عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون في العلم مهيب، منظور، فصيح، حسن الطريقة، كبير الوزن (1).
وقال «الحافظ الذهبي»: قرأت على «إسحاق بن أبي بكر الأسدي»، أخبرنا، يوسف بن خليل، أخبرنا خليل بن أبي رجاء، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقّاق، قال:
«ورد علينا الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن أحمد الرازي، وكان من الأئمة الثقات، ذكره يملأ الفم، ويذرف العين، وكان رجلا مهيبا، مديد القامة، وليّا من أولياء الله تعالى، صاحب كرامات، طوّف الدنيا مستفيدا ومفيدا» (2).
أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءات عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحماميّ»، شيخ العراق، ومسند الآفاق، ثقة بارع، قال عنه «الخطيب البغدادي»:
«كان صدوقا ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها» (3).
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش» وغيره، وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن اللحياني» وغيره.
توفي «أبو الحسن الحمامي» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في التسعين من عمره.
ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن
__________
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 418.
(2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 419.
(3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.(2/319)
عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني» وهو مقرئ استاذ حاذق ثقة، ألّف في القراءة كتبا، وعمّر دهرا، واشتهر ذكره.
أخذ القراءات عرضا عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي ابن أبي بلال، وأبي بكر النقاش».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي».
توفي «أبو الفرج النهرواني» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي»، الواعظ، وهو شيخ ماهر ثقة، مشهور بالتقوى والصلاح.
أخذ «بكر بن شاذان» القراءة على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم بن علوان» ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو عليّ الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي». توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «عبيد الله بن محمد بن أحمد بن مهران أبو أحمد الفرضي البغدادي»، وهو إمام كبير ثقة، ورع.
قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه، قال: لم أر في الشيوخ مثل «أبي أحمد» اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع
ذلك أورع الخلق، وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه، لم أر مثله (1).(2/320)
قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه، قال: لم أر في الشيوخ مثل «أبي أحمد» اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع
ذلك أورع الخلق، وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه، لم أر مثله (1).
وقال عنه «عيسى بن أحمد الهمذاني»: كان أبو أحمد الفرضي إذا جاء إلى الشيخ «أبي حامد الأسفراييني» قام «أبو حامد» من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا متلقيا (2).
توفي «أبو أحمد الفرضي» في شوال سنة ست وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة.
ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام ضابط متقن محرّر مقرئ ثقة زاهد، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، أخذ القراءة عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:
«أبو الحسن بن الأخرم» وهو آخر أصحابه.
ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين اخذوا عنه القراءة: «عليّ بن الحسن الرّبعي، وأحمد ابن محمد القنطري».
ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «أحمد بن علي أبو نصر السمناني»، وهو مقرئ مشهور ثقة متصدر «بالريّ». روى القراءة عرضا عن «أحمد بن عباس ابن الإمام» وروى القراءة عنه عدد كبير وفي مقدمتهم: «أبو الفضل الرّازي».
وكما أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءة عن خيرة العلماء ومشاهيرهم، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:
«أبو مسلم الكاتب، وعبد الوهاب الكلابي».
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.(2/321)
وبعد أن اكتملت شخصية «أبي الفضل الرازي» وبرزت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة والضبط، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه، وكثر تلاميذه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «يوسف بن عليّ بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري»، الأستاذ الكبير والعلم الشهير الرحّال الجوّال.
ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وطاف البلاد في طلب القراءات قال «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة يمينا وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، قال: وألفت هذا الكتاب أي الكامل فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز، والهادي (1).
قال «الأمير ابن ماكولا»: كان «أبو القاسم الهذلي» يدرّس علم النحو، ويفهم الكلام وكان قد قرره الوزير «نظام الدين» في مدرسته بنيسابور، فقعد سنين وأفاد، وكان مقدّما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ عنه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، والقراءات، ويستفيد منه، وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه «الكامل» وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا، منهم: «إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن الخطيب».
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الهذلي» تصدّر لتعليم القرآن وكما
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.(2/322)
كثر عدد شيوخه كثر أيضا عدد طلابه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو العز القلانسي، وعليّ بن عساكر».
توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «الحسن بن أحمد بن الحسن أبو علي الحدّاد»، شيخ أصبهان وكان عالي الإسناد، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان ثقة، صالحا، جليل القدرة، روى حروف القراءات عن «عبد الملك بن الخير العطّار» وسمع سبعة «ابن مجاهد» من «أحمد بن محمد ابن يوسف».
توفي «الحسن بن أحمد» في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة عن سبع وتسعين سنة.
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل، وأبو الفتح السرّاج المعروف بالإخشيد، الإمام الحافظ، الثقة، الضابط.
روى حروف القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني». وروى عنه القراءة «الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني».
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن جعفر أبو عبد الله البيضاوي»، وهو مقرئ ثقة، ضابط متصدّر، أخذ القراءة عرضا عن الإمام «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي»، وقرأ عليه «أبو سعيد الحسن بن محمد اليزدي» بالبيضاء من عمل شيراز.
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن سعدويه المزكي الأصبهاني»، شيخ القراءات وهو من الثقات المجوّدين
والحفاظ المشهورين، روى القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي».(2/323)
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن سعدويه المزكي الأصبهاني»، شيخ القراءات وهو من الثقات المجوّدين
والحفاظ المشهورين، روى القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءات: «أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني».
ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن سالبة بن عليّ بن حمويه أبو عبد الله الشيرازي»، وهو إمام مقرئ متصدّر ثقة، صالح، أخذ القراءة عن: «الإمام أبي الفضل الرازي» وقرأ عليه «الحسن بن محمد اليزدي».
وكما تصدّر «أبو الفضل الرّازي» لتعليم القرآن، تصدّر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن تلاميذه في الحديث: «الحسين بن عبد الملك الخلّال، وأبو سهل بن سعدويه».
وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/324)
وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 86 «أبو الفوارس» (1)
هو: محمد بن العباس، أبو الفوارس الأواني، الصريفيني، وهو شيخ ثقة، ضابط عدل.
أخذ القراءة عن «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي» ت سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
وجلس «أبو الفوارس» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد الحسين بن بندار، أبو العز الواسطي القلانسي، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف، ألّف كتاب «الإرشاد» في القراءات العشر، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من كتاب «الإرشاد».
قال «السّلفي»: سألت «خميسا الحوزي» عن «أبي العزّ» فقال: هو أوحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن، برع في القراءات، وسمع من جماعة، وهو جيّد النقل، ذو فهم فيما يقوله. اه.
ولد «أبو العزّ القلانسي» سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل»، ودخل بغداد فقرأ بها «لعاصم» على «محمد بن العباس الأواني»، وسمع من «أبي جعفر بن المسلمة».
ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار، ومن الذين قرءوا عليه «أبو الفتح بن زريق الحدّاد».
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 357. طبقات القراء ج 2، ص 158ورقم الترجمة 3090.(2/325)
قال «ابن الجوزي»: مات «أبو العز القلانسي» في شوال سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/326)
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 87 «أبو القاسم الحسيني» (1) ت 433هـ
هو: علي بن محمد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني الحراني الحنبلي، شيخ معمّر مقرئ صالح ثقة.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
تلقى «أبو القاسم الحسيني» القراءات على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:
«محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش» نزيل بغداد، الإمام العلم، مؤلف كتاب «شفاء الصدور» وقد عني بالقراءات من صغره، وطاف الأمصار، وتجوّل في البلدان، وكتب الحديث وقيّد السنن، وصنف المصنفات في القراءات، والتفسير، وغير ذلك، وطلت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه، وصدق لهجته، وبراعة فهمه، وحسن اطلاعه، واتساع معرفته، قال عنه «الخطيب البغدادي»: «كان عالما بالحروف، حافظا للتفسير، سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بمصر والشام والجزيرة والجبال وخراسان وما وراء النهر» اه.
وقال عنه «الإمام الداني»: النقاش جائز القول، مقبول الشهادة، سمعت «عبد العزيز بن جعفر» يقول: كان النقاش يقصد في قراءة «ابن كثير، وابن عامر» لعلوّ إسناده فيهما، وكان له بيت مليء كتبا، وكان «أبو الحسن الداراني» يستملي له، وينتقي للناس من حديثه. اه، ت 351هـ.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
القراء الكبار ج 1ص 393. طبقات القراء ج 1، ص 572. شذرات الذهب ج 3، ص 351.(2/327)
تصدّر «أبو القاسم الحسيني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والحفظ، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة، أبو القاسم الهذلي اليشكري» الأستاذ الكبير الرحال، والعلم الشهير الجوّال، طاف البلاد في طلب القراءات، يقول «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال الهذلي في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا وشمالا وجبلا وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، ثم قال: وألفت هذا الكتاب أي الكامل فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي».
وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد، وكان مقدما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ منه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو والقراءات، ويستفيد منه. ت 465هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان الشافعي، شيخ أهل مكة، إمام عارف محقق أستاذ ثقة، صالح، ألف كتاب «التلخيص في القراءات الثمان»، وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب «الدرر» في التفسير، وكتاب «الرشاد» في شرح القراءات الشاذة، وكتاب «عنوان المسائل» وكتاب «طبقات القراء» وكتاب «العدد» ت 478هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: أحمد بن الفتح بن عبد الجبار، أبو العباس الموصلي، نزيل نهر الملك ت 484هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهراس، شيخ العراق، والجوّال في الأوقاف، ثم أقام بمصر، فرحل الناس إليه من كل ناحية، قال «هبة الله بن المبارك السقطي»: كنت أحد من رحل إلى «أبي عليّ» فألفيت شيخا عالما صدوقا متيقظا نبيلا، وقورا. اه.(2/328)
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: أحمد بن الفتح بن عبد الجبار، أبو العباس الموصلي، نزيل نهر الملك ت 484هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهراس، شيخ العراق، والجوّال في الأوقاف، ثم أقام بمصر، فرحل الناس إليه من كل ناحية، قال «هبة الله بن المبارك السقطي»: كنت أحد من رحل إلى «أبي عليّ» فألفيت شيخا عالما صدوقا متيقظا نبيلا، وقورا. اه.
وقد جمع ما في الكفاية، والإرشاد من تلاوة القلانسي عليه. احتلّ «أبو القاسم الحسيني» مكانة عظيمة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «أبو القاسم» صالحا كبير القدر.
وقال «الإمام أبو عمرو الداني»: هو آخر من قرأ على النقاش، وكان ضابطا ثقة، مشهورا، أقرأ بحران دهرا طويلا. اه.
توفي «أبو القاسم الحسيني» في العشرين من شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/329)
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 88 «قاسم بن قطلوبغا» (1) ت 879هـ
هو: قاسم بن قطلوبغا زين الدين أبو العدل السودوني، نسبة لمن أعتق أباه «سودون الشيخوني» نائب السلطنة الجمال الحنفي، ويعرف بقاسم الحنفي.
وهو من حفاظ القرآن، ومن العلماء العاملين، والمؤلفين.
ولد في المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة، ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيما، وحفظ القرآن، وكتبا أخرى، عرض بعضها على «العزّ بن جماعة» وتكسب بالخياطة وقتا وبرع فيها، ثم أقبل على الاشتغال بالعلم على مشاهير العلماء: فسمع تجويد القرآن على «الزراتيتي» وبعض التفسير على «العلاء البخاري» وأخذ علوم الحديث عن «التاج أحمد الفرغاني» قاضي بغداد، والفقه عن عدد من العلماء منهم «السراج قاري» و «العز بن جماعة» وأصول الفقه عن «الشريف السبكي» وأصول الدين عن «البساطي» والعربية عن «المجد» والصرف عن «البساطي».
وقرأ غالب الفنون، واشتدت عنايته بملازمة «ابن الهمّام» بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ في هذه الفنون وغيرها، وذلك من سنة خمس وعشرين وثمانمائة حتى توفاه الله تعالى، وكان معظم انتفاعه به. وارتحل «قاسم بن قطلوبغا» إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها: فارتحل إلى «الشام» مع شيخه «التاج النعماني» ودخل «الاسكندرية» وقرأ بها على «الكمال بن خير» وغيره.
وحج غير مرّة، وزار بيت المقدس، وقال: إنه شملته الإجازة من أهل
__________
(1) انظر ترجمته في:
الضوء اللامع ج 6، ص 184ورقم الترجمة 635. البدر الطالع ج 2، ص 45ورقم الترجمة 369.(2/330)
الشام، والاسكندرية.
احتل «قاسم بن قطلوبغا» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»: «ونظر في كتب الأدب ودواوين الشعر فحفظ منها شيئا كثيرا، وعرف بقوة الحافظة والذكاء، وأشير إليه بالعلم، وأذن له غير واحد بالافتاء والتدريس، ووصفه «ابن الديري» بالشيخ العالم الذكيّ، وشيخنا بالإمام العلامة المحدث، الفقيه الحافظ».
ثم يمضي «السخاوي» في الثناء عليه فيقول: «وتصدى للتدريس والإفتاء، قديما، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، واسمع من لفظه جامع مسانيد أبي حنيفة، المشار إليه بمجلس «الناصر بن الظاهر جقمق» بروايته له عن «التاج النعماني».
وقال «السخاوي»: وترجمه الزين رضوان في بعض مجاميعه بقوله: «هو من حذّاق الحنفية، كتب الفوائد واستفادوا وأفاد» (1).
وقال «الإمام الشوكاني»: وحفظ القرآن، وكتبا عرض بعضها على «العز ابن جماعة» ثم أقبل على الاشتغال على جماعة من علماء عصره، كالعلاء البخاري، وابن الهمّام، وقرأ في غالب الفنون، وتصدر للتدريس، والإفتاء، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، وصار المشار إليه، في الحنفية، ولم يخلّف بعده مثله، وله مؤلفات منها:
«شرح منظومة ابن الجزري» في مجلدين، وحاشية شرح الألفية للعراقي وشرح النخبة لابن حجر، وخرّج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي وكذلك خرّج أحاديث البزدوي في أصول الفقه، وخرج أحاديث تفسير أبي الليث، والأربعين في اصول الدين، وجواهر القرآن، وبداية الهداية وإتحاف
__________
(1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 185.(2/331)
الأحياء بما فات من تخريج أحاديث الإحياء، ومنية الألمعي بما فات الزيلعي، وبغية الرائد في تخريج أحاديث شرح العقائد، ونزهة الرائض في أدلة الفرائض، ورتب مسند أبي حنيفة لابن المقري، والأمالي على مسند أبي حنيفة في مجلدين، والموطأ برواية «محمد بن الحسن»، ومسند «عقبة بن عامر» الصحابي، وعوالي كل من أبي الليث والطحاوي، وأسئلة الحاكم للدارقطني، وسنن الدارقطني على الستة، والثقات ممن لم يقع في الكتب الستة في أربعة مجلدات، وتقويم اللسان في الضعفاء في مجلدين، وحاشية على كل من المشتبه والتقريب لابن حجر، والأجوبة على اعتراض ابن أبي شيبة على «أبي حنيفة» في الحديث، وكتاب ترجم فيه لمن صنف من الحنفية، وسمّاه «تاج التراجم» ومعجم شيوخه.
وشرح كتبا من كتب فقه الحنفية كالقدوري، ومختصر المنار، ودرر البحار في المذاهب الأربعة، وأجوبة على اعتراضات «العز بن جماعة» على أصول الحنفية، ومختصر تلخيص المفتاح، وله مصنفات غير هذه، وقد برع في عدة فنون».
وقال «شمس الدين السخاوي»: هو إمام علّامة قويّ المشاركة في فنون، ذاكر لكثير من الأدب، ومتعلقاته، واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه، وخباياه، متقدم في هذا الفنّ طلق اللسان، قادر على المناظرة، وإفحام الخصم، وحافظته أحسن من تحقيقه، وكلامه أفصح من قلمه، مع كونه غاية في التواضع، وطرح التكلف، وصفاء الخاطر، وحسن المحاضرة لا سيّما في الأشياء التي يحفظها، وعدم اليبس والصلابة، والرغبة في المذاكرة للعلم، وإثارة الفائدة والاقتباس ممن دونه مما لعله لم يكن أتقنه، وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن، وقصد بالفتاوى في النوازل والمهمات، فغلبوا باعتنائه بهم مقاصدهم غالبا، واشتهر بذلك، ولم يجد مع انتشار ذكره وظيفة تناسبه، ثم استقر في تدريس الحديث، بقبّة «البيبرسيّة» عقب «ابن
حسان» ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا، وقرره «جانبك الجدّاوي» في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة، ثم صرفه وقرّر فيها غيره، ولكنه كان قبل ذلك ربما تفقده الأعيان، والأمراء ونحوهم فيسارع إلى إنفاق ما يأخذه منهم ثم يعود إلى حالته مع كثرة عياله. ولما استقر رفيقه «السيف الحنفي» في مشيخة المؤيديّة، عرض عليه السكنى بقاعتها لعلمه بضيق منزله، أو تكلفه الصعود إليه لكونه بالدور الأعلى من ربع «الخوندار» فما وافق.(2/332)
وقال «شمس الدين السخاوي»: هو إمام علّامة قويّ المشاركة في فنون، ذاكر لكثير من الأدب، ومتعلقاته، واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه، وخباياه، متقدم في هذا الفنّ طلق اللسان، قادر على المناظرة، وإفحام الخصم، وحافظته أحسن من تحقيقه، وكلامه أفصح من قلمه، مع كونه غاية في التواضع، وطرح التكلف، وصفاء الخاطر، وحسن المحاضرة لا سيّما في الأشياء التي يحفظها، وعدم اليبس والصلابة، والرغبة في المذاكرة للعلم، وإثارة الفائدة والاقتباس ممن دونه مما لعله لم يكن أتقنه، وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن، وقصد بالفتاوى في النوازل والمهمات، فغلبوا باعتنائه بهم مقاصدهم غالبا، واشتهر بذلك، ولم يجد مع انتشار ذكره وظيفة تناسبه، ثم استقر في تدريس الحديث، بقبّة «البيبرسيّة» عقب «ابن
حسان» ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا، وقرره «جانبك الجدّاوي» في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة، ثم صرفه وقرّر فيها غيره، ولكنه كان قبل ذلك ربما تفقده الأعيان، والأمراء ونحوهم فيسارع إلى إنفاق ما يأخذه منهم ثم يعود إلى حالته مع كثرة عياله. ولما استقر رفيقه «السيف الحنفي» في مشيخة المؤيديّة، عرض عليه السكنى بقاعتها لعلمه بضيق منزله، أو تكلفه الصعود إليه لكونه بالدور الأعلى من ربع «الخوندار» فما وافق.
ولما استقر «الشمس الأمشاطي» في قضاء الحنفية رتب له في كل شهر ثمانمائة درهم لمزيد اختصاصه به، وتقدم صحبته معه.
وعظم انتفاع «الشرف المناوي» به، وكذا «البدر بن الصواف» في كثير من مقاصدهما.
ثم يقول «شمس الدين السخاوي»: وقد صحبته قديما، وسمعت منه مع ولدي «المسلسل» بسماعه له على «الواسطي» وكتبت عنه من نظمه وفوائده أشياء، بل قرأت عليه شرح ألفية العراقي.
ثم يقول «السخاوي»: وقد ذكره «المقريزي» في عقوده، فقال: وبرع في فنون من فقه، وعربية، وحديث وغير ذلك، وكتب مصنفات عديدة (1).
ظلّ «قاسم بن قطلوبغا» في عمل مستمر وحياة حافلة بالعلم تدريسا وتصنيفا، حتى توفاه الله تعالى في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثمانمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 187فما بعدها.(2/333)
رقم الترجمة / 89 «أبو القاسم الظّهراوي» (1) ت 398هـ
هو: قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «أبي البيس» التي يقال لها اليوم «بلبيس» بمحافظة الشرقية بمصر.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو القاسم الظّهراوي» القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال هو: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف».
تصدّر «أبو القاسم الظّهراوي» لتعليم القرآن الكريم، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن فارس، وأحمد بن محمد الصقلي، وعمر بن عراك، وإسماعيل بن عمر بن راشد» وآخرون.
احتلّ «أبو القاسم الظّهراوي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء وحفاظ القرآن مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا المعنى يقول حجة القراءات «الإمام أبو عمرو الداني» رحمه الله:
«كان أبو القاسم الظّهراوي» ضابطا لرواية ورش، يقصد فيها، وتؤخذ عنه، وكان خيرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 27. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 384. حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ج 1، ص 492.(2/334)
بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة» اه (1).
توفي «أبو القاسم الظّهراوي» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة.
__________
(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 384وطبقات القراء ج 2، ص 27.(2/335)
رقم الترجمة / 90 «أبو القاسم الطرسوسي» (1) ت 420هـ
هو: عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، شيخ الإقراء بمصر في زمانه، ومؤلف كتاب «المجتبى» في القراءات.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو القاسم الطرسوسي» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» وعرض عليه حروف القراءات كلها، كما أخذ عن «أبي بكر الأذفوي، وأبي عدي عبد العزيز بن علي، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد المصري». وسمع حروف القراءات من «أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب، وأبي الحسن علي بن محمد المعدّل صاحب ابن مجاهد، وأبي محمد الحسن بن رشيق».
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الطرسوسي» تصدر لتعليم القرآن والتصنيف، واشتهر بالثقة، ودقة الضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن.
ومن الذين قرءوا عليه القراءات: أبو طاهر إسماعيل بن خلف مؤلف كتاب «العنوان» وإبراهيم بن ثابت بن أخطل الذي تصدر بعده للإقراء، وعبد الله بن سهل الأندلسي، وأحمد بن يحيى التجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن ابن علي القروي.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
القراء الكبار ج 1، ص 382. طبقات القراء ج 1، ص 357. مرآة الجنان ج 3، ص 35.
حسن المحاضرة ج 1، ص 492. شذرات الذهب ج 3، ص 315. فهرست ابن خير ص 25.
تاريخ الإسلام الورقة 201 [أياصوفيا 3009].(2/336)
وروى عنه القراءات: «أبو الحسين يحيى بن إبراهيم»، وهو آخر من قيل:
إنه روى عنه.
اشتهر «أبو القاسم الطرسوسي» بالثقة، والأمانة في العلم مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول الإمام الداني»: «أبو القاسم كان شيخا فاضلا، ضابطا ذا عفاف ونسك، رأيته وشاهدته وكان كثيرا ما يقصد شيخنا:
«فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه، ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة».
توفي «أبو القاسم» بمصر في آخر شهر ربيع الأول، أو أول شهر ربيع الآخر، سنة عشرين واربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/337)
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 91 «أبو القاسم الهذلي» (1) ت 465هـ
هو: يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو القاسم الهذلي اليشكري، الأستاذ الكبير، العالم الشهير.
ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تقريبا، وطاف البلاد في طلب القراءات، يقول «ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»:
«فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا، وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته» (2).
يفهم مما تقدّم أن «أبا القاسم الهذلي» طوّف بكثير من المدن من أجل تلقّي القراءات القرآنية عن الشيوخ، والأخذ عنهم، وقد تتبعت البلاد التي رحل إليها فوجدته رحل إلى البلاد الآتية:
بغداد، عسقلان، واسط، الكوفة، البصرة، دمياط، مصر، الاسكندرية، دمشق، حلب، صيدا، بيروت، حلب، الرملة، همذان، سمرقند، القيروان، جرجان، حرّان، بخارى، طرابلس الغرب، أصبهان، كرمان، الأهواز، شيراز.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 429ورقم الترجمة 367. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 397ورقم الترجمة 3929. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 680. مرآة الجنان ج 3، ص 93. بغية الوعاة ج 2، ص 359ورقم الترجمة 2187. شذرات الذهب ج 3، ص 324.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.(2/338)
من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله «أبو القاسم الهذلي» من أجل معرفة قراءات القرآن، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم.
لقد احتل «أبو القاسم الهذلي» شهرة عظيمة، ومكانة سامية بين الخاص والعام، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات، وكلهم أثنى عليه.
يقول «الحافظ الذهبي»: «وذكره «عبد الغفار» ونعته بأنه ضرير فكأنه عمي في آخر عمره وقد كان أرسله «نظام الملك» الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور هي المدرسة النظامية فقعد سنين، وأفاد، وكان مقدما في النحو، والصرف، عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويقرأ عليه الأصول في الفقه، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، إلى أن توفي» (1).
وكما أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن مشاهير القراء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدث عن «أبي نعيم الحافظ» وجماعة» اه (2).
لم يقتصر «أبو القاسم الهذلي» على تلقّي القراءات، والحديث، ثم تعليمهما، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة، وصنف الكتب المفيدة، وفي هذا المقام يقول عن نفسه:
«وألفت هذا الكتاب يعني الكامل فجعلته جامعا للطرق المتلوّة،
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.
(2) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.(2/339)
والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي ك: «الوجيز، والهادي» وغيرهما» (1).
أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن عدد كبير من القراء، ولو أردت الكتابة عن هؤلاء الشيوخ لاستغرق ذلك وقتا طويلا.
ولكن حسبي أن أتحدث بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الشيوخ الأجلاء، فأقول، وبالله التوفيق:
من شيوخ «أبي القاسم الهزلي» في القراءات: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر الباطرقاني (2) الأصبهاني. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المحدّثين، ومن خيرة العلماء المؤلفين، ألف «كتاب طبقات القراء» وسمّاه: المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ومجموع الروايات، كما صنّف كتابا في شواذ القراءات.
ولد «أبو بكر الباطرقاني» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
أخذ «أبو بكر الباطرقاني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي» وسمع حروف القراءات من «أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده».
تصدّر «أبو بكر الباطرقاني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالثقة، وجودة الحفظ، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» وروى عنه حروف القراءات: «أبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني».
__________
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.
(2) وهذه نسبة إلى «باطرقان» وهي إحدى قرى أصبهان: انظر «الأنساب للسمعاني ج 1، ص 259.(2/340)
توفي «أبو بكر الباطرقاني» في شهر صفر سنة ستين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن الصقر أبو الفتح البغدادي» وهو من خيرة علماء القراءات ومن المشهورين بالثقة، وحسن الأداء.
أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي» ثم تصدّر لتعليم القرآن واشتهر في الآفاق، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي»، و «أحمد بن محمد النوشجاني أبو زرعة، الخطيب»، كان رحمه الله تعالى من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهود لهم، أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن عليّ بن جعفر السعيدي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو القاسم الهذلي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علّان الواسطي».
وهو من مشاهير القراء المتصدّرين، ومن العلماء الثقات المعروفين، إذ نشأ في بيت من بيوت القرآن الكريم.
أخذ «أحمد بن محمد» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:
«والده» عليهما رحمة الله تعالى.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وحسن التجويد والأداء.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بواسط.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري» وهو من الحفاظ المشهورين، ومن القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير.(2/341)
ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بواسط.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري» وهو من الحفاظ المشهورين، ومن القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام، وازدحم الطلاب على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أحمد بن عليّ» سنة خمس وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن سليمان المعروف بابن نفيس، أبو العباس» الطرابلسي الأصل ثم المصري.
وهو إمام ثقة، كبير، انتهى إليه علوّ الإسناد في القراءة أخذ «أحمد بن سعيد» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدّمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي».
وقد عمّر «أحمد بن سعيد» حتى قارب المائة، ثم توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني» وهو من خيرة القراء، ومن الحفّاظ المصنفين.
أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، فقد روى القراءة سماعا عن «سليمان ابن أحمد الطبراني».(2/342)
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني» وهو من خيرة القراء، ومن الحفّاظ المصنفين.
أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، فقد روى القراءة سماعا عن «سليمان ابن أحمد الطبراني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءات عنه سماعا.
توفي «أحمد بن عبد الله» سنة ثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ أبو عبد الله الشاموخي».
وهو من شيوخ القراءات المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ «الحسن ابن علي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نصر بن منصور أبو بكر الشذائي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسين بن مسلمة الرّقيّ الكاتب» (1).
وهو من خيرة القراء المعروفين، أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «منصور بن ودعان».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه
__________
(1) الرقي: نسبة إلى الرّقّة» وهي بلدة على طرف الفرات مشهورة.
انظر الأنساب للسمعاني ج 3، ص 84.(2/343)
القراءة «أبو القاسم الهذلي» بالرّقّة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح أبو بكر الفرضي».
وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسين الجعفي، ومحمد بن علي بن الهيثم».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة: «أحمد بن محمد الفرضي».
إلا أن «ابن الجزري» قال: إنه بقي إلى بعد الثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الخياط، أبو عبد الله الملنجي الأصبهاني (2). وهو من مشاهير القراء، ومن المعمّرين.
أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان، وأبو محمد بن عبد الجبّار بن فروخ المعلّم» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي».
__________
(2) الملنجي: بكسر الميم وفتح اللام، وسكون النون، وهذه نسبة إلى قرية بأصبهان يقال لها:
«ملنجة» انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 381.(2/344)
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد بن يزده».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز» البغدادي. وهو شيخ جليل مشهور، وقارئ ثقة عالي الإسناد. أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «منصور بن محمد بن منصور» صاحب «ابن مجاهد».
وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف كتاب «المفيد في القراءات» ثم جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عليه قراءة القرآن: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أحمد بن مسرور» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم، أبو الفضل الرازي»، شيخ الإسلام، الثقة، الورع، الإمام، المقرئ، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الطوّاف في البلاد من أجل تحصيل العلم، والآخذ عن العلماء، وقد ورد عنه قوله: «أول سفري في الطلب أي طلب العلم كنت ابن ثلاث عشرة سنة»، ويعقّب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: «فكان طوافه في البلاد إحدى وسبعين سنة» (1).
ولد رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، واحتل مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»: «كان «أبو الفضل الرازي» مقرئا، فاضلا، كثير التصنيف،
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 363.(2/345)
حسن السيرة متعبدا، حسن العيش، منفردا، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري» اه (1).
وقال «عبد الغفار الفارسي»: كان «أبو الفضل الرازي» ثقة، جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وله شعر رائق في الزهد. اه (2).
وقال «أبو عبد الله الجلال»: خرج «أبو الفضل الرازي» من «أصبهان» متوجّها إلى «كرمان» فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم، وقصد طريقه وحده، وقال:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا
أخذ «أبو الفضل الرازي» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:
«علي بن داود الداراني، وأبو الحسن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن الهرمزان الواسطي» وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.(2/346)
عن عدد من خيرة القراء، فقد روى القراءة عرضا عن «عبد الغفار بن عبد الله الحضيني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو القاسم الهذلي» وقال: «قرأت عليه بواسط».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الرحمن بن الهرمزان».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل ابن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري» وهو شيخ صالح كبير، ومن الثقات المشهود لهم بالعلم، والإتقان، أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو عديّ بن عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير».
وبعد أن اكتملت مواهبه، جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بصحة الإسناد، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:
«أبو القاسم الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي» وغيرهما كثير. توفي «إسماعيل بن عمر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، أبو علي البغدادي» أحد القراء المشهورين، ومن الثقات المؤلفين النافعين.
ومن مؤلفاته كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة».
أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من علماء القراءات أذكر منهم:
«أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبا الحسن بن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم رحل «الحسن بن محمد» إلى مصر، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم
القرآن، وحروف القراءات، وعرف بين الناس واشتهر، وأصبح من المتصدرين، ومن شيوخ القراءات بمصر، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي، ومحمد بن شريح» وغيرهما كثير.(2/347)
«أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبا الحسن بن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم رحل «الحسن بن محمد» إلى مصر، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم
القرآن، وحروف القراءات، وعرف بين الناس واشتهر، وأصبح من المتصدرين، ومن شيوخ القراءات بمصر، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي، ومحمد بن شريح» وغيرهما كثير.
توفي «الحسن بن محمد» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» شيخ القراءة في عصره بلا منازع، وصاحب المؤلفات، فقد ألّف كتاب «الإقناع» في القراءات، وغيره.
وهو أستاذ كبير، ومن القراء والمحدثين.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز، وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ، والروايات، وذاع صيته بين الناس مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ أبو طاهر السلفي»: سمعت «أبا البركات الخضر بن الحسن الحازمي» بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب «علي بن إبراهيم العلوي» يقول: «أبو علي الأهوازي» ثقة ثقة. اه (1).
وقال «أبو عبد الله الحافظ الذهبي»: «لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق، من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (2).
أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن عدد كبير من خيرة علماء القراءة منهم: «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد، وسمع حروف القراءات من «عبد الوهاب الكلابي».
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220.(2/348)
وبعد أن اكتملت مواهبه، ووثق من نفسه تصدّر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وازدحم على بابه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أبو علي الأهوازي» بدمشق سنة أربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد السلام» يعرف بابن اللبان الأصبهاني.
وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، قدم بغداد، من أجل الأخذ عن شيوخها: اخذ القرآن، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المديني، وعبد الله بن محمد العطار الأصبهاني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروفه، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه.
ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن اللبان».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن شبيب بن عبد الله ابن محمد بن تميم أبو المظفر الضبّي الأصبهاني». أحد مشاهير القرّاء بأصبهان، ومن خيرة العلماء.
سئل عنه «إسماعيل بن الفضل الحافظ» فقال: «هو إمام، زاهد، عابد، عالم بالقراءات، كثير السماع» (1).
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.(2/349)
أخذ «أبو المظفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي».
ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، وأخذ عنه الكثيرون من الطلاب: وفي مقدمتهم «أبو القاسم الهذلي، وإسماعيل بن الفضل السرّاج».
توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الملك بن علي بن شابور بن نصر بن الحسين أبو نصر، البغدادي الخرقي»، أحد مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن الحمامي، وعبيد الله بن مهران» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي، وموسى بن الحسين المعدّل».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الملك بن علي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الواحد بن عبد القادر المقدسي» ثم الدمياطي. أحد قراء القرآن، أخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو عيسى محمد بن عيسى الهاشمي، وأبو الحسن محمد بن النضر».
ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي» بدمياط.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الواحد بن عبد القادر».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلّال» وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين.(2/350)
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الواحد بن عبد القادر».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلّال» وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن يوسف العلاف» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والإتقان، وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءة عنه عرضا.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عثمان بن علي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الساتر بن الذّرب» اللاذقي، أحد شيوخ القراءات الثقات المعروفين.
أخذ «عبد الساتر» القراءة عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» باللاذقية.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الساتر بن الذّرب».
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أبو الحسين الخشاب التّنّيسي» نسبة إلى «تنيس» بكسر التاء، وكسر النون المشددة، وهي بلدة من بلاد «ديار مصر» في وسط البحر، والماء بها محيط، نسب إليها عدد من العلماء (1).
__________
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 1، ص 487.(2/351)
أخذ «أبو الحسين الخشاب» عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» فقد روى عنه القراءة عرضا.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسين الخشاب».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده أبو عبد الله الملنجيّ: بكسر الميم، وفتح اللام، وسكون النون، وهي نسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها: «ملنجة» وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان» الواسطي.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد الملنجي» سوى أن «ابن الجزري» قال: «وعمّر حتى أدركه الحداد، فكان آخر من قرأ عليه» (2).
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن الحسن ابن موسى أبو عبد الله الشيرازي»، نزيل مصر. وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين.
أخذ القراءة، وحروف القراءات، عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو بكر محمد بن الحسن الطحّان، وأبو علي الأهوازي».
__________
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 381.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 111.(2/352)
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القراءات، والقرآن الكريم، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علومه، ومن الذين قرءوا عليه بمصر: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن عبد الله».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام، أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، مما يلي البحر، وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
وهو إمام مقرئ جليل، انفرد بعلوّ الإسناد في وقته، وأثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «هو مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيّا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت «الإمام أبا حيان» عنه، فكتب إليّ إمام مشهور لا يسأل عن مثله» (2).
أخذ «محمد بن الحسين الكارزيني» القراءة عن عدد من علماء القراءات، وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي»، وهو آخر من قرأ عليه.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وتزاحم عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي، وأبو عليّ غلام الهرّاس» وغيرهما كثير.
__________
(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 12.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.(2/353)
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد أبو طاهر الحنائيّ الدمشقيّ». وهو من خيرة القراء، ومن الثقات المشهورين، ومن الأئمة المعترف بمنزلتهم في هذا العلم الجليل.
أخذ «محمد بن الحسين» القراءة على عدد من العلماء الثقات، وفي مقدمتهم: «أبو علي الأهوازي، ومحمد بن أحمد بن خلف الفحّام».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد قرأ عليه بدمشق.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر السلمي الجبني» شيخ القراء بدمشق، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، في بيت علم، إذ كان والده يؤم بمسجد «تل الجبن» بدمشق، ولهذا قيل له: «الجبني».
أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:
«والده» رحمهما الله تعالى، وجعفر بن أبي داود، وغيرهما.
احتل «محمد بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه شيخه «أبو علي الأهوازي»: «وما خلت دمشق قطّ، من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السّلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع،
والدّين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه (1).(2/354)
احتل «محمد بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه شيخه «أبو علي الأهوازي»: «وما خلت دمشق قطّ، من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السّلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع،
والدّين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه (1).
وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن أحمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، والطواف في البلاد، ثم نشر العلم، توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 85.(2/355)
رقم الترجمة / 92 «ابن الكوفيّ» (1) ت 451هـ
هو: عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل ابن الكوفي الصدفي البغدادي، وهو مقرئ، عارف، مصدّر، ثقة.
ولد في سنة سبعين وثلاثمائة.
أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني، البغدادي»، وهو مقرئ، محدث، ثقة، ولد سنة ثلاثمائة، وقرأ القرآن على مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن مجاهد».
قال «الإمام الداني»: قال «الكتاني»: «سألت من «ابن مجاهد» أن ينقلني عن قراءة «عاصم» إلى غيرها، فأبى عليّ، فقرأت قراءة «ابن كثير» على «بكّار» عن «ابن مجاهد» عن «قنبل» ثم يقول «الداني»: وطالت أيام «الكتاني» فكان من آخر من قرأ على «ابن مجاهد» اه (2).
توفي «أبو حفص الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
وبعد أن اكتملت مواهب «ابن الكوفيّ» تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار، أبو طاهر، البغدادي الحنفي وهو إمام
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 10، ص 388، ورقم الترجمة 5567. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 358. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 485ورقم الترجمة 2015.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 587.(2/356)
كبير في القراءات، ومن المقرئين الثقات، مؤلف كتاب: «المستنير في القراءات العشر».
أخذ «ابن سوار» القراءة عن عدد كبير من القراء، وفي مقدمتهم:
«الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني».
ثم جلس «ابن سوار» لتعليم القرآن وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي بن سكّرة الصدفي» شيخ «ابن الباذش». وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي.
توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة.
احتل «ابن الكوفي» مكانة سامية بين العلماء، مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول «الحافظ الخطيب البغدادي»: «كان ابن الكوفي من حفاظ القرآن، ومن العارفين باختلاف القراءات، ومنزله بدرب الدنانير من نواحي نهر طابق» اه (1).
توفي «ابن الكوفيّ» سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد ج 10، ص 388.(2/357)
رقم الترجمة / 93 «المالقيّ» (1) ت 705هـ
هو: عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد أبو محمد الباهلي (2) الأندلسي المالقي، نسبة إلى «مالقة» بفتح اللام والقاف المخففة وهي ثغر هام يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس، على مقربة من الجزيرة الخضراء، وجبل طارق (3).
بعد أن حفظ «المالقي» القرآن الكريم تلقى العلم والقراءات على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم:
1 - القاسم بن أحمد بن حسن أبو القاسم الحجري، روى القراءات عنه «المالقي» من كتاب «التيسير».
2 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان أبو عمر الأنصاري. حدث عنه بكتاب «التبصرة» سماعا «المالقي».
3 - إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو الوليد الأزدي الغرناطي الشهير بالعطار، روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» وغيره بالإجازة.
4 - ومحمد بن عياش بن محمد بن أحمد أبو عبد الله القرطبي. روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» قراءة.
__________
(1) انظر ترجمة المالقي في المراجع الآتية:
طبقات القراء ج 1، ص 477. بغية الوعاة ج 2، ص 121. معجم المؤلفين ج 5، ص 213.
طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 359. الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 553.
(2) الباهلي نسبة إلى باهلة وهي قبيلة عظيمة.
(3) انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ج 5، ص 43.(2/358)
5 - يوسف بن إبراهيم بن أبي ريحانة أبو الحجاج الأنصاري المالكي روى عنه «المالكي» كتاب «التيسير» قراءة.
6 - الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص أبو علي الأندلسي الفهري المعروف بابن الناظر.
قرأ الروايات على «أبي محمد بن الكوّاب، وأبي الحسن بن الدبّاج، وقرأ «التيسير» و «الشاطبية» على «أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري» بإجازتهما من «ابن هذيل»، وروى كتاب «التبصرة» عن «موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي». وتصدر للإقراء بمالقة، وألف كتاب «الترشيد» في التجويد.
قال «أبو حيان»: رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره. وحدث عنه بالتيسير سماعا، والتبصرة قراءة «المالقي».
7 - أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم أبو جعفر الثقفي، الحافظ المؤرخ، انتهت إليه الرئاسة في العربية ورواية الحديث، والتفسير والأصول.
قرأ على: «أبي الوليد إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد العطار»، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن «أبي جمرة»، عن أبيه عن «الداني» بالإجازة، وهو مسند في غاية العلو، وقرأ عليه عدد كثير منهم «المالقي» والوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي، ومحمد ابن علي بن أحمد بن مثبت، وأبو حيان النحوي، وأحمد بن موسى بن جرادة.
8 - محمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الأنصاري البلنسي.
وهو مقرئ كبير مشهور، قرأ على والده بالقراءات الثمان، وقرأ أيضا على «أبي جعفر الحصار، ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي». وقرأ برواية «يعقوب الحضرمي» على «ابن نوح الخافقي».(2/359)
8 - محمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الأنصاري البلنسي.
وهو مقرئ كبير مشهور، قرأ على والده بالقراءات الثمان، وقرأ أيضا على «أبي جعفر الحصار، ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي». وقرأ برواية «يعقوب الحضرمي» على «ابن نوح الخافقي».
وأجازه «ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك»، وقد أقرأ بسبتة ثم بتونس.
وقرأ عليه القراءات «أبو إسحاق الغافقي» مقرئ سبتة. وأبو العباس البطرني شيخ تونس، وحدث عنه بالتيسير سماعا: «عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن أبي زكنون التونسي، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري»، وحدث عنه بالتيسير.
9 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص أبو بكر التجيبي الإشبيلي، وهو أستاذ متصدر، أخذ القراءات السبع عن «أبي بكر عتيق، وأبي الحسين بن عظيمة»، وقرأ بكتاب «الكافي» على: أبي العباس بن مقدام وأبي الحكم بن نجاح عن «أبي الحسن شريح».
وقرأ عليه «أبو جعفر بن الزبير الحافظ»، وأثنى عليه. وروى عنه كتاب «الكافي» سماعا «المالقي».
وبعد أن بدت مواهب «المالقي» تصدر لتعليم القرآن وقراءاته، واشتهر بالثقة، والضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم:
1 - محمد بن عبيد الله بن محمد أبو بكر بن منظور القيسي. من أعلام القضاة، وأصله من «أشبيلية» من بيت علم وفضل نشأ «بمالقة» ثم كان قاضيها وخطيبها، وله عدة مؤلفات منها: نفحات النسوك، وعيون التبر المسبوك في أشعار الخلفاء، والوزراء، والملوك، وغير ذلك.
2 - ومحمد بن يحيى بن بكر أبو عبد الله قاضي الجماعة بغرناطة إمام مقرئ قرأ عليه «أبو القاسم محمد بن محمد بن الخشاب، وأبو عبد الله محمد بن علي الحفار والمالقي وهو من مشاهير العلماء.(2/360)
1 - محمد بن عبيد الله بن محمد أبو بكر بن منظور القيسي. من أعلام القضاة، وأصله من «أشبيلية» من بيت علم وفضل نشأ «بمالقة» ثم كان قاضيها وخطيبها، وله عدة مؤلفات منها: نفحات النسوك، وعيون التبر المسبوك في أشعار الخلفاء، والوزراء، والملوك، وغير ذلك.
2 - ومحمد بن يحيى بن بكر أبو عبد الله قاضي الجماعة بغرناطة إمام مقرئ قرأ عليه «أبو القاسم محمد بن محمد بن الخشاب، وأبو عبد الله محمد بن علي الحفار والمالقي وهو من مشاهير العلماء.
3 - محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي أبو بكر المقرئ، المشارك في فنون كثيرة، تولى القضاء ببلده، وخلف والده في الخطابة، والإمامة، وأقرأ ببلده، فانتفع به خلق كثير.
لقد بلغ «المالقي» مكانة سامية من العلم، والمعرفة والشهرة، وقد خاض بحر العلوم من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وألف في القراءات كتاب شرح التيسير في القراءات السبع، وانتهت إليه رئاسة الإقراء، كل هذه الأمور أوجبت الثناء عليه.
قال «الخطيب البغدادي»: كان «المالقي» أستاذا متقنا، إماما في القراءات وعلوم القرآن، حائزا قصب السبق أداء ومعرفة ورواية، وتحقيقا، ماهرا في صناعة النحو، فقيها، أصوليا، حسن التعليم، فسيح التحليق، منقطع القرين في الدين والصلاح، وسكون النفس، ولين الجانب، والتواضع، وحسن الخلق، ووسامة الصورة، كثير الخشوع والخضوع، أقرأ عمره، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة (1).
وقال «ابن الجزري»: المالقي أستاذ كبير (2).
توفي «المالقي» خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 454.
(2) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 477.(2/361)
رقم الترجمة / 94 «محمّد بن الحسين الكارزيني» (1)
هو: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف والراء، وكسر الزاي بعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون، نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، نسب إليها الكثيرون من العلماء. والكارزيني إمام مقرئ جليل، وقد انفرد بعلوّ الإسناد في وقته. قال عنه الحافظ الذهبي: الكارزيني مسند القراء في زمانه، تنقل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة وعاش تسعين سنة أو دونها.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن وذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
تلقى «الكارزيني» القراءات القرآنية عن عدد كبير من خيرة العلماء في كثير من المدن والأمصار وفي مقدمتهم:
«الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل بن شاذان أبو العباس المطوعي البصري العمري»، مؤلف كتاب «معرفة اللامات وتفسيرها»، وهو إمام عارف ثقة في القراءات، وقد عمّر دهرا فانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات.
أخذ «الحسن المطوعي» القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم: إدريس ابن عبد الكريم، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأحمد بن الحسين الحريري، ومحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن حبيب الدمشقي، ومحمد بن علي
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1ص 397. طبقات القراء ج 2، ص 132.
الوافي بالوفيات ج 3، ص 10. شذرات الذهب ج 3، ص 265.(2/362)
الخطيب، وعبيد الله بن الربيع الملطي بفتح الميم واللام، نسبة الى «الملطية» وهي من ثغور الروم مما يلي أذربيجان ومحمد بن يعقوب المعدّل، وأبو بكر ابن شنبوذ، وأحمد بن موسى بن مجاهد، ومحمد بن القاسم بن يزيد الاسكندري، ومحمد بن موسى، وغيرهم كثير.
وقد أخذ القراءات عن «الحسن بن سعيد المطوعي» عدد كبير وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسن عليّ بن محمد الخبازي، وأبو بكر محمد بن عمر النهاوندي نسبة إلى نهاوند، بضم النون وفتح الهاء والواو، وهي بلدة من بلاد الجبل، كانت بها وقعة للمسلمين زمن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه وأبو علي محمد ابن عبد الرحمن بن جعفر، ومحمد بن الحسن الحارثي، والمظفر بن أحمد بن إبراهيم، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب، وعلي بن جعفر السعيدي، وعبد الواحد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي، وإبراهيم بن إسماعيل بن سعيد، وأحمد بن محمد بن صاف، وأحمد بن محمد بن محمد القسري، ومحمد بن علي بن أحمد» وغيرهم كثير.
ومن شيوخ «الكارزيني»: أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد بن عبد المنعم أبو بكر الشذائي البصري وهو إمام مشهور، أخذ القراءات عن عدد من العلماء منهم: «عمر بن محمد بن نصر الكاغدي، والحسن بن بشار بن العلاف، وابن مجاهد، وابن الأخرم، ومحمد بن جعفر الحربي، وابن شنبوذ، ونفطويه، ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير، وأبو مزاحم موسى الخاقاني، وعبد الله بن الهيثم البلخي، وأحمد بن سهلان، وإسحاق بن أحمد النحوي، ومحمد بن إبراهيم السوّاق، والحسن بن وصيف، ومحمد بن موسى الزينبي» وغير هؤلاء كثير.
وقد تتلمذ على «أبي بكر الشذائي» عدد كبير منهم: «أبو الفضل الخزاعي، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب، وأبو عمرو بن سعيد البصري،
ومحمد بن الحسين الكارزيني، والحسن بن علي الشاموخي، ومحمد بن القاسم التكريتي، وعلي بن محمد البرزندي، وعلي بن جعفر السعيدي، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي، وعلي بن محمد الخبازي» وغير هؤلاء كثير.(2/363)
وقد تتلمذ على «أبي بكر الشذائي» عدد كبير منهم: «أبو الفضل الخزاعي، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب، وأبو عمرو بن سعيد البصري،
ومحمد بن الحسين الكارزيني، والحسن بن علي الشاموخي، ومحمد بن القاسم التكريتي، وعلي بن محمد البرزندي، وعلي بن جعفر السعيدي، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي، وعلي بن محمد الخبازي» وغير هؤلاء كثير.
ومن شيوخ «الكارزيني»: عبد الله بن الحسن بن سليمان أبو القاسم البغدادي المعروف بالنخاس بالخاء المعجمة، وهو مقرئ مشهور ثقة ماهر متصدّر، أخذ القراءة عرضا عن: محمد بن هارون التمار صاحب رويس، وروى القراءة عنه عرضا: محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الحسن الحمامي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الخبازي» وآخرون.
ومن شيوخ «الكارزيني»: عثمان بن أحمد بن سمعان أبو عمرو الرزاز البغدادي، وهو مقرئ متصدر، أخذ القراءة عرضا عن «أبي بكر يوسف بن يعقوب الواسطي، وأحمد بن سهل الأشناني، وموسى بن عبيد الله».
وقد تتلمذ عليه الكثيرون، منهم «عبد الباقي بن الحسن، وأبو عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني، ومحمد بن جعفر الخزاعي».
ومن شيوخ «الكارزيني»: محمد بن حبيب بن عبد الوهاب أبو الأشعث الجارودي البصري، وهو مقرئ معروف، روى القراءة عرضا عن «أحمد بن مسعود السرّاج»، وروى القراءة عنه عرضا «أبو عبد الله الكارزيني، ومحمد بن أحمد المالكي، وأبو الفضل الخزاعي».
ومن شيوخ «الكارزيني»: محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علّان أبو عبد الله، وهو أستاذ كبير مقرئ محقق، روى القراءة عرضا عن «عبد الله بن عبدان، وأحمد بن سعيد الضرير، ومحمد بن حامد بن وهب العطار».
وروى القراءة عنه عرضا: ابنه أحمد، ومحمد بن عبد الله بن المرزبان، وأبو
الفضل الخزاعي، ومحمد بن الحسين الكارزيني.(2/364)
وروى القراءة عنه عرضا: ابنه أحمد، ومحمد بن عبد الله بن المرزبان، وأبو
الفضل الخزاعي، ومحمد بن الحسين الكارزيني.
ومن شيوخ «الكارزيني»: فارس بن موسى أبو شجاع البصري، الفرائضي وهو مقرئ متصدر، قرأ على «إبراهيم بن زياد القنطري، صاحب محمد بن يحيى، وقرأ عليه «الكارزيني، ومحمد بن جعفر الخزاعي».
ومن شيوخ «الكارزيني» الذين أخذ عنهم القراءات: «محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي، الشطوي البغدادي»، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات.
ولد سنة ثلاثمائة، وبعد أن تمّ نضجه رحل إلى الأمصار، وأخذ عن الشيوخ وأكثر وتبحّر، واشتهر اسمه، وطال عمره، مع علمه بالتفسير وعلل القراءات.
قال «أبو بكر الخطيب»: سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر الشنبوذي فعظم أمره وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن».
وقال «الإمام الداني»: الشنبوذي مشهور نبيل حافظ، ماهر حاذق كان يتجول في البلدان».
أخذ «أبو الفرج الشنبوذي» القراءة عرضا عن: «ابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر أحمد المنقى، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، والحسن بن علي بن بشّار، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري»، وغير هؤلاء.
وقد أخذ القراءة عن «أبي الفرج الشنبوذي» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن عليّ الواسطي، وعبد الله بن محمد ابن مكي السواق، وعلي بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك ابن عبدويه، ومنصور بن أحمد العراقي، وأحمد بن محمد بن سيار» وآخرون.(2/365)
أخذ «أبو الفرج الشنبوذي» القراءة عرضا عن: «ابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر أحمد المنقى، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، والحسن بن علي بن بشّار، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري»، وغير هؤلاء.
وقد أخذ القراءة عن «أبي الفرج الشنبوذي» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن عليّ الواسطي، وعبد الله بن محمد ابن مكي السواق، وعلي بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك ابن عبدويه، ومنصور بن أحمد العراقي، وأحمد بن محمد بن سيار» وآخرون.
ومن شيوخ «الكارزيني»: أحمد بن محمد بن بشر بن علي بن محمد بن جعفر المعروف بابن الشارب، أبو بكر الخراساني، نزيل بغداد، وهو شيخ جليل ثقة ثبت. أخذ القراءات عن: محمد بن موسى الزينبي، وأبي بكر محمد ابن يونس، وابن مجاهد، وأبي مزاحم الخاقاني، وآخرين.
وقد أخذ القراءات عن «ابن الشارب»: بكر بن شاذان، والكارزيني، وعلي بن أحمد بن عمر الحمّامي، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وعلي بن محمد ابن الحسن الخبازي، وأبو بكر أحمد بن غالب، ومحمد بن إبراهيم بن البقار، وآخرون.
ومن شيوخ «الكارزيني»: عبد الغفار بن عبيد الله بن السرّي أبو الطيب الحضيني: بالحاء المهملة، والضاد المعجمة الكوفي، ثم الواسطي، وهو شيخ مقرئ، ثقة، وشيخ واسط.
أخذ «الحضيني» القراءة عن: «أبي العباس أحمد بن سعيد الضرير، وأبي بكر بن مجاهد، والحسين بن عليّ، وأبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي، والعباس بن الفضل، وعبد الله بن عبد الجبار، والحسن بن داود النقّار، وجعفر بن سليمان القافلاني، وعليّ بن محمد بن عمّار الزريري، ومحمد ابن عمير القاضي»، وغير هؤلاء.
وقد أخذ القراءة عن «الحضيني» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو بكر أحمد بن المبارك
الواسطي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي، وعبد الرحمن بن الهرمزان، وعليّ بن محمد الخبازي، وعبيد الله بن أحمد» وغير هؤلاء.(2/366)
وقد أخذ القراءة عن «الحضيني» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو بكر أحمد بن المبارك
الواسطي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي، وعبد الرحمن بن الهرمزان، وعليّ بن محمد الخبازي، وعبيد الله بن أحمد» وغير هؤلاء.
تصدّر «محمد بن الحسين الكارزيني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهرّاس»، شيخ العراق، والجوّال في الآفاق، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وقرأ «بواسط» على: عبيد الله بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين صاحب النقاش، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي.
وقرأ ببغداد على: «عبد الملك النهرواني، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، ومحمد بن المظفر الدينوري، والقاضي أبي العلاء، وعليّ بن محمد بن عبيد الله الحذّاء، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني، وبكر بن شاذان، والحسن بن محمد السامري، وعلي بن أحمد الحمّامي، والحسن ابن ملاعب».
وقرأ بالكوفة على: القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي ابن النجّاد.
وقرأ بدمشق على: «أبي علي الأهوازي، وأبي علي الرهاوي». وقرأ بمصر على: «أبي العباس بن نفيس، والفضل بن عبد الرزاق، والحسين بن إبراهيم الأنباري».
وقرأ بالبصرة على: «الحسن بن علي بن بشّار صاحب النقاش، وعلي بن محمد بن علّان».
وقرأ بالجامدة بكسر الميم، وهي قرية كبيرة من أعمال واسط، بين واسط والبصرة منها جماعة من العلماء.
قرأ على: «محمد بن نزار التكريتي، وعمّه محمد بن القاسم».(2/367)
وقرأ بالجامدة بكسر الميم، وهي قرية كبيرة من أعمال واسط، بين واسط والبصرة منها جماعة من العلماء.
قرأ على: «محمد بن نزار التكريتي، وعمّه محمد بن القاسم».
وبحران على «أبي القاسم الزيدي».
وبمكة المكرمة على: «أبي عبد الله بن الحسين الكارزيني، وأبي عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد العجلي، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي».
ومن تلاميذ «الكارزيني»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري، القطان الشافعي، وهو شيخ أهل مكة عارف محقق أستاذ ثقة صالح.
له عدة مصنفات منها: كتاب التلخيص في القراءات الثمان، وكتاب سوق العروس ضمّنه ألفا وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد شرح القراءات الشاذة، وكتاب عنوان المسائل، وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتاب في اللغة.
أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن عدد من العلماء منهم: «الكارزيني وأبو القاسم علي بن محمد بن علي الزيدي، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسن ابن محمد الأصفهاني».
توفي أبو معشر الطبري بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.(2/368)
توفي أبو معشر الطبري بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / 95 «محمّد بن سفيان» (1) ت 415هـ
هو: محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني الفقيه المالكي.
تفقه على «أبي الحسن علي بن خلف القابسي» حتى برع في الفقه، وسمع منه، ثم رحل إلى مصر، ألف كتاب «الهادي».
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
قرأ «محمّد بن سفيان» بمصر القراءات القرآنية على عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: إسماعيل بن محمد المهري لورش، وعرض الروايات على «أبي الطيب ابن غلبون» وقرأ أيضا على «يعقوب بن سعيد الهواري، وكردم بن عبد الله».
قال «الحافظ أبو عمرو الداني»: سمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ بن محمد بن خلف الفقيه القابسي، وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، وخرج من القيروان لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فحج وجاور بمكة، ثم أتى المدينة المنورة فمرض، وتوفي بها أول ليلة من صفر ودفن بالبقيع.
أخذ القراءة عن «محمّد بن سفيان» عدد من طلاب العلم وفي مقدمتهم:
«أبو بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وعبد الحق الجلاد، وأبو العباس المهدوي، وأبو العالية البندوني،
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 380. طبقات القراء ج 2، ص 147.
الوافي بالوفيات ج 3، ص 114. الديباج المذهب ج 2، ص 235. شذرات الذهب ج 3، ص 203. نهاية الغاية الورقة 238. تاريخ الاسلام الورقة 167 [آيا صوفيا 3009].(2/369)
وعثمان بن بلال العابد، وأحمد بن الحجري شيوخ ابن بليمة، وعبد الله بن سمران القروي شيخ الهذلي، وأبو الحسن العجمي، وعبد الله بن سهل» وآخرون.
توفي «محمّد بن سفيان» بالمدينة المنورة أول ليلة من صفر بعد رجوعه من الحج سنة خمس عشرة وأربعمائة، ودفن بالبقيع.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/370)
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 96 «محمّد بن شريح» (1) ت 476هـ
هو: محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف، أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي، نسبة إلى بلدة من بلاد الأندلس يقال لها «إشبيلية» وقد نسب إليها الكثيرون من العلماء (2).
وابن شريح من خيرة علماء الأندلس المعروفين، والمشهود لهم بالثقة والأمانة، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
وابن شريح منذ نعومة أظفاره رحل إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها، ويخبرنا التاريخ أنه رحل إلى كل من «مصر، وبغداد، ومكة».
احتل «ابن شريح» مكانة سامية بين العلماء مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو عبد الله الإشبيلي المقرئ، الأستاذ، مصنف كتاب «الكافي» وكتاب «التذكير» وكان من جلة قراء «الأندلس» (3).
أخذ «محمّد بن شريح» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري».
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 434ورقم الترجمة 370. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 153، ورقم الترجمة 3062. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 553. مرآة الجنان ج 3، ص 120. شذرات الذهب ج 3، ص 354.
(2) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 161.
(3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 434.(2/371)
وهو من القراء المشهورين، ومن الثقات المعروفين، انتهى إليه علوّ الإسناد، وقد عمّر حتى قارب المائة.
أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو عدي عبد العزيز ابن عليّ صاحب أبي بكر بن يوسف».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بعلوّ الإسناد، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وعبد الوهاب ابن محمد القرطبي» وغيرهما كثير.
توفي «أحمد بن سعيد» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن محمد أبو الحسن القنطري» نزيل مكة المكرمة. وهو من شيوخ القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد بن الحباب، وعمر بن إبراهيم الكتّاني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وأحمد بن عمّار المهدوي» وغيرهما كثير.
توفي «أحمد القنطري» بمكة المكرمة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن عليّ بن هاشم» الملقب بتاج الأئمة، أبو العباس المصري، وهو من مشاهير القراء بمصر، ومن الثقات المعروفين.
أخذ «تاج الأئمة» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عمر ابن عراك، وأبو عدي عبد العزيز بن الإمام». كما سمع حروف القراءات من «منير بن أحمد» عن أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن «الحسن بن عمر ابن إبراهيم البزار». ثم رحل إلى «بغداد» وقرأ على «أبي الحسن بن الحمامي».(2/372)
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن عليّ بن هاشم» الملقب بتاج الأئمة، أبو العباس المصري، وهو من مشاهير القراء بمصر، ومن الثقات المعروفين.
أخذ «تاج الأئمة» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عمر ابن عراك، وأبو عدي عبد العزيز بن الإمام». كما سمع حروف القراءات من «منير بن أحمد» عن أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن «الحسن بن عمر ابن إبراهيم البزار». ثم رحل إلى «بغداد» وقرأ على «أبي الحسن بن الحمامي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:
«محمّد بن شريح».
ويحدثنا التاريخ أنه دخل بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة، فقرأ عليه بها عدد كبير منهم: «أبو عمر الطلمنكي» مع كبر سنّة.
توفي «أحمد بن عليّ بن هاشم» سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي» أبو علي البغدادي، وهو من مشاهير القراء، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، ومن المؤلفين المعروفين، فهو صاحب كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة».
ويحدثنا التاريخ أن «أبا علي البغدادي» رحل إلى «مصر» واشتهر بها حتى أصبح شيخا لقرّائها.
أخذ «أبو علي البغدادي» القراءة، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن عبد الله السوسنجردي».
وبعد ان اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن شريح، وإبراهيم بن إسماعيل».
توفي «أبو علي البغدادي» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.(2/373)
وبعد ان اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن شريح، وإبراهيم بن إسماعيل».
توفي «أبو علي البغدادي» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح»: «مكي بن أبي طالب» يقول «الذهبي»:
أجاز له أي إلى «محمّد بن شريح» «مكي بن أبي طالب» وأخذ عنه، ومكي بن أبي طالب من خيرة العلماء الأندلسيين، وهو إمام محقّق عارف، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان.
احتل «مكي بن أبي طالب» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول صاحبه «أحمد بن مهدي» المقرئ: كان «مكي بن أبي طالب» من أهل التبحّر في علوم القرآن، والعربية، حسن الفهم، والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا، مجوّدا، عالما بمعاني القراءات، أخبرني أنه سافر إلى «مصر» وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردّد إلى المؤدبين، وأكمل القرآن، ورجع إلى «القيروان»، ثم رحل فقرأ القراءات على «ابن غلبون» سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحجّ، ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين، وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وجلّ قدره (1).
ويقول «ابن بشكوال»: قلّده «أبو الحزم جهور» خطابة مسجد قرطبة بعد وفاة «يونس بن عبد الله القاضي» وكان قبل ذلك ينوب عنه، وله ثلاثون تأليفا، وكان خيّرا، متديّنا، مشهورا بالصلاح (2).
ومن مؤلفاته: «التبصرة في القراءات السبع، والكشف عن علل القراءات، ومشكل إعراب القرآن، والموجز في القراءات، والرعاية في التجويد. ويقول «ابن الجزري»: وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا.
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 309.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 309.(2/374)
ويقول رحمه الله تعالى: «ألفت كتابي الموجز في القراءات بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب التبصرة بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «مشكل الغريب» بمكة المكرمة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» في الشام، ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة» (1).
توفي «مكي بن أبي طالب» في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
وبعد أن اكتملت مواهب «محمّد بن شريح» تولى خطابة مسجد «اشبيلية» وتصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وفي مقدمة من قرأ عليه: «ابنه الخطيب أبو الحسن، شريح» وعيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع، أبو الأصبغ الغافقي، الأندلسي نزيل المريّة بفتح الميم وتشديد الرّاء، وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس. من شرقيها، نسب إليها بعض العلماء.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عيسى بن حزم».
وبعد هذه الحياة التي عاشها «محمّد بن شريح» توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 310.(2/375)
رقم الترجمة / 97 «محمّد بن عبد الله» (1) ت 431هـ
هو: محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني الأعرج يعرف بأبي شيخ، نزيل بغداد، مقرئ صالح عالي الإسناد ثقة.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
ولد «محمّد بن عبد الله» في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة هـ، أخذ «محمد بن عبد الله» القراءة القرآنية عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عبد الله بن محمد بن فورك أبو بكر القباب الأصبهاني»، إمام وقته، مقرئ، مفسر، مشهور، قال عنه «الحافظ أبو العلاء»: «أبو بكر القباب من جلة قراء أصبهان، ومن العلماء بتفسير القرآن، كثير الحديث، ثقة نبيل» ت 307هـ.
ومحمد بن القاسم بن حسنويه بن عبد الله الأصبهاني المقرئ، ومحمد بن أحمد ابن عمر بن يوسف أبو عمر الأصبهاني الخرقي الضرير المقرئ، حاذق مشهور، بأصبهان، ثقة، وقد عمّر دهرا طويلا، ومحمد بن جعفر بن محمد أبو جعفر التميمي الصابوني الأصبهاني، مقرئ، مشهور ضابط شيخ أصبهان.
وعبد الرحيم بن محمد الحسناباذي، ومحمد بن علان، وأبو بكر محمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج، وأبو بكر بن حسنويه.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: طبقات القراء ج 2، ص 175. القراء الكبار ج 1، ص 390.
إنباه الرواة ج 3، ص 155. تلخيص ابن مكتوم ص 214.(2/376)
تصدّر «محمّد بن عبد الله» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «عبد السيد بن عتاب، وعبد العزيز بن الحسين، وأبو علي الشرمقاني، وأبو الحسن الخياط، وأبو القاسم الهذلي» وآخرون.
اشتهر «محمّد بن عبد الله» بالثقة والضبط وغير ذلك من الصفات الحميدة مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «محمّد بن عبد الله نزيل بغداد، مقرئ صالح، عالي الإسناد، ثقة» اه.
وقال «القفطي»: «محمّد بن عبد الله الأديب الأصبهاني حافظ النحو واللغة، وروى الحديث، واستفاد الناس منه، وأخذوا عنه مدة طويلة» اه.
توفي «محمّد بن عبد الله» في ليلة الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/377)
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 98 «محمّد بن عبد الله» (1) ت 452هـ
هو: محمّد بن عبد الله، ويقال: محمّد بن عبيد الله أبو الحسين المؤدب البغدادي، الضرير، وهو من القراء الثقات.
أخذ القراءة عن «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي»، وهو من القراء، والمحدثين الثقات.
ولد سنة ثلاثمائة، وأخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر ابن مجاهد» وسمع حروف القراءات من «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وآخرين.
ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد الحدّاد» وآخرون.
توفي «أبو حفص الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
وأخذ «محمّد بن عبد الله» سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، فقد سمع «أبا الحسن الدارقطني، وأبا حفص بن شاهين، وأبا طاهر المخلص».
توفي «محمّد بن عبد الله» يوم السبت سادس المحرم سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 5، ص 476ورقم الترجمة 3030. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 421ورقم الترجمة 359. وغاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 191ورقم الترجمة 3205.(2/378)
رقم الترجمة / 99 «محمّد بن عليّ الشّوكاني» (1) ت 1250هـ
هو: محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني. وهو من حفاظ القرآن، ومن خيرة العلماء المجتهدين المؤلفين: وهو مفسّر، محدث، فقيه، أصوليّ، مؤرخ، أديب، نحوي، منطقي، متكلم، حكيم.
كتب «الشوكاني» لنفسه ترجمة في كتابه «البدر الطالع» أسوة بغيره من المحدثين، والعلماء، وهذا ملخص لما كتبه:
ولد يوم الاثنين الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف، بهجرة شوكان من بلاد خولان، ونشأ بصنعاء، فقرأ «القرآن» على جماعة من المعلمين، ثم ختمه على الفقيه «حسن بن عبد الله» وجوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء، ثم حفظ الكثير من الكتب، منها: كتاب «الأزهار» للإمام المهدي، ومختصر الفرائض للعصيفري، والملحة للحريري، والكافية الشافية لابن الحاجب، والتهذيب للتفتازاني، والتلخيص للقزويني، ومنظومة الجزري، وآداب البحث للعضد، ومع ذلك كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ، ومجاميع الأدب، ثم شرع في طلب العلم، وأخذ علومه عن عدد كبير من العلماء: فقرأ على والده رحمه الله تعالى في شرح الأزهار، وشرح الناظري لمختصر العصيفري، وقرأ الفقه على «أحمد بن محمّد بن الحرازي» وبه انتفع، وعليه تخرج، وطالت ملازمته له نحو ثلاث عشرة سنة.
وفي أيام قراءته في الفروع شرع في قراءة النحو فقرأ عدة كتب في ذلك منها: «الملحة وشرحها» على العلّامة «إسماعيل بن الحسن بن أحمد»، وقرأ
__________
(1) انظر ترجمته في: البدر الطالع للشوكاني ج 2، ص 214ورقم الترجمة 482.
معجم المؤلفين ج 11، ص 53.(2/379)
شرح «الرضي» على الكافية على «القاسم بن يحيى الخولاني»، وقرأ شرح «إيساغوجي» للقاضي زكريا على «عبد الله بن اسماعيل النّهمي».
وقرأ الشرح المطول للسعد التفتازاني، وقرأ شرح جمع الجوامع للمحلّى على «عبد القادر بن أحمد»، وقرأ شرح الجزرية، على «هادي بن حسين»، وقرأ «البحر الزخار» وحاشيته، وتخريجه، وضوء النهار على شرح الأزهار على «عبد القادر بن أحمد». وقرأ الكشاف وحاشيته، على «الحسن بن إسماعيل المغربي».
وسمع صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وبعض الموطإ، وبعض شفاء القاضي عياض، على «عبد القادر بن أحمد».
وسمع جميع سنن «أبي داود» وتخريجها للمنذري، على «الحسن بن إسماعيل المغربي». وكذلك سمع شرح بلوغ المرام، على «الحسن بن إسماعيل» وهناك كتب أخرى ذكرها الشوكاني، أعرضت عن ذكرها، وبعد ذلك يقول «الشوكاني»: هذا ما أمكن سرده من مسموعات صاحب الترجمة ومقروءاته، وله غير ذلك من المسموعات والمقروءات.
ثم يقول الشوكاني عن نفسه: «وكانت قراءتي لما تقدم ذكره في «صنعاء» ولم أرحل لأعذار منها: عدم الإذن من الأبوين، وقد درس جميع ما تقدم ذكره، وأخذه عنه الطلبة، وتكرر أخذهم عنه في كل يوم من تلك الكتب، وكثيرا ما كان يقرأ على مشايخه، فإذا فرغ من كتاب قراءة أخذه عنه تلامذته، بل ربما اجتمعوا على الأخذ عنه قبل أن يفرغ من قراءة الكتاب على شيخه، وكان يبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسا، منها ما يأخذه من مشايخه، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته، واستمرّ على ذلك مدّة حتى لم يبق عند أحد من شيوخه ما لم يكن من جملة ما قد قرأه.
ثم يقول الشوكاني عن نفسه: ثم إن صاحب الترجمة جلس لإفادة الطلبة فقط، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس، في فنون
متعددة، واجتمع منها في بعض الأوقات: التفسير، والحديث، والأصول، والنحو، والصرف، والبيان، والمعاني والمنطق، والفقه، والجدل، والعروض.(2/380)
ثم يقول الشوكاني عن نفسه: ثم إن صاحب الترجمة جلس لإفادة الطلبة فقط، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس، في فنون
متعددة، واجتمع منها في بعض الأوقات: التفسير، والحديث، والأصول، والنحو، والصرف، والبيان، والمعاني والمنطق، والفقه، والجدل، والعروض.
ثم يقول الشوكاني: وكان في أيام قراءته على الشيوخ، وإقرائه لتلامذته يفتي أهل مدينة صنعاء، بل ومن وفد إليها، بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية، وشيوخه إذ ذاك أحياء، وكادت الفتيا تدور عليه من أعوام الناس وخواصهم، واستمرّ يفتي من نحو العشرين من عمره فما بعد ذلك، وكان لا يأخذ على الفتيا شيئا تنزها.
ويقول الشوكاني عن نفسه: وربما قال الشعر إذا دعت لذلك حاجة كجواب ما يكتبه إليه بعض الشعراء من سؤال، أو مطارحة أدبيّة، أو نحو ذلك، ومن ذلك قوله:
أنا راض بما قضى ... واقف تحت حكمه
سائل أن أفوز بالخير ... من حسن ختمه
ويقول الشوكاني عن نفسه: وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والاربعين.
ترك الشوكاني للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المصنفات في علوم متفرقة منها المطولات، ومنها المختصرات، وقد ذكرها الشوكاني أثناء ترجمته لنفسه، من هذه المصنفات: «نيل الأوطار وشرح المنتقى من الأخبار» أرشده إلى تصنيفه جماعة من شيوخه، وعرض عليهم بعضا منه.
وكتاب «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة».
وكتاب «المختصر البديع في الخلق الوسيع» ذكر فيه خلق السماوات والأرض، والملائكة، والجن، والإنس، وسرد غالب ما ورد من الآيات والأحاديث وتكلم عليها.
وكتاب «المختصر الكافي من الجواب الشوافي».(2/381)
وكتاب «المختصر البديع في الخلق الوسيع» ذكر فيه خلق السماوات والأرض، والملائكة، والجن، والإنس، وسرد غالب ما ورد من الآيات والأحاديث وتكلم عليها.
وكتاب «المختصر الكافي من الجواب الشوافي».
ورسالة في أحكام الاستجمار، ورسالة في أحكام النفاس، ورسالة في الكلام على وجوب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم في الصلاة، والقول الصادق في إمامة الفاسق، ورسالة في «أسباب سجود السهو» وكتاب «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» وكتاب «فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير» في خمسة مجلدات.
ورسالة في وجوب الصوم على من لم يفطر إذا وقع الإشعار في دخول رمضان في النهار.
ورسالة في كون الخلع طلاقا، أو فسخا. ورسالة في حكم الطلاق ثلاثا، ورسالة في الطلاق البدعي، ورسالة في نفقة المطلقة، ورسالة في بيع الشيء قبل قبضه، وشفاء العلل في حكم زيادة الثمن لأجل الأجل.
والقول المحرر في حكم لبس المعصفر، وسائر أنواع الأحمر.
والبحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتّر، وإتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة، ورسائل في أحكام لبس الحرير، ورسالة في حكم المخابرة، وزهر النّسرين الفائح بفضائل العمرين.
ورسالة في لحوق ثواب القراءة، المهداة من الأحياء إلى الأموات، والقول المقبول في ردّ خبر المجهول من غير صحابة الرسول، وفتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير، وتنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام، والدرّ النضيد في إخلاص التوحيد، والقول الجليّ في لبس النساء الحليّ، والقول المفيد في حكم التقليد، والفتح الرباني في فتاوى الشوكاني.
ثم يقول الشوكاني بعد سرده لهذه المصنفات: هذا ما أمكن خطوره بالباب حال تحرير هذه الترجمة، ولعل ما لم يذكر أكثر مما ذكر، وقد كان جميع ما
تقدم من القراءة على شيوخه في تلك الفنون، وقراءة تلامذته لها عليه مع غيرها، وتصنيف بعض ما تقدم تحريره، قبل ان يبلغ صاحب الترجمة أربعين سنة، بل درس في شرحه للمنتقى قبل ذلك، وترك التقليد، واجتهد رأيه اجتهادا مطلقا غير مقيّد، وهو قبل الثلاثين، وكان منجمعا عن بني الدنيا لم يقف بباب أمير، بل كان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا.(2/382)
ثم يقول الشوكاني بعد سرده لهذه المصنفات: هذا ما أمكن خطوره بالباب حال تحرير هذه الترجمة، ولعل ما لم يذكر أكثر مما ذكر، وقد كان جميع ما
تقدم من القراءة على شيوخه في تلك الفنون، وقراءة تلامذته لها عليه مع غيرها، وتصنيف بعض ما تقدم تحريره، قبل ان يبلغ صاحب الترجمة أربعين سنة، بل درس في شرحه للمنتقى قبل ذلك، وترك التقليد، واجتهد رأيه اجتهادا مطلقا غير مقيّد، وهو قبل الثلاثين، وكان منجمعا عن بني الدنيا لم يقف بباب أمير، بل كان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا.
وهكذا كان الشوكاني، حتى توفاه الله تعالى سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/383)
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 100 «محمّد النّجّار» (1) ت 402هـ
هو: محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي النحوي المعروف بابن النجار.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
ولد «ابن النجار» أول سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة. أخذ «ابن النجار» القراءة عن خيرة العلماء، يقول «ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا عن «محمّد بن الحسن بن يونس، والحسن بن داود النقار، وعن أبيه جعفر بن محمّد (2).
كما أخذ حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء.
يقول «الخطيب البغدادي»: قدم «محمّد بن النجار» بغداد، وحدث بها عن «محمّد بن الحسين الأشناني، وعبيد الله بن ثابت الحريري، وإسحاق بن محمّد بن مروان، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، وأبي بكر بن دريد، ونفطويه، وأبي روق الهزّاني، ومحمّد بن يحيى الصولي» (3).
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 2، ص 158. وإرشاد الأريب ج 18 ص 103. وإنباه الرواة ج 3، ص 83. وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1062. والوافي بالوفيات ج 2، ص 305. والبداية والنهاية ج 11، ص 347. ومعرفة القراء ج 1، ص 367. وطبقات القراء ج 2، ص 11. وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج 1، ص 31. وبغية الوعاة ج 1، ص 69. وشذرات الذهب ج 3، ص 164.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111.
(3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 367.(2/384)
تصدر «محمّد بن النجار» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة، وصحة السند، وعمّر طويلا، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن «ابن النجار» «الحسن ابن محمّد البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي العطار» (1).
وقال «الخطيب البغدادي»: حدثنا عن «محمّد بن النجار» «محمّد بن عليّ ابن مخلد الوارق، وأحمد بن علي بن التوزي، وأبو القاسم الأهوازي، وأحمد ابن عبد الواحد الوكيل»، وغيرهم، ثم يقول «البغدادي»: وذكر لي «الحسن ابن علي بن عبد الله المقرئ، وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل» أنهما سمعا منه ببغداد في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (2).
اشتهر «ابن النجار» بين العلماء بالدقة والثقة، مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو علي البغدادي»: كان «ابن النجار» من جلة أهل العربية ومن أهل الحديث، مثقفا، فاضلا (3).
وقال «ابن الجزري»: «ابن النجار مقرئ نحوي معمّر مسند ثقة» (4) وقال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي، وأبو منصور محمّد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري» قالا: توفي أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار المقرئ، بالكوفة في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111.
(2) انظر تاريخ بغداد ج 2، ص 159.
(3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111.
(4) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111.(2/385)
رقم الترجمة / 101 «محمّد بن هانئ» (1) ت بعد 390هـ
هو: محمّد بن إبراهيم بن هانئ بن عيشون أبو عبد الله القيسي الأندلسي الألبيري.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «محمّد بن هانئ» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: رحل وأخذ القراءات عرضا عن محمّد بن عبد الله بن أشتة، وسمع منه كتاب «المحبر» (2).
تصدر «محمّد بن هانئ» لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، يأخذون عنه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: حدّث وكتب، وقرأ عليه غير واحد من أصحابنا».
وقال «ابن الجزري»: وممن قرأ عليه «مروان بن عبد الملك».
توفي «محمّد بن هانئ» بعد التسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 388. طبقات القراء ج 2، ص 47.
التكملة لكتاب الصلة ص 374والذيل والتكملة ج 6، ص 106.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 47.(2/386)
رقم الترجمة / 102 «محمّد الهرواني» (1) ت 402هـ
هو محمّد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني.
ولد سنة خمس وثلاثمائة من الهجرة.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» 833هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «الهرواني» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «محمّد بن الحسن بن يونس النحوي، وحماد بن أحمد الكوفي» (2).
كما أخذ «الهرواني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «الهرواني» عليّ بن محمّد بن هارون الحميري، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، ونحوهما. وقدم بغداد وحدث بها، وكان ثقة فاضلا جليلا، يقرئ القرآن، ويفتي في الفقه على مذهب «أبي حنيفة» وكان من عاصره من الكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من هو أفقه منه (3).
ومن الأحاديث التي رواها «الهرواني» وذكرها «الخطيب البغدادي» ما يلي:
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 5، ص 473. وتذكره الحفاظ ج 3، ص 1062. والوافي بالوفيات ج 3، ص 320. والجواهر المضيئة ج 2، ص 65. ومعرفة القراء ج 1، ص 368. وطبقات القراء ج 2، ص 177. وشذرات الذهب ج 3، ص 165.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. والقراء الكبار ج 1، ص 368.
(3) انظر تاريخ بغداد ج 5، ص 472.(2/387)
قال «البغدادي»: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، حدثنا محمّد بن عبد الله الهرواني الكوفي ببغداد، حدثنا علي بن محمّد بن هارون الحميري، حدثنا أبو كريب محمّد بن العلاء، حدثنا عبد الله بن إدريس بن الفرات القزاز عن أبيه عن «أبي حازم» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، كلما ذهب نبي خلفه نبي، وإنه ليس كائن بعدي نبي».
قالوا: يا رسول الله فما يكون؟ قال: «يكون خلفاء ويكثرون».
قالوا: «يا رسول الله فما نصنع؟ قال: «أوفوا بيعة الأول فالأول، أدّوا الذي عليكم، ويسألهم الله الذي عليهم» اه (1).
تصدر «محمّد الهرواني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، ومحمّد بن علي بن الحسن العلوي، وأبو علي الشرمقاني، وأبو علي العطّار، وأبو الفضل الخزاعي» (2).
احتل «محمّد الهرواني» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.
قال العتيقي»: ما رأيت بالكوفة مثله» (3).
وقال «أبو علي المالكي»: كان من جلة أصحاب الحديث، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر» (4).
__________
(1) انظر تاريخ بغداد ج 5، ص 472.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. والقراء الكبار ج 1، ص 368.
(3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.
(4) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.(2/388)
وقال «أبو العزّ عن أبي علي الواسطي»: كان «محمّد الهرواني» جليلا في زمانه، يرجل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد (1).
وقال «ابن الجزري»: أبو عبد الله الجعفي الكوفي نحوي، مقرئ، ثقة يعرف بالهرواني بفتح الهاء والراء، وهو الذي كان يأخذ بإعادة الإخلاص ثلاث مرات عند الختم، انفرد بذلك في رواية «الأعشى» ذكر ذلك عنه «أبو الفخر حامد بن حسنويه القزويني، والظاهر ذلك اختيار منه (2).
قال «أحمد بن علي بن التوزي»: توفي القاضي أبو عبد الله بن الهرواني بالكوفة في ليلة الخميس الثاني عشر من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، وقد نيف على التسعين سنة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.(2/389)
رقم الترجمة / 103 «مسافر بن الطيّب» (1) ت 443هـ
هو: مسافر بن الطيب بن عبّاد أبو القاسم البصري، ثم البغدادي.
ولد «مسافر» سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
أخذ «مسافر» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن محمّد بن إبراهيم بن خشنام المالكي أبو الحسن البصري الدلّال»، وهو شيخ مشهور، زاهد، صالح، ثقة، عدل.
عرض القراءة على: «أبي العباس محمّد بن يعقوب المعدّل، وأبي بكر محمّد ابن موسى الزينبي».
وأخذ عن «ابن خشنام» القراءة: «أحمد عبد الكريم بن عبد الله القاضي، ومسافر بن الطيب، ومحمّد بن الحسين الكارزيني، وعليّ بن أحمد الجوردكي، وطاهر بن غلبون، وأبو القاسم عبد العزيز بن محمّد الفارسي، وأبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري، والحسن بن محمّد بن الفحام، ومحمّد بن نزار التكريتي».
توفي «ابن خشنام» بالبصرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
تصدّر «مسافر بن الطيّب» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن ابن خيرون أبو الفضل البغدادي»، وهو أستاذ مقرئ ثقة، وأخذ القراءة
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 13، ص 231. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 341. طبقات القراء ج 2، ص 294293.(2/390)
عرضا عن: عليّ بن طلحة البصري، وروى الحروف عن «الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمري».
وروى القراءات عنه عرضا: ابن أخيه «محمّد بن عبد الملك» وروى عنه حروف القراءات: «إبراهيم بن محمّد الهيتي».
ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: عبد السيّد بن عتاب بن محمّد بن جعفر ابن عبد الله الحطاب»، بالحاء المهملة أبو القاسم البغدادي، الضرير، قرأ على:
«الحسن بن عليّ بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمّامي، وعلي بن أحمد بن محمّد بن داود الرزاز، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمّد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمّد بن عليّ بن زلال، ومحمّد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي».
وقرأ على «عبد السيّد بن عتاب»: أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمّد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري.
توفي «عبد السيّد» سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن الجراح أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي، وهو إمام مقرئ ضابط مجوّد القراءة، ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة، وأخذ القراءة عن «علي ابن عمر بن بكير النجار، وعلي بن الصقر الدينوري».
وقرأ عليه: «أبو محمّد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري، وسعد الله ابن الدجاجي».
ونظم في القراءات كتابا، وانتهت إليه رئاسة القراءة.
وكان يصلي بالمستظهر بالله التراويح، توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة.(2/391)
ونظم في القراءات كتابا، وانتهت إليه رئاسة القراءة.
وكان يصلي بالمستظهر بالله التراويح، توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمّد أبو معشر الطبري، القطان الشافعي، شيخ أهل مكة، وهو إمام عارف محقق، وأستاذ ثقة صالح.
قرأ على: «أبي القاسم عليّ بن محمّد بن علي الزيدي بحرّان، وأبي عبد الله الكارزيني، وابن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسين بن محمّد الأصفهاني، وأبي الفضل عبد الرحمن بن الحسن الرازي، وعليّ بن الحسين الطريثيثي».
وقرأ عليه: «الحسن بن بليمة، وإبراهيم بن عبد الملك القزويني، وعبد الله ابن منصور بن أحمد البغدادي، وعبد الله بن عمر بن العرجاء، وإبراهيم بن المسبّح ومحمّد بن إبراهيم بن نعم الخلف، ومنصور بن الحسين، ومحمّد بن إبراهيم الأزجاهي، وعبد الله بن أبي الوفاء القيسي، وسليمان بن عبد الله الأنصاري، ويحيى بن الخلوف الحميري». وألف كتاب «التلخيص» في القراءات الثمان، وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب «عنوان المسائل» وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتابا في اللغة.
توفي «أبو معشر الطبري» بمكة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: أحمد بن عبد القادر بن يوسف أبو الحسين المقرئ، وقد قرأ عليه «أبو الكرم الشهرزوري».
ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار، أبو طاهر البغدادي الحنفي، وهو أستاذ كبير ثقة محقق، قرأ على:
«الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي
ابن محمّد بن فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمّد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمّد ابن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور ابن محمّد بن عبد الله التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله ابن محمّد بن مكي، وأبي الفتح عبد الواحد بن شيطا، وأحمد بن محمّد بن إسحاق المقري، ومسافر بن الطيب البصري» وروى قراءة الإمام محمّد بن إدريس الشافعي عن «أبي الفرج الحسين بن عليّ الطناجيري»، ورواية «المسيبي» عن:(2/392)
«الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي
ابن محمّد بن فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمّد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمّد ابن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور ابن محمّد بن عبد الله التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله ابن محمّد بن مكي، وأبي الفتح عبد الواحد بن شيطا، وأحمد بن محمّد بن إسحاق المقري، ومسافر بن الطيب البصري» وروى قراءة الإمام محمّد بن إدريس الشافعي عن «أبي الفرج الحسين بن عليّ الطناجيري»، ورواية «المسيبي» عن:
«محمّد بن عبد الواحد بن رزمة» ورواية «الثعلبي» عن «ابن ذكوان»: عن «عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، ورواية «العجليّ» عن حمزة» عن «الحسن بن محمّد الخلال»، ورواية «الدوري عن الكسائي» عن عليّ بن محمّد ابن قشيش، ورواية «أبي الحارث» عن «عبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي».
قرأ عليه: «أبو عليّ بن سكرة الصدفي، ومحمّد بن الخضر، وأبو محمّد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري». وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي».
توفي «ابن سوار» سنة تسع وتسعين وأربعمائة.
توفي «مسافر بن الطيّب» في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.(2/393)
توفي «مسافر بن الطيّب» في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة / 104 «أبو مسلم الكاتب» (1) ت 399هـ
هو: محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم كاتب الوزير «أبي الفضل» البغدادي نزيل مصر، ولد سنة خمس وثلاثمائة.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو مسلم الكاتب» القراءة عن خيرة العلماء، يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن «أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع» وسمع من «ابن دريد، ونفطويه، وابن الأنباري» وأبي القاسم البغوي، وابن أبي داود». ودخل المغرب فسمع من «أبي القاسم زياد بن مؤنس» (2).
كما أخذ «أبو مسلم الكاتب» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: نزل «أبو مسلم الكاتب» مصر وحدث بها عن «أبي القاسم البغوي، وعبد الله بن أبي داود، ويحيى بن محمد بن صاعد، وبدر ابن الهيثم، وسعيد بن محمد ابن أخي زبير الحافظ، وأبي بكر بن دريد، وأبي بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن عرفة النحوي» (3).
ثم يقول «الخطيب البغدادي»: حدثنا عنه «أحمد بن محمد العتيقي،
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 1، ص 323. وميزان الاعتدال ج 3، ص 461. والوافي بالوفيات ج 2، ص 52. ومعرفة القراء ج 1، ص 359. وطبقات القراء ج 2، ص 73.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73.
(3) انظر تاريخ بغداد ج 1، ص 323.(2/394)
والقاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المصري».
ثم يقول: وحدثني «الصوري» قال: حدثني «أبو الحسن العطار وكيل «أبي مسلم الكاتب» وكان من أهل العلم، والمعرفة بالحديث، كتب وجمع ولم يكن بمصر بعد «عبد الغني بن سعيد» أفهم منه، قال: «ما رأيت في أصول «أبي مسلم» عن «البغوي» شيئا صحيحا غير جزء واحد، كان سماعه فيه صحيحا، وما عدا ذلك مفسودا» (1).
تصدر «أبو مسلم الكاتب» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن أبي مسلم الكاتب: الحافظ أبو عمرو الداني، وقال: كتبنا عنه كثيرا، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة. اهـ (2)
احتل «أبو مسلم الكاتب» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول «ابن الجزري»: أبو مسلم الكاتب نزيل مصر معمّر مسند عالي السند» (3).
توفي «أبو مسلم الكاتب» في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر تاريخ بغداد ج 1، ص 323.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73.
(3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73.(2/395)
رقم الترجمة / 105 «أبو معشر الطّبري» (1) ت 478هـ
هو: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي، أبو معشر الطبري القطان، وهو من خيرة القرّاء، ومن الثقات المشهورين، وصاحب المؤلفات النافعة المفيدة. فقد ألف كتاب «التلخيص في القراءات الثمان» وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب «الدّرر في التفسير» وكتاب «الرشاد في شرح القراءات الشاذة، وكتاب «عنوان المسائل»، وكتاب «طبقات القراء، وكتاب «العدد»، وكتابا في اللغة.
احتلّ «أبو معشر الطبري» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «ابن الجزري»:
«هو شيخ أهل مكة، وإمام عارف، محقق، استاذ كامل، ثقة» (2).
أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة، وحروف القرآن عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني». وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة، والصلاح، ومن المعمّرين. احتلّ «عليّ بن محمد» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، وسيرة حسنة، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»:
«أبو القاسم الحسيني، آخر من قرأ على «النقاش» وكان ضابطا، ثقة،
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 435. ورقم الترجمة 371. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 401ورقم الترجمة 1708. ميزان الاعتدال ج 2، ص 644. مرآة الجنان ج 3، ص 123. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 338ورقم الترجمة 298. شذرات الذهب ج 3، ص 358.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 401.(2/396)
مشهورا، أقرأ بحرّان دهرا طويلا» اه (1).
أخذ «أبو القاسم الحسيني» القراءة، وحروف القرآن عن عدد من العلماء فقد قرأ بالروايات على «أبي بكر النقاش» وسمع منه تفسيره.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو معشر الطبري».
توفي «أبو القاسم الحسيني» في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد بن آذربهرام، أبو عبد الله الكارزيني الفارسي»، وهو من مشاهير القراء الثقات الضابطين، انفرد بعلوّ الإسناد في زمانه، قال عنه «الإمام الذهبي»: «محمد بن الحسين، مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة» (2).
أخذ «محمد بن الحسين» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:
«الحسن بن سعيد المطوعي» وهو آخر من قرأ عليه.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين».
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: أحمد بن سعيد بن أحمد بن
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 573.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.(2/397)
عبد الله، المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري.
وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وصحّة الإسناد، ومن المعمّرين، انتهى إليه علوّ الإسناد في زمانه.
أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:
«أبو معشر الطبري».
توفي «أحمد بن سعيد» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.
وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري»، وهو من القراء الكبار المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد.
أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «قسيم بن مطير». ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بصحة الإسناد، وأقبل الطلاب عليه يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو معشر الطبري».
توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار».
ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وهو من مشاهير علماء القراءات، ومن الثقات المؤلفين، صاحب كتاب «جامع الوقوف».
أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»:(2/398)
ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وهو من مشاهير علماء القراءات، ومن الثقات المؤلفين، صاحب كتاب «جامع الوقوف».
أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»:
«كان مقرئا، فاضلا، كثير التصانيف، حسن السيرة، متعبّدا، حسن العيش قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث» اه (1).
وقال «عبد الغافر الفارسي»: كان ثقة جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم» اه (2).
رحل «عبد الرحمن بن أحمد» إلى كثير من المدن، والبلاد من أجل تلقي العلم، والأخذ عن الشيوخ، وكانت رحلته الأولى وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ومكث في طوافه بالبلاد إحدى وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.
أخذ «عبد الرحمن بن أحمد» القراءة عن عدد كبير من علماء القراءات، منهم: «علي بن داود الدارانيّ، وأبو الحسن الحمامي» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري».
توفي «عبد الرحمن بن أحمد» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة.
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «علي بن الحسين بن زكريا، أبو الحسن الطريثيثي»، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والاتقان.
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.(2/399)
أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبيد الله ابن مهران، وأبو علي الأهوازي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «علي بن الحسين».
ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد، أبو علي الأهوازي» ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المعروفين بصحة الإسناد.
أخذ القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات، وفي مقدمتهم: «إبراهيم ابن أحمد بن محمد الطبري البغدادي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالصحة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو معشر الطبري».
توفي «الحسن بن علي» في ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
كما أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن مشاهير القراء، أخذ كذلك سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من خيرة المحدثين، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وسمع الحديث من «أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النعمان تراب بن عمر، وعبد الله بن يوسف، وأبي الطيب الطبري» اه (1).
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436.(2/400)
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي معشر الطبري» تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل فجّ عميق يأخذون عنه ويتلقون عليه، ومن تلاميذه في القراءة: «الحسن بن خلف بن عبد الله بن بلّيمة بفتح الباء، وتشديد اللام المكسورة القيرواني»، ونزيل الإسكندرية، ومؤلف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات».
ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءات فرحل في طلبها إلى بعض المدن الإسلامية، ومن ذلك أنه رحل إلى «مكة المكرمة» وقرأ على بعض شيوخها، وفي مقدمتهم: «أبو معشر الطبري».
وبعد أن حصّل العلم وقراءات القرآن تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب.
ومن الذين قرءوا عليه: «أبو العباس أحمد بن الحطيئة».
توفي «الحسن بن خلف» بالإسكندرية ثالث رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إبراهيم بن عبد الملك بن محمد أبو إسحاق القزويني»، ينعت بالضياء، وهو من خيرة القراء المتصدرين، ومن المشهورين بالثقة، وصحة الإسناد، وكان شيخ قزوين.
أخذ القراءات على عدد من خيرة العلماء، فقد قرأ بالروايات على «أبي معشر الطبري».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه.
ومن تلاميذه: «أحمد بن إسماعيل القزويني» توفي «إبراهيم بن عبد الملك» بقزوين في حدود الأربعين وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة.(2/401)
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه.
ومن تلاميذه: «أحمد بن إسماعيل القزويني» توفي «إبراهيم بن عبد الملك» بقزوين في حدود الأربعين وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن منصور بن أحمد بن الخطاب بن سعيد، أبو غالب البغدادي»، وهو شيخ ضابط، ثقة، صالح، متقن، مجوّد.
أخذ القرآن، والقراءات عن عدد من مشاهير القرّاء، فقد أخذ القراءات تلاوة عن «أبي معشر الطبري»، وأحمد بن عليّ بن عبد الله».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، والقراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بالثقة وحسن الأداء، وصحة الإسناد. وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، فقد قرأ عليه بالروايات: «الحسن بن أحمد الهمذاني».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن منصور».
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن عمر بن العرجاء، وهي أمّه، أبو محمد القيرواني». وهو مقرئ حاذق، ثقة، رحّال، فقد رحل إلى «مكة المكرمة» وأقام مجاورا زمانا يؤم الناس.
أخذ «عبد الله بن عمر» القراءة، وحروف القراءات عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نفيس، وأبو معشر الطبري، وعبد الباقي ابن الحسن».
وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح أهلا للتعليم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس بالضبط، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه.
ومن الذين قرءوا عليه: «ولده الشيخ أبو علي الحسن، وعبد الله بن خلف البيّاسي» وغيرهما كثير.(2/402)
وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح أهلا للتعليم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس بالضبط، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه.
ومن الذين قرءوا عليه: «ولده الشيخ أبو علي الحسن، وعبد الله بن خلف البيّاسي» وغيرهما كثير.
توفي «عبد الله بن العرجاء» في حدود الخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «محمد إبراهيم بن نعم الخلف، أبو عبيد الله الأندلسي». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، والتقوى، والصلاح، أخذ القرآن، وحروف القراءات عن عدد من خيرة العلماء، ورحل في سبيل العلم، والأخذ عن الشيوخ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى «مكة المكرمة» وقرأ بالروايات على «أبي معشر الطبري».
توفي «محمد بن إبراهيم» سنة سبع وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأزجاهي: بفتح الهمزة، وسكون الزاي، نسبة إلى «أزجاه» وهي إحدى قرى «خابران» من «خراسان» وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
الأبيوردي: بفتح الهمزة، وكسر الباء، وفتح الواو، وسكون الراء وهي نسبة إلى «أبيورد» وهي بلدة من بلاد «خراسان» (2).
وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، وصحة السند.
أخذ القراءة، وحروف القراءات عن عدد من العلماء، فقد أخذ القراءات عن «أبي معشر الطبري» بمكة المكرمة.
وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح أهلا للتدريس تصدر لتعليم القرآن وحروف القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد
__________
(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 119.
(2) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 79.(2/403)
الهمذاني» ببغداد.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن إبراهيم» رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن أبي الوفاء، أبو محمد القيسيّ، الصقليّ» وهو من القراء المتصدرين المشهود لهم بالثقة، والأمانة.
أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من القراء، فقد أخذ القراءات عن «أبي معشر الطبري».
وبعد أن اصبح أهلا لتعليم القرآن وحروفه، جلس لذلك، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «الشريف الخطيب أبو الفتوح».
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «سليمان بن عبد الله بن سليمان الأنصاري». وهو من القراء الثقات، المعروفين بصحة الإسناد، أخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو معشر الطبري».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه حسبما ذكره «ابن عيسى»: «عبد الله بن محمد بن خلف الداني».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «سليمان بن عبد الله».
ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إبراهيم بن المسبح الفضي، ومنصور بن الحسين».
وكما تصدّر «أبو معشر الطبري» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، تصدّر أيضا لتعليم سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم وأخذ عنه الكثيرون، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي: «وحدث عنه «أبو بكر محمد بن عبد الباقي، وإبراهيم
ابن أحمد الصيمري» وغيرهما (1).(2/404)
وكما تصدّر «أبو معشر الطبري» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، تصدّر أيضا لتعليم سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم وأخذ عنه الكثيرون، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي: «وحدث عنه «أبو بكر محمد بن عبد الباقي، وإبراهيم
ابن أحمد الصيمري» وغيرهما (1).
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم كتاب الله تعالى، وسنة نبيّه عليه الصلاة والسلام، توفي «أبو معشر الطبري» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
__________
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436.(2/405)
رقم الترجمة / 106 «مكّي بن أبي طالب» (1) ت 437هـ
هو: مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي، القيرواني ثم الأندلسي القرطبي. إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجوّدين.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
ولد «مكّي بن أبي طالب» بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة.
حفظ «مكّي بن أبي طالب» القرآن منذ نعومة أظفاره، ثم بعد ذلك رحل إلى البلاد الإسلامية في سبيل طلب العلم، ففي سنّ مبكرة لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره شدّ الرحال إلى مصر، فكان يقيم سنتين وثلاثا ثم يعود إلى القيروان، وكان يرحل إلى بلاد الحجاز ليؤدي فريضة الحج، وكان يلقى الشيوخ، ويأخذ عنهم، ويستدرك، ويستكمل، ولا يقصّر، واستمرت رحلاته في سبيل العلم مدّة خمس وعشرين سنة، قضاها متردّدا بين القيروان، ومصر، والحجاز، والشام.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
القراء الكبار ج 1، ص 394. طبقات القراء ج 2، ص 309. نزهة الألباء ص 254. إنباه الرواة ج 3، ص 313. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 631. وفيات الأعيان ج 5، ص 274.
مرآة الجنان ج 3، ص 57. الديباج المذهب ج 2، ص 342. النجوم الزاهرة ج 5، ص 46.
بغية الوعاة ج 2، ص 298. شذرات الذهب ج 3، ص 260. طبقات المفسرين للداودي ج 2، ص 331.(2/406)
قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: «كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية، حسن الفهم والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف، في علوم القرآن، محسنا مجوّدا، عالما بمعاني القراءات، أخبرني أنه سافر إلى «مصر» وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردد إلى المؤدبين بالحساب، وأكمل القرآن، ورجع إلى القيروان، ثم رحل فقرأ القراءات على «طاهر بن غلبون» سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحج، ثم حج سنة سبع وثمانين، وجاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وجلّ قدره» اه (1).
تلقى «مكّي بن أبي طالب» العلوم المختلفة على خيرة العلماء بالقيروان، ومصر، ومكة المكرمة. فمن شيوخه الذين أخذ عنهم «بالقيروان» الحافظ أبو الحسن القابسي وهو من جلة شيوخه، وكان موضع الإجلال، أخذ عنه «مكي» القراءة والحديث ومن شيوخه «بالقيروان» «أبو محمد بن أبي زيد».
انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالمغرب، وذكر «القاضي عياض» أنه حاز رئاسة الدين والدنيا، وكان يسمى مالكا الأصغر، وقد تفقه عليه «مكي ابن أبي طالب» ت 389هـ.
ومن شيوخه «بمصر» «محمد بن علي أبو بكر الأدفوي».
ذكر «الذهبي» أنه برع في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره، وقد لزم «أبا جعفر النحاس» وروى عنه كتبه، وأخذ القراءة عرضا عن «المظفر ابن أحمد بن سمعان». وذكر «الإمام الداني» أنه تفرد بالإمامة في قراءة «نافع» راوية «ورش» ت 388هـ.
__________
(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 395. وطبقات القراء ج 2، ص 309.(2/407)
ومن شيوخ «مكّي بن أبي طالب» بمصر «أبو الطيب طاهر بن غلبون» الذي يرجع إليه ضبط «مكي» للقراءة.
ومن شيوخه أيضا «أبو عديّ بن الإمام» أخذ عنه «مكي» رواية ورش.
وكان لمجاورة «مكي» بمكة أثر واضح في تلمذته على بعض الشيوخ ولقائه إياهم، ومن أبرزهم: «أحمد بن إبراهيم أبو الحسن العبقسيّ» مسند أهل الحجاز في وقته.
تصدر «مكّي بن أبي طالب» لتعليم القرآن وعلومه، واشتهر بالثقة والضبط، وحسن الأداء، والأمانة، وذاع صيته، وأقبل عليه طلاب العلم، يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: يحيى بن إبراهيم بن البياز، وموسى بن سليمان اللخمي، وأبو بكر محمد بن المفرّج، ومحمد بن أحمد ابن مطرف الكناني، وعبد الله بن سهل، ومحمد بن محمد بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بن فرج المغامي، ومحمد بن محمد بن بشير، وحازم بن محمد، وأحمد بن محمد الكلاعي، وهو قرطبي، وكان مقرئا فاضلا، عالما بالقراءات، ضابطا لها، له عدة مؤلفات» ت 432هـ، وصلى عليه شيخه «مكي».
ومن تلاميذ «مكي» ابنه «أبو طالب محمد» وقد روى عن أبيه أكثر ما عنده، وكان «أبو طالب» وافر الحظ من الأدب، حسن الخطّ، جيّد التقييد، وكثير من مصنفات أبيه إنما كان تصنيفها عن طريقه، ولي أحكام الشرطة وأمانة الجامع بقرطبة. ت 474هـ.
ترك «مكي» للمكتبة القرآنية والعربية عدة مصنفات مفيدة بلغت أكثر من ثمانين مصنفا، قال رحمه الله: «ألفت كتابي» «الموجز في القراءات» بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «التبصرة» بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الغريب» بمكة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين
وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.(2/408)
ترك «مكي» للمكتبة القرآنية والعربية عدة مصنفات مفيدة بلغت أكثر من ثمانين مصنفا، قال رحمه الله: «ألفت كتابي» «الموجز في القراءات» بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «التبصرة» بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الغريب» بمكة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين
وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
احتلّ «مكي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «ابن بشكوال»: «قلّده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة، بعد وفاة «يونس بن عبد الله القاضي» وكان قبل ذلك ينوب عنه، وله ثمانون تأليفا، وكان خيّرا، متدينا، مشهورا بالصلاح، وإجابة الدعوة» اه (1).
وقال «الإمام ابن الجزري»: ومن تأليف «مكي» التبصرة في القراءات والكشف عليها وتفسيره الجليل، ومشكل إعراب القرآن، والرعاية في التجويد، والموجز في القراءات، وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا. اه (2).
توفي «مكي» في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 395.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 310.(2/409)
رقم الترجمة / 107 «موسى بن عيسى» (1) ت 430هـ
هو: موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي ثم القيرواني. ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
ولد «موسى بن عيسى» سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وما أن شبّ عوده حتى اتجه إلى حفظ القرآن وطلب العلم، وقد تنقل في كثير من البلاد ليأخذ عن شيوخها، ويتلقى عن علمائها، ويتفقه على فقهائها، فرحل في سبيل ذلك إلى كل من مكة المكرمة، ومصر، وبغداد.
وقد اكتسب «موسى بن عيسى» خلال رحلاته الكثير من العلم والمعرفة، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: أخذ «موسى بن عيسى» القراءة عرضا عن «أبي الحسن علي بن عمر الحمامي»، وسمع جماعة، كتب معنا بالقيروان، وبمصر، وبمكة، وتوجه إلى بغداد، وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وأقام أشهرا، وقرأ بها القرآن، وسمع الحروف، وكتب عن جماعة من محدثيها حديثا منثورا، وشاهد مجلس القاضي الإمام أبي بكر محمد بن الطيب، ثم انصرف إلى «القيروان». وأقرأ الناس بها مدّة، ثم ترك الإقراء، ودارس الفقه، وأسمع الحديث إلى أن توفي. اه (2).
أخذ «موسى بن عيسى» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
طبقات القراء ج 2، ص 321. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 389. جذوة المقتبس ص 338.
الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 611. النجوم الزاهرة ج 5، ص 30. شذرات الذهب ج 3، ص 347. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1097. الديباج المذهب ج 2، ص 337.
(2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 321.(2/410)
الحسن الحمامي» وغيره.
كما تفقه على مشاهير العلماء أمثال: أبي محمد الأصيلي، وأخذ أصول الفقه عن «أبي بكر بن الباقلاني». كما أخذ حديث الهادي البشير، صلّى الله عليه وسلم، عن عدد من العلماء منهم: عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وغيرهما، كما سمع من «أبي الفتح بن أبي الفوارس».
تصدر «موسى بن عيسى» للتعليم وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه القراءات والفقه، والحديث، واشتهر بالثقة والضبط، والعدالة، وذاع صيته مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «حاتم بن محمد»: كان أبو عمران الفاسي من أعلم الناس، وأحفظهم، جمع حفظ الفقه والحديث والرجال، وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفة بالجرح والتعديل، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب ولم ألف أحدا أوسع منه علما، ولا أكثر رواية. اه (1).
وقال «الحافظ الذهبي»: موسى بن عيسى الفاسي المقرئ الفقيه المالكي الأصولي شيخ القيروان، تفقه على «أبي الحسن» وهو أجلّ أصحابه، ودخل الأندلس فتفقه على «أبي محمد الأصيلي» وسمع من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، والكبار، ثم حج مرات، وقرأ القراءات ببغداد على «أبي الحسن الحمامي» وغيره، وسمع من «أبي الفتح بن أبي الفوارس» وأخذ الأصول عن «أبي بكر بن الباقلاني» وانتهت إليه رئاسة العلم بالقيروان. اه.
توفي «موسى بن عيسى» في ثلاثة عشر رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 389.(2/411)
رقم الترجمة / 108 «نصر بن عبد العزيز» (1) ت 461هـ
هو: نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي.
وهو من الثقات العدول، والمحققين المسندين.
قال أبو القاسم بن الفحام: قال لنا «أبو الحسين نصر الفارسي» إنه قرأ بالطرق والروايات، والمذاهب المذكورة في «كتاب الروضة» لأبي علي المالكي البغدادي، على شيوخ «أبي عليّ» المذكورين في «الروضة» كلهم القرآن كله، وإن «أبا علي» كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله، وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه. اه (2).
ويعقب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: قلت فتعلو لنا القراءات من طريقه عن طريق صاحب الروضة بواحد، وانتقل إلى «مصر» أي نصر بن عبد العزيز فكان مقرئ الديار المصرية ومسندها، وألف بها كتاب «الجامع في العشر».
أخذ «نصر بن عبد العزيز» حروف القراءات عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأحمد بن نصر الشذائي» وغيرهما.
ثم جلس «علي بن جعفر» لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز».
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1158. مرآة الجنان ج 3، ص 85. النجوم الزاهرة ج 5، ص 84.
حسن المحاضرة ج 1، ص 494. شذرات الذهب ج 3، ص 309. طبقات القراء ج 2، ص 336ورقم الترجمة 3729. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 422، ورقم الترجمة 360.
(2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 336.(2/412)
قال «ابن الجزري»: لا أدري متى مات «أبو الحسين السعيدي» إلا أنه بقي إلى حدود العشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسين الحمامي، شيخ العراق، ومسند الآفاق، وهو من الثقات البارعين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرد بأسانيد القرآن وعلوّها (1).
أخذ «علي بن أحمد» القراءات عرضا عن مشاهير العلماء. وفي مقدمتهم:
«أبو عيسى بكار، وعبد الواحد بن عمرو».
ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور».
توفي «علي بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في تسعين سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي البغدادي». وهو إمام ثقة من القراء والمحدثين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان أبو أحمد ثقة ورعا، ديّنا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه قال: لم أر في الشيوخ من يعلم الله مثل أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم ير مثله (2).
أخذ «عبيد الله» القراءة عرضا وسماعا عن «أبي الحسن بن بويان» وهو آخر من لقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» كما أخذ القراءة
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.
(2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.(2/413)
عرضا عن عدد كبير وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد البغدادي» وآخرون.
جلس «عبيد الله بن محمد» لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وعبد الله بن محمد شيخ الداني» وآخرون.
توفي «عبيد الله بن محمد» في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان» من مشاهير العلماء، ومن الثقات المؤلفين، والحذاق المسندين أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم:
«زيد بن عليّ بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار»، وآخرون.
ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، والحسن بن الفضل الشرمقاني» وآخرون.
توفي «عبد الملك بن بكران» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز البغدادي»، وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المجوّدين.
أخذ قراءة «أبي عمرو بن العلاء البصري» عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد» وهو آخر أصحابه موتا.
ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور
الخباز» وآخرون.(2/414)
ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور
الخباز» وآخرون.
قال «ابن الجزري»: بقي «منصور بن محمد» إلى حدود العشر وأربعمائة أو قبل ذلك، فإن «الشيرازي» قرأ عليه بعد الأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن المظفر بن علي ابن حرب أبو بكر الدينوري» شيخ الدّينور، وإمام جامعها، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة، وكان مقرئا حاذقا.
أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسين بن محمد بن حبش الدينوري».
ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز» و «أبو علي غلام الهراس» وآخرون.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي»، نزيل بغداد وهو إمام محقق، وأستاذ متقن، وأصله من «فم الصلح» ونشأ «بواسط» ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ورحل إلى «الدينور» فقرأ على «أبي علي بن حبش، وأبي بكر أحمد بن محمد الشارب» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز». وقرأ عليه بالروايات «أبو القاسم الهذلي، وأبو علي غلام الهراس» قال عنه «الحافظ أبو عبد الله»: تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدّث عن «القطيعي، وأبي
محمد بن السقّا» وجماعة (1).(2/415)
وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز». وقرأ عليه بالروايات «أبو القاسم الهذلي، وأبو علي غلام الهراس» قال عنه «الحافظ أبو عبد الله»: تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدّث عن «القطيعي، وأبي
محمد بن السقّا» وجماعة (1).
وقال عنه «ابن الجزري»: «هو صاحب السكت عن «رويس» انفرد به عنه، وقد حدث عنه «أبو بكر الخطيب» (2).
توفى «محمد بن علي أبو العلاء الواسطي» ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ودفن بداره من بغداد.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «الحسن بن محمد بن يحيى ابن داود أبو محمد الفحّام»، المقرئ، الفقيه، البغدادي، السامري، وهو شيخ بارع مصدّر، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وجعفر بن عبد الله السامري».
ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمتهم: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس» وغيرهما.
توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن أحمد بن علي ابن يحيى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الصيدلاني.
ذكره «أبو عمرو الداني» فقال: هو مقرئ متصدر، بغدادي. يكنى أبا القاسم سمع من «يحيى بن محمد بن صاعد» وعمّر، وطالت أيامه (1).
وقال عنه «ابن الجزري»: هو من حذّاق المقرئين، الضابطين المشهورين،
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.(2/416)
قرأ على «هبة الله بن جعفر، وأبي طاهر بن أبي هاشم».
وقرأ عليه «أبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلاف»، وغيرهما.
توفي ببغداد سنة أربعمائة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالضبط وجودة القراءة. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
وأخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم» وغيرهما.
جلس «أحمد بن عبد الله» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي».
توفي «أحمد بن عبد الله» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة عن نيّف وثمانين سنة.
ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «علي بن محمد بن إسماعيل ابن الحسين أبو الحسن البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالثقة وجودة القراءة.
أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «نظيف بن عبد الله أبو الحسن الحلبي» نزيل «دمشق» سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز، وعلي
ابن محمد بن فارس الخياط» وغيرهما.(2/417)
وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز، وعلي
ابن محمد بن فارس الخياط» وغيرهما.
وقال الذهبي: بقي «علي بن محمد» إلى حدود سنة أربعمائة.
وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي مقدمة من أخذ عنهم الحديث «أبو الحسن ابن بشران، وابن رزقويه».
جلس «نصر بن عبد العزيز» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «عبد الرحمن بن عتيق أبو القاسم بن أبي سعيد بن الفحام»، وهو أستاذ ثقة، ضابط، محقق، مؤلف كتاب «التجريد» وشيخ الاسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة.
قرأ الروايات على «إبراهيم بن إسماعيل المالكي» صاحب أبي علي البغدادي، وأخذ العربية عن «علي بن ثابت» وشرح مقدمته.
قال «سليمان بن عبد العزيز الأندلسي»: «ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من «أبي القاسم بن الفحام» لا بالمشرق ولا بالمغرب» (1).
جلس «عبد الرحمن بن عتيق» لتعليم القرآن، وذاع صيته في البلاد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «نصر بن عبد العزيز».
وقرأ عليه بالروايات «أبو العباس أحمد بن الحطيّة، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي»، وغيرهما.
__________
(1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 374.(2/418)
توفي «أبو القاسم بن الفحام» سنة ست عشرة وخمسمائة.
ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «خلف بن إبراهيم بن سعيد أبو القاسم بن النخّاس القرطبي المعروف بالحصّار»، ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة والضبط وحسن القراءة، وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل تحصيل القرآن. فقد قرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر عبد الكريم الطبري»، وبمصر على «نصر بن عبد العزيز»، وبقرطبة على «أبي المطرف عبد الرحمن بن خلف، ومعاوية بن محمد العقيلي»، ثم رجع إلى قرطبة وولّي خطابتها، وجلس لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «يحيى أبو عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي، ويحيى بن سعدون القرطبي».
توفي «خلف بن إبراهيم» في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «مرشد بن يحيى المديني» وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والأمانة وحسن الأداء.
أخذ «مرشد» القراءة عن «نصر بن عبد العزيز» وروى حروف القراءات العشر سماعا من كتاب «الجامع» عن مؤلفه «نصر بن عبد العزيز» أيضا.
جلس مرشد لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وقد روى عنه حروف القراءات العشرة بمضمّن كتاب «الجامع» «أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «مرشد».
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدّث «نصر بن عبد العزيز» عن «ابي رزقويه» وحدّث عنه «أحمد بن يحيى بن الجارود
المصري، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي» وغيرهما (1).(2/419)
وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدّث «نصر بن عبد العزيز» عن «ابي رزقويه» وحدّث عنه «أحمد بن يحيى بن الجارود
المصري، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي» وغيرهما (1).
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، توفي «نصر بن عبد العزيز» سنة إحدى وستين وأربع مائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 422.(2/420)
رقم الترجمة / 109 «أبو نصر العراقي» (1)
هو: أبو نصر منصور بن أحمد بن إبراهيم، العراقي. أستاذ كبير ومحقق شهير وشيخ خراسان.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو نصر العراقي» القراءة عن خيرة العلماء وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ «العراقي» القراءة عرضا عن: «أبي بكر بن مهران، وأبي الفرج الشنبوذي، وإبراهيم بن أحمد المروزي، والحسن بن عبد الله بن محمد صاحب ابن مجاهد، وعبد الله بن يوسف، وأحمد بن محمد السعيدي، ومحمد بن أحمد بن أبي دارة، ومحمد بن محمد بن الحسن بن عثمان الطرازي، وأحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم» وآخرين.
تصدر «أبو نصر العراقي» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: عبد الله الفراء، وابنه عبد الحميد بن منصور العراقي، وآخرون.
ترك «أبو نصر العراقي» مصنفات في القراءات منها: كتاب الإشارة، والموجز في القراءات وغير ذلك.
والعراقي هذا هو الذي حكى عنه «أبو القاسم الهذلي» في كتابه «الكامل» إن الاختلاف في مدّ المتصل كالاختلاف في المفصل، وقد أخذ ذلك «أبو
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 383. وطبقات القراء ج 2، ص 311.(2/421)
شامة» بالتسليم فحكى فيه الخلاف، وقلّده غيره، وفي تحقيق ذلك يقول الإمام ابن الجزري: لقد وقفت على كلام «العراقي» في المدّ فلم أجده حكى سوى اختلاف المراتب، ولم يحك القصر البتة (1).
توفي «أبو نصر العراقي» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، إلا أن المؤرخين ما ذكروا تاريخ وفاته.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
__________
(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 312.(2/422)
رقم الترجمة / 110 «أبو نصر الكركانحي» (1) ت 481هـ
هو: «محمد بن أحمد بن علي بن حامد أبو نصر الكركانجي: بضم الكاف، وسكون الراء، وهي نسبة إلى «كركانج» وهي اسم بلدة في «خوارزم» يقال لها: «الكركانجيّة» نسب إليها بعض العلماء (2).
ولد سنة تسعين وثلاثمائة تقريبا.
وهو من خيرة القراء، واشتهر بالثقة، والأمانة، وحسن الأداء. قال عنه «أبو سعيد السمعاني»: «له مصنفات كثيرة، ككتاب «المعول» وكتاب «التذكرة» طوّف الكثير من العراق، والحجاز، والشام، والجزيرة، وكان زاهدا، ورعا، عابدا» (3).
وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل العلم، والأخذ عن الشيوخ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى كل من: بغداد، نيسابور، الموصل، حرّان، دمشق، مصر.
أخذ «أبو نصر الكركانجي» القراءة عن مشاهير علماء الأمصار التي رحل إليها: ففي بغداد أخذ القراءة عن «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبي الحسن الحمامي».
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 439ورقم الترجمة 375. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 2، ص 72ورقم الترجمة 2754. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1196. الوافي بالوفيات ج 2، ص 88. النجوم الزاهرة ج 5، ص 133. شذرات الذهب ج 3، ص 372.
(2) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 55.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 439.(2/423)
وهو شيخ العراق، ومسند الآفاق، ومن الثقات المتصدرين.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن «أبي بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر»، وغيرهما.
قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (1).
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي» وغيره.
توفي «عليّ بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة «بنيسابور»: «محمد بن علي ابن محمد بن حسن أبو عبد الله الخبّازي».
ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، واشتهر بالثقة، والصلاح، وصحّة الإسناد، وهو شيخ «نيسابور» ومسندها.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «والده» رحمهما الله تعالى، إذ كان والده من مشاهير القراء، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويقرءون عليه.
قال «محمد بن عليّ الزنجي»: تخرج على يده ألوف بنيسابور، وكان ذا حرمة وافرة لعبادته، وزهده، وتهجّده، وكان يقال: مجاب الدعوة (2).
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.
(2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 207.(2/424)
ومن الذين قرءوا عليه «أبو نصر الكركانجي» وغيره كثير.
توفي «محمد بن عليّ» سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بحرّان وحرّان بلدة من الجزيرة كان منها جماعة من الفضلاء، والعلماء في كل فنّ، وهي من ديار «مصر» على القول الصحيح (1) «أبو القاسم علي بن محمد الزيدي».
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بدمشق: «الحسين بن عليّ ابن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوي، السلمي». وهو من مشاهير القراء، المعروفين بالثقة، وصحّة الإسناد، وشيخ قرّاء «دمشق». اعتنى بالقراءات أتم عناية، وأكثر من الشيوخ، إذ أخذ حروف القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات، منهم: «الحسن بن سعيد البزّاز، صاحب ابن شنبوذ».
وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف في القراءات كتابا حافلا، وتصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي، وأبو علي غلام الهرّاس».
توفي «الحسين بن علي» بدمشق في شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بمصر: «إسماعيل بن عمرو ابن إسماعيل بن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري». وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، والتقوى، والصلاح، وشيخ كبير متصدّر، أخذ القراءة، وحروف القراءات عن عدد من القراء المشهورين منهم: «أبو عديّ عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير» وغيرهما.
__________
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 2، ص 195.(2/425)
ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم يوسف الهذلي، وأبو نصر الكركانجي».
توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي نصر الكركانجي» وأخذ العلم عن الشيوخ الذين سبق ذكرهم، وعن غيرهم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر ذكره بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن تلاميذه «الحسين بن مسعود بن محمد، أبو محمد البغوي المفسّر»، كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه، جليلا، ورعا، زاهدا، تفقه على «القاضي الحسين» وهو أخصّ تلامذته، وسمع الحديث منه، ومن «أبي عمر عبد الواحد» وغيرهما.
والإمام البغوي من خيرة العلماء، وله عدة مصنفات انتفع بها المسلمون منها تفسيره المعروف «معالم التنزيل» وشرح السنة، والجمع بين الصحيحين، والتهذيب في الفقه، وله عدة فتاوى شيخه «القاضي الحسين» التي علّق عليها، وقد بارك الله تعالى في مصنفاته، وانتفع المسلمون بها، ويقال إنه كان لا يلقي الدّرس إلا على طهارة، وكان قانعا بعيش الدنيا، فقيرا، يرضى باليسير، وكانت إقامته رحمه الله تعالى «بمروالرّوذ» وهي بلدة حسنة مبنية على وادي «مرو» فتحها «الأحنف بن قيس» وقد نسب إليها جماعة من العلماء (1).
توفي «أبو محمد الحسين البغوي» في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة «بمرو الروذ» وقد جاوز الثمانين، ودفن عند «شيخه القاضي الحسين» رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.
__________
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 262.(2/426)
وبعد أن عاش «أبو نصر الكركانجي» حياة حافلة بالعمل والجدّ، والنشاط، وكثرة الترحال إلى المدن، والبلاد، من أجل أخذ العلم عن العلماء، وبعد انقطاعه لتعليم القرآن، وحروف القراءات، توفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.(2/427)
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
رقم الترجمة / 111 «الهيثم بن الصبّاغ» (1) ت 403هـ
هو: الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة أبو الفرج القرشي الشافعي المقرئ المعروف بابن الصباغ، إمام مسجد اللؤلؤ بدمشق، قيم بقراءة «ابن عامر» محقق لها.
ذكره «الذهبي» ت 748هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «ابن الصباغ» القراءة عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول الحجة «ابن الجزري»: أخذ «ابن الصباغ» القراءات عرضا عن «أبي الفرج الشنبوذي، وأبي الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي» اه.
كما أخذ «ابن الصباغ» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: حدث «ابن الصباغ» عن عليّ بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، ومحمد بن محمد بن آدم الفزاري».
ثم يقول «البغدادي»: وعنه أي حدّث عنه «علي الربعي، وعلي بن محمد ابن شجاع، وأبو علي الأهوازي، وغيرهم».
تصدر «الهيثم» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي الأهوازي» وآخرون.
__________
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 378. طبقات القراء، ج 2، ص 357. تاريخ الاسلام الورقة 36، [آيا صوفيا 3009].(2/428)
قال «ابن الجزري»: كان يقرئ بالجامع الأموي، وصنف كتابا في قراءة حمزة.
توفي «الهيثم» بدمشق في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة من الهجرة.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
تمّ ولله الحمد والشكر.(2/429)