ولقد كان من نعم الله عليّ التي لا تحصى ان وفقنى لتصنيف الكثير في الكتب المتصلة بعلوم القرآن، وأحكامه، ولغته.
وكنت كلما صنفت كتابا تاقت نفسي، وانشرح صدري الى التفكير في وضع مصنف جديد خدمة لعلوم القرآن الكريم.
ومع ان المكتبة الاسلامية، والعربية حافلة بالمصنفات: المطولة، وغير المطولة، فإنني لم أقف، ولم أسمع ان أحدا صنف كتابا في «اشباه ونظائر تخريج قراءات القرآن».
ونظرا لتعلقى الشديد، وحبي العظيم لكل دراسة متّصلة بالقرآن الكريم، فقد استخرت الله في وضع مصنف أضمنه «الأشباه والنظائر في القراءات» ولما تحقق حسن نيتي، وصدق عزيمتي شرح الله صدري ووفقني لوضع كتابي هذا: «القراءات وأثرها في علوم العربية».
والله وحده هو الذي يعلم مقدار الجهد الذي بذلته من أجل إخراج هذا البحث، الذي مكثت فيه عدة سنوات، لأن طبيعته اقتضت ان اقوم بعمل استقراء تام لجميع الكلمات القرآنية التي ورد فيها اكثر من قراءة، ثم تخريج جميع هذه القراءات تخريجا لغويا، ثم تصنيفها تصنيفا علميا وفقا لما هو موضح في منهج البحث.
والقراءات التي جعلتها مادة هذا البحث هي: «القراءات العشر» من طريق النشر، لحجة القراء: «محمد بن محمد بن محمد بن علي يوسف المعروف بابن الجزري ت 833هـ» لذلك لا اكون مبالغا اذا قلت: ان هذا البحث لم يسبقني أحد إليه، لا من القدماء، ولا من المحدثين، فهو تصنيف جديد في منهجه لانه جمع بين النظائر المتشابهة في تخريج القراءات العشر المتواترة، فضم النظير الى نظيره، والشبيه الى شبيهه.
وبعد ان تم جمع المادة العلمية للبحث عرضتها على استاذ هذا الجيل، وحجة عصره، العالم اللغوى الكبير فضيلة الدكتور «عبد العظيم علي الشناوي» رئيس قسم اللغويات بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة فتفضل مشكورا بقراءتها كلمة كلمة واجازة طبعها ونشرها.
وعرفانا مني له بالجميل لا يسعني الا ان اسجل له خالص شكري وتقديري، واسأل الله ان يمد من اجله، وان يجزيه عني وعن «القرآن» ولغة العرب افضل الجزاء.(1/6)
وبعد ان تم جمع المادة العلمية للبحث عرضتها على استاذ هذا الجيل، وحجة عصره، العالم اللغوى الكبير فضيلة الدكتور «عبد العظيم علي الشناوي» رئيس قسم اللغويات بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة فتفضل مشكورا بقراءتها كلمة كلمة واجازة طبعها ونشرها.
وعرفانا مني له بالجميل لا يسعني الا ان اسجل له خالص شكري وتقديري، واسأل الله ان يمد من اجله، وان يجزيه عني وعن «القرآن» ولغة العرب افضل الجزاء.
وختاما اسأل الله تعالى ان يوفقني دائما إلى خدمة كتابه، وان يجعلني من العاملين بأحكامه، المتمسكين بآدابه، وان يغفر لي ولوالدي ولكل من اسهم في اخراج هذا البحث، وان يجعله في صحائف اعمالي يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وصل اللهم على نبينا «محمد» وعلى آله وصحبه اجمعين، والحمد لله رب العالمين.
المدينة المنورة المؤلف غرة شهر رجب سنة 1404هـ خادم العلم والقرآن الموافق 2آبريل سنة 1984م المؤلف خادم العلم والقرآن د / محمد محمد محمد سالم محيسن(1/7)
المدينة المنورة المؤلف غرة شهر رجب سنة 1404هـ خادم العلم والقرآن الموافق 2آبريل سنة 1984م المؤلف خادم العلم والقرآن د / محمد محمد محمد سالم محيسن
منهج البحث
لقد اقتضت طبيعة البحث ان يكون في أحد عشر بابا تقفوها خاتمة مع وضع فهرس تحليلي لموضوعات البحث: واليك ابواب البحث:
الباب الاول: «القراءات» وفيه اربعة فصول:
الفصل الاول: نشأة القراءات الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالاحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة الباب الثاني: «اثر القراءات في اللهجات العربية القديمة» وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الاول: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي.
الفصل الثاني: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
الفصل الثالث: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي.
الباب الثالث: «الالفاظ المعربة في القرآن».
الباب الرابع: «الجامد والمشتق».(1/9)
الباب الثالث: «الالفاظ المعربة في القرآن».
الباب الرابع: «الجامد والمشتق».
وفيه أحد عشر فصلا:
الفصل الاول: الاسماء الجامدة.
الفصل الثاني: بين الماضي والامر.
الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول.
الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول.
الفصل الخامس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
الفصل السادس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق.
الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة.
الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة.
الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول.
الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة.
الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي.
الباب الخامس: «الحذف والذكر».
وفيه فصلان الفصل الاول: الحذف والذكر موافقة للرسم العثماني.
الفصل الثاني: الحذف والذكر لسبب من الأسباب.
الباب السادس: كسر همزة «ان» المشددة وفتحها.
الباب السابع: تذكير الفعل وتأنيثه.
الباب الثامن: من بلاغة القرآن «الالتفات».
وفيه فصلان الفصل الاول: الالتفات من الغيبة الى الخطاب، الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
الفصل الثاني: الالتفات من الغيبة الى التكلم،
الالتفات من التكلم الى الغيبة، الالتفات من التكلم الى الخطاب.(1/10)
الفصل الثاني: الالتفات من الغيبة الى التكلم،
الالتفات من التكلم الى الغيبة، الالتفات من التكلم الى الخطاب.
الباب التاسع: «اسلوب الحمل في اللغة العربية» وفيه اربعة فصول:
الفصل الاول: الحمل على الغيبة.
الفصل الثاني: الحمل على الخطاب.
الفصل الثالث: الحمل على نون العظمة.
الفصل الرابع: الحمل على تاء المتكلم.
الباب العاشر: «اثر العامل النحوي».
الباب الحادي عشر: «صنعة الاعراب».
الخاتمة(1/11)
الخاتمة
الباب الاول «القراءات»
وقد أدت طبيعة البحث ان يكون هذا الباب في اربعة فصول:
الفصل الأول: نشأة القراءات.
الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة(1/13)
الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة
الفصل الأول من الباب الأول «نشأة القراءات»
سأتحدث باذن الله تعالى في هذا الفصل عن عدة قضايا مهمة لها اتصال وثيق «بنشأة القراءات» مثل:
أتعريف القراءات ب هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟
ج الدليل على نزول القراءات د بيان المراد من الأحرف السبعة هـ السبب في تعدد القراءات وفوائد تعدد القراءات ز متى نشأت القراءات؟
وسأتحدث باذن الله تعالى عن هذه القضايا حسب ترتيبها فأقول وبالله التوفيق:
أولا: تعريف القراءات:(1/15)
وسأتحدث باذن الله تعالى عن هذه القضايا حسب ترتيبها فأقول وبالله التوفيق:
أولا: تعريف القراءات:
القراءات جمع قراءة، وهي في اللغة مصدر قرأ يقال: قرأ، يقرأ، قراءة، وقرآنا، بمعنى تلا، فهو قارئ.
وفي الاصطلاح: علم بكيفيات اداء كلمات «القرآن الكريم» من تخفيف، وتشديد، واختلاف الفاظ الوحي في الحروف» (1)
وذلك ان «القرآن» نقل الينا لفظه، ونصه، كما انزله الله تعالى على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم، ونقلت الينا كيفية أدائه.
كما نطق بها الرسول، وفقا لما علمه «جبريل» عليه السّلام، وقد اختلف الرواة الناقلون، فكل منهم يعزو ما يرويه باسناد صحيح الى النبي عليه الصلاة والسلام (2)
ثانيا: فان قيل: هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟
أقول: لقد ورد عن «بدر الدين الزركشي» ت 794هـ (3) ما يفيد أنهما حقيقتان متغايرتان، واليك ما ورد عنه في ذلك:
قال الزركشي: «القرآن، والقراءات» حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على «محمد» صلّى الله عليه وسلم للبيان والاعجاز.
والقراءات: هي اختلاف الفاظ الوحي المذكور في الحروف وكيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما.
__________
(1) انظر: لمحات في علوم القرآن لمحمد الصباغ ص 107ط بيروت 1974م.
(2) انظر: المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية د / محمد محيسن ص 66ط القاهرة 1398م.
(3) هو: بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، أحد جهابذة العلماء الأثبات، ومن أهل النظر، وأرباب الاجتهاد، وأحد الأعلام في الفقه، والحديث، والتفسير، وأصول الدين، وله عدة مصنفات، ولد بالقاهرة سنة 745هـ وتوفي بها سنة 794هـ.
انظر: مقدمة البرهان ص 135.(1/16)
ولا بد من التلقي والمشافهة، لأن القراءات اشياء لا تحكم الا بالسماع، والمشافهة أهـ (1).
تعقيب:
ولكني أرى ان «الزركشي» مع جلالة قدره، قد جانبه الصواب في ذلك وأرى ان كلا من «القرآن، والقراءات» حقيقتان بمعنى واحد.
يتضح ذلك بجلاء من تعريف كل منهما، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في نزول القراءات.
فسبق ان قلنا: ان القرآن مصدر مرادف للقراءة الخ.
اذا فهما حقيقيان بمعنى واحد.
وقال صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت 83هـ عن «أبيّ بن كعب» ت 20هـ:
ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند «أضاة بنى غفار» (2) فأتاه «جبريل» عليه السلام فقال: «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على ثلاثة احرف، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاء الرابعة قال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على سبعة
__________
(1) انظر: لمحات في علوم القرآن ص 107ط بيروت.
(2) قال ياقوت الحموي: الأضاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، وغفار: قبيلة من كنانة، وهو موضع قريب من مكة.
انظر: معجم البلدان ل ياقوت ج 1ص 280.(1/17)
احرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا» أهـ (1)
الى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي سيأتي ذكرها، وكلها تدل دلالة واضحة على أنه لا فرق بين كل من «القرآن، والقراءات»، اذ كل منهما الوحي المنزل على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم.
ثالثا: الدليل على نزول القراءات:
لقد تواتر الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن «القرآن الكريم» انزل على سبعة احرف.
روى ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم اثنان وعشرون صحابيا (2)
سواء أكان ذلك مباشرة عنه صلّى الله عليه وسلم، ام بواسطة.
واليك طرفا من هذه الاحاديث الصحيحة التي تعتبر من الادلة على ان القراءات القرآنية» كلها كلام الله تعالى، لا مدخل للبشر فيها، وكلها منزلة من عند الله تعالى على رسوله «محمد» صلّى الله عليه وسلم، ونقلت عنه حتى وصلت الينا دون تحريف او تغيير.
فالله تعالى خص هذه الامة دون سائر الامم السابقة بحفظ كتابها، وتكفل بذلك حيث قال:
{إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ} (3).
اما الامم المتقدمة فقد وكل الله تعالى اليها حفظ كتبها المنزلة على انبيائهم.
__________
(1) رواه مسلم ج 2ص 103.
(2) وهم: عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن ابي طالب، عبد الله بن مسعود، أبي بن كعب، أبو هريرة، معاذ بن جبل، هشام بن حكيم، عمرو بن العاص، عبد الله بن عباس، حذيفة بن اليمان، عبادة بن الصامت، سليمان بن صرد، أبو بكرة الأنصاري، أبو طلحة الأنصاري، أنس بن مالك، سمرة بن جندب، أبو جهيم الأنصاري، عبد الرحمن ابن عبد القاري، المسور بن مخرمة، أم أيوب.
(3) سورة الحجر الآية 9.(1/18)
قال تعالى: {إِنََّا أَنْزَلْنَا التَّوْرََاةَ فِيهََا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هََادُوا وَالرَّبََّانِيُّونَ وَالْأَحْبََارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتََابِ اللََّهِ وَكََانُوا عَلَيْهِ شُهَدََاءَ} (1)
فلما وكل حفظ «التوراة» الى بني اسرائيل دخلها التحريف والتبديل، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتََابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هََذََا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمََّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمََّا يَكْسِبُونَ} (2).
اما «القرآن الكريم» فهو باق إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها، لا يندثر، ولا يتبدل ولا يلتبس بالباطل، ولا يمسه اي تحريف، لما سبق في علمه تعالى ان هذا الكتاب هو الدستور الدائم الذي فيه صلاح البشرية كلها {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (3).
لقد جاء على هذا القرآن زمان كثرت فيه الفرق، وعمت فيه الفتن، واضطربت فيه الأحداث.
ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث المكذوبة على النبي صلّى الله عليه وسلم، مما جعل المسلمين المخلصين، وبخاصة العلماء الأتقياء يعملون فكرهم، وأقلامهم لتنقية سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من كل دخيل عليها.
اما «القرآن الكريم» فنحمد الله تعالى حيث لم يستطع أحد من اعداء هذا الدين ان يبدل اي نص من نصوصه، او يدخل عليه وسلم اي تحريف او تغيير، بالرغم من حرصهم على ذلك، ولكنهم ما استطاعوا لذلك سبيلا.
__________
(1) سورة المائدة الآية 44.
(2) سورة البقرة الآية 79.
(3) سورة البقرة الآية 2.(1/19)
الحديث الأول:
عن ابن شهاب ت 124هـ (1) رضي الله عنه قال: «حدثني عبيد الله بن عبد الله» ت 98هـ (2) ان «عبد الله بن عباس» ت 68هـ (3) رضي الله عنهما حدثه ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
اقرأني «جبريل» عليه وسلم السّلام على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني، حتى انتهى الى سبعة أحرف» أهـ (4)
الحديث الثاني:
عن «ابن شهاب» ت 124هـ (5).
قال: اخبرني «عروة بن الزبير» ت 93هـ (6) ان «المسور بن مخرمة ت
__________
(1) ابن شهاب هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، أبو بكر الزهري، أول من دون في الحديث، وأحد الفقهاء والأعلام بالمدينة المنورة ت 124هـ انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ج 1ص 571ط القاهرة وتذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 102وغاية النهاية لابن الجزري ج 2ص 262وتهذيب التهذيب لابن حجر ج 9 ص 445.
(2) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهلالي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة، وأحد العلماء التابعين على خلاف ت 98هـ.
انظر: وفيات الأعيان ج 1ص 241، وتذكرة الحفاظ ج 1ص 74.
(3) هو: عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصحابي الجليل ت 68هـ.
انظر: الاصابة ج 2ص 330.
(4) رواه البخاري ج 6ص 100ومسلم ج 2ص 202.
انظر في هذا: المرشد الوجيز لأبي شامة ت 665هـ ص 77ط بيروت 1395هـ.
(5) تقدمت ترجمته في الحديث الأول
(6) هو: عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة، وأحد العلماء التابعين ت 93هـ على خلاف.
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5س 178، ووفيات الأعيان ج 1ص 398.(1/20)
64 - هـ (1) وعبد الرحمن بن عبد القارئ ت 80هـ (2) حدثاه انهما سمعا «عمر بن الخطاب» ت 23 (3) يقول: سمعت «هشام بن حكيم» (4) يقرأ سورة «الفرقان» (5) في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكدت اساوره في الصلاة (6)
فتصبرت حتى سلم (7) فلببته بردائه (8) فقلت: من اقرأك هذه السورة التي سمعت تقرأ؟
قال: اقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فان رسول الله صلّى الله عليه وسلم اقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: اني سمعت هذا يقرأ سورة «الفرقان» على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «لعمر»: «أرسله» فأرسله «عمر فقال (9) لهشام: «تقرأ يا هشام» فقرأ عليه وسلم القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هكذا انزلت»، ثم قال: اقرأ
__________
(1) هو: المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشى الزهري، صحابي جليل ت 64هـ.
انظر: الاصابة ج 3ص 419، وتهذيب ج 10ص 151.
(2) هو: عبد الرحمن بن عبد القارئ، من خيرة علماء المدينة، ومن التابعين الأجلاء، ت 80 هـ على خلاف.
انظر: الطبقات الكبرى ج 5ص 57، وتهذيب التهذيب ج 6ص 223.
(3) هو: عمر بن الخطاب بن نفيل، أبو حفص، القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين، قتل شهيدا عام 23هـ.
انظر: غاية النهاية ج 1ص 591، والاصابة ج 2ص 518.
(4) هو هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي، أحد الصحابة الفضلاء.
انظر: الاصابة ج 3ص 60.
(5) سورة الفرقان من السور المكية وعدد آياتها 77نزلت بعد يس.
(6) أي أواثبه، وأقاتله، يقال: ساور فلان فلانا اذا وثب اليه وأخذ برأسه.
(7) أي تكلفت الصبر، وأمهلته حتى فرغ من صلاته.
(8) أي جمعت ثيابه عند صدره، ونحره، مأخوذ من اللبة بفتح اللام وهي المنحر.
(9) أي النبي عليه وسلم الصلاة والسلام.(1/21)
يا عمر. فقرأت القراءة التي أقراني فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت. ان هذا القرآن انزل على سبعة احرف فاقرءوا ما تيسر منه» أهـ (1)
. الحديث الثالث:
عن «ابي بن كعب» ت 30هـ (2).
قال: كنت في المسجد (3) فدخل رجل (4) فصلى، فقرأ قراءة أنكرتها. ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: «ان هذا قرأ قراءة انكرتها عليه» ودخل آخر فقرأ.
وفي رواية: ثم قرأ هذا، سوى قراءة صاحبه، فأقرأهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأ، فحسن النبي صلّى الله عليه وسلم شأنهما فسقط فى نفسى من التكذيب ولا اذ كنت فى الجاهلية (5) فما رأى النبي صلّى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر الى الله عز وجل فرقا (6) فقال (7):
«يا أبيّ ان ربي ارسل إليّ ان اقرأ «القرآن» على حرف، فرددت اليه ان هون على امتي، فرد الى الثانية: أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة
__________
(1) رواه البخاري ج 6ص 100، ومسلم ج 2ص 202، والترمذي ج 11ص 61وأبو داود ج 2ص 101، انظر: المرشد الوجيز ص 7877
(2) هو: أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، أبو المنذر، صحابي جليل من الأنصار، وأحد كتاب الوحي للنبي صلّى الله عليه وسلم ت 30هـ.
انظر: صفوة الصفوة لابن الجوزي ج 1ص 188، والاصابة ج 1ص 19.
(3) هو مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.
(4) لم تذكر الرواية اسم ذلك الرجل.
(5) أي فوقع في نفسي من التكذيب ما لم يحصل لي في وقت من الأوقات ولا وقت ان كنت في الجاهلية قبل الاسلام.
(6) فرقا: بفتح الراء، أي خوفا.
(7) أي النبي صلّى الله عليه وسلم.(1/22)
رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم أغفر لأمتي، اللهم أغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب الى الخلق كلهم حتى «إبراهيم» صلّى الله عليه وسلم أهـ (1).
وفي رواية:
عن «أبي بن كعب» ايضا قال: «فدخلت المسجد فصليت، فقرأت سورة «النحل» (2) ثم جاء رجل آخر فقرأها على غير قراءتي، ثم دخل رجل آخر فقرأ خلاف قراءتنا، فدخل في نفسي من الشك والتكذيب اشد مما كان في الجاهلية، فأخذت بأيديهما فأتيت بهما النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله استقرئ هذين، فقرأ احدهما فقال (3): «أصبت» ثم استقرأ الآخر فقال:
«أحسنت» فدخل قلبي اشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدري وقال: «اعاذك الله من الشك وخسأ عنك الشيطان» ففضت عرقا، فقال: أتاني «جبريل» فقال:
اقرأ «القرآن» على حرف واحد فقلت: «ان امتي لا تستطيع ذلك، حتى قال: سبع مرات، فقال لي: اقرأ على سبعة احرف» أهـ (4).
الحديث الرابع:
عن «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت 83هـ (5)
عن «ابي بن كعب» ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند «أضاة بني غفار» (6) فأتاه «جبريل» عليه السلام فقال:
__________
(1) رواه أحمد في مسنده ج 5ص 127، ومسلم ج 3ص 203.
(2) وسورة النحل من السور المكية وعدد آياتها 128نزلت بعد الكهف.
(3) أي النبي عليه الصلاة والسلام.
(4) رواه الطبري ت 310هـ في تفسيره ج 1ص 37.
(5) هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال الأنصاري، من ائمة التابعين.
انظر: وفيات الأعيان ج 1ص 345، وميزان الاعتدال ج 2ص 115.
(6) ياقوت: الأضاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، وغفار: قبيلة من كنانة، وهو موضع قريب من مكة.
انظر: معجم البلدان لياقوت ج 1ص 280.(1/23)
«ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرف، فقال:
«اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك».
ثم أتاه الثانية فقال: ان الله تعالى يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته، ومغفرته، وان امتي لا تطيق ذلك».
ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على سبعة احرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا أهـ (1)
وفي رواية الترمذي:
عن «ابي بن كعب» قال: لقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم «جبريل» فقال: «يا جبريل اني بعثت الى أمة اميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، قال: «يا محمد ان القرآن انزل على سبعة احرف» أهـ (2)
رابعا: بيان المراد من الأحرف السبعة:
لقد اهتم العلماء قديما وحديثا ببيان المراد من الأحرف السبعة:
فمن هؤلاء العلماء:
1 - ابو عبيد القاسم بن سلام ت 224هـ في كتابه غريب الحديث.
2 - ابو جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310هـ في تفسيره المشهور.
3 - مكي بن ابي طالب ت 437هـ في كتابه الابانة عن معاني القراءات.
__________
(1) رواه مسلم ج 2ص 103، وأبو داود ج 2ص 102، والنسائي ج 2ص 152.
(2) رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح انظر في هذا: المرشد الوجيز ص 82.(1/24)
4 - شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة ت 665 هـ في كتابه المرشد الوجيز.
5 - بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ت 794هـ في كتابه البرهان في علوم القرآن.
6 - جلال الدين السيوطي ت 911هـ في كتابه الاتقان في علوم القرآن.
الى غير ذلك من المفسرين، والكتاب عن علوم القرآن الكريم.
ومن يطالع مصنفات هؤلاء العلماء يجد العجب العجاب، حيث ان الكثيرين من هؤلاء المصنفين يجعل كل همه نقل العديد من الآراء حتى ولو كانت غير معزوة الى أحد من العلماء والمفكرين (1).
وهذا ان جاز على السابقين فلا ينبغي ان يتأتى من علماء العصر الحديث، بعد ان اصبحت هناك مناهج علمية لأصول البحث والتصنيف، وهم يعلمون ان كل قول مجهول صاحبه لا يعتد به.
فان قيل: ما هو السبب في الاهتمام بهذه القضية؟
اقول: لعل ذلك يرجع الى اتصالها بالقرآن الكريم، والعلماء قديما وحديثا يهتمون بكل ما له اتصال بكتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومن يقف على الأحاديث الواردة في هذه القضية يجد هاتين الظاهرتين:
الظاهرة الأولى:
لم تتعرض تلك الأحاديث الى بيان ماهية الاختلاف في القراءات القرآنية التي كانت تجعل الصحابة يتخاصمون ويتحاكمون الى النبي صلّى الله عليه وسلم.
__________
(1) لقد بلغت الأقوال التي ذكرها السيوطي في كتابه الاتقان نحو أربعين قولا.(1/25)
الظاهرة الثانية:
لم يثبت من قريب او بعيد ان «النبي» صلّى الله عليه وسلم بين المراد من الأحرف السبعة.
ولعل ذلك يرجع الى عدة عوامل اهمها:
ان ذلك كان معروفا لدى الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين، فلم يحتاجوا الى بيانه، لأنهم لو كانوا في حاجة الى معرفة ذلك لسألوا الرسول صلّى الله عليه وسلم، فعدم سؤالهم دليل على عدم خفائه عليهم.
ومنذ فترة طويلة وانا مهتم بهذه القضية كما اهتم بها غيري، فطوفت بين ثنايا الكتب والمصنفات ووقفت على العديد مما كتبه السابقون جزاهم الله خيرا، واقتبست من تلك الآراء ارجحها، وتركت ما تكرر منها، وما كان مجهول الأصل، ثم رتبتها ترتيبا زمنيا، وعلقت على ما يستوجب التعليق منها، وفي نهاية المطاف بينت رأيي في هذه القضية الهامة مع بيان سبب ذلك.
وقبل الدخول في بيان تلك الآراء اقول:
لقد اتفق العلماء قديما وحديثا على انه لا يجوز ان يكون المراد بالأحرف السبعة قراءة هؤلاء القراء المشهورين (1) كما يظنه الكثيرون من الذين لا صلة لهم بعلوم «القرآن» لأن هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد وجدوا اثناء نزول القرآن الكريم.
__________
(1) وهم:
1 - نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم ت 169هـ.
2 - عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله ت 120هـ.
3 - أبو عمرو بن العلاء البصري ت 154هـ.
4 - عبد الله بن عامر الشامي ت 118هـ.
5 - عاصم بن بهدلة أبي النجود ت 127هـ.
6 - حمزة بن حبيب الزيات ت 156هـ.
7 - علي بن حمزة الكسائي ت 189هـ.(1/26)
قال «مكي بن ابي طالب» ت 437هـ (1):
«فأما من ظن ان قراءة كل واحد من هؤلاء القراء مثل:
«نافع، عاصم، وأبي عمرو بن العلاء» أحد الاحرف السبعة التي نص عليها النبي صلّى الله عليه وسلم فذلك منه غلط عظيم اذ يجب ان يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا» أهـ (2).
والآن اليك ايها القارئ الكريم أقوال العلماء في بيان المراد من الأحرف السبعة حسب ترتيبهم الزمني:
القول الأول:
ورد عن كل من:
1 - الامام «علي بن ابي طالب» رضي الله عنه ت 40هـ (3).
2 «عبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 68هـ (4).
فقد قالا: «نزل القرآن بلغة كل حي من احياء العرب» أهـ ثم قال «ابن عباس»: «ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل «جبريل» فقال: يا «محمد» اقرئ كل قوم بلغتهم» أهـ (5).
__________
(1) هو: مكى بن أبي طالب حموش القيسي الأندلسي، كان اماما في القراءات متبحرا في القراءات متبحرا في علوم القرآن، والعربية، والنحو، له عدة مؤلفات، توفي سنة 437هـ.
انظر: معجم الأدباء ج 7ص 173، وبغية الوعاة ص 396.
(2) انظر: المرشد الوجيز ص 151.
(3) هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلم وصهره، وأول الصبيان دخولا في الاسلام، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومناقبه لا تحصى، قتل شهيدا على يد عبد الرحمن بن ملجم عام 40 هـ.
انظر: الطبقات الكبرى ج 3ص 19، وتاريخ الخلفاء ص 64، وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 10.
(4) تقدمت ترجمة عبد الله بن عياش.
(5) انظر: المرشد الوجيز ص 96(1/27)
تعليق على هذا القول:
قال «ابو شامة» ت 665هـ (1):
«هذا هو الحق، لانه انما ابيح ان يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي ان يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد الا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الامالة، او تخفيف الهمز، او الادغام، او ضم ميم الجمع، او صلة هاء الكناية، او نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ أهـ (2).
القول الثاني: رواه كل من:
1 - محمد بن السائب الكلبي ت 136هـ (3).
2 - الأعمش ت 147هـ (4).
عن «عبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 68هـ.
فقد قالا نقلا عن «ابي صالح» مولى «ام هاني بنت ابي طالب» عن «ابن عباس»:
«انزل القرآن على سبعة احرف، منها خمسة بلغة العجز من «هوازن» أهـ (5).
فان قيل: من هم عجز هوازن؟
__________
(1) هو: شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي، كان استاذا وحجة في القراءات وعلوم القرآن، له عدة مصنفات توفي عام 665هـ.
(2) انظر: المرشد الوجيز ص 97.
(3) هو: محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي، الكوفي، كان عالما بالتفسير وأنساب العرب، وأحاديثهم، ولم يعتبره العلماء ثقة في الحديث ت 136هـ.
انظر: وفيات الأعيان ج 1ص 624، وتهذيب التهذيب ج 9ص 178.
(4) هو: سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، كان من علماء القراءات والحديث ت 147هـ.
انظر: تاريخ بغداد ج 3ص 9، وتهذيب التهذيب ج 4ص 222.
(5) انظر: المرشد الوجيز ص 92.(1/28)
أقول: قال عالم اللغة والتفسير، والقراءات، والحديث، «ابو عبيد القاسم ابن سلام» ت 224هـ (1):
العجز من هوازن هم:
1 - سعد بن بكر.
2 - جشم بن بكر.
3 - نصر بن معاوية.
4 - ثقيف.
وهؤلاء هم الذين قال فيهم «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154هـ:
«افصح العرب عليا هوازن، وسفلى تميم» (2)
القول الثالث:
قال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224هـ:
المراد سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة اوجه، هذا لم نسمع به قط، ولكن نقول: هذه اللغات السبع تفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن.
وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة اهل اليمن، وكذلك سائر اللغات.
ومعانيها في هذا كله واحدة.
ثم قال: ومما يبين ذلك قول «ابن مسعود» رضي الله عنه:
__________
(1) هو: القاسم بن سلام أبو عبيد الهروي البغدادي، من كبار العلماء بالعربية، والقراءات، والحديث، والفقه، له عدة مصنفات توفي سنة 224هـ.
انظر: مراتب النحويين ص 93، وتذكرة الحفاظ ج ص 5.
(2) انظر: المرشد الوجيز، ص 93.(1/29)
«اني سمعت «القراء» فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم» أهـ (1)
وقد وافق «أبا عبيد» في هذا القول كل من:
1 - احمد بن يحيى ثعلب ت 291هـ 2عبد الحق بن غالب المشهور بابن عطية ت 546.
وتعقب بعض العلماء هذا الرأي بأن لغات العرب اكثر من سبع لغات، واجيب على ذلك بان المراد افصحها (2).
ومع هذا فاني اقول:
مع اعتزازي بأبي عبيد، وثقتي فيه، حيث عشت معه زمنا طويلا اثناء تحضيري للماجستير، ابحث عن تاريخه، وأنقب عن مصنفاته، وأحلل أقواله الخ.
فاني ارى ان رأي «ابي عبيد» هذا مع وجاهته يرد عليه انه هناك العديد من لغات القبائل العربية ورد بها القرآن الكريم.
القول الرابع:
قال «أبو العباس احمد بن واصل» المتوفى أوائل المائة الثالثة هـ (3) معنى ذلك سبعة معان في القراءة:
أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل «تعلمون» و «يعلمون» (4).
الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظين مختلفين، مثل قوله تعالى:
«فاسعوا» و «فامضوا» (5).
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 91، الاتقان ج 1ص 135، البرهان للزركشي ج 1ص 217.
(2) انظر: الاتقان ج 1ص 135.
(3) انظر: غابة النهاية في طبقات القراء ج 1ص 133.
(4) نحو: «وما الله بغافل عما تعملون» البقرة / 74
(5) سورة الجمعة الآية 9.(1/30)
الثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ الا أن المعنيين مفترقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: ملك و {مََالِكِ} (1).
الرابع: أن يكون في الحرف لغتان والمعنى واحد، وهجاؤهما واحد، مثل قوله تعالى: {الرُّشْدِ} و {الرُّشْدِ} (2).
الخامس: أن يكون الحرف مهموزا، وغير مهموز، مثل: «النبيء» و «النبي» (3).
السادس: التثقيل والتخفيف مثل: «الأكل»، «الأكل» (4).
السابع: الاثبات والحذف، مثل: «المنادى» و «المناد» (5).
واختار هذا الرأي «أبو علي الأهوازي» ت 446هـ (6).
وقال: «هذا أقرب الى الصواب ان شاء الله تعالى، ثم قال: وقد روي عن «الامام مالك بن أنس» ت 179هـ أنه كان ذهب الى هذا المعنى» أهـ (7).
القول الخامس:
قال «القاسم بن ثابت» ت 302هـ (8).
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 5.
(2) سورة الأعراف، والأولى بسكون الشين، والثانية بفتحها.
(3) الهمز قراءة نافع، وعدم الهمز قراءة باقي القراء.
(4) سورة الرعد الآية 4التثقيل ضم الكاف، والتخفيف اسكانها.
(5) سورة ق الآية 41واثبات الياء وحذفها قراءتان صحيحتان.
(6) هو: الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد، أبو علي الأهوازي، مقرئ الشام في عصره، له مصنفات توفي سنة 466هـ.
انظر: ميزان الاعتدال ج 1ص 237، ولسان الميزان ج 2ص 237.
(7) انظر: المرشد الوجيز ص 118117.
(8) هو القاسم بن ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف السرقسطي، عالم بالحديث، واللغة، والفقه ت 302هـ.
انظر: فهرسة ابن خير ص 191، وبغية الوعاة ص 376، ونفح الطيب ج 1ص 255.(1/31)
«لو أن رجلا مثل مثالا يريد به الدلالة على معنى
قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»
وجعل الأحرف على مراتب سبعة فقال:
1 - منها لقريش.
2 - ومنها لكنانة.
3 - ومنها لأسد.
4 - ومنها لهذيل.
5 - ومنها لتميم.
6 - ومنها لضبة.
7 - ومنها لقيس.
لكن قد أوتي على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوعب اللغات التي نزل بها «القرآن» (1).
ثم قال: وأن في مصر شواذ لا نختارها، ولا نجيز أن يكون «القرآن» قد اتى بها، مثل:
1 - كشكشة قيس، يجعلون كاف المؤنث شينا (2).
2 - وعنعنة تميم، يقولون «عن» في موضع «أن» (3).
3 - وكما ذكر عن بعضهم أنه يبدل السين تاء (4).
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 131.
(2) فيقولون في نحو: «ربك» «ربش» تحتك، تحتش.
(3) فيقولون في نحو: «أن يأتي» «عن يأتي».
(4) فيقولون في نحو «الناس» «النات».(1/32)
ثم يقول: وقد جاء في كتاب الله عز وجل ما له وجوه سبعة من القراءات، من غير أن نقول: ان هذا مراد النبي صلّى الله عليه وسلم
بقوله:
«انزل القرآن على سبعة احرف» أهـ (1).
القول السادس:
قال أبو محمد البغوي ت 510هـ (2):
اظهر الأقاويل، وأصحها، وأشبهها بظاهر الحديث أن المراد من هذه الحروف اللغات:
وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم من الادغام، والاظهار، والامالة، والتفخيم، والاشمام، والاتمام، والهمز، والتليين، وغير ذلك من وجوه اللغات الى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة.
ثم قال: ولا يكون هذا الاختلاف داخلا تحت قوله تعالى: {وَلَوْ كََانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللََّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلََافاً كَثِيراً} (3).
اذ ليس معنى هذه الحروف أن يقرأ كل فريق بما شاء مما يوافق لغته من غير توقيف، بل كل هذه الحروف منصوصة، وكلها، كلام الله عز وجل نزل بها الروح الامين على النبي صلّى الله عليه وسلم، يدل عليه
قوله عليه الصلاة والسلام: «ان هذا القرآن انزل على سبعة أحرف»
فجعل الأحرف كلها منزلة، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعارض جبريل عليه السلام في كل شهر رمضان بما يجتمع عنده من القرآن فيحدث الله فيه ما
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 133131.
(2) هو: أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، الملقب بمحيي السنة، عالم بالتفسير، والحديث، والفقه، وغير ذلك، وله عدة مصنفات توفي سنة، 510هـ.
انظر: وفيات الأعيان ج 1ص 182، وطبقات السبكي ج 4ص 214.
(3) سورة النساء الآية 82.(1/33)
شاء، وينسخ ما يشاء، وكان يعرض عليه في كل عرضة وجها من الوجوه التي أباح الله له أن يقرأ «القرآن» به.
وكان يجوز لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يأمر الله تعالى «أن يقرأ ويقرئ بجميع ذلك، وهي كلها متفقة المعاني، وإن اختلف بعض حروفها» أهـ (1).
تعليق: اقول: ان هذا القول له وجاهته، وهو قول سديد، وأرى أنه لا اعتراض عليه، وسيأتي لذلك مزيد من الايضاح أهـ.
القول السابع:
قال «أبو الفضل الرازي» ت 606هـ (2):
الكلام لا يخرج عن سبعة احرف في الاختلاف:
الأول: اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض، ومضارع، وأمر.
الثالث: اختلاف وجوه الاعراب.
الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة.
الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير.
السادس: الاختلاف بالابدال.
السابع: اختلاف اللغات: كالفتح، والامالة، والترقيق، والتفخيم، والادغام، والاظهار، ونحو ذلك أهـ (3).
__________
(1) انظر: المرشد الوجير ص 135.
(2) هو: فخر الدين محمد بن عمر الرازي، صاحب التفسير المشهور بمفاتيح الغيب ت 606 هـ. انظر: وفيات الأعيان ج 1ص 474.
(3) انظر: الاتقان ج 1ص 133، ومع القرآن ص 284.(1/34)
تعليق: ان هذا الرأي لا جديد فيه، حيث هناك العديد من الآراء القريبة منه، مثل قول كل من:
1 - أبي العباس احمد بن محمد بن واصل المتوفى أوائل المائة الثالثة (1).
2 - الحافظ أبي العلاء ت 569هـ (2).
3 - أبي علي الأهوازي ت 446هـ (3).
4 - أبي غانم المظفر بن احمد بن حمدان ت 333هـ.
ونقله عنه «أبو بكر محمد بن علي احمد الأذفوي» ت 388هـ في كتابه الاستغناء في علوم القرآن (4).
القول الثامن:
قال الشيخ أبو الحسن السخاوي ت 643هـ (5):
فان قيل: أين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان القرآن انزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟
اقول: هي متفرقة في القرآن، وجملة ذلك سبعة اوجه:
الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو «يسيركم، وينشركم» (6).
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 117.
(2) انظر: المرشد الوجيز ص 110109.
(3) انظر: المرشد الوجيز ص 94.
(4) انظر: المرشد الوجيز ص 179.
(5) هو: علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري، أحد علماء القراءات، واللغة، والتفسير، والفقه، له عدة مصنفات توفي سنة 643هـ.
انظر: انباه الرواة ج 2ص 311، وطبقات السبكي ج 5ص 126.
(6) سورة يونس الآية 22فقد قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «ينشركم» بياء مفتوحة وبعدها نون ساكنة، وبعد النون شين معجمة، من النشر ضد الطي، أي يفرقكم. وقرأ الباقون «يسيركم» بياء مضمومة، وبعدها سين مهملة مفتوحة، وبعدها، ياء مكسورة مشددة، من التسيير، أي يحملكم على اليسير، ويمكنكم منه. انظر: المهذب ج 1ص 294.(1/35)
الثاني: زيادة كلمة نحو: «هو الغني» (1).
الثالث: زيادة حرف نحو: «من تحتها» (2).
الرابع: مجيء حرف مكان آخر نحو: «ويقول، ونقول» (3).
الخامس: تغيير في الحركات نحو: «فتلقى آدم من ربه كلمات» (4).
السادس: التشديد، والتخفيف، نحو: «تساقط» (5).
السابع: التقديم والتأخير، نحو: «وقاتلوا وقتلوا» (6).
__________
(1) سورة الحديد الآية 24فقد قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» بحذف لفظ هو على جعل خبر ان «المغني» وقرأ الباقون باثبات لفظ هو، على انه ضمير فصل.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 2ص 276.
(2) سورة التوبة الآية 100فقد قرأ «ابن كثير» بزيادة «من» قبل «تحتها» موافقة لرسم المصحف المكي، وقرأ الباقون بحذف «من» قبل لرسم بقية المصاحف.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 284.
(3) سورة آل عمران الآية 181فقد قرأ «حمزة» «ويقول» بياء الغيبة، وقرأ الباقون «ونقول» بنون العظمة.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 145.
(4) سورة البقرة الآية 37فقد قرأ «ابن كثير بنصب ميم «آدم» ورفع تاء «كلمات» على اسناد الفعل الى كلمات «وايقاعه على «آدم» فكأنه قال: فجاءته كلمات وقرأ الباقون برفع ميم «آدم» ونصب تاء «كلمات» على اسناد الفعل الى آدم وايقاعه على كلمات.
انظر: المستنير في تخريج القراءات ج 1ص 1817.
(5) سورة مريم الآية 25فقد قرأ «حفص» «تساقط» بضم التاء وتخفيف السين وكسر القاف، على أنه مضارع «ساقط» والفاعل ضمير يعود على النخلة، ورطبا مفعول، وقرأ الجمهور «تساقط» بفتح التاء، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» أدغمت التاء في السين، والفاعل ضمير يعود على النخلة، ورطبا تمييز.
(6) سورة آل عمران الآية 195فقد قرأ «حمزة»، والكسائي، وخلف «وقاتلوا وقتلوا». وقرأ الباقون «وقتلوا وقاتلوا».
انظر: المستنير في تخريج القراءات ج 1ص 124.
انظر رأي السخاوي في المرشد الوجيز ص 125123.(1/36)
القول التاسع:
قال أبو شامة ت 665هـ (1):
بعد أن نقل في كتابه (2) الآراء المتعددة التي وردت في هذه القضية الهامة قال: «وهذه الطرق المذكورة في بيان وجوه السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة، اذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم.
ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا، ثم لم يحصل حصر جميع القراءات.
فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم.
وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة مثل:
1 - صلة ميم الجمع، وهاء الضمير، وعدم ذلك.
2 - الادغام، والاظهار.
3 - المد، والقصر.
4 - تحقيق الهمز، وتخفيفه.
5 - الامالة، وتركها.
6 - الوقف بالسكون، وبالاشارة الى الحركة.
7 - فتح الياءات، واسكانها، واثباتها، وحذفها (3).
__________
(1) هو: شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل بن إبراهيم المعروف بأبي المقدسي، أحد علماء اللغة، والقراءات، والتفسير، وصاحب المصنفات.
(2) الكتاب: المرشد الوجيز الى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، ولقد استفدت منه كثيرا، أسأل الله أن يثيب مؤلفه ويجزل أجره آمين.
(3) انظر: المرشد الوجيز ص 127.(1/37)
تعقيب: أقول: هذا الرأي من الآراء المبتكرة حيث لم يسبقه أحد الى القول به فيما أعلم، الا أنه لم يف بالغرض المطلوب.
القول العاشر:
قال محمد بن الجزري ت 833هـ (1):
بعد ان نقل في كتابه النشر في القراءات العشر العديد من الآراء التي وردت في بيان المراد من الحديث الشريف قال:
«ولا زلت استشكل هذا الحديث، وأفكر فيه، وامعن النظر منذ نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله علي بما يمكن ان يكون صوابا إن شاء الله:
وذلك اني تتبعت القراءات صحيحها، وشاذها، وضعيفها، ومنكرها فاذا هو يرجع اختلافها الى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها:
الأول: أن يكون الاختلاف في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة، نحو: «يحسب» بفتح السين وكسرها.
الثاني: أن يكون بتغير في المعنى فقط دون التغير في الصورة نحو:
فتلقى آدم من ربه كلمات» (2).
الثالث: أن يكون في الحروف مع التغير في المعنى لا الصورة، نحو: «تبلوا، تتلوا» (3).
__________
(1) هو: محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري، كان حجة في القراءات، وله فيها عدة مصنفات في مقدمتها «النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية في طبقات القراء.
(2) سورة البقرة الآية 37وسبق بيان القراءات التي فيها بالهامش.
(3) سورة يونس الآية 30فقد قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف» «تتلوا» بتاءين من التلاوة، أي نقرأ كل نفس ما علمته، وقرأ. الباقون «تبلوا» بالتاء المثناة من فوق، والباء الموحدة، من الابتلاء، أي تختبر.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 296.(1/38)
الرابع: أن يكون في الحروف مع التغير في الصورة لا المعنى، نحو «الصراط، السراط» (1).
الخامس: أن يكون في الحروف والصورة نحو: «يأتل، يتأل» (2)
السادس: أن يكون في التقديم والتأخير نحو: وقاتلوا وقتلوا» (3)
السابع: أن يكون في الزيادة والنقصان نحو: «وأوصى، ووصى» (4)
فهذه الأوجه السبعة لا يخرج الخلاف عنها، انتهى ببعض تصرف تعقيب:
مما لا شك فيه أن قول «ابن الجزري» هذا لا يعتبر قولا مبتكرا كما يفهم من كلامه، حيث سبقه بعض العلماء بما هو قريب منه (5).
القول الحادي عشر: للدكتور / محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن: مؤلف هذا الكتاب
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 6فقد قرأ «قنبل، ورويس» بالسين على الأصل، لانه مشتق من السرط وهو البلع، لغة عامة العرب. وقرأ الباقون بالصاد الخالصة، وهي لغة قريش.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 45.
(2) سورة النور الآية 22قرأ «أبو جعفر» «يتأل» على وزن يتفعل، مضارع «تألى» بمعنى حلف، وقرأ الباقون «يأتل» على وزن «يفتعل» مضارع «ائتلى» من الألية وهي الحلف فالقراءتان بمعنى واحد.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 72.
(3) سورة آل عمران الآية 195سبق بيان ما فيها من قراءات.
(4) سورة البقرة الآية 132فقد قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «وأوصى» بهمزة مفتوحة بين الواوين مع تخفيف الصاد، معدى بالهمزة وهي موافقة لرسم المصحف المدني، والشامي، وقرأ الباقون «ووصي» بحذف الهمزة مع تشديد الصاد، معدى بالتضعيف، وهي موافقة لمصحف أهل العراق.
انظر: المستنير في تخريج القراءات ج 1ص 39.
(5) انظر: القول الرابع لأبي العباس أحمد بن واصل، والقول السابع لأبي الفضل الرازي، والقول الثامن لأبي الحسن السخاوي.(1/39)
لقد استخلصت الأقوال العشرة التي ذكرتها من بين الآراء الكثيرة التي وقفت عليها بعد ان صرفت النظر عما يلي:
أولا: الآراء ذات الدلالات الواحدة، أو المتقاربة.
ثانيا: الآراء مجهولة الأصل، أي التي لم يذكر المصنفون اصحابها.
ثالثا: الآراء التي لا تتمشى ومنطق العلم والاستنباط الصحيح.
واذا كان من حق الباحث أن يسلط الأضواء على أقوال السابقين بالنقد والتحليل، فانني أرى أنه ينبغي أن يتم ذلك بأسلوب علمي مبني على الحجة والدليل، وأن يكون بعيدا عن التجريح والتشهير، اذ المتقدم بلا شك له دائما فضل السبق على المتأخر.
وقبل أن أدلي بدلوى في بيان هذه المسألة العلمية أريد أن أسلط الأضواء على بعض الآراء التي ذكرتها.
وكل هدفي من ذلك أن يوفقني الله لما أرجو أن يكون صوابا.
نقد وتحليل: والآن جاء دور النقد والتحليل فأقول وبالله التوفيق:
ان هذا النقد، وهذا التحليل ينبغي أن يكون مبنيا على ما سبق تقريره، وهو أن السبب في تعدد القراءات إرادة التخفيف والتيسير على الأمة لاختلاف لغاتها، وتباين لهجاتها.
اذا فكل تفسير لبيان المراد من الأحرف السبعة يعتبر معقولا، ومقبولا اذا كان متمشيا مع ما سبق تقريره من بيان السبب في تعدد القراءات. وكل تفسير يخرج عن هذا الاطار العام ينبغي رده، وعدم قبوله، واعادة النظر فيه.
بناء على هذا يمكنني أن أقرر وأنا مطمئن ما يلي:
ان هذه الأقوال العشرة يمكنني أن أقسمها الى مجموعتين حيث يوجد تقارب بين كل مجموعة منهما:(1/40)
بناء على هذا يمكنني أن أقرر وأنا مطمئن ما يلي:
ان هذه الأقوال العشرة يمكنني أن أقسمها الى مجموعتين حيث يوجد تقارب بين كل مجموعة منهما:
المجموعة الأولى: وهي المتضمنة للأقوال الستة الآتية:
1 - القول الاول المروي عن كل من:
«الامام علي بن أبي طالب» رضي الله عنه ت 40هـ.
«وعبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 86هـ.
2 - القول الذي رواه كل من:
محمد بن السائب الكلبي ت 146هـ.
وسليمان بن مهران الأعمش ت 147هـ.
3 - القول الثالث المروي عن:
أبي عبيد القاسم بن سلام ت 224هـ.
4 - القول الرابع المروي عن:
القاسم بن ثابت ت 302هـ.
5 - القول الخامس المروي عن:
أبي محمد البغوي ت 510هـ.
6 - القول السادس المروي عن:
أبي شامة شهاب الدين بن عبد الرحمن ت 665هـ.
هذه الأقوال الستة تعتبر معقولة، ومقبولة، لانها جاءت متمشية مع الاطار العام في سبب نزول القراءات.
المجموعة الثانية: وهي المتضمنة للأقوال الأربعة الآتية:
1 - القول المروي عن: أبي العباس أحمد بن واصل.
2 - القول المروي عن: أبي الفضل الرازي ت 606هـ.(1/41)
1 - القول المروي عن: أبي العباس أحمد بن واصل.
2 - القول المروي عن: أبي الفضل الرازي ت 606هـ.
3 - القول المروي عن: أبي الحسن السخاوي ت 643.
4 - القول المروي عن: محمد بن الجزري ت 833هـ.
إن هذه الآراء الأربعة مع احترامي وتقديري لأصحابها لا أدري لم ذهب كل منهم هذا المذهب؟
علما بأن الناظر في هذه الأقوال المتقاربة في مدلولها لا يجد في معظمها شيئا من الأسباب التي من اجلها طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الله تعالى أن يخفف على أمته حتى نزلت القراءات.
وأنا عند ما أقول هذا انما ابني ذلك على أقوالهم.
ولعلك أيها القارئ الكريم تكون معي وتشاركني الرأي عند ما أنقل لك نماذج من الأمثلة التي أوردوها أثناء التدليل على آرائهم:
فمن ذلك ما يلي:
1 - يعلمون بالغيب، أو تعملون بالخطاب.
2 - ملك بحذف الألف، أو مالك باثباتها.
3 - الرشد باسكان الشين، والرشد بفتحها.
4 - ينادي باثبات الياء، ويناد بحذفها.
هذا لون من الأمثلة التي أوردها «أبو العباس بن واصل» اثناء التمثيل لأنواع التغييرات المرادة في الحديث.
وهذه نماذج لما جاء في قول «أبي الفضل الرازي»:
1 - لأمانتهم بالأفراد، لأماناتهم بالجمع.
2 - ننشزها بالزاي، ننشرها بالراء.
3 - وجاءت سكرة الموت بالحق، وجاءت سكرة الحق بالموت بتقديم كلمة «الحق» على كلمة «الموت».(1/42)
2 - ننشزها بالزاي، ننشرها بالراء.
3 - وجاءت سكرة الموت بالحق، وجاءت سكرة الحق بالموت بتقديم كلمة «الحق» على كلمة «الموت».
واليك نماذج مما أورده الشيخ «أبو الحسن السخاوي».
1 - يسيركم، أو ينشركم.
2 - فتبينوا، أو فتثبتوا.
3 - تبلو، أو تتلو.
4 - بما كسبت ايديهم، أو فيما كسبت أيديهم.
وهذه النماذج لما أورده «محمد بن الجزري»:
1 - يحسب بفتح السين أو كسرها.
2 - يأتل، أو «يتأل».
3 - وأوصى، أو «ووصى».
4 - وقاتلوا وقتلوا، أو «وقتلوا وقاتلوا» بالتقديم والتأخير.
اعتقد بعد هذا أنه اصبح جليا ان هذه الآراء الأربعة تعتبر مردودة، وغير مقبولة، لمخالفتها للاطار العام الذي من اجله أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، حيث لا يجد أي إنسان صعوبة، ولا مشقة أثناء النطق بمثل هذه الأشياء أهـ.
«رأي»:
والذي أراه في هذه القضية الهامة:
ان المراد من الأحرف السبعة هو: أن «القرآن الكريم» نزل بلغة كل حي من أحياء العرب.
وهذا القول هو الوارد عن كل من:
1 - الامام علي بن أبي طالب ت 40هـ رضي الله عنه.
2 - عبد الله بن عباس ت 68هـ رضي الله عنه.
فإن قيل: لماذا رجحت هذا القول وأخذت به؟(1/43)
2 - عبد الله بن عباس ت 68هـ رضي الله عنه.
فإن قيل: لماذا رجحت هذا القول وأخذت به؟
أقول: من ينعم النظر في هذا القول يجد أنه يندرج تحته العديد من اللهجات العربية المشهورة.
وهذه اللهجات تندرج كلها تحت قولهما:
«نزل بلغة كل حي من أحياء العرب».
فان قيل: نريد تفصيل هذا الكلام، والاتيان بأمثاله توضح ذلك.
أقول: استجابة لذلك قد خصصت بابا مستقلا في هذا البحث للحديث بالتفصيل عن اللهجات العربية في «القرآن الكريم».
وإني أرجو أن أكون قد وفقت لتجلية هذا الموضوع الذي طال حوله الخلاف، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب.
فإن قيل: نريد أن تبين حقيقة اختلاف السبعة الأحرف.
أقول: ان حقيقة اختلاف هذه السبعة الأحرف المنصوص عليها من النبي صلى الله عليه وسلم، اختلاف تنوع، وتغاير، لا اختلاف تضاد، وتناقض، لأن هذا محال أن يكون في كلام الله تعالى، قال الله تعالى:
{أَفَلََا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كََانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللََّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلََافاً كَثِيراً} (1).
خامسا: السبب في تعدد القراءات:
بعد أن قدمت لك أيها القارئ الكريم النصوص الصحيحة التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن «القرآن الكريم» أنزل على سبعة أحرف، وهذه الأحرف ممثلة في القراءات التي نقلت الينا نقلا صحيحا، أجد سؤالا يفرض نفسه وهو ما السبب في تعدد القراءات؟
__________
(1) سورة النساء الآية 82.(1/44)
أقول: ان هذا السؤال لا غرابة فيه، بل هو سؤال وجيه يمليه الفكر الذي يحب ان يقف دائما على علة الأشياء، ويحب ان يتعرف على حكمتها كلما تيسر له ذلك.
وان من ينعم النظر في الأحاديث المتقدمة، ويعرف طبيعة الأمة العربية، ذات القبائل المتعددة، واللهجات المتغايرة، يستطيع ان يتوصل من خلال ذلك الى عدة أشياء تعتبر بلا شك سببا موجبا الى أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم الله عز وجل ان ينزل عليه «القرآن» بأكثر من حرف حتى وصل الى سبعة احرف. وانني سأحاول هنا ان اقتبس من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأسباب التي من اجلها أنزل «القرآن» على سبعة احرف.
ولست أدعي أن ما اقوله هو كل هذه الأسباب، بل هو بعضها، والمجال لم يزل مفتوحا امام كل مفكر، وكل ذي عقل سليم.
واخالني استطيع ان اوجز هذه الاسباب. «في إرادة التخفيف والتيسير على الأمة».
تمشيا مع قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (1)
يتجلى ذلك من
قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الثالث:
«يا أبيّ أن ربي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت اليه ان هون على أمتي» الخ.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية عن «أبي بن كعب»:
أتاني «جبريل» فقال: اقرأ «القرآن» على حرف واحد، فقلت: «ان أمتي لا تستطيع ذلك» حتى قال:
__________
(1) سورة القمر الآية 17.(1/45)
«اقرأ على سبعة احرف».
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الرابع: «اسأل الله معاناته ومغفرته وان أمتي لا تطيق ذلك» حتى قال له «جبريل»: «أن الله يأمرك ان تقرئ أمتك «القرآن» على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا».
بعد هذا لعلك توافقني أيها القارئ الكريم أن ما قدمته يعتبر سببا مقبولا، ومعقولا، في نزول القرآن على سبعة أحرف.
والله أعلم سادسا: فوائد تعدد القراءات:
ان الوقوف على فوائد تعدد القراءات أمر اجتهادي، ولست أدعي أن ما سأذكره هو كل الفوائد، ولكن يكفي أنني فتحت الباب أمام كل باحث لعله يأتي بجديد.
من هذه الفوائد ما يلي:
1 - ما يكون لبيان حكم شرعي مجمع عليه، مثل قراءة «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه: «وله أخ أو اخت من أم» (1)
فإن هذه القراءة بينت ان المراد بالاخوة هنا الاخوة لأم، وهذا حكم مجمع عليه بين الفقهاء.
2 - ومنها: ما يكون مرجحا لحكم اختلف فيه كقراءة «أو تحرير رقبة مؤمنة» (2) بزيادة «مؤمنة» (3) في كفارة اليمين قال تعالى:
__________
(1) سورة النساء الآية 12، وهذه القراءة شاذة وغير متواترة.
(2) سورة المائدة الآية 89.
(3) وهي قراءة شاذة.(1/46)
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمََانَ فَكَفََّارَتُهُ إِطْعََامُ عَشَرَةِ مَسََاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مََا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلََاثَةِ أَيََّامٍ ذََلِكَ كَفََّارَةُ أَيْمََانِكُمْ إِذََا حَلَفْتُمْ} (1).
فكان زيادة لفظ «مؤمنة» في بعض الروايات ترجيح لاشتراط الايمان في الرقبة المعتقة، كما ذهب اليه الشافعي، رحمه الله.
3 - ومنها: ما يكون للجمع بين حكمين مختلفين مثل «يطهرون» بالتخفيف والتشديد، من قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسََاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلََا تَقْرَبُوهُنَّ حَتََّى يَطْهُرْنَ} (2).
فقد قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطهرن» بفتح الطاء، والهاء، مع التشديد فيهما، مضارع «تطهر» اي اغتسل، والأصل «يتطهرون» فأدغمت التاء في الطاء.
وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، مضارع «طهر» يقال طهرت المرأة اذا شفيت من الحيض (3).
فالأولى الجمع بين المعنيين، وهو أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع دم حيضها، وتطهر بالاغتسال.
4 - ومنها: ما يكون لأجل اختلاف حكمين شرعيين، كقراءة «وأرجلكم» بالخفض، والنصب، فقد قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، والكسائي، ويعقوب» بنصب اللام، عطفا على «أيديكم» فيكون حكمها الغسل كالوجه.
وقرأ الباقون بخفض اللام، عطفا على «برءوسكم» لفظا ومعنى (4) والخفض
__________
(1) سورة المائدة الآية 89.
(2) سورة البقرة الآية 222.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 430.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 40.(1/47)
يقتضي فرض المسح، والنصب يقتضي فرض الغسل، وكيفية الجمع بينهما ان يجعل المسح للابس الخف، والغسل لغيره.
5 - ومنها: ما يكون لايضاح حكم يقتضي الظاهر خلافه، كقراءة «فامضوا الى ذكر الله» (1).
فان قراءة «فاسعوا» (2) يقتضي ظاهرها المشي السريع، وليس كذلك، فكانت القراءة الأخرى موضحة لذلك.
6 - ومنها: ما في ذلك من عظيم البرهان، وواضح الدلالة، اذ هو مع كثرة هذا الاختلاف، وتنوعه، لم يتطرق اليه تضاد، ولا تناقض، ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض نمط واحد وأسلوب واحد، وما ذاك الا آية بالغة، وبرهان قاطع على صدق جاء به النبي صلّى الله عليه وسلم.
7 - ومنها: إعظام اجور هذه الامة من حيث انهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم في تتبع معاني ذلك، واستنباط الحكم، او الاحكام من دلالة كل لفظ، واستخراج كمين اسراره، وخفي اشاراته، وانعامهم النظر في الكشف عن التوجيه، والتعليل، والترجيح، والتفصيل، بقدر ما يبلغ غاية علمهم، ويصل اليه نهاية فهمهم.
8 - ومنها: ما ادخره الله من المنقبة العظيمة، والنعمة الجليلة، لهذه الأمة من اسنادها كتاب ربها، واتصال هذا السبب الالهي بسببها.
9 - ومنها بيان فضل هذه الامة وشرفها على سائر الأمم، من حيث تلقيهم كتاب ربهم هذا التلقي، واقبالهم عليه هذا الاقبال، والبحث عن لفظة لفظة، والكشف عن صيغة صيغة، وبيان صوابه، وبيان تصحيحه،
__________
(1) سورة الجمعة الآية 9وهي قراءة شاذة.
(2) هي القراءة الصحيحة المتواترة.(1/48)
واتقان تجويده، حتى حموه من خلل التحريف، فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا، ولا تفخيما ولا ترقيقا، حتى ضبطوا مقادير المدات، وتفاوت الإمالات، وميزوا بين الحروف بالصفات.
10 - ومنها: ظهور سر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز، وصيانة كلامه المنزل بأوفى البيان والتمييز، فان الله تعالى لم يخل عصرا من العصور، ولو في قطر من الأقطار، من امام حجة قائم بنقل كتاب الله تعالى، واتقان حروفه، ورواياته، وتصحيح وجوهه، وقراءاته (1).
سابعا: متى نشأت القراءات؟
بعد ان وقفنا على الادلة القاطعة، والبراهين الساطعة، التي تثبت ان القراءات القرآنية كلها منزلة من عند الله تعالى على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم، ولا مجال للعقل ولا للرأي فيها، لأي شخص مهما كان حتى النبي عليه الصلاة والسلام، يرشد الى ذلك قول الله تعالى:
{وَمََا هُوَ بِقَوْلِ شََاعِرٍ قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ * وَلََا بِقَوْلِ كََاهِنٍ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعََالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنََا بَعْضَ الْأَقََاوِيلِ * لَأَخَذْنََا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنََا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمََا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حََاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَإِنََّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكََافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} (2).
وقوله تعالى: {وَإِذََا تُتْلى ََ عَلَيْهِمْ آيََاتُنََا بَيِّنََاتٍ قََالَ الَّذِينَ لََا يَرْجُونَ لِقََاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هََذََا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مََا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقََاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلََّا مََا يُوحى ََ إِلَيَّ إِنِّي أَخََافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلْ لَوْ شََاءَ اللََّهُ مََا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلََا أَدْرََاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (3).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 28فما بعدها.
(2) سورة الحاقة الآية 5141.
(3) سورة يونس الآية 1615.(1/49)
فاذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم ليس في مقدوره، ولا في استطاعته ان يبدل، او يغير شيئا من القرآن، فما ظنك بغيره ومن هو دونه منزلة، وفصاحة، وبلاغة.
{لََا تَبْدِيلَ لِكَلِمََاتِ اللََّهِ ذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1).
وبعد ان عرفنا الأسباب التي ادت الى تعدد القراءات، ووقفنا على العديد من الفوائد التي استطعنا ان نقتبسها من اختلاف القراءات.
بعد كل هذا اطرح سؤالا طالما فكرت فيه منذ زمن طويل، ذلك السؤال هو: متى نشأت القراءات؟
او بمعنى آخر: متى نزلت القراءات؟
او بمعنى اخص: متى بدأ نزول القراءات؟
هل بدأ ذلك بمكة المكرمة؟ اي منذ بدء البعثة النبوية وقبل هجرته صلّى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة؟
أم كان ذلك بعد الهجرة وبالمدينة المنورة؟
وبالبحث عن جواب لهذه التساؤلات وجدت قولين:
القول الأول:
ان القراءات نزلت بمكة المكرمة، ويشهد لذلك
قول النبي صلّى الله عليه وسلم:
«اقرأني جبريل على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى الى سبعة احرف» (2).
__________
(1) سورة يونس الآية 64.
(2) رواه البخاري عن عبد الله بن عباس ج 6ص 100.(1/50)
فهذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في نشأة القراءات كلها تفيد ان القراءات نزلت بمكة المكرمة منذ بدء نزول «القرآن الكريم» على النبي عليه الصلاة والسلام.
القول الثاني:
يفيد ان القراءات انما نزلت بعد الهجرة وفي المدينة المنورة. واستدل اصحاب هذا الرأي بالأحاديث الواردة في اختلاف الصحابة فيما بينهم بسبب سماعهم قراءات بحروف لم يتلقوها من الرسول عليه الصلاة والسلام وكل ذلك كان بالمدينة لا بمكة.
تعقيب وترجيح:
بعد أن قدمت ما ورد في هذه المسألة أرى ان القول الأول القائل بأن القراءات نزلت بمكة المكرمة هو القول الراجح الذي تطمئن اليه النفس، حيث لا اعتراض عليه، وفيه الأخذ بالأحوط.
اما القول الثاني الذي يقول ان القراءات نزلت بالمدينة المنورة فأرى انه مرجوح، حيث يعترض عليه بأن معظم سور القرآن الكريم وعددها: ثلاث وثمانون سورة نزلت بمكة المكرمة، ومما لا شك فيه انها نزلت بالأحرف السبعة لأنه لم يثبت بسند قوي، ولا ضعيف انها نزلت مرة ثانية بالمدينة المنورة.
فعدم نزولها مرة ثانية دليل على انها عند ما نزلت بمكة المكرمة انما نزلت مشتملة على الأحرف السبعة.
وغير ذلك فالسبب الذي من اجله طلب الرسول صلّى الله عليه وسلم التخفيف على أمته حتى نزلت الأحرف السبعة كان موجودا بمكة المكرمة.
والله أعلم(1/51)
والله أعلم
الفصل الثاني من الباب الأول صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة
بعد أن تدرجت في الحديث عن «القراءات القرآنية» وفقا للمنهج العلمي:
فتحدثت أولا عن نشأة القراءات، وبينت بالأحاديث النبوية صحة ثبوتها، ونزولها على النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم ذكرت بالتفصيل اقوال العلماء في بيان المراد من انزال «القرآن» على سبعة احرف.
ثم ترجمت للأئمة العشرة، وأثبت بالطرق العلمية صحة اتصال سندهم بالرسول صلّى الله عليه وسلم، وأن «القراءات» التي وصلت الينا عن طريقهم صحيحة، ومتوافرة.
بعد هذا اخالني اجد سؤالا يفرض نفسه وهو:
ما صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة؟
وقبل أن أجيب على هذا السؤال مباشرة اذكر اقوال العلماء السابقين في ذلك:
وبالرجوع الى ما كتب في هذه القضية امكنني تلخيصه في قولين:(1/52)
وقبل أن أجيب على هذا السؤال مباشرة اذكر اقوال العلماء السابقين في ذلك:
وبالرجوع الى ما كتب في هذه القضية امكنني تلخيصه في قولين:
القول الأول:
مؤداه ان «القراءات العشر» تعتبر حرفا واحدا من الأحرف السبعة التي نزلت على الرسول صلّى الله عليه وسلم.
وقد جنح الى هذا كل من:
1 - أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310هـ.
2 - أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم تلميذ «ابن جرير».
واليك ما ذكره كل منهما في هذا المقام:
قال «أبو جعفر الطبري» ت 310هـ:
«الأمة أمرت بحفظ «القرآن» وخيرت في قراءته وحفظه أي تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت اذا هي حنثت في يمين وهي موسرة أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت: اما بعتق، أو اطعام، أو كسوة.
فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث دون حظرها التكفير فيها بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله مؤيدة في ذلك الواجب عليها من حق الله، فكذلك الأمة أمرت بحفظ «القرآن» وخيرت في قراءاته بأي الأحرف السبعة شاءت: فرأت لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما اذن في قراءته به»
ثم قال: «فحملهم «عثمان» رضي الله عنه على حرف واحد، وجمعهم على مصحف واحد، وحرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه.
فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد، والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها امامها
العادل في تركها طاعة منها له نظرا منها له نظرا منها لأنفسها ولمن ابعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها فلا سبيل اليوم لأحد الى القراءة بها لدثورها، وعفو آثارها.(1/53)
فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد، والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها امامها
العادل في تركها طاعة منها له نظرا منها له نظرا منها لأنفسها ولمن ابعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها فلا سبيل اليوم لأحد الى القراءة بها لدثورها، وعفو آثارها.
وتتابع المسلمون على رفض القراءة بها من غير جحود منهم صحتها، فلا القراءة اليوم لأحد من المسلمين الا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم امامهم الشفيق الناصح دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.
ثم قال:
«فان قال بعض من ضعفت معرفته: «كيف جاز لهم ترك قراءة اقرأهموها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمرهم بقراءتها؟
قيل: ان أمره اياهم بذلك لم يكن أمر ايجاب وفرض، وانما كان أمر إباحة ورخصة» أهـ (1).
وقال «أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم» تلميذ «الطبري»:
«ان الامر بقراءة «القرآن» على سبعة احرف أمر تخيير الى ان قال:
فثبتت الأمة على حرف واحد من السبعة التي خير فيها، وكان سبب ثباتها على ذلك ورفض الستة ما اجمع عليه صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحين خافوا على الأمة تكفير بعضهم أن يستطيل ذلك الى القتال وسفك الدماء، وتقطيع الأرحام، فرسموا لهم مصحفا أجمعوا جميعا عليه وعلى نبذ ما عداه لتصير الكلمة واحدة، فكان ذلك حجة قاطعة وفرضا لازما، وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب، والرفع، والتحريك، والاسكان، والهمز، وتركه، والتشديد، والتخفيف، والمد، والقصر، وابدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «انزل القرآن على سبعة احرف» وذلك من قبل أن كل
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 140139.(1/54)
حرف اختلف فيه أئمة القراءة لا يوجب المراء كفرا لمن مارى به في قول أحد من المسلمين» أهـ (1).
القول الثاني:
مفاده أن القراءات العشر تعتبر بعض الأحرف السبعة التي نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد جنح الى هذا القول جمهور العلماء، اذكر منهم كلا من:
1 - مكي بن أبي طالب ت 437هـ.
2 - أبي العباس أحمد بن عمار المقرئ ت 440هـ.
3 - أبي علي الأهوازي ت 406هـ.
واليك ما ذكره كل منهم في هذه المسألة:
قال مكي بن أبي طالب:
«هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة انما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها «القرآن» ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه» أهـ (2).
وقال «أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ» ت 440هـ (3)
«أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك أن ما نحن عليه في
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 149148.
(2) انظر: المرشد الوجيز ص 151، الابانة ص 32.
(3) هو: أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي، النحوي، المفسر، المقرئ، صاحب التصانيف منها تفسيره المسمى: «التفصيل الجامع لعلوم التنزيل».
انظر: غاية النهاية ج 1ص 92، وطبقات المفسرين ص 5.(1/55)
وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن».
ثم قال: وتفسير ذلك: أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلّى الله عليه وسلم أن «القرآن» نزل عليها تجري على ضربين:
الضرب الأول:
زيادة كلمة أو نقص اخرى، وابدال كلمة مكان اخرى، وتقديم كلمة على اخرى وذلك نحو ما روي عن بعضهم:
«ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج» (1).
بزيادة «في مواسم الحج» وهي قراءة مروية عن كل من:
1 - عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه ت 32هـ.
2 - عبد الله بن عباس، رضي الله عنه ت 68هـ.
3 - عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه ت 73هـ (2).
ونحو: «اذا جاء فتح الله والنصر» (3).
وهي قراءة تروى عن:
عبد الله بن عباس رضي الله عنه (4).
فهذا الضرب وما أشبهه متروك لا تجوز القراءة به.
ومن قرأ بشيء منه غير معاند، ولا مجادل عليه، وجب على الامام ان يأخذه بالأدب: بالضرب، والسجن، على ما يظهر له من اجتهاده، فان
__________
(1) سورة البقرة الآية 198، وهي قراءة شاذة.
(2) انظر: كتاب المصاحف للسجستاني ص 54، 55، 74، 82.
(3) سورة النصر الآية 1وهي قراءة شاذة.
(4) انظر: كتاب المصاحف / 81.(1/56)
جادل عليه ودعا الناس اليه وجب عليه القتل،
لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «المراء في القرآن كفر»
ولا جماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم.
الضرب الثاني:
ما اختلف القراء فيه من اظهار، وادغام، وروم، واشمام، وقصر ومد، وتخفيف، وشد، وابدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، ونحو ذلك من الاختلافات المتقاربة، فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهذا الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة، ثم قال:
فثبت بهذا:
أن هذه القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن» استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة، وترك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفتها لمرسوم خط المصحف، اذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن» واذ قد أباح النبي عليه الصلاة والسلام لنا القراءة ببعضها دون بعض لقوله تعالى:
«{فَاقْرَؤُا مََا تَيَسَّرَ مِنْهُ}» (1) فصارت هذه القراءة المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم من جميع الناس على هذا المصحف لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض» أهـ (2).
تعليق وترجيح:
أرى ان هذا القول الثاني هو الذي تطمئن اليه النفس، وتميل اليه، لأنه يعتبر متمشيا مع الواقع ومدعوما بالأدلة والبراهين.
__________
(1) سورة المزمل الآية 20.
(2) انظر: المرشد الوجيز ص 141، 142.(1/57)
الرد على الطبري، ومن قال بقوله:
وقد رد «أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ ت 440هـ على «الطبري» ومن قال بقوله بما يلي:
«قد ذهب «الطبري» وغيره من العلماء الى أن جميع هذه «القراءات» المستعملة، أي الآن، ترجع الى حرف واحد وهو حرف «زيد بن ثابت» رضي الله عنه ت 45هـ.
قلت: لأن خط المصحف نفى ما كان يقرأ به من الفاظ الزيادة، والنقصان، والمرادفة، والتقديم، والتأخير.
وكانوا قد علموا ان تلك الرخصة قد انتهت بكثرة المسلمين، واجتهاد القراء، وتمكنهم من الحفظ» أهـ (1).
وقال «أبو علي الأهوازي» ت 446هـ (2):
«ولسنا نقول: ان ما قرأه هؤلاء السبعة يشتمل على جميع ما أنزله الله عز وجل من الأحرف السبعة التي أباح رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقرأ بها» أهـ (3).
والله أعلم
__________
(1) انظر: المرشد الوجيز ص 142.
(2) هو: الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد، أبو علي الأهوازي، مقرئ الشام في عصره، له عدة مصنفات توفي سنة 446هـ.
انظر: ميزان الاعتدال ج 1ص 137.
وغاية النهاية ج 1ص 220.
ولسان الميزان ج 2ص 237.
(3) انظر: المرشد الوجيز ص 160.(1/58)
الفصل الثالث من الباب الأول أهم المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» ت 833هـ في نقل هذه القراءات
اعتمد «ابن الجزري» على العديد من المصادر الأصيلة أثناء نقله القراءات العشر المتواترة، كما أشار اليها في مقدمة كتابه «النشر في القراءات العشر» بقوله:
«ذكر اسناد هذه القراءات من هذه الطرق، والروايات وها أنا أقدم أولا كيفية روايتي للكتب التي رويت منها هذه القراءات نصا، ثم أتبع ذلك بالأداء المتصل بشرطه» أهـ (1) والمصادر هي:
1 - كتاب المستنير في القراءات السبع:
للامام «أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الداني» المتوفى سنة اربع واربعين واربعمائة، منتصف شوال.
2 - كتاب مفردة يعقوب:
للامام أبي عمرو الداني، سالف الذكر.
__________
(1) انظر: كتاب النشر ج 1ص 58فما بعدها ط القاهرة.(1/59)
3 - كتاب جامع البيان في القراءات السبع:
للامام «أبي عمرو الداني» أيضا، وهذا الكتاب يشتمل على نيف وخمسمائة رواية، وطريق عن الأئمة السبعة جمع فيه مؤلفه رحمه الله تعالى كل ما يعلمه من هذا العلم.
4 - كتاب الشاطبية في القراءات السبع:
وهي القصيدة المسماة: «بحرز الأماني ووجه التهاني» من نظم الامام «أبي القاسم، القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الأندلسي الشاطبي الضرير» المتوفى بالقاهرة في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة هـ.
5 - كتاب شرح الشاطبية:
للامام «أبي الحسن علي بن محمد السخاوي» المتوفى بدمشق سنة ثلاث وأربعين وستمائة هـ.
6 - كتاب شرح الشاطبية:
للامام «أبي القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل الدمشقي» المعروف بأبي شامة، المتوفى عام خمس وستين وستمائة هـ.
7 - كتاب شرح الشاطبية:
للشيخ «ابن العز بن رشيد الهمذاني» المتوفى بدمشق عام ثلاث واربعين وستمائة هـ.
8 - كتاب شرح الشاطبية:
للامام «أبي عبد الله محمد بن الحسن الفاسي» المتوفى بحلب عام ست وخمسين وستمائة هـ.(1/60)
للامام «أبي عبد الله محمد بن الحسن الفاسي» المتوفى بحلب عام ست وخمسين وستمائة هـ.
9 - كتاب شرح الشاطبية:
للامام «أبي اسحاق إبراهيم عمر الجعبري» المتوفى ببلدة الخليل بفلسطين عام اثنين وسبعمائة هـ.
10 - كتاب شرح الشاطبية:
للامام «أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد المولى بن جبارة المقدسي» المتوفى عام ثمان وعشرين وسبعمائة بالقدس.
11 - كتاب العنوان:
للامام «أبي طاهر اسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الانصاري» الاندلسي الاصل، ثم المصري، المتوفى بالقاهرة عام خمس وخمسين واربعمائة هـ.
12 - كتاب الهادي:
للامام الفقيه «أبي عبد الله بن سفيان القيرواني» المالكي.
المتوفى ليلة مستهل صفر سنة خمس عشرة واربعمائة هـ.
بالمدينة المنورة، ودفن بالبقيع، بعد حجه ومجاورته بمكة سنة.
13 - كتاب الكافي:
للامام الاستاذ «أبي عبد الله محمد بن شريح بن أحمد بن محمد» الرعيني الاشبيلي، المتوفى في شوال سنة ست وسبعين واربعمائة هـ بإشبيلية من الاندلس.
14 - كتاب الهداية:
للامام المقرئ المفسر الاستاذ «أبي العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي» توفي فيما قاله الحافظ الذهبي بعد الثلاثين وأربعمائة هـ.(1/61)
للامام المقرئ المفسر الاستاذ «أبي العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي» توفي فيما قاله الحافظ الذهبي بعد الثلاثين وأربعمائة هـ.
15 - كتاب التبصرة:
للامام «أبي محمد مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار» القيسي القيرواني، ثم الاندلسي، توفي ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين واربعمائة هـ بقرطبة.
16 - كتاب القاصد:
لأبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد الخزرجي القرطبي المتوفى بقرطبة سنة ست واربعين واربعمائة هـ.
17 - كتاب الروضة:
للامام أبي العمر أحمد بن عبد الله بن لب الطلمنكي الاندلسي نزيل قرطبة، والمتوفى بها بذي الحجة سنة تسع وعشرين واربعمائة هـ.
18 - المجتبى:
للامام ابي القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي نزيل مصر والمتوفى بها سلخ ربيع الاول سنة عشرين واربعمائة هـ.
19 - كتاب تلخيص العبارات:
للامام المقري أبي علي الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة الهواري القيرواني نزيل الاسكندرية، والمتوفى بها ثالث عشر رجب سنة اربع عشرة وخمسمائة هـ.
20 - كتاب التذكرة في القراءات الثماني:
للامام أبي الحسن ظاهر بن الامام الاستاذ أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، والمتوفى بها لعشر مضين من ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.(1/62)
للامام أبي الحسن ظاهر بن الامام الاستاذ أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، والمتوفى بها لعشر مضين من ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
21 - كتاب الروضة في القراءات الاحدى عشر:
وهي قراءات العشرة المشهورة، وقراءة الأعمش، للامام أبي علي حسن ابن محمد بن إبراهيم البغدادي المالكي نزيل مصر، والمتوفى بها في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين واربعمائة هـ.
22 - كتاب الجامع:
تأليف الفارسي، وتوفي بمصر سنة احدى وستين واربعمائة.
23 - كتاب التجريد:
للامام الاستاذ ابي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي المعروف بابن الفحام شيخ الاسكندرية، وتوفي بها في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة هـ.
24 - مفردة يعقوب:
للامام ابن الفحام سالف الذكر.
25 - كتاب التلخيص في القراءات الثماني:
للامام أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن محمد الطبري الشافعي شيخ أهل مكة، والمتوفى بها سنة ثمان وسبعين واربعمائة هـ.
26 - كتاب الروضة:
للامام أبي اسماعيل موسى بن الحسين بن اسماعيل بن موسى العدل.
27 - كتاب الاعلان:
للامام عبد الرحمن بن اسماعيل بن عثمان بن يوسف الصفراوي الاسكندري، والمتوفى بها في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وستمائة هـ.
28 - كتاب الارشاد:(1/63)
للامام عبد الرحمن بن اسماعيل بن عثمان بن يوسف الصفراوي الاسكندري، والمتوفى بها في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وستمائة هـ.
28 - كتاب الارشاد:
لأبي الطيب عبد المنعم بن عبد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، والمتوفى بها في جمادى الاولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة هـ.
29 - كتاب الوجيز:
للاستاذ أبي علي الحسن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الاهوازي، نزيل دمشق، والمتوفى بها رابع ذي الحجة سنة ست واربعين واربعمائة هـ.
30 - كتاب السبعة:
للامام أبي بكر احمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي، والمتوفى بها في العشرين من شعبان سنة اربع وعشرين وثلاثمائة هـ.
31 - كتاب المستنير في القراءات العشر:
للامام الاستاذ ابي طاهر احمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار البغدادي، والمتوفى بها سنة ست وتسعين واربعمائة هـ.
32 - كتاب المبهج في القراءات الثماني:
وقراءة «ابن محيصن، والاعمش، واختيار خلف، واليزيدي» للامام أبي محمد عبد الله بن احمد بن عبد الله المعروف بسبط الخياط البغدادي، والمتوفى بها في ربيع الآخر سنة احدى واربعين وخمسمائة هـ.
33 - كتاب الايجاز. لسبط الخياط سالف الذكر.
34 - كتاب إرادة الطالب:
في القراءات العشر، وفي فرش القصيدة المنجدة للامام سبط الخياط المذكور من قبل.
35 - كتاب تبصرة المبتدي:
للامام سبط الخياط سالف الذكر.(1/64)
للامام سبط الخياط سالف الذكر.
36 - كتاب المهذب، في القراءات العشر:
للامام الزاهد أبي منصور محمد بن احمد بن علي الخياط البغدادي، والمتوفى بها سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعين واربعمائة هـ.
37 - كتاب الجامع «في القراءات العشر» وقراءة الأعمش:
للامام أبي الحسن علي بن محمد علي بن فارس الخياط، البغدادي، والمتوفى بها في حدود سنة خمسين واربعمائة هـ.
38 - كتاب التذكار في القراءات العشر:
للامام الاستاذ ابي الفتح عبد الواحد بن الحسين بن احمد بن عباس بن شيطا البغدادي، والمتوفى بها في صفر سنة خمس واربعين واربعمائة هـ.
39 - كتاب المفيد في القراءات العشر:
للامام أبي نصر احمد بن مسرور بن عبد الوهاب البغدادي، والمتوفى بها في جمادى الاولى سنة اثنتين واربعين واربعمائة هـ.
40 - كتاب الكفاية في القراءات الست:
للامام سبط الخياط سالف الذكر.
41 - كتاب الموضح، والمفتاح في القراءات العشر:
كلاهما للامام ابي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون العطار البغدادي، والمتوفى بها سادس عشر رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة هـ.(1/65)
كلاهما للامام ابي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون العطار البغدادي، والمتوفى بها سادس عشر رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة هـ.
43 - كتاب الكفاية الكبرى:
للامام ابي العز سالف الذكر.
44 - كتاب كفاية الاختصار:
للامام ابي العلاء الحسن بن احمد بن الحسن بن احمد بن محمد العطار الهمذاني، والمتوفى بها في تاسع عشر جمادى الاولى سنة تسع وستين وخمسمائة هـ.
45 - كتاب الاقناع في «القراءات السبع»:
للامام أبي جعفر احمد بن علي بن احمد بن خلف بن الباذش الانصاري الغرناطي، والمتوفى بها في جمادى الآخرة سنة اربعين وخمسمائة هـ.
46 - كتاب الغاية:
للإمام ابي بكر احمد بن الحسين بن مهران الاصبهاني، ثم النيسابوري، والمتوفى بها في شوال سنة احدى وثمانين وثلاثمائة هـ.
47 - كتاب المصباح «في القراءات العشر»:
للامام ابي الكرم المبارك بن الحسن بن احمد بن علي بن فتحان الشهرزوري البغدادي: والمتوفى ثاني عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة هـ.
48 - كتاب الكامل «في القراءات العشر»:
للامام ابي القاسم يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل الهزلي المغربي نزيل نيسابور، والمتوفى بها سنة خمس وستين واربعمائة هـ.
49 - كتاب المنتهى في «القراءات العشر»:
للامام أبي الفضل بن محمد بن جعفر الخزاعي، والمتوفى بها سنة ثمان واربعين واربعمائة هـ.(1/66)
للامام أبي الفضل بن محمد بن جعفر الخزاعي، والمتوفى بها سنة ثمان واربعين واربعمائة هـ.
50 - كتاب الاشارة في «القراءات العشر»:
للامام أبي نصر منصور بن أحمد العراقي.
51 - كتاب المفيد «في القراءات الثمان»:
للامام المقرئ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي، اليمني، والمتوفى في حدود سنة ستين وخمسمائة هـ.
52 - كتاب الكنز «في القراءات العشر»:
للامام أبي محمد بن عبد الله بن عبد المؤمن بن الوجيه الواسطي، توفي في شوال سنة أربعين وسبعمائة هـ.
53 - كتاب الشفعة «في القراءات السبع»:
من نظم الامام العلامة ابي عبد الله محمد بن احمد بن محمد الموصلي المعروف بشعلة، توفي سنة ست وخمسين وستمائة هـ.
54 - كتاب جمع الاصول «في مشهور المنقول»:
نظم الامام المقرئ أبي الحسن علي بن أبي محمد بن أبي سعد الديواني الواسطي، والمتوفى بها سنة ثلاث واربعين وسبعمائة هـ.
55 - كتاب عقد اللئالئ «في القراءات السبع العوالي»:
من نظم الامام الاستاذ أبي حيان محمد بن يوسف الاندلسي في وزن الشاطبية ورويها.
56 - كتاب الشرعية في القراءات العشر:
للامام شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن البارزي قاضي حماه، والمتوفى بها سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة هـ.(1/67)
للامام شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن البارزي قاضي حماه، والمتوفى بها سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة هـ.
57 - كتاب البستان «في القراءات العشر»:
للامام أبي بكر عبد الله بن عبد الرحيم ايدغدى الشمس الشهير بابن الجندى، توفي بالقاهرة آخر شوال سنة تسع وتسعين وسبعمائة هـ.
58 - كتاب مفردة يعقوب:
لأبي محمد عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم الصعيدي، توفي بالاسكندرية سنة ست وخمسين وستمائة هـ.
والله اعلم(1/68)
والله اعلم
الفصل الرابع من الباب الاول تاريخ القراء العشرة، أو الائمة العشرة
«تراجمهم وسلسلة سندهم في القراءات حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم».
الإمام الأول:
نافع المدني ت 169هـ:
هو: أبو رويم نافع بن عبد الرحيم بن أبي نعيم الليثي، أصله من أصفهان، وهو من علماء الطبقة الرابعة، وكان شديد سواد اللون.
قال الإمام مالك بن انس ت 179: «نافع امام الناس في القراءة» اهـ (1)
وقال «أحمد بن هلال المصري»: قال لي الشيباني، قال لي رجل ممن قرأ على «نافع» كان اذا تكلم يشم من فمه رائحة المسك، قلت: «يا أبا عبد الله، أو يا أبا رويم اتتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال: ما أمس طيبا، ولكني رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يقرأ في «في» فمن ذلك أشم من «في» هذه الرائحة» اهـ (2).
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1ص 90ط القاهرة.
(2) انظر: المصدر المتقدم.(1/69)
ولد الامام نافع سنة 70هـ سبعين هجرية.
وكان رحمه الله تعالى صاحب دعابة وطيب اخلاق.
قال عنه ابن «معين»: «كان ثقة» اهـ.
وقال عنه «النسائي»: «ليس به بأس» اهـ.
وقال عنه «ابو حاتم»: «كان صدوقا» اهـ (1).
شيوخ نافع:
اتفقت جميع المصادر على ان الامام نافع قرأ على سبعين من التابعين أذكر منهم:
1 - أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128هـ 2عبد الرحمن بن هرمز الاعرج ت 117هـ 3شيبة بن نصاح القاضي ت 130هـ 4يزيد بن رومان ت 120هـ 5مسلم بن جندب الهذلي ت 130هـ وقد تلقى هؤلاء الخمسة القراءات عن ثلاثة من الصحابة وهم:
1 - ابو هريرة ت 59هـ 2عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ت 68هـ 3عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة المخزومي ت 78هـ وقد تلقى هؤلاء الثلاثة عن: أبي بن كعب ت 30هـ وقرأ «أبي بن كعب» على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عن الامين «جبريل» عليه السلام (2).
__________
(1) انظر المصدر المتقدم ج 1ص 92.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 112.(1/70)
من هذا يتبين ان قراءة الامام نافع صحيحة، ومتصلة السند بالرسول عليه الصلاة والسلام.
تلاميذ الامام نافع:
لقد تتلمذ على الامام نافع خلق كثير لا يحصون من المدينة المنورة والشام، ومصر، والبصرة، وغيرها من بلاد المسلمين، اذكر منهم:
1 - الامام مالك بن أنس، امام دار الهجرة ت 179هـ 2أبا عمرو بن العلاء البصري ت 154هـ 3اسماعيل بن جعفر بن وردان ت 160هـ 4سليمان بن جماز ت 170هـ 5عيسى بن مينا قالون ت 220هـ 6ابو سعيد عثمان المصري «ورش» ت 197هـ انتهت الى الامام نافع رئاسة الاقراء بالمدينة المنورة، واقرأ بها اكثر من سبعين سنة.
قال «الذهبي» ت 748هـ: حدثنا «ابن مجاهد» ت 324هـ عن محمد ابن اسحاق ت 290هـ عن ابيه قال: لما حضرت نافعا الوفاة قال له ابناؤه «أوصنا» قال: اتقول الله واصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين».
توفي الامام نافع بالمدينة المنورة سنة 169هـ تسع وستين ومائة (1).
الامام الثاني:
ابن كثير ت 120هـ.
هو: عبد الله بن كثير بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز المكي، من علماء الطبقة الثالثة (2).
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1ص 92.
(2) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1ص 71.(1/71)
قال «ابن الجزري» ت 833هـ: «كان «ابن كثير» اماما في القراءة بمكة المكرمة، لم ينازعه فيها منازع» اهـ.
وقال «الأصمعي» ت 215هـ: قلت لأبي عمرو بن العلاء البصري قرأت على «ابن كثير» قال: نعم ختمت على «ابن كثير» بعد ما ختمت على «مجاهد» وكان اعلم بالعربية من «مجاهد» وكان فصيحا، بليغا، مفوها، أبيض اللحية طويلا أحمر، جسيما، يخضب بالحناء عليه السكينة.
و «الوقار» ولد «ابن كثير» سنة 45هـ خمس واربعين، وتوفي سنة 120هـ عشرين ومائة (1).
شيوخ ابن كثير:
تلقى ابن كثير القراءة عن كل من:
1 - أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي ت 68هـ 2أبي الحجاج مجاهد بن جبر المكي ت 140هـ 3درباس مولى ابن عباس. لم اقف له على تاريخ وفاة.
وقرأ «عبد الله بن السائب» شيخ «ابن كثير» على:
1 - ابي بن كعب ت 30هـ 2وعمر بن الخطاب ت 23هـ وقرأ «مجاهد بن جبر» شيخ «ابن كثير» على:
1 - عبد الله بن عباس ت 68هـ 2عبد الله بن السائب ت 68هـ
__________
(1) النشر في القراءات العشر ج 1ص 121120.(1/72)
وقرأ «درباس» شيخ «ابن كثير» على:
مولاه «عبد الله بن عباس».
وقرأ عبد الله بن عباس على 1ابي بن كعب ت 30هـ 2زيد بن ثابت ت 45هـ وقرأ كل من «ابي بن كعب، وزيد بن ثابت» على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من هذا يتبين ان قراءة «ابن كثير» صحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم.
تلاميذ «ابن كثير»:
لقد تتلمذ على «ابن كثير» واخذ عنه القراءة عدد كثير، اذكر منهم:
1 - البزي: احمد بن محمد بن عبد الله بن ابي بزة ت 250هـ 2قنبل: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد المخزومي ت 291هـ 3اسماعيل بن عبد الله القسطنطين ت 170هـ 4اسماعيل بن مسلم ابن اسحاق المخزومي ت 159هـ 5الحارث بن قدامة، لم أقف له على تاريخ وفاة 6حماد بن سلمة ت 167هـ 7الخليل بن أحمد ت 167هـ 8سفيان بن عيينة ت 198هـ 9أبا عمرو بن العلاء البصري ت 154هـ(1/73)
1 - البزي: احمد بن محمد بن عبد الله بن ابي بزة ت 250هـ 2قنبل: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد المخزومي ت 291هـ 3اسماعيل بن عبد الله القسطنطين ت 170هـ 4اسماعيل بن مسلم ابن اسحاق المخزومي ت 159هـ 5الحارث بن قدامة، لم أقف له على تاريخ وفاة 6حماد بن سلمة ت 167هـ 7الخليل بن أحمد ت 167هـ 8سفيان بن عيينة ت 198هـ 9أبا عمرو بن العلاء البصري ت 154هـ
الامام الثالث:
«ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154هـ هو: زبان بن العلاء بن عمار بن العريان المازني التميمي، البصري، وقيل: اسمه «يحيى» وقيل: اسمه كنيته، كان امام البصرة، ومقرئها (1)
قال «ابن الجزري» «كان «ابو عمرو بن العلاء» اعلم الناس بالقرآن والعربية مع الصدق، والثقة، والامانة، والدين» اهـ (2).
ولد «ابو عمرو» بمكة سنة 68هـ وقيل: سنة 65هـ.
توفي بالكوفة سنة اربع وخمسين ومائة (3).
شيوخ ابي عمرو:
قرأ «أبو عمرو» على عدد كبير: بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، ويعتبر «ابو عمرو» اكثر القراء شيوخا، اذكر منهم:
1 - أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128هـ 2يزيد بن رومان ت 120هـ 3شيبة بن نصاح ت 130هـ 4نافع بن ابي نعيم ت 169هـ 5عبد الله بن كثير ت 120هـ 6مجاهد بن جبر ت 104هـ 7الحسن البصري ت 110هـ
__________
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1ص 443.
(2) انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 7، ومعرفة القراء الكبار ج 1ص 83.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 134.(1/74)
8 - حميد بن قيس الاعرج المكي ت 130هـ 9عبد الله بن ابي اسحاق الحضرمي ت 117هـ 10عطاء بن ابي رباح ت 115هـ 11عاصم بن ابي النجود ت 127هـ 12يحيى بن يعمر ت 129هـ 13أبا العالية رفيع بن مهران الرباحي، لم اقف له على تاريخ وفاة وقرأ «أبو العالية» شيخ «أبي عمرو» على:
1 - عمر بن الخطاب ت 23هـ 2ابي بن كعب ت 30هـ 3زيد بن ثابت ت 45هـ 4عبد الله بن عباس ت 68هـ وقرأ كل من: «زيد بن ثابت، وابي بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) من هذا يتبين ان قراءة «ابي عمرو بن العلاء» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
تلاميذ ابي عمرو بن العلاء:
لقد تلقى القراءة على «ابي عمرو بن العلاء» خلق كثير اذكر منهم:
1 - الدوري: أبا عمر حفص بن عبد العزيز ت 246هـ 2السوسى: أبا شعيب صالح بن زياد ت 261هـ 3سلام بن سليمان الطويل ت 171هـ 4شجاع بن ابي نصر ت 190هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 123.(1/75)
5 - العباس بن الفضل بن عمرو بن حنظلة ت 186هـ 6عبد الله بن المبارك بن واضح ت 181هـ 7ابو زيد الانصاري، سعيد بن اوس ت 215هـ 8يونس بن حبيب البصري ت 185هـ 9ابو عبيدة معمر بن المثنى ت 210هـ قال «وكيع»: «قدم «ابو عمرو بن العلاء» «الكوفة» فاجتمعوا اليه كما اجتمعوا على «هشام بن عروة» اهـ.
وقال «ابو عبيدة معمر بن المثنى»: كان «ابو عمرو» اعلم الناس بالقراءات، والعربية، وايام العرب، والشعر، وايام الناس» اهـ (1).
وقال «ابن معين»: «ابو عمرو بن العلاء ثقة» أهـ (2).
الامام الرابع:
ابن عامر الشامي ت 118هـ هو: عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، ويكنى أبا عمرو، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة (3).
قال «ابن عامر»: «ولدت سنة ثمان من الهجرة، بضيعة يقال لها «رحاب» «وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان» أهـ (4).
ويعتبر «ابن عامر» امام «اهل الشام» في القراءة.
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1ص 85.
(2) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1ص 86.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1ص 67.
(4) انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 7.(1/76)
قال «ابن الجزري» ت 833هـ «كان «ابن عامر» اماما كبيرا، وتابعا جليلا، وعالما شهيرا، ام المسلمين بالجامع الاموي سنين كثيرة في ايام «عمر بن عبد العزيز» رضي الله عنه، فكان يأتم به وهو امير المؤمنين، وجمع له بين الامامة، والقضاء، ومشيخة الاقراء «بدمشق» فأجمع الناس على قراءته، وعلى تلقيها بالقبول، وهم الصدر الاول الذين هم أفاضل المسلمين» هـ (1).
وقال احمد بن عبد الله العجلي»: «ابن عامر الشامي ثقة» اهـ (2).
توفي «ابن عامر» بدمشق سنة 118هـ ثمان عشرة ومائة (3).
شيوخ ابن عامر:
قال «ابن الجزري» قرأ «ابن عامر» على كل من:
1 - ابي الهاشم المغيرة بن ابي شهاب ت 91هـ 2عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي 3ابي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس ت 32هـ وقرأ «عبد الله بن المغيرة» شيخ ابن عامر «على: «عثمان بن عفان» رضي الله عنه ت 35هـ وقرأ «ابو الدرداء» شيخ «ابن عامر»، «وعثمان بن عفان» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
من هذا يتبين ان قراءة «ابن عامر» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 144.
(2) معرفة القراء الكبار ح 1ص 69.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 144.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 144.(1/77)
تلاميذ ابن عامر:
لقد تلقى القراءات على «ابن عامر» عدد كثير اذكر منهم:
1 - هشام بن عمار الدمشقي ت 245هـ 2ابن ذكوان عبد الله بن احمد القرشي الدمشقي ت 242هـ 3يحيى بن الحارث الذماري، الذي خلف «ابن عامر» 5ربيعة بن يزيد 6جعفر بن ربيعة 7اسماعيل بن عبد الله بن ابي المهاجر 8سعيد بن عبد العزيز 9خلاد بن يزيد بن صبيح المري 10يزيد بن ابي مالك (1)
الامام الخامس:
عاصم الكوفي ت 127هـ هو: عاصم بن بهدلة أبو النجود الاسدي، ويكنى أبا بكر، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة (2).
قال «ابن الجزري» ت 833هـ «كان عاصم الامام الذي انتهت اليه رئاسة الاقراء بالكوفة بعد «ابي عبد الرحمن السلمي»
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 68.
(2) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ح 1ص 73.(1/78)
ثم قال: «وقد جلس موضعه ورحل الناس اليه للقراءة، وكان قد جمع بين الفصاحة، والاتقان، والتحرير، والتجويد، وكان من احسن الناس صوتا بالقرآن (1).
وقال «ابو بكر بن عياش»:
«لا احصي ما سمعت أبا اسحاق السبيعي يقول:
«ما رأيت أحدا اقرأ للقرآن من عاصم» اهـ (2).
وقال «عبد الله بن احمد بن حنبل»:
«سألت «أبيّ» عن «عاصم» فقال: «رجل صالح ثقة» اهـ (3) وقال «ابو بكر ابن عياش»:
«دخلت على «عاصم» وقد احتضر فجعل يردد هذه الآية يحققها كأنه في الصلاة: «ثم ردوا الى الله مولاهم الحق» اهـ (4).
توفي الامام «عاصم» بالكوفة سنة 127هـ سبع وعشرين ومائة.
شيوخ الامام عاصم:
قال «ابن الجزري»: قرأ «عاصم» على كل من:
1 - ابي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمى ت 83هـ 2ابي مريم زر بن حبيش الاسدي ت 83هـ 3ابي عمرو سعد بن الياس الشيباني ت 96هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 155.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 155.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 155.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 155.(1/79)
وقرأ هؤلاء الثلاثة على:
عبد الله بن مسعود ت 32هـ رضي الله عنه وقرأ كل من: «ابي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش» على:
1 - عثمان بن عفان ت 35هـ رضي الله عنه 2علي بن ابي طالب ت 40هـ رضي الله عنه وقرأ «ابو عبد الرحمن السلمي» ايضا على:
1 - ابي بن كعب ت 30هـ رضي الله عنه 2زيد بن ثابت ت 45هـ رضي الله عنه وقرأ كل من:
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 2عثمان بن عفان رضي الله عنه 3علي بن ابي طالب رضي الله عنه 4ابي بن كعب رضي الله عنه 5زيد بن ثابت رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
من هذا يتبين ان قراءة «الامام عاصم» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم.
تلاميذ الامام عاصم:
تلقى القراءات على «الامام عاصم» عدد كثير اذكر منهم:
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 155.(1/80)
1 - شعبة أبا بكر بن عياش ت 193هـ 2حفصا أبا عمرو حفص بن سليمان بن المغيرة ت 180هـ 3أبان بن تغلب ت 141هـ 4هارون بن موسى الأعور ت 146هـ (1)
5 - سليمان بن مهران الاعمش ت 147هـ 6سهل بن شعيب، لم اقف له على تاريخ وفاة 7شيبان بن معاوية ت 164هـ وروى عن «عاصم» حروفا من «القرآن» كل من:
1 - أبي عمرو بن العلاء ت 154هـ 2حمزة بن حبيب الزيات ت 156هـ 3الحارث بن نبهان لم اقف له على تاريخ وفاة 4هارون بن موسى الاعور ت 146هـ (1)
الامام السادس:
حمزة الكوفي ت 156هـ ويكنى أبا عمارة، وهو من علماء الطبقة الرابعة (3).
قال «ابن الجزري» ت 833هـ.:
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ح 1ص 73فما بعدها.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ح 1ص 93.(1/81)
«كان «حمزة» امام الناس في القراءة بالكوفة بعد «عاصم» و «الاعمش» وكان ثقة كبيرا حجة رضيا، قيما بكتاب الله: مجودا، عارفا بالفرائض، والعربية حافظا للحديث، ورعا، عابدا، خاشعا، ناسكا، زاهدا، قانتا لله تعالى، لم يكن له نظير. ثم يقول «ابن الجزري»: «وكان «حمزة» يجلب الزيت من العراق الى «حلوان» ويجلب الجبن، والجوز منها الى الكوفة» اهـ (1).
قال له «الامام أبو حنيفة»: شيئان غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك: القرآن، والفرائض» أهـ (2).
وكان «الاعمش» اذا رآه يقول: «هذا حبر القرآن» اهـ (3).
وقال «حمزة» عن نفسه: «ما قرأت حرفا من كتاب الله تعالى الا بأثر» أهـ (4).
وقال «عبد الله بن موسى»: ما رأيت أحدا اقرأ من «حمزة» أهـ (5).
ولد «حمزة» سنة 80ثمانين هجرية، وتوفي في خلافة «ابي جعفر المنصور» سنة 156هـ ست وخمسين ومائة (6).
شيوخ الامام حمزة:
قال «ابن الجزري»: قرأ «حمزة» على كل من:
1 - ابي حمزة حمران بن اعين ت 129هـ 2ابي اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 166.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 166.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 166.
(4) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 95.
(5) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 95.
(6) الوافي في شرح الشاطبية ص 20.(1/82)
3 - محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى ت 148هـ 4ابي محمد طلحة بن مصرف ت 122هـ 5ابي عبد الله بن جعفر بن الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب.
وقرأ «ابو محمد طلحة بن مصرف» شيخ «حمزة» على:
1 - ابي محمد يحيى بن وثاب ت 103هـ 2الأسود بن يزيد بن قيس ت 62هـ 3زر بن حبيش ت 82هـ 4زيد بن وهب الكوفي ت 82هـ 5عبيد بن نضلة وقرأ «عبيد بن نضلة» على:
1 - علقمة بن قيس بن مالك الصحابي ت 62هـ وقرأ ابو حمزة حمران بن أعين شيخ «حمزة» على:
1 - محمد الباقر وقرأ ابو اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132هـ شيخ «حمزة» على:
1 - ابي عبد الرحمن السلمى ت 73هـ 2زر بن حبيش بن ابي مريم ت 82هـ 3عاصم بن ضمرة، لم اقف له على تاريخ وفاة.
4 - الحارث بن عبد الله الهمذاني لم اقف له على تاريخ وفاة.
وقرأ «عاصم بن ضمرة» والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:
1 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه ت 40هـ وقرأ «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:(1/83)
وقرأ «عاصم بن ضمرة» والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:
1 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه ت 40هـ وقرأ «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ت 32هـ وقرأ «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على:
1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ت 32هـ وقرأ «جعفر الصادق» على ابيه «محمد الباقر».
وقرأ «محمد الباقر» على ابيه «زين العابدين».
وقرأ «زين العابدين» على ابيه «علي بن ابي طالب» رضي الله عنهما. وقرأ كل من:
1 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه 2عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
من هذا يتبين ان قراءة «حمزة الكوفي» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
تلاميذ حمزة الكوفي:
لقد اخذ القراءة على «حمزة» عدد كثير، اذكر منهم:
1 - خلف بن هشام البزار ت 229هـ 2خلاد بن خالد الصيرفي ت 220هـ 3سليم بن عيسى، لم اقف له على تاريخ وفاة.
4 - سفيان الثوري ت 161هـ 5علي بن حمزة الكسائي ت 189هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 165.(1/84)
6 - يحيى بن زياد الفراء ت 217هـ 7يحيى بن المبارك بن المغيرة ت 202هـ (1)
الامام السابع:
الكسائي الكوفي ت 189هـ هو: علي بن حمزة النحوي، ويكنى أبا الحسن، وقيل له الكسائي من اجل انه احرم في كساء (2).
وهو من علماء الطبقة الرابعة (3).
قال «ابن الجزري»: ت 833هـ «كان الكسائي» امام الناس في القراءة في زمانه، واعلمهم بالقرآن» أهـ (4)
وقال «ابو بكر الانباري» ت 833هـ «اجتمعت في الكسائي عدة أمور: كان أعلم الناس بالنحو وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في «القرآن» فكانوا يكثرون عليه فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو «القرآن» من أوله الى آخره، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ أهـ (5).
وقال «الذهبي» ت 278هـ «انتهت الى «الكسائي» الامامة في القراءة بعد وفاة شيخه حمزة (6) توفي
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 93.
(2) انظر: المهذب في القراءات العشر ح 1ص 8.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 100.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 172.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 172.
(6) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 101.(1/85)
«الكسائي» ببلدة يقال لها «رنبويه» بالري سنة 189هـ تسع وثمانين ومائة وفي يوم وفاته توفي «محمد بن الحسن» صاحب ابي حنيفة، فقال «هارون الرشيد»: دفنا النحو، والفقه معا بالري (1).
شيوخ الامام الكسائي:
لقد تلقى الامام الكسائي على خلق كثير، اذكر منهم:
1 - حمزة بن حبيب الزيات ت 156هـ وقد تقدم سند «حمزة» حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبناء عليه فالامام «الكسائي» يعتبر موصول السند حتى النبي عليه الصلاة والسلام، وقراءته تعتبر متواترة صحيحة.
2 - محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى: ت 148هـ وهو أحد شيوخ «حمزة» الكوفي.
تلاميذ الامام الكسائي:
لقد تتلمذ على «الكسائي» عدد كثير، اذكر منهم:
1 - أبا الحارث: الليث بن خالد البغدادي ت 240هـ 2حفصا الدوري ت 246هـ 3نصير بن يوسف الرازي 4قتيبة بن مهران الاصبهاني ت 202هـ 5احمد بن شريح النهشلي 6أبا حمدون الطيب بن اسماعيل 7عيسى بن سليمان الشيرازي
__________
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 107.(1/86)
8 - أبا عبيد القاسم بن سلام ت 224هـ 9محمد بن سفيان (1)
الامام الثامن:
ابو جعفر المدني ت 128هـ هو: يزيد بن القعقاع المخزومي المدني: أحد علماء الطبقة الثالثة (2).
قال «ابن ابي الزناد»:
«كان الامام ابو جعفر المدني، يقدم في زمانه على «عبد الرحمن بن هرمز الاعرج» ت 117هـ وقال «ابن الجزري» ت 833هـ «كان ابو جعفر تابعيا كبير القدر، انتهت اليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة» اهـ.
وقال الامام مالك بن انس ت 179هـ «كان ابو جعفر رجلا صالحا» وقال يحيى بن معين:
«كان ابو جعفر امام اهل المدينة، وكان ثقة» أهـ (3).
شيوخ الامام ابي جعفر:
لقد تلقى القراءة «ابو جعفر» على كل من:
1 - مولاه «عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة» ت 78هـ
__________
(1) انظر: معرفة القراء ح 1ص 100.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 178.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 59.(1/87)
2 - عبد الله بن عباس ت 68هـ 3ابي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ت 57هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على:
1 - ابي بن كعب ت 30هـ وقرأ «ابي بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
من هذا يتبين ان قراءة «ابي جعفر» متواترة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم.
تلاميذ الامام ابي جعفر:
لقد تتلمذ على «ابي جعفر» عدد كثير اذكر منهم:
1 - نافعا المدني وهو الامام الاول ت 160هـ 2أبا الحارث عيسى بن وردان ت 160هـ 3أبا الربيع سليمان بن مسلم بن حجاز ت 170هـ 4أبا عمرو بن العلاء البصري وهو الامام الثالث ت 154هـ
الامام التاسع:
يعقوب الحضرمي ت 205هـ هو ابو محمد يعقوب بن اسحاق بن زيد الحضرمي، وهو من علماء الطبقة الخامسة.
قال «ابن الجزري» ت 205هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 178.(1/88)
«كان «يعقوب» اماما كبيرا، وثقة، عالما، صالحا، دينا، انتهت اليه رئاسة القراءة بعد «ابي عمرو بن العلاء» وكان امام جامع البصرة سنين» (1)
وقال «ابو حاتم السجستاني»:
«هو من اعلم من رأيت بالحروف، والاختلاف في القراءات، وقال «احمد بن حنبل» «هو صدوق» أهـ (2).
وقال «علي بن جعفر السعدي»:
«كان يعقوب اقرأ أهل زمانه، وكان لا يلحن في كلامه» أهـ.
وقال «ابو القاسم الهذلي»:
«لم ير في زمن يعقوب مثله» أهـ (3).
توفي «يعقوب» في ذي الحجة سنة 205هـ خمس ومائتين (4).
شيوخ الامام يعقوب:
قرأ «يعقوب» على كل من:
1 - ابي المنذر سلام بن سليمان المزني ت 171هـ 2شهاب بن شرنفة ت 162هـ (5)
3 - ابي يحيى مهدي بن ميمون ت 171هـ 4ابي الاشهب جعفر بن حبان العطاردي ت 165هـ
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 186.
(2) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 130.
(3) انظر: معرفة القراء الكبار ح 1ص 131.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 186.
(5) شرنفة: بضم الشين المعجمة والنون، بفتح الفاء.(1/89)
وقرأ «ابو المنذر سلام بن سليمان المزني» على كل من:
1 - عاصم الكوفي، وهو الامام الخامس.
2 - ابي عمرو بن العلاء، وهو الامام الثالث.
وقد تقدم سندهما.
وقرأ «شهاب بن شرنفة» شيخ «يعقوب» على كل من:
1 - ابي عبد الله هارون بن موسى العتكي الاعور ت 189هـ 2المعلى بن عيسى، لم اقف له تاريخ وفاة.
وقرأ «ابو عبد الله هارون بن موسى» على كل من:
1 - عاصم الجحدري ت 127هـ 2ابي عمرو بن العلاء ت 154هـ وقرأ «ابو يحيى مهدي بن ميمون» شيخ «يعقوب» على كل من:
1 - شعيب بن الحبحاب البصري ت 130هـ 2ابي العالية الرياحي، لم اقف له على تاريخ وفاة.
وقرأ «ابو الاشهب» شيخ يعقوب على:
1 - ابي رجاء عمران بن ملحان العطاردي ت 105هـ وقرأ «ابو رجاء عمران بن ملحان العطاردي» على:
1 - ابي موسى الاشعري ت 44هـ وقرأ «ابو موسى الاشعري» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)
من هذا يتبين ان قراءة «يعقوب الحضرمي» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 186.(1/90)
تلاميذ الامام يعقوب الحضرمي:
لقد تلقى القراءات على «يعقوب الحضرمي» عدد كثير اذكر منهم:
1 - رويسا: عبد الله محمد بن المتوكل البصري ت 234هـ 2روحا: أبا الحسن بن عبد المؤمن البصري ت 234هـ
الامام العاشر:
خلف البزار ت 229هـ هو: ابو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزار ت 229هـ ولد سنة 150هـ خمسين ومائة، وحفظ «القرآن» وهو ابن عشر سنين، وابتدأ في طلب العلم، وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وكان اماما كبيرا، وعالما فاضلا، زاهدا عابدا، ثقة (1).
قال «ابن الجزري»: قال «ابو بكر بن أشتة»:
«ان «خلف البزار» خالف شيخه «حمزة» يعني في اختياره في مائة وعشرين حرفا.
ثم يقول «ابن الجزري»:
«لقد تتبعت اختيار «خلف» فلم أره يخرج عن قراءة الكوفيين في حرف واحد، بل ولا عن «حمزة، والكسائي، وابي بكر» الا في حرف واحد، وهو قوله تعالى: {وَحَرََامٌ عَلى ََ قَرْيَةٍ} (2). قرأها كحفص، والجماعة بالالف (3).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 191.
(2) سورة الأنبياء الآية 95.
(3) في هذه الكلمة «وحرام» بفتح الحاء، والراء، واثبات الألف بعدها وهما لغتان في وصف الفعل الذي وجب تركه، يقال، هذا حرم، وحرام.(1/91)
وروى عنه ابو العز القلانسي» في «ارشاده» (1) السكت بين السورتين فخالف الكوفيين» اهـ (2).
وقد توفي «خلف» في جمادى الآخرة سنة 229هـ تسع وعشرين ومائتين (3).
شيوخ الامام خلف البزار:
لقد تلقى «خلف» القراءة عن كل من:
1 - سليم بن عيسى، عن «حمزة الكوفي» الامام السادس.
2 - يعقوب بن خليفة الأعشى، «ابي بكر شعبة بن عياش» ت 195هـ 3ابي سعيد بن اوس الانصاري ت 215هـ وقد قرأ كل من: «ابي بكر بن عياش، وابي زيد سعيد بن اوس الانصاري» على «عاصم الكوفي» الامام الخامس، وقد تقدم سند عاصم حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
من هذا يتبين ان قراءة «الامام خلف» متواترة وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
تلاميذ الامام خلف البزار:
لقد تتلمذ على «خلف» عدد كثير، اذكر منهم:
1 - اسحاق بن إبراهيم بن عثمان الوراق المروزي ت 268هـ
__________
(1) السكت بين السورتين قراءة كل من: ورش، وأبي عمرو، وابن عمار.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 191.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 191.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 191.(1/92)
2 - أبا الحسن ادريس بن عبد الكريم البغدادي ت 292هـ 3إبراهيم بن القصار، لم اقف له على تاريخ وفاة.
4 - احمد بن فريد الحلواني ت 252هـ 5ادريس عبد الكريم الحداد، لم اقف له على تاريخ وفاة.
6 - محمد بن اسحاق شيخ بن شنبوذ ت 226هـ تعقيب: بعد ان قدمت صورة واضحة عن تراجم «الائمة العشرة» وذكرت أسانيدهم في القراءة حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث اصبح جليا ان قراءة هؤلاء الائمة التي وصلت الينا ونقرأ بها الآن، ودونها الكثيرون في مصنفاتهم، واصبحت تدرس في دور التعليم هي قراءات صحيحة، ومتواترة، ولا ينبغي لاي شخص مهما كان أن يوجهه اليها أي طعن.
والله اعلم(1/93)
والله اعلم
الباب الثاني أثر القراءات في اللهجات العربية القديمة
وقد أدت طبيعة البحث أن يكون هذا الباب في ثلاثة فصول يسبقها تمهيد:
اما «التمهيد» فقد ضمنته عدة نقاط هامة لها اتصال وثيق بموضوع البحث.
واما الفصل الاول فقد خصصته بالحديث عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي.
واما الفصل الثاني فقد تحدثت فيه عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
واما الفصل الثالث فقد ضمنته الحديث عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي.(1/95)
واما الفصل الثالث فقد ضمنته الحديث عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي.
تمهيد
ان دراستي لهذه اللهجات هي دراسة لغوية وصفية، تحليلية، تسجل اهم الظواهر اللغوية للهجة من النواحي: الصوتية والصرفية. ثم شرحها والتعليل لما يمكن تعليله منها.
وسيكون حديثي في هذا التمهيد عن بعض النقاط الهامة التي لها صلة وثيقة بموضوع البحث مثل:
تعريف كل من اللهجة، واللغة، والعلاقة بينهما، عوامل تكوين اللهجات، الصفات التي تتميز بها اللهجة، المراد من اللهجات العربية القديمة الخ
تعريف اللهجة:
اللهجة في الاصطلاح العلمي الحديث:
هي مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي الى بيئة خاصة، ويشترك في هذه الصفات جميع افراد هذه البيئة (1).
__________
(1) انظر: في اللهجات العربية د. إبراهيم أنيس ص 16ط القاهرة.(1/97)
حد اللغة:
قال «ابو الفتح عثمان بن جني» ت 262هـ (1)
«حد اللغة: اصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم» اهـ (2).
وقيل: هي مجموعة من اللهجات تنتمي الى بيئة معينة اهـ.
ورأى ان التعريف الاخير اوضح واشمل من الاول.
فان قيل: ما هي العلاقة بين كل من اللهجة واللغة؟
أقول: لعل العلاقة بينهما هي العلاقة بين العام والخاص، لان اللغة تشتمل على عدة لهجات لكل منها ما يميزها، وجميع هذه اللهجات تشترك في مجموعة من الصفات اللغوية، والعادات التي تؤلف لغة مستقلة عن غيرها من اللغات.
فان قيل: كيف تتكون اللهجات؟
اقول: هناك عاملان رئيسيان يعزى اليهما تكوين اللهجات في العالم هما:
االانعزال بين بيئات الشعب الواحد.
ب الصراع اللغوي نتيجة غزو، او هجرات.
وقد شهد التاريخ نشوء هدة لهجات مستقلة واحدة. نتيجة أحد هذين العاملين، او كليهما معا.
فنحن حين نتصور لغة من اللغات قد اتسعت رقعتها، ونصل بين اجزاء
__________
(1) هو: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، أديب، نحوي، صرفي، لغوي، ولد قيل سنة 330هـ وسكن بغداد، ودرس بها وأقرأ الى أن توفي بها، له عدة مصنفات منها: سر الصناعة، واسرار البلاغة، والمحتسب في القراءات الشاذة، وشرح ديوان المتنبي، والكافي في شرح كتاب القوافي. للأخفش توفي رحمه الله سنة 392هـ.
انظر: ترجمته في: معجم المؤلفين ح 6ص 251.
(2) انظر: المزهر في اللغة للسيوطي ح 1ص 7ط القاهرة.(1/98)
اراضيها عوامل جغرافية، او اجتماعية، نستطيع ان نحكم على امكان تشعب هذه اللغة الواحدة الى عدة لهجات، بناء على هذا الانفصال، وقلة احتكاك ابناء الشعب الواحد بعضهم ببعض.
وخير مثل يمكن ان يضرب لهذا الانعزال الذي يشعب اللغة الواحدة الى عدة لهجات، تلك اللهجات العربية القديمة في جزيرة العرب.
اما العامل الثاني لتكوين اللهجات فمثاله:
ان يغزو شعب من الشعوب ارضا يتكلم اهلها بلغة خاصة بهم: عندئذ يقوم صراع عنيف بين اللغتين: الغازية، والمغزوة.
وتكون النتيجة ان ينشأ من هذا الصراع لهجة مشتقة من كلتا اللغتين معا.
وقد حدثنا التاريخ عن امثلة كثيرة للصراع اللغوي، مثال ذلك: حينما فتح العرب جهات متعددة اللغات استطاعت اللغة العربية آخر الأمر ان تصرع تلك اللغات في مهدها، حيث تغلبت على «الآرامية» في العراق، والشام، وعلى «القبطية» في مصر، وعلى «البربرية» في بلاد المغرب، وعلى «الفارسية» في بعض بقاع مملكة فارس القديمة (1).
فان قيل: ما هي الصفات التي تتميز بها اللهجة؟
أقول: لعلها تنحصر في الأصوات، وطبيعتها، وكيفية صدورها. اذا فالفرق الذي يفرق بين لهجة واخرى هو بعض الاختلاف الصوتي في غالب الاحيان مثل:
االاختلاف في مخرج بعض الاصوات اللغوية:
ب الاختلاف في مقاييس بعض اصوات اللين، مثل: الحركات الطويلة، والحركات القصيرة (2).
__________
(1) انظر: المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية د. محمد محسن ص 9ط القاهرة.
(2) يوجد صوت اللين الطويل في الحركات الثلاث: الفتحة، والكسرة، والضمة، حالة اشباعها.
ويوجد صوت اللين القصير عند عدم اشباعها.(1/99)
ح الاختلاف في قوانين التفاعل بين الاصوات المتجاورة حين يتأثر بعضها ببعض.
فان قيل: ما هو المقصود من اللهجات العربية القديمة؟
اقول: ليس المراد من ذلك تلك النقوش التي عثر عليها في شمال شبه الجزيرة العربية في العهود التي سبقت الادب الجاهلي منذ زمن بعيد، بل المقصود هو تلك اللهجات التي نقل الينا طرف منها في كتب اللغة، والادب، والتاريخ، الممثلة في شعرهم، ورجزهم، ونثرهم الخ والتي كانت ذات صفات خاصة تتميز بها القبائل العربية قبيل ظهور الاسلام.
فان قيل: نريد ان تبين أثر «القراءات» في اللهجات العربية القديمة؟
أقول: هذا الاثر واضح وجلي كل الوضوح.
ولكن لا يستطيع ان يعرف ذلك، ويكتشفه الا من رزقه الله بسطة في علوم العربية، مع قراءات القرآن الكريم.
وهذا الاثر يتجلى في العديد من الامور، اذكر منها ما يلي:
1 - لقد كان للقرآن الكريم، وقراءاته الاثر الواضح في تهذيب لهجات الكثير من القبائل التي كانت موجودة وقت نزول القرآن: ومن يقرأ ما اثر عن هذه القبائل من شعر ونثر يلحظ ذلك جليا.
ب لقد كان لاختلاط العرب بغيرهم من غير الاجناس المختلفة.
اصحاب اللهجات المتعددة الاثر الواضح في ضياع اللهجات العربية القديمة.
ولولا «القرآن» وقراءاته، لضاعت تلك اللهجات التي لا زالت موجودة منذ نزول القرآن الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
من هذا يتضح جليا ان «القرآن» وقراءاته، كان لهما الاثر الواضح والفضل الذي لا يختلف فيه اثنان في الحفاظ على الكثير من اللهجات العربية القديمة، التي اصبحت في ذمة التاريخ.
ح لولا «القرآن» وقراءاته، ما عرف الكثيرون من بني الانسان هذه اللهجات، التي لا زال يرددها وينطق بها الملايين من شتى بقاع الارض بما فيهم العربي، وغير العربي. الا يعتبر ما ذكرته اثرا واضحا للقراءات على اللهجات العربية؟(1/100)
من هذا يتضح جليا ان «القرآن» وقراءاته، كان لهما الاثر الواضح والفضل الذي لا يختلف فيه اثنان في الحفاظ على الكثير من اللهجات العربية القديمة، التي اصبحت في ذمة التاريخ.
ح لولا «القرآن» وقراءاته، ما عرف الكثيرون من بني الانسان هذه اللهجات، التي لا زال يرددها وينطق بها الملايين من شتى بقاع الارض بما فيهم العربي، وغير العربي. الا يعتبر ما ذكرته اثرا واضحا للقراءات على اللهجات العربية؟
فإن قيل: ما هي الحكمة من اشتمال قراءات القرآن على لهجات لمعظم قبائل العربية.
اقول: هذا ان دل على شيء فانما يدل على غاية عظيمة.
وهي: توحيد العرب الذين كانوا متفرقين قبل نزول القرآن بحيث تجد كل قبيلة في «القرآن» الذي هو دستور الجميع، الفاظ من اللهجة التي تتكلم بها، وفي ذلك شرف عظيم للجميع.
ثم لعل هناك هدفا اسمى من هذا، وهو ان «القرآن» لعله يوحي بإيجاد لغة واحدة تكون اللغة النموذجية للعرب جميعا، هي تلك اللغة المتكاملة، والتي تعتبر من أرقى اللغات واعذبها وابلغها، الا فهي لغة «القرآن» التي جاءت ممثلة لمعظم القبائل العربية.
فان قيل: نريد صورة واضحة عن القبائل التي شرفها الله تعالى وانزل القرآن بلهجاتها؟
اقول: لعل هذه القبائل كثيرة، ولكني سأكتفي بذكر ما يلي منها وتتميما للفائدة سأذكر هذه القبائل مرتبة حسب حروف الهجاء:
الأزد:
من اعظم القبائل العربية، واشهرها، تنسب الى «الأزد بن الغوث بن كهلان» من القحطانية، وتنقسم اربعة اقسام:
1 - ازد شنوءة، ونسبتهم الى «كعب بن الحارث» وكانت منازلهم «السراة».
2 - ازد غسان، وكانت منازلهم في شبه جزيرة العرب، وبلاد الشام 3ازد السراة، وكانت منازلهم في الجبال المعروفة بهذا الاسم.(1/101)
1 - ازد شنوءة، ونسبتهم الى «كعب بن الحارث» وكانت منازلهم «السراة».
2 - ازد غسان، وكانت منازلهم في شبه جزيرة العرب، وبلاد الشام 3ازد السراة، وكانت منازلهم في الجبال المعروفة بهذا الاسم.
4 - ازد عمان، وكانت منازلهم بعمان (1).
أسد:
أسد بن خزيمة: قبيلة عظيمة من العدنانية، تنسب الى «أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر» وهي ذات بطون كثيرة، وكانت منازلهم فيما يلي «الكرخ» من ارضي «نجد» وفي مجاورة «طيء» ثم تفرقوا بعد الاسلام على الاقطار، فنزلوا العراق وسكنوا الكوفة منذ سنة 19هـ (2)
بكر بن وائل:
قبيلة عظيمة من العدنانية، تنسب الى «بكر بن وائل بن نزار بن معد بن عدنان» كانت ديار «بكر بن وائل» من «اليمامة» الى «البحرين» فأطراف سواد العراق، وتقدمت شيئا فشيئا في العراق فقطنت على «دجلة» في المنطقة المدعوة باسم: ديار بكر (3).
بلحارث:
«بلحارث بن كعب» فخذ من «القحطانية» وهم بنو «بلحارث بن كعب بن عمرو بن مذجح» «بنو الاوبر» (4).
تميم:
قبيلة عظيمة من «العدنانية» تنسب الى «تميم بن مرة بن مضر بن نزار»
__________
(1) انظر: معجم القبائل العربية، لكحالة ح 1ص 15ط بيروت 1968م.
(2) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 21.
(3) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 93.
(4) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 102.(1/102)
كانت منازلهم بأرض «نجد» دائرة من هنا لك على البصرة، واليمامة حتى يتصلوا بالبحرين، ثم تفرقوا في الحواضر، ولتميم بطون كثيرة (1).
بنو الحارث:
من أهم قبائل اليمن، تقع ديارهم بين صنعاء، ومأرب، كانت منازلهم في شعوب مما يلي صنعاء، وتمتد اراضيها الى اطراف بلاد «بني حشيش» في قرية الفرس (2).
خثعم:
قبيلة من القحطانية، كانت منازلهم بجبال السراة، وما والاها (3).
ربيعة:
شعب عظيم فيه قبائل عظام، وبطون، وافخاذ، ينتسب الى «ربيعة بن نزار بن سعد بن عدنان» كانت ديارهم من بلاد «نجد. وتهامة» فكانت بقرن المنازل، وعكاظ وحنين، ثم وقعت الحرب بين «بني ربيعة» فتفرقت في تلك الحرب، فارتحلت بطونها الى بقاع مختلفة، فاختار بعضهم «البحرين» و «هجر، ونجد والحجاز» (4).
زبيد:
«زبيد بن ربيعة» بطن من «زبيد» الاكبر، من «القحطانية» ويعرف هذا بزبيد الاصغر، اما زبيد الاكبر، فهو «زبيد بن صعب» من بلادهم، وقراهم «زغان» ومن حصونهم باليمن «العصم» (5).
__________
(1) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 126.
(2) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 325.
(3) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 333.
(4) انظر: معجم القبائل العربية ج 2ص 224.
(5) انظر: معجم القبائل العربية ج 1ص 465.(1/103)
سعد العشيرة:
تعرف بذوي سعد من بني إبراهيم، من بنى مالك، من جهينة، احدى قبائل الحجاز (1).
بنو سعد:
بطن من هوازن بن قيس بن عيلان، من العدنانية، وهم «بنو سعد بن بكر بن هوازن» بن قيس عيلان، من أوديتهم: قرن الجبال، وهو واد يجيء من السراة (2).
طيّئ:
طيّئ بن أدد، قبيلة عظيمة من كهلان، من القحطانية، يتفرع من طيّئ بطون، وأفخاذ عديدة، كانت منازلهم باليمن، فخرجوا منها على اثر خروج «الأزد» ثم ملئوا السهل، والجبل، حجازا وشاما، وعراقا ومصر (3).
فزارة:
بطن عظيم من غطفان، من العدنانية، وهم بنو فزارة بن ذبيان بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان، وينقسم الى خمسة افخاذ، كانت منازلهم بنجد، ووادي القرى، ثم تفرقوا فنزلوا بصعيد مصر، وضواحي القاهرة في قليوب مصر وما حولها.
وفي المنطقة الواقعة بين برقة، وطرابلس، والمغرب الاقصى (4).
__________
(1) انظر: معجم قبائل العرب ج 2ص 512.
(2) انظر: معجم قبائل العرب ج 2ص 513.
(3) انظر: معجم قبائل العرب ج 3ص 69.
(4) انظر: معجم قبائل العرب ج 3ص 91.(1/104)
قريش:
قبيلة عظيمة، وقريش ولد مالك بن النضر بن كنانة، وقالوا هم من ولد فهر بن مالك (1).
قضاعة:
شعب عظيم، واختلف الناسبون فيه، فقالوا من حمير من القحطانية، وهم بنو قضاعة بن مالك بن مرة بن حمير، وذهب بعضهم الى ان قضاعة من العدنانية، ويقولون هو قضاعة بن معد بن عدنان، كانت منازلهم في «الشحر» ثم في نجران، ثم في الشام، فكان لهم ملك ما بين الشام، والحجاز، الى العراق في أيلة وجبل الكرك الى مشارف الشام (2).
قيس:
بطن من الخزرج من القحطانية، وهم بنو قيس بن معد بن الخزرج.
وغلب اسم قيس على سائر العدنانية حتى جعل في المثل مقابل عرب اليمن قاطبة (3).
كنانة:
قبيلة عظيمة من العدنانية، وهم بنو كنانة بن خزيمة بن معد بن عدنان كانت ديارهم بجهات «مكة» وقدمت طائفة منهم الديار المصرية (4).
لخم:
بطن عظيم ينسب الى «لخم»، واسمه مالك بن عدي بن الحارث بن مرة، من القحطانية، كانت مساكنهم متفرقة، واكثرها بين الرملة ومضر
__________
(1) انظر: معجم قبائل العرب ج 3ص 94.
(2) انظر: معجم قبائل العرب ح 3ص 95.
(3) انظر: معجم قبائل العرب ح 3ص 971.
(4) انظر: معجم قبائل العرب ح 3ص 996.(1/105)
في الجفار، وقد نزل قوم منهم بمنطقة بيت المقدس، ولذا يسميها العامة اليوم «بيت لحم» (1).
مضر:
هو مضر بن نزار، قبيلة عظيمة من العدنانية، كانت ديارهم حيز الحرم الى السروات وما دونها من الغور، وكانوا من اهل الكثرة، والغلب بالحجاز، وكانت لهم رئاسة مكة (2).
هذيل:
هذيل بن مدركة: بطن من مدركة، بن الياس، من العدنانية، وهم بنو هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد، كانت منازلهم بالسروات وسرواتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف تفرقوا بعد الاسلام (3).
همدان:
من قبائل اليمن، تقع ديارهم شمال صنعاء (4).
هوازن:
هوازن بن منصور، بطن من قيس عيلان، من العدنانية، وهم بنو هوازن ابن منصور بن عكرمة بن قيس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، له افخاذ كثيرة، كانوا يقطنون في «نجد» مما يلي اليمن، ومن اوديتهم حنين (5).
__________
(1) انظر: معجم قبائل العرب ح 3ص 1011.
(2) معجم قبائل العرب ج 3ص 1107.
(3) معجم قبائل العرب ج 3ص 1213.
(4) معجم قبائل العرب ج 3ص 1224.
(5) معجم قبائل العرب ج 3ص 1231.(1/106)
الفصل الأول من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي
ويتمثل ذلك في توجيه القضايا الآتية:
1 - ظاهرة الاظهار والادغام.
ب ظاهرة تخفيف الهمز.
ح ظاهرة الفتح والامالة.
د ظاهرة الفتح والاسكان في ياءات الاضافة.
هـ ظاهرة الاشمام وعدمه في لفظي: الصراط وصراط.
وظاهرة الاسكان والتحريك في لفظي «هو وهي» ز الاشمام وعدمه في لفظ قيل «واخواتها».
كما يتمثل ذلك ايضا في توجيه قراءة كلمات مرتبة حسب ترتيب «القرآن».
وهذا تفضيل الكلام على هذا النوع من اللهجات.(1/107)
وهذا تفضيل الكلام على هذا النوع من اللهجات.
«ظاهرة الاظهار والادغام»
الاظهار، والادغام، احدى الظواهر اللغوية التي اهتم بها العلماء قديما وحديثا، ووضع لها الكثير من الضوابط: والقواعد.
واختلف العلماء في تعليلها، وتفسيرها، وفي أي القبائل العربية التي كانت تميل الى النطق بالاظهار، وأيها كانت تميل الى الادغام الخ
وسيرى القارئ من خلال عرضي لهذه الظاهرة محاولة الالمام بشتى جوانبها المبعثرة هنا وهناك.
وفي البداية نتعرف على حقيقة كل من الاظهار، والادغام فنقول:
الاظهار:
لغة البيان، واصطلاحا اخراج كل حرف من مخرجه من غير عنه في الحرف المظهر (1).
والادغام:
لغة ادخال الشيء، يقال: ادغمت اللجام في فم الدابة اي ادخلته فيه، واصطلاحا: النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا (2).
فان قيل: أيهما الأصل: الاظهار، أو الادغام؟
اقول: لعل الاظهار هو الاصل، حيث لا يحتاج الى سبب في وجوده.
فان قيل: يفهم من كلامك ان الادغام له سبب فما هو؟
اقول: اسباب الادغام ثلاثة: التماثل، او التقارب، او التجانس، وحينئذ اجد سؤالا يفرض نفسه وهو: ما حقيقة كل نوع من هذه الاسباب؟
اقول: التماثل: هو ان يتفق الحرفان في المخرج والصفات معا مثل الباءين في نحو قوله تعالى: {اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ} (3).
__________
(1) انظر: الرائد في تجويد القرآن ص 5.
(2) انظر: الرائد في تجويد القرآن ص 7.
(3) سورة البقرة الآية 60.(1/108)
والتقارب:
هو ان يتقارب الحرفان في المخرج، والصفات، مثل:
اللام، والراء، في نحو قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} (1)
وذلك لان مخرج كل من اللام، والراء قريب من مخرج الحرف الآخر، فاللام تخرج من ادنى حافتي اللسان بعد مخرج الضاد الى منتهى طرفه مع ما يليه من اصول الثنايا العليا.
والراء تخرج من طرف اللسان مما يلي ظهره مع ما فوقه من الحنك الاعلى (2). وهما ايضا متقاربان في الصفات وذلك لاشتراكهما في الصفات الآتية:
الجهر، والتوسط، والاستفال، والانفتاح، والاذلاق، والانحراف (3)
او يتقارب الحرفان في المخرج، ويتباعدان في الصفات: مثل: «الدال، والسين» في نحو قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللََّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجََادِلُكَ فِي زَوْجِهََا} (4)
والدال والسين، متقاربان في المخرج.
فالدال تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من اصول الثنايا العليا. والسين تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا السفلى (5). وهما متباعدان في الصفات حيث ان الدال مجهورة، وشديدة، ومقلقة. والسين مهموسة، ورخوة، وصفرية (6).
يتباعدان في المخرج، ويتقاربان في الصفة، مثل: «الذال والجيم» في نحو قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} (7): فالذال، والجيم
__________
(1) سورة الاسراء الآية 80.
(2) انظر: الرائد في التجويد ص 38.
(3) انظر: الرائد في التجويد ص 48.
(4) سورة المجادلة الآية 1.
(5) انظر: الرائد في التجويد ص 39.
(6) انظر: الرائد في التجويد ص 48.
(7) سورة البقرة الآية 125.(1/109)
متباعدان في المخرج، ومتقاربان في الصفات: اما التباعد في المخرج، فلأن الذال تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا العليا.
والجيم تخرج من وسط اللسان مع ما يليه من الجنك الاعلى (1).
واما التقارب في الصفات، فلأن كلا منهما مشترك في الصفات الآتية:
الرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (2).
والتجانس:
هو ان يتفق الحرفان في المخرج دون الصفات (3).
مثل: الدال والتاء في نحو قوله تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (4)
فالذال، والتاء يخرجان من مخرج واحد وهو طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا (5).
كما نجدهما مشتركين في الصفات التالية:
الهمس، والشدة، والاستفال، والانتفاح، والاصمات (6). هذا ما قرره علماء التجويد.
وقال علماء الاصوات: الدال صوت شديد مجهور يتكون بأن يندفع الهواء مارا بالحنجرة فيحرك الوترين الصوتيين، ثم يأخذ مجراه في الحلق والفم حتى يصل الى مخرج الصوت فينحبس هناك فترة قصيرة جدا لالتقاء طرف اللسان واصول الثنايا العليا، التقاء محكما، فاذا انفصل اللسان عن اصول الثنايا العليا سمع صوت انفجاري نسميه الدال (7). وأما التاء فهي صوت شديد مهموس (8).
__________
(1) انظر الرائد في التجويد ص 48.
(2) انظر الرائد في التجويد ص 38، 39.
(3) انظر: الرائد في تجويد القرآن ص 51.
(4) سورة البقرة الآية 256.
(5) انظر: الرائد في التجويد ص 1.
(6) انظر: الرائد في التجويد ص 48.
(7) انظر: الاصوات اللغوية ص 48.
(8) انظر: الاصوات اللغوية 62.(1/110)
شروط الادغام:
ان يلتقي الحرفان المدغم والمدغم فيه خطا ولفظا، او خطا لا لفظا:
ليدخل نحو: «انه هو» لان الهاءين وان لم يلتقيا لفظا لوجود الواو المدية اثناء النطق، فانهما التقيا خطا، اذ الواو المدية لا تكتب في الخط.
اذا فالعبرة في الادغام هو التقاء الحرفين خطا نحو «انه هو» وخرج نحو «انا نذير» لان النونين وان التقيا لفظا الا ان الالف تعتبر فاصلة بينهما، ولذا فان النونين في هذا المثال لا تدغمان، وكذا كل ما يماثلهما.
موانع الادغام:
بالتتبع وجدت موانع الادغام تتمثل فيما يلي:
أولا: كون الحرف الذي يراد ادغامه تاء ضمير، سواء كان للمتكلم.
او المخاطب:
فالأول نحو: {كُنْتُ تُرََاباً} (1) والثاني نحو: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} (2) ولعل السبب في منع ادغام «تاء الضمير» الحرص على عدم اللبس الذي يحدث من الادغام، اذ الادغام يجعل النطق بتاء المتكلم، والمخاطب واحدا، اذا فالعلامة الصوتية المميزة بين التاءين هي ان تاء المتكلم مضمومة، وتاء المخاطب مفتوحة، والادغام يذهب هذا الفارق، من اجل ذلك امتنع الادغام حرصا على عدم اللبس.
ثانيا: كون الحرف المدغم مشددا نحو: {مَسَّ سَقَرَ} (3).
وذلك لان الحرف المشدد بحرفين: الاول ساكن، والثاني متحرك، اذا فالحرف الثاني لا يحتمل أن يدغم فيه حرفان في وقت واحد، لهذا
__________
(1) سورة النبأ الآية 40.
(2) سورة الزخرف الآية 40.
(3) سورة القمر الآية 48.(1/111)
وجب الاظهار.
ثالثا: كون الحرف الاول متحركا والثاني ساكنا وهما في كلمة واحدة، نحو «يمسك» من قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1).
ولعل السبب في منع الادغام في مثل هذا النوع هو الثقل الذي سيتأتى من الادغام، وحينئذ يفوت الغرض الذي من اجله كان الادغام وهو اليسر والسهولة.
رابعا: كذلك لا يدغم حرف في حرف ادخل منه في المخرج، مثل الواو، والقاف. في نحو قوله تعالى: {وَهُوَ الْقََاهِرُ فَوْقَ عِبََادِهِ} (2). اذ الواو تخرج من الشفتين، والقاف تخرج من اقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الاعلى.
والسبب في منع الادغام في هذا النوع الثقل، لانه يلزم من الادغام انعكاس الصوت، فبعد ان يكون الصوت منبعثا الى خارج الفم نحاول رده مرة اخرى الى الداخل، وفي هذا غاية الصعوبة، ويفوت وجه الادغام وهو التخفيف.
اقسام الادغام:
ينقسم الادغام الى كبير، وصغير:
فالكبير: هو ان يتحرك الحرفان معا المدغم، والمدغم فيه نحو الراءين في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ} (3).
والصغير: هو ان يكون المدغم ساكنا، والمدغم فيه متحركا، نحو
__________
(1) سورة الانعام الآية 17.
(2) سورة الانعام الآية 18.
(3) سورة البقرة الآية 185.(1/112)
التاءين في قوله تعالى: {فَمََا رَبِحَتْ تِجََارَتُهُمْ} (1). وسمي الاول كبيرا لكثرة العمل فيه: وهو تسكين الحرف اولا ثم ادغامه ثانيا.
وسمي الثاني صغيرا لقلة العمل فيه، وهو الادغام فقط.
كما ان الادغام ينقسم الى كامل، وناقص:
فالكامل: هو ان يذهب الحرف وصفته، مثل ادغام النون الساكنة في الراء في نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} (2).
والناقص: هو ان يذهب الحرف، وتبقى صفته، مثل ادغام النون الساكنة في الياء، نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ} (3).
على قراءة الجمهور:
مما تقدم تبين ان وجه الاظهار الاصل، لانه لا يحتاج الى سبب. وهو الاكثر في الحروف.
ووجه الادغام إرادة التخفيف: ولا يكون الا بسبب.
وبما ان الادغام ظاهرة صوتية تحدث بسبب تأثر الاصوات المتجاورة بعضها ببعض، وكثيرا ما يحدث ذلك في البيئات البدائية حيث السرعة في النطق ببعض الكلمات، ومزج بعضها ببعض فلا يعطى الحرف حقه الصوتي من تجويد في النطق به.
ونحن اذا ما علمنا ان البيئة «العراقية» قد نزح اليها العديد من القبائل التي هي اقرب الى البداوة مما عاشوا في البيئة الحجازية امكننا ان نتصور أن «الادغام» كان اكثر شيوعا في لهجات القبائل النازحة الى العراق.
__________
(1) سورة البقرة الآية 16.
(2) سورة البقرة الآية 26.
(3) سورة البقرة الآية 8.(1/113)
ولعل ذلك هو الذي جعل قراء «الكوفة، والبصرة، والشام» اكثر نقلا للادغام من قراء «مكة، والمدينة».
نظرا لان البيئة الحجازية كانت بيئة استقرار، وبيئة حضارة نسبيا فيها يميل الناس الى التأني في النطق، والى تحقيق الاصوات وعدم الخلط بينها.
والله اعلم
ظاهرة تخفيف الهمز
الهمز من أصعب الحروف في النطق، وذلك لبعد مخرجها اذ تخرج من اقصى الحلق، كما اجتمع فيها صفتان من صفات القوة: وهما: الجهر، والشدة.
والهمزة صوت صامت حنجري انفجاري، وهو يحدث بأن تسد الفتحة الموجودة بين الوترين الصوتيين وذلك بانطباق الوترين انطباقا تاما فلا يسمح للهواء بالنفاذ من الحنجرة: يضغط الهواء فيما دون الحنجرة ثم ينفرج الوتران فينفذ الهواء من بينهما فجأة محدثا صوتا انفجاريا (1).
لذلك فقد عمدت بعض القبائل العربية الى تخفيف النطق بالهمز.
فمن الحقائق العامة ان الهمز كان خاصة من الخصائص البدوية التي اشتهرت بها قبائل وسط الجزيرة العربية وشرقيها: «تميم» وما جاورها.
وان تخفيف الهمز كان خاصة حضرية امتازت بها لهجة القبائل في شمال الجزيرة وغربيها.
وقد ورد النص في كلام «ابي زيد الانصاري» ت 215هـ ان «اهل الحجاز، وهذيل، واهل مكة، والمدينة المنورة لا ينبرون» (2).
__________
(1) انظر: اللهجات العربية في القراءات القرآنية ص 95.
(2) انظر: لسان العرب ج 1ص 22.(1/114)
وقد نسب عدد من العلماء الاوائل ظاهرة تخفيف الهمز الى «الحجازيين». ولكن ينبغي ان لا نأخذ هذا الحكم مأخذ الصحة المطلقة لاعتبارين:
الاول: ان الاخبار تدل على ان بعض «الحجازيين» كانوا يحققون الهمز.
الثاني: ان تخفيف الهمز لم يكن مقصورا على منطقة دون اخرى وانما كان فاشيا في كثير من المناطق العربية وان تفاوتت صوره ودرجاته (1).
واذا كانت القبائل البدوية التي تميل الى السرعة في النطق، وتسلك ايسر السبل الى هذه السرعة فان تحقيق الهمز كان في لسان الخاصة التي تخفف من عيب هذه السرعة، أي ان الناطق البدوي تعود النبر في موضع الهمز، وهي عادة املتها ضرورة انتظام الايقاع النطقي، كما حكمتها ضرورة الابانة عما يريده من نطقه لمجموعة من المقاطع المتتابعة السريعة الانطلاق على لسانه، فموقع النبر في نطقه كان دائما ابرز المقاطع وهو ما كان يمنحه كل اهتمامه وضغطه.
اما القبائل الحضرية فعلى العكس من ذلك، اذ كانت متأنية في النطق، متئدة في ادائها او إذا لم تكن بها حاجة الى التماس المزيد من مظاهر الاناة، فأهملت همز كلماتها، أعني المبالغة في النبر واستعاضت عن ذلك بوسيلة اخرى كالتسهيل، والابدال، والاسقاط (2).
وبالتتبع وجدت الوسائل التي سلكها العرب لتخفيف الهمز ما يلي: النقل والابدال والتسهيل والحذف.
وقد وردت القراءات القرآنية الصحيحة بكل ذلك:
__________
(1) من اصول اللهجات العربية في السودان ص 34.
(2) انظر: مخطوطة الوقف والوصل في اللغة العربية ص 120.(1/115)
فالنقل يجوز عند القراء اذا كانت الهمزة متحركة بعد ساكن صحيح، فاذا اريد تخفيفها فانها تحذف بعد نقل حركتها الى الساكن الذي قبلها سواء كانت حركتها فتحة: نحو «قرآن قد افلح» او كسرة نحو: «من استبرق» او ضمه نحو: «قل أوحى».
وذلك لقصد التخفيف، ومظهر الصوتيات هنا اننا حذفنا من الكلمة مقطعا صوتيا كما اننا حذفنا صوت الهمزة.
اما الابدال: فان الهمزة الساكنة تقع بعد فتح نحو: «الهدى ائتنا» او كسر نحو: «الذي ائتمن» او ضم نحو: «يقول ائذن لي» ففي هذه الاحوال الثلاثة يجوز عند القراء ابدال الهمزة حرف مد من جنس حركة الحرف الذي قبلها: فاذا كان فتحا تبدل الفا، واذا كان كسرا تبدل ياء، واذا كان ضما تبدل واوا.
وذلك كي يكون الحرف المبدل مجانسا للحركة التي قبله. ومظهر الصوتيات هنا هو اننا احلنا صوت حرف محل الهمزة، فاذا كانت الهمزة مفتوحة فقد احللنا صوت الالف، واذا كانت مكسورة فقد احللنا صوت الياء، واذا كانت مضمومة فقد احللنا صوت الواو.
اما التسهيل والحذف: فان الهمزتين من كلمتين تكونان متفقتين في الحركة سواء كانتا مفتوحتين نحو: «جاء أحدكم» او مكسورتين نحو:
«هؤلاء ان كنتم» او مضمومتين نحو: «اولياء اولئك» وقد اختلف القراء في تخفيف احدى الهمزتين على النحو التالي:
1 - بعضهم قال بحذف احدى الهمزتين في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو اننا حذفنا من الكلمة مقطعا صوتيا.
ب وبعضهم قال بتسهيل احدى الهمزتين «بين بين» في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو ان صوت الهمزة المسهلة يختلف عن صوت الهمزة المحققة، وبيان ذلك ان الهمزة المسهلة تعتبر حرفا فرعيا، فاذا
كانت مفتوحة تسهل بين الهمزة والالف، واذا كانت مكسورة تسهل بين الهمزة والياء، واذا كانت مضمومة تسهل بين الهمز والواو.(1/116)
ب وبعضهم قال بتسهيل احدى الهمزتين «بين بين» في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو ان صوت الهمزة المسهلة يختلف عن صوت الهمزة المحققة، وبيان ذلك ان الهمزة المسهلة تعتبر حرفا فرعيا، فاذا
كانت مفتوحة تسهل بين الهمزة والالف، واذا كانت مكسورة تسهل بين الهمزة والياء، واذا كانت مضمومة تسهل بين الهمز والواو.
ج وبعضهم يبدل الهمزة الثانية حرف مد في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو اننا احللنا صوتا مغلقا محل صوت مفتوح.
ظاهرة الفتح والامالة
قضية الفتح والامالة احدى الظواهر اللغوية التي كانت متفشية بين القبائل العربية منذ زمن بعيد قبل الاسلام.
والمراد بالفتح هنا: فتح المتكلم لفيه بلفظ الحرف.
والامالة لغة: التعويج، يقال: املت الرمح ونحوه اذا عوجته عن استقامته.
واصطلاحا: تنقسم الى قسمين: كبرى، وصغرى.
فالكبرى: ان تقرب الفتحة من الكسرة، والالف من الياء من غير قلب خالص، ولا اشباع مبالغ فيه: وهي الامالة المحضة، ويقال لها الاضجاع، والبطح.
والصغرى: هي ما بين الفتح والامالة الكبرى، ويقال لها: «بين بين» اي بين الفتح والامالة الكبرى.
واعلم انه لا يمكن للانسان ان يحسن النطق بالامالة سواء كانت صغرى، او كبرى، الا بالتلقي والمشافهة.
وبالتتبع يمكنني بصفة عامة ان انسب «الفتح» الى القبائل العربية التي كانت مساكنها غربي الجزيرة العربية بما في ذلك قبائل الحجاز امثال:
«قريش وثقيف وهوازن وكنانة».
وان ننسب «الامالة» الى القبائل التي كانت تعيش وسط الجزيرة،
وشرقيها، امثال: «تميم وقيس وأسد وطيء وبكر بن وائل وعبد القيس» (1).(1/117)
وان ننسب «الامالة» الى القبائل التي كانت تعيش وسط الجزيرة،
وشرقيها، امثال: «تميم وقيس وأسد وطيء وبكر بن وائل وعبد القيس» (1).
فان قيل: ايهما الاصل الفتح او الامالة؟
اقول: هناك رأيان للعلماء: فبعضهم يرى ان كلا منهما اصل قائم بذاته، والبعض الآخر يرى ان الفتح اصل والامالة فرع عنه (2).
وانني ارجح القول القائل بأن كلا منهما اصل قائم بذاته، اذ كل منهما كان ينطق به عدة قبائل عربية بعضها في غرب الجزيرة العربية، والبعض الآخر في شرقيها.
واسباب الامالة تتلخص فيما يلي:
1 - كسرة موجودة في اللفظ قبيلة، او بعدية، نحو: الناس والنار، وكلاهما.
2 - كسرة عارضة في بعض الاحوال نحو: جاء، وشاء، لان فاء الكلمة كسر اذا اتصل بالفعل الضمير المرفوع.
3 - ان تكون الالف منقلبة عن ياء، نحو: «رمى».
4 - او تشبيه بالانقلاب عن الياء كألف التأنيث نحو: «كسالى».
5 - او تشبيه بما اشبه المنقلب عن الياء نحو موسى وعيسى:
6 - مجاورة امالة وتسمى امالة لأجل امالة نحو: امالة نون «نأى».
7 - ان تكون الالف رسمت ياء وان كان أصلها الواو نحو «والضحى».
بقي سؤال اخير في هذه القضية وهو: ما فائدة الامالة؟
اقول: سهولة اللفظ، وذلك لان اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالامالة،
__________
(1) انظر: في اللهجات العربية للدكتور إبراهيم أنيس ص 60.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 174.(1/118)
والانحدار اخف على اللسان من الارتفاع.
ظاهرة الفتح والاسكان في ياءات الاضافة
ياء الاضافة في اصطلاح القراء هي: الياء الزائدة الدالة على المتكلم، فخرج بقولهم: «الزائدة» الياء الاصلية نحو «وان ادري» وخرج بقولهم:
الدالة على المتكلم الياء في جمع المذكر السالم نحو ياء «حاضري المسجد الحرام» والياء في نحو «فكلي واشربي» لدلالتها على المؤنثة المخاطبة لا على المتكلم.
وتتصل ياء الاضافة بكل من: «الاسم والفعل والحرف» فتكون مع الاسم مجرورة المحل نحو: «نفسي» ومع الفعل منصوبة المحل نحوه:
«اوزعني» ومع الحرف مجرورة المحل، ومنصوبته نحو: «لي، واني».
والخلاف في ياءات الاضافة عند القراء دائر بين «الفتح، والاسكان» وهما لغتان فاشيتان عند العرب.
والاسكان فيها هو الاصل، لانها حرف مبني، والسكون هو الاصل في البناء، وانما حركت بالفتح لانها اسم على حرف واحد فقوي بالحركة، وكانت فتحة لخفتها عن سائر الحركات.
وعلامة ياء الاضافة صحة احلال الكاف، او الهاء محلها فتقول في نحو:
«فطرني» فطرك، او فطره.
وبالتتبع تبين ان ياءات الاضافة في «القرآن الكريم» على ثلاثة اضرب:
الاول:
ما اجمع القراء على اسكانه وهو الاكثر لمجيئه على الاصل وجملته 566 خمسمائة وست وستون ياء، نحو قوله تعالى: {إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (1).
__________
(1) سورة البقرة الآية 20.(1/119)
الثاني:
ما اجمع القراء على فتحه، وجملته 21احدى وعشرون ياء نحو:
{وَإِيََّايَ فَارْهَبُونِ} (1).
الثالث:
ما اختلف القراء في اسكانه وفتحه، وجملته 212مائتان واثنتا عشرة ياء.
وينحصر الكلام على الياءات المختلف فيها في ستة فصول:
الفصل الاول:
الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، وجملة الواقع من ذلك في القرآن الكريم 99تسع وتسعون ياء نحو: {إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (2).
الفصل الثاني:
الياءات التي بعدها همزة قطع مكسورة، وجملة المختلف فيه من ذلك 52اثنتان وخمسون ياء، نحو {مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} (3).
الفصل الثالث:
الياءات التي بعدها همزة قطع مضمومة، وجملة المختلف فيه من ذلك 10عشر ياءات، نحو {إِنِّي أُعِيذُهََا بِكَ} (4).
الفصل الرابع:
الياءات التي بعدها همزة وصل مع لام التعريف، والمختلف فيه من ذلك 14اربع عشرة ياء نحو {لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ} (5).
__________
(1) سورة البقرة الآية 40.
(2) سورة البقرة الآية 30.
(3) سورة آل عمران الآية 52.
(4) سورة آل عمران الآية 36.
(5) سورة البقرة الآية 142.(1/120)
الفصل الخامس:
الياءات التي بعدها همزة وصل مجردة عن لام التعريف، والمختلف فيه من ذلك 7سبع ياءات نحو: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} (1).
الفصل السادس:
الياءات التي لم يقع بعدها همزة قطع، ولا وصل، بل حرف من باقي حروف الهجاء، وجملة المختلف فيه من ذلك 30ثلاثون ياء: نحو:
{وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ} (2).
والفتح والاسكان في ياءات الاضافة من التغييرات الصوتية، وذلك ان المقاطع الصوتية نوعان: متحرك وساكن، فالمقطع المتحرك هو الذي ينتهي بصوت لين، قصير او طويل، اما المقطع الساكن فهو الذي ينتهي بصوت مغلق (3).
توجيه الاشمام وعدمه في لفظي: الصراط وصراط
قرأ بعض القراء لفظي: «الصراط وصراط» معرفا ومنكرا حيث وقع في القرآن الكريم بالسين، وهي لغة عامة العرب. وقرأ البعض الآخر بالصاد المشمة صوت الزاي حيث وقعا كذلك، وهي لغة «قيس».
وقرأ معظم القراء بالصاد الخالصة، وهي لغة «قريش» (4).
وجه من قرأ بالسين انه جاء على الاصل لانه مشتق من «السرط» وهو البلع.
__________
(1) سورة الاعراف الآية 141.
(2) سورة الانعام الآية 79.
(3) انظر: الاصوات اللغوية ص 60.
(4) قال ابن الجزري: الصراط مع صراط زن خلفا غلا كيف وقع والصاد كالزاي ضفا الاول قف: وفيه والثاني وذي اللام اختلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 370.(1/121)
ومما يدل على ان السين هي الاصل انه لو كانت الصاد هي الاصل لم ترد الى السين، وذلك لضعف السين عن الصاد، وليس من اصول كلام العرب ان يردوا الاقوى للاضعف، وانما اصولهم في الحروف عند الابدال ان يردوا الاضعف الى الاقوى.
وحجة من قرأ بالصاد انه اتبع خط المصحف.
وحجة من قرأ بالاشمام انه لما رأى الصاد فيها مخالفة للطاء في صفة «الجهر» اشم الصاد صوت الزاي، وذلك للجهر الذي فيها، فصار قبل الطاء حرف يشبهها في «الاطباق والجهر» وحسن ذلك لان الزاي تخرج من مخرج السين، والصاد مؤاخية لها في صفتي: «الصفير والرخاوة» (1).
توجيه الاسكان والتحريك في لفظي: «هو وهي»
قرأ بعض القراء باسكان الهاء من لفظي: «واو» نحو: «وهو وهي» (2).
وجه من اسكن الهاء لانها لما اتصلت بما قبلها من واو او فاء او لام وكانت لا تنفصل عنها، صارت كالكلمة الواحدة مخففة الكلمة فأسكن الوسط: وشبهها بتخفيف العرب للفظ «عضد وعجز» وهي لغة مشهورة مستعملة.
وأيضا فان الهاء لما توسطت مضمومة بين واوين، او بين واو وياء، ثقل
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 34.
(2) قال ابن الجزري: وسكن هاء هو هي بعد فا.
واو ولام رد ثنا بل حز ورم: ثم هو والخلف يمل هو وثم ثبت بدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 395.(1/122)
ذلك، والعرب يكرهون توالي ثلاث حركات فيما هو كالكلمة الواحدة، فأسكن الهاء لذلك تخفيفا.
ووجه من حرك الهاء انه ابقاها على اصلها قبل دخول الحرف عليها، لانه عارض، ولا يلزمها في كل موضع.
وايضا فان الهاء في تقدير الابتداء بها، لان الحرف الذي قبلها زائد، والابتداء بها لا يجوز الا مع حركتها، فحملها على حكم الابتداء بها، وحكم لها مع هذه الحروف على اصلها عند عدمهن.
وحجة من اسكن مع «ثم» انه لما كانت كلها حروف عطف حملها كلها محملا واحدا (1).
ومظهر الصوتيات هنا واضح لان الحرف الساكن صوت مغلق، والحرف المتحرك صوت مفتوح.
توجيه الاشمام وعدمه في لفظ «قيل» واخواتها
اختلف القراء في اشمام الضم في اوائل ستة افعال وهي:
«قيل وغيض وحيل وسيق وسيء وجيء» فقرأ بعض القراء باشمام الضم في اوائلها.
وكيفية ذلك ان نحرك الحرف الاول من كل كلمة بحركة مركبة من حركتين: ضمة وكسرة، وجزء الضمة مقدم وهو الاقل، ويليه جزء الكسرة وهو الاكثر.
وقرأ البعض الآخر من القراء بكسر الحرف الاول في كل ذلك كسرة خالصة (2).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 234.
(2) قال ابن الجزري: وقيل غيض جي اشم: في كسرها الضم رجا غني لزم وحيل سبق كم رسا غيث وسي: سيئت مدا رحب غلالة كسي.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 393.(1/123)
والاشمام لغة: «قيس وعقيل» وعدم الاشمام لغة عامة العرب. وحجة من قرأ بالاشمام ان الاصل في اوائل هذه الافعال ان تكون مضمومة، لانها افعال لم يسم فاعلها، منها اربعة اصل الثاني منها واو، وهي: «سيء وسيق وحيل وقيل» ومنها فعلان اصل الثاني منها ياء، وهما: «غيض وجيء» واصلها: «سوئ وقول وحول وسوق وغيض وجيء» ثم القيت حركة الحرف الثاني منها على الاول فانكسر، وحذفت ضمته، وسكن الثاني منها، ورجعت الواو الى الياء، لانكسار ما قبلها وسكونها.
فمن اشم اوائلها الضم اراد ان يبين ان اصل اوائلها الضم، ومن شأن العرب في كثير من كلامها المحافظة على بقاء ما يدل على الاصول وايضا فانها افعال بنيت للمفعول، فمن اشم اراد ان يبقى في الفعل ما يدل على انه مبني للمفعول لا للفاعل.
وعلة من كسر اوائلها انه اتى بها على ما وجب لها من الاعتلال (1).
ومظهر الصوتيات هنا واضح، لان صوت الحرف المشم فيه نوع من التسمين، اما صوت الحرف المكسور فإن فيه نوعين من التخفيف.
«للملائكة اسجدوا» حيث جاء في القرآن نحو قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنََا لِلْمَلََائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} (2)
«قرأ» «ابو جعفر» بخلف عن «ابن وردان» بضم التاء حالة وصل «للملائكة» باسجدوا، وذلك اتباعا لضم الجيم، ولم يعتد بالساكن، والوجه الثاني «لابن وردان» اشمام كسرة التاء الضم، والمراد بالاشمام هنا مزج حركة بحركة، وهذا لا يعرف الا بالتلقي، والمشافهة من افواه علماء «القرآن».
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 229.
(2) سورة البقرة الآية 34.(1/124)
وقرأ الباقون بكسر التاء كسرة خالصة، على الاصل، وكلها لغات صحيحة (1).
«بارئكم» من قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلى ََ بََارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بََارِئِكُمْ} (2)
«يأمركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (3)
«يأمرهم» من قوله تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهََاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} (4)
«تأمرهم» من قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلََامُهُمْ بِهََذََا} (5)
«ينصركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {أَمَّنْ هََذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمََنِ} (6)
«يشعركم» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ} (7)
قرأ «الدوري» عن أبي عمرو، بثلاثة اوجه:
الاول: اسكان الهمزة من «بارئكم» والراء من «يأمركم، يأمرهم، تأمركم، ينصركم، يشعركم».
والثاني: اختلاس الحركة في جميع الالفاظ المتقدمة.
والثالث: الحركة الخالصة في جميع الالفاظ ايضا.
__________
(1) قال ابن الجزري: وكسرتا الملائكة قبل اسجدوا اضمم ثق والاشمام خفت خلفا بكل.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 296.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 52.
واتحاف فضلاء البشر ص 134.
(2) سورة البقرة الآية 54.
(3) سورة البقرة الآية 67.
(4) سورة الأعراف الآية 21.
(5) سورة الطور الآية 32.
(6) سورة الملك الآية 20.
(7) سورة الأنعام الآية 109.(1/125)
وقرأ «السوسي» بوجهين: بالاسكان، وبالاختلاس، في جميع الالفاظ وقرأ الباقون بالحركة الخاصة في جميع الالفاظ (1).
وجه من قرأ بالاسكان التخفيف، وهو لغة «بني أسد، وتميم» وبعض «نجد». قال «العجاج»: «وبات منتصبا» باسكان الصاد.
ووجه الاختلاس التخفيف: وهو لغة لبعض العرب، في الضمات، والكسرات، وهو لا يغير الاعراب، ولا وزن الكلمة. ووجه من قرأ بالحركة الخالصة، انه اتى بالكلمة على اصلها، واعطاها حقها من الحركات، كما يفعل بسائر الكلام، ولم يستثقل توالي الحركات، لانها في تقدير كلمتين، الضمير كلمة، وما قبله كلمة.
«هزوا» حيثما وقع نحوه قوله تعالى: {قََالُوا أَتَتَّخِذُنََا هُزُواً} (2)
قرأ «حفص» «هزوا» حيثما وقع في القرآن الكريم بابدال الهمزة واوا للتخفيف، مع ضم الزاي وصلا، ووقفا.
وقرأ «حمزة» «هزوا» بالهمزة على الاصل، مع اسكان الزاي وصلا فقط ويقف عليها بنقل حركة الهمزة الى الساكن قبلها، وبابدال الهمزة واوا على الرسم.
وقرأ خلف العاشر «هزوا» مع اسكان الزاي وصلا ووقفا.
وقرأ الباقون «هزؤا» بالهمزة مع ضم الزاي وصلا ووقفا (3).
__________
(1) قال ابن الجزري: بارئكم يأمركم ينصركم. يأمرهم تأمرهم يشعركم سكن أو اختلس حلا والخلف طب.
انظر النشر في القراءات العشر ح 2ص 400 واتحاف فضلاء البشر ص 136 والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 240فما بعدها.
(2) سورة البقرة الآية 67.
(3) قال ابن الجزري: وابدلا عد هزؤا مع كفؤا هزؤا سكن: ضم فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 406.(1/126)
وجه الضم في الزاي انه جاء على الاصل.
ووجه الاسكان التخفيف.
حكى «الأخفش الاوسط» عن «عيسى بن عمر الثقفي» ان كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم فيه لغتان: الضم، والاسكان نحو: «العسر، والهزؤ». ومثله من الجموع ما كان على وزن «فعل» (1).
«القدس» حيث جاء في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {أَيَّدْنََاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (2).
قرأ «ابن كثير» «القدس» حيث جاء في القرآن الكريم باسكان الدال للتخفيف كي لا تتوالى ضمتان نحو: «الحلم والحلم» وهو لغة «تميم» وقرأ الباقون بضم الدال على الاصل، وهو لغة «اهل الحجاز» (3) وروح القدس: هو «جبريل عليه السلام».
قال «ابن كثير» والدليل على ان روح القدس هو جبريل كما نص عليه «ابن مسعود» في تفسير هذه الآية ما قاله «البخاري»:
عن «ابي هريرة» عن «عائشة» ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد فكان ينافح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اللهم نافح عن حسان كما نافح عن نبيك»
وفي شعر حسان قوله:
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 59.
واتحاف فضلاء البشر ص 138.
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 248247.
(2) سورة البقرة 87.
(3) قال ابن الجزري والقدس نكر دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 406.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 64.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 253 واتحاف فضلاء البشر ص 141.(1/127)
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس به خفاء
وعن «ابن مسعود»: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال «ان روح القدس نفث في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها فاتقوا الله واجملوا في الطلب» (1).
«أرنا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَأَرِنََا مَنََاسِكَنََا} (2)
«ارني» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ} (3)
قرأ «ابن كثير، ويعقوب، وابو عمرو بخلف عنه» باسكان الراء في «أرنا، وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم، والوجه الثاني لأبي عمرو:
اختلاس كسرة الراء.
والاسكان، والاختلاس للتخفيف.
وقرأ الباقون «أرنا، وأرني» بكسر الراء فيهما، على الاصل (4). والكسر والاسكان، والاختلاس لغات.
ومعنى «أرنا»: علمنا (5) والمراد بالمناسك «مناسك الحج» وقيل: شرائع الدين (6).
__________
(1) رواه ابن حبان في صحيحه.
انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 1ص 8786.
(2) البقرة 128.
(3) البقرة 260.
(4) قال ابن الجزري: أرنا أرني اختلف: مختلسا حز وسكون الكسر حق.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 418.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 10273.
واتحاف فضلاء البشر ص 148.
(5) انظر: العمدة في غريب القرآن ص 83.
(6) انظر: تفسير الجلالين ص 18.(1/128)
«لرءوف» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ اللََّهُ لِيُضِيعَ إِيمََانَكُمْ إِنَّ اللََّهَ بِالنََّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (1)
«رءوف» حيثما قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ وَاللََّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبََادِ} (2)
قرأ «ابو عمرو: وشعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «لرءوف، رءوف» حيثما وقعا في القرآن الكريم بحذف الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «عضد».
وقرأ الباقون «لرءوف، رءوف» باثبات الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «فعول».
وهما لغتان في اسم الفاعل (3).
والرأفة: اشد الرحمة (4).
«خطوات» حيث وقع نحو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ كُلُوا مِمََّا فِي الْأَرْضِ حَلََالًا طَيِّباً وَلََا تَتَّبِعُوا خُطُوََاتِ الشَّيْطََانِ} (5)
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، والبزي بخلف عنه» باسكان الطاء في «خطوات» حيثما وقعت في القرآن الكريم.
__________
(1) سورة البقرة الآية 143.
(2) سورة البقرة الآية 207.
(3) قال ابن الجزري: وصحبة حما رءوف فاقصر جميعا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 420.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 266.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 75.
واتحاف فضلاء البشر ص 149.
(4) العمدة في غريب القرآن ص 84.
(5) سورة البقرة الآية 168.(1/129)
وقرأ الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني للبزي (1).
والضم، والاسكان لغتان:
والضم هو الاصل، لان الاسماء يلزمها الضم في الجمع في نحو: «غرفة وغرفات» فضم الطاء من «خطوات» جاء على الاصل، وهو لغة «اهل الحجاز» واسكان الطاء للتخفيف كي لا يجتمع ضمتان، وواو.
فان قيل: هل سكون الطاء، الموجود في الجمع هو السكون الموجود في المفرد؟
اقول: السكون الموجود في الجمع غير السكون الموجود في المفرد، فالسكون الموجود في المفرد اصلي، والسكون الموجود في الجمع عارض جيء به للتخفيف واصله الضم.
«خطوات» جمع «خطوة» ومعنى «خطوات الشيطان»: طرق الشيطان، والمراد بها «المعاصي» (2).
«الميتة» المعرفة سواء كانت غير صفة نحو قوله تعالى:
{إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} (3)
او كانت صفة للارض نحو قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنََاهََا} (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: خطوات اذ هو خلف صف فتى حفا انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 406.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 274273.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 79.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
(2) انظر: العمدة في غريب القرآن ص 86.
(3) سورة البقرة الآية 173.
(4) سورة يس الآية 33.(1/130)
«ميتة» المنكرة نحو قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكََاءُ} (1)
«ميتا» المنون المنصوب سواء كان غير صفة نحو قوله تعالى:
{أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ} (2)
او كان صفة نحو قوله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً} [الفرقان 49] «ميت» المنكر الواقع صفة الى «بلد» نحو قوله تعالى:
{حَتََّى إِذََا أَقَلَّتْ سَحََاباً ثِقََالًا سُقْنََاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} (3).
«الميت» المعرف مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى:
{وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} (4)
او كان مجرورا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (5)
اختلف القراء العشرة في تشديد هذه الالفاظ وتخفيفها:
فقرأ «ابو جعفر» بالتشديد في جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم.
وقرأ «نافع» بالتشديد في «الميتة» الواقعة صفة للارض وذلك في قوله تعالى:
{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنََاهََا} (6)
وكذا «ميتا» النون المنصوب في سورتي الانعام والحجرات وهو قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} (7)
__________
(1) سورة الانعام الآية 139.
(2) سورة الانعام الآية 122.
(3) سورة الأعراف الآية 57.
(4) سورة آل عمران الآية 27.
(5) سورة آل عمران الآية 27.
(6) سورة يس الآية 33.
(7) سورة الحجرات الآية 12.(1/131)
وقرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بالتشديد في «ميت الواقع صفة الى «بلد» نحو: {فَسُقْنََاهُ إِلى ََ بَلَدٍ مَيِّتٍ} (1)
وفي «الميت» مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى:
{وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} (2)
او مجرورا نحو قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (3)
وقرأ «رويس بالتشديد» في «ميت» الواقع صفة الى «بلد».
وفي «الميت» مطلقا: اي المنصوب، والمجرور.
وقرأ «روح» بالتشديد في «ميتا» بالانعام رقم 124 وفي «الميت» المنصوب، والمجرور.
وقرأ الباقون «بالتخفيف في جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم (4).
والتشديد، والتخفيف لغتان، وعلى القراءتين جاء قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء
«تنبيه»: اتفق القراء العشرة على تشديد ما لم يمت نحو قوله تعالى:
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (5)
__________
(1) سورة فاطر الآية 9.
(2) سورة آل عمران الآية 27.
(3) سورة آل عمران الآية 27.
(4) قال ابن الجزري: وميته: والميتة اشدد ثب والارض الميتة مدا وميتا ثق الانعام ثوى اذ حجرات غث مدا وثب أوى صحب بميت يلد والميت هم والحضرمي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 224.
واتحاف فضلاء البشر ص 152.
(5) سورة الزمر الآية 30. قال الشاطبي: وما لم يمت للكل جاء مثقلا.(1/132)
قال «الراغب» في مادة «موت»: «انواع الموت بحسب انواع الحياة»:
فالاول: ما هو بازاء القوة النامية الموجودة في الانسان، والحيوان:
والنباتات، نحو قوله تعالى: {كَذََلِكَ يُحْيِ اللََّهُ الْمَوْتى ََ} (1).
وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} (2).
والثاني: زوال القوة الحاسة، نحو قوله تعالى: {قََالَتْ يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا} (3).
والثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة، نحو قوله تعالى:
{أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ وَجَعَلْنََا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النََّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمََاتِ لَيْسَ بِخََارِجٍ مِنْهََا} (4).
والرابع: الحزن المكدر للحياة، نحو قوله تعالى في وصف اهل النار:
{مِنْ وَرََائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى ََ مِنْ مََاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلََا يَكََادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكََانٍ وَمََا هُوَ بِمَيِّتٍ} (5)
والميت: بسكون الياء مخفف عن «الميت» بتشديد الياء اهـ (6)
وقال «الزبيدي» في مادة «موت»: «مات، يموت موتا» و «مات، يمات» في لغة «طيء» قال الراجز:
بنيتي سيدة البنات ... عيشي ولا نأمن أن تماتي
ويقال: «مات يميت».
__________
(1) سورة البقرة الآية 23.
(2) سورة المؤمنون الآية 80.
(3) سورة مريم الآية 23.
(4) سورة الانعام الآية 122.
(5) سورة إبراهيم الآيتان 1716.
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 477476.(1/133)
والظاهر ان التثليث في مضارع «مات» مطلقا.
ولكن الواقع ليس كذلك، فالضم انما هو الواوي مثل: «قال يقول قولا» والكسر انما هو في اليائي، نحو «باع يبيع» وهي لغة مرجوحة انكرها جماعة، والفتح انما هو في المكسور الماضي نحو: «علم يعلم» (1)
و «الميت» بتخفيف الياء الذي مات بالفعل، و «الميت» بالتشديد:
و «المائت» على وزن فاعل: الذي لم يمت بعد، ولكنه بصدد ان يموت.
قال «الخليل»: انشدني «ابو عمرو»:
أيا سائلي تفسير ميت وميت ... فدونك قد فسرت ان كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميت ... وما الميت الا من القبر يحمل
وقال «الزبيدي»: «ميت» بتشديد الياء، يصلح لما قد مات، ولما سيموت.
قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (2).
وقال اهل التصريف: «ميت» كان تصحيحه «ميوت» على وزن «فيعل» ثم ادغموا الواو في الياء (3).
وقال آخرون: «انما كان في الاصل «مويت» مثل: «سيد وسويد» فأدغمنا الياء في الواو (4) ونقلناه فقلنا: «ميت».
يقول «الزبيدى»: «قال شيخنا بعد ان نقل قول «الخليل» عن «ابي عمرو»
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 1ص 585.
(2) سورة الزمر الآية 30.
(3) لعل الصواب: ثم ادغموا الياء في الواو بعد قلب الواو ياء.
(4) لعل الصواب: فأدغمنا الواو في الياء بعد قلب الواو ياء.(1/134)
ما نصه: «وعلى هذه التفرقة جماعة من الفقهاء، والادباء، ثم يقول «الزبيدي»: وعندي فيه نظر فانهم صرحوا بان «الميت» مخفف الياء مأخوذ من «الميت» المشدد، واذا كان مأخوذا منه فكيف يتصور الفرق فيهما في الاطلاق، حتى قال العلامة «ابن دحية» في كتاب «التنوير في مولد البشير والنذير»: بأنه خطأ في القياس ومخالف للسماع:
اما القياس فان المخفف، انما اصله «ميت» المشدد: فخفف، وتخفيفه لم يحدث فيه معنى مخالف لمعناه في حال التشديد، كما يقال: «هين، وهين» فكما ان التخفيف في «هين» لم يحل معناها، كذلك تخفيف «ميت» (1).
واما السماع: فانا وجدنا العرب لم تجعل بينهما فرقا في الاستعمال، ومن أبين ما جاء في ذلك قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء
وقال آخر:
الا يا ليتني والمرء ميت ... وما يغني عن الحدثان ليت
ففي البيت الاول سوى بينهما، وفي الثاني جعل «الميت» المخفف «للحي» الذي لم يمت، الا ترى ان معناه: والمرء سيموت، فجرى مجرى قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (2).
وقال شيخنا: «ثم رأيت في «المصباح» فرقا آخر وهو انه قال: «الميتة» من «الحيوان» جمعها «ميتات» وأصلها «ميتة» بالتشديد.
وقيل: التزم التشديد في «ميتة» الاناسي: لأنه الاصل، والتزم في
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 1ص 586.
(2) سورة الزمر الآية 30(1/135)
التخفيف في غير الاناسي، فرقا بينهما، ولان استعمال هذا اكثر في الآدميات، وكانت اولى بالتخفيف.
والجمع: «أموات، وموتى، وميتون، وميتون» بتخفيف الياء، وتشديدها.
قال «سيبويه»: «كان بابه الجمع بالواو، والنون، لان الهاء تدخل في انثاه كثيرا.
وفي «المصباح المنير»: «ميت، واموات» كبيت، وابيات، والانثى «ميتة» بالتشديد: والتخفيف، «وميت» مشددا بغير هاء، ويخفف.
وقال «الزجاج»: «الميت» بالتشديد الا انه يخفف، والمعنى واحد يستوي فيه المذكر، والمؤنث» اهـ (1).
الكسر والضم تخلصا من التقاء الساكنين «فمن اضطر» من قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2)
وبابه مما التقى فيه ساكنان من كلمتين ثالث ثانيهما مضموم ضمة لازمة، ويبدأ بالفعل الذي يلي الساكن الاول بالضم، ويكون اول الساكنين أحد حروف «لتنود» والتنوين:
1 - فاللام نحو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكََاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلََا تُنْظِرُونِ} (3)
2 - والتاء نحو قوله تعالى: {وَقََالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} (4)
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 1ص 587.
(2) سورة البقرة الآية 173.
(3) سورة الاعراف الآية 195.
(4) سورة يوسف الآية 31.(1/136)
3 - والنون نحو قوله تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلى ََ حَرْثِكُمْ} (1)
4 - والواو نحو قوله تعالى: {أَوِ ادْعُوا الرَّحْمََنَ} (2)
5 - والدال نحو قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} (3)
6 - والتنوين سواء كان مجرورا نحو قوله تعالى:
{كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} (4)
او غير مجرور نحو قوله تعالى: {وَمََا كََانَ عَطََاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً * انْظُرْ} (5)
اختلف القراء العشرة في كيفية التخلص من التقاء الساكنين:
فقرأ «عاصم، وحمزة بالكسر في الحروف الستة قولا واحدا، وذلك على الاصل في التخلص من التقاء الساكنين».
وقرأ «ابو عمرو» بالكسر في اربعة احرف، وهن: «التاء، والنون، والدال، والتنوين».
وضم في حرفين وهما: الواو: ولام «قل».
وقرأ «يعقوب» بالكسر في خمسة احرف، وهن: «اللام، والتاء، والنون، والدال، والتنوين».
وضم في حرف واحد وهو «الواو».
وقرأ «قنبل» بالكسر في الحروف الستة، الا انه اختلف عنه في التنوين والمجرور، فروي عنه فيه الكسر، والضم».
__________
(1) سورة القلم الآية 22.
(2) سورة الاسراء الآية 110.
(3) سورة الانعام الآية 10.
(4) سورة إبراهيم الآية 26.
(5) سورة الاسراء الآيتان 2120.(1/137)
وقرأ «ابن ذكوان» بالكسر في خمسة احرف، وهن حروف «لتنود» واختلف عنه في التنوين مطلقا، سواء كان مجرورا، او غير مجرور.
وقرأ الباقون بالضم في الحروف الستة، وذلك اتباعا لضم ثالث الفعل (1).
«اضطر» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بََاغٍ وَلََا عََادٍ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2)
قرأ «ابو جعفر» «اضطر» بكسر الراء الاولى، فلما ادغمت الراء الاولى في الثانية نقلت كسرتها الى الطاء بعد حذف حركة الطاء.
وقرأ الباقون «اضطر» بضم الطاء، على الاصل.
من هذا يتبين ان كسر الطاء، وضمها لغتان (3).
«العسر» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَلََا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (4)
«عسر» من قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (5)
__________
(1) قال ابن الجزري: والساكن الاول ضم.
لضم همز الوصل وكسره نما فز غير قل حلا وغير أو صما والخلف في التنوين مز وان يجر زن خلفه انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 425.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 274.
واتحاف فضلاء البشر ص 153.
(2) سورة البقرة الآية 173.
(3) قال ابن الجزري: واضطر ثق ضما كسر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 426.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 80.
واتحاف فضلاء البشر ص 153.
(4) سورة البقرة الآية 185.
(5) سورة الطلاق الآية 7(1/138)
«عسرا» من قوله تعالى: {وَلََا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً} (1)
«عسرة» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ ذُو عُسْرَةٍ} (2)
«العسرة» من قوله تعالى: {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سََاعَةِ الْعُسْرَةِ} (3)
«للعسرى» من قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ََ} (4)
«اليسر» من قوله تعالى: {يُرِيدُ اللََّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (5)
«يسرا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنََا يُسْراً} (6)
«لليسرى» من قوله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى ََ} (7)
ومن قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ََ} (8)
قرأ «ابو جعفر» جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت بضم السين واختلف عن «ابن وردان» في «يسرا» من قوله تعالى:
{فَالْجََارِيََاتِ يُسْراً} بالذاريات 3.
فروي عنه ضم السين، واسكانها
__________
(1) سورة الكهف الآية 73.
(2) سورة البقر الآية 280.
(3) سورة التوبة الآية 117.
(4) سورة الليل الآية 10.
(5) سورة البقرة الآية 185.
(6) سورة الكهف الآية 88.
(7) سورة الاعلى الآية 8.
(8) سورة الليل الآية 7.(1/139)
وقرأ الباقون باسكان السين في جميع الالفاظ (1).
والاسكان في السين وضمها لغتان.
والاسكان هو الاصل، والضم لمناسبة ضم الحرف الذي قبل السين.
«البيوت» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى.
{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهََا} (2)
«بيوت» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى:
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللََّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (3)
«بيوتا» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبََالَ بُيُوتاً}. (4)
«بيوتكم» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى:
{وَأُنَبِّئُكُمْ بِمََا تَأْكُلُونَ وَمََا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} (5)
«بيوتكن» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى:
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (6)
«بيوتنا» وهي في قوله تعالى: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنََا عَوْرَةٌ} (7)
«بيوتهم» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى:
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} (8)
__________
(1) قال ابن الجزري: وكيف عسر اليسر ثق وخلف خط بالذرو.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 406.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
(2) سورة البقرة الآية 189.
(3) سورة النور الآية 36.
(4) سورة الاعراف الآية 74.
(5) سورة آل عمران الآية، 49
(6) سورة الاحزاب الآية 33.
(7) سورة الاحزاب الآية 13.
(8) سورة النمل الآية 52.(1/140)
«بيوتهن» وهي في قوله تعالى: {لََا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (1)
قرأ «ورش، وابو عمرو: وحفص، وابو جعفر، ويعقوب» كل هذه الالفاظ حيثما وقعت في القرآن الكريم، بضم الياء، وذلك في جمع «فعل» على «فعول».
وقرأ الباقون كل هذه الالفاظ ايضا بكسر الباء، وذلك لمجانسة الياء.
من هذا يتبين ان الضم، والكسر لغتان (2).
«السلم» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (3)
ومن قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهََا} (4)
ومن قوله تعالى: {فَلََا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} (5)
قرأ «نافع، وابن كثير، والكسائي، وابو جعفر» «السلم» في المواضع الثلاثة بفتح السين.
وقرأ الباقون بكسرها (6).
__________
(1) سورة الطلاق الآية 1.
(2) قال ابن الجزري: بيوت كيف جاء بكسر الضم كم. دون صحبة بلا. انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 427.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 284.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 85.
واتحاف فضلاء البشر ص 155.
(3) سورة البقرة الآية 208.
(4) سورة الانفال الآية 61.
(5) سورة محمد الآية 35.
(6) قال ابن الجزري: وفتح السلم حرم رشفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 428.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 156.
واتحاف فضلاء البشر ص 156.(1/141)
وهما لغتان في مصدر «سلم».
قال «ابو عبيدة معمر بن المثنى، والاخفش الاوسط»: «السلم» بالكسر:
الاسلام، وبالفتح: الصلح، والمراد به الاسلام، لان من دخل في الاسلام فقد دخل في الصلح، فالمعنى: ادخلوا في الصلح الذي هو الاسلام» اهـ (1).
وقال «الراغب»: «السلم» بفتح السين، وبكسرها: «الصلح»، اهـ (2).
وقال «ابن عباس» رضي الله عنهما: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ} يعني الاسلام اهـ (3).
«قدره» معا: من قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} (4)
قرأ «ابن ذكوان، وحفص، وحمزة، والكسائي، وابو جعفر، وخلف العاشر» «قدره» معا بفتح الدال.
وقرأ الباقون باسكان الدال.
والفتح، والاسكان لغتان بمعنى واحد، وهو الطاقة، والمقدرة (5)
قال صاحب المفردات: «القدرة»: اذا وصف بها الانسان، فاسم لهيئة له، بها يتمكن من فعل شيء ما، واذا وصف الله بها فهي نفي العجز عنه.
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 287.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 240.
(3) مختصر تفسير ابن كثير ح 1ص 185.
(4) سورة البقرة الآية 236.
(5) قال ابن الجزري: وقدره حرك معا من صحب ثابت.
انظر: النشر في القراءات ح 1ص 432.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 298.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 95.
واتحاف فضلاء البشر ص 159.(1/142)
ومحال ان يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى، وان اطلق عليه لفظا. بل حقه ان يقال: قادر على كذا، ومتى قيل: هو قادر، فعلى سبيل معنى التقييد.
ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه الا ويصح ان يوصف بالعجز من وجه.
والقدير: هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقضي الحكمة لا زائد عليه، ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصح ان يوصف به الا الله تعالى (1).
والقدر: بفتح القاف والدال: وقت الشيء المقدر له، والمكان المقدر له، قال تعالى: {إِلى ََ قَدَرٍ مَعْلُومٍ} (2).
وتستعار «القدرة، والمقدور» للحال، والسعة في المال اهـ (3).
وجاء في «تاج العروس»: نقل «الازهري، محمد بن احمد أبو منصور» (4)
«القدر» بفتح الدال: «القضاء الموفق» اهـ وفي «المحكم» لابن سيده: «القدر» بفتح الدال: «القضاء والحكم» وهو ما يقدره الله عز وجل من القضاء، ويحكم به الامور. اهـ وقال «الليث»: «القدر» بفتح الدال، وسكونها: «مبلغ الشيء» وبه فسر قوله تعالى: {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} اهـ (5).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «قدر» ص 394.
(2) سورة المرسلات الآية 22.
(3) انظر: المفردات مادة «قدر» ص 396.
(4) هو: الليث بن المظفر بن نصر بن سيار الخراساني، وقال «الازهري»: هو الليث بن رافع بن نصر، وقال «ابن المعتز»: كان «الخليل» منقطعا الى «الليث» الخ أقول يفهم من هذه العبارة أن «الليث» كان من أساتذة «الخليل بن أحمد».
انظر: المزهر للسيوطي ح 1ص 77.
(5) انظر: تاج العروس مادة «قدر» ح 3ص 481. والآية من سورة الأنعام رقم 91.(1/143)
قال: اي ما وصفوه حق صفته.
وقال «الاخفش الاوسط»، سعيد بن مسعدة ت 215هـ:
«القدر» بفتح الدال: وسكونها: «الطاقة ومبلغ الشيء، (1) وبهما اي بفتح الدال، وسكونها قرئ قوله تعالى:
{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} (2).
«ويبصط» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَزََادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} (4)
قرأ «دوري ابي عمرو، وهشام، وخلف عن حمزة، ورويس وخلف العاشر» «يبسط، بسطة» بالسين قولا واحدا.
وذلك على الاصل، والدليل على ان السين هي الاصل انه لو كانت الصاد هي الاصل ما جاز ان ترد الى السين، لان الصاد اقوى من السين لان الصاد مستعلية، ومطبقة، والسين مسفلة، ومنفتحة، ولا يصح ان ينقل الحرف القوي الى حرف اضعف منه، فاذا لم يجز ان ترد الصاد الى السين، وجاز ان ترد السين الى الصاد، علم ان السين هي الاصل.
وقرأ «نافع، والبزي، وشعبة، والكسائي، وابو جعفر، وروح» «يبصط، بصطة» بالصاد قولا واحدا.
وذلك لمجانسة الصاد للطاء التي بعدها، وذلك باشتراكهما في صفات:
«الاستعلاء، والاطباق، والاصمات».
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «قدر» ح 3ص 481.
(2) سورة البقرة الآية 236.
(3) سورة البقرة الآية 245.
(4) سورة الاعراف الآية 69.(1/144)
وقرأ الباقون وهم: «قنبل والسوسي، وابن ذكوان، وحفص، وخلاد» بالسين، والصاد فيهما، وذلك جمعا بين اللغتين (1).
قال «الجوهري» اسماعيل بن حماد الفارابي ت 393هـ «بسطه يبسطه بسطا» بالسين، والصاد: «نشره» اهـ (2).
«عسيتم» من قوله تعالى: فهل عسيتم ان كتب عليكم القتال الا تقاتلوا (3)
ومن قوله تعالى: فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم (4)
قرأ «نافع» «عسيتم» في الموضعين بكسر السين، وقرأ الباقون بفتح السين.
والكسر والفتح في «عسى» اذا لم يتصل بالضمير (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: ويبسط سينه فتى حوى لي غث.
وخلف عن قوى زن من يصر كبصطة الخلق.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 433.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 302.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 24497.
واتحاف فضلاء البشر ص 160.
(2) انظر: تاج العروس ح 5ص 105.
(3) سورة البقرة الآية 246.
(4) سورة محمد الآية 22.
(5) قال ابن الجزري: عسيتم اكسر سينه معا ألا انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 436.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 303.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 97.
واتحاف فضلاء البشر ص 160.(1/145)
وقد اختلف النحاة في «عسى» على ثلاثة اقوال:
الاول: ذهب جمهور نحاة البصرة الى ان «عسى» فعل يدل على الرجاء، في جميع الاحوال، سواء اتصل بها ضمير رفع، او ضمير نصب، او لم يتصل بها واحد منهما.
وهو يرفع المبتدأ وينصب الخبر (1).
والثاني: ذهب كل من «ابي العباس احمد بن يحيى ثعلب» ت 291هـ «وابي بكر محمد بن السري، المعروف بابن السراج» ت 316هـ وهما من الكوفيين الى ان «عسى» حرف يدل على الرجاء، في جميع الاحوال، مثل «لعل» يعمل عمل «ان» ينصب الاسم ويرفع الخبر (2).
والثالث: ذهب «سيبويه» (3). ت 180هـ الى انها حرف ان اتصل بها ضمير نصب، مثل قول «صخر بن الحضرمي» فقلت عساها نار كأس وعلّها ... تشكّي فآتي نحوها فأعودها
وفعل فيما عدا ذلك، اي اذا لم يتصل بها ضمير نصب (4).
وقرر النحويون ان الراجح في خبر» عسى ان يكون فعلا مضارعا يكثر اقترانه «بأن» مثل قوله تعالى: {فَعَسَى اللََّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} (5).
__________
(1) انظر: هامش شرح ابن عقيل على الألفية ح 1ص 323.
(2) انظر: مغني اللبيب ص 201.
(3) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه «ومعنى سيبويه بالفارسية رائحة التفاح» «أبو بشر» أديب نحوي، أخذ النحو، والأدب عن «الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب البصري، وأبي الخطاب الأخفش، وعيسى بن عمر» كان حجة ومتوقد الذكاء، من آثاره «كتاب سيبويه في النحو» توفي عام 180هـ 796م: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 8ص 10.
(4) انظر: مغني اللبيب ص 201.
(5) سورة المائدة الآية 52.(1/146)
ويقل تجريد خبرها من «ان» مثل قول «هدبة من خشرم العذري»:
عسى الكرب الذي امسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب (1).
كما انه يندر مجيء خبرها اسما، مثل قول الشاعر (2):
اكثرت في العذر ملحا دائما ... لا تكثرن ان عشيت صائما (3)
«بسطة» من قوله تعالى: {قََالَ إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (4)
قرأ «قنبل» «بسطة» بالسين، وبالصاد، وهما لغتان.
وقرأ الباقون بالسين قولا واحدا، موافقة لرسم المصحف (5).
جاء في المفردات: «بسط الشيء نشره، وتوسعه، ويقال: بسط الثوب نشره، ومنه البساط: وذلك اسم لكل مبسوط، قال الله تعالى. {وَاللََّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسََاطاً} (6) واستعار قوم «البسط» لكل شيء لا يتصور فيه
__________
(1) انظر: شرح ابن عقيل على الالفية ح 1ص 327.
(2) قال: قال المرحوم فضيلة الشيخ «محمد محيى الدين»: «قال أبو حيان»: هذا البيت مجهول، لم ينسبه الشراح الى أحد اهـ.
«ثم يقول: وقيل: إنه «لرؤبة بن العجاج» وقد بحثت ديوان أراجيز «رؤبة» فلم أجده في أصل الديوان، وهو مما وجدته في أبيات جعلها ناشره ذيلا لهذا الديوان مما وجده في بعض كتب الأدب منسوبا اليه، وذلك لا يدل على صحة نسبتها اليه.
(3) قال ابن مالك عن «عسى»:
ككان كاد وعسى لكن ندر ... غير مضارع لهذين خبر
وكونه بدون أن بعد عسى ... نزر كاد الأمر فيه عكسا
(4) قال ابن الجزري: ويبصط سينه فتى حوى الى قوله: وخلف العلم زد انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 436.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 98.
واتحاف فضلاء البشر ص 160.
(5) سورة البقرة الآية 247.
(6) سورة نوح الآية 19.(1/147)
تركيب وتأليف ونظم» (1) قال الله تعالى: {وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}.
«غرفة» من قوله تعالى: {إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} (2)
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر».
«غرفة» بضم الغين، اسم للماء المغترف.
والمعنى: الا من اغترف ماء على قدر ملء اليد.
وقرأ الباقون «غرفة» بفتح الغين، على انها اسم للمرة (3).
جاء في المفردات: «الغرف» بفتح الغين وسكون الراء: رفع الشيء وتناوله.
يقال: غرفت الماء، والمرق.
«والغرفة» بضم الغين وسكون الراء ما يغترف.
«والغرفة» ايضا: علية من البناء بضم عين «علية» قال تعالى: {أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمََا صَبَرُوا} (4).
وسمى منازل الجنة غرفا، قال تعالى: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} (5)
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «بسط» ص 46.
(2) سورة البقرة الآية 249.
(3) قال ابن الجزري: غرفة اضمم ظل كنز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 436.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 303 وحجة القراءات ص 140.
(4) سورة الفرقان الآية 75.
(5) سورة العنكبوت الآية 58.(1/148)
«والغرفة» بفتح وسكون الراء: للمرة.
«والمغرفة» لما يتناول به (1).
وجاء في «تاج العروس»: غرف الماء بيده «يغرفه» بكسر الراء «ويغرفه» بضم الراء «غرفا»: اخذه بيده، كاغترافه، واغترف منه.
«والغرفة» بفتح الغين: للمرة الواحدة منه.
«والغرفة» بكسر الغين: هيئة الغرف (2).
«جزءا» المنون المنصوب من قوله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} (3)
ومن قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبََادِهِ جُزْءاً} (4)
«جزء» المنون المرفوع من قوله تعالى: {لِكُلِّ بََابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} (5)
قرأ «شعبة» «جزءا» المنصوب، و «جزء» المرفوع بضم الزاي، وذلك لمجانسة ضم الجيم، وهو لغة الحجازيين» (6).
وقرأ «ابو جعفر» «جزءا» المنصوب بتشديد الزاي، وذلك بعد ابدال الهمزة زاء وادغام الزاي في الزاي (7).
وقرأ «جزء» المرفوع باسكان الزاي، وذلك على الاصل، وهو لغة:
«تميم وأسد».
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «غرف» ص 360.
(2) انظر تاج العروس مادة «غرف» ح 6ص 209
(3) سورة البقرة الآية 260.
(4) سورة الزخرف الآية 15.
(5) سورة الحجر الآية 44.
(6) قال ابن الجزري: وجزءا صف.
(7) قال ابن الجزري: جزائنا.(1/149)
وقرأ الباقون «جزءا» المنصوب، و «وجزء» المرفوع باسكان الزاي (1)
قال «الراغب»: «جزء الشيء ما يتقوم به جملته، كأجزاء السفينة، واجزاء البيت: قال تعالى: {لِكُلِّ بََابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} اي نصيب، وذلك جزء من الشيء» اهـ (2).
جاء في «المفردات»: «جزء الشيء» ما يتقوم به جملته، كأجزاء السفينة، واجزاء البيت (3) قال الله تعالى: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} (4).
وجاء في «تاج العروس»: «الجزء» بالضم في الجيم: «البعض» ويفتح ويطلق على «القسم» لغة، واصطلاحا، والجمع «اجزاء».
«وجزأه» بتخفيف الزاي «كجعله»: قسمة اجزاء.
«كجزاه» بتشديد الزاي «تجزئة»، وهو في المال بالتشديد لا غير. اهـ (5).
«ربوة» من قوله تعالى: {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} (6)
ومن قوله تعالى: {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ} (7)
قرأ «ابن عامر، وعاصم» «ربوة» في الموضعين بفتح الراء.
وقرأ الباقون «ربوة» بضم الراء (8).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 406.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 102.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 93. والآية من سورة الحجر رقم 44.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «جزء» ص 93.
(4) سورة البقرة الآية 260.
(5) انظر: تاج العروس مادة «جزء» ح 1ص 51.
(6) سورة البقرة الآية 265.
(7) سورة المؤمنون الآية 50.
(8) قال ابن الجزري: ربوة الضم معا شفا سما.(1/150)
وهما لغتان، والربوة: المكان المرتفع من الارض.
جاء في «المفردات» «ربوة» بفتح الراء وكسرها، وضمها «ورباوة» بفتح الراء، وكسرها فقط، قال تعالى: {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ}.
قال «أبو الحسن» (1): «الربوة» بفتح الراء اجود، لقولهم: «ربى» بضم الراء اهـ.
وسميت «الربوة» «رابية» كأنها ربت بنفسها في مكان. ومنه «ربا»: اذا زاد وعلا (2) قال تعالى: {فَإِذََا أَنْزَلْنََا عَلَيْهَا الْمََاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (3).
«أكلها» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {فَآتَتْ أُكُلَهََا ضِعْفَيْنِ} (4)
«الأكل» من قوله تعالى: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهََا عَلى ََ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} (5)
«الأكل» من قوله تعالى: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوََاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} (6)
«اكله» من قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} (7)
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 439.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 313.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 104.
واتحاف فضلاء البشر ص 163.
(1) لقد بحثت عن ترجمته فلم أهتد اليه ولعله «أبو الحسن علي بن محمد الاشبيلي» شارح الجمل للزجاج.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ربوة» ص 187186.
(3) سورة فصلت الآية 39.
(4) سورة البقرة الآية 265.
(5) سورة الرعد الآية 4.
(6) سورة سبأ الآية 16.
(7) سورة الانعام الآية 141.(1/151)
قرأ «نافع: وابن كثير» جميع الالفاظ المتقدمة: «اكلها، الاكل، اكل، اكله» حيثما وقعت في القرآن الكريم باسكان الكاف.
وقرأ «ابو عمرو» باسكان الكاف في «اكلها» حيثما وقع في القرآن، وبضم الكاف في بقية الالفاظ وهي: «الاكل، اكل، اكله» وقرأ الباقون بضم الكاف في جميع الالفاظ حيثما وقعت (1).
والاسكان والضم لغتان، في كل اسم على ثلاثة احرف وله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول وهو لغة «الحجازيين».
ومن اسكن في البعض، وضم في البعض الآخر جمع بين اللغتين.
«الاكل»: كل ما اجتنى (2).
وجاء في المفردات: «الاكل» بضم الهمزة والكاف: اسم لما يؤكل، قال تعالى: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوََاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} (3).
ويعبر به، اي «بالاكل» عن النصيب، فيقال: فلان ذو اكل من الدنيا، وفلان استوفى اكله: كناية عن انقضاء الاجل.
وجاء في «تاج العروس»: قال «ابن الكمال» ت 702هـ (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: والأكل أكل اذ دنا وأكلها شغل أتى حبر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 406.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
(2) انظر: العمدة في غريب القرآن ص 246.
(3) سورة سبأ الآية 16.
(4) هو محمد بن أحمد بن داود بن موسى اللخمي، ويعرف بابن الكمال «أبو عبد الله» مقرئ، محدث، فقيه، ذو حظ من اللغة، والعربية، والآداب ولد سنة 640هـ ورحل الى «العدو» وتجول في بلاد الاندلس، من مصنفاته: الممتع في تهذيب المقنع، توفي عام 702هـ الموافق 1312م: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 8ص 359.(1/152)
«الاكل» بفتح الهمزة، وسكون الكاف: ايصال ما يمضغ الى الجوف ممضوغا اولا، فليس اللبن والسويق مأكولا قلت وقول الشاعر:
من الآكلين الماء ظلما فما ادى ... ينالون خيرا بعد اكلهم الماء
فانما يريد قوما كانوا يبيعون الماء فيشترون بثمنه ما يأكلونه فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأكول عن ذكر المأكول اهـ (1).
قال «المناوي»: وفي كلام «الرماني» ت 384هـ (2)
ما يخالف كلام: «ابن الكمال» حيث قال «الاكل حقيقة: بلع الطعام بعد مضغه، قال: فبلع «الحصاة» ليس بأكل حقيقة اهـ.
«والأكلة» بفتح الهمزة: المرة الواحدة، بالهمزة «اللقمة» تقول: أكلت أكلة واحدة، اي لقمة (3).
تشديد التاءات:
قرأ «البزي» وصلا بخلف عنه بتشديد التاء فيما اصله تاءان، وحذفت واحدة من الخط، ذلك في احدى وثلاثين تاء، وهن:
1 {لََا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (4)
2 «ولا تفرقوا» من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا} (5)
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «أكل» ح 7ص 209.
(2) هو: علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني، ويعرف بالاخشيدي وبالوراق، واشتهر بالرماني «أبو الحسن» أديب، نحوي، لغوي، متكلم، فقيه، أصولي، مفسر، فلكي، منطقي، أصله من «سر من رأى»، أخذ عن «ابن السراج: وابن دريد، والزجاج» له عدة مصنفات بلغت نحو المائة، منها: الجامع الكبير في التفسير، المبتدأ في النحو، ومعاني الحروف، والاشتقاق، وشرح الصفات، توفي عام 413هـ الموافق 1022م: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 7ص 162.
(3) تاج العروس مادة «أكل» ح 7ص 209.
(4) سورة البقرة الآية 267.
(5) سورة آل عمران الآية 103.(1/153)
3 {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (1)
4 {وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (2)
5 «فتفرق» من قوله تعالى: {وَلََا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (3)
6 {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (4)
7 {وَلََا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (5)
8 {وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا} (6)
9 {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنََا إِلََّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} (7)
10 {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخََافُ عَلَيْكُمْ عَذََابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} (8)
11 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مََا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} (9)
12 {لََا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلََّا بِإِذْنِهِ} (10)
13 - ما تنزل الملائكة إلا بالحق (11)
14 {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مََا صَنَعُوا} (12)
__________
(1) سورة النساء الآية 97.
(2) سورة المائدة الآية 2.
(3) سورة الانعام الآية 153.
(4) سورة الاعراف الآية 117.
(5) سورة الانفال الآية 20.
(6) سورة الانفال الآية 46.
(7) سورة التوبة الآية 52.
(8) سورة هود الآية 3.
(9) سورة هود الآية 57
(10) سورة هود الآية 105.
(11) سورة الحجر الآية 8.
(12) سورة طه الآية 69.(1/154)
15 {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} (1)
16 {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمََا عَلَيْهِ مََا حُمِّلَ} (2)
17 {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (3)
18 {عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ} (4)
19 {الشَّيََاطِينُ تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ} (5)
20 {وَلََا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجََاهِلِيَّةِ الْأُولى ََ} (6)
21 {وَلََا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوََاجٍ} (7)
22 {مََا لَكُمْ لََا تَنََاصَرُونَ} (8)
23 {وَلََا تَنََابَزُوا بِالْأَلْقََابِ} (9)
24 {وَلََا تَجَسَّسُوا} (10)
25 {لِتَعََارَفُوا} من قوله تعالى: {وَجَعَلْنََاكُمْ شُعُوباً وَقَبََائِلَ لِتَعََارَفُوا} (11)
26 {أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} (12)
__________
(1) سورة النور الآية 15.
(2) سورة النور الآية 54.
(3) سورة الشعراء الآية 45.
(4) سورة الشعراء الآية 221.
(5) سورة الشعراء الآية 222.
(6) سورة الاحزاب الآية 33.
(7) سورة الاحزاب الآية 52.
(8) سورة الصافات الآية 25.
(9) سورة الحجرات الآية 11.
(10) سورة الحجرات الآية 12.
(11) سورة الحجرات الآية 13.
(12) سورة الممتحنة الآية 9.(1/155)
27 {تَكََادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (1)
28 {لَمََا تَخَيَّرُونَ} (2)
29 {عَنْهُ تَلَهََّى} (3)
30 {نََاراً تَلَظََّى} (4)
31 {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلََائِكَةُ} (5)
«قرأ البزي» بخلف عنه بتشديد التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل، اي وصل ما قبل التاء بها، وذلك على ادغام احدى التاءين في الاخرى.
واعلم ان هذا الادغام على ثلاثة احوال:
الاولى: يكون قبل التاء المدغمة متحرك من كل كلمة نحو: «فتفرق بكم» (6)
ومن كلمتين نحو: «ان الذين توفاهم الملائكة» (7)
فهذه لا كلام فيها.
والثانية: يكون قبل التاء المدغمة حرف مد، سواء كان الفا نحو: «ولا تيمموا» (8)
او كان حرف المد ناشئا عن الصلة نحو: «عنه تلهى» (9)
وفي هذه الحالة يكون لحرف المد الاثبات لفظا مع مده مشبعا للساكن الذي بعده.
__________
(1) سورة الملك الآية 8.
(2) سورة القلم الآية 38.
(3) سورة عبس الآية 10.
(4) سورة الليل الآية 14.
(5) سورة القدر الآية 4.
(6) سورة الانعام الآية 153.
(7) سورة النساء الآية 97.
(8) سورة البقرة الآية 267.
(9) سورة عبس الآية 10.(1/156)
والثالثة: يكون قبل التاء المدغمة ساكن غير حرف المد، سواء كان ساكنا صحيحا نحو: «اذ تلقونه» (1)
او تنوينا نحو: «خير من الف شهر تنزل الملائكة» (2)
وفي هذه الحالة يجمع بين الساكنين، اذ الجمع بينهما في ذلك جائز لصحة الرواية، ولا يلتفت لمن قال بعدم جواز الجمع بين الساكنين.
واذا ابتدأ البزي بان تاء المدغمة ابتدأ بتاء واحدة مخففة، وذلك موافقة للرسم، ولعدم جواز الابتداء بالساكن.
والوجه الثاني للبزي يكون بقاء واحدة مخففة، وذلك على حذف احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ «ابو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في «لا تناصرون» (3)
وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في «نارا تلظى» (4)
وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ الباقون الجميع بتاء واحدة مخففة (5).
__________
(1) سورة النور الآية 15.
(2) سورة القدر الآية 4.
(3) سورة الصافات الآية 25.
(4) سورة الليل الآية 14.
(5) قال ابن الجزري: في الوصل تاتيمموا اشدد تلقف تله لا تنازعوا تعارفوا تفرقوا تعاونوا تنابزوا ... وهل تربصون مع تميزوا
تبرج اذ تلقوا التجسسا ... وفتفرق توفي في النسا
تنزل الاربع أن تبدلا ... تخيرون مع تولوا بعد لا
مع هود والنور والامتحان لا ... تكلم البزي تلظى هب غلا
تناصروا ثق هدو في الكل اختلف ... عنه وبعد كنتم ظلتم وصف
وللسكون الصلة امدد والالف انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 439فما بعدها.(1/157)
تنبيه: قال ابن الجزري في النشر: «وقد روى الحافظ «ابو عمرو الداني» في كتابه جامع البيان فقال: حدثني «ابو الفرج» محمد بن عبد الله النجاد المقرئ عن «ابي الفتح» احمد بن عبد العزيز بن بدهن، عن «ابي بكر الزينبي» عن «ابي ربيعة» عن «البزي» عن اصحابه عن «ابن كثير» انه شدد التاء في قوله تعالى في آل عمران {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} (1)
وفي الواقعة: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (2)
قال الداني: وذلك قياس قول «ابي ربيعة» لانه جعل التشديد في الباب مطردا، ولم يحصره بعدد. وكذلك فعل «البزي» في كتابه» اهـ (3)
«نعما» من قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ} (4)
ومن قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ نِعِمََّا يَعِظُكُمْ بِهِ} (5)
قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نعما» في الموضعين بفتح النون وكسر العين، على الاصل، لان الاصل «نعم» مثل:
«شهد».
وقرأ «ورش، وابن كثير، وحفص، ويعقوب» «نعما» بكسر النون والعين، فكسر العين على الاصل، وكسر النون اتباعا لكسره العين، لان العين حرف حلقي يجوز ان يتبعه ما قوله في الحركة مثل: «شهد وشهد» «ولعب ولعب» بفتح الفاء وكسرها، وهي لغة «هذيل».
__________
(1) رقم الآية 143.
(2) رقم الآية 65.
(3) قال ابن الجزري: وبعد كنتم ظلتم وصف.
انظر النشر في القراءات العشر ح 1ص 442.
(4) سورة البقرة الآية 271.
(5) سورة النساء الآية 58.(1/158)
وقرأ «ابو جعفر» «نعما» بكسر النون، واسكان العين، والاصل «نعم» بفتح النون وكسر العين، فكسرت النون اتباعا لكسرة العين، ثم سكنت الميم تخفيفا: وجاز الجمع بين ساكنين لان الساكن الثاني مدغم.
وقرأ «قالون، وابو عمرو، وشعبة» بوجهين:
الاول: كسر النون، واختلاس كسرة العين للتخفيف، وفرارا من الجمع بين ساكنين.
والثاني: كسر النون، واسكان العين كقراءة «ابي جعفر» (1).
ونعم فعل ماض جامد، وفاعل «نعم» مضمر، و «ما» بمعنى «شيئا» في موضع نصب على التفسير وهي المخصوص بالمدح، اي نعم الشيء شيئا، و «هي» خبر مبتدأ محذوف، كأنّ قائلا قال: «ما الشيء الممدوح».
فقيل: هي، اي الممدوحة الصدقة.
ويجوز ان يكون «هي» مبتدأ مؤخرا، ونعم فاعلها الخبر: اي الصدقة نعم الشيء، واستغنى عن ضمير يعود على المبتدأ، لاشتمال الجنس على المبتدأ (2).
قال «ابن يعيش» يعيش بن علي بن يعيش ت 643هـ: (3)
__________
(1) قال ابن الجزري: معا نعما افتح كما شفا وفي أخفاء كسر العين حربا كفى.
وعن أبي جعفر معهم سكنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 443.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 316 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 62106.
(2) انظر: اعراب القرآن للعكبري ح 1ص 115.
ومشكل اعراب القرآن لمكي بن أبي طالب ح 1ص 114.
(3) هو: يعيش بن علي بن يعيش، من كبار النحاة، ولد ومات بحلب، من مصنفاته: شرح المفصل «للزمخشري» وشرح التصريف لابن جني. ت: 643هـ.
انظر: هامش مغني اللبيب ص 447.(1/159)
اعلم ان «نعم، وبئس» فعلان ماضيان، فنعم للمدح العام، وبئس للذم العام، والذي يدل انهما فعلان انك تضمر فيهما، وذلك اذا قلت:
«نعم رجلا زيد» و «نعم غلاما عليك» ولا تضمر الا في الفعل: وربما برز ذلك الضمير واتصل بالفعل على حد اتصاله بالافعال قالوا:
«نعما رجلين، ونعموا رجالا» كما تقول «ضربا وضربوا» حكى ذلك «الكسائي» ت 180هـ (1) عن العرب.
ومن ذلك انه تلحقهما تاء التأنيث الساكنة وصلا، ووقفا كما تلحق الافعال نحو: «نعمت الجارية هند. وبئست الجارية جاريتك».
كما تقول: «قامت هند، وقعدت».
وايضا فان آخرهما مبني على الفتح من غير عارض عرض لهما، كما تكون الافعال الماضية كذلك.
الا انهما لا يتصرفان فلا يكون منهما «مضارع، ولا اسم فاعل».
والعلة في ذلك انهما تضمنا ما ليس لهما في الاصل، وذلك انهما نقلا من الخبر الى نفس المدح والذم، والاصل في افادة المعاني انما هي الحروف، فلما افادت فائدة الحروف خرجت من بابها ومنعت التصرف «كليس وعسى» هذا مذهب البصريين والكسائي من الكوفيين (2).
__________
(1) هو: علي بن حمزة بن عبد الله الاسدي، الكوفي، مقرئ مجوّد، لغوي، نحوي، شاعر، نشأ بالكوفة، واستوطن بغداد، وتعلم على كبر، أخذ اللغة من أعراب الحطيمة الذين كانوا ينزلون بعض قرى بغداد، وروى الحديث، وأخذ عن حمزة الزيات، والرؤاسي، وابن عياش من تصانيفه: المختصر في النحو، كتاب القراءات، معاني القرآن، مقطوع القرآن وموصوله، توفي برنبوية عام 180هـ 796م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 7ص 84.
(2) انظر: شرح المفصل لابن يعيش ح 7ص 127.(1/160)
وذهب سائر الكوفيين الى انهما اسمان مبتدآن، واحتجوا لذلك بمفارقتهما الافعال بعدم التصرف، وانه قد تدخل عليهما حروف الجر وحكوا «ما زيد بنعم الرجل».
وانشدوا لحسان بن ثابت ت هـ 54 (1)
الست بنعم الدار يؤلف بيته ... أخا قلة او معدم المال مصرما
وحكى «الفراء» ت 207هـ ان اعرابيا بشر بمولودة فقيل له:
«نعم المولودة مولودتك» فقال: «والله ما هي بنعم الولادة».
وحكوا: «يا نعم المولى ونعم النصير»، فنداؤهم اياه دليل على انه اسم (2).
والحق ما ذكرناه من انها فعل واما دخول حرف الجر فعلى معنى الحكاية، والمراد: «الست بجار مقول فيه نعم الجار» وكذلك البواقي.
واما النداء فعلى تقدير حذف المنادى، والمعنى: يا من هو نعم المولى ونعم النصير، كما قال سبحانه: الا يا سجدوا لله (3).
والمراد: «الا يا قوم اسجدوا لله» او «يا هؤلاء اسجدوا لله» وفي «نعم» اربع لغات:
1 «نعم» على زنة «حمد» و «علم» وهو الاصل.
__________
(1) هو: حسان بن ثابت بن المنذر بن الخزرجي، الانصاري، الصحابي الجليل، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والاسلام، وكان يقطن المدينة المنورة، وأسلم، وكان من شعراء النبي عليه الصلاة والسلام، له ديوان شعر، توفي بالمدينة عام 54هـ 674م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 3ص 191.
(2) انظر: شرح المفصل ح 7ص 127.
(3) سورة النمل الآية 25.(1/161)
2 «نعم» بكسر النون، والعين.
3 «نعم» بفتح، النون، وسكون العين.
4 «نعم» بكسر النون، وسكون العين.
وليس ذلك شيئا يختص هذين الفعلين، وانما هو عمل في كل ما كان على «فعل» مما عينه حرف حلق (1) اسما كان، او فعلا، نحو: «فخذ، وشهد» فانه يسوغ فيهما، وفي كل ما كان مثلهما اربعة اوجه.
والعلة في ذلك ان حرف الحلق يستثقل اذا كان مستفلا، فلذلك اثروا التخفيف فيه، وكل ما كان اشد تسفلا، كان اكثر استثقالا:
فمن قال: «نعم» بفتح التاء، وكسر العين، فقد اتى بهما على الاصل.
ومن قال «نعم» بكسر الفاء، والعين، اتبع الكسر، لان الخروج من الشيء الى مثله اخف من خروج الى ما يخالفه.
ومن قال: «نعم» بفتح الفاء، وسكون العين، فانه اسكن العين تخفيفا.
ومن قال «نعم» بكسر الفاء، وسكون العين، وهي اللغة الفاشية، فانه اسكن بعد الاتباع (2).
ثم قال «ابن يعيش»: «قد ثبت بما ذكرناه كون «نعم وبئس» فعلين، واذا كانا فعلين فلا بد لكل واحد منهما من فاعل ضرورة انعقاد الكلام، واستقلال الفائدة.
وفاعلاهما على ضربين:
احدهما: ان يكون الفاعل اسما مظهرا فيه «الالف واللام» او مضافا الى ما فيه الالف واللام.
__________
(1) حروف الحلق ستة وهي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء.
(2) انظر: شرح المفصل ح 7ص 129128.(1/162)
والضرب الآخر: ان يكون الفاعل مضمرا فيفسر بنكرة منصوبة:
مثال الاول: «نعم الرجل عبد الله» والمضاف الى ما فيه الالف واللام نحو: «نعم غلام الرجل عمر» فالالف واللام هنا لتعريف الجنس: وليست للعهد، انما هي على حد قولك: «اهلك الناس الدرهم والدينار» ولست تعني واحدا من هذا الجنس بعينه، انما تريد مطلق هذا الجنس نحو قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَفِي خُسْرٍ} (1).
الا ترى انه لو اراد معينا لما جاز الاستثناء منه بقوله: «الا الذين آمنوا» ولو كان للعهد لم يجز وقوعه فاعلا «لنعم» ولو قلت: «نعم الرجل الذي كان عندنا» او «نعم الذي في الدار» لم يجز.
فان قيل: ولم لا يكون الفاعل اذا كان ظاهرا «الا جنسا»؟
قيل: لوجهين:
احدهما: ما يحكى عن «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311هـ:
انهما لما وضعا للمدح العام، والذم العام، جعل فاعلهما عاما، ليطابق معناهما، اذ لو جعل خاصا، لكان نقضا للغرض، لان الفعل اذا اسند الى عام عم، واذا اسند الى خاص خص.
الوجه الثاني: انهم جعلوه جنسا، ليدل ان الممدوح، والمذموم، مستحق المدح، والذم في ذلك الجنس، فاذا قلت: «نعم الرجل زيد» اعلمت ان «زيد» الممدوح في الرجال من اجل الرجولية، وكذلك حكم الذم، واذا قلت: «نعم الظريف زيد» دللت بذكر الظريف ان «زيدا» ممدوح في الظراف، من اجل الظرف.
ولو قلت: «نعم زيد» لم يكن في اللفظ ما يدل على المعنى الذي استحق
__________
(1) سورة العصر الآية 2.(1/163)
به «زيد» المدح، لان لفظ «نعم» لا يختص بنوع من المدح دون نوع، ولفظ «زيد» ايضا لا يدل، اذا كان اسما علما وضع للتفرقة بينه وبين غيره، فاسند الى اسم جنس ليدل انه ممدوح، او مذموم في نوع من الانواع.
والمضاف الى ما فيه الالف واللام بمنزلة ما فيه الالف واللام، يعمل «نعم وبئس» فيه كما يعمل في الاول (1).
والثاني: وهو ما كان فاعله مضمرا قبل الذكر فيفسر بنكرة منصوبة، نحو قولك: «نعم رجلا زيد»، «وبئس غلاما عمرو» ففي كل واحد من «نعم وبئس» فاعل اضمر قبل ان يتقدمه ظاهر، فلزم تفسيره بالنكرة ليكون هذا التفسير في تبنيه بمنزلة تقدم الذكر له، والاصل في كل مضمر ان يكون بعد الذكر، والمضمر هاهنا «الرجل» في «نعم رجلا»، «والغلام» في «بئس غلاما» استغنى عنه بالنكرة المنصوبة التي فسرته، لان كلّ مبهم من الاعداد انما يفسر بالنكرة المنصوبة، ونصب النكرة هنا على التمييز اهـ (2) قال «ابن مالك» ت 672هـ فعلان غير منصرفين ... نعم وبئس رافعان اسمين
ما قارني اول مضافين لما ... قارنها كنعم عقبى الكرما
ويرفعان مضمرا يفسره ... مميز كنعم قوما معشره
ثم قال «ابن يعيش»: «اعلم ان «ما» قد تستعمل نكرة تامة غير موصوفة ولا موصولة على حد دخولها في التعجب نحو: «ما احسن زيدا» والمراد: شيء احسنه، ولذلك من الاستعمال قد يفسر بها المضمر في باب «نعم» كما يفسر بالنكرة المحضة فيقال: «نعم ما زيد» اي نعم الشيء شيئا زيد.
__________
(1) انظر: شرح المفصل ح 7ص 131.
(2) انظر: شرح المفصل ح 7ص 131130.(1/164)
وقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ} (1).
فما هنا بمعنى «شيء» وهي نكرة في موضع نصب على التمييز مبينة الضمير المرتفع بنعم: والتقدير: «نعم شيئا هي» اي «نعم الشيء شيئا هي» فهي ضمير الصدقات، وهو المقصود بالمدح. ومثله قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ نِعِمََّا يَعِظُكُمْ بِهِ} (2) فما في موضع نصب تمييز للمضمر «ويعظكم به»، صفة للمخصوص بالمدح وهو محذوف.
والتقدير: نعم الشيء شيئا يعظكم به، اي نعم الوعظ وعظا يعظكم به وحذف الموصوف اهـ (3)
«ميسرة» من قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ} (4)
قرأ «نافع» «ميسرة» بضم السين، لغة «الحجاز».
وقرأ الباقون «ميسرة» بفتح الميم، لغة باقي العرب» (5).
ومعنى «الى ميسرة»: الى وقت يسر، وسعة في المال (6).
وجاء في «المفردات»: «اليسر»: ضد العسر (7).
قال تعالى: {يُرِيدُ اللََّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلََا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (8).
__________
(1) سورة البقرة الآية 271.
(2) سورة النساء الآية 58.
(3) انظر: شرح المفصل ح (7) ص 134.
(4) سورة البقرة الآية 280.
(5) قال ابن الجزري ميسرة بالضم انصر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 445.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 108.
واتحاف فضلاء البشر ص 166.
(6) انظر: الهادي الى تفسير غريب القرآن ص 45.
(7) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «يسر» ص 551.
(8) سورة البقرة الآية 185.(1/165)
«والميسرة واليسار»: عبارة عن الغني (1).
قال تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ} اهـ.
وجاء في «تاج العروس»: «الميسرة» مثلثة السين: «السهولة، والغنى، والسعة» اهـ (2).
«رضوان» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
{وَأَزْوََاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوََانٌ مِنَ اللََّهِ} (3)
قرأ «شعبة» بضم الراء في جميع الالفاظ التي وقعت في القرآن الكريم، الا قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللََّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوََانَهُ سُبُلَ السَّلََامِ} (4)
فقد قرأه بالضم والكسر جمعا بين اللغتين.
وقرأ الباقون بكسر الراء حيثما وقع ذلك اللفظ (5).
وهما مصدران بمعنى واحد، فالضم نحو: «الشكران» والكسر نحو:
«الحرمان».
قال «الراغب» الرضوان» الرضا الكثير، ولما كان اعظم الرضا رضا الله تعالى خص لفظ «الرضوان» في القرآن بما كان من الله تعالى: قال عز وجل {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً} اهـ (6).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 552.
(2) انظر: تاج العروس مادة «يسر» ح 3ص 626.
(3) سورة آل عمران الآية 15.
(4) سورة المائدة الآية 16.
(5) قال ابن الجزري: رضوان ضم الكسر صف وذو السبل خلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 4.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 337.
واتحاف فضلاء البشر ص 172.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 116.
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 197.(1/166)
«وكأين» من قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (1)
ومن قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهََا} (2)
قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «وكائن» بألف ممدودة بعد الكاف، في جميع القرآن وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه.
الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط والقصر.
وقرأ الباقون «وكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف، وبعدها ياء مكسورة مشددة.
وهما لغتان بمعنى كثير (3).
واعلم ان «كأي» اسم مركب من «كاف» التشبيه، «وأي» المنونة، ولذلك جاز الوقف عليها بالنون (4) لان التنوين لما دخل في التركيب اشبه النون الاصلية، ولهذه رسم في المصحف نونا هكذا: «كأين» ووقف عليها «ابو عمرو، ويعقوب» بحذف التنوين، اي على الياء هكذا «كأي»، وذلك للتنبيه على الاصل، وهو ان الكلمة مركبة من كاف التشبيه، «وأي» المنونة. ومعلوم ان التنوين يحذف وقفا (5).
__________
(1) سورة آل عمران الآية 146.
(2) سورة الطلاق الآية 8.
(3) قال ابن الجزري: كائن في كأين ثل دم.
وقال: وفي كائن واسرائيل ثبت.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 13.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 116.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 137.
واتحاف فضلاء البشر ص 179.
(4) وقف القراء العشرة عدا «أبي عمرو، ويعقوب» على النون تبعا للرسم.
(5) قال ابن الجزري: كأين النون وبالياء حما.(1/167)
فائدة مهمة: اعلم ان «كأي» توافق «كم» في خمسة امور وهي:
الابهام، والافتقار الى التمييز، والبناء ولزوم التصدير، وافادة التكثير في الغالب نحو قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (1)
وتخالفها في خمسة امور هي:
الاول: ان «كأي» مركبة، وكم بسيطة على الصحيح.
والثاني: ان مميز «كأي» مجرور بمن غالبا، نحو قوله تعالى:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} (2) وقوله:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (3) وقوله:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لََا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللََّهُ يَرْزُقُهََا وَإِيََّاكُمْ} (4).
والثالث: ان «كأي» لا تقع استفهامية عند جمهور النحاة.
والرابع انها لا تقع مجرورة خلافا لابن قتيبة وابن عصفور حيث جاز نحو: «بكأي تبيع هذا الثوب».
والخامس: ان خبرها لا يقع مفردا (5).
«الرعب» حيث جاء معرفا، ومنكرا، نحو قوله تعالى:
{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} (6)
ونحو قوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرََاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} (7)
__________
(1) سورة آل عمران الآية 146.
(2) سورة آل عمران الآية 146.
(3) سورة يوسف الآية 105.
(4) سورة العنكبوت الآية 60.
(5) انظر: مغني اللبيب ص 247246.
(6) سورة آل عمران الآية 151.
(7) سورة الكهف الآية 18.(1/168)
ونحو قوله تعالى: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} (1).
وقرأ «ابن عامر، والكسائي، وابو جعفر، ويعقوب» «الرعب، رعب» حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان معرفا، او منكرا بضم العين.
وقرأ الباقون باسكان العين (2).
وهما لغتان فاشيتان مثل: «السحت» باسكان العين، وبضمها.
وهما مصدران بمعنى واحد.
قال «الراغب»: «الرعب: الانقطاع من امتلاء الخوف» اهـ (3).
وقيل: الاصل السكون، وضمت العين اتباعا لضمة الراء، مثل:
«واليسر والعسر» بسكون السين وضمها.
وقيل الاصل ضم العين وسكنت تخفيفا، مثل: «الرسل» بضم السين، وسكونها (4).
«فلأمه» من قوله تعالى: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (5)
ومن قوله تعالى: {فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (6)
«في أم» من قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتََابِ} (7)
__________
(1) سورة الحشر الآية 2.
(2) قال ابن الجزري: رعب الرعب رم كم ثوى انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 407.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 360.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 138.
واتحاف فضلاء البشر ص 180.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 197.
(4) انظر المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية ص 76.
(5) سورة النساء الآية 11.
(6) سورة النساء الآية 11.
(7) سورة الزخرف الآية 4.(1/169)
«في امها» من قوله تعالى: {حَتََّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهََا رَسُولًا} (1)
قرأ «حمزة، والكسائي» هذه الالفاظ الثلاثة المتقدمة بكسر الهمزة وصلا، اي وصل ما قبل الهمزة بها، وذلك لمناسبة الكسرة التي قبل الهمزة، واذا ابتدأ بالهمزة فانهما يبدءان بهمزة مضمومة على الاصل.
وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بضم الهمزة في الحالين: أي وصلا وبدءا والكسر والضم لغتان صحيحتان (2).
واما اذا اضيف لفظ «ام» الى جمع وكان قبله كسر، وذلك في اربعة مواضع وهن:
1 «امهاتكم» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ} (3)
2 - ومن قوله تعالى: {أَوْ بُيُوتِ أُمَّهََاتِكُمْ} (4)
3 - ومن قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ} (5)
4 - ومن قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ} (6)
فقد قرأ «حمزة» بكسر الهمزة والميم حالة وصل «امهاتكم» بالكلمة التي قبلها، فالكسر الذي في الهمزة لمناسبة الكسر الذي قبلها، والكسر في الميم اتباعا لكسر الهمزة.
وقرأ «الكسائي» بكسر الهمزة فقط حالة وصل «امهاتكم» بالكلمة التي قبلها، وذلك لمناسبة الكسر الذي قبلها.
__________
(1) سورة القصص الآية 59.
(2) قال ابن الجزري: لأمه في أم أمها كسر ضما لدى الوصل رضى.
(3) سورة النحل الآية 78.
(4) سورة النور الآية 61.
(5) سورة الزمر الآية 6.
(6) سورة النجم الآية 32.(1/170)
واذا ابتدأ كل من «حمزة، او الكسائي» «بامهاتكم» فانه يقرأ بهمزة مضمومة، وميم مفتوحة، على الاصل.
وقرأ الباقون الالفاظ الاربعة بضم الهمزة وفتح الميم في الحالين، اي وصلا وبدءا، وذلك على الاصل، وكلها لغات (1).
«واللذان» من قوله تعالى: {وَالَّذََانِ يَأْتِيََانِهََا مِنْكُمْ فَآذُوهُمََا} (2).
«هذان» من قوله تعالى: {هََذََانِ خَصْمََانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (3)
«هاتين» من قوله تعالى: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هََاتَيْنِ} (4)
«فذانك» من قوله تعالى: {فَذََانِكَ بُرْهََانََانِ مِنْ رَبِّكَ} (5)
«الذين» من قوله تعالى: {رَبَّنََا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلََّانََا} (6).
قرأ ابن كثير بتشديد النون في المواضع الخمسة مع المد المشبع للساكنين، والتشديد على جعل احدى النونين عوضا عن الياء المحذوفة، وذلك لأن «الذي» مثل «القاضي» تثبت ياؤه في التثنية، فكان حق الياء «الذي» ان تبقى كذلك في التثنية، الا انهم حذفوها من المثنى وعوضوا عنها النون المدغمة، وهذا التوجيه يتحقق في لفظ «الذين».
او نقول ان التشديد في النون فيكون عوضا عن الحذف الذي دخل هذه
__________
(1) قال ابن الجزري: لأمه في أم أمها كسر ضما لدى الوصل رضى كذا الزمر والنحل نور النجم والميم تبع فاش.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 2625.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 379.
(2) سورة النساء الآية 16.
(3) سورة الحج الآية 19.
(4) سورة القصص الآية 27.
(5) سورة القصص الآية 32.
(6) سورة فصلت الآية 29.(1/171)
الاسماء المبهمة في التثنية، لانه قد حذف الف منها لالتقاء الساكنين، وهي الالف التي كانت في آخر المفرد والف التثنية، فجعل التشديد في نون المثنى عوضا عن الالف المحذوفة، وهذا التوجيه يتحقق في الالفاظ الآتية:
«هاذان. اللذان. فذانك».
وأما «هاتين» فتشديد النون فيها على اصل التشديد في «هاتان» حالة الرفع، واجرى الجر مجرى الرفع طردا للباب على وتيرة واحدة.
وقرأ «ابو عمرو، ورويس» بتشديد النون مع المد المشبع مثل: «ابن كثير» في لفظ «فذانك» فقط.
وبتخفيف النون مع القصر في الالفاظ الاربعة الباقية اما التشديد فقد سبق توجيهه، واما التخفيف فعلى الاصل في التثنية.
وقرأ الباقون الالفاظ الخمسة بتخفيف النون مع القصر (1) والتشديد، والتخفيف لغتان.
«كرها» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسََاءَ كَرْهاً} (2)
ومن قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} (3)
ومن قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ إِحْسََاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً} (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: وفي لذان وذان ولذين تين شد مك.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 26.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 381.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 153.
(2) سورة النساء الآية 19.
(3) سورة التوبة الآية 53.
(4) سورة الاحقاف الآية 15.(1/172)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كرها» في المواضع الثلاثة بضم الكاف.
وقرأ «ابن ذكوان، وعاصم، ويعقوب، وهشام بخلف عنه» بضم الكاف في موضع الاحقاف، وبفتحها في موضعي النساء والتوبة.
وقرأ الباقون بفتح الكاف في المواضع الثلاثة (1).
قال «الاخفش الاوسط»: هما لغتان بمعنى المشقة، والاجبار. اهـ.
وقال «ابو عمرو بن العلاء»: الكره بالضم كل شيء يكره فعله، وبالفتح:
ما استكره عليه» اهـ (2).
وقال الراغب الاصفهاني: قيل الكره بالفتح والضم واحد، نحو الضعف، والضعف، وقيل: بالفتح المشقة التي تنال الانسان من خارج فيما يحمل عليه باكراه، وبالضم ما يناله من ذاته وهو يعافه» اهـ (3).
«بالبخل» من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مََا آتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (4)
ومن قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بالبخل» في الموضعين بفتح الباء والخاء.
__________
(1) قال ابن الجزري: كرها معا ضم شفا الاحقاف كفى ظيرا من له خلاف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 27.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 233.
واتحاف فضلاء البشر ص 188.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 382.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 429.
(4) سورة النساء الآية 37.
(5) سورة الحديد الآية 23.(1/173)
وقرأ الباقون بضم الباء، وسكون الخاء.
وهما لغتان في مصدر «بخل» مثل: «الحزن، والحزن»، «والعرب والعرب» (1).
قال «الراغب» البخل امساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بخل فهو باخل، واما البخيل فالذي يكثر منه البخل.
ثم قال: «والبخل ضربان: بخل بقنيات نفسه، وبخل بقنيات غيره، وهو اكثرهما ذما، دليلنا على ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ} اهـ (2).
«الدرك» من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنََافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النََّارِ} (3)
وقرأ «عاصم، وحمزة والكسائي، وخلف العاشر».
«الدرك» باسكان الراء.
وقرأ الباقون «الدرك» بفتح الراء، والقراءتان لغتان بمعنى واحد مثل:
«القدر، والقدر»، «السمع والسمع».
والدرك: هو المكان (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: والبخل ضم اسكن معا كم نل سما.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 30.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 389.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 158.
واتحاف فضلاء البشر ص 190.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 38.
(3) سورة النساء الآية 145.
(4) فقال ابن الجزري: والدرك سكن كفى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 37.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 401.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 174.(1/174)
قال «ابن عباس» رضي الله عنهما» «ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار» اي في اسفل النار.
وقال «سفيان الثوري» رحمه الله تعالى: «في توابيت ترتج عليهم» (1).
«شنآن» من قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (2)
ومن قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى ََ أَلََّا تَعْدِلُوا} (3)
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وابن وردان، وابن جماز بخلف عنه» «شنآن» في الموضعين باسكان النون، على انه صفة، مثل: «عطشان، وسكران».
وقيل: انه مصدر «شنا» والتسكين للتخفيف نظرا لكثرة الحركات وقرأ الباقون «شنآن» بفتح النون، وهو الوجه الثاني «لابن جماز» وهو مصدر «شنا»، مثل «الطيران» والشنآن، معناه: «البغض» (4)
جاء في «تاج العروس»: «شنأه» كمنعه، وسمعه، الاولى عن «ثعلب» ت 291 «يشنؤه» فيهما: «ابغضه»، وبه فسره «الجوهري، والفيومي، وابن القوطية، وابن القطاع، وابن سيده، وابن فارس، وغيرهم».
وقال «بعضهم»: اشتد بغضه اياه.
__________
(1) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 1ص 451.
(2) سورة المائدة الآية 2.
(3) سورة المائدة الآية 8.
(4) قال ابن الجزري: سكن معا شنآن كم صح خفا: ذا الخلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 39.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 404.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 179.
املاء ما من به الرحمن ج 1ص 179.
املاء ما من به الرحمن ج 1ص 206.
مشكل اعراب القرآن ج 1ص 219.(1/175)
والمصدر: «شنا» بتثليث فائه، فالفتح عن «ابي عبيدة» والضم، والكسر عن «ابي عمرو الشيباني».
«وشنأة» كحمزة «ومشنأة» بالفتح مقيس «ومشنأة» بكسر الميم كقبرة مسموع «وشان» بالتسكين، «وشنآن» بالتحريك، فهذه ثمانية مصادر ذكرها المصنف.
وزيد «شناءة» ككراهة، قال «الجوهري» وهو كثير في المكسور.
«وشنأ» محركة، «ومشنأ» كمقعد، ذكرهما «ابو اسحاق إبراهيم بن محمد الصفاقسي» في اعراب القرآن، ونقل عنه الشيخ «يس الحمصي» في حاشية «التصريح» «ومشنئة» بكسر النون «وشنان» بحذف الهمزة، حكاه «الجوهري» عن «ابي عبيدة» وانشد للأحوص:
وما العيش الا ما تلذ وتشتهي ... وان لام فيه ذو الشنان وفندا
فهذه خمسة صار المجموع ثلاثة عشر مصدرا.
وزاد «الجوهري» «شناء» كسحاب، فصار اربعة عشر بذلك.
واستقصى ذلك «ابو القاسم بن القطاع» في تصريفه فقال في آخره: واكثر ما وقع من المصادر للفعل الواحد اربعة عشر مصدرا، نحو «شنئت شنا».
ثم قال: وقرئ قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} بفتح النون، وبتسكينها، فمن سكن فقد يكون مصدرا، ويكون صفة، «كسكران» اي مبغض قوم، وهو شاذ في اللفظ لانه لم يجئ من المصادر عليه، ومن فتح النون فانما هو شاذ في المعنى، لان «فعلان» انما هو من بناء ما كان معناه الحركة، والاضطراب، «كالضربان، والخفقان» اهـ (1).
واقول ردا على صاحب التاج:
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «شنأ» ج 1ص 81.(1/176)
قوله: وهو شاذ في اللفظ لانه لم يجئ من المصادر عليه الخ اقول: وان لم يسمع عن العرب كما قال الا انه جاء به «القرآن الكريم» الذي هو تنزيل من رب العالمين، ونطق به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم الذي يعتبر افصح العرب على الاطلاق، وبعد مجيء «القرآن» به، لا ينبغي لاحد القول بالشذوذ، والله اعلم.
«اجل» من قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذََلِكَ كَتَبْنََا عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسََادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمََا قَتَلَ النََّاسَ جَمِيعاً} (1)
قرأ «ابو جعفر» «اجل» بكسر الهمزة، ونقل حركتها الى النون التي قبلها، واذا وقف على «من» وابتدأ «باجل» ابتدأ بهمزة قطع مكسورة، ومعنى «من اجل ذلك»: اي من جناية ذلك.
وقرأ الباقون «اجل» بهمزة مفتوحة، ومعنى «من اجل ذلك»: اي من جر ذلك، وجريرته، وجنايته.
من هذا يتبين ان الكسر والفتح في همزة «اجل» لغتان، الا ان الكسر بمعنى «جناية» والفتح بمعنى «جر وسبب» وهما متقاربان في المعنى (2).
جاء في المفردات: «الاجل» بسكون الجيم: الجناية التي يخاف منها آجلا، فكل «اجل» جناية، وليس كل جناية «اجلا».
يقال فعلت كذا من اجله، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذََلِكَ كَتَبْنََا عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ}: اي من جراء ذلك، وقرئ «من اجل» بكسر الهمزة، أي من جناية ذلك.
ويقال: «اجل» بفتح الجيم: في تحقيق خبر سمعته.
__________
(1) سورة المائدة الآية 32.
(2) قال ابن الجزري: من أجل كسر الهمز والنقل شنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 40.
والمهذب في القراءات العشر ج 3ص 185.(1/177)
وبلوغ الاجل في قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلََا تَعْضُلُوهُنَّ} (1) إشارة الى حين انقضاء العدة» اهـ (2).
وجاء في «تاج العروس»: «اجل، بالكسر، والفتح، لغتان، وقد يعدى بغير «من» كقول عدي بن زيد: «اجل ان الله قد فضلكم» اهـ (3).
«رسلنا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُنََا بِالْبَيِّنََاتِ} (4)
«رسلهم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنََاتِ} (5)
«رسلكم» من قوله تعالى: {قََالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنََاتِ} (6)
قرأ «ابو عمرو» هذه الالفاظ: «رسلنا، رسلهم، رسلكم» حيثما وقعت في القرآن الكريم باسكان السين.
وقرأ الباقون هذه الالفاظ بضم السين (7).
والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين» اهـ جاء في «المفردات»: «اصل الرسل» بكسر الراء، وسكون السين:
الانبعاث على التؤدة.
__________
(1) سورة البقرة الآية 231.
(2) انظر: المفردات مادة «أجل» ص 12.
(3) انظر: تاج العروس مادة «أجل» ج 7ص 204.
(4) سورة المائدة الآية 32.
(5) سورة الأعراف الآية 101.
(6) سورة غافر الآية 50.
(7) قال ابن الجزري: ورسلنا مع هم وكم وسبلنا حز.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.(1/178)
ويقال: ناقة رسلة: سهلة السير، وابل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا.
وتصور منه تارة «الرفق» فقيل: على رسلك، اذا امرته بالرفق، وتارة «الانبعاث» فاشتق منه «الرسول».
والرسول يقال للواحد والجمع.
وجمع الرسول «رسل»، ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الانبياء:
فمن الملائكة قوله تعالى: {وَلَقَدْ جََاءَتْ رُسُلُنََا إِبْرََاهِيمَ بِالْبُشْرى ََ} (1).
ومن الانبياء قوله تعالى: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (2) اهـ (3).
وجاء في «تاج العروس»: «الرسول» معناه في اللغة: الذي يتابع اخبار الذي بعثه، اخذا من قولهم: جاء رسلا، اي متتابعة.
والجمع «ارسل» بضم السين، قال «الكسائي»: سمعت فصيحا من الاعراب يقول: جاءتنا ارسل السلطان.
«ورسل» بضمتين، ويخفف اي بتسكين السين، كصبور، وسبر.
«ورسلاء» وهذه عن «ابن الاعرابي، ونسبها الصاغاني «للفراء» اهـ (4).
«للسحت» من قوله تعالى: {سَمََّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكََّالُونَ لِلسُّحْتِ} (5)
«السحت» من قوله تعالى: {وَتَرى ََ كَثِيراً مِنْهُمْ يُسََارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} (6)
__________
(1) سورة هود الآية 69.
(2) سورة آل عمران الآية 144.
(3) انظر: المفردات مادة «رسل» ص 195.
(4) تاج العروس مادة «رسل» ج 7ص 344.
(5) سورة المائدة الآية 42.
(6) سورة المائدة الآية 62.(1/179)
ومن قوله تعالى: {لَوْلََا يَنْهََاهُمُ الرَّبََّانِيُّونَ وَالْأَحْبََارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} (1)
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة» «للسحت، السحت» باسكان الحاء.
وقرأ الباقون بضم الحاء (2).
والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب» «السحت القشر الذي يستأصل، والسحت يقال للمحظور الذي يلزم صاحبه العار، كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: {أَكََّالُونَ لِلسُّحْتِ} اي لما يسحت دينهم اهـ (3).
جاء في «تاج العروس»: «السحت» بضم السين وسكون الحاء، وبضمها معا وقرئ بهما قوله تعالى: «اكالون للسحت»: وهو الحرام الذي لا يحل كسبه، لانه يسحت البركة اي يذهبها.
«والسحت»: كل حرام قبيح الذكر، او ما خبث من المكاسب وحرم، فلزم عنه العار، وقبيح الذكر، كثمن الكلب، والخمر، والخنزير، والجمع، «اسحات» «كقفل، واقفال» اهـ (4).
«الأذن» من قوله تعالى: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} (5).
__________
(1) سورة المائدة الآية 63.
(2) قال ابن الجزري: والسحت ابل نل فتى كسا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 225.
(4) انظر: تاج العروس مادة «سحت» ج 1ص 551.
(5) سورة المائدة الآية 45.(1/180)
«الاذن» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} (1)
«اذنيه» من قوله تعالى: {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً} (2).
قرأ «نافع» هذه الالفاظ حيثما وقعت: «الاذن، اذن، اذنيه» باسكان الذال.
وقرأ الباقون بضم الذال (3).
والاسكان، والضم لغتان: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». اهـ.
«يرتد» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللََّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (4)
قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «يرتدد» بدالين: الاولى مكسورة، والثانية ساكنة مع فك الادغام، وذلك لان حكم الفعل المضعف الثلاثي اذا دخل عليه الجازم جاز فيه الادغام وفكه، نحو: لم يرد بالادغام، ولم يردد بفك الادغام (5).
والادغام لغة تميم، وفك الادغام لغة اهل الحجاز.
__________
(1) سورة التوبة الآية 61.
(2) سورة لقمان الآية 7.
(3) قال ابن الجزري: والاذن أذن اتل.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(4) سورة المائدة الآية 54.
(5) قال ابن مالك: وفي جزم وشبه الجزم تخيير قفي.(1/181)
وقرأ الباقون «يرتد» بدال واحدة مفتوحة مشددة وذلك على الادغام (1).
تنبيه: كلمة «يرتد» رسمت في مصاحف اهل المدينة، والشام، هكذا «يرتدد» بدالين تمشيا مع قراءتهم.
ورسمت في بقية المصاحف هكذا «يرتد» بدال واحدة تمشيا مع قراءتهم (2) اهـ.
جاء في «المفردات»: «الرد»: صرف الشيء بذاته، او بحالة من احواله، يقال: «رددته فارتد»:
فمن الرد بالذات قوله تعالى: {فَرَدَدْنََاهُ إِلى ََ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهََا وَلََا تَحْزَنَ} (3).
ومن الرد الى حالة كان عليها قوله تعالى: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلََا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (4) اي لا دافع، ولا مانع له.
«والارتداد، والردة»: الرجوع في الطريق الذي جاء منه، لكن الردة تختص بالكفر، قال تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} (5)
وهو الرجوع من الاسلام الى الكفر.
«والارتداد» يستعمل في الكفر، وفي غيره، قال تعالى:
{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كََافِرٌ} (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: وعم يرتدد.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 42.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 412.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 190.
(2) قال ابن عاشر: والمدنيان وشام يرتدد.
(3) سورة القصص الآية 13.
(4) سورة يونس الآية 107.
(5) سورة المائدة الآية 54.
(6) سورة البقرة الآية 217.(1/182)
وقال تعالى: {فَارْتَدََّا عَلى ََ آثََارِهِمََا قَصَصاً} (1).
ويقال: رددت الحكم في كذا الى فلان: فوضته اليه.
قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى ََ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (2) اهـ (3).
«الغيوب» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى:
{إِنَّكَ أَنْتَ عَلََّامُ الْغُيُوبِ} (4).
قرأ «شعبة، وحمزة» «الغيوب» حيثما وقع في القرآن الكريم بكسر «الغين» وذلك لمجانسة الياء.
وقرأ الباقون بضمها على الاصل (5).
من هذا يتبين ان الكسر، والضم لغتان اهـ.
جاء في «المفردات»: «الغيب»: مصدر غابت الشمس، وغيرها: اذا استترت على العين.
واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وعما يغيب عن علم الانسان، بمعنى الغائب، قال تعالى: {وَمََا مِنْ غََائِبَةٍ فِي السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ} (6).
__________
(1) سورة الكهف الآية 64.
(2) سورة النساء الآية 83.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «رد» ص 193192.
(4) سورة المائدة الآية 109.
(5) قال ابن الجزري: بيوت كيف جا بكسر الضم الى قوله: غيوب صون فم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 198.
واتحاف فضلاء البشر ص 155.
(6) سورة النمل الآية 75.(1/183)
ويقال للشيء: غيب، وغائب، باعتباره بالناس، لا بالله تعالى فانه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض (1).
وقوله تعالى: {عََالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ} (2) اي ما يغيب عنكم وما تشهدونه.
والغيب في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (3) ما لا يقع تحت الحواس، ولا تقتضيه بداية العقول. «وانما يعلم بخبر الانبياء عليهم السلام» اهـ (4).
وجاء في «تاج العروس»: «الغيب»: كل ما غاب عنك، كأنه مصدر بمعنى الفاعل.
«والغيب» ايضا: ما غاب عن العيون، وان كان محصلا في القلوب، ويقال: سمعت صوتا من وراء الغيب، اي من موضع لا اراه، «والغيب» جمعه «غيوب» اهـ (5).
«بالغداة» من قوله تعالى: {وَلََا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (6).
ومن قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (7).
__________
(1) انظر: المفردات مادة «غيب» ص 366.
(2) سورة الزمر الآية 46.
(3) سورة البقرة الآية 3.
(4) انظر: المفردات مادة «غيب» ص 367.
(5) انظر: تاج العروس مادة «غيب» ج 1ص 416.
(6) سورة الأنعام الآية 52.
(7) سورة الكهف الآية 28.(1/184)
قرأ «ابن عامر» «بالغدوة» في الموضعين، أي بضم الغين واسكان الدال، وبعدها واو مفتوحة.
وقرأ الباقون «بالغداة» اي بفتح الغين والدال، والف بعدها (1).
التوجيه: قال «الراغب» في مادة «غدا»: الغدوة، والغداة من اول النهار، وقوبل «الغداة» بالعشي، قال تعالى: «بالغداة والعشي» اهـ (2). من هذا يتبين ان «الغدوة، والغداة» لغتان بمعنى واحد، وهو انهما ظرف لاول النهار.
وقال صاحب الكشف: «وحجة من قرأ بالف ان «غداة» في كلام العرب نكرة، وادخل عليها الالف واللام للتعريف، و «غدوة» اكثر ما تستعمل معرفة بغير الف ولام
ثم قال: «وحجة من قرأ بضم الغين ان بعض العرب ينكر «غدوة» فيصرفها في النكرة، فلما وجدها تنكر ادخل عليها الالف واللام للتعريف اتباعا للخط» اهـ (3).
«ثمره» من قوله تعالى: {انْظُرُوا إِلى ََ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} (4).
ومن قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ} (5)
ومن قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمََا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ}. (6)
__________
(1) قال ابن الجزري: غدوة في غداة كالكهف كتم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 51.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 208، 397.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 358.
(3) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 432.
(4) سورة الأنعام الآية 99.
(5) سورة الأنعام الآية 141.
(6) سورة يس الآية 35.(1/185)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ثمره» في المواضع الثلاثة بضم الثاء، والميم على انه جمع «ثمرة» مثل: «خشبة وخشب» او على انه جمع «ثمار» مثل «حمار وحمر» و «ثمار» جمع «ثمرة» وحينئذ يكون جمع الجمع.
وقرأ الباقون «ثمره» في المواضع الثلاثة ايضا بفتح الثاء، والميم على انه جمع ثمرة مثل: «بقرة وبقر» وحينئذ يكون اسم جنس جمعي، واسم الجنس الجمعي: هو ما يدل على اكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء، نحو: شجرة، وشجر، وبقرة، وبقر، وكلمة وكلم (1).
تنبيه: سيأتي حكم قوله تعالى: {وَكََانَ لَهُ ثَمَرٌ}.
وقوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} في سورة الكهف ان شاء الله تعالى.
«الثمر»: اسم لكل ما يتطعم من اعمال الشجر.
والواحدة «ثمرة»، والجمع: «ثمار، وثمرات» قال تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ} (2).
وقال تعالى: {انْظُرُوا إِلى ََ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} (3).
«والثمر» قيل: هو «الثمار» وقيل: هو جمعه.
__________
(1) قال ابن الجزري: وفي ضمى ثمر شفا كيس.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 5857.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 443.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 219، ج 2ص 166.
(2) سورة البقرة الآية 22.
(3) سورة الانعام الآية 99.(1/186)
ويقال لكل نفع يصدر عن شيء ثمرته، كقولك: ثمرة العلم العمل الصالح» (1).
وجاء في «التاج»: «الثمر» محركة اي بفتح الميم: حمل الشجر.
قال «ابن الاثير» ت 606هـ (2).
«الثمر» هو الرطب في رأس النخلة، فاذا كبر فهو «التمر» بالتاء المثناة، ويقع «الثمر» على كل الثمار، ويغلب على ثمر النخل» اهـ.
يقول «الزبيدي» صاحب التاج: قال شيخنا: واخذه «ملا علي» في قاموسه بتصريف يسير، وقد انتقدوه في قوله: ويغلب على ثمر النخل، فانه قائل بهذه الغلبة، بل عرف اللغة ان ثمر النخل انما يقال بالفوقية عند التجرد، كما يقال: العنب مثلا، والرمان، ونحو ذلك، وانما يطلق على النخل مضافا كثمر النخل مثلا» اهـ (3).
ومن المجاز «الثمر» انواع المال المثمر.
والواحدة «ثمرة» بفتح الثاء والميم، «وثمرة» بفتح الثاء، وسكون الميم «كسمرة».
وجمع «ثمر» «ثمار» مثل: «جبل وجبال» وجمع الجمع «ثمر» بضم الثاء والميم، مثل «كتاب، وكتب» وجمع جمع الجمع «اثمار».
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ثمر» ص 81.
(2) هو المبارك بن محمد بن عبد الكريم الشيباني المعروف بابن الاثير الجزري، «مجد الدين أبو السعادات» ولد بجزيرة «ابن عمر» ونشأ بها، ثم انتقل الى الموصل، وكتب لامرائها، كان عالما، أديبا، ناثرا، مشارك في تفسير القرآن، والنحو، واللغة، والحديث، والفقه، وغير ذلك، من تصانيفه: النهاية في غريب الحديث، جامع الاصول في أحاديث الرسول، والبديع في شرح الفصول لابن الدهان في النحو، توفي بالموصل أول ذي الحجة عام 606هـ 1210م:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 8ص 174.
(3) انظر تاج العروس مادة «ثمر» ج 3ص 77.(1/187)
ويقول صاحب التاج قال شيخنا: «هذا اللفظ في مراتب جمعه من غرائب الاشباه، والنظائر، قال «ابن هشام» في شرح «الكعبية»:
ولا نظير لهذا اللفظ في هذا الترتيب في الجموع غير «الاكم» فانه مثله، لان المفرد «اكمة» محركة، وجمعه «اكم» محركة، وجمع «الاكم» «آكام» «كثمرة» «وثمر» بفتح الثاء والميم «وثمار» وجمع «الإكام» بالكسر «اكم» بضمتين. كما قيل: «ثمار» «وثمر» بضم الثاء والميم. «ككتاب وكتب» وجمع «الاكم» بضمتين «آكام» بهمزة ممدودة «كثمر» بضم الثاء، والميم، «واثمار» ونظيره «عنق، واعناق» وجمع «اثمار» «اثامير» اهـ (1).
«عدوا» من قوله تعالى: {وَلََا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (2).
قرأ «يعقوب» «عدوا» بضم العين، والدال، وتشديد الواو، مثل «علوا» على وزن «فعول» فادغمت الواو المدية في الواو التي هي لام الكلمة.
وقرأ الباقون «عدوا» بفتح العين، واسكان الدال، وتخفيف الواو، على وزن «فعل» (3).
والقراءتان لغتان في المصدر بمعنى واحد، وهو: الاعتداء بغير علم.
قال «الراغب» في مادة «عدا»: العدو التجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة، والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له العدو، وتارة
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «ثمر» ج 3ص 77.
(2) سورة الأنعام الآية 108.
(3) قال ابن الجزري: والحضرمي عدو عدوا كعلوا فاعلم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 58.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 220.(1/188)
في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو، قال تعالى:
{فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} اهـ (1).
وقال «الزبيدى»: «عدا عليه» «عدوا» بفتح العين، وسكون الدال، «وعدوا» بضم العين، والدال، «وعداء» بفتح العين، والدال، «كسحاب» «وعدوانا» بضم العين، وكسرها مع اسكان الدال: ظلمه ظلما جاوز فيه القدر» اهـ (2).
قال «الطبري» ت 310هـ:
حدثنا «محمد بن الحسين»، قال: ثنا «احمد بن المفضل»، قال: ثنا «اسباط» عن «السدي» ت 127هـ (3).
في تفسير قوله تعالى: {وَلََا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
قال: لما حضر «أبا طالب» الموت، قالت قريش: انطلقوا بنا، فلندخل على هذا الرجل فلنأمره ان ينهى عنا ابن اخيه، فانا نستحي ان نقتله بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعه، فلما مات قتلوه، فانطلق «ابو سفيان، وابو جهل، والنضر بن الحرث، وامية، وابي ابنا خلف، وعقبة بن ابي معيط، وعمرو بن العاص، والاسود بن البختري» (4)، وبعثوا رجلا منهم يقال له «المطلب» قالوا: استأذن على «ابي طالب» فأتى أبا طالب فقال:
هؤلاء مشيخة قومك، يريدون الدخول عليك، فأذن لهم، فدخلوا عليه،
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 326.
(2) انظر: تاج العروس مادة «عدو» ج 10ص 235.
(3) هو: اسماعيل بن عبد الرحمن السدي بتشديد السين المضمومة، وتشديد الدال المكسورة، الكبير القرشي «أبو محمد» سكن الكوفة، من علماء التفسير، وله مصنف في التفسير، توفي عام 127هـ 745م: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 2ص 276.
(4) البختري: بفتح الباء، وبالخاء المعجمة، وبالياء المشددة.(1/189)
فقالوا: يا أبا طالب انت كبيرنا، وسيدنا، وان «محمدا» قد آذانا، وآذى آلهتنا، فنحب ان تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه والهه، فدعاه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له «ابو طالب» هؤلاء قومك، وبنو عمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تريدون؟.
قالوا نريد ان تدعنا وآلهتنا، وندعك وإلهك، قال له «ابو طالب»: قد انصفك قومك فاقبل منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم ان اعطيتكم هذا هل انتم معطي كلمة ان تكلمتم بها ملكتم العرب، ودانت لكم بها العجم بالخراج»؟
قال «ابو جهل»: نعم وابيك لنعطينكها وعشر امثالها فما هي؟
قال: قولوا: «لا اله الا الله».
فأبوا، واشمأزوا، قال «ابو طالب» يا ابن اخي قل غيرها، فان قومك قد فزعوا منها.
قال: «يا عم ما انا بالذي اقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي، ولو اتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها» إرادة ان يؤيسهم، فغضبوا وقالوا: لتكفن عن شتمك آلهتنا، او لنشتمك، ولنشتمن من يأمرك.
فذلك قوله تعالى: {فَيَسُبُّوا اللََّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} اهـ (1).
«اضطررتم» من قوله تعالى: {إِلََّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (2)
__________
(1) انظر تفسير الطبري ج 7ص 310309.
النشر في القراءات العشر ج 2ص 426.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 223.
واتحاف فضلاء البشر ص 153.
(2) سورة الأنعام الآية 119.(1/190)
قرأ «ابن وردان» بخلف عنه «اضطررتم» بكسر الطاء، وذلك لمجانسة الراء.
وقرأ الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني «لابن وردان» وذلك على الاصل (1).
من هذا يتبين ان كسر الطاء وضمها لغتان.
«ضيقا» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً} (2)
ومن قوله تعالى: {وَإِذََا أُلْقُوا مِنْهََا مَكََاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ}. (3)
قرأ «ابن كثير» «ضيقا» في السورتين بسكون الياء مخففة.
وقرأ الباقون «ضيقا» في الموضعين بكسر الياء مشددة.
والتخفيف والتشديد لغتان بمعنى واحد مثل: «ميت ميت» مخففا ومشددا، والضيق ضد السعة، اهـ (4).
جاء في «التاج»: «ضاق، يضيق» «ضيقا» بكسر الضاد، وفتحها.
«والضيق» (5): ضد السعة.
قال الفراء ت 207هـ:
«الضيق» بفتح الضاد المشددة، وسكون الياء غير المدية: ما ضاق عنه صدرك. اهـ.
__________
(1) قال ابن الجزري: واضطر ثق ضما كسر: وما اضطرر خلف خلا.
(2) سورة الأنعام الآية 125.
(3) سورة الفرقان الآية 13.
(4) قال ابن الجزري: ضيقا معا في ضيقا مك وفي.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 62.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 450.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 224، ج 2ص 81.
(5) الضيق: بتشديد الضاد وسكون الياء المدية.(1/191)
وقال أبو عمرو بن العلاء البصري ت 154هـ:
«الضيق» بفتح الضاد المشدّدة، وسكون الياء غير المدية: الشك في القلب، وبه فسّر قوله تعالى: {وَلََا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمََّا يَمْكُرُونَ} (1).
ويقال «أضاقه، إضاقة، وضيقة، وتضييقا».
فهو «ضيق» بفتح الياء، وسكون الياء، «وضيق» بفتح الضاد، وتشديد الياء، «كميت، وميت» «وضائق» قال تعالى: {وَضََائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} (2)
وقال «الطبري» ت 310هـ: في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}.
قال: يقول تعالى ذكره: ومن اراد الله اضلاله عن سبيل الهدى لشغله بكفره، وصده عن سبيله، يجعل صدره بخذلانه، وغلبة الكفر عليه ضيقا حرجا، والحرج: اشد الضيق، وهو الذي لا ينفذ من شدة ضيقه شيء وهو هاهنا الصدر الذي لا تصل اليه الموعظة، ولا يدخله نور الايمان لرين الشرك عليه، وأصله من «الحرج» والحرج جمع «حرجة» وهي الشجرة الملتف بها الاشجار، لا يدخل بينها شيء لشدة التفافها» اهـ (3).
«المعز» من قوله تعالى: {ثَمََانِيَةَ أَزْوََاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} (4).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن ذكوان، ويعقوب، وهشام بخلف عنه» «المعز» بفتح العين، على انه جمع «ماعز» نحو: «حارس وحرس»، «وخادم وخدم».
__________
(1) سورة النحل الآية 127.
(2) انظر: تاج العروس مادة «ضيق» ج 5ص 413والآية من سورة هود رقم 12.
(3) انظر تفسير الطبري ج 8ص 2827.
(4) سورة الأنعام الآية 143.(1/192)
وقرأ الباقون باسكان العين، وهو الوجه الثاني لهشام، على انه جمع «ماعز» ايضا نحو: «صاحب وصحب».
من هذا يتبين انهما لغتان بمعنى واحد (1).
قال «الراغب» في مادة «معز»: قال تعالى: {وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} والمعيز:
بفتح الميم: جماعة المعز، كما يقول: ضئين لجماعة الضأن» اهـ.
وقال «الزبيدى» في التاج: «المعز بالفتح، والمعيز كأمير، والامعوز بالضم، والمعاز ككتاب، والمعزى بالكسر مقصورا ويمد، نقله الصاغاني خلاف الضأن من الغنم، فالمعز ذوات الشعور منها، والضأن ذوات الصوف، قال الله تعالى: {وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} قرأ اهل المدينة والكوفة وابن فليح بتسكين العين، والباقون بتحريكها، قال «سيبويه»:
معزى منون مصروف، لان الالف للالحاق لا للتأنيث، وهو ملحق بدرهم على «فعلل» لان الالف الملحقة تجري مجرى ما هو من نفس الكلم، يدل على ذلك قولهم: معيز، وأريط، في تصغير «معزى»، «وارطى» في قول من نون فكسر ما بعد ياء التصغير، كما قالوا: دربهم، ولو كانت للتأنيث لم يقلبوا الالف ياء كما لم يقلبوها في تصغير «حبلى، واخرى».
وقال «الفراء»: «المعزى مؤنثة، وبعضهم ذكرها» اهـ.
وقال «الاصمعي»: «قلت: لأبي عمرو بن العلاء معزى من المعز، قال:
نعم، قلت: وذفرى من الذفر، قال: نعم» وقال «ابن الاعرابي»: معزى يصرف اذا شبهت بمفعل وهي فعلى، ولا تصرف اذا حملت على فعلى وهو الوجه عنده» اهـ.
والماعز واحد المعز، كصاحب وصحب، للذكر والانثى، وقيل:
__________
(1) قال ابن الجزري: والمعز حرك حق لا خلف مني.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 68.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 456.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 229.(1/193)
الماعز الذكر، والانثى ماعزة، ومعزاة، والجمع مواعز، ويقال معاذ بالكسر اسم للجمع مثل «البقر» وكذلك «الامعوذ» اهـ (1).
«نعم» من قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مََا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قََالُوا نَعَمْ} (2).
ومن قوله تعالى: {قََالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (3).
ومن قوله تعالى: {قََالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (4).
ومن قوله تعالى: {قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دََاخِرُونَ} (5).
قرأ «الكسائي» «نعم» في المواضع الاربعة بكسر العين، والكسر لغة «كنانة، وهذيل».
وقرأ باقي القراء العشرة بفتح النون، على الاصل، والفتح لغة باقي العرب (6) اهـ.
قال «ابن هشام» ت 761هـ:
«نعم» بفتح العين، وكنانة تكسرها، وبها قرأ الكسائي، وبعضهم يبدلها حاء، وبها قرأ «عبد الله بن مسعود» ت 32هـ (7) وبعضهم يكسر النون اتباعا لكسرة العين تنزيلا لها منزلة الفعل في قولهم: «نعم وشهد» بكسرتين.
__________
(1) انظر: تاج العروس شرح القاموس ج 4ص 82مادة معز.
(2) سورة الاعراف الآية 44.
(3) سورة الاعراف الآية 114.
(4) سورة الشعراء الآية 42.
(5) سورة الصافات الآية 18.
(6) قال ابن الجزري: نعم كلا كسر عينا رجا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 74.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 247239، ج 2ص 17390.
وتفسير الطبري ج 8ص 187.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 462.
(7) وهي قراءة شاذة.(1/194)
كما نزلت «بلى» منزلة الفعل في الامالة (1).
وهي حرف تصديق، ووعد، واعلام:
فالاول: بعد الخبر، كقام زيد، وما قام زيد.
والثاني: بعد «افعل» ولا تفعل» وما في معناهما، نحو:
«هلا تفعل، وهلا لم تفعل» وبعد الاستفهام في نحو:
«هلا تعطيني» ويحتمل ان تفسر في هذا بالمعنى الثالث.
والثالث: بعد الاستفهام في نحو: «هل جاءك زيد» ونحو:
{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مََا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} (2).
وقال «صاحب المقرب» (3):
«انها بعد الاستفهام للوعد» غير مطرد لما بيناه قبل (4).
ثم قال «ابن هشام»:
وتأتي «نعم» للتوكيد اذا وقعت صدرا نحو: «نعم هذه اطلالهم» والحق انها في ذلك حرف اعلام، وانها جواب لسؤال مقدر.
__________
(1) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بامالة «بلى» وشعبة بالفتح والامالة، «والازرق، ودوري أبي عمرو» بالفتح والتقليل.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 103.
(2) سورة الاعراف الآية 44.
(3) هو: علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرمي، الاشبيلي، المعروف بابن عصفور، عالم، فقيه، نحوي، صرفي، لغوي، مؤرخ، شاعر، له عدة مصنفات منها: الممتع في التصريف، وشرح المقدمة الجزولية في النحو لم يكمل، وشرح ديوان المتنبي، وشرح المقرب في النحو لم يتم، وشرح الجمل للزجاجي، توفي بتونس عام 663هـ الموافق 1265م انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 7ص 251.
(4) انظر مغني اللبيب ص 452.(1/195)
ولم يذكر «سيبويه» معنى الاعلام البتة، بل قال: «وأما نعم فعدة وتصديق، واما «بلى» فيوجب بها بعد النفي، وكانه رأى انه اذا قيل «هل قام زيد» فقيل «نعم» فهي لتصديق ما بعد الاستفهام» اهـ.
والاولى ما ذكرناه من انها للاعلام، اذ لا يصح ان تقول لقائل ذلك:
صدقت، لانه انشاء، لا خبر.
ثم قال: واعلم انه اذا قيل: «قام زيد» فتصديقه «نعم»، وتكذيبه «لا» ويمتنع دخول «بلى» لعدم النفي.
واذا قيل: «ما قام زيد» فتصديقه «نعم» وتكذيبه «بلى» ومنه قوله تعالى:
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ََ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمََا عَمِلْتُمْ وَذََلِكَ عَلَى اللََّهِ يَسِيرٌ} (1).
ويمتنع دخول «لا» لانها لنفي الاثبات لا لنفي النفي.
واذا قيل: «اقام زيد» فهو مثل: «قام زيد» اعني انك تقول ان اثبت القيام.
«نعم» وان نفيته: «لا» ويمتنع دخول «بلى».
واذا قيل: «الم يقم زيد» فهو مثل: «لم يقم زيد» فتقول اذا اثبت القيام:
«بلى» ويمتنع دخول «لا» وان نفيته قلت: «نعم» قال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قََالُوا بَلى ََ} (2).
والحاصل ان «بلى» لا تأتي الا بعد نفي، وان «لا» لا تأثر الا بعد ايجاب، وان «نعم» بعدهما اهـ (3).
«أم» من قوله تعالى: {قََالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي} (4).
__________
(1) سورة التغابن الآية 7.
(2) سورة الملك الآية 8.
(3) انظر مغني اللبيب ص 452.
(4) سورة الاعراف الآية 150.(1/196)
ومن قوله تعالى: قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي (1).
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أم» في الموضعين بكسر الميم.
والاصل: يا ابن امي، ثم حذفت الياء تخفيفا لدلالة الكسرة عليها، ولكثرة الاستعمال، وهو نداء مضاف، نحو قولك: يا غلام غلام.
وقرأ الباقون «أم» في الموضعين بفتح الميم، ووجه ذلك انه جعل الاسمين اسما واحدا لكثرة الاستعمال، بمنزلة «عشر» فهو مبني على فتح الجزءين، مثل بناء «خمسة عشر» (2) اهـ.
«الام»: الوالدة، وقيل اصلها «امهة» ولهذا تجمع على «امهات» واجيب بزيادة «الهاء» وان الاصل «امات».
قال «ابن جني» «ابو الفتح عثمان بن ابي بكر الكردي» ت 392هـ:
«دعوى الزيادة اسهل من دعوى الحذف» وكثر في الناس «امهات» وفي غير الناس «أمات».
وفيها اربع لغات:
«أم» بضم الهمزة، وكسرها، و «أمة» بضم الهمزة، و «أمهة» بضم الهمزة.
«فالامهات» و «الأمات» لغتان ليست احداهما اصلا للاخرى، ولا حاجة الى دعوى حذف ولا زيادة (3).
__________
(1) سورة طه الآية 94.
(2) قال ابن الجزري: وأم ميمه كسر: كم صحبة معا.
النشر في القراءات العشر ج 3ص 81.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 478.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 253.
(3) انظر: المصباح المنير ج 1ص 23.(1/197)
«بالعدوة» من قوله تعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيََا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى ََ}. (1)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «بالعدوة» معا، بكسر العين.
وقرأ الباقون بضم العين فيهما.
والكسر والضم لغتان مثل: «اسوة» (2) فالكسر لغة «قيس» والضم لغة «قريش» و «عدوة» الوادي: جانبه (3).
«ولا يتهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهََاجِرُوا مََا لَكُمْ مِنْ وَلََايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتََّى يُهََاجِرُوا} (4).
قرأ «حمزة» «ولايتهم» بكسر الواو.
وقرأ الباقون «ولايتهم» بفتح الواو.
والولاية: بكسر الواو، وفتحها لغتان في مصدر «وليت الامر اليه ولاية» ومعناها: النصرة، والعرب تقول: «نحن لكم على بني فلان ولاية» اي انصار (5).
__________
(1) سورة الأنفال الآية 42.
(2) قال ابن الجزري: بالعدوة اكسر ضمه حقا معا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 89.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 1ص 491.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 268.
وحجة القراءات ص 310.
(3) انظر: المصباح المنير ج 2ص 398.
(4) سورة الأنفال الآية 72.
(5) قال ابن الجزري: ولاية فاكسر فشا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 93.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 497.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 272.
وحجة القراءات ص 314.(1/198)
و «الولي» مثل: «فلس»: القرب وفي الفعل لغتان:
اكثرهما «وليه يليه» بكسرتين.
والثانية من باب «وعد» وهي قليلة الاستعمال.
وقيل: «الولي» حصول الثاني بعد الاول من غير فصل.
و «وليت» الامر «اليه» بكسرتين «ولاية» بالكسر توليته (1).
اثنا عشر من قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللََّهِ اثْنََا عَشَرَ شَهْراً} (2)
«أحد عشر» من قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} (3).
«تسعة عشر» من قوله تعالى: {عَلَيْهََا تِسْعَةَ عَشَرَ} (4).
قرأ «ابو جعفر» «اثنا عشر» باسكان العين، ومد الالف مدا مشبعا لأجل الساكن، لأنه حينئذ اصبح من باب المد اللازم.
وقرأ ايضا «أحد عشر، تسعة عشر» باسكان العين ايضا.
كل هذا حالة وصل «اثنا، أحد، تسعة» «بعشر» اما اذا اراد الابتداء على وجه الاختبار «بعشر» فانه حينئذ يبتدئ بفتح العين.
وقرأ الباقون كل ذلك بفتح العين، وصلا، وبدءا.
والاسكان، والفتح لغتان صحيحتان، وقد سمع عن العرب التقاء الساكنين في قولهم: «التقت حلقتا البطن» باثبات الف «حلقتا» (5).
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2ص 672.
(2) سورة التوبة الآية 36.
(3) سورة التوبة الآية 4.
(4) سورة المدثر الآية 30.
(5) قال ابن الجزري: عين عشر في الكل سكن ثغبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 95.
وشرح الطيبة لابن الناظم ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 277.(1/199)
«السوء» من قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دََائِرَةُ السَّوْءِ وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1).
ومن قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دََائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ}. (2)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «السوء» في الموضعين بضم السين.
وقرأ الباقون «السوء» في الموضعين ايضا بفتح السين.
وجه الضم ان المراد بالسوء: «الهزيمة والشر والبلاء» وحينئذ يكون المعنى: عليهم دائرة الهزيمة، والشر، والبلاء، ويقال: رجل سوء بضم السين: اي رجل شر.
ومنه قوله تعالى {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكََافِرِينَ} (3).
وجه الفتح ان المراد بالسوء: الرداءة، والفساد، وحينئذ يكون المعنى:
عليهم دائرة الفساد.
ومنه قوله تعالى: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً} (4)
وقيل: الضم، والفتح لغتان بمعنى مثل: «الضر، والضر» (5)
«قربة» من قوله تعالى: {أَلََا إِنَّهََا قُرْبَةٌ لَهُمْ} (6).
قرأ «ورش» «قربة» بضم الراء.
__________
(1) سورة التوبة الآية 98.
(2) سورة الفتح الآية 6.
(3) سورة النحل الآية 27.
(4) سورة الفتح الآية 12.
(5) قال ابن الجزري: والسوء ضمما كثان فتح حبر.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 99.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 505.
وحجة القراءات ص 321.
(6) سورة التوبة الآية 99.(1/200)
وقرأ الباقون باسكان الراء (1).
والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «يقال للحظوة القربة، كقوله تعالى: {أَلََا إِنَّهََا قُرْبَةٌ لَهُمْ}
اهـ (2).
«جرف» من قوله تعالى: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ} (3).
قرأ «ابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، وهشام بخلف عنه» «جرف» بسكان الراء.
وقرأ الباقون بضم الراء، وهو الوجه الثاني لهشام (4).
والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: قال عز وجل {عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ} يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به جرف» أهـ (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: قربة جد انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 399.
(3) سورة التوبة الآية 109.
(4) قال ابن الجزري: جرف الى الخلف صف فتى منى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 285.
واتحاف فضلا البشر ص 142.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 91.(1/201)
«قطعا» من قوله تعالى: {كَأَنَّمََا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً}. (1)
قرأ «ابن كثير، والكسائي، ويعقوب» «قطعا» بسكون الطاء، وذلك على وجهين:
احدهما: ان «قطعا» جمع «قطعة» نحو: «سدد» جمع «سددة» و «بسر» جمع «بسرة».
والثاني: ان «قطع» مفرد، والمراد به ظلمة آخر الليل، وقيل: سواد الليل، و «مظلما» صفة «لقطع».
وقرأ الباقون «قطعا» بفتح الطاء، جمع «قطعة» نحو: خرق» جمع «خرقة» و «كسر» جمع «كسرة»، ومعنى الكلام: «كأنما اغشى وجه كل انسان منهم قطعة من الليل، ثم جمع ذلك، لان الوجوه جماعة، و «مظلما» حال من «الليل».
والمعنى: كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته (2).
«لا يهدي» من قوله تعالى {أَمَّنْ لََا يَهِدِّي إِلََّا أَنْ يُهْدى ََ} (3).
القراء فيها على سبع مراتب:
الاولى: «لحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يهدى» بفتح الياء، واسكان الهاء، وتخفيف الدال.
الثانية: «لشعبة» «يهدي» بكسر الياء، والهاء، وتشديد الدال.
__________
(1) سورة يونس الآية 27.
(2) قال ابن الجزري: قطعا ظفر دم دن سكونا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 105.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 517.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 296.
وحجة القراءات ص 330.
(3) سورة يونس الآية 35.(1/202)
الثالثة: «لحفص، ويعقوب» «يهدي» بفتح الياء، وكسر الهاء، وتشديد الدال.
الرابعة: «لابن وردان» «يهدي» بفتح الياء، واسكان الهاء، وتشديد الدال.
الخامسة: «لورش، وابن كثير، وابن عامر» «يهدي» بفتح الياء، والهاء، وتشديد الدال.
السادسة: «لقالون، وابن جماز» «يهدي» بفتح الياء، وتشديد الدال، ولهما في الهاء: الاسكان، واختلاس فتحها.
السابعة: «لأبي عمرو» «يهدي» بفتح الياء وتشديد الدال، وله في الهاء:
الفتح، والاختلاس.
وجه كسر الهاء التخلص من الساكنين، لان اصلها «يهتدي» فلما سكنت التاء لاجل الادغام، والهاء قبلها ساكنة، كسرت الهاء للتخلص من الساكنين.
ومن فتح الهاء نقل فتحة التاء اليها، ووجه من كسر الياء انه اتبع حركة الياء للهاء (1).
«يا بني» من قوله تعالى: {يََا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنََا}. (2)
ومن قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ} (3).
__________
(1) قال ابن الجزري:
باء بتلو التا شفا ... لا يهدي خفهم ويا اكسر صرفا
والها نل ظلما وساكن ذا بدا ... خلفهما شفا خد إلا خفا
حدا خلف به ذق
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 105. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 296.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 518.
(2) سورة هود الآية 42.
(3) سورة يوسف الآية 5.(1/203)
ومن قوله تعالى {يََا بُنَيَّ لََا تُشْرِكْ بِاللََّهِ} (1).
ومن قوله تعالى {يََا بُنَيَّ إِنَّهََا إِنْ تَكُ مِثْقََالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} (2).
ومن قوله تعالى {يََا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلََاةَ} (3).
ومن قوله تعالى: {قََالَ يََا بُنَيَّ إِنِّي أَرى ََ فِي الْمَنََامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (4).
قرأ «حفص» «يا بني» في الستة مواضع بفتح الياء.
وقرأ «شعبة» بفتح الياء في موضع هود فقط، وبكسر الياء في المواضع الخمسة الباقية.
وقرأ «البزي» بفتح الياء في الموضع الاخير من «لقمان» وبتسكين الياء في الموضع الاول من «لقمان» وبكسر الياء في المواضع الاربعة الباقية.
وقرأ «قنبل» بتسكين الياء في الموضع الاول، والاخير من «لقمان» وبكسر الياء في المواضع الاربعة الباقية، وقرأ الباقون بكسر الياء في المواضع الستة (5).
وجه من شدد الياء، وكسرها، ان الاصل فيه ثلاث ياءات:
الاولى: ياء التصغير.
والثانية: لام الفعل في «ابن» لان اصله «بني» على وزن «فعل» والتصغير يرد الاشياء الى اصولها.
__________
(1) سورة لقمان الآية 13.
(2) سورة لقمان الآية 16.
(3) سورة لقمان الآية 17.
(4) سورة الصافات الآية 102.
(5) قال ابن الجزري: ويا بني افتح نما وحيث جا حفص وفي لقمانا الاخرى هدى علم وسكن زانا وأولا دن.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 115.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 529.
وشرح طيبة النشر ص 315314.(1/204)
والثالثة: ياء الاضافة التي يجب كسر ما قبلها.
فأدغمت ياء التصغير في الثانية التي هي لام الفعل، وكسرت لأجل ياء الاضافة ثم حذفت ياء الاضافة لاجتماع ثلاث ياءات، وبقيت الكسرة تدل عليها.
كما تقول: يا غلام، ويا صاحب، فتحذف الياء، وتبقى الكسرة لتدل عليها.
ووجه من فتح الياء مشددة أنه لما اتى بالكلمة على اصلها بثلاث ياءات، استثقل اجتماع الياءات، والكسرات، فابدل من الكسرة التي قبل ياء الاضافة فتحة، فانقلبت ياء الاضافة الفا ثم حذفت.
قال «المازني» ت 247هـ:
وضع الالف مكان الياء في النداء مطرد، وعلى هذا قرأ «ابن عامر» «يا أبت» بفتح التاء، اراد يا أبتي ثم قلب وحذف الالف لدلالة الفتحة عليها» أهـ (1).
ووجه من اسكن الياء، انه حذف ياء الاضافة، على اصل حذفها في النداء، ثم استثقل ياء مشددة مكسورة فحذف لام الفعل فبقيت ياء التصغير ساكنة.
«يومئذ» من قوله تعالى: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} (3).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 530.
(2) سورة هود الآية 66.
(3) سورة النمل الآية 89.(1/205)
ومن قوله تعالى {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذََابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} (1).
قرأ «نافع، والكسائي، وابو جعفر» «يومئذ» في المواضع الثلاثة، بفتح الميم، على انها حركة بناء، لاضافتها الى غير متمكن وهو «اذ»، وعامل اللفظ ولم يعامل تقدير الانفصال.
وقرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «يومئذ» الذي في سورة «النمل» بفتح الميم، وسبق توجيه ذلك.
والذي في سورتي: «هود، والمعارج» بكسر الميم، اجراء لليوم مجرى سائر الاسماء المعربة فخفضه لاضافة: «خزي، وفزع، وعذاب» اليه، ولم يبنوا «يوما» مع اضافته الى «اذ» لجواز انفصاله عنها، والبناء انما يلزم اذا لزمت العلة.
وقرأ الباقون «يومئذ» في المواضع الثلاثة بكسر الميم (2).
«وزلفا» من قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلََاةَ طَرَفَيِ النَّهََارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} (3).
قرأ «ابو جعفر» «زلفا» بضم اللام، جمع «زلفة» بسكون اللام ايضا كبشر، وبشرة.
وقرأ الباقون «زلفا» بفتح اللام، جمع «زلفة» بسكون اللام.
__________
(1) سورة المعارج الآية 11.
(2) قال ابن الجزري: يومئذ مع سال فافتح اذ ر فا ثق؟؟؟ نمل كوف مدن النشر في القراءات العشر ج 3ص 116.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 532.
وشرح طيبة النشر ص 316315.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 321.
(3) سورة هود الآية 114.(1/206)
و «والزلفة»: الطائفة من اول الليل (1).
«يا أبت» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يََا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} (2).
ومن قوله تعالى: {وَقََالَ يََا أَبَتِ هََذََا تَأْوِيلُ رُءْيََايَ مِنْ قَبْلُ} (3).
ومن قوله تعالى: {إِذْ قََالَ لِأَبِيهِ يََا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مََا لََا يَسْمَعُ وَلََا يُبْصِرُ} (4).
ومن قوله تعالى: {يََا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جََاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مََا لَمْ يَأْتِكَ} (5).
ومن قوله تعالى: {يََا أَبَتِ لََا تَعْبُدِ الشَّيْطََانَ} (6).
ومن قوله تعالى: {يََا أَبَتِ إِنِّي أَخََافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذََابٌ مِنَ الرَّحْمََنِ} (7).
ومن قوله تعالى: {قََالَتْ إِحْدََاهُمََا يََا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} (8).
ومن قوله تعالى: {قََالَ يََا أَبَتِ افْعَلْ مََا تُؤْمَرُ} (9).
__________
(1) قال ابن الجزري: لام زلف ضم ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 121.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 329.
وشرح طيبة النشر ص 317.
ولسان العرب مادة «زلف» ج 9ص 139138.
(2) سورة يوسف الآية 4.
(3) سورة يوسف الآية 100.
(4) سورة مريم الآية 42.
(5) سورة مريم الآية 43.
(6) سورة مريم الآية 44.
(7) سورة مريم الآية 45.
(8) سورة القصص الآية 26.
(9) سورة الصافات الآية 102.(1/207)
قرأ «ابن عامر، وابو جعفر» «يا أبت» في جميع المواضع بفتح التاء، وذلك على تقدير اثبات ياء الاضافة في النداء، وذلك لغة صحيحة جاء بها القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} (1) فلما اثبت الياء في المنادى ابدل الكسرة التي قبل الياء فتحة، فانقلبت الياء الفا، ثم حذفت الالف لدلالة الفتحة عليها.
وقرأ الباقون «يا أبت» حيثما وقعت بكسر التاء، وذلك لان اصله «يا أبتي» ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها (2).
تنبيه: وقف على «يا أبت» بالهاء «ابن كثير، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» ووقف الباقون عليها بالتاء (3).
«هيت» من قوله تعالى: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوََابَ وَقََالَتْ هَيْتَ لَكَ} (4)
القراء فيها على اربع مراتب:
الاولى: «لنافع، وابن ذكوان، وابي جعفر» «هيت» بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مفتوحة، ففتح الهاء، وكسرها لغتان، والفتح في التاء للدلالة على المخاطبة من المرأة «ليوسف» عليه السلام، على معنى الدعاء له، والاستجلاب له الى نفسها، على معنى: «هلم» اي تعال يا يوسف إليّ، و «هيت» على هذه القراءة مبنية على الفتح نحو: «كيف، واين».
الثانية: «لابن كثير» «هيت» بفتح الهاء، وياء ساكنة، وضم التاء، وذلك على الاخبار عن نفسها بالاتيان الى «يوسف» عليه السلام، و «هيت» على هذه القراءة مبنية على الضم.
__________
(1) سورة الزمر الآية 53.
(2) قال ابن الجزري: يا أبت افتح حيث جا كم تطعا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 122.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 3.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 331.
(3) قال ابن الجزري: يا أبه دم كم ثوى.
(4) سورة يوسف الآية 23.(1/208)
الثالثة: «لهشام» «هئت» بكسر الهاء، وهمزة ساكنة، وفتح التاء، وضمها، بمعنى: تهيأ لي امرك، وتهيّأت لك.
الرابعة: للباقين «هيت» بفتح الهاء، وسكون الياء، وفتح التاء.
وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «نافع» ومن معه.
و «هيت» اسم فعل امر بمعنى «هلم» (1).
«دأبا» من قوله تعالى: {قََالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً} (2).
قرأ «حفص» «دأبا» بفتح الهمزة.
وقرأ الباقون باسكان الهمزة.
والفتح، والاسكان لغتان في كل اسم كان ثانيه حرفا من حروف الحلق الستة وهي الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين والخاء (3) ومعنى «دأبا»: متوالية متتابعة (4).
«سبلنا» من قوله تعالى: {وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ وَقَدْ هَدََانََا سُبُلَنََا}. (5)
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا}. (6)
__________
(1) قال ابن الجزري: هيت اكسرا عم ضم التالدى الخلف درى واهمز لنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 124.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 8.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 334.
(2) سورة يوسف الآية 47.
(3) قال ابن الجزري: ودأبا حرك علا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 127.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 11.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 338.
وحجة القراءات ص 359.
(4) العمدة في غريب القرآن الهامش ص 161.
(5) سورة إبراهيم الآية 12.
(6) سورة العنكبوت الآية 69.(1/209)
قرأ «ابو عمرو» «سبلنا» في الموضعين باسكان الباء.
وقرأ الباقون بضم الباء.
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين» (1).
قال «الراغب»: «السبيل: الطريق الذي فيه سهولة، وجمعه سبل» اهـ (2).
«بمصرخي» من قوله تعالى: {مََا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمََا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} (3).
قرأ «حمزة» «بمصرخي» بكسر الياء، وهي لغة «بني يربوع» نص على ذلك «قطرب» ت 206هـ (4).
والاصل «مصرخيني» فحذفت النون للاضافة، فالتقى ساكنان: ياء الاعراب، وياء الاضافة، واصلها السكون، ثم كسرت ياء الاضافة على غير قياس ثم ادغمت ياء الاعراب في ياء الاضافة كما تقول: «مررت بمسلمي».
قال «ابن الجزري» ت 833:
«واختلفوا في «بمصرخي» فقرأ «حمزة» بكسر الياء، وهي لغة «بني
__________
(1) قال ابن الجزري: وسبلنا حز.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 255.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 223.
(3) سورة إبراهيم الآية 22.
(4) هو: محمد بن المستنير بن أحمد البصري، المعروف بقطرب «أبو علي» لغوي، نحوي، أخذ النحو عن «سيبويه» وغيره من علماء البصرة، من تصانيفه: «معاني القرآن، والعلل في النحو، والاشتقاق، والرد على الملحدين في متشابه القرآن». توفي ببغداد سنة 206هـ الموافق 821م انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 12ص 15.(1/210)
يربوع» نص على ذلك «قطرب» واجازها هو، «والفراء» ت 207هـ وامام اللغة، والنحو، والقراءة «ابو عمرو بن العلاء» وقال «القاسم بن معن» النحوي: هي صواب، ولا عبرة بقول «الزمخشري»، وغيره ممن ضعفها، او لحنها فانها قراءة صحيحة اجتمعت فيها الاركان الثلاثة (1).
وقرأ بها ايضا «يحيى بن وثاب» ت 103هـ (2).
وسليمان بن مهران الاعمش ت 148هـ (3).
وحمران بن اعين ت 130هـ (4).
وجماعة من التابعين، وقياسها في النحو الصحيح، وذلك ان الياء الاولى وهي ياء الجمع جرت مجرى الصحيح لأجل الادغام، فدخلت ساكنة عليها ياء الاضافة، وحركت بالكسر على الاصل في اجتماع الساكنين.
وهذه اللغة باقية، شائعة ذائعة في افواه اكثر الناس الى اليوم» اهـ (5).
__________
(1) الاركان الثلاثة هي: صحة السند، وموافقة الرسم العثماني، وموافقة وجه من أوجه اللغة العربية.
(2) هو: يحيى بن وثاب الاسدي مولاهم الكوفي، تابعي، ثقة، روى عن «ابن عمر، وابن عباس»، وتعلم القرآن من «عبيد بن نضلة» ت 103هـ.
انظر ترجمته في طبقات القراء ج 2ص 380.
(3) هو: سليمان بن مهران الأعمش، أبو محمد الأسدي مولاهم الكوفي، ولد سنة 60هـ وأخذ القراءة عرضا عن «إبراهيم النخعي، وزر بن حبيش، وزيد بن وهب، وعاصم بن أبي النجود، ويحيى بن وثاب، ومجاهد بن جبر» وأخذ عنه القراءة عدد كثير، روي عنه أنه قال: «ان الله زين بالقرآن أقواما، وإني ممن زينه الله بالقرآن» توفي في ربيع الاول سنة 148 هـ انظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء ج 1ص 316315.
(4) هو: حمران بن أعين، أبو حمزة الكوفي، مقرئ كبير، أخذ القراءة عرضا عن «عبيد بن نضلة، وأبي حرب الاسود، وأبيه أبي الاسود، ويحيى بن وثاب، ومحمد بن علي الباقر» وروى القراءة عنه عدد كثير، منهم: «حمزة بن حبيب الزيات» توفي في حدود سنة 130هـ أو قبلها.
انظر ترجمته في: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1ص 261.
(5) انظر: طيبة النشر لابن الجزري ج 3ص 135134.(1/211)
وقرأ الباقون «مصرخي» بفتح الياء لان المدغم فيها، وهي ياء الاضافة اصلها الفتح (1).
يقال: «صرخ يصرخ» من باب «قتل يقتل» «صراخا» بضم الصاد، فهو «صارخ» و «صريخ»: اذا صاح.
و «صرخ فهو صارخ»: اذا استغاث.
و «استصرخته، فأصرخني»: استغثت به فأغاثني.
فهو «صريخ» أي مغيث و «مصرخ» على القياس (2).
«افئدة» من قوله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النََّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (3).
قرأ «هشام» بخلف «أفئيدة» بياء ساكنة بعد الهمزة.
قال «ابن الجزري» ت 833هـ:
«اختلف عن «هشام» في «افئدة من الناس» فروى «الحلواني» عنه من جميع طرقه بياء بعد الهمزة هنا خاصة، وهي رواية «العباس بن الوليد البيروني» عن اصحابه، عن «ابن عامر» والا فهو على لغة المشبعين من العرب الذين يقولون: «الدراهيم، والصياريف» وليست ضرورة، بل مستعملة، وقد ذكر الامام «ابو عبد الله بن مالك» من شواهد التوضيح ان الاشباع من الحركات الثلاث لغة معروفة، وجعل من ذلك قولهم: «بينا زيد قائم جاء عمرو» اي بين اوقات قيام زيد، فأشبعت فتحة النون فتولدت الالف.
وحكى «الفراء»، يحيي بن زياد ت 207هـ:
__________
(1) قال ابن الجزري: ومصرخي كسر اليا فخر.
انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 356.
وشرح طيبة النشر ص 324.
(2) انظر: المصباح المنير مادة «صرخ» ج 1ص 337.
(3) سورة إبراهيم الآية 37.(1/212)
ان من العرب من يقول: «اكلت لحما شاة» اي لحم شاة اهـ وقال بعضهم: بل هو ضرورة، وان «هشاما» سهل الهمزة كالياء، فعبر الراوي عنها على ما فهم بياء بعد الهمزة، والمراد بياء عوض عنها.
ورد ذلك «الحافظ الداني»، ابو عمرو بن عثمان بن سعيد ت 444هـ.
وقال: ان النقلة عن «هشام» كانوا اعلم الناس بالقراءة، ووجهها، وليس يفضي الجهل الى ان يعتقد فيهم مثل ذلك» اهـ (1).
ثم يقول «ابن الجزري»: «ومما يدل على فساد ذلك القول، ان تسهيل هذه الهمزة كالياء لا يجوز، بل تسهيلها انما يكون بالنقل، ولم يكن «الحلواني» منفردا بها عن «هشام» بل رواها عنه كذلك «ابو العباس احمد بن محمد بن بكر» شيخ «ابن مجاهد».
وكذلك لم ينفرد بها «هشام» عن «ابن عامر» بل رواها عن «ابن عامر» «العباس بن الوليد» وغيره.
ورواها لأستاذ «ابو محمد سبط الخياط» عن الأخفش، عن «هشام» وعن «الداجونيّ» عن اصحابه، عن «هشام» وقال: ما رأيته منصوصا في التعليق لكن قرأت به على «الشريف» اهـ (2).
وقرأ الباقون «افئدة» بدون ياء بعد الهمزة، على الاصل، وهو الوجه الثاني «لهشام» (3).
تنبيه: «وافئدتهم» من قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوََاءٌ} (4).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 136135.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 136.
(3) قال ابن الجزري: واشبعن أفئدتا لي الخلف انظر: المهذب في القراءات العشر ج 1ص 359.
وشرح طيبة النشر ص 324.
(4) سورة إبراهيم الآية 43.(1/213)
اتفق القراء العشرة على قراءته بغير ياء بعد الهمزة، لانه جمع «فؤاد» وهو القلب، اي قلوبهم فارغة من العقول.
وكذلك سائر ما ورد في «القرآن» ففرق بينهما.
«عيونا» من قوله تعالى {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} (1).
«عيون» حيثما وقع نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ} (2).
«العيون» من قوله تعالى: {وَفَجَّرْنََا فِيهََا مِنَ الْعُيُونِ} (3).
قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» هذه الألفاظ:
«عيون» المنكر، «العيون» المعرف، «عيونا» المنون المنصوب، بكسر العين لمناسبة الباء.
وقرأ الباقون بضم العين على الاصل (4).
من هذا يتبين ان الضم، والكسر لغتان.
«وعيون ادخلوها» من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهََا} (5) ا.
قرأ «رويس» بخلف عنه بضم تنوين «عيون» حالة وصله بما بعده، وكسر خاء «ادخلوها» على ما لم يسم فاعله، والهمزة على هذه القراءة همزة قطع، نقلت حركتها الى التنوين قبلها، ثم حذفت، فالفعل حينئذ من «ادخل» الرباعي.
__________
(1) سورة القمر الآية 12.
(2) سورة الحجر الآية 45.
(3) سورة يس الآية 34.
(4) قال ابن الجزري: بيوت كيف جا بكسر الضم الى قوله: عيون مع شيوخ مع جيوب صف من دم رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.
واتحاف فضلاء البشر ص 155.
(5) سورة الحجر الآية 4645.(1/214)
وقرأ الباقون «بضم خاء «ادخلوها» على انه فعل «امر» من «دخل» الثلاثي، والهمزة على هذه القراءة همزة وصل، وهو الوجه الثاني «لرويس».
واعلم ان جميع القراء العشرة حالة البدء ب «ادخلوها» يبتدئون بهمزة مضمومة (1).
تنبيه: اعلم ان القراء العشرة في ضم وكسر عين «وعيون» وكذا ضم وكسر التنوين وصلا حسب قواعدهم المتقدمة.
«قدرنا» من قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنََا إِنَّهََا لَمِنَ الْغََابِرِينَ} (2).
«قدرناها» من قوله تعالى: {إِلََّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنََاهََا مِنَ الْغََابِرِينَ} (3).
قرأ «شعبة» «قدرنا» و «قدرناها» بتخفيف الدال فيهما.
وقرأ الباقون بتشديد الدال فيهما.
والتخفيف، والتشديد لغتان بمعنى (4).
قال «الزجاج» ت 311هـ: علمنا انها لمن الغابرين، وقيل: دبرنا انها لمن الباقين في العذاب (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: همز ادخلوا انقل اكسر الضم اختلف غيث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 139.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 362.
وشرح طيبة النشر ص 325
(2) سورة الحجر الآية 60.
(3) سورة النمل الآية 57.
(4) قال ابن الجزري: خف قدرنا صف معا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 140.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 364، ج 2ص 105.
وشرح طيبة النشر ص 326.
(5) انظر: لسان العرب مادة «قدر» ج 5ص 75.(1/215)
«ظعنكم» من قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعََامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهََا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقََامَتِكُمْ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، وابو جعفر، ويعقوب» «ظعنكم» بفتح العين».
وقرأ الباقون باسكانها.
وهما لغتان في مصدر «ظعن» بمعنى «سافر» مثل النهر والنهر (2).
«اف» من قوله تعالى: {فَلََا تَقُلْ لَهُمََا أُفٍّ وَلََا تَنْهَرْهُمََا} (3).
ومن قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمََا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (4)
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِي قََالَ لِوََالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمََا} (5).
قرأ «نافع، وحفص، وابو جعفر» «اف» في السور الثلاث بكسر الفاء منونة، فالكسر لغة «اهل الحجاز، واليمن» والتنوين للتنكير.
وقرأ «ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب» «اف» في السور الثلاث ايضا بفتح الفاء بلا تنوين.
فالفتح لغة «قيس» وترك التنوين، لقصد عدم التنكير.
وقرأ الباقون «اف» بكسر الفاء، بلا تنوين.
__________
(1) سورة النحل الآية 80.
(2) قال ابن الجزري: ظعنكم حرك سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 146.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 40.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 374.
واتحاف فضلاء البشر ص 279.
(3) سورة الاسراء الآية 23.
(4) سورة الأنبياء الآية 67.
(5) سورة الأحقاف الآية 17.(1/216)
وقد سبق توجيه كسر الفاء، وعدم التنوين (1).
«بالقسطاس» من قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (3).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بالقسطاس» في الموضعين، بكسر القاف.
وقرأ الباقون «بضم القاف، وهما لغتان: فالضم لغة اهل الحجاز، والكسر لغة غيرهم (3).
«والقسطاس»: الميزان، ويعبر به عن العدالة، كما يعبر عنها بالميزان، قال تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطََاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (5).
«خلافك» من قوله تعالى: {وَإِذاً لََا يَلْبَثُونَ خِلََافَكَ إِلََّا قَلِيلًا} (6).
قرأ «نافع، وابن كثير، وشعبة، وابو جعفر» «خلفك» بفتح الخاء، واسكان اللام من غير الف.
__________
(1) قال ابن الجزري:
وحيث أف نون عن مدا وفتح فائه دنا ظل كدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 151.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 382، ج 2ص 38، 234وشرح طيبة النشر ص 331.
(2) سورة الاسراء الآية 35.
(3) قال ابن الجزري: وقسطاس اكسر ضما معا صحب انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 153.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 46.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 383، ج 2ص 96.
واتحاف فضلاء البشر ص 283.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «قسط» ص 403.
(6) سورة الاسراء الآية 76.(1/217)
وقرأ الباقون «خلافك» بكسر الخاء، وفتح اللام، والف بعدها.
وهما لغتان بمعنى: بعد خروجك.
حكى «الاخفش» سعيد بن مسعدة ت 215هـ.
ان «خلافك» بمعنى «خلفك» اهـ (1).
«من لدنه» من قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ} (2).
قرأ «شعبة» «لدنه» باسكان الدال مع اشمامها (3).
وكسر النون، والهاء، ووصلها بياء في اللفظ فتصير «لدنهى» وذلك للتخفيف.
واصلها «لدنها» على وزن «فعل» مثل «عضد» فخففت باسكان الوسط، فأشير الى الضم بالاشمام، تنبيها على انه الاصل، وكسر النون، لانه الاصل خلص من التقاء الساكنين، كما في «امس» وكسرت الهاء اتباعا لكسر ما قبلها ووصلت لوقوعها بين محركين، وكانت الصلة ياء مجانسة لحركة ما قبلها.
وقرأ الباقون «لدنه» بضم الدال، وسكون النون، وضم الهاء، وذلك على الاصل.
__________
(1) قال ابن الجزري: خلفك في خلافك اتل صف ثنا حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 155.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 50.
والمهذب في القراءات الشعر ج 1ص 389.
(2) سورة الكهف الآية 2.
(3) والاشمام هنا عبارة عن اشمام الدال الضم، ليدل بذلك على أن أصلها الضم، وهو بغير صوت يسمع، انما هو ضم الشفتين لا غير، والعبرة في ذلك التلقي من أفواه القراء.(1/218)
و «لدن» ظرف غير متمكن بمعنى «عند» وهو مبني على السكون (1).
جاء في «المفردات»:
«لدن» اخص من «عند» لانه يدل على ابتداء نهاية نحو: «اقمت عنده من طلوع الشمس الى غروبها» فيوضع «لدن» موضع نهاية الفعل.
وقد يوضع موضع «عند» فيما حكى، يقال «اصبت عنده مالا ولدنه مالا».
وقال بعضهم «لدن» ابلغ من «عند» واخص اهـ (2).
«مرفقا» من قوله تعالى: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «مرفقا» بفتح الميم، وكسر الفاء مع تفخيم الراء.
وقرأ الباقون «مرفقا» بكسر الميم، وفتح الفاء، مع ترقيق الراء، والفتح والكسر لغتان فيما يرتفق به (4).
جاء في «المصباح»: «المرفق»: ما ارتفقت به، بفتح الميم، وكسر الفاء، كمسجد، وبالعكس، لغتان، ومنه «مرفق» الانسان، واما «مرفق» الدار كالمطبخ ونحوه فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير، على التشبيه باسم
__________
(1) قال ابن الجزري:
من لدنه للضم سكن وأشم ... واكسر سكون النون والضم صرم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 158.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 54.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 394.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 449.
(3) سورة الكهف الآية 16.
(4) قال ابن الجزري: مرفقا افتح أكسرن عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 159.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 395.(1/219)
الآلة، وجمع مرفق» «مرافق» اهـ (1).
وقال «مكي بن ابي طالب» ت 437هـ:
«مرفقا» بفتح الميم، وكسر الفاء، «مرفقا» بكسر الميم وفتح الفاء، وهما لغتان.
حكى «ابو عبيد» ت 224هـ: «المرفق» بفتح الميم:
ما ارتفقت به، قال: بعضهم يقول: «المرفق» بكسر الميم، فاما في اليدين فهو «مرفق» بكسر الميم وفتح الفاء اهـ.
وقال «الأخفش» الاوسط» ت 215هـ: «مرفقا» بالكسر: هو شيء يرتفقون به، و «مرفقا» بالفتح: اسم كالمسجد اهـ (2).
«ولملئت» من قوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرََاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو جعفر» «ولملئت» بتشديد اللام الثانية.
وقرأ الباقون «ولملئت» بتخفيف اللام.
والتشديد، والتخفيف لغتان (4).
قال «الاخفش الاوسط» ت 215هـ: تقول: ملأتني رعبا، بالتخفيف
__________
(1) انظر: المصباح المنير مادة «رفق» ج 1ص 233.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 56.
(3) سورة الكهف الآية 18.
(4) قال ابن الجزري: وملئت الثقل حرم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 160.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 396.
الكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 57.(1/220)
ولا يكادون يقولون ملأتني، بالتشديد.
وقوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} (1).
يدل على التخفيف، لان «امتلأت» مطاوع «ملأت» اهـ.
«بورقكم» من قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هََذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} (2).
قرأ «ابو عمرو، وشعبة، وحمزة، وروح، وخلف العاشر» «بورقكم» باسكان الراء، للتخفيف، كما قالوا في «كبد، كبد» وفي «كتف، كتف» بكسر عين الكلمة، واسكانها.
وقرأ الباقون «بورقكم» بكسر الراء، على الاصل.
ومعنى «بورقكم»: بدراهمكم المضروبة من فضة (3).
«عقبا» المنون المنصوب من قوله تعالى: {هُوَ خَيْرٌ ثَوََاباً وَخَيْرٌ عُقْباً} (4).
قرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «عقبا» المنون المنصوب بسكون القاف.
وقرأ الباقون بضم القاف (5).
__________
(1) سورة ق الآية 30.
(2) سورة الكهف الآية 19.
(3) قال ابن الجزري ورقكم: ساكن كسر صف فتى شاف حكم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 160.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 57.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 396.
(4) سورة الكهف الآية 44.
(5) قال ابن الجزري: عقبي نهى فتى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 401.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.(1/221)
والاسكان والضم لغتان: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «عقبه» بفتحات ثلاث: اذا تلاه عقبا: بفتح العين وسكون القاف والعقب، والعقبي، يختصان بالثواب، نحو: «خير ثوابا وخير عقبا» وقال تعالى: {أُولََئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدََّارِ} والعاقبة اطلاقها يختص بالثواب، نحو: «والعاقبة للمتقين» وبالاضافة قد تستعمل في العقوبة نحو:
«ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوأى» اهـ (1).
«تنبيه»: اتفق القراء العشرة على اسكان القاف من «عقبي» غير المنون المنصوب نحو: «ولا يخاف عقباها» (2).
ونحو: «اولئك لهم عقبى الدار» (3).
وذلك لان القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف.
«للملائكة اسجدوا» من قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنََا لِلْمَلََائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} (4).
قرأ «ابو جعفر بخلف عن ابي وردان» «للملائكة» بضم التاء اذا وصلت ب «اسجدوا» وذلك تبعا لضم الجيم.
وقرأ «اين وردان» في وجهه الثاني باشمام كسرة التاء الضم.
والاشمام لغة لبعض القبائل العربية.
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 340.
(2) سورة الشمس الآية 15.
(3) سورة الرعد الآية 22.
(4) سورة الكهف الآية 50.(1/222)
وقرأ الباقون «للملائكة» بالكسرة الخالصة، وذلك على الاصل (1)
«وما انسانيه» من قوله تعالى: {وَمََا أَنْسََانِيهُ إِلَّا الشَّيْطََانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (2).
قرأ «حفص» «انسانيه» بضم الهاء من غير صلة، وذلك لأن الأصل في هاء الضمير البناء على الضم (3).
وقرأ «ابن كثير» بكسر الهاء مع الصلة حالة وصلها بما بعدها، وجه كسر الهاء مناسبة الياء، ووجه الصلة ان الهاء حرف خفي فقوي بالصلة بحرف من جنس حركته.
وقرأ الباقون بكسر الهاء من غير صلة، لمناسبة الياء.
«نكرا» المنون المنصوب، وهو في ثلاثة مواضع:
1 - قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} (4).
2 - قوله تعالى: {فَيُعَذِّبُهُ عَذََاباً نُكْراً} (5).
3 - قوله تعالى: {وَعَذَّبْنََاهََا عَذََاباً نُكْراً} (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: وكسرتا الملائكة قبل اسجدوا اضمم ثق والاشمام خفت خلفا بكل انظر: شرح طيبة النشر ص 209.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 402.
(2) سورة الكهف الآية 63.
(3) قال ابن الجزري: عليه الله أنسانيه عف بضم كسر وقال: صل ها الضمير عن سكون قبل ما حرك دن انظر: شرح طيبة النشر ص 74، 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 66.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 405.
(4) سورة الكهف الآية 74.
(5) سورة الكهف الآية 87.
(6) سورة الطلاق الآية 8.(1/223)
قرأ «نافع، وابن ذكوان، وشعبة، وابو جعفر، ويعقوب» «نكرا» المنون المنصوب في المواضع الثلاثة بضم الكاف.
وقرأ الباقون باسكان الكاف (1).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل وهو لغة: «تميم وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
«من لدني» من قوله تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} (2).
قرأ «نافع، وابو جعفر» «لدنى» بضم الدال، وتخفيف النون، وذلك على الاصل في ضم الدال، وحذفت نون الوقاية اكتفاء بكسر النون الاصلية لمناسبة الياء.
وقرأ «شعبة» بوجهين:
الاول: اسكان الدال مع الايماء بالشفتين الى جهة الضم للمح الاصل فيصير النطق بدال ساكنة مشمة، فيكون الاشمام مقارنا للاسكان.
والثاني: اختلاس ضمة الدال لقصد التخفيف.
وكلا الوجهين مع تخفيف النون.
قال «ابن الجزري» ت 833هـ:
وروى «ابو بكر»، «شعبة» بتخفيف النون، واختلف عنه في ضمة الدال، فاكثر اهل الاداء على اشمام الضم بعد اسكانها، وبه ورد النص عن
__________
(1) قال ابن الجزري: نكرا ثوى اذ ملا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 406.
واتحاف فضلاء البشر ص 293.
(2) سورة الكهف الآية 76.(1/224)
«العليمى» وروى كثير منهم اختلاس ضمة الدال، وهو الذي نص عليه «الحافظ ابو العلاء الهمداني» والاستاذ «ابو طاهر بن سوار» وابو القاسم الهذلي، وغيرهم.
ونص عليهما جميعا الحافظ ابو عمرو الداني في مفرداته، وجامعه، وقال فيه: والاشمام في هذه الكلمة يكون ايماء بالشفتين الى الضمة بعد سكون الدال، وقبل كسر النون، كما لخصه «موسى بن حزام» عن «يحيى بن آدم» ويكون ايضا إشارة بالضم الى الدال فلا يخلص لها سكون، بل هي على ذلك في زنة المتحرك، واذا كان ايماء كانت النون المكسورة نون «لدن» الاصلية كسرت لسكونها، وسكون الدال قبلها واعمل العضو بينهما، ولم تكن النون التي تصحب ياء المتكلم، بل هي المحذوفة تخفيفا لزيادتها.
واذا كان إشارة بالحركة كانت النون المكسورة التي تصحب ياء المتكلم لملازمتها اياها كسرت كسر بناء، وحذفت الاصلية قبلها للتخفيف» اهـ (1).
وقرأ الباقون «لدني» بضم الدال، وتشديد النون، لان الاصل في «لدن» ضم الدال، والادغام للتماثل، والحقت نون الوقاية بهذه الكلمة لتقي السكون الاصلي من الكسر (2).
قال «ابن مالك»:
وقيل يا النفس مع الفعل التزم ... نون وقاية
الى ان قال:
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 167.
(2) قال ابن الجزري:
وصرف * لدني أشم أورم الضم وخفف * نون مدا صن انظر: شرح طيبة النشر ص 338.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 408.(1/225)
واضطرارا خففا ... منى عني بعض من قد سلفا
وفي لدنى لدنى قل «رحما» من قوله تعالى: {فَأَرَدْنََا أَنْ يُبْدِلَهُمََا رَبُّهُمََا خَيْراً مِنْهُ زَكََاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً} (1).
قرأ «ابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «رحما» بضم الحاء.
وقرأ الباقون باسكان الحاء (2).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان والاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «الرحم رحم المرأة» ومنه استعير الرحم للقرابة، لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال: رحم: بفتح الراء، وكسر الحاء، ورحم: بضم الراء، وسكون الحاء، قل تعالى: {وَأَقْرَبَ رُحْماً}
اهـ (3).
وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: {فَأَرَدْنََا أَنْ يُبْدِلَهُمََا رَبُّهُمََا خَيْراً مِنْهُ زَكََاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً} اي ولدا ازكى من هذا، وهما ارحم به منه» اهـ وقال «قتادة»: ابر بوالديه» اهـ (4).
«السدين» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} (5).
__________
(1) سورة الكهف الآية 81.
(2) قال ابن الجزري: رحما كسا ثوى انظر النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 409. واتحاف فضلاء البشر ص 294.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 191.
(4) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1ص 431.
(5) سورة الكهف الآية 93.(1/226)
«سدا» من قوله تعالى: {عَلى ََ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنََا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (1).
ومن قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} (2).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحفص» «السدين» بفتح السين. وقرأ الباقون بضمها.
وقرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سدا» في الكهف وموضعي يس بفتح السين.
وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «سدا» في الكهف بفتح السين، وفي يس بضم السين.
وقرأ الباقون «سدا» في الكهف ويس بضم السين (3).
والسد بفتح السين، وبضمها لغتان في المصدر، وهما بمعنى واحد، وهو الحاجز.
وقال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224هـ: «كل شيء من فعل الله كالجبال والشعاب فهو سد بضم السين، وما بناه الآدميون فهو سد بفتح السين» اهـ (4).
واصل السد مصدر «سد» مضعف الثلاثي، قال تعالى {عَلى ََ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنََا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}، وشبه به الموانع نحو ما جاء في قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} (5).
__________
(1) سورة الكهف الآية 94.
(2) سورة يس الآية 9.
(3) قال ابن الجزري:
افتح ضم سدين عزا ... حبر وسدا حكم صحب دبرا ... يس صحب
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 170169.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 411410، ج 2ص 163.
(4) انظر الكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 75.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 227.(1/227)
«الصدفين» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا سََاوى ََ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، ويعقوب» «الصدفين» بضم الصاد، والدال، وهي لغة «قريش».
وقرأ «شعبة» بضم الصاد، واسكان الدال مخففا من القراءة التي قبلها.
وقرأ الباقون، بفتح الصاد، والدال، وهي لغة اهل الحجاز (2)
قال صاحب المفردات: صدف الجبل «اي جانبه» اهـ (3).
«عتيا» من قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} (4).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي» «عتيا» بكسر العين، على ان مفرده «عات» فجمع على «عتوى» على وزن «فعول» فأصل الحرف الثاني الضم، ثم كسر لمناسبة الياء التي بعده، والتي اصلها الواو، لان الياء الساكنة يناسبها كسر ما قبلها فلما كسر الحرف الثاني كسر الحرف الاول تبعا له، ليعمل اللسان فيهما عملا واحدا.
وقرأ الباقون «عتيا» بضم العين، وحجة ذلك ان الحرف الثاني كسر لتصح الياء كما سبق بيانه، وترك الحرف الاول مضموما على اصله (5).
__________
(1) سورة الكهف الآية 96.
(2) قال ابن الجزري: وصدفين اضمما ... وسكنن صف وبضمى كل حق
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 171.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 79.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 411.
واتحاف فضلاء البشر ص 295.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 276.
(4) سورة مريم الآية 8.
(5) قال ابن الجزري: معا بكيا ... بكسر ضمه رضى عتبا ... معه صليا وجثيا عن رضى
انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 173.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 8584.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 4.(1/228)
«نسيا» من قوله تعالى: {قََالَتْ يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا} (1)
قرأ «حفص، وحمزة» «نسيا» بفتح النون.
وقرأ الباقون بكسر النون، والفتح، والكسر لغتان كالوتر، ومعنى «النسي» الشيء الحقير الذي لا قيمة له، ولا يحتاج اليه (2).
المعنى: لما حملت السيدة «مريم» بنبي الله «عيسى» عليه السلام بقدرة الله تعالى وارادته، واحست بألم الوضع واشتد بها الوجع، الجأها المخاض الى جذع نخلة بالقرب من جدول ماء، ولما زاد عليها وجع الطلق، وتذكرت ما سيقوله الناس عنها، وما سيرمونها به، قالت: يا ليتني مت قبل هذا الكرب الذي اعانيه، والفضيحة التي اتوقعها بولادتي مولودا من غير زوج، وعلى غير عادة، وكنت شيئا تافها منسيا لا يعبأ به أحد، ولا يخطر ببال انسان.
«بكيا» من قوله تعالى: {خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي» «بكيا» بكسر الباء، على ان مفرده «باك» فجمع على «بكوى» على وزن «فعول» فأصل الحرف الثاني الضم، ثم كسر لمناسبة الياء التي بعده، والتي اصلها الواو، لان الياء الساكنة يناسبها كسر ما قبلها، فلما كسر الحرف الثاني كسر الحرف الاول تبعا له ليعمل اللسان فيهما عملا واحدا.
وقرأ الباقون «بكيا» بضم الباء، وحجة ذلك ان الحرف الثاني كسر
__________
(1) سورة مريم الآية 23.
(2) قال ابن الجزري: ونسيا فافتحن فوز علا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 175 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 86 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 6.
(3) سورة مريم الآية 58.(1/229)
لمناسبة الياء كما سبق بيانه، وترك الحرف الاول مضموما على اصله، وهما لغتان (1).
«جثيا» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} (2).
«عتيا» من قوله تعالى: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمََنِ عِتِيًّا} (3).
«صليا» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى ََ بِهََا صِلِيًّا} (4).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي» بكسر الجيم في «جثيا» والعين في «عتيا» والصاد في «صليا»، وذلك ان هذه الاسماء جمع «جاث، وعات، وصال» جمع على «فعول» فأصل الثاني منها الضم، لكن كسر لمناسبة الياء التي بعده التي اصلها واو في «جثي، وعتي» لأن الياء الساكنة لا يكون قبلها ضمة فاما كسر الثاني اتبع كسرته كسر الاول، فكسر للاتباع ليعمل اللسان فيه عملا واحدا.
وقرأ الباقون بضم الحروف الثلاثة، وذلك على ترك الحرف الاول مضموما على اصله، وهما لغتان (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: بكيا بكسر ضمه رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 173.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 8584.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 9.
(2) سورة مريم الآية 68.
(3) سورة مريم الآية 69.
(4) سورة مريم الآية 70.
(5) قال ابن الجزري:
بكيا بكسر ضمه رضى عتيا * * * معه صليا وجثيا عن رضى النشر في القراءات العشر ج 3ص 173.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 8584.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 11.(1/230)
«ولدا» من قوله تعالى: {وَقََالَ لَأُوتَيَنَّ مََالًا وَوَلَداً} (1).
ومن قوله تعالى: {وَقََالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمََنُ وَلَداً} (2).
ومن قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمََنِ وَلَداً} (3).
ومن قوله تعالى: {وَمََا يَنْبَغِي لِلرَّحْمََنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} (4).
«ولد» من قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كََانَ لِلرَّحْمََنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعََابِدِينَ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي» المواضع الخمسة بضم الواو، وسكون اللام، جمع «ولد»، نحو: «أسد، وأسد».
وقال «الأخفش الأوسط»: «الولد» بالفتح الابن، والابنة و «الولد» بالضم الاهل.
وقرأ الباقون بفتح الواو واللام في الالفاظ الخمسة، اسم مفرد قائم مقام الجمع.
وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، كالبخل، والبخل، والعرب، والعرب (6).
«سوى» من قوله تعالى: {لََا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلََا أَنْتَ مَكََاناً سُوىً} (7)
__________
(1) سورة مريم الآية 77.
(2) سورة مريم الآية 88.
(3) سورة مريم الآية 91.
(4) سورة مريم الآية 92.
(5) سورة الزخرف الآية 81.
(6) قال ابن الجزري: ولدا مع الزخرف فاضمم أسكنا رضى النشر في القراءات العشر ج 3 ص 178.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 92.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 12.
(7) سورة طه الآية 58.(1/231)
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «سوى» بضم السين.
وقرأ الباقون «سوى» بكسر السين.
والضم، والكسر لغتان مثل «طوى» بضم الطاء، وكسرها، و «سوى» نعت «لمكانا» ومعناه: مكانا نصفا فيما بين الفريقين، اي وسطا تستوي اليه مسافة الجائي من الطرفين، و «فعل» بكسر الفاء، وفتح العين: قليل في الصفات، نحو: «عدى» و «فعل» بضم الفاء، وفتح العين، كثير في الصفات نحو: «لبد» وحطم» (1).
المعنى: افحم نبي الله «موسى» عليه السّلام «فرعون» بالحجة والبرهان، خشي «فرعون» ان يتبع الناس سيدنا «موسى» ويؤمنوا به، فقال له «فرعون»: اجئتنا يا موسى لتخرجنا من ارضنا، وتستولي عليها بسحرك، فلنأتيك بسحر مثله، وحينئذ سيظهر كذبك، وانك برسول كما تدعي، فاجعل بيننا وبينك موعدا يحضره القوم، وليشهدوا المباراة التي ستقوم بينك وبين السحرة، واننا لواثقون من قوة سحرتنا، ولذلك فلن نخلف هذا الموعد كما ينبغي عليك ايضا لا تخلفه لأنك انت الذي ستضربه وتختار مكانه وزمانه.
«اثري» من قوله تعالى: قال هم اولاء على أثري (2).
وقرأ الباقون قرأ «رويس» «اثري» بكسر الهمزة، وسكون الثاء (3).
__________
(1) قال ابن الجزري:
سوى بكسره اضمم * * * نل كم فتى ظن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 182.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 98.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 19.
(2) سورة طه الآية 84.
(3) قال ابن الجزري: وأثرى فاكسر وسكن غث.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 186.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 25. واتحاف فضلاء البشر ص 306.(1/232)
وهما لغتان بمعنى بعدي، يقال: جاء على اثره بمعنى جاء بعده ولم يتخلف عنه طويلا.
قال «الراغب»: «اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده، يقال: «اثر، واثر» والجمع «آثار» ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار، نحو قوله تعالى: {فَهُمْ عَلى ََ آثََارِهِمْ يُهْرَعُونَ}. وقوله: {هُمْ أُولََاءِ عَلى ََ أَثَرِي} 1هـ (1).
«زهرة» من قوله تعالى: {وَلََا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ََ مََا مَتَّعْنََا بِهِ أَزْوََاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (2).
قرأ «يعقوب» «زهرة» بفتح الهاء.
وقرأ الباقون «زهرة» بسكون الهاء.
والفتح، والاسكان لغتان بمعنى «الزينة» (3).
المعنى: بما ان الحياة الدنيا عرض زائل، ونعيم غير دائم، فقد تضمنت هذه الآية لفت نظر الرسول صلى الله عليه وسلم بان لا يتطلع الى ذلك النعيم الذي انعم الله به عز وجل على بعض الكفار، واليهود، والمشركين لان هذا النعيم ما هو الا ابتلاء، واختبار لهم، اما النعيم الذي اعده الله لنبيه، ولسائر المسلمين فه، نعيم دائم، وافضل بكثير من نعيم الدنيا.
«وحرام» من قوله تعالى {وَحَرََامٌ عَلى ََ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا أَنَّهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (4).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 9.
(2) سورة طه الآية 131.
(3) قال ابن الجزري: زهرة حرك ظاهرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 189.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 30.
(4) سورة الأنبياء الآية 95.(1/233)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي» «وحرم» بكسر الحاء، وسكون الراء، وحذف الالف.
وقرأ الباقون «وحرام» بفتح الحاء، والراء، واثبات الالف، وهما لغتان في وصف الفعل الذي وجب تركه، يقال: هذا حرم وحرام، كما يقال فيما ابيح فعله هذا حل وحلال (1).
المعنى: سبق قضاء الله تعالى الذي لا راد لحكمه بانه ممتنع على كل قرية اهلك الله اهلها بالعذاب في الدنيا انهم يعودون الى الدنيا مرة اخرى، وبناء عليه تكون «لا» في قوله تعالى: {أَنَّهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} زائدة.
«فكأين» من قوله تعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ} (3)
قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «فكائن» بالف ممدودة بعد الكاف، وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه، ومثلها في الحكم «وكأين» الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط، والقصر.
وقرأ الباقون «فكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف وبعدها ياء مكسورة مشددة، ومثلها في الحكم «وكأين» وهما لغتان بمعنى كثير (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: حرم اكسر سكن اقصر صف رضى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 194.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 114.
والمهذب في القراءات العشر ج 12ص 41.
(2) سورة الحج الآية 45.
(3) سورة الحج الآية 48.
(4) قال ابن الجزري: كائن كأين ثل دم وقال: وفي كائن واسرائيل ثبت انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 13 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 51.(1/234)
«هيهات هيهات» من قوله تعالى: {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ لِمََا تُوعَدُونَ} (1)
قرأ «ابو جعفر» هيهات «هيهات» معا بكسر التاء فيهما، وهي لغة «تميم» وأسد.
وقرأ الباقون بفتح التاء فيهما، وهي لغة «اهل الحجاز».
وهيهات اسم فعل ماض بمعنى بعد (2).
«رأفة» من قوله تعالى: {وَلََا تَأْخُذْكُمْ بِهِمََا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللََّهِ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} (4)
قرأ «قنبل» «رأفة» في النور بفتح الهمزة بدون مد، واختلف عنه في سورة الحديد فروى عنه فتح الهمزة والف بعدها، وروى عنه اسكان الهمزة.
وقرأ «البزي» «رأفة» في النور بوجهين: الاول فتح الهمزة بدون مد، والثاني تسكين الهمزة، اما موضع الحديد فقد قرأه باسكان الهمزة قولا واحدا.
وقرأ الباقون باسكان الهمزة في الموضعين قولا واحدا (5).
وهما لغتان في مصدر «رأف يرأف» والرأفة: ارق انواع الرحمة (6).
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 36.
(2) قال ابن الجزري: هيهات كسر التا معا ثب.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 204.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 60.
(3) سورة النور الآية 2.
(4) سورة الحديد الآية 26.
(5) قال ابن الجزري: ورأفة هدى خلف زكا * * * وحرك وامددا خلف الحديد زن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 209.
واتحاف فضلاء البشر ص 322.
(6) انظر الهادي الى تفسير كلمات القرآن ص 181.(1/235)
«خطوات» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّبِعُوا خُطُوََاتِ الشَّيْطََانِ} (1).
قرأ «نافع، وابو عمرو، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، والبزي» بخلف عنه، «خطوات» باسكان الطاء.
وقرأ الباقون بضم الطاء، والاسكان، والضم، لغتان (2).
«جيوبهن» من قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى ََ جُيُوبِهِنَّ} (3).
قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وحمزة، والكسائي، وشعبة بخلف عنه» بكسر الجيم، لمناسبة الياء.
وقرأ الباقون بضم الجيم على الاصل، وهو الوجه الثاني لشعبة (4).
والضم والكسر لغتان.
المعنى: على المؤمنات ان يسترن رءوسهن، واعناقهن، وصدورهن، بخمرهن، ولا يظهرن زينتهن ومواضعها منهن، كالصدر، والذراعين، وغيرهما، الا لمن يأتي ذكرهم لكثرة مخالطتهم للمرأة، وعدم توقع الفتنة من هذه المخالطة وهم:
__________
(1) سورة النور الآية 21.
(2) قال ابن الجزري: خطوات اذهد خلف صف فتى حفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 406.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 72.
(3) سورة النور الآية 31.
(4) قال ابن الجزري: بيوت كيف بكسر الضم الى قوله: عيون مع شيوخ مع جيوب صف من دم رضى والخلف في الجيم صرف انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 73.
واتحاف فضلاء البشر ص 155.(1/236)
ازواجهن، لانهم المقصودون بالتزين، ولهم ان ينظروا الى ابدان ازواجهن، او آبائهن، وان علوا، من جهة الآباء، او الامهات او آباء ازواجهن، او ابنائهن وإن سفلوا او ابناء ازواجهن، وان سفلوا، او اخوانهن، سواء كانوا من الاب، او من الأم، او منهما معا، او ابناء اخوانهن، او ابناء اخواتهن، او النساء المسلمات اللاتي على دينهن.
اما غير المسلمات فلا يجوز ان يبدين لهن الا ما يجوز ابداؤه للرجال الاجانب، الا ان تكون غير المسلمة امة، او ملكت ايمانهن من الاماء، والعبيد، ولو كانوا كفارا، او الذين يتبعون الناس للحصول على فضل طعامهم ولا مأرب لهم في النساء، اما لبلاهتهم، واما لانهم كبار السن ولا مطمع لهم في النساء.
وفي الخصي، والعنين خلاف.
او الأطفال الصغار الذين لم يطلعوا على عورات النساء، ولم يميزوا بينها وبين غيرها من الاعضاء، لعدم بلوغهم سن الشهوة.
«أيه المؤمنون» من قوله تعالى: وتوبوا الى الله جميعا ايه المؤمنون (1).
«ايه الساحر» من قوله تعالى: قالوا يا ايه الساحر (2).
«ايه الثقلان» من قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلََانِ} (3)
قرأ «ابن عامر» «ايه» في المواضع الثلاثة بضم الهاء وصلا، واسكانها وقفا.
وقرأ الباقون، بفتح الهاء، وحذف الالف وصلا، في المواضع الثلاثة ايضا، وجميع القراء وقف على الهاء مع الالف، الا «أبا عمرو، والكسائي، ويعقوب» فانهم وقفوا بالالف بعد الهاء.
__________
(1) سورة النور الآية 31.
(2) سورة الزخرف الآية 49.
(3) سورة الرحمن الآية 31.(1/237)
وجه من ضم الهاء انه حذف الالف في الوصل لالتقاء الساكنين، وحذفت من الخط لفقدها من اللفظ، فلما رأى الالف محذوفة من خط المصحف اتبع حركة الهاء حركة الياء قبلها.
ووجه من فتح الهاء في الوصل انه لما حذف الالف لالتقاء الساكنين، ابقى الفتحة على حالها تدل على الالف المحذوفة، فالفتح هو الاصل.
وجه من حذف الالف في الوقف انه اتبع الخط، واتبع اللفظ في الوصل، اذ لا الف في الخط، لأنه كتب على لفظ الوصل ولا الف في الوصل، فحذفها.
ووجه من وقف بالالف، ان الالف انما حذفت في الوصل لسكونها، وسكون ما بعدها، فلما وقف وزال ما بعدها ردها الى اصلها فأثبتها ولم يعرج على الخط، لأن الخط انما كتب على لفظ الوصل (1).
«وعيون» من قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنََاهُمْ مِنْ جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ} (2).
ومن قوله تعالى: {فِي جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ} (3).
قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» «عيون» في الموضعين بكسر العين.
وقرأ الباقون بضم العين، وهما لغتان (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: ها أيه الرحمن نور الزخرف * * * كم ضم قف رجا حما بالألف انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 73.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 136.
(2) قال ابن الجزري: عيون مع شيوخ مع جيوب صف من دم رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 93.
(3) سورة الشعراء الآية 57.
(4) سورة الشعراء الآية 147.(1/238)
«ساقيها» من قوله تعالى: {وَكَشَفَتْ عَنْ سََاقَيْهََا} (1).
«بالسوق» من قوله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنََاقِ} (2).
«على سوقه» من قوله تعالى: {فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى ََ عَلى ََ سُوقِهِ} (3).
قرأ «قنبل» «ساقيها، بالسوق، سوقه» بهمز الالف، والواو فيهن، وله في «سوقه» القراءة بهمزة مضمومة بعدها واو ساكنة قال «أبو حيان» همزها لغة فيها.
وحكى «الاخفش الاوسط» ان «أبا حية النميري»، الهيثم بن الربيع، كان يهمز الواو اذا انضم ما قبلها، كأنه يقدر الضمة عليها، فيهمزها، وهي لغة قليلة خارجة عن القياس» اهـ.
وقال «مكي بن ابي طالب»: «والذي قيل في همز «سباقيها» انه انما جاز همزة لجواز همزة الجمع، في قولك: «سئوق» واذا جمعت «ساقا» على «فعول» او جمعته على «افعل» نحو «اسؤق» همزت الواو فلما استمر الهمز في جمعه همز الواحد لهمزه في الجمع» اهـ.
وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بغير همز، على الاصل (4).
من هذا يتبين ان الهمز، وعدمه، لغتان، الا ان عدم الهمز افصح واشهر.
«جذوة» من قوله تعالى: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهََا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النََّارِ} (5)
__________
(1) سورة النمل الآية 44.
(2) سورة ص الآية 33.
سورة الفتح الآية 29.
(3) قال ابن الجزري: والسوق ساقيها وسوق اهمز زقا سؤق عنه
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 227.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 103، 181، 245.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 160.
(5) سورة القصص الآية 29.(1/239)
قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «جذوة» بضم الجيم.
و «عاصم» بفتحها، والباقون بكسرها، وكلها لغات.
والجذوة: القطعة الغليظة من الحطب، فيها نار ليس فيها لهب (1).
المعنى: بعد ان اتم نبي الله «موسى» عليه السّلام الاجل المتفق عليه مع «شعيب» بدا له ان يرجع الى «مصر» لزيارة اهله وعشيرته، وسار نبي الله «موسى» بأهله، فلما جن عليه الليل حط رحاله، ونظر فرأى في جانب الطور الايمن نارا، فأشار على اهله ان يبقوا في مكانهم حتى يذهب الى هذه النار فيأتيهم منها بقطعة فيها نار يستدفئون بها.
«أسوة» من قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللََّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2)
ومن قوله تعالى: {قَدْ كََانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرََاهِيمَ} (3).
ومن قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (4).
قرأ «عاصم» «اسوة» في المواضع الثلاثة بضم الهمزة، وهي لغة «قيس، وتميم».
وقرأ الباقون، بكسر الهمزة، وهي لغة «اهل الحجاز».
والأسوة: القدوة (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: وجذوة ضم فتى والفتح نم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 234.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 114.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 173.
(2) سورة الأحزاب الآية 12.
(3) سورة الممتحنة الآية 4.
(4) سورة الممتحنة الآية 6.
(5) قال ابن الجزري: وضم كسرا لدى أسوة في الكل نعم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 250.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 144. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 196(1/240)
«منسأته» من قوله تعالى: {مََا دَلَّهُمْ عَلى ََ مَوْتِهِ إِلََّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} (1).
قرأ «نافع، وابو عمرو، وابو جعفر» «منسأته» بألف بعد السين بدلا من الهمزة، يقال: نسأت الغنم: اذا سقتها، فأبدل من الهمزة المفتوحة الف، وكان الاصل ان تسهل بين بين، لكن البدل في هذا محكي مسموع عن العرب، وهو لغة «اهل الحجاز».
وقرأ «ابن ذكوان، وهشام» بخلف عنه «منسأته» بهمزة ساكنة بعد السين للتخفيف.
وقرأ الباقون «منسأته» بهمزة مفتوحة بعد السين، وهو الوجه الثاني «لهشام» وذلك على الاصل اسم الة على وزن «مفعلة» مثل «مكسنة» و «والمنساة»: العصا، وقد حكى «سيبويه» في تصغيرها «منيسئة» بالهمز، وقد قالوا في جمعها: «مناسئ» بالهمز، والتصغير، والجمع، يردان الاشياء الى اصولها في اكثر الكلام (2).
«شغل» من قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحََابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فََاكِهُونَ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو» «شغل» باسكان الغين.
وقرأ الباقون بضم الغين (4).
__________
(1) سورة سبأ الآية 14.
(2) قال ابن الجزري: منسأته أبدل حفا مدا سكون الهمز الخلف ملا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 255.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 152.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 203.
(3) سورة يس الآية 55.
(4) قال ابن الجزري: وشغل أتى حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 161.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.(1/241)
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «الشغل: العارض الذي يذهل الانسان، قال تعالى:
{فِي شُغُلٍ فََاكِهُونَ} اهـ (1).
«فواق» من قوله تعالى: {وَمََا يَنْظُرُ هََؤُلََاءِ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً مََا لَهََا مِنْ فَوََاقٍ} (2)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فواق» بضم الفاء، وهو لغة «تميم، وأسد، وقيس».
وقرأ الباقون «فواق» بفتح الفاء، وهو لغة «اهل الحجاز» (3)
«شيوخا» من قوله تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً} (4).
قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» «شيوخا» بكسر الشين لمناسبة الياء.
وقرأ الباقون بضم الشين على الاصل (5).
اذا فالضم والكسر لغتان.
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 263.
(2) سورة ص الآية 15.
(3) قال ابن الجزري: فواق الضم شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 276.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 179.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 231.
(4) سورة غافر الآية 67.
(5) قال ابن الجزري: بيوت كيف جا بكسر الضم الى قوله:
عيون مع شيوخ مع جيوب صف من دم رضى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.(1/242)
«نحسات» من قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيََّامٍ نَحِسََاتٍ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «نحسات» باسكان الحاء للتخفيف.
وقرأ الباقون، بالكسر، على الاصل، و «نحسات» صفة «لأيام» ومعنى «نحسات»: شديدة البرد، وقيل: مشئومات (2).
«سلفا» من قوله تعالى: {فَجَعَلْنََاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} (3)
قرأ «حمزة، والكسائي» «سلفا» بضم السين، واللام، جمع «سلف» مثل: «أسد وأسد».
وقيل: هو جمع «سليف» نحو: «رغيف، ورغف».
و «السليف»: المتقدم، والعرب تقول: مضى منا سالف، وسلف، وسليف.
وقرأ الباقون «سلفا» بفتح السين، واللام، على انه جمع «سالف» نحو:
«خادم، وخدم» (4).
__________
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 202.
واتحاف فضلاء البشر ص 155.
(1) سورة فصلت الآية 16.
(2) قال ابن الجزري: نحسات اسكن كسره حقا أبي انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 288.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 204.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 247.
(3) سورة الزخرف الآية 56.
(4) قال ابن الجزري: وسلفا ضما رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 296.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 221.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 260.(1/243)
«غشاوة» من قوله تعالى: {وَجَعَلَ عَلى ََ بَصَرِهِ غِشََاوَةً} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «غشوة» بفتح العين، واسكان الشين، وحذف الالف، على وزن «فعلة».
وقرأ الباقون «غشاوة» بكسر الغين، وفتح الشين، واثبات الالف، على وزن «فعالة».
وهم لغتان بمعنى واحد، وهو الغطاء (2).
«وفصاله» من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصََالُهُ ثَلََاثُونَ شَهْراً} (3)
قرأ «يعقوب» و «فصله» بفتح الفاء، واسكان الصاد بلا الف.
وقرأ الباقون «وفصاله» بكسر الفاء، وفتح الصاد، والف بعدها (4).
وهما مصدران مثل: «القتل، والقتال» وفصله، وفصاله، بمعنى فطامه من الرضاع.
«تنبيه» قوله تعالى: {وَفِصََالُهُ فِي عََامَيْنِ} (5).
اتفق القراء العشرة على قراءته «وفصاله» بكسر الفاء، وفتح الصاد، واثبات الف بعدها.
__________
(1) سورة الجاثية الآية 23.
(2) قال ابن الجزري: غشوة افتح اقصرن فتى رحا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 301.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 230.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 269.
(3) سورة الأحقاف الآية 15.
(4) قال ابن الجزري: وفصل في فصال ظبي انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 303.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 233.
واتحاف فضلاء البشر ص 391.
(5) سورة لقمان الآية 14.(1/244)
فان قيل: لماذا لم يرد في موضع لقمان الخلاف الذي ورد في موضع الاحقاف؟
اقول: القراءة سنة متبعة لا مجال للرأي فيها.
«وكأين» من قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنََاهُمْ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «وكائن» بالف ممدودة بعد الكاف، وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه.
الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط، والقصر.
وقرأ الباقون «وكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف، وبعدها ياء مكسورة مشددة.
وهما لغتان بمعنى كثير (2).
«آنفا» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قََالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مََا ذََا قََالَ آنِفاً} (3)
قرأ «البزي» بخلف عنه «انفا» بقصر الهمزة.
وقرأ الباقون «آنفا» بمد الهمزة، وهو الوجه الثاني «للبزي».
وهما لغتان بمعنى واحد، اي: ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء.
__________
(1) سورة محمد الآية 13.
(2) قال ابن الجزري: كائن في كأين ثل دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 13.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 238.
(3) سورة محمد الآية 16.(1/245)
والمعنى: انا لم نلتفت الى قوله (1):
و «آنفا» يراد به الساعة التي هي اقرب الاوقات وانتصابه على الظرفية: أي وقتا مؤتنفا.
قال «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311هـ «هو من استأنفت الشيء: اذا ابتدأته، وأصله مأخوذ من انف الشيء لما تقدم منه، مستعار من الجارحة» اهـ (2).
«شطاه» من قوله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (3)
قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان» «شطآه» بفتح الطاء.
وقرأ الباقون باسكان الطاء، وهما لغتان مثل:
«النهر والنهر» (4).
قال «الجوهري»، اسماعيل بن حماد الفارابي ت 393هـ:
شطا الزرع والنبات: فراخه، والجمع «اشطاء».
وقد أشطأ الزرع: خرج شطؤه: اهـ.
وقال «الاخفش، سعيد بن مسعدة «ت 215هـ:
__________
(1) قال ابن الجزري: وآسن اقصر دم آنفا خلف هدى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 306.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 239.
(2) تفسير فتح القدير ج 5ص 35.
(3) سورة الفتح الآية 29.
(4) قال ابن الجزري: شطأه حرك دلامز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 245.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 282.(1/246)
في قوله تعالى: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ}.: اي طرفه اهـ (1).
«فآزره» من قوله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} (2).
قرأ «ابن عامر» بخلف عن «هشام» «فأزره» بقصر الهمزة، على وزن «ففعله».
وقرأ الباقون «فآزره» بمد الهمزة على وزن «ففاعله» وهو الوجه الثاني «لهشام» والقصر، والمد لغتان (3).
ومعنى «فأزره» اي قواه، واعانه، وشده.
قال «الفراء» ت 217هـ: «آزرت فلانا آزره»: اذا قويته اهـ (4)
«الحجرات» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنََادُونَكَ مِنْ وَرََاءِ الْحُجُرََاتِ} (5)
قرأ «ابو جعفر» «الحجرات» بفتح الجيم.
وقرأ الباقون، بضم الجيم، وهما لغتان (6).
«المصيطرون» من قوله تعالى: {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} (7)
«بمصيطر» من قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (8)
__________
(1) انظر: الصحاح للجوهري مادة «شطأ» ج 1ص 57.
(2) سورة الفتح الآية 29.
(3) قال ابن الجزري: آزر اقصر ما جدا والخلف لا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 245.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 282.
(4) انظر: تفسير الفتح القدير ح ص 56.
(5) سورة الحجرات الآية 4.
(6) قال ابن الجزري: والحجرات فتح ضم الجيم ثر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 247.
(7) سورة الطور الآية 37.
(8) سورة الغاشية الآية 22.(1/247)
قرأ «هشام» المسيطرون، بمسيطر» بالسين فيهما.
وقرأ «خلف عن حمزة» باشمام الصاد صوت الزاي فيهما، وهذا لا يعرف الا بالمشافهة، والتلقي من افواه القراء.
وقرأ «خلاد» بوجهين: تارة بالاشمام مثل «خلف» واخرى بالصاد الخالصة، وذلك في الموضعين.
وقرأ «قنبل، وابن ذكوان، وحفص» بالسين، والصاد، فيهما وقرأ الباقون، بالصاد الخالصة في الموضعين.
وجه قراءة السين، انها على الاصل، ولو كانت الصاد هي الاصل ما رجعت اليه السين، لان الاقوى لا ينقل الى الاضعف، وانما ينقل الى الاقوى ابدا، والصاد اقوى من السين، لما في الصاد من صفتي: الاطباق، والاستعلاء، دون السين.
ووجه قراءة الصاد، لاجل الطاء، وليعمل اللسان عملا واحدا في الاطباق، والاستعلاء، الموجودين في الصاد، والطاء ووجه قراءة الاشمام انه لغة «قيس» (1)
«نكر» المجرور وهو في قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ} (2)
قرأ ابن كثير «نكر» باسكان الكاف.
__________
(1) قال ابن الجزري: والمصيطرون ضر في الخلق مع مصيطر والسين لي وفيهما الخلف زكي عن ملي.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 315.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 257، 331.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 292، 272.
(2) سورة القمر الآية 6.(1/248)
وقرأ الباقون بضم الكاف (1).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال الراغب: «النكر: الدهاء، والامر الصعب الذي لا يعرف» قال تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ} اهـ (2).
وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ إِلى ََ شَيْءٍ نُكُرٍ}:
أي الى شيء منكر فظيع، وهو موقف الحساب، وما فيه من البلاء، والاهوال» اهـ (3).
«شواظ» من قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمََا شُوََاظٌ مِنْ نََارٍ} (4)
قرأ «ابن كثير» «شواظ» بكسر الشين.
وقرأ الباقون، بضم الشين.
والكسر والضم لغتان (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: نكر دم انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 263.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 505.
(3) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 3ص 409.
(4) سورة الرحمن الآية 35.
(5) قال ابن الجزري: وكسر ضم شواظ دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 322.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 267.(1/249)
قال «الشوكاني»: «الشواظ»: اللهب الذي لا دخان معه.
وقال «مجاهد بن جبر» ت 104هـ: «الشواظ»: اللهب الاخضر، المتقطع من النار.
وقال «الضحاك بن مزاحم» ت 105هـ: «الشواظ»: الدخان الذي يخرج من اللهب وليس بدخان الحطب.
وقال «الاخفش الاوسط» و «ابو عمرو بن العلاء»: «هو النار والدخان جميعا» (1).
«عربا» من قوله تعالى: {فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً عُرُباً أَتْرََاباً} (2)
قرأ «شعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «عربا» باسكان الراء.
وقرأ الباقون بضم الراء (3).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة: «الحجازيين».
قال «الراغب»: «امرأة عروبة: معربة بحالها عن عفتها، ومحبة زوجها، وجمعها «عرب» قال تعالى: {عُرُباً أَتْرََاباً}
__________
(1) انظر: تفسير الشوكاني ج 5ص 137.
(2) سورة الواقعة الآية 37.
(3) قال ابن الجزري: وعربا في صفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 269.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
والمفردات في غريب القرآن ص 328.
ومختصر تفسير ابن كثير ح 3ص 433.(1/250)
وقرأ «ابن كثير» في تفسير «عربا» اي متحببات الى ازواجهن بالحلاوة، والظرافة، والملاحة» اهـ.
«انشزوا فانشزوا» من قوله تعالى: {وَإِذََا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} (1)
قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وابو جعفر، وشعبة» بخلف عنه «انشزوا فانشزوا» بضم الشين فيهما، وحالة البدء «بانشزوا» يبدءون بضم همزة الوصل، لضم الشين.
وقرأ الباقون، بكسر الشين فيهما، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وحالة البدء «بانشزوا» يبدءون بكسر همزة الوصل، لكسر الشين. وضم الشين، وكسرها لغتان بمعنى واحد، يقال: «نشز»: اي ارتفع ينشز، مثل:
«عكف يعكف ويعكف» بضم الكاف وكسرها (2).
والمعنى: اذا قيل لكم انهضوا فانهضوا.
قال جمهور المفسرين: اي انهضوا الى الصلاة، وعمل الخير، والجهد» الخ (3).
«خشب» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} (4)
قرأ «ابو عمرو، والكسائي، وقنبل بخلف عنه» «خشب» باسكان الشين.
__________
(1) سورة المجادلة الآية 11
(2) قال ابن الجزري: وانشزوا معا فضم الكسر عم عن صف خلفه انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 330.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 279.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 315.
(3) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 189.
(4) سورة المنافقون الآية 4.(1/251)
وقرأ الباقون بضم الشين وهو الوجه الثاني لقنبل (1).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «كأنهم خشب مسندة» شبهوا بذلك لقلة غنائهم، وهو جمع «الخشب» اهـ.
«نصوحا» من قوله تعالى: {تُوبُوا إِلَى اللََّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} (2)
قرأ «شعبة» «نصوحا» بضم النون، على انه مصدر «نصح» جاء على «فعول» بضم الفاء، وهو قليل، كما أتى مصدره ايضا على «فعالة» تقول:
نصح نصوحا، ونصاحة.
وقرأ الباقون «نصوحا» بفتح النون، على أنه مصدر «نصح»، او صيغة مبالغة مثل: «ضروب» اي توبة بالغة في النصح (3) قال «قتادة» بن دعامة السدوسي»: ت 118هـ: «التوبة النصوح» الصادقة وقال «الحسن البصري»: «التوبة النصوح» ان يبغض الذنب الذي احبه، ويستغفر منه اذا ذكره.
__________
(1) قال ابن الجزري: وخشب حط رها زد خلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 288.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
والمفردات في غريب القرآن ص 148.
(2) سورة التحريم الآية 8.
(3) قال ابن الجزري: ضم نصوحا صف انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 338.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 295.(1/252)
وقال «الكلبي محمد بن السائب» ت 146هـ: «التوبة النصوح: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والاقلاع بالبدن، والاطمئنان على ان لا يعود» اهـ (1).
«فسحقا» من قوله تعالى: {فَسُحْقاً لِأَصْحََابِ السَّعِيرِ} (2)
قرأ «ابن جماز، والكسائي، وابن وردان» بخلفهما «فسحقا» بضم الحاء.
وقرأ الباقون باسكان الحاء، وهو الوجه الثاني «للكسائي، وابن وردان» (3).
والاسكان والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «الراغب»: «سحقه اي جعله باليا، قال تعالى: {فَسُحْقاً لِأَصْحََابِ السَّعِيرِ} (4).
وقال «العكبري»: «فسحقا» اي فالزمهم سحقا، او فاسحقهم سحقا» اهـ (5).
__________
(1) انظر: تفسير الشوكاني ح 2ص 254.
(2) سورة الملك الآية 11.
(3) انظر ابن الجزري: سحقا ذق وخلفا رم خلا النشر في القراءات العشر ح 2ص 407.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 296.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 226.
(5) انظر: املاء ما من به الرحمن ح 2ص 265.(1/253)
وقال «مكي بن ابي طالب»: «فسحقا» نصب على اضمار فعل، اي الزمهم الله سحقا، قيل: هو مصدر جعل بدلا من اللفظ بالفعل» اهـ (1).
«سأل» من قوله تعالى: {سَأَلَ سََائِلٌ بِعَذََابٍ وََاقِعٍ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» سال «بابدال الهمزة الفا، فتصير مثل «فال» وهي لغة «قريش».
وهي من «السؤال» ابدلت همزته على غير قياس عند «سيبويه» لان القياس تسهيل الهمزة بينها وبين الالف، وهو المعروف بالتسهيل بين بين.
ومن الابدال على هذا النحو قول «حسان بن ثابت» رضي الله عنه:
سالت هذيل رسول الله فاحشة * * * ضلت هذيل بما جاءت ولم تصب وقرأ الباقون «سأل» بالهمزة، وهي اللغة الفاشية، وهي من «السؤال» ايضا ويوقف عليها «لحمزة» بالتسهيل بين بين (3).
«وولده» من قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مََالُهُ وَوَلَدُهُ إِلََّا خَسََاراً} (4)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر».
«وولده» بضم الواو الثانية، واسكان اللام.
وقرأ الباقون «وولده» بفتح الواو، واللام، وهما لغتان بمعنى:
__________
(1) مشكل اعراب القرآن ح 2ص 392.
(2) سورة المعارج الآية 1.
(3) قال ابن الجزري: سال أبدل في سأل عم انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 341.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 302.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 334.
(4) سورة نوح الآية 21.(1/254)
مثل: «البخل والبخل»، وقيل المضموم جمع المفتوح مثل: أسد وأسد» (1).
قال «الجوهري»: «الولد» قد يكون واحدا، وجمعا، وكذلك «الولد» بالضم، ومن امثال «بني أسد»: «ولدك من دمي عقبيك» وقد يكون «الولد» جمع «الولد» مثل «أُسد وأسد» اهـ (2).
«ودا» من قوله تعالى: {وَلََا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلََا سُوََاعاً} (3)
قرأ «نافع، وابو جعفر» «ودا» بضم الواو.
وقرأ الباقون بفتح الواو، وهما لغتان بمعنى واحد، وهو اسم صنم (4).
قال «الماوردي»: «فاما «ود» فهو اول صنم معبود، سمي «ودا» لودهم له.
وكان بعد قوم نوح «لكلب» (5) بدومة الجندل، وفيه يقول شاعرهم:
حياك ود فاذا لا يحل لنا * * * لهو النساء ان الدين قد غربا (6)
«لبدا» من قوله تعالى: {كََادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} (7)
__________
(1) قال ابن الجزري: ولده اضمم مسكنا حق شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 343.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 306.
(2) انظر: الصحاح للجوهري مادة «ولد» ج 2ص 553.
(3) سورة نوح الآية 23.
(4) قال ابن الجزري: ودا بضمه مدا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 343.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 306.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 337.
(5) كلب: حي عظيم من قضاعة.
(6) انظر: تفسير الشوكاني ج 5ص 300.
(7) سورة الجن الآية 19.(1/255)
قرأ «هشام» بخلف عنه «لبدا» بضم اللام، جمع «لبدة» على وزن «فعلة» بضم فاء الكلمة، وسكون العين، نحو «غرفة وغرف» ومعنى «لبدا» بضم اللام: كثيرا، كما في قوله تعالى:
{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مََالًا لُبَداً} (1)
وقال «مجاهد بن جبر» ت 104هـ: «لبدا» اي جماعات، وهو من تلبد الشيء، اي «اجتمع» ومنه «اللبد» الذي يفرش لتراكم صوفه، وكل شيء ألصقته إلصاقا شديدا فقد لبدته» اهـ (2).
وقرأ الباقون «لبدا» بكسر اللام، وهو الوجه الثاني «لهشام» على انه جمع «لبدة» على وزن «فعلة» بكسر الفاء، وسكون العين، نحو: «سدرة، وسدر» (3).
ومعنى «لبدا» بكسر اللام: كاد الجن يكونون لبدا، اي متراكمين من ازدحامهم على النبي صلى الله عليه وسلم لسماع «القرآن» منه.
وقال «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311هـ:
معنى «لبدا»: يركب بعضهم بعضا» اهـ (4).
«ثلثي» من قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى ََ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} (5)
قرأ «هشام» «ثلثي» بسكون اللام.
__________
(1) سورة البلد الآية 6.
(2) انظر تفسير الشوكاني ح 5ص 309.
(3) قال ابن الجزري: الكسر اضمم من لبدا بالخلف لذ انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 345.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 308.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 342.
(4) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 309.
(5) سورة المزمل الآية 20.(1/256)
وقرأ الباقون بضم اللام (1).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، هو لغة «الحجازيين».
«والرجز» من قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (2)
قرأ «حفص، وابو جعفر، ويعقوب» و «الرجز» بضم الراء لغة «اهل الحجاز» وقرأ الباقون، بكسر الراء، لغة «تميم» (3)
قال «الجوهري»: «وقرئ قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}. بالكسر والضم.
وقال «ابو العالية، والربيع، والكسائي»: «الرجز» بالضم: «الوثن».
وبالكسر: «العذاب» اهـ (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: وثلثي لبسا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 408.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 310.
واتحاف فضلاء البشر ص 142.
(2) سورة المدثر الآية 5.
(3) قال ابن الجزري: الرجز اضمم لكسر عبا ثوى انظر: النشر في القراءات ح 3ص 347.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 311.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 347.
(4) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 325.(1/257)
«برق» من قوله تعالى: {فَإِذََا بَرِقَ الْبَصَرُ} (1)
قرأ «نافع، وابو جعفر» «برق» بفتح الراء، اي لمع بصره من شدة شخوصه عند الموت.
وقرأ الباقون «برق» بكسر الراء، اي فزع، وبهت وتحير (2).
وقال «ابو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ: «فتح الراء وكسرها لغتان بمعنى.
«عذرا» من قوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (3)
قرأ «روح» «عذرا» في موضع المرسلات فقط بضم الذال.
وقرأ الباقون باسكان الذال (4).
والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
قال «العكبري»: وفي «عذرا او نذرا» وجهان:
احدهما مصدر ان يسكن اوسطهما ويضم.
__________
(1) سورة القيامة الآية 7.
(2) قال ابن الجزري: را برق الفتح مدا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 348.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 313.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 350.
وتفسير الشوكاني ح 5ص 336.
(3) سورة المرسلات الآية 6.
(4) قال ابن الجزري: وعذرا أو شرط.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 408.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 317.
واتحاف فضلاء البشر ص 143.(1/258)
والثاني هما جمع عذير، ونذير، فعلى الاول ينتصبان على المفعول له، او على البدل من «ذكرا» وعلى الثاني هما حالان من الضمير في «الملقيات»: اي معذرين، ومنذرين» اهـ.
تنبيه «عذرا» من قوله تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} (1)
اتفق القراء العشرة على قراءته باسكان الذال، على الاصل وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
«نذرا» من قوله تعالى: {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (2)
قرأ «ابو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نذرا» باسكان الذال.
وقرأ الباقون بضم الذال (3).
والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم:
والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم وأسد».
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين».
«والوتر» من قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (4)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «والوتر» بكسر الواو، لغة «تميم».
__________
(1) سورة الكهف الآية 76.
(2) سورة المرسلات الآية 6
(3) قال ابن الجزري: نذر حفظ صحب انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 408.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 317.
واتحاف فضلاء البشر ص 143.
(4) سورة الفجر الآية 3.(1/259)
وقرأ الباقون، بفتح الواو، لغة «اهل الحجاز».
«والوتر» ضد «الشفع» (1).
«لهب» من قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدََا أَبِي لَهَبٍ} (2)
قرأ «ابن كثير» «لهب» باسكان الهاء.
وقرأ الباقون، بفتح الهاء، وهما لغتان مثل: «النهر، والنهر» (3)
«تنبيه»: «لهب» من قوله تعالى: {سَيَصْلى ََ نََاراً ذََاتَ لَهَبٍ} (4)
«اللهب» من قوله تعالى: {لََا ظَلِيلٍ وَلََا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} (5)
اتفق القراء العشرة على فتح الهاء فيهما.
«كفوا» من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (6)
قرأ «حفص» بابدال الهمزة واوا في الحالين، مع ضم الفاء.
وقرأ «حمزة» «كفؤا» بالهمزة وصلا مع إسكان الفاء، وله وقفا وجهان:
الاول: نقل حركة الهمزة الى الفاء، وحذف الهمزة.
__________
(1) قال ابن الجزري: وكسر الوتر رد فتى النشر في القراءات العشر ح 3ص 364.
والمهذب في القراء العشر ح 2ص 332.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 372.
(2) سورة المسد الآية 1.
(3) قال ابن الجزري: وها أبي لهب سكن دينا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 372.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 390.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 343.
(4) سورة المسد الآية 3.
(5) سورة المرسلات الآية 31.
(6) سورة الاخلاص الآية 4.(1/260)
والثاني: ابدال الهمزة واوا على الرسم، مع اسكان الفاء.
وقرأ «يعقوب. وخلف العاشر» «هزؤا» بالهمزة مع اسكان الفاء في الحالين.
وقرأ الباقون «هزءا» بالهمزة مع ضم الفاء في الحالتين (1).
وجه الهمز انه الاصل، والابدال للتخفيف.
ووجه الضم في الفاء انه جاء على الاصل، ووجه الاسكان للتخفيف وكلها لغات.
__________
(1) قال ابن الجزري، وأبدلا عد هزؤا مع كفؤا هزؤا سكن ضم فتى كفؤا فتى ظن.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 406.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 344.
واتحاف فضلاء البشر ص 138.(1/261)
الفصل الثاني من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق
لقد تتبعت قراءات «القرآن» واقتبست منها الكلمات التي قرئت بوجهين او اكثر، وكان سبب اختلاف «اللهجات» التي ترجع الى «اصل الاشتقاق» وتفصيل ذلك فيما يلي:
«يبشرك» من قوله تعالى: {أَنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ََ} (1)
ومن قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} (2)
«يبشر» من قوله تعالى: {إِنَّ هََذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصََّالِحََاتِ} (4)
ومن قوله تعالى: {ذََلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللََّهُ عِبََادَهُ} (5)
__________
(1) سورة آل عمران الآية 39.
(2) سورة آل عمران الآية 45.
(3) سورة الاسراء الآية 9.
(4) سورة الكهف الآية 2.
(5) سورة الشورى الآية 23.(1/262)
«نبشرك» من قوله تعالى: {إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ عَلِيمٍ} (1)
ومن قوله تعالى: {يََا زَكَرِيََّا إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ} (2)
«يبشرهم» من قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ} (3)
قرأ «حمزة» المواضع الثمانية بفتح الياء من لفظ «يبشر» والنون من لفظ «نبشر» واسكان الباء، وضم الشين مخففة.
وقرأ «الكسائي» مثل قراءة «حمزة» في المواضع الخمسة الآتية:
موضعي آل عمران وموضع الاسراء وموضع الكهف وموضع الشورى.
وقرأ المواضع الثلاثة الباقية مثل قراءة جمهور القراء:
بضم الباء من لفظ «يبشر» والنون من لفظ «نبشر».
وفتح الباء، وكسر الشين مشددة.
وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» مثل قراءة «حمزة» في موضع الشورى فقط.
وقرأ الباقون بضم الياء من: «يبشر» والنون من «نبشر» وفتح الياء، وكسر الشين مشددة، ومثلهم «ابن كثير، وابو عمرو» في غير موضع.
والتخفيف لغة «تهامة» وهو فعل مضارع من «بشر» بتخفيف العين. تتغير عنده بشرة الوجه وتنبسط عادة.
والتشديد لغة «اهل الحجاز» وهو فعل مضارع من «بشر» مضعف العين، يقال: «بشره يبشره تبشيرا».
__________
(1) سورة الحجر الآية 53.
(2) سورة مريم الآية 7.
(3) سورة التوبة الآية 21.(1/263)
ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل الاشتقاق:
فالتخفيف من «بشر» مخفف العين، والتشديد من «بشر» مضعف العين.
تنبيه: «تبشرون» من قوله تعالى: {قََالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى ََ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته بتشديد الشين. وذلك لمناسبة ما قبله وبعده من الافعال المجمع على قراءتها بالتشديد (2). وغير ذلك فالقراءة سنة متبعة مبنية على التوقيف. جاء في «المفردات»: «ابشرت الرجل» وبشرته (3)
وبشرته (4): «اخبرته بسار بسط بشرة وجهه. وذلك ان النفس اذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجرة. وبين هذه الالفاظ فروق، فان «بشرته» بتخفيف الشين: «عام»، «وابشرته» نحو «احمدته» و «بشرته» بتشديد الشين:
على التكثير.
«وابشر» يكون لازما، ومتعديا، يقال: «بشرته» بتخفيف الشين «فابشر» اي استبشر، «وابشرته».
وقرئ «يبشرك» بتشديد الشين، «ويبشرك» بضم الشين مخففة «ويبشرك» بضم الياء، وسكون الباء، وكسر الشين مخففة، قال الله تعالى: {قََالُوا لََا تَوْجَلْ إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ عَلِيمٍ قََالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى ََ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قََالُوا بَشَّرْنََاكَ بِالْحَقِّ} (5).
__________
(1) سورة الحجر الآية 54.
(2) قال ابن الجزري: يبشر اضمم شددن.
كسر كالاسرى الكهف والعكس رضى وكاف أولى الحجر توبة فضا ورم رضا حلا الذي يبشر انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 7.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 343.
(3) بتشديد الشين.
(4) بتخفيف الشين.
(5) سورة الحجر الآية 5553.(1/264)
«واستبشر». اذا وجد ما يبشره من الفرج، قال تعالى:
{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ} (1).
ويقال للخبر السار: «البشارة، والبشرى» (2).
قال تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرى ََ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ} اهـ (3).
«يحسبهم» كيف وقع وكان فعلا مضارعا، نحو قوله تعالى:
{يَحْسَبُهُمُ الْجََاهِلُ أَغْنِيََاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (4)
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وابو جعفر» بفتح السين، وهو لغة «تميم».
وقرأ الباقون بكسر السين، وهو لغة أهل «الحجاز» (5).
والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق:
فالاولى: من «حسب يحسب» نحو: «علم يعلم».
والثانية: من «حسب يحسب» نحو: «ورث يرث».
قال «الزبيدي» في التاج مادة «حسب»: «حسبه كنصره يحسبه حسبا على القياس، صرح به «ثعلب، والجوهري وابن سيده» وحسبانا بالضم نقله «الجوهري» وحكاه «ابو عبيد» عن «ابي زيد».
__________
(1) سورة آل عمران الآية 171.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «بشر» ص 48.
(3) سورة يونس الآية 64.
(4) سورة البقرة الآية 273.
(5) قال ابن الجزري: ويحسب مستقبلا بفتح سين كتبوا في نص ثبت انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 445.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 107.
واتحاف فضلاء البشر ص 165.(1/265)
وفي التهذيب: حسبت الشيء احسبه حسبانا بالكسر وحسابا، ذكره «الجوهري» وغيره.
قال الازهري: «وانما سمى الحساب في المعاملة حسابا، لانه يعلم به ما فيه كفاية ليس فيها زيادة على المقدار، ولا نقصان» اهـ (1).
وقال الراغب» في مادة «حسب»: «الحساب استعمال العدد، يقال: حسبت: بفتح السين، احسب بكسر السين حسابا، وحسبانا بضم الحاء قال تعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسََابَ} (2).
وقال تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبََاناً} الى ان قال: قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئََاتِ}، {وَلََا تَحْسَبَنَّ اللََّهَ غََافِلًا عَمََّا يَعْمَلُ الظََّالِمُونَ}، {فَلََا تَحْسَبَنَّ اللََّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} (3) فكل ذلك مصدره «الحسبان» بكسر الحاء والحسبان: ان يحكم لاحد النقيضين من غير ان يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الاصبع بضم الهمزة والباء، ويكون بعرض ان يعتريه فيه شك، ويقارب ذلك الظن، لكن الظن ان يخطر بضم الياء النقيضين بباله فيغلب احدهما على الآخر» اهـ (4).
«يعكفون» من قوله تعالى: {فَأَتَوْا عَلى ََ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى ََ أَصْنََامٍ لَهُمْ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي» وخلف العاشر بخلف عن «ادريس» «يعكفون» بكسر الكاف، وهي لغة «أسد».
ونحن اذا ما علمنا ان كلا من «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» يمثل
__________
(1) انظر: تاج العروس شرح القاموس ح 1ص 210.
(2) سورة يونس الآية 5
(3) تخريج الآيات حسب ورودها: العنكبوت 4إبراهيم 42إبراهيم 47البقرة 214 وآل عمران 142.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 118116.
(5) سورة الاعراف الآية 138.(1/266)
قراءة الكوفة، ادركنا السر في قراءتهم، حيث انها كانت متمشية مع لهجة «أسد» اذ نزح البعض من قبيلة «أسد» الى الكوفة.
وقرأ باقي القراء العشرة «يعكفون» بضم الكاف، وهو الوجه الثاني عن «ادريس» وهذه القراءة لغة بقية العرب (1).
ونحن اذا ما انعمنا النظر في هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل الاشتقاق.
حيث ان القراءة الاولى من «عكف يعكف» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع مثل «ضرب يضرب».
والقراءة الثانية من «عكف يعكف» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع، مثل: «نصر، ينصر».
يقال: عكف على الشيء، بمعنى اقام عليه.
والعكوف: الاقبال على الشيء، وملازمته على سبيل التعظيم له.
والاعتكاف في الشرع. هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة.
ويقال: عكفته على كذا، اي حبسته عليه (2).
ويقال: «عكف» على الشيء «عكوفا» و «وعكفا» من بابي: «قعد وضرب»: لازمه، وواظبه.
كما يقال: «عكفت» الشيء «اعكفه» و «اعكفه» بضم الكاف،
__________
(1) قال ابن الجزري: يعكف اكسر ضمه شنا وعن ادريس خلفه انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 79.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 250.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 236.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 342.(1/267)
وكسرها حبسته، ومنه «الاعتكاف» وهو «افتعال» لانه حبس النفس عن التصرفات العادية.
ويقال: «عكفته» عن حاجته: منعته (1).
«يبطشون» من قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهََا} (2).
«يبطش» من قوله تعالى: {فَلَمََّا أَنْ أَرََادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمََا} (3).
«نبطش» من قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ََ} (4).
قرأ «ابو جعفر» «يبطشون، يبطش، نبطش» بضم الطاء على انه مضارع «بطش يبطش» نحو: «خرج يخرج».
وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بكسر الطاء، على انه مضارع «بطش يبطش» نحو: «ضرب يضرب» (5).
يقال: «بطش به بطشا» من باب «ضرب يضرب ضربا» وفي لغة من باب «قتل يقتل قتلا».
و «البطش»: الاخذ بعنف (6).
«ضعفا» من قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللََّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} (7).
__________
(1) انظر: المصباح المنير ح 2ص 424.
(2) سورة الاعراف الآية 195.
(3) سورة القصص الآية 19.
(4) سورة الدخان الآية 16.
(5) قال ابن الجزري: يبطش كله بضم كسر ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 80.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 360، ح 2ص 112، 225.
(6) انظر: المصباح المنير ح 1ص 51.
(7) سورة الانفال الآية 66.(1/268)
قرأ «ابو جعفر» «ضعفاء» بضم الضاد، وفتح العين والفاء، وبعدها الف، وبعد الالف همزة مفتوحة بلا تنوين، جمع «ضعيف» مثل: «ظريف وظرفاء».
وقرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «ضعفا» بفتح الضاد.
وقرأ الباقون «ضعفا» بضم الضاد (1).
و «الضعف» بفتح الضاد لغة «تميم» وبضمها لغة «قريش»: خلاف القوة، والصحة.
فالمضموم مصدر «ضعف» بضم العين، مثل: «قرب قربا».
والمفتوح مصدر «ضعف» بضم العين، من باب «قتل».
ومنهم من يجعل المفتوح في الرأي، والمضموم في الجسد، وهو «ضعيف».
والجمع «ضعفا» و «ضعاف» ايضا، وجاء «ضعفة» بفتح الضاد والعين، و «ضعفي» بفتح الضاد، وسكون العين، لان «فعيلا، اذا كان صفة وهو بمعنى «مفعول» جمع على «فعلى» مثل: «قتيل وقتلى» و «جريح وجرحى» قال «الخليل بن احمد الفراهيدي» ت 170هـ:
«هلكى، وموتى، هابا الذي ان المعنى معنى «مفعول».
__________
(1) قال ابن الجزري:
ضعفا فحرك لا تنون مد ثب * * * والضم ففتح نل فتى انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 92.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 495.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 271.
وحجة القراءات ص 313.(1/269)
وقالوا: «احمق وحمقى» و «انوك ونوكى» لانه عيب اصيبوا به فكان بمعنى معنى «مفعول».
وشذ من ذلك «سقيم من ذلك «سقيم» فجمع على «سقام» بالكسر لا على «سقمى» ذهابا الى المعنى معنى «فاعل».
ولوحظ في «ضعيف» معنى «فاعل» فجمع على «ضعاف» «وضعفه» مثل «كافر وكفرة».
ويقال: «اضعفه» الله «فضعف» فهو «ضعيف».
و «ضعف عن الشيء»: عجز عن احتماله.
و «استضعفته»: رأيته «ضعيفا» او جعلته كذلك (1).
«يعزب» من قوله تعالى: {وَمََا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقََالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلََا فِي السَّمََاءِ} (2).
ومن قوله تعالى: {لََا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقََالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَلََا فِي الْأَرْضِ} (3).
قرأ «الكسائي» «يعزب» في الموضعين بكسر الزاي.
وقرأ الباقون بضم الزاي، والكسر والضم لغتان في مضارع «عزب» نحو:
«يعرش» مضارع «عرش» و «يعكف» مضارع «عكف» (4)
__________
(1) انظر: المصباح المنير ح 2ص 362.
(2) سورة يونس الآية 61.
(3) سورة سبأ الآية 3.
(4) قال ابن الجزري: اكسر يعزب ضما معا رم انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 108 والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 520.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 304، ح 2ص 150.
وحجة القراءات ص 334.(1/270)
يقال: «عزب» الشيء «عزوبا» من باب «قعد يقعد».
و «عزب» من بابي: «قتل، وضرب»: «غاب، وخفي» فهو «عازب» (1).
«يقنط» من قوله تعالى: {قََالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضََّالُّونَ} (2).
«يقنطون» من قول الله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمََا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذََا هُمْ يَقْنَطُونَ} (3).
«تقنطوا» من قول الله تعالى: {لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (4).
قرأ «ابو عمرو، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر».
«يقنط، يقنطون، تقنطوا» بكسر النون، وهي لغة «اهل الحجاز، وأسد» (5).
وقرأ الباقون بفتح النون، وهي لغة باقي العرب (6).
والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق:
فالقراءة الاولى مضارع «قنط يقنط» بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع مثل: «ضرب يضرب».
والقراءة الثانية مضارع «قنط يقنط» بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع، مثل: «تعب، يتعب» ومعنى «لا تقنطوا»: لا تيأسوا.
__________
(1) انظر: المصباح المنير ح 2ص 406.
(2) سورة الحجر الآية 56.
(3) سورة الروم الآية 36.
(4) سورة الزمر الآية 53.
(5) قال ابن الجزري: وكسرها اعلم دم كيقنط اجمعا: روى حما
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 140، والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 364.(1/271)
جاء في «المفردات»:
«القنوط» اليأس من الخير.
يقال: «قنط (1) يقنط (2) قنوطا، وقنط (3) يقنط (4) قنوطا (5).
وجاء في «اللسان»:
«القنوط»: اليأس، وفي «التهذيب: اليأس من الخير.
وقيل: اشد اليأس من الشيء.
و «القنوط» بضم القاف: المصدر و «قنط، يقنط، قنوطا» مثل: «جلس، يجلس، جلوسا» و «قنط (6) قنطا (7) وهو قانط»: «يئس».
وفيه لغة ثالثة: «قنط، يقنط، قنطا» مثل تعب، يتعب، تعبا» وقناطة، فهو «قنط».
واما «قنط، يقنط» بالفتح فيهما، و «قنط، يقنط» بالكسر فيهما، فانما هو على الجمع بين اللغتين، قاله «الاخفش» اهـ (8).
«لتبشر» من قوله تعالى: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ} (9).
__________
(1) بفتح القاف، والنون.
(2) بكسر النون.
(3) بكسر النون.
(4) بفتح النون.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «قنط» 413.
(6) بكسر النون.
(7) بفتح النون.
(8) انظر: لسان العرب مادة «قنط» ح 7ص 386.
(9) سورة مريم الآية 97.(1/272)
قرأ «حمزة» «لتبشر» بفتح التاء، واسكان الباء الموحدة، وضم الشين مع تخفيفها، من «البشر» وهو البشارة.
وقرأ الباقون «لتبشر» بضم التاء، وفتح الباء، وكسر الشين مع تشديدها، مضارع «بشر» مضعف العين.
والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو: الاخبار بأمر سار تتغير عنده بشرة الوجه، وتنبسط عادة.
والتخفيف لغة «تهامة».
والتشديد لغة «اهل الحجاز» (1).
«فيسحتكم» من قوله تعالى: {قََالَ لَهُمْ مُوسى ََ وَيْلَكُمْ لََا تَفْتَرُوا عَلَى اللََّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذََابٍ} (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، ورويس، وخلف العاشر» «فيسحتكم بضم الياء، وكسر الحاء، وهي لغة كل من نجد، وتميم» (3).
وقرأ الباقون «فيسحتكم» بفتح الياء، والحاء، وهي لغة الحجازيين» (4).
ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل
__________
(1) قال ابن الجزري: يبشر اضمم شددن كسرا كالاسرى الكهف والعكس رضى.
وكاف أولى الحجر توبة فضا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 7.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 343.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 12.
(2) سورة طه الآية 61.
(3) قال ابن الجزري: وضم كسر يسحت صحب غاب.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 182.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 20.(1/273)
«الاشتقاق، حيث ان القراءة الاولى مضارع «اسحته» من الثلاثي المزيد.
بالهمزة.
والقراءة الثانية مضارع «سحته» من الثلاثي المجرد.
يقال: «سحته، واسحته» بمعنى «سحقته واهلكته».
«ولا تصعر» من قوله تعالى: {وَلََا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنََّاسِ} (1).
قرأ «نافع، وابو عمرو وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
«ولا تصاعر» بألف بعد الصاد، وتخفيف العين، فعل امر من «صاعر» وهو لغة «اهل الحجاز».
وقرأ الباقون «ولا تصعر» بحذف الالف، وتشديد العين، فعل امر من «صعر» وهو لغة «تميم».
والصعر: مرض يصيب الابل في اعناقها فيميلها.
والمعنى: لا تمل خدك للناس، اي لا تعرض عنهم بوجهك تكبرا (2).
«فاعتلوه» من قوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى ََ سَوََاءِ الْجَحِيمِ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، ويعقوب» «فاعتلوه» بضم التاء.
وقرأ الباقون بكسر التاء، والضم، والكسر لغتان، في مضارع «عتل» مثل مضارع «عكف» و «حشر» ومعنى فاعتلوه: ردوه بعنف (4)
__________
(1) سورة لقمان الآية 18.
(2) قال ابن الجزري: تصاعر حل اذ شفا فخفف مد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 245.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 135.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 188.
(3) سورة الدخان الآية 47.
(4) قال ابن الجزري: وضم كسر فاعتلوه اذ كم دعا ظهرا.(1/274)
«ألتناهم» من قوله تعالى: {وَمََا أَلَتْنََاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (1).
قرأ «ابن كثير بخلف عن قنبل» «ألتناهم» بكسر اللام، على انه فعل ماض، من «ألت يألت» نحو: علم يعلم».
وروي عن «قنبل» وجه آخر وهو «وما لتناهم» بحذف الهمزة، مع كسر اللام، على انه فعل ماض، من «لات يليت» نحو: «باع يبيع».
وقرأ الباقون «ألتناهم» بفتح اللام، على انه فعل ماض، من «ألت يألت» نحو: «ضرب يضرب».
وكلها لغات بمعنى: «وما انقصناهم من عملهم من شيء».
والفعل على جميع القراءات مسند الى ضمير العظمة، جريا على السباق، لان قبله قوله تعالى: {أَلْحَقْنََا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (2).
«لم يطمثهن» من قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلََا جَانٌّ} (3).
ومن قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلََا جَانٌّ} (4).
قرأ «الكسائي» «يطمثهن» بضم الميم، وكسرها، في الموضعين، وقد ذكرت عدة اقوال في هذا الخلاف:
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 299.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 227.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 264.
(1) سورة والطور الآية 21.
(2) قال ابن الجزري: واكسر دم لام التنا حذف همز خلف زم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 315.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 255.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 291.
(3) سورة الرحمن الآية 56.
(4) سورة الرحمن الآية 74.(1/275)
فقد روى «ابن مجاهد» ت 324هـ: الضم، والكسر فيهما لا يبالي كيف يقرؤهما.
وروى الاكثرون التخيير في احدهما عن «الكسائي» بمعنى انه اذا ضم الاول كسر الثاني، واذا كسر الاول ضم الثاني.
والوجهان من التخيير وغيره ثابتان عن الكسائي نصا واداء، كما في النشر.
قال علماء القراءات: واذا اردت قراءتهما، وجمعهما في التلاوة.
فاقرأ الاول بالضم، ثم بالكسر، والثاني بالكسر ثم بالضم.
وقرأ الباقون «يطمثهن» في الموضعين، بكسر الميم فيهما.
والضم، والكسر لغتان في مضارع «طمث» (1).
قال «الفراء» ت 217هـ: «الطمث»: الافتضاض، وهو النكاح بالقدمية.
وقال المفسرون: لم يطأهن، ولم يغشهن، ولم يجامعهن قبلهم أحد» (2).
__________
(1) قال ابن الجزري: كلا يطمث بضم الكسر رم خلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 322.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 268.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 303.
(2) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 141.(1/276)
الفصل الثالث من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي
لقد تتبعت قراءات «القرآن» واقتبست منه الكلمات التي قرئت بوجهين او اكثر، وكان سبب اختلاف «اللهجات» التي ترجع الى «الجانب الصرفي» وتفصيل ذلك فيما يلي:
«حج» من قوله تعالى: {وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وابو جعفر، وخلف العاشر» «حج» بكسر الحاء، وهي لغة «نجد».
وقرأ الباقون بفتح الحاء، وهي لغة «اهل العالية، والحجاز، وأسد» (2).
__________
(1) سورة آل عمران الآية 97. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 131.
(2) قال ابن الجزري: وكسر حج عن شفا ثمن. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 353.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 11. واتحاف فضلاء البشر ص 178.(1/277)
وهما مصدران «لحج يحج» والفتح هو المصدر القياسي:
قال ابن مالك:
فعل قياس مصدر المعدي من ذي ثلاثة كرد ردا قال «الزبيدي» في مادة «حج»: «الحج»: القصد مطلقا، «حجه يحجه حجا»: قصده، وحججت فلانا، واعتمدته: قصدته، ورجل محجوج اي مقصود.
وقال جماعة «انه القصد لمعظم» وقيل: «هو كثرة القصد لمعظم» وهذا عند الخليل.
والحج: «الكف» كالحجحجة، يقال: حجحج عن الشيء، وحج» كف عنه والحج: القدوم، يقال: حج علينا فلان: اي قدم (1).
والحجج: الغلبة بالحجة، يقال: حجه يحجه حجا: اذا غلبه على حجته والحج: كثرة الاختلاف، والتردد، وقد حج بنو فلان فلانا: اذا اطالوا الاختلاف اليه.
وفي «التهذيب» تقول: أتيت فلانا اذا أتيته مرة بعد مرة.
فقيل: حج البيت، لانهم يأتونه كل سنة، قال «المخبل السعدي»:
واشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا (2).
اي يقصدونه، ويزورونه، وقال «ابن السكيت» يقول: اي الشاعر يكثرون الاختلاف اليه، هذا الاصل، ثم تعورف استعماله في «قصد مكة للنسك» اهـ
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 2ص 16.
(2) هذا البيت سبق أن استشهد بعجزه «الراغب».
الا أن بعض الالفاظ اختلفت في الروايتين.(1/278)
وفي «اللسان»: الحج: التوجه الى «البيت» بالاعمال المشروعة، فرضا، وسنة، تقول: «حججت البيت»، و «أحجه حجا» اذا قصدته.
وقال بعض الفقهاء: الحج: القصد، واطلق على المناسك لانها تبع لقصد مكة.
ويقول: حج البيت يحجه حجا وهو حاج والجمع «حجاج» كعمار، وزوار، يجمع على «حج» بالضم كبازل، وبزل، وعائذ، وعوذ، وانشد «ابو زيد» لجرير يهجو «الاخطل» ويذكر ما يفعله «الحجاف بن حكيم» السلمي من قتل «بني تغلب» قوم «الاخطل» بالبشر: وهو «ماء» لبني تميم:
قد كان في جيف بدجلة حرقت * * * او في الذين على الرحوب شغول وكان عافية النور عليهم * * * حج باسفل ذي المجاز نزول يقول: لما كثرت قتلى «بني تغلب» جافت الارض، فحرقوا ليزول نتنهم.
والرحوب: «ماء لبني تغلب» والمشهور رواية البيت «حج» بالكسر، وهو اسم الحاج، وعافية النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم.
«وذي المجاز»: من اسواق العرب.
ونقل شيخنا عن «ابن السكيت» «الحج» بالفتح: «القصد»، وبالكسر «القوم الحجاج» قلت: فيستدرك على المصنف ذلك.
وفي «اللسان» «الحج» بالكسر: «الحجاج» قال:
كأنما اصواتها بالبوادي اصوات حج من عمان عادي هكذا انشده «ابن دريد» بكسر الحاء.
«وهي حاجة من حواج بيت الله؟» بالاضافة اذا كن قد حججن، وان لم يكن قد حججن قلت: «حواج بيت الله» فتنصب «البيت» لأنك تريد التنوين في «حواج» الا انه لا ينصرف، كما يقال:
«هذا ضارب زيد امس» و «ضارب زيدا غدا» فتدل بحذف التنوين على انه قد ضربه، وباثبات التنوين على انه لم يضربه، كذا حققه «الجوهري» وغيره.(1/279)
«وهي حاجة من حواج بيت الله؟» بالاضافة اذا كن قد حججن، وان لم يكن قد حججن قلت: «حواج بيت الله» فتنصب «البيت» لأنك تريد التنوين في «حواج» الا انه لا ينصرف، كما يقال:
«هذا ضارب زيد امس» و «ضارب زيدا غدا» فتدل بحذف التنوين على انه قد ضربه، وباثبات التنوين على انه لم يضربه، كذا حققه «الجوهري» وغيره.
والحج: بالكسر «الاسم» قال «سيبويه»: «حجه يحجه حجا» كما قالوا: «ذكره ذكرا»
الى ان قال: وقرئ «ولله على الناس حج البيت» والفتح اكثر.
وقال «الزجاج» في قوله تعالى: {وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}. يقرأ بفتح الحاء، وكسرها، والفتح الاصل.
وروي عن «الاثرم» قال: والحج بالفتح، والحج: بالكسر، ليس عند «الكسائي» بينهما فرقان
والحجة بالكسر: المرة الواحدة من الحج، وهو شاذ، لوروده على خلاف القياس لان القياس في المرة الفتح في كل فعل ثلاثي، كما ان القياس فيما يدل على الهيئة الكسر، كذا صرح به «ثعلب» في الفصيح» اهـ (1)
«قرح» من قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} (2).
«القرح» من قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجََابُوا لِلََّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مََا أَصََابَهُمُ الْقَرْحُ} (3)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قرح القرح» منكرا، ومعرفا، بضم القاف.
وقرأ الباقون بفتح القاف (4)، وهما مصدران لقرح
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 2ص 17.
(2) سورة آل عمران الآية 140.
(3) سورة آل عمران الآية 172.
(4) قال ابن الجزري: وقرح القرح ضم صحبة(1/280)
والقرح بفتح القاف: الاثر: من الجراحة من شيء يصيبه من خارج.
والقرح بضم القاف: اثرها من داخل كالبشرة ونحوها.
وقد يقال: القرح بفتح القاف: للجراحة، وبالضم للألم (1)
«قياما» من قوله تعالى: {وَلََا تُؤْتُوا السُّفَهََاءَ أَمْوََالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللََّهُ لَكُمْ قِيََاماً} (2)
ومن قوله تعالى: {جَعَلَ اللََّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرََامَ قِيََاماً لِلنََّاسِ} (3)
قرأ «ابن عامر» «قيما» في الموضعين بغير الف بعد الياء: على انها مصدر «قام بمعنى» القيام لغة فيه.
وقرأ «نافع» موضع النساء «قيما» مثل «ابن عامر».
وموضع المائدة «قياما» باثبات الالف بعد الياء، على انه مصدر «قام يقيم قياما».
قال «الاخفش الاوسط»، سعيد بن مسعدة ت 215هـ في المصدر ثلاث لغات: القوام، والقيام، والقيم» اهـ (4).
وقرأ الباقون «قياما» باثبات الالف بعد الياء في السورتين (5).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 13.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 136.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 356.
واتحاف فضلاء البشر ص 179.
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 400.
(2) سورة النساء الآية 5.
(3) سورة المائدة الآية 97.
(4) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 377.
(5) قال ابن الجزري: واقصر قياما كن أبي وتحت كم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 25.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 151، 196.(1/281)
تنبيه: «قياما» من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللََّهَ قِيََاماً وَقُعُوداً وَعَلى ََ جُنُوبِهِمْ} (1)
ومن قوله تعالى: {فَإِذََا قَضَيْتُمُ الصَّلََاةَ فَاذْكُرُوا اللََّهَ قِيََاماً وَقُعُوداً وَعَلى ََ جُنُوبِكُمْ} (2)
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيََاماً} (3)
اتفق القراء: العشرة على قراءته في هذه المواضع الثلاث «قياما» باثبات الالف بعد الياء.
وهذا دليل على ان القراءة مبنية على التوقيف ولا مجال للرأي، او القياس فيها.
والله اعلم «خفية» من قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (4)
ومن قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (5)
قرأ «شعبة» «خفية» في الموضعين بكسر الخاء.
وقرأ الباقون بضمها (6). وهما لغتان مصدر «خفي»
__________
(1) سورة آل عمران الآية 191.
(2) سورة النساء الآية 103.
(3) سورة الفرقان الآية 64.
(4) سورة الأنعام الآية 63.
(5) سورة الاعراف الآية 55.
(6) قال ابن الجزري: وخفية معا بكسر ضم صف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 54.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 435.(1/282)
قال «الراغب»: خفي الشيء خفية: استتر قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} اهـ (1).
وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}.
قيل معناه: تذللا واستكانة وخفية» (2).
وفي تفسير: تدعونه تضرعا وخفية»: اي جهرا وسرا» اهـ (3)
«بزعمهم» من قوله تعالى: {فَقََالُوا هََذََا لِلََّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهََذََا لِشُرَكََائِنََا} (4)
ومن قوله تعالى {وَقََالُوا هََذِهِ أَنْعََامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لََا يَطْعَمُهََا إِلََّا مَنْ نَشََاءُ بِزَعْمِهِمْ} (5)
قرأ «الكسائي» «بزعمهم» في الموضعين بضم الزاي، وهي لغة «بني سعد».
وقرأ الباقون بفتح الزاي في الموضعين ايضا.
وهي لغة «اهل الحجاز».
وقيل الضم على انه اسم، والفتح على انه مصدر (6).
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 211.
واتحاف فضلاء البشر ص 20.
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 152.
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 1ص 585.
(3) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 2ص 25.
(4) سورة الانعام الآية 136.
(5) سورة الانعام الآية 138.
(6) قال ابن الجزري: بزعمهم معا ضم رمص.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 64.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 453.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 226.(1/283)
قال «الراغب في المفردات» في مادة «زعم»: «الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب، ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذم القائلون به نحوه {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ََ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمََا عَمِلْتُمْ وَذََلِكَ عَلَى اللََّهِ يَسِيرٌ} (1)
ونحو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلََا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلََا تَحْوِيلًا} (2)
جاء في «الناموس»: «الزعم» مثلثة: «القول الحق، والباطل، والكذب ضد، واكثر ما يقال فيما يشك فيه».
«والزعمي» بضم الزاي المشددة. وسكون العين، وكسر الميم:
الكذاب، والصادق.
«والزعيم»: «الكفيل».
ويقال: زعم به زعما، وزعامة، وسيد القوم، ورئيسهم، او المتكلم عنهم «زعيم» والجمع «زعما».
«والزعامة»: «الشرف، والرئاسة» اهـ (3).
«حصاده» من قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ} (4)
قرأ «ابو عمرو، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب» «حصاده» بفتح الحاء.
وقرأ الباقون بكسر الحاء (5). وهما لغتان في مصدر «حصد».
__________
(1) سورة التغابن الآية 7.
(2) سورة الاسراء الآية 56.
(3) انظر: القاموس مادة «زعم» ح 4ص 126.
(4) سورة الانعام الآية 141.
(5) قال ابن الجزري: حصاد افتح كلا حما نما.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 67.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 456.(1/284)
قال «الراغب»: «اصل الحصد قطع الزرع، وزمن الحصاد، بفتح الحاء وكسرها». كقولك: زمن الجذاذ بفتح الجيم وكسرها، وقال تعالى:
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ} فهو الحصاد المحصود في إبانه اهـ (1).
وقال «ابن عباس» رضي الله عنهما: «وآتوا حقه يوم حصاده» يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله» اهـ (2)
جاء في «القاموس»: «حصد الزرع، والنبات» «يحصده» بكسر الصاد، وبضمها، «حصدا» و «حصادا» بكسر الحاء، وبكسرها:
قطعه بالمنجل بكسر الميم، وفتح الجيم كاحتصده، وهو «حاصد» من «حصده، وحصادا» اهـ (3).
«الرشد» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لََا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} (4)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الرشد» في موضع الاعراف فقط بفتح الراء والشين.
وقرأ الباقون بضم الراء، وسكون الشين (5).
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 229.
واتحاف فضلاء البشر ص 219.
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 120.
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 1ص 624.
(3) انظر: القاموس مادة «حصد» ح 1ص 298.
(4) سورة الاعراف الآية 146.
(5) قال ابن الجزري: والرشد حرك وافتح الضم شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 80.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 1ص 476.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 253.
واتحاف فضلاء البشر ص 230(1/285)
وهما لغتان في المصدر، نحو: «البخل، والبخل».
قال «الراغب»: الرشد بفتح الراء والشين، وبضم الراء وسكون الشين:
خلاف الغي، ويستعمل استعمال الهداية، يقال:
رشد يرشد، نحو نصر ينصر، ورشد يرشد، نحو علم يعلم:
ثم قال: وقال بعضهم: «الرشد بفتح الراء، والشين اخص من الرشد، بضم الراء، وسكون الشين، فان الرشد بضم الراء، وسكون الشين يقال في الامور الدنيوية، والاخروية.
والرشد بفتح الراء والشين، يقال في الامور الاخروية لا غير» اهـ (1)
وقال «ابن كثير» في تفسير {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لََا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}:
«اي وان ظهر لهم الرشد اي طريق النجاة لا يسلكوها» اهـ (2)
يقال: «رشد يرشد» «رشدا» من باب «تعب يتعب تعبا».
و «رشد يرشد» من باب «قتل يقتل» فهو «راشد».
والاسم «الرشاد» ويتعدى بالهمزة.
ويقال: «رشده» القاضي «ترشيدا» جعله «رشيدا» ويقال ايضا: «استرشدته فأرشدني» الى الشيء، وعليه وله (3).
«مرجون» من قوله تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ} (4)
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 196.
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ح 2ص 51.
(3) انظر: المصباح المنير ح 1ص 227.
(4) سورة التوبة الآية 106.(1/286)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، وشعبة، ويعقوب» «مرجئون» بهمزة مضمومة ممدودة بعد الجيم، وهي لغة: «تميم. وسفلى قيس».
وقرأ الباقون «مرجون» بواو ساكنة بعد الجيم من غير همز، وهي لغة قريش» (1).
والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق:
فالاولى: من «أرجا» مثل أنبأ.
والثانية: من «أرجى» مثل «اعطى».
واصل «مرجون» «مرجيون» فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت الفا، ثم حذفت الالف لالتقاء الساكنين، وبقيت الجيم لتدل على الالف المحذوفة.
ومعنى القراءتين واحد وهو التأخير عن التوبة (2).
«بشق» من قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقََالَكُمْ إِلى ََ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بََالِغِيهِ إِلََّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (3)
قرأ «ابو جعفر» «بشق» بفتح الشين.
وقرأ الباقون بكسر الشين، والفتح، والكسر مصدران بمعنى واحد، وهو المشقة.
وقيل: الفتح مصدر، والكسر اسم مصدر.
__________
(1) قال ابن الجزري: مرجون ترجى حق صم كسا.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 33.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 506.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 284.
(3) سورة النحل الآية 7.(1/287)
و «بشق» في موضع الحال من الضمير المرفوع في «بالغيه» اي مشقوقا عليكم (1).
«جاء في اللسان»:
«الشق، والمشقة»: الجهد والعناء، ومنه قوله عز وجل: {إِلََّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} واكثر القراء على كسر الشين.
معناه: الا بجهد الانفس، وكأنه اسم، وكان «الشق» (2) فعل.
وقرأ «ابو جعفر» وجماعة: «الا بشق الانفس» بالفتح.
قال «ابن جني» ت 392هـ: وهما بمعنى اهـ (3).
«قال سلام» من قوله تعالى: {قََالَ سَلََامٌ فَمََا لَبِثَ أَنْ جََاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (4)
ومن قوله تعالى {قََالَ سَلََامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} (5)
قرأ «حمزة، والكسائي» «سلم» في الموضعين ايضا «سلام» بفتح السين، واللام، واثبات الف بعد اللام.
وهما لغتان بمعنى «التحية» وهو رد السلام عليهم اذ سلموا عليه.
ويجوز ان يكون «سلام» بمعنى «المسالمة» التي هي خلاف الحرب.
و «سلام» مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: «سلام عليكم».
__________
(1) قال ابن الجزري: بشق فتح شينه ثمن.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 141.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 367.
والتبيان في اعراب القرآن ح 2ص 790.
وتفسير الطبري ح 5ص 476.
(2) بفتح الشين
(3) انظر: لسان العرب مادة «شقق» ح 1ص 183.
(4) سورة هود الآية 69.
(5) سورة الذاريات الآية 25.(1/288)
ويكون «سلم» بمعنى الصلح، وهو خبر لمبتدإ محذوف اي: «امري سلم» بمعنى: لست مريدا غير السلامة والصلح (1).
«ضيق» من قوله تعالى: {وَلََا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلََا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمََّا يَمْكُرُونَ} (2)
ومن قوله تعالى: {وَلََا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلََا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمََّا يَمْكُرُونَ} (3)
قرأ «ابن كثير» «ضيق» في الموضعين بكسر الضاد.
وقرأ الباقون بفتحها، وهما لغتان في مصدر «ضاق».
نحو «القول والقيل» (4).
قال «الراغب»: «الضيق ضد السعة، ويقال: الضيق ايضا اي بفتح الضاد» اهـ (5).
وقال «ابن كثير»: «ولا تك في ضيق» اي غم اهـ (6).
«الولاية» من قوله تعالى: {هُنََالِكَ الْوَلََايَةُ لِلََّهِ الْحَقِّ} (7)
__________
(1) قال ابن الجزري: قال سلم سكن واكسره واقصر مع ذرو في ربا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 118.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 534.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 222 وشرح طيبة النشر ص 316.
(2) سورة النحل الآية 127.
(3) سورة النمل الآية 70.
(4) قال ابن الجزري: وضيق كسرها معا دوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 148.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 41.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 377.
واتحاف فضلاء البشر ص 281.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 300.
(6) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 2ص 353.
(7) سورة الكهف الآية 44.(1/289)
قرأ «حمزة، والكسائي وخلف العاشر» «الولاية» بكسر الواو.
وقرأ الباقون بفتح الواو.
والولاية: بكسر الواو، وفتحها، لغتان في مصدر «وليت الامر اليه ولاية» ومعناها: النصرة، والعرب تقول: «نحن لكم على بني فلان ولاية» اي انصار (1).
«رشدا» من قوله تعالى: {قََالَ لَهُ مُوسى ََ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (2)
قرأ «ابو عمرو، ويعقوب» «رشدا» في هذا الموضع فقط بفتح الراء، والشين.
وقرأ الباقون بضم الراء، واسكان الشين، وهما لغتان في مصدر «رشد» نحو: «البخل، والبخل» (3).
تنبيه: «رشدا» من قوله تعالى: {فَقََالُوا رَبَّنََا آتِنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} (4)
ومن قوله تعالى: {وَقُلْ عَسى ََ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هََذََا رَشَداً} (5)
__________
(1) قال ابن الجزري: ولاية فاكسر فشا: الكهف ففي رواية.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 93.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 62.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 401.
(2) سورة الكهف الآية 66.
(3) قال ابن الجزري: والرشد حرك وافتح الضم شفا: وآخر الكهف حما.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 164.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 66.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 405.
(4) سورة الكهف الآية 10.
(5) سورة الكهف الآية 24.(1/290)
اتفق القراء العشرة على قراءة «رشدا» في هذين الموضعين بفتح الراء والشين.
قال «ابن الجزري» ت 833هـ:
واختلفوا في «مما علمت رشدا» فقرأ البصريان بفتح الراء والشين، وقرأ الباقون بضم الراء، واسكان الشين.
واتفقوا على الموضعين المتقدمين من هذه السورة وهما: «وهيّئ لنا من امرنا رشدا، ولأقرب من هذا رشدا».
انهما بفتح الراء، والشين، وقد سئل «الامام ابو عمرو بن العلاء» ت 154هـ عن ذلك فقال: «الرشد» بالضم هو الصلاح، وبالفتح هو العلم، و «موسى» عليه السلام انما طلب من «الخضر» عليه السلام العلم. وهذا في غاية الحسن، الا ترى الى قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} كيف اجمع على ضمه، وقوله {وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} و {لِأَقْرَبَ مِنْ هََذََا رَشَداً} كيف اجمع على فتحه.
ولكن جمهور اهل اللغة اجمع على ان الفتح، والضم في «الرشد، والرشد» لغتان كالبخل، والبخل، «والسقم، والسقم»، «الحزن، والحزن» فيحتمل عندي ان يكون الاتفاق على فتح الحرفين الاولين لمناسبة رءوس الآي، وموازنتها لما قبل، ولما بعد نحو: «عجبا، وعددا، واحدا» بخلاف الثالث فانه وقع قبله «علما» وبعده «صبرا» فمن سكن فالمناسبة ايضا، ومن فتح فإلحاقا بالنظير، والله تعالى اعلم اهـ (1).
«خرجا» من قوله تعالى: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى ََ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنََا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (2)
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 164، 165.
(2) سورة الكهف الآية 94.(1/291)
ومن قوله تعالى: ام تسألهم خرجا فخراج ربك خير (1)
«فخراج» من قوله تعالى: {فَخَرََاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ}
قرأ «حمزة والكسائي، وخلف العاشر» «خراجا» في الموضعين بفتح الراء، واثبات الف بعدها.
وقرأ الباقون «خرجا» في الموضعين باسكان الراء، وحذف الالف.
وقرأ «ابن عامر» فخرج باسكان الراء وحذف الالف.
وقرأ الباقون «فخراج» بفتح الراء: واثبات الف بعدها (2).
والخرج والخراج لغتان في مصدر «خرج» قال «الراغب»:
«وقيل لما يخرج من الارض، ومن وكر الحيوان، ونحو ذلك خرج وخراج» ثم قال: «والخرج اعم من الخراج بازاء الدخل، والخراج مختص في الغالب بالضريبة على الارض» اهـ (3).
وقيل: الخراج بالالف الذي يضرب على الارض في كل عام، او ما يؤدي في كل شهر، او في كل سنة، وعليه قوله تعالى: فهل نجعل لك خراجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا اي فهل نجعل لك اجرة نؤديها اليك في كل وقت نتفق عليه على ان تبنى بيننا وبينهم حاجزا.
والخرج بغير الف هو الجعل الذي يدفع مرة واحدة (4).
«مهدا» من قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهََا سُبُلًا} (5)
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 72.
(2) قال ابن الجزري: شفا وخرجا قل خراجا فيهما لهم فخرج كم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 170.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 145.
(4) انظر الكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 77.
(5) سورة طه الآية 53.(1/292)
ومن قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهََا سُبُلًا} (1)
قرأ «نافع وابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «مهادا» في السورتين بكسر الميم وفتح الهاء، واثبات الف بعدها.
وقرأ الباقون «مهدا» بفتح الميم، واسكان الهاء، وحذف الالف (2).
وهما مصدران، يقال: «مهده مهدا ومهادا».
وقيل: «المهاد جمع مهد» مثل: «كعاب جمع كعب» والمهد والمهاد اسم لما يمهد، فالفرش والفراش اسم لما يفرش.
قال «الراغب»: «المهد ما تهيّأ للصبي، فقال تعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كََانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (3).
والمهد والمهاد: المكان الممهد الموطأ، قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} و {مِهََاداً} اهـ (4)
وقال: «ابن كثير»: {«الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً»} اي قرارا تستقرون عليها، وتقومون وتنامون عليها، وتسافرون على ظهرها» اهـ (5).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة «مهادا» من قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهََاداً} (6)
__________
(1) سورة الزخرف الآية 10.
(2) قال ابن الجزري: مهادا: سما كزخرف بمهدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 181.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 16، 216.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 97.
(3) سورة مريم الآية 29.
(4) انظر المفردات في غريب القرآن ص 476.
(5) انظر مختصر تفسير ابن كثير ح 2ص 483.
(6) سورة النبأ الآية 6.(1/293)
بكسر الميم، وفتح الهاء، واثبات الف بعدها.
فان قيل لماذا لم يرد فيها «مهدا» بفتح الميم، واسكان الهاء وحذف الالف، كما ورد في موضعي: طه، والزخرف؟
اقول: لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي ولا مجال للرأي فيها.
«بملكنا» من قوله تعالى: {قََالُوا مََا أَخْلَفْنََا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنََا} [طه 87].
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بملكنا» بضم الميم.
وقرأ «نافع، وعاصم، وابو جعفر» بفتح الميم.
وقرأ الباقون بكسر الميم (1).
وكلها لغات في مصدر «ملك يملك» والمعنى: ما اخلفنا العهد الذي بيننا بطاقتنا، وارادتنا، واختيارنا، بل كنا مكرهين (2).
«جذاذا» من قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذََاذاً} (3)
قرأ «الكسائي» جذاذ» بكسر الجيم.
وقرأ الباقون بضم الجيم، وهما لغتان في مصدر «جذ» بمعنى قطع يقال: جذذت الشيء: قطعته (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: بملكنا ضم شفا وافتح الى نص ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 186.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 25.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 104.
واتحاف فضلاء البشر ص 306.
(2) انظر: صفوة التفاسير للصابوني ج 2ص 244.
(3) سورة الأنبياء الآية 58.
(4) قال ابن الجزري: جذاذا كسر ضمه رعى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 192.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 112.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 37.(1/294)
«منسكا» من قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنََا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ عَلى ََ مََا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعََامِ} (1)
ومن قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنََا مَنْسَكاً هُمْ نََاسِكُوهُ} (2)
قرأ «حمزة والكسائي وخلف العاشر» «منسكا» في الموضعين بكسر السين.
وقرأ الباقون بفتحها (3).
وهما لغتان بمعنى واحد، وهذا الوزن: «مفعل» يصلح ان يكون مصدرا ميميّا، ومعناه النسك، والمراد به هنا الذبح، ويصلح ان يكون اسم مكان، اي مكان النسك، او اسم زمان، اي وقت النسك، والفتح هو القياس، والكسر سماعي.
بناء على ما تقدم يكون معنى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنََا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللََّهِ}
الخ اي شرعنا لكل امة من الامم السابقة من عهد إبراهيم عليه السلام مكانا للذبح اثناء الحج، او العمرة، اذا فيكون «منسكا» اسم مكان.
ويجوز ان يكون «منسكا» اسم زمان، والمعنى: حددنا للذبح اثناء الحج او العمرة زمانا مخصوصا.
ويكون معنى {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنََا مَنْسَكاً هُمْ نََاسِكُوهُ} ان كل نبي من الانبياء، وامة من الامم السابقين وضعنا لهم شريعة ومتعبدا، ومنهاجا، وبناء عليه يكون «منسكا» مصدرا ميميما.
__________
(1) سورة الحج الآية 34.
(2) سورة الحج الآية 67.
(3) قال ابن الجزري: وسينى منسكا شفا اكسرن.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 199.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 119.
واتحاف فضلاء البشر ص 315.(1/295)
«فمكث» من قوله تعالى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقََالَ أَحَطْتُ بِمََا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (1)
قرأ «عاصم، وروح» «فمكث» بفتح الكاف.
وقرأ الباقون بضم الكاف، والفتح، والضم لغتان، والفتح اكثر واشهر (2).
المعنى لما رجع «الهدهد» من غيبته، اتى نبي الله «سليمان» عليه السلام وقال له: قد كنت غائبا في امر هام، واني علمت من امور الدنيا وانا طائر ضعيف ما لم تعلمه وانت ملك ونبي، ولقد عدت اليك من مملكة سبأ بنبإ عظيم الشأن محقق لا مريّة فيه.
«وحزنا» من قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} (3)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وحزنا» بضم الحاء، واسكان الزاي.
وقرأ الباقون بفتح الحاء، والزاي، وهما لغتان في مصدر «حزن» بكسر الزاي، مثل «العجم، والعجم»، والعرب، والعرب» (4).
__________
(1) سورة النمل الآية 22.
(2) قال ابن الجزري: مكث فهي شد فتح ضم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 226.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 99.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 155.
(3) سورة القصص الآية 8.
(4) قال ابن الجزري: نرى اليا مع فتحيه شفا.
ورفعهم بعد الثلاث وحزن. ضم وسكن عنهم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 233.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 111.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 172.(1/296)
«الرهب» من قوله تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنََاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} (1)
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الرهب» بضم الراء، وسكون الهاء.
وقرأ «حفص» بفتح الراء، وسكون الهاء.
وقرأ الباقون بفتح الراء، والهاء (2).
وكلها لغات في مصدر «رهب» بمعنى الخوف والفزع.
«النشأة» من قوله تعالى: {«ثُمَّ اللََّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى ََ} (4)
ومن قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى ََ} (5)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «النشأة» في السور الثلاث بفتح الشين، والف بعدها.
وقرأ الباقون باسكان الشين، وحذف الالف (6).
__________
(1) سورة القصص الآية 32.
(2) قال ابن الجزري: والرهب ضم صحبة كم سكنا كنز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 234.
المهذب في القراءات العشر ح 2ص 114.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 173.
واتحاف فضلاء البشر ص 343.
(3) سورة العنكبوت الآية 20.
(4) سورة النجم الآية 17.
(5) سورة الواقعة الآية 62.
(6) قال ابن الجزري: والنشأة امدد حيث جا حفظ دنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 237.
والمهذب في القراءات العشر ج 3ص 120، 262، 270.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 178.
واتحاف فضلاء البشر ص 345.(1/297)
وهما لغتان في مصدر «نشأ» مثل: «رأفة ورآفة» مصدر «رأف».
قال «الراغب»: «النشأ، والنشأة، احداث الشيء وتربيته» اهـ (1).
«ضعف» من قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} (2)
قرأ «شعبة، وحمزة، وحفص» بخلف عنه ضعف» بفتح الضاد في المواضع الثلاثة وهي لغة «تميم».
وقرأ الباقون بضم الضاد، وهو الوجه الثاني «لحفص» والضم لغة «قريش» (3).
«بنصب» من قوله تعالى: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ بِنُصْبٍ وَعَذََابٍ} (4).
قرأ «ابو جعفر» «بنصب» بضم النون، والصاد.
و «يعقوب» بفتحهما.
والباقون بضم النون، واسكان الصاد، وكلها لغات بمعنى واحد وهو التعب والمشقة (5).
المعنى: يأمر الله تعالى نبيه «محمدا» صلى الله عليه وسلم ان يذكر لقومه ما حدث لعبده، ونبيه «ايوب» عليه السلام، حيث اصيب بمرض شديد
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 493.
(2) سورة الروم الآية 54.
(3) قال ابن الجزري:
ضعفا فحرّك لا تنون مد ثب * * * والضم فافتح نل فتى والرّوم صب * * * عن خلف فوز انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 343.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 186.
(4) سورة ص الآية 41.
(5) قال ابن الجزري: وقبل ضما نصب ثق ضم اسكنا لا الحضرمي.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 276.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 181.(1/298)
موجع طال امده وحاول الشيطان ان يفتنه عن الله تعالى، ويجعله يجزع لهول ما اصابه في جسمه، وماله، وولده، ولكنه ثبت على الايمان بالله تعالى، وصبر، ولم يجزع، وكل ما كان منه انه لجأ الى ربه وخالقه يدعوه ليكشف عنه ما الم به من ضر وبلاء، فاستجاب الله دعاءه، وتضرعه، وعافاه مما نزل به، وصدق الله حيث قال: {فَاسْتَجَبْنََا لَهُ فَكَشَفْنََا مََا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنََاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنََا وَذِكْرى ََ لِلْعََابِدِينَ} (1)
«ضرا» من قوله تعالى: {إِنْ أَرََادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرََادَ بِكُمْ نَفْعاً} (2)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ضرا» بضم الضاد.
وقرأ الباقون بفتح الضاد (3).
وهما لغتان في المصدر، مثل: «الضعف والضعف» قال «مكي بن ابي طالب»: «وحجة من قرأ بالضم انه جعله من سوء الحال، كما قال تعالى: {فَكَشَفْنََا مََا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} (4).
اي من سوء حال، فالمعنى: ان اراد بكم سوء حال.
وحجة من قرأ بالفتح انه حمله على «الضر» الذي هو خلاف النفع، فالنفع نقيض «الضر» بالفتح اهـ (5).
«قدرنا» من قوله تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنََا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} (6)
__________
(1) سورة الأنبياء الآية 84.
(2) سورة الفتح الآية 11.
(3) قال ابن الجزري: ضرا فضم شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 309.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 243.
واتحاف فضلاء البشر ص 396.
(4) سورة الأنبياء الآية 24.
(5) انظر الكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 281.
(6) سورة الواقعة الآية 60.(1/299)
قرأ ابن كثير «قدرنا» بتخفيف الدال وقرأ الباقون «قدرنا» بتشديد الدال.
وهما لغتان بمعنى التقدير، وهو «القضاء» (1).
«وجدكم» من قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (2)
قرأ «روح» «وجدكم» بكسر الواو.
وقرأ الباقون، بضم الواو، والكسر، والضم لغتان بمعنى «الوسع» (3).
«تفاوت» من قوله تعالى: {مََا تَرى ََ فِي خَلْقِ الرَّحْمََنِ مِنْ تَفََاوُتٍ} (4)
قرأ «حمزة، والكسائي» «تفوت» بحذف الالف التي بعد الفاء، وتشديد الواو.
وقرأ الباقون «تفاوت» باثبات الالف، وتخفيف الواو.
وهما لغتان كالتعهد، والتعاهد.
حكى «سيبويه»: «ضاعف، وضعف» بمعنى، وكذلك «فاوت وفوت» حكى «ابو زيد الانصاري» ت 215هـ انه سمع «تفاوت الامر تفاوتا، وتفوتا» (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: خف قدرنا دن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 324.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 270.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 305.
(2) سورة الطلاق الآية (6).
(3) قال ابن الجزري: وجد اكسر الضم شدا انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 337.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 292.
(4) سورة الملك الآية 3.
(5) قال ابن الجزري: تفاوت قصر ثقل رضى(1/300)
«فقدر» من قوله تعالى: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} (1)
قرأ «ابن عامر، وابو جعفر» «فقدر» بتشديد الدال، لارادة التكثير.
وقرأ الباقون «فقدر» بتخفيف الدال.
وهما لغتان بمعنى واحد، وهو «التضييق» (2).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 338.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 296.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 328.
(1) سورة الفجر الآية 16.
(2) قال ابن الجزري: فقدر الثقل ثب كلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 365.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 333.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 372.(1/301)
الباب الثالث الالفاظ المعربة في القرآن (1)
وقبل الدخول في توجيه الكلمات التي تندرج تحت هذا الباب.
أجد من تمام المنفعة ان القي الضوء على اقوال العلماء، وآرائهم، عن وقوع «الالفاظ المعربة في «القرآن» فاقول وبالله التوفيق:
هذه القضية احدى القضايا اللغوية المتصلة بالقرآن الكريم، وقد اهتم بها العلماء منذ زمن طويل، مما جعل بعضهم يفرد مصنفا خاصا بها (2).
وقد اختلف العلماء في وقوع المعرب في القرآن:
1 - فالاكثرون على عدم وقوعه فيه، وذلك ان «القرآن» انزله الله بلغة العرب، قال تعالى: {إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} (3) وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنََاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقََالُوا لَوْلََا فُصِّلَتْ آيََاتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} (4).
__________
(1) المعرب: هو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة في غير لغتها:
انظر: المزهر في اللغة للسيوطي ج 1ص 68.
(2) مثل كتاب «المهذب» فيما وقع في القرآن من المعرب للسيوطي
(3) سورة يوسف الآية 3.
(4) سورة فصلت الآية 44.(1/303)
وممن ذهب الى ذلك كل من:
1 - الامام محمد بن ادريس الشافعي ت 204هـ 2ابي عبيدة معمر بن المثنى ت 210هـ 3محمد بن جرير الطبري ت 310هـ 4احمد بن فارس ت 395هـ 5ابو بكر بن محمد بن الطيب الباقلاني ت 403هـ 6ابو المعالي عزيزي بن عبد الملك ت 494هـ 7ابن عطية: عبد الحق بن غالب ت 541هـ واليك بعض النصوص الواردة عن هؤلاء ليتبين لك من خلالها صحة ما ذهبوا اليه:
قال «الامام الشافعي» ت 204هـ:
«قد تكلم في العلم من لو امسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الامساك اولى به، واقرب من السلامة له فقال قائل منهم: «ان في «القرآن» عربيا واعجميا» اهـ، والقرآن يدل على انه ليس في كتاب الله شيء الا بلسان العرب» اهـ (1).
وقال «السيوطي» ت 911هـ:
«لقد شدد الشافعي النكير على القائل بذلك» اهـ (2).
وقال «ابو عبيدة» ت 210هـ:
__________
(1) انظر: الرسالة للشافعي ص 41.
والبرهان للزركشي ج 2ص 287.
(2) انظر: الاتفاق في علوم القرآن للسيوطي ج 2ص 105.(1/304)
«انما انزل القرآن بلسان عربي متين، فمن زعم انه فيه غير العربية فقد اعظم القول، ومن زعم ان كذا بالنبطية فقد اكبر القول» اهـ (1)
وقال «احمد بن فارس» ت 395هـ:
«لو كان في القرآن من لغة غير العرب شيء لتوهم ان العرب انما عجزت عن الاتيان بمثله، لانه اتى بلغات لا يعرفونها» اهـ (2).
وقال «ابو المعالي عزيز بن عبد الملك» ت 494هـ (3).
«انما وجدت هذا في كلام العرب لانها أوسع اللغات واكثرها الفاظا:
ويجوز ان يكون العرب قد سبقهم غيرهم الى هذه الالفاظ اهـ (4).
وقال «ابن عطية» ت 541هـ: (5).
«بل كان العرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الالسن بتجارات، وبرحلتي قريش، وبسفر مسافرين فعلقت العرب بهذا كله الفاظا اعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت في تخفيف ثقل
__________
(1) انظر: البرهان ج 2ص 287.
(2) انظر البرهان في علوم القرآن ج 2ص 290.
والاتقان في علوم القرآن ج 2ص 105.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 171.
(3) هو: أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيذلة، أحد فقهاء الشافعية وصاحب كتاب: «البرهان في مشكلات القرآن»: انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ج 6ص 281.
(4) انظر: البرهان في علوم القرآن ج 2ص 290.
والاتقان في علوم القرآن ج 2ص 106.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 171.
(5) هو: عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية المحاربي، الغرناطي، المالكي، «أبو محمد» عالم في الفقه، والحديث والتفسير، والنحو، واللغة، والادب، ولي القضاء بمدينة «المرية» ورحل الى الشرق، وله عدة مصنفات منها: تفسير القرآن ت 541هـ:
انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ج 5ص 93.(1/305)
العجمة، واستعملتها في اشعارها، ومحاوراتها، حتى جرت مجرى العربي الفصيح، ووقع فيها البيان.
وعلى هذا الحد نزل بها «القرآن» فان جهلها عربي، فكجهله الصريح بما في لغة غيره.
ثم قال: فحقيقة العبارة عن هذه الالفاظ انها في الاصل اعجمية، ولكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه» اهـ (1).
تعقيب وترجيح:
ارى ان هذا هو القول السديد الذي تطمئن اليه النفس لانه يعتبر متمشيا مع النصوص القرآنية الصريحة، ولا ينبغي العدول عنه، بل لا يلتفت الى ما سواه، والله اعلم.
ب وذهب فريق الى القول بوجود الفاظ غير عربية في القرآن الكريم.
اذكر من هؤلاء كلا من:
1 - سعيد بن جبير ت 95هـ.
2 - الخويي، شمس الدين احمد بن الخليل ت 657هـ (2)
3 - ابن النقيب، محمد بن سليمان ت 698هـ (3).
__________
(1) انظر: البرهان في علوم القرآن ج 2ص 279.
(2) هو: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر الخويي نسبة الى «خوى» من إقليم «أذربيجان» شمس الدين، عالم في الطب، والحكمة، والنحو، والأصول، والكلام، والفقه، ولي قضاء الشام، وله عدة مصنفات منها: ينابيع العلوم، كتاب في النحو، كتاب في العروض ت 637هـ انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 1ص 216. وفي مرآة الجنان 693.
(3) هو: محمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين البلخي الأصل، المعروف «بابن النقيب» عالم، مفسر، فقيه، مشارك في بعض العلوم، ولد بالقدس، ودخل القاهرة، وله عدة مصنفات منها:
تفسير القرآن جمع فيه خمسين مصنفا في 99مجلدا.(1/306)
4 - جلال الدين السيوطي ت 911هـ (1).
وهذه بعض النصوص الواردة عن هؤلاء لنتعرف على حجتهم، وسنرد على ما يستحق الرد منها:
قال «ابن النقيب» ت 698هـ:
«من خصائص القرآن على سائر كتب الله تعالى المنزلة انها نزلت بلغة القوم الذين انزلت عليهم، ولم ينزل فيها شيء بلغة غيرهم.
والقرآن احتوى على جميع لغات العرب، وانزل فيه بلغات غيرهم من:
«الروم، والفرس، والحبشة» اهـ (2).
وقال «السيوطي» ت 119هـ «وذهب آخرون الى وقوعه فيه، واجابوا عن قوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا} (3)
بان الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا، بدليل ان القصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية.
كما اجابوا عن قوله تعالى: {ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} (4)
__________
وفي كشف الظنون من تصانيفه: التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في خمسين مجلدا، توفي بالقدم عام 698هـ الموافق 1299م انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 10ص 49.
(1) هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عثمان «جلال الدين» المصري ولد بالقاهرة يتيما، وقرأ على جماعة من العلماء، ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس وخلا بنفسه في روضة المقياس على النيل، فألف أكثر كتبه له عدة مصنفات منها: الدر المنثور في التفسير بالمأثور، والمزهر في اللغة، والجامع الصغير في الحديث، توفي بالقاهرة سنة 911هـ الموافق 1005م انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ج 5ص 128.
(2) انظر: الاتقان في علوم القرآن ج 2ص 106.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 173
(3) سورة يوسف الآية 2.
(4) سورة فصلت الآية 44.(1/307)
بان المعنى من السياق: «أكلام أعجمي ومخاطب عربي»؟
كما استدلوا باتفاق النحاة على ان منع صرف نحو: «إبراهيم» للعلمية والعجمة» اهـ (1).
ورد هذا الاستدلال بان الاعلام ليست محل خلاف.
ثم يقول «السيوطي» ايضا:
«واقوى ما رايته للوقوع وهو اختياري قول «ميسرة»: «في القرآن من كل لسان» اهـ (2).
ورد بان هذا غير مطابق للواقع، لاننا لو تتبعنا «القرآن» فلن نجد فيه من كل لسان كما نقل «ميسرة».
وقال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224هـ: (3).
«والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا:
وذلك ان هذه الحروف اصولها اعجمية كما قال الفقهاء، الا انها سقطت الى العرب فعربتها بألسنتها، وحولتها عن الفاظ العجم الى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل «القرآن» وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب.
فمن قال: انها عربية فهو صادق، ومن قال: اعجمية فهو صادق ايضا.
__________
(1) انظر: الاتقان في علوم القرآن ج 2ص 106.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 173.
(2) انظر: الاتقان في علوم القرآن ج 2ص 106.
(3) هو: أبو عبيد القاسم بن سلام، تلقى العلوم على مشاهير علماء عصره مثل «أبي زيد الانصاري، وأبي عبيدة، والأصمعي، وأبي محمد اليزيدي، وابن الأعرابي، وكان من مشاهير علماء عصره في اللغة، والأدب، والقراءات، والحديث، والفقه له عدة مصنفات منها: غريب المصنف، وغريب الحديث، والناسخ والمنسوخ، والقراءات، توفي بمكة سنة 224هـ:
انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ج 8ص 101(1/308)
ثم قال: وانما فسرها الفقهاء لئلا يقدم أحد عليهم فينسبهم الى الجهل، ويتوهم عليهم انهم اقدموا على كتاب الله بغير ما اراده الله عز وجل، فهم كانوا أعلم بالتأويل، وأشد تعظيما للقرآن» اهـ (1).
وقال «ابن فارس» ت 395هـ (2):
«فالقول اذن ما قاله «ابو عبيد» وان كان قوم من الاوائل قد ذهبوا الى غيره» اهـ (3).
رأي وتعقيب:
بعد عرض آراء العلماء في هذه القضية الهامة يمكنني القول: بان اسماء جميع الانبياء الذين ورد ذكرهم في «القرآن الكريم» معتد بعجميتها في منع الصرف، الا ما استثنى منها نحو: «هود، وصالح».
اما القول بفتح الباب على مصراعيه، والقول بورود الكثير من الالفاظ الاعجمية في القرآن، فهو قول مردود، ومرفوض، لانه يتعارض تعارضا تاما مع النصوص الصريحة التي تدل على ان «القرآن» عربي.
كما انه يفتح مجالا للطعن، ويهيّئ مناخا للتشكيك في اعجاز «القرآن» علما بانه ثبت بما لا يدع مجالا للشك بان «القرآن» معجز بألفاظه، وتراكيبه العربية الخالصة.
والله اعلم
__________
(1) انظر: البرهان في علوم القرآن ج 2ص 290.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 174.
(2) هو: أحمد بن فارس بن زكريا، من كبار أئمة اللغة، وحذاقها، له عدة مؤلفات، توفي سنة 395هـ:
انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان ج 1ص 36.
(3) انظر: الاتقان في علوم القرآن ج 2ص 106.
وفي رحاب القرآن ج 2ص 174.(1/309)
الالفاظ المعربة لقد تتبعت قراءات القرآن، واستخلصت منها الالفاظ المعربة التي ورد فيها اكثر من قراءة، وهي فيما يلي حسب ترتيب «القرآن» «جبريل» من قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (1)
ومن قوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} (2)
ومن قوله تعالى: {فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ وَجِبْرِيلُ} (3)
قرأ «ابن كثير» «جبريل» بفتح الجيم، وكسر الراء، وحذف الهمزة، واثبات الياء.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة بخلف عنه» «جبرئيل» بفتح الجيم، والراء، وهمزة مكسورة، وياء ساكنة مدية.
والوجه الثاني «لشعبة» مثل هذه القراءة الا انه بحذف الياء فيصير اللفظ «جبرئل».
وقرأ الباقون «جبريل» بكسر الجيم، والراء، وحذف الهمزة، واثبات الياء (4) «وجبريل» اسم اعجمي، وكلها لغات، غير ان من قرأ «جبريل» بكسر الجيم، والراء، وحذف الهمزة، واثبات الهمزة، واثبات الياء، فقد جاء على وزن ابنية العرب، فهو مثل: «قنديل، ومنديل».
ومن قرأ بغير ذلك فقد جاء على غير ابنية العرب ليعلم انه اعجمي.
__________
(1) سورة البقرة الآية 97.
(2) سورة البقرة الآية 98.
(3) سورة التحريم الآية 4.
(4) قال ابن الجزري: جبريل فتح الجيم دم وهي ورا فافتح وزد همزا بكسر صحبة كلا.
وحذف الياء خلف شعبة.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 41.
واتحاف فضلاء البشر ص 144.(1/310)
«وميكال» من قوله تعالى: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكََالَ} (1)
قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «ميكال» على وزن «مثقال» بحذف الهمزة من غير ياء بعدها، وهي لغة «الحجازيين».
وقرأ «نافع، وابو جعفر، وقنبل بخلف عنه» «ميكائل» بهمزة بعد الالف من غير ياء، وهي لغة بعض العرب.
وقرأ الباقون «ميكائيل» بالهمزة، واثبات ياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لقنبل» وهي لغة ايضا (2).
وميكال: اسم اعجمي، غير ان من قرأه «ميكال» على وزن «مفعال» فقد جاء على وزن أبنية العرب.
ومن قرأ بغير ذلك فقد جاء على غير أبنية العرب ليعلم انه أعجمي، خارج عن ابنية العرب.
«إبراهيم» في ثلاثة وثلاثين موضعا: من ذلك خمسة عشر موضعا في سورة البقرة نحو قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى ََ إِبْرََاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمََاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (3)
والثلاثة الاخيرة في سورة النساء وهن:
1 - قوله تعالى: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (4)
__________
(1) سورة البقرة الآية 98.
(2) قال ابن الجزري:
ميكال عن حما وميكائيل لا * * * يا بعد همز زن بخلف ثق ألا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 413.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 255.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 67.
واتحاف فضلاء البشر ص 144.
(3) سورة البقرة الآية 124.
(4) سورة النساء الآية 125.(1/311)
2 - قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللََّهُ إِبْرََاهِيمَ خَلِيلًا} (1)
3 - قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ} (2)
والموضع الاخير من سورة الانعام، وهو قوله تعالى:
{دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (3)
والموضعان الاخيران من سورة التوبة وهما:
1 - قوله تعالى: {وَمََا كََانَ اسْتِغْفََارُ إِبْرََاهِيمَ لِأَبِيهِ} (4)
2 - قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ لَأَوََّاهٌ حَلِيمٌ} (5)
وموضع في سورة إبراهيم وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذََا بَلَداً آمِناً} (6)
وموضعان في سورة النحل وهما:
1 - قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً} (7)
2 - قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (8)
وثلاثة مواضع بمريم وهن:
1 {وَاذْكُرْ فِي الْكِتََابِ إِبْرََاهِيمَ} (9)
2 {قََالَ أَرََاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يََا إِبْرََاهِيمُ} (10)
3 {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْرََائِيلَ} (11)
__________
(1) سورة النساء الآية 125.
(7) سورة النحل الآية 120.
(2) سورة النساء الآية 163.
(8) سورة النحل الآية 123.
(3) سورة الأنعام الآية 161.
(9) سورة مريم الآية 41.
(4) سورة التوبة الآية 114.
(10) سورة مريم الآية 46.
(5) سورة التوبة الآية 114.
(11) سورة مريم الآية 58.
(6) سورة إبراهيم الآية 35.(1/312)
والموضع الاخير من سورة العنكبوت وهو قوله تعالى:
{وَلَمََّا جََاءَتْ رُسُلُنََا إِبْرََاهِيمَ بِالْبُشْرى ََ} (1)
وموضع في الشورى وهو قوله تعالى: {وَمََا وَصَّيْنََا بِهِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ وَعِيسى ََ} (2)
وموضع في الذاريات وهو قوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (3)
وموضع في النجم وهو قوله تعالى: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى} (4)
وموضع في الحديد وهو قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا نُوحاً وَإِبْرََاهِيمَ} (5)
والموضع الاول من سورة الممتحنة، وهو قوله تعالى: {قَدْ كََانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرََاهِيمَ} (6)
قرأ «ابن عامر» بخلف عن «ابن ذكوان» جميع هذه الالفاظ المتقدمة في الثلاثة وثلاثين موضعا «ابراهام» بفتح الهاء، والف بعدها.
وقرأ الباقون «إبراهيم» بكسر الهاء، وياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لابن ذكوان» وهما لغتان بمعنى واحد (7).
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 31.
(2) سورة الشورى الآية 13.
(3) سورة الذاريات الآية 24.
(4) سورة النجم الآية 37.
(5) سورة الحديد الآية 26.
(6) سورة الممتحنة الآية 4.
(7) قال ابن الجزري:
ويقرأ إبراهيم ذي مع سورته * * * مع مريم النحل أخيرا توبته آخر الانعام وعنكبوت مع * * * أواخر النسا ثلاثة تبع والذرو والشورى امتحان أولا * * * والنجم والحديد مازا لخلف لا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 416. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 72 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 263. واتحاف فضلاء البشر ص 147.(1/313)
ووجه خصوصية هذه المواضع دون غيرها انها كتبت في المصحف الشامي بحذف الياء.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة لفظ «إبراهيم» في غير هذه المواضع السابقة بالياء، لاتفاق جميع المصاحف على رسمها بالياء.
«زكريا» حيثما جاءت في القرآن الكريم، وقد وقعت في سبعة مواضع نحو قوله تعالى: {وَأَنْبَتَهََا نَبََاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} (1)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «زكريا» بالقصر من غير همز في جميع القرآن».
وقرأ الباقون «زكريا» بالهمز والمد (2).
والقصر، والمد لغتان مشهورتان.
تنبيه: اعلم ان «شعبة» نصب لفظ «زكريا» هنا على انه مفعول كان «لكفلها» ورفعه الباقون ممن قرأ «وكفلها» بالتخفيف.
«زبورا» المنكر من قوله تعالى: {وَآتَيْنََا دََاوُدَ زَبُوراً} (3)
ومن قوله تعالى: {وَآتَيْنََا دََاوُدَ زَبُوراً} (4)
«الزبور» المعرف من قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ} (5)
__________
(1) سورة آل عمران الآية 37.
(2) قال ابن الجزري: كفلها الثقل كفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 6.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 342.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 120.
(3) سورة النساء الآية 163.
(4) سورة الاسراء الآية 55.
(5) سورة الأنبياء الآية 105.(1/314)
قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «زبورا» في الموضعين و «الزبور» بضم الزاي.
وقرأ الباقون بفتح الزاي، والضم والفتح لغتان في اسم الكتاب المنزل على نبي الله «داود» عليه السلام (1).
«آزر» من قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} (2)
قرأ «يعقوب» «آزر» بضم الراء، على انه منادى حذف منه حرف النداء.
وقرأ الباقون «آزر» بفتح الراء على انه بدل من «ابيه» وهو مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. (3).
«واليسع» من قوله تعالى: {وَإِسْمََاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً} (4)
ومن قوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمََاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ} (5)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «واليسع» في السورتين بلام مشددة مفتوحة، وبعدها ياء ساكنة، وذلك على ان اصله «ليسع» على وزن ضيغم، وهو اسم اعجمي علم على نبي من الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو معرفة بدون اللام، فقدر تنكيره ثم دخلت عليه «ال» اي الالف واللام للتعريف ثم أدغمت اللام في اللام، وقلنا بتقدير تنكيره لان الاعلام لا يصح دخول الالف واللام عليها، اذ لا يتعرف الاسم من وجهين.
__________
(1) قال ابن الجزري:
ويا سيؤتيهم فتى وعنهما * * * زاي زبورا كيف حاء فاضمما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 29 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 402.
(2) سورة الأنعام الآية 74.
(3) قال ابن الجزري: وآزرا ارفعوا ظلما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 54.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 214.
(4) سورة الأنعام الآية 86.
(5) سورة ص الآية 48.(1/315)
وقيل: ان الالف واللام زائدتان وليستا للتعريف (1).
وقرأ الباقون «واليسع» بلام ساكنة خفيفة، وبعدها ياء مفتوحة، على ان اصله «يسع» على وزن «يضع» ثم دخلت عليه الالف واللام كما دخلت على «يزيد» كما في قول «ابن ميادة» وهو: الرماح بن ابرد بن ثوبان يمدح «الوليد بن يزيد».
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا * * * شديدا بأعباء الخلافة كاهله قال النحويون: دخول الالف واللام على «يزيد» يحتمل امرين:
الاول: ان تكون للتعريف ويكون ذلك على تقدير ان الشاعر قبل ان يدخل «آل» قدر في «يزيد» التنكير فصار شائعا شيوع «رجل» ونحوه من النكرات.
والثاني: ان تكون «ال» زيدت فيه للضرورة (2).
«عزير» من قوله تعالى: {وَقََالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللََّهِ} (3)
قرأ «عاصم والكسائي، ويعقوب» «عزير» بالتنوين، وكسره حال الوصل، على الاصل في التخلص من التقاء الساكنين، ولا يجوز ضمه «للكسائي» على مذهبه، حيث يقرأ بضم اول الساكنين، لان ضمة نون «ابن» ضمة اعراب، فهي غير لازمة.
و «عزير» وان كان اسما اعجميا الا انه صرف لخفته «كنوح ولوط».
__________
(1) قال ابن الجزري: والليسعا شدد وحرك سكنن معا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 560.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 438.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 216، ج 2ص 182.
(2) انظر: شرح قطر الندى ص 53وما بعدها.
(3) سورة التوبة الآية 30.(1/316)
وقيل: صرف لانه جاء على صورة الاسماء العربية المصغرة، مثل:
«نصيرا، وبكيرا»، فلما اشبهها نون وصرف وان كان في الاصل اعجميا.
وعلى هذه القراءة يعرب «عزير» مبتدأ، و «ابن» خبر ولفظ الجلالة مضاف اليه.
وقرأ الباقون «عزير» بضم الراء، وحذف التنوين على انه اسم اعجمي ممنوع من الصرف، و «عزير» مبتدأ و «ابن» صفة، لفظ الجلالة مضاف اليه، وخبر المبتدأ محذوف، والتقدير: «معبودنا».
وقيل: حذف التنوين في «عزير» لكثرة الاستعمال، ولان الصفة والموصوف كاسم أحد، واثبات التنوين مع كون «ابن» صفة لا يحسن، لانه مرفوض غير مستعمل (1).
«ثمود» من قوله تعالى: {أَلََا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ} (2)
ومن قوله تعالى: {وَعََاداً وَثَمُودَ وَأَصْحََابَ الرَّسِّ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَعََاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسََاكِنِهِمْ} (4)
ومن قوله تعالى: {وَثَمُودَ فَمََا أَبْقى ََ} (5)
قرأ «حفص، وحمزة، ويعقوب» «ثمود» في السور الاربع بغير تنوين، على انه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، على إرادة القبيلة، ويقفون على الدال بلا الف.
__________
(1) قال ابن الجزري: عزير نونوا دم نل طبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 95.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 501.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 375. وحجة القراءات ص 316.
(2) سورة هود الآية 68.
(3) سورة الفرقان الآية 38.
(4) سورة العنكبوت الآية 38.
(5) سورة النجم الآية 51.(1/317)
وقرأ «شعبة» «ثمود» في سورة النجم فقط بدون تنوين.
وسبق توجيهه.
وقرأ في السور الثلاث الباقية بالتنوين، مصروفا على إرادة الحي. ويقف على «ثمود» بالالف.
وقرأ الباقون «ثمود» في السور الاربع بالتنوين مصروفا.
«لثمود» من قوله تعالى: {أَلََا بُعْداً لِثَمُودَ} (1)
قرأ «الكسائي» «لثمود» بكسر الدال مع التنوين مصروفا.
وقرأ الباقون بفتح الدال من غير تنوين ممنوعا من الصرف (2).
«الياس» من قوله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيََاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3)
قرأ ابن عامر بخلف عنه «الياس» بهمزة وصل، فصير اللفظ بلام ساكنة بعد «ان» فاذا وقف على «ان» ابتدأ بهمزة مفتوحة، لا اصلها «ياس» دخلت عليها «ال».
وقرأ الباقون «الياس» بهمزة قطع مكسورة في الحالين، وهو الوجه الثاني «لابن عامر» (4).
__________
(1) سورة هود الآية 68.
(2) قال ابن الجزري:
نون كفا فزع واعكسوا ثمود هاهنا * * * والعنكبا الفرقان عج ظبا فنا والنجم نل في ظنه اكسر نون * * * زد لثمود انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 117.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 533.
وشرح طيبة النشر ص 316.
(3) سورة والصافات الآية 123
(4) قال ابن الجزري: الياس وصل الهمز خلف لفظ من انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 271.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 176.(1/318)
الباب الرابع الجامد والمشتق
وقد ادت طبيعة البحث ان يكون هذا الباب في أحد عشر فصلا:
الفصل الاول: الاسماء الجامدة الفصل الثاني: بين الماضي والامر الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الخامس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «اصل الاشتقاق» الفصل السادس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «نوع الاشتقاق» الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول
الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي وقبل الدخول في الحديث عن تفاصيل هذا الباب اجد من تمام المنفعة ان ألقي الضوء على الجامد والمشتق فأقول:
الجامد والمشتق اذا تتبعنا الاسماء، والافعال العربية في كلام العرب: شعرهم، ونثرهم، ورجزهم، وجدناها نوعين لا ثالث لهما: جامدة ومشتقة:(1/319)
الفصل الاول: الاسماء الجامدة الفصل الثاني: بين الماضي والامر الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الخامس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «اصل الاشتقاق» الفصل السادس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «نوع الاشتقاق» الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول
الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي وقبل الدخول في الحديث عن تفاصيل هذا الباب اجد من تمام المنفعة ان ألقي الضوء على الجامد والمشتق فأقول:
الجامد والمشتق اذا تتبعنا الاسماء، والافعال العربية في كلام العرب: شعرهم، ونثرهم، ورجزهم، وجدناها نوعين لا ثالث لهما: جامدة ومشتقة:(1/320)
الفصل الاول: الاسماء الجامدة الفصل الثاني: بين الماضي والامر الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الخامس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «اصل الاشتقاق» الفصل السادس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «نوع الاشتقاق» الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول
الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي وقبل الدخول في الحديث عن تفاصيل هذا الباب اجد من تمام المنفعة ان ألقي الضوء على الجامد والمشتق فأقول:
الجامد والمشتق اذا تتبعنا الاسماء، والافعال العربية في كلام العرب: شعرهم، ونثرهم، ورجزهم، وجدناها نوعين لا ثالث لهما: جامدة ومشتقة:
فالجامد: هو ما لم يؤخذ من غيره ليدل على ذات وحدث بينهما ارتباط.
وذلك بان يدل على ذات فقط مثل: رجل وحجر وفرس.
او معنى فقط مثل: علم وضرب وشجاعة.
والمشتق (1) في اصطلاح الصرفيين: هو ما اخذ من غيره ليدل على ذات وحدث، له ارتباط بتلك الذات.
ونعني بالارتباط ان يكون بينهما اتصال ما، سواء اكان على جهة الوقوع منها، او عليها، او فيها، او بواسطتها.
__________
(1) وللنحويين، واللغويين اصطلاح آخر في تحديد معنى المشتق:
فالمشتق عند النحويين: ما اخذ من المصدر ليدل على حدث، وصاحبه، وعلى ذلك فالمشتق عند النحويين سبعة اشياء الماضي والمضارع والامر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل.
اما اسماء الزمان والمكان والآلة فهي من الجوامد.
اما المشتق عند اللغويين: فهو كل ما اخذ من غيره، سواء دل على ذات وحدث معا، او لا، فيشمل اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسماء الزمان والمكان، والآلة، كما يشمل نحو: «غراب وجرادة» وهي اسماء اعيان، لانها مأخوذة من الاغتراب، والجرد.
فالاشتقاق عند اللغويين اعم منه عند الصرفيين، والنحويين، وعند الصرفيين اعم منه عند النحويين.
والاشتقاق بمعناه اللغوي كان مصدر الثراء اللغة العربية، ومعينا لا ينضب، مما جعل اللغة العربية تفي بحاجات العصور، وصار كل شاعر واديب يجد فيها ضالته.(1/321)
والمشتق بهذا التحديد يشمل: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفصيل، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة.
نحو: ضارب، ومبيع، وحسن، وافضل منه، وموعد ومبرد.
وانما سمى ما اخذ من غيره على هذا الوجه مشتقا، لانه فرع عن الجامد، والفرع يكون فيه معنى الاصل، فكأنك تشقه وتستخرج منه معنى الاصل (1).
والله اعلم
__________
(1) التبيان في تصريف الاسماء د / احمد حسن كحيل ص 3231ط القاهرة.(1/322)
الفصل الاول من الباب الرابع الأسماء الجامدة
لقد تتبعت قراءات القرآن، واقتبست منها الكلمات الجامدة التي قرأت بوجهين مختلفين، وقد صنفت هذه الكلمات صنفين:
الاول: ورود كلمة تقرأ بالافراد تارة، والجمع بالالف والتاء المزيدتين تارة اخرى، وذلك في اسلوب واحد.
والثاني: ورود كلمة تقرأ بالافراد تارة، وبجمع التكسير تارة اخرى، وذلك في اسلوب واحد:
اما الصنف الاول فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«خطيئته» من قوله تعالى: {وَأَحََاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} (1)
قرأ «نافع، وابو جعفر» «خطيئاته» بالجمع، وتوجيه ذلك: لما كانت الذنوب كثيرة جاء اللفظ مطابقا للمعنى.
__________
(1) سورة البقرة الآية 81.(1/323)
وقرأ الباقون «خطيئته» بالافراد، والمراد اسم الجنس، واسم الجنس يشمل القليل، والكثير (1).
قال «الراغب» ت 502هـ في مادة «خطأ»: «الخطأ»: العدول عن الجهة، وذلك اضرب:
أحدها: ان يريد غير ما تحسن ارادته فيفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الانسان، يقال «خطئ، يخطأ، خطأ» قال تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كََانَ خِطْأً كَبِيراً} (2).
والثاني: ان يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد، فيقال:
«اخطاء، فهو مخطئ» وهذا قد أصاب في الارادة، واخطأ في الفعل، وهذا المعنى
بقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن امتي الخطأ والنسيان»
وبقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} الخ (3).
والثالث: ان يريد ما لا يحسن فعله، ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الارادة، ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده، وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو المعنى بقول بعضهم:
«وقد يحسن الانسان من حيث لا يدري» وجملة الامر ان من اراد شيئا فاتفق منه غيره، يقال اخطأ.
وان وقع منه كما اراد يقال: اصاب.
وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن، او اراد إرادة لا تجمل: انه اخطأ
__________
(1) قال ابن الجزري: خطيئاته جمع اذ ثنا.
انظر النشر في القراءات العشر ج 2ص 409.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 249.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 62.
(2) سورة الاسراء الآية 31.
(3) سورة النساء الآية 92.(1/324)
ولهذا يقال: اصاب الخطأ، واخطأ الصواب، واصاب الصواب، واخطأ الخطأ.
والخطيئة، والسيئة، يتقاربان، لكن الخطيئة اكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا اليه في نفسه، بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه، كمن يرمي «صيدا» فاصاب انسانا. اهـ (1)
وجاء في «تاج العروس» في مادة «خطئ»: «الخطأ» بتحريك الطاء: ما لم يتعمد منه.
وقال «الليث» (2): الخطيئة» «فعيلة» وجمعها كان ينبغي ان يكون «خطائيء» بهمزتين فاستثقلوا التقاء همزتين، فخففوا الآخرة منهما، كما يخفف «جائئ» على هذا القياس، وكرهوا ان يكون علته علة «جائئ» لان تلك الهمزة زائدة، وهذه اصلية، ففروا «بخطايا» الى «يتامى» ووجدوا له في الاسماء الصحيحة نظيرا، مثل: «طاهر، وطاهرة، وطهارى» اهـ.
وفي «العباب»: جمع «خطيئة» «خطايا» وكان الاصل «خطائىء» على «فعائل» فلما اجتمعت الهمزتان تليت الثانية ياء، لان قبلها كسرة، ثم استثقلت، والجمع ثقيل وهو معتل مع ذلك، فقلبت الياء الفا، ثم قلبت الهمزة الاولى ياء لخفائها بين الالفين» اهـ (3).
«رسالته» من قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمََا بَلَّغْتَ رِسََالَتَهُ} (4)
قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، وابو جعفر، ويعقوب» «رسالاته» باثبات الف بعد اللام مع كسر التاء، على الجمع، وذلك انه لما كانت
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 151.
(2) هو الليث بن المظفر بن نصر.
وقال «الازهري»: هو الليث بن رافع، بن نصر، بن سياد، الخرساني»:
انظر: المزهر للسيوطي ج 1ص 77.
(3) انظر: تاج العروس ج 1ص 61.
(4) سورة المائدة الآية 67.(1/325)
الرسل يأتي كل واحد بضروب مختلفة من الشرائع المرسلة معهم. حسن الجمع ليدل على ذلك، اذ ليس ما جاءوا به رسالة واحدة، فحسن الجمع لما اختلفت الاجناس.
وقرأ الباقون «رسالته» بحذف الالف، ونصب التاء، على الافراد، وذلك لان الرسالة على انفراد لفظها تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع مثل قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (1)
والنعم كثيرة، والمعدود لا يكون الا كثيرا (2).
«كلمت» من قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا} (3)
ومن قوله تعالى: {كَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (4)
ومن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لََا يُؤْمِنُونَ} (5)
ومن قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحََابُ النََّارِ} (6)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «كلمت»
__________
(1) سورة إبراهيم الآية 34.
(2) قال ابن الجزري:
رسالاته فاجمع واكسر * * * عم صرا ظلم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 43.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 415.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 193.
(3) سورة الأنعام الآية 115.
(4) سورة يونس الآية 33.
(5) سورة يونس الآية 96.
(6) سورة غافر الآية 6.(1/326)
في المواضع الأربعة بحذف الالف التي بعد الميم، وذلك على التوحيد، والمراد بهذا الجنس.
وقرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «كلمات» في المواضع الاربعة باثبات الالف التي بعد الميم، وذلك على الجمع، لان كلمات الله تعالى متنوعة: امرا، ونهيا، وغير ذلك.
وهي مرسومة بالتاء المفتوحة في جميع المصاحف، فمن قرأها بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأها بالافراد فمنهم من وقف بالتاء وهم: عاصم، وحمزة، وخلف العاشر، ومنهم من وقف بالهاء وهما: الكسائي، ويعقوب.
وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» بالجمع في موضع الانعام، وبالافراد في موضعي: يونس، وموضع غافر.
وعلى قراءة الجمع يقفان بالتاء، وعلى قراءة الافراد يقفان بالهاء (1).
تنبيه: اعلم انه لم يرد خلاف بين القراء العشرة في لفظ «كلمت» بين الافراد والجمع في غير المواضع الأربعة التي سبق ذكرها، وذلك لان القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
علما بانه ورد لفظ «كلمة» في القرآن غير المواضع صاحبة الخلاف في اكثر من موضع، مثال ذلك:
1 - قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ بِمََا صَبَرُوا} (2)
__________
(1) قال ابن الجزري: وكلمات اقصر كفى ظلا وفى * * * يونس والطول شفا حق نفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 60.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 447.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 223، ج 1ص 309، ج 2ص 194.
(2) سورة الأعراف الآية 137.(1/327)
2 - وقوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمََا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (1)
3 - وقوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (2)
4 - وقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} (3)
5 - وقوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكََانَ لِزََاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى} (4)
6 - ومن قوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (5)
7 - وقوله تعالى: {وَلَوْلََا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى ََ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ} (6)
والله اعلم
__________
(1) سورة يونس الآية 19.
(2) سورة هود الآية 110.
(3) سورة هود الآية 119.
(4) سورة طه الآية 129.
(5) سورة فصلت الآية 45.
(6) سورة الشورى الآية 14.(1/328)
قال «الطبري» ت 310هـ:
في تفسير قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لََا مُبَدِّلَ لِكَلِمََاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (1)
يقول تعالى ذكره «وتمت كلمت ربك» يعني «القرآن»، سماه كلمة كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر: هذه كلمة فلان.
«صدقا وعدلا» يقول: كملت كلمة ربك من الصدق، والعدل، والصدق، والعدل، نصبا على التفسير للكلمة، كما يقال: عندي عشرون درهما «لا مبدل لكلماته» يقول: لا مغير لما اخبر في كتبه انه كائن من وقوعه في حينه واجله الذي اخبر الله انه واقع فيه، وذلك نظير قوله جل ثناؤه: «يريدون ان يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكانت ارادتهم تبديل كلام الله، مسألتهم نبي الله لن يتركهم يحضرون الحرب معه، وقولهم له، ولمن معه من المؤمنين «ذرونا نتبعكم» بعد الخبر الذي كان الله اخبرهم تعالى ذكره في كتابه بقوله: «فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي ابدا ولن تقاتلوا معي عدوا» الآية فحاولوا تبديل كلام الله وخبره بانهم لن يخرجوا مع نبي الله في «غزاة» ولن يقاتلوا معه عدوا بقولهم لهم: «ذرونا نتبعكم» فقال الله جل ثناؤه لنبيه «محمد» صلى الله عليه وسلم: يريدون ان يبدلوا بمسألتهم اياهم ذلك كلام الله وخبره «قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكذلك معنى قوله:
«لا مبدل لكلماته» انما هو: لا مغير لما اخبر عنه من خير انه كائن فيبطل مجيئه وكونه، ووقوعه، على ما اخبر جل ثناؤه لانه لا يزيد المفترون في كتب الله، ولا ينقصون منها، وذلك ان اليهود، والنصارى لا شك انهم
__________
(1) سورة الانعام الآية 115.(1/329)
اهل كتب الله التي انزلها على انبيائه، وقد اخبر جل ثناؤه انهم يحرفون غير الذي اخبر انه لا مبدل له» اهـ (1).
«رسالته» من قوله تعالى: {اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ} (2)
قرأ «ابن كثير، وحفص» «رسالته» بغير الف بعد اللام، ونصب التاء، وذلك على الافراد، والرسالة على انفراد لفظها تدل على الكثرة، بمعنى انها تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع، وبناء عليه فهذه القراءة تتحد في المعنى مع القراءة التالية.
وقرأ الباقون «رسالاته» باثبات الف بعد اللام، وكسر التاء، على الجمع، وذلك انه لما كانت الرسل يأتي كل واحد بضروب من الشرائع المرسلة حسن الجمع ليدل على ذلك (3).
«مكانتكم» من قوله تعالى: {قُلْ يََا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنِّي عََامِلٌ} (4)
ومن قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنََّا عََامِلُونَ} (5)
ومن قوله تعالى: {قُلْ يََا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى ََ مَكََانَتِكُمْ إِنِّي عََامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (6)
__________
(1) انظر: تفسير الطبري ج 8ص 9.
(2) قال ابن الجزري:
(3) رسالاته فاجمع واكسر * * * عم صرا ظلم والانعام اعكسا دن عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 449.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 224.
(4) سورة الأنعام الآية 135.
(5) سورة هود الآية 121.
(6) سورة الزمر الآية 39.(1/330)
«مكانتهم» من قوله تعالى {وَلَوْ نَشََاءُ لَمَسَخْنََاهُمْ عَلى ََ مَكََانَتِهِمْ} (1)
قرأ «شعبة» مكاناتكم، «مكاناتهم» في الالفاظ المذكورة قبل بألف بعد النون، على انها جمع «مكانة» وهي الحالة التي هم عليها، ولما كانوا على احوال من امر دنياهم جمع لاختلاف الانواع.
وقرأ الباقون «مكانتكم» و «مكانتهم» بحذف الالف التي بعد النون، وذلك على الافراد، وهو مصدر يدل على القليل والكثير من صنفه من غير جمع ولا تثنية، واصل المصدر ان لا يثنى ولا يجمع، مثل الفعل، والفعل مأخوذ من المصدر، فكما ان الفعل لا يثنى ولا يجمع فكذلك المصدر، الا اذا اختلفت انواعه فحينئذ يشابه المفعول، فيجوز جمعه (2).
«برسالاتي» من قوله تعالى: {يََا مُوسى ََ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النََّاسِ بِرِسََالََاتِي وَبِكَلََامِي} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو جعفر، وروح» «برسالتي» بحذف الالف التي بعد اللام، على التوحيد، والمراد به المصدر، اي بارسالي إياك.
وقرأ الباقون «برسالاتي» باثبات الالف التي بعد اللام، على الجمع، والمراد: «أسفار التوراة» (4).
__________
(1) سورة يس الآية 67.
(2) قال ابن الجزري: مكانات جمع في الكل صف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 63.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 452.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 329135، ج 2ص 190169
(3) سورة الاعراف الآية 144
(4) قال ابن الجزري: رسالتي اجمع غيث كنز حجفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 80.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 476.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 252.(1/331)
«ذريتهم» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (1)
قرأ «ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ذريتهم» بالافراد، وحجة ذلك ان «الذرية» تقع للواحد، والجمع، وقد اجمع على الافراد في قوله تعالى: {أُولََئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} (2)
ولا شيء اكثر من ذرية آدم عليه السلام.
فلما صح وقوع «الذرية» للجمع، استغنى بذلك عن الجمع.
وقرأ الباقون «ذرياتهم» بالجمع، وحجة ذلك انه لما كانت «الذرية» تقع للواحد اتى بلفظ لا يقع للواحد، فجمع ليخلص الكلمة الى معناها المقصود اليه لا يشركها فيه شيء، وهو الجمع، لان ظهور بني آدم استخرج منها ذريات كثيرة، لا يعلم عددهم الا الله تعالى (3).
«الذرية» على وزن «فعلية» بضم الفاء، وسكون العين، وكسر اللام مخففة، وتشديد الياء: من «الذر» وهم الصغار.
وتكون «الذرية» واحدا، وجمعا.
وفيها ثلاث لغات: افصحها ضم الذال، والثانية كسرها، والثالثة فتح الذال مع تخفيف الراء، وزان «كريمة»، وتجمع على «ذريات» وقد تجمع على «الذراري».
__________
(1) سورة الاعراف الآية 172
(2) سورة مريم الآية 58
(3) قال ابن الجزري: ذرية اقصر وافتح التاء دنف كفى النشر في القراءات العشر ج 3ص 83.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 483.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 258.(1/332)
وقد اطلقت «الذرية» على الآباء ايضا مجازا.
وبعضهم يجعل «الذرية» من «ذرا» الله تعالى الخلق، وترك همزها للتخفيف، فوزنها «فعلية» (1).
«وعشيرتكم» من قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كََانَ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ وَإِخْوََانُكُمْ وَأَزْوََاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} (2)
قرأ «شعبة» «عشيراتكم» بألف بعد الراء، على الجمع، لان كل واحد من المخاطبين عشيرة، فجمع لكثرة عشائرهم.
والعشيرة: «القبيلة» ولا واحد لها من لفظها.
والجمع «عشيرات، وعشائر» (3).
وقرأ الباقون «عشيرتكم» بغير ألف على الافراد، لان العشيرة واقعة على الجمع، اي عشيرة كل منهم، فاستغنى بذلك لخفته (4).
«صلاتك» من قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلََاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (5)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «صلاتك» بالتوحيد، ونصب التاء، على ان المراد بها الجنس.
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 1ص 207.
(2) سورة التوبة الآية 24
(3) انظر: المصباح المنير ج 2ص 411.
(4) قال ابن الجزري: عشيرات صدق جمعا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 95.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 500.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 575.
وحجة القراءات ص 316.
(5) سورة التوبة الآية 103.(1/333)
وقيل: الصلاة معناها الدعاء، والدعاء صنف واحد، وهو مصدر، والمصدر يقع للقليل، والكثير بلفظه.
وقد اجمعوا على التوحيد في قوله تعالى {وَمََا كََانَ صَلََاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلََّا مُكََاءً وَتَصْدِيَةً} (1)
وقرأ الباقون «صلواتك» بالجمع، وكسر التاء، ووجه ذلك ان الدعاء تختلف اجناسه، وانواعه فجمع لذلك.
وقد اجمعوا على الجمع في قوله تعالى: {وَيَتَّخِذُ مََا يُنْفِقُ قُرُبََاتٍ عِنْدَ اللََّهِ وَصَلَوََاتِ الرَّسُولِ} (2)
«اصلاتك» من قوله تعالى: قالوا يا شعيب اصلواتك تأمرك ان نترك ما يعبد آباؤنا (3)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «اصلاتك» بالافراد، ورفع التاء، على ان المراد بها الجنس.
وقيل: الصلاة معناها الدعاء، والدعاء صنف واحد، وهو مصدر، والمصدر يقع للقليل، والكثير بلفظه.
وقرأ الباقون «اصلواتك» بالجمع مع رفع التاء.
__________
(1) سورة الأنفال الآية 35
(2) قال ابن الجزري:
صلاتك لصحب وحد مع هود وافتح تاءه هنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 100.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 505.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 284.
وحجة القراءات ص 322والآية من سورة التوبة الآية 99.
(3) سورة هود الآية 87(1/334)
ووجه ذلك ان الدعاء تختلف اجناسه، وانواعه فجمع لذلك (1).
«آيات» من قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} (2)
قرأ «ابن كثير» «آية» بالافراد، كان الله سبحانه وتعالى جعل شأن «يوسف» عليه السّلام آية على الجملة، وان في التفصيل آيات كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} (3)
فافرد آية، وان كان شأنهما على التفصيل آيات.
وقرأ الباقون «آيات» بالجمع، وذلك لاختلاف احوال يوسف، ولانتقاله من حال الى حال، ففي كل حال جرت عليه آية، فجمع لذلك المعنى (4).
«غيابات» من قوله تعالى: {لََا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ} (5)
ومن قوله تعالى: فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابت الجب (6)
قرأ «نافع، وابو جعفر» «غيابات» في الموضعين، بالجمع، لان كل ما
__________
(1) قال ابن الجزري: صلاتك لصحب وحد مع هود انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 326.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 326.
وشرح النشر ص 309.
(2) سورة يوسف الآية 7
(3) سورة المؤمنون الآية 50
(4) قال ابن الجزري: آيات افرد دن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 123.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 5.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 332.
وحجة القراءات ص 355.
(5) سورة يوسف الآية 10
(6) سورة يوسف الآية 15(1/335)
غاب عن النظر من الجب غيابة، فالمعنى: القوه فيما غاب عن النظر من الجب، وذلك اشياء كثيرة تغيب عن النظر منه، فجمع على ذلك.
وقرأ الباقون «غيابت» في الموضعين ايضا بالافراد، لان «يوسف» عليه السلام لم يلق الا في غيابة واحدة، لان الانسان لا تحويه امكنة متعددة، انما يحويه مكان واحد، فافرد لذلك (1).
«لأماناتهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمََانََاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رََاعُونَ} (2)
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمََانََاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رََاعُونَ} (3)
قرأ «ابن كثير» «لأماناتهم» بحذف الالف التي بعد النون، على التوحيد، وهو مصدر، والمصدر يدل على القليل والكثير من جنسه بلفظ التوحيد، ولان بعده قوله تعالى: {وَعَهْدِهِمْ} وهو مصدر ايضا، وقد اجمع على قراءته بالتوحيد، مع كثرة العهود، واختلافها وتباينها.
وقرأ الباقون «لأماناتهم» باثبات الالف، على الجمع، لان المصدر اذا اختلفت اجناسه، وانواعه جمع، والأمانات التي تلزم الناس مراعاتها كثيرة، فجمع المصدر لكثرتها، وقد اتفق القراء على الجمع في قوله تعالى:
{إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: غيابات معا فاجمع مدا انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 123.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 5.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 332.
وحجة القراءات ص 355.
(2) سورة المؤمنون الآية 8
(3) سورة المعارج الآية 32
(4) قال ابن الجزري: أمانات معا وحد دعم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 202.(1/336)
«على صلواتهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلَوََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ} (1)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «صلاتهم» بغير واو بعد اللام، على التوحيد، لارادة الجنس.
وقرأ الباقون «صلواتهم» بواو بعد اللام، على الجمع، لارادة الفرائض الخمس، او الفرائض والنوافل معا (2).
«وذرياتنا» من قوله تعالى: {رَبَّنََا هَبْ لَنََا مِنْ أَزْوََاجِنََا وَذُرِّيََّاتِنََا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (3)
قرأ «ابو عمرو، وشعبة، والكسائي، وخلف العاشر» «وذريتنا» بحذف الالف التي بعد الياء، على التوحيد، لارادة الجنس، ولان «الذرية» تقع للجمع، فلما دلت على الجمع بلفظها استغنى عن جمعها، ويدل على وقوع «ذرية» للجمع قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعََافاً} (4)
وقد علم ان لكل واحد ذرية.
__________
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 125.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 56والآية من سورة النساء رقم 58.
(1) سورة المؤمنون الآية 9
(2) قال ابن الجزري:
أمانات معا وحد دعم * * * صلاتهم شفا النشر في القراءات العشر ج 3ص 203.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 56.
(3) سورة الفرقان الآية 74
(4) سورة النساء الآية 9(1/337)
وقرأ الباقون «وذرياتنا» باثبات الف بعد الياء، على الجمع، وذلك حملا على المعنى، لان كل واحد ذرية، فجمع لانهم جماعة لا تحصى (1)
«آيات من ربه» من قوله تعالى: {وَقََالُوا لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيََاتٌ مِنْ رَبِّهِ} (2)
قرأ «ابن كثير، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «آية» بالتوحيد، على إرادة الجنس.
وقرأ الباقون «آيات» بالجمع على إرادة الانواع، لانهم اقترحوا آيات تنزل عليهم، فجاء الجواب: {قُلْ إِنَّمَا الْآيََاتُ عِنْدَ اللََّهِ} بالجمع، فدل هذا على انهم اقترحوا آيات متعددة (3).
«الغرفات» من قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} (4)
قرأ «حمزة» «الغرفة» باسكان الراء من غير الف بعد الفاء، على التوحيد، وهو اسم جنس يدل على الجمع، ومنه قوله تعالى: {أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمََا صَبَرُوا} (5)
وقرأ الباقون «الغرفات» بضم الراء، وبألف بعد الفاء، على الجمع، لان اصحاب الغرف جماعات كثيرة، فلهم غرف كثيرة، وقد اجمع القراء على
__________
(1) قال ابن الجزري: وذريتنا حط صحبة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 220.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 87.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 148.
(2) سورة العنكبوت الآية 50
(3) قال ابن الجزري: آيات التوحيد صحبة دفا أنظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 239.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 124.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 179.
(4) سورة سبأ الآية 37
(5) سورة الفرقان الآية 75(1/338)
الجمع في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ خََالِدِينَ فِيهََا} (1)
ومن قوله تعالى: {لََكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهََا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (2)
وقد اتفق القراء العشرة على الوقف على هذه الكلمة بالتاء، سواء من قرأ بالافراد، او الجمع (3).
«بينت» من قوله تعالى: ام آتيناهم كتابا فهم على بينات منه (4)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحفص، وحمزة، وخلف العاشر» «بينت» بغير الف بعد النون، على الافراد، وذلك على إرادة ما في كتاب الله تعالى، ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: {وَإِلى ََ ثَمُودَ أَخََاهُمْ صََالِحاً قََالَ يََا قَوْمِ اعْبُدُوا اللََّهَ مََا لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرُهُ قَدْ جََاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} (5)
وقوله تعالى: {قََالَ يََا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى ََ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} (6)
وقرأ الباقون «بينات» باثبات الالف، على الجمع، وذلك لكثرة ما جاء به
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 58
(2) سورة الزمر الآية 20
(3) قال ابن الجزري: والغرفة التوحيد فد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 258.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 155.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 208.
(4) سورة فاطر الآية 40
(5) سورة الاعراف الآية 73
(6) سورة هود الآية 28(1/339)
النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والبراهين، الدالة على صدق نبوته من القرآن، وغير ذلك (1).
وهي مرسومة في جميع المصاحف بالتاء المفتوحة.
فمن قرأ بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأ بالافراد فمنهم من وقف بالهاء وهما: ابن كثير، وابو عمرو.
ومنهم من وقف بالتاء، وهم: حفص، وحمزة، وخلف العاشر.
«ذريتهم» من قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنََّا حَمَلْنََا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (2)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ذريتهم» بحذف الالف التي بعد الياء، وفتح التاء، على الافراد، وحجة ذلك ان «الذرية» تقع للواحد، والجمع، ولا شيء اكثر من ذرية آدم عليه السّلام، فلما صح وقوع «الذرية» للجمع، استغنى بذلك عن الجمع.
وقرأ الباقون «ذرياتهم» بالجمع، وحجة ذلك انه لما كانت «الذرية» تقع للواحد اتى بلفظ لا يقع للواحد، فجمع لتخلص الكلمة الى معناها المقصود اليه، لا يشركها فيه شيء، وهو الجمع لان ظهور بني آدم استخرج منها ذكريات كثيرة، لا يعلم عددهم الا الله تعالى (3).
__________
(1) قال ابن الجزري:
والغرفة التوحيد فد * * * وبينت حبر فتى عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 260.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 161.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 211.
(2) سورة يس الآية 41
(3) قال ابن الجزري:
ذرية اقصر وافتح التاء دنف كفى * * * كثانى الطور يس لهم وابن العلا(1/340)
المعنى: يقول الله تعالى: وهذا دليل آخر لاهل مكة على قدرتنا، وكمال وحدانيتنا، وهو انا حملنا آباءهم عند ما عم الطوفان في عهد نبي الله «نوح» في السفينة المملوءة بركابها، فنجيناهم من الموت غرقا، ولولا ذلك لا نقرض نسل بني الانسان.
«بمفازتهم» من قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللََّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفََازَتِهِمْ} (1)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بمفازتهم» بالف بعد الزاي على الجمع، لاختلاف انواع ما ينجو المؤمن منه يوم القيامة، ولانه ينجو بفضل الله وبرحمته من شدائد، واهوال مختلفة.
وقرأ الباقون «بمفازتهم» بغير الف، على الافراد، لان «مفازة» مصدر ميمي، والمصدر يدل على القليل والكثير بلفظه (2).
«ثمرات» من قوله تعالى: {وَمََا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا} (3)
قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وابو جعفر» «ثمرات» بالف بعد الراء، على الجمع، وذلك لكثرة الثمرات، واختلاف انواعها.
وقرأ الباقون «ثمرت» بغير الف، على الافراد، لارادة الجنس، ولان دخول «من» على «ثمرة» يدل على الكثرة كما تقول: «هل من رجل» فرجل عام للرجال كلهم، ولست تسأل عن رجل واحد، فكذلك «من ثمرة»
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 83.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 167.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 217.
(1) سورة الزمر الآية 61
(2) قال ابن الجزري: مفازات اجمعوا صبر شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 282.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 192.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 240.
(3) سورة فصلت الآية 47(1/341)
لست تريد ثمرة واحدة، بل هو عام في جميع الثمرات، فاستغنى بالواحد عن الجمع (1).
ومن قرأ بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأ بالافراد فمنهم من وقف بالهاء وهم: «ابن كثير، وابو عمرو، والكسائي، ويعقوب».
ووقف الباقون بالتاء، وهم: «شعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «بشهاداتهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهََادََاتِهِمْ قََائِمُونَ} (2)
قرأ «حفص، ويعقوب» «بشهاداتهم» باثبات الف بعد الدال، على الجمع، لتعدد انواع الشهادة، ولانه مضاف الى ضمير الجماعة، فحسن ان يكون المضاف ايضا جمعا.
وقرأ الباقون «بشهادتهم» بحذف الالف، على التوحيد، لارادة الجنس، ولانه مصدر يدل على القليل، والكثير (3).
تنبيه: «صلاتهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلََاتِهِمْ يُحََافِظُونَ} (4)
اتفق القراء العشرة على قراءته بالافراد.
«يلاقوا» من قوله تعالى: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} (5)
__________
(1) قال ابن الجزري: اجمع ثمرات عم علا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 289.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 208.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 249.
(2) سورة المعارج الآية 33
(3) قال ابن الجزري: شهادة الجمع ظما عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 342.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 304.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 336.
(4) سورة المعارج الآية 34
(5) سورة المعارج الآية 42(1/342)
تقدم في اثناء توجيه: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} (1)
واما الصنف الثاني فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«الرياح» من قوله تعالى: {وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ} (2)
اختلف القراء في لفظ «الرياح» من حيث الجمع، والافراد، والمواضع المختلف فيها وقعت في ستة عشر موضعا:
الاول {وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ} (3)
والثاني {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (4)
والثالث {أَعْمََالُهُمْ كَرَمََادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عََاصِفٍ} (5)
والرابع {وَأَرْسَلْنَا الرِّيََاحَ لَوََاقِحَ} (6)
والخامس {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قََاصِفاً مِنَ الرِّيحِ} (7)
والسادس {فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيََاحُ} (8)
والسابع {وَلِسُلَيْمََانَ الرِّيحَ عََاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ} (9)
والثامن {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكََانٍ سَحِيقٍ} (10)
والتاسع {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (11)
والعاشر {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (12)
__________
(1) سورة الزخرف الآية 83
(7) سورة الاسراء الآية 69
(2) سورة البقرة الآية 164
(8) سورة الكهف الآية 45
(3) سورة البقرة الآية 164
(9) سورة الأنبياء الآية 81
(4) سورة الاعراف الآية 57
(10) سورة الحج الآية 31
(5) سورة إبراهيم الآية 18
(11) سورة الفرقان الآية 48
(6) سورة الحجر الآية 22
(12) سورة النمل الآية 63(1/343)
والحادي عشر {اللََّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} (1)
والثاني عشر {وَلِسُلَيْمََانَ الرِّيحَ غُدُوُّهََا شَهْرٌ وَرَوََاحُهََا شَهْرٌ} (2)
والثالث عشر {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً} (3)
والرابع عشر {فَسَخَّرْنََا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ} (4)
والخامس عشر {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} (5)
والسادس عشر {وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ آيََاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (6)
فقرأ «ابو جعفر» «الرياح» بالجمع قولا واحدا، في خمسة عشر موضعا، واختلف عنه في الموضع السادس عشر وهو الوارد في سورة «الحج» فقرأه بالجمع، والافراد.
وقرأ «نافع» بالافراد في خمسة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
الاسراء، والانبياء، والحج، سبأ، ص، وقرأ الباقي بالجمع.
وقرأ «ابن كثير» بالجمع في اربعة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
البقرة، والحجر، والكهف، والجاثية، وقرأ الباقي بالافراد.
وقرأ «ابو عمرو، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب» بالجمع في تسعة مواضع وهي الواردة في السور الآتية:
البقرة، والاعراف، والحجر، والكهف، والفرقان، والنمل، وثاني الروم، وفاطر، الجاثية، وقرأ الباقي بالافراد.
__________
(1) سورة الروم الآية 48
(2) سورة سبأ الآية 12
(3) سورة فاطر الآية 9
(4) سورة ص الآية 36
(5) سورة الشورى الآية 33
(6) سورة الجاثية الآية 5(1/344)
وقرأ «حمزة، وخلف» بالافراد في موضعين وهما الواردان في الحج، والفرقان، وقرأ الباقي بالجمع.
وقرأ «الكسائي» بالافراد في ثلاثة مواضع، وهي الواردة في السور الآتية:
الحجر، والحج، والفرقان.
وجه القراءة بالجمع نظرا لاختلاف انواع الرياح في هبوبها: جنوبا، وشمالا، وصبا، ودبورا، وفي اوصافها: حارة وباردة.
ووجه القراءة بالافراد ان «الريح» اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
تنبيه: اتفق القراء على القراءة بالجمع في اول الروم، وهو قوله تعالى:
{وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (1)
وذلك من اجل الجمع في «مبشرات».
كما اتفقوا على القراءة بالافراد في موضع الذاريات وهو قوله تعالى:
{وَفِي عََادٍ إِذْ أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} (2)
وذلك من اجل الافراد في «العقيم» (3)
«وكتبه» من قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} (4)
__________
(1) سورة الروم الآية 46
(2) سورة الذاريات الآية 41
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 422.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 270 واتحاف فضلاء البشر ص 151.
قال ابن الجزري:
الثاني شفا والريح هم * * * كالكهف مع جاثية توحيدهم حجر فتى الاعراف ثاني الروم مع * * * فاطر نمل دم شفا الفرقان دع وجامع بابراهيم شورى اذ ثنا والحج خلفه * * * وصاد الاسرى الانبيا سبا ثنا
(4) سورة البقرة الآية 285(1/345)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، والف بعدها، على التوحيد، والمراد به الجنس، او القرآن.
وقرأ الباقون «وكتبه» بضم الكاف، والتاء، وحذف الالف، على الجمع، وذلك لتعدد الكتب المنزلة من السماء على الانبياء، والمرسلين (1).
«الطير، طيرا» من قوله تعالى:
{أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللََّهِ} (2)
{وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهََا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} (3)
قرأ «ابو جعفر» «الطائر»، المعرف، «وطائرا» المنكر في السورتين بالف بعد الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، وذلك على الافراد، فقد ورد انه ما خلق سوى الخفاش وطار في الفضاء ثم سقط ميتا.
وقرأ «نافع ويعقوب» «طائرا» المنكر في السورتين مثل قراءة «ابي جعفر» بألف بعد الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، على الافراد.
وقرأ الباقون «الطير» المعرف، «وطيرا» المنكر في السورتين من غير الف، وبياء ساكنة بعد الطاء، على ان المراد به اسم الجنس، اي جنس الطير (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: كتابه بتوحيد شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 447.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 323.
وحجة القراءات ص 152.
(2) سورة آل عمران الآية 49
(3) سورة المائدة الآية 110
(4) قال ابن الجزري والطائر في الطير كالعقود خير ذاكر * * * وطائرا معا بطير اذ ثنا ظبى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 8 والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 105(1/346)
«اصرهم» من قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلََالَ الَّتِي كََانَتْ عَلَيْهِمْ} (1)
قرأ «ابن عامر» «آصارهم» بفتح الهمزة، ومدها، وفتح الصاد، واثبات الف بعدها، بالجمع، على وزن «أعمالهم».
وقرأ الباقون «اصرهم» بفتح الهمزة من غير مد، واسكان الصاد، وحذف الالف التي بعدها، على الافراد، مثل «اثمهم» فاكتفوا بالواحد، لانه مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه مع افراد لفظه (2).
«الاصر» بفتح الهمزة: عقد الشيء، وحسه لقهره.
يقال: «اصرته فهو مأصور» و «المأصر» بفتح الصاد، وكسرها: محبس السفينة.
قال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} اي الامور التي تثبطهم، وتقيدهم عن الخيرات، وعن الوصول الى الثوابات.
و «الاصر»: بكسر الهمزة العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الثواب والخيرات قال تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلى ََ ذََلِكُمْ إِصْرِي} (3) (4)
«مساجد» من قوله تعالى: {مََا كََانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسََاجِدَ اللََّهِ شََاهِدِينَ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} (5)
__________
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 122 واتحاف فضلاء البشر ص 175
(1) سورة الاعراف الآية 157
(2) قال ابن الجزري: وآصار اجمع واعكس خطيئات كما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 82.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 479.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 255.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 1918.
(4) سورة آل عمران الآية 81.
(5) سورة التوبة الآية 17.(1/347)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «مسجد» الموضع الاول من سورة التوبة بالتوحيد، لان المراد به المسجد الحرام.
قال «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154هـ:
«ويؤيد هذا قوله تعالى بعد: {أَجَعَلْتُمْ سِقََايَةَ الْحََاجِّ وَعِمََارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجََاهَدَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (1)
وقرأ الباقون «مساجد» بالجمع، لان المراد جميع المساجد، ويدخل المسجد الحرام من باب اولى، ودل على ذلك قوله تعالى بعد:
{إِنَّمََا يَعْمُرُ مَسََاجِدَ اللََّهِ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (2) (3)
تنبيه: «مساجد» من قوله تعالى: {إِنَّمََا يَعْمُرُ مَسََاجِدَ اللََّهِ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (4)
اتفق القراء العشرة على قراءته بالجمع، لان المراد جميع المساجد.
«الكفار» من قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الْكُفََّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدََّارِ} (5)
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «الكفار» بضم الكاف، وفتح الفاء وتشديدها، والف بعدها، جمع تكثير، ووجه ذلك ان الكلام اتى عقب قوله تعالى {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}
__________
(1) سورة التوبة الآية 19.
(2) قال ابن الجزري: مسجد حق الاول وحد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 94.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 500.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 274.
وحجة القراءات ص 316.
(3) سورة التوبة الآية 18.
(4) سورة التوبة الآية 18
(5) سورة الرعد الآية 42(1/348)
ثم قال: {وَسَيَعْلَمُ الْكُفََّارُ} بلفظ ما تقدمه ليأتلف الكلام على سياق واحد.
وقرأ الباقون «الكافر» بفتح الكاف، والف بعدها، وكسر الفاء، على الافراد، والمراد الجنس، والمعنى: سيعلم كل من كفر من الناس (1).
«كسفا» من قوله تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمََاءَ كَمََا زَعَمْتَ عَلَيْنََا كِسَفاً} (2)
ومن قوله تعالى: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنََا كِسَفاً مِنَ السَّمََاءِ} (3)
ومن قوله تعالى: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلََالِهِ} (4)
ومن قوله تعالى: {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّمََاءِ} (5)
قرأ «حفص» «كسفا» بفتح السين في المواضع الاربعة.
وقرأ «نافع، وشعبة» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الشعراء، وسبأ.
وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الباقي.
وقرأ «هشام» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الشعراء، وسبأ، وبالفتح والاسكان في الروم.
__________
(1) قال ابن الجزري: والكافر الكفار شد كنز غذى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 133.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 2423.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 354.
(2) سورة الاسراء الآية 92
(3) سورة الشعراء الآية 187
(4) سورة الروم الآية 48
(5) سورة سبأ الآية 9(1/349)
وقرأ الباقون وهم «ابن كثير، وابو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بالاسكان في المواضع الاربعة.
وجه قراءة الفتح انه جمع «كسفة» مثل «قطعة، وقطع».
ووجه قراءة الاسكان، ان «كسفة» مفرد (1).
تنبيه: «كسفا» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمََاءِ سََاقِطاً يَقُولُوا سَحََابٌ مَرْكُومٌ} (2)
اتفق القراء العشرة على قراءته باسكان السين، وذلك لوصفه بالمفرد المذكر في قوله تعالى «ساقطا».
والله اعلم «للكتب» من قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمََاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (3)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «للكتب» بضم الكاف، والتاء، وحذف الالف، على انه جمع كتاب بمعنى الصحف.
__________
(1) قال ابن الجزري:
وكسفا حركن عم نفس * * * والشعراء سبا علا الروم عكس من لى بخلف ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 156.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 51.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 390.
وشرح طيبة النشر ص 334.
(2) سورة الطور الآية 44
(3) سورة الأنبياء الآية 104(1/350)
وقرأ الباقون «للكتاب» بكسر الكاف، وفتح التاء، واثبات الف بعدها، على الافراد (1).
«عظاما، العظام»، من قوله تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظََاماً فَكَسَوْنَا الْعِظََامَ لَحْماً} (2)
قرأ «ابن عامر، وشعبة» «عظما، العظم» بفتح العين، واسكان الظاء، وحذف الالف التي بعدها، على التوحيد لقصد الجنس على حد قوله تعالى:
{قََالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} (3)
وقرأ الباقون «عظاما، العظام» بكسر العين، وفتح الظاء، واثبات الالف التي بعدها، على الجمع لقصد الانواع، لان العظام مختلفة، منها الدقيقة، والغليظة، والمستديرة، والمستطيلة، على حد قوله تعالى:
{وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا} (4)
«سراجا» من قوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهََا سِرََاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} (5)
__________
(1) قال ابن الجزري: وللكتاب صحب جمعا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 194.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 114.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 42.
(2) سورة المؤمنون الآية 14
(3) سورة مريم الآية 4
(4) قال ابن الجزري: وعظم العظم كم صف (سورة البقرة الآية 259) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 203.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 126.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 57.
(5) سورة الفرقان الآية 61(1/351)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سرجا» بضم السين، والراء من غير الف، بالجمع، وذلك على إرادة الكوكب، لان كل كوكب سراج، وهي تطلع مع القمر، وذكرها كما ذكر القمر، والقمر والكواكب من آيات الله تعالى: وقد قال تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ وَحِفْظاً} (1) والمصابيح هي السرج.
وقرأ الباقون «سراجا» بكسر السين، وفتح الراء. والف بعدها على التوحيد، والمراد: «الشمس» لان القمر اذا ذكر في اكثر المواضع ذكرت الشمس معه، وقد قال تعالى في آية اخرى:
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرََاجاً} (2)
«آثار» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلى ََ آثََارِ رَحْمَتِ اللََّهِ} (3)
قرأ «ابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «آثار» بألف بعد الهمزة، وألف بعد الثاء، على الجمع، وذلك لتعدد اثر المطر، ومنافعه.
وقرأ الباقون «اثر» بحذف الالفين على التوحيد، وذلك لانه لما اضيف الى مفرد آخر ليأتلف الكلام، وايضا فان الواحد يدل على الجمع، لقصد الجنس (4).
__________
(1) سورة فصلت الآية 12
(2) قال ابن الجزري: وسرجا فاجمع شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 219.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 86.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 146.
سورة نوح الآية 16.
(3) سورة الروم الآية 50
(4) قال ابن الجزري: آثار فاجمع كهف صحب انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 243.(1/352)
«نعمة» من قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظََاهِرَةً وَبََاطِنَةً} (1)
قرأ «نافع، وابو عمرو، وحفص، وابو جعفر» «نعمه» بفتح العين، وهاء مضمومة غير منونة، على التذكير، جمع «نعمة» مثل: «سدرة، وسدر» والهاء ضمير يعود على الله تعالى ونعم الله لا حصر لها، كما قال تعالى:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (2)
وقرأ الباقون «نعمة» باسكان العين، وتاء منونة، على التأنيث والافراد، وهو مصدر اريد به اسم جنس (3).
«آل ياسين» من قوله تعالى: سلام على آل ياسين (4)
قرأ «نافع، وابن عامر، ويعقوب» «آل ياسين» بفتح الهمزة، ومدها، وكسر اللام، وفصلها عما بعدها وعلى هذا يكون «آل» كلمة، و «ياسين» كلمة، اضيف «آل» الى «ياسين» و «ياسين» اسم نبي، فسلم على «اهله» لاجله، فهو داخل في السلام، اي من اجله سلم على اهله، ويجوز قراءة قطع «آل» عن «ياسين» والوقف على «آل» عند الاضطرار. او الاختبار.
وقرأ الباقون «الياسين» بكسر الهمزة، وبعدها لام ساكنة موصولة بما بعدها، فتكون كلمة واحدة، و «الياسين» اسم واحد جمع منسوب الى «الياس» فيكون السلام واقعا على من نسب الى «الياس» النبي عليه السلام.
__________
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 132.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 185.
(1) سورة لقمان الآية 20
(2) سورة النحل الآية 18
(3) قال ابن الجزري: نعمة نعم عد حز مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 246.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 135.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 189.
(4) سورة الصافات الآية 130(1/353)
وكان الاصل «سلام على الياس» فجمع المنسوب الى «الياس» بالياء والنون، وهذه الياء تحذف كثيرا من النسب في الجمع المسلم، والمكسر، ولذلك قالوا «الأعجمون، والنميرون» والواحد «اعجمي، ونمير» فحذفت ياء النسب في الجمعين استخفافا، لثقل الياء، وثقل الجمع، فكذلك «الياس» في قراءة من كسر الهمزة، انما هو على النسب، وحذفت الياء من الجمع (1).
«عبادنا» من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبََادَنََا إِبْرََاهِيمَ وَإِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ} (2)
قرأ «ابن كثير» «عبدنا» بفتح العين، واسكان الباء، على الافراد، والمراد به نبي الله «إبراهيم» عليه السلام وحده، اجلالا له، وتعظيما، وجعل ما بعده وهو «اسحاق» عطف على «إبراهيم» وما بعده معطوف عليه.
وقرأ الباقون «عبادنا» بكسر العين، وفتح الباء، على الجمع، والمراد الثلاثة: إبراهيم وما عطف عليه (3).
«وآخر» من قوله تعالى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوََاجٌ} (4)
قرأ «ابو عمرو، ويعقوب» «وآخر» بضم الهمزة مقصورة، على الجمع، وذلك لكثرة اصناف العذاب التي يعذبون بها غير الحميم، والغساق.
__________
(1) قال ابن الجزري: وآل ياسين بالياسين كم اتى ظبى النشر في القراءات العشر ج 3ص 274 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 177.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 227.
(2) سورة ص الآية 45
(3) قال ابن الجزري: عبدنا وحد دنف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 277.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 181.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 231.
(4) سورة ص الآية 58.(1/354)
و «آخر» جمع «اخرى» مثل: «الكبر، والكبرى» وهو ممنوع من الصرف للوصفية، والعدل.
وقرأ الباقون «وآخر» بالفتح والمد، على انه مفرد، اريد به الزمهرير» وهو ممنوع من الصرف للوصفية، ووزن الفعل.
ومن قرأ «وآخر» بالجمع رفعه بالابتداء، و «شكله» صفة للمبتدإ، و «ازواج» خبر المبتدأ.
ومن قرأ «وآخر» بالافراد رفعه بالابتداء، و «من شكله» خبر مقدم، و «ازواج» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ، والخبر، خبر «آخر» (1).
«عبده» من قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللََّهُ بِكََافٍ عَبْدَهُ} (2)
قرأ «حمزة، والكسائي، وابو جعفر وخلف العاشر» «عباده» بكسر العين، وفتح الباء، والف بعدها، على الجمع، والمراد: الانبياء، والمطيعون من المؤمنين.
وقرأ الباقون «عبده» بفتح العين، واسكان الياء، وحذف الالف، على الافراد، وهو مصدر يدل بلفظه على القليل والكثير (3).
«كبائر» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبََائِرَ الْإِثْمِ} (4)
__________
(1) قال ابن الجزري: وآخر اضمم اقصره حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 278.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 184.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 232.
(2) سورة الزمر الآية 36
(3) قال ابن الجزري: وعبده اجمعوا شفا ثنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 280.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 190.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 239.
(4) سورة الشورى الآية 37(1/355)
ومن قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبََائِرَ الْإِثْمِ} (1)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كبير» بكسر الباء، وياء بعدها، ولا الف ولا همزة، على وزن «فعيل» في الموضعين على التوحيد، مرادا بها الجنس، فيصدق على القليل والكثير، ووزن «فعيل» يقع بمعنى الجمع، مثل قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً} (2)
اي رفقاء، فهذه القراءة ترجع الى القراءة بالجمع في المعنى.
وقرأ الباقون «كبائر» في الموضعين ايضا، بفتح الباء، والف بعدها، ثم همزة مكسورة، جمع «كبيرة» وذلك لان بعده «الفواحش» بالجمع، فحسن ان تكون «الكبائر» بالجمع، ليتفق اللفظان (3).
«سقفا» من قوله تعالى: {لَجَعَلْنََا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمََنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} (4)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابو جعفر» «سقفا» بفتح السين، واسكان القاف، على الافراد، لارادة الجنس، وعلى معنى ان لكل بيت سقفا.
وقرأ الباقون «سقفا» بضم السين، والقاف، بالجمع على لفظ «البيوت» لان لكل بيت سقفا، فجمع اللفظ والمعنى (5).
__________
(1) سورة النجم الآية 32
(2) سورة النساء الآية 69
(3) قال ابن الجزري: وكبائر معا كبير دم فتى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 291.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 214.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 253.
(4) سورة الزخرف الآية 33
(5) قال ابن الجزري: وسقفا وحد ثبا حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 294.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 219.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 258.(1/356)
«المجالس» من قوله تعالى: {إِذََا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجََالِسِ} (1)
قرأ «عاصم» «المجالس» بفتح الجيم، والف بعدها، على الجمع، وذلك لكثرة المجالس التي يجتمع فيها المسلمون.
وقرأ الباقون «المجلس» باسكان الجيم، وحذف الالف، على الافراد، لان المراد به مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فوحد على المعنى (2).
وقال «القرطبي»: الصحيح في الآية انها عامة في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير، والاجر، سواء كان مجلس حرب، او ذكر، او يوم جمعة، ان كل واحد احق بمكانه الذي سبق اليه، ولكن يوسع لاخيه، ما لم يتأذ بذلك فيخرجه الضيق عن موضعه.
ويؤيد هذا
حديث «ابن عمر» رضي الله عنهما، الذي اخرجه البخاري، ومسلم، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقم الرجل للرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا»
اهـ «جدر» من قوله تعالى: {لََا يُقََاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلََّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرََاءِ جُدُرٍ} (3)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «جدار» بكسر الجيم، وفتح الدال، والف بعدها، على الافراد، على معنى ان كل فرقة منهم وراء «جدار».
وقيل: ان «الجدار» ويراد به «السور» الواحد يعم جميعهم، ويسترهم.
ويجوز ان يكون المراد الجمع، لان المعنى يدل عليه.
__________
(1) سورة المجادلة الآية 11
(2) قال ابن الجزري: والمجالس امددا نل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 330.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 279.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 314.
(3) سورة الحشر الآية 14(1/357)
وقرأ الباقون «جدر» على وزن «فعل» بضم الجيم والدال، وحذف الالف على الجمع، على معنى ان كل فرقة منهم وراء «جدار» فهي جدر كثيرة يستترون بها في القتال (1).
«وكتبه» من قوله تعالى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمََاتِ رَبِّهََا وَكُتُبِهِ} (2)
قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «وكتبه» بضم الكاف، والتاء، جمع «كتاب» لان مريم عليها السلام آمنت بكتب الله المنزلة، ولم تؤمن بكتاب واحد فقط.
وقرأ الباقون «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، والف بعدها، على الافراد، والمراد نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم (3).
«نصب» من قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلى ََ نُصُبٍ يُوفِضُونَ} (4)
قرأ «ابن عامر، وحفص» «نصب» بضم النون، والصاد، جمع «نصب» على وزن «فعل» بفتح الفاء، وسكون العين، مثل «سقف وسقف» و «رهن ورهن».
وقرأ الباقون «نصب» بفتح النون، واسكان الصاد، اسم مفرد، بمعنى المنصوب للعبادة.
__________
(1) قال ابن الجزري: وجدر جدار حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 332.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 282.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 316.
(2) سورة التحريم الآية 12
(3) قال ابن الجزري: وكتابه اجمعوا حما عرف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 338 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 295 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 326.
(4) سورة المعارج الآية 43.(1/358)
قال «ابو عمرو بن العلاء» ت 154هـ: «النصب»: شبكة الصائد يسرع اليها عند وقوع الصيد فيها خوف انقلابه (1).
قال «الجوهري»: «والنصب» بفتح النون، وسكون الصاد: ما نصب فعبد من دون الله، وكذلك «النصب» بالضم، وقد يحرك». اهـ.
وقال «الحسن البصري» ت 110هـ: «كانوا يبتدرون اذا طلعت الشمس الى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي اولهم على آخرهم» اهـ.
__________
(1) قال ابن الجزري: نصب اضمم حركن به عفاكم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 342.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 305 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 336.
والصحاح للجوهري مادة «نصب» ج 1ص 225.
وتفسير الشوكاني ج 5ص 295.(1/359)
الفصل الثاني من الباب الرابع بين الماضي والامر
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على انها فعل ماض، واخرى على انها فعل امر، وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«واتخذوا» من قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى} (1)
قرأ «نافع، وابن عامر» «واتخذوا» بفتح الخاء، على انه فعل ماض، اريد به الاخبار، وهو معطوف على قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} مع اضمار {إِذْ}.
والمعنى: واتخذ الناس من المكان الذي وقف عليه سيدنا «إبراهيم» عليه السلام عند بناء الكعبة «مصلى» اي يصلون عنده بعد الطواف بالبيت، وهذا المكان لم يزل موجودا حتى الآن، وفيه اثر قدم سيدنا «إبراهيم» وهو
__________
(1) سورة البقرة الآية 125(1/360)
«الحجر» وهذه تعتبر معجزة لسيدنا «إبراهيم» حيث غاصت قدمه في «الحجر» على غير عادة.
وقرأ الباقون «واتخذوا» بكسر الخاء، على انه فعل امر، والمأمور بذلك قيل: «سيدنا إبراهيم» وذريته.
وقيل: نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام، وامته.
والامر بالصلاة عند مقام سيدنا «إبراهيم» للندب، وليس للوجوب، بحيث من ترك الصلاة عنده لا يفسد حجه (1).
«الأخذ»: حوز الشيء وتحصيله (2).
«والاتخاذ» افتعال من «الاخذ» ويعدى الى مفعولين، ويجري مجرى «الجعل» نحو قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى} (3).
وقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصََارى ََ أَوْلِيََاءَ} (4).
وقيل «الأخذ»: خلاف العطاء، وقيل: معناه ايضا «التناول» (5).
«قل» من قوله تعالى: {قُلْ سُبْحََانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلََّا بَشَراً رَسُولًا} (6)
قرأ «ابن كثير، وابن عامر» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها،
__________
(1) قال ابن الجزري: واتخذوا بالفتح كما أصل انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 418.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 36.
وتفسير الطبري ج 1ص 380.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 12.
(3) سورة البقرة الآية 125
(4) سورة المائدة الآية 51.
(5) انظر: تاج العروس ج 2ص 550.
(6) سورة الاسراء الآية 93(1/361)
بصيغة الماضي، وكذلك اخبارا عما قاله نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم ردا على ما طلبه الكفار.
وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف اهل مكة، واهل الشام (1).
وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، بصيغة الامر، على انه فعل امر من الله تعالى الى نبيه «محمد» عليه الصلاة والسلام لينزه الله تعالى ردا على ما طلبه الكفار المعاندون في قولهم: {وَقََالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتََّى تَفْجُرَ لَنََا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} الخ.
وهذه القراءة موافقة في الرسم لبقية المصاحف (2).
«قال ربي» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ} (3)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض مسند الى ضمير الرسول «محمد» صلى الله عليه وسلم وهو اخبار من الله تعالى حكاية عما اجاب به النبي عليه الصلاة والسلام الطاعنين في رسالته، وفيما جاء به.
وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على انه فعل امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليجيب به الطاعنين في رسالته (4).
__________
(1) قال ابن عاشر: للشام قل سبحان قال قد رسم له وللمكى
(2) قال ابن الجزري: وقل قال دناكم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 157 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 52.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 390.
(3) سورة الأنبياء الآية 4
(4) قال ابن الجزري: قل قال عن شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 191.(1/362)
تنبيه: لفظ «قل» الاول من سورة الانبياء وهو قوله تعالى: {قََالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ}.
قال في المقنع: وفي الانبياء في مصاحف اهل الكوفة «قال» بالالف وفي سائر المصاحف «قل» بغير الف (1).
«قال رب» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} (2)
قرأ «حفص» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض مسند الى ضمير الرسول «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََاكَ إِلََّا رَحْمَةً لِلْعََالَمِينَ} وهو اخبار من الله تعالى عما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام للمعرضين عن دعوته.
وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على انه فعل امر من الله تعالى لنبيه ليجيب به المعرضين عن دعوته (3).
وقرأ «ابو جعفر» «رب» بضم الباء، على انها ضمة بناء وهي احدى اللغات الجائزة في المنادى المضاف لياء المتكلم نحو «يا غلامي» مبنيا على الضم مع نية الاضافة.
وقرأ الباقون «رب» بالكسرة، على انه منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والكسرة لمناسبة الياء المحذوفة (4).
__________
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 110.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 32.
(1) انظر: المقنع لأبي عمرو الداني ص 104.
ودليل الحيران ص 465.
(2) سورة الأنبياء الآية 112.
(3) قال ابن الجزري: قل قال عن شفا وأخرها عظم
(4) قال ابن الجزري: فارفع ثنا ورب للكسر اضمما عنه انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 195.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 115.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 43.(1/363)
«قال كم» من قوله تعالى: {قََالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} (1)
قرأ «ابن كثير، وحمزة، والكسائي» «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على انه فعل امر، والمخاطب بهذا الامر الملك الموكل بهم.
وقرأ الباقون «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض، وفاعل ضمير يعود على «ربنا» المتقدم فى قوله تعالى: {«رَبَّنََا أَخْرِجْنََا مِنْهََا»} (2)
او ضمير يعود على الملك الموكل بهم. (3)
المعنى: يقول الله تعالى لاهل النار على لسان «مالك» خازن النار، توبيخا لهم، لانهم كانوا يزعمون ان لا حياة الا حياة الدنيا: {«كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ»} اي كم من السنين لبثتم احياء فى الدنيا؟
«قال ان» من قوله تعالى: «قال ان لبثتم الا قليلا» (4)
قرأ «حمزة، والكسائي» «قل» بلفظ الامر، والمخاطب بهذا الامر الملك الموكل بهم.
وقرأ الباقون «قال» بلفظ الماضي، وفاعله ضمير يعود على «ربنا» المتقدم في قوله تعالى: {رَبَّنََا أَخْرِجْنََا مِنْهََا} (5)
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 112
(2) رقم الآية 107
(3) قال ابن الجزري:
وقال ان قل في دقا ... قل كما هما والملك دن
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 208 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 66.
والكشف عن وجوه القراءات ص 132.
(4) سورة المؤمنون الآية 114
(5) رقم الآية 107(1/364)
او ضمير يعود على الملك الموكل بهم (1).
«تنبيه»: «لا ترجعون» من قوله تعالى: {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنََا لََا تُرْجَعُونَ} (2)
تقدم حكمه اثناء الحديث على توجيه القراءات التي في قوله تعالى:
{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (3)
«قال أولو» من قوله تعالى: {قََالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى ََ مِمََّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبََاءَكُمْ} (4)
قرأ «حفص، وابن عامر» «قال» بفتح القاف، واللام، على انه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «النذير» المتقدم في قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ مََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ} (5)
وهو خبر عن قول النذير.
وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، واسكان اللام، على انه فعل امر، والفاعل ضمير مستتر تقديره «انت» والمراد به «النذير» المتقدم ذكره.
وهو امر من الله تعالى للنذير ليقول لهم ذلك يحتج به عليهم، فهو حكاية عن الحال التي جرت من امر الله تعالى للنذير، فاخبرنا الله انه امر النذير فقال له: قل أولو جئتكم (6)
__________
(1) قال ابن الجزري: وقال ان قل في رقأ انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 208 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 66.
والكشف عن وجوه القراءات ص 132.
(2) سورة المؤمنون الآية 115
(3) سورة البقرة الآية 28
(4) سورة الزخرف الآية 24
(5) رقم الآية 23.
(6) قال ابن الجزري: قل قال كم علم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 294.(1/365)
«قل انما» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمََا أَدْعُوا رَبِّي} (1)
قرأ «عاصم، وحمزة، وابو جعفر» «قل» بضم القاف، وسكون اللام، على انه فعل امر، حملا على ما اتى بعده من لفظ الامر، في قوله تعالى:
{قُلْ إِنِّي لََا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلََا رَشَداً} (2)
وقوله: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللََّهِ أَحَدٌ} (3)
والفاعل ضمير مستتر تقديره «انت» والمراد به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم.
وقرأ الباقون «قال» بفتح القاف، واللام، على انه فعل ماض، على لفظ الخبر، والغيبة، حملا على ما قبله من الخبر، والغيبة، في قوله تعالى:
{وَأَنَّهُ لَمََّا قََامَ عَبْدُ اللََّهِ يَدْعُوهُ} (4)
والتقدير: لما قام عبد الله يدعوه، قال انما ادعوا ربي ولا اشرك به أحدا، وفاعل «قال» ضمير مستتر تقديره، «هو» يعود على «عبد الله» المراد به نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام (5).
«انطلقوا الى ظل» من قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلى ََ ظِلٍّ ذِي ثَلََاثِ شُعَبٍ} (6)
__________
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 218.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 258.
(1) سورة الجن الآية 20
(2) الجن الآية 21.
(3) الجن الآية 22.
(4) الجن الآية 19.
(5) قال ابن الجزري: قل انما في قال ثق فز نل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 346.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 309 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 342.
(6) سورة المرسلات الآية 30(1/366)
قرأ «رويس» «انطلقوا» بفتح اللام، على انه فعل ماض.
وقرأ الباقون «انطلقوا» بكسر اللام، على انه فعل امر (1).
تنبيه: «انطلقوا» من قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلى ََ مََا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (2)
اتفق القراء على قراءته بكسر اللام، ولذا قيد الناظم موضع الخلاف بالثاني: وانطلقوا الثاني افتح اللام غلا.
__________
(1) قال ابن الجزري: وانطلقوا الثاني افتح اللام غلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 355 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 317.
رقم الآية 29.
(2) سورة المرسلات الآية 29.(1/367)
الفصل الثالث من الباب الرابع بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على انها «فعل ماض» مبني للفاعل، واخرى على انها «فعل ماض» مبني للمفعول، وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«قاتل» من قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قََاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «قتل» بضم القاف، وحذف الالف، وكسر التاء، وذلك على البناء للمفعول، وهو من «القتل» و «ربيون» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «قاتل» بفتح القاف، واثبات الالف، وفتح التاء، وذلك على البناء للفاعل، وهو من «القتال» و «ربيون» فاعل (2).
__________
(1) سورة آل عمران الآية 146.
(2) قال ابن الجزري: قاتل ضم اكسر بقصر أو جفا حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 14.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 137 وحجة القراءات لابن زنجلة ص 175.(1/368)
«نزل، انزل» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتََابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى ََ رَسُولِهِ وَالْكِتََابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر» «نزل، وانزل» بضم النون، والهمزة، وكسر الزاي فيهما، وذلك على بنائهما للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الكتاب».
وقرأ الباقون «نزل، انزل» بفتح النون، والهمزة، والزاي، وذلك على بنائهما للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الله» المتقدم في قوله: «آمنوا بالله» (2).
«نزل» من قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ أَنْ إِذََا سَمِعْتُمْ آيََاتِ اللََّهِ يُكْفَرُ بِهََا وَيُسْتَهْزَأُ بِهََا فَلََا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} (3)
قرأ «عاصم، ويعقوب» «نزل» بفتح النون، والزاي، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى، وان ما بعدها في محل نصب بنزل.
وقرأ الباقون «نزل» بضم النون، وكسر الزاي، على البناء للمفعول، وان وما بعدها في محل رفع نائب فاعل، والتقدير:
وقد نزل عليكم المنع من مجالسة المنافقين، والكافرين، عند سماع الكفر بآيات الله والاستهزاء بها (4).
__________
(1) سورة النساء الآية 136.
(2) قال ابن الجزري: نزل أنزل اضمم اكسر كم حلا دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 36 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 400.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 173.
(3) سورة النساء الآية 140
(4) قال ابن الجزري:
نزل أنزل اضمم اكسر كم حلا دم ... واعكس الاخرى ظبى نل
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 37.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 400. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 173.(1/369)
«استحق، الاوليان» من قوله تعالى: {فَآخَرََانِ يَقُومََانِ مَقََامَهُمََا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيََانِ} (1)
قرأ «حفص» «استحق» بفتح التاء، والحاء، مبنيا للفاعل، واذا ابتدأ كسر الهمزة.
وقرأ «الاوليان» باسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى «اولى» اي الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وهو مرفوع على انه فاعل «استحق».
وقرأ «شعبة، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «استحق» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، واذا ابتدءوا ضموا الهمزة، ونائب فاعل «استحق» «عليهم» اي الجار والمجرور.
وقرءوا «الاولين» بتشديد الواو وفتحها، وكسر اللام وبعدها ياء ساكنة، وفتح النون، لجمع «اول» المقابل لآخر، وهو مجرور صفة للذين، او بدل منه، او بدل من الضمير في عليهم.
وقرأ الباقون «استحق» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، واذا ابتدءوا ضموا الهمزة.
وقرءوا «الاوليان» باسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى «اولى» وهو مرفوع على انه نائب فاعل «استحق» (2).
__________
(1) سورة المائدة الآية 107.
(2) قال ابن الجزري:
ضم استحق افتح وكسره علا والاوليان الاولين ظللا صفو فتى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 45.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 419.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 197.(1/370)
«فصل، حرم» من قوله تعالى: {وَمََا لَكُمْ أَلََّا تَأْكُلُوا مِمََّا ذُكِرَ اسْمُ اللََّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مََا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلََّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر» «فصل» بضم الفاء، وكسر الصاد، و «حرم» بضم الحاء، وكسر الراء، وذلك على بناء الفعلين للمفعول، ونائب فاعل «فصل» «ما» ونائب فاعل «حرم» ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «ما».
وقرأ «نافع، وحفص، وابو جعفر، ويعقوب» «فصل» بفتح الفاء، والصاد، و «حرم» بفتح الحاء، والراء، وذلك على بناء الفعلين للفاعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «الله» المتقدم ذكره.
وقرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فصل» بالبناء للفاعل، و «حرم» بالبناء للمفعول (2).
«اسس بنيانه» من قوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ تَقْوى ََ مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيََانَهُ عَلى ََ شَفََا جُرُفٍ هََارٍ فَانْهََارَ بِهِ فِي نََارِ جَهَنَّمَ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر» «اسس» في الموضعين، بضم الهمزة، وكسر السين، وذلك على البناء للمفعول، و «بنيانه» بالرفع نائب فاعل.
وقد اجمع القراء على القراءة بالبناء للمفعول في قوله تعالى:
__________
(1) سورة الأنعام الآية 119.
(2) قال ابن الجزري:
فصل فتح الضم والكسر أوى ... ثوى كفى وحرم اتل عن ثوى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 448.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 223.
(3) سورة التوبة الآية 109.(1/371)
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى ََ} (1).
وقرأ الباقون «اسس» في الموضعين بفتح الهمزة، والسين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «من» و «بنيانه» بالنصب مفعول به (2).
«تقطع» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، وشعبة، والكسائي، وخلف العاشر» «تقطع» بضم التاء، على البناء للمفعول، مضارع «قطع» مضعف العين، و «قلوبهم» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «تقطع» بفتح التاء، على البناء للفاعل، مضارع «تقطع»، والاصل «تتقطع» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، و «قلوبهم» فاعل (4).
«لقضي اليهم اجلهم» من قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللََّهُ لِلنََّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجََالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} (5).
قرأ «ابن عامر، ويعقوب» «لقضي» بفتح القاف، والضاد، وقلب الياء الفا، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الله تعالى» و «اجلهم» بالنصب مفعول به.
__________
(1) سورة التوبة الآية 108.
(2) سورة التوبة الآية 110.
(3) قال ابن الجزري: بنيان ارتفع ... مع اسس اضمم واكسر اعلم كم معا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 101.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 507.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 285.
وحجة القراءات ص 323.
(4) قال ابن الجزري: تقطعا ضم اتل صف حبرا روى النشر في القراءات العشر ج 3ص 101.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 508.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 286.
وحجة القراءات ص 324.
(5) سورة يونس الآية 11.(1/372)
وقرأ الباقون «لقضي» بضم القاف، وكسر الضاد، وفتح الياء على البناء للمفعول، و «واجلهم» بالرفع نائب فاعل (1).
«فعميت» من قوله تعالى: {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهََا وَأَنْتُمْ لَهََا كََارِهُونَ} (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فعميت» بضم العين، وتشديد الميم، على البناء للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «رحمة» المتقدم في قوله تعالى:
{وَآتََانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} (3).
ومعنى «عميت»: اخفيت، كما يقال: عميت عليه الامر حتى لا يبصره وقرأ الباقون «فعميت» بفتح العين، وتخفيف الميم، على البناء للفاعل والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «رحمة» (4).
تنبيه: «فعميت» من قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبََاءُ يَوْمَئِذٍ} (5).
اتفق القراء العشرة على قراءته بفتح العين، وتخفيف الميم على البناء
__________
(1) قال ابن الجزري: قضى سمى أجل في دفعه انصب كم ظبى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 103.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 292.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 515.
وحجة القراءات ص 328.
(2) سورة هود الآية 28.
(3) رقم الآية 28
(4) قال ابن الجزري: عميت اضمم شد صحب انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 113.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 527.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 315.
وحجة القراءات ص 338.
(5) سورة القصص الآية 66.(1/373)
للفاعل، لانها في امر الآخرة، ففرقوا بينها وبين امر الدنيا، فان الشبهات تزول في الآخرة، والمعنى: ضلت عنهم حجتهم، وخفيت محجتهم.
«سعدوا» من قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خََالِدِينَ فِيهََا} (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سعدوا» بضم السين، على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل، و «سعد» فعل لازم فلا يتعدى، تقول: «سعد زيد»، واذا لم يتعد الى مفعول لم يرد الى ما لم يسم فاعله اذ لا مفعول في الكلام يقوم مقام الفاعل.
ولذلك قيل: انه حمل على لغة حكيت عن العرب خارجة عن القياس حكى: «سعده الله» بمعنى: «اسعده الله» وذلك قليل، وقولهم «مسعود» يدل على «سعده الله».
وقال «الكسائي»: «سعد، واسعد لغتان بمعنى» اهـ (2).
وقرأ الباقون «سعدوا» بفتح السين، على البناء للفاعل، والواو فاعل، وذلك لاجماعهم على فتح الشين في قوله تعالى قبل:
{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النََّارِ} (3).
فكان رد ما اختلفوا فيه الى ما اجمعوا عليه اولى ولو كانت بضم السين كان الافصح ان يقال «اسعدوا» (4).
__________
(1) سورة هود الآية 108.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 536.
(3) رقم الآية 106
(4) قال ابن الجزري: وضم سعدوا شفا عدل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 328.
وحجة القراءات ص 349.(1/374)
«وصدوا» من قوله تعالى: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} (1).
«وصد» من قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «وصدوا» و «صد» بضم الصاد، على البناء للمفعول. ونائب الفاعل في موضع «الرعد» واو الجماعة العائدة على الذين كفروا.
ونائب الفاعل في موضع «غافر» ضمير مستتر تقديره «هو» عائد على «فرعون» عليه لعنة الله.
وقرأ الباقون الفعلين: «وصدوا، وصد» بفتح الصاد، على البناء للفاعل، والفاعل في موضع «الرعد» واو الجماعة.
وفي موضع «غافر» ضمير مستتر تقديره «هو» عائد على «فرعون» (3).
«فتنوا» من قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هََاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مََا فُتِنُوا} (4).
قرأ «ابن عامر» «فتنوا» بفتح الفاء، والتاء، على البناء للفاعل، اي فتنوا المؤمنين باكراههم على الكفر، ثم آمنوا وهاجروا، فالله غفور لما فعلوه.
وقرأ الباقون «فتنوا» بضم الفاء، وكسر التاء، على البناء للمفعول، اي
__________
(1) سورة الرعد الآية 32
(2) سورة غافر الآية 37
(3) قال ابن الجزري:
واضمم صدوا وصد الطول كوفي الحضرمي انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 132 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 22 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 2ص 35، ج 2ص 198.
(4) سورة النحل الآية 110(1/375)
فتنهم الكفار بالاكراه على التلفظ بالكفر، قلوبهم مطمئنة بالايمان «كعمار ابن ياسر» فالله غفور لهم، ودليله قول الله تعالى:
{إِلََّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمََانِ} (1)
«أذن» من قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (2).
قرأ «نافع، وابو عمرو، وعاصم، وابو جعفر، ويعقوب، وادريس» بخلف عنه «اذن» بضم الهمزة، على انه فعل ماض مبني للمجهول حذف فاعله للعلم به، و «للذين» في محل رفع نائب فاعل.
وقرأ الباقون بفتح الهمزة، على انه فعل ماض مبني للمعلوم، و «للذين» متعلق به، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى:
{إِنَّ اللََّهَ يُدََافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (3).
«كما استخلف» من قوله تعالى: {وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (4).
قرأ «شعبة» «استخلف» بضم التاء، وكسر اللام، على البناء للمفعول، و «الذين» نائب فاعل، ويبتدئ بهمزة الوصل في «استخلف» مضمومة لضم ثالث الفعل.
__________
(1) قال ابن الجزري: وضم فتنوا واكسر سوى شام سورة النحل الآية 106 انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 147.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 41.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 376.
(2) سورة الحج الآية 39
(3) قال ابن الجزري:
وأذن الضم حما مدا نسك مع خلف ادريس انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 199.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 120.
والمهذب في القراءات العشر ج 3ص 50رقم 38.
(4) سورة النور الآية 55(1/376)
وقرأ الباقون «استخلف» بفتح التاء، واللام، على البناء للفاعل، و «الذين» مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الله» في قوله تعالى: {وَعَدَ اللََّهُ} ويبتدئون بهمزة الوصل في «استخلف» مكسورة (1).
«لخسف» من قوله تعالى: {لَوْلََا أَنْ مَنَّ اللََّهُ عَلَيْنََا لَخَسَفَ بِنََا} (2).
قرأ «حفص، ويعقوب» «اخسف» بفتح الخاء، والسين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى في قوله:
{لَوْلََا أَنْ مَنَّ اللََّهُ عَلَيْنََا}.
وقرأ الباقون «لخسف» بضم الخاء، وكسر السين، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل الجار والمجرور وهو «بنا» (3).
قال «ابن مالك»:
وقابل من ظرف او من مصدر ... او حرف جر بنيابة حرى
«تبينت الجن» من قوله تعالى: {فَلَمََّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كََانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مََا لَبِثُوا فِي الْعَذََابِ الْمُهِينِ} (4).
قرأ «رويس» «تبينت» بضم التاء الاولى، وضم الباء الموحدة بعدها وكسر الياء التحتية المشددة، على البناء للمفعول، نائب الفاعل «الجن».
__________
(1) قال ابن الجزري: يذهب ضم واكسر ثنا كذا كما استخلف صم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 214.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 142.
(2) سورة القصص الآية 82
(3) قال ابن الجزري: وخسف المجهول سم عن ظبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 236.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 119.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 175.
(4) سورة سبأ الآية 14(1/377)
وقرأ الباقون «تبينت» بفتح الحروف الثلاثة، على البناء للفاعل، والفاعل «الجن» (1).
«اذن له» من قوله تعالى: {وَلََا تَنْفَعُ الشَّفََاعَةُ عِنْدَهُ إِلََّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (2).
قرأ «ابو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «اذن» بضم الهمزة، على البناء للمفعول، و «له» نائب فاعل.
قال ابن مالك:
وقابل من ظرف او من مصدره ... او حرف جر بنيابة حرى
وقرأ الباقون «اذن» بفتح الهمزة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ربك» من قوله تعالى: {وَرَبُّكَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (3).
والجار والمجرور متعلق «باذن» ونظير ذلك قوله تعالى: {كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمََاوََاتِ لََا تُغْنِي شَفََاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلََّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللََّهُ لِمَنْ يَشََاءُ وَيَرْضى ََ} (4).
«فزع» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قََالُوا مََا ذََا قََالَ رَبُّكُمْ قََالُوا الْحَقَّ} (5)
__________
(1) قال ابن الجزري: تبينت مع أن توليتم غلا ضمان مع كسر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 255.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 152.
(2) سورة سبأ الآية 23
(3) رقم الآية 21
(4) قال ابن الجزري: وأذن اضمم حز شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 257.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 153.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 207. سورة النجم الآية 26
(5) سورة سبأ الآية 23(1/378)
قرأ «ابن عامر، ويعقوب» «فزع» بفتح الفاء، والزاي مع تشديدها، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ربك» في قوله تعالى: {وَرَبُّكَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (1).
اي اذا ازال الله الفزع عن قلوب الشافعين، والمشفوع لهم، قال بعضهم لبعض استبشارا: ماذا قال ربكم في الشفاعة، قالوا: القول الحق، اي قد اذن فيها.
وقرأ الباقون «فزع» بضم الفاء، وكسر الزاي، على البناء للمفعول، والجار والمجرور وهو: «عن قلوبهم» نائب فاعل (2).
«قضى عليها الموت» من قوله تعالى: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى ََ عَلَيْهَا الْمَوْتَ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قضى» بضم القاف، وكسر الضاد، وفتح الباء، على البناء للمفعول، و «الموت» بالرفع، نائب فاعل.
وقرأ الباقون «قضى» بفتح القاف، والضاد، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى:
{اللََّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهََا} والموت بالنصب مفعول به (4).
__________
(1) رقم الآية 21
(2) قال ابن الجزري: وسم فزع كمال ظرفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 257 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 154.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 205.
(3) سورة الزمر الآية 42
(4) قال ابن الجزري: قضى قضى الموت ارفعوا روى فضا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 281 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 190.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 2ص 239.(1/379)
«اشهدوا» من قوله تعالى: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} (1).
قرأ «نافع، وابو جعفر» «أأشهدوا» بهمزتين.
الاولى مفتوحة محققة، والثانية مضمومة مسهلة، مع اسكان الشين، واصله «اشهدوا» فعلا رباعيا مبنيا للمفعول، والواو نائب فاعل، دخلت على الفعل همزة الاستفهام التوبيخي، كانهم وبخوا حين ادعوا ما لم يشهدوا، والمعنى: هل احضروا خلق الله الملائكة اناثا، حتى ادعوا ذلك وقالوه؟.
وادخل الفاء بين الهمزتين «ابو جعفر، وقالون» بخلف عنه.
وقرأ الباقون «اشهدوا» بهمزة واحدة مفتوحة محققة مع فتح الشين، واصله «شهدوا» فعلا ثلاثيا مبنيا للمعلوم، والواو فاعل، دخلت على الفعل همزة الاستفهام التوبيخي ايضا (2).
«قتلوا» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمََالَهُمْ} (3).
قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «قتلوا» بضم القاف وحذف الالف، وكسر التاء، مبنيا للمفعول، الواو نائب فاعل، من القتل.
وقرأ الباقون «قاتلوا» بفتح القاف، والف بعدها، وفتح التاء، مبنيا للفاعل، والواو فاعل، من «المقاتلة» (4).
__________
(1) سورة الزخرف الآية 19
(2) قال ابن الجزري: اشهدوا اقرأه أأشهدوا مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 293.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 217 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 257.
(3) سورة محمد الآية 4
(4) قال ابن الجزري: وقاتلوا ضم اكسر واقصر علا حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 305 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 238.(1/380)
«ان توليتم» من قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} (1).
قرأ «رويس» «توليتم» بضم التاء، والواو، وكسر اللام، على البناء للمفعول بمعنى: ان وليتم امور الناس، ان تفسدوا في الارض الخ.
وقال «الشوكاني» معناه: فهل عسيتم ان ولى عليكم ولاة جائرين ان تخرجوا عليهم في الفتنة وتحاربوهم، وتقطعوا ارحامكم بالبغي والظلم والقتل» اهـ (2).
وقرأ الباقون «توليتم» بفتح لتاء، والواو، وكسر اللام، على البناء للفاعل (3).
قال «الشوكاني»: «هذا خطاب للذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات، لمزيد من التوبيخ والتقريع.
قال «الكلبي»، محمد بن السائب بن بشر ت 146هـ:
«اي فهل عسيتم ان توليتم امر الامة ان تفسدوا في الارض بالظلم» اهـ وقال «قتادة بن دعامة السدوسي» ت 118هـ:
«ان توليتم عن طاعة كتاب الله عز وجل، ان تفسدوا في الارض بسفك الدماء، وتقطعوا ارحامكم» اهـ (4).
__________
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 276.
(1) سورة محمد الآية 22
(2) انظر: تفسير الفتح القدير ج 5ص 38.
(3) قال ابن الجزري: تبينت مع ان توليتم غلا ضمان مع كسر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 306 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 239.
(4) انظر: تفسير الفتح القدير ج 5ص 38(1/381)
«واملي لهم» من قوله تعالى: {الشَّيْطََانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى ََ لَهُمْ} (1).
قرأ «ابو عمرو» «واملي» بضم الهمزة، وكسر اللام، وفتح الياء على البناء للمفعول، نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «انا» والمراد به «الله عز وجل» كما قال تعالى في آية اخرى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (2).
ومعنى املاء الله لهم: انه تعالى لم يعالجهم بالعقوبة.
وحينئذ يحسن الوقف على «سول لهم» ويبتدأ بقوله تعالى:
{وَأُمْلِي لَهُمْ} ليفرق بين الفعل المنسوب الى الشيطان، وفعل الله عز وجل.
ويجوز ان يكون نائب الفاعل ضميرا تقديره «هو» يعود على الشيطان، ومعنى املاء الشيطان لهم: وسوس لهم فبعدت آمالهم حتى ماتوا على كفرهم، وحينئذ لا يجوز الوقف على «سول لهم» بل يجب وصل الكلام بعضه ببعض وقرأ «يعقوب» «واملي» مثل قراءة «ابي عمرو» الا انه سكن الياء، على البناء للفاعل، وعلى هذه القراءة يتعين ان يكون الفاعل ضميرا مستترا تقديره «انا» والمراد به الله سبحانه وتعالى.
وقرأ الباقون «واملي» بفتح الهمزة، واللام، على انه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر يعود على الشيطان (3).
«اخذ ميثاقكم» من قوله تعالى: {وَقَدْ أَخَذَ مِيثََاقَكُمْ} (4).
__________
(1) سورة محمد الآية 25
(2) سورة الاعراف الآية 183
(3) قال ابن الجزري: أملى اضمم واكسر حما وحرك الياء حلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 239 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 277.
(4) سورة الحديد الآية 8(1/382)
قرأ «ابو عمرو» «أخذ» بضم الهمزة، وكسر الخاء، على البناء للمفعول، و «ميثاقكم» بالرفع، نائب فاعل.
وقرأ الباقون «اخذ» بفتح الهمزة، والخاء، على البناء للفاعل، و «ميثاقكم» بالنصب، مفعولا به، وفاعل «اخذ» ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على لفظ الجلالة «الله» المتقدم في صدر الآية في قوله تعالى: {وَمََا لَكُمْ لََا تُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ} (1)
__________
(1) قال ابن الجزري: اضمم اكسر أخذا ميثاق فارفع حزا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 326.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 272.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 307.(1/383)
الفصل الرابع من الباب الرابع بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرأت مرة على انها «فعل مضارع مبني للفاعل» واخرى على انها «فعل مضارع مبني للمفعول» وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«ترجعون» من قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (1).
اختلف القراء في لفظ «ترجعون» وما جاء منه اذا كان من رجوع الآخرة نحو: «ثم اليه ترجعون» سواء كان غيبا او خطابا، وكذلك: «ترجع الامور ويرجع الامر».
فقرأ «يعقوب» بفتح حرف المضارعة، وكسر الجيم في جميع «القرآن» وذلك على البناء للفاعل، وهو مضارع من «رجع».
ووافقه «ابو عمرو» في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ} (2).
__________
(1) سورة البقرة الآية 28
(2) سورة البقرة الآية 281(1/384)
ووافقه «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنََا لََا تُرْجَعُونَ} (1).
ووافقه «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنََا لََا يُرْجَعُونَ} (2).
ووافقه «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في {تُرْجَعُ الْأُمُورُ} حيث وقع في القرآن.
ووافقه كل القراء الا «نافعا، وحفصا» في. {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}
اما «نافع، وحفص» فانهما قرءا بضم حرف المضارعة، وفتح الجيم:
وذلك على البناء للمفعول، وهو مضارع «رجع».
وكذلك قرأ باقي القراء في غير هود بالبناء للمفعول (3).
قال «الراغب» ت 502هـ (4)
في مادة «رجع»: «الرجوع» العود الى ما كان منه البدء، مثل قوله تعالى:
{فَلَمََّا رَجَعُوا إِلى ََ أَبِيهِمْ قََالُوا يََا أَبََانََا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} (5).
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 115
(2) سورة القصص الآية 39
(3) قال ابن الجزري:
وترجع الضم افتحا واكسر ظما ان كان للأخرى وذو يوما حما والقصص الاولى أتى ظلما شفا والمؤمنون ظلهم شفا وفا الامور هم والشام واعكس اذ عفا الامر انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 394
(4) هو: الحسين بن محمد المفضل المعروف بالراغب الاصفهاني أديب، لغوي، مفسر، حكيم، له عدة مصنفات، توفي عام 502هـ انظر: معجم المؤلفين ج 4ص 59.
(5) سورة يوسف الآية 63.(1/385)
«والرجع» بسكون الجيم الاعادة، مثل قوله تعالى: {وَحَرََامٌ عَلى ََ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا أَنَّهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (1) اهـ (2).
«يرون» من قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذََابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعَذََابِ} (3).
قرأ «ابن عامر» «يرون» بضم الياء، على البناء للمفعول، وواو الجماعة نائب فاعل.
وقرأ الباقون «يرون» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وواو الجماعة فاعل (4).
«ليحكم» من قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (5).
ومن قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتََابِ يُدْعَوْنَ إِلى ََ كِتََابِ اللََّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (6).
ومن قوله تعالى: {وَإِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (7)
__________
(1) سورة الأنبياء الآية 95.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 188.
(3) سورة البقرة الآية 165
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 423.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 46.
قال ابن الجزري: يرون الضم كل
(5) سورة البقرة الآية 213
(6) سورة آل عمران الآية 23
(7) سورة النور الآية 48(1/386)
ومن قوله تعالى: {إِنَّمََا كََانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (1)
قرأ «ابو جعفر» «ليحكم» في المواضع الاربعة بضم الياء، وفتح الكاف، على البناء للمفعول، حذف فاعله لارادة عموم الحكم من كل حاكم.
وقرأ الباقون «ليحكم» في المواضع الاربعة ايضا بفتح الياء، وضم الكاف، على البناء للفاعل، اي ليحكم كل نبي (2).
والحكم بالشيء: ان تقضي بانه كذا، او ليس بكذا، سواء الزمت ذلك غيرك، أو لم تلزمه (3).
وقال «الزبيدي» ت 1205هـ:
الحاكم: منفذ الحكم بين الناس اهـ (4).
«يخافا» من قوله تعالى {وَلََا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمََّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلََّا أَنْ يَخََافََا أَلََّا يُقِيمََا حُدُودَ اللََّهِ} (5)
قرأ «حمزة، وابو جعفر، ويعقوب «يخافا» بضم الياء، على البناء للمفعول، فحذف الفاعل وناب عنه ضمير الزوجين، و «ان لا يقيما حدود الله» بدل اشتمال من ضمير الزوجين، والتقدير: الا يخافا عدم اقامتهما حدود الله.
__________
(1) سورة النور الآية 51
(2) قال ابن الجزري: ليحكم اضمم وافتح الضم ثنا كلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 429 وأتحاف فضلاء البشر ص 156
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «حكم» ص 126.
(4) انظر: تاج العروس مادة «حكم» ج 8ص 252.
(5) سورة البقرة الآية 229(1/387)
وقرأ الباقون «يخافا» بفتح الياء، على البناء للفاعل واسناد الفعل الى ضمير الزوجين، المفهوم من السياق وان لا يقيما حدود الله مفعول به» (1).
«الخوف»: توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة، ويضاد الخوف «الامن».
ويستعمل «الخوف» في الامور الدنيوية، والاخروية (2) قال تعالى:
{وَكَيْفَ أَخََافُ مََا أَشْرَكْتُمْ وَلََا تَخََافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللََّهِ مََا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطََاناً} (3).
والخوف من الله تعالى لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب، كاستشعار الخوف من الاسد، بل انما يراد به: الكف عن المعاصي، واختيار الطاعات، ولذلك قيل: لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا.
«والخيفة»: «الحالة التي عليها الانسان من الخوف» (4).
قال تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ََ قُلْنََا لََا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ََ} (5).
«يغل» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: ضم يخافا فز ثوى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 430.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 63.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 92.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 294.
وحجة القراءات ص 135.
واتحاف فضلاء البشر ص 158.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «خوف» ص 161.
(3) سورة الانعام الآية 81.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «خوف» ص 162.
(5) سورة طه الآية 6867.
(6) سورة آل عمران الآية 161.(1/388)
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم» «يغل» بفتح الياء، وضم الغين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «نبي» والمعنى: لا ينبغي ان يقع من نبي غلول، اي خيانة البتة.
وقرأ الباقون «يغل» بضم الياء، وفتح الغين، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «نبي» ايضا، والفعل على هذه القراءة من «اغل» الرباعي، والمعنى: ما كان لنبي ان ينسب اليه غلول البتة، مثل: «اكذبته» نسبته الى الكذب (1).
قال «الراغب» في مادة «غل»: غل يغل بكسر الغين اذا صار ذا غل، اي ضغن، واغل اي صار ذا غلال، اي خيانة، وغل يغل: بضم الغين: اذا خان: واغللت فلانا نسبته الى الغلول، قال تعالى:
{وَمََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} وقرئ ان «يغل» بضم الياء وفتح الغين، اي ينسب الى الخيانة، من اغللته». هـ (2).
وقال «الزبيدي» في مادة «غلل»: «اغل، اغلالا»: خان، قال «النمر بن تولب»:
جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل ... جزاء مغل بالامانة كاذب
وانشد ابن بري:
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن ... للغدر خائنة مغل الاصبع
ويقال: «اغل غلانا»: نسبه الى الغلول، والخيانة، ومنه قراءة من قرأ
__________
(1) قال ابن الجزري: وفتح ضم يغل والضم حلا نصر دعم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 16.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 362.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 122.
وحجة القراءات ص 179.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 363.(1/389)
«وما كان لنبي ان يغل» بضم الياء، وفتح الغين اي يخون، اي ينسب الى الغلول.
ويقال: غل غلولا» خان، ومنه قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}
على قراءة «يغل» بفتح الياء، وضم الغين.
قال «ابن السكيت»: «لم نسمع في «المغنم» الا «غل غلولا» اهـ وقال «ابو عبيد»: «الغلول» في المغنم خاصة، ولا نراه في الخيانة، ولا من الحقد، ومما يبين ذلك انه يقال من الخيانة «اغل يغل» ومن الحقد «غل يغل» بالكسر، ومن «الغلول» «غل يغل» بالضم اهـ.
وقال «ابن الاثير»: «الغلول»: الخيانة في المغنم، والسرقة، وكل من خان في شيء خفية فقد «غل» وسميت «غلولا» لان الايدي فيها تغل، اي يجعل فيها «الغل» اهـ (1).
«سنكتب، وقتلهم، ونقول» من قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مََا قََالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيََاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذََابَ الْحَرِيقِ} (2).
قرأ «حمزة» «سيكتب» بياء مضمومة، وفتح التاء، مبنيا، للمفعول، و «ما» اسم موصول، او مصدرية، نائب فاعل، والتقدير: سيكتب الذي قالوه، او سيكتب قولهم.
وقرأ «وقتلهم» برفع اللام، عطفا على «ما».
وقرأ «ويقول» بياء الغيبة، وذلك لمناسبة قوله تعالى قبل: {لَقَدْ سَمِعَ اللََّهُ}
الخ وهو معطوف على «سيكتب».
وقرأ الباقون «سنكتب» بنون العظمة، وضم التاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو يعود على الله تعالى، وذلك على
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 8ص 48.
(2) سورة آل عمران الآية 181.(1/390)
الالتفات من الغيبة الى المتكلم، و «ما» مفعول به، «وقتلهم» بنصب اللام، عطفا على «ما» «ونقول» بنون العظمة، وهو معطوف على «سنكتب» (1).
قال «الراغب» في مادة «كتب»: «الكتب ضم اديم بالخياطة، يقال:
كتبت السقاء، وكتبت البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة: بسكون اللام وفي التعارف: ضم الحروف بعضها الى بعض بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها الى بعض باللفظ، فالاصل في الكتابة: النظم بالخط، لكن يستعاد كل واحد للآخر، ولهذا سمى «كلام الله» وان لم يكتب «كتابا» كقوله تعالى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ لََا رَيْبَ فِيهِ} وقوله: {قََالَ إِنِّي عَبْدُ اللََّهِ آتََانِيَ الْكِتََابَ}
الى ان قال: «ويعبر عن «الاثبات، والتقدير، والايجاب، والفرض، والعزم» بالكتابة، ووجه ذلك ان الشيء يراد، ثم يقال، ثم يكتب، فالإرادة مبدأ، والكتابة منتهى» اهـ (2).
وقال في مادة «قتل»: «اصل القتل: ازالة الروح عن الجسد كالموت، لكن اذا اعتبر بفعل المتولي لذلك يقال: «قتل» واذا اعتبر بفوت الحياة، يقال «موت» قال تعالى: {أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ} اهـ (3).
وقال في مادة «قول»: «القول، والقيل» واحد، قال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللََّهِ قِيلًا} (4).
__________
(1) قال ابن الجزري:
يكتب يا وجلهن قتل ارفعوا يقول يا فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 20.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 369 وحجة القراءات ص 184.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 423.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 393سورة آل عمران الآية 144
(4) سورة النساء الآية 122(1/391)
والقول يستعمل على اوجه، اظهرها ان يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان، او جملة
كما قد تسمى القصيدة، والخطبة ونحوهما قولا.
الثاني: يقال للمتصور في النفس قبل الابراز باللفظ قول، فيقال: في نفسي قول لم اظهره، قال تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلََا يُعَذِّبُنَا اللََّهُ بِمََا نَقُولُ} (1) فجعل ما في اعتقادهم قولا.
الثالث: للاعتقاد نحو: فلان يقول بقول «ابي هريرة» رضي الله عنه.
الرابع: يقال للدلالة على الشيء، نحو قول الشاعر: «امتلأ الحوض وقال قطني» اهـ (2).
«يوصى» من قوله تعالى: {يُوصِي بِهََا أَوْ دَيْنٍ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ} (3).
ومن قوله تعالى: {يُوصى ََ بِهََا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} (4).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وشعبة» «يوصى» في الموضعين بفتح الصاد، والف بعدها لفظا لا خطا، وذلك على البناء للمفعول، وبها نائب فاعل.
وقرأ «حفص» الموضع الاول «يوصى» بكسر الصاد، وياء بعدها وذلك على البناء للفاعل، والفاعل ضمير والمراد به الميت، وبها متعلق بيوصى، اي يوصى بها الميت.
اما الموضع الثاني فانه قرأه بفتح الصاد والف بعدها، مثل «ابن كثير، وابن عامر، وشعبة».
__________
(1) سورة المجادلة الآية 8
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 415.
(3) سورة النساء الآية 11
(4) سورة النساء الآية 12(1/392)
وقرأ الباقون الموضعين بكسر الصاد، وياء بعدها (1).
«تسوى» من قوله تعالى: {لَوْ تُسَوََّى بِهِمُ الْأَرْضُ} (2).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «تسوى» بضم التاء، وتخفيف السين، فالضم في التاء على بناء الفعل للمجهول، «والارض» نائب فاعل.
وتخفيف السين على حذف احدى التاءين تخفيفا، لان أصل الفعل تتسوى.
وقرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «تسوى» بفتح التاء، وتشديد السين، فالفتح في التاء على بناء الفعل للفاعل، و «الارض» فاعل، وتشديد السين على ادغام التاء الثانية في السين.
وقرأ باقي القراء وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر»، «تسوى» بفتح التاء، وتخفيف السين، على البناء للفاعل، وحذف احدى التاءين تخفيفا (3).
__________
(1) قال ابن الجزري:
يوصى بفتح الصاد صف كفلا درا ومعهم حفص في الاخرى قد قرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 26.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 152.
(2) سورة النساء الآية 42.
(3) قال ابن الجزري:
تسوى اضمم نما حق وعم الثقل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 30 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 390 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 158(1/393)
جاء في المفردات: «وتسوية الشيء»: جعله سواء، اما في الرفعة، او في الضمة أهـ (1).
وجاء في مختصر تفسير «ابن كثير»: ومعنى «لو تسوى بهم الارض»: أي لو انشقت بهم الارض وبلعتهم، مما يرون من أهوال الموقف، وما يحل بهم من الخزي، والفضيحة، والتوبيخ» أهـ (2).
«يدخلون» من قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلََا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (3).
ومن قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلََا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} (4).
ومن قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهََا بِغَيْرِ حِسََابٍ} (5).
ومن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبََادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دََاخِرِينَ} (6).
«يدخلونها» من قوله تعالى {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا} (7).
قرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم، وموضعي غافر، بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول والواو نائب فاعل.
وقرأ هؤلاء المذكورون قبل «يدخلونها» في «فاطر» بفتح الياء، وضم الخاء، على البناء للفاعل، والواو وهي الفاعل.
وقرأ «أبو عمرو» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم، وأول غافر، وكذا «يدخلونها» في «فاطر» بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول.
__________
(1) انظر: المفردات مادة «سوا» ص 251
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1ص 392.
(3) سورة النساء الآية 124
(4) سورة مريم الآية 60
(5) سورة غافر الآية 40
(6) سورة غافر الآية 60
(7) سورة فاطر الآية 33(1/394)
وقرأ «يدخلون» الموضع الثاني من «غافر» بفتح الياء، وضم الخاء، على البناء للفاعل.
وقرأ «شعبة» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأول غافر، بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول.
أما الموضع الثاني من غافر فقد قرأه بوجهين:
بالبناء، للفاعل، وبالبناء للمفعول.
وقرأ «يدخلونها» في «فاطر» بالبناء للفاعل قولا واحدا.
وقرأ «روح» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأول غافر، بالبناء للمفعول.
أما الموضع الثاني من غافر، وكذا «يدخلونها» في «فاطر» فقد قرأهما بالبناء للفاعل.
وقرأ «رويس» «يدخلون» في مريم، وأول غافر، بالبناء للمفعول، واختلف عنه في الموضع الثاني من «غافر» فقرأه بوجهين: بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل أما «يدخلونها» في فاطر» فقد قرأه بالبناء للفاعل قولا واحدا.
وقرأ باقي القراء العشرة «يدخلون» وكذا «يدخلونها» في السور المشار اليها من قبل بالبناء للفاعل قولا واحدا (1).
__________
(1) قال ابن الجزري: ويدخلون ضم يا وفتح ضم صف ثنا حبر شفى وكاف أولى الطول ثب حق صفى والثان دع ثطا صبا خلف غدا وفاطر حر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 171 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 397.(1/395)
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة «يدخلون، يدخلونها» في غير المواضع التي سبق الحديث عنها بالبناء للفاعل.
مثل قوله تعالى: {وَلََا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتََّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيََاطِ} (1).
وقوله تعالى: {وَالْمَلََائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ} (2).
وقوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النََّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللََّهِ أَفْوََاجاً} (3).
ومن قوله تعالى: {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبََائِهِمْ} (4).
وقوله تعالى: {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ} (5).
وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان القراءة سنة متبعة لا مجال للرأي فيها.
«يصرف» من قوله تعالى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} (6).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب» «يصرف» بفتح الياء، وكسر الراء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على «الرب» المتقدم في قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخََافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (7).
ومفعول يصرف محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو ضمير العذاب، والتقدير: من يصرف الرب عنه العذاب يوم القيامة فقد رحمه.
__________
(1) سورة الاعراف الآية 40
(2) سورة الرعد الآية 23
(3) سورة النصر الآية 2
(4) سورة الرعد الآية 23
(5) سورة النحل الآية 31
(6) سورة الانعام الآية 16
(7) سورة الانعام الآية 15(1/396)
وقرأ الباقون «يصرف» بضم الياء، وفتح الراء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «العذاب» المتقدم، والتقدير: من يصرف العذاب عنه يوم القيامة، وهذا لا يكون الا بأمر الله تعالى فقد رحمه الله بذلك (1).
الصرف: رد الشيء من حالة الى حالة، أو ابداله بغيره، يقال: صرفته فانصرف، قال تعالى: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} (2).
وقال تعالى: {أَلََا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} (3).
والتصريف: كالصرف الا في التكثير، وأكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة الى حالة، ومن أمر الى أمر (4).
وتصريف الآيات: تبيينها.
وتصريف الدراهم في البياعات كلها: إنفاقها.
والتصريف في الكلام: اشتقاق بعضه من بعض.
وتصريف الرياح: صرفها من جهة الى جهة، وكذا تصريف السيول، والخيول، والامور (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: يصرف بفتح الضم واكسر صحبة ظعن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 47.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 425.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 203.
(2) سورة آل عمران الآية 152.
(3) سورة هود الآية 8.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صرف» ص 279.
(5) انظر: تاج العروس مادة «صرف» ج 6ص 165.(1/397)
«تخرجون» من قوله تعالى: {قََالَ فِيهََا تَحْيَوْنَ وَفِيهََا تَمُوتُونَ وَمِنْهََا تُخْرَجُونَ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا وَكَذََلِكَ تُخْرَجُونَ} (2).
ومن قوله تعالى: {فَأَنْشَرْنََا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذََلِكَ تُخْرَجُونَ} (3).
«لا يخرجون» من قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لََا يُخْرَجُونَ مِنْهََا} (4).
قرأ «حمزة، والكسائى، وخلف العاشر» «تخرجون» في المواضع الثلاثة بفتح التاء، وضم الراء، وذلك على البناء للفاعل ومثلهن في الحكم «لا يخرجون».
وقرأ «ابن ذكوان» موضع الاعراف، وموضع الزخرف، بالبناء للفاعل.
وموضع الجاثية بالبناء للمفعول.
واختلف عنه في الموضع الاول من الروم فقرأه بوجهين: بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول.
وقرأ «يعقوب» موضع الاعراف بالبناء للفاعل، والمواضع الثلاثة الباقية بالبناء للمفعول.
وقرأ الباقون المواضع الاربعة بالبناء للمفعول (5).
__________
(1) سورة الاعراف الآية 25
(2) سورة الروم الآية 19
(3) سورة الزخرف الآية 11
(4) سورة الجاثية الآية 35
(5) قال ابن الجزري:
وتخجون ضم فافتح وضم الرا شفا ظل ملا وزخرف من شفا وأولا روم شفا مز خلفه الجاثية شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 71.(1/398)
تنبيه: قوله تعالى: {ثُمَّ إِذََا دَعََاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذََا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}. (1)
وقوله تعالى: {خُشَّعاً أَبْصََارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ} (2).
وقوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لََا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} (3).
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدََاثِ سِرََاعاً} (4)
اتفق القراء العشرة على قراءة الافعال الأربعة بالبناء للفاعل، وذلك لأن القراءة سنة متبعة.
«نغفر، خطيئاتكم» من قوله تعالى: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئََاتِكُمْ} (5).
قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «تغفر» بتاء التأنيث مبنيا للمفعول.
وقرأ الباقون «نغفر» بالنون مبنيا للفاعل (6).
وقرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «خطيئاتكم» بالجمع ورفع التاء، على أنها نائب فاعل «لتغفر».
وقرأ «ابن عامر» «خطيئتكم» بالافراد، ورفع التاء، على أنها نائب فاعل «لتغفر» أيضا.
__________
(1) سورة الروم الآية 25.
(2) سورة القمر الآية 7
(3) سورة الحشر الآية 12
(4) سورة المعارج الآية 43
(5) سورة الاعراف الآية 161
(6) قال ابن الجزري:
يغفر مدا أنث هناكم وظرب عم بالاعراف ونون الغير لا تضم واكسر فاءه(1/399)
وقرأ «أبو عمرو» «خطاياكم» جمع تكسير، على انها مفعول به «لنغفر».
وقرأ الباقون «خطيئاتكم» بجمع السلامة، ونصب التاء بالكسرة، على أنها مفعول به «لنغفر» (1).
«نعف، نعذب، طائفة» من قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طََائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طََائِفَةً} (2).
قرأ «عاصم» «نعف» بنون العظمة مفتوحة، وضم الفاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدّم ذكره في قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ مُخْرِجٌ مََا تَحْذَرُونَ} (3).
وقرأ «نعذب» بنون العظمة مضمومة، وكسر الذال مشددة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الله تعالى» أيضا، و «طائفة» بالنصب مفعول به.
وقرأ الباقون «يعف» بياء تحتية مضمومة، وفتح الفاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل الجار والمجرور: «عن طائفة».
و «تعذب» بتاء فوقية مضمومة، وفتح الذال مشددة، على البناء للمفعول، و «طائفة» بالرفع نائب فاعل (4).
__________
(1) قال ابن الجزري:
وآصار اجمع واعكس خطيئات كما الكسر ارفع عم ظبى وقل خطايا حصره انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 82.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 480 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 255.
(2) سورة التوبة الآية 66
(3) رقم الآية 64
(4) قال ابن الجزرى: يعف بنون سم مع نون لدى أنثى تعذب مثله(1/400)
«نوحي اليهم» من قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ إِلََّا رِجََالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ََ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ إِلََّا رِجََالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ إِلََّا رِجََالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ} (3).
قرأ «حفص» «نوحي» في المواضع الثلاثة بنون العظمة، وكسر الحاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» تمشيا مع السياق في قوله تعالى قبل وما أرسلنا».
وقرأ الباقون «يوحى» بالياء التحتية، وفتح الحاء، على البناء للمفعول، و «اليهم» نائب فاعل، والضمير في «اليهم» عائد على «رجالا».
«نوحى اليه» من قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلََّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (4).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نوحي» بنون العظمة، وكسر الحاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» تمشيا مع السياق في قوله تعالى قبل: «وما أرسلنا» و «اليه» متعلق بنوحي،
__________
وبعد نصب الرفع نل النشر في القراءات العشر ج 3ص 91.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 504.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 281.
وحجة القراءات ص 320.
(1) سورة يوسف الآية 109
(2) سورة النحل الآية 43
(3) سورة الأنبياء الآية 7
(4) سورة الأنبياء الآية 25(1/401)
والمصدر المنسبك من {أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} في محل نصب مفعول، أي: الا نوحي اليه كونه لا اله الا أنا.
وقرأ الباقون «يوحي» بالياء التحتية، وفتح الحاء، مبنيا للمفعول، و «اليه» متعلق بيوحى، والمصدر المنسبك من «أن واسمها وخبرها»، نائب فاعل، أي: الا يوحى اليه كونه لا اله الا أنا» (1).
«ما ننزل الملائكة» من قوله تعالى: {مََا نُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ إِلََّا بِالْحَقِّ} (2).
قرأ شعبة «ما تنزل» بضم التاء وفتح النون والزاي مشددة على البناء للمفعول و «الملائكة» بالرفع نائب فاعل.
وقرأ «حفص، وحمزة» والكسائي، وخلف» «ما تنزل» بنونين» الاولى مضمومة، والاخرى مفتوحة، وكسر الزاي مشددة، مبنيا للفاعل، و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ الباقون «ما تنزل» بفتح التاء، والنون، والزاي مشددة، مبنيا للفاعل، و «الملائكة» بالرفع فاعل وأصل «تنزل» «تنزل» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (3).
__________
(1) قال ابن الجزري:
بوحى اليه النون والحاء اكسر اصحب ومع اليهم الكل عرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 129128.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 1514.
وشرح طيبة النشر ص 321.
(2) سورة الحجر الآية 8
(3) قال ابن الجزري: واضمما تنزل الكوفى وفي التا النون مع زاها اكسرا صحب وبعد ما رفع انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 136.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 29.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 361.(1/402)
وقرأ «البزي» بخلف عنه «تنزل» بتشديد التاء حالة وصلها بما قبلها (1).
«لا يهدي» من قوله تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلى ََ هُدََاهُمْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «لا يهدى» بضم الياء، وفتح الدال، وألف بعدها، وذلك على بناء الفعل للمفعول، و «من» نائب فاعل، أي من يضله الله لا يهدى، وهذه القراءة في المعنى بمنزلة قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَلََا هََادِيَ لَهُ} (3).
وعن «عكرمة» ت 115هـ (4) عن «عبد الله بن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما قال: قيل له «فان الله لا يهدى (5) من يضل» قال: «من أضله الله لا يهدى» أهـ (6).
وقرأ الباقون «لا يهدى» بفتح الياء، وكسر الدال، وياء بعدها، وذلك على بناء الفعل للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الله تعالى» و «من مفعول به» (7).
__________
(1) قال ابن الجزري:
في الوصل تا تيمموا اشدد الى قوله: وفي الكل اختلف عنه
(2) سورة النحل الآية 37
(3) سورة الاعراف الآية 86
(4) هو: عكرمة بن خالد بن العاص، المخزومي، المكي، تابعي، ثقة حجة، روى القراءة عرضا عن أصحاب ابن عباس، ورى عنه عدد كثير، منهم «أبو عمرو بن العلاء» توفي سنة 115هـ.
(5) أي بضم الياء، وفتح الدال.
(6) انظر: حجة القراءات لابن زنجلة ص 389.
(7) قال ابن الجزري: وضم وافتح يهدى كم سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 144.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 37.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 369.(1/403)
«نسير الجبال» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبََالَ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر،» «تسير» بتاء مثناة فوقية مضمومة مع فتح الياء المشددة، على البناء للمفعول و «الجبال» بالرفع، نائب فاعل.
وقرأ الباقون «نسير» بنون العظمة مضمومة مع كسر الياء المشددة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} (2).
و «الجبال» بالنصب مفعول به، وقوى ذلك أنه محمول على ما بعده من الاخبار في قوله تعالى: {وَحَشَرْنََاهُمْ فَلَمْ نُغََادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} فجرى صدر الكلام على آخره، لتطابق الكلام (3).
«يدخلون» من قوله تعالى: {فَأُولََئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلََا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} (4).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «يدخلون» بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل.
وقرأ الباقون «يدخلون» بفتح الياء، وضم الحاء، على البناء للفاعل، والواو فاعل (5).
__________
(1) سورة الكهف الآية 47
(2) رقم الآية 45
(3) قال ابن الجزري:
يا نسير افتحو حبر كرم والنون أنث والجبال ارفع انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 162.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 64.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 401.
(4) سورة مريم الآية 60
(5) قال ابن الجزري: ويدخلون ضم با وفتح ضم صف ثنا حبر شفى(1/404)
«لن تخلفه» من قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «تخلفه» بكسر اللام، على أنه مضارع مبني للمعلوم من «أخلف زيد الوعد» وهو يتعدى الى مفعولين:
الاول: الهاء العائدة على «موعدا».
والثاني: محذوف تقديره: لن تخلف الوعد الله.
وقرأ الباقون «تخلفه» بفتح اللام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أخلفه الوعد» وهو يتعدى الى مفعولين أيضا:
الاول: نائب الفاعل، وهو ضمير المخاطب المستتر.
والثاني: الهاء العائدة على «موعدا».
والمعنى: لن يخلفك الله موعدا (2).
«ينفخ» من قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ} (3).
قرأ «أبو عمر» «ننفخ» بفتح النون الاولى، وضم الفاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة، لمناسبة قوله تعالى قبل: {كَذََلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبََاءِ مََا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنََاكَ مِنْ لَدُنََّا ذِكْراً} (4).
__________
وكاف أولى الطول ثب حق صفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 35.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 10.
(1) سورة طه الآية 97
(2) قال ابن الجزري: تخلفه أكسر لام حق النشر في القراءات العشر ج 3ص 187.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 105.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 26.
(3) سورة طه الآية 102
(4) رقم الآية 99(1/405)
وقرأ الباقون «ينفخ» بضم الياء، وفتح الفاء، على أنه مضارع مبني للمجهول. نائب فاعله الجار والمجرور بعده: {فِي الصُّورِ} (1).
«أن يقضى اليك وحيه» من قوله تعالى {وَلََا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى ََ إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (2).
قرأ «يعقوب» «نقضي» بنون مفتوحة، وضاد مكسورة، وياء مفتوحة، و «حيه» بالنصب، على أن «نقضي» مضارع مبنى للمعلوم مسند لضمير العظمة مناسبة لقوله تعالى قبل: {وَكَذََلِكَ أَنْزَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنََا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} (3).
والفعل منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة و «وحيه» مفعول به.
وقرأ الباقون «يقضى» بياء مضمومة، وضاد مفتوحة بعدها ألف، و «وحيه» بالرفع، على أن «يقضى» فعل مضارع مبنى للمجهول، و «وحيه» نائب فاعل (4).
المعنى: لما ذكر الله عظمة القرآن في قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ أَنْزَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنََا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} (5). كان
__________
(1) قال ابن الجزري: ننفخ باليا واضمم وفتح ضم لا أبو عمرهم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 187.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 106.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 27.
(2) سورة طه الآية 114
(3) رقم الآية 113
(4) قال ابن الجزري:
ويقضى نقضيا مع نونه انصب رفع وحى ضميا النشر في القراءات العشر ج 3ص 188.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 29.
(5) سورة طه الآية 113.(1/406)
النبي صلى الله عليه وسلم اذا القى اليه «جبريل» عليه السلام «الوحي» يتبعه عند تلفظ كل حرف، وكل كلمة لعظيم تشوقه، وشدة حرصه على التلقي والحفظ، فنهاه الله عن ذلك، ورغب اليه التأني، وهذا نمط عال في التربية، والتأديب الذي
قال عنه صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي».
«ترضى» من قوله تعالى: {وَمِنْ آنََاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرََافَ النَّهََارِ لَعَلَّكَ تَرْضى ََ} (1).
قرأ «شعبة، والكسائى» «ترضى» بضم التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أرضى» الرباعى، ونائب الفاعل ضمير المخاطب، وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، والفاعل هو الله جل ذكره، والمعنى: لعل الله يرضيك يا محمد بما يعطيك من الفضائل والدرجات، والشفاعة العظمى يوم القيامة، و «لعل» من الله تعالى واجبة.
وقرأ الباقون «ترضى» بفتح التاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم حين «رضي» الثلاثي، والفاعل ضمير المخاطب وهو النبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى: لعلك يا محمد ترضى بما يعطيك الله يوم القيامة، ودليله قوله تعالى:
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ََ} (2).
«نقدر عليه» من قوله تعالى {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (3).
قرأ «يعقوب» «يقدر» بياء تحتية مضمومة، ودال مفتوحة على أن الفعل مضارع مبني للمجهول والجار والمجرور: «عليه» نائب فاعل.
__________
(1) سورة طه الآية 130
(2) قال ابن الجزري: ترضى بضم التاء صدر رحبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 189.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 107 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 30.
سورة الضحى الآية 5
(3) سورة الأنبياء الآية 87(1/407)
وقرأ الباقون «نقدر» بنون مفتوحة، ودال مكسورة، ودال مكسورة، على ان الفعل مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة، مناسبة لقوله تعالى قبل: {وَأَدْخَلْنََاهُمْ فِي رَحْمَتِنََا}. (1)
المعنى: تضمنت هذه الآية والتي بعدها الإشارة الى قصة نبي الله «يونس ابن متى» صاحب الحوت.
وذلك ان الله أرسله الى قوم «بنينوى» من بلاد الموصل بالعراق فلم يستجيبوا لدعوته، وناصبوه العداء، فلما أعيته الحيل معهم، وأصروا على تكذيبه فارقهم غاضبا لكثرة ما قاسى منهم، وظل سائرا حتى أتى الى ساحل البحر الابيض المتوسط، فركب سفينة اكتظت بركابها، وناءت بهم وكادت تهوي بهم الى قرار اليم، وأحس ركابها بما يتهددهم من الاخطار، فرأوا أن يخففوا عنها بالقاء بعض الركاب في البحر رغبة في نجاة سائرهم، فاقترعوا فكان نبي الله «يونس» ممن أصابهم القرعة، فألقوه في البحر فالتقمه «حوت» كبير، ومكث في جوفه بعض الوقت، وأوحى الله اليه أنه لن يحلقه أي أذى، وانما سيكون جوف «الحوت» سجنا له وعقابا على ترك قومه، وحينئذ أحس نبي الله «يونس» بخطئه فدعا ربه وهو مستقر في جوف «الحوت» وقد اجتمعت عليه ظلمة جوف «الحوت» وظلمة «البحر» قائلا: {لََا إِلََهَ إِلََّا أَنْتَ سُبْحََانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظََّالِمِينَ}.
فاستجاب الله له ونجاه من كربته، وذلك بأن أمر «الحوت» فقذفه من جوفه على «الساحل» وكذلك ينجي الله المؤمنين من كربتهم اذا استغاثوا به.
__________
(1) قال ابن الجزري:
يقدر ياء واضممن وافتح ظبى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 193 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 40.
رقم الآية 86.(1/408)
«نطوي السماء» من قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمََاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (1).
قرأ «أبو جعفر» «تطوى» بضم التاء وفتح الواو، على أنه فعل مبني للمجهول، و «السماء» بالرفع نائب فاعل، وأنث الفعل لأن «السماء» مؤنثة.
وقرأ الباقون «نطوي» بنون العظمة مفتوحة، وكسر الواو و «السماء بالنصب، على أنه فعل مضارع مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة مناسبة لقوله تعالى قبل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ََ أُولََئِكَ عَنْهََا مُبْعَدُونَ} (2).
و «السماء» مفعول به (3).
«يقاتلون» من قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (4).
قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر» «يقاتلون» بفتح التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعل.
وقرأ الباقون بكسر التاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم، والواو فاعل، والمفعول محذوف، أي يقاتلون الكفار والمشركين (5).
__________
(1) سورة الأنبياء الآية 104
(2) رقم الآية 101
(3) قال ابن الجزري: تطوى فجهل أنث النون السما فارفع ثنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 194 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 42.
(4) سورة الحج الآية 39
(5) قال ابن الجزري:
يقاتلون عف عم افتح التا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 200.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 121.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 50.(1/409)
«يسبح» من قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهََا بِالْغُدُوِّ وَالْآصََالِ رِجََالٌ} (1).
قرأ «ابن عامر، وشعبة» «يسبح» بفتح الباء الموحدة، على أنه فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل الجار والمجرور بعده وهو «له» وحينئذ يكون «رجال» فاعل لفعل محذوف دل عليه المقام كأنه قيل: من الذي يسبحه؟
فقيل: رجال، أي يسبحه رجال صفتهم كذا وكذا.
وقرأ الباقون بكسر الباء، على أنه مضارع مبني للمعلوم، و «له» متعلق بيسبح، و «رجال» فاعل (2).
«ان نتخذ» من قوله تعالى: {مََا كََانَ يَنْبَغِي لَنََا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيََاءَ} (3).
قرأ «أبو جعفر» «نتخذ» بضم النون، وفتح الخاء، على البناء للمفعول، قال «ابن الجزري»: وهي قراءة «زيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأبي رجاء، وزيد بن علي، وجعفر الصادق، وإبراهيم النخعي، وحفص بن عبيد، ومكحول» فقيل هو متعد الى واحد كقراءة الجمهور.
وقيل: الى اثنين، والاول الضمير في «نتخذ» النائب عن الفاعل، والثاني «من أولياء» و «من» زائدة.
والاحسن ما قاله ابن جني، وغيره أن يكون «من أولياء» حالا، و «من زائدة لمكان النفي المتقدم كما تقول:
__________
(1) سورة النور الآية 36
(2) قال ابن الجزرى: وافتحوا لشعبة والشام با يسبح انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 213 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 75.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 139.
(3) سورة الفرقان الآية 18(1/410)
ما اتخذ زيد من وكيل، والمعنى: ما كان لنا أن نعبده من دونك ولا نستحق الولاء، ولا العبادة.
وقرأ الباقون «نتخذ» بفتح النون، وكسر الخاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الواو في «قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا» و «من دونك» متعلق «بنتخذ» و «من» زائدة، و «أولياء» مفعول به (1).
«ونزل الملائكة» من قوله تعالى: {وَنُزِّلَ الْمَلََائِكَةُ تَنْزِيلًا} (2).
قرأ «ابن كثير» «وننزل» بنونين: الاولى مضمومة، والثانية ساكنة مع تخفيف الزاي، ورفع اللام، على أنه مضارع «أنزل» الرباعي مسند الى ضمير العظمة لان قبله قوله تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3).
وقوله تعالى: {وَقََالَ الَّذِينَ لََا يَرْجُونَ لِقََاءَنََا} (4).
وقوله: {وَقَدِمْنََا إِلى ََ مََا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنََاهُ هَبََاءً مَنْثُوراً} (5).
فجرى الكلام على نسق واحد، فاعل «ننزل» ضمير مستتر تقديره «نحن» و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ الباقون «ونزل» بنون واحدة مضمومة مع تشديد الزاي، وفتح
__________
(1) قال ابن الجزرى: نتخذ اضممن ثروا وافتح انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 217.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 81.
(2) سورة الفرقان الآية 25
(3) رقم الآية 20
(4) رقم الآية 21
(5) رقم الآية 23(1/411)
اللام، على أنه فعل ماض مبني للمجهول، و «الملائكة» بالرفع نائب فاعل (1).
تنبيه: قال «أبو عمرو الداني» في المقنع:
وننزل الملائكة تنزيلا (2).
في مصاحف أهل مكة بنونين، وفي سائر المصاحف «ونزل» بنون واحدة» (3).
يضاعف لها العذاب» من قوله تعالى: {يُضََاعَفْ لَهَا الْعَذََابُ ضِعْفَيْنِ} (4).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر» «نضعف» بنون مضمومة، وحذف الالف معه الضاد، مع كسر العين وتشديدها، على البناء للفاعل، على أنه فعل مضارع من «ضعف» مضعف العين، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» وهو اخبار من الله عز وجل عن نفسه بذلك، و «العذاب» بالنصب، مفعول به.
وقرأ «أبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «يضعف» بياء تحتية مضمومة، وحذف الالف بعد الضاد، مع فتح العين وتشديدها، على البناء للمفعول، وهو مضارع من «ضعف» مضعف العين، و «العذاب» بالرفع، نائب فاعل.
__________
(1) قال ابن الجزري:
نزل زده النون وارفع خففا وبعد نصب الرفع دن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 218.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 83.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 145.
(2) سورة الفرقان الآية 25
(3) انظر: المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الامصار ص 106.
(4) سورة الاحزاب الآية 30(1/412)
وقرأ الباقون «يضاعف» بياء تحتية مضمومة، واثبات الالف بعد الضاد، مع فتح العين وتخفيفها، على البناء للمفعول، وهو مضارع من «ضاعف» و «العذاب» بالرفع، نائب فاعل (1).
«نجازي الا الكفور» من قوله تعالى: {وَهَلْ نُجََازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (2)
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر» «يجازى» بالياء المضمومة، وفتح الزاي، مبنيا للمفعول، و «الكفور» بالرفع، نائب فاعل، ومما لا ريب فيه أن الناس كلهم مجزيون بأعمالهم، الا أن المؤمن يكفر الله عنه سيئاته الصغائر باجتنابه الكبائر، بدليل قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبََائِرَ مََا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئََاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً} (3).
والكافر لا تكفير لسيئاته الصغائر، لانه لم يجتنب الكبائر، اذ هو على الكفر، والكفر أعظم الكبائر، فلذلك خص الكافرين بذكر المجازاة في هذه الآية.
وقرأ الباقون «نجازي» بنون العظمة، وكسر الزاي مبنيا للفاعل، و «الكفور» بالنصب مفعول به، وهو اخبار من الله تعالى عن نفسه، وقد
__________
(1) قال ابن الجزري: ثقل يضاعف كم ثنا حق ويا والعين فافتح بعد رفع احفظ حيا ثوى كفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 250.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 144.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 196.
(2) سورة سبأ الآية 17.
(3) سورة النساء الآية 31(1/413)
جرى الكلام على نسق ما قبله من قوله تعالى في صدر الآية: {ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِمََا كَفَرُوا} (1).
«ولا ينقص» من قوله تعالى: {وَمََا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلََا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلََّا فِي كِتََابٍ} (2).
قرأ «يعقوب» بخلف عن «رويس» «ينقص» بفتح الياء، وضم القاف، مبنيا للفاعل، والفاعل يفهم من المقام أي شيء ما.
وقرأ الباقون بضم الياء، وفتح القاف، مبنيا للمفعول، وهو الوجه الثاني «لرويس» والجار والمجرور وهو «من عمره» نائب فاعل (3).
«نجزي كل» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (4).
قرأ «أبو عمرو» «يجزى» بالياء التحتية المضمومة، وفتح الزاي، وألف بعدها، على البناء، و «كل» بالرفع نائب فاعل.
وقرأ الباقون «نجزي» بالنون المفتوحة، وكسر الزاي، وياء ساكنة مدية بعدها، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» والمراد به الله
__________
(1) قال ابن الجزري:
نجازى اليا افتحن زاى الكفور رفع حبر عم صن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 256 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 206.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 153.
(2) سورة فاطر الآية 11
(3) قال ابن الجزري:
وينقص افتحا ضما وضم غوث خلف شرحا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 259.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 158.
(4) سورة فاطر الآية 36.(1/414)
تعالى، وقد أسند الفعل الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتََابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنََا مِنْ عِبََادِنََا} (1).
و «كل» بالنصب مفعول به (2).
«يوحي اليك» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ} (3).
قرأ «ابن كثير» «يوحى» بفتح الحاء، وبعدها ألف رسمت ياء، على البناء للمفعول، و «اليك» نائب فاعل، و «الله» فاعل لفعل مقدر، كأنه قيل: من يوحي؟ فقيل: يوحي الله.
وقرأ الباقون «يوحي» بكسر الحاء، على البناء للفاعل، والفاعل، «الله» من قوله تعالى: {اللََّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} و «اليك» متعلق «بيوحى» (4).
«ليجزي قوما» من قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (5).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ليجزى» بياء مفتوحة مع كسر الزاي، وفتح الياء، مبنية للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الله» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} (6).
و «قوما» بالنصب مفعول به.
__________
(1) رقم الآية 22
(2) قال ابن الجزري: نجزى بيا جهل وكل ارفع حدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 260.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 160
(3) سورة الشورى الآية 3
(4) قال ابن الجزري: وجاء يوحى فتحت دما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 290.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 209.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 250.
(5) سورة الجاثية الآية 14
(6) رقم الآية 12(1/415)
وقرأ «أبو جعفر» «ليجزي» بضم الياء، وفتح الزاي، على البناء للمفعول، و «قوما» بالنصب مفعول به، ونائب الفاعل محذوف تقديره «الخير» اذ الاصل «ليجزي الله الخير قوما» مثل: «جزاك الله خيرا» ويجوز أن يكون نائب الفاعل الجار والمجرور، وهو: «بما كانوا يكسبون» ويكون ذلك حجة للكوفيين حيث يجيزون نيابة الظرف، أو الجار والمجرور مع وجود المفعول به.
والى ذلك أشار «ابن مالك» بقوله: «وقد يرد».
وقرأ الباقون «لنجزي» بنون العظمة مفتوحة مع كسر الزاى، وفتح الياء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» وحينئذ يكون في الكلام التفات من الغيبة الى التكلم، و «قوما» بالنصب مفعول به (1).
«نتقبل، أحسن، ونتجاوز» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مََا عَمِلُوا وَنَتَجََاوَزُ عَنْ سَيِّئََاتِهِمْ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «يتقبل، ويتجاوز» بياء تحتية مضمومة في الفعلين، على البناء للمفعول، و «أحسن» بالرفع نائب فاعل «يتقبل» وأما نائب فاعل «يتجاوز» فهو الجار والمجرور بعده: «عن سيئاتهم».
وقرأ الباقون «نتقبل، ونتجاوز» بنون مفتوحة في الفعلين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» والمراد به «الله» سبحانه
__________
(1) قال ابن الجزري: لنجزي اليا نل سما ضم افتحا ثق النشر في القراءات العشر ج 3ص 300.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 230.
(2) سورة الاحقاف الآية 16(1/416)
وتعالى، وقد جرى الكلام على نسق ما قبله، لان قبله قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ} (1).
و «أحسن» بالنصب مفعول به (2).
«لا يرى الا مساكنهم» من قوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا لََا يُرى ََ إِلََّا مَسََاكِنُهُمْ} (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «لا يرى» بياء تحتية مضمومة، على البناء للمفعول، و «مساكنهم» بالرفع، نائب فاعل، والتقدير: «لا يرى شيء الا مساكنهم» ولذلك ذكر الفعل، لانه محمول على «شيء» المقدر، والمساكن نائب فاعل «يرى».
وقرأ الباقون «لا ترى» بتاء فوقية مفتوحة، على البناء للفاعل، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، المفهوم من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخََا عََادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقََافِ} (4).
وبناء عليه فالفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد به النبي عليه الصلاة والسلام، ويجوز ان يكون الخطاب عاما لكل من يصلح له الخطاب، و «مساكنهم» بالنصب، مفعول به و «ترى» بصرية لا تنصب الا مفعولا واحدا، والتقدير: لا ترى شيئا الا مساكنهم (5).
__________
(1) الآية 15
(2) قال ابن الجزري:
نتقبل يا صفى كهف سما مع نتجاوز واضمما أحسن رفعهم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 304.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 234.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 272.
(3) سورة الاحقاف الآية 25
(4) رقم الآية 21
(5) قال ابن الجزري: وترى للغيب ضم بعده ارفع ظهرا نص فتى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 305 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 236.(1/417)
تنبيه: «بقادر» من قوله تعالى: {بِقََادِرٍ عَلى ََ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ََ} (1).
تقدم في أثناء توجيه: {بِقََادِرٍ عَلى ََ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} (2).
«يصعقون» من قوله تعالى: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} (3).
قرأ «ابن عامر، وعاصم» يصعقون» بضم الياء، على البناء للمفعول، وهو فعل مضارع مبني للمجهول من أصعق» الرباعي، والواو نائب فاعل.
ولا يحسن أن يكون من «صعق» الثلاثي، ثم رد إلى ما لم يسم فاعله، لانه اذا كان ثلاثيا لا يتعدى، والفعل الذي لا يتعدى لا يرد الى ما لم يسم فاعله، على أن يقوم الفاعل مقام المفعول الذي لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون «يصعقون» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وهو فعل مضارع من «صعق» الثلاثي نحو: «علم» والواو فاعل (4).
المعنى: أمر الله سبحانه وتعالى نبيه «محمدا» صلى الله عليه وسلم أن يترك الكفار وشأنهم، ويخلي سبيلهم، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون، وهو يوم موتهم أو يوم قتلهم «ببدر» أو يوم القيامة الذي سيلقون فيه العذاب الاليم.
«يخرج» من قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجََانُ} (5).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «يخرج» بضم الياء،
__________
(1) سورة الاحقاف الآية 33
(2) سورة يس الآية 81
(3) سورة الطور الآية 45
(4) قال ابن الجزري: يصعق ضم كم فآ انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 317 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 258 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 292.
(5) سورة الرحمن الآية 22(1/418)
وفتح الراء، على البناء للمفعول، و «اللؤلؤ» نائب فاعل، و «المرجان» معطوف عليه، وحينئذ يكون الكلام محمولا على معناه، لان «اللؤلؤ والمرجان» لا يخرجان منهما بأنفسهما من غير مخرج لهما.
وقرأ الباقون «يخرج» بفتح الياء، وضم الراء، على البناء للفاعل، و «اللؤلؤ» فاعل، و «المرجان» معطوف عليه، وحينئذ يكون اسناد الفعل الى «اللؤلؤ والمرجان» على الاتساع، لانه اذا أخرج فقد خرج (1).
«يفصل بينكم» من قوله تعالى: {يَوْمَ الْقِيََامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «يفصل» بضم الياء، وسكون الفاء، وفتح الصاد مخففة، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل «بينكم» وهو مضارع «فصل» الثلاثي نحو «ضرب» وقيل: نائب الفاعل مصدر مضمر، والتقدير: «يفصل الفصل بينكم».
وقرأ «ابن ذكوان» «يفصل» بضم الياء، وفتح الفاء، والصاد المشددة، على البناء للمجهول، وتوجيهها كتوجيه القراءة، المتقدمة، الا أن الفعل مضارع «فصل» مضعف العين، نحو: «علم».
وقرأ «عاصم، ويعقوب» «يفصل» بفتح الياء، واسكان الفاء، وكسر الصاد مخففة، على البناء للفاعل، وهو مضارع «فصل» الثلاثى، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله المتقدم في قوله تعالى: {أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللََّهِ رَبِّكُمْ} (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يخرج ضم مع فتح ضم اذ حما ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 320.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 267.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 301.
(2) سورة الممتحنة الآية 3
(3) رقم الآية 1(1/419)
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يفصل» بضم الياء، وفتح الفاء، وكسر الصاد مشددة، على البناء للفاعل أيضا، مضارع «فصل» مضعف العين.
وقرأ «هشام» بوجهين: الاول كابن ذكوان، والثاني كنافع ومن معه (1).
«ولا يسأل» من قوله تعالى: {وَلََا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً} (2).
قرأ «أبو جعفر، والبزي» بخلف عنه «ولا يسأل» بضم الياء، على البناء للمفعول، و «حميم» نائب فاعل، و «حميما» منصوب بنزع الخافض، أي:
ولا يسأل قريب عن قريبه.
وقرأ الباقون «ولا يسأل» بفتح الياء، مبنيا للفاعل، «حميم» فاعل، و «حميما» مفعول، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير: ولا يسأل قريب قريبا، نصره، ولا شفاعته.
وبهذه القراءة يقرأ «البزي» في وجهه الثاني (3).
«ليعلم» من قوله تعالى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسََالََاتِ رَبِّهِمْ} (4).
قرأ «رويس» «ليعلم» بضم الياء، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل محذوف يفهم من السياق، والتقدير: ليعلم الناس، أي المرسل اليهم أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
فتح ضم يفصل نل ظبى وثقل الصاد لم ... خلف شفا منه افتحوا عم حلا دم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 333.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 283.
(2) سورة المعارج الآية 10
(3) قال ابن الجزري: ويسأل اضمما هل خلف ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 341.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 302.
(4) سورة الجن الآية 28(1/420)
وقرأ الباقون «ليعلم» بفتح الياء، مبنيا للفاعل، والمراد به «العلم» المتعلق بالابلاغ الموجود بالفعل، و «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، والخبر الجملة.
وفاعل «يعلم» ضمير مستتر تقديره «هو» والمراد به نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم.
والمعنى: ليعلم «محمد» عليه الصلاة والسلام، ان الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة، كما بلغ هو الرسالة (1).
«تعرف» من قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (2).
قرأ «أبو جعفر، ويعقوب» «تعرف» بضم التاء، وفتح الراء، مبنيا للمفعول، و «نضرة» بالرفع نائب فاعل.
وقرأ الباقون «تعرف» بفتح التاء، وكسر الراء، مبنيا للفاعل، و «نضرة» بالنصب مفعول به.
أي: اذا رأيت «الابرار» عرفت أنهم من أهل النعمة، لما نراه في وجوههم من النور، والحسن، والبياض، والبهجة، والرونق، والخطاب موجه لكل «راء» يصلح لذلك.
يقال: أنضر النبات: اذا أزهر، ونور.
قال «عطاء بن يسار» ت 102هـ: «وذلك أن الله زاد في جمالهم، وفي ألوانهم ما لا يصفه واصف» أهـ (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ليعلم اضمما غنا * انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 346 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 309
(2) سورة المطففين الآية 24
(3) قال ابن الجزرى: تعرف جهل نضرة الرفع ثوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 361 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 327.
وتفسير الشوكاني ج 5ص 402.(1/421)
«تصلى» من قوله تعالى: {تَصْلى ََ نََاراً حََامِيَةً} (1).
قرأ «أبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «تصلى» بضم التاء، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الوجوه» من قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خََاشِعَةٌ} (2).
و «تصلى» مضارع، والماضي «أصلى» رباعي، وهو يتعدى الى مفعولين، الاول نائب الفاعل، والثاني «نارا».
وقرأ الباقون «تصلى» بفتح التاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الوجوه» أيضا، والماضي «صلى» فعل ثلاثي، يتعدى الى مفعول واحد، هو «نارا» (3).
«لا تسمع» من قوله تعالى: {لََا تَسْمَعُ فِيهََا لََاغِيَةً} (4).
قرأ «نافع» لا تسمع» بالتاء الفوقية المضمومة، على البناء للمفعول، و «لاغية» بالرفع، نائب فاعل، وأنث الفعل لتأنيث نائب الفاعل.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «لا يسمع» بالياء التحتية المضمومة، على البناء للمفعول، و «لاغية» بالرفع، نائب فاعل.
وذكر الفعل، لان تأنيث نائب الفاعل مجازي، وللفصل بالجار والمجرور.
وقرأ الباقون «لا تسمع» بالتاء الفوقية المفتوحة، على البناء للفاعل،
__________
(1) سورة الغاشية الآية 4
(2) رقم الآية 2
(3) قال ابن الجزرى: ضم تصلى صف حما انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 364.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 331 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 370
(4) سورة الغاشية الآية 11(1/422)
والفاعل ضمير تقديره «هي» يعود على الوجوه الناعمة، من قوله تعالى:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاعِمَةٌ} (1).
والمراد أصحاب الوجوه الناعمة، و «لاغية» بالنصب مفعول به (2)
«لا يعذب» من قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لََا يُعَذِّبُ عَذََابَهُ أَحَدٌ} (3).
«ولا يوثق» من قوله تعالى: {وَلََا يُوثِقُ وَثََاقَهُ أَحَدٌ} (4).
قرأ «الكسائي، ويعقوب» «لا يعذب، ولا يوثق» بفتح الذال، والثاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل «أحد» والهاء في «عذابه، ووثاقه» تعود على الانسان «المعذب، الموثق» والتقدير: فيومئذ لا يعذب أحد مثل تعذيبه، ولا يوثق أحد مثل «ايثاقه».
وقرأ الباقون، بكسر الذال، والثاء، على البناء للفاعل، والفاعل «أحد» والهاء في «عذابه، ووثاقه» تعود على «الله تعالى» والتقدير: فيومئذ لا يعذب أحد أحدا مثل تعذيب الله للعصاة، والكافرين، ولا يوثق أحد أحدا مثل ايثاق الله للعصاة، والكافرين (5).
__________
(1) رقم الآية 8
(2) قال ابن الجزرى:
يسمع غث حبر وضم اعلما حبر غنا لاغية لهم انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 364.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 331.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 371.
(3) سورة الفجر الآية 25
(4) سورة الفجر الآية 56
(5) قال ابن الجزرى: وافتحا يوثق يعذب رضى ظبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 365.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 333.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 373.
واتحاف فضلاء البشر ص 439.(1/423)
«لترون» من قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (1).
قرأ «ابن عامر، والكسائي» «لترون» بضم التاء، مبنيا للمفعول، مضارع «أرى» معدى «رأى» البصرية، بالهمز لاثنين، رفع الاول على النيابة عن الفاعل، وهو واو الجمع، وبقي الثاني منصوبا وهو «الجحيم».
وأصله «لترأيون» مثل: «تكرمون» على وزن «تفعلون» نقلت حركة الهمزة الى «الراء» فانقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الالف للساكنين، ودخلت النون الثقيلة، فحذفت نون الرفع لتوالي الامثال وحركت الواو للساكنين، ولم تحذف لانها علامة جمع، وقبلها فتحة.
من هذا يتبين أن «لترون» على وزن «لتفون» بحذف العين واللام.
وقرأ الباقون «لترون» بفتح التاء، مبنيا للفاعل، مضارع «رأى» البصرية فلا تنصب الا مفعولا واحدا، وهو «الجحيم» والواو فاعل (2).
تنبيه: «لترونها» الثاني اتفق القراء على قراءته بفتح التاء.
__________
(1) سورة التكاثر الآية 6
(2) قال ابن الجزرى: اضمم أو لا تا ترون كم رسا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 370 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 341.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 387 واتحاف فضلاء البشر ص 443.(1/424)
الفصل الخامس من الباب الرابع «الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق»
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الافعال التي قرئت بوجهين مختلفين في أسلوب واحد وكان الخلاف فيها يرجع الى «أصل الاشتقاق» بمعنى أن مادة الكلمة في القراءتين واحدة.
قد رتبت هذه الافعال حسب أصول الكلمات بغض النظر عن حروف الزيادة.
والفهرس التالي يمثل الافعال موضوع البحث:
فهرس الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق حسب حروف الهجاء مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / آب / ذكر / ظهر / كذب / نوش / أتى / ذهب / عجز / كفل / هجر /
أتل / رأى / عذر / كمل / ورث / بدل / ربت / عزز / لات / وصى / بلغ / رتع / عرش / لحد / وقد / تبع / ردم / علم / لقف / وهن / تخذ / زفّ / غشي / لقى / ثبت / زلق / فتح / لمز / / جرى / زور / فجر / مارى / / جمع / سأل / فدى / متع / / حرق / سخر / فرط / مد / / حرن / سقط / فقه / مسك / / حض / سقى / فطر / مناة / / سمع حل / صار / قتر / موت / / حمل / صد / قتل / نبت / / خرب / صدر / قدر / نجى / / خرج / صدق / قدم / نزف / / خصم / صلى / قرن / نزل / / خطأ / صبر / قطع / نسخ / / خطف / ضعف / قول / نشا / / دخل / ضل / قوم / نظر / / دفع / طهر / كبر / نكس / /
الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق «إيابهم» من قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنََا إِيََابَهُمْ} (1).(1/425)
فهرس الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق حسب حروف الهجاء مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / آب / ذكر / ظهر / كذب / نوش / أتى / ذهب / عجز / كفل / هجر /
أتل / رأى / عذر / كمل / ورث / بدل / ربت / عزز / لات / وصى / بلغ / رتع / عرش / لحد / وقد / تبع / ردم / علم / لقف / وهن / تخذ / زفّ / غشي / لقى / ثبت / زلق / فتح / لمز / / جرى / زور / فجر / مارى / / جمع / سأل / فدى / متع / / حرق / سخر / فرط / مد / / حرن / سقط / فقه / مسك / / حض / سقى / فطر / مناة / / سمع حل / صار / قتر / موت / / حمل / صد / قتل / نبت / / خرب / صدر / قدر / نجى / / خرج / صدق / قدم / نزف / / خصم / صلى / قرن / نزل / / خطأ / صبر / قطع / نسخ / / خطف / ضعف / قول / نشا / / دخل / ضل / قوم / نظر / / دفع / طهر / كبر / نكس / /
الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق «إيابهم» من قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنََا إِيََابَهُمْ} (1).(1/426)
فهرس الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق حسب حروف الهجاء مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / مادة الكلمة / آب / ذكر / ظهر / كذب / نوش / أتى / ذهب / عجز / كفل / هجر /
أتل / رأى / عذر / كمل / ورث / بدل / ربت / عزز / لات / وصى / بلغ / رتع / عرش / لحد / وقد / تبع / ردم / علم / لقف / وهن / تخذ / زفّ / غشي / لقى / ثبت / زلق / فتح / لمز / / جرى / زور / فجر / مارى / / جمع / سأل / فدى / متع / / حرق / سخر / فرط / مد / / حرن / سقط / فقه / مسك / / حض / سقى / فطر / مناة / / سمع حل / صار / قتر / موت / / حمل / صد / قتل / نبت / / خرب / صدر / قدر / نجى / / خرج / صدق / قدم / نزف / / خصم / صلى / قرن / نزل / / خطأ / صبر / قطع / نسخ / / خطف / ضعف / قول / نشا / / دخل / ضل / قوم / نظر / / دفع / طهر / كبر / نكس / /
الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق «إيابهم» من قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنََا إِيََابَهُمْ} (1).
قرأ «أبو جعفر» «ايابهم» بتشديد الياء، وهو مصدر «أيب» على وزن «فيعل» مثل: «بيطر» والاصل «أيوب» فاجتمعت الياء، والواو، وسبقت احداهما بالسكون، فانقلبت «الواو» «ياء» ثم ادغمت الياء في الياء، و «اياب» على وزن «فيعال».
ومعنى «ايابهم»: رجوعهم بعد الموت.
وقرأ الباقون «ايابهم» بتخفيف الياء، مصدر «آب يؤب إيابا» بمعنى:
رجع، على وزن «قام يقوم قياما» (2).
«لآتوها» من قوله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطََارِهََا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهََا} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وابن ذكوان بخلف عنه «لأتوها» بقصر الهمزة، أي بحذف الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض من «الاتيان» على معنى: جاءوها، وقوى ذلك أنه لم يتعد الا الى مفعول واحد.
__________
(1) سورة الغاشية الآية 25
(2) قال ابن الجزرى: وشد أيابهم ثبتا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 364.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 332 واتحاف فضلاء البشر ص 438.
(3) سورة الاحزاب الآية 14(1/427)
وقرأ الباقون «لآتوها» بمد الهمزة، أي باثبات الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض، من باب الاعطاء، على معنى: لأعطوها السائلين، أي لم يمتنعوا منها، أي لو قيل لهم: كونوا على المسلمين لفعلوا ذلك وهو الوجه الثاني «لابن ذكوان» (1).
«بما آتاكم» من قوله تعالى: {وَلََا تَفْرَحُوا بِمََا آتََاكُمْ} (2).
قرأ «أبو عمرو» «أتاكم» بقصر الهمزة أي بدون مد نهائيا من «الاتيان» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ما» والتقدير: ولا تفرحوا بالذي جاءكم.
وقرأ الباقون «آتاكم» بمد الهمزة، من «الايتاء» وهو الاعطاء، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على لفظ الجلالة «الله» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (3).
«ولا يأتل» من قوله تعالى: {وَلََا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} (4).
قرأ «أبو جعفر» «ولا يتأل» بتاء مفتوحة بعد الياء، وبعدها همزة مفتوحة،
__________
(1) قال ابن الجزرى: وقصر آتوها مدا من خلف دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 249.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 143.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 196.
(2) سورة الحديد الآية 23
(3) قال ابن الجزرى: أتاكم اقصرن حز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 328.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 276 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 311.
رقم الآية 21
(4) سورة النور الآية 22(1/428)
وبعدها لام مشددة مفتوحة على وزن «يتفع» بحذف لام الكلمة «مضارع» «تألى» بمعنى حلف.
قال «ابن الجزري»: وهي قراءة» عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة مولاه، وزيد بن أسلم، وهي من «الالية» على وزن «فعلية» وهو الحلف، أي ولا يتكلف الحلف، أو لا يحلف أولوا الفضل أن لا يؤتوا، ودل على حذف «لا» خلو الفعل من النون الثقيلة فانها تلزم في الايجاب» أهـ.
وقرأ الباقون «يأتل» بهمزة ساكنة بعد الياء، وبعدها تاء مفتوحة، وبعدها لام مكسورة مخففة على وزن «يفتح بحذف لام الكلمة» مضارع «ائتلى» من «الالية» وهي الحلف فالقراءتان بمعنى واحد.
وقال «ابن الجزري»: هذه القراءة اما من «ألوت» أي قصرت، أو من «آليت» أي حلفت، يقال: آلى، وأتلى، وتألى بمعنى فتكون القراءتان بمعنى أهـ (1).
«أن يبدلهما» من قوله تعالى: {فَأَرَدْنََا أَنْ يُبْدِلَهُمََا رَبُّهُمََا خَيْراً مِنْهُ} (2).
«أن يبدله» من قوله تعالى: {عَسى ََ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوََاجاً} (3).
«أن يبدلنا» من قوله تعالى: {عَسى ََ رَبُّنََا أَنْ يُبْدِلَنََا خَيْراً مِنْهََا} (4).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يبدلهما، يبدله، يبدلنا» باسكان الباء، وتخفيف الدال، على أن الفعل مضارع «أبدل» الثلاثي المزيد بهمزة.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ويتأل خاف دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 211.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 72.
(2) سورة الكهف الآية 81
(3) سورة التحريم الآية 5
(4) سورة ن الآية 32(1/429)
وقرأ الباقون الافعال الثلاثة بفتح الباء، وتشديد الدال، على أن الفعل مضارع «بدل» الثلاثي مضعف العين (1).
«وليبدلنهم» من قوله تعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} (2).
قرأ «ابن كثير، وشعبة، ويعقوب» «وليبدلنهم» باسكان الباء الموحدة، وتخفيف الدال، مضارع «أبدل» الرباعي.
وقرأ الباقون بفتح الباء، وتشديد الدال، مضارع «بدل» مضعف العين (3).
المعنى: وعد الله المؤمنين الذين آمنوا بالله ظاهرا، وباطنا، وعملوا الصالحات ليجعلنهم خلفاء في الارض، متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم، كما استخلف عليها الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دين الاسلام الذي ارتضاه لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم من أعدائهم الكفار آمنا منهم، بعد أن كانوا مستضعفين خائفين.
«أبلغكم» من قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسََالََاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
ومع تحريم نون يبدلا خفف ظبا كنز دنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 168.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 72.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 408، ج 2ص 249، 299.
(2) سورة النور الآية 55
(3) قال ابن الجزرى:
ومع تحريم نون يبدلا خفف ظبا كنز دنا النور دلا صف ظن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 215.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 79.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 142
(4) سورة الاعراف الآية 62(1/430)
ومن قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسََالََاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نََاصِحٌ أَمِينٌ} (1).
ومن قوله تعالى: {قََالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللََّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مََا أُرْسِلْتُ بِهِ} (2).
قرأ «أبو عمرو» «أبلغكم» في المواضع المتقدمة، بسكون الباء، وتخفيف اللام، على أنه مضارع «أبلغ» ومنه قوله تعالى: {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مََا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} (3).
وقرأ الباقون «أبلغكم» بفتح الباء، وتشديد اللام. على أنه مضارع «بلغ» المضعف، ومنه قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (4).
«البلوغ، والبلاغ»: الانتهاء الى أقصى المقصد، والمنتهى، مكانا كان، أو زمانا، أو أمرا من الامور المقدرة (5).
ويقال أبلغه» السلام، و «بلغه» بالالف والتشديد: أصله (6)
«لنبوئنهم» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} (7).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لنثوينهم» بثاء مثلثة ساكنة بعد النون، وتخفيف الواو، وبعدها ياء تحتية مفتوحة، على أنه مضارع من «الثواء» يقال: أثواه بالمكان: أقامه به، وأنزل فيه.
__________
(1) سورة الاعراف الآية 68
(2) سورة الاحقاف الآية 23
(3) سورة هود الآية 57
(4) قال ابن الجزرى: أبلغ الخف حجا كلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 77.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 467.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 242.
سورة المائدة الآية 67.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 60.
(6) انظر: المصباح المنير ج 1ص 61.
(7) سورة العنكبوت الآية 58(1/431)
وقرأ الباقون «لنبوئنهم» بباء موحدة مفتوحة في مكان الثاء، وتشديد الواو، وبعدها همزة مفتوحة، على أنه مضارع من «التبوء» وهو الاقامة أيضا، يقال بوأه كذا اذا أنزل فيه، فالقراءتان متحدتان في المعنى (1).
«لا يتبعوكم» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى ََ لََا يَتَّبِعُوكُمْ} (2).
«يتبعهم» من قوله تعالى: {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} (3).
قرأ «نافع» «لا يتبعوكم» في الاعراف، «يتبعهم» في الشعراء باسكان التاء وفتح الباء، على أنه مضارع «تبع» الثلاثي.
وقرأ الباقون بفتح التاء المشددة، وكسر الباء في الموضعين على أنه مضارع «اتبع» (4).
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ:
والقراءتان لغتان بمعنى، حكى «أبو زيد الانصاري» ت 215هـ:
«رأيت القوم فاتبعتهم، اذا سبقوك فأسرعت نحوهم، وتبعتهم مثله» أهـ.
ثم قال: وقال بعض أهل اللغة: «تبعه» مخففا: اذا مضى خلفه، ولم يدركه، «واتبعه» مشددا: اذا مضى خلفه فأدركه» أهـ (5).
ويقال: «تبع» زيد عمرا «تبعا» من باب «تعب تعبا» مشى خلفه، أو مرّ به فمضى معه.
__________
(1) قال ابن الجزرى: لنثوين الباء مبدلا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 240.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 125.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 181.
(2) سورة الاعراف الآية 193
(3) سورة الشعراء الآية 224
(4) قال ابن الجزرى: يتبعوا كالظلة بالخف والفتح اتل انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 85.
(5) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 486.(1/432)
والمصلى «تبع» لامامه، والناس «تبع» له، ويكون واحدا، وجمعا، ويجوز جمعه على «اتباع» مثل: «سبب وأسباب».
و «تتابعت» الاخبار: جاء بعضها اثر بعض بلا فصل.
و «تتبعت» أحواله: تطلبتها شيئا بعد شيء في مهلة و «التبعة» وزان «كلمة»: ما تطلبه من ظلامه ونحوها (1).
«لاتخذت» من قوله تعالى: قال لو شئت لتخذت عليه أجرا (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لتخذت» بتخفيف التاء الاولى، وكسر الخاء من غير ألف وصل، على أنه فعل ماض من «تخذ، يتخذ» على وزن «علم، يعلم».
وقرأ الباقون «لاتخذت» بألف وصل، وتشديد التاء الاولى، وفتح الخاء، على أنه فعل ماض من «اتخذ» على وزن «افتعل» فأدغمت فاء الكلمة في تاء «افتعل» (3).
وقرأ ابن كثير، وحفص، ورويس» بخلف عنه، باظهار الذال عند التاء.
وقرأ الباقون بادغام الذال في التاء، وهو الوجه الثاني «لرويس» (4)
«ويثبت» من قوله تعالى: {يَمْحُوا اللََّهُ مََا يَشََاءُ وَيُثْبِتُ} (5)
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 1ص 72.
(2) سورة الكهف الآية 77
(3) قال ابن الجزرى: تخذ الخا اكسر وخف حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 168.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 70.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 408.
(4) قال ابن الجزرى: وفي أخذت واتخذت عن درى ... والخلف غث
(5) سورة الرعد الآية 39(1/433)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ويثبت» باسكان الثاء، وتخفيف الباء الموحدة، على أنه مضارع «أثبت» المزيدة بهمزة.
وقرأ الباقون «ويثبت» بفتح الثاء، وتشديد الباء، على أنه مضارع «ثبت» مضعف العين (1).
«مجريها» من قوله تعالى: {وَقََالَ ارْكَبُوا فِيهََا بِسْمِ اللََّهِ مَجْرََاهََا وَمُرْسََاهََا} (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «مجريها» بفتح الميم، على أنه مصدر «جرى» الثلاثى.
وقرأ الباقون «مجريها» بضم الميم، على أنه مصدر «أجرى» الرباعي (3).
«فاجمعوا» من قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكََاءَكُمْ} (4).
قرأ «رويس» بخلف عنه «فاجمعوا» بوصل الهمزة، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد فرق، قال تعالى: {فَتَوَلََّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى ََ} (5).
وقيل: «جمع» و «أجمع» بمعنى واحد.
__________
(1) قال ابن الجزرى: يثبت خفف نص حق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 132 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 23.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 354.
(2) سورة هود الآية 11
(3) قال ابن الجزرى: مجرى اضمما صف كم سما.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 114 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 528 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 317.
(4) سورة يونس الآية 71
(5) سورة طه الآية 60(1/434)
وقرأ الباقون «فأجمعوا» بقطع الهمزة مفتوحة، وكسر الميم، وهو الثاني «لرويس» على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي، يقال: «أجمع» في المعاني نحو: أجمعت أمري «وجمع» في الاعيان مثل: جمعت القوم.
وقد يستعمل كل مكان الآخر (1).
«فأجمعوا» من قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} (2).
قرأ «أبو عمرو» فأجمعوا» بهمزة وصل بعد الفاء، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد «فرق» بمعنى الضم، ويلزم منه الاحكام.
وقرأ الباقون «فأجمعوا» بهمزة قطع مفتوحة مع كسر الميم، على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي.
وأعلم أن «جمع» الثلاثي يتعدى للحسي والمعنوي، تقول: جمعت القوم، وجمعت أمري.
وأن «أجمع» الرباعي لا يتعدى الا للمعنوي، تقول: أجمعت أمري، ولا تقول أجمعت القوم (3).
«لنحرقنه» من قوله تعالى: {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً} (4).
قرأ «ابن وردان» «لنحرقنه» بفتح النون، واسكان الحاء، وضم الراء
__________
(1) قال ابن الجزرى: صل فاجمعوا وافتح غرا خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 109.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 305.
وشرح طيبة النشر ص 312.
(2) سورة طه الآية 64
(3) قال ابن الجزرى: فاجمعوا صل وافتح الميم حلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 183.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 100.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 20.
(4) سورة طه الآية 97(1/435)
مخففة، على أنه مضارع «حرق» الثلاثي، يقال: حرق الحديد بفتح الراء يحرقه بضمها: اذا برده بالمبرد.
وقرأ «ابن جماز» «لنحرقنه» بضم النون، واسكان الحاء، وكسر الراء مخففة، على أنه مضارع «أحرق» يقال: أحرقه بالنار احراقا، وأحرقه تحريقا.
وقرأ الباقون «لنحرقنه» بضم النون، وفتح الحاء، وكسر الراء مشددة، على أنه مضارع «حرق» مضعف الراء، للمبالغة في الحرق (1).
«يحزنك» من قوله تعالى: {وَلََا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسََارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (2).
ومن قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الرَّسُولُ لََا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسََارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (3).
ومن قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لََا يُكَذِّبُونَكَ} (4).
ومن قوله تعالى: {وَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً} (5).
ومن قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَلََا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} (6).
ومن قوله تعالى: {فَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} (7).
«ليحزننى» من قوله تعالى: {قََالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} (8).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
نحرقن * خفف ثنا وافتح لضم واضممن * كسر اخلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 187 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 26
(2) سورة آل عمران الآية 176
(3) سورة المائدة الآية 41
(4) سورة الانعام الآية 33
(5) سورة يونس الآية 65
(6) سورة لقمان الآية 23
(7) سورة يس الآية 76
(8) سورة يوسف الآية 13(1/436)
«يحزنهم» من قوله تعالى: {لََا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} (1).
«ليحزن» من قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوى ََ مِنَ الشَّيْطََانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (2).
قرأ «نافع» جميع هذه الافعال حيثما وقعت في القرآن الكريم، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أحزن» الثلاثي المزيدة بالهمزة نحو:
«أكرم يكرم».
الا موضوع الانبياء رقم / 103فقد قرأه بفتح الياء، وضم الزاي، على أنه مضارع «حزن» الثلاثي نحو: «علم يعلم» ومنه قوله تعالى: {وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3).
وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ «أبو جعفر» جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي الا موضع الانبياء (4).
فقد قرأه بضم الياء، وكسر الزاي، جمعا بين اللغتين أيضا.
وقرأ الباقون جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي (5).
قال «الراغب» في مادة «حزن» «الحزن» بضم الحاء، وسكون الزاي، والحزن بفتح الحاء والزاي، خشونة في الارض، وخشونة في النفس لما يحصل فيه من الغم، ويضاده الفرح «أهـ (6)
__________
(1) سورة الانبياء الآية 103
(2) سورة المجادلة الآية 10
(3) سورة البقرة الآية 38
(4) رقم الآية 103
(5) قال ابن الجزرى: يحزن في الكل اضمما ... مع كسر أم الانبيا ثما
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 18.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 365 واتحاف فضلاء البشر ص 182.
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 115.(1/437)
«ولا تحاضون» من قوله تعالى: {وَلََا تَحَاضُّونَ عَلى ََ طَعََامِ الْمِسْكِينِ} (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «ولا تحاضون» بفتح الحاء، واثبات ألف بعدها، وهو فعل مضارع حذفت منه احدى التاءين تخفيفا، وأدغمت الضاد في الضاد، والأصل «تتحاضون» على وزن «تتفاعلون» أي يحض بعضكم بعضا على إطعام المسكين، ومعنى «يحض»: «يحرض ويحث».
وقرأ الباقون «ولا تحضون» بضم الحاء، وحذف الالف التي بعدها، مضارع «حض» مضعف الثلاثى، مثل «رد برد» (2).
«فيحل، ومن يحلل» من قوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ََ} (3).
قرأ «الكسائي» بضم الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على أنهما مضارعان من «حل يحل» بالضم: اذا نزل بالمكان، من قوله تعالى: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دََارِهِمْ} (4)
والمعنى: فينزل عليكم غضبي ومن ينزل عليه غضبي فقد هوى، وهو خطاب لبنى اسرائيل.
وقرأ الباقون بكسر الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على أنهما مضارعان من حل عليه الدين يحل بكسر الحاء أي وجب قضاؤه، ومنه قوله تعالى: {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذََابٌ مُقِيمٌ} (5).
__________
(1) سورة الفجر الآية 18
(2) قال ابن الجزرى: وتحضون ضم حا فافتح ومد نل شفا ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 365.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 333.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 372.
(3) سورة طه الآية 81
(4) سورة الرعد الآية 31.
(5) سورة هود الآية 39(1/438)
والمعنى: فيجب عليكم غضبى ومن يجب عليه غضبي فقد هوى (1).
«حملنا» من قوله تعالى: {وَلََكِنََّا حُمِّلْنََا أَوْزََاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ورويس» «حملنا» يضم الحاء، وكسر الميم مشددة، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «حمل» مضعف العين، متعد لاثنين: الاول «نا» وهي نائب فاعل، والثاني «أوزارا».
وقرأ الباقون «حملنا» بفتح الحاء، والميم مخففة، على أنه فعل ماض ثلاثي مجرد مبني للمعلوم متعد لواحد، وهو «أوزارا» و «نا» فاعل (3).
«يخربون» من قوله تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} (4).
قرأ «أبو عمرو» «يخربون» بفتح الخاء، وتشديد الراء، مضارع «خرب» مضعف العين، على معنى: التكثير للخراب.
وقرأ الباقون «يخربون» باسكان الخاء، وتخفيف الراء، مضارع «أخرب» الرباعي (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وضم كسر يحل مع يحلل دنا النشر في القراءات العشر ج 3ص 185.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 103.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 24.
(2) سورة طه الآية 87
(3) قال ابن الجزرى: وضم واكسر ثقل حملنا عفا ... كم غن حرم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 116.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 104.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 25.
(4) سورة الحشر الآية 2
(5) قال ابن الجزرى: يخربون الثقل حم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 331 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 281.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 316.(1/439)
والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو «الهدم» قال «سيبويه» ت 180هـ:
«ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ.
وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154هـ:
«ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ.
وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154هـ:
«يقال: أخربت الموضع: تركته خرابا، وخربته: هدمته» أهـ (1)
«ونخرج» من قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً} (2).
قرأ «أبو جعفر» «ويخرج» بياء تحتية مضمومة، وراء مفتوحة، على أنه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «طائره» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ طََائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} و {كِتََاباً} حال.
وقرأ «يعقوب» «ويخرج» بالياء التحتية المفتوحة، وراء مضمومة، على أنه مضارع «خرج» الثلاثى، مبنى للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «طائره» أيضا، و «كتابا» حال.
وقرأ الباقون «ونخرج» بنون العظمة مضمومة، وراء مكسورة، على انه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى، وقد جرى الكلام على نسق واحد، لان قبله {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنََا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنََا آيَةَ النَّهََارِ مُبْصِرَةً}
{وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنََاهُ تَفْصِيلًا} {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ طََائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} و «كتابا» مفعول به (3).
__________
(1) انظر: تفسير الشوكاني ج 5ص 196.
(2) سورة الاسراء الآية 13
(3) قال ابن الجزرى:
ونخرج الياء وثوى وفتح ضم ... وضم راء ظن فتحها ثكم(1/440)
«يخصمون» من قوله تعالى: {مََا يَنْظُرُونَ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} (1).
قرأ «ورش، وابن كثير» «يخصمون» بفتح الياء، والخاء، وتشديد الصاد.
«وابن ذكوان، وحفص، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بفتح الياء، وكسر الخاء، وتشديد الصاد.
«وحمزة» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتخفيف الصاد.
«وأبو جعفر» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتشديد الصاد.
«وأبو عمرو» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح واختلاسها.
«وهشام» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح والكسر.
«وشعبة» بكسر الخاء، وتشديد الصاد، وله في الياء الفتح والكسر.
«وقالون» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الاسكان، والفتح والاختلاس.
وحجة من أسكن الخاء، وخفف الصاد، أنه بناه على وزن «يفعلون» مضارع «خصم يخصم» فهو يتعدى الى مفعول مضمر محذوف، لدلالة الكلام عليه، تقديره: يخصم بعضهم بعضا، بدلالة ما حكى الله جل ذكره عنهم من مخاصمة بعضهم بعضا في غير هذا الموضع، فحذف المضاف، وهو بعض الاول، وقام الضمير المحذوف مقام بعض في الاعراب، فصار
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 149 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 380 وشرح طيبة النشر ص 330.
(1) سورة يس الآية 49(1/441)
ضميرا مرفوعا، فاستتر في الفعل، لان المضمر المرفوع لا ينفصل بعد الفعل، لا تقول: اختصم هم، ولا قام أنت، والضمير فاعل، والتقدير: يخصمون مجادلهم عند أنفسهم، وفي ظنهم، ثم حذف المفعول.
وحجة من اختلس حركة الخاء وأخفاها، أن أصله «يفتعلون» فالخاء مساكنة، فلما كانت ساكنة في الاصل في «يختصمون» وأدغمت التاء في الصاد لم يمكن أن يجتمع ساكنان: المشدد والخاء، فأعطاهما حركة مختلسة، أو مخفاة، ليدل بذلك أن أصل الخاء السكون.
وحجة من فتح الخاء، وشدد الصاد، أنه بناه على «يفتعلون» أي يختصمون، فأدغم التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من:
طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والصاد تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفتين الآتيتين وهما الهمس، والاصمات.
وحجة من كسر الخاء أنه لما أدغم التاء في الصاد، اجتمع ساكنان: الخاء والمشدد، فكسر الخاء لالتقاء الساكنين، ولم يلق حركة التاء على الخاء.
وحجة من كسر الياء، أنه على الاتباع لكسرة الخاء (1).
«خطأ» من قوله تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كََانَ خِطْأً كَبِيراً} (2).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
ويا يخصموا اكسر خلف صا في الخاليا ... خلف روى من ظبى واختلسا
بالخلف حط بدرا وسكن بخسا ... بالخلف في ثبت وخففوا فتا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 164.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 160.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 217.
(2) سورة الاسراء الآية 31(1/442)
قرأ «ابن كثير» «خطأ» بكسر الخاء، وفتح الطاء، وألف ممدودة بعدها، على أنه مصدر «خاطأ، يخاطئ، خطأ» مثل: «قاتل، يقاتل، قتالا».
قال «ابن مالك»: لفاعل الفعال والمفاعلة.
وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «خطأ» بفتح الخاء والطاء، من غير ألف، على أنه مصدر «خطئ، خطأ فهو خاطئ»: اذا تعمد، مثل: «تعب، يتعب، تعبا».
والمشهور في مصدر «خطئ» «خطأ» كما قال «ابن مالك»:
وفعل اللازم بابه فعل ... كفرح وكجوى وكشلل
وقرأ الباقون «خطأ» بكسر الخاء، وسكون الطاء، وهو الوجه الثاني «لهشام»، على أنه مصدر «خطئ، خطأ» بمعنى: مجانبة الصواب، مثل:
أثم، اثما» (1).
قال ابن مالك:
وما أتى مخالفا لما مضى ... فبابه النقل كسخط ورضى
«فتخطفه» من قوله تعالى: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «فتخطفه» بفتح الخاء، والطاء مشددة على أنه مضارع «تخطف» والاصل «تتخطفه» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وفتح خطأ من له الخلف ثرا ... حرك لهم والمك والمد ددى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 151.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 45.
والمهذب في القراءات العشر ص 382.
(2) سورة الحج الآية 31(1/443)
وقرأ الباقون بسكون الخاء، وفتح الطاء مخففة، على أنه مضارع «خطف» بكسر العين، على وزن «فهم» (1).
المعنى: من يتخذ مع الله شريكا فقد سقط من أوج الايمان الى حضيض الكفر، فيصير بمنزلة من سقط من السماء فتخطفه الطير، وتعصف به الريح فتهوى به في مكان بعيد، حتى يصبح لا يرجى فلاحه.
«مدخلا» من قوله تعالى: {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً} (2).
من قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «مدخلا» في السورتين بفتح الميم على أنه مصدر أو اسم مكان من «دخل» الثلاثي، وعليه فيقدر له فعل ثلاثي مطاوع «لندخلكم» والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلا، أو مكان دخول.
وقرأ الباقون «مدخلا» في الموضعين بضم الميم، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «أدخل» الرباعي (4).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم الميم من «مدخل» من قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
ليوفوا حرك اشدد صافية كتخطف اتل ثق النشر في القراءات العشر ج 3ص 198.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 48.
(2) سورة النساء الآية 31
(3) سورة الحج الآية 59
(4) قال ابن الجزرى: وفتح ضم مدخلا مدا كالحج انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 28.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 386.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 156.
(5) سورة الاسراء الآية 80(1/444)
لأن قبله» أدخلني «وهو فعل رباعي فيكون «مدخل» مفعولا به».
«مدخلا» من قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغََارََاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا} (1).
قرأ «يعقوب» «مدخلا» بفتح الميم، واسكان الدال مخففة، على أنه اسم مكان من «دخل يدخل» الثلاثي.
وقرأ الباقون «مدخلا» بضم الميم وفتح الدال مشددة، على أنه اسم مكان من «ادخل» على وزن «افتعل» والاصل «مدتخلا» فأدغمت الدال في التاء، وذلك لوجود التجانس بينهما اذ يخرجان من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (2).
«دفع» من قوله تعالى: {وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (3).
ومن قوله تعالى: {وَلَوْلََا دَفْعُ اللََّهِ النََّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوََامِعُ وَبِيَعٌ} (4).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «دفاع» بكسر الدال، وفتح الفاء، وألف بعدها، على أنها مصدر «دافع» نحو: «قاتل قتالا» (5).
__________
(1) سورة التوبة الآية 57
(2) قال ابن الجزرى:
ومدخلا مع الفتح لضم يلمز ضم الكسر في الكل ظلم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 97.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 279.
وشرح طيبة النشر ص 307.
(3) سورة البقرة الآية 251
(4) سورة الحج الآية 40
(5) قال ابن مالك: لفاعل الفعال(1/445)
وقرأ الباقون «دفع» بفتح الدال، واسكان الفاء من غير ألف، على أنها مصدر «دفع يدفع» (1) نحو: «فتح يفتح» (2).
جاء في «المفردات»: «الدفع» اذا عدّي ب «إلى» اقتضى معنى «الانالة» نحو قوله تعالى: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوََالَهُمْ} (3)
واذا عدي ب «عن» اقتضى معنى «الحماية» نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يُدََافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (4). أهـ (5).
«يدافع» من قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يُدََافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (6)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يدفع» بفتح الياء، واسكان الدال، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الفاء، على أنه مضارع «دفع» الثلاثي.
وقرأ الباقون «يدافع» بضم الياء، وفتح الدال، واثبات ألف بعدها، وكسر الفاء، على أنه مضارع «دافع» والمفاعلة فيه ليست على بابها، بل هي من جانب واحد مثل «سافر» وانما المفاعلة لقصد المبالغة في الدفع عن المؤمنين» (7).
__________
(1) قال ابن مالك:
فعل قياس مصدر المعدى من ذى ثلاثة كرد ردا
(2) قال ابن الجزرى: وكلا دفع واكسر اذ ثوى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 436.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 304.
وحجة القراءات ص 140.
واتحاف فضلاء البشر ص 161
(3) سورة النساء الآية 6.
(4) سورة الحج الآية 38.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «دفع» ص 170.
(6) سورة الحج الآية 38
(7) قال ابن الجزرى: يدفع في يدافع البصرى ومك(1/446)
«ليذكروا» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنََا فِي هََذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا} (1).
من قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنََاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليذكروا» في الموضعين بسكون الذال، وضم الكاف مخففة، على أنه مضارع «ذكر، يذكر» الثلاثي من الذكر ضد النسيان قال تعالى: {فَمَنْ شََاءَ ذَكَرَهُ وَمََا يَذْكُرُونَ إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} (3).
وقرأ الباقون «ليذّكّروا» بتشديد الذال، والكاف حالة كونهما مفتوحتين، على أنه مضارع «تذكر، يتذكر» مضعف العين، وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء «ذالا» وأدغمت في الذال، وذلك لوجود التقارب بينهما في المخرج:
اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.
والتذكر معناه: التيقظ، والمبالغة في الانتباه من الغفلة.
ومن قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنََا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (4).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 199.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 49.
(1) سورة الاسراء الآية 41.
(2) سورة الفرقان الآية 50
(3) سورة المدثر الآية 5655
(4) قال ابن الجزرى: ليذكروا اضمم خففن معا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 153.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 384.
وشرح طيبة النشر ص 332.
سورة القصص الآية 51.(1/447)
«يذكر» من قوله تعالى: {أَوَلََا يَذْكُرُ الْإِنْسََانُ أَنََّا خَلَقْنََاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} (1).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم» «يذكر» باسكان الذال، وضم الكاف، على أنه مضارع «ذكر» من الذكر الذي يكون عقيب النسيان، والغفلة.
وقرأ الباقون «يذكر» بتشديد الذال، والكاف، على أنه مضارع «تذكر» وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء ذالا، وأدغمت في الذال، والتذكر معناه:
التيقظ والمبالغة في الانتباه من الغفلة (2).
«أن يذكر» من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرََادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرََادَ شُكُوراً} (3).
قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «يذكر» بتخفيف الذال مسكنة، وتخفيف الكاف مضمومة، على معنى الذكر لله تعالى، وهو مضارع «ذكر يذكر» الثلاثي المخفف.
وقر الباقون بتشديد الذال، والكاف مفتوحتين، على معنى: التذكر، والتدبر، والاعتبار مرة بعد مرة، وهو مضارع «تذكر» والاصل «يتذكر» فأدغمت التاء في الذال، لتقاربهما في المخرج، اذ التاء تخرج، من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والذال تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا.
__________
(1) سورة مريم الآية 67.
(2) قال ابن الجزرى:
ليذكروا اضمم خففن معا شفا ... وبعد أن فتى ومريم لما اذ كم
النشر في القراءات العشر ج 3ص 177 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 90 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 10
(3) سورة الفرقان الآية 62(1/448)
كما أنهما متفقان في الصفات الآتية:
الاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
«ذكرتم» من قوله تعالى: {قََالُوا طََائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} (2).
قرأ «أبو جعفر» «ذكرتم» بتخفيف الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «الذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل.
وقرأ الباقون «ذكرتم» بتشديد الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «التذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل (3).
«يذهب بالابصار» من قوله تعالى: {يَكََادُ سَنََا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصََارِ} (4).
قرأ «أبو جعفر» «يذهب» بضم الياء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» الرباعي، والباء في «بالابصار» زائدة مثل قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (5).
و «الابصار» مفعول به، والفاعل مستتر ضمير يعود على «سنا برقه».
وقيل: الباء أصلية وهي بمعنى «من» والمفعول محذوف تقديره يذهب سنا برقه النور من الابصار.
وقرأ الباقون «يذهب» بفتح الياء، والهاء، مضارع «ذهب» الثلاثي،
__________
(1) قال ابن الجزرى:
ليذكروا اضمم خففن معا شفا ... وبعد أن فتى
النشر في القراءات العشر ج 3ص 219.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 147.
(2) سورة يس الآية 19.
(3) قال ابن الجزرى: وافتح أئن ثق وذكرتم عنه خف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 262.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 164.
(4) سورة النور الآية 43
(5) سورة المؤمنون الآية 10(1/449)
والباء للتعدية، و «الابصار» مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «سنا برقه» (1).
فلا تذهب نفسك» من قوله تعالى: {فَلََا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرََاتٍ} (2).
قرأ «أبو جعفر» «تذهب» بضم التاء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» معدى بالهمزة، والفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المشار اليه في قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} (3).
و «نفسك» بالنصب، مفعول به «لتذهب».
وقرأ الباقون «تذهب» بفتح التاء، والهاء، مضارع» ذهب «الثلاثي، و «نفسك» بالرفع فاعل.
والمعنى: أفمن زين له سوء عمله، فغلب عليه هواه، فرأى الباطل حقا، والقبيح حسنا، فأصبحت تغتم من أجله وتتحسر عليه، فلا تغتم ولا تحزن، ولا تهلك نفسك على تكذيبهم اياك، ولا يشتد أسفك على عدم قبولهم دعوتك، فما عليك الا البلاغ، وفي هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم (4).
«يرتع ويلعب» من قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنََا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يذهب ضم واكسر ثنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 214.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 76.
(2) سورة فاطر الآية 8
(3) رقم الآية 4
(4) قال ابن الجزرى: وتذهب ضم واكسر ثغبا نفسك غيره انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 259.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 158.
(5) سورة يوسف الآية 12(1/450)
«يرتع» القراء فيها على خمس مراتب:
الاولى: «لنافع، وأبي جعفر» «يرتع» بالياء من تحت، على اسناد الفعل الى نبى الله يوسف عليه السلام، وكسر العين من غير ياء، على أن الفعل مجزوم بحذف حرف العلة، وهو مضارع «ارتعى» على وزن «افتعل» من الرعي بمعنى المراعاة وهي الحفظ للشيء (1).
الثانية: «لعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يرتع» بالياء التحتية مع سكون العين، على أنه مضارع «رتع» الثلاثي صحيح الآخر مجزوم بالسكون.
يقال: «رتع، يرتع، ورتوعا» والاسم «الرتعة».
«والرتع»: الاكل والشرب رغد في الريف (2).
الثالثة: «لأبي عمرو، وابن عامر» «نرتع» بالنون، وجزم العين فالنون لمناسبة قوله تعالى قبل: {أَرْسِلْهُ مَعَنََا} وجزم العين سبق توجيهه.
الرابعة: «للبزى» «نرتع» بالنون، وكسر العين من غير ياء وقد تقدم ذلك.
الخامسة: «لقنبل» «نرتع» بالنون، وكسر العين، وله في الياء الحذف، والاثبات، وصلا ووقفا.
«ويلعب» قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» «نلعب» بالنون، مناسبة لقوله تعالى قبل: {أَرْسِلْهُ مَعَنََا}.
وقرأ الباقون «يلعب» بالياء التحتية، على اسناد الفعل الى نبي الله يوسف عليه السلام (3).
__________
(1) انظر: تفسير البحر المحيط ج 5ص 276.
(2) انظر لسان العرب مادة «رتع» ج 8ص 112.
(3) قال ابن الجزرى:
يرتع ويلعب نون دا حز كيف يرتع كسر جزم دم مدا وقال: ويرتع يتق يوسف زن خلفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 123.
حز كيف يرتع كسر جزم دم مدا والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 333.
وشرح طيبة النشر ص 318.(1/451)
«ردما ائتوني» من قوله تعالى: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} (1).
قرأ «شعبة» بخلف عنه بكسر تنوين «ردما» وهمزة ساكنة بعده وصلا، على أن «ائتوني» فعل أمر من الثلاثي بمعنى المجيء فان وقف على «ردما» وابتدأ «بائتوني» فانه يبتدئ بهمزة وصل مكسورة، وابدال الهمزة الساكنة بعدها ياء.
وقرأ الباقون، باسكان التنوين في «ردما» وهمزة قطع مفتوحة، وبعدها ألف ثابتة وصلا ووقفا، على أن «آتوني» فعل أمر من الرباعي، بمعنى اعطوني، وهو الوجه الثاني لشعبة (2).
«نرى» من قوله تعالى: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهََامََانَ وَجُنُودَهُمََا} (3)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويرى» بياء تحتية مفتوحة، وبعدها راء مفتوحة وألف بعدها ممالة، مضارع «رأي» الثلاثي، و «فرعون» بالرفع فاعل «يرى» و «هامان، وجنودهما» بالرفع أيضا عطفا على «فرعون».
وقرأ الباقون «ونري» بنون مضمومة، وكسر الراء، وفتح الياء، مضارع «أرى» الرباعي، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو اخبار عن الله تعالى المعظم نفسه، وجاء الكلام على نسق ما قبله، لان قبله {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ}، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوََارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}،
__________
(1) سورة الكهف الآية 9695
(2) قال ابن الجزرى:
آتون همز الوصل فيهما صدق * خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 171.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 411.
وشرح طيبة النشر ص 341.
(3) سورة القصص الآية 6(1/452)
و «فرعون»، بالنصب مفعول «نرى» و «هامان، وجنودهما» بالنصب أيضا عطفا على «فرعون» (1).
«ماذا ترى» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ مََا ذََا تَرى ََ} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ترى» بضم التاء، وكسر الراء، وياء بعدها، وهو مشتق من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب.
وهو مضارع «أريته الشيء» اذا جعلته يعتقده.
فالمعنى: فانظر ماذا تحملني عليه من الرأي فيما قلت لك هل تصبر أو تجزع.
وهو يتعدى الى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما مثل «أعطى» فالمفعول الهاء المحذوفة اذا جعلت «ما» مبتدأ، و «ذا» بمعنى الذي خبر «ما» أي ما الذي تريه.
ويجوز أن يكون «ماذا» مفعول أول «بترى» والمفعول الثاني محذوف، أي ماذا تريناه.
وقرأ الباقون «ترى» بفتح التاء، والراء، من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب أيضا، وهو مضارع «رأي» ويتعدى الى مفعول واحد، وهو «ماذا» على أنها اسم استفهام مفعول مقدم «لترى» أي أيّ شيء ترى.
ولا يحسن اضمار الهاء مع نصب «ماذا» «بترى» لان الهاء لا تحذف من غير الصلة، والصفة، الا في الشعر.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
نرى اليا مع فتحية شفا ... ورفعهم بعد الثلاث
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 233.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 110.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 172.
(2) سورة الصافات الآية 102(1/453)
وليس «ترى» من رؤية العين، لانه لم يأمره أن يبصر شيئا ببصره، وانما أمره يدبر أمرا عرضه عليه يقول فيه برأيه وهو الذبح.
وليس ذلك من نبي الله «إبراهيم» لابنه «اسماعيل» على معنى الاستشارة له في أمر الله تعالى.
وانما هو على سبيل الامتحان للذبيح، هل سيصبر أو يجزع، ولذلك جاء الجواب بالصبر، يشير الى ذلك قوله تعالى:
{قََالَ يََا أَبَتِ افْعَلْ مََا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّابِرِينَ} (1).
ولا يحسن أن يكون «ترى» من العلم، لانه يلزم أن يتعدى الى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو «ماذا».
فلما امتنع ن يكون «ترى» من رؤية العين، أو من العلم، لم يبق الا أن يكون من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب (2).
«ربت» من قوله تعالى: {فَإِذََا أَنْزَلْنََا عَلَيْهَا الْمََاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (3).
من قوله تعالى: {فَإِذََا أَنْزَلْنََا عَلَيْهَا الْمََاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (4).
قرأ «أبو جعفر» «وربأت» في الموضعين بهمزة مفتوحة بعد الياء بمعنى ارتفعت، وهو فعل مهموز، يقال: فلان يربأ بنفسه عن كذا، بمعنى يرتفع.
__________
(1) رقم الآية 102
(2) قال ابن الجزرى: ماذا ترى بالضم والكسر شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 271 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 176.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 225.
(3) سورة الحج الآية 5
(4) سورة فصلت الآية 39(1/454)
وقرأ الباقون «وربت» في الموضعين بحذف الهمزة، بمعنى زادت من «ربا يربو» (1).
«يزفون» من قوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} (2).
قرأ «حمزة» «يزفون» بضم الياء، على أنه مضارع «أزف» أخبر الله عنهم أنهم يحملون غيرهم على الاسراع، فالمفعول محذوف، والمعنى:
فأقبلوا اليه يحملون غيرهم على الاسراع: يحمل بعضهم بعضا على الاسراع.
والزفيف: الاسراع في الخطو مع مقاربة المشي.
قال «الاصمعى» ت 216هـ يقال: «أزفت الابل، اذا حملتها على أن تزف أي تسرع» أهـ.
وقرأ الباقون «يزفون» بفتح الياء، مضارع «زفّ» بمعنى: عدا بسرعة، يقال: زفت الابل، اذا أسرعت (3).
«ليزلقونك» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَكََادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصََارِهِمْ} (4).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «ليزلقونك» بفتح الياء، مضارع «زلق» الثلاثي يقال: زلق عن موضعه: اذا تنحى.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
ربت قل رأبت ثرى معا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 196.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 44.
(2) سورة والصافات الآية 94
(3) قال ابن الجزرى: يزفوا فز بضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 270.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 175 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 225.
(4) سورة ن الآية 51(1/455)
وقرأ الباقون «ليزلقونك» بضم الياء، مضارع «أزلق» الرباعي، يقال: أزلقه عن موضعه: اذا نحاه (1).
جاء في تفسير الشوكاني: قال «الهروي»: معنى «ليزلقونك» أي فيغتابونك بعيونهم فيزلقونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك» أهـ.
وقال «الكلبي» ت 146هـ:
«يزلقونك» أي يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
وقال «ابن عتيبة»، عبد الله بن مسلم ت 276هـ، «لا يريد الله أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب «العائن» بعينه ما يعجبه، وانما أراد أنهم ينظرون اليك اذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة، والبغضاء، يكاد يسقطك» أهـ (2).
«تزاور» من قوله تعالى: وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تزاور» بفتح الزاي مخففة، والف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فحذفت منه احدى التاءين تخفيفا.
ومعنى «تزاور»: تميل.
وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «تزور» باسكان الزاي، وتشديد الراء بلا ألف «كتحمرّ»، ومعنى «نزور» تنقبض عنهم، و «تزور» مضارع «أزور» مضعف اللام.
__________
(1) قال ابن الجزرى: يزلق ضم غير مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 339 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 299.
(2) انظر: تفسير الشوكاني ج 5ص 277.
(3) سورة الكهف الآية 17(1/456)
وقرأ الباقون «تزاور» بفتح الزاي مشددة، وألف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فأدغمت التاء في الزاي، وذلك لقربهما.
اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
و «الزاي» تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
تنبيه: «تحسبهم» من قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقََاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} (2).
تقدم حكمة اثناء الحديث عن القراءات التي في قوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجََاهِلُ أَغْنِيََاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (3).
«يسألون» من قوله تعالى: يسائلون عن أنبائكم (4).
قرأ «رويس» «يساءلون» بتشديد السين المفتوحة، وألف بعدها، وأصلها «يتساءلون» فأدغمت التاء، في السين، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات، ومعنى يتساءلون: يسأل بعضهم بعضا.
__________
(1) قال ابن الجزري: وخفف تزاور الكوفى وتزور ظرف كم النشر في القراءات العشر ج 3ص 159 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 56.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 396.
(2) سورة الكهف الآية 18
(3) سورة البقرة الآية 273
(4) سورة الاحزاب الآية 20(1/457)
وقرأ الباقون «يسألون» بسكون السين، بعدها همزة بلا ألف، مضارع «سأل (1).
«سخريا» من قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتََّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} (2).
ومن قوله تعالى: {أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ} (3).
قرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «سخريا» بضم السين فيهما، وهو مصدر من «التسخير» وهو الخدمة، وقيل: هو بمعنى الهزء.
وقرأ الباقون بكسر السين فيهما، وهو مصدر من «السخرية» وهو الاستهزاء، ودليله قوله تعالى بعده: {وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} (4).
فالضحك بالشيء نظير الاستهزاء به (5).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم السين في حرف الزخرف، وهو قوله تعالى: {وَرَفَعْنََا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا} (6).
لانه من السخرة.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ويسألون اشدد ومد غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 250.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 144.
(2) سورة المؤمنون الآية 110
(3) سورة ص الآية 63.
(4) رقم الآية 110
(5) قال ابن الجزرى: وضم كسرك سخريا كصاد ثاب أم شفا النشر في القراءات العشر ج 3ص 207.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 66 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 131.
(6) سورة الزخرف الآية 32(1/458)
«تساقط» من قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} (1).
قرأ «حفص» «تساقط» بضم التاء وتخفيف السين، وكسر القاف، على أنه مضارع «ساقط» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «النخلة» و «رطبا» مفعول به، و «جنيا» صفة.
وقرأ «حمزة» «تساقط» بفتح التاء، وتخفيف السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فحذف منه احدى التاءين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر يعود على النخلة، والمفعول مضمر تقديره: تساقط النخلة عليك تمرها، ورطبا حال، و «جنيا» صفة.
وقرأ «يعقوب» «يساقط» بالياء التحتية مفتوحة، على التذكير، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «يتساقط» فأدغمت التاء في السين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الجذع» والمفعول محذوف، والتقدير: يساقط الجذع عليك تمرا، و «رطبا» حال، و «جنيا» صفة.
وشعبة له قراءتان: الاولى مثل قراءة «يعقوب».
والثانية: «تساقط» بفتح التاء، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فأدغمت التاء في السين، والفاعل ضمير يعود على النخلة، والفاعل ضمير محذوف، و «رطبا» حال، وبهذه القراءة قرأ باقي القراء (2).
__________
(1) سورة مريم الآية 25
(2) قال ابن الجزرى:
خف تساقط في علا ذكر صدا ... خلف ظبى وضم واكسر عد
انظر النشر في القراءات العشر ج ج 3ص 175.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 87.
والمهذب في في القراءات العشر ج 2ص 76.(1/459)
«نسقيكم» من قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعََامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمََّا فِي بُطُونِهِ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعََامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمََّا فِي بُطُونِهََا} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، ويعقوب» «نسقيكم» في الموضعين والنون المفتوحة، على أنه مضارع «سقي» الثلاثي، كما قال تعالى: {وَسَقََاهُمْ رَبُّهُمْ شَرََاباً طَهُوراً} (3).
وفاعل «نسقيكم» ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: {وَمََا أَنْزَلْنََا عَلَيْكَ الْكِتََابَ إِلََّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} (4).
وجرى الكلام على نسق واحد وهو اسناد الفعل الى المعظم نفسه.
وقرأ «أبو جعفر» «تسقيكم» في الموضعين، بالتاء الفوقية المفتوحة، على تأنيث الفعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هي» يعود على «الانعام» وهي مؤنثة ولذلك جاز تأنيث الفعل.
وقرأ الباقون «نسقيكم» في الموضعين بالنون المضمومة، على أنه مضارع «أسقى» الرباعي، ومنه قوله تعالى: {وَأَسْقَيْنََاكُمْ مََاءً فُرََاتاً} (5).
__________
(1) سورة النحل الآية 66
(2) سورة المؤمنون الآية 21
(3) سورة الانسان الآية 21
(4) رقم الآية 64
(5) قال ابن الجزرى:
ونون نسقيكم معا أنث ثنا ... وضم صحب حبر
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 145.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 3938.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 372، ج 2ص 58.
سورة المرسلات الآية 27(1/460)
فان قيل: هل هناك فرق بين «سقى، وأسقى»؟
القول: قال «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170هـ وسيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر ت 180هـ:
يقال: سقيته: ناولته فشرب، وأسقيته: جعلت له سقيا» أهـ.
وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ:
«هما لغتان» أهـ وقال «أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس» ت 338هـ:
«سقيته، يكون بمعنى عرضته لان يشرب، وأسقيته، دعوت له بالسقيا، وأسقيته: جعلت له سقيا، وأسقيته: بمعنى «سقيته» عند «أبي عبيدة» أهـ (1).
فان قيل: ما وجه عود الضمير مذكرا في سورة «النحل» في قوله تعالى: {مِمََّا فِي بُطُونِهِ}.
أقول: هناك عدة توجيهات:
أحدها: أن الانعام تذكر، وتؤنث، فذكر الضمير على احدى اللغتين.
والثاني: أن الانعام جنس، فعاد الضمير اليه على المعنى.
والثالث: أن مفرد الانعام «نعم» والضمير عائد على مفرده.
والرابع: انه عائد على المذكور، فتقديره مما في بطون المذكور.
والخامس: أنه عائد على البعض الذي له لبن منها (2).
«ولا يسمع الصم» من قوله تعالى: {وَلََا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعََاءَ إِذََا مََا يُنْذَرُونَ} (3).
__________
(1) انظر: اعراب القرآن لابن النحاس ج 2ص 216
(2) انظر: اعراب القرآن للعكبرى ج 2ص 800.
(3) سورة الانبياء الآية 45(1/461)
قرأ «ابن عامر» تسمع» بتاء فوقية مضمومة، وكسر الميم. و «الصم» بنصب الميم، على أنه فعل مضارع من «أسمع» الرباعي، مسند الى ضمير المخاطب وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، لتقدم لفظ الخطاب له في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمََا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} والفعل يتعدى الى مفعولين: فالصم مفعول أول، والدعاء مفعول ثان.
وقرأ الباقون «يسمع» بياء تحتية مفتوحة، وفتح الميم، و «الصم» برفع الميم، على أنه مضارع من «سمع» الثلاثي، و «الصم» فاعل، و «الدعاء» مفعول به (1).
«ولا تسمع الصم» من قوله تعالى: {وَلََا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعََاءَ إِذََا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَلََا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعََاءَ إِذََا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (3).
وقرأ «ابن كثير» «يسمع» في الموضعين، بياء مفتوحة مع فتح الميم، على أنه فعل مضارع مبني للمعلوم من «سمع» الثلاثي، و «الصم» برفع الميم فاعل «يسمع» و «الدعاء» مفعول به، وذلك على الاخبار عن المعرضين عن سماع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالدخول في الاسلام، وفي ذلك نفي السماع عنهم (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يسمع ضم خطابه واكسر وللصم انصبا ... رفعا كسا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 191.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 110.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 36.
(2) سورة النمل الآية 80
(3) سورة الروم الآية 52
(4) قال ابن الجزرى:
يسمع ضم خطابه واكسر وللصم انصبا رفعا كسا والعكس في النمل دبا كالكروم(1/462)
والمعنى أنهم لا ينقادون الى الحق كما لا يسمع الاصم المعرض المدبر عن سماع ما يقال له، فلم يكفه أنه معرض عما يقال له حتى وصفه بالصمم، فهذا غاية امتناع سماع ما يقال له فشبههم في اعراضهم عن قبول ما يقال لهم من الاسلام بدعاء الاصم المعرض عن الشيء.
وقرأ الباقون «تسمع» بتاء مضمومة مع كسر الميم على أنه مضارع مبني للمعلوم من «أسمع» الرباعي، و «الصم» بفتح الميم مفعول أول، و «الدعاء» مفعول ثان، وفاعل «تسمع» ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في قوله تعالى: {إِنَّكَ لََا تُسْمِعُ الْمَوْتى ََ}. فجرى الثاني على لفظ الاول من الخطاب.
«لا يسمعون» من قوله تعالى: {لََا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ََ} (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يسمعون» بتشديد السين، والميم، على أن الاصل «يتسمعون» مضارع «تسمع» الذي هو مطاوع «سمع» مضعف العين، ثم أدغمت التاء في السين، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «السين» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات.
وحسن حمله على «تسمع» لان «التسمع» قد يكون، ولا يكون معه ادراك سمع، واذا نفى «التسمع» عنهم، فقد نفى سمعهم من جهة «التسمع» ومن غيره، فذلك أبلغ في نفي السمع عنهم.
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 230.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 106.
(1) سورة الصافات الآية 8(1/463)
وقرأ الباقون «لا يسمعون» باسكان السين، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «سمع» الثلاثي، والمعنى أنه نفى السمع عنهم، بدلالة قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (1).
«يصدون» من قوله تعالى: {إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يصدون» بضم الصاد، مضارع «صد يصد» بضم العين، نحو: «قتل يقتل».
ومعنى «يصدون»: يضحكون فرحا.
وقرأ الباقون، بكسر الصاد، مضارع «صد يصد» بكسر العين، نحو «جلس يجلس» (3).
«يصدر الرعاء» من قوله تعالى: {قََالَتََا لََا نَسْقِي حَتََّى يُصْدِرَ الرِّعََاءُ} (4).
قرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر» «يصدر» بفتح الياء، وضم الدال، مضارع «صدر يصدر» نحو: «نصر ينصر» وهو فعل لازم، و «الرعاء» فاعل، والمعنى: حتى يرجع الرعاء بمواشيهم.
__________
(1) قال ابن الجزرى: وثقلى يسمعوا شفا عرف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 269.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 172.
سورة الشعراء الآية 212 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 221سورة القراء 212.
(2) سورة الزخرف الآية 57
(3) قال ابن الجزرى: يصد ضم كسرا روى عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 296 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 221 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 260.
(4) سورة القصص الآية 23(1/464)
وقرأ الباقون «يصدر» بضم الياء، وكسر الدال، مضارع «أصدر» الرباعي المعدى بالهمزة، و «الرعاء» فاعل، والمفعول محذوف، والمعنى: حتى يصرف الرعاء مواشيهم عن السقي (1).
«ان المصدقين والمصدقات» من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقََاتِ وَأَقْرَضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً} (2).
قرأ «ابن كثير، وشعبة» «المصدقين والمصدقات» بتخفيف الصاد فيهما، اسم فاعل من التصديق بالله وكتبه، ورسله ومعناه: ان المؤمنين والمؤمنات، لان الايمان والتصديق، بمعنى واحد.
وقرأ الباقون، بتشديد الصاد فيهما، اسم فاعل من «تصدق» والاصل:
«المتصدقين والمتصدقات» فأدغمت التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الصاد» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما انهما مشتركان في صفتي: الهمس، والاصمات (3).
«فصرهن» من قوله تعالى: {قََالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} (4).
قرأ «حمزة، وأبو جعفر، ورويس، وخلف العاشر» «فصرهن» بكسر الصاد.
__________
(1) قال ابن الجزرى: يصدر حز ثب كد بفتح الضم والكسر يضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 233.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 112.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 172.
(2) سورة الحديد الآية 18
(3) قال ابن الجزرى: وخفف صف دخل صادى مصدق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 275 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 310
(4) سورة البقرة الآية 260(1/465)
وقرأ الباقون بضم الصاد (1).
وجه الكسر في الصاد انه من «صار يصير» يقال صرت الشيء: أملته، وصرته قطعته.
وجه الضم أنه من «صار يصور» على معنى أملهن، او قطعهن، فاذا جعلته بمعنى أملهن: كان التقدير: أملهن اليك فقطعهن، واذا جعلته بمعنى قطعهن، كان التقدير: فخذ أربعة من الطير اليك فقطعهن.
اذا فكل من الكسر والضم في الصاد لغة بمعنى الميل والتقطيع.
وقيل: الكسر بمعنى: «قطعهن» والضم بمعنى: «أملهن وضمهن» (2)
جاء في «المفردات»: «الصير» بتشديد الصاد، وسكون الياء: «الشق» وهو المصدر، ومنه قرئ «فصرهن».
«وصار الى كذا» انتهى اليه، ومنه «صير الباب» لمصيره الذي ينتهي اليه في تنقله وتحركه قال تعالى: {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (3).
وصار عبارة عن التنقل من حال الى حال أهـ (4).
«وسيصلون» من قوله تعالى: {إِنَّمََا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نََاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: فصرهن كسر الضم غث فتى ثما انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 438.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 80.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 102.
وحجة القراءات ص 145.
واتحاف فضلاء البشر ص 163.
(2) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 313
(3) سورة المائدة الآية 18
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صير» ص 290.
(5) سورة النساء الآية 10(1/466)
قرأ «ابن عامر، وشعبة» و «سيصلون» بضم الياء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أصلى» الثلاثي المزيد بالهمزة، والواو نائب فاعل، وهي المفعول الاول، وسعيرا مفعول ثان، ومنه قوله تعالى: {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نََاراً} (1).
وقرأ الباقون «وسيصلون» بفتح الياء، على أنه مضارع مبني للفاعل من «صلا» الثلاثي، والواو فاعل، وسعيرا مفعول به، ومنه قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهََا وَبِئْسَ الْقَرََارُ} (2).
قال «الراغب»: صلا: أصل الصلى لا يقاد النار، ويقال: صلى بالنار وبكذا أي بلى بها» أهـ (3).
«ويصلى» من قوله تعالى: {وَيَصْلى ََ سَعِيراً} (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، والكسائي» «ويصلى» بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام، مضارع «صلى» مضعف العين، مبنيا للمفعول، ونائب ضمير تقديره «هو» يعود على الذي أوتي كتابه وراء ظهره، المتقدم في قوله تعالى: {وَأَمََّا مَنْ أُوتِيَ كِتََابَهُ وَرََاءَ ظَهْرِهِ} (5).
و «سعيرا» مفعول ثان «ليصلى» لانه عدى الى مفعولين بسبب التضعيف، الاول نائب فاعل، والثاني «سعيرا».
وقرأ الباقون «ويصلى» بفتح الياء، وسكون الصاد، وتخفيف اللام،
__________
(1) سورة النساء الآية 56
(2) قال ابن الجزرى: يصلون ضم كم صبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 25 سورة إبراهيم الآية 29 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 151.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 285.
(4) سورة الانشقاق الآية 12
(5) رقم الآية 10(1/467)
مضارع «صلى» مخففا، مبنيا للفاعل، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «سعيرا» وفاعل «يصلى» ضمير يعود على الذي أوتى كتابه وراء ظهره (1).
«فيضاعفه» من قوله تعالى: {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ أَضْعََافاً كَثِيرَةً} (2).
ومن قوله تعالى: {فَيُضََاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (3).
«يضاعف» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ} (4).
«يضاعفه» من قوله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضََاعِفْهُ لَكُمْ} (5).
«يضاعفها» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضََاعِفْهََا} (6).
«يضاعف» وهو في أربعة مواضع نحو قوله تعالى: {يُضََاعَفُ لَهُمُ الْعَذََابُ} (7).
«ومضاعفة» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعََافاً مُضََاعَفَةً} (8).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم بحذف الالف التي بعد الضاد، وتشديد العين، على أنه مشتق من «ضعف» مشدد العين، للدلالة على التكثير.
__________
(1) قال ابن الجزرى: يصلى اضمم اشدد كم رنا أهل دما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 362 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 329.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 367.
(2) سورة البقرة الآية 245
(3) سورة الحديد الآية 11
(4) سورة البقرة الآية 261
(5) سورة التغابن الآية 17
(6) سورة النساء الآية 40
(7) سورة هود الآية 20
(8) سورة آل عمران الآية 130(1/468)
وقرأ الباقون باثبات الالف، وتخفيف العين، على أنه مشتق من «ضاعف» (1).
«يضل» من قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يضل» بضم الياء، وفتح الضاد، وهو مضارع مبني للمفعول من «أضل» الرباعي، على معنى أن كبراءهم يحملونهم على تأخير حرمة الشهر الحرام، فيضلونهم بذلك، و «الذين كفروا» نائب فاعل.
وقرأ «يعقوب» «يضل» بضم الياء، وكسر الضاد، على البناء للفاعل، وهو مضارع «أضل» أيضا، والفاعل ضمير على «الله تعالى» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللََّهِ اثْنََا عَشَرَ شَهْراً} (3).
و «الذين كفروا» مفعول.
وقرأ الباقون «يضل» بفتح الياء، وكسر الضاد، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي مبني للفاعل، و «الذين كفروا» فاعل، وأضيف الفعل الى الكفار، لانهم هم الضالون في أنفسهم بذلك تأخير، لانهم يحلون ما حرم الله (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وثقله وبابه ثوى كس دن انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 433.
(2) سورة التوبة الآية 37
(3) الآية 36
(4) قال ابن الجزرى:
يضل فتح الضاد صحب ... ضم يا صحب ظبى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 96 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 277.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 502 وحجة القراءات ص 318.(1/469)
«ليضلون» من قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوََائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (1).
«ليضلوا» من قوله تعالى: {رَبَّنََا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليضلون»، «ليضلوا» بضم الياء، على أنه مضارع من «أضل» الرباعي، والواو فاعل، والمفعول محذوف، والتقدير: ليضلوا غيرهم.
وقرأ الباقون الفعلين بفتح الياء، على أنهما مضارع من «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، والواو فاعل.
يقال: ضل فلان، وأضل غيره (3).
«ليضلوا» من قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلََّهِ أَنْدََاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} (4).
«ليضل» من قوله تعالى: {ثََانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} (5)
ومن قوله تعالى: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (6).
ومن قوله تعالى: {وَجَعَلَ لِلََّهِ أَنْدََاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} (7).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع
__________
(1) سورة الانعام الآية 119
(2) سورة يونس الآية 88
(3) قال ابن الجزرى: واضمم يضلوا مع يونس كفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 449.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 307223.
(4) سورة إبراهيم الآية 30
(5) سورة الحج الآية 9
(6) سورة لقمان الآية 6
(7) سورة الزمر الآية 8(1/470)
المذكورة بفتح الياء، على أنها مضارع «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، أي ليضلوا هم في أنفسهم.
وقرأ «رويس» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع ما عدا موضع «لقمان» بفتح الياء، وقد سبق توجيه ذلك.
أما موضع «لقمان» فقد قرأه بوجهين:
الاول: بفتح الياء، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي.
والثاني: بفتح الياء، على أنه مضارع «أضل» الرباعي، وهو متعد الى مفعول محذوف، أي ليضلوا غيرهم.
وقرأ الباقون «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع، بضم الياء وقد سبق توجيه ذلك (1).
«يطهرن» من قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسََاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلََا تَقْرَبُوهُنَّ حَتََّى يَطْهُرْنَ فَإِذََا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ} (2).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطهره» بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، على أنه مضارع «تطهر» أي اغتسل، والاصل يتطهرون، فأدغمت التاء في الطاء، لوجود التجانس بينهما، لانهما يخرجان من مخرج واحد وهو: طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
يضل فتح الضم كالحج الزمر حبر غنا ... لقمان حبر وأتى عكس رويس
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 135.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 358، ج 2ص 45، 134، 187 وشرح طيبة النشر ص 324.
(2) سورة البقرة الآية 222(1/471)
وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، على أنه مضارع «طهر» يقال: طهرت المرأة اذا شفيت من الحيض، واغتسلت (1).
المعنى: نهى الله تعالى الازواج عن مباشرة أزواجهم بالجماع أثناء الحيض لما فيه من الضرر الشديد والاذى، ويكون ذلك سببا لكثير من الامراض التي أثبتها الطب الحديث، كما بين أنه ينبغي على الزوج أن لا يجامع امرأته الا بعد انقطاع دم الحيض تماما واغتسالها، وهذا ما يستفاد من قوله تعالى: {فَإِذََا تَطَهَّرْنَ} أي اغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ}
أي من القبل فقط.
يقال: «طهرت المرأة» بضم الهاء «طهرا، وطهارة» ويقال أيضا: «طهرت» بفتح الهاء.
ويقال: «طهرته» بتشديد الهاء «فطهر» بضم الهاء «وتطهر» «واطهر» بتشديد الطاء، والهاء، فهو «طاهر، ومتطهر» والطهارة ضربان:
الاول: طهارة الجسم، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} (2).
والثاني: طهارة النفس، قال تعالى: {وَاللََّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (3).
وقال «الزبيدى»: «الطهر» بضم الطاء: نقيض النجاسة «كالطهارة» بالفتح.
«والطهر» أيضا: نقيض الحيض، والمرأة طاهرة من الحيض، وطاهرة من النجاسة.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 430.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 91.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 62 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 293.
واتحاف فضلاء البشر ص 157.
(2) سورة المائدة الآية 6
(3) سورة التوبة الآية 108.(1/472)
ويقال: «رجل طاهر، ورجال طاهرون، ونساء طاهرات».
وفي «المحكم»: «طهرت» بتثليث الهاء: انقطع دمها، ورأت الطهر، واغتسلت من الحيض وغيره.
وقال «ثعلب» ت 291هـ (1): «الفتح أرجح في «طهرت» أهـ (2)
«يظاهرون» من قوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم (3).
ومن قوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يظهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، والهاء وفتحها من غير ألف بعد الظاء، على أنه مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» بتشديد العين، والاصل «يتظهرون» على وزن «يتفعلون» ثم أدغمت التاء في الظاء، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الظاء» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات».
وقرأ «عاصم» «يظاهرون» في الموضعين، بضم الياء، وتخفيف الظاء، والهاء وكسرها، وألف بعد الظاء، على أنه مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل».
وقرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يظاهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، وألف بعدها، مع
__________
(1) هو: أحمد بن يحيى، المعروف بثعلب «أبو العباس» نحوي، لغوي، له عدة مصنفات، منها: المصون في النحو، واختلاف النحويين، ومعاني القرآن، ومعاني الشعر، وما ينصرف وما لا ينصرف، توفى ببغداد في جمادى الاول عام 291هـ:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 2ص 203.
(2) انظر تاج العروس مادة «طهر» ج 3ص 362.
(3) سورة المجادلة الآية 2
(4) سورة المجادلة الآية 3(1/473)
تخفيف الهاء وفتحها، على أنها مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» والاصل «يتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء (1).
«تظاهرون» من قوله تعالى: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «تظهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الهاء وتشديدها، وهو مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» وأصله «تتظهرون» فأدغمت التاء في الظاء، لقربها في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والظاء تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات».
وقرأ «ابن عامر» «تظاهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، والف بعدها، وفتح الهاء وتخفيفها، وهو مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» وأصله «تتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء.
وقرأ «عاصم» «تظاهرون» بضم التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وكسر الهاء مخففة، وهو مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل».
وقرأ الباقون «تظاهرون» بفتح التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وفتح الهاء مخففة، وهو مضارع «تظاهر» وأصله «تتظاهرون» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وامدد وخف ها يظهروا كنز ثدى ... وضم واكسر خفف الظا قل معا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 328.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 278.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 313.
(2) سورة الاحزاب الآية 4
(3) قال ابن الجزرى: تظاهرون الضم والكسر نوى ... وخفف الها كنز والظاء واقصر سما(1/474)
«معاجزين» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيََاتِنََا مُعََاجِزِينَ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيََاتِنََا مُعََاجِزِينَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيََاتِنََا مُعََاجِزِينَ} (3).
«قرأ ابن كثير، وأبو عمرو» «معجزين» بحذف الالف التي بعد العين، وتشديد الجيم، على أنه اسم فاعل من «عجزه» اذا ثبطه، والمعنى: مثبطين المؤمنين عن الدخول في الاسلام.
وقرأ الباقون «معاجزين» باثبات الالف، وتخفيف الجيم، على أنه اسم فاعل من «عاجزه» اذا سابقه فسبقه، وأصله يستعمل في مسابقة الخيل، لان كل واحد من المتسابقين يحاول سبق غيره، واظهار عجزه عن اللحاق به، ثم استعمل في المتخاصمين لان كل واحد يحاول اعجاز الآخر، وابطال حجته.
والمعنى: والذين سعوا في آياتنا معاجزين، أي محاولين ابطال ما نطقت به الآيات من الحجج والبراهين على ثبوت نبوة «محمد» صلى الله عليه وسلم، أولئك أصحاب الجحيم (4).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 248.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 141.
(1) سورة الحج الآية 51
(2) سورة سبأ الآية 5
(3) سورة سبأ الآية 38
(4) قال ابن الجزرى:
واقصر ثم شد معاجزين الكل حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 201.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 122.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 52.(1/475)
«المعذرون» من قوله تعالى: {وَجََاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرََابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} (1).
قرأ «يعقوب» «المعذرون» بسكون العين، وكسر الذال مخففة، على أنه اسم فاعل من «أعذر» الرباعي.
وقرأ الباقون «المعذرون» بفتح العين، وكسر الذال مشددة، وهذه القراءة توجيهها يحتمل أمرين:
الاول: أن يكون اسم فاعل من «عذر» مضعف العين.
والثاني: أن يكون اسم فاعل من «اعتذر» فأدغمت التاء في الذال لوجود التقارب بينهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (2).
«يعرشون» من قول الله تعالى: {وَدَمَّرْنََا مََا كََانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمََا كََانُوا يَعْرِشُونَ} (3).
وقوله تعالى: {وَأَوْحى ََ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمََّا يَعْرِشُونَ} (4).
__________
(1) سورة التوبة الآية 90
(2) قال ابن الجزرى: وظله المعذرون الخف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 91 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 283 وشرح طيبة النشر ص 308.
(3) سورة الاعراف الآية 137
(4) سورة النحل الآية 68(1/476)
قرأ «شعبة، وابن عامر» «يعرشون» في الموضعين بضم الراء، نحو «نصر ينصر» (1).
وقرأ الباقون «يعرشون» بكسر الراء، نحو: «ضرب يضرب» (2).
وهما لغتان، يقال: «عرش يعرش» بكسر العين وضمها بمعنى «بنى».
ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى أصل الاشتقاق، حيث ان القراءة الاولى من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع نحو: «نصر ينصر» والقراءة الثانية من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع نحو: «ضرب يضرب».
«العرش» في الاصل: شيء مسقف، وجمعه «عروش» قال تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ََ مََا أَنْفَقَ فِيهََا وَهِيَ خََاوِيَةٌ عَلى ََ عُرُوشِهََا} (3).
ومنه قيل: عرشت الكرم، وعرشته: اذا جعلت له كهيئة سقف.
ومنه قوله تعالى: {وَدَمَّرْنََا مََا كََانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمََا كََانُوا يَعْرِشُونَ} (4).
قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ: «يبنون» أهـ (5).
وجاء في المصباح: «العرش»: السرير، و «عرش» البيت: سقفه، و «العرش» أيضا: شبه بيت من جريد يجعل فوقه «الثمام» (6) والجمع «عروش»
__________
(1) قال ابن الجزرى: يعرشوا معا بضم الكسر صاف كمشوا
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 79.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 250.
(3) سورة الكهف الآية 42.
(4) سورة الاعراف الآية 137
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 329.
(6) الثمام: كغراب: نبت واحدته «ثمامة» وبيت مثموم مغطى به أهـ انظر: القاموس ج 4ص 87.(1/477)
مثل: «فلس، وفلوس» والعريش» مثله، وجمعه «عرش» بضمتين، نحو «بريد، وبرد».
وكان «ابن عمر» رضي الله عنه يقطع التلبية اذا رأى «عروش مكة» يعني «البيوت».
«وعريش» الكرم: ما يعمل مرتفعا يمتد عليه الكرم، والجمع «عرائش».
و «عرشته» بالتثقيل: «عملت له عريشا».
و «العريشة» بالهاء: «الهودج» والجمع «عرائش» أيضا أهـ (1).
«فعززنا» من قوله تعالى: {فَعَزَّزْنََا بِثََالِثٍ فَقََالُوا إِنََّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} (2).
قرأ «شعبة» «فعززنا» بتخفيف الزاي الاولى، من «عز» بمعنى: غلب، ومنه قوله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطََابِ} أي غلبني في الخطاب.
وهو متعد، ومفعوله محذوف، وهو المرسل اليهم، تقديره: فعززناهم بثالث، أي فغلبنا أهل القرية بثالث.
وقرأ الباقون «فعززنا» بتشديد الزاي، من «عزز» بمعنى: القوة، أي فقويناهم بثالث، والمفعول أيضا محذوف، يعود على الرسولين، أي فقوينا المرسلين برسول ثالث (3).
المعنى: كان أهل «أنطاكية» (4) أيام نبي الله «عيسى» عليه السلام يعبدون
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2ص 402
(2) سورة يس الآية 14
(3) قال ابن الجزرى: عززنا الخف صف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 262.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 163
(4) أنطاكية: مدينة عظيمة في الشمال الشرقي من البحر الابيض المتوسط فتحها الصحابي الجليل «أبو عبيدة بن الجراح» في خلافة «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، وكانت تابعة للروم وهي الآن تابعة لتركيا.(1/478)
الاصنام ممن دون الله، فأرسل اليهم «عيسى» اثنين من الحواريين يبلغانهم شريعته، فطلب الرسولان من أهل أنطاكية عبادة الله، وترك عبادة الاصنام، فكذبوهما، فقواهما الله وشد أزرهما برسول ثالث، وهو «شمعون» رئيس الحواريين، فقالوا لهم انا اليكم مرسلون من قبل الله الواحد القهار.
«تعلمون» من قوله تعالى: {وَلََكِنْ كُونُوا رَبََّانِيِّينَ بِمََا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتََابَ} (1).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعلمون» بضم التاء، وفتح العين، وكسر اللام مشددة، على أنه مضارع «علم» مضعف العين، فينصب مفعولين أولهما محذوف تقديره: «الناس» وثانيهما «الكتاب».
وقرأ الباقون «تعلمون» بفتح التاء، واسكان العين، وفتح اللام مخففة، على أنه مضارع «علم» نحو «فهم» مخفف العين، وهو ينصب مفعولا واحدا، وهو «الكتاب» (2).
«يغشي» من قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} (3).
ومن قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهََارَ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (4).
__________
(1) سورة آل عمران الآية 79
(2) قال ابن الجزرى:
تعلمون ضم حرم واكسر وشد كنز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 9 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 351.
(3) سورة الاعراف الآية 54
(4) سورة الرعد الآية 3(1/479)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يغشي» بفتح الغين، وتشديد الشين، على أنه مضارع «غشى» مضعف العين.
وقرأ الباقون «يغشي» باسكان الغين وتخفيف الشين، على أنه مضارع «أغشى» المزيد بالهمزة (1).
«والغشاء»: «الغطاء» وزنا ومعنى، وهو مشتق من «غشيت الشيء» بالتثقيل، اذا غطيته.
«والغشاوة» بالكسر: «الغطاء» أيضا «وغشى» الليل، من باب «تعب» و «أغشى» بالالف: أظلم (2).
«فتحنا» من قوله تعالى: {فَلَمََّا نَسُوا مََا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ أَبْوََابَ كُلِّ شَيْءٍ} (3).
ومن قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى ََ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بَرَكََاتٍ مِنَ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ} (4).
ومن قوله تعالى: {فَفَتَحْنََا أَبْوََابَ السَّمََاءِ بِمََاءٍ مُنْهَمِرٍ} (5).
قرأ «ابن عامر وابن وردان» «فتحنا» في السور الثلاث بتشديد التاء، نحو «كرم» مضعف الثلاثي.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
يغشى معا ... شد ظما صحبة
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 75.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 464.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 240.
(2) انظر: المصباح المنير ج 1ص 448.
(3) سورة الانعام الآية 44
(4) سورة الاعراف الآية 66
(5) سورة القمر الآية 11(1/480)
وقرأ «ابن جماز» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتشديد والتخفيف في موضعي: «الانعام، والاعراف».
وقرأ «روح» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتخفيف في موضعي «الانعام، والاعراف».
وقرأ «رويس» بالتشديد، والتخفيف في السور الثلاث وقرأ الباقون بالتخفيف في السور الثلاث (1).
والتخفيف، والتشديد لغتان، الا أن التشديد للدلالة على التكثير.
تنبيه: اتفق القراء العشر على القراءة بالتخفيف في لفظ «فتحنا» في غير المواضع المتقدمة، وقد وقع ذلك في قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بََاباً مِنَ السَّمََاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} (2).
وفي قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ بََاباً ذََا عَذََابٍ شَدِيدٍ إِذََا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} (3).
وفي قوله تعالى: {إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} (4).
وذلك لوقوع المفرد بعدها، والتشديد يقتضي التكثير.
ولأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
فتحنا اشد كلف خذه كالاعراف وخلفا ذق غدا ... واقتربت كم ثق غلا الخلف شدا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 50.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 432.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 207، 546، ج 2ص 265.
(2) سورة الحجر الآية 14
(3) سورة المؤمنون الآية 77
(4) سورة الفتح الآية 1(1/481)
«الفتح» ازالة الاغلاق، والاشكال.
وذلك ضربان.
أحدهما: يدرك بالبصر، كفتح الباب، ونحوه، وكفتح القفل (1).
قال تعالى: {وَلَمََّا فَتَحُوا مَتََاعَهُمْ وَجَدُوا بِضََاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ} (2).
والثاني: يدرك بالبصيرة، كفتح الهم، وهو ازالة الغم.
وذلك ضروب:
الاول: في الامور الدنيوية كغم يفرج، وفقر يزال باعطاء المال ونحوه، قال تعالى: {فَلَمََّا نَسُوا مََا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنََا عَلَيْهِمْ أَبْوََابَ كُلِّ شَيْءٍ} (3).
والثاني: فتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلا فتح من العلم بابا مغلقا (4).
«لا تفتح» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِنََا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهََا لََا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوََابُ السَّمََاءِ} (5).
قرأ «أبو عمرو» «لا تفتح» بتاء التأنيث، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثي مبني للمجهول «وأبواب» نائب فاعل. وأنث الفعل لتأنيث نائب الفاعل.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يفتح» بياء التذكير، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثى مبني
__________
(1) القفل: بضم القاف، وسكون الفاء.
(2) سورة يوسف الآية 65
(3) سورة الانعام الآية 44.
(4) انظر: المفردات مادة «فتح» ص 370.
(5) سورة الاعراف الآية 40(1/482)
للمجهول، «وأبواب» نائب فاعل، وذكر الفعل لا تأنيث «أبواب» غير حقيقي، وللفصل بين الفعل ونائب الفاعل بالجار والمجرور.
وقرأ الباقون «لا تفتح» بتاء التأنيث، وفتح الفاء، وتشديد التاء، على أنه مضارع «فتح» مضعف عين الكلمة، على معنى التكرير، والتكثير مرة بعد مرة (1).
«فتحت» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا جََاؤُهََا فُتِحَتْ أَبْوََابُهََا} (2).
ومن قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا جََاؤُهََا وَفُتِحَتْ أَبْوََابُهََا} (3).
ومن قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمََاءُ فَكََانَتْ أَبْوََاباً} (4).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فتحت» في المواضع الثلاث، بتخفيف التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» الثلاثي، و «أبوابها» و «السماء» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «فتحت» بتشديد التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» مضعف العين، والتشديد فيه معنى التكثير، والتكرير (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يفتح في روى وحز شفا يخف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 73.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 462.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 238.
(2) سورة الزمر الآية 71
(3) سورة الزمر الآية 73
(4) سورة النبأ الآية 19
(5) قال ابن الجزرى: وفيها والنبأ فتحت الخف كفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 282 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 193 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 241.(1/483)
«تفجر» من قوله تعالى: {وَقََالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتََّى تَفْجُرَ لَنََا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «تفجر» بفتح التاء، وسكون الفاء، وضم الجيم مخففة، على أنه مضارع «فجر» الثلاثي.
وقرأ الباقون «تفجر» بضم التاء، وفتح الفاء، وكسر الجيم مشددة، على أنه مضارع «فجر» مضعف العين، وذلك أنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام كثرة «التفجير» فشددت العين ليدل التشديد على طلب تكرير الفعل (2).
تنبيه: «فتفجر» من قوله تعالى: {فَتُفَجِّرَ الْأَنْهََارَ خِلََالَهََا تَفْجِيراً} (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالتشديد، من أجل قوله تعالى، «تفجيرا».
«تفادوهم» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ تُفََادُوهُمْ} (4).
قرأ «نافع، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» تفادوهم» بضم التاء، وفتح الفاء، وألف بعدها، من «فادى» وهذه القراءة تحتمل أحد معنيين:
الاول: أن تكون المفاعلة على بابها، اذ الاصل فيها أن تكون بين فريقين
__________
(1) سورة الاسراء الآية 90.
(2) قال ابن الجزرى: تفخر الاولى كتقتل ظبا كفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 156 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 50.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 390.
(3) الآية 91
(4) سورة البقرة الآية 85(1/484)
يدفع كل فريق من عنده من الاسرى للفريق الآخر، سواء كان العدد مماثلا، أو غير مماثل حسب الاتفاق الذي يتم بين الفريقين.
والثاني: أن تكون المفاعلة ليست على بابها مثل قول «ابن عباس» رضي الله عنه: «فاديت نفس» وحينئذ تتحد هذه القراءة في المعنى مع القراءة الآتية.
وقرأ الباقون «تفدوهم» بفتح التاء، واسكان الفاء، وحذف الالف بعدها، من «فدى» فالفعل من جانب واحد، اذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره (1).
«الفدى، والفداء»: حفظ الانسان عن النائبة بما يبذله عنه، قال تعالى:
{فَإِمََّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمََّا فِدََاءً} (2).
ويقال: «فديته بمال»، وفديته بنفسي»، «فاديته بكذا»، قال تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ تُفََادُوهُمْ} (3).
ويقال: «تفادى فلان من فلان»: أي تحامى من شيء بذله.
ويقال: «افتدى» اذا بذل عن نفسه، قال تعالى: {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (4).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 411.
والمهذب في القراءات العشر ج 1.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 27 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 252.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
وحجة القراءات ص 105.
والتيسير في القراءات السبع ص 74.
قال ابن الجزرى: تفدوا تفادوا رد ظلل نال مدا
(2) سورة «محمد» الآية 4.
(3) سورة البقرة الآية 85.
(4) سورة البقرة الآية 229.(1/485)
«والمفاداة»: هو أن يرد «أسرى» العدو، ويسترجع منهم من في أيديهم (1).
ويقال: «فداه بنفسه» «يفديه فداء» ككساء، «وفدى» بالكسر مقصور، ويفتح.
وقال «الفراء» ت 207هـ: (2).
«اذ فتحوا الفاء قصروا فقالوا «فدى لك، واذا كسروا الفاء مدوا، قال «متمم بن نويرة»:
فداء لممساك ابن أمي وخالتي ... وأمي وما فوق الشراكين من نعلي
وربما كسروا الفاء وقصروا فقالوا: «هم فدى لك» أهـ (3).
وقال «علي بن سليمان الاخفش الصغير» ت 315هـ: (4).
«لا يقصر «الفداء» بكسر الفاء الا للضرورة، وانما المقصود هو المفتوح الفاء» أهـ (5).
«مفرطون» من قوله تعالى: {لََا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النََّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} (6).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «فدى» ص 374.
(2) هو يحيى بن زيدان بن عبد الله بن منظور، المعروف بالفراء الديلمي «أبو زكريا» أديب، نحوي، لغوي، ولد بالكوفة، وانتقل الى بغداد، وصاحب «الكسائي» وأدب ابن «المأمون» له عدة مصنفات توفي في طريق مكة عام 207هـ:
انظر: معجم المؤلفين ج 13ص 198.
(3) انظر: تاج العروس مادة «فدى» ج 10ص 277.
(4) هو: علي بن سليمان بن الفضل، الاخفش الصغير، البغدادي، «أبو الحسن» نحوي، اخباري، لغوي، سمع «المبرد، وثعلب» وغيرهما، له عدة مصنفات منها: التثنية والجمع، وشرح كتاب سيبويه، وتفسير معاني القرآن، توفي ببغداد، وقد قارب الثمانين عام 315هـ:
انظر: معجم المؤلفين ج 7ص 104.
(5) انظر: تاج العروس مادة «فدى» ج 10ص 277.
(6) سورة النحل الآية 62.(1/486)
قرأ «نافع» «مفرطون» بكسر الراء مخففة، على أنها اسم فاعل من «أفرط» اذا جاوز الحد، يقال: كانوا مفرطين على أنفسهم في الذنوب.
وقال «مكي بن أبي طالب» ت 437:
«مفرطون» بكسر الراء، اسم فاعل من «أفرط» اذا أعجل، فمعناه: وأنهم معجلون الى النار، أي: سابقون اليها.
وقيل معناه: وأنهم ذوو إفراط الى النار أي: ذوو عجل اليها.
حكى «أبو زيد الانصارى» ت 215هـ:
فرط الرجل أصحابه يفرطهم: اذا سبقهم، والفارط: المتقدم الى الماء وغيره» أهـ (1).
وقرأ «أبو جعفر» «مفرطون» بكسر الراء مشددة، على أنها اسم فاعل من «فرط» مضعف العين، بمعنى: قصرت، وضيعت، ومنه قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ} (2).
وقرأ الباقون «مفرطون» بفتح الراء مخففة، اسم مفعول من «أفرط» الرباعي.
قال «الفراء»، يحيى بن زياد أبو زكريا ت 207هـ:
معناه: منسيون في النار.
وقيل: منسيون، مضيعون، متركون، قال:
والعرب تقول: أفرطت منهم ناسا، أي: خلقتهم ونسيتهم» أهـ (3).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 38.
(2) سورة الزمر الآية 56
(3) انظر: لسان العرب مادة «فرط» ج 7ص 370.
قال ابن الجزرى: ورا مفرطون اكسر مدا واشدد ثرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 145.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 371. وشرح طيبة النشر ص 328.(1/487)
«يتفطرن» من قوله تعالى: {تَكََادُ السَّمََاوََاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} (1).
ومن قوله تعالى: {تَكََادُ السَّمََاوََاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وحفص، والكسائي، وأبو جعفر» «يتفطرن» في الموضعين، بتاء فوقية مفتوحة بعد الياء مع فتح الطاء وتشديدها، على أنه مضارع «تفطر» بمعنى تشقق، مطاوع «فطره» بالتشديد: اذا شقه مرة بعد أخرى.
وقرأ «أبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «ينفطرن» في الموضعين، بنون ساكنة بعد الياء مع كسر الطاء مخففة، على أنه مضارع «انفطر» بمعنى انشق، مطاوع «فطره» بالتخفيف اذا شقه.
وقرأ «ابن عامر، وحمزة، وخلف العاشر» موضع «مريم» «ينفطرن» مثل قراءة «أبي عمرو، ومن معه» وموضع «الشورى» «يتفطرون» مثل قراءة نافع، ومن معه (3).
«يفقهون» من قوله تعالى: {وَجَدَ مِنْ دُونِهِمََا قَوْماً لََا يَكََادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يفقهون» على أن الفعل رباعي من «أفقه» غيره، أي: أفهمه ما يقوله، وهو متعد لمفعولين:
__________
(1) سورة مريم الآية 90
(2) سورة الشورى الآية 5
(3) قال ابن الجزرى:
وينفطرن يتفطرن علم حرم رقا ... الشورى شفا عن دون عم
النشر في القراءات العشر ج 3ص 178.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 93.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 12.
(4) سورة الكهف الآية 93(1/488)
المفعول الثاني: قولا، والمفعول الاول محذوف، تقديره «أحدا» والمعنى:
لا يكادون يفهمون السامع كلامهم.
وقرأ الباقون «يفقهون» بفتح الياء، والقاف، على أن الفعل ثلاثي من «فقه» وهو يتعدى لمفعول واحد، وهو «قولا» والمعنى: لا يكادون يفهمون كلام غيرهم لجهلهم بلسان من يخاطبهم، وقلة فطنتهم (1).
«ولم يقتروا» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «يقتروا» بضم الياء، وكسر التاء، مضارع «أقتر» الرباعي، مثل: «أكرم يكرم» قال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} (3).
والمقتر اسم فاعل من «أقتر» وقرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بفتح الياء وضم التاء، مضارع «قتر» الثلاثي، مثل: «قتل يقتل».
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» بفتح الياء، وكسر التاء، مضارع «قتر» أيضا، مثل: «ضرب يضرب» (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يفقهوا ضم اكسرا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 170.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 76.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 410.
(2) سورة الفرقان الآية 67
(3) سورة البقرة الآية 236
(4) قال ابن الجزرى:
وعم ضم يقتروا والكسر ضم كوف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 220.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 87.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 147.(1/489)
«تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» من قوله تعالى: {وَلََا تُقََاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ حَتََّى يُقََاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قََاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذََلِكَ جَزََاءُ الْكََافِرِينَ} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» ولا تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» بفتح تاء الفعل الاول، وياء الثاني، واسكان القاف فيهما، وضم التاء بعدها، وحذف الالف التي بعد القاف في الكلمات الثلاث، من «القتل».
وقرأ الباقون باثبات الالف في الكلمات الثلاث مع ضم تاء الفعل الاول وياء الثاني، وفتح القاف فيهما مع كسر تاءيهما، من «القتال» (2).
«ويقتلون» من قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النََّاسِ} (3).
قرأ «حمزة» «ويقتلون» الذي بعده: «الذين يأمرون بالقسط» الخ.
وقرأ «ويقاتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وألف بعدها، وكسر التاء من «قاتل» والمفاعلة من الجانبين، لانه وقع قتال بين الطرفين: الكفار، والذين يأمرون بالقسط من الناس.
وقرأ الباقون «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف، على أنه مضارع من «قتل» (4).
__________
(1) سورة البقرة الآية 191
(2) قال ابن الجزرى: لا تقتلوهم ومعا بعد شفا فاقصر انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 428.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 53 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 285.
(3) سورة آل عمران الآية 21
(4) قال ابن الجزرى: يقاتلون الثان فز في يقتلوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 5.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 338.(1/490)
وذلك عطفا على قوله تعالى أول الآية: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ}. فقد أخبر الله عن الكفار بقتلهم للأنبياء بغير حق فقتل من دونهم أسهل عليهم، ومن تجرأ على قتل «نبي» فهو على قتل من هو دون النبي من المؤمنين أجرأ، فحمل آخر الكلام على أوله في الاخبار عن الكفار بالقتل.
تنبيه: «ويقتلون» من قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف على أنه مضارع من «قتل» ولم يرد فيه الخلاف الذي في «ويقتلون الذين يأمرون بالقسط» لان القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي والتوقيف.
قال «الزبيدي» «قتله قتلا، وتقتالا، نقلهما الجوهري وقال «سيبويه»: «والتقتال: القتل، وهو بناء موضوع للتكثير» أماته بضرب، أو حجر، أو سم، فهو قاتل، وذلك مقتولا» أهـ (2).
«قتلوا» من قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً} (3).
ومن قوله تعالى: {فَالَّذِينَ هََاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقََاتَلُوا وَقُتِلُوا} (4).
ومن قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلََادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (5).
__________
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 117.
وحجة القراءات ص 158.
والحجة في القراءات السبع ص 107.
(1) سورة آل عمران الآية 21
(2) انظر: تاج العروس شرح القاموس مادة «قتل» ج 8ص 75.
(3) سورة آل عمران الآية 169
(4) سورة آل عمران الآية 195
(5) سورة الانعام الآية 140(1/491)
ومن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هََاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مََاتُوا} (1).
قرأ «ابن عامر» «قتلوا» في المواضع الاربع بتشديد التاء، على أن الفعل مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل.
وقرأ «ابن كثير» بتشديد التاء في الموضع الاخير من آل عمران رقم / 195 وكذا موضع الانعام رقم / 140.
أما موضع آل عمران رقم / 169، وكذا موضع الحج رقم / 58.
فقد قرأهما بتخفيف التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ الباقون بتخفيف التاء في المواضع الاربع (2).
تنبيه: «قتلوا» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تخفيف التاء.
«وقتلوا» من قوله تعالى: {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} (4).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تشديد التاء.
وهذا ان دل على شيء فانما يدل على أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
__________
(1) سورة الحج الآية 58
(2) قال ابن الجزرى:
ما قتلوا شد ندى خلف وبعد كفلوا ... كالحج والآخر والانعام دم كم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 16 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 142 واتحاف فضلاء البشر ص 181.
(3) سورة محمد الآية 4
(4) سورة الاحزاب الآية 61(1/492)
«ما قتلوا» من قوله تعالى: {الَّذِينَ قََالُوا لِإِخْوََانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطََاعُونََا مََا قُتِلُوا} (1).
قرأ «هشام» بخلف عنه «ما قتلوا» بتشديد التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل.
وقرأ الباقون «ما قتلوا» بتخفيف التاء، وهو الوجه الثاني لهشام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» والواو نائب فاعل (2).
تنبيه: «وما قتلوا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا لِإِخْوََانِهِمْ إِذََا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كََانُوا غُزًّى لَوْ كََانُوا عِنْدَنََا مََا مََاتُوا وَمََا قُتِلُوا} (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بتخفيف التاء مع البناء للمجهول.
وذلك اما لمناسبة «ما ماتوا» أو لان القتل في هذا الموضع ليس مختصا بسبيل الله بدليل «اذا ضربوا في الارض» لان المقصود به السفر في التجارة وقد روي عن «ابن عامر» أنه قال:
«ما كان من القتل في سبيل الله فهو بالتشديد» أي يجوز فيه التشديد.
«سنقتل» من قوله تعالى: {قََالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنََاءَهُمْ} (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «سنقتل» بفتح النون واسكان القاف، وضم التاء مخففة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو: «نصر ينصر» وذلك على أصل الفعل الذي يدل على القلة، والكثرة.
__________
(1) سورة آل عمران الآية 168
(2) قال ابن الجزرى: ما قتلوا شد لدى خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 16.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 142 واتحاف فضلاء البشر ص 181
(3) سورة آل عمران الآية 156
(4) سورة الاعراف الآية 127(1/493)
وقرأ الباقون «سنقتل» بضم النون، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين، الذي يدل على معنى التكثير مرة بعد مرة (1).
«يقتلون» من قوله تعالى: {يُقَتِّلُونَ أَبْنََاءَكُمْ} (2).
قرأ «نافع» «يقتلون» بفتح الياء، وسكون القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو: «نصر ينصر» على الاصل، فهو يدل على القلة، والكثرة.
وقرأ الباقون «يقتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين للمبالغة، اذ فيه معنى التكثير، قتل بعد قتل (3).
يقال: «قتلته قتلا»: أزهقت روحه، فهو «قتيل» والمرأة «قتيل» أيضا، اذا كان وصفا، فاذا حذف الموصوف جعل اسما ودخلت الهاء، نحو: رأيت «قتيلة» بني فلان، والجمع فيهما «قتلى».
والقتلة: بكسر القاف: الهيئة، يقال: قتله قتلة سوء والقتلة بفتح القاف:
المرة.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
سنقتل اضمما ... واشدده واكسر ضمه كنز حما
النشر في القراءات العشر ج 3ص 79.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 474.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 250.
(2) سورة الاعراف الآية 141
(3) قال ابن الجزرى:
سنقتل اضمما ... واشدده واكسر ضمه كنز حما ... ويقتلون عكسه انقل
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 80 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 474.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 251.(1/494)
ويقال قاتله مقاتلة، وقتالا، فهو «مقاتل» بالكسر اسم فاعل، والجمع «مقاتلون» و «مقاتلة» وبالفتح اسم مفعول.
و «المقاتلة» الذين يأخذون في القتال بفتح التاء، وكسرها لان الفعل واقع من كل واحد وعليه، فهو فاعل ومفعول في حالة واحدة.
وعبارة «سيبويه» في هذا الباب:
«باب الفاعلين والمفعولين اللذين يفعل كل واحد بصاحبه ما يفعله صاحبه به» (1).
وأما الذين يصلحون للقتال ولم يشرعوا في القتال فبالكسر لا غير، لان الفعل لم يقع عليهم، فلم يكونوا مفعولين، فلم يجز الفتح.
والمقتل: بفتح الميم، والتاء: الموضع الذي اذا أصيب لا يكاد صاحبه يسلم «كالصدغ» بضم الصاد، وسكون الدال (2).
«فقدرنا» من قوله تعالى: {فَقَدَرْنََا فَنِعْمَ الْقََادِرُونَ} (3).
قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر» «فقدرنا» بتشديد الدال، فعل ماض، من «التقدير»، كأنه مرة بعد مرة.
وقد أجمعوا على التشديد في قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} (4).
وقرأ الباقون «فقدرنا» بتخفيف الدال، فعل ماض من «القدرة» (5).
__________
(1) انظر: كتاب سيبويه ج 1ص 37.
تنبيه: من الصيغ التي يجوز فيها الوجهان: فتح عين الكلمة وكسرها: «المكاتب، والمهادن» وهو كثير.
(2) انظر: المصباح المنير ج 2ص 490.
(3) سورة المرسلات الآية 23
(4) سورة عبس الآية 19
(5) قال ابن الجزرى: ثقل قدرنا دم مدا انظر: في القراءات العشر ج 3ص 355.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 317.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 358.(1/495)
وقال الكسائي، والفراء»: «هما لغتان بمعنى، تقول قدرت كذا، وقدرته» أهـ (1).
«قدر» من قوله تعالى: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ََ} (2).
قرأ «الكسائي» «قدر» بتخفيف الدال، على أنه فعل ماض من «القدرة» على ايجاد جميع المخلوقات من العدم، وعلى غير مثال سبق، الى غير ذلك مما يدل عليه لفظ «القدرة»، فهو الفعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل.
وقرأ الباقون «قدر» بتشديد الدال، على أنه فعل ماض من «التقدير».
والمعنى: قدر اجناس الاشياء، وأنواعها، وصفاتها، وأفعالها، وأقوالها، وآجالها، فهدى كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغي له، ويسره لما خلق له، والهمة الى أمور دينه ودنياه (3).
«لا تقدموا» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (4).
قرأ «يعقوب» «لا تقدموا» بفتح التاء، والدال، وذلك على حذف احدى التاءين، لان الاصل «تتقدموا» ومضارع «تقدم».
وقرأ الباقون بضم التاء، وكسر الدال، مضارع «قدم» مضعف العين ومعنى الآية: لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله، ولا تتعجلوا به (5).
__________
(1) انظر: تفسير الشوكاني ج 5ص 357.
(2) سورة الاعلى الآية 3
(3) قال ابن الجزرى: قدر الخف رفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 363 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 331.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 370.
وتفسير الشوكاني ج 5ص 423.
(4) سورة الحجرات الآية 1
(5) قال ابن الجزرى: تقدموا ضموا كسروا لا الحضرمي(1/496)
«وقرن» من قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (1).
قرأ «نافع، وعاصم، وأبو جعفر» «وقرن» بفتح القاف، على أنه فعل أمر من «قررن» بكسر الراء الاولى «يقررن» بفتحها، والامر منه «اقررن» حذفت منه الراء الثانية تخفيفا، ثم نقلت فتحة الراء الى القاف. ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بفتحة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعل» بحذف لام الكلمة.
وقرأ الباقون «وقرن» بكسر القاف، على أنه فعل أمر مشتق من القرار وهو السكون، يقال: «قر في المكان يقر» على وزن «فعل يفعل» مثل: «جلس يجلس» والامر منه «أقررن» بكسر الراء الاولى، وسكون الثانية، ثم حذفت الراء الثانية تخفيفا، ثم نقلت كسرة الراء الى القاف، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بكسرة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعن» بحذف لام الكلمة (2).
«وتقطعوا» من قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحََامَكُمْ} (3).
قرأ «يعقوب» «وتقطعوا» بفتح التاء، وسكون القاف، وفتح الطاء مخففة، مضارع «قطع» الثلاثي، من «القطع».
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 247.
(1) سورة الاحزاب الآية 33
(2) قال ابن الجزرى: وفتح قرن نل مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 251.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 146.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 197.
ومشكل اعراب القرآن ج 2ص 196.
(3) سورة محمد الآية 22(1/497)
يقال: قطعت الصديق «قطيعة»: هجرته، و «قطعته عن حقه»: منعته.
قرأ الباقون «وتقطعوا» بضم التاء، وفتح القاف، وكسر الطاء مشددة، مضارع «قطع» مضعف العين، من «التقطيع» والتضعيف للتكثير (1).
«تقول» من قوله تعالى: {أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (2).
قرأ «يعقوب» تقول» بفتح القاف، وتشديد الواو، مضارع «تقول» على وزن «تفعل» مضعف العين، والاصل «فتقول» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، وهو مشتق من «التقول» وهو «الكذب»، فيكون «كذبا» مفعولا به «لتقول» وقرأ الباقون «تقول» بضم القاف، واسكان الواو، مضارع «قال» من «القول» وعلى هذه القراءة يكون «كذبا» مصدرا مؤكدا «لتقول» لان الكذب نوع من القول، أو صفة لمصدر محذوف، أي قولا كذبا (3).
«مقاما» من قوله تعالى: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقََاماً} (4).
قرأ «ابن كثير» «مقاما» بضم الميم الاولى، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي خير اقامة، أو مكان اقامة.
وقرأ الباقون «مقاما» بفتح الميم، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «قام» الثلاثى، أي خير قياما أو مكان قيام (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: والحضرمي تقطعوا كتفعلوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 239.
(2) سورة الجن الآية 5
(3) قال ابن الجزرى: تقول فتح الضم والثقل ظمى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 344.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 308.
(4) سورة مريم الآية 73
(5) قال ابن الجزرى: مقاما اضمم هام زد(1/498)
المعنى: كان فقراء الصحابة في خشونة عيش، ورثاثة ملبس، وكان الكفار في سعة عيش، وفاخر ملبس، فقال كبيرهم وهو «النضر بن الحارث»: أي الفريقين له المنزل البهيج، والمسكن الانيق، والمجلس الحسن؟
أنحن أم أنتم يا أتباع «محمد»؟
إن الله لا شك يحبنا أكثر منكم، لأنه أكرمنا، وأنعم علينا بطيبات الحياة الدنيا، وزينتها، اذا فنحن عند الله خير منكم، فنزلت هذه الآية: {وَإِذََا تُتْلى ََ عَلَيْهِمْ آيََاتُنََا بَيِّنََاتٍ قََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقََاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}.
«لا مقام» من قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَتْ طََائِفَةٌ مِنْهُمْ يََا أَهْلَ يَثْرِبَ لََا مُقََامَ لَكُمْ} (1).
قرأ «حفص» «لا مقام» بضم الميم الاولى، على أنها اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي لا مكان اقامة لكم، أو مصدر من «أقام» الرباعي أيضا، والمعنى: لا اقامة لكم.
وقرأ الباقون «لا مقام» بفتح الميم، على أنها اسم مكان من «قام» أي لا مكان قيام لكم، أو مصدر من «قام» الثلاثي أيضا، والمعنى: لا قيام لكم (2).
المعنى: يقول الله تعالى: «اذكروا ايها المؤمنون ما حدث في غزوة
__________
النشر في القراءات العشر ج 3ص 178.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 91.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 11.
(1) سورة الاحزاب الآية 13
(2) قال ابن الجزرى: مقام ضم عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 249.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 142.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 195.(1/499)
الاحزاب: اذ قالت طائفة من المنافقين لاهل المدينة المقاتلين: يا أهل يثرب لا جدوى من اقامتكم بظاهر المدينة على الذل والهوان، معرضين أنفسكم للقتل والاسر على أيدي كفار مكة، فارجعوا الى منازلكم، فان ذلك أسلم لكم.
«مقام أمين» من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقََامٍ أَمِينٍ} (1).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «مقام» بضم الميم الاولى، على أنه اسم مكان من «أقام» أو مصدر ميمي على حذف مضاف والتقدير في موضع اقامة وقرأ الباقون «مقام» بفتح الميم على أنه اسم مكان من «قام» كأنه اسم للمجلس، كما قال تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} (2).
ووصفه بالامن يدل على أنه اسم مكان.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة الحرف الأول من هذه السورة، وهو قوله تعالى: {وَزُرُوعٍ وَمَقََامٍ كَرِيمٍ} (3).
بفتح الميم، لان المراد به المكان، ولذلك قيد الناظم موضع الخلاف بالثاني، فقال: دخان الثان عم (4).
«كبيرا» من قوله تعالى: {وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} (5).
__________
(1) سورة الدخان الآية 51.
(2) سورة القمر الآية 55.
(3) سورة رقم الآية 26.
(4) قال ابن الجزرى: مقام ضم عد مقام الثان عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 299.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 227.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 265.
(5) قال ابن الجزرى: كثيرا ثاه بالي الخلف نل انظر: النشر في القراءات العشر ج ص 253.
والمهذب في القراءات العشر ج ص 149.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 199.(1/500)
قرأ «عاصم، وهشام» بخلف عنه «كبيرا» بالباء الموحدة، من «الكبر» أي أشد اللعن، أو أعظمه، ولما كان «الكبر» مثل «العظم» في المعنى، وكان كل شيء كبيرا عظيما دل العظم على الكثرة، وعلى الكبر، من هذا يتبين ان القراءة بالباء تضمنت المعنيين جميعا: الكبر، والكثرة.
وقرأ الباقون «كثيرا» بالثاء المثلثة، من الكثرة، على معنى أنهم يلعنون مرة بعد مرة، بدلالة قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مََا أَنْزَلْنََا مِنَ الْبَيِّنََاتِ وَالْهُدى ََ مِنْ بَعْدِ مََا بَيَّنََّاهُ لِلنََّاسِ فِي الْكِتََابِ أُولََئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللََّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللََّاعِنُونَ} (1).
«يكذبون» من قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ بِمََا كََانُوا يَكْذِبُونَ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» يكذبون» بضم الياء، وفتح الكاف، وكسر الذال مشددة، على أنه مضارع «كذب» المضعف، من التكذيب لله، ورسوله، وقد عدى بالتضعيف، والمفعول محذوف تقديره «يكذبونه».
وقرأ الباقون «بفتح الياء، وسكون الكاف، وكسر الذال مخففة، على أنه مضارع «كذب» اللازم، وهو من الكذب الذي اتصفوا به كما أخبر الله عنهم (3).
__________
(1) سورة البقرة ص 159.
(2) سورة البقرة الآية 10.
(3) ابن الجزرى: اضمم شد يكذبونا كما سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 392.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 15.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 48.
واتحاف فضلاء البشر ص 129.(1/501)
قال «الزبيدي» (1) في مادة «كذب»: يقال «كذب، يكذب» من باب «ضرب يضرب» «كذبا» ككتف.
يقول «الزبيدي»: قال شيخنا: وهو غريب في المصادر، حتى قالوا: انه لم يأت مصدر على هذا الوزن الا ألفاظا قليلة حصرها «القزاز» في جامعه في أحد عشر حرفا لا تزيد عليها، فذكر «اللعب»، «والضحك» «والكذب» وغيره وأما الاسماء التي ليست بمصادر فتأتي على هذا الوزن كثيرة أهـ (2).
يقال: «كذب، كذابا» مثل: «كتب كتابا» قال «الكسائي»: أهل اليمن يجعلون المصدر من «فعل» مخفف العين «فعالا» أهـ وفي «الصحاح»: وقوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيََاتِنََا كِذََّاباً} (3).
هو أحد مصادر المشدد، لان مصدره قد يجيء على «تفعيل» كالتكليم، وعلى «فعال» بتشديد العين مثل «كذاب» وعلى «تفعلة» مثل «توصية» وعلى «مفعل» مثل: «ومزقناهم كل ممزق» أهـ (4).
«لا يكذبونك» من قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لََا يُكَذِّبُونَكَ} (5).
__________
(1) هو: محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني، الزبيدي، لغوي، نحوي، محدث، اصولي، اديب، ناظم، ناثر، مؤرخ، نسابة، مشارك في عدة علوم اصله من واسط في العراق، ومولده في بلجرام في الشمال الغربي من الهند، ومنشأة في زبيد باليمن، رحل الى الحجاز، واقام بمصر، فاشتهر فضله وكاتبه ملوك الحجاز، والهند، واليمن، والشام، والعراق، والمغرب الاقصى، والقرك، والسودان، والجزائر، وله عدة مصنفات.
توفي في مصر في شعبان عام 1205هـ الموافق 1791م.
انظر: معجم المؤلفين ج 11ص 282.
(2) انظر: تاج العروس ج 1ص 447.
(3) سورة النبأ / 28.
(4) انظر: تاج العروس ج 1ص 448.
(5) سورة الأنعام الآية 33.(1/502)
قرأ «نافع، والكسائي» «لا يكذبونك» بضم الياء، واسكان الكاف، وتخفيف الذال، على أنه مضارع «أكذب» على وزن «أفعل» على معنى: لا يجدونك كاذبا لانهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب «أحمدت الرجل» وجدته محمودا.
حكى «الكسائي» عن العرب «أكذبت الرجل» اذا أخبرت أنه جاء بكذب.
وحكى «قطرب»: «أكذبت الرجل» دللت على كذبه.
وقيل معنى ذلك: أنهم لا يجعلونك كذابا اذ لم يجربوا عليك ذلك.
وقرأ الباقون «لا يكذبونك» بضم الياء، وفتح الكاف، وتشديد الذال، على أنه مضارع «كذب» مضعف الثلاثي، على معنى: أنهم لا ينسبونك الى الكذب، كما يقال: «فسقته وخطأته» أي نسبته الى الفسق والى الكذب.
اذ فيكون المعنى: أنهم لا يقدرون أن ينسبوك الى الكذب فيما جئت به (1).
«ولا كذابا» من قوله تعالى: {لََا يَسْمَعُونَ فِيهََا لَغْواً وَلََا كِذََّاباً} (2).
قرأ «الكسائي» «ولا كذابا» بتخفيف الذال، على وزن «فعال» مثل «كتاب» على أنه مصدر «كذب كذابا» مخفف العين، نحو: «كتب كتابا».
وقرأ الباقون «ولا كذابا» بتشديد الذال، على وزن «فعال» على أنه مصدر «كذب كذابا» مضعف العين (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وخف يكذب اقل دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 50.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 430.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 205.
(2) سورة النبأ الآية 35.
(3) قال ابن الجزرى: خف لا كذاب دم. انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 356.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 320.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 359.(1/503)
تنبيه:
«ولا كذابا» الذي فيه الخلاف هو الموضع الثاني في هذه السورة وهو المسبوق «بلا».
أما الموضع الاول غير المسبوق بلا، وهو قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيََاتِنََا كِذََّاباً} (1).
فقد اتفق القراء على قراءته بتشديد الذال لوجود فعله معه.
«وكفلها» من قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهََا رَبُّهََا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهََا نَبََاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكفلها» بتشديد الفاء، على أنه فعل ماض من «كفل» مضعف الفاء، وفاعل «كفل» ضمير يعود على «ربها» والهاء مفعول ثان مقدم، و «زكريا» مفعول أول مؤخر، والتقدير: جعل الله زكريا عليه السلام كافلا مريم، أي ضامنا مصالحها.
وقرأ الباقون «وكفلها» بتخفيف الفاء، والفاعل «زكريا» عليه السلام، والهاء مفعول به، أي كفل زكريا يا مريم (3).
قال «الراغب»: في مادة «كفل» الكفالة الضمان، تقول تكفلت بكذا وكفلته فلانا، وقرئ «وكفلها زكريا» بتشديد الفاء، أي كفلها الله تعالى، ومن خفف أي الفاء جعل الفعل زكريا، والمعنى تضمنها» أهـ (4).
__________
(1) سورة النبأ الآية 28.
(2) سورة آل عمران الآية 37.
(3) قال ابن الجزرى: كفلها الثقل كفى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 6.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 341.
وحجة القراءات ص 161.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 436.(1/504)
وقال «الزبيدي» في مادة «كفل»: «والكافل»: العائل، يكفل انسانا، أي يعوله، ومنه قوله تعالى: {وَكَفَّلَهََا زَكَرِيََّا} بتخفيف الفاء وهي قراءة غير الكوفيين، والمعنى: ضمن القيام بأمرها، و «كفله» بتشديد الفاء تكفيلا، وبه قرأ «الكوفيون» الآية، أي كفل الله زكريا اياها، أي ضمنها حتى تكفل بحضانتها» أهـ (1).
«ولتكملوا» من قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللََّهَ عَلى ََ مََا هَدََاكُمْ} (2).
قرأ «شعبة، ويعقوب» «ولتكملوا» بفتح الكاف وتشديد الميم، على أنه مضارع «كمل» مضعف العين.
وقرأ الباقون «ولتكملوا» باسكان الكاف، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «أكمل» المزيد بالهمزة (3).
وكمال الشيء: «حصول ما فيه الغرض منه» (4).
قال «الزبيدي»: «كمل» فيه ثلاث لغات: فتح العين، وضمها، وكسرها.
وقال «الجوهري»: «الكسر» أردؤها. أهـ (5).
__________
(1) انظر: تاج العروس شرح القاموس ج 8ص 99.
(2) سورة البقرة الآية 185.
(3) قال ابن الجزرى: لتكملوا اشددن ظنا صحا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 427.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 51.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 283.
(4) المفردات في غريب القرآن مادة «كمل» ص 441.
(5) انظر: تاج العروس مادة «كمل» ج 8ص 104.(1/505)
«لا يلتكم» من قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ لََا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمََالِكُمْ شَيْئاً} (1).
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «لا يألتكم» بهمزة ساكنة بعد الياء، وقبل اللام، مضارع «ألته» بفتح العين «يألته» بكسرها، مثل: «صدف يصدف» وهي لغة «غطفان».
ومنه قوله تعالى: {وَمََا أَلَتْنََاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (2).
وقرأ الباقون «لا يلتكم» بكسر اللام من غير همزة، مضارع «لاته يليته» مثل «باع يبيع» و «كال يكيل» وهي لغة «أهل الحجاز».
والمعنى: لا ينقصكم من أعمالكم شيئا (3).
«يلحدون» من قوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمََائِهِ} (4).
ومن قوله تعالى: {لِسََانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} (5).
ومن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيََاتِنََا لََا يَخْفَوْنَ عَلَيْنََا} (6).
قرأ «حمزة» «يلحدون» في السور الثلاث، بفتح الياء، والحاء، على أنه مضارع «لحد» الثلاثي.
__________
(1) سورة الحجرات الآية 14.
(2) سورة الطور الآية 21.
(3) قال ابن الجزرى: يألتكم البصري.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 311.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 249.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 284.
(4) سورة الأعراف الآية 180.
(5) سورة النحل الآية 103.
(6) سورة فصلت الآية 40.(1/506)
وقرأ «الكسائي، وخلف العاشر» موضع النحل بفتح الياء، والحاء، وقد سبق توجيهه.
وقرأ موضعي «الاعراف، وفصلت» بضم الياء، وكسر الحاء، على أنه مضارع «الحد» الرباعي.
وقرأ الباقون في السور الثلاث بضم الياء، وكسر الحاء.
ولحد، وألحد لغتان بمعنى واحد وهو: العدول عن الاستقامة، ومنه قيل:
«اللحد»، لانه اذا حفر يمال به الى جانب القبر (1).
يقال: «اللحد» بفتح اللام: الشق في جانب القبر، والجمع «لحود» مثل:
«فلس وفلوس».
و «اللحد» بضم اللام لغة، وجمعه «الحاد» مثل: «قفل وأقفال».
و «لحدت» اللحد «لحدا» من باب «نفع ينفع نفعا».
و «ألحدته» «إلحادا»: حفرته.
و «لحدت» الميت و «ألحدته»: جعلته في «اللحد».
و «لحد» الرجل في الدين «لحدا» و «ألحد» «إلحادا»: طعن.
وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ:
«ألحد» «إلحادا»: جادل، ومارى، و «لحد»: جار وظلم، و «الحد» في الحرم بالالف: استحل حرمته وانهكها.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وضم يلحدون والكسر انفتح ... كفصلت فشا ... وفي النحل رجح فتى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 84.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 484.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 258.(1/507)
و «الملتحد» بفتح الحاء: اسم الموضع وهو الملجأ. أهـ (1).
«تلقف» من قوله تعالى: {فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مََا صَنَعُوا} (3).
ومن قوله تعالى: {فَأَلْقى ََ مُوسى ََ عَصََاهُ فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ} (4)
قرأ «البزي» بخلف عنه «تلقف» بتشديد التاء حالة وصل «تلقف» بما قبلها، وبفتح اللام، وتشديد القاف مطلقا.
وعند الابتداء «بتلقف» يخفف التاء، ويفتح اللام، ويشدد القاف، على أنه مضارع «تلقف» المضعف (5).
وقرأ «حفص» «تلقف» بسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقف» نحو: «علم يعلم» يقال: لقفت الشيء: أخذته بسرعة.
وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، مضارع «تلقف» المضعف وهو الوجه الثاني «للبزي» (6).
«تلقف» من قوله تعالى: {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مََا صَنَعُوا} (7).
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2ص 550.
(2) سورة الأعراف الآية 117.
(3) سورة طه الآية 69.
(4) سورة الشعراء الآية 45.
(5) قال ابن الجزرى: في الوصل تاتيمموا اشدد تلقف الى قوله: وفي الكل اختلف عنه.
(6) قال ابن الجزرى: وخففا تلقف كلا عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 473.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 473.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 248.
(7) سورة طه الآية 69.(1/508)
قرأ «ابن ذكوان» «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، ورفع الفاء، على أنه مضارع من «تلقف يتلقف» والرفع على الاستئناف أي فانها تلقف، أي تبتلع.
وقرأ «حفص» «تلقف» باسكان اللام، وتخفيف القاف، وجزم الفاء في جواب الامر وهو قوله تعالى: {وَأَلْقِ مََا فِي يَمِينِكَ} وهو مضارع «لقف يلقف».
وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، وجزم الفاء على أنه مضارع وجزم في جواب الامر (1) وهو مضارع «تلقف يتلقف».
«يلقاه» من قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً} (2).
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «يلقاه» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الانسان» المتقدم ذكره في قوله تعالى: «وكل انسان» وهو المفعول الاول، والهاء التي في «يلقاه» مفعوله الثاني، وهي عائدة على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا».
وقد أجمع القراء على التشديد في قوله تعالى: {وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (3).
وقرأ الباقون «يلقاه» بفتح الياء، وتخفيف القاف، وسكون اللام، على أنه مضارع «لقى» الثلاثي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على
__________
(1) قال ابن الجزرى: وارفع جزم تلقف لابن ذكوان وعى وقال: وخففا تلقف كلا عد النشر في القراءات العشر ج 3ص 183.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 101.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 21.
(2) سورة الاسراء الآية 13.
(3) سورة الانسان الآية 11.(1/509)
صاحب الكتاب وهو الانسان المتقدم ذكره، والضمير في «يلقاه» مفعول به، وهو عائد على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا» (1).
«ويلقون» من قوله تعالى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهََا تَحِيَّةً وَسَلََاماً} (2).
قرأ «نافع» وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «ويلقون» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، وهو فعل مضارع مبني للمجهول يتعدى الى مفعولين: الاول: الواو التي في «يلقون» وهي نائب فاعل، والثاني: «تحية».
ودليل قراءة التشديد اجماع القراء عليه في قوله تعالى في سورة الانسان رقم / 11 {وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً}.
وقرأ الباقون «ويلقون» بفتح الياء، وسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقى» الثلاثى، وهو فعل مضارع مبني للمعلوم، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «تحية» والواو فاعل.
والقراءتان ترجعان الى معنى واحد، لانهم اذا تلقوا التحية فقد لقوها، واذا ألقوها فقد تلقوها (3).
«يلاقوا» من قوله تعالى: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يلقى اضمم اشدد كم ثنا.
النشر في القراءات العشر ج 3ص 149.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 43.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 380.
(2) سورة الفرقان الآية 75.
(3) قال ابن الجزرى: يلقوا يلقوا ضم كم سما عتا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 221.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 87.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 148.
(4) سورة الزخرف الآية 83.(1/510)
ومن قوله تعالى: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} (1).
ومن قوله تعالى: {حَتََّى يُلََاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} (2).
قرأ «أبو جعفر» «يلقوا» بفتح الياء التحتية، واسكان اللام، وفتح القاف، مضارع «لقى» الثلاثي.
وقرأ الباقون «يلاقوا» بضم الياء، وفتح اللام، وضم القاف، على أنه مضارع «لاقى» على وزن «فاعل» من الملاقاة (3).
«يلمزك» من قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقََاتِ} (4).
«يلمزون» من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقََاتِ} (5).
«تلمزوا» من قوله تعالى: {وَلََا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} (6).
قرأ «يعقوب» «يلمزك، يلمزون، تلمزوا» بضم الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «نصر ينصر».
واللمز: الاغتياب، وتتبع المعاب.
__________
(1) سورة الطور الآية 45.
(2) سورة المعارج الآية 42.
(3) قال ابن الجزرى: يلاقوا كلها يلقوا ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 296.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 223.
(4) سورة التوبة الآية 58.
(5) سورة التوبة الآية 79.
(6) سورة الحجرات الآية 11.(1/511)
وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بكسر الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «ضرب يضرب» (1).
«أفتمارونه» من قوله تعالى: {أَفَتُمََارُونَهُ عَلى ََ مََا يَرى ََ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر» «افتمارونه» بضم التاء، وفتح الميم، وألف بعدها، مضارع «مارى يماري» اذا جادله، والمعنى: أفتجادلونه فيما علمه، ورآه، كما قال تعالى:
{يُجََادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مََا تَبَيَّنَ} (3).
وقرأ الباقون «أفتمرونه» بفتح التاء، وسكون الميم، وحذف الالف، مضارع «مرى يمري» اذا جحد، والمعنى: أفتجحدونه على ما يرى، اذ كان شأن المشركين الجحود لما يأتيهم به النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، فحمل على ذلك.
والقراءتان متداخلتان، لان من جادل في ابطال شيء فقد جحده، ومن جحد شيئا جادل في ابطاله (4).
«فأمتعه» من قوله تعالى: {قََالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا} (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: يلمز ضم الكسر في الكل ظلم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 97.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 279.
وشرح طيبة النشر ص 307.
(2) سورة النجم الآية 19.
(3) سورة الانفال الآية 6.
(4) قال ابن الجزرى: تمروا تماروا حبر عم نصنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 317.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 258.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 294.
(5) سورة البقرة الآية 126.(1/512)
قرأ «ابن عامر» «فأمتعه» باسكان الميم، وتخفيف التاء، على أنه مضارع «أمتع» المعدى بالهمز والمعنى: يخبر الله تعالى بأنه سيمتع الكفار بالرزق في الدنيا، وهذا النعيم الذي يجدونه اذا ما قيس بنعيم الدار الآخرة الذي لا ينقطع أبدا يعتبر نعيما ومتاعا قليلا، ثم بعد ذلك يكون مأواهم النار وبئس المصير.
وقرأ الباقون «فأمتعه» بفتح الميم، وتشديد التاء، على أنه مضارع «متع» المعدى بالتضعيف (1).
«المتاع»: انتفاع ممتد الوقت (2)
يقال متعه الله بالصحة، وأمتعه، ومنها قوله تعالى: {فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا} حيث قرئ لفظ «فأمتعه» بتشديد التاء، وبتخفيفها.
ويقال لما ينتفع به في البيت «متاع» قال تعالى: {وَمِمََّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النََّارِ ابْتِغََاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتََاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} (3).
«والمتاع»: المنفعة، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهََا مَتََاعٌ لَكُمْ} (4).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات ج 1ص 418.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 38.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 265.
والحجة في القراءات السبع ص 87.
وحجة القراءات ص 114.
واتحاف فضلاء البشر ص 148.
وتفسير البحر المحيط ج 1ص 384.
قال ابن الجزرى: وخف امتعه كم.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «متع» ص 461.
(3) سورة الرعد الآية 17.
(4) سورة النور الآية 29.(1/513)
«والمتاع»: كل ما تمتعت به من الحوائج (1).
وقال «الأزهري» ت 370هـ: (2)
«المتاع» في الاصل كل شيء ينتفع به، ويتبلغ به ويتزود» أهـ وجمع «متاع» «أمتعة» (3).
«يمدونهم» من قوله تعالى: {وَإِخْوََانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ} (4).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «يمدونهم» بضم الياء، وكسر الميم، على أنه مضارع «أمد يمد» المزيد بهمزة.
وقرأ الباقون «يمدونهم» بفتح الياء، وضم الميم، على أنه مضارع «مد يمد» مضعف الثلاثي. (5)
ومد، وأمد: لغتان، يقال: مددت في الشر، ومنه قوله تعالى: {اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيََانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (6).
ويقال: أمددت في الخير، ومنه قوله تعالى: {وَأَمْدَدْنََاهُمْ بِفََاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمََّا يَشْتَهُونَ} (7).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «متع» ج 5س 507.
(2) هو: محمد بن احمد بن الازهر بن طلحة بن نوح بن الازهر «الاهزي» «الهروى» الشافعي، «ابو منصور» اديب لغوي، ولد في «هراة» بخراسان، وعنى بالفقه اولا، ثم غلب عليه علم العربية، فرحل في طلبه، وقصد القبائل، وتوسع في اخبارهم، له عدة مصنفات منها:
تهذيب اللغة، والتقريب في التفسير، والزاهر في غرائب الالفاظ، وعلل القراءات، توفى في «بهراة» في ربيع الآخر عام 370هـ: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 8ص 230.
(3) انظر: تاج العروس مادة «متع» ج 5ص 507.
(4) سورة الأعراف الآية 202.
(5) قال ابن الجزرى: وضم واكسر يمدون لضم ثدى ام.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 87.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 262. والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 487
(6) سورة البقرة الآية 15.
(7) سورة الطور الآية 22.(1/514)
يقال: «مددت» الدواة «مدا» من باب «قتل يقتل قتلا»:
جعلت فيها «المداد». و «أمددتها» بالالف «لغة».
و «مددت» من الدواة، و «استمددت» منها: أخذت منها بالقلم للكتابة، و «مد» البحر «مدا»: زاد، و «مدة» غيره «مدا»: زاده، و «أمد» بالالف، و «أمده» غيره، يستعمل الثلاثى، والرباعى لازمين، ومتعديين (1).
«يمسكون» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتََابِ} (2).
قرأ «شعبة» «يمسكون» بسكون الميم، وتخفيف السين، على أنه مضارع «أمسك» ومنه قوله تعالى: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} (3).
وقوله تعالى: {لََا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرََاراً} (4).
وقرأ الباقون «يمسكون» بفتح الميم، وتشديد السين، على أنه مضارع «مسك» مضعف العين، بمعنى: «تمسك» فالتشديد على التكثير، والتكرير للتمسك بكتاب الله تعالى، وفيه معنى التأكيد، وهو من مسك الامر، أي لزمه، فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج الى الملازمة والتكرير، فالتشديد يدل عليه (5).
يقال: «مسكت بالشيء مسكا» من باب «ضرب يضرب ضربا» و «تمسك» و «امتسكت» و «استمسكت» بمعنى: أخذت به، وتعلقت، واعتصمت.
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 2ص 566.
(2) سورة الأعراف الآية 170.
(3) سورة الأحزاب الآية 37.
(4) سورة البقرة الآية 31.
(5) قال ابن الجزرى: وصف يمسك خف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 83.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 1ص 482.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 257.(1/515)
و «أمسكته» بيدي «امساكا»: قبضته باليد (1).
و «أمسكت» عن الامر: كففت عنه.
و «أمسكت» المتاع على نفسي: حبسته (2).
و «استمسك» البول: انحبس (3).
و «استمسك» الرجل على الراحلة: استطاع الركوب (4).
«ولا تمسكوا» من قوله تعالى: {وَلََا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوََافِرِ} (5).
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «ولا تمسكوا» بفتح الميم، وتشديد السين، مضارع «مسك» مضعف العين، والواو فاعل.
وقرأ الباقون «ولا تمسكوا» باسكان الميم، وتخفيف السين، مضارع «أمسك» الرباعي، والواو فاعل (6).
«ومناة» من قوله تعالى: {وَمَنََاةَ الثََّالِثَةَ الْأُخْرى ََ} (7).
قرأ «ابن كثير» «ومناءة» بهمزة مفتوحة بعد الالف، فيصير المد عنده متصلا فيمد حسب مذهبه.
وهي مشتقة من «النوء» وهو المطر، لانهم كانوا يستمطرون عندها الانواء.
__________
(1) قال تعالى: {فَإِمْسََاكٌ بِمَعْرُوفٍ} البقرة / 229.
(2) قال تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمََاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلََّا بِإِذْنِهِ} الحج / 65.
(3) قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} الزخرف / 43.
(4) انظر: المصباح المنير ج 2ص 573.
(5) سورة الممتحنة الآية 10.
(6) قال ابن الجزرى: تمسكوا الثقل حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 333.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 285.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 319.
(7) سورة النجم الآية 20.(1/516)
وقرأ الباقون «ومناة» بغير همزة: وهي مشتقة من «منى يمنى» أي صب، لان دماء النحائر كانت تصب عندها.
والقراءتان بمعنى واحد: وهو: صنم لبني هلال، وقال «ابن هشام» صنم هذيل وخزاعة.
ووقف عليها جميع القراء بالهاء تبعا للرسم (1).
«متم» من قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللََّهِ تُحْشَرُونَ} (3).
ومن قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذََا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرََاباً وَعِظََاماً} (4).
«متنا» من قوله تعالى: {قََالُوا أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (5).
ومن قوله تعالى: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (6).
ومن قوله تعالى: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَدِينُونَ} (7).
ومن قوله تعالى: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً ذََلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (8).
__________
(1) قال ابن الجزرى: مناة الهمز دل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 308.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 259.
وتفسير الشركاني ج 5ص 108.
(2) سورة آل عمران الآية 157.
(3) سورة آل عمران الآية 158.
(4) سورة المؤمنون الآية 35.
(5) سورة المؤمنون الآية 82.
(6) سورة الصافات الآية 16.
(7) سورة الصافات الآية 53.
(8) سورة ق الآية 2.(1/517)
ومن قوله تعالى: {وَكََانُوا يَقُولُونَ أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ} (1).
«مت» من قوله تعالى: {قََالَتْ يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا} (2).
ومن قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسََانُ أَإِذََا مََا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} (3).
ومن قوله تعالى: {وَمََا جَعَلْنََا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ} (4).
قرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بكسر الميم في ذلك كله.
وقرأ «حفص» بكسر الميم في ذلك كله الا موضعي سورة آل عمران، فقد قرأهما بضم الميم.
وقرأ الباقون بضم الميم في الجميع (5).
والقراءتان ترجعان الى أصل الاشتقاق:
فالاولى وهي كسر الميم، من «مات يمات» نحو: «خاف يخاف» الأجوف.
ومن باب «فهم يفهم» والاصل «موت» بفتح فاء الكلمة، وكسر عينها، فاذا اسند الى ضمير الرفع المتحرك قيل «مت» بكسر فاء الكلمة، وذلك لاننا
__________
(1) سورة الواقعة الآية 47.
(2) سورة مريم الآية 23.
(3) سورة مريم الآية 66.
(4) سورة الانبياء الآية 34.
(5) قال ابن الجزرى:
اكسر ضما هنا في متم شفا أرى ... وحيث جا صحب اتى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 15.
واتحاف فضلاء البشر 181.(1/518)
نقلنا حركة العين الى الفاء، بعد حذف حركة الفاء، ثم حذفنا الواو للساكنين.
والثانية وهي بضم الميم، من «مات يموت» نحو: «قام يقوم» الأجوف من باب «نصر ينصر».
وأصل «مات» «موت» تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.
وأصل «يموت» «يموت» بضم عين الكلمة، فنقلت ضمتها الى الساكنين قبلها.
«تنبت» من قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «تنبت» بضم التاء، وكسر الباء، على أنه مضارع «أنبت» الرباعي، وتكون الباء في «بالدهن» زائدة، لان الفعل يتعدى اذا كان رباعيا بغير حرف، كأنه قال: تنبت الدهن، لكن دلت الباء على ملازمة الانبات للدهن، كما قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (2).
فأتى بالباء، و «اقرأ» يتعدى بغير حرف، لكن دلت الباء على الامر بملازمة القراءة.
ويجوز أن تكون الباء على هذه القراءة غير زائدة، لكنها متعلقة بمفعول محذوف، تقديره: ينبت ثمرها بالدهن، أي وفيه الدهن، كما يقال: خرج بثيابه، وركب بسلاحه: ف «بالدهن» على هذا التقدير في موضع الحال، كما كان «بثيابه وبسلاحه» في موضع الحال.
وقرأ الباقون «تنبت» بفتح التاء، وضم الباء، على أنه مضارع «نبت» الثلاثي اللازم، فتكون الباء في «بالدهن» للتعدية، لان الفعل غير متعد وقد
__________
(1) سورة المؤمنون الآية 20.
(2) سورة العلق الآية 1.(1/519)
قالوا: نبت الزرع وأنبت، بمعنى واحد، فتكون القراءتان على هذه اللغة بمعنى واحد (1).
«ينجيكم» من قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمََاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (2).
ومن قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهََا} (3).
«ننجيك» من قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (4).
«ننجي» من قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنََا وَالَّذِينَ آمَنُوا} (5).
ومن قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} (6).
«ننج» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ حَقًّا عَلَيْنََا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} (7).
«لمنجوهم» من قوله تعالى: {إِلََّا آلَ لُوطٍ إِنََّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} (8).
«لننجينه» من قوله تعالى: {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ} (9).
«منجوك» من قوله تعالى: {إِنََّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} (10).
__________
(1) قال ابن الجزرى: تنبت اضمم واكسر الضم غنا حبر النشر في القراءات العشر ج 3ص 204.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 57.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 127.
(2) سورة الأنعام الآية 63.
(3) سورة الأنعام الآية 64.
(4) سورة يونس الآية 92.
(5) سورة يونس الآية 103.
(6) سورة مريم الآية 72.
(7) سورة يونس الآية 103.
(8) سورة الحجر الآية 59.
(9) سورة العنكبوت الآية 22.
(10) سورة العنكبوت الآية 33.(1/520)
«ينجي» من قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللََّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفََازَتِهِمْ} (1).
«تنجيكم» من قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى ََ تِجََارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ} (2).
هذه احدى عشرة كلمة وقع فيها خلاف القراء العشرة بين التخفيف والتشديد: فالتخفيف على أن الاشتقاق من «أنجى» الرباعي والتشديد على أنه من «نجى» مضعف الثلاثي.
واليك قراءة القراء العشرة في هذه الكلمات:
قرأ «يعقوب» بالتخفيف في عشرة مواضع، وبالتشديد في موضع الزمر فقط.
وقرأ «نافع، وأبو عمرو» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وفي موضع الصف، وبالتشديد في التسعة الباقية.
وقرأ «ابن كثير» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وفي الموضع الثاني من العنكبوت، وفي موضع الصف، وبالتشديد في الثمانية الباقية.
وقرأ «ابن ذكوان» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وبالتشديد في العشرة الباقية.
وقرأ «حمزة، وخلف العاشر» بالتخفيف في الحجر، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الستة الباقية.
وقرأ «الكسائي» بالتخفيف في الموضع الاخير من يونس، وموضع الحجر، ومريم، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الاربعة الباقية.
وقرأ «شعبة» بالتخفيف في الموضع الثاني من العنكبوت، وبالتشديد في العشرة الباقية.
__________
(1) سورة الزمر الآية 61.
(2) سورة الصف الآية 10.(1/521)
وقرأ «شعبة» بالتخفيف في الموضع الثاني من العنكبوت، وبالتشديد في التسعة الباقية.
وقرأ «هشام» بالتشديد في الاحد عشر موضعا (1).
تنبيه: «ننجي» من قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (2).
قرأ «ابن عامر، وشعبة» «نجي» بحذف النون الثانية، وتشديد الجيم، على أنه مضارع «نجى» وأصله «ننجى» حذفت نونه الثانية لاخفائها عند الجيم، كما حذفت التاء الثانية في «تتظاهرون» لادغامها في الظاء، والفعل مسند الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى قبل: {فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ}.
وأعلم أن جميع علماء الرسم قد اتفقوا على حذف النون الثانية في هذا الموضع من سورة الانبياء، وكذلك في سورة يوسف من قوله تعالى:
{فَنُجِّيَ مَنْ نَشََاءُ} (3).
وقد أشار الى ذلك الناظم بقوله:
والنون من ننجي في الانبياء ... كل وفى الصديق للاخفاء
قال صاحب دليل الحيران: «وحاصل التعليل الذي أشار اليه الناظم أن الجيم لما كانت من الحروف التي تخفى عندها النون الساكنة قراءة، وكان
__________
(1) قال ابن الجزرى: وننج الخف كيف وقعا ظل وفى الثان من حق وفى ... كاف ظبى رضى تحت صاد شرف
والحجر اولى العنكبا ظلم شفا ... والثان صحبة ظهير دلفا
ويونس الاخرى على ظبى دعا ... وثقل صف كم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 53.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 435.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 309، 310، 311، 364، ج 2ص 122، 123، 192، 286.
(2) سورة الأنبياء الآية 88.
(3) سورة رقم 110.(1/522)
الاخفاء قريبا من الادغام حذفت النون المخفاة في «ننجي» من الرسم كما حذفت النون المدغمة من الرسم في نحو «عم يتساءلون» فاذا ضبطت «ننجي» في السورتين ألحقت النون الساكنة بالحمراء، وأعربتها من علامة السكون، وأعربت الجيم من علامة التشديد كما ذكره «الداني» أهـ (1).
وقرأ الباقون «ننجي» بضم النون الاولى، وسكون الثانية، وتخفيف الجيم، على أنه مضارع «أنجى» مسند الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى:
{فَاسْتَجَبْنََا لَهُ} وحذفت منه النون الثانية رسما لكونها مخفاة (2).
«ويتناجون» من قوله تعالى: {وَيَتَنََاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (3).
قرأ «حمزة، ورويس» «وينتجون» بنون ساكنة بعد الياء، وقبل التاء، وضم الجيم بلا ألف، على وزن «يفتعون» مثل «ينتهون» وهو مشتق من «النجوى» وهي «السر» وأصله «ينتجيون» على وزن «يفتعلون» نقلت ضمة الياء لثقلها الى الجحيم، ثم حذفت الياء لسكونها مع سكون الواو.
وقرأ الباقون «ويتناجون» بتاء، ونون مفتوحتين، وألف بعد النون، وفتح الجيم، وهو مشتق من «التناجي» بمعنى «السر» أيضا، وهو مضارع «تناجى القوم يتناجون» على وزن يتفاعلون» وأصله «يتناجون» على وزن «يتفاعلون» مثل «يتضاربون» فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، ثم حذفت
__________
(1) انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 150.
(2) قال ابن الجزرى:
(3) سورة المجادلة الآية 8.
ننجى احذف اشدد لي مضى * ضن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 193.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 113.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 40.(1/523)
الالف لسكونها وسكون الواو بعدها، وبقيت فتحة الجيم لتدل على الالف المحذوفة (1).
«فلا تتناجوا» من قوله تعالى: {فَلََا تَتَنََاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (2).
قرأ «رويس» «فلا تنتجوا» بنون ساكنة بين التاءين، وضم الجيم بلا ألف، على وزن «تفتعوا» مثل: «تنتهوا» وهو مشتق من النجوى، وهي «السر» ويقال في تصريفها ما قيل في «ويتناجون» في الآية رقم 8.
وقرأ الباقون «فلا تتناجون» بتاءين خفيفتين، ونون، وألف، وجيم مفتوحة وتوجيهها كتوجيه «ويتناجون» في الآية رقم 8 (3).
«ينزفون» من قوله تعالى: {لََا فِيهََا غَوْلٌ وَلََا هُمْ عَنْهََا يُنْزَفُونَ} (4).
من قوله تعالى: {لََا يُصَدَّعُونَ عَنْهََا وَلََا يُنْزِفُونَ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ينزفون» في الموضعين، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أنزف ينزف» اذا سكر، والمعنى:
ولا هم عن الخمر يسكرون فتزول عقولهم، أي تبعد عقولهم، كما تفعل خمر الدنيا.
وقيل: هو من «أنزف ينزف» اذا فرغ شرابه
__________
(1) قال ابن الجزرى: وينتجوا كينتهوا غدا فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 329.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 278.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 314.
(2) سورة المجادلة الآية 9.
(3) قال ابن الجزرى: تنتجوا غث.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 329.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 279.
(4) سورة الصافات الآية 47.
(5) سورة الواقعة الآية 19.(1/524)
والمعنى: ولا هم عن الخمر ينفذ شرابهم كما ينفد شراب الدنيا، فالمعنى الاول من نفاد العقل، والثاني من نفاد الشراب.
والاحسن أن يحمل على نفاد الشراب، لان نفاد العقل قد نفاه الله عن خمر الجنة في قوله تعالى: {لََا فِيهََا غَوْلٌ} أي لا تغتال عقولهم فتذهبها، فلو حمل «ينزفون» على نفاد العقل لكان المعنى مكررا، وحمله على معنيين أولى.
وأما الذي في الواقعة فيحتمل وجهين، لانه ليس قبله نفي عن نفاد العقل بالخمر، كما جاء في سورة الصافات.
وقرأ «عاصم» موضع والصاغات «ينزفون» بضم الياء، وفتح الزاي، مضارع «نزف الرجل» بمعنى سكر، وذهب عقله.
ورده الى ما لم يسم فاعله لغة مشهورة في أفعال قليلة أتت على لفظ ما لم يسم فاعله (1).
ولم تأت على لفظ ما سمى فاعله.
والمعنى: ولا هم عن خمر الجنة يسكرون.
وقرأ موضع الواقعة «ينزفون» بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أنزف ينزف» اذا سكر.
وقرأ الباقون «ينزفون» في الموضعين، بضم الياء، وفتح الزاي، مضارع «نزف الرجل» بمعنى سكر، وذهب عقله (2).
__________
(1) مثل: «زهى فلان علينا» ولا يقال «زها» و «نخى» من النخوة، و «عنيت بالشيء» ولا يقال:
«عنيت» و «نتجت الناقة» ولا يقال: «نتجت» و «اولعت بالامر» و «ارعدت» و «سقط في يدي» و «اهرع الرجل» الخ.
انظر: المزهر في اللغة للسيوطي ج 2ص 233، 234.
(2) قال ابن الجزرى: زا ينزفون اكسر شفا الاخرى كفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 270.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 174، 269.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 224.(1/525)
«ينزل» من قوله تعالى: {أَنْ يُنَزِّلَ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ} (1).
اختلف القراء في «ينزل» وبابه، اذا كان فعلا مضارعا بغير همزة، مضموم الاول، مبنيا للفاعل، أو المفعول، أوله تاء، أو ياء، أو نون، حيث أتى في القرآن الكريم.
«فابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» يسكنون النون. ويخففون الزاي على أنه مضارع «أنزل» المعدى بالهمزة، الا قوله تعالى في الحجر: {وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (2).
فلا خلاف بين القراء في تشديده، لانه أريد به المرة بعد المرة.
وافقهم «حمزة، والكسائي، وخلف» على قول الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} في لقمان (3).
وقول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} بالشورى (4).
وخالف «أبو عمرو، ويعقوب» أصلهما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللََّهَ قََادِرٌ عَلى ََ أَنْ يُنَزِّلَ} بالانعام (5) فشدداه، ولم يخففه سوى «ابن كثير» وخالف «ابن كثير» أصله في موضعي الاسراء وهما:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} (6)، {حَتََّى تُنَزِّلَ عَلَيْنََا كِتََاباً نَقْرَؤُهُ} (7) فشددهما، ولم يخفف الزاي فيهما سوى «أبي عمرو، ويعقوب».
وخالف «يعقوب» أصله في الموضع الاخير من النحل وهو قوله: {وَاللََّهُ أَعْلَمُ بِمََا يُنَزِّلُ} (8) فشدده، ولم يخففه سوى «ابن كثير، وأبي عمرو».
وأما الموضع الاول من سورة النحل وهو قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ} (9).
__________
(1) سورة البقرة الآية 19.
(2) سورة الحجر الآية 21.
(3) سورة لقمان الآية 34.
(4) سورة الشورى الآية 28.
(5) سورة الانعام الآية 37.
(6) سورة الاسراء الآية 82.
(7) سورة الاسراء الآية 93.
(8) سورة النحل الآية 101
(9) سورة النحل 2.(1/526)
فقد قرأه «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» بتخفيف الزاي المكسورة واسكان النون، على أنه مضارع «أنزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ «روح» «تنزل» بتاء مثناة من فوق مفتوحة، ونون مفتوحة، وزاي مفتوحة مشددة: مضارع «تنزل» حذفت منه التاء، و «الملائكة» بالرفع فاعل.
وقرأ الباقون «ينزل» بتشديد الزاي المكسورة، وفتح، النون، مضارع «نزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به (1).
وقرأ باقي القراء غير من ذكر «ينزل وبابه» بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه مضارع «نزل» المعدى بالتضعيف (2).
وخرج بقيد المضارع، الماضي نحو «وما أنزل الله» وبالمضموم الأول نحو: «وما ينزل من السماء» وبغير همزة نحو: {وَمَنْ قََالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مََا أَنْزَلَ اللََّهُ} (3).
تنبيه: قوله تعالى: {وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (4).
اتفق القراء العشرة على ضم النون الأولى وفتح الثانية، وتشديد الزاي.
ولم يجر فيها الخلاف الذي في نظائرها، لانه أريد به الانزال المرة بعد المرة، ولان القراءة سنة متبعة.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ينزل مع ما بعد مثل القدر عن روح.
(2) قال ابن الجزرى:
ينزل كلا خف حق ... لا الحجر والانعام أن ينزل دق
لاسرى حما والنحل الاخرى حزدفا ... والغيث مع منزلها حق شفا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 411.
واتحاف فضلاء البشر ص 143 والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 30 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 64.
(3) سورة الانعام الآية 93
(4) سورة الحجر الآية 21(1/527)
والنزول في الاصل: هو انحطاط من «علو» (1).
«ونزل» بتخفيف الزاي تتعدى بحرف الجر، يقال: «نزل عليهم، ونزل بهم، ونزل عن دابته، ونزل في مكان كذا».
ومصدر «نزل» مخفف الزاي «نزولا».
وأما مصدر «نزل» مضعف العين فهو «التنزيل».
ومصدر «أنزل» الرباعي فهو «الانزال» (2).
«منزلين» من قوله تعالى:
{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلََاثَةِ آلََافٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُنْزَلِينَ} (3).
قرأ «ابن عامر» «منزلين» بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه اسم مفعول من «نزل» الثلاثي مضعف العين.
وقرأ الباقون «منزلين» بسكون النون، وتخفيف الزاي: على أنه اسم مفعول من «نزل» الثلاثي المزيد بالهمزة (4).
وهما لغتان بمعنى واحد، وقيل: التشديد للتكثير، أو للتدرج قيل: ان الله أمدهم أولا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف.
والقراءتان ترجعان الى أصل الاشتقاق:
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 488.
(2) انظر: تاج العروس ج 8ص 133.
(3) سورة آل عمران الآية 124
(4) قال ابن الجزرى: واشددوا منزلين منزلون كبدوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 12.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 134 واتحاف فضلاء البشر ص 179.(1/528)
فالاولى اسم مفعول من «نزل» الثلاثي مضعف العين.
والثانية اسم مفعول من «أنزل» الثلاثي المزيد بالهمزة.
«منزلها» من قوله تعالى: {قََالَ اللََّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهََا عَلَيْكُمْ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «منزلها» بسكون النون، وكسر الزاي مخففة، على أنها اسم فاعل من «أنزل» الرباعي، وهو فعل ثلاثي مزيد بالهمزة.
وقرأ الباقون «منزلها» بفتح النون، وكسر الزاي مشددة، على أنها اسم فاعل من «نزل» مضعف الثلاثي (2).
«ينزل الملائكة» من قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلََائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «ينزل» باسكان النون، وتخفيف الزاي المكسورة، على أنها مضارع «أنزل» الرباعي، و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ «روح» «تنزل» بتاء مثناة من فوق مفتوحة: ونون مفتوحة، وزاي مفتوحة مشددة، مضارع «تنزل» والأصل «تتنزل» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، و «الملائكة» بالرفع فاعل.
__________
(1) سورة المائدة الآية 115
(2) قال ابن الجزرى: والغيث مع منزلها حق شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 47 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 423.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 199
(3) سورة النحل الآية 2(1/529)
وقرأ الباقون «ينزل» بفتح النون، وتشديد الزاي المكسورة، مضارع «نزل» مضعف الثلاثي، و «الملائكة» بالنصب مفعول به (1).
«منزلون» من قوله تعالى: {إِنََّا مُنْزِلُونَ عَلى ََ أَهْلِ هََذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمََاءِ} (2).
قرأ «ابن عامر» «منزلون» بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه اسم فاعل من «نزل» مضعف العين.
وقرأ الباقون «منزلون» باسكان النون، وتخفيف الزاي، على أنه اسم فاعل من «أنزل» الرباعي المزيد بهمزة (3).
«ننسخ» من قوله تعالى: {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا} (4).
قرأ «ابن عامر» بخلف عن هشام «ما ننسخ» بضم النون الاولى: وكسر السين، مضارع «أنسخ» قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ:
«على جعله رباعيا من «أنسخت الكتاب» على معنى: وجدته منسوخا، مثل: أحمدت الرجل، وجدته محمودا، وأبخلت الرجل، وجدته بخيلا.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ينزل كلا خف حق وقال: ينزل مع ما بعد مثل القدر عن روح انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 141 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 366.
وشرح طيبة النشر ص 326.
(2) سورة العنكبوت الآية 34
(3) قال ابن الجزرى: واشددوا منزلين منزلون كبدوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 238 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 123.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 179،
(4) سورة البقرة الآية 106(1/530)
ولا يجوز أن يكون «أنسخت» بمعنى «نسخت» اذ لم يسمع ذلك. ولا يحسن أن تكون الهمزة للتعدي، لان المعنى يتغير، ويصير المعنى: ما نسختك يا محمد من آية، وانساخه اياها إنزالها عليه فيصير المعنى: ما ننزل عليك من آية أو ننسخها نأت بخير منها: يؤول المعنى الى أن كل آية أنزلت أتى بخير منها، فيصير القرآن كله منسوخا، وهذا لا يمكن، لانه لم ينسخ الا اليسير من القرآن، فلما امتنع أن يكون «أفعل» و «فعل» فيه بمعنى، اذ لم يسمع، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدي، لفساد المعنى، لم يبق الا أن يكون من باب «أحمدته وأبخلته» وجدته محمودا وبخيلا» أهـ (1).
وقرأ الباقون «ما ننسخ» بفتح النون، والسين: على أنه مضارع «نسخ» على معنى ما نرفع من حكم آية ونبقي تلاوتها نأت بخير منها لكم أو مثلها.
ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها، أو نسكها يا «محمد» فلا تحفظ تلاوتها، نأت بخير منها، أو مثلها (2).
يطلق النسخ في اللغة على عدة معان منها:
1 «النقل» قال «الزمخشري» ت 538هـ: (3).
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 257
(2) قال ابن الجزرى:
ننسخ ضم واكسر من لسن * خلف انظر: النشر لابن الجزرى ج 2ص 414.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 33.
والمهذب في القراءات العشر وتوجيهها ج 1ص 69.
وتفسير القرطبي ج 2ص 67.
واتحاف فضلاء البشر ص 145.
(3) هو محمود بن عمر الخوارزمي، الزمخشري «أبو القاسم، جار الله» مفسر، محدث، متكلم، نحوي، لغوي: بياني، أديب، مشارك في عدة علوم، ولد بزمخشر من قرى «خوارزم» وقدم بغداد، ورحل الى «مكة» فجاور بها فسمى جار الله. وله عدة مصنفات توفي 538هـ:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 12ص 186.(1/531)
«يقال: نسخت كتابي من كتاب فلان: اذا نقلته منه» (1).
2 «الازالة» «تقول العرب نسخت الشمس الظل، وانتسخته، ازالته، والمعنى أذهبت الظل، وحلت محله» (2).
وفي اصطلاح علماء الاصول يطلق النسخ على عدة معان أيضا أحدها:
1 - قال «أبو اسحاق الأسفراييني»:
«هو بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنه» (3).
شرح التعريف: قوله: «بيان» المراد به بيان الشارع «والبيان»: جنس في التعريف يشمل كل بيان، سواء كان بيان انتهاء: أو بيان ابتداء.
وقوله: «انتهاء حكم» أي انهاء تعلقه بأفعال المكلفين، وهو قيد في التعريف لاخراج «التخصيص» لانه بيان، وذلك لعدم تعليق الحكم بالمخرج ابتداء.
وقوله «شرعي» قيد ثان لاخراج انتهاء الحكم العقلي، أي البراءة الاصلية بابتداء شرع الاحكام: لانه لا يسمى نسخا.
وقوله: «بطريق شرعي» قيد لبيان أن النسخ لا يكون الا بدليل شرعي.
وقوله: «متراخ عنه» قيد أيضا لبيان أن الناسخ لا بد أن يكون متأخرا في الورود عن المنسوخ» أهـ (4).
«ينشئوا» من قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ} (5).
__________
(1) انظر: أساس البلاغة ج 2ص 438.
(2) انظر: تاج العروس ج 2ص 282.
(3) انظر: مختصر صفوة البيان ج 2ص 43.
(4) انظر: في رحاب القرآن ج 2ص 202.
(5) سورة الزخرف الآية 18(1/532)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي: وخلف العاشر» «ينشئوا» بضم الياء، وفتح النون، وتشديد الشين، مضارع «نشأ» مضعف العين، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «من» و «في الحلية» متعلق ب «ينشئوا».
وقرأ الباقون «ينشؤا» بفتح الياء، وسكون النون، وتخفيف الشين، مضارع «نشأ» الثلاثي: مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «من» و «في الحلية» متعلق ب «ينشئوا» (1).
«انظرونا» من قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالْمُنََافِقََاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونََا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} (2).
قرأ «حمزة» «أنظرونا» بهمزة قطع مفتوحة، وكسر الظاء، على أنه فعل أمر، من «الانظار» وهو: التأخير، والامهال.
ومنه قوله تعالى: {قََالَ أَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (3).
وقرأ الباقون «انظرونا» بهمزة وصل، تسقط في الدرج، وتثبيت مضمومة في الابتداء، مع ضم الظاء، على أنه فعل أمر من «النظر» وهو الابصار بالعين، أي: انظروا الينا (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وينشؤا الضم وثقل عن شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 293.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 217.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 255.
(2) سورة الحديد الآية 13
(3) سورة الاعراف الآية 14
(4) قال ابن الجزرى: قطع انظرونا واكسر الضم فرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 274.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 309.(1/533)
«ننكسه» من قوله تعالى: {«وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلََا يَعْقِلُونَ»}. (1)
قرأ «عاصم، وحمزة» «ننكسه» بضم النون الاولى: وفتح الثانية: وكسر الكاف مشددة، مضارع «نكس» بتضعيف العين، للتكثير، وذلك إشارة الى تعدد الرد من الشباب الى الكهولة، الى الشيخوخة، الى الهرم.
وقرأ الباقون، بفتح النون الاولى، واسكان الثانية، وضم الكاف مخففة، مضارع «نكس» بالتخفيف: أي ومن نطل عمره نرده من قوة الشباب الى ضعف الهرم. (2)
المعنى: ومن نطل عمره ننكسه في الخلق، أي نبدل خلقته، فلم يزل يتزايد ضعفه، وتضعف قواه، حتى يعود الى حالة شبيهة بحالة الطفل في ضعف الجسد، أفلا يعقلون؟
«التناوش» من قوله تعالى: {«وَأَنََّى لَهُمُ التَّنََاوُشُ مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ»}. (3)
قرأ «ابو عمرو، وشعبة، وحمزة، والكسائى، وخلف العاشر» «التناوش» بهمزة مضمومة بعد الالف: فيصير المد عندهم متصلا، وهو مشتق من «تتأش» اذا طلب، فالمعنى: وكيف يكون لهم طلب الايمان في الآخرة، وهو المكان البعيد.
وقرأ الباقون «التناوش» بواو مضمومة بلا همز، وهو مشتق من «ناش
__________
(1) سورة يس الآية 68
(2) قال ابن الجزرى: ننكسه ضم حرك اشدد كسر ضم نل فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 366.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 169.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 220.
(3) سورة سبأ الآية 52.(1/534)
ينوش» اذا تناول، فالمعنى: وكيف يكون لهم تناول الايمان من مكان بعيد وهو الآخرة. (1)
«تهجرون» من قوله تعالى: {«مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سََامِراً تَهْجُرُونَ»}. (2)
قرأ «نافع» «تهجرون» بضم التاء، وكسر الجيم، على أنه مضارع «أهجر» الرباعى، وهو مشتق من «الهجر» بضم الهاء: وهو الهذيان، وما لا خير فيه من الكلام.
وقرأ الباقون بفتح التاء: وضم الجيم، على أنه مضارع «هجر» الثلاثى، وهو مشتق من «الهجر» بفتح الهاء، أي تهجرون آيات الله فلا تؤمنون بها. (3)
«نورث» من قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبََادِنََا مَنْ كََانَ تَقِيًّا»}. (4)
قرأ «رويس» «نورث» بفتح الواو، وتشديد الراء، مضارع «ورث» مضعف العين.
وقرأ الباقون «نورث» بسكون الواو، وكسر الراء مخففة، مضارع «اورث» معدى بالهمزة. (5)
__________
(1) قال ابن الجزرى: والتناوش همزت حز صحبة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 258 والمهذب فى القراءات العشر ج 2ص 157.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 208.
(2) سورة المؤمنون الآية 67
(3) قال ابن الجزرى: وتهجرون اضمم أفا مع كسر ضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 205.
والمهذب في القراءات ج 2ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 129.
(4) سورة مريم الآية 63.
(5) قال ابن الجزرى: وشد نورث غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 177.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 10.(1/535)
المعنى: تلك الجنة التى جمعت كل الوان النعيم، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الاعين، يبقيها الله متاعا طيبا، ورزقا حسنا، وميراثا مستحقا ان اتصفوا بالتقوى من عباده المؤمنين.
«موص» من قوله تعالى: {«فَمَنْ خََافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلََا إِثْمَ عَلَيْهِ»}. (1)
قرأ «شعبة»: وحمزة، والكسائى، ويعقوب، وخلف العاشر «موص» بفتح الواو، وتشديد الصاد، على أنه اسم فاعل من «وصى».
وقرأ الباقون «موص» باسكان الواو، وتخفيف الصاد، على أنه اسم فاعل من «أوصى». (2)
«يوقد» من قوله تعالى: «الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة». (3)
قرأ «شعبة»: وحمزة، والكسائى، ويعقوب، وخلف العاشر «توقد» بتاء فوقية مضمومة، وواو ساكنة مدية بعدها مع تخفيف القاف، ورفع الدال، وهو فعل مضارع مبني للمجهول: ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «الزجاجة» وأنث الفعل لان لفظ «الزجاجة» مؤنث.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «توقد» بتاء مفتوحة، وواو مفتوحة مع تشديد القاف، وفتح الدال، على وزن «تفعل» وهو فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الزجاجة» أيضا.
__________
(1) سورة البقرة الآية 182
(2) قال ابن الجزرى: موص ظعن صحبة ثقل انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 426.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 48.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 282.
(3) سورة النور الآية 35(1/536)
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن عامر، وحفص» «يوقد» بياء تحتية مضمومة، وواو ساكنة مدية بعدها مع تخفيف القاف، والدال، وهو فعل مضارع مبني للمجهول من «أوقد» الرباعي، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «المصباح» المتقدم ذكره. (1)
«موهن كيد» من قوله تعالى: {«ذََلِكُمْ وَأَنَّ اللََّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكََافِرِينَ»}. (2)
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائى: ويعقوب، وخلف العاشر» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء، والتنوين، على أنه اسم فاعل من «أوهن فهو موهن» مثل: «أيقن يوقن فهو موقن» و «كيد» بالنصب، مفعول به، واعلم أن التنوين في «موهم» على الاصل في اسم الفاعل اذا أريد به الحال، او الاستقبال.
وقرأ «حفص» «موهن» بسكون الواو: وتخفيف الهاء، من غير تنوين، على أنه اسم فاعل من «أوهن» الرباعى، وحذف التنوين، للاضافة والتخفيف، و «كيد» بالخفض على الاضافة، وقد جاء القرآن بحذف التنوين من اسم فاعل مع الاضافة في نحو قوله تعالى: {«إِنَّ اللََّهَ بََالِغُ أَمْرِهِ»}. (3)
وقرأ الباقون «موهن» بفتح الواو، وتشديد الهاء، والتنوين، على أنه اسم فاعل من «وهن» مضعف العين نحو: «قتل يقتل فهو مقتل» و «كيد» بالنصب مفعول به.
واعلم أن في التشديد معنى التكرير، فهو توهين بعد توهين، وذلك أن
__________
(1) قال ابن الجزرى: يوقد أنث صحبة تفعلا حق لنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 213.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 75.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 138.
(2) سورة الانفال الآية 18
(3) سورة الطلاق الآية 3(1/537)
التشديد انما وقع لتكرار الفعل: وذلك ما ذكره الله من تثبيت أقدام المؤمنين بالغيث، وربطه على قلوبهم، وتقليله اياهم في أعينهم عند القتال، فذلك منه شيء بعد شيء، وحال بعد حال، وفي وقت بعد وقت، فكان الاولى بالفعل أن يشدد لتردد هذه الافعال، فكأنه أوقع «الوهن» بكيد الكافرين مرة بعد مرة. (1)
__________
(1) قال ابن الجزرى موهن خفف ظبى كنز ولا ينون ... مع خفض كيد عد
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 89.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 490.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 264.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 309.(1/538)
الفصل السادس من الباب الرابع الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الافعال التي قرئت بوجهين مختلفين في أسلوب واحد، وكان الخلاف فيها يرجع الى «نوع الاشتقاق» بمعنى أن مادة كل قراءة مختلفة.
وقد رتبت هذه الافعال حسب أصول الكلمات بغض النظر عن حروف الزيادة.
والفهرس التالي يمثل الافعال موضوع البحث مادة الكلمة / مادة الكلمة أذن / قص / أزل / كبر / بين / لوى / تبلو / ماز /
خدع / نسخ / دعى / نسى / صعد / وصى / فرق / وعد / الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق «فأذنوا» من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (1).(1/539)
والفهرس التالي يمثل الافعال موضوع البحث مادة الكلمة / مادة الكلمة أذن / قص / أزل / كبر / بين / لوى / تبلو / ماز /
خدع / نسخ / دعى / نسى / صعد / وصى / فرق / وعد / الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق «فأذنوا» من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (1).
قرأ «شعبة، وحمزة» «فآذنوا» بفتح الهمزة: وألف بعدها، وكسر الذال، على أنه فعل أمر من «آذنه بكذا»: أعلمه به.
وقرأ الباقون «فأذنوا» باسكان الهمزة، وفتح الذال: على أنه فعل أمر من «أذن» (2).
قال «ابن عباس» رضي الله عنهما ت 68هـ:
«فأذنوا بحرب»: أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله» أهـ (3).
__________
(1) سورة البقرة الآية 279
(2) قال ابن الجزرى:
فأذنوا امدد واكسر في صفوة انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 445.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 318.
وحجة القراءات ص 148.
والحجة في القراءات السبع ص 103.
(3) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1ص 249.(1/540)
وجاء في «تاج العروس»: «أذن بالشيء» «كسمع» «أذنا» بالكسر، «وأذانا، وأذانة» كسحاب وسحابة: «علم به».
ومنه قوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} أي كونوا على علم.
ويقال: «أذنه الامر، وآذنه به»: «علمه» وقد قرئ «فآذنوا بحرب»: بمد الهمزة: أي أعلموا كل من لم يترك الربا بأنه حرب من الله ورسوله» أهـ (1).
«فأزلهما» من قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطََانُ عَنْهََا} (2).
قرأ «حمزة» «فأزالهما» بألف بعد الزاي، ولام مخففة، أي نحاهما وابعدهما عن نعيم الجنة، الذي كانا عليه، ومنه قول القائل: «أزال فلان فلانا عن موضعه» اذا نحاه عنه.
وقرأ الباقون «فأزلهما» بحذف الالف: ولام مشددة، من «الزلل» مثل قول القائل: «أزلني فلان» أي أوقعهما في الزلة بفتح الزاي، والمراد بها المعصية: وهي الاكل من الشجرة.
ونسب الفعل الى الشيطان لانهما زلا باغواء الشيطان فصار كأنه أزلهما.
ويحتمل أن يكون من «زل» عن المكان اذا تنحى عنه، فتتحد هذه القراءة مع قراءة «حمزة» في المعنى (3).
«تبلوا» من قوله تعالى: {هُنََالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مََا أَسْلَفَتْ} (4)
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «أذن» ج 9ص 119.
(2) انظر: النشر ج 2ص 398.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 94.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 53.
قال ابن الجزرى: وأزال في أزل فوز
(3) انظر: حجة القراءات ص 331.
(4) سورة يونس الآية 30(1/541)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تتلو» بتاءين، قال «الاخفش» سعيد بن مسعدة ت 215هـ:
«تتلوا من التلاوة، أي: تقرأ كل نفس ما أسلفت، ودليله قوله تعالى:
{اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} (1).
وقيل: معنى «تتلو»: «تتبع» من «تبع يتبع» وحينئذ يكون المعنى: هنالك تتبع كل نفس ما أسلفت من عمل.
وقرأ الباقون «تبلو» بالتاء المثناة من فوق، والباء الموحدة، من الابتلاء، وهو الاختبار. أي: هنالك تختبر كل نفس ما قدمت من عمل فتعاين قبحه وحسنه لتجزى به (2).
«فتبينوا» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ فَتَبَيَّنُوا} (3).
ومن قوله تعالى: {كَذََلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللََّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} (4).
ومن قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فتثبتوا» في المواضع الثلاثة بثاء مثلثة بعدها باء موحدة بعدها تاء مثناة فوقية، على أنها فعل مضارع من «التثبيت».
__________
(1) سورة الاسراء الآية 14
(2) قال ابن الجزرى: باء تبلوا التا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 105 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 517.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 296.
(3) سورة النساء الآية 94
(4) سورة النساء الآية 94
(5) سورة الحجرات الآية 6(1/542)
وقرأ الباقون «فتبينوا» في المواضع الثلاثة بباء موحدة، وياء مثناة تحتية بعدها نون، على أنها فعل مضارع من «التبين».
والتثبت أفسح للمأمور من التبين لان كل من أراد أن يتثبت قدر على ذلك، وليس كل أراد أن يتبين قدر على ذلك لانه قد يتبين ولا يتبين له ما أراد بيانه، من هذا يتضح أن التبين أعم من التثبت، لان التبين فيه معنى التثبت، وليس كل من تثبت في أمر تبينه (1).
«وما يخدعون» من قوله تعالى: {وَمََا يَخْدَعُونَ إِلََّا أَنْفُسَهُمْ} (2).
قرأ «نافع: وابن كثير، وأبو عمرو» «وما يخادعون» بضم الياء وفتح الخاء واثبات ألف بعدها وكسر الدال، وذلك لمناسبة اللفظ الاول وهو قوله تعالى: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}.
وعلى هذا يجوز أن تكون المفاعلة من الجانبين، اذ المنافقون يخادعون أنفسهم بما يمنونها من أباطيل، وهي تمنيهم كذلك.
أو تكون المخادعة من جانب واحد، فتكون المفاعلة ليست على بابها، وحينئذ تتحد هذه القراءة مع القراءة الآتية.
وقرأ الباقون «وما يخدعون» بفتح الياء، واسكان الخاء، وحذف الالف، وفتح الدال، على أنه مضارع «خدع» (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: تثبتوا شفا من الثبت معا مع حجرات ومن البيان عن سواهم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 33.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 394.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 167
(2) سورة البقرة الآية 9
(3) قال ابن الجزرى: وما يخادعون يخدعون كنز ثوى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 392.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 47 والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 13واتحاف فضلاء البشر ص 128.(1/543)
والخداع: انزال الغير عما هو بصدده بأمر يبينه على خلاف ما يخفيه (1).
تنبيه: «يخادعون» من قوله تعالى: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ} (2).
ومن قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنََافِقِينَ يُخََادِعُونَ اللََّهَ} (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته «يخادعون» بضم الياء: وفتح الخاء، واثبات ألف بعدها، وكسر الدال.
و «يخدعوك» من قوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ} (4).
اتفق القراء العشرة على قراءته «يخدعوك» بفتح الياء، واسكان الخاء، وحذف الالف، وفتح الدال.
ولم يجر في هذه الالفاظ الثلاثة الخلاف الذي في «وما يخدعون الا أنفسهم» وذلك لان القراءة سنة متبعة ومبينة على التوقيف.
«تدعون» من قوله تعالى: {وَقِيلَ هََذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} (5).
قرأ «يعقوب» «تدعون» باسكان الدال مخففة، من «الدعاء» أي تطلبون.
وقرأ الباقون «تدعون» بفتح الدال مشددة، من «الدعوى» أي تدعون أنه لا جنة ولا نار (6).
«يسيركم» من قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (7).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 143.
(2) سورة البقرة الآية 9
(3) سورة النساء الآية 142
(4) سورة الانفال الآية 62
(5) سورة الملك الآية 27
(6) قال ابن الجزرى: وتدعو تدعو ظهر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 338.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 297.
(7) سورة يونس الآية 22(1/544)
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «ينشركم» بياء مفتوحة، وبعدها نون ساكنة، وبعد النون شين معجمة مضمومة، من «النشر» والمعنى: هو الذي يبثكم ويفرقكم في البر والبحر، كما قال تعالى: {فَإِذََا قُضِيَتِ الصَّلََاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} (1).
وقال تعالى: {وَبَثَّ فِيهََا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} (2).
وقرأ الباقون «يسيركم» بياء مضمومة، وبعدها سين مهملة مفتوحة، وبعدها ياء مكسورة مشددة، من «التسيير» أي يحملكم على السير، ويمكنكم منه، ومنه قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} (3).
تنبيه: جاء في المقنّع: وفي يونس في مصاحف أهل الشام «هو الذي ينشركم في البر والبحر» رقم / 22بالنون والشين.
وفي سائر المصاحف «يسيركم» بالشين والياء. أهـ (4).
وقال «الخراز»:
وفي يسيركم ينشركم * للشام «يصعد» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمََا يَصَّعَّدُ فِي السَّمََاءِ} (5).
__________
(1) سورة الجمعة الآية 10
(2) سورة البقرة الآية 164
(3) قال ابن الجزرى: وكم ثنا ينشر في يسير انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 104 والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 1ص 516 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 294. سورة النمل الآية 69.
(4) انظر: المقنع في مرسوم مصاحف أهل الامصار ص 104.
(5) سورة الانعام الآية 125(1/545)
قرأ «ابن كثير» «يصعد» باسكان الصاد، وتخفيف العين بلا ألف، على أنه مضارع «صعد» بمعنى ارتفع، شبه الله عز وجل الكافر في نفوره عن الايمان، وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يطاق.
وقرأ «شعبة» «يصاعد» بتشديد الصاد، وألف بعدها، وتخفيف العين، على أنه مضارع «تصاعد» وأصله «يتصاعد» أي يتعاطى الصعود، ويتكلفه، ثم أدغمت التاء في الصاد تخفيفا، وذلك لوجود التقارب بينهما في المخرج، واتفاقهما في بعض الصفات، وذلك أن التاء تخرج من طرف اللسان، مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والصاد تخرج من طرف اللسان، مع أطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الهمس، والشدة، والاصمات.
فهو على مثل المعنى الذي جاءت به القراءة السابقة غير أنه فيه معنى فعل شيء بعد شيء، وذلك أثقل على فاعله.
وقرأ الباقون «يصعد» بفتح الصاد مشددة، وحذف الالف وتشديد العين، على أنه مضارع «تصعد» وأصله «يتصعد» فأدغمت التاء في الصاد، ومعنى «يتصعد»: يتكلف ما لا يطيق شيئا بعد شيء، مثل قولك: يتجزع (1).
قال «الراغب» في «المفردات» في مادة «صعد»: «الصعود الذهاب في المكان العالي» أهـ (2).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وخف ساكن يصعدنا والمد صف ... والعين خفف صن دما
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 63 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 451.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 224.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 280.(1/546)
جاء في «القاموس»: «صعد في السلم بكسر العين كسمع «صعودا» «وصعد في الجبل» بتشديد العين، وعليه تصعيدا: رقى.
ولم يسمع «صعد فيه» بكسر العين كعلم.
«وأصعد»: أتى مكة، وفي الارض: مضى، وفي الوادي: انحدر، «كصعد» بتشديد العين «تصعيدا».
«وتصعدني الشيء» بتشديد العين «وتصاعدني»: شق على.
«والا صاعد» بتشديد الصاد، وضم العين «والاصطعاد»: «الصعود» بضم الصاد.
«والصعود» بفتح الصاد المشددة: ضد الهبوط.
والجمع: «صعد» بضم الصاد، والعين، «وصعائد» أهـ (1).
وجاء في «التاج»: قال «ابن السكيت» ت 244هـ (2):
«صعد في الجبل» بكسر العين «وأصعد في البلاد» أهـ.
وقال «ابن الاعرابي»، محمد بن زياد ت 231هـ:
«صعد في الجبل» بكسر العين واستشهد بقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (3) أهـ (4).
__________
(1) انظر: القاموس المحيط مادة «صعد» ج 1ص 318.
(2) هو: يعقوب بن اسحاق، ابن السكيت «أبو يوسف» أديب، نحوي، لغوي، عالم بالقرآن والشعر، تعلم ببغداد، وصحب الكسائي، واتصل «بالمتوكل العباسي» فعهد اليه بتأديب أولاده، وجعله في عداد قدمائه، ثم قتله لخمس مضين من رجب عام 244هـ 858م.
من تصانيفه: اصلاح المنطق، والقلب والابدال، ومعاني الشعر، والمقصور والممدود، والمذكر والمؤنث.
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 13ص 243.
(3) سورة فاطر الآية 10
(4) انظر: تاج العروس مادة «صعد» ج 2ص 397.(1/547)
«فرقوا» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (1).
ومن قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي» «فارقوا» بألف بعد الفاء، وتخفيف الراء، على أنه فعل ماض من «المفارقة» وهي الترك.
والمعنى: أنهم تركوا دينهم القيم وكفروا به بالكلية.
وقرأ الباقون «فرقوا» بغير ألف، وتشديد الراء، على أنه فعل ماض، مضعف العين، من «التفريق» على معنى أنهم فرقوا دينهم فآمنوا بالبعض، وكفروا بالبعض، ومن كان هذا شأنه فقد ترك الدين القيم.
من هذا يتضح أن القراءتين متقاربتان في المعنى (3).
«يقص» من قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلََّا لِلََّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفََاصِلِينَ} (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر» «يقص» بضم القاف، وبعدها صاد مهملة مضمومة مشددة، على أنه فعل مضارع من القصص، كقوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (5).
وقوله تعالى: {إِنَّ هََذََا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} (6).
__________
(1) سورة الانعام الآية 159
(2) سورة الروم الآية 32
(3) قال ابن الجزرى: وفرقوا امدده وخففه معا رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 69.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 458.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 233.
(4) سورة الانعام الآية 57
(5) سورة يوسف الآية 3
(6) سورة آل عمران الآية 62(1/548)
و «الحق» مفعول به ليقص.
وقرأ الباقون «يقض» بسكون القاف، وبعدها ضاد معجمة مكسورة مخففة، على أنه فعل مضارع من «القضاء» و «الحق» صفة لمصدر محذوف مفعول به، والتقدير: يقض القضاء الحق (1).
تنبيه: رسم «يقض» بدون ياء تبعا للفظ القراءة.
كما رسم «سندع الزبانية» (2).
بدون واو، وذلك اكتفاء بالكسرة التي قبل الضاد، وبالضمة التي قبل الواو (3).
«كبير» من قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمََا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنََافِعُ لِلنََّاسِ وَإِثْمُهُمََا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمََا} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي» «كثير» بالثاء المثلثة، والكثرة باعتبار الآثمين من الشاربين، والمقامرين.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ويقص في يقض أهملن وشدد حرم نص انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 52.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 434.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 209.
(2) سورة العلق الآية 18.
(3) قال صاحب المورد:
وهاك واو اسقطت في الرسم ... في أحرف للاكتفا بالضم
ويدع الانسان ويوم يدع في سورة القمر مع سندع ويمح في حم مع وصالح الحذف في الخمسة عنهم واضح
(4) سورة البقرة الآية 219(1/549)
وقرأ الباقون «كبير» بالباء الموحدة، أي اثم عظيم، لانه يقال الى عظائم الفواحش كبائر (1).
المعنى: تضمنت هذه الآية الاجابة عن حكم شرب الخمر، ولعب الميسر، فبينت أن كلا منهما اذا كان في ظاهره منفعة للناس الا أن اثمهما أكبر من نفعهما، وقد حرم الله تعالى شرب الخمر، ولعب الميسر تحريما قاطعا ونهائيا في قوله تعالى في سورة المائدة:
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصََابُ وَالْأَزْلََامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطََانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمََا يُرِيدُ الشَّيْطََانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدََاوَةَ وَالْبَغْضََاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللََّهِ وَعَنِ الصَّلََاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (2).
«تلووا» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} (3).
قرأ «ابن عامر، وحمزة» «تلوا» بضم اللام، وواو ساكنة بعدها، على أنه فعل مضارع من «ولى يلي ولاية» وولاية الشيء هي الاقبال عليه، وأصله «توليوا» ثم حذفت الواو التي هي فاء الفعل على الاصل في حذف فاء الكلمة من المضارع كما حذفت في نحو: «يعد، يزن» من «وعد، وزن» ثم نقلت ضمة الياء الى اللام ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، فأصبحت «تلوا» بحذف فاء الكلمة ولامها.
وقرأ الباقون «تلووا» باسكان اللام، وبعدها واوان:
الاولى مضمومة، والثانية ساكنة، على أنه فعل مضارع من «لوى يلوي»
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 429 والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 60 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 291.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 91.
(2) قال ابن الجزرى: اثم كبير ثلث البا في رفا
(3) سورة النساء الآية 135(1/550)
يقال: لويت فلانا حقه اذا مطلته، وأصله «تلويوا» ثم نقلت ضمة الياء الى الواو التي قبلها، ثم حذفت الياء التي هي لام الكلمة لالتقاء الساكنين، فأصبحت «تلووا» على وزن «تفعوا» بحذف اللام (1).
«يميز» من قول الله تعالى: {مََا كََانَ اللََّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ََ مََا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتََّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (2).
ومن قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللََّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يميز» في الموضعين، بضم الياء، وفتح الميم، وكسر الياء مشددة مضارع «ميز يميز» مثل: «كرم يكرم» مضعف العين.
وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الميم، واسكان الياء، مضارع «ماز يميز» مثل «كال يكيل» معتل العين (4).
وهما لغتان ترجعان الى أصل الاشتقاق:
فالقراءة الاولى من «التمييز» يقال: «ميز يميز تمييزا» بتضعيف العين.
والمعنى: يقال: ميزت بين الاشياء بمعنى فرقت بينها.
__________
(1) قال ابن الجزرى: تلووا تلوا فضل كلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 36 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 399 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 173
(2) سورة آل عمران الآية 179.
(3) سورة الانفال الآية 37.
(4) قال ابن الجزرى: يميز ضم افتح وشدده ظعن شفا معا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 19 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 369 واتحاف فضلاء البشر ص 183.(1/551)
والقراءة الثانية من «الميز» يقال: «ماز يميز ميزا» بتخفيف العين.
والمعنى: يقال: ماز الشيء اذا فرقه، وفصل بينه وبين غيره.
قال «الراغب» في مادة «ميز»: «الميز، والتمييز»: الفصل بين المتشبهات، يقال: مازه يميزه ميزا، وميزه تمييزا» أهـ (1).
وقال «الزبيدي» في مادة «ماز»: «مازة يميزه ميزا»: عزله، وفرزه، كأمازه، وميزه، والاسم «الميزة» بالكسر
الى أن قال: «وفي التنزيل العزيز: «حتى يميز الخبيث من الطيب» قرئ «يميز» أي بفتح الياء، وكسر الميم، وتخفيف الياء من «ماز يميز» وقرئ «يميز» أي بضم الياء، وفتح الميم، وتشديد الياء، من «ميز يميز» أي مضعف العين
الى أن قال: «وماز الشيء يميزه ميزا: فضل بعضه على بعض، هكذا في سائر الاصول الموجودة.
والذي في «المحكم»: «فصل بعضه من بعض» وهذا هو الصواب» أهـ (2).
«ننسها» من قوله تعالى: {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «ننسأها» بفتح النون الاولى، والسين، وهمزة ساكنة بين السين والهمزة، من «النسأ» وهو التأخير.
قال «عطاء بن يسار» ت 102هـ: «أي نؤخر نسخ لفظها، أي نتركه في أم الكتاب فلا يكون» أهـ
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 478.
(2) انظر: تاج العروس شرح القاموس ج 4ص 83.
(3) سورة البقرة الآية 106.(1/552)
وقال غير عطاء: «معنى» «أو ننسأها»: نؤخرها عن النسخ الى وقت معلوم، من قوله: نسأت هذا الامر اذا أخرته (1).
وقرأ الباقون «ننسها» بضم النون، وكسر السين، من غير همز، من النسيان الذي بمعنى الترك أي نتركها فلا نبدلها، ولا ننسخها، قاله «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنه «والسدي»، اسماعيل بن عبد الرحمن ت 127هـ وقال «الزجاج»، إبراهيم بن السري بن سهل ت 311هـ:
«والذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر أن معنى «أو ننسها» نبح لكم تركها، من نسى اذا ترك» أهـ وقيل: النسيان على بابه الذي هو عدم الذكر، على معنى أو ننسكها يا «محمد» فلا تذكرها، نقل بالهمز فتعدى الفعل الى مفعولين: وهما النبي والهاء، لكن اسم النبي محذوف» أهـ (2).
«النسأ»: تأخير في الوقت، يقال: «نسأ الله في أجلك، ونسأ الله أجلك».
والنسيئة: بيع الشيء بالتأخير، ومنها «النسيء» الذي كانت العرب
__________
(1) انظر: تفسير القرطبى ج 2ص 67.
(2) انظر: النشر لابن الجزرى ج 2ص 414.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 33.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 258.
وتفسير القرطبي ج 2ص 68.
وتفسير البحر المحيط ج 1ص 334.
قال ابن الجزرى:
ننسخ ضم واكسر من لسن خلف كننسها بلا همز كفى ... عم ظبى(1/553)
تفعله، وهو تأخير بعض الاشهر الحرم الى شهر آخر، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (1).
«والنسيان»: ترك الانسان ضبط ما استودع.
اما لضعف قلبه، واما عن غفله، وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره، قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنََا إِلى ََ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (2).
وكل نسيان من الانسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد، قال تعالى: {فَذُوقُوا بِمََا نَسِيتُمْ لِقََاءَ يَوْمِكُمْ هََذََا} (3).
«والنسي» بكسر النون المشددة: أصله ما ينسى، ثم صار في التعارف اسما لما يقل الاعتداد به، ومن هذا تقول العرب:
احفظوا أنساءكم» أي ما من شأنه أن ينسى (4).
قال «الجوهري» ت 393هـ:
يقال: نسيت الشيء نسيانا، بكسر النون، وتسكين السين، ولا تقل «نسيانا» بالتحريك، لان «النسيان» انما هو تثنية «نسا العرق» أهـ (5).
«ينسيك» من قوله تعالى: واما ينسيك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (6).
قرأ «ابن عامر» «ينسيك» بفتح النون التي قبل السين، وتشديد السين، على أنه مضارع «نسى» مضعف الثلاثى.
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 492.
(2) سورة طه الآية 115
(3) سورة السجدة الآية 14
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 491.
(5) انظر: تاج العروس ج 10ص 366
(6) سورة الانعام الآية 68(1/554)
وقرأ الباقون باسكان النون، وتخفيف السين، على أنه مضارع «أنسى» الرباعي.
والمفعول الثاني على القراءتين محذوف، والتقدير: ما أمرت به من ترك مجالسة الخائضين في آيات الله فلا تقعد معهم بعد التذكر (1).
قال «الطبري» ت 310هـ في تفسير «واما ينسيك الشيطان» الخ: «وان أنساك الشيطان نهينا اياك عن الجلوس معهم، والاعراض عنهم في حال خوضهم في آياتنا، ثم ذكرت ذلك فقم عنهم، ولا تقعد بعد ذكرك ذلك مع القوم الظالمين، الذين خاضوا في غير الذي لهم الخوض فيه بما خاضوا به فيه» أهـ (2).
«ننشزها» من قوله تعالى: وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ننشرها» بالراء المهملة، من النشور وهو «الاحياء» والمعنى: انظر الى عظام حمارك التي قد ابيضت من مرور الزمان عليها كيف نحييها.
وقرأ الباقون «ننشزها» بالزاي المعجمة، من «النشز» وهو الارتفاع، يقال لما ارتفع من الارض «نشز» ومنه المرأة النشوز، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها.
__________
(1) قال ابن الجزرى: وينسى كيفا ثقلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 54.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 436.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 212
(2) انظر: تفسير الطبرى ج 1ص 228.
(3) سورة البقرة الآية 259(1/555)
والمعنى: وانظر الى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للاحياء (1).
جاء في «أساس البلاغة»: «نشر الثوب، والكتاب».
ومن المجاز: «نشر الله الموتى نشرا وأنشرهم» (2).
وجاء في «المفردات»: «نشر الثوب، والصحيفة، والسحاب، والنعمة، والحديث»: «بسطها»، قال تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} (3).
وقيل: «نشر الله الميت وأنشره» (4) قال تعالى: {ثُمَّ إِذََا شََاءَ أَنْشَرَهُ} (5).
وجاء «في تاج العروس»: «النشر»: «الريح الطيبة».
وقال «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224هـ: (6)
«النشر»: الريح مطلقا من غير أن يقيد بطيب، أو نتن أهـ ومن المجاز: «النشر»: احياء الميت، كالنشور، والانتشار.
__________
(1) قال ابن الجزرى: ورا في تنشز سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 438.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 101.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 77.
واتحاف فضلاء البشر ص 162.
(2) انظر: أساس البلاغة مادة «نشر» ج 2ص 242.
(3) سورة التكوير الآية 10.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «نشر» ص 492.
(5) سورة عبس الآية 22.
(6) هو: القاسم بن سلام «أبو عبيد» محدث، حافظ، فقيه، لغوي، عالم بعلوم القرآن، ولد «بهراة» وأخذ عن أبي زيد الانصاري، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والاصمعي، وأبي محمد اليزيدي، وغيرهم من البصريين، وروى الناس من كتبه نيفا وعشرين كتابا، في القرآن، والفقه، واللغة، والحديث، توفي بمكة عام 224هـ الموافق 839م.
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 8ص 101.(1/556)
وقد نشر الله الميت ينشره نشرا ونشورا، وأنشره: أحياه، وفي الكتاب العزيز {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا} (1).
قرأها «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما «ننشرها» بالراء.
قال «الفراء» ت 207هـ: «من قرأ كيف ننشرها» بالراء، فانشارها:
إحياؤها» أهـ.
«والنشر»: «الحياة»، وقال «الزجاج» ت 311هـ «نشرهم الله بعثهم» (2).
وجاء في «المفردات»: «النشز» المرتفع من الارض، ويعبر عن الاحياء بالنشز، والانشاز، لكونه ارتفاعا (3).
قال تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا} (4).
وجاء في «تاج العروس»: ومن المجاز: «نشزت المرأة بزوجها، وعلى زوجها، تنشز نشوزا، وهي ناشز»: استعصت على زوجها وارتفعت عليه، وأبغضته، وخرجت عن طاعته.
واشتقاقه من النشز وهو ما ارتفع من الارض.
«ونشز بعلها عليها، ينشز نشوزا»: «ضربها، وجفاها، واضربها» قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خََافَتْ مِنْ بَعْلِهََا نُشُوزاً} (5).
«وأنشز عظام الميت انشازا»: رفعها الى مواضعها، وركب بعضها على بعض» وبه فسر قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا ثُمَّ نَكْسُوهََا لَحْماً} (6).
__________
(1) سورة البقرة الآية 259.
(2) انظر: تاج العروس مادة «نشر» ج 3ص 565.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «نشز» ص 493.
(4) سورة البقرة الآية 259.
(5) سورة النساء الآية 128.
(6) سورة البقرة الآية 259.(1/557)
قال «الفراء» ت 227هـ: (1).
قرأ «زيد بن ثابت» ت 45هـ، رضي الله عنه، «ننشزها» بالزاي، والكوفيون بالراء» أهـ (2).
«ووصى» من قوله تعالى: {وَوَصََّى بِهََا إِبْرََاهِيمُ بَنِيهِ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «وأوصى» بهمزة مفتوحة بين الواوين مع تخفيف الصاد، معدى بالهمزة، وهي موافقة لرسم المصحف «المدني، والشامي» (4).
المعنى: أوصى «إبراهيم» عليه السلام بنيه باتباع الملة الحنيفية، وهي الاخلاص لله تعالى في العبودية.
وانما خص البنين بالذكر لان اشفاق الاب عليهم أكثر، وهم بقبول الوصية أجدر.
والا فمن المعلوم أن سيدنا «إبراهيم» كان يدعو الجميع الى عبادة الله وحده.
وقرأ الباقون «ووصى» بحذف الهمزة مع تشديد الصاد معدى بالتضعيف، وهي موافقة لبقية المصاحف (5).
__________
(1) هو: يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور، والمعروف بالفراء الديلمي «ابو زكريا»، اديب، نحوي، لغوي، مشارك في الطب، والفقه، وايام العرب واشعارها، ولد بالكوفة، وانتقل الى بغداد، وصاحب الكسائي، وادب ابني المأمون العباسي، وصنف للمأمون كتاب «الحدود في النحو» له عدة مصنفات منها: المصادر في القرآن، الوقف والابتداء، المقصور والممدود، توفي في طريق مكة عام 207هـ الموافق 822م:
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 13ص 198.
(2) انظر: تاج العروس مادة «نشز» ج 4ص 86.
(3) سورة البقرة الآية 132
(4) قال ابن عاشر: أوصى خذا للمدنيين وشام بالالف
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 420.(1/558)
«الوصية»: التقدم الى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم: أرض واصية متصلة النبات.
وقال «الزبيدى» ت 1205هـ:
«أوصاه» «ايصاء» «ووصاه توصية»: اذا عهد اليه. أهـ.
وفي «الصحاح للجوهري»: «أوصيت له بشيء، وأوصيت اليه»: اذا جعلته وصيك، «وأوميته، ووصيته» «توصية» بمعنى. أهـ (1).
وقال «الزبيدي»: «الاسم»: «الوصاة، والوصاية» بالكسر، والفتح، «والوصية» كغنية أهـ (2).
«واعدنا» من قوله تعالى: {وَإِذْ وََاعَدْنََا مُوسى ََ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (3).
ومن قوله تعالى: {وَوََاعَدْنََا مُوسى ََ ثَلََاثِينَ لَيْلَةً} (4).
ومن قوله تعالى: {وَوََاعَدْنََاكُمْ جََانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} (5).
قرأ «أبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «وعدنا» بغير ألف بعد الواو على أن الوعد من الله تعالى، لان الفعل مضاف اليه وحده، وأيضا فان ظاهر
__________
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 39.
والكشف عن وجوه القراءات ص 265.
واتحاف فضلاء البشر ص 148.
وتفسير البحر المحيط ج 1ص 398.
قال ابن الجزرى: أوصى بوصى عم انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «وصى» ص 525.
(1) انظر: تاج العروس مادة «وصى» ج 10ص 392.
(2) انظر: تاج العروس مادة «وصى» ج 10ص 392.
(3) سورة البقرة الآية 51
(4) سورة الاعراف الآية 142
(5) سورة طه الآية 80(1/559)
اللفظ فيه وعد من الله لموسى عليه السلام، وليس فيه وعد من موسى فوجب حمله على الواحد بظاهر النص.
وقرأ الباقون «واعدنا» بألف بعد الواو، من المواعدة، فالله سبحانه وتعالى وعد «موسى» الوحي على الطور، وموسى وعد الله المسير لما أمره به (1).
تنبيه: «وعدناه» من قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنََاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لََاقِيهِ}. (2)
و «وعدناهم» من قوله تعالى: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنََاهُمْ فَإِنََّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}. (3)
اتفق القراء العشرة على قراءتهما «وعدناه، وعدناهم» بغير ألف بعد الواو.
ولم يجر فيهما الخلاف مثل الذي في البقرة رقم / 51، والاعراف رقم / 142، وطه / 80، لان القراءة مبنية على التوقيف.
قال «الراغب» ت 502هـ في مادة «وعد» يقال: وعدته بنفع، وضر، وعدا، وموعدا، وميعادا.
«والوعد» يكون في الخير، والشر.
«والوعيد» يكون في الشر خاصة، يقال منه: «أوعدته»، ويقال:
«واعدته» «وتواعدنا» أهـ (4).
__________
(1) انظر: النشر ج 2ص 400.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 239.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 96.
واتحاف فضلاء البشر ص 135.
والمهذب في القراءات العشر وتوجيهها ج 2ص 56.
قال ابن الجزرى:
واعدنا اقصرا ... مع طه الاعراف حلا ظلم ثرا
(2) سورة القصص الآية 21.
(3) سورة الزخرف الآية 42.
(4) انظر المفردات في غريب القرآن ص 526.(1/560)
وقال «الزبيدى» ت 1205هـ في مادة «وعد»: يقال: وعده الامر متعديا بنفسه، «وعده به» متعديا بالباء، وهو رأي كثير، وقيل: الباء زائدة.
ومنع جماعة دخولها مع الثلاثي، قالوا: وانما تكون مع الرباعي، والمصدر «عدة»، «ووعدا» (1).
وفي الصحاح: «العدة»: الوعد، والهاء عوض من الواو أهـ وفي لسان العرب: ويكون «الموعد» مصدر وعدته، ويكون «الموعد» وقتا للعدة. أهـ (2).
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 2ص 535.
(2) انظر: تاج العروس ج 2ص 536.(1/561)
الفصل السابع من الباب الرابع بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على أنها «اسم فاعل» وأخرى على أنها «صيغة مبالغة» وذلك في أسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«مالك» من قوله تعالى: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (1).
قرأ «عاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «مالك» باثبات ألف بعد الميم، على أنه «اسم فاعل» من «ملك» و «المالك» بالالف: هو المتصرف في الاعيان المملوكة كيف يشاء.
وقرأ الباقون «ملك» بحذف الالف، وكسر اللام والكاف، على وزن «حذر» على أنه صيغة مبالغة.
و «الملك» بحذف الالف: هو المتصرف بالامر، والنهي في المأمورين (2).
__________
(1) سورة الفاتحة الآية 4.
(2) قال ابن الجزري: مالك نل ظلا روى(1/562)
تنبيه: «مالك» من قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ} (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته «مالك» باثبات ألف بعد الميم، وفتح الكاف.
قال «الراغب» في مادة «ملك»: «الملك» بفتح الميم، وكسر اللام. هو المتصرف بالامر، والنهي، في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: «ملك الناس» ولا يقال «ملك الاشياء».
وقوله تعالى: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلََّهِ الْوََاحِدِ الْقَهََّارِ} (2).
وقال بعضهم: «الملك» بفتح الميم، وكسر اللام: اسم لكل من يملك السياسة.
«والملك» بضم الميم، وسكون اللام: الحق الدائم لله، فلذلك قال تعالى:
{لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} (3) أهـ وقال «الزبيدي» في مادة «ملك» يقال: ملكه يملكه ملكا» مثلثة (4) «والملك» بفتح الميم، واللام: واحد الملائكة» أهـ (5).
«عقدتم» من قوله تعالى: {لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمََانَ} (6).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 370.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 26.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 45.
(1) سورة آل عمران الآية 26.
(2) سورة غافر الآية 16
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 472.
(4) انظر: تاج العروس ج 7ص 180
(5) انظر: تاج العروس ج 7ص 182
(6) سورة المائدة الآية 89(1/563)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدتم» بحذف الالف التي بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قتلتم» وذلك على أصل الفعل.
قال «الراغب» في مادة «عقد»: العقد: الجمع بين أطراف الشيء، وستعمل ذلك في الاجسام الصلبة كعقد الحبل، ثم يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع، والعهد، وغيرهما، فيقال: عقدته، وعقدت يمينه، وعقادته، وتعاقدنا» أهـ (1).
وقرأ «ابن ذكوان» «عاقدتم» باثبات ألف بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قاتلتم» على أن المراد به المرة الواحدة من العقد فيكون بمعنى «عقدتم» وحينئذ تكون المفاعلة ليست على بابها فتتحد هذه القراءة مع القراءة السابقة في المعنى.
وقرأ الباقون «عقدتم» بحذف الالف، وتشديد القاف، وذلك للتكثير على معنى: عقد بعد عقد، فالتشديد يدل على كثرة الايمان.
«ساحر» من قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سََاحِرٍ عَلِيمٍ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَقََالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سََاحِرٍ عَلِيمٍ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سحار» في الموضعين، بألف بعد السين، وبفتح الحاء وتشديدها، وألف بعدها، على وزن «فعال» للمبالغة، ويقوى ذلك أنه قد وصف به «عليم» فدل على التناهي في علم السحر.
__________
(1) قال ابن الجزرى: عقد المد منى وخففا من صحبة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 44.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 417.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 195.
(2) سورة الاعراف الآية 112
(3) سورة يونس الآية 79(1/564)
وقرأ الباقون «ساحر» بألف بعد السين، وكسر الحاء مخففة، على وزن «فاعل» «وساحر» تجمع على «سحرة» مثل: «فاجر وفجرة» وقد قال تعالى:
{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سََاجِدِينَ} (1).
وقال تعالى: {فَلَمََّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النََّاسِ} (2).
واسم فاعل من «سحر» «ساحر» (3).
تنبيه: «سحار» من قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحََّارٍ عَلِيمٍ} (4).
اتفق القراء العشرة على قراءته على وزن «فعال» للمبالغة.
لانه جواب لقول «فرعون» فيما استشارهم فيه من أمر «موسى» عليه السلام بعد قوله: {إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ عَلِيمٌ} رقم / 34 فأجابوه بما هو أبلغ من قوله رعاية لمراده، بخلاف التي في الاعراف فان ذلك جواب لقولهم فتناسب اللفظان، وأما التي في يونس فهي أيضا جواب من فرعون لهم حيث قالوا: {إِنَّ هََذََا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} رقم / 76.
مهمة: قال صاحب دليل الحيران:
«بكل ساحر» في سورتي الاعراف، ويونس، وذكره في «المقنع» في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الامصار فقال في الاعراف: وفي بعضها يعني بعض المصاحف «يأتوك بكل سحار عليم» الالف بعد الحاء، وفي بعضها «ساحر» الالف قبل الحاء.
__________
(1) سورة طه الآية 70
(2) سورة الاعراف الآية 116
(3) قال ابن الجزرى:
وسحر شفا ... مع يونس في ساحر
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 471.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 247.
(4) سورة الشعراء الآية 37(1/565)
ثم قال في «يونس»: وفي بعضها «وقال فرعون ائتوني بكل سحار» الالف بعد الحاء، وفي بعضها «سحر» بغير ألف» أهـ.
ومثله «لأبي داود» وقد خالف الشيخان بين الموضعين كما ترى في النقل، ولكن المتحصل في كل منهما ثلاثة أوجه:
حذف الالف، وثبته، وهذان الوجهان هما اللذان ذكرهما صاحب المورد، واليهما الاشارة بقول الناظم:
«بكل ساحر معا هل بالالف».
الوجه الثالث: ثبت الالف متأخرا عن الحاء.
وهذا ومقابله هما المشار اليهما بقول الناظم:
«وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف».
أي هل يلي الالف الحاء، أو هو قبلها؟
ثم أجاب عنه بأن المصاحف اختلفت في ذلك، وهذا الخلاف مفرع على أحد وجهي الخلاف المتقدم بالاثبات، ومقابله، وانما أعاد الناظم في الشطر الاول الخلاف الذي في المورد، ولم يقتصر على الخلاف الذي ذكره في الشطر الثاني مع أنه هو المقصود بالذات لئلا يتوهم من الاقتصار على الخلاف بتقدم الالف وتأخرها في هذين الموضعين خروجهما من الخلاف المذكور في المورد بالحذف والاثبات» أهـ (1).
«عالم الغيب» من قوله تعالى: {قُلْ بَلى ََ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عََالِمِ الْغَيْبِ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» «عالم» برفع الميم على وزن «فاعل» على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هو عالم، أو على أنه مبتدأ،
__________
(1) انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 562561.
(2) سورة سبأ الآية 3(1/566)
والخبر قوله تعالى بعد {لََا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقََالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَلََا فِي الْأَرْضِ}.
و «فاعل» أكثر في الاستعمال من «فعال» ومنه قوله تعالى: {عََالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ} (1).
وقوله: {عََالِمُ الْغَيْبِ فَلََا يُظْهِرُ عَلى ََ غَيْبِهِ أَحَداً} (2).
وقرأ «حمزة، والكسائي» «علام» بتشديد اللام، وخفض الميم، على وزن «فعال» الذي للمبالغة في العلم بالغيب وغيره، ومنه قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلََّامُ الْغُيُوبِ} (3).
وهذه القراءة على أن «علام» صفة «لربي» أو صفة «لله» المتقدم ذكره أول السورة في قوله تعالى:
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ} (4).
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وروج، وخلف العاشر» «عالم» بخفض الميم، على وزن «فاعل» على أنه صفة «لربي» أو «لله» (5).
«خشعا» من قوله تعالى: {خُشَّعاً أَبْصََارُهُمْ} (6).
__________
(1) سورة الانعام الآية 73
(2) سورة الجن الآية 26
(3) سورة سبأ الآية 48
(4) الآية 1
(5) قال ابن الجزرى: عالم علام ربا فز وارفع الخفض غنا عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 253.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 150.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 201.
(6) سورة القمر الآية 7(1/567)
قرأ «أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، خلف العاشر» «خاشعا» بفتح الخاء، وألف بعدها، وكسر الشين مخففة، على وزن «فاعل» على الافراد.
وقرأ الباقون «خشعا» بضم الخاء، وحذف الالف، وفتح الشين مشددة، على وزن «فعل» مضعف العين، نحو: «راكع وركع» جمع «خاشع» (1).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وخاشعا في خشعا شفا حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 319.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 264 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 297.(1/568)
الفصل الثامن من الباب الرابع بين اسم الفاعل والصفة المشبهة
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على أنها «اسم فاعل» وأخرى على أنها «صفة مشبهة» وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«قاسية» من قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا قُلُوبَهُمْ قََاسِيَةً} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي» «قسية» بحذف الالف التي بعد القاف، وتشديد الياء، على وزن «فعلية» صفة مشبهة، اذ أصلها «قسيية» ثم ادغمت الياء في الياء للتماثل، وذلك للمبالغة في وصف قلوب الكفار بالشدة، والقسوة، لان في صيغة «فعيل» معنى التكرير، والمبالغة.
أو لأن قلوب الكفار وصفت بالطبع عليها مثل الدرهم القسي أي المغشوش، وهو الذي يخالط فضته «نحاس أو رصاص» أو نحو ذلك.
__________
(1) سورة المائدة الآية 13(1/569)
وقرأ الباقون «قاسية» باثبات الالف، وتخفيف الياء، على أنها «اسم فاعل» من «قسى يقسو».
ومنه قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقََاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللََّهِ} (1).
ومعنى «قاسية»: غليظة قد نزعت منها الرحمة، والرأفة، وأصبحت لا تؤثر فيها المواعظ، ولا تقبل ما يقال لها من نصح وارشاد (2).
جاء في «المفردات»: «القسوة»: غلظ القلب: وأصله من حجر قاس، والمقاساة: معالجة ذلك. أهـ (3).
وجاء في «تاج العروس»: «قسا قلبه، يقسو، قسوا، وقسوة، وقساوة، وقساء» بالمد: «صلب، وغلظ» فهو قاس، وقوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ} (4).
أي غلظت، ويبست، فتأويل القسوة في القلب: ذهاب اللين، والرحمة، والخشوع منه.
وأصل القسوة: الصلابة من كل شيء. أهـ (5).
«زكية» من قوله تعالى: {قََالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} (6).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ورويس» «زاكية»
__________
(1) سورة الزمر الآية 22
(2) قال ابن الجزرى: واقصر اشدد يا قسية رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 40.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 407 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 182.
(3) انظر: المفردات مادة «قسو» ص 404.
(4) سورة البقرة الآية 74.
(5) انظر: تاج العروس مادة «قسو» ج 10ص 293.
(6) سورة الكهف الآية 74.(1/570)
باثبات ألف بعد الزاي، وتخفيف الياء، اسم فاعل من «زكى» بمعنى: طاهرة من الذنوب، وصالحة، لانها صغيرة، ولم تبلغ بعد حد التكليف.
وقرأ الباقون «زكية» بحذف الالف، وتشديد الياء، على وزن «عطية» صفة مشبهة من «الزكاء» بمعنى الطهارة (1).
«حمئة» من قوله تعالى:
حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، ويعقوب» «حمئة» بالهمز من غير ألف، على أنها صفة مشبهة، مشتقة من «الحمأة» يقال: حمئت البر تحمأ حما فهي حمئة، اذا كان فيها الحمأ، وهو الطين الاسود.
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ:
«سأل» «معاوية بن أبي سفيان» «كعب الأحبار» فقال له: اين تجد الشمس تغرب في التوراة؟
فقال: «تغرب في ماء وطين» فهذا يدل على أنها من «الحمأة» وقرأ الباقون «حامية» بألف بعد الحاء، وابدال الهمزة ياء مفتوحة، على أنها اسم فاعل من «حمى يحمي» أي حارة.
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وامدد وخفف زاكية حبر مدا غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 166.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 68.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 406.
(2) سورة الكهف الآية 86.(1/571)
ولا تنافي بين القراءتين اذ لا مانع من أن تكون العين ذات طين أسود وفيها الحرارة (1).
«حاذرون» من قوله تعالى: {وَإِنََّا لَجَمِيعٌ حََاذِرُونَ} (2).
قرأ «ابن ذكوان، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وهشام بخلف عنه» «حاذرون» باثبات ألف بعد الحاء، اسم فاعل من «حذر» ومعنى «حاذرون» مستعدون بالسلاح وغيره من آلة الحرب.
وقرأ الباقون «حذرون» بحذف الالف، وهو الوجه الثاني» (3).
«فارهين» من قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً فََارِهِينَ} (4).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فارهين» باثبات ألف بعد الفاء، على أنه اسم فاعل، بمعنى: حاذقين.
وقرأ الباقون «فرهين» بحذف الالف، على أنه صفة مشبهة بمعنى: أشرين أي بطرين (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
حامية حمئة واهمز أفا عد حق النشر في القراءات العشر ج 3ص 169 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 73، 74.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 409.
(2) سورة الشعراء الآية 56
(3) قال ابن الجزرى: وحادروا امدد كفى لي الخلف من انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 222.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 93.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 151.
(4) سورة الشعراء الآية 149
(5) قال ابن الجزرى: وفارهين كنز(1/572)
«فاكهون» من قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحََابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فََاكِهُونَ} (1).
«فاكهين» من قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كََانُوا فِيهََا فََاكِهِينَ} (2).
ومن قوله تعالى: {فََاكِهِينَ بِمََا آتََاهُمْ رَبُّهُمْ} (3).
ومن قوله تعالى: {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى ََ أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} (4).
وقرأ «أبو جعفر» «فكهون، فكهين» في المواضع المذكورة أعلاه، بحذف الالف التي بعد الفاء، على أنه صفة مشبهة.
وقرأ «حفص، وابن عامر» بخلف عنه، موضع المطففين «فكهين» بحذف الالف التي بعد الفاء، مثل قراءة «أبي جعفر».
وقرأ حفص، وابن عامر، موضع يس «فاكهون» وموضعي الدخان، والطور، «فاكهين» باثبات الالف التي بعد الفاء، على أنه اسم فاعل، مثل «لابن، وتامر».
وقرأ الباقون «فاكهون، وفاكهين» في المواضع الاربعة، باثبات الالف على أنه اسم فاعل (5).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 223.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 96.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 151.
(1) سورة يس الآية 55
(2) سورة الدخان الآية 27
(3) سورة الطور الآية 18
(4) سورة المطففين الآية 31
(5) قال ابن الجزرى:
وفاكهون فاكهين اقصر ثنا ... تطفيف كون الخلف عن ثرا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 265.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 168، 226، 254، 327.(1/573)
«لابثين» من قوله تعالى: {لََابِثِينَ فِيهََا أَحْقََاباً} (1).
قرأ «حمزة، وروح» «لبثين» بغير ألف بعد اللام، على وزن «فعلين» على أنه صفة مشبهة.
وقرأ الباقون «لابثين» بألف بعد اللام، على وزن «فاعلين» على أنه اسم فاعل (2).
__________
(1) سورة النبأ الآية 23
(2) قال ابن الجزرى: في لابثين القصر شد فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 356 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 320 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 359.(1/574)
الفصل التاسع من الباب الرابع بين اسم الفاعل واسم المفعول
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على أنها «اسم فاعل» وأخرى على أنها «اسم مفعول».
وذلك في أسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«موليها» من قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهََا} (1).
قرأ «ابن عامر» «مولاها» بفتح اللام، وألف بعدها، اسم مفعول.
وقرأ الباقون «موليها» بكسر اللام، وياء ساكنة بعدها، اسم فاعل (2).
قال «الزبيدى» ت 1205هـ:
«التولية» قد تكون اقبالا، وتكون انصرافا: فمن الاول قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} (3).
__________
(1) سورة البقرة الآية 148
(2) قال ابن الجزرى: وفي موليها مولاها كنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 421.
(3) سورة البقرة الآية 144(1/575)
أي وجه وجهك نحو المسجد الحرام في الصلاة، وتلقاه، وكذلك قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهََا}.
قال «الفراء» ت 207هـ: «هو مستقبلها» أهـ والتولية في هذا الموضع استقبال، وقد قرئ «هو مولاها» أي الله تعالى يولي أهل كل ملة القبلة التي يريد.
ومن الانصراف: قوله تعالى: {مََا وَلََّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كََانُوا عَلَيْهََا} (1).
أي ما عدلهم، وصرفهم. أهـ (2).
«يؤت» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (3).
قرأ «يعقوب» «يؤت» بكسر التاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم في قوله: «والله واسع عليم»، و «من» مفعول أول، و «الحكمة» مفعول ثان، والتقدير: يؤت الله من يشاء الحكمة، واذا وقف على «يؤت» أثبت الياء، كما قال «ابن الجزرى» بالياء قف.
وقرأ الباقون «يؤت» بفتح التاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «من» و «الحكمة» مفعول، ويقفون عليها بالتاء الساكنة (4).
«مسومين» من قول الله تعالى: {بَلى ََ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هََذََا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلََافٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (5).
__________
(1) سورة البقرة الآية 142
(2) انظر: تاج العروس مادة «ولى» ج 10ص 400.
(3) سورة البقرة الآية 268
(4) قال ابن الجزرى: من يؤت كسر التا ظبى بالياء قف انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 443.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 83.
واتحاف فضلاء البشر ص 164.
(5) سورة آل عمران الآية 125(1/576)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو وعاصم، ويعقوب» «مسومين» بكسر الواو، اسم فاعل من «سوم» مضعف العين.
وقرأ الباقون «مسومين» بفتح الواو، اسم مفعول من «سوم» مضعف العين أيضا (1).
والسمة العلامة، فعن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه قال:
«كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الابيض، وكان سيماهم أيضا في نواصي خيولهم» أهـ وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «كان سيما الملائكة يوم «بدر» عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم، يوم «حنين» عمائم حمر» أهـ وقال «قتادة، وعكرمة»: «مسومين» أي بسيما القتال. أهـ (2).
ومن ينعم النظر في هاتين القراءتين يجد مرد الخلاف يرجع الى الصيغة: اذ القراءة الاولى اسم فاعل، والثانية اسم مفعول.
قال «الراغب» في مادة «سام»: «السوم»: أصله الذهاب في ابتغاء الشيء، فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب، والابتغاء، وأجرى مجرى الذهاب في قولهم: سامت الابل فهي سائمة، ومجرى الابتغاء في قولهم:
سمت كذا. أهـ (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
مسومين نم ... حق اكسر الواو
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 12.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 134.
واتحاف فضلاء البشر ص 179.
(2) انظر: مختصر تفسير ابن كثير ج 1ص 316.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 250.(1/577)
ويقال: قد سومته: أي علمته، ومسومين بتشديد الواو المفتوحة أي معلمين، ومسومين بتشديد الواو المكسورة أي معلمين أهـ (1).
وقال «الزبيدي» في مادة «سوم»: «السومة» بالضم، والسيمة، بالكسر، والسيماء، والسيمياء ممدودين بكسرهن: العلامة يعرف بها الخير. والشر.
وقال «الجوهري»: «السومة»: العلامة تجعل على الشاة» أهـ.
وقال «ابن الاعرابي»: «السيمة»: العلامة على صوف الغنم، والجمع «السيم» أهـ.
وقال «أبو بكر بن دريد»: «قولهم عليه سيما حسنة معناه علامة، وهي مأخوذة من «وسمت اسم» والاصل في «سيما» «وسمى» فحولت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا: ما أطيبه، وأيطبه، فصار «سومى» وجعلت الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها» أهـ وقال «الاصمعي»: «السيماء» ممدود، ومنه قول الشاعر:
غلام رماه الله بالحسن يافعا ... له سيماء لا تشق على البصر.
وقال «الجوهري»: «السيما» مقصور، من الواو، قال الله تعالى:
{سِيمََاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (2).
وقد يجيء «السيماء، والسيمياء» ممدودين وأنشد لا سيد بن عنقاء الفزاري يمدح «عميلة» حين قاسمه ماله:
غلام رماه الله بالحسن يافعا ... له سيمياء لا تشق على البصر
كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر (3)
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 251.
(2) سورة الفتح الآية 29.
(3) انظر: تاج العروس ج 8ص 350.(1/578)
ويقال: «سوم» بتشديد الواو الفرس، تسويما: جعل عليه «سيمة» أي علامة، وقال «الليث»: أي أعلم عليه بحريره، أو بشيء يعرف به.
وقال «أبو زيد الانصاري»: «سوم، الخيل» بتشديد الواو أرسلها الى المرعى ترعى حيث شاءت» أهـ (1).
«مبينة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ يَأْتِينَ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (2).
ومن قوله تعالى: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (3).
ومن قوله تعالى: {وَلََا يَخْرُجْنَ إِلََّا أَنْ يَأْتِينَ بِفََاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (4).
قرأ «ابن كثير، وشعبة» «مبينة» حيثما وقعت في القرآن الكريم وقد وقعت في هذه المواضع الثلاثة بفتح الياء مشددة على أنها اسم مفعول من المتعدي، أي يبينها من يدعيها.
وقرأ الباقون «مبينة» حيثما وقعت بكسر الباء مشددة، على أنها اسم فاعل، بمعنى ظاهرة، أي بفاحشة ظاهرة، وهي لازمة غير متعدية (5).
«وأحل» من قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مََا وَرََاءَ ذََلِكُمْ} (6).
قرأ: «حفص، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «وأحل» بضم الهمزة، وكسر الحاء، على البناء للمفعول، و «ما» اسم
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 8ص 351.
(2) سورة النساء الآية 19
(3) سورة الاحزاب الآية 30
(4) سورة الطلاق الآية 1
(5) قال ابن الجزرى: وصف دما بفتح يا مبينة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 27 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 383.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 154
(6) سورة النساء الآية 24(1/579)
موصول نائب فاعل، وهذه القراءة تتفق مع قوله تعالى قبل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهََاتُكُمْ} (1). الخ فطابق بين أول الكلام وآخره، فكأنه قال: «حرم عليكم كذا، وأحل لكم كذا».
وقرأ الباقون «وأحل» بفتح الهمزة، والحاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير والمراد به الله تعالى، و «ما» اسم موصول مفعول به (2).
«محصنات» نحو قوله تعالى: {مُحْصَنََاتٍ غَيْرَ مُسََافِحََاتٍ} (3).
«المحصنات» نحو قوله تعالى: {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنََاتِ الْمُؤْمِنََاتِ} (4).
قرأ «الكسائي» «محصنات» المنكر حيثما وقع القرآن الكريم، وكذا «المحصنات» المعرف حيثما وقع القرآن الكريم أيضا، الا قوله تعالى:
{وَالْمُحْصَنََاتُ مِنَ النِّسََاءِ} الموضع الاول (5).
من سورة النساء.
قرأ كل ذلك بكسر الصاد، على أنهن اسم فاعل لانهن أحصن أنفسهن بالعفاف، وفروجهن بالحفظ عن الوقوع في الزنا.
وانما استثنى الكسائي الموضع الاول فقرأه بفتح الصاد، لان المراد به ذوات الازواج، وذوات الازواج حرم الله وطأهن.
__________
(1) الآية 23
(2) قال ابن الجزرى: أحل ثب صحبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 28.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 385 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 155.
(3) سورة النساء الآية 25
(4) سورة النساء الآية 25
(5) الآية 24(1/580)
وقرأ الباقون «محصنات، والمحصنات» المنكر، والمعرف حيثما وقعا في القرآن الكريم بفتح الصاد، على أنهن اسم مفعول، والاحصان مسند لغيرهن من زوج، أو ولي أمر (1).
«أحصن» من قوله تعالى:
{فَإِذََا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفََاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مََا عَلَى الْمُحْصَنََاتِ مِنَ الْعَذََابِ} (2).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أحصن» بفتح الهمزة، والصاد، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الاماء، والمعنى: فاذا أحصن الاماء أنفسهن بالتزويج فالحد لازم لهن اذا زنين، وهو خمسون جلدة، نصف ما على الحرائر المسلمات غير المتزوجات، أي الابكار.
وقرأ الباقون «أحصن» بضم الهمزة، وكسر الصاد، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على الاماء أيضا، والمعنى: فاذا أحصنهن الازواج بالتزويج فالحد لازم لهن اذا زنين وهو خمسون جلدة، نصف ما على الحرائر غير المتزوجات أي الابكار (3).
«مؤمنا» من قوله تعالى: {وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى ََ إِلَيْكُمُ السَّلََامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ومحصنة في الجمع كسر الصاد لا الاولى رمى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 28 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 384 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 156
(2) سورة النساء الآية 25
(3) قال ابن الجزرى: أحصن ضم اكسر على كهف سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 28 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 385
(4) سورة النساء الآية 94(1/581)
قرأ «أبو جعفر» بخلف عنه «مؤمنا» بفتح الميم الثانية، على أنها اسم مفعول، أي لن نؤمنك على نفسك.
وقرأ الباقون بكسر الميم الثانية، وهو الوجه الثاني «لأبي جعفر» على أنها اسم فاعل، والتقدير: إنما فعلت ذلك أي قلت: «السلام عليكم» متعوذا وليس عن ايمان صحيح (1).
«مردفين» من قوله تعالى: {فَاسْتَجََابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلََائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «مردفين» بفتح الدال، على أنه اسم مفعول.
قال «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224هـ:
«تأويله أن الله تبارك وتعالى أردف المسلمين بالملائكة» أهـ وكان «مجاهد بن جبر» ت 104هـ يفسرها: «ممدين».
وقرأ الباقون «مردفين» بكسر الدال، على أنه اسم فاعل قال «أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 154هـ:
«أي أردف بعضهم بعضا، فالارداف أن يحمل الرجل صاحبه خلفه، تقول: «ردفت الرجل» أي ركبت خلفه، وأردفته: اذا أركبته خلفي» أهـ وقال «ابن مجاهد» ت 324هـ:
__________
(1) قال ابن الجزرى:
السلام لست فاقصرن عم فتى ... وبعد مؤمنا فتح ثالثة بالخلف ثابتا وضح
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 34 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 167.
(2) سورة الانفال الآية 9(1/582)
«مردفين»: أي متقدمين لمن وراءهم، كأن من يأتي بعدهم ردف لهم، أي أتوا في ظهورهم» أهـ (1).
ويقال: «الرديف»: الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة، تقول: «أردفته اردافا» و «ارتدفته» فهو «رديف»، و «ردف» ومنه «ردف» المرأة: وهو عجزها، والجمع «أردف» و «استردفته»: سألته أن يردفني وجمع «الرديف» «ردافى» على غير قياس، نحو: «خيارى».
وقال «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311هـ:
«ردفت» الرجل بالكسر: اذا ركبت خلفه، و «أردفته»: اذا أركبته خلفك، و «ردفته» بالكسر: لحقته وتبعته.
و «ترادف» القوم: تتابعوا، وكل شيء تبع شيئا فهو «ردفه» أهـ (2).
«المخلصين» من قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبََادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب» «المخلصين» بكسر اللام، على أنه اسم فاعل، من «أخلص» لانهم أخلصوا أنفسهم لعبادة الله تعالى.
وقرأ الباقون «المخلصين» بفتح اللام، اسم مفعول، من «أخلص» لان الله سبحانه وتعالى أخلصهم، أي اختارهم لعبادته (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ومرد في افتح داله مدا ظمى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 88.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 486.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 263.
(2) انظر: المصباح المنير ج 1ص 225224.
(3) سورة يوسف الآية 24
(4) قال ابن الجزرى: والمخلصين الكسر كم حقا انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 125 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 109 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 335.(1/583)
«مخلصا» من قوله تعالى: {إِنَّهُ كََانَ مُخْلَصاً} (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «مخلصا» بفتح اللام، على أنه اسم مفعول.
وقرأ الباقون «مخلصا» بكسر اللام، على أنه اسم فاعل (2).
المعنى: اذكر يا محمد لأمتك قصة «موسى» عليه السلام، اذ أن الله تعالى قد أخلصه للعبادة، والنبوة، وكان رسول الله الى فرعون وقومه بلغهم شريعته، وأمرهم بعبادة الله وحده.
«مبينات» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنََا إِلَيْكُمْ آيََاتٍ مُبَيِّنََاتٍ} (3).
ومن قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنََا آيََاتٍ مُبَيِّنََاتٍ} (4).
ومن قوله تعالى: {رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيََاتِ اللََّهِ مُبَيِّنََاتٍ} (5).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «مبينات» في هذه المواضع الثلاثة بفتح الياء، على أنها اسم مفعول.
وقرأ الباقون بكسر الياء، على أنها اسم فاعل (6).
__________
(1) سورة مريم الآية 51
(2) قال ابن الجزرى:
والمخلصين الكسر كم حق ومخلصا بكاف حق عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 177.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 89.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 9.
(3) سورة النور الآية 34
(4) سورة النور الآية 46
(5) سورة الطلاق الآية 11
(6) قال ابن الجزرى:
وصف دما بفتح يا مبينة والجمع حرم صن حما(1/584)
«المخلصين» من قوله تعالى: {إِلََّا عِبََادَ اللََّهِ الْمُخْلَصِينَ} (1).
ومن قوله تعالى: {إِلََّا عِبََادَ اللََّهِ الْمُخْلَصِينَ} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب» «المخلصين» في الموضعين بكسر اللام، على أنه اسم فاعل، من «أخلص» الرباعي، لانهم أخلصوا أنفسهم لعبادة الله تعالى.
وقرأ الباقون «المخلصين» معا بفتح اللام، على أنه اسم مفعول، من «أخلص» لان الله سبحانه وتعالى أخلصهم أي اختارهم لعبادته (3).
«المخلصين» من قوله تعالى: {إِلََّا عِبََادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (4).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب» «المخلصين» بكسر، اللام على أنه اسم فاعل، من «أخلص» الرباعي، لانهم أخلصوا أنفسهم لعبادة الله تعالى.
وقرأ الباقون «المخلصين» بفتح اللام، اسم مفعول، من «أخلص» أيضا، لان الله سبحانه وتعالى أخلصهم، أي اختارهم لعبادته (5).
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 27.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 383.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 74.
(1) سورة الصافات الآية 40.
(2) سورة الصافات الآية 74.
(3) قال ابن الجزرى: والمخلصين الكسر كم حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 125 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 174
(4) سورة ص الآية 83
(5) قال ابن الجزرى: والمخلصين الكسر كم حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 125 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 185(1/585)
«آسن» من قوله تعالى: {فِيهََا أَنْهََارٌ مِنْ مََاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (1).
قرأ «ابن كثير» «أسن» بغير مد بعد الهمزة، على وزن «فعل» وهو اسم فاعل مثل «حذر»، وهو قليل.
يقال: «أسن الماء يأسن»: اذا تغير.
«وأسن الرجل يأسن» اذا غشى عليه من ريح خبيثة.
وقرأ الباقون «آسن» بالمد، على وزن «فاعل» وهو اسم فاعل أيضا، وهو الاكثر، نحو: «جهل يجهل» فهو جاهل (2).
«المنشآت» من قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} (3).
قرأ «حمزة، وشعبة» بخلف عنه «المنشآت» بكسر الشين، على أنها اسم فاعل من «أنشأت» فهي «منشئة» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» وحينئذ يكون الفعل منسوب اليها على الاتساع، والمفعول محذوف، والتقدير:
المنشآت السير.
وقرأ الباقون «المنشآت» بفتح الشين، اسم مفعول من «أنشأ» فهي «منشأة» أي مجراه، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» وهو الوجه الثاني «لشعبة» (4).
__________
(1) سورة محمد الآية 15
(2) قال ابن الجزرى: وآسن اقصر دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 306 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 238.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 277.
(3) سورة الرحمن الآية 24.
(4) قال ابن الجزرى: وكسر في المنشآت الشين صف خلفا فخر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 321 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 267.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 301.(1/586)
«مستنفرة» من قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} (1).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «مستنفرة» بفتح الفاء، اسم مفعول، أي ينفرها «القانص» أو «الاسد» الذي هو «القسورة».
وقرأ الباقون «مستنفرة» بكسر الفاء، اسم فاعل، بمعنى «نافرة» (2).
__________
(1) سورة المدثر الآية 50.
(2) قال ابن الجزرى: وفا مستنفرة بالفتح عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 348 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 311.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 347.(1/587)
الفصل العاشر من الباب الرابع بين صيغ مختلفة
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت بصيغتين مختلفتين في أسلوب واحد.
ونظرا لان هذه الصيغ جاءت متعددة ومتفرقة فقد جعلتها في هذا الفصل وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«أسارى» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسََارى ََ تُفََادُوهُمْ} (1).
قرأ «حمزة» «أسرى» بفتح الهمزة، واسكان السين، وحذف الالف بعدها، على وزن «فعلى» جمع «أسير» مثل: «جريح، وقتيل» بمعنى مأسور، ومجروح، ومقتول.
ولما كان «جريح، وقتيل» يجمعان على «فعلى» ولا يجمعان على «فعالى» فعل «بأسرى» ذلك، فهو أصله (2).
__________
(1) سورة البقرة الآية 85.
(2) قال ابن مالك: فعلى لوصف كقتيل(1/588)
وقرأ الباقون «أسارى» بضم الهمزة، وفتح السين، واثبات ألف بعدها، جمع «أسرى» مثل: «سكرى وسكارى» فيكون «أسارى» جمع الجمع، وقيل: «أسارى» جمع «أسير» مثل: «كسالى» جمع «كسيل» (1).
«الاسر» بفتح الهمزة: الشد بالقيد، وسمي «الاسير» بذلك، ثم قيل لكل مأخوذ ومقيد، وان لم يكن مشدودا ذلك، وجمع «أسير»: «أسارى» بفتح الهمزة، «وأسارى» بضم الهمزة، «وأسرى» (2).
«والاسر» بضم الهمزة: احتباس البول، ورجل مأسور:
أصابه أسر، كأنه سد منفذ بوله (3).
يقال: «أسرت الرجل أسرا، وأسارا» فهو «أسير، ومأسور».
قال «مجاهد» ت 104هـ (4):
«الاسير»: المسجون، والجمع «أسراء»، «وأسارى» بضم الهمزة، «وأسارى» بفتح الهمزة، «وأسرى» «بفتح الهمزة» أهـ وقال «أبو اسحاق»، إبراهيم بن علي الفهري ت 651هـ (5):
يجمع «الاسير» «أسرى» ثم قال: «وفعلى» جمع لكل ما أصيبوا به في
__________
(1) قال ابن الجزرى: أسرى فشا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 410. وتقريب النشر ص 92 والتيسير في القراءات السبع ص 70
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «أسر» ص 17.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «أسر» ص 18.
(4) هو: مجاهد بن جبير، المكي «أبو الحجاج» مفسر، من آثاره تفسير القرآن ت 104هـ انظر: معجم المؤلفين ج 8ص 177.
(5) هو: إبراهيم بن علي بن أحمد الفهري، الشريشي، «أبو اسحاق» أديب، كاتب، له عدة مصنفات منها: كنز الكتاب، ومنتخب الادب، والتبيين والتنقيح لما ورد من الغريب في كتاب الفصيح ت 651هـ:
انظر: معجم المؤلفين ج 1ص 63.(1/589)
أبدانهم، أو عقولهم، مثل: «مريض ومرضى» «وأحمق وحمقى» «وسكران وسكرى» ثم قال: «ومن قرأ «أسارى» فهو جمع الجمع، يقال: «أسير وأسرى» ثم «أسارى» جمع الجمع» أهـ (1).
«تطوع» من قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللََّهَ شََاكِرٌ عَلِيمٌ} (2).
ومن قوله تعالى: فمن تطوع خيرا فهو خير له (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطوع» في الموضعين بالياء التحتية، وتشديد الطاء، وجزم العين، وهو فعل مضارع مجزوم بمن الشرطية، وأصله «يتطوع» فأدغمت التاء في الطاء، وذلك لانهما يخرجان من مخرج واحد وهو طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا (4).
كما أنهما يتفقان في الصفتين الآتيتين: الشدة، والاصمات (5).
المعنى: يخبر الله تعالى أن من يفعل خيرا تطوعا لله تعالى، فهو خير له لأن الله تعالى سيثيبه على ذلك يوم القيامة بالرضوان، والاجر العظيم.
وقرأ الباقون غير «يعقوب» «تطوع» في الموضعين بالتاء الفوقية وتخفيف الطاء وفتح العين، وهو فعل ماض، في محل جزم «بمن» على أنها شرطية، أو صلة «لمن» على أنها اسم موصول.
وقرأ «يعقوب» الموضوع الاول «يطوع» مثل حمزة ومن معه، والموضع الثاني «تطوع» مثل قراءة الباقين (6).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «أسر» ج 3ص 13.
(2) سورة البقرة الآية 158.
(3) سورة البقرة الآية 184.
(4) انظر: الرائد في تجويد القرآن ص 41.
(5) انظر: الرائد في تجويد القرآن ص 48.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 422.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 44.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 269.(1/590)
«الطوع»: الانقياد، ويضاده «الكره» قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوى ََ إِلَى السَّمََاءِ وَهِيَ دُخََانٌ فَقََالَ لَهََا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيََا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قََالَتََا أَتَيْنََا طََائِعِينَ} (1).
«والتطوع»: في الاصل: تكلف الطاعة، وهو في التعارف: التبرع بما لا يلزم كالتنقل، قال تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (2).
قال «الزبيدي» ت 1205: (3)
«وصلاة التطوع»: «النافلة» وكل متنفل خير تبرعا «متطوع» قال الله تعالى:
فمن تطوع خيرا فهو خير له.
قال «الازهري» ت 370هـ:
«الاصل فيه «يتطوع» فأدغمت التاء في الطاء، وكل حرف أدغمته في حرف نقلته الى لفظ المدغم فيه، ومن قرأ على لفظ الماضي أي بتاء فوقية، وتخفيف الطاء، وفتح العين فمعناه: الاستقبال وهذا قول حذاق النحويين.
ثم قال: «والتطوع»: ما تبرع به من ذات نفسه مما لا يلزم فرضه، كأنهم جعلوا «التفعل» هنا اسما» أهـ (4).
__________
وتفسير البحر المحيط ج 1ص 458.
قال ابن الجزرى:
تطوع التا يا وشدد مسكنا ... ظبا شفا الثاني شفا
(1) سورة فصلت الآية 11.
(2) انظر المفردات في غريب القرآن مادة «طوع» ص 310.
(3) هو: محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني «الزبيدي» الملقب «بمرتضى» «أبو الفيض» لغوي، نحوي، محدث، أصولي، أديب، ناظم، ناثر، ومؤرخ، نسابة، مشارك في عدة علوم، مولده في «بلجرام» في الشمال الغربي من «الهند» ومنشؤه في «زبيد» باليمن رحل الى الحجاز، وأقام بمصر، فاشتهر فضله، وكاتبه الملوك، له عدة مصنفات منها: تاج العروس شرح القاموس، وشرح احياء علوم الدين، وعقد الجواهر المنيفة في أدلة مذهب أبي حنيفة، توفي بمصر بمرض الطاعون عام 1205هـ:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 11ص 282
(4) انظر: تاج العروس ج 5ص 445.(1/591)
«آتيتم» من قوله تعالى: {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ إِذََا سَلَّمْتُمْ مََا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوََالِ النََّاسِ فَلََا يَرْبُوا عِنْدَ اللََّهِ} (2).
قرأ «ابن كثير» «أتيتم» في الموضعين بقصر الهمزة، على معنى جئتم وفعلتم.
وقرأ الباقون «آتيتم» بالمد، على معنى أعطيتم (3).
تنبيه: «آتيتم» من قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ زَكََاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللََّهِ} (4)
وهو الموضع الثاني في الروم.
اتفق القراء العشرة على قراءته بالمد، لان المراد به أعطيتم.
«تمسوهن» من قوله تعالى: {لََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسََاءَ مََا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتََاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تماسوهن» بضم التاء، واثبات
__________
(1) سورة البقرة الآية 233.
(2) سورة الروم الآية 39.
(3) قال ابن الجزرى: وآتيتم قصره كأول الروم دنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 432.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 296.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 94.
واتحاف فضلاء البشر ص 158
(4) سورة الروم الآية 9.
(5) سورة البقرة الآية 236.(1/592)
ألف بعد الميم مع المد المشبع، من المفاعلة التي تكون بين اثنين، لأن كل واحد من الزوجين يمس الآخر اثناء الجماع.
وقرأ الباقون «تمسوهن» بفتح التاء من غير ألف ولا مد، على أنه «المس» من الرجال، ومعناه «الجماع» على القراءتين (1).
تنبيه: ومثل «تمسوهن» في حكم القراءات قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (2).
وقوله تعالى:
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنََاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (3).
«أعلم» من قوله تعالى: {فَلَمََّا تَبَيَّنَ لَهُ قََالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي» «اعلم» بوصل الهمزة مع سكون الميم حالة وصل» قال باعلم «واذا ابتدأ باعلم كسرا همزة الوصل، وذلك على الاصل، وفاعل «قال» ضمير يعود على الله تعالى، اعلم فعل أمر.
وقرأ الباقون «أعلم» بهمزة قطع مفتوحة وصلا، وابتداء، مع رفع الميم،
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 432.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 47.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 297.
وحجة القراءات ص 137.
واتحاف فضلاء البشر ص 159.
قال ابن الجزرى: كل تمسوهن ضم امدد شفا
(2) سورة البقرة الآية 237.
(3) سورة الاحزاب الآية 49.
(4) سورة البقرة الآية 259.(1/593)
وهو فعل مضارع واقع مقول القول، وفاعل «قال» ضمير يعود على «عزيز» (1).
«فرهان» من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى ََ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كََاتِباً فَرِهََانٌ مَقْبُوضَةٌ} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «فرهن» بضم الراء، والهاء، من غير ألف، وجمع «رهن» نحو: «سقف، وسقف».
وقرأ الباقون «فرهان» بكسر الراء، وفتح الهاء، والف بعدها، جمع «رهن» أيضا، نحو: «كعب، وكعاب» (3).
«الرهن» هو توثيق دين بعين يمكن استيفاؤه منها، أو من ثمنها، وذلك كأن يستدين شخص من آخر دينا، فيطلب الدائن منه وضع شيء تحت يده من حيوان، أو عقار، أو غيرهما ليستوثق دينه، فمتى جل الاجل ولم يسدد له دينه استوفاه مما تحت يده.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 438.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 312.
وحجة القراءات ص 144.
واتحاف فضلاء البشر ص 162.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 101.
قال ابن الجزرى: ووصل اعام بجزم في رزوا.
(2) سورة البقرة الآية 283.
(3) قال ابن الجزرى:
رهان كسرة وفتحة ضم وقصر حز دوى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 446 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 111.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 322.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 93.(1/594)
فالدائن يسمى مرتهنا، والمدين يسمى راهنا، والعين المرهونة تسمى رهنا.
أهـ (1).
وجاء في «المفردات»: «الرهن»: ما يوضع وثيقة للدين، والرهان مثله، وأصلهما مصدر، يقال: رهنت الرهن، وراهنته رهانا، فهو رهين، ومرهون.
ويقال في جمع «الرهن» رهان «ورهن» بضم الراد والهاء «ورهون».
ولما كان «الرهن» يتصور منه حبسه، استعير ذلك لحبس أي شيء كان» أهـ (2).
قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمََا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (3).
وجاء في «تاج العروس»: «الرهن» لغة: الثبوت، والاستقرار، وشرعا:
جعل عين مالية وثيقة بدين لازم، آيل الى اللزوم» أهـ وجاء في «المحكم والمحيط الاعظم» «لابن سيدة»: «الرهن: ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك» أهـ (4).
«عقدت» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمََانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (5).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدت» بغير ألف بعد العين، وذلك على اسناد الفعل الى «الايمان» والايمان: جمع يمين التي هي اليد، والمفعول محذوف، والتقدير: والذين عقدت أيمانكم عهودهم فآتوهم نصيبهم.
وقرأ الباقون «عاقدت» باثبات ألف بعد العين، على اسناد الفعل الى
__________
(1) انظر: منهاج المسلم ص 396395.
(2) انظر: شرح المفردات مادة «رهن» ص 204.
(3) سورة المدثر الآية 38.
(4) انظر: تاج العروس مادة «رهن» ج 9ص 221.
(5) سورة النساء الآية 33.(1/595)
«الايمان» أيضا، وهو من باب المفاعلة، كان الحليف يضع يمينه في يمين صاحبه ويقول: دمي دمك، وترثني وأرثك، وكان يرث السدس من مال حليفه، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحََامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى ََ بِبَعْضٍ فِي كِتََابِ اللََّهِ} (1).
جاء في «المفردات»: «العقد»: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الاجسام الصلبة، كعقد الحبل.
ثم يستعار ذلك للمعاني نحو: عقد البيع، والعهد وغيرهما، فيقال:
عاقدته، وعقدته، وتعاقدنا، وعقدت يمينه» أهـ (2).
«لامستم» من قوله تعالى: أو لمستم النساء (3).
ومن قوله تعالى: أو لمستم النساء (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لمستم» معا في السورتين بحذف الالف التي بعد اللام، على اضافة الفعل والخطاب للرجال دون النساء، على معنى: مس اليد الجسد، ومس بعض الجسد بعض الجسد، فجرى الفعل من واحد، ودليله قوله تعالى: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} (5).
ولم يقل: ولم يماسسني بشر.
قال «ابن مسعود، وابن عمر» رضي الله عنهما: المراد باللمس هنا:
__________
(1) قال ابن الجزرى: عاقدت لكوف قصرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 39.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 388.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 157.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «عقد» ص 341.
(3) سورة النساء الآية 43.
(4) سورة المائدة الآية 6.
(5) سورة آل عمران الآية 70(1/596)
الافضاء باليد الى الجسد، وببعض جسده الى جسدها، فحمل على غير الجماع، فهو من واحد.
وقرأ الباقون «لامستم» باثبات ألف بعد السين، وذلك على المفاعلة التي لا تكون الا من اثنين، اذا فيكون معناه: الجماع.
ويجوز أن تكون المفاعلة على غير بابها نحو: «عاقبت اللص» فتتحد هذه القراءة مع القراءة الاولى في المعنى (1).
جاء في «المفردات»: «اللمس»: ادراك بظاهر البشرة كالمس، ويكنى به وبالملامسة عن الجماع.
وقرئ «لامستم ولمستم النساء» حملا على المس، وعلى الجماع» أهـ (2).
«يصلحا» من قوله تعالى: {فَلََا جُنََاحَ عَلَيْهِمََا أَنْ يُصْلِحََا بَيْنَهُمََا صُلْحاً} (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يصلحا» بضم الياء، واسكان الصاد، وكسر اللام من غير ألف بعدها، على أنه مضارع «أصلح» الثلاثي المزيد بهمزة.
والاصلاح من المصلح بين المتنازعين جاء به «القرآن الكريم» وقال تعالى:
{وَأَصْلِحُوا ذََاتَ بَيْنِكُمْ} (4).
وقال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: لامستم قصر معا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 30.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 391.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 160
(2) انظر: المفردات مادة «مس» ص 454.
(3) سورة النساء الآية 128.
(4) سورة الانفال الآية 1.
(5) سورة الحجرات الآية 10.(1/597)
وقرأ الباقون «يصالحا» بفتح الياء، والصاد المشددة وألف بعدها، وفتح اللام، وأصلها «يتصالحا» فأدغمت التاء في الصاد بعد قلبها صادا.
وذلك لان الفعل لما كان من اثنين جاء على باب المفاعلة التي تثبت للاثنين مثل: تصالح الرجلان، يتصالحان، ثم أدغمت التاء في الصاد (1).
«سحر» من قوله تعالى: {فَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (2).
ومن قوله تعالى: {قََالَ الْكََافِرُونَ إِنَّ هََذََا لَسََاحِرٌ مُبِينٌ} (3).
ومن قوله تعالى: {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (4).
ومن قوله تعالى: {فَلَمََّا جََاءَهُمْ بِالْبَيِّنََاتِ قََالُوا هََذََا سِحْرٌ مُبِينٌ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ساحر» في السور الاربع بفتح السين، وألف بعدها وو كسر الحاء، على أنه اسم فاعل من «سحر» الثلاثي المجرد.
وقرأ «ابن كثير، وعاصم» موضع يونس «ساحر» بفتح السين، وألف بعدها، وكسر الحاء، على أنه اسم فاعل.
وقرءوا المواضع الثلاثة الباقية «سحر» بكسر السين، وحذف الالف،
__________
(1) قال ابن الجزرى: يصلحا كون لدا يصالحا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 36.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 398. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 171
(2) سورة المائدة الآية 110.
(3) سورة يونس الآية 2.
(4) سورة هود الآية 7.
(5) سورة الصف الآية 6.(1/598)
واسكان الحاء، على أنه مصدر «سحر» والتقدير: ما هذا الخارق للعادة الا سحر، أو جعلوه نفس السحر مبالغة، مثل قولهم: «زيد عدل».
وقرأ الباقون «سحر» في السور الاربع، وقد سبق توجيهه (1).
جاء في «المفردات»: «السحر» يقال على معان:
الأول: الخداع، وتخيلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله «المشعوذ» بصرف الابصار عما يفعله لخفة يده، وعلى ذلك قوله تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النََّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجََاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (2).
والثاني: استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب اليه، قال تعالى:
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ} (3).
وعلى ذلك قوله تعالى: {وَلََكِنَّ الشَّيََاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النََّاسَ السِّحْرَ} (4). أهـ (5).
«وجعل الليل» من قوله تعالى: {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} (6).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وجعل» بفتح العين واللام، من غير ألف بينهما، على أنه فعل ماض، و «الليل» بالنصب، على
__________
(1) قال ابن الجزرى: وسحر ساحر شفا كالصف هود وبيونس دفا كفا؟
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 46. والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 421.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 312290199، ج 2ص 286.
(2) سورة الاعراف الآية 116.
(3) سورة الشعراء الآية 222221.
(4) سورة البقرة الآية 102.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 226.
(6) سورة الانعام الآية 96.(1/599)
أنه مفعول به لجعل، وهذه القراءة جاءت مناسبة لقوله تعالى بعد: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ} (1).
وقرأ الباقون «وجاعل» بالالف بعد الجيم، وكسر العين، ورفع اللام، و «الليل» بالخفض، على أن «جاعل» اسم فاعل أضيف الى مفعوله وهذه القراءة جاءت مناسبة لقوله تعالى قبل: {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ} (2).
«فمستقر» من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وروح» «فمستقر» بكسر القاف، على أنه اسم فاعل مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: فمنكم مستقر في الرحم، أي قد صار اليها واستقر فيها، ومنكم من هو مستودع في صلب أبيه.
وقرأ الباقون «فمستقر» بفتح القاف، على أنه اسم مكان مبتدأ والخبر محذوف أيضا، والتقدير: فمنكم من هو قار في الارحام، ومنكم من هو مستودع في صلب أبيه (4).
جاء في «التاج»: قال «ابن القطاع» ت 515هـ (5):
__________
(1) الآية 97
(2) قال ابن الجزرى:
وجاعل اقرأ جعلا ... والليل نصب الكوف
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 57.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 441.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 219.
(3) سورة الانعام الآية 98
(4) قال ابن الجزرى: قاف مستقر فاكسر شذا حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 57 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 442.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 219.
(5) هو: علي بن جعفر بن علي السعدي، الصقلي، المعروف «بابن القطاع» «أبو القاسم». ولد(1/600)
«قر في المكان» «يقر» بكسر القاف، وفتحها، أي من باب «ضرب، وعلم» أهـ.
وقال «ابن سيدة»، علي بن اسماعيل أبو الحسن ت 458هـ:
«الاولى» أي «يقر» بكسر القاف: أعلى أي أكثر استعمالا أهـ والمصدر: «قرار» كسحاب، «وقرور» كقعود «وقرا» بفتح القاف، والراء مع عدم المد، «وتقرارة».
ومعنى «قر»: ثبت، وسكن، فهو «قار» كاستقر، وتقار» وهو مستقر.
وأصل «تقار»: «تقارر» وأدغمت الراء في الراء» أهـ (1).
«درست» من قوله تعالى: {كَذََلِكَ نُصَرِّفُ الْآيََاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «دارست» بألف بعد الدال، وسكون السين، وفتح التاء، على وزن «قابلت» على أن المفاعلة من الجانبين، أي وليقولوا دارست أهل الكتب السابقة كاليهود والنصارى ودار سوك، من المدارسة، أي «ذكرتهم وذاكروك، ودل على هذا المعنى قولهم في سورة الفرقان: {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذََا إِلََّا إِفْكٌ افْتَرََاهُ وَأَعََانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} (3).
__________
بصقلية، وقرأ على «محمد بن البر» الصقلي اللغوي، وأقام بمصر، وهو: أديب، لغوي، نحوي، صرفي، كاتب، شاعر، عروضي، مؤرخ.
من تصانيفه: الدرة الخطيرة المختارة من شعر أهل الجزيرة، والمراد جزيرة «صقلية» وكتاب الافعال في ثلاث مجلدات، والشافي في علم القوافي، وذكر تاريخ صقلية، وفرائد الشذور وقلائد النحور في الاشعار، توفي بمصر عام 515هـ 1121م:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 7ص 52.
(1) انظر: تاج العروس مادة «قرر» ج 3ص 487.
(2) سورة الانعام الآية 105
(3) سورة الفرقان الآية 4(1/601)
وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «درست» بحذف الالف التي بعد الدال، وفتح السين، وسكون التاء، على وزن «فعلت» بفتح الفاء والعين واللام، وذلك على اسناد الفعل الى الآيات، فأخبر الله عن الكفار أنهم يقولون: هذه الآيات التي جئتنا بها يا محمد قد قدمت، وبليت، ومضت عليها دهور، وكانت من أساطير الاولين فجئتنا بها، ودل على هذا المعنى قوله تعالى:
{وَقََالُوا أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهََا فَهِيَ تُمْلى ََ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (1).
وقرأ الباقون «درست» بغير ألف، واسكان السين، وفتح التاء، على «فعلت» بفتح الفاء والعين وسكون اللام، وذلك على اسناد الفعل الى النبي صلى الله عليه وسلم، فالتاء للخطاب، والمعنى أن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الكفار أنهم قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام:
هذه الآيات التي جئتنا بها كانت نتيجة أنك درست وحفظت كتب الامم السابقة، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {وَإِذََا قِيلَ لَهُمْ مََا ذََا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قََالُوا أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (2).
جاء في «التاج»: «درس الشيء» بضم الهمزة «يدرس» «دروسا» بضم الدال: «عفا».
«ودرسته الريح» «درسا»: «محته».
ومن المجاز: «درس» الكتاب بفتح الباء «يدرسه» بضم الراء، وكسرها، «درسا» بفتح الدال، «ودراسة» بكسر الدال، وفتحها، «دراسا» «ككتاب»:
«قرأه».
__________
(1) سورة الفرقان الآية 5
(2) قال ابن الجزرى:
ودارست لحبر فامدد ... وحرك اسكن كم ظبى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 58.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 443.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 220. والآية من سورة النحل رقم 24.(1/602)
وقيل: «درس الكتاب، يدرسه، درسا»: ذلّله بكثرة القراءة حتى خف حفظه عليه من ذلك «كأدرسه» عن «ابن جني».
ومن المجاز أيضا: «درس الثوب بفتح الباء، يدرسه، درسا»: «أخلقه» فدرس هو درسا» «خلق».
من هذا يتبين أن «درس» يستعمل متعديا، ولازما (1).
«والمدارسة، والدراسة»: «القراءة».
ومنه قوله تعالى: {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} [الأنعام 105] في قراءة «ابن كثير، وأبي عمرو».
وفسره «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما، بقوله «قرأت على اليهود، وقرءوا عليك».
وقرئ «درست» بسكون السين، أي قرأت كتب أهل الكتاب.
وقرئ «درست» بفتح السين، وسكون التاء، أي هذه أخبار قد عفت، وأنمحت، ودرست أشد مبالغة» أهـ (2).
«قبلا» من قوله تعالى: {وَحَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} (3).
ومن قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذََابُ قُبُلًا} (4).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قبلا» في السورتين بضم القاف، والباء، على أنه جمع قبيل، مثل: «رغيف ورغف» ونصبه
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «درس» ج 4ص 149.
(2) انظر: تاج العروس مادة «درس» ج 4ص 150.
(3) سورة الانعام الآية 111
(4) سورة الكهف الآية 55(1/603)
على الحال، فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء فوجا فوجا، ونوعا نوعا من سائر المخلوقات.
وقرأ «نافع، وابن عامر» «قبلا» في السورتين بكسر القاف، وفتح الباء بمعنى مقابلة، أي معاينة، ونصبه حينئذ على الحال، وقيل بمعنى ناحية وجهة، ونصبه حينئذ على الظرف.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» موضع الانعام بضم القاف، والباء، وموضع الكهف بكسر القاف، وفتح الباء.
وقرأ «أبو جعفر» موضع الانعام بكسر القاف، وفتح الباء، وموضع الكهف بضم القاف، والباء (1).
قال «الطبري» ت 310هـ:
اختلف القراء في قراءة «قبلا» من قوله تعالى: {وَحَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} (2).
فقرأته قراء أهل المدينة «قبلا» بكسر القاف، وفتح الباء، بمعنى «معاينة» من قول القائل قبلا أي معاينة، ومجاهرة.
وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين، والبصريين «قبلا» بضم القاف، والباء، واذا قرئ كذلك كان له من التأويل ثلاثة أوجه:
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وقبلا كسرا وفتحا ضم حق كفى ... وفي الكهف كفى ذكرا خفق
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 16360 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 446.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 403222.
ومشكل اعراب القرآن لمكي بن أبي طالب ج 1ص 284.
واعراب القرآن لابن النحاس ج 1ص 574.
واعراب القرآن للعكبري ج 1ص 258.
(2) سورة الانعام الآية 111.(1/604)
أحدها: أن كون «القبل»: جمع «قبيل»، كالرغف» التي هي جمع «رغيف» «والقضب» جمع «قضيب» ويكون «القبل» معناه: الضمناء، والكفلاء.
واذا كان ذلك معناه، كأن تأويل الكلام: وحشرنا عليهم كل شيء كفلاء يكفلون لهم لأن الذي نعدهم على ايمانهم بالله ان آمنوا، أو نوعدهم على كفرهم بالله ان هلكوا على كفرهم ما آمنوا الا أن يشاء الله.
والوجه الثاني: أن يكون «القبل» بمعنى المقابلة، والمواجهة، من قول القائل: أتيتك قبلا لا دبرا: اذا أتاه من قبل وجهه.
والوجه الثالث: أن يكون معناه: وحشرنا عليهم كل شيء قبيلة قبيلة، وصنفا صنفا، وجماعة جماعة، فيكون القبل حينئذ جمع «قبيل» الذي هو جمع «قبيلة» فيكون «القبل» جمع الجمع، وبكل ذلك قد قالت جماعة من أهل التأويل:
1 - فعن «ابن عباس» ت 68هـ رضي الله عنهما، قال:
معنى «وحشرنا عليهم كل شيء قبلا» أي معاينة (1).
2 - وعن «قتادة بن دعامة السدوسي» ت 118هـ:
قال معنى «وحشرنا عليهم كل شيء قبلا»: حتى يعاينوا ذلك معاينة.
3 - وعن «عبد الله بن يزيد» من قرأ «قبلا» بضم القاف، والباء معناه: قبيلا قبيلا.
4 - وعن «مجاهد بن جبر» ت 104هـ:
معنى «قبلا» بضم القاف، والفاء: أفواجا، وقبيلا قبيلا.
5 - وعن «ابن زيد» معنى «قبلا» بضم القاف، والفاء:
__________
(1) انظر: تفسير الطبرى ج 8ص 2(1/605)
«حشروا عليهم جميعا، فقابلوهم، وواجهوهم» أهـ (1).
«حرجا» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} (2).
قرأ «نافع، وشعبة، وأبو جعفر» «حرجا» بكسر الراء، على وزن «دنق» وذلك على أنه صفة «ضيقا» نحو: «حذر» ومعناه الضيق.
وقرأ الباقون «حرجا» بفتح الراء، على أنه مصدر وصف به (3).
وقيل: الفتح على أنه جمع «حرجة» بفتح الحاء، وسكون الراء، وهو ما التف من الشجر، وقد اختلف في فتح الراء وكسرها عند «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، فسأل «ابن الخطاب» رجلا من «كنانة» راعيا، فقال: ما الحرجة عندكم؟
قال: الحرجة الشجرة تكون بين الاشجار، لا تصل اليها راعية، ولا وحشية، ولا شيء، فقال «عمر»: كذلك قلب المنافق لا يصل اليه شيء من الخير أهـ.
وبناء عليه يكون المعنى: أن الله جل ذكره وصف صدر الكافر بشدة الضيق عن وصول الموعظة اليه، ودخول الايمان فيه، فشبه في امتناع وصول المواعظ اليه بالحرجة، وهي الشجرة التي لا يوصل اليها لرعي، ولا لغيره (4).
قال «الراغب» في مادة «حرج»: أصل الحرج والحراج مجتمع الشيء وتصور منه ضيق ما بينهما، فقيل للضيق حرج، وللاثم حرج أهـ (5).
__________
(1) انظر: تفسير الطبرى ج 8ص 32.
(2) سورة الانعام الآية 125.
(3) قال ابن الجزرى: را حرجا بالكسر صن مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 224.
(4) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 450.
(5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 112.(1/606)
جاء في «التاج»: «الحرج» بفتح الراء: المكان الضيق.
وقال «الزجاج»، «إبراهيم بن السري» ت 311هـ:
«الحرج» بفتح الراء: أضيق الضيق أهـ وقيل: «الحرج» بفتح الراء: الموضع الكثير الشجر، الذي لا تصل اليه الراعية، وبه فسر «ابن عباس» رضي الله عنهما قوله عز وجل:
«يجعل صدره ضيقا حرجا» قال: وكذلك الكافر الذي لا تصل اليه الحكمة.
ويقال: «حرج صدره» بفتح راء «حرج» «يحرج» «حرجا» بفتح الراء:
ضاق فلم ينشرح لخير، فهو «حرج، وحرج» بكسر الراء، وفتحها، فمن قال «حرج» بكسر الراء ثنى، وجمع، ومن قال «حرج» بفتح الراء أفرد، لانه مصدر.
وقال «الزجاج»: من قال: رجل حرج الصدر بكسر راء «حرج» فمعناه ذو حرج في صدره، ومن قال «حرج الصدر» بفتح الراء، جعله فاعلا. أهـ ومن المجاز «الحرج» بفتح الراء، وبكسرها: الاثم والحرام (1).
«بشرا» من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (3).
ومن قوله تعالى: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيََاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (4).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «حرج» ج 2ص 20
(2) سورة الاعراف الآية 57
(3) سورة الفرقان الآية 48
(4) سورة النمل الآية 63(1/607)
قرأ «عاصم» «بشرا» بالباء الموحدة المضمومة، اسكان الشين، على أنه جمع «بشير» اذ الرياح تبشر بالمطر، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (1).
وأصل الشين الضم، لكن أسكنت تخفيفا مثل: «رسول، ورسل» حيث الاصل في «رسل» ضم السين، واسكانها تخفيفا.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نشرا» بالنون المفتوحة، واسكان الشين، على أنه مصدر أعمل فيه معنى ما قبله، كأنه تعالى قال:
«وهو الذي نشر الرياح نشرا» لا قوله «وهو الذي يرسل الرياح» يدل على نشرها.
ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال من الرياح، كأنه قال:
«وهو الذي يرسل الرياح محيية للارض» كما تقول: «أتانا ركضا» أي «راكضا».
ويجوز أن يكون المصدر يراد به المفعول، كقولهم: «هذا درهم ضرب الامير» أي: «مضروبة» وكقوله تعالى: {هََذََا خَلْقُ اللََّهِ} (2).
أي مخلوقة، فيكون المعنى: يرسل الرياح منشرة، أي محياة.
وقرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «نشرا» بضم النون والشين، على جمع «نشور»، ونشور بمعنى «ناشر» «وناشر» معناه: محيى، كطهور بمعنى طاهر، فالله تعالى جعل الرياح ناشرة للارض، أي محيية لها، اذ تأتي بالمطر الذي يكون النبات به
ويجوز أن يكون «نشرا» جمع «نشور» ونشور بمعنى «منشور» مثل:
__________
(1) سورة الروم الآية 46
(2) سورة لقمان الآية 120(1/608)
ركوب بمعنى مركوب، وحلوب بمعنى محلوب كأن الله تعالى أحيا الريح لتأتي بين يدي رحمته، فهي ريح منشورة، أي: محياة.
ويجوز أن يكون «نشرا» جمع «ناشر» مثل «شاهد وشهد» وذلك لان الريح ناشرة للارض، أي محيية لها بما تسوق من المطر.
وقرأ «ابن عامر» «نشر» بضم النون، واسكان الشين، وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة ضم النون والشين، الا أن اسكان الشين للتخفيف، والضم هو الاصل (1).
«دكا» من قوله تعالى: {فَلَمََّا تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «دكاء» بالهمزة المفتوحة بعد الالف، وحذف التنوين ممنوعا من الصرف، مفعولا به.
وحينئذ يكون المد متصلا فكل يمد حسب مذهبه، ووجه هذه القراءة أنها أخذت من قول العرب: «هذه ناقة دكاء» للتي لا سنام لها، فهي مستوية الظهر، فكأنه على التقدير: جعل الجبل مثل «ناقة دكاء» أي جعله اذا تجلى عليه مستويا لا ارتفاع فيه، تعظيما لله، وخضوعا له.
وقرأ الباقون «دكا» بحذف الهمزة، والمد، مع التنوين، على أنه مصدر «دككت الارض دكا» أي جعلتها مستوية لا ارتفاع فيها، ولا انخفاض والمصدر واقع موقع المفعول به، ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: {كَلََّا إِذََا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: نشر الضم فافتح شفا كلا وساكنا سما ضم ... وبا نل؟
انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 76.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 465.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 241
(2) سورة الاعراف الآية 143
(3) سورة الفجر الآية 21(1/609)
قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ:
«جعله دكا، أي مندكا» أهـ (1).
«الدكة»: المكان المرتفع يجلس عليه، وهو «المسطبة» معرب، والجمع «دكك» مثل: «قصعة وقصع» (2).
«الدك»: الدق والهدم، وما استوى من الرمل «كالدكة» والجمع «دكاك».
والمستوى من المكان الجمع «دكوك» بضم الدال، والكاف.
«الدكاء»: الرابية من الطين ليست بالغليظة، والجمع «دكاوات» بفتح الدال، وتشديد الكاف، أو لا واحد لها.
«والدكاء» الناقة التي لا سنام لها، أو لم يشرف سنامها.
ويقال: فرس مدكوك: أي لا اشراف لحجبته.
«والد كدك؟» بفتح الدال، وكسرها، و «الدكداك» من الرمل: ما تكبس واستوى، أو ما التبد منه بالارض، أو هي أرض فيها غلظ، والجمع «دكادك ودكاديك»، ويقال: أرض مدكوكة: مدعوكة ومدكوكة (3).
«حليهم» من قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى ََ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوََارٌ} (4).
قرأ «يعقوب» «حليهم» بفتح الحاء، واسكان اللام، وكسر الياء مخففة،
__________
(1) قال ابن الجزرى: ودكاء شفا في دكا المد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 80 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 475.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 252
(2) انظر: المصباح المنير ج 1ص 198.
(3) انظر القاموس المحيط ج 1ص 312311.
(4) سورة الاعراف الآية 148(1/610)
وهو اما مفرد أريد به الجمع، واما اسم جمع مفرد «حلية» مثل: «قمح وقمحة».
وقرأ «حمزة، والكسائي» «حليهم» بكسر الحاء، وتشديد الياء مكسورة.
على أنه جمع «حليا» على «حلوى» على وزن فعول» مثل: «كعب وكعوب» ولما أرادوا ادغام الواو في الياء للتخفيف أبدلوا من ضمة اللام كسرة ليصح انقلاب الواو الى الياء، وليصح الادغام، ثم كسرت الحاء اتباعا لكسرة اللام، ليعمل اللسان عملا واحدا في الكسرتين.
وقرأ الباقون «حليهم» بضم الحاء، وكسر الياء مشددة، وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «حمزة» ومن معه، الا أن ضمة الحاء بقيت على أصلها (1).
يقال: «حليت حليا» بسكون اللام: لبست الحلى وجمعه «حلى» بضم الحاء، والاصل على «فعول» مثل: «فلس وفلوس».
و «الحلية» بكسر الحاء: الصفة، «حلى» مقصور، وتضم الحاء، وتكسر (2).
«شركاء» من قوله تعالى: {فَلَمََّا آتََاهُمََا صََالِحاً جَعَلََا لَهُ شُرَكََاءَ فِيمََا آتََاهُمََا} (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى:
وحليهم مع الفتى ظهر واكسر رضى النشر في القراءات العشر ج 3ص 81 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 477.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 253.
(2) انظر: المصباح المنير ج 1ص 149.
(3) سورة الاعراف الآية 190(1/611)
قرأ «نافع، وشعبة، وأبو جعفر» «شركا» بكسر الشين، واسكان الراء، وتنوين الكاف من غير همز على وزن «فعلا» «وشركا» مصدر «شركته في الامر أشركه» من باب «تعب يتعب» ثم خفف المصدر بكسر الاول وسكون الثاني.
قال «الازهري»، محمد بن أحمد بن الازهر أبو منصور ت 370هـ:
«الشرك» يكون بمعنى «الشريك»، وبمعنى النصيب، وجمعه «اشراك» مثل: «شبر وأشبار» أهـ (1).
وقال «أبو جعفر النحاس» ت 338هـ:
«التأويل لمن قرأ «شركا» أي جعلا له ذا شرك مثل: «واسأل القرية» أهـ (2).
وقال «العكبري» ت 616هـ:
«وشركا» بكسر الشين، وسكون الراء، والتنوين، وفيه وجهان:
أحدهما تقديره: جعلا لغيره شركا، أي نصيبا.
الثاني: جعلا له ذا شرك، فحذف في الموضعين المضاف اهـ (3).
وقرأ الباقون «شركاء» بضم الشين، وفتح الراء، وبالمد والهمز، من غير تنوين، جمع شريك (4).
__________
(1) انظر: تاج العروس ج 7ص 148
(2) انظر: اعراب القرآن لابن النحاس ج 1ص 656.
(3) انظر: اعراب القرآن للعكبري ص 290.
(4) قال ابن الجزرى: شركا مداه صليا في شركاء انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 85 والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 485.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 260(1/612)
يقال: «شركته في الامر أشركه» من باب «تعب يتعب» «شركا وشركة» وزان «كلم وكلمة» بفتح الاول، وكسر الثاني: اذا صرت له شريكا.
وجمع «الشريك» «شركاء» و «أشراك».
و «شركت» بينهما في المال «تشريكا».
و «أشركته» في الامر، والبيع بالالف جعلته لك «شريكا» ثم خفف المصدر بكسر الاول، وسكون الثاني.
واستعمال المخفف أغلب، فيقال: «شرك وشركة» كما يقال «كلم وكلمة» على التخفيف (1).
«طائف» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذََا مَسَّهُمْ طََائِفٌ مِنَ الشَّيْطََانِ تَذَكَّرُوا فَإِذََا هُمْ مُبْصِرُونَ} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائى، ويعقوب» «طيف» بحذف الالف التي بعد الطاء، واثبت باء ساكنة بعدها مكان الهمزة، على وزن «ضيف» على أنه مصدر «طاف الخيال يطيف طيفا» مثل: «كال يكيل كيلا» قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ:
«طيف من الشيطان يلم به» أهـ (3).
وقرأ الباقون «طائف» بألف بعد الطاء، وهمزة مكسورة من غير ياء، على أنه اسم فاعل من «طاف يطوف فهو طائف» نحو: «قال يقول فهو قائل» (4).
__________
(1) انظر: المصباح المنير ج 1ص 311.
(2) سورة الاعراف الآية 201.
(3) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 487.
(4) قال ابن الجزرى: وطائف طيف دعا حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 87.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 261(1/613)
وقال «مكي بن أبي طالب»: وحجة من قرأ على «فاعل» انه جعله أيضا مصدرا كالعافية، والعاقبة.
وحكى «أبو زيد الانصاري»:
«طاف الرجل يطوف طوفا»: اذا أقبل، وأدبر، وأطاف يطيف: اذا جعل يستدير بالقوم، ويأتيهم من نواحيهم، وطاف الخيال يطوف: اذا ألم في المنام» أهـ.
وقيل: الطائف ما طاف به من وسوسة الشيطان، والطيف من اللمم، والمس الجنون اهـ (1).
وجاء في المصباح: «طاف بالشيء يطوف طوفا وطافا»: استدار به.
و «طاف يطيف» من باب «باع يبيع».
و «أطافه» بالالف، و «استطاف» به كذلك.
و «أطاف» بالشيء: أحاط به أهـ (2).
«أيمان لهم» من قوله تعالى: {فَقََاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لََا أَيْمََانَ لَهُمْ} (3).
قرأ «ابن عامر» «ايمان» بكسرة الهمزة، على أنه مصدر «أمنته» من «الامان» أي: لا يوفون لاحد بأمان يعقدونه، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى عنهم: {لََا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلََا ذِمَّةً} (4).
ويبعد في المعنى أن يكون من «الايمان» الذي هو التصديق، لان الله وصفهم بالكفر قبله، فتبعد صفتهم بنفي الايمان عنهم، لانه معنى قد ذكر اذ أضاف الكفر اليهم، فاستعماله بمعنى آخر أولى ليفيد الكلام فائدتين.
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 487.
(2) انظر: المصباح المنير ج 2ص 380
(3) سورة التوبة الآية 12
(4) سورة التوبة الآية 10(1/614)
وقرأ الباقون «أيمان» بفتح الهمزة، على أنه جمع «يمين» ودليل ذلك قوله تعالى قبل: {إِلَّا الَّذِينَ عََاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1).
والمعاهدة تكون بالايمان، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى بعد: {أَلََا تُقََاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمََانَهُمْ} (2).
«عمل غير» من قوله تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صََالِحٍ} (3).
قرأ «الكسائي، ويعقوب» «عمل» بكسر الميم، وفتح اللام، فعلا ماضيا، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ابن نوح» و «غير» بالنصب مفعولا به «لعمل» أو صفة لمصدر محذوف، والتقدير: ان ابنك يعمل عملا غير صالح، وجملة «عمل غير صالح» في محل رفع خبر «ان».
وقرأ الباقون «عمل» بفتح الميم ورفع اللام منونة، خبر «ان» و «غير» بالرفع صفة، على معنى: انه ذو عمل غير صالح، أو جعل ذاته ذات العمل مبالغة في الذم، على حد قولهم: «رجل شر» (4).
__________
(1) سورة التوبة الآية 4.
(2) قال ابن الجزرى: وكسر لا أيمان كم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 93.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 500.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 203.
وحجة القراءات ص 315والآية من سورة التوبة الآية 13
(3) سورة هود الآية 46
(4) قال ابن الجزرى: عمل كعلما: غيرا نصب الرفع ظهير دسما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 115.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 530.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 318.(1/615)
«السجن» من قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمََّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (1).
قرأ «يعقوب» «السجن» هو الموضع الاول خاصة بفتح السين. على أنه مصدر، أريد به «الحبس» و «الى» متعلق «بأحب» وليس «أحب» هنا على بابه، لأن نبي الله يوسف عليه السلام لم يحب ما يدعونه اليه قط.
وقرأ الباقون «السجن» بكسر السين، على أن المراد به المكان (2).
تنبيه: اتفق القراء العشر على كسر السين من «السجن» غير الموضع الأول وهو في قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيََانِ}. (3)
وقوله تعالى: {يََا صََاحِبَيِ السِّجْنِ}. (4)
وقوله تعالى: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}. (5)
ذلك لان المراد به «المحبس» وهو المكان الذي يسجن فيه، ولا يصبح أن يراد به المصدر، بخلاف الموضع الأول فان ادارة المصدر فيه ظاهرة.
«حافظا» من قوله تعالى: {فَاللََّهُ خَيْرٌ حََافِظاً} (6).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائى، وخلف العاشر» «حافظا» بفتح الحاء، وألف بعدها، وكسر الفاء، على وزن «فاعل» وذلك للمبالغة على تقدير: فالله خير الحافظين، فاكتفى بالواحد عن الجميع، ونصبه على
__________
(1) سورة يوسف الآية 33
(2) قال ابن الجزرى: وسجن أولا افتح ظبى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 126.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 337 وشرح طيبة النشر ص 320
(3) الآية 36.
(4) الآية رقم 39، 41.
(5) الآية 42.
(6) سورة يوسف الآية 64(1/616)
التمييز، أو الحال. وأيضا فانهم لما قالوا: «وانا له لحافظون» قيل لهم: «الله خير حافظ».
وقرأ الباقون «حفظا» بكسر الحاء، وحذف الألف التي بعدها، واسكان الفاء، على وزن «فعل»، على أنه تمييز. وذلك أن اخوة «يوسف» عليه السلام لما نسبوا الحفظ الى أنفسهم في قوله تعالى: {وَنَحْفَظُ أَخََانََا} قال لهم أبوهم: {فَاللََّهُ خَيْرٌ حََافِظاً} أي: خير من حفظكم الذي نسبتموه الى أنفسكم (1).
«فنجي» من قوله تعالى: {جََاءَهُمْ نَصْرُنََا فَنُجِّيَ مَنْ نَشََاءُ} (2).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، ويعقوب» «فنجي» بنون واحدة مضمومة وبعدها جيم مشددة، وبعد الجيم ياء مفتوحة، على أنه فعل ماض مبني للمفعول من «نجى» مضعف الثلاثي، و «من» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «فنجي» بنونين: الاولى مضمومة، والثانية ساكنة، وبعد الثانية جيم مخففة، وبعد الجيم ياء ساكنة مدية. على أنه فعل مضارع مبني للعلوم من «أنجى» الرباعي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى، والكلام جاء على نفس ما قبله وهو قوله تعالى: «جاءهم نصرنا» و «من» مفعول «ننجي» (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: حفظا حافظا صحب.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 127.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 13 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 341.
وحجة القراءات ص 362.
(2) سورة يوسف الآية 110
(3) قال ابن الجزرى: فنجى فقل نجى نل ظل كوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 129.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 17 والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 347.(1/617)
تنبيه: اتفق جميع شيوخ النقل عن كتاب المصاحف على حذف النون الثانية في الرسم من «ننجي» في سورة الأنبياء، وفي سورة يوسف عليه السلام، والى ذلك أشار صاحب المورد بقوله: والنون من ننجي في الانبياء:
كل وفي الصديق للاخفاء (1).
«خلق» من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللََّهَ خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَاللََّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مََاءٍ} (3).
قرأه «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «خلق» بألف بعد الخاء، وكسر اللام، ورفع القاف، في الموضعين، على أنه اسم فاعل، و «السموات» بالخفض على الاضافة، من اضافة اسم الفاعل الى مفعول، و «الارض» بالخفض عطفا على «السموات» هذا في إبراهيم. وفي النور «كل» بالخفض، من اضافة اسم الفاعل الى مفعول أيضا.
وقرأ الباقون «خلق» في الموضعين، بحذف الالف التي بعد الخاء، وفتح اللام والقاف، على أنه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الله» و «السموات» بالنصب وبالكسر، على أنه مفعول به، و «الأرض» بالنصب عطفا على «السموات» هذا في إبراهيم. وفي «النور» «كل» بنصب اللام، على أنه مفعول به لخلق (4).
__________
(1) انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 149.
(2) سورة إبراهيم الآية 19
(3) سورة النور الآية 45
(4) قال ابن الجزرى: خالق امدد واكسر:
وادفع كنور كل والارض اجرز: شفا.
انظر النشر في القراءات العشر ج 3ص 134.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 356، ح 2ص 76.
وشرح طيبة النشر ص 323.(1/618)
جاء في «المفردات»: الخلق: أصله التقدير المستقيم.
ويستعمل في ايداع الشيء من غير أصله، والاحتذاء. وليس الخلق الذي هو الابداع الا لله تعالى، ولهذا قال تعالى: في الفصل بينه، وبين غيره:
{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لََا يَخْلُقُ أَفَلََا تَذَكَّرُونَ} (1).
«أمرنا» من قوله تعالى: {وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا فَفَسَقُوا فِيهََا} (2).
قرأ «يعقوب» «أمرنا» بمد الهمزة بمعنى «أكثرنا» والمعنى: أكثرنا مترفيها ففسقوا فيها بارتكاب المعاصي، ومخالفة أوامر الله تعالى.
وقرأ الباقون «أمرنا» بقصر الهمزة، من الأمر ضد النهي، والمعنى أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها بعدم امتثال الأمر (3).
جاء في «لسان العرب»: وروى «سلمة» عن «الفراء» من قرأ «أمرنا» خفيفة فسرها بعضهم: أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها، أن المترف اذا أمر بالطاعة خالف الى الفسق. قال «الفراء»: وقرأ «الحسن» آمرنا: أي بمد الهمزة وروي عنه «أمرنا» أي بقصر الهمزة قال: وروي عنه أنه بمعنى: «أكثرنا» قال: ولا أدري أنها حفظت عنه، لاننا لا نعرف معناها هنا، ومعنى «آمرنا» أي بمد الهمزة. «أكثرنا» اهـ (4).
«ورجلك» من قوله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (5).
__________
(1) انظر المفردات في غريب القرآن مادة «خلق» ص 157.
سورة النحل الآية 17.
(2) سورة الاسراء الآية 16
(3) قال ابن الجزرى: مد أمر ظهر.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 150.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 381.
وشرح طيبة النشر ص 330.
(4) انظر: لسان العرب مادة «أمر» ح 4ص 28.
(5) سورة الاسراء الآية 64.(1/619)
قرأ «حفص» «ورجلك» بكسر الجسم، على أنه صفة مشبهة بمعنى «راجل» ضد الراكب، نحو: «ندس، وحذر».
وقرأ الباقون «ورجلك» باسكان الجيم، على أنه جمع «راجل» نحو:
«صاحب، وصحب، وراكب وركب» (1).
«دكاء» من قوله تعالى: {فَإِذََا جََاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكََّاءَ} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «دكاء» بالهمزة المفتوحة بعد الألف، وحذف التنوين ممنوعا من الصرف، وحينئذ يكون المد متصلا فكل يمد حسب مذهبه.
ووجه هذه القراءة أنها أخذت من قول العرب: «هذه ناقة دكاء» التي لا سنام لها، فهي مستوية الظهر.
فكأنه في التقدير: فاذا جاء وعد ربي جعل: «السد» أرضا مستوية لا ارتفاع فيها.
وقرأ الباقون «دكا» بحذف الهمزة، والمد، مع التنوين، على أنه مصدر «دككت الارض دكا» أي جعلتها مستوية لا ارتفاع فيها، ولا انخفاض، فهو مصدر واقع موقع المفعول به أي مدكوكا (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ورجلك اكسر ساكنا عد.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 154 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 48.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 387.
(2) سورة الكهف الآية 98
(3) قال ابن الجزرى: ودكا شفافي دكا المد ... وفي الكهف كفى.
النشر في القراءات العشر ج 3ص 80.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 81.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 412.(1/620)
«أشدد، وأشركه» من قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (1).
قرأه ابن عامر، وابن وردان بخلف عنه «أشدد» بهمزة قطع مفتوحة وصلا وبدءا، على أنه مضارع «شد» الثلاثي، والمضارع من غير الرباعي يفتح أوله، وهو مجزوم في جواب الدعاء وهو قوله تعالى: {اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي} [طه 29].
وقرأ أيضا «وأشركه» بضم الهمزة، على أنه فعل مضارع من «أشرك» الرباعي، ومضارع الرباعي يضم أوله، وهو مجزوم لأنه معطوف على «أشدد».
وقرأ الباقون «أشدد» بهمزة وصل تحذف في الدرج وتثبت في الابتداء مضمومة، على أنه فعل أمر بمعنى الدعاء من «شد» الثلاثي، والآمر من الثلاثى مضموم العين، تضم همزته وصلا تبعا لضم ثالث الفعل، وهو الوجه الثاني «لابن وردان».
وقرءوا «وأشركه» بفتح الهمزة على أنه فعل أمر بمعنى الدعاء من «أشرك» الرباعي، والأمر من الرباعي يفتح أوله، وهو معطوف على «اشدد» وهو الوجه الثاني «لابن وردان» والمعنى: سأل نبي الله موسى عليه السلام ربه أن يشد أزره بأخيه «هارون» وأن يشركه معه في النبوة وتبليغ الرسالة (2).
«ساحر» من قوله تعالى: {إِنَّمََا صَنَعُوا كَيْدُ سََاحِرٍ} (3).
__________
(1) سورة طه الآية 3231.
(2) قال ابن الجزرى: فتح ضم اشدد مع القطع وأشركه يضم:
كم خاف خلفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 180.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 97.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 15.
(3) سورة طه الآية 69.(1/621)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سحر» بكسر السين، واسكان الحاء، وحذف الألف، على أنه مصدر بمعنى اسم الفاعل، أو على تقدير مضاف، أي كيد ذي سحر، أضيف الكيد الى فاعل السحر، ولا يضاف الى «السحر».
وقرأ الباقون «ساحر» بفتح السين، واثبات الالف، وكسر الحاء، على أنه اسم فاعل، أضيف اليه «كيد» وهو من اضافة المصدر لفاعله (1).
«منزلا» من قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبََارَكاً} (2).
قرأ «شعبة» «منزلا» بفتح الميم، وكسر الزاي، على أنه اسم مكان من «نزل» الثلاثي، أي مكانا مباركا، فيكون مفعولا به.
وقرأ الباقون بضم الميم، وفتح الزاي، على أنه مصدر من «نزل» الرباعي، أي انزالا مباركا (3).
«واتبعك» من قوله تعالى: {قََالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (4).
قرأ «يعقوب» وأتباعك» بهمزة قطع مفتوحة، وسكون التاء، وألف بعد الياء الموحدة، ورفع العين، على أنها جمع «تابع» مبتدأ، و «الأرذلون» خبر، والجملة حال من الكاف في «لك».
__________
(1) قال ابن الجزرى: وساحر سحر شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 184 والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 102.
والمهذب في القراءات ج 2ص 21.
(2) سورة المؤمنون الآية 29
(3) قال ابن الجزرى: منزلا افتح ضمه واكسر صبن.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 204.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 59.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 128.
(4) سورة الشعراء الآية 111(1/622)
والمعنى: قال بنو إسرائيل لنبي الله موسى عليه السلام: كيف نؤمن لك والحال أن أتباعك أي الذين آمنوا بك الأرذلون، أي الأخساء من الناس.
من هذا يتبين أن الهمزة في «أنؤمن» للاستفهام الانكاري، أي لا ينبغي أن نؤمن لك على هذه الحال.
وقرأ الباقون «واتبعك» بوصل الهمزة، وتشديد التاء المفتوحة، وحذف الألف، وفتح العين، على أنه فعل ماض و «الأرذلون» فاعل، والجملة حال من الكاف أيضا (1).
«خلق الاولين» من قوله تعالى: {إِنْ هََذََا إِلََّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «خلق» بضم الخاء، واللام، بمعنى العادة، أي ما هذا الا عادة آبائنا السابقين.
وقرأ الباقون «خلق» بفتح الخاء، واسكان اللام، على معنى أنهم قالوا:
خلقنا كخلق الأولين، نموت كما ماتوا، ونحيا كما حيوا، ولا نبعث كما يبعثوا.
وقيل: معناه: ما هذا الا اختلاق الاولين أي كذبهم، كما قال تعالى:
حكاية عنهم في آية اخرى: {مََا سَمِعْنََا بِهََذََا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هََذََا إِلَّا اخْتِلََاقٌ} (3) أي كذب (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: واتبعكا اتباع ظعن.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 222.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 95
(2) سورة الشعراء الآية 137
(3) سورة ص الآية 7.
(4) قال ابن الجزرى: خلق فاضمم حركا: بالضم نل اذ كم فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 222.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 96.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 151.(1/623)
«بهادي العمي» من قوله تعالى: {وَمََا أَنْتَ بِهََادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ} (1).
ومن قوله تعالى: {وَمََا أَنْتَ بِهََادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ} (2).
قرأ «حمزة» «تهدي» في الموضعين، بتاء فوقية مفتوحة، واسكان الهاء من غير ألف، على أنه مضارع مسند الى ضمير المخاطب وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، و «العمي» بالنصب مفعول به، ووقف على «تهدي» بالياء في موضع النمل، قولا واحدا تبعا للرسم، ووقف على «تهد» موضع الروم بالياء بالخلاف.
وقرأ الباقون «بهادي» في الموضعين، بباء موحدة مكسورة، وفتح الهاء، وألف بعدها، على أن «الياء» حرف جر، و «هاد» اسم فاعل خسر «ما» و «العمى» بالجر مضاف اليه من اضافة اسم الفاعل لمفعوله.
ووقف الجميع على موضع النمل باثبات الياء قولا واحدا تبعا للرسم.
أما موضع الروم فقد وقف عليه «يعقوب» بالياء قولا واحدا، والكسائي بالخلاف.
ووقف عليه الباقون بحذف الياء تبعا للرسم، وهو الوجه الثاني لهشام (3).
«أتوه» من قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دََاخِرِينَ} (4).
قرأ «حفص، وحمزة، وخلف العاشر» «أتوه» بقصر الهمزة، وفتح
__________
(1) سورة النمل الآية 81
(2) سورة الروم الآية 53
(3) قال ابن الجزرى: تهدى العمى في معا بهادى العمى نصب فلتا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 230 والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 107، 132.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 166.
(4) سورة النمل الآية 87(1/624)
التاء، على أنه فعل ماض من باب المجيء مسند الى واو الجماعة، الهاء مفعول به، أي وكل جاءوه، وأصله «أتيوه» على وزن «فعلوه» فلما انضمت الياء، وانفتح قبلها ألفا، فالتقى ساكنان: الالف واو والجماعة، فحذفت الالف لوجود الفتحة التي قبلها تدل عليها.
وقرأ الباقون «أتوه» بمد الهمزة، وضم التاء، على أن «آت» اسم فاعل من باب المجيء أيضا، وأصله «آتيونه» نقلت ضمة الياء الى التاء قبلها، ثم حذفت للساكنين وبقيت حركتها تدل عليها، ثم حذفت النون للاضافة، والواو علامة الرفع، والهاء مضاف اليه. (1)
المعنى: اذكر يا محمد لهؤلاء المكذبين يوم يريد الله أن يبعث الناس للحساب، يرسل في أرجاء الكون صيحة مدوية، فيهب الناس من رقدتهم وينهضون فزعين خائفين من قوة الصيحة، الا من شاء الله أن يثبت قلوبهم بالايمان، فهؤلاء يقومون مطمئنين وكل من المؤمنين والمكذبين يحضرون الى الموقف بين يدي الله تعالى أذلاء صاغرين.
«سحران» من قوله تعالى: {قََالُوا سِحْرََانِ تَظََاهَرََا}. [القصص 48].
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سحران» بكسر السين، وحذف الالف التي بعدها، واسكان الحاء، تثنية «سحر» على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هما سحران، والضمير عائد الى الكتابين اللذين جاء بهما سيدنا «محمد» وسيدنا «موسى» وهما: القرآن، والتوراة، ودل على ذلك قوله تعالى قبل: {فَلَمََّا جََاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنََا قََالُوا لَوْلََا أُوتِيَ مِثْلَ مََا أُوتِيَ مُوسى ََ}، وقوله تعالى بعد: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتََابٍ مِنْ عِنْدِ اللََّهِ هُوَ أَهْدى ََ مِنْهُمََا}.
__________
(1) قال ابن الجزرى: آتوه فاقصره وافتح الضم فتى عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 230.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 108.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 167.(1/625)
وقرأ الباقون «ساحران» بفتح السين، واثبات الألف، وكسر الحاء، تثنية «ساحر» وهو خبر لمبتدإ محذوف أيضا، أي هما ساحران، والضمير عائد الى سيدنا «محمد»، وسيدنا «موسى» عليهما الصلاة والسلام، ودل على ذلك قوله تعالى في صدر الآية: {فَلَمََّا جََاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنََا قََالُوا لَوْلََا أُوتِيَ مِثْلَ مََا أُوتِيَ مُوسى ََ} ويقوى ذلك أن بعد «تظاهرا» بمعنى: تعاونا، ولا تأتي المعاونة على الحقيقة الا من الساحرين حسب زعمهم (1).
«للعالمين» من قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِلْعََالِمِينَ} (2).
قرأ «حفص» «للعاملين» بكسر اللام التي قبل الميم على أنه جمع «عالم» وهو ذو العلم، ضد الجاهل وخص بالآيات العلماء، لانهم أهل النظر، والاستنباط، والاعتبار، دون الجاهلين، الذين هم في غفلة وسهو عن التدبر في آيات الله، والتفكر فيها، يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَمََا يَعْقِلُهََا إِلَّا الْعََالِمُونَ} (3).
فاخبر ان الذين يعقلون الامثال، والآيات هم العالمون دون الجاهلين.
وقرأ الباقون «للعالمين» بفتح اللام، وهو كل موجود سوى الله تعالى، كما قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} فذلك أعم في جميع الخلق، اذ الآيات، والدلالات على توحيد الله يشهدها العالم والعامي، فهي آية الجميع، وحجة على كل الخلق، وليست بحجة على العالم دون الجاهل فكان العموم أولى بذلك (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ساحرا سحران كوف انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 235.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 115.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 174.
(2) سورة الروم الآية 22.
(3) سورة العنكبوت الآية 43.
(4) قال ابن الجزرى: للعالمين اكسر عدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 241.(1/626)
«خلقه» من قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وحمزة، وابو جعفر، وخلف العاشر» بفتح اللام، على أنه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله: {اللََّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ} (2).
والجملة صفة «لكل» أو «الشيء» والهاء تعود على الموصوف.
وقرأ الباقون «خلقه» باسكان اللام، على أنه مصدر، وهو بدل من «كل» والتقدير: أحسن خلق كل شيء، أي: أتقنه وأحكمه، والهاء تعود على الله تعالى (3).
«أخفى» من قوله تعالى: {فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (4).
قرأ «حمزة، ويعقوب» «أخفى» باسكان الياء، على أنه فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، والفاعل ضمير مستتر عائد الى ضمير المتكلم تقديره «أنا» وهو اخبار من الله جل ذكره عن نفسه بأنه أخفى عن أهل الجنة ما تقر به أعينهم، بدخول الجنة ونعيمها، والسلامة من النار وعذابها، ويقوي الاخبار أن قبله أخبر عن الله أيضا في قوله تعالى:
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 129.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 183.
(1) سورة السجدة الآية 7
(2) سورة العنكبوت الآية 4
(3) قال ابن الجزرى: واذ كفى خلقه حرك.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 247.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 138.
والكشف عن وجوه ح 2ص 191.
(4) سورة السجدة الآية 17(1/627)
{وَلَوْ شِئْنََا لَآتَيْنََا كُلَّ نَفْسٍ هُدََاهََا وَلََكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِمََا نَسِيتُمْ لِقََاءَ يَوْمِكُمْ هََذََا إِنََّا نَسِينََاكُمْ} (1).
فجرى الكلام على نسق واحد وهو الاخبار عن الله تعالى.
و «ما» من قوله: «ما أخفى لهم» موصولة في موضع نصب «بأخفى» والجملة في موضع نصب «بتعلم» سدت مسد المفعولين.
وقرأ الباقون «أخفى» بفتح الياء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير يعود على «ما» و «ما» موصولة في موضع نصب والجملة في موضع نصب «بتعلم» سدت مسد المفعولين (2).
«وخاتم» من قوله تعالى: {وَلََكِنْ رَسُولَ اللََّهِ وَخََاتَمَ النَّبِيِّينَ} (3).
قرأ «عاصم» «وخاتم» بفتح التاء، على أنه اسم للآلة كالطابع، على معنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ختم به النبيون لا نبي بعده، فلا فعل له في ذلك، فمعناه: آخر النبيين.
وقرأ الباقون «وخاتم» بكسر التاء، على أنه اسم فاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في صدر الآية في قوله تعالى: {مََا كََانَ مُحَمَّدٌ أَبََا أَحَدٍ مِنْ رِجََالِكُمْ} فهو عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين لا نبي بعده (4).
«ساداتنا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا رَبَّنََا إِنََّا أَطَعْنََا سََادَتَنََا وَكُبَرََاءَنََا} (5).
__________
(1) سورة السجدة الآيتان 13، 14.
(2) قال ابن الجزرى: أخفى سكن في ظبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 247.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 191.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 139.
(3) سورة الاحزاب الآية 40
(4) قال ابن الجزرى: خاتم افتحوه نصعا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 252 والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 146.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 199.
(5) سورة الاحزاب الآية 67(1/628)
قرأ «ابن عامر، ويعقوب» «ساداتنا» بالالف بعد الدال مع كسر التاء، جمع «سادة» فهو جمع الجمع، على إرادة التكثير، لكثرة من أضلهم وأغواهم من رؤسائهم.
وقرأ الباقون «ساداتنا» بفتح التاء بلا ألف بعد الدال، جمع «سيد» وهو يدل على القليل والكثير (1).
«مسكنهم» من قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} (2).
قرأ «حفص، وحمزة» «مسكنهم» بسكون السين، وفتح الكاف، بلا ألف، على الافراد، وهو مصدر ميمي قياسي، لأن «فعل يفعل» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع قياس مصدره الميمي ان يأتي بفتح العين، نحو: «المقعد، والمدخل والمخرج».
والمصدر يدل على القليل والكثير من جنسه، فاستغني به عن الجمع مع خفة المفرد.
وقرأ «الكسائي، وخلف العاشر» «مسكنهم» بالتوحيد، وكسر الكاف، على أنه اسم للمكان «كالمسجد».
وقيل: هو أيضا مصدر ميمي خرج عن القياس نحو: «المطلع» وهي لغة «أهل اليمن».
وقرأ الباقون «مساكنهم» بفتح السين، وألف بعدها، وكسر الكاف،
__________
(1) قال ابن الجزرى: وسادات اجمعا بالكسر كم كان.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 252.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 149 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 199.
(2) سورة سبأ الآية 15(1/629)
على الجمع، لأنه لما كان لكل واحد منهم مسكن وجب الجمع لوافق اللفظ المعنى (1).
«بقادر» من قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ بِقََادِرٍ عَلى ََ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} (2).
ومن قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللََّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقََادِرٍ عَلى ََ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ََ} (3).
قرأ «رويس» «يقدر» في الموضعين بياء تحتية مفتوحة، واسكان القاف، وضم الراء، على أنه مضارع «قدر».
وقرأ «روح» موضع يس «بقادر» بباء موحدة مكسورة في مكان الياء، مع فتح القاف وألف بعدها، وكسر الراء منونة، على أنه اسم فاعل من «قدر».
وقرأ موضع الأحقاف «يقدر» مثل «رويس».
وقرأ الباقون الموضعين «بقادر» (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: مساكن وحدا صحب وفتح الكاف عالم فدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 256.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 152.
واعراب القرآن لابن النحاس ح 2ص 664.
ومشكل اعراب القرآن ح 2ص 206.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 204.
(2) سورة يس الآية 81
(3) سورة الأحقاف الآية 33
(4) قال ابن الجزرى: بقادر يقدر غص الأحقاف ظل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 267.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 170، 237.(1/630)
تنبيه: «بقادر» من قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذََلِكَ بِقََادِرٍ عَلى ََ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ََ} (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته «بقادر» وهذا أن دل على شيء فانما يدل على أن القراءة سنة متبعة لا مجال للرأي، أو القياس فيها.
«سلما» من قوله تعالى: {وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «سالما» بألف بعد السين، وكسر اللام، على أنه اسم فاعل، بمعنى: خالصا من الشركة، دليله قوله تعالى {ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكََاءُ مُتَشََاكِسُونَ}
وقرأ الباقون «سلما» بحذف الألف، وفتح اللام، على أنه مصدر، صفة لرجل مبالغا في الخلوص من الشركة، ونعت الرجل بالمصدر جائز، فقد ورد: رجل صوم، ورجل إقبال وادبار (3).
«عباد الرحمن» من قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلََائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبََادُ الرَّحْمََنِ إِنََاثاً} (4).
قرأ «أبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عباد» بباء موحد مفتوحة، مع ضم الدال، جمع «عبد» يؤيد ذلك قوله تعالى:
{وَقََالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمََنُ وَلَداً سُبْحََانَهُ بَلْ عِبََادٌ مُكْرَمُونَ} (5).
__________
(1) سورة القيامة الآية 40.
(2) سورة الزمر الآية 29
(3) قال ابن الجزرى: سالما مد اكسرن حقا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 280.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 188.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 238.
(4) سورة الزخرف الآية 19
(5) سورة الأنبياء الآية 26(1/631)
وقرأ الباقون «عند» بنون ساكنة بعد العين، مع فتح الدال، ظرف مكان، وفي ذلك دلالة على جلالة قدر «الملائكة» وشرف منزلهم، ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لََا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبََادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} (1).
«اسرارهم» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ يَعْلَمُ إِسْرََارَهُمْ} (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أسرارهم» بكسر الهمزة، مصدر «أسر» على وزن «أفعل» بمعنى: «أخفى» والمصدر يدل بلفظه على القليل والكثير.
وقرأ الباقون «أسرارهم» بفتح الهمزة، جمع «سر» على وزن «فعل مثل:
«عدل، وأعدال»، وذلك لاختلاف ضروب «الاسرار» من بني أدم (3).
«كلام الله» من قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلََامَ اللََّهِ} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كلم» بكسر اللام بلا ألف، على وزن «فعل» مثل: «حذر» جمع «كلمة» و «كلم» اسم جنس لأنه يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، نحو: «تمر، وشجر وشجرة».
وقرأ الباقون «كلام» بفتح اللام، وألف بعدها، على وزن «فاعل» وهو
__________
(1) قال ابن الجزرى: عباد في عند حز كفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 292.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 217.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 256.
سورة الاعراف الآية 206.
(2) سورة محمد الآية 26.
(3) قال ابن الجزرى: أسرار فاكسر صحب.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 240.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 278.
(4) سورة الفتح الآية 15(1/632)
«مصدر» يدل على الكثرة من الكلام، فلا فرق بين القراءتين في المعنى (1).
«بين أخويكم» من قوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (2).
قرأ «يعقوب» «اخوتكم» بكسر الهمزة، وسكون الخاء، وتاء مثناة من فوق مكسورة، جمع «أخ».
وقرأ الباقون «أخويكم» بفتح الهمزة، والخاء وياء ساكنة بعد الواو، تثنية «أخ» (3).
«وادبار» من قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبََارَ السُّجُودِ} (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وحمزة، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «وادبار» بكسر الهمزة، على أنه مصدر «أدبر» بمعنى: مضى، وهو منصوب على الظرفية، والتقدير: ومن الليل فسبحه ووقت أدبار السجود.
وقرأ الباقون «وأدبار» بفتح الهمزة، جمع «دبر» وهو آخر الصلاة وعقبها، وجمع باعتبار تعدد السجود، وهو منصوب على الظرفية أيضا، كما تقول: جئتك دبر الصلاة (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ضرا فضم شفا اقصر وكسر كلم الله لهم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 309.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 243.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 281.
(2) سورة الحجرات الآية 10
(3) قال ابن الجزرى: اخوتكم جمع مثناة ظمى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 247.
(4) سورة ق الآية 40
(5) قال ابن الجزرى: أدبار كسر حرم فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 312.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 251.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 285.(1/633)
تنبيه: «وادبار» من من قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبََارَ النُّجُومِ} (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته بكسر الهمز، اذ المعنى على المصدر، أي وقت أفول النجوم، وذهابها لا جمع «دبر».
«اللات» من قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللََّاتَ وَالْعُزََّى} (2).
قرأ «رويس» «اللات» بتشديد التاء، مع المد المشبع، اسم فاعل، قال «الشوكاني»: هو اسم رجل كان يلت السويق ويطعمه الحاج، فلما مات، عكفوا على قبره يعبدونه، فهو اسم فاعل في الأصل، غلب على هذا الرجل» أهـ (3).
يقال: لت الرجل السويق «لتّا» من «قتل» بله بشيء من الماء. وهو أخف من «البس».
وقرأ الباقون «اللات» بتخفيف التاء مع القصر اسم صنم بالطائف لثقيف (4).
«شرب» من قوله تعالى: {فَشََارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (5).
قرأ «نافع، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر» «شرب» بضم الشين، على
__________
(1) سورة الطور الآية 49
(2) سورة النجم الآية 19
(3) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 108.
قال ابن الجزرى: تا اللات شدر غر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 318.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 255.
(4) قال ابن الجزرى: وشرب فاضممه مدا نصر فضا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 324.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 270.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 305.
(5) سورة الواقعة الآية 55(1/634)
أنه مصدر «شرب» على غير قياس، وقيل: وهو اسم مصدر. وقرأ الباقون «شرب» بفتح الشين، وهو مصدر «شرب» نحو «ضرب» «ضربا».
قال ابن مالك: فعل قياس مصدر المعدى ... من ذى ثلاثة كردردا
«بمواقع» من قوله تعالى: {فَلََا أُقْسِمُ بِمَوََاقِعِ النُّجُومِ} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بموقع» باسكان الواو، وحذف الالف بعدها، وهو مصدر، يدل على القليل، والكثير.
وقرأ الباقون «بمواقع» بفتح الواو، واثبات ألف بعدها، على الجمع، لان مواقع النجوم كثيرة (2).
«فروح» من قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (3).
قرأ «رويس» «فروح» بضم الراء، اسم مصدر بمعنى «الرحمة» وقرأ الباقون «فروح» بفتح الراء، مصدر.
ومعناها: الراحة من الدنيا، والاستراحة من أحوالها.
وقال «الحسن البصرى» ت 110هـ: «الروح»: الرحمة.
وقال «مجاهد بن جبر» ت 104هـ: «الروح»: الفرح (4).
«مما خطيئاتهم» من قوله تعالى: {مِمََّا خَطِيئََاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نََاراً} (5).
__________
(1) سورة الواقعة الآية 75
(2) قال ابن الجزرى: بموقع شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 325.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 272.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 306.
(3) سورة الواقعة الآية 89.
(4) قال ابن الجزري: فروح اضمم غذا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 325.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 272.
(5) سورة نوح الآية 25(1/635)
قرأ «أبو عمرو» «خطاياهم» بفتح الخاء، والطاء، وألف بعدها، وبعد الالف باء بعدها ألف مع ضم الهاء، جمع تكسير «الخطيئة».
وقرأ الباقون «خطيئاتهم» بفتح الخاء، وكسر الطاء، بعدها ياء ساكنة مدية، وبعدها همزة مفتوحة ممدودة، وبعدها تاء مكسورة، مع كسر الهاء، جمع بالالف والتاء «الخطيئة» أيضا (1).
«اذ أدبر» من قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} (2).
قرأ «نافع، وحفص، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «اذ باسكان الذال، ظرفا لما مضى من الزمان، و «أدبر» بهمزة قطع مفتوحة، ودال ساكنة، على وزن «أفعل» الرباعي، مثل: «أكرم، ومعنى أدبر»: «ولى».
وقرأ الباقون «اذا» بفتح الذال، ظرفا لما يستقبل من الزمان، و «دبر» بحذف الهمزة، وفتح الدال، على وزن «فعل الثلاثي، مثل: «ضرب» ومعنى «دبر»: «ولى» أيضا (3).
«فك رقبة أو اطعام» من قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعََامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} (4).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر، ويعقوب،
__________
(1) قال ابن الجزرى: وقل خطايا حصره مع نوح.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 343.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 306.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 337.
(2) سورة المدثر الآية 33
(3) قال ابن الجزرى: اذا دبر قل اذ أدبره اذ ظن عن فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 347.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 311.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 347.
(4) سورة البلد الآية 1413.(1/636)
وخلف العاشر» «فك» برفع الكاف، خبر لمبتدإ محذوف، أي هو فك، و «رقبة» بالجر، على الاضافة، و «اطعام» بكسر الهمزة، وألف بعد العين، ورفع الميم منونة، معطوف على «فك» و «أو» للتخيير.
وقرأ الباقون «فك» بفتح الكاف، فعلا ماضيا، والفاعل ضمير تقديره «هو» يعود على الانسان، من قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي كَبَدٍ} (1).
و «ورقبة» بالنصب مفعول به، و «أطعم» بفتح الهمزة، والميم، فعلا ماضيا، والفاعل «هو» يعود على «الانسان» وجملة «أطعم» معطوفة على «فك» (2).
«بضنين» من قوله تعالى: {وَمََا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ورويس» «بظنين» بالظاء المعجمة، على وزن «فعيل» بمعنى «مفعول» من ظننت فلانا أي «أبهمته» أي:
ليس «محمد» صلى الله عليه وسلم بمتهم في أن يأتي من عند نفسه بزيادة فيما أوحى اليه، أو ينقص منه شيئا، ودل على ذلك أنه لم يتعد الا الى مفعول واحد، قام مقام الفاعل، وهو مضمر فيه، و «ظننت» اذا كانت بمعنى «اتهمت» لم تتعد الا الى مفعول واحد.
وقرأ الباقون «بضنين» بالضاد المعجمة، اسم فاعل من «ضن» بمعنى «بخل»
__________
(1) الآية 4
(2) قال ابن الجزرى: وارفع ونون فك فارفع رقية ... فاخفض فتى عم ظهيره ندبه.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 366.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 335.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 375.
(3) سورة التكوير الآية 24(1/637)
أي ليس «محمد» صلى الله عليه وسلم ببخيل في بيان ما أوحى اليه وكتمانه، بل بثه ويبينه للناس (1).
تنبيه: جاء في «اتحاف فضلاء البشر» «بضنين» بالضاد في الكل.
قال «أبو عبيد»: نختار قراءة الظاء، لانهم لم يبخلوه بل كذبوه، ولا مخالفة في الرسم، اذ لا مخالفة بينهما الا في تطويل رأس الظاء، على الضاد» أهـ.
وقال «الجعبري»: وجه بضنين أنه رسم برأس معوجة وهو غير طرف فاحتمل القراءتين، وفي مصحف «ابن مسعود بالظاء» أهـ (2).
«ختامه» من قوله تعالى: {خِتََامُهُ مِسْكٌ} (3).
قرأ «الكسائي» «خاتمة» بفتح الخاء وألف بعدها، وفتح التاء، على أنه اسم لما يختم الكأس، بدلالة قوله تعالى: {مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} رقم / 25فأخبر الله أنه مختوم، ثم بين هيئة الخاتم فقال: «خاتمة مسك أي آخره مسك.
وقرأ الباقون «ختامه» بكسر الخاء، وفتح التاء، وألف بعدها، و «ختام» هو «الطين» الذي يختم به الشيء، فجعل بدله «المسك» أي أنه ذكى الرائحة في آخره، واذا كان آخره في طيبه، وذكاء رائحته بمنزله المسك، فأوله أذكى وأطيب رائحة، لأن الأول من الشراب أصفى، وألذ. وهو مصدر «ختم ختاما» (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: بضنين الغار غد حبر غنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 360.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 325.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 364.
(2) انظر: اتحاف فضلاء البشر ص 434
(3) سورة المطففين الآية 26
(4) قال ابن الجزرى: ختامه خاتمة توق سوى.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 361.(1/638)
«عمد» من قوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} (1).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عمد» بضم العين، والميم، جمع «عمود» مثل: «رسل، رسول».
وقرأ الباقون «عمد» بفتح العين، والميم، على أنه اسم جمع (2).
تنبيه: «عمد» من قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا} (3).
ومن قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا} (4).
اتفق القراء العشرة على قراءتهما بفتح العين والميم.
لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف.
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 3ص 361 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 366.
(1) سورة الهمزة الآية 6
(2) قال ابن الجزرى: وعمد صحبه ضميه.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 371 والمهذب في القراءات العشر ح 3ص 342.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 389.
(3) سورة الرعد الآية 2
(4) سورة لقمان الآية 10(1/639)
الفصل الحادي عشر من الباب الرابع الميزان الصرفي
لقد تتبعت قراءات «القرآن» واقتبست منها الكلمات التي قرئت بوجهين أو أكثر، وكان مرد ذلك أن الخلاف ليس له تخريج الا الاختلاف في «ميزان الكلمة».
وقبل الدخول في الحديث عن توجيه وتخريج هذه الكلمات أجد من تمام المنفعة أن ألقي الضوء على «الميزان الصرفي» فأقول:
لما كان أكثر كلمات اللغة العربية «ثلاثيا» أعتبر علماء الصرف أن أصول الكلمات ثلاثة أحرف، وقابلوها عند الوزن «بالفاء والعين واللام»: «ف ع ل» فيقولون في وزن «قمر»: «ف ع ل» بفتح العين، وفي «حمل»: «ف ع ل» بكسر الفاء، وسكون العين، وفي «كرم»: «ف ع ل» بفتح الفاء وضم العين، وهكذا، ويسمون الاول: فاء الكلمة، والثاني عين الكلمة، والثالث لام الكلمة.
فاذا زادت الكلمة عن ثلاثة أحرف، فان كانت زيادتها ناشئة من اصل
وضع الكلمة على أربعة أحرف، أو خمسة، زيد في الميزان «لام» أو «لامان» على حروف «ف ع ل»:(1/640)
فاذا زادت الكلمة عن ثلاثة أحرف، فان كانت زيادتها ناشئة من اصل
وضع الكلمة على أربعة أحرف، أو خمسة، زيد في الميزان «لام» أو «لامان» على حروف «ف ع ل»:
فنقول وزن «دحرج» مثلا: «ف ع ل ل» وفي وزن «جحمر» (1): «ف ع ل ل ل».
واذا كانت زيادتها ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة كررت ما يقابله وفي وزن «استخراج» «استفعل» وفي وزن «مجتهد» مفتعل، وهكذا العين.
وفي وزن «جلبب» «فعلل» ويقال له مضعف اللام.
وان كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف «سألتمونيها» التي هي حروف الزيادة قابلت الاصول، وعبرت عن الزائد بلفظه، فتقول في وزن قائم مثلا «فاعل» وفي وزن «تقدم» «تفعل» وفي وزن «استخرج» «استعمل» وفي وزن «مجتهد» مفتعل، وهكذا.
وان حصل حذف في الموزون حذف ما يقابله في الميزان فتقول في وزن «قل» بحذف عين الكلمة.
وفي وزن «قاض، فاع» يحذف لام الكلمة.
وفي وزن «عدة» «علة» بحذف فاء الكلمة.
وان حصل قلب في الموزون حصل أيضا في الميزان فيقال في وزن «جاء» «عفل» بتقديم العين على الفاء، لان أصل الكلمة «وجه» فحصل قلب مكاني فقدمت العين على الفاء فأصبحت الكلمة «جوه» فتحركت الواو، والفتح ما قبلها فأصبحت «جاه» على وزن «عفل» (2).
__________
(1) الجحمر: من النساء: الثقيلة السمجة، والعجوز الكبير، ومن الابل الكبيرة المسنة،:، والجمع: «جحامر»:
انظر المعجم الوسيط ح 1ص 109.
(2) انظر: شذا العرف في فن الصرف ص 5فما بعدها.(1/641)
وأعلم أن الفعل ينقسم الى: مجرد، ومزيد فيه:
فالمجرد اما ثلاثي، واما رباعي، وكل منهما ينتهي بالزيادة الى ستة أحرف.
1 - فالماضي المجرد الثلاثي ثلاثة أبنية:
الاول: «فعل» بفتح العين، ويكون لازما نحو «جلس، وقعد» ومتعديا نحو: «نصر، وفتح».
والثاني «فعل» بكسر العين، ويكون لازما، نحو «فرح» ومتعديا، نحو «علم».
والثالث: «فعل» بضم العين، ولا يكون الا لازما نحو: «ظرف، وكرم».
2 - والماضي الرباعي المجرد واحد وهو «فعال» بفتح ما عدا العين منه، ويكون لازما، نحو: «حشرج (1) ودربخ» (2) ومتعديا، نحو: «بعثر، ودحرج».
3 - ولمزيد الثلاثي بحرف واحد ثلاثة أبنية:
الأول: «فعل» بتضعيف عينه، نحو: «قطع، وقدم».
والثاني: «فاعل» بزيادة ألف بين الفاء والعين، نحو: «قاتل».
والثالث «أفعل» بزيادة همزة قبل الفاء، نحو: «أحسن».
4 - ولمزيد الثلاثي بحرفين خمسة أبنية:
__________
(1) حشرج: ردد نفسه في حلقه، ويقول: حشرج المحتضر عند الموت، وحشرجت روحه في صدره: أوشك أن يموت:
انظر: المعجم الوسيط ح 1ص 175.
(2) دربخ: طأطأ رأسه، وحنى ظهره:
انظر: المعجم الوسيط ح 1ص 276.(1/642)
الاول: «انفعل» بزيادة همزة وصل، ونون قبل الفاء، نحو «انكسر» والثاني: «افتعل» بزيادة همزة وصل قبل الفاء، وتاء بين الفاء والعين، نحو:
«اجتمع».
الثالث «أفعل» بزيادة همزة وصل قبل الفاء، وتضعف اللام نحو:
«أحمر».
والرابع: «تفعل» بزيادة تاء قبل الفاء، وتضعيف العين، نحو: «تقدم».
والخامس: «تفاعل» بزيادة التاء قبل فائه، وألف بين الفاء، والعين نحو:
«تقاتل».
5 - ولمزيد الثلاثي بثلاثة أحرف أربعة أبنية:
الأول: «استفعل» بزيادة همزة الوصل، والسين، والتاء، قبل الفاء، نحو: «استغفر».
والثاني «افعوعل» بزيادة همزة الوصل قبل الفاء، وتضعيف العين، وزيادة واو بين العينين، نحو: «اعشوشب» (1).
والثالث: «افعول» بزيادة همزة الوصل قبل الفاء، وواو مشددة بين العين واللام، نحو «اجلوذ» (2).
والرابع: «افعال» بزيادة همزة الوصل قبل الفاء، وألف بعد العين، وتضعيف اللام، نحو: «احمار».
6 - ولمزيد الرباعي بحرف واحد بناء واحد، وهو تفعلل» بزيادة التاء قبل فائه، نحو: «تدحرج».
__________
(1) اعشوشب المكان: أعشب.
انظر: المعجم الوسيط ح 2ص 608.
(2) اجلوذ: مضى وأسرع.
انظر: المعجم الوسيط ح 1ص 130.(1/643)
7 - ولمزيد الرباعي بحرفين بناءان:
أولهما: «افعنلل» بزيادة الوصل قبل الفاء، والنون بين العين ولامه الأولى، نحو: «افرنقع».
وثانيهما: «أفعال» بزيادة همزة الوصل قبل الفاء، وتضعيف لامه الثانية، نحو «اطمأن» (1).
وجوه مضارع الفعل الثلاثي.
قد عرفت أن الفعل الماضي الثلاثي يجيء على ثلاثة أوجه: لان عينه اما مفتوحة، واما مكسورة، واما مضمومة.
واعلم ان الماضي المفتوح العين يأتي مضارعه مكسور العين، أو مضمومها أو مفتوحها.
وأن الماضي المكسور العين يأتي مضارعه مفتوح العين، أو مكسورها، ولا يأتي مضمومها.
وان الماضي المضموم العين لا يأتي مضارعه الا مضموم العين.
فهذه ستة أوجه وردت مستعملة بكثرة في مضارع الفعل الثلاثي، وبعضها أكثر استعمالا من بعض.
الوجه الأول:
«فعل يفعل» بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع ويجيء متعديا، نحو: «ضربه يضربه» ولازما، نحو: «جلس يجلس».
__________
(1) انظر: تعريف الافعال للشيخ محيي الدين آخر شرح ابن عقيل ح 2ص 957فما بعدها.
وشذا العرف في فن الصرف ص 11فما بعدها.
والممتع في التصريف لابن عصفور ح 1ص 166فما بعدها.(1/644)
الوجه الثاني:
«فعل يفعل» بفتح عين الماضي، وضم عين المضارع، ويجيء متعديا، نحو: «نصره ينصره» ولازما، نحو: «قعد يقعد».
الوجه الثالث:
«فعل يفعل» بفتح عين الماضي، والمضارع معا، ولم يجيء هذا الوجه الا حيث تكون عين الفعل، أو لامه حرفا من أحرف الحلق الستة، التي هي:
الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، نحو: «فتح يفتح، وبدأ يبدأ»، وليس معنى ذلك أنه كلما كانت العين، أو اللام حرفا حلقيا كان الفعل على هذا الوزن.
ويجيء الفعل على هذا الوجه متعديا نحو: «فتح يفتح» ولازما نحو: «نأى ينأى».
الوجه الرابع:
«فعل يفعل» بكسر عين الماضي، وفتح عين المضارع. وكل فعل ماض مكسور العين، فاعلم أن مضارعه مفتوح العين، الا خمسة عشر فعلا من الواوي الفاء فانها وردت مكسورة العين في الماضي والمضارع، وسأذكرها في الوجه الخامس.
ويجيء الفعل على هذا الوجه متعديا نحو: «علم الأمر يعلمه» ولازما، نحو: «ظفر يظفر».
الوجه الخامس:
«فعل يفعل» بكسر عين الماضي، والمضارع معا، وهو نادر، ولم ينفرد الا في خمسة عشر فعلا من المعتل، وهي: ورث، وولى وورم، وورع، وومق، ووفق، ووثق، وورى المح، ووجد به، ووعق عليه، وورك، ووكم، ووقه، ووهم، ووعم.
الوجه السادس:(1/645)
«فعل يفعل» بكسر عين الماضي، والمضارع معا، وهو نادر، ولم ينفرد الا في خمسة عشر فعلا من المعتل، وهي: ورث، وولى وورم، وورع، وومق، ووفق، ووثق، وورى المح، ووجد به، ووعق عليه، وورك، ووكم، ووقه، ووهم، ووعم.
الوجه السادس:
«فعل يفعل» بضم عين الماضي، والمضارع معا، ولا يأتي هذا الا لازما نحو: «حسن يحسن» (1).
بعد ذلك أنتقل الى توجيه الكلمات وتخريجها فأقول وبالله التوفيق:
«أماني» من قوله تعالى: {إِلََّا أَمََانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلََّا يَظُنُّونَ} (2).
قرأ «أبو جعفر» «أماني» وبابه مثل «وأمانيهم، ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، في أمنيته» بتخفيف الياء المفتوحة.
وقرأ الباقون بتشديد الياء.
وتوجيه القراءتين أن «أماني» جمع «أمنية» وأصلها «أمنوية» على وزن «أفعولة» اجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، وأفعولة تجمع على «أفاعيل» مثل «أنشودة» تجمع على «أناشيد» وعلى ذلك جاءت قراءة جمهور القراء.
ووجه قراءة «أبي جعفر» أن «أفعولة» جمعت على «أفاعل» تخفيفا مع عدم الاعتداد بالواو التي كانت في المفرد، كما جمع «مفتاح» على «مفاتيح» (3).
__________
(1) انظر: تصريف الافعال للشيخ محيي الدين آخر شرح ابن عقيل ح 2ص 603فما بعدها.
وشذا العرف في فن الصرف للشيخ الحملاوي ص 12فما بعدها.
ونزهة الطرف في علم الصرف للميداني ص 8فما بعدها.
(2) سورة البقرة الآية 78
(3) انظر: النشر ح 2ص 409.
وأتحاف فضلاء البشر ص 139.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 61.
قال ابن الجزرى: باب الاماني خففا.
أمنيته والرفع والجر اسكنا: ثبت.(1/646)
«تقاة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقََاةً} (1).
قرأ «يعقوب» «تقية» بفتح التاء، وكسر القاف، وتشديد الياء المفتوحة، على وزن «مطية».
وقرأ الباقون «تقاة» بضم التاء، وفتح القاف وألف بعدها، على وزن «رعاة».
وتقية، وتقاة مصدران بمعنى الوقاية، يقال: اتقى، يتقي، اتقاء، وتقاة، وتقية.
وتقاة، على وزن «فعلة» بضم الفاء، وفتح العين، وأصلها «وقية» ثم أبدلت الواو تاء فصارت «تقية» ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت «تقاة» (2).
قال «الراغب» في مادة «وقى»: «الوقاية»: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، يقال: وقيت الشيء أقيه وقاية ووقاء، قال تعالى: {فَوَقََاهُمُ اللََّهُ شَرَّ ذََلِكَ الْيَوْمِ} (3).
والتقوى: جعل النفس في وقاية مما تخاف، هذا تحققه، ثم يسمى الخوف تارة «تقوى» الى أن قال: «وصار التقوى في تعارف الشرع: حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور» قال تعالى: {إِنَّ اللََّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} (4).
__________
(1) سورة آل عمران الآية 28
(2) قال ابن الجزرى: تقيه قل في تقة ظلل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 5.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 117.
اتحاف فضلاء البشر ص 172
(3) سورة الانسان الآية 11
(4) سورة النحل الآية 128(1/647)
وقال «الزبيدي» في مادة «وقى»: «وقاه» يقيه وقيا بالفتح ووقاية بالكسر وواقية على فاعلة: صانه، وستره عن الأذى، وحماه، وحفظه، فهو واق، ومنه قوله تعالى: {مََا لَهُمْ مِنَ اللََّهِ مِنْ وََاقٍ} (1). أي من دافع الى أن قال: «والوقاء»: كسحاب، ويكسر. «والوقاية» مثلثة، وكذلك «الواقية» كل ما وقيت به شيئا وقال «اللحياني»: «كل ذلك مصدر وقيته الشيء».
والتوقية: الكلاءة، والحفظ، والصيانة.
واتقيت الشيء، وتقيته، أتقيه، وأتقيته، تقى كهدى قال «الجوهري»: «اتقى يتقي» أصله: «اوتقى يوتقى» على افتعل» قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وأبدلت منها التاء، وأدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ «الافتعال» توهموا أن التاء من نفس الحرف فجعلوه: «اتقى يتقي» بفتح التاء فيهما، ثم لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه به، فقالوا «تقى يتقي» مثل: «قضى يقضي»، قال «أوس»:
تقاك بكعب واحد وتلذه ... يداك اذا ما هز بالكف يعسل
الى أن قال: «ابن بري»: عند قوله أي قول الجوهري مثل «قضى يقضي» أدخل همزة الوصل «تقى» والتاء متحركة، لان أصلها السكون، والمشهور «تقى يتقي» من غير همزة وصل لتحرك التاء انتهى كلام «ابن بري» ثم قال «الجوهري»: «وتقول في الامر تق» بحذف التاء والمرأة «تقي» باثبات الياء قال «عبد الله بن همام السلولى»:
زياتنا نعمان لا تنسينها ... تق الله فينا والكتاب الذي تتلو
__________
(1) سورة الرعد الآية 34(1/648)
بنى الامر على المخفف فاستغنى عن الالف فيه بحركة الحرف الثاني.
وأنشد التالي:
تقى الله فيه يا أم عمرو ونولي ... مودته لا يطلبنك طالب (1).
«السلام» من قوله تعالى: ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وحمزة، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «السلم» بفتح اللام من غير ألف بعدها، على معنى الاستسلام، والانقياد، ومنه قوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَى اللََّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} (3).
فالمعنى: «يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله، وخرجتم للجهاد فتثبتوا ولا تقولوا لمن استسلم وانقاد اليكم لست مؤمنا فتقتلوه، بل يجب عليكم أن تتبينوا حقيقة أمره».
وقرأ الباقون «السلام» بفتح اللام وألف بعدها، على معنى التحية، فتحية الاسلام هي: «السلام عليكم» وعليه يكون المعنى: لا تقولوا لمن حياكم تحية الاسلام لست مؤمنا فتقتلوه، لتأخذوا سلبه (4).
«وخرقوا» من قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلََّهِ شُرَكََاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنََاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (5).
__________
(1) انظر: تاج العروس شرح القاموس ح 10ص 396.
(2) سورة النساء الآية 94
(3) سورة النحل الآية 87
(4) قال ابن الجزرى: السلام لست فاقصرن عم فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 33.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 395 والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 167
(5) سورة الانعام الآية 100(1/649)
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «وخرقوا» بتشديد الراء، وذلك للتكثير، لان المشركين أدعوا الملائكة بنات الله، واليهود ادعت عزيرا ابن الله، والنصارى ادعت المسيح ابن الله، وهذا كله كذب وافتراء، فكثر ذلك من كفرهم، فشدد الفعل لمطابقة المعنى، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وقرأ الباقون «وخرقوا» بتخفيف الراء، على الأصل، ولأن الفعل يدل على القليل والكثير (1).
قال الراغب في مادة «خرق»: الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر، ولا تفكر، قال تعالى: {أَخَرَقْتَهََا لِتُغْرِقَ أَهْلَهََا} (2). وهو ضد الخلق وان الخلق هو فعل الشيء بتقدير ورفق، والخرق بغير تقدير، قال تعالى: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنََاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي حكموا بذلك على سبيل الخرق اهـ (3).
جاء في «التاج»: «خرق الثوب» «يخرقه، ويخرقه» بكسر الراء وضمها «مزقة».
ومن المجاز: «خرق الرجل» اذا كذب (4).
ومن المجاز أيضا: «خرق الكذب، واختلقه»: اذا صنعه، واشتقه.
«وحرق بالشيء» بضم الراء «ككرم» اذا جهله، ولم يحسن عمله.
قال «ابن الاعرابي»، محمد بن زياد ت 231هـ: لا جمع للخرق اهـ.
__________
(1) قال ابن الجزرى: وخرقوا شدد مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 58.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 443.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 220.
(2) سورة الكهف الآية 71.
(3) انظر المفردات في غريب القرآن ص 146.
(4) انظر: تاج العروس مادة «خرق» ح 6ص 327.(1/650)
وقال «ابن دريد» ت 321هـ (1):
«جمع الخرق» «اخراق» كسرب، وأسراب أهـ.
وقال «ابن عباد» ت 385هـ: (2).
«جمع خرق» «خراق» «كغراب» أهـ.
وقال غيرهما: جمع «الخرق» «خروق».
وقال «ابن الاعرابي» ت 231هـ: «المخروق»: المحروم الذي لا يقع في كفه غنى وهو مجاز اهـ (3).
«دينا قيما» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدََانِي رَبِّي إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرََاهِيمَ حَنِيفاً} (4).
قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «قيما» بفتح القاف، وكسر الياء مشددة، على أنها صفة «لدينا» وقيما على وزن «فيعل» وأصلها «قوم» فاجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء.
__________
(1) هو: محمد بن الحسن بن دريد، بن عتاهية الأزدي البصري «أبو بكر» ولد بالبصرة، وقرأ على علمائها، ثم صار الى «عمان» بضم العين وفتح الميم مخففة ثم رحل الى فارس، ثم قدم بغداد فأقام بها الى أن توفي، وهو: عالم أديب، لغوي، شاعر، نحوي، نسابة، من تصانيفه: الجمهرة في اللغة، واشتقاق أسماء القبائل، وأدب الكاتب، والمقصور والممدود، توفي ببغداد عام 321هـ 933م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 9ص 189.
(2) هو: اسماعيل بن عباد والمعروف بالصاحب «أبو القاسم» ولد «بلصطخر» وقيل «بالطاقان» تولى الوزارة للملك مؤيد الدولة بن بويه، وهو أديب، كاتب، فصيح، سياسي، من تصانيفه: المحيط في اللغة في سبع مجلدات على حروف المعجم، وديوان شعر، وديوان رسائله في عشر مجلدات، توفي بالري في 24صفر عام 385هـ 995م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 2ص 274.
(3) انظر: تاج العروس مادة «خرق» ح 6ص 328.
(4) سورة الانعام الآية 161.(1/651)
وقرأ الباقون «قيما» بكسر القاف، وفتح الياء مخففة، على وزن «شيع» على أنها صفة لدينا، و «قيما» مصدر قام مثل: «شبع» وأصله «قوم» فقلب الواو ياء لمناسبة الكسرة التي قبلها فأصبحت «قيما»، وكان القياس ألا يصل، كما لم يصل عوض، وحول» فعلته خارجة عن القياس (1).
«بئيس» من قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذََابٍ بَئِيسٍ بِمََا كََانُوا يَفْسُقُونَ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «بئيس» بكسر الباء الموحدة، وبعدها ياء ساكنة من غير همز، على أن أصلها «بئس» على وزن «حذر» نقلت كسرة الهمزة الى الباء، ثم أبدلت الهمزة ياء.
وقرأ «ابن ذكوان، وهشام» في وجهه الثاني «بئس» بكسر الباء الموحدة، وبعدها همزة ساكنة من غير ياء، على وزن «حذر» أيضا، نقلت كسرة الهمزة الى الباء ثم سكنت الهمزة.
وقرأ «شعبة» في أحد وجهيه «بيئس» بياء مفتوحة، ثم ياء ساكنة، ثم همزة مفتوحة من غير ياء، على وزن «ضيغم».
وقرأ الباقون «بئيس» بفتح الباء، وكسر الهمزة، وياء ساكنة، على وزن «رئيس» وهو الوجه الثاني لشعبة (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ودينا قيما ... فافتحه مع كسر بثقله سما.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 70.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 458.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 233.
(2) سورة الاعراف الآية 165
(3) قال ابن الجزرى: بيس بياء لاح بالخلف مدا: والهمز كم وبيئس خلف صدا بئيس الغير.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 82.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 481.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 256.(1/652)
«أسرى» من قوله تعالى: {مََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى ََ حَتََّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (1).
قرأ «أبو جعفر» «أسارى» بضم الهمزة، وفتح السين، وألف بعدها، على وزن «سكارى».
وقرأ الباقون «أسرى» بفتح الهمزة، واسكان السين من غير ألف، على وزن «سكرى».
«وأسارى، وأسرى» جمع «أسير» (2).
«الأسرى» من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى ََ} (3).
قرأ «أبو عمرو، وأبو جعفر» «الأسارى» بضم الهمزة وفتح السين، وألف بعدها، على وزن «سكارى».
وقرأ الباقون «الأسرى» بفتح الهمزة، واسكان السين من غير ألف، على وزن «سكرى».
وأسارى، وأسرى» جمع «أسير» (4).
«بقية» من قوله تعالى: {فَلَوْلََا كََانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسََادِ فِي الْأَرْضِ} (5).
__________
(1) سورة الأنفال الآية 67.
(2) قال ابن الجزرى: أسرى أسارى ثلثا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 92.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 272.
(3) سورة الأنفال الآية 70
(4) قال ابن الجزرى: من الأسارى حزثنا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 92.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 272
(5) سورة هود الآية 116(1/653)
قرأ «ابن جماز» «بقية» بكسر الباء، واسكان القاف، وتخفيف الياء. قال «العكبري» ت 616هـ:
قرئ «بقية» بتخفيفها، وهو مصدر «بقي، يبقى، بقية» كلقيته، لقية» فيجوز أن يكون على بابه، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى «فعل»: وهو بمعنى «فاعل» اهـ (1).
وقرأ الباقون «بقية» بفتح الباء، وكسر القاف، وتشديد الياء، على أنه مصدر «بقى» (2).
جاء في «اللسان»: وقوله تعالى: {فَلَوْلََا كََانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ} معناه: أولو تمييز، ويجوز: أولو بقية: أولوا طاعة.
قال «ابن سيدة» ت 458هـ: «فسر بأنه الابقاء، وفسر بأنه الفهم، ومعنى «البقية» اذا قلت: فلان بقية، فمعناه: فيه فضل فيما يمدح به، وجمع «البقية» «البقايا» اهـ.
وقال «أبو منصور الأزهري» ت 370هـ: «البقية»: اسم من الابقاء، كأنه أراد والله أعلم: فلولا كان من القرون قوم أولوا ابقاء على أنفسهم لتمسكهم بالدين المرضى، ونصب «الا قليلا» لأن المعنى في قوله: «فلولا كان»: فما كان، وانتصاب «قليلا» على الانقطاع من الأول» اهـ (3).
«لفتيانه» من قوله تعالى: {وَقََالَ لِفِتْيََانِهِ اجْعَلُوا بِضََاعَتَهُمْ فِي رِحََالِهِمْ} (4).
__________
(1) انظر: التبيان في اعراب القرآن للعكبري ح 2ص 718.
(2) قال ابن الجزرى: بقية ذق كسرا وخف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 121 والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 329.
وشرح طيبة النشر ص 318.
(3) انظر: لسان العرب مادة «بقى» ح 14ص 81.
(4) سورة يوسف الآية 62.(1/654)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لفتيانه» بألف بعد الياء، ونون مكسورة بعد الألف، على وزن «فعلان» جمع «فتى» مثل:
«جار، وجيران، وتاج وتيجان» و «الفتيان» للكثير من العدد، ويقوي ذلك قوله تعالى: {اجْعَلُوا بِضََاعَتَهُمْ فِي رِحََالِهِمْ} فكما أن «الرحال» للعدد الكثير، فكذلك المتولون ذلك، لأن الجمع القليل «أرحل».
وقرأ الباقون «لفتيته» بحذف الألف، وتاء مكسورة بعد الياء، على وزن «فعلة» جمع «فتى» للقليل من العدد، مثل: «أخ وأخوة، وقاع وقيعة».
وذلك لان الذين تولوا جعل البضاعة في رحالهم قلة (1).
«سكرت» من قوله تعالى: {لَقََالُوا إِنَّمََا سُكِّرَتْ أَبْصََارُنََا} (2).
قرأ «ابن كثير» «سكرت» بتخفيف الكاف، أي حبست أبصارنا، بحيث لا ينفذ نورها، ولا تدرك الأشياء على حقيقتها، والعرب تقول: «سكرت الريح» اذا أسكنت، فكأنها حبست ويقال: سكرت النهر: أي حبست عن الجري.
وقرأ الباقون «سكرت» بتشديد الكاف، أي غشيت، وغطيت.
وقال «قتادة بن دعامة السدوسى» ت 118هـ.
معنى «سكرت»: سدت، وحجتهم في التشديد أن الفعل مسند الى
__________
(1) قال ابن الجزرى: فتيان في فتية حفظا حافظا صحب.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 361.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 12.
والمهذب في القراءات العشر ح 3411.
وحجة القراءات.
(2) سورة الحجر الآية 15.(1/655)
جماعة وهو قوله تعالى: {سُكِّرَتْ أَبْصََارُنََا} والتشديد مع الجمع أولى اهـ (1).
جاء في «المفردات»:
«السكر» بضم السين، وسكون الكاف:
حالة تعرض بين المرء، وعقله، وأكثرها ما يستعمل ذلك في شراب، وقد يعترى من الغضب.
و «السكر» بفتح السين والكاف: اسم لما يكون منه «السكر» قال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرََاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنََابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} (2).
و «السكر» بفتح السين، وسكون الكاف: حبس الماء، وذلك باعتبار ما يعرض من السد بين المرء، وعقله.
و «السكر» بكسر السين، وسكون الكاف: الموضع المسدود.
وقوله تعالى: {إِنَّمََا سُكِّرَتْ أَبْصََارُنََا} (3).
قيل: هو من «السكر» بفتح السين، وسكون الكاف وقيل: هو من «السكر» بضم السين، وسكون الكاف اهـ (4).
وجاء في «اللسان»:
__________
(1) قال ابن الجزرى: وخف سكرت دنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 138 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 30.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 361.
وحجة القراءات ص 382.
(2) سورة النحل الآية 67
(3) سورة الحجر الآية 15
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «سكر» ص 236.(1/656)
يقال: «سكر، يسكر، سكرا (1) وسكرا (2) وسكرا (3) وسكرا (4) وسكرانا (5)» فهو «سكر» و «سكران».
والأنثى: «سكرة، وسكرى، وسكرانة» (6).
«ونئا» من قوله تعالى: {وَإِذََا أَنْعَمْنََا عَلَى الْإِنْسََانِ أَعْرَضَ وَنَأى ََ بِجََانِبِهِ} (7).
ومن قوله تعالى: واذا انعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه (8).
قرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر» «وناء» بألف ممدودة بعد النون، وبعدها همزة مفتوحة مثل «شاء»، وذلك على قلب الألف المنقلبة عن ياء، وهي لام الفعل في موضع الهمزة، وهي عين الفعل، وقد كان وزنه قبل القلب «فعل» فصار وزنه بعد القلب «فلع» بتقديم لام الكلمة على عينها.
وقرأ الباقون «نأى» بهمزة مفتوحة ممدودة بعد النون مثل «رأى» وذلك على أصل الفعل، من «النأي» وهو «البعد» (9).
«ثمر» من قوله تعالى: {وَكََانَ لَهُ ثَمَرٌ} (10).
«ثمره» من قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} (11).
__________
(1) بضم السين، وسكون الكاف.
(2) بضم السين، والكاف.
(3) بفتح السين، وسكون الكاف.
(4) بفتح السين، والكاف.
(5) بفتح السين، والكاف
(6) انظر: لسان العرب مادة «سكرا» ح 4ص 372.
(7) سورة الاسراء الآية 83
(8) سورة فصلت الآية 51
(9) قال ابن الجزرى: نأى ناء معا منه ثبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 156.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 50.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 389، ج 2ص 208.
(10) سورة الكهف الآية 34
(11) سورة الكهف الآية 42(1/657)
قرأ عاصم وأبو جعفر وروح «ثمر» و «ثمرة» معا بفتح الثاء والميم فيهما وقرأ «رويس» «ثمرا» بفتح الثاء، والميم، و «ثمره» بضم الثاء والميم، وقرأ «أبو عمرو» «ثمر، ثمره» معا، بضم الثاء، واسكان الميم فيهما.
وقرأ الباقون اللفظين بضم الثاء، والميم فيهما.
وجه من فتح الثاء، والميم، أنه جمع «ثمرة» مثل: «بقرة، وبقر».
ووجه من ضم الثاء، والميم، أنه جمع «ثمار» مثل: «كتاب وكتب».
ووجه من ضم الثاء، وأسكن الميم، أنه جمع «ثمار» أيضا، وأسكن الميم للتخفيف.
و «الثمر» ما يجتنى من ذوي الثمر (1).
«لمهلكهم» من قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} (2).
«مهلك» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مََا شَهِدْنََا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} (3).
قرأ «لمهلكهم، مهلك» بفتح الميم واللام الثانية، على أنه مصدر ميمي قياس من «هلك» الثلاثي.
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437هـ:
«وحجة من فتح الميم، واللام، أنه جعله مصدرا من «هلك» وعداه، حكي أن «بني تميم» يقولون: «هلكني الله» جعلوه من باب «رجع زيد، ورجعته».
__________
(1) قال ابن الجزرى: وثمر ضماه بالفتح ثوى: نشر بثمره ثنا صاد ونوى سكنهما حلا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 161.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 59.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 399، 400.
(2) سورة الكهف الآية 59
(3) سورة النمل الآية 49(1/658)
ويكون مضافا الى المفعول كقوله تعالى: {لََا يَسْأَمُ الْإِنْسََانُ مِنْ دُعََاءِ الْخَيْرِ} (1).
فاما من لم يجز تعدية «هلك» الى مفعول فانه يكون مضافا الى الفاعل.
ومن جعله متعديا يكون تقديره: «وجعلنا لاهلاكنا اياهم موعدا». والمصدر في الأصل من «فعل يفعل» (2).
يأتي على «مفعل» فلذلك كان «مهلك» مصدرا من «هلك» اهـ (3).
وقرأ «حفص» لمهلكهم، مهلك، بفتح الميم، وكسر اللام، على أنه مصدر ميمي سماعي من «هلك» الثلاثي.
قال «مكي بن أبي طالب»: «وحجة من كسر اللام، وفتح الميم أنه جعله أيضا مصدرا من «هلك» والوجهان في اضافته جائزان على تقدم، لكنه خارج عن الاصول، أتى نادرا «مفعل» بكسر العين. من «فعل يفعل» بفتح العين فيهما، كما قالوا: «المرجع» مصدر من «رجع يرجع» كالرجوع اهـ (4).
وقرأ الباقون «لمهلكهم، مهلك» بضم الميم، وفتح اللام، على أنه مصدر ميمي قياسي من «أهلك» المزيد بهمزة. وهو متعد، فهو مضاف الى مفعوله (5).
«فتحت» من قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} (6).
__________
(1) سورة فصلت الآية 49.
(2) فعل يفعل: يفتح العين في الماضي والمضارع.
(3) انظر الكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 65.
(4) انظر: المرجع المتقدم ح 2ص 65.
(5) قال ابن الجزرى: مهلك مع نمل افتح الضم ندا: واللام فاكسر عد.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 454، ح 2من 103.
(6) وشرح طيبة النشر ص 337، 338.
سورة الأنبياء الآية 96(1/659)
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «فتحت» بتشديد التاء، وفيه معنى التكرير، والتكثير، لأنه ثم سد، وبناء، وردم، فالفتح لأشياء مختلفة يكون التشديد أولى به.
وقرأ الباقون «فتحت» بتخفيف التاء، لأن تقديره: حتى اذا فتح سد يأجوج ومأجوج، فهو واحد (1).
«سكارى، بسكارى» من قوله تعالى: {وَتَرَى النََّاسَ سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سكرى، بسكرى» بفتح السين، واسكان الكاف، وحذف الألف فيهما، على وزن «فعلى» جمع «سكران».
ويجوز أن يكون «سكرى» جمع «سكر» نحو: «هرم وهرمى» «وزمن وزمنى».
وقرأ الباقون «سكارى، بسكارى» بضم السين، وفتح الكاف، واثبات الألف فيهما، على وزن «فعالى» جمع «سكران» نحو: «كسلان وكسائى» (3).
المعنى: تضمنت هذه الآية الحديث عن بعض الأهوال التي ستكون يوم
__________
(1) قال ابن الجزرى: وفتحت يأجوج كم ثوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 194.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 114.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 41.
(2) سورة الحج الآية 2
(3) قال ابن الجزرى: سكارى معا شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 196.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 44.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 116.(1/660)
القيامة، فان زلزلتها يترتب عليها أن تغفل كل مرضعة عن رضيعها فتتركه وتنشغل بنفسها عن كل شيء لشدة دهشتها، وتسقط كل حبلى جنينها من شدة الفزع، وهذا تصوير لشدة الانزعاج والخوف، اذ ليس في يوم البعث ارضاع، ولا حمل، ويخيل اليك ان الناس سكارى لعدم اتزانهم، وكثرة حيرتهم، وليسوا بسكارى لانهم لم يعاقروا خمرا ولكن خوف عذاب الله الشديد هو الذي أفزعهم فأطار عقولهم وأذهب صوابهم.
«لهدمت» من قوله تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوََامِعُ وَبِيَعٌ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «لهدمت» بتخفيف الدال، على أنه فعل ثلاثي مجرد، وهو يقع للقليل، والكثير.
وقرأ الباقون بتشديد الدال، على أنه فعل مضعف العين، يدل على التكثير، وذلك لكثرة الصوامع، والبيع، والصلوات، والمساجد (2).
«سيناء» من قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنََاءَ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «سيناء» بكسر السين على وزن «فعلاء» والهمزة بدل ياء، وليست للتأنيث، اذ ليس في كلام العرب «فعلاء» بكسر الفاء، وهمزته للتأنيث، انما يأتي هذا المثال في الاسماء الملحقة ب «سرداح» نحو: علباء، وحرباء الهمزة في هذا بدل من ياء لوقوعها متطرفة بعد ألف زائدة، من هذا يتبين أن الهمزة في «سيناء» في قراءة من كسر السين بدل من ياء، وهو معرفة اسم للبقعة، فلم ينصرف للعلمية والتأنيث.
__________
(1) سورة الحج الآية 40
(2) قال ابن الجزرى: هثمات للحرم خف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 200.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 121.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 51.
(3) سورة المؤمنون الآية 20(1/661)
وقرأ الباقون «سيناء» بفتح السين، على وزن «فعلاء» كحمراء، فالهمزة للتأنيث، ولم ينصرف للتأنيث (1).
«وفرضناها» من قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنََاهََا وَفَرَضْنََاهََا} (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «وفرضناها» بتشديد الراء، لتأكيد الايجاب والالزام، أو الاشارة الى كثرة ما في هذه السورة من الاحكام المفروضة مثل: حد الزنا، والقذف، وحكم اللعان، والاستئذان، وغض البصر الخ.
وفي الكلام حذف تقديره: وفرضنا فرائضها، ثم حذفت الفرائض وقام المضاف اليه مقامها فاتصل الضمير بفرضنا.
وقيل معنى التشديد: فصلناها بالفرائض. ويجوز أن يكون التشديد على معنى: فرضناها عليكم وعلى من بعدكم فشدد لكثرة المفروض عليهم، لأنه فعل يتردد على كل من حدث من الخلق الى يوم القيامة.
وقرأ الباقون «وفرضناها» بتخفيف الراء، لأنه يقع للقليل والكثير، أي أوجبنا ما فيها من الاحكام ايجابا قطعية بالفرض عليكم (3).
«كبره» من قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلََّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وسيناء اكسروا حرم حنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 203.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 126.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 57.
(2) سورة النور الآية 1
(3) قال ابن الجزرى: ثقل فرضنا حبر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 209.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 68.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 133.
(4) سورة النور الآية 11(1/662)
قرأ «يعقوب» «كبره» بضم الكاف، من قولهم: الولاء للكبر (1)، وهو أكبر ولد الرجل، أي تولى أكبره.
وقال «أبو زكريا الفراء»: وهو وجه جيد لأن العرب تقول: فلان أولى عظم (2) كذا وكذا، أي أكثره (3).
وقرأ الباقون «كبره» بكسر الكاف، أي وزره، واثمه (4).
ومعنى «والذي تولى كبره» الخ: أي والذي تولى اشاعة معظم حديث الافك وهو «ابن سلول» رأس المنافقين له عذاب عظيم يوم القيامة.
«دري» من قوله تعالى: {الزُّجََاجَةُ كَأَنَّهََا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (5).
قرأ «أبو عمرو، والكسائي» «دري» بكسر الدال، وبعد الراء ياء ساكنة مدية بعدها همزة، على وزن «فعيل» بتشديد العين، وهو مشتق من «الدرء» مثل فسيق، وسكير» وهو صفة «الكوكب» على المبالغة.
وقرأ «شعبة، وحمزة» «دريء» بضم الدال، وبعد الراء ياء ساكنة مدية بعدها همزة، على وزن «فعيل» بتشديد العين، وهو مشتق من «الدرء» وهو الدفع لانه الخفاء لتلألئه، وضيائه عند ظهوره، وهو صفة «لكوكب» أيضا.
وقرأ الباقون «دري» بضم الدال، وبعد الراء ياء مشددة من غير همز ولا مد، نسبة الى «الدر» لشدة ضوئه، ولمعانه، وهو على وزن «فعلى».
__________
(1) «للكبر» بضم الكاف، وسكون الباء.
(2) «عظم» بضم العين، وسكون الظاء.
(3) انظر: اعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ح 2ص 434.
(4) قال ابن الجزرى: كبر ضم كسرا ظبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 210.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 71.
والتبيان في اعراب القرآن للعكبري ح 2ص 967.
(5) سورة النور الآية 35.(1/663)
ويجوز أن يكون أصله الهمز فيكون على وزن «فعيل» وهو مشتق من «الدرك» وهو الدفع، لكن خففت الهمزة، وأبدل منها ياء، لأن قبلها ياء زائدة للمد، مثل ياء «خطية» ثم أدغمت الياء في الياء (1).
«بل ادارك» من قوله تعالى: {بَلِ ادََّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ادارك» بهمزة وصل، وتشديد الدال، وألف بعدها، على أن أصله «تدارك» فأدغمت التاء في الدال، فسكن الحرف الاول، فدخلت ألف الوصل توصلا الى النطق بالساكن، ومعناه: بل تلاحق علمهم بالآخرة، أي جهلوا علم وقتها علم ينفرد أحد منهم بزيادة علم في وقتها، فهم في الجهل لوقت حدوثها متساوون.
وقرأ الباقون «أدرك» بهمزة قطع مفتوحة، واسكان الدال مخففة وبلا ألف بعدها، على وزن «أفعل» قيل: هو بمعنى «تدارك» فتتحد القراءتان في المعنى.
وقيل: «أدرك» بمعنى: «بلغ ولحق» كما تقول: أدرك على هذا، أي بلغه، فالمعنى فيه الانكار، و «بل» بمعنى «هل» فهو انكار أن يبلغ علمهم أمر الآخرة، وفيه معنى التقرير والتوبيخ لهم، وطلبهم علم ما لم يبلغوه أبدا، فالمعنى: هل أدرك علمهم في الآخرة أي بعلم حدوث الآخرة، ومتى تكون، أي أنهم لم يدركوا علم الآخرة ووقت حدوثها ودل على ذلك قوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهََا بَلْ هُمْ مِنْهََا عَمُونَ} أي من علمها، و «في»
__________
(1) قال ابن الجزرى: نرى اكسر الضم دباخر ... وامدد همز صفه رضا حط.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 212.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 74.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 137
(2) سورة النمل الآية 66(1/664)
بمعنى الياء، فالمعنى: هل أدرك علمهم بالآخرة، أي هل بلغ غايته فلم يدركوا علمها، ولم ينظروا في حقيقتها، والعمى عن الشيء أعظم من الشك فيه (1).
«صدق» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «صدق» بتشديد الدال، على التضعيف، ووجه ذلك أنه عدى «صدق» الى الظن فنصبه على معنى: أن ابليس صدق ظنه، فصار يقينا حين اتبعه الكفار، وأطاعوه في الكفر.
والمعنى: ولقد حقق «ابليس» في أهل «سبأ» ظنه، وذلك باستعدادهم لقبول اغوائه، فاتبعوه، وانغمسوا في الشهوات والآثام، الا فريقا من المؤمنين.
وقرأ الباقون «صدق» بعدم التشديد، على أصل الفعل، ووجه ذلك أنه لم يعد «صدق» الى مفعول، لكن نصب «ظنه» على نزع الخافض، أي صدق ظنه حين اتبعوه (3).
«ظلال» من قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوََاجُهُمْ فِي ظِلََالٍ عَلَى الْأَرََائِكِ مُتَّكِؤُنَ} (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ادارك في أدرك أين كنز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 229.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 106.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 164.
(2) سورة سبأ الآية 20
(3) قال ابن الجزرى: وصدق الثقل كفى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 257 والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 153 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 207
(4) سورة يس الآية 56(1/665)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ظلل» بضم الظاء، وحذف الألف، على وزن «فعل» مثل «عمر» على أنه جمع «ظلة» مثل «غرف، وغرفة».
وقرأ الباقون «ظلال» بكسر الظاء، واثبات الألف، على أنه جمع «ظل» مثل: «ذئب، وذئاب» أو جمع «ظلة» أيضا، مثل: «قلة، وقلال» (1).
المعنى: ومما يزيد أهل الجنة بهجة وسرورا، أنهم هم وزوجاتهم المؤمنات في ظلال دائمة ممتدة، لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا، متكئون على السرر المزينة بالستور والفرش.
«جبلا» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً} (2).
قرأ «نافع، وعاصم، وأبو جعفر» «جبلا» بكسر الجيم، والباء، وتشديد اللام، على أنه جمع جبلة» وهي «الخلق».
وقرأ «أبو عمرو، وابن عامر» «جبلا» بكسر الجيم، وسكون الباء، وتخفيف اللام، على أنه جمع «جبيل» وهو «الخلق» أيضا، مثل: «رغيف، ورغف» الا أنه أسكن الباء تخفيفا.
وقرأ «ابن كثير، وحمزة والكسائي، ورويس، وخلف العاشر» «جبلا» بضم الجيم، والباء، وتخفيف اللام، على أنه جمع «جبيل» أيضا، مثل:
رغيف، ورغف».
وقرأ «روح» «جبلا» بضم الجيم، والباء، وتشديد اللام، على أنه جمع «جبل» بكسر الجيم، وفتح الباء (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: ظلل للكسر ضم واقصروا شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 266.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 168.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 219.
(2) سورة يس الآية 6
(3) قال ابن الجزرى: جبل في كسر ضميه مدا نل واشددا(1/666)
المعنى: ولقد أضل الشيطان منكم جبلا أي خلقا كثيرا، أفلم تكونوا تعقلون ان ذلك كان بسبب الشيطان فتتجنبوا تزينه واغواءه؟
«أسورة» من قوله تعالى: فلولا القى عليه أسورة من ذهب (1).
قرأ «حفص، ويعقوب» «أسورة» بسكون السين، على وزن «أفعله» جمع «سوار» مثل: «أخمر، وخمار».
وقرأ الباقون «أساورة» بفتح السين، على وزن «أفاعلة» على أنه جمع «أسورة» مثل: «أسقية، وأسقى» (2).
«احسانا» من قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ إِحْسََاناً} (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «احسانا» بزيادة همزة مكسورة قبل الحاء، ثم اسكان الحاء، وفتح السين، على وزن «افعالا» مثل: «اكراما» وهو مصدر «أحسن» حذف عامله، والتقدير:
«ووصيا الانسان بوالديه أن يحسن اليهما احسانا» وهذه القراءة موافقة في الرسم لمصحف أهل الكوفة.
وقرأ الباقون «حسنا» بحذف الهمزة، وضم الحاء، واسكان السين،
__________
لهم وروح ضمه اسكن كم حدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 266 والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 169 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 219.
وتهذيب اللغة للأزهري مادة «جبل» ح 11ص 95.
(1) سورة الزخرف الآية 53.
(2) قال ابن الجزرى: اسورة سكنه واقصر عن ظلم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 295.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 220 والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 259.
(3) سورة الأحقاف الآية 14(1/667)
على وزن «فعل» مثل: «قفل» على أنه مصدر، مثل: «الشكر» وهو مفعول به على تقدير مضاف:
والتقدير: «ووصينا الانسان بوالديه أمرا ذا حسن» فحذف المنعوت، وقام النعت مقامه وهو «ذا» ثم حذف المضاف وقام المضاف اليه مقامه، وهو «حسن» وهذه القراءة موافقة في الرسم لبقية المصاحف غير مصاحف أهل الكوفة (1).
قال «أبو عمر الداني»: «وفي الاحقاف في مصاحف أهل الكوفة» بوالديه «احسانا» بزيادة ألف قبل الحاء وبعد السين، وفي سائر المصاحف «حسنا» بغير ألف أهـ (2).
«الصاعقة» من قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصََّاعِقَةُ} (3).
قرأ «الكسائي» «الصعقة» بحذف الألف، وسكون العين، على وزن «فعلة» مثل: «ضربة»، على إرادة الصوت الذي يصحب «الصاعقة».
وقرأ الباقون «الصاعقة» بالألف بعد الصاد، وكسر العين، على وزن «فاعلة» مثل: «ناجحة» وذلك على إرادة النار النازلة من السماء للعقوبة (4).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وحسنا احسانا كفى انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 303.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 233.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 271.
(2) انظر: المقنع في مرسوم المصاحف ص 106.
(3) سورة الذاريات الآية 14
(4) قال ابن الجزرى: صاعقة الصعقة رم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 313.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 254.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 288.(1/668)
قال «أبو زيد الأنصاري» ت 215هـ: «الصاعقة» نار تسقط من السماء في رعد شديد» اهـ (1).
«ما كذب» من قوله تعالى: {مََا كَذَبَ الْفُؤََادُ مََا رَأى ََ} (2).
قرأ «هشام، وأبو جعفر» «ما كذب» بتشديد الذال، على وزن «فعل» مضعف العين، والفعل عدى الى المفعول وهو «ما» بالتضعيف بغير تقدير حرف جر فيه، والتقدير: ما كذب فؤاده ما رأت عيناه، بل صدقه.
من هذا يتضح أن «ما» اسم موصول، وهي مفعول «كذب».
وقرأ الباقون «ما كذب» بتخفيف الذال، على وزن «فعل» مخفف العين، والفعل لازم، ولذلك عدى الى «ما» بحرف جر مقدر محذوف، والتقدير:
ما كذب فؤاده فيما رأت عيناه، بل صدقه والمعنى في القراءتين واحد (3).
«وما نزل» من قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللََّهِ وَمََا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} (4).
قرأ «نافع، وحفص، ورويس» بخلف عنه «وما نزل» بتخفيف الزاي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ما» وهو «القرآن الكريم» كما قال تعالى في آية أخرى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنََاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (5).
وقرأ الباقون «وما نزل» بتشديد الزاي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو»
__________
(1) انظر: الصحاح للجوهري مادة «صعق» ح 4ص 1506.
(2) سورة النجم الآية 11
(3) قال ابن الجزرى: كذب الثقيل لي ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 317.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 258.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 294
(4) سورة الحديد الآية 16
(5) سورة الاسراء الآية 105(1/669)
يعود على «الله تعالى»، والتقدير: «ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله والذي نزل به من الحق» وهو الوجه الثاني «لرويس» (1).
«لووا» من قوله تعالى: {لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ} (2).
قرأ «نافع، وروح» «لووا» بتخفيف الواو الاولى، من «اللى» مثل: «طوى طيا» والفعل «لوى يلوي» وواو الجماعة فاعل، و «رءوسهم» مفعول به.
ومن التخفيف قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتََابِ} (3).
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} (4).
وقرأ الباقون «لووا» بتشديد الواو الاولى، من «اللى» أيضا: وفي التشديد معنى التكثير، أي: لووها مرة بعد مرة، والفعل «لوى، يلوي» مضعف العين (5).
«عرف» من قوله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} (6).
قرأ «الكسائي» «عرف» بتخفيف الراء، على معنى «جازى» النبي صلى الله عليه وسلم على بعض، وعفا عن بعض، تكرما منه عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) قال ابن الجزرى: خف نزل اذ عن غلا الخلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 275.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 275.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 310.
(2) سورة المنافقون الآية 5
(3) سورة آل عمران الآية 78
(4) سورة النساء الآية 135.
(5) قال ابن الجزرى: خفف لووا اذ شم.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 335.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 289.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 322.
(6) سورة التحريم الآية 3(1/670)
وجاء في التفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر الى بعض أزواجه وهي حفصة بنت عمر سرا، فأفشته عليه، لم تكتمه فأطلع الله نبيه على ذلك، فجازاها على بعض فعلها بالطلاق الرجعي، وأعرض عن بعض، فلم يجازها عليه.
ولا يحسن أن يحمل «عرف» مخففا على معنى: «علم بعضه» لأن الله جل ذكره قد أعلمنا أنه أطلع نبيه عليه، واذا أطلعه عليه لم يجز أن يجهل منه شيئا، فلا بد من حمل «عرف» مخففا على معنى «جازى» وذلك مستعمل، تقول لمن يسيء، ولمن يحسن: أنا أعرف لاهل الاحسان، وأعرف لاهل الاساءة، أي لا أقصر في مجازاتهم.
وقرأ الباقون «عرف» بتشديد الراء، فالمفعول الأول محذوف، أي عرف النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بعض ما فعلت، وأعرض عن بعض تكرما منه صلى الله عليه وسلم (1).
«ومن قبله» من قوله تعالى: {وَجََاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ} (2).
قرأ «أبو عمرو، والكسائي، ويعقوب» «قبله» بكسر القاف، وفتح الباء، أي ومن هو في جهته من أتباعه، لأن أصل «قبل» أن تستعمل لما ولى الشيء.
وقرأ الباقون «قبله» بفتح القاف، واسكان الياء، أي: ومن تقدمه من الأمم الماضية (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: خف عرف رم انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 337.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 294.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 325
(2) سورة الحاقة الآية 9
(3) قال ابن الجزرى: وقبله حما رسم كسرا وتحريكا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 340.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 300.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 333.(1/671)
«أشد وطأ» من قوله تعالى: ان ناشئة الليل هي أشد وطئا (1).
قرأ «أبو عمرو، وابن عامر» «وطاء» بكسر الواو، وفتح الطاء، وألف ممدودة بعدها همزة، على وزن «فعال» مثل: «قتال» مصدر: «واطأ يواطئ وطاء» والمد حينئذ من قبيل المتصل، فكل يمد حسب مذهبه.
والمعنى على هذه القراءة: أن ساعات الليل، وأوقاته، أشد مواطأة أي موافقة، من قولهم: واطأت فلانا على كذا مواطأة ووطاء اذا وافقته عليه.
وقال «مجاهد بن جبر» ت 104هـ: هي أشد موافقة بين السمع، والبصر، والقلب، واللسان، لانقطاع الأصوات، والحركات فيها.
ومنه قوله تعالى: {لِيُوََاطِؤُا عِدَّةَ مََا حَرَّمَ اللََّهُ} (2).
وقرأ الباقون «وطأ» بفتح الواو، وسكون الطاء بلا مد، ولا همز، على وزن «فعل» مثل: «قتل» مصدر «وطى يطأ وطأ» (3).
قال «ابن قتيبة»: ان ساعات الليل أثقل على المصلي من ساعات النهار، من قول العرب: اشتدت على القوم وطأة السلطان: اذا ثقل عليهم ما يلزمهم منه» اهـ (4).
«أقتت» من قوله تعالى: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}. (5)
قرأ «أبو عمرو» «وقتت» بواو مضمومة مكان الهمزة، مع تشديد القاف، على الأصل، لأنه من «الوقت».
__________
(1) سورة المزمل الآية 6
(2) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 317.
(3) قال ابن الجزرى: وفي وطأ وطاء واكسرا حزكم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 346.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 309.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 344.
(4) انظر: تفسير الشوكاني ح 5ص 317.
(5) سورة المراسلات الآية 11.(1/672)
وقرأ «أبو جعفر» بخلف عن «ابن جماز» «وقتت» بالواو وتخفيف القاف.
وقرأ الباقون «أقتت» بالهمز مع تشديد القاف، وهو من «الوقت» أيضا، فأبدلت الواو همزة، وهو الوجه الثاني «لابن جماز».
من هذا يتبين أن من قرأ بالواو فمنهم من شدد القاف وهو «أبو عمرو» فقط.
ومنهم من خفف القاف، وهو «أبو جعفر» بخلف عن «ابن جماز».
أما من قرأ بالهمز فانه شدد القاف قولا واحدا (1).
«جمالت» من قوله تعالى: {كَأَنَّهُ جِمََالَتٌ صُفْرٌ} (2).
قرأ «حفص وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «جمالت» بكسر الجيم، وحذف الالف التي بعد اللام، على وزن «فعالة» مثل: «رسالة» جمع «جمل» مثل: «حجر وحجارة».
وقرأ «رويس» «جمالات» بضم الجيم، وألف بعد اللام، جمع «جمالة» بضم الجيم، وهي الحبال الغليظة من حبال السفينة.
وقرأ الباقون «جمالات» بكسر الجيم، وألف بعد اللام، جمع «جمالة» بكسر الجيم (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: همز أقتت بواو ذا اختلف ... حصن خفا والخف ذو خلف خلا.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 354.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 317.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 357.
(2) سورة المرسلات الآية 33.
(3) قال ابن الجزرى: وواحدا جمالت صحب م ضم الكسر غدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 355.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 318.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 358.(1/673)
وكل من قرأ بالجمع وقف بالتاء، أما من قرأ بالافراد فهم على أصولهم:
فالكسائي يقف بالهاء، مع الامالة.
وحفص، وحمزة، وخلف العاشر، يقفون بالتاء.
وقد اتفقت المصاحف على رسم هذه الكلمة بالتاء المفتوحة.
«نخرة» من قوله تعالى: {أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً نَخِرَةً} (1).
قرأ «شعبة، وحمزة، ورويس، وخلف العاشر، والكسائي» بخلف عن «الدوري» «ناخرة» على وزن «فاعلة».
وقرأ الباقون «نخرة» بحذف الالف التي بعد النون، على وزن «فعلة» وهما لغتان بمعنى «بالية» كأن الريح تنخر فيها، أي يسمع لها صوت، وهذا هو الوجه الثاني «لدوري الكسائى» (2).
«سجرت» من قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحََارُ سُجِّرَتْ} (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» بخلف عن «رويس» «سجرت» بتخفيف الجيم على الأصل، ومنه قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} (4).
وقرأ الباقون «سجرت» بتشديد الجيم، وهو الوجه الثاني «لرويس» والتشديد لارادة التكثير.
والمعنى: أوقدت البحار فصارت نارا تضطرم.
__________
(1) سورة النازعات الآية 11
(2) قال ابن الجزرى: ناخرة امدد صحبة غث وترى خير.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 357.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 321.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 361.
(3) سورة التكوير الآية 6
(4) سورة الطور الآية 6.(1/674)
قال «القصيري»: هو من سجرت التنور اسجرة سجرا: اذا أحميته (1).
«قتلت» من قوله تعالى: {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (2).
قرأ «أبو جعفر» «قتلت» بتشديد التاء، على إرادة التكثير.
وقرأ الباقون «قتلت» بتخفيف التاء، على الأصل (3).
«نشرت» من قوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} (4).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نشرت» بتشديد الشين للمبالغة.
وقرأ الباقون بتخفيف الشين، على الاصل (5).
«سعرت» من قوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} (6).
قرأ «نافع، وابن ذكوان، وحفص، وأبو جعفر، ورويس، وشعبة بخلف عنه «سعرت» بتشديد العين، للمبالغة.
__________
(1) قال ابن الجزرى: وخف سجرت شذا حبر غفا خلفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 359 والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 324.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 363.
وتفسير الشوكاني ح 5ص 389.
(2) سورة التكوير الآية 9
(3) قال ابن الجزرى: وقتلت ثب انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 359.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 325.
(4) سورة التكوير الآية 10.
(5) قال ابن الجزرى: وثقل نشرت حبر شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 359.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 325.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 363.
(6) سورة التكوير الآية 12.(1/675)
وقرأ الباقون، بتخفيف العين، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وذلك على الأصل (1).
«فعدلك» من قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوََّاكَ فَعَدَلَكَ} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فعدلك» بتخفيف الدال، بمعنى: صرفك عن الخلقة المكروهة، أي عدل بعضك ببعض فصرت معتدل الخلق متناسبه، فلا تفاوت في خلقك.
وقرأ الباقون «فعدلك» بتشديد الدال، بمعنى: سوى خلقك، وعدله، وجعلك في أحسن صورة، وأكمل تقويم، فجعلك قائما، ولم يجعلك كالبهائم متطأطأ (3).
«لبدا» من قوله تعالى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مََالًا لُبَداً} (4).
قرأ «أبو جعفر» «لبدا» بتشديد الباء، جمع «لا بد» مثل: «ركع، وراكع».
وقرأ الباقون «لبدا» بتخفيف الباء، وجمع «لبدة» مثل: «لعبة، ولعب، ومعنى القراءتان واحد، وهو الكثير بعضه فوق بعض (5).
__________
(1) قال ابن الجزرى: وسعرت من عن مدا صف خلف غد.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 359.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 325.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 363.
(2) سورة الانفطار الآية 7
(3) قال ابن الجزرى: وخف كوف عدلا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 360.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 326.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 364.
(4) سورة البلد الآية 6
(5) قال ابن الجزرى: ولبدا ثقل ثرا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 366.(1/676)
«مطلع» من قوله تعالى: {حَتََّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (1).
قرأ «الكسائي، وخلف العاشر» «مطلع» بكسر اللام، على أنه مصدر ميمي على غير قياس، مثل «مرجع».
وقرأ الباقون «مطلع» بفتح اللام، على أنه مصدر ميمي جاء على القياس.
مثل: «مرد، ومتاب، ومنام» (2).
«جمع» من قوله تعالى: {الَّذِي جَمَعَ مََالًا وَعَدَّدَهُ} (3).
قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائى، وأبو جعفر، وروح، وخلف العاشر» «جمع» بتشديد الميم، على معنى تكثير الجمع، أي جمع شيئا بعد شيء.
وقرأ الباقون «جمع» بتخفيف الميم، على الاصل (4).
«لايلاف» من قوله تعالى: {لِإِيلََافِ قُرَيْشٍ} (5).
قرأ «ابن عامر» «لألاف» بحذف الياء، على وزن «لعلاف» مصدر «ألف» الرباعي.
__________
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 335.
وأتحاف فضلاء البشر ص 439.
(1) سورة القدر الآية 5
(2) قال ابن الجزرى: واكسر مطلع لامه روى.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 370.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 339.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 385.
(3) سورة الهمزة الآية 2
(4) قال ابن الجزرى: وثقلا جمع كم ثنا شفا شم.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 371.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 341.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 389.
(5) سورة قريش الآية 1.(1/677)
وقرأ «أبو جعفر» «ليلاف» بحذف الهمزة، مصدر «آلف، األاف» «الرباعي» فلما أبدلت أبدلت الهمزة الثانية ياء، حذفت الهمزة الأولى على غير قياس.
وقرأ الباقون «لايلاف» باثبات الهمزة، والياء على أنه مصدر «ألف»، «األاف» «الرباعي» فأبدلت الهمزة الثانية ياء من جنس حركة ما قبلها (1).
«ايلافهم». رقم / 2 قرأ «أبو جعفر» «الافهم» بحذف الياء.
وقرأ الباقون «ايلافهم» باثبات الياء.
وسبق توجيه القراءتين.
«النفاثات» من قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفََّاثََاتِ فِي الْعُقَدِ} (2).
قرأ «رويس» بخلف عنه «النافثات» بألف بعد النون، وكسر الفاء، بلا ألف بعدها، جمع «نافثة».
وقرأ الباقون «النفاثات» بحذف الالف التي بعد النون، وفتح الفاء المشددة: وألف بعدها، جمع «نفاثة» وهو الوجه الثاني «لرويس» (3).
__________
(1) قال ابن الجزرى: لئلاف ثمد بحذف همز واحذف الياء كمن الاف ثق.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 371.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 342.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 389.
وأتحاف فضلاء البشر ص 444.
(2) سورة الفلق الآية 4
(3) قال ابن الجزرى: والنافثات عن رويس الخلف تم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 373.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 344.
وأتحاف فضلاء البشر ص 445.(1/678)
جاء في «المصباح المنير»: «نفث»: اذا بزق ولا ريق معه. ونفث في العقد عقد «الرمي» وهو: البصاق اليسير.
«ونفثه نفثا»: سحره.
واسم الفاعل «نافث، ونفاث»، والمرأة «نافثة ونفاثة» اهـ (1).
تم ولله الحمد الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وأوله:
الباب الخامس: الحذف والذكر
__________
(1) انظر المصباح المنير مادة «نفث» ص 615.(1/679)
المجلد الثانى
الباب الخامس الحذف والذكر
الفصل الأول من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التى ورد فيها الحذف والذكر موافقة للرسم العثماني».
لقد تتبعت قراءات القرآن واستخلصت منها الكلمات التي قرئت مرة بالحذف، والأخرى بالذكر، علما بأن القراءتين متفقتان مع الرسم العثماني. والكلمات ممثلة فيما يلي، وهي مرتبة حسب ترتيب «القرآن»:
«وقالوا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً سُبْحََانَهُ} (1).
قرأ «ابن عامر» «قالوا» بغير واو على الاستئناف، وهي مرسومة في مصحف «أهل الشام» «قالوا» بدون واو كي تتفق القراءة مع رسم المصحف (2)
__________
(1) سورة البقرة آية 116.
(2) قال ابن عاشر: وقالوا اتخذ بحذف شام.(2/7)
وقرأ الباقون «وقالوا» بالواو، على أنها لعطف جملة على مثلها (1)
وهي مرسومة في بقية المصاحف «وقالوا» بالواو، كي تتفق القراءة مع الرسم.
تنبيه:
قوله تعالى: {قََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً سُبْحََانَهُ} (2).
اتفق القراء العشرة على قراءة «قالوا» بدون واو قبل القاف، وذلك لأن جميع المصاحف اتفقت على كتابته بدون واو، ولأنه ليس قبله ما يعطف عليه فهو ابتداء كلام مستأنف خرج مخرج التعجب من عظم جراءتهم، وقبح افترائهم.
يضاف الى ذلك ان القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
«الواو» المفردة تنفرد عن سائر أحرف العطف بعدة أحكام أذكر منها ما يلي:
الأول: أن تكون لمطلق الجمع، فتعطف الشيء على مصاحبه، نحو قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنََاهُ وَأَصْحََابَ السَّفِينَةِ} (3) وعلى سابقه نحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا نُوحاً وَإِبْرََاهِيمَ} (4) وعلى سابقه نحو قوله تعالى: {كَذََلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: بعد عليم حذفا واو كسا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 414. المهذب في القراءات العشر ح 1 ص 70.
(2) سورة يونس آية 68.
(3) سورة العنكبوت آية 15.
(4) سورة الحديد آية 26.
(5) سورة الشورى آية 3.(2/8)
والثاني: اقترانها «باما» نحو قوله تعالى: {إِنََّا هَدَيْنََاهُ السَّبِيلَ إِمََّا شََاكِراً وَإِمََّا كَفُوراً} (1).
والثالث: اقترانها «بلا» ان سبقت بنفي، ولم تقصد المعية، نحو قوله تعالى: {وَمََا أَمْوََالُكُمْ وَلََا أَوْلََادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنََا زُلْفى ََ} (2).
والرابع: اقترانها «بلكن» نحو قوله تعالى: {مََا كََانَ مُحَمَّدٌ أَبََا أَحَدٍ مِنْ رِجََالِكُمْ وَلََكِنْ رَسُولَ اللََّهِ وَخََاتَمَ النَّبِيِّينَ} (3).
والخامس: عطف العام على الخاص نحو قوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنََاتِ} (4).
والسادس: عطف الخاص على العام نحو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثََاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (5).
والسابع: عطف الشيء على مرادفه، نحو قوله تعالى: {إِنَّمََا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ} (6) أهـ (7).
ومن أحكام «الواو» المفردة، وأو، أن يرتفع ما بعدهما:
احداهما: واو الاستئناف، نحو قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللََّهُ} (8).
__________
(1) سورة الانسان آية 3.
(2) سورة سبأ آية 37.
(3) سورة الأحزاب آية 40.
(4) سورة نوح آية 28.
(5) سورة الأحزاب آية 7.
(6) سورة يوسف آية 86.
(7) انظر: مغني اللبيب ص 463فما بعدها.
(8) سورة البقرة آية 186.(2/9)
والثانية: واو الحال الداخلة على الجملة الاسمية، نحو قولك: «جاء زيد والشمس طالعة» وتسمى واو الابتداء.
ومن أحكام «الواو» المفردة أيضا، وأو ان ينتصب ما بعدهما وهما:
1 - واو المفعول معه، نحو قولك: «سرت والنيل».
2 - أن يتقدم الواو نفي، أو طلب، نحو قوله تعالى: {وَلَمََّا يَعْلَمِ اللََّهُ الَّذِينَ جََاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصََّابِرِينَ} (1).
ومن أحكام «الواو» المفردة، وأو ان ينجر ما بعدهما:
احداهما: واو القسم ولا تدخل الا على مظهر، ولا تتعلق الا بمحذوف: نحو قوله تعالى: {وَالتِّينِ}.
والثانية: واو «رب» نحو قول «امرئ القيس» وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلى (2)
«وسارعوا» من قوله تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «سارعوا» بحذف الواو، وذلك على الاستئناف، وهي مرسومة بحذف الواو في مصاحف أهل المدينة، وأهل الشام.
وقرأ الباقون «وسارعوا» باثبات الواو، وذلك عطفا على قوله تعالى قبل: {وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَالرَّسُولَ} [الآية 132] (4).
__________
(1) سورة آل عمران آية 142.
(2) انظر: مغني اللبيب ص 470فما بعدها.
(3) سورة آل عمران آية 133.
(4) قال ابن الجزري: وحذف الواو عم من قبل سارعوا.(2/10)
وهذه القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف (1).
قال «الراغب» في المفردات في مادة «سرع»: «السرعة ضد البطء، ويستعمل في الأجسام، والأفعال، يقال: سرع: بضم الراء، فهو سريع، وأسرع فهو مسرع، واسرعوا صارت ابلهم سراعا، نحو:
أيدوا. وسارعوا، وتسارعوا»، قال تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران 133] أهـ (2).
وقال «الزبيدي» في مادة «سرع»، «السرعة» بالضم نقيض للبطء.
و «سرع» ككرم «سرعان» بالضم، وسراعة، وسرعا بالكسر، «وسرعا» بكسر السين وفتح الراء كعنب، وسرعا بفتح السين، وسكون الراء «وسرعا» بفتح السين والراء فهو «سريع، وسراع» والانثى بهاء، «وسرعان» والانثى «سرعى».
ويقال: «سرع» بفتح السين، وكسر الراء، «كعلم» قال:
«الأعشى» يخاطب ابنته:
واستخبري قافل الركبان وانتظري ... أوب المسافر إن ريثا وإن سرعا (3).
وقال تعالى: {وَاللََّهُ سَرِيعُ الْحِسََابِ} (4) أي حسابه واقع لا محالة، وكل واقع فهو سريع، أو سرعة حساب اللََّه أنه لا يشغله حساب واحد عن حساب آخر، ولا يشغله شيء عن شيء أو معناه: تسرع
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 13. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 356. والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 114.
(1) قال ابن عاشر: والملك والعراق واوا سارعوا.
(2) انظر المفردات في غريب القرآن ص 330.
(3) انظر: تاج العروس ح 5ص 376.
(4) سورة البقرة آية 202.(2/11)
أفعاله فلا يبطئ شيء منها عما أراد عزّ وجلّ، لأنه بغير مباشرة، ولا علاج، فهو سبحانه وتعالى يحاسب الخلق بعد بعثهم، وجمعهم، في لحظة، بلا عد ولا عقد، وهو أسرع الحاسبين (1).
ويقال: «أسرع في السير كسرع» قال «ابن الاعرابي»: «سرع الرجل اذا أسرع في كلامه، وفعاله» أهـ.
وفرق «سيبويه» بينهما فقال: «أسرع» طلب ذلك من نفسه وتكلفه كلمة أسرع المشي أي عجله، وأما «سرع» فكأنها غريزة أهـ (2).
«والمسارعة»: المبادرة الى الشيء كالتسارع، والاسراع، فقال تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران 133] (3).
«والزبر والكتاب» من قوله تعالى: {وَالزُّبُرِ وَالْكِتََابِ الْمُنِيرِ} (4).
قرأ «ابن عامر» «وبالزبر» بزيادة باء موحدة بعد الواو، وذلك موافقة لرسم المصحف الشامي.
وقرأ «هشام» بخلف عنه، «وبالكتاب» بزيادة باء موحدة بعد الواو، وذلك موافقة لرسم المصحف الشامي أيضا (5).
وقرأ الباقون «والزبر والكتاب» بحذف الباء فيهما، وذلك تبعا لرسم بقية المصاحف (6).
__________
(1) انظر: تاج العروس ح 5ص 377.
(2) انظر: تاج العروس ح 5ص 378.
(3) انظر: تاج العروس ح 5ص 378، 379
(4) سورة آل عمران آية 184.
(5) قال ابن عاشر: بالزبر الشامي بياء شائع كذا الكتاب بخلاف عنهمو.
(6) قال ابن الجزري: وفي الزبر بالباء اكملوا وبالكتاب الخلف لذ.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 20. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 370. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 146. وحجة القراءات ص 185.(2/12)
قال «الراغب» في مادة «زبر»: «زبرت الكتاب، كتبته كتابة عظيمة، وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور».
وخص «الزبور» بالكتاب المنزل على «داود» عليه السلام قال تعالى: {وَآتَيْنََا دََاوُدَ زَبُوراً} [النساء 163] (1)
وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنََا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ} [الأنبياء 105] (1) أهـ.
«ويقول» من قوله تعالى: ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم لمعكم (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «يقول» بحذف الواو، ورفع اللام، وجه حذف الواو أنه جواب على سؤال مقدر، تقديره: ماذا يقول المؤمنون حينئذ، أي حينئذ ترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة الخ.
ووجه رفع اللام أن «يقول» الخ كلام مستأنف.
وقرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «ويقول» باثبات الواو، ونصب اللام، وذلك عطفا على قوله تع الى قبل: {فَيُصْبِحُوا عَلى ََ مََا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نََادِمِينَ} [الآية 51] لأن «يصبحوا» منصوب لأنه معطوف على «يأتي».
وقرأ الباقون «ويقول» باثبات الواو، ورفع اللام، فالواو لعطف الجمل، ورفع اللام على الاستئناف (4).
__________
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 211.
(3) سورة المائدة آية 53.
(4) قال ابن الجزري: يقول واوه كفى حز ظلا وارفع سوي البصري.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 42. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 411. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 190.(2/13)
تنبيه: كلمة «يقول» رسمت في مصاحف الكوفة، والبصرة، باثبات الواو تماشيا مع قراءاتهم.
ورسمت في مصاحف أهل المدينة، ومكة، والشام، بحذف الواو تمشيا مع قراءاتهم (1)
«وما كنا» من قوله تعالى: {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا وَمََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ} (2)
قرأ «ابن عامر» «ما كنا» بحذف الواو، على قوله تعالى:
{مََا كُنََّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلََا أَنْ هَدََانَا اللََّهُ}، موضع ومبين لقوله تعالى قبل {وَقََالُوا الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي هَدََانََا لِهََذََا}.
وقراءة ابن عامر موافقة لرسم مصحف أهل الشام.
قال الخراز:
واو وما كنا أبينا ... بعكس قال بعد مفسدينا.
وقرأ باقي القراء «وما كنا» باثبات الواو، على الاستئناف، أو الحال.
والمعنى: قال هؤلاء المؤمنون حين أدخلهم اللََّه الجنة، ورأوا ما أكرمهم اللََّه به، وما صرف عنهم من العذاب المهين ابتلى به أهل النار بسبب كفرهم بربهم، وتكذيبهم رسله: «الحمد للََّه الذي هدانا لهذا» والحال اننا كنا لن نهتدي لولا هداية اللََّه لنا.
وهذه القراءة موافقة لرسم باقي المصاحف العثمانية (3).
__________
(1) قال ابن عاشر: واو يقول للعراقي فزد.
(2) سورة الأعراف آية 43.
(3) قال ابن الجزري: واو وما احذف كم. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 238.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 74.(2/14)
«قال الملأ» من قوله تعالى في قصة نبي اللََّه صالح عليه السلام:
{وَلََا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قََالَ الْمَلَأُ} (1).
قرأ «ابن عامر» «وقال الملأ» بزيادة واو قبل «قال» وذلك للعطف على ما قبله، وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف الشامي (2)
وقرأ الباقون «قال الملأ» بغير واو قبل «قال» اكتفاء بالربط المعنوي، وهذه القراءة موافقة لرسم باقي المصاحف (3).
«والملأ»: جماعة يجتمعون على رأي، فيملئون العيون رواء ومنظرا، والنفوس بهاء، وجلالا (4).
«أنجيناكم» من قوله تعالى: وإذ أنجيناكم من آل فرعون (5).
قرأ «ابن عامر» «أنجاكم» بألف بعد الجيم من غير ياء، ولا نون، بلفظ واحد، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود الى اللََّه تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى قبل: {قََالَ أَغَيْرَ اللََّهِ أَبْغِيكُمْ إِلََهاً}
[الآية 140] وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف الشامي (6).
وقرأ الباقون «أنجيناكم» بياء، ونون، وألف بعدها، على لفظ الجماعة، إخبارا عن اللََّه، على طريق التعظيم للََّه والاكبار له.
__________
(1) سورة الأعراف الآيتان 7574.
(2) قال الخراز: من سورة الأعراف حتى مريما تذكرون الشام ياء قدما وما كنا له أبينا بعكس فال بعد مفسدينا.
(3) قال ابن الجزري: وبعد مفسدين الواو كم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 77. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 467. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 344.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 344.
(5) سورة الأعراف آية 141.
(6) قال الخراز: بالألف الصام اذا أنجاكم.(2/15)
وهذه القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف غير المصحف الشامي (1).
يقال: «نجا» من الهلاك «ينجو» «نجاة»: خلص.
والاسم «النجاء» بالمد، وقد يقصر، فهو «ناج» والمرأة «ناجية».
ويتعدى بالهمزة، والتضعيف فيقال «أنجيته» و «نجيته» «وناجيته»: ساررته.
والاسم «النجوى» و «تناجى» القوم: ناجى بعضهم بعضا (2).
«تحتها» من قوله تعالى: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهََارُ} (3).
قرأ «ابن كثير» بزيادة «من» قبل «تحتها» مع جر التاء بالكسرة، وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف المكي (4).
وقرأ الباقون بحذف «من» وفتح تاء «تحتها» وهذه القراءة موافقة لرسم المصاحف غير المصحف المكي (5).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على اثبات «من» قبل «تحتها» في سائر القرآن عدا الموضع المتقدم الذي فيه الخلاف، وذلك لاتفاق جميع المصاحف على رسم «من» قبل «تحتها».
__________
(1) قال ابن الجزري: وأنجانا أحذفا ياء ونوناكم.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 79. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 475. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 250.
(2) انظر: المصباح المنير ح 2ص 595.
(3) سورة التوبة آية 100.
(4) قال الخراز: ومن: مع تحتها آخر توبة يعن: للملك.
(5) قال ابن الجزري: تحتها خفض وزد من دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 100. والكشف عن وجوه القراءات(2/16)
«والذين» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرََاراً وَكُفْراً} (1).
قرأ «نافع، وابن عامر وأبو جعفر» «الذين» بحذف الواو التي قبلها، وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف المدينة والشام (2).
و «الذين» مبتدأ، وخبره جملة {لََا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً}. [الآية 108].
وقيل: خبره جملة {لََا يَزََالُ بُنْيََانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ}
[الآية 110] وقرأ الباقون «والذين» باثبات واو قبل «الذين» وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف مكة، والبصرة، والكوفة.
والواو حرف عطف، و «الذين» معطوف على: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللََّهِ} [الآية 106].
وهما معطوفان على: {وَمِنْهُمْ مَنْ عََاهَدَ اللََّهَ} الخ [الآية 75].
أي: ومنهم من عاهد اللََّه، ومنهم من يلمزك في الصدقات، ومنهم الذين يؤذون النبي، ومنهم آخرون مرجون لأمر اللََّه، ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا لأن هذه كلها صفات للمنافقين (3).
__________
ح 1ص 505. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 284. وحجة القراءات ص 322.
(1) سورة التوبة آية 107.
(2) قال الخراز: والذين بعد المدني والشام لا واو بها فاستبين.
(3) وقال ابن الجزري: ودع واو الذين عم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 100. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 507. والمهذب في القراءات ح 1ص 284. وحجة القراءات ص 323.(2/17)
«حاش للََّه» من قوله تعالى: {وَقُلْنَ حََاشَ لِلََّهِ مََا هََذََا بَشَراً} (1).
ومن قوله تعالى: {قُلْنَ حََاشَ لِلََّهِ مََا عَلِمْنََا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} (2).
قرأ «أبو عمرو» «حاشا» في الموضعين بألف بعد الشين وصلا، على أصل الكلمة. وحذفها وقفا اتباعا للرسم العثماني (3).
وقرأ الباقون «حاش» بحذف الألف التي بعد الشين وصلا ووقفا، وذلك اتباعا للرسم العثماني (4).
قال «ابن هشام» ت 761هـ: «حاشا» على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون فعلا متعديا متصرفا، تقول: «حاشيته» بمعنى استثنيته.
الثاني: أن تكون تنزيهية نحو قوله تعالى: {وَقُلْنَ حََاشَ لِلََّهِ}
وهي عند «المبرد، وابن جني، والكوفيين» فعل قالوا: لتصرفهم فيها بالحذف، ولادخالهم اياها على الحرف، وهذان الدليلان ينافيان الحرفية، ويثبتان الفعلية.
قالوا: والمعنى في الآية: جانب يوسف المعصية لأجل اللََّه.
ولا يتأتى هذا التأويل في مثل «حاش للََّه ما هذا بشرا».
والصحيح أنها اسم مرادف للبراءة من كذا، بدليل قراءة بعضهم
__________
(1) سورة يوسف آية 31.
(2) سورة يوسف آية 51.
(3) قال الخراز: وعنه حذف حاش مع تبيانا.
(4) قال ابن الجزري: حاشا معا صل حز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 126. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 10. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 337.(2/18)
«حاشا للََّه» بالتنوين (1) كما يقال «براءة من كذا» وعلى هذا فقراءة «ابن مسعود» ت 32هـ رضي اللََّه عنه «حاش اللََّه» (2) كمعاذ اللََّه ليس جارا ومجرورا، كما وهم «ابن عطية»، عبد الحق بن غالب الغرناطي ت 542هـ لأنها انما تجر في الاستثناء، ولتنوينها في القراءة الأخرى، ولدخولها على اللام في قراءة السبعة، والجار لا يدخل على الجار، وانما ترك التنوين في قراءتهم لبناء «حاشا» لشبهها بحاشا الحرفية.
وزعم بعضهم انها اسم فعل معناها: «أتبرأ» أو «برئت» وحامله على ذلك بناؤها، ويرده اعرابها في بعض اللغات (3).
الثالث: أن تكون للاستثناء:
فذهب «سيبويه» ت 180هـ وأكثر البصريين الى انها حرف دائما بمنزلة «الا» لكنها تجر المستثنى.
وذهب «الجرمي، والمازني، والمبرد والزجاج، والأخفش، وأبو زيد الأنصاري، والفراء، وأبو عمرو الشيباني» الى أنها تستعمل كثيرا حرفا جارا، وقليلا فعلا متعديا جامدا، لتضمنه معنى «الا» وسمع: «اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبع» (4) فاذا قيل: «قام القوم حاشا زيدا».
فالمعنى: جانب هو أي قيامهم، أو القائم منهم، أو بعضهم زيدا أهـ (5).
__________
(1) وهي قراءة شاذة.
(2) وهي قراءة شاذة.
(3) انظر: مغني اللبيب ص 164.
(4) انظر: مغني اللبيب ص 165.
(5) انظر: مغني اللبيب ص 166.(2/19)
«منها» من قوله تعالى: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى ََ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهََا مُنْقَلَباً} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «منهما» أي بزيادة ميم بعد الهاء، على التثنية، وعودة الضمير الى الجنتين، المتقدم ذكرهما في قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنََا لِأَحَدِهِمََا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنََابٍ} [الآية 32].
وعلى هذه القراءة جاء رسم المصحف «المدني، والمكي، والشامي» (2).
وقرأ الباقون «منها» أي: بحذف الميم، وفتح الهاء، على الافراد، وعود الضمير على الجنة المدخولة، المتقدم ذكرها في قوله تعالى:
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظََالِمٌ لِنَفْسِهِ قََالَ مََا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هََذِهِ أَبَداً}
[الآية 35] وعلى هذه القراءة جاء رسم المصحف البصري، والكوفي.
«شقوتنا» من قوله تعالى: {قََالُوا رَبَّنََا غَلَبَتْ عَلَيْنََا شِقْوَتُنََا} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «شقاوتنا» بفتح الشين والقاف، واثبات الف بعدها.
وهي مصدر «لشقي» كالسعادة، والقساوة.
__________
(1) سورة الكهف آية 36.
(2) جاء في دليل الحيران: قال في المقنع: «وفي الكهف مصاحف أهل المدينة، ومكة والشام» «خيرا منهما منقلبا» بزيادة ميم بعد الهاء على التثنية.
وفي سائر مصاحف أهل العراق «خيرا منها» بغير ميم على التوحيد أهـ.
انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 473. قال صاحب الاعلان: ثم منهما:
منقلبا منها العراقي رسما.
(3) سورة المؤمنون آية 106.(2/20)
وقرأ الباقون «شقوتنا» بكسر الشين، واسكان القاف، وحذف الألف، وهي مصدر «لشقي» أيضا، كالفطنة.
والشقوة، والشقاوة مصدران بمعنى واحد، وهو سوء العاقبة، أو الهوى وقضاء اللذات، لأنه يؤدي الى الشقاوة (1).
«وقال موسى» من قوله تعالى: {وَقََالَ مُوسى ََ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جََاءَ بِالْهُدى ََ مِنْ عِنْدِهِ} (2).
قرأ «ابن كثير» «قال» بحذف الواو، على الاستئناف، وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف أهل مكة (3).
وقرأ الباقون «وقال» باثبات الواو، عطفا على الجملة التى قبلها وهي قوله تعالى: {قََالُوا مََا هََذََا إِلََّا سِحْرٌ مُفْتَرىً وَمََا سَمِعْنََا بِهََذََا فِي آبََائِنَا الْأَوَّلِينَ} [الآية 36].
وهذه القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف عدا المصحف المكي (4).
قال «أبو عمرو الداني» ت 444هـ:
«في القصص في مصاحف أهل مكة» «قال موسى ربي أعلم» بغير واو قبل «قال» وفي سائر المصاحف «وقال» بالواو. أهـ.
__________
(1) قال ابن الجزري ومنها منهما دن عم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 361. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 60. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 400.
(2) سورة القصص الآية 37
(3) قال ابن الجزري: وافتح مددا محركا شقوتنا شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 207. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 65. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 131.
(4) قال ابن الجزري: وقال موسى الواو دع دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 235. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 115. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 2ص 174.(2/21)
«الظنونا» من قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللََّهِ الظُّنُونَا} (1).
«الرسولا» من قوله تعالى: {يَقُولُونَ يََا لَيْتَنََا أَطَعْنَا اللََّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} (2).
«السبيلا» من قوله تعالى: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} (3).
قرأ «ابن كثير، وحفص، والكسائي، وخلف العاشر» الألفاظ الثلاثة:
«الظنونا، الرسولا، السبيلا» باثبات الألف وقفا، وحذفها وصلا، وذلك اجراء للفواصل مجرى القوافي، في ثبوت ألف الاطلاق، فأشبهت القوافي من حيث كانت كلها مقاطع الكلام، وتمام الأخبار.
وقرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر» الألفاظ الثلاثة أيضا باثبات الألف وصلا ووقفا، تبعا لخط رسم المصحف اذ هي مرسومة بالألف في المصحف.
وقرأ الباقون بحذف الألف في الحالين في الألفاظ الثلاثة، لأن الألفاظ لا أصل لها، اذ جيء بها على التشبيه بالقوافي (4).
«وما عملته» من قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمََا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} (5).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وما عملت»
__________
(1) سورة الأحزاب آية 10.
(2) سورة الأحزاب آية 66.
(3) سورة الأحزاب آية 67.
(4) قال ابن الجزري: وفي الظنونا وقفا مع الرسولا والسبيلا بالألف دن عن روي وحالتيه عم صف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 249. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 142. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 194.
(5) سورة يس آية 35.(2/22)
بحذف هاء الضمير، وهي مقدرة، والتقدير: وما عملته أيديهم.
وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف أهل الكوفة.
وقرأ الباقون «وما عملته» باثبات الهاء، على الأصل.
وهذه القراءة موافقة في الرسم لبقية المصاحف (1).
قال «أبو عمرو الداني»: «وفي يس في مصاحف أهل الكوفة» «وما عملت أيديهم» بغير هاء بعد التاء، وفي سائر المصاحف «وما عملته» بالهاء. أهـ (2).
«فبما كسبت» من قوله تعالى: {وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «بما» بدون «فاء»، على أن «ما» في قوله تعالى: {وَمََا أَصََابَكُمْ} بمعنى الذي، مبتدأ، وبما كسبت أيديكم خبر، فلا يحتاج الى «فاء».
وقد رسم في مصاحف أهل المدينة والشام «بما» بدون «فاء».
قال «أبو عمرو الداني»: «وفي الشورى في مصاحف أهل المدينة، والشام، «بما كسبت أيديكم» بغير فاء قبل الباء، وفي سائر المصاحف، «فبما كسبت أيديكم» بزيادة «فاء». أهـ (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: عملته بحذف الها صحبه.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 263. والمهذب في القراءات ح 2 ص 167. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 216.
(2) انظر: المقنع في مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص 106.
(3) سورة الشورى آية 30.
(4) انظر: المقنع في مرسوم المصاحف ص 106.(2/23)
وقرأ الباقون «فبما» بالفاء، على أن «ما» في قوله تعالى: {وَمََا أَصََابَكُمْ} شرطية، والفاء واقعة في جواب الشرط.
ويجوز أن تكون «ما» موصولة، ودخلت الفاء في خبرها، لما في الموصول من الابهام الذي يشبه الشرط (1).
وهذه القراءة موافقة في الرسم لمصاحف أهل الأمصار غير مصاحف أهل المدينة والشام.
«ما تشتهيه» من قوله تعالى: {وَفِيهََا مََا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر وحفص، وأبو جعفر» «ما تشتهيه» بزيادة الهاء الضمير، على الأصل، لأنها تعود على «ما» الموصولة، وهذه القراءة موافقة في الرسم لمصاحف أهل المدينة، والشام.
وقرأ الباقون «ما تشتهي» بحذف هاء الضمير لأن عائد الصلة اذا كان متصلا منصوبا بفعل تام، أو بوصف جاز حذفه (3).
قال ابن مالك: والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل ان انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب.
قال «أبو عمرو الداني»: وفي مصاحف أهل المدينة، والشام «ما تشتهيه الأنفس» بهاءين، قال «أبو عبيد القاسم بن سلام»:
ورأيته بهاءين في الإمام أهـ.
__________
(1) قال ابن الجزري: بما في فبما مع يعلما بالرفع عم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 290. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 213. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 251.
(2) سورة الزخرف آية 71.
(3) قال ابن الجزري: وتشتهيه ها زد عم علم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 296. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 222. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 262.(2/24)
وفي سائر المصاحف «تشتهي» بهاء واحدة، هـ (1).
{فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «فان اللََّه الغني الحميد» بحذف لفظ «هو» على جعل خبر «ان» «الغني» و «الحميد» صفة، وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف المدني، والشامي.
وقرأ الباقون «فان اللََّه هو الغني الحميد» باثبات لفظ «هو» على أنه ضمير فصل بين الاسم، والخبر. وهذا الضمير يسميه البصريون:
فصلا، لأنه يفصل الخبر عن الصفة، ويسميه الكوفيون: عمادا. لأنه يعتمد عليه الخبر.
وهذه القراءة موافقة لرسم مصاحف أهل مكة، والبصرة، والكوفة (3).
قال «أبو عمرو الداني»: «وفي مصاحف أهل المدينة، والشام» «فان اللََّه الغني الحميد» بغير «هو» وفي سائر المصاحف «هو الغني» بزيادة «هو» أهـ.
__________
(1) انظر: المقنع في مرسوم المصاحف ص 107.
(2) سورة الحديد آية 24.
(3) قال ابن الجزري: واحذفن قبل الغني هو عم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 328. والمهذب في القراءات العشر ح 3ص 276. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 312.(2/25)
الفصل الثاني من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التي ورد فيها الحذف والذكر لسبب من الأسباب».
لقد تتبعت قراءات القرآن واستخلصت منها الكلمات التي قرئت مرة بالحذف، والأخرى بالذكر، وكان كل من الحذف، والذكر لسبب من الأسباب غير موافقة الرسم العثماني، وقد وجهت هذه الكلمات، وخرجتها تخريجا علميا.
وهذه الكلمات ممثلة فيما يلي، وهي مرتبة حسب ترتيب «القرآن»:
«تظاهرون» من قوله تعالى: {تَظََاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (1).
«تظاهرا» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَظََاهَرََا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ} (2).
__________
(1) سورة البقرة آية 85.
(2) سورة التحريم آية 4.(2/26)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تظاهرون، تظاهرا»، بتخفيف الظاء، على أن أصلهما: «تتظاهرون، تتظاهرا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون بتشديد الظاء فيهما، وذلك على ادغام التاء في الظاء (1).
ومعنى «ظهر الشيء»: أصله ان يحصل شيء على ظهر الأرض فلا يخفي، ثم صار مستعملا في كل بارز مبصر بالبصر، والبصيرة (2)
قال تعالى: {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسََادَ} (3).
ويقال: «ظهر عليه»: أي غلبة، قال تعالى: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} (4).
ويقال: «ظاهرته»: أي عاونته، قال تعالى: {وَظََاهَرُوا عَلى ََ إِخْرََاجِكُمْ} (5).
وقال تعالى: {تَظََاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (6)
«حذف واثبات الف أنا» «الواقع بعدها همزة قطع حالة الوصل».
«أنا» أما أن يقع بعدها همزة قطع مضمومة نحو قوله تعالى:
{قََالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} (7).
__________
(1) قال ابن الجزري: وخففا تظاهرون مع تحريم شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 410. والتيسير في القراءات السبع ص 74. وتقريب النشر ص 92.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ظهر» ص 318.
(3) سورة غافر آية 26.
(4) سورة الكهف آية 20.
(5) سورة الممتحنة آية 9.
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ظهر» ص 317.
(7) سورة البقرة آية 258.(2/27)
أو همزة قطع مفتوحة نحو قوله تعالى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (1).
أو همزة قطع مكسورة نحو قوله تعالى: {إِنْ أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (2).
وقد اختلف القراء العشرة في حذف، واثبات ألف «أنا» التي بعدها همزة قطع حالة الوصل، أي وصل «أنا» بما بعدها:
فقرأ «نافع، وأبو جعفر» باثبات ألف «أنا» وصلا اذا وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، في جميع القرآن الكريم، وحينئذ يصبح المد عندهما من قبيل المد المنفصل فيمد حسب مذهبه.
وقرأ «قالون» بخلف عنه بإثبات الف «أنا» وصلا اذا وقع بعدها همزة قطع مكسورة في جميع القرآن الكريم، حينئذ يصبح المد عنده من قبيل المد المنفصل فيمد حسب مذهبه.
وقرأ الباقون بحذف ألف «أنا» وصلا سواء وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة في جميع القرآن الكريم.
«تنبيه»: اتفق القراء العشر على اثبات ألف «أنا» حالة الوقف عليها وذلك موافقة لرسم المصحف (3).
واثبات الألف، وحذفها، لغتان صحيحتان:
فوجه الاثبات أن الاسم هو «أنا» بكماله، وهذا مذهب الكوفيين.
ووجه الحذف التخفيف، ولأن الفتحة تدخل على الألف المحذوفة.
__________
(1) سورة الاعراف آية 143.
(2) سورة الأعراف آية 188
(3) قال ابن الجزري: أمددا أنا بضم الهمزة أو فتح مدا والكسر خلفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 437. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 307306. واتحاف فضلاء البشر ص 162161.(2/28)
وقيل: وجه الحذف أن الاسم مكون من حرفين: «الهمزة، والنون».
والألف جيء بها وقفا لبيان حركة النون لأن الاسم لما تلت حروفه جيء بالألف وقفا لتبقى حركة النون على حالها، ولا حاجة الى الألف وصلا لأن النون فيه متحركة، وهذا مذهب البصريين.
تنبيه: اذا لم يقع بعد لفظ «أنا» همزة قطع نحو قوله تعالى:
{قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (1).
فقد اتفق القراء العشر على حذف الألف وصلا للتخفيف، واثباتها وقفا، مراعاة لخط المصحف.
«يتسنه» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلى ََ طَعََامِكَ وَشَرََابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يتسن» بحذف الهاء وصلا واثباتها وقفا، على أن الهاء للسكت، وهاء السكت من خواص الوقف، ومعنى «لم يتسنه» لم يتغير بمرور الزمان.
وقرأ الباقون «يتسنه» باثبات الهاء وصلا ووقفا، وهي للسكت أيضا، وذلك اجراء للوصل مجرى الوقف (3).
ومعنى «لم يتسنه»: لم يتغير مع مرور السنين عليه (4) «ويتسنه» مأخوذ من «السنه» يقال: سانهت النخلة: اذا حملت عاما (5).
__________
(1) سورة يوسف آية 108
(2) سورة البقرة آية 259.
(3) قال ابن الجزري: اقتده شفا ظبا ويتسن عنهم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 438. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 307. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 101. والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 77. واتحاف فضلاء البشر ص 162.
(4) انظر: الهادي الى تفسير غريب القرآن ص 43.
(5) انظر: العدة في غريب القرآن «الهامش» ص 93.(2/29)
وجاء في «المفردات»: «السنة» في أصلها طريقان:
إحداهما: أما أصلها «سنهة» لقولهم: «سانهت فلانا»: أي عاملته سنة فسنة، وقولهم: «سنيهة».
وقيل: أصله من الواو لقولهم: «سنوات» (1).
وجاء في «تاج العروس»: «السنة» العام كما في «المحكم».
وقال «السهيلي» ت 418هـ: (2)
«السنة» أطول من العام، والعام يطلق على الشهور العربية بخلاف السنة» 1هـ (3) «والسنة» تجمع على «سنون» بكسر السين.
وقال «الجوهري» ت 393هـ:
«وبعضهم يقول»: «سنون بضم السين» أهـ (4).
«تصدقوا» من قوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (5).
قرأ «عاصم» بتخفيف الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون «تصدقوا» بتشديد الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فأبدلت التاء صادا، ثم أدغمت الصاد في الصاد (6).
__________
(1) انظر المفردات في غريب القرآن مادة «سنة» ص 245.
(2) هو: أحمد بن محمد السهيلي «الخوارزمي» أديب، من أثاره: الروضة السهلة في الأوصاف والتشبيهات، توفي يسر من رأي عام 418هـ الموافق 1027م:
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ح 2ص 109.
(3) انظر: تاج العروس مادة «سنة» ح 9ص 392.
(4) انظر: تاج العروس مادة «سنة» ح 9ص 392.
(5) سورة البقرة آية 280.
(6) قال ابن الجزري: تصدقوا خف نما.
انظر: ابن الجزري: تصدقوا العشر ح 2ص 445. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 319. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 108. وحجة القراءات ص 149.(2/30)
جاء في «المفردات»: «الصدقة»: ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربى كالزكاة، لكن الصدقة الأصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة، اذا تحرى صاحبه الصدق في فعله، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوََالِهِمْ صَدَقَةً} (1).
ويقال، لما تجافى عنه الانسان من حقه: تصدق به نحو قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى ََ مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (2).
فانه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة أهـ (3):
وجاء في «تاج العروس»: «المصدق» كمحدث: «آخذ الصدقات، أي الحقوق من الابل، والغنم، يقبضها ويجمعها لأهل السهمان».
«والمتصدق»: معطيها، وهكذا هو في القرآن، وهو قوله تعالى:
{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنََا إِنَّ اللََّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} (4).
وقال «الخليل بن أحمد» ت 170هـ (5).
«المعطي متصدق، والسائل متصدق وهما سواء» أهـ.
__________
(1) سورة التوبة آية 103.
(2) سورة البقرة آية 280.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صدق» ص 278.
(4) سورة يوسف آية 88.
(5) هو: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، الأزدي، البصري «أبو عبد الرحمن» نحوي، لغوي، وأول من استخرج العروض وحصن به أشعار العرب، من مصنفاته: العروض، النقط والشكل، الايقاع، الجمل، كتاب العين، توفي بالبصرة عام 170هـ الموافق 786م:
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ح 4ص 112.(2/31)
قال «الأزهري»، محمد بن أحمد بن الأزهري ت 370هـ.
«وحذاق النحويين ينكرون أن يقال للسائل متصدق ولا يجيزونه» أهـ (1).
«تساءلون» من قوله تعالى: واتقوا الله الذي تسائلون به (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تساءلون» بتخفيف السين، وذلك على حذف احدى التاءين، لأن أصلها «تتساءلون».
وقرأ الباقون «تساءلون» بتشديد السين، (3) وذلك على ادغام التاء في السين، وذلك لتقارب مخرج التاء والسين، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا السفلى (4) وكذلك لاشتراك التاء مع السين في الصفات الآتية:
الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (5).
«أتحاجوني» من قوله تعالى: {وَحََاجَّهُ قَوْمُهُ قََالَ أَتُحََاجُّونِّي فِي اللََّهِ وَقَدْ هَدََانِ} (6).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «صدق» ج 6ص 406.
(2) سورة النساء آية 1.
(3) قال ابن الجزري: تساءلون الخف كوف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 24. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 150. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 375.
(4) انظر: الرائد في التجويد ص 41.
(5) انظر: المصدر المتقدم ص 48.
(6) سورة الأنعام آية 80.(2/32)
قرأ «نافع، وابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «أتحاجوني» بتخفيف النون، وذلك لأن أصل الفعل «أتحاجونني» بنونين: الأولى علامة رفع الفعل، والثانية نون الوقاية، وهي فاصلة بين الفعل والياء، فلما اجتمع مثلان حذفت النون الثانية وهي نون الوقاية للتخفيف، ولم يحسن أن يكون المحذوف هو النون الأولى لأنها علامة الرفع في الفعل، وحذفها علامة النصب والجزم.
كما قال: «ابن مالك»:
واجعل لنحو يفعلان النونا ... رفعا وتدعون وتسألونا
وحذفها للجزم والنصب سمه ... كلم تكوني لتبيني مظلمة
وبناء عليه لو قلنا بحذف النون الأولى التي هي علامة رفع الفعل لاشتبه الفعل المرفوع بالمنصوب، والمجزوم.
يضاف الى ذلك أن الثقل انما حدث بوجود النون الثانية، فحذف ما يحدث به الثقل أولى من غيره.
وقرأ الباقون «أتحاجوني» بتشديد النون، وذلك على ادغام نون الرفع في نون الوقاية للتخفيف، وعلى قراءة التشديد يجب مد الواو مدا مشبعا قدره ست حركات للتشديد كي لا يجتمع ساكنان: الواو وأول المشدد فصارت المدة تفصل بين الساكنين كما تفصل الحركة بينهما، وكذلك قرأ «هشام» في وجهه الثاني (1).
والمحاجة: ان يطلب كل واحد أن يرد الآخر عن حجته، ومحجته (2).
__________
(1) قال ابن الجزري: وخف تحاجوني مدا من لي اختلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 55. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 436. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 215.
(2) انظر: المفردات مادة «حج» ص 108.(2/33)
«والحجة» بالضم: الدليل، والبرهان، وقيل: ما دفع به الخصم.
وقال «الأزهري» ت 370هـ: «الحجة»: الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة» أهـ.
وانما سميت حجة لأنها تحج أي تقصد، لأن القصد لها واليها.
وجمع «الحجة»، حجج، وحجاج (1).
«تذكرون» من قوله تعالى: {ذََلِكُمْ وَصََّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (2).
اختلف القراء العشرة في تخفيف الذال، وتشديدها من لفظ «تذكرون» اذا كان بالتاء، وكان أصله «تتذكرون» بتاءين، حيثما وقع في القرآن الكريم، وبالتتبع وجدته وقع في السور الآتية.
سورة الانعام آية 152وسورة الأعراف رقم 3رقم 57، وسورة يونس رقم 3وسورة هود رقم 24، رقم 30وسورة النحل رقم 17ورقم 90وسورة المؤمنون رقم 85وسورة النور رقم 1، ورقم 27وسورة النمل رقم 62وسورة الصافات رقم 155وسورة الجاثية رقم 23وسورة الذاريات رقم 49وسورة الواقعة رقم 62وسورة الحاقة رقم 42.
وقد قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» جميع هذه الالفاظ بتخفيف الذال، وذلك على حذف احدى التاءين تخفيفا، لأن الأصل «تتذكرون».
وقرأ الباقون جميع هذه الألفاظ أيضا بتشديد الذال (3).
__________
(1) انظر: تاج العروس مادة «حج» ح 2ص 17.
(2) سورة الانعام آية 152.
(3) قال ابن الجزري: تذكرون صحب خففا كلا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 68. والكشف عن وجوه القراءات ح 1(2/34)
وذلك على ادغام التاء في الذال، لأنهما متقاربان في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والذال تخرج من اللسان مع أطراف الثنايا العليا والحرفان متفقان في الصفات التالية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.
«ولا أدراكم به» من قوله تعالى: {قُلْ لَوْ شََاءَ اللََّهُ مََا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلََا أَدْرََاكُمْ بِهِ} (1).
قرأ «ابن كثير» بخلف عن «البزي» «ولادراكم» بحذف الألف التي بعد اللام، على أن اللام لام الابتداء قصد بها التوكيد، أي لو شاء اللََّه ما تلوته عليكم، ولو شاء لا علمكم بالقرآن على لسان غيرى.
وقرأ الباقون «ولا أدراكم» باثبات ألف بعد اللام، وهو الوجه الثاني «للبزي» على أنها «لا» النافية مؤكدة، أي لو شاء اللََّه ما قرأته عليكم، ولا أعلمكم به على لسان غيري (2).
«من كل زوجين» من قوله تعالى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهََا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (3).
ومن قوله تعالى: {فَاسْلُكْ فِيهََا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (4)
قرأ «حفص» «كل» في الموضعين بالتنوين، والتنوين عوض عن
__________
ص 457. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 231.
(1) سورة يونس آية 16.
(2) قال ابن الجزري: واقصر ولا أدري ولا أقسم الأولى زن هلا خلخ.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 103. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 514. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 293. وحجة القراءات ص 328.
(3) سورة هود آية 40.
(4) سورة المؤمنون آية 27.(2/35)
المضاف اليه، أي من كل ذكر وأنثى، «الزوجين» مفعول: «احمل»، و «اسلك» و «اثنين» نعت «الزوجين» وفيه معنى التأكيد، كما قال تعالى: {وَقََالَ اللََّهُ لََا تَتَّخِذُوا إِلََهَيْنِ اثْنَيْنِ} (1)
والتقدير: احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء ثم حذف ما أضيف اليه «كل» فنون «كل».
وقرأ الباقون «كل» في الموضعين أيضا بترك التنوين، وذلك على اضافة «كل» الى «زوجين» والفعل عدّي الى: «اثنين» وخفض «زوجين» لاضافة كل اليهما والتقدير: احمل فيها اثنين من كل زوجين، أي من كل صنفين (2).
«يا بشرى» من قوله تعالى: {قََالَ يََا بُشْرى ََ هََذََا غُلََامٌ} (3)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يا بشرا» بغير ياء اضافة بعد الألف الأخيرة.
وذلك على وجهين:
أحدهما: أن يكون «بشرى» اسم انسان فدعاه المستقي باسمه، كما يقال: يا زيد.
والثاني: أن يكون أضاف «البشرى» الى نفسه ثم حذف الياء وهو يريدها كما تقول: «يا غلام لا تفعل كذا».
__________
(1) سورة النحل آية 51.
(2) قال ابن الجزري: نونا من كل فيهما علا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 114. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 528. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 316.
(3) سورة يوسف آية 19.(2/36)
وقرأ الباقون «يا بشراي» بياء بعد الالف مفتوحة وصلا وساكنة وقفا. أضاف «البشرى» الى نفسه (1)
«ثلاث مائة» من قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلََاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} (2)
قرأ «حمزة» والكسائي، وخلف العاشر» «مائة» بترك التنوين، على الاضافة الى «سنين» على القياس في تمييز المائة في مجيئة مجرورا بالاضافة.
انما وقع جمعا والقياس أن يكون مفردا رعاية للأصل اذ الاصل أن يكون التمييز مطابقا للمميز لكنهم التزموا في تميز ما فوق العشرة أن يكون مفردا ميلا للاختصار ولا يرد أن تمييز الثلاثة يجب أن يكون جمعا وهنا وقع مفردا لأن «المائة» وان كان مفردا في اللفظ فهو جمع في المعنى مثل: «الرهط، والنفر».
وقرأ الباقون «مائة» بالتنوين، على أن ما بعده وهو «سنين» عطف بيان لثلاث المميز بمائة (3).
«لكنا» من قوله تعالى: {لََكِنَّا هُوَ اللََّهُ رَبِّي} (4).
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» «لكنا» باثبات ألف بعد النون وصلا، ووقفا.
__________
(1) قال ابن الجزري: بشر اي حذف اليا كفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 124. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 7والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 334. وحجة القراءات ص 357.
(2) سورة الكهف آية 25.
(3) قال ابن الجزري: ولا تنون مائة شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 160. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 58. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 397.
(4) سورة الكهف آية 38.(2/37)
والأصل «لكن أنا» فحذفت الهمزة للتخفيف، ثم أدغمت النون في النون لوجود التماثل بينهما، فأصبحت «لكنا» والأصل في ألف «أنا» الحذف حالة الوصل، والاثبات حالة الوقف، فمن أثبتها في الحالتين فقد أجرى الوصل مجرى الوقف (1).
وقرأ الباقون بحذف الألف التي بعد النون وصلا، واثباتها وقفا، وذلك على الأصل (2).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على اثبات الألف التي بعد النون في «لكنا» حالة الوقف، اتباعا للرسم.
«فما اسطاعوا» من قوله تعالى: فما استطاعوا أن يظهروه (3)
قرأ «حمزة» «اسطاعوا» بتشديد الطاء، لأن أصلها «استطاعوا» فأدغمت التاء في الطاء، وذلك لوجود التجانس بينهما اذ يخرجان من مخرج واحد، وهو: طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفتين التاليتين: الشدة والاصمات وقرأ الباقون «اسطاعوا» بتخفيف الطاء، وذلك على حذف التاء تخفيفا (4).
__________
(1) قال البصريون: ان «لكن» مشددة النون بسيطة.
وقال «الفراء» ت 207هـ وهو من الكوفيين: أصلها «لكن أن» فطرحت الهمزة للتخفيف، ونون «لكن» للساكنين أهـ.
وقال باقي الكوفيين: هي مركبة من «لا» و «ان» مشددة النون، والكاف الزائدة لا التشبيهية، وحذفت الهمزة تخفيفا أهـ. انظر: مغني اللبيب ص 384.
(2) قال ابن الجزري: لكنا فصل ثب غص كما.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 162. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 61، 62والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 400.
(3) سورة الكهف آية 97.
(4) قال ابن الجزري: فما اسطاعوا أشددا طاء فشا.(2/38)
تنبيه: «وما استطاعوا» أجمع القراء للعشرة على قراءته باثبات التاء مع الاظهار، ولذلك قيد «ابن الجزري» كلمة الخلاف بقوله: «فما اسطاعوا اشددا».
«طوى» من قوله تعالى: {إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (1).
ومن قوله تعالى: {إِذْ نََادََاهُ رَبُّهُ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (2).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «طوى» في الموضعين بتنوين الواو مصروفا، على أنه اسم للوادي، فأبدل منه فصرف.
وقرأ الباقون بعدم التنوين في الموضعين، ممنوعا من الصرف، للعلمية والتأنيث، لأنه جعل اسما للبقعة وهي الوادي (3).
«تترا» من قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنََا رُسُلَنََا تَتْرََا} (4).
قرأ «ابن كثير أبو عمرو، وأبو جعفر» «تترا» بالتنوين وصلا، وبالألف وقفا، وهو مصدر من المواترة، وهي المتابعة بغير مهلة.
وهو منصرف على وزن «فعلى».
وقيل: إن ألفه للالحاق «بجعفر» فيكون التنوين دخل على الف الالحاق فأذهبها، مثل «أرطى، ومعزى»، وهو منصوب على الحال، انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 172. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 80. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 412.
__________
(1) سورة طه آية 12.
(2) سورة النازعات آية 16.
(3) قال ابن الجزري: طوى معا نونه كنزا.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 180. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 96. والمهذب في القراءات ح 2ص 14.
(4) سورة المؤمنون آية 44.(2/39)
أي ثم أرسلنا رسلنا حالة كونهم متتابعين ولا يجوز أن تجعل الألف في هذه القراءة «للتأنيث» لأن التنوين لا يدخل ما فيه ألف التأنيث في هذا البناء البتة.
وقرأ الباقون «تترا» بلا تنوين وصلا ووقفا، على أنه مصدر من المواترة أيضا، وهو على وزن «فعلى» وألفه للتأنيث مثل «سكرى» والمصادر يلحقها ألف التأنيث في كثير من الكلام، نحو: «الذكرى، والعدوى، والدعوى».
والأصل فيه في القراءتين «وترا» فالتاء بدل واو، كتاء «تخمة» (1).
«تشقق» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمََاءُ بِالْغَمََامِ} (2).
ومن قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرََاعاً} (3).
قرأ «أبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تشقق» بتخفيف الشين في الموضعين، على أنه مضارع «تشقق» على وزن «تفعل» واصله «تتشقق» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون بتشديد الشين في الموضعين أيضا، على أن أصله «تتشقق» فأدغمت التاء في الشين، وذلك لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات التالية:
__________
(1) قال ابن الجزري: نون تترا ثنا حبر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 204. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 60. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 128.
(2) سورة الفرقان آية 25.
(3) آية 44.(2/40)
الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
«أصحاب الأيكة» من قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحََابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحََابُ الْأَيْكَةِ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «ليكة» في الموضعين بلام مفتوحة من غير همزة قبلها ولا بعدها، ونصب التاء، على أنه اسم غير منصرف للعلمية والتأنيث اللفظي كطلحة، وكذلك رسما في جميع المصاحف.
قال صاحب المورد: «وبنص صاد وظلة ليكة».
قال الشارح: أخبر مع اطلاق الحكم الذي يشير به الى اتفاق شيوخ النقل بحذف الفي «ليكة» في سورة ص وفي سورة الظلة، وهي سورة الشعراء أهـ (4).
وقرأ الباقون «الايكة» باسكان اللام، وهمزة وصل قبلها وهمزة قطع مفتوحة بعدها، وجر التاء.
والايكة: غيضة شجر قرب «مدين» (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: وخففوا شين تشقق كقاف حز كفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 218. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 83. والكشف عن وجوه القراءات ح 2. ص 145.
(2) سورة الشعراء آية 176.
(3) آية ص 13.
(4) انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 168.
(5) قال ابن الجزري: والايكة كم حرم كصاد وقت.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 223. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 96.(2/41)
«بشهاب قبس» من قوله تعالى: {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهََابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «بشهاب» بالتنوين، وذلك على القطع عن الاضافة، و «قبس» بدل من «شهاب» أو صفة له، بمعنى: شهاب مقتبس.
قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210هـ: «الشهاب: النار، والقبس: ما اقتبس منه»، أهـ.
وقرأ الباقون بترك تنوين «بشهاب» وذلك على الاضافة الى «قبس» والاضافة على معنى «من» كخاتم فضة.
قال «أبو زيد الانصاري» ت 215هـ: «يقال: أقبسته العلم، وقبسته النار»: هـ (2).
«أو ليأتيني» من قوله تعالى: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطََانٍ مُبِينٍ} (3).
قرأ «ابن كثير» «أو ليأتينني» بنونين: الأولى مشددة مفتوحة، والثانية مكسورة خفيفة، فالنون المشددة للتوكيد، والخفيفة للوقاية، والفعل مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.
واصل الفعل «ليأتيني» بنون واحدة مكسورة هي نون الوقاية، ثم دخلت نون التوكيد لتأكيد القسم، وبني الفعل على الفتح، ففتحت الياء التي هي لام الفعل.
__________
(1) سورة النمل آية 7.
(2) قال ابن الجزري: نون كفا ظل شهاب.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 225. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 154.
(3) سورة النمل آية 21.(2/42)
وقرأ الباقون «أو ليأتيني» بنون واحدة مشددة مكسورة، على أنها نون التوكيد الثقيلة كسرت لمناسبة الياء، وحذفت نون الوقاية للتخفيف، والفعل مبني على الفتح أيضا لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة (1).
تنبيه: قال صاحب المقنع:
«وفي النمل في مصاحف أهل مكة» «أو ليأتينني بسلطان مبين» بنونين، وفي سائر المصاحف بنون واحدة أهـ (2).
«من سبأ» من قوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (3).
«لسبأ» من قوله تعالى: {لَقَدْ كََانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ} (4).
فقرأ «البزي، وأبو عمرو» «من سبأ، لسبأ» بفتح الهمزة من غير تنوين، على أنه ممنوع من الصرف للعلمية، ولتأنيث «البقعة».
قال «الزجاج، إبراهيم بن السري» ت 311هـ:
هو اسم مدينة بقرب مأرب. أهـ.
وقرأ «قنبل» بسكون الهمزة في اللفظين، وذلك اجراء للوصل مجرى الوقف.
وقرأ الباقون بالكسرة والتنوين على أنه منصرف اسم للمكان (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: ياتينني دفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 225. والمهذب في القراءات ح 2 ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 154.
(2) انظر: المقنع في مرسوم المصاحف ص 106.
(3) سورة النمل آية 22.
(4) سورة سبأ آية 15.
(5) قال ابن الجزري: سبأ معا لا نون وافتح هل حكم سكن زكا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 226. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 155.(2/43)
«فزع يومئذ» من قوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فزع» بالتنوين، على أعمال الصدر وهو «فزع» في الظرف وهو «يوم» على تقدير:
وهم من أن يفزعوا يومئذ.
ويجوز أن ينتصب «يوم» على الظرف وهو في موضع صفة لفزع، لأن المصادر يحسن أن توصف بأسماء الزمان، والتقدير:
فهم من فزع يحدث «يومئذ» آمنون، فيحدث صفة لفزع، وهو العامل في «يوم» لكنك حذفته وأقمت «يوما» مقامه ففيه ضمير يعود على الموصوف، كما كان في «يحدث» الذي قام «يوم» مقامه.
ويجوز أن ينتصب «يوم» بآمنين، والتقدير: وهم آمنون يومئذ من فزع.
وقرأ الباقون «فزع» بعدم التنوين، على اضافة «الفزع» الى «يوم» لكون الفزع فيه فالمصدر هو «فزع» أضيف الى المفعول وهو الظرف.
وقرأ «نافع، وعاصم وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يومئذ» بفتح الميم، وهي فتحة بناء لاضافته الى غير متمكن وهو «اذ».
وقرأ الباقون «يومئذ» بكسر الميم، وهي كسرة اعراب وان أضيف الى غير متمكن لجواز انفصاله عنه.
واذا ركبنا الكلمتين مع بعضهما وهما «فزع، يومئذ» يكون فيهما ثلاث قراءات.
__________
(1) سورة النمل آية 89.(2/44)
الأولى: حذف تنوين «فزع» وفتح ميم «يومئذ» لنافع، وأبي جعفر.
الثانية: حذف التنوين مع كسر الميم لابن كثير، وأبي عمرو وابن عامر، ويعقوب.
الثالثة: التنوين مع فتح الميم، لعاصم، وحمزة والكسائي، وخلف العاشر (1).
«ليدبروا» من قوله تعالى: {كِتََابٌ أَنْزَلْنََاهُ إِلَيْكَ مُبََارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيََاتِهِ} (2)
قرأ «أبو جعفر» «لتدبروا» بتاء فوقية بعد اللام مع تخفيف الدال، وأصله «لتتدبروا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون «ليدبروا» بالياء التحتية، وتشديد الدال، وأصله «ليتدبروا» فأدغمت التاء في الدال، لتجانسها في المخرج، اذ يخرجان معا، من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الشدة، الاستفال، والانفتاح، والإصمات (3).
«بخالصة» من قوله تعالى: {إِنََّا أَخْلَصْنََاهُمْ بِخََالِصَةٍ ذِكْرَى الدََّارِ} (4)
قرأ «نافع، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه «بخالصة» بحذف
__________
(1) وقال: يومئذ سال فافتح اذرفا ثق نمل كوف مدن.
وقال: يومئذ سال فافتح اذرفا ثق نيل كوف مدن. انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 232. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 108. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 169.
(2) ص آية 29.
(3) قال ابن الجزري: وخف يدبروا ثق.
النشر في القراءات العشر ح 3ص 276. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 180.
(4) سورة ص آية 46.(2/45)
التنوين، مضافا الى ما بعده، و «خالصة» مصدر مثل: «العاقبة، والعافية» أضيف الى الفاعل وهو «ذكرى» والتقدير: بأن خلص لهم ذكرى الدار، أي: خلص لهم أن يذكروا معادهم.
ويجوز أن تكون «خالصة» مضافة الى المفعول وهو «ذكرى» على تقدير: بأن أخلصوا الذكر لمعادهم.
وقرأ الباقون «بخالصة» بالتنوين، وعدم الاضافة، وهو الوجه الثاني «لهشام».
وذلك على أن «ذكرى» بدل من «خالصة» والتقدير: انا أخلصناهم بذكرى الدار، أي اخترناهم لذكرهم لمعادهم (1)
«سلاسلا» من قوله تعالى: إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا (2)
قرأ «نافع»، والكسائي، وأبو جعفر، وهشام، ورويس، بخلف عنهما «سلاسلا» بالتنوين، وابداله ألفا وقفا، وذلك للتناسب لأن ما قبله وهو قوله تعالى: {إِمََّا شََاكِراً وَإِمََّا كَفُوراً} [الآية 3] منون منصوب.
وقال «الكسائي» وغيره من الكوفيين: ان بعض العرب يصرفون جميع ما لا ينصرف الا أفعل التفضيل.
وقال «الأخفش الأوسط» وهو من البصريين: ان بعض العرب وهم «بنو أسد» يصرفون ما لا ينصرف، لأن الأصل في الأسماء الصرف.
__________
(1) قال ابن الجزري: خالصة أضف أنا خلف مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 277. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 182. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 231.
(2) سورة الانسان آية 4.(2/46)
وقرأ الباقون «سلاسل» بعدم التنوين، ممنوعا من الصرف، على الأصل في صيغة منتهى الجموع، وهو الوجه الثاني «لهشام ورويس» وهم في الوقف على ثلاثة أقسام:
(أ) فمنهم من وقف بالألف بلا خلاف، وهو «أبو عمرو».
(ب) ومنهم من وقف بغير ألف بلا خلاف، وهما «حمزة، وخلف العاشر».
(ج) ومنهم من وقف بالوجهين وهم: «ابن كثير، وابن عامر، وحفص، ويعقوب» (1).
«قواريرا قواريرا» من قوله تعالى: {وَأَكْوََابٍ كََانَتْ قَوََارِيرَا قَوََارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهََا} (2).
قرأ «نافع وشعبة، والكسائي، وأبو جعفر» «قواريرا قواريرا»، بتنوينهما معا، وذلك على لغة لبعض العرب وهم «بنو أسد» حيث يصرفون جميع ما لا ينصرف، لأن الأصل في الأسماء الصرف.
ووقفوا عليهما بالألف للتناسب، وموافقة لرسم مصاحفهم.
وقرأ «ابن كثير، وخلف العاشر» «قواريرا» الأول بالتنوين و «قواريرا» الثاني بدون تنوين.
ووقفا بالألف في الأول، وبدونها في الثاني.
__________
(1) قال ابن الجزري:
سلاسلا نون مدا رم لي غدا ... خلفهما صف معهم الوقف امددا
* عن من دناصهم بخلفهم حفا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 350. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 314. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 2ص 352.
(2) سورة الانسان آية 15، 16.(2/47)
وقرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وروح» بغير تنوين فيهما.
ووقفوا على الأول بالألف لكونه رأس آية بخلف عن «روح» في الوقف ووقفوا على الثاني بغير ألف الا «هشاما» فله وجهان:
الوقف بالألف وبدونها.
وقرأ «حمزة، ورويس» بغير تنوين فيهما أيضا، ووقفا بغير ألف فيهما (1).
«ان تزكّى» من قوله تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى ََ أَنْ تَزَكََّى} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، ويعقوب» «تزكّى» بتشديد الزاي، على أن اصله «تتزكى» ثم أدغمت «التاء» في «الزاي» لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، «والزاي» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.
وقرأ الباقون «تزكى» بتخفيف الزاي، على أصله «تتزكى» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
ومعنى «تزكّى» تتطهر من الشرك بالله تعالى (3).
__________
(1) قال ابن الجزري: نون قواريرا رجا حرم صفا.
والقصر وقفا في غنا شد اختلف والثان نون صف مدا رم ووقف معهم هشام باختلاف بالألف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 351. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 315. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 354.
(2) سورة النازعات آية 18.
(3) قال ابن الجزري: تزكي ثقلوا حرم ظبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 357. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 321. والكشف عن وجوه القراءات ح 3ص 361.(2/48)
تنبيه: «اتفق القراء على التشديد في «يزكّي» من قوله تعالى:
{وَمََا عَلَيْكَ أَلََّا يَزَّكََّى} (1).
«تصدى» من قوله تعالى: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدََّى} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «تصدى» بتشديد الصاد، وهو فعل مضارع، وأصله «تتصدى» فأدغمت التاء في الصاد، لقربهما من المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الصاد» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في صفتي: الهمس، والاصمات.
وقرأ الباقون «تصدى» بتخفيف الصاد، على أن أصله «تتصدى» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (3).
__________
(1) سورة عبس آية 7.
(2) سورة عبس آية 6.
(3) قال ابن الجزري: له تصدى الحرم.
انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 358. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 323.(2/49)
الباب السادس «كسر همزة «ان» المشددة وفتحها»(2/51)
«كسر همزة «ان» المشددة وفتحها» لقد تتبعت الكلمات القرآنية التي قرئت بفتح الهمزة تارة، وبكسرها أخرى واقتبستها وجعلتها في هذا الباب.
وقبل الدخول في توجيه هذه الكلمات وتخريجها أجد من تمام المنفعة أن ألقي الضوء على الأحوال التي يجوز فيها كسر الهمزة، وفتحها، فأقول:
يجوز كسر همزة «أن» المشددة، وفتحها فيما يلي:
1 - اذا وقعت بعد «اذا» الفجائية (1).
نحو قولك: «خرجت فاذا ان زيدا قائم» فمن كسر الهمزة جعل
__________
(1) اختلف النحويون في «اذا» الفجائية:
فقال «الأخفش الأوسط» ت 215هـ: هي حرف، واختار هذا «ابن مالك» وبناء على هذا القول جاز في همزة «أن» الفتح والكسر، فالفتح على تقدير «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ خبره محذوف، أو خبر لمبتدإ محذوف. والكسر على تقدير «أن» وما بعدها جملة تامة مستقلة أهـ. وقال «محمد بن يزيد المبرد» ت 285هـ: «هي ظرف مكان» أه. واختار هنا «دواجن عصفور علي بن مؤمن الاشبيلي ت 663هـ. وقال «الزجاج إبراهيم بن السري» ت 311هـ: هي ظرف زمان» أهـ. واختار هذا «الزمخشري» محمود ابن عمر الخوارزمي ت 538هـ. وبناء على هذين القولين يجب فتح همزة «أن» على أنها مع ما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ خبره الظرف قبله.(2/53)
«ان» واسمها وخبرها جملة مستقلة، والتقدير: خرجت فاذا زيد قائم.
ومن فتح الهمزة جعل «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ، خبره «اذا» الفجائية، والتقدير: خرجت فاذا في الحضرة قيام زيد.
ويجوز أن يكون الخبر محذوفا، والتقدير: خرجت فاذا قيام زيد موجود.
ب يجوز كسر همزة «ان» وفتحها اذا وقعت جواب قسم وليس في خبرها، اللام، سواء كانت الجملة المقسم بها فعلية، والفعل فيها ملفوظ به، نحو قولك: «حلفت ان زيدا قائم» أو غير ملفوظ به نحو قولك: «والله ان زيدا قائم».
أو كانت الجملة المقسم بها اسمية نحو قولك: «لعمرك ان زيدا قائم».
ج وكذلك يجوز الفتح، والكسر في همزة «ان» اذا وقعت «ان» بعد فاء الجزاء نحو قوله تعالى: {وَإِذََا جََاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيََاتِنََا فَقُلْ سَلََامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى ََ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهََالَةٍ ثُمَّ تََابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1).
فقد قرأ بفتح همزة «فانه» كل من «ابن عامر، وعاصم، ويعقوب».
وقرأ بكسرها باقي القراء العشرة (2).
فالفتح على جعل «ان» بعدها مصدرا مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: «فالغفران جزاؤه» أو على جعلها خبرا لمبتدإ محذوف، والتقدير: «فجزاؤه الغفران».
__________
(1) سورة الأنعام الآية 54
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 5251.(2/54)
والكسر على جعلها مع اسمها وخبرها جملة وقعت جوابا «لمن».
د وكذلك يجوز الفتح والكسر في همزة «ان» اذا وقعت «ان» بعد مبتدأ هو في المعنى قول، وخبر «ان» قول، والقائل واحد، نحو قولك: «خير القول اني احمد الله» فمن فتح جعل «ان» وصلتها مصدرا خير، عن «خير» والتقدير: «خير القول حمد الله» فخير مبتدأ: وحمد الله خبره.
ومن كسر جعلها جملة خيرا عن «خير» ولا تحتاج هذه الجملة الى رابط. لأنها نفس المبتدأ في المعنى.
والى هذه المواضع التي يجوز فيها كسر همزة «ان» وفتحها أشار ابن مالك بقوله:
بعد اذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمى
مع تلو فا الجزا وذا يطرد ... في نحو خير القول اني أحمد
قال «ابن هشام»: «ان» المكسورة، المشددة على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم، وترفع الخبر.
الثاني: أن تكون حرف جواب بمعنى نعم، والدليل على ذلك قول «عبد الله بن الزبير» ت 73هـ. رضي الله عنه.
لمن قال له «لعن الله ناقة حملتني اليك»: «ان وراكبها» أي نعم ولعن الله راكبها، اذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعا (1).
وقال: «ان» المفتوحة المشددة النون على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر. والأصح أنها فرع عن «ان» المكسورة، ومن هنا صح للزمخشري أن يدعي
__________
(1) انظر: مغني اللبيب من 5755.(2/55)
أن «انما» بالفتح تفيد الحصر كأنما بالكسر، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمََا يُوحى ََ إِلَيَّ أَنَّمََا إِلََهُكُمْ إِلََهٌ وََاحِدٌ} (1)
فالأولى لقصر الصفة على الموصوف والثانية بالعكس.
وقول «أبي حيان»: هذا شيء انفرد به، ولا يعرف القول بذلك الا في انما بالكسر مردود بما ذكرت، وقوله: «ان دعوى الحصر هنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح اليه غير التوحيد مردود أيضا بأنه حصر مفيد، اذ الخطاب مع المشركين، فالمعنى.
«ما أوحي الي في أمر الربوبية الا التوحيد، لا الاشراك» ويسمى ذلك قصر قلب، لقلب اعتقاد المخاطب، والا ما الذي يقوله هو في نحو {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ} [آل عمران 144] قال «ما» للنفي و «الا» الحصر قطعا، وليست صفته عليه الصلاة والسلام منحصرة في الرسالة ولكن لما استعظموا موته حملوا كأنهم أثبتوا له البقاء الدائم، فجاء الحصر باعتبار ذلك ويسمى قصر إفراد. الثاني: أن تكون لغة في «لعل» كقولك: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا» والتقدير: «لعلك تشتري لنا شيئا» أهـ (2).
بعد ذلك انتقل الى توجيه الكلمات التي يجوز فيها فتح همزة «أن» المشددة وكسرها، والمتمثل فيما يلي:
«ان القوة، وان الله» من قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذََابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعَذََابِ} (3)
قرأ «أبو جعفر ويعقوب» «ان القوة لله جميعا وان الله شديد
__________
(1) سورة الانبياء الآية 108.
(2) انظر: مغني اللبيب ص 6059.
(3) سورة البقرة الآية 165.(2/56)
العذاب» بكسر الهمزة فيهما، على تقدير ان «ان» وما بعدها جواب «لو» أي لقلت: ان القوة لله جميعا الخ على قراءة الخطاب في «ولو ترى».
أو لقالوا: «ان القوة لله جميعا الخ على قراءة الغيب في ولو يرى».
ويحتمل أن يكون على الاستئناف، على أن جواب «لو» محذوف، والتقدير: لرأيت، أو لرأوا أمرا عظيما.
وقرأ الباقون بفتح الهمزة فيهما، وتقدير الجواب: لعلمت ان القوة لله جميعا الخ على قراءة الخطاب، او لعلموا أن القوة لله جميعا الخ على قراءة الغيب (1).
«ان» من قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللََّهِ الْإِسْلََامُ} (2).
قرأ «الكسائي» «أن» بفتح الهمزة، على أنها مع اسمها وخبرها بدل «كل» من قوله تعالى قبل: {شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ}
[الآية 18] فتكون «ان» وما بعدها في محل نصب «بشهد».
وقرأ الباقون «ان» بكسر الهمزة، وذلك على الاستئناف لأن الكلام قد تم عند قوله تعالى قبل: {لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الآية 18] ثم استأنف بكلام جديد فكسرت همزة «ان» (3).
«ان الله» من قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ أَنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ََ} (4)
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 423.
(2) سورة آل عمران الآية 19.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 46. وتفسير البحر المحيط ح 1ص 471.
قال ابن الجزري: أن وأن اكسر ثوى.
(3) قال ابن الجزري: ان الدين فافتحه رجل. انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 4والحجة في القراءات السبع ص 107وحجة القراءات ص 157.
(4) سورة آل عمران آية 171.(2/57)
قرأ «ابن عامر، وحمزة» «ان» بكسر الهمزة، اجراء للنداء مجرى القول، او على اضمار القول، أي قائلين: «ان الله يبشرك بيحيى».
وقرأ الباقون «أن» بفتح الهمزة، على تقدير حرف الجر، أي «بأن الله يبشرك» (1)
تنبيه: «ان الله» من قوله تعالى: {إِذْ قََالَتِ الْمَلََائِكَةُ يََا مَرْيَمُ إِنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (2).
اتفق القراء العشر على كسر همزة «ان» وذلك لأنها مسبوقة بصريح القول، وهو: «اذ قالت الملائكة».
وأيضا فالقراءة مبنية على التوقيف.
«أنى» من قوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «أني» بكسر الهمزة، وذلك على الاستئناف، أو على اضمار القول، أي قائلا: اني أخلق لكم الخ (4)
وقرأ الباقون «أني» بفتح الهمزة، على أنها بدل من قوله تعالى قبل: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: وكسران الله في كم. انظر: النشر في القراءات العشر ح 3.
(2) سورة آل عمران 39
(3) سورة آل عمران الآية 45 ص 4. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 343. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 121. وحجة القراءات ص 162.
(4) قال ابن الجزري: واكسرها أني اخلق اتل ثب.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 8. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 344. وحجة القراءات ص 174. والحجة في القراءات السبع ص 209.
(5) سورة آل عمران الآية 49(2/58)
«وان» من قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (1).
قرأ «الكسائي» «وان» بكسر الهمزة، على الاستئناف.
وقرأ الباقون «وان» بفتح الهمزة، عطفا على «بنعمته» مع تقدير حرف الجر، والتقدير: يستبشرون بنعمة الله وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (2).
«أنه، فإنه» من قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى ََ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهََالَةٍ ثُمَّ تََابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «أنه» بفتح الهمزة، و «فانه» بكسر الهمزة.
قرأ «ابن عامر، وعاصم ويعقوب» بفتح الهمزة فيهما.
وقرأ الباقون بكسر الهمزة فيهما (4).
التوجيه: الفتح في الأولى على أنها بدل من «الرحمة» بدل الشيء من الشيء أي بدل كل من كل، فهي في موضع نصب يكف، والتقدير:
كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوءا الخ، والفتح في الثانية على أن محلها رفع بالابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: فله غفران ربه ورحمته حاصلان.
__________
(1) سورة آل عمران 171
(2) قال ابن الجزري: واكسر وأن الله رم.
انظر: القراءات العشر ح 3ص 18. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 264.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 143.
(3) سورة الانعام آية 54.
(4) قال ابن الجزري: وانه افتتح عم ظلا نل ... فان نل كم ظبي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 51. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 433. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 208.(2/59)
والكسر في الأولى على أنها مستأنفة والكلام قبلها تام.
والكسر في الثانية على أنها صدر جملة وقعت خبرا «لمن» على أنها موصولة، أو جوابا «لمن» ان جعلت شرطية.
«أنها» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام 109] قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وشعبة» بخلف عنه «أنها» بفتح الهمزة.
قال «مكي بن أبي طالب»: وحجة من فتح الهمزة أنه جعل «ان» بمنزلة «لعل» لغة فيها، على قول «الخليل بن أحمد» حكي عن العرب: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئا أي لعلك.
ويجوز أن يعمل فيها «يشعركم» فيفتح على المفعول به، لأن معنى «شعرت به»: «دريت» فهو في اليقين كعلمت، وتكون «لا» في قوله: {لََا يُؤْمِنُونَ} زائدة، والتقدير: وما يدريكم أيها المؤمنون أن الآية اذا جاءتهم يؤمنون، أي أنهم لا يؤمنون اذا جاءتهم الآية التي اقترحوا بها.
وهذا المعنى انما يصح على قراءة من قرأ «يؤمنون» بياء الغيبة، ويكون «يشعركم» خطابا للمؤمنون، والضمير في «يؤمنون» للكفار في القراءة بالياء.
ومن قرأ «تؤمنون» بالتاء، فالخطاب في «يشعركم» للكفار، ويقوي هذا المعنى قوله تعالى بعد ذلك: {وَلَوْ أَنَّنََا نَزَّلْنََا إِلَيْهِمُ الْمَلََائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى ََ وَحَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مََا كََانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} [الآية 111].
و «ما» في قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ} للاستفهام، وفي
«يشعركم» ضمير «ما» والمعنى: وأي شيء يدريكم أيها المؤمنون ايمانهم اذا جاءتهم الآية، أي: لا يؤمنون اذا جاءتهم الآية.(2/60)
و «ما» في قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ} للاستفهام، وفي
«يشعركم» ضمير «ما» والمعنى: وأي شيء يدريكم أيها المؤمنون ايمانهم اذا جاءتهم الآية، أي: لا يؤمنون اذا جاءتهم الآية.
ولا يحسن أن تكون «ما» نافية، لأنه يصير التقدير: وليس يدريكم الله أنهم لا يؤمنون وهذا متناقض، لأنه تعالى قد أدرانا أنهم لا يؤمنون بقوله بعد: {وَلَوْ أَنَّنََا نَزَّلْنََا إِلَيْهِمُ الْمَلََائِكَةَ} الى قوله: {يَجْهَلُونَ}
اهـ (1).
وقرأ الباقون «انها» بكسر الهمزة، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وذلك على الاستئناف إخبارا عنهم بعدم الايمان لأنه طبع على قلوبهم (2).
«وأن الله» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللََّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر» «وأن» بفتح الهمزة، على تقدير اللام، أي «ولأن» فلما حذفت اللام جعلت «أن» مفتوحة الهمزة، والتقدير: ولأن الله مع المؤمنين لن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت، أي: من كان الله في نصره لن تغلبه فئة وان كثرت، فارتباط الكلام بعضه ببعض حسن، وبالفتح يرتبط ذلك وينتظم.
وهو أيضا متناسق مع قوله تعالى قبل: {وَأَنَّ اللََّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكََافِرِينَ} [الآية 18].
وقرأ الباقون «وان» بكسر الهمزة، على الابتداء، والاستئناف وفيه
__________
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 445444.
(2) قال ابن الجزري: وانها افتح عن رضي عم صدا خلف.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 59. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 221.
(3) سورة الانفال آية 19.(2/61)
معنى التوكيد لنصرة الله للمؤمنين، لأن «ان» انما تكسر في الابتداء لتوكيد ما بعدها من الخبر (1)
«انهم» من قوله تعالى: {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لََا يُعْجِزُونَ} (2).
قرأ «ابن عامر» «أنهم» بفتح الهمزة، على اسقاط لام العلة، والمعنى: ولا يحسبن الكفار أنفسهم سبقوا لأنهم لا يعجزون.
وقرأ الباقون «أنهم» بكسر الهمزة، وذلك على الاستئناف، والقطع (3).
«انه» من قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللََّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} (4).
قرأ «أبو جعفر» «أنه» بفتح الهمزة، على حذف لام الجر، أي:
لأنه يبدأ، وقال «أبو جعفر النحاس» ت 338. هـ: «أن» في موضع نصب، أي وعدكم أنه يبدأ الخلق أهـ (5).
وقرأ الباقون «انه» بكسر الهمزة، على الاستئناف (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: وبعد افتح وأن عم علا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 89. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 491. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 265. وحجة القراءات لابن زنجلة ص 310.
(2) سورة الانفال آية 59.
(3) قال ابن الجزري: أنهم فتح كفل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 91. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 494. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 270. وحجة القراءات ص 312.
(4) سورة يونس آية 4.
(5) انظر: اعراب القرآن لابن النحاس ح 2ص 49.
(6) قال ابن الجزري: وانه افتح ثق.(2/62)
«أنه» من قوله تعالى: {قََالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرََائِيلَ} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «انه» بكسر الهمزة، لأنها بعد القول، والقول يحكي ما بعده.
وقرأ الباقون «أنه» بفتح الهمزة، على تقدير حذف حرف الجر، وهو الباء، والتقدير: «قال آمنت بأنه» الخ و «آمن» يتعدى بحرف الجر كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة 3].
أو على «أن» وما بعدها في محل نصب مفعولا به «لآمنت» لأنه بمعنى صدقت (2)
«اني لكم» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا نُوحاً إِلى ََ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (3)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر» «اني لكم» في قصة «نوح» عليه السلام، بفتح الهمزة، على تقدير حرف الجر أي: «بأني» وذلك لأن «أرسل» يتعدى الى مفعولين الثاني بحرف جر، «فأن» في موضع جر.
وقرأ الباقون «أني» بكسر الهمزة على اضمار القول، والتقدير:
فقال: «اني لكم نذير مبين».
__________
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 102. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 290. وشرح طيبة النشر ص 310.
(1) سورة يونس آية 90.
(2) قال ابن الجزري: وأنه شفا فاكسر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 112. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 522. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 309.
(3) سورة هود آية 25.(2/63)
وحذف القول جائز لغة، وورد به القرآن الكريم، فمن ذلك قوله تعالى: {وَالْمَلََائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ سَلََامٌ عَلَيْكُمْ بِمََا صَبَرْتُمْ} (1)
أي يقولون «السلام عليكم» (2).
«وان الله ربي» من قوله تعالى: {وَإِنَّ اللََّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} (3)
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وروح، وخلف العاشر».
«وان» بكسر الهمزة، على الاستئناف، ويدل على الاستئناف أن الذي قبل «وان» رأس آية وقد تم الكلام على ذلك، ثم وقع الاستئناف بعد تمام الكلام على رأس الآية.
ويجوز أن يكون كسر الهمزة عطفا على قوله تعالى قبل: {قََالَ إِنِّي عَبْدُ اللََّهِ} والمعنى: قال اني عبد الله الخ وان الله ربي وربكم فاعبدوه وقرأ الباقون «وأن» بفتح الهمزة، على أنه مجرور بلام محذوفة والجار والمجرور متعلق بالفعل بعده: «فاعبدوه» والمعنى: ولوحدانيته تعالى في الربوبية اعبدوه وأطيعوه.
وقيل: انه معطوف على «بالصلاة» والمعنى: وأوصاني بالصلاة، والزكاة، وبأن الله ربي وربكم أي باعتقاد ذلك (4).
__________
(1) سورة الرعد آية 2423.
(2) قال ابن الجزري: اني لكم فتحا روي حق ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 113. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 525. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 314.
(3) سورة مريم آية 36.
(4) قال ابن الجزري: واكسر وأن الله شم كنزا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 177. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 89. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 8.(2/64)
«أني أنا» من قوله تعالى: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو وأبو جعفر» بفتح همزة «أني» وذلك على اضمار حرف الجر، والتقدير: نودي بأني أنا ربك.
وقرأ الباقون بكسر الهمزة، على اضمار القول، أي فقيل أني أنا ربك، أو على اجراء النداء مجرى القول، على مذهب الكوفيين (2).
«وأنك لا تظمأ» من قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لََا تَظْمَؤُا فِيهََا وَلََا تَضْحى ََ} (3).
قرأ «نافع، وشعبة» «وانك» بكسر الهمزة، عطفا على قوله تعالى:
{إِنَّ لَكَ أَلََّا تَجُوعَ فِيهََا وَلََا تَعْرى ََ} [الآية 118].
وهو عطف الجمل.
وقرأ الباقون «وانك» بفتح الهمزة، عطفا على المصدر المنسبك من «أن» وما بعدها في قوله تعالى: {أَلََّا تَجُوعَ فِيهََا وَلََا تَعْرى ََ}
وهو من عطف المفردات، وتقدير الكلام: ان لك عدم الجوع، وعدم العري، وعدم الظمأ (4).
«أنهم هم» من قوله تعالى: {أَنَّهُمْ هُمُ الْفََائِزُونَ} (5).
__________
(1) سورة طه آية 12.
(2) قال ابن الجزري: اني أنا افتح حبر ثبت.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 179. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 96. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 14.
(3) سورة طه آية 119.
(4) قال ابن الجزري: انك لا بالكسر آهل صبا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 189. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 107. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 29.
(5) سورة المؤمنون آية 111.(2/65)
قرأ «حمزة، والكسائي» «انهم» بكسر الهمزة، على الاستئناف وثاني مفعول «جزيتم» من قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمََا صَبَرُوا} محذوف تقديره: الثواب أو النعيم في الجنة وقرأ الباقون «أنهم» بفتح الهمزة على أنه المفعول الثاني لجزيتهم، أي جزيتهم فوزهم، أو على تقدير حرف الجر، أي لأنهم، أو بأنهم (1)
«أنا دمرناهم» من قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنََّا دَمَّرْنََاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} (2)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «أنا دمرناهم» بفتح الهمزة على أن «كان» تامة بمعنى وقع فتحتاج الى مرفوع فقط، «عاقبة» فاعل، و «أنا دمرناهم» بدل من «عاقبة».
ويجوز أن يكون «أنا دمرناهم» خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير:
هو أنا دمرناهم.
وقرأ الباقون «انا دمرناهم» بكسر الهمزة على الاستئناف، و «كان» تامة بمعنى وقع لا تحتاج الى خبر، «وعاقبة» فاعل، و «وكيف» في موضع الحال، فتم الكلام على «مكرهم» ثم ابتدأ «بانا» مستأنفا فكسرها، والتقدير: فانظر يا محمد على أي حال وقع عاقبة أمرهم، ثم استأنف مفسرا للعاقبة بالتدمير بكسر «أن» (3).
__________
(1) قال ابن الجزري: وكسر انهم وقال ان قل في رقي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 208. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 66. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 131.
(2) سورة النمل آية 51.
(3) قال ابن الجزري: وفتح أن الناس أنا مكرهم كفى ظعن.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 228. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 104. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 163.(2/66)
«أن الناس» من قوله تعالى: {أَخْرَجْنََا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النََّاسَ كََانُوا بِآيََاتِنََا لََا يُوقِنُونَ} (1)
قرأ «عاصم، وحمزة والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «أن» بفتح الهمزة، على تقدير حرف الجر، أي تكلمهم بأن الناس الخ أي تحدثهم بذلك.
وقرأ الباقون «ان» بكسر الهمزة، على الاستئناف، أو على اكسار القول، والتقدير تكلمهم فتقول ان الناس الخ وحسن هذا لأن الكلام قول، فدل «تكلمهم» على القول المحذوف (2).
«إنما» من قوله تعالى: {إِنْ يُوحى ََ إِلَيَّ إِلََّا أَنَّمََا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (3).
قرأ «أبو جعفر» «انما» بكسر الهمزة على الحكاية و «ان» وما بعدها نائب فاعل، والتقدير: ما يوحى الي إلا هذه الجملة وهي:
«انما أنا نذير مبين» وقرأ الباقون «أنما» بفتح الهمزة، على أنها وما في حيزها نائب فاعل والتقدير: ما يوحى الي إلا كوني نذيرا مبينا (4).
__________
(1) سورة النمل آية 82.
(2) قال ابن الجزري: فتح أن الناس أنا مكرهم كفي ظعن.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 228. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 108. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 167.
(3) ص آية 70.
(4) قال ابن الجزري: انما فاكسر ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 278. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 185.(2/67)
«ذق أنك» من قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} (1)
قرأ «الكسائي» «أنك» بفتح الهمزة، على تقدير لام العلة، أي لأنك أنت، وهذا على سبيل السخرية، والاستهزاء.
وقرأ الباقون «انك» بكسر الهمزة، على الاستئناف (2).
المعنى: اذا كان يوم القيامة يقال لزبانية جهنم خذوا كل كفار أثيم، وألقوه في وسط جهنم، وقولوا له سخرية واستهزاء: ذق جزاء ما فعلت في الدنيا، لأنك أنت العزيز الذي لا يصل اليك عقاب الله الكريم الذي لا يحاسبك الله على ما فعلت في الدنيا.
«ندعوه انه» من قوله تعالى: {إِنََّا كُنََّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (3)
قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر» «أنه» بفتح الهمزة على تقدير لام التعليل، أي لأنه هو البر الرحيم.
وقرأ الباقون «انه» بكسر الهمزة على الاستئناف (4).
«وانه تعالى» وأنه كان يقول وأنا ظننا، وأنه كان رجال وأنهم ظنوا، وأنا لمسنا السماء وأنا كنا نقعد، وأنا لا ندري، وأنا منا الصالحون
__________
(1) سورة الدخان آية 49.
(2) قال ابن الجزري: وانك افتحوا رم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 299. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 227. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 264.
(3) سورة والطور آية 28.
(4) قال ابن الجزري: وانه افتح رم مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 315. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 257. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 291.(2/68)
وأنا ظننا أن لن نعجز الله، وأنا لما سمعنا الهدى وأنا منا المسلمون».
وذلك اثنتا عشرة همزة من أول الآية رقم 3الى الآية رقم 14من سورة «الجن».
قرأ «ابن عامر، وحفص وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بفتح الهمزة في المواضع كلها، وهي معطوفة على الضمير في «به» من قوله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنََّا بِهِ} [الآية 2] من غير إعادة الجار، على مذهب الكوفيين.
وقال «الزمخشري»: هي معطوفة على محل «به» كأنه قال:
صدقناه، وصدقنا «أنه تعالى جد ربنا» الى آخر الآيات.
وقرأ «أبو جعفر» بالفتح في ثلاثة منها، وهي: «وأنه تعالى، وأنه كان يقول وأنه كان رجال» وكسر في التسعة الباقية، وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ الباقون بالكسر في الجميع، عطفا قوله تعالى: {إِنََّا سَمِعْنََا قُرْآناً عَجَباً} [الآية 1] فيكون الكل مقولا للقول.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على فتح همزة {وَأَنَّ الْمَسََاجِدَ لِلََّهِ}
[الآية 18] (1).
«وأنه لما قام» من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمََّا قََامَ عَبْدُ اللََّهِ يَدْعُوهُ} (2).
__________
(1) قال ابن الجزري: وفتح أن ذي الواو كم صحب تعالى كان ثن صحب كسا والكل ذو المساجدا.
انظر: النشر في القراءات ح 3ص 344. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 307، 308. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 339.
(2) سورة الجن الآية 19.(2/69)
قرأ «نافع، وشعبة» «وانه» بكسر الهمزة، عطفا على قوله تعالى:
{إِنََّا سَمِعْنََا قُرْآناً عَجَباً} [الآية 1].
فيكون من مقول القول.
وقرأ الباقون «وأنه» بفتح الهمزة، عطفا على «أنه استمع» من قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الآية 1] (1).
«أنا صببنا» من قوله تعالى: {أَنََّا صَبَبْنَا الْمََاءَ صَبًّا} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أنا صببنا» بفتح الهمزة في الحالين، على تقدير لام العلة، أي «لانا صببنا».
وقرأ الباقون عدا «رويس» «انا صببنا» بكسر الهمزة في الحالين، وذلك على الاستئناف.
وقرأ «رويس» بفتح الهمزة وصلا، وكسرها ابتداء، جمعا بين القراءتين (3).
__________
(1) قال ابن الجزري: وأنه لما اكسرا تل صاعدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 345. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 308.
(2) سورة عبس آية 25.
(3) قال ابن الجزري: انا صببنا افتح كفي وصلا غوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 358. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 324. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 362.(2/70)
الباب السابع تذكير الفعل وتأنيثه(2/71)
تذكير الفعل وتأنيثه لقد تتبعت الكلمات القرآنية التي قرئت بالتذكير تارة، وبالتأنيث أخرى واقتبستها وجعلتها في هذا الباب.
وقبل الدخول في توجيه هذه الكلمات وتخريجها أجد من تمام المنفعة أن ألقي الضوء على الأحوال التي يجوز فيها تذكير الفعل، وتأنيثه فأقول (1):
الأصل في الفعل أن يكون مذكرا، ولكنه قد يؤنث:
فاذا كان الفاعل مؤنثا أنث فعله بتاء التأنيث الساكنة ان كان فعلا ماضيا، نحو: قامت هند».
أو المتحركة ان كان وصفا نحو: «زيد قائمة أمه».
وبتأنيث تاء المضارعة نحو: «تطلع الشمس».
واعلم أن الفعل يجوز تذكيره، وتأنيثه في أربع مسائل:
__________
(1) انظر: تذكير الفعل وتأنيثه في المراجع الآتية:
1 - شرح الأشموني على الالفية ح 2ص 47فما بعدها.
2 - شرح ابن الناظم على الالفية ص 85فما بعدها.
3 - شرح ابن عقيل على الالفية ح 1ص 476فما بعدها.
4 - أوضح المسالك الى ألفية ابن مالك ح 1ص 354فما بعدها.(2/73)
احداها: أن يكون المؤنث اسما ظاهرا حقيقي التأنيث، وهو منفصل من العامل بغير «الا» نحو: «حضرت القاضي امرأة» و «حضر القاضي امرأة» والأول أفصح.
والثانية: أن يكون اسما ظاهرا مجازي التأنيث، نحو: «طلعت الشمس» و «طلع الشمس» والأول أرجح.
والثالثة: أن يكون العامل: «نعم أو بئس» نحو: نعمت المرأة خديجة» «ونعم المرأة خديجة» «وبئست المرأة حمالة الحطب» «وبئس المرأة حمالة الحطب».
والرابعة: أن يكون الفاعل جمع تكسير، نحو: «جاء الزيود، وجاءت الزيود» «وجاء الهنود، وجاءت الهنود».
فمن ذكر فعلى معنى الجمع، ومن أنث فعلى معنى الجماعة.
قال ابن مالك:
وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف
والحذف مع فصل بالا فضلا ... كما زكا الا فتاة ابن العلا
والحذف قد يأتي بلا فصل ومع ... ضمير ذي المجاز في شعر وقع
والتاء مع جمع سوى السالم من ... مذكر كالتاء مع احدى اللبن
والحذف في نعم استحسنوا ... لأن قصد الجنس فيه بين
بعد ذلك أنتقل الى توجيه الكلمات القرآنية التي يجوز تذكيرها وتأنيثها، فأقول وبالله التوفيق:
«يقبل» من قوله تعالى: {وَلََا يُقْبَلُ مِنْهََا شَفََاعَةٌ} (1).
__________
(1) سورة البقرة الآية 48.(2/74)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «ولا تقبل» بتاء التأنيث، وذاك لاسناده الى شفاعة وهي مؤنثة لفظا.
وقرأ الباقون «ولا يقبل» بالياء على التذكير، وذلك لأن تأنيث شفاعة غير حقيقي (1) وكذا الفصل بين الفعل ونائب الفاعل (2).
«فنادته» من قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فناداه» بألف بعد الدال، على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «فنادته» بتاء التأنيث الساكنة بعد الدال، وذلك على تأنيث الفعل (4)
وجاز تذكير الفعل وتأنيثه لأن الفاعل جمع تكسير، فمن ذكر فعلى معنى الجمع، ومن أنث فعلى معنى الجماعة.
قال «الراغب» في مادة «ندا»: «النداء»: رفع الصوت، وظهوره وقد يقال ذلك للصوت المجرد، واياه قصد بقوله تعالى:
__________
(1) قال ابن مالك: والتاء مع جمع سوي السالم من مذكر كالتاء مع احدى اللبن.
(2) قال ابن مالك: وقد يبيح الفصل ترك التاء في نحو أتي القاضي بنت الواقف.
انظر: النشر ح 2ص 400. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 238. والمهذب في القراءات العشر وتوجيهها ح 1ص 55. قال ابن الجزري: يقبل أنث حق.
(3) سورة آل عمران آية 39.
(4) قال ابن الجزري: نادته ناداه شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 6. وكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 342. وحجة القراءات ص 162. واتحاف فضلاء البشر ص 173.(2/75)
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمََا لََا يَسْمَعُ إِلََّا دُعََاءً وَنِدََاءً} (1)
أي لا يعرف الا الصوت المجرد دون المعنى الذي يقتضيه تركيب الكلام.
ويقال للمركب الذي يفهم منه المعنى ذلك قال تعالى: {وَإِذْ نََادى ََ رَبُّكَ مُوسى ََ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ} (2)
الى أن قال: «وأصل النداء من الندى» بتشديد النون وفتح الدال مخففة.
أي الرطوبة، يقال: صوت ندي: رفيع، واستعادة النداء للصوت من حيث أن من يكثر رطوبة فمه حسن كلامه، ولهذا وصف الفصيح بكثرة الريق.
ويقال: «ندي» منون الدال وأنداء وأندية، ويسمى الشجر «ندي» لكونه منه وذلك لتسمية المسبب باسم سببه أهـ (3)
وقال «الزبيدي» في مادة «ندي»: «النداء»: بالضم، والكسر، وفي «الصحاح»: النداء: الصوت، وقد يضم: الدعاء والرغاء
الى أن قال: ناديته، وناديت به مناداة ونداء: صاح به و «ندي» كفتي: «بعده» أي بعد مذهب الصوت، ومنه، «هو ندي الصوت» كغني: أي بعيد: أو طريه، أهـ (4).
«يغشي» من قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعََاساً يَغْشى ََ طََائِفَةً مِنْكُمْ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تغشى» بتاء التأنيث،
__________
(1) سورة البقرة آية 171.
(2) سورة الشعراء آية 10.
(3) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 487486.
(4) انظر: تاج العروس شرح القاموس ح 10ص 363362.
(5) سورة آل عمران آية 154.(2/76)
على أن الفاعل ضمير يعود على «أمنة» وهي مؤنثة، فأنث الفعل تبعا لتأنيث الفاعل.
وقرأ الباقون «يغشي» بياء التذكير، على أن الفاعل ضمير يعود على «نعاسا» وهو مذكر، فذكر الفعل تبعا للفاعل (1).
قال «الراغب» في مادة «غشي»: «غشيه غشاوة وغشاء، أتاه اتيان ما قد غشيه أي ستره، والغشاوة ما يغطى به الشيء» قال تعالى:
{وَجَعَلَ عَلى ََ بَصَرِهِ غِشََاوَةً} ويقال: غشيه وتغشاه، وغشيته كذا، قال تعالى: {وَإِذََا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ}، و {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مََا غَشِيَهُمْ}، {وَتَغْشى ََ وُجُوهَهُمُ النََّارُ}، {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مََا يَغْشى ََ}، {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعََاسَ} أهـ (2).
وقال «الزبيدي» في مادة «غشي»: «غشي عليه» «كعني، غشية» «وغشيا» بالفتح، وضمه لغة عن صاحب «المصباح»، «وغشيانا» محركة: «أغمي عليه»، فهو مغشي عليه، نقله الجوهري، ومنه قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} (3).
والاسم «الغشية» بالفتح، وجعله «الجوهري» مصدرا، وجعله صاحب «المصباح» للمرة.
ويقال: «ان المغشي» تعطل القوى المحركة، والارادة الحساسية، لضعف القلب بسبب وجع شديد، أو برد، أو جوع مفرط (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: يغشي شفا أنث.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 14. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 360. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 139. وحجة القراءات ص 176.
(2) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 361. والآيات هي على التوالي: الجاثية 23، لقمان 32، طه 78، إبراهيم 50، النجم 16، الأنفال 11.
(3) سورة محمد آية 20.
(4) انظر: تاج العروس ح 10ص 266.(2/77)
«تكن» من قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} (1)
قرأ «ابن كثير، وحفص ورويس» «تكن» بالتاء الفوقية، وذلك لمناسبة لفظ «مودة».
وقرأ الباقون «يكن» بالياء التحتية على التذكير وذلك لأن تأنيث «مودة» مجازي يجوز في فعله التذكير والتأنيث (2)
«تكن، فتنتهم» من قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلََّا أَنْ قََالُوا وَاللََّهِ رَبِّنََا مََا كُنََّا مُشْرِكِينَ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، ويعقوب وشعبة في أحد وجهيه» «يكن» بالياء التحتية على التذكير، «فتنتهم» بالنصب وذلك على أن «فتنتهم» خبر «يكن» مقدم وإلا أن قالوا الخ اسم يكن مؤخر.
وقرأ «ابن كثير وابن عامر، وحفص» «تكن» بالتاء الفوقية على التأنيث، «فتنتهم» بالرفع، وذلك أن «فتنتهم» اسم «تكن»، والا أن قالوا الخ خبر «تكن».
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وخلف العاشر، وشعبة» في وجهة الثاني «تكن» بالتاء الفوقية على التأنيث، «فتنتهم» بالنصب على أنها خبر «تكن» مقدم، والا أن قالوا الخ اسم «تكن» مؤخر، وأنث الفعل وهو «تكن» لتأنيث الخبر (4).
__________
(1) سورة النساء آية 73.
(2) قال ابن الجزري: تأنيث يكن دن عن غفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 31. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 1ص 392. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 163.
(3) سورة الأنعام آية 23.
(4) قال ابن الجزري: يكن رضا صف خلف ظام.
فتنة أرفع كم عضا دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 48. والكشف عن وجوه القراءات العشر(2/78)
«توفته» من قوله تعالى: حتى اذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (1)
قرأ «حمزة» «توفا» بألف ممالة بعد الفاء، وهو فعل ماض حذفت منه تاء التأنيث، على تذكير الجمع، كما في قوله تعالى: {وَقََالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (2).
وقرأ الباقون «توفته» بتاء ساكنة مكان الألف، على أنه فعل ماض وأنث لكون فاعله جمع تكسير وهو «رسلنا» فالتأنيث على معنى الجماعة كما في قوله تعالى: {قََالَتِ الْأَعْرََابُ} [الحجرات 14] (3)
«الوافي»: الذي بلغ التمام.
يقال: درهم واف، وكيل واف، وأوفيت الكيل والوزن.
ويقال «وفي بعهده، يفي، وفاء، وأوفي»: اذا تمم العهد ولم ينقض حفظه.
وتوفية الشيء: بذله وافيا، واستيفاؤه: تناوله وافيا (4)
ومن المجاز: توفي فلان، وتوفاه الله تعالى، وأدركته الوفاة (5).
«استهوته» من قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيََاطِينُ} (6).
__________
ح 1ص 426. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 203.
(1) سورة الأنعام آية 61.
(2) سورة يوسف آية 30.
(3) قال ابن الجزري: وذكر استهوى توفي مضطجعا فضل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 52. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 1ص 435. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 210.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «وفي» ص 528. سورة الجمرات آية 14.
(5) انظر أساس البلاغة مادة «وفي» ح 2ص 520.
(6) سورة الانعام آية 71.(2/79)
قرأ «حمزة» «استهواه» بألف ممالة بعد الواو، على تذكير الفعل لكون فاعله جمع تكسير وهو «الشياطين» فالتذكير على معنى الجمع أي جمع الشياطين وعليه قوله تعالى: {وَقََالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (1).
وقرأ الباقون «استهوته» بالتاء الساكنة من غير ألف، على تأنيث الفعل، على معنى الجماعة، أي جماعة الشياطين (2) وعليه قوله تعالى:
{قََالَتْ رُسُلُهُمْ} (3)
قال «الطبري» في تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللََّهِ مََا لََا يَنْفَعُنََا وَلََا يَضُرُّنََا وَنُرَدُّ عَلى ََ أَعْقََابِنََا بَعْدَ إِذْ هَدََانَا اللََّهُ} الخ.
«وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على حجته على مشركي قومه من عبدة الأوثان، يقول له تعالى ذكره:
قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان، والأنداد، والآمرين لك باتباع دينهم وعبادة الاصنام معهم، أندعوا من دون الله حجرا أو خشبا لا يقدر على نفعنا، أو ضرنا، فنخلصه بالعبادة دون الله، وندع عبادة الذي بيده الضر، والنفع، والحياة، والموت ان كنتم تعقلون فتميزون بين الخير والشر، فلا شك أنكم تعلمون أن خدمة ما يرتجى نفعه، ويرهب ضره أحق وأولى من خدمة من لا يرجى نفعه، ولا يخشى ضره، ونرد على أعقابنا، أي ونرد من الاسلام الى الكفر بعد اذ هدانا الله، فوفقنا له، فيكون مثلنا في ذلك مثل الرجل الذي استتبعه الشيطان يهوي في الأرض حيران، بمعنى: تنزع اليهم وتريدهم.
__________
(1) سورة يوسف الآية 30.
(2) قال ابن الجزري: وذكر استهوي توفي مضجعا فضل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 52. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 1ص 435. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 312.
(3) سورة إبراهيم آية 10.(2/80)
وأما حيران: فانه «فعلان» من قول القائل: قد حار فلان في الطريق، فهو يحار فيه، حيرة، وحيرانا، وحيرورة، وذلك اذا ضل فلم يمتد للمحجة، له أصحاب يدعونه الى الهدى، يقول لهذا الحيران الذي قد استهوته الشياطين في الأرض: أصحاب على الحجة، واستقامة السبيل، يدعونه الى المحجة لطريق الهدى الذي هم عليه، يقولون له: ائتنا.
وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن كفر بالله بعد ايمانه، فاتبع الشيطان من أهل الشرك بالله، وأصحابه الذين كانوا أصحابه في حال اسلامه المقيمون على الدين الحق، يدعونه الى الهدى الذي هم عليه مقيمون والصواب الذي هم به مستمسكون، وهو له مفارق، وعنه زائل يقولون له: ائتنا فكن معنا على هدى، وهو يأبى ذلك، ويتبع دواعي الشيطان، ويعبد الآلهة، والأوثان أهـ (1).
«تكون» من قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عََاقِبَةُ الدََّارِ} (2).
ومن قوله تعالى: {وَقََالَ مُوسى ََ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جََاءَ بِالْهُدى ََ مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عََاقِبَةُ الدََّارِ} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يكون» في الموضعين بياء التذكير، وذلك لأن «عاقبة» تأنيثها غير حقيقي، ولأنها لا ذكر لها من لفظها.
وقرأ الباقون «تكون» في الموضعين بتاء التأنيث، وذلك على تأنيث لفظ «عاقبة».
__________
(1) انظر: تفسير الطبري ح 7ص 236235.
(2) سورة الانعام آية 135.
(3) سورة القصص آية 37.(2/81)
والتذكير والتأنيث في مثل هذه الحالة سواء في اللغة العربية، وقد جاء «القرآن الكريم» بالأمرين معا في غير موضع، فمن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة رقم 275: {فَمَنْ جََاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}.
وقوله تعالى في سورة يونس رقم 57: {قَدْ جََاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}.
وقال تعالى في سورة هود رقم 67: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}.
وقال تعالى في سورة هود رقم 94: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} (1).
«يكن ميتة» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكََاءُ} (2).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يكن» بالياء على التذكير، و «ميتة» بالنصب.
ووجه هذه القراءة أن تذكير الفعل لتذكير «ما» في قوله تعالى:
{وَقََالُوا مََا فِي بُطُونِ هََذِهِ الْأَنْعََامِ خََالِصَةٌ لِذُكُورِنََا} (2) واسم «يكن» ضمير مستتر يعود على «ما» ونصب «ميتة» على أنها خبر «يكن» والتقدير: وأن يكن ما في بطون الأنعام ميتة فهم في كله شركاء.
وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه «تكن» بالتاء
__________
(1) قال ابن الجزري: ومن يكون كالقصص شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 62. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 453. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 226ح 2ص 115.
(2) سورة الانعام آية 139.(2/82)
على تأنيث الفعل، وميتة بالرفع، وأبو جعفر على قاعدته في تشديد ياء «ميتة».
ووجه هذه القراءة أن تأنيث «تكن» لتأنيث لفظ «ميتة» و «يكن» تامة بمعنى حدث ووقع لا يحتاج الى اسم وخبر بل تحتاج الى فاعل فميتة فاعل «تكن».
وقرأ «ابن كثير، وهشام» في وجهه الثاني. «يكن» بالياء على التذكير، و «ميتة» بالرفع.
ووجه هذه القراءة أن «يكن» تامة تحتاج الى فاعل فقط، و «ميتة» هي الفاعل وبناء عليه ذكر الفعل لأن تأنيث «ميتة» غير حقيقي لأنه يقع على المذكر والمؤنث من الحيوان.
وقرأ «شعبة» «تكن» بالتأنيث، و «ميتة» بالنصب.
ووجه هذه القراءة أن «تكن» ناقصة تحتاج الى اسم وخبر، واسمها ضمير يعود على «ما» وأنث «تكن» لتأنيث معنى «ما» لأنها هي الميتة في المعنى ولذلك جاء الخبر عنها مؤنثا في قوله تعالى:
{خََالِصَةٌ}، و «ميتة» خبر «تكن» (1).
«يكون ميتة» من قوله تعالى: {قُلْ لََا أَجِدُ فِي مََا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى ََ طََاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلََّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} (2).
قرأ «نافع، وأبو عمر، وعاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر»
__________
(1) قال ابن الجزري: أنث يكن لي الخلف ما صب ثق.
وميتة كسا ثنا دما انظر: النشر في القراءات العشر ح 1ص 67. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 227. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 454.
(2) سورة الأنعام آية 145.(2/83)
«يكون» بالياء، على تذكير الفعل، و «يكون» بالياء، على تذكير الفعل و «ميتة» بالنصب.
ووجه هذه القراءة أن اسم «يكون» ضمير تقديره «هو» والمراد به «الموجود» المفهوم من «لا أجد» والتقدير: قل يا «محمد» لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون الموجود ميتة أو دما مسفوحا فإنه رجس. والموجود مذكر، فذكر الفعل وهو «يكون» و «ميتة» خبر «يكون».
وقرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «تكون» بالتاء على تأنيث الفعل.
و «ميتة» بالرفع.
ووجه هذه القراءة أن «تكون» تامة بمعنى حدث ووقع، فتحتاج الى فاعل فقط، و «ميتة» فاعل، وأنث «تكون» لتأنيث لفظ «ميتة».
وقرأ «ابن كثير، وحمزة» «تكون» بالتاء، على تأنيث الفعل، و «ميتة» بالنصب ووجه هذه القراءة أن اسم «تكون» يعود على معنى «محرما» والمحرم لا بد أن يكون عينا، أو نفسا، أو جثة، وهذه كلها مؤنثة، فأنث الفعل لذلك، و «ميتة» خبر «تكون» (1).
«تأتيهم» من قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلََائِكَةُ} (2).
__________
(1) قال ابن الجزري: يكون اذ حما نفا روى.
وقال: وميتة كسا ثنا دما والثان كم ثنى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 68. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 456. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 230.
(2) سورة الانعام آية 158.(2/84)
ومن قوله تعالى: هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يأتيهم» في الموضعين بالياء، على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «تأتيهم» في الموضعين أيضا بالتاء، على تأنيث الفعل، وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه، لأن الفاعل وهو «الملائكة» جمع تكسير، واذا كان الفاعل جمع تكسير جاز في فعله التذكير، والتأنيث (2).
«يتوفى» من قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى ََ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلََائِكَةُ} (3).
قرأ «ابن عامر» «تتوفى» بالتاء، على تأنيث الفعل، وذلك لأن لفظ الملائكة مؤنث. والمراد به: جماعة الملائكة، ومنه قوله تعالى:
{فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (4).
وقرأ الباقون «يتوفى» بالياء، على تذكير الفعل، وذلك لأن تأنيث الملائكة غير حقيقي، وللفصل بين الفعل والفاعل، ولأن المراد جمع الملائكة، كما تقول: «قال الرجال» أي جمع الرجال.
قال «الزجاج» إبراهيم السري ت 311هـ:
«الوجهان جميعا جائزان، لأن الجماعة يلحقها اسم التأنيث لأن
__________
(1) سورة النحل آية 33.
(2) قال ابن الجزري: وان كم ظن واكسرها شفا يأتيهم كالنحل عنهم وصفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 69. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 458. والمهذب في القراءات العشر ح ص 232.
(3) سورة الانفال آية 50.
(4) سورة آل عمران آية 39.(2/85)
معناها معنى جماعة، ويجوز أن يعبر عنها بلفظ التذكير كما يقال:
«جمع الملائكة أهـ (1)
«يكن» من قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2).
قرأ «أبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يكن» بالياء، على تذكير الفعل، وذلك للفصل بين «يكن» و «مائة» لأنها اسمها.
وأيضا فان «مائة» وان كان لفظها مؤنثا، الا أن معناها مذكر، لأن المراد به «العدد».
وقرأ الباقون «تكن» بالتاء، على تأنيث الفعل وذلك لتأنيث لفظ «مائة» (3).
«يكن» من قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صََابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (4)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يكن» بالياء على التذكير، لأن تأنيث «مائة» مجازي، وللفصل بشبه الجملة.
__________
(1) قال ابن الجزري: ويتوفي أنث أفهم فتح كفل.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 90. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 493. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 269. وحجة القراءات ص 162.
311.
(2) سورة الانفال آية 65.
(3) قال ابن الجزري: ثاني يكن حما كفي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 1. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 494. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 271. وحجة القراءات ص 312.
(4) سورة الانفال آية 66.(2/86)
وقرأ الباقون «تكن» بتاء، التأنيث لتأنيث لفظ مائة، ولأنها وصفت بصابرة (1).
«يكون» من قوله تعالى: {مََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى ََ} (2).
قرأ «أبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «تكون» بتاء التأنيث، لتأنيث لفظ «الأسرى» بألف التأنيث المقصورة.
وقرأ الباقون «يكون» بياء التذكير، حملا على تذكير معنى «الأسرى» لأن المراد به «الرجال».
وأيضا للفصل بين «أسرى» و «يكون» بالجار والمجرور (3)
«تقبل» من قوله تعالى: {وَمََا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقََاتُهُمْ} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يقبل» بالياء، على تذكير الفعل، لأن «نفقاتهم» تأنيثها غير حقيقي، ولأنه قد فرق بينها وبين الفعل بالجار والمجرور: «منهم» ولأن النفقات أموال، فكأنه تعالى قال: وما منعهم أن يقبل منهم أموالهم، فحمل على المعنى فذكر.
__________
(1) قال ابن الجزري: ثاني يكن حما كفي بعد كفي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 92. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 494. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 272. وحجة القراءات ص 313.
(2) سورة الانفال آية 67.
(3) قال ابن الجزري: أن يكون أنثا ثبت حما انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 92. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 495. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 272. حجة القراءات ص 313.
(4) سورة التوبة آية 54.
وقرأ الباقون «تقبل» بالتاء، على التأنيث، وذلك لتأنيث لفظ «نفقات» فأنث الفعل ليوافق اللفظ المعنى (1).(2/87)
وقرأ الباقون «تقبل» بالتاء، على التأنيث، وذلك لتأنيث لفظ «نفقات» فأنث الفعل ليوافق اللفظ المعنى (1).
«يزيغ» من قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مََا كََادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} (2).
قرأ «حفص، وحمزة» «يزيغ» بالياء، على تذكير الفعل، واسم «كاد» ضمير الشأن، وجملة «يزيغ قلوب فريق منهم» خبر «كاد» وجاز تذكير الفعل لأن الفاعل جمع تكسير، كما قال تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ} [آل عمران 39] على قراءة «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
وقرأ الباقون «تزيغ» بالتاء، على تأنيث الفعل، وتوجيهه كتوجيه القراءة المتقدمة، وأنث الفعل كما أنث في قوله تعالى: {قََالَتِ الْأَعْرََابُ} (3).
يقال: زاغت الشمس «تزيغ زيغا»: مالت، وزاغ الشيء كذلك «يزوغ زوغا» لغة (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: يقبل رد فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 97. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 503. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 279. وحجة القراءات ص 319.
(2) سورة التوبة آية 117.
(3) قال ابن الجزري: يزيغ عن فوز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 102. والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 510. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 288. وحجة القراءات ص 325. سورة الحجرات آية 14.
(4) انظر: المصباح المنير ح 1ص 261(2/88)
«وتكون» من قوله تعالى: {قََالُوا أَجِئْتَنََا لِتَلْفِتَنََا عَمََّا وَجَدْنََا عَلَيْهِ آبََاءَنََا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيََاءُ فِي الْأَرْضِ} (1).
قرأ «شعبة» بخلف عنه «ويكون» بياء التذكير لأن اسم «ويكون» جمع تكسير وتأنيثه غير حقيقي.
وقرأ الباقون «وتكون» بتاء التأنيث، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وذلك لتأنيث اسم «وتكون» نحو: «قالت الأعراب» (2).
«يسقى» من قوله تعالى: {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوََانٌ وَغَيْرُ صِنْوََانٍ يُسْقى ََ بِمََاءٍ وََاحِدٍ} (3).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، ويعقوب» «يسقى» بالياء التحتية على التذكير، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على ما ذكر من قبل في الآية.
وقرأ الباقون «تسقى» بتاء التأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على الأشياء التي سبق ذكرها في الآية (4).
«تستوي» من قوله تعالى: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمََاتُ وَالنُّورُ} (5).
__________
(1) سورة يونس آية 78.
(2) قال ابن الجزري: يكون صف خلفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 110. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 306. وشرح طيبة النشر ص 313.
(3) سورة الرعد آية 4.
(4) قال ابن الجزري: يسقي كما نصر ظعن.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 131. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 19. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 349.
(5) سورة الرعد آية 16.(2/89)
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يستوي» بالياء التحتية على التذكير، لأن تأنيث «الظلمات» غير حقيقي فجاز تذكير الفعل، مثل قوله تعالى: {فَمَنْ جََاءَهُ مَوْعِظَةٌ} (1).
وأيضا فانه يجوز أن يذهب ب «الظلمات» الى معنى المصدر فيكون بمعنى «الاظلام»، أو «الظلام» فيذكر الفعل حملا على ذلك.
وقيل أيضا: ان الجمع بالألف والتاء، يراد به «القلة» والعرب تذكر الجمع اذا قل عدده فذكر الفعل حملا على ذلك المعنى.
وقرأ الباقون «تستوي» بالتاء الفوقية على التأنيث، لأن «الظلمات» فاعل، فأنث الفعل تبعا لتأنيث اللفظ (2).
تنبيه «يستوي» من قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى ََ وَالْبَصِيرُ} (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالتذكير، اذ لا وجه لتأنيث الفعل.
«تتوفاهم» من قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (4).
من قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفََّاهُمُ الْمَلََائِكَةُ طَيِّبِينَ} (5).
قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «يتوفاهم» في الموضعين بالياء التحتية،
__________
(1) سورة البقرة آية 275.
(2) قال ابن الجزري: هل يستوي شفا صدر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 132. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 2019. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 350.
(3) سورة الرعد آية 16.
(4) سورة النحل آية 28.
(5) سورة النحل آية 32.(2/90)
على تذكير الفعل، و «الملائكة» فاعل وجاز تذكير الفعل على إرادة جمع الملائكة، ومنه قوله تعالى: {فَنََادَتْهُ الْمَلََائِكَةُ وَهُوَ قََائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرََابِ} (1) على قراءة «حمزة والكسائي، وخلف العاشر».
وقرأ الباقون «تتوفاهم» في الموضعين أيضا، بالتاء الفوقية على تأنيث الفعل، و «الملائكة» فاعل وأنث الفعل لأن لفظ «الملائكة» مؤنث، والمراد جماعة الملائكة.
ومنه قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلََائِكَةُ} (2).
«يتفيؤا» من قوله تعالى: أولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظلاله (3).
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «تتفيؤا» بتاء التأنيث، وذلك على تأنيث لفظ الجمع وهو «الظلال».
وقرأ الباقون «يتفيؤا» بياء التذكير، وذلك على تذكير معنى الجمع.
ولأن تأنيث الفاعل وهو «ظلال» غير حقيقي (4).
جاء في «تفسير الطبري» عن معنى هذه الآية:
«أو لم ير هؤلاء الذي مكروا السيئات، الى ما خلق الله من جسم قائم: شجر، أو جبل، أو غير ذلك يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل،
__________
(1) سورة آل عمران آية 39.
(2) قال ابن الجزري: ويتوفاهم معا فتي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 143. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 368. وحجة القراءات ص 388. سورة النحل 33.
(3) سورة النحل آية 48.
(4) قال ابن الجزري: ويتفيؤا سوى البصري.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 144. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 37. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 370.(2/91)
يقول: يرجع من موضع الى موضع فهو في أول النهار على حال، ثم يتقلص ثم يعود الى حال أخرى في آخر النهار» أهـ (1)
«تسبح» من قوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمََاوََاتُ السَّبْعُ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وشعبة وأبو جعفر، ورويس بخلف عنه» «يسبح» بياء التذكير.
وذلك للفصل بين الفعل، والفاعل، وهو «السموات» بالجار والمجرور.
ولأن تأنيث الفاعل غير حقيقي.
وقرأ الباقون «تسبح» بتاء التأنيث، وهو الوجه الثاني «لرويس» وذلك حملا على تأنيث الفاعل «السموات» (3).
«تكن» من قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (4)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يكن» بالياء التحتية على تذكير الفعل، لأنه فرق بين الفعل وفاعله المؤنث وهو «فئة» بالجار والمجرور، ولأن تأنيث «فئة» غير حقيقي.
__________
(1) انظر: تفسير الطبري ح 14ص 114.
(2) سورة الاسراء آية 44.
(3) قال ابن الجزري: يسبح صدا عم دعا.
وفيهما خلف رويس وقعا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 154. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 48. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 384.
(4) سورة الكهف آية 43.(2/92)
وقرأ الباقون «تكن» بالتاء الفوقية على تأنيث الفعل، وذلك على تأنيث لفظ الفاعل (1)
«ان تنفد» من قوله تعالى: {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمََاتُ رَبِّي} (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ينفد» بالياء التحتية، على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «تنفد» بالتاء الفوقية، على تأنيث الفعل.
وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه، لأن تأنيث الفاعل، وهو «كلمات» غير حقيقي (3).
«تكاد» من قوله تعالى: {تَكََادُ السَّمََاوََاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} (4).
ومن قوله تعالى: {تَكََادُ السَّمََاوََاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} (5).
قرأ «نافع، والكسائي»: «يكاد» في الموضعين بالياء على التذكير.
وقرأ الباقون «تكاد» في الموضعين بالتاء على التأنيث، وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه، لأن الفاعل مؤنث غير حقيقي (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: يكن شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 162. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 62. والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 400، 401.
(2) سورة الكهف آية 109.
(3) قال ابن الجزري: ورد فتى أن ينفد.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 172. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 81والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 412.
(4) سورة مريم آية 90.
(5) سورة الشورى آية 5.
(6) قال ابن الجزري: يكاد فيهما أب رنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 178. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 93. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 12.(2/93)
المعنى: لقد بلغ الكفار حد البشاعة والفظاعة، فنسبوا الود لله تعالى حيث قال اليهود: عزيز ابن الله، وقال النصارى: المسيح ابن الله، وكل ذلك قول باطل، وكذب مفتر، ما كان لله من ولد، وما كان معه من اله، ان هذا الكلام في غاية الهول والشناعة بحيث لو صورت شناعته، وهو له في صورة محسوسة لم تحتمله السموات والأرض فتنشق السماء، ويختل سير الأجرام، وتسقط الأرض مفتتة مهدمة. لأنهم نسبوا لله ما هو منزه عنه، وادعوا أن له ولدا، وما يليق بالرحمن أن يكون له ولد، لأن التوالد مستحيل على الله تعالى، لأنه {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص 3و 4] «يخيل» من قوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهََا تَسْعى ََ} (1).
قرأ «ابن ذكوان، وروح» «تخيل» بتاء التأنيث، على أن الفعل مسند الى ضمير يعود على «العصي والحبال» وهي مؤنثة، والمصدر المنسبك من «أنها تسعى» بدل اشتمال من ذلك الضمير.
وقرأ الباقون «يخيل» بياء التذكير، لأن التأنيث في العصي والحبال غير حقيقي، والمصدر المنسبك من «أنها تسعى» بدل اشتمال من الضمير.
ويجوز أن يكون الفعل مسندا الى المصدر المنسبك من «أنها تسعى» وهو مذكر، والتقدير: يخيل اليه سعيها (2).
__________
(1) سورة طه آية 66.
(2) قال ابن الجزري: يخيل التأنيث من شم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 183. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 21. ومشكل اعراب القرآن ح 2ص 71. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 101.(2/94)
«تأتهم» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مََا فِي الصُّحُفِ الْأُولى ََ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر وابن وردان» بخلف عنه «يأتهم» بياء التذكير.
وقرأ الباقون «تأتهم» بتاء التأنيث، وهو الوجه الثاني لابن وردان، وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه لأن الفاعل مؤنث غير حقيقي (2).
«لتحصنكم» من قوله تعالى: {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} (3).
قرأ «ابن عامر، وحفص، وأبو جعفر» «لتحصنكم» بالتاء على التأنيث، على أنه مضارع مسند الى ضمير الصنعة المفهوم من قوله تعالى: {وَعَلَّمْنََاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} وهي مؤنثة.
أو الى ضمير «اللبوس» وأنث الفعل لتأويل اللبوس بالدروع، وهي مؤنثة تأنيثا مجازيا.
واسناد الفعل الى الصنعة، أو اللبوس اسناد مجازي من اسناد الفعل الى سببه.
وقرأ «شعبة، ورويس» «لنحصنكم» بالنون، على أن الفعل مسند الى ضمير العظمة، مناسبة لقوله تعالى: {وَعَلَّمْنََاهُ} وهو اسناد حقيقي، لأن الفاعل الله تعالى.
وقرأ الباقون «ليحصنكم» بالياء من تحت، على أن الفعل مسند
__________
(1) سورة طه آية 133.
(2) قال ابن الجزري: يأتهم صحبة كهف خوف خلف دهم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 189. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 31.
(3) سورة الانبياء آية 80.(2/95)
الى ضمير «اللبوس» وهو اسناد مجازي، من اسناد الفعل الى سببه (1).
«ينال، يناله» من قوله تعالى: {لَنْ يَنََالَ اللََّهَ لُحُومُهََا وَلََا دِمََاؤُهََا وَلََكِنْ يَنََالُهُ التَّقْوى ََ مِنْكُمْ} (2).
قرأ «يعقوب» «تنال تناله» بتاء التأنيث فيهما.
وقرأ الباقون بياء التذكير فيهما، وجاز تأنيث الفعل وتذكيره لأن الفاعل جمع تكسير (3).
المعنى: الابل تهدى الى بيت الله الحرام، جعلها الله لكم من أعلام الدين التي شرعها المولى عز وجل لكم فيها نفع في الدنيا وأجر في الآخرة، واعلموا أنه لن يصل الى الله تعالى لحومها المتصدق بها، ولا دماؤها المراقة بنحرها، ولكن يصل اليه ويرفع اليه تقوى قلوبكم التي تدعوكم الى تعظيمه، والتقرب اليه.
«تشهد» من قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يشهد» بالياء التحتية على التذكير، لأن تأنيث الجمع وهو «ألسنتهم» غير حقيقي ولأن الواحد من «الألسنة» «لسان» وهو مذكر.
__________
(1) قال ابن الجزري: يحصن نون صف غنا أنث علن كفؤا ثنا النشر في القراءات العشر ح 3ص 192. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 112. والمهذب في القراءات العشر ح 3ص 38.
(2) سورة الحج آية 37.
(3) قال ابن الجزري: كلا ينال ظن أنث.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 199. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 49.
(4) سورة النور آية 24.(2/96)
وقرأ الباقون «تشهد» بالتاء الفوقية على التأنيث، وذلك تأنيث لفظ الجمع في «ألسنة».
وألسنة جمع «لسان» على لغة من ذكر، كحمار، وأحمرة، واذا جمع على لغة من أنثه قيل: «ألسن» (1).
«يجبى» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى ََ إِلَيْهِ ثَمَرََاتُ كُلِّ شَيْءٍ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ورويس» «تجبى» بتاء التأنيث.
وقرأ الباقون «يجبى» بياء التذكير، وجاز تأنيث الفعل وتذكيره، لأن الفاعل وهو «ثمرات» مؤنث غير حقيقي، ولأنه قد فرق بين المؤنث وفعله بالجار والمجرور، وهو «اليه» (3).
قال «ابن مالك»:
وانما تلزم فعل مضمر ... متصل أو مفهم ذات حر
وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف
«لا ينفع» من قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لََا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ} (4).
__________
(1) قال ابن الجزري: يشهد رد فتى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 212. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 72. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 135.
(2) سورة القصص آية 57.
(3) قال ابن الجزري: ويجبي أنثوا مدا غبي.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 235. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 116. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 175.
(4) سورة الروم آية 57.(2/97)
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا ينفع» بالياء التحتية، على تذكير الفعل.
وقرأ الباقون «لا تنفع» بالتاء الفوقية، على تأنيث الفعل، وجاز تذكير الفعل وتأنيثه، لأن الفاعل وهو «معذرتهم» مؤنث مجازي، ومع ذلك فهناك فاصل بين الفعل والفاعل (1).
تنبيه:
«نذهبن» من قوله تعالى: {فَإِمََّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} (2).
تقدم حكمه أثناء توجيه القراءات التي في قوله تعالى: {لََا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلََادِ} (3).
«وتعمل صالحا نؤتها» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلََّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صََالِحاً نُؤْتِهََا أَجْرَهََا مَرَّتَيْنِ} (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويعمل، يؤتها» بالياء فيهما، وتوجيه ذلك أنه حمل الفعل الأول وهو: «ويعمل» على تذكير لفظ «من» لأن لفظه مذكر، وحمل الفعل الثاني وهو «يؤتها» على الإخبار عن الله عز وجل لتقدم ذكره في قوله: «لله».
وقرأ الباقون «وتعمل» بتاء التأنيث، على اسناد الفعل لمعنى «من» وهن نساء النبي صلى الله عليه وآله، و «نؤتها» مسندا لضمير المتكلم المعظم نفسه
__________
(1) قال ابن الجزري: ينفع كفى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 244. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 186.
(2) سورة الروم آية 60.
(3) سورة آل عمران آية 196.
(4) سورة الأحزاب آية 31.(2/98)
وهو الله تعالى، وهو إخبار من الله سبحانه وتعالى عن نفسه باعطائهن الأجر مرتين (1).
«أن يكون» من قوله تعالى: {وَمََا كََانَ لِمُؤْمِنٍ وَلََا مُؤْمِنَةٍ إِذََا قَضَى اللََّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (2).
قرأ «هشام، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يكون» بياء التذكير، لأن الفاعل وهو «الخير» مؤنث غير حقيقي، ولأن الخيرة، والاختيار سواء، فحمل على المعنى، وللفصل بين الفعل، والفاعل بالجار والمجرور وهو «لهم».
وقرأ الباقون «تكون» بتاء التأنيث، لتأنيث لفظ الفاعل وهو «الخيرة» (3).
«لا يحل» من قوله تعالى: {لََا يَحِلُّ لَكَ النِّسََاءُ مِنْ بَعْدُ} (4).
قرأ «أبو عمرو ويعقوب» «لا تحل» بتاء التأنيث، لتأنيث الفاعل وهو «النساء» اذ المعنى مؤنث، على تقدير: جماعة النساء.
وقرأ الباقون «لا يحل» بياء التذكير، على معنى جمع النساء، وللتفريق بين الفعل والفاعل بالجار والمجرور وهو «لك» (5).
__________
(1) قال ابن الجزري: يعمل ويؤت اليا شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 251. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 145. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 196.
(2) سورة الأحزاب آية 36.
(3) قال ابن الجزري: ولي كفي يكون.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 251. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 146. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 198.
(4) سورة الأحزاب آية 52.
(5) قال ابن الجزري: يحل لا بصر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 252. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 148. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 199.(2/99)
«لا ينفع» من قوله تعالى: {يَوْمَ لََا يَنْفَعُ الظََّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} (1).
قرأ «نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا ينفع» بياء التذكير، وذلك للفصل بين الفعل والفاعل بالمفعول، وأيضا فان تأنيث الفاعل وهو «معذرة» (2).
«يغلي» من قوله تعالى: {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} (3).
قرأ «ابن كثير، وحفص، ورويس» «يغلي» بياء التذكير، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود الى قوله تعالى: {طَعََامُ الْأَثِيمِ}
[الآية 44].
وقرأ الباقون «تغلي» بتاء التأنيث، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على {شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} [الآية 43] (4) والمعنى في القراءتين واحد لأن «الشجرة» هي الطعام. والطعام هو الشجرة.
«لا يؤخذ» من قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لََا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ} (5).
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «لا تؤخذ» بتاء التأنيث.
وقرأ الباقون «لا يؤخذ» بياء التذكير.
__________
(1) سورة غافر آية 52.
(2) قال ابن الجزري: ينفع كفى وفي الطول فكوف نافع.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 286. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 200. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 245.
(3) سورة الدخان آية 45.
(4) قال ابن الجزري: يغلي دنا عند غرض.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 298.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 227. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 264.
(5) سورة الحديد الآية 15.(2/100)
وجاز تأنيث الفعل، وتذكيره، لكون الفاعل مؤنثا مجازيا، وهو «فدية» (1).
«ما يكون» من قوله تعالى: {مََا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ََ ثَلََاثَةٍ إِلََّا هُوَ رََابِعُهُمْ}. [المجادلة 7].
قرأ «أبو جعفر» «ما تكون» بتاء التأنيث.
وقرأ الباقون «ما يكون» بياء التذكير.
و «يكون» على القراءتين تامة، و «من» مزيد التأكيد، و «نجوى» فاعل «يكون» وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه لأن الفاعل مؤنث مجازيا (2).
قال «الشوكاني»: «والنجوى»: السرائر، يقال نجوى، أي ذو نجوى، وهو «مصدر».
والمعنى: ما يوجد من تناجي ثلاثة، أو من ذوي نجوى.
ويجوز أن تطلق «النجوى» على الأشخاص المتناجين، فعلى الوجه الأول انخفاض «ثلاثة» باضافة «نجوى» اليه، وعلى الوجهين الآخرين يكون انخفاضها على البدل من «نجوى» أو الصفة لها.
وقال «القراء»: «ثلاثة» نعت للنجوى فانخفضت، وان شئت أضفت «نجوى» اليها» أهـ (3).
__________
(1) قال ابن الجزري: يؤخذ أنث كم ثوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 327. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 274. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 309.
(2) قال ابن الجزري: يكون أنث ثق.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 329. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 278.
(3) انظر: تفسير الشوكاني ح 2ص 186.(2/101)
«لا تخفى» من قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لََا تَخْفى ََ مِنْكُمْ خََافِيَةٌ} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يخفى» بياء التذكير.
وقرأ الباقون «لا تخفى» بتاء التأنيث.
وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه، لأن تأنيث الفاعل وهو «خافية» غير حقيقي، ومفصول من الفعل (2).
«تعرج» من قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلََائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج 4] قرأ «الكسائي» «يعرج» بياء التذكير.
وقرأ الباقون «تعرج» بتاء التأنيث، أي تصعد وجاز تذكير الفعل، وتأنيثه، لأن الفاعل وهو «الملائكة» جمع تكسير (3).
«يمنى» من قوله تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ََ} (4).
قرأ «حفص، ويعقوب، وهشام» بخلف عنه «يمنى» بياء التذكير، والفاعل ضمير تقديره «هو» يعود على «مني».
وقرأ الباقون «تمنى» بتاء التأنيث، وهو الوجه الثاني «لهشام» والفاعل ضمير تقديره «هي» يعود على «نطفة» (5).
__________
(1) سورة الحاقة آية 18.
(2) قال ابن الجزري: لا يخفي شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 340. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 301. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 333.
(3) قال ابن الجزري: تعرج ذكر رم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 341. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 302. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 335.
(4) سورة القيامة آية 37.
(5) قال ابن الجزري: يمنى لدى الخلف ظهيرا عرفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 349. والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 314. والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 351.(2/102)
الباب الثامن «من بلاغة القرآن الكريم» «الالتفات»
لقد أدت طبيعة البحث أن يكون هذا الباب في فصلين يسبقهما تمهيد:
فالتمهيد: ضمنته عدة نقاط هامة لها صلة وثيقة بموضوع البحث.
وأما الفصل الأول فقد ضمنته قضيتين: أالالتفات من الغيبة الى الخطاب.
ب الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
وأما الفصل الثاني فقد ضمنته ثلاث قضايا:
أالالتفات من الغيبة الى التكلم.
ب الالتفات من التكلم الى الغيبة.
ج الالتفات من التكلم الى الخطاب.(2/103)
ج الالتفات من التكلم الى الخطاب.
تمهيد
سأتحدث في هذا التمهيد عن بعض النقاط الهامة التي لها صلة وثيقة بموضوع البحث مثل:
الالتفات عند علماء المعاني شروط الالتفات صور الالتفات فائدة الالتفات:
جاء في «لسان العرب»:
يقال: لفت وجهه عن القوم صرفه، ويقال: التفت التفاتا، والتفت:
أكثر منه.
ويقال: لفت فلانا عن رأيه: «صرفته عنه، ومنه الالتفات» أهـ (1).
والالتفات بالمعنى الاصطلاحي في عرف علماء المعاني:
هو نقل الكلام من أسلوب الى آخر، أعني من التكلم، أو الخطاب، أو الغيبة، الى واحد من هذه الصيغ، بعد التعبير بالأول، هذا هو المشهور.
وقال «السكاكي» ت 626هـ.
__________
(1) انظر: لسان العرب مادة «لفت» ح 2ص 34.(2/105)
هو التعبير عن المعنى بطريق مخالف لمقتضى الظاهر من الطرق الثلاثة المتقدمة، سواء سبقه تعبير آخر بطريق أخرى من هذا الطرق، أو لا، كما في قول الشاعر:
«الهي عبدك العاصي أتاكا» فهذا التفات عند «السكاكي» لأنه تعبير عن المعنى بما يخالف مقتضى الظاهر، اذ مقتضاه أن يعبر بضمير التكلم لأن المقام له فيقال: «أنا العاصي» فالتعبير بالاسم الظاهر هنا مخالف لما يقتضيه ظاهرا المقام ولا يعتبر التفاتا عند الجمهور لعدم وجود تعبير سابق عليه كما هو الشرط عندهم.
فالالتفات عند الجمهور حينئذ أخص منه عند «السكاكي».
فكل التفات عند الجمهور التفات عند «السكاكي» ولا عكس.
وشرط الالتفات أمران:
الأول: أن يكون الضمير في المنتقل اليه عائدا في نفس الأمر الى المنتقل عنه، والا يلزم عليه أن يكون في نحو:
«أنت صديقي» التفات.
الثاني: أن يكون في جملتين، صرح به صاحب الكشاف، وغيره، والا يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا.
وللالتفات فوائد
منها: تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر، والملال، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات، والسآمة من الاستمرار على منوال واحد، وهذه فائدته العامة. ويختص كل موضع بنكت ولطائف باختلاف محله.
والالتفات بما تعارف عليه البلغاء موجود في «القرآن الكريم» والحديث النبوي الشريف، والأدب العربي: شعره، ونثره.
والالتفات عند البلاغيين ستة أقسام:(2/106)
والالتفات بما تعارف عليه البلغاء موجود في «القرآن الكريم» والحديث النبوي الشريف، والأدب العربي: شعره، ونثره.
والالتفات عند البلاغيين ستة أقسام:
الأول: الالتفات من الغيبة الى الخطاب، مثل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} الى قوله تعالى: {إِيََّاكَ نَعْبُدُ وَإِيََّاكَ نَسْتَعِينُ} (1).
فالتفت من الغيبة الى الخطاب، والنكتة فيه:
أن العبد اذا ذكر الله تعالى وحده، ثم ذكر صفاته التي تبعث كل صفة منها على شدة الاقبال، وآخرها: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء يجد من نفسه حاملا لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة في المهمات.
الثاني: الالتفات من الخطاب الى الغيبة، مثل قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} (2) والأصل: «وجرين بكم» ولكنه التفت من الخطاب الى الغيبة لحكاية حالهم لغيرهم، والتعجب من كفرهم، وفعلهم، واستدعاء الانكار منهم عليه، فلو استمر على خطابهم لفاتت هذه الفائدة.
الثالث: الالتفات من الغيبة الى التكلم، مثل قوله تعالى: {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً فَسُقْنََاهُ إِلى ََ بَلَدٍ مَيِّتٍ} (3) اذا الأصل «فساقه».
__________
(1) سورة الفاتحة آية 51.
(2) سورة يونس آية 22.
(3) سورة فاطر آية 9.(2/107)
قال الزمخشري» ت 358هـ: (1).
وفائدة الالتفات في هذه الآية، وأمثالها، التنبيه على التخصيص بالقدرة، وأنه لا يدخل تحت قدرة أحد» أهـ (2).
الرابع: الالتفات من التكلم الى الغيبة، كقوله تعالى: {قُلْ يََا أَيُّهَا النََّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللََّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} (3)
والأصل: «فامنوا بالله وبي» فعدل عن ذلك لنكتتين:
1 - دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها.
2 - تنبيههم على استحقاقه، لاتباع بما اتصف به من الصفات المذكورة، من النبوة، والأمية التي هي أكبر دليل على صدقه، وأنه لا يستحق الاتباع لذاته، بل لهذه الخصائص.
الخامس: الالتفات من التكلم الى الخطاب، ووجهه حث السامع، وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه، وأعطاه فضل عناية تخصيص بالمواجهة، مثل قوله تعالى: {وَمََا لِيَ لََا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (4).
__________
(1) هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، الزمخشري، جار الله مفسر، محدث، متكلم نحوي، لغوي، بياني، أديب، ناظم، ناثر، مشارك في عدة علوم، ولد في زمخشر من قرى خوارزم، ثم رحل الى مكة فجاور بها، فسمي جار الله له عدة مصنفات منها: المفصل في صنعة الأعراب، والفائق في غريب الحديث، والكشاف عن حقائق التنزيل، توفي «بحرجانية خوارزم سنة 538هـ 1144م».
انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ح 13ص 186.
(2) انظر: الاتقان للسيوطي ح 3ص 256.
(3) سورة الاعراف آية 158.
(4) سورة يس آية 22.(2/108)
والأصل: «واليه أرجع» فالتفت من التكلم الى الخطاب، ونكتته انه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه، وهو يريد نصح قومه تلطفا، واعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه ثم التفت اليهم لكونه في مقام تخويفهم، ودعوتهم الى الله تعالى.
السادس: الالتفات من الخطاب الى التكلم.
وهذا القسم ليس له شاهد من القرآن الكريم.
ومثله من الشعر قول: «علقمة بن عبدة» ت 20قبل الهجرة (1).
طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب (2)
تكلفني ليلى وقد شط وليها ... وعادت عواد بيننا وخطوب (3)
الأصل أن يقول «تكلفك» لكنه التفت من الخطاب في «طحا بك» الى التكلم في «تكلفني».
__________
(1) هو: علقمة بن عبدة بن النعمان بن ناشرة بن قيس، شاعر جاهلي، من بني تميم، من فحول الشعراء كان معاصرا «لأمرى القيس بن حجر» وله معه مساجلات:
من آثاره ديوان شعره، توفي سنة 20قبل الهجرة: لسنة 603م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 6ص 294.
(2) طحا بك: ذهب بك
(3) شط وليها: بعد قربها وعهدها.(2/109)
الفصل الأول من الباب الثامن «الالتفات»
سأتحدث في هذا الفصل عن قضيتين:
الأولى: الالتفات من الغيبة الى الخطاب.
والثانية: الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
القضية الأولى
أما عن القضية الأولى، فقد تتبعت القراءات واقتبست منها الأساليب البلاغية التي ترجع الى الالتفات من الغيبة الى الخطاب، وهي فيما يلي:
«يعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ بَصِيرٌ بِمََا يَعْمَلُونَ} (1)
قرأ «يعقوب» «تعملون» بتاء الخطاب (2).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، لأن سياق الآية وهو قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمََا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} يقتضي الغيبة، فيقال:
__________
(1) سورة البقرة آية 96.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 412.(2/110)
«يعلمون» ولكن التفت الى الخطاب ليكون أعم، وأشمل ولولا الالتفات لفات قوله المعنى.
«يعملون» من قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا يَعْمَلُونَ} (1).
قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وروح» «يعملون» بالخطاب (2) على الالتفات من الغيبة الى الخطاب لأن سياق الآية وهو قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} يقتضي الغيبة فيقال: «يعملون» ولكن التفت الى الخطاب ليكون الكلام أوقع في النفس ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى النبيل.
«يبغون» من قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللََّهِ يَبْغُونَ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تبغون» بتاء الخطاب (4) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية المتقدمة على هذه الآية وهو قوله تعالى: {فَمَنْ تَوَلََّى بَعْدَ ذََلِكَ فَأُولََئِكَ هُمُ الْفََاسِقُونَ} (5)
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية ومعنى لطيف وهو الاهتمام بشأن المخالفين فوجه الاستفهام الانكاري اليهم كي لا يفكر أحد منهم في شرك الدين الاسلامي الذي هو دين الهداية، ودين الفطرة، الى غيره من سائر الأديان التي لا سند لها ولا دليل عليها فهي كلها أديان باطلة حيث لم يشرعها الله تعالى.
__________
(1) سورة البقرة آية 144.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 420.
(3) سورة آل عمران آية 83.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 10.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 109. وحجة القراءات لابن زنجلة ص 170.
(5) سورة آل عمران آية 82.(2/111)
«يفعلوا، يكفروه» من قوله تعالى: {وَمََا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو بخلف عن الدوري، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «تفعلوا، تكفروه» بتاء الخطاب فيهما (2) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآيات المتقدمة على هذه الآية وهو قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ أُمَّةٌ قََائِمَةٌ يَتْلُونَ آيََاتِ اللََّهِ آنََاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسََارِعُونَ فِي الْخَيْرََاتِ} (3) يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي الاهتمام بشأن المخاطبين حيث أخبرهم الله تعالى بأن ما يفعلونه من خير فلن يحرموا ثوابه.
«تعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (4).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تعملون» بتاء الخطاب (5).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية وهو قوله تعالى: {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمََا آتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي الاهتمام بشأن المخاطبين أكثر من الغائبين.
__________
(1) سورة آل عمران آية 115.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 11.
(3) سورة آل عمران آية 114113.
(4) سورة آل عمران آية 180.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 19.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1ص 128.(2/112)
«ولا تظلمون» من قوله تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى ََ وَلََا تُظْلَمُونَ} (1).
قرأ «نافع، وأبو عمر، وابن عامر، ويعقوب بخلف» عن «روح» «ولا تظلمون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية، وهو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ فَلَمََّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتََالُ إِذََا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النََّاسَ كَخَشْيَةِ اللََّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}
يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي الاهتمام بشأن المخاطبين أكثر من الغائبين.
«أنجانا» من قوله تعالى: {لَئِنْ أَنْجََانََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمر، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «أنجيتنا» بياء تحتية ساكنة بعد الجيم، وبعدها تاء فوقية مفتوحة، على الخطاب (4).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن صدر الآية وهو قوله تعالى: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب حكاية لدعائهم.
__________
(1) سورة النساء آية 77.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 32.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 393.
(3) سورة الانعام آية 63.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 54.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 211.(2/113)
وفي قوله تعالى: {تَجْعَلُونَهُ قَرََاطِيسَ تُبْدُونَهََا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} (1).
قرأ «القراء العشرة» عدا «ابن كثير، وأبا عمرو» بتاء الخطاب في الأفعال الثلاثة: «تجعلونه، تبدونها، وتخفون» (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن صدر الآية وهو قوله تعالى: {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الخ.
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، اهتماما بشأن المخاطبين.
«أن تقولوا» من قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيََامَةِ إِنََّا كُنََّا عَنْ هََذََا غََافِلِينَ} (3).
«أو تقولوا» من قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمََا أَشْرَكَ آبََاؤُنََا مِنْ قَبْلُ} (4).
قرأ «القراء العشرة» عدا «أبا عمرو» «أن تقولوا أو تقولوا» بتاء الخطاب فيهما (5).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية الأولى وهو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي تقريع المخاطبين، وتوبيخهم على كفرهم.
__________
(1) سورة الانعام آية 91.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 56.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1ص 440.
(3) سورة الاعراف آية 172.
(4) سورة الاعراف آية 173.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ص 84.
والمهذب في القراءات العشر ح 1ص 258.(2/114)
«ما تمكرون» من قوله تعالى: {إِنَّ رُسُلَنََا يَكْتُبُونَ مََا تَمْكُرُونَ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «روح» «ما تمكرون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية وهو قوله تعالى: {وَإِذََا أَذَقْنَا النََّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرََّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذََا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيََاتِنََا} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي تقريع المخاطبين وتوبيخهم على مكرهم.
«ألا تتخذوا» من قوله تعالى: {أَلََّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} (3).
قرأ القراء العشرة عدا «أبا عمر» «ألا تتخذوا» بتاء الخطاب. (4)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية وهو قوله تعالى: {وَآتَيْنََا مُوسَى الْكِتََابَ وَجَعَلْنََاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرََائِيلَ}
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي نهي المخاطبين عن اتخاذ وكيل، أو معين، من دون الله تعالى و «أن» مفسرة بمعنى «أي» و «لا» ناهية.
والمعنى: وقلنا لهم: لا تتخذوا وكيلا من دوني.
«فلا يسرف» من قوله تعالى: {فَلََا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (5).
__________
(1) سورة يونس آية 21.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 104.
(3) سورة الاسراء آية 2.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 148.
(5) سورة الاسراء آية 33.(2/115)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فلا تسرف» بتاء الخطاب (1).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية، وهو قوله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنََا لِوَلِيِّهِ سُلْطََاناً} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية والمخاطب هو «الولي» على معنى:
لا تقتل آيها الولي غير قاتل وليك.
«تخفون، تعلنون» من قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مََا تُخْفُونَ وَمََا تُعْلِنُونَ} (2)
قرأ «حفص، والكسائي» «تخفون» بتاء الخطاب فيهما (3)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطََانُ أَعْمََالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لََا يَهْتَدُونَ} (4)
تقتضي الغيبة ليصير آخر الكلام كأوله ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي اعلام المخاطبين بأن الله تعالى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وبناء عليه يجب على كل انسان أن يخشى الله ويتقيه.
«يدعون» من قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَعْلَمُ مََا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} (5).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 152.
(2) سورة النمل آية 25.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 227.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 100.
(4) سورة النمل آية 24.
(5) سورة العنكبوت آية 42.(2/116)
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تدعون» بتاء الخطاب (1).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن سياق الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللََّهِ أَوْلِيََاءَ} (2).
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، لأن المخاطبين المشركون وحسن ذلك: لأن في الكلام معنى التهديد، والوعيد، والتوبيخ لهم، وذلك أبلغ في الوعظ، والزجر.
«ترجعون» من قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنََا تُرْجَعُونَ} (3).
قرأ القراء العشرة عدا «شعبة» «ترجعون» بتاء الخطاب (4). وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية:
{كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي اشعار المخاطبين بأن مردهم الى الله تعالى وهذا يقتضي الايمان بالله رب العالمين، والاستعداد لليوم الآخر.
«ترجعون» من قوله تعالى: {اللََّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (5).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو، وشعبة وروح» «ترجعون» بتاء الخطاب. (6)
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 239.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 179.
(2) سورة العنكبوت آية 41.
(3) سورة العنكبوت آية 57.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 239.
(5) سورة الروم آية 11.
(6) انظر النشر في القراءات العشر ح 3ص 241.(2/117)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية:
{اللََّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لاعلام المخاطبين بأن مصيرهم الى الله تعالى.
«تعملون» من قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ كََانَ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (1).
ومن قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} (2).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو» «تعملون» بتاء الخطاب فيهما (3).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى: {وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ} (4).
يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب كي يدخل الجميع في المخاطبة.
«توعدون» من قوله تعالى: {هََذََا مََا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسََابِ} (5).
قرأ القراء العشرة عدا «ابن كثير، وأبي عمرو» «توعدون» بتاء الخطاب (6).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث أن السياق المتقدم في قوله تعالى: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} (7). يقتضي الغيبة، ولكنه
__________
(1) سورة الأحزاب آية 2.
(2) سورة الأحزاب آية 9.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 248.
(4) سورة الأحزاب آية 1.
(5) سورة ص آية 53.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 277.
(7) سورة ص آية 49.(2/118)
التفت الى الخطاب، لأن المقصود بالخطاب المتقون، والخطاب فيه بشارة عظيمة لهم، وادخال السرور عليهم.
«يدعون» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لََا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} (1).
قرأ «نافع، وهشام، وابن ذكوان» بخلف عنه «تدعون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية المتقدم من قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بََارِزُونَ لََا يَخْفى ََ عَلَى اللََّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} (3). يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لتوبيخ الذين اتخذوا آلهة من دون الله، والخطاب أبلغ في توبيخهم، وزجرهم.
«منهم» من قوله تعالى: {كََانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} (4).
قرأ «ابن عامر» «منكم» بكاف الخطاب موضع الهاء (5).
موافقة لرسم مصحف أهل الشام، وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} الخ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لتقرير المخاطبين، وتخويفهم من غضب الله تعالى ومقته، لأن بطش الله شديد.
«تفعلون» من قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مََا تَفْعَلُونَ} (6).
__________
(1) سورة غافر آية 20.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 283.
(3) سورة غافر آية 6.
(4) سورة غافر آية 21.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 284.
(6) سورة الشورى آية 25.(2/119)
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ورويس» بخلف عنه «تفعلون» بتاء الخطاب (1).
وذلك الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ} يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب ليشعر المخاطبين بأنه عالم بكل ما يفعلونه وهذا يقتضي طاعة الله تعالى، والتزام أوامره واجتناب نواهيه والاخلاص في العمل «ترجعون» من قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السََّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (2)
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم وأبو جعفر، وروح» «ترجعون» بتاء الخطاب (3)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} (4)
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب ليعلم المخاطبين بأن مردهم الى الله تعالى والخطاب أبلغ في الردع والزجر.
«يعلمون» من قوله تعالى: {وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (5)
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «تعلمون» بتاء الخطاب (6)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية:
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 290.
(2) سورة الزخرف آية 85.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 197.
(4) سورة الزخرف آية 83.
(5) سورة الزخرف آية 89.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 297.(2/120)
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب تهديدا للمخاطبين والخطاب ألزم للزجر من الغيبة.
«ما توعدون» من قوله تعالى: {هََذََا مََا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوََّابٍ حَفِيظٍ} (1)
قرأ القراء العشرة عدا «ابن كثير» «ما توعدون» بتاء الخطاب (2) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية التي قبل وهي قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} (3)
يقتضي الغيبة، فيقال: ما يوعدون، ولكن التفت الى الخطاب على معنى: قل يا «محمد» للمتقين: هذا ما توعدون.
«يؤمنون» من قوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللََّهِ وَآيََاتِهِ يُؤْمِنُونَ} (4)
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، ورويس، وخلف العاشر» «تؤمنون» بتاء الخطاب (5)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن السياق من قبل وهو قوله تعالى: {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (6) {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (7)
يقتضي الغيبة، ولكن التفت الى الخطاب لأنه ألزم في الانكار من الغيبة.
__________
(1) سورة ق آية 32.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 312.
(3) سورة ق آية 31.
(4) سورة الجاثية آية 6.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 300.
(6) سورة الجاثية آية 4.
(7) سورة الجاثية آية 5.(2/121)
«سيعلمون» من قوله تعالى: {سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذََّابُ الْأَشِرُ} (1).
قرأ «ابن عامر، وحمزة» «ستعلمون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث أن سياق الآية التي قبل وهي قوله تعالى: {فَقََالُوا أَبَشَراً مِنََّا وََاحِداً نَتَّبِعُهُ} الخ (3)
على معنى: «قل لهم يا محمد» ستعلمون غدا من الكذاب الأشر.
«ولا يكونوا» من قوله تعالى: {وَلََا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلُ} (4).
قرأ «رويس» «ولا تكونوا» بتاء الخطاب (5).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللََّهِ} يقتضي الغيبة، فيقال: «ولا يكونوا» ولكن التفت الى الخطاب لأنه أبلغ في النهي من الغيبة، والمخاطب المؤمنون وهم حضور.
«وما يذكرون» من قوله تعالى: {وَمََا يَذْكُرُونَ إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} (6).
__________
(1) سورة القمر آية 26.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 319.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 265.
(3) سورة القمر آية 24.
(4) سورة الحديد آية 16.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 275.
(6) سورة المدثر آية 56.(2/122)
قرأ «نافع» «وما تذكرون» بتاء الخطاب (1).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن سياق الآية من قبل وهي قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ لََا يَخََافُونَ الْآخِرَةَ} (2).
يقتضي الغيبة فيقال: «وما يذكرون» ولكن التفت الى الخطاب لارادة الحاضرين.
«تحبون» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعََاجِلَةَ} (3).
«وتذرون» من قوله تعالى: {وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} (4).
قرأ «نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تحبون، وتذرون» بتاء الخطاب فيهما (5).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآيات من قبل في قوله تعالى: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسََانُ يَوْمَئِذٍ بِمََا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (6)
والانسان وان كان لفظه مفردا الا أن المراد به الجمع لأنه اسم جنس هذا السياق يقتضي الغيبة فيقال: «يحبون، ويذرون» ولكن التفت الى الخطاب على معنى: قل لهم «يا محمد»: بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة.
«وما تشاءون» من قوله تعالى: {وَمََا تَشََاؤُنَ إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} (7).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 348.
(2) سورة المدثر آية 56.
(3) سورة القيامة آية 20.
(4) سورة القيامة آية 21.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 349.
(6) سورة القيامة آية 23.
(7) سورة الانسان آية 30.(2/123)
قرأ «نافع، وابن عامر بخلف عنه، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر» «وما تشاءون» بتاء الخطاب (1).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان السياق من قبل في قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنََاهُمْ وَشَدَدْنََا أَسْرَهُمْ} (2).
يقتضي الغيبة فيقال: «وما يشاءون» ولكن التفت الى الخطاب لارادة الحاضرين.
«تؤثرون» من قوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيََاةَ الدُّنْيََا} (3).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو» «تؤثرون» بتاء الخطاب (4)
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان السياق من قبل في قوله تعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} (5) والأشقى اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
يقتضي الغيبة فيقال: «يؤثرون» ولكن التفت الى الخطاب، لأنه خاص بالذين جبلوا على حب الدنيا.
القضية الثانية:
«الالتفات من الخطاب الى الغيبة» لقد تتبعت القراءات التي ورد فيها الالتفات من «الخطاب الى الغيبة» فوجدتها فيما يلي:
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 353.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2ص 356.
(2) سورة الانسان آية 28.
(3) سورة الاعلى آية 16.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 362.
(5) سورة الأعلى آية 11(2/124)
«تعملون» من قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهََا لَمََا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللََّهِ وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (1).
قرأ «ابن كثير» «يعملون» بياء الغيبة (2) على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، اذا ان سياق الآية:
وهو قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ}.
يقتضي الخطاب فيقال: «تعملون» ولكن التفت الى الغيبة، إعراضا عن خطاب هؤلاء الذين قست قلوبهم، وتحقيرا لشأنهم، واشعارا بأنهم في حالة من البعد عن أهلية خطاب الله تعالى لهم.
«يدعون» من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ لََا يَخْلُقُونَ شَيْئاً} (3).
قرأ «عاصم، ويعقوب» «يدعون» بياء الغيبة (4).
على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، اذ ان سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {وَاللََّهُ يَعْلَمُ مََا تُسِرُّونَ وَمََا تُعْلِنُونَ} (5).
يقتضي الخطاب فيقال: «تدعون» ولكن التفت الى الغيبة إعراضا عن خطاب هؤلاء المشركين، وإشعارا بأنهم لا يستحقون خطاب الله عز وجل.
«يروا» من قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرََاتٍ فِي جَوِّ السَّمََاءِ} (6).
__________
(1) سورة البقرة آية 74.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2ص 408.
(3) سورة النحل آية 20.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 142.
(5) سورة النحل آية 19.
(6) سورة النحل آية 79.(2/125)
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يروا» بياء الغيبة (1).
على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، إذ إن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {وَاللََّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهََاتِكُمْ لََا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصََارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2).
يقتضي الخطاب فيقال: «تروا» ولكن التفت الى الغيبة، لحكاية حال السابقين الى الحاضرين، والتعجب من كفرهم، وعدم تفكرهم في مخلوقات الله تعالى، والاستدلال بها على أنه هو الموجد لكل شيء وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره، ولو ظل الأسلوب القرآني على الخطاب لفاتت هذه الفائدة البلاغية.
«تغرق» من قوله تعالى: {قََالَ أَخَرَقْتَهََا لِتُغْرِقَ أَهْلَهََا} (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليغرق» بفتح الياء المثناة ممن تحت، وفتح الراء، على الغيب، مضارع «غرق» الثلاثي و «أهلها» بالرفع فاعل «يغرق» (4).
وذلك على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، إذ إن سياق الآية {قََالَ أَخَرَقْتَهََا} يقتضي الخطاب فيقال: «لتغرق» ولكن التفت الى الغيبة ليسند «موسى» عليه السلام الغرق الى أهل السفينة ولم يسنده الى «الخضر» تأدبا معه، ولو ظل الأسلوب القرآني على الخطاب لفاتت هذه الفائدة.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 146.
(2) سورة النحل آية 78.
(3) سورة الكهف آية 71.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 166.(2/126)
«تصفون» من قوله تعالى: {وَرَبُّنَا الرَّحْمََنُ الْمُسْتَعََانُ عَلى ََ مََا تَصِفُونَ} (1).
قرأ «ابن ذكوان» بخلف عنه «يصفون» بياء الغيبة (2).
على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، إذ إن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتََاعٌ إِلى ََ حِينٍ} (3).
يقتضي الخطاب فيقال: «تصفون» ولكن التفت الى الغيبة لأن المعنى المقصود من قوله تعالى: {وَرَبُّنَا الرَّحْمََنُ الْمُسْتَعََانُ عَلى ََ مََا تَصِفُونَ} أي ما يصف هؤلاء الكفار الجاحدين لنبوة نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام، فالغيبة ألزم بهذا المعنى من الخطاب، ولو سار الأسلوب القرآني على الخطاب لفات هذا المعنى.
«تدعون» من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبََاباً} (4).
قرأ «يعقوب» «يدعون» بياء الغيبة (5). على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، اذ ان سياق الآية:
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} يقتضي الخطاب فيقال:
«تدعون» ولكن التفت الى الغيبة، لأن لفظ «الناس» عام يشمل المشركين، والموحدين، والمراد تقريع المشركين فقط دون الموحدين، لاتخاذهم آلهة من دون الله، والغيبة ألزم بهذا المعنى، ولو سار الأسلوب القرآني على الخطاب لفاتت هذه الفائدة العظيمة.
__________
(1) سورة الانبياء آية 112.
(2) النشر في القراءات العشر ح 3ص 195.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 43.
(3) سورة الأنبياء آية 111.
(4) سورة الحج آية 73.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 202.(2/127)
«تعقلون» من قوله تعالى: {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (1).
قرأ «أبو عمرو» بخلف عن «السوسي» «يعقلون» بياء الغيب (2).
على الالتفات من الخطابة الى الغيبة، اذ أن سياق الآية: {وَمََا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتََاعُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} يقتضي الخطاب فيقال:
{تَعْقِلُونَ} ولكن التفت الى الغيبة لأن الاستفهام الانكاري المستفاد من قوله تعالى: أفلا يعقلون موجه الى الجاحدين وهم غيب عن ساحة الحضور، فكانت الغيبة ألزم بهذا المعنى، ولو سار الأسلوب القرآني على الخطاب لفات هذا المعنى.
«بما تعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} (3).
قرأ «شعبة» «يعملون» بياء الغيبة (4).
على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مََا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} (5).
يقتضي الخطاب فيقال: «تعملون» ولكن التفت الى الغيبة إشارة الى موقف المنافقين الذين تحدثت عنه السورة من أولها، وبخاصة تهكمهم وقولهم:
__________
(1) سورة القصص آية 60.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 235.
(3) سورة المنافقون آية 11.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3ص 335.
(5) سورة المنافقون آية 10.(2/128)
{لَئِنْ رَجَعْنََا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (1) والمنافقون غيب عن ساحة الخطاب، لأن سياق الآيات من قوله تعالى {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُلْهِكُمْ أَمْوََالُكُمْ} الى {وَاللََّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} خاص بالمؤمنين، ولو سار الأسلوب القرآني على الخطاب وقال: {وَاللََّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} لفات المعنى المراد.
__________
(1) سورة المنافقون آية 8.(2/129)
الفصل الثاني من الباب الثامن «الالتفات»
سأتحدث في هذا الفصل عن ثلاث قضايا:
الأولى: الالتفات من الغيبة الى التكلم.
الثانية: الالتفات من التكلم الى الغيبة.
الثالثة: الالتفات من التكلم الى الخطاب.
«القضية الأولى»
أما عن «القضية الأولى» فقد تتبعت القراءات واقتبست منها الأساليب البلاغية التي ترجع الى الالتفات من الغيبة الى التكلم وهي فيما يلي:
«لا نفرق» من قوله تعالى: {لََا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «يعقوب» «لا نفرق» بالنون (2).
__________
(1) سورة البقرة آية 258.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 447.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 95.(2/130)
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قوله تعالى:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} يقتضي الغيبة، فيقال: «لا يفرق» أي الرسول عليه الصلاة والسلام ولكن التفت الى التكلم ليكون الفاعل جمعا فيشمل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وحينئذ يكون المعنى: كل من الرسول، والمؤمنون يقول: {لََا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى.
«ويعلمه» من قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ} (1).
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر».
«ونعلمه» بنون العظمة (2).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل وهو قوله تعالى: {إِذََا قَضى ََ أَمْراً فَإِنَّمََا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (3).
يقتضي الغيبة فيقال: «ويعلمه» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيعلم «عيسى ابن مريم» عليهما السلام الكتاب، والحكمة، ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«نؤتيه» من قوله تعالى: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (4).
__________
(1) سورة آل عمران آية 48.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 7.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 163.
(3) سورة آل عمران آية 47.
(4) سورة النساء آية 114.(2/131)
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» «نؤتيه» بنون العظمة (1).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية وهو قوله تعالى:
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} يقتضي الغيبة فيقال: «فسوف يؤتيه» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيمنح الآمرين بالمعروف والمصلحين بين الناس ابتغاء مرضاة الله أجرا عظيما، ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«يؤتيهم» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} (2).
قرأ القراء العشرة عدا «حفص» «نؤتيهم» بنون العظمة (3).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية وهو قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} يقتضي الغيبة فيقال: «أولئك سوف يؤتيهم» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيكافئ الذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد من رسله بالأجر العظيم يوم القيامة وهو جنات النعيم ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«سنؤتيهم» من قوله تعالى: {أُولََئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} (4).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 1ص 170.
(2) سورة النساء آية 152.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 37.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 401.
(4) سورة النساء آية 162.(2/132)
قرأ القراء العشرة عدا «حمزة، وخلف العاشر» «سنؤتيهم» بنون العظمة (1).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية وهو قوله تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يقتضي الغيبة فيقال: {أُولََئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيكافئ المؤمنين بالله واليوم الآخر العظيم يوم القيامة وهو النعيم المقيم الذي لا ينتهي أبدا.
ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«نحشرهم نقول» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ} (2).
قرأ القراء العشرة عدا «يعقوب» «نحشرهم، نقول» بنون العظمة فيهما (3).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ كَذِباً} (4)
يقتضي الغيبة فيقال: «ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول» أي الله تعالى ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيعاقب المفترين الكذب على الله تعالى، والمكذبين بآياته، والمشركين به، بالعذاب الأليم يوم القيامة، ويفضحهم على رءوس
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 38.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 176.
(2) سورة الانعام آية 22.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 48.
(4) سورة الانعام آية 21.(2/133)
الخلائق ويقول توبيخا لهم وانكارا عليهم: «أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون».
ولو ظل الأسلوب على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ويذرهم» من قوله تعالى: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيََانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (1)
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «ونذرهم» بنون العظمة ورفع الراء (2)
فالرفع على الاستئناف وقراءة النون على الالتفات من الغيبة الى التكلم لأن سياق الآية وهو قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللََّهُ فَلََا هََادِيَ لَهُ} يقتضي الغيبة فيقال: «ويذرهم» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه سيترك المضلين يتخبطون في طغيانهم، ولن يشرح صدورهم للايمان وصدق الله حيث قال: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمََا يَصَّعَّدُ فِي السَّمََاءِ} (3).
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«يفصل» من قوله تعالى: {يُفَصِّلُ الْآيََاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (4).
قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «نفصل» بنون العظمة (5).
__________
(1) سورة الاعراف آية 186.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 84.
(3) سورة الانعام آية 125.
(4) سورة يونس آية 5.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 103.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 328.(2/134)
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية في قوله تعالى:
{مََا خَلَقَ اللََّهُ ذََلِكَ إِلََّا بِالْحَقِّ} يقتضي الغيبة فيقال: «يفصل» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه وحده هو الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وقدره منازل لمعرفة عدد السنين والحساب، وأنه يوضح هذه الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته لقوم يعلمون ذلك معرفة حقيقية، فيستدلون بهذه الآيات على وجود الله تعالى، وعلى أنه لا ينبغي أن يعبد غيره.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«نرفع، نشاء» من قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «يعقوب» «نرفع، نشاء» بنون العظمة فيهما (2).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية في قوله تعالى: {مََا كََانَ لِيَأْخُذَ أَخََاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلََّا أَنْ يَشََاءَ اللََّهُ} يقتضي الغيبة فيقال: «يرفع درجات من يشاء» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأن مقاليد جميع الأمور بيده، فهو الذي يعز من يشاء، وهو الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى.
«ونفضل» من قوله تعالى: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهََا عَلى ََ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} (3).
__________
(1) سورة يوسف آية 76.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 128.
(3) سورة الرعد آية 4.(2/135)
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب» «ونفضل» بنون الغيبة (1).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا} (2).
يقتضي الغيبة فيقال: «ويفضل» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه هو وحده الذي رفع السموات بغير عمد، وهو الذي سخر الشمس والقمر كلّ يجري لأجل مسمى، وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا، وأنه هو الذي خلق جنات معروشات وغير معروشات، وفضل بعضها على بعض في الأكل في حالة أنها تسقى بماء واحد.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ينبت» من قوله تعالى: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ} (3).
قرأ «شعبة» «ننبت» بنون العظمة (4).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرََابٌ} (5).
يقتضي الغيبة فيقال: «ينبت» أي الله تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه بأنه هو الذين أنزل الماء من السماء، ليشرب منه الخلائق، ويكون سببا في حياة بني الانسان،
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 131.
(2) سورة الرعد آية 2.
(3) سورة النحل آية 11.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 141.
(5) سورة النحل آية 10.(2/136)
والأشجار، بل حياة سائر المخلوقات، وصدق اللََّه حيث قال: {وَجَعَلْنََا «مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (1) ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ولنجزين» من قوله تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ} (2).
قرأ «ابن كثير، وعاصم، وأبو جعفر، وابن عامر بخلف عنه» «ولنجزين» بنون العظمة (3).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {مََا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمََا عِنْدَ اللََّهِ بََاقٍ} يقتضي الغيبة فيقال: «وليجزين» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه سيجزي الذين يصبون على أداء الأوامر التي أمرهم اللََّه بها، وعلى اجتناب النواهي التي نهاهم اللََّه عنها، والذين يصبرون على ما يصيبهم في دنياهم بالثواب يوم القيامة. ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ان يخسف، أو يرسل، أن يعيدكم، فيرسل، فيغرقكم» من قوله تعالى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جََانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حََاصِباً ثُمَّ لََا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا. أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تََارَةً أُخْرى ََ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قََاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمََا كَفَرْتُمْ} (4).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» بنون العظمة في الأفعال الخمسة (5).
__________
(1) سورة الأنبياء آية 30.
(2) سورة النحل آية 96.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 146.
(4) سورة الاسراء آية 6968.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 154.(2/137)
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {وَإِذََا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلََّا إِيََّاهُ} (1) يقتضي الغيبة فيقال: «أن يخسف» الخ أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بتحذير الذين لا يلجئون الى اللََّه تعالى الا في وقت الشدائد فقط، ويقول لهم: هذا المسلك لا يرضى عنه اللََّه تعالى لأنه منهج وطريق المنافقين، أما المؤمنون فهم الذين يفزعون الى اللََّه تعالى ويلجئون اليه في جميع الأحوال، ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«يحشرهم» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمََا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (2).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نحشرهم» بنون العظمة (3).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن سياق الآية من قبل في قوله تعالى: {كََانَ عَلى ََ رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا} (4).
يقتضي الغيبة فيقال: «يحشرهم» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه يوم القيامة سيحشر المشركين والآلهة التي كانوا يعبدونها من دونه في الدنيا، ويقيم عليهم جميعا الحجة ويقول للآلهة موبخا لهم: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء
__________
(1) سورة الاسراء آية 67.
(2) سورة الفرقان آية 17.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 216.
(4) سورة الفرقان آية 16.(2/138)
أم هم ضلوا السبيل الخ وبعد اقامة الحجة على الجميع يعاقبهم على ما صنعوا في الدنيا بالنار وبئس القرار.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ويقول» من قوله تعالى: {وَيَقُولُ ذُوقُوا مََا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب»، «ونقول» بنون العظمة (2).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق في قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبََاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللََّهِ أُولََئِكَ هُمُ الْخََاسِرُونَ} (3).
يقتضي الغيبة فيقال «ويقول» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه يوم القيامة سيقول للكفار:
ذوقوا ما كنتم تعملون، أي ذوقوا جزاء كفركم وعملكم الباطل في الدنيا.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«ليذيقهم» من قوله تعالى: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} (4).
قرأ «روح، وقنبل بخلف عنه» «لنذيقهم» بنون العظمة (5).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {اللََّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} (6).
__________
(1) سورة العنكبوت آية 55.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 239.
(3) سورة العنكبوت آية 52.
(4) سورة الروم آية 41.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 242.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 131.
(6) سورة الروم آية 40.(2/139)
يقتضي الغيبة فيقال: «ليذيقهم» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه سيذيق العصاة العذاب بسبب عصيانهم لعلهم يرجعون.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«نقيّض» من قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمََنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطََاناً} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «يعقوب» «نقيض» بنون العظمة (2).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق في قوله تعالى:
{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمََنِ} يقتضي الغيبة فيقال: «يقيض» أي الرحمن، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأن من يعرض عن ذكر الرحمن يقيض له شيطانا فهو له قرين لا يفارقه.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«وليوفيهم» من قوله تعالى: {وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمََالَهُمْ وَهُمْ لََا يُظْلَمُونَ} (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، بخلف عن هشام، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «ولنوفيهم» بنون العظمة (4).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق من قبل في قوله
__________
(1) سورة الزخرف آية 36.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 294.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 219.
(3) سورة الأحقاف آية 19.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 304.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 2ص 272.(2/140)
تعالى: {وَهُمََا يَسْتَغِيثََانِ اللََّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ} (1).
يقتضي الغيبة فيقال: «وليوفيهم» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه اخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه سيكافئ كل انسان على عمله ولو كان مثقال ذرة، ولا يظلم أحدا، لأنه من صفاته سبحانه وتعالى العدل.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«نقول» من قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} (2).
قرأ القراء العشرة عدا «نافع، وشعبة» «نقول» بنون العظمة (3).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللََّهِ إِلََهاً آخَرَ فَأَلْقِيََاهُ فِي الْعَذََابِ الشَّدِيدِ} (4)
يقتضي الغيبة فيقال: «يقول» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه بأنه يوم القيامة سينادي جهنم ويقول لها: هل امتلأت؟ فتجيبه بقولها: هل من مزيد؟
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
«يجمعكم» من قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذََلِكَ. يَوْمُ التَّغََابُنِ} (5).
__________
(1) سورة الأحقاف آية 17.
(2) سورة ق آية 30.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 311.
(4) سورة ق آية 26.
(5) سورة التغابن آية 9.(2/141)
قرأ «يعقوب» «نجمعكم» بنون العظمة (1).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (2).
يقتضي الغيبة فيقال «يجمعكم» أي اللََّه تعالى، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه، بأنه يوم القيامة سيجمع الخلائق جميعا ويوفي كلا على عمله، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق المعنى البلاغي.
«يسلكه» من قوله تعالى: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذََاباً صَعَداً} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «نسلكه» بنون العظمة (4).
على الالتفات من الغيبة الى التكلم، لأن السياق في قوله تعالى:
{وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} يقتضي الغيبة فيقال «يسلكه» أي ربه، ولكن التفت الى التكلم، على أنه إخبار من اللََّه تعالى عن نفسه، بأن من يعرض عن «القرآن» أو عن «العبادة» أو عن «الموعظة» أو عن جميع ذلك يدخله عذابا صعدا، أي شاقا صعبا.
ولو ظل الأسلوب القرآني على الغيبة لما تحقق هذا المعنى البلاغي.
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 336.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 29.
(2) سورة التغابن آية 8.
(3) سورة الجن آية 17.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 345.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 308.(2/142)
القضية الثانية:
الالتفات من التكلم الى الغيبة.
لقد تتبعت القراءات واقتبست منها الأساليب البلاغية التي ترجع الى الالتفات من التكلم الى الغيبة، وهي فيما يلي:
«يقول» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نََادُوا شُرَكََائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «حمزة» «يقول» بياء الغيبة (2).
على الالتفات من التكلم الى الغيبة، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنََا لِلْمَلََائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} (3). يقتضي التكلم فيقال: «نقول» ولكن التفت الى الغيبة، إعراضا عن أولياء ابليس، وتحقيرا لشأنهم، اذ ليسوا أملا لكلام اللََّه تعالى لهم.
«فيوفيهم» من قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} (4).
قرأ «حفص، ورويس» «فيوفيهم» بياء الغيبة (5).
على الالتفات من التكلم الى الغيبة، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذََاباً شَدِيداً} (6).
يقتضي التكلم فيقال: «فنوفيهم» لأن الهمزة في الإخبار كالنون
__________
(1) سورة الكهف آية 52.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 163.
(3) سورة الكهف آية 50.
(4) سورة آل عمران آية 57.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 8.
(6) سورة آل عمران آية 56.(2/143)
في الإخبار، ولكن التفت الى الغيبة، تشويقا لما يترقبه الذين آمنوا وعملوا الصالحات من معرفة الأجر العظيم الذي أعده الله لهم.
القضية الثالثة:
«الالتفات من التكلم الى الخطاب».
لقد تتبعت القراءات بحثا عن أسلوب الالتفات من التكلم الى الخطاب، فلم أجده الا في كلمة واحدة، وهي:
«وما كنت» من قوله تعالى: {وَمََا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} (1).
قرأ «أبو جعفر» «وما كنت» بتاء الخطاب (2).
على الالتفات من التكلم الى الخطاب، اذ ان سياق الآية وهو قوله تعالى: {مََا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} يقتضي التكلم فيقال:
«وما كنت» بضم التاء، ولكن التفت الى الخطاب، لأنه موجه الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمقصود إعلام أمته أنه عليه الصلاة والسلام، لم يزل محفوظا من أول حياته، لم يعتضد بمضل، ولم يتخذه عونا له على نجاح دعوته، ولولا الالتفات لما تحقق هذا المعنى النبيل.
__________
(1) سورة الكهف آية 51.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 163.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 403. وشرح طيبة النثر ص 337.(2/144)
الباب التاسع «أسلوب الحمل في اللغة العربية»
وقد أدت طبيعة البحث أن يكون هذا الباب في أربعة فصول:
الفصل الأول: الحمل على الغيبة.
الفصل الثاني: الحمل على الخطاب.
الفصل الثالث: الحمل على نون العظمة.
الفصل الرابع: الحمل على تاء المتكلم.(2/145)
الفصل الرابع: الحمل على تاء المتكلم.
الفصل الأول من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على الغيبة
وقبل الدخول في تفاصيل الحديث عن هذا الفصل أجد من تمام المنفعة أن ألقي الضوء على بعض النقاط لاتصالها الوثيق بموضوع البحث:
جاء في «الخصائص»:
اعلم أن هذا النوع: «الحمل» غور من العربية بعيد، ومذهب فصيح، وقد ورد به «القرآن» وفصيح الكلام: منثورا ومنظوما، كتأنيث المذكر، وتذكير المؤنث، وتصور معنى الواحد في الجماعة، والجماعة في الواحد، وفي حمل الثاني على لفظ الأول قد يكون عليه الأول أصلا كان ذلك اللفظ، أو فرعا، أو غير ذلك» أهـ (1).
__________
(1) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ج 1ص 185.(2/146)
وقيل: العرب اذا شبهت شيئا بشيء حملته على حكمه تثبيتا لهما، وتعميما لمعنى الشبه بينهما (1).
وقيل: الحمل يدل على قوة تداخل هذه اللغة، وتلاحمها، واتصال أجزائها، وتلاحقها، وتناسب أوضاعها (2).
تعريف الحمل
هو تساوي المحمول، والمحمول عليه في علة الحكم وثبوت اللفظ، وانتفاء المانع (3).
سبب الحمل
هو كثرة هذه اللغة، وسعتها، وغلبة حاجة أهلها الى التصرف بها، والترجح في اثباتها لما يلابسونه، ويكثرون استعماله من الكلام المنثور، والشعر الموزون، والخطب، والسجوع (4).
أنواع الحمل أربعة وهي
: الأول: الحمل على اللفظ، مثل قولك: عساك فاهم، وعساه فاهم، في نصب «عسى» الضمير على أنه اسمها، ورفعها الخبر، حملا على «لعل» بجامع الترجي في كل منهما (5).
__________
(1) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ج 1ص 195.
(2) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ج 1ص 196.
(3) انظر: حاشية يس على التصريح ج 1ص 7069.
(4) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ج 1ص 181.
(5) انظر: الأشموني، وحاشية الصبان ج 1ص 275.(2/147)
الثاني: الحمل على المعنى: مثال ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللََّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (1).
على أن المراد بالرحمة «العطف» أو المطر لذلك الخبر وهو قوله تعالى: «قريب» على رأي الأخفش الأوسط.
وقوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيََاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} (2).
جمع لفظ «يغوصون» مراعاة لمعنى «من» لأن لفظ «من» مذكر ومعناه جمع.
ومن الحمل على المعنى: اتصال الفعل بحرف لا يتعدى به، فيحمل على معنى فعل آخر يتعدى بهذا الحرف نفسه مثل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيََامِ الرَّفَثُ إِلى ََ نِسََائِكُمْ} (3)
ضمن الرفث معنى الافضاء فعدى «بإلى» (4).
الثالث: الحمل على النظير: مثل حمل لفظ «أمس» على لفظ «سحر» في المنع من الصرف عند «تميم» اذا أريد به سحر يوم معين، والا صرف (5).
الرابع: الحمل على النقيض: مثل حمل «لا» النافية للجنس، على «ان» في العمل لأنها مثلها في إفادة التوكيد، غير أن «لا» لتوكيد النفي، «وان» لتوكيد الاثبات، فهي ضدها، والشيء قد يحمل على ضده كما يحمل على نظيره، لأن الضد أقرب حضورا في البال عند ذكر ضده (6)
__________
(1) سورة الأعراف آية 56.
(2) سورة الانبياء آية 82.
(3) سورة البقرة آية 187.
(4) انظر: المفردات في غريب القرآن للراغب ص 119.
(5) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ج 1ص 178.
(6) انظر: شرح ابن الناظم على الألفية ص 70.(2/148)
بعد ذلك انتقل الى الحديث عن «الحمل» على «الغيبة» فأقول:
لقد تتبعت القراءات القرآنية، واقتبست منها الأساليب التي تدل على الحمل على «الغيبة» وتفاصيل ذلك فيما يلي:
«لا تعبدون» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَ بَنِي إِسْرََائِيلَ لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ} (1).
فقد قرأ «ابن كثير، وحمزة، والكسائي» «لا يعبدون» بياء الغيب (2)
حملا على السياق الذي قبله في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَ بَنِي إِسْرََائِيلَ}
«تعملون» من قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (3)
فقد قرأ «نافع، وابن كثير، وشعبة، ويعقوب، وخلف العاشر» «يعملون» بياء الغيب (4).
حملا على الغيبة في قوله تعالى قبل: {وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ يُرَدُّونَ إِلى ََ أَشَدِّ الْعَذََابِ}.
«لا تعلمون» من قوله تعالى: {قََالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلََكِنْ لََا تَعْلَمُونَ} (5)
قرأ «شعبة» «يعلمون» بياء الغيبة (6).
__________
(1) سورة البقرة آية 83.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 409.
والتيسير في القراءات السبع ص 74. وحجة القراءات لابن زنجلة ص 102.
(3) سورة البقرة آية 85.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 411.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 29. وتقريب النشر ص 93.
(5) سورة الأعراف آية 38.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 73(2/149)
وذلك حملا على لفظ «كل» فلفظه لفظ غائب.
«يوقدون» من قوله تعالى: {وَمِمََّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النََّارِ} (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يوقدون» بياء الغيب (2).
حملا على ما قبله من لفظ الغيبة في قوله تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلََّهِ شُرَكََاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} (3).
فجرى الكلام على نسق واحد.
«كما يقولون» من قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كََانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمََا يَقُولُونَ} (4).
قرأ «ابن كثير، وحفص» «يقولون» بياء الغيب (5).
حملا على لفظ الغيبة المتقدم في قوله تعالى: {وَمََا يَزِيدُهُمْ إِلََّا نُفُوراً} (6).
«تعبدون» من قوله تعالى: وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون (7).
__________
(1) سورة الرعد آية 17.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 132.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 2ص 22.
(3) سورة الرعد آية 16.
(4) سورة الاسراء آية 42.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 153.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 384.
(6) سورة الاسراء آية 41.
(7) سورة الحج آية 47.(2/150)
قرأ «ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يعدون» بياء الغيب (1).
على أن الفعل مسند الى ضمير الغائبين، حملا على لفظ الغيبة في قوله تعالى في صدر الآية: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذََابِ}.
«أما يشركون» من قوله تعالى: {آللََّهُ خَيْرٌ أَمََّا يُشْرِكُونَ} (2).
قرأ «أبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «يشركون» بياء الغيبة (3).
حملا على لفظ الغيبة التي قبله في قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنََا عَلَيْهِمْ مَطَراً} (4).
«تذكرون» من قوله تعالى: {أَإِلََهٌ مَعَ اللََّهِ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (5).
قرأ «أبو عمرو، وهشام، وروح» «يذكرون» بياء الغيبة، وتشديد الذال (6).
لأن أصله «يتذكرون» فأدغمت التاء في الذال.
ووجه الغيبة حملا على قوله تعالى قبل {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} (7).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 201.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 2ص 122.
(2) سورة النمل آية 59.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 229.
والمهذب في القراءات العشر ح 2ص 105.
(4) سورة النمل آية 58.
(5) سورة النمل آية 62.
(6) نظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 229.
(7) سورة النمل آية 61.(2/151)
«تفعلون» من قوله تعالى: {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمََا تَفْعَلُونَ} (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وابن عامر، وشعبة، بخلف عنها» «يفعلون» بياء الغيبة (2).
حملا على لفظ الغيبة في قوله تعالى قبل: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دََاخِرِينَ} (3).
«ما تتذكرون» من قوله تعالى: {قَلِيلًا مََا تَتَذَكَّرُونَ} (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب».
«ما يتذكرون» بياء تحتية، وتاء فوقية، على الغيب (5).
وذلك إخبارا عن الكفار المتقدم ذكرهم في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجََادِلُونَ فِي آيََاتِ اللََّهِ بِغَيْرِ سُلْطََانٍ أَتََاهُمْ} (6).
فحمل «يتذكرون» على الغيبة التي قبله.
{لِتُؤْمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ} (7).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «ليؤمنوا، ويعزروه، ويوقروه ويسبحوه» بياء الغيبة في الأفعال الأربعة (8).
__________
(1) سورة النمل آية 88.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 231.
(3) سورة النمل آية 87.
(4) سورة غافر آية 58.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 286.
(6) سورة غافر آية 56.
(7) سورة الفتح آية 9.
(8) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 308.(2/152)
لأن قبله قوله تعالى: {إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ شََاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} (1).
وهذا يدل على أن ثم مرسلا اليهم، وهم غيب، فأتى بالياء إخبارا عن الغيب المرسل اليهم، من هذا يتبين حمل الغيبة على ما قبلها.
«بما تعملون» من قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} (2).
قرأ «أبو عمرو» «يعملون» بياء الغيبة (3).
حملا على الغيبة في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} (4) وهم الكفار.
«بما تعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ بَصِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} (5).
قرأ «ابن كثير» «بما يعملون» بياء الغيبة (6).
حملا على الغيبة في قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} (7).
«فستعلمون» من قوله تعالى: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ} (8).
__________
(1) سورة الفتح الآية 8.
(2) سورة الفتح آية 24.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 309.
(3) والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 244.
(4) سورة الفتح آية 24.
(5) سورة الحجرات آية 18.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 311.
(7) سورة الحجرات آية 17.
(8) سورة الملك آية 29.(2/153)
قرأ «الكسائي» «فسيعلمون» بياء الغيبة (1)
حملا على الغيبة في قوله تعالى: {فَمَنْ يُجِيرُ الْكََافِرِينَ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ} (2).
«تؤمنون» من قوله تعالى: {قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ} (3).
«تذكرون» من قوله تعالى: {قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (4).
قرأ «ابن كثير، وهشام، ويعقوب، وابن ذكوان» بخلف عنه «يؤمنون» «يذكرون» بياء الغيب فيهما (5).
حملا على الغيبة في قوله تعالى قبل: {لََا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخََاطِؤُنَ} (6).
«تكرمون» من قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ لََا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} (7).
«ولا تحاضون» من قوله تعالى: {وَلََا تَحَاضُّونَ عَلى ََ طَعََامِ الْمِسْكِينِ} (8).
«وتأكلون» من قوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرََاثَ أَكْلًا لَمًّا} (9).
«وتحبون» من قوله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمََالَ حُبًّا جَمًّا} (10).
__________
(1) النشر في القراءات ج 3ص 329.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 329.
(2) سورة الملك آية 29.
(3) سورة الحاقة آية 41.
(4) سورة الحاقة آية 42.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 340.
(6) سورة الحاقة آية 37.
(7) سورة الفجر آية 17.
(8) سورة الفجر آية 18.
(9) سورة الفجر آية 19.
(10) سورة الفجر آية 20.(2/154)
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» بخلف عن «روح» بياء الغيب في الأفعال الأربعة (1).
حملا على لفظ «الانسان» المتقدم ذكره في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسََانُ إِذََا مَا ابْتَلََاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} (2).
«والانسان» اسم جنس، يدل على الجمع، فرجعت الياءات عليه لغيبته، لأن الاسم الظاهر في حكم الغيبة.
«فليفرحوا» من قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللََّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذََلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} (3).
قرأ القراء العشرة عدا «رويس» «فليفرحوا» بياء الغيب (4).
حملا على الغيبة في قوله تعالى قبل: {وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (5).
«يعصرون» من قوله تعالى: {فِيهِ يُغََاثُ النََّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (6).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب» «يعصرون» بياء الغيب (7).
حملا على الغيبة في قوله تعالى: {فِيهِ يُغََاثُ النََّاسُ}
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 365.
(2) سورة الفجر آية 15.
(3) سورة يونس آية 58.
(4) النشر في القراءات العشر ج 3ص 107.
وشرح طيبة النشر ص 312.
(5) سورة يونس آية 57.
(6) سورة يوسف آية 49.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 127.(2/155)
«يروا» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ََ مََا خَلَقَ اللََّهُ مِنْ شَيْءٍ} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب» «يروا» بياء الغيب (2).
حملا على الغيبة التي من قبل في قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئََاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللََّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} (3).
«يجحدون» من قوله تعالى: {أَفَبِنِعْمَةِ اللََّهِ يَجْحَدُونَ} (4).
قرأ القراء العشرة، عدا «شعبة، ورويس».
«يجحدون» بالياء التحتية على الغيبة (5).
حملا على الغيبة في قوله تعالى قبل: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ََ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوََاءٌ} فجرى الكلام على نسق واحد.
«عما يقولون» من قوله تعالى: {سُبْحََانَهُ وَتَعََالى ََ عَمََّا يَقُولُونَ} (6).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» بخلف عن «رويس» «يقولون» بياء الغيب (7).
__________
(1) سورة النحل آية 48.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 144.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 37.
(3) سورة النحل الآيات 474645.
(4) سورة النحل آية 71.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 145.
(6) سورة الاسراء آية 43.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 153.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 384.(2/156)
حملا على لفظ الغيبة المتقدم في قوله تعالى: {وَمََا يَزِيدُهُمْ إِلََّا نُفُوراً} (1).
فجرى الكلام على نسق واحد وهو الغيبة.
«فسيؤتيه» من قوله تعالى: {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر، وروح» «فسيؤتيه» بياء الغيبة (3).
حملا على نسق الكلام لأن قبله {بِمََا عََاهَدَ عَلَيْهُ اللََّهَ}.
والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على لفظ الجلالة: «اللََّه».
__________
(1) سورة الاسراء آية 41.
(2) سورة الفتح آية 10.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 309.(2/157)
الفصل الثاني من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على الخطاب
لقد تتبعت قراءات الكلمات القرآنية التي ورد فيها «الحمل» على «الخطاب» فوجدتها فيما يلي:
«لا تعبدون» من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَ بَنِي إِسْرََائِيلَ لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ} (1).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر» «لا تعبدون» بتاء الخطاب (2).
حملا على الخطاب الذي بعده في قوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْكُمْ}.
__________
(1) سورة البقرة آية 83.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 409.
وحجة القراءات ص 102.(2/158)
«تعملون» من قوله تعالى: {وَمَا اللََّهُ بِغََافِلٍ عَمََّا تَعْمَلُونَ} (1).
قرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي وأبو جعفر» «تعملون» بتاء الخطاب (2).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنََا مِيثََاقَكُمْ} (3).
«يرونهم» من قوله تعالى: {وَأُخْرى ََ كََافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} (4).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «ترونهم» بتاء الخطاب (5).
حملا على الخطاب الذي في صدر الآية: {قَدْ كََانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتََا}.
«يجمعون» من قوله تعالى: {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (6).
قرأ القراء العشرة عدا «حفص» «تجمعون» بتاء الخطاب (7).
حملا على الخطاب الذي في صدر الآية: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَوْ مُتُّمْ}.
__________
(1) سورة البقرة آية 85.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2ص 411.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 29. واتحاف فضلاء البشر ص 141.
(3) سورة البقرة آية 84.
(4) سورة آل عمران آية 13.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 3.
والحجة في القراءات السبع لابن خالويه ص 106.
(6) سورة آل عمران آية 157.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 15.(2/159)
«لا يؤمنون» من قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهََا إِذََا جََاءَتْ لََا يُؤْمِنُونَ} (1).
قرأ «ابن عامر، وحمزة» «لا تؤمنون» بتاء الخطاب (2).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {وَمََا يُشْعِرُكُمْ}
«يجمعون» من قوله تعالى: {فَبِذََلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} (3).
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر ورويس» «تجمعون» بتاء الخطاب (4).
حملا على الخطاب الذي بعده في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مََا أَنْزَلَ اللََّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} (5).
«فليفرحوا» من قوله تعالى: {فَبِذََلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} (6).
قرأ «رويس» «فلتفرحوا» بتاء الخطاب (7).
حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {قَدْ جََاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} (8).
«يعصرون» من قوله تعالى: {فِيهِ يُغََاثُ النََّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (9).
__________
(1) سورة الانعام آية 109.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 60.
(3) سورة يونس آية 58.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 108.
(5) سورة يونس آية 59.
(6) سورة يونس آية 58.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 107.
(8) سورة يونس آية 57.
(9) سورة يوسف آية 49.(2/160)
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعصرون» بتاء الخطاب (1).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {يَأْكُلْنَ مََا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} (2).
«يوقدون» من قوله تعالى: {وَمِمََّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النََّارِ} (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «توقدون» بتاء الخطاب (4).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيََاءَ} (5).
«يروا» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ََ مََا خَلَقَ اللََّهُ مِنْ شَيْءٍ} (6).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تروا» بتاء الخطاب (7).
حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (8).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 127.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 11.
(2) سورة يوسف آية 48.
(3) سورة الرعد آية 17.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 132.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 350.
(5) سورة الرعد آية 16.
(6) سورة النحل آية 48.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 144.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 37.
(8) سورة النحل آية 47.(2/161)
«يجحدون» من قوله تعالى: {أَفَبِنِعْمَةِ اللََّهِ يَجْحَدُونَ} (1).
قرأ «شعبة، ورويس» «تجحدون» بالتاء الفوقية على الخطاب (2).
حملا على الخطاب في أول الآية: {وَاللََّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى ََ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}.
«تذكرون» من قوله تعالى: {أَإِلََهٌ مَعَ اللََّهِ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (3).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تذكرون» بتاء الخطاب، وتخفيف الذال، لأن أصله «تتذكرون» فحذفت احدى التاءين للتخفيف (4).
وذلك حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفََاءَ الْأَرْضِ}.
«أولم يروا» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللََّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة بخلف عنه» «تروا» بتاء الخطاب (6).
__________
(1) سورة النحل آية 71.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 145.
والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 372.
(3) سورة النمل آية 62.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 229.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 105. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 164.
(5) سورة العنكبوت آية 19.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 237.(2/162)
حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} (1).
«ليربو» من قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوََالِ النََّاسِ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «لتربو» بتاء فوقية مضمومة مع اسكان الواو على الخطاب (3).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {وَمََا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً} فحمل الخطاب على الخطاب «بما تعملون» من قوله تعالى: {وَكََانَ اللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} (4).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو» «تعملون» بتاء الخطاب (5).
حملا على الخطاب الذي في صدر الآية: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}
«بما تعملون» من قوله تعالى: {وَاللََّهُ بَصِيرٌ بِمََا تَعْمَلُونَ} (6).
قرأ القراء العشرة عدا «ابن كثير» «تعملون» بتاء الخطاب (7).
__________
(1) سورة العنكبوت آية 18.
(2) سورة الروم آية 39.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 242.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 131.
(4) سورة الفتح آية 24.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 309.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 282.
(6) سورة الحجرات آية 18.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 311.(2/163)
حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {قُلْ لََا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلََامَكُمْ} (1).
«فستعلمون» من قوله تعالى: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ} (2).
قرأ القراء العشرة عدا «الكسائي» «فستعلمون» بتاء الخطاب (3).
حملا على الخطاب في قوله تعالى قبل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللََّهُ} «تؤمنون» من قوله تعالى: {قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ} (4).
«تذكرون» من قوله تعالى: {قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (5).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وابن ذكوان، بخلف عنه، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بتاء الخطاب فيهما (6).
حملا على الخطاب الذي قبله في قوله تعالى: {فَلََا أُقْسِمُ بِمََا تُبْصِرُونَ} (7).
__________
(1) سورة الحجرات آية 17.
(2) سورة الملك آية 29.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 339.
(4) سورة الحاقة آية 41.
(5) سورة الحاقة آية 42.
(6) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 340.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 302.
(7) سورة الحاقة آية 38.(2/164)
الفصل الثالث من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها الحمل على نون العظمة
لقد تتبعت قراءات الكلمات القرآنية التي ورد فيها «الحمل» على «نون العظمة» فوجدتها فيما يلي:
«يشاء» من قوله تعالى: {يَتَبَوَّأُ مِنْهََا حَيْثُ يَشََاءُ} (1).
قرأ «ابن كثير» «نشاء» بنون العظمة (2).
حملا على نون العظمة في قوله تعالى قبل: {وَكَذََلِكَ مَكَّنََّا لِيُوسُفَ} وقوله تعالى بعد: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنََا مَنْ نَشََاءُ} فجرى الكلام على نسق واحد.
__________
(1) سورة يوسف آية 56.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 127.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 1211. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 340.(2/165)
ومن هذا يتبين أن فاعل «نشاء» ضمير مستتر تقديره «نحن».
«يأكل» من قوله تعالى: {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهََا} (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نأكل» بنون العظمة (2).
حملا على واو الجماعة في قوله تعالى قبل: {وَقََالُوا مََا لِهََذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعََامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوََاقِ} (3)
من هذا يتبين أن فاعل «نأكل» ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الواو.
«يحشر» من قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدََاءُ اللََّهِ إِلَى النََّارِ} (4).
قرأ «نافع، ويعقوب» «نحشر» بنون العظمة المفتوحة وضم الشين، على البناء للفاعل (5).
حملا على نون العظمة في قوله تعالى قبل: {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} (6).
من هذا يتبين أن فاعل «نحشر» ضمير مستتر تقديره «نحن».
«ان نشأ نخسف، أو نسقط» من قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّمََاءِ} (7).
__________
(1) سورة الفرقان آية 8.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 216. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 80. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 144.
(3) سورة الفرقان آية 7.
(4) سورة فصلت آية 19.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 288.
(6) سورة فصلت آية 18.
(7) سورة سبأ آية 9.(2/166)
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب» «نشأ، نخسف، نسقط» الأفعال الثلاثة بنون العظمة (1).
حملا على نون العظمة في قوله تعالى بعد: {وَلَقَدْ آتَيْنََا دََاوُدَ مِنََّا فَضْلًا} (2).
من هذا يتبين أن فاعل الأفعال الثلاثة ضمير مستتر تقديره «نحن».
«ولنبلونكم نعلم، ونبلو» من قوله تعالى: ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم (3).
قرأ القراء العشرة عدا «شعبة» الأفعال الثلاثة: «ولنبلونكم، نعلم نبلو» بنون العظمة (4).
حملا على نون العظمة في قوله تعالى قبل: {وَلَوْ نَشََاءُ لَأَرَيْنََاكَهُمْ} (5).
من هذا يتبين أن فاعل الأفعال الثلاثة ضمير مستتر تقديره «نحن».
«أهلكناها» من قوله تعالى {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ} (6).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو، ويعقوب» «أهلكناها» بنون العظمة (7).
__________
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 254.
(2) سورة سبأ آية 8.
(3) سورة محمد آية 31.
(4) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 308.
(5) سورة محمد آية 30.
(6) سورة الحج آية 45.
(7) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 200.
والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 51.(2/167)
حملا على نون العظمة في قوله تعالى قبل: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنََّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقََامُوا الصَّلََاةَ وَآتَوُا الزَّكََاةَ} (1).
من هذا يتبين أن فاعل «أهلكناها» ضمير مستتر تقديره «نحن».
«أنجيناكم، وواعدناكم، ما رزقناكم» من قوله تعالى: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنََاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوََاعَدْنََاكُمْ جََانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنََا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ََ كُلُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا رَزَقْنََاكُمْ} (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر ويعقوب» الأفعال الثلاثة: «أنجيناكم، وواعدناكم، ما رزقناكم» بنون العظمة (3).
حملا على نون العظمة في قوله تعالى قبل: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ} (4).
من هذا يتبين أن فاعل الأفعال الثلاثة ضمير العظمة وهو «نا».
__________
(1) سورة الحج آية 41.
(2) سورة طه آية 8180.
(3) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 184.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 103. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 23.
(4) سورة طه آية 77(2/168)
الفصل الرابع من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على تاء المتكلم
لقد تتبعت قراءات الكلمات القرآنية التي ورد فيها الحمل على تاء المتكلم فوجدتها فيما يلي:
«آتيتكم» من قوله تعالى: {لَمََا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتََابٍ وَحِكْمَةٍ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «نافع، وأبي جعفر» «آتيتكم» بتاء المتكلم (2).
حملا على قوله تعالى قبل: {وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ النَّبِيِّينَ}.
__________
(1) سورة آل عمران آية 81.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 10.(2/169)
«ما أشهدتهم» من قوله تعالى: {مََا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (1).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي جعفر» «ما أشهدتهم» على اسناد الفعل الى ضمير المتكلم وهو اللََّه تعالى (2).
حملا على قوله تعالى قبل: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِي} (3).
«وقد خلقتك» من قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} (4).
قرأ القراء العشرة عدا «حمزة، والكسائي» «خلقتك» بالتاء المضمومة على اسناد الفعل الى ضمير المتكلم (5).
حملا على قوله تعالى قبل: {قََالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}.
__________
(1) سورة الكهف آية 51.
(2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 163.
(3) سورة الكهف آية 50.
(4) سورة مريم آية 9.
(5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 174.(2/170)
الباب العاشر أثر العامل النحوي
مما هو معروف أن «العامل النحوي» له الأثر الواضح في تغيير أحوال أواخر الكلم لفظا وتقديرا: من رفع، ونصب، وخفض، وجزم.
سواء كان العامل لفظيا أو معنويا.
سواء كان فعلا، أو اسما، أو حرفا.
ولقد تتبعت قراءات القرآن، واقتبست منها الكلمات التي قرئت بوجهين أو أكثر، وكان سبب ذلك اختلاف «العامل» وقد صنفت هذه الكلمات، وجعلت كل نوع على حدة، وهي تتمثل فيما يلي:
(أ) ورود «كان» ناقصة وتامة في أسلوب واحد.
(ب) ورود «ان» مكسورة الهمزة: بتشديد النون وتخفيفها في أسلوب واحد.
(ج) ورود «لكن» بتشديد النون وتخفيفها في أسلوب واحد.
(هـ) ورود «اللام» على أنها لام كي ولام الأمر في أسلوب واحد
(و) ورود «اللام» على أنها الفارقة ولام الجحود في أسلوب واحد.(2/171)
(هـ) ورود «اللام» على أنها لام كي ولام الأمر في أسلوب واحد
(و) ورود «اللام» على أنها الفارقة ولام الجحود في أسلوب واحد.
(ز) ورود «اللام» على أنها للجر وللابتداء في أسلوب واحد.
(ح) ورود «الفاء» على أنها للسببية ولمجرد العطف في أسلوب واحد.
(ط) ورود «حتى» ناصبة ومهملة في أسلوب واحد.
(ي) ورود «لا» نافية للجنس، ونافية للوحدة في أسلوب واحد.
(ك) ورود «لا» ناهية ونافية في أسلوب واحد.
(ل) ورود «أن» شرطية و «أن» مصدرية في أسلوب واحد.
(م) ورود «أن» مخففة ومصدرية في أسلوب واحد.
(ن) ورود «الا» الاستثنائية عاملة وملغاة في أسلوب واحد.
(س) ورود «من» جارة وموصولة في أسلوب واحد.
(ع) ورود «الى» جارة و «الا» الاستثنائية في أسلوب واحد.
وهذا تفصيل الكلام على هذه الأنواع حسب هذا الترتيب.
أما عن ورود «كان» ناقصة وتامة في أسلوب واحد.
فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«تجارة حاضرة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَكُونَ تِجََارَةً حََاضِرَةً} (1).
قرأ «عاصم» «تجارة حاضرة» بنصب التاء فيهما، على أن «تجارة» خبر «تكون» و «حاضرة» صفة «تجارة» واسم «تكون» مضمر والتقدير: الا أن تكون المعاملة، أو المبايعة تجارة حاضرة.
وقرأ الباقون «تجارة حاضرة» برفع التاء فيهما، على أن «تكون» تامة تكتفي بمرفوعها. (2).
و «تجارة» نائب فاعل و «حاضرة» صفة لها.
__________
(1) سورة البقرة آية 282.
(2) قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي.(2/172)
والتقدير الا أن توجد تجارة حاضرة (1).
«واحدة» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَتْ وََاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (2).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «واحدة» برفع التاء، على أن كان تامة تكتفي بمرفوعها (3).
وقرأ «الباقون» «واحدة» بنصب التاء، على أن كان ناقصة، وواحدة خبرها، واسم كان مضمر والتقدير: وان كانت الوارثة واحدة (4).
«تجارة» من قوله تعالى: {إِلََّا أَنْ تَكُونَ تِجََارَةً عَنْ تَرََاضٍ مِنْكُمْ} (5).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تجارة» بنصب التاء، على أن كان ناقصة واسمها ضمير يعود على الأموال، وتجارة خبرها، والتقدير: الا أن تكون الأموال تجارة.
وقرأ «الباقون «تجارة» برفع التاء، على أن كان تامة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: الا أن تحدث تجارة أو تقع تجارة (6).
__________
(1) قال ابن الجزري: تجارة حاضرة لنصب رفع نل.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 446. والمستنير في تخريج القراءات ج 1ص 92. والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 321. واتحاف فضلاء البشر ص 166.
(2) سورة النساء آية 11.
(3) قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي وما سواه ناقص.
(4) قال ابن الجزري: واحدة رفع ثري الاخرى مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 25. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 151.
(5) سورة النساء آية 29.
(6) قال ابن الجزري: تجارة عدا كوف.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 28. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 386. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 156.(2/173)
«حسنة» من قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضََاعِفْهََا} (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «حسنة» برفع التاء، على أن كان تامة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: وان حدث أو وقع حسنة يضاعفها، والعرب تقول: «كان أمر» أي حدث أمر.
قال «ابن مالك»: وذو تمام ما يرفع يكتفي وما سواه ناقص.
وقرأ الباقون «حسنة» بالنصب خبر كان الناقصة، واسمها ضمير يعود على «مثقال ذرة» المتقدم في قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَظْلِمُ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ} والتقدير: وان تك مثقال ذرة حسنة يضاعفها.
فان قيل: لم أنث الفعل وهو «تك» مع أن «مثقال» مذكر؟
أقول: أنث الفعل على أحد تقديرين:
الأول: حملا على المعنى الذي دل عليه «مثقال» وهو «زنة» وزنة مؤنثة والتقدير: وان تك زنة ذرة حسنة يضاعفها.
والثاني: لاضافة «مثقال» الى «ذرة» وذرة مؤنثة (2).
«مثقال» من قوله تعالى: {وَإِنْ كََانَ مِثْقََالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنََا بِهََا} (3).
__________
(1) سورة النساء آية 40.
(2) قال ابن الجزري: حسنة حرم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 30. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 389. والمهذب في القراءات العشر ج ص 158.
(3) سورة الأنبياء آية 47.(2/174)
ومن قوله تعالى: {يََا بُنَيَّ إِنَّهََا إِنْ تَكُ مِثْقََالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} (1).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «مثقال» برفع اللام، على أن «كان» تامة بمعنى وقع وحدث لا تحتاج الى خبر، فرفع مثقال بها على أنه فاعل لكان.
وقرأ الباقون «مثقال» بنصب اللام، على أن «كان» ناقصة تحتاج الى اسم وخبر، واسمها ضمير العمل المفهوم من قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوََازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيََامَةِ فَلََا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} و «مثقال» خبر «كان» والتقدير: وان كان العمل مثقال حبة من خردل الخ (2).
«يكن آية» من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمََاءُ بَنِي إِسْرََائِيلَ} (3).
قرأ «ابن عامر» بتاء التأنيث، و «آية» بالرفع، على أن «كان» تامة، و «آية» فاعلها، و «لهم» متعلق «بتكن»، و «أن يعلمه» في تأويل مصدر بدل من «آية» أو عطف بيان وأنث «تكن» لأن لفظ «آية» مؤنث.
وقرأ الباقون «يكن» بياء التذكير، و «آية» بالنصب، على أن «كان ناقصة» و «آية» خبرها مقدم و «ان يعلمه» في تأويل مصدر اسمها مؤخر، و «لهم» حال من «آية» وذكر «يكن» لأن اسمها مذكر.
__________
(1) سورة لقمان آية 16.
(2) قال ابن الجزري: مثقال كلقمان ارفع مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 192. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 111. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 36.
(3) سورة الشعراء آية 197.(2/175)
والتقدير: أولم يكن علم علماء بني اسرائيل آية حالة كونها لهم (1).
«صيحة واحدة» من قوله تعالى: {إِنْ كََانَتْ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً فَإِذََا هُمْ خََامِدُونَ} (2).
ومن قوله تعالى: {إِنْ كََانَتْ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً فَإِذََا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنََا مُحْضَرُونَ} (3).
قرأ «أبو جعفر» «صيحة» في الموضعين بالرفع، على أن «كان» تامة، و «صيحة» فاعل، و «واحدة» بالرفع، صفة لصيحة أي ما وقع الا صيحة واحدة.
وقرأ الباقون «صيحة» في الموضعين بالنصب على أن «كان» ناقصة، واسمها مضمر، و «صيحة» خبر كان، و «واحدة» بالنصب صفة لصيحة، والمعنى: ان كانت الأخذة الا صيحة واحدة (4).
تنبيه «صيحة واحدة» من قوله تعالى: {مََا يَنْظُرُونَ إِلََّا صَيْحَةً وََاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} (5).
اتفقت القراءة على قراءتهما بالنصب.
__________
(1) قال ابن الجزري: أنث يكن بعد ارفعن كم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 224. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 97. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 152.
(2) سورة يس آية 29.
(3) سورة يس آية 53.
(4) قال ابن الجزري: أولى وأخرى صيحة واحدة ثب.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 263. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 166.
(5) سورة يس آية 49.(2/176)
«يكون دولة» من قوله تعالى: {كَيْ لََا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيََاءِ مِنْكُمْ} (1).
قرأ «أبو جعفر» «تكون» بالتأنيث، و «دولة» بالرفع، على أن «كان» تامة لا تحتاج الى خبر، و «دولة» فاعل، وأنث الفعل، لتأنيث لفظ «دولة».
وقرأ «هشام» بثلاثة أوجه:
الأول: تأنيث «يكون» ورفع «دولة» مثل قراءة «أبي جعفر».
الثاني والثالث: تذكير «يكون» وعليه النصب والرفع في «دولة».
وقرأ الباقون بتذكير «يكون» ونصب «دولة» على أن «كان» ناقصة، واسمها ضمير «الفيء» المستفاد من قوله تعالى في صدر الآية: {مََا أَفََاءَ اللََّهُ عَلى ََ رَسُولِهِ} و «دولة» خبر «يكون» وذكر الفعل، لتذكير الاسم، وهو ضمير الفيء (2).
* وأما ورود «ان» مكسورة الهمزة بتشديد النون وتخفيضها في اسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«ان هذان» من قوله تعالى: {قََالُوا إِنْ هََذََانِ لَسََاحِرََانِ} (3).
قرأ «حفص» «أن» بتخفيف النون، «هذان» بالألف بعدها نون خفيفة، على أن «ان» مخففة من الثقيلة مهملة، و «هذان» مبتدأ،
__________
(1) سورة الحشر آية 7.
(2) قال ابن الجزري: يكون أنث دولة ثق لي اختلف وامنع مع التأنيث نصبا لو وصف.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 331. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 281. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 316.
(3) سورة طه آية 63.(2/177)
و «ساحران» الخبر، و «اللام» هي الفارقة بين «ان» المخففة، والنافية.
وقرأ «ابن كثير» مثل قراءة «حفص» الا أنه شدد النون من «هذان» وذلك للتعويض عن ألف المفرد التي حذفت في التثنية.
وقرأ «أبو عمرو» «أن» بتشديد النون، و «هذين» بالياء، على أن «أن» هي المؤكدة العاملة، و «هذين» اسمها، و «اللام» للتأكيد، و «ساحران» خبرها.
وقرأ الباقون «ان» بتشديد النون، و «هذان» بالألف، على أن «أن» هي الناصبة أيضا، و «هذان» اسمها، جاء على لغة «لبني الحارث ابن كعب» يلزمون المثنى الألف في كل حال. قال الشاعر: «هوير الحارثي»:
تزود منا بين أذناه طعنة ... دعته الى هابي التراب عقيم
فأتى بالألف موضع الخفض.
وحكى «الكسائي» عن بعض العرب: «من يشتري مني خفان» (1).
«وان كلا لما» من قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمََّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمََالَهُمْ} (2).
القراء فيها على أربع مراتب:
__________
(1) قال ابن الجزري: ان خفف درا علما ... وهذين بهذان حلا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 182. والكشف عن وجوه القراءات ج 2ص 99. والمهذب في القراءات العشر ج 2ص 20.
(2) سورة هود آية 111.(2/178)
الأولى: «لنافع، وابن كثير» بتخفيف نون «وان» وميم «لما» وذلك على إعمال «ان» المخففة من الثقيلة، وأما «لما» فاللام هي المزحلقة دخلت على خبر «ان» المخففة، و «ما» موصولة، أو نكرة موصوفة، و «لام» «ليوفينهم» لام القسم، وجملة القسم وجوابه صلة الموصول، أو صفة «لما والموصول» أو الموصوف خبر «ان» المخففة.
الثانية: «لأبي عمرو والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بتشديد نون «وان» وتخفيف لام «لما» وذلك على أن «ان» المشددة عاملة على أصلها، ولام «لما» هي المزحلقة دخلت على خبر «ان» ولام «ليوفينهم» واقعة في جواب قسم محذوف، والتقدير: وان كلا للذين واللََّه ليوفينهم ربك أعمالهم.
الثالثة: «لابن عامر، وحفص، وحمزة، وأبي جعفر» بتشديد نون «وان» ولام «لما» فان المشددة عاملة وأما «لما» فقيل أصلها «لمن ما» على أن «من» الجارة دخلت على «ما» الموصولة، أو الموصوفة، ثم أدغمت النون في الميم.
الرابعة: «لشعبة» بتخفيف النون، وتشديد الميم، على أن «ان» نافية و «لما» بمعنى «الا» منصوبة بفعل يفسره «ليوفينهم» (1).
«وان هذه» من قوله تعالى: {وَإِنَّ هََذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وََاحِدَةً} (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وان» بكسر
__________
(1) قال ابن الجزري:
أن كلا الخف دنا أتل صن وشد ... لما كطارق نهى كمن في ثمد
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3ص 120119. والكشف عن وجوه القراءات ج 1ص 537536. والمهذب في القراءات العشر ج 1ص 328.
329.
(2) سورة المؤمنون آية 52.(2/179)