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وأبو عمر، ورويس» ثم بيّن الناظم كيفية التسهيل فأفاد:
إذا كانت الأولى مضمومة، والثانية مكسورة مثل قوله تعالى: {وَمََا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (سورة الأعراف الآية 188) فإن هؤلاء القراء المذكورين ورد عنهم في كيفية التسهيل روايتان:
الأولى: إبدال الهمزة الثانية واوا مكسورة.
الثانية: تسهيلها بين بين.
وإذا كانت الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة مثل قوله تعالى: {وَإِذْ قََالُوا اللََّهُمَّ إِنْ كََانَ هََذََا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنََا حِجََارَةً مِنَ السَّمََاءِ أَوِ ائْتِنََا بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} (سورة الأنفال الآية 32) فإنهم يبدلون الثانية ياء خالصة قولا واحدا.
وإذا كانت الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة مثل قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلََّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهََا مَنْ تَشََاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشََاءُ أَنْتَ وَلِيُّنََا فَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا}
(سورة الأعراف الآية 155) فإنهم يبدلون الثانية واوا خالصة قولا واحدا.
وإذا كانت الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة مثل قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدََاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} (سورة البقرة الآية 133) أو الأولى مفتوحة، والثانية مضمومة وهو في قوله تعالى: {كُلَّ مََا جََاءَ أُمَّةً رَسُولُهََا كَذَّبُوهُ} (سورة المؤمنون الآية 44). فإنهم في هاتين الحالتين يسهلون الهمزة الثانية بين بين قولا واحدا.
فتعيّن للباقين من القراء العشرة وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» القراءة بتحقيق الهمزتين في الأحوال الخمسة قولا واحدا.(1/212)
وإذا كانت الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة مثل قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدََاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} (سورة البقرة الآية 133) أو الأولى مفتوحة، والثانية مضمومة وهو في قوله تعالى: {كُلَّ مََا جََاءَ أُمَّةً رَسُولُهََا كَذَّبُوهُ} (سورة المؤمنون الآية 44). فإنهم في هاتين الحالتين يسهلون الهمزة الثانية بين بين قولا واحدا.
فتعيّن للباقين من القراء العشرة وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر» القراءة بتحقيق الهمزتين في الأحوال الخمسة قولا واحدا.
تمّ باب الهمزتين من كلمتين ولله الحمد والشكر(1/213)
تمّ باب الهمزتين من كلمتين ولله الحمد والشكر
«باب الهمز المفرد»
وهو على ضربين: ساكن، ومتحرّك:
فالساكن يكون فاء من الفعل، وعينا، ولا ما. ويكون ما قبله مفتوحا، ومكسورا، ومضموما، نحو:
{فَإِذََا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ} (سورة البقرة الآية 222).
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلََاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهََا} (سورة طه الآية 132).
{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ََ} (سورة النازعات الآية 41).
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (سورة العلق الآية 1).
{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} (سورة الاسراء الآية 54).
{بِئْسَ لِلظََّالِمِينَ بَدَلًا} (سورة الكهف الآية 50).
{قََالُوا يََا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا} (سورة مريم الآية 27).
{نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة الحجر الآية 49).
{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمََانَتَهُ} (سورة البقرة الآية 283).
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (سورة البقرة الآية 3).
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة الآية 269).
{لََا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيََاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (سورة المائدة الآية 101).
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلََا تَفْتِنِّي} (سورة التوبة الآية 49).
{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيََا تَعْبُرُونَ} (سورة يوسف الآية 43).
قال ابن الجزري:(1/215)
{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيََا تَعْبُرُونَ} (سورة يوسف الآية 43).
قال ابن الجزري:
وكلّ همز ساكن أبدل حذا ... خلف سوى ذي الجزم والأمر كذا
مؤصدة رئيا وتؤوي ...
المعنى: بدأ الناظم رحمه الله تعالى بالحديث عن اختلاف القراء في الهمز الساكن لقلّة تنوعه. فأمر بإبدال كلّ همز ساكن حرف مدّ من جنس حركة ما قبله، سواء كان فاء للكلمة، أو عينا، أو لاما. وذلك للمرموز له بالحاء من «حذا» وهو: «أبو عمرو» من الروايتين بخلف عنه. ثم استثنى له من ذلك ما سيأتي فإنه يقرأه بالتحقيق قولا واحدا، والمستثنى يتمثل فيما يأتي:
أولا: ما كان سكونه للجزم وهو فيما يأتي:
1 «يشأ» في عشرة مواضع نحو قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النََّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} (سورة النساء الآية 133).
2 «نشأ» في ثلاثة مواضع نحو قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمََاءِ آيَةً} (سورة الشعراء الآية 4).
3 «تسؤ» في ثلاثة مواضع نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيََاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (سورة المائدة الآية 101).
4 «ننسأها» من قوله تعالى: {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا} (سورة البقرة الآية 106).
5 «ويهيئ» من قوله تعالى: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً} (سورة الكهف الآية 16).
6 «ينبأ» من قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمََا فِي صُحُفِ مُوسى ََ} (سورة النجم الآية 36).
ثانيا: ما كان سكونه للأمر وهو فيما يأتي:
1 «أنبئهم» من قوله تعالى: {قََالَ يََا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمََائِهِمْ} (سورة البقرة الآية 33).
2 «أرجئه» موضعان وهما قوله تعالى: قالوا أرجئه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين (سورة الأعراف الآية 111).(1/216)
1 «أنبئهم» من قوله تعالى: {قََالَ يََا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمََائِهِمْ} (سورة البقرة الآية 33).
2 «أرجئه» موضعان وهما قوله تعالى: قالوا أرجئه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين (سورة الأعراف الآية 111).
وقالوا أرجئه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين (سورة الشعراء الآية 36).
3 «نبئنا» من قوله تعالى: {نَبِّئْنََا بِتَأْوِيلِهِ} (سورة يوسف الآية 36).
4 «نبئ» من قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة الحجر الآية 49).
5 «نبئهم» موضعان: من قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ} (سورة الحجر الآية 51).
ومن قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمََاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} (سورة القمر الآية 28).
6 «اقرأ» في ثلاثة مواضع من قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} (سورة الإسراء الآية 14). وقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (سورة العلق الآية 1). وقوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (سورة العلق الآية 3).
7 «هيئ» من قوله تعالى: {وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} (سورة الكهف الآية 10).
ثالثا: أربع كلمات وهي:
1 «مؤصدة» في موضعين قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ نََارٌ مُؤْصَدَةٌ} (سورة البلد الآية 20).
وقوله تعالى: {إِنَّهََا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} (سورة الهمزة الآية 8).
2 «رءيا» من قوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثََاثاً وَرِءْياً} (سورة مريم الآية 74).
3 «تئوي» من قوله تعالى: {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشََاءُ} (سورة الأحزاب الآية 51).
4 «تئويه» من قوله تعالى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} (سورة المعارج الآية 13).
قال ابن الجزري:
ولفا ... فعل سوى الإيواء الأزرق اقتفى
المعنى: أي أنّ «الأزرق» يبدل من الهمز الساكن ما كانت الهمزة فيه فاء الفعل نحو: «مؤمن» من قوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ
أَعْجَبَكُمْ} (سورة البقرة الآية 221). ونحو: «تألمون» من قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمََا تَأْلَمُونَ} (سورة النساء الآية 104). ونحو: «مأكول» من قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (سورة الفيل الآية 5).(1/217)
ولفا ... فعل سوى الإيواء الأزرق اقتفى
المعنى: أي أنّ «الأزرق» يبدل من الهمز الساكن ما كانت الهمزة فيه فاء الفعل نحو: «مؤمن» من قوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ
أَعْجَبَكُمْ} (سورة البقرة الآية 221). ونحو: «تألمون» من قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمََا تَأْلَمُونَ} (سورة النساء الآية 104). ونحو: «مأكول» من قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (سورة الفيل الآية 5).
واستثنى له من ذلك ما تصرف من لفظ «الإيواء» فإنه يقرأه بالتحقيق قولا واحدا، مثال ذلك:
1 «المأوى» من قوله تعالى: {فَلَهُمْ جَنََّاتُ الْمَأْوى ََ} (سورة السجدة الآية 19).
2 {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} (سورة الكهف الآية 16).
3 «تئوي» من قوله تعالى: {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشََاءُ} (سورة الأحزاب الآية 51).
قال ابن الجزري:
والأصبهاني مطلقا لا كاس ... ولؤلؤا والرّأس رئيا باس
تؤوي وما يجيء من نبأت ... هيّئ وجئت وكذا قرأت
المعنى: أي أن «الأصبهاني» يقرأ بإبدال الهمز الساكن سواء كان فاء للكلمة، أو عينا، أو لاما. إلّا ما استثني فإنه يقرأه بالتحقيق، ويتمثل المستثنى فيما يأتي:
1 «كأس» نحو قوله تعالى: {يُطََافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} (سورة الصافات الآية 45). وقوله تعالى: {وَكَأْساً دِهََاقاً} (سورة النبأ الآية 34).
2 «لؤلؤ، اللؤلؤ» كيف أتى في القرآن نحو قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمََانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} (سورة الطور الآية 24). وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجََانُ} (سورة الرحمن الآية 22). وقوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهََا مِنْ أَسََاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً} (سورة الحج الآية 23).
3 «الرأس» حيث وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}
(سورة مريم الآية 4).
4 «ورئيا» الذي في مريم من قوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثََاثاً وَرِءْياً} (سورة مريم الآية 74).
5 «بأس، البأس، البأساء» كيف ورد في القرآن نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ أَشَدُّ
بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (سورة النساء الآية 84). وقوله تعالى: {وَالصََّابِرِينَ فِي الْبَأْسََاءِ وَالضَّرََّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} (سورة البقرة الآية 177).(1/218)
5 «بأس، البأس، البأساء» كيف ورد في القرآن نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ أَشَدُّ
بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (سورة النساء الآية 84). وقوله تعالى: {وَالصََّابِرِينَ فِي الْبَأْسََاءِ وَالضَّرََّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} (سورة البقرة الآية 177).
6 «تئوى، تئويه» هاتان الكلمتان فقط من قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشََاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشََاءُ} (سورة الأحزاب الآية 51). وقوله تعالى:
{وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} (سورة المعارج الآية 13). أمّا غير هاتين الكلمتين المشتق من لفظ «الإيواء» فإن الأصبهاني يقرأه بالإبدال على قاعدته.
7 - كل ما جاء من لفظ «نبأ» نحو قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة الحجر الآية 49). وقوله: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ} (سورة الحجر الآية 51). وقوله: {قََالَ لََا يَأْتِيكُمََا طَعََامٌ تُرْزَقََانِهِ إِلََّا نَبَّأْتُكُمََا بِتَأْوِيلِهِ}
(سورة يوسف الآية 37).
8 - كل ما جاء من لفظ «هيّئ» نحو قوله تعالى: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً} (سورة الكهف الآية 16). وقوله: {وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} (سورة الكهف الآية 10).
9 - كل ما أتى من «جئت» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونََا فُرََادى ََ كَمََا خَلَقْنََاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (سورة الأنعام الآية 94). وقوله: {وَلَقَدْ جِئْنََاهُمْ بِكِتََابٍ فَصَّلْنََاهُ عَلى ََ عِلْمٍ} (سورة الأعراف الآية 52).
10 - كل ما أتى من لفظ «قرأت» نحو قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} (سورة الإسراء الآية 14). وقوله: {فَإِذََا قَرَأْنََاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (سورة القيامة الآية 18). وقوله: {فَإِذََا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ مِنَ الشَّيْطََانِ الرَّجِيمِ} (سورة النحل الآية 98).
قال ابن الجزري:
والكلّ ثق مع خلف نبّئنا ولن ... يبدل أنبئهم ونبّئهم إذن
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثق» وهو:
«أبو جعفر» يقرأ بابدال كل همز ساكن سواء كان فاء للكلمة، أو عينا، أو لاما.
واختلف عنه في «نبئنا» من قوله تعالى: {نَبِّئْنََا بِتَأْوِيلِهِ إِنََّا نَرََاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (سورة يوسف الآية 36).(1/219)
«أبو جعفر» يقرأ بابدال كل همز ساكن سواء كان فاء للكلمة، أو عينا، أو لاما.
واختلف عنه في «نبئنا» من قوله تعالى: {نَبِّئْنََا بِتَأْوِيلِهِ إِنََّا نَرََاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (سورة يوسف الآية 36).
كما أنه لا يبدل كلمتين هما:
1 «أنبئهم» من قوله تعالى: {قََالَ يََا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمََائِهِمْ} (سورة البقرة الآية 33).
2 «ونبئهم» من قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ} (سورة الحجر الآية 51). ومن قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمََاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} (سورة القمر الآية 28).
قال ابن الجزري:
وافق في مؤتفك بالخلف بر ... والذّئب جانيه روى اللّؤلؤ صر
وبئس بئر جد ...
المعنى: أي أنّ المرموز له بالباء من «بر» وهو: «قالون» وافق المبدلين في إبدال «المؤتفكة، المؤتفكات» بخلاف عنه، وذلك من قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ََ} (سورة النجم الآية 53) وليس في القرآن غير هذا الموضع. ومن قوله تعالى:
{وَأَصْحََابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكََاتِ} (سورة التوبة الآية 70). وقوله تعالى: {وَجََاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكََاتُ بِالْخََاطِئَةِ} (سورة الحاقة الآية 9) وليس في القرآن غيرهما.
وأن المرموز له بالجيم من «جانيه» ومدلول «روى» وهم: «الأزرق، والكسائي، وخلف العاشر» وافقوا المبدلين في إبدال همز «الذئب» نحو قوله تعالى: {وَأَخََافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غََافِلُونَ} (سورة يوسف الآية 13).
وأن المرموز له بالصاد من «صر» وهو: «شعبة» وافق المبدلين في إبدال الهمزة الساكنة من «اللؤلؤ» حيثما وقع في القرآن سواء كان مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا، نحو قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمََانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ}
(سورة الطور الآية 24).
وأن المرموز له بالجيم من «جد» وهو: «الأزرق» وافق المبدلين في إبدال
كلمتين حيثما وقعتا في القرآن، والكلمتان هما:(1/220)
وأن المرموز له بالجيم من «جد» وهو: «الأزرق» وافق المبدلين في إبدال
كلمتين حيثما وقعتا في القرآن، والكلمتان هما:
1 «بئس» من نحو قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مََا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (سورة البقرة الآية 102).
2 «بئر» من نحو قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} (سورة الحج الآية 45).
قال ابن الجزري:
ورؤيا فادّغم ... كلّا ثنا رئيا به ثاو ملم
المعنى: أي أنّ المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» قرأ بإبدال الهمزة الساكنة ياء، ثم إدغام الياء في الياء للتماثل، فيصير اللفظ بياء واحدة مشددة، وذلك من لفظ «رؤيا» معرفا ومنكرا حيثما وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيََايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيََا تَعْبُرُونَ} (سورة يوسف الآية 24).
وأنّ المرموز له بالباء من «به» والثاء من «ثاو» والميم من «ملم» وهم:
«قالون، وأبو جعفر، وابن ذكوان» يقرءون بإبدال الهمزة الساكنة ياء، ثم إدغام الياء في الياء، فيصير اللفظ بياء واحدة مشددة، وذلك من لفظ «ورئيا» في مريم من قوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثََاثاً وَرِءْياً} (سورة مريم الآية 74). وليس في القرآن غير هذا الموضع.
قال ابن الجزري:
مؤصدة بالهمز عن فتى حما ... ضئزى درى يأجوج مأجوج نما
المعنى: أي أنّ المرموز له بالعين من «عن» ومدلولا «فتى، حما» وهم:
«حفص، وحمزة، وخلف العاشر، وأبو عمرو، ويعقوب» يقرءون «مؤصدة» بالهمزة الساكنة، وذلك في موضعين وليس هناك غيرهما:
الأوّل: قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ نََارٌ مُؤْصَدَةٌ} (سورة البلد الآية 20).
الثاني: قوله تعالى: {إِنَّهََا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} (سورة الهمزة الآية 8). وقرأ باقي القراء «موصدة» بغير همز.
وأنّ المرموز له بالدال من «درى» وهو: «ابن كثير» قرأ «ضيزى» من قوله تعالى: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ََ} (سورة النجم الآية 22) بهمزة ساكنة. وقرأ الباقون بغير همز أي بالإبدال ياء.(1/221)
الثاني: قوله تعالى: {إِنَّهََا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} (سورة الهمزة الآية 8). وقرأ باقي القراء «موصدة» بغير همز.
وأنّ المرموز له بالدال من «درى» وهو: «ابن كثير» قرأ «ضيزى» من قوله تعالى: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ََ} (سورة النجم الآية 22) بهمزة ساكنة. وقرأ الباقون بغير همز أي بالإبدال ياء.
وأنّ المرموز له بالنون من «نما» وهو: «عاصم» قرأ بهمز «يأجوج ومأجوج» وذلك في موضعين:
الأول: {قََالُوا يََا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}
(سورة الكهف الآية 94).
الثاني: {حَتََّى إِذََا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} (سورة الأنبياء الآية 96). وقرأ الباقون بغير همز أي بالإبدال ألفا.
قال ابن الجزري:
والفاء من نحو يؤدّه أبدلوا ... جد ثق يؤيّد خلف خذ
المعنى: لمّا أتمّ الناظم رحمه الله تعالى الحديث عن اختلاف القراء في الهمز الساكن من حيث ابداله، وتحقيقه، شرع في الحديث عن اختلاف القراء في القسم الثاني من أقسام الهمز، وهو: الهمز المتحرك.
فبيّن أن المرموز له بالجيم من «جد» والثاء من «ثق» وهما: «الأزرق، وأبو جعفر» يقرءان بإبدال الهمزة المفتوحة بعد ضمّ «واوا» بشرط أن تكون الهمزة فاء للكلمة، وذلك نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ كِتََاباً مُؤَجَّلًا} (سورة آل عمران الآية 145). واشترط في الهمزة أن تكون فاء للكلمة احترازا من عينها، ولامها، نحو «فؤاد» من قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤََادُ أُمِّ مُوسى ََ فََارِغاً} (سورة القصص الآية 10). ونحو: «كفؤا» من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (سورة الإخلاص الآية 4) فليس لهما في ذلك إبدال.
وأنّ المرموز له بالخاء من «خذ» وهو: «ابن وردان» يقرأ كلمة «يؤيد» حيث وقعت في القرآن نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشََاءُ} (سورة آل عمران الآية 13) بإبدال الهمزة واوا بخلف عنه.
أمّا «الأزرق، وابن جماز» فهما يقرءان بالإبدال قولا واحدا على قاعدتهما السابقة.(1/222)
وأنّ المرموز له بالخاء من «خذ» وهو: «ابن وردان» يقرأ كلمة «يؤيد» حيث وقعت في القرآن نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشََاءُ} (سورة آل عمران الآية 13) بإبدال الهمزة واوا بخلف عنه.
أمّا «الأزرق، وابن جماز» فهما يقرءان بالإبدال قولا واحدا على قاعدتهما السابقة.
قال ابن الجزري:
... ويبدل
للأصبهاني مع فؤاد إلّا ... مؤذّن
المعنى: أيّ أنّ «الأصبهاني» يقرأ بإبدال الهمزة المفتوحة بعد ضم «واوا» بشرط أن تكون فاء للكلمة، إلّا كلمة «مؤذن» حيثما وقعت في القرآن فإنه يقرأها بالتحقيق، مثال ذلك قوله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ} (سورة الأعراف الآية 44).
وأن «الأصبهاني» يقرأ أيضا بإبدال همزة «فؤاد» «واوا» حيثما وقعت في القرآن، وهي عين للكلمة، مثال ذلك قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤََادُ أُمِّ مُوسى ََ فََارِغاً} (سورة القصص الآية 10).
قال ابن الجزري:
... وأزرق ليلا
المعنى: قرأ «الأزرق» بإبدال همزة «لئلا» «ياء» وهي في ثلاثة مواضع:
1 - قوله تعالى: {لِئَلََّا يَكُونَ لِلنََّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} (سورة البقرة الآية 150).
2 - قوله تعالى: {لِئَلََّا يَكُونَ لِلنََّاسِ عَلَى اللََّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (سورة النساء الآية 165).
3 - قوله تعالى: {لِئَلََّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتََابِ أَلََّا يَقْدِرُونَ عَلى ََ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللََّهِ}
(سورة الحديد الآية 29).
قال ابن الجزري:
وشانئك قري نبوّي استهزيا ... باب مائه فئة وخاطئه ريا
يبطّئن ثب وخلاف موطيا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثب» وهو: «أبو جعفر» بإبدال الهمزة ياء من جنس حركة ما قبلها فيما يأتي:(1/223)
وشانئك قري نبوّي استهزيا ... باب مائه فئة وخاطئه ريا
يبطّئن ثب وخلاف موطيا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثب» وهو: «أبو جعفر» بإبدال الهمزة ياء من جنس حركة ما قبلها فيما يأتي:
1 «شانئك» من قوله تعالى: {إِنَّ شََانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (سورة الكوثر الآية 3).
2 «قرئ» من قوله تعالى: {وَإِذََا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (سورة الأعراف الآية 204). وقوله تعالى: {وَإِذََا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لََا يَسْجُدُونَ} (سورة الانشقاق الآية 21).
3 «لنبوّئنهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هََاجَرُوا فِي اللََّهِ مِنْ بَعْدِ مََا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً} (سورة النحل الآية 41). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} (سورة العنكبوت الآية 58).
4 «استهزئ» من قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} (سورة الأنعام الآية 10). وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} (سورة الرعد الآية 32). وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحََاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مََا كََانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} (سورة الأنبياء الآية 41).
5 - باب «مائة» سواء كان مفردا أم مثنى نحو قوله تعالى: {فَأَمََاتَهُ اللََّهُ مِائَةَ عََامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} (سورة البقرة الآية 259). وقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صََابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (سورة الأنفال الآية 65).
6 - باب «فئة» سواء كان مفردا أم مثنى نحو قوله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 249). وقوله تعالى: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا} (سورة آل عمران الآية 13).
7 «خاطئة» سواء كان منكرا أم معرفا نحو قوله تعالى: {نََاصِيَةٍ كََاذِبَةٍ خََاطِئَةٍ}
(سورة العلق الآية 16). وقوله تعالى: {وَجََاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكََاتُ بِالْخََاطِئَةِ} (سورة الحاقة الآية 9).
8 «رئاء» حيثما وقع في القرآن مثل قوله تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مََالَهُ رِئََاءَ النََّاسِ} (سورة البقرة الآية 264). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ رِئََاءَ النََّاسِ} (سورة النساء الآية 38). وقوله تعالى: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ بَطَراً وَرِئََاءَ النََّاسِ} (سورة الأنفال الآية 47).
9 «ليبطئن» من قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} (سورة النساء الآية 72).(1/224)
8 «رئاء» حيثما وقع في القرآن مثل قوله تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مََالَهُ رِئََاءَ النََّاسِ} (سورة البقرة الآية 264). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ رِئََاءَ النََّاسِ} (سورة النساء الآية 38). وقوله تعالى: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ بَطَراً وَرِئََاءَ النََّاسِ} (سورة الأنفال الآية 47).
9 «ليبطئن» من قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} (سورة النساء الآية 72).
وقوله: «وخلاف موطيا» أي أن «أبا جعفر» اختلف عنه في ابدال «موطئا» ياء فقرأه بالإبدال، والتحقيق، وهو في قوله تعالى: {وَلََا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفََّارَ} (سورة التوبة الآية 120).
قال ابن الجزري:
... والأصبهاني وهو قالا خاسيا
ملي وناشية ...
المعنى: قرأ «أبو جعفر، والأصبهاني» بإبدال الهمزة ياء من جنس حركة ما قبلها في ثلاث كلمات وهي:
1 «خاسئا» من قوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خََاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} (سورة الملك الآية 4).
2 «ملئت» من قوله تعالى: {وَأَنََّا لَمَسْنَا السَّمََاءَ فَوَجَدْنََاهََا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} (سورة الجنّ الآية 8).
3 «ناشئة» من قوله تعالى: {إِنَّ نََاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا} (سورة المزمل الآية 6).
قال ابن الجزري:
وزاد فبأي ... بالفا بلا خلف وخلفه بأي
المعنى: أي وزاد «الأصبهاني» عمّا يبدله «أبو جعفر» فقرأ بإبدال الهمزة ياء من جنس حركة ما قبلها قولا واحدا من «فبأيّ» إذا كان مسبوقا بالفاء، نحو قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكَ تَتَمََارى ََ} (سورة النجم الآية 55). أما إذا لم يسبق بالفاء نحو قوله تعالى: {وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (سورة لقمان الآية 34) فإن «الأصبهاني» يبدله ياء بالخلاف.
قال ابن الجزري:
وعنه سهّل اطمأنّ وكأن ... أخرى فأنت فأمن لاملأن
أصفى رأيتهم رآها بالقصص ... لمّا رأته ورآه النّمل خص
رأيتهم تعجب رأيت يوسفا ... تأذّن الأعراف بعد اختلفا
المعنى: قرأ الذي عاد عليه الضمير في «عنه» وهو: «الأصبهاني» بتسهيل الهمزة بين بين في الكلمات الآتية:(1/225)
وعنه سهّل اطمأنّ وكأن ... أخرى فأنت فأمن لاملأن
أصفى رأيتهم رآها بالقصص ... لمّا رأته ورآه النّمل خص
رأيتهم تعجب رأيت يوسفا ... تأذّن الأعراف بعد اختلفا
المعنى: قرأ الذي عاد عليه الضمير في «عنه» وهو: «الأصبهاني» بتسهيل الهمزة بين بين في الكلمات الآتية:
1 «اطمأنّ» وهو في موضعين:
الأول: «اطمأنوا» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لََا يَرْجُونَ لِقََاءَنََا وَرَضُوا بِالْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَاطْمَأَنُّوا بِهََا} (سورة يونس الآية 7).
والثاني: «اطمأنّ» من قوله تعالى: {فَإِنْ أَصََابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} (سورة الحج الآية 11).
2 «كأن» كيف أتى مشددا، أو مخففا نحو قوله تعالى: {كَأَنَّمََا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً} (سورة يونس الآية 27). وقوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَتْ قِيلَ أَهََكَذََا عَرْشُكِ قََالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} (سورة النمل الآية 42). وقوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكََانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللََّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ} (سورة القصص الآية 82). وقوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} (سورة النساء الآية 73). وقوله تعالى: {فَجَعَلْنََاهََا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} (سورة يونس الآية 24).
3 - الهمزة الأخرى من «أفأنت» من قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النََّاسَ حَتََّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (سورة يونس الآية 99).
4 - الهمزة الأخرى من «أفأنتم» من قوله تعالى: {وَهََذََا ذِكْرٌ مُبََارَكٌ أَنْزَلْنََاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} (سورة الأنبياء الآية 50).
5 - الهمزة الأخرى من «أفأمن، أفأمنوا، أفأمنتم» نحو قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ََ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنََا بَيََاتاً وَهُمْ نََائِمُونَ} (سورة الأعراف الآية 97). ونحو قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللََّهِ} (سورة الأعراف الآية 99). وقوله تعالى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جََانِبَ الْبَرِّ} (سورة الإسراء الآية 68).
6 - الهمزة الأخرى من «لأملأن» نحو قوله تعالى: {لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (سورة الأعراف الآية 18). وقوله تعالى:
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ} (سورة هود الآية 119). وقوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ} (سورة السجدة الآية 13).(1/226)
6 - الهمزة الأخرى من «لأملأن» نحو قوله تعالى: {لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (سورة الأعراف الآية 18). وقوله تعالى:
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ} (سورة هود الآية 119). وقوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ} (سورة السجدة الآية 13).
وقوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} (سورة ص الآية 85).
7 - الهمزة الأخرى من {أَفَأَصْفََاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} (سورة الإسراء الآية 40) أمّا همزة «أصفكم» من قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمََّا يَخْلُقُ بَنََاتٍ وَأَصْفََاكُمْ بِالْبَنِينَ} (سورة الزخرف الآية 16) فإن «الأصبهاني» يقرأها بالتحقيق.
8 - وكذلك يسهل «الأصبهاني» الهمزة من: «رأى» في ستة مواضع:
الأول: {رَأَيْتُهُمْ لِي سََاجِدِينَ} (سورة يوسف الآية 4).
الثاني: {فَلَمََّا رَآهََا تَهْتَزُّ كَأَنَّهََا جَانٌّ} (سورة القصص الآية 31).
الثالث: {فَلَمََّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} (سورة النمل الآية 44).
الرابع: {فَلَمََّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} (سورة النمل الآية 40).
الخامس: {وَإِذََا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسََامُهُمْ} (سورة المنافقون الآية 4).
السادس: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} (سورة يوسف الآية 4).
ومعنى قول الناظم: «خص» أي خصّ «الأصبهانيّ» تسهيل همزة «رأى» في هذه المواضع الستة فقط ليخرج ما عداها فإنه يقرأه بالتحقيق، مثال ذلك قوله تعالى: {قََالَ يََا هََارُونُ مََا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلََّا تَتَّبِعَنِ} (سورة طه الآيتان 9392). وقوله تعالى: {فَإِذََا جََاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} (سورة الأحزاب الآية 19). وقوله تعالى: {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} (سورة المنافقون الآية 5). وقوله تعالى: {إِذََا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً} (سورة الإنسان الآية 19).
9 - وكذلك يسهل «الأصبهاني» الهمزة من «تأذن» من قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى ََ يَوْمِ الْقِيََامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذََابِ} (سورة الأعراف الآية 167). وقيّد الناظم «تأذن» بالأعراف، ليخرج ما عداه وهو حرف واحد في «إبراهيم»: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (آية 7) فقد قرأه بالتحقيق، والتسهيل.
قال ابن الجزري:(1/227)
9 - وكذلك يسهل «الأصبهاني» الهمزة من «تأذن» من قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى ََ يَوْمِ الْقِيََامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذََابِ} (سورة الأعراف الآية 167). وقيّد الناظم «تأذن» بالأعراف، ليخرج ما عداه وهو حرف واحد في «إبراهيم»: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (آية 7) فقد قرأه بالتحقيق، والتسهيل.
قال ابن الجزري:
والبزّ بالخلف لأعنت ...
المعنى: أي سهل «البزيّ» بخلاف عنه الهمزة من «لأعنتكم» وهو في موضع واحد فقط من قوله تعالى: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
(سورة البقرة الآية 220).
قال ابن الجزري:
وفي ... كائن وإسرائيل ثبت
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثبت» وهو: «أبو جعفر» بتسهيل الهمزة بين بين من «كائن» حيث وقع في القرآن، وهو يقرأه بألف ممدودة بعدها همزة مكسورة كما سيأتي النصّ على ذلك في سورة آل عمران في قوله: «كائن في كأيّن ثلّ دم». مثال ذلك قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (سورة آل عمران الآية 146). وقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهََا وَهُمْ عَنْهََا مُعْرِضُونَ} (سورة يوسف الآية 105).
وكذلك قرأ «أبو جعفر» بتسهيل همزة «إسراءيل» حيث وقع في القرآن، نحو قوله تعالى: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} (سورة البقرة الآية 40).
قال ابن الجزري:
... واحذف
كمتّكون استهزءوا يطفوا ثمد ... صابون صابين مدا منشون خد
خلفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثمد» وهو: «أبو جعفر» بحذف الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة وبعدها واو، مع ضم الحرف الذي قبلها لمناسبة «الواو» مثال ذلك «متكئون» من قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوََاجُهُمْ فِي ظِلََالٍ عَلَى الْأَرََائِكِ مُتَّكِؤُنَ} (سورة يس الآية 56). و «مستهزءون» من قوله تعالى: {قََالُوا إِنََّا
مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (سورة البقرة الآية 14). و «يطفئوا» من قوله تعالى:(1/228)
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثمد» وهو: «أبو جعفر» بحذف الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة وبعدها واو، مع ضم الحرف الذي قبلها لمناسبة «الواو» مثال ذلك «متكئون» من قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوََاجُهُمْ فِي ظِلََالٍ عَلَى الْأَرََائِكِ مُتَّكِؤُنَ} (سورة يس الآية 56). و «مستهزءون» من قوله تعالى: {قََالُوا إِنََّا
مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (سورة البقرة الآية 14). و «يطفئوا» من قوله تعالى:
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (سورة التوبة الآية 32).
ثم بيّن الناظم أن مدلول «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» يقرءان بحذف الهمزة من لفظي:
1 «الصابئون» المرفوع وهو في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالصََّابِئُونَ وَالنَّصََارى ََ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صََالِحاً} (سورة المائدة الآية 69).
2 «الصبئين» المنصوب، وهو في موضعين: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالنَّصََارى ََ وَالصََّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (سورة البقرة الآية 62). وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالصََّابِئِينَ وَالنَّصََارى ََ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (سورة الحج الآية 17).
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالخاء من «خد» وهو: «ابن وردان» اختلف عنه في حذف الهمزة من «منشئون» من قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهََا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ} (سورة الواقعة الآية 72). أمّا «ابن جمّاز» فهو على قاعدته بالحذف قولا واحدا.
قال ابن الجزري:
ومتّكين مستهزين ثل ... ومتّكا تطو يطو خاطين ول
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثل» وهو «أبو جعفر» بحذف الهمزة في الكلمات الآتية:
1 «متكئين» نحو قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهََا عَلَى الْأَرََائِكِ} (سورة الكهف الآية 31).
2 «المستهزئين» من قوله تعالى: {إِنََّا كَفَيْنََاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (سورة الحجر الآية 95).
3 «متكئا» من قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} (سورة يوسف الآية 31).
4 «تطئوها» من قوله تعالى: {وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُهََا} (سورة الأحزاب الآية 27).(1/229)
3 «متكئا» من قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} (سورة يوسف الآية 31).
4 «تطئوها» من قوله تعالى: {وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُهََا} (سورة الأحزاب الآية 27).
5 «تطئوهم» من قوله تعالى: {وَلَوْلََا رِجََالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسََاءٌ مُؤْمِنََاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ} (سورة الفتح الآية 25).
6 «يطئون» من قوله تعالى: {وَلََا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفََّارَ} (سورة التوبة الآية 120).
7 «خاطئين» حيث أتى وكيف وقع نحو قوله تعالى: {قََالُوا يََا أَبََانَا اسْتَغْفِرْ لَنََا ذُنُوبَنََا إِنََّا كُنََّا خََاطِئِينَ} (سورة يوسف الآية 97). وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخََاطِئِينَ} (سورة يوسف الآية 29). وقوله تعالى: {قََالُوا تَاللََّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللََّهُ عَلَيْنََا وَإِنْ كُنََّا لَخََاطِئِينَ} (سورة يوسف الآية 91). وقوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهََامََانَ وَجُنُودَهُمََا كََانُوا خََاطِئِينَ} (سورة القصص الآية 8).
قال ابن الجزري:
أريت كلّا رم وسهّلها مدا ...
المعنى: اختلف القراء في تسهيل الهمزة من «أرأيت» الواقعة بعد همزة الاستفهام حيثما وقعت في القرآن وكيف جاءت، نحو قوله تعالى: {قََالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنََا إِلَى الصَّخْرَةِ} (سورة الكهف الآية 93). وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللََّهُ سَمْعَكُمْ} (سورة الأنعام الآية 46). وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتََاكُمْ عَذََابُ اللََّهِ} (سورة الأنعام الآية 40).
فقرأ المرموز له بالراء من «رم» وهو: «الكسائي» بحذف الهمزة.
وقرأ مدلول «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» بتسهيل الهمزة بين بين.
وقرأ المرموز له بالجيم من «جدا» في قوله: «أبدل جدا بالخلف فيهما» وهو: «الأزرق» بإبدال الهمزة حرف مدّ وحينئذ يتعين له إشباع المدّ من أجل الساكن اللازم. وبناء عليه يصير للأزرق وجهان: التسهيل، والإبدال حرف مدّ.
وقرأ الباقون بالتحقيق.
قال ابن الجزري:(1/230)
وقرأ الباقون بالتحقيق.
قال ابن الجزري:
... ها أنتم حاز مدا أبدل جدا
بالخلف فيهما ويحذف الألف ... ورش وقنبل وعنهما اختلف
المعنى: اختلف القراء في تسهيل وتحقيق «هأنتم» في القرآن، وقد وقع في أربعة مواضع وهي:
1 {هََا أَنْتُمْ هََؤُلََاءِ حََاجَجْتُمْ فِيمََا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} (سورة آل عمران الآية 66).
2 {هََا أَنْتُمْ أُولََاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلََا يُحِبُّونَكُمْ} (سورة آل عمران الآية 119).
3 {هََا أَنْتُمْ هََؤُلََاءِ جََادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (سورة النساء الآية 109).
4 {هََا أَنْتُمْ هََؤُلََاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (سورة القتال الآية 38).
فقرأ المرموز له بالحاء من «حاز» ومدلول «مدا» وهم: «أبو عمرو، ونافع، وأبو جعفر» بتسهيل الهمزة بين بين.
وقرأ المرموز له بالجيم من «جدا» وهو: «الأزرق» بالإبدال حرف مدّ محضا بخلف عنه، وحينئذ يتعين إشباع المدّ من أجل الساكن اللازم.
وقرأ المصرح باسمهما: «ورش من الطريقين، وقنبل» بخلف عنهما بحذف الألف التي بعد الهاء.
وقرأ الباقون بإثبات الهمزة مع التحقيق.
يفهم مما تقدم أن القراء في «هأنتم» على خمس مراتب:
الأولى: «لقالون، وأبي عمرو، وأبي جعفر» بإثبات ألف بعد الهاء وهمزة مسهلة بين بين.
الثانية: «للأصبهاني» بهمزة مسهلة مع إثبات الألف وحذفها.
الثالثة: «للأزرق» بهمزة مسهلة مع إثبات الألف وحذفها، وله وجه ثالث وهو: إبدال الهمزة ألفا محضة مع المدّ المشبع للساكن اللازم.
الرابعة: «لقنبل» بتحقيق الهمزة مع إثبات الألف، وحذفها.
الخامسة: للباقين بتحقيق الهمزة مع إثبات الألف.(1/231)
الرابعة: «لقنبل» بتحقيق الهمزة مع إثبات الألف، وحذفها.
الخامسة: للباقين بتحقيق الهمزة مع إثبات الألف.
قال ابن الجزري:
وحذف يا اللّائي سما وسهّلوا ... غير ظبى به زكا والبدل
ساكنة اليا خلف هاديه حسب ...
المعنى: اختلف القراء في تسهيل وتحقيق «الّئي» وقد وقع في أربعة مواضع وهي:
1 {وَمََا جَعَلَ أَزْوََاجَكُمُ اللََّائِي تُظََاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهََاتِكُمْ} (سورة الأحزاب الآية 4).
2 {إِنْ أُمَّهََاتُهُمْ إِلَّا اللََّائِي وَلَدْنَهُمْ} (سورة المجادلة الآية 2).
43 {وَاللََّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسََائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلََاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللََّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (سورة الطلاق الآية 4).
فقرأ مدلول «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» بحذف الياء.
ثم بيّن الناظم أن مدلول «سما» غير المرموز لهم بالظاء من «ظبى» والباء من «به» والزاي من «زكا» وهم: «يعقوب، وقالون، وقنبل» يقرءون بتسهيل الهمزة بين بين، فتعين لكلّ من: «يعقوب، وقالون، وقنبل» القراءة بتحقيق الهمزة.
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالهاء من «هاديه» والحاء من «حسب» وهما:
«البزّي، وأبو عمرو» يقرءان بإبدال الهمزة ياء ساكنة بخلف عنهما، وحينئذ يتعين إشباع المدّ من أجل الساكن اللازم.
فتعين للباقين من القراء القراءة بتحقيق الهمزة مع إثبات الياء.
يفهم مما تقدم أن القراء في «الّئي» على أربع مراتب:
الأولى: قرأ «قالون، ويعقوب» بهمزة مكسورة محققة من غير ياء بعدها وصلا ووقفا.
الثانية: قرأ «ورش، وأبو جعفر» بهمزة مكسورة مسهلة مع المدّ والقصر
من غير ياء بعدها وصلا، أمّا وقفا فلهما تسهيل الهمزة بالروم مع المدّ والقصر، وإبدالها ياء ساكنة مع المدّ المشبع.(1/232)
الثانية: قرأ «ورش، وأبو جعفر» بهمزة مكسورة مسهلة مع المدّ والقصر
من غير ياء بعدها وصلا، أمّا وقفا فلهما تسهيل الهمزة بالروم مع المدّ والقصر، وإبدالها ياء ساكنة مع المدّ المشبع.
الثالثة: قرأ «البزّي، وأبو عمرو» وصلا بهمزة مكسورة مسهلة مع المدّ والقصر من غير ياء بعدها، ولهما أيضا إبدال الهمزة ياء ساكنة مع المدّ المشبع، أمّا وقفا فلهما تسهيل الهمزة بالروم مع المدّ والقصر، وإبدالها ياء ساكنة مع المدّ المشبع.
الرابعة: قرأ «ابن عامر، والكوفيون» بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة وصلا ووقفا، سوى أن «حمزة» له حالة الوقف: تسهيل الهمزة مع المدّ والقصر.
قال ابن الجزري:
... وباب ييأس اقلب ابدل خلف هب
المعنى: اختلف القراء في تسهيل، وتحقيق الهمزة من: «ييئس» حيثما وقع، وكيف جاء في القرآن، نحو قوله تعالى: {وَلََا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِنَّهُ لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ} (سورة يوسف الآية 87). وقوله تعالى:
{حَتََّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جََاءَهُمْ نَصْرُنََا فَنُجِّيَ مَنْ نَشََاءُ}
(سورة يوسف الآية 110).
فقرأ المرموز له بالهاء من «هب» وهو: «البزّي» بخلف عنه بقلب الهمزة إلى موضع الياء، ويؤخر الياء إلى موضع الهمزة فتصير همزة ساكنة، فيبدلها ألفا، وذلك بخلاف عنه.
وقرأ الباقون بتحقيق الهمزة، وهو الوجه الثاني للبزّي.
قال ابن الجزري:
هيئة أدغم مع بري ترى هني ... خلف ثنا النّسيّ ثمره جني
جزّا ثنا ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو:
«أبو جعفر» قرأ بإبدال الهمزة «ياء» مع إدغام الياء التي قبلها فيها بخلف عنه، وذلك في الكلمات الأربع الآتية:(1/233)
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو:
«أبو جعفر» قرأ بإبدال الهمزة «ياء» مع إدغام الياء التي قبلها فيها بخلف عنه، وذلك في الكلمات الأربع الآتية:
1 «هيئة» من قوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 49). ومن قوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} (سورة المائدة الآية 110).
2 «بريء» حيثما وقع في القرآن، نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمََا هُوَ إِلََهٌ وََاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمََّا تُشْرِكُونَ} (سورة الأنعام الآية 19).
3 «مريئا» من قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (سورة النساء الآية 4).
4 «هنيئا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثمره»، والجيم من «جني» وهما:
«أبو جعفر، والأزرق» قرأ بإبدال الهمزة «ياء» مع إدغام الياء التي قبلها فيها، وذلك في «النسيء» وهو في قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (سورة التوبة الآية 37).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» قرأ بإبدال الهمزة «زاء» مع إدغام الزاي التي قبلها فيها، وذلك في لفظ «جزءا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} (سورة البقرة الآية 260).
وقوله تعالى: {لَهََا سَبْعَةُ أَبْوََابٍ لِكُلِّ بََابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} (سورة الحجر الآية 44). وقوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبََادِهِ جُزْءاً} (سورة الزخرف الآية 15).
قال ابن الجزري:
واهمز يضاهون ندى ... باب النّبيّ والنبوّة الهدى
ضياء زن مرجون ترجي حقّ صم ... كسا البريّة اتل مز بادي حم
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالنون من «ندى» وهو:
«عاصم» قرأ بهمز: «يضهئون» من قوله تعالى: {يُضََاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} (سورة التوبة الآية 30).
فتعين للباقين من القراء القراءة بحذف الهمزة مع ضم الهاء. والهمز، وعدمه لهجتان فصيحتان بمعنى المشاكلة، والمشابهة.(1/234)
«عاصم» قرأ بهمز: «يضهئون» من قوله تعالى: {يُضََاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} (سورة التوبة الآية 30).
فتعين للباقين من القراء القراءة بحذف الهمزة مع ضم الهاء. والهمز، وعدمه لهجتان فصيحتان بمعنى المشاكلة، والمشابهة.
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالألف من «الهدى» وهو: «نافع» قرأ بهمز كل ما جاء من لفظ «النبيّ» سواء كان مفردا، أم مثنى، أم جمعا، علما، أو وصفا نحو: «النبيّ، والنبيين، والنبيون، والأنبياء، والنبوّة».
فتعين للباقين القراءة بالإدغام مع عدم الهمز.
و «النبيء» بالهمز من «أنبأ» أي أخبر عن الله عز وجل، وهو «فعيل» بمعنى «مفعل».
و «النبيّ» بغير همز من «نبا ينبو» إذا ارتفع، وذلك لارتفاع منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم. أو هو من المهموز، وأبدلت الهمزة «ياء» وأدغمت في الياء التي قبلها للتخفيف.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالزاي من «زن» وهو: «قنبل» قرأ بهمز «ضياء» حيث وقع وهو في ثلاثة مواضع وهي:
1 {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيََاءً وَالْقَمَرَ نُوراً} (سورة يونس الآية 5).
2 {وَلَقَدْ آتَيْنََا مُوسى ََ وَهََارُونَ الْفُرْقََانَ وَضِيََاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة الأنبياء الآية 48).
3 {مَنْ إِلََهٌ غَيْرُ اللََّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيََاءٍ أَفَلََا تَسْمَعُونَ} (سورة القصص الآية 71).
فتعين للباقين من القراء القراءة بالياء.
و «ضئاء» بالهمز أصلها: «ضياء»، فقدمت الهمزة على «الياء» فوقعت الياء طرفا بعد ألف زائدة، فقلبت همزة.
«وضياء» بالياء جمع «ضوء» أو مصدر «ضاء يضوء، ضوءا، وضياء».
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حقّ» والصاد من «صم» والكاف من «كسا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وشعبة، وابن عامر» يقرءون بالهمز في «مرجئون» في «التوبة» و «ترجئ» في الأحزاب، من قوله تعالى:
1 {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ} (سورة التوبة الآية 106).(1/235)
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حقّ» والصاد من «صم» والكاف من «كسا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وشعبة، وابن عامر» يقرءون بالهمز في «مرجئون» في «التوبة» و «ترجئ» في الأحزاب، من قوله تعالى:
1 {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ} (سورة التوبة الآية 106).
2 {تُرْجِي مَنْ تَشََاءُ مِنْهُنَّ} (سورة الأحزاب الآية 51).
فتعين للباقين من القراء القراءة بالياء وعدم الهمز.
وهما لهجتان فصيحتان، يقال: أرجأت الأمر، وأرجيته: إذا أخرته.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «اتل» والميم من «مز» وهما:
«نافع، وابن ذكوان» يقرءان بالهمز في «البريّة» في الحرفين في «لم يكن» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} و {أُولََئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (سورة البينة الآيتان 6 7).
فتعين للباقين القراءة بياء مشددة من غير همز.
و «البريئة» بالهمز، من أبرأ الله الخلق، وهي فعيلة بمعنى مفعولة.
و «البريّة» بالياء من «برأ»، كذلك، إلا أنهم أبدلوا الهمزة «ياء» ثم أدغموا الياء في الياء للتخفيف.
ثمّ أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حم» وهو: «أبو عمرو» قرأ بالهمز في «بادئ» وهو في قوله تعالى: {وَمََا نَرََاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرََاذِلُنََا بََادِيَ الرَّأْيِ} (سورة هود الآية 27).
فتعين للباقين القراءة بالياء وعدم الهمز.
و «بادئ الرأي» بالهمز، أي ابتداء الرأي، بمعنى أنهم اتبعوك ابتداء الرأي، ولم يتدبروا ما قلت، ولم يتفكروا فيه.
أمّا «بادي الرأي» بالياء، فمن «بدا يبدو»: إذا ظهر، أي اتبعوك في الظاهر، وباطنهم على خلاف ذلك.
تمّ باب الهمز المفرد ولله الحمد والشكر(1/236)
تمّ باب الهمز المفرد ولله الحمد والشكر
«باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها»
هذا نوع من تخفيف الهمز المفرد، والنقل لهجة عربية فصيحة، ووجهه التخفيف، لأن النقل أخفّ في النطق من بقاء الهمز على حاله.
قال ابن الجزري:
وانقل إلى الآخر غير حرف مد ... لورش إلّا ها كتابيه أسد
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ل «ورش» من طريقيه، فتسقط الهمزة، ويتحرك الساكن الذي قبلها بحركتها.
وذلك بشرط أن يكون الساكن آخر كلمة، والهمزة أول الأخرى، وأن لا يكون ذلك الساكن حرف مدّ نحو قوله تعالى:
1 {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمََا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (سورة البقرة الآية 4).
2 {وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ لََا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قََالُوا إِنَّمََا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (سورة البقرة الآية 11).
3 {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلََا تُبْصِرُونَ} (سورة الذاريات الآية 21).
سواء كان الساكن المنقول إليه منونا نحو قوله تعالى:
1 {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعََادٍ * إِرَمَ ذََاتِ الْعِمََادِ} (سورة الفجر الآيتان 76).
2 {نََارٌ حََامِيَةٌ} {أَلْهََاكُمُ التَّكََاثُرُ} (سورة القارعة الآية 11وسورة التكاثر الآية 1).
أم لام تعريف نحو قوله تعالى:
1 {قُلْ إِنْ كََانَتْ لَكُمُ الدََّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللََّهِ خََالِصَةً} (سورة البقرة الآية 94).(1/237)
أم لام تعريف نحو قوله تعالى:
1 {قُلْ إِنْ كََانَتْ لَكُمُ الدََّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللََّهِ خََالِصَةً} (سورة البقرة الآية 94).
2 {فَادْعُ لَنََا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنََا مِمََّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهََا} (سورة البقرة الآية 61).
وذلك لأنّ لام التعريف في حكم المنفصل، وإن اشتدّ اتصالها بمدخولها حتى رسمت معه. وهي عند «سيبويه» حرف تعريف بنفسها، والهمزة قبلها للوصل تسقط في الدرج. وعند «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170هـ الهمزة للقطع وحذفت حال الوصل تخفيفا لكثرة دورها، والتعريف حصل بهما، وفي هذا يقول «ابن مالك»:
أل حرف تعريف أو اللام فقط ... فنمط عرّفت قل فيه النّمط
أم كان الساكن غير ذلك نحو قوله تعالى:
1 {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (سورة المؤمنون الآية 1).
2 {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} (سورة الجنّ الآية 1).
3 {وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ} (سورة البقرة الآية 14).
4 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} (سورة المائدة الآية 27).
ثم أخبر الناظم أن جمهور من روى النقل عن «ورش» استثنى له كلمة واحدة وهي قوله تعالى: {فَيَقُولُ هََاؤُمُ اقْرَؤُا كِتََابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلََاقٍ حِسََابِيَهْ} (سورة الحاقة الآيتان 2019) فقرأها ذلك الجمهور بالإسكان وعدم النقل، لأنها هاء سكت. وروى البعض الآخر النقل طردا للباب.
قال «ابن الجزري»: «وترك النقل فيه هو المختار عندنا، والأصح لدينا، والأقوى في العربية، وذلك أن هذه الهاء هاء سكت، وحكمها السكون، فلا تحرك إلّا في ضرورة الشعر على ما فيه من قبح، وأيضا فلا تثبت إلا في الوقف، فإذا خولف الأصل فأثبتت في الوصل إجراء له مجرى الوقف لأجل إثباتها في رسم المصحف فلا ينبغي أن يخالف الأصل من وجه آخر وهو تحريكها، فيجتمع في حرف واحد مخالفتان» اهـ (1).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 1/ 409.(1/238)
تنبيه: اعلم أن ميم الجمع لا ينقل «ورش» إليها لأنّه يصلها بواو قبل همزة القطع، فلم تقع الهمزة إلا بعد حرف الصلة.
كما أن «حمزة» لا ينقل إلى ميم الجمع على ما سيأتي. قال صاحب إتحاف البريّة:
ولا نقل في ميم الجميع لحمزة ... بل الوقف حكم الوصل فيما تنقلا
قال ابن الجزري:
وافق من استبرق غر واختلف ... في الآن خذ ويونس به خطف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالغين من «غر» وهو:
«رويس» وافق «ورشا» في النقل في كلمة «من استبرق» خاصة من قوله تعالى:
{مُتَّكِئِينَ عَلى ََ فُرُشٍ بَطََائِنُهََا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} (سورة الرحمن الآية 54).
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالخاء من «خذ» وهو: «ابن وردان» وافق «ورشا» أيضا في النقل بالخلاف في كلمة «الئن» حيثما وقعت في القرآن غير موضعي «يونس» وذلك نحو قوله تعالى: {قََالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} (سورة البقرة الآية 71).
ثم بيّن الناظم أنّ المرموز له بالباء من «به» والخاء من «خطف» وهما:
«قالون، وابن وردان» وافقا ورشا في كلمة «الئن» موضعا «يونس» بلا خلاف، وذلك قوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (سورة يونس الآية 51) وقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (سورة يونس الآية 91).
قال ابن الجزري:
وعادا الأولى فعادا الولى ... مدا حماه مدغما منقولا
وخلف همز الواو في النّقل بسم ... وابدا لغير ورش بالأصل أتم
وابدأ بهمز الوصل في النّقل أجل ...
المعنى: اختلف القراء في «عادا الأولى» من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عََاداً الْأُولى ََ} (سورة النجم الآية 50).
فقرأ مدلول «مدا، وحماه» وهم: «ورش، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، وقالون» بخلف عنه، بنقل حركة الهمزة «الأولى» إلى اللام قبلها، وحذف الهمزة مع إدغام تنوين «عادا» في «لام» «الأولى».(1/239)
المعنى: اختلف القراء في «عادا الأولى» من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عََاداً الْأُولى ََ} (سورة النجم الآية 50).
فقرأ مدلول «مدا، وحماه» وهم: «ورش، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، وقالون» بخلف عنه، بنقل حركة الهمزة «الأولى» إلى اللام قبلها، وحذف الهمزة مع إدغام تنوين «عادا» في «لام» «الأولى».
والوجه الثاني ل «قالون» هو أن يقرأ بهمزة ساكنة بعد اللام المضمومة بدلا من «الواو» مع إدغام التنوين أيضا.
أمّا إذا ابتدئ ب «لأولى» فلقالون خمسة أوجه:
الأول: «الولى» بهمزة مفتوحة فلام مضمومة وبعدها «واو» ساكنة مدّيّة.
الثاني: «لولى» بلام مضمومة، وبعدها «واو» ساكنة مدّيّة.
الثالث: «الأولى» بهمزة مفتوحة فلام ساكنة، وبعدها همزة مضمومة، وبعدها «واو» ساكنة مدّيّة.
الرابع: «الؤلى» بهمزة مفتوحة وبعدها لام مضمومة، وبعد اللام همزة ساكنة.
الخامس: «لؤلى» بلام مضمومة وبعدها همزة ساكنة.
ولورش: وجهان، وهما: الوجه الأول، والثاني من أوجه «قالون».
وقرأ باقي القراء غير من ذكروا قبل بإظهار تنوين «عادا» وكسره، وإسكان لام «الأولى» وتحقيق الهمزة بعدها حالة كونها مضمومة مع إسكان «الواو» وهذا حال الوصل.
أمّا حال الوقف على «عادا» فإنهم يبتدئون ب «الأولى» كالوجه الثالث ل «قالون».
ثم أشار الناظم بقوله: «وابدأ بهمز الوصل في النّقل أجل» إلى قاعدة كلية وذلك أنّه إذا نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وكان قبل ذلك الساكن «همزة وصل» اجتلبت للابتداء بالساكن نحو:
1 «الأولى» نحو قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عََاداً الْأُولى ََ} (سورة النجم الآية 50).
2 «الأخرى» نحو قوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدََاهُمَا الْأُخْرى ََ} (سورة البقرة الآية 282).
3 «الآخرة» نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كََانَتْ لَكُمُ الدََّارُ الْآخِرَةُ} (سورة البقرة الآية 94).(1/240)
2 «الأخرى» نحو قوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدََاهُمَا الْأُخْرى ََ} (سورة البقرة الآية 282).
3 «الآخرة» نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كََانَتْ لَكُمُ الدََّارُ الْآخِرَةُ} (سورة البقرة الآية 94).
فإنه حينئذ يجوز أن تبدأ بهمزة الوصل وإن كان الساكن قد زال بحركة النقل.
ويجوز أن تعتدّ بالعارض فتحذف همزة الوصل حالة الابتداء وتأتي بلام محركة بحركة الهمزة. هذا بالنسبة ل «ورش» وغيره ممن ورد عنه النقل.
قال ابن الجزري:
... وانقل مدا ردا وثبت البدل
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بالقراءة بالنقل في كلمة «ردءا» من قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} (سورة القصص الآية 34). وذلك لمدلول «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر».
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثبت» وهو: «أبو جعفر» يقرأ بإبدال التنوين الذي في «ردا» ألفا وصلا. أمّا حالة الوقف فقد اتفق القراء العشرة على إبدال التنوين ألفا.
قال ابن الجزري:
وملء الأصبهاني مع عيسى اختلف ... وسل روى دم كيف جا القران دف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن «الأصبهانيّ، وعيسى بن وردان» يقرءان بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها بخلف عنهما، وذلك في كلمة «ملء من قوله تعالى: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً} (سورة آل عمران الآية 91).
ثم بيّن الناظم أن مدلول «روى» والمرموز له بالدال من «دم» وهم:
«الكسائي، وخلف العاشر، وابن كثير» يقرءون بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها في كلمة: «واسأل» إذا كان أمرا كيف جاء بعد الواو، أو الفاء، بلفظ الإفراد، أو الجمع، نحو قوله تعالى:
1 {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كََانَتْ حََاضِرَةَ الْبَحْرِ} (سورة الأعراف الآية 163).(1/241)
«الكسائي، وخلف العاشر، وابن كثير» يقرءون بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها في كلمة: «واسأل» إذا كان أمرا كيف جاء بعد الواو، أو الفاء، بلفظ الإفراد، أو الجمع، نحو قوله تعالى:
1 {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كََانَتْ حََاضِرَةَ الْبَحْرِ} (سورة الأعراف الآية 163).
2 {وَسْئَلُوا اللََّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (سورة النساء الآية 32).
3 {فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كََانُوا يَنْطِقُونَ} (سورة الأنبياء الآية 63).
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالدال من «دف» وهو: «ابن كثير» يقرأ بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها في كلمة «قرءان» كيف جاء معرفا، أو منكرا، نحو قوله تعالى:
1 {تِلْكَ آيََاتُ الْكِتََابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} (سورة الحجر الآية 1).
2 {تِلْكَ آيََاتُ الْقُرْآنِ وَكِتََابٍ مُبِينٍ} (سورة النمل الآية 1).
وكلمة «القرآن» بالهمز مصدر «قرأ يقرأ قرآنا» ثم أطلق على ما بين الدفّتين من كلام الله عزّ وجلّ، وصار علما على ذلك.
ومعناه: الجمع، لأنه يجمع السور، والآيات، ووزنه «فعلان».
ومن لم يهمز، فالأظهر أن يكون من باب النقل والحذف. أو تكون النون أصليّة من «قرنت الشيء إلى الشيء» بمعنى: ضممته، لأن ما فيه من السور والآيات، مقترن بعضها إلى بعض، وحينئذ يكون على وزن «فعال».
تمّ باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ولله الحمد والشكر(1/242)
تمّ باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ولله الحمد والشكر
«باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره»
السكت: هو قطع الصوت عن القراءة زمنا يسيرا دون زمن الوقف عادة، من غير تنفس، مع نيّة استئناف القراءة في الحال، ومقداره حركتان.
والسكت تحكمه المشافهة والتلقي عن القراء، وهو مقيّد بالسماع ولا يجوز السكت إلا على ساكن.
الأشياء التي يجوز السكت عليها ثمانية:
الأول: «أل» نحو قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيََاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (سورة الذاريات الآية 20).
الثاني: «شيء» كيف جاء في القرآن: مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا، نحو قوله تعالى:
1 {إِنَّ هََذََا لَشَيْءٌ عُجََابٌ} (سورة ص الآية 5).
2 {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ النََّاسَ شَيْئاً} (سورة يونس الآية 44).
3 {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدََارٍ} (سورة الرعد الآية 8).
الثالث: الساكن الصحيح المنفصل غير «أل» وغير «شيء» نحو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (سورة المؤمنون الآية 1).
الرابع: الساكن الصحيح الموصول، نحو قوله تعالى:
1 {«إِنَّ هََذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (سورة الإسراء الآية 9).
2 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمََالُهُمْ كَسَرََابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مََاءً} (سورة النور الآية 39).(1/243)
1 {«إِنَّ هََذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (سورة الإسراء الآية 9).
2 {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمََالُهُمْ كَسَرََابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مََاءً} (سورة النور الآية 39).
3 {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} (سورة الإسراء الآية 34).
4 {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (سورة الأنفال الآية 24).
5 {أَلََّا يَسْجُدُوا لِلََّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (سورة النمل الآية 25).
الخامس: المدّ المنفصل، نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمََا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (سورة البقرة الآية 4).
السادس: المدّ المتصل، نحو قوله تعالى: {وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} (سورة التوبة الآية 10).
السابع: فواتح السور المبتدأة بحروف هجائية، مثل: «الم، كهيعص، طه، ق».
الثامن: أربع كلمات مخصوصة وهي:
1 - ألف «عوجا» من قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى ََ عَبْدِهِ الْكِتََابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً} (سورة الكهف الآيتان 21).
2 - ألف «مرقدنا» من قوله تعالى: {قََالُوا يََا وَيْلَنََا مَنْ بَعَثَنََا مِنْ مَرْقَدِنََا هََذََا مََا وَعَدَ الرَّحْمََنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} (سورة يس الآية 52).
3 - نون «من راق» من قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رََاقٍ} (سورة القيامة الآية 27).
4 - لام «بل ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ} (سورة المطففين الآية 14).
فأل، وشيء، والساكن الصحيح المفصول، والساكن الصحيح الموصول، يسكت عليها كل من: «حمزة، وابن ذكوان، وحفص، وإدريس» بخلف عن الجميع.
والمدّ المنفصل، والمدّ المتصل، يسكت عليهما «حمزة» وحده بخلف عنه.
وفواتح السور، يسكت عليها «أبو جعفر» وحده بلا خلاف.
والكلمات الأربع، يسكت عليها «حفص» وحده بخلف عنه.(1/244)
وفواتح السور، يسكت عليها «أبو جعفر» وحده بلا خلاف.
والكلمات الأربع، يسكت عليها «حفص» وحده بخلف عنه.
وجه السكت على الساكن قبل الهمز بجميع أحواله للتمكّن من النطق بالهمز، لصعوبة النطق به لبعد مخرجه حيث تخرج الهمزة من أقصى الحلق، وفيها صفتان من صفات القوّة، وهما: الجهر، والشدّة.
ووجه السكت على حروف فواتح السور، لبيان أن هذه الحروف مفصولة وإن اتصلت رسما، وفي كل حرف منها سرّ من أسرار الله تعالى.
ووجه السكت على الكلمات الأربع أن السكت يوضح معانيها أكثر من وصلها، لأن وصلها قد يوهم معنى غير المراد.
ووجه عدم السكت على كل ذلك، لكونه الأصل.
قال ابن الجزري:
والسّكت عن حمزة في شيء وأل ... والبعض معهما له فيما انفصل
والبعض مطلقا وقيل بعد مد ... أو ليس عن خلّاد السّكت اطّرد
قيل ولا عن حمزة ...
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في بيان الأشياء التي ورد السكت عليها، وبيان مذاهب القراء في ذلك. وبدأ بالحديث عن «حمزة»، ويفهم من هذه الأبيات أن «حمزة» وردت الروايات الصحيحة عنه بالسكت وعدمه، وفي ذلك سبع روايات:
الأولى: السكت على «شيء، ولام التعريف» فقط.
الثانية: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل».
الثالثة: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل، والساكن الصحيح المتصل».
الرابعة: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل والساكن الصحيح المتصل، والمدّ المنفصل».
الخامسة: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل،
والساكن الصحيح المتصل، والمدّ المنفصل، والمدّ المتصل».(1/245)
الخامسة: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل،
والساكن الصحيح المتصل، والمدّ المنفصل، والمدّ المتصل».
السادسة: عدم السكت عن «خلاد» بالكليّة.
السابعة: عدم السكت عن «حمزة» بالكليّة.
قال ابن الجزري:
والخلف عن ... إدريس غير المدّ أطلق واخصصن
وقيل حفص وابن ذكوان ...
المعنى: هذا شروع في بيان الأشياء التي ورد السكت عليها لكل من «إدريس، وحفص، وابن ذكوان» فبيّن أنه ورد عن هؤلاء الثلاثة الروايات الصحيحة بالسكت، وعدمه، وفي ذلك ثلاث روايات:
الأولى: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل».
الثانية: السكت على «شيء، ولام التعريف، والساكن الصحيح المنفصل، والساكن الصحيح المتصل».
الثالثة: عدم السكت بالكليّة.
قال ابن الجزري:
وفي ... هجا الفواتح كطه ثقّف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالثاء من «ثقّف» وهو:
«أبو جعفر» ورد عنه السكت بدون خلاف على فواتح السور المبدوءة بحروف هجائية.
قال ابن الجزري:
وألفي مرقدنا وعوجا ... بل ران من راق لحفص الخلف جا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن «حفصا» وردت الروايات
الصحيحة عنه بالسكت وعدمه على أربع كلمات وهي:(1/246)
وألفي مرقدنا وعوجا ... بل ران من راق لحفص الخلف جا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن «حفصا» وردت الروايات
الصحيحة عنه بالسكت وعدمه على أربع كلمات وهي:
1 - ألف «عوجا» حالة وصلها بما بعدها.
2 - ألف «مرقدنا» حالة وصلها بما بعدها.
3 - نون «من راق».
4 - لام «بل ران».
تمّ باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره ولله الحمد والشكر(1/247)
تمّ باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره ولله الحمد والشكر
«باب وقف حمزة وهشام على الهمز»
هذا الباب من أدقّ الأبواب، لتفرعه، وكثرة أحكامه. ومن أراد معرفته فعليه بمعرفة حكم رسم الهمزة في الرسم العثماني. وخير مصدر في ذلك حفظ نظم صاحب «مورد الظمآن» في «حكم رسم الهمزة». ثم فهم هذا الباب فهما جيّدا. وقد وردت الروايات الصحيحة المتواترة بتحقيق وتسهيل الهمز حالة الوقف عن كل من: «حمزة، وهشام».
وتسهيل الهمزة عن «حمزة» يشمل الأحوال الآتية:
أولا: الهمزة المتوسطة بنفسها نحو:
1 «بئر» نحو قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} (سورة الحج الآية 45).
2 «يؤمن» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللََّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (سورة التغابن الآية 11).
ثانيا: الهمزة المتوسطة بزائد متصل نحو: «فأووا» من قوله تعالى: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} (سورة الكهف الآية 16).
ثالثا: الهمزة المتوسطة بزائد منفصل نحو «قال ائتوني» من قوله تعالى:
{قََالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} (سورة يوسف الآية 59).
رابعا: الهمزة المتطرفة، نحو: «جاء» من قوله تعالى: {وَجََاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (سورة الفجر الآية 22).
وتسهيل الهمزة عن «هشام» خاص بالهمزة المتطرفة فقط.
واعلم أن تسهيل الهمزة عن كل من «حمزة، وهشام» مختصّ بحالة الوقف
على الكلمة التي فيها الهمز. وهو يشمل الأنواع الآتية:(1/249)
واعلم أن تسهيل الهمزة عن كل من «حمزة، وهشام» مختصّ بحالة الوقف
على الكلمة التي فيها الهمز. وهو يشمل الأنواع الآتية:
1 - التسهيل بين بين، أي بين الهمزة وحركتها.
2 - نقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها وحذف الهمزة.
3 - إبدال الهمزة حرفا محركا، وتارة يكون ياء، وأخرى يكون واوا.
4 - إبدال الهمزة حرف مدّ، وتارة يكون ألفا، أو ياء، أو واوا.
5 - إبدال الهمزة واوا، ثم إدغام الواو التي قبلها فيها. وأخرى إبدال الهمزة ياء، ثم إدغام الياء التي قبلها فيها.
6 - حذف الهمزة.
7 - التسهيل بالروم.
قال ابن الجزري:
إذا اعتمدت الوقف خفّف همزة ... توسّطا أو طرفا لحمزه
المعنى: يقول الناظم رحمه الله تعالى إذا قصدت أيها القارئ الوقف على الكلمة التي فيها «همز» فعليك أن تقف بتخفيف الهمز ل «حمزة» سواء كانت الهمزة متوسطة، أو متطرفة. وتخفيف الهمز عام يشمل الأنواع السبعة التي ذكرتها. وتفصيل هذا التخفيف سيبينه الناظم فيما تأتي:
قال ابن الجزري:
فإن يسكّن بالّذي قبل ابدل ...
المعنى: هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في تفصيل أنواع تخفيف الهمز، فأفاد أن الهمزة إذا كانت ساكنة، سواء كان سكونها أصليا، أم عارضا حالة الوقف، وكان الحرف الذي قبلها متحركا فإنها تبدل حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها، فإن كان قبلها فتحة تبدل ألفا مثال ذلك:
1 «تألمون» نحو قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمََا تَأْلَمُونَ} (سورة النساء الآية 104).
2 «اقرأ» نحو قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}
(سورة الإسراء الآية 14).(1/250)
1 «تألمون» نحو قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمََا تَأْلَمُونَ} (سورة النساء الآية 104).
2 «اقرأ» نحو قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}
(سورة الإسراء الآية 14).
وإن كان قبلها كسرة تبدل «ياء» مثال ذلك:
1 «وبئر» نحو قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} (سورة الحج الآية 45).
2 «نبئ» نحو قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة الحجر الآية 49).
وإن كان قبلها ضمة تبدل «واوا» مثال ذلك:
1 «يؤمن» نحو قوله تعالى: {ذََلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كََانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (سورة البقرة الآية 232).
ويخيّل إليّ أنه لم يقع في القرآن همزة متطرفة ساكنة وقبلها ضمة، فإن وجد فهو على القاعدة بإبدال الهمزة واوا حالة الوقف:
قال ابن الجزري:
... وإن يحرّك عن سكون فانقل
المعنى: إذا وقعت الهمزة متحركة بأيّ حركة سواء كانت فتحة، أم كسرة، أم ضمة، وكان الحرف الذي قبلها ساكنا، سواء كان صحيحا، أم واوا أصليّة، أم ياء أصليّة (1)، فإن «حمزة» يخفف هذا النوع بنقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها، ويحذف الهمزة. ويشمل هذا النوع الهمزة المتوسطة بأيّ نوع كان، والهمزة المتطرفة، مثال ذلك:
1 «القرءان» نحو قوله تعالى: {وَإِذََا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (سورة الأعراف الآية 204).
2 «اللؤلؤ» نحو قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجََانُ} (سورة الرحمن الآية 22).
__________
(1) المراد بالأصلي ما كان أصلا من أصول الكلمة التي هي: الفاء، أو العين، أو اللام.(1/251)
3 «مسئولا» نحو قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} (سورة الإسراء الآية 34).
4 «الخبء» من قوله تعالى: {أَلََّا يَسْجُدُوا لِلََّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (سورة النمل الآية 25).
5 «شيء» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة الآية 20).
6 «السوء» نحو قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دََائِرَةُ السَّوْءِ} (سورة التوبة الآية 98).
7 «يضيء» من قوله تعالى: {يَكََادُ زَيْتُهََا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نََارٌ} (سورة النور الآية 35).
قال ابن الجزري:
إلّا موسّطا أتى بعد ألف ... سهّل ومثله فأبدل في الطّرف
المعنى: هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في بيان نوع تخفيف الهمزة إذا وقعت بعد «ألف» سواء كانت متوسطة، أم متطرفة:
فبيّن أن الهمزة إذا كانت متوسطة، وكان قبلها «ألف» فإن «حمزة» يسهلها بين بين. وحينئذ يجوز في حرف المدّ القصر، والمدّ، لأنه وقع قبل همز مغير بالتسهيل، مثال ذلك:
1 «دعاءكم» نحو قوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لََا يَسْمَعُوا دُعََاءَكُمْ} (سورة فاطر الآية 14).
2 «للملئكة» نحو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ رَبُّكَ لِلْمَلََائِكَةِ إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة الآية 30).
3 «أولياؤكم» نحو قوله تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيََاؤُكُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ}
(سورة فصلت الآية 31).
ثم بيّن أن الهمزة إذا وقعت متطرفة، وكان قبلها «ألف» فإن «حمزة» يبدلها ألفا مثل الألف التي قبلها، وحينئذ يجوز له القصر، والتوسط، والمدّ:
فالقصر على تقدير حذف إحدى الألفين.
والتوسط على تقدير بقاء الألفين.
والمدّ على تقدير بقاء الألفين، وزيادة ألف ثالثة بينهما.(1/252)
والتوسط على تقدير بقاء الألفين.
والمدّ على تقدير بقاء الألفين، وزيادة ألف ثالثة بينهما.
كما يجوز لحمزة إذا كانت الهمزة المتطرفة مكسورة أو مضمومة التسهيل بالروم مع المدّ والقصر، وقد نبّه الناظم على ذلك بقوله فيما سيأتي:
وآخرا بروم سهّل ... بعد محرّك كذا بعد ألف
مثال ذلك:
1 «السماء» نحو قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمََاءِ} (سورة البقرة الآية 19).
2 «نشاء» نحو قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ} (سورة الأنعام الآية 83).
قال ابن الجزري:
والواو واليا إن يزادا أدغما ... والبعض في الأصليّ أيضا أدغما
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أنه إذا وقع قبل الهمزة «واو أو ياء» زائدتان والحرف الزائد ما ليس من أصول الكلمة فإن «حمزة» يقرأ حالة الوقف بالإدغام، بعد إبدال الهمزة حرفا من جنس ما قبله ثم إدغام الأول في الثاني، سواء كانت الهمزة متوسطة، أو متطرفة، مثال ذلك:
1 «هنيئا مريئا» من قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (سورة النساء الآية 4).
2 «خطيئة» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً} (سورة النساء الآية 112).
3 «النسيء» من قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (سورة التوبة الآية 37).
4 «قروء» من قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقََاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلََاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة الآية 228).
5 «بريء» من قوله تعالى: {أَنَّ اللََّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة التوبة الآية 3).
ثم أخبر الناظم أنه إذا وقع قبل الهمزة «واو أو ياء» أصليتان، فإن بعض أئمة القراءة عن «حمزة» عامل «الواو، والياء» الأصليتين معاملة الزائدتين فأدغم
بعد إبدال الهمزة حرفا من جنس ما قبله، ثم أدغم الأول في الثاني، سواء كانت الهمزة متوسطة، أو متطرفة، مثال ذلك:(1/253)
ثم أخبر الناظم أنه إذا وقع قبل الهمزة «واو أو ياء» أصليتان، فإن بعض أئمة القراءة عن «حمزة» عامل «الواو، والياء» الأصليتين معاملة الزائدتين فأدغم
بعد إبدال الهمزة حرفا من جنس ما قبله، ثم أدغم الأول في الثاني، سواء كانت الهمزة متوسطة، أو متطرفة، مثال ذلك:
1 «موئلا» من قوله تعالى: {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} (سورة الكهف الآية 58).
2 «استيئس» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جََاءَهُمْ نَصْرُنََا} (سورة يوسف الآية 110).
3 «سوء» نحو قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كََانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فََاسِقِينَ} (سورة الأنبياء الآية 74).
4 «شيء» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة الآية 109).
وحينئذ يصبح لحمزة في الواو، والياء الأصليتين وجهان هما: النقل، والإدغام.
قال ابن الجزري:
وبعد كسرة وضمّ أبدلا ... إن فتحت ياء وواوا مسجلا
وغير هذا بين بين ونقل ... ياء كيطفئوا وواو كسئل
المعنى: بعد أن أتمّ الناظم رحمه الله تعالى الكلام على حكم كلّ من الهمز الساكن بعد المتحرك، والهمز المتحرك بعد الساكن، شرع في بيان حكم الهمز المتحرك بعد المتحرك، وهو بحسب حركته وحركة ما قبله تسعة أنواع:
وذلك أن الهمزة تكون مفتوحة، ومكسورة، ومضمومة، وتكون الحركة قبل كل منها مفتوحة، ومكسورة، ومضمومة، وهذه أمثلة لهذه الأنواع التسعة:
1 «مائة» نحو قوله تعالى: {فَأَمََاتَهُ اللََّهُ مِائَةَ عََامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} (سورة البقرة الآية 259).
2 «مؤجلا» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ كِتََاباً مُؤَجَّلًا} (سورة آل عمران الآية 145).
3 «شنئان» نحو قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (سورة المائدة الآية 2).(1/254)
2 «مؤجلا» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ كِتََاباً مُؤَجَّلًا} (سورة آل عمران الآية 145).
3 «شنئان» نحو قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (سورة المائدة الآية 2).
4 «بارئكم» من قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ} (سورة البقرة الآية 54).
5 «سئل» نحو قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَمََا سُئِلَ مُوسى ََ مِنْ قَبْلُ} (سورة البقرة الآية 108).
6 «مطمئنين» من قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كََانَ فِي الْأَرْضِ مَلََائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} (سورة الإسراء الآية 95).
7 «يستهزءون» نحو قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبََاءُ مََا كََانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}
(سورة الأنعام الآية 5).
8 «برءوسكم» من قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
(سورة المائدة الآية 6).
9 «رءوف» نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبََادِ} (سورة البقرة الآية 207).
فبيّن الناظم أنه إذا وقعت الهمزة مفتوحة بعد كسر نحو: «مائة» فإن «حمزة» يقرأ بإبدالها حالة الوقف «ياء». وإذا كانت مفتوحة بعد ضمّ نحو:
«مؤجلا» فإن «حمزة» يبدلها حالة الوقف «واوا».
وفي الصور السبع البواقي يقرأ حالة الوقف بالتسهيل بين بين: فتجعل المفتوحة بين الهمزة والألف، والمكسورة بين الهمزة والياء، والمضمومة بين الهمزة والواو.
ونقل بعض القراء عن «حمزة» القراءة بإبدال الهمزة «ياء» إذا كانت مضمومة وقبلها كسرة مثل «يطفئوا» نحو قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ} (سورة الصف الآية 8).
وبإبدالها «واوا» إذا كانت مكسورة وقبلها ضمة نحو «سئل» نحو قوله تعالى: {كَمََا سُئِلَ مُوسى ََ مِنْ قَبْلُ} (سورة البقرة الآية 108).
قال ابن الجزري:
والهمز الأوّل إذا ما اتّصلا ... رسما فعن جمهورهم قد سهّلا
أو ينفصل كاسعوا إلى قل إن رجح ... لا ميم جمع وبغير ذاك صح
المعنى: هذا شروع في بيان حكم الهمز المتوسط بغيره: وهو ما كان الهمز أوّل كلمة، ودخل عليه ما صار به متوسطا، وهو على نوعين:(1/255)
والهمز الأوّل إذا ما اتّصلا ... رسما فعن جمهورهم قد سهّلا
أو ينفصل كاسعوا إلى قل إن رجح ... لا ميم جمع وبغير ذاك صح
المعنى: هذا شروع في بيان حكم الهمز المتوسط بغيره: وهو ما كان الهمز أوّل كلمة، ودخل عليه ما صار به متوسطا، وهو على نوعين:
الأول: ما اتصل في الرسم، ويكون بدخول حرف من حروف المعاني عليه، كحروف العطف، وحروف الجرّ، ولام الابتداء، وهمزة الاستفهام، وغير ذلك. وهو الذي يقال له المتوسط بزائد.
وتأتي الهمزة فيه مكسورة، ومفتوحة، ومضمومة، ويأتي قبل كلّ من الثلاث: كسر، وفتح، فتصير ستّ صور، وهذه أمثلة لذلك:
1 «لبإمام» من قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنََا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمََا لَبِإِمََامٍ مُبِينٍ} (سورة الحجر الآية 79).
2 «بأنّه» نحو قوله تعالى: {ذََلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذََا دُعِيَ اللََّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} (سورة غافر الآية 12).
3 «أفأمن» نحو قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ََ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنََا بَيََاتاً وَهُمْ نََائِمُونَ} (سورة الأعراف الآية 97).
4 «فإنهم» نحو قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذََابِ مُشْتَرِكُونَ} (سورة الصافات الآية 33).
5 «لآخرهم» نحو قوله تعالى: {وَقََالَتْ أُولََاهُمْ لِأُخْرََاهُمْ} (سورة الأعراف الآية 39).
6 «فأواري» من قوله تعالى: {فَأُوََارِيَ سَوْأَةَ أَخِي} (سورة المائدة الآية 31).
فجمهور القراء سهلوا هذا النوع أي خففوه على ما تقدم: فتبدل المفتوحة بعد كسر «ياء». وتسهل في الصور الخمس البواقي بين بين.
ومن هذا النوع المتوسط بغيره المتصل في الرسم ما يكون الساكن متصلا به رسما.
ويكون بحرف النداء مثل: «يئادم» نحو قوله تعالى: {وَقُلْنََا يََا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (سورة البقرة الآية 35).
ويكون ب «ها» حرف التنبيه مثل: «هؤلاء» نحو قوله تعالى: {هََا أَنْتُمْ هََؤُلََاءِ حََاجَجْتُمْ فِيمََا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} (سورة آل عمران الآية 66).(1/256)
ويكون بحرف النداء مثل: «يئادم» نحو قوله تعالى: {وَقُلْنََا يََا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (سورة البقرة الآية 35).
ويكون ب «ها» حرف التنبيه مثل: «هؤلاء» نحو قوله تعالى: {هََا أَنْتُمْ هََؤُلََاءِ حََاجَجْتُمْ فِيمََا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} (سورة آل عمران الآية 66).
ويكون بلام التعريف، مثل «الأرض» نحو قوله تعالى: {خَلَقَ اللََّهُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} (سورة العنكبوت الآية 44).
فجمهور القراء سهلوا هذا النوع أي خففوه على ما تقدم. فإذا كان الهمز بعد ألف سهلوه بين بين. وإذا كان بعد «لام التعريف» سهلوه بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها.
وذهب جماعة من علماء القراءات إلى الوقف على المتوسط بغيره المتصل في الرسم في جميع صوره وأحواله بالتحقيق، وأجراه مجرى الهمزة المبتدأة.
والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما ولله الحمد.
النوع الثاني: المنفصل رسما ويكون الساكن قبله صحيحا، وحرف لين:
فالساكن الصحيح مثل: «من ءامن» نحو قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} (سورة البقرة الآية 253).
واللين مثل: «خلوا إلى شيطينهم» من قوله تعالى: {وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ} (سورة البقرة الآية 14). ومثل: «ابني ءادم» من قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} (سورة المائدة الآية 27).
وقد اختلف علماء القراءات في تسهيله وتحقيقه: فذهب الكثيرون من أهل الأداء إلى تسهيل هذا النوع بالنقل.
واستثنوا من ذلك «ميم الجمع» مثل: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (سورة المائدة الآية 105) فلم ينقلوا إليها، وهذا هو الصحيح الذي قرأت به. وقد أشار إلى ذلك صاحب إتحاف البرية بقوله:
ولا نقل في ميم الجميع لحمزة ... بل الوقف حكم الوصل فيما تنقلا
وذهب بعض علماء القراءات إلى تحقيق هذا النوع، ولم يفرقوا بين الوقف
والوصل. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين.(1/257)
ولا نقل في ميم الجميع لحمزة ... بل الوقف حكم الوصل فيما تنقلا
وذهب بعض علماء القراءات إلى تحقيق هذا النوع، ولم يفرقوا بين الوقف
والوصل. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين.
ومن هذا النوع المنفصل رسما من المتوسط بغيره ما يكون متحركا بالحركات الثلاث، وقبل كلّ منهن الحركات الثلاث، فيبلغ تسع صور، وهذه أمثلة لها:
الأولى: مفتوحة بعد ضم، مثل «منه ءايت» نحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتََابَ مِنْهُ آيََاتٌ مُحْكَمََاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتََابِ} (سورة آل عمران الآية 7).
الثانية: مفتوحة بعد كسر مثل: «فيه ءايت» من قوله تعالى: {فِيهِ آيََاتٌ بَيِّنََاتٌ مَقََامُ إِبْرََاهِيمَ} (سورة آل عمران الآية 97).
الثالثة: مفتوحة بعد فتح مثل: «قال أبوهم» من قوله تعالى: {وَلَمََّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قََالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} (سورة يوسف الآية 94).
الرابعة: مكسورة بعد ضم مثل: «منه إلا» من قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلََّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (سورة البقرة الآية 249).
الخامسة: مكسورة بعد كسر مثل: «من بعد إكراههن» من قوله تعالى:
{وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللََّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرََاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة النور الآية 33).
السادسة: مكسورة بعد فتح مثل: «غير إخراج» من قوله تعالى: {مَتََاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرََاجٍ} (سورة البقرة الآية 240).
السابعة: مضمومة بعد ضم مثل: «كلّ أمّة» من قوله تعالى: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى ََ إِلى ََ كِتََابِهَا} (سورة الجاثية الآية 28).
الثامنة: مضمومة بعد كسر مثل: «من كلّ أمّة» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيََاتِنََا} (سورة النمل الآية 83).
التاسعة: مضمومة بعد فتح مثل: «كان أمّة» من قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً} (سورة النحل الآية 120).
فجمهور علماء القراءات خفف هذا النوع كتخفيف المتوسط بنفسه:
المتحرك بعد متحرك:
فأبدل المفتوحة بعد ضم «واوا» والمفتوحة بعد كسر «ياء».
وسهّل في الصور السبع الباقية بين بين.(1/258)
فأبدل المفتوحة بعد ضم «واوا» والمفتوحة بعد كسر «ياء».
وسهّل في الصور السبع الباقية بين بين.
وأجرى فيه بعضهم إبدال المكسورة بعد ضمّ «واوا» والمضمومة بعد كسر «ياء» من جنس حركة ما قبلها.
وذهب جماعة من علماء القراءات إلى الوقف على هذا النوع المنفصل رسما في جميع صوره وأحواله بالتحقيق، وأجراه مجرى الهمزة المبتدأة. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما والحمد لله رب العالمين.
قال ابن الجزري:
وعنه تسهيل كخطّ المصحف ... فنحو منشون مع الضّمّ احذف
وألف النّشأة مع واو كفا ... هزؤا ويعبؤا البلؤا الضّعفا
وياء من آنانبا ال وريّا ... تدغم مع تؤوي وقيل رؤيا
وبين بين إن يوافق واترك ... ما شذّ واكسرها كأنبئهم حكي
المعنى: أشار الناظم رحمه الله تعالى بهذه الأبيات إلى أن «حمزة» روي عنه بالسند الصحيح أنه كان يقرأ باتباع الرسم العثماني في الوقف على الهمز إذا خفّفه، أيّ يراعي في ذلك خط المصحف العثماني. وقد أخذ بذلك الكثيرون من علماء القراءات، وهو المسمّى عندهم بالتخفيف الرّسمي.
ولا تظهر فائدة هذا التخفيف إلا فيما خالف فيه الرسم العثمانيّ الرسم القياسيّ، وهو خاصّ بما يتعلق برسم الهمزة دون غيرها، فلا تحذف الألفات المحذوفة رسما، ولا تثبت الحروف الزائدة رسما لا لفظا، ونحو ذلك:
فيجوز الوقف على مثل «مستهزءون» نحو قوله تعالى: {قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (سورة البقرة الآية 14). ومثل: «منشئون» نحو قوله تعالى:
{أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهََا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ} (سورة الواقعة الآية 72). وغير ذلك مما وقعت فيه الهمزة مضمومة بعد كسر، يجوز الوقف عليه بحذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى الحرف الذي قبلها ليناسب الواو.
ويجوز الوقف على مثل «النّشأة» نحو قوله تعالى: {ثُمَّ اللََّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ
الْآخِرَةَ} (سورة العنكبوت الآية 20). وغير ذلك مما مائله في الرسم، يجوز الوقف عليه بالألف اتباعا للرسم العثماني.(1/259)
ويجوز الوقف على مثل «النّشأة» نحو قوله تعالى: {ثُمَّ اللََّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ
الْآخِرَةَ} (سورة العنكبوت الآية 20). وغير ذلك مما مائله في الرسم، يجوز الوقف عليه بالألف اتباعا للرسم العثماني.
ويجوز الوقف على مثل: «كفؤا» من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}
(سورة الصمد الآية 4) وغير ذلك مما ماثله في الرسم مثل {هُزُواً} (سورة البقرة الآية 67) يجوز الوقف عليه بالواو، اتباعا للرسم.
ويجوز الوقف على مثل «يعبؤا» من قوله تعالى: {قُلْ مََا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلََا دُعََاؤُكُمْ} (سورة الفرقان الآية 77) وغير ذلك من كل همزة متطرفة رسمت على واو وبعدها ألف، يوقف على كل هذا النوع بالواو، اتباعا للرسم.
وقد ذكر صاحب «مورد الظمآن في رسم القرآن» الهمزة المتطرفة التي تصوّر على واو في قوله:
فصل وفي بعض الذي تطرّفا ... في الرفع واو ثمّ زادوا ألفا
فعلمؤا العلمؤا يبدأ ... والضّعفؤا الموضعان ينشؤا
وشفعؤا يعبؤا البلؤا ... ثمّ بلا لام معا أنبؤا
جزاؤا الأولان في العقود ... وسورة الشّورى من المعهود
ومثلها لابن نجاح ذكر ... في الحشر والدّاني خلافا أثر
وعنهما أيضا خلاف مشتهر ... في سورة الكهف وطه والزّمر
ومع أولى المؤمنين الملأ ... في النّمل عن كلّ ولفظ تفتؤا
وبرآؤا معه دعاؤا ... في الطّول والدّخان قل بلؤا
ويتفيّؤا كذا ينبّئوا ... وفي سوى التّوبة جاء نبؤا
ثمّت فيكم شركاؤا يدرؤا ... وشركاؤا شرعوا وتظمؤا
وأتوكؤا وما نشؤا ... في هود والخلاف في أبنؤا
وعن أبي داود أيضا ذكرا ... في لفظ أنبؤا الذي في الشعرا
وفي ينبّئوا في العقيلة ألف ... وليس قبل الواو فيهنّ ألف
ويجوز الوقف على مثل: «ءانائ» من قوله تعالى: {وَمِنْ آنََاءِ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْ وَأَطْرََافَ النَّهََارِ لَعَلَّكَ تَرْضى ََ} (سورة طه الآية 130) وغير ذلك من كل ما رسمت فيه الهمزة على «ياء» يجوز الوقف عليه بالياء، اتباعا للرسم.(1/260)
فصل وفي بعض الذي تطرّفا ... في الرفع واو ثمّ زادوا ألفا
فعلمؤا العلمؤا يبدأ ... والضّعفؤا الموضعان ينشؤا
وشفعؤا يعبؤا البلؤا ... ثمّ بلا لام معا أنبؤا
جزاؤا الأولان في العقود ... وسورة الشّورى من المعهود
ومثلها لابن نجاح ذكر ... في الحشر والدّاني خلافا أثر
وعنهما أيضا خلاف مشتهر ... في سورة الكهف وطه والزّمر
ومع أولى المؤمنين الملأ ... في النّمل عن كلّ ولفظ تفتؤا
وبرآؤا معه دعاؤا ... في الطّول والدّخان قل بلؤا
ويتفيّؤا كذا ينبّئوا ... وفي سوى التّوبة جاء نبؤا
ثمّت فيكم شركاؤا يدرؤا ... وشركاؤا شرعوا وتظمؤا
وأتوكؤا وما نشؤا ... في هود والخلاف في أبنؤا
وعن أبي داود أيضا ذكرا ... في لفظ أنبؤا الذي في الشعرا
وفي ينبّئوا في العقيلة ألف ... وليس قبل الواو فيهنّ ألف
ويجوز الوقف على مثل: «ءانائ» من قوله تعالى: {وَمِنْ آنََاءِ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْ وَأَطْرََافَ النَّهََارِ لَعَلَّكَ تَرْضى ََ} (سورة طه الآية 130) وغير ذلك من كل ما رسمت فيه الهمزة على «ياء» يجوز الوقف عليه بالياء، اتباعا للرسم.
ويجوز الوقف على «رئيا» من قوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثََاثاً وَرِءْياً} (سورة مريم الآية 74) بإبدال الهمزة «ياء» وإدغام الياء في الياء.
ويجوز الوقف على «تئوي» من قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشََاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشََاءُ} (سورة الأحزاب الآية 51) بإبدال الهمزة «واوا» وإدغام الواو في الواو. ومثل ما تقدم في الحكم، أي بالإدغام حالة الوقف:
1 «تئويه» من قوله تعالى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} (سورة المعارج الآية 13).
2 «رءيا» المضموم حيث وقع نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ} (سورة يوسف الآية 5).
ومعنى قول الناظم «وبين بين إن يوافق»: أي أنّ «حمزة» يقرأ بتسهيل الهمزة بينها وبين الحرف المجانس لحركتها إن يوافق اتباع الرسم العثماني:
أي ما كتب منه بالألف سهله بين الهمزة والألف مثل: «وأرسل» نحو قوله تعالى: {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدََائِنِ حََاشِرِينَ} (سورة الأعراف الآية 111).
وما كتب بالياء سهله بين الهمزة والياء مثل: «خائفين» نحو قوله تعالى:
{أُولََئِكَ مََا كََانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهََا إِلََّا خََائِفِينَ} (سورة البقرة الآية 114).
وما كتب بالواو سهله بين الهمزة والواو مثل: «شركاؤكم» نحو قوله تعالى: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكََاؤُكُمُ} (سورة الأنعام الآية 22).
ومعنى قول الناظم «واترك ما شذّ» أي لا تأخذ بما شذ ولا تقرأ به، أي لا يجوز أن تطلق التخفيف الرسميّ وتقرأ بما لم تثبت روايته: كأن تقف بالألف على كل ما كتب بالألف مثل: «سألتم» نحو قوله تعالى: {فَإِنَّ لَكُمْ مََا سَأَلْتُمْ}
(سورة البقرة الآية 61).
وتقف بالياء على كل ما كتب بالياء مثل: «أولئك، خائفين» نحو قوله تعالى: {أُولََئِكَ مََا كََانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهََا إِلََّا خََائِفِينَ} (سورة البقرة الآية 114).
وتقف بالواو على كل ما كتب بالواو مثل: «شركاؤكم» نحو قوله تعالى:(1/261)
وتقف بالياء على كل ما كتب بالياء مثل: «أولئك، خائفين» نحو قوله تعالى: {أُولََئِكَ مََا كََانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهََا إِلََّا خََائِفِينَ} (سورة البقرة الآية 114).
وتقف بالواو على كل ما كتب بالواو مثل: «شركاؤكم» نحو قوله تعالى:
{ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكََاؤُكُمُ} (سورة الأنعام الآية 22).
وتقف بالحذف على كل ما حذفت صورته مثل: «جاءو» نحو قوله تعالى:
{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جََاؤُ بِالْبَيِّنََاتِ} (سورة آل عمران الآية 184).
إذ كل ذلك ونحوه لا يجوز فيه سوى التخفيف القياسي، والمرجع في ذلك التلقي وصحة السند والتواتر.
ومعنى قول الناظم «واكسرها كأنبئهم، حكي»: أي يجوز أن تقف لحمزة على مثل: «أنبئهم، ونبئهم» بكسر الهاء، وذلك أنه إذا أبدل الهمزة «ياء» على أصله في الوقف وقعت الهاء بعد «ياء» وقبلها كسرة فأشبهت «يوفيهم» ونحوه.
وبناء عليه يصح الوقف على هذا وعلى كل ما ماثله بضم الهاء، وكسرها، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما، والحمد لله رب العالمين.
قال ابن الجزري:
وأشممن ورم بغير المبدل ... مدّا
المعنى: يجوز حالة الوقف «لحمزة، وهشام» على المهموز «الرّوم، والإشمام» (1) فيما لم تبدل الهمزة المتطرفة فيه حرف مدّ.
وذلك فيما نقل إليه حركة الهمز مثل:
1 «المرء» نحو قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمََا مََا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}
(سورة البقرة الآية 102).
2 «دفء» من قوله تعالى: {وَالْأَنْعََامَ خَلَقَهََا لَكُمْ فِيهََا دِفْءٌ} (سورة النحل الآية 5).
__________
(1) الروم: هو النطق ببعض الحركة بصوت خفيّ يسمعه القريب دون البعيد، ويكون في المجرور، والمرفوع.
والإشمام: هو ضم الشفتين بعد تسكين الحرف بدون صوت يدركه البصير دون الأعمى، ويكون في المرفوع فقط.(1/262)
وفيما أدغم مثل:
1 «شيء» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة الآية 20).
2 «قروء» نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقََاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلََاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة الآية 228).
وفيما أبدل واوا، أو ياء، اتباعا للرسم العثماني مثل:
1 «الضعفؤا» نحو قوله تعالى: «وبرزوا لله جميعا فقال الضعفؤا للذين استكبروا (سورة إبراهيم الآية 21).
2 «إيتائ» من قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى (سورة النحل الآية 90).
وفيما أبدل واوا، أو ياء، على مذهب الأخفش مثل:
1 «لؤلؤ» من قوله تعالى: يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ (سورة الحج الآية 23، وسورة فاطر الآية 33).
2 «يبدئ» نحو قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللََّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}
(سورة العنكبوت الآية 19).
أمّا المبدل حرف مدّ فإنه لا يدخله روم، ولا إشمام، مثل:
1 «اقرأ» نحو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (سورة العلق الآية 1).
2 «نبئ» نحو قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة الحجر الآية 49).
3 «امرؤا» نحو قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} (سورة النساء الآية 176).
قال ابن الجزري:
... وآخرا بروم سهّل
بعد محرّك كذا بعد ألف ...
المعنى: يجوز حالة الوقف على الهمز المتطرف الواقع بعد متحرك، أو بعد ألف «الروم بالتسهيل» بين بين: وذلك إذا كانت الهمزة مكسورة، أو مضمومة، مثال ذلك:(1/263)
وآخرا بروم سهّل
بعد محرّك كذا بعد ألف ...
المعنى: يجوز حالة الوقف على الهمز المتطرف الواقع بعد متحرك، أو بعد ألف «الروم بالتسهيل» بين بين: وذلك إذا كانت الهمزة مكسورة، أو مضمومة، مثال ذلك:
1 «من شاطئ» نحو قوله تعالى: {فَلَمََّا أَتََاهََا نُودِيَ مِنْ شََاطِئِ الْوََادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبََارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} (سورة القصص الآية 30).
2 «يبدئ» نحو قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللََّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}
(سورة العنكبوت الآية 19).
3 «من ماء» نحو قوله تعالى: {وَمََا أَنْزَلَ اللََّهُ مِنَ السَّمََاءِ مِنْ مََاءٍ} (سورة البقرة الآية 164).
4 «نشاء» نحو قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ} (سورة الأنعام الآية 83).
قال ابن الجزري:
... ومثله خلف هشام في الطّرف
المعنى: أي وردت الروايات الصحيحة عن «هشام» أنه قرأ بتسهيل الهمز المتطرف كما يسهل «حمزة» سواء بسواء، ولكن هذا التسهيل الوارد عن «هشام» بالخلاف، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما والحمد لله ربّ العالمين.
تمّ باب وقف حمزة وهشام على الهمز ولله الحمد والشكر(1/264)
تمّ باب وقف حمزة وهشام على الهمز ولله الحمد والشكر
«باب الإدغام الصغير»
«فصل ذال إذ»
الإدغام الصغير: هو ما كان الحرف الأول ساكنا، والثاني متحركا. وهو على نوعين: واجب، وجائز. وقد تقدم الكلام على الإدغام الواجب في «المقدمة» أثناء شرح قول «ابن الجزري»:
وأولي مثل وجنس إن سكن ... أدغم كقل ربّ وبل لا
والكلام هنا سينحصر بإذن الله تعالى على الإدغام الجائز. وهو في الفصول الستة الآتية: ذال إذ، ودال قد، وتاء التأنيث، ولام هل وبل، وحروف قربت مخارجها، والنون الساكنة والتنوين.
قال ابن الجزري:
إذ في الصّغير وتجد أدغم حلا ... لي وبغير الجيم قاض رتّلا
والخلف في الدّال مصيب وفتى ... قد وصّل الإدغام في دال وتا
المعنى: اختلف القراء في إظهار، والإدغام «ذال» «إذ» في ستة أحرف وهنّ حروف الصفير، وحروف «تجد» وهي: الصاد، والزاي، والسين، والتاء، والجيم، والدال. وهذه أمثلة لذلك:
1 «إذ صرفنا» من قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنََا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} (سورة الأحقاف الآية 29).
2 «إذ زين» من قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطََانُ أَعْمََالَهُمْ} (سورة الأنفال الآية 48).(1/265)
1 «إذ صرفنا» من قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنََا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} (سورة الأحقاف الآية 29).
2 «إذ زين» من قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطََانُ أَعْمََالَهُمْ} (سورة الأنفال الآية 48).
3 «إذ سمعتموه» نحو قوله تعالى: {لَوْلََا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنََاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} (سورة النور الآية 12).
4 «إذ تبرأ» من قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} (سورة البقرة الآية 166).
5 «إذ جعل» نحو قوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجََاهِلِيَّةِ} (سورة الفتح الآية 26).
6 «إذ دخلوا» نحو قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقََالُوا سَلََاماً} (سورة الحجر الآية 52).
فقرأ المرموز له بالحاء من «حلا» واللام من «لي» وهما: «أبو عمرو، وهشام» بإدغام «الذال» في الحروف الستة.
وقرأ المرموز له بالقاف من «قاض» والراء من «رتّلا» وهما: «خلاد، والكسائي» بإدغام «الذال» في خمسة أحرف، وهي: ما تبقى من الحروف الستة بعد «الجيم».
وقرأ المرموز له بالميم من «مصيب» وهو: «ابن ذكوان» بخلف عنه بادغام «الذال» في «الدال» فقط.
وقرأ مدلول «فتى» وهما: «حمزة، وخلف العاشر» بإدغام «الذال» في حرفين هما: «الدال، والتاء».
وقرأ الباقون بالإظهار عند الأحرف الستة، وهم: «نافع، وابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».
تمّ فصل ذال إذ ولله الحمد والشكر(1/266)
تمّ فصل ذال إذ ولله الحمد والشكر
«فصل دال قد»
قال ابن الجزري:
بالجيم والصّفير والذّال ادّغم ... قد وبضاد الشين والظّا تنعجم
حكم شفا لفظا وخلف ظلمك ... له وورش الظّاء والضّاد ملك
والضّاد والظّا الذّال فيها وافقا ... ماض وخلفه بزاي وثقا
المعنى: اختلف القراء في إظهار، وإدغام «دال قد» في ثمانية أحرف وهي: «الجيم، والصاد، والزاي، والسين، والذال، والضاد، والشين، والظاء» وهذه أمثلة لذلك:
1 «ولقد جاءكم» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَكُمْ مُوسى ََ بِالْبَيِّنََاتِ} (سورة البقرة الآية 92).
2 «لقد صدق» نحو قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللََّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيََا بِالْحَقِّ} (سورة الفتح الآية 27).
3 «ولقد زينا» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} (سورة الملك الآية 5).
4 «قد سمع» من قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللََّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجََادِلُكَ فِي زَوْجِهََا وَتَشْتَكِي إِلَى اللََّهِ} (سورة الملك الآية 1).
5 «ولقد ذرأنا» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنََا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}
(سورة الأعراف الآية 179).
6 «قد ضلوا» نحو قوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا وَمََا كََانُوا مُهْتَدِينَ} (سورة الأنعام الآية 140).(1/267)
5 «ولقد ذرأنا» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنََا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}
(سورة الأعراف الآية 179).
6 «قد ضلوا» نحو قوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا وَمََا كََانُوا مُهْتَدِينَ} (سورة الأنعام الآية 140).
7 «قد شغفها» من قوله تعالى: {قَدْ شَغَفَهََا حُبًّا} (سورة يوسف الآية 30).
8 «لقد ظلمك» من قوله تعالى: {قََالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤََالِ نَعْجَتِكَ إِلى ََ نِعََاجِهِ} (سورة ص الآية 24).
فقرأ المرموز له بالحاء من «حكم» ومدلول «شفا» والمرموز له باللام من «له» وهم: «أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وهشام» بإدغام «الدال» في الحروف الثمانية، سوى أنه اختلف عن «هشام» في «لقد ظلمك» من قوله تعالى: {قََالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤََالِ نَعْجَتِكَ إِلى ََ نِعََاجِهِ} (سورة ص الآية 24).
والوجهان صحيحان مقروء بهما لهشام.
وقرأ «ورش» من الطريقين بإدغام «الدال» في حرفين هما: «الظاء، والضاد».
وقرأ المرموز له بالميم من «ماض» وهو «ابن ذكوان» بإدغام «الدال» في ثلاثة أحرف هي: «الضاد، والظاء، والذال» واختلف عنه في إدغام «الدال» في «الزاي». والوجهان صحيحان مقروء بهما لابن ذكوان.
وقرأ الباقون بالإظهار عند الأحرف الثمانية وهم: «قالون، وابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».
تمّ فصل دال قد ولله الحمد والشكر(1/268)
تمّ فصل دال قد ولله الحمد والشكر
«فصل تاء التأنيث»
قال ابن الجزري:
وتاء تأنيث بجيم الظّا وثا ... مع الصّفير ادغم رضى حز وجثا
بالظّا وبزّار بغير الثّاوكم ... بالصّاد والظّا وسجز خلف لزم
كهدّمت والثّا لنا والخلف مل ... مع أنبتت لا وجبت وإن نقل
المعنى: اختلف القراء في إظهار وإدغام «تاء التأنيث» في ستّة أحرف وهي: «الجيم، والظاء، والثاء، والصاد، والزاي، والسين» وهذه أمثلة لذلك:
1 «نضجت جلودهم» من قوله تعالى: {كُلَّمََا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنََاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهََا لِيَذُوقُوا الْعَذََابَ} (سورة النساء الآية 56).
2 «كانت ظالمة» من قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنََا مِنْ قَرْيَةٍ كََانَتْ ظََالِمَةً} (سورة الأنبياء الآية 11).
3 «بعدت ثمود» من قوله تعالى: {أَلََا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمََا بَعِدَتْ ثَمُودُ} (سورة هود الآية 95).
4 «لهدمت صوامع» من قوله تعالى: {وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوََامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوََاتٌ وَمَسََاجِدُ} (سورة الحج الآية 40).
5 «خبت زدنهم» من قوله تعالى: {كُلَّمََا خَبَتْ زِدْنََاهُمْ سَعِيراً} (سورة الإسراء الآية 97).
6 {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} (سورة البقرة الآية 261).
فقرأ مدلول «رضى» والمرموز له بالحاء من «حز» وهم: «حمزة، والكسائي، وأبو عمرو» بإدغام تاء التأنيث في الحروف الستّة.(1/269)
6 {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} (سورة البقرة الآية 261).
فقرأ مدلول «رضى» والمرموز له بالحاء من «حز» وهم: «حمزة، والكسائي، وأبو عمرو» بإدغام تاء التأنيث في الحروف الستّة.
وقرأ المرموز له بالجيم من «جثا» وهو: «الأزرق» بالإدغام في «الظاء» فقط.
وقرأ «خلف البزار» بالإدغام في خمسة أحرف، وهي الحروف الستّة ما عدا «الثاء».
وقرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» بالإدغام في حرفين هما: «الصاد، والظاء».
وقرأ المرموز له باللام من «لزم» وهو: «هشام» بالإظهار، والإدغام في حروف «سجز» وهي: «السين، والجيم، والزاي» كما اختلف عن «هشام» أيضا في إدغام {لَهُدِّمَتْ صَوََامِعُ} (سورة الحج الآية 40) والوجهان صحيحان عن «هشام» في كل ذلك.
وقرأ المرموز له باللام من «لنا» وهو: «هشام» بالإدغام قولا واحدا في «الثاء».
وقرأ المرموز له بالميم من «مل» وهو: «ابن ذكوان» بالإظهار، والإدغام في «الثاء» وفي {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ} (سورة البقرة الآية 261) والوجهان صحيحان.
أمّا {وَجَبَتْ جُنُوبُهََا} (سورة الحج الآية 36) فقد نقل عن «ابن ذكوان» فيها الخلاف. ولكن المعمول به من طرق «النشر» الإظهار فقط.
وقرأ الباقون بالإظهار عند الحروف الستة وهم: «الأصبهاني، وقالون، وابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».
تمّ فصل تاء التأنيث ولله الحمد والشكر(1/270)
تمّ فصل تاء التأنيث ولله الحمد والشكر
«فصل لام هل وبل»
قال ابن الجزري:
وبل وهل في تا وثا السّين ادّغم ... وزاي طا ظا النّون والضّاد رسم
والسّين مع تاء وثا فد واختلف ... بالطّاء عنه هل ترى الإدغام حف
وعن هشام غير نضّ يدغم ... عن جلّهم لا حرف رعد في الأتم
المعنى: اختلف القراء في إظهار، وإدغام «لام هل وبل» في ثمانية أحرف وهي: «التاء، والثاء، والسين، والزاي، والطاء، والظاء، والنون، والضاد» وهي معها على ثلاثة أقسام:
الأول: ما يختص بلام «هل» وهو «الثاء» فقط.
الثاني: ما يختص بلام «بل» وهو خمسة أحرف وهي: «السين، والزاي، والطاء، والظاء، والضاد».
الثالث: ما يكون معهما وذلك في حرفين هما: «التاء، والنون».
وهذه أمثلة لذلك:
1 «هل ثوب» من قوله تعالى: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفََّارُ مََا كََانُوا يَفْعَلُونَ} (سورة المطففين الآية 36).
2 «بل سوّلت» نحو قوله تعالى: {قََالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} (سورة يوسف الآية 18).
3 «بل زيّن» من قوله تعالى: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ} (سورة الرعد الآية 33).(1/271)
2 «بل سوّلت» نحو قوله تعالى: {قََالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} (سورة يوسف الآية 18).
3 «بل زيّن» من قوله تعالى: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ} (سورة الرعد الآية 33).
4 «بل طبع» من قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللََّهُ عَلَيْهََا بِكُفْرِهِمْ} (سورة النساء الآية 155).
5 «بل ظننتم» من قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى ََ أَهْلِيهِمْ أَبَداً} (سورة الفتح الآية 12).
6 «بل ضلّوا» من قوله تعالى: {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذََلِكَ إِفْكُهُمْ} (سورة الأحقاف الآية 28).
7 «هل تنقمون» من قوله تعالى: {قُلْ يََا أَهْلَ الْكِتََابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنََّا إِلََّا أَنْ آمَنََّا بِاللََّهِ} (سورة المائدة الآية 59).
8 «بل تأتيهم» من قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ} (سورة الأنبياء الآية 40).
9 «هل نحن» من قوله تعالى: {فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ} (سورة الشعراء الآية 203).
10 «بل نتبع» نحو قوله تعالى: {قََالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مََا أَلْفَيْنََا عَلَيْهِ آبََاءَنََا} (سورة البقرة الآية 170).
فقرأ المرموز له بالراء من «رسم» وهو: «الكسائي» بإدغام «اللام» منهما في الحروف المذكورة.
وقرأ المرموز له بالفاء من «فد» وهو: «حمزة» بإدغام «اللام» في ثلاثة أحرف بلا خلاف وهي: «السين، والتاء، والثاء».
واختلف عنه في إدغام «اللام» في «الطاء» والوجهان صحيحان.
وقرأ المرموز له بالحاء من «حف» وهو: «أبو عمرو» بإدغام «لام هل» في «تاء» «ترى» من قوله تعالى:
1 {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى ََ مِنْ فُطُورٍ} (سورة الملك الآية 3).
2 - وقوله تعالى: {فَهَلْ تَرى ََ لَهُمْ مِنْ بََاقِيَةٍ} (سورة الحاقة الآية 8).
وقرأ «هشام» بإظهار «اللام» عند حرفين هما «النون، والضاد» واختلف عنه في الإظهار، والإدغام عند الحروف الستة الباقية، والوجهان صحيحان.(1/272)
2 - وقوله تعالى: {فَهَلْ تَرى ََ لَهُمْ مِنْ بََاقِيَةٍ} (سورة الحاقة الآية 8).
وقرأ «هشام» بإظهار «اللام» عند حرفين هما «النون، والضاد» واختلف عنه في الإظهار، والإدغام عند الحروف الستة الباقية، والوجهان صحيحان.
واستثنى أكثر المدغمين عن «هشام» حرف «الرعد» وهو قوله تعالى: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمََاتُ وَالنُّورُ} (الآية 16).
قال ابن الجزري: واستثنى جمهور رواة الإدغام عن «هشام» اللام من «هل» في سورة الرعد قوله: {هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمََاتُ وَالنُّورُ}. هذا هو الذي في الشاطبية، والتيسير، والكافي، والتبصرة، والهادي، والهداية، والتذكرة، والتلخيص، والمستنير، وغاية «أبي العلاء».
ولم يستثنها «أبو العزّ القلانسي» في كفايته، ولم يستثنها في الكامل للداجوني، واستثناها للحلواني.
وروى صاحب التجريد إدغامها من قراءته على «الفارسي» وإظهارها من قراءته على «عبد الباقي».
ونصّ على الوجهين جميعا عن «الحلواني» فقط صاحب «المبهج» فقال:
واختلف عن الحلواني عن «هشام» فيها، فروى «الشذائي» إدغامها، وروى غيره الإظهار، قال: وبهما قرأت على شيخنا «الشريف» اهـ. ومقتضاه الإدغام للداجوني بلا خلاف والله أعلم (1) وقال «الحافظ» «أبو عمرو» في جامعه:
وحكى لي «أبو الفتح» عن «عبد الله بن الحسين» عن أصحابه، عن «الحلواني» عن «هشام» «أم هل تستوي» بالإدغام كنظائره في سائر القرآن، قال: وكذلك نص عليه «الحلواني» في كتابه انتهى. وهو يقتضي صحة الوجهين والله أعلم (2).
وقرأ باقي القراء بالإظهار عند الحروف الثمانية وهم: «نافع، وابن كثير، وابن ذكوان، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر».
تم فصل لم هل وبل. ولله الحمد والشكر.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 7.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 8.(1/273)
«باب حروف قربت مخارجها»
وتنحصر في سبعة عشر حرفا، وسيذكرها، «ابن الجزري» مفصلة، وسيبين من يدغمها، ومن يظهرها:
قال ابن الجزري:
إدغام باء الجزم في الفا لي قلا ... خلفهما رم حز
المعنى: هذا هو الحرف الأول من الحروف السبعة عشر وهو: «الباء» المجزومة في «الفاء» وقد وقعت في خمسة مواضع وهي:
1 «أو يغلب فسوف» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُقََاتِلْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء الآية 74).
2 «فاذهب فإنك» من قوله تعالى: {قََالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيََاةِ أَنْ تَقُولَ لََا مِسََاسَ} (سورة طه الآية 97).
3 {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (سورة الرعد الآية 5).
4 {قََالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزََاؤُكُمْ جَزََاءً مَوْفُوراً} (سورة الإسراء الآية 63).
5 {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} (سورة الحجرات الآية 11).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لي» والقاف من «قلا» والراء من «رم» والحاء من «حز» وهم: «هشام، وخلاد» بخلاف عنهما،
و «الكسائي، وأبو عمرو» بدون خلاف يقرءون بإدغام «الباء» المجزومة في «الفاء» في هذه المواضع الخمسة.(1/275)
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لي» والقاف من «قلا» والراء من «رم» والحاء من «حز» وهم: «هشام، وخلاد» بخلاف عنهما،
و «الكسائي، وأبو عمرو» بدون خلاف يقرءون بإدغام «الباء» المجزومة في «الفاء» في هذه المواضع الخمسة.
وقرأ الباقون بالإظهار، وهو الوجه الثاني لكل من: «هشام، وخلاد».
قال ابن الجزري:
... يعذّب من حلا
روى وخلف في دوا بن ...
المعنى: هذا هو الحرف الثاني من الحروف السبعة عشر، وهو قوله تعالى:
{وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة الآية 284). وهذا في قراءة من جزم وهم:
«نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
وقرأ الباقون بالرفع وهم: «ابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب» وقد أشار إلى ذلك «ابن الجزري» بقوله:
يغفر يعذّب رفع جزم كم ثوى ... نصّ
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالحاء من «حلا» ومدلول «روى» والفاء من «في» والدال من «دوا» والباء من «بن» وهم: «أبو عمرو، والكسائي، وخلف العاشر» بدون خلاف، و «حمزة، وابن كثير، وقالون» بالخلاف، يقرءون بإدغام «باء» «يعذب» في ميم «من يشاء».
فتعيّن للباقين الذين يقرءون بالجزم وهو: «ورش» فقط من الطريقين، القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني لكل من: «حمزة، وابن كثير، وقالون». أمّا الذين يقرءون بالرفع فهو عندهم ليس من مواضع الخلاف.
قال ابن الجزري:
ولرا ... في اللّام طب خلف يد
المعنى: هذا هو الحرف الثالث من الحروف المختلف فيها، وهو «الراء» الساكنة في «اللام» نحو قوله تعالى:
1 «نغفر لكم» من قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة الآية 58).(1/276)
المعنى: هذا هو الحرف الثالث من الحروف المختلف فيها، وهو «الراء» الساكنة في «اللام» نحو قوله تعالى:
1 «نغفر لكم» من قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة الآية 58).
2 {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنََا} (سورة الطور الآية 48).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالطاء من «طب» والياء من يد» وهما: «الدوري» عن «أبي عمرو» بخلف عنه، و «السوسي» بدون خلاف يقرءان بإدغام «الراء» الساكنة في «اللام».
فتعيّن للباقين من القراء القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «الدوري» عن «أبي عمرو».
قال ابن الجزري:
... يفعل سرا
المعنى: هذا هو الحرف الرابع من الحروف المختلف فيها، وهو: «لام» يفعل في «ذال» «ذلك» حيث وقع ساكن اللام، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (سورة البقرة الآية 231).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالسين من «سرا» وهو:
«أبو الحارث» عن «الكسائي» قرأه بالإدغام.
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار.
قال ابن الجزري:
نخسف بهم ربا ...
المعنى: هذا هو الحرف الخامس من الحروف المختلف فيها وهو: «فاء» «نخسف» في «باء» «بهم» وهو في قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّمََاءِ} (سورة سبأ الآية 9).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالراء من «ربا» وهو:
«الكسائي» قرأه بالإدغام.
فتعين للباقين القراءة بالإظهار.(1/277)
«الكسائي» قرأه بالإدغام.
فتعين للباقين القراءة بالإظهار.
قال ابن الجزري:
وفي اركب رض حما ... والخلف دن بي نل قوى
المعنى: هذا هو الحرف السادس من الحروف المختلف فيها، وهو: «باء» «اركب» في «ميم» «معنا» وهو في قوله تعالى: {يََا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنََا وَلََا تَكُنْ مَعَ الْكََافِرِينَ} (سورة هود الآية 42).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالراء من «رض» ومدلول «حما» والمرموز له بالدال من «دن» والباء من «بي» والنون من «نل» والقاف من «قوّى» وهم: «الكسائي، وأبو عمرو، ويعقوب» بلا خلاف، و «ابن كثير، وقالون، وعاصم، وخلاد» بخلف عنهم، يقرءون بإدغام «الباء» في «الميم».
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني لكل من: «ابن كثير، وقالون، وعاصم، وخلاد».
قال ابن الجزري:
... عذت لما
خلف شفا حزثق ...
المعنى: هذا هو الحرف السابع من الحروف المختلف فيها وهو: «الذال» في «التاء» من عذت» وهو في قوله تعالى:
1 {وَقََالَ مُوسى ََ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لََا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسََابِ} (سورة غافر الآية 27).
2 {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} (سورة الدخان الآية 20).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لما» ومدلول «شفا» والمرموز له بالحاء من «حز» والثاء من «ثق» وهم: «هشام» بخلف عنه، و «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، وأبو جعفر» بدون خلاف، يقرءون بإدغام «الذال» من «عذت» في موضعيها.
فتعين للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «هشام».(1/278)
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لما» ومدلول «شفا» والمرموز له بالحاء من «حز» والثاء من «ثق» وهم: «هشام» بخلف عنه، و «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، وأبو جعفر» بدون خلاف، يقرءون بإدغام «الذال» من «عذت» في موضعيها.
فتعين للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «هشام».
قال ابن الجزري:
وصاد ذكر مع ... يرد شفاكم حط
المعنى: هذان حرفان من الحروف المختلف فيها، وهما: الحرف الثامن وهو: «ص» مريم في «ذال» ذكر من قوله تعالى: {كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيََّا} (سورة مريم الآيتان 21).
والحرف التاسع «دال» «يرد» في «ثاء» «ثواب» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوََابَ الدُّنْيََا نُؤْتِهِ مِنْهََا وَمَنْ يُرِدْ ثَوََابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهََا وَسَنَجْزِي الشََّاكِرِينَ}
(سورة آل عمران الآية 145).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن مدلول «شفا» والمرموز له بالكاف من «كم» والحاء من «حط» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وابن عامر، وأبو عمرو» يقرءون بإدغام الحرفين.
فتعين للباقين القراءة بالإظهار.
قال ابن الجزري:
... نبذت حز لمع
خلف شفا ...
المعنى: هذا هو الحرف العاشر من الحروف المختلف فيها وهو: «نبذتها» من قوله تعالى: {فَنَبَذْتُهََا وَكَذََلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} (سورة طه الآية 96).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالحاء من «حز» واللام من «لمع» ومدلول «شفا» وهم: «أبو عمرو، وهشام بخلف عنه، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» يقرءون بالإدغام.
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «هشام».
قال ابن الجزري:(1/279)
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «هشام».
قال ابن الجزري:
أورثتمو رضى لجا ... حز مثل خلف
المعنى: هذا هو الحرف الحادي عشر من الحروف المختلف فيها وهو:
«أورثتموها» من قوله تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهََا بِمََا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (سورة الأعراف الآية 43). ومن قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهََا بِمََا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (سورة الزخرف الآية 72).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن مدلول «رضى» والمرموز له باللام من «لجا» والحاء من «حز» والميم من «مثل» وهم: «حمزة، والكسائي، وهشام، وأبو عمرو، وابن ذكوان» بخلف عنه يقرءون بالإدغام.
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار، وهو الوجه الثاني ل «ابن ذكوان».
قال ابن الجزري:
... ولبثت كيف جا
حط كم ثنا رضى ...
المعنى: هذا هو الحرف الثاني عشر من الحروف المختلف فيها وهو:
«لبثت، لبثتم» حيث وقعا، نحو قوله تعالى:
1 {قََالَ كَمْ لَبِثْتَ قََالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قََالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عََامٍ} (سورة البقرة الآية 259).
2 - ونحو قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا} (سورة الإسراء الآية 52).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالحاء من «حط» والكاف من «كم» والثاء من «ثنا» ومدلول «رضى» وهم: «أبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، وحمزة، والكسائي» يقرءون بالإدغام.
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار.
قال ابن الجزري:(1/280)
فتعيّن للباقين القراءة بالإظهار.
قال ابن الجزري:
ويس روى ... ظعن لوى والخلف مز نل إذ هوى
كنون لا قالون ...
المعنى: هذان حرفان من الحروف المختلف فيها وهما: الحرف الثالث عشر وهو: «النون» في «الواو» من هجاء «يس والقرءان». والحرف الرابع عشر وهو: «النون» في «الواو» من هجاء «ن والقلم».
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن مدلول «روى» والمرموز له بالظاء من «ظعن» واللام من «لوى» والميم من «مز» والنون من «نل» والألف من «إذ» والهاء من «هوى» وهم: «الكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب، وهشام» بدون خلاف، و «ابن ذكوان، وعاصم، ونافع، والبزي» بخلف عنهم يقرءون بإدغام «النون» في «الواو» في هذين الحرفين. سوى أن «قالون» ليس له في «ن والقلم» سوى الإظهار.
وقرأ الباقون بالإظهار في الحرفين وهو الوجه الثاني لكل من «ابن ذكوان، وعاصم، ونافع، والبزي».
قال ابن الجزري:
يلهث أظهر ... حرم لهم نال خلافهم وري
المعنى: هذا هو الحرف الخامس عشر من الحروف المختلف فيها وهو:
«يلهث ذلك» من قوله تعالى: {أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذََلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِنََا} (سورة الأعراف الآية 176).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن مدلول «حرم» والمرموز له باللام من «لهم» والنون من «نال» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وهشام، وعاصم» يقرءون هذا الحرف بالإظهار، والإدغام.
فتعيّن للباقين القراءة بالإدغام قولا واحدا.
قال ابن الجزري:(1/281)
فتعيّن للباقين القراءة بالإدغام قولا واحدا.
قال ابن الجزري:
وفي أخذت واتّخذت عن درى ... والخلف غث
المعنى: هذا هو الحرف السادس عشر من الحروف المختلف فيها وهو:
«الذال» في «التاء» من «أخذت، واتخذت، وأخذتم» وكل ما جاء من لفظ «الأخذ» نحو قوله تعالى:
1 {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (سورة فاطر الآية 26).
2 {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظََالِمُونَ} (سورة البقرة الآية 51).
3 {قََالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ََ ذََلِكُمْ إِصْرِي} (سورة آل عمران الآية 81).
4 {قََالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} (سورة الكهف الآية 77).
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالعين من «عن» والدال من «درى» والغين من «غث» وهم: «حفص، وابن كثير، ورويس» بخلف عنه، يقرءون بالإظهار.
فتعيّن للباقين القراءة بالإدغام، وهو الوجه الثاني ل «رويس».
قال ابن الجزري:
... طس ميم فد ثرى
المعنى: هذا هو الحرف السابع عشر من الحروف المختلف فيها وهو:
«النون» من هجاء «طسم» أول الشعراء، والقصص.
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالفاء من «فد» والثاء من «ثرى» وهما: «حمزة، وأبو جعفر» يقرءان بالإظهار.
فتعيّن للباقين القراءة بالإدغام.
تمّ باب حروف قربت مخارجها ولله الحمد والشكر(1/282)
تمّ باب حروف قربت مخارجها ولله الحمد والشكر
«باب أحكام النون الساكنة والتنوين»
النون الساكنة تأتي في وسط الكلمة، وفي آخرها، وفي الاسم، والفعل، والحرف. والتنوين لا يكون إلّا في آخر الاسم المنصرف، المجرد عن الألف واللام، غير المضاف.
وهو: نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظا، وتفارقه خطّا ووقفا. وهذا الباب من أحكام التجويد، وإنما ذكره الناظم هنا لوجود الخلاف في بعض أحكامه. والنون الساكنة، والتنوين لهما أربعة أحكام:
الأول: الإظهار: وهو لغة: البيان، واصطلاحا: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنّة في الحرف المظهر.
والثاني: الإدغام: وهو لغة: إدخال الشيء في الشيء، واصطلاحا:
النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا.
والثالث: الإقلاب: وهو لغة: تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحا:
قلب النون الساكنة، أو التنوين ميما مخفاة في اللفظ لا في الخط مع بقاء الغنة.
والرابع: الإخفاء: وهو لغة: الستر، واصطلاحا: النطق بالحرف بصفة بين الإظهار، والإدغام عار عن التشديد مع بقاء الغنّة في الحرف المخفي.
قال ابن الجزري:
أظهرهما عند حروف الحلق عن ... كلّ وفي غين وخا أخفى ثمن
لا منخنق ينغض يكن بعض أبى ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإظهار النون الساكنة، والتنوين، لجميع القراء إذا وقع بعد أحدهما حرف من حروف الحلق الستّة وهي: 1 الهمزة 2الهاء 3العين 4الحاء 5الغين 6الخاء.(1/283)
أظهرهما عند حروف الحلق عن ... كلّ وفي غين وخا أخفى ثمن
لا منخنق ينغض يكن بعض أبى ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإظهار النون الساكنة، والتنوين، لجميع القراء إذا وقع بعد أحدهما حرف من حروف الحلق الستّة وهي: 1 الهمزة 2الهاء 3العين 4الحاء 5الغين 6الخاء.
واعلم أن النون الساكنة تكون مع حروف الإظهار في كلمة وفي كلمتين.
أمّا التنوين فلا يكون إلّا من كلمتين.
وهذا الإظهار يسمّى إظهارا حلقيا لخروج حروفه من الحلق.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثمن» وهو: «أبو جعفر» قرأ بإخفاء النون الساكنة، والتنوين، إذا وقع بعدهما «الغين، أو الخاء».
واستثنى له بعض علماء القراءات من ذلك ثلاث كلمات فقرأها لأبي جعفر بالإظهار، والإخفاء، والوجهان صحيحان، والكلمات الثلاث هي:
1 «والمنخنقة» من قوله تعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (سورة المائدة الآية 3).
2 {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى ََ هُوَ} (سورة الإسراء الآية 51).
3 {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللََّهُ أَوْلى ََ بِهِمََا} (سورة النساء الآية 135).
وهذه أمثلة للنون الساكنة، والتنوين مع حروف الإظهار:
1 «ينئون» من قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} (سورة الأنعام الآية 26).
2 «من ءامن» نحو قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} (سورة البقرة الآية 253).
3 «عذاب أليم» نحو قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ بِمََا كََانُوا يَكْذِبُونَ}
(سورة البقرة الآية 10).
4 «أنهر» نحو قوله تعالى: {فِيهََا أَنْهََارٌ مِنْ مََاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم الآية 15).
5 «من هاد» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ} (سورة الرعد الآية 33).
6 «جرف هار» من قوله تعالى: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ
فَانْهََارَ بِهِ فِي نََارِ جَهَنَّمَ} (سورة التوبة الآية 109).(1/284)
6 «جرف هار» من قوله تعالى: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ
فَانْهََارَ بِهِ فِي نََارِ جَهَنَّمَ} (سورة التوبة الآية 109).
7 «أنعمت» نحو قوله تعالى: {صِرََاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (سورة الفاتحة الآية 7).
8 «من عمل» نحو قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صََالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ََ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} (سورة النحل الآية 97).
9 «عذاب عظيم» نحو قوله تعالى: {وَعَلى ََ أَبْصََارِهِمْ غِشََاوَةٌ وَلَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (سورة البقرة الآية 7).
10 «وانحر» من قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (سورة الكوثر الآية 2).
11 {مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (سورة فصلت الآية 42).
12 {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى ََ هُوَ} (سورة الإسراء الآية 51).
13 «من غلّ» نحو قوله تعالى: {وَنَزَعْنََا مََا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} (سورة الحجر الآية 47).
14 {مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخََافُ عَلَيْكُمْ عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (سورة الأعراف الآية 59).
15 {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (سورة المائدة الآية 3).
16 «من خلق» من قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خََالِقٍ غَيْرُ اللََّهِ} (سورة فاطر الآية 3).
17 «قوم خصمون» من قوله تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (سورة الزخرف الآية 58).
قال ابن الجزري:
... واقلبهما مع غنّة ميما ببا
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بقلب النون الساكنة، والتنوين ميما مخفاة في النطق لجميع القراء، وذلك إذا وقع بعدهما «الباء».
واعلم أن النون الساكنة تقع مع «الباء» في كلمة، وفي كلمتين، أمّا التنوين فلا يكون إلا من كلمتين، وهذه أمثلة لذلك:
1 «أنبئهم» نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمََائِهِمْ} (سورة البقرة الآية 33).
2 «من بعدهم» نحو قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتََابَ}
(سورة الأعراف الآية 169).(1/285)
1 «أنبئهم» نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمََائِهِمْ} (سورة البقرة الآية 33).
2 «من بعدهم» نحو قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتََابَ}
(سورة الأعراف الآية 169).
3 «صمّ بكم» نحو قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (سورة البقرة الآية 18).
قال ابن الجزري:
وادغم بلا غنّة في لام ورا ... وهي لغير صحبة أيضا ترى
والكلّ في ينمو بها وضق حذف ... في الواو واليا وترى في اليا اختلف
وأظهروا لديهما بكلمة ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإدغام النون الساكنة، والتنوين، بغير غنة لجميع القراء إذا وقع بعدهما «اللام، أو الراء».
ثم بيّن الناظم أنه ورد عن علماء القراءات الإدغام بغنة في كل من النون الساكنة، والتنوين، إذا وقع بعدهما «اللام، أو الراء» لغير مدلول «صحبة، والأزرق» وهم: «الأصبهاني، وقالون، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» والوجهان صحيحان. إلّا أن الإدغام بغنّة في «اللام» مقيّد بالمنفصل رسما نحو: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2).
أمّا المتصل رسما نحو: {أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً} (سورة الكهف الآية 48).
فلا غنة فيه لجميع القراء اتباعا للرسم.
تنبيه: لم يذكر «ابن الجزري» «الأزرق» مع مدلول «صحبة» في نظمه «الطيبة» إلّا أنّه نبّه على ذلك في «النشر» (1). وهذا هو الذي تلقيته، وقرأت به.
ثم بيّن الناظم أن جميع القراء قرءوا بالإدغام بغير غنّة في النون الساكنة، والتنوين، إذا وقع بعد أحدهما حرف من حروف «ينمو» وهي: «الياء، والنون، والميم، والواو».
__________
(1) انظر: النشر ج 2/ 2423.(1/286)
ثم بيّن الناظم أن المرموز له بالضاد من «ضق» وهو: «خلف» عن «حمزة» قرأ بالإدغام بغير غنّة في «الواو، والياء». وأنّ المرموز له بالتاء من «ترى» وهو:
«الدوري» عن «الكسائي» قرأ بالإدغام بغير غنة في «الياء» بالخلاف. والإدغام بغير غنة طريق «أبي عثمان الضرير» ت 310هـ. والإدغام بغنة طريق «جعفر النصيبي» ت 307هـ والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
ويشترط في الإدغام أن يكون من كلمتين بحيث تكون النون الساكنة في كلمة، ويكون حرف الإدغام في أول الكلمة الثانية. فإذا كانت «النون الساكنة» وحرف الإدغام في كلمة واحدة كان حكم «النون» الإظهار لجميع القراء، ويسمى إظهارا مطلقا، مثل:
1 «صنوان» من قوله تعالى: {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوََانٌ وَغَيْرُ صِنْوََانٍ يُسْقى ََ بِمََاءٍ وََاحِدٍ} (سورة الرعد الآية 4).
2 «بنين» نحو قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيََانٌ مَرْصُوصٌ} (سورة الصف الآية 4).
3 «الدنيا» نحو قوله تعالى: {فَمََا جَزََاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذََلِكَ مِنْكُمْ إِلََّا خِزْيٌ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (سورة البقرة الآية 85).
4 «قنوان» من قوله تعالى: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهََا قِنْوََانٌ دََانِيَةٌ} (سورة الأنعام الآية 99).
وهذه أمثلة للنون الساكنة، والتنوين، عند حروف الإدغام الستة:
1 «فإن لم تفعلوا» من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (سورة البقرة الآية 24).
2 «هدى للمتقين» نحو قوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2).
3 «من ربهم» نحو قوله تعالى: {أُولََئِكَ عَلى ََ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} (سورة البقرة الآية 5).
4 «من ثمرة رزقا» من قوله تعالى: {كُلَّمََا رُزِقُوا مِنْهََا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً} (سورة البقرة الآية 25).
5 «من يقول» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ} (سورة البقرة الآية 8).(1/287)
4 «من ثمرة رزقا» من قوله تعالى: {كُلَّمََا رُزِقُوا مِنْهََا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً} (سورة البقرة الآية 25).
5 «من يقول» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ} (سورة البقرة الآية 8).
6 {وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصََابِعَهُمْ فِي آذََانِهِمْ مِنَ الصَّوََاعِقِ} (سورة البقرة الآية 19).
7 «عن نفس» من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}
(سورة البقرة الآية 48).
8 {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة الآية 58).
9 «من مال» نحو قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمََا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مََالٍ وَبَنِينَ} (سورة المؤمنون الآية 55).
10 «مثلا ما» من قوله تعالى: {مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا} (سورة البقرة الآية 26).
11 «من وال» من قوله تعالى: {وَمََا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وََالٍ} (سورة الرعد الآية 11).
12 «ورعد وبرق» من قوله تعالى: {فِيهِ ظُلُمََاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} (سورة البقرة الآية 19).
قال ابن الجزري:
... وفي البواقي أخفين بغنّة
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإخفاء النون الساكنة، والتنوين، إذا وقع بعد أحدهما حرف من حروف الإخفاء وهي «خمسة عشر حرفا» المتبقية من حروف الهجاء بعد حروف الإظهار، وحرف الإقلاب، وحروف الإدغام. وهذا الإخفاء يسمى إخفاء حقيقيا.
وقد أشار صاحب «متن تحفة التجويد» الشيخ «سليمان الجمزوري» رحمه الله تعالى إلى حروف الإخفاء بالحرف الأول من كلمات هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيّبا زد في تقى ضع ظالما
وهي: الصاد الذال الثاء الكاف الجيم الشين القاف السين
الدال الطاء الزاي الفاء التاء الضاد الظاء. والنون الساكنة تكون مع حروف الإخفاء من كلمة، ومن كلمتين، أمّا التنوين فلا يكون إلا من كلمتين.(1/288)
4 «من ثمرة رزقا» من قوله تعالى: {كُلَّمََا رُزِقُوا مِنْهََا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً} (سورة البقرة الآية 25).
5 «من يقول» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ} (سورة البقرة الآية 8).
6 {وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصََابِعَهُمْ فِي آذََانِهِمْ مِنَ الصَّوََاعِقِ} (سورة البقرة الآية 19).
7 «عن نفس» من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لََا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}
(سورة البقرة الآية 48).
8 {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة الآية 58).
9 «من مال» نحو قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمََا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مََالٍ وَبَنِينَ} (سورة المؤمنون الآية 55).
10 «مثلا ما» من قوله تعالى: {مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا} (سورة البقرة الآية 26).
11 «من وال» من قوله تعالى: {وَمََا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وََالٍ} (سورة الرعد الآية 11).
12 «ورعد وبرق» من قوله تعالى: {فِيهِ ظُلُمََاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} (سورة البقرة الآية 19).
قال ابن الجزري:
... وفي البواقي أخفين بغنّة
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإخفاء النون الساكنة، والتنوين، إذا وقع بعد أحدهما حرف من حروف الإخفاء وهي «خمسة عشر حرفا» المتبقية من حروف الهجاء بعد حروف الإظهار، وحرف الإقلاب، وحروف الإدغام. وهذا الإخفاء يسمى إخفاء حقيقيا.
وقد أشار صاحب «متن تحفة التجويد» الشيخ «سليمان الجمزوري» رحمه الله تعالى إلى حروف الإخفاء بالحرف الأول من كلمات هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيّبا زد في تقى ضع ظالما
وهي: الصاد الذال الثاء الكاف الجيم الشين القاف السين
الدال الطاء الزاي الفاء التاء الضاد الظاء. والنون الساكنة تكون مع حروف الإخفاء من كلمة، ومن كلمتين، أمّا التنوين فلا يكون إلا من كلمتين.(1/288)
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيّبا زد في تقى ضع ظالما
وهي: الصاد الذال الثاء الكاف الجيم الشين القاف السين
الدال الطاء الزاي الفاء التاء الضاد الظاء. والنون الساكنة تكون مع حروف الإخفاء من كلمة، ومن كلمتين، أمّا التنوين فلا يكون إلا من كلمتين.
وهذه أمثلة لحروف الإخفاء:
1 «الأنصار» نحو قوله تعالى: {وَالسََّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهََاجِرِينَ وَالْأَنْصََارِ} (سورة التوبة الآية 100).
2 «أن صدوكم» من قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (سورة المائدة الآية 2).
3 {كَأَنَّهُ جِمََالَتٌ صُفْرٌ} (سورة المرسلات الآية 33).
4 «ء أنذرتهم» نحو قوله تعالى: {سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (سورة البقرة الآية 6).
5 «من ذهب» نحو قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهََا مِنْ أَسََاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (سورة فاطر الآية 33).
6 «وكيلا ذرية» من قوله تعالى: {وَآتَيْنََا مُوسَى الْكِتََابَ وَجَعَلْنََاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرََائِيلَ أَلََّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنََا مَعَ نُوحٍ} (سورة الإسراء الآيتان 32).
7 «والأنثى» نحو قوله تعالى: {وَمََا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ََ} (سورة الليل الآية 3).
8 «من ثمرة رزقا» من قوله تعالى: {كُلَّمََا رُزِقُوا مِنْهََا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قََالُوا هََذَا الَّذِي رُزِقْنََا مِنْ قَبْلُ} (سورة البقرة الآية 25).
9 «قولا ثقيلا» من قوله تعالى: {إِنََّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (سورة المزمل الآية 5).
10 «المنكر» نحو قوله تعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (سورة آل عمران الآية 110).
11 «من كتاب» نحو قوله تعالى: {وَاتْلُ مََا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتََابِ رَبِّكَ}
(سورة الكهف الآية 27).
12 «كتب كريم» من قوله تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتََابٌ كَرِيمٌ} (سورة النمل الآية 29).
13 «أنجينا» نحو قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكََانُوا يَتَّقُونَ} (سورة النمل الآية 53).(1/289)
12 «كتب كريم» من قوله تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتََابٌ كَرِيمٌ} (سورة النمل الآية 29).
13 «أنجينا» نحو قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكََانُوا يَتَّقُونَ} (سورة النمل الآية 53).
14 «إن جعل» نحو قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللََّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً} (سورة القصص الآية 71).
15 «من خلق جديد» نحو قوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}
(سورة ق الآية 15).
16 «أنشره» من قوله تعالى: {ثُمَّ إِذََا شََاءَ أَنْشَرَهُ} (سورة عبس الآية 22).
17 «إن شاء» نحو قوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مََا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شََاءَ} (سورة الأنعام الآية 41).
18 «غفور شكور» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} (سورة الشورى الآية 23).
19 «فانقلبوا» من قوله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ} (سورة آل عمران الآية 174).
20 «من قوارير» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوََارِيرَ} (سورة النمل الآية 44).
21 «سميع قريب» من قوله تعالى: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (سورة سبأ الآية 50).
22 «الإنسان» نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (سورة العاديات الآية 6).
23 «من سوء» نحو قوله تعالى: {لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذََابِ يَوْمَ الْقِيََامَةِ}
(سورة الزمر الآية 47).
24 {وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ} (سورة الزمر الآية 29).
25 «أندادا» نحو قوله تعالى: {فَلََا تَجْعَلُوا لِلََّهِ أَنْدََاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة الآية 22).
26 {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمََنِ وَلَداً} (سورة مريم الآية 91).
27 {وَكَأْساً دِهََاقاً} (سورة النبأ الآية 34).
28 «المقنطرة» من قوله تعالى: {وَالْقَنََاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} (سورة آل عمران الآية 14).
29 «من طين» نحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} (سورة الأنعام الآية 2).
30 «صعيدا طيبا» نحو قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} (سورة النساء الآية 43).(1/290)
29 «من طين» نحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} (سورة الأنعام الآية 2).
30 «صعيدا طيبا» نحو قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} (سورة النساء الآية 43).
31 «تنزيل» نحو قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (سورة فصلت الآية 42).
32 «من زوال» من قوله تعالى: {مََا لَكُمْ مِنْ زَوََالٍ} (سورة إبراهيم الآية 44).
33 «صعيدا زلقا» من قوله تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً} (سورة الكهف الآية 40).
34 «فانفلق» من قوله تعالى: {فَانْفَلَقَ فَكََانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} (سورة الشعراء الآية 63).
35 «من فضل» نحو قوله تعالى: {وَقََالَتْ أُولََاهُمْ لِأُخْرََاهُمْ فَمََا كََانَ لَكُمْ عَلَيْنََا مِنْ فَضْلٍ} (سورة الأعراف الآية 39).
36 «خلدا فيها» نحو قوله تعالى: {يُدْخِلْهُ نََاراً خََالِداً فِيهََا} (سورة النساء الآية 14).
37 «وكنتم» نحو قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوََاتاً فَأَحْيََاكُمْ} (سورة البقرة الآية 28).
38 «من تاب» نحو قوله تعالى: {إِلََّا مَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صََالِحاً} (سورة الفرقان الآية 70).
39 «جنت تجري» نحو قوله تعالى: {أَعَدَّ اللََّهُ لَهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ خََالِدِينَ فِيهََا} (سورة التوبة الآية 89).
40 «منضود» نحو قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنََا عَلَيْهََا حِجََارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ}
(سورة هود الآية 82).
41 «من ضلّ» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمََا يَضِلُّ عَلَيْهََا} (سورة الإسراء الآية 15).
42 «وكلّا ضربنا» من قوله تعالى: {وَكُلًّا ضَرَبْنََا لَهُ الْأَمْثََالَ} (سورة الفرقان الآية 39).
43 «ينظرون» نحو قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصََّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (سورة الذاريات الآية 44).
44 «من ظهير» نحو قوله تعالى: {وَمََا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (سورة سبأ الآية 22).(1/291)
43 «ينظرون» نحو قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصََّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (سورة الذاريات الآية 44).
44 «من ظهير» نحو قوله تعالى: {وَمََا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (سورة سبأ الآية 22).
45 «ظلّا ظليلا» من قوله تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} (سورة النساء الآية 57).
تمّ باب أحكام النون الساكنة والتنوين ولله الحمد والشكر(1/292)
تمّ باب أحكام النون الساكنة والتنوين ولله الحمد والشكر
«باب الفتح والإمالة وبين اللفظين»
المراد بالفتح فتح الفم بالألف وما قبلها فتحا مستقيما لا فتح الحرف، والمراد به الفتح المتوسط، وهو ما بين الفتح الشديد، والإمالة المتوسطة، لا الفتح الشديد الذي هو التقحّم، كما يتلفظ به العجم، فإن ذلك لا تجوز القراءة به، ويقال له: التفخيم.
والإمالة لغة: الانحراف، والعدول عن الشيء أو الإقبال عليه.
واصطلاحا: تنقسم إلى قسمين: كبرى، وصغرى:
فالكبرى: أن تقرب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء، من غير قلب خالص، ولا إشباع مبالغ فيه، وهي الإمالة المحضة، ويقال لها: الإضجاع، والبطح، وهي المرادة عند الإطلاق.
والصغرى: هي ما بين الفتح والإمالة الكبرى، ويقال لها: التوسط، والتقليل، وبين اللفظين، وبين بين: أي بين الفتح والإمالة الكبرى.
واعلم أنه لا يمكن للإنسان أن يحسن النطق بالإمالة سواء كانت كبرى، أو صغرى، إلا بالتلقي والمشافهة.
وبالتتبع يمكنني بصفة عامّة أن أنسب «الفتح» إلى القبائل العربية التي كانت مساكنها غربي الجزيرة العربية بما في ذلك قبائل الحجاز أمثال: «قريش، وثقيف، وهوازن، وكنانة». وأن ننسب «الامالة» إلى القبائل التي كانت تعيش
وسط الجزيرة العربية، وشرقيها، أمثال: «تميم، وأسد، وطي، وبكر بن وائل، وعبد القيس» (1).(1/293)
وبالتتبع يمكنني بصفة عامّة أن أنسب «الفتح» إلى القبائل العربية التي كانت مساكنها غربي الجزيرة العربية بما في ذلك قبائل الحجاز أمثال: «قريش، وثقيف، وهوازن، وكنانة». وأن ننسب «الامالة» إلى القبائل التي كانت تعيش
وسط الجزيرة العربية، وشرقيها، أمثال: «تميم، وأسد، وطي، وبكر بن وائل، وعبد القيس» (1).
فإن قيل: أيهما الأصل الفتح أو الإمالة؟
أقول: هناك رأيان للعلماء: فبعضهم يرى أن كلّا منهما أصل قائم بذاته.
والبعض الآخر يرى أن «الفتح» أصل و «الإمالة» فرع عنه. وإنني أرجح القول القائل بأن كلا منهما أصل قائم بذاته، إذ كلّ منهما كان ينطق به عدّة قبائل عربية بعضها في غربي الجزيرة العربية، والبعض الآخر في شرقيها.
فإن قيل: ما أسباب الإمالة؟
أقول: بالاستقراء تبيّن لي أن أسباب الإمالة تتلخص فيما يأتي:
1 - كسرة موجودة في اللفظ قبلية، أو بعدية، نحو: «النّاس، النار، كلاهما».
2 - كسرة عارضة في بعض الأحوال نحو: «جاء، شاء»، لأن فاء الكلمة تكسر إذا اتصل بالفعل الضمير المرفوع فتقول: «جئت، شئت».
3 - أن تكون الألف منقلبة عن «ياء» نحو «رمى».
4 - أو تشبيه بالانقلاب عن الياء، مثل: ألف التأنيث نحو: «كسالى».
5 - أو تشبيه بما أشبه المنقلب عن «الياء» نحو: «موسى، عيسى».
6 - مجاورة «إمالة» وتسمّى إمالة لأجل إمالة نحو: إمالة نون «نأى».
7 - أن تكون الألف رسمت «ياء» وإن كان أصلها «الواو» نحو: «والضحى».
فإن قيل: ما فائدة الإمالة؟
أقول: سهولة اللفظ، وذلك أن «اللسان» يرتفع بالفتح، وينحدر بالإمالة، والانحدار أخف على اللسان من الارتفاع.
قال ابن الجزري:
أمل ذوات الياء في الكلّ شفا ... وثنّ الاسماء إن ترد أن تعرفا
__________
(1) انظر: القراءات وأثرها في علوم العربية د / محمد سالم محيسن ج 1/ 97.(1/294)
وردّ فعلها إليك كالفتى ... هدى الهوى اشترى مع استعلى أتى
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بإمالة كل ألف منقلبة عن «ياء» حيث وقعت في «اسم» أو «فعل» لمدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
فالأسماء مثل:
1 «الهدى» نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللََّهِ هُوَ الْهُدى ََ} (سورة البقرة الآية 120).
2 «العمى» من قوله تعالى: {وَأَمََّا ثَمُودُ فَهَدَيْنََاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى ََ عَلَى الْهُدى ََ} (سورة فصلت الآية 17).
3 «أزكى» نحو قوله تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى ََ لَكُمْ} (سورة النور الآية 28).
4 «مأوى» نحو قوله تعالى: {عِنْدَهََا جَنَّةُ الْمَأْوى ََ} (سورة النجم الآية 15).
5 «يحيى» نحو قوله تعالى: {يََا زَكَرِيََّا إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ اسْمُهُ يَحْيى ََ} (سورة مريم الآية 7).
والأفعال مثل:
1 «أتى» نحو قوله تعالى: {هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (سورة الإنسان الآية 1).
2 «أبى» نحو قوله تعالى: {فَسَجَدُوا إِلََّا إِبْلِيسَ أَبى ََ وَاسْتَكْبَرَ} (سورة البقرة الآية 34).
3 «يخشى» نحو قوله تعالى: {إِلََّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى ََ} (سورة طه الآية 3).
وتعرف ذوات «الياء» في الأسماء بالتثنية، وفي الأفعال بردّ الفعل إليك، فإن ظهرت فيه «الياء» علم أنها أصل الألف التي في المفرد فتمال: فتقول في نحو: «هدى» «هديان» وفي نحو: «اشترى» «اشتريت».
وإن ظهرت فيه «الواو» علم أنها أصل الألف التي في المفرد فلم تمل:
فتقول في نحو «صفا» «صفوان» وفي نحو: «دعا» «دعوت».
قال ابن الجزري:(1/295)
فتقول في نحو «صفا» «صفوان» وفي نحو: «دعا» «دعوت».
قال ابن الجزري:
وكيف فعلى وفعالى ضمّه ... وفتحه وما بياء رسمه
كحسرتى أنّى ضحى متى بكى ... غير لدى زكى على حتّى إلى
وميّلوا الرّبا القوى العلى كلا ... كذا مزيدا من ثلاثي كابتلى
مع رءوس آي النّجم طه اقرأ مع ال ... قيامة الليل الضّحى الشّمس سأل
عبس والنّزع سبّح ...
المعنى: أي مما يميله «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» ما ذكره الناظم في هذه الأبيات، ويتمثل ذلك فيما يأتي:
أولا: كل ألف جاءت على وزن «فعلى» بفتح الفاء، أو كسرها، أو ضمها، مثل:
1 «موتى» نحو قوله تعالى: {كَذََلِكَ يُحْيِ اللََّهُ الْمَوْتى ََ} (سورة البقرة الآية 73).
2 «سيماهم» نحو قوله تعالى: {سِيمََاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (سورة الفتح الآية 29).
3 «بشرى» نحو قوله تعالى: {وَهُدىً وَبُشْرى ََ لِلْمُؤْمِنِينَ} (سورة البقرة الآية 97).
ثانيا: ما كان على وزن «فعالى» بضم الفاء وفتحها، مثال ذلك:
1 «كسالى» نحو قوله تعالى: {وَإِذََا قََامُوا إِلَى الصَّلََاةِ قََامُوا كُسََالى ََ} (سورة النساء الآية 142).
2 «يتمى» نحو قوله تعالى: {وَمََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ فِي يَتََامَى النِّسََاءِ}
(سورة النساء الآية 127).
ثالثا: ما رسم في المصحف العثماني «ياء» (1) مثل:
__________
(1) وقد عقد صاحب متن «مورد الظمآن في رسم القرآن» فصلا خاصّا تحت عنوان: «رسم الألف ياء» يقول في مطلعه:
وهاك ما بألف قد جاء ... والأصل أن يكون رسما ياء
وإن عن الياء قلبت ألفا ... فارسمه ياء وسطا أو طرفا(1/296)
1 «حسرتى» نحو قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ} (سورة الزمر الآية 56).
2 «أنّى» التي للاستفهام نحو قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنََّى شِئْتُمْ} (سورة البقرة الآية 223).
3 «ضحها» من قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحََاهََا} (سورة الشمس الآية 1).
4 «متى» نحو قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 214).
5 «بلى» نحو قوله تعالى: {بَلى ََ مَنْ أَوْفى ََ بِعَهْدِهِ وَاتَّقى ََ فَإِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}
(سورة آل عمران الآية 76).
واستثنى علماء القراءات مما رسم بالياء خمس كلمات فلم ترد إمالتها من طريق صحيح والكلمات الخمس هي:
1 «لدى» في سورة «غافر» فقط من قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنََاجِرِ كََاظِمِينَ} (سورة غافر الآية 18).
أمّا «لدا» الذي في سورة يوسف عليه السلام فقد رسم بالألف بالإجماع ولذلك لم ترد فيه إمالة، وموضع يوسف هو قوله تعالى: وألفيا سيدها لدا الباب (الآية 25).
2 «ما زكى» من قوله تعالى: {وَلَوْلََا فَضْلُ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مََا زَكى ََ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً} (سورة النور الآية 21).
3 «على» من قوله تعالى: {وَتَوَلََّى عَنْهُمْ وَقََالَ يََا أَسَفى ََ عَلى ََ يُوسُفَ} (سورة يوسف الآية 84).
4 «حتى» نحو قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 214).
5 «إلى» نحو قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتََاعٌ إِلى ََ حِينٍ} (سورة البقرة الآية 36).
رابعا: ما كان مكسور «الفاء» أو مضمومها، من الواويّ، ويتمثل ذلك في الكلمات الآتية:
1 «الربوا» كيف وقع، نحو قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللََّهُ الرِّبََا وَيُرْبِي الصَّدَقََاتِ} (سورة البقرة الآية 276).(1/297)
رابعا: ما كان مكسور «الفاء» أو مضمومها، من الواويّ، ويتمثل ذلك في الكلمات الآتية:
1 «الربوا» كيف وقع، نحو قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللََّهُ الرِّبََا وَيُرْبِي الصَّدَقََاتِ} (سورة البقرة الآية 276).
2 «ضحى» كيف جاء، نحو قوله تعالى: {قََالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النََّاسُ ضُحًى} (سورة طه الآية 59).
3 «القوى» من قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ََ} (سورة النجم الآية 5).
4 «العلى» نحو قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمََاوََاتِ الْعُلى ََ}
(سورة طه الآية 4).
5 «كلاهما» من قوله تعالى: {إِمََّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمََا أَوْ كِلََاهُمََا}
(سورة الإسراء الآية 23).
خامسا: وكذلك أمال «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» الألف إذا وقعت رباعية من كل فعل زاد على ثلاثة أحرف وإن كان أصله «الواو» لأنه يصير بتلك الزيادة «يائيا» وتكون الزيادة بحروف المضارعة، وأداة التعدية، وغير ذلك، وهذه أمثلة لذلك:
1 «ابتلى» من قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى ََ إِبْرََاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمََاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (سورة البقرة الآية 124).
2 «يتلى» نحو قوله تعالى: {وَمََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ فِي يَتََامَى النِّسََاءِ}
(سورة النساء الآية 127).
3 «يدعى» من قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى ََ إِلَى الْإِسْلََامِ} (سورة الصف الآية 7).
4 «تزكى» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ تَزَكََّى فَإِنَّمََا يَتَزَكََّى لِنَفْسِهِ} (سورة فاطر الآية 18).
5 «أنجنا» من قوله تعالى: {لَئِنْ أَنْجََانََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ}
(سورة الأنعام الآية 63).
6 «تدعى» من قوله تعالى: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى ََ إِلى ََ كِتََابِهَا} (سورة الجاثية الآية 28).
7 «تبلى» من قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرََائِرُ} (سورة الطارق الآية 9).
سادسا: ومما أماله «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» وفقا للأصول
المذكورة رءوس الآي من «إحدى عشرة سورة» وهن على هذا الترتيب: طه، والنجم، والمعارج، والقيامة، والنازعات، وعبس، والأعلى، والشمس، والليل، والضحى، والعلق.(1/298)
سادسا: ومما أماله «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» وفقا للأصول
المذكورة رءوس الآي من «إحدى عشرة سورة» وهن على هذا الترتيب: طه، والنجم، والمعارج، والقيامة، والنازعات، وعبس، والأعلى، والشمس، والليل، والضحى، والعلق.
تنبيه: ليس المعنى أنهم أمالوا جميع رءوس أي السور المذكورة إذ فيها ما لا تجوز إمالته نحو: «أمري، خلق، علق، أخيه، تؤويه»، والألف المبدلة من التنوين نحو: «كبيرا، نصيرا»، إذ الإمالة لا مدخل لها في ذلك.
وإنما المقصود ما وقع في أواخر آي السور المذكورة من ذوات «الياء» وما حمل عليه من ذوات «الواو» وفقا للأصول التي سبق أن بينتها.
قال ابن الجزري:
وعلي ... أحيا بلا واو وعنه ميّل
محياهم تلا خطايا ودحا ... تقاته مرضات كيف جا طحا
سجى وانسانيه من عصاني ... أتان لا هود وقد هداني
أو صان رؤياي له ...
المعنى: ذكر الناظم رحمه الله تعالى في هذه الأبيات الكلمات التي اختصّ بإمالتها «الكسائي» وحده دون كلّ من «حمزة، وخلف العاشر» والكلمات هي:
1 «أحيا» حيثما وقع في القرآن إذا لم يكن منسوقا، أو كان منسوقا بغير «الواو» مثال ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيََاهََا فَكَأَنَّمََا أَحْيَا النََّاسَ جَمِيعاً} (سورة المائدة الآية 32). وقوله تعالى: {فَأَحْيََا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا} (سورة البقرة الآية 164).
أمّا إذا كان لفظ «أحيا» منسوقا بالواو، فإنه في هذه الحالة يميله «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» وفقا للقواعد المتقدمة، مثال ذلك قوله تعالى:
{وَأَنَّهُ هُوَ أَمََاتَ وَأَحْيََا} (سورة النجم الآية 44).
2 «محياهم» من قوله تعالى: {سَوََاءً مَحْيََاهُمْ وَمَمََاتُهُمْ} (سورة الجاثية الآية 21).
3 «تلها» من قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذََا تَلََاهََا} (سورة الشمس الآية 2).
4 «خطايا» كيف وقع نحو قوله تعالى: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة
الآية 58). وقوله تعالى: {إِنََّا آمَنََّا بِرَبِّنََا لِيَغْفِرَ لَنََا خَطََايََانََا} (سورة طه الآية 73).(1/299)
4 «خطايا» كيف وقع نحو قوله تعالى: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} (سورة البقرة
الآية 58). وقوله تعالى: {إِنََّا آمَنََّا بِرَبِّنََا لِيَغْفِرَ لَنََا خَطََايََانََا} (سورة طه الآية 73).
والمراد إمالة الألف الثانية، أمّا الألف الأولى فسيأتي الكلام على إمالتها بالخلاف ل «دوري الكسائي» من طريق «أبي عثمان الضرير».
5 «دحها» من قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذََلِكَ دَحََاهََا} (سورة النازعات الآية 30).
6 «تقاته» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ} (سورة آل عمران الآية 102).
7 «مرضات» حيث وقع وكيف جاء نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 207).
8 «طحها» من قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمََا طَحََاهََا} (سورة الشمس الآية 6).
9 «سجى» من قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذََا سَجى ََ} (سورة الضحى الآية 2).
10 «أنسنيه» من قوله تعالى: {وَمََا أَنْسََانِيهُ إِلَّا الشَّيْطََانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (سورة الكهف الآية 63).
11 «ومن عصاني» من قوله تعالى: {وَمَنْ عَصََانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة إبراهيم الآية 36).
12 «ءاتان الله» من قوله تعالى: {قََالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمََالٍ فَمََا آتََانِيَ اللََّهُ خَيْرٌ مِمََّا آتََاكُمْ} (سورة النمل الآية 36). وقوله تعالى: {قََالَ إِنِّي عَبْدُ اللََّهِ، آتََانِيَ الْكِتََابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (سورة مريم الآية 30).
«أمّا ءاتاني» في سورة هود من قوله تعالى: {وَآتََانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ}
(الآية 28). وقوله تعالى: {وَآتََانِي مِنْهُ رَحْمَةً} (الآية 63). فإنه ممال ل «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
13 «وقد هدن» من قوله تعالى: {قََالَ أَتُحََاجُّونِّي فِي اللََّهِ وَقَدْ هَدََانِ} (سورة الأنعام الآية 80).
14 «وأوصني» من قوله تعالى: {وَأَوْصََانِي بِالصَّلََاةِ وَالزَّكََاةِ مََا دُمْتُ حَيًّا}
(سورة مريم الآية 31).
15 «رءيي» المضاف إلى ياء المتكلم وهو حرفان في سورة يوسف وهما: قوله
تعالى: {يََا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيََايَ} (الآية 43) وقوله تعالى: {وَقََالَ يََا أَبَتِ هََذََا تَأْوِيلُ رُءْيََايَ مِنْ قَبْلُ} رقم (الآية 100).(1/300)
15 «رءيي» المضاف إلى ياء المتكلم وهو حرفان في سورة يوسف وهما: قوله
تعالى: {يََا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيََايَ} (الآية 43) وقوله تعالى: {وَقََالَ يََا أَبَتِ هََذََا تَأْوِيلُ رُءْيََايَ مِنْ قَبْلُ} رقم (الآية 100).
وقد أمال «رءيي» في الموضعين «إدريس» بخلف عنه، وقد أشار إلى ذلك «ابن الجزري» بقوله: «وخلف إدريس برؤيا لا بأل».
أمّا «رؤياك» من قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً} (سورة يوسف الآية 5) فيميله «الدوري» عن «الكسائي» قولا واحدا و «إدريس» بخلف عنه، كما سيأتي قريبا بإذن الله تعالى.
قال ابن الجزري:
الرّؤيا روى ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن مدلول «روى» وهما: «الكسائي، وخلف العاشر» قرآ «الرءيا» المعرف بأل بالإمالة، وهو في أربعة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيََا تَعْبُرُونَ} (سورة يوسف الآية 43).
2 - قوله تعالى: {وَمََا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنََاكَ} (سورة الإسراء الآية 60). وهذا الموضع يمال حالة الوقف فقط من أجل الساكن في الوصل.
3 - قوله تعالى: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيََا إِنََّا كَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (سورة الصافات الآية 105).
4 - قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللََّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيََا بِالْحَقِّ} (سورة الفتح الآية 27).
قال ابن الجزري:
... رؤياك مع هداي مثواي توى
محياي مع آذاننا آذانهم ... جوار مع بارئكم طغيانهم
مشكاة جبّارين مع أنصاري ... وباب سارعوا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالتاء من «توى» وهو:
«الدوري» عن «الكسائي» قرأ بإمالة «رؤياك» في يوسف من قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ} (الآية 5) وقد أمالها أيضا «إدريس» بخلف
عنه، وقد أشار إلى ذلك ابن الجزري بقوله: «وخلف إدريس برؤيا لا بأل».(1/301)
«الدوري» عن «الكسائي» قرأ بإمالة «رؤياك» في يوسف من قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ} (الآية 5) وقد أمالها أيضا «إدريس» بخلف
عنه، وقد أشار إلى ذلك ابن الجزري بقوله: «وخلف إدريس برؤيا لا بأل».
وقد اختصّ المرموز له بالتاء من «توى» وهو «الدوري» عن «الكسائي» بإمالة الكلمات الآتية:
1 «هداي» من قوله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَ هُدََايَ فَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} (سورة البقرة الآية 38). ومن قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدََايَ فَلََا يَضِلُّ وَلََا يَشْقى ََ} (سورة طه الآية 123).
2 «مثواي» من قوله تعالى: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوََايَ} (سورة يوسف الآية 23).
3 «ومحياي» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلََاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيََايَ وَمَمََاتِي لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (سورة الأنعام الآية 162).
4 «ءاذاننا» حيث وقع نحو قوله تعالى: {وَقََالُوا قُلُوبُنََا فِي أَكِنَّةٍ مِمََّا تَدْعُونََا إِلَيْهِ وَفِي آذََانِنََا وَقْرٌ} (سورة فصلت الآية 5).
5 «ءاذانهم» حيث وقع نحو قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصََابِعَهُمْ فِي آذََانِهِمْ مِنَ الصَّوََاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} (سورة البقرة الآية 19).
6 «الجوار» وهو في ثلاثة مواضع وهي:
قوله تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ الْجَوََارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} (سورة الشورى الآية 32).
وقوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} (سورة الرحمن الآية 24).
وقوله تعالى: {الْجَوََارِ الْكُنَّسِ} (سورة التكوير الآية 16).
7 «بارئكم» من قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ فَتََابَ عَلَيْكُمْ} (سورة البقرة الآية 54).
8 «طغينهم» حيث وقع نحو قوله تعالى: {اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيََانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (سورة البقرة الآية 15).
9 «كمشكوة» من قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكََاةٍ فِيهََا مِصْبََاحٌ} (سورة النور الآية 35).
10 «جبّارين» من قوله تعالى: {قََالُوا يََا مُوسى ََ إِنَّ فِيهََا قَوْماً جَبََّارِينَ} (سورة المائدة الآية 22). ومن قوله تعالى: {وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبََّارِينَ} (سورة الشعراء الآية 130).
11 «أنصاري» من قوله تعالى: {قََالَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 52). ومن قوله تعالى: {قََالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوََارِيِّينَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة الصفّ الآية 14).(1/302)
10 «جبّارين» من قوله تعالى: {قََالُوا يََا مُوسى ََ إِنَّ فِيهََا قَوْماً جَبََّارِينَ} (سورة المائدة الآية 22). ومن قوله تعالى: {وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبََّارِينَ} (سورة الشعراء الآية 130).
11 «أنصاري» من قوله تعالى: {قََالَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 52). ومن قوله تعالى: {قََالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوََارِيِّينَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة الصفّ الآية 14).
12 «سارعوا» وبابه، أي كل ما جاء منه نحو قوله تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (سورة آل عمران الآية 133).
وقوله تعالى: {وَيُسََارِعُونَ فِي الْخَيْرََاتِ وَأُولََئِكَ مِنَ الصََّالِحِينَ} (سورة آل عمران الآية 114). وقوله تعالى: {نُسََارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرََاتِ بَلْ لََا يَشْعُرُونَ} (سورة المؤمنون الآية 56).
قال ابن الجزري:
... وخلف الباري
تمار مع أوار مع يوار مع ... عين يتامى عنه الاتباع وقع
ومن كسالى ومن النّصارى ... كذا أسارى وكذا سكارى
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن «الدوري» عن «الكسائي» الذي سبق الرمز له بالتاء من «توى» اختلف عنه في إمالة الكلمات الآتية:
1 «البارئ» من قوله تعالى: {هُوَ اللََّهُ الْخََالِقُ الْبََارِئُ الْمُصَوِّرُ} (سورة الحشر الآية 24).
2 «لا تمار» من قوله تعالى: {فَلََا تُمََارِ فِيهِمْ إِلََّا مِرََاءً ظََاهِراً} (سورة الكهف الآية 22).
3 «أواري» من قوله تعالى: {قََالَ يََا وَيْلَتى ََ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرََابِ فَأُوََارِيَ سَوْأَةَ أَخِي} (سورة المائدة الآية 31).
4 «يواري» من قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللََّهُ غُرََاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوََارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} (سورة المائدة الآية 31).
كما أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن «الدوري» عن «الكسائي» من طريق «أبي عثمان الضرير سعيد بن عبد الرحيم» ت 310هـ أمال عين «فعالى»
بفتح الفاء، وضمها، وذلك من أجل امالة الألف بعدها، فهي إمالة لإمالة، مثال ذلك:(1/303)
كما أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن «الدوري» عن «الكسائي» من طريق «أبي عثمان الضرير سعيد بن عبد الرحيم» ت 310هـ أمال عين «فعالى»
بفتح الفاء، وضمها، وذلك من أجل امالة الألف بعدها، فهي إمالة لإمالة، مثال ذلك:
1 «اليتمى» نحو قوله تعالى: {وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً وَذِي الْقُرْبى ََ وَالْيَتََامى ََ وَالْمَسََاكِينِ} (سورة البقرة الآية 83).
2 «النصرى» معرفا ومنكرا، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالنَّصََارى ََ وَالصََّابِئِينَ} (سورة البقرة الآية 62). ونحو قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قََالُوا إِنََّا نَصََارى ََ} (سورة المائدة الآية 14).
3 «كسالى» نحو قوله تعالى: {وَإِذََا قََامُوا إِلَى الصَّلََاةِ قََامُوا كُسََالى ََ يُرََاؤُنَ النََّاسَ} (سورة النساء الآية 142).
4 «أسرى» نحو قوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ تُفََادُوهُمْ} (سورة البقرة الآية 85).
5 «سكرى» نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَقْرَبُوا الصَّلََاةَ وَأَنْتُمْ سُكََارى ََ حَتََّى تَعْلَمُوا مََا تَقُولُونَ} (سورة النساء الآية 43).
قال ابن الجزري:
وافق في أعمى كلا الاسرا صدا ... وأوّلا حمّا
المعنى: هذا شروع من المؤلف رحمه الله تعالى في ذكر من وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» فيما تقدم إمالته، فأخبر أن المرموز له بالصاد من «صدا» وهو: «شعبة» أمال كلمة «أعمى» موضعي «الإسراء» وهما في قوله تعالى: {وَمَنْ كََانَ فِي هََذِهِ أَعْمى ََ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى ََ وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (سورة الإسراء الآية 72).
ثم أخبر الناظم أن مدلول «حما» وهما: «أبو عمرو، ويعقوب» قرآ بإمالة:
«أعمى» الأول فقط.
قال ابن الجزري:
... وفي سوى سدى
رمى بلى صف خلفه ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في إمالة أربع كلمات بخلف عنه، والكلمات الأربع هي:(1/304)
وفي سوى سدى
رمى بلى صف خلفه ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في إمالة أربع كلمات بخلف عنه، والكلمات الأربع هي:
1 «سوى» من قوله تعالى: {فَاجْعَلْ بَيْنَنََا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لََا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلََا أَنْتَ مَكََاناً سُوىً} (سورة طه الآية 58). والإمالة تكون حالة الوقف فقط، لأن الكلمة منونة فلا تمال وصلا.
2 «سدى» من قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسََانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} (سورة القيامة الآية 36). والإمالة تكون حالة الوقف فقط، لأن الكلمة منونة فلا تمال وصلا.
3 «رمى» من قوله تعالى: {وَمََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ رَمى ََ} (سورة الأنفال الآية 17).
4 «بلى» نحو قوله تعالى: {بَلى ََ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} (سورة البقرة الآية 81).
قال ابن الجزري:
ومتّصف ... مزجا يلقّه أتى أمر اختلف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «متّصف» وهو: «ابن ذكوان» وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في إمالة الكلمات الثلاث الآتية بخلف عنه، والكلمات الثلاث هي:
1 «مزجاة» من قوله تعالى: {وَجِئْنََا بِبِضََاعَةٍ مُزْجََاةٍ} (سورة يوسف الآية 88).
2 «يلقّه» من قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً} (سورة الإسراء الآية 13). وقد لفظ الناظم كلمة «يلقّه» بضم الياء، وتشديد القاف، لأن ابن ذكوان يقرأه كذلك، وسيأتي النص على ذلك في سورته.
3 {أَتى ََ أَمْرُ اللََّهِ فَلََا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاتحة سورة النحل.
قال ابن الجزري:
إناه لي خلف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لي» وهو: «هشام» وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في إمالة كلمة «إنه» بخلف عنه، وهو في قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى ََ طَعََامٍ غَيْرَ نََاظِرِينَ إِنََاهُ} (سورة الأحزاب الآية 53).(1/305)
إناه لي خلف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لي» وهو: «هشام» وافق «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في إمالة كلمة «إنه» بخلف عنه، وهو في قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى ََ طَعََامٍ غَيْرَ نََاظِرِينَ إِنََاهُ} (سورة الأحزاب الآية 53).
قال ابن الجزري:
نأى الإسرا صف ... مع خلف نونه وفيهما صف
روى ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» قرأ بإمالة الهمزة من «نئا» في سورة «الإسراء» قولا واحدا، واختلف عنه في إمالة «النون، اتباعا للهمزة، وموضع الاسراء في قوله تعالى: {وَإِذََا أَنْعَمْنََا عَلَى الْإِنْسََانِ أَعْرَضَ وَنَأى ََ بِجََانِبِهِ} (سورة الإسراء الآية 83).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالضاد من «ضف» وهو: «خلف» عن حمزة، ومدلول «روى» وهما: «الكسائي، وخلف العاشر» قرءوا بإمالة «النون» من «نئا» قولا واحدا في سورتي: «الإسراء، وفصلت». أما موضع الإسراء فقد تقدم ذكره، وأمّا موضع فصلت ففي قوله تعالى: {وَإِذََا أَنْعَمْنََا عَلَى الْإِنْسََانِ أَعْرَضَ وَنَأى ََ بِجََانِبِهِ وَإِذََا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعََاءٍ عَرِيضٍ} (الآية 51).
أمّا إمالة الهمزة من «نئا» في السورتين فهي ثابتة لكل من «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» جريا على قاعدتهم الكلية المفهومة من قول الناظم:
أمل ذوات الياء في الكلّ شفا ...
قال ابن الجزري:
وفيما بعد راء حط ملا ... خلف ومجرى عد
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حط» والميم من «ملا» وهما:
«أبو عمرو، وابن ذكوان» بخلف عنه قد وافقا «حمزة، والكسائي، وخلف
العاشر» في إمالة جميع الألفات الواقعة بعد الراء، نحو قوله تعالى:(1/306)
«أبو عمرو، وابن ذكوان» بخلف عنه قد وافقا «حمزة، والكسائي، وخلف
العاشر» في إمالة جميع الألفات الواقعة بعد الراء، نحو قوله تعالى:
1 {إِنَّ اللََّهَ اشْتَرى ََ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ} (سورة التوبة الآية 111).
2 {فَلََا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ََ مَعَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} (سورة الأنعام الآية 68).
3 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالنَّصََارى ََ} (سورة البقرة الآية 62).
4 {وَمََا أَدْرََاكَ مَا الْحَاقَّةُ} (سورة الحاقة الآية 3).
قال ابن الجزري:
... وأدرى أوّلا
صل وسواها مع يا بشرى اختلف ... وافتح وقلّلها وأضجعها حتف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صل» وهو: «شعبة» وافق جميع المميلين على امالة «ولا أدراكم به» الموضع الأول في القرآن الكريم وهو في سورة يونس (الآية 16) قولا واحدا.
كما وافق «شعبة» جميع المميلين على إمالة «أدرى» في غير الموضع الأول بخلف عنه، مثال ذلك قوله تعالى:
1 {وَمََا أَدْرََاكَ مَا الْحَاقَّةُ} (سورة الحاقة الآية 3).
2 {وَمََا أَدْرََاكَ مََا سَقَرُ} (سورة المدثر الآية 27).
كما وافق «شعبة» أيضا جميع المميلين على إمالة «يبشرى» بخلف عنه أيضا، وذلك في قوله تعالى: {قََالَ يََا بُشْرى ََ هََذََا غُلََامٌ} (سورة يوسف الآية 19).
ثم أمر الناظم رحمه الله تعالى بقراءة «يبشرى» في يوسف بالفتح، والتقليل، والإمالة للمرموز له بالحاء من «حتف» وهو: «أبو عمرو».
قال ابن الجزري:
وقلّل الرّا ورءوس الآي جف ... وما به ها غير ذي الرّا يختلف
مع ذات ياء مع أراكهم ورد ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بتقليل الألف المتطرفة الواقعة بعد «راء» للمرموز له بالجيم من «جف» وهو: «الأزرق» عن «ورش».(1/307)
وقلّل الرّا ورءوس الآي جف ... وما به ها غير ذي الرّا يختلف
مع ذات ياء مع أراكهم ورد ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بتقليل الألف المتطرفة الواقعة بعد «راء» للمرموز له بالجيم من «جف» وهو: «الأزرق» عن «ورش».
كما أمر الناظم بتقليل رءوس الآي من السور الإحدى عشرة المتقدمة، سواء كانت واويّة، أو يائية للأزرق أيضا من غير خلاف عنه في ذلك سوى ما سيستثنيه الناظم بقوله: وما به ها غير ذي الرّا يختلف. أي أن «الأزرق» اختلف عنه في تقليل رءوس الآي التي آخرها «هاء» نحو:
1 «بنها» من قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمََاءُ بَنََاهََا} (سورة النازعات الآية 27).
2 «وضحها» من قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحََاهََا} (سورة الشمس الآية 1).
3 «تلها» من قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذََا تَلََاهََا} (سورة الشمس الآية 2).
4 «أرسها» من قوله تعالى: {وَالْجِبََالَ أَرْسََاهََا} (سورة النازعات الآية 32) سواء في ذلك «الواوي، واليائي» إلا أن يكون رائيا نحو: «ذكرها» من قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرََاهََا} (سورة النازعات الآية 43) فإن «الأزرق» يقلله قولا واحدا.
كما أن «الأزرق» قلل بالخلاف ذوات الياء التي يميلها «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر». وقد استثنى له من ذلك رءوس الآي من السور الإحدى عشرة المتقدمة، فقد سبق التنبيه على انه يقللها قولا واحدا سوى ما استثنى.
كما أن «الأزرق» قلل بالخلاف كلمة «أراكهم» من قوله تعالى: {وَلَوْ أَرََاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ} (سورة الأنفال الآية 43) مع كونه رائيا.
قال ابن الجزري:
... وكيف فعلى مع رءوس الآي حد
خلف سوى ذي الرّا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حد» وهو: «أبو عمرو» قرأ بتقليل ذات الياء التي على وزن «فعلى» كيف أتت بفتح الفاء، أو كسرها، أو ضمها، بخلف عنه.
كما قرأ «أبو عمرو» بالتقليل بالخلاف في رءوس آي السور الإحدى عشرة المتقدمة يائيّها، وواويّها. وقد استثنى له من رءوس الآي «الرائي» فإنه يميله إمالة كبرى بدون خلاف. وقد سبق بيان ذلك عند شرح قول الناظم:(1/308)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حد» وهو: «أبو عمرو» قرأ بتقليل ذات الياء التي على وزن «فعلى» كيف أتت بفتح الفاء، أو كسرها، أو ضمها، بخلف عنه.
كما قرأ «أبو عمرو» بالتقليل بالخلاف في رءوس آي السور الإحدى عشرة المتقدمة يائيّها، وواويّها. وقد استثنى له من رءوس الآي «الرائي» فإنه يميله إمالة كبرى بدون خلاف. وقد سبق بيان ذلك عند شرح قول الناظم:
وفيما بعد راء حط ملا خلف ...
قال ابن الجزري:
وأنّى ويلتا ... يا حسرتي الخلف طوى قيل متى
بل عسى وأسفى عنه نقل ... وعن جماعة له دنيا أمل
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالطاء من «طوى» وهو:
«الدوري» عن «أبي عمرو» قرأ الكلمات الآتية بالتقليل بالخلاف، والكلمات هي:
1 «أنّى» نحو قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنََّى شِئْتُمْ} (سورة البقرة الآية 223).
2 «يويلتى» من قوله تعالى: {قََالَ يََا وَيْلَتى ََ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرََابِ} (سورة المائدة الآية 31).
3 «يحسرتى» من قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ} (سورة الزمر الآية 56).
4 «بلى» نحو قوله تعالى: {بَلى ََ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} (سورة البقرة الآية 81).
5 «عسى» نحو قوله تعالى: {وَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (سورة البقرة الآية 216).
6 «يأسفى» من قوله تعالى: {وَتَوَلََّى عَنْهُمْ وَقََالَ يََا أَسَفى ََ عَلى ََ يُوسُفَ} (سورة يوسف الآية 84).
ومعنى قول الناظم: وعن جماعة له دنيا أمل. أي ورد عن «الدوري» عن «أبي عمرو» الإمالة الكبرى في لفظ «الدنيا» حيثما وقعت، وكيفما أتت، روى ذلك كلّ من:
1 «بكر بن شاذان بن عبد الله أبي القاسم البغدادي الحربي»، المتوفى يوم
السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.(1/309)
1 «بكر بن شاذان بن عبد الله أبي القاسم البغدادي الحربي»، المتوفى يوم
السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.
2 «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبي الفرج النهرواني القطان»، المتوفى في رمضان سنة أربع وأربعمائة. عن «زيد» عن «أحمد بن فرح بن جبريل، أبي جعفر الضرير البغدادي»، المتوفى سنة ثلاث وثلاثمائة عن «الدوري». وقد نصّ على ذلك كلّ من:
1 «أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار» المتوفى سنة ستّ وتسعين وأربعمائة.
2 «محمد بن الحسين بن بندار أبي العز الواسطي القلانسي».
3 «محمد بن علي بن أحمد أبي العلاء الواسطي البغداديّ».
وحينئذ يكون للدوري عن «أبي عمرو» في لفظ «الدنيا» ثلاثة أوجه:
الفتح، والتقليل، والإمالة. ويكون «للسوسيّ» وجهان: الفتح والتقليل، كما تقدم أثناء شرح قول الناظم:
وكيف فعلى مع رءوس الآي حد ... خلف سوى ذي الرّا
قال ابن الجزري:
حرفي رأى من صحبة لنا اختلف ... وغير الأولى الخلف صف والهمز حف
وذو الضّمير فيه أو همز ورا ... خلف منى قلّلهما كلّا جرى
وقبل ساكن أمل للرّا صفا في ... وجميعهم كالاولى وقفا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «من» ومدلول «صحبة» والمرموز له باللام من «لنا» وهم: «ابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وهشام» بخلف عنه، قرءوا بإمالة «الراء، والهمزة» إمالة محضة من كلمة «رءا» حيثما وقعت وكيف أتت، إذا لم يكن بعدها ساكن مثل:
1 «رءا كوكبا» من قوله تعالى: {فَلَمََّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى ََ كَوْكَباً} (سورة الأنعام الآية 76).
2 «رءا أيديهم» من قوله تعالى: {فَلَمََّا رَأى ََ أَيْدِيَهُمْ لََا تَصِلُ إِلَيْهِ} (سورة هود الآية 70).(1/310)
1 «رءا كوكبا» من قوله تعالى: {فَلَمََّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى ََ كَوْكَباً} (سورة الأنعام الآية 76).
2 «رءا أيديهم» من قوله تعالى: {فَلَمََّا رَأى ََ أَيْدِيَهُمْ لََا تَصِلُ إِلَيْهِ} (سورة هود الآية 70).
3 «رءاه» من قوله تعالى: {فَلَمََّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} (سورة النمل الآية 40).
4 «رءاها» من قوله تعالى: {فَلَمََّا رَآهََا تَهْتَزُّ كَأَنَّهََا جَانٌّ} (سورة النمل الآية 10).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» اختلف عنه في إمالة حرفي: «رءا» في غير الأولى، وهي التي في سورة الأنعام: {رَأى ََ كَوْكَباً} (الآية 76).
أمّا «رءا» الأولى فإنه يميل الراء، والهمزة قولا واحدا.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حف» وهو: «أبو عمرو» أمال الهمزة وحدها، وفتح «الراء» من كلمة «رءا» إذا لم يكن بعدها ساكن حيثما وقعت، وكيف أتت.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «منى» وهو: «ابن ذكوان» اختلف عنه في إمالة الهمزة من «رءا» التي بعدها ضمير حيثما وقعت، وكيف أتت نحو قوله تعالى:
1 {فَلَمََّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قََالَ هََذََا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} (سورة النمل الآية 40).
2 {فَلَمََّا رَآهََا تَهْتَزُّ كَأَنَّهََا جَانٌّ وَلََّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} (سورة النمل الآية 10).
كما اختلف عنه في إمالة «الراء، والهمزة» معا، وحينئذ يكون «لابن ذكوان» في «رءا» التي بعدها ضمير ثلاثة أوجه:
الأول: إمالة الهمزة فقط.
الثاني: إمالة الراء، والهمزة معا.
الثالث: فتحهما معا.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جرى» وهو: «الأزرق» قرأ بتقليل «الراء، والهمزة» معا قولا واحدا في كلمة «رءا» حيثما وقعت، وكيف أتت، إذا لم يكن بعدها ساكن.
ثم أخبر الناظم أن مدلول «صفا» والمرموز له بالفاء من «في» وهم:(1/311)
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جرى» وهو: «الأزرق» قرأ بتقليل «الراء، والهمزة» معا قولا واحدا في كلمة «رءا» حيثما وقعت، وكيف أتت، إذا لم يكن بعدها ساكن.
ثم أخبر الناظم أن مدلول «صفا» والمرموز له بالفاء من «في» وهم:
«شعبة، وخلف العاشر، وحمزة» قرءوا بإمالة «الراء» من كلمة «رءا» إذا وقع بعدها ساكن نحو قوله تعالى:
1 {فَلَمََّا رَأَى الْقَمَرَ بََازِغاً قََالَ هََذََا رَبِّي} (سورة الأنعام الآية 77).
2 {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النََّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوََاقِعُوهََا} (سورة الكهف الآية 53).
ثم بيّن الناظم أنه إذا وقف القارئ على كلمة «رءا» التي بعدها ساكن، فإنه يقرأ لجميع القراء مثل ما يقرأ لهم في كلمة «رءا كوكبا» إذ جميع القراء وردت عنهم القراءة بذلك.
قال ابن الجزري:
والألفات قبل كسر را طرف ... كالدّار نار حز تفز منه اختلف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالحاء من «حز» والتاء من «تفز» والميم من «منه» وهم: «أبو عمرو، والدوري عن الكسائي، وابن ذكوان» بخلف عنه، قرءوا بإمالة الألفات الواقعة قبل راء مكسورة طرفا، نحو:
1 «الدار» من قوله تعالى: {سَلََامٌ عَلَيْكُمْ بِمََا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدََّارِ} (سورة الرعد الآية 24).
2 «أبصارهم» نحو قوله تعالى: {وَعَلى ََ أَبْصََارِهِمْ غِشََاوَةٌ} (سورة البقرة الآية 7).
3 «حمارك» من قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلى ََ حِمََارِكَ} (سورة البقرة الآية 259).
قال ابن الجزري:
وخلف غار تمّ والجار تلا ... طب خلف هار صف حلا رم بن ملا
خلفهما ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالتاء من «تمّ» وهو: «الدوري» عن «الكسائي» قرأ بالفتح والإمالة في كلمة «الغار» من قوله تعالى: {إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ لََا تَحْزَنْ} (سورة التوبة الآية 40).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالتاء من «تلا» والطاء من «طب» وهما:(1/312)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالتاء من «تمّ» وهو: «الدوري» عن «الكسائي» قرأ بالفتح والإمالة في كلمة «الغار» من قوله تعالى: {إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ لََا تَحْزَنْ} (سورة التوبة الآية 40).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالتاء من «تلا» والطاء من «طب» وهما:
«الدوري» عن الكسائي، وعن «أبي عمرو» بخلف عنه أي الدوري عن «أبي عمرو» فقط قرأ بإمالة «والجار» من قوله تعالى: {وَالْجََارِ ذِي الْقُرْبى ََ وَالْجََارِ الْجُنُبِ} (سورة النساء الآية 36).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» والحاء من «حلا» والراء من «رم» والباء من «بن» والميم من «ملا» وهم: «شعبة، وأبو عمرو، والكسائي، وقالون، وابن ذكوان» بخلف عنهما، قرءوا بإمالة الألف الواقعة قبل الراء من «هار» من قوله تعالى: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ} (سورة التوبة الآية 109).
قال ابن الجزري:
وإن تكرّر حط روى ... والخلف من فوز
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حط» ومدلول «روى» وهم: «أبو عمرو، والكسائي، وخلف العاشر، قرءوا بإمالة الألف الواقعة قبل راء مكسورة مكررة نحو:
1 «القرار» من قوله تعالى: {وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دََارُ الْقَرََارِ} (سورة غافر الآية 39).
2 «الأبرار» نحو قوله تعالى: {وَتَوَفَّنََا مَعَ الْأَبْرََارِ} (سورة آل عمران الآية 193).
3 «الأشرار» من قوله تعالى: {كُنََّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرََارِ} (سورة ص الآية 62).
قال ابن الجزري:
... وتقليل جوى
للباب جبّارين جار اختلفا ... وافق في التكرير قس خلف ضفا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالجيم من «جوى» وهو:(1/313)
وتقليل جوى
للباب جبّارين جار اختلفا ... وافق في التكرير قس خلف ضفا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالجيم من «جوى» وهو:
«الأزرق» قرأ بتقليل الألفات الواقعة قبل الراء المكسورة، المتطرفة، سواء كانت مكررة أم غير مكررة، سوى أنه اختلف عنه أي عن «الأزرق» في تقليل كلمتين وهما:
1 «جبّارين» من قوله تعالى: {قََالُوا يََا مُوسى ََ إِنَّ فِيهََا قَوْماً جَبََّارِينَ} (سورة المائدة الآية 22). وقوله تعالى: {وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبََّارِينَ} (سورة الشعراء الآية 130).
2 «الجار» من قوله تعالى: {وَالْجََارِ ذِي الْقُرْبى ََ وَالْجََارِ الْجُنُبِ} (سورة النساء الآية 36).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالقاف من «قس» وهو: «خلاد» قرأ بتقليل الألفات الواقعة قبل الراء المكسورة المتطرفة المكررة بخلف عنه. وأن المرموز له بالضاد من «ضفا» وهو: «خلف» عن «حمزة» قرأ بتقليل الألفات الواقعة قبل الراء المكسورة المتطرفة المكررة.
تنبيه: يفهم من قول الناظم: «والخلف من فوز» وقوله: «وافق في التكرير قس خلف ضفا».
أن «خلاد» له في الألفات الواقعة قبل الراء المكسورة المتطرفة المكررة ثلاثة أوجه: الإمالة المحضة، والتقليل بيّن بين، والفتح.
وأن «خلفا» عن حمزة له في هذه الألفات وجهان: الإمالة والتقليل.
قال ابن الجزري:
وخلف قهّار البوار فضّلا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «فضّلا» وهو: «حمزة» اختلف عنه في تقليل الكلمتين الآتيتين:
1 «القهّار» حيث وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلََّهِ الْوََاحِدِ الْقَهََّارِ} (سورة إبراهيم الآية 48).
2 «البوار» من قوله تعالى: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دََارَ الْبَوََارِ} (سورة إبراهيم الآية 28).(1/314)
1 «القهّار» حيث وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلََّهِ الْوََاحِدِ الْقَهََّارِ} (سورة إبراهيم الآية 48).
2 «البوار» من قوله تعالى: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دََارَ الْبَوََارِ} (سورة إبراهيم الآية 28).
قال ابن الجزري:
... توراة جد والخلف فضل بجّلا
وقال:
... توراة من شفا حكيما ميّلا
وغيرها للأصبهاني لم يمل ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جد» والفاء من «فضل» والباء من «بجّلا» وهم: «الأزرق، وحمزة، وقالون» بخلف عنهما، يقرءون بتقليل كلمة «التوراة» حيث وقعت نحو قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ التَّوْرََاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (سورة آل عمران الآية 3) والوجه الثاني ل «حمزة» هو «الإمالة المحضة» المفهومة من قول الناظم:
... توراة من شفا حكيما ميّلا
والوجه الثاني ل «قالون» هو الفتح.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «من» ومدلول «شفا» والمرموز له بالحاء من «حكيما» وهم: «ابن ذكوان، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو» والمصرح باسمه وهو: «الأصبهاني» كل هؤلاء يقرءون بإمالة كلمة «التوراة» حيثما وقعت إمالة كبرى. من هذا يفهم أن القراء في كلمة «التوراة» على خمسة مذاهب:
1 - التقليل قولا واحدا للأزرق.
2 - الإمالة قولا واحدا لابن ذكوان، والكسائي، وخلف العاشر، وأبي عمرو، والأصبهاني.
3 - التقليل، والإمالة الكبرى، لحمزة.
4 - التقليل، والفتح، لقالون.
5 - الفتح لباقي القراء وهم: «ابن كثير، وهشام، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».(1/315)
4 - التقليل، والفتح، لقالون.
5 - الفتح لباقي القراء وهم: «ابن كثير، وهشام، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».
قال ابن الجزري:
وكيف كافرين جاد وأمل ... تب حزمنا خلف غلا وروح قل
معهم بنمل ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جاد» وهو: «الأزرق» قرأ بإمالة الألف التي بعد الكاف من كلمة «كافرين» كيف أتت بالياء، معرفة أو منكرة، مجرورة، أو منصوبة، نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ مُحِيطٌ بِالْكََافِرِينَ} (سورة البقرة الآية 19).
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ الْكََافِرِينَ} (سورة آل عمران الآية 32).
وقوله تعالى: {وَشَهِدُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كََانُوا كََافِرِينَ} (سورة الأنعام الآية 130).
وقوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكََافِرِينَ} (سورة المائدة الآية 54).
وقوله تعالى: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى ََ عَلى ََ قَوْمٍ كََافِرِينَ} (سورة الأعراف الآية 93).
ثم أمر الناظم بإمالة كلمة «كافرين» كيف أتت إمالة كبرى للمرموز له بالتاء من «تب» والحاء من «حز» والميم من «منا» والغين من «غلا» وهم:
«الدوري عن الكسائي، وأبو عمرو، ورويس، وابن ذكوان» بخلف عنه.
ثم أخبر الناظم أن المصرح باسمه وهو: «روح» قرأ بإمالة كلمة «كافرين» التي في سورة النمل فقط، وهي في قوله تعالى: {إِنَّهََا كََانَتْ مِنْ قَوْمٍ كََافِرِينَ}
(سورة النمل الآية 43).
قال ابن الجزري:
والثّلاثي فضّلا ... في خاف طاب ضاق حاق زاغ لا
زاغت وزاد خاب كم خلف فنا ... وشاء جا لي خلفه فتى منا
المعنى: اختلف القراء في إمالة الألف الواقعة عينا من الفعل الماضي الثلاثي، وذلك في عشرة أفعال وهي:(1/316)
والثّلاثي فضّلا ... في خاف طاب ضاق حاق زاغ لا
زاغت وزاد خاب كم خلف فنا ... وشاء جا لي خلفه فتى منا
المعنى: اختلف القراء في إمالة الألف الواقعة عينا من الفعل الماضي الثلاثي، وذلك في عشرة أفعال وهي:
1 «خاف» نحو قوله تعالى: {فَمَنْ خََافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً} (سورة البقرة الآية 182).
2 «طاب» من قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مََا طََابَ لَكُمْ مِنَ النِّسََاءِ} (سورة النساء الآية 3).
3 «ضاق» نحو قوله تعالى: {وَلَمََّا جََاءَتْ رُسُلُنََا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضََاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} (سورة هود الآية 77).
4 «حاق» نحو قوله تعالى: {فَحََاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مََا كََانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} (سورة الأنعام الآية 10).
5 «زاغ» من قوله تعالى: {مََا زََاغَ الْبَصَرُ وَمََا طَغى ََ} (سورة النجم الآية 17).
6 «زاد» نحو قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زََادَتْهُ هََذِهِ إِيمََاناً} (سورة التوبة الآية 124).
7 «خاب» نحو قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ} (سورة إبراهيم الآية 15).
8 «شاء» نحو قوله تعالى: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى ََ} (سورة الأنعام الآية 35).
9 «جاء» نحو قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللََّهِ جَهْدَ أَيْمََانِهِمْ لَئِنْ جََاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهََا} (سورة الأنعام الآية 109) 10 «ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ}
(سورة المطففين الآية 14).
وقد اشترط في الفعل أن يكون ماضيا ليخرج ما فيه حرف المضارعة نحو: «يشاء، وأشاء، ويخافا، ويحيق، ويزيغ» فقد اتفق القراء على قراءة هذا ونحو بالفتح.
واشترط أيضا أن يكون الفعل ثلاثيا ليخرج الفعل الرباعي نحو:
«فأجاءها» من قوله تعالى: {فَأَجََاءَهَا الْمَخََاضُ إِلى ََ جِذْعِ النَّخْلَةِ} (سورة مريم الآية 23).(1/317)
واشترط أيضا أن يكون الفعل ثلاثيا ليخرج الفعل الرباعي نحو:
«فأجاءها» من قوله تعالى: {فَأَجََاءَهَا الْمَخََاضُ إِلى ََ جِذْعِ النَّخْلَةِ} (سورة مريم الآية 23).
ونحو: «أزاغ» من قوله تعالى: {أَزََاغَ اللََّهُ قُلُوبَهُمْ} (سورة الصف الآية 5) فقد اتفق القراء على قراءة هذا ونحوه بالفتح.
وقد أمال «حمزة» جميع هذه الأفعال العشرة بشروطها، ووافقه بعض القراء في إمالة بعض هذه الأفعال. وهذا تفصيل مذهب القراء في إمالة هذه الأفعال العشرة:
فقد أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «فضلا» وهو: «حمزة» اختصّ بإمالة خمسة أفعال وهي: «خاف، طاب، ضاق، حاق، زاغ».
وقد استثنى له من ذلك، «زاغت» من قوله تعالى: {إِذْ جََاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زََاغَتِ الْأَبْصََارُ} (سورة الأحزاب الآية 10) وقوله تعالى: {أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ} (سورة ص الآية 63) فقد قرأ هذه الكلمة في موضعيها بالفتح كباقي القراء.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كم» والفاء من «فنا» وهما:
«حمزة، وابن عامر»، قرآ بإمالة فعلين بخلف عن «ابن عامر» والفعلان هما:
«زاد، خاب». إلا أن الرواة عن «ابن ذكوان» اتفقوا على إمالة «فزادهم الله مرضا» أول البقرة (آية 10)، وقد أشار إلى ذلك الناظم بقوله:
... وأولى زاد لا خلف استقر
ثم أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لي» ومدلول «فتى»، والمرموز له بالميم من «منا» وهم: «هشام» بخلف عنه، و «حمزة، وخلف العاشر، وابن ذكوان» يقرءون بإمالة فعلين بخلف عن «هشام» والفعلان هما: «شاء، جاء».
أمّا الكلمة العاشرة من الأفعال الممالة فهي «ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين الآية 14) وقد أشار الناظم إلى من يميلها بقوله فيما سيأتي:
... ران رد صفا فخر
أي أن المرموز له بالراء من «ردّ» والصاد من «صفا» والفاء من «فخر» وهم: «الكسائي، وشعبة، وحمزة» قرءوا بإمالة الألف التي بعد الراء من «ران».(1/318)
أمّا الكلمة العاشرة من الأفعال الممالة فهي «ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين الآية 14) وقد أشار الناظم إلى من يميلها بقوله فيما سيأتي:
... ران رد صفا فخر
أي أن المرموز له بالراء من «ردّ» والصاد من «صفا» والفاء من «فخر» وهم: «الكسائي، وشعبة، وحمزة» قرءوا بإمالة الألف التي بعد الراء من «ران».
قال ابن الجزري:
وخلفه الإكرام شاربينا ... إكراههنّ والحواريّينا
عمران والمحراب غير ما يجر ... فهو وأولى زاد لا خلف استقر
المعنى: أخبر الناظم أن الذي عاد عليه الضمير في قوله: «وخلفه» وهو «ابن ذكوان» اختلف عنه في إمالة ستّ كلمات وهي:
1 «الإكرام» من قوله تعالى: {وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ} (سورة الرحمن الآية 27). ومن قوله تعالى: {تَبََارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ}
(سورة الرحمن الآية 78).
2 «للشاربين» من قوله تعالى: {لَبَناً خََالِصاً سََائِغاً لِلشََّارِبِينَ} (سورة النحل الآية 66). ومن قوله تعالى: {بَيْضََاءَ لَذَّةٍ لِلشََّارِبِينَ} (سورة الصافات الآية 46).
ومن قوله تعالى: {وَأَنْهََارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشََّارِبِينَ} (سورة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم الآية 15).
3 «إكرههنّ» من قوله تعالى: {فَإِنَّ اللََّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرََاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(سورة النور الآية 33).
4 «الحواريّين» المجرور وهو في موضعين:
الأول: في قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوََارِيِّينَ} (سورة المائدة الآية 111).
الثاني: من قوله تعالى: {كَمََا قََالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوََارِيِّينَ} (سورة الصف الآية 14).
5 «عمران» حيث أتى في القرآن نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ اصْطَفى ََ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرََاهِيمَ وَآلَ عِمْرََانَ عَلَى الْعََالَمِينَ} (سورة آل عمران الآية 33).
6 «المحراب» غير المجرور، كيف وقع، نحو قوله تعالى:
{كُلَّمََا دَخَلَ عَلَيْهََا زَكَرِيَّا الْمِحْرََابَ وَجَدَ عِنْدَهََا رِزْقاً} (سورة آل عمران الآية 37). أمّا «المحراب» المجرور، فإن «ابن ذكوان» يميله قولا واحدا، نحو قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (سورة آل عمران الآية 39).(1/319)
6 «المحراب» غير المجرور، كيف وقع، نحو قوله تعالى:
{كُلَّمََا دَخَلَ عَلَيْهََا زَكَرِيَّا الْمِحْرََابَ وَجَدَ عِنْدَهََا رِزْقاً} (سورة آل عمران الآية 37). أمّا «المحراب» المجرور، فإن «ابن ذكوان» يميله قولا واحدا، نحو قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (سورة آل عمران الآية 39).
قال ابن الجزري:
مشارب كم خلف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» بخلف عنه قرأ «مشارب» من قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهََا مَنََافِعُ وَمَشََارِبُ أَفَلََا يَشْكُرُونَ} (سورة يس الآية 73) بالفتح والإمالة.
قال ابن الجزري:
عين آنيه ... مع عابدون عابد الجحد ليه
خلف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «ليه» وهو: «هشام» بخلف عنه، قرأ بالفتح والإمالة في الكلمات الثلاث الآتية:
1 «ءانية» التي قبلها «عين» من قوله تعالى: {تُسْقى ََ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} (سورة الغاشية الآية 5). وقيد الناظم «ءانية» ب «عين» ليخرج ما عداها وهو قوله تعالى: {وَيُطََافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ} (سورة الإنسان الآية 15) فإن هشاما يقرأه بالفتح فقط.
2 «عابدون» من قوله تعالى: {وَلََا أَنْتُمْ عََابِدُونَ مََا أَعْبُدُ} (سورة الكافرون الآيتان 3و 5).
3 «عابد» من قوله تعالى: {وَلََا أَنََا عََابِدٌ مََا عَبَدْتُّمْ} (سورة الكافرون الآية 4).
وقيّد الناظم «عابدون» بسورة الجحد أي الكافرون، لأنّ «الجحد» اسم من أسمائها لما اشتملت عليه من النفي، ليخرج «عابدون» في غير هذه السورة فإن «هشاما» يقرأه بالفتح قولا واحدا، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللََّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عََابِدُونَ} (سورة البقرة الآية 138).
قال ابن الجزري:(1/320)
وقيّد الناظم «عابدون» بسورة الجحد أي الكافرون، لأنّ «الجحد» اسم من أسمائها لما اشتملت عليه من النفي، ليخرج «عابدون» في غير هذه السورة فإن «هشاما» يقرأه بالفتح قولا واحدا، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللََّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عََابِدُونَ} (سورة البقرة الآية 138).
قال ابن الجزري:
تراءى الرّا فتى ...
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «فتى» وهما: «حمزة، وخلف العاشر» قرآ بإمالة الألف التي بعد «الراء» من «تراءا» من قوله تعالى: {فَلَمََّا تَرََاءَا الْجَمْعََانِ قََالَ أَصْحََابُ مُوسى ََ إِنََّا لَمُدْرَكُونَ} (سورة الشعراء الآية 61) وهذا الحكم حالة وصل «تراءا» بما بعدها. أمّا حالة الوقف على «تراءا» فإن «حمزة، وخلف العاشر» يميلان الألف التي بعد الراء، والتي بعد الهمزة. والكسائي يميل الألف التي بعد الهمزة، والأزرق له فيها الفتح والتقليل. عملا بقول الناظم:
بل قبل ساكن بما أصّل قف ...
قال ابن الجزري:
النّاس بجر ... طيّب خلفا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالطاء من «طيّب» وهو: «الدوري» عن «أبي عمرو» قرأ بإمالة «الناس» المجرور حيث وقع بخلف عنه، نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمََا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (سورة البقرة الآية 8).
قال ابن الجزري:
... ران رد صفا فخر
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رد» والصاد من «صفا» والفاء من «فخر» وهم: «الكسائي، وشعبة، وحمزة»، قرءوا بإمالة الألف التي بعد «الراء» من «ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين الآية 14). وهذا هو الفعل العاشر من الأفعال الثلاثية الممالة العين، وقد تقدم بيان ذلك.
قال ابن الجزري:(1/321)
ران رد صفا فخر
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رد» والصاد من «صفا» والفاء من «فخر» وهم: «الكسائي، وشعبة، وحمزة»، قرءوا بإمالة الألف التي بعد «الراء» من «ران» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين الآية 14). وهذا هو الفعل العاشر من الأفعال الثلاثية الممالة العين، وقد تقدم بيان ذلك.
قال ابن الجزري:
وفي ضعافا قام بالخلف ضمر ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالقاف من «قام» والضاد من «ضمر» وهما: «خلاد» بخلف عنه، و «خلف» عن «حمزة» يقرءان بإمالة «ضعفا» من قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعََافاً} (سورة النساء الآية 9).
قال ابن الجزري:
... آتيك في النّمل فتى والخلف قر
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «فتى» وهما: «حمزة، وخلف العاشر» قرآ بإمالة «ءاتيك» الذي في سورة «النمل» بخلف عن خلاد المفهوم من قوله:
«والخلف قر» فالقاف لخلاد. وقد جاء «ءاتيك» في «النمل» في موضعين هما قوله تعالى:
1 {قََالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقََامِكَ} (سورة النمل الآية 39).
2 {قََالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتََابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (سورة النمل الآية 40).
وقيد الناظم «ءاتيك» بالنمل ليخرج غيره نحو قوله تعالى: {وَأَنْ لََا تَعْلُوا عَلَى اللََّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطََانٍ مُبِينٍ} (سورة الدخان الآية 19) فإنه يقرأ بالفتح قولا واحدا.
قال ابن الجزري:
ورا الفواتح أمل صحبة كف ... حلا
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الراء» في فواتح الست سور، يعني: «الر» و «المر» لمدلول: «صحبة» والمرموز له بالكاف من «كف» والحاء من «حلا» وهم:
«شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وابن عامر، وأبو عمرو».
والستّ سور هي: يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر.(1/322)
«شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وابن عامر، وأبو عمرو».
والستّ سور هي: يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر.
قال ابن الجزري:
... وها كاف رعى حافظ صف
وتحت صحبة جنا الخلف حصل ...
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الهاء» من فاتحة «مريم» عليها السلام للمرموز له بالراء من «رعى» والحاء من «حافظ» والصاد من «صف» وهم: «الكسائي، وأبو عمرو، وشعبة».
ثم أمر بإمالة «الهاء» من «طه» لمدلول «صحبة» والمرموز له بالجيم من «جنا» والحاء من «حصل» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، والأزرق» بخلف عنه.
قال ابن الجزري:
... يا عين صحبة كسا والخلف قل
لثالث لا عن هشام ...
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الياء» في فاتحة «مريم» عليها السلام لمدلول «صحبة» والمرموز له بالكاف من «كسا» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وابن عامر» بخلف عن «هشام» وأبو عمرو بخلف عنه أيضا، إلّا أن الخلاف عن «أبي عمرو» قليل، وعن «هشام» كثير: أي أن رواة الإمالة عن «أبي عمرو» أقل من رواة الفتح. ورواة الإمالة عن «هشام» أكثر من رواة الفتح.
قال ابن الجزري:
طا شفا ... صف
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الطاء» من «طه، وطسم، وطس» لمدلول
«شفا» والمرموز له بالصاد من «صف» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة».(1/323)
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الطاء» من «طه، وطسم، وطس» لمدلول
«شفا» والمرموز له بالصاد من «صف» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة».
قال ابن الجزري:
... حا منى صحبة
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الحاء» من فواتح «حم» السبعة للمرموز له بالميم من «منى» ومدلول «صحبة» وهم: «ابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
قال ابن الجزري:
... يس صفا
رد شد فشا وبين بين في أسف ... خلفهما
المعنى: أمر الناظم بإمالة «الياء» من فاتحة «يس» للمرموز له بالصاد من «صفا» والراء من «رد» والشين من «شد» والفاء من «فشا» وهم: «شعبة، والكسائي، وروح، وحمزة» بخلف عنه.
ثم أمر بتقليل «الياء» من فاتحة «يس» للمرموز له بالفاء من «في» والألف من «أسف» وهما: «حمزة، ونافع» بخلف عنهما. وحينئذ يكون ل «حمزة» الإمالة، والتقليل، ول «نافع» الفتح، والتقليل.
قال ابن الجزري:
... را جد
المعنى: أمر الناظم بتقليل الراء بين بين من فاتحة «الر، المر» للمرموز له بالجيم من «جد» وهو: «الأزرق».
قال ابن الجزري:
... وإذ ها يا اختلف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إذ» وهو: «نافع» ورد الخلاف عنه في تقليل كلّ من «الهاء، والياء» من فاتحة مريم عليها السلام، والفتح والتقليل صحيحان عن «نافع».(1/324)
وإذ ها يا اختلف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إذ» وهو: «نافع» ورد الخلاف عنه في تقليل كلّ من «الهاء، والياء» من فاتحة مريم عليها السلام، والفتح والتقليل صحيحان عن «نافع».
قال ابن الجزري:
وتحت ها جىء ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جىء» وهو: «الأزرق» اختلف عنه في تقليل «الهاء» من «طه» والوجه الثاني له الإمالة المحضة، كما تقدم أثناء شرح قول الناظم: وتحت صحبة جنا الخلف.
قال ابن الجزري:
حا حلا خلف جلا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حلا» والجيم من «جلا»، وهما: «الأزرق، وأبو عمرو» بخلف عنه قرا بتقليل «الحاء» من «حم» السبعة.
قال ابن الجزري:
... توراة من شفا حكيما ميّلا
وغيرها للأصبهاني لم يمل ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «من» ومدلول «شفا» والحاء من «حكيما» وهم: «ابن ذكوان، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو» يقرءون بإمالة «التوراة» حيثما وقعت وكيف أتت ومعهم «الأصبهاني» أي يميلها أيضا إمالة محضة. وقد تقدم أن «الأزرق» يقللها قولا واحدا، وأن «حمزة، وقالون» يقللانها بالخلاف، أثناء شرح قول الناظم:
... توراة جد والخلف فضل بجّلا
وحينئذ يكون لحمزة التقليل، والإمالة. ولقالون: الفتح، والتقليل.
وللأزرق: التقليل فقط. ولكل من «ابن ذكوان، والكسائي، وخلف العاشر، وأبي عمرو، والأصبهاني» الإمالة الكبرى. وللباقين الفتح فقط، وهم: «قالون، وابن كثير، وهشام، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».(1/325)
توراة جد والخلف فضل بجّلا
وحينئذ يكون لحمزة التقليل، والإمالة. ولقالون: الفتح، والتقليل.
وللأزرق: التقليل فقط. ولكل من «ابن ذكوان، والكسائي، وخلف العاشر، وأبي عمرو، والأصبهاني» الإمالة الكبرى. وللباقين الفتح فقط، وهم: «قالون، وابن كثير، وهشام، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب».
قال ابن الجزري:
... وخلف إدريس برؤيا لا بأل
المعنى: أخبر الناظم أن المصرح باسمه وهو: «إدريس» اختلف عنه في إمالة «رؤيا» المجرد من الألف واللام كيف وقع وحيث أتى، نحو قوله تعالى:
{قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ} (سورة يوسف الآية 5).
أمّا إذا كان معرفا بالألف واللام فإن «إدريس» يقرأه بالفتح قولا واحدا نحو قوله تعالى: {وَمََا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنََاكَ} (سورة الإسراء الآية 60).
قال ابن الجزري:
وليس إدغام ووقف إن سكن ... يمنع ما يمال للكسر وعن
سوس خلاف ولبعض قلّلا ...
المعنى: أخبر الناظم أنه إذا وقف القارئ على ما أميل لأجل كسرة سواء كانت الإمالة كبرى، أو صغرى، مثل: «الدار، والحمار، والنار، والأبرار، والناس، والمحراب» فلا يمنع ما أدغم منه، أو وقف عليه بالسكون المحض «إمالته» محضة كانت أو بين بين، لعروض ذلك. مثال إدغام الراء في الراء نحو قوله تعالى: {فَقِنََا عَذََابَ النََّارِ * رَبَّنََا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النََّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} (سورة آل عمران الآيتان 192191). ومثال إدغام الراء في اللام نحو قوله تعالى: {كَلََّا إِنَّ كِتََابَ الْأَبْرََارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (سورة المطففين الآية 18).
واشترط في الوقف أن يكون بالسكون المحض ليخرج الوقف بالروم فإنه لا كلام فيه، لأن الروم كالوصل.
إلّا أنه اختلف عن «السوسي» حالة الإدغام، وحالة الوقف بالسكون
المحض، فورد عنه في ذلك ثلاثة أوجه وهي: 1الفتح 2الإمالة 3 التقليل.(1/326)
إلّا أنه اختلف عن «السوسي» حالة الإدغام، وحالة الوقف بالسكون
المحض، فورد عنه في ذلك ثلاثة أوجه وهي: 1الفتح 2الإمالة 3 التقليل.
قال ابن الجزري:
... وما بذي التّنوين خلف يعتلا
بل قبل ساكن بما أصّل قف ... وخلف كالقرى الّتي وصلا يصف
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بالوقف لجميع القراء على ما منع إمالته «تنوين، أو ساكن» بما أصّل لكل واحد منهم، وسبق بيانه، سواء كان فتحا، أو تقليلا، أو إمالة: فمن كان مذهبه الفتح وقف له بالفتح. ومن كان مذهبه التقليل وقف له بالتقليل. ومن كان مذهبه الإمالة وقف له بالإمالة.
مثال ما منع إمالته التنوين، أو الساكن:
1 «هدى» نحو قوله تعالى: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (سورة البقرة الآية 2).
2 «قرى» نحو قوله تعالى: {قُرىً ظََاهِرَةً وَقَدَّرْنََا فِيهَا السَّيْرَ} (سورة سبأ الآية 18).
3 «موسى الكتب» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنََا مُوسَى الْكِتََابَ} (سورة البقرة الآية 87).
4 «ذكرى الدار» من قوله تعالى: {إِنََّا أَخْلَصْنََاهُمْ بِخََالِصَةٍ ذِكْرَى الدََّارِ}
(سورة ص الآية 46).
إلّا أنه اختلف عن «السوسي» وصلا فيما منع إمالته «السكون» وكان من ذوات «الراء» نحو: «القرى التي» من قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بََارَكْنََا فِيهََا} (سورة سبأ الآية 18) فروي عنه في ذلك وجهان: الفتح، والإمالة. والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
وقيل قبل ساكن حرفي رأى ... عنه ورا سواه مع همز نأى
المعنى: أخبر الناظم أن بعض أهل الأداء نقل عن «السوسي» إمالة «الراء، والهمزة» معا، من «رءا» إذا كانت قبل ساكن.(1/327)
وقيل قبل ساكن حرفي رأى ... عنه ورا سواه مع همز نأى
المعنى: أخبر الناظم أن بعض أهل الأداء نقل عن «السوسي» إمالة «الراء، والهمزة» معا، من «رءا» إذا كانت قبل ساكن.
قال ابن الجزري:
«وأمّا إمالة الراء والهمزة للسوسي فهو مما قرأ به «الداني» على شيخه «أبي الفتح» وقد تقدم آنفا أنه إنما قرأ عليه بذلك من غير طريق «أبي عمران موسى ابن جرير» وإذا كان الأمر كذلك فليس إلى الأخذ به من طريق الشاطبية، ولا من طريق التيسير، ولا من طريق كتابنا سبيل» اهـ (1).
كما أخبر الناظم أن بعض أهل الأداء نقل عن «السوسي» إمالة «الراء» من «رءا» إذا لم تكن قبل ساكن.
قال «ابن الجزري»: «وأمال «أبو عمرو» الهمزة فقط في المواضع السبعة وانفرد «أبو القاسم الشاطبي» بإمالة «الراء» أيضا عن «السوسي» بخلاف عنه، فخالف فيه سائر الناس من طرق كتابه، ولا أعلم هذا الوجه روي عن «السوسي» من طريق الشاطبية، والتيسير، بل ولا من طرق كتابنا أيضا» اهـ (2).
كما أخبر الناظم أن بعض أهل الأداء نقل عن «السوسي» إمالة الهمزة من «نأى» وهو في «الإسراء، وفصلت».
قال ابن الجزري: «وانفرد «فارس بن أحمد» في أحد وجهيه عن «السوسي» بالإمالة في الموضعين، وتبعه على ذلك الشاطبي، وأجمع الرواة عن «السوسي» من جميع الطرق على الفتح، لا نعلم بينهم في ذلك خلافا» اهـ (3).
تمّ باب الفتح والإمالة وبين اللفظين ولله الحمد والشكر
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 47.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 45.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 44.(1/328)
«باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف»
هاء التأنيث: هي التي تكون في الوصل تاء آخر الاسم نحو: «نعمة ورحمة» فتبدل في الوقف هاء، وقد أمالها بعض العرب كما أمالوا الألف. قيل للكسائي: إنك تميل ما قبل «هاء التأنيث» فقال: هذا طباع العربية.
قال «الحافظ أبو عمرو الداني» ت 444هـ: يعني بذلك أن الإمالة هنا لغة «أهل الكوفة» وهي باقية فيهم إلى الآن، وهم بقية أبناء العرب
ثم قال: أي أبو عمرو الداني: وحكي نحو ذلك عن «الأخفش سعيد بن مسعدة» ت 215هـ (1).
قال ابن الجزري: اختلفوا في هاء التأنيث هل هي ممالة مع ما قبلها، أو أنّ الممال هو ما قبلها وأنها نفسها ليست ممالة.
فذهب جماعة من المحققين إلى الأول، وهو مذهب «الحافظ أبي عمرو الداني، وأبي العباس المهدوي، وأبي عبد الله بن سفيان، وأبي عبد الله بن شريح، وأبي القاسم الشاطبي، وغيرهم.
وذهب الجمهور إلى الثاني، وهو مذهب «مكي بن أبي طالب، والحافظ أبي العلاء، وأبي العزّ القلانسيّ، وابن الفحام، وأبي طاهر بن خلف، وأبي محمد سبط الخياط، وابن سوار» وغيرهم. ثم قال ابن الجزري: والأول أقرب
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 82.(1/329)
إلى القياس، وهو ظاهر كلام «سيبويه» حيث قال: «شبه الهاء بالألف يعني في الإمالة. والثاني أظهر في اللفظ وأبين في الصورة، ولا ينبغي أن يكون بين القولين خلاف:
فباعتبار حدّ الإمالة وأنه تقريب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء، فإن هذه الهاء لا يمكن أن يدعى تقريبها من الياء ولا فتحة فيها فتقرب من الكسرة، وهذا مما لا يخالف فيه «الدّاني» ومن قال بقوله.
وباعتبار أن الهاء إذا أميلت فلا بدّ أن يصحبها في صوتها حال من الضعف خفي يخالف حالها إذا لم يكن قبلها ممال وإن لم يكن الحال من جنس التقريب إلى الياء فيسمى ذلك المقدار إمالة، وهذا مما لا يخالف فيه «مكّي» ومن قال بقوله فعاد النزاع في ذلك لفظيا إذ لم يمكن أن يفرق بين القولين بلفظ والله أعلم اهـ (1).
قال ابن الجزري: «الهاء الأصليّة نحو: «ولما توجّه» لا يجوز إمالتها وإن كانت الإمالة تقع في الألف الأصلية، لأن الألف أميلت من حيث إن أصلها «الياء» والهاء لا أصل لها في ذلك، ولذلك لا تقع الإمالة في «هاء الضمير» نحو «أقبره، وأنشره» ليقع الفرق بين «هاء التأنيث» وغيرها.
وأما الهاء من «هذه» فإنها لا تحتاج إلى إمالة، لأن ما قبلها مكسور» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
وهاء تأنيث وقبل ميّل ... لا بعد الاستعلا وحاع لعلي
المعنى: اختصّ «الكسائي» بإمالة «هاء التأنيث» في حروف مخصوصة، وبشروط معروفة، وسيأتي بإذن الله تعالى تفصيل ذلك. ووافق «حمزة» «الكسائي» في هذه الإمالة، وسيأتي بيانه.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 88.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 89.(1/330)
وإمالة «هاء التأنيث» تأتي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المتفق على إمالته من غير تفصيل، وهو عند خمسة عشر حرفا، يجمعها قولهم: «فجثت زينب لذود شمس» وهي:
1 «الفاء» نحو: «خليفة» نحو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ رَبُّكَ لِلْمَلََائِكَةِ إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة الآية 30).
2 «الجيم» نحو: «وليجة» من قوله تعالى: {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللََّهِ وَلََا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} (سورة التوبة الآية 16).
3 «الثاء» نحو: «ثلاثة» نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقََاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلََاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة الآية 228).
4 «التاء» نحو: «الميتة» نحو قوله تعالى: {إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} (سورة البقرة الآية 173).
5 «الزاي» نحو: «أعزّة» نحو قوله تعالى: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكََافِرِينَ} (سورة المائدة الآية 54).
6 «الياء» نحو: «لا شية» من قوله تعالى: {مُسَلَّمَةٌ لََا شِيَةَ فِيهََا} (سورة البقرة الآية 71).
7 «النون» نحو: «سنّة» نحو قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنََا} (سورة الإسراء الآية 77).
8 «الباء» نحو: «حبّة» نحو قوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ}
(سورة البقرة الآية 261).
9 «اللام» نحو: «ليلة» نحو قوله تعالى: {إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (سورة القدر الآية 1).
10 «الذال» نحو: «لذّة» من قوله تعالى: {بَيْضََاءَ لَذَّةٍ لِلشََّارِبِينَ} (سورة الصافات الآية 46).
11 «الواو» نحو: «قسوة» من قوله تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجََارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}
(سورة البقرة الآية 74).
12 «الدال» نحو: «بلدة» نحو قوله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} (سورة سبأ الآية 15).
13 «الشين» نحو: «الفاحشة» نحو قوله تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قََالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفََاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (سورة النمل الآية 54).(1/331)
12 «الدال» نحو: «بلدة» نحو قوله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} (سورة سبأ الآية 15).
13 «الشين» نحو: «الفاحشة» نحو قوله تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قََالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفََاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (سورة النمل الآية 54).
14 «الميم» نحو: «رحمة» نحو قوله تعالى: {فَبِمََا رَحْمَةٍ مِنَ اللََّهِ لِنْتَ لَهُمْ}
(سورة آل عمران الآية 159).
15 «السين» نحو: «الخمسة» نحو قوله تعالى: {وَالْخََامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَيْهِ إِنْ كََانَ مِنَ الْكََاذِبِينَ} (سورة النور الآية 7).
القسم الثاني: ما يوقف عليه بالفتح، وذلك إن كان قبل «الهاء» حرف من عشرة أحرف: وهي: حروف الاستعلاء السبعة، وحروف «حاع». وقد جمعها «الإمام الشاطبي» رحمه الله تعالى في قوله:
ويجمعها حقّ ضغاط عص خظا ...
وهي:
1 «الحاء» نحو: «لواحة» من قوله تعالى: {لَوََّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} (سورة المدثر الآية 29).
2 «القاف» نحو: «طاقة» نحو قوله تعالى: {رَبَّنََا وَلََا تُحَمِّلْنََا مََا لََا طََاقَةَ لَنََا بِهِ} (سورة البقرة الآية 286).
3 «الضاد» نحو: «روضة» من قوله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} (سورة الروم الآية 15).
4 «الغين» نحو: «صبغة» من قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللََّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللََّهِ صِبْغَةً} (سورة البقرة الآية 138).
5 «الألف» نحو: «الصلاة» نحو قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ} (سورة البقرة الآية 43).
6 «الطاء» نحو: «بسطة» نحو قوله تعالى: {وَزََادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} (سورة الأعراف الآية 69).
7 «العين» نحو: «سبعة» نحو قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثََامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}
(سورة الكهف الآية 22).
8 «الصاد» نحو: «خالصة» نحو قوله تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ
الدُّنْيََا خََالِصَةً يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (سورة الأعراف الآية 32).(1/332)
8 «الصاد» نحو: «خالصة» نحو قوله تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ
الدُّنْيََا خََالِصَةً يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (سورة الأعراف الآية 32).
9 «الخاء» نحو: «الصاخة» من قوله تعالى: {فَإِذََا جََاءَتِ الصَّاخَّةُ} (سورة عبس الآية 33).
10 «الظاء» نحو: «غلظة» من قوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} (سورة التوبة الآية 123).
قال ابن الجزري:
وأكهر لا عن سكون يا ولا ... عن كسرة وساكن إن فصلا
ليس بحاجز وفطرت اختلف ...
المعنى: هذا هو القسم الثالث: وهو الذي فيه تفصيل فيمال في حال، ويفتح في حال أخرى، وذلك إذ كان قبل الهاء حرف من أربعة أحرف وهي حروف «أكهر»: فإن كان قبل كلّ منها ياء ساكنة، أو كسرة متصلة، أو منفصلة بساكن أميلت بغير خلاف، وإلّا فتحت. هذا مذهب الجمهور، وهو المختار، وهذه أمثلة لذلك:
1 - فالهمزة بعد الياء الساكنة نحو: «هيئة» نحو قوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} (سورة آل عمران الآية 49).
والهمزة بعد الكسرة نحو: «مائة» نحو قوله تعالى: {فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} (سورة البقرة الآية 261).
والهمزة بعد غير الياء الساكنة والكسرة نحو: «امرأت» لأن «الكسائي» يقف عليها بالهاء، نحو قوله تعالى: {إِذْ قََالَتِ امْرَأَتُ عِمْرََانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مََا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} (سورة آل عمران الآية 35). ونحو: «براءة» من قوله تعالى: {بَرََاءَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة التوبة الآية 1).
2 - والكاف بعد الياء الساكنة نحو: «الأيكة» نحو قوله تعالى: {وَأَصْحََابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ} (سورة ق الآية 14).
والكاف بعد الكسرة نحو: «المؤتفكة» من قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ََ} (سورة النجم الآية 53).
والكاف بعد غير الياء الساكنة، والكسرة نحو: «مكة» من قوله تعالى:(1/333)
والكاف بعد الكسرة نحو: «المؤتفكة» من قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ََ} (سورة النجم الآية 53).
والكاف بعد غير الياء الساكنة، والكسرة نحو: «مكة» من قوله تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} (سورة الفتح الآية 24).
ونحو: «الشوكة» من قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذََاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (سورة الأنفال الآية 7).
3 - والهاء بعد الكسرة المتصلة نحو: «فكهة» نحو قوله تعالى: {وَفََاكِهَةٍ مِمََّا يَتَخَيَّرُونَ} (سورة الواقعة الآية 20).
والهاء بعد الكسرة المنفصلة بساكن نحو: «وجهة» من قوله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهََا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرََاتِ} (سورة البقرة الآية 148).
والهاء بعد غير ذلك نحو: «سفاهة» نحو قوله تعالى: {إِنََّا لَنَرََاكَ فِي سَفََاهَةٍ} (سورة الأعراف الآية 66).
ولم تقع الهاء بعد ياء ساكنة في القرآن الكريم.
4 - والراء بعد الياء الساكنة نحو: «صغيرة، كبيرة» نحو قوله تعالى:
{وَيَقُولُونَ يََا وَيْلَتَنََا مََا لِهََذَا الْكِتََابِ لََا يُغََادِرُ صَغِيرَةً وَلََا كَبِيرَةً إِلََّا أَحْصََاهََا} (سورة الكهف الآية 49).
والراء بعد الكسرة المتصلة نحو: «الآخرة» نحو قوله تعالى: {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} (سورة الزخرف الآية 35).
والراء بعد الكسرة المنفصلة بساكن نحو: «عبرة» نحو قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبََابِ} (سورة يوسف الآية 111).
والراء بعد غير ذلك نحو: «حسرة» نحو قوله تعالى: {لِيَجْعَلَ اللََّهُ ذََلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} (سورة آل عمران الآية 156). ونحو: «حجارة» نحو قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجََارَةً أَوْ حَدِيداً} (سورة الاسراء الآية 50).
ومعنى قول «ابن الجزري»: «وفطرت اختلف» أن كلمة «فطرت» من قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللََّهِ الَّتِي فَطَرَ النََّاسَ عَلَيْهََا} (سورة الروم الآية 30) جاء فيها الخلاف عن علماء القراءات:
فذهب بعضهم إلى عدم إمالتها حالة الوقف عليها نظرا لأن «الكسائي» يقف عليها بالهاء، وذلك لأن الفاصل بين الكسر، والراء وهو «الطاء» من حروف الاستعلاء، كما أن فيه صفة الإطباق، والإطباق من الصفات القوية.(1/334)
ومعنى قول «ابن الجزري»: «وفطرت اختلف» أن كلمة «فطرت» من قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللََّهِ الَّتِي فَطَرَ النََّاسَ عَلَيْهََا} (سورة الروم الآية 30) جاء فيها الخلاف عن علماء القراءات:
فذهب بعضهم إلى عدم إمالتها حالة الوقف عليها نظرا لأن «الكسائي» يقف عليها بالهاء، وذلك لأن الفاصل بين الكسر، والراء وهو «الطاء» من حروف الاستعلاء، كما أن فيه صفة الإطباق، والإطباق من الصفات القوية.
وذهب جمهور القراء إلى إمالة «فطرت» طردا للباب على وتيرة واحدة، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
... والبعض أه كالعشر
المعنى: أخبر الناظم أن بعض علماء القراءات ذهب إلى إجراء «الهمزة، والهاء» مجرى الحروف العشرة المتقدمة فلم يميلوهما مطلقا، سواء كانتا بعد كسرة، أو لا، لكونهما من حروف الحلق. من هذا يتبين أن «الهمزة، والهاء» إذا استوفت فيهما الشروط تجوز إمالتهما، ويجوز فتحهما، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
... أو غير الألف
يمال والمختار ما تقدّما ...
المعنى: أخبر الناظم أن بعض علماء القراءات ذهب إلى إطلاق الإمالة عند جميع حروف الهجاء بدون قيد أو شرط، كإمالتها في القسم الأول، سوى أن هذا البعض استثنى من حروف الهجاء «الألف» فلم يمل بعدها، وهو مذهب: «ابن الأنباري، وابن شنبوذ، وابن مقسم، وأبي مزاحم الخاقاني، وفارس بن احمد» وغيرهم. والمختار المذهب الأول الذي فيه تفصيل، والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
... والبعض عن حمزة مثله نما
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جماعة من أهل الأداء ذهبوا إلى الإمالة عن «حمزة» من روايتيه، ورووا ذلك عنه، كما رووه عن الكسائي، وقد قرأت بذلك والحمد لله رب العالمين.(1/335)
والبعض عن حمزة مثله نما
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جماعة من أهل الأداء ذهبوا إلى الإمالة عن «حمزة» من روايتيه، ورووا ذلك عنه، كما رووه عن الكسائي، وقد قرأت بذلك والحمد لله رب العالمين.
تمّ باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف ولله الحمد والشكر(1/336)
تمّ باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف ولله الحمد والشكر
«باب مذاهبهم في الراءات»
قال ابن الجزري:
والرّاء عن سكون ياء رقّق ... أو كسرة من كلمة للأزرق
ولم ير السّاكن فصلا غير طا ... والصّاد والقاف على ما اشترطا
ورقّقن بشرر للأكثر ... والأعجمي فخّم مع المكرّر
المعنى: الراء لا تخلو من أن تكون مفتوحة، أو مضمومة، أو مكسورة، أو ساكنة.
وبدأ الناظم بالحديث عن أحكام «الراء» المفتوحة فأمر بترقيقها (1)
ل «الأزرق» إذا كانت بعد ياء ساكنة، أو كسرة، وهي مع كلّ في كلمة واحدة، سواء كانت «الراء المكسورة» وسطا، أو طرفا، نحو:
1 «خيرات» نحو قوله تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرََاتٌ حِسََانٌ} (سورة الرحمن الآية 70).
2 «الخير» نحو قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة الحج الآية 77).
3 «الآخرة» نحو قوله تعالى: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (سورة البقرة الآية 4).
4 «ليغفر» نحو قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ مََا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمََا تَأَخَّرَ}
(سورة الفتح الآية 2).
__________
(1) الترقيق: هو إنحاف ذات الحرف ونحو له، وهو من الرقّة ضدّ السّمن.(1/337)
وذلك بشرطين: أحدهما أن لا يكون بعد الراء المتوسطة حرف استعلاء.
والآخر: أن لا تكون الراء مكررة.
فإن كان بعدها حرف استعلاء فلا خلاف في تفخيمها، وقد وقع في كلمتين وهما:
1 «صراط» كيف جاء، نحو قوله تعالى: {هََذََا صِرََاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (سورة آل عمران الآية 51).
2 «فراق» في سورتي «الكهف، والقيامة» من قوله تعالى: {قََالَ هََذََا فِرََاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (سورة الكهف الآية 78). وقوله تعالى: {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرََاقُ} (سورة القيامة الآية 28).
وإن تكررت الراء المفتوحة بعد كسر، فلا خلاف في تفخيمها أيضا نحو:
1 «ضرارا» نحو قوله تعالى: {وَلََا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرََاراً لِتَعْتَدُوا} (سورة البقرة الآية 231).
2 «فرارا» نحو قوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرََاراً} (سورة الكهف الآية 18).
3 «الفرار» من قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} (سورة الأحزاب الآية 16).
وكذلك يرقق «الأزرق» الراء المفتوحة التي قبلها كسرة متصلة بها ولو حال بين الكسرة، وبينها حائل ساكن نحو:
1 «إكراه» من قوله تعالى: {لََا إِكْرََاهَ فِي الدِّينِ} (سورة البقرة الآية 256).
2 «إجرامي» من قوله تعالى: {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرََامِي} (سورة هود الآية 35).
3 «عبرة» نحو قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبََابِ} (سورة يوسف الآية 111).
إلّا أنه اشترط في الساكن الفاصل بين الكسر، والراء أن لا يكون حرفا
من هذه الحروف الثلاثة: «الطاء، والصاد، والقاف» فإن كان حرفا من الحروف الثلاثة، فإن الأزرق يفخم الراء حينئذ وهذه أمثلة لذلك:(1/338)
إلّا أنه اشترط في الساكن الفاصل بين الكسر، والراء أن لا يكون حرفا
من هذه الحروف الثلاثة: «الطاء، والصاد، والقاف» فإن كان حرفا من الحروف الثلاثة، فإن الأزرق يفخم الراء حينئذ وهذه أمثلة لذلك:
1 «قطرا» من قوله تعالى: {قََالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} (سورة الكهف الآية 96).
2 «إصرا» من قوله تعالى: {رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً كَمََا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنََا} (سورة البقرة الآية 286).
3 «وقرا» نحو قوله تعالى: {فَالْحََامِلََاتِ وِقْراً} (سورة الذاريات الآية 2).
كما أنه يشترط أن لا يكون بعد «الراء» حرف استعلاء، فإن وقع بعدها حرف استعلاء فخّمت الراء، نحو:
1 «إعراضا» من قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خََافَتْ مِنْ بَعْلِهََا نُشُوزاً أَوْ إِعْرََاضاً فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً} (سورة النساء الآية 128).
2 «إعراضهم» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرََاضُهُمْ} (سورة الأنعام الآية 35).
3 «الإشراق» من قوله تعالى: {إِنََّا سَخَّرْنَا الْجِبََالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرََاقِ} (سورة ص الآية 18).
كما يشترط في ترقيق الراء أن لا يكون الاسم أعجميا، فإن كان أعجميا فخّمت الراء، نحو:
1 «إبراهيم» نحو قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً} (سورة النحل الآية 120).
2 «عمران» نحو قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرََانَ} (سورة التحريم الآية 12).
3 «اسرائيل» نحو قوله تعالى: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} (سورة البقرة الآية 40).
ومعنى قول الناظم: ورقّقن بشرر للأكثر: أي ذهب الأكثرون من أهل الأداء إلى ترقيق الراء من «بشرر» في الوقف، والوصل، وذلك من قوله تعالى:
{إِنَّهََا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (سورة المرسلات الآية 32). وترقيقها لأجل الكسرة التي بعدها، وهو خارج عن الأصل المتقدم. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
تنبيه: إذا كانت الراء المكسورة في كلمة، والياء الساكنة التي قبلها أو الكسرة المتصلة بها في كلمة أخرى، فلا خلاف في تفخيمها نحو:(1/339)
{إِنَّهََا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (سورة المرسلات الآية 32). وترقيقها لأجل الكسرة التي بعدها، وهو خارج عن الأصل المتقدم. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
تنبيه: إذا كانت الراء المكسورة في كلمة، والياء الساكنة التي قبلها أو الكسرة المتصلة بها في كلمة أخرى، فلا خلاف في تفخيمها نحو:
1 «في ريب» من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمََّا نَزَّلْنََا عَلى ََ عَبْدِنََا} (سورة البقرة الآية 23).
2 «لحكم ربك» من قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} (سورة الطور الآية 48).
وحكم ما اتصل به حرف من حروف المعاني حكم كلمتين، فلا يجوز ترقيقه نحو:
1 «برسول» من قوله تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ} (سورة الصف الآية 6).
2 «بربك» نحو قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
(سورة فصلت الآية 53).
قال ابن الجزري:
ونحو سترا غير صهرا في الأتم ...
المعنى: أخبر الناظم أنه اختلف عن «الأزرق» في ترقيق «الراء» المنونة التي قبلها كسرة، وفصل بين الكسرة، والراء فاصل، وذلك في ستّة أحرف وهي:
1 «سترا» من قوله تعالى: {وَجَدَهََا تَطْلُعُ عَلى ََ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهََا سِتْراً} (سورة الكهف الآية 90).
2 «ذكرا» نحو قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللََّهَ كَذِكْرِكُمْ، آبََاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}
(سورة البقرة الآية 200).
3 «وزرا» من قوله تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ وِزْراً}
(سورة طه الآية 100).
4 «إصرا» من قوله تعالى: {رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً} (سورة البقرة الآية 286).
5 «حجرا» نحو قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} (سورة الفرقان الآية 22).
6 «صهرا» من قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} (سورة الفرقان الآية 54).(1/340)
5 «حجرا» نحو قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} (سورة الفرقان الآية 22).
6 «صهرا» من قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} (سورة الفرقان الآية 54).
ولكن استثنى بعضهم من ذلك «صهرا» لضعف الهاء، وخفائها فرققها.
فصار الأكثرون على تفخيم الكلمات الخمس الأول، وعلى ترقيق «صهرا» وهذا معنى قول الناظم: غير صهرا في الأتم.
قال ابن الجزري:
... وخلف حيران وذكرك إرم
وزر وجذركم مراء وافترا ... تنتصران ساحران طهّرا
عشيرة التّوبة مع سراعا ... ومع ذراعيه فقل ذراعا
إجرام كبره لعبرة ...
المعنى: أخبر الناظم أنه اختلف عن «الأزرق» في ترقيق الكلمات الآتية بعينها، فمنهم من رققها، ومنهم من فخمها والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما، والكلمات المختلف فيها هي:
1 «حيران» من قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيََاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرََانَ}
(سورة الأنعام الآية 71).
2 «ذكرك» من قوله تعالى: {وَرَفَعْنََا لَكَ ذِكْرَكَ} (سورة الشرح الآية 4).
3 «إرم» من قوله تعالى: {إِرَمَ ذََاتِ الْعِمََادِ} (سورة الفجر الآية 7).
4 «وزر» كيف أتى نحو قوله تعالى: {وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (سورة الأنعام الآية 164). ونحو قوله تعالى: {وَوَضَعْنََا عَنْكَ وِزْرَكَ} (سورة الشرح الآية 2).
5 «حذركم» نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (سورة النساء الآية 71).
6 «مراء» من قوله تعالى: {فَلََا تُمََارِ فِيهِمْ إِلََّا مِرََاءً ظََاهِراً} (سورة الكهف الآية 22).
7 «افتراء» نحو قوله تعالى: {وَأَنْعََامٌ لََا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللََّهِ عَلَيْهَا افْتِرََاءً عَلَيْهِ}
(سورة الأنعام الآية 138).
8 «تنتصران» من قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمََا شُوََاظٌ مِنْ نََارٍ وَنُحََاسٌ فَلََا تَنْتَصِرََانِ} (سورة الرحمن الآية 35).(1/341)
7 «افتراء» نحو قوله تعالى: {وَأَنْعََامٌ لََا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللََّهِ عَلَيْهَا افْتِرََاءً عَلَيْهِ}
(سورة الأنعام الآية 138).
8 «تنتصران» من قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمََا شُوََاظٌ مِنْ نََارٍ وَنُحََاسٌ فَلََا تَنْتَصِرََانِ} (سورة الرحمن الآية 35).
9 «ساحران» من قوله تعالى: {قََالُوا إِنْ هََذََانِ لَسََاحِرََانِ} (سورة طه الآية 63).
10 «طهرا» من قوله تعالى: {وَعَهِدْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ أَنْ طَهِّرََا بَيْتِيَ}
(سورة البقرة الآية 125).
11 «عشيرتكم» بالتوبة، من قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كََانَ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ وَإِخْوََانُكُمْ وَأَزْوََاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} (سورة التوبة الآية 24).
وقيّد الناظم «عشيرتكم» بالتوبة، ليخرج «عشيرتهم» بالمجادلة من قوله تعالى: {وَلَوْ كََانُوا آبََاءَهُمْ أَوْ أَبْنََاءَهُمْ أَوْ إِخْوََانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (سورة المجادلة الآية 22). فقد رققها «الأزرق» قولا واحدا على قاعدته.
12 «سراعا» نحو قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرََاعاً} (سورة ق الآية 44).
13 «ذراعيه» من قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بََاسِطٌ ذِرََاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} (سورة الكهف الآية 18).
14 «ذراعا» من قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهََا سَبْعُونَ ذِرََاعاً فَاسْلُكُوهُ}
(سورة الحاقة الآية 32).
15 «إجرامي» من قوله تعالى: {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرََامِي} (سورة هود الآية 35).
16 «كبره» من قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلََّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (سورة النور الآية 11).
17 «لعبرة» نحو قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذََلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصََارِ} (سورة آل عمران الآية 13).
قال ابن الجزري:
وجل ... تفخيم ما نوّن عنه إن وصل
كشاكرا خيرا خبيرا خضرا ... وحصرت كذاك بعض ذكرا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أنه ذهب الكثيرون من أهل الأداء إلى تفخيم الراء المنوّنة المنصوبة حالة الوصل عن «الأزرق» بشرط أن يقع قبل الراء المنونة المنصوبة كسرة متصلة، أو ياء ساكنة، وهذا مذهب صاحب الهداية، والهادي، وهو أحد الوجهين في «الكافي، والتجريد» وإذا وقفوا رققوا «الراء».(1/342)
وجل ... تفخيم ما نوّن عنه إن وصل
كشاكرا خيرا خبيرا خضرا ... وحصرت كذاك بعض ذكرا
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أنه ذهب الكثيرون من أهل الأداء إلى تفخيم الراء المنوّنة المنصوبة حالة الوصل عن «الأزرق» بشرط أن يقع قبل الراء المنونة المنصوبة كسرة متصلة، أو ياء ساكنة، وهذا مذهب صاحب الهداية، والهادي، وهو أحد الوجهين في «الكافي، والتجريد» وإذا وقفوا رققوا «الراء».
وذهب بعضهم إلى الترقيق في الحالين، وهو مذهب «الدّاني، وشيخه فارس، وابن خاقان، وابن بليمة، والشاطبي».
وذهب آخرون إلى التفخيم في الحالين، وهو مذهب «أبي الطيب بن غلبون، وابن أبي هاشم، والهذلي» وغيرهم. وهذه أمثلة لذلك:
1 «شاكرا» نحو قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ شََاكِراً عَلِيماً} (سورة النساء الآية 147).
2 «صابرا» نحو قوله تعالى: {قََالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ صََابِراً} (سورة الكهف الآية 69).
3 «مهاجرا» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهََاجِراً إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ}
(سورة النساء الآية 100).
4 «طيرا» نحو قوله تعالى: {فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 49).
5 «قديرا» نحو قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ عَلى ََ ذََلِكَ قَدِيراً} (سورة النساء الآية 133).
6 «سيرا» من قوله تعالى: {وَتَسِيرُ الْجِبََالُ سَيْراً} (سورة الطور الآية 10).
ثم أخبر الناظم أن بعض أهل الأداء نقل تفخيم كلمة «حصرت» من قوله تعالى: {أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (سورة النساء الآية 90) عن «الأزرق» حالة الوصل، ذكر ذلك صاحب الهداية، والهادي، والتجريد، وذلك من أجل حرف الاستعلاء بعده وهو «الصاد» في «صدورهم».
وذهب الآخرون إلى ترقيق راء «حصرت» في الحالين، وهو الأصح، والأكثر، ولا عبرة بوجود حرف الاستعلاء لانفصاله، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:(1/343)
وذهب الآخرون إلى ترقيق راء «حصرت» في الحالين، وهو الأصح، والأكثر، ولا عبرة بوجود حرف الاستعلاء لانفصاله، والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
كذاك ذات الضّمّ رقّق في الأصح ... والخلف في كبر وعشرون وصح
المعنى: أخبر الناظم أن معظم أهل الأداء ذهب إلى ترقيق الراء المضمومة عن «الأزرق» في الحالين، بشرط أن يكون قبل «الراء» كسرة، أو «ياء ساكنة» ولا يغير ذلك الحكم إذا فصل بين الكسرة، والراء ساكن. وهذا مذهب أكثر الرواة عن «الأزرق» وهو الذي في التيسير، والشاطبية، والكافي، والهادي، والتلخيص، والتبصرة، والهداية، والتجريد، وهو الأصح عن «الأزرق».
وذهب الآخرون إلى التفخيم من أجل الضمة نظرا إلى كونه ضمّا لازما، وهو مذهب «طاهر بن غلبون، وصاحب العنوان» وبه قرأ «الداني» على «أبي الحسين»، وهذه أمثلة لذلك:
1 «يبصرون» نحو قوله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمََاتٍ لََا يُبْصِرُونَ} (سورة البقرة الآية 17).
2 «طائركم» نحو قوله تعالى: {قََالَ طََائِرُكُمْ عِنْدَ اللََّهِ} (سورة النمل الآية 47).
3 «ذكر» نحو قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جََاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} (سورة الأعراف الآية 63).
4 «السحر» نحو قوله تعالى: {قََالَ مُوسى ََ مََا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} (سورة يونس الآية 81).
5 «قدير» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة الآية 20).
6 «تحرير» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (سورة النساء الآية 92).
ثم أخبر الناظم أن من أخذ بترقيق الراء المضمومة عن «الأزرق» ورد الخلاف عنه في كلمتين هما:
1 «كبر» من قوله تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلََّا كِبْرٌ مََا هُمْ بِبََالِغِيهِ} (سورة غافر الآية 56).
2 «عشرون» من قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صََابِرُونَ} (سورة الأنفال الآية 65).(1/344)
1 «كبر» من قوله تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلََّا كِبْرٌ مََا هُمْ بِبََالِغِيهِ} (سورة غافر الآية 56).
2 «عشرون» من قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صََابِرُونَ} (سورة الأنفال الآية 65).
ففخمها منهم «مكي بن أبي طالب، والمهدوي، وابن سفيان، وابن الفحام» من أجل الفصل بالساكن. ورققها منهم «الدانيّ، وشيخاه: أبو الفتح، والخاقاني، والطبري، وابن بليمة»، وهو الذي في «التيسير، والشاطبية» والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
وإن تكن ساكنة عن كسر ... رقّقها يا صاح كلّ مقري
وحيث جاء بعد حرف استعلا ... فخّم وفي ذي الكسر خلف إلّا
صراط والصّواب أن يفخّما ... عن كلّ المرء ونحو مريما
المعنى: لما فرغ الناظم من الكلام عن «الراء» المضمومة، أخذ في الحديث عن حكم «الراء الساكنة»:
فأخبر أنه إذا وقعت «الراء» ساكنة، وكان قبلها كسرة متصلة، وكانت الكسرة لازمة، ولم يقع بعد «الراء» حرف من حروف الاستعلاء، فإن «الراء» في هذه الحالة ترقق لجميع القراء، وهذه أمثلة لذلك:
1 «فرعون» نحو قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنََاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} (سورة البقرة الآية 49).
2 «شرعة» من قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنََا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهََاجاً} (سورة المائدة الآية 48).
3 «شرذمة» من قوله تعالى: {إِنَّ هََؤُلََاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (سورة الشعراء الآية 54).
ثم أمر الناظم بتفخيم «الراء» إذا وقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء السبعة المجموعة في قولهم: «خصّ ضغط قظ» سواء كانت «الراء» ساكنة بعد كسرة لازمة على مذهب جميع القراء نحو:
1 «قرطاس» من قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنََا عَلَيْكَ كِتََاباً فِي قِرْطََاسٍ} (سورة الأنعام الآية 7).(1/345)
ثم أمر الناظم بتفخيم «الراء» إذا وقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء السبعة المجموعة في قولهم: «خصّ ضغط قظ» سواء كانت «الراء» ساكنة بعد كسرة لازمة على مذهب جميع القراء نحو:
1 «قرطاس» من قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنََا عَلَيْكَ كِتََاباً فِي قِرْطََاسٍ} (سورة الأنعام الآية 7).
2 «المرصاد» من قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصََادِ} (سورة الفجر الآية 14).
3 «فرقة» من قوله تعالى: {فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (سورة التوبة الآية 122).
أو كانت الراء محركة على مذهب «الأزرق» نحو:
1 «الصراط» نحو قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (سورة الفاتحة الآية 6).
2 «فراق» نحو قوله تعالى: {قََالَ هََذََا فِرََاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (سورة الكهف الآية 78).
ثم أخبر الناظم أنه إذا وقع بعد «الراء» حرف استعلاء وكان مكسورا نحو: «فرق» من قوله تعالى: {فَانْفَلَقَ فَكََانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} (سورة الشعراء الآية 63) بالنسبة لجميع القراء، ونحو: «الإشراق» من قوله تعالى: {إِنََّا سَخَّرْنَا الْجِبََالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرََاقِ} (سورة ص الآية 18) بالنسبة إلى «الأزرق». فمن القراء من رقق «الراء» في هذه الحالة نظرا لأن الكسر أضعف حرف الاستعلاء. ومنهم من فخّم «الراء» طردا للباب. والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما.
ومعنى قول الناظم: «إلّا صراط» أي أن كلمة «صراط» من قوله تعالى:
{صِرََاطِ اللََّهِ الَّذِي لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ} (سورة الشورى الآية 53).
ومن قوله تعالى: {وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} (سورة الأنعام الآية 153).
وقع بعد «الراء» «الطاء المكسورة» وهي من حروف الاستعلاء، إلا أن «القرّاء» أجمعوا على تفخيم الراء في ذلك، وذلك لقوة الطاء، وهذا هو الصحيح الذي قرأت به.
ثم أخبر الناظم أن الصحيح تفخيم «الراء» لجميع القراء في نحو: «المرء»
الذي وقع فيه الكسر بعد الراء، نحو قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمََا مََا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (سورة البقرة الآية 102).(1/346)
ثم أخبر الناظم أن الصحيح تفخيم «الراء» لجميع القراء في نحو: «المرء»
الذي وقع فيه الكسر بعد الراء، نحو قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمََا مََا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (سورة البقرة الآية 102).
وفي نحو: «مريم» الذي وقعت فيه الياء الساكنة بعد «الراء» نحو قوله تعالى: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهََا مَرْيَمَ} (سورة آل عمران الآية 36) وهذا هو الصواب الذي قرأت به.
قال ابن الجزري:
وبعد كسر عارض أو منفصل ... فخّم وإن ترم فمثل ما تصل
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بتفخيم «الراءات» الواقعة بعد كسر عارض: إمّا لالتقاء الساكنين نحو: «أم ارتابوا» من قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتََابُوا} (سورة النور الآية 50) أو لهمزة الوصل نحو: «ارجعوا» نحو قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلى ََ أَبِيكُمْ} (سورة يوسف الآية 81).
أو بعد كسر منفصل بأن تكون الكسرة في حرف منفصل من الكلمة التي فيها «الراء» نحو: «برسول» من قوله تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (سورة الصف الآية 6). ونحو: «لرسول» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ} (سورة غافر الآية 78) لأن الجار مع مجروره كلمتان: حرف، واسم. ويدخل في حكم ذلك نحو: «لحكم ربك» من قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} (سورة الطور الآية 48). ونحو: «بحمد ربك» من قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (سورة غافر الآية 55).
وكل ذلك لا يرقق ل «الأزرق» وإن وقع بعد كسر، وذلك لانفصاله.
ثم أخبر الناظم أنه إذا وقف القارئ بالرّوم، كان حكم الوقف مثل حكم الوصل، فترقق الراء المكسورة لجميع القراء نحو: «الكبر» نحو قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ} (سورة إبراهيم الآية 39). ونحو: «والفجر» نحو قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كََانَ مَشْهُوداً}
(سورة الإسراء الآية 78).
وترقق الراء المضمومة ل «الأزرق» نحو: «يقدر» نحو قوله تعالى: {اللََّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ وَيَقْدِرُ} (سورة الرعد الآية 26). ونحو: «كبير» نحو قوله تعالى: {قُلْ قِتََالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (سورة البقرة الآية 217).(1/347)
ثم أخبر الناظم أنه إذا وقف القارئ بالرّوم، كان حكم الوقف مثل حكم الوصل، فترقق الراء المكسورة لجميع القراء نحو: «الكبر» نحو قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ} (سورة إبراهيم الآية 39). ونحو: «والفجر» نحو قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كََانَ مَشْهُوداً}
(سورة الإسراء الآية 78).
وترقق الراء المضمومة ل «الأزرق» نحو: «يقدر» نحو قوله تعالى: {اللََّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ وَيَقْدِرُ} (سورة الرعد الآية 26). ونحو: «كبير» نحو قوله تعالى: {قُلْ قِتََالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (سورة البقرة الآية 217).
قال ابن الجزري:
ورقّق الرّا إن تمل أو تكسر ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بترقيق الراء إذا أمليت، سواء كانت الإمالة كبرى، أو صغرى، نحو:
1 «الأخرى» نحو قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدََاهُمََا فَتُذَكِّرَ إِحْدََاهُمَا الْأُخْرى ََ}
(سورة البقرة الآية 282).
2 «نصرى» نحو قوله تعالى: {وَقََالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلََّا مَنْ كََانَ هُوداً أَوْ نَصََارى ََ} (سورة البقرة الآية 111).
ثم أمر الناظم بترقيق «الراء» إذا كسرت لجميع القراء، سواء كانت «الراء أول الكلمة، أو وسطها، أو آخرها، وسواء كانت الكسرة لازمة، أو عارضة، وذلك نحو:
1 «رضوان» نحو قوله تعالى: {وَرِضْوََانٌ مِنَ اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 15).
2 «فارض» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهََا بَقَرَةٌ لََا فََارِضٌ} (سورة البقرة الآية 68).
3 «إلى النور» نحو قوله تعالى: {اللََّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمََاتِ إِلَى النُّورِ} (سورة البقرة الآية 257).
4 {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} (سورة المزمل الآية 8).
5 {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً} (سورة الأنعام الآية 70).
6 {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ} (سورة البقرة الآية 259).
عند من نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها.
قال ابن الجزري:(1/348)
عند من نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها.
قال ابن الجزري:
... وفي سكون الوقف فخّم وانصر
ما لم تكن من بعد يا ساكنة ... أو كسر أو ترقيق او إمالة
المعنى: أي أن الراء المتطرفة إذا سكنت للوقف، ووقف القارئ عليها بالسكون المحض، أو الإشمام نظر إلى ما قبلها:
فإن كانت بعد ياء ساكنة نحو: «خير» نحو قوله تعالى: {ذََلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} (سورة المجادلة الآية 12) ونحو: «خبير» نحو قوله تعالى: {وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (سورة التغابن الآية 8).
أو بعد كسرة متصلة نحو: «البرّ» نحو قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهََا وَلََكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى ََ} (سورة البقرة الآية 189) ونحو: «بعثر» من قوله تعالى: {أَفَلََا يَعْلَمُ إِذََا بُعْثِرَ مََا فِي الْقُبُورِ} (سورة العاديات الآية 9).
أو بعد كسرة مفصولة بساكن غير حروف الاستعلاء نحو: «الشعر» من قوله تعالى: {وَمََا عَلَّمْنََاهُ الشِّعْرَ} (سورة يس الآية 69).
أو بعد راء مرققة نحو: «بشرر» من قوله تعالى: {إِنَّهََا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (سورة المرسلات الآية 32).
عند من رقق الراء الأولى.
أو بعد إمالة سواء كانت كبرى، أو صغرى، نحو: «الدّار» نحو قوله تعالى: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدََّارِ} (سورة الرعد الآية 24) ونحو: «الأبرار» من قوله تعالى: {كَلََّا إِنَّ كِتََابَ الْأَبْرََارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (سورة المطففين الآية 18).
فإن «الراء» ترقق في ذلك كله حالة الوقف.
وإن كان قبلها غير ذلك فإنها تفخم حالة الوقف، سواء كانت مكسورة وصلا، أو لم تكن، نحو: «الفجر» نحو قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيََالٍ عَشْرٍ}
(سورة الفجر الآيتان 21). ونحو: «القدر» نحو قوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ} (سورة القدر الآية 3) ونحو: «وزر» من قوله تعالى: {كَلََّا لََا وَزَرَ}
(سورة القيامة الآية 11) ونحو: «النذر» نحو قوله تعالى: {وَمََا تُغْنِي الْآيََاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس الآية 101).(1/349)
وإن كان قبلها غير ذلك فإنها تفخم حالة الوقف، سواء كانت مكسورة وصلا، أو لم تكن، نحو: «الفجر» نحو قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيََالٍ عَشْرٍ}
(سورة الفجر الآيتان 21). ونحو: «القدر» نحو قوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ} (سورة القدر الآية 3) ونحو: «وزر» من قوله تعالى: {كَلََّا لََا وَزَرَ}
(سورة القيامة الآية 11) ونحو: «النذر» نحو قوله تعالى: {وَمََا تُغْنِي الْآيََاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس الآية 101).
تمّ باب مذاهبهم في الراءات ولله الحمد والشكر(1/350)
تمّ باب مذاهبهم في الراءات ولله الحمد والشكر
«باب اللامات»
قال ابن الجزري:
وأزرق لفتح لام غلّظا ... بعد سكون صاد او طاء وظا
أو فتحها وإن يحل فيها ألف ... أو إن تمل مع ساكن الوقف اختلف
وقيل عند الطّاء والظّا والأصح ... تفخيمها والعكس في الآي رجح
كذاك صلصال وشذّ غير ما ... ذكرت
المعنى: تغليظ اللام: تسمينها لا تسمين حركتها، والتفخيم مرادف له، إلّا أن التغليظ في اللام، والتفخيم في الراء، والترقيق ضدهما. والأصل في اللام الترقيق، وذلك أن اللام لا تغلظ إلّا لسبب، وهو مجاورتها حرف الاستعلاء، وليس تغليظها إذ ذاك بلازم، بل ترقيقها إذا لم تجاور حرف الاستعلاء اللازم. وقد اختص «المصريون» بمذهب عن «ورش» بتغليظ اللام بشروط مخصوصة، لم يشاركهم في ذلك غيرهم.
وقد أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن «الأزرق» غلظ «اللام» إذا كانت مفتوحة ووقعت بعد «الصاد، أو الطاء، أو الظاء» إذا كان ذلك الحرف ساكنا، أو مفتوحا، نحو:
1 «أصلح» نحو قوله تعالى: {فَمَنْ تََابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} (سورة المائدة الآية 39).
2 «مطلع» من قوله تعالى: {سَلََامٌ هِيَ حَتََّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (سورة القدر الآية 5).
3 «أظلم» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسََاجِدَ اللََّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (سورة البقرة الآية 114).(1/351)
2 «مطلع» من قوله تعالى: {سَلََامٌ هِيَ حَتََّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (سورة القدر الآية 5).
3 «أظلم» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسََاجِدَ اللََّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (سورة البقرة الآية 114).
4 «الصلاة» نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلََاةَ}
(سورة البقرة الآية 3).
5 «الطلاق» نحو قوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلََاقَ} (سورة البقرة الآية 227).
6 «ظلم» نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (سورة البقرة الآية 231).
إلّا أنه اختلف عن «الأزرق» في تغليظ اللام في الأحوال الثلاثة الآتية:
الأول: إذا حال بين أحد هذه الحروف الثلاثة وبين «اللام» «ألف» نحو:
1 «فصالا» من قوله تعالى: {فَإِنْ أَرََادََا فِصََالًا عَنْ تَرََاضٍ مِنْهُمََا} (سورة البقرة الآية 233).
2 «طال» من قوله تعالى: {بَلْ مَتَّعْنََا هََؤُلََاءِ وَآبََاءَهُمْ حَتََّى طََالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} (سورة الأنبياء الآية 44) ولم يقع في القرآن الكريم مثال ل «الظاء».
الثاني: إذا أميلت اللام ولم تكن رأس آية، ومعروف أن «الأزرق»، مذهبه الإمالة الصغرى أي التقليل بين بين، نحو:
1 «يصلها» من قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنََا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلََاهََا} (سورة الإسراء الآية 18).
2 «يصلى» نحو قوله تعالى: {وَيَصْلى ََ سَعِيراً} (سورة الانشقاق الآية 12).
الثالث: إذا كانت اللام طرفا وسكنت للوقف، نحو الوقف على «طال» نحو قوله تعالى: {حَتََّى طََالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} (سورة الأنبياء الآية 44) ونحو قوله تعالى: {أَفَطََالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} (سورة طه الآية 86). ونحو قوله تعالى: {فَطََالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (سورة الحديد الآية 16).
والوجهان صحيحان في كل ذلك وقد قرأت بهما.
ثم أخبر الناظم أنه ورد عن «الأزرق» الخلاف في تغليظ «اللام» المفتوحة
إذا وقعت بعد «الطاء، أو الظاء» بشرطيهما، وقد سبق التمثيل إلى ذلك، إلّا أن التغليظ أرجح من الترقيق. وقد قرأت بالوجهين والحمد لله رب العالمين.(1/352)
ثم أخبر الناظم أنه ورد عن «الأزرق» الخلاف في تغليظ «اللام» المفتوحة
إذا وقعت بعد «الطاء، أو الظاء» بشرطيهما، وقد سبق التمثيل إلى ذلك، إلّا أن التغليظ أرجح من الترقيق. وقد قرأت بالوجهين والحمد لله رب العالمين.
ثم أخبر الناظم أنه ورد الخلاف عن «الأزرق» في تغليظ «اللام» إذا أميلت وكانت رأس آية. ومما يجب معرفته أن التغليظ لا يكون إلّا على وجه «الفتح»، أي عدم التقليل، والأرجح في هذه الحالة الترقيق، والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما، مثال ذلك: «صلى» من قوله تعالى: {فَلََا صَدَّقَ وَلََا صَلََّى} (سورة القيامة الآية 31).
ثم أخبر الناظم أنه اختلف عن «الأزرق» في تغليظ «لام» «صلصل» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ مِنْ صَلْصََالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (سورة الحجر الآية 26) إلّا أن الأرجح ترقيق اللام، والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما.
ومعنى قول الناظم: «وشذّ غير ما ذكر»: أي وشذّ تغليظ اللامات عن «الأزرق» في غير ما ذكره الناظم، كما ذكر صاحب «الكافي» تغليظ «اللام» المضمومة بعد «الضاد والظاء» الساكنين نحو:
1 «فضل» من قوله تعالى: {فَلَوْلََا فَضْلُ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} (سورة البقرة الآية 64).
2 «مظلوما» من قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً} (سورة الإسراء الآية 33).
وكما ذكره صاحب «الهداية، والتجريد، والكافي» فيما إذا وقعت «اللام» بين حرفي الاستعلاء، نحو:
1 «خلطوا» من قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صََالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} (سورة التوبة الآية 102).
2 «اغلظ» نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ جََاهِدِ الْكُفََّارَ وَالْمُنََافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (سورة التوبة الآية 73).
وكما ذكره بعض علماء القراءات في تغليظ الكلمات الآتية:
1 «اختلط» نحو قوله تعالى: {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} (سورة الأنعام الآية 146).
2 «وليتلطف» من قوله تعالى: {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} (سورة الكهف الآية 19).(1/353)
1 «اختلط» نحو قوله تعالى: {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} (سورة الأنعام الآية 146).
2 «وليتلطف» من قوله تعالى: {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} (سورة الكهف الآية 19).
3 «تلظى» من قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى} (سورة الليل الآية 14).
وأقول: كل ذلك شاذّ لا تجوز القراءة به (1).
قال ابن الجزري:
... واسم الله كلّ فخّما
من بعد فتحة وضمّ واختلف ... بعد ممال لا مرقّق وصف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن اسم الله تعالى: «الله» يفخّم إذا وقع بعد فتح، أو ضمّ، نحو:
1 «قال الله» نحو قوله تعالى: {إِذْ قََالَ اللََّهُ يََا عِيسى ََ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} (سورة آل عمران الآية 55).
2 «رسول الله» نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللََّهِ}
(سورة النساء الآية 171).
كما أن لفظ الجلالة: «الله» يفخم إذا جاء أول الكلام نحو قوله تعالى:
{اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (سورة البقرة الآية 255).
ويرقق لفظ الجلالة: «الله» إذا وقع بعد كسر نحو قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمََانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} (سورة النمل الآية 30).
كما أخبر الناظم أن اسم الله تعالى: «الله» إذا وقع بعد حرف ممال فإنه يجوز فيه التفخيم، والترقيق نحو:
1 «نرى الله» من قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يََا مُوسى ََ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتََّى نَرَى اللََّهَ جَهْرَةً} (سورة البقرة الآية 55).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 115114.(1/354)
2 «وسيرى الله» من قوله تعالى: {وَسَيَرَى اللََّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} (سورة التوبة الآية 94). على قراءة «السوسي» والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما.
أمّا إذا وقع اسم الله تعالى: «الله» بعد حرف مرقق نحو:
1 «أفغير الله» من قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللََّهِ أَبْتَغِي حَكَماً} (سورة الأنعام الآية 114).
2 «ولذكر الله» من قوله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللََّهِ أَكْبَرُ} (سورة العنكبوت الآية 45) على قراءة ترقيق الراء ل «الأزرق» فإنه لا يجوز فيه سوى التفخيم وهذا هو القول الصحيح، وقد قرأت به والحمد لله رب العالمين.
تمّ باب اللامات ولله الحمد والشكر(1/355)
تمّ باب اللامات ولله الحمد والشكر
«باب الوقف على أواخر الكلم»
اعلم أن للوقف عند أئمة القراءة تسعة أوجه وهي: الإلحاق، والإثبات، والحذف، والإدغام، والنقل، والإبدال، والسكون، والروم، والإشمام:
فالإلحاق: يكون فيما يلحق آخر الكلم من «هاءات السكت» وسيأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى في باب: «الوقف على مرسوم الخط».
والإثبات: يكون فيما يثبت من الياءات المحذوفة، وسيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله تعالى في باب: «الوقف على مرسوم الخط، وباب مذاهبهم في ياءات الزوائد».
والحذف: يكون فيما يحذف من الياءات، وسيأتي الحديث عن ذلك بإذن الله تعالى في باب: «الوقف على مرسوم الخط، وباب مذاهبهم في ياءات الزوائد».
والإدغام: يكون فيما يدغم من الياءات، والواوات في «الهمز» بعد إبداله حرفا مماثلا لما قبله، وقد تقدم بيان ذلك في باب «وقف حمزة وهشام على الهمز».
والنقل: يكون في نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وقفا كما تقدم في باب «وقف حمزة وهشام على الهمز».
والإبدال: يكون في ثلاثة أنواع:
أحدها: يكون في الاسم المنون المنصوب، إذ يوقف عليه بإبدال التنوين ألفا.(1/357)
والإبدال: يكون في ثلاثة أنواع:
أحدها: يكون في الاسم المنون المنصوب، إذ يوقف عليه بإبدال التنوين ألفا.
والثاني: يكون في الاسم المؤنث بالتاء في الوصل ويوقف عليه بالهاء بدلا من التاء إذا كان الاسم مفردا.
والثالث: إبدال حرف المدّ من الهمزة المتطرفة إذا كانت بعد الألف كما تقدم في باب: «وقف حمزة، وهشام على الهمز».
وهذا الباب لم يقصد فيه شيء من هذه الأوجه الستّة المتقدمة، وإنما قصد فيه بيان ما يجوز الوقف عليه بالسكون المحض، أو بالروم، أو بالإشمام وهذا ما سأجليه بإذن الله تعالى فيما يأتي:
قال ابن الجزري:
والأصل في الوقف السّكون ولهم ... في الرّفع والضّمّ اشممنّه ورم
وامنعهما في النّصب والفتح بلى ... في الجرّ والكسر يرام مسجلا
والرّوم الاتيان ببعض الحركة ... إشمامهم إشارة لا حركه
وعن أبي عمرو وكوف وردا ... نصّا وللكلّ اختيارا أسندا
وخلف ها الضّمير وامنع في الأتم ... من بعد يا أو واو وكسر وضم
وهاء تأنيث وميم الجمع مع ... عارض تحريك كلاهما امتنع
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن الأصل في الوقف السكون. وإنما كان الأصل في الوقف على الكلم المتحرك وصلا السكون لأنّ معنى الوقف:
الترك والقطع من قولهم: وقفت عن كلام فلان: أي تركته وقطعته، ولأن الوقف ضدّ الابتداء فلما اختصّ الابتداء بالحركة كذلك اختصّ الوقف بالسكون، فهو عبارة عن تفريغ الحرف من الحركات الثلاث، وذلك لغة أكثر العرب، وكثير من القراء.
واعلم أن الوقف على أواخر الكلم انقسم ثلاثة أقسام:
الأول: لا يوقف عليه إلا بالسكون المحض، أي المجرد من الروم، والإشمام، وهو خمسة أصناف:
أولها: ما كان ساكنا في الوصل نحو: «تقهر، وتنهر» من قوله تعالى:(1/358)
الأول: لا يوقف عليه إلا بالسكون المحض، أي المجرد من الروم، والإشمام، وهو خمسة أصناف:
أولها: ما كان ساكنا في الوصل نحو: «تقهر، وتنهر» من قوله تعالى:
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلََا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السََّائِلَ فَلََا تَنْهَرْ} (سورة الضحى الآيتان 109).
ثانيها: ما كان في الوصل متحركا بالفتح غير منون، ولم تكن حركته منقولة، نحو: «ريب» من قوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ} (سورة البقرة الآية 2). وذلك لخفة الفتحة ونحو: «يؤمنون» نحو قوله تعالى: {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة الآية 6).
ثالثها: الهاء التي تلحق الأسماء في الوقف بدلا من تاء التأنيث نحو:
«الجنة» نحو قوله تعالى: {وَقُلْنََا يََا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (سورة البقرة الآية 35). ونحو: «رحمة» نحو قوله تعالى: {أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوََاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (سورة البقرة الآية 157). لأن الوقف حينئذ إنما هو على حرف ليس عليه إعراب بل هو بدل من الحرف الذي كان عليه الإعراب.
أمّا إذا وقف عليه بالتاء اتباعا لخط المصحف فيما كتب من ذلك بالتاء كما سيأتي في باب «الوقف على مرسوم الخط» فإنه يجوز الوقف عليه بالروم، والإشمام، لأن الوقف إذ ذاك على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له فيسوغ فيه «الروم، والإشمام».
رابعها: ميم الجمع في قراءة من ضمها ووصلها بواو نحو:
1 «لكم» نحو قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} (سورة البقرة الآية 75).
2 - ونحو: «بعضهم إلى بعض» من قوله تعالى: {وَإِذََا خَلََا بَعْضُهُمْ إِلى ََ بَعْضٍ} (سورة البقرة الآية 76).
وكذلك لا يجوز في ميم الجمع «الروم، والإشمام»، على قراءة من لم يصلها بواو لأنها حينئذ ساكنة، وفي حالة صلتها بواو عرملت كالذي تحرك لالتقاء الساكنين، إذا الحركة عارضة وليست أصلية.
خامسها: المتحرك في الوصل بحركة عارضة: إمّا بالتقاء الساكنين نحو:
1 «ولقد استهزئ» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ}
(سورة الأنعام الآية 10).(1/359)
خامسها: المتحرك في الوصل بحركة عارضة: إمّا بالتقاء الساكنين نحو:
1 «ولقد استهزئ» نحو قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ}
(سورة الأنعام الآية 10).
2 «قم الليل» من قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلََّا قَلِيلًا} (سورة المزمل الآية 2).
وإمّا بالنقل نحو:
1 «من إستبرق» نحو قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلى ََ فُرُشٍ بَطََائِنُهََا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}
(سورة الرحمن الآية 54).
2 {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} (سورة الجن الآية 1).
ويلحق به: «يومئذ، وحينئذ» لأن كسرة الذال إنما عرضت عند لحاق التنوين، فإذا زال التنوين في الوقف رجعت «الذال» إلى أصلها من السكون.
القسم الثاني: ما يجوز فيه الوقف بالسكون وبالروم، ولا يجوز الوقف بالإشمام، وهو ما كان في الوصل متحركا بالكسر سواء كانت الكسرة للإعراب، أو للبناء نحو:
1 «من الناس» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمََا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (سورة البقرة الآية 8).
2 «فارهبون» نحو قوله تعالى: {وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ} (سورة البقرة الآية 40).
وكذلك ما كانت الكسرة فيه منقولة من حرف حذف من نفس الكلمة كما في وقف حمزة وهشام على نحو: «بين المرء» من قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ} (سورة الأنفال الآية 24).
القسم الثالث: ما يجوز الوقف عليه بالسكون، وبالروم، وبالإشمام، وهو ما كان في الوصل متحركا بالضم، ما لم تكن الضمة منقولة من كلمة أخرى، أو لالتقاء الساكنين، وهذا يشمل حركة الإعراب، وحركة البناء، والحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة:
فمثال حركة الإعراب: «عذاب عظيم» نحو قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (سورة البقرة الآية 7).
ومثال حركة البناء: «قبل، وبعد» نحو قوله تعالى: {لِلََّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (سورة الروم الآية 4).(1/360)
فمثال حركة الإعراب: «عذاب عظيم» نحو قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (سورة البقرة الآية 7).
ومثال حركة البناء: «قبل، وبعد» نحو قوله تعالى: {لِلََّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (سورة الروم الآية 4).
ومثال الحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة: «دفء» من قوله تعالى: {وَالْأَنْعََامَ خَلَقَهََا لَكُمْ فِيهََا دِفْءٌ} (سورة النحل الآية 5). حالة وقف حمزة وهشام.
أمّا «هاء الضمير» فقد اختلف القراء في الوقف عليها بالروم والإشمام:
فذهب كثير من أهل الأداء إلى الإشارة فيها مطلقا.
وذهب آخرون إلى المنع مطلقا.
وذهب كثير من المحققين إلى التفصيل فمنع الإشارة بالروم، والاشمام فيها إذا كان قبلها: «ياء أو واو، أو كسر أو ضمّ» نحو:
1 «فيه» نحو قوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ} (سورة البقرة الآية 2).
2 «خذوه» نحو قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} (سورة الحاقة الآية 30).
3 «به» نحو قوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} (سورة البقرة الآية 26).
4 «أمره» نحو قوله تعالى: {فَلَهُ مََا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 275).
والمذهب الأخير أعدل المذاهب وأتمها.
ومعنى قول الناظم:
وعن أبي عمرو وكوف وردا ... نصّا وللكلّ اختيارا أسندا
أي أنه ورد النصّ بالوقف بالروم، والإشمام. (1)
__________
(1) الروم: هو الإتيان ببعض الحركة بصوت خفيّ يسمعه القريب دون البعيد، ويكون في المجرور، والمكسور، والمرفوع، والمضموم. وفائدته بيان حركة الحرف الموقوف عليه حالة الوصل.
والإشمام: هو الإشارة بالشفتين إلى جهة الضمّ بعد تسكين الحرف بدون صوت يدركه المبصر.(1/361)
عن «أبي عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بإجماع علماء القراءات. أمّا «عاصم» فقد اختلف عنه في ذلك:
فرواه عنه نصّا «الحافظ أبو عمرو الداني» وكذلك حكاه عنه «ابن شيطا» عن أئمة العراق، وكذلك رواه «الشطوى» نصّا عن أصحابه، وهو الصحيح عنه.
وأمّا غير هؤلاء فلم يأت عنهم في ذلك نصّ، إلّا أن أئمة أهل الأداء، اختاروا الأخذ بالروم، والإشمام لجميع القراء.
فصار الأخذ بالروم، والإشمام لجميع القراء جائزا بشروط مخصوصة، وفي مواضع معروفة، وقد تقدم بيان ذلك، والله أعلم (1).
تمّ باب الوقف على أواخر الكلم ولله الحمد والشكر
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 122.(1/362)
«باب الوقف على مرسوم الخط»
أصل الرسم الأثر، ومعنى مرسوم الخط: ما أثره الخط: أي خط المصاحف العثمانية التي كتبت زمن الخليفة الثالث: «عثمان بن عفان» ت 35هـ رضي الله عنه. فقد انتدب «عثمان» رضي الله عنه للقيام بكتابة المصاحف أربعة من خيرة الصحابة، ومن حفاظ القرآن وهم:
1 «زيد بن ثابت» ت 45هـ رضي الله عنه، وهو من الأنصار، ومن كتاب الوحي للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو الذي قام بمهمة جمع القرآن لأوّل مرة زمن خلافة «أبي بكر الصديق» رضي الله عنه.
2 «عبد الرحمن بن الحارث بن هشام» ت 43هـ رضي الله عنه.
3 «سعيد بن العاص» ت 58هـ رضي الله عنه.
4 «عبد الله بن الزبير» ت 73هـ رضي الله عنه.
وهؤلاء الثلاثة قرشيون.
وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على كتابة المصاحف وفقا للكيفية التي نفذها «زيد بن ثابت» ومن معه من الصحابة (1).
والمراد بالخط: الكتابة، وهو على قسمين: قياسي، واصطلاحي:
فالقياسي: ما طابق فيه الخط اللفظ. والاصطلاحي: ما خالفه بزيادة، أو
__________
(1) انظر: في رحاب القرآن للدكتور / محمد سالم محيسن ج 1/ 157.(1/363)
حذف، أو بدل، أو وصل، أو فصل، وله قوانين وأصول يحتاج إلى معرفتها، وبيان ذلك مستوفى في أبواب الهجاء من كتب العربية.
وأكثر خط المصاحف موافق لتلك القوانين، إلا أنه جاءت أشياء خارجة عن ذلك يلزم اتباعها، ولا يتعدى إلى سواها، منها ما عرفت علته، ومنها ما خفيت، وقد صنّف العلماء في ذلك كتبا كثيرة مشهورة، وقد أجمع علماء القراءات على لزوم اتباع مرسوم المصاحف فيما تدعو الحاجة إليه، فيوقف على الكلمة كما رسمت خطا باعتبار الأواخر من الإبدال، والحذف، والإثبات، وغير ذلك من قطع، ووصل: فما كتب من كلمتين مفصولتين جاز الوقف على كل منهما، وما كتب من كلمتين موصولتين لم يوقف إلّا على الثانية منهما. هذا هو الذي عليه العمل عن أئمة الأمصار في كل الأعصار. وقد ورد ذلك نصّا وأداء عن «نافع، وأبي عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبي جعفر، وخلف البزار».
ورواه كذلك نصّا «الأهوازي» وغيره عن «ابن عامر». ورواه كذلك أئمة العراقيين عن كل القراء بالنص والأداء. وهو المختار عند جميع علماء القراءات، ولا يوجد نصّ بخلافه (1).
قال ابن الجزري:
وقف لكلّ باتّباع ما رسم ... حذفا ثبوتا اتّصالا في الكلم
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بالوقف لجميع القراء على «وفق» ما رسم في المصاحف العثمانية من الحذف، والإثبات، والاتصال، والانفصال، فمثال ما حذف ألف «حاش» نحو قوله تعالى: {قُلْنَ حََاشَ لِلََّهِ مََا عَلِمْنََا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} (سورة يوسف الآية 51) إذ حذفت الألف التي بعد الشين.
ومن المحذوف أيضا: «ياء الصلة، وواو الصلة» نحو:
__________
(1) انظر في ذلك ما قاله صاحب النشر في القراءات العشر ج 2/ 128.(1/364)
1 «به» نحو قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ} (سورة البقرة الآية 22).
2 «إنه» نحو قوله تعالى: {فَتََابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ} (سورة البقرة الآية 37).
ومثال ما ثبت رسما الهاء من «كتبيه، حسابيه» من قوله تعالى: {فَيَقُولُ هََاؤُمُ اقْرَؤُا كِتََابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلََاقٍ حِسََابِيَهْ} (سورة الحاقة الآيتان 2019).
ومثال ما اتصل رسما: «ألّا» من قوله تعالى: {أَلََّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (سورة النمل الآية 31).
ومثال ما انفصل رسما: «إنّ» عن «لم» نحو قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (سورة البقرة الآية 24).
قال ابن الجزري:
لكن حروف عنهمو فيها اختلف ... كهاء أنثى كتبت تاء فقف
بالها رجا حقّ ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن القراء اختلفوا في الوقف على حروف بأعيانها: فمنهم من وقف عليها تبعا لخط المصحف العثماني. ومنهم من وقف عليها تبعا للرواية التي قرأ بها، وتلقاها عن شيوخه مخالفا بذلك خط المصحف.
مثال ذلك: اختلافهم في «هاء التأنيث» التي كتبت بالتاء: وذلك على قسمين:
1 - قسم اتفقوا على قراءته بالإفراد.
2 - وقسم اختلفوا في قراءته: فمنهم من قرأه بالإفراد، ومنهم من قرأه بالجمع:
فالقسم الذي اتفقوا على قراءته بالإفراد ينحصر في أصل مطرد وكلمات مخصوصة:
فالأصل المطرد المتفق على قراءته بالإفراد جملته في القرآن أربع عشرة كلمة: تكرر منها ستّ كلمات وهي:(1/365)
فالقسم الذي اتفقوا على قراءته بالإفراد ينحصر في أصل مطرد وكلمات مخصوصة:
فالأصل المطرد المتفق على قراءته بالإفراد جملته في القرآن أربع عشرة كلمة: تكرر منها ستّ كلمات وهي:
الكلمة الأولى «رحمت» كتبت بالتاء في سبعة مواضع وهي:
1 «رحمت الله» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 218).
2 «إن رحمت الله» من قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللََّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}
(سورة الأعراف الآية 56).
3 «رحمت الله» من قوله تعالى: {رَحْمَتُ اللََّهِ وَبَرَكََاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}
(سورة هود الآية 73).
4 «رحمت ربك» من قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيََّا} (سورة مريم الآية 2).
5 «رحمت الله» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلى ََ آثََارِ رَحْمَتِ اللََّهِ} (سورة الروم الآية 50).
6 «رحمت ربك» من قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} (سورة الزخرف الآية 32).
7 «ورحمت ربك» من قوله تعالى: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (سورة الزخرف الآية 32).
الكلمة الثانية «نعمت» كتبت بالتاء في أحد عشر موضعا وهي:
1 «نعمت الله» من قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَمََا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتََابِ وَالْحِكْمَةِ} (سورة البقرة الآية 231).
2 «نعمت الله» من قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدََاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} (سورة آل عمران الآية 103).
3 «نعمت الله» من قوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} (سورة المائدة الآية 11).
4 «نعمت الله» من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً}
(سورة إبراهيم الآية 28).
5 «نعمت الله» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (سورة إبراهيم الآية 34).(1/366)
4 «نعمت الله» من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً}
(سورة إبراهيم الآية 28).
5 «نعمت الله» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (سورة إبراهيم الآية 34).
6 {وَبِنِعْمَتِ اللََّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} (سورة النحل الآية 72).
7 «نعمت الله» من قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللََّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهََا} (سورة النحل الآية 83).
8 «نعمت الله» من قوله تعالى: {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيََّاهُ تَعْبُدُونَ}
(سورة النحل الآية 114).
9 «بنعمت الله» من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللََّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيََاتِهِ} (سورة لقمان الآية 31).
10 «نعمت الله» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خََالِقٍ غَيْرُ اللََّهِ} (سورة فاطر الآية 3).
11 «بنعمت ربك» من قوله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمََا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكََاهِنٍ وَلََا مَجْنُونٍ} (سورة الطور الآية 29).
الكلمة الثالثة: «امرأت» كتبت بالتاء في سبعة مواضع وهي:
1 {إِذْ قََالَتِ امْرَأَتُ عِمْرََانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مََا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} (سورة آل عمران الآية 35).
2 «امرأت العزيز» من قوله تعالى: {وَقََالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرََاوِدُ فَتََاهََا عَنْ نَفْسِهِ} (سورة يوسف الآية 30).
3 «امرأت العزيز» من قوله تعالى: {قََالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} (سورة يوسف الآية 51).
4 «امرأت فرعون» من قوله تعالى: {وَقََالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (سورة القصص الآية 9).
65 {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} من قوله تعالى: {ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} (سورة التحريم الآية 10).
7 «امرأت فرعون» من قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} (سورة التحريم الآية 11).
الكلمة الرابعة: «سنت» كتبت بالتاء في خمسة مواضع وهي:(1/367)
7 «امرأت فرعون» من قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} (سورة التحريم الآية 11).
الكلمة الرابعة: «سنت» كتبت بالتاء في خمسة مواضع وهي:
1 «سنت الأولى» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ}
(سورة الأنفال الآية 38).
432 {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللََّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللََّهِ تَحْوِيلًا} (سورة فاطر الآية 43).
5 «سنت الله» من قوله تعالى: {سُنَّتَ اللََّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبََادِهِ} (سورة غافر الآية 85).
الكلمة الخامسة «لعنت» كتبت بالتاء في موضعين وهما:
1 «لعنت الله» من قوله تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَى الْكََاذِبِينَ}
(سورة آل عمران الآية 61).
2 «أن لعنت الله عليه» من قوله تعالى: {وَالْخََامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَيْهِ إِنْ كََانَ مِنَ الْكََاذِبِينَ} (سورة النور الآية 7).
الكلمة السادسة «معصيت» وقد كتبت بالتاء في موضعين وهما:
1 «ومعصيت الرسول» من قوله تعالى: {وَيَتَنََاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ} (سورة المجادلة الآية 8).
2 «ومعصيت الرسول» من قوله تعالى: {فَلََا تَتَنََاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ} (سورة المجادلة الآية 9).
وغير المكرر المتفق على قراءته بالإفراد سبع كلمات وهي:
1 «كلمت» من قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ بِمََا صَبَرُوا} (سورة الأعراف الآية 137).
2 «بقيت» من قوله تعالى: {بَقِيَّتُ اللََّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (سورة هود الآية 86).
3 «قرت» من قوله تعالى: {وَقََالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (سورة القصص الآية 9).
4 «فطرت» من قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللََّهِ الَّتِي فَطَرَ النََّاسَ عَلَيْهََا} (سورة الروم الآية 30).(1/368)
3 «قرت» من قوله تعالى: {وَقََالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (سورة القصص الآية 9).
4 «فطرت» من قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللََّهِ الَّتِي فَطَرَ النََّاسَ عَلَيْهََا} (سورة الروم الآية 30).
5 «شجرت» من قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} (سورة الدخان الآية 43).
6 «جنت» من قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (سورة الواقعة الآية 89).
7 «ابنت» من قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرََانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهََا}
(سورة التحريم الآية 12).
وقد أمر الناظم بالوقف على هذا القسم المتفق على قراءته بالإفراد «بالهاء» للمرموز له بالراء من «رجا» ومدلول «حقّ» وهم: «الكسائي، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب». ووقف الباقون على هذا القسم «بالتاء» تبعا للرسم وهم:
«نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر، وخلف العاشر».
والقسم الذي اختلف فيه القراء: فبعضهم قرأه بالإفراد، والبعض الآخر قرأه بالجمع ثمان كلمات وهي:
الكلمة الأولى: «كلمت» وقد جاء الخلاف فيها بين الإفراد والجمع في أربعة مواضع وهي:
1 - وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلمته (سورة الأنعام الآية 115).
2 {كَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس الآية 33).
3 {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس الآية 96).
4 {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحََابُ النََّارِ} (سورة غافر الآية 6).
الكلمة الثانية «ءايت» من قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} (سورة يوسف الآية 7).
الكلمة الثالثة «غيبت» وقد جاءت في موضعين وهما قوله تعالى:
1 {وَأَلْقُوهُ فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيََّارَةِ} (سورة يوسف الآية 10).(1/369)
الكلمة الثالثة «غيبت» وقد جاءت في موضعين وهما قوله تعالى:
1 {وَأَلْقُوهُ فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيََّارَةِ} (سورة يوسف الآية 10).
2 {فَلَمََّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ} (سورة يوسف الآية 15).
الكلمة الرابعة: «ءايت» من قوله تعالى: {وَقََالُوا لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيََاتٌ مِنْ رَبِّهِ} (سورة العنكبوت الآية 50).
الكلمة الخامسة: «الغرفت» من قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ}
(سورة سبأ الآية 37).
الكلمة السادسة: «بيّنت» من قوله تعالى: {أَمْ آتَيْنََاهُمْ كِتََاباً فَهُمْ عَلى ََ بَيِّنَةٍ مِنْهُ} (سورة فاطر الآية 40).
الكلمة السابعة: «ثمرت» من قوله تعالى: {وَمََا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا} (سورة فصلت الآية 47).
الكلمة الثامنة: «جملت» من قوله تعالى: كأنه جمالت صفر (سورة المرسلات الآية 33).
فمن قرأ شيئا من ذلك بالإفراد وكان مذهبه الوقف «بالهاء» كما تقدم وقف «بالهاء» وإن كان مذهبه الوقف «بالتاء» وقف «بالتاء».
ومن قرأه بالجمع وقف عليه بالتاء كسائر الجموع.
وسيأتي الكلام على هذه الكلمات الثماني مفصلا في أماكنها وسورها بإذن الله تعالى.
قال ابن الجزري: وقد أجمعت المصاحف على كتابة ذلك كله بالتاء، إلّا ما ذكره «الحافظ أبو عمرو الداني» في الحرف الثاني من «يونس» وهو: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} (الآية 96).
قال: تأملته في مصاحف «أهل العراق» فرأيته مرسوما «بالهاء». وكذلك اختلف أيضا في قوله تعالى في «غافر» (الآية 6) {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}
فكتابته بالهاء على قراءة الإفراد بلا نظر، وكتابته بالتاء على مراد الجمع، ويحتمل
أن يراد الإفراد ويكون كنظائره مما كتب بالتاء مفردا، ولكن الذي هو في مصاحفهم بالتاء قرءوه بالجمع. والله أعلم.(1/370)
قال: تأملته في مصاحف «أهل العراق» فرأيته مرسوما «بالهاء». وكذلك اختلف أيضا في قوله تعالى في «غافر» (الآية 6) {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}
فكتابته بالهاء على قراءة الإفراد بلا نظر، وكتابته بالتاء على مراد الجمع، ويحتمل
أن يراد الإفراد ويكون كنظائره مما كتب بالتاء مفردا، ولكن الذي هو في مصاحفهم بالتاء قرءوه بالجمع. والله أعلم.
ويلتحق بهذه الأحرف «حصرت صدورهم» في النساء رقم الآية 90قرأ «يعقوب» بالتنوين والنصب على أنه اسم مؤنث. وقد نص عليه «أبو العز القلانسي، وأبو الحسن طاهر بن غلبون، والحافظ أبو عمرو الداني» وغيرهم أن الوقف عليه بالهاء، وذلك على أصله في الباب.
ونصّ «أبو طاهر بن سوار» وغيره على أن الوقف بالتاء لكلهم. وذلك يقتضي التاء له.
وسكت آخرون فلم ينصوا فيه كالحافظ أبي العلاء وغيره. وقال «سبط الخياط» في «المبهج»: والوقف بالتاء إجماع لأنه كذلك في المصحف، قال: ويجوز الوقف عليه بالهاء في قراءة «يعقوب» مثل «كلمة ووجلة» وهذا يقتضي الوقف عنده على ما كتب «تاء» بها كما قدمنا، والله أعلم اهـ (1).
قال ابن الجزري:
وذات بهجه ... واللّات مرضات ولات رجّه
هيهات هد زن خلف راض يا أبه ... دم كم ثوى
المعنى: هذا شروع من المؤلف في ذكر الكلمات المخصوصة المتفق على قراءتها بالإفراد وهي ستّ كلمات وهي:
1 «ذات بهجة» من قوله تعالى: {فَأَنْبَتْنََا بِهِ حَدََائِقَ ذََاتَ بَهْجَةٍ} (سورة النمل الآية 60). وقد أضاف الناظم «ذات» إلى «بهجة» احترازا من: «ذات بينكم» من قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللََّهَ وَأَصْلِحُوا ذََاتَ بَيْنِكُمْ} (سورة الأنفال الآية 1) ونحوها، فإنه لا خلاف فيها.
2 «اللات» من قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللََّاتَ وَالْعُزََّى} (سورة النجم الآية 19).
3 «مرضات» نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} (سورة البقرة الآية 207).
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر ج 2/ 131.(1/371)
4 «لات» من قوله تعالى: {فَنََادَوْا وَلََاتَ حِينَ مَنََاصٍ} (سورة ص الآية 3).
5 {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ لِمََا تُوعَدُونَ} (سورة المؤمنون الآية 36).
6 «أبت» نحو قوله تعالى: {إِذْ قََالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يََا أَبَتِ} (سورة يوسف الآية 4).
وقد أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رجّه» وهو: «الكسائي» وقف على الكلمات الأربع الأول بالهاء وهي: «ذات بهجة، اللات، مرضات، لات».
ووقف الباقون عليها بالتاء تبعا للرسم.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالهاء من «هد» والزاي من «زن» والراء من «راض» وهم: «البزي، والكسائي، وقنبل» بخلف عنه وقفوا على «هيهات» معا بالهاء.
ووقف الباقون عليهما بالتاء، وهو الوجه الثاني ل «قنبل».
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دم» والكاف من «كم» ومدلول «ثوى» وهم: «ابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» وقفوا على «أبت» حيثما وقعت بالهاء.
ووقف الباقون عليها بالتاء تبعا للرسم.
قال ابن الجزري:
... فيمه لمه عمّه بمه
ممّه خلاف هب ظبّى وهي وهو ... ظلّ وفي مشدّد اسم خلفه
نحو اليّ هنّ والبعض نقل ... بنحو عالمين موفون وقل
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالهاء من «هب» والظاء من «ظبى» وهما: «البزي، ويعقوب» وقفا على الكلمات الآتية بهاء السكت بخلف عنهما.
ووقف الباقون بحذف الهاء، وهو الوجه الثاني لكل من: «البزي، ويعقوب» والكلمات هي:
1 «فيم» نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرََاهََا} (سورة النازعات الآية 43).(1/372)
ووقف الباقون بحذف الهاء، وهو الوجه الثاني لكل من: «البزي، ويعقوب» والكلمات هي:
1 «فيم» نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرََاهََا} (سورة النازعات الآية 43).
2 «لم» نحو قوله تعالى: {عَفَا اللََّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (سورة التوبة الآية 43).
3 «عمّ» من قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسََاءَلُونَ} (سورة النبأ الآية 1).
4 «بم» نحو قوله تعالى: {فَنََاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (سورة النمل الآية 35).
5 «ممّ» من قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسََانُ مِمَّ خُلِقَ} (سورة الطارق الآية 5).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظلّ» وهو: «يعقوب» وقف بهاء السكت بخلف عنه على الأسماء المبنيّة المشدّدة نحو:
1 «إليّ» نحو قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (سورة لقمان الآية 14).
2 «هنّ» نحو قوله تعالى: {هُنَّ لِبََاسٌ لَكُمْ} (سورة البقرة الآية 187).
3 «عليّ» من قوله تعالى: {هََذََا صِرََاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} (سورة الحجر الآية 41).
4 «لديّ» نحو قوله تعالى: {إِنِّي لََا يَخََافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} (سورة النمل الآية 10).
5 «بيديّ» من قوله تعالى: {قََالَ يََا إِبْلِيسُ مََا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمََا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (سورة ص الآية 75).
6 «حملهنّ» نحو قوله تعالى: {وَأُولََاتُ الْأَحْمََالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}
(سورة الطلاق الآية 4).
7 «مثلهنّ» من قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (سورة الطلاق الآية 12).
ووقف الباقون من القراء بعدم هاء السكت، وهو الوجه الثاني ليعقوب.
ثم أخبر الناظم أن الذي عاد عليه الضمير في قوله: «خلفه» وهو:
«يعقوب» وقف بهاء السكت بخلف عنه على «النون» من جمع المذكر السالم سواء كان مرفوعا أو منصوبا، أو مجرورا نحو:
1 «المفلحون» نحو قوله تعالى: {وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة البقرة الآية 5).
2 «صدقين» نحو قوله تعالى: {وَادْعُوا شُهَدََاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 23).(1/373)
1 «المفلحون» نحو قوله تعالى: {وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة البقرة الآية 5).
2 «صدقين» نحو قوله تعالى: {وَادْعُوا شُهَدََاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللََّهِ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (سورة البقرة الآية 23).
3 «بمؤمنين» نحو قوله تعالى: {وَمََا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (سورة البقرة الآية 8).
ووقف الباقون بعدم هاء السكت، وهو الوجه الثاني ليعقوب، وهو الراجح عنه، والوجهان صحيحان وقد قرأت بهما.
قال ابن الجزري:
وويلتا وحسرتى وأسفى ... وثمّ غر خلفا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالغين من «غر» وهو: «رويس» وقف بهاء السكت على الكلمات الآتية بخلف عنه وهي:
1 «يويلتى» نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا وَيْلَتى ََ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرََابِ} (سورة المائدة الآية 31).
2 «يحسرتى» من قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ} (سورة الزمر الآية 56).
3 «يأسفى» من قوله تعالى: {وَقََالَ يََا أَسَفى ََ عَلى ََ يُوسُفَ} (سورة يوسف الآية 84).
4 «ثمّ» الظرفية نحو قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنََا ثَمَّ الْآخَرِينَ} (سورة الشعراء الآية 64).
وقرأ الباقون بعدم هاء السكت، وهو الوجه الثاني ل «رويس».
قال ابن الجزري:
... ووصلا حذفا
سلطانية وماليه وماهيه ... في ظاهر كتابيه حسابيه
ظنّ اقتده شفا ظبا ويتسن ... عنهم
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «في» والظاء من «ظاهر»
وهما: «حمزة، ويعقوب» حذفا «الهاء» حالة الوصل من الكلمات الثلاث الآتية، وأثبتاها حالة الوقف:(1/374)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «في» والظاء من «ظاهر»
وهما: «حمزة، ويعقوب» حذفا «الهاء» حالة الوصل من الكلمات الثلاث الآتية، وأثبتاها حالة الوقف:
1 «سلطنيه» من قوله تعالى: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطََانِيَهْ} (سورة الحاقة الآية 29).
2 «ماليه» من قوله تعالى: {مََا أَغْنى ََ عَنِّي مََالِيَهْ} (سورة الحاقة الآية 28).
3 «ماهيه» من قوله تعالى: {وَمََا أَدْرََاكَ مََا هِيَهْ} (سورة القارعة الآية 10).
وقرأ الباقون بإثبات الهاء وصلا، ووقفا.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظنّ» وهو: «يعقوب» حذف الهاء حالة الوصل من الكلمتين الآتيتين، وأثبتها حالة الوقف والكلمتان هما:
1 «كتبيه» نحو قوله تعالى: {فَيَقُولُ هََاؤُمُ اقْرَؤُا كِتََابِيَهْ} (سورة الحاقة الآية 19).
2 «حسابيه» نحو قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلََاقٍ حِسََابِيَهْ} (سورة الحاقة الآية 20).
وقرأ الباقون باثبات الهاء فيهما وصلا ووقفا.
ثم أخبر الناظم أن مدلول «شفا» والمرموز له بالظاء من «ظبا» وهم:
«حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب» حذفوا الهاء وصلا، وأثبتوها وقفا من «اقتده» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللََّهُ فَبِهُدََاهُمُ اقْتَدِهْ} (سورة الأنعام الآية 90) وأثبتها الباقون في الحالين.
ثم أخبر الناظم أن من عاد عليهم الضمير في «عنهم» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب» حذفوا «الهاء» وصلا، وأثبتوها وقفا من «يتسنه» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلى ََ طَعََامِكَ وَشَرََابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} (سورة البقرة الآية 259). وأثبتها الباقون في الحالين.
قال ابن الجزري:
... وكسرها اقتده كس أشبعن
من خلفه ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كس» وهو: «ابن عامر» قرأ بكسر الهاء من «اقتده». ثم أمر الناظم بإشباع كسرة «هاء» اقتده للمرموز له بالميم من «من» وهو «ابن ذكوان» بخلف عنه.(1/375)
وكسرها اقتده كس أشبعن
من خلفه ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كس» وهو: «ابن عامر» قرأ بكسر الهاء من «اقتده». ثم أمر الناظم بإشباع كسرة «هاء» اقتده للمرموز له بالميم من «من» وهو «ابن ذكوان» بخلف عنه.
وقرأ الباقون غير «ابن عامر» بسكون هاء «اقتده».
قال ابن الجزري:
أيّا بأيّا ما غفل ... رضى وعن كلّ كما الرّسم أجل
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالغين من «غفل» ومدلول «رضىّ» وهم: «رويس، وحمزة، والكسائي» يقفون على «أيّا» مفصولا عن «ما» من قوله تعالى: {أَيًّا مََا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمََاءُ الْحُسْنى ََ} تبعا لرسم المصحف العثماني. (سورة الإسراء الآية 110).
وأن الباقين يقفون على «أيّا ما» أي على «ما» موصولا ب «أيّا».
ومعنى قول «ابن الجزري»: «وعن كلّ كما الرّسم أجل»: أي يجوز الوقف على كلّ من «أيّا» و «ما» لسائر القراء اتباعا للرسم، لأنهما كلمتان منفصلتان رسما.
وقد قال «ابن الجزري» في «النشر» بعد كلام فيه إطناب: «فظهر أن الوقف جائز لجميعهم على كل من كلمتين «أيّا، ما» كسائر الكلمات المفصولات في الرسم، وهذا الذي نراه، ونختاره، ونأخذ به تبعا لسائر أئمة القراءة» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
كذاك ويكأنّه وويكأن ... وقيل بالكاف حوى والياء رن
المعنى: أي كذلك الأولى الوقف على كلّ من:
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر ج 2/ 146145).(1/376)
1 «ويكأنه» من قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لََا يُفْلِحُ الْكََافِرُونَ} (سورة القصص الآية 82).
2 «ويكأن» من قوله تعالى: {يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللََّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ وَيَقْدِرُ} (سورة القصص الآية 82). وعلى وفق الرسم العثماني، فقد رسم كلّ منهما كلمة واحدة، وذلك لجميع القراء.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حوى» وهو: «أبو عمرو» وقف على «الكاف» من الكلمتين.
وأن المرموز له بالراء من «رن» وهو: «الكسائي» وقف على «الياء» من الكلمتين.
قال «ابن الجزري» بعد كلام فيه إطناب: «فالوقف عندهم على الكلمة بأسرها، وهذا هو الأولى، والمختار في مذاهب الجميع اقتداء بالجمهور، وأخذا بالقياس الصحيح» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
ومال سال الكهف فرقان النّسا ... قيل على ما حسب حفظه رسا
المعنى: أخبر الناظم أن القراء اختلفوا في الوقف على «مال»: هل يقفون على «اللام» حيث كتبت مفصولة عما بعدها، أو يقفون على «ما»، وقد جاءت هذه الكلمة في أربعة مواضع وهي:
1 {فَمََا لِهََؤُلََاءِ الْقَوْمِ لََا يَكََادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} (سورة النساء الآية 78).
2 {وَيَقُولُونَ يََا وَيْلَتَنََا مََا لِهََذَا الْكِتََابِ لََا يُغََادِرُ صَغِيرَةً وَلََا كَبِيرَةً إِلََّا أَحْصََاهََا} (سورة الكهف الآية 49).
3 {وَقََالُوا مََا لِهََذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعََامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوََاقِ} (سورة الفرقان الآية 7).
4 {فَمََا لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} (سورة المعارج الآية 36).
__________
(1) أنظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 152.(1/377)
وقد أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حفظه» والراء من «رسا» وهما:
«أبو عمرو، والكسائي» يقفان على «ما» بخلف عنهما. والباقون يقفون على «اللام» وهو الوجه الثاني لكلّ من «أبي عمرو والكسائي».
قال «ابن الجزري»: وهذه الكلمات قد كتبت لام الجرّ فيها مفصولة ممّا بعدها فيحتمل عند هؤلاء الوقف عليها كما كتبت لجميع القراء اتباعا للرسم حيث لم يأت فيها نص وهو الأظهر قياسا، ويحتمل أن لا يوقف عليها من أجل كونها لام جرّ، ولام الجرّ لا تقطع ممّا بعدها.
وأمّا الوقف على «ما» عند هؤلاء فيجوز بلا نظر عندهم على الجميع للانفصال لفظا وحكما ورسما، وهذا هو الأشبه عندي بمذاهبهم والأقيس على أصولهم، وهو الذي أختاره أيضا وآخذ به فإنه لم يأت عن أحد منهم في ذلك نصّ يخالف ما ذكرنا» اهـ (1).
تنبيه: اعلم أنه لا يجوز الوقف على «ما» أو «اللام» إلّا اختبارا بالباء الموحدة أو اضطرارا فقط. فإذا وقف القارئ على «ما» أو «اللام» في حالة الاختبار، أو الاضطرار فلا يجوز الابتداء ب «اللام» أو ب «هؤلاء» لما في ذلك من فصل الخبر عن المبتدإ، أو المجرور عن الجار.
قال ابن الجزري:
ها أيّه الرّحمن نور الزّخرف ... كم ضمّ قف رجا حما بالألف
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بضم هاء «أيّه» من قوله تعالى:
1 {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلََانِ} (سورة الرحمن الآية 31).
2 - وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون (سورة النور الآية 31).
3 - وقالوا يأيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك (سورة الزخرف الآية 49).
اتباعا لضم الياء، للمرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» فتعين للباقين القراءة بفتح «الهاء».
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 146.(1/378)
ثم أمر الناظم بالوقف على هاء «أيه» في المواضع الثلاثة بالألف على الأصل للمرموز له بالراء من «رجا» ومدلول «حما» وهم: «الكسائي، وأبو عمرو، ويعقوب». ووقف الباقون على «الهاء» بدون ألف في المواضع الثلاثة تبعا لرسم المصحف العثماني.
قال ابن الجزري:
كأيّن النّون وبالياء حما ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جميع القراء ما عدا «أبا عمرو ويعقوب» وقفوا على «كأين» حيث وقع «بالنون» اتباعا للرسم العثماني.
ووقف «أبو عمرو، ويعقوب» المرموز لهما ب «حما» على «الياء» نظرا إلى الأصل لأنه تنوين.
و «كأين» وقعت في سبعة مواضع وهي:
1 {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (سورة آل عمران الآية 146).
2 {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهََا} (سورة يوسف الآية 105).
3 {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ} (سورة الحج الآية 45).
4 {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ} (سورة الحج الآية 48).
5 {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لََا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللََّهُ يَرْزُقُهََا وَإِيََّاكُمْ} (سورة العنكبوت الآية 60).
6 {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} (سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم الآية 13).
7 {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهََا وَرُسُلِهِ} (سورة الطلاق الآية 8).
قال ابن الجزري:
... والياء إن تحذف لساكن ظما
يردن يؤت يقض تغن الواد ... صال الجوار اخشون ننج هاد
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالظاء من «ظما» وهو:(1/379)
والياء إن تحذف لساكن ظما
يردن يؤت يقض تغن الواد ... صال الجوار اخشون ننج هاد
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالظاء من «ظما» وهو:
«يعقوب» وقف على الياء التي حذفت في الرسم من أجل الساكن بعدها، وذلك على الأصل، نحو:
1 «يردن» نحو قوله تعالى: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمََنُ بِضُرٍّ لََا تُغْنِ عَنِّي شَفََاعَتُهُمْ شَيْئاً} (سورة يس الآية 23).
2 «يؤت» من قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللََّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء الآية 146). وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} على قراءة يعقوب (سورة البقرة الآية 269).
3 «يقض» من قوله تعالى: {يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفََاصِلِينَ} (سورة الأنعام الآية 57) وذلك على قراءة: «أبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» حيث يقرءون بالضاد المعجمة. والباقون وهم:
«نافع، وابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر» يقرءون «يقص» بالصاد المهملة، من قصّ الحديث أو الأثر: تتبعه.
4 «تغن» من قوله تعالى: {حِكْمَةٌ بََالِغَةٌ فَمََا تُغْنِ النُّذُرُ} (سورة القمر الآية 5).
5 «الواد» من قوله تعالى: {إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (سورة طه الآية 12).
وقوله تعالى: {إِذْ نََادََاهُ رَبُّهُ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (سورة النازعات الآية 16).
وقوله تعالى: {فَلَمََّا أَتََاهََا نُودِيَ مِنْ شََاطِئِ الْوََادِ الْأَيْمَنِ} (سورة القصص الآية 30).
6 «واد» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا أَتَوْا عَلى ََ وََادِ النَّمْلِ} (سورة النمل الآية 18).
7 «صال» من قوله تعالى: {إِلََّا مَنْ هُوَ صََالِ الْجَحِيمِ} (سورة الصافات الآية 163).
8 «الجوار» من قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} (سورة الرحمن الآية 24). وقوله تعالى: {الْجَوََارِ الْكُنَّسِ} (سورة التكوير الآية 16).
9 «اخشون» من قوله تعالى: {فَلََا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} (سورة المائدة الآية 3).
10 «ننج» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ حَقًّا عَلَيْنََا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس الآية 103).
11 «هاد» من قوله تعالى: {وَإِنَّ اللََّهَ لَهََادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
(سورة الحج الآية 54). وقوله تعالى: {وَمََا أَنْتَ بِهََادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ} (سورة الروم الآية 53).(1/380)
11 «هاد» من قوله تعالى: {وَإِنَّ اللََّهَ لَهََادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
(سورة الحج الآية 54). وقوله تعالى: {وَمََا أَنْتَ بِهََادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ} (سورة الروم الآية 53).
قال ابن الجزري:
وافق واد النّمل هاد الرّوم رم ... تهد بها فوز يناد قاف دم
بخلفهم ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رم» وهو: «الكسائي» وافق «يعقوب» في «الوقف على «الياء» التي حذفت في الرسم من أجل الساكن في كلمتين بخلف عنه، والكلمتان هما:
1 «واد» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا أَتَوْا عَلى ََ وََادِ النَّمْلِ} (سورة النمل الآية 18).
2 «هاد» من قوله تعالى: {وَمََا أَنْتَ بِهََادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ} (سورة الروم الآية 53).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «فوز» وهو: «حمزة» وافق «يعقوب» في الوقف على الياء التي حذفت في الرسم من أجل الساكن بخلف عنه في كلمة واحدة، وهي: «تهد» من قوله تعالى: وما أنت تهد العمي عن ضلالتهم (سورة الروم الآية 53) وذلك لأن «حمزة» يقرأ «تهد» بفتح التاء الفوقية، وإسكان الهاء، وحذف الألف، «العمى» بالنصب، على ان «تهد» فعل مضارع مسند إلى ضمير المخاطب وهو نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم. وباقي القراء يقرءون «بهاد» بالباء الموحدة المكسورة، وفتح الهاء، وألف بعدها «العمي» بالخفض، على أن «هاد» اسم فاعل خبر «ما» و «العمي» بالجر مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دم» وهو «ابن كثير» وافق «يعقوب» في الوقف على الياء التي حذفت في الرسم من أجل الساكن بخلف عنه في كلمة واحدة وهي: «يناد» من قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} (سورة ق الآية 41).
قال ابن الجزري:(1/381)
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دم» وهو «ابن كثير» وافق «يعقوب» في الوقف على الياء التي حذفت في الرسم من أجل الساكن بخلف عنه في كلمة واحدة وهي: «يناد» من قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} (سورة ق الآية 41).
قال ابن الجزري:
وقف بهاد باق ... باليا لمكّ مع وال واق
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى بالوقف بالياء على الكلمات الأربع الآتية ل «ابن كثير» المصرح به. وهذا مما حذفت فيه الياء للتنوين، والكلمات الأربع هي:
1 «هاد» في خمسة مواضع وهي قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هََادٍ} (سورة الرعد الآية 7).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ} (سورة الرعد الآية 33).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ} (سورة الزمر الآية 23).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ} (سورة الزمر الآية 36).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَمََا لَهُ مِنْ هََادٍ} (سورة غافر الآية 33).
2 «باق» من قوله تعالى: {مََا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمََا عِنْدَ اللََّهِ بََاقٍ} (سورة النحل الآية 96).
3 «وال» من قوله تعالى: {وَمََا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وََالٍ} (سورة الرعد الآية 11).
4 «واق» في ثلاثة مواضع وهي قوله تعالى: {وَمََا لَهُمْ مِنَ اللََّهِ مِنْ وََاقٍ} (سورة الرعد الآية 34). وقوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوََاءَهُمْ بَعْدَ مََا جََاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مََا لَكَ مِنَ اللََّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلََا وََاقٍ} (سورة الرعد الآية 37). وقوله تعالى:
{فَأَخَذَهُمُ اللََّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمََا كََانَ لَهُمْ مِنَ اللََّهِ مِنْ وََاقٍ} (سورة غافر الآية 21).
تمّ باب الوقف على مرسوم الخط ولله الحمد والشكر(1/382)
تمّ باب الوقف على مرسوم الخط ولله الحمد والشكر
«باب مذاهبهم في ياءات الإضافة»
قال ابن الجزري:
ليست بلام الفعل يا المضاف ... بل هي في الوضع كها وكاف
المعنى: ياء الإضافة في اصطلاح القراء هي: الياء الزائدة الدالة على المتكلم. فخرج بقولهم: «الزائدة» الياء الأصلية نحو: «وإن أدري» نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مََا تُوعَدُونَ} (سورة الأنبياء الآية 109) وخرج بقولهم: «الدالة على المتكلم» الياء في جمع المذكر السالم نحو ياء «حاضري المسجد الحرام» من قوله تعالى: {ذََلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حََاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (سورة البقرة الآية 196). وخرج أيضا الياء في نحو: «فكلي واشربي» من قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} (سورة مريم الآية 26). وذلك لدلالتها على المؤنثة المخاطبة لا على المتكلم.
وتتصل «ياء الإضافة» بكل من «الاسم، والفعل، والحرف»:
فتكون مع الاسم مجرورة المحل نحو: «نفسي» نحو قوله تعالى: {وَمََا أُبَرِّئُ نَفْسِي} (سورة يوسف الآية 53).
وتكون مع الفعل منصوبة المحل نحو: «أوزعني» نحو قوله تعالى:
{فَتَبَسَّمَ ضََاحِكاً مِنْ قَوْلِهََا وَقََالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ} (سورة النمل الآية 19).
وتكون مع الحرف مجرورة المحلّ، ومنصوبته نحو: «لي، وإني»: نحو قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (سورة لقمان الآية 14). ونحو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ رَبُّكَ لِلْمَلََائِكَةِ إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة الآية 30).(1/383)
{فَتَبَسَّمَ ضََاحِكاً مِنْ قَوْلِهََا وَقََالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ} (سورة النمل الآية 19).
وتكون مع الحرف مجرورة المحلّ، ومنصوبته نحو: «لي، وإني»: نحو قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (سورة لقمان الآية 14). ونحو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ رَبُّكَ لِلْمَلََائِكَةِ إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة الآية 30).
والخلاف في «ياءات الإضافة» عند القراء دائر بين «الفتح والإسكان» وهما لغتان فاشيتان عند العرب. والإسكان فيها هو الأصل، لأنها حرف مبني، والسكون هو الأصل في البناء. وإنما حرّكت بالفتح لأنها اسم على حرف واحد فتقوى بالحركة، وكانت فتحة لخفتها عن سائر الحركات. وعلامة «ياء الإضافة» صحة إحلال «الكاف، أو الهاء» محلها، فتقول في نحو: «فطرني»: «فطرك، أو فطره». وياءات الإضافة في «القرآن الكريم» على ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
ما أجمع القراء على إسكانه وهو الأكثر لمجيئه على الأصل وجملته 566 خمسمائة وست وستون ياء، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ رَبُّكَ لِلْمَلََائِكَةِ إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة الآية 30).
القسم الثاني:
ما أجمع القراء على فتحه، وجملته 21إحدى وعشرون ياء، نحو:
{وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ} (سورة البقرة الآية 40).
القسم الثالث:
ما اختلف القراء في إسكانه وفتحه، وجملته 212مائتان واثنتا عشرة ياء.
وينحصر الكلام على الياءات المختلف فيها في ستة فصول:
الفصل الأول:
الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، وجملتها 99تسع وتسعون ياء نحو قوله تعالى: {قََالَ إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة الآية 30).
الفصل الثاني:(1/384)
الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، وجملتها 99تسع وتسعون ياء نحو قوله تعالى: {قََالَ إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة الآية 30).
الفصل الثاني:
الياءات التي بعدها همزة قطع مكسورة، وجملة المختلف فيه من ذلك 52اثنتان وخمسون ياء، نحو قوله تعالى: {قََالَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 52).
الفصل الثالث:
الياءات التي بعدها همزة قطع مضمومة، وجملة المختلف فيه من ذلك 10عشر ياءات، نحو قوله تعالى: {وَإِنِّي أُعِيذُهََا بِكَ} (سورة آل عمران الآية 36).
الفصل الرابع:
الياءات التي بعدها همزة وصل مع لام التعريف، وجملة المختلف فيه من ذلك 14أربع عشرة ياء، نحو قوله تعالى: {قََالَ لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ}
(سورة البقرة الآية 124).
الفصل الخامس:
الياءات التي بعدها همزة وصل مجردة عن لام التعريف، وجملة المختلف فيه من ذلك 7سبع ياءات، نحو قوله تعالى: {قََالَ يََا مُوسى ََ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النََّاسِ بِرِسََالََاتِي وَبِكَلََامِي} (سورة الأعراف الآية 141).
الفصل السادس:
الياءات التي لم يقع بعدها همزة قطع، ولا وصل، بل حرف آخر من حروف الهجاء، وجملة المختلف فيه من ذلك 30ثلاثون ياء، نحو قوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمََا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة الأنعام الآية 79).
قال ابن الجزري:
تسع وتسعون بهمز انفتح ... ذرون الاصبهاني مع مكّي فتح
المعنى:(1/385)
تسع وتسعون بهمز انفتح ... ذرون الاصبهاني مع مكّي فتح
المعنى:
هذا شروع في تفصيل الكلام عن ياءات الإضافة المختلف في فتحها وإسكانها:
فأفاد الناظم أن العدد الإجمالي لياءات الإضافة التي وقع بعدها همزة قطع مفتوحة، واختلف القراء في فتحها وإسكانها 99تسع وتسعون ياء. ثم بيّن الناظم أن المصرح بهما وهما: «الأصبهاني، وابن كثير المكي» قرآ بفتح الياء في «ذروني» من قوله تعالى: {وَقََالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى ََ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} (سورة غافر الآية 26) فتعين لباقي القراء القراءة بإسكان الياء.
قال ابن الجزري:
واجعل لي ضيفي دوني يسّر لي ولي ... يوسف إنّي أوّلاها حلّل
مدا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حلّل»، ومدلول «مدا» وهم: «أبو عمرو، ونافع، وأبو جعفر» يقرءون بفتح ياء الإضافة في الكلمات الآتية:
1 «اجعل لي ءاية» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} (سورة آل عمران الآية 41). ومن قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} (سورة مريم الآية 10).
2 «ضيفي أليس» من قوله تعالى: {وَلََا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} (سورة هود الآية 78).
3 «من دوني أولياء» من قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبََادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيََاءَ} (سورة الكهف الآية 102).
4 {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} (سورة طه الآية 26).
5 «حتى يأذن لي أبي» من قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتََّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللََّهُ لِي} (سورة يوسف الآية 80).
6 «إني أراني» الموضعان الأولان من سورة «يوسف» عليه السلام وهما في قوله
تعالى: {قََالَ أَحَدُهُمََا إِنِّي أَرََانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقََالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرََانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} (سورة يوسف الآية 36).(1/386)
6 «إني أراني» الموضعان الأولان من سورة «يوسف» عليه السلام وهما في قوله
تعالى: {قََالَ أَحَدُهُمََا إِنِّي أَرََانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقََالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرََانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} (سورة يوسف الآية 36).
واحترز الناظم بقوله: «يوسف إنّي أوّلاها» عن ثلاث ياءات أخرى في «يوسف» بلفظ «إني» وهي:
1 {وَقََالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى ََ سَبْعَ بَقَرََاتٍ سِمََانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجََافٌ} (سورة يوسف الآية 43).
2 {قََالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلََا تَبْتَئِسْ بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة يوسف الآية 69).
3 {قََالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة يوسف الآية 96).
فسيأتي الكلام على من يقرأ بفتح هذه الياءات الثلاث.
قال ابن الجزري:
وهم والبزّ لكنّي أرى ... تحتي مع إنّي أراكم
المعنى: أخبر الناظم أن من عاد عليهم الضمير في: «وهم» والبزّ: وهم:
«أبو عمرو، ونافع، وأبو جعفر، والبزّي» يقرءون بفتح أربع ياءات وهي:
1 «ولكني أركم» من قوله تعالى: {وَلََكِنِّي أَرََاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} (سورة هود الآية 29).
2 «ولكني أركم» من قوله تعالى: {وَلََكِنِّي أَرََاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} (سورة الأحقاف الآية 23).
3 «من تحتي أفلا» من قوله تعالى: {وَهََذِهِ الْأَنْهََارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلََا تُبْصِرُونَ} (سورة الزخرف الآية 51).
4 «إني أركم» من قوله تعالى: {إِنِّي أَرََاكُمْ بِخَيْرٍ} (سورة هود الآية 84).
قال ابن الجزري:
... ودرى
ادعوني واذكروني ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «درى» وهو: «ابن كثير» قرأ بفتح ياء الإضافة في كلمتين وهما:(1/387)
ودرى
ادعوني واذكروني ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «درى» وهو: «ابن كثير» قرأ بفتح ياء الإضافة في كلمتين وهما:
1 «ادعوني أستجب» من قوله تعالى: {وَقََالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
(سورة غافر الآية 60).
2 {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (سورة البقرة الآية 152).
قال ابن الجزري:
ثمّ المدني ... والمكّ قل حشرتني يحزنني
مع تأمروني تعدانن ...
المعنى: أخبر الناظم أن «نافعا، وأبا جعفر، وابن كثير» قرءوا بفتح ياء الإضافة في أربع كلمات وهي:
1 «حشرتني أعمى» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى ََ} (سورة طه الآية 125).
2 «ليحزنني أن تذهبوا به» من قوله تعالى: {قََالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ}
(سورة يوسف الآية 13).
3 «تأمرونّي أعبد» من قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللََّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجََاهِلُونَ} (سورة الزمر الآية 64).
4 «أتعدانني أن أخرج» من قوله تعالى: {وَالَّذِي قََالَ لِوََالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمََا أَتَعِدََانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} (سورة الأحقاف الآية 17).
قال ابن الجزري:
ومدا ... يبلوني سبيلي
المعنى: أخبر الناظم أن «نافعا، وأبا جعفر» قرآ بفتح ياء الإضافة في كلمتين وهما:
1 «ليبلونيء أشكر» من قوله تعالى: {قََالَ هََذََا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (سورة النمل الآية 40).
2 «سبيلي أدعوا إلى الله» من قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ}
(سورة يوسف الآية 108).(1/388)
1 «ليبلونيء أشكر» من قوله تعالى: {قََالَ هََذََا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (سورة النمل الآية 40).
2 «سبيلي أدعوا إلى الله» من قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ}
(سورة يوسف الآية 108).
قال ابن الجزري:
... واتل ثق هدى
فطرني ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «اتل» والثاء من «ثق» والهاء من «هدى» وهم: «نافع، وأبو جعفر، والبزي» قرءوا بفتح ياء واحدة وهي:
1 «فطرني أفلا تعقلون» من قوله تعالى: {إِنْ أَجْرِيَ إِلََّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (سورة هود الآية 51).
قال ابن الجزري:
وفتح أوزعني جلا ... هوى
المعنى: أخبر الناظم، أن المرموز له بالجيم من «جلا» والهاء من «هوى» وهما: «الأزرق، والبزّي» قرآ بفتح ياء واحدة وهي:
1 «أوزعني أن» من قوله تعالى: {وَقََالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ} (سورة النمل الآية 19). ومن قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ} (سورة الأحقاف الآية 15).
قال ابن الجزري:
... وباقي الباب حرم حمّلا
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «حرم» والمرموز له بالحاء من «حمّلا» وهم:
«نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وأبو عمرو» قرءوا بفتح ما بقي من ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مفتوحة سوى ما تقدم ذكر الخلاف فيه، وجملة ما بقي: خمس وسبعون ياء.
قال ابن الجزري:(1/389)
«نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وأبو عمرو» قرءوا بفتح ما بقي من ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مفتوحة سوى ما تقدم ذكر الخلاف فيه، وجملة ما بقي: خمس وسبعون ياء.
قال ابن الجزري:
وافق في معي على كفؤ ...
المعنى: لما كان هناك بعض القراء وافق «نافعا، وابن كثير، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح بعض ما بقي من الياءات وهي خمسة وسبعون ياء كما سبق بيانه، أخذ الناظم ينبه على ذلك: فأخبر أن المرموز له بالعين من «على» والكاف من «كفؤ» وهما: «حفص، وابن عامر» وافقا في فتح ياء واحدة وهي:
1 «معي أبدا» من قوله تعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً} (سورة التوبة الآية 83).
قال ابن الجزري:
وما ... لي لذ من الخلف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لي» والميم من «من» وهما:
«هشام، وابن ذكوان» بخلف عنه، وافقا: «نافعا، وابن كثير، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياء واحدة وهي:
1 «ما لي أدعوكم» من قوله تعالى: {وَيََا قَوْمِ مََا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجََاةِ} (سورة غافر الآية 41).
قال ابن الجزري:
... لعلّي كرّما
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كرّما» وهو: «ابن عامر» وافق «نافعا، وابن كثير، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياء واحدة وهي:
«لعلي» وهي في ستة مواضع وهي:
1 {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} (سورة يوسف الآية 46).
2 {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهََا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النََّارِ هُدىً} (سورة طه الآية 10).
3 {لَعَلِّي أَعْمَلُ صََالِحاً فِيمََا تَرَكْتُ} (سورة المؤمنون الآية 100).
4 {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهََا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النََّارِ} (سورة القصص الآية 29).(1/390)
3 {لَعَلِّي أَعْمَلُ صََالِحاً فِيمََا تَرَكْتُ} (سورة المؤمنون الآية 100).
4 {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهََا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النََّارِ} (سورة القصص الآية 29).
5 {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى ََ إِلََهِ مُوسى ََ} (سورة القصص الآية 38).
6 {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبََابَ} (سورة غافر الآية 36).
قال ابن الجزري:
رهطى من لي الخلف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالميم من «من» واللام من «لي» وهما:
«ابن ذكوان، وهشام» بخلف عنه، وافقا «نافعا، وابن كثير، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياء واحدة وهي:
1 «أرهطي أعز عليكم» من قوله تعالى: {قََالَ يََا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللََّهِ} (سورة هود الآية 92).
قال ابن الجزري:
عندي دوّنا ... خلف
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دوّنا» وهو: «ابن كثير» اختلف عنه في فتح ياء واحدة وهي:
1 «عندي أولم» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّمََا أُوتِيتُهُ عَلى ََ عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللََّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ} (سورة القصص الآية 78).
وقد ذكره الناظم من أجل خلاف «ابن كثير» فيه، ولولا ذلك لكان داخلا ضمن قول الناظم: «وباقي الباب حرم حمّلا».
قال ابن الجزري:
... وعن كلّهم تسكّنا
ترحمني تفتني اتّبعني أرني ...
المعنى: أخبر الناظم أن جميع القراء اتفقوا على إسكان أربع ياءات من
هذا الباب، أي من الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، والياءات الأربع هي:(1/391)
المعنى: أخبر الناظم أن جميع القراء اتفقوا على إسكان أربع ياءات من
هذا الباب، أي من الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، والياءات الأربع هي:
1 «ترحمني أكن» من قوله تعالى: {وَإِلََّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخََاسِرِينَ}
(سورة هود الآية 47).
2 «ولا تفتني ألا» من قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلََا تَفْتِنِّي أَلََا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} (سورة التوبة الآية 49).
3 «فاتبعني أهدك» من قوله تعالى: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرََاطاً سَوِيًّا} (سورة مريم الآية 43).
4 «أرني أنظر إليك» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} (سورة الأعراف الآية 143).
قال ابن الجزري:
... واثنان مع خمسين مع كسر عني
وافتح عبادي لعنتي تجدني ... بنات أنصاري معا للمدني
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مكسورة، وجملتها 52اثنتان وخمسون ياء.
ثم بيّن أن «نافعا، وأبا جعفر» قرآ بفتح خمس ياءات وهي:
1 «بعبادي إنكم» من قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ أَنْ أَسْرِ بِعِبََادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} (سورة الشعراء الآية 52).
2 «لعنتي إلى يوم الدين» من قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى ََ يَوْمِ الدِّينِ}
(سورة ص الآية 78).
3 «ستجدني إن شاء الله» من قوله تعالى: {قََالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ صََابِراً وَلََا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} (سورة الكهف الآية 69). وقوله تعالى: {وَمََا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّالِحِينَ} (سورة القصص الآية 27).
وقوله تعالى: {يََا أَبَتِ افْعَلْ مََا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّابِرِينَ}
(سورة الصافات الآية 102).(1/392)
3 «ستجدني إن شاء الله» من قوله تعالى: {قََالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ صََابِراً وَلََا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} (سورة الكهف الآية 69). وقوله تعالى: {وَمََا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّالِحِينَ} (سورة القصص الآية 27).
وقوله تعالى: {يََا أَبَتِ افْعَلْ مََا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّابِرِينَ}
(سورة الصافات الآية 102).
4 «بناتي إن كنتم» من قوله تعالى: {قََالَ هََؤُلََاءِ بَنََاتِي إِنْ كُنْتُمْ فََاعِلِينَ} (سورة الحجر الآية 71).
5 «أنصاري إلى الله» من قوله تعالى: {فَلَمََّا أَحَسَّ عِيسى ََ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قََالَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة آل عمران الآية 52). وقوله تعالى: {كَمََا قََالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوََارِيِّينَ مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (سورة الصف الآية 14).
قال ابن الجزري:
وإخوتي ثق جد ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثق» والجيم من «جد» وهما:
«أبو جعفر، والأزرق» قرآ بفتح ياء واحدة من الياءات التي وقعت بعد همزة قطع مكسورة وهي: «وبين إخوتي إن ربي لطيف» من قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطََانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمََا يَشََاءُ} (سورة يوسف الآية 100).
قال ابن الجزري:
وعمّ رسلي ...
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «عمّ» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» قرءوا بفتح الياء من «ورسلي إن الله» من قوله تعالى: {كَتَبَ اللََّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللََّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (سورة المجادلة الآية 21).
قال ابن الجزري:
... وباقي الباب إلى ثنا حلي
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إلى» والثاء من «ثنا»، والحاء من «حلي» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو» قرءوا بفتح ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مكسورة الباقية من هذا الباب وجملتها 42اثنتان وأربعون ياء.
قال ابن الجزري:(1/393)
وباقي الباب إلى ثنا حلي
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إلى» والثاء من «ثنا»، والحاء من «حلي» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو» قرءوا بفتح ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مكسورة الباقية من هذا الباب وجملتها 42اثنتان وأربعون ياء.
قال ابن الجزري:
وافق في حزني وتوفيقي كلا ...
المعنى: لما كان هناك بعض القراء وافق «نافعا، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح بعض ما بقي من الياءات وهي: اثنتان وأربعون ياء، كما سبق بيانه، أخذ الناظم ينبه على ذلك:
فأخبر أن المرموز له بالكاف من «كلا» وهو «ابن عامر» وافق في فتح ياءين وهما:
1 «حزني إلى الله» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّمََا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ}
(سورة يوسف الآية 86).
2 {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (سورة هود الآية 88).
قال ابن الجزري:
... يدي علا
المعنى: أن المرموز له بالعين من «علا» وهو: «حفص» وافق «نافعا، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياء واحدة وهي: «يدي إليك» من قوله تعالى: {مََا أَنَا بِبََاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} (سورة المائدة الآية 28).
قال ابن الجزري:
... أمّي وأجري كم علا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كم» والعين من «علا» وهما: «ابن عامر، وحفص» وافقا «نافعا، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياءين وهما:
1 «أمّي إلهين» من قوله تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنََّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلََهَيْنِ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (سورة المائدة الآية 116).
2 «أجري إلّا» في تسعة مواضع وهي: في سورة يونس الآية 72وهود الآيتان 29و 51، والشعراء الآيات 180164145127109، وسبأ الآية 47.(1/394)
1 «أمّي إلهين» من قوله تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنََّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلََهَيْنِ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (سورة المائدة الآية 116).
2 «أجري إلّا» في تسعة مواضع وهي: في سورة يونس الآية 72وهود الآيتان 29و 51، والشعراء الآيات 180164145127109، وسبأ الآية 47.
مثال ذلك قوله تعالى: {إِنْ أَجْرِيَ إِلََّا عَلَى اللََّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (سورة يونس الآية 72).
قال ابن الجزري:
دعائي آبائي دما كس ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دما» والكاف من «كس» وهما: «ابن كثير، وابن عامر» وافقا: «نافعا، وأبا جعفر، وأبا عمرو» في فتح ياءين وهما:
1 «دعائي إلا فرارا» من قوله تعالى: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعََائِي إِلََّا فِرََاراً} (سورة نوح الآية 6).
2 «ءاباءي إبراهيم» من قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبََائِي إِبْرََاهِيمَ وَإِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ} (سورة يوسف الآية 38).
قال ابن الجزري:
وبنا ... خلف إلى ربّي
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالباء من «بنا» وهو: «قالون» اختلف عنه في فتح ياء واحدة وهي: «ربي إنّ لي عنده» من قوله تعالى: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى ََ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى ََ} (سورة فصلت الآية 50) وقد ذكر الناظم هذا الموضع من أجل خلاف «قالون» فيه، ولولا ذلك لكان داخلا ضمن قول الناظم:
... وباقي الباب إلى ثنا حلي
قال ابن الجزري:
... وكلّ أسكنا
ذرّيتي يدعونني تدعونني ... أنظرن مع بعد ردا أخّرتني
المعنى: أخبر الناظم أن جميع القراء أسكن تسع ياءات من اللائي بعدهن همزة قطع مكسورة وهنّ:(1/395)
وكلّ أسكنا
ذرّيتي يدعونني تدعونني ... أنظرن مع بعد ردا أخّرتني
المعنى: أخبر الناظم أن جميع القراء أسكن تسع ياءات من اللائي بعدهن همزة قطع مكسورة وهنّ:
1 «ذريتي إني تبت إليك» من قوله تعالى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأحقاف الآية 15).
2 «مما يدعونني إليه» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمََّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (سورة يوسف الآية 33).
3 «وتدعونني إلى النار» من قوله تعالى: {وَيََا قَوْمِ مََا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجََاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النََّارِ} (سورة غافر الآية 41).
4 «تدعونني إليه» من قوله تعالى: {لََا جَرَمَ أَنَّمََا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (سورة غافر الآية 43).
5 «أنظرني إلى» من قوله تعالى: {قََالَ أَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (سورة الأعراف الآية 14).
6 «فأنظرني إلى» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (سورة الحجر الآية 36).
7 - ومن قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (سورة ص الآية 79).
8 «يصدّقني إني أخاف» من قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخََافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (سورة القصص الآية 34).
9 «أخرتني إلى أجل» من قوله تعالى: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} (سورة المنافقون الآية 10).
قال ابن الجزري:
وعند ضمّ الهمز عشر فافتحن ... مدا وأنّي أوف بالخلف ثمن
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مضمومة، وجملتها 10عشر ياءات.
ثم بين أن «نافعا، وأبا جعفر» فتحا هذه الياءات العشر. إلّا أنه اختلف عن المرموز له بالثاء من «ثمن» وهو: «أبو جعفر» في فتح «أني أوف» في «يوسف» من قوله تعالى: ألا ترون أني أوف الكيل وأنا خير المنزلين (سورة يوسف الآية 59).(1/396)
وعند ضمّ الهمز عشر فافتحن ... مدا وأنّي أوف بالخلف ثمن
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع مضمومة، وجملتها 10عشر ياءات.
ثم بين أن «نافعا، وأبا جعفر» فتحا هذه الياءات العشر. إلّا أنه اختلف عن المرموز له بالثاء من «ثمن» وهو: «أبو جعفر» في فتح «أني أوف» في «يوسف» من قوله تعالى: ألا ترون أني أوف الكيل وأنا خير المنزلين (سورة يوسف الآية 59).
قال ابن الجزري:
للكلّ آتوني بعهدي سكنت ...
المعنى: أخبر الناظم أن جميع القراء قرءوا بإسكان ياء الإضافة التي بعدها همزة قطع مضمومة في موضعين هما:
1 «ءاتوني أفرغ» من قوله تعالى: {قََالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} (سورة الكهف الآية 96).
2 «بعهدي أوف» من قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} (سورة البقرة الآية 40).
قال ابن الجزري:
... وعند لام العرف أربع عشرت
ربّي الّذي حرّم ربّي مسّني ... الآخران آتاني مع أهلكني
أرادني عبادي الأنبيا سبا ... فز
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي بعدها «لام العرف». وجملتها 14أربع عشرة ياء.
ثم بين الناظم أن المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» قرأ بإسكان الياء التي بعدها لام التعريف في ستّ كلمات في تسعة مواضع. وفهم الإسكان لحمزة في هذه الكلمات من عطف الناظم على الإسكان في قوله: «للكلّ آتوني بعهدي سكنت» والكلمات هي:
1 «ربي الذي يحيي» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} (سورة البقرة الآية 258).(1/397)
ثم بين الناظم أن المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» قرأ بإسكان الياء التي بعدها لام التعريف في ستّ كلمات في تسعة مواضع. وفهم الإسكان لحمزة في هذه الكلمات من عطف الناظم على الإسكان في قوله: «للكلّ آتوني بعهدي سكنت» والكلمات هي:
1 «ربي الذي يحيي» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} (سورة البقرة الآية 258).
2 {قُلْ إِنَّمََا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوََاحِشَ مََا ظَهَرَ مِنْهََا وَمََا بَطَنَ} (سورة الأعراف الآية 33).
3 «مسني الضر» من قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نََادى ََ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}
(سورة الأنبياء الآية 83).
4 «مسني الشيطن» من قوله تعالى: {أَيُّوبَ إِذْ نََادى ََ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ} (سورة ص الآية 41).
وقيد الناظم الخلاف في «مسّني» الآخران، احترازا من الأوّلين فإنه لا خلاف بين القراء في فتحهما وهما:
«وما مسني السوء» من قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمََا مَسَّنِيَ السُّوءُ} (سورة الأعراف الآية 188).
«مسني الكبر» من قوله تعالى: {قََالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى ََ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ}
(سورة الحجر الآية 54).
5 «ءاتاني الكتب» من قوله تعالى: {قََالَ إِنِّي عَبْدُ اللََّهِ آتََانِيَ الْكِتََابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (سورة مريم الآية 30).
6 {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللََّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنََا} (سورة الملك الآية 28).
7 «إن أرادني الله» من قوله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مََا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ إِنْ أَرََادَنِيَ اللََّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كََاشِفََاتُ ضُرِّهِ} (سورة الزمر الآية 38).
8 «عبادي الصلحون» من قوله تعالى: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ} (سورة الأنبياء الآية 105).
9 «عبادي الشكور» من قوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} (سورة سبأ الآية 13).
قال ابن الجزري:
... لعبادي شكره رضى كبا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالشين من «شكره» ومدلول «رضى» والمرموز له بالكاف من «كبا» وهم: «روح، وحمزة، والكسائي، وابن عامر»، قرءوا بإسكان الياء التي بعدها لام تعريف من «لعبادي الذين ءامنوا» من قوله تعالى: {قُلْ لِعِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلََاةَ} (سورة إبراهيم الآية 31).(1/398)
لعبادي شكره رضى كبا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالشين من «شكره» ومدلول «رضى» والمرموز له بالكاف من «كبا» وهم: «روح، وحمزة، والكسائي، وابن عامر»، قرءوا بإسكان الياء التي بعدها لام تعريف من «لعبادي الذين ءامنوا» من قوله تعالى: {قُلْ لِعِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلََاةَ} (سورة إبراهيم الآية 31).
قال ابن الجزري:
وفي النّدا حما شفا ...
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «حما» ومدلول «شفا» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» قرءوا بإسكان الياء من «عبادي» المنادى، وهي في موضعين:
1 {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} (سورة الزمر الآية 53).
2 {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وََاسِعَةٌ} (سورة العنكبوت الآية 56).
قال ابن الجزري:
عهدي عسا ... فوز
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالعين من «عسا» والفاء من «فوز» وهما: «حفص، وحمزة» قرأ بإسكان الياء من «عهدي الظلمين» من قوله تعالى: {قََالَ لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ} (سورة البقرة الآية 124).
قال ابن الجزري:
... وآياتي اسكننّ في كسا
المعنى: أمر الناظم بإسكان الياء من «ءاياتي الذين» من قوله تعالى:
{سَأَصْرِفُ عَنْ آيََاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (سورة الأعراف الآية 146) للمرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كسا» وهما: «حمزة، وابن عامر».
وأعاد الناظم الأمر بالإسكان لطول الكلام، وزيادة البيان.
قال ابن الجزري:(1/399)
وأعاد الناظم الأمر بالإسكان لطول الكلام، وزيادة البيان.
قال ابن الجزري:
وعند همز الوصل سبع سبع ليتني ... فافتح حلا
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي بعدها همزة وصل وجملتها 7سبع ياءات.
ثم أمر الناظم بفتح الياء من «ليتني اتخذت» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظََّالِمُ عَلى ََ يَدَيْهِ يَقُولُ يََا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} (سورة الفرقان الآية 27) للمرموز له بالحاء من «حلا» وهو: «أبو عمرو».
قال ابن الجزري:
... قومي مدا حز شم هني
المعنى: أمر الناظم بفتح الياء من «قومي اتخذوا» من قوله تعالى: {وَقََالَ الرَّسُولُ يََا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هََذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} (سورة الفرقان الآية 30).
لمدلول «مدا» والمرموز له بالحاء من «حز» والشين من «شم» والهاء من «هني» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو، وروح، والبزّي».
قال ابن الجزري:
إنّي أخي حبر ...
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» قرآ بفتح ياء الإضافة التي بعدها همزة وصل في كلمتين هما:
1 «إنّي اصطفيتك» من قوله تعالى: {قََالَ يََا مُوسى ََ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النََّاسِ}
(سورة الأعراف الآية 144).
2 «أخي اشدد» من قوله تعالى: {هََارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} (سورة طه الآيتان 3130).
قال ابن الجزري:
وبعدي صف سما ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» ومدلول «سما» وهم: «شعبة، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، قرءوا بفتح ياء الإضافة التي بعدها همزة وصل في كلمة وهي: «من بعدي اسمه» من قوله تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (سورة الصف الآية 6).(1/400)
وبعدي صف سما ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالصاد من «صف» ومدلول «سما» وهم: «شعبة، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب، قرءوا بفتح ياء الإضافة التي بعدها همزة وصل في كلمة وهي: «من بعدي اسمه» من قوله تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (سورة الصف الآية 6).
قال ابن الجزري:
... ذكري لنفسي حافظ مدا دما
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حافظ» ومدلول «مدا» والمرموز له بالدال من «دما» وهم: «أبو عمرو، ونافع، وأبو جعفر، وابن كثير» قرءوا بفتح ياء الإضافة التي بعدها همزة وصل في كلمتين هما:
1 «ذكري اذهبا» من قوله تعالى: {وَلََا تَنِيََا فِي ذِكْرِي * اذْهَبََا إِلى ََ فِرْعَوْنَ}
(سورة طه الآيتان 4342).
2 «لنفسي اذهب» من قوله تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي * اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيََاتِي وَلََا تَنِيََا فِي ذِكْرِي} (سورة طه الآيتان 4241).
قال ابن الجزري:
وفي ثلاثين بلا همز فتح ... بيتي سوى نوح مدا لذ عد
المعنى: هذا شروع من الناظم في ذكر خلاف القراء في فتح وإسكان ياءات الإضافة التي لم يقع بعدها همزة قطع، ولا همزة وصل، ولا لام تعريف، وجملتها 30ثلاثون ياء.
ثم أخبر الناظم أن مدلول «مدا» والمرموز له باللام من «لذ» والعين من «عد» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وهشام، وحفص» قرءوا بفتح الياء من «بيتي» سوى موضع «نوح» عليه السلام، وقد جاء في سورتي «البقرة، والحج» وهما في قوله تعالى:
1 {وَعَهِدْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ أَنْ طَهِّرََا بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ} (سورة البقرة الآية 125).
2 {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ وَالْقََائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (سورة الحج الآية 26).(1/401)
1 {وَعَهِدْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ أَنْ طَهِّرََا بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ} (سورة البقرة الآية 125).
2 {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ وَالْقََائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (سورة الحج الآية 26).
قال ابن الجزري:
... ولح
عون بها ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لح» والعين من «عون» وهما: «هشام، وحفص» قرآ بفتح ياء الإضافة من «بيتي» الذي في سورة «نوح» عليه السلام، وذلك في قوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً} (سورة نوح الآية 28).
قال ابن الجزري:
لي دين هب خلفا علا ... إذ لاذ
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالهاء من «هب» والعين من «علا» والألف من «إذ» واللام من «لاذ» وهم: «حفص، ونافع، وهشام، والبزّي» بخلف عنه، قرءوا بفتح الياء من «ولي دين» من قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (سورة الكافرون الآية 6).
قال ابن الجزري:
... لي في النّمل رد نوى دلا
والخلف خذ لنا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رد» والنون من «نوى» والدال من «دلا» والخاء من «خذ» واللام من «لنا» وهم: «الكسائي، وعاصم، وابن كثير، وابن وردان، وهشام» بخلف عنهما، قرءوا بفتح الياء من «ما لي لا أرى الهدهد» من قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقََالَ مََا لِيَ لََا أَرَى الْهُدْهُدَ} (سورة النمل الآية 20).
قال ابن الجزري:(1/402)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رد» والنون من «نوى» والدال من «دلا» والخاء من «خذ» واللام من «لنا» وهم: «الكسائي، وعاصم، وابن كثير، وابن وردان، وهشام» بخلف عنهما، قرءوا بفتح الياء من «ما لي لا أرى الهدهد» من قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقََالَ مََا لِيَ لََا أَرَى الْهُدْهُدَ} (سورة النمل الآية 20).
قال ابن الجزري:
معي ما كان لي ... عد من معي له وورش فانقل
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالعين من «عد» وهو: «حفص» قرأ بفتح الياء في كلمتين هما:
1 «معي» الذي ليس قبله «من» حيث جاء في القرآن وهو في السور الآتية:
الأعراف رقم 105، التوبة موضعان رقم 83، والكهف ثلاثة مواضع رقم 67، 72، 75، والشعراء رقم 62، والقصص رقم 34.
2 «وما كان لي» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطََانٍ} (سورة إبراهيم الآية 22) وقوله تعالى: {مََا كََانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى ََ} (سورة ص الآية 69).
ثم أخبر الناظم أن من عاد عليه الضمير في «له» وهو «حفص، وورش» من الطريقين، قرآ بفتح ياء «من معي» أي الياء التي قبلها «من» وقد وقعت في ثلاث سور وهي: سورة الأنبياء رقم 24وسورة الشعراء رقم 118وسورة الملك رقم 28.
قال ابن الجزري:
وجهي علا عمّ ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالعين من «علا» ومدلول «عمّ» وهم:
«حفص، ونافع، وابن عامر، وأبو جعفر» قرءوا بفتح ياء «وجهي» من قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلََّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} (سورة آل عمران الآية 20). وقوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً}
(سورة الأنعام الآية 79).
قال ابن الجزري:
ولي فيها جنا ... عد
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جنا» والعين من «عد» وهما: «الأزرق، وحفص» قرآ بفتح ياء «ولي فيها» من قوله تعالى: {وَلِيَ فِيهََا مَآرِبُ أُخْرى ََ} (سورة طه الآية 18).(1/403)
ولي فيها جنا ... عد
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جنا» والعين من «عد» وهما: «الأزرق، وحفص» قرآ بفتح ياء «ولي فيها» من قوله تعالى: {وَلِيَ فِيهََا مَآرِبُ أُخْرى ََ} (سورة طه الآية 18).
قال ابن الجزري:
... شركائي من ورائي دوّنا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دوّنا» وهو «ابن كثير» قرأ بفتح الياء من كلمتين هما:
1 «شركائي» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنََادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكََائِي} (سورة فصلت الآية 47).
2 «من وراءي» من قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي} (سورة مريم الآية 5).
قال ابن الجزري:
أرضي صراطي كم ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» قرأ بفتح الياء في موضعين هما:
1 «إن أرضي» من قوله تعالى: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وََاسِعَةٌ}
(سورة العنكبوت الآية 56).
2 «صراطي» من قوله تعالى: {وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} (سورة الأنعام الآية 153).
قال ابن الجزري:
مماتي إذ ثنا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إذ» والثاء من «ثنا» وهما:
«نافع، وأبو جعفر» قرآ بفتح ياء «ومماتي» من قوله تعالى: {وَمَمََاتِي لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (سورة الأنعام الآية 162).(1/404)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالألف من «إذ» والثاء من «ثنا» وهما:
«نافع، وأبو جعفر» قرآ بفتح ياء «ومماتي» من قوله تعالى: {وَمَمََاتِي لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (سورة الأنعام الآية 162).
قال ابن الجزري:
... لي نعجة لاذ بخلف عيّنا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لاذ» والعين من «عيّنا» وهما: «حفص، وهشام» بخلف عنه قرآ بفتح ياء {وَلِيَ نَعْجَةٌ وََاحِدَةٌ} (سورة ص الآية 23).
قال ابن الجزري:
وليؤمنوا بي تؤمنوا لي ورش ...
المعنى: أخبر الناظم أن «ورشا» من الطريقين قرأ بفتح الياء في كلمتين هما:
1 «وليؤمنوا بي» من قوله تعالى: {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (سورة البقرة الآية 186).
2 {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} (سورة الدخان الآية 21).
قال ابن الجزري:
يا ... عباد لا غوث بخلف صليا
والحذف عن شكر دعا شفا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالغين من «غوث» والصاد من «صليا» وهما: «شعبة، ورويس» بخلف عنه قرآ بفتح ياء يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون (سورة الزخرف الآية 68).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالعين من «عن» والشين من «شكر» والدال من «دعا» ومدلول «شفا» وهم: «حفص، وروح، وابن كثير، وحمزة،
والكسائي، وخلف العاشر» قرءوا بحذف «الياء» من «يا عباد» وصلا ووقفا، وذلك وفقا لرسم مصاحفهم.(1/405)
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالعين من «عن» والشين من «شكر» والدال من «دعا» ومدلول «شفا» وهم: «حفص، وروح، وابن كثير، وحمزة،
والكسائي، وخلف العاشر» قرءوا بحذف «الياء» من «يا عباد» وصلا ووقفا، وذلك وفقا لرسم مصاحفهم.
وقرأ باقي القراء وهم: «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ورويس» بإثبات الياء وصلا ووقفا، وذلك وفقا لرسم مصاحفهم.
قال ابن الجزري:
ولي ... يس سكّن لاح خلف ظلل
فتى ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له باللام من «لاح» والظاء من «ظلل» ومدلول «فتى» وهم: يعقوب، وحمزة، وخلف العاشر، وهشام» بخلف عنه، قرءوا بإسكان ياء «وما لي» من قوله تعالى: {وَمََا لِيَ لََا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (سورة يس الآية 22).
قال ابن الجزري:
ومحياي به ثبت جنح ... خلف
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالباء من «به» والثاء من «ثبت» والجيم من «جنح» وهم: «قالون، وأبو جعفر، والأزرق» بخلف عنه، قرءوا بفتح ياء «ومحياي» من قوله تعالى: {وَمَحْيََايَ وَمَمََاتِي لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ}
(سورة الأنعام الآية 162).
قال ابن الجزري:
... وبعد ساكن كلّ فتح
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جميع القراء قرءوا بفتح ياء الإضافة إذا كان قبلها ساكن، سواء كان «ألفا» أو «ياء» نحو:
1 «وإياي» نحو قوله تعالى: {وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ} (سورة البقرة الآية 40).(1/406)
وبعد ساكن كلّ فتح
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جميع القراء قرءوا بفتح ياء الإضافة إذا كان قبلها ساكن، سواء كان «ألفا» أو «ياء» نحو:
1 «وإياي» نحو قوله تعالى: {وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ} (سورة البقرة الآية 40).
2 «إليّ» نحو قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (سورة لقمان الآية 14).
وسيأتي خلاف القراء في «بمصرخيّ» من قوله تعالى: {مََا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمََا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} (سورة إبراهيم الآية 22).
وكذا في «يا بنيّ» نحو قوله تعالى: {يََا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلََاةَ} (سورة لقمان الآية 17).
تمّ باب مذاهبهم في ياءات الإضافة ولله الحمد والشكر(1/407)
تمّ باب مذاهبهم في ياءات الإضافة ولله الحمد والشكر
«باب مذاهبهم في ياءات الزوائد»
إنما جعل الناظم هذا الباب، والذي قبله أي «باب ياءات الإضافة» آخر أبواب الأصول، لأن الاختلاف فيهما في أواخر الكلمة، فناسب أن يكون ذكر هذين البابين بعد «بابي الوقف».
قال ابن الجزري:
وهي التي زادوا على ما رسما المعنى: أي ياءات الزوائد: هي التي زادها القرّاء بحسب الرواية الصحيحة على ما رسم في المصاحف العثمانية، فهي زائدة عند من أثبتها من القراء. وتكون ياءات الزوائد في أواخر الكلم من الأسماء، والأفعال نحو:
1 «الداع، دعان» نحو قوله تعالى: {وَإِذََا سَأَلَكَ عِبََادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} (سورة البقرة الآية 186).
وتكون في موضع «الجرّ، والنصب» نحو:
1 «دعاء» نحو قوله تعالى: {رَبَّنََا وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ} (سورة إبراهيم الآية 40).
2 «فاتقون» نحو قوله تعالى: {وَإِيََّايَ فَاتَّقُونِ} (سورة البقرة الآية 41).
كما تكون رأس آية، وغير رأس آية نحو:
1 «المتعال» نحو قوله تعالى: {عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعََالِ} (سورة الرعد الآية 9).
2 «واخشون ولا» من قوله تعالى: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلََا تَشْتَرُوا بِآيََاتِي ثَمَناً قَلِيلًا} (سورة المائدة الآية 44).(1/409)
1 «المتعال» نحو قوله تعالى: {عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعََالِ} (سورة الرعد الآية 9).
2 «واخشون ولا» من قوله تعالى: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلََا تَشْتَرُوا بِآيََاتِي ثَمَناً قَلِيلًا} (سورة المائدة الآية 44).
وضابط ذلك أن تكون الياء محذوفة رسما، مختلفا في إثباتها وحذفها، وصلا ووقفا، أو وصلا فقط.
قال ابن الجزري:
... تثبت في الحالين لي ظلّ دما
وأوّل النّمل فدا وتثبت ... وصلا رضى حفظ مدا ومائة
إحدى وعشرون أتت ...
المعنى: أي أن القراء اختلفوا في إثبات «ياءات الزوائد»: فمنهم من أثبتها وصلا ووقفا وهم المرموز لهم ب اللام من «لي» والظاء من «ظلّ» والدال من «دما» وهم: «هشام، ويعقوب، وابن كثير».
ومنهم من أثبتها وصلا فقط وهم المرموز لهم بمدلول «رضى» والحاء من «حفظ» ومدلول «مدا» وهم: «حمزة، والكسائي، وأبو عمرو، ونافع، وأبو جعفر» سوى أن «حمزة» قرأ بإثبات الياء في الحالين في موضع واحد فقط وهو الأول من سورة «النمل» وهو «أتمدونني» من قوله تعالى: قال أتمدوننى بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم (سورة النمل الآية 36) وقيده الناظم بالأول من النمل ليخرج غيره.
ومنهم من حذفها في الحالين وهم الباقون وهم: «ابن عامر، وعاصم، وخلف العاشر».
وربما خرج بعض القراء عن هذه القواعد، وهذا ما سنجليه فيما يأتي بإذن الله تعالى.
ثم بين الناظم أن العدد الإجمالي ل «ياءات الزوائد» المختلف فيها بين القراء 121مائة وإحدى وعشرون ياء. وسيفصل الناظم خلاف القراء في هذه الياءات فيما سيأتي بعون الله تعالى.
قال ابن الجزري:(1/410)
ثم بين الناظم أن العدد الإجمالي ل «ياءات الزوائد» المختلف فيها بين القراء 121مائة وإحدى وعشرون ياء. وسيفصل الناظم خلاف القراء في هذه الياءات فيما سيأتي بعون الله تعالى.
قال ابن الجزري:
تعلّمن ... يسر إلى الدّاع الجوار يهدين
كهف المناد يؤتين تتّبعن ... أخّرتن الإسر سما
المعنى: هذا شروع من الناظم في تفصيل وبيان خلاف القراء في «ياءات الزوائد» حسب قواعدهم المتقدمة: فأخبر أن مدلول «سما» وهم «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات «الياء» في الكلمات الآتية:
1 «تعلمن» من قوله تعالى: {قََالَ لَهُ مُوسى ََ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (سورة الكهف الآية 66).
2 «يسر» من قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذََا يَسْرِ} (سورة الفجر الآية 4).
3 «إلى الداع» من قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدََّاعِ} (سورة القمر الآية 8).
4 «الجوار» التي بعدها متحرك، من قوله تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ الْجَوََارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} (سورة الشورى الآية 32).
وقيّد موضع الخلاف في «الجوار» بالتي بعدها متحرك، ليخرج «الجوار» التي بعدها ساكن فإنه لا خلاف في حذف الياء في الحالين من أجل الساكن، وقد وقع في موضعين هما:
{الْجَوََارِ الْكُنَّسِ} (سورة التكوير الآية 16).
{وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} (سورة الرحمن الآية 24).
5 «يهدين» في الكهف من قوله تعالى: {وَقُلْ عَسى ََ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هََذََا رَشَداً} (سورة الكهف الآية 24).
وقيّد الناظم موضع الخلاف في «يهدين» بالكهف، احترازا من «يهديني» في القصص من قوله تعالى: قال عسى ربي أن يهدين سواء السبيل (سورة القصص الآية 22) فإنه لا خلاف بين القراء في إثبات الياء في الحالين.
6 «المناد» من قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} (سورة ق الآية 41).
7 «يؤتين» من قوله تعالى: {فَعَسى ََ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ} (سورة الكهف الآية 40).(1/411)
6 «المناد» من قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} (سورة ق الآية 41).
7 «يؤتين» من قوله تعالى: {فَعَسى ََ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ} (سورة الكهف الآية 40).
8 «تتبعن» من قوله تعالى: {أَلََّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} (سورة طه الآية 93).
9 «أخرتن» في الإسراء من قوله تعالى: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى ََ يَوْمِ الْقِيََامَةِ} (سورة الإسراء الآية 62).
وقيّد الناظم موضع الخلاف في «أخرتن» بالإسراء، احترازا من أخرتني» في المنافقون، من قوله تعالى: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} (سورة المنافقون الآية 10) فإنه اتفق القراء على إثبات الياء في الحالين.
قال ابن الجزري:
... وفي ترن
واتّبعون أهد بي حقّ ثما ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالباء من «بي» ومدلول «حقّ» والمرموز له بالثاء من «ثما» وهم: «قالون، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وأبو جعفر» قرءوا بإثبات الياء في الكلمتين الآتيتين حسب قواعدهم المتقدمة:
1 «ترن» من قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مََالًا وَوَلَداً} (سورة الكهف الآية 39).
2 «اتبعون أهدكم» من قوله تعالى: {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشََادِ} (سورة غافر الآية 38).
وقيد الناظم موضع الخلاف «في اتبعون» ب «أهد» ليخرج و «اتبعون» في الزخرف من قوله تعالى: {وَاتَّبِعُونِ هََذََا صِرََاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (سورة الزخرف الآية 61) فإنه سيأتي حكمها في قول الناظم: «واتّبعون زخرف ثوى حلا».
قال ابن الجزري:
... ويأت هود نبغ كهف رم سما
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رم» ومدلول «سما» وهم:(1/412)
ويأت هود نبغ كهف رم سما
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالراء من «رم» ومدلول «سما» وهم:
«الكسائي، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء في الكلمتين الآتيتين حسب مذاهبهم المتقدمة:
1 «يأت» في «هود» من قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لََا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلََّا بِإِذْنِهِ}
(سورة هود الآية 105).
وقيّد الناظم موضع الخلاف في «يأت» بهود، ليخرج ما عداه نحو قوله تعالى: {فَإِنَّ اللََّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} (سورة البقرة الآية 258) فإنه لا خلاف في اثبات الياء في ذلك.
2 «نبغ في الكهف» من قوله تعالى: {قََالَ ذََلِكَ مََا كُنََّا نَبْغِ} (سورة الكهف الآية 64).
وقيّد الناظم موضع الخلاف في «نبغ» ب «الكهف» ليخرج التي في يوسف من قوله تعالى: {قََالُوا يََا أَبََانََا مََا نَبْغِي} (سورة يوسف الآية 65) فإنه لا خلاف في إثبات الياء في ذلك.
قال ابن الجزري:
تؤتون ثب حقّا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثب» ومدلول «حقّا» وهم:
«أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء في «تؤتون» من قوله تعالى: {قََالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتََّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللََّهِ} (سورة يوسف الآية 66).
قال ابن الجزري:
... ويرتع يتّقي ... يوسف زن خلفا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالزاي من «زن» وهو: «قنبل» بخلف عنه قرأ بإثبات الياء في الحالين في الكلمتين الآتيتين:
1 «نرتع» من قوله تعالى: أرسله معنا غدا نرتع ونلعب (سورة يوسف الآية 12).(1/413)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالزاي من «زن» وهو: «قنبل» بخلف عنه قرأ بإثبات الياء في الحالين في الكلمتين الآتيتين:
1 «نرتع» من قوله تعالى: أرسله معنا غدا نرتع ونلعب (سورة يوسف الآية 12).
2 «يتق» من قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (سورة يوسف الآية 90).
قال ابن الجزري:
... وتسألن ثق
حما جنى الدّاع إذا دعان هم ... مع خلف قالون
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثق» ومدلول «حما» والمرموز له بالجيم من «جنى» وهم: «أبو جعفر، وأبو عمرو، ويعقوب، والأزرق» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في «تسألن» في «هود» من قوله تعالى: {فَلََا تَسْئَلْنِ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (سورة هود الآية 46). أما «تسألن» في «الكهف» من قوله تعالى: {فَلََا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتََّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (سورة الكهف الآية 70) فسيأتي حكمه في قول الناظم:
وثبت ... تسألن في الكهف وخلف الحذف مت
ثم أخبر الناظم أن من عاد عليه الضمير في قوله: «هم» وهم: «أبو جعفر، وأبو عمرو، ويعقوب، والأزرق، وقالون» بخلف عنه أثبتوا الياء في الكلمتين الآتيتين حسب قواعدهم المتقدمة:
21 «الداع، دعان» من قوله تعالى: {وَإِذََا سَأَلَكَ عِبََادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} (سورة البقرة الآية 186).
قال ابن الجزري:
... ويدع الدّاع حم
هد جد ثوى ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حم» والهاء من «هد» والجيم من «جد» ومدلول «ثوى» وهم: «أبو عمرو، والبزّي، والأزرق، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي:(1/414)
ويدع الدّاع حم
هد جد ثوى ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حم» والهاء من «هد» والجيم من «جد» ومدلول «ثوى» وهم: «أبو عمرو، والبزّي، والأزرق، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي:
1 «الداع» التي قبلها «يدع» من قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ} (سورة القمر الآية 6).
وقيّد الناظم موضع الخلاف في «الداع» بالتي قبلها «يدع» ليخرج ما عداه وهو في موضعين وهما في قوله تعالى:
1 {مُهْطِعِينَ إِلَى الدََّاعِ} (سورة القمر الآية 8). فقد تقدم حكمه أثناء قول الناظم: «يسر إلى الدّاع» الخ.
2 {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} (سورة البقرة الآية 186). فقد تقدم حكمه أثناء قول الناظم: الداع إذا دعان هم مع خلف قالون.
قال ابن الجزري:
والباد ثق حقّ جنن ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثق» ومدلول «حقّ» والمرموز له بالجيم من «جن» وهم: «أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، والأزرق» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم المتقدمة في كلمة واحدة هي:
«والباد» من قوله تعالى: {سَوََاءً الْعََاكِفُ فِيهِ وَالْبََادِ} (سورة الحج الآية 25).
قال ابن الجزري:
... والمهتدي لا أوّلا واتّبعن
وقل حما مدا ...
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «حما» ومدلول «مدا» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، ونافع، وأبو جعفر» قرءوا بإثبات الياء في كلمتين حسب قواعدهم المتقدمة، والكلمتان هما:
1 «المهتد» غير الموضع الأول، وقد جاء في موضعين وهما في قوله تعالى:(1/415)
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «حما» ومدلول «مدا» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، ونافع، وأبو جعفر» قرءوا بإثبات الياء في كلمتين حسب قواعدهم المتقدمة، والكلمتان هما:
1 «المهتد» غير الموضع الأول، وقد جاء في موضعين وهما في قوله تعالى:
ومن يهد الله فهو المهتد (سورة الإسراء الآية 97).
من يهد الله فهو المهتد (سورة الكهف الآية 17).
أما الموضع الأول فهو في سورة «الأعراف» من قوله تعالى: من يهدى الله فهو المهتدي (سورة الأعراف الآية 178) فقد اتفق القراء على إثبات الياء وصلا ووقفا اتباعا للرسم.
2 «اتّبعن» التي بعدها «وقل» من قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلََّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ} (سورة آل عمران الآية 20).
وقيّد الناظم «اتّبعن» ب «قل» احترازا من «اتبعني» التي ليس بعدها «وقل» من قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
(سورة يوسف الآية 108) فقد اتفق القراء على إثبات الياء في الحالين اتباعا للرسم.
قال ابن الجزري:
وكالجواب جا ... حقّ
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جا» ومدلول «حقّ» وهم:
«الأزرق، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي: «كالجواب» من قوله تعالى: {وَتَمََاثِيلَ وَجِفََانٍ كَالْجَوََابِ}
(سورة سبأ الآية 13).
قال ابن الجزري:
... تمدّونن في سما وجا
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «في» ومدلول «سما» وهم:
«حمزة، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي: «أتمدونن» من قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَ سُلَيْمََانَ قََالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمََالٍ} (سورة النمل الآية 36).
تنبيه: «أتمدونن» هذا هو الذي تقدم أن «حمزة» أثبت ياءه في الحالين، أثناء شرح قول الناظم: «وأوّل النّمل فدا».(1/416)
«حمزة، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بإثبات الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي: «أتمدونن» من قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَ سُلَيْمََانَ قََالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمََالٍ} (سورة النمل الآية 36).
تنبيه: «أتمدونن» هذا هو الذي تقدم أن «حمزة» أثبت ياءه في الحالين، أثناء شرح قول الناظم: «وأوّل النّمل فدا».
وتقدم أيضا في «باب الإدغام الكبير» أن «حمزة، ويعقوب» يدغمان «النون» في «النون» والدليل على ذلك قول الناظم:
... وفي تمدّونن فضله ظرف
قال ابن الجزري:
تخزون في اتّقون يا اخشون ولا ... واتّبعون زخرف ثوى حلا
خافون إن أشركتمون قد هدا ... ن عنهم
المعنى: أخبر الناظم أن مدلول «ثوى» والمرموز له بالحاء من «حلا» وهم:
«أبو جعفر، ويعقوب، وأبو عمرو» قرءوا بإثبات الياء في الكلمات الآتية حسب قواعدهم:
1 «ولا تخزون» التي بعدها «في» من قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللََّهَ وَلََا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} (سورة هود الآية 78).
وقيّد الناظم «ولا تخزون» بالتي بعدها «في» ليخرج «ولا تخزون» التي في سورة الحجر في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ وَلََا تُخْزُونِ} (سورة الحجر الآية 69) فإنه ليس بعدها «في» ويثبتها «يعقوب» فقط، وسيأتي النصّ على ذلك أثناء قول الناظم: «وكلّ روس الآي ظل».
2 «اتقون» التي بعدها «يا» من قوله تعالى: {وَاتَّقُونِ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ} (سورة البقرة الآية 197).
وقيّد الناظم «اتقون» بالتي بعدها «يا» ليخرج غيرها نحو قوله تعالى:
{وَإِيََّايَ فَاتَّقُونِ} (سورة البقرة الآية 41). فإن ذلك يثبته «يعقوب» فقط، وسيأتي النصّ على ذلك أثناء قول الناظم: «وكلّ روس الآي ظل».
3 «اخشون» التي بعدها «ولا» من قوله تعالى: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلََا تَشْتَرُوا بِآيََاتِي ثَمَناً قَلِيلًا} (سورة المائدة الآية 44).
وقيّد الناظم «اخشون» بالتي بعدها «ولا» ليخرج غيرها نحو قوله تعالى:(1/417)
3 «اخشون» التي بعدها «ولا» من قوله تعالى: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلََا تَشْتَرُوا بِآيََاتِي ثَمَناً قَلِيلًا} (سورة المائدة الآية 44).
وقيّد الناظم «اخشون» بالتي بعدها «ولا» ليخرج غيرها نحو قوله تعالى:
{فَلََا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} (سورة البقرة الآية 150).
4 «واتبعون» التي في سورة «الزخرف» من قوله تعالى: {وَاتَّبِعُونِ هََذََا صِرََاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (سورة الزخرف الآية 61).
وقيّد الناظم «واتبعون» بسورة «الزخرف» ليخرج غيرها نحو قوله تعالى:
{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ} (سورة آل عمران الآية 31). وقوله تعالى: {فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي} (سورة طه الآية 90) فإنه لا خلاف بين القراء في إثبات الياء فيهما اتباعا للرسم. وليخرج أيضا {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشََادِ} (سورة غافر الآية 38) فإنه تقدم بيان الخلاف في هذا الموضوع أثناء شرح قول الناظم:
واتّبعون أهد في حقّ ثما ...
5 «خافون» من قوله تعالى: {فَلََا تَخََافُوهُمْ وَخََافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (سورة آل عمران الآية 175).
6 «أشركتمون» من قوله تعالى: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمََا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} (سورة إبراهيم الآية 22).
7 «هدان» التي قبلها «قد» من قوله تعالى: {قََالَ أَتُحََاجُّونِّي فِي اللََّهِ وَقَدْ هَدََانِ}
(سورة الأنعام الآية 80).
وقيّد الناظم «هدان» بالتي قبلها «قد» احترازا من نحو قوله تعالى: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللََّهَ هَدََانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (سورة الزمر الآية 57) فإن الياء ثابتة لجميع القراء اتباعا لرسم المصحف.
قال ابن الجزري:
... كيدون الاعراف لدى
خلف حما ثبت ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لدى» ومدلول «حما» والمرموز له بالثاء من «ثبت» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه، أثبتوا الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي: «كيدون» التي
في سورة «الأعراف» من قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكََاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلََا تُنْظِرُونِ} (سورة الأعراف الآية 195).(1/418)
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له باللام من «لدى» ومدلول «حما» والمرموز له بالثاء من «ثبت» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه، أثبتوا الياء حسب قواعدهم في كلمة واحدة وهي: «كيدون» التي
في سورة «الأعراف» من قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكََاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلََا تُنْظِرُونِ} (سورة الأعراف الآية 195).
وقيّد الناظم «كيدون» بسورة «الأعراف» احترازا من قوله تعالى: {مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لََا تُنْظِرُونِ} (سورة هود الآية 55) فإن الياء ثابتة لجميع القراء اتباعا لرسم المصحف.
واحترازا من قوله تعالى: {فَإِنْ كََانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} (سورة المرسلات الآية 39). فإن الياء ثابتة ل «يعقوب» عملا بقول الناظم فيما سيأتي:
... وكلّ روس الآي ظل
قال ابن الجزري:
فاتّقوا ... خلف غنى
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالغين من «غنى» وهو: «رويس» أثبت الياء في «فاتقون» بخلف عنه حسب مذهبه وذلك من قوله تعالى: {ذََلِكَ يُخَوِّفُ اللََّهُ بِهِ عِبََادَهُ يََا عِبََادِ فَاتَّقُونِ} (سورة الزمر الآية 16).
قال ابن الجزري:
... بشّر عباد افتح يقوا
بالخلف والوقف يلي خلف ظبى ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالياء من «يقوا» وهو: «السوسي» أثبت الياء مفتوحة وصلا بخلف عنه في «عباد» التي قبلها «بشر» من قوله تعالى:
{فَبَشِّرْ عِبََادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (سورة الزمر الآيتان 17 18). وله أيضا الإثبات والحذف حالة الوقف.
كما أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظبى» وهو: «يعقوب» أثبت الياء في الحالين من «عباد» من قوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبََادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} (سورة الزمر الآيتان 1817) وقيّد الناظم «عباد» ب «بشّر» ليخرج غيرها.
قال ابن الجزري:(1/419)
كما أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظبى» وهو: «يعقوب» أثبت الياء في الحالين من «عباد» من قوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبََادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} (سورة الزمر الآيتان 1817) وقيّد الناظم «عباد» ب «بشّر» ليخرج غيرها.
قال ابن الجزري:
... آتان نمل وافتحوا مدا غبى
حز عد وقف ظعنا وخلف عن حسن ... بن زر
المعنى: أخبر الناظم أن القراء اختلفوا في «ءاتان» في «النمل» من قوله تعالى: فما آتان الله خير مما آتاكم (سورة النمل الآية 36) فأثبتها مفتوحة وصلا مدلول «مدا» والمرموز له بالغين من «غبى» والحاء من «حز» والعين من «عد» وهم: «نافع، وأبو جعفر، ورويس، وأبو عمرو، وحفص».
ووقف عليها بالياء بلا خلاف المرموز له بالظاء من «ظعنا» وهو «يعقوب».
ووقف عليها بالياء بالخلاف المرموز له بالعين من «عن» والحاء من «حسن» والباء من «بن» والزاي من «زر» وهم: «حفص، وأبو عمرو، وقالون، وقنبل».
قال ابن الجزري:
... يردن افتح كذا تتّبعن
وقف ثنا ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» قرأ بفتح الياء وصلا، وأثبتها وقفا في كلمتين هما:
1 «يردن» من قوله تعالى: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمََنُ بِضُرٍّ لََا تُغْنِ عَنِّي شَفََاعَتُهُمْ شَيْئاً}
(سورة يس الآية 23).
2 «تتبعن» من قوله تعالى: {أَلََّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} (سورة طه الآية 93).
قال ابن الجزري:
وكلّ روس الآي ظل ... وافق بالواد دنا جد وزحل
بخلف وقف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظل» وهو: «يعقوب» قرأ بإثبات الياء في الحالين من الياءات المحذوفة رسما في رءوس الآي في جميع القرآن نحو «دعاء» من قوله تعالى: {رَبَّنََا وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ} (سورة إبراهيم الآية 40).(1/420)
وكلّ روس الآي ظل ... وافق بالواد دنا جد وزحل
بخلف وقف ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالظاء من «ظل» وهو: «يعقوب» قرأ بإثبات الياء في الحالين من الياءات المحذوفة رسما في رءوس الآي في جميع القرآن نحو «دعاء» من قوله تعالى: {رَبَّنََا وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ} (سورة إبراهيم الآية 40).
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دنا» والجيم من «جد» وهما:
«ابن كثير، والأزرق» وافقا «يعقوب» في إثبات «الياء» من «بالواد» من قوله تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} (سورة الفجر الآية 9) فابن كثير يثبت الياء في الحالين، والأزرق يثبتها وصلا فقط.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالزاي من «زحل» وهو «قنبل» وافق «يعقوب» أيضا في إثبات الياء من «بالواد» حالة الوقف فقط بخلف عنه، والوجهان صحيحان.
قال ابن الجزري:
ودعاء في جمع ... ثق حط زكا الخلف هدى
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالفاء من «في» والجيم من «جمع» والثاء من «ثق» والحاء من «حط» والزاي من «زكا» والهاء من «هدى» وهم: «حمزة، والأزرق، وأبو جعفر، وأبو عمرو، والبزّي، وقنبل» بخلف عنه، وافقوا «يعقوب» في إثبات «الياء» من «دعاء» من قوله تعالى: {رَبَّنََا وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ}
(سورة إبراهيم الآية 40). فأثبتها وصلا فقط: أبو عمرو، وحمزة، وأبو جعفر، والأزرق». وأثبتها في الحالين «البزّي».
واختلف عن «قنبل»: فروى بعضهم عنه حذفها في الحالين، والبعض الآخر إثباتها في الحالين، والبعض حذفها وصلا، وأثبتها وقفا، والكل صحيح عنه.
قال ابن الجزري:
... التّلاق مع
تناد خذ دم جل وقيل الخلف بر ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالخاء من «خذ» والدال من «دم» والجيم من «جل» والباء من «بر» وهم: «ابن وردان، وابن كثير، والأزرق، وقالون» بخلف عنه وافقوا «يعقوب» في إثبات الياء في كلمتين وهما:(1/421)
التّلاق مع
تناد خذ دم جل وقيل الخلف بر ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالخاء من «خذ» والدال من «دم» والجيم من «جل» والباء من «بر» وهم: «ابن وردان، وابن كثير، والأزرق، وقالون» بخلف عنه وافقوا «يعقوب» في إثبات الياء في كلمتين وهما:
1 «التلاق» من قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلََاقِ} (سورة غافر الآية 15).
2 «التناد» من قوله تعالى: {وَيََا قَوْمِ إِنِّي أَخََافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنََادِ} (سورة غافر الآية 32).
فأثبت الياءين وصلا فقط «ابن وردان، والأزرق، وقالون» بخلف عنه.
وأثبتهما في الحالين «ابن كثير».
قال ابن الجزري:
... والمتعال دن
أخبر الناظم أن المرموز له بالدال من «دن» وهو: «ابن كثير» وافق «يعقوب» في إثبات الياء في الحالين في كلمة واحدة هي: «المتعال» من قوله تعالى: {عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعََالِ} (سورة الرعد الآية 9).
قال ابن الجزري:
... وعيد ونذر
يكذّبون قال مع نذيري ... فاعتزلون ترجمو نكيري
تردين ينقذون جود ...
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالجيم من «جود» وهو: «الأزرق» وافق «يعقوب» في إثبات الياءات الآتية وصلا فقط:
1 «وعيد» في ثلاثة مواضع وهي:
{ذََلِكَ لِمَنْ خََافَ مَقََامِي وَخََافَ وَعِيدِ} (سورة إبراهيم الآية 14).
{كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (سورة ق الآية 14).
{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخََافُ وَعِيدِ} (سورة ق الآية 45).
2 «نذر» في المواضع الستة في سورة القمر رقم 16، 18، 21، 30، 37، 39.(1/422)
{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخََافُ وَعِيدِ} (سورة ق الآية 45).
2 «نذر» في المواضع الستة في سورة القمر رقم 16، 18، 21، 30، 37، 39.
3 «يكذبون» التي بعدها «قال» من قوله تعالى: {إِنِّي أَخََافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قََالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} (سورة القصص الآيتان 3534).
وقيّد الناظم «يكذبون» بالتي بعدها «قال» احترازا عن نحو قوله تعالى:
{قََالَ رَبِّ إِنِّي أَخََافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي} (سورة الشعراء الآيتان 1312).
4 «نذير» من قوله تعالى: {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (سورة الملك الآية 17).
5 «فاعتزلون» من قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} (سورة الدخان الآية 21).
6 «ترجمون» من قوله تعالى: وإن عذت بربي وربكم أن ترجمون (سورة الدخان الآية 20).
7 «نكير» في المواضع الأربعة من قوله تعالى: {فَكَيْفَ كََانَ نَكِيرِ} (سورة الحج الآية 44وسبأ الآية 45وفاطر الآية 26والملك الآية 18).
8 «تردين» من قوله تعالى: {قََالَ تَاللََّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} (سورة الصافات الآية 56).
9 «ينقذون» من قوله تعالى: {لََا تُغْنِ عَنِّي شَفََاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلََا يُنْقِذُونِ}
(سورة يس الآية 23).
قال ابن الجزري:
أكرمن ... أهانن هدا مدا والخلف حن
المعنى: أخبر الناظم أن المرموز له بالهاء من «هدا» ومدلول «مدا» والحاء من «حن» وهم: «البزّي، ونافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو» بخلف عنه، وافقوا «يعقوب» في إثبات الياء من كلمتين هما:
1 «أكرمن» من قوله تعالى: {فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} (سورة الفجر الآية 15).
2 «أهانن» من قوله تعالى: {فَيَقُولُ رَبِّي أَهََانَنِ} (سورة الفجر الآية 16). فالبزّي
أثبت الياء فيهما في الحالين. و «نافع، وأبو جعفر» أثبتا الياء فيهما وصلا فقط. و «أبو عمرو» أثبتهما وصلا بالخلاف.(1/423)
2 «أهانن» من قوله تعالى: {فَيَقُولُ رَبِّي أَهََانَنِ} (سورة الفجر الآية 16). فالبزّي
أثبت الياء فيهما في الحالين. و «نافع، وأبو جعفر» أثبتا الياء فيهما وصلا فقط. و «أبو عمرو» أثبتهما وصلا بالخلاف.
قال ابن الجزري:
وشذّ عن قنبل غير ما ذكر ...
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن ما ذكره من إثبات الياءات الزائدة عن «قنبل» هو الصحيح الذي ثبتت روايته وتواترت. ومن ذكر عنه شيئا غير ذلك يعتبر شاذّا لا تجوز القراءة به.
قال ابن الجزري:
... والأصبهانيّ كالأزرق استقر
مع ترن اتّبعون ...
المعنى: من الاصطلاحات العامة التي اصطلح عليها الناظم ما جاء في قوله في المقدمة:
وحيث جا رمز لورش فهوا ... لأزرق لدى الأصول يروى
والأصبهانيّ كقالون وإن ... سمّيت ورشا فالطّريقان إذن
ونظرا لأن «الأصبهاني» ورد عنه من الطرق الصحيحة إثبات جميع الياءات التي أثبتها «الأزرق». نبّه الناظم على ذلك بقوله هنا: والأصبهانيّ كالأزرق استقر أي أن الأصبهاني أثبت جميع الياءات التي أثبتها «الأزرق».
ثم أخبر الناظم أن «الأصبهاني» زاد على ما أثبته «الأزرق» وأثبت الياء في كلمتين وصلا فقط، وهما:
1 «ترن» من قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مََالًا وَوَلَداً} (سورة الكهف الآية 39).
2 «اتبعون» من قوله تعالى: {يََا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشََادِ} (سورة غافر الآية 38).(1/424)
1 «ترن» من قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مََالًا وَوَلَداً} (سورة الكهف الآية 39).
2 «اتبعون» من قوله تعالى: {يََا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشََادِ} (سورة غافر الآية 38).
قال ابن الجزري:
وثبت ... تسألن في الكهف وخلف الحذف مت
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن جميع القراء عدا «ابن ذكوان» اثبتوا الياء في «تسألني» من قوله تعالى: {قََالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلََا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتََّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (سورة الكهف الآية 70) وذلك اتباعا لرسم المصحف.
سوى أن المرموز له بالميم من «مت» وهو: «ابن ذكوان» ورد عنه في هذه الياء الخلاف في إثبات الياء وحذفها وصلا ووقفا. والوجهان صحيحان، وقد قرأت بهما. والحمد لله رب العالمين.
تمّ باب مذاهبهم في ياءات الزوائد ولله الحمد والشكر(1/425)
تمّ باب مذاهبهم في ياءات الزوائد ولله الحمد والشكر
«باب إفراد القراءات وجمعها»
قال ابن الجزري:
وقد جرى من عادة الأئمّة ... إفراد كلّ قارئ بختمه
حتّى يؤهّلوا لجمع الجمع ... بالعشر أو أكثر أو بالسّبع
المعنى: قال ابن الجزري في النشر ما معناه: «لم يتعرض أحد من أئمة القراءة في تواليفهم لهذا الباب، وقد أشار إليه «أبو القاسم الصفراوي» ت 636هـ في «إعلانه» ولم يأت بطائل.
وهو باب عظيم الفوائد، كثير النفع، جليل الخطر، بل هو ثمرة ما تقدم في أبواب هذا الكتاب من الأصول، ونتيجة تلك المقدمات والفصول.
والسبب الموجب لعدم تعرض المتقدمين إليه هو عظم هممهم، وكثرة حرصهم، ومبالغتهم في الإكثار من هذا العلم، واستيعاب رواياته.
ولقد كانوا في الحرص والطلب بحيث إنهم يقرءون بالرواية الواحدة على الشيخ الواحد عدّة ختمات لا ينتقلون إلى غيرها. ولقد قرأ «الأستاذ أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري» القيرواني القراءات السبع على شيخه: «أبي بكر القصري» تسعين ختمة، كلما ختم ختمة قرأ غيرها حتى أكمل ذلك في مدّة عشر سنين. وكانوا يقرءون على الشيخ الواحد العدّة من الروايات، والكثير من القراءات كل ختمة برواية، لا يجمعون رواية إلى غيرها. وهذا الذي كان عليه الصدر الأول، ومن بعدهم إلى أثناء المائة الخامسة عصر «الداني، وابن شيطا،
والأهوازي، والهذلي» ومن بعدهم. فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة، واستمر إلى زماننا.(1/427)
ولقد كانوا في الحرص والطلب بحيث إنهم يقرءون بالرواية الواحدة على الشيخ الواحد عدّة ختمات لا ينتقلون إلى غيرها. ولقد قرأ «الأستاذ أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري» القيرواني القراءات السبع على شيخه: «أبي بكر القصري» تسعين ختمة، كلما ختم ختمة قرأ غيرها حتى أكمل ذلك في مدّة عشر سنين. وكانوا يقرءون على الشيخ الواحد العدّة من الروايات، والكثير من القراءات كل ختمة برواية، لا يجمعون رواية إلى غيرها. وهذا الذي كان عليه الصدر الأول، ومن بعدهم إلى أثناء المائة الخامسة عصر «الداني، وابن شيطا،
والأهوازي، والهذلي» ومن بعدهم. فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة، واستمر إلى زماننا.
وكان بعض الأئمة يكره ذلك من حيث إنه لم تكن عادة السلف عليه.
ولكن الذي استقرّ عليه العمل هو الأخذ به، والتقرير عليه، وتلقيه بالقبول.
وإنما دعاهم إلى ذلك فتور الهمم، وقصد سرعة الترقي، والانفراد، ولم يكن أحد من الشيوخ يسمح به إلا لمن أفرد القراءات، وأتقن معرفة الطرق والروايات، وقرأ لكل قارئ ختمة على حدة. ولم يسمح أحد بقراءة قارئ من الأئمة السبعة، أو العشرة في ختمة واحدة فيما أحسب إلّا في هذه الأعصار المتأخرة (1).
قال ابن الجزري:
وجمعنا نختاره بالوقف ... وغيرنا يأخذه بالحرف
بشرطه فليسرع وقفا وابتدأ ... ولا يركّب وليجد حسن الأدا
فالماهر الّذي إذا ما وقفا ... يبدا بوجه من عليه وقفا
يعطف أقربا به فأقربا ... مختصرا مستوعبا مرتّبا
المعنى: قال ابن الجزري في النشر ما معناه: للشيوخ في كيفية الأخذ بالجمع مذهبان:
أحدهما: الجمع بالحرف: وهو: أن يشرع القارئ في القراءة فإذا مرّ بكلمة فيها خلف أصوليّ، أو فرشيّ، أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوفي ما فيها من الخلاف، فإن كانت مما يسوغ الوقف عليه وقف، واستأنف ما بعدها على الحكم المذكور، وإلّا وصلها بآخر وجه انتهى عليه حتى ينتهي إلى وقف فيقف.
وإن كان الخلف مما يتعلق بكلمتين كمدّ المنفصل، والسكت على ذي
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 195194.(1/428)
كلمتين وقف على الكلمة الثانية واستوعب الخلاف، ثم انتقل إلى ما بعدها على ذلك الحكم.
وهذا مذهب «المصريين» وهو أوثق في استيفاء أوجه الخلاف، وأسهل في الأخذ، وأخصر، ولكنه يخرج عن رونق القراءة، وحسن أداء التلاوة.
المذهب الثاني: الجمع بالوقف: وهو إذا شرع القارئ بقراءة من قدّمه لا يزال بذلك الوجه حتى ينتهي إلى وقف يسوغ الابتداء بما بعده فيقف ثم يعود إلى القارئ الذي بعده إن لم يكن دخل خلفه فيما قبله، ولا يزال حتى يقف على الوقف الذي وقف عليه، ثم يفعل ذلك بقارئ قارئ حتى ينتهي الخلف، ويبتدئ بما بعد ذلك الوقف على هذا الحكم. وهذا مذهب الشاميين، وهو أشدّ في الاستحضار، وأسدّ في الاستظهار، وأطول زمانا، وأجود إمكانا.
ثم يقول «ابن الجزري»: ولكني ركبت من المذهبين مذهبا، فجاء في محاسن الجمع طرازا مذهبا: فأبتدئ بالقارئ، وأنظر إلى من يكون من القرّاء أكثر موافقة له فإذا وصلت إلى كلمة بين القارئين فيها خلف وقفت وأخرجته معه ثم وصلت حتى أنتهي إلى الوقف السائغ جوازه وهكذا حتى ينتهي الخلاف.
ثم يقول «ابن الجزري»: يشترط على جامعي القراءات أربعة شروط لا بدّ منها وهي: رعاية الوقف، والابتداء، وحسن الأداء، وعدم التركيب. أمّا رعاية الترتيب، والتزام تقديم شخص بعينه، أو نحو ذلك فلا يشترط.
وكثير من الناس يرى تقديم «قالون» أوّلا كما هو مرتب في هذه الكتب المشهورة (1).
وأقول: لقد قرأت ختمتين كاملتين على شيخي لمرحوم «الشيخ عامر السيد عثمان».
الأولى: بالقراءات العشر بمضمّن الشاطبية، والدة.
والأخرى: بمضمن الطيبة في القراءات العشر.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2/ 201فما بعدها.(1/429)
وكانت قراءتي بطريق الجمع بالوقف: وكنت افتتح القراءة ب «قالون» ثم أعطف عليه القارئ الذي قراءته أقرب إلى آخر الآية ما لم تكن قراءته قد اندرجت مع «قالون». وهكذا حتى أقرأ بجميع القراءات لجميع القراء أصولا وفرشا.
قال ابن الجزري:
وليلزم الوقار والتّأدّبا ... عند الشّيوخ إن يرد أن ينجبا
المعنى: يقدّم «ابن الجزري» رحمه الله تعالى نصيحة جليلة لقراء القرآن، فيقول: على كل قارئ أن يلتزم بآداب الإسلام: فعليه أن يكون مؤدبا بآداب الإسلام، متخلقا بأخلاق تعاليم القرآن فيكون مؤدبا مع شيخه، موقّرا له، ناظرا له بعين الحبّ والحنان. وكان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه يقول:
اللهمّ أخف عيب معلمي عنّي فلا تذهب بركة علمه منّي.
قال ابن الجزري:
وبعد إتمام الأصول نشرع ... في الفرش والله إليه نضرع
المعنى: يقول «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بعد أن وفقني الله تعالى وأتممت نظم أصول القراءات العشر في طريق «كتاب النشر» فإني سأشرع بعون الله تعالى وتوفيقه في نظم القراءات المعروفة في اصطلاح القرّاء ب «فرش الحروف» مبتدئا بسورة «البقرة» منتهيا «بباب التكبير» والله أعلم.
تمّ باب مذاهبهم في إفراد القراءات وجمعها ولله الحمد والشكر وبهذا ينتهي الجزء الأول من كتاب الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر والكشف عن علل القراءات وتوجيهها ويليه الجزء الثاني وأوله «سورة الفاتحة».(1/430)
الجزء الثانى
بسم الله الرحمن الرحيم
عن «ابن شهاب» رضي الله عنه قال:
حدّثني «عبيد الله بن عبد الله أن «عبد الله بن عباس» رضي الله عنهما حدّثه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أقرأني جبريل على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتّى انتهى إلى سبعة أحرف» اه.
أخرجه البخاري ومسلم(2/5)
سورة الفاتحة
قال ابن الجزري:
مالك نل ظلّا روى ...
المعنى: قرأ «عاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «ملك» من قوله تعالى: ملك يوم الدين (سورة الفاتحة آية 3).
بإثبات ألف بعد الميم، على أنه اسم فاعل من «ملك».
والمالك بالألف هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف يشاء.
وقرأ الباقون «ملك» بحذف الألف، وكسر اللام والكاف، على وزن «حذر» على أنه صيغة مبالغة.
والملك بحذف الألف: هو التصرف بالأمر والنهي في المأمورين.
وقد حذفت الألف في الرسم من ملك يوم الدين للإشارة إلى قراءة حذف الألف.
تنبيه:
«ملك» من قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ} (سورة آل عمران آية 26) لا خلاف بين القراء العشرة في قراءته «مالك» بإثبات ألف بعد الميم، وفتح الكاف.
قال «الراغب الأصفهاني» في مادة «ملك»: «الملك» بفتح الميم وكسر اللام: هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: «ملك الناس» ولا يقال: «ملك الأشياء». وقوله تعالى: ملك يوم الدين فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلََّهِ
الْوََاحِدِ الْقَهََّارِ} (سورة غافر آية 16). (1) وقال «الزبيدي» ت 1205هـ في مادة «ملك»: يقال: «ملكه يملكه ملكا مثلثة» (2).(2/7)
قال «الراغب الأصفهاني» في مادة «ملك»: «الملك» بفتح الميم وكسر اللام: هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: «ملك الناس» ولا يقال: «ملك الأشياء». وقوله تعالى: ملك يوم الدين فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلََّهِ
الْوََاحِدِ الْقَهََّارِ} (سورة غافر آية 16). (1) وقال «الزبيدي» ت 1205هـ في مادة «ملك»: يقال: «ملكه يملكه ملكا مثلثة» (2).
و «الملك» بفتح الميم واللام: واحد الملائكة اه (3).
قال ابن الجزري:
الصراط مع ... صراط زن خلفا غلا كيف وقع
والصاد كالزاي ضفا الأول قف ... وفيه والثاني وذي اللام اختلف
وباب أصدق شفا والخلف غر ... يصدر غث شفا المصيطرون ضر
ق الخلف مع مصيطر والسين لي ... وفيهما الخلف زكيّ عن ملي
المعنى: اختلف القراء العشرة في لفظي: الصراط، وصراط، المعرف والمنكر، حيثما وقعا في القرآن الكريم:
فقرأ «رويس، وقنبل» بخلف عنه بالسين حيثما وقعا، وذلك على الأصل، لأنه مشتق من السرط: وهو البلع، وهي لغة عامة العرب. ومما يدل على أن السين هي الأصل أنه لو كانت الصاد هي الأصل لم تردّ إلى السين، وذلك لضعف السين عن الصاد، وليس من أصول كلام العرب أن يردّوا القويّ إلى الضعيف، وإنما أصولهم في الحروف عند الإبدال أن يردّوا الأضعف إلى الأقوى.
وقرأ «خلف» عن حمزة بالصاد المشمّة صوت الزاي حيثما وقعا في القرآن، وهي لغة «قيس».
وحجة من قرأ بالإشمام أنه لما رأى الصاد فيها مخالفة للطاء في صفة «الجهر» أشمّ الصاد صوت الزاي، وذلك للجهر الذي فيها، فصار قبل الطاء حرف يشبهها في «الإطباق، والجهر» وحسن ذلك لأن الراء تخرج من مخرج
__________
(1) انظر المفردات في غريب القرآن ص 472.
(2) انظر تاج العروس شرح القاموس ج 7ص 180.
(3) انظر تاج العروس شرح القاموس ج 7ص 182.(2/8)
السين، والصاد مؤاخية لها في صفتي: «الصفير والرخاوة». واختلف عن «خلاد» على أربع طرق:
الأولى: الإشمام في الأول من الفاتحة فقط.
الثانية: الإشمام في حرفي الفاتحة فقط.
الثالثة: الإشمام في المعرف باللام في الفاتحة وجميع القرآن.
الرابعة: عدم الإشمام في الجميع.
وقرأ الباقون من القراء العشرة بالصاد الخالصة في جميع القرآن، وهو الوجه الثاني عن «قنبل» وهو لغة «قريش».
تنبيه: قال «ابن الجزري»: واختلف عن «قنبل» في «الصراط، وصراط» فرواه عنه بالسين «ابن مجاهد» وهي رواية «أحمد بن ثوبان» عن «قنبل» ورواية «الحلواني» عن «القوّاس».
ورواه عنه «ابن شنبوذ» بالصاد، وكذلك سائر الرواة عن «قنبل» ثم قال:
واختلف عن «خلاد» في إشمام الأول فقط، أو حرفي الفاتحة خاصة، أو المعرف باللام في جميع القرآن، أو لا إشمام في شيء: فقطع له بالإشمام في الحرف الأول حسب ما في التيسير والشاطبية. وبذلك قرأ «الداني» على «أبي الفتح فارس» وصاحب «التجريد» على «عبد الباقي» وهي رواية «محمد بن يحيى الخنيسي» عن خلاد. وقطع له بالإشمام في حرفي الفاتحة فقط صاحب «العنوان، والطرسوسي» من طريق «ابن البختري» عن «الوزان» عنه، وبه قطع «أبو العزّ، والأهوازي» عن «الوزّان» أيضا، وهي طريق «ابن حامد» عن «الصوّاف». وقطع له بالإشمام في المعرّف باللام خاصة هنا، وفي جميع القرآن، جمهور العراقيين، وهي طريق «بكّار» عن «الوزّان». وبه قرأ صاحب «التجريد» على الفارسي، والمالكي، وهو الذي في «روضة أبي علي البغدادي» وطريق «ابن مهران» عن «ابن أبي عمر» عن «الصواف» عن «الوزّان» وهي رواية «الدوري» عن «سليم» عن «حمزة». وقطع له بعدم الإشمام في الجميع صاحب «التبصرة» والكافي، والتلخيص، والهداية، والتذكرة، وجمهور المغاربة، وبه قرأ الداني على «أبي الحسن» وهي طريق «ابن الهيثم» والطلحي ورواية «الحلواني» عن «خلاد»
وانفرد «ابن عبيد» على «أبي علي الصواف» على «الوزّان» عنه، بالإشمام في المعرف، والمنكر، كرواية «خلف» عن «حمزة» في كل القرآن وهو ظاهر «المبهج» عن «ابن الهيثم» اه (1).(2/9)
واختلف عن «خلاد» في إشمام الأول فقط، أو حرفي الفاتحة خاصة، أو المعرف باللام في جميع القرآن، أو لا إشمام في شيء: فقطع له بالإشمام في الحرف الأول حسب ما في التيسير والشاطبية. وبذلك قرأ «الداني» على «أبي الفتح فارس» وصاحب «التجريد» على «عبد الباقي» وهي رواية «محمد بن يحيى الخنيسي» عن خلاد. وقطع له بالإشمام في حرفي الفاتحة فقط صاحب «العنوان، والطرسوسي» من طريق «ابن البختري» عن «الوزان» عنه، وبه قطع «أبو العزّ، والأهوازي» عن «الوزّان» أيضا، وهي طريق «ابن حامد» عن «الصوّاف». وقطع له بالإشمام في المعرّف باللام خاصة هنا، وفي جميع القرآن، جمهور العراقيين، وهي طريق «بكّار» عن «الوزّان». وبه قرأ صاحب «التجريد» على الفارسي، والمالكي، وهو الذي في «روضة أبي علي البغدادي» وطريق «ابن مهران» عن «ابن أبي عمر» عن «الصواف» عن «الوزّان» وهي رواية «الدوري» عن «سليم» عن «حمزة». وقطع له بعدم الإشمام في الجميع صاحب «التبصرة» والكافي، والتلخيص، والهداية، والتذكرة، وجمهور المغاربة، وبه قرأ الداني على «أبي الحسن» وهي طريق «ابن الهيثم» والطلحي ورواية «الحلواني» عن «خلاد»
وانفرد «ابن عبيد» على «أبي علي الصواف» على «الوزّان» عنه، بالإشمام في المعرف، والمنكر، كرواية «خلف» عن «حمزة» في كل القرآن وهو ظاهر «المبهج» عن «ابن الهيثم» اه (1).
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن القراء العشرة اختلفوا في القراءة بالإشمام وعدمه في الصاد الساكنة إذا وقع بعدها «الدال» وجملة ذلك في القرآن:
اثنا عشر صادا وذلك من الألفاظ السبعة اللاتية:
1 «أصدق» من قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللََّهِ حَدِيثاً} (سورة النساء آية 87). ومن قوله تعالى: {وَعْدَ اللََّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللََّهِ قِيلًا} (سورة النساء آية 122).
2 «تصديق» من قوله تعالى: {وَلََكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} (سورة يونس آية 37). ومن قوله تعالى: {مََا كََانَ حَدِيثاً يُفْتَرى ََ وَلََكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} (سورة يوسف آية 111).
3 «يصدفون» من قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} (سورة الأنعام آية 46). ومن قوله تعالى: {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيََاتِنََا سُوءَ الْعَذََابِ بِمََا كََانُوا يَصْدِفُونَ} (سورة الانعام آية 157).
4 «فاصدع» من قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمََا تُؤْمَرُ} (سورة الحجر آية 94).
5 «تصدية» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ صَلََاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلََّا مُكََاءً وَتَصْدِيَةً} (سورة الانفال آية 35).
6 «يصدر» من قوله تعالى: {حَتََّى يُصْدِرَ الرِّعََاءُ} (سورة القصص آية 23). ومن قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النََّاسُ أَشْتََاتاً} (سورة الزلزلة آية 6).
7 «قصد» من قوله تعالى: {وَعَلَى اللََّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} (سورة النحل آية 9).
فقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» جميع الألفاظ بإشمام الصاد صوت الزاي، وهو لغة «قيس».
وقرأ «رويس» بالإشمام في لفظ «يصدر» في موضعيه قولا واحدا. واختلف
__________
(1) انظر النشر لابن الجزري بتحقيق الدكتور / محمد سالم محيسن ج 1ص 371370.(2/10)
عنه في الألفاظ الستة الباقية فقرأها بالإشمام، وبالصاد الخالصة حيث روى عنه «النخاس، والجوهري» الإشمام في جميع ذلك، وبه قطع «ابن مهران».
وروى عنه «أبو الطيب، وابن مقسم» الصاد الخالصة، وبه قطع الهذلي (1).
وقرأ الباقون من القراء العشرة الألفاظ السبعة بالصاد الخالصة، وهي لغة «قريش».
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن القراء العشرة اختلفوا في القراءة بالإشمام وعدمه في لفظي:
1 «المصيطرون» من قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزََائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} (سورة الطور آية 37).
2 «بمصيطر» من قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (سورة الغاشية آية 22).
فقرأ «هشام» اللفظين بالسين، على الأصل، وهي لغة عامة العرب. وقرأ «خلف» عن «حمزة» اللفظين بإشمام الصاد صوت الزاي، وهو لغة «قيس».
وقرأ «قنبل، وابن ذكوان، وحفص» بالسين، والصاد.
وقرأ «خلاد» اللفظين بوجهين: الأول بالإشمام، والثاني بالصاد الخالصة.
قال ابن الجزري: واختلف عن «قنبل، وابن ذكوان، وحفص، وخلاد»: فأما «قنبل» فرواه عنه بالصاد فيهما «ابن شنبوذ» من المبهج، وكذا نص «الداني» في جامعه عنه. ورواه عنه بالسين فيهما «ابن مجاهد، وابن شنبوذ» من «المستنير» ونص على السين في «المسيطرون» والصاد في «بمصيطر» الجمهور من العراقيين، والمغاربة، وهو الذي في الشاطبية والتيسير.
وأما «ابن ذكوان» فرواه عنه بالسين فيهما «ابن مهران، وابن الفحام» من طريق الفارسي عن «النقاش».
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 3ص 32.(2/11)
وهي رواية «ابن الأخرم» وغيره عن «الأخفش».
ورواه «ابن سوار» بالصاد فيهما، وكذلك روى الجمهور عن النقاش، وهو الذي في الشاطبية، والتيسير.
وأما «حفص» فنص على الصاد له فيهما «ابن مهران» في غايته، وابن غلبون في تذكرته، وصاحب العنوان، وهو الذي في «التبصرة، والكافي، والتلخيص، والهداية» وعند الجمهور، وذكره «الداني» في «جامعه» عن «الأشناني» عن «عبيد» وبه قرأ «الداني» على شيخه: «أبي الحسن».
ورواه بالسين فيهما «زرعان» عن «عمرو» وهو نص «الهذلي» عن «الأشناني» عن «عبيد» وحكاه له «الداني» في جامعه، عن «أبي طاهر بن أبي هاشم» عن «الأشناني»، وكذا رواه «ابن شاهي» عن «عمرو».
وروى آخرون عنه «المسيطرون» بالسين، و «بمصيطر» بالصاد، وكذا هو في «المبهج، والإرشادين» وغاية «أبي العلاء»، وبه قرأ «الداني» على «أبي الفتح».
وقطع بالخلاف له في «المصيطرون» وبالصاد في «بمصيطر» في التيسير والشاطبية.
وأما «خلاد» فالجمهور من المشارقة، والمغاربة على الإشمام فيهما له، وهو الذي لا يوجد نص عنه بخلافه.
وأثبت له الخلاف فيهما صاحب «التيسير» من قراءته على «أبي الفتح» وتبعه على ذلك الشاطبي.
والصاد هي رواية «الحلواني، ومحمد بن سعيد البزّاز» كلاهما عن «خلاد» ورواية «محمد بن لاحق عن سليم، وعبد الله بن صالح، عن «حمزة» اه.
وقرأ الباقون من القراء العشرة اللفظين بالصاد الخالصة، وهي لغة «قريش».
قال ابن الجزري:(2/12)
وقرأ الباقون من القراء العشرة اللفظين بالصاد الخالصة، وهي لغة «قريش».
قال ابن الجزري:
عليهم إليهم لديهم ... بضم كسر الهاء ظبي فهم
وبعد ياء سكنت لا مفردا ... ظاهر وإن تزل كنجزهم غدا
وخلف يلههم قهم ويغنهم ... عنه ولا يضم من يولهم
المعنى: قرأ «حمزة» الألفاظ الثلاثة الآتية بعد حيثما وقعت في «القرآن» بضم الهاء وصلا ووقفا.
وذلك على الأصل لأن الهاء لما كانت ضعيفة لخفائها خصت بأقوى الحركات، ولذا تضم مبتدأة، وبعد الفتح والألف، والضمة والواو والسكون في غير الياء نحو:
هو، لهو، دعاه، دعوه، دعه، والضم لغة «قريش» و «الحجازيين» والألفاظ الثلاثة هي:
1 «عليهم» نحو قوله تعالى: {صِرََاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (سورة الفاتحة آية 7).
2 «إليهم» نحو قوله تعالى: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمََالَهُمْ فِيهََا} (سورة هود آية 15).
3 «لديهم» نحو قوله تعالى: {وَمََا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلََامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (سورة آل عمران آية 44).
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن «يعقوب» قرأ الألفاظ الثلاثة، وزاد عليها كل ما شابهها مما قبل الهاء ياء ساكنة من ضمير التثنية، أو الجمع، مذكرا كان أو مؤنثا، قرأ كل ذلك بضم الهاء وصلا ووقفا بشرط أن تكون الياء في غير المفرد، وأن تكون موجودة في اللفظ نحو:
1 «عليهما» نحو قوله تعالى: {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً}
(سورة النساء آية 128).
2 «عليهنّ» نحو قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (سورة النساء آية 15).
3 «فيهن» نحو قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (سورة البقرة آية 197).
4 «بجنتيهم» نحو قوله تعالى: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} (سورة سبأ آية 16).(2/13)
3 «فيهن» نحو قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (سورة البقرة آية 197).
4 «بجنتيهم» نحو قوله تعالى: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} (سورة سبأ آية 16).
5 «ترميهم» نحو قوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ بِحِجََارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} (سورة الفيل آية 4).
6 «صياصيهم» نحو قوله تعالى: {مِنْ صَيََاصِيهِمْ} (سورة الأحزاب آية 26).
7 «أيديهم» نحو قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتََابَ بِأَيْدِيهِمْ} (سورة البقرة آية 79).
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن الياء إذا زالت لعلة جزم نحو:
1 {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} (سورة الأعراف آية 169).
2 {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنََّا أَنْزَلْنََا عَلَيْكَ الْكِتََابَ يُتْلى ََ عَلَيْهِمْ} (سورة العنكبوت آية 51).
أو زالت الياء لعلة بناء نحو قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنََاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} (سورة الصافات آية 149).
فإن «رويسا» وحده يضم الهاء في كل ذلك وصلا ووقفا. إلا قوله تعالى:
{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} (سورة الأنفال آية 16). فإنه يكسر الهاء في هذا اللفظ قولا واحدا من غير خلاف. واختلف عنه في الألفاظ الثلاثة الآتية فإنه قرأها بالضم والكسر:
1 «ويلههم» من قوله تعالى: {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (سورة الحجر آية 3).
2 «يغنهم» من قوله تعالى: {يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (سورة النور آية 32).
3 «وقهم» من قوله تعالى: {وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} (سورة غافر آية 7).
ومن قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئََاتِ} (سورة غافر آية 9).
وقرأ باقي القراء العشرة الألفاظ المتقدمة بكسر الهاء وصلا ووقفا. وذلك لمجانسة الكسر الياء أو الكسر. وهو لغة: «قيس وتميم، وبني سعد».
تنبيه: قال «ابن الجزري»:
واختلف عن «رويس» في {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ}» في الحجر، و {يُغْنِهِمُ اللََّهُ} في
النور، {وَقِهِمُ السَّيِّئََاتِ} و {قِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} كلاهما في غافر: فكسر الهاء في الأربعة «القاضي أبو العلاء» عن «النخّاس» وكذلك روى «الهذلي» عن «الحمامي» في الثلاثة الأول، وكذا نص «الأهوازي، وقال «الهذلي»: هكذا أخذ علينا في التلاوة، ولم نجده في الأصل مكتوبا. وزاد «ابن خيرون» عنه كسر الرابعة، وهي {وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} وضم الهاء في الأربعة الجمهور عن «رويس» اه (1).(2/14)
واختلف عن «رويس» في {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ}» في الحجر، و {يُغْنِهِمُ اللََّهُ} في
النور، {وَقِهِمُ السَّيِّئََاتِ} و {قِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} كلاهما في غافر: فكسر الهاء في الأربعة «القاضي أبو العلاء» عن «النخّاس» وكذلك روى «الهذلي» عن «الحمامي» في الثلاثة الأول، وكذا نص «الأهوازي، وقال «الهذلي»: هكذا أخذ علينا في التلاوة، ولم نجده في الأصل مكتوبا. وزاد «ابن خيرون» عنه كسر الرابعة، وهي {وَقِهِمْ عَذََابَ الْجَحِيمِ} وضم الهاء في الأربعة الجمهور عن «رويس» اه (1).
قال ابن الجزري:
وضم ميم الجمع صل ثبت درا ... قبل محرك وبالخلف برا
وقبل همز القطع ورش ...
المعنى: اعلم أن ميم الجمع إما أن تقع قبل ساكن، أو قبل متحرك.
فإذا وقعت قبل ساكن نحو: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفََاسِقُونَ} (سورة آل عمران آية 110). كان حكمها الضم من غير صلة لجميع القراء، لأن الأصل في ميم الجمع الضم.
قال الشاطبي ت 590هـ ومن دون وصل ضمها قبل ساكن لكل
وإذا وقعت ميم الجمع قبل متحرك:
فإما أن يكون المتحرك متصلا بها، أو منفصلا عنها. فإذا كان متصلا بها ولا يكون إلا ضميرا مثل:
1 «دخلتموه» من قوله تعالى: {فَإِذََا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غََالِبُونَ} (سورة المائدة آية 23).
2 «أنلزمكموها» من قوله تعالى: {أَنُلْزِمُكُمُوهََا وَأَنْتُمْ لَهََا كََارِهُونَ} (سورة هود آية 28).
كان حكمها الضم مع الصلة لجميع القرّاء.
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر بتعليقنا ج 1ص 372.(2/15)
وهى اللغة الفصيحة، وعليها جاء رسم المصحف العثماني. وإن كان المتحرك منفصلا عن ميم الجمع:
فإمّا أن يكون همزة قطع، أولا:
فإن كان همزة قطع مثل قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (سورة البقرة آية 6) كان حكمها الضم مع الصلة وصلا «لورش، وابن كثير، وأبي جعفر، وقالون بخلف عنه».
وذلك اتباعا للأصل، ويصبح المدّ عندهم من قبيل المنفصل، فكلّ يمدّ حسب مذهبه في المدّ المنفصل.
وقرأ باقي القراء بإسكانها، وهما لغتان.
وإذا لم يكن المتحرك همزة قطع نحو قوله تعالى: {صِرََاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (سورة الفاتحة آية 7) كان حكمها الضم مع الصلة وصلا «لابن كثير، وأبي جعفر، وقالون» بخلف عنه، والباقون بإسكانها.
تنبيه: قال صاحب النشر:
«واختلف عن «قالون» فقطع له بالاسكان صاحب «الكافي» وهو الذي في «العنوان» وكذا قطع في «الهداية» من طريق «أبي نشيط» وهو الاختيار له في «التبصرة»، ولم يذكر في «الارشاد غيره، وبه قرأ الداني» على «أبي الحسن» من طريق «أبي نشيط» وعلى «أبي الفتح» عن قراءته على «عبد الله بن الحسين» من طريق «الحلواني» وصاحب «التجريد» عن «ابن نفيس» من طريق «أبي نشيط» وعليه، وعلى الفارسي، والمالكي، من طريق «الحلواني» وبه قرأ الهذلي» أيضا من طريق «أبي نشيط».
وبالصلة قطع صاحب «الهداية» للحلواني، وبها قرأ «الداني» على «أبي الفتح» من الطريقين، عن قراءته على «عبد الباقي بن الحسن» وعن قراءته على «عبد الله بن الحسين» من طريق «الجمّال» عن «الحلواني» وبه قرأ «الهذلي» أيضا من طريق «الحلواني». وأطلق الوجهين عن «قالون» «ابن بليمة» صاحب «التلخيص» من الطريقين.
ونص على الخلاف صاحب التيسير، من طريق «أبي نشيط».(2/16)
وبالصلة قطع صاحب «الهداية» للحلواني، وبها قرأ «الداني» على «أبي الفتح» من الطريقين، عن قراءته على «عبد الباقي بن الحسن» وعن قراءته على «عبد الله بن الحسين» من طريق «الجمّال» عن «الحلواني» وبه قرأ «الهذلي» أيضا من طريق «الحلواني». وأطلق الوجهين عن «قالون» «ابن بليمة» صاحب «التلخيص» من الطريقين.
ونص على الخلاف صاحب التيسير، من طريق «أبي نشيط».
وأطلق التخيير له في الشاطبية، وكذا جمهور العراقيين من الطريقين». (1)
قال ابن الجزري:
واكسروا ... قبل السكون بعد كسر حرّروا
وصلا وباقيهم بضم وشفا ... مع ميم الهاء وأتبع ظرفا
المعنى: اختلف القراء العشرة في كسر ميم الجمع وضمها، وضم ما قبلها وكسره، إذا كان بعد ميم الجمع ساكن، وكان قبلها هاء، وقبل الهاء كسرة متصلة أو ياء ساكنة، وذلك نحو:
1 {فَلَمََّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتََالُ} (سورة النساء آية 77).
2 {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (سورة البقرة آية 93).
3 {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبََابُ} (سورة البقرة آية 166).
4 {كَذََلِكَ يُرِيهِمُ اللََّهُ أَعْمََالَهُمْ} (سورة البقرة آية 167).
فقرأ «أبو عمرو» بكسر الهاء والميم وصلا.
فكسر الهاء لمجاورة الكسرة، أو الياء الساكنة، وكسر الميم على أصل التخلص من التقاء الساكنين.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بضم الهاء والميم وصلا. فضمة الميم على الأصل، وضمة الهاء اتباع لها.
وقرأ «يعقوب» باتباع الميم الهاء على أصله، فضمها حيث ضم الهاء في نحو: {كَذََلِكَ يُرِيهِمُ اللََّهُ أَعْمََالَهُمْ}.
وكسرها حيث كسر الهاء في نحو: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ}.
وقرأ الباقون وهم «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر» بضم الميم وكسر الهاء.
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر بتحقيق د / محمد سالم محيسن ج 1ص 372.(2/17)
هذا حكم الوصل، أما حالة الوقف فكل القراء على إسكان الميم، وهم في الهاء على أصولهم:
«فحمزة» بضم الهاء من نحو: {فَلَمََّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتََالُ}.
«ويعقوب» بضم الهاء من نحو: {فَلَمََّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتََالُ}.
ومن نحو: {كَذََلِكَ يُرِيهِمُ اللََّهُ أَعْمََالَهُمْ}.
«ورويس» على أصله بالوجهين في نحو: {يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ}
(سورة النور آية 32). (1)
(والله أعلم) تمّت سورة الفاتحة ولله الحمد والشكر
__________
(1) انظر النشر في القراءات العشر، بتحقيق د / محمد سالم محيسن. ج 1/ 373.(2/18)
سورة البقرة
قال ابن الجزري:
وما يخادعون يخدعونا ... كنز ثوى
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز لهم ب «كنز ثوى» وهم:
«ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف البزار» يقرءون «وما يخدعون» من قول الله تعالى: {وَمََا يَخْدَعُونَ إِلََّا أَنْفُسَهُمْ}
(سورة البقرة آية 9) بفتح الياء وإسكان الخاء، وحذف الألف، وفتح الدال، كما لفظ بها، وذلك على أنها مضارع «خدع» الثلاثي.
يقال: «خدعه» كمنعه خدعا: بمعنى ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم، كاختدعه، فانخدع.
والاسم: الخديعة، والحرب خدعة، مثلثة: أي تنقضي بخدعة. والخدعة بالضم من يخدعه الناس كثيرا. (1)
وقرأ باقي القراء العشرة وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو» «وما يخادعون» بضم الياء، وفتح الخاء، وإثبات ألف بعدها وكسر الدال. وذلك لمناسبة اللفظ الأول، وهو قول الله تعالى: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}.
(سورة البقرة آية 9) وعلى هذا يجوز أن تكون المفاعلة من الجانبين، إذ المنافقون يخادعون أنفسهم بما يمنونها من أباطيل، وهي تمنيهم كذلك. أو تكون المخادعة من جانب واحد، فتكون المفاعلة ليست على بابها، وحينئذ تتحد هذه القراءة مع القراءة السابقة.
تنبيه: «يخدعون» من قوله تعالى: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ} (سورة البقرة آية 9).
__________
(1) انظر: ترتيب القاموس مادة «خدع» ج 2ص 22.(2/19)
ومن قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنََافِقِينَ يُخََادِعُونَ اللََّهَ} (سورة النساء آية 142)، اتّفق القراء العشرة على قراءته «يخادعون» بضم الياء وفتح الخاء، وإثبات ألف بعدها، وكسر الدال.
و «يخدعوك» من قوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ} (سورة الأنفال آية 62) اتفق القراء العشرة على قراءته «يخدعوك» بفتح الياء، وإسكان الخاء، وحذف الألف، وفتح الدال.
ولم يجر في هذه الألفاظ الثلاثة الخلاف الذي في {وَمََا يَخْدَعُونَ إِلََّا أَنْفُسَهُمْ} لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
... اضمم شدّ يكذبونا
كما سما ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى أن يقرأ للمرموز لهم بالكاف من «كما» ومدلول «سما» وهم:
«نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب»، «يكذبون» من قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ بِمََا كََانُوا يَكْذِبُونَ} (سورة البقرة آية 10) بضم الياء، وفتح الكاف، وكسر الذال مشددة، على أنه مضارع «كذّب» مضعف العين، من التكذيب لله، ورسوله، وقد عدّي الفعل بالتضعيف، والمفعول محذوف تقديره: «يكذّبونه».
وقرأ باقي القراء العشرة «يكذبون» بفتح الياء، وسكون الكاف، وكسر الذال مخففة، على أنه مضارع «كذب» اللازم، وهو من «الكذب» الذي اتصفوا به كما أخبر الله عنهم.
يقال: «كذب» بفتح الذال، يكذب بكسرها، كذبا وكذبا وهو كاذب، وكذّاب.
والصدق، والكذب، أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا، وعدا كان أو غيره.
وهما ضدّان: فالصدق هو الخبر المطابق للواقع، والكذب عكسه، أي الخبر غير المطابق للواقع.(2/20)
والصدق، والكذب، أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا، وعدا كان أو غيره.
وهما ضدّان: فالصدق هو الخبر المطابق للواقع، والكذب عكسه، أي الخبر غير المطابق للواقع.
قال ابن الجزري:
وقيل غيض جي أشم ... في كسرها الضمّ رجا غنى لزم
وحيل سيق كم رسا غيث وسى ... سيئت مدا رحب غلالة كسى
المعنى: اختلف القراء في إشمام الضم في أوائل ستة أفعال وهي: «قيل غيض جيء حيل سيق سيئت». فقرأ «هشام، والكسائي، ورويس» بإشمام الأفعال الستة. وقرأ «ابن ذكوان» بالإشمام في ثلاثة أفعال وهي: «حيل سيق سيئت» وبعدم الإشمام في الأفعال الثلاثة الباقية.
وقرأ «نافع، وأبو جعفر» بالإشمام في فعل واحد وهو: «سيئت» وبعدم الإشمام في الأفعال الخمسة الباقية.
وقرأ الباقون بعدم الإشمام في الأفعال الستة، أي بكسرة خاصة في الحرف الأول.
والإشمام لغة: «قيس، وعقيل» وعدم الإشمام لغة عامة العرب. وحجة من قرأ بالإشمام أن الأصل في أوائل هذه الأفعال أن تكون مضمومة، لأنها أفعال لم يسم فاعلها، منها أربعة أصل الحرف الثاني منها «واو» وهي: «سيء سيق حيل قيل».
ومنها فعلان أصل الثاني منها «ياء» وهما: «غيض جيء». وأصلها «سوئ وقول، وحول، وسوق، وغيض، وجيء» ثم ألقيت حركة الحرف الثاني منها على الأول فانكسر، وحذفت ضمته، وسكن الثاني منها، ورجعت الواو إلى الياء لانكسار ما قبلها وسكونها.
فمن أشمّ أوائلها الضم أراد أن يبين أن أصل أوائلها الضم، ومن شأن العرب في كثير من كلامها المحافظة على بقاء ما يدلّ على الأصول.
وأيضا هي أفعال بنيت للمفعول، فمن أشمّ أراد أن يبقي في الفعل ما
يدلّ على أنه مبني للمفعول لا للفاعل.(2/21)
وأيضا هي أفعال بنيت للمفعول، فمن أشمّ أراد أن يبقي في الفعل ما
يدلّ على أنه مبني للمفعول لا للفاعل.
وعلة من كسر أوائلها أنه أتى بها على ما وجب لها من الاعتلال.
قال ابن الجزري:
وترجع الضم افتحا واكسر ظما ... إن كان للأخرى وذو يوما حما
والقصص الأولى أتى ظلما شفا ... والمؤمنون ظلهم شفا وفا
الأمور هم والشام واعكس إذ عفا ... الأمر
المعنى: اختلف القراء في لفظ «ترجعون» وما جاء منه إذا كان من رجوع الآخرة نحو: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (سورة البقرة آية 28) سواء كان غيبا أو خطابا، وكذلك «ترجع الأمور»، «يرجع الأمر»: فقرأ: «يعقوب» بفتح حرف المضارعة، وكسر الجيم، في جميع القرآن، وذلك على البناء للفاعل، وهو فعل مضارع من «رجع» الثلاثي.
ووافقه «أبو عمرو» في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ}
(سورة البقرة آية 281). ووافقه «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في أول القصص وهو قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنََا لََا يُرْجَعُونَ} (سورة القصص آية 39). ووافقه: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في موضع المؤمنون وهو قوله تعالى: {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنََا لََا تُرْجَعُونَ} (سورة المؤمنون آية 115). ووافقه في «ترجع الأمور» حيث وقع في القرآن: «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر». ووافقه في قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} (سورة هود آية 123)، كلّ القراء إلا «نافعا، وحفصا» فإنهما قرآ بضم حرف المضارعة، وفتح الجيم، وذلك على البناء للمفعول، وهو مضارع «رجع» الثلاثي. وكذلك قرأ الباقون في غير آخر هود.
قال ابن الجزري:
... وسكن هاء هو هي بعد فا
واو ولام رد ثنا بل حز ورم ... ثم هو والخلف يملّ هو وثم
ثبت بدا ...
المعنى: اختلف القراء في ضم وإسكان الهاء من لفظي: «هو، وهي» إذا كان قبل الهاء «واو» نحو: «وهو، وهي» أو فاء نحو: «فهو، فهي» أو لام نحو:(2/22)
وسكن هاء هو هي بعد فا
واو ولام رد ثنا بل حز ورم ... ثم هو والخلف يملّ هو وثم
ثبت بدا ...
المعنى: اختلف القراء في ضم وإسكان الهاء من لفظي: «هو، وهي» إذا كان قبل الهاء «واو» نحو: «وهو، وهي» أو فاء نحو: «فهو، فهي» أو لام نحو:
«لهي» أو ثمّ نحو: «ثم هو» أو لفظ «يملّ» نحو: {أَوْ لََا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ}
(سورة البقرة آية 282).
فقرأ «قالون، وأبو عمرو، والكسائي، وأبو جعفر» بإسكان الهاء. إذا كان قبلها «واو» أو «فاء» أو «لام» نحو:
1 {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة البقرة آية 29).
2 {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (سورة البقرة آية 184).
3 {وَإِنَّ اللََّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرََّازِقِينَ} (سورة الحج آية 58).
4 {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبََالِ} (سورة هود آية 42).
5 {فَهِيَ خََاوِيَةٌ عَلى ََ عُرُوشِهََا} (سورة الحج آية 45).
6 {وَإِنَّ الدََّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوََانُ} (سورة العنكبوت آية 64).
وقرأ «الكسائي، وقالون، وأبو جعفر» بخلف عنهما، بإسكان الهاء إذا وقعت بعد «ثم» نحو قوله تعالى: {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيََامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} (سورة القصص آية 61).
وقرأ «قالون، وأبو جعفر» بخلف عنهما بإسكان الهاء إذا وقعت بعد لفظ «يملّ» وهو في قوله تعالى: {أَوْ لََا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ} (سورة البقرة آية 282).
وقرأ الباقون بضم الهاء في كل ذلك.
وجه من أسكن الهاء أنها لما اتصلت بما قبلها من «واو أو فاء أو لام» وكانت لا تنفصل عنها، صارت كالكلمة الواحدة، فخفف الكلمة، وأسكن الوسط، وشبّهها بتخفيف العرب للفظ «عضد، وعجز» وهي لغة مشهورة مستعملة.
وأيضا فإن الهاء لما توسطت مضمومة بين واوين، ثقل ذلك، والعرب يكرهون توالي ثلاث حركات فيما هو كالكلمة الواحدة، فأسكن الهاء لذلك تخفيفا.
ووجه من حرّك الهاء أنه أبقاها على أصلها قبل دخول الحرف عليها، لأنه عارض، ولا يلزمها في كل موضع.(2/23)
وأيضا فإن الهاء لما توسطت مضمومة بين واوين، ثقل ذلك، والعرب يكرهون توالي ثلاث حركات فيما هو كالكلمة الواحدة، فأسكن الهاء لذلك تخفيفا.
ووجه من حرّك الهاء أنه أبقاها على أصلها قبل دخول الحرف عليها، لأنه عارض، ولا يلزمها في كل موضع.
وأيضا فإن الهاء في تقدير الابتداء بها، لأن الحرف الذي قبلها زائد، والابتداء بها لا يجوز إلا مع حركتها، فحملها على حكم الابتداء بها، وحكم لها مع هذه الحروف على أصلها عند عدمهنّ.
وحجة من أسكن مع «ثمّ» أنه لما كانت كلها حروف عطف حملها كلها محملا واحدا.
قال ابن الجزري:
وكسر تا الملائكة ... قبل اسجدوا اضمم ثق والاشمام خفت
خلفا بكل ...
المعنى: أمر الناظم رحمه الله تعالى: للمرموز له بالثاء من «ثق» وهو «أبو جعفر» بخلف عن «ابن وردان» المرموز له بالخاء من «خفت» بضم التاء حالة وصل «للملائكة» «باسجدوا» حيث جاء في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
{وَإِذْ قُلْنََا لِلْمَلََائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} (سورة البقرة آية 34) وذلك اتباعا لضم الجيم، ولم يعتدّ بالساكن لأنه فاصل غير حصين. والوجه الثاني «لابن وردان» إشمام كسرة التاء الضم. والمراد بالإشمام هنا: مزج حركة بحركة، وهذا لا يدرك ولا يعرف إلا بالتلقي والمشافهة.
وقرأ باقي القراء العشرة بكسر التاء كسرة خالصة على الأصل، وكلها لغات صحيحة.
قال ابن الجزري:
وأزال في أزل ... فوز
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز له بالفاء من «فوز» وهو «حمزة» يقرأ «فأزالهما» من قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطََانُ عَنْهََا} (سورة البقرة
آية 36). بألف بعد الزاي، ولام مخففة.(2/24)
المعنى: أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز له بالفاء من «فوز» وهو «حمزة» يقرأ «فأزالهما» من قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطََانُ عَنْهََا} (سورة البقرة
آية 36). بألف بعد الزاي، ولام مخففة.
يقال: زاله عن مكانه، يزيله، زيلا، وأزاله إزالة. (1)
والمعنى: أن الشيطان أبعد كلّا من «آدم، وحواء» عليهما السلام عن نعيم الجنة الذي كانا فيه، بسبب وسوسته لهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها.
وقرأ باقي القراء العشرة: «فأزلّهما» بحذف الألف، ولام مشدّدة. والزلّة في الأصل: استرسال الرّجل من غير قصد، يقال: زلّت رجل تزلّ، وقيل:
للذنب من غير قصد زلة، تشبيها بزلّة الرّجل. (2)
ونسب الفعل إلى الشيطان لأنهما زلّا بإغواء الشيطان، فصار كأنه أزلّهما.
قال ابن الجزري:
... وآدم انتصاب الرفع دل
وكلمات رفع كسر درهم ...
المعنى: أخبر الناظم بأن المرموز له بالدال من «دل» وهو «ابن كثير» قرأ قوله تعالى: {فَتَلَقََّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمََاتٍ} (سورة البقرة آية 37) بنصب ميم «ءادم» ورفع تاء «كلمات».
وذلك على إسناد الفعل إلى «كلمات» وإيقاعه على «آدم» عليه السلام فكأنه قيل: فجاءت آدم كلمات من ربه. ولم يؤنث الفعل لكون الفاعل مؤنثا غير حقيقي.
وقرأ باقي القراء العشرة برفع ميم «آدم» ونصب تاء «كلمات» بالكسرة، وذلك على إسناد الفعل إلى «آدم» عليه السلام، وإيقاعه على «كلمات» أي أخذ آدم كلمات من ربه بالقبول ودعا بها، وهي قوله تعالى: {قََالََا رَبَّنََا ظَلَمْنََا أَنْفُسَنََا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنََا وَتَرْحَمْنََا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخََاسِرِينَ} (سورة الأعراف آية 23).
__________
(1) انظر: ترتيب القاموس مادة «زلل» ج 2ص 468.
(2) المفردات في غريب القرآن ص 214.(2/25)
قال ابن الجزري:
... لا خوف نوّن رافعا لا الحضرمي
رفث لا فسوق ثق حقّ ولا ... جدال ثبت بيع خلّة ولا
شفاعة لا بيع لا خلال لا ... تأثيم لا لغو مدا كنز
المعنى: أمر الناظم بقراءة قوله تعالى: {فَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} (سورة البقرة آية 38) وكذا كل ماثله وجاء منه في القرآن الكريم لجميع القراء غير «يعقوب الحضرمي» بالرفع مع التنوين، على أن «لا» ملغاة لا عمل لها، أو على أنها عاملة عمل «ليس» و «خوف» اسمها و «عليهم» في محل نصب خبرها.
وقرأ «يعقوب الحضرمي» بفتح الفاء، وحذف التنوين، على أنّ «لا» نافية للجنس تعمل عمل «إنّ» و «خوف» اسمها و «عليهم» في محلّ رفع خبرها.
ثم أخبر أن المرموز لهم بالثاء من ثق، ومدلول «حقّ» وهم: «أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» يقرءون قوله تعالى: {فَلََا رَفَثَ وَلََا فُسُوقَ}
(سورة البقرة آية 197) برفع الثاء، والقاف مع التنوين فيهما، على أنّ لا ملغاة لا عمل لها.
وقرأ الباقون «بفتح الثاء، والقاف، وحذف التنوين فيهما» على أنّ «لا» لنفي الجنس تعمل عمل إنّ، و «رفث» و «فسوق» اسمها، و «في الحج» خبرها.
ثم أخبر أن المرموز له بالثاء من «ثبت» وهو «أبو جعفر» قرأ قوله تعالى:
{وَلََا جِدََالَ فِي الْحَجِّ} (سورة البقرة آية 197) برفع اللام مع التنوين، على أنّ «لا» لمجرد النفي ولا عمل لها.
وقرأ الباقون بفتح اللام وحذف التنوين، على أنّ «لا» نافية للجنس، و «جدال» اسمها و «في الحج» خبرها.
ثم أخبر أن المرموز لهم ب «مدا كنز» وهم:
«نافع، وأبو جعفر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» يقرءون قوله تعالى: {لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خُلَّةٌ وَلََا شَفََاعَةٌ} (سورة البقرة آية 254).
وقوله تعالى: {لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خِلََالٌ} (سورة إبراهيم آية 31). وقوله تعالى: {لََا لَغْوٌ فِيهََا وَلََا تَأْثِيمٌ} (سورة الطور آية 23) يقرءون الأسماء الواقعة بعد «لا» في الأمثلة المتقدمة بالرفع مع التنوين، على أنّ «لا» لمجرد النفي ولا عمل لها.(2/26)
«نافع، وأبو جعفر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» يقرءون قوله تعالى: {لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خُلَّةٌ وَلََا شَفََاعَةٌ} (سورة البقرة آية 254).
وقوله تعالى: {لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خِلََالٌ} (سورة إبراهيم آية 31). وقوله تعالى: {لََا لَغْوٌ فِيهََا وَلََا تَأْثِيمٌ} (سورة الطور آية 23) يقرءون الأسماء الواقعة بعد «لا» في الأمثلة المتقدمة بالرفع مع التنوين، على أنّ «لا» لمجرد النفي ولا عمل لها.
وقرأ باقي القراء بالفتح مع عدم التنوين، على أنّ «لا» نافية للجنس تعمل عمل «إنّ».
قال ابن الجزري:
... ولا
يقبل أنّث حقّ ...
المعنى: أمر الناظم للمرموز لهم ب «حقّ» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» بقراءة قوله تعالى: {وَلََا يُقْبَلُ مِنْهََا شَفََاعَةٌ} (سورة البقرة آية 48) بتاء التأنيث، وذلك لإسناده إلى «شفاعة» وهي مؤنثة لفظا.
وقرأ الباقون «ولا يقبل» بالياء على التذكير، وذلك لأن تأنيث «شفاعة» غير حقيقي، وكذا للفصل بين الفعل ونائب الفاعل.
قال ابن الجزري:
واعدنا اقصرا ... مع طه الاعراف حلا ظلم ثرا
المعنى: أمر الناظم بقراءة قوله تعالى: {وَإِذْ وََاعَدْنََا مُوسى ََ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}
(سورة البقرة آية 51). وقوله تعالى: {وَوََاعَدْنََا مُوسى ََ ثَلََاثِينَ لَيْلَةً} (سورة الأعراف آية 142). وقوله تعالى: {وَوََاعَدْنََاكُمْ جََانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} (سورة طه آية 80).
بحذف الألف التي بعد الواو، وذلك للمرموز لهم بالحاء من حلا والظاء من ظلم، والثاء من ثرا، وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وأبو جعفر». وجه هذه القراءة أنّ الوعد من الله تعالى، لأن الفعل مضاف إليه وحده، وأيضا فإن ظاهر اللفظ فيه وعد من الله تعالى لنبيه «موسى» عليه السلام، وليس فيه وعد من «موسى» فوجب حمله على الواحد بظاهر النصّ.
وقرأ الباقون «واعدنا» بألف بعد الواو، من «المواعدة» فالله سبحانه وتعالى وعد نبيه «موسى» الوحي على جبل الطور، وموسى وعد الله المسير لما أمر به.
تنبيهان: الأول: اتفق علماء الرسم على حذف الألف التي بعد الواو من كلمة «واعدنا» في الألفاظ الثلاثة المتقدمة، وهذا النوع من الحذف يسمّى حذف إشارة، أي إشارة القراءة بحذف الألف، قال صاحب مورد الظمآن في رسم القرآن:(2/27)
وقرأ الباقون «واعدنا» بألف بعد الواو، من «المواعدة» فالله سبحانه وتعالى وعد نبيه «موسى» الوحي على جبل الطور، وموسى وعد الله المسير لما أمر به.
تنبيهان: الأول: اتفق علماء الرسم على حذف الألف التي بعد الواو من كلمة «واعدنا» في الألفاظ الثلاثة المتقدمة، وهذا النوع من الحذف يسمّى حذف إشارة، أي إشارة القراءة بحذف الألف، قال صاحب مورد الظمآن في رسم القرآن:
واحذف بواعدنا مع المساجد ...
التنبيه الثاني: «وعدنه» من قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنََاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لََاقِيهِ} (سورة القصص آية 61) «وعدنهم» من قوله تعالى: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنََاهُمْ فَإِنََّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} (سورة الزخرف آية 42). اتفق القراء العشرة على قراءتهما بغير ألف بعد الواو، ولم يجر فيهما الخلاف المتقدم، لأن القراءة مبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
بارئكم يأمركم ينصركم ... يأمرهم تأمرهم يشعركم
سكّن أو اختلس حلا والخلف طب ...
المعنى: قرأ «الدوري» عن «أبي عمرو» الألفاظ الآتية:
1 «بارئكم» من قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ} (سورة البقرة آية 54).
2 «يأمركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}
(سورة البقرة آية 67).
3 «يأمرهم» من قوله تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (سورة الأعراف آية 157).
4 «تأمرهم» من قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلََامُهُمْ بِهََذََا} (سورة الطور آية 32) 5 «ينصركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {أَمَّنْ هََذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمََنِ} (سورة الملك آية 20).
6 «يشعركم» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ}
(سورة الأنعام آية 109).
قرأ الدوري عن أبي عمرو هذه الألفاظ الستة بثلاثة أوجه:(2/28)
6 «يشعركم» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ}
(سورة الأنعام آية 109).
قرأ الدوري عن أبي عمرو هذه الألفاظ الستة بثلاثة أوجه:
الأول: إسكان الهمزة من «بارئكم» والراء من «يأمركم، يأمرهم، تأمرهم، ينصركم، يشعركم».
والثاني: اختلاس الحركة في جميع الألفاظ المتقدمة.
والثالث: الحركة الخالصة في جميع الألفاظ أيضا.
وقرأ «السوسيّ» بوجهين: بالإسكان، وبالاختلاس في جميع الألفاظ.
وقرأ باقي القراء العشرة بالحركة الخالصة في جميع الألفاظ.
وجه من قرأ بالإسكان التخفيف. وهو لغة «بني أسد، وتميم، وبعض نجد». ووجه الاختلاس التخفيف أيضا، وهو لغة لبعض العرب في الضمّات، والكسرات، وهو لا يغيّر الإعراب، ولا ميزان الكلمة.
ووجه من قرأ بالحركة الخالصة، أنه أتى بالكلمة على أصلها، وأعطاها حقها من الحركات، كما يفعل بسائر الكلام، ولم يستثقل توالي الحركات، لأنها في تقدير كلمتين: الضمير كلمة، وما قبله كلمة.
قال ابن الجزري:
... يغفر مدا أنّث هنا كم وظرب
عمّ بالأعراف ونون الغير لا ... تضمّ واكسر فاءهم
المعنى: قرأ: «نافع، وأبو جعفر» «نغفر» في (سورة البقرة آية 58) وهو قوله تعالى: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطََايََاكُمْ} بياء التذكير المضمومة، وفتح الفاء. وفي (سورة الأعراف آية 161) وهو قوله تعالى {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئََاتِكُمْ} «تغفر» بتاء التأنيث المضمومة، وفتح الفاء، على أن الفعل مبني للمجهول في الموضعين، و «خطيكم، و «خطيئتكم» نائب فاعل، وجاز تذكير الفعل وتأنيثه، لأن الفاعل مؤنث مجازي.
وقرأ «ابن عامر» «تغفر» في الموضعين بتاء التأنيث المضمومة وفتح الفاء، على البناء للمجهول، و «خطيكم، و «خطيئتكم» نائب فاعل.
وقرأ «يعقوب» موضع البقرة «نغفر» بالنون المفتوحة، وكسر الفاء، على البناء للفاعل، وذلك لأن «نغفر» جاء بين خبرين من أخبار الله عن نفسه، وقد وردا بالنون:(2/29)
وقرأ «ابن عامر» «تغفر» في الموضعين بتاء التأنيث المضمومة وفتح الفاء، على البناء للمجهول، و «خطيكم، و «خطيئتكم» نائب فاعل.
وقرأ «يعقوب» موضع البقرة «نغفر» بالنون المفتوحة، وكسر الفاء، على البناء للفاعل، وذلك لأن «نغفر» جاء بين خبرين من أخبار الله عن نفسه، وقد وردا بالنون:
الأول: قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هََذِهِ الْقَرْيَةَ} (سورة البقرة آية 58).
والثاني قوله تعالى: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}. (سورة البقرة آية 58).
فجاء «نغفر» بالنون ليناسب ما قبله وما بعده، و «خطيكم» مفعول به.
وقرأ أي «يعقوب» موضع الأعراف «تغفر» بتاء التأنيث المضمومة، وفتح الفاء، على البناء للمجهول مثل قراءة «نافع، وأبي جعفر، وابن عامر».
وقرأ باقي القراء العشرة «نغفر» في السورتين بالنون المفتوحة وكسر الفاء، على الإسناد للفاعل، و «خطيكم، و «خطيئتكم» مفعول به.
قال ابن الجزري:
... وأبدلا
عد هزؤا مع كفؤا هزؤا سكن ... ضم فتى كفؤا فتى ظنّ
المعنى: قرأ «حفص» «هزوا» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {قََالُوا أَتَتَّخِذُنََا هُزُواً} (سورة البقرة آية 67).
قرأ ذلك بإبدال الهمزة واوا، للتخفيف، مع ضم الزاي وصلا ووقفا.
وقرأ «حمزة» «هزؤا» بالهمزة على الأصل، مع إسكان الزاي وصلا فقط، ويقف عليها بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وبإبدال الهمزة واوا على الرسم.
وقرأ «خلف العاشر» «هزؤا» بالهمزة مع إسكان الزاي وصلا ووقفا.
وقرأ الباقون «هزؤا» بالهمز مع ضمّ الزاي وصلا ووقفا. وجه الضمّ في الزاي أنه جاء على الأصل، ووجه الإسكان التخفيف. حكى «الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة» ت 215هـ عن «عيسى بن عمر الثقفي» ت 156هـ:
أنّ كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم نحو: «العسر، والهزؤ» فيه لغتان: الضم، والإسكان، ومثله من الجموع ما كان على وزن «فعل» بضم الفاء والعين.(2/30)
وقرأ الباقون «هزؤا» بالهمز مع ضمّ الزاي وصلا ووقفا. وجه الضمّ في الزاي أنه جاء على الأصل، ووجه الإسكان التخفيف. حكى «الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة» ت 215هـ عن «عيسى بن عمر الثقفي» ت 156هـ:
أنّ كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم نحو: «العسر، والهزؤ» فيه لغتان: الضم، والإسكان، ومثله من الجموع ما كان على وزن «فعل» بضم الفاء والعين.
وقرأ «حفص» «كفوا» من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (سورة الإخلاص آية 4) قرأ ذلك بإبدال الهمزة واوا في الحالين مع ضم الفاء.
وقرأ «حمزة» «كفؤا» بالهمزة وصلا مع إسكان الفاء، وله وقفا وجهان:
الأول: نقل حركة الهمزة إلى الفاء، وحذف الهمزة.
والثاني: إبدال الهمزة واوا على الرسم مع إسكان الفاء.
وقرأ «يعقوب، وخلف العاشر» «كفؤا» بإسكان الفاء مع الهمز وصلا ووقفا.
وقرأ الباقون «كفؤا» بضم الفاء مع الهمز وصلا ووقفا.
قال ابن الجزري:
... الأذن
أذن اتل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «اتل» وهو «نافع» «الأذن» المعرف وهو في قوله تعالى: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} (سورة المائدة آية 45).
و «أذن» المنكر حيث جاء نحو قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} (سورة التوبة آية 61). وقوله تعالى: {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً} (سورة لقمان آية 7) قرأ ذلك بإسكان الذال للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الذال، على الأصل.
قال ابن الجزري:
والسحت ابل نل فتى كسا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «ابل» والنون من «نل» ومدلول «فتى»
والكاف من «كسى» وهم: «نافع، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر، وابن عامر».(2/31)
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «ابل» والنون من «نل» ومدلول «فتى»
والكاف من «كسى» وهم: «نافع، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر، وابن عامر».
قرءوا باسكان الحاء من السحت من قوله تعالى: {وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ}
(سورة المائدة آية 62). وللسحت من قوله تعالى: {سَمََّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكََّالُونَ لِلسُّحْتِ} (سورة المائدة آية 42) وذلك للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الحاء، على الأصل.
قال ابن الجزري:
... والقدس نكر دم
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» وهو «ابن كثير» بإسكان الدال من لفظ «القدس» حيث وقع، نحو قوله تعالى: {وَأَيَّدْنََاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (سورة البقرة آية 87) وباسكان الكاف من «نكر» من قوله تعالى: {إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ} (سورة القمر آية 6) وذلك للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الدال من «القدس» والكاف من «نكر» وذلك على الأصل.
قال ابن الجزري:
... وثلثي لبسا
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لبسا» وهو «هشام» بإسكان الثاء من «ثلثي» من قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ََ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} (سورة المزمل آية 20) وذلك للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الثاء، على الأصل.
قال ابن الجزري:
عقبى نهى فتى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نهى» والفاء من «فتى» وهما: «عاصم، وحمزة» بإسكان القاف من «عقبا» من قوله تعالى: {وَخَيْرٌ عُقْباً} (سورة الكهف آية 44).(2/32)
عقبى نهى فتى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نهى» والفاء من «فتى» وهما: «عاصم، وحمزة» بإسكان القاف من «عقبا» من قوله تعالى: {وَخَيْرٌ عُقْباً} (سورة الكهف آية 44).
والباقون بضم القاف على الأصل.
قال ابن الجزري:
وعربا في صفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» ومدلول «صفا» وهم: حمزة، وشعبة، وخلف العاشر». «عربا» من قوله تعالى: {عُرُباً أَتْرََاباً} (سورة الواقعة آية 37) بإسكان الراء للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الراء، على الأصل.
قال ابن الجزري:
... خطوات إذ هد خلف صف فتى حفا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» والهاء من «هد» بخلف عنه، والصاد من «صف» ومدلول «فتى» والحاء من «حفا» وهم: «نافع، والبزي بخلف عنه وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، وأبو عمرو» «خطوت» حيث وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَلََا تَتَّبِعُوا خُطُوََاتِ الشَّيْطََانِ} (سورة البقرة آية 168) بإسكان الطاء، للتخفيف.
وقرأ الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني للبزّي، وذلك على الأصل.
وقد روى الإسكان عن «البزّي» «أبو ربيعة» وروى عنه الضمّ «ابن الحباب».
قال ابن الجزري:
ورسلنا مع هم وكم وسبلنا ... حز
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» وهو «أبو عمرو» بإسكان السين من «رسلنا، ورسلهم، ورسلكم» حيث أتى نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُنََا بِالْبَيِّنََاتِ} (سورة المائدة آية 32). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنََاتِ}
(سورة الأعراف آية 101). وقوله تعالى: {قََالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنََاتِ}
(سورة غافر آية 50). وبإسكان الباء من «سبلنا» من قوله تعالى: {وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ وَقَدْ هَدََانََا سُبُلَنََا} (سورة إبراهيم آية 12).(2/33)
ورسلنا مع هم وكم وسبلنا ... حز
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» وهو «أبو عمرو» بإسكان السين من «رسلنا، ورسلهم، ورسلكم» حيث أتى نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُنََا بِالْبَيِّنََاتِ} (سورة المائدة آية 32). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنََاتِ}
(سورة الأعراف آية 101). وقوله تعالى: {قََالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنََاتِ}
(سورة غافر آية 50). وبإسكان الباء من «سبلنا» من قوله تعالى: {وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ وَقَدْ هَدََانََا سُبُلَنََا} (سورة إبراهيم آية 12).
وقرأ الباقون بضم السين من «رسلنا، ورسلهم، ورسلكم» وبضم الباء من «سبلنا» وذلك على الأصل.
قال ابن الجزري:
... جرف لي الخلف صف فتى منا
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لي» بخلف عنه، والصاد من «صف» ومدلول «فتى» والميم من «منا» وهم: «هشام بخلف عنه، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، وابن ذكوان» بإسكان الراء من «جرف» من قوله تعالى: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ} (سورة التوبة آية 109).
وقرأ الباقون بضم الراء، وهو الوجه الثاني لهشام.
قال ابن الجزري:
والأكل أكل إذ دنا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ»، والدال من «دنا» وهما «نافع، وابن كثير» بإسكان الكاف من «الأكل، وأكل» حيث وقعا في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهََا عَلى ََ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} (سورة الرعد آية 4).
وقوله: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوََاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} (سورة سبأ آية 16).
وقرأ الباقون بضم الكاف فيهما، على الأصل.
قال ابن الجزري:(2/34)
وقرأ الباقون بضم الكاف فيهما، على الأصل.
قال ابن الجزري:
وأكلها ... شغل أتى حبر
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أتى» ومدلول «حبر» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو» بإسكان الكاف من «أكلها» حيث وقع نحو قوله تعالى:
{كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصََابَهََا وََابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهََا ضِعْفَيْنِ} (سورة البقرة آية 265) وبإسكان الغين من «شغل» من قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحََابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فََاكِهُونَ} (سورة يس آية 55).
وقرأ الباقون بضم الكاف من «أكلها» وبضم الغين من «شغل» على الأصل.
قال ابن الجزري:
... وخشب حط رها
زد خلف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حط» والراء من «رها» والزاي من «زد» بخلف عنه، وهم: «أبو عمرو، والكسائي، وقنبل بخلف عنه» بإسكان الشين من «خشب» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}
(سورة المنافقون آية 4).
وقرأ الباقون بضم الشين، وهو الوجه الثاني لقنبل. وقد روى الإسكان عن «قنبل» «ابن مجاهد» وروى عنه الضمّ «ابن شنبوذ».
قال ابن الجزري:
نذرا حفظ صحب ...
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حفظ» ومدلول «صحب» وهم: «أبو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بإسكان الذال من «نذرا» من قوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (سورة المرسلات آية 6).
وقرأ الباقون بضم الذال، على الأصل.(2/35)
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حفظ» ومدلول «صحب» وهم: «أبو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بإسكان الذال من «نذرا» من قوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (سورة المرسلات آية 6).
وقرأ الباقون بضم الذال، على الأصل.
قال ابن الجزري:
واعكسا ... رعب الرعب رم كم ثوى
المعنى: قرأ بعكس هذه الترجمة فضم الحرف الساكن من عين الفعل في المواضع الآتية: المرموز له بالراء من «رم» والكاف من «كم» ومدلول «ثوى» وهم: «الكسائي، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» قرءوا بضم العين من «رعب» المنكر، و «الرعب» المعرف، نحو قوله تعالى: {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} (سورة الكهف آية 18). وقوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} (سورة آل عمران آية 151).
وقرأ الباقون بإسكان العين فيهما، للتخفيف.
قال ابن الجزري:
... رحما كسا
ثوى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كسا» ومدلول «ثوى» وهم: «ابن عامر وأبو جعفر، ويعقوب» بضم الحاء من «رحما» وهو في قوله تعالى: {فَأَرَدْنََا أَنْ يُبْدِلَهُمََا رَبُّهُمََا خَيْراً مِنْهُ زَكََاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً} (سورة الكهف آية 81).
وقرأ الباقون بإسكان الحاء، للتخفيف.
قال ابن الجزري:
وجزءا صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو «شعبة» بضم الزاي من «جزءا» المنون المنصوب، وهو في موضعين: في قوله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} (سورة البقرة آية 260). وفي قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبََادِهِ}
{جُزْءاً} (سورة الزخرف آية 15) ومن «جزء» المنون المرفوع، وهو في قوله تعالى:(2/36)
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو «شعبة» بضم الزاي من «جزءا» المنون المنصوب، وهو في موضعين: في قوله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} (سورة البقرة آية 260). وفي قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبََادِهِ}
{جُزْءاً} (سورة الزخرف آية 15) ومن «جزء» المنون المرفوع، وهو في قوله تعالى:
{لَهََا سَبْعَةُ أَبْوََابٍ لِكُلِّ بََابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} (سورة الحجر آية 44).
وقرأ باقي القراء بإسكان الزاي فيهما.
قال ابن الجزري:
وعذرا أو شرط ...
المعنى: قرأ المرموز له بالشين من «شرط» وهو «روح» بضم الذال من «عذرا» التي بعدها «أو» وهو في قوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (سورة المرسلات آية 6). وقيّد الناظم موضع الخلاف «بأو» احترازا من قوله تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} (سورة الكهف آية 76). فقد اتفق القراء على قراءته بإسكان الذال.
وقرأ الباقون «عذرا أو» بإسكان الذال.
قال ابن الجزري:
... وكيف عسر اليسر ثق وخلف خط
بالذرو ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثق» وهو «أبو جعفر» بضم السين من «العسر، واليسر» كيف جاء نحو قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ} (سورة البقرة آية 280). وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللََّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلََا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (سورة البقرة آية 185) إلا أنه اختلف عن «ابن وردان» في موضع الذاريات (آية 3) وهو قوله تعالى: {فَالْجََارِيََاتِ يُسْراً} فروي عنه الوجهان: الضم والإسكان.
وقرأ الباقون بإسكان السين من لفظ «العسر واليسر» كيف جاء.
قال ابن الجزري:
سحقا ذق وخلفا رم خلا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالذال من «ذق» والراء من «رم» والخاء من «خلا» بخلف عنهما، وهم: «ابن جماز، والكسائي، وابن وردان» بخلف عنهما، بضم الحاء من «سحقا» من قوله تعالى: {فَسُحْقاً لِأَصْحََابِ السَّعِيرِ} (سورة الملك آية 11).(2/37)
سحقا ذق وخلفا رم خلا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالذال من «ذق» والراء من «رم» والخاء من «خلا» بخلف عنهما، وهم: «ابن جماز، والكسائي، وابن وردان» بخلف عنهما، بضم الحاء من «سحقا» من قوله تعالى: {فَسُحْقاً لِأَصْحََابِ السَّعِيرِ} (سورة الملك آية 11).
وقرأ الباقون بإسكان الحاء، وهو الوجه الثاني لكل من: «الكسائي، وابن وردان».
قال ابن الجزري:
... قربة جد
المعنى: قرأ المرموز له بالجيم من «جد» وهو «ورش» من طريقيه معا بضم الراء من «قربة» من قوله تعالى: {أَلََا إِنَّهََا قُرْبَةٌ لَهُمْ} (سورة التوبة آية 99).
وقرأ الباقون بإسكان الراء.
قال ابن الجزري:
... نكرا ثوى صن إذ ملا
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «ثوى» وبالصاد من «صن» وبالألف من «إذ» وبالميم من «ملا» وهم: «أبو جعفر، ويعقوب، وشعبة، ونافع، وابن ذكوان» بضم الكاف من «نكرا» وهو في موضعين:
الأول: قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} (سورة الكهف آية 74).
والثاني: قوله تعالى: {وَعَذَّبْنََاهََا عَذََاباً نُكْراً} (سورة الطلاق آية 8).
وقرأ الباقون بإسكان الكاف. والتثقيل في كل ما تقدم لغة أهل الحجاز، والتخفيف لغة أهل نجد.
قال ابن الجزري:
ما يعملون دم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» وهو «ابن كثير» «تعملون» من قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهََا لَمََا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللََّهِ وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (سورة البقرة آية 74) بياء الغيبة، على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، أي وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين قصصنا عليكم قصصهم أيها المسلمون.(2/38)
ما يعملون دم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» وهو «ابن كثير» «تعملون» من قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهََا لَمََا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللََّهِ وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (سورة البقرة آية 74) بياء الغيبة، على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، أي وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين قصصنا عليكم قصصهم أيها المسلمون.
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، جريا على نسق ما قبله من قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ}. (سورة البقرة آية 74).
قال ابن الجزري:
وثان إذ صفا ... ظلّ دنا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» ومدلول «صفا» وبالظاء من «ظل» والدال من «دنا» وهم: «نافع، وشعبة، وخلف العاشر، ويعقوب، وابن كثير» بياء الغيبة في تعملون الثاني وهو في قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ * أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيََاةَ الدُّنْيََا بِالْآخِرَةِ} (سورة البقرة الآيتان 8685) وذلك لمناسبة قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ يُرَدُّونَ إِلى ََ أَشَدِّ الْعَذََابِ} (سورة البقرة آية 85).
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، لمناسبة قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ لََا تَسْفِكُونَ دِمََاءَكُمْ}. (سورة البقرة آية 84).
قال ابن الجزري:
... باب الأماني خفّفا
أمنيّته والرفع والجرّ اسكنا ... ثبت
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثبت» وهو «أبو جعفر» بتخفيف الياء المفتوحة من كل ما جاء من «الأماني» نحو قوله تعالى: {إِلََّا أَمََانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلََّا يَظُنُّونَ} (سورة البقرة آية 78). وقوله تعالى: {تِلْكَ أَمََانِيُّهُمْ} (سورة البقرة آية 111) وقوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمََانِيِّكُمْ وَلََا أَمََانِيِّ أَهْلِ الْكِتََابِ} (سورة النساء آية 123).
وقوله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطََانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (سورة الحج آية 52).
وقرأ الباقون بتشديد الياء.
وتوجيه القراءتين: أن «أماني» جمع «أمنية» وأصلها «أمنوية» على وزن «أفعولة» اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، و «أفعولة» تجمع على «أفاعيل» مثل «أنشودة» تجمع على «أناشيد» وعلى ذلك جاءت قراءة جمهور القراء. ووجه قراءة «أبي جعفر» أنّ «أفعولة» جمعت على «أفاعل» تخفيفا مع عدم الاعتداد بالواو التي كانت في المفرد، كما جمع «مفتاح» على «مفاتح».(2/39)
وقرأ الباقون بتشديد الياء.
وتوجيه القراءتين: أن «أماني» جمع «أمنية» وأصلها «أمنوية» على وزن «أفعولة» اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، و «أفعولة» تجمع على «أفاعيل» مثل «أنشودة» تجمع على «أناشيد» وعلى ذلك جاءت قراءة جمهور القراء. ووجه قراءة «أبي جعفر» أنّ «أفعولة» جمعت على «أفاعل» تخفيفا مع عدم الاعتداد بالواو التي كانت في المفرد، كما جمع «مفتاح» على «مفاتح».
قال ابن الجزري:
... خطيئاته جمع إذ ثنا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» والثاء من «ثنا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» «خطيئته» من قوله تعالى: {وَأَحََاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} (سورة البقرة آية 81).
«وخطيئاته» بالجمع، وتوجيه ذلك لما كانت الذنوب كثيرة جاء اللفظ مطابقا للمعنى.
وقرأ الباقون «خطيئته» بالإفراد، والمراد اسم الجنس، واسم الجنس يشمل القليل والكثير.
قال ابن الجزري:
لا يعبدون دم رضى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» ومدلول «رضى» وهم: «ابن كثير، وحمزة، والكسائي» «لا تعبدون» من قوله تعالى: {لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ} (سورة البقرة آية 83) بياء الغيب، جريا على السياق الذي قبله في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَ بَنِي إِسْرََائِيلَ لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ} (سورة البقرة آية 83). وبنو إسرائيل غيّب عن الحضور.
وقرأ الباقون «لا تعبدون» بتاء الخطاب، مناسبة للخطاب الذي بعده في قوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}. (سورة البقرة آية 83).
قال ابن الجزري:(2/40)
وقرأ الباقون «لا تعبدون» بتاء الخطاب، مناسبة للخطاب الذي بعده في قوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}. (سورة البقرة آية 83).
قال ابن الجزري:
وخفّفا ... تظاهرون مع تحريم كفا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفا» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تظهرون، تظهرا» من قوله تعالى: {تَظََاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (سورة البقرة آية 85). وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظََاهَرََا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ} (سورة التحريم آية 4) بتخفيف الظاء، على أن الأصل «تتظاهرون، تتظاهرا» فحذف إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون بتشديد الظاء فيهما، وذلك على إدغام التاء في الظاء.
قال ابن الجزري:
حسنا فضمّ اسكن نهى حز عمّ دل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نهى» وبالحاء من «حز» ومدلول «عمّ» وبالدال من «دل» وهم: «عاصم، وأبو عمرو، ونافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وابن كثير» «حسنا» من قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنََّاسِ حُسْناً} (سورة البقرة آية 83) بضم الحاء، وإسكان السين، على أنها لغة في «الحسن» مثل: «البخل والبخل» و «الرّشد والرّشد»، فهو كالقراءة الآتية، وتقديره: وقولوا للناس قولا حسنا، ويجوز أن يكون «حسنا» مصدرا مثل: «الشكر والكفر» فيلزم تقدير حذف مضاف تقديره: «وقولوا للناس قولا ذا حسن».
وقرأ الباقون وهم: «حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «حسنا» بفتح الحاء، والسين، على أنه صفة لمصدر محذوف، تقدير: وقولوا للناس قولا حسنا.
قال ابن الجزري:
... أسرى فشا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فشا» وهو «حمزة» «أسرى» من قوله
تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ} (سورة البقرة آية 85) قرأها «أسرى» بفتح الهمزة، وإسكان السين، وحذف الألف بعدها، على وزن «فعلى» جمع «أسير» مثل:(2/41)
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فشا» وهو «حمزة» «أسرى» من قوله
تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ} (سورة البقرة آية 85) قرأها «أسرى» بفتح الهمزة، وإسكان السين، وحذف الألف بعدها، على وزن «فعلى» جمع «أسير» مثل:
«جريح وقتيل» بمعنى: مأسور، ومجروح، ومقتول، فلما كان «جريح وقتيل» يجمعان على «فعلى» ولا يجمعان على «فعالى» فعل بأسرى ذلك فهو أصله.
وقرأ الباقون «أسارى» بضم الهمزة، وفتح السين، وإثبات ألف بعدها، جمع «أسرى» مثل «سكر وسكارى» فيكون «أسارى» جمع الجمع، وقيل:
«أسارى» جمع «أسير» مثل: «كسالى جمع كسيل».
قال ابن الجزري:
... تفدوا تفادوا رد ظل
نال مدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رد» والظاء من «ظلل» والنون من «نال» ومدلول «مدا» وهم: «الكسائي، ويعقوب، وعاصم، ونافع، وأبو جعفر» «تفادوهم» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ تُفََادُوهُمْ} (سورة البقرة آية 85) بضم التاء، وفتح الفاء، وألف بعدها من «فادى». وهذه القراءة تحتمل أحد معنيين:
الأول: أن تكون المفاعلة على بابها، إذ الأصل فيها أن تكون بين فريقين يدفع كل فريق من عنده من الأسرى للفريق الآخر، سواء كان العدد مماثلا، أو غير مماثل حسب الاتفاق الذي يتمّ بين الفريقين.
والثاني: أن تكون المفاعلة ليست على بابها، مثل قول «ابن عباس» رضي الله عنهما: «فاديت نفسي» وحينئذ تتحد هذه القراءة في المعنى مع القراءة الآتية.
وقرأ الباقون «تفدوهم» بفتح التاء، وإسكان الفاء وحذف الألف بعدها، من «فدى» الثلاثي، فالفعل من جانب واحد، إذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره.
قال ابن الجزري:(2/42)
وقرأ الباقون «تفدوهم» بفتح التاء، وإسكان الفاء وحذف الألف بعدها، من «فدى» الثلاثي، فالفعل من جانب واحد، إذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره.
قال ابن الجزري:
ينزل كلّا خفّ حق ... لا الحجر والأنعام أن ينزل دق
الاسرى حما والنحل الأخرى حز دفا ... والغيث مع منزلها حقّ شفا
المعنى: اختلف القراء في «ينزل» وبابه، إذا كان فعلا مضارعا بغير همزة، مضموم الأول، مبنيا للفاعل، أو المفعول، أو له تاء، أو ياء، أو نون، حيث أتى في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {أَنْ يُنَزِّلَ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ} (سورة البقرة آية 90).
«فابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» يسكنون النون، ويخففون الزاي، على أنه مضارع «أنزل» المعدّى بالهمزة إلّا قوله تعالى: {وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (سورة الحجر آية 21) فإنه لا خلاف بين القراء في تشديده، لأنه أريد به المرّة بعد المرّة.
وافقهم «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» على قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (سورة لقمان آية 34). وعلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (سورة الشورى آية 28).
وخالف «أبو عمرو، ويعقوب» أصلهما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللََّهَ قََادِرٌ عَلى ََ أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً} (سورة الأنعام آية 37) فشدّداه، ولم يخففه سوى «ابن كثير».
وخالف «ابن كثير» أصله في موضعي الإسراء وهما:
1 {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} (آية 82).
2 {حَتََّى تُنَزِّلَ عَلَيْنََا كِتََاباً نَقْرَؤُهُ} (آية 93).
فشدّدهما، ولم يخفف الزاي فيهما سوى «أبي عمرو، ويعقوب».
وخالف «يعقوب» أصله في الموضع الأخير من «النحل» وهو قوله تعالى:
{وَاللََّهُ أَعْلَمُ بِمََا يُنَزِّلُ} (آية / 101) فشدّده، ولم يخففه سوى «ابن كثير، وأبي عمرو».
وأمّا الموضع الأول من سورة «النحل» وهو قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ}
{بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} (آية 2) فقد قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» بتخفيف الزاي المكسورة، وإسكان النون، على أنه مضارع «أنزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به.(2/43)
وأمّا الموضع الأول من سورة «النحل» وهو قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ}
{بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} (آية 2) فقد قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» بتخفيف الزاي المكسورة، وإسكان النون، على أنه مضارع «أنزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ «روح»: «تنزل» بتاء مثناة من فوق مفتوحة، ونون مفتوحة، وزاي مفتوحة مشدّدة، مضارع «تنزل» حذفت منه التاء، و «الملائكة» بالرّفع فاعل.
وقرأ الباقون موضع النحل «ينزّل» بتشديد الزاي المكسورة، وفتح النون، مضارع «نزّل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به وسيأتي التنبيه على ذلك في سورة النحل حيث يقول ابن الجزري:
ينزل مع ما بعد مثل القدر عن ... روح
وقرأ باقي القراء العشرة غير من ذكر «ينزل» وبابه بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه مضارع «نزّل» المعدّى بالتضعيف.
وخرج بقيد المضارع، الماضي، نحو قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً} (سورة البقرة آية 22) وبالمضموم الأول، مفتوح الأول نحو قوله تعالى: {وَمََا يَنْزِلُ مِنَ السَّمََاءِ} (سورة سبأ آية 2) وبغير همزة، ما إذا كان مهموزا، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ قََالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مََا أَنْزَلَ اللََّهُ} (سورة الأنعام آية 93).
تنبيه:
قوله تعالى: {وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (سورة الحجر آية 21) اتفق القراء العشرة على ضم النون الأولى، وفتح الثانية، وتشديد الزاي، ولم يجر فيه الخلاف الذي في نظائره، لأنه أريد به الإنزال المرّة بعد المرّة، ولأن القراءة سنة متبعة.
والنزول في الأصل: هو انحطاط من «علوّ».
و «نزل» بتخفيف الزاي تتعدى بحرف الجرّ، يقال: «نزل عليهم، ونزل بهم، ونزل عن دابته، ونزل في مكان كذا.
ومصدر «نزل» مخفّف الزاي «نزولا».
ومصدر «نزّل» مضعّف العين «التنزيل».(2/44)
ومصدر «نزل» مخفّف الزاي «نزولا».
ومصدر «نزّل» مضعّف العين «التنزيل».
ومصدر «أنزل» الرباعي «الإنزال».
قال ابن الجزري:
ويعملون قل خطاب ظهرا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظهرا» وهو «يعقوب» «يعملون» التي بعدها «قل» وهو قوله تعالى: {وَاللََّهُ بَصِيرٌ بِمََا يَعْمَلُونَ * قُلْ مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (سورة البقرة الآيتان 9796) بتاء الخطاب، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
وقرأ الباقون «يعملون» بياء الغيب، جريا على نسق ما قبله، من قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمََا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ *} {وَاللََّهُ بَصِيرٌ بِمََا يَعْمَلُونَ} (سورة البقرة الآيتان 9695).
قال ابن الجزري:
... جبريل فتح الجيم دم وهي ورا
فافتح وزد همزا بكسر صحبه ... كلّا وحذف الياء خلف شعبه
المعنى: اختلف القراء في لفظ «جبريل» حيثما وقع، وهو في قوله تعالى:
{قُلْ مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (سورة البقرة آية 97) وقوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} (سورة البقرة آية 98). وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ وَجِبْرِيلُ} (سورة التحريم آية 4).
فقرأ «ابن كثير» «جبريل» بفتح الجيم، وكسر الراء، وحذف الهمزة، وإثبات الياء.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة بخلف عنه» «جبرئيل» بفتح الجيم، والراء، وهمزة مكسورة، وياء ساكنة مدّيّة.
والوجه الثاني لشعبة مثل وجهه الأول إلا أنه يحذف الياء.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو
جعفر، ويعقوب» «جبريل» بكسر الجيم والراء، وحذف الهمزة، وإثبات الياء.(2/45)
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو
جعفر، ويعقوب» «جبريل» بكسر الجيم والراء، وحذف الهمزة، وإثبات الياء.
وجبريل اسم أعجميّ، وكلها لغات، غير أن من قرأه «جبريل» بكسر الجيم والراء، وحذف الهمزة، وإثبات الياء، على وزن «فعليل» فقد جاء على وزن أبنية العرب، فهو مثل «قنديل، ومنديل».
ومن قرأه بغير ذلك فقد جاء على غير أبنية العرب، ليعلم أنه أعجمي خارج عن أبنية العرب، إلّا أن العرب نطقت به.
قال ابن الجزري:
ميكال عن حما وميكائيل لا ... يا بعد همز زن بخلف ثق ألا
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» ومدلول «حما» وهم: «حفص، وأبو عمرو، ويعقوب» «وميكال» من قوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكََالَ} (سورة البقرة آية 98). قرءوه «وميكال» على وزن «مثقال» بحذف الهمزة من غير ياء بعدها، وهي لغة «الحجازيين».
وقرأ المرموز له بالزاي من «زن» بخلف عنه، وبالثاء من «ثق» بالألف من «ألا» وهم: «قنبل بخلف عنه، وأبو جعفر، ونافع» قرءوا «ميكائل» بهمزة بعد الألف من غير ياء، وهي لغة لبعض العرب.
وقرأ الباقون «ميكائيل» بالهمزة، وإثبات ياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لقنبل» وهي لغة أيضا.
وميكال: اسم أعجميّ، فمن قرأه «ميكال» على وزن «مفعال» فقد جاء على وزن أبنية العرب.
ومن قرأه بغير ذلك فليعلم أنه خارج عن أبنية العرب.
قال ابن الجزري:
ولكن الخفّ وبعد ارفعه مع ... أوّلي الأنفال كم فتى رتع.
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «فتى» والراء من «رتع»
وهم: «ابن عامر، وحمزة، وخلف العاشر، والكسائي» قرءوا قوله تعالى:(2/46)
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «فتى» والراء من «رتع»
وهم: «ابن عامر، وحمزة، وخلف العاشر، والكسائي» قرءوا قوله تعالى:
{وَلََكِنَّ الشَّيََاطِينَ كَفَرُوا} (سورة البقرة آية 102). وقوله تعالى: {وَلََكِنَّ اللََّهَ قَتَلَهُمْ وَمََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ رَمى ََ} (سورة الأنفال آية 17) «ولكن» بتخفيف النون، وإسكانها، ثم كسرها تخلصا من التقاء الساكنين، ورفع الاسم الذي بعدها، وذلك على أنّ «لكن» مخففة من الثقيلة لا عمل لها، وهي حرف ابتداء.
وقرأ الباقون «ولكنّ» بتشديد النون وفتحها، ونصب الاسم الذي بعدها، وذلك على إعمالها عمل «إنّ» فتنصب الاسم وترفع الخبر.
تنبيه:
قيّد الناظم خلاف القراء بالموضعين الأولين في الانفال ليخرج الثالث، والرابع وهما قوله تعالى: {وَلََكِنَّ اللََّهَ سَلَّمَ} (آية 43) وقوله: {وَلََكِنَّ اللََّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (رقم 63) فإنه لا خلاف في تشديدهما، ونصب الاسم الذي بعدهما.
قال ابن الجزري:
ولكن الناس شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ولكن الناس» من قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ النََّاسَ شَيْئاً وَلََكِنَّ النََّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (سورة يونس آية 44). قرءوا «ولكن» بتخفيف النون وإسكانها، ثم كسرها تخلصا من التقاء الساكنين، وذلك على أنّ «ولكن» مهملة لا عمل لها، و «الناس» بالرفع مبتدأ، و «أنفسهم» مفعول «يظلمون» مقدم، و «يظلمون» الجملة خبر المبتدأ.
وقرأ الباقون «ولكنّ» بتشديد النون، و «الناس» بالنصب اسم «ولكنّ» و «يظلمون» خبرها.
قال ابن الجزري:
والبرّ من ... كم أمّ
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والألف من «أمّ» وهما: «ابن عامر، ونافع» قوله تعالى:(2/47)
والبرّ من ... كم أمّ
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والألف من «أمّ» وهما: «ابن عامر، ونافع» قوله تعالى:
1 {وَلََكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (سورة البقرة آية 177).
2 - وقوله تعالى: {وَلََكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى ََ} (سورة البقرة آية 189) بتخفيف النون واسكانها، ثم كسرها تخلصا من التقاء الساكنين، ورفع الراء من «البرّ».
وذلك على أن «ولكن» مخففة لا عمل لها.
وقرأ الباقون «ولكنّ» بتشديد النون وفتحها، ونصب الراء من «البرّ» وذلك على إعمال «ولكن» عمل «إنّ» فتنصب الاسم، وترفع الخبر.
قال ابن الجزري:
... ننسخ ضمّ واكسر من لسن
خلف كننسها بلا همز كفى ... عمّ ظبى
المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «من» واللام من «لسن» بخلف عنه وهما: «ابن ذكوان، وهشام» بخلف عنه «ما ننسخ» من قوله تعالى: {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا} (سورة البقرة آية 106). بضم النون الأولى، وكسر السين، مضارع «أنسخ» الرباعي، قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ: «على جعله رباعيا من «أنسخت الكتاب» على معنى: وجدته منسوخا، مثل: أحمدت الرجل، وجدته محمودا، وأبخلت الرجل، وجدته بخيلا، ولا يجوز أن يكون «أنسخت» بمعنى «نسخت» إذ لم يسمع ذلك، ولا يحسن أن تكون الهمزة للتعدّي، لأن المعنى يتغير ويصير المعنى: ما نسختك يا محمد من آية، وإنساخه إياها إنزالها عليه، فيصير المعنى: ما ننزل عليك من آية أو ننسخها نأت بخير منها، ويؤول المعنى إلى أن كل آية أنزلت أتي بخير منها، فيصير القرآن كله منسوخا، وهذا لا يمكن، لأنه لم ينسخ إلّا اليسير من القرآن، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدّي، لفساد المعنى، لم يبق إلّا أن يكون من باب «أحمدته وأبخلته» وجدته محمودا وبخيلا» اهـ (1).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات لمكي ج 1/ 257.(2/48)
وقرأ الباقون «ما ننسخ» بفتح النون، والسين، وهو الوجه الثاني «لهشام» على أنه مضارع «نسخ» الثلاثي، على معنى: ما نرفع من حكم آية ونبقي تلاوتها نأت بخير منها لكم أو مثلها.
ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها، أو ننسكها يا «محمد» فلا تحفظ تلاوتها نأت بخير منها أو مثلها.
وقرأ مدلول «كفى» ومدلول «عمّ» والظاء من «ظبى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ونافع، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «أو ننسها» من قوله تعالى: {أَوْ نُنْسِهََا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا} (سورة البقرة آية 106) بضم النون، وكسر السين من غير همز، من النسيان الذي بمعنى الترك، أي نتركها فلا نبدّلها، ولا ننسخها، قال هذا المعنى كل من: «عبد الله بن عباس ت 68هـ رضي الله عنهما والسّدّي اسماعيل بن عبد الرحمن» ت 127هـ.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو» «ننسأها» بفتح النون الأولى، والسين، وهمزة ساكنة بين السين والهمزة، من «النسأ» وهو التأخير.
قال ابن الجزري:
... بعد عليم احذفا
واوا كسا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كسا» وهو «ابن عامر» «وقالوا» الواقعة بعد «عليم» بحذف الواو، وذلك من قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ وََاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً سُبْحََانَهُ} (سورة البقرة الآيتان 116115) وذلك على الاستئناف، وهي مرسومة في مصحف «أهل الشام» «قالوا» بدون واو، ليتفق رسم المصحف مع القراءة (1).
وقرأ الباقون «وقالوا» بالواو، على أنها لعطف جملة على مثلها، وهي مرسومة في بقية المصاحف «وقالوا» بالواو، ليتفق مع القراءة.
__________
(1) قال ابن عاشر: وقالوا اتخذ بحذف شام.(2/49)
تنبيه:
قوله تعالى: {قََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً سُبْحََانَهُ} (سورة يونس آية 68) اتفق القراء العشرة على قراءته «قالوا» بدون واو قبل القاف، وقد اتفقت جميع المصاحف على كتابته بدون واو. وهو كلام مستأنف ليس قبله ما يعطف عليه، خرّج مخرج التعجّب من عظم جراءتهم، وقبيح افترائهم. يضاف إلى ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
كن فيكون فانصبا ... رفعا سوى الحق وقوله كبا
والنحل مع يس رد كم ...
المعنى: اختلف القراء في لفظ «فيكون» الذي قبله «كن» المسبوقة «بإنما» حيث وقع في القرآن الكريم، وهو في ستة مواضع:
الأول: {وَإِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة البقرة آية 117).
والثاني: {وَإِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة آل عمران آية 47).
والثالث: {إِنَّمََا قَوْلُنََا لِشَيْءٍ إِذََا أَرَدْنََاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة النحل آية 40).
والرابع: {فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللََّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} (سورة مريم الآيتان 3635).
والخامس: {إِنَّمََا أَمْرُهُ إِذََا أَرََادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة يس آية 82).
والسادس: {فَإِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة غافر آية 68).
فقرأ «ابن عامر» بنصب نون «فيكون» في المواضع الستة. ووافقه «الكسائي» على نصب النون في موضعي: النحل، ويس. ووجه النصب أنه على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بإنما».
قال «الأشموني»: «قد تضمر «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بإنما»
اختيارا نحو: {إِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة آل عمران آية 47) في قراءة من نصب» اهـ (1).(2/50)
قال «الأشموني»: «قد تضمر «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بإنما»
اختيارا نحو: {إِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة آل عمران آية 47) في قراءة من نصب» اهـ (1).
فإن قيل: لماذا لا يكون وجه النصب على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء المسبوقة بلفظ الأمر وهو «كن»؟
أقول: لأن «كن» ليس بأمر، لأن معناه الخبر، إذ ليس ثمّ مأمور يكون «كن» أمرا له.
والمعنى: فإنما يقول له كن فيكون فهو يكون، ويدلّ على أنّ «فيكون» ليس بجواب «كن» أنّ الجواب بالفاء مضارع به الشرط، وإلى معناه يؤول في التقدير، فإذا قلت: اذهب فأكرمك، فمعناه: إن تذهب فأكرمك.
ولا يجوز أن تقول: «اذهب فتذهب» لأن المعنى يصير: «إن تذهب تذهب» وهذا لا معنى له.
وكذلك «كن فيكون» يؤول معناه إذا جعلت «فيكون» جوابا، أن تقول له: «أن يكون فيكون» ولا معنى لهذا، لأنه قد اتفق فيه الفاعلان، لأن الضمير الذي في «كن» وفي «يكون» «الشيء» ولو اختلفا لجاز، كقولك: «اخرج فأحسن إليك» أي إن تخرج أحسنت إليك، ولو قلت: «قم فتقوم» لم يحسن، إذ لا فائدة فيه، لأن الفاعلين واحد، ويصير التقدير: «إن تقم تقم» فالنصب في هذا على الجواب بعيد في المعنى.
وقال «الصبّان»: «7نما لم يجعل منصوبا في جواب «كن» لأنه ليس هناك قول «كن» حقيقة، بل هي كناية عن تعلق القدرة تنجيزا بوجود الشيء، ولما سيأتي عن «ابن هشام» من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل، بل لا بدّ من اختلافهما فيهما، أو في أحدهما، فلا يقال: «قم تقم».
وبعضهم جعله منصوبا في جوابه نظرا إلى وجود الصيغة في هذه الصورة، ويردّه ما ذكرناه عن «ابن هشام» اهـ» (2).
__________
(1) انظر: شرح الأشموني على الألفية ج 3/ 229.
(2) انظر: حاشية الصبان على الأشموني ج 3/ 229.(2/51)
وقرأ الباقون بالرفع في «فيكون» في المواضع الستة، وذلك على الاستئناف، والتقدير: «فهو يكون».
قال ابن الجزري:
تسئل ... للضّمّ فافتح واجز من إذ ظلّلوا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» والظاء من «ظلّلوا» وهما: «نافع، ويعقوب» «ولا تسأل» من قوله تعالى: {إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلََا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحََابِ الْجَحِيمِ} (سورة البقرة آية 119). بفتح التاء، وجزم اللام، وذلك على النهي، وظاهره أنه نهي حقيقة، نهي صلّى الله عليه وسلّم أن يسأل عن أحوال الكفار، لأن سياق الكلام يدلّ على أن ذلك عائد على اليهود، والنصارى، ومشركي العرب، الذين جحدوا نبوته صلّى الله عليه وسلّم، وكفروا عنادا، وأصرّوا على كفرهم، وكذلك جاء بعده قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضى ََ عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصََارى ََ حَتََّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (سورة البقرة آية 120).
وقرأ الباقون «ولا تسأل» بضم التاء، ورفع اللام، وذلك على الاستئناف. والمعنى على ذلك: أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا، لأن ذلك ليس إليك، إن عليك إلّا البلاغ، إنك لا تهدي من أحببت، إنما أنت منذر، وفي ذلك تسلية له صلّى الله عليه وسلّم وتخفيف ما كان يجده من عنادهم، فكأنه قيل له:
لست مسئولا عنهم فلا يحزنك كفرهم، وفي ذلك دليل على أنّ أحدا لا يسأل عن ذنب غيره، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
قال ابن الجزري:
ويقرا إبراهيم ذي مع سورته ... مع مريم النحل أخيرا توبته
آخر الانعام وعنكبوت مع ... أواخر النسا ثلاثة تبع
والذرو والشورى امتحان أوّلا ... والنجم والحديد ماز الخلف لا
المعنى: اختلف القراء في كلمة «إبراهيم» في ثلاثة وثلاثين موضعا: من
ذلك خمسة عشر موضعا في سورة البقرة نحو قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى ََ إِبْرََاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمََاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (سورة البقرة آية 124).(2/52)
ويقرا إبراهيم ذي مع سورته ... مع مريم النحل أخيرا توبته
آخر الانعام وعنكبوت مع ... أواخر النسا ثلاثة تبع
والذرو والشورى امتحان أوّلا ... والنجم والحديد ماز الخلف لا
المعنى: اختلف القراء في كلمة «إبراهيم» في ثلاثة وثلاثين موضعا: من
ذلك خمسة عشر موضعا في سورة البقرة نحو قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى ََ إِبْرََاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمََاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (سورة البقرة آية 124).
والثلاثة الأخيرة من سورة النساء وهنّ:
1 - قوله تعالى: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (سورة النساء آية 125).
2 - قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللََّهُ إِبْرََاهِيمَ خَلِيلًا} (سورة النساء آية 125).
3 - قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ} (سورة النساء آية 163).
والموضع الأخير من سورة الأنعام، وهو قوله تعالى: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (سورة الأنعام آية 161).
والموضعان الأخيران من سورة التوبة وهما:
1 - قوله تعالى: {وَمََا كََانَ اسْتِغْفََارُ إِبْرََاهِيمَ لِأَبِيهِ} (سورة التوبة آية 114).
2 - قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ لَأَوََّاهٌ حَلِيمٌ} (سورة التوبة آية 114).
وموضع في سورة إبراهيم، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} (سورة إبراهيم آية 35).
وموضعان في سورة النحل وهما:
1 - قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً} (سورة النحل آية 120).
2 - قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (سورة النحل آية 123).
وثلاثة مواضع في سورة مريم وهن:
1 - قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتََابِ إِبْرََاهِيمَ} (سورة مريم آية 41).
2 - قوله تعالى: {قََالَ أَرََاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يََا إِبْرََاهِيمُ} (سورة مريم آية 46).
3 - قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْرََائِيلَ} (سورة مريم آية 58).
والموضع الأخير من سورة العنكبوت وهو قوله تعالى: {وَلَمََّا جََاءَتْ رُسُلُنََا إِبْرََاهِيمَ بِالْبُشْرى ََ} (سورة العنكبوت آية 31).
وموضع في الشورى وهو قوله تعالى: {وَمََا وَصَّيْنََا بِهِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ وَعِيسى ََ} (سورة الشورى آية 13).(2/53)
والموضع الأخير من سورة العنكبوت وهو قوله تعالى: {وَلَمََّا جََاءَتْ رُسُلُنََا إِبْرََاهِيمَ بِالْبُشْرى ََ} (سورة العنكبوت آية 31).
وموضع في الشورى وهو قوله تعالى: {وَمََا وَصَّيْنََا بِهِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ وَعِيسى ََ} (سورة الشورى آية 13).
وموضع في الذاريات وهو قوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (سورة الذاريات آية 24).
وموضع في النجم وهو قوله تعالى: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى} (سورة النجم آية 37).
وموضع في الحديد وهو قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا نُوحاً وَإِبْرََاهِيمَ}
(سورة الحديد آية 26).
والموضع الأول من سورة الممتحنة وهو قوله تعالى: {قَدْ كََانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرََاهِيمَ} (سورة الممتحنة آية 4).
فقرأ المرموز له بالميم من «ماز» بخلف عنه، واللام من «لا» وهو «ابن عامر» بخلف عن «ابن ذكوان» جميع هذه الألفاظ المتقدمة في الثلاثة والثلاثين موضعا «إبراهام» بفتح الهاء، وألف بعدها.
وقرأ الباقون «إبراهيم» بكسر الهاء، وياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لابن ذكوان» وهما لغتان بمعنى واحد.
وقد كتبت هذه المواضع الثلاثة والثلاثون في المصحف الشامي بحذف الياء ليوافق خط المصحف قراءة «ابن عامر».
وكتبت في بقية المصاحف بإثبات الياء، موافقة لقراءة باقي القراء بعد «ابن عامر».
أمّا ما عدا هذه المواضع التي فيها الخلاف فقد اتفق القراء العشرة على قراءة لفظ «إبراهيم» بالياء، وقد اتفقت جميع المصاحف على رسمها بالياء، ليوافق خط المصحف القراءة.
قال ابن الجزري:
واتخذوا بالفتح كم أصل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والألف من «أصل» وهما: «ابن عامر، ونافع» «واتخذوا» من قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى}
(سورة البقرة آية 125) بفتح الخاء، على أنه فعل ماض أريد به الإخبار، وهو معطوف على قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} مع إضمار «إذ».(2/54)
واتخذوا بالفتح كم أصل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والألف من «أصل» وهما: «ابن عامر، ونافع» «واتخذوا» من قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى}
(سورة البقرة آية 125) بفتح الخاء، على أنه فعل ماض أريد به الإخبار، وهو معطوف على قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} مع إضمار «إذ».
والمعنى: واتخذ الناس من المكان الذي وقف عليه نبي الله إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة «مصلى» أي يصلون عنده بعد الطواف بالبيت الحرام.
وقرأ الباقون «واتخذوا» بكسر الخاء، على أنه فعل أمر، والمأمور بذلك قيل: سيدنا «إبراهيم» وذريته، وقيل: نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، وأمته، والأمر بالصلاة عند مقام سيدنا «إبراهيم» للندب، وليس للوجوب، بحيث من ترك الصلاة عند المقام لا يفسد حجه.
قال ابن الجزري:
وخف ... أمتعه كم
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو «ابن عامر» «فأمتعه» من قوله تعالى: {قََالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا} (سورة البقرة آية 126) بإسكان الميم، وتخفيف التاء، على أنه مضارع «أمتع» المعدّى بالهمزة.
والمعنى: يخبر الله تعالى بأنه سيمتّع الكفّار بالرزق في الدنيا، وهذا النعيم الذي يجدونه إذا قيس بنعيم الدار الآخرة الذي لا ينقطع أبدا يعتبر نعيما ومتاعا قليلا، ثم بعد ذلك يكون مأواهم النار وبئس المصير.
وقرأ الباقون «فأمتّعه» بفتح الميم، وتشديد التاء، على أنه مضارع «متّع» المعدّى بالتضعيف.
قال ابن الجزري:
... أرنا أرني اختلف
مختلسا حز وسكون الكسر حق ... وفصّلت لي الخلف من حقّ صدق
المعنى: «أرنا، وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم: نحو قوله تعالى:(2/55)
أرنا أرني اختلف
مختلسا حز وسكون الكسر حق ... وفصّلت لي الخلف من حقّ صدق
المعنى: «أرنا، وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم: نحو قوله تعالى:
{وَأَرِنََا مَنََاسِكَنََا} (سورة البقرة آية 128). وقوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ} (سورة البقرة آية 260). فقرأ «ابن كثير، ويعقوب، وأبو عمرو» بخلف عنه بإسكان الراء في «أرنا» وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم، والوجه الثاني لأبي عمرو الاختلاس.
وقرأ «ابن ذكوان، وشعبة، وهشام» بكسر الراء في جميع المواضع ما عدا موضع فصلت (آية 29) وهو قوله تعالى: {رَبَّنََا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلََّانََا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}.
فقد قرءوه بإسكان الراء سوى «هشام» فقد ورد عنه وجهان: الكسر، والإسكان.
وقرأ باقي القراء «أرنا وأرني» بكسر الراء فيهما، على الأصل، والكسر، والإسكان، والاختلاس، كلها لغات.
قال ابن الجزري:
أوصى يوصّى عمّ ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عمّ» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «ووصّى» من قوله تعالى: {وَوَصََّى بِهََا إِبْرََاهِيمُ بَنِيهِ} (سورة البقرة آية 132).
«وأوصى» بهمزة مفتوحة بين الواوين مع تخفيف الصاد، معدّى بالهمزة، وقد رسم المصحف المدني، والشامي طبقا لهذه القراءة (1).
المعنى: أوصى نبيّ الله «إبراهيم» عليه السلام بنيه باتباع الملّة الحنيفية وهي الإخلاص لله تعالى في العبودية. وإنما خصّ البنين بالذكر لأن إشفاق
__________
(1) قال ابن عاشر: أوصى خذا للمدنيين وشام بالألف.(2/56)
الأب عليهم أكثر، وهم بقبول الوصية أجدر، وإلّا فمن المعلوم أن سيدنا «إبراهيم» كان يدعو الجميع إلى عبادة الله وحده.
وقرأ الباقون «ووصّى» بحذف الهمزة مع تشديد الصاد معدّى بالتضعيف، وقد رسمت المصاحف غير المدني والشامي، «ووصّى» طبقا لهذه القراءة، ليوافق الرسم القراءة.
قال ابن الجزري:
أم يقول حف ... صف حرم شم
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حف» والصاد من «صف» ومدلول «حرم» والشين من «شم» وهم: «أبو عمرو، وشعبة، ونافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وروح» «تقولون» من قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبََاطَ كََانُوا هُوداً أَوْ نَصََارى ََ} (سورة البقرة آية 140).
«يقولون» بياء الغيب، على أنه إخبار عن اليهود، والنصارى، وهم غيّب، فجرى الكلام على لفظ الغيبة. أو على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة.
المعنى: يستنكر الله تعالى على اليهود، والنصارى، ادعاءهم أن سيدنا «إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط» كانوا هودا أو نصارى، فردّ الله عليهم هذا الزعم بقوله تعالى: {مََا كََانَ إِبْرََاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلََا نَصْرََانِيًّا وَلََكِنْ كََانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمََا كََانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة آل عمران آية 67).
وقرأ الباقون «تقولون» بتاء الخطاب، لمناسبة قول الله تعالى قبله: {قُلْ أَتُحَاجُّونَنََا فِي اللََّهِ وَهُوَ رَبُّنََا وَرَبُّكُمْ وَلَنََا أَعْمََالُنََا وَلَكُمْ أَعْمََالُكُمْ} (سورة البقرة آية 139). وبعده قوله تعالى: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللََّهُ} (سورة البقرة آية 140). فجرى الكلام على نسق واحد في الخطاب.
قال ابن الجزري:
... وصحبة حما رؤف
فاقصر جميعا ...
المعنى: قرأ مدلول «صحبة» ومدلول «حما» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، ويعقوب» قرءوا «لرءوف» حيثما وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ اللََّهُ لِيُضِيعَ إِيمََانَكُمْ إِنَّ اللََّهَ بِالنََّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (سورة البقرة آية 143) و «رءوف» حيثما وقع أيضا نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ وَاللََّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبََادِ} (سورة البقرة آية 207) بحذف الواو التي بعد الهمزة، فيصير اللفظ «لرؤف، رؤف» على وزن «عضد».(2/57)
وصحبة حما رؤف
فاقصر جميعا ...
المعنى: قرأ مدلول «صحبة» ومدلول «حما» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، ويعقوب» قرءوا «لرءوف» حيثما وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ اللََّهُ لِيُضِيعَ إِيمََانَكُمْ إِنَّ اللََّهَ بِالنََّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (سورة البقرة آية 143) و «رءوف» حيثما وقع أيضا نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ وَاللََّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبََادِ} (سورة البقرة آية 207) بحذف الواو التي بعد الهمزة، فيصير اللفظ «لرؤف، رؤف» على وزن «عضد».
وقرأ الباقون «لرءوف، رءوف» بإثبات الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «فعول» وهما لغتان، والرأفة أشدّ الرحمة.
قال ابن الجزري:
يعملون إذ صفا ... حبر غدا عونا وثانيه حفا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» ومدلول «صفا» ومدلول «حبر» والمرموز له بالغين من «غدا» والعين من «عونا» وهم: «نافع، وعاصم، وخلف العاشر، وابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» قرءوا «يعملون» من قوله تعالى:
{وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ بِكُلِّ آيَةٍ مََا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} (سورة البقرة الآيتان 145144) بياء الغيبة، وهو عائد على أهل الكتاب:
اليهود، والنصارى في قوله تعالى قبله في نفس الآية: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}.
المعنى: ليس الله بغافل عما يعمل هؤلاء اليهود والنصارى، من كتمان صفة نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم الموجودة عندهم في التوراة والإنجيل، بل هو عالم بعملهم وسيجازيهم عليه بالخزي في الدنيا، والعذاب المهين يوم القيامة.
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، والمخاطب المؤمنون، وهو مناسب لقوله تعالى قبل في نفس الآية: {وَحَيْثُ مََا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أو على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حفا» وهو «أبو عمرو» قرأ «تعملون» من قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (سورة البقرة الآيتان 150149) بياء الغيبة، إخبارا عن اليهود الذين يخالفون النبي صلّى الله عليه وسلّم في «القبلة» وهم غيّب، والتقدير:(2/58)
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، والمخاطب المؤمنون، وهو مناسب لقوله تعالى قبل في نفس الآية: {وَحَيْثُ مََا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أو على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
ثم أخبر الناظم أن المرموز له بالحاء من «حفا» وهو «أبو عمرو» قرأ «تعملون» من قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (سورة البقرة الآيتان 150149) بياء الغيبة، إخبارا عن اليهود الذين يخالفون النبي صلّى الله عليه وسلّم في «القبلة» وهم غيّب، والتقدير:
ولّ يا «محمد» وجهك نحو المسجد الحرام في الصلاة، وما الله بغافل عما يعمل من يخالفك من اليهود في القبلة.
وقرأ الباقون بتاء الخطاب، وهو موافق لنسق ما قبله من الخطاب للنبيّ عليه الصلاة والسلام، وأصحابه، في قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ وَحَيْثُ مََا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (سورة البقرة آية 150).
والمعنى: فولوا وجوهكم أيها المؤمنون شطر المسجد الحرام في الصلاة، وما الله بغافل عما تعملون.
تنبيه:
«تعملون» من قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهََادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللََّهِ وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} (سورة البقرة الآيتان 140 141). اتفق القراء العشرة على قراءة «تعملون» بتاء الخطاب، وذلك لمناسبة الخطاب أول الآية في قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ} يضاف إلى ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
وفي مولّيها مولّاها كنا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كنا» وهو «ابن عامر» «موليها» من قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهََا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرََاتِ} (سورة البقرة آية 148) بفتح اللام، وألف بعدها، اسم مفعول.
وقرأ الباقون: «موليها» بكسر اللام، وياء ساكنة بعدها اسم فاعل.
قال «الزبيدي» ت 1205هـ: «التولية» تكون إقبالا، وتكون انصرافا:
فمن الأوّل قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (سورة البقرة آية 144) ومن الانصراف قوله تعالى: {مََا وَلََّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كََانُوا عَلَيْهََا}
(سورة البقرة آية 142) أي: «ما عدلهم، وصرفهم» اهـ (1).(2/59)
قال «الزبيدي» ت 1205هـ: «التولية» تكون إقبالا، وتكون انصرافا:
فمن الأوّل قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (سورة البقرة آية 144) ومن الانصراف قوله تعالى: {مََا وَلََّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كََانُوا عَلَيْهََا}
(سورة البقرة آية 142) أي: «ما عدلهم، وصرفهم» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
... تطوّع التّا يا وشدّد مسكنا
ظبّى شفا الثاني شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تطوع» في الموضعين:
1 - من قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللََّهَ شََاكِرٌ عَلِيمٌ} (سورة البقرة آية 158).
2 - ومن قوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (سورة البقرة آية 184).
«يطّوّع»: بالياء التحتية، وتشديد الطاء، وجزم العين، وهو فعل مضارع مجزوم بمن الشرطية، وأصله «يتطوع» فأدغمت التاء في الطاء، وذلك لأنهما يخرجان من مخرج واحد وهو طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، كما أنهما يتفقان في الصفتين الآتيتين: الشدّة، والإصمات.
المعنى: يخبر الله تعالى أن من يفعل خيرا تطوّعا لله تعالى، فهو خير له، لأن الله تعالى سيثيبه على ذلك يوم القيامة بالرضوان، والأجر العظيم.
وقرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» وهو «يعقوب» الموضع الأول (آية 158) «يطّوّع» مثل قراءة حمزة، ومن معه، وقرأ الموضع الثاني (آية 184) «تطوّع» بالتاء الفوقية، وتخفيف الطاء، وفتح العين، وهو فعل ماض، في محل جزم «بمن» على أنها شرطيّة، أو صلة «لمن» على أنها اسم موصول.
وقرأ الباقون الموضعين «تطوع» بالتاء الفوقية، وتخفيف الطاء، وفتح العين، على أنه فعل ماض.
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «ولى» ج 1/ 400.(2/60)
«والتطوع» في الأصل: تكلف الطاعة، وهو في التعارف: التبرع بما لا يلزم كالتنفّل، قال تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (سورة البقرة آية 184).
قال ابن الجزري:
والريح هم ... كالهف مع جاثية توحيدهم
حجر فتى الأعراف ثاني الروم مع ... فاطر نمل دم شفا الفرقان دع
واجمع بإبراهيم شورى إذ ثنا ... وصاد الاسرا الأنبيا سبا تنا
والحجّ خلفه ...
المعنى: اختلف القراء في لفظ «الرياح» من حيث الجمع والإفراد، والمواضع المختلف فيها وقعت في ستة عشر موضعا:
الأول: {وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ} (سورة البقرة آية 164).
والثاني: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة الأعراف آية 57).
والثالث: {أَعْمََالُهُمْ كَرَمََادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عََاصِفٍ} (سورة إبراهيم آية 18).
والرابع: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيََاحَ لَوََاقِحَ} (سورة الحجر آية 22).
والخامس: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قََاصِفاً مِنَ الرِّيحِ} (سورة الإسراء آية 69).
والسادس: {فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيََاحُ} (سورة الكهف آية 45).
والسابع: {وَلِسُلَيْمََانَ الرِّيحَ عََاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ} (سورة الأنبياء آية 81).
والثامن: {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكََانٍ سَحِيقٍ} (سورة الحج آية 31).
والتاسع: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة الفرقان آية 48).
والعاشر: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة النمل آية 63).
والحادي عشر: {اللََّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} (سورة الروم آية 48).
والثاني عشر: {وَلِسُلَيْمََانَ الرِّيحَ غُدُوُّهََا شَهْرٌ وَرَوََاحُهََا شَهْرٌ} (سورة سبأ آية 12).
والثالث عشر: {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} (سورة فاطر آية 9).
والرابع عشر: {فَسَخَّرْنََا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ} (سورة ص آية 36).(2/61)
والثالث عشر: {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} (سورة فاطر آية 9).
والرابع عشر: {فَسَخَّرْنََا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ} (سورة ص آية 36).
والخامس عشر: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} (سورة الشورى آية 33).
والسادس عشر: {وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ آيََاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (سورة الجاثية آية 5).
فقرأ «أبو جعفر» «الرياح» بالجمع قولا واحدا في خمسة عشر موضعا، واختلف عنه في الموضع السادس عشر وهو الوارد في سورة «الحج» فقرأه بالجمع، والإفراد.
وقرأ «نافع» بالإفراد في خمسة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
الإسراء، والأنبياء، والحج، وسبأ، وص، وقرأ الباقي بالجمع.
وقرأ «ابن كثير» بالجمع في أربعة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
البقرة، والحجر، والكهف، والجاثية، وقرأ الباقي بالإفراد.
وقرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب» بالجمع في تسعة مواضع، وهي الواردة في السور الآتية: البقرة، والأعراف، والحجر، والكهف، والفرقان، والنمل، وثاني الروم، وفاطر، والجاثية، وقرءوا الباقي بالإفراد.
وقرأ «حمزة، وخلف العاشر» بالإفراد في موضعين وهما الواردان في «الحج» والفرقان» وقرآ الباقي بالجمع.
وقرأ «الكسائي» بالإفراد في ثلاثة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
الحجر، والحج، والفرقان، وقرأ الباقي بالجمع.
وجه القراءة بالجمع نظرا لاختلاف أنواع الرياح في هبوبها: جنوبا، وشمالا، وصبا، ودبورا، وفي أوصافها: حارّة، وباردة.
ووجه القراءة بالإفراد أن «الريح» اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
تنبيه:
اتفق القراء على القراءة بالجمع في أول «الروم» وهو قوله تعالى:
{وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (سورة الروم آية 46) وذلك من أجل الجمع في «مبشرات».
كما اتفقوا على القراءة بالإفراد في موضع الذاريات وهو قوله تعالى: {وَفِي عََادٍ إِذْ أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} (سورة الذاريات آية 41) وذلك من أجل الإفراد في «العقيم».(2/62)
{وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (سورة الروم آية 46) وذلك من أجل الجمع في «مبشرات».
كما اتفقوا على القراءة بالإفراد في موضع الذاريات وهو قوله تعالى: {وَفِي عََادٍ إِذْ أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} (سورة الذاريات آية 41) وذلك من أجل الإفراد في «العقيم».
قال ابن الجزري:
ترى الخطاب ظل ... إذ كم خلا خلف
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظل» والألف من «إذ» والكاف من «كم» والخاء من «خلا» بخلف عنه وهم: «يعقوب، ونافع، وابن عامر، وابن وردان بخلف عنه» «يرى» من قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (سورة البقرة آية 165) بتاء الخطاب، والمخاطب السامع، والنبي صلّى الله عليه وسلّم و {الَّذِينَ ظَلَمُوا}
مفعول به وصلته.
وقرأ الباقون «يرى» بياء الغيبة، وهو الوجه الثاني «لابن وردان» و {الَّذِينَ ظَلَمُوا} فاعل وصلته.
والمعنى: ولو يرى الذين يتخذون شركاء مع الله تعالى العذاب الذي أعدّه الله لهم في الدار الآخرة، لأيقنوا أن القوّة لله وحده، وأنه شديد العذاب، وأن الأنداد والشركاء لا حول لهم ولا قوّة، ولم يغنوا عنهم من عذاب الله شيئا.
و «الرؤية» بالعين تتعدى إلى مفعول واحد، تقول: «رأيت الشجرة» أي أبصرتها.
وبمعنى العلم تتعدّى إلى مفعولين، تقول: «رأيت زيدا عالما» أي علمته عالما.
وقال «الراغب الأصفهاني» ت 502هـ: «رأى إذا عدّي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، وإذا عدّي بإلى اقتضى معنى النظر المؤدّي إلى الاعتبار» اهـ (1).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن. ص 208.(2/63)
قال ابن الجزري:
... يرون الضمّ كل
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كل» وهو «ابن عامر» «يرون» من قوله تعالى: {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذََابَ} (سورة البقرة آية 165) بضم الياء، على البناء للمفعول، وواو الجماعة نائب فاعل.
وقرأ الباقون «يرون» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وواو الجماعة فاعل.
قال ابن الجزري:
أنّ وأنّ اكسر ثوى ...
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «ثوى» وهما: «أبو جعفر، ويعقوب» «أنّ القوة، وأنّ الله» من قوله تعالى: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعَذََابِ} (سورة البقرة آية 165) بكسر الهمزة فيهما، على تقدير أنّ «إنّ وما بعدها» جواب «لو» أي لقلت: إن القوة لله جميعا الخ على قراءة الخطاب في «ولو ترى».
أو لقالوا: إن القوة لله جميعا الخ على قراءة الغيب في «ولو يرى»، ويحتمل أن يكون على الاستئناف، على أنّ جواب «لو» محذوف» والتقدير»:
لرأيت، أو لرأوا أمرا عظيما.
وقرأ الباقون بفتح الهمزة فيهما، وتقدير الجواب: «لعلمت أنّ القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب» على قراءة الخطاب، أو لعلموا أنّ القوة لله جميعا الخ على قراءة الغيب.
قال ابن الجزري:
وميّته ... والميتة اشدد ثب والارض الميتة
مدا وميتا ثق والانعام ثوى ... إذ حجرات غث مدا وثب أوى
صحب بميت بلد والميت هم ... والحضرمي
المعنى: اختلف القراء في «ميتة» في الأحوال الآتية:(2/64)
وميّته ... والميتة اشدد ثب والارض الميتة
مدا وميتا ثق والانعام ثوى ... إذ حجرات غث مدا وثب أوى
صحب بميت بلد والميت هم ... والحضرمي
المعنى: اختلف القراء في «ميتة» في الأحوال الآتية:
1 «الميتة» المعرفة سواء كان غير صفة نحو قوله تعالى: {إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} (سورة البقرة آية 173) أو كانت صفة للأرض، نحو قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنََاهََا} (سورة يس آية 33).
2 «ميتة» المنكرة نحو قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكََاءُ} (سورة الأنعام آية 139) أو كانت صفة نحو قوله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً} (سورة الفرقان آية 49).
3 «ميت» المنكر الواقع صفة إلى «بلد» نحو قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا أَقَلَّتْ سَحََاباً ثِقََالًا سُقْنََاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} (سورة الأعراف آية 57).
4 «الميت» المعرف مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} (سورة آل عمران آية 27) أو كان مجرورا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (سورة آل عمران آية 27).
اختلف القراء العشرة في تشديد هذه الألفاظ، وتخفيفها على النحو الآتي:
فقرأ «أبو جعفر» بالتشديد في جميع الألفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم.
وقرأ «نافع» بالتشديد في «الميتة» الواقعة صفة للأرض وذلك في قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنََاهََا} (سورة يس آية 33) وكذا «ميتا» المنون المنصوب في سورتي: الأنعام (آية 122) والحجرات وهو قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} (سورة الحجرات آية 12).
وقرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بالتشديد في «ميت» الواقع صفة إلى «بلد» نحو قوله تعالى: {فَسُقْنََاهُ إِلى ََ بَلَدٍ مَيِّتٍ} (سورة فاطر آية 9) وفي «الميت» مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} (سورة آل عمران آية 27) أو مجرورا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (سورة آل عمران آية 27).
وقرأ «رويس» بالتشديد في «ميّت» الواقع صفة إلى «بلد» وفي «الميت» مطلقا، أي المنصوب، والمجرور.(2/65)
وقرأ «رويس» بالتشديد في «ميّت» الواقع صفة إلى «بلد» وفي «الميت» مطلقا، أي المنصوب، والمجرور.
وقرأ «روح» بالتشديد في «ميتا» بالأنعام (آية 122) وهو قوله تعالى: {أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ} وفي «الميت» المنصوب، والمجرور.
وقرأ الباقون بالتخفيف في جميع الألفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم. والتشديد، والتخفيف لغتان، وعلى القراءتين جاء قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميّت ميّت الأحياء
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على تشديد ما لم يمت نحو قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (سورة الزمر آية 30). (1)
وقد اختلف في أصل ميت على قولين:
الأول: قيل أصله «ميوت» على وزن «فيعل» ثم أدغمت الياء في الواو بعد قلب الواو ياء.
والثاني: قيل أصله «مويت» مثل: «سويد» ثم أدغمت الواو في الياء بعد قلبها ياء.
قال ابن الجزري:
... والساكن الأول ضم
لضمّ همز الوصل واكسره نما ... فز غير قل حلا وغير أو حما
والخلف في التنوين مز وإن يجر ... زن خلفه
المعنى: اختلف القراء في الكسر والضمّ تخلصا من التقاء الساكنين، في نحو قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ} (سورة البقرة آية 173) وبابه ممّا التقى فيه ساكنان من كلمتين ثالث ثانيهما مضموم ضمة لازمة، ويبدأ بالفعل
__________
(1) قال الشاطبي: وما لم يمت للكلّ جاء مثقلا.(2/66)
الذي يلي الساكن الأوّل بالضم، ويكون أول الساكنين حرف من حروف «لتنود» أو التنوين، وأمثلة ذلك كما يأتي:
1 - فاللام نحو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكََاءَكُمْ} (سورة الأعراف آية 195).
2 - والتاء نحو قوله تعالى: {وَقََالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} (سورة يوسف آية 31).
3 - والنون نحو قوله تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلى ََ حَرْثِكُمْ} (سورة القلم آية 22).
4 - والواو نحو قوله تعالى: {أَوِ ادْعُوا الرَّحْمََنَ} (سورة الإسراء آية 110).
5 - والدال نحو قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} (سورة الأنعام آية 10).
6 - والتنوين سواء كان مجرورا نحو قوله تعالى: {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} (سورة إبراهيم آية 26) أو غير مجرور نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ عَطََاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنََا بَعْضَهُمْ عَلى ََ بَعْضٍ} (سورة الإسراء الآيتان 2120).
اختلف القراء العشرة في كيفية التخلص من التقاء الساكنين على النحو الآتي:
فقرأ «عاصم، وحمزة» بالكسر في الحروف الستّ قولا واحدا، وذلك على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين.
وقرأ «أبو عمرو» بالكسر في أربعة أحرف وهنّ: «التاء، والنون، والدال، والتنوين» وضمّ في حرفين وهما: «الواو» ولام «قل».
وقرأ «يعقوب» بالكسر في خمسة أحرف، وهنّ: «اللام، والتاء، والنون، والدال، والتنوين». وضمّ في حرف واحد وهو «الواو».
وقرأ «قنبل» بالضم في الحروف الستّة، إلّا أنه اختلف عنه في التنوين المجرور، فروي عنه فيه الكسر، والضم.
وقرأ «ابن ذكوان» بالضم في خمسة أحرف وهنّ حروف «لتنود» واختلف عنه في التنوين مطلقا، سواء كان مجرورا، أو غير مجرور.
وقرأ الباقون بالضم في الحروف الستّة، وذلك اتباعا لضم ثالث الفعل.
قال ابن الجزري:(2/67)
وقرأ الباقون بالضم في الحروف الستّة، وذلك اتباعا لضم ثالث الفعل.
قال ابن الجزري:
... واضطر ثق ضمّا كسر
وما اضطرر خلف خلا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثق» وهو «أبو جعفر» «اضطر» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ} (سورة البقرة آية 173) قرأ بكسر الطاء، لأن الأصل «اضطرر» بكسر الراء الأولى، فلما أدغمت الراء الأولى في الثانية نقلت كسرتها إلى الطاء بعد حذف حركة الطاء.
وقرأ الباقون «اضطر» بضم الطاء، على الأصل، من هذا يتبين أن كسر الطاء، وضمها لغتان.
أمّا «اضطررتم» من قوله تعالى: {إِلََّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (سورة الأنعام آية 119) فقد قرأه المرموز له بالخاء من «خلا» وهو «ابن وردان» بخلف عنه بكسر الطاء، وذلك لمجانسة الراء.
وقرأه الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني «لابن وردان» وذلك على الأصل.
قال ابن الجزري:
والبرّ أن ... بنصب رفع في علا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والعين من «علا» وهما: «حمزة، وحفص» «البرّ» الذي بعده «أن» من قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (سورة البقرة آية 177) بنصب الراء من «البرّ» على أنه خبر «ليس» مقدم، و «أن تولوا وجوهكم» الخ في تأويل مصدر اسم «ليس» مؤخر، والتقدير: ليس تولية وجوهكم قبل المشرق والمغرب البرّ.
واعلم أن تقديم خبر «ليس» على الاسم جائز، وذلك إذا لم يجب تقديمه
على الاسم، أو يجب تأخيره عنه، وقد أشار إلى ذلك «ابن مالك» في ألفيته بقوله:(2/68)
واعلم أن تقديم خبر «ليس» على الاسم جائز، وذلك إذا لم يجب تقديمه
على الاسم، أو يجب تأخيره عنه، وقد أشار إلى ذلك «ابن مالك» في ألفيته بقوله:
وفي جميعها توسط الخبر ... أجز وكل سبقه دام حظر
وقرأ الباقون «البرّ» بالرفع، على أنه اسم «ليس» جاء على الأصل في أن يلي الفعل، و «أن تولوا وجوهكم» الخ في تأويل مصدر خبر «ليس».
والتقدير: ليس البرّ تولية وجوهكم قبل المشرق والمغرب.
تنبيه:
«البرّ» من قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهََا} (سورة البقرة آية 189). اتفق القراء العشرة على قراءة «البرّ» هنا بالرفع، وذلك لأن قوله تعالى: {بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهََا} يتعيّن أن يكون خبر «ليس» لدخول الباء عليه، ولأن القراءة سنة متبعة، والقراءة الصحيحة تتفق دائما مع قواعد اللغة العربية.
قال ابن الجزري:
... موص ظعن
صحبة ثقّل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظعن» ومدلول «صحبة» وهم:
«يعقوب، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «موص» من قوله تعالى:
{فَمَنْ خََافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً} (سورة البقرة آية 182) بفتح الواو، وتشديد الصاد، على أنه اسم فاعل من «وصّى» مضعف العين.
وقرأ الباقون «موص» بإسكان الواو، وتخفيف الصاد، على أنه اسم فاعل من «أوصى».
قال ابن الجزري:
لا تنوّن فدية ... طعام خفض الرفع مل إذ ثبتوا
مسكين اجمع لا تنون وافتحا ... عمّ
المعنى: اختلف القراء في «فدية طعام مسكين» من قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعََامُ مِسْكِينٍ} (سورة البقرة آية 184).(2/69)
لا تنوّن فدية ... طعام خفض الرفع مل إذ ثبتوا
مسكين اجمع لا تنون وافتحا ... عمّ
المعنى: اختلف القراء في «فدية طعام مسكين» من قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعََامُ مِسْكِينٍ} (سورة البقرة آية 184).
فقرأ «نافع، وابن ذكوان، وأبو جعفر» «فدية» بحذف التنوين، و «طعام» بجرّ الميم على الإضافة، و «مساكين» بالجمع وفتح النون بلا تنوين، لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «فدية» بالتنوين مع الرفع، مبتدأ مؤخر، خبره متعلق الجار والمجرور قبله، و «طعام» بالرفع، بدل من «فدية» و «مسكين» بالتوحيد وكسر النون منونة.
وقرأ «هشام» «فدية» بالتنوين مع الرفع، و «طعام» بالرفع بدل من «فدية» و «مساكين» بالجمع وفتح النون بلا تنوين.
قال ابن الجزري:
... لتكملوا اشددن ظنّا صحا
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظنّا» والصاد من «صحا» وهما:
«يعقوب، وشعبة» «ولتكملوا» من قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللََّهَ عَلى ََ مََا هَدََاكُمْ} (سورة البقرة آية 185) بفتح الكاف، وتشديد الميم، على أنه مضارع «كمّل» مضعف العين.
وقرأ الباقون بإسكان الكاف، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «أكمل» المزيد بالهمزة.
وكمال الشيء: حصول ما فيه الغرض منه.
قال «محمد مرتضى الزبيدي» ت 1205هـ.
«كمل، فيه ثلاث لغات: فتح العين، وضمها، وكسرها» اهـ.
وقال «الجوهري اسماعيل بن حماد الفارابي» ت 393هـ: «الكسر أردؤها» اهـ (1).(2/70)
«كمل، فيه ثلاث لغات: فتح العين، وضمها، وكسرها» اهـ.
وقال «الجوهري اسماعيل بن حماد الفارابي» ت 393هـ: «الكسر أردؤها» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
بيوت كيف جا بكسر الضمّ كم ... دن صحبة بلى
المعنى: اختلف القراء في «البيوت» معرفا بأل، و «بيوت» منكرا، ومضافا، كيف جاءت في القرآن، وهي في الألفاظ الآتية:
1 «البيوت» نحو قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهََا}
(سورة البقرة آية 189).
2 «بيوت» نحو قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللََّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}
(سورة النور آية 36).
3 «بيوتا» نحو قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبََالَ بُيُوتاً} (سورة الأعراف آية 74).
4 «بيوتكم» نحو قوله تعالى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمََا تَأْكُلُونَ وَمََا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}
(سورة آل عمران آية 49).
5 «بيوتكن» نحو قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (سورة الأحزاب آية 33).
6 «بيوتنا» وهو في قوله تعالى: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنََا عَوْرَةٌ} (سورة الأحزاب آية 13).
7 «بيوتهم» نحو قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} (سورة النمل آية 52).
8 «بيوتهن» وهو في قوله تعالى: {لََا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (سورة الطلاق آية 1).
فقرأ «ورش، وأبو عمرو، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» كل هذه الألفاظ حيثما وقعت في القرآن الكريم بضمّ الباء.
وقرأ المرموز لهم بالكاف من «كم» والدال من «دن» ومدلول «صحبة»،
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «كمل» ج 8/ 104.(2/71)
والباء من «بلى» وهم: «ابن عامر، وابن كثير، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وقالون» بكسر الباء في هذه الألفاظ حيثما وقعت، وذلك لمجانسة الياء.
من هذا يتبين أن الضمّ، والكسر لغتان.
قال ابن الجزري:
... غيوب صون فم
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صون» والفاء من «فم» وهما: «شعبة، وحمزة» «الغيوب» حيثما وقع في القرآن نحو قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلََّامُ الْغُيُوبِ} (سورة المائدة آية 109) بكسر الغين، وذلك لمجانسة الياء.
وقرأ الباقون بضم الغين، على الأصل.
من هذا يتبين أن الكسر، والضمّ لغتان.
«الغيب»: مصدر غابت الشمس، وغيرها: إذا استترت عن العين، واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وعمّا يغيب عن علم الإنسان بمعنى «الغائب» قال تعالى: {وَمََا مِنْ غََائِبَةٍ فِي السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ}
(سورة النمل آية 75) ويقال للشيء: غيب، وغائب، باعتباره بالناس، لا بالله تعالى فإنه لا يغيب عنه شيء، ولا يغرب عنه مثقال ذرّة في السموات ولا في الأرض، والغيب جمعه «غيوب». (1)
قال ابن الجزري:
عيون مع شيوخ مع جيوب صف ... من دم رضا والخلف في الجيم صرف
المعنى: اختلف القراء العشرة في ضمّ وكسر الكلمات الآتية وهنّ:
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «غيب» ج 1/ 416.
والمفردات في غريب القرآن مادة «غيب» ص 366.(2/72)
1 «عيون، والعيون، وعيونا»: «فعيون» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ} (سورة الحجر آية 45). و «العيون» من قوله تعالى:
{وَفَجَّرْنََا فِيهََا مِنَ الْعُيُونِ} (سورة يس آية 34) و «عيونا» من قوله تعالى:
{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} (سورة القمر آية 12).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» والميم من «من» والدال من «دم» ومدلول «رضا» وهم: «شعبة، وابن ذكوان، وابن كثير، وحمزة، والكسائي» هذه الألفاظ: «عيون» المنكر، و «العيون» المعرّف، و «عيونا» المنوّن المنصوب، بكسر العين لمناسبة الياء.
وقرأ الباقون بضم العين على الأصل.
2 «شيوخا» من قوله تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً} (سورة غافر آية 67).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» والميم من «من» والدال من «دم» ومدلول «رضا» وهم: «شعبة، وابن ذكوان، وابن كثير، وحمزة، والكسائي» بكسر الشين من «شيوخا» لمناسبة الياء.
وقرأ الباقون بضم الشين على الأصل.
3 «جيوبهن» من قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى ََ جُيُوبِهِنَّ} (سورة النور آية 31).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» بخلف عنه، والميم من «من» والدال من «دم» ومدلول «رضا» وهم: «شعبة بخلف عنه، وابن ذكوان، وابن كثير، وحمزة، والكسائي» بكسر الجيم من «جيوبهن» لمناسبة الياء.
وقرأ الباقون بضمّ الجيم، على الأصل، وهو الوجه الثاني «لشعبة».
قال ابن الجزري:
لا تقتلوهم ومعا بعد شفا ... فاقصر
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ولا تقتلوهم، حتى يقتلوكم، فإن قتلوكم» من قوله تعالى: {وَلََا تُقََاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ حَتََّى يُقََاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قََاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذََلِكَ جَزََاءُ الْكََافِرِينَ} (سورة البقرة آية 191) بفتح تاء الفعل الأول، وياء الثاني، وإسكان القاف فيهما وضمّ التاء بعدها، وحذف الألف التي بعد القاف في الكلمات الثلاث، على أن الفعل مشتق من «القتل».(2/73)
لا تقتلوهم ومعا بعد شفا ... فاقصر
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ولا تقتلوهم، حتى يقتلوكم، فإن قتلوكم» من قوله تعالى: {وَلََا تُقََاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ حَتََّى يُقََاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قََاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذََلِكَ جَزََاءُ الْكََافِرِينَ} (سورة البقرة آية 191) بفتح تاء الفعل الأول، وياء الثاني، وإسكان القاف فيهما وضمّ التاء بعدها، وحذف الألف التي بعد القاف في الكلمات الثلاث، على أن الفعل مشتق من «القتل».
وقرأ الباقون بإثبات الألف في الكلمات الثلاث، مع ضمّ تاء الفعل الأول، وياء الثاني، وفتح القاف فيهما مع كسر تاءيهما، وهو مشتق من «القتال».
تنبيه:
حذفت الألف في الرسم من الأفعال الثلاثة إشارة إلى قراءة «حمزة» ومن معه، وهو حذف إشارة، وفي هذا يقول صاحب مورد الظمآن «الخرّاز»:
كذا وقاتلوهم في البقرة ... وقبله ثلاثة مقتصره
قال ابن الجزري:
... وفتح السلم حرم رشفا
عكس القتال في صفا الانفال صر ...
المعنى: اختلف القراء في لفظ «السلم» وقد وقع في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (سورة البقرة آية 208).
والثاني: قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهََا} (سورة الأنفال آية 61).
والثالث: قوله تعالى: {فَلََا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} (سورة محمد آية 35).
فقرأ موضع البقرة المرموز لهم ب «حرم» والراء من «رشفا» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، والكسائي» بفتح السين.
وقرأ الباقون بكسرها، وهما لغتان في مصدر «سلم».
قال «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما: «ادخلوا في السلم»: يعني الإسلام» اهـ وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 35هـ و «الأخفش الأوسط» ت 215هـ: «السّلم» بالكسر: الإسلام، وبالفتح: الصلح، والمراد به الإسلام، لأن من دخل في الإسلام فقد دخل في الصلح، فالمعنى: ادخلوا في الصلح الذي هو الإسلام» اهـ.(2/74)
وقرأ الباقون بكسرها، وهما لغتان في مصدر «سلم».
قال «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما: «ادخلوا في السلم»: يعني الإسلام» اهـ وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 35هـ و «الأخفش الأوسط» ت 215هـ: «السّلم» بالكسر: الإسلام، وبالفتح: الصلح، والمراد به الإسلام، لأن من دخل في الإسلام فقد دخل في الصلح، فالمعنى: ادخلوا في الصلح الذي هو الإسلام» اهـ.
وقرأ موضع سورة «محمد» صلّى الله عليه وسلّم المرموز له بالفاء من «في» ومدلول «صفا» وهم: «حمزة، وشعبة، وخلف العاشر» بكسر السين.
وقرأ الباقون بفتحها.
وقرأ موضع سورة الأنفال المرموز له بالصاد من «صر» وهو: «شعبة» بكسر السين.
وقرأ الباقون بفتحها.
قال ابن الجزري:
... وخفض رفع والملائكة ثر
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثر» وهو «أبو جعفر» «والملائكة» من قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللََّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمََامِ وَالْمَلََائِكَةُ} (سورة البقرة آية 210) بخفض التاء، عطفا على «ظلل».
وقرأ الباقون برفع التاء، عطفا على لفظ الجلالة «الله».
قال ابن الجزري:
ليحكم اضمم وافتح الضمّ ثنا ... كلّا
المعنى: اختلف القراء في لفظ «ليحكم» حيثما وقع في القرآن الكريم وقد وقع في السور الآتية:
1 - قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (سورة البقرة آية 213).(2/75)
المعنى: اختلف القراء في لفظ «ليحكم» حيثما وقع في القرآن الكريم وقد وقع في السور الآتية:
1 - قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (سورة البقرة آية 213).
2 - قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتََابِ يُدْعَوْنَ إِلى ََ كِتََابِ اللََّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (سورة آل عمران آية 23).
3 - قوله تعالى: {وَإِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (سورة النور آية 48).
4 - قوله تعالى: {إِنَّمََا كََانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (سورة النور آية 51).
فقرأ «أبو جعفر» «ليحكم» في المواضع الأربعة بضم الياء، وفتح الكاف، على البناء للمفعول، حذف فاعله لإرادة عموم الحكم من كل حاكم.
وقرأ الباقون «ليحكم» في المواضع الأربعة أيضا بفتح الياء، وضمّ الكاف على البناء للفاعل، أي ليحكم النبيّ بالكتاب المنزّل عليه.
قال ابن الجزري:
... يقول ارفع ألا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «ألا» وهو: «نافع» يقول «من قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ} (سورة البقرة آية 214) برفع اللام، على أنه فعل ماض بالنسبة إلى زمن الإخبار، أو حال باعتبار الحال الماضية التي كان عليها الرسول فلم تعمل فيه حتّى.
قال «ابن مالك» ت 672هـ في ألفيته:
وتلو حتّى حالا أو مؤوّلا ... به ارفعن
وقال «ابن هشام» أبو عبد الله جمال الدين ت 761هـ: «وأمّا رفع الفعل بعد حتّى فله ثلاثة شروط:
الأول: كونه مسبّبا عمّا قبلها، ولهذا امتنع الرفع في نحو «سرت حتى تطلع الشمس» لأن السير لا يكون سببا لطلوعها.
والثاني: أن يكون زمن الفعل الحال لا الاستقبال، على العكس من شرط النصب، إلا أن الحال تارة يكون تحقيقا، وتارة يكون تقديرا، فالأول:(2/76)
الأول: كونه مسبّبا عمّا قبلها، ولهذا امتنع الرفع في نحو «سرت حتى تطلع الشمس» لأن السير لا يكون سببا لطلوعها.
والثاني: أن يكون زمن الفعل الحال لا الاستقبال، على العكس من شرط النصب، إلا أن الحال تارة يكون تحقيقا، وتارة يكون تقديرا، فالأول:
كقولك: «سرت حتى أدخلها» برفع اللام، إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والثاني: كالمثال المذكور إذا كان السير والدخول قد مضيا، ولكنك أردت حكاية الحال، وعلى هذا جاء الرفع في قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ} لأن الزلزال والقول قد مضيا.
والثالث: أن يكون ما قبلها تامّا، ولهذا امتنع الرفع في نحو: «كان سيري حتى أدخلها» إذا حملت «كان» على النقصان دون التمام» اهـ (1).
وقرأ الباقون «يقول» بنصب اللام، والتقدير: إلى أن يقول الرسول، فهو غاية، والفعل هنا مستقبل حكيت به حالهم.
قال «ابن مالك» في ألفيته:
وبعد حتّى هكذا إضمار أن ... حتم كجد حتّى تسرّ ذا حزن
وقال «ابن هشام»:
«فأمّا نصب الفعل بعد حتّى فشرطه كون الفعل مستقبلا بالنسبة إلى ما قبلها، سواء كان مستقبلا بالنسبة إلى زمن التكلم أو لا: فالأول: كقوله تعالى:
{لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عََاكِفِينَ حَتََّى يَرْجِعَ إِلَيْنََا مُوسى ََ} (سورة طه آية 91) فإن رجوع «موسى» عليه السلام مستقبل بالنسبة إلى الأمرين جميعا. والثاني: كقوله تعالى:
{وَزُلْزِلُوا حَتََّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} (سورة البقرة آية 214) لأن قول الرسول وإن كان ماضيا بالنسبة إلى زمن الإخبار، إلّا أنه مستقبل بالنسبة إلى زلزالهم.
ثم قال: «ولحتّى التي ينتصب بها الفعل معنيان: فتارة تكون بمعنى «كي» وذلك إذا كان ما قبلها علّة لما بعدها، نحو: «أسلم حتّى تدخل الجنة».
وتارة تكون بمعنى «إلى» وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كقوله
__________
(1) انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص 68.(2/77)
تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عََاكِفِينَ حَتََّى يَرْجِعَ إِلَيْنََا مُوسى ََ} (سورة طه آية 91) ثم قال: والنصب في هذه المواضع وما أشبهها بأن مضمرة بعد حتّى حتما لا بحتّى نفسها، خلافا للكوفيين، لأنها قد عملت في الأسماء الجرّ كقوله تعالى: {حَتََّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (سورة القدر آية 5) فلو عملت في الأفعال النصب لزم أن يكون لنا عامل واحد يعمل تارة في الأسماء، وتارة في الأفعال، وهذا لا نظير له في العربية» اهـ. (1)
قال ابن الجزري:
... العفو حنا
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حنا» وهو «أبو عمرو» «العفو» من قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ مََا ذََا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (سورة البقرة آية 219) برفع الواو، على أن «ما» استفهاميّة، و «ذا» موصولة، فوقع جوابها مرفوعا، وهو خبر لمبتدا محذوف، أي الذي ينفقونه العفو.
وقرأ الباقون بنصب «الواو» على أنّ «ماذا» مفعول مقدّم، والتقدير: أيّ شيء ينفقونه، فوقع الجواب منصوبا بفعل مقدر، أي انفقوا العفو.
والعفو: هو ما فضل عن حاجة الإنسان، وحاجة من يعولهم.
واعلم أن «ذا» تستعمل موصولة وتكون مثل «ما» في أنها تستعمل بلفظ واحد: للمذكر، والمؤنث، مفردا كان، أو مثنى، أو مجموعا، وشرط استعمالها موصولة أمران:
الأول: أن تكون مسبوقة ب «ما» أو «من» الاستفهاميتين، نحو: «من ذا جاءك، أو ماذا فعلت».
والثاني: إذا لم تلغ في الكلام، بمعنى: إذا لم تجعل «ما» مع «ذا» أو «من» مع «ذا» كلمة واحدة للاستفهام. وإلى ذلك أشار ابن مالك في ألفيته بقوله:
__________
(1) انظر: شرح قطر الندى ص 6867.(2/78)
ومثل ماذا بعد ما استفهام ... أو من إذا لم تلغ في الكلام
قال ابن الجزري:
إثم كبير ثلّث البا في رفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والراء من «رفا» وهما: «حمزة، والكسائي» «كبير» من قوله تعالى: {قُلْ فِيهِمََا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنََافِعُ لِلنََّاسِ} (سورة البقرة آية 219) بالثاء المثلثة، والكثرة باعتبار الآثمين من الشاربين والمقامرين.
وقرأ الباقون «كبير» بالباء الموحّدة، أي إثم عظيم، لأنه يقال لعظائم الفواحش كبائر.
قال ابن الجزري:
... يطهرن يطّهّرن في رخا صفا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والراء من «رخا» ومدلول «صفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وشعبة، وخلف العاشر» «يطهرن» من قوله تعالى:
{فَاعْتَزِلُوا النِّسََاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلََا تَقْرَبُوهُنَّ حَتََّى يَطْهُرْنَ} (سورة البقرة آية 222) بفتح الطاء، والهاء، مع التشديد فيهما، على أنه مضارع «تطهّر» أي اغتسل، والأصل «يتطهرن» فأدغمت التاء في الطاء، لوجود التجانس بينهما، لأنهما يخرجان من مخرج واحد وهو: طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا.
وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضمّ الهاء مخففة، على أنه مضارع «طهر» يقال: طهرت المرأة: إذا شفيت من الحيض، واغتسلت.
المعنى: نهى الله تعالى الأزواج عن مباشرة زوجاتهم بالجماع أثناء الحيض، لما فيه من الضرر الشديد والأذى، ويكون ذلك سببا في كثير من الأمراض التي أثبتها الطبّ الحديث، كما بيّن سبحانه وتعالى أنه ينبغي على الزوج أن لا يجامع امرأته إلّا بعد انقطاع دم الحيض تماما واغتسالها، وهذا ما يستفاد من قوله
تعالى: {فَإِذََا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ} (سورة البقرة آية 222) أي إذا اغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم فأتوهنّ من حيث أمركم الله تعالى، أي من «القبل» فقط. جاء في «المحكم»: «طهرت» بتثليث الهاء: انقطع دمها، ورأت الطهر، واغتسلت من الحيض وغيره» اهـ.(2/79)
المعنى: نهى الله تعالى الأزواج عن مباشرة زوجاتهم بالجماع أثناء الحيض، لما فيه من الضرر الشديد والأذى، ويكون ذلك سببا في كثير من الأمراض التي أثبتها الطبّ الحديث، كما بيّن سبحانه وتعالى أنه ينبغي على الزوج أن لا يجامع امرأته إلّا بعد انقطاع دم الحيض تماما واغتسالها، وهذا ما يستفاد من قوله
تعالى: {فَإِذََا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ} (سورة البقرة آية 222) أي إذا اغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم فأتوهنّ من حيث أمركم الله تعالى، أي من «القبل» فقط. جاء في «المحكم»: «طهرت» بتثليث الهاء: انقطع دمها، ورأت الطهر، واغتسلت من الحيض وغيره» اهـ.
وقال «الزبيدي»: «الطهر» بضم الطاء: نقيض النجاسة كالطهارة بالفتح، والطهر أيضا: نقيض الحيض، والمرأة طاهرة من الحيض، وطاهرة من النجاسة» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
ضمّ يخافا فز ثوى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» ومدلول «ثوى» وهم: «حمزة، وأبو جعفر، ويعقوب» «يخافا» من قوله تعالى: {وَلََا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمََّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلََّا أَنْ يَخََافََا أَلََّا يُقِيمََا حُدُودَ اللََّهِ} (سورة البقرة آية 229) بضمّ الياء على البناء للمفعول، فحذف الفاعل وناب عنه ضمير الزوجين، و «ألّا يقيما حدود الله» بدل اشتمال من ضمير الزوجين، والتقدير: إلّا أن يخافا عدم إقامتهما حدود الله.
وقرأ الباقون «يخافا» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وإسناد الفعل إلى ضمير الزوجين المفهوم من السياق، و «ألّا يقيما حدود الله» مفعول به.
قال ابن الجزري:
تضار حق ... رفع وسكّن خفّف الخلف ثدق
مع لا يضار ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حق» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لا تضارّ» من قوله تعالى: {لََا تُضَارَّ وََالِدَةٌ بِوَلَدِهََا} (سورة البقرة آية 233) برفع
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «طهر» ج 3/ 362.(2/80)
الراء مشدّدة، على أنه فعل مضارع من «ضارّ» مشدد الراء مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، ولا نافية ومعناها النهي للمشاكلة.
ثم أمر للمرموز له بالثاء من «ثدق» وهو أبو جعفر بالقراءة بسكون الراء مخففة بخلف عنه، على أنه مضارع من «ضار يضير» و «لا» ناهية والفعل مجزوم بها.
فتعين للباقين من القراء العشرة القراءة ب «لا تضارّ» بفتح الراء مشددة، وهو الوجه الثاني «لأبي جعفر»، على أنه فعل مضارع من «ضارّ» مشدد الراء، ولا ناهية، والفعل مجزوم بها، ثم تحركت الراء الأخيرة بالفتح تخلصا من التقاء الساكنين على غير قياس، لأن الأصل في التخلص من الساكنين أن يكون للحرف الأول، وكانت فتحة لخفتها.
ثم عطف الناظم على ترجمة «أبي جعفر» فقال مع لا يضار، أي أنّ المرموز له بالثاء من «ثدق» وهو «أبو جعفر» بخلف عنه قرأ «ولا يضارّ» من قوله تعالى: {وَلََا يُضَارَّ كََاتِبٌ وَلََا شَهِيدٌ} (سورة البقرة آية 282) بسكون الراء مخففة، على أنه مضارع من «ضار يضير» و «لا» ناهية، والفعل مجزوم بها.
وقرأ الباقون من القراء بعد «أبي جعفر» «ولا يضارّ» بفتح الراء مشددة، على أن «لا» ناهية، والفعل مجزوم بها، والأصل «ولا يضارر» «براءين» فأدغمت الراء الأولى في الثانية، ثم تحركت الراء الثانية بالفتح تخلصا من التقاء الساكنين على غير قياس، لأن الأصل في التخلص من التقاء الساكنين أن يكون بالكسر، وكانت فتحة لخفتها، وهي القراءة الثانية «لأبي جعفر».
قال ابن الجزري:
وآتيتم قصره ... كأوّل الروم دنا
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دنا» وهو: «ابن كثير» «ءاتيتم» من قوله تعالى:
1 {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ إِذََا سَلَّمْتُمْ مََا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (سورة البقرة آية 233).
2 {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوََالِ النََّاسِ فَلََا يَرْبُوا عِنْدَ اللََّهِ} (الموضع الأول من الروم آية 39).(2/81)
1 {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ إِذََا سَلَّمْتُمْ مََا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (سورة البقرة آية 233).
2 {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوََالِ النََّاسِ فَلََا يَرْبُوا عِنْدَ اللََّهِ} (الموضع الأول من الروم آية 39).
قرأ «ابن كثير» «أتيتم» في الموضعين المذكورين بقصر الهمزة، على معنى:
جئتم، وفعلتم.
وقرأ الباقون «آتيتم» بالمدّ، على معنى: أعطيتم.
تنبيه: «ءاتيتم» الموضع الثاني في الروم (آية 39) وهو قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ زَكََاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللََّهِ} اتفق القراء العشرة على قراءته بالمد، لأن المراد به: أعطيتم.
قال ابن الجزري:
... وقدره
حرّك معا من صحب ثابت ...
المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «من» ومدلول «صحب» والثاء من «ثابت» وهم: «ابن ذكوان، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو جعفر» «قدره» معا، من قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتََاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (سورة البقرة آية 236) بفتح الدال.
وقرأ الباقون بإسكان الدال، والفتح والإسكان لغتان بمعنى واحد، وهو الطاقة والقدرة.
قال «الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة» ت 215هـ: «القدر» بفتح الدال، وسكونها: «الطاقة، ومبلغ الشيء». (1)
قال ابن الجزري:
وفا ... كلّ تمسوهنّ ضمّ امدد شفا
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «قدر». ج 3/ 481.(2/82)
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تمسوهن» في جميع القرآن، وقد جاء في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله تعالى: {لََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسََاءَ مََا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (سورة البقرة آية 236).
الثاني: قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (سورة البقرة آية 237).
الثالث: قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنََاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (سورة الأحزاب آية 49) قرءوا كل ذلك «تماسّوهنّ» بضم التاء، وإثبات ألف بعد الميم مع المدّ المشبع، من المفاعلة التي تكون بين اثنين، لأن كل واحد من الزوجين يمسّ الآخر أثناء الجماع.
وقرأ الباقون الألفاظ الثلاثة «تمسّوهنّ» بفتح التاء من غير ألف ولا مدّ، على أنّ «المسّ» من الرجال، ومعناه: «الجماع» على القراءتين.
قال ابن الجزري:
وصيّة حرم صفا ظلّا رفه
المعنى: قرأ مدلول «حرم»، ومدلول «صفا» والظاء من «ظلّا» والراء من «رفه» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وشعبة، وخلف العاشر، ويعقوب، والكسائي» «وصيّة» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوََاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوََاجِهِمْ} (سورة البقرة آية 240) برفع التاء، على أنها خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير: «أمرهم وصية» أو مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: تلزمهم وصية.
وقرأ الباقون «وصيّة» بالنصب، على أنها مفعول مطلق، أي يوصون وصيّة.
قال ابن الجزري:(2/83)
وقرأ الباقون «وصيّة» بالنصب، على أنها مفعول مطلق، أي يوصون وصيّة.
قال ابن الجزري:
... وارفع شفا حرم حلا يضاعفه
معا وثقله وبابه ثوى ... كس دن
المعنى: قرأ «نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فيضاعفه» معا وهما في قوله تعالى:
1 {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ أَضْعََافاً كَثِيرَةً} (سورة البقرة آية 245).
2 {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (سورة الحديد آية 11) بتخفيف العين، وألف قبلها مع رفع الفاء، على الاستئناف، أي فهو يضاعفه.
وقرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «فيضعّفه» بتشديد العين، وحذف الألف مع رفع الفاء، على الاستئناف أيضا.
وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «فيضعّفه» بتشديد العين، وحذف الألف مع نصب الفاء، على أن الفعل منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، لوقوعها بعد الاستفهام.
وقرأ «عاصم» «فيضاعفه» بتخفيف العين، وألف قبلها مع نصب الفاء بأن مضمرة.
وجه التشديد في العين أنه مضارع «ضعّف» مضعف العين، ووجه التخفيف أنه مضارع «ضاعف».
ثم أمر الناظم رحمه الله تعالى بتثقيل العين، وحذف الألف التي بعد الضاد في الأفعال المشتقة من «المضاعفة» حيثما وقعت في القرآن لكل من: «ابن كثير، وابن عامر، وأبي جعفر، ويعقوب» على أنه مشتق من «ضعّف» مشدّد العين، للدلالة على التكثير. وبتخفيف العين، وإثبات الألف بعد الضاد لباقي القراء، على أنه مشتقّ من «ضاعف».
وقد وقعت الأفعال المشتقة من المضاعفة فيما يأتي:
1 {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ أَضْعََافاً كَثِيرَةً} (سورة البقرة آية 245).
2 {وَاللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة آية 261).(2/84)
1 {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ أَضْعََافاً كَثِيرَةً} (سورة البقرة آية 245).
2 {وَاللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة آية 261).
3 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعََافاً مُضََاعَفَةً} (سورة آل عمران آية 130).
4 {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضََاعِفْهََا} (سورة النساء آية 40).
5 {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (سورة الحديد آية 11).
6 {إِنْ تُقْرِضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضََاعِفْهُ لَكُمْ} (سورة التغابن آية 17).
7 {يُضََاعَفُ لَهُمُ الْعَذََابُ} (سورة هود آية 20).
قال ابن الجزري:
... ويبصط سينه فتى حوى
لي غث وخلف عن قوى زن من يصر ... كبسطة الخلق وخلف العلم زر
المعنى: قرأ «دوري أبي عمرو، وهشام، وخلف عن حمزة، ورويس، وخلف العاشر» «يبسط، الخلق بسطة» بالسين قولا واحدا، وذلك على الأصل، وهما في قوله تعالى:
1 {وَاللََّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (سورة البقرة آية 245).
2 {وَزََادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} (سورة الأعراف آية 69).
والدليل على أن السين هي الأصل أنه لو كانت الصاد هي الأصل ما جاز أن تردّ إلى السين، لأن الصاد أقوى من السين، لأن الصاد مستعلية، ومطبقة، والسين مستفلة، ومنفتحة، ولا يصحّ أن ينقل الحرف القويّ إلى حرف أضعف منه، فإذا لم يجز أن تردّ الصاد إلى السين، وجاز أن تردّ السين إلى الصاد، علم أن السين هي الأصل.
وقرأ «نافع، والبزّي، وشعبة، والكسائي، وأبو جعفر، وروح» «ويبصط، الخلق بصطة» بالصاد قولا واحدا. وذلك لمجانسة الصاد للطاء التي بعدها، وذلك باشتراكهما في صفات: «الاستعلاء، والإطباق، والإصمات».
وقرأ الباقون وهم: «قنبل، والسوسي، وابن ذكوان، وحفص، وخلّاد» بالصاد، والسين فيهما، وذلك جمعا بين اللغتين.
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالزاي من «زر» وهو:(2/85)
وقرأ الباقون وهم: «قنبل، والسوسي، وابن ذكوان، وحفص، وخلّاد» بالصاد، والسين فيهما، وذلك جمعا بين اللغتين.
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى أن المرموز له بالزاي من «زر» وهو:
«قنبل» قرأ «بسطة» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (سورة البقرة آية 247) بالسين، وبالصاد، وهما لغتان.
وقرأ الباقون بالسين قولا واحدا، موافقة لرسم المصحف.
قال ابن الجزري:
عسيتم اكسر سينه معا ألا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «ألا» وهو: «نافع» «عسيتم» معا وهما في قوله تعالى:
1 {قََالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتََالُ أَلََّا تُقََاتِلُوا} (سورة البقرة آية 246).
2 {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} (سورة محمد آية 22) قرأهما في الموضعين «عسيتم» بكسر السين.
وقرأ الباقون بفتح السين. والفتح، والكسر لغتان في «عسى» إذا اتصل بضمير، والفتح هو الأصل للإجماع عليه في «عسى» إذا لم يتصل بالضمير. (1)
قال ابن الجزري:
... غرفة اضمم ظلّ كنز
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظلّ» ومدلول «كنز» وهم: «يعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «غرفة» من قوله تعالى: {إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} (سورة البقرة آية 249) بضم الغين، على أنه اسم للماء المغترف. والمعنى: إلا من اغترف ماء على قدر ملء اليد.
وقرأ الباقون «غرفة» بفتح الغين، على أنها اسم للمرّة.
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 5/ 105.(2/86)
جاء في «تاج العروس»: غرف الماء بيده «يغرفه» بكسر الراء، «يغرفه» بضم الراء «غرفا»: أخذه بيده، كاغترفه، واغترف منه. «والغرفة» بفتح الغين:
للمرة الواحدة منه. «والغرفة» بكسر الغين: هيئة الغرف اهـ (1).
قال ابن الجزري:
... وكلا
دفع دفاع واكسر إذ ثوى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» ومدلول «ثوى» وهم: «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «دفع» معا من قوله تعالى:
1 {وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (سورة البقرة آية 251).
2 {وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوََامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوََاتٌ وَمَسََاجِدُ} (سورة الحج آية 40). «دفاع» بكسر الدال، وفتح الفاء، وألف بعدها، على أنها مصدر «دافع» نحو: «قاتل قتالا».
وقرأ الباقون «دفع» بفتح الدال، وإسكان الفاء من غير ألف، على أنها مصدر «دفع يدفع» نحو: «فتح يفتح».
قال ابن الجزري:
امددا ... أنا بضمّ الهمز أو فتح مدا
والكسر بن خلفا ...
المعنى: اختلف القراء العشرة في حذف وإثبات ألف «أنا» التي بعدها همزة قطع حالة الوصل، أي وصل «أنا» بما بعدها، و «أنا» إمّا أن تقع قبل همزة قطع مضمومة نحو قوله تعالى: {قََالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} (سورة البقرة آية 258) أو
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «غرف» ج 6/ 209.(2/87)
تقع قبل همزة قطع مفتوحة، نحو قوله تعالى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأعراف آية 143) أو تقع قبل همزة قطع مكسورة، نحو قوله تعالى: {إِنْ أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (سورة الأعراف آية 188).
وقد اختلف القراء في حذف، وإثبات ألف «أنا» على النحو الآتي:
1 - قرأ المرموز لهما ب «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» بإثبات ألف «أنا» وصلا إذا وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، في جميع القرآن الكريم، وحينئذ يصبح المدّ عندهما من قبيل المدّ المنفصل فكل يمدّ حسب مذهبه.
2 - وقرأ المرموز له بالباء من «بن» بخلف عنه وهو: «قالون» بإثبات ألف «أنا» وصلا إذا وقع بعدها همزة قطع مكسورة في جميع القرآن، وحينئذ يصبح المدّ عنده من قبيل المدّ المنفصل فيمدّ حسب مذهبه.
3 - وقرأ الباقون بحذف ألف «أنا» وصلا سواء وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، في جميع القرآن.
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على إثبات ألف «أنا» حالة الوقف عليها، وذلك موافقة لرسم المصحف وإثبات الألف، وحذفها، لغتان صحيحتان:
فوجه الإثبات أنّ الاسم هو: «أنا» بكماله، وهذا مذهب الكوفيين.
ووجه الحذف التخفيف، ولأن الفتحة تدلّ على الألف المحذوفة. وقيل:
وجه الحذف أن الاسم مكون من حرفين: «الهمزة، والنون» والألف جيء بها وقفا لبيان حركة النون، لأن الاسم لمّا قلت حروفه جيء بالألف وقفا لتبقى حركة النون على حالها، ولا حاجة إلى الألف وصلا لأنّ النون فيه متحركة، وهذا مذهب البصريين.
تنبيه آخر:
إذا لم يقع بعد لفظ «أنا» همزة قطع نحو قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (سورة يوسف آية 108) فقد اتفق القراء العشرة على حذف الألف وصلا للتخفيف، وإثباتها وقفا لكتابتها في خطّ المصحف.
قال ابن الجزري:(2/88)
إذا لم يقع بعد لفظ «أنا» همزة قطع نحو قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (سورة يوسف آية 108) فقد اتفق القراء العشرة على حذف الألف وصلا للتخفيف، وإثباتها وقفا لكتابتها في خطّ المصحف.
قال ابن الجزري:
ورا في ننشز ... سما
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ننشزها» من قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا} (سورة البقرة آية 259) بالراء المهملة، من النشور وهو: «الإحياء».
والمعنى: وانظر إلى عظام حمارك التي قد ابيضت من مرور الزمن عليها كيف نحييها.
وقرأ الباقون «ننشزها» بالزاي المعجمة، من «النشز» وهو الارتفاع، يقال لما ارتفع من الأرض «نشز» ومنه المرأة الناشز، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها.
والمعنى: وانظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء.
يقال: نشر الله الميّت ينشره نشرا ونشورا، وأنشره: أحياه. قال «أبو زكريا الفراء» ت 207هـ:
من قرأ «كيف ننشرها» بالراء، فإنشارها: إحياؤها» اهـ (1) وجاء في «المفردات للراغب الأصفهاني»: «النشز»: المرتفع من الأرض، ويعبّر عن الإحياء بالنشز، والإنشاز، لكونه ارتفاعا» اهـ (2). ويقال: «أنشز عظام الميت إنشازا»:
رفعها إلى بعضها، وركّب بعضها على بعض». (3)
قال ابن الجزري:
... ووصل اعلم بجزم في رزوا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والراء من «رزوا» وهما: «حمزة، والكسائي» «أعلم» من قوله تعالى: {فَلَمََّا تَبَيَّنَ لَهُ قََالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ}
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «نشر» ج 3/ 565.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «نشز» ص 493.
(3) انظر: تاج العروس مادة «نشز» ج 4/ 86.(2/89)
{قَدِيرٌ} (سورة البقرة آية 259) قرأها «اعلم» بوصل الهمزة مع سكون الميم حالة وصل «قال» ب «اعلم» وإذا ابتدءا ب «اعلم» كسرا همزة الوصل، وذلك على الأصل، وفاعل «قال» ضمير يعود على الله تعالى، و «اعلم» فعل أمر، والجملة وما بعدها في محل نصب مقول القول.
وقرأ الباقون «أعلم» بهمزة قطع مفتوحة وصلا، وابتداء، مع رفع الميم، وهو فعل مضارع واقع مقول القول، وفاعل «قال» ضمير يعود على «عزير».
قال ابن الجزري:
صرهنّ كسر الضمّ غث فتى ثما ...
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غث» ومدلول «فتى» والثاء من «ثما» وهم: «رويس، وحمزة، وخلف العاشر، وأبو جعفر» «فصرهنّ» من قوله تعالى:
{قََالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} (سورة البقرة آية 260) بكسر الصاد، على أنه من «صار يصير» يقال: صرت الشيء أملته، وصرته قطعته.
وقرأ الباقون «فصرهنّ» بضمّ الصاد، على أنه من «صار يصور» على معنى أملهنّ، أو قطعهنّ، فإذا جعلته بمعنى أملهنّ كان التقدير: أملهنّ إليك فقطعهنّ، وإذا جعلته بمعنى قطعهنّ كان التقدير: فخذ أربعة من الطير إليك فقطعهنّ.
من هذا يتبين أن كلّا من الكسر، والضمّ في الصاد لغة بمعنى الميل والتقطيع. وقيل: الكسر بمعنى: «قطعهنّ» والضمّ بمعنى: أملهنّ وضمهنّ.
قال ابن الجزري:
... ربوة الضمّ معا شفا سما
المعنى: قرأ مدلول «شفا» ومدلول «سما» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ربوة» معا، وهما في قوله تعالى:
1 {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} (سورة البقرة آية 265).(2/90)
ربوة الضمّ معا شفا سما
المعنى: قرأ مدلول «شفا» ومدلول «سما» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ربوة» معا، وهما في قوله تعالى:
1 {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} (سورة البقرة آية 265).
2 {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ} (سورة المؤمنون آية 50) بضم راء «ربوة» في الموضعين.
وقرأ الباقون وهما: «ابن عامر، وعاصم» بفتح راء «ربوة» في الموضعين أيضا، وهما لغتان. والربوة: المكان المرتفع من الأرض وسمّيت الربوة «رابية» كأنها ربت بنفسها في مكان. ومنه «ربا»: إذا زاد وعلا، قال تعالى: {فَإِذََا أَنْزَلْنََا عَلَيْهَا الْمََاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (سورة فصلت آية 39).
قال ابن الجزري:
في الوصل تا تيمّموا اشدد تلقف ... تلّه لا تنازعوا تعارفوا
تفرّقوا تعاونوا تنابزوا ... وهل تربّصون مع تميزوا
تبرّج اذ تلقوا التجسّسا ... وفتّفرق توفّي في النّسا
تنزل الأربع أن تبدّلا ... تخيّرون مع تولّوا بعد لا
مع هود والنور والامتحان لا ... تكلّم البزّي تلظّى هب غلا
تناصروا ثق هد وفي الكل اختلف ... له وبعد كنتم ظلتم وصف
وللسكون الصلة امدد والألف ...
المعنى: اختلف القراء في تشديد «تاء التفعّل» و «التفاعل» في الفعل المضارع المرسوم بتاء واحدة في إحدى وثلاثين موضعا وهي:
1 {وَلََا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (سورة البقرة آية 267).
2 {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا} (سورة آل عمران آية 103).
3 {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (سورة النساء آية 97).
4 {وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (سورة المائدة آية 2).
5 {وَلََا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (سورة الأنعام آية 153).
6 {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (سورة الأعراف آية 117).
7 {وَلََا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (سورة الأنفال آية 20).
8 {وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا} (سورة الأنفال آية 46).(2/91)
7 {وَلََا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (سورة الأنفال آية 20).
8 {وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا} (سورة الأنفال آية 46).
9 {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنََا إِلََّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} (سورة التوبة آية 54).
10 {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخََافُ عَلَيْكُمْ عَذََابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} (سورة هود آية 3).
11 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مََا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} (سورة هود آية 57).
12 {يَوْمَ يَأْتِ لََا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلََّا بِإِذْنِهِ} (سورة هود آية 105).
13 {مََا نُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ إِلََّا بِالْحَقِّ} (سورة الحجر آية 8).
14 {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مََا صَنَعُوا} (سورة طه آية 69).
15 {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} (سورة النور آية 15).
16 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمََا عَلَيْهِ مََا حُمِّلَ} (سورة النور آية 54).
17 {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (سورة الشعراء آية 45).
18 {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ} (سورة الشعراء آية 221).
19 {الشَّيََاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ} (سورة الشعراء الآيتان 222221).
20 {وَلََا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجََاهِلِيَّةِ الْأُولى ََ} (سورة الأحزاب آية 33).
21 {وَلََا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوََاجٍ} (سورة الأحزاب آية 52).
22 {مََا لَكُمْ لََا تَنََاصَرُونَ} (سورة الصافات آية 25).
23 {وَلََا تَنََابَزُوا بِالْأَلْقََابِ} (سورة الحجرات آية 11).
24 {وَلََا تَجَسَّسُوا} (سورة الحجرات آية 12).
25 {وَجَعَلْنََاكُمْ شُعُوباً وَقَبََائِلَ لِتَعََارَفُوا} (سورة الحجرات آية 13).
26 {أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} (سورة الممتحنة آية 9).
27 {تَكََادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (سورة الملك آية 8).
28 {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمََا تَخَيَّرُونَ} (سورة القلم آية 38).
29 {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهََّى} (سورة عبس آية 10).
30 {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى} (سورة الليل آية 14).
31 {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلََائِكَةُ} (سورة القدر الآيتان 43).
فقد قرأ «البزّي» بخلف عنه بتشديد التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل، أي وصل ما قبل التاء بها. وذلك على إدغام إحدى التاءين في
الأخرى. لأن الأصل تاءان: تاء المضارعة، وتاء «التفعّل» أو «التفاعل» وليست كما قيل من نفس الكلمة، واستثقل اجتماع المثلين، وتعذّر إدغام الثانية في تاليها، نزّل اتصال الأولى بسابقها منزلة اتصالها بكلمتها، فأدغمت في الثانية تخفيفا، مراعاة للأصل، ورسم المصحف.(2/92)
فقد قرأ «البزّي» بخلف عنه بتشديد التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل، أي وصل ما قبل التاء بها. وذلك على إدغام إحدى التاءين في
الأخرى. لأن الأصل تاءان: تاء المضارعة، وتاء «التفعّل» أو «التفاعل» وليست كما قيل من نفس الكلمة، واستثقل اجتماع المثلين، وتعذّر إدغام الثانية في تاليها، نزّل اتصال الأولى بسابقها منزلة اتصالها بكلمتها، فأدغمت في الثانية تخفيفا، مراعاة للأصل، ورسم المصحف.
واعلم أن هذا الإدغام على ثلاثة أحوال:
الأولى: يكون قبل التاء المدغمة متحرك من كلمة نحو قوله تعالى:
{فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (سورة الأنعام آية 153) أو يكون المتحرك من كلمتين، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (سورة النساء آية 97) فهذه الحالة لا كلام فيها سوى أن «البزّي» يشدد التاء.
والثانية: يكون قبل التاء المشدّدة حرف مدّ، سواء كان ألفا نحو قوله تعالى: {وَلََا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ} (سورة البقرة آية 267) أو كان حرف مدّ ناشئا عن الصلة نحو قوله تعالى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهََّى} (سورة عبس آية 10) ففي هذه الحالة يكون لحرف المدّ الإثبات لفظا مع مدّه مدّا مشبعا للساكن الذي بعده، لأنه حينئذ من باب المدّ اللازم.
والثالثة: يكون قبل التاء المشدّدة ساكن غير حرف مدّ، سواء كان ساكنا صحيحا، نحو قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} (سورة النور آية 15) أو كان الساكن تنوينا، نحو قوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلََائِكَةُ}
(سورة القدر الآيتان 43) ففي هذه الحالة يجمع بين الساكنين، إذ الجمع بينهما في ذلك جائز لصحّة الرواية، ولا يلتفت لمن قال بعدم جواز الجمع بين الساكنين.
وإذا ابتدأ «البزّي» بالتاء المشددة ابتدأ بتاء واحدة مخففة، وذلك موافقة للرسم، وصحة الرواية بذلك.
والوجه الثاني «للبزّي» يكون بتاء واحدة مخففة، وذلك على حذف إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ «أبو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: {مََا لَكُمْ لََا تَنََاصَرُونَ} (سورة الصافات آية 25) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى} (سورة الليل آية 14) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.(2/93)
وقرأ «أبو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: {مََا لَكُمْ لََا تَنََاصَرُونَ} (سورة الصافات آية 25) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى} (سورة الليل آية 14) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ باقي القراء العشرة كل هذه التاءات، بتاء واحدة مخففة.
تنبيه: يفهم من قول المصنّف: «وبعد كنتم ظلتم وصف» أن «البزّي» له التشديد بالخلاف في قوله تعالى:
1 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} (سورة آل عمران آية 143).
2 - وقوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (سورة الواقعة آية 65) إلّا أن المقروء به، والذي تلقيته عن «شيخي» مشافهة هو التخفيف فقط، لأن التشديد ليس من طرق «النشر» وقد اعتذر «ابن الجزري» في كتابه «النشر» عن ذكرهما بقوله: «ولولا إثباتهما في «التيسير، والشاطبيّة» والتزامنا بذكر ما فيهما من الصحيح، ودخولهما في ضابط نصّ «البزي» لما ذكرتهما، لأن طريق «الزينبي» لم يكن في كتابنا» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
... من يؤت كسر التّا ظبى بالياء قف
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» وهو: «يعقوب» «يؤت» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (سورة البقرة آية 269) بكسر التاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَاللََّهُ وََاسِعٌ عَلِيمٌ} (آية 268) و «من» مفعول أوّل، و «الحكمة» مفعول ثان، والتقدير: يؤت الله من يشاء الحكمة. وإذا وقف «يعقوب» على «يؤت» أثبت الياء.
وقرأ الباقون «يؤت» بفتح التاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «من» و «الحكمة» مفعول، ويقفون عليها بالتاء الساكنة.
__________
(1) انظر: النشر لابن الجزري بتحقيقنا ج 2ص 443.(2/94)
قال ابن الجزري:
معا نعما افتح كما شفا وفي ... إخفاء كسر العين حز بها صفي
وعن أبي جعفر معهم سكنا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كما» ومدلول «شفا» وهم: «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نعما» معا، وهما في قوله تعالى:
1 {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ} (سورة البقرة آية 271).
2 {إِنَّ اللََّهَ نِعِمََّا يَعِظُكُمْ بِهِ} (سورة النساء آية 58) بفتح النون، وكسر العين، على الأصل، لأن الأصل «نعم» مثل: «شهد».
وقرأ المرموز له بالحاء من «حز» والباء من «بها» والصاد من «صفي» وهم: «أبو عمرو، وقالون، وشعبة» بوجهين:
الأول: كسر النون، واختلاس كسرة العين للتخفيف، وفرارا من الجمع بين ساكنين.
والثاني: كسر النون، وإسكان العين، والأصل «نعم» بفتح النون، وكسر العين، فكسرت النون اتباعا لكسرة العين، ثم سكنت العين تخفيفا، وجاز الجمع بين ساكنين، لأن الساكن الثاني مدغم، والرواية صحيحة.
وقرأ المصرح باسمه وهو «أبو جعفر» «نعما» بكسر النون، وإسكان العين، مثل إحدى قراءتي «أبي عمرو، وقالون، وشعبة».
وقرأ الباقون وهم: «ورش، وابن كثير، وحفص، ويعقوب» «نعمّا» بكسر النون، والعين، فكسر العين على الأصل وكسر النون اتباعا لكسرة العين، لأن العين حرف حلقيّ يجوز أن يتبعه ما قبله في الحركة مثل: «شهد، ولعب» بفتح فاء الكلمة وكسرها، وهي لغة «هذيل».
«ونعم» فعل ماض جامد، وفاعل «نعم» مضمر، و «ما» بمعنى «شيئا» في موضع نصب على التفسير، وهي المخصوص بالمدح، أي نعم الشيء شيئا، و «هي» خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلا قال: «ما الشيء الممدوح» فقيل: هي أي
الممدوحة الصدقة التي يظهرها صاحبها ليقتدى به من غير رياء. ويجوز أن يكون «هي» مبتدأ مؤخر، و «نعم» وفاعلها الخبر، أي الصدقة التي يظهرها صاحبها نعم الشيء، واستغني عن ضمير يعود على المبتدإ، لاشتمال الجنس على المبتدإ.(2/95)
«ونعم» فعل ماض جامد، وفاعل «نعم» مضمر، و «ما» بمعنى «شيئا» في موضع نصب على التفسير، وهي المخصوص بالمدح، أي نعم الشيء شيئا، و «هي» خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلا قال: «ما الشيء الممدوح» فقيل: هي أي
الممدوحة الصدقة التي يظهرها صاحبها ليقتدى به من غير رياء. ويجوز أن يكون «هي» مبتدأ مؤخر، و «نعم» وفاعلها الخبر، أي الصدقة التي يظهرها صاحبها نعم الشيء، واستغني عن ضمير يعود على المبتدإ، لاشتمال الجنس على المبتدإ.
قال ابن الجزري:
... ويا يكفّر شامهم وحفصنا
وجزمه مدا شفا ...
المعنى: قرأ المصرح باسمهما: «ابن عامر الشامي، وحفص» «ويكفر» من قوله تعالى: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئََاتِكُمْ} (سورة البقرة آية 271) بالياء، ورفع الراء، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَمََا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللََّهَ يَعْلَمُهُ} (آية 270).
وقرأ المرموز لهم ب «مدا شفا» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ونكفر» بنون العظمة، وجزم الراء، لأن الفعل معطوف على محل «فهو خير لكم» لأنها في جزم جواب الشرط وهو «وإن».
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «ونكفّر» بنون العظمة، ورفع الراء، على أنها جملة مستأنفة، والواو لعطف جملة على أخرى.
قال ابن الجزري:
ويحسب ... مستقبلا بفتح سين كتبوا
في نصّ ثبت ...
المعنى: اختلف القراء في لفظ «يحسب» كيف وقع وكان فعلا مضارعا، نحو قوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجََاهِلُ أَغْنِيََاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (سورة البقرة آية 273).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كتبوا»، والفاء من «في» والنون من «نصّ»
والثاء من «ثبت» وهم: «ابن عامر، وحمزة، وعاصم، وأبو جعفر» بفتح السين، وهو لغة «تميم».(2/96)
فقرأ المرموز له بالكاف من «كتبوا»، والفاء من «في» والنون من «نصّ»
والثاء من «ثبت» وهم: «ابن عامر، وحمزة، وعاصم، وأبو جعفر» بفتح السين، وهو لغة «تميم».
وقرأ الباقون بكسر السين، وهو لغة «أهل الحجاز». والقراءتان ترجعان إلى أصل الاشتقاق:
فالأولى: من «حسب يحسب» نحو: «علم يعلم».
والثانية: من «حسب يحسب» نحو: «ورث يرث».
قال ابن الجزري:
فأذنوا امدد واكسر ... في صفوة
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والصاد من «صفوة» وهما: «حمزة، وشعبة» «فأذنوا» من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة البقرة آية 279). «فآذنوا» بفتح الهمزة الممدودة، وكسر الذال، على أنه فعل «أمر» من «آذنه بكذا»: أي أعلمه به، يقال: «آذنه الأمر وآذنه به».
وقرأ الباقون «فأذنوا» بإسكان الهمزة، وفتح الذال، على أنه فعل أمر من «أذن». ومعنى «فأذنوا بحرب من الله ورسوله»: أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله.
قال ابن الجزري:
... ميسرة الضّمّ انصر
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «انصر» وهو: «نافع» «ميسرة» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ} (سورة البقرة آية 280) بضم السين، وهو لغة «أهل الحجاز».
وقرأ الباقون «ميسرة» بفتح السين، لغة باقي العرب
جاء في «تاج العروس»: «الميسرة» مثلثة السين: «السهولة والغنى والسعة» اهـ (1).(2/97)
وقرأ الباقون «ميسرة» بفتح السين، لغة باقي العرب
جاء في «تاج العروس»: «الميسرة» مثلثة السين: «السهولة والغنى والسعة» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
تصدّقوا خفّ نما ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نما» وهو: «عاصم» «تصدقوا» من قوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة آية 280) بتخفيف الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون «تصدّقوا» بتشديد الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فأبدلت التاء صادا، ثم أدغمت الصاد في الصاد.
قال ابن الجزري:
وكسر أن ... تضلّ فز
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» «أن تضلّ» من قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدََاهُمََا} (سورة البقرة آية 282) بكسر الهمزة، على أنّ «إن» شرطية، و «تضلّ» مجزوم بها، وهي فعل الشرط، وفتحت اللام للإدغام تخفيفا.
وقرأ الباقون «أن تضلّ» بفتح الهمزة، على أنّ «أن» مصدرية، و «تضل» منصوب بها، وفتحة اللام حينئذ فتحة إعراب.
يقال: «ضللت» «كزللت» «تضلّ» «كتزلّ» أي بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع، وهذه لغة «نجد». ويقال: «ضللت تضلّ» مثل: مللت تملّ» أي بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع وهي لغة «الحجاز، والعالية» (2).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «يسر» ج 3/ 626.
(2) انظر: تاج العروس مادة «ضلّ» ج 7/ 411.(2/98)
قال ابن الجزري:
... تذكر حقّا خفّفن
والرفع فد ...
المعنى: قرأ مدلول «حقّا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «فتذكر» من قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدََاهُمََا فَتُذَكِّرَ إِحْدََاهُمَا الْأُخْرى ََ} (سورة البقرة آية 282) بتسكين الذال، وتخفيف الكاف مع نصب الراء، عطفا على «تضلّ» وهو مضارع «ذكر» مخفّفا نحو: «نصر».
وقرأ المرموز له بالفاء من «فد» وهو: «حمزة» «فتذكّر» بفتح الذال، وتشديد الكاف، ورفع الراء، على أنه مضارع «ذكّر» مشدّدا، نحو: «كرّم» وقد رفع لتجرده من الناصب والجازم.
وقرأ الباقون «فتذكّر» بفتح الذال، وتشديد الكاف، ونصب الراء، عطفا على «تضلّ» وهو مضارع «ذكّر» مشدّدا أيضا.
قال ابن الجزري:
تجارة حاضرة ... لنصب رفع نل
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نل» وهو: «عاصم» «تجارة حاضرة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَكُونَ تِجََارَةً حََاضِرَةً تُدِيرُونَهََا بَيْنَكُمْ} (سورة البقرة آية 282) بنصب التاء فيهما، على أنّ «تجارة» خبر «تكون» و «حاضرة» صفة «تجارة» واسم «تكون» مضمر، والتقدير: إلّا أن تكون المعاملة، أو المبايعة تجارة حاضرة.
وقرأ الباقون «تجارة حاضرة» برفع التاء فيهما، على أنّ «تكون» تامّة تكتفي بمرفوعها (1). و «تجارة» نائب فاعل، و «حاضرة» صفة لها، والتقدير: إلّا أن توجد تجارة حاضرة.
__________
(1) قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي.(2/99)
قال ابن الجزري:
... رهان كسرة
وفتحة ضمّا وقصر حز دفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» والدال من «دفا» وهما: «أبو عمرو، وابن كثير» «فرهن» من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى ََ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كََاتِباً فَرِهََانٌ مَقْبُوضَةٌ} (سورة البقرة آية 283) «فرهن» بضم الراء، والهاء، من غير ألف، جمع «رهن» نحو: «سقف، وسقف».
وقرأ الباقون «فرهان» بكسر الراء، وفتح الهاء، وألف بعدها، جمع «رهن» أيضا، نحو: «كعب، وكعاب».
قال ابن الجزري:
... يغفر يعذب رفع جزم كم ثوى
نصّ ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «ثوى» والنون من «نصّ» وهم: «ابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب، وعاصم» «فيغفر، ويعذب» من قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ} (سورة البقرة آية 284) برفع الراء من «فيغفر» ورفع الباء من «ويعذب» وذلك على الاستئناف. والتقدير:
فهو يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
وقرأ الباقون «فيغفر، ويعذب» بجزمهما، وذلك عطفا على قوله تعالى قبل: {يُحََاسِبْكُمْ بِهِ اللََّهُ} الواقع جوابا للشرط.
قال ابن الجزري:
كتابه بتوحيد شفا ...
المعنى: قرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكتبه» من قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} (سورة البقرة
آية 285) «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، وألف بعدها، على التوحيد، والمراد به: الجنس، أو القرآن.(2/100)
المعنى: قرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكتبه» من قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} (سورة البقرة
آية 285) «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، وألف بعدها، على التوحيد، والمراد به: الجنس، أو القرآن.
وقرأ الباقون «وكتبه» بضمّ الكاف، والتاء، وحذف الألف، على الجمع، وذلك لتعدّد الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء والمرسلين، عليهم الصلاة والتسليم.
قال ابن الجزري:
... ولا نفرق بياء ظرفا
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظرفا» وهو: «يعقوب» «لا نفرق» من قوله تعالى: {لََا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (سورة البقرة آية 285) «لا يفرق» بالياء التحتية، على أن الفاعل ضمير يعود على «الرسول» المتقدم ذكره في قوله تعالى:
{آمَنَ الرَّسُولُ}.
وقرأ الباقون «لا نفرق» بالنون، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. والتقدير: كل من الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون يقول: لا نفرق بين أحد من رسله فنؤمن ببعض ونكفر بالبعض الآخر، بل نؤمن بجميع الرسل لأنهم جميعا مرسلون من عند الله تعالى.
(والله أعلم) تمت سورة البقرة ولله الحمد والشكر(2/101)
(والله أعلم) تمت سورة البقرة ولله الحمد والشكر
سورة آل عمران
قال ابن الجزري:
سيغلبون يحشرون رد فتى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رد» ومدلول «فتى» وهم: «الكسائي، وحمزة، وخلف العاشر» «سيغلبون ويحشرون» من قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى ََ جَهَنَّمَ} (سورة آل عمران آية 12) «سيغلبون ويحشرون» بياء الغيب فيهما، والضمير للذين كفروا، والجملة محكية بقول آخر لا ب «قل» أي قل لهم يا «محمد» قولي هذا إنهم «سيغلبون ويحشرون إلى جهنم وبئس المهاد».
وقرأ الباقون «ستغلبون وتحشرون» بتاء الخطاب فيهما، على أن الجملة محكية ب «قل» أي خاطبهم يا «محمد» وقل لهم: «ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد». والمعنى: قل يا «محمد» للذين كفروا من اليهود لا تغتروا بكثرتكم فإنكم ستغلبون في الدنيا بالقتل، والأسر، وضرب الجزية عليكم، أمّا في الآخرة فإنكم ستحشرون إلى جهنم، وبئس المهاد، وهذا وعيد وتهديد لهم بعدم الإيمان.
قال ابن الجزري:
... يرونهم خاطب ثنا ظلّ أتى
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثنا» والظاء من «ظلّ» والألف من «أتى» وهم: «أبو جعفر، ويعقوب، ونافع» «يرونهم» من قوله تعالى: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا فِئَةٌ تُقََاتِلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَأُخْرى ََ كََافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} (سورة آل عمران آية 13) «ترونهم» بتاء الخطاب، وذلك لمناسبة الخطاب في
قوله تعالى: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا}. فجرى «ترونهم» على الخطاب في «لكم» والمخاطب هم المسلمون. فإن قيل: كان يلزم على هذه القراءة أن يقرءوا «مثليكم» أقول: ذلك لا يجوز، لأن القراءة مبنية على التوقيف، والسماع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا لم يرد، وقد جرى الكلام على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وهذا الأسلوب شائع في لغة العرب، وهو ضرب من ضروب البلاغة العربية، وهناك أمثلة كثيرة لذلك في القرآن الكريم، مثال ذلك قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ} (سورة يونس آية 22). فهذا خطاب، ثم التفت إلى الغيبة وقال: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}. ومثله قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ زَكََاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللََّهِ} (سورة الروم آية 39) فهذا خطاب، ثم التفت إلى الغيبة وقال: {فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}.(2/103)
يرونهم خاطب ثنا ظلّ أتى
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثنا» والظاء من «ظلّ» والألف من «أتى» وهم: «أبو جعفر، ويعقوب، ونافع» «يرونهم» من قوله تعالى: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا فِئَةٌ تُقََاتِلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَأُخْرى ََ كََافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} (سورة آل عمران آية 13) «ترونهم» بتاء الخطاب، وذلك لمناسبة الخطاب في
قوله تعالى: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا}. فجرى «ترونهم» على الخطاب في «لكم» والمخاطب هم المسلمون. فإن قيل: كان يلزم على هذه القراءة أن يقرءوا «مثليكم» أقول: ذلك لا يجوز، لأن القراءة مبنية على التوقيف، والسماع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا لم يرد، وقد جرى الكلام على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وهذا الأسلوب شائع في لغة العرب، وهو ضرب من ضروب البلاغة العربية، وهناك أمثلة كثيرة لذلك في القرآن الكريم، مثال ذلك قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ} (سورة يونس آية 22). فهذا خطاب، ثم التفت إلى الغيبة وقال: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}. ومثله قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ زَكََاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللََّهِ} (سورة الروم آية 39) فهذا خطاب، ثم التفت إلى الغيبة وقال: {فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}.
والهاء والميم في «مثليهم» يحتمل أن تكون للمشركين، أي ترون أيها المسلمون المشركين مثلي ما هم عليه من العدد، وهذا بعيد في المعنى، لأن الله لم يكثّر المشركين في أعين المؤمنين، لأنه أخبرنا أنه قلل المشركين في أعين المؤمنين، يشير إلى ذلك قول الله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا}
(سورة الأنفال آية 44).
ويحتمل أن تكون الهاء، والميم في «مثليهم» للمسلمين، أي ترون أيها المسلمون المسلمين مثلي ما هم عليه من العدد، أي ترون أنفسكم من الكثرة مثلي عددكم، وهذا المعنى عظيم، وحينئذ يكون المعنى أن الله سبحانه وتعالى خيّل لهم ذلك لتقوى عزيمتهم على لقاء الكفار، ويجرءوا على قتالهم.
وقرأ الباقون «يرونهم» بياء الغيب، وذلك لأن قبله لفظ الغيبة، وهو قوله تعالى: {فِئَةٌ تُقََاتِلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَأُخْرى ََ كََافِرَةٌ} فحمل آخر الكلام على أوله.
والواو في «يرونهم» للكافرين، والهاء والميم للمسلمين، كما أنّ الهاء والميم في «مثليهم» للمسلمين أيضا. والمعنى: يرى الكفار المسلمين في «غزوة بدر» الكبرى مثلي عددهم، كي تضعف عزيمتهم، ويدبّ في قلوبهم الرعب والخوف، وعلى ذلك يكون انتصاب «مثليهم» على الحال.
قال ابن الجزري:(2/104)
والواو في «يرونهم» للكافرين، والهاء والميم للمسلمين، كما أنّ الهاء والميم في «مثليهم» للمسلمين أيضا. والمعنى: يرى الكفار المسلمين في «غزوة بدر» الكبرى مثلي عددهم، كي تضعف عزيمتهم، ويدبّ في قلوبهم الرعب والخوف، وعلى ذلك يكون انتصاب «مثليهم» على الحال.
قال ابن الجزري:
رضوان ضمّ الكسر صف وذو السّبل ... خلف
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو «شعبة» «رضوان» حيثما وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: {وَأَزْوََاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوََانٌ مِنَ اللََّهِ}
(سورة آل عمران آية 15) بضمّ الراء، إلّا قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللََّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوََانَهُ سُبُلَ السَّلََامِ} (سورة المائدة آية 16) فقد قرأه بالضمّ، والكسر، جمعا بين اللغتين، إذ الضمّ لغة «تميم وقيس» والكسر لغة «الحجازيين».
وقرأ الباقون بكسر راء «رضوان» حيثما وقع في القرآن.
وهما مصدران بمعنى واحد وهو: «الرضا الكثير» ولما كان أعظم الرضا رضا الله تعالى خصّ لفظ «الرضوان» في القرآن بما كان من الله تعالى، قال عزّ وجلّ: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً} (سورة الفتح آية 29).
قال ابن الجزري:
... وإنّ الدّين فافتحه رجل
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رجل» وهو: «الكسائي» «إنّ الدين» من قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللََّهِ الْإِسْلََامُ} (سورة آل عمران آية 19) بفتح الهمزة، على أنها مع اسمها، وخبرها بدل «كلّ» من قوله تعالى قبل: {شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ} (آية 18) وحينئذ تكون «أنّ» وما بعدها في محلّ نصب ب «شهد الله».
وقرأ الباقون «إنّ» بكسر الهمزة، وذلك على الاستئناف، لأن الكلام قد تمّ عند قوله تعالى قبل: {لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ثم استأنف بكلام جديد فكسرت همزة «إنّ».
قال ابن الجزري:
يقاتلون الثان فز في يقتلوا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» «ويقتلون» الموضع الثاني في هذه السورة وهو قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النََّاسِ} (سورة آل عمران آية 21). «قرأه «ويقاتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وألف بعدها، وكسر التاء، من «قاتل» والمفاعلة من الجانبين، لأنه وقع قتال بين الطرفين: الكفار، والذين يأمرون بالقسط من الناس.(2/105)
يقاتلون الثان فز في يقتلوا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» «ويقتلون» الموضع الثاني في هذه السورة وهو قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النََّاسِ} (سورة آل عمران آية 21). «قرأه «ويقاتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وألف بعدها، وكسر التاء، من «قاتل» والمفاعلة من الجانبين، لأنه وقع قتال بين الطرفين: الكفار، والذين يأمرون بالقسط من الناس.
وقرأ الباقون «ويقتلون» بفتح الياء، وإسكان القاف، وحذف الألف على أنه مضارع «قتل»، وذلك عطفا على قوله تعالى أوّل الآية: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} فقد أخبر الله عن الكفار بقتلهم الأنبياء بغير حقّ، فقتل من دونهم أسهل عليهم، ومن تجرّأ على قتل «نبيّ» فهو على قتل من هو دون النبيّ من المؤمنين أجرأ، فحمل آخر الكلام على أوله في الإخبار عن الكفار بالقتل.
تنبيه: قيّد الناظم الخلاف في «ويقتلون» بالموضع الثاني، ليخرج الموضع الأول وهو قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (آية 21) حيث اتفق القراء العشرة على قراءته: «ويقتلون» بفتح الياء، وسكون القاف، وحذف الألف، على أنه مضارع «قتل». فإن قيل: ما الحكمة في عدم ورود الخلاف في الموضع الأوّل مثل ما ورد الخلاف في الموضع الثاني؟
أقول: القراءة سنة متبعة، ومبنيّة على التلقي والتوقيف.
قال ابن الجزري:
... تقيّة قل في تقاة ظلل
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظلل» وهو «يعقوب» «تقة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقََاةً} (سورة آل عمران آية 28) قرأها «تقيّة» بفتح التاء، وكسر القاف، وتشديد الياء المفتوحة، على وزن «مطيّة».
وقرأ الباقون «تقاة» بضم التاء، وفتح القاف، وألف بعدها، على وزن «رعاة». و «تقاة، وتقيّة» مصدران بمعنى «الوقاية» يقال: «اتقى، يتقي، اتقاء، وتقاة، وتقيّة». و «تقاة» على وزن «فعلة» بضم الفاء، وفتح العين، وأصلها
«وقية» ثم أبدلت الواو تاء فصارت «تقية» ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت «تقاة».(2/106)
وقرأ الباقون «تقاة» بضم التاء، وفتح القاف، وألف بعدها، على وزن «رعاة». و «تقاة، وتقيّة» مصدران بمعنى «الوقاية» يقال: «اتقى، يتقي، اتقاء، وتقاة، وتقيّة». و «تقاة» على وزن «فعلة» بضم الفاء، وفتح العين، وأصلها
«وقية» ثم أبدلت الواو تاء فصارت «تقية» ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت «تقاة».
قال ابن الجزري:
كفلها الثقل كفى ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكفلها» من قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهََا رَبُّهََا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهََا نَبََاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} (سورة آل عمران آية 37) بتشديد الفاء، على أنه فعل ماض من «كفّل» مضعف «العين» وفاعل «كفّل» ضمير على «ربها» والهاء مفعول ثان مقدّم، و «زكريا» مفعول أوّل مؤخّر. والتقدير: جعل الله زكريّا عليه السلام كافلا «مريم» أي ضامنا لمصالحها.
وقرأ الباقون «وكفلها» بتخفيف الفاء، والفاعل «زكريا» عليه السلام، والهاء مفعول به، أي كفل زكريّا مريم.
قال «الزبيديّ» في مادة «كفل»: «الكافل» العائل يكفل إنسانا، أي يعوله، ومنه قوله تعالى: {وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} بتخفيف الفاء، وهي قراءة غير الكوفيين، والمعنى: ضمن القيام بأمرها، و «كفّله» بتشديد الفاء تكفيلا، وبه قرأ «الكوفيّون» الآية، أي كفّل الله زكريا إيّاها، أي ضمنها إياه حتّى تكفّل بحضانتها» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
واسكن وضم ... سكون تا وضعت صن ظهرا كرم
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صن» والظاء من «ظهرا» والكاف من «كرم» وهم: «شعبة، ويعقوب، وابن عامر» «وضعت» من قوله تعالى: {فَلَمََّا}
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «كفل» ج 8/ 99.(2/107)
{وَضَعَتْهََا قََالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهََا أُنْثى ََ وَاللََّهُ أَعْلَمُ بِمََا وَضَعَتْ} (سورة آل عمران آية 36) بإسكان العين، وضمّ التاء، وهو من كلام «أمّ مريم» والتاء فاعل.
وقرأ الباقون «وضعت» بفتح العين، وسكون التاء، وهو من كلام الله تعالى، أو «الملك» الذي هو «جبريل» عليه السلام والتاء للتأنيث.
قال ابن الجزري:
وحذف همز زكريّا مطلقا ... صحب ورفع الأوّل انصب صدّقا
المعنى: قرأ المرموز لهم بمدلول «صحب» وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «زكريا» حيثما وقع في القرآن الكريم، وقد جاء في سبعة مواضع نحو قوله تعالى: {وَأَنْبَتَهََا نَبََاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} (سورة آل عمران آية 37) قرءوا «زكريا» بالقصر من غير همز في جميع القرآن.
وقرأ الباقون «زكرياء» بالهمز والمدّ. والقصر، والمدّ لغتان مشهورتان في «زكريا».
ثم أمر الناظم رحمه الله تعالى بالقراءة للمرموز له بالصاد من «صدّقا» وهو: «شعبة» بنصب «زكرياء» الموضع الأول في القرآن، وهو الذي في آل عمران (آية 36) في قوله تعالى: {وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} على أنه مفعول ثان ل «كفّلها» مشدّد الفاء ورفعه الباقون ممن قرأ «وكفلها» بتخفيف الفاء.
أمّا من قرأ «وكفّلها» بتشديد الفاء فإنهم يقرءون بنصب «زكريا» إلا أنهم يقرءون بالقصر والحركة لا تظهر على المقصور.
قال الشيخ «المتولي» رحمه الله تعالى:
وزكريّا همزه ارفع مع دخل ... دعاويا ومع تخفيف كفل
ثم مع التشديد شعبة نصب ... وفي البواقي عند كلّ انتصب
قال ابن الجزري:
نادته ناداه شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فنادته» من قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ}
(سورة آل عمران آية 39) قرءوا «فناداه» بألف بعد الدال، على تذكير الفعل.(2/108)
نادته ناداه شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فنادته» من قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ}
(سورة آل عمران آية 39) قرءوا «فناداه» بألف بعد الدال، على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «فنادته» بتاء التأنيث الساكنة بعد الدال، وذلك على تأنيث الفعل. وجاز تذكير الفعل وتأنيثه لأن الفاعل جمع تكسير، فمن ذكر فعلى معنى الجمع، ومن أنث فعلى معنى الجماعة.
قال ابن الجزري:
وكسران ... ن الله في كم
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كم» وهما: «حمزة، وابن عامر» «أنّ» من قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ أَنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ََ} (سورة آل عمران آية 39) قر «إنّ» بكسر الهمزة، إجراء للنداء مجرى القول، أو على إضمار القول، أي قائلين: «إنّ الله يبشرك بيحيى».
وقرأ الباقون «أنّ» بفتح الهمزة، على تقدير حرف الجرّ، أيّ «بأنّ الله يبشرك بيحيى».
تنبيه: «إنّ الله» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَتِ الْمَلََائِكَةُ يََا مَرْيَمُ إِنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (سورة آل عمران آية 45) اتفق القراء العشرة على كسر همزة «إنّ» لأنها مسبوقة بصريح القول وهو: «إذ قالت الملائكة» كما أن القراءة مبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
... يبشر اضمم شدّدن
كسرا كالاسرى الكهف والعكس رضى ... وكاف أولى الحجر توبة فضا
ودم رضى حلا الذي يبشر ...
المعنى: اختلف القراء في: «يبشرك، يبشر، نبشر، يبشرهم»:(2/109)
يبشر اضمم شدّدن
كسرا كالاسرى الكهف والعكس رضى ... وكاف أولى الحجر توبة فضا
ودم رضى حلا الذي يبشر ...
المعنى: اختلف القراء في: «يبشرك، يبشر، نبشر، يبشرهم»:
أمّا «يبشرك» فقد وقع في موضعين وهما:
1 {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ أَنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ََ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللََّهِ} (سورة آل عمران آية 39).
2 {إِذْ قََالَتِ الْمَلََائِكَةُ يََا مَرْيَمُ إِنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (سورة آل عمران آية 45).
وأمّا «يبشر» فقد وقع في ثلاثة مواضع وهي:
1 {إِنَّ هََذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الإسراء آية 9).
2 {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصََّالِحََاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً} (سورة الكهف آية 2).
3 {ذََلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللََّهُ عِبََادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ} (سورة الشورى آية 23).
وأمّا «نبشرك» فقد وقع في موضعين وهما:
1 {قََالُوا لََا تَوْجَلْ إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ عَلِيمٍ} (سورة الحجر آية 53).
2 {يََا زَكَرِيََّا إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ اسْمُهُ يَحْيى ََ} (سورة مريم آية 7).
وأمّا «يبشرهم» فقد وقع في موضع واحد وهو:
1 {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوََانٍ وَجَنََّاتٍ} (سورة التوبة آية 21).
من هذا يتبين أن جملة المواضع المختلف فيها ثمانية، وهذا بيان اختلاف القراء فيها:
أولا: قرأ «حمزة» المواضع الثمانية بفتح الياء من «يبشر» والنون من «نبشر» وإسكان الباء، وضم الشين مخففة.
ثانيا: قرأ «الكسائي» مثل «حمزة» في المواضع الخمسة الآتية: موضعي آل عمران، وموضع الإسراء، والكهف، والشورى، وقرأ المواضع الثلاثة الباقية:
بضم النون من «نبشرك» موضعي: الحجر، ومريم، وبضم الياء من «يبشرهم»
بالتوبة، وفتح الباء، وكسر السين مشددة في المواضع الثلاثة.(2/110)
بضم النون من «نبشرك» موضعي: الحجر، ومريم، وبضم الياء من «يبشرهم»
بالتوبة، وفتح الباء، وكسر السين مشددة في المواضع الثلاثة.
ثالثا: قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» مثل قراءة «حمزة» في موضع «الشورى» فقط، وفي المواضع السبعة الباقية يقرأ مثل قراءة الباقين من القراء، وهي التي سأبينها فيما يلي:
رابعا: قرأ الباقون من القراء بضمّ الياء من «يبشر» والنون من «نبشر» وفتح الباء، وكسر الشين مشددة.
والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو: الإخبار بأمر سار تتغير عنده بشرة الوجه، وتنبسط عادة. والتخفيف لغة «تهامة» وهو فعل مضارع من «بشر» بتخفيف الشين، يقال: «بشره يبشره بشرا. والتشديد لغة «أهل الحجاز» وهو فعل مضارع من «بشّر» مشدّد الشين، يقال: «بشّره يبشّره تبشيرا». ونحن إذا نظرنا إلى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان إلى أصل الاشتقاق: فالتخفيف من «بشر» مخفف العين، والتشديد من «بشّر» مضعّف العين.
تنبيه: «تبشرون» من قوله تعالى: {قََالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى ََ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (سورة الحجر آية 54) اتّفق القراء العشرة على قراءته بتشديد الشين، وذلك لمناسبة ما قبله، وما بعده من الأفعال المجمع على قراءتها بالتشديد، وأهمّ من ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التلقّي والتوقيف.
قال ابن الجزري:
... نعلّم اليا إذ ثوى نل
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» ومدلول «ثوى» والنون من «نل» وهم: «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب، وعاصم» «ويعلمه» من قوله تعالى:
{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرََاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (سورة آل عمران آية 48) بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {إِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (سورة آل عمران آية 47).
وقرأ الباقون «ونعلمه» بنون العظمة، على أنه إخبار من الله تعالى عن
نفسه بأنه سيعلم «عيسى ابن مريم» عليهما السلام الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويرسله رسولا إلى بني إسرائيل، وحينئذ يكون في الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم.(2/111)
وقرأ الباقون «ونعلمه» بنون العظمة، على أنه إخبار من الله تعالى عن
نفسه بأنه سيعلم «عيسى ابن مريم» عليهما السلام الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويرسله رسولا إلى بني إسرائيل، وحينئذ يكون في الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم.
قال ابن الجزري:
... واكسروا
أنّي اخلق اتل ثب ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «اتل» والثاء من «ثب» وهما: «نافع، وأبو جعفر» «أنّي» من قوله تعالى: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} (سورة آل عمران آية 49) بكسر همزة «إنّي» وذلك على الاستئناف، أو على إضمار القول، أي قائلا: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير إلخ.
وقرأ الباقون «أنّي» بفتح الهمزة، على أنها بدل من قوله تعالى قبل: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}.
قال ابن الجزري:
والطّائر ... في الطّير كالعقود خير ذاكر
وطائرا معا بطير إذ ثنا ... ظبى
المعنى: اختلف القراء في «الطير» المعرف، و «طيرا» المنكر، وهما في قوله تعالى:
1 {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللََّهِ}
(سورة آل عمران آية 49).
2 {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهََا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي}
(سورة المائدة آية 110).
فقرأ «أبو جعفر» «الطائر» المعرف، و «طائرا» المنكر في السورتين بألف بعد
الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، وذلك على الإفراد، فقد ورد أن «عيسى» عليه السلام ما خلق سوى «الخفّاش» بإذن الله تعالى، وبعد أن طار في الفضاء سقط ميّتا.(2/112)
فقرأ «أبو جعفر» «الطائر» المعرف، و «طائرا» المنكر في السورتين بألف بعد
الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، وذلك على الإفراد، فقد ورد أن «عيسى» عليه السلام ما خلق سوى «الخفّاش» بإذن الله تعالى، وبعد أن طار في الفضاء سقط ميّتا.
وقرأ «نافع، ويعقوب» «طائرا» المنكر في السورتين مثل قراءة «أبي جعفر».
أمّا «الطير» المعرف فقد قرءاه من غير ألف، وبياء ساكنة بعد الطاء، على أن المراد به اسم الجنس، أي جنس الطير.
وقرأ الباقون «الطير» المعرف، و «طيرا» المنكر في السورتين من غير ألف، وبياء ساكنة بعد الطاء، على أن المراد به جنس الطير.
قال ابن الجزري:
... يوفّيهم بياء عن غنا
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» والعين من «غنا» وهما: «حفص، ورويس» «فيوفيهم» من قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} (سورة آل عمران آية 57) بياء الغيبة، على الالتفات من التكلم إلى الغيبة، والالتفات ضرب من ضروب البلاغة.
وقرأ الباقون «فنوفيهم» بنون العظمة الدالة على التكلم، وذلك إخبار عن الله تعالى، ولمناسبة قوله تعالى قبل: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذََاباً شَدِيداً}
(آية 56) والنون في الإخبار كالهمزة في الإخبار، ولمناسبة قوله تعالى بعد: {ذََلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيََاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} (آية 58).
قال ابن الجزري:
وتعلمون ضمّ حرّك واكسرا ... وشدّ كنزا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كنز» وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعلّمون» من قوله تعالى: {وَلََكِنْ كُونُوا رَبََّانِيِّينَ بِمََا
كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتََابَ} (سورة آل عمران آية 79) بضم تاء «تعلّمون» وفتح العين، وكسر اللام مشدّدة، على أنه مضارع «علم» مضعف العين، فينصب مفعولين:(2/113)
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كنز» وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعلّمون» من قوله تعالى: {وَلََكِنْ كُونُوا رَبََّانِيِّينَ بِمََا
كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتََابَ} (سورة آل عمران آية 79) بضم تاء «تعلّمون» وفتح العين، وكسر اللام مشدّدة، على أنه مضارع «علم» مضعف العين، فينصب مفعولين:
أولهما محذوف تقديره: «الناس» والثاني «الكتاب».
وقرأ الباقون «تعلمون» بفتح التاء، وإسكان العين، وفتح اللام مخفّفة، على أنه مضارع «علم» نحو: «فهم» مخفّف العين، وهو ينصب واحدا وهو:
«الكتاب».
قال ابن الجزري:
... وارفعوا لا يأمرا
حرم حلا رحبا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حرم» والمرموز له بالحاء من «حلا» والراء من «رحبا» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وأبو عمرو، والكسائي» «ولا يأمركم» من قوله تعالى: {وَلََا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلََائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبََاباً}
(سورة آل عمران آية 80). قرءوا «ولا يأمركم» برفع الراء، وذلك على الاستئناف، والفعل مرفوع لتجرده من الناصب والجازم.
وقرأ الباقون «ولا يأمركم» بنصب الراء، وذلك على أنه معطوف على قوله تعالى قبل: {ثُمَّ يَقُولَ لِلنََّاسِ} والتقدير: ليس للنبيّ أن يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله، ولا أن يأمركم {أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلََائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبََاباً}
{مِنْ دُونِ اللََّهِ}.
تنبيه:
مما هو معروف أن «السوسي» يقرأ بإسكان الراء، وباختلاس ضمتها، وأن «الدوري عن أبي عمرو» يقرأ بإسكان الراء، وباختلاس ضمتها، وبالضمة الخالصة.
قال ابن الجزري:
لما فاكسر فدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فدا» وهو «حمزة» «لما» من قوله تعالى:(2/114)
لما فاكسر فدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فدا» وهو «حمزة» «لما» من قوله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ النَّبِيِّينَ لَمََا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتََابٍ وَحِكْمَةٍ} (سورة آل عمران آية 81) قرأ «لما» بكسر اللام، على أنها لام الجر متعلقة ب «أخذ» و «ما» مصدريّة، والتقدير: اذكر يا «محمد» وقت أن أخذ الله الميثاق على الأنبياء السابقين لإيتائه إياهم الكتاب والحكمة إلخ.
وقرأ الباقون «لما» بفتح اللام، على أنها لام الابتداء، و «ما» موصولة، والعائد محذوف، والتقدير: اذكر يا «محمد» وقت أخذ الله الميثاق على الأنبياء السابقين للذي آتاهم من كتاب وحكمة إلخ.
قال ابن الجزري:
... آتيتكم يقرا آتينا مدا
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» «ءاتيتكم» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ النَّبِيِّينَ لَمََا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتََابٍ وَحِكْمَةٍ} (سورة آل عمران آية 81) قرآ «آتيناكم» بنون العظمة، وألف بعدها.
وقرأ الباقون «آتيتكم» بتاء مضمومة مكان النون من غير ألف وهي تاء المتكلم، وذلك لمناسبة صدر الآية {وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ النَّبِيِّينَ}.
قال ابن الجزري:
ويرجعون عن ظبى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» والظاء من «ظبّى» وهما:
«حفص، ويعقوب» «يرجعون» من قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللََّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (سورة آل عمران آية 83) قرآ «يرجعون» بياء الغيبة، جريا على السياق.
ومما هو معروف أن «حفصا» يقرأ «يرجعون» بضم الياء، وفتح الجيم،
على البناء للمفعول، وأن «يعقوب» يقرأ «يرجعون» بفتح الياء، وكسر الجيم، على البناء للفاعل.(2/115)
ومما هو معروف أن «حفصا» يقرأ «يرجعون» بضم الياء، وفتح الجيم،
على البناء للمفعول، وأن «يعقوب» يقرأ «يرجعون» بفتح الياء، وكسر الجيم، على البناء للفاعل.
وقرأ الباقون «ترجعون» بتاء الخطاب المضمومة، وفتح الجيم، على البناء للمفعول.
قال ابن الجزري:
يبغون عن ... حما
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» ومدلول «حما» وهم: «حفص، وأبو عمرو، ويعقوب» «يبغون» من قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللََّهِ يَبْغُونَ} (سورة آل عمران آية 83). قرءوا «يبغون» بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {فَأُولََئِكَ هُمُ الْفََاسِقُونَ} (آية 82).
وقرأ الباقون «تبغون» بتاء الخطاب، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. أمر الله تعالى نبيه «محمدا» صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لهم: «أفغير دين الله تبغون أيها الكافرون» فخوطبوا بذلك على لسان النبيّ عليه الصلاة والسلام.
قال ابن الجزري:
... وكسر حجّ عن شفا ثمن
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» ومدلول «شفا» والمرموز له بالثاء من «ثمن» وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو جعفر» «حجّ» من قوله تعالى: {وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}
(سورة آل عمران آية 97) قرءوا «حجّ» بكسر الحاء، وهو لغة «نجد».
وقرأ الباقون «حجّ» بفتح الحاء، لغة «أهل العالية، والحجاز، وأسد».
وهما مصدران ل «حج يحج» والفتح هو المصدر القياسي.
قال ابن مالك في ألفيته:
فعل قياس مصدر المعدّى ... من ذي ثلاثة كردّ ردّا
والسكر حكاه «سيبويه» نحو: «ذكر ذكرا».(2/116)
قال ابن مالك في ألفيته:
فعل قياس مصدر المعدّى ... من ذي ثلاثة كردّ ردّا
والسكر حكاه «سيبويه» نحو: «ذكر ذكرا».
قال ابن الجزري:
ما يفعلوا لن يكفروا صحب طلا ... خلفا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «صحب» والمرموز له بالطاء من «طلا» بخلف عنه، وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، والدوري عن أبي عمرو بخلف عنه» «يفعلوا، يكفرون» من قوله تعالى: {وَمََا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} (سورة آل عمران آية 115). قرءوا «يفعلوا» يكفروا «بياء الغيب فيهما، وذلك لمناسبة قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ أُمَّةٌ قََائِمَةٌ يَتْلُونَ آيََاتِ اللََّهِ آنََاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (سورة آل عمران الآيتان 114113) إلخ فذلك كله لفظ غيبة متصل بعضه ببعض.
وقرأ الباقون «تفعلوا، تكفروه» بتاء الخطاب فيهما، وهو الوجه الثاني «لدوري أبي عمرو» وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، أو لمناسبة الخطاب المتقدم في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنََّاسِ} (آية 110).
قال ابن الجزري:
... يضركم اكسر اجزم أوصلا
حقّا وضمّ اشدد لباق ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أوصلا» ومدلول «حقّا» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لا يضركم» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لََا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} (سورة آل عمران آية 120). قرءوا «لا يضركم» بكسر الضاد، وجزم الراء، على أنه جواب الشرط.
وقرأ الباقون «لا تضرّكم» بضم الضاد، ورفع الراء مشددة، على أن
الفعل مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، والجملة في محلّ جزم جواب الشرط.(2/117)
وقرأ الباقون «لا تضرّكم» بضم الضاد، ورفع الراء مشددة، على أن
الفعل مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، والجملة في محلّ جزم جواب الشرط.
قال ابن الجزري:
واشددوا ... منزلين منزلون كبّدوا
ومنزل عن كم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كبّدوا» وهو «ابن عامر».
1 «منزلين» من قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلََاثَةِ آلََافٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُنْزَلِينَ} (سورة آل عمران آية 124).
2 - و «منزلون» من قوله تعالى: {إِنََّا مُنْزِلُونَ عَلى ََ أَهْلِ هََذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمََاءِ} (سورة العنكبوت آية 34). قرأهما «منزلين، منزّلون» بفتح النون، وتشديد الزاي فيهما، على أن «منزّلين» اسم مفعول من «نزّل» الثلاثي، مضعّف العين، و «منزّلون» اسم فاعل من «نزّل» الثلاثي مضعّف العين أيضا.
وقرأ الباقون «منزلين»، منزلون» بسكون النون، وتخفيف الزاي، على أن «منزلين» اسم مفعول من «أنزل» الثلاثي المزيد بالهمزة، و «منزلون» اسم فاعل من «أنزل» ثلاثي مزيد بالهمزة أيضا.
ثم أمر الناظم رحمه الله تعالى بالقراءة للمرموز له بالعين من «عن» وبالكاف من «كم» وهما: «حفص، وابن عامر» «منزّل» من قوله تعالى:
{يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (سورة الأنعام آية 114) بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه اسم مفعول من «نزّل» الثلاثي مضعف العين.
فتعين للباقين القراءة «منزل» بسكون النون، وتخفيف الزاي، على أنه اسم مفعول من «أنزل» المزيد بالهمزة.
قال ابن الجزري:
مسوّمين نم ... حقّ اكسر الواو
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نم» ومدلول «حقّ» وهم: «عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «مسوّمين» من قوله تعالى: {بَلى ََ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هََذََا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلََافٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (سورة آل عمران آية 125). قرءوا «مسوّمين» بكسر الواو، اسم فاعل من «سوّم» مضعف العين.(2/118)
مسوّمين نم ... حقّ اكسر الواو
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نم» ومدلول «حقّ» وهم: «عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «مسوّمين» من قوله تعالى: {بَلى ََ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هََذََا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلََافٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (سورة آل عمران آية 125). قرءوا «مسوّمين» بكسر الواو، اسم فاعل من «سوّم» مضعف العين.
وقرأ الباقون «مسوّمين» بفتح الواو، اسم مفعول من «سوّم» مضعّف العين أيضا. والسمة العلامة، فعن «عليّ بن أبي طالب» رضي الله عنه قال:
«كان سيما الملائكة يوم «بدر» الصوف الأبيض، وكان سيماهم أيضا في نواصي خيولهم» اهـ.
وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «كان سيما الملائكة يوم «بدر» عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم، ويوم «حنين» عمائم حمر» اهـ (1)
ومن ينعم النظر في هاتين القراءتين يجد مردّ الخلاف يرجع إلى الصيغ، إذ القراءة الأولى اسم فاعل، والثانية اسم مفعول.
قال ابن الجزري:
... وحذف الواو عم
من قبل سارعوا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عم» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «وسارعوا» من قوله تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (سورة آل عمران آية 133) قرءوا «سارعوا» بحذف الواو، وذلك على الاستئناف. وهي مرسومة بحذف الواو في مصاحف «أهل المدينة والشام».
وقرأ الباقون «وسارعوا» بإثبات الواو، وذلك عطفا على قوله تعالى قبل:
{وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آية 132). وهذه القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف (2).
__________
(1) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1/ 316.
(2) قال «ابن عاشر»: والمكّ والعراق واوا سارعوا.(2/119)
قال ابن الجزري:
وقرح القرح ضم ... صحبة
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «صحبة» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قرح» المنكر، «القرح» المعرّف من قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} (سورة آل عمران آية 140) ومن قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجََابُوا لِلََّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مََا أَصََابَهُمُ الْقَرْحُ} (سورة آل عمران آية 172). قرءوا هذين بضمّ القاف فيهما.
وقرأ الباقون بفتح القاف فيهما، وهما مصدران «قرح». والقرح بفتح القاف: الأثر من الجراحة من شيء يصيبه من خارج. والقرح بضمّ القاف:
أثرها من داخل، كالبثرة، ونحوها. وقد يقال: القرح بالفتح الجراحة، وبالضم الألم.
قال ابن الجزري:
... كائن في كأيّن ثلّ دم
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثلّ» والدال من «دم» وهما: «أبو جعفر، وابن كثير» «وكأيّن» مثل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}
(سورة آل عمران آية 146) قرأ «وكائن» بألف ممدودة بعد الكاف، وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المدّ من قبيل المتصل، فكلّ يمد حسب مذهبه.
إلّا أن «أبا جعفر» يسهل الهمزة بين بين مع التوسط، والمدّ، والقصر.
وقرأ الباقون «وكأيّن» بهمزة مفتوحة بدلا من الألف، وبعدها ياء مكسورة مشددة، وهما لغتان بمعنى «كثير».
ومثلها في الحكم كل لفظ «كأيّن» في جميع القرآن.
تنبيه:
إذا وقف القارئ على «وكأيّن» «فأبو عمرو، ويعقوب» يقفان على الياء هكذا «وكأيّ» وذلك للتنبيه على الأصل، وهو أن الكلمة مركبة من كاف
التشبيه، و «أيّ» المنونة، ومعلوم أن التنوين يحذف وقفا. والباقون من القراء يقفون على النون هكذا «وكأين» اتباعا للرسم، لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية، ولهذا رسم في المصحف نونا هكذا «وكأيّن».(2/120)
إذا وقف القارئ على «وكأيّن» «فأبو عمرو، ويعقوب» يقفان على الياء هكذا «وكأيّ» وذلك للتنبيه على الأصل، وهو أن الكلمة مركبة من كاف
التشبيه، و «أيّ» المنونة، ومعلوم أن التنوين يحذف وقفا. والباقون من القراء يقفون على النون هكذا «وكأين» اتباعا للرسم، لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية، ولهذا رسم في المصحف نونا هكذا «وكأيّن».
قال ابن الجزري:
قاتل ضمّ اكسر بقصر أوجفا ... حقّا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أوجفا» ومدلول «حقّ» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «قاتل» من قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (سورة آل عمران آية 146) قرءوا «قتل» بضمّ القاف، وحذف الألف، وكسر التاء، على البناء للمفعول، وهو مشتق من «القتل» و «ربيون» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «قاتل» بفتح القاف، وإثبات الألف، وفتح التاء، على البناء للفاعل، وهو مشتقّ من «القتال» و «ربيون» فاعل.
قال ابن الجزري:
... وكلّه حما
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «حما» وهما: «أبو عمرو، ويعقوب» «كلّه» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلََّهِ} (سورة آل عمران آية 154). قرأ برفع اللام، على أنها مبتدأ، ومتعلق «لله» خبر، والجملة من المبتدإ وخبره في محلّ رفع خبر «إنّ».
وقرأ الباقون «كلّه» بالنصب، على أنها توكيد لكلمة «الأمر» التي هي اسم «إنّ» ومتعلق «لله» خبر «إنّ».
قال ابن الجزري:
... يغشى شفا
أنّث ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يغشى» من قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعََاساً يَغْشى ََ طََائِفَةً مِنْكُمْ} (سورة آل عمران آية 154). قرءوا «تغشى» بتاء التأنيث، على أن الفاعل ضمير يعود على «أمنة» وهي مؤنثة، فأنّث الفعل تبعا لتأنيث الفاعل.(2/121)
يغشى شفا
أنّث ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يغشى» من قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعََاساً يَغْشى ََ طََائِفَةً مِنْكُمْ} (سورة آل عمران آية 154). قرءوا «تغشى» بتاء التأنيث، على أن الفاعل ضمير يعود على «أمنة» وهي مؤنثة، فأنّث الفعل تبعا لتأنيث الفاعل.
وقرأ الباقون «يغشى» بياء التذكير، على أن الفاعل ضمير يعود على «نعاسا» وهو مذكر، فذكر الفعل تبعا لفاعل.
قال ابن الجزري:
يعملون دم شفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» ومدلول «شفا» وهم: «ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة آل عمران آية 156) قرءوا «يعملون» بياء الغيب، وذلك ردّا على الذين كفروا في قوله تعالى أول الآية: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا} والواو في «يعملون» للكفار.
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، وذلك ردّا على الخطاب الذي في قوله تعالى قبل: {لََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا} والواو في «تعملون» للمؤمنين.
قال ابن الجزري:
اكسر ... ضمّا هنا في متّم شفا أري
وحيث جا صحب أتى ...
المعنى: اختلف القراء في كسر، وضم الميم في الألفاظ الآتية: «متّم، متنا، متّ»:
أمّا «متم» فقد وقع في ثلاثة مواضع:
1 {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ} (سورة آل عمران آية 157).(2/122)
أمّا «متم» فقد وقع في ثلاثة مواضع:
1 {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ} (سورة آل عمران آية 157).
2 {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللََّهِ تُحْشَرُونَ} (سورة آل عمران آية 158).
3 {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذََا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرََاباً وَعِظََاماً} (سورة المؤمنون آية 35).
وأمّا «متنا» فقد وقع في خمسة مواضع:
1 {قََالُوا أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة المؤمنون آية 82).
2 {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة الصافات آية 16).
3 {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَدِينُونَ} (سورة الصافات آية 53).
4 {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً ذََلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (سورة ق آية 3).
5 {وَكََانُوا يَقُولُونَ أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (سورة الواقعة آية 47).
وأمّا «متّ» فقد وقع في ثلاثة مواضع:
1 {قََالَتْ يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا} (سورة مريم آية 23).
2 {وَيَقُولُ الْإِنْسََانُ أَإِذََا مََا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} (سورة مريم آية 66).
3 {وَمََا جَعَلْنََا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ} (سورة الأنبياء آية 34).
فقرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بكسر الميم في الألفاظ الثلاثة حيثما وقعت.
وقرأ «حفص» بكسر الميم في ذلك كله إلّا موضعي سورة آل عمران فقد قرأهما بضم الميم.
وقرأ الباقون بضم الميم في الألفاظ الثلاثة حيثما وقعت. والقراءتان ترجعان إلى أصل الاشتقاق:
فالأولى وهي كسر الميم من «مات يمات» نحو: «خاف يخاف» وهو فعل أجوف أي عينه حرف علة. والأصل «موت» بفتح فاء الكلمة، وكسر عينها، فإذا أسند إلى ضمير الرفع المتحرك قيل: «متّ» بكسر فاء الكلمة، لأننا نقلنا
حركة العين إلى الفاء بعد حذف حركة الفاء، ثم حذفنا الواو للساكنين.(2/123)
فالأولى وهي كسر الميم من «مات يمات» نحو: «خاف يخاف» وهو فعل أجوف أي عينه حرف علة. والأصل «موت» بفتح فاء الكلمة، وكسر عينها، فإذا أسند إلى ضمير الرفع المتحرك قيل: «متّ» بكسر فاء الكلمة، لأننا نقلنا
حركة العين إلى الفاء بعد حذف حركة الفاء، ثم حذفنا الواو للساكنين.
والثانية: وهي بضم الميم من «مات يموت» نحو: «قام يقوم» الأجوف من باب «نصر ينصر». وأصل «مات» «موت» تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وأصل «يموت» «يموت» بضم عين الكلمة، فنقلت ضمتها إلى الساكن قبلها.
قال ابن الجزري:
وفتح ضم ... يغلّ والضّمّ حلا نصر دعم
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حلا» والنون من «نصر» والدال من «دعم» وهم: «أبو عمرو، وعاصم، وابن كثير» «يغل» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (سورة آل عمران آية 161) قرءوا بفتح الياء، وضمّ الغين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «نبيّ». والمعنى: لا ينبغي أن يقع من «نبيّ» غلول البتّة، أي خيانة.
وقرأ الباقون «يغلّ» بضمّ الياء، وفتح الغين، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «نبيّ» أيضا، والفعل على هذه القراءة من «أغلّ» الرباعي. والمعنى: ما كان لنبيّ أن ينسب إليه غلول البتّة، مثل: «أكذبته» نسبته إلى الكذب.
قال «ابن الأثير» مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري» ت 606هـ: «الغلول»: الخيانة في المغنم، والسرقة، وكل من خان في شيء خفية فقد غلّ، وسميت «غلولا» لأن الأيدي فيها تغلّ، أي يجعل فيها «الغلّ» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
ويجمعون عالم ...
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 8/ 48.(2/124)
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عالم» وهو: «حفص» «يجمعون» من قوله تعالى: {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (سورة آل عمران آية 157) بياء الغيب، وهو راجع إلى الذين كفروا في قوله تعالى قبل: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا} (آية / 156) والضمير في «يجمعون» للكفار.
وقرأ الباقون «تجمعون» بتاء الخطاب، لمناسبة قوله تعالى في صدر الآية {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ}.
قال ابن الجزري:
ما قتلوا ... شدّ لدى خلف وبعد كفلوا
كالحجّ والآخر والأنعام ... دم كم
المعنى: اختلف القراء في تشديد وتخفيف التاء في لفظ «قتلوا» سواء كان مبنيّا للفاعل، أو المفعول، في المواضع الآتية:
1 - قوله تعالى: {الَّذِينَ قََالُوا لِإِخْوََانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطََاعُونََا مََا قُتِلُوا} (سورة آل عمران آية 168).
2 - قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً} (سورة آل عمران آية 169).
3 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هََاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مََاتُوا} (سورة الحج آية 58).
4 - قوله تعالى: {وَقََاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئََاتِهِمْ} (سورة آل عمران آية 195).
5 - قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلََادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (سورة الأنعام آية 140).
فقرأ «هشام» بخلف عنه «ما قتلوا» آل عمران (آية 168)، بتشديد التاء، على أنه مضارع «قتّل» مضعف العين، مبني للمجهول والواو نائب فاعل، والتشديد لإرادة التكثير في القتل.
وقرأ الباقون «ما قتلوا» بتخفيف التاء، وهو الوجه الثاني لهشام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» والواو نائب فاعل.(2/125)
فقرأ «هشام» بخلف عنه «ما قتلوا» آل عمران (آية 168)، بتشديد التاء، على أنه مضارع «قتّل» مضعف العين، مبني للمجهول والواو نائب فاعل، والتشديد لإرادة التكثير في القتل.
وقرأ الباقون «ما قتلوا» بتخفيف التاء، وهو الوجه الثاني لهشام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» والواو نائب فاعل.
تنبيه:
قيد الناظم رحمه الله موضع الخلاف في «ما قتلوا» بالمسبوق ب «ما» فقط، ليخرج «وما قتلوا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا لِإِخْوََانِهِمْ إِذََا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كََانُوا غُزًّى لَوْ كََانُوا عِنْدَنََا مََا مََاتُوا وَمََا قُتِلُوا} (سورة آل عمران آية 156) فقد اتفق القراء العشرة على قراءته بتخفيف التاء مع البناء للمجهول، وذلك إمّا لمناسبة «ما ماتوا» أو لأن «القتل» في هذا الموضع ليس مختصا بسبيل الله، بدليل «إذا ضربوا في الأرض» لأن المقصود به السفر في التجارة، وقد روي عن «ابن عامر» أنه قال: ما كان من «القتل في سبيل الله» فهو بالتشديد، أي يجوز فيه التشديد.
وقرأ «ابن عامر» في المواضع الأربعة الباقية بتشديد التاء، على أنّ الفعل مضارع من «قتّل» مضعف العين، لإرادة التكثير في القتل.
وقرأ «ابن كثير» بتشديد التاء في الموضع الأخير من آل عمران (آية 195) وكذا موضع الأنعام (آية 140). أمّا موضع آل عمران (آية 169)، وكذا موضع الحج (آية 58) فقد قرأهما «ابن كثير» بتخفيف التاء، على أنه مضارع من «قتل» الثلاثي، مثل «نصر» وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ الباقون المواضع الأربعة بتخفيف التاء.
تنبيه:
«قتلوا» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (سورة محمد آية 4) اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول، مع تخفيف التاء.
«وقتلوا» من قوله تعالى: {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} (سورة الأحزاب آية 61) اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تشديد التاء. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
... وخلف يحسبنّ لاموا
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لاموا» بخلف عنه، وهو: «هشام» «ولا تحسبن» من قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً} (سورة آل عمران آية 169).(2/126)
وخلف يحسبنّ لاموا
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لاموا» بخلف عنه، وهو: «هشام» «ولا تحسبن» من قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً} (سورة آل عمران آية 169).
قرأه «هشام» بخلف عنه «ولا يحسبن» بياء الغيبة، وفاعله «الذين قتلوا في سبيل الله» وهم «الشهداء» و «أمواتا» مفعول ثان، والمفعول الأوّل محذوف، والتقدير: «ولا يحسبن الشهداء أنفسهم أمواتا.
وقرأ الباقون «ولا تحسبنّ» بتاء الخطاب، وهو الوجه الثاني «لهشام» و «الذين قتلوا في سبيل الله» مفعول أوّل، و «أمواتا» مفعول ثان، والتقدير: ولا تحسبنّ يا «محمد» أو يا مخاطب الشهداء أمواتا.
وقرأ الباقون «ولا تحسبنّ» بتاء الخطاب، وهو الوجه الثاني «لهشام» و «الذين قتلوا في سبيل الله» مفعول أوّل، و «أمواتا» مفعول ثان، والتقدير: ولا تحسبنّ يا «محمد» أو يا مخاطب الشهداء أمواتا.
وقرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر» «تحسبن» بفتح السين.
وقرأ الباقون بكسرها، وهما لغتان، وقد سبق دليل ذلك في قول «ابن الجزري»: ويحسب مستقبلا بفتح سين كتبوا في نصّ ثبت.
قال ابن الجزري:
وخاطبن ذا الكفر والبخل فنن ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فنن» وهو: «حمزة» «ولا يحسبن» من قوله تعالى:
1 {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمََا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} (سورة آل عمران آية 178).
2 {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمََا آتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (سورة آل عمران آية 180).
قرأ «ولا تحسبن» في الموضعين بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، أو كل من يصلح للخطاب.
وقرأ الباقون «ولا يحسبن» في الموضعين بياء الغيب، والفاعل «الذين كفروا» أو «الذين يبخلون».(2/127)
قرأ «ولا تحسبن» في الموضعين بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، أو كل من يصلح للخطاب.
وقرأ الباقون «ولا يحسبن» في الموضعين بياء الغيب، والفاعل «الذين كفروا» أو «الذين يبخلون».
وقرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر» بفتح السين.
وقرأ الباقون بكسرها، وهما لغتان.
قال ابن الجزري:
... وفرح ظهر كفى
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظهر» ومدلول «كفى» وهم: «يعقوب، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا تحسبنّ» من قوله تعالى: {لََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمََا أَتَوْا} (سورة آل عمران آية 188). قرءوا «لا تحسبنّ» بتاء الخطاب، والفعل مسند إلى المخاطب، والمعنى: لا تحسبن يا مخاطب الفرحين ناجين.
وقرأ الباقون «لا يحسبنّ» بياء الغيبة، على إسناد الفعل إلى «الذين يفرحون بما أتوا». والمعنى: لا يحسبن الفرحون أنفسهم ناجين.
قال ابن الجزري:
... واكسر وأنّ الله
رم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رم» وهو: الكسائي» «وأنّ» من قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة آل عمران آية 171). قرأ «وإنّ» بكسر الهمزة، على الاستئناف.
وقرأ الباقون «وأنّ» بفتح الهمزة، عطفا على «بنعمة» مع تقدير حرف الجرّ. والتقدير: يستبشرون بنعمة من الله وفضل وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.
قال ابن الجزري:(2/128)
وقرأ الباقون «وأنّ» بفتح الهمزة، عطفا على «بنعمة» مع تقدير حرف الجرّ. والتقدير: يستبشرون بنعمة من الله وفضل وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.
قال ابن الجزري:
يحزن في الكلّ اضمما ... مع كسر ضمّ أمّ الأنبيا ثما
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أمّ» وهو: «نافع» «يحزن» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
1 {وَلََا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسََارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (سورة آل عمران آية 176).
2 {يََا أَيُّهَا الرَّسُولُ لََا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسََارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (سورة المائدة آية 41).
3 {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لََا يُكَذِّبُونَكَ} (سورة الأنعام آية 33).
4 {وَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً} (سورة يونس آية 65).
5 {وَمَنْ كَفَرَ فَلََا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} (سورة لقمان آية 23).
6 {فَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} (سورة يس آية 76).
7 {قََالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} (سورة يوسف آية 13).
8 {إِنَّمَا النَّجْوى ََ مِنَ الشَّيْطََانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (سورة المجادلة آية 10).
قرأ «نافع» جميع هذه الأفعال حيثما وقعت في القرآن الكريم بضمّ الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أحزن» المزيد بالهمزة، إلّا موضع الأنبياء وهو قوله تعالى: {لََا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} (آية 103) فقد قرأه «لا يحزنهم» بفتح الياء، وضم الزاي، على أنه مضارع «حزن» الثلاثي نحو: «علم يعلم» وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ المرموز له بالثاء من «ثما» وهو: «أبو جعفر» جميع هذه الأفعال بفتح الياء، وضمّ الزاي، إلّا موضع الأنبياء (آية 103) فقد قرأه بضم الياء، وكسر الزاي، جمعا بين اللغتين أيضا.
وقرأ الباقون جميع هذه الأفعال بما في ذلك موضع الأنبياء بفتح الياء، وضمّ الزاي.
قال ابن الجزري:(2/129)
وقرأ الباقون جميع هذه الأفعال بما في ذلك موضع الأنبياء بفتح الياء، وضمّ الزاي.
قال ابن الجزري:
يميز ضمّ افتح وشدّده ظعن ... شفا معا
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظعن» ومدلول «شفا» وهم: «يعقوب، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يميز» في الموضعين، وهما في قوله تعالى:
1 {مََا كََانَ اللََّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ََ مََا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتََّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
(سورة آل عمران آية 179).
2 {لِيَمِيزَ اللََّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (سورة الأنفال آية 37). قرءوا «يميّز» بضم الياء، وفتح الميم، وكسر الياء مشددة، مضارع «ميّز يميّز» مضعف العين، مثل: «كرم يكرّم».
وقرأ الباقون «يميز» بفتح الياء، وكسر الميم، وإسكان الياء، مضارع «ماز يميز» معتلّ العين، مثل: «كال يكيل». والقراءتان لغتان ترجعان إلى أصل الاشتقاق:
فالأولى: من «التمييز» يقال: «ميّز يميّز تمييزا» بتضعيف العين. يقال:
ميّزت بين الأشياء بمعنى فرّقت بينها.
والثانية: من «الميز» يقال: «ماز يميز ميزا» بتخفيف العين. يقال: ماز الشيء: إذا فرقه، وفصل بينه وبين غيره.
قال «الراغب الأصفهاني» ت 502هـ: «الميز، والتمييز»: الفصل بين المتشابهات، يقال: «مازه يميزه ميزا، وميّزه يميّزه تمييزا» اهـ (1).
وقال «محمد مرتضى الزبيدي» ت 1205هـ: في مادة «ماز»: «مازه يميزه ميزا»: عزله، وفرزه، كأمازه، وميّزه، والاسم «الميزة» بالكسر» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
... يكتب يا وجهّلن
قتل ارفعوا يقول يا فز ...
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 478.
(2) انظر: تاج العروس ج 4/ 83.(2/130)
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» «سنكتب، وقتلهم، ونقول» من قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مََا قََالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيََاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذََابَ الْحَرِيقِ} (سورة آل عمران آية 181). قرأ «سيكتب» بياء مضمومة، وفتح التاء، مبنيا للمفعول، و «ما» اسم موصول، أو مصدريّة، نائب فاعل، والتقدير: سيكتب الذي قالوه، أو سيكتب قولهم. وقرأ «وقتلهم» برفع اللام، عطفا على «ما» وقرأ «ويقول» بياء الغيبة، وذلك لمناسبة قوله تعالى قبل: {لَقَدْ سَمِعَ اللََّهُ} إلخ وهو معطوف على «سيكتب».
وقرأ الباقون «سنكتب» بنون العظمة، وضمّ التاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو يعود على الله تعالى، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، و «ما» مفعول به.
وقرءوا «وقتلهم» بنصب اللام، عطفا على «ما». وقرءوا «ونقول» بنون العظمة، وهو معطوف على «سنكتب».
قال ابن الجزري:
يعملوا ... حقّ
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حقّ» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «تعملون» من قوله تعالى: {وَلِلََّهِ مِيرََاثُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (سورة آل عمران آية 180). قرءوا «يعملون» بياء الغيبة، وذلك لمناسبة قوله تعالى أوّل الآية: {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} إلخ.
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، لمناسبة قوله تعالى قبل: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (آية 179) أو على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
قال ابن الجزري:
... وفي الزبر بالبا كمّلوا
2 - لمعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كمّلوا» وهو: «ابن عامر» «والزبر» من قوله تعالى: {جََاؤُ بِالْبَيِّنََاتِ وَالزُّبُرِ} (سورة آل عمران آية 184). قرأ «وبالزبر» بزيادة باء موحدة بعد الواو، وذلك موافقة لرسم المصحف الشامي (1).(2/131)
وفي الزبر بالبا كمّلوا
2 - لمعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كمّلوا» وهو: «ابن عامر» «والزبر» من قوله تعالى: {جََاؤُ بِالْبَيِّنََاتِ وَالزُّبُرِ} (سورة آل عمران آية 184). قرأ «وبالزبر» بزيادة باء موحدة بعد الواو، وذلك موافقة لرسم المصحف الشامي (1).
وقرأ الباقون «والزبر» بحذف الباء، موافقة لرسم بقية المصاحف.
قال ابن الجزري:
وبالكتاب الخلف لذ ...
المعنى: قرأ المرموز له باللام من «لذ» وهو: «هشام» بخلف عنه «والكتب» من قوله تعالى: {جََاؤُ بِالْبَيِّنََاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتََابِ الْمُنِيرِ} (سورة آل عمران آية 184). قرأ «وبالكتاب» بزيادة باء موحدة بعد الواو بخلف عنه، وذلك موافقة لرسم المصحف الشامي (2).
وقرأ الباقون «والكتاب» بحذف الباء، تبعا لرسم بقية المصاحف، وهو الوجه الثاني «لهشام».
قال ابن الجزري:
يبيّنن ... ويكتمون حبر صف
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «حبر» وبالصاد من «صف» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة» «لتبيننه، ولا تكتمونه» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنََّاسِ وَلََا تَكْتُمُونَهُ} (سورة آل عمران آية 187).
قرءوا «ليبيّننه، ولا يكتمونه» بياء الغيب فيهما، وذلك على إسناد الفعلين إلى «الذين أوتوا الكتب».
وقرأ الباقون «لتبيننه، ولا تكتمونه» بتاء الخطاب فيهما، وذلك على الحكاية، أي قلنا لهم: «لتبيننه للناس ولا تكتمونه».
__________
(1) قال ابن عاشر: بالزبر الشام بباء شائع.
(2) قال ابن عاشر: بالزبر الشام بباء شائع كذا الكتاب بخلاف عنهمو.(2/132)
قال ابن الجزري:
... ويحسبن
غيب وضمّ الباء حبر ...
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «فلا تحسبنهم» من قوله تعالى: {فَلََا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفََازَةٍ مِنَ الْعَذََابِ وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ}
(سورة آل عمران آية 188). قرآ «فلا يحسبنّهم» بياء الغيبة، وضم الباء وكسر السين، والفعل مسند إلى ضمير «الذين» ومن ثمّ ضمت الباء لتدلّ على واو الضمير المحذوفة لسكون النون بعدها، ومفعوله الأول والثاني محذوف، تقديرهما: كذلك، أي فلا يحسبنّ الفرحون أنفسهم ناجية، والفاء للعطف.
وقرأ الباقون «فلا تحسبنّهم» بتاء الخطاب، وفتح الباء.
وقرأ «حمزة، وعاصم، وابن عامر، وأبو جعفر» بفتح السين.
وقرأ الباقون بكسر السين. والفعل على قراءة الخطاب مسند إلى المخاطب، والمعنى: لا تحسبن يا مخاطب الفرحين ناجين، لا تحسبنهم كذلك.
قال ابن الجزري:
قتلوا ... قدّم وفي التوبة أخّر يقتلوا
شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» قوله تعالى:
1 {فَالَّذِينَ هََاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقََاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئََاتِهِمْ} (سورة آل عمران آية 195).
2 {إِنَّ اللََّهَ اشْتَرى ََ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (سورة التوبة آية 111). قرءوا بتقديم «قتلوا»
وتقديم «ويقتلون» الفعل المبني للمجهول فيهما، وتوجيه ذلك أن «الواو» لا تفيد ترتيبا أو على التوزيع، لأن منهم من قتل، ومنهم من قاتل.(2/133)
2 {إِنَّ اللََّهَ اشْتَرى ََ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوََالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (سورة التوبة آية 111). قرءوا بتقديم «قتلوا»
وتقديم «ويقتلون» الفعل المبني للمجهول فيهما، وتوجيه ذلك أن «الواو» لا تفيد ترتيبا أو على التوزيع، لأن منهم من قتل، ومنهم من قاتل.
وقرأ الباقون بتقديم الفعل المسمى للفاعل فيهما، وذلك لأن القتال يكون عادة قبل القتل.
وقرأ «ابن كثير، وابن عامر» «وقتّلوا» بتشديد التاء، للتكثير.
وقرأ الباقون بتخفيف التاء، على الأصل، وفي هذا يقول ابن الجزري:
ما قتلوا ... شدّ لدى خلف وبعد كفلوا
كالحجّ والآخر والأنعام ... دم كم
قال ابن الجزري:
يغرّنك الخفيف يحطمن ... أو نرين ويستخفّن نذهبن
وقف بذا بألف غص ...
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غص» وهو: «رويس»:
1 «لا يغرنك» من قوله تعالى: {لََا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلََادِ}
(سورة آل عمران آية 196).
2 «لا يحطمنكم» من قوله تعالى: {لََا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمََانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لََا يَشْعُرُونَ} (سورة النمل آية 18).
3 «أو نرينك» من قوله تعالى: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنََاهُمْ} (سورة الزخرف آية 42).
4 «نذهبن» من قوله تعالى: {فَإِمََّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنََّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} (سورة الزخرف آية 41). قرأ «رويس» هذه الكلمات الخمس بتخفيف النون مع سكونها، على أنها نون التوكيد الخفيفة، وإذا وقف على «نذهبن» وقف بالألف، وذلك على الأصل في الوقف على نون التوكيد الخفيفة.
وقرأ الباقون بتشديد النون في الكلمات الخمس، على أنها نون التوكيد الثقيلة.(2/134)
4 «نذهبن» من قوله تعالى: {فَإِمََّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنََّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} (سورة الزخرف آية 41). قرأ «رويس» هذه الكلمات الخمس بتخفيف النون مع سكونها، على أنها نون التوكيد الخفيفة، وإذا وقف على «نذهبن» وقف بالألف، وذلك على الأصل في الوقف على نون التوكيد الخفيفة.
وقرأ الباقون بتشديد النون في الكلمات الخمس، على أنها نون التوكيد الثقيلة.
قال ابن الجزري:
وثمر ... شدّد لكنّ الذين كالزّمر
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثمر» وهو: «أبو جعفر» «لكن» من قوله تعالى:
1 {لََكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنََّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ خََالِدِينَ فِيهََا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ} (سورة آل عمران آية 198).
2 {لََكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهََا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} (سورة الزمر آية 20) قرأ «أبو جعفر» «لكنّ» في الموضعين بنون مفتوحة مشددة على أن «لكنّ» عاملة عمل «إنّ» و «الذين» اسمها، وجملة «لهم جنت تجري من تحتها الأنهر» خبر «لكنّ» الأولى. وجملة «لهم غرف من فوقها غرف مبنية» خبر «لكنّ» الثانية.
وقرأ الباقون «لكن» في الموضعين بنون ساكنة خفيفة مع تحريكها وصلا بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين، وعلى هذه القراءة تكون «لكن» مخففة مهملة لا عمل لها، والذين مبتدأ، وجملة «لهم جنت» خبر الأولى، وجملة «لهم غرف» خبر الثانية.
(والله أعلم) تمّت سورة آل عمران ولله الحمد والشكر(2/135)
(والله أعلم) تمّت سورة آل عمران ولله الحمد والشكر
سورة النساء
قال ابن الجزري:
تساءلون الخفّ كوف ...
المعنى: قرأ الكوفيون وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تساءلون» من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ} (سورة النساء آية 1) قرءوا «تساءلون» بتخفيف السين، وذلك على حذف إحدى التاءين، لأن أصلها «تتساءلون».
وقرأ الباقون «تسّاءلون» بتشديد السين، وذلك على إدغام التاء في السين، لقرب مخرجهما، إذ التاء تخرج من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى، وكذلك لاشتراكهما في الصفات الآتية: الهمس، والاستفال، والانفتاح، والإصمات.
قال ابن الجزري:
واجررا ... الأرحام ف ق
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «ف ق» وهو: «حمزة» «والأرحام» من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ} (سورة النساء آية 1) قرأ «والأرحام» بخفض الميم، عطفا على الضمير المجرور في «به».
وقد طعن نحاة «البصرة» في هذه القراءة، ونقلت لنا المصادر موقف البصريين، وهو كلام غير سديد، وقد تولّى الردّ على البصريين الكثيرون من العلماء، وهذه صورة من طعون البصريين على هذه القراءة الصحيحة المتواترة، التي تلقيناها مشافهة على شيوخنا، قال «مكي بن أبي طالب القيسي» ت 465هـ. في كتابه «الكشف عن وجوه القراءات»: قال: «وهو أي العطف على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر قبيح عند البصريين، وقليل في الاستعمال، بعيد في القياس، لأن المضمر في «به» عوض عن التنوين، ولأن
المضمر المخفوض لا ينفصل عن الحرف، ولا يقع بعد حرف العطف، ولأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان يحسن في أحدهما ما يحسن في الآخر، ويقبح في أحدهما ما يقبح في الآخر، فكما لا يجوز: واتقوا الله الذي تساءلون بالأرحام، فكذلك لا يحسن «تساءلون به والأرحام» فإن أعيد الخافض حسن» اهـ (1).(2/137)
وقد طعن نحاة «البصرة» في هذه القراءة، ونقلت لنا المصادر موقف البصريين، وهو كلام غير سديد، وقد تولّى الردّ على البصريين الكثيرون من العلماء، وهذه صورة من طعون البصريين على هذه القراءة الصحيحة المتواترة، التي تلقيناها مشافهة على شيوخنا، قال «مكي بن أبي طالب القيسي» ت 465هـ. في كتابه «الكشف عن وجوه القراءات»: قال: «وهو أي العطف على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر قبيح عند البصريين، وقليل في الاستعمال، بعيد في القياس، لأن المضمر في «به» عوض عن التنوين، ولأن
المضمر المخفوض لا ينفصل عن الحرف، ولا يقع بعد حرف العطف، ولأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان يحسن في أحدهما ما يحسن في الآخر، ويقبح في أحدهما ما يقبح في الآخر، فكما لا يجوز: واتقوا الله الذي تساءلون بالأرحام، فكذلك لا يحسن «تساءلون به والأرحام» فإن أعيد الخافض حسن» اهـ (1).
وأقول: لقد عجبت من كلام «مكي بن أبي طالب» وهو القارئ اللغوي أشدّ العجب، وقلت في نفسي: كيف لا يردّ على البصريين كلامهم، إذ الواجب أن يكون ما جاء به «القرآن الكريم» هو الصواب الذي لا يجوز العدول عنه إلى غيره من كلام البشر.
كما يجب أن تكون القراءات القرآنية من المراجع الأصيلة التي تبنى عليها القواعد النحوية.
وقرأ الباقون «والأرحام» بنصب الميم، عطفا على لفظ الجلالة: «الله» على معنى: واتقوا الله، واتقوا الأرحام أن تقطعوها. ويجوز أن يكون معطوفا على محلّ الجارّ والمجرور، لأنه في موضع نصب، كما تقول: «مررت بزيد وعمرا» لأن معنى «مررت بزيد» جاوزت زيدا، فهو في موضع نصب فحمل «والأرحام» على المعنى فنصب.
وقضية العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الخافض، من القضايا النحوية التي اختلف فيها نحاة «الكوفة والبصرة» قديما (2) وهذه إشارة إلى مذهب كل منهما ودليله:
أولا: ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الخافض، واحتجوا لرأيهم بأنه قد جاء ذلك في «القرآن الكريم» وكلام العرب:
فمن «القرآن الكريم» قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ}
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات لمكي ج 1/ 375.
(2) انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف ج 2/ 463فما بعدها.(2/138)
{وَالْأَرْحََامَ} فقد قرأ «حمزة بن حبيب الزيات» ت 156هـ وهو كوفيّ، وأحد القراء السبعة المشهورين، بخفض ميم «والأرحام» عطفا على الضمير المجرور في «به». ومنه قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسََاءِ قُلِ اللََّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ} (سورة النساء آية 127). فما من قوله تعالى: {وَمََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ} اسم موصول في موضع خفض عطفا على الضمير المجرور في «فيهنّ».
ومن كلام العرب، قول الشاعر:
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب (1)
ومحلّ الشاهد قوله: «فما بك والأيام» حيث عطف «والأيّام» على الكاف من «بك» من غير إعادة حرف الجرّ، والتقدير: فما بك وبالأيّام.
ثانيا: ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الخافض.
واحتجوا لرأيهم بأن قالوا: «إنما قلنا: إنه لا يجوز، وذلك لأن الجارّ مع المجرور بمنزلة شيء واحد، فإذا عطفت على الضمير المجرور، والضمير إذا كان مجرورا اتصل بالجارّ، ولم ينفصل منه، ولهذا لا يكون إلّا متصلا، بخلاف ضمير المرفوع والمنصوب، فكأنك قد عطفت الاسم على الحرف المجرور، وعطف الاسم على الحرف لا يجوز.
ومنهم من قال: «أجمعنا على أنه لا يجوز عطف المضمر المجرور، على المظهر المجرور، إذ لا يجوز أن يقال: «مررت بزيدوك» فكذلك ينبغي أن لا يجوز عطف المظهر المجرور، على المضمر المجرور، فلا يقال: «مررت بك وزيد» لأن الأسماء مشتركة في العطف، فكما لا يجوز أن يكون معطوفا، فلا يجوز أن يكون معطوفا عليه» اهـ (2).
__________
(1) قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله تعالى: «هذا البيت من شواهد سيبويه ج 1/ 92وشرحه البغدادي في خزانة الأدب ج 2/ 338وابن عقيل رقم / 298، ولم ينسبه واحد من هؤلاء إلى قائل معين». اه. انظر: هامش الإنصاف ج 2/ 464.
(2) انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري ج 2/ 467466.(2/139)
رأي وترجيح
وأقول: نحن إذا ما نظرنا في أدلة كل من الكوفيين، والبصريين، حكمنا بدون تردد بأن رأي «الكوفيين» هو الصواب، والذي لا يجب العدول عنه، وذلك لمجيء «القرآن» به، والقرآن الكريم يجب أن لا يقدّم عليه أيّ كلام مهما بلغ قائله من الفصاحة، وعلى «البصريين» أن يغيّروا قواعدهم بحيث تتفق مع لغة «القرآن» الذي يعتبر في قمة المصادر التي يعتمد عليها عند التقنيين. وقد رجّح «ابن مالك» ت 672هـ رأي «الكوفيين» حيث قال في ألفيته:
وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازما قد جعلا
وليس عندي لازما إذ قد أتى ... في النظم والنثر الصحيح مثبتا
قال ابن الجزري:
... واحدة رفع ثرا
الاخرى مدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثرا» وهو: «أبو جعفر» «فواحدة» من قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلََّا تَعْدِلُوا فَوََاحِدَةً أَوْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُكُمْ} (سورة النساء آية 3) برفع التاء، على أنها خبر لمبتدإ محذوف، أي فالمقنع واحدة، أو فاعل لفعل محذوف، والتقدير: فيكفي واحدة.
وقرأ الباقون «فواحدة» بنصب التاء، على أنها مفعول لفعل محذوف، والتقدير: فانكحوا واحدة.
وقرأ المرموز لهما ب «مدا» وهما: «نافع»، وأبو جعفر» «وحدة» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَتْ وََاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (سورة النساء آية 11) برفع التاء، على أنّ «كان» تامّة تكتفي بمرفوعها.
وقرأ الباقون «واحدة» بنصب التاء، على أنّ «كان» ناقصة و «واحدة» خبرها، واسم «كان» مضمر، والتقدير: وإن كانت الوارثة واحدة.
قال ابن الجزري:(2/140)
وقرأ الباقون «واحدة» بنصب التاء، على أنّ «كان» ناقصة و «واحدة» خبرها، واسم «كان» مضمر، والتقدير: وإن كانت الوارثة واحدة.
قال ابن الجزري:
واقصر قياما كن أبا ... وتحت كم
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كن» والألف من «أبا» وهما: «ابن عامر، ونافع» «قيما» من قوله تعالى: {وَلََا تُؤْتُوا السُّفَهََاءَ أَمْوََالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللََّهُ لَكُمْ قِيََاماً} (سورة النساء آية 5). قرءاها «قيما» بغير ألف بعد الياء، على أنها مصدر «قام» بمعنى «القيام» لغة فيه.
وقرأ الباقون «قياما» بإثبات الألف بعد الياء، على أنه مصدر «قام يقيم قياما».
قال «الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة» ت 215هـ: في المصدر ثلاث لغات: «القوام، والقيام، والقيم» اهـ (1).
وقرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «قيما» من قوله تعالى: {جَعَلَ اللََّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرََامَ قِيََاماً لِلنََّاسِ} (سورة المائدة آية 97). قرأه «ابن عامر» «قيما» بغير ألف بعد الياء.
وقرأه الباقون «قياما» بإثبات ألف بعد الياء.
تنبيه: «قيما» من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللََّهَ قِيََاماً وَقُعُوداً وَعَلى ََ جُنُوبِهِمْ} (سورة آل عمران آية 191). ومن قوله تعالى: {فَإِذََا قَضَيْتُمُ الصَّلََاةَ فَاذْكُرُوا اللََّهَ قِيََاماً وَقُعُوداً وَعَلى ََ جُنُوبِكُمْ} (سورة النساء آية 103). ومن قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيََاماً} (سورة الفرقان آية 64) اتفق القراء العشرة على قراءة «قياما» في السور الثلاث «قياما» بإثبات الألف بعد الياء.
وهذا دليل على أن القراءة سنة متبعة، مبنيّة على التوقيف، ولا مجال للرأي أو القياس فيها.
قال ابن الجزري:
... يصلون ضمّ كم صبا
__________
(1) انظر الكشف عن وجوه القراءات ج 1/ 377.(2/141)
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والصاد من «صبا» وهما: «ابن عامر، وشعبة» «وسيصلون» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً إِنَّمََا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نََاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (سورة النساء آية 10). قرءاه «وسيصلون» بضم الياء، على أنه مضارع مبنيّ للمجهول من «أصلى» المزيد بالهمزة، والواو نائب فاعل، وهي المفعول الأول، و «سعيرا» مفعول ثان، ومنه قوله تعالى: {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نََاراً} (سورة النساء آية 56).
وقرأ الباقون «وسيصلون» بفتح الياء، على أنه مضارع مبني للفاعل، من «صلا» الثلاثي، والواو فاعل، و «سعيرا» مفعول به، ومنه قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهََا وَبِئْسَ الْقَرََارُ} (سورة إبراهيم آية 29).
قال ابن الجزري:
يوصى بفتح الصّاد صف كفلا درا ... ومعهم حفص في الاخرى قد قرا
المعنى: اختلف القراء في فتح الصاد، وكسرها في لفظ «يوصى» في موضعين وهما:
1 - قوله تعالى: {يُوصِي بِهََا أَوْ دَيْنٍ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ} (سورة النساء آية 11).
2 - قوله تعالى: {يُوصى ََ بِهََا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} (سورة النساء آية 12).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» والكاف من «كفلا» والدال من «درا» وهم: «شعبة، وابن عامر، وابن كثير» «يوصى» في الموضعين بفتح الصاد، وألف بعدها، وذلك على البناء للمفعول، و «بها» نائب فاعل.
وقرأ المصرح باسمه وهو «حفص» الموضع الأوّل «يوصي» بكسر الصاد، وياء بعدها، وذلك على البناء للفاعل والفاعل ضمير والمراد به «الميّت» و «بها» متعلق ب «يوصي» أي يوصي بها الميّت.
أمّا الموضع الثاني فإنه قرأه بفتح الصاد، وألف بعدها مثل قراءة «شعبة، وابن عامر، وابن كثير».
وقرأ الباقون الموضعين «يوصي» بكسر الصاد، وياء بعدها.
قال ابن الجزري:(2/142)
وقرأ الباقون الموضعين «يوصي» بكسر الصاد، وياء بعدها.
قال ابن الجزري:
لأمّه في أمّ أمّها كسر ... ضمّا لدى الوصل رضى كذا الزّمر
والنّحل نور النجم والميم تبع ... فاش
المعنى: اختلف القراء العشرة في قراءة الألفاظ الآتية:
1 «فلأمه» من قوله تعالى: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (سورة النساء آية 11). ومن قوله تعالى:
{فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (سورة النساء آية 11).
2 «في أمّ» من قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتََابِ} (سورة الزخرف آية 4).
3 «في أمها» من قوله تعالى: {حَتََّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهََا رَسُولًا} (سورة القصص آية 59).
فقرأ المرموز لهما ب «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» هذه الألفاظ الثلاثة المتقدمة بكسر الهمزة وصلا، أي وصل ما قبل الهمزة بها، وذلك لمناسبة الكسرة التي قبل الهمزة، وإذا ابتدأ بالهمزة فإنهما يبدآن بهمزة مضمومة على الأصل.
وقرأ الباقون الألفاظ الثلاثة بضم الهمزة في الحالين: أى وصلا وبدءا والكسر والضمّ لغتان صحيحتان.
أمّا إذا أضيف لفظ «أم» إلى جمع وكان قبله كسر، وذلك في أربعة مواضع:
1 - قوله تعالى: {وَاللََّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ لََا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} (سورة النحل آية 78).
2 - قوله تعالى: {أَوْ بُيُوتِ أُمَّهََاتِكُمْ} (سورة النور آية 61).
3 - قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ} (سورة الزمر آية 6).
4 - قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ} (سورة النجم آية 32).
فقد قرأ المرموز له بالفاء من «فاش» وهو: «حمزة» بكسر الهمزة، والميم حالة وصل «أمهاتكم» بالكلمة التي قبلها، فالكسر الذي في الهمزة لمناسبة الكسر الذي قبلها، والكسر في الميم اتباعا لكسر الهمزة.
وقرأ «الكسائي» الداخل في مدلول «رضى» بكسر الهمزة فقط حالة وصل «أمهاتكم» بالكلمة التي قبلها، وذلك لمناسبة الكسر الذي قبلها. وإذا ابتدأ «حمزة، أو الكسائي» ب «أمهاتكم» فإنه يقرأ بهمزة مضمومة، وميم مفتوحة على الأصل.(2/143)
فقد قرأ المرموز له بالفاء من «فاش» وهو: «حمزة» بكسر الهمزة، والميم حالة وصل «أمهاتكم» بالكلمة التي قبلها، فالكسر الذي في الهمزة لمناسبة الكسر الذي قبلها، والكسر في الميم اتباعا لكسر الهمزة.
وقرأ «الكسائي» الداخل في مدلول «رضى» بكسر الهمزة فقط حالة وصل «أمهاتكم» بالكلمة التي قبلها، وذلك لمناسبة الكسر الذي قبلها. وإذا ابتدأ «حمزة، أو الكسائي» ب «أمهاتكم» فإنه يقرأ بهمزة مضمومة، وميم مفتوحة على الأصل.
وقرأ الباقون «أمهاتكم» في المواضع الأربعة بضم الهمزة، وفتح الميم في الحالين، أي وصلا وبدءا وذلك على الأصل، وكلها لغات.
قال ابن الجزري:
... وندخله مع الطّلاق مع
فوق يكفّر ويعذّب معه في ... إنّا فتحنا نونها عمّ
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عمّ» وهم: نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» الألفاظ الآتية بالنون، والألفاظ هي:
1 «يدخله» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللََّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (سورة النساء آية 13).
2 - ومن قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نََاراً خََالِداً فِيهََا} (سورة النساء آية 14).
3 - ومن قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللََّهِ وَيَعْمَلْ صََالِحاً يُدْخِلْهُ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (سورة الطلاق آية 11).
4 «يدخله، يعذبه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللََّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذََاباً أَلِيماً} (سورة الفتح آية 17).
5 «يكفر، ويدخله» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللََّهِ وَيَعْمَلْ صََالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئََاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (سورة التغابن آية 9).
وقرأ الباقون هذه الألفاظ المتقدمة: «يدخله، يعذبه، يكفر» بالياء فيهن، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى.
قال ابن الجزري:(2/144)
وقرأ الباقون هذه الألفاظ المتقدمة: «يدخله، يعذبه، يكفر» بالياء فيهن، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى.
قال ابن الجزري:
... وفي
لذان ذان ولذين تين شد ... مكّ
المعنى: قرأ المصرح باسمه وهو «ابن كثير المكي» بتشديد النون مع المد المشبع للساكنين، في الألفاظ الأربعة الآتية:
1 «واللذان» من قوله تعالى: {وَالَّذََانِ يَأْتِيََانِهََا مِنْكُمْ فَآذُوهُمََا} (سورة النساء آية 16).
2 «هذان» من قوله تعالى: {هََذََانِ خَصْمََانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (سورة الحج آية 19).
3 «الذين» من قوله تعالى: {رَبَّنََا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلََّانََا} (سورة فصلت آية 29).
4 «هاتين» من قوله تعالى: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هََاتَيْنِ} (سورة القصص آية 27).
والتشديد في النون على جعل إحدى النونين عوضا عن الياء المحذوفة وذلك لأن «الذي» مثل «القاضي» تثبت ياؤه في التثنية فكان حقّ ياء «الذي» أن تبقى كذلك في التثنية، إلّا أنهم حذفوها من المثنى وعوضوا عنها النون المدغمة، وهذا التوجيه يتحقق في لفظ «الذين».
أو نقول إن التشديد في النون ليكون عوضا عن الحذف الذي دخل هذه الأسماء المبهمة في التثنية، لأنه قد حذف ألف منها للالتقاء الساكنين، وهي الألف التي كانت في آخر المفرد، وألف التثنية، فجعل التشديد في نون المثنى عوضا عن الألف المحذوفة، وهذا التوجيه يتحقق في لفظي: «هذان، الذان».
أمّا «هاتين» فتشديد النون فيها على أصل التشديد في «هتان» حالة الرفع، وأجري الجرّ مجرى الرفع طردا للباب على وتيرة واحدة.
وقرأ الباقون الألفاظ الأربعة بتخفيف النون مع القصر.
قال ابن الجزري:
... فذانك غنا داع حفد
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غنا» والدال من «داع» والحاء من «حفد» وهم: «رويس، وابن كثير، وأبو عمرو» «فذانك» من قوله تعالى:(2/145)
فذانك غنا داع حفد
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غنا» والدال من «داع» والحاء من «حفد» وهم: «رويس، وابن كثير، وأبو عمرو» «فذانك» من قوله تعالى:
{فَذََانِكَ بُرْهََانََانِ مِنْ رَبِّكَ} (سورة القصص آية 32) بتشديد النون مع المد المشبع للساكنين، وقد تقدم توجيه ذلك.
وقرأ الباقون بتخفيف النون مع القصر. والتشديد، والتخفيف لغتان فصيحتان.
قال ابن الجزري:
كرها معا ضمّ شفا الاحقاف ... كفى ظهيرا من له خلاف
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كرها» في الموضعين الآتيين:
1 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسََاءَ كَرْهاً} (سورة النساء آية 19).
2 {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} (سورة التوبة آية 53) قرءوهما بضم الكاف.
وقرأ الباقون «كرها» في الموضعين بفتح الكاف.
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز لهم ب «كفى» والظاء من «ظهيرا» والميم من «من» واللام من «له» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب، وابن ذكوان، وهشام بخلف عنه» يقرءون بضم كاف «كرها» من قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ إِحْسََاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً} (سورة الأحقاف آية 15).
فتعيّن للباقين القراءة بفتح الكاف، وهو الوجه الثاني «لهشام» قال «أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 145هـ: «الكره» بالضمّ كل شيء يكره فعله، وبالفتح: ما استكره عليه» اهـ. وقال «الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة» ت 215هـ: «هما لغتان بمعنى المشقة، والإجبار» اهـ (1).
__________
(1) انظر الكشف عن وجوه القراءات لمكي ج 1/ 382.(2/146)
قال ابن الجزري:
وصف دما بفتح يا مبيّنه ... والجمع حرم صن حما
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» والدال من «دما» وهما:
«شعبة، وابن كثير» «مبينة» حيثما وقعت في القرآن الكريم بفتح الياء المشددة، على أنها اسم مفعول. وقد وقعت في ثلاثة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ يَأْتِينَ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (سورة النساء آية 19).
2 - قوله تعالى: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (سورة الأحزاب آية 30).
3 - قوله تعالى: {وَلََا يَخْرُجْنَ إِلََّا أَنْ يَأْتِينَ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (سورة الطلاق آية 1).
وقرأ الباقون «مبيّنة» حيثما وقعت بكسر الياء المشددة، على أنها اسم فاعل بمعنى ظاهرة.
ثم أخبر الناظم رحمه الله تعالى بأن المرموز لهم ب «حرم» وبالصاد من «صن» ومدلول «حما» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وشعبة، وأبو عمرو، ويعقوب» يقرءون «مبينت» الجمع بفتح الياء حيثما وقعت في القرآن الكريم، على أنها اسم مفعول وقد وقعت في ثلاثة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنََا إِلَيْكُمْ آيََاتٍ مُبَيِّنََاتٍ} (سورة النور آية 34).
2 - قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنََا آيََاتٍ مُبَيِّنََاتٍ} (سورة النور آية 46).
3 - قوله تعالى: {رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيََاتِ اللََّهِ مُبَيِّنََاتٍ} (سورة الطلاق آية 11).
وقرأ الباقون «مبيّنات» حيثما وقعت بكسر الياء المشددة، على أنها اسم فاعل.
قال ابن الجزري:
... ومحصنه
في الجمع كسر الصاد لا الأولى رما ...
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رما» وهو: «الكسائي» «محصنت»
الجمع سواء كان منكرا، أو معرفا، حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:(2/147)
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رما» وهو: «الكسائي» «محصنت»
الجمع سواء كان منكرا، أو معرفا، حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
1 {مُحْصَنََاتٍ غَيْرَ مُسََافِحََاتٍ} (سورة النساء آية 25).
2 {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنََاتِ الْمُؤْمِنََاتِ} (سورة النساء آية 25). قرأ هذين اللفظين حيثما وقعا في القرآن بكسر الصاد، على أنهن اسم فاعل، لأنهنّ أحصنّ أنفسهن بالعفاف، وفروجهن بالحفظ عن الوقوع في الزنا.
إلّا قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنََاتُ مِنَ النِّسََاءِ} الموضع الأول (الآية 24) من سورة النساء، فقد قرأه بفتح الصاد، وإنما استثنى الكسائي الموضع الأول، لأن المراد به ذوات الأزواج، لأن الله تعالى حرّم وطأهنّ.
وقرأ الباقون «محصنات، المحصنات» المنكر والمعرف حيثما وقعا في القرآن الكريم بفتح الصاد، على أنهن اسم مفعول، والإحصان مسند لغيرهنّ من زوج، أو وليّ أمر.
قال ابن الجزري:
... أحصنّ ضمّ اكسر على كهف سما
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «على» والكاف من «كهف» ومدلول «سما» وهم: «حفص، وابن عامر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «أحصن» من قوله تعالى: {فَإِذََا أُحْصِنَّ} (سورة النساء آية 25). قرءوا «أحصنّ» بضم الهمزة، وكسر الصاد، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الإماء» والمعنى: فإذا أحصنهن الأزواج بالتزويج فالحدّ لازم لهنّ إذا زنين، وهو خمسون جلدة، نصف ما على الحرائر غير المتزوجات أي الأبكار.
وقرأ الباقون «أحصنّ» بفتح الهمزة، والصاد، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الإماء» أيضا، والمعنى: فإذا أحصن الإماء أنفسهن
بالتزويج فالحدّ لازم لهنّ إذا زنين، وهو خمسون جلدة، نصف ما على الحرائر المسلمات الأبكار.(2/148)
وقرأ الباقون «أحصنّ» بفتح الهمزة، والصاد، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الإماء» أيضا، والمعنى: فإذا أحصن الإماء أنفسهن
بالتزويج فالحدّ لازم لهنّ إذا زنين، وهو خمسون جلدة، نصف ما على الحرائر المسلمات الأبكار.
قال ابن الجزري:
أحلّ ثب صحبا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثب» ومدلول «صحب» وهم: «أبو جعفر، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وأحلّ» من قوله تعالى:
{وَأُحِلَّ لَكُمْ مََا وَرََاءَ ذََلِكُمْ} (سورة النساء آية 24) بضم الهمزة، وكسر الحاء، على البناء للمفعول، و «ما» اسم موصول نائب فاعل، وهذه القراءة تتفق مع قوله تعالى قبل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهََاتُكُمْ} الخ (آية 23). فطابق بين أول الكلام وآخره، فكأنه قال: «حرّم عليكم كذا، وأحلّ لكم كذا».
وقرأ الباقون «وأحلّ» بفتح الهمزة، والحاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير والمراد به الله تعالى، و «ما» اسم موصول مفعول به.
قال ابن الجزري:
تجارة عدا ... كوف
المعنى: قرأ غير الكوفيين وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «تجارة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَكُونَ تِجََارَةً عَنْ تَرََاضٍ مِنْكُمْ} (سورة النساء آية 29) برفع تاء «تجارة» على أن «تكون» تامّة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: إلّا أن تحدث تجارة، أو تقع تجارة.
وقرأ الكوفيون، وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تجارة» بنصب التاء، على أن «تكون» ناقصة واسمها ضمير يعود على الأموال، و «تجارة» خبرها، والتقدير: إلا أن تكون الأموال تجارة.
قال ابن الجزري:
... وفتح ضمّ مدخلا مدا
كالحجّ ...
المعنى: قرأ المدنيان وهما: «نافع، وأبو جعفر» المرموز لهما ب «مدا» «مدخلا» من قوله تعالى: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً} (سورة النساء آية 31). وقوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} (سورة الحج آية 59) بفتح ميم «مدخلا» في السورتين، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «دخل» الثلاثي، وحينئذ يقدّر له فعل ثلاثيّ مطاوع ل «ندخلكم» والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلا كريما، أو مكان دخول كريم.(2/149)
وفتح ضمّ مدخلا مدا
كالحجّ ...
المعنى: قرأ المدنيان وهما: «نافع، وأبو جعفر» المرموز لهما ب «مدا» «مدخلا» من قوله تعالى: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً} (سورة النساء آية 31). وقوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} (سورة الحج آية 59) بفتح ميم «مدخلا» في السورتين، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «دخل» الثلاثي، وحينئذ يقدّر له فعل ثلاثيّ مطاوع ل «ندخلكم» والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلا كريما، أو مكان دخول كريم.
وقرأ الباقون «مدخلا» في الموضعين بضم الميم، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «أدخل» الرباعي.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم الميم من «مدخل» من قوله تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} (سورة الإسراء آية 80) لأن قبله «أدخلني» وهو فعل رباعيّ فيكون «مدخل» مفعولا به.
قال ابن الجزري:
عاقدت لكوف قصرا ...
المعنى: قرأ الكوفيون وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدت» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمََانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}
(سورة النساء آية 33) بغير ألف بعد العين، وذلك على إسناد الفعل إلى «الأيمان» والأيمان: جمع يمين التي هي «اليد» والمفعول محذوف، والتقدير: والذين عقدت أيمانكم عهودهم فآتوهم نصيبهم.
وقرأ الباقون «عاقدت» بإثبات ألف بعد العين، على إسناد الفعل إلى «الأيمان» أيضا، وهو من باب المفاعلة، كان الحليف يضع يمينه في يمين صاحبه ويقول: دمي دمك، وترثني فأرثك، وكان يرث السدس من مال حليفه، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحََامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى ََ بِبَعْضٍ فِي كِتََابِ اللََّهِ}
(سورة الأحزاب آية 6).
قال ابن الجزري:(2/150)
وقرأ الباقون «عاقدت» بإثبات ألف بعد العين، على إسناد الفعل إلى «الأيمان» أيضا، وهو من باب المفاعلة، كان الحليف يضع يمينه في يمين صاحبه ويقول: دمي دمك، وترثني فأرثك، وكان يرث السدس من مال حليفه، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحََامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى ََ بِبَعْضٍ فِي كِتََابِ اللََّهِ}
(سورة الأحزاب آية 6).
قال ابن الجزري:
... ونصب رفع حفظ الله ثرا
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثرا» وهو: «أبو جعفر» «الله» التي بعد «حفظ» من قوله تعالى: {فَالصََّالِحََاتُ قََانِتََاتٌ حََافِظََاتٌ لِلْغَيْبِ بِمََا حَفِظَ اللََّهُ}
(سورة النساء آية 34) بفتح الهاء من «الله» و «ما» موصولة، أي بالذي حفظ حقّ الله، أو أوامر الله، أو دين الله، وتقدير المضاف هنا متعيّن، لأن «ذات الله المقدّسة» لا ينسب حفظها إلى أحد، وفي الحديث الصحيح: «احفظ الله يحفظك» والتقدير: احفظ حدود الله، أو أوامر الله بالعمل بها.
وقرأ الباقون «الله» بالرفع، و «ما» مصدريّة، أي بحفظ الله إيّاهنّ، وحينئذ يكون من إضافة المصدر إلى فاعله.
قال ابن الجزري:
والبخل ضمّ اسكن معا كم نل سما ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والنون من «نل» ومدلول «سما» وهم: «ابن عامر، وعاصم، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «بالبخل» من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مََا آتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (سورة النساء آية 37). ومن قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(سورة الحديد آية 24). بضم الباء، وسكون الخاء، في الموضعين، وهو لغة في مصدر «بخل» مثل: «حزن حزنا».
وقرأ الباقون وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بالبخل» في الموضعين بفتح الباء، والخاء، وهو لغة أيضا في المصدر مثل: «حزن حزنا».
والبخل: إمساك المقتنيات عمّا لا يحقّ حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بخل فهو باخل، والبخيل الذي يكثر منه البخل.
قال ابن الجزري:(2/151)
والبخل: إمساك المقتنيات عمّا لا يحقّ حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بخل فهو باخل، والبخيل الذي يكثر منه البخل.
قال ابن الجزري:
... حسنة حرم
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حرم» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «حسنة» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضََاعِفْهََا} (سورة النساء آية 40) برفع التاء، على أن «تكون» تامة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: وإن حدث، أو وقع حسنة يضاعفها.
والعرب تقول: «كان أمر»: أي حدث أمر.
قال «ابن مالك»:
وذو تمام ما برفع يكتفي ... وما سواه ناقص
وقرأ الباقون «حسنة» بالنصب خبر «تكون» الناقصة، واسمها ضمير يعود على «مثقال ذرّة» في قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ} والتقدير: وإن تك مثقال ذرّة حسنة يضاعفها.
فإن قيل: لم أنّث الفعل: «تك» مع أن «مثقال» مذكر؟ أقول: أنّث الفعل على أحد تقديرين:
الأوّل: حملا على المعنى الذي دلّ عليه «مثقال» وهو «زنة» و «زنة» مؤنث، والتقدير: وإن تك زنة ذرة حسنة يضاعفها.
والثاني: إضافة «مثقال» إلى «ذرة» وهي مؤنثة.
قال ابن الجزري:
... تسوّى اضمم نما
حقّ وعمّ الثّقل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نما» ومدلول «حقّ» وهم: «عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «تسوّى» من قوله تعالى: {لَوْ تُسَوََّى بِهِمُ
الْأَرْضُ} (سورة النساء آية 42) بضم التاء، وتخفيف السين.(2/152)
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نما» ومدلول «حقّ» وهم: «عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «تسوّى» من قوله تعالى: {لَوْ تُسَوََّى بِهِمُ
الْأَرْضُ} (سورة النساء آية 42) بضم التاء، وتخفيف السين.
فالضمّ في التاء على بناء الفعل للمجهول، و «الأرض» نائب فاعل، وتخفيف السين، على حذف إحدى التاءين تخفيفا، لأن أصل الفعل «تتسوّى».
وقرأ المرموز لهم ب «عمّ» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «تسوّى» بفتح التاء، وتشديد السين، فالفتح في التاء على بناء الفعل للفاعل، و «الأرض» فاعل، وتشديد السين على إدغام التاء الثانية في السين.
وقرأ الباقون وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تسوّى» بفتح التاء، وتخفيف السين، على البناء للفاعل، وحذف إحدى التاءين تخفيفا.
جاء في «المفردات»: «تسوية الشيء»: جعله سواء، إمّا في الرفعة، أو في الضّعة» (1). وجاء في مختصر تفسير ابن كثير: معنى {لَوْ تُسَوََّى بِهِمُ الْأَرْضُ}:
أي لو انشقت بهم الأرض وبلعتهم ممّا يرون من أهوال الموقف، وما يحلّ بهم من الخزي، والفضيحة، والتوبيخ» (2).
قال ابن الجزري:
لامستم قصر ... معا شفا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لمستم» معا:
1 - من قوله تعالى: {أَوْ لََامَسْتُمُ النِّسََاءَ} (سورة النساء آية 43).
2 - وقوله تعالى {أَوْ لََامَسْتُمُ النِّسََاءَ} (سورة المائدة آية 6) بحذف الألف التي بعد اللام، والخطاب للرجال دون النساء، على معنى: مسّ اليد جسد المرأة الأجنبيّة، أو مسّ بعض جسد الرجل جسد المرأة الاجنبيّة، فجرى الفعل من واحد، ودليله قوله تعالى: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} (سورة آل عمران آية 70) ولم يقل: «ولم يماسسني بشر».
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «سواء» ص 251.
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1/ 392.(2/153)
قال «ابن مسعود، وابن عمر» رضي الله عنهما: المراد باللمس هنا:
الإفضاء باليد إلى الجسد، وبعض جسده إلى جسدها، فحمل على غير الجماع، فهو من واحد.
وقرأ الباقون: «لمستم» بإثبات ألف بعد السين، وذلك على المفاعلة التي لا تكون إلا من اثنين، وحينئذ يكون معناه: الجماع.
ويجوز أن تكون المفاعلة على غير بابها نحو: «عاقبت اللصّ» فتتحد هذه القراءة مع القراءة الأولى في المعنى.
قال ابن الجزري:
... إلّا قليلا نصب كر
في الرّفع ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كر» وهو: «ابن عامر» «إلّا قليل» من قوله تعالى: {مََا فَعَلُوهُ إِلََّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (سورة النساء آية 66) بالنصب على الاستثناء، وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف «أهل الشام» (1).
وقرأ الباقون «إلّا قليل» برفع اللام، على أنه بدل من الواو في «ما فعلوه» وهذه القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف.
فائدة نحوية:
إذا وقع المستثنى بعد إلّا وكان الكلام مسبوقا بنفي، أو نهي، أو استفهام، وكان المستثنى من جنس المستثنى منه جاز في المستثنى أمران:
النصب على الاستثناء، واتباعه لما قبله في الأعراب (2).
قال ابن الجزري:
تأنيث تكن دن عن غفا ...
__________
(1) قال ابن عاشر: والشام ينصب قليلا منهم.
(2) قال ابن مالك: وبعد نفي أو كنفي انتخب إتباع ما اتصل.(2/154)
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دن» والعين من «عن» والغين من «غفا» وهم: «ابن كثير، وحفص، ورويس» «تكن» من قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} (سورة النساء آية 73) بالتاء الفوقية على التأنيث، لمناسبة لفظ «مودّة».
وقرأ الباقون «يكن» بالياء التحية على التذكير، وذلك لأن تأنيث «مودّة» مجازي يجوز في فعله التذكير والتأنيث.
قال ابن الجزري:
... لا يظلموا دم ثق شذا الخلف شفا
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دم» والثاء من «ثق» والشين من «شذا» بخلف عنه، ومدلول «شفا» وهم: «ابن كثير، وأبو جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وروح بخلف عنه» «ولا تظلمون» من قوله تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى ََ وَلََا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (سورة النساء آية 77) بياء الغيبة، جريا على السياق، ولمناسبة صدر الآية وهو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ فَلَمََّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتََالُ إِذََا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النََّاسَ كَخَشْيَةِ اللََّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} إلخ.
وقرأ الباقون «ولا تظلمون» بتاء الخطاب، وهو الوجه الثاني «لروح» وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وهو ضرب من ضروب البلاغة، أو لمناسبة قوله تعالى قبل: {قُلْ مَتََاعُ الدُّنْيََا قَلِيلٌ} أي قل لهم يا «محمد»:
«متع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا».
تنبيه:
«ولا يظلمون» من قوله تعالى: {بَلِ اللََّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشََاءُ وَلََا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (سورة النساء آية 49) اتفق القراء العشرة على قراءته بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {مَنْ يَشََاءُ} ولأنّ القراءة سنة متبعة، والعبرة فيها على التلقي والمشافهة.
قال ابن الجزري:(2/155)
«ولا يظلمون» من قوله تعالى: {بَلِ اللََّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشََاءُ وَلََا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (سورة النساء آية 49) اتفق القراء العشرة على قراءته بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {مَنْ يَشََاءُ} ولأنّ القراءة سنة متبعة، والعبرة فيها على التلقي والمشافهة.
قال ابن الجزري:
وحصرت حرّك ونون ظلعا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظلعا» وهو: «يعقوب» «حصرت» من قوله تعالى: {أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (سورة النساء آية 90) بنصب التاء منوّنة، والنّصب على الحال، ومعنى «حصرت»: ضيقة، وحينئذ يكون المعنى:
أو جاءوكم حالة كون صدورهم ضيقة من الجبن مبغضين قتالكم، ولا يهون عليهم أيضا قتال قومهم معكم، إذا فهم لا لكم، ولا عليكم.
وقرأ الباقون «حصرت» بسكون التاء، على أنها فعل ماض، والجملة في موضع نصب على الحال.
قال ابن الجزري:
... تثبّتوا شفا من الثّبت معا
مع حجرات ومن البيان عن ... سواهم
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فتبيّنوا» من قوله تعالى:
1 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَتَبَيَّنُوا} (سورة النساء آية 94).
2 {كَذََلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} (سورة النساء آية 94).
3 {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (سورة الحجرات آية 6) قرءوا هذه المواضع الثلاثة «فتثبّتوا» بثاء مثلثة، بعدها باء موحدة، بعدها تاء مثناة فوقية، على أنها مضارع من «التثبّت».
وقرأ الباقون «فتبيّنوا» في المواضع الثلاثة بباء موحدة، وياء مثناة تحتية بعدها نون، على أنها مضارع من «التبيّن». والتبيّن أعمّ من التثبت، لأن التبيّن فيه معنى التثبت، وليس كلّ من تثبت في أمر تبينه.
قال ابن الجزري:(2/156)
وقرأ الباقون «فتبيّنوا» في المواضع الثلاثة بباء موحدة، وياء مثناة تحتية بعدها نون، على أنها مضارع من «التبيّن». والتبيّن أعمّ من التثبت، لأن التبيّن فيه معنى التثبت، وليس كلّ من تثبت في أمر تبينه.
قال ابن الجزري:
... السّلام لست فاقصرن
عمّ فتى ...
المعنى: قرأ مدلول «عمّ» ومدلول «فتى» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وحمزة، وخلف العاشر» «السلم» من قوله تعالى: {وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى ََ إِلَيْكُمُ السَّلََامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (سورة النساء آية 94). قرءوا «السّلم» بفتح اللام من غير ألف بعدها، على معنى الاستسلام، والانقياد، ومنه قوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَى اللََّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} (سورة النحل آية 87). وحينئذ يكون المعنى: «يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله وخرجتم للجهاد فتبيّنوا، ولا تقولوا لمن استسلم وانقاد إليكم لست مؤمنا فتقتلوه، بل يجب عليكم أن تتبيّنوا حقيقة أمره.
وقرأ الباقون «السلام» بفتح اللام، وألف بعدها، على معنى التحيّة، فتحية الإسلام هي: «السلام عليكم» وحينئذ يكون المعنى: «لا تقولوا لمن حياكم تحية الإسلام لست مؤمنا فتقتلوه، لتأخذوا سلبه.
قال ابن الجزري:
وبعد مؤمنا فتح ... ثالثة بالخلف ثابتا وضح
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثابتا» وهو «أبو جعفر بخلف عنه» «مؤمنا» من قوله تعالى: {وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى ََ إِلَيْكُمُ السَّلََامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (سورة النساء آية 94) بفتح الميم الثانية بخلف عنه، على أنها اسم مفعول، أي لن نؤمّنك على نفسك.
وقرأ الباقون «مؤمنا» بكسر الميم الثانية، وهو الوجه الثاني «لأبي جعفر» على أنها اسم فاعل، والمعنى: لا تقولوا لمن قال «السلام عليكم» إنما فعلت ذلك متعوّذا وليس عن إيمان صحيح.
قال ابن الجزري:(2/157)
وقرأ الباقون «مؤمنا» بكسر الميم الثانية، وهو الوجه الثاني «لأبي جعفر» على أنها اسم فاعل، والمعنى: لا تقولوا لمن قال «السلام عليكم» إنما فعلت ذلك متعوّذا وليس عن إيمان صحيح.
قال ابن الجزري:
غير ارفعوا في حقّ نل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» ومدلول «حقّ» والنون من «نل» وهم: «حمزة، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وعاصم» «غير» من قوله تعالى: {لََا يَسْتَوِي الْقََاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (سورة النساء آية 95) برفع الراء، على أنّ «غير أولي الضرر» صفة «القاعدون» أو بدل من «القاعدون» بدل بعض من كل.
وقرأ الباقون «غير» بنصب الراء، على الاستثناء من «القاعدون».
فائدة: قال ابن مالك:
واستثن مجرورا بغير معربا ... بما لمستثنى بإلّا نصبا
المعنى: هناك ألفاظ استعملت بمعنى «إلّا» في الدلالة على الاستثناء، من هذه الألفاظ «غير» وحكم المستثنى بها الجرّ لإضافتها إليه، أمّا «غير» فإنها تعرب بما كان يعرب به المستثنى مع «إلّا» فتقول: «قام القوم غير زيد» بنصب «غير» كما تقول: «قام القوم إلّا زيدا» بنصب «زيد» هذا إذا كان الكلام تامّا موجبا.
وتقول: «ما قام أحد غير زيد» برفع «غير» على الإتباع، وبنصب «غير» على الاستثناء، كما تقول: «ما قام أحد إلا زيد وإلّا زيدا» هذا إذا كان الكلام تامّا غير موجب، ومثل ذلك الآية المتقدمة، فالكلام تام غير موجب، لهذا جاز في «غير» الرفع، والنصب.
قال ابن الجزري:
نؤتيه يا ... فتى حلا
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «فتى» والحاء من «حلا» وهم: «حمزة، وخلف العاشر، وأبو عمرو» «نؤتيه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء آية 114) قرءوا «يؤتيه» بالياء التحتية
على الغيبة، وذلك جريا على سياق الآية، وليناسب لفظ الغيبة الذي قبله وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ} الخ.(2/158)
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «فتى» والحاء من «حلا» وهم: «حمزة، وخلف العاشر، وأبو عمرو» «نؤتيه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء آية 114) قرءوا «يؤتيه» بالياء التحتية
على الغيبة، وذلك جريا على سياق الآية، وليناسب لفظ الغيبة الذي قبله وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ} الخ.
وقرأ الباقون «نؤتيه» بنون العظمة، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، والالتفات ضرب من ضروب البلاغة.
تنبيه:
«نؤتيه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُقََاتِلْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (سورة النساء آية 74) اتفق القراء العشرة على قراءته بنون العظمة، لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي والتوقيف.
قال ابن الجزري:
... ويدخلون ضمّ يا
وفتح ضمّ صف ثنا حبر شفي ... وكاف أولى الطّول ثب حقّ صفي
والثّان دع ثطا صبا خلفا غدا ... وفاطر حز
المعنى: اختلف القراء في «يدخلون» في خمسة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلََا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (سورة النساء آية 124).
2 - قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلََا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} (سورة مريم آية 60).
3 - قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهََا بِغَيْرِ حِسََابٍ} (الموضع الأول من سورة غافر آية 40).
4 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبََادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دََاخِرِينَ}
(الموضع الثاني من سورة غافر آية 60).
5 - قوله تعالى: {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا يُحَلَّوْنَ فِيهََا مِنْ أَسََاوِرَ} (سورة فاطر آية 33).
فقرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم،
وموضعي غافر، بضمّ الياء، وفتح الخاء على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل.(2/159)
فقرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم،
وموضعي غافر، بضمّ الياء، وفتح الخاء على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل.
أمّا موضع «فاطر» فقد قرءاه بفتح الياء، وضمّ الخاء، على البناء للفاعل، والواو هي الفاعل.
وقرأ «أبو عمرو» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم، وأول غافر، وكذا «يدخلونها» في «فاطر» بضم الياء، وفتح الخاء على البناء للمفعول.
وقرأ «يدخلون» الموضع الثاني من «غافر» بفتح الياء، وضمّ الخاء، على البناء للفاعل.
وقرأ «شعبة» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأول غافر، بضمّ الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول. أمّا الموضع الثاني من «غافر» فقد قرأه بوجهين: بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول.
وقرأ «يدخلونها» في «فاطر» بالبناء للفاعل قولا واحدا.
وقرأ «روح» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأوّل غافر، بالبناء للمفعول.
أمّا الموضع الثاني من «غافر» وكذا «يدخلونها» في «فاطر» فقد قرأهما بالبناء للفاعل.
وقرأ «رويس» «يدخلون» في «مريم، وأوّل غافر» بالبناء للمفعول، واختلف عنه في الموضع الثاني من «غافر» فقرأه بوجهين: بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل.
أمّا «يدخلونها» في «فاطر» فقد قرأه بالبناء للفاعل قولا واحدا.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يدخلون» في المواضع الخمسة بالبناء للفاعل.
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على قراءة «يدخلون، يدخلونها» في غير
المواضع التي سبق الحديث عنها بالبناء للفاعل، مثل قوله تعالى: {وَلََا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتََّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيََاطِ} (سورة الأعراف آية 40). وقوله تعالى:(2/160)
اتفق القراء العشرة على قراءة «يدخلون، يدخلونها» في غير
المواضع التي سبق الحديث عنها بالبناء للفاعل، مثل قوله تعالى: {وَلََا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتََّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيََاطِ} (سورة الأعراف آية 40). وقوله تعالى:
{وَالْمَلََائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ} (سورة الرعد آية 23). وقوله تعالى:
{وَرَأَيْتَ النََّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللََّهِ أَفْوََاجاً} (سورة النصر آية 2). وقوله تعالى:
{جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبََائِهِمْ} (سورة الرعد آية 23). وقوله تعالى: {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (سورة النحل آية 31).
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن القراءة سنة متبعة، ولا مجال للرأي فيها.
قال ابن الجزري:
... يصلحا كوف لدا
يصّالحا ...
المعنى: قرأ الكوفيون وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يصلحا» من قوله تعالى: {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (سورة النساء آية 128) بضمّ الباء، وإسكان الصاد، وكسر اللام من غير ألف بعدها، على أنه مضارع «أصلح» الثلاثي المزيد بهمزة.
وقرأ الباقون «يصّالحا» بفتح الياء، والصاد المشدّدة، وألف بعدها، وفتح اللام، وأصلها «يتصالحا» فأدغمت التاء في الصاد بعد قلبها صادا، وذلك لأن الفعل لما كان من اثنين جاء على باب المفاعلة التي تكون بين اثنين.
قال ابن الجزري:
تلووا تلوا فضل كلا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فضل» والكاف من «كلا» وهما: «حمزة، وابن عامر» «تلووا» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللََّهَ كََانَ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (سورة النساء آية 135). قرأ «تلوا» بضمّ اللام، وواو ساكنة
بعدها، على أنه فعل مضارع من «ولي يلي ولاية» وولاية الشيء هي الإقبال عليه، وأصله «توليوا» ثم حذفت الواو التي هي فاء الفعل على الأصل في حذف فاء الكلمة من المضارع كما حذفت في نحو: «يعد، يزن» من «وعد، وزن» ثم نقلت ضمة الياء إلى اللام ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبحت «تلوا» بحذف فاء الكلمة، ولامها.(2/161)
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فضل» والكاف من «كلا» وهما: «حمزة، وابن عامر» «تلووا» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللََّهَ كََانَ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (سورة النساء آية 135). قرأ «تلوا» بضمّ اللام، وواو ساكنة
بعدها، على أنه فعل مضارع من «ولي يلي ولاية» وولاية الشيء هي الإقبال عليه، وأصله «توليوا» ثم حذفت الواو التي هي فاء الفعل على الأصل في حذف فاء الكلمة من المضارع كما حذفت في نحو: «يعد، يزن» من «وعد، وزن» ثم نقلت ضمة الياء إلى اللام ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبحت «تلوا» بحذف فاء الكلمة، ولامها.
وقرأ الباقون «تلووا» بإسكان اللام، وبعدها واوان: الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، على أنه مضارع من «لوى يلوي». يقال: لويت فلانا حقه: إذا مطلته.
وأصله «تلويوا» ثم نقلت ضمة الياء إلى الواو التي قبلها، ثم حذفت الياء التي هي لام الكلمة للالتقاء الساكنين، فأصبحت «تلووا» على وزن «تفعوا» بحذف اللام.
قال ابن الجزري:
... نزّل أنزل اضمم اكسركم حلا
دم واعكس الأخرى ظبى نل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والحاء من «حلا» والدال من «دم» وهم: «ابن عامر، وأبو عمرو، وابن كثير» «نزل، أنزل» من قوله تعالى:
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتََابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى ََ رَسُولِهِ وَالْكِتََابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} (سورة النساء آية 136). قرءوا «نزّل، أنزل» بضم النون، والهمزة، وكسر الزاي فيهما، وذلك على بنائهما للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الكتاب».
وقرأ الباقون «نزّل، أنزل» بفتح النون والهمزة، والزاي فيهما، وذلك على بنائهما للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الله» المتقدم في قوله تعالى: {آمِنُوا بِاللََّهِ}.
ثم أمر الناظم رحمه الله بالقراءة بعكس القيود المتقدمة في «نزّل» من قوله
تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ أَنْ إِذََا سَمِعْتُمْ آيََاتِ اللََّهِ يُكْفَرُ بِهََا وَيُسْتَهْزَأُ بِهََا فَلََا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} (سورة النساء آية 140) للمرموز له بالظاء من «ظبى» والنون من «نل» وهما: «يعقوب، وعاصم» أي أنهما يقرءان «نزّل» بفتح النون، والزاي، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى، و «أن» وما بعدها في محلّ نصب ب «نزّل».(2/162)
ثم أمر الناظم رحمه الله بالقراءة بعكس القيود المتقدمة في «نزّل» من قوله
تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ أَنْ إِذََا سَمِعْتُمْ آيََاتِ اللََّهِ يُكْفَرُ بِهََا وَيُسْتَهْزَأُ بِهََا فَلََا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} (سورة النساء آية 140) للمرموز له بالظاء من «ظبى» والنون من «نل» وهما: «يعقوب، وعاصم» أي أنهما يقرءان «نزّل» بفتح النون، والزاي، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى، و «أن» وما بعدها في محلّ نصب ب «نزّل».
وقرأ الباقون «نزّل» بضم النون، وكسر الزاي، على البناء للمفعول، و «أن» وما بعدها في محل رفع نائب فاعل. والتقدير: وقد نزّل عليكم المنع من مجالسة المنافقين، والكافرين عند سماع الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
قال ابن الجزري:
والدّرك ... سكّن كفى
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الدّرك» من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنََافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النََّارِ} (سورة النساء آية 145) بإسكان الراء للتخفيف.
وقرأ الباقون «الدّرك» بفتح الراء، على الأصل، والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو: «المكان».
قال «ابن عباس» رضي الله عنهما: «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار» أي في أسفل النار.
وقال «سفيان الثوري» ت 161هـ رحمه الله تعالى: المنافقون في «توابيت ترتجّ عليهم» (1).
قال ابن الجزري:
... نؤتيهم الياء عرك
__________
(1) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج / 1/ 451.(2/163)
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عرك» وهو: «حفص» «يؤتيهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولََئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} (سورة النساء آية 152). قرأ «يؤتيهم» بالياء التحتية، لمناسبة السياق، والفاعل ضمير يعود على «الله تعالى».
وقرأ الباقون «نؤتيهم» بنون العظمة، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، والالتفات ضرب من ضروب البلاغة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على «الله تعالى».
قال ابن الجزري:
تعدوا فحرّك جد وقالون اختلس ... بالخلف واشددن له ثمّ أنس
المعنى: قرأ المرموز له بالجيم من «جد» وهو «ورش» من الطريقين، أي طريقي: الأزرق، والأصبهاني «لا تعدّوا» من قوله تعالى: {وَقُلْنََا لَهُمْ لََا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ} (سورة النساء آية 154) بفتح العين، وتشديد الدال، وذلك لأن أصلها «تعتدوا» مضارع «اعتدى يعتدي اعتداء» فنقلت حركة التاء إلى العين، ثم ادغمت التاء في الدال، لوجود التجانس بينهما، حيث إنهما متفقتان في المخرج، وفي كثير من الصفات، وبيان ذلك: أن كلّا من «التاء، والدال» تخرج من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، كما أنهما متفقتان في الصّفات الآتية:
الشدّة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، والاعتداء: مجاوزة الحقّ.
وقرأ المصرّح به وهو «قالون» بخلف عنه، والمرموز له بالثاء من «ثمّ» وهو «أبو جعفر» «تعدّوا» بإسكان العين، وتشديد «الدال» وذلك لأن أصلها «تعتدوا» فأدغمت «التاء» في «الدال» لوجود التجانس بينهما.
والوجه الثاني «لقالون» هو اختلاس فتحة العين مع تشديد «الدال».
وقرأ الباقون «تعدوا» بإسكان العين، وضم الدال مخففة، على أنه مضارع «عدا يعدو عدوانا» ومنه قوله تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} (سورة الأعراف آية 163).
قال «الراغب الأصفهاني» ت 502هـ رحمه الله تعالى: «العدو»:(2/164)
وقرأ الباقون «تعدوا» بإسكان العين، وضم الدال مخففة، على أنه مضارع «عدا يعدو عدوانا» ومنه قوله تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} (سورة الأعراف آية 163).
قال «الراغب الأصفهاني» ت 502هـ رحمه الله تعالى: «العدو»:
التجاوز، ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب فيقال له: «العداوة والمعاداة» وتارة بالمشي فيقال له: «العدو» وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له:
«العدوان، والعدو» قال تعالى: {فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (سورة الأنعام آية 162) (1).
قال ابن الجزري:
ويا سيؤتيهم فتى ...
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «فتى» وهما: «حمزة، وخلف العاشر» «سنؤتيهم» من قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولََئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}
(سورة النساء آية 162). قرأ «سيؤتيهم» بالياء التحتية، وذلك جريا على السياق، والفاعل ضمير تقديره «هو» يعود على الله تعالى.
وقرأ الباقون «سنؤتيهم» بنون العظمة، على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى أيضا.
قال ابن الجزري:
وعنهما ... زاي زبورا كيف جاء فاضمما
المعنى: قرأ المشار لهما بالضمير في «عنهما» وهما مدلول «فتى»: «حمزة، وخلف العاشر» «زبورا» المنكر، «الزبور» المعرف حيثما وقعا في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنََا دََاوُدَ زَبُوراً * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنََاهُمْ} (سورة النساء آية 163). وقوله تعالى: {وَآتَيْنََا دََاوُدَ زَبُوراً * قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} (سورة الإسراء الآيتان 5655). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}
(سورة الأنبياء آية 105). قرآ «زبورا، الزّبور» بضم الزاي.
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «عدا» ص 326.(2/165)
وقرأ الباقون بفتح الزاي فيهما، والضمّ والفتح لغتان في اسم الكتاب المنزل على نبي الله «داود» عليه السلام.
(والله أعلم) تمت سورة النساء ولله الحمد والشكر(2/166)
(والله أعلم) تمت سورة النساء ولله الحمد والشكر
سورة المائدة
قال ابن الجزري:
سكّن معا شنآن كم صحّ خفا ... ذا الخلف
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والصاد من «صحّ» والخاء من «خفا» والذال من «ذا» وهم: «ابن عامر، وشعبة، وابن وردان، وابن جمّاز بخلف عنه» «شنئان» معا، من قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (سورة المائدة آية 2). ومن قوله تعالى:
{وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى ََ أَلََّا تَعْدِلُوا} (سورة المائدة آية 8). قرءوا «شنآن» في الموضعين بإسكان النون، على أنه صفة، مثل: «عطشان، وسكران».
وقيل: إنه مصدر «شنأ» والتسكين للتخفيف نظرا لتوالي الحركات.
وقرأ الباقون «شنآن» في الموضعين بفتح النون، وهو الوجه الثاني «لابن جمّاز» وهو مصدر «شنأ» مثل: «الطيران»، والشنآن معناه: البغض. جاء في «تاج العروس»: المصدر: «شنأ» بتثليث فائه، فالفتح عن «أبي عبيدة» والضمّ، والكسر عن «أبي عمرو الشيباني» (1).
قال ابن الجزري:
... أن صدّوكم اكسر حز دفا
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» والدال من «دفا» وهما: «أبو عمرو، وابن كثير» «أن صدوكم» من قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (سورة المائدة آية 2). قرآ «إن صدوكم»
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «شنأ» ج 1/ 81.(2/167)
بكسر همزة «أن» على أنّ «إن» شرطية، والصّدّ متوقع في المستقبل، وحينئذ يكون المعنى: إن وقع صدّ لكم عن المسجد الحرام مثل الذي فعل بكم أوّلا عام «الحديبية» سنة ستّ من الهجرة فلا يحملنكم بغض من صدّوكم على العدوان.
وقرأ الباقون «أن صدّوكم» بفتح الهمزة، على أنها مصدريّة، و «أن» وما دخلت عليه مفعول لأجله، وحينئذ يكون المعنى: لا يحملنكم بغض قوم على العدوان لأجل صدّهم إياكم عن المسجد الحرام في الزمن الماضي، الذي وقع عام «الحديبية» سنة ستّ من الهجرة، والآية نزلت سنة «ثمان» من الهجرة عام فتح مكة.
جاء في المفردات: «الصدّ، والصدود» قد يكون انصرافا عن الشيء، وامتناعا نحو قوله تعالى: {يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} (سورة النساء آية 61). وقد يكون صرفا، ومنعا، نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ أَضَلَّ أَعْمََالَهُمْ} (سورة محمد آية 1) (1).
يقال: «صدّ يصدّ، يصدّ» بضمّ الصاد وكسرها في المضارع «صدّا، وصديدا»: «عجّ، وضجّ» وفي التنزيل: {وَلَمََّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (سورة الزخرف آية 57) أي يضجون، ويعجون (2).
قال ابن الجزري:
أرجلكم نصب ظبى عن كم أضا ... رد
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» والعين من «عن» والكاف من «كم» والألف من «أضا» والراء من «رد» وهم: «يعقوب، وحفص، وابن عامر، ونافع، والكسائي» «وأرجلكم» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلََاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرََافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ}
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادّة «صدّ» ص 275.
(2) انظر: تاج العروس مادة «صدد» ج 2/ 394.(2/168)
{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (سورة المائدة آية 6). قرءوا «وأرجلكم» بنصب اللام، عطفا على «الأيدي، والوجوه» وحينئذ يكون المعنى: فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برءوسكم.
وحينئذ يكون هناك تقديم وتأخير في الآية، وذلك جائز في العربية، لأنّ الواو لمطلق الجمع، ولا تقتضي الترتيب، وقد جاء ذلك في قوله تعالى:
{يََا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرََّاكِعِينَ} (سورة آل عمران آية 43).
والمعنى: واركعي، واسجدي، لأن الركوع قبل السجود. والسنة المطهرة جاءت بغسل الرجلين، يؤيّد ذلك الحديث الآتي:
فعن «عبد الله الصّنابحيّ» رضي الله عنه، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر (1) خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه (2) فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة» اهـ (3).
وقرأ الباقون «أرجلكم» بخفض اللام، عطفا على «برءوسكم» لفظا، ومعنى، ثم نسخ «المسح» بوجوب «الغسل» وفقا لما جاءت به السنة المطهرة:
العمليّة والقولية، كما أجمع المسلمون على غسل الرجلين.
ويجوز أن يحمل «المسح» على بعض الأحوال وهو: لبس الخفّ.
قال ابن الجزري:
... واقصر اشدد يا قسيّة رضى
__________
(1) الاستنثار: إخراج الماء من الأنف.
(2) الأشفار: جمع شفر، وشفر الجفن: حرفه الذي ينبت عليه الهدب: بضمّ الهاء، وسكون الدال، انظر: المعجم الوسيط ج 1/ 489.
(3) رواه مالك، والنسائي، وابن ماجة، وقال: صحيح.(2/169)
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» «قسيّة» من قوله تعالى: {فَبِمََا نَقْضِهِمْ مِيثََاقَهُمْ لَعَنََّاهُمْ وَجَعَلْنََا قُلُوبَهُمْ قََاسِيَةً} (سورة المائدة آية 13) بحذف الألف التي بعد القاف، وتشديد الياء، على وزن «فعلية» صفة مشبهة، إذ أصلها «قسيية» ثم أدغمت الياء في الياء. وذلك للمبالغة في وصف قلوب الكفار بالشدّة، والقسوة، لأنّ في صيغة «فعيل» معنى التكرير والمبالغة.
أو لأن قلوب الكفار وصفت بالطبع عليها مثل «الدرهم القسيّ» أي المغشوش، وهو الذي يخالط فضّته نحاس، أو «رصاص» أو نحو ذلك.
وقرأ الباقون «قاسية» بإثبات ألف بعد القاف، وتخفيف الياء، على أنّ «قاسية» اسم فاعل من «قسا يقسو» ومنه قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقََاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللََّهِ} (سورة الزمر آية 22). ومعنى «قاسية»: غليظة قد نزعت منها الرحمة، والرأفة، وأصبحت لا تؤثر فيها المواعظ، ولا تقبل ما يقال لها من نصح وإرشاد.
جاء في المفردات: «القسوة»: غلظ القلب، وأصله من «حجر قاس» و «المقاساة: معالجة ذلك» اهـ (1).
وجاء في تاج العروس: «قسا قلبه، يقسو، قسوا، وقسوة، وقساوة، وقساء» بالمدّ: صلب، وغلظ، فهو قاس، وقوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ} (سورة البقرة آية 74) أي غلظت، ويبست، فتأويل القسوة في القلب:
ذهاب اللين، والرحمة، والخشوع منه.
وأصل القسوة: «الصلابة من كل شيء» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
من أجل كسر الهمز والنّقل ثنا ...
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «قسو» ص 404.
(2) انظر: تاج العروس مادة «قسو» ج 10/ 293.(2/170)
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» «من أجل» من قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذََلِكَ كَتَبْنََا عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ} (سورة المائدة آية 32) بكسر همزة «إجل» ثم نقل حركتها إلى النون التي قبلها في «من» وإذا وقف على «من» وابتدأ ب «إجل» ابتدأ بهمزة قطع مكسورة.
ومعنى «من إجل ذلك»: أي من جناية ذلك، وجريرته.
وقرأ الباقون «أجل» بهمزة مفتوحة. ومعنى «من أجل ذلك»: أي من جرّ وسبب ذلك. من هذا يتبيّن أن الكسر والفتح في همزة «أجل» لغتان، إلّا أن الكسر بمعنى: «جناية» والفتح بمعنى «جرّ وسبب» وهما متقاربان في المعنى.
جاء في المفردات: «الأجل» بسكون الجيم، الجناية التي يخاف منها آجلا، فكلّ «أجل» جناية، وليس كل «جناية» «أجلا» اهـ (1).
وجاء في «تاج العروس»: «أجل» بكسر الهمزة، وفتحها، لغتان، وقد يعدّى بغير «من» كقول «عديّ بن زيد»: «أجل أنّ الله قد فضلكم» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
... والعين والعطف ارفع الخمس رنا
وفي الجروح ثعب حبر كم ركا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رنا»، «ركا» وهو: «الكسائي» برفع الأسماء الخمسة وهي: «والعين، والأنف، والأذن، والسنّ، والجروح» من قوله تعالى: {وَكَتَبْنََا عَلَيْهِمْ فِيهََا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصََاصٌ} (سورة المائدة آية 45) والرفع على الاستئناف، والواو لعطف جملة اسميّة على أخرى، على تقدير أنّ «أنّ» وما في حيزها من قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} في محلّ رفع باعتبار المعنى، وحينئذ
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «أجل» ص 12.
(2) انظر: تاج العروس مادة «أجل» ج 7/ 204.(2/171)
يكون المعنى: وكتبنا على بني إسرائيل في التوراة: النفس تقتل بالنفس، والعين تفقأ بالعين، والأنف يجدع بالأنف، والأذن تقطع بالأذن، والسنّ تقلع بالسنّ، والجروح قصاص، أي يقتصّ فيها إذا أمكن كاليد، والرجل، ونحو ذلك.
وقرأ المرموز له بالثاء من «ثعب» ومدلول «حبر» والمرموز له بالكاف من «كم» وهم: «أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» بنصب الأسماء الأربعة الأول، عطفا على اسم «أنّ» ورفع «والجروح» قطعا لها عمّا قبلها، على أنها مبتدأ، و «قصاص» خبر.
وقرأ الباقون بنصب الأسماء الخمسة، عطفا على اسم «أنّ» لفظا، والجار والمجرور بعده خبر، و «قصاص» خبر أيضا، وهو من عطف الجمل، والتقدير:
وكتبنا على بني إسرائيل في «التوراة» أنّ النفس تقتل بالنفس، وأنّ العين تفقأ بالعين، وأنّ الأنف يجدع بالأنف، وأنّ الأذن تقطع بالأذن، وأنّ السنّ تقلع بالسنّ، وأن الجروح قصاص.
قال ابن الجزري:
... وليحكم اكسر وانصبن محرّكا
ف ق ...
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «ف ق» وهو: «حمزة» «وليحكم» من قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فِيهِ} (سورة المائدة آية 47) بكسر اللام، ونصب الميم، على أنّ اللام لام «كي» و «يحكم» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي.
وقرأ الباقون «وليحكم» بسكون اللام، وجزم الميم، على أنّ «اللام» لام الأمر، وسكنت تخفيفا، حيث أصلها الكسر.
قال ابن الجزري:
خاطبوا تبغون كم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «يبغون» من قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجََاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (سورة المائدة آية 50) بتاء الخطاب، والمخاطب أهل الكتب السابقة مثل اليهود، والنصارى، وقد تقدم ذكرهم في أكثر من آية، مثل قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فِيهِ} (سورة المائدة آية 47) والمعنى: قل لهم «يا «محمد» أفحكم الجاهلية تبغون، أي تطلبون.(2/172)
خاطبوا تبغون كم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «يبغون» من قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجََاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (سورة المائدة آية 50) بتاء الخطاب، والمخاطب أهل الكتب السابقة مثل اليهود، والنصارى، وقد تقدم ذكرهم في أكثر من آية، مثل قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فِيهِ} (سورة المائدة آية 47) والمعنى: قل لهم «يا «محمد» أفحكم الجاهلية تبغون، أي تطلبون.
وقرأ الباقون «يبغون» بياء الغيبة، على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، أو جريا على سياق قوله تعالى قبل: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النََّاسِ لَفََاسِقُونَ} (سورة المائدة آية 49).
قال «محمد بن جرير الطبري» ت 310هـ: معنى قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجََاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}: أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك، وقد حكمت فيهم بالقسط، حكم الجاهلية، يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشرك، وعندهم كتاب الله فيه بيان حقيقة الحكم الذي حكمت به فيهم، وإنه الحق الذي لا يجوز خلافه» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
وقبلا ... يقول واوه كفى حز ظلّا
وارفع سوى البصري ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويقول» من قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهََؤُلََاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللََّهِ جَهْدَ أَيْمََانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} (سورة المائدة آية 53). قرءوا «ويقول» بإثبات الواو، ورفع اللام، فالواو لعطف الجمل، ورفع اللام على الاستئناف.
وقرأ المرموز له بالحاء من «حز» والظاء من «ظلّا» وهما: «البصريان»:
«أبو عمرو، ويعقوب» «ويقول» بإثبات الواو، ونصب اللام، من قول
__________
(1) انظر: تفسير الطبري ج 5/ 274.(2/173)
المصنف: «وارفع سوى البصري» وجه النصب أنه معطوف على قوله تعالى قبل: {فَيُصْبِحُوا عَلى ََ مََا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نََادِمِينَ} (آية 52) لأن «فيصبحوا» منصوب المحلّ بأن المضمرة بعد فاء السببيّة.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «يقول» بحذف الواو، ورفع اللام. وجه حذف الواو أنه جواب على سؤال مقدّر، تقديره: ماذا يقول المؤمنون حين ترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة الخ. ووجه رفع اللام أنّ «يقول» إلخ كلام مستأنف.
تنبيه:
«ويقول» رسمت في مصاحف الكوفة، والبصرة، بإثبات الواو، تمشيا مع قراءتهم، ورسمت في مصاحف المدينة، ومكة، والشام بحذف الواو، تمشيا مع قراءتهم (1).
قال ابن الجزري:
وعمّ يرتدد ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عمّ» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «يرتدّ» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللََّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (سورة المائدة آية 54). قرءوا «يرتدد» بدالين: الأولى مكسورة، والثانية ساكنة مع فكّ الإدغام، وذلك لأنّ حكم الفعل مضعّف الثلاثي إذا دخل عليه جازم جاز فيه الإدغام وفكّه، نحو: «لم يردّ» بالإدغام، و «لم يردد» بفك الإدغام (2) والإدغام لغة «تميم» وفكّ الإدغام لغة «أهل الحجاز».
وقرأ الباقون «يرتدّ» بدال واحدة مفتوحة مشددة، على إدغام الدال في الدال.
__________
(1) قال ابن عاشر: واو يقول للعراقيّ فزد.
(2) قال ابن مالك: وفي جزم وشبه الجزم تخيير ففي.(2/174)
تنبيه:
كلمة «يرتدّ» رسمت في مصاحف أهل المدينة، والشام هكذا «يرتدد» بدالين تمشيا مع قراءتهم.
ورسمت في بقية المصاحف هكذا «يرتد» بدال واحدة تمشيا مع قراءتهم (1).
جاء في المفردات: «الارتداد، والردّة»: الرجوع في الطريق الذي جاء منه، لكنّ «الردّة» تختصّ بالكفر، وهو الرجوع من الإسلام إلى الكفر قال تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} (سورة المائدة آية 54).
والارتداد: يستعمل في الكفر، وفي غيره، قال تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كََافِرٌ} (سورة البقرة آية 217). وقال تعالى: {فَارْتَدََّا عَلى ََ آثََارِهِمََا قَصَصاً} (سورة الكهف آية 64) (2).
قال ابن الجزري:
... وخفض والكفّار رم حما
المعنى: قرأ المرموز بالراء من «رم» ومدلول «حما» وهم: «الكسائي، وأبو عمرو، ويعقوب» «والكفار» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفََّارَ أَوْلِيََاءَ} (سورة المائدة آية 57). قرءوا «والكفار» بخفض الراء، عطفا على «الذين» المجرور بمن، وهو قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}.
وقرأ الباقون «والكفار» بنصب الراء، عطفا على «الذين» الأوّل الواقع مفعولا، وهو قوله تعالى: {لََا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ} الخ.
قال ابن الجزري:
... عبد
بضمّ بائه وطاغوت اجرر ... فوزا
__________
(1) قال ابن عاشر: والمدنيان وشام يرتدد.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ردّ» ص 193192.(2/175)
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فوزا» وهو: «حمزة» «وعبد الطغوت» من قوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذََلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللََّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللََّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنََازِيرَ وَعَبَدَ الطََّاغُوتَ} (سورة المائدة آية 60) قرأ «وعبد» بضمّ الباء، وفتح الدال، و «الطاغوت» بجرّ التاء، على أنّ «عبد» مثل: «كرم» فهو بناء للمبالغة، والكثرة، والمراد به واحد، وليس بجمع «عبد» و «الطاغوت» مجرور بالإضافة.
والمعنى: وجعل منهم عبد الطاغوت، والمراد بالطاغوت: الشيطان.
وقرأ الباقون «وعبد» بفتح الباء، والدال، على أنه فعل ماض، و «الطاغوت» بالنصب مفعول به. والمعنى: وجعل منهم عبد الطاغوت.
قال ابن الجزري:
... رسالاته فاجمع واكسر
عمّ صرا ظلم والانعام اعكسا ... دن عد
المعنى: قرأ مدلول «عمّ» والمرموز له بالصاد من «صرا» والظاء من «ظلم» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشعبة، ويعقوب» «رسالته» من قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمََا بَلَّغْتَ رِسََالَتَهُ} (سورة المائدة آية 67). قرءوا «رسالاته» بإثبات ألف بعد اللام مع كسر التاء، على الجمع، وذلك أنه لما كان الرسل عليهم الصلاة والسلام، يأتي كل واحد منهم بضروب مختلفة من الشرائع المرسلة من الله تعالى، حسن الجمع ليدلّ على ذلك.
وقرأ الباقون «رسالته» بحذف الألف، ونصب التاء، على الإفراد، وذلك لأن «الرسالة» على انفرد لفظها تدلّ على ما يدلّ عليه الجمع، مثل قوله تعالى:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (سورة إبراهيم آية 34) ونعم الله كثيرة ومتعددة.
وقرأ المرموز له بالدال من «دن» والعين من «عد» وهما: «ابن كثير، وحفص» «رسالته» من قوله تعالى: {اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ} (سورة الأنعام آية 124) بغير ألف بعد اللام، ونصب التاء، على الإفراد.(2/176)
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (سورة إبراهيم آية 34) ونعم الله كثيرة ومتعددة.
وقرأ المرموز له بالدال من «دن» والعين من «عد» وهما: «ابن كثير، وحفص» «رسالته» من قوله تعالى: {اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ} (سورة الأنعام آية 124) بغير ألف بعد اللام، ونصب التاء، على الإفراد.
وقرأ الباقون «رسالاته» بإثبات ألف بعد اللام وكسر التاء، على الجمع.
قال ابن الجزري:
... تكون ارفع حما فتى رسا
المعنى: قرأ مدلول «حما» ومدلول «فتى» والمرموز له بالراء من «رسا» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وحمزة، وخلف العاشر، والكسائي» «تكون» من قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلََّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا} (سورة المائدة آية 71). قرءوا «تكون» برفع النون، على أنّ «أن» مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، أي أنّه، و «لا» نافية و «تكون» تامّة، و «فتنة» فاعل، والجملة خبر «أن» وهي مفسرة لضمير الشأن، و «حسب» حينئذ لليقين لا للشك، لأنّ «أن» المخففة من الثقيلة لا تقع إلّا بعد تيقّن.
والمعنى: لقد بالغ بنو إسرائيل في كفرهم، وعنادهم بألوان شتّى مختلفة، منها: أنهم تيقنوا أن لا تحدث ولا تقع فتنة فعمّوا عن رؤية الحقيقة، وصمّت آذانهم عن قبول نصيحة أنبيائهم.
وقرأ الباقون «تكون» بنصب النون، على أنّ «أن» حرف مصدري ونصب، دخل على فعل منفيّ بلا، و «حسب» حينئذ على بابها للظنّ، لأنّ «أنّ» الناصبة لا تقع إلّا بعد الظنّ، و «تكون» تامّة أيضا، و «فتنة» فاعل. والمعنى:
شكّ هؤلاء اليهود ألّا تحدث فتنة فعمّوا وصمّوا.
قال ابن الجزري:
عقدتم المدّ منى وخفّفا ... من صحبة
المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «منى» والميم من «من» وهو: «ابن ذكوان» «عقدتم» من قوله تعالى: {لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمََانَ} (سورة المائدة آية 89). قرأ «عاقدتم» بإثبات ألف بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قاتلتم» على أن المراد به المرّة الواحدة من العقد فيكون بمعنى «عقدتم» بتخفيف القاف، وحينئذ تكون المفاعلة على غير بابها فتتحد هذه القراءة مع قراءة «عقدتم» بتخفيف القاف في المعنى.(2/177)
عقدتم المدّ منى وخفّفا ... من صحبة
المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «منى» والميم من «من» وهو: «ابن ذكوان» «عقدتم» من قوله تعالى: {لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمََانَ} (سورة المائدة آية 89). قرأ «عاقدتم» بإثبات ألف بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قاتلتم» على أن المراد به المرّة الواحدة من العقد فيكون بمعنى «عقدتم» بتخفيف القاف، وحينئذ تكون المفاعلة على غير بابها فتتحد هذه القراءة مع قراءة «عقدتم» بتخفيف القاف في المعنى.
وقرأ المرموز لهم ب «صحبة» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدتم» بحذف الألف التي بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قتلتم» وذلك على أصل الفعل.
قال «الراغب الأصفهاني»: العقد: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة كعقد الحبل، ثمّ يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع، والعهد، وغيرهما، فيقال: عقدته، وعقدت يمينه، وعاقدته، وتعاقدنا» اهـ (1).
وقرأ الباقون «عقّدتم» بحذف الألف، وتشديد القاف، وذلك للتكثير على معنى: عقد بعد عقد.
قال ابن الجزري:
... جزاء تنوين كفى
ظهرا ومثل رفع خفضهم وسم ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وبالظاء من «ظهرا» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب» «فجزاء مثل» من قوله تعالى:
{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزََاءٌ مِثْلُ مََا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوََا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (سورة المائدة آية 95). قرءوا بتنوين همزة «جزاء» ورفع لام «مثل» على أنّ «مثل» صفة ل «جزاء» و «جزاء» مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: فعلى القاتل
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «عقد» ص 341.(2/178)
جزاء مماثل للمقتول من الصيد في القيمة، أو في الخلقة. أو على أنّ «جزاء» خبر لمبتدإ محذوف، أي فالواجب جزاء، أو فاعل لفعل محذوف، أي فيلزمه جزاء.
وقرأ الباقون بحذف تنوين «جزاء» وخفض لام «مثل» وذلك على إضافة «جزاء» إلى «مثل» وذلك لأن العرب تستعمل في إرادة الشيء مثله يقولون:
«إني أكرم مثلك» أي أكرمك، وقد قال الله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مََا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} (سورة البقرة آية 137) أي بما آمنتم به لا بمثله، لأنهم إذا آمنوا بمثله لم يؤمنوا، فالمراد بالمثل الشيء بعينه، وحينئذ يكون المعنى على الإضافة:
فجزاء المقتول من الصيد يحكم به ذوا عدل منكم.
قال ابن الجزري:
... والعكس في كفّارة طعام عم
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عم» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «كفرة طعام» من قوله تعالى: {أَوْ كَفََّارَةٌ طَعََامُ مَسََاكِينَ} (سورة المائدة آية 95).
قرءوا «كفّارة» بغير تنوين، و «طعام» بالخفض على الإضافة، وذلك على أنّ «كفّارة» خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير: أو عليه كفارة طعام مساكين.
وقرأ الباقون «كفّارة» بالتنوين، و «طعام» بالرفع، وذلك على أنّ «كفارة» خبر لمبتدإ محذوف، و «طعام» عطف بيان على «كفارة» لأن الكفّارة هي الطعام، والتقدير: أو عليه كفارة هي طعام مساكين.
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على قراءة «مساكين» هنا بالجمع، لأن قتل الصيد لا يجزئ فيه إطعام مسكين واحد، بل جماعة مساكين، يضاف إلى ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
ضمّ استحقّ افتح وكسره علا ... والأوليان الأوّلين ظلّلا
صفو فتى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «علا» وهو: «حفص» «استحق، الأوليان» من قوله تعالى: {فَآخَرََانِ يَقُومََانِ مَقََامَهُمََا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيََانِ} (سورة المائدة آية 107). قرأ «استحقّ» بفتح التاء، والحاء، مبنيا للفاعل، وإذا ابتدأ بها كسر الهمزة.(2/179)
ضمّ استحقّ افتح وكسره علا ... والأوليان الأوّلين ظلّلا
صفو فتى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «علا» وهو: «حفص» «استحق، الأوليان» من قوله تعالى: {فَآخَرََانِ يَقُومََانِ مَقََامَهُمََا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيََانِ} (سورة المائدة آية 107). قرأ «استحقّ» بفتح التاء، والحاء، مبنيا للفاعل، وإذا ابتدأ بها كسر الهمزة.
وقرأ «الأوليان» بإسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنّى «أولى» أي الأحقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وهو مرفوع على أنه فاعل «استحقّ».
وقرأ المرموز له بالظاء من «ظللا» والصاد من «صفو» ومدلول «فتى» وهم: «يعقوب، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «استحقّ» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، وإذا ابتدءوا ضموا الهمزة، ونائب فاعل «استحق» «عليهم» أي الجار والمجرور. وقرءوا «الأوّلين» بتشديد الواو المفتوحة، وكسر اللام وبعدها ياء ساكنة، وفتح النون، جمع «أوّل» المقابل «آخر» مجرور بالياء صفة «للذين» أو بدل منه، أو بدل من الضمير في «عليهم».
وقرأ الباقون «استحقّ» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيّا للمفعول، وإذا ابتدءوا ضموا الهمزة.
وقرءوا «الأوليان» بإسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى «أولى» وهو مرفوع على أنه نائب فاعل «استحق».
قال ابن الجزري:
وسحر ساحر شفا ... كالصّف هود وبيونس دفا
كفى ...
المعنى: اختلف القراء في «سحر» في أربعة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {فَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة المائدة آية 110).
2 - قوله تعالى: {قََالَ الْكََافِرُونَ إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ مُبِينٌ} (سورة يونس آية 2).(2/180)
1 - قوله تعالى: {فَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة المائدة آية 110).
2 - قوله تعالى: {قََالَ الْكََافِرُونَ إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ مُبِينٌ} (سورة يونس آية 2).
3 - قوله تعالى: {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة هود آية 7).
4 - قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَهُمْ بِالْبَيِّنََاتِ قََالُوا هََذََا سِحْرٌ مُبِينٌ} (سورة الصف آية 6).
فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ساحر» في السور الأربع بفتح السين، وألف بعدها، وكسر الحاء، على أنه اسم فاعل من «سحر» الثلاثي المجرد.
وقرأ «ابن كثير، وعاصم» موضع «يونس» «ساحر» بفتح السين وألف بعدها، وكسر الحاء، اسم فاعل.
وقرأ المواضع الثلاثة الباقية «سحر» بكسر السين، وحذف الألف، وإسكان الحاء، على أنه مصدر «سحر». والتقدير: ما هذا الخارق للعادة إلّا سحر، أو جعلوه نفس السحر مبالغة، مثل قولهم: «زيد عدل».
وقرأ الباقون «سحر» في السور الأربع، وتقدم توجيهه.
جاء في «المفردات»: «السحر» يقال على معنيين:
الأوّل: الخداع، وتخيلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله «المشعوذ» بصرف الأبصار عمّا يفعله لخفة يده، وعلى ذلك جاء قوله تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النََّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجََاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (سورة الأعراف آية 116).
والثاني: استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه، قال تعالى:
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كََاذِبُونَ} (سورة الشعراء الآيات 223221). وعلى ذلك قوله تعالى:
{وَلََكِنَّ الشَّيََاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النََّاسَ السِّحْرَ} (سورة البقرة آية 102) اهـ (1).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 226.(2/181)
قال ابن الجزري:
ويستطيع ربّك سوى ... عليّهم
المعنى: قرأ «الكسائي» «يستطيع ربك» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَ الْحَوََارِيُّونَ يََا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ}
(سورة المائدة آية 112). قرأ «تستطيع» بتاء الخطاب مع إدغام لام «هل» في «تاء» «تستطيع» والمخاطب سيدنا «عيسى» عليه السلام.
وقرأ «ربّك» بالنصب على التعظيم. والمعنى: هل تستطيع يا عيسى سؤال ربك، وهو استفهام فيه معنى الطلب، أي اسأل لنا ربّك أن ينزل علينا مائدة من السماء.
وقرأ الباقون «يستطيع» بياء الغيبة، و «ربّك» بالرفع، على أنه فاعل «يستطيع». والمعنى: هل يطيعك ربّك، ويجيبك على مسألتك، واستطاع حينئذ تكون بمعنى «أطاع» ويجوز أن يكونوا سألوه سؤال مختبر، وذلك لأن الحواريين مؤمنون، ولا يشكّون في قدرة الله تعالى.
قال ابن الجزري:
... يوم انصب الرّفع أوى
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أوى» وهو: «نافع» «يوم» من قوله تعالى: {قََالَ اللََّهُ هََذََا يَوْمُ يَنْفَعُ الصََّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (سورة المائدة آية 119) بالنصب على الظرفية، و «هذا» مبتدأ، والخبر متعلق الظرف، والتقدير: هذا القول واقع يوم ينفع الصادقين صدقهم.
وقرأ الباقون «يوم» بالرفع، على أنه خبر، و «هذا» مبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مقول القول.
(ولله أعلم) تمّت سورة المائدة ولله الحمد والشكر(2/182)
(ولله أعلم) تمّت سورة المائدة ولله الحمد والشكر
سورة الأنعام
قال ابن الجزري:
يصرف بفتح الضّمّ واكسر صحبة ... ظعن
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «صحبة» والظاء من «ظعن» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب» «يصرف» من قوله تعالى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} (سورة الأنعام آية 16). قرءوا «يصرف» بفتح الياء، وكسر الراء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على «الربّ» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخََافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (سورة الأنعام آية 15) ومفعول «يصرف» محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو ضمير العذاب، والتقدير: من يصرف الرّبّ عنه العذاب يوم القيامة فقد رحمه.
وقرأ الباقون «يصرف» بضم الياء، وفتح الراء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «العذاب» المتقدم. والتقدير: من يصرف العذاب عنه يوم القيامة، فقد رحمه الله بذلك.
قال ابن الجزري:
... ويحشر يا يقول ظنّة
ومعه حفص في سبا ...
المعنى: اختلف القراء في «نحشرهم، نقول» هنا في الأنعام من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكََاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (آية 22). و «يحشرهم، يقول» في سورة «سبأ» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلََائِكَةِ أَهََؤُلََاءِ إِيََّاكُمْ كََانُوا يَعْبُدُونَ}
(سورة سبأ آية 40).
فقرأ المرموز له بالظاء من «ظنة» وهو: «يعقوب» «يحشرهم» و «يقول» في السورتين بالياء التحتيّة على الغيبة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى المتقدّم في قوله تعالى في سورة «الأنعام» {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (آية 21). وفي قوله تعالى في سورة سبأ: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} (الآية 39).(2/183)
المعنى: اختلف القراء في «نحشرهم، نقول» هنا في الأنعام من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكََاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (آية 22). و «يحشرهم، يقول» في سورة «سبأ» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلََائِكَةِ أَهََؤُلََاءِ إِيََّاكُمْ كََانُوا يَعْبُدُونَ}
(سورة سبأ آية 40).
فقرأ المرموز له بالظاء من «ظنة» وهو: «يعقوب» «يحشرهم» و «يقول» في السورتين بالياء التحتيّة على الغيبة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى المتقدّم في قوله تعالى في سورة «الأنعام» {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (آية 21). وفي قوله تعالى في سورة سبأ: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} (الآية 39).
وقرأ المصرّح باسمه: «حفص» نحشرهم، نقول» في الأنعام بنون العظمة، على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. وفي سورة «سبأ» قرأ «يحشرهم، يقول» بياء الغيبة.
وقرأ الباقون «نحشرهم، نقول» في السورتين بنون العظمة.
قال ابن الجزري:
يكن رضا ... صف خلف ظام فتنة ارفع كم عضا
دم ...
المعنى: اختلف القراء في «تكن فتنتهم» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلََّا أَنْ قََالُوا وَاللََّهِ رَبِّنََا مََا كُنََّا مُشْرِكِينَ} (سورة الأنعام آية 23).
فقرأ المرموز لهم ب «رضا» والصاد من «صف» بخلف عنه، والظاء من «ظام» وهم: «حمزة، والكسائي، ويعقوب، وشعبة في أحد وجهيه» «يكن» بالياء التحتية على التذكير، «فتنتهم» بالنصب، وذلك على أن «فتنتهم» خبر «يكن» مقدّم، و «إلّا أن قالوا» الخ اسم يكن مؤخر.
وقرأ المرموز لهم بالكاف من «كم» والعين من «عضا» والدال من «دم» وهم: «ابن عامر، وحفص، وابن كثير» «تكن» بالتاء الفوقية على التأنيث، و «فتنتهم» بالرفع، على أنّ «فتنتهم» اسم «تكن» و «إلّا أن قالوا» الخ خبر «تكن».
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وخلف العاشر،
وشعبة في وجهه الثاني «تكن» بالتاء الفوقية على التأنيث، و «فتنتهم» بالنصب، على أنها خبر «تكن» مقدّم، و «إلا أن قالوا» اسم «تكن» مؤخر، وأنّث الفعل وهو «تكن» لتأنيث الخبر.(2/184)
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وخلف العاشر،
وشعبة في وجهه الثاني «تكن» بالتاء الفوقية على التأنيث، و «فتنتهم» بالنصب، على أنها خبر «تكن» مقدّم، و «إلا أن قالوا» اسم «تكن» مؤخر، وأنّث الفعل وهو «تكن» لتأنيث الخبر.
قال ابن الجزري:
ربّنا النّصب شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ربّنا» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلََّا أَنْ قََالُوا وَاللََّهِ رَبِّنََا مََا كُنََّا مُشْرِكِينَ} (سورة الأنعام آية 23). قرءوا «ربّنا» بنصب الباء على النداء، أو على المدح، وفصل به بين القسم وجوابه، وذلك حسن لأنّ فيه معنى الخضوع والتضرع حين لا ينفع ذلك.
وقرأ الباقون «ربّنا» بجرّ الباء، على أنها بدل من لفظ الجلالة «الله» أو نعت، أو عطف بيان.
جاء في «تاج العروس»: «الربّ»: هو الله عزّ وجلّ، وهو ربّ كل شيء، أي مالكه، وله الربوبيّة على جميع الخلق لا شريك له، وهو ربّ الأرباب، ومالك الملوك، والأملاك» اهـ (1).
والربّ: جمعه «أربّة» بكسر الراء، وتشديد الباء، وأرباب، و «ربوب» بضم الراء والباء.
قال الشاعر:
كانت أربّتهم حفرا وغزّهم ... عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا (2)
__________
(1) انظر: تاج العروس مادّة «ربّب» ج 1/ 360.
(2) غدرا: بضم الغين المعجمة والدال.(2/185)
قال ابن الجزري:
نكذّب ... بنصب رفع فوز ظلم عجب
كذا نكون معهم شام ...
المعنى: اختلف القراء في «ولا نكذب، ونكون» من قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى ََ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النََّارِ فَقََالُوا يََا لَيْتَنََا نُرَدُّ وَلََا نُكَذِّبَ بِآيََاتِ رَبِّنََا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأنعام آية 27).
فقرأ المرموز له بالفاء من «فوز» والظاء من «ظلم» والعين من «عجب» وهم: «حمزة، ويعقوب، وحفص» بنصب الباء في «ولا نكذّب» ونصب النون في «ونكون» على أنّ «ولا نكذّب» منصوب بأن مضمرة بعد واو المعيّة في جواب التمنّي، «ونكون» معطوف عليه.
وقرأ الشامي وهو «ابن عامر» برفع الباء في «ولا نكذّب» عطفا على «نردّ» ونصب النون في «ونكون» بأن مضمرة بعد واو المعيّة.
وقرأ الباقون برفع الفعلين، عطفا على «نردّ» والتقدير: يا ليتنا نردّ إلى الدنيا مرّة ثانية ونوفّق للتصديق والإيمان.
قال ابن الجزري:
وخف ... للدّار الآخرة خفض الرّفع كف
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كف» وهو: «ابن عامر» «وللدار الآخرة» من قوله تعالى: {وَلَلدََّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} (سورة الأنعام آية 32).
قرأ «ولدار» بلام واحدة كما هي مرسومة في المصحف الشامي (1)، وهي لام الابتداء، وقرأ كذلك بتخفيف الدال، وخفض تاء «الآخرة» على الإضافة،
__________
(1) قال ابن عاشر: للدار للشّام بلام.(2/186)
وحينئذ يكون الموصوف محذوفا، والتقدير: والدار الحياة الآخرة خير للمتقين.
وقرأ الباقون «وللدّار» بلامين: لام الابتداء، ولام التعريف، مع تشديد الدال بسبب إدغام لام التعريف في الدال، لوجود التقارب بينهما في المخرج، إذ اللام تخرج من أدنى حافّتي اللسان بعد مخرج الضاد إلى منتهى طرفه مع ما يليها من أصول الثنايا العليا، والدال تخرج من طرف اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى، كما أنهما متفقتان في الصفات الآتية: الجهر، والاستفال، والانفتاح، كما قرءوا برفع تاء «الآخرة» على أنها صفة «للدار» و «خير» خبرها، وهذه القراءة موافقة لرسم بقيّة المصاحف.
قال ابن الجزري:
لا يعقلون خاطبوا وتحت عم ... عن ظفر يوسف شعبة وهم
يس كم خلف مدا ظلّ ...
المعنى: اختلف القراء في لفظ «تعقلون» في أربعة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {وَلَلدََّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (سورة الأنعام آية 32).
2 - قوله تعالى: {وَالدََّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (سورة الأعراف آية 169).
3 - قوله تعالى: {وَلَدََارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (سورة يوسف آية 109).
4 - قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلََا يَعْقِلُونَ} (سورة يس آية 68).
فقرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «تعقلون» في المواضع الأربعة بتاء الخطاب.
وقرأ «ابن عامر» بتاء الخطاب في ثلاثة مواضع وهي: «الأنعام، والأعراف، ويوسف» واختلف عنه في موضع يس فقرأه مرّة بتاء الخطاب، وأخرى بياء الغيبة.
وقرأ «شعبة» بتاء الخطاب في موضع «يوسف» وبياء الغيبة في ثلاثة مواضع وهي: «الأنعام، والأعراف، ويس».(2/187)
وقرأ «ابن عامر» بتاء الخطاب في ثلاثة مواضع وهي: «الأنعام، والأعراف، ويوسف» واختلف عنه في موضع يس فقرأه مرّة بتاء الخطاب، وأخرى بياء الغيبة.
وقرأ «شعبة» بتاء الخطاب في موضع «يوسف» وبياء الغيبة في ثلاثة مواضع وهي: «الأنعام، والأعراف، ويس».
وقرأ «حفص» بتاء الخطاب في ثلاثة مواضع وهي: «الأنعام، والأعراف، ويوسف» وبياء الغيبة في موضع يس فقط.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بياء الغيبة في المواضع الأربعة.
التوجيه:
من ينعم النظر في سياق الكلام الذي قبل هذه الآيات يجد أن قراءة الغيبة جاءت متمشية مع سياق الكلام في المواضع الأربعة، وبناء عليه تكون قراءة الغيبة في السور الأربع جاءت جريا على السياق. وقراءة الخطاب في هذه السور الأربع جاءت على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
تنبيه:
«تعقلون» من قوله تعالى: {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ أَفَلََا تَعْقِلُونَ}
(سورة القصص آية 60). سيتكلم الناظم على خلاف القراء في سورته إن شاء الله تعالى.
قال ابن الجزري:
وخف ... يكذّب اتل رم
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «اتل» والراء من «رم» وهما: «نافع، والكسائي» «لا يكذبونك» من قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لََا يُكَذِّبُونَكَ} (سورة الأنعام آية 33). قرآ «لا يكذبونك» بضم الياء، وإسكان الكاف، وتخفيف الذال، على أنه مضارع «أكذب» على وزن «أفعل» على معنى: لا يجدونك كاذبا، لأنهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب «أحمدت الرجل» وجدته محمودا.
حكى «الكسائي» ت 180هـ عن العرب: «أكذبت الرجل» إذا أخبرت أنه جاء بكذب.
وحكى «قطرب محمد بن المستنير» ت 206هـ: «أكذبت الرجل» دللت على كذبه. وقيل معنى الآية: أنهم لا يجعلونك كاذبا إذ لم يجربوا عليك ذلك.(2/188)
حكى «الكسائي» ت 180هـ عن العرب: «أكذبت الرجل» إذا أخبرت أنه جاء بكذب.
وحكى «قطرب محمد بن المستنير» ت 206هـ: «أكذبت الرجل» دللت على كذبه. وقيل معنى الآية: أنهم لا يجعلونك كاذبا إذ لم يجربوا عليك ذلك.
وقرأ الباقون «لا يكذّبونك» بضمّ الياء، وفتح الكاف، وتشديد الذال، على أنه مضارع «كذّب» مضعّف الثلاثي، على معنى: أنهم لا ينسبونك إلى الكذب، كما يقال: «فسّقته، وخطّأته» أي نسبته إلى الفسق، وإلى الكذب.
إذا فيكون المعنى: أنهم لا يقدرون أن ينسبوك إلى الكذب فيما جئت به.
قال ابن الجزري:
... فتحنا اشدد كلف
خذه كالاعراف وخلفا ذق غدا ... واقتربت كم ثق غلا الخلف شدا
المعنى: اختلف القراء في لفظ «فتحنا» في ثلاثة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {فَلَمََّا نَسُوا مََا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ أَبْوََابَ كُلِّ شَيْءٍ} (سورة الأنعام آية 44).
2 - قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى ََ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بَرَكََاتٍ مِنَ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ} (سورة الأعراف آية 96).
3 - قوله تعالى: {فَفَتَحْنََا أَبْوََابَ السَّمََاءِ بِمََاءٍ مُنْهَمِرٍ} (سورة القمر آية 11).
فقرأ «ابن عامر، وابن وردان» «فتحنا» في السور الثلاث بتشديد التاء، نحو: «كرّم» مضعف الثلاثي.
وقرأ «ابن جماز» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتشديد والتخفيف في موضعي: «الأنعام والأعراف».
وقرأ «رويس» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتشديد والتخفيف في موضعي: «الأنعام والأعراف» مثل «ابن جماز» سواء بسواء.
وقرأ «روح» بالتشديد والتخفيف في موضع «القمر» وبالتخفيف في موضعي: «الأنعام والأعراف».
وقرأ الباقون بالتخفيف في السور الثلاث. والتخفيف والتشديد لغتان، إلّا أن التشديد فيه دلالة على التكثير.(2/189)
وقرأ «روح» بالتشديد والتخفيف في موضع «القمر» وبالتخفيف في موضعي: «الأنعام والأعراف».
وقرأ الباقون بالتخفيف في السور الثلاث. والتخفيف والتشديد لغتان، إلّا أن التشديد فيه دلالة على التكثير.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على القراءة بالتخفيف في لفظ «فتحنا» في غير المواضع المتقدمة مثال ذلك:
1 - قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بََاباً مِنَ السَّمََاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} (سورة الحجر آية 14).
2 - قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بََاباً ذََا عَذََابٍ شَدِيدٍ} (سورة المؤمنون آية 77).
3 - قوله تعالى: {إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} (سورة الفتح آية 1).
قال ابن الجزري:
وفتّحت يأجوج كم ثوى ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «ثوى» وهم: «ابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «فتحت» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} (سورة الأنبياء آية 96). قرءوا «فتّحت» بتشديد التاء، وفيه معنى التكرير، والتكثير، لأنه ثمّ سدّ، وبناء، وردم، فالفتح لأشياء مختلفة يقتضي التشديد الذي فيه دلالة على التكثير.
وقرأ الباقون «فتحت» بتخفيف التاء، لأن تقديره: حتى إذا فتح سدّ يأجوج ومأجوج.
قال ابن الجزري:
وضم ... غدوة في غداة كالكهف كتم
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كتم» وهو «ابن عامر» «بالغدوة» من قوله تعالى:
1 {وَلََا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (سورة الأنعام آية 52).(2/190)
وضم ... غدوة في غداة كالكهف كتم
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كتم» وهو «ابن عامر» «بالغدوة» من قوله تعالى:
1 {وَلََا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (سورة الأنعام آية 52).
2 {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}
(سورة الكهف آية 28).
قرأ «بالغدوة» في الموضعين بضم الغين، وإسكان الدال، وبعدها واو مفتوحة.
وقرأ الباقون «بالغدوة» في الموضعين أيضا بفتح الغين، والدال، وألف بعدها. و «الغدوة، والغداة» لغتان بمعنى واحد، وهو أنهما ظرف لأوّل النهار.
قال ابن الجزري:
وإنّه افتح عمّ ظلّا نل فإن ... نل كم ظبّى
المعنى: اختلف القراء في «أنّه، فإنه» من قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى ََ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهََالَةٍ ثُمَّ تََابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة الأنعام آية 54).
فقرأ «ابن عامر، وعاصم، ويعقوب» بفتح الهمزة فيهما.
وقرأ «نافع، وأبو جعفر» «أنّه» بفتح الهمزة، و «فإنه» بكسر الهمزة.
وقرأ الباقون بكسر الهمزة فيهما.
التوجيه: الفتح في الأولى على أنها بدل من «الرحمة» بدل الشيء من الشيء، أي بدل كل من كل، فهي في موضع نصب ب «كتب» والتقدير: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوءا بجهالة الخ. والفتح في الثانية على أنّ محلها رفع بالابتداء، والخبر محذوف. والتقدير: فله غفران ربه ورحمته، أو فغفران ربه ورحمته حاصلان.
والكسر في الأولى على أنها مستأنفة، والكلام قبلها تام والكسر في الثانية
على أنها صدر جملة وقعت خبرا ل «من» على أنها موصولة، أو جوابا ل «من» إن جعلت شرطية.(2/191)
والكسر في الأولى على أنها مستأنفة، والكلام قبلها تام والكسر في الثانية
على أنها صدر جملة وقعت خبرا ل «من» على أنها موصولة، أو جوابا ل «من» إن جعلت شرطية.
قال ابن الجزري:
... ويستبين صون فن
روى سبيل لا المديني ...
المعنى: اختلف القراء في «ولتستبين سبيل» من قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ نُفَصِّلُ الْآيََاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (سورة الأنعام آية 55).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صون» والفاء من «فن» ومدلول «روى» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وليستبين» بياء التذكير، ورفع لام «سبيل» فاعل.
وقرأ «نافع، وأبو جعفر» «ولتستبين» بتاء الخطاب، ونصب لام «سبيل» على أن «تستبين» مضارع من «استبنت الشيء» المعدّى و «سبيل» مفعول به، والمعنى: ولتستوضح يا «محمد» طريق المجرمين.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، ويعقوب» «ولتستبين» بتاء التأنيث، ورفع لام «سبيل» فاعل، وجاز تأنيث الفعل وتذكيره لأن الفاعل مؤنث مجازيا.
قال ابن الجزري:
ويقص ... في يقض أهملن وشدّد حرم نص
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حرم» والنون من «نص» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وعاصم» «يقصّ» من قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلََّا لِلََّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفََاصِلِينَ} (سورة الأنعام آية 57). قرءوا «يقصّ» بضم القاف، وبعدها صاد مهملة مضمومة مشددة، على أنه مضارع من «القصص» و «الحقّ» مفعول به ل «يقصّ».
وقرأ الباقون «يقض» بسكون القاف، وبعدها ضاد معجمة مكسورة مخففة، على أنه مضارع من «القضاء»، و «الحقّ» صفة لمصدر محذوف مفعول به، والتقدير: يقض القضاء الحقّ.(2/192)
ويقص ... في يقض أهملن وشدّد حرم نص
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حرم» والنون من «نص» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وعاصم» «يقصّ» من قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلََّا لِلََّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفََاصِلِينَ} (سورة الأنعام آية 57). قرءوا «يقصّ» بضم القاف، وبعدها صاد مهملة مضمومة مشددة، على أنه مضارع من «القصص» و «الحقّ» مفعول به ل «يقصّ».
وقرأ الباقون «يقض» بسكون القاف، وبعدها ضاد معجمة مكسورة مخففة، على أنه مضارع من «القضاء»، و «الحقّ» صفة لمصدر محذوف مفعول به، والتقدير: يقض القضاء الحقّ.
تنبيه:
رسم «يقض» بدون ياء تبعا للفظ القراءة، كما رسم «سندع الزبانية» سورة العلق (آية 18) بدون واو، وذلك اكتفاء بالكسرة التي قبل الضاد، وبالضمة التي قبل الواو (1).
قال ابن الجزري:
وذكّر استهوى توفّى مضجعا ... فضل
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فضل» وهو: «حمزة» بتذكير لفظي:
«استهوته» من قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيََاطِينُ} (سورة الأنعام آية 71).
و «توفته» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا جََاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنََا وَهُمْ لََا يُفَرِّطُونَ} (سورة الأنعام آية 61).
قرأ «استهواه» بألف ممالة بعد الواو، على تذكير الفعل، لكون الفاعل جمع تكسير، وهو «الشياطين» فالتذكير على معنى جمع الشياطين.
وقرأ أيضا «توفاه» بألف ممالة بعد الفاء، وهو فعل ماض حذفت منه تاء التأنيث، على تذكير الجمع.
وقرأ الباقون «استهوته» بالتاء الساكنة من غير ألف على تأنيث الفعل، على معنى جماعة الشياطين. وقرءوا أيضا «توفته» بتاء ساكنة مكان الألف، على أنه فعل ماض وأنّث على معنى الجماعة.
__________
(1) قال صاحب مورد الظمآن:
وهاك واوا سقطت في الرسم ... في أحرف للاكتفا بالضمّ
ويدع الانسان ويوم يدع ... في سورة القمر مع سندع
ويمح في حم مع وصالح ... الحذف في الخمسة عنهم واضح(2/193)
قال ابن الجزري:
... وننجي الخفّ كيف وقعا
ظلّ وفي الثّان اتل من حقّ وفي ... كاف ظبى رض تحت صاد شرّف
والحجر أولى العنكبا ظلم شفا ... والثّان صحبة ظهير دلفا
ويونس الأخرى علا ظبي رعا ... وثقل صفّ كم
المعنى: اختلف القراء في تخفيف، وتشديد الكلمات الآتية:
1 «ينجيكم» من قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}
(سورة الأنعام آية 63). ومن قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهََا} (سورة الأنعام آية 64).
2 «ننجيك» من قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (سورة يونس آية 92).
3 «ننجي» من قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا} (سورة يونس آية 103). ومن قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} (سورة مريم آية 72).
4 «ننج» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ حَقًّا عَلَيْنََا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس آية 103).
5 «لمنجوهم» من قوله تعالى: {إِلََّا آلَ لُوطٍ إِنََّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} (سورة الحجر آية 59).
6 «لننجينه» من قوله تعالى: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ} (سورة العنكبوت آية 32).
7 «منجوك» من قوله تعالى: {إِنََّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} (سورة العنكبوت آية 33).
8 «ينجي» من قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللََّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفََازَتِهِمْ} (سورة الزمر آية 61).
9 «تنجيكم» من قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى ََ تِجََارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ} (سورة الصف آية 10).
هذه إحدى عشرة كلمة جاء فيها خلاف القراء العشرة بين التخفيف، والتشديد:
فالتخفيف على أن «الاشتقاق من «أنجى» الرباعي. والتشديد على أنه
من «نجّى» مضعف الثلاثي. وإليك قراءة القراء العشرة في هذه الكلمات:(2/194)
فالتخفيف على أن «الاشتقاق من «أنجى» الرباعي. والتشديد على أنه
من «نجّى» مضعف الثلاثي. وإليك قراءة القراء العشرة في هذه الكلمات:
قرأ «يعقوب» بالتخفيف في عشرة مواضع، وبالتشديد في موضع الزمر فقط.
وقرأ «هشام» بالتشديد في الأحد عشر موضعا.
وقرأ «نافع، وأبو عمرو» بالتخفيف في الموضع الثاني من «الأنعام» وفي موضع «الصف» وبالتشديد في التسعة الباقية.
وقرأ «ابن كثير» بالتخفيف في الموضع الثاني من «الأنعام» وفي الموضع الثاني من «العنكبوت» وفي موضع «الصف» وبالتشديد في الثمانية الباقية.
وقرأ «ابن ذكوان» بالتخفيف في الموضع الثاني من «الأنعام» وبالتشديد في العشرة الباقية.
وقرأ «حمزة، وخلف العاشر» بالتخفيف في «الحجر»، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الستة الباقية.
وقرأ «الكسائي» بالتخفيف في الموضع الأخير من «يونس» وموضع الحجر، ومريم، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الأربعة الباقية.
وقرأ «شعبة» بالتخفيف في الموضع الثاني من «العنكبوت»، وبالتشديد في العشرة الباقية.
وقرأ «حفص» بالتخفيف في الموضع الأخير من «يونس» وموضع «الصف» وبالتشديد في التسعة الباقية.
تنبيه: «ننجي» من قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأنبياء آية 88) وسيأتي خلاف القراء فيه في سورة الأنبياء حسبما ذكر «الناظم» رحمه الله.
قال ابن الجزري:
... وخفية معا
بكسر ضمّ صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» «وهو: «شعبة» «خفية» معا:(2/195)
وخفية معا
بكسر ضمّ صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» «وهو: «شعبة» «خفية» معا:
من قوله تعالى:
1 {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (سورة الأنعام آية 63).
2 {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (سورة الأعراف آية 55).
قرأ بكسر الخاء في الموضعين.
وقرأ الباقون بضم الخاء في الموضعين أيضا، وهما لغتان في مصدر «خفي».
قيل معناه: تذلّلا واستكانة وخفية.
قال ابن الجزري:
وأنجانا كفى ... أنجيتنا الغير
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أنجانا» من قوله تعالى: {لَئِنْ أَنْجََانََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (سورة الأنعام آية 63). قرءوا «أنجانا» بألف بعد الجيم من غير ياء، ولا تاء، بلفظ الغيب، وذلك جريا على سياق ما قبله، وما بعده، لأن قبله قوله تعالى: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} والهاء للغائب، وبعده قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُ يُنَجِّيكُمْ} (آية 64).
وقرأ الباقون «أنجيتنا» بياء تحتية ساكنة بعد الجيم، وبعدها تاء فوقية مفتوحة، على الخطاب، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، حكاية لدعائهم.
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على قراءة «أنجيتنا» من قوله تعالى: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (سورة يونس آية 22) بياء تحتية ساكنة بعد
الجيم، وبعدها تاء فوقية مفتوحة على الخطاب، لأنه إخبار عن توجههم إلى الله تعالى بالدعاء، وذلك إنما يكون بالخطاب.(2/196)
اتفق القراء العشرة على قراءة «أنجيتنا» من قوله تعالى: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (سورة يونس آية 22) بياء تحتية ساكنة بعد
الجيم، وبعدها تاء فوقية مفتوحة على الخطاب، لأنه إخبار عن توجههم إلى الله تعالى بالدعاء، وذلك إنما يكون بالخطاب.
جاء في «تاج العروس»: «نجا من كذا ينجو، نجوا»، بفتح النون، وسكون الجيم، و «نجاء» ممدود، و «نجاة» بالقصر: خلص منه (1).
قال ابن الجزري:
... وينسي كيفا
ثقلا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كيّفا» وهو: «ابن عامر» «ينسينك» من قوله تعالى: {وَإِمََّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطََانُ فَلََا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ََ مَعَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} (سورة الأنعام آية 68).
قرأ «ينسينّك» بفتح النون التي قبل السين، وتشديد السين، على أنه مضارع «نسّى» مضعّف الثلاثي.
وقرأ الباقون «ينسينّك» بإسكان النون، وتخفيف السين، مضارع «أنسى» الرباعي. والمفعول الثاني على القراءتين محذوف، والتقدير: ما أمرت به من ترك مجالسة الخائضين في آيات الله.
قال ابن الجزري:
وآزر ارفعوا ظلما ...
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظلما» وهو: «يعقوب» «ءازر» من قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} (سورة الأنعام آية 74) بضمّ الراء، على أنه منادى حذف منه حرف النداء.
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «نجو» ج 10/ 356.(2/197)
وقرأ الباقون «آزر» بفتح الراء، على أنه بدل من «أبيه» وهو مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
قال ابن الجزري:
وخف ... نون تحاجّوني مدا من لي اختلف
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «مدّا» والميم من «من» واللام من «لي» بخلف عنه، وهم: «نافع، وأبو جعفر، وابن ذكوان، وهشام» بخلف عنه «أتحجونّي» من قوله تعالى: {وَحََاجَّهُ قَوْمُهُ قََالَ أَتُحََاجُّونِّي فِي اللََّهِ وَقَدْ هَدََانِ} (سورة الأنعام آية 80). قرءوا «أتحاجّوني» بتخفيف النون، وذلك لأن أصل الفعل «أتحاجونني» بنونين: الأولى علامة رفع الفعل، والثانية نون الوقاية، وهي فاصلة بين الفعل والياء، فلما اجتمع مثلان حذفت النون الثانية التي هي للوقاية للتخفيف، ولا يحسن أن يكون المحذوف النون الأولى لأنها علامة الرفع في الفعل، وحذفها علامة النصب، أو الجزم.
قال ابن مالك في ألفيته:
واجعل لنحو يفعلان النونا ... رفعا وتدعين وتسألونا
وحذفها للجزم والنصب سمه ... كلم تكوني لترمي مظلمه
وبناء عليه لو قلنا بحذف النون الأولى التي هي علامة رفع الفعل لاشتبه الفعل المرفوع بالمنصوب، والمجزوم. يضاف إلى ذلك أن الثقل إنما حدث بوجود النون الثانية، فحذف ما حدث به الثقل أولى من غيره.
وقرأ الباقون «أتحاجّوني» بتشديد النون، وذلك على إدغام نون الرفع في نون الوقاية للتخفيف. وعلى قراءة التشديد يجب مدّ الواو مدّا مشبعا قدره ستّ حركات للتشديد كي لا يجتمع ساكنان: الواو، وأوّل المشدّد، فصارت المدة تفصل بين الساكنين، كما تفصل الحركة بينهما.
وبذلك قرأ «هشام» في وجهه الثاني.
والمحاجّة: أن يطلب كل واحد أن يردّ الآخر عن حجته، ومحجّته.(2/198)
وبذلك قرأ «هشام» في وجهه الثاني.
والمحاجّة: أن يطلب كل واحد أن يردّ الآخر عن حجته، ومحجّته.
و «الحجّة» بالضم: الدليل والبرهان.
وقال «الأزهري» ت 370هـ: الحجّة: الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة» اهـ.
وإنّما سمّيت حجّة لأنها تحجّ أي تقصد، لأن القصد لها وإليها، وجمع «الحجة» حجج، وحجاج (1).
قال ابن الجزري:
ودرجات نوّنوا كفا معا ... يعقوب معهم هنا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفا» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «درجت» معا من قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (سورة الأنعام آية 83). ومن قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (سورة يوسف آية 76). قرءوا «درجات» في السورتين بتنوين التاء، وذلك على أن الفعل مسلّط على «من» لأن المرفوع في الحقيقة هو صاحب الدرجات، لا «الدرجات» كقوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجََاتٍ} (سورة البقرة آية 253). وبناء عليه يكون «درجات» منصوب على الظرفية، و «من» مفعول «نرفع» والتقدير: نرفع من نشاء مراتب ومنازل.
وقرأ «يعقوب» بتنوين التاء في «درجات» موضع الأنعام فقط. وبعدم التنوين في موضع «يوسف».
وقرأ الباقون «درجات» في الموضعين بغير تنوين، وذلك على أن الفعل مسلط على «درجات» فتكون مفعول «نرفع» و «درجات» مضاف، و «من» مضاف إليه، لأن الدرجات إذا رفعت فصاحبها مرفوع إليها، كما في قوله تعالى:
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «حجّ» ج 2/ 17.(2/199)
{رَفِيعُ الدَّرَجََاتِ} (سورة غافر آية 15) فأضاف الرفع إلى «درجات» فالقراءتان متقاربتان في المعنى، لأن من رفعت درجاته فقد رفع، ومن رفع فقد رفعت درجاته.
قال ابن الجزري:
... واللّيسعا
شدّد وحرّك سكّنن معا شفا ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «واليسع» معا، من قوله تعالى:
1 {وَإِسْمََاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً} (سورة الأنعام آية 86).
2 {وَاذْكُرْ إِسْمََاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ} (سورة ص آية 48). قرءوا «واليسع» في السورتين بلام مشدّدة مفتوحة، وبعدها ياء ساكنة، وذلك على أن أصله «ليسع» على وزن «ضيغم» وهو اسم أعجميّ علم على نبيّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو معرفة بدون اللام، فقدر تنكيره ثم دخلت عليه «ال» أي الألف واللام للتعريف، ثم أدغمت اللام في اللام للتماثل، وقيل: بتقدير تنكيره لأن الأعلام لا يصحّ دخول الألف واللام عليها، إذ لا يجتمع على الاسم تعريفان: العلمية، والألف واللام. وقيل: الألف واللام زائدتان وليستا للتعريف.
وقرأ الباقون «واليسع» بلام ساكنة خفيفة، وبعدها ياء مفتوحة، على أن أصله «يسع» على وزن «يضع» ثم دخلت عليه الألف واللام، كما دخلت على «يزيد» كما في قول «ابن ميّادة» وهو: «الرماح بن أبرد بن ثوبان» يمدح «الوليد ابن يزيد»:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ... شديدا بأعباء الخلافة كاهله
قال النحويون: دخول الألف واللام على «يزيد» يحتمل أمرين:
الأول: أن تكون للتعريف ويكون ذلك على تقدير أن الشاعر قبل أن
يدخل «أل» قدّر في «يزيد» التنكير فصار شائعا شيوع «رجل» ونحوه من النكرات.(2/200)
الأول: أن تكون للتعريف ويكون ذلك على تقدير أن الشاعر قبل أن
يدخل «أل» قدّر في «يزيد» التنكير فصار شائعا شيوع «رجل» ونحوه من النكرات.
والثاني: أن تكون «ال» زيدت فيه للضرورة (1).
قال ابن الجزري:
... ويجعلوا يبدو ويخفوا دع حفا
المعنى: قرأ المرموز له بالدال من «دع» والحاء من «حفا» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «تجعلونه، تبدونها، وتخفون» من قوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتََابَ الَّذِي جََاءَ بِهِ مُوسى ََ نُوراً وَهُدىً لِلنََّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرََاطِيسَ تُبْدُونَهََا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} (سورة الأنعام آية 91).
قرآ الأفعال الثلاثة «يجعلونه، يبدونها، ويخفون» بياء الغيبة، وذلك لمناسبة الغيبة في قوله تعالى في صدر الآية: {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الخ.
وقرأ الباقون الأفعال الثلاثة بتاء الخطاب، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، أو ردّا على المخاطبة التي قبل في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتََابَ الَّذِي جََاءَ بِهِ مُوسى ََ} الخ أي قل لهم ذلك.
قال ابن الجزري:
ينذر صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» «ولتنذر» من قوله تعالى: {وَهََذََا كِتََابٌ أَنْزَلْنََاهُ مُبََارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى ََ وَمَنْ حَوْلَهََا} (سورة الأنعام آية 92).
قرأ «ولينذر» بياء الغيبة، على أن الفعل مسند إلى ضمير «الكتاب» والمراد
__________
(1) انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص 53فما بعدها.(2/201)
به «القرآن الكريم» كما قال تعالى في سورة الأنبياء (آية 45): {قُلْ إِنَّمََا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}.
وقرأ الباقون «ولتنذر» بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم فهو فاعل الإنذار، كما قال تعالى في سورة النازعات (آية 45): {إِنَّمََا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشََاهََا}. والإنذار: إخبار فيه تخويف، قال تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى}
(سورة الليل آية 14).
قال ابن الجزري:
بينكم ارفع في كلا ... حقّ صفا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كلا» ومدلول «حقّ» ومدلول «صفا» وهم: «حمزة، وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وشعبة، وخلف العاشر» «بينكم» من قوله تعالى: {وَمََا نَرى ََ مَعَكُمْ شُفَعََاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكََاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (سورة الأنعام آية 94). قرءوا «بينكم» برفع النون، على أنّ «بين» اسم غير ظرف معناه «الوصل» فأسند الفعل إليه، والمعنى: لقد تقطّع وصلكم، وإذا تقطع وصلهم افترقوا، وهو المعنى المراد من الآية.
وإنما استعملت «بين» بمعنى «الوصل» لأنها تستعمل كثيرا مع السببين المتلابسين بمعنى «الوصل» تقول: بيني وبينه رحم وصداقة، أي بيني وبينه صلة، فلما استعملت بمعنى الوصل جاز استعمالها في الآية كذلك.
ويجوز أن تكون «بين» ظرف، وجاز إسناد الفعل إليه، لأنه يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها، فأسند الفعل إليه مجازا، كما أضيف إليه في قوله تعالى: {شَهََادَةُ بَيْنِكُمْ} (سورة المائدة آية 106).
وقرأ الباقون «بينكم» بنصب النون، على أنها ظرف ل «تقطع» والفاعل ضمير والمراد به «الوصل» لتقدّم ما يدلّ عليه وهو لفظ «شركاء» والتقدير: لقد تقطع وصلكم بينكم، ودلّ على حذف «الوصل» قوله تعالى: {وَمََا نَرى ََ مَعَكُمْ}
{شُفَعََاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكََاءُ} فدلّ هذا على التقاطع، والتهاجر بينهم وبين شركائهم إذ تبرءوا بهم، ولم يكونوا معهم، وتقاطعهم لهم هو ترك وصلهم لهم، فحسن إضمار «الوصل» بعد «تقطع» لدلالة الكلام عليه.(2/202)
وقرأ الباقون «بينكم» بنصب النون، على أنها ظرف ل «تقطع» والفاعل ضمير والمراد به «الوصل» لتقدّم ما يدلّ عليه وهو لفظ «شركاء» والتقدير: لقد تقطع وصلكم بينكم، ودلّ على حذف «الوصل» قوله تعالى: {وَمََا نَرى ََ مَعَكُمْ}
{شُفَعََاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكََاءُ} فدلّ هذا على التقاطع، والتهاجر بينهم وبين شركائهم إذ تبرءوا بهم، ولم يكونوا معهم، وتقاطعهم لهم هو ترك وصلهم لهم، فحسن إضمار «الوصل» بعد «تقطع» لدلالة الكلام عليه.
جاء في «المفردات»: «بين» موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما (1).
قال تعالى: {وَجَعَلْنََا بَيْنَهُمََا زَرْعاً} (سورة الكهف آية 32). و «بين» يستعمل تارة اسما، وتارة ظرفا: فمن قرأ «بينكم» برفع النون جعله اسما، ومن قرأ «بينكم» بنصب النون جعله ظرفا غير متمكن، فمن الظرف قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة الحجرات آية 1). ولا يستعمل «بين» إلّا فيما كان له مسافة نحو: «بين البلدين» أو له عدد ما: اثنان فصاعدا، نحو: «بين الرجلين وبين القوم». ولا يضاف «بين» إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلّا إذا كرر، نحو قوله تعالى: {فَاجْعَلْ بَيْنَنََا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً} (سورة طه آية 58) و «بين» يزاد فيه «ما» أو الألف، فيجعل بمنزلة «حين» نحو: «بينما زيد يفعل كذا» «وبينا يفعل كذا» اهـ (2).
قال ابن الجزري:
... وجاعل اقرأ جعلا
والليل نصب الكوف ...
المعنى: قرأ الكوفيون وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وجعل الليل» من قوله تعالى: {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً}
(سورة الأنعام آية 96). قرءوا «وجعل» بفتح العين، واللام، من غير ألف بينهما، على أنه فعل ماض، وقرءوا «الليل» بالنصب، على أنه مفعول به ل «جعل» وهذه القراءة مناسبة لقوله تعالى بعد: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ} (آية 97).
وقرأ الباقون «وجاعل» بالألف بعد الجيم، وكسر العين، ورفع اللام،
__________
(1) الخلالة بكسر الخاء: الفرجة بين الشيئين، قال تعالى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلََالَكُمْ} (التوبة آية 47).
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «بين» ص 67، 68.(2/203)
و «الليل» بالخفض، على أنّ «جاعل» اسم فاعل أضيف إلى مفعوله، وهذه القراءة مناسبة لقوله تعالى قبل: {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ}.
قال ابن الجزري:
قاف مستقر ... فاكسر شذا حبر
المعنى: قرأ المرموز له بالشين من «شذا» ومدلول «حبر» وهم: «روح، وابن كثير، وأبو عمرو» «فمستقر» من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (سورة الأنعام آية 98). قرءوا «فمستقرّ» بكسر القاف، على أنه اسم فاعل مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: فمنكم مستقرّ في الرحم، أي قد صار إليها واستقرّ فيها، ومنكم من هو مستودع في صلب أبيه.
وقرأ الباقون «فمستقرّ» بفتح القاف، على أنه اسم مكان مبتدأ، والخبر محذوف أيضا، والتقدير: فمنكم من هو قارّ في الأرحام، ومنكم من هو مستودع في صلب أبيه.
وجاء في «تاج العروس»: قال «علي بن جعفر» المعروف بابن القطّاع ت 515هـ: «قرّ في المكان» «يقرّ» بكسر القاف، وفتحها، أي من باب «ضرب، وعلم» اه (1).
قال ابن الجزري:
... وفي ضمّي ثمر
شفا كيس ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ثمره» في ثلاثة مواضع وهي:
1 - قوله تعالى: {انْظُرُوا إِلى ََ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} (سورة الأنعام آية 99).
2 - قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ} (سورة الأنعام آية 141).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «قرر» ج 3/ 487.(2/204)
3 - قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمََا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} (سورة يس آية 35). قرءوا «ثمره» في المواضع الثلاثة بضم الثاء، والميم، على أنه جمع «ثمرة» مثل:
«خشبة وخشب» أو على أنه جمع «ثمار» مثل: «حمار وحمر». و «ثمار» جمع «ثمرة» وحينئذ يكون جمع الجمع.
وقرأ الباقون «ثمره» في المواضع الثلاثة أيضا بفتح الثاء، والميم، على أنه جمع «ثمرة» مثل: «بقرة وبقر» وحينئذ يكون اسم جنس جمعيّ.
واسم الجنس الجمعي: هو ما يدلّ على أكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء، نحو: «شجرة وشجر» وبقرة وبقر، وكلمة وكلم.
تنبيه: سيأتي خلاف القراء في قوله تعالى: {وَكََانَ لَهُ ثَمَرٌ} وقوله:
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} في سورة «الكهف» إن شاء الله تعالى.
و «الثمر»: اسم لكل ما يتطعّم من أعمال الشجر، والواحد «ثمرة» والجمع «ثمار، وثمرات» قال تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ} (سورة البقرة آية 22).
قال ابن الجزري:
وخرّقوا اشدد ... مدّا
المعنى: قرأ مدلول «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» «وخرقوا» من قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلََّهِ شُرَكََاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنََاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
(سورة الأنعام آية 100). قرآ «وخرّقوا» بتشديد الراء، وذلك للتكثير، لأن المشركين ادعوا الملائكة بنات الله، واليهود ادعت «عزيرا» ابن الله، والنصارى ادعت «المسيح» ابن الله، وهذا كله كذب وافتراء، فكثّر ذلك من كفرهم، فلعلّ تشديد «وخرّقوا» لمطابقة المعنى، تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا.
وقرأ الباقون «وخرقوا» بتخفيف الراء، على الأصل، ولأن الفعل يدلّ على القليل والكثير.
قال «ابن الأعرابي محمد بن زياد» ت 231هـ: لا جمع للخرق، اهـ.(2/205)
وقرأ الباقون «وخرقوا» بتخفيف الراء، على الأصل، ولأن الفعل يدلّ على القليل والكثير.
قال «ابن الأعرابي محمد بن زياد» ت 231هـ: لا جمع للخرق، اهـ.
وقال «محمد بن الحسن بن دريد» ت 321هـ: جمع «الخرق» «أخراق» «كسرب، وأسراب» اهـ.
وقال «الصاحب بن عبّاد» ت 385هـ: جمع «خرق» «خراق» «كغراب» اهـ.
وقال غيرهم: جمع «الخرق» «خروق» (1).
قال ابن الجزري:
... ودارست لحبر فامدد
وحرّك اسكن كم ظبّى ...
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «درست» من قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} (سورة الأنعام آية 105).
قرأ «دارست» بألف بعد الدال، وسكون السين، وفتح التاء، على وزن «قابلت» على أن «المفاعلة» من الجانبين، أي وليقولوا: دارست أهل الكتب السابقة كاليهود، والنصارى، ودارسوك، من «المدارسة» أي ذاكرتهم، وذاكروك، ودلّ على هذا المعنى قولهم في سورة «الفرقان»: {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذََا إِلََّا إِفْكٌ افْتَرََاهُ وَأَعََانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} (سورة الفرقان آية 4).
وقرأ المرموز له بالكاف من «كم» والظاء من «ظبى» وهما: «ابن عامر، ويعقوب» «درست» بحذف الألف التي بعد الدال، وفتح السين، وسكون التاء، على وزن «فعلت» بفتح الفاء والعين واللام، وسكون التاء، وذلك على إسناد الفعل إلى الآيات، فأخبر الله عن الكفار أنهم يقولون: هذه الآيات التي جئتنا
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «خرق» ج 6/ 328.(2/206)
بها يا «محمد» قد قدمت، وبليت، ومضت عليها دهور، وكانت من أساطير الأوّلين فجئتنا بها، ودلّ على هذا المعنى قوله تعالى في سورة «الفرقان» (آية 5):
{وَقََالُوا أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهََا فَهِيَ تُمْلى ََ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}.
وقرأ الباقون «درست» بغير ألف، وإسكان السين، وفتح التاء، على وزن «فعلت» بفتح الفاء والعين، وسكون اللام، وذلك على إسناد الفعل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فالتاء للخطاب، والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الكفار أنهم قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: هذه الآيات التي جئتنا بها كانت نتيجة أنك درست، وحفظت كتب الأمم السابقة، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى في سورة النحل (آية 24): {وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ مََا ذََا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قََالُوا أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
جاء في «تاج العروس»: «درس الشيء» بضم الهمزة، «يدرس» «دروسا» بضم الدال: «عفا» و «درسته الريح درسا»: محته.
وقال «ابن جنّي» ت 395هـ: «درس الكتاب، يدرسه، درسا»: ذلّله بكثرة القراءة حتى خفّ حفظه عليه «كأدرسه» اهـ. (1).
قال ابن الجزري:
والحضرمي ... عدوا عدوّا كعلوّا فاعلم
المعنى: قرأ «يعقوب الحضرمي» «عدوا» من قوله تعالى: {وَلََا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (سورة الأنعام آية 108).
قرأ «عدوّا» بضم العين، والدال، وتشديد الواو مثل «علوّا» وأصلها «عدوو» على وزن «فعول» فأدغمت الواو المدّية في الواو التي هي لام الكلمة.
وقرأ الباقون «عدوا» بفتح العين، وإسكان الدال، وتخفيف الواو، على وزن «فعل».
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «درس» ج 4/ 149.(2/207)
والقراءتان لغتان في المصدر بمعنى واحد وهو: الاعتداء بغير علم.
قال «الراغب الأصفهاني»: «العدو»: التجاوز، ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب فيقال له: العداوة، والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له: العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له: العدوان، والعدو، قال تعالى:
{فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} اهـ (1).
وقال «الزبيدي»: «عدا عليه، عدوا» بفتح العين، وسكون الدال، و «عدوّا» بضم العين، والدال، و «عداء» بفتح العين، والدال «كسحاب» و «عدوانا» بضم العين، وكسرها مع إسكان الدال: ظلمه ظلما جاوز فيه القدر اهـ (2).
قال ابن الجزري:
وإنّها افتح عن رضى عمّ صدا ... خلف
المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «عن» ومدلول «رضى» ومدلول «عمّ» والصاد من «صدا» بخلف عنه، وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، ونافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشعبة بخلف عنه» «أنها» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة الأنعام آية 109). قرءوا «أنّها» بفتح الهمزة.
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ: وحجّة من فتح الهمزة أنه جعل «أنّ» بمنزلة «لعلّ» لغة فيها على قول «الخليل بن أحمد» ت 170هـ حكي عن العرب: «ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا» أي لعلك. ويجوز أن يعمل فيها «يشعركم» فيفتح على المفعول به، لأن معنى «شعرت به»: «دريت» فهو في اليقين كعلمت، وتكون «لا» في قوله تعالى: {لََا يُؤْمِنُونَ} زائدة، والتقدير:
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «عدا» ص 326.
(2) انظر: تاج العروس مادة «عدو» ج 10/ 235.(2/208)
وما يدريكم أيها المؤمنون أن الآية إذا جاءتهم يؤمنون، أي أنهم لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية التي اقترحوا بها. وهذا المعنى إنما يصحّ على قراءة من قرأ «يؤمنون» بياء الغيبة، ويكون «يشعركم» خطابا للمؤمنين، والضمير في «يؤمنون» للكفار في القراءة بالياء.
ومن قرأ «تؤمنون» بالتاء فالخطاب في «يشعركم» للكفار، ويقوّي هذا المعنى قوله تعالى بعد: {وَلَوْ أَنَّنََا نَزَّلْنََا إِلَيْهِمُ الْمَلََائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى ََ وَحَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مََا كََانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} (آية 111).
و «ما» في قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ} للاستفهام، وفي «يشعركم» ضمير «ما» والمعنى: وأيّ شيء يدريكم أيها المؤمنون إيمانهم إذا جاءتهم الآية، أي: لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية. ولا يحسن أن تكون «ما» نافية، لأنه يصير التقدير:
وليس يدريكم الله أنهم لا يؤمنون، وهذا مناقض، لأنه تعالى قد أدرانا أنهم لا يؤمنون بقوله تعالى بعد: {وَلَوْ أَنَّنََا نَزَّلْنََا إِلَيْهِمُ الْمَلََائِكَةَ} إلى قوله: {يَجْهَلُونَ}
اهـ (1).
وقرأ الباقون «إنها» بكسر الهمزة، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وذلك على الاستئناف، إخبارا عنهم بعدم الإيمان، لأنه طبع على قلوبهم.
قال ابن الجزري:
... وتؤمنون خاطب في كدا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كدا» وهما: «حمزة، وابن عامر» «لا يؤمنون» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة الأنعام آية 109).
قرآ «لا تؤمنون» بتاء الخطاب، لمناسبة الخطاب في قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ} وهو للكفار، وحينئذ يكون المعنى: وما يدريكم أيها الكفار المقترحون
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1/ 445444.(2/209)
مجيء الآية الدالّة على نبوّة نبيّ الله «محمد» صلّى الله عليه وسلّم أنها إذا جاءتكم تؤمنون، فالله سبحانه وتعالى طبع على قلوبكم، وبناء عليه تكون «لا» زائدة.
وقرأ الباقون «لا يؤمنون» بياء الغيبة، وذلك على أن الخطاب في «يشعركم» للمؤمنين، والواو في «يؤمنون» للكفار لمناسبة الغيبة في قوله تعالى قبل: {وَأَقْسَمُوا بِاللََّهِ جَهْدَ أَيْمََانِهِمْ لَئِنْ جََاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهََا} وبناء عليه يكون المعنى: وما يدريكم أيها المؤمنون أن لو أنزل الله الآية التي طلبها الكفار أنهم يؤمنون، إذا فعدم إيمانهم مقطوع به لأن الله ختم على قلوبهم.
قال ابن الجزري:
وقبلا كسرا وفتحا ضمّ حق ... كفى وفي الكهف كفى ذكرا خفق
المعنى: اختلف القراء في «قبلا» هنا، وفي سورة الكهف، من قوله تعالى:
1 {وَحَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} (سورة الأنعام آية 111).
2 {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذََابُ قُبُلًا} (سورة الكهف آية 55).
فقرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قبلا» في الموضعين بضم القاف، والباء، على أنه جمع «قبيل» مثل «رغيف»، و «رغف» ونصبه على الحال، والمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء فوجا فوجا، ونوعا نوعا، من سائر المخلوقات.
وقرأ المرموز لهم ب «حق» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» موضع «الأنعام» بضم القاف، والباء، وموضع «الكهف» بكسر القاف، وفتح الباء، بمعنى مقابلة، أي معاينة، ونصبه على الحال، وقيل: بمعنى ناحية، وجهة، ونصبه حينئذ على الظرفية.
وقرأ المرموز له بالذال من «ذكرا» والخاء من «خفق» وهو: «أبو جعفر» موضع «الأنعام» بكسر القاف، وفتح الباء، وموضع «الكهف» بضمّ القاف، والباء.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن عامر» «قبلا» في السورتين بكسر القاف، وفتح الباء.(2/210)
وقرأ المرموز له بالذال من «ذكرا» والخاء من «خفق» وهو: «أبو جعفر» موضع «الأنعام» بكسر القاف، وفتح الباء، وموضع «الكهف» بضمّ القاف، والباء.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن عامر» «قبلا» في السورتين بكسر القاف، وفتح الباء.
قال ابن الجزري:
وكلمات اقصر كفى ظلّا وفي ... يونس والطّول شفا حقّا نفي
المعنى: اختلف القراء في «كلمت» في أربعة مواضع، وهي:
1 - قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا} (سورة الأنعام آية 115).
2 - قوله تعالى: {كَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس آية 33).
3 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لََا يُؤْمِنُونَ} (سورة يونس آية 96).
4 - قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحََابُ النََّارِ} (سورة غافر آية 6).
فقرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «كلمت» في المواضع الأربعة بحذف الألف التي بعد الميم، على التوحيد، والمراد بها الجنس فيشمل القليل، والكثير.
وقرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «كلمت» في المواضع الأربعة بإثبات الألف التي بعد الميم، على الجمع، لأن كلمات الله تعالى متنوعة: أمرا، ونهيا، وغير ذلك.
وهي مرسومة بالتاء المفتوحة في جميع المصاحف، فمن قرأها بالجمع وقف بالتاء. ومن قرأها بالإفراد فمنهم من وقف بالتاء وهم: «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر». ومنهم من وقف بالهاء وهما: «الكسائي، ويعقوب».
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» بالجمع في موضع «الأنعام» وبالإفراد في موضعي: «يونس» وموضع «غافر». وعلى قراءة الجمع يقفان بالتاء، وعلى قراءة الإفراد يقفان بالهاء.(2/211)
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» بالجمع في موضع «الأنعام» وبالإفراد في موضعي: «يونس» وموضع «غافر». وعلى قراءة الجمع يقفان بالتاء، وعلى قراءة الإفراد يقفان بالهاء.
تنبيه:
اعلم أنه لم يرد خلاف بين القراء العشرة في لفظ «كلمت» بين الإفراد والجمع في غير المواضع الأربعة التي سبق ذكرها، وذلك لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف علما بأنه ورد لفظ «كلمة» في القرآن غير المواضع صاحبة الخلاف في أكثر من موضع، مثال ذلك:
1 - قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ بِمََا صَبَرُوا}
(سورة الأعراف آية 137).
2 - قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمََا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(سورة يونس آية 19).
3 - قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (سورة هود آية 110).
4 - قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} (سورة هود آية 119).
5 - قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكََانَ لِزََاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى}
(سورة طه آية 129).
6 - قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (سورة فصلت آية 45).
7 - قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى ََ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتََابَ} (سورة الشورى آية 14).
قال ابن الجزري:
فصّل فتح الضّمّ والكسر أوى ... ثوى كفى وحرّم اتل عن ثوى
المعنى: اختلف القراء في «فصل، حرم» من قوله تعالى: {وَمََا لَكُمْ أَلََّا تَأْكُلُوا مِمََّا ذُكِرَ اسْمُ اللََّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مََا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلََّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (سورة الأنعام آية 119).
فقرأ «نافع، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «فصّل» بفتح الفاء، والصاد المشددة، و «حرّم» بفتح الحاء، والراء المشددة، وذلك على بناء الفعلين للفاعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «الله» المتقدم ذكره.
وقرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فصّل» بالبناء للفاعل، و «حرّم» بالبناء للمفعول.(2/212)
فقرأ «نافع، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «فصّل» بفتح الفاء، والصاد المشددة، و «حرّم» بفتح الحاء، والراء المشددة، وذلك على بناء الفعلين للفاعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «الله» المتقدم ذكره.
وقرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فصّل» بالبناء للفاعل، و «حرّم» بالبناء للمفعول.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» «فصّل»، و «حرّم» ببناء الفعلين للمفعول، ونائب فاعل «فصّل» «ما» ونائب فاعل «حرّم» ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «ما».
قال ابن الجزري:
واضمم يضلوا مع يونس كفى ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليضلون» هنا، «ليضلوا» في يونس، من قوله تعالى:
1 {وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوََائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (سورة الأنعام آية 119).
2 {رَبَّنََا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} (سورة يونس آية 88). قرءوا «ليضلون»، «ليضلوا» بضم الياء فيهما، على أنه مضارع من «أضلّ» الرباعي، والواو فاعل، والمفعول محذوف، والتقدير: ليضلوا غيرهم.
وقرأ الباقون الفعلين بفتح الياء، على أنه مضارع «ضلّ» الثلاثي، وهو فعل لازم، والواو فاعل، يقال: ضلّ فلان، وأضلّ غيره.
قال ابن الجزري:
... ضيقا معا في ضيّقا مكّ وفى
المعنى: قرأ «ابن كثير المكيّ» «ضيقا» معا هنا، وفي «الفرقان» من قوله تعالى:
1 {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} (سورة الأنعام آية 125).
2 {وَإِذََا أُلْقُوا مِنْهََا مَكََاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ} (سورة الفرقان آية 13).
قرأ «ضيقا» في السورتين بسكون الياء مخففة.
وقرأ الباقون «ضيّقا» في الموضعين بكسر الياء مشددة. والتخفيف، والتشديد لغتان بمعنى واحد مثل: «ميت، ميّت». مخففا ومشددا، والضّيق:(2/213)
قرأ «ضيقا» في السورتين بسكون الياء مخففة.
وقرأ الباقون «ضيّقا» في الموضعين بكسر الياء مشددة. والتخفيف، والتشديد لغتان بمعنى واحد مثل: «ميت، ميّت». مخففا ومشددا، والضّيق:
ضدّ السعة.
قال ابن الجزري:
را حرجا بالكسر صن مدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صن» ومدلول «مدا» وهم: «شعبة، ونافع، وأبو جعفر» «حرجا» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} (سورة الأنعام آية 125). قرءوا «حرجا» بكسر الراء، على وزن «دنق» على أنه صفة «ضيقا» ومعناه: الضيق.
وقرأ الباقون «حرجا» بفتح الراء، على أنه مصدر وصف به. وقيل:
الفتح على أنه جمع «حرجة» بفتح الحاء، وسكون الراء: وهو ما التفّ من الشجر.
وقد نقلت لنا الأخبار أن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه سأل رجلا من «كنانة» راعيا، قائلا له: ما الحرجة عندكم؟ قال: الحرجة: الشجرة تكون بين الأشجار، لا تصل إليها راعية، ولا وحشيّة، ولا شيء» اهـ.
فقال «عمر» رضي الله عنه: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير» اهـ (1).
وبناء عليه يكون المعنى: أن الله جلّ ذكره وصف صدر الكافر بشدّة الضيق عن وصول الموعظة إليه، ودخول الإيمان فيه، فشبّه في امتناع وصول المواعظ إليه بالحرجة، وهي الشجرة التي لا يوصل إليها لرعي ولا لغيره.
جاء في «تاج العروس»: «الحرج» بفتح الراء: المكان الضيق» (2).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1/ 450.
(2) انظر: تاج العروس مادة «حرج» ج 2/ 20.(2/214)
قال ابن الجزري:
وخف ... ساكن يصعد دنا والمدّ صف
والعين خفّف صن دما ...
المعنى: اختلف القراء في «يصعد» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمََا يَصَّعَّدُ فِي السَّمََاءِ} (سورة الأنعام آية 125).
فقرأ «ابن كثير» «يصعد» بإسكان الصاد، وتخفيف العين بلا ألف، على أنه مضارع «صعد» على وزن «كتف» بمعنى: ارتفع.
شبّه الله عزّ وجلّ الكافر في نفوره عن الإيمان، وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يطاق.
وقرأ «شعبة» «يصّاعد» بتشديد الصاد، وألف بعدها وتخفيف العين، على أنه مضارع «تصاعد» وأصله «يتصاعد» أي يتعاطى الصعود، ويتكلفه، ثم أدغمت التاء في الصاد تخفيفا، لوجود التقارب بينهما في المخرج، واتفاقهما في بعض الصفات، وذلك أن التاء تخرج من طرف اللسان، مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والصاد تخرج من طرف اللسان، مع أطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الهمس، والشدة، والإصمات.
فهو من حيث المعنى مثل المعنى الذي في القراءة السابقة، غير أنه فيه معنى فعل شيء بعد شيء، وذلك أثقل على فاعله.
وقرأ الباقون «يصّعّد» بفتح الصاد المشددة، وحذف الألف وتشديد العين، على أنه مضارع «تصعّد» وأصله «يتصعّد» فأدغمت التاء في الصاد.
ومعنى «يتصعّد»: يتكلف ما لا يطيق شيئا بعد شيء، مثل قولك:
يتجرّع.
جاء في «المفردات»: الصعود: الذهاب في المكان العالي (1).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 280.(2/215)
وجاء في «القاموس»: «صعد في السلم بكسر العين كسمع صعودا، وصعّد في الجبل» بتشديد العين، وعليه، تصعيدا: رقى.
و «الصّعود» بفتح الصاد المشددة: ضدّ الهبوط، والجمع «صعد» بضم الصاد، والعين، و «صعائد» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
يحشر يا ... حفص وروح ثان يونس عيا
المعنى: اختلف القراء في «يحشرهم» هنا، وفي الموضع الثاني من سورة يونس، وهما في قوله تعالى:
1 {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} (سورة الأنعام آية 128).
2 {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلََّا سََاعَةً مِنَ النَّهََارِ يَتَعََارَفُونَ بَيْنَهُمْ} (سورة يونس آية 45).
فقرأ «حفص» «يحشرهم» في الموضعين بالياء التحية، على أن الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «ربهم» في قوله تعالى في سورة الأنعام (آية 127): {لَهُمْ دََارُ السَّلََامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ويعود على «الله» في قوله تعالى في سورة يونس (آية 44): {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ النََّاسَ شَيْئاً}.
وقرأ «روح» «يحشرهم» بالياء في موضع الأنعام، و «نحشرهم» بالنون في الموضع الثاني من يونس، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم.
وقرأ الباقون «نحشرهم» بالنون في الموضعين، وقد سبق توجيه ذلك.
تنبيهان:
الأول:
«نحشرهم» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكََانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكََاؤُكُمْ} الموضع الأول من سورة «يونس»
__________
(1) انظر: القاموس المحيط مادة «صعد» ج 1/ 318.(2/216)
(آية 28). اتفق القراء العشرة على قراءته «نحشرهم» بالنون، كي يتفق مع قوله تعالى بعد: {ثُمَّ نَقُولُ،} {فَزَيَّلْنََا بَيْنَهُمْ}.
التنبيه الثاني:
«يحشرهم» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمََا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبََادِي هََؤُلََاءِ} (سورة الفرقان آية 17) سيذكر الناظم رحمه الله تعالى خلاف القراء فيه في سورة الفرقان.
قال ابن الجزري:
خطاب عمّا يعملوا كم هود مع ... نمل إذ ثوى عد كس
المعنى: اختلف القراء في لفظ «يعملون» الذي قبله «عمّا» هنا، أي الأنعام وفي سورة «هود» وفي سورة «النمل» من قوله تعالى:
1 {وَلِكُلٍّ دَرَجََاتٌ مِمََّا عَمِلُوا وَمََا رَبُّكَ بِغََافِلٍ عَمََّا يَعْمَلُونَ} (سورة الأنعام آية 132).
2 {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمََا رَبُّكَ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (سورة هود آية 123).
3 {سَيُرِيكُمْ آيََاتِهِ فَتَعْرِفُونَهََا وَمََا رَبُّكَ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (سورة النمل آية 93).
فقرأ «ابن عامر» «تعملون» بتاء الخطاب في المواضع الثلاثة، وجه الخطاب في موضع «الأنعام» مناسبة الخطاب في قوله تعالى قبل: {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيََاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقََاءَ يَوْمِكُمْ هََذََا} (سورة الأنعام آية 130). ووجه الخطاب في موضع «هود» مناسبة الخطاب قبل في قوله تعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنََّا مُنْتَظِرُونَ} (سورة هود آية 122).
ووجه الخطاب في موضع «النمل» مناسبة الخطاب قبل في نفس الآية {سَيُرِيكُمْ آيََاتِهِ}.
وقرأ «نافع، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «يعملون» بالغيبة في موضع الأنعام فقط، و «تعملون» بتاء الخطاب في موضعي «هود، والنمل» وسيأتي توجيه قراءة الغيبة في الأنعام.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يعملون» بياء الغيبة في المواضع الثلاثة.(2/217)
وقرأ «نافع، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «يعملون» بالغيبة في موضع الأنعام فقط، و «تعملون» بتاء الخطاب في موضعي «هود، والنمل» وسيأتي توجيه قراءة الغيبة في الأنعام.
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يعملون» بياء الغيبة في المواضع الثلاثة.
وجه الغيبة في موضع «الأنعام» مناسبة الغيبة في قوله تعالى قبل في نفس الآية: {وَلِكُلٍّ دَرَجََاتٌ مِمََّا عَمِلُوا}. ووجه الغيبة في «هود، والنمل» الالتفات من الخطاب إلى الغيبة.
تنبيه:
«تعملون» من قوله تعالى: {قُلْ لََا تُسْئَلُونَ عَمََّا أَجْرَمْنََا وَلََا نُسْئَلُ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (سورة سبأ آية 25). اتفق القراء العشرة على قراءته بتاء الخطاب، لمناسبة الخطاب في قوله تعالى أوّل الآية: {قُلْ لََا تُسْئَلُونَ عَمََّا أَجْرَمْنََا}.
قال ابن الجزري:
... مكانات جمع
في الكلّ صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» «مكانتكم»، و «مكانتهم» بالجمع حيثما وقعا في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
1 {قُلْ يََا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنِّي عََامِلٌ} (سورة الأنعام آية 135).
2 {وَقُلْ لِلَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنََّا عََامِلُونَ} (سورة هود آية 121).
3 {قُلْ يََا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنِّي عََامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (سورة الزمر آية 39).
4 {وَلَوْ نَشََاءُ لَمَسَخْنََاهُمْ عَلى ََ مَكََانَتِهِمْ} (سورة يس آية 67). وجه قراءة الجمع أنها جمع «مكانة» وهي الحالة التي هم عليها، ولما كانوا على أحوال مختلفة من أمرهم جمعت لاختلاف الأنواع.
وقرأ الباقون «مكانتكم»، و «مكانتهم» حيثما وقعا بالإفراد، وهي مصدر يدلّ على القليل والكثير من صنفه من غير جمع. وأصل المصدر ألّا يثنى ولا يجمع مثل الفعل.
والفعل مأخوذ من المصدر، فكما أن الفعل لا يثنى ولا يجمع، فكذلك المصدر، إلّا إذا اختلفت أنواعه فحينئذ يشابه المفعول فيجوز جمعه، وعلى ذلك جاءت قراءة «شعبة».(2/218)
وقرأ الباقون «مكانتكم»، و «مكانتهم» حيثما وقعا بالإفراد، وهي مصدر يدلّ على القليل والكثير من صنفه من غير جمع. وأصل المصدر ألّا يثنى ولا يجمع مثل الفعل.
والفعل مأخوذ من المصدر، فكما أن الفعل لا يثنى ولا يجمع، فكذلك المصدر، إلّا إذا اختلفت أنواعه فحينئذ يشابه المفعول فيجوز جمعه، وعلى ذلك جاءت قراءة «شعبة».
قال ابن الجزري:
ومن يكون كالقصص ... شفا
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يكون» في الموضعين: هنا، والقصص بياء التذكير، وهما في قوله تعالى:
1 {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عََاقِبَةُ الدََّارِ} (سورة الأنعام آية 135).
2 {وَقََالَ مُوسى ََ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جََاءَ بِالْهُدى ََ مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عََاقِبَةُ الدََّارِ} (سورة القصص آية 37). وجه قراءة التذكير أن «عاقبة» تأنيثها غير حقيقي. لأنها لا ذكر لها من لفظها.
وقرأ الباقون «تكون» في الموضعين بتاء التأنيث، لتأنيث لفظ «عاقبة».
قال ابن الجزري:
... بزعمهم معا ضمّ رمص
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رمص» وهو: «الكسائي» «بزعمهم» معا بضمّ الزاي، لغة «بني سعد» وهما في قوله تعالى:
1 {فَقََالُوا هََذََا لِلََّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهََذََا لِشُرَكََائِنََا} (سورة الأنعام آية 136).
2 {وَقََالُوا هََذِهِ أَنْعََامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لََا يَطْعَمُهََا إِلََّا مَنْ نَشََاءُ بِزَعْمِهِمْ} (سورة الأنعام آية 138).
وقرأ الباقون بفتح الزاي في الموضعين أيضا، لغة «أهل الحجاز».
جاء في «المفردات»: الزّعم حكاية قول يكون مظنة للكذب» (1).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «زعم» ص 213.(2/219)
وجاء في «القاموس»: «الزّعم» مثلثة: القول الحق، والباطل، والكذب، ضدّ، وأكثر ما يقال فيما يشك فيه» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
زيّن ضمّ اكسر وقتل الرّفع كر ... أولاد نصب شركائهم بجر
رفع كدا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كر»، «كدا» وهو: «ابن عامر» {وَكَذََلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلََادِهِمْ شُرَكََاؤُهُمْ} (سورة الأنعام آية 137) بضمّ الزاي من «زيّن» وكسر الياء بالبناء للمفعول، و «قتل» برفع اللام، نائب فاعل «زيّن» و «أولادهم» بالنصب مفعول للمصدر وهو «قتل» و «شركائهم» بالخفض، على إضافة «قتل» إليه، وهي من إضافة المصدر إلى فاعله.
وقرأ الباقون «زيّن» بفتح الزاي، والياء مبنيا للفاعل، و «قتل» بنصب اللام مفعول به، و «أولادهم» بالخفض على الإضافة إلى المصدر، و «شركاؤهم» بالرفع فاعل «زيّن». والمعنى: زيّن لكثير من المشركين شركاؤهم قتل أولادهم تقرّبا لآلهتهم، أو بالوأد خوف العار، أو الفقر.
مهمة:
طعن بعض القاصرين في قراءة «ابن عامر» بحجة أنه لا يجوز الفصل بين المتضايفين إلّا بالظرف وفي الشعر خاصة، لأنهما كالكلمة الواحدة.
وأقول لهؤلاء الجاحدين: هذا الكلام لا قيمة له، واعتراض لا وجه له، لأنه ورد من لسان العرب ما يشهد لصحة قراءة «ابن عامر» نثرا، ونظما: فقد نقل بعض الأئمة الفضل بالجملة فضلا عن المفرد في قولهم: «غلام إن شاء الله أخيك». وقال عليه الصلاة، والسلام وهو أفصح العرب على الإطلاق:
«فهل أنتم تاركوا إلي صاحبي» ففصل بالجارّ والمجرور. ومن الشعر قول «الأخفش سعيد بن مسعدة ت 215هـ: «فزججتها بمزجّة زجّ القلوص أبي
__________
(1) انظر: القاموس مادة «زعم» ج 4/ 126.(2/220)
مزادة». أي زجّ أبي مزادة القلوص، فالقلوص مفعول به للمصدر، وفصل به بين المضافين وهو غير ظرف.
وهذه القضية تصدّى لها الكثيرون من العلماء المخلصين بالدفاع عنها بالبراهين القاطعة التي لا تدع مجالا للشك، فلا داعي للإطناب، وخير الكلام ما قلّ ودلّ.
وأقول لكل من ينكر هذه القراءة: قراءة «ابن عامر» صحيحة، وثابتة بطريق التواتر حتى وصلت إلينا وقد تلقيتها والحمد لله عن مشايخي بطريق صحيح، ولقّيتها أيضا أبنائي، وهي أيضا موافقة لرسم المصحف الشامي، ولقواعد اللغة العربية نثرا ونظما. والله أعلم.
قال ابن الجزري:
أنّث يكن لي الخلف ما ... صب ثق وميتة كسا ثنا دما
والثّان كم ثنّى ...
المعنى: اختلف القراء «يكن ميتة» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكََاءُ} (سورة الأنعام آية 139). و «يكون ميتة» من قوله تعالى: {قُلْ لََا أَجِدُ فِي مََا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى ََ طََاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلََّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} (سورة الأنعام آية 145).
فقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «تكن» بالتاء على تأنيث الفعل، و «ميتة» بالرفع، و «أبو جعفر» على قاعدته في تشديد ياء «ميتة».
ووجه هذه القراءة أن تأنيث «تكن» لتأنيث لفظ «ميتة» و «يكن» تامّة بمعنى حدث ووقع، وهي تحتاج إلى فاعل فقط ف «ميتة» فاعل «تكن».
وقرأ «هشام» في وجه الثاني، و «ابن كثير» «يكن» بالياء على التذكير، و «ميتة» بالرفع. ووجه هذه القراءة أن «يكن» تامّة تحتاج إلى فاعل، و «ميتة» فاعل، وذكر الفعل لأن تأنيث «ميتة» غير حقيقي.
وقرأ «شعبة» «تكن» بالتأنيث، و «ميتة» بالنصب. ووجه هذه القراءة أن
«تكن» ناقصة تحتاج إلى اسم وخبر، واسمها ضمير يعود على «ما» وأنّث «تكن لتأنيث معنى «ما» لأنها هي «الميتة» في المعنى، و «ميتة» خبر «تكن».(2/221)
وقرأ «شعبة» «تكن» بالتأنيث، و «ميتة» بالنصب. ووجه هذه القراءة أن
«تكن» ناقصة تحتاج إلى اسم وخبر، واسمها ضمير يعود على «ما» وأنّث «تكن لتأنيث معنى «ما» لأنها هي «الميتة» في المعنى، و «ميتة» خبر «تكن».
وقرأ «نافع، وأبو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يكن» بالياء على التذكير، و «ميتة» بالنصب.
ووجه هذه القراءة أن تذكير الفعل لتذكير «ما» في قوله تعالى قبل:
{وَقََالُوا مََا فِي بُطُونِ هََذِهِ الْأَنْعََامِ خََالِصَةٌ لِذُكُورِنََا}. (سورة الأنعام آية 139). واسم «يكن» ضمير مستتر يعود على «ما» ونصب «ميتة» على أنها خبر «يكن».
والتقدير: وإن يكن ما في بطون الأنعام ميتة فهم في أكله شركاء.
أمّا «يكون ميتة» فقد تكلم الناظم على تذكير وتأنيث «يكون» في قوله:
يكون إذ حما نفا ... روى
وتكلم على رفع «ميتة» في قوله:
وميتة كسا ثنا دما ... والثان كم ثنّى
ويتلخّص من ذلك القراءات الآتية:
أولا: قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «تكون» بالتاء على تأنيث الفعل، و «ميتة» بالرفع، وأبو «جعفر» على قاعدته في تشديد ياء «ميتة». ووجه هذه القراءة أن «تكون» تامة، و «ميتة» فاعل، وأنث «تكون» لتأنيث لفظ «ميتة».
ثانيا: قرأ «نافع، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يكون» بالياء على التذكير، و «ميتة» بالنصب.
ووجه هذه القراءة أن اسم «يكون» ضمير تقديره «هو» والمراد به «الموجود»، والتقدير: قل يا محمد لا أجد فيما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلا أن يكون الموجود ميتة أو دما مسفوحا فإنه رجس، والموجود مذكّر، فذكّر الفعل وهو «يكون» و «ميتة» خبر «يكون».
ثالثا: قرأ «ابن كثير، وحمزة» «تكون» بالتاء على تأنيث الفعل، و «ميتة» بالنصب خبر «تكون».(2/222)
ووجه هذه القراءة أن اسم «يكون» ضمير تقديره «هو» والمراد به «الموجود»، والتقدير: قل يا محمد لا أجد فيما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلا أن يكون الموجود ميتة أو دما مسفوحا فإنه رجس، والموجود مذكّر، فذكّر الفعل وهو «يكون» و «ميتة» خبر «يكون».
ثالثا: قرأ «ابن كثير، وحمزة» «تكون» بالتاء على تأنيث الفعل، و «ميتة» بالنصب خبر «تكون».
قال ابن الجزري:
حصاد افتح كلا ... حما نما
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كلا» ومدلول «حما» والنون من «نما» وهم: «ابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب، وعاصم» «حصاده» من قوله تعالى:
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ} (سورة الأنعام آية 141). قرءوا بفتح الحاء.
وقرأ الباقون بكسر الحاء، والفتح والكسر لغتان في مصدر «حصد».
قال «ابن عباس» رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ}: يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله» اهـ (1).
وقال «الراغب الأصفهاني»: «أصل الحصد قطع الزرع زمن الحصاد، بفتح الحاء وكسرها، كقولك زمن الجذاذ بفتح الجيم وكسرها» اهـ (2).
وجاء في «القاموس»: «حصد الزرع والنبات» «يحصده» بكسر الصاد، وبضمها «حصدا، وحصادا» بفتح الحاء، وبكسرها: قطعه «بالمنجل» بكسر الميم، وفتح الجيم كاحتصده، وهو حاصد، من «حصد» و «حصاد» اه (3).
قال ابن الجزري:
... والمعز حرّك حقّ لا
خلف منى ...
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «حقّ» واللام من «لا» بخلف عنه، والميم من
__________
(1) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1/ 624.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 120.
(3) انظر: القاموس المحيط مادة «حصد» ج 1/ 298.(2/223)
«منى» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وابن ذكوان، وهشام بخلف عنه» «المعز» من قوله تعالى: {ثَمََانِيَةَ أَزْوََاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}
(سورة الأنعام آية 143). قرءوا «المعز» بفتح العين، على أنه جمع «ماعز» نحو «حارس، وحرس» و «خادم، وخدم».
وقرأ الباقون «المعز» بإسكان العين، وهو الوجه الثاني «لهشام» على أنه جمع «ماعز» أيضا نحو: «صاحب، وصحب». من هذا يتبين أنهما بمعنى واحد، والمعز: جماعة المعز.
قال ابن الجزري:
... تذكّرون صحب خفّفا
كلّا ...
المعنى: اختلف القراء العشرة في تخفيف الذال، وتشديدها من لفظ «تذكرون» إذا كان بالتاء، وكان أصله «تتذكرون» بتاءين حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {ذََلِكُمْ وَصََّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (سورة الأنعام آية 152).
فقرأ المرموز لهم ب «صحب» وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تذكرون» حيثما وقع هذا الفعل بتخفيف الذال، وذلك على حذف إحدى التاءين تخفيفا، لأن الأصل «تتذكرون».
وقرأ الباقون جميع ألفاظ «تذكرون» بتشديد الذال، وذلك على إدغام التاء في الذال، لتقاربهما في المخرج، إذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، والحرفان متفقان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والإصمات.
قال ابن الجزري:
وأن كم ظنّ واكسرها شفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أن» والكاف من «كم» «وأن» من قوله تعالى: {وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} (سورة الأنعام آية 153) بفتح الهمزة، وتخفيف النون، على أنّ «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وقبل «أن» لام مقدرة، و «هذا» مبتدأ، و «صراطي» خبر، والجملة من المبتدإ والخبر خبر «أن».(2/224)
وأن كم ظنّ واكسرها شفا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أن» والكاف من «كم» «وأن» من قوله تعالى: {وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} (سورة الأنعام آية 153) بفتح الهمزة، وتخفيف النون، على أنّ «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وقبل «أن» لام مقدرة، و «هذا» مبتدأ، و «صراطي» خبر، والجملة من المبتدإ والخبر خبر «أن».
وقرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وإنّ» بكسر الهمزة، وتشديد النون، فكسر الهمزة على الاستئناف، و «هذا» اسم «إنّ» و «صراطي» خبرها، و «مستقيما» صفة.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر» «وأنّ» بفتح الهمزة، وتشديد النون، وذلك على تقدير اللام، أي ولأنّ هذا الخ، و «هذا» اسم «أنّ» و «صراطي» خبرها، و «مستقيما» صفة.
قال ابن الجزري:
... يأتيهم كالنّحل عنهم وصفا
المعنى: قرأ مدلول «شفا» الذين عاد عليهم الضمير في «عنهم» وهم:
«حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تأتيهم» من قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلََائِكَةُ} (سورة الأنعام آية 158). ومن قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلََائِكَةُ} (سورة النحل آية 33). قرءوا «يأتيهم» في الموضعين بالياء على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «تأتيهم» في الموضعين أيضا بالتاء، على تأنيث الفعل، وجاز تذكير الفعل وتأنيثه، لأن الفاعل وهو «الملائكة» جمع تكسير، وجمع التكسير يجوز في فعله التذكير والتأنيث.
قال ابن الجزري:
وفرّقوا امدده وخفّفه معا ... رضى
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» «فرقوا» هنا، وفي الروم، من قوله تعالى:(2/225)
وفرّقوا امدده وخفّفه معا ... رضى
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» «فرقوا» هنا، وفي الروم، من قوله تعالى:
1 {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (سورة الأنعام آية 159).
2 {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً} (سورة الروم آية 32).
قرآ «فارقوا» بألف بعد الفاء، وتخفيف الراء، على أنه فعل ماض، من «المفارقة» وهي «الترك». والمعنى: أنهم تركوا دينهم القيّم، وكفروا به.
وقرأ الباقون «فرّقوا» في الموضعين بغير ألف، وتشديد الراء، على أنه فعل ماض، مضعّف العين، من «التفريق» على معنى: أنهم فرّقوا دينهم فآمنوا بالبعض، وكفروا بالبعض الآخر ومن كان هذا شأنه فقد ترك الدين القيّم. من هذا يتبيّن أن القراءتين متقاربتان في المعنى.
قال ابن الجزري:
... وعشر نوّنن بعد ارفعا
خفضا ليعقوب ...
المعنى: قرأ «يعقوب» «عشر أمثالها» من قوله تعالى: {مَنْ جََاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثََالِهََا} (سورة الأنعام آية 160) بتنوين «عشر» و «أمثالها» بالرفع، على أن «عشر» مبتدأ مؤخر، خبره الجار والمجرور قبله، و «أمثالها» صفة لعشر.
وقرأ الباقون «عشر» بدون تنوين، و «أمثالها» بالخفض، على أن «عشر» مبتدأ مؤخر، خبره الجار والمجرور قبله، و «عشر» مضاف، و «أمثال» مضاف إليه، و «أمثال» مضاف، والهاء مضاف إليه.
قال ابن الجزري:
ودينا قيّما ... فافتحه مع كسر بثقله سما
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «دينا قيما» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدََانِي رَبِّي إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (سورة الأنعام آية 161). قرءوا «قيّما» بفتح القاف، وكسر الياء مشدّدة، على أنها صفة ل «دينا» و «قيّم» على وزن «فيعل» أصلها «قيوم» فاجتمعت الواو، والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء.(2/226)
ودينا قيّما ... فافتحه مع كسر بثقله سما
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «دينا قيما» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدََانِي رَبِّي إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (سورة الأنعام آية 161). قرءوا «قيّما» بفتح القاف، وكسر الياء مشدّدة، على أنها صفة ل «دينا» و «قيّم» على وزن «فيعل» أصلها «قيوم» فاجتمعت الواو، والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء.
وقرأ الباقون «قيما» بكسر القاف، وفتح الياء مخففة، على وزن «شبع» على أنها صفة ل «دينا» و «قيما» مصدر «قام» وأصله «قوم» فقلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة التي قبلها فأصبحت «قيم» وكان القياس ألا تعلّ، كما لم تعلّ «عوض، وحول، من هذا يتبين أن إعلال «قيم» جاء على غير قياس.
(والله أعلم) تمّت سورة الأنعام ولله الحمد والشكر(2/227)
(والله أعلم) تمّت سورة الأنعام ولله الحمد والشكر
سورة الأعراف
قال ابن الجزري:
تذكّرون الغيب زد من قبل كم ... والخفّ كن صحبا
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم»، من «كن» وهو: «ابن عامر» «تذكرون» من قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مََا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلََا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيََاءَ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (سورة الأعراف آية 3).
قرأ «يتذكرون» بياء قبل التاء على الغيبة، مع تخفيف الذال، وجه الغيبة:
أنها على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة. وقراءة «ابن عامر» موافقة لرسم المصحف الشامي حيث كتبت هكذا «يتذكرون» (1).
ووجه التخفيف أنه مضارع «تذكر يتذكر» فجاء على الأصل.
وقرأ المرموز لهم ب «صحبا» وهم: «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تذكرون» بحذف التاء، وتخفيف الذال. وجه حذف التاء:
التخفيف، ووجه تخفيف الذال مجيئة على الأصل.
وقرأ الباقون «تذّكرون» بتشديد الذال، لأن أصل الفعل «تتذكرون» الأولى تاء الخطاب، والثانية تاء المضارعة، ثم أدغمت تاء المضارعة في الذال، لوجود التقارب بينهما في المخرج: إذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات. ووجه الخطاب أنه جاء على نسق السياق، إذ قبله قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مََا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلََا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيََاءَ}.
قال ابن الجزري:
... وتخرجون ضم
__________
(1) قال ابن عاشر:
من سورة الأعراف حتى مريم ... تذكرون الشام ياء قدّما(2/229)
فافتح وضمّ الرا شفا ظلّ ملا ... وزخرف منّ شفا وأوّلا
روم شفا من خلفه الجاثية ... شفا
المعنى: اختلف القراء في «تخرجون»، و «لا يخرجون»:
أمّا «تخرجون» ففي ثلاثة مواضع وهي:
1 {قََالَ فِيهََا تَحْيَوْنَ وَفِيهََا تَمُوتُونَ وَمِنْهََا تُخْرَجُونَ} (سورة الأعراف آية 25).
2 {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا وَكَذََلِكَ تُخْرَجُونَ} (سورة الروم آية 19).
3 {فَأَنْشَرْنََا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذََلِكَ تُخْرَجُونَ} (سورة الزخرف آية 11).
وأمّا «لا يخرجون» ففي موضع واحد وهو قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لََا يُخْرَجُونَ مِنْهََا وَلََا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} (سورة الجاثية آية 35).
فقرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تخرجون» في المواضع الثلاثة، بفتح التاء، وضمّ الراء، على البناء للفاعل، ومثلهن في الحكم «لا يخرجون».
وقرأ «ابن ذكوان» موضع الأعراف، وموضع الزخرف، بالبناء للفاعل، وموضع الجاثية بالبناء للمفعول. واختلف عنه في الموضع الأول من الروم فقرأه بوجهين: بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول.
وقرأ الباقون المواضع الأربعة بالبناء للمفعول.
تنبيه:
قوله تعالى: {ثُمَّ إِذََا دَعََاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذََا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}
الموضع الثاني من سورة الروم (آية 25). وقوله تعالى: {خُشَّعاً أَبْصََارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ} (سورة القمر آية 7). وقوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لََا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} (سورة الحشر آية 12). وقوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ سِرََاعاً}
(سورة المعارج آية 43). اتفق القراء العشرة على قراءة الأفعال الأربعة بالبناء للفاعل، لأن القراءة سنة متبعة ومبنيّة على التوقيف.
قال ابن الجزري:(2/230)
قوله تعالى: {ثُمَّ إِذََا دَعََاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذََا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}
الموضع الثاني من سورة الروم (آية 25). وقوله تعالى: {خُشَّعاً أَبْصََارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ} (سورة القمر آية 7). وقوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لََا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} (سورة الحشر آية 12). وقوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ سِرََاعاً}
(سورة المعارج آية 43). اتفق القراء العشرة على قراءة الأفعال الأربعة بالبناء للفاعل، لأن القراءة سنة متبعة ومبنيّة على التوقيف.
قال ابن الجزري:
... ولباس الرّفع نل حقّا فتى
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نل» و «حقّا»، و «فتى» وهم: «عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وحمزة، وخلف العاشر» {وَلِبََاسُ التَّقْوى ََ ذََلِكَ خَيْرٌ} (سورة الأعراف آية 26) برفع السين على أنّ «ولباس» مبتدأ، و «التقوى» مضاف إليه، كما أضيف إلى «الجوع» في قوله تعالى: {فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمََا كََانُوا يَصْنَعُونَ} (سورة النحل آية 112). و «ذلك» مبتدأ ثان، و «خير» خبر، والجملة من المبتدإ الثاني وخبره خبر الأول، والرابط اسم الإشارة.
والمعنى: لباس التقوى عند الله تعالى خير من لباس الثياب، والرّياش الذي يتجمل به في الدنيا.
وقرأ الباقون «ولباس» بنصب السين، عطفا على «لباسا» في قوله تعالى:
{يََا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنََا عَلَيْكُمْ لِبََاساً} والمعنى: أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا، وأنزلنا لباس التقوى.
قال ابن الجزري:
خالصة إذ ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» وهو: «نافع» «خالصة» من قوله تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا خََالِصَةً يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (سورة الأعراف آية 32) برفع «التاء» على أنّ «خالصة» خبر «هي» و «للذين ءامنوا» متعلق ب «خالصة».
ويجوز أن يكون «خالصة» خبرا ثانيا ل «هي» و «للذين ءامنوا» إلخ خبر أول. والمعنى: قل: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة بين جميع بني آدم، وهي أي الزينة خالصة للمؤمنين يوم القيامة.
وقرأ الباقون «خالصة» بالنصب على الحال من المضمر في «للذين»
والعامل في الحال «الاستقرار، والثبات» الذي قام «للذين ءامنوا» مقامه.(2/231)
وقرأ الباقون «خالصة» بالنصب على الحال من المضمر في «للذين»
والعامل في الحال «الاستقرار، والثبات» الذي قام «للذين ءامنوا» مقامه.
فالظروف، وحروف الجرّ والمجرور، تعمل في «الحال» إذا كانت اخبارا عن المبتدإ، لأنّ فيها ضميرا يعود على المبتدإ، ولأنها قامت مقام محذوف جار على الفعل، هو العامل في الحقيقة، وهو الذي فيه الضمير على الحقيقة.
قال «ابن مالك»:
وأخبروا بظرف أو بحرف جرّ ... ناوين معنى كائن أو استقرّ
والمعنى: قل هي أي الزينة مشتركة بين المؤمنين وغيرهم في الحياة الدنيا، حالة كونها خالصة لهم يوم القيامة.
قال ابن الجزري:
يعلموا الرابع صف ...
المعنى: قرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» «لا تعلمون» الموضع الرابع في هذه السورة، وهو في قوله تعالى: {قََالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلََكِنْ لََا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية 38).
قرأ «لا يعلمون» بياء الغيبة، لمناسبة لفظ «كلّ» فلفظه لفظ غائب.
وقرأ الباقون «لا تعلمون» بتاء الخطاب، حملا على معنى ما قبله من الخطاب، لأن قبله: «قال لكل ضعف» أي لكلكم ضعف، فحمل «لا تعلمون» على معنى «كل» في الخطاب.
المعنى: هذا إخبار من الله تعالى عن محاورة الملل الكافرة في النار يوم القيامة المشار إليها بقوله تعالى قبل: {كُلَّمََا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهََا حَتََّى إِذَا ادََّارَكُوا فِيهََا جَمِيعاً قََالَتْ أُخْرََاهُمْ لِأُولََاهُمْ رَبَّنََا هََؤُلََاءِ أَضَلُّونََا فَآتِهِمْ عَذََاباً ضِعْفاً مِنَ النََّارِ} (سورة الأعراف، آية 38) فيجيبهم الله تعالى بقوله: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلََكِنْ لََا تَعْلَمُونَ}.
تنبيه:
قوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف
آية 28). وقوله تعالى: {كَذََلِكَ نُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية 32). وقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية 33). اتفق القراء العشرة على قراءة الموضع الأول، والثالث بتاء الخطاب، والموضع الثاني بياء الغيبة، وحينئذ يكون لا خلاف في هذه المواضع الثلاثة.(2/232)
قوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف
آية 28). وقوله تعالى: {كَذََلِكَ نُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية 32). وقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية 33). اتفق القراء العشرة على قراءة الموضع الأول، والثالث بتاء الخطاب، والموضع الثاني بياء الغيبة، وحينئذ يكون لا خلاف في هذه المواضع الثلاثة.
قال ابن الجزري:
... يفتح في روى وحز شفا يخف
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» ومدلول «روى» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا تفتح» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِنََا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهََا لََا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوََابُ السَّمََاءِ} (سورة الأعراف آية 40). قرءوا «لا يفتح» بياء التذكير، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثي مبنيا للمجهول، و «أبواب» نائب فاعل، وذكّر الفعل لأن تأنيث «أبواب» غير حقيقي، وللفصل بين الفعل ونائب الفاعل بالجارّ والمجرور.
وقرأ المرموز له بالحاء «من «حز» وهو: «أبو عمرو» «لا تفتح» بتاء التأنيث، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثي مبنيا للمجهول، و «أبواب» نائب فاعل، وأنّث الفعل لتأنيث «أبواب».
وقرأ الباقون «لا تفتّح» بتاء التأنيث، وفتح الفاء، وتشديد التاء، على أنه مضارع «فتّح» مضعّف عين الكلمة، على معنى التكرير، والتكثير مرّة بعد أخرى.
قال ابن الجزري:
واو وما احذف كم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «وما كنّا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} (سورة الأعراف آية 43). «ما كنّا» بحذف الواو، على أن قوله تعالى: {مََا كُنََّا}
{لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} موضح ومبين لقوله تعالى قبل: {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا}. وقراءة «ابن عامر» موافقة لرسم مصحف أهل الشام (1).(2/233)
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «وما كنّا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} (سورة الأعراف آية 43). «ما كنّا» بحذف الواو، على أن قوله تعالى: {مََا كُنََّا}
{لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} موضح ومبين لقوله تعالى قبل: {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا}. وقراءة «ابن عامر» موافقة لرسم مصحف أهل الشام (1).
وقرأ باقي القراء «وما كنا» بإثبات الواو، على الاستئناف، أو الحال، والمعنى: قال المؤمنون حين أدخلهم الله الجنة، ورأوا الذي ابتلي به أهل النار بسبب كفرهم بربهم، وتكذيبهم رسله: «الحمد لله الذي هدنا لهذا» والحال أننا كنا لن نهتدي لولا هداية الله لنا. وهذه القراءة موافقة لرسم بقيّة المصاحف العثمانية.
قال ابن الجزري:
نعم كلّا كسر ... عينا رجا
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رجا» وهو: «الكسائي» «نعم» حيثما وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى:
1 {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مََا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قََالُوا نَعَمْ} (سورة الأعراف آية 44).
2 {قََالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (سورة الأعراف آية 114).
3 {قََالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (سورة الشعراء آية 42).
4 {قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دََاخِرُونَ} (سورة الصافات آية 18).
قرأ الكسائي «نعم» حيثما وقع في القرآن الكريم بكسر العين، وهو لغة «كنانة، وهذيل».
وقرأ الباقون «نعم» بفتح النون على الأصل، وهو لغة معظم العرب.
و «نعم» حرف تصديق، ووعد، وإعلام.
__________
(1) قال ابن عاشر:
واو وما كنّا له أبينا ... بعكس قال بعد مفسدينا(2/234)
قال ابن الجزري:
... أن خفّ نل حما زهر
خلف اتل لعنة لهم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نل» و «حما» والزاي من «زهر» بخلف عنه، والألف من «اتل» وهم: «عاصم، وأبو عمرو، ويعقوب، ونافع، وقنبل» في أحد وجهيه «أن لعنة» من قوله تعالى: {أَنْ لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ} (سورة الأعراف آية 44). قرءوا «أن» بإسكان النون مخففة، ورفع «لعنة» على أنّ «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و «لعنة» مبتدأ، و «الله» مضاف إليه، و «على الظالمين» متعلق بمحذوف خبر المبتدإ، والجملة من المبتدإ وخبره خبر «أن» المخففة.
وقرأ الباقون «أنّ» بتشديد النون، ونصب «لعنة» وهو الوجه الثاني ل «قنبل».
ووجه هذه القراءة أنّ «لعنة» اسم «أنّ» المشددة، و «الله» مضاف إليه، و «على الظلمين» متعلق بمحذوف في محلّ رفع خبر «أنّ» المشددة.
مهمة:
إذا خففت «أنّ» مفتوحة الهمزة بقيت على ما كان لها من العمل وهو نصب اسمها، ورفع خبرها، كما قال «ابن مالك»:
وإن تخفّف أنّ فاسمها استكن ... والخبر اجعل جملة من بعد أن
وقد اختلف النحاة في اسم «أن» المخففة: فذهب جمهور النحاة إلى أنّ اسمها يجب أن يكون محذوفا. وذهب بعضهم إلى أن اسمها يكون محذوفا بشرط أن يكون ضمير الشأن، وقد يبرز اسمها وهو ضمير الشأن، كقول الشاعر:
فلو أنك يوم الرخاء سألتني ... طلاقك لم أبخل وأنت صديق (1)
__________
(1) أنك: بكسر كاف الخطاب، لأن المخاطبة أنثى بدليل ما بعده، والتاء في «سألتني» مكسورة أيضا.(2/235)
ومحلّ الشاهد في هذا البيت قول الشاعر: «أنك» حيث خفف «أن» مفتوحة الهمزة، وبرز اسمها وهو «الكاف» وذلك قليل. واعلم أن الاسم إذا كان محذوفا سواء كان ضمير شأن، أو غيره فإن الخبر يجب أن يكون جملة.
أمّا إذا كان الاسم مذكورا كما في البيت المتقدم، فإنه لا يجب في الخبر أن يكون جملة، بل يكون جملة كما في البيت المتقدم، ويكون مفردا، وقد اجتمع مع ذكر الاسم الخبر المفرد، والجملة في قول «جنوب بنت عجلان» ترثي أخاها «عمرو بن عجلان»:
لقد علم الضيف والمرملون ... إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا
بأنك ربيع وغيث مريع ... وأنك هناك تكون الثمالا
حيث خفّفت «أن» وذكرت اسمها مرّتين: في الأولى مفردا وهو قولها:
«بأنّك ربيع» وفي الثانية جملة وهو قولها: «وأنّك هناك تكون الثمالا».
قال ابن الجزري:
يغشى معا ... شدّد ظما صحبة
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظما» ومدلول «صحبة» وهم: «يعقوب، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يغشي» معا من قوله تعالى:
1 {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} (سورة الأعراف آية 54).
2 {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (سورة الرعد آية 3).
قرءوا «يغشّي» في الموضعين بفتح الغين، وتشديد الشين، على أنه مضارع «غشى» مضعف العين.
وقرأ الباقون «يغشي» بإسكان الغين، وتخفيف الشين، مضارع «أغشى» المزيد بالهمزة. والغشاء: الغطاء، وزنا ومعنى. والغشاوة بالكسر الغطاء أيضا، وغشي الليل، من باب «تعب» وأغشى بالألف: أظلم.
قال ابن الجزري:(2/236)
وقرأ الباقون «يغشي» بإسكان الغين، وتخفيف الشين، مضارع «أغشى» المزيد بالهمزة. والغشاء: الغطاء، وزنا ومعنى. والغشاوة بالكسر الغطاء أيضا، وغشي الليل، من باب «تعب» وأغشى بالألف: أظلم.
قال ابن الجزري:
... والشّمس ارفعا
كالنّحل مع عطف الثّلاث كم وثم ... معه في الآخرين عد
المعنى: اختلف القراء في {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرََاتٍ بِأَمْرِهِ}
هنا في سورة الأعراف (آية 54)، وفي سورة النحل (آية 12).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» برفع الأسماء الأربعة في السورتين، على أن «والشمس» مبتدأ، «والقمر والنجوم» معطوفان عليه، و «مسخرات» خبر المبتدإ.
وقرأ المرموز له بالعين من «عد» وهو: «حفص» بنصب الاسمين الأولين:
«والشمس والقمر» ورفع الاسمين الأخيرين: «والنجوم مسخرات» في سورة «النحل» فقط: فنصب الاسمين على أنهما معطوفان على «الليل» لأنه في محلّ نصب مفعول له «سخر» ورفع «والنجوم» على الابتداء، و «مسخرات» خبر.
أما في سورة الأعراف فقرأ «حفص» بنصب الأسماء الأربعة، على أنّ «والشمس والقمر والنجوم» معطوفة على «السموات» الواقعة مفعولا إلى «خلق» و «مسخرات» حال من هذه المفاعيل منصوبة بالكسرة.
وقرأ الباقون بنصب الأسماء الأربعة في السورتين.
قال ابن الجزري:
... نشرا لضم
فافتح شفا كلّا وساكنا سما ... ضمّ وبا نل
المعنى: اختلف القراء في «بشرا» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
1 {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة الأعراف آية 57).
2 {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة الفرقان آية 48).
3 {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة النمل آية 63).(2/237)
2 {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة الفرقان آية 48).
3 {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (سورة النمل آية 63).
فقرأ المرموز لهم ب «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نشرا» في جميع المواضع بالنون المفتوحة، وإسكان الشين، على أنه مصدر «نشرا» أعمل فيه معنى ما قبله، وحينئذ يكون المعنى: وهو الذي نشر الرياح نشرا، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال من «الرياح».
وحينئذ يكون المعنى: وهو الذي يرسل الرياح محيية للأرض، كما تقول:
«أتانا ركضا» أي «راكضا». ويجوز أن يكون المصدر يراد به المفعول، كقولهم:
«هذا درهم ضرب الأمير» أي مضروبه، وكقوله تعالى: {هََذََا خَلْقُ اللََّهِ} (سورة لقمان آية 11) أي مخلوقه، وحينئذ يكون المعنى: وهو الذي يرسل الرياح منشرة.
وقرأ المرموز لهم ب «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «نشرا» بضم النون، والشين، على أنه جمع «نشور» بمعنى «ناشر» و «ناشر» معناه: محيي، مثل «طهور» بمعنى «طاهر» فالله تعالى جعل الرياح ناشرة للأرض، أي محيية لها، إذ تأتي بالمطر الذي يكون النبات به.
ويجوز أن يكون «نشرا» جمع «نشور» بمعنى «منشور» مثل: «ركوب» بمعنى «مركوب»، و «حلوب» بمعنى «محلوب». ويجوز أن يكون «نشرا» جمع «ناشر» مثل «شهد» جمع «شاهد» وذلك لأن الريح ناشرة للأرض، أي محيية لها بما تسوق من المطر.
وقرأ المرموز له بالنون من «نل» وهو: «عاصم» «بشرا» بالباء الموحدة من أسفل المضمومة، وإسكان الشين، جمع «بشير» إذ الرياح تبشر بالمطر، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (سورة الروم آية 46).
وقرأ «ابن عامر» «نشرا» بضم النون، وإسكان الشين، وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «نافع» ومن معه، إلا أن إسكان الشين للتخفيف، والضمّ هو الأصل.
قال ابن الجزري:(2/238)
وقرأ «ابن عامر» «نشرا» بضم النون، وإسكان الشين، وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «نافع» ومن معه، إلا أن إسكان الشين للتخفيف، والضمّ هو الأصل.
قال ابن الجزري:
... نكدا فافتح ثما
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثما» وهو: «أبو جعفر» «نكدا» من قوله تعالى: {وَالَّذِي خَبُثَ لََا يَخْرُجُ إِلََّا نَكِداً} (سورة الأعراف آية 58) بفتح الكاف، على أنه مصدر بمعنى: ذا نكدا.
وقرأ الباقون «نكدا» بكسر الكاف، على الحال. يقال: «نكد عيشه» «كفرح»: اشتدّ، وعسر. والنكد: كل شيء خرج إلى طلبه بتعسّر.
قال ابن الجزري:
ورا إله غيره اخفض حيث جا ... رفعا ثنا رد
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثنا» والراء من «رد» وهما: «أبو جعفر، والكسائي» «من إله غيره» حيثما وقع في القرآن الكريم بخفض الراء، وكسر الهاء، نحو قوله تعالى:
1 {فَقََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة الأعراف آية 59).
2 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة الأعراف آية 65).
3 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة الأعراف آية 73).
4 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة الأعراف آية 85).
5 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة هود آية 50).
6 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة هود آية 61).
7 {قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة هود آية 84).
8 {فَقََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة المؤمنون آية 23).
9 {أَنِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ} (سورة المؤمنون آية 32).
وجه قراءة «أبي جعفر، والكسائي» أنها على النعت، أو البدل من «إله» لفظا.
وقرأ الباقون «غيره» برفع الهاء، وضم الهاء، على النعت، أو البدل من «إله» محلّا، لأن «من» زائدة، و «إله» مبتدأ.(2/239)
وجه قراءة «أبي جعفر، والكسائي» أنها على النعت، أو البدل من «إله» لفظا.
وقرأ الباقون «غيره» برفع الهاء، وضم الهاء، على النعت، أو البدل من «إله» محلّا، لأن «من» زائدة، و «إله» مبتدأ.
قال «ابن هشام» ت 761هـ: «غير» اسم ملازم للإضافة في المعنى، ويجوز أن يقطع عنها لفظا إن فهم المعنى، وتقدمت عليها كلمة «ليس» وقولهم:
«لا غير» لحن، ويقال: «قبضت عشرة ليس غيرها» برفع «غير» على حذف الخبر، أي «مقبوضا» وبنصبها على إضمار «الاسم» أي ليس المقبوض غيرها. ثم قال: ولا تتصرف «غير» بالإضافة لشدة إبهامها. وتستعمل «غير» المضافة لفظا على وجهين:
أحدهما: وهو الأصل: أن تكون صفة للنكرة نحو قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهََا رَبَّنََا أَخْرِجْنََا نَعْمَلْ صََالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنََّا نَعْمَلُ} (سورة فاطر آية 37) أو صفة لمعرفة قريبة من النكرة، نحو قوله تعالى: {صِرََاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (سورة الفاتحة آية 7).
والثاني: أن تكون استثناء فتعرب بإعراب الاسم التالي «إلّا» في ذلك الكلام فتقول: «جاء القوم غير زيد» بالنصب، و «ما جاء زيد غير زيد» بالنصب والرفع.
قال «ابن مالك»:
واستثن مجرورا بغير معربا ... بما لمستثنى بإلّا نسبا (1)
قال ابن الجزري:
... أبلغ الخفّ حجا
كلّا ...
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حجا» وهو: «أبو عمرو» «أبلغكم» حيثما
__________
(1) انظر: المغني لابن هشام ص 210.(2/240)
وقع في القرآن الكريم بسكون الباء، وتخفيف اللام، مضارع «أبلغ»، نحو قوله تعالى:
1 {أُبَلِّغُكُمْ رِسََالََاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} (سورة الأعراف آية 62).
2 {أُبَلِّغُكُمْ رِسََالََاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نََاصِحٌ أَمِينٌ} (سورة الأعراف آية 68).
3 {قََالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللََّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مََا أُرْسِلْتُ بِهِ} (سورة الأحقاف آية 23).
وقرأ الباقون «أبلّغكم» حيثما وقع أيضا بفتح الباء، وتشديد اللام، على أنه مضارع «بلّغ» مضعف العين، ومنه قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (سورة المائدة آية 67). و «البلوغ، والبلاغ»: الانتهاء إلى أقصى المقصد، والمنتهى، مكانا كان، أو زمانا، أو امرا من الأمور المقدّرة (1).
قال ابن الجزري:
وبعد مفسدين الواو كم ...
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر». «قال الملأ» الواقع بعد «مفسدين» وهو في قصة نبي الله «صالح» عليه السلام، من قوله تعالى: {وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قََالَ الْمَلَأُ} (سورة الأعراف الآيتان 74 75).
قرأ «وقال الملأ» بزيادة واو، قبل «قال» وذلك للعطف على ما قبله، وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف الشامي (2).
وقرأ الباقون «قال الملأ» بغير واو قبل «قال» اكتفاء بالربط المعنوي. وهذه القراءة موافقة لرسم بقيّة المصاحف. «الملأ»: جماعة يجتمعون على رأي، فيملئون العيون رواء، ومنظرا، والنفوس بهاء وجلالا (3).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 60.
(2) قال ابن عاشر:
من سورة الأعراف حتى مريم ... تذكرون الشام ياء قدما
واو وما كنا له أبينا ... بعكس قال بعد مفسدينا
(3) انظر المفردات في غريب القرآن ص 473.(2/241)
قال ابن الجزري:
... أو أمن الإسكان كم حرم وسم
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» و «حرم» وهم: «ابن عامر، ونافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «أو أمن» من قوله تعالى: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ََ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنََا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} (سورة الأعراف آية 98). قرءوا بسكون الواو من «أو» غير أن ورشا من الطريقين ينقل حركة الهمزة من «أمن» إلى الواو من «أو» على أصله. ووجه هذه القراءة أن «أو» على معنى الإباحة، مثل قوله تعالى: {وَلََا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} (سورة الإنسان آية 24) أي لا تطع هذا الجنس. ويجوز أن تكون «أو» لأحد الشيئين، كقولك: «أكرمت زيدا أو عمرا» أي: أكرمت أحدهما، ولم ترد أن تبين المكرم منهما، وأنت عالم به من هو منهما.
وليست هي «أو» التي للشك في هذا، إنما هي «أو» التي لأحد الشيئين وحينئذ يكون معنى الآية: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات.
وقرأ الباقون «أو أمن» بفتح واو «أو» على أن «واو» العطف دخلت عليها همزة الاستفهام، كما تدخل على «ثمّ» في نحو قوله تعالى: {أَثُمَّ إِذََا مََا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} (سورة يونس آية 51). ومثله قوله تعالى: {أَوَكُلَّمََا عََاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (سورة البقرة آية 100). ويقوّي ذلك أن الحرف الذي قبله، والذي بعده وهو «الفاء» دخلت عليه همزة الاستفهام: فما قبله قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ََ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنََا بَيََاتاً وَهُمْ نََائِمُونَ} (سورة الأعراف آية 97). وما بعده قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللََّهِ} (سورة الأعراف آية 99) فحمل وسط الكلام على ما قبله، وما بعده، للمشاكلة، والمطابقة، في اتفاق اللفظ في دخول همزة الاستفهام.
قال ابن الجزري:
على عليّ اتل ...
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «اتل» وهو: «نافع» «على أن لا أقول» من قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلى ََ أَنْ لََا أَقُولَ عَلَى اللََّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (سورة الأعراف آية 105).
قرأ «عليّ» بالياء المشددة المفتوحة بعد اللام، وذلك لأن حرف الجرّ وهو «على» دخل على ياء المتكلم، ثم قلبت الألف ياء، وأدغمت في ياء المتكلم، وفتح، لأن ياء المتكلم أصلها السكون، وفتحت تخفيفا.(2/242)
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «اتل» وهو: «نافع» «على أن لا أقول» من قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلى ََ أَنْ لََا أَقُولَ عَلَى اللََّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (سورة الأعراف آية 105).
قرأ «عليّ» بالياء المشددة المفتوحة بعد اللام، وذلك لأن حرف الجرّ وهو «على» دخل على ياء المتكلم، ثم قلبت الألف ياء، وأدغمت في ياء المتكلم، وفتح، لأن ياء المتكلم أصلها السكون، وفتحت تخفيفا.
و «حقيق»، و «حق» سواء بمعنى واجب، وأصله أن يتعدّى ب «على» قال تعالى: {فَحَقَّ عَلَيْنََا قَوْلُ رَبِّنََا إِنََّا لَذََائِقُونَ} (سورة الصافات آية 31).
وقرأ الباقون «على» بألف بعد اللام، وذلك أنه عدى «حقيق» ب «على» إلى «أن».
ويجوز أن تكون «على» في هذا بمعنى الباء، كما جاز وقوع «الباء» في موضع «على» في قوله تعالى: {وَلََا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرََاطٍ تُوعِدُونَ} (سورة الأعراف آية 86) أي على كل طريق.
قال ابن الجزري:
وسحّار شفا ... مع يونس في ساحر
المعنى: قرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ساحر» هنا وفي سورة «يونس» من قوله تعالى:
1 {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سََاحِرٍ عَلِيمٍ} (سورة الأعراف آية 112).
2 {وَقََالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سََاحِرٍ عَلِيمٍ} (سورة يونس آية 79). قرءوا في الموضعين «سحّار» بفتح الحاء وتشديدها، وألف بعدها، على وزن «فعّال» للمبالغة، ويقوّي ذلك أنه قد وصف ب «عليم» فدلّ على التناهي في علم السحر.
وقرأ الباقون في الموضعين «ساحر» بألف بعد السين، وكسر الحاء مخففة، على وزن «فاعل». و «ساحر» تجمع على «سحرة» قال تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سََاجِدِينَ} (سورة طه آية 70).
تنبيه: «سحّار» من قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحََّارٍ عَلِيمٍ} (سورة الشعراء آية 37) اتفق القراء العشرة على قراءته «سحّار» على وزن «فعّال» للمبالغة. لأنه جواب لقول «فرعون» في ما استشارهم فيه من أمر «موسى» عليه السلام بعد
قوله: {إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ عَلِيمٌ} (سورة الشعراء آية 34) فأجابوه بما هو أبلغ من قوله رعاية لمراده، بخلاف الذي في «الأعراف» فإن ذلك جواب لقولهم فتناسب اللفظان.(2/243)
تنبيه: «سحّار» من قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحََّارٍ عَلِيمٍ} (سورة الشعراء آية 37) اتفق القراء العشرة على قراءته «سحّار» على وزن «فعّال» للمبالغة. لأنه جواب لقول «فرعون» في ما استشارهم فيه من أمر «موسى» عليه السلام بعد
قوله: {إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ عَلِيمٌ} (سورة الشعراء آية 34) فأجابوه بما هو أبلغ من قوله رعاية لمراده، بخلاف الذي في «الأعراف» فإن ذلك جواب لقولهم فتناسب اللفظان.
وأمّا الذي في «يونس» فهو أيضا جواب من فرعون لهم حيث قالوا {إِنَّ هََذََا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} (آية 76).
مهمة:
اختلفت المصاحف في رسم كلمة {بِكُلِّ سََاحِرٍ عَلِيمٍ} في الأعراف (آية 112) وفي سورة يونس (آية 79) فرسم في بعضها بألف بعد السين، وفي البعض الآخر بألف بعد الحاء، وذلك تمشيا مع القراءتين (1).
قال ابن الجزري:
... وخفّفا
تلقف كلّا عد ...
المعنى: اختلف القراء في كلمة «تلقف» حيثما وقعت في القرآن الكريم وهي في ثلاثة مواضع:
1 - قوله تعالى: {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (سورة الأعراف آية 117).
2 - قوله تعالى: {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مََا صَنَعُوا} (سورة طه آية 69).
3 - قوله تعالى: {فَأَلْقى ََ مُوسى ََ عَصََاهُ فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (سورة الشعراء آية 45).
فقرأ المرموز له بالعين من «عد» وهو: «حفص» المواضع الثلاثة «تلقف» بسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقف» «يلقف» نحو: «علم يعلم» يقال: لقفت الشيء أخذته بسرعة.
وقرأ «البزّي» بخلف عنه «تلقّف» بتشديد التاء حالة وصل «تلقف» بما
__________
(1) قال ابن عاشر:
بكل ساحر معا هل بالألف ... وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف(2/244)
قبلها، وبفتح اللام، وتشديد القاف مطلقا. وعند الابتداء ب «تلقّف» يخفف التاء، ويفتح اللام، ويشد القاف، على أنه مضارع «تلقّف» مضعف العين.
قال ابن الجزري:
في الوصل تاتيمّموا اشدد تلقف، إلى قوله: وفي الكل اختلف عنه.
وقرأ الباقون «تلقّف بفتح اللام، وتشديد القاف، مضارع «تلقّف» «يتلقّف» وهو الوجه الثاني «للبزّي».
قال ابن الجزري:
سنقتل اضمما ... واشدده واكسر ضمّه كنز حما
ويقتلون عكسه انقل ...
المعنى: اختلف القراء في «سنقتل» من قوله تعالى: {قََالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنََاءَهُمْ} (سورة الأعراف آية 127) و «يقتلون» من قوله تعالى: {يُقَتِّلُونَ أَبْنََاءَكُمْ}
(سورة الأعراف آية 141).
فقرأ مدلول «كنز»، و «حما» وهم: «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، ويعقوب» «سنقتّل» بضم النون، وفتح القاف، وكسر التاء مشدّدة، على أنه مضارع «قتّل» مضعف العين، الدالّ على التكثير مرّة بعد أخرى.
وقرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «سنقتل» بفتح النون، وإسكان القاف، وضم التاء مخففة، مضارع «قتل يقتل» نحو: «نصر ينصر» وذلك على أصل الفعل الدالّ على مجرّد القتل.
وقرأ المرموز له بالألف من «انقل» وهو: «نافع» «يقتلون» بفتح الياء، وسكون القاف، وضم التاء، مضارع «قتل يقتل» على الأصل.
وقرأ الباقون «يقتّلون» بضم الياء، وفتح القاف، وكسر التاء مشدّدة مضارع «قتّل» مضعف العين.
قال ابن الجزري:(2/245)
وقرأ الباقون «يقتّلون» بضم الياء، وفتح القاف، وكسر التاء مشدّدة مضارع «قتّل» مضعف العين.
قال ابن الجزري:
يعرشوا ... معا بضمّ الكسر صاف كمشوا
المعنى: اختلف القراء في «يعرشون» هنا، وفي سورة النحل، من قوله تعالى:
1 {وَدَمَّرْنََا مََا كََانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمََا كََانُوا يَعْرِشُونَ} (سورة الأعراف آية 137).
2 {وَأَوْحى ََ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمََّا يَعْرِشُونَ} (سورة النحل آية 68).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صاف» والكاف من «كمشوا» وهما: «شعبة، وابن عامر» «يعرشون» في الموضعين بكسر الراء، من «عرش يعرش» نحو:
«ضرب يضرب».
وقرأ الباقون «يعرشون» في الموضعين بضم الراء، من «عرش يعرش» نحو: «نصر ينصر». والكسر والضم لغتان بمعنى: «بنى». و «العرش» في الأصل: شيء مسقّف، وجمعه «عروش» قال تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ََ مََا أَنْفَقَ فِيهََا وَهِيَ خََاوِيَةٌ عَلى ََ عُرُوشِهََا} (سورة الكهف آية 42).
قال ابن الجزري:
ويعكفوا اكسر ضمّه شفا وعن ... إدريس خلفه
المعنى: اختلف القراء في «يعكفون» من قوله تعالى: {فَأَتَوْا عَلى ََ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى ََ أَصْنََامٍ لَهُمْ} (سورة الأعراف آية 138).
فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بخلف عن «إدريس» «يعكفون» بكسر الكاف، لغة «أسد» ونحن إذا ما علمنا أن هؤلاء القراء يمثلون قراءة «الكوفة» أدركنا السرّ في قراءتهم، حيث جاءت متمشية مع لهجة «أسد» إذ نزح بعض قبيلة «أسد» إلى «الكوفة».
وقرأ الباقون «يعكفون» بضم الكاف، وهو الوجه الثاني ل «إدريس» وهذه القراءة لغة بقيّة العرب، وهي من «عكف يعكف» نحو: «نصر ينصر».(2/246)
فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بخلف عن «إدريس» «يعكفون» بكسر الكاف، لغة «أسد» ونحن إذا ما علمنا أن هؤلاء القراء يمثلون قراءة «الكوفة» أدركنا السرّ في قراءتهم، حيث جاءت متمشية مع لهجة «أسد» إذ نزح بعض قبيلة «أسد» إلى «الكوفة».
وقرأ الباقون «يعكفون» بضم الكاف، وهو الوجه الثاني ل «إدريس» وهذه القراءة لغة بقيّة العرب، وهي من «عكف يعكف» نحو: «نصر ينصر».
يقال: عكف على الشيء، بمعنى أقام عليه. ويقال: عكفت على الشيء «أعكفه» و «أعكفه»، بكسر الكاف، وضمها بمعنى: حبسته، ومنه «الاعتكاف» وهو «افتعال» لأنه حبس للنفس عن التصرفات العاديّة. والاعتكاف: الإقبال على الشيء، وملازمته على سبيل التعظيم له، وفي «الشرع»: هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة إلى الله تعالى.
قال ابن الجزري:
... وأنجانا احذفن
ياء ونوناكم ...
المعنى: اختلف القراء في «أنجينكم» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنََاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} (سورة الأعراف آية 141).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «أنجاكم» بألف بعد الجيم من غير ياء، ولا نون، بلفظ الواحد، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى قبل: {قََالَ أَغَيْرَ اللََّهِ أَبْغِيكُمْ إِلََهاً} (آية 140).
وقرأ الباقون «أنجينكم» بياء، ونون، وألف بعدها على لفظ الجماعة، وهو إخبار عن الله تعالى على طريق التعظيم، والإكبار له.
وقراءة «ابن عامر موافقة لرسم المصحف الشامي. وقراءة الباقين موافقة لرسم بقيّة المصاحف (1).
__________
(1) قال «ابن عاشر»: بالألف الشام إذ أنجاكم.(2/247)
قال ابن الجزري:
ودكّاء شفا ... في دكّا المدّ وفي الكهف كفى
المعنى: اختلف القراء في «دكا» هنا من قوله تعالى: {فَلَمََّا تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} (سورة الأعراف آية 143). و «دكّاء» في الكهف من قوله تعالى:
{فَإِذََا جََاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكََّاءَ وَكََانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} (سورة الكهف آية 98).
فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «دكّاء» في الموضعين بالهمزة المفتوحة بعد الألف، وحذف التنوين ممنوعا من الصرف، وحينئذ يكون المدّ متصلا فكلّ يمدّ حسب مذهبه.
ووجه هذه القراءة أنها أخذت من قول العرب: «هذه ناقة دكاء» للتي لا سنام لها، فهي مستوية الظهر، وحينئذ يكون المعنى: جعل الله تعالى الجبل مثل «الناقة الدكاء» أي جعله حين التجلّي مستويا لا ارتفاع فيه، تعظيما لله تعالى، وخضوعا له.
وقرأ حفص موضع «الأعراف» دكّا» بحذف الهمزة، والمدّ، مع التنوين، على أنه مصدر «دككت الأرض دكّا» أي: جعلتها مستوية لا ارتفاع فيها، ولا انخفاض، ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى: {كَلََّا إِذََا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}
(سورة الفجر آية 21).
قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ: «جعله دكّا، أي مندكّا» اهـ.
وقرأ «حفص» موضع «الكهف» «دكاء» مثل قراءة «حمزة» ومن معه.
وقرأ الباقون الموضعين «دكّا» بحذف الهمزة، والمدّ، مع التنوين، وسبق توجيه هذه القراءة:
قال ابن الجزري:
رسالتي اجمع غيث كنز حجفا ...
المعنى: اختلف القراء في «رسالاتي» من قوله تعالى: {قََالَ يََا مُوسى ََ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النََّاسِ بِرِسََالََاتِي وَبِكَلََامِي} (سورة الأعراف آية 144).(2/248)
رسالتي اجمع غيث كنز حجفا ...
المعنى: اختلف القراء في «رسالاتي» من قوله تعالى: {قََالَ يََا مُوسى ََ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النََّاسِ بِرِسََالََاتِي وَبِكَلََامِي} (سورة الأعراف آية 144).
فقرأ المرموز له بالغين من «غيث» و «كنز» والحاء من «حجفا» وهم:
«رويس، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو» «برسلتي» بإثبات الألف التي بعد اللام، على الجمع. والمراد: أسفار التوراة.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وروح» «برسلتي» بحذف الألف التي بعد اللام، على التوحيد، والمراد بها المصدر، أي بإرسالي إياك.
قال ابن الجزري:
... والرّشد حرّك وافتح الضّمّ شفا
وآخر الكهف حما ...
المعنى: اختلف القراء في «الرشد» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لََا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} (سورة الأعراف آية 146). و «رشدا» من قوله تعالى:
{قََالَ لَهُ مُوسى ََ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (سورة الكهف آية 66).
أمّا موضع الأعراف فقرأه مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الرّشد» بفتح الراء، والشين.
وقرأه الباقون «الرّشد» بضم الراء، وسكون الشين. وهما لغتان في المصدر، نحو: «البخل، والبخل». والرشد: خلاف «الغيّ» ويستعمل استعمال الهداية. يقال: «رشد يرشد» نحو «نصر ينصر»، «ورشد يرشد» نحو: «علم يعلم». وقيل: «الرّشد بفتح الراء والشين، أخص من الرّشد» بضم الراء، وسكون الشين:
فالرّشد بضم الراء يقال في الأمور الدنيوية، والأخروية. وبفتح الراء يقال في الأمور الأخروية فقط (1).(2/249)
وقرأه الباقون «الرّشد» بضم الراء، وسكون الشين. وهما لغتان في المصدر، نحو: «البخل، والبخل». والرشد: خلاف «الغيّ» ويستعمل استعمال الهداية. يقال: «رشد يرشد» نحو «نصر ينصر»، «ورشد يرشد» نحو: «علم يعلم». وقيل: «الرّشد بفتح الراء والشين، أخص من الرّشد» بضم الراء، وسكون الشين:
فالرّشد بضم الراء يقال في الأمور الدنيوية، والأخروية. وبفتح الراء يقال في الأمور الأخروية فقط (1).
وأما موضع الكهف فقرأه مدلول «حما» وهما: «أبو عمرو، ويعقوب» «رشدا» بفتح الراء، والشين.
وقرأه الباقون «رشدا» بضم الراء، وإسكان الشين.
تنبيه: «رشدا» من قوله تعالى: {فَقََالُوا رَبَّنََا آتِنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} الموضع الأول في الكهف (آية 10). ومن قوله تعالى:
{وَقُلْ عَسى ََ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هََذََا رَشَداً} الموضع الثاني في الكهف (آية 24). اتفق القراء العشرة على قراءة هذين الموضعين «رشدا» بفتح الراء، والشين.
و «رشدا» من قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} (سورة النساء آية 6) اتفق القراء العشرة على قراءته بضم الراء، وإسكان الشين.
قال «ابن الجزري» ت 833هـ:
سئل «الإمام أبو عمرو بن العلاء» ت 154هـ عن ذلك أي عن هذا الخلاف فقال: «الرّشد» بالضم هو الصلاح، وبالفتح هو «العلم» وموسى عليه السلام إنما طلب من «الخضر» عليه السلام «العلم» وهذا في غاية الحسن، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} كيف أجمع على ضمه، وقوله: {وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} و {لِأَقْرَبَ مِنْ هََذََا رَشَداً} كيف أجمع على فتحه؟
ولكن جمهور أهل اللغة على أن الفتح، والضم في «الرشد» لغتان «كالبخل والبخل، والسّقم والسّقم، والحزن والحزن» فيحتمل عندي أن يكون الاتفاق على فتح الحرفين الأولين، لمناسبة رءوس الآي، وموازنتها لما قبل، ولما
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 196.(2/250)
بعد، نحو: «عجبا، وعددا، وأحدا» بخلاف الثالث فإنه وقع قبله «علما» وبعده «صبرا» فمن سكن فللمناسبة أيضا، ومن فتح فإلحاقا بالنظير، والله تعالى أعلم» اهـ (1).
قال ابن الجزري:
وخاطبوا ... يرحم ويغفر ربّنا الرّفع انصبوا
شفا ...
المعنى: اختلف القراء في «يرحمنا ربنا ويغفر لنا» من قوله تعالى: {قََالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنََا رَبُّنََا وَيَغْفِرْ لَنََا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخََاسِرِينَ} (سورة الأعراف آية 149).
فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ترحمنا ربّنا وتغفر لنا» بالتاء في الفعلين، على الخطاب لله عزّ وجلّ، وفيه معنى الاستغاثة، والتضرع، والابتهال في الدعاء. وبنصب باء «ربّنا» على النداء، وهو أبلغ في الدعاء، والخضوع.
وقرأ الباقون «يرحمنا ربّنا ويغفر لنا» بالباء في الفعلين، على الخبر عن غائب، وفيه معنى الإفراد بالعبودية. وبرفع باء «ربّنا» على أنه فاعل.
قال ابن الجزري:
وحليهم مع الفتح ظهر ... واكسر رضى
المعنى: اختلف القراء في «حليهم» من قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى ََ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوََارٌ} (سورة الأعراف آية 148).
فقرأ المرموز له بالظاء من «ظهر» وهو: «يعقوب» «حليهم» بفتح الحاء، وإسكان اللام، وكسر الياء مخففة، وهو إمّا مفرد أريد به الجمع، وإمّا اسم جمع مفرده «حلية» مثل: «قمح وقمحة».
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 2/ 165164.(2/251)
وقرأ مدلول «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» «حليّهم» بكسر الحاء، وتشديد الياء مكسورة، على أنه جمع «حليا» على «حلوى» على وزن «فعول، مثل: كعب وكعوب» ولما أرادوا إدغام الواو في الياء للتخفيف أبدلوا من ضمة اللام كسرة ليصح انقلاب الواو إلى الياء، وليصحّ الإدغام، ثم كسرت الحاء اتباعا لكسرة اللام، وليعمل اللسان عملا واحدا في الكسرتين، فأصبح الجمع «حليّ» ثم أضيف إلى الضمير فأصبح «حليّهم».
وقرأ الباقون «حليّهم» بضم الحاء، وكسر اللام، وكسر الياء مشددة، وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «حمزة، والكسائي» إلّا أن ضمة الحاء بقيت على أصلها. يقال: «حليت حليا» بسكون اللام: لبست الحلي، وجمعه «حليّ» بضم الحاء، والأصل «حلوى» على وزن «فعول» مثل: فلس، وفلوس».
والحلية: بكسر الحاء: الصفة، والجمع «حلى» مقصور، بضم الحاء وكسرها.
قال ابن الجزري:
... وأمّ ميمه كسر
كم صحبة معا ...
المعنى: اختلف القراء في «أمّ» من قوله تعالى: {قََالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي} (سورة الأعراف آية 150). و «يبنؤم» من قوله تعالى: {قََالَ يَا بْنَ أُمَّ لََا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلََا بِرَأْسِي} (سورة طه آية 94).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «صحبة» وهم: «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أمّ» في الموضعين بكسر الميم.
والأصل «أمّي» ثم حذفت الياء تخفيفا لدلالة الكسرة عليها.
وقرأ الباقون «أمّ» في الموضعين بفتح الميم، ووجه ذلك أن الاسمين:
«ابن، أمّ» جعلا اسما واحدا للتخفيف، بمنزلة «خمسة عشر» وحينئذ يكون مبنيا على فتح الجزءين مثل بناء «خمسة عشر».
وفي «أمّ» أربع لغات: «أمّ» بضم الهمزة، وكسرها، و «أمّة» بضم الهمزة، و «أمّهة» بضم الهمزة. وحينئذ يكون «الامّهات» و «الأمّات» لغتين ليست إحداهما أصلا للأخرى.(2/252)
«ابن، أمّ» جعلا اسما واحدا للتخفيف، بمنزلة «خمسة عشر» وحينئذ يكون مبنيا على فتح الجزءين مثل بناء «خمسة عشر».
وفي «أمّ» أربع لغات: «أمّ» بضم الهمزة، وكسرها، و «أمّة» بضم الهمزة، و «أمّهة» بضم الهمزة. وحينئذ يكون «الامّهات» و «الأمّات» لغتين ليست إحداهما أصلا للأخرى.
قال ابن الجزري:
وآصار اجمع ... واعكس خطيئات كما الكسر ارفع
عمّ ظبى وقل خطايا حصره ... مع نوح
المعنى: اختلف القراء في «إصرهم» من قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلََالَ الَّتِي كََانَتْ عَلَيْهِمْ} (سورة الأعراف آية 157).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كما» وهو: «ابن عامر» «ءاصارهم» بفتح الهمزة، ومدّها، وفتح الصاد، وإثبات ألف بعدها، بالجمع، على وزن «أعمالهم». و «الأصر» بفتح الهمزة: عقد الشيء، وحبسه لقهره. يقال: «أصرته فهو مأصور».
وقرأ الباقون «إصرهم» بكسر الهمزة من غير مدّ، وإسكان الصاد، وحذف الألف التي بعدها، على الإفراد، مثل: «إثمهم». والإصر: مصدر يدلّ على القليل والكثير من جنسه. والإصر بكسر الهمزة: العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الثواب، والخيرات. قال تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلى ََ ذََلِكُمْ إِصْرِي} (سورة آل عمران آية 81). وحينئذ يكون المعنى على هذه القراءة: «ويضع عنهم إصرهم» أي الأمور التي تثبطهم، وتقيدهم عن فعل الخيرات، وعن الوصول إلى الثواب.
واختلف القراء في «خطيئتكم» من قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبََابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئََاتِكُمْ} (سورة الأعراف آية 161) و «خطيئتهم» من قوله تعالى: {مِمََّا خَطِيئََاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نََاراً} (سورة نوح آية 25).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كما» وهو: «ابن عامر» «خطيئتكم» بالإفراد، ورفع التاء، نائب فاعل ل «تغفر».(2/253)
واختلف القراء في «خطيئتكم» من قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبََابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئََاتِكُمْ} (سورة الأعراف آية 161) و «خطيئتهم» من قوله تعالى: {مِمََّا خَطِيئََاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نََاراً} (سورة نوح آية 25).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كما» وهو: «ابن عامر» «خطيئتكم» بالإفراد، ورفع التاء، نائب فاعل ل «تغفر».
وقرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «خطيئتكم» بالجمع ورفع التاء، نائب فاعل ل «تغفر».
وقرأ المرموز له بالحاء من «حصره» وهو: «أبو عمرو» «خطيكم» جمع تكسير، على أنها مفعول به ل «نغفر».
وقرأ الباقون «خطيئتكم» جمع سلامة، ونصب التاء بالكسرة، على أنها مفعول به ل «نغفر».
أما موضع سورة نوح عليه السلام فقد قرأه المرموز له بالحاء من «حصره» وهو «أبو عمرو» «خطيهم» بفتح الخاء، والطاء، وألف بعدها، وبعد الألف ياء بعدها ألف مع ضم الهاء، جمع تكسير ل «خطيئة».
وقرأ الباقون «خطيئتهم» بكسر الطاء، وبعدها ياء ساكنة مدّيّة، وبعدها همزة مفتوحة ممدودة، وبعدها تاء مكسورة، مع كسر الهاء، جمع بالألف والتاء ل «خطيئة» أيضا.
قال ابن الجزري:
... وارفع نصب حفص معذرة
المعنى: اختلف القراء في «معذرة» من قوله تعالى: {قََالُوا مَعْذِرَةً إِلى ََ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (سورة الأعراف آية 164).
فقرأ «حفص» «معذرة» بنصب التاء، على المصدر.
وقرأ الباقون «معذرة» برفع التاء، على أنه خبر لمبتدإ محذوف دلّ عليه الكلام. والتقدير: موعظتنا معذرة. واعلم أنه يجوز حذف كلّ من المبتدإ والخبر إذا دلّ عليه دليل.
قال ابن مالك:(2/254)
وقرأ الباقون «معذرة» برفع التاء، على أنه خبر لمبتدإ محذوف دلّ عليه الكلام. والتقدير: موعظتنا معذرة. واعلم أنه يجوز حذف كلّ من المبتدإ والخبر إذا دلّ عليه دليل.
قال ابن مالك:
وحذف ما يعلم جائز كما ... تقول زيد بعد من عندكما
وفي جواب كيف زيد قل دنف ... فزيد استغني عنه إذ عرف
قال ابن الجزري:
بيس بياء لاح بالخلف مدا ... والهمز كم وبيئس خلف صدا
بئيس الغير ...
المعنى: اختلف القراء في «بئيس» من قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذََابٍ بَئِيسٍ بِمََا كََانُوا يَفْسُقُونَ} (سورة الأعراف آية 165).
فقرأ «نافع، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «بيس» بكسر الباء الموحدة، وبعدها ياء ساكنة من غير «همزة» وأصلها «بئس» على وزن «حذر» نقلت كسرة الهمزة إلى الباء، ثم أبدلت الهمزة ياء.
وقرأ «ابن ذكوان، وهشام في وجهه الثاني» «بئس» بكسر الباء الموحدة، وبعدها همزة ساكنة من غير ياء، وأصلها «بئس» على وزن «حذر» نقلت كسرة الهمزة إلى الباء فسكنت الهمزة.
وقرأ المرموز له بالصاد من «صدا» وهو: «شعبة» في أحد وجهيه «بيئس» بباء مفتوحة، ثم ياء ساكنة، ثم همزة مفتوحة من غير ياء، على وزن «ضيغم».
وقرأ الباقون «بئيس» بفتح الباء، وكسر الهمزة، وياء ساكنة مدّيّة، على وزن «رئيس» وهو الوجه الثاني ل «شعبة».
قال ابن الجزري:
وصف يمسك خف ...
المعنى: اختلف القراء في «يمسكون» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتََابِ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ} (سورة الأعراف آية 170).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» «يمسكون» بسكون الميم، وتخفيف السين، مضارع «أمسك» المزيد بالهمزة، ومنه قوله تعالى:(2/255)
المعنى: اختلف القراء في «يمسكون» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتََابِ وَأَقََامُوا الصَّلََاةَ} (سورة الأعراف آية 170).
فقرأ المرموز له بالصاد من «صف» وهو: «شعبة» «يمسكون» بسكون الميم، وتخفيف السين، مضارع «أمسك» المزيد بالهمزة، ومنه قوله تعالى:
{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} (سورة الأحزاب آية 37). وقوله تعالى: {وَلََا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرََاراً} (سورة البقرة آية 231).
وقرأ الباقون «يمسّكون» بفتح الميم، وتشديد السين، مضارع «مسّك» مضعف العين، بمعنى: «تمسّك»، فالتشديد فيه معنى التأكيد، والتكثير للتمسك بكتاب الله تعالى. يقال: «مسكت بالشيء مسكا» من باب «ضرب يضرب ضربا». و «تمسّكت» و «امتسكت» و «استمسكت» بمعنى: أخذت به، وتعلقت، واعتصمت. ويقال: «أمسكته» بيدي «إمساكا»: قبضته باليد (1).
قال ابن الجزري:
... ذريّة اقصر وافتح التاء دنف
كفى كثان الطّور ياسين لهم ... وابن العلا
المعنى: اختلف القراء في «ذريتهم» في ثلاثة مواضع:
الأول: قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (سورة الأعراف آية 172).
والثاني: قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنََّا حَمَلْنََا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}
(سورة يس آية 41).
والثالث: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمََانٍ} (سورة الطور آية 21).
فقرأ المرموز له بالتاء من «دنف» ومدلول «كفى» وهم: «ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ذرّيتهم» في المواضع الثلاثة بالإفراد. وحجّة ذلك أن «الذريّة» تدلّ على الواحد، والجمع. وقد أجمع القراء
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2/ 573.(2/256)
على القراءة بالإفراد في قوله تعالى: {أُولََئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} (سورة مريم آية 58) فلما صحّ وقوع لفظ «ذرّية» على أبناء آدم عليه السلام، استغني بذلك عن الجمع.
وقرأ «أبو عمرو بن العلاء» بالإفراد في موضع «يس» وبالجمع هنا، وفي سورة الطور.
وقرأ الباقون بالجمع في السور الثلاث. و «الذرّيّة» على وزن «فعليّة» بضم الفاء، وسكون العين، وكسر اللام مخففة، وتشديد الياء، من «الذرّ» وهو:
الصغار. وفيها ثلاث لغات: أفصحها ضم الذال، والثانية كسرها، والثالثة فتح الذال مع تخفيف الراء على وزن «كريمة». وتجمع «ذريّة» على «ذرّيات» وقد تجمع على «ذراري». وبعضهم يجعل «الذرّية» من «ذرأ» الله الخلق، وترك همزها للتخفيف، فوزنها «فعّيلة».
قال ابن الجزري:
... كلا يقول الغيب حم
المعنى: اختلف القراء في «تقولوا» في موضعين وهما في قوله تعالى:
1 {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيََامَةِ إِنََّا كُنََّا عَنْ هََذََا غََافِلِينَ} (سورة الأعراف آية 172).
2 {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمََا أَشْرَكَ آبََاؤُنََا مِنْ قَبْلُ} (سورة الأعراف آية 173).
فقرأ المرموز له بالحاء من «حم» وهو: «أبو عمرو» «أن يقولوا، أو يقولوا» بياء الغيب فيهما، جريا على نسق ما قبله وهو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} وبعده أيضا لفظ غيبة في قوله تعالى: {وَكُنََّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} فحمل على ما قبله، وما بعده من لفظ الغيبة.
وقرأ الباقون «أن تقولوا، أو تقولوا» بتاء الخطاب فيهما، جريا على لفظ الخطاب المتقدم في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} ويجوز أن يكون على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب
قال ابن الجزري:(2/257)
وقرأ الباقون «أن تقولوا، أو تقولوا» بتاء الخطاب فيهما، جريا على لفظ الخطاب المتقدم في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} ويجوز أن يكون على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب
قال ابن الجزري:
وضمّ يلحدون والكسر انفتح ... كفصّلت فشا وفي النّحل رجح
فتى ...
المعنى: اختلف القراء في «يلحدون» في ثلاثة مواضع: قوله تعالى:
1 {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمََائِهِ} (سورة الأعراف آية 180).
2 {لِسََانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} (سورة النحل آية 103).
3 {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيََاتِنََا لََا يَخْفَوْنَ عَلَيْنََا} (سورة فصلت آية 40).
فقرأ «حمزة» «يلحدون» في السور الثلاث بفتح الياء، والحاء، مضارع «لحد» الثلاثي.
وقرأ «الكسائي، وخلف العاشر» موضعي: «الأعراف وفصلت» «يلحدون» بضم الياء، وكسر الحاء، مضارع «ألحد» الرباعي. أمّا موضع «النحل» فقد قرءاه «يلحدون» بفتح الياء، والحاء، مضارع «لحد» الثلاثي.
وقرأ الباقون في السور الثلاث «يلحدون» بضم الياء، وكسر الحاء، مضارع «ألحد» الرباعي. و «لحد، وألحد» لغتان بمعنى واحد وهو: العدول عن الاستقامة، ومنه قيل: «اللحد» لأنه إذا حفر يمال به إلى جانب القبر. و «لحد» يجمع على «لحود» مثل: «فلس، وفلوس».
قال ابن الجزري:
يذرهم اجزموا شفا ويا ... كفى حما
المعنى: اختلف القراء في «ويذرهم» من قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَلََا هََادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيََانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (سورة الأعراف آية 186).
فقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويذرهم» بالياء على الغيب، وجزم الراء. وجه الغيبة جريا على لفظ الغيبة قبله في قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ}
{اللََّهُ} ووجه الجزم، عطفا على محلّ قوله تعالى: {فَلََا هََادِيَ لَهُ} لأنه في محلّ جزم جواب الشرط.(2/258)
فقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويذرهم» بالياء على الغيب، وجزم الراء. وجه الغيبة جريا على لفظ الغيبة قبله في قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ}
{اللََّهُ} ووجه الجزم، عطفا على محلّ قوله تعالى: {فَلََا هََادِيَ لَهُ} لأنه في محلّ جزم جواب الشرط.
يقال: فلان يذر الشيء: أي يقذفه لقلة اعتقاده به.
ويقال: «وذرته، أذره، وذرا»: تركته.
قالوا: وأماتت العرب ماضيه، ومصدره، فإذا أريد الماضي قيل: «ترك» وربما استعمل الماضي على قلّة، ولا يستعمل منه اسم فاعل (1).
وقرأ «أبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ويذرهم» بالياء على الغيب، ورفع الراء: وجه الغيبة جريا على نسق ما قبله، ووجه الرفع على الاستئناف.
وقرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «ونذرهم» بنون العظمة، ورفع الراء: وجه قراءة النون، عدول عن الغيبة إلى الإخبار، ووجه الرفع، على الاستئناف.
قال ابن الجزري:
... شركا مداه صليا
في شركاء ...
المعنى: اختلف القراء في «شركاء» من قوله تعالى: {فَلَمََّا آتََاهُمََا صََالِحاً جَعَلََا لَهُ شُرَكََاءَ فِيمََا آتََاهُمََا} (سورة الأعراف آية 190).
فقرأ مدلول «مدا» والمرموز له بالصاد من «صليا» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وشعبة» «شركا» بكسر الشين، وإسكان الراء، وتنوين الكاف، على وزن «فعلا». و «شركا» مصدر «شركته في الأمر أشركه» من باب «تعب يتعب» ثم خفّف المصدر بكسر الأوّل، وسكون الثاني.
قال «أبو منصور الأزهري محمد بن أحمد بن الأزهر» ت 370هـ:
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2/ 654.(2/259)
«الشرك» يكون بمعنى «الشريك» وبمعنى «النصيب»، وجمعه «أشراك» مثل: «شبر وأشبار» اهـ (1).
وقرأ الباقون «شركاء» بضم الشين، وفتح الراء، وبالمد والهمز، من غير تنوين، جمع «شريك».
قال ابن الجزري:
يتبعوا كالظّلّة ... بالخفّ والفتح اتل
المعنى: اختلف القراء في «لا يتبعوكم» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى ََ لََا يَتَّبِعُوكُمْ} (سورة الأعراف آية 193) و «يتّبعهم» من قوله تعالى:
{وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} (سورة الشعراء آية 224).
فقرأ المرموز له بالألف من «اتل» وهو: «نافع» «لا يتبعوكم»، و «يتبعهم» بإسكان التاء، وفتح الباء، على أنه مضارع «تبع» الثلاثي.
وقرأ الباقون بفتح التاء المشددة، وكسر الباء في الموضعين، مضارع «اتّبع». قال بعض أهل اللغة: «تبعه» مخففا: إذا مضى خلفه ولم يدركه، و «اتّبعه» مشددا: إذا مضى خلفه فأدركه» (2).
قال ابن الجزري:
... يبطش كلّه
بضمّ كسر ثق ...
المعنى: اختلف القراء في «يبطش» حيثما وقع في القرآن الكريم وهو في ثلاثة مواضع:
1 - قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهََا} (سورة الأعراف آية 195).
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 7/ 148.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1/ 486.(2/260)
2 - قوله تعالى: {فَلَمََّا أَنْ أَرََادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمََا} (سورة القصص آية 19).
3 - قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ََ} (سورة الدخان آية 16).
فقرأ المرموز له بالثاء من «ثق» وهو: «أبو جعفر» «يبطشون، يبطش نبطش» بضم الطاء في الألفاظ الثلاثة، مضارع «بطش يبطش» نحو: «خرج يخرج».
وقرأ الباقون الألفاظ الثلاثة بكسر الطاء، مضارع «بطش يبطش» نحو:
«ضرب يضرب». والبطش: الأخذ بعنف.
قال ابن الجزري:
وليّي احذف ... بالخلف وافتحه أو اكسره يفي
المعنى: اختلف القراء في «وليّي» من قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللََّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتََابَ} (سورة الأعراف آية 197).
فقرأ المرموز له بالياء من «يفي» وهو «السوسي» في أحد وجهيه «وليّ» بياء واحدة مشددة، وحذف الياء الأخرى، ثم له بعد ذلك فتح الياء المشددة، وكسرها، وعلى الفتح يفخّم «الله» وعلى الكسر يرقّق.
وقرأ الباقون «وليّي» بياءين: الأولى مشدّدة مكسورة والثانية مخففة مفتوحة، وهو الوجه الثاني «للسوسي».
قال ابن الجزري:
وطائف طيف رعى حقّا ...
المعنى: اختلف القراء في «طئف» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذََا مَسَّهُمْ طََائِفٌ مِنَ الشَّيْطََانِ تَذَكَّرُوا فَإِذََا هُمْ مُبْصِرُونَ} (سورة الأعراف آية 201).
فقرأ المرموز له بالراء من «رعى» و «حقّا» وهم: «الكسائي، وابن كثير،
وأبو عمرو، ويعقوب» «طيف» بحذف الألف، وإثبات ياء ساكنة مكان الهمزة، على وزن «ضيف» مصدر «طاف يطيف طيفا» مثل: «كال يكيل كيلا».(2/261)
فقرأ المرموز له بالراء من «رعى» و «حقّا» وهم: «الكسائي، وابن كثير،
وأبو عمرو، ويعقوب» «طيف» بحذف الألف، وإثبات ياء ساكنة مكان الهمزة، على وزن «ضيف» مصدر «طاف يطيف طيفا» مثل: «كال يكيل كيلا».
وقرأ الباقون «طائف» بألف بعد الطاء، وهمزة مكسورة من غير ياء، اسم فاعل من «طاف يطوف فهو طائف» نحو: «قال يقول فهو قائل».
جاء في المصباح المنير: «طاف بالشيء يطوف طوفا وطوافا»: استدار به، و «طاف يطيف» من باب «باع يبيع» و «أطافه» بالألف و «استطاف به» كذلك و «أطاف بالشيء: أحاط به» اهـ (1).
وقيل: الطائف: ما طاف به وسوسة الشيطان، والطيف: من اللمم والمسّ الجنون. (2).
قال ابن الجزري:
وضم ... واكسر يمدّون لضمّ ثدي أم
المعنى: اختلف القراء في «يمدونهم» من قوله تعالى: {وَإِخْوََانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لََا يُقْصِرُونَ} (سورة الأعراف آية 202).
فقرأ المرموز له بالثاء من «ثدي» والألف من «أم» وهما: «أبو جعفر، ونافع» «يمدّونهم» بضم الياء، وكسر الميم، مضارع «أمدّ يمدّ» المزيد بالهمزة.
وقرأ الباقون «يمدّونهم» بفتح الياء، وضم الميم، مضارع «مدّ يمدّ» مضعف الثلاثي، و «مدّ، وأمدّ» لغتان، ويستعملان لازمين ومتعدّيين.
(والله أعلم) تمّت سورة الأعراف ولله الحمد والشكر
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2/ 380.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1/ 487.(2/262)
سورة الأنفال
قال ابن الجزري:
ومرد في افتح داله مدّا ظمي ...
المعنى: اختلف القراء في «مردفين» من قوله تعالى: {فَاسْتَجََابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (سورة الأنفال آية 9).
فقرأ مدلول «مدّا» والمرموز له بالظاء من «ظمي» وهم: «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «مردفين» بفتح الدال، اسم مفعول.
قال «أبو عبيد القاسم بن سلّام» ت 224هـ: «تأويله أن الله تبارك وتعالى أردف المسلمين بالملائكة» اه.
وقرأ الباقون «مردفين» بكسر الدال، اسم فاعل.
قال «أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 154هـ: أي أردف بعضهم بعضا، فالإرداف أن يحمل الرجل صاحبه خلفه، تقول: «ردفت الرجل» أي ركبت خلفه، وأردفته: إذا أركبته خلفي» اهـ.
وجمع «الرديف، ردافى» مثل: «حبارى» على غير قياس.
قال ابن الجزري:
... رفع النّعاس حبر يغشي فاضمم
واكسر لباق ...
المعنى: اختلف القراء في «يغشيكم النعاس» من قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعََاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (سورة الأنفال آية 11).
فقرأ مدلول «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «يغشاكم» بفتح الياء، وسكون الغين، وفتح الشين، وألف بعدها، مضارع «غشي يغشى» مثل:(2/263)
المعنى: اختلف القراء في «يغشيكم النعاس» من قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعََاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (سورة الأنفال آية 11).
فقرأ مدلول «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «يغشاكم» بفتح الياء، وسكون الغين، وفتح الشين، وألف بعدها، مضارع «غشي يغشى» مثل:
«رضي يرضى» وقرآ «النعاس» بالرفع فاعل «يغشاكم».
وقرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» ومدلول «كنز» وهم: «يعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يغشّيكم» بضم الياء، وفتح الغين، وكسر الشين مشددة، وياء بعدها، مضارع «غشّى يغشّي» مضعف العين، وقرءوا «النعاس» بالنصب، مفعول به، والفاعل ضمير مستتر يعود على الله تعالى.
وقرأ الباقون وهما: «نافع، وأبو جعفر» «يغشيكم» بضم الياء، وسكون الغين، وكسر الشين مخففة، وياء بعدها، مضارع «أغشى يغشي» نحو: «أهدى يهدي». وقرآ «النعاس» بالنصب مفعولا به، والفاعل ضمير مستتر يعود على الله تعالى.
واعلم أن التخفيف والتشديد في «يغشي» لغتان بمعنى، فمن التخفيف قوله تعالى: {فَأَغْشَيْنََاهُمْ فَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ} (سورة يس آية 9). ومن التشديد قوله تعالى {فَغَشََّاهََا مََا غَشََّى} (سورة النجم آية 54).
قال ابن الجزري:
واشددن مع موهن ... خفّف ظبى كنز ولا ينوّن
مع خفض كيد عد ...
المعنى: اختلف القراء في «موهن كيد» من قوله تعالى: {ذََلِكُمْ وَأَنَّ اللََّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكََافِرِينَ} (سورة الأنفال آية 18).
فقرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» ومدلول «كنز» عدا «حفص» وهم:
«يعقوب، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء، والتنوين، اسم فاعل من «أوهن يوهن فهو موهن» مثل: «أيقن يوقن فهو موقن» وقرءوا «كيد» بالنصب، مفعول به.
واعلم أن التنوين في «موهن» على الأصل في اسم الفاعل، إذا أريد به الحال، أو الاستقبال.(2/264)
«يعقوب، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء، والتنوين، اسم فاعل من «أوهن يوهن فهو موهن» مثل: «أيقن يوقن فهو موقن» وقرءوا «كيد» بالنصب، مفعول به.
واعلم أن التنوين في «موهن» على الأصل في اسم الفاعل، إذا أريد به الحال، أو الاستقبال.
وقرأ المرموز له بالعين من «عد» وهو: «حفص» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء من غير تنوين، اسم فاعل من «أوهن» الرباعي، وحذف التنوين لإضافة «موهن» إلى «كيد» لأن «حفصا» يقرأ «كيد» بالخفض على الإضافة.
وقد جاء القرآن في غير هذا الموضع بحذف التنوين من اسم الفاعل مع الإضافة، مثال ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ بََالِغُ أَمْرِهِ} (سورة الطلاق آية 3).
وقرأ الباقون «موهّن كيد» بفتح الواو، وتشديد الهاء، والتنوين، اسم فاعل من «وهّن» مضعّف العين، مثل: «قتّل يقتّل فهو مقتّل» و «كيد» بالنصب مفعول به.
قال ابن الجزري:
وبعد افتح وأن ... عمّ علا
المعنى: اختلف القراء في «وأنّ الله» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأنفال آية 19).
فقرأ مدلول «عمّ» والمرموز له بالعين من «علا» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وحفص» «وأنّ» بفتح الهمزة، على تقدير اللام، أي ولأنّ، فلما حذفت اللام جعلت «أنّ» مفتوحة الهمزة، وهذه القراءة متناسقة مع قوله تعالى قبل: {وَأَنَّ اللََّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكََافِرِينَ} (آية 18).
وقرأ الباقون «وإنّ» بكسر الهمزة على الاستئناف، وفيه معنى التوكيد لنصر الله للمؤمنين، لأنّ «إنّ» إنما تكسر في الابتداء لتوكيد ما بعدها من الخبر.
قال ابن الجزري:
... ويعملوا الخطاب غن
المعنى: اختلف القراء في «يعملون» من قوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة الأنفال آية 39).(2/265)
ويعملوا الخطاب غن
المعنى: اختلف القراء في «يعملون» من قوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة الأنفال آية 39).
فقرأ المرموز له بالغين من «غن» وهو: «رويس» «تعملون» بتاء الخطاب، للتناسب مع قوله تعالى في صدر الآية: {وَقََاتِلُوهُمْ حَتََّى لََا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ومع قوله تعالى بعد: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ مَوْلََاكُمْ} (آية 40). أو يكون الخطاب على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
وقرأ الباقون «يعملون» بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {فَإِنِ انْتَهَوْا}.
قال ابن الجزري:
بالعدوة اكسر ضمّه حقّا معا ...
المعنى: اختلف القراء في «بالعدوة» معا من قوله تعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيََا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى ََ} (سورة الأنفال آية 42).
فقرأ مدلول «حقّا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «بالعدوة» معا بكسر العين.
وقرأ الباقون بضم العين فيهما، والكسر، والضمّ لغتان: فالكسر لغة «قيس» والضم لغة «قريش» وعدوة الوادي: جانبه.
قال ابن الجزري:
... وحيي اكسر مظهرا صفا زغا
خلف ثوى إذ هب ...
المعنى: اختلف القراء في «حيّ» من قوله تعالى: {وَيَحْيى ََ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (سورة الأنفال آية 42).
فقرأ مدلول «صفا» والمرموز له بالزاي من «زعا» بخلف عنه، ومدلول «ثوى» والمرموز له بالألف من «إذ» والهاء من «هب» وهم: «شعبة وخلف العاشر، وأبو جعفر، ويعقوب، ونافع، والبزّي، وقنبل» بخلف عنه «حيي» بكسر الياء الأولى مع فكّ الإدغام، وفتح الياء الثانية. ووجه ذلك أن الفعل جاء على أصله.(2/266)
المعنى: اختلف القراء في «حيّ» من قوله تعالى: {وَيَحْيى ََ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (سورة الأنفال آية 42).
فقرأ مدلول «صفا» والمرموز له بالزاي من «زعا» بخلف عنه، ومدلول «ثوى» والمرموز له بالألف من «إذ» والهاء من «هب» وهم: «شعبة وخلف العاشر، وأبو جعفر، ويعقوب، ونافع، والبزّي، وقنبل» بخلف عنه «حيي» بكسر الياء الأولى مع فكّ الإدغام، وفتح الياء الثانية. ووجه ذلك أن الفعل جاء على أصله.
وقرأ الباقون «حيّ» بياء واحدة مشدّدة، وهو الوجه الثاني «لقنبل» مثل:
عيّ»، وذلك على أن أصلها «حيي» فأدغمت الياء الأولى في الثانية بعد تسكينها. قال «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170هـ:
«يجوز الإدغام، والإظهار، إذا كانت الحركة في الثاني لازمة.
وقال «ابن مالك» ت 672هـ في ألفيته:
وحيي افكك وادغم دون حذر ... كذاك نحو تتجلّى واستتر
قال ابن الجزري:
ويحسبنّ في ... عن كم ثنا والنّور فاشية كفي
وفيهما خلاف إدريس اتّضح ...
المعنى: اختلف القراء في «ولا يحسبن» من قوله تعالى: {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا} (سورة الأنفال آية 59) و «لا تحسبن» من قوله تعالى: {لََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} (سورة النور آية 57).
أمّا موضع الأنفال فقد قرأه المرموز له بالفاء من «في» والعين من «عن» والكاف من «كم» والثاء من «ثنا» وهم: «حمزة، وحفص، وابن عامر، وأبو جعفر، وإدريس» بخلف عنه «ولا يحسبن» بياء الغيبة، و «الذين كفروا» فاعل، والمفعول الأوّل محذوف، والتقدير: «أنفسهم». و «سبقوا» في محلّ نصب مفعول ثان، مع تقدير «أن» قبل «سبقوا» وحينئذ يكن المعنى: ولا يحسبنّ الكفّار أنفسهم سابقين، ويجوز أن تضمر «أن» مع «سبقوا» فتسدّ مسدّ المفعولين، كما
في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} (سورة العنكبوت آية 2) فقد سدّت «أن» ومدخولها مسدّ مفعولي «حسب».(2/267)
أمّا موضع الأنفال فقد قرأه المرموز له بالفاء من «في» والعين من «عن» والكاف من «كم» والثاء من «ثنا» وهم: «حمزة، وحفص، وابن عامر، وأبو جعفر، وإدريس» بخلف عنه «ولا يحسبن» بياء الغيبة، و «الذين كفروا» فاعل، والمفعول الأوّل محذوف، والتقدير: «أنفسهم». و «سبقوا» في محلّ نصب مفعول ثان، مع تقدير «أن» قبل «سبقوا» وحينئذ يكن المعنى: ولا يحسبنّ الكفّار أنفسهم سابقين، ويجوز أن تضمر «أن» مع «سبقوا» فتسدّ مسدّ المفعولين، كما
في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} (سورة العنكبوت آية 2) فقد سدّت «أن» ومدخولها مسدّ مفعولي «حسب».
وقرأ الباقون «ولا تحسبن» بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى قبل: {الَّذِينَ عََاهَدْتَ مِنْهُمْ} (آية 56)، و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «سبقوا» مفعول ثان، وهذه القراءة هي الوجه الثاني «لإدريس». وحينئذ يكون المعنى: «ولا تحسبن يا محمد الكفار سابقين».
أما موضع «النور» فقد قرأه المرموز له بالفاء من «فاشية» والكاف من «كفى» وهم: «حمزة، وابن عامر، وإدريس» بخلف عنه «لا يحسبن» بياء الغيبة، والفاعل مقدّر مفهوم من المقام تقديره: «لا يحسبنّ حاسب، أو أحد» و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «معجزين» مفعول ثان. والمعنى: لا يحسبن حاسب، أو أحد، الذين كفروا معجزين في الأرض، بأن يفوتونا.
وقرأ الباقون، وإدريس، في وجهه الثاني «لا تحسبنّ» بتاء الخطاب، والفاعل مفهوم من المقام وهو المخاطب، و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «معجزين» مفعول ثان. والمعنى: لا تحسبنّ يا مخاطب الذين كفروا معجزين في الأرض بأن يفوتونا.
وقرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر» بفتح السين فيهما. وقرأ الباقون بكسر السين فيهما، وهما لغتان.
قال ابن الجزري:
... ويتوفّى أنّث انّهم فتح
كفل ...
المعنى: اختلف القراء في «يتوفى» من قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى ََ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلََائِكَةُ} (سورة الأنفال آية 50) و «إنّهم» من قوله تعالى: {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لََا يُعْجِزُونَ} (سورة الأنفال آية 59).
أمّا «يتوفى» فقد قرأ المرموز له بالكاف من «كفل» وهو: «ابن عامر»
«تتوفى» بالتاء على التأنيث، لأن لفظ «الملائكة» مؤنث، والمراد به جماعة الملائكة، ومنه قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (سورة آل عمران آية 39).(2/268)