7 - السفسطة
الفهرس
صفحة
تصدير للدكتور إبراهيم مدكور هـ
مقدمة للدكتور أحمد فؤاد الاهوانى (1)
1 - كتاب السفسطة لأرسطو (1)
2 - نقله إلى العربية (2)
3 - عنوانه (4)
4 - صعوبته (6)
5 - موازنة بين كتابى أرسطو وابن سينا (8)
6 - أنواع المغالطات (17)
7 - طريقة التحقيق (24)
السفسطة المقالة الأولى الفصل الأول (ا) فصل فى تعريف المغالطة وتعديد أجزاء الصناعة المشاغبية 1
الفصل الثانى (ب) فصل فى التبكيت الداخل فى اللفظ 8
الفصل الثالث (ج) فصل فى كيفية وقوع الغلط من جهة المعنى فى التبكيتات المغالطية 20
الفصل الرابع (د) فصل فى رد جميع الوجوه المغالطية إلى أصل واحد وأسبابها إلى سبب واحد 29
المقالة الثانية الفصل الأول (ا) فصل فى الرد على من زعم أن جميع المغالطات إنما تقع بسبب الاسم المشترك 45
الفصل الثانى (ب) فصل فى شرح أجزاء الصناعة المشاغبية 62
الفصل الثالث (ج) فصل فى حل المغالطيين وكيفية التمكن من الحل وكيفية مقاوماتهم 71
الفصل الرابع (د) فصل فى حل التبكيتات المغالطية من جهة الفاظ 83
الفصل الخامس (هـ) فصل فى حل ما فى التبكيتات المعنوية والتمكن من مقاومة أصناف مغالطية 92
الفصل السادس (و) فصل فى خاتمة الكلام فى السوفسطائية وعذر المعلم الأول عن تقصير لو وقع 110
كشاف الاصطلاحات 117
أسماء الأشخاص والأماكن والكتب 133
تصدير للدكتور إبراهيم مدكور
تعرب لفظة السفسطة عن أصلها اليونانى، وليس فى مدلولها اللغوى ما يؤذن بذم أو تعريض، بل بالعكس كان الإغريق الأول يطلقون سوفستيس (السوفسطائى) على كل إنسان عالم أو ماهر على نحومّا. وما إن جاء القرن الخامس قبل الميلاد حتى أخذت هذه الدلالة تتغير شيئا فشيئا، وأصبح السوفسطائيون جماعة من المدرسين الذين ينتقلون من مدينة إلى أخرى ليعلموا الناس الخطابة والإقناع، وفى سبيل الفوز والغلبة لا يترددون فى أن يسلكوا فى الحوار سبلا لا تخلو من الخداع والتضليل، وأصبحت السفسطة بابا من أبواب الجدل، وفنا من فنون النقاش يعتمد على ضروب من التمويه والمغالطة.
ويظهر أن هذا المعنى وحده هو الذى عرف فى العالم العربى، فليست السفسطة إلا لوعا من الاستدلال الباطل الذى يقصد إلى تمويه الحقائق، والسوفسطائى من يصطنعها وينكر الحقائق والبديهيات. وقد بلغ الأمر بالفارابى أن ذهب إلى أن هذه هى الدلالة اللفظية للكلمة، فزعم أنها مركبة من سوفيا وهى الحكمة، ومن اسطس وهو المموّه، فمعناها حكمة مموّهة، وكل من له قدرة على التمويه والمغالطة بالقول فى أى شئ كان، سمى بهذا الاسم، وقيل إنه سوفسطائى (1).
هاك غلط ومغالطة، ما دام هناك جدل ومحاجة. فللتاريخ القديم سفسطته، ولا تقل عنها سفسطات التاريخ المتوسط والحديث، وفى المناقشات البرلمانية المعاصرة والمرافعات القضائية الحاضرة صور شتى للعب بالألفاظ والتمويه على
__________
(1) الفارابى، احصاء العلوم، القاهرة سنة 1949، ص 65(1/1)
مقدمة
1 - كتاب السفسطة لأرسطو:
وصل منطق أرسطو إلى العرب فى ترتيب معيّن، ويشتمل على تسعة كتب:
إيساغوجى (1) والمقولات، والعبارة، والقياس، والبرهان، والجدل، والسفسطة، والخطابة، والشعر «فالسفسطة» هى الكتاب السابع، وتقع فى «الأورجانون» بعد «الجدل». وترتيب كتب أرسطو بإجماع الآراء من وضع متأخر، وليس من عمل المعلم الأول نفسه. وقد انتهى الباحثون المحدثون منذ أكثر من قرن مضى، أمثال وايتز (2)، وبونتر (3)، إلى أن كتاب «السفسطة» ليس إلا ملحقا لكتاب «الجدل»، وأن «الجدل» إذا كان مؤلفا من ثمانية كتب فإن «السفسطة» تؤلف الكتاب التاسع والأخير. ولم يظهر من المحدثين بعد ذلك من شكّ فى هذه الصلة. وإذا كان «الجدل» و «السفسطة» وحدة من جهة الموضوع، وكانا يعدان كتابا واحدا، فإن تأليفهما لم يتم دفعة واحدة. ويرى روس أن أجزاء الجدل من الثانى إلى المقالة الثانية من السابع أى التى تتعلق بالمواضع الجدلية هى التى ألفت أولا، وأنها مأخوذة من المباحث التى كنت جارية فى الأكاديمية، وأنها دونت قبل أن يهتدى أرسطو إلى نظرية القياس.
__________
(1) اغوجى، أو المدخل إلى المقولات، من وضع فرفريوس الصورى وليس من عمل أرسطو، ولكن العرب ضموه إلى الأورجانون أنظر الشفاء لابن سينا، المدخل ص 4من المقدمة، المطبعة الأميرية سنة 1952
(2)
(3)(1/1)
صفحه مورد نظر در کتاب خالي است لطفا به صفحات ديگر مراجعه کنيد(1/2)
صفحه مورد نظر در کتاب خالي است لطفا به صفحات ديگر مراجعه کنيد(1/3)
أما الأجزاء: الأول، والسابع من المقالة الثالثة إلى الخامسة، والثامن، نعنى المقدمة والخاتمة، فقد كتبت بعد اكتشاف القياس، ولكن قبل تدوين كتاب التحليلات. وأما «السفسطة» فالأرجح أنه بعد «الجدل» وأسبق من «التحليلات». ويصف روس السفسطة بأنه: «ملحق طريف للجدل» (1)
. وإلى مثل هذا يذهب روبان من اعتبار الجدل والسفسطة كتابا واحدا، هو الجدل، ويقول فى ذلك: «وقد جرت العادة أن يذكر الكتاب التاسع والأخير من الجدل تحت عنوان متميز هو: تبكيت السوفسطائيين» (2).
وحيث إن القدماء جروا على ترتيب مؤلفات أرسطو ترتيبا معينا يبدأ بالمنطق أو الأورجانون كما كان يسمى ثم الكتب الطبيعية، ثم ما بعد الطبيعة، فقد وصل كتاب السفسطة إلى العرب منفصلا عن الجدل، ومستقلا عنه، ولم ينظر أحد منهم فى مسألة زمان التأليف، أو قضية الانتحال، أو صلة الكتب والمقالات بعضها ببعض، من جهة النقد الداخلى، كما فعل المحدثون.
وأفذ كتاب السفسطة قائما بذاته، واشتهر بذلك منذ ذلك الحين.
2 - نقله إلى العربية:
ولم ينقل الكتاب من اليونانية إلى العربية مباشرة، بل عن السريانية مثل معظم التراث اليونانى. قال ابن النديم فى الفهرست فى معرض الكلام عن كتب أرسطو ما نصه: «الكلام على سوفسطيقا، ومعناه الحكمة المموهة. نقله ابن ناعمة وأبو بشر متى إلى السريانى، ونقله يحيى بن عدى من ئيوفيلى إلى
__________
(1). 5661 .. 5، 1949،،:
(2). 16 .. 1944،،:(1/4)
العربى. المفسرون: فسر قويرى هذا الكتاب، ونقل ابراهيم بن بكوش العشارى ما نقله ابن ناعمة إلى العربى على طريق الإصلاح. وللكندى تفسير هذا الكتاب» (1). ونقل القفطى هذا النص بتمامه عن ابن النديم.
وأثبت مخطوط أورجانون (2) أرسطو الموجود بالعربية أسماء النقلة، مع ذكر ترجماتهم المختلفة. ففى أول الكتاب نجد ما نصه: «سوفسطيقا. بنقل الفاضل أبى زكريا يحيى بن عدى أعلى الله منزلته وبنقل أبى على عيسى ابن اسحاق بن زرعة، وبنقل قديم منسوب إلى الناعمى، مثبت فى كل صفح ما نقله كل واحد وغيره من المعانى الثابتة فى ذلك الصفح». ثم يبدأ الكتاب كما يأتى: «نقل أبى زكريا يحيى بن عدى من السريانى، بنقل أثانس من اليونانى.
كتاب تبكيت السوفسطائيين لأرسطوطاليس». فلم يذكر المخطوط الموجود بين أيدينا ثيوفيل الذى نقل الكتاب من اليونانى إلى السريانى، ولكنه ذكر شخصا آخر هو أثانس الراهب، الذى طلب العلم فى دير قنسرين، وانتهى به المطاف إلى أن أصبح بطريق اليعاقبة فى نصيبين، وتوفى حول عام 696 ميلادية. أما ثيوفيل الرهاوى المتوفى حول 785ميلادية، فقد ازدهر فى خلافة المهدى. ويؤكد الدكتور خليل الجر أنه نقل بعض أجزاء من أورجانون أرسطو (3). أما الذين نقلوا عن السريانية ومذكورة أسماؤهم فثلاثة: يحيى بن عدى، وابن زرعه، وابن ناعمة. وهناك نقل آخر لم يعرف صاحبه، ويذكر فى المخطوط بهذه العبارة نقل قديم أو ترجمة أخرى.
__________
(1) ابن النديم، الفهرست، طبعة القاهرة ص 349طبعة ليبسك ص 249
(2) وصف الدكتور خليل الجر هذا المخطوط الموجود بمكتبة باريس الأهلية وصفا دقيقا، وذلك بمناسبة تحقيقه كتاب المقولات على الترجمتين السريانية والعربية انظر:
(3). 31 ..(1/5)
وقد نشأ عن تعدد النقلة اختلافات فى الترجمة، من جهة الاصطلاحات، ومن جهة مقاربة العبارة للأصل. ونحن ذاكرون عنوان الكتاب مثالا لهذه الاختلافات.
3 - عنوانه:
جاء فى الترجمة العربية لكتاب السفسطة عنوانات أربعة هى:
(1) «كتاب تبكيت السوفيسطائيين» نقل يحيى بن عدى.
(2) «كتاب سوفسطيقا، أى التظاهر بالحكمة» نقل أبى على عيسى ابن اسحاق بن زرعة.
(3) «كتاب أرسطوطاليس فى التبصير بمغالطة السوفسطائية» نقل قديم منسوب إلى الناعمى، ولست أعلم من أى لغة نقله.
(4) «كتاب أرسطوطاليس على مباكتة السوفسطائيين» ترجمة أخرى.
أما العنوان فى المخطوطات اليونانية حسب طبعة «بيكر»، فهو وهذا العنوان هو الذى نقل إلى اللغة اللاتينية، مع الاحتفاظ بأصل الكلمتين اليونانيتين، فقيل
أما الترجمة الانجليزية فهى
وأما الترجمة الفرنسية فهى
وأصح الترجمات العربية القديمة، وأقربها إلى النص اليونانى، ترجمة يحيى ابن عدى، والترجمة المجهول صاحبها، ونعنى: «تبكيت السوفسطائيين». ويحسن
أن نقف بعض الشى، عند لفظة التبكيت لأهميتها فى الدلالة على موضوع الكتاب، ولأن فهمها على غير وجهها مدعاة إلى اللبس.(1/6)
وأصح الترجمات العربية القديمة، وأقربها إلى النص اليونانى، ترجمة يحيى ابن عدى، والترجمة المجهول صاحبها، ونعنى: «تبكيت السوفسطائيين». ويحسن
أن نقف بعض الشى، عند لفظة التبكيت لأهميتها فى الدلالة على موضوع الكتاب، ولأن فهمها على غير وجهها مدعاة إلى اللبس.
التبكيت مصدر من الفعل الثلاثى «بكت» محركة، أو من الرباعى «بكت» مشددة. فالتبكيت محركة، أى غلبه بالحجة، يقال: «بكته حتى أسكته».
والتبكيت مشددة، عنفه، ومنه تبكيت الضمير (1). وهذا المعنى الأخير هو المشهور المتداول اليوم. ولكن المقصود فى هذا المجلل هو المعنى الأول، فالمباكتة مغالبة الحصم بالحجة وإفحامه.
والذين قالوا بالمغالطة ابتعدوا عن المعنى الأصلى للتبكيت، وعن عنوان الكتاب، وذهبوا إلى ما يفعله السوفسطائى من مغالطة خصمه رغبة فى التغلب عليه. وكذلك الذين فسروا التبكيت بأنه «التظاهر بالحكمة»، أو «الحكمة المموهة»، فقد نظروا إلى موضوع الكتاب كما جاء فى استهلاله، حيث يميز أرسطو بين الحكمة الحقيقية والحكمة المموهة. ومن هنا جاء فى اللغة العربية أن السفسطة هى المغالطة، وهى التمويه. ولكن المحقق المدقق ينبغى أن يفصل بين هذه الاصطلاحات الثلاثة، لأن لكل منها معنى خاصا.
ولما كان ابن سينا قد اختار لعنوان كتابه لفظة «السفسطة» فقط، فهذا دليل على ابتعاده عن روح كتاب أرسطو، الذى يدل على مغالبة السوفسطائيين بالحجة الصحيحة، وإيثاره أن يكون موضوع الكتاب هو البحث فى الأغاليط التى يمكن أن يقع فيها المفكر، وكيف يمكن أن يعمل على التوقى منها. وهذا هو الذى انتهى إليه مبحث المناطقة فى الشرق والغرب على السواء.
__________
(1) عن أقرب الموارد، والقاموس.(1/7)
4 - صعوبته:
ضربنا المثل أن كل ناقل من الأربعة وضع للعنوان ترجمة تختلف عما وضعه الآخر. وإذا كان هذا هو الحال فى العنوان، فإن ترجمة الكتاب كله تفصح عن اختلافات تدل على كثير من الصعوبات التى عجز النقلة عن حلها لأنها لا تحل مما أدى إلى غموض النص العربى فى كثير من المواضع. ويرجع ذلك إلى صعوبة النص فى أصله اليونانى، ثم فى ترجمته السريانية، وإلى أن أرسطو يستشهد بأمثلة من أسرار اللغة اليونانية تؤدى إلى اللبس والإبهام والتضليل، فإذا ترجمت إلى العربية لم يتضح وجه المغالطة فيها لاختلاف طبيعة اللغتين. من هذا ما ذكره أرسطو (1) من أن معظم المشاغبات الظاهرة ترجع إلى لفظة هذا، وكذلك حين لا يدل حرف الإشارة على المذكر أو المؤنث. وضرب مثلا بأسماء ثلاثة تختلف فى التذكير والتأنيث هى:
كاليوب، وخشب، وقورسيفوس، كاليوب مؤنث، وقورسيقوس مذكر، وخشب لا مذكر ولا مؤنث ويتبع ذلك تصريف الكلمة ووضعها فى العبارة. ولا حاجة بنا إلى ذكر كل ما ورد فى نص أرسطو ولكننا نشير إلى أن التراجم العربية القديمة لم يستطع أصحابها إلا أن يضعوا اللفظة اليونانية بحروف عربية فيقولون: طوطو وكذلك الترجمة الفرنسية فإنها تضع هذه الألفاظ باليونانية، نعنى هذا وأوضاعها المختلفة باختلاف طبيعة الكلمة، وطبيعة العبارة مثل وو لأنها لا تترجم. أما ابن سينا فقد ضرب صفحا عن هذا الموضع، ولم يثر إليه فى كتابه.
__________
(1) 173ب، 4025(1/8)
وقد فطن ابن سينا لهذا الفرق بين اللسانين وشق عليه أن يفهم الأمثلة المضروبة فى اليونانية، كما جاء فى هذا المثال الدال على الغلط لاختلاف مفهوم التركيب. ونحن ننقل ما ذكره ابن سينا: العدو لى يتغصب، والمقاوم لى يأخذ. وهذا مثال يحسن فى غير لغة العرب (1) وأصل المنال فى نص أرسطو (2) وهو فى الترجمة اللاتينية، وهذه العبارة قد تفهم على وجهين إما وإما. والمعنى ادع لى أن أقبض على العدو. ومن هنا جاءت قراءتنا للفظة يتغصب أى يؤخذ قهرا.
ولا نريد أن نتتبع جميع المواضع التى لم يحسن الشيخ الرئيس فهمها، فليس هذا غرضنا، وبخاصة لأن كتابه ليس ترجمة لنص أرسطو. إنما الذى نريد أن نبينه هو أن كتاب أرسطو فى السفسطة من الكتب الدقيقة التى لا يمكن أن تفهم حق الفهم إلا إذا كان الباحث ملما باللغة اليونانية إلماما يمكنه من الاطلاع على الأسرار اللغوية التى يرمى إليها المعلم الأول. أما كتب أرسطو المنطقية الأخرى كالمقولات أو التحليلات، فلأنها تبحث فى أصول عامة، وفى قوانين الفكر مع قطع النظر عن الاعتبارات اللفظية، فقد أمكن للعرب أن ينقلوها، وأن يحسنوا التعليق عليها، ويشرحوها، على خلاف كتاب السفسطة الذى لم يتناوله ابن سينا بالإفاضة، كما فعل فى الكتب السابقة.
__________
(1) السفسطة، ص 10
(2) 166ا، 7وفى الترجمات القديمة العبارة غير مفهومة كذلك، ففى نقل يحيى بن عدى ألا يريدون أن يأخذوا للمحارب. وفى نقل ابن زرعة يريدون للقاوم لى يأخذون.(1/9)
أضف إلى ذلك أن أرسطو ألف كتابه للرد على السوفسطائيين الذين كانوا حقيقة واقعة فى زمانه، وكانت لهم، وبخاصة فى عصر سقراط وأفلاطون، فلسفة وأدب واتجاهات يتميزون بها دون غيرهم. فالكتاب ملائم لروحهم، أو هو مرآة للحياة اليونانية فى ذلك العصر، يفهمه اليونانى، ويجد غير اليونانى صعوبة فى فهمه. ولهذا السبب نفسه كان من الصعب نقل كتاب الشعر لأرسطو، وذلك لاتصاله بالأدب اليونانى وخصائصه المباينة للأدب العربى.
5 - موازنة بين كتابى أرسطو وابن سينا:
وضع ابن سينا لنفسه بإزاء أرسطو خطة تجمع بين الاتباع والابتداع، ودستورا ينص على المحاذاة ولا يمنع المباراة. فقد صرح فى مقدمة الشفاء بحسب عبارته: «واجتهدت فى اختصار الألفاظ جدا، ومجانبة لتكرار أصلا ولا يوجد فى كتب لقدماء شئ يعتد به إلا وقد ضمناه كتابنا هذا وقد أضفت إلى ذلك مما أدركته بفكرى، وحصلته بنظرى، وخصوصا فى علم الطبيعة وما بعدها، وفى علم المنطق» (1). وفى موضع آخر:
«ولما افتتحت هذا الكتاب ابتدأت بالمنطق، وتحريت أن أحاذى به ترتيب كتب صاحب المنطق، وأوردت فى ذلك من الأسرار واللطائف ما تخلو عنه الكتب الموجودة» (2). ويؤيد ذلك تلميذه الجوزجانى حيث يقول: «وهناك اشتغل بالمنطق، وتمكن من الكتب، فعرض من ذلك أن حاذاها، وجرى على ترتيب القوم فيها، وتكلم على ما استنكره من أقوالهم، فطال المنطق» (3).
__________
(1) ابن سينا، الشفاء، المدخل، المطبعة الأميرية، 1952، ص 109
(2) المرجع السابق، ص 11
(3) المرجع السابق، ص 3(1/10)
وفى موضع آخر: وسيجد المتأمل لهذا الكتاب بعين الاعتبار من النكت والنوادر والتفريعات والبيانات ما لا يجده فى كتب السالفين» (1).
أما الاتباع والمحاذاة فليس ذلك قاصرا على ترتيب الكتب المنطقية، بل على ترتيب الموضوعات فى داخل كل كتاب. ويكاد يكون كتاب السفسطة تلخيصا أمينا، وإيرادا للأمثلة ذاتها التى ذكرها أرسطو.
ويعترف الشيخ فى آخر الكتاب بأن المعلم الأول أوفى على الكمل، ودعا الناس إلى تأمل: «ما قاله هذا العظيم هل ورد من بعده إلى هذه الغاية من أخذ عليه أنه قصر، وهل نبغ من بعده من زاد عليه فى هذا الفن زيادة» (2). فليس لنا بعد ذلك أن ننتظر منه خروجا على تعاليم أرسطو، أو شق عصاه فى الشفاء.
أما الابتداع والمباراة فيمكن تلخيصها فى هذه العبارات التى ننقلها عن ابن سينا: «وأما مقاومة السوفسطائيين فلم يوف السالفون منها شيئا يعتد به، لقلة الحاجة إليه بل لم يكن عندهم منها شئ لا فى الأصول ولا فى الجزئيات نرثها إياهم أصلا. ومع ذلك فإن الحاجة قلت إلى صناعة السوفسطائية، فلم يثم عقودها فضلا عن حلولها، بل تكلموا فى أمثلة قليلة جزئية، وأشياء تناسب الخطابة. لكنا بسطنا القول قليلا، ونظرنا فى وجوه الأغاليط، وجمعناها، وجردناها صناعة كلية» (3).
يفخر ابن سينا فى هذه العبارات أنه جعل السفسطة صناعة كلية، لا مجرد رد على السوفسطائيين، باعتبار أن الحاجة قلت إلى مثل ذلك. وهو
__________
(1) المرجع السابق، ص 4
(2) السفسطة، ص 114
(3) السفسطة، ص 112(1/11)
يلتقى مع أرسطو فى هذا المعنى الذى سبق أن نص عليه المعلم الأول فى خاتمة كتابه، ولكنه يضيف إليه، ويفترق عنه بجعل الأغاليط صناعة كلية.
ذلك أن أرسطو يعترف بأن السوفسطائيين مهدوا الطريق لفن الخطابة، وضرب مثلا بثيسياس، وثراسيماخوس من بعده، وثيودورس من بعد ثراسيماخوس، «على العكس فيما يختص بهذا البحث يريد السفسطة فلا يمكن القول إن بعضه كان موجودا من قبل، وبعضه الآخر لم يكن موجودا، إذ لم يوجد فى الواقع شئ منه أصلا» (1). ولكن أرسطو يلحق السفسطة بالجدل، على حين يجردها ابن سينا صناعة كلية. ويبدو أنه محق فى قوله، لأن فلاسفة العرب السابقين عليه، وأبرزهم الكندى والفارابى، لم يؤثر عنهما وضع أساس هذا الفن السوفسطائى جزءا من جملة المنطق.
حقا ألف الكندى كتابا فى الاحتراس عن خدع السوفسطائية (2)، وجاء عند الكلام على كتب أرسطو أن للكندى تفسير هذا الكتاب (3).
وللفارابى كذلك كتاب شرح المغالطة وكتاب المغالطين (4)، غير أن هذه الكتب مفقودة، ولذلك لا يمكن الحكم أقام الكندى والفارابى بمجرد تفسير لسفسطة أرسطو، أم كان لهما رأى مستقل. مهما يكن من شئ فإن كليهما مقل لا يميل إلى الإطناب، كما نعرف من كتبهما الباقية بين أيدينا.
هذا إلى أن مؤرخى العرب نقدوا الكندى بأنه لم يحسن فهم منطق أرسطو (5)، وورث ابن سينا فلسفة الفارابى وتقدم بها إلى الأمام، ويسرها على الأفهام.
__________
(1) سفسطة أرسطو 183ب، 3633وفى الترجمة القديمة فأما هذه الصناعة فليس إنما كان يعضها موجودا وبعضها غير موجود، لكن لم يكن منها شئ موجود ألبتة انظر منطق أرسطو ح 3ص 1011
(2) القفطى طبعة أوربا ص 369
(3) المرجع السابق ص 37
(4) المرجع السابق ص 280279
(5) القفطى ص 368367(1/12)
وإذا وازنا بين كتابى المعلم الأول والثالث رأينا خلافا فى الحجم وترتيب الفصول. يقع كتاب أرسطو فى أربعة وثلاثين فصلا، ويبدأ بالفرق بين القياس والتبكيت، وينتهى بخاتمة عامة. أما ابن سينا فقد قسم كتابه مقالتين، وضع تحت الأولى أربعة فصول، وتحت الثانية ستة. ومع ذلك ليس الخلاف إلا ظاهرا فقط، لأن ما فعله ابن سينا هو إدماجه بعض الفصول فى بعضها الآخر. أما نسق التأليف فإنه مطابق لما جرى عليه أرسطو، ذلك النسق الذى يبدأ بتعريف التبكيت والفرق بينه وبين القياس الصحيح ثم بيان أنواع الاستدلال البرهانى والجدلى والامتحانى والمشاغبى ثم الأغراض الخمسة للقياس السوفسطائى ثم التبكيت الداخل فى اللفظ والداخل فى المعنى ثم طريقة حل المغالطات. وعلى هذا الترتيب سار الشيخ فى كتابه.
وفرق آخر بين الكتابين أن ابن سينا ينبرى للدفاع عن أرسطو، ويغالى فى التعصب للمشائية، ويبسط لسانه فى أفلاطون، والذين يتبعون مذهبه. نقول: يبسط لسانه ونحن نعنى ذلك، إذ يكفى أن تتأمل ما قاله فى الفصل الأول فى صدر الكتاب: «ولقد رأينا وشاهدنا فى زماننا قوما هذا وضعهم، فإنهم كانو يتظاهرون بالحكمة، ويقولون بها، ويدعون الناس إليها، ودرجتهم منها سافلة وكثير منهم لما لم يمكنهم أن ينتسب إلى صريح الجهل، ويدعى بطلان الفلسفة من الأصل قصد المشائين بالنلب، وكتب المنطق والبانين عليها بالعيب، فأوهم أن الفلسفة أفلاطونية، وأن الحكمة سقراطية، وأن الدراية ليست إلا عند القدماء من الأوائل» (1).
__________
(1) السفسطة ص 54(1/13)
ويبدو أن ابن سينا كان ينتهز الفرصة ليطعن على معاصريه ومنافسيه من الفلاسفة الذين يعارضون المشائية، ويأخذون بالأفلاطونية. غير أن تاريخ هذا العصر مع الأسف مجهول وغير واضح، ولسنا نعرف على التحقيق من هم أولئك الأفلاطونيون المعاصرون للشيخ، ولو أنه فى إحدى رسائله إلى أبى جعفر الكيا يفصح عن أنهم جماعة من البغدادية ويصفهم بالضعف والجهل والتقصير ويقول عنهم: البله النصارى من أهل مدينة السلام (1).
وفى رسالة للشيخ إلى علماء بغداد يسألهم الإنصاف بينه وبين رجل همذانى يدعى الحكمة يزعم ابن سينا أنه صادف بمدينة همذان: «شيخا وافر العلم، إلا أنه لما اكتشف مذاهبه صادفها غريبة عجيبة مباينة لما فهم عن الأقدمين. أما المنطق فمنطق آخر وإذا تكلم تكلم بنوع آخر من المقاييس يراها منتجة لمطلوبها، وهى غير منتجة لها بالفعل ولا بالقوة القريبة» (2).
غير أننا نجهل شخصية هذا الهمذانى الذى أخذ من أفواه معشر الحكماء بمدينة السلام.
الذى يعنينا أن أرسطو لم يتعرض لأفلاطون فى كتابه، ولو أنه ذكر سقراط فى آخر الكتاب بمناسبة طريقته التى كان يتبعها من سؤال محاوره دون أن يجيب هو زاعما أنه جاهل، وكان غرضه إيقاع محاوره فى التناقض. ومع ذلك لم يذهب أرسطو إلى أن سقراط كان مغالطا.
أما ابن سينا فإنه يتعرض لأفلاطون، ويصرح باسمه ففى افتتاح المقالة الثانية يقول: «قال المعلم الأول: والذى يؤثره بعض الناس من قسمة الأقاويل ويعنى به أفلاطون أن بعضها موجود بحسب الاسم،
__________
(1) انظر عبد الرحمن بدوى أرسطو عند العرب، ح 1، 1947ص 121119
(2) يحيى مهدوى، فهرست مصنفات ابن سينا، تهران 1333، ص 118(1/14)
وبعضها بحسب المفهوم» (1). ويقول بعد ذلك بقليل: «وأما من فعل فعل أفلاطون فأخذ يتكلم فى السوفسطيقى، ولم يحصل القياس أولا، فقد عمل هذرا» (2). ويبدو أن ابن سينا لم يفطن إلى أن محاورة «السوفسطائى» لأفلاطون ليس الغرض منها الكلام فى السفسطة وبيان وجوه الأغاليط، وظن أنه ما دام عنوانها كذلك، فكان ينبغى على أفلاطون أن يتكلم فيها عن المغالطات، كما فعل أرسطو فى كتاب السفسطة. ويؤيد ذلك ما ذكره ابن سينا فى ختام الكتاب حيث يقول: «والذى عمله معلمه وسماه «سوفسطيقا» حاد فيه عن الواجب، وقصر عن الكفاية. أما الحيد فخلطه المنطق بالطبيعى والإلهى» (3). وقد غاب عن بال ابن سينا أن محاورات أفلاطون كانت تلبس صورة فنية خاصة، وكان يتنقل فيها من موضوع إلى آخر بحيث يصعب الأخذ بافتتاح المحاورة أو اسمها دليلا على موضوعها. هذا إلى أن عنوان المحاورة هو السوفسطائى، لا السوفسطيقا كما وهم ابن سينا، وهى تبحث فى منهج القسمة الذى كان متبعا فى الأكاديمية. ولعل الشيخ الرئيس أراد أن يأخذ جانب أرسطو الذى اكتشف القياس، فغالى فى الطعن على أفلاطون، ولذلك قال إن الشغل يجب أن يكون «مصروفا إلى أن يعلم ما القياس الحق، وما المظنون. فهذه الأشياء إنما ينحو بها المعلم الأول نحو إبانة أن الرجل الذى يدعى أنه معلمه لم يحسن الكلام فى المنطق على الوجه الذى يجب، ولا بين المغالطات البيان الذى ينبغى. وقد صدق: فإن معلمه قليل الإجداء فيما يصفه ويضعه فى العلوم المنطقية» (4). والمقصود «بالرجل الذى يدعى أنه معلمه» أفلاطون، وهذه طريقة ابن سينا للحط من شأن مخالفيه.
__________
(1) السفسطة، ص 45
(2) السفسطة، ص 50
(3) السفسطة، ص 114
(4) السفسطة، ص 5756(1/15)
وكلما جاء موضع لم ينص فيه أرسطو على صاحب الرأى، نسبه ابن سينا إلى أفلاطون. كما يقول: «وقد حكى المعلم الأول أن بعض الناس وأظنه يعنى المدعى له أنه معلمه حل ذلك بأن قال: فرق بين قولنا يفعل بحسب ما يمكنه، وقولنا: إنه يفعل لا محالة بحسب ما يمكنه شيئا» (1). وابن سينا مخطئ فى ظنه أن أفلاطون هو صاحب الحل، لأن كتاب السفسطة لأرسطو من تآليفه المتأخرة التى كتبها كما ذكرنا بعد اكتشافه القياس، وبعد موت أفلاطون، ولم تكن هذه المسائل المنطقية مما تناولها البحث فى الأكاديمية.
وفرق ثالث بين الكتابين أن أرسطو كان قريب عهد بالسوفسطائيين، ومن المأثور أنه كان يلقى وهو يطلب العلم فى الأكاديمية دروسا فى الخطابة يعارض بها مدرسة إيسقراط وأغراضه ومنهجه، وكان إيسقراط قد ورث الغرض والطريقة عن شيوخه من أمثال جورجياس وبروتاجوراس. فالكتاب إحصاء جامع لتمويه السوفسطائيون وخدعهم، والطعن على طريقتهم فى التعليم، أولئك السوفسطائيين الذين كانوا يتناولون الأجر على التعليم، ويدربون تلاميذهم على المشاغبة والمماراة، ويلقنوهم نماذج محفوظة يزهون بها على الخصوم، مما هو شبيه بفن جورجياس (2). ومن أجل ذلك قسم أرسطو المغالطات قسمين: لفظية ومعنوية، وكانت المغالطات الناشئة عن استعمال الألفاظ المشتركة من أعظم ما يعتمد عليه السوفسطائيون. وهذا هو السبب فى أن سقراط بدأ بامتحان الألفاظ، وتحليل المعانى الكلية، للوصول إلى الحق الثابت. ومن هنا نشأت جماعة تذهب إلى أن جميع أنواع المغالطات يمكن ردها إلى الألفاظ، وقد ناقضهم أرسطو، وتبعه ابن سينا فى ذلك.
__________
(1) السفسطة لأرسطو 183ب، 3730
(2) السفسطة، ص 87. وانظر أيضا ص 56، 95(1/16)
ولما كان جو كتاب أرسطو مشبعا بالرد على السوفسطائيين، وكانت طريقة السوفسطائيين هى الخطابة والمحاورة، فإن معظم الأمثلة التى يضربها أرسطو تلائم هذا الجو، نعنى جو الحوار بين شخصين، فإذا سلم المجيب بما يضعه السائل من مقدمات، فقد وجب أن يسلم بالنتيجة التى تفضى إليها هذه المقدمات.
ولم يكن فى زمان ابن سينا سوفسطائيون، ولذلك لم تكن هناك حاجة إلى هذا النوع من التأليف. ومع ذلك فقد ظهرت فى الإسلام جماعة أخرى يختلف أصحابها عن السفسطائيين من جهة أغراضهم ومنهجهم، ولكنهم يفترقون وإياهم فى التميز عن الفلاسفة. وهؤلاء هم المتكلمون فى الإسلام، واللاهوتيون فى المسيحية. وقد صرح ابن سينا فى خلال كتابه بأن: «هذا هو الرسم فى زماننا هذا عند المشاغبة الذين يسمون متكلمين» (1). وذلك عند الكلام عما يفعله السائل المغالط من غلط فى الكلام حتى تخفى النتيجة.
وهذا هو الموضع الوحيد الذى تعرض فيه الشيخ للمتكلمين بالطعن، وسماهم مشاغبة.
ثم إن أرسطو كان يعارض بكتابه جماعة أخرى خلاف السوفسطائيين، هم أصحاب الجدل بمعنى الكلمة، ونعنى بهم الإيليين، وأبرز ممتليهم زينون الذى حيرت حججه فلاسفة زمانه، وهى حجج مشهورة معروفة فى امتناع الحركة والكثرة، والاعتماد على فكرة انقسام المكان والزمان إلى ما لا نهاية له وكان لا بد أن تدحض هذه الحجج بالمنطق، وأن يبين فسادها ببيان المغالطات فى القياس. وهذا ما فعله أرسطو، وضرب المثل فعلا بزينون فى أكثر من موضع. وهذا هو السبب الذى من أجله ألحق كتاب السفسطة بالجدل، لأنه
__________
(1) السفسطة، ص 75(1/17)
يبين فساد الأقيسة التى تعتمد على مقدمات مشهورة وليست يقينية. ونحن نعلم أن أرسطو قسم الاستدلال أربعة أنواع: البرهانى، والجدلى، والامتحانى، والمشاغبى. ولكن الجدلى والامتحانى لا يخصان أى علم معين، بل ينطبقان على كل شئ، لأن جميع الصناعات تستخدم مبادئ مشتركة.
ومن ثم كان جميع الناس، حتى العامة والجهال، يستخدمون هذين الضربين من الاستدلال الجدلى والامتحانى، وهم يستخدمون تبعا لذلك التبكيت (1).
وهذا هو السر الحقيقى فى إلحاق كتاب السفسطة بكتاب الجدل. وكان هذا العمل من أرسطو رد فعل على السوفسطائيين الذين أفسدوا بالخطابة عقول اليونانيين، وأدى منهجهم العقلى إلى اعتقاد آراء فاسدة فى الأخلاق والسياسة.
ولم تكن هذه الظروف الاجتماعية موجودة فى زمان ابن سينا، فقد انقضى عهد السوفسطائيين من قديم، وانتقلت الفلسفة من الحوار الشعبى فى الأروقة والملاعب والبساتين، وانحصرت فى داخل جدران المدارس، وأصبحت صناعة فئة خاصة تتدارس فى الكتب. إنها الفلسفة المدرسية التى تعتمد على احتذاء كتب أرسطو بوجه خاص وتتعقبها بالشرح والترتيب لغرض التعليم والتلقين. وفى هذا الجو الجديد ينبغى أن نفهم كتاب السفسطة لابن سينا، فيتسنى لنا أن نفهم ما ذكره من قبل من أنه نظر فى وجوه الأغاليط، وجمعها وجردها عن المواد صناعة كلية. وبذلك أصبحت السفسطة بابا من أبواب المنطق فى جملته، لا مجرد ملحق للجدل.
وابن سينا هو فيما نعرف أول مناطقة العرب الذين وضعوا السفسطة هذا الموضع من المنطق، ثم جرى العرف على ذلك إن فى الشرق أو الغرب حتى الآن.
__________
(1) السفسطة لأرسطو 172ا، 4020وما بعدها(1/18)
6 - أنواع المغالطات:
قسم أرسطو المغالطات قسمين: لفظية ومعنوية، وظل تقسيمه عماد المناطقة منذ عهده حتى الفلسفة الحديثة، حين حاول جون ستيورات مل أن يقسم المغالطات قسمة جديدة وكذلك حاول غيره. ومع ذلك لا يزال تقسيم أرسطو مأخوذا به باعتبار أنه أفضل ما أمكن الوصول إليه. فقد رأى المتأخرون من المناطقة كما يقول روس أنه من الضرورى اتباع الخطوط الرئيسية فى علاجه للموضوع، وعند ما حاولوا الانحراف عن هذه الخطوط لم يصلوا إلى نتيجة أفضل (1). ولا تزال كتب المنطق حتى اليوم تأخذ بما وضعه المعلم الأول، وتستعمل الاصطلاحات التى وضعها، ولو أنها تقتصر من أنواع المغالطات التى ذكرها أرسطو على أهمها (2).
وسوف نذكر قائمة هذه الأنواع، مع ذكر الاصطلاح الذى استعمله ابن سينا، وما يقابله باليونانية، وباللاتينية.
(ا) التبكيت الداخل فى اللفظ
(1) اشتراك الاسم
(2) المماراة
(3) التركيب
__________
(1) 61.،:
(2) انظر مثلا،. 1949،،(1/19)
(4) القسمة
(5) الإعجام
(6) شكل اللفظ
(ب) المنالطات التى تقع بحسب المعانى
(1) ما بالعرض
(2) سوء اعتبار الحمل
(3) قلة العلم بالتبكيت
(4) المصادرة على المطلوب الأول
(5) إيهام عكس اللوازم
(6) جعل ما ليس بعلة علة
(7) جمع المسائل الكثيرة فى مسألة واحدة
لاحظ أرسطو نفسه أن تصنيفه ليس كاملا، لأنه لم يستوف جميع أنواع المغالطات، ويرجع ذلك إلى أن عدد العلوم لا يتناهى، هذه العلوم التى تستند إلى الاستقراء. وفى ذلك يقول: «لا ينبغى أن نحاول إحصاء عدد المواضع التى تقوم عليها مغالطة من نروم ردهم قبل أن يتم لنا العلم بكل شئ. غير أن هذه المعرفة الكلية لا يمكن أن تكون موضوعا لتعليم واحد، إذ مادام عدد العلوم لا يتناهى، فبراهينها لا تتناهى كذلك» (1) يريد أن يقول إنه من المستحيل قبل أن نبلغ العلم الكلى والبراهين الكلية أن نحصى فى كل علم أغاليط أولئك الذين نبغى تبكيتهم. وهذا الاحصاء عمل فوق طاقة الإنسان. لذلك ينبغى الاقتصار على المبادئ المشتركة المتصلة بالجدل، لأن الجدل هو العلم الخاص بهذه المبادئ (2). وهذا المعنى هو الذى بسطه ابن سينا بقوله: إن العلم بالجزئيات لا يتناهى، أو بحسب عبارته: «ولا تظن أن هذه القوانين إنما تتم لك إذا علمت كل موجود، ونظرت فى كل خطأ وصواب، فإن ذلك لا يتناهى.(1/20)
لاحظ أرسطو نفسه أن تصنيفه ليس كاملا، لأنه لم يستوف جميع أنواع المغالطات، ويرجع ذلك إلى أن عدد العلوم لا يتناهى، هذه العلوم التى تستند إلى الاستقراء. وفى ذلك يقول: «لا ينبغى أن نحاول إحصاء عدد المواضع التى تقوم عليها مغالطة من نروم ردهم قبل أن يتم لنا العلم بكل شئ. غير أن هذه المعرفة الكلية لا يمكن أن تكون موضوعا لتعليم واحد، إذ مادام عدد العلوم لا يتناهى، فبراهينها لا تتناهى كذلك» (1) يريد أن يقول إنه من المستحيل قبل أن نبلغ العلم الكلى والبراهين الكلية أن نحصى فى كل علم أغاليط أولئك الذين نبغى تبكيتهم. وهذا الاحصاء عمل فوق طاقة الإنسان. لذلك ينبغى الاقتصار على المبادئ المشتركة المتصلة بالجدل، لأن الجدل هو العلم الخاص بهذه المبادئ (2). وهذا المعنى هو الذى بسطه ابن سينا بقوله: إن العلم بالجزئيات لا يتناهى، أو بحسب عبارته: «ولا تظن أن هذه القوانين إنما تتم لك إذا علمت كل موجود، ونظرت فى كل خطأ وصواب، فإن ذلك لا يتناهى.
بل إنما تتم لك إذا علمت الأصول والقوانين التى تنتزع من أمورها، وتكون سائرها على قياسها. وأنت تعلم أن الجزئيات من التبكيتات البرهانية والجدلية غير متناهية» (3).
وحاصل كلام أرسطو، ثم ابن سينا من بعده، أن المغالطات تنحصر أو يمكن أن تنحصر فى القياس، ولا يمكن ذلك فى الاستقراء. ولذلك عند ما أراد جون ستيوارت مل أن يضع أساسا جديدا للمغالطات نظر إلى الاستقراء، وهو
__________
(1) الفصل التاسع 170ا، 20وتجرى ترجمة يحيى بن عدى كما يأتى: «فأما سائر وجوه التبكيت والتهجين فى الكلام فليس ينبغى لنا أن نتعاطى معرفتها قبل العلم بجميع الأشياء، وذلك لا يكون لصناعة واحدة، وذلك أن الصناعات كثيرة وبغير نهاية»
(2) من تعليق تريكو فى ترجمته لسفسطة أرسطو.
انظر. 39.، 1950،،،:
(3) السفسطة، ص 40(1/21)
منهج البحث الموصل إلى كسب العلوم المختلفة. ويرجع ذلك إلى اختلاف المذهبين اللذين يقيم عليهما أرسطو ومل منطقيهما. ذلك أن فلسفة أرسطو عقلية تستمد الحق من المبادئ الأولى الموجودة فى العقل، وفلسفة مل حسية تعتمد على المشاهدات والتجارب. ومن هنا وضع مل تقسيمه للأخطاء على أساس الاستقراء الذى يبدأ بالملاحظة، ثم بالتعميم للوصول إلى القوانين العلمية، وكان أهم المغالطات عنده هى تلك الأخطاء الخاصة بالملاحظة، وهى أخطاء تتلاءم مع النظرة التجريبية للعلم (1). والحال كذلك فى المنطق الرياضى الحديث، ففيه مغالطات تختص به، وتتلاءم مع هذا النوع من المنطق. فإذا كان أرسطو قد اعترف بأن تصنيفه ليس كاملا، فذلك يرجع إلى بناء منطقه على مذهب ميتافيز بقى معين، هو الذى أخذ به ابن سينا.
الملاحظة الثانية على تصنيف المغالطات، هى إمكان اعتبار المغالطة الواحدة واقعة تحت أكثر من قسم. وقد فطن أرسطو إلى ذلك فضرب مثلا بالتبكيت الناشئ عن سوء اعتبار الحمل كقولنا إن الشئ قد يكون ضعفا وليس ضعفا فى آن واحد وذلك إذا أخذنا الضعف مع اختلاف الزمان، أو تارة باعتبار الطول وأخرى باعتبار العرض وهذا النوع من المغالطة يمكن أن يدخل فى المغالطات اللفظية (2). ويعترف ابن سينا كذلك بأن المغالطة الواحدة يمكن اعتبارها تحت أكثر من قسم. مثال ذلك عند ما تكلم على قلة العلم بالتبكيت، قال: «ولا يبعد أن يدخل هذا الموضع فى المغالطات اللفظية، من جهة أن المغالطة وقعت فى اللفظ لتقصير فيه وإيهام معنيين، وإن كان قد يدخل فى المغالطات فى القياس،
__________
(1) انظر؟؟؟، و؟؟؟،
(2) أرسطو 167ا، 3525(1/22)
من جهة أن القياس فيه على غير المطلوب (1)». وهذا يوافق ما ذهب إليه أرسطو حين زعم أن جميع أنواع المغالطات يمكن أن ترد إلى نوع واحد هو الجهل بالتبكيت (2). وقد كتب كثير من المحدثين ينقدون تصنيف أرسطو، فقال الدكتور إبراهيم مدكور: إن من عيوب هذا التصنيف ذكر أنواع من المغالطات ليست جارية فى الاستعمال، وإغفال أنواع أخرى على شئ من الأهمية، وأرسطو نفسه يعترف بأنه ربما كانت هناك مغالطات غير التى أشار إليها، وفوق ذلك هو تصنيف متعسف، ويمكن رد جميع الأنواع إلى الجهل بالتبكيت إلى أن قال: «إن ابن سينا بدلا من تعديله تصنيف أرسطو يعتمد عليه، ويدور حوله، ولا يضيف إليه جديدا. وقد حاول بعض المناطقة المحدثين أن يضعوا تصنيفا جديدا للمغالطات يخالف ما وضعه أرسطو، ولكنهم قل أن يصلوا إلى نتيجة أكثر إرضاء (3)».
ويرجع اضطراب أرسطو إلى أنه نظر إلى المغالطات من زوايا متعددة.
فهو يبدأ كتابه بقسمة الاستدلال قسمين حق وظاهر، وأن السفسطة هى الاستدلال الذى يبدو عليه ظاهر الحق، وليس حقا وذلك إما عن قصد وتمويه من السوفسطائى المغالط، وإما عن جهل بالقياس الصحيح المنتج.
وفى الفصل السادس يضيف إلى هذا الأساس فى المغالطات أساسا آخر هو الجهل بالتبكيت. وقبل ذلك فقد اتخذ أساسا ثالثا هو قسمة المغالطات قسمين أحدهما لفظى، والآخر خارج اللفظ أو معنوى.
__________
(1) السفسطة، ص 22
(2) الفصل السادس 168ا، 2016
(3)، 1934،،،. 237230.(1/23)
وقد أورد ابن سينا جميع هذه الأسس، ولكنه استبعد منها، وبطريقة حاسمة، أن جميع أنواع المغالطات يمكن ردها إلى الألفاظ. وبذلك تنحصر المغالطات فى الجهل بالقياس الصحيح، وهو الاتجاه الذى انتهى إليه فى كتبه الأخرى مثل النجاة والإشارات، مما يجعل السفسطة جزءا من المنطق فى جملته، لا ملحقا للجدل. والتصنيف الجديد الذى ذهب إليه فى كتبه المتأخرة يقسم المغالطات قسمين: صورية ومادية. أما الصورية فترجع إلى تركيب القياس وأنه غير منتج، وأما المادية فترجع إلى كذب المقدمات. وقد أخذ بهذا التصنيف الجديد معظم المناطقة فيما بعد، فى الشرق والغرب على السواء (1).
وهناك أسباب بسيكو لوجية للوقوع فى الغلط، وأخرى إبستيمو لوجية.
أما الأسباب النفسية فقد عددها أرسطو، وأهمها الهوى والانفعال مثل الغضب. وهذه الأسباب وإن أوردها ابن سينا، لم يقف عندها طويلا. أما الأسباب الإبستيمولوجية فهى العجز عن التمييز، وذلك يرجع إلى المشابهة بين الأشياء (2). وقد ناقش ابن سينا هذه المسألة مناقشة طويلة، وأرجع إليها السبب فى جميع المغالطات. فهو عند ما تعرض لأنواع المغالطات وإمكان ردها جميعا إلى الجهل بالتبكيت، أو إلى الجهل بالقياس الحقيقى والتبكيت الحقيقى يقول: «والسبب المقدم فى ذلك، وفى كل ضلالة، سبب واحد، وهو:
العجز عن الفرق بين الشئ وغيره، والفرق بين النقيض وغير النقيض. فإن الجهل بأن غير النقيض نقيض، كالجهل بالفرق بين الشئ وهو هو» (3) فكأنه رد
__________
(1) انظر مثلا ليارد فى كتابه المنطق.؟؟؟؟؟؟ و،، حيث يقسم المنالطات الى صورية، ومادية؟؟؟، ثم يتحدث عن المغالطات فى الاستقراء ويورد أهم ما ذكره ستيوارت مل أما كوهين وناجل فقد قسما المغالطات، الى صورية، ومادية ونصف صورية أو لفظية، المرجع السابق ص 376
(2) انظر السفسطة لأرسطو الفصل السابع 169اوما بعدها، وكذلك الفصل العاشر.
(3) السفسطة، ص 32(1/24)
نوعى المغالطة، اللفظية والمعنوية، نعنى تلك التى تصيب التصور وتلك التى تصيب التصديق، إلى أصل عقلى آخر هو العجز عن التمييز والتفرقة. وهذا هو المبدأ نفسه الذى ذهب إليه ديكارت فى منهجه من وجوب الوضوح والتميز.
يحصل التميز ويسميه ابن سينا «التفصيل» أيضا فى الذهن، وينشأ من تطبيق المعنى على اللفظ، وعن تصور المعنى فى الذهن وصلته بالشئ الخارجى. ذلك أن اللفظ واسطة بين الشئ الخارجى، وبين المعنى الذهنى.
وعند ما يتعلق المنطقى باللفظ يبتعد عن المعنى، ثم عن الشئ الخارجى، فإذا شاء أن يلحظ الصواب فعليه أن يلحظ الشئ نفسه. أو بعبارة ابن سينا:
«ومن قدر على التميز بادر فلاحظ الشئ نفسه، وصار سماعه للفظ إشارة فيه على المعنى، حتى إذا قال موجود وواحد تميز له مثلا ما هو الأولى بذلك (1).
وعنده أن الألفاظ أكثر تضليلا من المعانى، «ولذلك ما يقع الغلط فى المحاورة أكثر منها فى الفكرة» (2). وهكذا وضع ابن سينا إصبعه على جو السفسطة الأرسطية، نعنى «المحاورة»، فقد كان تعليم السوفسطائبين وخطابتهم وبلاغتهم، وجدل الإيليين، وفلسفة سقراط وأفلاطون، وحتى أرسطو نفسه، قائمة على المحاورة والمناقشة. وكان طلب المعرفة والعلم فى ذلك العصر لا يعتمد على الكتب بمقدار ما كان يعتمد على السماع. ولم تكن المحاورة اللفظية، أو المناقشة (3) هى طريقة التعليم فقط، بل كانت كذلك الطريقة التى يتعاون بها الأصحاب فى البحث عن الحقيقة الفلسفية. فلا غرابة إذن ألا يبحث أرسطو فى معظم كتبه المنطقية فى التفكير الذى يدور فى الذهن، بل الحجة التى تجرى بين شخصين متنازعين. فهو يبحث فى الطرق التى يمكن بها فى هذه المحاورات اللفظية طلب الحقيقة، وامتحان الحلول المقترحة للمسائل
__________
(1) السفسطة، ص 33
(2) السفسطة، ص 34
(3). 264.،،(1/25)
المطروحة، وتجنب الحجج الزائفة للمغالطين (1). وبما أن ابن سينا كان قد نقل المنطق من هذا الجو اللفظى إلى جو «الروية الباطنة»، أو «النطق الداخلى»، فقد جعل عنايته بالمعانى وأساليب التفكير، لا بالألفاظ، إذ «ليس للمنطقى من حيث هو منطقى شغل أول بالألفاظ إلا من جهة المخاطبة والمحاورة. ولو أمكن أن يتعلم المنطق بفكرة ساذجة، إنما تلحظ فيها المعانى وحدها، لكان ذلك كافيا ولو أمكن أن يطلع المحاور على ما فى نفسه بحيلة أخرى، لكان يغنى عن اللفظ ألبتة» (2).
هذا هو السر فى أن ابن سينا هاجم القائلين بأن جميع أسباب الغلط ترجع إلى اللفظ، ورفض هذا الرأى رفضا باتا، واتجه بعد ذلك اتجاها جديدا فى قسمة المغالطات إلى صورية ومادية.
7 - طريقة التحقيق:
رجعنا إلى جميع المخطوطات التى وصفت عند تحقيق مدخل ابن سينا من الشفاء، وأضفنا إليه مخطوطا رمزنا إليه بحرف «سا». واتبعت الطريقة ذاتها فى التحقيق (3).
ولكنا نود أن نضيف بعض الأمور بمناسبة هذا الكتاب.
(ا) رجعنا فى ضبط الأمثلة، وتحقيق العبارة إلى كتاب السفسطة لأرسطو، وإلى الترجمة العربية القديمة. وبما أن كتاب ابن سينا
__________
(1) المرجع السابق ص 265
(2) الشفاء، المدخل ص 2221
(3) الشفاء، المدخل، المقدمة 4235(1/26)
ليس ترجمة لكتاب أرسطو، فلم نجد ضرورة لذكر المواضع الأصلية من كتاب أرسطو. وفى مقدمتنا نماذج لهذه الموازنة، التى أفادت فى تصحيح كثير من المواضع، ووضحت كثيرا من القراءات.
(ب) هناك أسماء أعلام من اليونانيين وردت خلال الكتاب. وقد اضطرب النساخ فى رسم هذه الأعلام. وقد أوردنا فى المتن الرسم القريب للنطق اليونانى، والجارى الآن فى الاستعمال. مثال ذلك «زينون» فإنه يرسم فى جميع المخطوطات «زنين».
(ج) وهذا ثبت بالمخطوطات التى رجعنا إليها ورموزها.
ب بخيت، رقم 331مكتبة الأزهر خصوصية.
بخ هامش بخيت.
د دار الكتب، رقم 894فلسفة.
س سليمانية (داماد) رقم 824
سا سليمانية (داماد) رقم 822 (1)
م المتحف البريطانى رقم 7500
ن نور عثمانية رقم 2708
هـ المكتب الهندى 4752
أحمد فؤاد الاهوانى
__________
(1) يراجع وصف هذا المخطوط الجديد فى جوامع علم الموسيقى من كتاب الشفاء، المقدمة ص 29(1/27)
السفسطة(1/29)
المقالة الأولى الفن السابع من المنطق فى السفسطة(1/31)
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الفن السابع من المنطق فى السفسطة (2)
[الفصل الأول] (ا) فصل فى تعريف المغالطة وتعديد أجزاء الصناعة المشاغبية (3)
قد قلنا فى المحاورة الجدلية بحسب الكفاية. وأمّا التبكيت المغالطى، وهو القياس الذى يعمله (4) المتشبه بالجدلى أو التعليمى (5) لينتج نقيض وضع مّا، فبالحرى أن نتكلم فيه، وبالحرى أن (6) لا نسميه تبكيتا وتوبيخا بل تضليلا، كما سلف منا ذكره.
__________
(1) البسملة: ساقطة من د، س، م، ن، هـ
(2) فى السفسطة من كتاب الشفاء بخ الفن السابع من الجملة الأولى فى سوفسطيقا وهو مقالتان المقالة الأولى ثلاثة فصول غير مترجمة فصل س خرم فى نسخة سا حتى صفحة 6الفن السابع من كتاب الشفاء ويشتمل على معانى السفسطة مقالتان وهو يشتمل على معانى السفسطة المقالة الأولى من الفن السابع من الجملة الأولى من المنطق ثلاثة فصول الفصل الأول م الفن السابع وهو مقالتان تشتمل على معانى السفسطية المقالة الأولى فصل ن الفن السابع من الجملة الأولى من المنطق فى سوفسطيقا المقالة الأولى وهى ثلاثة فصول غير مترجمة فصل هـ
(3) لم تذكر جميع المخطوطات التى رجعنا اليها عنوان هذا الفصل، وجميعها تذكر أن المقالة الأولى ثلاثة فصول، مع أنها أربعة.
وقد وضعنا هذا العنوان عن فهرست مصنفات ابن سينا تأليف يحيى مهدوى وقد وضع عنوان فصول الشفاء عن نسخة كتبخانة ملى تهران 580، مع العلم أن هذا المخطوط يذهب إلى أن المقالة الأولى ثلاثة فصول، الفصل الأول فى تعريف المغالطة وتعديد أجزاء الصناعة المشاغبية وبيان كيفية وقوع الغلط من جهة الألفاظ فى التبكيتات المشاغبية، فجمع بذلك عنوان فصلين فى فصل واحد [المحقق].
(4) يعمله: يعلمه د
(5) أو التعليمى: والتعليمى د
(6) وبالحرى أن: وبالحرى فى أن د، س، هـ.(1/32)
وذلك أنه كما أن من الأمور حقا ومتشبها (1)، مثل ما أن من الناس من هو (2)
نقى الجيب، (3) طيب السريرة، ومنهم من يتراءى بذلك بما يظهره مما يعجب منه ويكنيه (4) عن نفسه ومن (5) الحسن ما هو مطبوع، ومنه ما هو مجلوب بتطرية وفى (6) الأمور الجمادية ما هو فضة وذهب بالحقيقة، ومنها (7) ما هو مشبه به كما رقشيثا
__________
15*
(8) الفضية والذهبية، وما يتخذ من الرصاص المصلب، وما يصبغ من الشبه (9) بالمرار
16* *
(10) ومن الفضة يصبغ بالمرار وسائر (11) الأصباغ التى يتخذها أصحاب الحيل. كذلك قد يكون من القياس ما هو حق موجود، وقد يكون منه ما هو تبكيت سوفسطائى مشبه بالحق ولا حقيقة له قياسية موجودة، وإنما يتروج على ظن من لم يتدرب، كأنهم ناظرون من بعيد.
والفرق بين القياس المطلق والتبكيت المطلق: فهو (12) أن القياس المطلق قياس مطلق بحسب النتيجة المطلقة فإن القياس: قول إذا سلّمت فيه أشياء لزم عنها (13)
لذاتها قول آخر اضطرارا. (14)
(1) ومتشبها: ومشبها د، م، ن، هـ
(2) من هو: بالحقيقة د، م، ن، هـ
(3) الجيب: الحسب س
(4) ويكنيه: ويمكنه س، م، ن، هـ
(5) ومن: من س
(6) وفى: فى س
(7) ومنها ما: ومنه ما ب، د وما س
(8) كما رقشيثا: كما نرى المارقشيثا د كالمارقشيثا س
(9) الشبه: النسبة ن
(10) بالمرار: من المرار د
(11) وسائر: ومن سا، ن
(12) فهو: هو د ساقطة من س، ن، هـ
(13) عنها: عليها م
(14) اضطرارا: اضطراريا ب.
(15) (*) مارقشيثا: وقد تكتب بدون ألف هكذا: مرقشيثا، صنف من الحجارة يستخرج منه النحاس ومنها ذهبية، ومنها فضية، ومنها نحاسية. وكل جوهر منها يشبه الجوهر الذى ينسب اليه فى لونه، وكلها يخالطها الكبريت (المعتمد فى الأدوية المفردة لابن رسول، وعجائب المخلوقات للقزوينى) [المحقق].
(16) (* *) الشبه: محركة، النحاس الأصفر (أقرب الموارد)، والمرار بالضم، شجر مر، وقيل المرار حمض. والمرار بالكسر من أمره به، كإمرار الحديد على الطست (اللسان) [المحقق](1/33)
وأما التبكيت المطلق: فهو قياس على نتيجة هى (1) نقيض دعوى وضع.
والتبكيت السوفسطائى: هو قياس (2) يرى أنه مناقض للحق، ونتيجته نقيض الحق، وليس كذلك بالحقيقة والسوفسطائى (3) يروجه من غير أن يشعر (4) هو به، أو يشعر أكثر الناس بما يفعل هو. وإنما يقع هذا الترويح (5) لأسباب كثيرة:
أوكدها وأكثرها وقوعا (6) ما يكون بسبب تغليط (7) الألفاظ باشتراكها فى حد انفرادها أو لأجل (8) تركيبها ويكون حاصل (9) السبب فى ذلك أنهم إذا تكلموا أقاموا الأسماء فى أذهانهم بدل الأمور، فإذا عرض فى الأسماء اتفاق وافتراق، حكموا بذلك على الأمور، مثل الحاسب غير الماهر إذا غلط فى حسابه (10) وعقده، ظن (11) أن حكم (12) العدد فى وجوده هو حكم عقده وكذلك إذا غالطه (13) غيره.
وقد أوجب الاتفاق فى الاسم سبب قوى: وهو أن الأمور غير محدودة، ولا محصورة عند المسمين، وليس أحد منهم عند ما (14) يسمى (15) أمكنه حصر جميع الأمور التى يروم تسميتها، فأخذ بعد ذلك يفرد لكل معنى اسما على حدّه، بل إنما كان المحصور عنده، وبالقياس إليه، الأسماء فقط فعرض (16) من ذلك أن (17)
جوز الاشتراك فى الأسماء، إذا (18) كانت الأسماء عنده (19) محصورة، ولا (20) يحتمل أن يبلغ بها تركيب بالتكثير (21) غير متناه، لأن الأسماء حينئذ تجاوز حدا لحقه إلى طول
__________
(1) هى: مع س
(2) قياس: مناقض النتيجة فاسدها ن، هـ
(3) والسوفسطائى:
ولكن السوفسطائى د
(4) أن يشعر: أن لا يشعر ن
(5) الترويج: التروج ن
(6) وقوعا: وقوع ب، س، ن، هـ
(7) تغليط: تغليظ ب، د يرى أنه مناقض للحق ونتيجة إلى ن
(8) أو لأجل: ولأجل ن
(9) حاصل: خاص د
(10) حسابه:
حسبه س، م، ن، هـ
(11) ظن: وظن س، ن
(12) حكم: ساقطة من س
(13) غالطه:
غالط س، ن
(14) عند ما: ساقطة من هـ
(15) يسمى: سمى م، ن
(16) فعرض:
تعرض د، س
(17) أن: إلى ن
(18) إذا: إذ م، هـ
(19) عنده: عند هـ
(20) ولا:
لا د
(21) بالتكثير: فى التكثير هـ.(1/34)
غير محتمل، فلم يوطّن المسمى الواحد والمختلفون (1) أنفسهم إلا على انحصار الأسماء فى حد، ومجاوزة (2) الأمور كل حد، فعرض اشتراك أمور كثيرة فى لفظ واحد. فهكذا ينبغى أن تفهم هذا الموضع وهو متكلف مجرور (3) إلى الصواب كرها.
وقد قلنا فى الفنون الماضية (4) ما دل على استنكارنا (5) أن يكون السبب فى اشتراك الاسم تناهى الألفاظ، وغير تناهى المعانى. وإذا (6) فهم على هذه الصورة كان (7) أقرب إلى الصواب. فهذا هو من أسباب أن وقع الاشتراك فى الأسماء، ووقعت (8) المغالطة (9) بسببه، وعرض منه ما يعرض من عقد (10) الحساب فكما (11) أن الحاسب إذا كان غير متمهر (12) يغلط نفسه، (13) ويغلطه (14) غيره، كذلك (15) يعرض لمن لا خبرة له بما يعرض من الألفاظ وغيرها (16) من وجوه الغلط التى سنذكرها.
ويشبه (17) أن يكون بعض الناس، بل أكثرهم، يقدم إيثاره لظن الناس به أنه حكيم، ولا يكون حكيما، على إيثاره لكونه فى نفسه حكيما، ولا يعتقد الناس فيه ذلك. ولقد رأينا وشاهدنا فى زماننا قوما هذا وصفهم: فإنهم كانوا يتظاهرون بالحكمة، ويقولون بها، ويدعون الناس إليها، ودرجتهم فيها سافلة فلما عرفناهم أنهم مقصرون، وظهر حالهم للناس، أنكروا أن تكون للحكمة (18)
حقيقة، وللفلسفة فائدة. وكثير منهم لما لم يمكنهم (19) أن ينتسب (20) إلى صريح
__________
(1) والمختلفون: فى ب، س
(2) ومجاوزة: أو مجاوزة م
(3) مجرور:
ومجرور س
(4) الماضية: ساقطة من م
(5) استنكارنا: استنكارنا ب
(6) وإذا:
فاذا هـ
(7) كان: كانت ن
(8) ووقعت: ورفعت د
(9) المغالطة: المغالطات د، س
(10) عقد: عند هـ
(11) فكما: وكما ب، س، م، ن، هـ
(12) متمهر: متميز هـ
(13) نفسه: بنفسه س، م، ن، هـ
(14) ويغلطه: ويغلط م، ن
(15) كذلك: وكذلك ب
(16) وغيرها: وغيرهما ن
(17) ويشبه: ويشتبه ن
(18) للحكمة: الحكمة م
(19) يمكنهم: إلى م
(20) ينتسب: ينسب م.(1/35)
الجهل، (1) ويدعى بطلان الفلسفة من الأصل، وأن ينسلخ كل الانسلاخ عن المعرفة والعقل، قصد المشائين بالثلب، وكتب المنطق (2) والبانين (3) عليها بالعيب، (4)
فأوهم (5) أن الفلسفة أفلاطونية، وأن الحكمة سقراطية، وأن الدراية ليست إلا عند القدماء من الأوائل.
والفيثاغوريون (6) من الفلاسفة، وكثير منهم (7) قال: إنّ الفلسفة، وإن كان لها حقيقة مّا، (8) فلا جدوى (9) فى تعلمها وإن النفس الإنسانية كالبهيمية (10) باطلة ولا (11) جدوى للحكمة فى العاجلة وأما الآجلة فلا آجلة. (12) ومن أحب أن يعتقد فيه أنه حكيم، وسقطت قوته (13) عن إدراك الحكمة، أو عاقه (14) الكسل والدعة عنها (15)
لم يجد عن اعتناق صناعة المغالطين محيصا. (16) ومن ههنا نتجت (17) المغالطة التى تكون عن قصد، وربما كانت عن ضلالة.
والمغالطون (18) طائفتان: سوفسطائى، ومشاغبى. (19) فالسوفسطائى هو الذى يتراءى بالحكمة، (20) ويدعى أنه مبرهن ولا يكون كذلك، بل أكثر ما يناله أن يظن به ذلك. وأما المشاغبى فهو الذى يتراءى بأنه (21) جدلى، (22) وأنه إنما (23) يأتى فى محاوراته (24) بقياس من المشهورات المحمودة ولا (25) يكون كذلك، بل أكثر (26) ما يناله (27)
أن يظن به ذلك.
__________
(1) الجهل: الحمل ن
(2) المنطق: المنطقيين س، م، هـ
(3) والبانين: والتابين ب والناس ن
(4) بالعيب: بالغيب م، بالعتب هـ
(5) فأوهم: فانهم م
(6) والفيثاغوريون:
والفيثاغورثون ب والفوثاغوريون ن
(7) منهم: من هـ
(8) ما: ناقصة من س
(9) جدوى: وجدوى د
(10) كالبهيمية: كالبهيمة س
(11) ولا: فلا د
(12) فلا آجلة:
ناقصة من س
(13) قوته: ساقطة من س
(14) عاقه: غاية م
(15) عنها: منها م
(16) محيصا: مختصا م
(17) نتجت: نبحث م
(18) والمغالطون: والمغالطيون م، هـ
(19) ومشاغبى مرائى د، س، م، ن، هـ
(20) بالحكمة: للحكمة ب
(21) بأنه:
أنه د
(22) جدلى: جدل ن
(23) إنما: ساقطة من س، هـ
(24) محاوراته: محادثة س محاورته م، هـ
(25) ولا: فلا ن
(26) أكثر: أكثره م
(27) يناله: قاله بخ.(1/36)
والحكيم (1) بالحقيقة هو الذى إذا قضى بقضية يخاطب بها نفسه أو غير نفسه يعنى (2) أنه قال حقا صدقا، فيكون قد عقل الحق عقلا مضاعفا وذلك لاقتداره (3) على قوانين تميز بين الحق والباطل، حتى (4) إذا قال (5) صدقا، (6)
فهذا هو الذى إذا فكر وقال أصاب، وإذا سمع من غيره قولا، وكان (7) كاذبا، (8)
أمكنه إظهاره والأول (9) له بحسب ما يقول، والثانى بحسب ما يسمع.
فبالحرى أن يكون أول ما يصرف إليه السوفسطائى وكده (10) أن يستقرئ الألفاظ المشتركة، ويجمعها، وينصبها حذاء (11) عينه، بل أن يحيط علما بجميع المخاطبات والمحاورات السوفسطائية وأصنافها، لتكون (12) مادة معدة له لما يفعله. ويكاد أن يكون اشتراك الاسم هو أنفع شئ (13) له فى أن يظن به أنه حكيم.
ولا (14) حاجة لنا (15) إلى إثبات وجود هذه الألفاظ المشتركة وأجناس المخاطبات المضللة، إذ الأمر فى وجودها ظاهر ونقول: إن أجناس (16) المحاورات (17)
القياسية المتعلقة بالأمور الكلية أربعة: البرهانية، والجدلية، والامتحانية، والمشاغبية وقد عرفتها فيما سلف لك، (18) وعرفت الفرق بين المشاغبية (19)
والسوفسطائية، وعرفت أن المغالطية تجمعها (20) جميعا وقد عرفت البرهانية والجدلية والامتحانية، وبقيت (21) المشاغبية، فنقول:
__________
(1) والحكيم: والحكم ن
(2) يعنى: ناقصة من ب، د، س، م
(3) لاقتداره:
هنا انتهاء الحزم فى مخطوطة سا
(4) حتى: ساقطة من س
(5) قال: قال س، م، هـ
(6) صدقا: صدق د
(7) وكان: فكان م
(8) كاذبا: كذبا س، ن، هـ
(9) والأول: فالأول س
(10) وكده: فكره ن
(11) حذاء: تجاه د
(12) لتكون:
ناقصة من سا
(13) شئ: ناقصة من ن
(14) ولا: فلا د
(15) لنا: لذا د
(16) أجناس: الأجناس ب، ن
(17) المحاورات: للمحاورات ن
(18) لك:
ساقطة من س
(19) المشاغبية المشاغبية: ساقطة من م
(20) تجمعها:
تجمعهما ب، سا
(21) وبقيت: وبقى ب، س، م.(1/37)
إن أجزاء الصناعة المشاغبية خمسة: واحدها (1) التبكيت المغالطى وثانيها التشنيع (2) بما يتسلم مما يسلمه أو يقوله المخاطب وثالثها سوق الكلام إلى الكذب وإلى (3) خلاف المشهور ورابعها إيراد ما يتحير فيه المخاطب ويشتبه عليه معناه من جهة اللفظ، والإغلاق، والإعجام، (4) وعلى (5) ما سنوضح (6) بعد (7) وخامسها الهذيان والتكرير.
والتبكيت منه ما هو داخل فى اللفظ، ومنه ما هو داخل فى المعنى. والفرق بين التبكيت وبين (8) غيره: أن التبكيت هو نفس القول الذى يراد به إنتاج نقيض الوضع ونظير (9) الحق مطلوب معلوم. (10) وأما الآخر فليس المغالط يوردها (11)
على هذه (12) السبيل، بل قد يبتدئ (13) بها، ولا يعلم المخاطب مقصوده بها. (14)
وكثيرا (15) ما يسأل (16) السوفسطائى عن طرفى النقيض، فإن سلم له الموجبة مثلا عقد منها (17) التبكيت، وإن سلمت له (18) السالبة لم ينتفع بها فى التبكيت، وشنع (19) بأن هذا الذى سلمت مخالف (20) وغير (21) مشهور، فيكون صنيعه (22) هذا من باب التشنيع، ليس من باب (23) التبكيت. وعلى هذا (24) القياس صنيعه (25) فيما بقى. (26)
__________
(1) واحدها: أحدها د واحده هـ
(2) التشنيع: الشنيع سا
(3) وإلى:
أو إلى د
(4) والاعجام: والاعلام س، ن
(5) وعلى: وإلى س
(6) سنوضح: سنوضحه س، هـ
(7) بعد: ساقطة من س
(8) وبين: ود، س
(9) ونظير:
ونظر د
(10) معلوم: إما كذلك وما يتوسط حد سا ما ن
(11) يوردها: يورده س، هـ
(12) هذه: هذا ب
(13) يبتدى: يبتدأ س
(14) بها: به س، هـ ساقطة من ب
(15) وكثيرا: وكثير م
(16) يسأل: يسائل م، ن
(17) منها: منه م، ن
(18) له: إليه د
(19) وشنع: وتشنع م، ن
(20) مخالف: محال د، س، م، هـ
(21) وغير: غير سا وغيره ن
(22) صنيعه: صنيعة ب
(23) باب: التشنيع ب
(24) هذا: ساقطة من س
(25) صنيعه: صنعه ب
(26) بقى: نفى؟؟؟ د.(1/38)
[الفصل الثانى] (ب) فصل فى التبكيت الداخل فى اللفظ (1)
وأما (2) التبكيت الداخل فى اللفظ فيوقع الغلط بستة أقسام: باشتراك الاسم، والمماراة، [والتركيب] (3) واشتراك القسمة، وبسبب اختلاف العجمة والإعراب، وبسبب اختلاف اللفظ. وجميع ذلك يؤثر فى القياس، ويؤثر فى الاستقراء، ويعلم خطؤه (4) أيضا بالقياس والاستقراء (5) فإنك إذا استقريت الأمثلة تحققت أن هذه هى أسباب الغلط. والقياس يوجب عليك (6) أنه إذا (7) وقع (8) من اشتراك الاسم، أو الاستعجام، (9) أو غير ذلك، وجب أن تختلف نسبة الوسط إلى الطرفين، فلا (10) يكون واحد [ا] بعينه، بل تختلف نسبة الطرفين إلى النتيجة فلا يكون الطرفان أو أحدهما فى القياس هو بعينه الذى فى النتيجة، فيعرض لا محالة أن لا يكون القياس فى الحقيقة (11) قياسا، والقياس (12) يوجب عليك عكس هذا (13) أيضا، وهو أن أجناس المغالطات اللفظية هى هذه. وسيرد عليك هذا القياس فى موضعه من بعد.
__________
(1) فصل فى التبكيت الداخل فى اللفظ: هذا العنوان فى نسخة م فقط
(2) وأما: أما م
(3) والتركيب: ساقطة من جميع النسخ، [والسياق يقتضيها، وهى موجودة فى نص أرسطو 155ب، 26 (المحقق)]
(4) خطؤه: خطاؤه ب، م، هـ خطاءه سا
(5) والاستقراء:
فالاستقراء د
(6) عليك: أيضا س
(7) إذا: ساقطة من د
(8) وقع:
أوقع د
(9) أو الاستعجام: والاستعجام س، ن
(10) فلا: ولا ن، هـ
(11) الحقيقة موضعه: ساقطة من م
(12) والقياس: والقول القياسى ن
(13) هذا: القياس س، م، هـ.(1/39)
ومثال (1) التبكيت المغالطى لاشتراك الاسم، كمن يقول للمتعلم إنه: يعلم أو لا يعلم؟، فإن لم يعلم فليس بمتعلم، وإن علم (2) فليس يحتاج إلى (3) أن يتعلم.
والمغالطة فى هذا أن قوله: يعلم يعنى به أنه يحصل له العلم، ويعنى (4) به أنه (5)
حصل له العلم والذى يعلم ليس يتعلم (6) يصدق إذا (7) كان (8) ليس (9) يعلم، بمعنى (10)
أنه لا (11) يحصل له العلم، ويكذب (12) إذا كان بمعنى حصل له العلم. وربما كان لفظة: (13) يتعقل فى لغة العرب دالة على الفكرة والروية، (14) وربما كانت (15) دالة على حصول العقل نفسه.
وكذلك قول القائل: (16) هل (17) شئ (18) من الشرور بواجب أو (19) ليس بواجب فإن كان واجبا، وكل (20) واجب خير، فبعض الشرور خير (21) وإن كان ليس بواجب، فلا يوجد ألبتة، فإن ما لا يجب له وجود (22) ولا وقتا ما فليس بموجود، بل يخيّل (23) الموت والهرم وغير ذلك مما هو واجب ضرورة. والمغالطة بسبب أن الواجب وجوده غير الواجب العمل به وإنما يقال لهما واجب باشتراك الاسم. ومفهوم الواجب الأول أن وجوده ضرورى، ومفهوم الواجب الآخر أنّ إيثاره محمود.
__________
(1) ومثال: والمثال م، ن
(2) علم: علمه ب، سا
(3) إلى: ساقطة من د، س، هـ
(4) ويعنى العلم: ساقطة من ن
(5) انه: ساقطة من س، ن، هـ
(6) يعلم ليس يتعلم: ليس يعلم م يعلم ليس بمتعلم ن
(7) يصدق إذا:
وإذا س
(8) كان: ساقطة من د
(9) ليس: ساقطة من س
(10) بمعنى: ساقطة من ب
(11) لا:
ساقطة من س، هـ
(12) ويكذب: وكذب هـ
(13) لفظة كنت:
ساقطة من سا
(14) والروية: والرواية د
(15) كانت: كان د، س، سا، م
(16) القائل: قائل ب، د، سا
(17) هل: هى د
(18) شئ: الشئ م، ن
(19) أو: وهـ
(20) وكل: فكل ب، د، سا، م، ن
(21) فبعض الشرور خير: ساقطة من سا
(22) وجود: وجوده ب
(23) يخيل: نجد س، هـ.(1/40)
وأيضا قولهم: لا يخلو إما أن يكون الذى هو قائم هو القاعد (1) بعينه، أو (2) لا يكون فإن كان هو القاعد (3) بعينه، فالشئ هو بعينه قائم وقاعد وإن كان غيره، فليس القائم يقدر على أن يكون قاعدا. والمغالطة أن قولنا:
القائم نعنى به نفس القائم من حيث هو قائم، ونعنى به الموضوع الذى يكون القيام وقتا (4) فيه. فهذه أمثلة ما يقع باشتراك الاسم. فهذا القسم الأول (5)
هو الذى بحسب اشتراك لفظ مفرد.
وأما المشاغبة، أعنى المماراة، فأن لا يكون الغلط الاشتراكى (6) واقعا بحسب شئ من الألفاظ المفردة، ولكن يكون الغلط لاختلاف مفهوم التركيب منها، كمن يقول: (7) العدو لى يتغصب، والمقاوم (8) لى يأخذ. وهذا مثال يحسن فى غير لغة العرب، ومعناه: أن هذه اللفظة يفهم منها تارة أنك تتغصب لى لمراغمة (9) العدو، وتارة أنك (10) تتغصب للذى هو عدو لى. وكذلك: (11) أنت (12) لأجل معاندتى (13) تأخذنى، أو تأخذ (14) معاندى (15).
وأما الأشبه بالغرض من الكلام العربى، فأن يقول قائل: هل الشئ الذى يعلمه الإنسان، فذلك (16) يعلمه الإنسان، (17) أو ليس كذلك؟ فإن كان الشئ الذى يعلمه الإنسان فذلك (18) يعلمه، والإنسان يعلم الحجر، فالحجر يعلم الحجر وإن (19) لم
__________
(1) القاعد: قاعد ن
(2) أو بعينه: ساقطة من ن
(3) القاعد: الفاعل سا
(4) وقتا: ما د، ن
(5) الأول: ساقطة من ب، د، سا، ن
(6) الاشتراكى: للاشتراك د
(7) يقول: ساقطة من د
(8) لمقاوم:
للمقاوم سا، هـ
(9) لى لمراغمة: إلى المراغمة م
(10) أنك: ساقطة من ن
(11) وكذلك: فكذلك د ولذلك ن
(12) أنت: ساقطة من ن
(13) معاندتى: معاندى، س، سا، هـ معاند م
(14) أو تأخذ: ساقطة من م
(15) معاندى: معاندتى ن
(16) فذلك: بذلك سا، ن
(17) الانسان: ساقطة من د، س، سا، ن
(18) فذلك: بذلك ب، سا، ن
(19) وإن: فإن سا، ن.(1/41)
يكن كذلك، فإذا علم شيئا فقد علم غيره. أو يقول: ما يعلمه الإنسان فهو ما يعلمه، ويعلم الحجر فهو حجر والسبب فى هذه (1) المغالطة أن لفظة ذلك ولفظة (2) هو تارة تشير إلى المعلوم، وتارة إلى الإنسان. وكذلك: هل ما (3) يبصر الإنسان فإياه يبصر. وكذلك ما قلته: (4) موجودا (5) أنت موجود هو، (6) وقلت: (7)
إن الحجر موجود، فأنت موجود حجرا لأن قولك، أنت موجود هو يجوز أن تفهم أنت موضوعا وموجود (8) هو محمول عليه ويجوز أن يكون أنت (9) هو تأكيد (10) لقوله (11) قلته، أو صلة لقوله (12) قلت ويجوز أن يقال الغلط فى هذا على جهة أخرى: ما قلت إنه موجود أنت ذلك (13) موجود، وقد قلت إن الحجر موجود ويكون هذا فيه أظهر. فهذا ما يقع الغلط فيه بسبب استناد (14) أجزاء (15) التركيب بعضها إلى بعض.
وقد يكون فيه بسبب اختلاف إيهام التقديم والتأخير، فإن القائل إذا قال:
إن العالم شريف أمكن أن يختلف الاعتبار، فإنه يجوز أن يكون العالم أخذه (16) موضوعا، والشريف أخذه محمولا، ويجوز أن يكون المحمول هو العالم لكن أخره كما يقال: عالم زيد. ومثال ذلك لو قال:
الساكت متكلم (17) أمكن (18) أن تفهم أن الساكت متكلم، وأن تفهم أن المتكلم ساكت.
__________
(1) هذه: ساقطة من س
(2) ولفظة: ساقطة من س
(3) ما: ساقطة من س
(4) ما قلته: قلت إنه س ما قلت هـ
(5) موجودا: موجود د، س، ن
(6) موجود هو: فذلك موجود س، سا
(7) وقلت: قلت س
(8) وموجود:
وموجودا ب، س، ن سا، م، هـ، ن
(9) أنت: ساقطة من ن
(10) تأكيد:
تأكيدا س، سا، هـ
(11) لقوله: لقول د
(12) صلة لقوله: صلة لقوله له ن
(13) ذلك:
ذاك س، م، ن
(14) استناد: إسناد ن
(15) أجزاء: أمر د
(16) أخذه:
ساقطة من د، س
(17) متكلم: يتكلم د
(18) امكن: ساقطة من ن.(1/42)
وباب الاتفاق (1) فى الاسم، وباب المشاغبة، (2) يرجع إلى خصلة واحدة، وهى: (3) أن يكون المفهوم مختلفا لكن الذى للاتفاق فهو بحسب لفظ (4) لفظ من المفردات، بأن يكون مشتركا بالحقيقة، أو يكون مشتركا بالعادة للاستعارة والمجاز. والذى للمشاغبة فبحسب التركيب بين (5) المفردات، كقول القائل:
معرفة الكتابة فقد (6) تفهم به معرفة يكون العارف بها الكتابة، وتفهم (7) به معرفة يكون المعروف بها الكتابة، وتركيبه (8) يوقع كثرة فى مفهومه، وكل واحد (9)
من لفظى الكتابة والمعرفة ليست مشتركة (10) فى هذا (11) لموضع.
وأما الذى بالتركيب، فهو أن يكون للقول عند التركيب حكم، (12) فيطلب (13)
أن يصدق (14) ذلك الحكم عند التفصيل، (15) ويكون الغلط فى التركيب. ولا سواء أن يقال (16) القول مركبا فيكون له حكم، وأن يقال مفصلا مثال ذلك أن يقول القائل: قد يمكن الجالس أن يمشى، والذى ليس يكتب (17) أن يكتب، فإنه لما عطف (18) قوله: الذى ليس يكتب أن يكتب عطفه على أنه فى مثل حكمه من (19) الإمكان الذى فيه ما يستغنى (20) عن تكرير الإمكان مرة أخرى اجتزاء (21) بالعطف، وعلى (22) أن حكمه حكم المعطوف (23) عليه فإن فصل هذا كذب أن يقال الذى (24) ليس يكتب يكتب (25)، وإنما كان (26) يصدق مركبا على الإمكان والقوة، فكان معناه: والذى ليس يكتب هو بالقوة كاتب
__________
(1) وباب الاتفاق: والاتفاق ن
(2) المشاغبة: المشاغبية م
(3) وهى: هى م، ن
(4) لفظ بالعادة: ساقطة من د
(5) بين: من هـ
(6) فقد:
قد س
(7) وتفهم الكتابة: ساقطة من سا
(8) وتركيبه: فتركيبه د
(9) واحد: ساقطة من ن
(10) مشتركة: بمشتركة س، هـ
(11) فى هذا: وهذا س
(12) حكم: ما س
(13) فيطلب: فبطلت سا
(14) يصدق: يطلب ن
(15) التفصيل:
حكم أن يصدق ذلك الحكم عند التركيب ن
(16) يقال: يقول س
(17) يكتب:
ساقطة من د بكاتب م، ن
(18) عطف: أعطف م
(19) من: فى س، هـ
(20) ما يستغنى: فاستغنى س، هـ
(21) اجتزاء: أخيرا د، ب، سا احتراز س أجزاء م ساقطة من ن
(22) وعلى عليه: ساقطة من م
(23) المعطوف: المعطف د
(24) الذى: للذى د
(25) يكتب: ساقطة من م
(26) كان: ساقطة من ن.(1/43)
ويتعلم الكتابة يعلمها ويعلّمها (1). يجب أن تفهم (2) هذا الموضع هكذا، ولا (3)
تشتغل باشتراك اسم فى حديث أنه ليس يكتب (4)، ففصل اشتراك الاسم فصل آخر قد مضى. وكذلك (5) إذا ركب بين (6) قولنا: ليس يكتب وقولنا:
يكتب فإن هذا إن (7) ركب معه القوة فقيل: الذى ليس يكتب بالقوة (8) كان القول صادقا، فإن فصل، وحذفت (9) القوة، كذب القول، وصار الذى يتعلم (10) الكتابة الآن هو فى نفسه كاتب، فهو يتعلم ما يعلم. كذا (11)
يجب أن تفهم هذا الموضع.
وبعد هذا قول يمكن أن يفهم على أنه بيان كلى، (12) ويمكن أن يفهم على أنه مثال آخر. أما الأول فعلى ما أعبر عنه. ولو كان القول الصادق يجب أن تكون أجزاؤه صادقة هكذا (13) لكان من يمكنه أن يقول لفظا مركبا حقا واحدا، لقد كان أتى بأشياء كثيرة حقة وليس كذلك، بل القائل حقا واحدا يجب أن يعتبر (14) حقّيه (15) فى (16) ذلك الواحد وأما أجزاء الحق فربما كانت باطلة كمقول القائل: لو كانت (17) الخمسة زوجا، كان زوج لا ينقسم. فإن هذا الواحد حق، وليس يلزم أن يكون جزآه (18) حقّين. وأما الثانى فهو أنه إذا صح أن يصدق القول المركب من أن يكتب، ولا يكتب (19) مفصولا عنه القوة، (20) على أنّ (21) مفصوله صادق صدق مركبه، أمكن أن تغالط فتجعل من استفاد قوة على أمر
__________
(1) ويعلمها: ويعملها س
(2) تفهم: تعلم ن
(3) ولا: فلا ن
(4) يكتب:
بالقوة هـ
(5) وكذلك: ولذلك د لك س
(6) بين: من م
(7) إن: ساقطة من س
(8) بالقوة: ساقطة من سا
(9) وحذفت: وصدقت س
(10) يتعلم: يتعلم هـ
(11) كذا: هكذا ن تعلم د
(12) كلى: ويمكن أن يفهم على أنه بيان كلى س
(13) هكذا: هنا د
(14) يعتبر:
يعين ن
(15) حقيه: حقة د، م، ن حقيته هـ
(16) فى: ساقطة من س
(17) كانت:
كان هـ
(18) جزآه: حداه س أجزاه م
(19) ولا يكتب: ساقطة من م
(20) عنه القوة: عن الحق س
(21) أن: أنه س.(1/44)
مّا واحد بعينه، فقد اقتدر على أمور كثيرة غيره، إذا كان إدخال القوة وإخراجها واحدا.
وقد قيل فى هذا شئ آخر يوجب أن يكون هذا الباب وباب المراء واحدا (1)
فإنّ ذلك التفسير يجعل هذا المثال مشتركا فى تركيبه لا مغالطا بتفصيل التركيب فيه، ولا يجب أن نمنعه ألبتة. فهذا المثال الذى أورد، (2) وسائر الأمثله، ليس هو مثال ما يكذب بالتركيب، وهو الغرض، بل مثال أن الشئ قد تختلف حال تركيبه وتفصيله. وأما الأمثلة التى تحتاج إليها لهذا الباب، (3) فهى التى (4)
يكون التركيب فيها كاذبا لا صادقا. والمعلم الأول عوّل فى ذلك على الأفهام.
على (5) أن هذه الأمثلة قد يمكن أن يتعسف فيها، وتنأول (6) على وجه يطابق (7) أن يكون الكذب فى التركيب ولكنا (8) نكره مثل هذا التعسف.
وأما المثال (9) الذى يوافق الغرض فقول (10) القائل مركّبا: الماشى يمكن أن يجلس حال ما هو ماش، فإنّ هذا التركيب كاذب، وجزآه ليس فيهما كذب. فإن شاء أحد أن ينظر كيف تفسير (11) هذا (12) على وجه مطابق (13) للخطأ فى التركيب، فيلحق بهذا الموضع فصل من موضع (14) آخر.
وأما الموضع الذى من القسمة فأن يكون الشيء عند التحليل (15) صادقا، وعند التركيب (16) غير صادق، أو مغلّطا جارا (17) إلى الكذب، وإن (18) كان له تأويل صدق
__________
(1) واحدا: وقد قيل فى هذا م
(2) أورد وسائر: أورده سائر د أورد سائر س
(3) الباب: المثال م
(4) التى: أن م، ن
(5) على:
وعلى سا
(6) وتنأول: وتؤول د، س، ن، هـ
(7) يطابق: مطابق د، س، سا
(8) ولكنا: لكنا م، هـ
(9) المثال: المحتال؟؟؟ د
(10) فقول: فيقول هـ
(11) تفسير: نفسر د، س، م، ن، هـ
(12) هذا: هذه س،، م، ن، هـ
(13) مطابق: يطابق ب
(14) موضع: مواضع د
(15) التحليل: التركيب هامش هـ
(16) التركيب: التفصيل هاهش هـ
(17) جارا: جار هـ
(18) وإن: فإن د.(1/45)
وذلك التحليل إما (1) بحسب الموضوع من القول، وإمّا بحسب نفس القول.
والذى بحسب الموضوع من القول إمّا أن يكون القول صادقا على أجزاء الشئ مجموعه ويجعل صادقا (2) على الأجزاء (3) بالتفصيل، أو أن يكون للشئ (4) أجزاء ولها أحكام فى التفصيل، (5) فيجعل الشئ أجزاء نفسه، وله (6) حكامها التى بالتفصيل، وربما كانت (7) متقابلة (8) مثال الأول قول القائل: إنّ خمسة زوج وفرد، وكل ما هو زوج وفرد زوج، (9) فالخمسة زوج كما كل ما هو أبيض وحلو فهو أيضا أبيض. وليس كذلك، بل الزوج جزء من خمسة، (10)
والفرد جزء آخر، وليس هو بحسبها (11) زوجا وفردا، وإن كان فى نفسه فردا، بل له جزء زوج وله جزء فرد، وهو مركب من زوج وفرد، (12) لا زوج وفرد.
وكذلك قول القائل: إن الأعظم مساو وزيادة، فهو مساو. ومثال الثانى: أن الخمسة ثلاثة واثنان، (13) فهو (14) ثلاثة واثنان معا وهذا خلف.
والذى بحسب القول، فمثل (15) قول القائل: إن كان الإنسان حجرا، فالإنسان جماد. وهذا (16) تركيب صادق من تفصيلين (17) كاذبين. ولا سواء أن يكون الشئ يصدق مفصلا ومركبا، فإنه قد يكون القول مركبا صادقا، فإذا فصل كان كاذبا وكذلك يكون القول إذا أخذ مفردا صدق، وإذا
__________
(1) إما: وإما س
(2) ويجعل صادقا: فيجعل صادقا م، هـ فيجعل صادقه س فجعل صادقا سا
(3) الأجزاء: أجزاء الشى س
(4) أو أن يكون للشئ: أو أن يكون الشئ س، سا وأن للشئ م فإن للشئ ن
(5) فى التفصيل: بالتفصيل س، سا
(6) وله: وإنما م، هـ وإنما له ن
(7) وربما كانت: وكانت س
(8) متقابلة: مقابلة هـ
(9) وفرد زوج: وفرد فهو زوج هـ
(10) خمسة: الخمسة س: سا
(11) بحسبها: بحسبهما د، م، هـ
(12) وفرد: ساقطة من ن سا
(13) واثنان: واثنين ب
(14) فهو: فهى م، هـ
(15) فمثل: مثل د، س، م، هـ، ن
(16) وهذا: فهذا س، سا، هـ
(17) تفصيلين: مفصلين س، هـ مفصلتين ن.(1/46)
ركّب كذب، أو أوهم الكذب وكذلك قد (1) يكون القول باختلاف التركيبين والتفصيلين، كما قلنا فى باب المراء مغلطا بسبب تضاعف المفهوم. ومن أمثلة هذه الأبواب (2) قولهم: أنا أستعبدك (3) حين ما (4) حررتك وهو (5) يعنى:
أنا أستعبدك (6) وهو صادق، وأنا حررتك وهو صادق، فإذا أخذ مركبا على أنه يقول: أنا (7) أستعبدك (8) حين ما حررتك حتى (9) يكونا مركبين معا، كان كاذبا.
وعبارة أخرى: أنا (10) إياك جعلت عبدا، (11) وأنت حر فإنّ قوله:
أنا إياك جعلت عبدا حقّ، (12) وقوله: وأنت حر حقّ، كلّ (13) إذا انفرد، وإذا جمعا للتركيب، لا على أن يكون تركيب جزأين (14) هما جزآن (15)
عدّا (16) معا، بل (17) على أن يجعلهما التركيب جزءا واحدا يتعلق (18) لأجله أحدهما بالآخر فى إتمام الكلام، (19) كان سبيلا إلى المغالطة. لا يجب أن تفهم من هذا غير هذا.
وقد يورد (20) ههنا مثال آخر أنه: قد قتل أخيلوس من خمسين مائة رجل الو الذى يورد (21) من تفسير المفسرين له لا يجعله خاصا بهذا (22) الباب، وهو (23) باب قسمة، بل مثالا من أمثلة ما يختلف بحسب نسب التركيب. وكذلك
__________
(1) قد: ساقطة من س، هـ
(2) هذه الأبواب: هذا الباب س، م، هـ
(3) أستعبدك: استعبدتك سا، م، ن، هـ وأيضا من هذا الباب ما يظن الصدق مفردا إذا ركب كان صدقا وهذا عكس الباب الأول مثلا أنا استعبدتك ن
(4) حين ما: بل ب، د، سا
(5) وهو: ساقطة من ن
(6) أستعبدك: استعبدتك م، ن، هـ
(7) أنا: إذا ب
(8) أستعبدك: استعبدتك سا، م، ن، هـ
(9) حتى: ساقطة من س
(10) أنا: ساقطة من سا
(11) عبدا: ساقطة من س، سا
(12) حق: ساقطة من س
(13) كل: كلى د
(14) جزأين: خبرين ب
(15) جزآن: خبران ب
(16) عدا: ساقطة من سا
(17) عدا معابل:
ساقطة من ن
(18) يتعلق: متعلق د
(19) الكلام: ساقطة من س
(20) يورد: من س، سا، م
(21) يورد: يرد س، م، هـ
(22) بهذا:
لهذا ن، هـ
(23) وهو: من هـ.(1/47)
المثال الذى قبله. وليس يجب أن يكون كذلك، بل يجب أن يخصص (1)
اعتباره بباب القسمة الذى نحن فى سبيله. أمّا ما يقولون: فهو أنه إذا عنى أنه من خمسين قرية (2) قتل مائة رجل، استقام، وإن أضيف الرجل إلى خمسين فى تركيب القول استحال. وكان (3) لهم أن يقولوا ما هو ألطف من هذا، وهو: أنّ من (4) خمسين رجلا منهم أخيلوس جاء أخيلوس فقتل مائة رجل، كان (5) أشبه باللغز من قولهم من خمسين قرية. وأمّا الطريقة التى نؤثر أن نفسر عليه هذا القول حتى يكون مناسبا للقسمة، وهو أنه لو ترك قولهم: من خمسين فقيل: مائة رجل قتلهم أخيلوس، كان أمرا لا يقع فيه غلط (6) فلما ركب بالخمسين (7) هذا النوع من التركيب، صار سببا (8) لأن نغلط فيه، فنظن أن أخيلوس قتل من خمسين رجلا مائة رجل.
وليس باب (9) القسمة (10) مقصورا على أن يكون التفصيل صادقا والتركيب كاذبا لا محالة، بل أن يكون التفصيل (11) واضح الصدق، والتركيب واضح الكذب، (12)
خفىّ (13) الصدق، صائرا سببا للكذب. ويجب أن تفهم هذا الباب على هذا الوجه.
وأما الموضع الذى من الإعجام فمن الناس من قصره على المكتوب، ونحن نجعله أعم من ذلك وهو أن نغير المعنى (14) بترك الإعراب، أو أن نغيّره لفظا، وبالنبرات، والتنقيلات، (15) والتخفيفات، (16) والمدات، (17) والتشديدات، بحسب (18)
__________
(1) أن يخصص: أن يكون يخصص ن
(2) قرية: فرد د
(3) وكان:
فكان د، ن
(4) أن من: من أن د
(5) كان: فكان م، ن وكان هـ
(6) غلط: غلطا م
(7) بالخمسين: الخمسين ب
(8) سببا: شيئا سا
(9) باب: بان سا
(10) باب القسمة: بالقسمة ن
(11) التفصيل: ساقطة من س
(12) واضح للكذب:
ساقطة من س
(13) خفى: حتى د
(14) المعنى: فإن تغير المعنى بترك م
(15) والتنقيلات: والثقيلات سا، م
(16) والتخفيفات: والخفيفات سا
(17) والمدات: ساقطة من ن
(18) بحسب: تحسن ن.(1/48)
العادات فى اللغات، وبالعجم كتابة. مثال (1) الأول: قيل عمر بتسكين الراء، فلا ندرى أنّ عمر (2) فاعل (3) أو مفعول به مثال الثانى أن نقول (4) بدل قوله: (5) إن علينا جمعه وقرآنه، إنّ (6) علينا جمعه وقراءته (7) ومثال الثالث أن ننقط (8) على قوله: ما أطرف (9) زيدا (10) بنقطة (11) من تحت
__________
25*
فيصير: (12) ما أظرف زيدا، وكذلك جميع ما يختلف بالتشديد، والتليين، والمد، والقصر، وتتشابه حروفه فى الأصل وتختلف بالنقط. (13)
وأما المتعلق (14) بشكل اللفظ: فأن تختلف مفهوماته باختلاف أشكال (15)
التصاريف، والتأنيث والتذكير، والفاعل والمفعول، حتى يكون عند (16) بعضهم السالم فاعلا (17) سببا (18) أو (19) الوجع، (20) ويكون قول القائل إن الهيولى قابلة بطبعها فعلا مّا.
فهذه هى (21) الأنحاء التى يقع بسببها الغلط من جهة اللفظ، وهى هذه لا غير وذلك (22) لأنّ اللفظ إذا طابق المعنى (23) لم يقع من جهته غلط، وإذا لم يطابق المعنى بعينه فإما أن يدل أو لا يدل، فإن لم يدل لم يغلط، فإنّ ما (24) لا يفهم لا يغلط
(1) مثال: مثل س
(2) عمر: عمرا م، ن
(3) فاعل: فاعلا م
(4) نقول: يكون مقول س
(5) قوله: تعالى هـ
(6) إن علينا جمعه وقراءته: ساقطة من م، ن
(7) وقراءته: وقرانه د، هـ
(8) ننقط: يفرط ن، هـ
(9) أطرف: أظرف سا
(10) زيدا: زيد هـ
(11) بنقطة: نقطة د، س، هـ فنقطة سا
(12) فيصير: ساقطة من س
(13) بالنقط: النقط ن
(14) المتعلق: المعلق سا
(15) أشكال: أشراف س
(16) عند: ساقطة من ن
(17) فاعلا: فاعل س
(18) سببا: شيا س
(19) أو: وم
(20) الوجع: الرجع سا الراجع ن
(21) فهذه هى: فهى هذه ب، د، سا، م
(22) وذلك: وذاك م، ن
(23) المعنى: بعينه م
(24) ما: ساقطة من س.
(25) (*) جرت العادة فى رسم الكتابة قديما أن توضع نقطة الطاء من تحت [المحقق].(1/49)
منه، وإن دل على معنى فواضح أن ذلك المعنى لا (1) يكون هو المعنى (2) المقصود فلا يخلو إمّا أن يكون المعنى المقصود قد يفهم منه وحده أو (3) يفهم منه لا وحده فإن كان منه يفهم وحده، فإمّا أن يكون وهو (4) منفرد، وإمّا أن يكون وهو مركب فإن كان اعتبار ذلك من انفراده، (5) فإمّا أن يكون فى جوهره، وإمّا أن يكون من حال فيه، وإما أن تكون حالة تلحقه من خارج فإن كان فى (6) جوهره فهو المشترك فى جوهره، وإن كان فى حالة فهو المشترك فى شكله وهيئته، وإن كان من حال ما (7) يلحقه (8) من خارج فهو المشترك بحسب ما يلحقه من الإعجام والنقط وغير ذلك وهذه أقسام ثلاثة.
وأما الذى يلحقه وهو مركب، فإمّا أن يلحقه فى نفسه وحده، وهو الذى فى تأليفه اشتراك، وهو المشاغبى. (9) وأمّا الذى يلحقه لا وحده فيكون مع غيره، فيكون إمّا صدقه مع غيره، أو لا صدقه مع غيره، (10) فيكون إمّا التركيب وإمّا القسمة. فقد علم أنّ هذه أيضا ثلاثة، وأن جميع المغالطات ستة. (11)
__________
(1) لا المقصود: ساقطة من م
(2) هو المعنى: هو ن
(3) أو وحده: ساقطة من س
(4) وهو: ساقطة من ن
(5) انفراده: انفراد ب، د
(6) فى المشترك: ساقطة من س
(7) حال ما:
حال سا، م، هـ
(8) يلحقه: يلحق س، هـ
(9) المشاغبى: بالمشاغبى م
(10) أو لا صدقه مع غيره: ساقطة من م
(11) ستة: منه د.(1/50)
[الفصل الثالث] (ج) فصل فى كيفية وقوع الغلط من جهة المعنى فى التبكيتات المغالطية (1)
وأما المغالطات التى تقع بحسب المعانى (2) فهى سبعة:
الأول (3) من جهة ما بالعرض (4) والثانى من سوء اعتبار الحمل (5) والثالث من (6)
قلة العلم بالتبكيت والرابع من (7) جهة (8) إيهام عكس (9) اللوازم والخامس من المصادرة على المطلوب الأول والسادس من جعل ما ليس بعلة علة (10) والسابع من جمع المسائل الكثيرة فى مسألة واحدة.
فأما (11) التضليل الكائن (12) بالعرض، فهو أن يؤخذ شئ عرض له مقارنة شئ على سبيل ما يعرض عروضا غير واجب فيؤخذ واجبا، أو (13) تعرض له أعراض كثيرة فتجعل (14) الأعراض بعضها محمولة على بعض فى كل موضع، (15) أو يعرض شئ لشئ فيؤخذ فى حكمه، مثل (16) أن تقول: إن (17) زيدا غير عمرو، وعمرو إنسان، فزيد غير إنسان. وهذا المثال يتخبط (18) فيه أهل الكلام فى هذا الباب فمأخذ بعضهم يؤدى إلى أن هذا القياس غير منتج، فيكون الغلط لأنه غير منتج،
__________
(1) الفصل الثالث فى المغالطات المعنوية م فصل المغالطية هـ فصل ب، د، سا، ن فصول س
(2) المعانى: المعنى د، سا، م، ن، هـ
(3) الأول:
واحد ب، د، س، سا، هـ
(4) ما بالعرض: العرض سا
(5) الحمل: فإنه على الإطلاق أو بشرط زمان ومكان وإضافة ن
(6) من: ساقطة من ب، د، س، سا
(7) من: ساقطة من س
(8) جهة: ساقطة من د، س، سا، م، ن، هـ
(9) إيهام عكس: ساقطة من د، س، سا، ن، هـ
(10) علة: ساقطة من د
(11) فأما: وأما د، سا، م، ن
(12) الكائن: بما د
(13) أو: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(14) فتجعل:
فتحصل د
(15) موضع: موضع د
(16) مثل: ساقطة من ن
(17) إن: ساقطة من هـ
(18) يتخبط: محبط د.(1/51)
ويكون من جهة الصورة لا من جهة المادة، وأخذ ما (1) بالعرض. وإنما هو غير منتج لأن الصغرى (2) إما سالبة، وإما الأوسط ليس محمول الأصغر بل جزء محموله. (3) وبعضهم يؤدى كلامه إلى نتيجة صادقة، فإن زيدا غير إنسان ما وهذا صحيح، فيجب أن يكون التأويل وادا للكلام (4) إلى غلط (5) (6) (7) وجب من قبل ما بالعرض، فنقول: إنه لما كان عمرا غيره، (8) وأيضا إنسان، فينتج أن عمرا (9)
غير إنسان، إذ (10) كان عرض للإنسان أن كان غير (11) عمرو فأخذهما واحدا، فلما كان زيد غير (12) عمرو، وأخذ الإنسان وعمرا شيئا واحدا جعل زيدا (13) غير الإنسان أيضا وكذلك (14) إذا قلت: نجعل (15) زيدا (16) إنسانا، (17) وكان أخذ (18) الإنسان وعمرا (19) شيئا واحدا، وعمرو (20) غير زيد، كان زيد (21) غير زيد. وقد يمكن أن يخرج لهذا وجه آخر من باب ما بالعرض قريب من هذا، ولكن بهذا (22) كفاية.
وأما الذى من جهة سوء اعتبار الحمل، فلأن المحمول قد يكون محمولا بشرط، وقد يكون مطلقا، وقد يكون محمولا فى نفسه، وقد يكون محمولا بالعرض، أعنى محمولا لأجل غيره، كالرابطة كمن يقول: إن ما ليس بموجود فهو مظنون، وكل مظنون هو موجود (23) فلأنه (24) لا سواء أن يحمل الموجود
__________
(1) ما: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(2) الصغرى: ساقطة من ن
(3) جزء محموله: جزؤه ن
(4) رادا للكلام: راد الكلام د
(5) غلط: خلط هـ
(6) إلى غلط: الذى ن
(7) غلط: الذى م
(8) عمرا غيره: عمرو غير زيد د
(9) عمرا: زيدا د
(10) إذ: إذا د.
(11) كان غير: كان عمرا غير س، هـ
(12) غير: ساقطة من س، سا، م
(13) زيدا: زيد ب، د، س، ن
(14) وكذلك: كذلك م
(15) نجعل: فجعل سا، ن
(16) زيدا: زيد د، س
(17) إنسانا:
إنسان د، ن ما د
(18) أخذ: أخذا ن
(19) وعمرا: وعمرو د، ن
(20) وعمرو:
وعمرا د، س
(21) كان زيد: وكان زيدا ن
(22) بهذا: هذا س فهذا م
(23) موجود: أى فى الوهم أو موجود مظنونا مما ليس بموجود وهو موجود ن
(24) فلأنه: لأنه د ولأنه م.(1/52)
على الإطلاق، وأن يحمل كأنه رابطة، أو كأنه موجود شيئا ما وكذلك (1) فرق بين غير الموجود على الإطلاق، وغير الموجود شيئا ما وكذلك إذا كان الحمل على جزء وأخذ (2) على الكل، أو على جزء آخر. وشرائط أخرى (3) ذكرناها (4) فى النقيض يجب أن تراعى فى كل حمل كان فى مقدمة أو نتيجة، وأن تكون فى الكبرى كما هى (5) فى النتيجة، وعلى ذلك الاعتبار.
وأما الموضع المبنى (6) على أن القياس أو التبكيت (7) لم يورد صوابا والتبكيت الحقيقى هو الذى تناقض (8) به شيئا (9) ليس فى الاسم بعينه، بل وفى المعنى، وفى المحمول، وفى الموضوع، وفى الإضافة، والجهة، والزمان، وغير ذلك على ما (10) علمت وإنما يدخل الكذب فيها بسبب إغفال شئ منها. ولا يبعد (11) أن يدخل هذا الموضع فى المغالطات اللفظية من جهة أن المغالطة (12) وقعت فى اللفظ لتقصير فيه وإيهام معنيين، وإن كان قد يدخل فى المغالطات فى القياس، من جهة أن القياس فيه على غير المطلوب، فيشبه أن يكون هذا التقصير (13) إذا وقع فى الحد الأوسط فصار الحد الأوسط (14) لفظا فقط (15) وأما فى المعنى فلم يكن حدا أوسط، (16) إذ الحد الأوسط يجب أن يكون معنى (17) واحدا كان هذا النوع من الوقوع يجعله من المغالطات اللفظية. وكذلك إذا وقع من جهة الطرفين فكانا (18) يخالفان حدى المطلوب بشرط (19) من الشرائط، فيكون ذلك القياس
__________
(1) وكذلك ما: ساقطة من د
(2) وأخذ: واحد فحمل د فأخذ س، هـ
(3) أخرى: الأخرى د، س
(4) ذكرناها: وذكرناها هـ
(5) هى: هو س
(6) المبنى: المعنى س
(7) والتبكيت: فالتبكيت د
(8) تناقض: يناقض س
(9) شيئا: شئ ب، د، س، سا، م
(10) ما: قد م
(11) يبعد: معد د
(12) المغالطة جهة أن: ساقطة من د
(13) التقصير: لتقصير ب
(14) فصارا لحد الأوسط: ساقطة من ن
(15) فقط: ساقطة من س
(16) حدا أوسط: حد الأوسط ب حد الوسط ن
(17) معنى: آخر س
(18) فكانا: وكانا د، م، ن فكأنما س
(19) بشرط: بشئ س، هـ.(1/53)
ليس (1) على ذلك (2) المطلوب فإنه وإن كان ذلك الوقوع (3) يجعله من المغالطات بحسب سوء القياس، ومن المغالطات المعنوية، فإنّ فى لفظ حد القياس والنتيجة اختلافين، (4) فإن (5) المفهوم والمثال المورد من قوله: (6) تناقض به شيئا (7) ليس بحسب اللفظ فقط، بل بحسب المعنى، يشير (8) إلى هذا القسم الأخير. (9) وهذا المثال الذى فى (10) التعليم الأول ليس يعم جميع وجوه (11) سوء التبكيت، بل هذا المثال على مذهب سائر الأمثلة فى وقوعها على حال (12) محصوصة لكن الغلط فى نفس القياس فقد (13) يكون لوجوه أخرى من سوء التأليف، وكونه غير منتج فى نفسه، أو غير منتج فى صورته (14) للمطلوب، (15) كالكليتين (16) من الشكل الثالث، فإنهما لا تنتجان كلية، فإذا أنتج منهما كلى فقد (17) غلط فيه.
وأما المصادرة على المطلوب الأول وكيف يقع الغلط الأول، (18) فقد علمته وتحققت أنه (19) من العجز عن (20) التفرقة بين الهوهو (21) والغير.
وأما الغلط (22) من جهة اللوازم فالسبب فيه إيهام العكس وأعنى باللوازم (23) كل محمول (24) على الكل ذاتى أو عرضى، (25) وكل (26) لازم للوضع (27) فى المتصلات. وإنما (28) يغلط فيه إيهام العكس بأن يسبق إلى الذهن أن الملزوم أيضا لازم للازمه. وأكثر من
__________
(1) ليس: وليس د ساقطة من سا
(2) ذلك: ساقطة من س، م، ن
(3) الوقوع:
الموضوع س
(4) اختلافين: اختلافا سا، م، ن اختلافا ما س
(5) فإن: فى د، س، هـ
(6) قوله: له د إنه س، سا، م، ن، هـ
(7) شيئا: شئ س، سا، م، هـ
(8) يشير: ساقطة من س، سا
(9) الأخير: الآخر م
(10) فى:
ساقطة من د
(11) وجوه: وجوده سا
(12) حال: ساقطة من م
(13) فقد:
قد د، س، سا
(14) صورته: صورة م، ن
(15) للمطلوب: المطلوب م
(16) كالكليتين: كالكليين د
(17) فقد: فقط س
(18) الغلط الأول:
الغلط ن
(19) وتحققت أنه: وتحققته وأنه د
(20) عن: فى سا
(21) الهوهو: هوهو ب، د، سا، م، ن
(22) وأما الغلط: أما غلط م
(23) باللوازم: باللازم د، سا، م، ن
(24) محمول: كلى م
(25) عرضى: عرض م
(26) وكل: فكل س
(27) للوضع: للموضوع د للموضع سا
(28) وإنما: فإنما د.(1/54)
ذلك من قبل الحس إذا وجد الحس شيئا موصوفا بشئ لم يفرق (1) بين اللازم والملزوم، فأخذ كل واحد (2) منهما لازما للآخر، كمن يرى (3) سيالا (4) أصفر وحلوا (5)
فيظن أن كل واحد منهما (6) (7) لازم للكل، فيظن أن كل سيال أصفر هو حلو (8)
وعسل. (9) وكذلك إذا رأينا (10) الأرض وقد نديت بالمطر، فكلما رأيناها (11) ندية ظنناها ممطورة، كأنه لما كان الممطور نديا كان الندى (12) ممطورا.
والقياسات التى تسمى فى الخطابة برهانات فإنها تؤخذ من اللوازم، كقولهم:
فلان متزين فهو زان، إذا (13) رأوا (14) متزينا زانيا. (15) وكذلك: فلان يطوف فى الليل فهو (16) مريب.
وقد يقع الغلط من جهة العقل لا من جهة الحس، مثل ما وقع لرجل يقال له ما ليسوس
__________
29*
(17)، لما (18) كان عنده أن كل غير (19) ذى مبدأ فهو غير مكون، أخذ أن كل غير (20) مكون فهو غير ذى (21) مبدإ (22)، وكان عنده الكل غير مكون فجعله غير ذى مبدإ، وتعدى (23) بخطأه (24) إلى أن جعل (25) ذلك المبدأ مبدأ (26) مقداريا ومن وجه آخر لما ظن أن كل كائن له مبدأ، ظن أن كل ماله مبدأ كائن، (27) كمن يظن أن كل حار محموم، لأنه رأى (28) كل محموم حارا.
(1) يفرق: به د
(2) واحد: ساقطة من ن
(3) كمن يرى للكل:
ساقطة من د
(4) سيالا: سيال ب
(5) وحلوا: وحلو هـ
(6) واحد منهما:
ساقطة من ن
(7) منهما: ساقطة من سا، م
(8) حلو: حلواء د
(9) وعسل: أو عسل م، ن
(10) رأينا: ساقطة من ن
(11) رأيناها: رأينا س
(12) الندى: النداب
(13) إذا: إذ هـ
(14) رأوا: رؤى د
(15) زانيا: زان هـ
(16) فهو: وهو ب
(17) ما ليسوس: ما ليسس ب ما ليس سا، م، ن با كسيس د ما ليسين من
(18) لما: ما د
(19) غير: ساقطة من سا
(20) غير: ساقطة من ن
(21) غير ذى: عن ذى د
(22) فهو مبدإ: ساقطة من س
(23) وتعدى: ويعد م
(24) وتعدى بخطإه: وتعدى بخطابه س ويعد الخطابة ن
(25) جعل: يجعل ن
(26) مبدأ: ساقطة من س
(27) مبدأ كائن: مبدأ م
(28) رأى: أن م.
(29) (*) ما ليسوس هو من ساموس، زها حول 440قبلى الميلاد. وهو من أتباع بارمنيدس، ونفى التغير والحركة وللكثرة. [المحقق](1/55)
وأما التضليل (1) العارض من وضع ما ليس بعلة علة، فهو فى القياسات الخلفية، وذلك إذا أورد (2) فى القياس (3) شيئا، وحاول أن يبين فساده بخلف يتبعه ثم لا يكون هو (4) علة لذلك الخلف، (5) بل يكون ذلك الخلف لازما كان هو (6) أو لم يكن كمن يريد أن يبين أن النفس والحياة ليسا (7) شيئا واحدا، بأن يقول: إنه إن (8) كان الكون مطلقا مقابلا (9) للفساد مطلقا، فكون (10) مّا مقابل (11)
لفساد مّا، والموت فساد (12) ويضاد الحياة، فالحياة كون، فما (13) يحيا يتكون.
وهذا محال، فليس النفس والحياة شيئا واحدا، فإن (14) هذا المحال إن كان لازما مما قيل فيلزمه، وإن لم تكن النفس والحياة شيئا واحدا. (15) وههنا فإن القياس (16)
منتج، ولكن لا للمطلوب. (17)
وأما التضليل الواقع من جمع (18) المسائل فى مسألة واحدة، فهو (19) أن تجمع المسائل فى مسألة واحدة ليلتمس عنها جواب واحد، وأحكامها مختلفة لا تحتمل (20)
جوابا واحدا، فيغلط، فيجاب، فينتج منه المحال. وإذا اختلفت (21) المسائل فى المحمول والموضوع قلّ وقوع الشبهة فى ذلك فلم يتروج على المجيب، (22)
ولم يذعن لجواب واحد. وقد يتفق أيضا أن يكون (23) افتراق المسألتين لأنحاء الغلط، وذلك فى الأكثر إذا (24) أورد محمولان ليسا بطرفى النقيض، ومع (25) ذلك
__________
(1) التضليل: التعليل م
(2) أورد: ورد ن
(3) فى القياس: القياس س
(4) هو: فهو ب، سا، م
(5) الخلف: التأليف هـ
(6) هو: ساقطة من ن
(7) ليسا: ليستا ن
(8) إن: ساقطة من م
(9) مقابلا: مقابل ب، م، ن
(10) فكون: فيكون هـ، س
(11) مقابل: يقابل هـ
(12) فساد: فسادا ن ما م، ن
(13) فما: فيما سا، م
(14) فان: وإن ن
(15) واحدا: واحد م
(16) فإن القياس: فالقياس س
(17) للمطلوب: المطلوب ب، د، سا
(18) جمع: جميع د، س، سا، م، ن، هـ
(19) فهو واحدة: ساقطة من د، سا
(20) تحتمل: تحمل د
(21) اختلفت: اختلف ب
(22) المجيب: ذلك سا
(23) أن يكون: ويكون ب، سا
(24) إذا: أو د
(25) ومع: ومنع سا(1/56)
لا يكون الموضوع (1) مما قد يوجد فيه أحدهما أو كلاهما، كقول القائل:
هل الأرض بحر أو سماء؟ فهذا ليس مسألة (2) واحدة. وقد (3) يكون من هذا ما هو أخفى، وما هو أظهر والذى يخفى فيه (4) ذلك (5) فقد (6) يسألون عنه معاجلين، (7) فإن توقف المجيب نسبوه إلى العجز والخوف (8) والتحير والتحرز، (9) وإن (10)
أجاب قادوه (11) إلى التناقض.
وقد تكون هذه (12) الكثرة فى جانب الموضوع، مثل من يقول: أزيد (13)
وعمرو إنسان أم لا؟ فإن قال: لا، تشنعوا (14) وإن قال: نعم، فيقول:
فمن ضرب زيدا وعمرا، فقد ضرب إنسانا لا ناسا أو إنسانين. وهذا قد غالطه (15) مغالطة غير التى (16) يحوياها مع المغالطة التى يحوياها، وهو من جملة لفظ (17)
الإنسان.
ومثال آخر: إذا كانت أشياء (18) هى خيرات، وأشياء هى شرور، فأخذت جملة واحدة فقيل: (19) هل (20) هى خير أو شر؟ وكذلك هل (21) هى بيض (22)
أو سود؟ وهذا يرجع أيضا إلى باب التركيب والتفصيل، وإن (23) خالفه فى الاعتبار، لأنه يسأل عن الجملة وينقله إلى كل واحد فيجعل كل واحد (24) خيرا وشرا. وأما (25) إن كانوا أخذوا مع هذا زيادة فتسلموا (26) ما شأنه أن يسلمه الأغتام
__________
28*
(27)
(1) الموضوع: ساقطة من سا
(2) مسألة: بمسألة م، ن
(3) قد: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(4) فيه: منه س
(5) ذلك: وذلك م
(6) فقد: قد م
(7) معاجلين:
معالجين ن
(8) إلى العجز والخوف: إلى الخوف وإلى العجز ب
(9) والتحرز: ساقطة من ب والتجرد سا، ن
(10) وإن: فان سا
(11) قادوه: نادوه د
(12) هذه: هذا ب، س
(13) أزيد: زيد ن
(14) تشنعوا: شنعوا ن
(15) غالطه: خالطه سا، م، هـ
(16) التى: الذى ب، د
(17) لفظ: لفظة سا، م، ن، هـ
(18) أشياء: الأشياء ب
(19) فقيل:
هى سا
(20) هل: ساقطة من د، هـ
(21) هل: تدل د
(22) بيض. أبيض س
(23) وإن: فإن ب، سا، ن
(24) فيجعل كل واحد: ساقطة من د، ن
(25) وأما: فأما س، هـ
(26) فتسلموا: فسلموا ن تعلموا هـ
(27) الأغتام: الاعتبار ن.
(28) (*) الأغتم والغتمى من لا يفصح فى كلامه، يقال رجل أغتم وقوم أغتام. [المنجد](1/57)
أن الحكم (1) فى الجزء والكل واحد، وأنه ما يعرض للواحد يعرض للكل، فهذا (2) يلزم (3) لا محالة. وفى بعض المواضع يجب ذلك مثل ما يجب فى الحدود والرسوم. فهذه هى الوجوه والأقسام التى من جهة المعنى.
ونقول: إنه ليس (4) غير هذه (5) الأقسام وذلك لأن التضليل من جهة المعنى إما أن يقع من جهة أجزاء القول القياسى، وإما (6) أن يقع من جهة جملة القياس (7)
وأجزاء القول (8) القياسى (9) إما أن تكون قضايا، أو أجزاء (10) القضايا، وأجزاء القضايا (11)
لا صدق فيها (12) ولا كذب. والتضليل فى المعنى يقع من جهة الصدق والكذب، فإذن ليس عنها وحدها لذاتها تضليل.
وأما القضايا فإما أن يكون الغلط وقع فى القضية من جهة نقيضها، أو من جهة نفسها لا من جهة نقيضها. وإن (13) وقع من جهة نقيضها فهو أن يكون الكذب (15) ليس نقيضها، فأخذ (14) ما ليس بنقيض لها نقيضا، وهذا هو أن يكون ما هو سؤالان جعل سؤالا واحدا، فإنه إذا سئل عن (16) غير النقيض (17) فليس السؤال واحدا. وأما إن (18) وقع من جهة نفسها، (19) فيجب أن يكون لها لا محالة نسبة ما إلى الصدق، حتى يظن به أنه الصدق، وإذ (20) ليست تلك النسبة من جهة اللفظ، فهى إذن من جهة معنى الموضوع، أو معنى المحمول، أو معنى النسبة.
أما الذى من جهة الموضوع فهو أن تكون القضية مناسبة لقضية أخرى فى الموضوع
__________
(1) الحكم: الحكمين د
(2) فهذا: فهذه ن
(3) يلزم: يلزمه هـ
(4) ليس:
عن س، هـ
(5) هذه: ذلك د، ب
(6) وإما أن: أو ن
(7) القياس: القياسى م
(8) وأجزاء القول: والقول د
(9) وأجزاء القول القياسى: ساقطة من م
(10) أو أجزاء:
وأجزاء ن
(11) وأجزاء القضايا: ساقطة من د
(12) فيها: فيه سا
(13) وإن: فإن ب، د، ن
(14) فأخذ: وأخذ د، س، هـ فأخذها سا، م، ن
(15) الكذب أن:
ساقطة من د
(16) عن: من س
(17) النقيض: النقيضين س، سا، م، هـ
(18) إن: إذا م
(19) نفسها: نفسه سا، م، ن
(20) وإذ: إذ س.(1/58)
بالمشيئة. (1) ويقال مشيئة، وتخصص تلك المشيئة بمشيئة الترويج والتلبيس. فحينئذ لا تكون كل خطابة كذلك، بل تكون بعض الخطابة كما سبق منا القول صادرة (2)
عن قوة وبصيرة، وبعضها عن مشيئة رديئة تشبه المشيئة السوفسطائية.
وليست (3) القوة تناسب القوة الصناعية، بل يكون الغرض فيها غير النفع للمخاطب، بل لنفس الخطيب فى أغراض خارجة.
فصل (4) [الفصل الخامس] فى شرح حد الخطابة وختم الكلام فى قسمة أجزائها ومناسبتها لصنائع أخرى
فلنعد إلى تحقيق أمر هذه الصناعة الخطابية، وأنها (5) كيف تكتسب، وكم أجزاؤها، (6) وكيف يتوصل بها إلى الأغراض التى تخصها
ونبتدئ فنحد الخطابة ونقول: إن الخطابة قوة تتكلف الإقناع الممكن فى كل واحد من الأمور المفردة. فقولنا قوة نعنى به ملكة نفسانية تصدر عنها أفعال إرادية، وهى أوكد (7) من القدرة. فإن القدرة الساذجة قد توجد فى كل إنسان، لكن الملكة التى تحصل إما عن قوانين تتعلم أو عن أفعال تعتاد توجد
__________
(1) بالمشيئة: المشيئة س
(2) صادرة: صادرا د، س، هـ
(3) وليست الصناعية:
وليست القوة تناسب الصناعية ب، ح، سا: وليست تناسب القوة الصناعية د، س، هـ (قبل التصحيح):
وليست القوة تناسب الصناعة ن، هـ (بعد التصحيح)
(4) فصل: فصل 5هـ: فصل هـ ب:
الفصل الخامس م، س
(5) وأنها: وأنا د
(6) أجزاؤها: أجزائها د، س
(7) أوكد: آكد س، ن، هـ(1/59)
فى (1) الفرد بعد الفرد منهم. (2) وقولنا تتكلف (3) يفهم منه معنيان: أحدهما أنها (4)
تتعاطى فعلا لا عن إرادة مؤثرة بل عن إرادة مستكرهة وليس هذا هو الغرض فى (5) هذا المعنى. ويقال تتكلف ويراد به (6) أنها تتعاطى فعلا بأبلغ قصد لإتمامه وهذا هو الغرض. وقولنا الإقناع الممكن هو تفسير (7) الفعل الذى تتكلفه، (8)
ومعناه ما يمكن من الإقناع. ولا يلتفت إلى تفسير آخر.
وقولنا فى كل واحد (9) من الأمور المفردة معناه (10) فى أى جزئى (11) كان من الجزئيات كلها، (12) وفى (13) أى مقولة اتفقت. فيكون قولنا المفردة يدل (14) على المقولة، ويكون قولنا كل واحد يدل (15) على أن كل جزئى من كل مقولة فهو موضوع له. (16) ويحتمل أن يكون كأنه يقول: فى كل واحد من الأمور الجزئية.
وتكلف الإقناع الممكن فصل (17) من باب فعل الخطابة بين الخطابة (18)
وبين (19) البرهان والجدل والسوفسطائية. فإنها ليس (20) شئ منها (21) يتكلف الإقناع الممكن ويقصده (22) كما علمت. وفى هذا الفصل نشير إلى غاية الخطابة أيضا إشارة محصلة وهو الإقناع الممكن فى كل شئ.
وإذا (23) قلنا فى كل واحد من الأمور المفردة، ودللنا على موضوع الخطابة، خرج من ذلك الطب فإنه يشبه (24) أن يكون الطب (25) إنما يقنع ما (26) يمكن من الإقناع فى أمور مفردة تخص نوعا ما. (27) فتكون (28) جملة قولنا (29) تتكلف الإقناع الممكن فى كل (30)
__________
(1) فى: عن سا
(2) منهم: سقطت من س
(3) تتكلف: تتكلم؟؟؟ س
(4) انها: انه س
(5) فى: من س
(6) به: بها م: سقطت من هـ
(7) تفسير: تفصيل هـ
(8) تتكلفه: تتكلف؟؟؟ د: سكانه هـ
(9) واحد:
سقطت من ن
(10) معناه: سقطت من ن، هـ
(11) جزئى: جزء ح، م، ن، سا
(12) كلها: سقطت من ن
(13) وفى: أو فى م، هـ
(14) يدل: دل س
(15) يدل: سقطت من ح
(16) له: لها م
(17) فصل: فعل هـ
(18) بين الخطابة: سقطت من د، هـ
(19) وبين: وح
(20) فانها ليس: فليس د
(21) منها: منهما م
(22) ويقصده الممكن: سقطت من ب
(23) وإذا: فاذا س، هـ
(24) فانه يشبه: فيشبه سا
(25) فانه يشبه أن يكون الطب: سقطت من س
(26) ما: سقطت من د: بما س، هـ
(27) ما: سقطت من س
(28) فتكون: يكون م
(29) قولنا: ما قلنا ح
(30) فى كل: سقطت من س(1/60)
وأما التى من المعانى منها الذى (1) من العرض، (2) فإنه ليس يجب أن يكون ما بالعرض لازما للشئ حتى يكون (3) كل واحد (4) منهما (5) هو الآخر، حتى إن كان شئ وافق الأبيض فى موضوع فصار أبيض، يجب أن يكون بالاضطرار حيث كان أبيض وكذلك لا يجب إذا كان المثلث موصوفا (6) بأنه (7) شكل، وبأنه مستقيم الخطوط، وبأنه مساوى الزوايا لقائمتين، أن يصير الجميع فى حكم واحد، ولا (8) كل موجودين معا فى حال فيجب (9) أن يكون ذلك فيهما بالضرورة، ولا إذا كانا معا فى شئ بالضرورة (10) كالشكل فى المثلث مع مساواة الزوايا لقائمتين يجب أن يكون بالضرورة فى كل موضع، وفى كل مقدمة قياس.
وبالجملة ليس يجب إذا صدق (11) اجتماعها (12) مقدمات جزؤية فيجب (13) أن يصدق فيها (14)
مقدمات (15) كلية، أو تكون نتيجة ضرورية.
وأما الذى من جهة شروط الحمل، فإنه لا تكون المقدمة المسلمة هى (16) بعينها المستعملة فى القياس، ولا يكون الحد المشترك فى كل واحد (17) من المقدمتين هو فى الآخر، (18) إذا كان فى أحدهما (19) بشرط (20) ولم يكن فى الآخر كذلك، ولا تكون النتيجة بالحقيقة نقيض الوضع إن كان يخالفه فى شرط، فلا (21) يكون قد قاس.
ولا شك أن الكائن بسبب (22) الجهل بالتبكيت من هذا القبيل وكذلك المصادرة
__________
(1) الذى: التى د، س، هـ
(2) من العرض: بالعرض س، سا، م
(3) يكون: كان ب
(4) واحد: ساقطة من ن
(5) منهما: منها م
(6) المثلث موصوفا: الموصوف مثلثا ن
(7) بأنه: به هـ
(8) ولا: فلا ب، د يكون م
(9) فيجب: يجب س، هـ
(10) بالضرورة: ساقطة من ب، س
(11) صدق: صدقت س، هـ
(12) اجتماعها: اجتماعهما د
(13) فيجب: يجب س، هـ
(14) فيها: منها سا، م، ن، هـ
(15) مقدمات: مقدمة ن
(16) هى: ساقطة من س
(17) واحد: ساقطة من ن
(18) الآخر: الأخرى ن، هـ أى م
(19) أحدهما: إحديهما هـ
(20) بشرط: شرط د، سا، م
(21) فلا: ولا سا، م، ن، هـ
(22) بسبب: بحسب ن.(1/61)
على المطلوب الأول، وأخذ ما ليس بعلة علة، إذ (1) كان يجب من اعتبار حكم حد القياس أن يكون المقول (2) فى القياس (3) علة للإنتاج، وتكون النتيجة من غير (4)
الموضوعات فى القياس، بل لازما عنها من بعد.
فأما التى من اللوازم فتشبه (5) بوجه ما بالعرض، إذ (6) يؤخذ اللازم الذى هو أعم والشئ الملزوم له شيئا واحدا، كما كان يؤخذ العرضان شيئا واحدا، أو يؤخذ (7) (8) الشئ وعارضه أو محمول الشئ وعارضه شيئا واحدا. وبالجملة فإن موضوعات اعتبار الغلط (9) بسبب ما بالعرض أعم من موضوعات اعتبار الغلط بسبب اللازم، وذلك (10) أن سبب الغلط فيما (11) بالعرض هو إيهام الهوهو، وذلك قد يصح أن يعتبر للواحد من حيث هو واحد، ولا يلتفت إلى كثرة (12) تحته. (13)
وأما سبب الغلط فى اللوازم فهو إيهام العكس الكلى، وذلك يحوج إلى التلفت (14) نحو الكثرة، فموضوعات أحد الأمرين أخص من موضوعات الآخر، وإن كان كل اعتبار بابا برأسه ليس جزءا (15) للآخر يقسم منه (16) لكنهما يشتركان (17)
فى (18) موضوعات وأمثلة قد مرت لك.
وأما التى من أخذ المقدمات الكثيرة كمقدمة واحدة، فالسبب (19) فيه أنه يجب أن يكون فى كل ما يصدق به محمول واحد على موضوع واحد. وكذلك ما يجرى
__________
(1) إذ: إذا د، سا، ن
(2) المقول: القول ن، هـ
(3) فى القياس: ساقطة من سا
(4) غير: عين س
(5) فتشبه: فتشتبه ب، د، س
(6) إذ: أى د
(7) أو يؤخذ: فهو حد د ويؤخذ ن
(8) أو يؤخذ واحدا: ساقطة من س سا
(9) اعتبار الغلط: ساقطة من هـ
(10) وذلك: فذلك د، س وكذلك هـ
(11) فيما: فيها م
(12) كثرة: كثيرة ب
(13) تحته: بحثه ن
(14) التلفت: التفلت س، ن، هامش هـ التقليب هـ
(15) جزءا: خبره سا جزء م، هـ
(16) يقسم منه: وقسما د قسموا ن
(17) يشتركان: مشتركان س
(18) فى: ساقطة من ن
(19) فالسبب: بالسبب سا.(1/62)
الخطيب قد (1) يقتدر على استعمال إقناع فى أمر غير الأمور المفردة. وكما (2) أن ذلك لم يكن طبيبا إلا لأنه (3) يعالج الإنسان، وغير ذلك (4) له (5) بالعرض، (6) كذلك (7) ليس هذا خطيبا إلا لأنه يقنع فى الأمور المفردة الجزئية، وغير ذلك فله (8) بالعرض.
ونقول: إن التصديقات الخطابية قد تكون صناعية، وقد تكون من غير صناعة. (9)
والتى ليست بصناعة، (10) ليست (11) تكون بحيلة منا، بل لوجود الأمر الذى يدعو إليه، وليس ذلك من صنعنا (12) وتلطفنا، مثل الشهود والتقريرات بالعذاب وغير ذلك. وأما (13) التى بالصناعة وما يحتال (14) فيه بالكلام، فكله، إذا اعتبر من حيث الملكة والصناعة، فإنما يكون من فكرة (15) أنفسنا (16) وباحتيالنا. فنحن نستنبط المواضع والأنواع الخطابية ونعلم ترتيب القياس الخطابى وما يتعلق به، لا كالشهود وما أشبههم، فليس إلينا (17)
الإقناع بهم، وإيقاع التصديق عنهم والاحتيال فيه. (18) هذا من جهة الأصل.
وأما (19) إذا اعتبرناها من حيث الاستعمال، فبعضها قد تكون معدة لنا من قبل، وهى المقدمات التى تسمى فى هذا الكتاب مواضع: فهى (20) مقدمات من شأنها أن تصير أجزاء قياس بالقوة أو بالفعل. فإذا (21) كانت معدة لنا، استعملناها كما هى، وإن (22) كنا (23) من قبل لقد (24) استنبطناها بحيلتنا، ثم أعددناها. (25) وبعضها لا تكون معدة لنا كما هى بل يكون المعد (26) فيها (27) أصولا وقوانين، إذا (28) علمناها (29)، استخرجنا منها وقت المحاورة مقدمات خطابية. وتلك القوانين تسمى فى هذا الكتاب (30) أنواعا. ولا نزال نتوصل من نتيجة إلى نتيجة (31) مستمرين على طريق
__________
(1) قد: سقطت من ن، هـ
(2) وكما: كما م
(3) لأنه: انه م
(4) ذلك: الانسان س
(5) له: سقطت من د
(6) بالعرض: بالغرض م
(7) كذلك: وكذلك د
(8) فله: له س، ن، هـ: سقطت من م
(9) صناعة: صناعية م
(10) بصناعة: صناعية س
(11) ليست: ليس د
(12) صنعنا: صنعتنا م
(13) وأما: فأما سا
(14) يحتال: يحال س
(15) فكرة: فكر د، هـ: من ح، م: فى س: مما فى هـ
(16) انفسنا: نفسنا هـ
(17) إلينا: سقطت من سا
(18) فيه: فهم س
(19) وأما: اما ح
(20) فهى: وهى م، ن
(21) فاذا: فان هـ
(22) وإن: ان س
(23) إن كنا: سقطت من ن
(24) لقد: قدح
(25) أعددناها: اعدادنا ن
(26) المعد: المعدة ب، د
(27) فيها: سقطت من م
(28) إذا: وإذا هـ
(29) علمناها: أعملناها ن
(30) الكتاب: الخطاب ح
(31) إلى نتيجة: سقطت من د(1/63)
الاستدراج إلى حصول الغرض. ومثال ذلك: (1) أنا إذا كان (2) قد تيسر لنا عند تحصيل (3) هذه القوة (4) كيف ننقل (5) الحكم من ضد إلى ضد على سبيل الإقناع، ثم خاطبنا مشيرين فقلنا: إن كان زيد الذى هو عدوك قد (6) استوجب إساءتك إليه، فعمرو الذى هو صديقك قد استوجب إحسانك إليه، كنا (7) قد استخرجنا هذا من قانون عندنا، ولم يكن هذا بعينه معدا (8) لنا.
والتصديقات الصناعية التى يحتال لها (9) بالكلام، ويكون ذلك الكلام لطباعه مقنعا، لا لوضع أو شرع، هى ثلثة أصناف: أحدها العمود الذى يسمى تثبيتا (10) فى هذا الكتاب والثانى كيفية المتكلم عند تأديته (11) الكلام فى سمته، كما يتفق أن (12) يكون للمتكلم (13) سمت صالح متخشع فاضل، أو سمت صادق جاد متأن (14) أو خلاف ذلك، (15)
ويكون له لطف فى تأديته، كما علمت والثالث استدراج السامعين. وهذا (16)
الذى هو عمود وتثبت (17) فإنه قد يكون نحو الغرض نفسه، (18) وقد يكون نحو تقرير شئ من الأبواب الأخر، (19) فيكون عمودا وتثبيتا (20) فى ذلك الباب، كما يبين (21) المرء فضيلة (22) نفسه (23) أو خسيسة (24) خصمه أو يبين (25) وجوب (26) الرحمة عليه، فهذا يدخل فى القسم الأول. غير أن سمت القائل فى أكثر الأمر إنما يعنى (27) فى المحاورات (28) التى تكون فى أمور وقعت، كما يكون فى الشكاية والاعتذار، وكما يكون فى المدح والذم.
وأما إذا حاول إقناعا فى أمر ممكن مستقبل، (29) فنفس سمته وصلاحه (30) لا يدل
__________
(1) ذلك وهذا س
(2) كان: كنا ح، س
(3) تحصيل: تحصل هـ: حصول م، ن
(4) القوة: انا س، ن، هـ
(5) ننقل: نسقل؟؟؟ سا
(6) قد: فقد م
(7) كنا: كما م
(8) معدا: معد ب
(9) لها: سقطت من سا
(10) تثبيتا: تثبتا س، هـ
(11) عند تأديته للمتكلم: سقطت من سا
(12) يتفق أن: سقطت من د
(13) للمتكلم: المتكلم له د
(14) متأن: متين د: متخشع م
(15) أو خلاف ذلك: سقطت من ب، ح، سا
(16) وهذا: وهو س
(17) تثبت: تثبيت ح، د
(18) نفسه: بنفسه هـ
(19) الأخر: الآخر س، م
(20) وتثبيتا: أو تثبتا س
(21) يبين: يتبين م، ن
(22) فضيلة: فضله م، ن
(23) نفسه: سقطت من د، م، ن
(24) خسيسة: خساسة د
(25) يبين: يتبين م
(26) وجوب: وجود م
(27) يعنى: يعين س: يعنوا هـ
(28) المحاورات: محاورات س
(29) مستقبل: مستقل م
(30) صلاحه: صلاحته د(1/64)
وبالحرى ما خص هذا الجهل والعجز بالألفاظ أولا، وإن شاركها (1) المعنى فى ذلك فإن (2) الألفاظ أكثر تضليلا من المعانى، ولذلك (3) ما يقع الغلط فى المحاورة أكثر منها (4) فى الفكرة. (5) والتضليل اللفظى يقع من جهة المخاطبة أكثر منه عند الفكرة، لأن السماع اللفظى أدخل فى المحاورة، واستلاخة
__________
23*
(6) المعنى أدخل فى الفكرة على (7)
أنه قد يقع عند الفكرة أيضا، (8) فإن الفكرة (9) قد تقع بألفاظ (10) متخيلة لا محالة.
وجملة سبب الغلط مشابهة شئ شيئا، ولولا المشابهة والمناسبة لما غلط.
وهذه المشابهة فى الألفاظ أكثر منها فى المعانى، فإن المعانى (11) (12) أسد. ولأسباب الغلط فى المعنى مدخل فى أنها تقع بسبب العجز بين الشئ وغيره أما (13) الغلط من جهة ما بالعرض فلأنه يعجز عن التفصيل بين الذى هو هو بالعرض وغير (14)
بالحقيقة، وبين (15) ما هو (16) هو بالحقيقة. وأما الذى (17) من جهة اللوازم فقد (18) بان الحال فى مشاركة جهة اللوازم لجهة العرض، وأنه أخص منه فى موضوعاته، أو مقتصرا (19) على ما يجب أن (20) تراعى فيه الكثرة، كما قد مضى ذكره، ويجعل بينهما مساواة حين يظن أنه إذا لم يفارق الملزوم اللازم، (21) فكذلك لا يفارق اللازم (22) الملزوم.
(1) شاركها: شاركه س، هـ
(2) فإن: ولأن ب
(3) ولذلك. وكذلك م، ن
(4) منها: ما م
(5) الفكرة: الفكر سا
(6) واستلاخة: واستلاحه ب، سا، م
(7) على: وعلى سا
(8) أيضا: وأيضا ن
(9) الفكرة: الفكر ن
(10) بألفاظ: منه س، م، ن
(11) فإن المعانى: ساقطة من ن، هـ
(12) المعانى: المعنى د
(13) أما: فأما د
(14) وغير: وغيره س، هـ
(15) وبين: وهو د
(16) هو: ساقطة من د
(17) وأما الذى وأن الذى ب والذى س، سا م، هـ
(18) فقد: قد ن
(19) أو مقتصرا: ومقتصرا ب، د أو مقتصر سا، ن أو يقتصر م أو متقصر هـ
(20) أن: ليس س
(21) اللازم: ساقطة من هـ
(22) اللازم: ساقطة من سا.
(23) (*) واستلاخة المعنى، أى تجريد المعنى فى المنجد انسلخ من ثيابه تجرد [المحقق].(1/65)
وأما الغلط الواقع لسوء (1) التبكيت، والواقع بسبب ترك اعتبار شرط التقييد والإطلاق، وما قيل فى شروط النقيض، فالسبب (2) فيها إغفال ما يوجبه (3) نقصان يسير فى تفاوت كثير. (4) وكذلك المصادرة على المطلوب الأول، وأخذ ما ليس بعلة (5) علة، وجمع (6) المسائل فى مسألة وذلك لأنه فى المصادرة على المطلوب الأول يغفل (7) قليل شئ من حد القياس، وهو أنه يلزم عن (8) الموضوعات (9) نفس الموضوعات. وفى أخذ ما ليس بعلة علة (10) يغفل (11) شئ يسير وهو: المشاركة الحقيقية (12) بين المقدمات والنتيجة. وفى (13) جمع (14) المسائل فى مسألة يغفل (15) شئ يسير من اعتبار ما يزيده (16) مفهوم الجمع، (17) (18) أو يزيده مفهوم التفصيل. وبالجملة تغفل مراعاة التفاوت بين الغير والهوهو، إذا كان يسيرا.
وإذ قد بان لنا كمية الأسباب التى لأجلها نظن بما ليس قياسا (19) أنه قياس، فقد علمنا (20) أصناف القياسات المغالطية والتبكيتات المغالطية.
والقياس المغالطى ليس وحده هو الذى يظن قياسا أو تبكيتا ولا (21) يكون، بل والذى (22) يكون قياسا ولا بحسب الظن فقط، ولكنه لا يكون مناسبا للموضوع الخاص بالأمر ومن مقدمات مناسبة، وإن (23) كانت صادقة أو مشهورة أو متسلمة كمن يوهم (24) أنه مهندس فيأتى بقياس فى الهندسة غير مناسب للموضوع
__________
(1) لسوء: بسوء س
(2) فالسبب: والسبب ب، س، هـ
(3) يوجبه: بوجه م
(4) كثير: كبير سا
(5) بعلة: علة د
(6) وجمع: وجميع م
(7) يغفل: يعقل سا، م، ن
(8) عن: بين ن
(9) الموضوعات: لا ب، د، ن
(10) علة: كعلة م
(11) يغفل: يعقل ن، هـ
(12) الحقيقية: الحقيقة م
(13) وفى: فى م
(14) جمع: جميع ب، م، ن، هـ
(15) يغفل: يعقل سا، م، ن، هـ
(16) يزيده: نريده ب
(17) مفهوم الجمع: جميع المفهوم هـ
(18) الجمع: الجميع م، ن
(19) قياسا: قياس ب ساقطة من سا
(20) علمنا: ساقطة من د
(21) ولا: فلا سا، م، ن
(22) والذى: الذى د
(23) وإن: فإن ب
(24) يوهم: توهم ن.(1/66)
ما كان تمثيلا. واسم البرهان فى هذا الكتاب يقع على اعتبار يتم به المقصود سريعا. والتفكير هو الضمير بعينه فى الموضوع، ولكن من حيث (1) اعتباره بالحد الأوسط، فإنه من حيث أخذ فيه وسط إنما يقتضيه الفكر هو (2) تفكير، (3) ومن (4)
حيث فيه (5) نقصان مقدمة (6) هو (7) ضمير، ليكون (8) التفكير والضمير واحدا بالموضوع.
وكما (9) أن الجدل معوله على قياس واستقراء، (10) كذلك الخطابة معولها على ضمير وتمثيل.
وكل (11) ذلك إما أصلى، وإما مظنون. وكله (12) مستعمل فى الخطابة، على ما علمت.
والسبب فى أن كل بيان يوجب التصديق إما أن يكون قياسا أو شبيها بقياس أو يكون استقراء أو شبيها باستقراء هو ان الشئ، إذا ادعى فيه حكم، فإما أن يقال: إنما علمت أن الشئ (13) كذا (14) بسبب فلان وفلان، (15) وإما أن يقول:
هو (16) كذا لأنه كفلان. وهكذا (17) البيانات (18) البرهانية، فقد تكون فى بعض الأوقات تمثيلية واستقرائية (19) وعلى الوجه الذى أحطت علما به فى موضعه، وقد تكون قياسية. بل قد تكون فى البيانات البرهانية ضمائر قد حذفت كبرياتها، وتكون تلك الضمائر البرهانية (20) فى قوة (21) القياسات. فإن كبرياتها إنما تحذف (22) لوضوحها، وعلى (23) سبيل الاختصار، وبحيث لو صرح (24) بها لكان البيان (25) (26) أوضح أو مثل بيان الضمير. وكذلك فى الجدل الذى ليس على سبيل المغالطة. (27) وأما (28) الخطابة، فإنما تحذف الكبريات فيها لأنها لو صرح بها (29) لزال (30) الإقناع، لأن تلك الأحكام،
__________
(1) من حيث: سقطت من د
(2) هو: وهو هـ
(3) تفكير: تفكر د
(4) ومن: او من سا
(5) فيه: سقطت من م، ن
(6) مقدمة: فيه ن
(7) هو: وهو ب، ح، م، سا
(8) ليكون: فيكون ن: إن كان د
(9) وكما: فكما ب
(10) واستقراء: فاستقراء د
(11) وكل: فكل س
(12) وكله: فكله م
(13) الشئ: المشى م
(14) كذا: كذى د، ح
(15) وفلان: سقطت من د
(16) هو: سقطت من م، هـ
(17) وهكذا: وهكذى ح
(18) البيانات: البيات ح، د، م، سا
(19) واستقرائية: أو استقرائية د
(20) البرهانية: والبرهانية هـ
(21) قوة: قوية م
(22) فإن كبرياتها إنما تحذف: إنما حذفت كبرياتها ن
(23) وعلى: على ح
(24) صرح: يصرح هـ
(25) البيان: سقطت من م
(26) لكان البيان صرح بها: سقطت من سا
(27) المغالطة: مغالطة م، ن
(28) واما: فاما س
(29) بها: سقطت من د
(30) لزال: لزوال س(1/67)
إذا أحضرت (1) بالكلية، علم كذبها، (2) وخصوصا فى (3) المشوريات منها. فإن (4)
المشوريات منها (5) تكون أمورا ممكنة. وقد تحذف أيضا لئلا (6) يكون البيان منطقيا.
فإن الخطيب، إذا نسب إلى مخاطبة منطقية أو كلامية، توهم أن اقتداره لصناعة أخرى، وأنه (7) يغلب (8) لفضل قوته فى المنطق، لا لفضل إصابته. فالأولى به أن يخاطب خطابا عاميا.
وكما أن حال الخطابة فى استعمال الضمير بعكس حال الجدل والعلوم فيه، فكذلك (9) انتفاعها باستعمال الاعتبار والقياس (10) هو (11) بضد (12) من حال الجدل والعلوم.
لإنك (13) قد علمت أن القياس أشد إلزاما فى الجدل وأشد تحقيقا فى العلوم من الاعتبار (15) والاستقراء. ولكن الاعتبار فى (14) الخطابة أقرب إلى إقناع الجمهور من (16)
الضمير. لأن الضمير وما يجرى مجرى القياس يحتمل كثرة المراجعة فى سؤال:
لم كانت المقدمة؟ ولم لزم مما (17) قلت ما ادعيت؟ وأما المثال، فيكون بأمور ظاهرة مسلمة، فلا يسئل (18) عن مقدماتها بل تسلم، ويكون نقل (19) الحكم إلى الشبيه فيها أو (20) إلى الكلى عن جزئى واحد أو جزئيات قليلة أمرا ما (21) مقبولا عند الجمهور لا يتنازعون فيه، أو يجدوا (22) مناقضة.
والفرق بين الاستقراء وبين المثال الذى ينقل (23) فيه الحكم إلى الكلى لينقل عنه إلى الجزئى أو لا ينقل أن المثال يورد فى (24) نقل الحكم إلى الكلى على أنه مثل الكلى، فيجعل الحكم للكلى (25) على أنه مثله، وعلى أنه (26) مثل (27) بالجزئى، كما لو جعل (28) حكمه
__________
(1) إذا أحضرت: إذا حصرت د، ن: اذا احتضرت س
(2) كذبها: لأنها ب، ن، هـ (ثم كتب فوقها خ)، ح (ثم كتب فوقها علامة الخطأ)
(3) فى: لامها فى سا
(4) فان: لا ن د
(5) منها: ما ب، د، م
(6) لئلا: الا ان م
(7) وأنه: فانه ب
(8) يغلب: يغلب له م، ن
(9) فكذلك: وكذلك ب، هـ
(10) والقياس: سقطت من سا
(11) هو: وهو ح
(12) بضد: تصديق ن
(13) لأنك: كاك؟؟؟ س
(14) الاعتبار فى: سقطت من سا
(15) الاعتبار: اعتبار ح
(16) من: ومن سا
(17) مما: قد م
(18) يسئل: يسأل ح، س، هـ
(19) نقل: سقطت من م
(20) أو: وب
(21) ما: سقطت من ح، س
(22) يجدوا: يجدون م، ن
(23) ينقل: ينتقل ب
(24) فى: فيه ح
(25) للكلى: الكلى ح
(26) مثله وعلى أنه: سقطت من م
(27) مثل: ممثل س، هـ: ممثل د
(28) جعل: جعلت د(1/68)
كأنها مسئول عنها مسلمة، فيؤلف (1) عليه، إذ (2) كانت مسلمة فى ظنه. وإن لم يسلمها بالفعل فهو يسلمها بالقوة فإنّ من الناس من هو (3) يغلط مع (4) نفسه، ويعتقد الجواب الفاسد قبل أن يسأل، فكيف إذا سئل؟.
وقد يجتمع هذان جميعا فى المواضع اللفظية فإن السائل فيها يعتقد أولا خطأ، (5)
ثم يعده للقياس ويكون فاسدا ألبتة فيما يسأل، [و] نافض السؤال يخلو (6) سؤاله عن التوقف (7) على الغرض لبعض الأسباب المذكورة. وقد يكون المجيب أيضا يسلم الكذب بغلطه (8) فى مثل مواضع الألفاظ المغلطة وغيرها.
وترجمة أخرى توجب أن تفهم (9) هذا الموضع: أن السائل قد يجتمع له أن يتسلم (10)
المقدمة الناقصة البيان، أو الناقصة (11) حرفا (12) مغلطا، وأن ينتج الكذب. وقد (13)
توجب ترجمة أخرى غير هذا، وهى (14) ترجمة فاسدة.
وإذا كان جميع التضليلات التى يناقض بها إنما (15) تقع من أسباب قياسات الكذب وقد عدت، وإذا (16) أعطيت قوانينها المعدودة كانت ظاهرة فيحصل أمام الذهن عدد جميع ما يجب أن يتوقى (17) فى جزء جزء من التبكيت الذى هو على عدد جزء جزء من القياس فإن للقياس المغالطى أجزاء كما (18) للقياس الصادق، (19)
وربما (20) عاد أحدهما إلى الآخر بإصلاح يسير بطريق (21) الزيادة والنقصان. وإذا
__________
(1) فيؤلف: مؤلف ى، د، س
(2) إذ: إن س إذا ن
(3) هو: ساقطة من هـ
(4) مع: ساقطة من س
(5) خطأ: خطأ د، س
(6) يخلو: يحلوا سا يجلو س، م، ن، هـ
(7) التوقف: الوقوف د التوقيف س، سا، هـ
(8) بغلطه: لغلطة سا، م
(9) تفهم: ساقطة من د
(10) د يتسلم: يسلم م
(11) أو الناقصة: والناقصة س
(12) حرفا: أيضا س حدثا هـ
(13) وقد: قد ن
(14) وهى: وهو ب، د س، سا، ن، هـ
(15) إنما: إنها م
(16) وإذا: فاذا د
(17) يتوقى: يتوفر د يتوفى سا، م، ن، هـ
(18) كما: ساقطة من د
(19) الصادق: المقدمات م
(20) وربما: فربما د
(21) بطريق: وطريق س، هـ.(1/69)
كان كذلك، فكان ذلك سببا واقيا من الغلط، فإنك تعلم أنك (1) إذا عرفتها توقيتها وربما توصلت منها إلى القياس الحق حين راعيت ما يجب أن تراعيه فى أجزاء القياس الكاذب، ولاح (2) لك من أجزائها أجزاء الحق، فلم تأخذ مثلا اللفظ المشترك فى جوهره أو شكله كشئ (3) واحد فى المعنى، لم ينعقد عليك قياس مغالطة بسببه. وكذلك (4) الحال فى باب باب فإنه لا يكون قياس محقق على الإطلاق إلا وقد (7) تميزت (5) حدوده على الإطلاق، فإذا (6) رأيت الحدود لم تتميز على واجبها، علمت أنه لم ينعقد قياس على الإطلاق، وعلمت أنه إذا (8) لم ينعقد قياس على الإطلاق لم ينعقد قياس (9) على المطلوب المحدود، (10) لأنك فى مثل اشتراك الاسم وغيره لم تومئ (11) إلى المعنى المحصل المحدود، فذلك لا قياس مطلق، ولا قياس محدود، ولا قياس بحسب الأمر فى نفسه، ولا قياس بحسب التسلم (12)
من المخاطب، إذ (13) كان إنما ينعقد عليك (14) الغلط من هذه، ومن إغفالك التمييز (15)
الذى يجب أن تحصره (16) فى أجزاء القياس بحسب ما يجب أن تراعيه من زيادة ونقصان، وتفاوت وقع بين الحق والكذب. مثال ذلك فى الغلط الذى يعرض فى الخلف السوفسطائى، ووضع ما ليس بعلة علة وكذلك الجامع (17) لسؤالين فى سؤال يجهل أن المسألة قضية، والقضية واحدة (18) ذات محمول واحد وموضوع واحد، أو ما (19) فى حكمه، فيزل (20) من إغفاله مراعاة (21) أجزاء المقدمة. والذى يغلط (22)
__________
(1) تعلم أنك: تعلم د، س سا، م، ن، هـ
(2) ولاح: فلاح د، س، سا، هـ
(3) كشئ: لشئ س
(4) وكذلك: فكذلك د
(5) تميزت تميز د، سا، م، ن، هـ
(6) فإذا: وإذا ن
(7) إلا وقد الإطلاق: ساقطة من س
(8) إذا: ساقطة من د، س، سا، م ن، هـ
(9) على الإطلاق لم ينعقد قياس: ساقطة من د، س، سا، م، ن، هـ
(10) المحدود: المحدد م
(11) تومئ د: توم د، س، م
(12) التسلم: التسليم د، سا، ن، هـ
(13) إذ: إذا د، ب، سا، م، ن
(14) عليك: يمكنك سا، م
(15) التمييز: التميز م، ن، هـ
(16) تحصره: يحصى ن نحصره هـ
(17) الجامع: فى هـ
(18) واحدة: الواحدة ب
(19) أو ما: ومما د
(20) فيزل: فترك د، سا فينزل س فيترك م، فنزل هـ
(21) مراعاة: إعارة ن
(22) يغلط: ساقطة من د.(1/70)
لا (1) على (2) سبيل هوى، بل بحسب اعتقاد فى أنفسهم: إما واجب، وإما باغترار. (3)
فمن ذلك محمودات حقيقية، وعند كل الناس، (4) أو عند طوائف. (5) فإن (6)
المحمودات الحقيقية محمودات أيضا فى بادى الرأى. ومنها ما من شأنه، إذا غافص الجمهور، أقنعهم، (7) ولا (8) يكون هو (9) المحمود (10) الأول، ولكن يشبهه (11)
بمشاركة اسم (12) أو فى (13) معانى (14) أخرى، (15) ويخالفه فى شرط (16) من شروط النقيض.
وبالجملة: يكون فيه (17) سبب من الأسباب المغلطة. لكن من شأن الجمهور، أو أكثرهم، أو طوائف منهم أن يقبلوه، (18) عند ما يغافصون (19) به، قبول ظان. وإذا خلوا بأنفسهم وفكروا، درى بعضهم أنها ليست هى (20) المحمودات التى تقبل (21)
لأنفسها، وأنه قد غلط فيها وأخذ (22) مكان المحمودات بذاتها. (23) وأما المنطقى، فإن قانونه يمنعه أن يقبل من المحمودات عند الجمهور إلا إياها (24) بأعيانها، ومن المحمودات عند طائفة ما (25) إلا إياها بأعيانها، لمعرفته بالقوانين المميزة بين الشئ وشبيهه. (26) فالخطابى (27) يستعمل المحمود (28) الحقيقى، والمحمود بحسب الظن، والذى قد ظن (29) ظنا من غير نسبة إياه إلى أحد، (30) وهذا (31) هو المحمود بحسب إنسان ما. (32)
__________
(1) لا: وهـ: سقطت من س، م، ن
(2) على: سقطت من هـ
(3) باغترار: كتب فوقها فى ح باعتبار
(4) الناس: إنسان س، هـ
(5) طوائف: الطوائف م، ن، هـ
(6) فان: بان د
(7) افنعهم: اقلفهم هـ: وأقنعهم ح
(8) ولا: لا ح، هـ
(9) هو: هذا س
(10) المحمود: المحمودات سا
(11) يشبه: شبه؟؟؟ س
(12) اسم: الاسم ن
(13) فى: سقطت من م
(14) معانى: معان س
(15) أخرى: اخر ن: الحدد: الجزء ب، ح: الخير سا: الجنس بخ
(16) فى شرط: بشرط د: شرط ب، ح، سا
(17) فيه: سقطت من د
(18) أن يقبلوه تقبل: سقط من د
(19) يغافصون: يعارض هـ
(20) هى: من س، ن
(21) تقبل: كتب فوقها فى ب: لا خ
(22) واخذ: فأخذ د: وأخذت ح
(23) بذاتها: بدلها هـ
(24) اياها: سقطت من س
(25) ما: سقطت من د
(26) شبيهه: شبهه د، هـ، ن
(27) فالخطابى: والخطابى د
(28) المحمود: المحمودات هـ
(29) ظن: يظن س
(30) أحد: حد هـ: حمد ح، د، س
(31) وهذا: فهذا م
(32) ما: سقطت من سا(1/71)
ولكن صناعة الخطابة (1) ليست يتوقف تمامها (2) إلى أن (3) يعرف (4) المحمودات بحسب شخص شخص، بل بأن (5) يعترف (6) أن المحمودات أيضا بحسب شخص شخص (7) نافعة له (8)
وإن كان يجهلها. فإذا المحمودات بحسب شخص شخص ينتفع (9) بها (10) فى المخاطبة من حيث يعلم منها (11) هذا (12) الأمر الكلى. ولا (13) تحتاج الصناعة إلى أن تحصرها حصرا، بل يجب عليها (14) أن تحصر وتضبط المحمودات الحقيقية والمحمودات بالظن (15)
التى (16) من شأن الجمهور أن (17) يسلموها قبل النظر فيها والتعقب لها.
والمحمودات الحقيقية هى (18) التى إذا تعقبت لم يزل حمدها، (19) أو عرفت (20) أنها هى التى تحمد بأعيانها لا غير، (21) وإن زال عنها الحمد. وإنما (22) يزول عنها باستقصاء يعرف حالها فى الصدق، إذا انكشفت عن كذب، (23) فتصير غير محمودة (24) عند من اطلع على سرها الذى فيها (25) إلا أنه يعلم مع ذلك أنها محمودة عند الجمهور، مغلوط (26) فيها. لكن ذلك السر (27) ليس مما يطلع (28) عليه (29) عامة الجمهور. فمثل هذا هو المحمود (30) عند الجمهور، ولا (31) يزول حمده عنه بأن (32) يلوح لمتعقب كذبه.
وأما (33) المنطقى الجدلى، فإنما يأخذها محمودة لأنها عند الجمهور محمودة، ومن (34)
جهة أن هذا المعنى موجود (35) لها. بل أهل النظر البرهانى أيضا يرونها محمودة،
__________
(1) الخطابة: سقطت من ب
(2) تمامها: سقطت من م
(3) أن: سقطت من د
(4) يعرف: تعريف د
(5) بأن: ان م
(6) يعترف: يعرف ن
(7) بحسب شخص شخص: بحسب شخص ب، م، ن، سا
(8) نافعة له بحسب شخص شخص: سقطت من ح
(9) ينتفع: سفع؟؟؟ س
(10) بها: به س، سا
(11) منها: منها ن
(12) هذا: سقطت من ن
(13) ولا: ولكن لا ن
(14) عليها: علينا س، هـ
(15) بالظن: بحسب الظن س، هـ
(16) التى: الذى س
(17) ان: وان هـ
(18) هى: وهى ن
(19) حمدها: محمدها م: يحمدها د، س، هـ
(20) أو عرفت: وعرفت ح، سا: وعرف د
(21) لا غير: لا غيرها د، س، هـ
(22) وانما: فانما س، هـ
(23) كذب: كتب فوقها فى ح كتب
(24) محمودة: محمود هـ
(25) الذى فيها: سقطت من س، ن، هـ
(26) مغلوط: مغلوطا فى جميع المخطوطات
(27) السر: الذى فيها س، هـ: فيها ن
(28) يطلع: يتطلع ب، د، هـ، سا
(29) عليه: سقطت من سا
(30) المحمود: محمود ح، س، هـ، سا
(31) ولا: لا ح، د، س، سا
(32) بأن: كتب فوقها بل فى ح
(33) وأما: وانما ب
(34) ومن: ومن د
(35) موجود: موجودا ب(1/72)
المقالة الثانية(1/74)
المقالة الثانية
المقالة الثانية (1)
من الفن السابع ستة فصول
[الفصل الأول] (ا) فصل فى الرد على من زعم أن جميع المغالطات إنما تقع بسبب الاسم المشترك
قال المعلم الأول: والذى يؤثره بعض الناس من قسمة الأقاويل ويعنى به أفلاطون (2) أن بعضها موجود (3) بحسب (4) الاسم، وبعضها بحسب المفهوم، (5)
ولا يتفقان (6) وكأنه (7) يريد أن التضليل واقع بحسب الاسم، والحق واقع بحسب المفهوم، أى (8) أن الخطأ والغلط من جهة المسموع، والصواب والإدراك من جهة المفهوم فليس (9) إيثارا صوابا: فإنه (10) ليست قسمته (11) للألفاظ بالفصول، ولا المغلطة بسبب (12) اللفظ كلها (13) نحو الاسم، ولا الألفاظ (14) التى تتجه إلى المسموع
__________
(1) العنوان من مخطوطة س، وسنثبت العنوانات التى جات فى المخطوطات الأخرى:
بسم الله الرحمن الرحيم المقالة الثانية فصل قال ب المقالة الثانية فصل قال د، سا المقالة الثانية من الفن السابع من الجملة الأولى سبعة فصول الفصل الأول قال م المقالة الثانية من الفن السابع من الجملة الأولى فصل قال ن المقالة الثانية من الفن السابع من الجملة الأولى وهى سنة فصول غير مترجمة فصل فى الرد على من زعم أن جميع المغالطات إنما تقع بسبب الاسم المشترك قال هـ
(2) أفلاطون: فلاطن د، ن هـ
(3) موجود: موجودة س، سا
(4) بحسب: ساقطة من س
(5) المفهوم: ساقطة من د
(6) ينفقان: يتعلقان س
(7) وكأنه: فكأنه د، سا
(8) أى: ساقطة من سا
(9) فليس: وليس
(10) فإنه: ساقطة من م
(11) قسمته: قسمة د
(12) بسبب: بحسب د
(13) كلها: هو س، ن، هـ
(14) ولا الفاظ: والألفاظ م.(1/76)
هى (1) فى ذواتها (2) غير الألفاظ التى تتجه نحو المفهوم، فإن اللفظ بعينه (3) يصلح لأن يستعمل فى غير المعنى الذى (4) سلمه المجيب فيغالط به، (5) وأن يستعمل مجيب بحسب (6)
معناه فلا (7) يغالط به، وأيضا يستعمل فى معناه ويغالط به من جهة الغلط فى المعنى.
وما غالط (8) به زينون
__________
26*
فى إثبات أن الكل واحد بسبب قوله إن الموجود واحد، فهل هو متوجه نحو المسموع، أو هو أيضا مغلط لزينون (9) ولمن (10) يخاطبه (11) بحسب المفهوم. نعم، لو كان يتكلم بهذا (12) ولا (13) يتخيل إلا لفظا (14) صراحا له نسبته إلى كثيرين (15) لكان مغالطا بحسب الاسم، لكنه مع ذلك قد يتخيل له مفهوما ما، بل (16) اللفظ بعينه يجوز أن يكون مشتركا، فإذا نحا (17) إلى معنى واحد من معانيه، وإياه فهم المجيب، صار ذلك اللفظ (18) بعينه مقصودا به نحو المفهوم. ولا شئ من الألفاظ إلا ويمكن أن يقصد فيها نحو المسموع، وجميعها (19) يمكن أن يقصد فيها نحو المفهوم، ومع ذلك (20) فقد يمكن أن يقع منه الغلط بحسب المسموع والمفهوم معا، ولا اللفظ إذا غلط كان لأنه (21) لا اعتقاد هناك، بل إنما تغلط جل الألفاظ (22) بحسب المفهوم، فإن الأقاويل (23) وضعها الأول (24) وحقيقة فائدتها أن تكون للمفهوم، ولم (25) توضع للمسموع ولأجل المفهوم فإن أبطلت المفهوم ولم
(1) هى: هو س، ن، هـ
(2) ذواتها: ذاتها ب، هـ
(3) بعينه: نفسه د، س
(4) الذى: التى ن
(5) به: ساقطة من د
(6) يستعمل مجيب بحسب: استعمل مجيب د يستعمل مجيب ب، سا، يستعمل فيما سلم المجيب بحسب س
(7) فلا: ولا سا، م ن
(8) غالط: يغالط د، س، هـ
(9) لزينن: زينن د، س للذهن م، ن
(10) ولمن: ولم ب
(11) يخاطبه: يخالط به د
(12) بهذا: هذا ن
(13) ولا: أولا ب
(14) الإلفظا: الألفاظ ن
(15) كثيرين: الكثيرين م
(16) ما بل: مقابل م، ن قابل هـ
(17) نحا: عنى ب نحى سا أنحى ن
(18) اللفظ: ساقطة من ن، هـ
(19) وجميعها: وجميعا ب
(20) ومع ذلك: ساقطة من س
(21) لأنه: تاما د بأنه س، سا، هـ
(22) جل الألفاظ: كل لفظ ن
(23) الأقاويل: ساقطة من س
(24) الأول: للأول د
(25) ولم: فلم د، س، سا لم م، ن.
(26) (*) زينون هو تلميذ بارمنيدس الإيلى المشهور، وجميع المخطوطات تكتبه «زينن» بدون الواو، وقد جرينا الآن على كتابته هكذا زينون [المحقق].(1/77)
تكن هناك دلالة ألبتة فلا (1) تغليط، فإن اللفظ المشترك إذا كان يدل على كثرة ولم تلتفت إليها، بطل أن يكون أيضا دالا على الواحد، فإن ذلك الواحد (2) يكون واحدا منها، وقد يمنع أن يأخذها من حيث يدل عليها، فإذا لم يدل عليها لم تبق (3)
دلالة أخرى تنسب إلى المسموع فيقال إنها تغلط أو لا (4) تغلط (5) فإن كان الاسم واحدا، ومفهومه (6) كثيرا، فيسلم السائل من المجيب على معنى ذهب إليه المجيب، ثم غالطه فاستعمله على معنى آخر يخالف ذلك المعنى فى الحكم، وقاوم به، فهذا هو واقع بحسب الاسم فقط ولكن ليس كله كذلك، ولا كل الغلط من هذا القبيل، ولا كل ما يدل على كثير لا يتفق (7) السائل والمجيب فيه على معنى مخصوص من جملة معانيه فيكون إن وقع (8) حينئذ الغلط وقع لا نحو الاسم، إنما الأول (9) هو (10) الذى نحو الاسم.
وكذلك ما كان من الألفاظ يقال قولا جزئيا ويدل بها على معنى، والنفس تأبى التصديق لمعناها فى الاعتقاد وإذا (11) تظاهر قائلها بتصديق ذلك فى القول فعسى أن يكون هذا اللفظ هو (12) الذى (13) بحسب المفهوم إلا أن ذلك بالعرض، ليس لأن وضع (14) اللفظ كذلك. وهذا مثل تصريح زينون بأن (15) الموجود واحد، وأن الكل واحد، فإنه (16) إذا كان رأيه فى نفسه هو أن الموجود يشتمل (17) على كثير، (18)
__________
(1) فلا: ولا س، ن هـ بل د، هامش هـ بلا سا، م
(2) الواحد: قد د، س
(3) تبق: لها س، هـ
(4) أولا: ولا ب، د، سا، ن
(5) أولا تغلط: ساقطة من م
(6) ومفهومه: مفهومه س، سا، م
(7) لا ينفق: ولا يتفق س، هـ
(8) وقع ساقطة من د، س
(9) الأول: الأدل س، ن، هـ
(10) الأول هو: هو الأول ن، هـ
(11) وإذا: وإن س، سا، م، ن، هـ
(12) هو: اللفظ هو م
(13) الذى: ليس س
(14) وضع: الوضع ب، س
(15) بأن: أن م، ن، هـ
(16) فانه: ساقطة من م، ن
(17) يشتمل: مشتمل س
(18) كثير: كثير ير؟؟؟ م، ن، هـ.(1/78)
علم أن قوله ليس بحسب الاعتقاد على أن اللفظ كذلك فى نفسه، بل على أن (1)
المجيب أو القائل صرفه عن الاعتقاد، وذكره كذبا، فيكون مثل هذا إنما هو بحسب الاسم، بمعنى أن القول لا يتعدى السماع إلى الاعتقاد. فإن لم يكن معنى (2) قولهم بحسب الاسم هذا، فلا (3) هذا القول بحسب الاعتقاد، ولا بحسب الاسم، ولا القسمة المذكورة فى الأول صحيحة فلا (4) كل ما يضلل يضلل بالمسموع، (5) ولا كل ما يضلل (6) بالمسموع (7) يكون بسبب أن الاسم مشترك. وقد علمت هذا، فإنه ليس كل تبكيت سوفسطائى لفظى يعرض من جهة الاسم.
على ن قوما آخرين قالوا: إن الأمر ليس كذلك، بل القياسات التى تكون دالة على وجوه مختلفة، هى التى من قبل (8) أن (9) اللفظ لا يتعدى المسموع، وليس جميع ذلك من قبل (10) اشتراك الاسم، بل بعضه واليسير منه، فإن اللفظ قد يغلط (11) من وجوه (12) غير (13) الاشتراك (14) فى الاسم، فبالحرى (15) أن لا (16) يكون كل تغليط لفظى من جهة اشتراك الاسم. فإذن لا سواء (17) ما قلناه (18) من أن كل تبكيت سوفسطائى إما أن يقع التضليل فيه من جهة اللفظ، أو من (19) جهة المعنى.
وما أرادوا أن يقولوه: (20) إن كل (21) ذلك من جهة الاسم فقط، ومن جهة المعنى يقع الصواب. ولا سواء أيضا أن يقال: (22) كل تضليل إما كذا وإما كذا وأن يقولوا: كل لفظ قال المعلم الأول. والأقبح من ذلك أن الرجل قد
__________
(1) بل على أن: بل على س
(2) معنى: بمعنى هـ
(3) فلا: ولا سا، م، ن
(4) فلا: ساقطة من هـ، يكون م، ن
(5) بالمسموع: المسموع د، س
(6) يضلل يضلل م
(7) بالمسموع: بحسب المسموع ن
(8) قبل: قبيل س، هـ
(9) أن: ساقطة من م، ن
(10) قبل: قبيل س
(11) قد يغلط: ساقطة من د
(12) وجوه: وجه د
(13) غير: مختلفة وهى التى من قبل اللفظ م
(14) الاشتراك: اشتراك ن
(15) فبالحرى: فحرى ن
(16) لا: ساقطة من س
(17) سواء: سوى د
(18) ما قلناه: من قلنا د
(19) أو من: ومن د
(20) يقولوه: يقولوا د
(21) كل: واحد د
(22) يقال: إن سا، م، ن، هـ.(1/79)
أعرض عن تعريف القياس مطلقا، وأخذ يتكلم فى القياس المشبه، والتبكيت المشبه. (1) وإنما تعرف القياس الردئ بعد أن تعرف القياس الجيد، فتعلم حينئذ (2)
أن القياس الردئ هو أن تكون له صورة القياس فى ظاهره، أو يشبه (3) صورة القياس ثم يفارق بالمادة وأن رداءته (4) إما أن تكون من جهة كذب وفساد فى المقدمة المأخوذة من طرفى (5) النقيض من غير مراعاة، كمن يستعمل أن الساكت متكلم، (6) والمتكلم ليس بساكت، فينتج مثلا أن الساكت ليس بساكت وإما (7) أن تكون من جهة فساد فى جهة التأليف، وإن كانت المقدمات صادقة بحسب اعتبار أنفسها، (8) مثل قول القائل: إن شعر هو ميروس
__________
19*
دائرة، أى يرجع آخره إلى أوله (9) كأنه يذكر فى آخر كل بيت ما ذكره (10) فى أوله ثم يقول:
وكل دائرة يحيط بها (11) خط كذا، أو كل دائرة (12) لها (13) شكل، فإن المقدمة الصغرى صادقة والكبرى صادقة، لكن ليس لتأليفها (14) حد مشترك إلا فى اللفظ، فليست (15) من حيث المعنى لها ائتلاف أو يكون الفساد من جهتين جميعا، كقول القائل: إن الإنسان يعطى المعطى، والمعطى ليس (16) له (17)، فالإنسان يعطى ما ليس له ثم يأخذ هذه فيستعملها: إن الإنسان يعطى ما ليس له، وكل حرام فليس له (18)، فالإنسان يعطى الحرام فقط فيكون هذا هو القياس
(1) والتبكيت المشبه: ساقطة من سا
(2) حينئذ: ساقطة من سا، م، ن
(3) يشبه: شبه د، س، هـ
(4) رداءته: ذاته ب
(5) من طرفى: عن طرفى ب، سا، م، ن، هـ على طرفى س
(6) متكلم: يتكلم د، س
(7) بساكت وإما: ساكت وإما م
(8) أنفسها: نفسها م
(9) آخره إلى أوله: أوله إلى آخره د، س، ن
(10) ذكره: ذكر د، س، سا، م، ن، هـ
(11) بها: به د، س، سا، هـ
(12) دائرة: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(13) لها: ساقطة من د، س، سا، م، ن، هـ
(14) لتأليفها: لها بينها ب، س، سا، م، هـ لما بينها ن
(15) فليست: فليس س
(16) والمعطى ليس: والمعطى ما ليس ن
(17) له: ساقطة من ن
(18) وكل حرام فليس له: وما ليس له حرام ن.
(19) (*) هو ميروس هو شاعر اليونان المعروف، وجميع المخطوطات تكتبه هكذا «أو ميروس»، وقد التزمنا الرسم الحديث. انظر المغالطة فى نص أرسطو 171ا 10 [المحقق].(1/80)
الجامع للفسادين، (1) وذلك لأن الصغرى كاذبة وقد أنتجت من قياس كاذب، لأن المعطى يقال للشئ عند ما يريد أن يعطيه المعطى وهو له، وإنما يصير (2) لغيره عند القبول، وذلك بعد فعل المعطى، فإن الإنسان يعطى ما له، ليس ما ليس له، (3) بمعنى آخر: وهو أنه ليس له أن يتناوله شرعا وأما كل (4) ما ليس له بحسب الاستيلاء فليس (5) بحرام عليه وأيضا فإن القياس غير منتج. وهذه (6) هى وجوه فساد القياس. وقد قيل فى هذا المثال وجه آخر لا يلتفت إليه.
وإذا خلا القياس عن كذب المقدمات، وفساد الاشتراك، وله صورة قياسية فهو قياس صحيح قد طلع من مكانه، وجاء (7) من طريقه، وطرح الالتفات فيه إلى اللفظ لم يعرض غلط حق (8) فيجب على من يتعرض لإبانة أسباب الصواب والخطإ فى النظر (9) أن يعلم إذن (10) صورة (11) القياس وكيف تكون، (12) (13)
ومادة القياس وكيف تكون، ثم ينتقل إلى السوفسطائية. وأما من فعل فعل أفلاطون (14) فأخذ يتكلم فى السوفسطيقى، ولم يحصل القياس أولا، فقد عمل هذرا، وخصوصا إذا (15) ظن أن كل ما (16) غلط فهو من الاسم، فبيرى المهندس يغلط لأن المثلث اسم مشترك عنده، وأن مهندسا إن (17) استعمل لفظ المثلث على أنه مشترك ثم نص (18) لا على الشكل المعلوم، بل على شئ آخر من الأشكال مثل قطع زائد لمخروط، (19) أو مثل (20) شكل يحيط به ثلاثة (21) خطوط قوسية، ثم توجه (22) إلى معالطة (23)
__________
(1) للفسادين: للفاسدين م
(2) يصير: يصيره ب
(3) يعطى ما له ليس ما ليس له: يعطى ما ليس له وأيضا فليس كل ما ليس له فهو حرام بل الحرام هو الذى ليس ن
(4) كل: ساقطة من د، س
(5) فليس: إلا م
(6) وهذه: هذه م
(7) وجا: فجاء هامش هـ
(8) حق: ساقطة من د
(9) فى النظر: ساقطة من س
(10) إذن: أن س
(11) صورة: صور هـ
(12) وكيف تكون، ساقطة من م
(13) تكون: ساقطة من سا
(14) أفلاطون: فلاطون ب، ن، هـ أفلاطن د، س، سا، م
(15) إذا: إذ سا
(16) ما: ساقطة من س، ن، هـ
(17) إن: وإن ن
(18) نص: خص س
(19) لمخروط: المخروط سا
(20) أو مثل: ومثل ن، هـ
(21) ثلاثة: ثلاث ب
(22) توجه: توصل س يؤخذ سا، م، ن
(23) مغالطة: مغالطة د.(1/81)
مع التنبيه على معنى المثلث، أيكون (1) غلطه بسبب (2) اعتقادى أو لفظى، (3) ويرى أنه (4)
لا محالة يعرض له أن يغلط لأجل ذلك.
وأما (5) الذى يمنع أن يكون الاسم مشتركا ولا يغلط، فأن (6) يفهم (7) المجيب ويبحث (8)
عن قصد السائل، فإن أطلق المجيب الجواب، فذلك لأنه تصور معنى (9) إياه قصد (10)
بالإيجاب والسلب، وربما (11) لم يكن علم أن الاسم غير ما ذهب إليه دلالة (12) ثم إن عقد عليه قياس ولم يؤت فى الحد المشترك مثلا بذلك المعنى (13) فتكون الزلة بالحقيقة، لأنه لم يعلم القياس وماهيته، فإن غلط المجيب وقبل النتيجة، فليس إنما أخطأ (14) من جهة (15) أن (16) الاسم غلطه. وكيف يغلط (17) والمعنى الواحد متصور عنده واحدا، بل إنما غلط لأنه (18) لم يعلم هيئة القياس وحده الحد (19) المشترك، وورد (20)
عليه الغلط (21) من جهة الفكر لا (22) من جهة القول. وكذلك فى أمثلة أخرى لا تنعلق باللفظ من جهة الاشتراك فيه، بل من جهات أخرى مما قد علمت، مثل أن يسأل إنسان: هل يصدق (23) القول بأن الساكت (24) يتكلم أو لا يصدق مرة ولا يصدق أخرى؟ فإن أجاب المجيب بأنه لا يتكلم ألبتة، وعنى مادام ساكتا، وكان الذى يسأل (25) يظن أنه سلم أن لا يتكلم فى وقت آخر (26) ألبتة، فلم يجب أن يجتمع من المقدمتين قياس بل (27) الذى يجب أن يقال إن الغلط فيه من أن
__________
(1) أيكون: يكون س ليكون سا، م، ن، هـ
(2) بسبب: بحسب ن
(3) لفظى: ساقطة من د، س
(4) أنه: ساقطة من د، س
(5) وأما: وما سا، هـ
(6) فأن: بأن كذا فى جميع النسخ
(7) يفهم: يتفهم س، هـ
(8) ويبحث: ما ب، س
(9) معنى: ما، د، سا، م
(10) قصد: قصدا س
(11) وربما: فربما د
(12) دلالة: دلالته ن
(13) المعنى: ساقطة من س
(14) أخطأ: غلط م، ن
(15) من جهة: ساقطة من م، ن
(16) أن: لأن م
(17) يغلط: يغلطه س
(18) لأنه: لأن ن، هـ
(19) وحده الحد: وحده للحد د ووحدة الحد س وحده والحد ن
(20) وورد: نورد م، ن
(21) الفلط؟؟؟: القول ن
(22) لا: ساقطة من ب، د
(23) يصدق: عليه م، ن
(24) الساكت: السائل هـ
(25) يسأل: ساقطة من ن
(26) آخر: أو س
(27) بل:؟؟؟ سا، م، ن بل فما هـ.(1/82)
العقدين مختلفان، وأن تأليفهما إلى مقدمة تقترن (1) بهما للإنتاج (2) ليس تأليفا واحدا، بل أحدهما يتألف نحو المطلوب والآخر لا يتألف، أو يقال ليس السبب فيه إلا اللفظ فقط من دون آفة اعتقادية كلا بل الآفة القريبة هى فى نفس القياس، فيجب لا محالة أن تكون المعرفة بالقياس (3) سابقة حتى يمكن أن يقال:
بئس ما عملت أيها المجيب حين سلمت هذه الأجزاء، فأتى (4) بمعنى محصل عندك ثم لم يؤت بذلك المعنى فى الحد المشترك، وراج عليك فإذن كيف يمكن أن تعرّف المجيب خطأه فيما صنع من غير أن يكون قد عرف (5) القياس؟ فكيف تضيف فى تعريف سوفسطيقى وإبانة أن (6) الاسم يغلط ويضلل، ولا تعرف أنه كيف يغلط؟ (7)
فأما الاسم المقول على أشياء كثيرة فإنه (8) إذا استعمل (9) فى السؤال فأجاب المجيب عنه بإيجاب أو سلب، ولم ينح (10) نحو معنى (11) ما واعتقاد ما، فذلك الذى يسلمه لفظ فقط، لأنه الاسم الذى لا يفهم معناه، ويجوز أن يكون دالا على أى واحد شئت مما لا نهاية له من المعانى، (12) إذ إنما يتحدد مفهومه فى عدد إذا (13) كان يفهم، (14) وإذا لم يلتفت إلى المعنى لم يكن الاسم مفهوما، فمن سلمه فإنما يسلمه قولا ولا اعتقاد له. ومثل (15) هذا المجيب ليس إنما يغلط بل لا يعقل. فليس إذن الأقاويل قسمين: (16) مضلل وحق على أن المضلل هو الذى عند المسموع، (17) والحق هو الذى عند الاعتقاد، وعلى أن يجعل الذى عند الاعتقاد
__________
(1) تقترن: تقرن د، تعرف س تفترق هـ
(2) للإنتاج: الإنتاج ب، هـ
(3) بالقياس: ساقطة من س
(4) فأتى: فتأتى س، هـ
(5) عرف: عرفت س عرف سا
(6) أن: ساقطة من ن، هـ
(7) يغلط: مغلط س
(8) فإنه: فإما هـ
(9) استعمل: استعملت ب، س، سا، م، ن، هـ
(10) ينح: يقصد ب ينتج د، س، ن، هـ
(11) معنى: يقين س
(12) المعانى: المعنى سا، م
(13) إذا: وإذا ن
(14) يفهم: ساقطة من سا
(15) ومثل: مثل م
(16) قسمين: قسمان س
(17) المسموع عند: ساقطة من د.(1/83)
جنسا للأقاويل الصحيحة، فإن هذا الذى يغلط من جهة اللفظ (1) هو أيضا يغلط من جهة اعتقاد ما. وأيضا فإن ههنا أنواع غلط من جهة الاعتقاد لا ذنب (2) للفظ فيها، كالذى بالعرض، وبالجملة تلك السبعة المعنوية.
وليس يحسن الذى يقول: (3) يجب على المجيب أن يستقسم، إذ لا يفهم منه معنى ألبتة أو (4) يستقسم، (5) وإنما يستقسم (6) إذا فهم أن له معانى (7) كثيرة، ثم لم يفهم غرضه (8) من جملتها. فأما (9) إذا (10) سبق إليه منها (11) معنى واحد لاح لذهنه فكيف يمكنه ان يأخذ فى الاستقسام؟ (12) بل إنما يسلم، أو ينكر، وينحو ذلك المعنى فى حدود ما يسلمه من المقدمات للقياس عليه. وشروعه فى تقسيم دلالة اللفظ عليه من قبيل التعليم، (13) ليس من قبيل المخاصمة، على قاعدة أنه مساو (14) فى المرتبة بل للمخاطب أن يستفسر المعنى الذى يريده المتكلم، وأما (15) أن يقسم عليه الوجوه فهو خارج عن عمود الخصام، ومشير إلى التعليم فإنه إذا قسم عليه، ومضى إلى (16) معنى واحد، كفى (17) أن (18) يستقسم وينص على ذلك المعنى ويذهب ذكر سائر الأقسام لغوا ورد منه على سبيل ما لا يحتاج إليه تبدخا
__________
21*
، وإظهارا للقدرة، وقياما (19) مقام المعلم (20). على أنه قد ينعقد من الألفاظ التى ليست مضاعفة الدلالة كثيرة المعانى مغالطات بحسب تركيبها، مثل
(1) اللفظ جهة: ساقطة من سا
(2) لا: ولا س
(3) يقول: قال ن يجب س ن، هـ يستقسم: يستقيم سا، م، هـ
(4) أو: إذ ن
(5) يستقسم: يستقيم م، هـ
(6) يستقسم: يستقيم م، هـ
(7) معانى: معان هـ
(8) غرضه: غرض ن
(9) فأما: ساقطة من د
(10) إذا: فإذا د
(11) منها: ساقطة من سا
(12) الاستقسام: استقسام ب
(13) التعليم: التعلم سا
(14) مساو: متساو سا
(15) وأما: فأما هـ
(16) إلى: على د، س، سا، م، ن
(17) كفى: وكفى هـ
(18) أن: ساقطة من س
(19) وقياما: وقيام س
(20) المعلم: المعلوم سا.
(21) (*) تبدخا أى تعظما، وبدخ كان عظيم الشان فهو بديخ، وتبدخ عليه تعظم. [المنجد](1/84)
قولهم: هل آحاد الرباعية مساوية لآحاد الثنائية؟ فإن أخذت متساوية، (1)
قيل: (2) فإذن الجملتان متساويتان، وإن (3) قيل: إنها غير مساوية، قيل: فالآحاد التى منها تركيب (4) الثنائية مخالفة للآحاد التى منها تركيب (5) الرباعية، لكن الرباعية مركبة (6) من (7) آحاد الثنائية فكيف (8) يكون غيرها (9) ومخالفا (10) لها. أو يقول: هل الوحدات (11)
التى فى الرباعيات مساوية (12) للثنائيات التى فيها، أو بعض الوحدات (13) التى تساوى وتكون متحدة بالثنائيات وبعضها لا تكون. وكيف (14) تساوى الوحدة الثنائية واللواتى يتركب (15) الشئ من أربعة منها اللواتى (16) يتركب (17) الشئ من اثنين منها؟
وكيف تخالف الوحدات (18) الثنائيات وما هى (19) إلا وحدات أيضا (20) اجتمعت؟ (21)
وإذا (22) كانت كل واحدة (23) لا تخالف كل واحدة (24) من الثنائية (25) لم تخالف بزعمه الوحدة الثنائية؟
ومثل ما يقولون: هل العلم بالأضواء واحد؟ فإن قيل: العلم بها واحد، قالوا: فالعلم بالمعلوم هو العلم بالمجهول، فبالمجهول (26) لم. وإن قيل: مختلف، (27)
قيل: فبماذا يعلم الخلاف إذا افترق (28) العلمان؟ فإن هذه القسمة لا تغنى فى التحذير (29) عن الغلط فى كل موضع يقع فيه الغلط من اللفظ، إنما يغنى فى ذلك التقدم (30) بمعرفة القياس أولا، ومراعاة شروطه، فإن هذا الإنسان إذا
__________
(1) متساوية: مساوية ب، م، سا
(2) قيل: قبل ب، م
(3) وإن: فإن م، هـ
(4) تركيب: تركبت سا، م
(5) تركيب: ساقطة من د
(6) مركبة: مركب هـ
(7) من: عن هـ
(8) فكيف: كيف سا
(9) غيرها: غير مساو س
(10) ومخالفا: ومخالفة د، م، ن مخالفها س أو مخالفها هـ
(11) الوحدات: الواحدات س، م
(12) مساوية. متساوية ن
(13) الوحدات: الواحدات س، م
(14) وكيف: ساقطة من ن
(15) يتركب: بتركيب س
(16) اللواتى: للواتى د، سا
(17) يتركب: مركب د
(18) الوحدات: الواحدات د، س، م
(19) وما هى: ساقطة من ب، سا، م، ن
(20) أيضا: إذا ن
(21) اجتمعت: اجتمعنا د
(22) وإذا: فاذا هـ
(23) واحدة: وحدة س، سا، م هـ
(24) واحدة: وحدة س، سا، م، هـ
(25) الثنائية: الثنائيات ن، هـ
(26) فبالمجهول: ساقطة من سا فالمجهول م
(27) مختلف: مختلفة د، س، م، ن، هـ
(28) افترق: اقترن م
(29) التحذير: التحذر ب
(30) التقدم: التقديم د، س.(1/85)
سلم أن الساكت يكلم على معنى ما لاح له، ثم غلط، لم يكن كمن يظن أن كل شفاء وحجة إنما هو فى القسمة أن يلومه (1) ويقول (2) له: لم لم تقسم معانى هذا اللفظ، أو تستقسم؟ (3) وكان لصاحب المعرفة بالقياس أن يلومه (4) ويقول له: (5)
لم لما (6) فهمت بقولك ليس بمتكلم فى تسليم الصغرى كذا، وفهمت فى تسليم الكبرى شيئا آخر، لم تعلم أن الأوسط (7) ليس بواحد. فما (8) أبعد (9) من الحق من ظن أن كل غلط من جهة الاسم، وأن كل شفاء (10) من جهة القسمة.
ثم إن كان المجيب يحتاج أن يقسم، فما تقول فى المعلم إذا علّم، وأراد أن يظهر عند من لا معرفة له بما (11) هو عنده ظاهر معروف، وخاطبه بما يفهمه (12)
هذا (13) المعلم وله (14) عنده معنى واحد، (15) أيكون (16) تعليمه على نحو (17) المسألة (18) والجواب حتى تلزمه مطالبة المتعلم (19) بالقسمة، فيأخذه (20) يستقسمه كذا؟ بل المعلم لا يسأل، إنما يضع ويقول، ولا يقسم شيئا، بل ينبه على المعنى الواحد الذى يريده من غير حاجة فى التنبيه على ذلك المعنى الواحد إلى أن يقول: إن اللفظ قد يدل أيضا على معان أخرى، وإنه مشترك لها، فمنها كذا ومنها كذا. وكذلك (21)
المبرهن لا يسأل عن طرفى النقيض، بل يضع (22) الحق. إنما الممتحن يفعل ذلك، وهو بالحقيقة جدلى. والجدلى أيضا (23) يقصد نحو المعنى ولا يحوج إلى قسمة
__________
(1) يلومه: يلزمه م
(2) ويقول: أو يقول ب، سا، م
(3) تستقسم: تستقيم م
(4) يلومه: يلزمه م، ن، هـ
(5) له: ساقطة من د
(6) لما: لا م
(7) الأوسط: الوسط د، سا، م ن، هـ
(8) فما: فهما د
(9) فما أبعد: فيما بعد ن
(10) شفاء: سفار د شفا ب وحجة د
(11) بما: ما د، س، سا، م، ن، هـ
(12) يفهمه: يفهم د
(13) هذا: وهذا ب
(14) وله: وليس له ب
(15) واحد: واحدا ب، سا، م
(16) أيكون: يكون د، ب، سا، م، ن
(17) نحو: ساقطة من د
(18) المسألة: المسلة؟؟؟ هـ
(19) المتعلم: المعلم هـ
(20) فيأخذه: فيأخذ د
(21) وكذلك: فكذلك م
(22) يضع: ساقطة من س
(23) أيضا: ساقطة من سا.(1/86)
اللفظ المشترك، ولا إذا قسم، ولم يعلم أن القياس كيف يكون، نفعته (1) القسمة، ولا إذا قاس، ولم تكن قسمة (2) تؤخذ (3) حدا وسطا، (4) ضره ترك القسمة.
والمشاغبى والسوفسطائى متشبه به (5) بالبرهان والجدل، وإنما (6) يخالفهما (7) بأن قياسه مظنون.
وبالجملة فإن قياسات الغلط ثلاثة:
قياس غلط مع طلب الحق وإنما وقع سهوا والسبب فيه أن (8) قايسه طلب أن يعنى على المبادئ الخاصة، وأن (9) ينساق إلى الحق، لكنه (10) سها، (11) فإما بنى على شبيهة (12) بالمبادئ الخاصة، وإما (13) بنى على المبادئ الخاصة ولم يحسن البناء.
والقياس المشاغبى الذى الغرض (14) فيه الغلبة (15) بغير الواجب.
والقياس السوفسطائى الذى الغرض فيه (16) إظهار الحكمة وفضل البيان.
والمرائى والسوفسطائى يستعملان المشبهات (17) بالمقدمات العامية والخاصية (18) التى تجرى حدودها مجرى ما ليس خارجا عن الصناعة. فيجب أن يكون الشغل مصروفا إلى أن يعلم: ما القياس الحق؟ وما المظنون؟ فهذه الأشياء إنما ينحو بها المعلم الأول نحو إبانة (19) أن الرجل الذى يدعى أنه (20) معلمه لم يحسن الكلام فى المنطق على الوجه الذى يجب، ولا بيّن (21) وجوه المغالطات البيان (22) الذى ينبغى. وقد صدق:
__________
(1) نفعته: تنفعه س
(2) قسمة: قسم س، سا، م، هـ
(3) تؤخذ: فوجد د، س، سا، م، ن، هـ
(4) وسطا: وسط أوسط د، ن، أوسطا هـ
(5) به: ساقطة من د، ص، م، ن، هـ
(6) وإنما: وإن ب، د، ن
(7) يخالفهما: خالفهما ن
(8) أن: وأن ن
(9) وأن: بأن س
(10) لكنه: ساقطة من س
(11) سها: سهى د، س
(12) شبيهة: شبيه ب
(13) وإما: أو د، ن وإنما سا
(14) الغرض: الغاية د، س
(15) الغلبة: ساقطة من ب، س، سا
(16) فيه: منه د، س، سا
(17) المشبهات: الشبيهات ب، س، سا
(18) والخاصية: وبالخاصية س، هـ
(19) إبانه: إلى ن
(20) أنه: أن ب
(21) بين: يبين د، س، ن، هـ
(22) البيان: ساقطة من ن.(1/87)
فإن معلمه قليل الإجداء فيما يصنعه ويضعه (1) فى العلوم المنطقية والنظرية وإن؟؟؟
أجدى شيئا (2) فعسى أن يكون ما (3) عمله فى العمليات، (4) وكان العلم لم يكن نضيجا
__________
23*
(5)
فى زمانه، بل كان (6) أوهاما (7) معدة لمن يزيد عليها بالتهذيب كالمعلم (8) الأول.
وليس فى معرفة القياس المطلق أيضا (9) كفاية فى أن نعلم (10) حقيقة أصناف التضليلات، بل بنا حاجة أيضا أن نعلم فصلا أخص من ذلك، وهو أن نعلم القياس البرهانى المناسب، والقياس الخارجى (11) الجدلى المأخوذ من غير المناسبات، (12)
بل من المشهورات فإنه (13) وإن كان قد (14) يتألف منه ما ينتج الحق، فإنه إذا لم يكن على سبيل التسليم والتسلم والمجادلة على سبيل التبيين عاد مغالطيا، مثل قياس بروسن
24* *
(15) فى تربيع الدائرة، وقد حكيناه فى كتاب البرهان.
ثم (16) بعد ذلك نعلم (17) أيضا التضليل: منه (18) ما يكون خارجا مقابلا للجدلى وهو التضليل المشاغبى، كما فعل رجل يقال له أنطيفون
25* * *
(19) فى تربيعه الدائرة، (20) فإنه قال:
لا نزال نداخل المربعات بعضها فى بعض إلى أن نستوفى بنقط (21) زوايا (22)
(1) ويضعه: ويصفه س
(2) شيئا: شئ د، سا، م
(3) ما: مما سا
(4) العمليات: العلميات سا، م
(5) نضيجا: فصيحا د، س، سا، م، ن، هـ
(6) كان: كانت د، س، سا، هـ
(7) أوهاما: أوهام سا بأوهام م
(8) كالمعلم: نحو المعلم م
(9) أيضا: ساقطة من سا
(10) نعلم: هل س هل فى هـ
(11) والقياس الخارجى: والخارجى ن
(12) المناسبات: المناسب ب، د، ن
(13) فانه: وإنه د، سا
(14) قد: ساقطة من د، س
(15) بروسن: روسن د، س روس هـ
(16) ثم: من ب
(17) نعلم: فنعلم ب
(18) منه: ساقطه من ن
(19) أنطيفون: أنطيفن د، س، سا، ن أنطيقى ب، هـ أنطيقى م
(20) الدائرة: للدائرة د، س
(21) بنقط: بنقطة د، هـ
(22) زوايا: زواياها م، هـ.
(23) (*) يقال هو نضيج الرأى أى محكمه، ونضبح الثمر فهو ناضج ونضيج [المنجد].
(24) (* *) بروسن أخذ عن سقراط وعن أوقليدس الميجارى، وكانت له طريقة فى تربيع الدائرة تخالف طريقة أنطيفون السوفسطائى الذى كان معاصرا لسقراط. انظر تفصيل هذه الطريقة الرياضية فى: 285286،: وفى نص أرسطو 172أ، 83، وكتاب البرهان لابن سينا تحقيق الدكتور عفيفى ص 174 [المحقق].
(25) (* * *) أنطيفون معاصر لسقراط، انظر نص أرسطو 172أ 8 [المحقق](1/88)
أو بأجزاء من أضلاعها مساحة المحيط، فنكون عندئذ قد مسحنا الدائرة فخالف الموضوعات لصناعة الهندسة (1) والمبادئ الأولى لها، وخرج عنها، إذ (2) وضع الخط مؤلفا (3) من النقط، أو ظن أن أجزاء المستقيمات تنطبق على المستديرة. (4)
ومنه ما يكون مناسبا، ويكون الغلط واقعا بعد حفظ أصول الصناعة ومباديها، وأن ما (5) وقع ليس لمخالفتها، بل (6) لسوء استعمالها والبناء عليها مثل تربيع رجل يقال له أبقراط
__________
17*
(7)، فإنه فصل شكلا هلاليا وهو (8) قطع من قطوع الدائرة يساوى مثلثا وقد (9) ساوى مربعا، ثم ظن أنه إذا قسم الدائرة بهلاليات يؤدى (10) آخر الأمر إلى أن يحصل لجملتها مساحة مساوية لمساحة (11)
مثلثات هى مساوية لمربع، وخفى عليه أن الدائرة لا تنقسم على تلك الهلاليات.
والمشاغبة (12) دور ما يتكلفه خصم من خصوم المحاورة ينحو (13) نحو الغلبة.
ومن قصد الغلبة نفسها توجه إليها خبط العشواء فقرع (14) كل باب.
ومن الناس من يغالط ليس للغبلة بل ليظن به الحكمة. وفرق بين الأمرين:
فإنه لما كان الذى يريد الغلبة يعترف (15) بأنه إنما تغلب على غير الحق لشدة (16) قوته،
(1) لصناعة الهندسة: الصناعة الهندسية ن، هـ
(2) إذ: إذا سا إن م
(3) مؤلفا: مؤلف ب
(4) المستديرة: المستدير س، سا، م، ن، هـ
(5) وإن ما: وإنما سا، م
(6) بل: ساقطة من د، س
(7) أبقراط: بقراط م، ن
(8) وهو: هو سا، م، ن، هـ
(9) وقد: فقد س، هـ
(10) يؤدى: تأدى ب، د، س
(11) لمساحة: لمساحته ب مساحة ن جملة س، م
(12) والمشاغبة: والمشاغبات س والمشاغبية م
(13) ينحو: وينحو ن، هـ
(14) فقرع: يقرع س، م، هـ
(15) يعترف: يعرف سا
(16) لشدة: بشدة م، هـ.
(17) (*) أبقراط من خيوس، وهو غير أبقراط الطبيب عاش فى أواخر القرن الخامس وازدهر فى أثينا، وكان رياضيا وكانت له طريقة فى تربيع الدائرة انظر أرسطو 7ب 15 [المحقق](1/89)
وربما (1) كان افتخاره بأن يغلب وهو (2) على الباطل أكثر من افتخاره بأن يغلب (3) وهو على الحق لأن الحق ناصر، والباطل خاذل، ومن غلب ومعه ناصر، أضعف حالا ممن غلب ومعه خاذل. فالأولى (4) أن يسمى طالب (5) الغلبة كيف اتفقت مشاغبيا، وأن يسمى المتظاهر بالمعرفة وليست له مغالطيا سوفسطائيا.
وبالجملة إذا شبه الكلام بالقياس الجدلى ولم يكن جدليا بالحقيقة، كان القياس (6) مشاغبيا، وإذا شبه بالحكمى ولم يكن حكميا، (7) كان القياس (8) مغالطيا.
ونسبة المشاغبى إلى الجدلى هى نسبة المغالطى الذى يورد مثلا الخطوط على ما (9) ينبغى فى عمل هندسى، مثل (10) أبقراط المذكور إلى الحكيم (11) الهندسى، إلا أنه لا يسمى (12) مشاغبيا إذا حفظ قانون الصناعة، لأنه ليس (13) يأتى بالأمور (14) العامة، بل بالأمور الخاصة بالصناعة. وإذ هو فى الإتيان بها (15) إن أصاب لم يكن جدليا، فكذلك فى (16) الخطأ فيها لا يكون مشاغبيا. وأما أنطيفون (17) فهو مشاغبى، وكذلك الكلام المنسوب إلى زينون يستعمله (18) ليبين أن الحركة بعد الطعام عشاء نافعة، أو ليبين بقوله (19) أن الحركة بعد العشاء نافعة غرضا مّا (20) له. وإن كان بعض المشاغبة أقرب إلى الجميل من بعضها، فإن خطأ (21) أنطيفون فى ذلك أقرب إلى العذر من خطأ من قال إن الحركة بعد العشاء واجبة (22) لحفظ الصحة اتباعا لقانون زينون، فإن خطأه (23) من قبل (24) الأمور العامة المشهورة لا من قبل الأمور الخاصة بصناعة
__________
(1) وربما: فربما د
(2) بأن يغلب وهو: يغلب س، ن
(3) يغلب: ساقطة من هـ
(4) فالأولى: والأولى م
(5) طالب: طلب س
(6) القياس: القايس م، هـ
(7) حكميا: حكمهما م
(8) القياس: القايس د، س، هـ
(9) على ما: على ما لا د
(10) مثل: مثلا ن
(11) الحكيم: الحكم ب، سا، ن هامش هـ
(12) يسمى: يسلم د
(13) ليس: ساقطة من د
(14) بالأمور: الأمور م
(15) بها: لها م، هـ
(16) فى: ساقطة من س
(17) أنطيفون: أنطيقن ب، سا، م
(18) يستعمله: مستعمل ش يستعمل سا به سا م
(19) بقوله: بحركة د بجولة س، سا، هـ
(20) ما: لما س، هـ
(21) خطأ: أخطأ ب
(22) واجبة: واجب س
(23) خطأه: خطأ هـ
(24) قبل: قبيل س، هـ.(1/90)
المنطق وذلك لأن الكذب فى أن الحركة بعد الطعام نافعة (1) أظهر للجمهور من الكذب بأن (2) الخط المستدير لا يتألف من نقط، (3) أو من قطع صغار من المستقيمات.
وكما أن الجدلى ليس يختص بموضوع محدود، وكذلك (4) المشاغبى والسوفسطائى (5) والبرهانى هو الذى يختص بموضوع ما. والجدلى أيضا ليس حكمه حكم الصناعة الكلية البرهانية التى هى الفلسفة، فإن تلك تبرهن، والجدلى (6) لا يبرهن وذلك (7) لأن الجدلى ليس عمومه كعموم الفيلسوف الأول، وذلك لأن الفيلسوف الأول ليس عمومه بأن (8) يتكلم فى أى شئ كان، (9)
بل (12) عمومه لأن موضوعه وهو (10) الموجود بما هو موجود أعم من كل شئ.
والجدلى ليس عمومه بأن له موضوعا ذلك (11) الموضوع واحد عام، بل عمومه بأن كل شئ موضوعه ويتكلم فيه من الأمور المشتركة. وليس شئ من الصنائع البرهانية جزئيتها وكليتها (13) مبنيا على السؤال، (14) فإن السؤال للتسلم، (15) والتسلم بعد التسليم، (16) والتسليم على الاختيار، فالسائل (17) إما أن ينتفع (18) بكل ما يسلم له، أو لا تكون له فائدة من السؤال. وأما المبرهن فيبنى (19) على الحق، وتكون له فى كل نوع (20) من النظر مباد (21) معينة (22)، إذ ليس كل (24) شئ نافعا له (23). والذى ينفع (25)
__________
(1) نافعة: ساقطة من د، سا
(2) بأن: فان سا
(3) نقط: نقطة د، ن
(4) وكذلك: ساقطة من د، س، سا، هـ وكذلك ب
(5) المشاغبى والسوفسطائى: ليس يجدلى ولا مشاغبى د، س، سا، م، هـ
(6) والجدلى: والجدل س
(7) وذلك: ذلك م
(8) بأن: بأنه ب، د
(9) كان: ساقطة من ب، سا، م، ن
(10) موضوعه وهو: موضوعه هو د الموضوع وهو س، سا، ن، هـ
(11) ذلك: وكذلك هـ
(12) بل عام: ساقطة من سا
(13) جزئيتها وكليتها: جزؤيها وكليها د، س، سا
(14) السؤال: يتكلم د
(15) للتسلم: للتسليم م
(16) التسليم: ساقطة من د، التسلم س
(17) فالسائل: والسائل ب
(18) ينتفع: يقنع س، سا، م، ن، هـ
(19) فيبنى: ساقطة من سا
(20) نوع: موضوع هامش هـ
(21) مباد: بمباد د
(22) معينة: بعينه سا، م، ن، هـ
(23) له: ساقطة من س، سا
(24) كل: ساقطة من د، س
(25) ينفع: ينتفع ب.(1/91)
فى كل صناعة أمور معينة هى الأصول فيها، وإذا لم تستعمل لم يستعمل النافع فيها، ومن جحدها فقد امتنعت مناظرته بالمبنى عليها، ولم يمكن (1) صاحب الصناعة محاورته (2) فيها.
وأما الجدل، فكيف تكون له مباد محدودة؟ وإنما له (3) ما يتسلمه، وما يكون مشهورا (4)، مناسبا كان (5) أو غير مناسب. والمشهور فقد (6) يتبدل، ثم قد تجتمع الشهرة فى طرفى النقيض، على نحو ما مر (7) لك ذكره فيما سلف.
والجدلى إذا لم يسلم له المبدأ الموافق للشئ، تحير، فلم ينتفع (8) به وكذلك الصناعة الامتحانية، إذ هى مبنية على التسلم، وليس لها من حيث هى امتحانية أيضا (9) موضوع محدود إذ هى والجدلية على منهاج واحد لكن الجدلية أعم اعتبارا منها، كما مضى لك. (10)
وبالجملة فإن الصناعة الجدلية والامتحانية ليستا (11) يتحددان (12) بأن لهما (13) موضوعا، بل بسلب الموضوع، وأن ليس لهما (14) موضوع (15). ولكونهما غير محدودى المبادئ والأغراض معا (16)، صار العامى أيضا يجادل (17) وينازع، وربما ظن أنه يمتحن (18).
__________
(1) يمكن: يكن م
(2) محاورته: ساقطة من س
(3) وإنما له: وإنما ن، هـ
(4) مشهورا: مشهور يا س
(5) كان: ساقطة من س
(6) فقد: قد ب، د، سا، ن
(7) مر: حد ب، د، سا، م
(8) ينتفع: ينفع سا
(9) أيضا: ساقطة من د
(10) لك: لكن س
(11) ليستا: ليسا د، س
(12) يتحددان: ن، هامش هـ
(13) لهما: لها س
(14) لهما: لها د، س له سا
(15) موضوع: موضوعا ن، هـ
(16) معا: منها ن ما س، س، م، ن، هـ
(17) يجادل: يحاول هـ
(18) يمتحن: ممتحن م.(1/92)
[الفصل الثانى] (ب) فصل فى شرح أجزاء الصناعة المشاغبية (1)
قد كنا تقدمنا فجعلنا (2) أجزاء الصناعة المغالطية خمسة، وفرغنا من شرح القول فى واحد منها وهو التبكيت (3) السوفسطائى، فينبغى أن ننتقل إلى سائر الأقسام، فكان (4) الذى يلى القسم المذكور وهو (5): التشنيع (6) برد القول إلى كاذب وإلى شنع.
وينبغى أن نتكلم فى أسبابه، فنقول:
إنهم إنما (7) يتمكنون من إنتاج ذلك بأن يكون ما سألوه وتسلموه غير محصل ولا محدود (8)، وأن يجمعوا مسائل فى مسألة واحدة بالفعل ولعله (9) أن تكون المسائل كثيرة (10) فى الحقيقة، وإن كانت واحدة بالظاهر وبالفعل. وكذلك (11) أن يخلوا بشرط النقيض، أو غير ذلك مما يتوصل به إلى أن يكون الجواب مشوشا غير مفصل، فتلوح لهم الطرق (12) إلى التشنيع (13). وبالجملة فإنما يتيسر لهم هذا باحتيالهم فى تسليم شئ متفرع متشعب (14) على جملته، فإذا عاد المجيب كالمتعلم المستفهم، وواقف (15) واستفصل (16) لم يمكنهم الإمعان فى هذه المغالطة. ويجب أن نفعل هذا فى أول الأمر، وحين نضع ونسلم، لا حين نقرب من الخلف، وعند ما شورف
__________
(1) عنوان الفصل موجود فى نسخة هـ فقط
(2) فجعلنا: ساقطة من م
(3) وهو التبكيت السوفسطائى: ساقطة من د
(4) فكان: وكان د، س، ن، هـ
(5) وهو: هو د، س، م، ن
(6) التشنيع: الشنع م
(7) إنما: ساقطة من م
(8) محدود: بل م، ن
(9) ولعله: وبعده ب، س، سا، م، هـ وهى د
(10) كثيرة: كثرة هـ
(11) وكذلك: فكذلك د
(12) الطرق: الطريق ب
(13) التشنيع: لنفسها د، س، سا، م، ن، هـ
(14) متشعب: منشعب م
(15) وواقف: ووافق س
(16) واستفصل: فاستفسر م.(1/93)
رفع (1) الكلام عليه. وقد بينا فى الجدل أن ذلك كيف يكون جيدا، وكيف لا يكون (2) جيدا (3).
وكثيرا ما يحتالون عند ما يحقق عليهم المجيب، أو يخرج جوابا مخرج (4) ما لا ينفعهم بتهذيته (5)، تركوه (6)، وانتقلوا (7) إلى سؤال آخر، كأنهم يستفهمون (8)، حتى (9)
يجدوا (10) مهلة فكر وموضع تعلق.
ومن حرص منهم على هذه الصناعة فيجب أن يراعى مذهب كل من يريد أن يغالطه، وحينئذ ينظر إلى الأشياء التى يقولها أصحاب ذلك الرأى والمذهب، مما هو مخالف للمشهور، مكروه عند الجمهور فإنه لا يخلو رأى من الآراء من مثل (11) ذلك فيبكته (12) على رءوس الملأ. وأيضا فإنه يطلب من آرائه، وإن لم يكن مضادا للمشهور كان مضادا (13) مقابلا لما (14) ينتجه المشهور، فيبكته بذلك. فإن أنكر المشهور شنع عليه، وإن قبل بكته فيضطره إلى أن لا يسلم المشهور خوفا (15) من التبكيت، فيقوده (16) إلى مخالفة المشهور، والتشنيع عليه به (17).
وينبغى (18) أن يتأمل كل من المغالط والمغالط (19) أصناف التشنيع (20) بحسب القول واللسان، وبحسب الاعتقاد. وإذا تأمل المجيب الشنع (21) بحسب القول الذى إليه يساق، فلم يكن مطلقا، بل كان عند قوم دون قوم. وربما كان الشنع (22)
__________
(1) رفع: دفع د
(2) يكون: ساقطة من د
(3) وكيف لا يكون جيدا: ساقطة من سا
(4) مخرج: فخرج ن
(5) بتهذيته: بهديته د بهديه س بتهذيبه سا، م
(6) تركوه: وتركوه م
(7) وانتقلوا: ولم ينقلوا س
(8) يستفهمون: مستفهمون س، هـ
(9) حتى: حين س
(10) يجدوا: ساقطة من س
(11) من مثل: عن مثل س
(12) فيبكته: تبكيته س
(13) للمشهور كان مضادا: ساقطة من د
(14) لما: لا م
(15) خوفا: وخوفا س
(16) فيقوده: لا محالة س
(17) به: ساقطة من م
(18) وينبغى: أيضا س، هـ
(19) والمغالط: والمغالطات هـ
(20) التشنيع: الشنع سا التشنع م
(21) الشنع: التشنيع د، س، ن
(22) الشنع: التشنيع س، ن.(1/94)
شنعا (1) عند قوم غير من ينصر المجيب قولهم. وأحسن من هذا (2)، وأقطعه للشغب، أن يبين أن الخلف لم يلزم مما سلم (3)، وهو الذى من عادة الجدلى الصرف أن يشتغل به إلا أن هذا ليس من هذا الباب، بل من باب وضع ما ليس بعلة علة، ومن باب سوء التبكيت (4).
وكثيرا ما تكون المشهورات قولا غير المشهورات عقدا (5) فى الناس، والمشهورات بالسنن غير المشهورات بالطبع، والمشهورات بحسب السنن العامة الغير المكتوبة غير المشهورات بحسب السنن الخاصة، والمشهور عند الحكماء غير المشهور عند الجمهور. مثال (6) الأول: أن المشهور المحمود لفظا هو ما هو أحسن (7) قولا، والمحمود عقدا هو ما هو أوفق. مثال ذلك: أن المحمود قولا (8) هو أن الأولى أن نموت محمودين، وربما كان المحمود عقدا هو: أن الحياة فى الذم خير من الموت (9) والمشهور قولا هو: (10) أن العدالة مع الفقر آثر (11)، وربما كان المشهور عقدا ضده.
ومثال الثانى: أن السنة تجعل العدالة خيرا، وأما موجب الطبع فهو (12) أن الانتفاع خير ولو بالجور.
ومثال (13) الثالث: أن يتزوج الرجل على واحدة مطيعة، وإيحاشها مكروه فى الشريعة العامة، وليس بمكروه فى الشريعة الخاصة.
__________
(1) شنعا: تشنيعا س، ن
(2) هذا: كله س، ن، هـ
(3) سلم: يسلم ب سلف ن
(4) التبكيت: التركيب د
(5) عقلا؟؟؟: عقلا س
(6) مثال: ومثال د
(7) أحسن: أخص س
(8) قولا: ما د
(9) الموت: مع الحمد د
(10) هو: وهو م
(11) آثر: من الغنى مع الفسق د
(12) فهو: لهو سا
(13) ومثال: ومثاله سا.(1/95)
ومثال (1) الرابع أن الحكماء يقولون: إن السعيد (2) هو العادل (3)، والجمهور يقولون (4)
هو الملك المظفر.
فيجب أن تكون (5) هذه الأشياء محصلة عند الممارين حتى إذا سلم جانب شنعوا بالآخر، وأن تكون محصلة عند المبتلين بالممارين حتى لا يغالطوا من تكلف أن يكون كلامه على حسب الأحسن بالقول، أو الأحسن (6) بغير المكتوبة، أو الأحسن بالسنة، بأن يروه خلفا من جهة المشهور (7) الآخر، بل يجب أن يقابل المتعسر منهم عند رده (8) الكلام إلى الخلف بحسب مشهور مما (9) ذكرناه (10) أنه (11) ليس خلفا، ويستعان فيه بالمشهور الذى يقابله إن وجد (12)، فإن (13) مغالطة المغالط عدل.
وقد مضى فى هذا (14) فى تعليم الجدل قول شاف (15). على أن أكثر ما ينصره المغالطون هو ما يخالف المشهور بحسب السنة، وبحسب الأجمل، فيكون الخلف الذى لا يجهر به (16) يتبع ذلك فى الأكثر (17) خلفا يتبع مقتضى الطبيعة، ومقتضى النية الخفية فى الناس التى (18) لا يجهر بها (19)، فيقابل ذلك بالمشهور الحقيقى الذى هو أوضح (20). وعلى أن تمكنهم من سؤالات تجر إلى مخالفة المشهور الحقيقى قليل، بل أكثر ما يصيرون به إلى مشهورات ليست حقيقية. وربما كان الطرفان غير شنعين، ولكل واحد (21)
منهما مناسبة من الحمد (22)، يمكن أن تؤيد (23) يسيرا، فإذا سأل فسلم أيهما كان آكد
__________
(1) ومثال: أو مثال د
(2) إن السعيد: السعيد س، سا، م، ن، هـ
(3) هو العادل: هو العالم العادل د هو العدل ب
(4) يقولون: ويقولون سا
(5) فيجب أن تكون: فتكون س
(6) أو الأحسن: والأحسن هـ
(7) المشهور: الجمهور د
(8) رده: رد د
(9) مما: فيما د
(10) ذكرناه: ذكرنا د ذكر س، هـ ذكره م
(11) أنه: بأنه س، م، هـ
(12) وجد: وجده د
(13) فإن: بأن س، سا، م
(14) مضى فى هذا: قيل هذا س، م، هـ مضى هذا ن
(15) قول شاف: قولا شافيا س، م
(16) لا يجهر به: ساقطة من س، سا، هـ
(17) الأكثر: الأكبر ب
(18) التى: الذى ب، س، سا، هـ
(19) يجهر بها: يجهرها م
(20) أوضح: واضح ب
(21) واحد: ساقطة من ن
(22) الحمد: الحمل د، سا، ن
(23) تؤيد: تؤثر م.(1/96)
حمده (1) الثانى بشئ (8) يسير يشنع (2) به. ومثال هذه (3) مثل قولهم: أترى (4) الحكماء تطيعهم أم أهل (5) البلد (6)؟ والسؤالات التى منها يتمكنون (7) من إنتاج الخلف المخالف للمشهور (9)، هو مثل قولهم: أترى طاعة الآباء أوجب، أو طاعة الحكماء؟
وأيهما (10) سلم أنتج منه خلفا، فإن سلم أن طاعة الآباء (11) أرجب، أنتج منه: فإذن طاعة العقل والحكمة غير واجبة، وإن سلم أن طاعة الحكماء أوجب أنتج منه: فإذن قد يصير عصيان الوالد ومخالفته واجبين (12). وكذلك إذا سألوا:
هل ينبغى أن نفعل ما هو أصلح أو ما هو عدل؟ وأى الأمرين أولى أن نؤثره (13) إذا لم يكن يمكن (14) غيرهما: أن نظلم، أو أن نظلم؟
وفى أكثر الأمر يكون أحد الطرفين يجلب إلى مخالفة الحق، والآخر إلى مخالفة المشهور والحق (17) ما عليه الحكماء، والمشهور ما عليه الجمهور. وإذا (15)
وقع فى أمثال هذه الشناعة (16) إن جرّوا إلى مخالفة الحق حملنا عليهم بالمشهور، وإن (18) جروا إلى مخالفة المشهور حملنا عليهم بمخالفة (19) الحق، وما عليه الكثير، وعلى ما مضى (20) فى ذكر الذى عند الطبع والذى عند السنة، وغير ذلك. وليس هذا ظلما ولا مراوغة وذلك لأن المشاغبين والجدليين ليس يمكن أن تجرى (21)
المخاطبة معهم على قوانين الحكمة والأصول الحقيقية، إذ (22) لذلك (23) نوع من المخاطبة
__________
(1) حمده: حمد د حمله؟؟؟ س، سا، م، هـ
(2) يشنع: شنع م
(3) هذه: هذا د
(4) أترى: أيرى ب
(5) أهل: هل ب
(6) البلد البلدية س، ن، هـ
(7) يتمكنون: يتمكن ن
(8) بشئ البلد: ساقطة من ن
(9) للمشهور: المشهور ن
(10) وأيهما: أو أيهما ن
(11) الآباء طاعة: ساقطة من م
(12) واجبين: أحسن س
(13) نؤثره: نؤثر س
(14) يمكن: ساقطة من س، ن
(15) وإذا: إذا سا
(16) الشناعة: الصناعة ن
(17) والحق بالمشهور: ساقطة من د
(18) وإن: وإذا ب، سا، م، ن
(19) بمخالفة: مخالفة م
(20) مضى: يبصر هـ
(21) تجرى: مجرى م
(22) إذ: أو س
(23) لذلك: كذلك م.(1/97)
غير الذى يمكن أن يفهمه (1) أولئك. فإذن يجب أن تجرى (2) المحاورة معهم على ما هم عليه. فالجدليون يحاورون بالقوانين الجدلية ما لزموها، وأما إذا حادوا عنها وشاغبوا، فإن كانوا ممن نظر فى القوانين ثم استعملها فحاد عنها، لم يخل: إما أن يكون المخاطب منهم (3) يكون من قوته أن يفهم إذا فهّم، ويرجع إلى الواجب إذا بصّر (4)، فهذا (5) يكون مثله ممن اتفق له وإن (6) كان مشاغبيا لم يكن ذلك منه (7)
بقصد وإما أن يكون قاصدا إلى المشاغبة طباعا، وإن فهم الحق، فكان (8)
له قدرة أن يفهم، فليس ينفع معه الاشتغال بتفهيم الحق، فيجب أن يرمى عن قوسه. وأما الذى لا يفهم القوانين، ولو فهمها: فإما أن لا يحاور أصلا، وإما إن حوور (9) لداع من الدواعى وعلة من العلل، فالأولى (10) أن لا تشتغل معه بما (11) لا يجدى، أو لا تفهمه، بل بأن يردد فى الحيرة، وتنكر عليه بما يريد أن ينكر به عليك.
وأما التشنيع الذى (12) يقود المتكلم إلى هذر بالتكرير فالسبب فيه أنهم يقولون مثلا (13): لا فرق بين مقتضى الاسم وحّده ورسمه، وبين مقتضى الاسم مأخوذا مع شئ آخر، حتى يكون مجموعها على هيئة قول فيأخذونهما (14) كشئ واحد، فمن ذلك ما يعرض لهم فى الأمور الإضافية. وكما (15) يقول قائلهم: أليس (16) الضّعف ضعفا للنصف، فالنصف له ضعف (17)، فيكون الضعف إذن ضعف ما له ضعف
__________
(1) يفهمه: يفهم د، س
(2) تجرى: مجرى م، ن
(3) منهم: إما أن سا، م، ن، هـ
(4) بصر: بصروا د أبصر س، سا، م، ن، هـ
(5) فهذا: وهذا د، م، هـ
(6) وإن: أن د، ب، س، م
(7) منه: منهم ن
(8) فكان: وكان د، س
(9) حوور: دوور د حاور سا
(10) فالأولى: والأولى س، هـ
(11) معه بما: ما س
(12) الذى: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(13) مثلا: ساقطة من س
(14) فيأخذونهما: فيأخذونها م
(15) وكما: كما ن
(16) أليس: ليس ب، د
(17) فالنصف له ضعف: ساقطة من د.(1/98)
وهذا هذيان فإذن ليس الضعف ضعفا للنصف. وإنما وقع هذا لأنه لم يعلم أن الهذيان غير الباطل، وأن الهذيان يجعل ما يلزم (1) عنه هذيانا مثله لا باطلا. وقولنا: الضعف ضعف (2) النصف هو هذيان، من حيث نريد إعلام مجهول، فإنه لا ضعف إلا ضعف النصف، ولا يفهم إلا كذلك.
فإذا (3) كنا فهمنا الضعف (4) لم تكن لنا فائدة فى أن نقول إنه ضعف النصف. وأما إذا أردنا أن نخبر عن الحق (5) كما هو من غير أن نقصد الفائدة، فيكون هذا حقا وهذا (6) كمن يقول: إن الإنسان إنسان أم لا؟ فإن كان إنسانا فقد هذيتم أن الإنسان إنسان (7)، وإن لم يكن إنسانا كذبتم. فإنا نقول: إذا كررنا شيئا هذينا ضرورة، لكن لم نقل باطلا. والسبب فى هذا الهذيان (8) أن السؤال فى نفسه هذيان، إذ (9) المحمول فيه هو الموضوع، وإنما السؤال سؤال من جهة ما (10)
يلزم تسليم أحد طرفيه، وذلك باعتبار حال الحق فى نفسه، لا باعتبار فائدة أو غيرها (11)، فإذا (12) تركت الفائدة وراجعت حال الحق فى نفسه كان الجواب حقا.
والتكرير إنما يقبح فى الحدود فى قول (13) قياسى مبتدإ (14). وأما الذى يلزم بحسب القسمة (15)، فموجبه والداعى اليه وهو السؤال أقبح (16) منه (17). وأما إن ظنوا أن هذا التكرير واجب، لم (18) تقع إليه ضرورة بحسب (19) السؤال، بل بحسب المضاف، يكون حلا (20) لهذه الدعوى. وقد يلزمون (21) مثل هذا فى التكرير فى الحدود، فمن
__________
(1) يلزم: وجب د، ن، هـ
(2) ضعف: ساقطة من م
(3) فإذا: فإذ س
(4) الضعف: النصف س
(5) عن الحق: عن غير الحق ن
(6) وهذا: وله هذا س ساقطة من ن
(7) الإنسان إنسان: الانسان س
(8) الهذيان: الباطل س، سا، هـ الباطل الهذيان م
(9) إذ: إذا ب، د أو س
(10) جهة ما: هو بحيث؟؟؟ س
(11) لا باعتبار فائدة أو غيرها: ساقطة من ن
(12) فإذا: فكذلك إذا ن
(13) قول: قولنا د
(14) مبتدإ: مستبدإ ب
(15) القسمة: المشهور سا
(16) أقبح: لقبح م
(17) منه: ساقطة من ن
(18) لم: ولم د، س، م، هـ
(19) بحسب: تحديد س، هـ
(20) حلا: حدا د، م
(21) يلزمون: يكون س.(1/99)
ذلك ما هو (1) على سبيل المغالطة، ومن ذلك ما هو على سبيل الوجوب (2) أما (3)
الذى على سبيل المغالطة فمثل قول (4) القائل على من قال إن الشهوة شوق إلى اللذيذ بأن يقول: والشوق نفسه هو إلى اللذيذ، كأنه (5) يقول: إن الشهوة هى (6) شئ لأجل اللذيذ. والمغالطة (7) فى هذا أن الشوق قد يكون إلى غير اللذيذ بل يكون إلى الغلبة، وإلى الجميل (8)، وإن خالف اللذيذ.
أما (9) الذى على سبيل الوجوب (10) فإذا كان شئ يؤخذ فى حده الموضوع، وأخذ الموضوع معه، وأريد أن يحد، مثل العدد الفرد إذا أريد أن يحد من حيث هو مركب من عدد ومن فرد، والفرد حده (11) أنه عدد له وسط، فيكون العدد الفرد عددا هو عدد ذو (12) وسط، فيكون قد كرر العدد مرتين. وكذلك:
الأفطس أنف (13) فيه تقعير فى الأنف، لأن الفطوسة تقعير فى الأنف، فيكون قد قيل الأنف مرتين، وخصوصا إذا أخذ (14) الأنف الأفطس بأنه أنف هو أنف (15) فيه تقعير فى الأنف. وهذا شئ لا بد منه إما مصرحا وإما (16) مضمرا إذا وقع (17) على التقعير فى الأنف. وقد يرجع (18) برده التفتيش إلى جزء من السؤال، فإنه إن كان الأفطس أنفا ذا تقعير، فيجب أن لا يقال أنف أفطس، كما لا يقال إنسان حيوان، وشرح اسم المكرر مكررا (19). وإن عنى بالأفطس صاحب أنف فيه تقعير لم يجز أن يقال أنف، بل أنف الأفطس. وقد قيل فى أمثال
__________
(1) هو: ساقطة من س، سا
(2) للوجوب: الوجود د، س، سا
(3) أما: فأما م
(4) قول: قولنا د
(5) كأنه: فيكون كأنه س، م، ن، هـ
(6) هى: هو م
(7) والمغالطة: والمغالط ب، سا، م
(8) وإلى الجميل: والجميل م
(9) أما: وأما د، س، م
(10) الوجوب: الوجود س، سا، ن، هـ
(11) حده: هذه د
(12) ذو: ساقطة من ب، ن
(13) الأفطس أنف: حد الأنف الأفطس د
(14) أخذ: حد د، س، م، هـ
(15) هو أنف: هو أنه أنف ب، د، سا
(16) وإما: أو د
(17) وقع: وقف س، ن، هـ
(18) يرجع: يرفع د
(19) مكررا: مكرر د، س، ن، هـ.(1/100)
هذا فى الفلسفة الأولى ما فيه الكفاية. لكن مع هذا كله فإن اللفظ المفرد لا يلزمه من الشناعة ما إذا ركب التركيب الذى ذكرناه، ويكون (1) السبب فى ذلك التركيب ما بيناه.
وأما الإعجام فذلك بسبب التغليط (2) باختلاف أحوال (3) اللفظ من حيث التذكير والتأنيث، وتوسط إن كان (4) فى بعض اللغات، والتشديد والتخفيف، والمد والقصر، وأحوال من عوارض اللفظ، ومن اشتراك أجزائه وتصاريفه بين (5) ما هو موضوع له (6) بالحقيقة، وبين ما هو مخالف له، على ما علمت.
__________
(1) ويكون: فيكون د
(2) التغليط: التغليظ م
(3) باختلاف أحوال: بأحوال اختلاف هـ
(4) إن كان: ساقطة من س
(5) بين: وبين م، ن
(6) له: ساقطة من د، س.(1/101)
[الفصل الثالث] (ج) فصل فى حل المغالطيين وكيفية التمكن من الحل وكيفية مقاوماتهم (1)
وهذه المضللات قد تستعمل للمغالطة، وقد تستعمل فى مخاطبة العناد، على ما عرفتها، وقد تعين (2) فى التضليل بأن (3) يأتى مستعملها للترتيب الأنفع فى ذلك كما أن المواضع الجدلية قد يعينها الترتيب المذكور وحسن (4) التصرف فى استعمالها معونة (5) شديدة على بلوغ الغرض فى الجدل فمن ذلك التطويل حتى يختلط الكلام، وتنسى مواضع الحل (6)، وتنباعد أجزاء القول بعضها من بعض، فتخفى توجهها (7)
إلى المطلوب. ومن ذلك الاستعجال (8) والإيجاز (9) حتى يسبق زمان العبارة زمان جودة (10) التأمل والروية. ومن ذلك التغضيب (11) بالتشنيع حتى يغلب الانفعال النفسانى قوة (12) الفكرة (13) فيشغلها عن التنبه للزلة. وجميع ذلك يعين (14) على أن لا تحصر جميع المقدمات فى الذهن، وإن حصرت غفل عن جهة تأديها إلى النتيجة.
وأقوى أسباب الإسخاط التوقح (15) بإعلان الجور، والتصريح بأنك لم تحسن أن تجيب، وأن تتكلم ألبتة. ومن ذلك تغيير (16) الترتيب والوضع لإخفاء النتيجة
__________
(1) العنوان موجود فى نسخة هـ فقط
(2) تعين: تعينها م
(3) بأن: ساقطة من س، سا
(4) وحسن: حسن د
(5) معونة: معرفة ن، هـ
(6) وتنسى مواضع الحل: وبيان الخلل ن، هـ
(7) فيخفى توجهها: فتختفى بوجهها س
(8) الاستعجال: الاستعمال س
(9) والإيجاز: ساقطة من ب، سا
(10) جودة: وجود م
(11) التغضيب: التعقيب س: التعصب سا، م، ن، هـ
(12) قوة: فى قوة س
(13) الفكرة: الفكر ن
(14) يعين: ساقطة من س
(15) التوفح: التوبخ ن
(16) تغيير: تغير ب، د تخير سا.(1/102)
ومن ذلك خلط حجة بحجة، وقول بقول، وإيهام (1) أنه يروم (2) إنتاج المتضادين (3)، وأنه ينتفع بتسليم كلا (4) طرفى النقيض، فيحير المجيب فيما يجمع عليه، وفيما يعرض على ذهنه من المتقابلات حتى تتداخل، فلا يكاد يفهم أى طرفى الضدين (5) يقصد بالقول. ومن ذلك أن يسأل المتصعب (6)، المتمنع (7)، العظيم الدعوى، المتكلم من سؤال (8) التأريب
__________
29*
والتورية، فلا يسأل عن الذى يؤثر تسليمه، بل يسأل عن مقابله تعريضا (9) إياه للإنكار، فيتسلم المطلوب، فلا (10) يقول مثلا: هل (11) العلم بالمتضادات واحد؟ ولا يقول أيضا: أليس (12) العلم بالمتضادات واحدا (13)؟
فإنه إذا سأل (14) هكذا كان كأنه أعرض عن (15) ذلك الآخر، وجعله غير ملتفت (16)
إليه ولا معلوم، فكان (17) التعسر (18) فى بابه أقل (19). وبعد ذلك أن يسأل عن الطرفين غير موهم أنه (20) إلى أحدهما (21) أميل، بل كأنه (22) غير مبال (23) بأيهما سلم. وإذا لم يعلم غرضه، لم يتصعب (24)، ولم يتعسر فى الذى هو غرضه إلا قليلا.
ومن الحيل فى الاستقراء أن تأخذ جزئيات (25) كالمتسلم تحصيها إحصاء، فلا (26) توقع فيها الشك بالسؤال عنها معرضا إياها (27) للإنكار، فيمتنع حينئذ نقل الحكم عنها إلى الكلى، فتوهم السامعين بترك السؤال عنها (28) أنها مما قد سلمت عند الجمهور
(1) وإيهام: فإيهام م
(2) يروم: يدوم د
(3) المتضادين: المضافين ب، ن المضادين سا، هـ
(4) كلا: كلى ب، م، ن، هـ كل من س
(5) الضدين: النقيض س
(6) المتصعب: المتعصب د، س، م، ن
(7) المتمنع: الممتنع م
(8) من سؤال: من عال سؤال ب، سا، م، ن، هـ
(9) تعريضا: تعرضا م
(10) فلا: ولا هـ
(11) هل: أهل ب، سا أصل د
(12) أليس: ليس س، هـ
(13) واحدا: واحد س
(14) سأل: هذا س، ن، هـ
(15) عن: ساقطة من م
(16) ملتفت: متلفت م
(17) فكان: وكان س، سا، م ن هـ
(18) التعسر: التعسير د التفسير س التغيير هـ
(19) أقل: أول د
(20) أنه: ساقطة من م
(21) أحدهما: أيها س
(22) كأنه: كان هـ
(23) مبال: ميال د، م، سا
(24) يتصعب: يتعصب م، ن
(25) جزئيات: الجزؤيات س، هـ
(26) فلا: ولا د س، هـ
(27) إياها: كأنه س
(28) عنها: ساقطة من س.
(29) (*) تأرب تكلف الدها، [المنجد].(1/103)
لا محالة، وإن سئل عنها فأعطيت فليس من الصواب أن ترجع فتسأل عن المقدمة الكلية التى هى كالنتيجة لها، فتعرضها للتشكيك، وتجعل سعيه فى تسليم (1) الجزئيات كالباطل، لأنه إذا سأل عن النتيجة (2)، أوهم أن ذلك لم يغن، بل المجيب والسامعون (3) قد يتصورون أنه إنما سأل (4) عنها لأمر، وأن (5) ذلك الأمر واجب، وأن ذلك الواجب هو الإنتاج.
وكثيرا ما لا يلفظ باسم الكلى، بل ينقل (6) الحكم إلى الشبيه للمستقريات، كأنه لو ذكر الكلى يذكر (7) النقيض (8) ولا شئ فى التضليل كالأمثلة، وربما كان الأنفع لهم أن يذكروا (9) الكل، فإن ذلك أشد إيضاحا، وذلك عند ما راموا (10) النقيض أن لا يذكروا فى السؤال طرفا واحدا بعينه، بل أن يذكروا الطرفين جميعا على سبيل التضاد، محتالين لرد (11) التضاد فيسلم (12) الطرف المطلوب. ولو (13) ذكر على سبيل النقيض (14)
لم يكن يستشنع، كما يسألون (15): هل (16) يجب أن يطاع الآباء فى كل شئ، أو الأصوب أن لا يطاعوا فى كل شئ على أن معناه: فى كل شئ لا يطاعوا. وهل الأصوب أن يعصوا فى كل شئ أو أن لا يعصوا ولا فى (17) شئ فإذا استصوب أن لا يطاعوا (18) فى كل شئ، وأن (19) يعصوا فى كل شئ، سلم الآخر. وكما يسأل سائل (20): هل يجب أن (21) يهجر الشراب كثيره أو قليله؟ فيوهم (22) هذا أنه يجب أن يجاب عن أحدهما، والأقسام أكثر من ذلك
__________
(1) تسليم: تسلم د، ن، هـ
(2) النتيجة: لها س، هـ
(3) والسامعون: والسائلون س
(4) سأل: يسأل س
(5) وأن: ودل س
(6) ينقل: نقل س، سا، هـ
(7) يذكر: لذكر هـ
(8) النقيض: النقض د، ب، م، هـ البعض ن
(9) يذكروا: يتذكروا د
(10) راموا: يد من د، ب، سا
(11) لرد: ليرد سا، م، ن، هـ
(12) فيسلم: سلم د، ب، سا، م، ن، هـ
(13) ولو: وقد س
(14) النقيض: بل م
(15) يسألون: يسلمون س س
(16) هل: بل د، س
(17) ولا فى: فى كل س
(18) يطاعوا: يعطوا س
(19) وأن: أو أن لا س، ن وأن لا سا أو م أو أن هـ
(20) سائل: السائل س
(21) يجب أن: ساقطة من ب
(22) فيوهم: فيتوهم س.(1/104)
وإذا (1) كان (2) قسم المقدمة بحال قبح (3) أو حمد صارت المقدمة بحسبها (4) أوضح حمدا أو قبحا مما أوردت (5).
وربما تكلموا بكلام غير مناسب، ثم أوردوا شيئا (6) كالنتيجة المفروغ منها، وكأنهم قطعوا الخصم، وفصلوا الأمر، وكأنه قد مضى الأمر ولا كلام بعد.
وإذا سألوا (7) ليتسلموا شيئا لينفعهم فى مطلوبهم، احتالوا: فإن سلم لهم مرادهم ساقوا إلى المحال وإن لم يسلم بالحقيقة عملوا أحد أمرين (8): إما أن يظهروا أنه قد سلم بأن يحرفوه، فيتسلم (9) المحرف، ويوهموا أنهم (10) تسلموا (11) الآخر (12) وإما أن يشنعوا (13) بأن المجيب قد خالف المشهور، وسلم الشنع (14).
ويستعملون أيضا الاستدراجات التى (15) تذكر فى الخطابة من باب الأضداد، والمتشابهات (16) المشهورة فى بادى الرأى أنها كذلك، وما هى ذات شروط يختلف بها الحكم، فيتسلمها مطلقة، وما يجرى مجراها فى عمود الكلام، أو فى مدحه، وفى المقدمات أو فى ترتيبها واستعمالها. والمجيب إذا انتقل كأنه سائل، وحاول فى ذلك ضربا من التلطف، أمكن أن يغالط أيضا السائل (17) إذا أخذ يبكته بأنه لا يلزمه، إذ (18) هو كالسائل.
ومما ينتفع به السائل المغالط أن (19) يطوى المسافة بين ابتداء كلامه وبين الإنتاج، وبين (20) ما يقرب من النتيجة وبين النتيجة إن كانت الوسائط
__________
(1) وإذا: فإذا هـ
(2) كان: ساقطة من س
(3) قبح: قبيح د
(4) بحسبها: بحسبه د
(5) أوردت: أفردت س، ن، هـ
(6) شيئا: أشياء د
(7) سألوا: سئلوا شيئا م
(8) أمرين: الأمرين د، س، ن، هـ
(9) فيتسلم: فيسلموا س، ن
(10) أنهم: قد ب
(11) تسلموا: سلموا هـ
(12) الآخر: للآخر د ساقطة من س
(13) يشنعوا: تشنعوا هـ
(14) الشنع: التشنيع س
(15) التى: الذى د
(16) والمتشابهات والمشابهات د
(17) السائل: المسائل سا
(18) إذ: أو د
(19) أن: الذى م، ن
(20) وبين الإناج وبين: وهو الإناج وهو د.(1/105)
كثيرة وينتج معاجلا غير حافظ للنظام، لئلا يفطن كيفية الإنتاج فيتحير السامع، ولا يعرف ماذا ينبغى أن ينكر. وربما احتاج إلى أن يخلط بالكلام ما ليس له (1) فيه غناء (2) لإخفاء النتيجة، أو الغناء فيه خفى غير جلى، وآجل غير عاجل.
فأما إذا (3) كان المخاطب شديد البحث عن مقدمة مقدمة، فليس يمكن خلط الكلام معه إلا بعلة تنشأ وعذر (4) يخترع فإذا (5) أنشئ (6) ذلك فربما تمكن من استدراجه إلى الإصغاء إليه، فاختلط الكلام عليه، ولم يفطن للحيلة، وخفيت النتيجة.
وربما انحرفوا إلى نقيض المطلوب فيثبتونه (7) لرفع (8) المطلوب، أو يرفعونه لوضع المطلوب وربما انحرفوا عن طريق المسألة، بل (9) أوردوا الكلام القياسى متصلا بالنتيجة كأنه ظاهر لا يحتاج إلى التسلم (10) وهذا هو الرسم فى زماننا هذا عند المشاغبة الذين يسمون متكلمين. فهذه هى حيل السائلين، وينتفع بها جميع (11)
من يقيس قياس العناد.
وأما المجيب فلتكلم فى حاله، وأنه كيف ينبغى أن يستعمل حل (12) التبكيت وهذا ليس نافعا فى المفاوضة، بل قد ينفع (13) فى الفلسفة. فمن ذلك أن يكون مفيدا، مثل تفصيل الاسم المشترك: فإن (14) أول الفوائد فى ذلك أن تكون المعانى تنفصل (15) بلقاء (16) الذهن، ويشعر بها، وتخطر بالبال، وتلاحظ أحكامها فى الاتفاق والاختلاف. وأيضا أن يقتدر الإنسان فى تفكيره (17) بنفسه على (18) جودة التمييز (19)، ولا يعرض الغلط له من نفسه. وكثيرا ما يغلط الإنسان من نفسه فوق غلطه من غيره، لأنه إذا فاوض غيره احترز (20) وعائد، وتكون معاملته مع نفسه
__________
(1) له: ساقطة من س، سا، هـ
(2) غناء: عناء هـ
(3) إذا: إن س
(4) وعذر: وعلة س
(5) فإذا: وإذا س
(6) أنشئ: انسى هـ
(7) فيثبتونه: ساعة من م
(8) لرفع: ليرفع د
(9) بل: ساقطة من سا
(10) التسلم: التسليم د، م
(11) جميع: ساقطة من سا
(12) حل: جل ب
(13) ينفع: ينتفع م
(14) فإن: فإنه د
(15) تنفصل: ينفصيل هـ
(16) بلقاء: تلقاء سا، م، هـ
(17) تفكيره: تفكره سا، م
(18) على: فى د
(19) التمييز: التميز هـ
(20) احترز: حرز س.(1/106)
معاملة معجب بمن يعامله مسترسل (1) إليه وقد ينفع (2) من جهة اكتساب المدح.
وكثيرا ما يظن أن المقطع لم ينقطع لخطئه، بل لضعفه (3) فى المفاوضة، واقتدار خصمه عليها، وأن الذى يغلب على الباطل أصنع من الذى يغلب على الحق.
واعلم أنه ليس كل من يقتدر (4) على حل الشك ناظرا فيه متأملا يقدر (5) على حل الشك مجيبا مسارعا، فإن ذلك عسى أن يكفى فيه قانون الصناعة المطقية.
وهذا التأنى (6) يحتاج فيه إلى ملكة (7) ارتياضية، وخصوصا إذا غيّرت (8) التراتيب، وبدلت الألفاظ فمن خانته (9) الملكة فعليه بالتؤدة، فإن المفلت (10) سهوا يعسر تداركه، كما فى الكتابة، وفى كل صناعة. وكما أن القياس المعقود (11) تارة يكون صادقا ومن (12) صوادق وصوابات، وتارة يكون بحسب الظن، كذلك الحل تارة ينبغى أن يبدل (13) فيه المشهور (14) بالحق (15)، وتارة أن يبدل (16) الحق بالمشهور (17) والمظنون فإنه ليس الغرض فى مفاوضة السوفسطائيين (18) أن يقاس عليهم بالحق، بل أن يجازوا (19)
عن (20) المراء مراء، ولا (21) يبعد (22) لو انحرفنا عن الحق إلى المشهور والمظنون وجملة الغرض معهم أن نضرهم ولا يضرونا. وإن (23) أمعن (24) السوفسطائى إلى النتيجة التى هى الحق لم (25) يضرنا ولكنه إنما يضرنا من حيث النتيجة المظنونة (26)، فإذا (27) أنتج
__________
(1) مسترسل: مسترسلا س، م، هـ
(2) ينفع: ينتفع س
(3) لضعفه: ساقطة من د
(4) يقتدر: يقدر سا مقتدر م
(5) يقدر: يقتدر د ساقطة من ن
(6) التأنى: الثانى سا، م، هـ
(7) ملكة: من ملكة م
(8) غيرت: اعتبرت د
(9)؟؟؟: جانبه هـ
(10) المنفلت: المتغلب س المتقلب م التفلت ن
(11) المعقود: المحمود: بخ، ن
(12) صادقا؟؟؟ ومن: من س، هـ
(13) يبدل: يترك د، س، سا، م، ن، هـ
(14) فيه المشهور: المشهور فيه د، س
(15) بالحق: الحق هـ
(16) يبدل: يترك س، سا، م، هـ فيه سا
(17) بالمشهور: بالحق وتارة م
(18) السوفسطائيين: السوفسطيين ب، د، س، سا، هـ السفطائى م
(19) يجازوا: يجاوزا س يجاوزوا سا، ن
(20) عن: ساقطة من ب
(21) ولا: فلا س
(22) يبعد: يفيد د يفسد س يعتد سا، م
(23) وإن: فإن م
(24) السوفسطائى: سوفسطائى م
(25) لم: ولم س
(26) المظنونة: المطلوبة د، س
(27) فإذا: فإن د، ن.(1/107)
الحق، وأوهم أنه أنتج الشبيه به، سهل (1) علينا أن نريه أن هذا غير مطلوبك بل إن كان لا تضاعف مفهوم فى سؤاله أمكن أن نتحرز فلا (2) نسلم ما ينفعه على ثقة أنه لا ينتج إلا ذاك المعيّن، ولا نأخذ (3) إلا ما ينفعه فيه اللهم إلا أن يغالط بشبيه (4) ذلك المعين (5)، فلنتحرز (6) من ذلك وإن كان فيه تضاعف مفهوم فلا (7) بأس أيضا، فإنه إذا أنتج ما له، نسوق كلامه بالتحقيق، ولم يكن بيّن (8)
ما يعنيه فى المقدمات، كان للمجيب أن يتعنت عليه (9)، فيقول: ما أردت فى المسألة (10)، وما أردت فى الموضع الذى أحفظه كذا، فيكون استعمال الألفاظ الكثيرة المفهوم وبالا أيضا (11) على المغالط مضيعا (12) لسعيه (13) ولو فصل (14) وأوضح لكان ربما يورط المجيب فى عهده سؤال لا يكون له (15) أن يراوغ فيه. وهذا أكثره (16)
فى اشتراك الاسم، وفى الذى سميناه المرائى.
وإذا كنا بدأنا فقسمنا (17) معانى المفهوم، وكان هذا التلبيس متعذرا عليهم، وإن (18) لم نكن تقدمنا ففعلنا، فأنتجوا علينا، فلنا (19) أن نفعل من بعد، ونبين (20) أنه ليس ما سلمناه (21) ما ذهب إليه الخصم، ولا ما أنتجه هو الذى ظنه وليس ذلك رجوعا منا، بل إصلاحا لشئ اضطرنا إليه غلط القائل، إذ الرجوع هو الرجوع عن المعنى ليس عن اللفظ. ولو كان التبكيت باشتراك الاسم تبكيتا، لكان كل ممكنا، بل الواجب أن تراعى المعانى، ويؤتى باسم غير الذى أتى به
__________
(1) سهل: ساقطة من هـ
(2) فلا: ولا د، ن
(3) نأخذ: نأخذه ن
(4) بشبيه: بسببه د
(5) المعين: الغير د
(6) فلنتحرز: فليتحذر ب
(7) فلا: ولا د
(8) بين: ساقطة من م
(9) عليه: ساقطة من د، س
(10) المسألة: التسليم د، س، ن، هـ
(11) أيضا: ساقطة من س
(12) مضيعا: تضعيفا د ومضيعا س، م، هـ
(13) لسعيه: لتعبه هـ
(14) فصل: أصلح س
(15) له: وله سا
(16) أكثره: أكثر د
(17) فقسمنا: قسمنا د، س
(18) وإن: فإن د
(19) فلنا: فكنا سا
(20) وتبين: ونتبين ب
(21) سلمناه: علمناه ن، هـ.(1/108)
ليتميز (1) ما يجب أن يسلب وأن يوجب، وما (2) (3) يجب أن يسلب عنه وأن يوجب له، لئلا يغلط إيجاب أو سلب (4) لشئ واحد. والذين قالوا إن الخلاص من ذلك بأن (5) يعين (6) الموضوع المشترك فى اسمه بلفظة (7) هذا، فلا يقال (8): زيد موسيقار بل زيد هذا فما عملوا (9) شيئا فإنه إن كانت الدلالة كما نعلمها مختلفة، فإن زيدا (10) هذا أيضا مشترك فيه، اللهم إلا أن تشير بالإصبع (11) فتكون (12)
قد (13) أغنيت عن اللفظ، وجعلت الإشارة كافية فى الدلالة. فإذا كان لنا أن نقسم، وأن ننص (14) على المعنى، فلنا (15) الحل.
وربما كان ابتداؤنا بالاستقسام والاستفهام يوهم (16) العناد، والتعسر (17)، والقطع على المتكلم لإيصال (18) خلافه، ففى مثل هذا لا يقبح (19) أن يؤخر (20) التخلص إلى آخره.
وكثيرا ما كان (21) إغفال ذلك وتركه يجلب الشناعة (22) عليهم أنفسهم كما قلنا فنترك ذلك فى البدء (23) حتى يتخلطوا (24). وإذا كانت (25) القسمة مما لا توهم التعسر، ولا لنا فيه (26) مضرة فبالحرى أن لا نتكاسل عنه وإذا تسلم (27) منا المقدمات، فمن الاحتياط أن لا نسلمها جازمين، بل نسلمها على أنا نظن ذلك ظنا، فإن ذلك يمنع انعقاد التبكيت علينا، ويوجه الشناعة بخلاف المشهور إلينا.
__________
(1) ليتميز: لتمييز م ليميز ن، هـ
(2) وما: ومما سا، هـ
(3) وما يوجب: ساقطة من ن
(4) أو سلب: وسلب س، س، سا، هـ
(5) بأن: ساقطة من س
(6) يعين: يغير د
(7) بلفظة: بلفظ د، س
(8) يقال: يقول س، سا، م، هـ
(9) عملوا: علموا د
(10) زيدا: زيد د، س، هـ
(11) بالإصبع: ساقطة من س
(12) فتكون: وتكون ب
(13) فتكون قد: فقد ن
(14) ننص: نبصر سا، م
(15) فلنا: قلنا د، م
(16) يوهم: يورد س، هامش هـ
(17) والتعسر: والتعسير س
(18) لإيصال: لاتصال، سا، م، ن
(19) يقبح: ينتج د، سا يصح ن
(20) يؤخر: يؤخذ م
(21) كان: يكون م
(22) الشناعة: المشاغبة م
(23) البدء: البداء ب، س، ن
(24) يتخلطوا: يتخلصوا ب، د، س، م
(25) كانت: كان س
(26) لنا فيه: تنافيه سا
(27) تسلم: سلم س.(1/109)
والجمع (1) بين السؤالين لو استحق الجواب لاستحق (2) الجمع عن ألف سؤال، ولكن ليس للمجيب الواحد من حيث هو (3) مجيب واحد أن يكون مجيبا عن كل حق فإذن (4) يجب أن يتحدد له السؤال. وقوة السؤال بالاسم المشترك كما علمت قوة سؤالات كثيرة، ولا (5) السؤال عن المشترك واحد، لا الجواب.
والذى يغلط بالمصادرة على المطلوب الأول (6) يأخذ التعبيرات (7)، فإن (8) كانت (9)
ظاهرة لم تقبل، وإن خفيت (10) وتنبه (11) لها عند (12) الإنتاج، قيل إن المراد فيما سلمت غير ما أوردت، ولو سلمت هذا لسلمت ما فيه النزاع، وحينئذ لا تجد المغالطة (13) سبيلا إلى إلزام كذب (14) أو تشنيع. وإذا استعمل المغالط بدل ما فى المصادرة على المطلوب الأول من لفظ كلى قولا مبنيا على المقايسة، أو لم (15) يكن للكلى المستعمل اسم، وكان قولا (16) ما فبدله (17) بقول قياسى كما نقول على ما يجرى مجرى الإنسان والفرس ويشبهه، فهو يحرك فكه الأسفل ويجعله يغير (18) ما يصادر به من (19) المطلوب الأول على هذه الجملة أو فى (20) غير المصادرة أيضا ثم أنتج منه، فله (21) أن يقول: إنما سلمت لك فيما يجرى مجرى الإنسان ولم أسلم لك فى كل شئ، وهذا ليس يجرى مجرى الإنسان، فإنه (22) يخالفه من قبل (23)
__________
(1) والجمع: والفرق ن
(2) لاستحق: استحق د لا يستحق س لا استحق هـ
(3) هو: هو هو د
(4) فإذن: وإذن سا
(5) ولا: فلا د، س، سا، م، ن، هـ
(6) الأول: ساقطة من ب
(7) التعبيرات: التغيرات د، سا، م، ن، هـ
(8) فإن: وإن د، سا، م، ن
(9) كانت: كان م، ن
(10) خفيت: خفت م
(11) وتنبه: ونعته سا
(12) عند: عن سا، م من ن
(13) المغالطة: المغالط د، س
(14) كذب: كاذب د
(15) أو لم: ولم ن
(16) قولا: قول د، ب، سا، م، ن
(17) فبدله: نبدله د، قبله ب
(18) ويجعله يغير: ويحصل تعبيرا س وتجعل تغير هـ
(19) من: على سا، هـ
(20) أوفى: وفى سا
(21) فله: فإنه سا
(22) فإنه: بل د
(23) قبل: قبيل س، م.(1/110)
كذا. وذلك لأنه إن (1) لم يفعل هذا تم له التبكيت، وخفى ما يريده (2) من المصادرة على المطلوب الأول، إذا كان تغييره (3) على هذا النحو من التغيير (4) بانتقال إلى جزئى أو الملومة. فإذا (5) استعمل اسما (6) حقيقيا لم يكن بد من الجواب، أو من القسمة إذا كان فى بعض دون بعض. ويعرض أن يكون الاسم حقيقيا فى القضية (7)
ليس فيها (8) اشتباه ولا إيهام اشتراك، وإن كان فى نفسه مشتركا فيحوج ظهور معناه إلى التسليم أو القسمة، ثم يكون إذا استعمل (9) فى مقدمة أخرى استعمل بوجه آخر مما له (10) فى نفسه من الاشتراك وتكون حاله ما (11) ذكرنا (12) فيعرض فى النتيجة أن تكون على نحو كاذب، كما أنه يقال: إن ما هو لأهل بلد كذا فهو ملك لهم، والحيوان (14) كذلك هو للإنسان (13)، فهو إذن (15) ملك له فتكون كل قضية تستعمل فيها لفظة له بمعنى معقول محصل، ولكن يغلط فى النتيجة، إذ تؤخذ فى النتيجة (16) على معنى آخر. وقد علمت أن القياس لا يكون بالحقيقة قياسا، أو تكون هناك (17) الاشتراكات الثلاثة (18) التى (19) للمقترنتين (20) فى أنفسهما (21)، والتى (22)
لمقدمة مقدمة مع النتيجة. وإذا (23) كان اللازم غير منعكس كما قلنا فينبغى أن نجيب (24) فى العكس (25) بالجزئية، فلا يتهيأ التبكيت بالجزئى، فإن التجربة تحمله
__________
(1) إن: ساقطة من سا
(2) يريده: يريد د يفيده س، ن
(3) تغييره: يعتبر د يفيده س
(4) التغيير: التغير د، هـ
(5) فإذا: وإذا س
(6) اسما: اسم ن
(7) فى القضية: على القضية هـ
(8) فيها: فيه د
(9) استعمل: استعملت ن
(10) مما له: لا محالة س، هـ
(11) ما: بما م
(12) ذكرنا: ذكرناه سا
(13) للإنسان: الإنسان ب، د، م، ن
(14) والحيوان ملك له: ساقطة من سا
(15) إذن: ساقطة من ب، ن
(16) إذ تؤخذ فى النتيجة: ساقطة من س
(17) هناك: ساقطة من د
(18) الثلاثة: الثلاث ب، س، سا، م، ن، هـ
(19) التى: الذى س
(20) للمقترنين: للمقترنين ب، م، ن
(21) أنفسهما: أنفسها د، ن
(22) والتى: والذى س
(23) وإذا: وإذ ن
(24) نجيب: يجب د، م
(25) فى العكس: للعكس ن.(1/111)
على إيراد الشروط (1)، وتكثير القضايا ويعسر (2) حينئذ التأليف الصحيح فى الحق فضلا عن الباطل.
وإذا (3) كانت المسألة كلا (4) طرفيها مشهور (5) كما هو فى النفس من فسادها وغير (6) فسادها وفى القطر مشارك للضلع عند أصحاب الجزء ألبتة، وعند المهندس (7)
غير مشارك (8) ألبتة وأشياء أخرى مثل ذلك فكان كل طرف مقبولا ومضادا للنقيض (9)، فيسهل علينا فى مثلها أن نقاوم، إذ يكون لنا أن لا نقبل أن الطرفين شئنا. وإذا (10) لم يكن أحد الطرفين معتاد القبول (11) والتسليم، وكان كل واحد (12)
من طرفى النقيض يصدق (13) بشرط يقترن به، لم ينتفع الممارون بأماله وذلك لأن للمجيب (14) أن لا يسلم أى ذلك شاء. أما (15) القسم الأول فلأن تسليم شئ من الطرفين غير معتاد، وأما الثانى فلأنه لما خلا عن الشرط كان حكمه حكم الأول، فإذا (16) ألحق به الشرط، كان للآخر أن يلحق به الشرط، ثم لم يسلم (17)
مع شرط (18). وبالجملة تجاذب (19) الفيضين فى القبول وغير القبول يضعف سورة (20)
التبكيت فإذا (21) كان عند الإنسان معرفة حاضرة يحيط (22) بها بكيفية العسرة فى السؤالات (23) وكيفية حلها (24)، سارع (25) إلى الحل (26) وحد (27) المقاومة. ولأن (28) تمنع العقد
__________
(1) الشروط: الشرط د
(2) ويعسر: فيعسر س
(3) وإذا: ولذا د، س
(4) كلا. كلى س
(5) مشهور: مشهورا هـ
(6) وغير: أو من غير هـ
(7) المهندس: المهندسين م
(8) مشارك: مشترك س
(9) للنقيض: للمستفيض ن، هامش هـ
(10) وإذا: فإذا م
(11) معتاد القبول: معاندا القبول ب معاندا لقبول ن، هـ
(12) واحد: ساقطة من ن
(13) يصدق: ساقطة من س
(14) للمجيب: ساقطة من د المجيب س، ن
(15) أما: وأما ب، د، س
(16) فإذا: وإذا س، هـ
(17) يسلم: يسأل س، سا، هـ
(18) شرط: شرطه ن
(19) تجاذب: يجاوب د، س، سا، م، ن
(20) سورة: صورة هامش هـ
(21) فإذا: وإذا م
(22) يحيط: يحفظ ن
(23) السؤالات: السؤال ن
(24) حلها: حله ن
(25) سارع: صارع هـ
(26) إلى الحل: ساقطة من هـ
(27) وحد: ووجد د
(28) ولأن: لأن سا.(1/112)
أولى (1) من أن تلبث إلى وقت الحاجة إلى الحل. وإنما تمنع عقد التبكيت الباطل أن تحس باتصال (2) المقدمة المسئول عنها بالنتيجة أنكرتها، وللآخر (3) أن يظهر وجه إنكاره لها فإن هذا فعل الفحول من المجادلين، وبذلك يتلقون القياس الكاذب.
والقياس قد يكون مغالطيا إما لمادته فقط إذا (4) كانت صورته قياسية فهذا ينقض من جهة مقدماته وقد يكون مغالطيا، لأنه يشبه فى صورته (5)
القياس، وليس بقياس على ما علمت. وهذا فإن الحل قد يكون فيه من الوجهين جميعا، إذا كانت المقدمات أيضا كاذبة فعلى الحالّ أن ينظر فى ذلك فى صورته أيضا (6)، ويحل الشبهة منها وينظر أيضا فى النتيجة فإن النتيجة (7) إذا كانت (8) كاذبة نبهت على القياس وما فيه من الغلط ويشرح سوء تسليم إن كان قد وقع، فإنه كما (9) ليس الفكر كالبديهة، كذلك ليس التنبيه للسؤال وهو بعد سؤال كالتنبيه له (10) إذا أنتج. فهذا هو وجه التحرز، والتمكن من الحل، ومقاومة السوفسطائية.
وأما (11) تعقب تبكيتاتهم، وإيضاح السبب فيها، فقد يعلم مما سلف، ويزيده معرفة به معاودتنا النظر فى كل (12) واحد واحد منها.
__________
(1) أولى: بل س أقل هـ
(2) باتصال: بإيصال د، س، سا، هـ
(3) وللآخر: ولآخر ب والآخر د، س، سا، ن، هـ
(4) إذا: إذ ب
(5) فى صورته: صورة س
(6) أيضا: إليها م
(7) فإن النتيجة: ساقطة من د
(8) كانت: أيضا د
(9) كما: ساقطة من م
(10) له: ساقطة من م
(11) وأما: فأما س
(12) كل: ساقطة من س.(1/113)
[الفصل الرابع] (د) فصل فى حل (2) التبكيتات المغالطية من جهة الألفاظ (1)
فنقول: إن المغالطة باشتراك المفهوم على وجوهه (3): فإنها إما أن تكون لأن السؤال يكون كثيرا، وإما أن تكون للكثرة (4) فى النتيجة أيضا (5). وتلك (6) الكثرة يكون الحق فى بعضها موجودا، وفى بعضها ليس بموجود، كما إذا سئل:
هل الساكت يتكلم؟ أو قيل: هل (7) الذى يريد (8) يتعلم ليس يعلم؟ فإن الأول يغلط فى النتيجة، فينتج نتيجتين ولا يشعر باشتراكه، وهو (9) مقدمة بعد. وأما الثانى فإنه وهو (10) مقدمة بعد لا يفهم إلا بتفصيل اشتراكه، فمن عداه عداه وهو غير مفهوم، إذ لا بد له فى أن يفهم من (11) أن يعلم راجع (12)
إلى الشئ المعلوم أو العالم، حتى يمكنه أن يجيب عنه. ويشبه ذلك أيضا (13) قولهم:
أليس (14) الذى تعلّمه تعلمه، ولكن (15) تعلم أن كل اثنين زوج، ولا (16) تعلم اثنين فى يدى. وفى جميع (17) أشباه هذه يكون الخلف فيها بأن تنتج أن الشئ ليس هو (18)
فإن الخلف على وجهين: خلف استحالته تتبيّن (19) لا من جهة التناقض، كمن ينتج مثلا أن زوايا المثلث (20) أكثر (21) من قائمتين، والثانى خلف استحالته تتبين (22) من جهة
__________
(1) العنوان ساقط من ب، د، ن
(2) حل: حد س، سا، م
(3) وجوهه: وجوه س، هـ
(4) للكثرة: الكثرة د، س، سا، هـ
(5) أيضا: وأيضا م، ن
(6) وتلك: فتلك م
(7) قيل هل: قيل هذا س، م، ن
(8) يريد: يتكلم زيد د، س، سا، هـ يريد أن م
(9) باشتراكه وهو: باشتراكه هو ن
(10) فإنه وهو: فإنه هو ن
(11) من: ساقطة من م
(12) راجع: ليراجع د
(13) أيضا: ساقطة من ن
(14) أليس: ليس د
(15) ولكن: ولئن هـ
(16) ولا: أولا ن
(17) وفى جميع: وجميع ن
(18) هو: هوهو ن
(19) تتبين: تتبين م
(20) المثلث: المثلثين سا
(21) أكثر: أكبر د
(22) تتبين: تبين سا، م، ن، هـ بين د.(1/114)
التناقض، كمن ينتج أن المثلث ليس بمثلث، أو أن (1) الأعمى ليس بأعمى (2).
فيجب إذن علينا إن شعرنا بديا باشتراك الاسم أن نكون تسلمنا محدودا مفصلا (3)، بأن نقول للسائل: إن عنيت كذا فجوابه كذا، وإن عنيت معنى آخر فليس جوابه كذا، وأن نتعرض بالمنع لما (4) هو ضار ومبدأ للمغالطة (5) وإن لم نشعر بديا تداركنا بعد ذلك فقلنا: ليس (6) الساكت (7) يتكلم، بل لهذا الذى هو ساكت الآن أن يتكلم (8) وقتا آخر، فإنه ليس يلزما أن نجيب عن المهملة وهى مهملة، وعن المبهمة وهى مبهمة، وإن فعلنا فلا أن نشير إلى ما عنيا. وكذلك إذا قال: (9)
أليس يعلم الذى يعلم، فنقول (10): أعلم ما أعلم وليس أعلم جزئيات الذى (11) أعلم، أو ليس يلزم أن أعلم أحوال الذى أعلمه.
والمغالطات التى من التركيب والتقسيم (12) فلنا أن نخفظ الحكم فى التركيب، ونمنعه فى التقسيم. وبالعكس لنا أن نمنع الحكم فى التركيب، ونحفظه فى التقسيم، إذ المركب (13) ليس هو المقسم (14). فيرجع (15) الغلط فى هذا الباب (16) إلى ما يقال على نحوين (17) من المرائيات بوجه ما، مثل المغالطة التى يكون المركب فيها مثل أن مما (18) نعلم أن يضرب زيد فيه يضرب فيضرب إذن فيه بفعلك (19) أو علمك (20).
وهذا فيه أيضا تضليل من جهة المراء. أما من جهة التركيب (21)، فلأنه يسأل
__________
(1) أو أن: وأن د، س، سا
(2) ليس بأعمى: بصير س، هامش هـ
(3) مفصلا: محصلا ب متصلا د منفصلا م
(4) لما: لمن ن
(5) للمغالطة: للمغالطة ن
(6) ليس: كل س، م، هـ
(7) الساكت: ساكت د، س، سا، م، ن، هـ
(8) أن يتكلم: يتكلم ن
(9) قال: قيل ن
(10) فنقول: ونقول د
(11) الذى: للذى س
(12) والتقسيم: النقيض م
(13) إذ المركب: أو المقسم س إذن المركب م
(14) المقسم: المنقسم م، ن
(15) فيرجع: ويرجع د، س، سا، هـ
(16) فى هذا الباب: ساقطة من سا
(17) على نحوين: من النحوين س
(18) مما: بما ن، هامش هـ
(19) بفعلك: فعلك د، سا، م
(20) علمك: عملك د، ب، س
(21) التركيب: التبكيت د، س.(1/115)
مثلا: ألست تعلم بما يضرب به زيد؟ فيقول: بلى. ثم يقول: أليس بذلك يضرب؟ فيقول: بلى. فيركب ويقول: فإذن بما (1) تعلم أن زيدا يضرب، به (2) يضرب. وأما من جهة المراء فلأن به (3) ينصرف إلى موضعين: أحدهما آلة العلم، والثانى آلة الضرب. وربما كان القول صادقا إذا فصل عن الهيئات واللواحق، فإذا قرن بها صادق قلّ ما (4) يغلط بالتركيب والمراء.
والذى ظن أنّ كل مغالطة فهى (5) لفظية، وأن كل مغالطة (6) لفظية (7) فهى للاشتراك فى الاسم، فلا (8) يتأخر بيان خطئه إذا ما تأملنا (9) هذه الأمثلة التى من باب المراء، ومن باب التركيب (10) والتفصيل. مثل قولهم بالظرف الذى يضرب على أن موضع الذى يضرب فى لغة العرب النصب (11)، لأنه مفعول به، وعلى أنه الجر (12) لأنه بعد الظرف (13) وهذا من باب المراء. وكذلك: نعلم (14) أن السفن التى لها ثلاث (15) سكانات التى تكون بأسقلية
__________
19*
الآن، فإن الآن تتصل تارة بالعلم، وتارة بالسفن.
وأما من باب التركيب فمثل أن تقول: أليس فلان خيرا (16)، وأليس فلان إسكافا رديا (17)، فعلان (18) خيرا رديا. وكذلك: أليس للعلوم الجيدة تعليمات
(1) بما: مما د ما سا
(2) به: فزيد د، س، سا، م، هـ
(3) فلأن به: فلأنه س
(4) قل ما: قنا؟؟؟ سا، م، ن، هـ
(5) فهى: ساقطة من د، س، سا
(6) وأن كل مغالطة: ساقطة من د، سا
(7) لفظية: ساقطة من د، س، سا، م
(8) فلا: ولا سا
(9) تأملنا: بينا د قلنا س
(10) التركيب: التبكيت د، س
(11) النصب: والتفصيل ن
(12) الجر: الخبر د، هامش هـ الجزء س، سا
(13) لأنه بعد الظرف: ساقطة من س لأنه نعت الظرف سا، م
(14) نعلم: انعلم سا ساقطة من م
(15) ثلاث: ثلاثة س، هـ
(16) خيرا: خير س
(17) اسكانارديا: اسكاف ردى س
(18) فعلان: فغلان م، هـ.
(19) (*) أسقلة هى التى نرسمها اليوم صقلية انظر نص ارسطو 177ب، 14 [المحقق](1/116)
جيدة، وللردى أيضا (1) تعليم جيد، فمن الجيد أيضا أن تعلم رديا لكن كل (2) شئ ردى من يعلمه فيعلم رديا، فإذن كل تعليم الردى ردى (3)، والجيد غير ردى هذا خلف. وههنا (4) تضليل من جهة التركيب، وتضليل من جهة اللفظ أيضا فى قوله: يعلم رديا. وأيضا حق أن يقال: الآن إنك حادث، لكن لست أنت (5) الآن حادثا (6)، فأنت حادث الآن لست حادثا (7) الآن هذا خلف.
وكذلك، أليس كما يكون لك شئ ممكنا، كذلك (8) يمكنك أن تفعل، ويمكنك عند ما تضرب العود أن لا (9) تضربه، فإذن يمكنك أن تكون ضاربا للعود غير ضارب. وهذا كله يرجع إلى ما قلنا: إن الشئ يفهم بوجهين: من وجه وذلك لأن سقراط، وإن كان فاضلا، فليس فى كل شئ، بل فى الخلق (10)، فإن (11) كان رديا فليس فى كل شئ بل فى الدباغة وهذا لا يتناقض بل يجتمعان، إنما يتناقض مفهوم آخر وهو أن يكون فاضلا ورديا فى شئ واحد. فسقراط فاضل وردى كقضيتين اثنتين لا كقضية واحدة، وعلى ما علمنا فى موضع آخر. وكذلك ليس (12) يتناقض خير فى نفسه وشر فى شئ آخر، ولا يلزم أن يجعل أحدهما شرطا (13) فى الآخر، أو متجها معه نحو حد واحد. وكذلك ليس إذا صدق عند ما (14) لا أضرب العود يمكننى أن أضربه لو كنت (15) شئت مجموعا، يمكن أن يصدق مفترقا، ويقول: عند ما لا أضربه أو يقول: إنى (16)
عند ما لا أضرب أضربه، فإن [أراد (17)] الإمكان والمشيئة، فقد أسقط وفرق (18)
__________
(1) أيضا: إذن س
(2) كل: لكل هـ
(3) الردى ردى: الردى رديا هـ
(4) وههنا: وهذا ن
(5) أنت: أن د
(6) حادثا: حادث ب، سا، ن
(7) حادثا: حادت هـ
(8) كذلك: وكذلك س فكذلك م
(9) لا: ساقطة من د، س، سا
(10) فى الخلق: بالخلق ب
(11) فإن: وإن س
(12) ليس: لا ن، هـ
(13) شرطا: ساقطة من س
(14) عند ما: عندنا ن
(15) كنت: كان ن، هـ
(16) إنى: ساقطة من سا
(17) [أراد] زيادة لاستقامة المعنى [المحقق]
(18) فقد أسقط وفرق: أسقط وفرق د قد استطرد س فرق هامش س.(1/117)
القول ومعنى الإمكان فى هذه الأشياء أنه كان يكون الشئ بدلا عن ضده (1)، لا مع ضده، وههنا (2) قد أخذ مع ضده.
وقد حكى المعلم الأول أن بعض الناس وأظنه يعنى بذلك المدعى له أنه (3)
معلمه حل ذلك بأن قال: فرق بين قولنا: يفعل بحسب ما يمكنه، وقولنا: إنه يفعل لا محالة بحسب ما يمكنه شيئا
__________
19*
، فلو كان يفعل الممكن لا محالة، فلعله وجب أن يضرب (4) فى حال (5) ما يمكن هو حين لا يضرب، وأما إذا لم يكن كذلك بل ليس يجب وقوعه لم يجب (6) إمكانه، فيجوز أن يقع واقعا بحال (7) عدم الضرب، فيكون حينئذ لا يضرب، فإن معناه أنه (8) كان غير ممتنع فى ذلك الزمان أن يقع الضرب بدل غير (9) الضرب، ليس أنه يجب. وهذا الحل وإن كان من وجه حلا فإنه ليس حلا بحسب أن المغالطة متعلقة (10)
بالتركيب والقسمة (11)، فإن الحل يجب أن يكون مستمرا فى جميع الجزئيات وهذا الحل خاص بهذه المادة، وإن استمر فليس (12) فيه تعرض لما (13) أورد من (14)
المقدمات، ومن السبب المتصل.
وأما المغالطة التى تقع من جهة الشكل، فمنه (15) ما يكون الحكم فيه على نفس اللفظ، مثل من (16) يقول: إن هذا البيت ليس بمنقوص (17) ساكنه (18) فينتج
(1) ضده: ضد د
(2) وههنا: ههنا د
(3) أنه: ساقطة من س وأنه هـ
(4) أن يضرب: ساقطة من سا
(5) فى حال: حال م
(6) لم يجب: بل يجب س، سا، م، ن
(7) بحال: محال هـ
(8) أنه: أن سا
(9) بدل غير: بدلا عن د
(10) متعلقة: متعلق س
(11) والقسمة: فى القسمة ن
(12) فليس: وليس س، هـ
(13) لما: كما س
(14) من: فى د، م، سا
(15) فمنه: فيه م، هـ
(16) مثل من: كمن ب ساقطة من سا
(17) بمنقوص: بمنقوض س، سا، م
(18) ساكنه: سالبه س، م.
(19) (*) العبارة التى نقلها ابن سينا عن أرسطو موجودة فى الترجمة القديمة بنصها، وهى من نقل عيسى ابن زرعة انظر عبد الرحمن بدوى، منطق أرسطو ج 3ص 934وانظر السفسطة لأرسطو 177ب، 25(1/118)
أن هذا البيت ساكنه فيه (1). ومنه ما ليس الغلط فيه فى نفس (2) اللفظ، بل هو شئ يتعلق بهيئة اللفظ، وهو كالاشتراك فى الهيئة أو شئ (3) يتعلق (4) بهيئة الأداء، كما يكون الشئ يقال مرة بضجر وحدّة، ومرة بطلاقة، فيتغير (5) الحكمان. وإذا لم يلتفت إلى اللفظ (6) وإلى شكل اللفظ، بل إلى (7) المراد والمعنى (8)، سهل التخلص، مثلا إذا قال قائل: إن الذى يبصر (9) نفسه يفعل من حيث يبصر (10)، وينفعل (11)
من حيث هو مبصر (12)، فيكون من جهة واحدة فاعلا ومنفعلا (13)، فنقول: إن الذى يبصر (14) ينفعل فى (15) كل حال وليس يفعل (16). ولا تشتغل (17) بأن تصريف يبصر هو تصريف يضرب ويقطع لأن المعنى هو غير مطابق للتصريف.
وهذا يشبه الاسم المشترك، ويشبه الذى يسأل عن مسائل كثيرة، وحكمه فى أن يحصل سؤاله بديا أو أخيرا لامرة (18) على نحو حكم (19) ما قيل فى اللفظ المشترك، وحكمه فى أن يغلط لاشتراك الاسم حكم المراء (20)، وهو مغالطة لفظية على (21) ما (22) يراه بعضهم من أن كل مغالطة لفظية متعلقة بالاسم المشترك.
ولنورد أمثلة مرائية تغلط (23) من جهة اللفظ، وحلها غير حل المغالطة التى وقع فيها اسم (24) مشترك، مثل قولهم: أليس من يرمى شيئا هو له يصير ليس له، فمن رمى الكراع الذى عنده فيكون لا كراع له لكنه إن رمى واحدا جاز
__________
(1) ساكنه فيه: سالبة فيها س، م
(2) فى نفس: نفس ب
(3) أو شئ: وشئ سا
(4) يتعلق: فيتعلق هـ
(5) فيتغير: فيغير سا
(6) اللفظ: اللفظة ب وهو كالاشتراك فى الهيئة اللفظة م
(7) بل إلى: بل ن
(8) والمعنى: المعنى د
(9) يبصر: يبصره س، هـ ينصر م
(10) حيث يبصر: حيث يبصره س، هـ حيث ينصر م
(11) وينفعل: ويفعل هـ
(12) هو مبصر: يبصر ن
(13) ومنفعلا: منفعلا د، س، ن
(14) يبصر: نفسه هـ
(15) ينفعل فى: ينفعل من حيث يصر وفى هـ
(16) يفعل: ينفعل ن
(17) تشتغل: يسعنى ن
(18) أخيرا لامرة: خير الأمر س أخير الأمر م آخر الأمر ن أخيرا كأمر هـ
(19) حكم: ساقطة من س
(20) المراء: المراد د
(21) على: ساقطة من
و (22) ما: ساقطة من م
(23) تغلط: تغالط ب
(24) اسم: باسم س، هـ.(1/119)
أن يبقى عنده تسعة، فيكون له كراع ليس له كراع (1). ومثل هذا ليس فيه اسم مشترك، وإنما (2) وقع الغلط بسبب أن قوله لا كراع له فهم منه: لا كراع له ألبتة، وأن التسليم وقع لقلة (3) التحرز لا لاشتراك فى لفظة الكراع، أو لفظة (4)
من الألفاظ المفردة. وكذلك: هل يبذل الإنسان إلا (5) ماله؟ فيقول: لا فنسأله (6) بالسرعة أنه إن بذل بذل (7) ما له؟ فيجيب المجيب بالسرعة، ويقول:
نعم، فننتج عليه (8): أن الإنسان يعطى ما ليس له. وأيضا: هل الذى ليس له يد يبطش باليد؟. وأيضا: هل (9) الذى ليس له عين يبصر؟ فإن قالوا (10): بلى، يشنع (11) أنه كيف يبصر بلا عين، ويبطش بلا يد، وإن (12) قالوا: لا (13)، فذو اليد الواحدة والأعور ذاك (14) يبطش وهذا يبصر. وقد ذكر حال هذا خارجين (15)
مما (16) يتعرض للمال لا للقانون، وفيهما كلام كثير من وجوه الاحتمال فوق محل المال؟؟؟. والحل وما (17) فسرا به غير لائق.
وأيضا مثال آخر: أليس كتبك (18) هذا صادقا لشئ كتبته؟ فتقول بلى.
ثم تقول: أليس ما كتبته كاذب (19)؟ فتقول: بلى، إذا كان كاذبا فإذن هو كاذب وصادق. والسبب (20) أن هذا الكاذب ليس يناقض ذلك الصادق، فإن الكاذب المقابل للقول الكاذب هو قول صادق (21)، والعقد (22) الكاذب
__________
(1) ليس له كراع: ساقطة من ن
(2) وإنما: فإنما ن
(3) لقلة: لعلة د، س
(4) أو لفظة: ولفظة د أو فى لفظة هـ
(5) إلا: إن إلا س
(6) فنسأله: فيسلمه ن، هـ
(7) بذل بذل: بذل ب، ن
(8) عليه: ساقطة من س، هـ
(9) هل: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(10) قالوا: قال ن
(11) يشنع: فيشنع س فشنع م، هـ
(12) وإن: فإن د
(13) لا: ساقطة من هـ
(14) ذاك: ذلك د
(15) حال هذا خارجين: حال هذا جاء حسن د لهذا حلين س حال هذا خارجتين سا، م
(16) مما: هما م
(17) وما: وبما هـ
(18) كتبك: كتابك س
(19) كاذب: كاذبا د
(20) والسبب: فى هذا س
(21) صادق: للصادق س، هـ
(22) والعقد: وللعقد س.(1/120)
عقد صادق. وههنا فقد أخذ الكذب مقرونا بالمدلول عليه، والصدق مقرونا بالعدل (1) من الكتابة، ولاختلاف لتركيبين وقعت المغالطة.
وأيضا: أليس ما (2) يتعلمه زيد هوهو، وهو يتعلم التقيل والخفيف، فهو ثقيل وخفيف. والمغالطة كما علمت من قبل (3) رجوع هو (4) تارة إلى المتعلّم وتارة إلى المتعلّم، وليس (5) يسلم (6) المجيب أنه هو المتعلّم، بل هو الشئ الذى (7) يتعلم لا زيد.
وأيضا: أليس (8) هذا الشئ الذى يسيره الإنسان يطأه، وهو يسير يوما كله، فهو يطأ اليوم، لأنه يطأ ما يسير فيه من المسافة، لا الزمان. وهذا أليس (9) يشرب من الكأس، ولكنه لم (10) يشرب منها (11) شيئا، والمغالطة أن هذا يشرب منها (12) لا من جوهرها. وأ ليس (13) كل متعلم هو إما متلقن وطما مستنبط، ولكن (14) المستنبط ليس متلقنا أو مستنبطا، والمتلقن (15) ليس مستنبطا (16) أو متلقنا والمغالطة بسبب ربط ما بين القضيتين، فإنه يوهم أنه ربط أحدهما بالآخر على أنه معاقبة (17)، ويوهم أنه ربطه به على أنه معاندة.
وأيضا: الإنسان فى نفسه شئ (18) ثالث غير العام والخاص، لكن العام والخاص هو لأنه إنسان. وهذا المثال قد (19) يحتمل أن يجعل تضليلا (20) معنويا، لكنه مع
__________
(1) بالعدل: بالتعدل س، هامش هـ
(2) أليس ما: ليس ما سا، م ما ليس هـ
(3) قبل: جهة س
(4) هو: إياه س
(5) إلى المتعلم وليس: المتعلم وليس ب إلى المعلم وليس ن
(6) يسلم: ساقطة من د
(7) الذى: ساقطة من سا، م، ن، هـ
(8) أليس: ليس د
(9) أليس: ليس س، سا، م ساقطة من د
(10) لم: ساقطة من س
(11) منها: منه ن
(12) منها: فيها س، هـ
(13) وأليس: وليس د
(14) ولكن: لكن سا، م، ن، هـ
(15) والمتلقن: والملقن ب
(16) ليس مستنبطا: ليس إما مستنبطا م، ن
(17) معاقبة: متعاقبة س ساقطة من د
(18) شئ: هو س وهو شئ سا، ن، هـ
(19) قد: ساقطة من س
(20) تضليلا: لا ب.(1/121)
ذلك لفظى أيضا (1)، وذلك (2) لأنه غير العام والخاص فى نفسه، أى اعتبار نفسه، والخاص والعام هو لا باعتبار نفسه، ففيه مغالطة من جهة اعتبار تركيب نفسه مع الإنسان وتفصيل (3) معه (4)، وهو من حيث نفسه لا يصدق أنه شئ من الاثنين، بل كشئ منهما. وكذلك (5) جميع العوام حملت على الشئ من طريق ما هو، أو حملت خارجة عن جوهره، فإن السبيل واحدة.
ثم بالجملة (6) فجميع (7) ما يغلط عند (8) اللفظ يقابل عند الجواب بالضد: إن كان الغلط بالتركيب، فيغلط (9) من تركيب القسمة، وإن كان من القسمة (10) فيحل بالتركيب. وإن (11) كان الغلط شيئا (12) مثلا بشكل مخفف (13)، فليكن الجواب بشكل مثقل، وإن (14) كان باسم مشترك فبأن يأتى باسم محقق للمعنى المفرد، وكان (15) فى المراء (16)
وفى (17) التركيب، مثلا إذا قال: أليس من يمشى (18) يتوطأ ما يمشى فيه، وهو (19) يتوطأ الزمان، فيكون تسليمنا (20) أن الذى يمشى يتوطأ ما (21) يمشى فيه (22) من المسافة دون الزمان. وعلى هذا القياس فى تلك البواقى.
__________
(1) أيضا: ساقطة من ن
(2) أيضا وذلك: وأيضا ذلك م
(3) وتفصيل: وتفصيله س، هـ
(4) معه: عنه س منه هـ
(5) وكذلك: فكذلك د
(6) بالجملة: وبالجملة س
(7) فجميع: وجميع د، س، سا
(8) عند: من جهة ن
(9) فيغلط: فيحل الغلط د
(10) من القسمة: بالقسمة هـ
(11) وإن: فإن د
(12) شيئا: ساقطة من د، س
(13) مخفف: محدد هـ
(14) وإن: فإن د
(15) وكان: أو كان م
(16) المراء: المراد د
(17) وفى: فى د، س
(18) يمشى: يتمشى م
(19) وهو: فهو س، سا، م، ن، هـ
(20) تسليمنا: تسلمنا ب
(21) ما: بما ب
(22) يمشى فيه: فيه يمشى د، س.(1/122)
[الفصل الخامس] (هـ) فصل فى حل ما فى التبكيتات المعنوية والتمكن من مقاومة أصناف مغالطية (1)
وأما التى من طريق المعانى، فالذى من العرض فبعضه (2) واضح مستمر فى جميع ذلك، بأن (3) يكون ذلك (4) فى بعض الجوابات من الأعراض إذا سئل عنها، فيقول: ليس من الاضطرار أن يكون مثلا الأبيض موسيقار، وإن كان قد (5)
يوجد أيضا ويتفق وجوده. وإنما يلزم الصدق فى جميع الأعراض إذا لم تكن متباينة الأجناس العالية والوسطى (6)، فحينئذ لا تنفذ (7) حيلة المغالطة (8) ويوضح ذلك (9)
بأمثلة (10) يسمعها السامعون، ويستوحش من مخالفتها المشاغب.
ومن أمثلة ما بالعرض قولهم (11): ألست تعلم ما أسألك؟ فإن قال: نعم (12)، بلى أعلم، قال له: ما هو؟، وإن قال: لا أعلم، قال: أنا أسألك عن زيد او عن الخير وأنت تعلمه. والمغالطة فى (13) هذا من جهة العرض هو أن شيئا واحدا هو معلوم فى نفسه ومسئول عنه (14)، وليس هو معلوما من حيث هو مسئول عنه بتركيب (15) العرض بين المعلوم (16) والمسئول (17).
__________
(1) العنوان موجود فى نسخة هـ فقط
(2) فبعضه: فنقضه م
(3) بأن: فأن هـ
(4) ذلك: ساقطة من سا، م
(5) قد: ساقطة من م
(6) والوسطى: ووسطى هـ
(7) تنفذ: تبعد سا جملة د، سا، م
(8) المغالطة: المغالط د
(9) ذلك: لك م
(10) بأمثلة: بأمثاله م، هـ
(11) قولهم: ساقطة من ن
(12) نعم: ساقطة من ن
(13) فى: من سا أن هـ
(14) ومسئول: مسئول سا
(15) بتركيب: ويتركب هـ
(16) المعلوم: العلوم د
(17) والمسئول: عنه هـ.(1/123)
وأيضا (1) قولهم (2): جبل قاف قليل، لأنه واحد (3) وكل قليل صغير، فهو قليل (4) وهو صغير، فالقليل صغير وجبل قاف قليل لأنه واحد، فهو إذن صغير.
وقوله: الكلب (5) لك، وهو أب
__________
28*
(6)، فيجمع (7) ذلك معا.
وأيضا: أنت (8) تعلم (9) زيدا (10) أنه ذاك (11)، فهو (12) الداخل الدار (13)، فتعلم الداخل (14)
ولا تعلمه. والحل فى هذا أن ذاك غير الداخل، وإنما هو هو بالعرض (15)، وهما بالذات والمعنى شيئان (16)، فليس المعلوم هو المجهول. وحل (17) ذلك (18) قليل وصغير، هو أن هذا (19) قد يوجد وليس (20) بالضرورة. وكذلك إن سأل: ألست (21)
تعلم ما أريد أن أسألك (22) عنه حين تجيب عنه، والذى يسألك (23) مخفى، فيجب أن تعلم المخفى والمستور. وجميع هذا مما عرض كلاهما لموضوع (24) واحد، وأحدهما (25)
عرض للآخر من (26) غير نسبة بينهما، وكل واحد (27) منهما ليس هو الآخر. وليس
(1) وأيضا: وكذا سا، م
(2) قولهم: وكذا قولهم ب، د، ن وكذا س، هـ
(3) جبل واحد: ساقطة من هـ
(4) جبل قليل: ساقطة من س
(5) الكلب: الكاتب د، ب، س، م البيت هامش هـ
(6) أب: آت سا
(7) فيجمع: فيجتمع ب، س
(8) أنت: ساقطة من م، ن
(9) تعلم: أتعلم ب، د، سا
(10) زيدا: زيد ن
(11) ذاك: ذلك ب، د
(12) فهو: وهو د، س، م، هـ
(13) الدار: والدار م
(14) الداخل: ثم لا تعلم أنه دخل الدار فتعلم الدار س، م، هـ
(15) بالعرض: ساقطة من ن
(16) شيئان: شتان د، س سيان ن ساقطة من سا
(17) وحل: فكل د
(18) ذلك: ذاك هـ
(19) هذا: زيدا د
(20) وليس: ليس ب، سا، ن
(21) الست: لست د
(22) أسألك: أسأله م، ن
(23) يسألك س، م، هـ عنه م
(24) لموضوع: لموضوع سا، م، ن
(25) واحدهما: واحد ن واحد بما هـ
(26) من: ساقطة من سا
(27) واحد: ساقطة من ن
(28) (*) العبارة فى نص أرسطو هى: هل الكلب أب لك؟ انظر 179ا، 34 وفى تفسير الإسكندر الافروديسى ما يأتى: هل الكلب أب؟ نعم أهو لك؟ نعم إذن هو أب لك. وهذا معنى ما يقوله ابن سينا: فيجمع ذلك معا، أى لك، وأب.
[المحقق](1/124)
الجواب ما أجاب به (1) بعضهم وأظن من جرى ذكره مرارا أن الشئ يعلم (2) ويجهل من وجهين، فإن هذا هو المشنع به. وكيف يكون وجهان للواحد من حيث هو واحد! فإنهم يشنعون بهذا بل يجب أن يقال: المعلوم ليس هو المجهول ألبتة، نعم إلا بالعرض. هذا جواب وحل (3) من جهة وفى بعض الأشياء، ولكن ليس مستمرا فى جميع المسائل التى من هذا الباب، ولا مقبولا عند المكر منهم.
وبالجملة من يخالف المشهور يلزمه (4) لا يكون القياس المؤلف من المشهور يلزمه، وإن لزمه كان قياسا مبتدئا لا حلا لشبهة (5). ومع هذا فإن هذا الحل هو (6) بإزاء الشبهة (7) التى هى النتيجة، وليس بإزاء القياس، ومن حيث السبب الجامع (8) لهذا المثال وغيره (9). وليس يمتنع أن يكون الخطأ فى مقدمة واحدة تؤخذ له وجوه تبين (10) به خطأه. ولكن (11) الحل من ذلك ما عارض السبب المشترك بينه (12)
وبين سبب (13) مّا يجرى مجراه. ولو أن إنسانا ألف قياسا (14) من مقدمات كاذبة، فأنتج كذبا (15)، فأوضح (16) خطأ النتيجة، كان ذلك بيانا للخطأ، ولكن مع إعراض عن السبب، مثل من (17) يعارض قياس زينون (18) حين (19) يقول إنه (20) لا حركة لأنه لو كانت حركة لكانت (21) تحتاج أن تقطع أنصافا (22) بلا نهاية فى زمان متناه، بأن
__________
(1) به: ساقطة من ن.
(2) يعلم: يعلمه د
(3) وحل: رجل د وكل هـ
(4) يلزمه: ساقطة من س، هـ
(5) لشبهة: لشبهته س، م للشبهة هـ
(6) هو: ساقطة من ب، سا، ن
(7) الشبهة: الشناعة س، هـ المشاغبة د
(8) الجامع: الخارج م
(9) وغيره: ساقطة من س
(10) تبين: يتبين س
(11) ولكن: لكن س، سا، م، ن، هـ
(12) بينه وبينه هـ
(13) سبب: ساقطة من س، سا، م، ن، هـ
(14) قياسا: قياسات س
(15) كذبا: كذا ب ساقطة من ن
(16) فأوضح: وأوضح سا
(17) من: ما س
(18) زينون: زينن روس ن، هـ زينون هامش هـ
(19) حين: حتى سا، م، ن، هـ
(20) إنه: إن سا، م
(21) لكانت: لكان س
(22) أنصافا: أنصاف س.(1/125)
يجاب ويقال: الزمان أيضا مساو (1) للمسافة (2) (3) فى الانقسام فإن هذا يبين (4) أن النتيجة غير شنعة (5). والحل الصواب هو أن يقال (6): المقدمة كاذبة، وأنه ليست هناك أنصاف بلا نهاية. وإذا تكلف إبانة خطأ النتيجة بعد ذكر من البيانات ولم يتعرض لخطأ القياس، لم يلزم شئ.
وكذلك حلهم لمغالطة قالها بعضهم: إن كل عدد كثرة لأن العدد كثرة مركبة (7) من آحاد، وكل عدد فإنه أقل من غيره، وكل أقل فهو قليل، فكل (8)
عدد قليل وكثير، فإنهم قالوا: أليس (9) يكون قليلا (10) وكثيرا من وجهين؟
وليس هذا بمحال (11)، فما عملوا غير (12) مقاومة النتيجة (13)، وسلموا القياس، ولم يحلوا التضليل وما كان يجب لهم أن يسلموا أن كل عدد كثير، وإن كان يقال له كثرة، فإن الاثنين ليس بكثير (14).
والمغالطة التى تورد ويقال: إن (15) كذا ابن لك، وهو أب أو عبد لك (16)، وهو ابن، فيجمع (17) أنه لك أب وابن، أو لك أب وعبد، من (18) هذا القبيل الذى بالعرض. قال المعلم الأول: حل بعض الناس هذا وأظنه (19) المذكور مرارا بأن قال (20): إن المغالطة (21) ههنا (22) باشتراك الاسم فى لك (23) وهذا غير نافع (24)
فى الحل، ولا مستمر (25)، فإنه وإن كان (26) لفظة لك تقال باشتراك الاسم
__________
(1) مساو: مساوق س فى سا، ن
(2) للمسافة: المسافة سا، ن ساقطة من م
(3) مساو للمسافة: مساوقا لمسافة هـ
(4) يبين: بين ب، م، ن
(5) شنعة: شنيعة س
(6) أن يقال: ساقطة من ن
(7) مركبة: مجتمعة ن
(8) فكل: وكل م، ن
(9) أليس: ليس سا
(10) وكثير قليلا: ساقطة من د
(11) بمحال: المحال م، ن
(12) غير: غيره هـ
(13) النتيجة: للنتيجة س، هـ
(14) بكثير: ساقطة من سا
(15) ويقال إن: يقال ابن د
(16) عبد لك: عبدك م
(17) فيجمع: فيجتمع س
(18) من: ومن ب، د، سا
(19) وأظنه: وأنه م
(20) قال: يقال د
(21) إن المغالطة: المغالطة أن د، س
(22) ههنا: ساقطة من م، ن
(23) لك: ذلك ن
(24) نافع: نافعة م، ن
(25) مستمر: مستمرة م، ن
(26) كان: كانت م.(1/126)
على معان تارة بمعنى الملك، وتارة كما يقال فى المغالطة المذكورة (1) فيها فى (2) الابن والأب، فإنه ليس بمعنى (3) الملك، بل تدل على نسبة الاختصاص والقرابة (4)
وهذه النسبة معناها واحد فيهما، وإن (5) كان (6) المنسوب إليه مختلفا، وإلا لكان قولنا: لك يقال على معان غير متناهية، وأنه وإن كان لفظة لك مشتركا فيها، فإنها عند ذكر العبد تدل على الملك فقط، وفى (7) ذكر الأب تدل على تخصيص نسبة أخرى. وليس يقع الغلط بسبب اشتراك فى مفهومه (8)، بل بسبب تأحيد (9) الأمرين اللذين لا يتأحدان إلا بالعرض. بل إنما المغالطة (10) فى هذا (11)
من طريق العرض، فإن الذى هو ابن لى (12) عرض له أن كان (13) أبا أو ابنا (14) أو عبدا لا من طريق ما هو لى أب (15)، ولا من طريق نسبتى، حتى يكون أبا لى أو ابنا (16).
وكذلك (17) أمثلة أخرى من باب العرض أخذها الرجل (18) المذكور من باب اشتراك الاسم.
وبالجملة فإن الأشياء المأخوذة من الكيف والكم والمضاف العارص لشئ واحد لا تتخذ إلا بالعرض، ولا يكون بعضها جزءا إلا (19) من طريق ما هو وكذلك (20) ما يكون من مقولة واحدة، لكن أجناسها (21) الثانية (22) متباينة (23). ومع ذلك فإن الإضافات إذا حفظت (24) قل (25) وقوع العرض فيما (26) بالعرض، وكذلك (27)
__________
(1) المذكورة: المذكور د، س، سا مرارا ن
(2) فى: ساقطة من م، ن
(3) بمعنى: لمعنى م
(4) والقرابة: أو القرابة س
(5) وإن: فإن د
(6) كان: كانت م
(7) وفى: فى د
(8) مفهومه: مفهومها م
(9) تأحيد: تأحد د، ن
(10) المغالطة: المغالط م
(11) فى هذا: فى ن فيها هـ
(12) ابن لى: ساقطة من س، ن، هـ
(13) كان: ساقطة من د، س
(14) أو ابنا: وابنا م
(15) أب ساقطة من د، س، سا
(16) أو ابنا: وابنا س
(17) وكذلك: ولذلك س، هـ
(18) الرجل: للرجل سا
(19) جزءا إلا: الآخر د، س، سا جزءا للأخر إلا ن من الآخر هـ
(20) وكذلك: فكذلك د، س، سا، م، ن، هـ
(21) أجناسها: أجناسه م، ن
(22) الثانية: الثابتة س، ن، هـ
(23) متباينة: متناهية د، س، ن
(24) حفظت: وقعت س، هـ
(25) قل: قبل د، س، ن، هـ بل سا
(26) فيما: فهما د
(27) وكذلك: ولذلك د
الشروط الأخرى (1) التى للنقيض على أن هذا باب برأسه. وقد ذكرت لهذه (2)
أمثلة، ونحن نذكر ما هو أولى بأن يلتبس منها من ذلك، ويوقف (3) أيضا أنها (4) مغالطات برأسها ليست من قبيل اشتراك الاسم، كما ظنه المذكور.(1/127)
الشروط الأخرى (1) التى للنقيض على أن هذا باب برأسه. وقد ذكرت لهذه (2)
أمثلة، ونحن نذكر ما هو أولى بأن يلتبس منها من ذلك، ويوقف (3) أيضا أنها (4) مغالطات برأسها ليست من قبيل اشتراك الاسم، كما ظنه المذكور.
ومن تلك الأمثلة مثل قولهم: إن بعض العلوم (5) علوم للأشرار، وكل (6) ما هو للأشرار فهو شر وردى (8)، لكن كل علم خير (7)، فبعض ما هو خير شر ردى وذلك لأنه وإن كان علم الأشرار قد استعمل فيه الإضافة الدالة على وجوه مختلفة فإن العلوم (9) ههنا ليست تدل على القنية فقط، ولا الغلط جاء من ذلك بل (10) من جهة أنها ليست للشرير (11) من جهة ما هو شرير (12). وذلك (13) مثل أن الإنسان إذا (14) قال: إن الإنسان للحيوان، لم تكن لفظة (15) اللام تدل على معان كثيرة بل على أنه نوعه، لأن التقييد أزال اشتراكه. على أن كون الخير للشر (16) قد (17)
يحتمل أن يكون على وجوه ليس ككون الإنسان للحيوان ولكن لم يقع الغلط ههنا من ذلك.
ولعل أكثر أصناف (18) هذه المغالطات لا تقع (19) باشتراك الاسم، فإنه إذا قال قائل: إن الذهب (20) خير، وهو فى دماغ فلان، فهو خير فيه، وإن كان لفظة فى مشتركة، فإنها فى هذا الموضع غير مشتركة (21)، ومع ذلك قد أنتج منه غلط.
__________
(1) الأخرى: ساقطة من س، سا، م.
(2) لهذه: لهذا د
(3) ويوقف: وأوقعت س
(4) أنها: ساقطة من س
(5) العلوم: المعلوم سا، م، هامش هـ
(6) وكل: فكل د
(7) خير: ساقطة من هـ
(8) شر وردى: شر ردى د، ب، س، سا، هـ
(9) فإن العلوم: فإنها ب، د، سا، م، ن فإن هـ
(10) بل: ساقطة من د، س
(11) للشرير: بل م
(12) شرير: شر هـ
(13) وذلك: ما ذلك هـ
(14) إذا: إذ م
(15) لفظة: لفظ س، ن، هـ
(16) للشر: للشر؟؟؟ ير د
(17) قد: وقد ن
(18) أكثر أصناف: أصناف أكثر م، ن
(19) تقع: إلا ن
(20) الذهب: والدرهم م
(21) فإنها مشتركة: ساقطة من سا.(1/128)
ولا يجب أن نتوهم أن صدق حمل الشئ على شئ ما من وجه، وصدق سلبه عنه من وجه آخر، يجعل لفظه لفظا (1) مشتركا فيه، فإن كل لفظ (2) فى الدنيا يدل بالشرط (3) على شئ، وبالإطلاق على شئ، وبشرط (4) ثان على ثالث، ووحده على شئ، ومع غيره على شئ آخر إنما المشترك فيه هو أن يكون بعينه (5) بحال واحدة تكثر دلالته، وإلا فإن قصيدة طويلة تدل على أمر ما، ونصفها (6) يدل (7) لا على ذلك الأمر بل على شئ آخر (8)، ولا تصير مع (9) ذلك مشتركة الدلالة. وبالجملة ليس الشئ على الإطلاق، ومع تقييد بشئ (10) من العوارض التى تعرض فى مقولات أخر، واحدا وبأمثال هذا ما غالطوا فقالوا:
هذا الشئ موجود (11)، وليس فرسا (12) هو موجود، فهو موجود غير موجود هو الفرس. وأيضا ما يقولون: هل يتكون (13) ويوجد ما ليس بموجود، فيكون هو الشئ (14) الذى ليس بموجود موجودا. وكذلك: هل الذى هو موجود يبطل كونه ووجوده، فيكون الموجود قد حصل لا موجود، فهو موجود ولا موجود. وهل (15) أن تحلف حسنا، لكنه على (16) الكذب ليس بحسن. وهل (17) أن تستحلف (18) حسنا لكنه على الجور ليس بحسن، ثم الحلف مما يستحسن، والاستحلاف مما يستعدل، فهو حسن غير حسن، هذا خلف وكذلك: الطاعة حسنة، وهى أيضا قبيحة وكل هذا (19) لترك (20) اعتبار (21)
__________
(1) لفظا: ساقطة من س، م
(2) لفظ: لفظة د، م، ن، هـ
(3) بالشرط: ساقطة من س
(4) وبشرط: وشرط س
(5) بعينه: نفسه س، ن
(6) ونصفها: فنصفها د، ب، سا، م، ن فبعضها هـ
(7) يدل: ساقطة من س، ن، هـ
(8) آخر: ومع س
(9) مع: من ب، س
(10) بشئ: شئ س، هـ
(11) موجود: موجودا ن
(12) فرسا: قريبا م
(13) يتكون: يكون س
(14) الشئ: ساقطة من س، سا
(15) وهل: ومثل د، س، ن
(16) على: هذا م
(17) وهل: ومثل س، ن
(18) تستحلف: يختلف د
(19) وكل هذا: وذلك س
(20) لترك: الترك سا، م، ن
(21) اعتبار: باعتبار م، ن.(1/129)
الوجوه والشروط (1)، وترك اعتبار الإطلاق والتقييد، فإذا أغنينا (2) عن ذلك لم يعرض لها تبكيت. وأنه فرق بين أن يكون وبين أن يكون شيئا، وبين الموجود وبين الموجود شيئا (3)، وبين الحسن بحال والحسن مطلقا، والقبيح بحال والقبيح (4) مطلقا، أى فى مثال الحلف والاستحلاف والطاعة. وليس ببعيد أن يختلف الإطلاق (5) والتقييد أو التقييدان (6) المختلفان فى الحكم. ومن هذه الأمثلة: أليست (7) الصحة واليسار خيرا؟ فإذا قيل: بلى، قال: لكنها (8)
ليست (9) خيرا للجاهل، فإذن هى خير ليس بخير. وكذلك: أليس (10) فى الذنب (11)
خير، وليس للطيرات
__________
20*
(12) (13) خير. ومثال يتلو هذا سمج، ويجب أن يفهم على هذه الصورة، مثل أن يقال: أليس ما لا (14) يؤثره الحكيم فهو شر؟ فنقول: بلى ثم نقول: أليس أحوال الخير خيرا (15)؟ فنقول: بلى فنقول: الحكيم لا يريد إطراح الخير وإبعاده (16)، وطرح الخير ونفيه حال للخير، وما هو حال للخير فهو خير، فالحكيم لا يريد خيرا، وما لا (17) يريده فهو شر، فبعض الخير شر. وحل جميع هذا واضح.
وأيضا مثال من باب الشر يشبه مثالا تقدم ذكره فى باب الخير، وهو أن اللص شرير، فيجب أن يكون ما يأخذه ويطلبه شرا، وهو يطلب الخير، وذلك (18) لأنه (19) ليس لأنه شرير يجب أن يكون جميع ما ينسب إليه شرا، بل قد
(1) والشروط: هو الشروط هـ
(2) فإذا: وإذا ن
(3) وبين الموجود شيئا: ومن لا وجود شيئا هـ
(4) والقبيح بحال والقبيح: والقبح بحال والقبح س
(5) الإطلاق: والاطلاق م
(6) أو التقييدان: والتقييدان م
(7) أليست: ليست هـ
(8) لكنها: ولكنها د
(9) ليست: ليس ب، د
(10) أليس: إبليس ن ما ليس هـ
(11) المذنب س، م
(12) وليس للطيرات: وأليس الطيران د، س
(13) للطيرات: للطيران فى جميع النسخ
(14) لا: ساقطة من م، ن
(15) خيرا: خير ب، س سا، م، هـ
(16) وإبعاده: والعاده ب
(17) وما لا: وماله م
(18) وذلك: وذاك م، ن هـ
(19) لأنه: ساقطة من د، س.
(20) (*) للطيرات: الطيرة هى الطبش والخفة، يقال إياك وطيرات الشباب [المنجد].(1/130)
يعرض أن يكون ما ينسب إليه (1) الشرير خيرا (2) (3)، كما أن المرض شر (4)، وليس كل ما ينسب إليه شرا (5)، فإن (6) الإقبال منه ليس بشر.
ومن المغالطات (7) فى (8) هذا الباب إذا تسلم أنه لما كان العادل آثر من الجائر (9)
وجب أن يكون ما هو على جهة العدل آثر من الذى على (10) جهة الجور، فيكون القتل على جهة العدل آثر من القتل من جهة الجور وليس كذلك، فإن المغالطة فى هذا أن لا تخفظ (11) أنه يكون ما (12) هو على جهة العدل آثر للعادل (13) أو المعدول (14) به، وكذلك ما هو على (15) جهة الجور آثر للجائر وللمجور (16) عليه.
ومثال آخر يجب أن يفهم هكذا (17): أنه هل للعادل (18) أن يأخذ كل شئ له من حيث كان؟ فإن قال: نعم، قال: فإن كان رهنا أخرجه (19) من يده، أو ملكا جعله سكنى لغيره وأيضا: هل يلزم القاضى إلا الاجتهاد، فالاجتهاد (20) صواب، والسنة صواب وإن خالف كان (21) صواب (22) يخالف صوابا، وعدل (23) يخالف عدلا، فيكون عدلا لا عدلا. وأيضا: هل (24) يجب أن يعاقب من يقول العادلات، أو من يقول الجائرات؟ فيقال (25): من يقول (26) الجائرات والعادل الذى يقول الجائرات التى جرت عليه (27)، يجب أن يعاقب (28).
__________
(1) إليه: ساقطة من سا
(2) الشرير خيرا: ليس بشر د الشر ن
(3) خيرا: ساقطة من سا، م
(4) شر: شرا هـ
(5) شرا: شر س
(6) فإن: بل م
(7) المغالطات: مغالطات س، هـ
(8) فى: ساقطة من س، سا، هـ
(9) الجائر: الجاهل هـ
(10) الذى على: الذى هو على س، هـ
(11) تحفظ: تحفظه د
(12) ما: مما ب
(13) للعادل: للغلط سا، م
(14) أو المعدول: والمعدول س، هـ
(15) ما هو على: ما على ب، د سا، م ن
(16) وللور؟؟؟: أو المجور د، س، سا، م
(17) هكذا: كذا م
(18) للعادل: العادل د، سا، م
(19) أخرجه: آخر س
(20) فالاجتهاد: والاجتهاد د
(21) كان: ساقطة من م
(22) صواب: صوابا س، هـ
(23) وعدل: وعدلا س، هـ
(24) هل: ساقطة من س
(25) فيقال: فيقول ن
(26) يقول: يقوم هـ
(27) عليه: ساقطة من د
(28) من يقول يعاقب: ساقطة من سا.(1/131)
وجميع هذه الأمثلة من اختلاف دلالة ما يقال على الإطلاق وعلى التقييد، مثل أن إصرار (1) كل ما يجرى على طريق العدل يؤثر (2) من غير أن يقال لمن.
وكذلك (3) أن (4) يقال: كل شئ لمالكه أن يأخذه (5)، ولا يبين بشرط أنه ما لم يؤجره يخرجه أو يرهنه (6) عن نفسه بحق (7) لغيره، ولا يبين أن الاجتهاد مرجوع إليه ما لم يخالف النص، وأن لا يبين قول الجائرات التى يحكيها أو قول الجائرات التى يجور بها على غيره. وليس الإخبار (8) عن الجور جورا، كما ليس الإخبار عن العدل عدلا، وعن النافعات نفعا. وفرق بين جور يحكى وبين جور يعمل على الإطلاق (9).
وأما ما يقع من جهة التبكيت فعليك أن تعتبر صورة القياس هل هى منتجة أو لا (10)، وتنظر فى الحدود هل الوسط واحد بعينه من كل (11) جهة، وهل كل طرف (12) هو فى القياس وفى النتيجة واحد بعينه فى كل جهة من شرائط النقيض وتجتهد فى التسليمات أن تراعى فى أول ما تسأل (13) هل تسلم شيئا مرتين بحالين (14)
مختلفين أو شيئا يشارك النتيجة بحال دون حال. ومما يبرأ (15) عنه أن يراعى فى المحمولات شروط النقيض، وإذا (16) قيل له مثلا: هل كذا ضعف (17) أو ليس بضعف، أجاب (18) مع استظهار فقال: ضعف كذا دون كذا. وكذلك يراعى
__________
(1) إصرار: اختيار س
(2) يؤثر: مؤثر س هو شر هـ
(3) وكذلك: ولذلك د، سا
(4) أن: ساقطة من د
(5) يأخذه: يجدد يجده سا
(6) بشرط أنه ما لم يؤجره يخرجه أو يرهنه: شرط أنه لم يخرجه ويعرفه د، ن شرط أنه لم يخرجه ويفرقه س شرط أنه ما لم يخرجه ويعرفه سا شرط أنه ما لم يخرجه ويقربه م شرط أنه ما لم يخرجه ويقرنه هـ[ويفرقه هامش هـ]
(7) بحق: نحو د لحق هـ
(8) الإخبار: للاخبار د
(9) الإطلاق: لا عدلا وعن النافعات إلى نفعا ب
(10) أو لا: أم لا ب، د، سا م، ن، هـ
(11) من كل: فى كل د، س، سا، م، هـ
(12) كل طرف: جهة وهل كل م
(13) تسأل، يسلب د
(14) بحالين بحالتين ن
(15) يبرأ يرى د يبدى س جرى سا يبرى م، هـ
(16) وإذا: فاذا س، هـ
(17) ضعف: ضعفا د
(18) أجاب: أجاز د، سا.(1/132)
الوقت والجهة فى كل شئ بحسبه، مثل استظهاره فى جواب من يسأل:
أليس من يعرف الأمر يعرف كما هو؟ وكذلك الذى يجهل (1) الأمر، ثم أنت تعرف زيدا ولا تعرف أنه موسيقار، فتعرفه ولا تعرفه وهذا لأنه يشرط (2)
أنه يعرفه من جهة واحدة وعلى الإطلاق أو من كل (3) جهة. وكذلك (4) إذا قال:
أليس (5) ما هو ثلاثة (6) أذرع أكثر (7) مما هو ذو (8) ذراعين لكن هذا ذو الذراعين (9)
أكثر عرضا، فهو أكثر وليس أكثر (10). فإذا (11) تحفظ المجيب وقال: هو أكثر طولا، لم يلزمه هذا التبكيت.
وأما المصادرة على المطلوب الأول، فإن (12) عرف المجيب أنه مصادرة لم يسلم ولم تلزم الشنعة، وإن كانت الشهرة توجب تسليما (13)، أنكر، ولم يحتشم (14) قائلا:
إنى (15) بعد أن (16) خالفت (17) الشهرة فى الوضع (18) الذى أنصره، فكذلك أخالفه (19) فيما هوهو (20)
أو على حكمه، فإن سها ولم يتنبه ودلس (21) عليه فسلم (22) المصادرة، فإن انتبه (23) تدارك وقال: هب أنى سلمت، فليس لك قياس، لأن هذا التسليم رجوع منى عن (24)
وضعى (25)، ومساعدة لك، وأما أنت فلم تعمل (26) شيئا ولم تفهم (27) تبكيتا (28) وكيف (29)
يكون وأنت استعملت نفس (30) نقيض وضعى (31) فى إبانته، والمقدمة عين (32) النتيجة.
__________
(1) يجهل: يحمل س
(2) يشرط: لمن شرط د لم يشترط س، سا، م، هـ
(3) كل: ساقطة من س
(4) وكذلك: فكذلك د
(5) أليس: ليس د
(6) ثلاثة: ثلاث د
(7) أكثر: أكبر د
(8) ذو: ساقطة من ب
(9) ذو الذراعين: الذو ذراعين س، هـ
(10) أكثر وليس أكثر: أكبر وليس أكبر د أكثر وليس أكثرها ن
(11) فإذا: فإذن م
(12) فإن: بأن س، سا، م
(13) تسليما: تسليمها س، م، هـ
(14) يحتشم: يحشم د، س، ن، هـ
(15) إنى: أى سا، م، ن، هـ
(16) أن: ما ب، د، ن
(17) خالفت: خالف م، ن
(18) الوضع الموضع د
(19) أخالفه: خالفه سا
(20) هو هو: هو هو هو سا، م، ن
(21) ودلس: ورد هـ
(22) فسلم: تسليم هـ
(23) انتبه: قال د، سا، م، ن، هـ
(24) عن: من س، هـ غير سا
(25) وضعى: وضع د
(26) تعمل: تفعل س، هـ
(27) تفهم: تقم س، سا، هـ
(28) تبكيتا: ساقطة من ن
(29) وكيف: فكيف د
(30) نفس: ساقطة من س
(31) وضعى: وضع د، ن، هـ
(32) عين: غير د، س، سا، م، هـ.(1/133)
وأما وضع ما ليس بعلة علة فلتراع أنه (1) هل يلزم ما يلزم (2) مع دفع (3) ما تسلمه، فإن كان قيل إنه سواء سلم ذلك أو لم يكن، فالشنع (4) لازم، وليس يفيده (5).
وأما اعتبارات اللازم المحمول واللازم (6) التالى فيجب أن لا تغلط (7) فتجعل (8)
الملزوم لازما، واللازم ملزوما، فحينئذ لا يمكن أن يقع لنا غلط حين (9) لا نتوهم الانعكاس. وهذا الباب على صنفين (10): إما على سبيل الاستقامة، وإما على سبيل عكس النقيض ومقابلة الوضع فإنه تارة إذا قيل: كل حريف حار، ظن أنه يصح معه أن كل حار حريف، وقع منه التضليل وتارة إذا قيل: كل متكون له مبدأ، يظن (11) أن ما ليس بمتكون ليس له مبدأ، ويعرض ما عرض لما ليسوس (12) حين (13) حكم (14) من هذا أن جرم العالم غير متكون، فهو غير متناه. وذلك الغلط، بل اللزوم (15) كما (16) علمت بالعكس.
وأما السؤالات إذا جمعت فينبغى أن نتأمل المحمول والموضوع، أو المقدم (17)
والتالى، هل (18) هو واحد على جهة فى المعنى أو كثير، وأن نفصل ولا نجيب إلا عن واحد واحد. وأقل (19) ما يقع هذا الغلط إذا كان الجواب بالإيجاب أو السلب صادقا فى الجميع، كما فى اللفظ المشترك المتفق المعانى فى الحكم.
وأعظم ما يقع فيه الغلط إذا كان مختلفا فلنحذر مثل هذا (20).
__________
(1) أنه: له بخ
(2) ما يلزم: ساقطة من د
(3) دفع رفع س، هـ
(4) فالشنع: فالشنيع هـ
(5) يفيده: من فعله ب، د، سا، م، ن، هـ يقبله هامش هـ
(6) واللازم: أو اللازم سا
(7) تغلط: تغالط ن، هـ
(8) فتجعل: فتقبل س، سا، م، هـ
(9) حين: حتى س
(10) صنفين: صفتين ن
(11) يظن: ظن د، س
(12) لما ليسوس: لما ليوس ب، د، سا، م، ن، هـ
(13) حين: خبر س
(14) حكم: ساقطة من س
(15) اللزوم اللواز م
(16) كما: كلما د
(17) أو المقدم: والمقدم سا
(18) هل: ساقطة من ن
(19) وأقل: وقل ب وأول س
(20) هذا: ساقطة من د.(1/134)
ومما يغلط من هذا القبيل أن يكون الجواب فى (1) المسألتين المجموعتين بالمتقابلين (2)
مثلا أن يكون أحدهما خيّرا والآخر (3) شريرا، فيقال هذان خير أو شر ويقال أيضا من وجه (4) آخر إن مجموع هذين لا خير ولا شر (5)، لأن الكل ليس هو ولا واحد منهما، وكل (6) واحد هو هو وليس الآخر، فيقال (7) للمجموع هو كل واحد وليس هو هو (8)، وليس الخير والشر إلا هما ولهما (9)، وهو أيضا لهما، وليس هو هما، فهو هما، وليس هما. وأيضا: ليس (10) ما هو خيّر يكون شريرا (11)، والشرير (12)
يكون خيرا، فيكونان قد صارا شيئا واحدا، كل واحد (13) منهما خير وشر، لأن الخير صار شرا، والشر صار خيرا. فهذه (14) وإن تعلقت بجمع (15) السؤالات، فلها أيضا ضروب أخرى من التضليل من (16) باب اشتراك الاسم وغيره.
وليس لقائل أن يقول: إذا قلنا (17): كل أو كلاهما فهو تأحيد لا تكثير (18)
فإن الكل وكلاهما (19) يصلح للتكثير (20)، وإذا (21) حمل شئ فى مثل ما نحن فيه على كلاهما (22) فقد حمل على اثنين فى المعنى، وإن كان واحدا فى اللفظ، اللهم إلا أن يكون الموضوع واحدا. ويدخل الكل للسور (23)، وذلك غير ما نحن فيه. فهذا ما نقوله فى المغالطات التى فى نفس (24) القياس بحسب اللفظ والمعنى. وأما الخارجة (25) فنذكر أحوالها أيضا.
__________
(1) فى: ساقطة من سا
(2) بالمتقابلين: بالمتقابلين م المتقابلتين ن
(3) والآخر: والشر س
(4) وجه: جهة س، م
(5) ولا شر: وليس هو هما وليس م
(6) وكل: فكل د
(7) فيقال: ففال؟؟؟ د
(8) وليس هو هو: وليس هو هـ
(9) هما ولهما: هو أو لهما نج
(10) وأيضا ليس: وليس س
(11) شريرا: شرير س
(12) شريرا والشرير: شرا والشر د، ن
(13) واحد: ساقطة من س، ن
(14) فهذه: وهذه ب
(15) بجمع: بجميع ب، س، سا، م، هـ
(16) التضليل من: التضليل فى س
(17) إذا قلنا: ساقطة من س
(18) لا تكثير: أو تكثير سا
(19) وكلاهما: وكليهما هـ
(20) للتكثير: للكثير م
(21) وإذا: فإذا ب
(22) كلاهما: كليهما س، م، ن، هـ
(23) للسور: سورا ن
(24) فى نفس: من نفس م
(25) الخارجة: الخارجية د.(1/135)
وأما الأقاويل (1) الملجئة إلى التكرير إما فى المضاف فنحن نبين أن الشئ المضاف لا بد من تعريفه بالمضاف الآخر من حيث يكون المضاف الآخر ذاتا ثم ليس المضاف ذاتا تتكرر على المضاف، اللهم إلا أن نسأل على وجه (2) يعرض ما قلناه فى موضعه من أن الملجئ إليه فحش السؤال. والسؤال الفاحش هو الذى يسأل عما لا فائدة فيه، فيكون جوابه (3) لا فائدة فيه. ثم ليس كلما تكرر شئ عرض منه هذيان، فإنك إذا حددت العشرة الحد الحقيقى احتجت أن تقول إنه عدد مؤلف من واحد وواحد (4) وواحد، وكذلك حتى تكرر إلى المبلغ الواجب من غير استحالة ولا هذيان وذلك لأن (5) ما هو مكرر فبيانه (6) مكرر (7) وكذلك أجزاء الموجبة تكون موجودة فى السالبة، وأن يفعل فى أن لا يفعل. فإذا (8) قيلت (9)
المنفصلة من إيجاب وسلب لم نقل قد كرر فيه الشئ لأنه كرر (10) على نحو يجب، فلا يكون موضع شنعة. ولو أن إنسانا تكلف أن يعرف الضعف خلوا من تعريفه بغيره الذى قد يتعرف (11) بنوع ما به، ويكون (12) له تكرار ما، لما عرف الضعف، بل ربما (13) عرف موضوع الضعف كالاثنينية (14)، ويكون عرف شيئا لازما له الضعفية (15)، وليس (16) ذلك الشئ فى جوهره من المضاف، ويكون مثل العلم الذى هو هيئة مّا للنفس وصورة من باب الكيفية (17) تلزمها إضافة ولذلك (18)
ما كان لها أن تتخصص ولا تنخصص فى مقابلة (19) شئ مثل الطب فإنه يتخصص
__________
(1) الأقاويل: الأقوال س
(2) وجه: وجهة م
(3) جوابه: ما م، ن
(4) وواحد: ساقطة من د، م
(5) لأن: ساقطة من م
(6) فبيانه: فشأنه س
(7) فبيانه مكرر: ساقطة من م
(8) فإذا: وإذا د
(9) قيلت: قلت س، ن قيلت سا
(10) كرر: مكرر م
(11) يتعرف: يتعرض د، س، ن
(12) ويكون: يكون د
(13) ربما: ساقطة من ن
(14) كالاثنينية: الاثنية هامش هـ
(15) الضعفية: الضعيفة م
(16) وليس: فليس د
(17) الكيفية: الكيف ن
(18) ولذلك: وكذلك د، م، ن
(19) مقابلة: مقابلها س، سا، م، ن، هـ فى مقابلها س.(1/136)
من بحث العلم ولا يكون كونه مبتدئا إلا للمعنى الذى يكون به جنسه، وهو العلم مضافا لأن تلك الإضافة عارض لازم كثير. وقد بينا هذا فى قاطيغورياس.
وأما الباب الآخر مما يشنع بوقوع التكرير فيه من جهة (1) الأعراض الذاتية التى يؤخذ فى حدها (2) الموضوع، ويعلم بتوسط ما يحمل عليه فإن التكرير (3) يقع فيه أيضا بسبب فحش السؤال، فيحتاج إلى أن يقال، فإن الأنف الأنطس هو أنف (4) فيه التقعير الذى يكون فى الأنوف وليس هذا كاذبا بل مكررا لأنك أخذت السؤال مكررا وجواب المكرر يكون مكررا. فلو (5) قلت أفطس وحده، كان يكون أنفا (6) فيه تقعير. فكما أنك إذا استوضحت معنى قولك أنف أنف، كان (7) الجواب عن تحديده مكررا، كذلك إذا قلت: أنف (8) أفطس.
ومع هذا فليس شنعا ولا كذبا أن يكون أنف فيه تقعير يكون فى الأنوف بل (9) الشنع (10) والكذب هو أن يكون أنف فيه تقعير (11) يكون فى الساق حتى يكون أفحج (12). وإذا قلنا: أنف فيه تقعير، لم نحتج إلى أن نقول فيه تقعير أنفى.
وأما ما يعرض من العجمة فينبغى أن لا تجيب حتى يحاولوا هم (13) الكشف، فليس عليك أن تجيب عما لا تعلم، من أى الوجوه كانت العجمة: من الإعراب أو التذكير، أو التأنيث، أو غير ذلك. وهذه المواضع المغلطة (14) تكون فى بعض الأوقات (15) أظهر، وفى بعضها أخفى. وربما اتفق أن يجتمع فى شئ (16) عدة وجوه
__________
(1) جهة: جملة س، هـ
(2) يؤخذ فى حدها: وجد فى أحدها س، سا، م، ن، هـ
(3) التكرير: المكرر ب، س
(4) هو أنف: هو هو أنف س، هـ
(5) فلو: ولو ب، د، ن، هـ
(6) أنفا: أنف د، م، ن
(7) كان: وكان م
(8) أنف: أنفا د
(9) بل: مثل س
(10) الشنع: التشنع م
(11) تقعير: التقعير الذى ن
(12) أفحج: الأفحج ب
(13) هم: منهم م
(14) المغلطة: قد ن، هـ
(15) الأوقات: المغلطة م، ن تكون فى بعض الأوقات م
(16) شئ: واحد ن، هـ.(1/137)
من هذه فترداد التباسا وتستدعى وجوها مختلفة من الحل. وقد يكون فى باب واحد ما هو أصعب (1) وأسهل مثل ما يكون فى الواقعة فى اتفاق الاسم، مثل النحو الذى تختلف فيه أحكام المحمول فى موضوعات مشتركة الاسم.
والأقاويل المضحكة التى قد تستعمل فى جنس المغالطة والشعر (2)، فأكثرها (3)
من قبل اللفظ، مثل ما يقال (4) فى العربية (5): يا نبيل يا حر ويعنى به شئ آخر ومركبات، ونغمات (6)، وتصحيفات مضحكة (7) تذهبن على أولى الدربة، فضلا (8) عن الأغتام (9)، ولو (10) كان التضليل من اللفظ وليس إنما تقع الضلالة بهذه الوجوه للأغتام (11)، بل كثيرا ما يضل بسبيها المجربون (12). والقول الحاد التأثير السريع العمل جدا هو الذى لا يفطن معه بسرعة هل (13) الغلط فى التأليف، أو فى (14) أنه لا ينبغى أن تسلم (15) مقدمة، أو هو كذب صرفا (16)، أو يجب أن يسلم بعد التفصيل، فإن مفهومها (17) متضاعف، وأقواه (18) ما بكت (19) بما هو أشد شهرة من النتيجة ما كان من المجادلين (20) يسأل عن طرفى سؤال أحدهما مشهور والآخر شنع حتى يدرى أيهما ينفع تسليمه فى مطلوب السائل، بل يكون من (21) أمور مظنونة كلا (22) الطرفين فيها (23)
__________
(1) أصعب: أضعف س، سا، ن
(2) والشعر: والشعرية ن ساقطة من سا
(3) فأكثرها: وأكثرها ب، سا
(4) يقال: أيضا د، سا، م، ن، هـ
(5) العربية: العرفية هـ
(6) ونغمات: ومعميات هـ
(7) مضحكة: مثل م
(8) فضلا: عضلا د
(9) الأغتام: الأغرار س، م، هـ الأعراب سا
(10) ولو: وهو ن
(11) للأغتام: للأغرار س للأعراب سا، ن
(12) المجربون: مثل القائلين من مناقضى زينون ومنديا من أن الواحد والموجود يدلان على معنى واحد، وعندهما أن أشباههما لا يدلان على معنى واحد وأكثر ما يغلط ن
(13) هل: أهل ب، ما
(14) أوفى: وفى ن
(15) أن تسلم: أن لا تسلم سا
(16) صرفا: صرف د، سا، م، ن
(17) مفهومها: مفهوما ن مفهومنا هـ
(18) وأقواه: وأقواما د
(19) بكت: يكسب س
(20) المجادلين: الحاد ليس د، س، سا، هـ ايجاد ليس م
(21) يكون من: يكون فى هـ
(22) مظنونة كلا: مطلوبة كلى س مطلوبة كلا م، ن مظنونة كلى هـ
(23) فيها: فهما د فمنها س، سا، م، هـ منهما ن.(1/138)
سواء فى الظن، ليس أحدهما أشهر. وفى مئل هذا إن استعمل (1) الحاد (2) المعاجل من السؤال عرضت الحيرة، لاستبهام (3) الذى ينفع، وإشكال الأمر فى الكاذب والصادق، وصحة القسمة (4) السؤالية وفسادها، وقصر مدة النظر والتأمل.
وكذلك إذا كان السؤالان سئلا ولم يعتن (5) المسوق (6) إليه الكلام بهما من طرفى النقيض حتى تكون مطالعة (7) المطلوب تهدى سبيل المقاومة. وكذلك يشكل هذا التأليف على مستقيم أو على خلف. وكذلك القياسات المضللة (8) المتقابلة (9) التى تحتاج إلى ترجيح، ويصعب ويعلم أنها متقابلة يدفع (10) بعضها موجب (11) البعض، ولا (12) يهتدى إلى السبب الذى من قبله تعرض، وأخذ (13) الحاد أن ما يخفى (14) وجه الغلط فيه هل هو من التأليف، أو من المقدمات، وهل (15) فيها كذب أو حاجة إلى تفصيل الاسم المشترك. وبعد ذلك ما نعلم مثلا أن (16) المغالطة ليست (17) فى التأليف، ولكن يشكل هل (18) هى بسبب كذب أو حاجة إلى تفصيل، ثم لا نعلم أن ذلك فى أى مقدمة. ويكون الركيك (19) من هذه القياسات ما ليس فيه شهرة (20)، أو (21) استعمل فيه فى (22) جملة ما يسلم شئ لم يتسلم.
__________
(1) استعمل: يستعمل ن
(2) الحاد: حاد هـ
(3) لاستيهام: لاستفهام د
(4) القسمة: القسم د، س
(5) يعتن: يعين سا، م يغير ن يعنى هـ
(6) المسوق: الشوق سا المشوق م
(7) مطالعة: مغالطة س، ن
(8) المضللة: المضلة س، سا المتصلة م
(9) المتقابلة: مقابلة د ساقطة من م، ن، هـ
(10) يدفع: يرفع س، سا، م، ن، هـ
(11) موجب: يوجب د
(12) ولا: فلا د
(13) وأخذ: فيأخذ س، هـ فأخذ سا، م
(14) يخفى: يخفا ب يبقى [ينفى] س، سا، م، هـ
(15) وهل: فهل ب
(16) أن: أى د إلى سا
(17) ليست: ليس سا، ن، هـ
(18) هل: ساقطة من ن
(19) الركيك: الدليل ن
(20) شهرة: شهوة د
(21) أو: إذا هـ
(22) فى: من س، هـ ساقطة من م.(1/139)
ولا يجب أن نجعل سوء ترتيب المقدمات (1) سببا للاستهانة (2) إذا كانت صحيحة صحيحة أحوال الحدود وأخذ بسرعة إلى الصحة، بل يجب أن يستعان بها (3)
كان القول غير موهم شهرة المقدمات، ولا إنتاج التأليف، إذ (4) يكون السائل ضعيفا غير محنك (5).
ويجب أن تتلطف فى النقض (6)، فتارة تقصد به القول، وتارة القائل، بأن ترى أنه لم يسأل جيدا فإن السؤال قد يراد به (7) تارة المجيب نفسه، وتارة قد يراد به الأمران (8).
__________
(1) المقدمات: المقدمة س
(2) للاستهانة: للاجابة س لاستهانة ن
(3) بها: بما س، هـ
(4) إذ: أو س، هـ
(5) محنك: مجيبك د محتنك سا، م، ن، هـ محتشد س
(6) النقض: النقيض ن، هـ
(7) قد يراد به: ساقطة من س
(8) الأمران: الأقران د الزمان س.(1/140)
[الفصل السادس] (و) فصل فى خاتمة الكلام فى السوفسطائية وعذر المعلم الأول عن تقصير لو وقع (1)
قد بينا وجوه المغالطات وحلها، ووجه (2) السؤال بها (3)، وأخذ مقاومتها، والواجب أن نعود إلى إجمال القول فى غرضنا:
قال المعلم الأول: إنا لما حاولنا (4) أن تكون لنا قوانين (5) نقتدر (6) بها على إيراد القياسات من (7) المشهورات لغرض جدلى أو امتحانى، وكان السوفسطائى (8)
يشاكل هذين أى (9) الجدلى والامتحانى أما الجدلى فلأن موضوعاته مشتركة، ولأن السوفسطائى قد يتشبه بالجدلى، ويسمى بحسب ذلك مرائيا وأما الامتحانى، فمن حيث المغالطة، ومن حيث يشارك الجدلى أيضا أردفناه بالنظر فى هذه الصناعة. ولم نتشعب ولم نقتصر على ما للسائل فى ذلك، بل وما (10) للمجيب فى حفظه (11) الوضع بالمشتركات، وعلى ما يجب أن يراعيه فى الأمور المشهورة، وما للمتشبه (12) بالمجيب حفظا منه لأوضاع (13) سوفسطائية. والحفظ بالجملة أصعب من السؤال، إذ (14) السؤال كالهدم، والحفظ كالبناء. وينبغى للحافظ
__________
(1) العنوان موجود فى نسخة هـ فقط
(2) ووجه: ووجوه س
(3) بها: بهما د ساقطة من س
(4) حاولنا: وحاولنا س
(5) قوانين: قوة د، س، سا، ن، هـ
(6) نقتدر: نقدر س
(7) من: ساقطة من م
(8) السوفسطائى: قد يتشبه د
(9) أى: إلى ب، د، سا، م
(10) وما: ولما ب، د
(11) حفظه: حفظ ب
(12) للمتشبه: المتشبه ب
(13) لأوضاع: ولأوضاع ن، هـ
(14) إذ: إذا د.(1/141)
أن يحتفظ (1) بالمشهورات (2) لا غير. وأما السائل فيعمل (3) من (4) كل ما يتسلمه (5) وكذلك (6)
كان سقراط لا يجيب، إذ (7) كان يعترف (8) أنه لا يحسن ذلك، بل كان يقوم مقام السائل.
والذى فى التعليم الأول (9) بعد هذا لا يجب أن يفهم من أنه (10) يتكلم فى القياس العام، بل هذا فى (11) القياس السوفسطائى، وإن كان كذلك (12) قال: وقد كان لنا فى الصنائع البرهانية والجدلية المذكورة أصول مأخوذة ممن سبقنا ليس يعنى من حيث هى مجردة عن المواد، بل من حيث استعملت (13) فى مواد، فكان (14)
هناك جزئيات استعملت فى البراهين مثلا فى الهندسة وجزئيات استعملت فى السؤال (15) والجواب فى الجدل (16) والخطابة، أمكن أن ينتزع منها قوانين كلية.
وهذه الجزئيات كانت فى ابتداء تفطن الناس للجدل والخطابة قليلة جدا، ثم انشعبت (17) وكثرت على حسب نبوغ النابغين (18) أخيرا، والبناء عليها، وتبديلها (19)، وإصلاحها، وصارت لهم ملكة وإن (20) لم تكن عن قوانين فسألوا وحلوا وخلفوا (21) من الجزئيات ما فيه كفاية وربما دلوا على أمور ما من الكليات، وإن قلّت. وقد ذكر (22) أقواما (23) توالوا فى تربية الخطابة بعد القدماء مثل طيطياس (24)، وبعده ثراسوماخوس (25) الذى يجادل سقراط فى أمر العدل، ثم ثادروس
__________
27*
(26).
(1) يحتفظ: يحفظ ن
(2) بالمشهورات: المشهورات س، هـ
(3) فيعمل: فيعلم د
(4) من: فى س، هـ
(5) يتسلمه: يتسلم ب، س
(6) وكذلك: ولذلك سا، م، ن، هـ
(7) إذ: إذا د
(8) يعترف: يعرف د يتعرف هـ
(9) الأول: ساقطة من ن
(10) أنه: أن م
(11) هذا فى: فى هذا س، هـ
(12) كذلك: لذلك س، هـ
(13) استعملت: استعملنا ن
(14) فكان: وكان سا، ن
(15) فى السؤال: فى مواد السؤال ن، هـ
(16) فى الجدل: والجدل ن، هـ
(17) انشعبت: اتسعت د، س، سا، م، ن، هـ
(18) نبوغ النابغين: تنوع التابعين د، س، م، ن
(19) وتبديلها: وتبدلها م
(20) وإن: فإن ب، د
(21) وخلفوا: وحلوا م ساقطة من ن.
(22) ذكر: ذكروا م، هـ
(23) أقواما: أقوام د
(24) طيطياس: طيطاس س، سا، م،؟؟؟
(25) ثراسوماخس: براسوماخس ب براخوماخس س
(26) ثادروس: مادروس سا.
(27) (*) انظر أرسطو 183ب، 3331وقوله: ذكر أقواما يريد أرسطو فى كتاب السفسطة.(1/142)
وأما مقاومة السوفسطائيين فلم يوف (1) السالفون منها شيئا يعتد به لقلة الحاجة إليه، بل لم يكن عندهم منها شئ لا فى الأصول ولا فى الجزئيات نرثها (2) إياهم أصلا (3)، [و] مع ذلك فإن الحاجة قلت إلى صناعة السوفسطائية، فلم يتم عقودها فضلا عن حلولها، بل تكلموا فى أمثلة قليلة (4) جزئية، وأشياء (5)
تناسب الخطابة لكنا بسطنا القول قليلا، ونظرنا فى وجوه الأغاليط، وجمعناها، وجردناها من المواد صناعة كلية. وإنما مست الحاجة إلى مثل الخطابة بسبب إيثار ما يؤثر، واجتناب ما يجتنب (6). وكان (7) الأولون إنما وقعوا أولا من الخطابة إلى هذا الجنس، ثم استنبطوا (8) وكانوا يستعجلون فيعلمون ويتعلمون قبل أن يجردوا الصناعة، فيكون من يعلم منهم يتعلّم منه (9) على سبيل ما يتعلم من المعلم (10) المجرب لا على سبيل الصانع (11) القياس، فما كانوا يفيدون (12) صناعة ولا أمرا كليا، إلا ما لا يعتد (13) به، بل يبلغ (14) فائدة. وكان مثلهم (15) مثل من يقول:
إنى أعلمكم حيلة فى وقاية أقدامكم ألم (16) الوطء والحفا، وهو أن نقطع من الجلود ما تلبسون من غير تفصيل وبيان، بل على سبيل عرض (17) خفاف معمولة عليه فإنّ هذا بعد لا يكون صناعة ما لم يعلم أى الجلود تصلح، وكيف تقطع،
__________
(1) يوف: يعوف د
(2) نرثها: يريد بها ن، هـ
(3) أصلا: ساقطة من س
(4) قليلة: ساقطة من س
(5) وأشياء: وإنشاء د
(6) يجتنب: يتجنب س، سا
(7) وكان: فكان ب، سا
(8) استنبطوا: انبسطوا د، ب، س، سا، هـ
(9) منه: ساقطة من س
(10) المعلم: العلم د
(11) الصانع: الصنائع د
(12) يفيدون: يقتدرون م، ن
(13) ما لا يعتد: ما يعتد سا، م، ن، هـ
(14) يبلغ: مبلغ ب، س
(15) مثلهم: ساقطة من س
(16) ألم: ساقطة من ن
(17) عرض: غرض ن.(1/143)
وكيف تخرز، وما لم تميز الخفاف والشمشكات
__________
21*
(1) بفصولها (2). بل الذى يفيد مثل هذا العلم، فإنما يفيد أمرا مستبهما (3) وكل ما (4) حسبنا (5) تجمع الخفاف من غير تفصيل. ومع ذلك فإنه لا يخلو بما يعمله (6) عن هداية (7)، ولكنه لا يكون قد أفاد الصناعة. وأكثرهم جدوى من أفاد شيئا صناعيا اتخذه، فصناعته (8) كمن أفاد خفا معمولا، ولم يفد بذلك صناعة، إذ (9) لم يفد كيف يعمل الخف. قال (10):
فلهذا لم نستفد ممن (11) سلف (12) صناعته (13)، بل ورثناهم أمورا خطبية معمولة (14) وجدلية وبرهانية.
قال (15): وأما صورة القياس وصورة قياس قياس، فأمر قد كددنا فى طلبه مدة من العمر حتى استنبطناه فإن عرض فى هذا الفن الواحد تقصير فلنعذر من يشعر به عند التصفح ولنقبل المنة بما (16) أفدناه من الصواب ولنعلم أنّ إفادة المبدإ واستخراج قاعدة الصناعة أجلّ موقعا وأسمى (17) مرتبة من البناء عليها خصوصا إذا كان المستنبط مع أنه مختزع مبتدئ (18) محيطا (19) بكمال الصناعة وقوانينها، لا يذر (20) منها إلا ما يعتد به. فهذا ما يقوله المعلم الأول.
(1) والشمشكات: والسمسكان د
(2) بفصولها: وبفصولها هـ
(3) مستبهما: مشتبها م
(4) وكل ما: وكما س
(5) حسبنا: خشينا ب، هـ ساقطة من م، ن
(6) يعمله: يعلمه د، ن، هـ
(7) هداية: ما س
(8) فصناعته: بصناعته س، م، ن، هـ
(9) إذ: إذا د، س
(10) قال: ساقطة من س
(11) ممن: من م
(12) سلف: ساقطة من سا
(13) صناعته: صناعة د، س
(14) معمولة: معلومة د
(15) قال: ساقطة من س
(16) بما: بمبلغ ما س، سا، ن
(17) وأسمى: وأسنى م، ن، هـ
(18) مبتدئ: مبتدئا س
(19) محيطا: محيط ب، د، ن
(20) لا يذر: ولا يذر س.
(21) (*) الشمشكات: لفظة فارسية، كذا بجميع المخطوطات. وأصلها من شم؟؟؟ وهو فعل يلبس فى السفر، ويصنع عادة من الجلد غير المدبوغ، ويثبت بأربطة فى القدم (عن قاموس ستينجاس) وتجمع شم على شمكات، ولعل النساخ وضعوا مدة بعد حرف الميم فأصبحت تقرأ شمشكات، أو شمسكات. والأصح هو شمكات. [المحقق].(1/144)
وأما أنا فأقول (1) لمعشر (2) المتعلمين والمتأملين للعلوم: تأملوا ما قاله هذا العظيم ثم اعتبروا أنه (3) هل ورد من بعده (4) إلى هذه الغاية والمدة قريبة من ألف وثلثمائة وثلاثين سنة من أخذ عليه أنه قصر، وصدق فيما اعترف به من التقصير، فإنه قصر فى كذا وهل (5) نبغ من بعده (6) من زاد عليه فى هذا الفن زيادة؟ كلا بل ما (7) عمله هو التام الكامل والقسمة تقف عليه، وتمنع (8) تعديه إلى غيره. ونحن مع غموض نظرنا كان أيام انصبابنا على العلم (9)، وانقطاعنا بالكلية إليه، واستعمالنا ذهننا، أذكى وأفرغ لما هو أوجب (10) قد اعتبرنا (11)، واستقرينا، وتصفحنا فلم نجد للسوفسطائية مذهبا خارجا عما أورده. فإن كان شئ فتفاصيل (12) لبعض الجمل التى أخذناها منه ما نحن نرجو أن نستكثر من الدلالة عليه فى اللواحق حين ما (13) نرجو أن نكون أفرغ لما هو أوجب.
والذى عمله معلمه، وسماه كتاب سوفسطيقا حاد فيه عن الواجب، وقصر عن الكفاية. أما الحيد (14) فخلطه المنطق بالطبيعى والإلهى، وهذا (15) لضعف تميز (16)
كان فيهم (17) قبل نبوغ هذا العظيم وأما التقصير فإنه لم يفهم (18) وجها للمغالطة (19)
إلا الاسم المشترك. وبالحرى أن (20) نصدق ونقول: إنه إن كان ذلك الإنسان مبلغه (21) من العلم ما انتهى (22) إلينا منه، فقد كانت بضاعته مزجاة، ولم تنضج
__________
(1) فأقول: أقول سا
(2) لمعشر: يا معشر د
(3) أنه: ساقطة من سا
(4) بعده: بعد هـ هذا ن، هـ
(5) وهل: ساقطة من د
(6) من بعده: بعده د، س
(7) ما: ساقطة من ن
(8) وتمنع: وتحصر د وتحظر س، سا، م، ن، هـ
(9) على العلم: ساقطة من سا
(10) أوجب: واجب ن
(11) قد اعتبرنا: واعتبرنا س
(12) فتفاصيل: فتفصيل س، هـ
(13) ما: أما هـ
(14) الحيد: الجيد د الحيل س
(15) وهذا: فهذا ب، د
(16) تميز: تمييز ب
(17) فيهم: منهم د، ن، هـ
(18) يفهم: ساقطة من د، ن، هـ
(19) للمغالطة: من المغالطة سا
(20) أن: ساقطة من س
(21) مبلغه: ما أبلغه س
(22) انتهى: انتهينا د، س(1/145)
الحكمة فى أوانه نضجا يجنى. ومن يتكلف له العصبية، وليس (1) فى يديه من علمه إلا ما هو منقول إلينا، فذلك إما عن (2) حسد لهذا الرجل، وإما لعامية فيه ترى أن الأقدم زمانا أقدم فى الصناعة رتبة والحق (3) بالعكس.
ونسأل الله الهداية والتوفيق (4) (5).
[تم كتاب السفسطة]
__________
(1) وليس: له س
(2) عن: على س
(3) والحق: والأمر ن والحق والأمر م، هـ
(4) ونسأل الله الهداية والتوفيق: ساقطة من د
(5) نذكر على التوالى خاتمة كل نسخة:
ونسأل الله الهداية والتوفيق وهو الهادى والموفق للصواب تم الفن السابع من الجملة الأولى من المنطق ولواهب العقل الحمد بلا نهاية ب تم كتاب السفسطة من كتاب الشفاء د ونسأل الله الهداية والتوفيق س ونسأل الله الهداية والتوفيق وهو الهادى والموفق للصواب تم الفن السابع من الجملة الأولى من المنطق سا ونسأل الله الهداية والتوفيق فهو الهادى والموفق للصواب تم الفن السابع من الجملة الأولى م ونسأل الله الهداية والتوفيق فهو الهادى والموفق للصواب ن ونسأل الله الهداية والتوفيق وهو الهادى والموفق للصواب تم الفن السابع من الجملة الأولى من المنطق من كتاب الشفاء والحمد لله رب العالمين وهو حسبى ونعم الوكيل وصلواته على خير خلقه محمد النبى وآله أجمعين هـ.(1/146)
كشاف الاصطلاحات
(ا)
اتفاق الاسم 107، 2
الاتفاق فى الاسم 3، 1210، 1
اختلاف العجمة والإعراب 8، 4
اختلاف اللفظ 8، 5
اختلاف إيهام التقديم والتأخير 11، 11
اختلاف فى المفهوم 29، 12
اختلاف مفهوم التركيب 10، 8
أخذ ما ليس بعلة علة 31، 351، 3، 6
أخذ المقدمات الكثيرة كمقدمة واحدة 31، 15
اسم مشترك 29، 4510، 485، 756، 10814، 11410، 14
اشتراك الاسم 4، 66، 88، 93، 101، 135، 322، 4815، 7711، 7910، 843، 2 85، 887، 959، 9615، 9711، 3
اشتراك المفهوم 83، 3
اشتراك القسمة 8، 4
اشتراك فى التركيب 29، 11
اشتراك فى الشكل 29، 12
اشتراك فى الهيئة 88، 2(1/148)
اشتراك فى المقدمات 29، 10
اشتراك لفظ مفرد 10، 6
الإطلاق والتقييد 40، 992، 5
على الإطلاق والتقييد 101، 1
الإعجام 7، 174، 1915، 708، 4
الاستعجام 8، 8
أقاويل 45، 466، 5213، 16
أقاويل صحيحة 53، 1
أقاويل مضحكة 107، 4
امتحانى 110، 7
(صناعة) امتحانية 61، 8
(محاورات) امتحانية 6، 3712، 4
إيهام العكس 23، 2814، 4
إيهام العكس الكلى 31، 10
إيهام عكس اللوازم 20، 5
إيهام الهوهو 31، 8
(ب)
باطل الباطل 6، 593، 682، 739، 763، 3 81، 2
بديهة 82، 10
البرهان 36، 4
البرهانى 41، 602، 4(1/149)
(الصناعة) البرهانية 60، 5
(الصنائع) البرهانية 60، 11111، 6
(العلوم) البرهانية 36، 5
(المآخذ) البرهانية 41، 3
(المحاورات القياسية) البرهانية 6، 14
البراهين 111، 8
(ت)
تبكيت 1، 88، 2913، 325، 386، 4113، 7710، 8115، 8213، 1011، 9
التبكيت الداخل فى اللفظ 7، 86، 3
التبكيت العام 41، 6
تبكيت حقيقى 22، 417، 12
التبكيت المشبه 49، 2
تبكيت مغالطى 1، 76، 91، 401، 10
تبكيت مطلق 2، 310، 1
(الجهل) بالتبكيت 30، 15
تبكيتات برهانية 40، 8
تبكيتات جدلية 40، 8
تبكيتات معنوية 92، 2
تبكيتات مغالطية 20، 352، 4011، 8312، 2
تحرز 26، 414، 823، 8911، 3
تحير 26، 4(1/150)
تركيب 3، 815، 124، 148، 166، 1715، 339، 702، 843، 8510، 865، 3 87، 9111، 2
التركيب والتفصيل 26، 8513، 8
التسلم 57، 608، 6111، 758، 9
التسليم 57، 608، 8912، 1013، 10212، 9
تشنيع 7، 6212، 634، 6712، 7112، 10 79، 9
التشنيع بحسب الاعتقاد 63، 14
التشنيع بحسب القول واللسان 63، 14
التشنيع بما يتسلم 7، 2
تضاعف مفهوم 16، 772، 4
تضليل 1، 458، 578، 7111، 735، 867، 953، 1039، 7، 104، 9
التضليل الكائن بالعرض 20، 8
تضليل لفظى 34، 3
التضليل المشاغبى 57، 11
تضليل معنوى 95، 9
تضليل من جهة التركيب 86، 3
تضليل من جهة اللفظ 86، 3
تضليل من اللفظ والمعنى 28، 12
تضليل من المعنى 27، 4(1/151)
تضليلات 29، 389، 5711، 5
تفصيل 12، 179، 3311، 832، 918، 3 107، 10
التكرير 7، 685، 10513، 1
التمييز 33، 10
(جودة) التمييز 75، 16
(ج)
جدل 61، 654، 719، 1117، 8
جدلى 5، 3713، 403، 4113، 551، 15 59، 6010، 613، 647، 662، 6714، 1102، 7
(صناعة) جدلية 61، 11 (الصنائع) الجدلية 111، 6
(محاورات قياسية) جدلية 6، 12 (محاورة) جدلية 37، 4
(القوانين) الجدلية 67، 2
(المواضع) الجدلية 71، 6
جعل ما ليس بعلة علة 20، 6
جمع المسائل الكثيرة فى مسألة واحدة 20، 257، 3510، 4
الجمع بين سؤالين 78، 1
جمع السؤالات 104، 8
الجمهور 63، 648، 658، 661، 7210، 14.(1/152)
(ح)
حق 2، 61، 132، 3714، 456، 528، 5816، 6613، 679، 687، 766، 3 83، 5
حق واحد 13، 10
(أجزاء) الحق 13، 12
حكمة 4، 514، 583، 11512، 1
الحكمة سقراطية 5، 3
حكيم 4، 512، 8
حكيم بالحقيقة 6، 1
الحكماء 64، 657، 661، 10
حل الحل 71، 812، 8714، 8910، 9211، 932، 947، 954، 1072، 1
حل التبكيتات 75، 8312، 2
حل المغالطة 88، 13
الحالّ 82، 897، 9
الحيرة 67، 10810، 2
(خ)
الخطابة 24، 1116، 1128، 5
خلف الخلف 25، 622، 6414، 652، 667، 862، 983، 10816، 6
خلف سوفسطائى 39، 14(1/153)
(ذ)
الذهن 23، 3314، 385، 7113، 7512، 15
(س)
سفسطة 1، 2
سوفسطائى 3، 53، 611، 76، 5610، 593، 1104، 7
السوفسطائيون 36، 14
السوفسطائية 37، 507، 8211، 11012، 2 114، 8
(أوضاع) سوفسطائية 110، 13
(صناعة) السوفسطائية 112، 3
سوفسطيقى 50، 5212، 8
السنة 65، 666، 1003، 11
(بحسب) السنة 65، 10
السنن العامة 64، 6
السنن الخاصة 64، 7
سوء اعتبار الحمل 20، 214، 11
سوء التبكيت 23، 355، 641، 4
سوء القياس 23، 2
سوق الكلام إلى الكذب وإلى خلاف المشهور 7، 2(1/154)
(ش)
الشكل (الاشتراك فى الشكل) 29، 12
(المغالطة التى تقع من جهة الشكل) 87، 14
شكل اللفظ 18، 337، 885، 4
شناعة 66، 7011، 782، 14
شنع 7، 6211، 635، 6415، 741، 8 103، 1062، 10
شنعة 95، 1022، 1059، 11
(ص)
صورة القياس 49، 503، 10110، 1139، 8
صورة قيلية 50، 7
(ض)
ضلالة 5، 3210، 377، 10715، 7
(ظ)
الظن 32، 7813، 10813، 1
(بحسب) الظن 35، 13
(ع)
العجمة 8، 1064، 13
العجز 26، 344، 1
العجز عن التفرقة بين الهوهو والغير 23، 11(1/155)
العجز عن الفرق بين الشئ وغيره 32، 6
العجز عن تفصيل الغير عن الهوهو 33، 2
العجز عن ملاحظة المعنى 32، 15
العناد 78، 8
(قياس) العناد 75، 11
(مخاطبة) العناد 71، 4
(غ)
الغلبة 58، 5910، 693، 5
غلط الغلط 4، 810، 118، 258، 2715، 9 34، 376، 3914، 411، 473، 547، 14 55، 566، 586، 754، 8217، 849، 9112، 967، 976، 1037، 1084، 8
الغلط الاشتراكى 10، 7
الغلط الأول 23، 10
الغلط الواقع لسوء التبكيت 35، 1
الغلط الواقع من طريق اللفظ 32، 10
الغلط بحسب المسموع والمفهوم معا 46، 11
الغلط فى التركيب 12، 9
الغلط فى اللوازم 31، 10
الغلط فى المحاورة 34، 2
الغلط فى المصادرة على المطلوب 40، 3
الغلط فى المعنى 34، 468، 3(1/156)
الغلط فى نفس القياس 23، 6
غلط من جهة الاعتقاد 53، 2
الغلط من جهة العقل 24، 9
الغلط من جهة الفكر 51، 10
الغلط من جهة اللفظ 18، 11
الغلط من جهة اللوازم 23، 12
الغلط من جهة المسموع 45، 9
الغلط من جهة المعنى 20، 2
الغلط من جهة ما بالعرض 34، 9
الغلط من طريق الاطلاق والتقييد 40، 2
الغلط من طريق اللازم 40، 1
(ق)
قياس القياس
قياس الجدلى 59، 5
قياس الجيد 49، 2
قياس الحق 39، 562، 13
قياس الردئ 49، 3
قياس الصادق 38، 14
قياس العام 41، 1116، 4
قياس العناد 75، 11
قياس الكاذب 39، 503، 821، 3
قياس المظنون 56، 13(1/157)
قياس المقبول 41، 1
قياس بروسن 57، 9
قياس بحسب الأمر فى نفسه 39، 10
قياس بحسب التسلم من المخاطب 39، 10
قياس برهانى 36، 572، 6
قياس خارجى جدلى 57، 6
قياس زينون 94، 14
قياس سوفسطائى 56، 11110، 5
قياس على الإطلاق 39، 8
قياس غلط مع طلب الحق 56، 6
قياس محدود 39، 10
قياس مشاغبى 56، 599، 6
قياس مشبه 49، 2
قياس مطلق 2، 3910، 579، 4
قياس المظنون 56، 13
قياس مغالطة 39، 5
قياس مغالطى 35، 3712، 3815، 4014، 5917، 6
قياس من المشهورات المحمودة 5، 14
قياس يرى أنه مناقص للحق 3، 2
قياسات القياسات
قياسات الغلط 56، 5
قياسات الكذب 38، 12(1/158)
قياسات المضللة المتقابلة 108، 6
قياسات تسمى برهانات 24، 6
قياسات خلفية 25، 2
قياسات مغالطية 35، 11
قياسات من المشهورات 110، 7
(ل)
اللفظ المشترك 39، 474، 561، 881، 9811، 2 103، 14
الألفاظ الكثيرة المفهوم 77، 8
الألفاظ المشتركة 6، 5
الألفاظ المفردة 10، 708، 891، 4
اللوازم 23، 2412، 316، 344، 10
(م)
ما بالعرض 20، 214، 301، 312، 344، 9، 40، 921، 10
مبرهن 5، 5512، 6014، 13
المجادلون 82، 1073، 12
محال 25، 7412، 956، 8
المحاور 36، 10
المحاورة 34، 582، 6710، 1
محاورات 5، 14
[انظر امتحانية برهانية، جدلية، سوفسطائية، قياسية، مشاغبية، مغالطية](1/159)
مخالف للمشهور 63، 668، 3
مراء 14، 763، 8512، 885، 9111، 9
المرائى 56، 7711، 11010، 9
المرائيات 84، 13
المستنبط 90، 11311، 12
المشاءون 5، 2
مشابهة 34، 6
المشاغب 92، 9
المشاغبة 10، 127، 581، 5910، 6713، 6 75، 10
مشاغبى 5، 1911، 3610، 568، 593، 604، 663، 56714
(الصناعة) المشاغبية 1، 75، 621، 2
مشهور 41، 615، 635، 6510، 666، 10 74، 768، 7810، 8114، 943، 1077، 12
المشهور الحقيقى 65، 12
المشهور المحمود لفظا 64، 8
المشهور عند الجمهور 64، 7
المشهور عند الحكماء 64، 7
المشهور عقدا 64، 11
المشهور قولا 64، 11
المشهور المشهورة فى بادى الرأى 74، 10
المشهورات 57، 1107، 1117، 1(1/160)
المشهورات بالسنن 64، 6
المشهورات بالطبع 64، 6
المشهورات عقدا فى الناس 64، 5
المشهورات قولا 64، 5
مشهورات محمودة 5، 14
المصادرة على المطلوب الأول 20، 236، 2810، 3010، 3515، 403، 793، 806، 1021، 8
مضلل مضللات 41، 5211، 7116، 4
معاندة 90، 13
مغالط مغالطون 5، 712، 148، 634، 13 65، 718، 742، 15
مغالطة المغالطة 1، 45، 58، 99، 1011، 3 11، 162، 3611، 456، 504، 627، 6513، 698، 711، 794، 839، 843، 8514، 876، 8810، 9013، 912، 2 92، 958، 965، 1001، 1085، 11010، 10
المغالطات 19، 2312، 451، 564، 8415، 10 97، 1003، 1043، 11014، 4
مغالطة سوفسطائية 36، 6
مغالطة مشاغبية 36، 8
مغالطة ممارية 36، 8
مغالطة فى البرهان 36، 4
مغالطة فى الجدل 36، 6
مغالطة من جهة الشكل 87، 14(1/161)
المغالطات اللفظية 10، 2212، 8810، 12
المغالطات المعنوية 23، 2
التى تقع بحسب المعانى 20، 3
(الصناعة) المغالطية 62، 3
المفاوضة 75، 7613، 2
مفاوضة السوفسطيين 76، 11
مقاومة المقاومة 81، 9214، 953، 1088، 5 110، 4
مقاومة السوفسطائية 82، 12
مقاومة السوفسطائيين 112، 1
المماراة 8، 104، 7
الممارون 65، 813، 8
الممتحن 55، 14
(هـ)
هذر 50، 12
هذر بالتكرير 67، 12
هذيان 68، 1052، 6
الهذيان والتكرير 7، 5
هيئة 88، 1052، 5
هيئة الأداء 88، 2
هيئة القياس 51، 9
هيئة اللفظ 88، 2
هيئة قول 67، 14(1/162)
هوهو الهوهو 32، 339، 1021، 10
هوهو بالعرض 34، 9
هوهو بالحقيقة 34، 10
وانظر إيهام 31، 8والعجز 23، 3311، 2
(و)
وضع ما ليس بعلة؟؟؟ 25، 281، 3911، 6414، 3 103، 1(1/163)
أسماء الأشخاص والأماكن والكتب
(ا)
أبقراط 58، 596، 7
أخيلوس 16، 1713، 5، 8
أسقلية [جزيرة] 85، 11
أفلاطون 45، 507، 12
أنطيفون 57، 5911، 11، 14
(ب)
بروسن 57، 9
البرهان [كتاب] 57، 9
(ث)
ثادروس 111، 14
ثراسوماخوس 111، 14
(ز)
زينون 56، 4، 475، 5914، 12، 9415، 14
(س)
سقراط 86، 9، 11، 111
سوفسطيقا [كتاب] 114، 11(1/164)
(ط)
طيطياس 111، 13
(ق)
قاطيغورياس [كتاب] 106، 2
(ل)
اللواحق [كتاب] 114، 10
(م)
ماليسوس 24، 10310، 9
المعلم الأول 14، 458، 486، 5616، 5713، 3 87، 953، 11013، 2، 1136، 13
(هـ)
هو ميروس 59، 8(1/165)
ابن سينا الشفاء المنطق
8 - الخطابة
تصدير ومراجعة الدّكتور ابراهيم مدكور حققه الدّكتور محمّد سليم سالم نشر وزارة المعارف العهوميّة الإدارة العامّة للثقافة بمناسبة الذكرى الألفية للشيخ الرئيس المطبعة الأميرية بالقاهرة 1373هـ 1954م(1/166)
منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشى النجّفى قم المقدّمة ايران 1404ق(1/167)
فهرس الكتاب
صفحة
رموز المخطوطات (هـ)
تصدير (1)
مقدمة (11)
المقالة الأولى الفصل الأول فى منفعة الخطابة 1
الفصل الثانى فى عمود الخطابة وأجزائها والتفريق بينها وبين الجدل 6
الفصل الثالث فى الأغراض التى تختص بالخطيب وكيفيتها 13
الفصل الرابع فى مشاركات الخطابة لصنائع أخر ومخالفتها لها 22
الفصل الخامس فى شرح حد الخطابة وختم الكلام فى قسمة أجزائها ومناسبتها لصنائع أخرى 28
الفصل السادس فى العمود وهو التثبيت وفى أقسامه 35
الفصل السابع فى مثل ذلك 45
المقالة الثانية الفصل الأول فى الأغراض الأولية للخطيب فيما يحاوله من إقناع والابتداء بمواضع المشوريات وأنواعها وأولها بالمشوريات فى الأمور العظام 53
الفصل الثانى فى المشوريات التى فى الأمور الجزئية غير العظام 64
الفصل الثالث فى الأشد والأضعف وختم القول فى المشوريات 76
الفصل الرابع فى المنافريات وهو باب المدح والذم 83
الفصل الخامس فى شكاية الظلم والاعتذار بأنه لا ظلم 93
الفصل السادس فى أسباب اللذة الداعية إلى الجور 99
الفصل السابع فى الأسباب المسهلة للجور، كانت فى نفس ما جيربه أو فى الجائر أو فى المجور 104(1/168)
الفصل الثامن فى التنصل والاعتذار وجواب الشاكى بتعظيم الجناية والمعتذر بتصغيرها 111
الفصل التاسع فى التصديقات التى ليست عن صناعة 117
المقالة الثالثة الفصل الأول فى المخاطبات الاستدراجية 129
الفصل الثانى فى أنواع الصداقة والأمن والخوف والشجاعة والجبن 135
الفصل الثالث فى أنواع الاستحياء وغير الاستحياء والمنة 142
الفصل الرابع فى أنواع الاهتمام بالمرء والشفقة عليه والحسد والنقمة والغيرة والحمية والاستخفاف 147
الفصل الخامس فى مواضع نحو اختلاف الناس فى الأخلاق 156
الفصل السادس فى الأنواع المشتركة للأمور الخطابية 164
الفصل السابع فى الفرق بين المقدمات الجدلية والخطابية وفى إعطاء أنواع نافعة فى التصديقات بأصنافها 176
الفصل الثامن فى الضمائر المحرفة المقبولة فى الخطابة والمرذولة المغالطية منها وفى أصناف المقاومات 187
المقالة الرابعة الفصل الأول فى التحسينات واختيار الألفاظ للتعبيرات 197
الفصل الثانى فى إشباع الكلام فى اجتناب ما يهجن اللفظ واختيار ما يحسنه وما يحسن فى الشعر ولا يحسن فى الخطابة وما يحسن فيما معا 213
الفصل الثالث فى وزن الكلام الخطابى واستعمال الأدوات فيها والنبرات وما يجب من ذلك بحسب مخاطبة مخاطبة خطابية وما يحسن مسموعا على الاشهاد وما يحسن فى مجالس الخواص وما يحسن مخاطبة وما يحسن كتابة 226
الفصل الرابع فى أجزاء القول الخطابى وترتيبها وخاصيتها فى كل باب من الأبواب الثلثة وما يفعله المجيب فيها 236
الفصل الخامس فى السؤال الخطبى وأنه أين ينبغى وفى الجواب وفى خاتمة الكلام الخطابى 245
فهرس الأعلام 249
دليل الكتاب 251(1/169)
رموز المخطوطات
بخيت (ب)
بخيت (هامش) (بخ)
حسن العطار (ح)
دار الكتب (د)
دار الكتب (1) (دا)
سليمانية داماد (س)
داماد الجديد (سا)
متحف بريطانى (م)
نور عثمانية (ن)
مكتب هندى (هـ)(1/170)
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير للدكتور إبراهيم مدكور
البلاغة عند ابن سينا
لم يكن ابن سينا خطيبا ولا محاضرا، ولئن كان قد اشتغل بالسياسة فإنها لم تفسح له المجال لمخاطبة الجماهير والتأثير فيها. وأستاذيته أقرب الى المحادثة والتلقين منها إلى العرض والشرح، ذلك لأنه لم يقم بالتدريس فى مسجد أو مدرسة، وإنما التف حوله نفر قليل من التلاميذ والأتباع الذين كانوا يسجلون ما يمليه عليهم أو يتدارسون فى حضرته بعض كتبه ورسائله وإن استعجم عليهم أمر استوضحوا عنه. على أنه فى حياته القلقة المضطربة لم ينعم كثيرا بتلك الجلسات العلمية الهادئة.
ولا يمكن أن يعد أيضا كاتبا ولا شاعرا، لأن نثره لا يخلو من غموض وتعقيد، وإن روّى فيه بدا مركزا تركيزا مضنيا، وقد يتأنق فيسجع ويعنى بالصناعة اللفظية.
ونظمه فى أغلبه تعليمى يقوم على أداء المعانى واستكمال الحقائق، دون حرص على جزالة اللفظ وسمو التركيب. وأسلوبه فى جملته لا يسمو إلى مستوى الأساليب الأدبية الممتازة، وإنما كان همه أن يعرض القضايا العلمية والفلسفية بطريقة واضحة ما أمكن.(1/171)
ولم يعن بالأدب عناية خاصة، ولم يقف عليه شيئا يذكر من كتبه ورسائله.
وأغلب الظن أنه لم يكتب فى الخطابة والشعر إلا محاكاة لأرسطو وسيرا على سننه، وهو فى هذا أقرب إلى التشريع والتقنين منه إلى النقد والتحليل، يعرض القاعدة والنظرية دون أن يقف عند الأمثلة والنماذج الأدبية. وما الخطابة والشعر فى رأيه إلا بابان من أبواب الجدل والمنطق، أو بعبارة أخرى فرعان من فروع الفلسفة.
* * * ولابن سينا كتابان هامان فى الخطابة، يصدران عن أصل واحد، ويكوّنان جزءا من المنطق، ويلتقيان فيما اشتملا عليه من آراء ونظريات، أحدهما مختصر والآخر مبسوط.
والأول فى معانى كتاب ريطوريقا، وهو قسم من الحكمة العروضية، أو كتاب المجموع الذى ألفه فى بخارى، ولما يجاوز الحادية والعشرين، بناء على طلب أبى الحسن العروضى. ويقوم على تعريف الخطابة، وبيان منفعتها، وصلتها بالجدل، وأغراض الخطيب، ووسائل الاستدلال، ويعرض فى اختصار المبادئ الأساسية للفن الخطابى (1). وكل ذلك فى أسلوب واضح امتزج فيه الجدل بالسياسة، والمنطق بالأخلاق وعلم النفس، وهو بهذا يعتبر ملخصا دقيقا للكتاب الأول من خطابة أرسطو، ومقدمة صالحة لفن البلاغة عند ابن سينا.
والثانى الخطابة موضوع تحقيقنا وهو الفن الثامن من فنون المنطق التى تكوّن الجملة الأولى من جمل الشفاء (2). ويشتمل على أربع
__________
(1) ابن سينا، كتاب المجموع، القاهرة 1950، ص 7615.
(2) ابن سينا، المدخل، القاهرة 1952، ص 44.(1/172)
مقالات، وتحت كل مقالة عدة فصول. وتقف المقالة الأولى عند شرح حدّ الخطابة، ومنفعتها، وصلتها بالصنائع الأخرى، ووسائل الاستدلال. وهى أشبه ما يكون بمقدمة عامة للكتاب جميعه، وفى هذا ما يقّربها كل القرب من معانى كتاب ريطوريقا، وإن كانت أشمل بحثا وأغزر مادة (1).
وتفصّل الثانية القول فى أنواع الاستدلال الخطابى، وخاصة المشورات والمنافرات، محللة إياها فى ضوء الطباع والميول والانفعالات، من لذة وألم، وحب وكره، فتربط الخطابة بالسيكلوجيار بطا وثيقا (2). وتوضح الثالثة المشاجرات، وهى النوع الأخير من الاستدلال الخطابى، مبينة صلتها بالسياسة والسجايا الخلقية، من شفقة وقسوة، وشجاعة وجبن (3). وتعالج الرابعة ترتيب القول الخطابى وخصائصه، والتحسينات اللفظية، والألفاظ المستهجنة، وبذا تكتمل آراء ابن سينا البلاغية (4).
ويمكن أن تردّ هذه الآراء إلى بابين رئيسيين: يدور أولهما حول الأقيسة البلاغية الصالحة لمخاطبة الجماهير مدحا أو ذما، اعتذارا أو عتبا. وأهم هذه الأقيسة الضمير (؟؟؟)، والتمثيل (). ويدور الثانى حول الترتيبات والتحسينات التى تجعل هذه الأقيسة أوضح عرضا، وأكثر إقناعا، كتخير اللفظ، وتحديد مكانه فى الجملة، واستعماله على طريق الحقيقة أو المجاز، وكيفية نطقه، ونغمة الصوت ونبراته، وهيئة الخطيب وموقفه من المستمعين. دراسة موضوعية وقف عليها
__________
(1) ابن سينا، الخطابة، القاهرة 1954، ص 491.
(2) المصدر نفسه، ص 12653.
(3) المصدر نفسه، ص 193129.
(4) المصدر نفسه، 247197.(1/173)
ابن سينا المقالات الثلاث الأولى من كتابه، وأخرى شكلية عرضها فى المقالة الرابعة والأخيرة والدراستان متصلتان ومتكاملتان.
1 - الضمير:
وهو قياس اكتفى بمقدمته الصغرى، وأهملت الكبرى، خشية ظهور كذبها أو إمكان معارضتها، كقول القائل: هذا الشاب متردد فى ظلمة الليل، فهو إذن منتهز لفرصة التلصص، وفى هذا ما يكفى للإقناع الخطابى. ولو ذكرت الكبرى، وقيل: كل متردد فى ظلمة الليل منتهز لفرصة التلصص، لبان تهافت الدليل وفات الإقناع المنشود (1). والضمير من الخطابة كالبرهان من العلوم، فهو استدلال ظنى يلائم الإقناع العابر ومخاطبة الجماهير (2). ويبذل ابن سينا الجهد كله فى تطبيقه على أنواع الاستدلال الخطابى، من مشورات ومنافرات ومشاجرات. ومن الضمائر ما هو محرّف، ومع ذلك يقبل فى الخطابة. ومنها ما هو معيب مرذول يقصد به المغالطة، وواجب الخطيب أن يتحرز منه (3).
2 - التمثيل:
وهو الحكم على جزئى بمثل ما فى جزئى آخر يشترك معه أو يشابهه فى معنى جامع.
وقد يكون هذا الاشتراك والمشابهة حقيقيين، أو بحسب الرأى الذائع أو الظاهر، وقد تكون الصلة مجرد اشتراك فى الاسم (4). ومن هنا كان التمثيل دليلا غير يقينى، وأقواه ما كان المعنى المتشابه فيه هو الموجب للحكم فى الشبيه (5). أما أوجه
__________
(1) ابن سينا، كتاب المجموع، ص 2423.
(2) المصدر نفسه، ص 25.
(3) ابن سينا، الخطابة، ص 190187.
(4) ابن سينا، الاشارات، ليدن، سنة 1892، ص 6564كتاب المجموع، ص 25.
(5) المصدر السابق، ص 26.(1/174)
الاشتراك الأخرى فلا تفيد إلا ظنا، وتكسب الجماهير ضربا من الاقتناع.
وهذا التمثيل المنطقى هو الذى اصطلح الفقهاء على تسميته بالقياس (1). ومن القدامى من لم يوافق على استعماله فى الاستدلال الخطابى، واقتصر على الضمير (2).
وأنكره فى الإسلام أيضا بعض أنصار الظاهر، كالروافض والداودية من نفاة القياس (3).
واضح أن ابن سينا إنما يعرض فى كل هذا نظريات منطقية، سبق له أن عالجها فيما سماه لواحق القياس، وقرر أنها لا تسمو إلى مستوى الاستدلال اليقينى (4). وكل ما أضافه من جديد هنا إنما هو محاولة تطبيقها على الاستدلال البلاغى، وفى هذه المحاولة يسترسل فى دراسات سياسية وأخلاقية وسيكلوجية.
ولم يفته أن يشير إلى أن هناك أدلة خطابية غير هذه الأدلة المنطقية، ومنها الشهود، والعهود، والأيمان (5).
3 - البحث البلاغى الخالص:
ما إن فرغ ابن سينا من هذا حتى عرض لموضوعات تمس أقسام البلاغة المختلفة، من معانى، وبيان، وبديع. فيدعو إلى ضرورة تخير الألفاظ وفصاحتها ومطابقتها لمقتضى الحال، ذلك لأن درجة الاقتناع بمعنى تخضع للفظ الذى يؤديه، وكثيرا ما آذن اللفظ الجزل بجزالة المعنى، ورصانة التعبير تقترن
__________
(1) المصدر نفسه.
(2) المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه.
(4) ابن سينا، النجاة، القاهرة، سنة 1913، ص 9190.
(5) ابن سينا، الخطابة، ص 126117.(1/175)
عادة بعمق التفكير، وقد يجعل اللفظ السفساف المعنى سفسافا أيضا (1). وما أحوج الخطيب لأن يوجز حيث ينبغى الإيجاز، ويطنب فى مقام الإطناب (2).
وفى الاستعارة والتشبيه ما يؤكد المعنى ويقويه، لأنهما يبعثان على الاستغراب والتعجب الذى يستولى على السامع ويأسر لبه (3). والاستعارة، وإن كانت إلى الشعر أقرب، مفيدة فى النثر كذلك، والمهم هو حسن استعمالها ووضعها فى المكان الملائم لها (4). وقيمة كل استعارة فيما أخذت عنه وما استعملت فيه، فكلما كان المستعار منه لطيفا معروفا، كان الانتقال إلى المستعار إليه يسيرا.
والتشبيه يجرى فى الخطابة مجرى الاستعارة، وينفع نفعها، ومن أمثلته: وثب أخيل كالأسد (5).
لسنا فى حاجة أن نلاحظ أن ابن سينا يصدر فى كل هذا عن أرسطو، يردد آراءه، ويرد على معارضيه، ويقدم لنا فى الخطابة أوضح صورة عربية لما كتبه المعلم الأول باليونانية (6). وقد يختلف عنه فى بعض التفاصيل والجزئيات، كتبويب الكتاب، وتعريف بعض المصطلحات، ولكن آراءه البلاغية تحمل شارة أرسطية واضحة. ولعله فى حرصه على تأثر خطا استاذه لم يحاول أن يمزج هذه الآراء بالأدب العربى المزج الذى كنا نرتجيه.
* * * __________
(1) المصدر نفسه، ص 213199.
(2) المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه، ص 203202.
(4) المصدر نفسه، ص 206.
(5) المصدر نفسه، ص 212.
(6) الدكتور طه حسن؟؟؟، نقد النثر، القاهرة سنة 1933، ص 2724.(1/176)
ولم يبق اليوم شك فى أن البلاغة العربية تأثرت بالفلسفة، وبالمنطق على الأخص (1). وقديما فرقوا بين الطريقة الكلامية والأدبية، وما الأولى الا درس للبلاغة فى ضوء الكلام والفلسفة (2). وفى تاريخ هذه البلاغة ما يشهد بأن معظم من كتبوا فيها فلاسفة أو متفلسفون، ويكفى أن نشير إلى قدامة بن جعفر وعبد القاهر الجرجانى اللذين يعدان بحق فى مقدمة مؤسسيها (3).
ولا شك فى أن منطق أرسطو والخطابة من أجزائه كان أكثر نفوذا الى البلاغة العربية، ارتبط بها منذ نشأتها، وسايرها حتى وصلت القمة. وفى ثناياها بحوث منطقية متنوعة فى الألفاظ والقضايا والأقيسة، لأنها كانت تعتبر ضرورية للبحث البيانى ضرورة الأبحاث اللغوية والنحوية، ومتممة لعلم المعانى الذى يقوم على الحد والاستدلال (4).
وتشاء الصدف أن يكون منطق أرسطو من أولى كتبه ترجمة إلى العربية، بحيث استطاع أن يلتقى مع نشأة البلاغة (5). ويظهر أن كتاب الخطابة بالذات ترجم غير مرة، وكانت ترجمته الأولى مبكرة فى النصف الأخير من القرن الثانى للهجرة (6). ولقد لخصه فلاسفة الإسلام أو علقوا عليه وشرحوه،
__________
(1) المصدر السابق أمين الخولى، البلاغة العربية وأثر الفلسفة فيها، القاهرة سنة 1931
(2) المصدر السابق، ص 2119.
(3) المصدر السابق، ص 84.
(4) السكاكى، مفتاح العلوم، القاهرة سنة 1318هـ، ص 70.
(5). 2729.، 1934،،
(6) ابن النديم، الفهرست، طبعة أوروبا، ص 244.(1/177)
وابن سينا فيما وصلنا أوضحهم شرحا وأكثرهم تحليلا. وفى نشر كتابه فى الخطابة اليوم ما يلقى ضوءا جديدا على البلاغة العربية ومدى صلتها بالبلاغة اليونانية.
* * *
تتمة التصدير
وقد اضطلع بهذا النشر الدكتور محمد سليم سالم، فتوفر عليه منذ أربع سنوات أو يزيد، جامعا للمخطوطات وموازنا بينها. واكتمل له منها تسع متفاوتة الرتبة، إلا أنها كافية لتحقيق النص المعروض (1). على أنه لم يقف عندها، بل رجع إلى الأصل اليونانى لخطابة أرسطو، وكان لا بد له أن يفعل، لأن ابن سينا نفسه تمنى هذا، وأشار غير مرة إلى ورود أمور على لسان أرسطو لم يتيسر له فهمها (2). وأعان المحقق على ذلك تمكنه من اليونانية وإحاطته بآدابها، فهو استاذ الدراسات القديمة بجامعة ابراهيم. هذا إلى أنه ليس حديث العهد بالخطابة عند ابن سينا، فقد سبق أن نشر فى معانى كتاب ريطوريقا الذى أشرنا اليه من قبل نشرا دقيقا.
وأضاف إلى هذا التحقيق مقدمة عرض فيها للمدارس البلاغية اليونانية التى وردت على ألسنة مفكرى الإسلام، والتى كان لآرائها شأن خاص فى بلاغة أرسطو وتلاميذه. ثم ختم بفهرس للأعلام ودليل للكتاب. وبذا ساهم بنصيب ملحوظ فى نشر كتاب الشفاء الذى يتطلب جهودا متضافرة.
ولا شك فى أن نشر كتاب الخطابة على هذا النحو سيفتح أبوابا لدراسات مختلفة، ويحيى معلما من معالم التراث الإسلامى.
__________
(1) ص (24) (30).
(2) ص (20).(1/178)
مقدمة للدكتور محمد سليم سالم
الخطابة قبل أرسطو:
نشأت الخطابة كفن يلقن وقواعد تبحث فى جزيرة صقلية وذلك على أثر الأحداث التى مرت بالجزيرة بعد طرد الطغاة (1)، وما تلاه من عودة الحياة الديمقراطية ورجوع من شردهم الطغيان ومطالبتهم بأموالهم المصادرة وتعدد المنازعات وقيام الدعاوى بينهم وبين من وقعت فى أيديهم هذه الأموال (2).
وكان أول من اتجه إلى تعليم الخطابة رجل من أهل جزيرة صقلية يسمى «كوراكس» (3)، عرفه العرب باسم «غراب» الخطيب (4). وقد وضع كوراكس لتلاميذه رسالة فى صناعة الخطابة عنى فيها بأمرين: أولهما الترتيب، فإليه ينسب التقسيم الخماسى للخطبة (5) وثانيهما الأدلة المستقاة من مواضع الممكن وغير الممكن (6).
__________
(1) عبارة سيشرون فى كتابه بروتوس، 4612: مبهمة، فلا يمكن أن نتبين منها أى طاغية يقصد سيشرون، غير أن آخر طاغية طرد من صقلية هو ثراسوبولوس، وكان ذلك فى عام 466ق. م.
(2) استقى سيشرون، بروتوس، 4612:، ما ذكر عن نشأة الخطابة من كتاب لأرسطو هو. وقد ضاع هذا الكتاب الذى لخص فيه أرسطو كل ما عرف فى زمانه من قواعد الخطابة وتاريخها.
(3) أنظر مقال: فى؟؟؟، تحت اسم:، الأعمدة 13811379.
(4) القفطى، تأريخ الحكماء، 254253 (طبعة ليبسك، 1903).
(5). 4.،.،،،،
(6) أرسطو، 11242 (1402ا 17): عن مواضع الممكن: أنظر أيضا ص 164وما بعدها من كتابنا هذا.(1/181)
وجاء بعده تلميذه «تيسياس» (1) الذى كان من عادته أن يكتب خطبا يتقاضى عنها أجرا (2). وقد أقام مدرسته أولا فى سراقوسه ولما لم يطب له المقام فيها، انتقل إلى ثورى التى أنشئت عام 443ق. م. وفى مقره الجديد درس عليه «لوسياس» الذى أصبح فيما بعد من أشهر خطباء أثينه، وامتاز أسلوبه بأنه السهل الممتنع (3). ويقال إنه لما أرسلت بلدة ليونتينى وفدا يطلب العون من أثينه عام 427ق. م، كان تيسياس من بين أعضائه (4)، كما كان تلميذه جورجياس. وتقول هذه الرواية إن تيسياس استطاب العيش فى أثينه فاشتغل فيها بتدريس الخطابة، وكان من بين تلاميذه هناك إيسوقراطيس (5).
والثابت أن تيسياس ألف فى الخطابة كتابا سار فيه على نهج أستاذ «كوراكس»،، وقد ذاع كتابه واشتهر وتداوله الناس (6).
__________
(1) عرف العرب تيسياس، وقد حرف اسمه إلى ثيسناس فى القفطى، تأريخ الحكماء، 109. وسرد القفطى فى ترجمته حياة غراب الخطيب ذاك الحوار المشهور الذى قيل إنه دار بين كوراكس وتيسياس.
(2) 8، 17،،
(3) حياة لوسياس؟؟؟ المنسوبة إلى فلوطارخوس، 15:. أحسن من كتب عن لوسياس هو فى كتابه خطباء أتيكا، ج 1، ص 143 وما بعدها.
(4): 8، 17،، هذه رواية ضعيفة إذ يبعد أن يذهب تيسياس إلى أثبته؟؟؟ يستعديها على بلدة سراقوسه، إلا إذا افترضنا أنه بانتقاله إلى ثورى قد قطع كل علاقة بموطنه الأصلى.
(5) حياة ايسوقراطيس المنسوبة إلى فلوطارخس، 2
(6) سيشرون، عن الأدلة، 62: ولكنه يعدل عن هذا الرأى فى كتبه الأخرى.
أفلاطون، فيدروس، 273ب ج، يشير إلى أحد الأمثلة الموجودة فى كتاب تيسياس عن الرجل الضعيف الذى يعتدى على رجل ضخم، فإذا أراد أن يدفع عن نفسه التهمة قال: كيف يمكن لمثلى أن يعتدى على مثله؟ وهو مثال معروف. أنظر: الحكمة العروضية، ص 68، هامش 2وقارن ص 105من كتابنا هذا.(1/182)
وفن الخطابة الذى علمه كوراكس وتلميذه تيسياس كان قاصرا على تلقين مبادئ الإقناع. وقد أثار تعريف مدرستهما للخطابة بأنها منتجة الإقناع:
(1) انتقادات مريرة من الناحيتين الخلقية والفنية، فمن الناحية الخلقية قد يدعو مثل هذا التهافت على الإقناع إلى أن يحاول الخطيب أن يقنع بأى وسيلة، وبهذا تنحدر الخطابة إلى مهاوى السفسطة (2). وهذا هو الجانب الذى أثار غضب الأثينيين على الفن الجديد. ومن الناحية العلمية يعتبر مثل هذا التعريف ناقصا لأنه لا يحد ما يراد تعريفه فليس القول وحده هو منتج الإقناع، بل قد يقنع المال والجاه والجمال وغير ذلك (3).
ثراسوماخوس:
ومن أعظم معلمى الخطابة الذين ساروا فى أثر تيسياس رجل من بلدة خالقيدون (أو قالخيدون) ولد حوالى عام 455ق. م. وقد ذكره أرسطو مرات فى كتاب «ريطوريقا» (4)، وردد ابن سينا نقلا عن أرسطو اسمه (5). وجعله أفلاطون فى كتابه «فيدروس» على رأس معلمى الخطابة (6) وأسند إليه
__________
(1) أفلاطون، جورجياس، الفصل الثامن، 453االقفطى، تأريخ الحكماء، 109:
الخطابة المفيدة للإقناع 253: المنتخبة للإقناع
(2) رمى السفسطائيون بأنهم يعلمون الشباب كيف يجعل الدليل الضعيف قويا والقوى ضعيفا. وهذه هى إحدى الإتهامات التى وجهها العامة إلى سقراط (أفلاطون، الدفاع عن سقراط، الفصل الثالث، 19ب). وقد نسب أبو حيان التوحيدى، البصائر والذخائر، 93، إلى سقراط تعريفا للخطابة يردد هذا القول: قيل لسقراطيس الفيلسوف وكان من خطبائهم ما صناعة الخطيب؟ قال: أن يعظم شأن الأشياء الحقيرة، ويصغر شأن الأشياء العظيمة.
(3) ص 9، 10من كتابنا هذا.
(4) الكتاب الثانى، 2923 (1400ب 20). الكتاب الثالث، 71 (1404ا 1514) 48 (1409ا 2) 1311 (1413ا 8)
(5) أنظر ص 186، 187، 200، 224
(6) أفلاطون، فيدروس، 266ج 271ا(1/183)
فى كتاب الجمهورية دور الجدلى العنيد. وقد عنى به ثيوفراستوس، تلميذ أرسطو، فقال عنه فى كتابه «عن الأسلوب» إنه بدأ عصرا جديدا فى النثر اليونانى (1)، وخصه الناقد اليونانى الذائع الصيت «ديونوسيوس» بالتفوق فى الأسلوب الوسيط الذى لا يهبط إلى السهولة المبتذلة ولا يرتفع إلى الأسلوب الرفيع المتسامى (2). ويمكن أن نستتج مما ذكره سيشرون فى كتابه «الخطيب» أن ثراسوماخوس هو مبتدع النثر الموزون (3) وربما كان الخطيب الرومانى ينقل ما يرويه عن ثيوفراستوس. ويؤكد أرسطو أن خطباء اليونان بدأوا منذ زمن ثراسوماخوس يستعملون البيان فى وزن النثر، لأن البيان أكثر مواءمة للنثر (4) ولكن أرسطو لا يقول فى جلاء إن كان ثراسوماخوس هو أول من ابتدع ذلك. وربما كان هذا هو الحق، لا سيما إن رجعنا إلى رواية سيشرون.
ومن الثابت أن ثراسوماخوس أغرم بالمحسنات البديعية، ولا سيما تلك التى تهدف إلى جعل النثر قريبا من الشعر وقد امتاز بالقدرة على ابتداع الأفكار والإبداع فى التعبير عنها. كما ألف كتابا فى إثارة الشفقة ذكره كل من أفلاطون وأرسطو (5).
__________
(1) أنظر مقال فى؟؟؟، تحت اسم الأعمدة 592584
.. ، (2). 3،.، ..
(3) سيشرون، الخطيب، 39:
(4) ارسطو، 483 (1409ا 32) أنظر ص 224من كتابنا هذا.
(5) أفلاطون، فيدروس، 367ج، د أرسطو، 713 (1404ا 1514):
أفلاطون:(1/184)
__________
أفلاطون:
أما أفلاطون فقد تعرض للخطابة فى كثير من مؤلفاته ولكنه خصها بكتابين هما: جورجياس وفيدروس. وقد حمل فى جورجياس حملة عنيفة على الخطابة السفسطائية بينما هو يحاول فى فيدروس أن يدلل على أن فن الخطابة الذى يستأهل هذا الاسم يجب أن يرتكز على علمى النفس والجدل.
يدور النقاش فى جورجياس حول ماهية الخطابة. ويحاول جورجياس وبولس أن يقدما تعريفا يتلقاه سقراط بالرضا، ولكن سقراط لا يجد صعوبة فى دحض كل ما يتقدمان به. أما سقراط نفسه فعند ما يطالب بتعريف الخطابة ينكر أن الخطابة فن حقيقى يمكن أن يحد على نهج علمى. إذ هى فى نظره ملكة أو قدرة على إقناع الجهال واستمالة النظارة. فهى إذن نوع من التملق (1)
ويظهر أثر فيدروس جليا فى كتاب الخطابة الذى وضعه أرسطو.
فالفكرة التى بسطها أفلاطون هى التى أفاض تلميذه أرسطو فى تنسيقها فى الكتابين الأول والثانى من ريطوريقا. ذلك لأن أرسطو فى الكتاب الأول من ريطوريقا يبحث؟؟؟ فى وسائل الإقناع التى تستمد من المنطق، أعنى تلك تؤخذ من الضمائر والأمثلة أما فى الكتاب الثانى فإنه يشرح الجانب النفسى من الخطابة، فهو يدرس الانفعالات وتأثيرها فى الإقناع.
(1) أفلاطون، جورجياس، 1466:
أرسطو والخطابة:(1/185)
__________
أرسطو والخطابة:
وضع أرسطو فى الخطابة كتبا عديدة (1) قبل أن يؤلف كتابه الخالد ريطوريقا الذى أصبح العمدة فى هذا الفن، والذى ترجم أكثر من مرة إلى اللغة العربية وصنف له فلاسفة العرب شروحا كثيرة.
ولسنا نعرف على وجه التحديد التاريخ الذى أملى فيه أرسطو كتاب الخطابة.
ولكن المعروف أنه ألفه فى مدينة أثينه عند ما نزح إليها مرة ثانية وأقام بها ثلاث عشرة سنة (322335ق. م). ومن الراجح أن أرسطو ألف هذا الكتاب بين 330335ق. م (2).
ويؤيد هذا أن أحدث إشارة يمكن تأريخها على وجه الدقة هى ذكره للصلح الذى تم فى كورنثه بين الإسكندر الأكبر وبين بقية بلاد اليونان، ما عدا اسبرطه، فى خريف عام 336ق. م (3).
ويمكن أن نجد تأييدا آخر فى كثرة ما اقتطف أرسطو من كتابات إيسوقراطيس على ما عرف من جفاء بينهما. ولابد أن يكون هذا قد حدث بعد موت إيسوقراطيس عام 338ق. م. والموت يخفف عادة الموجدة ويقضى على كل سخيمة.
(1) 24،،. أشار أرسطو، ريطوريقا، 993 (1410ب 3) إلى أحد هذه الكتب.
(2)، 1416.،،،. يظن ديفور أن كتاب الخطابة ألف حوالى سنة 323329ق. م
(3) 18232 (1399ب 1312): ولكن أنظر الهامش السابق.(1/186)
وعلى كثرة ما اقتطف أرسطو من مؤلفات إيسوقراطيس، فمن الغريب أننا لا نجد إشارة صريحة إلى ديموسثنيس، أعظم خطباء العالم القديم. فهل يمكن أن يكون العداء المتبادل بين فيليب وابنه وبين زعيم أثينه هو الذى صرف أرسطو (الذى عاش فى بلاط فيليب وعلم الاسكندر) عن الإشارة إلى خطب ديموسثنيس؟
كتاب ريطوريقا:
يعتبر كتاب ريطوريقا من أهم ما ألف أرسطو، بل هو فى الحق كتاب وحيد فى بابه، أتى فيه أرسطو على تجاريب خطباء اليونان ومؤلفى كتب الخطابة من قبله. وينفرد هذا الكتاب بشئ من وضع أرسطو نفسه، ألا وهو تطبيق المنطق على الخطابة. فكتاب ريطوريقا إن هو إلا دراسة جديدة للخطابة على ضوء علمى الجدل والنفس.
وجه أرسطو قارص لومه إلى مؤلفى الرسائل التعليمية لإهمالهم الجانب المنطقى من الخطابة وإسهابهم فى شرح الخارجيات ومحاولات التأثير على القضاة (1).
ولكن عذر هؤلاء أنهم لم يعرفوا عمود الخطابة فهو من وضع أرسطو.
وقد ترجم كتاب ريطوريقا إلى اللغة العربية أكثر من مرة. فهناك محاولة أولى يسميها ابن النديم النقل القديم، دون أن يذكر اسم مترجمها ولا زمانه.
__________
(1) انظر كتابنا هذا ص 8، 12.(1/187)
ولكنه يقول إنه رآها فى نحو مائة ورقة بخط أحمد بن الطيب السرخسى تلميذ الكندى ومعلم المعتضد (1).
أما الترجمة الثانية فتنسب إلى اسحق بن حنين المتوفى سنة 298هـ أو سنة 299هـ.
غير أن ابن النديم يتردد فى قبول هذه الرواية التى يصدرها بكلمة قيل (2).
وكان هناك ترجمة أخرى قام بها ابراهيم بن عبد الله وهو الذى نقل المقالة الثامنة من كتاب طوبيقا (3).
وقد بقيت لدينا ترجمة وحيدة لا نستطيع أن ننسبها إلى أحد، فلسنا ندرى من ترجمها ولا فى أى زمن ترجمت (4).
ولكنى أظن أنها هى ذاك النقل القديم، لما فيها من أخطاء تؤذن بأنها محاولة أولى.
وقد شرح الفارابى كتاب ريطوريقا شرحا ذاع وانتشر (5) وبقى حتى اطلع عليه ابن رشد (6) وإن لم يصل إلينا.
__________
(1) الفهرست، ص 250 (طبعة فلوجل) القفطى، تأريخ الحكماء، ص 3837.
(2) الفهرست، 250: وقيل إن اسحق نقله إلى العربى القفطى تأريخ الحكماء، 37.
(3) الفهرست، ص 197249.،؟؟؟،
(4). 1869.،؟؟؟، فيه وصف للخطوط 48، 133، الحكمة العروضية، ص 8وما بعدها.
(5) الفهرست، 250: فسره الفارابى أبو نصر القفطى، تأريخ الحكماء، 37 الفهرست، 263: وفسر الفارابى من كتب أرسطاليس مما يوجد ويتداوله الناس
كتاب الخطابة أروطوريقا.
(6) ابن رشد، تلخيص الخطابة، 29 (طبعة القاهرة) ابن رشد، تلخيص الشعر، 44 (طبعة لازينيو)(1/188)
وشرحه ابن سينا كاملا فى الشفاء. واختصه قبل ذلك وهو شاب فى الحادية والعشرين من عمره بفصل موجز فى كتاب المجموع أو الحكمة العروضية فسر فيه الكتاب الأول من ريطوريقا، خلا الفصل الأخير الذى يبحث فى الأدلة التى ليست عن صناعة (1).
وعلق ابن سينا على هذا الجزء بعينه من السفر الأول من كتاب ريطوريقا فى بعض كتبه الأخرى كالبهجة فى المنطق (2).
وقد حاولت أن أدلل عند نشرى للفصل الذى يبحث فى معانى كتاب ريطوريقا من كتاب المجموع أو الحكمة العروضية على أن ابن سينا لم يطلع إلا على الترجمة العربية، التى وصلت إلينا والتى نجدها فى مخطوط محفوظ فى المكتبة، الأهلية بباريس. فابن سينا ينقل عن هذه الترجمة نقلا حرفيا (3)، ويردد الكثير من أغلاطها دون أن يدرك أنها لا تمت إلى أرسطو (4).
ومع ذلك استطاع ابن سينا بثاقب فكره وتمكنه من المبادئ الأرسطية واطلاعه على مؤلفات أرسطو الأخرى وشروحها العربية أن يتبين بعض مواطن الخطأ فى الترجمة العربية. ونجده فى الحكمة العروضية وهو شاب لم تكتمل
__________
(1) ابن سينا، كتاب المجموع أو الحكمة العروضية، فى معانى كتاب ريطوريقا (طبعة محمد سليم سالم)
(2) الأب قنواتى، مؤلفات ابن سينا، ص 112رقم 42 (البهجة فى المنطق) ص 114 رقم 44 (الموجز) انظر: الحكمة العروضية ص 45هامش 2.
(3) ردد ابن سينا تعريف الخطابة كما جاء فى الترجمة العربية القديمة، 3ا 24: قوة تتكلف الإقناع الممكن فى كل واحد من الأمور المفردة فى كتابنا هذا ص 28وفى الحكمة العروضية، ص 15. ونقل من الترجمة العربية (16ا 2018) نقلا حرفيا فى الحكمة العروضية ص 60
(4) أنظر الحكمة العروضية، ص 27هامش 1ص 34هامش 2ص 35هامش 1ص 36 هامش 1، 3ص 38هامش 1، 2ص 43هامش 2ص 49، هامش 1ص 52 هامش 4ص 55هامش 2ص 56هامش 1ص 62هامش 3ص 63هامش 5ص 64هامش 2ص 65هامش 5ص 71هامش 1، 3، 4ص 74 هامش 1، 3ص 75هامش(1/189)
قوته يتردد فى الجهر بذلك، أما فى الشفاء فيبدو أكثر جرأة لأنه أغزر علما. وأول نقد وجهه ابن سينا لترجمة كتاب أرسطو جاء فى كتاب المجموع أو الحكمة العروضية عند بحثه فى أجناس الكلام الريطورى وأغراض كل قسم.
ولم يكن ابن سينا يعتمد فى تفهمه لهذا الجزء من كتاب ريطوريقا على الترجمة العربية وحدها، لأن بعض أجزاء هذه الترجمة كما وصلت إلينا وربما لم تك أحسن حالا فى زمن ابن سينا لا يمكن أن تؤدى أى معنى (1). ولدينا أدلة كثيرة على أن ابن سينا فى شرحه لكتاب ريطوريقا لم يعتمد على الترجمة العربية فقط بل رجع إلى كتب أرسطو فى السياسة والأخلاق وإلى رسالة فى آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابى (2). ومن الصعب أن يقال إنه لم ير شرح الفارابى للخطابة.
ولا يحجم ابن سينا فى كتاب الشفاء عن أن يعلن أن هناك أجزاء فى الترجمة العربية لم يستطع فهمها فهو يقول فى ص 81من كتابنا هذا: وأورد لهذا الباب أمثلة فى التعليم الأول لم أفهمها (3) واللوم لا يقع على الشيخ الرئيس وإنما على المترجم، فليس هناك ذكاء بشرى يستطيع أن يفقه معنى للألفاظ المرصوصة التى نجدها فى الترجمة العربية كما وصلت إلينا (4). وواضح من كلام ابن سينا أنه لم يحظ بنص أفضل.
__________
(1) الحكمة العروضية، ص 19، ولا سيما هامش 2.
(2) انظر الحكمة العروضية، ص 27هامش 2وكتابنا هذا ص 62الحكمة العروضية، ص 38 هامش 3الحكمة العروضية، ص 40هامش 2ص 41هامش 4وكتابنا هذا ص 6362.
(3) أنظر أيضا ص 224من كتابنا هذا: ويشبه والله أعلم ثم لليونانيين فى هذا الباب أحوال لم نحصلها.
(4) الترجمة العربية القديمة، 12ب 1321ا 1أوسطو، 3271، 33 (1365ا 24وما بعده).(1/190)
ونجد فى كتاب الشفاء أمارات على أن ابن سينا ربما يكون قد اطلع على شروح وضعها غيره لكتاب ريطوريقا.
فهو يقول بجلاء عند محاولته التفرقة بين المقنع الحقيقى وبين ما يرى مقنعا:
فهذا هو الفرق بين المقنع الحقيقى وغير الحقيقى، لا وجوه أخرى قيلت فى كتب خطابية لأقوام محدثين (1).
ويحذرنا ابن سينا عند شرحه لتعريف الخطابة من السيرفى أثر من أخطأوا فى تحديد معنى الإقناع الممكن، فيقول: ولا يلتفت إلى تفسير آخر (2).
وقد ردد ابن سينا فى أكثر من مكان واحد عبارات يفهم منها مخالفته لشراح آخرين تعرضوا لمناقشة تلك الأصول التى يتناولها بالبحث فى كتابه. فيقول:
هكذا ينبغى أن يفهم هذا الموضع أو والأحب إلى أن يفهم هذا الفصل هكذا (3).
وأهم من ذلك كله تلك المواضع التى تظهر من ناحية مخالفة ابن سينا لغيره من الشراح، ومن ناحية أخرى عدم رضائه عن الترجمة العربية، ومطالبته من يعرفون اللغة اليونانية بالرجوع إليها.
ومن هذه الأمثلة ما نجده فى صفحة 81من كتابنا هذا. فابن سينا يردد أولا عبارة الترجمة العربية، 13ا 65، وهى: والصحة أفضل من الضعف، لأن تلك له، فأما هذا فلا ثم يضيف: وقد فهم من الضّعف الضّعف بمعنى اليسار وتضاعف المال، وفهم من الخاص ليس الخاص بالغاية، بل الخاص بالكاسب. ولكن ابن سينا لا يرضى عن هذا الرأى، ولا يوافق على الترجمة، فيجهر برأيه قائلا: وعندى أنه وقع فى النسخ غلط،
__________
(1) أنظر ص 26من كتابنا هذا.
(2) أنظر ص 29من كتابنا هذا.
(3) أنظر ص 170، 171، 172، 174، 177، 178، 188، 190، 192(1/191)
ويجب مكان الضعف عدم الضعف أو ما به وهو القوة. ولكن يجب أن يرجع إلى الأصل اليونانى.
فاذا رجعنا إلى النص اليونانى رأينا صدق حدس ابن سينا. فالمترجم إلى اللغة العربية قد أخطأ. لأن أرسطو، ريطوريقا، 71، 35 (1365ا 3635)، لا يتحدث عن الصحة والمرض، ولا عن الصحة والمال، ولا عن القوة وعكسها، بل يذكر أن الممكن أفضل من غير الممكن:
وقد أشار ابن سينا فى صفحة 74من كتابنا هذا إلى رأى لأحد من تصدوا للتعليق على كتاب ريطوريقا، فشرح ابن سينا ذاك التفسير ووضحه، وبيّن أن الخلاف فى هذا الموضع يدور أيضا حول قراءة، كلمة الضعف وهل هى بكسر الضاد أم بفتحها.
يقول ابن سينا: وإذا دام الإذعان للمحن واشتد الضعف والخوف حتى جاوز بالجفاء وقت الضرورة أورث الاستيحاش لا محالة. وقد فهم بعضهم من الضّعف الضّعف وهو التضاعف، فكان معناه أن الشئ إذا تضاعف أملّ وإن كان قبله سهلا.
غير أن ابن سينا هنا لم يدرك، كما أدرك فى صفحة 81، أن المترجم إلى اللغة العربية ربما يكون قد أخطأ، فضلّ وأضل، وقاد إلى الاختلاف حيث لا خلاف. ذلك أننا لو رجعنا إلى الأصل اليونانى لوجدنا أن أرسطو طاليس (1)
لا يبحث فى ضعف أو خوف، وإنما فى حد الصعب الذى يعرف أو يميز بما يصاحبه من ألم أو بما يستغرقه من زمن. غير أننا نستطيع أن نتبين فى الترجمة العربية التى وصلت إلينا ذكرا للخوف والحزن والضعف (2).
__________
(1) أرسطو، 2761 (1363ا 2423):
(2) الترجمة العربية القديمة، 10ب 11123: «لأن الضعف الحزن فى طول الزمان». ومن الواضح أن المترجم عرّب كلمة (ألم) بالحزن.(1/192)
وهناك موضع جدير بالذكر بحث فيه ابن سينا أمثلة ساقها أرسطو للتدليل بها على المغالطات السفسطائية. وقد قرر ابن سينا أنها من باب اللواحق أو جزئية اللواحق، وهو على حق فى ذلك، غير أنه يرى أنها تأخرت عن مكانها لغلط من النساخ (1). فإذا رجعنا إلى الأصل اليونانى وجدنا أنها فى مكانها إلا أن ابن سينا صادق الحدس، فهناك خطأ فى الترجمة العربية، لأن أرسطو يصدّر هذه الأمثلة بما يدل على بابها (2). ومن الجائز أن يكون المترجم قد صحف كلمة فقرأها (3).
وفى موضع آخر نجد أن ابن سينا قد أحس بأن هناك خطأ ما فى الترجمة العربية، ولكنه لا يجزم بذلك، فقد تكون الترجمة صحيحة، ويكون التأويل كفيلا بأن يزيل ما بها من صعوبة (4). فإذا ما رجعنا إلى الأصل اليونانى (5)، وضح لنا أن المترجم أخطأ (6) وأن خطأه قد أضل من ساروا على هديه.
فأرسطو لا يذكر هنا شيئا عن القضاء أو القدر، وعلى ذلك فليس هناك ما يدعو إلى البحث فى إثبات لا أو حذفها، لأن الترجمة العربية قد بعدت عن الأصل اليونانى.
__________
(1) ص 190من كتابنا هذا: «وعندى أنها قريبة من باب اللواحق، أو جزئية اللاحق، وأنه تأخر عنه لغلط من النساخ».
(2) أرسطو، 7242 (1401ب 2120):
(3) قارن ص 189من كتابنا هذا: «ومن ذلك قوله: ينبغى أن يفهم على ما أعبر عنه».
(4) ص 150من كتابنا هذا: «وقيل فى التعليم الأول: فأما الذين يصيرون الى ذلك بلا حتم أو قضاء. يشبه أن تكون لفظة لا قد وقعت زائدة سهوا من الناقلين أو غيرهم، أو يشبه أن يكون معناه بلا حتم من الكاسبين، ولا تقدير منهم، فيكون كأنه قال: بلا توقع من الناس وتقدير».
(5) ارسطو، 292 (1386ب 15):
(6) الترجمة العربية القديمة، 33ب 1918: «فاما الذين يصيرون الى ذلك بلا حتم أو قضى فينبغى أن».(1/193)
المخطوطات
اعتمدت فى تحقيق نص كتاب الخطابة على تسعة مخطوطات، منها ما هو تام كامل لم يفقد منه شئ، ومنها ما ضاعت منه وريقات عدا عليها الدهر فأطارها من مكانها، ومنها ما لم يبق منه إلا فصول قليلة.
وهذه المخطوطات هى:
(1) مخطوط بخيت (مخطوط الأزهر) ورمزه ب
(2) مخطوط العطار ورمزه ح
(3) مخطوط داماد الجديد ورمزه سا
(4) مخطوط سليمانية (داماد) ورمز س
(5) مخطوط المكتب الهندى ورمزه هـ
(6) مخطوط المتحف البريطانى ورمزه م
(7) مخطوط نور عثمانية ورمزه ن
(8) مخطوط دار الكتب (894فلسفة) ورمز د
(9) مخطوط دار الكتب (1) (262فلسفة) ورمزه دا
وترجع هذه المخطوطات إلى أزمنة مختلفة، وقد كتبت بخطوط متباينة، فى بلاد متفرقة وهى تنقسم إلى فصائل أو عائلات سنحاول أن نتبينها فيما يأتى، لأنه على قدر معرفتنا بتاريخ كل مخطوط وصلته بغيره يمكننا أن نقدر قيمة القراءات التى نجدها فيه.
وأفضل هذه المخطوطات وأصحها هو المخطوط الذى كان يملكه المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعى مفتى الديار المصرية.(1/194)
وقد وقفه على أهل العلم سنة 1328هـ، وهو الآن محفوظ بمكتبة الجامعة الأزهرية.
وقد كتب بخط نسخى، قليل النقط، ولكنه واضح أشد الوضوح، ويحتمل أنه يرجع إلى القرن السابع الهجرى.
وتوجد على هامشه قراءات وتفسيرات، أخذت على ما يظهر من الأصل الذى نسخ منه لأن هناك ألفاظا وشروحا مما يكتبه الناس على الهوامش فد تسربت إلى المتن لأن الناسخ يظنها عادة تصحيحات. ومن هذه الألفاظ فى مخطوط الأزهر كلمتا المشورة والمشير اللتان حلتا مكان لفظين لم يفهمهما الناسخ وهما التفسير والمفسر. وقد حدث ذلك فى ص 18س 10، 13، 14 وفى الموضع الأخير نجد المشورة أو المدح وهما شرح وشرح للشرح، وقد تسرب كلاهما إلى المتن. وكذلك نجد المشورة بدلا من التفسير فى ص 19س 5، 12وفى ص 20س 1. ونجد كذلك المشير بدلا من المفسر فى ص 19 س 1. ومما يؤيد رأينا هذا أننا نجد فى ص 19س 12لفظ التفسير فى المتن، بينما نقرأ المشورة فى الهامش، ولعل وجود اسم الإشارة المفرد المذكر قبل كلمة التفسير حال بين الناسخ وبين التبديل.
ويأتى بعد مخطوط الأزهر فى الجودة والإتقان قطعة من كتاب الشفاء كان يملكها المرحوم الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الازهر.
وهذه القطعة كتبت بخط جميل، وقد ضبطت كلماتها بالشكل وبذلت عناية كبيرة فى وضع النقط. وقد قوبلت بعد أن تم نسخها على مخطوط آخر، يدلنا على ذلك كتابة القراءات المختلفة فوق الكلمات المقابلة أو تحتها. وقد يكون تاريخ نسخ هذه القطعة متأخرا، ولكنها قد نقلت عن أصل قديم.(1/195)
وهذه القطعة محفوظة بمكتبة المجلس البلدى بسوهاج، عاصمة مديرية جرجا، تحت رقم 39منطق.
وأوراقها غير مرتبة، وقد قمت بترتيب اللوحات الشمسية التى اقتنتها دار الكتب المصرية (3078و) ليسهل الاطلاع عليها.
وبهذه القطعة، فضلا عن أجزاء من كتاب السفسطة، المقالة الأولى من كتاب الخطابة، والفصل الأول وجزء من الفصل الثانى من المقالة الثانية من كتاب الخطابة أيضا. وبالجزء الذى وصل إلينا من كتاب الخطابة نقص (خرم) يبدأ بعد كلمة موته (ص 68س 3) وينتهى بعد كلمة عديدة (ص 61س 1) من كتابنا هذا. ونجد فى نهاية القطعة التى لدينا مكتوبا بخط ناسخها: «تم الجزء التاسع من كتاب الشفاء من المنطقيات ولله الحمد والمنة، يتلوه إن شاء الله الجزء العاشر فصل فى المنافريات وهو باب المدح والذم». ووجه الغرابة فى هذا الانتهاء أن الفصل الثانى من المقالة الثانية لا ينتهى عند الكلمات: كان ممكنا فعله (ص 73س 12من كتابنا هذا). ثم إن الفصل الذى يتلوه هو فصل فى الأشد والأضعف وختم القول فى المشوريات أما المنافريات فتأتى فى الفصل الرابع. على أن هذا الختام يدلنا على أن القطعة التى وصلت إلينا كونت قسما من الجزء التاسع، وأنه قد سبقها وتلاها أجزاء أخرى.
وهذه القطعة الباقية تتبع الفصيلة أو العائلة التى ينتمى إليها مخطوط الأزهر.
وآية ذلك اتفاقهما فى أكثر القراءات إن لم يكن كلها، إذا صرفنا النظر عن الأخطاء التى تنسب عادة إلى النساخ. ومما يؤيد هذا الرأى سقوط موضعين هامين من كل منهما، ربما لم يكونا فى الأصل الأول، وأحدهما فى ص 58، س 14من كتابنا هذا، وهو «والمتعطل أقعدته الزمانة والعلة عن الاحتراف».
ويشارك هذين المخطوطين فى سقوط هذا الموضع مخطوطا سليمانية (داماد) وداماد الجديد. أما عن صلة المخطوط الأخير (داماد الجديد) بمخطوط العطار فسأتكلم عنها فيما بعد وأما عن صلة مخطوط سليمانية (داماد) بمخطوط الأزهر فيكفى أن أشير هنا الى أن محققى المدخل (إيساغوغى)، مقدمة، ص (75) ظنوا أنهما من أصل واحد، لأنهما يلتقيان فى أكثر من موضع. وثانيهما فى ص 71س 1110 من كتابنا هذا وهو: «والأفضل أزيد على ما هو دونه، فيكون الشر الأكبر الذى هو فى نفسه أخص أنقص فى الحقيقة». ويشاركهما فى هذا النقص مخطوط سليمانية (داماد) وحده.(1/196)
وآية ذلك اتفاقهما فى أكثر القراءات إن لم يكن كلها، إذا صرفنا النظر عن الأخطاء التى تنسب عادة إلى النساخ. ومما يؤيد هذا الرأى سقوط موضعين هامين من كل منهما، ربما لم يكونا فى الأصل الأول، وأحدهما فى ص 58، س 14من كتابنا هذا، وهو «والمتعطل أقعدته الزمانة والعلة عن الاحتراف».
ويشارك هذين المخطوطين فى سقوط هذا الموضع مخطوطا سليمانية (داماد) وداماد الجديد. أما عن صلة المخطوط الأخير (داماد الجديد) بمخطوط العطار فسأتكلم عنها فيما بعد وأما عن صلة مخطوط سليمانية (داماد) بمخطوط الأزهر فيكفى أن أشير هنا الى أن محققى المدخل (إيساغوغى)، مقدمة، ص (75) ظنوا أنهما من أصل واحد، لأنهما يلتقيان فى أكثر من موضع. وثانيهما فى ص 71س 1110 من كتابنا هذا وهو: «والأفضل أزيد على ما هو دونه، فيكون الشر الأكبر الذى هو فى نفسه أخص أنقص فى الحقيقة». ويشاركهما فى هذا النقص مخطوط سليمانية (داماد) وحده.
ومخطوط داماد الجديد الذى ذكرت آنفا أنه مرتبط بمخطوطى الأزهر والعطار من أنفس المخطوطات التى وصلت إلينا: خطه نسخى جميل، وكلماته مضبوطة بالشكل، وعناوين فصوله كتبت بخط كبير جدا. ويكفينا فى التدليل على صلة هذا المخطوط بمخطوط العطار أن أشير إلى قراءة عجيبة توجد فى كليهما. يقول ابن سينا فى ص 14س 3من كتابنا هذا: كمعاقدة، ولكن يظهر أن الأصل الأول الذى ينتمى إليه مخطوطا العطار وداماد الجديد كانت به حروف غير واضحة قرأها الناسخان «جمعا هذه». وينفرد هذان المخطوطان أيضا بقراءات نذكر منها على سبيل المثال: ص 7س 4: الأولتين ص 10س 3: يشرعه ص 25س 5: المقابلات ص 55س 7:
لغرض ص 62س 87: بتدبير يتدبره.
ويرجع مخطوط داماد الجديد إلى أوائل القرن الثامن الهجرى.
وقد كتب فى آخره بخط ناسخه أنه اتفق إنجازه فى مستهل ربيع الأول من شهور سنة عشرين وأربعمائة، وجاء فى هامش آخر صفحة منه: «بلغ قراءة
ومقابلة وأنا مؤلفه أبو على الحسين الشهير بابن سينا بثالث رغب 422هـ».(1/197)
وقد كتب فى آخره بخط ناسخه أنه اتفق إنجازه فى مستهل ربيع الأول من شهور سنة عشرين وأربعمائة، وجاء فى هامش آخر صفحة منه: «بلغ قراءة
ومقابلة وأنا مؤلفه أبو على الحسين الشهير بابن سينا بثالث رغب 422هـ».
ولما كان المخطوط الذى وصل إلينا لا يمكن أن يكون من القرن الخامس الهجرى، ولا يمكن أن يكون قد قرئ على ابن سينا نفسه لأن به مواضع كثيرة قد سقطت سهوا من الناسخ ولم تصحح عند المقابلة، فمن المحتمل إن أردنا أن لا نرمى الناسخ بجريمة التزوير والتزييف أن نعتبر أن التاريخ المذكور فى المخطوط وأن الحاشية المكتوبة فى الهامش كانا فى المخطوط الذى نقل عنه مخطوطنا، وأن الناسخ وهو بالتأكيد غير محترف قد نقل حرفيا ما وجد أمامه.
وهناك فصيلة أو عائلة ثانية من المخطوطات التى وصلت إلينا تتميز عن العائلة السابقة التى مثلنا لها بمخطوطات الأزهر والعطار وداماد الجديد وهذه الفصيلة الثانية تتمثل بأوضح بيان فى مخطوطى سليمانية (داماد) والمكتب الهندى وينتمى إليها أيضا مخطوط دار الكتب المصرية (894فلسفة).
فمخطوط سليمانية (داماد) مخطوط ثمين حقا، كتب بخط واضح قليل النقط، غير أنه إذا نقط فكثيرا ما يفعل ذلك بعناية ودقة وهو خال من الشكل، ولكنه يضع أحيانا علامة التشديد. ولسنا نعرف اسم ناسخه ولا مكان نسخه ولكن ذكر فى آخره أنه فرغ من نسخه سنة 834هـ. وقد فقدت منه أوراق أشرت إليها فى موضعها من كتابنا هذا.
أما مخطوط المكتب الهندى فقد كتب فى كشمير عام 1148هـ نقلا عن نسخة ترجع إلى سنة 891هـ، كتبه ناسخ متمون بخط نسخى واضح منقوط دائما.
وقد قوبل على نسخة أخرى تنتمى إلى فصيلة (ب، ح، سا) السالفة، وقد كتبت القراءات الجديدة والتصحيحات تارة فى الهامش وتارة فوق الكلمة أو تحتها.
ومما يدل على الصلة الوثيقة بين مخطوطى سليمانية (داماد) والمكتب الهندى، ويبرهن فى الوقت نفسه على أنها من عائلة متميزة، انفرادهما دون بقية المخطوطات
بقراءات كثيرة، يثير بعضها اهتماما شديدا ومن هذه القراءات: ص 5 س 10: كله ص 12. س 5: فالعمود ص 16س 17: به ص 24 س 11: فضيلة ص 27س 5: نفس ص 29س 12: فاذا ص 29 س 15: بما ص 30س 7: تعاطى ص 30س 3: وليس ص 31 س 1: المخاطبة ص 31س 2: أكثرية ممكنة ص 42س 5: فيها.(1/198)
ومما يدل على الصلة الوثيقة بين مخطوطى سليمانية (داماد) والمكتب الهندى، ويبرهن فى الوقت نفسه على أنها من عائلة متميزة، انفرادهما دون بقية المخطوطات
بقراءات كثيرة، يثير بعضها اهتماما شديدا ومن هذه القراءات: ص 5 س 10: كله ص 12. س 5: فالعمود ص 16س 17: به ص 24 س 11: فضيلة ص 27س 5: نفس ص 29س 12: فاذا ص 29 س 15: بما ص 30س 7: تعاطى ص 30س 3: وليس ص 31 س 1: المخاطبة ص 31س 2: أكثرية ممكنة ص 42س 5: فيها.
وابتداء من ص 44يكثر انفرادهما بقراءات وسقوط ألفاظ بعينها من كليهما نذكر منها الأمثلة الآتية:
ص 70س 12: الجسم ص 85س 5: خلافه ص 87س 5: الحلم ص 92ص 32: فعل مثله فعلا ص 92س 9: استكره ص 98 س 6: وهم؟؟؟ ص 114س 6: اليدين ص 115س 8: مما يفعله من القبيح ص 118س 2: بحسب قوله ومخالفته للواجب حين يقول ص 126س 1: كما فى المشاجرة إلى اليمين ص 138س 6: فان الكسل.
وأحسب هذه الأمثلة كافية لإثبات الصلة الوثيقة التى تربط بين مخطوطى سليمانية (داماد) والمكتب الهندى.
ولكن ناسخ مخطوط المكتب الهندى قد أتيح له أكثر من أصل واحد.
ولذلك نلحظ تشابها بين مخطوطى المكتب الهندى ودار الكتب (894فلسفة) (1).
وهذا المخطوط (دار الكتب رقم 894فلسفة) يرجع إلى القرن الحادى عشر، وهو مكتوب بخط تعليق دقيق، خال من النقط والشكل، صعب القراءة
__________
(1) أنظر ص 149س 8: الإنسان، بالإنسان ص 150س 3: بسبب شر ص 150 س 8: ليس، ص 150س 12: والنقمة وهو ص 151س 16: بل ص 153س 8: أمن.(1/199)
على المبتدى ولكن بينه وبين مخطوط المكتب الهندى ارتباط، كما يتفق مع مخطوط نور عثمانية فى بعض القراءات.
بقى علينا أن نستعرض ثلاثة مخطوطات هى: مخطوط المتحف البريطانى ومخطوط نور عثمانية ومخطوط دار الكتب المصرية (262فلسفة). وقد آثرنا بحثها معا، لأنها متصلة فيما بينها، ولكنها لا تكون فصيلة قائمة بذاتها.
فمخطوط المتحف البريطانى قد يرجع إلى القرن الحادى عشر الهجرى، وهو مكتوب بخط نسخى منقوط دائما، ولكن نقطه لا يوثق به فى كل حالة، وإن بقيت فيه قراءات ممتازة، أذكر منها فى ص 189س 13: تخلى، التخلى، وهى القراءة التى تتفق والنص اليونانى وكذلك فى ص 132س 5: يتطانزون.
وبين مخطوطى المتحف البريطانى ودار الكتب (دا) صلة ما، فهما يقسمان المقالة الثالثة إلى سبعة فصول، ويتركان أول المقالة بدون عنوان، وكأنه مقدمة.
أما مخطوط نور عثمانية فالأغلب أنه يرجع إلى القرن العاشر وليس به ذكر لناسخه ولا مكان نسخه، وخطه نسخى ونقطه قليل جدا حتى كأنه غير منقوط.
وبينه وبين مخطوط المتحف البريطانى تشابه كبير. وكذلك نجد فيه قراءات عديدة تربطه بمخطوط دار الكتب (دا).
أما مخطوط دار الكتب (دا) فقد كتب عام 1337هـ، 1919م بأيدى نساخ مختلفين من نسخة تصعد إلى سنة 992هـ. وأصل هذا المخطوط، على ما سمعت، نسخة ثمينة كان يملكها والد الدكتور محمد نور الدين المحامى بالقاهرة، ولكنها بيعت إلى أحد الأجانب وأخرجت من الديار المصرية.
ولو أن دار الكتب المصرية أمرت بتصوير الأصل، لأعطتنا نسخة يمكن الاعتماد عليها. أما المجلدات التى تقتنيها الآن فقد أفسدها النساخ الذين لم يكن لهم من هم إلا السرعة. ولذا صرفت النظر عن هذا المخطوط ولم أذكره إلا إذا كان هناك فائدة محققة.(1/200)
الفن الثامن من الجملة الأولى من المنطق(1/201)
ريطوريقا أربع مقالات(1/203)
المقالة الاولى سبعة فصول(1/205)
فصل (1) [الفصل الاول] فى منفعة الخطابة
قد سلف لك الفرق بين (2) الصنائع القياسية الخمس، واستبنت (3) صورة التصديق اليقين (4)، وصورة ما يقاربه (5)، وصورة الإقناع المظنون، وعلمت مفارقة الإقناع للوجهين الأولين، وتحققت أن للإقناع (6) درجات فى التأكيد والوهن، وبان لك أن الصنائع الحائمة حوم التصديق أربع من الخمس، وأن المغالطية مرفوضة (7)، وأن الجدلية قليلة الجدوى على الحكماء إلا بالطرق (8) المشتركة بينها (9) وبين البرهان، وإلا بالارتياض (10) وبالإقناع فى المبادئ، وإلا فى تخطئة مخالفين (11) للحق من نفس ما يسلمون، وأن الجدلية أيضا يسيرة (12) الفائدة على العامة، فإنها وإن كانت مستوهنة ضعيفة بالقياس إلى الصناعة البرهانية، فهى متينة صبعة بالقياس إلى نظر (13) العامة، وأن (14) العامة بما هم عامة تعجز عن (15) تقبل (16) الجدل إلا إذا صاقب (17) بلينه (18) حدود الخطابة، وأن الجدل، إذا ألزمهم شيئا (19)، وأذعنوا للزومه، خالوه مفالطة أضلتهم (20)، أو (21) شيئا ليس يستوى لهم انكشافه، فهم (22) فى حيرة منه،
__________
(1) فصل: فصل اب: الفصل الأول م، س، هـ
(2) بين: بين بين د
(3) استبنت: استنيت؟؟؟ ب، دا
(4) التصديق اليقين: التصديق واليقين دا: اليقين ن، هـ
(5) يقاربه: يقارنه هـ، دا
(6) للاقناع: الاقناع د
(7) مرفوضة: مرفوعة (؟) د: موصوفة ب
(8) بالطرق: بالطريق م
(9) بينها: سقطت من م
(10) بالارتياض: بارتياض د
(11) مخالفين: المخالفين ب، س، هـ
(12) يسيرة: يسير س
(13) نظر: فطن ب، ح، د، سا
(14) وان: فان ن، هـ (ثم كتب تحت فا فى هـ: وا)
(15) تعجر عن: تعرض عن هـ: سقطت من س
(16) تقبل: قبول م، ن: قبول قبل هـ
(17) صاقب: اصا؟؟؟ م: اضافت ن: اضاقت دا
(18) بليته؟؟؟:؟؟؟ د، س: طنه؟؟؟ هـ: بلينه ح:؟؟؟ ب: ثانيته دا:؟؟؟ ن: بلنيه م، بل؟؟؟ سا
(19) شيئا: سقطت من ن، هـ
(20) أضلتهم: سقطت من ن
(21) أو: ود
(22) فهم: سقطت من ن(1/206)
ونسبوه إلى العامل (1) بفضل القوة لا بفضل الصواب، والمسكوت عنه للحيرة ولقصور المنة، لا لمصادفة (2) الموقع. فيكون عندهم أنهم لو تيسرت لهم نقلة عن درجتهم إلى فضل (3) استظهار بنظر واستبصار بعرفان، لم يبعد أن ينقضوا ما سمعوه (4) ويعلموا موضع التلبيس فيما عجزوا عنه. وبالجملة: إذا استقصروا أنفسهم عن شأو المفاوض بالقياسات الجدلية زالت ثقتهم بما أنتج عليهم، فلم يعلموا (5) أن الحق موجبه (6)، أو القصور (7) مخيله (8).
فيجب أن تكون المخاطبة التى يتلقاها العامى بعاميته من الجنس الذى لا يسترفعه (9) عن مقامه (10) استرفاعا بعيدا كأنه متعال عن درجة مثله، بل يجب أن يكون الفائق فيها فائقا فى الباب، أعنى أن يكون المقتدر على إجادته معدودا فى جملة مخاطبى العامة، لكنه أثقف منهم (11) من غير مجاوزة لحدودهم.
وليس تبقى لنا صناعة قياسية تناسب هذا الغرض غير الخطابة. فلتكن الخطابة هى التى تعد (12) نحو إقناع الجمهور فيما يحق عليهم أن يصدقوا به. ولتتضع عن نفع يعود منها على الحكمة (13) أو على الجدل.
ولما كان المخاطب إنسانا وكل إنسان إما خاصى، وإما عامى والخاصى لا ينتفع من حيث يحتاج أن يصدق تصديق الخواص إلا بالبرهان (14) والعامى لا ينتفع من حيث يحتاج أن يصدق تصديق العوام إلا بالخطابة فالصناعتان النافعتان فى أن يكتسب الناس تصديقا نافعا هما: البرهان والخطابة.
__________
(1) العامل: العامه س
(2) لمصادفة. المصادمه سا
(3) فضل: أفضل م
(4) سمعوه: سمعوا س
(5) يعلموا: يعلمون ب
(6) موجبه: موجبة، م هـ
(7) القصور: لقصور ب، د
(8) مخيله: مخيلة م، هـ: محلته؟؟؟ د
(9) يسترفعه: يسترفع ب، ح (هناك فى ح محاولة لتصحيح الكلمة)
(10) مقامه: مقاومة م
(11) منهم: منه م: سقطت من ن
(12) تعد: سقطت من م
(13) الحكمة: سقطت من د
(14) بالبرهان: بالبرهانى ح(1/207)
وأما الجدل فينفع فى أن يغلب المحاور محاوره (1) غلبة (2). وأما أن يفيده تصديقا ينفعه، فهو فى بعض حواشى الصناعة، دون أسها، أو (3) بما يعرض عنها، لا لأنها جدل. وليس قصد الغلبة هو بعينه قصد إفادة التصديق. فإن السوفسطائية تقصد الغلبة، ولا تقصد إفادة البتة. وكذلك المفاوضة الامتحانية والمحاورة (4) العنادية. ولو أريد بالجدل الدلالة (5) على الصدق (6)، لما كانت الصناعة متجهة إلى المتقابلات، ومبنية على المسلمات (7). وحيث يراد بالجدل إقناع المتعلم فى المبادئ، فليس يراد أن يفاد تصديقا (8) جزما (9). فإن المعلم يكون قد جانب فيه طريقة من يعلم، وجنح إلى سيرة من يغر (10)، وآثر مذهب من يغش، إن أوهم ذلك وكذب فيما يقول. بل داية غرضه فى ذلك أن يزيل عن نفس المتعلم الاستنكار (11)، ويشعره قرب الوضع من الإمكان، ويميل بظنه إلى طرف واحد من طرفى النقيض ومثله (12).
وإن كان من العامى تصديقا، فليس يكون من الخاصى تصديقا. فإن الخاصى قد تمت منه (13) الإحاطة بأن تصديق مثله إنما هو بالحق، وأنه لا تصديق له بما فيه بعد إمكان عناد. وأما تصديق العامى فليس من شرطه أن ينمحق الشك معه. ولذلك (14) من شأن العامى أن يقول لمخاطبه (15): صدقت وأحققت. وليس من شأن الخاصى أن يقول فى مثل ذلك لمخاطبه (17): صدقت وأحققت (16).
__________
(1) محاوره: محاورة م
(2) غلبة: غلبة ح
(3) أو: وس
(4) المحاورة: المجاوره س
(5) الدلالة: الدانة م
(6) الصدق: التصديق ن
(7) المسلمات: المتسلمات ب، ح، د، س، سا
(8) تصديقا: تصديق د
(9) جزما: جزء ما د: جزئيا ح: جزيا؟؟؟ هـ
(10)؟؟؟: يغير س
(11) الاستكار؟؟؟: الانكار؟؟؟ ح
(12) مثله: ميله ح
(13) منه: فيه ب: له من س: له منه هـ
(14) ولذلك: وكذلك ح، ن
(15) لمخاطبه: المخاطبة م، هـ، سا: سقطت من ن
(16) وليس وأحققت: سقطت من ح
(17) لمخاطبه: المخاطبة م، ن، سا(1/208)
وليس لقائل أن يقول: إن التصديق أعم من التصديق (1) الخاصى (2)، فيكون المتعلم، إذا أقنع (4) فى المبادئ كيف كان، فقد أفيد التصديق المطلق، وإن لم يفد التصديق الخاصى (3). فإنا نجيبه: أن الخاصى لو وقع له بمثل هذه المعاملة (5) تصديق من جنس التصديق العامى (6)، لكان يحق علينا أن نقول: إن هذه المخاطبة تفيده (7)
تصديقا (8)، وإن لم يكن تصديقا خاصيا. لكن الشاعر بالتصديق الخاصى والمستعد له ليس من شأنه أن يقع له التصديق البتة، إلا على نحو التصديق الخاصى والشبيه به الذى لا يخطر مقابله بالبال خطور ما يجوز وجوده. فما (9) خرج عن ذلك أو لم يناسبه، لم يقع له تصديق به (10). وأما (11) العامى فلا يشعر بذلك، بل يأخذ الأمر مصدقا به، إذا مالت إليه نفسه، ويتحرى أن يميط المقابل عن ذهنه. وإن لاح له جوازه، فيكون ميل نفسه إليه مقارنا (12) للتصديق وعلة له، وإن لم يكن نفس التصديق. فإنه إذا كان ميل نفس مع شعور بجواز النقيض مخطرا (13) بالبال مساعدا (14) على أنه لا يبعد (15) أن يكون، فليس بعد هناك تصديق ولا ظن مؤكد، بل ميل (17) ظن. فإذا انعقد الرأى، وجعل النقيض مع إمكان كونه (16)
عند المستشعر فى حكم ما لا يكون، كحكمنا (18) على كثير مما (19) يمكن (20) عندنا كونه بأنها (21)
لا تكون، فحينئذ يكون تصديقا. وميل (22) النفس يوقع التصديق عند العامى
__________
(1) أعم من التصديق: سقطت من م
(2) الخاصى: العامى ن
(3) فيكون المتعلم وإن لم يفد التصديق الخاصى: سقطت من م
(4) إذا أقنع: إذا قنع س، هـ
(5) المعاملة: العامة م
(6) العامى: دون الخاصى د: العام س: سقطت من ن
(7) تفيده: تفيد م
(8) تصديقا: خاصاح: خاصيا ب، ن، دا، سا: وتصديقا س
(9) فما: فيما م، هـ
(10) به: سقطت من د
(11) وأما: وم: فاما هـ
(12) مقارنا: مقاربا هـ، سا: مقارا؟؟؟ ب، د، ن
(13) مخطرا: مخطر ب، ح، د، ن
(14) مساعدا س: مساعد بقية المخطوطات
(15) يبعد: عد؟؟؟ ب، ح (ثم صحح)، م، ن، سا
(16) لا يبعد مع إمكان كونه: سقطت من د
(17) ميل: مثل س
(18) كحكمنا: لحكمنا م
(19) مما: ما م
(20) يمكن: سقطت من ح
(21) بأنها: بانه م، ن، هـ، دا
(22) وميل: ميل؟؟؟ س(1/209)
ويمقت إليه اعتقاد أن طرفه الآخر يكون، وإن كان جائزا عنده أن يكون.
ولا يفعل ذلك بالخاصى. فإن كان المتعلم فى درجة العوام، والمعلم (1) فى درجة المروجين، كان ذلك يصدق (2) من حيث هو عامى، لا من حيث انتقل إلى التخصيص وكان هذا يروج من حيث هو مغالطى، لا من حيث هو مجادل (3)، أو معلم. على أن المناقشة فى هذا مما عنه مندوحة. فلنضع أن هذا النوع من استعمال قوانين الجدل موقع للتصديق (4). إلا أن هذا النوع ليس من الأغراض الأولية للجدل، بل هو من الأمور المتعلقة بالجدل والمنافع (5) المستدرة (6) عن صناعة الجدل. ولربما نفعت صناعة فى غير ما أعدت له. فإذا الغاية القصوى فى الجدل هى الإلزام. ولربما حسنت معونته على التصديق إما مع العامى إذا ترافع (7) عن العامية يسيرا، فأريد أن يحبب إليه عقد (8) أو يبغض (9) عليه رأى (10)، من غير أن نعم منها هذه المعونة جماعة المنسوبين إلى العقل من الجمهور كلهم (11)، بل أفرادا (12) منهم، كأنهم (13)
خواص، وكأنهم مذبذبون (14)، لا إلى الخاصة حقا، ولا إلى العامة حقا وإما مع المتعلم إذا أريدت (15) منه السلاسة لقبول المبادئ، من غير أن يقتصر به عليه، أو (16) يوهم كفاية له فيه (17).
وكما أن المخاطبة البرهانية لا يبعد أن يراد بها لغلبة نفسا (18)، وكذلك (19) المخاطبة الخطابية (20)، فكذلك المخاطبة (21) الجدلية (22) لا يستنكر أيعدل باستعمالها عن جهتها
__________
(1) والمعلم: الأول ب
(2) يصدق: تصديق ح، م، هـ، ن، دا
(3) مجادل: محال س
(4) للتصديق: التصديق م
(5) المنافع: المواضع س
(6) المستدرة: المستديرة ح: المستفيدة م، ن، دا
(7) ترافع: ترقع ح
(8) عقد: عقدا ب، م، ن، دا
(9) يبغض: ينغص ح:؟؟؟ نغض س
(10) رأى: رأيا ب، م، ن، دا
(11) كلهم: كله س، هـ
(12) أفرادا: أفراد ح
(13) كأنهم: كانوا د
(14) مذبذبون: مذبدن؟؟؟ س
(15) أريدت: أريد م
(16) أو: وم م
(17) فيه: فيها م
(18) نفسها: فى نفسها م، ن
(19) وكذلك: ولذلك ن
(20) الخابية: فكذلك المخاطبة الخطابية س
(21) فكذلك المخاطبة: سقطت من م
(22) الجدلية: بالجدلية م(1/210)
إلى جهة (1) التصديق. وقد نطق الكتاب الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذى هو تنزيل العزيز الحكيم بمثله، فقال: «ادع إلى سبيل ربك» أى الديانة الحقيقة «بالحكمة (2)» أى بالبرهان، وذلك ممن (3) يحتمله «والموعظة الحسنة» أى الخطابة، وذلك لمن (4) يقصر عنه «وجادلهم بالتى هى أحسن» أى بالمشهورات (5) المحمودة. فأخر الجدل عن الصناعتين لأن تينك (6)
مصروفتان إلى الفائدة، والمجادلة مصروفة إلى المقاومة. والغرض الأول هو الإفادة، والغرض الثانى هو مجاهدة من ينتصب للمعاندة.
فالخطابة ملكة وافرة النفع فى مصالح المدن (7) (8)، وبها يدبر (9) العامة.
فصل (10) [الفصل الثانى] فى عمود الخطابة وأجزائها (11) والتفريق (12) بينها وبين الجدل
الخطابة قد تشارك الجدل باعتبار، وتشاكله باعتبار. أما (13) المشاركة فمن جهتين: إحداهما (14) فى القصد، والثانية (15) فى الموضوع. أما (16) المشاركة بالقصد (17) فلأن (18)
كل (19) واحد (20) منهما (21) يروم الغلبة فى المفاوضة. أما القائس فبالإلزام، وأما الآخر
__________
(1) جهة: سقطت من ح
(2) بالحكمة: سقطت من م
(3) ممن: لمن ب: مع د
(4) لمن: لم م
(5) بالمشهورات: المشهورات س
(6) تينك د، ن: ذينك ب، ح، س، هـ، سا
(7) فى مصالح المدن: سقطت من ن
(8) المدن: البدن م
(9) يدبر: يدير م: يدين ح: تدبير هـ
(10) فصل: فصل ب ب: الفصل الثانى س: فصل 2هـ
(11) أجزائها: أعوانها ب
(12) التفريق: الفرق س، ن، هـ
(13) أما: ود
(14) إحداهما م، سا: أحدهما ب، ح، د، س، هـ، ن
(15) الثانية م، ن: الثانى ب، ح، د، س، هـ، سا
(16) أما: واما س
(17) بالقصد: فى القصد د
(18) فلأن: ولا؟؟؟ ن د
(19) كل: كلا ن
(20) واحد: سقطت من ن
(21) منهما: منها ب، هـ(1/211)
فبالانفصال. وإن كان فى الخطابة غرض آخر هو غرض (1) القائس (2)، وذلك هو (3) إيقاع التصديق، وكان الآخر لا يكفيه (5) فى كمال فعله أن يقاوم المقدمات والقياس (4) فقط، بل (6) وأن يعود قائسا على مقابل نتيجة الخصم فيبين (7) كذبه.
والجهة الثانية من الجهتين الأوليين (8) أنه ليس ولا لواحد (9) منهما موضوع يختص به نظره (10). أما الجدل فقد علم أمره. وأما الخطابة، فإن (11) العامة لا يهتدون إلى تمييز الموضوعات بعضها عن بعض، وتخصيص الكلام فى موضوع مبنى (12) على مباد (13) تليق به وحده، على (14) ما توجبه الصناعة البرهانية. بل الخطابة فى ذلك كالجدل. وإن (15) كان الجدل التفاته الأول (16) إلى الكليات، والخطابة التفاتها الأول (17) إلى الجزئيات. على أن لها أيضا أن تتعاطى الكلام فى الكليات من الإلهيات والطبيعيات (18) والخلقيات. فهذا هو المشاركة.
وأما (19) المشاكلة، فلأن مبادئهما (20) جميعا المحمودات. لكن الجدل محموداته حقيقية، والخطابة محموداتها ظنية.
ولما كان كل واحد من الجدل والخطابة متعرضا لكل موضوع، صارا مشاركين للعلوم البرهانية فى موضوعاتها (21) من وجه، فحصل أيضا بينهما (22) وبين العلوم مناسبة ومشاكلة.
وهذه الصناعة قد يتعاطى أفعالها كل إنسان، وتجرى (23) بينهم (24) فيها مفاوضات (25)، تبين لك بأن (26) تتأمل ما يختلفون فيه من مدح، أو ذم، أو شكاية، أو اعتذار،
__________
(1) غرض (القائس): الغرض د
(2) القائس: للقايس ب، د: للقياس م
(3) وذلك هو: وهو د
(4) وذلك هو إيقاع التصديق والقياس: سقطت من م
(5) يكفيه: يكفى ن
(6) بل: سقطت من م
(7) فيبين: به س، م، هـ
(8) الأوليين: الأولين هـ: الأولتين ح، سا
(9) ولا لواحد: ولا واحد ن: واحد س
(10) يختص به نظره: مختص بنظره د
(11) فإن: فلأن د، س
(12) مبنى: مبنيا ح، د، س
(13) مباد: مبادى ح
(14) على: سقطت من س
(15) وإن: فان ن
(16) الأول: الأولى ن
(17) الأول: الأولى ن
(18) الطبيعيات: الطبيعات م
(19) وأما: فأما ب، م
(20) مبادئهما: مبائها م، س، ن
(21) موضوعاتها: موضعاتها م
(22) بينهما: بينها ح
(23) وتجرى: سقطت من س
(24) بينهم: سقطت من ح
(25) فيها مفاوضات: مفاوضات فيها د
(26) بأن: سقطت من م(1/212)
أو مشورة (1). فمنهم من تصرفه فى بعض هذه المعانى أنفذ، ومنهم من هو متصرف فى جميعها، ومنهم من ينفذ فى ذلك بملكة حصلت له عن (2) اعتياد أفاعيلها من غير أن تكون القوانين الكلية محصلة عنده حتى يعلم لمية ما يفعله وتكون (4) عنده أحكام صناعية مجردة عن موادها (5)، ومنهم من يجمع إلى الملكة الاعتيادية ملكة صناعية حتى تكون القوانين (3) محققة عنده، وهو الإنسان الذى أحاط بهذا الجزء من المنطق علما، واكتسب الملكة بالمزاولة (6). والملكة الاعتيادية وحدها، وإن كانت تجح، فلا عن بصيرة. والملكة الصناعية وحدها أيضا تكون فاترة الإنجاح غير نافذة (8).
وقد ذكر المعلم الأول: أن سلفه إنما كان مقامهم فى الخطابة مقام من له ملكة (7) اعتيادية، ولم تكن (9) تميزت له صورة الملكة الصناعية، ولا تكلموا فيها ولا خاضوا خوضا (10) يعتد به. إذ كان أكثر ما تحلوا؟؟؟ فيه هو النظر فى الأمور الخارجة عن عمود الخطابة.
وذلك لأن الخطابة لها عمود، ولها أعوان. أما العمود: فالقول الذى يظن أنه (11) ينتج بذاته المطلوب. وأما الأعوان: فأحوال أيضا وأقوال خارجة (12) عن ذلك العمود. وذلك لأنه، لما لم (13) يكن الغرض فى الخطابة إصابة الحق، ولا (14) إلزام (15)
العدل (16) بل الإقناع وحده، كان كل مقنع مناسبا (17) للغرض. وليس كل ما يقنع هو (18) قول قياسى أو تمثيلى (19)، أو شئ مما يجرى مجرى ذلك. فإنك قد تقنع
__________
(1) مشورة: مشهورة م
(2) عن: من ح
(3) محصلة عنده حتى يعلم حتى تكون القوانين: سقطت من م
(4) وتكون: فتكون د، س
(5) موادها: مرادها د
(6) بالمزاولة: والمزاولة هـ
(7) الصناعية ملكة: سقطت من م
(8) نافذة: نافذته ح، هـ، سا: فامدة؟؟؟ د
(9) تكن: يكن له سا
(10) خوضا: سقطت من س: عرضا هـ
(11) أنه: سقطت من ن
(12) خارجة: خارجا ب، م: خارجتان ح
(13) لم: سقطت من ن
(14) لا: سقطت من م، ن
(15) إلزام: الالزام ح، م، ن
(16) العدل: القول هـ
(17) مناسبا: هـ، ن، م، ب، مناسب؟؟؟
(18) هو: فهو ح
(19) أو تمثيلى: سقطت من ح: او بمثل؟؟؟ س(1/213)
بما (1) يحكم به المعروف بالصدق من غير أن تسومه إقامة البرهان، وتقنع بما يخبر به من تشهد سحنته وهيئته بما يخبر به، كالذى هيئته هيئة مرعوب مذعور، إذا حدثك بأن (2) وراءه فتنة أو آفة. وكل من (3) يحاول إقناع (4) آخر، فإما (5) أن يحاول ذلك بالشئ الذى من شأنه أن يقنعه به، وإما أن يجعله مستعدا للقناعة بما لولا الاستعداد أو شك أن لا يكون مقنعا.
والأشياء المقنعة: إما قول تروم منه صحة قول آخر، وإما شهادة. والشهادة:
إما شهادة (6) قول، وإما (7) شهادة حال. وشهادة القول مثل الاستشهاد بقول نبى أو إمام أو حكيم (8) أو شاعر ومثل الاستشهاد بقوم (9) يحضرون ويصدقون قول (10)
القائل مشافهة بأن (11) الأمر كان أو مثل الاستشهاد بشهادة الحاكم والسامعين بأن القول مقنع. فالأول شهادة مأثورة (12)، والآخر (13) شهادة (14) محضورة.
وأما شهادة الحال: فإما حال تدرك بالعقل، أو (15) حال تدرك بالحس.
فأما (16) الحال التى تدرك بالعقل فمثل (17) فضيلة القائل، واشتهاره (18) بالصدق والتمييز (19).
وأما الحال التى تدرك بالحس: فإما قول، وإما غير قول. والقول (20) مثل (21) التحدى، ومثل اليمين (22) (23)، ومثل العهود. أما التحدى فكمن (24) يأتى بما يعجز عنه، فيعلم أن دعواه دعوى صادقة، ولولا ذلك لما أيد من السماء بما ليس (25) فى طباع البشر أن يوجد (26)
__________
(1) بما: مما م
(2) بان: ان ب
(3) كل من: كل ما م، ن: كلما ب
(4) اقناع: اقناعا د
(5) فاما: اما س
(6) إما شهادة: سقطت من د
(7) وإما: أو م
(8) أو حكيم: وحكيم د
(9) بقوم: بقول قوم ن
(10) قول: بمقول م: بقول ب، ن، هـ (ثم كتب فوق الباء ح)
(11) بأن: سقطت من ب
(12) مأثورة: ما يوثره م، ن
(13) الآخر: لاخر د
(14) شهادة: شها ن
(15) او: واما ح
(16) فأما: واما س م، هـ: فلها د
(17) فمثل: مثل م
(18) اشتهاره: إشهاره د، ن، هـ
(19) التمييز: التميز م، ن، هـ
(20) والقول: فالقول م، ن
(21) مثل: فمثل سا
(22) ومثل اليمين: سقطت من د
(23) اليمين: التميز هـ
(24) فكمن: كمن م، ن
(25) بما ليس: سقطت من ن
(26) يوجد: يوجده س، هـ: يوجدوه د، دا: يوجدو ن(1/214)
بقواهم (1)، وكمن يدعى أنه أعلم (2) من إنسان آخر بالطب، وإلا فليعالج هو معالجته.
وأما اليمين (3) فحالها معروفة. وأما العهود فهى (4) أقاويل أيضا مدونة مكتوبة، وهى شريعة ما (5)، يشرعها (6) المتعاهدان على أنفسهما.
وأما الحال المحسوسة (7)، غير القول، فمثل من يخبر ببشارة، وسحنة وجهه سحنة مسرور بهج (8)، أو يخبر بإظلال آفة وسحنة وجهه سحنة مذعور خائف، أو (9) ينطق عن تقرير بالعذاب والثواب. فمن ذلك ما تكون الحال الشاهدة تتبع الانفعال النفسانى مثل السحنة والهيئة ومن ذلك ما تكون الحال (10) الشاهدة طارئة من خارج مثل العقوبة أو (11) المبرة.
وأما الحيل للإعداد المذكورة (12) فتتوجه نحو من يراد إقناعه. ومن يراد إقناعه:
إما المفاوض نفسه الذى تتوجه إليه المفاوضة، وإما (13) غيره. وغيره (14): إما (15) ناظر يحكم بين المتحاورين، وإما السامعون من النظارة. فههنا (16): قائل، وقول، وسامعون. فالحيلة الإعدادية: إما أن (17) تكون بحيث تجعل القائل مقبول القول، أو بحيث (18) تجعل القول أنجع، أو بحيث تجعل السامعين (19) أقبل. فأما القائل، فأن يتكلف الاستشهاد بحال نفسه تكلفا، إذا لم يكن ذلك واقعا بنفسه، وذلك أن يتكلف الدلالة على فضيلة (20) نفسه، أو يتهيأ بهيئة وسحنة تجعل مثله مقبول القول.
وأما القول فإنه يحتاج تارة إلى أن يرفع به الصوت، وتارة إلى أن يخفض به الصوت، وتارة إلى أن ينقل الصوت، وتارة إلى أن يحد (21)، وتارة إلى أن تخلط فيه هذه الأمور. ولكل عرض (22) أيضا ترتيب خاص.
__________
(1) بقواهم: بقواه س، هـ
(2) أعلم: علم م
(3) اليمين: باليمين م
(4) فهى: هى م
(5) ما: سقطت من س
(6) يشرعها: يشرعه ح، سا
(7) المحسوسة: عن ب
(8) بهج: بهيج م
(9) أو: وسا
(10) الحال: سقطت من د
(11) أو: وح، س
(12) المذكورة: المذكور ح، س
(13) واما: اما ب
(14) وغيره: سقطت من د
(15) إما: فأما ح
(16) فههنا: وها هنا م: وفههنا هـ
(17) ان: سقطت من م
(18) بحيث: سقطت من د
(19) السامعين: السامعون م
(20) فضيلة: فضله ب
(21) يحد: يحده ح
(22) عرض: غرض سا(1/215)
وأما السامع فيحتاج أن يستعطف ويستمال حتى يجنح (1) ويميل إلى تصديق القائل، أو يرد إلى هيئة مصدق (2)، وإن لم يصدق. وكذلك الحاكم. وأما المناظر (3) فيكفى (4) منه أن يهيأ بهذه الحيلة بهيئة مذعن مصدق، وإن لم يقع (5) له التصديق.
وهذا (6) التأثير يوجبه أمران: أحدهما ما (7) يحدث (8) انفعالا، والثانى منهما (9) يوهم (10) خلقا. فإن الأخلاق تختلف بالناس (11) فبعضها يجعل الإنسان أسرع تصديقا وبعضها يجعل الإنسان أميل إلى إيثار العناد. والانفعالات أيضا فإنها (12) تقوم وقت ما تحدث مقام الأخلاق فى ذلك. فإن من (13) انفعل بخوف، واتقى عاقبة عناد، كان أقرب إلى الشهادة. ومن (14) رحم، كان أدنى (15) إلى التصديق. ومن أحب، كان أخلق بأن (16) يميل إلى معاونة المحبوب. ومن مدح وأعجب بنفسه، كان ميله إلى مادحه الذى عجبه بنفسه وتصديقه إياه أكثر.
ومن أغضب على إنسان، كان أحرى أن يكذبه. ومن مكنت (17) منه القسوة، كان أجدر أن لا يذعن للرحمة. ويشرح (18) جميع هذا من ذى قبل. وأكثر ما يستدرج من هذه الحيل (19) قولى. فيكون إذا فى الخطابة أقوال (20) غير العمود (21)
المذكور: من ذلك أقوال يراد بها تقرير هذه الحيل ومنها أقوال يراد بها إيجاب (22) التصديق بمقتضى الأمور المذكورة. مثال الأول: القول الذى يريد به الخطيب تقرير فضيلته (23) عند السامعين ليصدقوا بها (24)، أو (25) القول الذى يثير به سخط
__________
(1) يجنح: ينجح م، ن
(2) مصدق: يصدق ن، هـ
(3) المناظر: الناظر د، س
(4) فيكفى: وكفى د
(5) يقع:؟؟؟ س
(6) وهذا: فهذا ب، ن
(7) ما: سقطت من س
(8) يحدث: بوجب؟؟؟ م، ن
(9) منهما: ما ب، د، ن
(10) يوهم: سقطت من سا
(11) بالناس: الناس ن
(12) فانها: سقطت من د، ن
(13) من: ما م
(14) ومن: من د
(15) أدنى: أدنا ح
(16) بأن: بمن ب
(17) مكنت: تمكنت ب، د:؟؟؟ ن، دا
(18) يشرح: لنشرح س، هـ
(19) الحيل: الحيله س
(20) أقوال: أحوال د
(21) المعمود: المعمود ح
(22) إيجاب: إيقاع ب: إيراد ح، م، ن
(23) فضيلته: فضيلة ح، س:؟؟؟ هـ
(24) بها: سقطت؟؟؟ من ن
(25) أو: ود، م، ن(1/216)
القاضى على خصمه. ومثال الثانى: القول (1) الذى يروم به (2) إثبات كون الشهادة مقنعة، وإثبات كون المعجز حجة، وإثبات كون الشهادة بينة زكية.
فيعود الأمر إلى أن الأقاويل الخطابية التى يراد بها التصديق ثلثة أصناف:
العمود، والحيلة، والنصرة.
والعمود (3) هو القول الذى يراد به التصديق بالمطلوب نفسه.
والحيلة هى قول يفاد (4) به انفعال لشئ (5) أو إيهام بخلق (6).
والنصرة (7) قول ينصر (8) به ما له تصديق (9).
فقد اتضح لك إذا (10) أن ههنا شيئا هو العمود، وشيئا خارجا عنه، وأن جميع ذلك صناعى.
وذكر فى التعليم الأول: أن السلف المتكلمين فى أصول الخطابة لم يزيدوا على أحكام تكلموا فيها متعلقة بالأمور الخارجية (11)، ولم يفطنوا للكلام فى العمود أصلا. فأما الأقاويل الانفعالية والخلقية فقد أكثروا فيها، وكذلك ما يتعلق بالترتيب من الصدر، والاقتصاص، والخاتمة، وجميع ما هو غير العمود مما ليس الغرض فيه نفس التصديق، بل الغرض فيه استدراج السامع.
فلو اتفق أن يصطلح (12) الخطباء كلهم فى المدن كلها على ترذيل (13) الخارجيات والاشتغال بالعمود، كما كان (14) قد اصطلح عليه فى عدة مدن فى زمان المعلم الأول، لكان سعى أولئك الخطباء حينئذ قد بطل، ولم يكن إلى ما دونوه من أصولهم
__________
(1) القول: سقطت من م
(2) به: سقطت من س
(3) والعمود: فالعمود س، هـ
(4) يفاد: يراد م: يراد يفاد ن
(5) لشئ: شئ د
(6) بخلق: الخلق م، ن، هـ
(7) والنصرة: ومعنى النصرة د: وعنى؟؟؟ بالنصرة ن، هـ (وقد كتبت النصرة فى هامش هـ)
(8) ينصر: خبر هـ
(9) له تصديق: لم يصدق هـ
(10) إذا: سقطت من ح، ن
(11) الخارجية: الخارجة س
(12) يصطلح: يصطلحوا م
(13) ترذيل: ردل؟؟؟ د
(14) كان: سقطت من س(1/217)
فى الخارجيات حاجة، بل كان كأنه مما (1) يزيف ويسقط، وكان مذهب الخطباء فى ذلك العصر (2) مذهبين (3): مذهب تختص به (4) بلاد من بلادهم يسوغ الخطيب استعمال كل مقنع من العمود، ومن الحيلة (5)، ومن النصرة ومذهب يحظر ذلك كله (6) ويحرمه ولا يسوغ أن يشتغل بشئ عدا (7) القول المقنع. والصواب هو المذهب الأول. ومن لطف (8) للتصرف (9) فى ذلك كله، واقتنى الملكة فيه، عد فطنا لبيبا، وحسن (10) التأتى (11) أديبا.
فصل (12) [الفصل الثالث] فى الأغراض التى تختص بالخطيب وكيفيتها
وكل خطيب يتكلم فى الأمور الجزئية، فإنه يحتاج إلى أن يثبت كون شئ (13)
موجودا أو غير (14) موجود، فى الحاضر أو الماضى (15) أو المستقبل. وأما كون ذلك الشئ عدلا أو جورا، نافعا (16) أو ضارا، فضيلة (17) أو رذيلة، فربما لزمه أن يثبته (18)، وربما لم يلزمه.
__________
(1) مما: سقطت من ب
(2) العصر: سقطت من د
(3) مذهبين: مذهبان س
(4) به: بها س، م
(5) الحيلة: الحلقية ن
(6) كله: سقطت من ح، د، س
(7) عدا: عد س: عند ب
(8) لطف: لطلف س
(9) للتصرف: التصرف ح، س، م، دا
(10) حسن: حسب هـ
(11) التاتى؟؟؟: التانى م: الثانى ن: الباتى؟؟؟ هـ
(12) فصل: فصل 3: فصل ح؟؟؟ ب: الفصل الثالث م
(13) شئ: الشئ ح
(14) أو (غير): وسا
(15) الماضى: فى الماضى م: الغائب ح
(16) نافعا: أو نافعا ب، د، م
(17) فضيلة: أو فضيلة ب، د، م
(18) يثبته: يثبته ح، سا(1/218)
فإنه إن كانت الشريعة إما المشتركة التى لا تنسب (1) إلى شارع، بل تنسبها (2)
العامة إلى العقل، فمثل (3) قولهم: الإحسان إلى الآباء واجب، وشكر المنعم فرض وإما الخاصة لقوم وأمة وإما ما هو (4) أخص من ذلك كمعاقدة ومعاهدة (5) قد بينت أنه عدل أو جور، فقد (6) كفى المثبت لوجود الأمر إثباته (7) كونه عدلا أو جورا. وكذلك إن كان الخطباء والأئمة (9) قد (8) قضوا بذلك تفريعا على الأصول.
وإما (10) إن كان لا حكم فيه، فربما (11) كان الأمر فيه موكولا إلى نظر الإمام والقاضى، ولم يكن إلى الخصمين أن يتشاجرا فيه، ويتوليا (12) إقناعا فى أمره وربما لم يكن (13)، بل كان عليهما أن يتشاجرا فى ذلك، فأيهما أقنع الإمام والقاضى (14)
قضى (15) له. وكان (16) هذا القسم (17) مما يقل وجوده ويعسر (18) اتفاقه فى هذا الزمان، وكان المستمر فى الأقاليم كلها (19) هو تفويض الحكم فى أن (20) الأمر عدل، أو ليس بعدل إلى رأى الحاكم.
وأما النافع والضار فمن ذلك ما يعرفه الجمهور كلهم (21)، ومنه ما يعرفه خواص منهم. وكل فرقة تختص باستبصار فى (22) ضرب من لنفع والضر.
ومنه ما يكون الحال فيه خفيا. فما (24) كان مما (25) يثبت الخطيب وجوده ظاهر التأدى (26) إلى لنفع والضر (27)، وكان ذلك لضرب من للنفع وللضر (23) مشتهرا (28) عند الجمهور،
__________
(1) تنسب: تنتسب ح
(2) تنسبها: نسبه؟؟؟ ح، س، م، سا
(3) فمثل: مثل س، م، هـ (كتب أولا فمثل ثم كتب خ فوق الفاء)
(4) هو: هى ن
(5) كمعاقدة ومعاهدة: كمعاهدة ومعاقدة س، هـ: مدة ومعاهدة ن، دا: جمعا هذه ومعاهدة سا، ح (ثم كتب فوق معاهدة خ مع): جميعا هذه م
(6) فقد: قد ن
(7) اثباته: اثبات ب، س
(8) قد: يكون قد ن، هـ (ثم كتب تحت النون: نو؟؟؟)
(9) والأئمة: أو الأئمة د: الأئمة س
(10) وإما: وامرا هـ
(11) فربما: سقطت من م
(12) يتوليا: سولنا؟؟؟ د، ن
(13) لم يكن: كان لم يكن ن
(14) والقاضى: أو القاضى س، م
(15) قضى: قضا ح: سقطت من س
(16) وكان: فكان؟؟؟ سا
(17) للقم؟؟؟: سقطت من د
(18) يعسر: يعزم
(19) كلها: سقطت من م
(20) أن: سقطت من م
(21) كلهم: سقطت من م
(22) فى ضرب: سقطت من م
(23) ومنه ما يكون الحال فيه خفيا من النفع والضر: سقطت من دسا
(24) فما؟؟؟: مما م
(25) مما: سقطت من م، ن، دا
(26) الدى؟؟؟: البادى س
(27) الضر: الضرر س
(28) مشتهرا: مستمرا د، م(1/219)
لم يحتج الخطيب (1) إلا (2) إلى (3) أن يثبت (4) كونه أو لا كونه. وما كان خفى التأدية، جلى (5) النفع أو المضرة، لزمه تصحيح التأدية فقط. وما كان خفى التأدية (6) (7)، خفى النفع والضر، لزمه إيضاح حال (8) كونه نافعا أو ضارا (9). ففى مثل هذه المواضع (10) يحتاج فيه (11) إلى (12) أن يبين (13) أن أمرا يكون أو لا يكون. فإن كان نفس ذلك الأمر مؤديا إلى الغاية المطلوبة، أو إلى ضدها، بلا توسط شئ آخر، لم يحتج إلى إثبات تأديته إلى النافع أو الضار، بل ربما احتيج إلى إثبات (14) كونه فى نفسه نافعا أو ضارا. وإن (15) كان مؤديا بتوسط، لم يكن بد من إثبات تأديته إلى النافع أو الضار (16)، إن (17) لم يكن بينا. ويكون ذلك (18) إلى الخطيب. ويكون إلى الحاكم أن يحكم بأن قوله أشد إقناعا من قول خصمه. ولا يكون إلى الحاكم أن يحكم فى ذلك بشئ هو عنده. اللهم إلا أن يكون ذلك أحكاما أخروية (19)، ليست (20) أمورا دنيوية. فحينئذ إذا أثبت (21) الخطيب كون أمر أو لا كونه، قضى (22) الحاكم أنه (23)
يجريه أو لا يجريه. ومعناه أنه نافع فى الآخرة أو غير نافع (24).
وأما الأمور التى يمدح (25) بها أو (26) يذم (27): فمنها ما يكون إيجابه للمدح والذم قائما فى الشريعة المشتركة، والمشهور المستفيض كما يكون دفع الشر عن المظلوم فضيلة أو بالشريعة الخاصة كما يكون الصيام فضيلة، والحج فضيلة.
__________
(1) الخطيب: سقطت من ح
(2) الا: سقطت من ب، د، ن
(3) إلى: سقطت من هـ
(4) أن يثبت: سقطت من س
(5) جلى: به م
(6) جلى النفع أو المضرة خفى التأدية: سقطت من ح
(7) التأدية: الباديه س
(8) حال: سقطت من ح
(9) حال كونه نافعا أو ضارا: الحال فى الأمرين جميعا س، هـ (فى هامش هـ: ن حال كونه نافعا أو ضارا)
(10) هذه المواضع: هذا الموضع س، هـ
(11) فيه: سقطت من ن
(12) إلى: سقطت من د، س
(13) يبين: تبين د
(14) إلى إثبات: سقطت من س
(15) وان: فان ح، هـ: أو ب، م، ن، دا
(16) أو الضار: والضار ن
(17) إن: فان هـ
(18) ويكون (ذلك): فيكون س، هـ (ثم كتب تحت الفاء واو)
(19) أخروية: آخرية د، س: اخرة؟؟؟ ح
(20) ليست: ليس س
(21) أثبت:؟؟؟ د
(22) قضى: مضئ د
(23) أنه: بأنه
(24) غير نافع: فلها س
(25) يمدح: نمدح ح
(26) أو: وسا
(27) يذم: نذم ح(1/220)
ومنه ما يكون استحقاقه للمدح والذم غير بين، فيحتاج (1) أن يثبت كون الأمر محمودا، أو مذموما.
فقد تميز لك الموضع (2) المفتقر إلى أن يتعدى فيه نفس إثبات الشئ أو نفيه إلى كلام آخر، والموضع المغنى عنه (3). فإذا كان كذلك، فكيف تغنى الأمور الخارجية (4) فى إثبات أحكام كلية، يحتاج إلى تصحيحها أحيانا، إذا (5) لم تكن الشريعة حددتها، مثل أن كل ما كان كذا (6) فهو عدل، أو جور، أو نافع، أو ضار، أو حسن، أو قبيح، أو عظيم، أو صغير. حتى إذا صححت، أدخل تحتها (7) الأمر المثبت وجوده أو لا وجوده. فإن الأمور الخارجية تنفع فى أن يقنع فى الأمور الجزئية. وأما الأحكام الكلية فلا ينتفع فى إثباتها بأن يستدرج السامعون بالحيل الموصوفة، وتكاد تكون الانفعالات النفسانية كلها إنما تتناول شخصا بعينه. فإن المخوف (8)، والمرجو، والمحبوب (9)، والممقوت إنما يكون شخصا بعينه. وإن كان قد يخاف معنى كليا (10) لنفسه، فإن الواقع منه (11) فى عرض (12)
الاستدراج أمر جزئى. على أن الأولى أن تكون (13) الأحكام الكلية مفروغا (14) عن (15) التشاجر فيها، وأن يكون الشارع والأئمة فرغوا من تحديدها. وإنما تكون التفريعات (16)
الجزئية مفوضة إلى الحكام أنفسهم، دون المتنازعين. فإن انقضاء على العدل، والجور، والمصلحة، والمفسدة مما لا يفى به كل بنية (17) وكل قريحة، ولا القريحة (18)
الوافية (19) به تقتدر (20) على الفتوى الجامع للمصلحة إلا عن روية ينفق عليها مدة من العمر.
__________
(1) فيحتاج: محتاج ح
(2) الموضع: الموضوع م
(3) عنه: فيه م، هـ
(4) الخارجية: الخارجة س
(5) إذا: فإذا ب
(6) كذا: كذى ح
(7) تحتها: فى بحثها م
(8) المخوف: عنه هـ
(9) المحبوب: المحبب ن
(10) كليا: كلى ح، د، س، هـ
(11) منه: سقطت من ح
(12) عرض: غرض ح
(13) تكون سقطت من سا
(14) مفروغا: مفروضا م
(15) عن: من س
(16) التعريفات: التعريفات س
(17) بنية: بينة ح
(18) القريحة: لقريحة د
(19) الوافية: الموافية م
(20) تقتدر: به س، هـ: يقتدر د: تقدر سا(1/221)
فكيف يصلح (1) لهذا القضاء كل من يصلح للحكومات الجزئية؟ ولو صلح لذلك، لكان الزمان (2) الذى فى مثله يفصل (3) الأمر بين (4) المتشاجرين، يضيق عن إنشاء الرأى السديد (5) فيه. وإذا (6) لم يكن ذلك إلى الحكام، فكيف إلى من يليهم من العوام؟
فالقوانين (7) الكلية موكولة إلى وضع الشارع. ولابد من شارع (8) من عند الله. وأما استعمال الكليات (9) فى الجزئيات فيقوم به الحكام، حتى يكون غاية نظرهم إنما هو (10)
فى كون الأمر الجزئى، وغير (11) كونه، سالفا، أو حاضرا، أو من ذى قبل.
ويكون الحكم (12) الكلى متقبلا (13) من الشارع. فكما أن الحكام القاصرين عن رتبة الشارعين يقصرون عن وضع الشريعة، كذلك الشارعون لا سبيل (14) لهم إلى الحكم فى جزئى جزئى بعينه مما لا يتناهى.
فهذه (15) ثلثة أشياء: كون الأمر ولا كونه، وهو (16) الذى تنفق فيه (17) الحيل الاستدراجية فى تصحيحه. والثانى: الحكم الكلى، وهو شئ مفروغ عنه (18)، ليس مما (19) يستأنف إثباته وإن كان مستأنفا إثباته (20)، فليس للحيل الاستدراجية فى تصحيحه مدخل. والثالث: النتيجة الجزئية فى أن هذا الكائن كذا أو (21) ليس كذا. وهذا أيضا فليس تنفع فيه الحيلة الاستدراجية. والوجه الأول، المعرض لنفوق (22) هذه الحيل (23) فيه (24)، فإن عموده غير هذه الحيل (25).
__________
(1) يصلح: صلح سا
(2) الزمان: سقطت من هـ
(3) يفصل: تفصيل د
(4) الأمر بين: الأمرين د
(5) السديد: السد هـ
(6) واذا: وان س
(7) فالقوانين: والقوانين ب
(8) ولا بد من شارع: سقطت من د
(9) الكليات: الكلى د، س
(10) هو: هى م
(11) وغير: أو غير سا
(12) الحكم: الحاكم د
(13) متقبلا: ملا؟؟؟ بخ
(14) سبيل: سبيلا م
(15) فهذه: فههنا د
(16) وهو: هو سا
(17) فيه: سقطت من ب
(18) عنه: منه م
(19) مما: سقطت من ب
(20) وإن كان مستأنفا لإثباته: سقطت من د
(21) أو: وم
(22) لنفوق: لتفوق هـ
(23) الحيل: الحيلة د
(24) فيه: عموده ح: سقطت من س
(25) الحيل: الحيلة د(1/222)
فقد ظهر من هذا أن المقتصر بتقنينه (1) لقوانين الخطابة على تعليم هذه الأمور قد اقتصر من الأمر على صفحته الخارجة (2)، ولم يستبطن (3) كنهه، ولا أدرك حقيقته، بل أكثر جدوى ما صنعه تعريف حيلة يتمكن بها من تصيير السامع على هيئة موافقة لقبول الحجة والإذعان للتصديق (5) الذى يكتسبه (6) صناعة. ونفس (7)
هذا التصديق (4) إنما يتوقع من جهة العمود كالضمير لا غير. وقد عرفت أن الضمير ما هو. وإذا كان المعتمد هو الضمير، فبالحرى أن لا يختلف حكم صناعة (8) الخطابة فيما يراد به التفسير (9)، وهو التبيين (10)، على سبيل تصح فى المشورة (11)، والمشاجرة المبنية على المنازعة فى الشكاية والاعتذار. إذ العمدة (12) فى جميع ذلك واحد، وهو الضمير. وأما الحيل الاستدراجية فعسى أن ينتفع بها فى المشاجرة، دون التفسير (13). وليس أيضا ينتفع به (14) فى كل مشاجرة، بل فى مشاجرة سوقية (15)
منبعثة عن معاملة فى أخذ، وإعطاء (16)، أو (17) ما يجرى مجراها. وأما المشاجرات (18)
فى الأمور السياسية التى تقع بين (19) أهل مدينة ومدينة، وتقع بين متوليين (20) لسياسة مدينة، فإنها عالية عن خلطها بهذه الحيل الخارجة (21) وإنما مجراها مجرى التفسير (22).
فلو كانت الخطابة مبنية على هذه الحيل الخارجية (23)، لكان التفسير (24) لصناعة، والمشاجرة لأخرى. ولكانت (25) المشاجرة فى الأمور العظام لصناعة، والمشاجرة
__________
(1) بتقنينه: كتب فوقها بنفسه فى ح
(2) الخارجة: الخارجية د
(3) يستبطن: يستنبط ح
(4) الذى التصديق: سقطت ن م
(5) للتصديق: التصديق س
(6) يكتسبه: تكسبه ب، ح، س
(7) نفس: سقطت من د
(8) صناعة: سقطت من م
(9) التفسير: السفير عن المدح ب
(10) التبيين: التبيين ح، د، ن، هـ
(11) المشورة: المشهور ن
(12) العمدة: العمد د: كتب فوق العمدة العمود فى ح
(13) التفسير: المشورة ب
(14) به: بها م، ن، هـ: فى ح كتب أولا به ثم كتب فوقها بها
(15) فى مشاجرة سوقية: المشاجرة السوقية م، ن
(16) وإعطاء: أو إعطاء د
(17) أو: وسا
(18) المشاجرات: المتشاجرات ن
(19) بين: من م
(20) متوليين: متواليين ب: متولين د، س، ن
(21) الخارجة: سقطت من د
(22) التفسير: المشورة ب
(23) الخارجية: الخارجة ن، هـ
(24) التفسير: المشورة أو المدح ب
(25) لكانت: كانت ب، ح، ن(1/223)
السوقية لصناعة. ولم تكن الخطابة (1) قوة تتكلف (2) الإقناع الممكن فى جميعها. بل الخطابة إنما هى خطابة بالضمير. وهذه (3) الحيل بعضها معدات، وبعضها تزايين (4)
وتزاويق (5) يحسن به (6) الضمير، ويفخم (7) به شأن الدليل. وما (8) أحسن (9) من يستعمل هذه الخارجيات فيما يراد فيه (10) التفسير (11)، أو يجعلها قانون الصناعة، ويغفل العمدة التى عليها العمل. والتفسير (12) قد يشارك المشاجرة (13) فى الموضوع، كما يتفق أن يقدم إنسان على فعلة هى زلة، وبإزائها جزاء. فإن المفسر (14) قد يشير فى ذلك بما (15) ينبغى أن يفعل به. والحاكم قد يحكم بكون تلك العلة (16) عدلا أو جورا (17) (18) من تلقاء نفسه بما توجبه السنة التى ينصرها أو الرأى (19) الذى يعتقده. وهذا للحاكم (20) من حيث هو حاكم بين المتشاجرين. وأما الحكم على ما ينبغى أن يفعل فى مجازاته فليس للحاكم ذلك من حيث هو حاكم بين المتشاورين (21)، بل للحاكم. وعليه أن يحكم بتفضيل أحد الرأيين على الآخر، ويكون (22) ذلك (23) الذى يحكم به رأيا (24) تولى الخطيب إثباته. فإن هذا التفسير (25)، وإن كان أخس (26) من الحكومة بسبب أنه عمل من هو أخس (27)، فإن الخصم فى مجلس القضاء أخس من القاضى، وبسبب أنه نتيجة رأى إنسان دون الشارع، وذلك نتيجة رأى الشارع، والشاع (28) هو الإنسان الكبير الذى لا يدانيه إنسان، وبسبب أنه فى الفرع وهو الجزاء، ليس فى الأصل الذى هو الاستحقاق،
__________
(1) الخطابة: للخطابة ب، ن، هـ
(2) تتكلف: تتكالف د
(3) وهذه: فهذه ب
(4) تزايين: مزابين د
(5) تزاويق: تزاوير د: تزاويف س
(6) به: سقطت من سا
(7) يفخم: هخصر س
(8) ما: لم د: أما ن، هـ، د ا
(9) أحسن: يحسن د
(10) فيه: به م
(11) التفسير: المشهورة ب
(12) التفسير: المشورة ب
(13) المشاجرة: سقطت من د
(14) المفسر: المشير ب، م، ن، ح (كتبت المفسر فى ح ثم كتب تحتها: ح المشير)
(15) بما: بها م
(16) العلة: الفعله د
(17) عدلا أو جورا: جورا أو عدلا س، هـ
(18) أو جورا: وجورا ب
(19) أو الرأى: والرأى ح: الرأى س
(20) للحاكم: الحاكم ب، ح
(21) المتشاورين: المتشاجرين د: فى ح كتب أولا المتشاورين ثم كتب جرين فوق و؟؟؟ رين
(22) ويكون: وقد يكون هـ
(23) ذلك: الحكم س
(24) رأيا: رأى س، ن، هـ
(25) التفسير: المشورة بخ
(26) أخس: أحسن ب، م، ن
(27) أخس: أحسن ب، م، ن قارن الترجمة العربية القديمة 2ب 21: ثم التفسير على ذوى الجنايات أخس من دلالة العدل فى الحكومة وهو أكثر وأعم
(28) والشارع: سقطت من م(1/224)
فإنه، أعنى التفسير (1)، أوضح للجمهور وأشيع (2) وأعم. إذ (3) لكل واحد منهم مدخل فى مشورة (4)، وليس لهم مدخل فى حكومة أو وضع شريعة. ولهذا السبب ما يعرض أن يكون الحاكم بين المتشاورين، إذا حكم، لم يلبث أن ينكشف للناس عدله فى القضاء، أو ميله (5)، إذا (6) كان حكمه حكما فى أمور أهلية غير وحشية، وفى أسباب معلومة غير مجهولة.
وأما فى التشاجر فإنما يحكم بما عنده ويراه وبما يجهله جل الجمهور، لأن (7) معوله فى ذلك هو (8) على رسم السنة. ولذلك ما ينكتم ميله فيه (9). ولذلك (10) ما (11) يلزم الرافع إليه ظلامته أن يتحرز عنه فى الوحشيات الغريبة، لا فى المألوفة (12) المعلومة. فإن شاء سلم الاحقاق (13) لأحد الخصمين ميلا وتبرعا ورفض مر (14) الحكم، وخصوصا فيما يكون إليه أن يقيس ويرى أيه.
والشارعون معنبون دائما بتحريم مجاوزة ما فى كتابهم على الحكام، وتحذيرهم إياه (15)، عالمين بتمكنهم فى الأحكام التشاجرية (16) مما (17) يميلون (18) إليه. وأما فى الأحكام المشاورية، فقلما يفترض (19) فيها قوانين من عند أصحاب الشرائع، إلا فى أمور عنادية (20) وجهادية، ويكلون أمر (21) ما خلاه (22) إلى الناس. فيكون لجمهور الناس بأحكامه بصيرة. ولذلك ما يصرف الحاكم وكده (23) إلى أن يكون مع الأصوب من الرأيين (24) لئلا (25) يفسد (26) رأيه ولا يسقط عن مرتبة الاستقصاء والتصدير (27) للحكومة.
__________
(1) التفسير: المثورة؟؟؟ ب
(2) أشيع: اشيع س، هـ: أشبع ب، م: أسبغ ح: اسع؟؟؟ د، سا: أشنع دا
(3) اذ: اذا م
(4) مشورة: المشورة د
(5) ميله: مثله د
(6) اذا: اذ ب
(7) لأن: ولأن ب، د
(8) هو: سقطت من د، س
(9) فيه: سقطت من م
(10) ولذلك: وكذلك م: سقطت من د
(11) ما: سقطت من د
(12) فى المألوفة: المألوفة ب، ح، د
(13) الاحقاق: الاحتقاق د
(14) مر ح: من بقية المخطوطات
(15) اياه: اياها هـ: اياهم س
(16) التشاجرية: المساجره؟؟؟ س
(17) مما: فيما س، هـ
(18) يميلون: يليلون د
(19) يفترض: يفرض م
(20) عنادية: عبادبة ب، س، ح
(21) أمر: أمرها ح
(22) خلاه: حلاه؟؟؟ سا
(23) وكده: جهده وكده هـ
(24) الرأيين: المرأيين ب
(25) لئلا: لأن لا ن
(26) يفسد: يفشل ب، سا، ح (كتب فوقها: خ يفسد)
(27) التصدير: التصدر د، سا(1/225)
ولهذا ما تقل (1) منفعة الحارجبات فى استدراج الحاكم حيث يفسر (2)، ولا تقل فى استدراج الحاكم حيث يتشاجر.
وكأنك (4) الآن قد استبنت قلة غناء الخارجيات (3)، واستوجبت صرف الشغل إلى الآلة الصناعية الأهلية (5)، وهو ما (6) يوقع التصديق من حيث هو موقع للتصديق (7)
بالقياس المحذوف كبراه، وهو الذى يسمى تفكيرا (8) وضميرا (9).
وقد عرفت التفكير أنه جزء من قياس، ذلك القياس لو تم لكان مظنونا به أنه جدلى. وذلك لأن الجدلى (10) هو الذى يكون محمودات حقيقية، والخطابى هو الذى يكون من محمودات بحسب بادى الظن (11). ولما كان النظر فى القياس الجدلى الذى يسمى مرارا كثيرة (12) منطقيا لصناعة المنطق، فالنظر فى الشبيه به لصناعة المنطق. إذ كان النظر فى الحق وما يشبه الحق (13) لصناعة واحدة. فالنظر فى المحمودات حقا والمحمودات ظنا وفى استعمالهما لصناعة واحدة. كما أن النظر فى الصادق والحق الذى منه ينبعث البرهان، وفى (15) المحمود الذى منه ينبعث الجدل لصناعة واحدة (14).
إذ كانت الصناعة المنطقية بالاستحقاق الأول هو البرهان، وكان الجدل شبيها به (16). إذ كانت المحمودات تشبه الحق، وغرائز الناس مشغوفة بالتماس الحق، لكن (17) السبيل إليه صعب، فمنهم من يوفق (18) له (19)، ومنهم من يقع إلى الشبيه به.
__________
(1) تقل:؟؟؟ فعل سا
(2) يفسر: يشير ب
(3) فى استدراج الخارجيات: سقطت من سا
(4) وكأنك: فكانك ح، م
(5) الأهلية: الالهية د
(6) ما: مما د
(7) من حيث هو موقع للتصديق: سقطت من د
(8) تفكيرا: تفكرا د، م
(9) وضميرا: أو ضميرا س، هـ
(10) الجدلى: الجدل س
(11) الظن: الظن ن
(12) كثيرة: كثيرا ن
(13) وما يشبه الحق: كررت فى د
(14) كما أن واحدة: سقطت من سا
(15) وفى: فى م، ن: ود
(16) شبيها به: به شبيها هـ: شبيها له د
(17) لكن: لكان م، ن، هـ
(18) يوفق: يوافق ح: يوقف س
(19) له: لهم س(1/226)
فصل (1) [الفصل الرابع] فى مشاركات (2) الخطابة لصنائع أخر ومخالفتها (3) لها (4)
إن صناعة الخطابة عظيمة النفع جدا، وذلك لأن الأحكام الصادقة (5) فيما هو عدل وحسن أفضل نفعا وأعم على الناس جدوى من (6) أضدادها. وذلك لأن نوع الإنسان مستبقى بالتشارك (7). والتشارك محوج إلى التعامل والتجاور (8). والتعامل والتجاور (9) محوجان إلى أحكام صادقة فى الأمور (10) العملية (11)، بها ينتظم شمل المصلحة، وبأضدادها يتشتت. وهذه الأحكام تحتاج أن تكون مقررة (12) فى النفوس ممكنة من العقائد.
وقد بينا أن البرهان قليل الحدوى فى حمل الجمهور على العقد الحق، وبينا أن الخطابة هى المتكلفة به (13). فإحدى فضائل هذه الصناعة غناؤها فى تقرير هذه الأغراض فى (14) الأنفس. وأيضا فإن فى الأمور الجزئية أحكاما (15) يوجبها التعقل (16) الصحيح. وليس التعقل (17) الصحبح مبنيا على المخاطبة والمحاورة (18)، بل قانونه الروية (19) والنظر. كما أن البرهان أيضا فى الأمور الكلية النظرية مبنى على الحق (20)
دون المحاورة (21). ثم المصحح بالبرهان من الأمور الكلية النظرية (22)، إذا أريد تقرير
__________
(1) فصل: فصل 4هـ: فصل د؟؟؟ ب: الفصل الرابع س، م
(2) مشاركات: مشاركه س
(3) مخالفتها: مخالفاتها س، هـ
(4) لها: اياها سا
(5) الصادقة: الصادق هـ
(6) من: ومن هـ
(7) بالتشارك: التشارك هـ
(8) التجاور: التجاوز ح
(9) التجاور: التجاوز ح، د
(10) الأمور: سقطت من ح
(11) العملية: العلمية د
(12) مقررة: مفرده س
(13) المتكفلة: المكفلة د: المتكلفه سا
(14) فى: سقطت من ح
(15) أحكاما: أحكامها م
(16) التعقل: العقل س
(17) التعقل: العقل س
(18) المحاورة: المجاورة ح
(19) الروية: الرؤية ح
(20) الحق: سقطت من د
(21) المحاورة: المجاورة ح
(22) النظرية: سقطت من ح(1/227)
فى نفس من يسفل (1) عن رتبة البرهان، كان الجدل أعون شئ على تقريره.
كذلك المدرك (2) بالتعقل (3)، إذا أريد أن يقرر فى نفس (4) من يضعف عن التعقل بنفسه، كانت (5) الخطابة أعون شئ عليه. وإذا لم يكن المدبر (6) من الناس مستحقا لأن يخاطب بالصحيح من البيان العلمى (7) فيما ينبغى أن يعتقد، أو بالبيان التعقلى فيما ينبغى (8) أن يعمل، فإذا كانت لنا قوة خطابية تمكنا (9) من إقناع المخاطب بما يقنعه (10) ويظنه ويقبله ويستحسنه ويناسب قدره ويشاكله، وعلى (11) ما بيناه فى صناعة الجدل.
وصناعة (12) الخطابة من الصنائع التى نقنع بها فى المتضادين، كما أن صناعة الجدل كانت صناعة يقاس بها على المتضادين (13). وليس على أن تكون الخطابة نقنع بها فى وقت واحد أن هذا الشئ بعينه كان وأنه بعينه لم يكن ولا على أن يكون الجدل أيضا يرام به (14) القياس على المتقابلين معا فى زمان بعينه إلا فى الرياضة، بل (15) على أن لنا أن نثبت فى أمر أنه كان وأنه عدل (16) وأنه صواب وأنه ممدوح، ولنا أن نثبت أضداد ذلك من طريق القوة ومذهب الصناعة. وأما من طريق الاستعمال فإنا (17) لا ننتفع باستعمالها جميعا فى الخطابة فى أمر واحد وفى وقت واحد بعينه كما كنا (18) ننتفع بذلك فى الارتياض الجدلى. إذ الغرض فى الخطابة إيقاع التصديق، ولا كذلك فى الارتياض الجدلى. بل (19) قد ينتفع باستعمال الإقناع فى الطرفين
__________
(1) يسفل: السفل س
(2) المدرك: المدكور د
(3) بالتعقل: بالعقل س
(4) نفس: أنفس س
(5) كانت: كان ن
(6) المدبر: المدر د: المدبره ب
(7) العلمى: العملى ح، م، هـ (ثم كتب فوقها العلمى فى هـ)
(8) ينبغى: أن ينبغى م
(9) تمكنا: تمكننا ب، ن: تمكينا م
(10) يقنعه: يحمده س، هـ، ح (ثم كتب فوقها يقنعه فى ح)
(11) وعلى: على س
(12) الجدل وصناعة: سقطت من م
(13) كما أن صناعة الجدل المتضادين: سقطت من ب
(14) به: بها ب، س، سا، ح (ثم كتب فوقها به فى ح)
(15) بل: بدل؟؟؟ س
(16) وأنه عدل: سقطت من م
(17) فإنا: فإنه ن، هـ
(18) كنا: لنا م
(19) بل: بل ح(1/228)
من وجه آخر شبيه بالارتياض، وذلك بأن نحضر (1) الحجج المتقابلة فى أفكارنا معا متفكرين (2) فيتصرح (3) لنا ما ينفعنا فى طريق (4) التصديق (5) الذى يلتمس إيقاعه، ويكون حل (6) الحجج المناسبة للطرف الآخر علينا أهون. فإن الشك (7)، إذا كان حاضرا (8)
ذهنك، كنت أقدر على تمحل (9) وجه حله من أن يطرأ عليك ولم تستعد له.
وليس من الصنائع المنتفع بها صناعة نقيس فيها على المتقابلين غير الجدل والخطابة.
أما (10) الصنائع البرهانية فنقيس فيها على طرف واحد. وأما السوفسطائية فليست معدة نحو الإقناع، بل نحو التغليط، ولا هى من الصنائع التى يستعملها الناس للمنافع. وأما الصناعة الشعرية فهى لأجل التخييل (11)، لا لأجل التصديق، ولا فى طرف واحد. لكن الخطابة، وإن (12) كانت بهذه الصفة، فالخطابة (13) الجزئية الفاضلة هى التى تنحو نحو الطرف الأفضل، وتبتدئ من المقدمات التى هى ففضل. فهذا (14) أيضا من فضائل (15) الخطابة، أعنى اقتدارها على التصرف فى الإقناع لإرة فى طرف (16)، وتارة فى الطرف (17) الآخر. وحكم ذلك (18) حكم أعضاء الإنسان، فإنها معدة للتصرف فى الإلذاذ والإيلام، وحكم قواه سوى الفضيلة الخلقية وحدها. فإن قواه معدة للخير والشر جميعا. وأما الفضيلة فللخير فقط.
وأما ما سوى الفضيلة (19)، كالصحة واليسار والبسالة، فقد (20) يصلح أن يستعمل فى الخير،
__________
(1) نحضر: نحصر ح: نحصر سا
(2) متفكرين: متقابلين ح (ثم كتب فوقها متفكرين)
(3) فيتصرح: فيصرح ن
(4) طريق: طرق ن، ح (ثم كتب فوقها طريق فى ح): طرف هـ
(5) التصديق: للتصديق ن
(6) حل: جل ح
(7) الشك: الشكل ح
(8) حاضرا: حاضر د
(9) تمحل: المحل م، ن: محل ح
(10) أما: وأما س: إلى هـ
(11) التخييل: التخيل هـ
(12) وإن: فان ح
(13) فالخطابة: فبالخطابة م
(14) فهذا: فهذه م، ن، هـ
(15) فضائل: فضيلة س، هـ
(16) طرف: الطرف د
(17) وتارة فى الطرف: كررت فى م
(18) ذلك: أيضا س
(19) الفضيلة: الخلقية هـ
(20) فقد: قد س (15سطر 1صحيفة 25) يصلح أن يستعمل فى الخير فى الشر: يصلح أن يستعمل فى الشر ب، س، سا: يصلح أن يستعمل فى الخير والشر م: يصلح أن يستعمل فى الخير ويصلح للشر ن(1/229)
ويصلح أن يستعمل فى الشر. والحاجة إلى الخير ماسة، وإلى الشر قد تمس (1)، ليدفع الشر (2) بها، فلح الحديد بالحديد، وليتخلص به (3) من العدو تسليطا (4) للشر عليه.
والمرء ينصر بدنه ونفسه (5) بما هو مشارك فيه لسائر الحيوان، فما أحسن به أن يكون قديرا على نصرة نفسه بما يخصه، وهو اللسان والبيان، فيعدل به ويجور (6)، ويحسن ويسئ، ويتمكن به من التصرف فى المتقابلات (7) فيحسن فعلا (8) فعله بعدوه (9) وهو قبيح، ويعدل فعلا دفع به (10) الشر عن نفسه وهو جور، فضلا عن أن يدل على قبح القبيح وجور الجائر.
وكما أن الطبيب ليس عليه أن يشفى كل مريض من كل مرض، بل أن يبلغ الممكن الإنسانى على طريق الصواب فى مثل العارض المحدود، حتى إن أخفق، كان السبب فيه صعوبة المرض فى نفسه واستعصاء الموضوع (11) على مغيره (12) إلى الصلاح. كذلك الخطيب عليه أن يتكلف من إيراد العمد (13) والحيل ما يمكن إيراده فى كل باب. فإن كان الأمر مما يعسر تقريره فى النفوس، فليس ذلك مما يعود على الخطيب بتعجيز.
وكما أن فى الجدل المطلق (14) قياسا جدليا (15) بالحقيقة وقياسا جدليا (16) بحسب (17) التشبيه (18)، كذلك فى الخطابة ما هو بنفسه مقنع لأنه بنفسه (19) من المظنونات المستعملة فى الخطابة، وما هو مشبه بالمقنع (20) بأنه ليس هو من الأمور التى تظن بأنفسها،
__________
(1) قد تمس: سقطت من ن
(2) الشر: فى الشر س
(3) به: بها د
(4) تسليطا: وتسليط م: تسلطا س
(5) بدنه ونفسه: نفسه وبدنه م، ن
(6) يجور: يجوز د
(7) المتقابلات: المقابلات ح، سا
(8) فعلا: سقطت من ن
(9) بعدوه: بعده م، ن
(10) به: سقطت من م
(11) الموضوع: للموضوع م
(12) مغيره: تغيره ب، د: رده بخ، س، ن، هـ
(13) العمد: العمل م: العد ن
(14) المطلق: سقطت من س
(15) قياسا جدليا: قياس جدلى س
(16) قياسا جدليا: قياس جدلى س
(17) يحسب: سقطت من س
(18) التشبيه: الشبيه ح
(19) لأنه بنفسه: لأنه نفسه ح
(20) بالمقنع: للمقنع ن(1/230)
بل أشياء متشاركة (1) لها بالاسم، أو فى هيئة اللفظ، أو فى معنى من المعانى التى بينا فى كتاب سوفسطيقا كيفية إيجابها الحكم فى التشبيه (2)، حتى يوهم فى قضية أنها (3) قضية أخرى، وتلك تكون صادقة أو (4) مشهورة. فيتوهم فى المشبه (5) بها أنها هى بعينها (6)، أو (7) على حكمها.
والفرق بين المقنع الحقيقى وبين (8) الذى يرى مقنعا: أن مقدمات المقنع (9) الحقيقى إذا قرر (10) معانيها فى الذهن، مال إلى التصديق بها فى بادى الرأى ظن السامع.
وأما التى ترى مقنعة، فهى التى إنما (11) وقع بها التصديق على أنها غيرها.
ولو يحصل للذهن معناها ويخلص أمام الفكر مفهومها الذى (12) لها فى نفسها، لكان الظن لا يجنب إلى جهتها. فهذا هو الفرق بين المقنع الحقيقى وغير الحقيقى (13)، لا وجوه (14) أخرى قيلت (15) فى كتب خطابية لأقوام محدثين
لكنه لما كان الغرض فى الخطابة الإقناع (16) بما يظن (17) محمودا، ولم يكن الغرض فيه (18) كشف الحق ولا الإلزام على قانون (19) المحمود الحق، لم يستنكر أن تكون المقنعات بالشبيه (20) داخلة فى الصناعة، فتكون بعض هذه الصناعة صادرة (21) عن بصيرة ومعرفة بمثلها (22) يكتسب القوة، وبعضها لا عن (23) تلك الجهة بل عن غلط أو قصد ومشيئة للشر (24) والتلبيس (25). ويكون كلاهما (26) خطابة. وأما الجدل الحق (27)،
__________
(1) متشاركة: مشاركة د
(2) التشبيه: الشبيه س، هـ
(3) أنها: أنه س
(4) أو: وم
(5) فى المشبه: بالمشبه ن
(6) بعينها: بعينه ح
(7) أو: سقطت من م
(8) وبين: وفى هـ
(9) المقنع: سقطت من م، ن
(10) قرر: قررن هـ
(11) إنما: سقطت من س
(12) الذى: ظن السامع وأما التى يرى مقنعة فهى التى م
(13) وغير الحقيقى: من سا
(14) لا وجوه: ولا وجه ب
(15) قيلت: قلت د
(16) الإقناع: الاتساع د
(17) يظن: ظن س
(18) فيه: فيها م، ن، هـ
(19) قانون: القانون ح
(20) بالشبيه: بالتشبيه م
(21) صادرة: صادرا د
(22) بمثلها: مثلها د
(23) عن: على د
(24) للشر: للشئ س
(25) والتلبيس: أو التلبيس س
(26) كلاهما: كلامها م
(27) الحق: سقطت من م(1/231)
فإنما هو (1) جدل (2) لقوة (3) على الإثبات والإبطال بفعل أفعالها مطابقة لتلك القوة فقط، وليكون إثبات وإبطال فقط. وأما الجدل الكاذب، وهو السوفسطائية أو المشاغبية (4)، فليس يكون سفسطة ومشاغبة لأجل مطابقة الفعل قوة وملكة وحتى (5) يكون الغرض فيها إظهار قدرة على التلبيس فقط. فإن هذا قد يستعمل فى الجدل وفى الامتحان وفى قياس (6) العناد ولا يكون مغالطة (7)، ولكنه إنما يكون مغالطة (8) إذا أريد به أن يظهر أن المثبت أو المبطل هو الحق نفسه (9) وبقصد التلبيس، لا لأن يظهر القدرة على التلبيس فقط، بل لأن يروج التلبيس قصدا ومشيئة وإرادة للتضليل. فالجدل إنما هو جدل لتلك القوة، والسوفسطائية إنما هى سوفسطائية لتلك المشيئة الرديئة، من حيث هى مشيئة رديئة (10)، لا للقوة.
وأما (11) الخطابة ففيها قوة ومشيئة معا. أما القوة (12)، فلأنها اقتدار (13) على الإثبات والنفى. وأما المشيئة، فلأنه (14) يقصد بها أيضا ترويج ما يثبت أو يبطل بالإقناع (15). ولا تصير الخطابة بأن يقتصر منها على إظهار القدرة فقط صناعة أخرى، بل تكون خطابة ولا أيضا إذا شئ بها الإقناع ولو بالمقنعات المشبهة تكون غير خطابة. لكن (16) العمدة فى أمر الخطابة أن تكمل (17) القوة بالمشيئة.
وكذلك أيضا (18) التعليم (19) البرهانى، إنما هو تعليم بقوة ومشيئة.
والمشيئة قد (20) تستعمل فى مثل هذا الموضع على وجهين عاما: فيقال مشيئة لمشيئة إيقاع التصديق، فتكون الخطابة معدة نحو أن يكون مع القوة مشيئة، أو تكمل
__________
(1) هو: سقطت من س
(2) جدل: جدلية هـ
(3) لقوة: قوة م
(4) المشاغبية: المشاغبة ح
(5) وحتى: حتى ح، سا
(6) قياس: نفس س، هـ: القياس من ن
(7) مغالطة: سفسطة د
(8) مغالطة: سفسطة ولكنه إنما يكون د
(9) نفسه: بنفسه ح، ن، سا
(10) رديئة: ورديئة هـ
(11) وأما: وإنما س
(12) القوة: للقوة م
(13) فلأنها اقتدار: فلأن لها اقتدارا ح
(14) فلأنه: فلأنها د، ن
(15) بالإقناع: ولو بالمقنعات المشبهة م
(16) لكن: من م
(17) تكمل: يكون م
(18) أيضا: سقطت من سا
(19) تعليم: برهانى م، ن، هـ
(20) قد: سقطت من س(1/232)
بأن يكون موضوعهما واحدا (1)، أو شبه واحد، فيظن المحمول واحدا، وهو القسم الذى من جهة أخذ المحمولات الكثيرة أو أن يكون المحمول واحدا (2)
والموضوعان (3) مختلفين وهو الذى من جهة إيهام (4) العكس أو تكون النسبة والشرط مختلفا، وهو إما للإضافة (5)، أو الجهة، أو المكان، أو سائر شروط النقيض فهذه أقسام ما من جهة القضايا.
وأما الذى من جهة القياس، فهو أن يكون القول المأخوذ قياسا بعد وضع ما وضع فيه، ليس (6) يلزم عنه قول آخر غيره، فإن القياس فى هذه المواضع ليس قياسا على المطلوب المحدود. وهذا إما أن يكون لا يلزم عنه شئ، (7)
فلا (8) يكون تأليفه قياسا، وهو قسم وإما أن لا (9) يكون القول اللازم آخر غير الموضوعات، وهذا هو المصادرة على المطلوب الأول وإما أن يكون غيره ولكن (10) ليس المطلوب (11)، وهو (12) وضع ما ليس بعلة علة.
فقد ظهر أن جميع أنواع التضليل الواقع من جهة اللفظ والمعنى ثلاثة عشر وجها.
__________
(1) واحدا: واحد ن
(2) واحدا: واحد م، ن
(3) والموضوعان: أو المضووعين؟؟؟ غير س والموضوعين هـ
(4) إيها م: ساقطة من ن
(5) للإضافة: الإضافة س
(6) ليس: ليست س، سا
(7) شئ: أصلا س
(8) فلا: ولا م، هـ
(9) لا: ساقطة من د، س
(10) ولكن: لكن س
(11) المطلوب: هو د، س، م
(12) وهو: وهذا د.(1/233)
[الفصل الرابع] (د) فصل فى رد جميع الوجوه المغالطية (2) الى أصل واحد (1)
وأسبابها الى سبب واحد
وقد يمكن أن ترد جميع هذه الوجوه اللفظية (3) والمعنوية إلى أصل واحد، وهو (4) الجهل بالقياس والتبكيت، فإن حد القياس مقول على التبكيت. وللتبكيت تخصيص أن نتيجته (5) مقابل وضع ما، فإنه لما كان القياس هو الذى يلزم عنه قول آخر بالحقيقة، لا الذى يظن (7) أنه يلزم عنه قول آخر (6)، وكان التبكيت قياسا، لم يكن شئ مما وقع فيه شئ من التضليلات قياسا. وكذلك إذا اعتبرت سائر أجزاء حد القياس، لم تصادف لهذه (8) التضليلات حقيقة (9).
أما الاسم المشترك فإذا وقع كان المعنى فيه غير وغير، فلم (10) يكن (11) اشتراك بين المقدمات، أو بينها وبين النتيجة. ويدخل فى هذا حال الاشتراك فى التركيب، والاشتراك فى الشكل، وجميع (12) ما يتعلق باللفظ، فإن جميع ذلك يدل على اختلاف فى المفهوم لا محالة، وتثنية وتضعيف فيها لا محالة، سواء صدقت التثنية أو كذبت (13)، فإذا اختلف المفهوم فى شئ من ذلك لم يكن قياس بحسب تأليف المعنى، بل بحسب تأليف اللفظ.
__________
(1) فى واحد: ساقطة من ب، د، س، سا، ن
(2) المغالطية: المغالطة م
(3) اللفظية و: ساقطة من س، سا
(4) وهو: أن سا
(5) نتيجته: نتيجة ب، م، ن
(6) بالحقيقة آخر: ساقطة من س
(7) يظن: ظن ن
(8) لهذه: هذه د، س
(9) حقيقة: ساقطة من ب، د، سا
(10) فلم: لم سا
(11) يكن: بالحقيقة ن، هـ
(12) وجميع: ذلك د، سا
(13) كذبت: لا ن.(1/234)
واحد (1) من الأمور المفردة (2) تفرق (3) بين الريطورية (4) وبين الصنائع المعلمة (5) كالهندسة، وبين الصنائع المقنعة فى الجزئيات كالطب. إذ الخطابة لا تنسب إلى جنس معين.
ولكن (6) لقائل أن يقول: هل الطب ملكة على الإقناع الممكن؟ وإن (7) كانت (8)
ملكة (9)، فهل هى (10) بذاتها أو بالعرض؟ فإن (11) كان (12) بذاتها، فهل إذا أقنع الطبيب فى أمر ما (13)، و (14) أقنع الخطيب فى ذلك الأمر بعينه، إذ له أن يقنع فى كل أمر، كان إقناع الطبيب (15) من نحو (16) وإقناع الخطيب من نحو (17) آخر؟ وهل الخطيب إذا تكلف ذلك (18) الإقناع بعينه كان قد (19) يتعاطى (20) شيئا من الطب؟ وبالجملة (21): هل يحتاج إلى فصل بين الخطيب وبين من يجرى مجرى الطبيب؟
فنقول أولا: إن الطب (22) ليس له (23) ملكة على الإقناع البتة، ولا على التعليم أيضا، بل ملكة علمية على تدبير الأبدان لتصح. فإن كان الطبيب مقتدرا على هذا التدبير، ولم يكن له بالإقناع بصيرة (24) (25) البتة، وكان عالما بعلمه (26)، ولم يكن له فى سبيل التعليم هداية البتة، فهو طبيب وعالم. ثم إن اقتدر على التعليم، فذلك له من حيث هو معلم (27)، ويكون تعليمه ليس إقناعا، لأنه إما أن يعلم أمورا واجبة كقولهم: كل مرض إما سوء (28) مزاج أو (29) فساد تركيب فان علمها تعليم مثلها (30)، لم (31) يكن مقنعا، بل محققا. وإن أقنع ولم (32) يحقق ولا شارف التحقيق،
__________
(1) واحد: سقطت من ن
(2) واحد من الأمور المفردة: سقطت من س
(3) تفرق: ففرق هـ
(4) الريطورية: الريطوريقية هـ
(5) المعلمة: العلمية ب، د، ن
(6) ولكن: وليس س، هـ
(7) وإن: فان هـ
(8) كانت: كان م، ن
(9) ملكة: على الاقناع الممكن وإن كان ملكه م
(10) فهل هى: فهى ن
(11) فان: وان ح، د، س
(12) كان: كانت د، م، هـ
(13) ما: سقطت من س
(14) و: سقطت من ح
(15) الطبيب: الطب م
(16) نحو: وجه م
(17) واقناع الخطيب من نحو: سقطت من سا
(18) ذلك: سقطت من د
(19) قد: سقطت من د
(20) يتعاطى: تعاطى س، هـ
(21) بالجملة: سقطت من ن
(22) الطب: الطبيب ح
(23) له: سقطت من د
(24) بالاقناع بصيرة: بصيرة بالاقناع س، هـ
(25) بصيرة: بصير م
(26) بعلمه: نقطه د
(27) معلم: معلوم د
(28) سوء: سواء د
(29) أو: واما سا
(30) مثلها: مثله د
(31) لم: ولم ن، هـ
(32) ولم: لم ب(1/235)
كان حينئذ مستعملا لفعل الخطابة (1)، لا معلما، وكان من تلك الجهة خطيبا فى ذلك الشئ. وإما أن يعلم (2) أمورا ممكنة أكثرية (3) جدا، أو دون ذلك فإن علمها من حيث هى ممكنة بأكثريتها، أو غير ذلك على ما سلف منا شئ من القول فيه فى فنون سلفت، لم يخل (4) إما أن يصحح (5) إمكانها وقربها من الكون، فيكون معلما أو يقنع (6) فى (7) ذلك من غير إفادة اعتقاد يقين أو مقارب لليقين، كان خطيبا. وإما أن يصحح وجودها وأنها توجد لا محالة. فإن حاول الإقناع فى الوجود، كان مستعملا فعل خطيب. وإن حاول إيقاع التصديق الجزم (8) المقارب لليقين فيه، كان (9) مغالطيا. فإذا الإقناع للطبيب بالعرض (10)، ومن حيث هو فاعل فعل الخطيب، إلا أنه ليس بذلك خطيبا، لأنه ليس له ملكة على أن يقنع فى كل شئ.
وإنما (11) يصير الخطيب (12) خطيبا بهذه الملكة، لا بأفعالها التى (13) (14) تصدر عنها فى أشياء معينة. فنحن وإن سلمنا أن الطبيب (15) قد يقنع (16)، فليس يصير بذلك خطيبا ولا يصير مشاركا للخطيب فى الصناعة، لأنه ليس الخطيب خطيبا لأجل أفعال (17) تصدر عنه خطابية، بل لملكة صفتها الصفة المذكورة، أعنى ملكة على (18) الإقناع فى كل شئ.
والطب (19)، وإن سامحنا فى أمره، وسلمنا (20) أنه (21) ملكة مثلا على الإقناع، فليست (22)
ملكة على الإقناع فى كل شئ. على أن الطب ليس (23) ملكة الإقناع (24).
ونقول: إنه (25) كما أن الطبيب قد يقتدر (26) على استعمال علاج (27) فى حيوان غير الإنسان، كذلك
__________
(1) الخطابة: المخاطبة س، هـ
(2) أن يعلم: سقطت من سا
(3) ممكنة أكثرية: أكثرية ممكنة س، هـ
(4) لم يخل: يخ هـ، ن
(5) يصحح: يصح م
(6) يقنع: يقتنع د
(7) فى: من هـ
(8) الجزم: الحرم س
(9) كان: سقطت من س
(10) بالعرض: بالغرض م
(11) وإنما: واما أن د
(12) الخطيب: الطبيب د
(13) بأفعالها التى: بأفعال د، س، ح (كتب أولا بأفعالها ثم كتب فوقها بأفعال فى ح)
(14) التى: سقطت من سا
(15) الطبيب: الخطيب س
(16) يقنع: فى كل شئ وإنما يصير الخطيب م
(17) لأجل أفعال: لافعال سا
(18) على: سقطت من د ن
(19) الطب: الطبيب م
(20) وسلمنا؟؟؟: وسامحناه م: وسامحنا ب، ن، سا: سقطت من ح
(21) أنه: لانه د
(22) فليست: فليس م، ن
(23) ليس: ليست ح، س، هـ
(24) الإقناع: إقناع هـ
(25) إنه: سقطت من د
(26) يقتدر: يقدر م
(27) علاج: العلاج هـ(1/236)
مجرى الموضوع والمحمول، وهذا خلاف ذلك، فإذا (1) كان الحد الأصغر، أو الأوسط، أو الأكبر (2)، ليس واحدا، لم تكن المقدمة واحدة محصلة فيها محمول واحد على موضوع واحد (3) وإذا لم تكن المقدمة (4) محصلة لم يكن القياس محققا، بل كان القياس ليس على صورته وعلى حده (5). فبيّن أن جميع هذه ترتقى إلى مبدأ واحد: وهو أن يكون القياس والتبكيت ليس على حد القياس والتبكيت.
والسبب المقدم فى ذلك، وفى كل ضلالة، سبب واحد وهو (6): العجز عن الفرق بين الشئ وغيره، والفرق بين النقيض وغير النقيض فإن الجهل بأن غير النقيض نقيض، كالجهل بالفرق بين الشئ (7) وهو هو. وهذا النمط من الجهل قد يوجد، أولا يخص أنواع الغلط الواقع من طريق اللفظ فإن جميع هذه الوجوه اللفظية تشترك فى أن ما يخص التبكيت من أنه على النقيض لا يؤخذ محققا فيه، بل يكون النقيض غير نقيض فى الحقيقة، بل فى الظن فقط، إما فيما ينتج مخالفا لوضع القائل (8)، وإما (9) فى المقدمات المأخوذ (10) ةفيها شئ على أنه نقيض باطل، ويكون غير نقيضه.
وأما الذى باشتراك الاسم فسببه (11) العجز عن ملاحظة المعنى، وعن قسمة المعانى (12)، وخصوصا فى الأشياء الخفية (13) الاشتراك، مثل: الواحد والموجود،
__________
(1) فإذا: فإن د، ن
(2) أو الأوسط أو الأكبر: والأوسط والأكبر س والأوسط أو الأكبر هـ
(3) على موضوع واحد: ساقطة من ن
(4) المقدمة: المقدمات ب، د
(5) حده: حد د
(6) وهو: أن م
(7) الشئ: وبين غيره د
(8) القائل القابل ن المقابل هـ
(9) وإما: إما هـ
(10) المأخوذة: المأخوذ س، سا، م
(11) فسببه: فيسببه أن يكون هـ
(12) المعانى: المعنى د
(13) الخفية: الحقيقة م.(1/237)
حتى يتميز ما هو عما ليس هو هو (1)، والهو هو (2) وما ليس (3) بنقيض عن النقيض.
والسبب الذى فى التركيب والقسمة أيضا مثل هذا، وهو العجز عن تفصيل الغير عن الهو هو إذا اختلط، فلا (4) يعلم أن حكم المفصل غير حكم (5) المجموع فى (6) التعجيم، حتى (7) لا يراعى الخلاف بين الشئ (8) وبين ما يشبهه فى الكتابة مخالفة مّا فى مد أو قصر أو غير ذلك (9). وكذلك فى شكل اللفظ، فإن الذهن فى جميع ذلك يعرض له قصور عن ملاحظة المعنى بحسب اختلاف اللفظ، فتارة يظن أن (10) المشارك فى اللفظ مشارك (11) فى المعنى، وتارة يظن أن المفارق (12) فى اللفظ موافق فى المعنى، كأن حكمه (13) هو حكم الشئ على الشئ حكمه حكم الشئ (14)، وأن اللفظ أو حال اللفظ الذى يشارك فيه النقيض غير النقيض هو (15) فى معنى النقيض (16)، كأن النقيض فى اللفظ وحاله هو النقيض فى المعنى. ومن قدر على التميز (17)
بادر فلاحظ (18) الشئ نفسه (19)، وصار سماعه للفظ إشارة فيه على (20) المعنى، حتى إنه إذا (21) قال: موجود وواحد، تميز له (22) (23) مثلا ما هو الأولى بذلك والأخص به كالجوهر الشخصى.
__________
(1) هو هو: هو د، سا، م، ن، هـ
(2) والهو هو: فالهو هو سا
(3) هو هو والهو هو وما ليس: ساقطة من س
(4) فلا: ولا سا، م، ن، هـ
(5) غير حكم: حكم غير س
(6) فى: وفى س وكذلك ن، هـ
(7) حتى: حين س، م، هـ
(8) الشئ: الشمس ب
(9) ذلك: ما س
(10) أن: ساقطة من م
(11) مشارك: غير المشارك س، سا، م، ن، هـ
(12) المفارق: المقارن سا، المقارب م
(13) حكمه: حكم الشئ س
(14) حكمه الشئ: حكمه هو حكم الشئ على الشئ م ما حكمه هو حكم على الشئ حكمه حكم الشئ ن
(15) هو: ساقطة من ن
(16) النقيض: هو د
(17) التميز: التمييز م
(18) فلاحظ: ولاحظ ب يلاحظ م
(19) نفسه: بعينه م
(20) على: إلى س، م
(21) إذا: إذ م
(22) تميز له: بمنزلة م
(23) له: أنه هـ.(1/238)
على صدقه، لأن السمت فضيلة ما غير فضيلة (1) العلم. وليس إذا (2) حسن سمته ودل على فضيلته، دل (3) ذلك على إصابة رأيه (4) فى الأمور الغائبة الخفية كالأمور المستقبلة (5)، بل هذا أولى أن يكون نافعا فى الأمور المشاجرية (6). فإذا حسن سمته، ظن به أنه لم يفعل الجور، أو فعل (8) فعل الجور (7) لا على نحو ما يفعل الجور.
وأما استدراج السامعين فيكون كما علمت بالأقاويل (9) الخلقية والانفعالية.
فالخطيب إذا يحوج إلى معرفة ما (10) بالخلائق (11) وبالفضائل (12) وبالانفعالات (13)، حتى يكون له أن يتصرف بها وفيها، تارة ليستعملها (14)، وتارة (15) لينقض استعمال خصمه لها بأن يصرح أنه يحتال بأمثالها (16) عليه، وأن (17) التصديق الذى يكاد أن يوقعه ليس لإحقاقه، بل لاحتياله. فلهذا السبب، ولما سلف لك (18) عرفانه (19)، ما تتناسب صناعة الخطابة والجدل والصناعة المدنية التى تبحث عن الأخلاق والسياسات.
أما صناعة الجدل، فمن حيث ذكرنا. وأما الصناعة الخلقية، فمن حيث المعرفة بالأخلاق (20) والانفعالات. فيكون كأن الخطابة مركبة منها (21)، وليست كذلك بالحقيقة، لأنه لا تتركب صناعة من أجزاء صناعة أخرى، كما علمت فى تعليمنا صناعة البرهان، بل وليست المشاركة بينها (22) وبين الأمرين إلا فى الموضوعات، وأما التصرف فى الموضوع فلا تشارك فيه (23) تينك الصناعتين. وأما الجدل فإنه، وإن لم يشاركها (24)، فقد يشابهها، لأنه يروم
__________
(1) ما غير فضيلة: سقطت من م
(2) إذا: اذا هـ
(3) دل: ودل هـ
(4) أيه: رأى م
(5) المستقبلة: المستقلة م
(6) المشاجرية: المشاجرة س
(7) أو فعل فعل الجور: سقطت من م
(8) فعل: سقطت من د
(9) بالأقاويل: الأقاويل م: فى الأقاويل س
(10) ما: سقطت من د
(11) بالخلائق: الاخلاق د، هـ: فى ن كتب اولا بالخلائق ثم كتب فوقها بالاخلاق
(12) بالفضائل: الفاضلة فالرذلة د
(13) بالانفعالات: الانفعالات د
(14) ليستعملها: استعملها ح
(15) ليستعملها وتارة: سقطت من د
(16) بامثالها: باثباتها س
(17) أن: وان د
(18) لك: له د
(19) عرفانه: فوجف م
(20) بالأخلاق: بالأفعال سا
(21) منها: منهما د
(22) بينها: بينهما سا صناعة: صناعى س
(23) فيه: بين ح
(24) يشاركها: يشاركهما سا(1/239)
تقريرا (1) بالمخاطبة. وأما الصناعة المدنية فلا تشارك الخطابة فى نحو التصرف (2)
ولا تشابهه (3). فإن تلك الصناعة ليس مبنى أمرها على أن تكون مخاطبة للتقرير، ولا نحو بيانها نحوا يقتصر فيه على الإقناع، بل يتعدى فيها (4) ذلك إلى الاعتقاد الجزم. نعم، قد تشارك الخطابة تلك الصناعة فى الموضوع، لأنها تشارك كل صناعة فى موضوعها، وتشاركها فى بعض المسائل.
قال المعلم الأول: إن المتكلمين فى الخطابة قد أغفلوها (5) وعوصوها (6) وأبهموا وجه الإحاطة بها (7) فبعضهم لسوء التمييز (8) وقلة الاستبصار، وبعضهم للكبر (9) والتيه موهما أن كلامه أرفع طبقة من أن يفهم بسهولة، وبعضهم لأسباب أخرى إنسانية من الحسد وغيره.
[الفصل السادس] فصل (10)
فى (11) العمود وهو التثبيت (12) وفى (13) أقسامه
فلنتكلم الآن فى التثبيت (14)، فنقول: يقال تثبيت (15) وتفكير (16) وضمير واعتبار وبرهان، وبينها (17) فروق (18). فالتثبيت (19): هو قول يراد به إيقاع (20) التصديق بالمطلوب نفسه، وهو (21) يعم جميع ذلك. لكن الضمير (22) هو ما كان منه (23) قياسا (24) والاعتبار
__________
(1) تقريرا: تقر د
(2) نحو التصرف: التصديق د: نحو تصرف ح
(3) تشابهه: يشابهها م: الخطابة تشابهها هـ
(4) فيها: سقطت من س
(5) أغفلوها: كتب فوقها فى ح أغلفوها
(6) عوصوها: عرضوها ب، م، ن، سا: عوصوا س
(7) بها: فيها س، هـ
(8) التمييز: التميز م، ن، هـ
(9) للكبر: للتكير هـ: للكثر؟؟؟ س
(10) فصل: فصل 6هـ: فصل وب: الفصل السادس س، م
(11) فى: وهو د
(12) التثبيت: التثبت ب، ح، س، هـ: الثبت سا
(13) وفى: وح
(14) التثبيت: التثبت ب، ح، س، هـ، سا
(15) تثبيت: تثبت ب، ح، س، هـ، سا
(16) تفكير: تفكر م، ن
(17) بينها: بينهما ب، س، ن سا
(18) فروق: فرق م، ن، هـ
(19) فالتثبيت: فالتثبت ب، ح، س، هـ، سا
(20) إيقاع: اقناع س
(21) وهو: فهو د
(22) الضمير: ضمير د
(23) منه: فيه د
(24) قياسا: قياس ن(1/240)
الخاص (1) بالهندسة، فإنه مغالطة فى الهندسة وخروج عن الهندسة (2) بل يجب أن يكون القياس البرهانى من جنس الأمر ومناسبا له إنما القياس المقبول (3)
الغير (4) المناسب هو للجدل، وكيف لا وله وللممتحنة (5) أن تؤلف من (6) الكاذب المتسلم، فكيف من غير المناسب؟ وغير (7) المناسب وإن كان جدليا فهو مغالطة فى البرهان فإن (8) المغالطة فى العلوم البرهانية هى أن تورد مقدمات على أنها صادقة ومناسبة ولا تكون كذلك، وتسمى هذه المغالطة سوفسطائية. والمغالطة فى الجدل هى أن تورد مقدمات على أنها مشهورة ومتسلمة ولا تكون كذلك، وتسمى هذه المغالطة ممارية ومشاغبية. وهذا (9) المشاغبى أيضا إذا أورد مقدماته، ليست (10)
هى التى تسلمت (11) بل شبيهة بالتى تسلمت وإن اتفق أن كانت صادقة وعقد منها قياس هو (12) بالحقيقة قياس فترويجها (13) على المحاور على أنه واجب (14) مما (15) سلمه فيه (16)، فهو (17) مغالطة عليه لأنه وإن كان حقا فهو حق فى نفسه، لا بحسب التسلم (18)
من المخاطب. ويجب أن تفهم هذا الموضع على هذه الجملة ولا تلتفت إلى ما يورده بعض متأخرى الفلاسفة (19).
والسوفسطائيون هم الذين يأتون (20) بالقياس، لا من الأمور المناسبة، ولا من المتسلمة من ذات الأمر، لست (21) أعنى الذاتية، بل الذى (22) يتسلم من مقدمات
__________
(1) الخاص: ساقطة من هـ
(2) عن الهندسة: عنها د
(3) المقبول: المقول ن
(4) المقبول الغير: الغير المقبول سا
(5) وللمتحنة: للمتحنة ب وللمتحن د وللمتحنة س وللنتجة ن
(6) من: ساقطة من م
(7) وغير: فى غير س
(8) فإن: وان س فى م
(9) وهذا: وهذه م
(10) ليست: ساقطة من ب سا، م، ن
(11) تسلمت: سلمت سا، م
(12) هو: وهو سا، م
(13) فترويجها: وروجها د
(14) أنه واجب: أنها واجبة م، ن، هـ
(15) مما: ما سا
(16) فيه: فيها م، ن
(17) فهو: فهى م
(18) التسلم: التسليم ن، هـ
(19) الفلاسفة: الفلسفة د، س، سا
(20) يأتون: ساقطة من ن
(21) لست: ليست س
(22) الذى: التى م، ن.(1/241)
وإن كانت حقة فإنها إذن لم تكن بالحق (1) من ذات ما (2) ينازع فيه (3)، لا أن (4) تكون شيئا غريبا مشبها به فيما تسلم (5) منه. وأما الذى (6) يأتى بما تسلمه من ذات الأمر فهو الجدلى، فإن الجدلى إنما ينتج أن الوضع كذب عن مقدماته بحسب تسليم المجيب (7) إياها. والمحاورة الامتحانية كأنها جزئية من الجدلية أيضا، وفى (8) حكمها، كما علمت.
وبالجملة فإن تلك صنائع (9) تنكلم فى ذات الواجب وكل الصنائع موضوعها الحق والعدل. ولولا ضعف المجيب لما كان يتم للسوفسطائية صناعة، التى هى (10) صناعة لا تنتهى إلى غرض (11) محصل واجب فإنها وإن حاولت المناقضة وتكلفتها (12)، فإنها غير محققة لا تنال ما (13) تتكلفه. وأقل (14) عيبها أنها (15) لا تنال (16) ذلك فلا (17) تفيد وكيف لا تكون كذلك وهى مع أنها لا تفيد، وليست بسبب للفائدة، فقد تعسر على المستفيد الاستفادة، وتشوش على العالم العلم، بما تورد من الشك.
فهذه (18) صناعة معدة (19) نحو الظن والتخييل (20) والمحاكاة، ومبتدئة منها. وبذلك يروج (21)
على السامع وعلى المجيب، وأشياء تولدها الأسباب المذكورة الثلاثة (22) عشر، إما بانفرادها (23) بعضها، أو (24) باجتماعها إن (25) كانت هى أسباب الغلط. وأسباب الغلط (26) هى أسباب القياس المغالطى الذى يقبله (27) من يغفل (28) عن (29) الضلالة فيروج (30) عليها
__________
(1) بالحق: الحق س، م، ن، هـ
(2) ما: مما م، ن، هـ لا هـ
(3) فيه: ساقطة من س
(4) لا أن: لأن د إلا أن هـ
(5) تسلم: تسلمه د
(6) الذى: التى هـ
(7) المجيب: ساقطة من س
(8) وفى: وإلى هـ
(9) صنائع: الصنائع م لا م، ن، هـ
(10) هى: هو م
(11) غرض: ساقطة من م
(12) وتكلفتها: وتكلفته د، ب س، سا
(13) ما: مما هـ
(14) وأقل: أقل ب وأول د
(15) أنها: ساقطة من ن
(16) تنال: ينال ب
(17) فلا: ولا س، م، ن، هـ
(18) فهذه: وهذه د، س، سا، م، ن، هـ
(19) معدة: مقدمة د
(20) والتخييل: والتخيل د، سا، م، ن، هـ
(21) يروج: روج د
(22) الثلاثة: والثلاثة سا، م
(23) بانفرادها: بانفراد س، هـ
(24) أو: وإما م
(25) إن: إذا ن إذ هـ
(26) وأسباب الغلط: وأسباب ن
(27) يقبله: يفعله س، ن
(28) يغفل: بعقل سا، م
(29) عن: علي س، سا، م
(30) فيروج: وروج د فروج سا، م.(1/242)
لجزئى آخر على أنه مثله. وأما (1) الاستقراء فنورد (2) فيه الجزئيات على أن الكلى هى (3)
بعينها، وإن لم يكن كذلك. فإن استوفيت (4) بقسمتك الجزئيات، صار ذلك كما علمت قياسا، لا استقراء، أو (5) كان ضربا آخر من الاستقراء (6). وبيان ما قدمنا من هذا المعنى على سبيل المثال أنك إذا حكمت أن كل إنسان يسرف يفتقر (7)، فقلت: مثل (8)
فلان وفلان (9)، فإن عنيت أنك تنقل حكم فلان إلى كل واحد من أشكاله (10) من الناس (11) أو إلى الإنسان العام للمشاكلة فهو بعد تمثيل (12).
فأما إن لم تقتصر (13) على حكم المماثلة، بل (14) أو همت أنك بتعديدك (15) ما عددته، عددت الكل، كأنك اكتسبت عموم الحكم لكثرة (16) المعدودات، كان (17) كأنك (18)
قلت (19): كل إنسان فهو (20) فلان وفلان، حتى تكون كأنك عددت كل إنسان، أو عددت ما هو مقام كل إنسان وهو الكثير. فحينئذ لا تكون حكمت على كل واحد، أو على الكلى (21)، بحكم (22) وجدته فيما يشاكله فقط، بل بحكم يعم الكل (23)، أو ما هو كالكل (24) فيه (25). وهذا هو الاستقراء.
فقد (26) علمت إذا أن التمثيل كيف يفارق الاستقراء فى إيحاب حكم كلى، وعلمت أن الاعتبار أنفع فى الخطابة. ولذلك (27) ما يقل اعتراض الشغب فيه، ويكثر فى الضمير. ويشترك المثال والضمير فى أن كل واحد يفيد إقناعا،
__________
(1) واما: فاما ن: وس
(2) فنورد: على م
(3) هى: هو د
(4) استوفيت: استوف هـ
(5) أو: وب، د، سا
(6) أو كان الاستقراء: سقطت من ن
(7) يسرف يفتقر: شرف بفقير م: يسرف صغر؟؟؟ هـ: يسرف يفقر ن: إنسانا يفتقرح (ثم صححت)
(8) مثل: مثلا ب، م، ن
(9) وفلان: فلان م
(10) أشكاله: أشباهه س
(11) الناس: الثانى د
(12) تمثيل: بمثل هـ
(13) فاما إن لم تقتصر: سقطت من م
(14) بل: سقطت من م
(15) بتعديدك: بنعديد س: بتسديدك ن
(16) لكثرة: سقطت من ح
(17) كان: سقطت من ح
(18) كأنك: سقطت من م
(19) قلت: قتلت م
(20) فهو: وهو هـ
(21) الكلى: كلى ن: الكل د، س، هـ
(22) بحكم: عام ح (كتبت فوق بحكم)
(23) الكل: الكلى ح (كتبت فوق الكل)
(24) كالكل: كالكلى ح (كتبت فوق كالكل)
(25) فيه: سقطت من ح
(26) فقد: وقد م، سا
(27) ولذلك: وكذلك م(1/243)
أى يجعل شيئا، لم يقنع به، مقنعا به (1). فإن كل مقنع: إما مقنع (2) فى نفسه كما يسمع، وإما مقنع فى غيره ناقل إليه. لكنه ما (3) لم يكن مقنعا فى نفسه لم يقنع فى غيره. والمقنع فى نفسه هو المحمود.
والمحمود: إما بحسب إنسان إنسان، أو عدة بأعيانهم (4). وهذا القسم من المحمود، مع أنه غير مضبوط، لكونه (5) غير محدود (6)، فهو أيضا غير مضبوط، لكونه مختلفا غير ثابت. فإن كل واحد يرى ما يهوى. وتختلف الآراء (7) بحسب الأهواء (8). ومثل هذه المحمودات، وإن صلحت لأن (9) تستعمل فى كثير من القياسات من (10) الخطابيات، فإنها لا تصلح لأن (11) تجعل عمدة فى الصناعة. فإنها (12)
لا تتناهى أحوالها.
وإما (13) محمود (14) بحسب الجمهور، أو طوائف (15) منهم ليس من حيث لهم عدد حاضر.
فإن الخطابة تشارك الجدل فى استعمالها (16). فإن الخطابة قد تستعمل المحمودات التى ليست بحسب هوى واحد، بل بحسب هوى الجمهور. لكن الجدل يحتاج إلى المحمودات احتياجا على شرط المنطق، إلى أن (17) يكون المؤلف (18) منها قياسا (19) بشرائطه (20). وشرائطه أن تكون المقدمات حقيقية الحمل (21)، وتكون مع ذلك صحيحة التأليف (22)، وعلى نظم قياس، إما بالفعل وإما بالقوة. وإذا كان قد (23) وقع (24) فيها إضمار، وكان (25) على سبيل إيجاز، لو صرح به لم يتغير حكمه. وليس كذلك حكم الخطابة. فإن الخطابة (26)
يكفى فيها (27) أن تكون المقدمات فيه (28) محمودة فى الظاهر، بأن يكون الناس يرونها
__________
(1) مقنعا به: سقطت من د
(2) إما مقنع: سقطت من د
(3) ما: سقطت من س
(4) بأعيانهم: بأعيانها د
(5) لكونه: لكنه م
(6) محدود: محمود د، س
(7) الآراء: الأول د
(8) بحسب الأهواء: سقطت من ح
(9) لأن: أن لا ح
(10) من: سقطت من س
(11) لأن: أن د
(12) فانها: لانها س
(13) واما: فاما د
(14) محمود: محمودا فى كل المخطوطات. النصب جائز إن قدرنا فعلا محذوفا مثل يكون. ولكن الرفع أولى
(15) أو طوائف: وطوائف د
(16) فان الخطابة استعمالها: سقطت من م
(17) إلى أن: أن د: إلى إلى أن ح: أى س
(18) المؤلف: مؤلفا د
(19) قياسا: قياس د
(20) بشرائطه: سقطت من س
(21) الحمل: الحمد ب
(22) التأليف: للتأليف م
(23) قد: سقطت من م
(24) وقع: وضع س، هـ
(25) وكان هـ: كان ح، س، سا: أو كان م: فكان؟؟؟ ب، ن: سقطت من د
(26) فان الخطابة: سقطت من د، م: بل س
(27) فيها: فى م، ن، هـ (ثم كتب فوقها ز فى هـ)
(28) فيه: فيها د: سقطت من س، ن(1/244)
من طريق ما بالعرض هذا سبيله وكذلك الذى هو كالجزئى له وهو الغلط من طريق اللازم وأيضا الغلط (1) من طريق الإطلاق والتقييد غلط فى الأجزاء وكذلك الغلط فى المصادرة على المطلوب غلط فى أجزاء القياس من طريق المعنى، إذ (2) لا تكون ثلاثة بل اثنان فقط.
ولا تظن (3) أن هذه القوانين إنما تتم لك إذا علمت كل موجود، ونظرت فى كل خطأ وصواب، فإن ذلك لا يتناهى، بل إنما تتم لك إذا علمت الأصول والقوانين التى تنتزع من أمورها (4) وتكون سائرها على قياسها. وأنت تعلم أن الجزئيات من التبكيتات البرهانية والجدلية غير متناهية بعد أنها أولى أن تكون محصورة، لأنها حقيقية (5) أو شبيهة قريبة من الحقيقية (6)، فكيف الكاذبة التى لا (7) تنحصر تحت حد؟ فكيف الكاذبة الغير المناسبة؟ فمعرفة أسباب التبكيت المغالطى المطلق هو إلى صناعة المنطق.
وأما الجزئيات من التبكيتات المغالطية فى صناعة صناعة فحلها (8) إلى صاحب تلك الصناعة. وأما التى (9) فى الأمور المشتركة فإلى (10) الجدلى. وليس (11) يمكننا أن نعطى أسباب الغلط فى واحد واحد من العلمية، بل يجب أن نعطى أعم ما يكون، وكذلك (12) يجب أن نعطى ما يكون على الجدلى (13) حله، وهو الذى يرى جدليا وليس بجدلى (14)، كما أن للجدلى (15) فى صوابه أصولا (16) عامة، فكذلك بإزاء ذلك له (17) فى خطئه (18) وغلطه أصول (19) عامة، تلك الأصول هى أصول القياس المغالطى
__________
(1) الغلط: الذى د، س
(2) إذ: أو س، سا، م، ن، هـ
(3) تظن: تظنن، س، م، هـ
(4) أمورها: أمور ما د، س، سا، م، هـ
(5) حقيقية: حقيقة سا
(6) الحقيقية: الحقيقة سا، م
(7) لا: ساقطة من سا
(8) فحلها: محلها ن
(9) التى: ساقطة من د، س سا، م، ن، هـ
(10) فإلى: فإن ن
(11) وليس: ليس ن
(12) وكذلك: ولذلك س
(13) الجدلى: الجدل س، سا، م
(14) بجدلى: جدلى ن
(15) للجدلى: الجدلى ن
(16) أصولا: أصول س
(17) له: ساقطة من ب، د، س، هـ
(18) خطئه: خطابه ن خطابه هـ
(19) أصول: أصولا هـ.(1/245)
الشبيه بالقياس المقبول وليس بمقبول. وإذا (1) أعطينا بحسب مقابلة الجدلى فقد أعطينا بحسب مقابلة البرهانى وذلك لأن المآخذ الجدلية تشتمل كما علمت بوجه ما (2) للمآخذ (3) البرهانية. وأيضا فإن نوع الغلط ووجوب التحرز (4)
فى الأمرين واحد، إذ (5) كان الذى يغلط فى الحق فيرى غير الحق أنه حق، هو بعينه الذى يغلط فى المشهور والمحمود فيرى غير المشهور أنه مشهور.
وإذا علم الغلط فى القياس العام كالجدلى، علم الغلط فى التبكيت العام (6)، وعلم التبكيت الذى فى (7) الظاهر ليس بالحقيقة فإن القياس قياس بحسب نتيجته (8)، وتبكيت بحسب مقابل نتيجته، سواء كان مقابل نتيجته بقياس آخر يقابله أو بغير قياس، فيكون إذن (9) كل قياس، كان بالحقيقة أو بحسب الظاهر، أو كان جدليا بالحقيقة أو جدليا بالظاهر، فهو تبكيت.
وإذ قد علمنا الأصول من (10) عقد المضللات، فقد عرفنا (11) مواضع الحل.
والجدلى هو الذى يلزمه أن يعرف عدد الأسباب للتبكيت الحقيقى الجدلى، والمظنون تبكيتا، حين (12) تظن جدلية أو امتحانية، معرفة بحسب المشهور العامى.
هكذا يجب أن تفهم هذا الموضع.
[تمت (13) آخر المقالة الأولى والحمد لله رب العالمين (14)]
__________
(1) وإذا: وإذ هـ
(2) ما: ساقطة من س، ن، هـ
(3) للمآخذ: المآخذ د، ب، سا
(4) التحرز: التحريز ب التجويز د
(5) إذ: إذا د، سا
(6) فى التبكيت: والتبكيت س
(7) الذى فى: الذى هو فى م، ن
(8) نيجته؟؟؟: نيجة د
(9) إذن: كان م
(10) من: فى س، هـ
(11) عرفنا فى ن
(12) حين: حتى د، س، سا، م، ن، هـ
(13) تمت: ساقطة من سا، د، ن
(14) آخر العالمين: ساقطة من د، س، سا، ن تمت المقالة الأولى من الفن السابع بحمد الله ومنه م تمت المقالة الأولى من الفن السابع فى المنطق والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله أجمعين هـ.(1/246)
لا يشكون فى أنها محمودة، لكنهم (1) إنما (2) يشكون فى أنها صادقة.
وأما المحمودات المظنونة فهى التى، إذا تعقبت، زال حمدهما، لا لأجل ظهور الكذب فقط، بل لأجل الشنعة (3)، أو لأجل فقدان الحمد فقط من غير ضد.
فيكون الخطابى وإن (4) استعمل محمودات حقيقية، فإنما (5) يستعملها (6) من جهة أنها أيضا محمودة (7) فى الظاهر. فإن كل محمود حقيقى محمود فى الظاهر. وإنما يتصرف فيه (8) على المعتاد فى الظاهر من غير أن يجعل لها ترتيب القياس، فيزول الانتفاع بالضمير. ومع ذلك يؤنس منه ضرب فى فن (9) (10) غير المعتاد.
فقد بان إذا أن الجدلى (11) يتصرف فى المحمودات على شروط المنطق، والخطابى يتصرف فيها (12) على الرسوم المعتادة، بل يلزم (13) الرسوم المعتادة فى مادة قياسيه، وفى صورته (15) حتى إن كانت الصورة قياسية فى (14) الظن استعملها كالموجبتين فى الشكل الثانى. وذلك لأنه متوخ بما يعمله (16) الموقع عند القوم الذين لا يحتملون المخاطبات المرتبة قياسا بعد قياس إلى غرض مطلوب فى مدة طويلة، ولا يضبطونه، ويمله (17) الحكام منهم، فيتوقعون (18) لمح الغرض من كثب ولا ينفذ (19) نظرهم إلى أمد بعيد، ويقنعون بما يلوح وإن لم يحقق، ويقل (20) بحثهم عن أمور وجودها بالضرورة. وإن كان قد يعرض (21) إما على سبيل وضع منهم للصناعة فى غير موضعها إذا تعاطوا (22) كلاما فى شئ من (23) أموره (24) الطبيعية (25) أو شئ من المعانى الإلهية، وإما
__________
(1) لكنهم: ولكنهم س، هـ
(2) انما: اما م
(3) الشنعة: الشعبة م، ن
(4) وإن: وم
(5) فانما: فانها س، هـ
(6) يستعملها: استعملها ن
(7) أنها أيضا محمودة: سقطت من م
(8) فيه: فيها س، هـ
(9) فى فن: من هـ
(10) فن: سقطت من ن
(11) الجدلى: الجدل م، ن، هـ
(12) فيها: سقطت من د
(13) يلزم: يلزوم م، ن، هـ (ثم كتب فوق الواو خ)
(14) صورته قياسية فى: سقطت من د
(15) صورته: صوريه سّا
(16) يعمله: يعلمه سا
(17) ويمله: يمله د
(18) فيتوقعون: بل يتوقعون د، م: بل يترفعون هـ: فوقعون؟؟؟ ن
(19) ينفذ: يبعد د
(20) يقل:؟؟؟ ن
(21) يعرض: يعترض ب، م، ن، سا
(22) تعاطوا: تغالطوا ح، م، ن
(23) شى من: وعلى هـ
(24) اموره: امورها م، ن: امور د: اموره ح (ثم كتب فوقها الأمور)
(25) الطبيعية: الطبيعة هـ: للطبيعة ح(1/247)
على سبيل استعمال (1) الواجبات فمثل (2) قولهم: إن فلانا لا يجتمع فيه حب الشهوات والفضيلة العفية، وإن فلانا لا يراقب الله ما دام معتقدا (3) لاستحالة البعث (4)
وموجبا (5) فناء النفس. بل أكثر (6) نظرهم إنما هو فى أمور ممكنة كالمشوريات التى يكون كونها ولا كونها فى المستقبل (7) بمنزلة واحدة. فكيف يصرح فيها (8)
بمقدمات كلية إلا تعريضا للشك؟ فإن المقتصر على قوله: إن فلانا يسعى (9)
بفلان، لأنه كان يشاور (10) الأمير ساعة إيعازه (11) بالقبض عليه، ربما (12) أقنع. فإن صرح بالمقول على الكل، شعر فى الوقت بكذب (13) المقول على الكل، فشعر (14)
بوجوب الشك فى الملتمس إثباته (15). وربما كان الازدياد فى الشرح (16) سببا لإثارة (17)
الشك ولنشاط (18) السامع للتكذيب أو (19) للتنفير (20) بسبب استيحاش النفس عن (21) التكرير.
وليس كل التفكيرات (22) والضمائر عن (23) ممكنات بالتساوى، بل قد تكون عن ضروريات، وعن أكثريات. والضمائر الموجودة فى كل واحد (24) من هاتين قد تكون من الصادقات، أى من المحمودات الحقيقية، وقد تكون من الدلائل. والمحمودات الحقيقية نسبتها (25) إلى المحمودات الظنية نسبة الصادقات الحقيقية من المحمودات، وبالعكس.
فمثال ما يكون من المحمودات فى الضروريات قولنا: زيد عالم زكى النفس، والعالم الزكى النفس سعيد فى الآخرة. وهذه المقدمة المحمودة (26)
قد تحذف وتستعمل قوتها، وإنما يصرح بها مهملة، لئلا يكون المقول (27) على
__________
(1) استعمال: استعلام س
(2) فمثل: مثل د، م، ن
(3) معتقدا: متعقدا د
(4) البعث: البحث سا
(5) موجبا: موجب ب
(6) أكثر: اكثرهم ح
(7) المستقبل: مستقبل ب
(8) فيها: وكان هـ
(9) يسعى: سعى د: يشقى س
(10) يشاور: يسارر ح
(11) إيعازه: ايعاده س: ايعاذه هـ
(12) ربما: وربما هـ
(13) بكذب: كذب د، س، م
(14) فشعر: مشعر د
(15) اثباته: سقطت من د
(16) الشرح: السروح م، ن، هـ
(17) لاثارة: لايثاره م
(18) لنشاط: لنشط د
(19) أو: وب سا
(20) للتنفير: للتفسير م
(21) عن: على س
(22) التفكيرات: التفكرات د
(23) عن: غير سا
(24) واحد: وحده س: سقطت من ن
(25) نسبتها: وما سها د
(26) المقدمة المحمودة: المحمودات م
(27) المقول: القول ن(1/248)
الكل، من حيث هو مقول على الكل، مصرحا به. أما (1) تأليف مثل هذا (2)
ويكون (3) تأليفه على منهاج الشكل الأول.
ومثال ما هو من الدليل بالتسمية (4) الخاصة قولنا: هذه المرأة ولدت، فهى (5)
مفتضة. فتجعل الولادة دليلا على أن يعرف الافتضاض، وهو (6) دليل صدق لا (7) يخلو عنه، فيلزم أن يكون معه أو (8) أخص منه (9). ولذلك (10) يكون (11) على قوة الشكل الأول.
وأما العلامة: فهو حكم، إما أن يكون المحمول يلزمه، وهو لا يلزم الموضوع أو يكون هو (13) يلزم الموضوع (12)، والمحمول (14) لا يلزمه. فإنه لو لزمه المحمول ولزم هو الموضوع (15)، كان دليلا، فانعقد (16) الشكل الأول. فالعلامة الأولى منهما (17)
تبين (18) بالشكل الثالث، كقولنا: الفقيه عفيف، لأن زيدا الفقيه عفيف.
والصدق فى هذا الكلام أن يقال (19): إن زيدا (20) فقيه، وزيدا (21) عفيف، فكل (22) فقيه عفيف. فيكون زيد علامة لكون الفقيه عفيفا. لكن العفة لزمت زيدا، وزيد (23) ليس يلزم الفقيه، حتى يكون كل فقيه زيدا. والعلامة الثانية تكون من الشكل الثانى، مثل قولهم: هذه منتفخة البطن، فهى إذا حبلى.
والصدق فى هذا الكلام أن يقال (24): هذه منتفخة البطن، والحبلى منتفخة البطن (25)، فيكون اننفاخ البطن علامة للحبل. لكن انتفاخ البطن قد وجد فى هذه، وأما الحبل فليس موجودا لكل منتفخ البطن. ولنورد أمثلة هذه فى الأكثريات.
__________
(1) أما: وأما ب
(2) أما تأليف مثل هذا: سقطت من د
(3) ويكون: فيكون س، هـ
(4) بالتسمية: بالنتيجة هـ
(5) فهى: وهى م، ن
(6) وهو: هو م
(7) لا: ولا م
(8) أو: وسا
(9) منه: سقطت من س، هـ
(10) ولذلك: وذلك س، هـ
(11) يكون: سقطت من س، هـ
(12) أو يكون هو يلزم الموضوع: سقطت من م
(13) هو: سقطت من س
(14) والمحمول: والمحمولات س، هـ
(15) المحمول ولزم هو الموضوع: سقطت من ح
(16) فانعقد: وانعقد د
(17) منهما: منها م
(18) تبين: تتبين ح، د، سا
(19) يقال: يقول س
(20) ان زيدا: زيد د
(21) وزيدا: وزيد د
(22) فكل: وكل د
(23) وزيد: وزيدا س
(24) يقال: يقول س
(25) والحبلى منتفخة البطن: سقطت من م(1/249)
أما القياس من الأكثريات فأن تكون الكبرى محمودة بالحقيقة، لكن ليس صادقة فى الكل، بل فى الأكثر من الأشخاص، أو الأكثر من الاعتبارات (1)، مثل قولهم:
زيد كاف الأذى، فهو محبوب (2). ويكون الدليل الأكثرى مثل قولهم: زيد محموم، فهو إذا سريع النبض. وهذا يسمى دليل (3) الأولى والأشبه عند قوم.
وأما العلامة من الشكل الثانى فأن يقال: زيد سريع النبض مثلا، فهو محموم (4).
وأما العلامة فيها (5) من الشكل الثالث فمثل أن يقال مثلا (6): الشجعان لا يبخلون، لأن على بن أبى طالب (7) كان (8) لا يبخل (9).
فهذه ثمنية (10) وجوه من الضمائر عن الضروريات والأكثريات.
[الفصل السابع] فصل (11)
[فى مثل ذلك]
وأما الكائنة عن المتساويات فهى التى يكون فيها المعنى علامة للشئ ولنقيضه جميعا. أقول: لكنه يكون علامة لأحدهما بنفسه من غير واسطة، ويكون علامة (12) للنقيض (13) بواسطة، أو يكون علامة للأمرين بواسطتين، أيهما سبق إلى الذهن ميل الذهن إليه، ولابد من تلويح أكثرية فيه لا بحسب الأمر
__________
(1) من الاعتبارات: سقطت من سا
(2) محبوب: محمود س
(3) دليل: دليلا ح
(4) محموم: سقطت من د
(5) فيها: سقطت من د
(6) مثلا: سقطت من ح
(7) طالب: عليه السلم ب، م، ن، هـ: عليه السلام ح: كرم الله وجهه بخ: رضى الله عنه س
(8) كان: سقطت من م
(9) يبخل: يبحلى؟؟؟ س
(10) ثمنية: ثمانية د، س، هـ
(11) فصل: فصل 7فى مثل ذلك هـ: فصل ز ب: الفصل السابع م: الفصل السابع فى مثل ذلك س
(12) للشئ ويكون علامة: سقطت من س
(13) للنقيض: النقيض د(1/250)
فى (1) نفسه فقط (2)، بل وبحسب (3) الظن وبادى (4) الرأى. فإنه ما (5) لم تكن هناك أكثرية مظنونة، لم يكن ميل (6) نفس (7) البتة (8). وأما إذا أخذ المتساوى (9)، من حيث هو متساو (10) فى الظن، لم يوجب تصديقا. ومثال ذلك قول القائل: فلان قائم على رأس زيد القتيل الطرى منتضيا سيفه فهو قاتله، وقول الآخر: فلان قائم على رأس زيد القتيل الطرى منتضيا سيفه (11) فليس هو (12) بقاتله. فالأول يعتمد مقدمة أكثرية: وهو أن القائم على رأس القتيل (13) بسيف مسلول هو القاتل. وهذا يصدق فى الأكثر ويكذب فى الأقل. ويكون قد أخذ (14) هذه المقدمة (15) من حيث اعتبار نفسها. وأما الآخر فلم يأخذ المقدمة المقابلة لها من حيث اعتبار نفسها فقط، ولكن إما أن يكون القائل التفت إلى عكسها وهو أن (16) القاتل (17) لا يقوم على رأس القتيل (18) الطرى سالا (19) سيفه، وأكد ذلك (20) أن مثل هذا القاتل يكون خائفا، والخائف ينفصل عن مقام الزلة بعجلة متقيا حلول النقمة به. وهذا كله أكثرى (21). وإما أن يكون قد زاد فى العلامة شيئا، فقال (22) فلان قائم (23) على زيد القتيل الطرى المحقون دمه، المتقى للعقوبة (24) سافكه، فتكون علامته غير العلامة الأولى.
ولو فرضت العلامة هذه (25)، كان ضمير المحتج الأول (26) لا يقنع أو يصحبه شئ آخر، وهو أنه قد فوجئ قائما هناك غير ممهل (27) للانفلات (28)، أو أنه منى بانسداد المخالص عليه، فحينئذ تكون العلامة أيضا (29) أخرى. فإن قنع قانع بأنه (30) قبل (31)
__________
(1) فى: سقطت من هـ
(2) فقط: سقطت من س
(3) وبحسب: بحسب د، س
(4) وبادى: مبادى م
(5) ما: ان ح
(6) ميل: مثل سا
(7) نفس: النفس س، م، ن، هـ
(8) البتة: اليه س، هـ
(9) المتساوى: المساوى م، ن
(10) متساو: متساوى م
(11) فهو قاتله سيفه: سقطت من س
(12) هو: سقطت من م
(13) القتيل: الطرى هـ
(14) أخذ: أخذنا م
(15) المقدمة: المقدمات ن
(16) وهو أن: سقطت من هـ
(17) القاتل: القائم س
(18) القتيل: سقطت من م
(19) سالا: سال ن: شايما ح، س، هـ، سا
(20) ذلك: هذا هـ
(21) أكثرى أكثر سا
(22) فقال: فيقال م، ن
(23) قائم: القائم د
(24) للعقوبة: العقوبة ح
(25) هذه: سقطت من د
(26) الأول: لكان ضميره الأول م
(27) ممهل: متمهل ب، سا: مهمل س، ن
(28) للانفلات: للانقلاب ن، سا: للانقلات س
(29) أيضا: سقطت من ن
(30) بانه: قد ح
(31) قبل: قتل ب: قتل: قيل س(1/251)
من غير هذه الشروط، فتكون هذه العلامة من شأنها، إذا انفردت (1)، أن (2) توقع تصديقا ما ومن شأنها، إذا (3) أخطر بالبال معها قرينة شرط، أوقعت مقابل (4)
ذلك. وأما إذا كانت من كل الجهات (5)، ونسبتها إلى الأمرين نسبة متساوية، فيبعد عندى (6) أن يقنع بلا قرينة البتة فى الشئ (7) وفى نقيضه. اللهم إلا فى شخصين (8).
ويكون (9) فى كل شخص خاص حال تستشعر يزول معها خلوص التساوى. ولهذا لم يتعرض المعلم الأول فى هذا الموضع للممكن المتساوى. فليكن هذا أيضا (10) قسما، ولكن على الشرط المذكور، وليكن إقناعه لأكثرية ما مظنونة. وليفارق ذلك الأكثرى (11) الأولى (12) بشهرة تلك الأكثرية ووضوحها (13).
فأصناف الضمائر إذا تسعة.
وأما المثالات فقد عرفتها، وليس فيها كثير اختلاف (14). إنما الاختلاف الكثير (15)
فى أصناف (16) الضمائر (17). وإنما تعظم المؤونة (18) فى تفصيلها، فإنها أيضا يختلف مأخذها كما فى الجدل، فيصعب لذلك (19) تفصيلها من حيث هى للخطابة (20) نفسه (21)، ويصعب تمييزها من قياسات خاصة بعلوم (22) وصنائع وملكات أخرى قد حصل (23) كثير منها، ويشبه أن يكون قد بقى منها صنائع وعلوم ولم تدرك بعد. والخطابة (24) تشارك الجميع فى الموضوع فيحتاج (25) أن يفصل بين القياسات التى تكون على حذو الخطابة منها (26)، كما يحتاج أن يفصل ما يكون على حذو الجدل منها (27)، ويفرق بين
__________
(1) انفردت: انفرد س
(2) ان: بان س
(3) إذا: ان د
(4) مقابل: مقاتل
(5) الجهات: الوجوه ن
(6) فيبعد عندى: فعندى يبعد؟؟؟ ح
(7) الشئ: شئ د
(8) شخصين: ذلك شخصين م
(9) ويكون: فيكون ب، ن
(10) هذا أيضا: أيضا هذا ب، د، س، سا
(11) ذلك الأكثرى: تلك الأكثرية س، هـ
(12) الأولى: سقطت من د
(13) ووضوحها: وضوحها د
(14) اختلاف: اخلاف ب
(15) الكثير: سقطت من د
(16) أصناف: سقطت من د
(17) الضمائر: وعظم منفعتها د
(18) المؤونة: المونة د، س، هـ
(19) لذلك: بذلك هـ
(20) للخطابة: الخطابة ب
(21) نفسه: نفسها د
(22) بعلوم: خاصة س
(23) حصل: يحصل ب
(24) والخطابة: قد س، هـ
(25) فيحتاج: إلى م، ن، هـ
(26) منها: فيها د
(27) منها: فيها د، م(1/252)
حكمه (1) وبين (2) حكم الخاص بمبادئ (3) الصناعة الذى (4) ليس (5) مألوفا (6) عند الجمهور، ولا من مواضع مشتركة.
والمواضع المشتركة المذكورة فى الخطابة وفى (7) الجدل أكثر انتشارا بالجملة من الكلام الخطابى والجدلى مفردين (8) ومجتمعين. وكثير (9) من هذه المواضع بأعيانها يستعمل فى الخلقيات والطبيعيات والسياسيات (10) على اعتبار غير جدلى (11).
إذ كانت هذه (12) المواضع، مثل مواضع الأقل والأكثر، لا تختص بموضوعات (13)
بأعيانها، بل تعم كل موضوع. فتستعمل فى الجدل (14) والخطابة، وتستعمل أيضا فى الأقاويل المستعملة فى الأمور العدلية (15)، أى الفضائل الخلقية، وفى الأمور الطبيعية، وفى الأمور السياسية وما (16) يجرى مجراها، فلا تختص بواحد منها فقط، ولا (17) تنسب إلى جنس واحد ولكن يكون لها من حيث تستعمل فى الجدل نحو من الاعتبار، ومن حيث تستعمل فى الخطابة (18) نحو آخر من الاعتبار، ومن حيث تستعمل فى الصنائع الثلث (19) المذكورات (20) بعد الجدل مخصصا بها التخصيص (21)
اللائق بها نحو آخر. واستعمالها فى الخطابة والجدل إنما هو (22) من حيث العموم (23)، ومن حيث لا يتناهى الذهن فيها إلى شئ بعينه محدود من الموضوعات (24) يخصصه بها. ولو حققت وفصلت ورددت (25) إلى الواجب، كان ذلك اختلاف علم سوى الجدل والخطابة، كما علمت فى شرح أمر البرهان. ثم يختلف نحو استعمالها
__________
(1) حكمه: الحكمة ح
(2) وبين: وح، س
(3) بمبادى: لمبادى س، دا
(4) الذى: التى س، م، ن، هـ
(5) ليس: ليست ن، هـ
(6) مألوفا: مألوفه م، ن، هـ
(7) وفى: فى س: وح
(8) مفردين: مقرون د
(9) وكثير: فكثير ح، س، سا
(10) السياسيات: السياسات س، هـ، ن
(11) جدلى: جدل ن
(12) هذه: هذه م
(13) بموضوعات: بموضوعاتها ن: لموضوعات م
(14) الجدل: سقطت من د
(15) الأمور العدلية: العدلية د
(16) وما: وسائر ما د
(17) ولا: فلا س
(18) الخطابة: الخطابية م
(19) الثلث: الثلاث ح
(20) المذكورات: المذكورة ح، هـ
(21) التخصيص: لتخصيص م
(22) إنما هو: سقطت من ح
(23) من حيث العموم: سقطت من د
(24) من الموضوعات: من حيث الموضوعات م: من الموضوعيات س
(25) رددت: ردّت س: وردت د: زدت هـ(1/253)
فى الجدل وفى الخطابة، فيحتاج (1) أن يعرف لها كل هذه الفصول، وأن تستخرج الأنواع والمواضع (2) معدة نحو الخطابة بعينها (3)، دون صنائع أخرى.
والأنواع: هى (5) التى يختص نفعها (6) فى أمر جزئى من موضوعات الخطابة.
والمواضع: هى (8) التى (7) يشترك فى الانتفاع بها جميع المواضع بالشركة (4) (9).
__________
(1) فيحتاج: إلى د
(2) والمواضع: المواضع م
(3) بعينها: بعينه د، سا
(4) والأنواع بالشركة: سقطت من س
(5) هى: سقطت من ح
(6) نفعها: بعضها د، م
(7) يختص التى: سقطت من سا
(8) هى: سقطت من د
(9) بالشركة: فى المشتركة؟؟؟ هـ: تمت المقالة الأولى من الفن الثامن بحمد الله ومنه وهو حسبى ونعم الوكيل م: تمت المقالة الأولى من الخطابة ولله الحمد ح: تمت المقالة الأولى من الفن الثامن من المنطق فى الخطابة هـ(1/254)
المقالة الثانية تسعة فصول(1/256)
فصل (1) [الفصل الأول] فى الأغراض الأوّلية للخطيب
فيما يحاوله من إقناع (2) والابتداء بمواضع المشوريات وأنواعها وأولها (3)
بالمشوريات فى الأمور العظام
إن المنازعة فى كون شئ (4) ولا كونه هى منازعة عامة (5) لجميع الأنواع الخطابية. (6)
فإذا رجع إلى التفصيل والتخصيص (7)، فأكثر أصناف المحاورات العامية فى الأمور الجزئية يرجع إلى ما فيه خير أو شر. والجزئيات (8) إما مستقبلة، وإما واقعة. ويبعد أن يقع للجمهور منازعة فى جزئى مستقبل واقع بالطبع والاتفاق: هل هو (9) خير أو شر؟ فإن هذا النحو من النظر بأهل العلوم أولى. بل إن (10) تنازعوا (11) فى هذا، تنازعوا (12) وهم يشيرون بالتحرز عنه إن كان شرا، والتوقع له إن كان خيرا.
وبالجملة: يلتفتون لفت (13) أمر إرادى. وإذا (14) كان كذلك، فالمنازعات التى يتفاوض (15) فيها الخطباء، وتتعلق بأمور ممكنة فى المستقبل إنما تقع (16) ليشار بإرادتها واستصواب اختيارها، أو يشار باجتنابها على (17) سبيل صد (18) عنها، فتكون كلها مشاورية (19)، إما (20) آذنة (21)، وإما مانعة حاجزة. وأما الأمور الواقعة من الخير أو (22) الشر
__________
(1) فصل: فصل اب: الفصل الأول س، م، هـ
(2) اقناع: الاقناع م، ن
(3) أولها: سقطت من س
(4) شئ: الشئ س
(5) عامة: سقطت من د، س
(6) الخطابية: الخطابة د: سقطت من م
(7) والتخصيص: سقطت من ن
(8) الجزئيات: الخيرات ب، د
(9) هو: سقطت من م
(10) بل ان: أو ان ح: بان م، ن
(11) تنازعوا: ينازعوا م: يتنازعوا س، ن
(12) فى هذا تنازعوا: سقطت من ن
(13) لفت: لقب د
(14) واذا: وان هـ
(15) يتفاوض: يتعارض د: يتعاوض م
(16) تقع:؟؟؟ س
(17) على: سقطت من د
(18) صد: ضد د
(19) مشاورية: مشارية م: متساوية ب، ن، دا
(20) إما: واما س
(21) آذنة: آديه س: أدبة هـ: اديه ح (ثم كتب فوقها ارادية)
(22) أو: وح، د، س(1/258)
بالإنسان فلا يخلو إما (1) أن يراد إثبات وجود هذا الخير أو (2) هذا الشر له فقط.
وهذه هى المفاوضة التى يمدح فيها (3) أو يذم. وهذا فقد يكون فى الحال، وقد يكون للماضى. ولكن الكلام فى خير معدوم وشر (4) معدوم مما يقل. وإنما يمدح ويذم (5)
فى أكثر (6) الأمر (7) ما هو موجود خاص (8) لنفسه (9) أو حكمه، فيكون أولى (10) الأزمنة (11)
لموضوعات (12) هذه المفاوضة هو الزمان الحاضر. وإما أن يراد وجود (13) هذا الخير من إنسان آخر بإرادته، أو وجود هذا الشر من انسان آخر (15) بإرادته (14).
وهذا إما أن يكون الخطيب يفاوض إنسانا فى أن خيرا وصل إليه منه، أو من إنسان آخر. وليس مع الاعتراف (16) تشاجر وتنازع (17) البتة (18).
فقصارى (19) ذلك محاورة فى شكر ومشكور له. وإن (20) كان هناك (21) منازعة وتشاجر، فذلك على وجهين: لأنه إذا (22) كان النزاع واقعا فى (23) أن خيرا وصل إليه من آخر (24)، وأريد بذلك إثبات فضيلة الآخر (25)، كان النزاع من باب المدح والذم. وإن لم يرد به ذلك، كانت المنازعة منازعة (26) فى أعم الوجوه وهو الإثبات والإبطال، ولم (27) تكن منازعة خاصة. فإذا؟؟؟ عل دل؟؟؟ الخير شر (28)، كانت المفاوضة جارية على سبيل شكاية واعتذار. فيكون الذى يدعى وصول الشر إما إلى (29) نفسه (30) أو إلى غيره شاكيا أو نائب (31) شاك، والذى ينكر ذلك أو يجعله على وجه (32) لا (33) يكون شرا (34) أو (35) لا يكون قصدا فهو معتذر أو نائب معتذر. ولا شك أن الأمر الذى يشكى (36) أو يعتذر عنه أمر ماض.
__________
(1) اما: الا د
(2) او: ود
(3) فيها: لها س: بها ن، هـ
(4) وشر: وفى شر د: أو شر هـ
(5) ويذم: أو يذم د، هـ
(6) أكثر: الأكثر ن
(7) الأمر: سقطت من ن
(8) خاص: حاضر هـ: ماض ن
(9) لنفسه: نفسه ن، س: بنفسه هـ
(10) أولى: سقطت من م: الأولى هـ
(11) الازمنة: الاثر منه د
(12) لموضوعات: بموضوعات ب
(13) وجود: سقطت من ن
(14) أو وجود بارادته: سقطت من د
(15) آخر: إلى انسان آخر د
(16) مع الاعتراف: فى ذلك س
(17) تشاجر وتنازع: تنازع وتشاجر س، هـ
(18) البتة: اليه سا
(19) فقصارى: وقصارى د
(20) وان: ان م
(21) هناك: هنا؟؟؟ لك د
(22) إذا: ان ب، د، س
(23) واقعا فى: سقطت من ب، ح، س، سا
(24) آخر: الآخر هـ
(25) الآخر: للآخر ح
(26) منازعة: سقطت من د
(27) ولم: وان لم م
(28) شر: شرا د، ن، هـ
(29) إلى: سقطت من هـ
(30) نفسه: لنفسه ن
(31) نائب: ثابت م
(32) وجه: آخر هـ
(33) لا: سقطت من ن
(34) شرا: أو لا يكون شرا م
(35) أو: وس، هـ
(36) يشكى: يشتكى ب، ح، د(1/259)
فإذا جميع المفاوضات الخطابية ثلثة (1): مشاورية، ومنافرية، ومشاجرية.
وكذلك السامعون ثلثة: خصم، وحاكم يحكم بإقناع أحدهما، وسامعون نظار (2). أما الحاكم (3) فى المستقبلات فيكون (4) الرئيس المدبر لأمر (5) الجماعة وأما فى الواقعات فيكون كالمتوسط الموثوق (6) بفحصه (7). وأما النظار فينظرون فى قوة (8) أحدهما وضعف الآخر، ليس إليهم غير ذلك شئ (9).
والخطابة من جهة أخرى تتم بثلثة: بقائل، وقول، ومخاطب.
وربما اتفق أن مهدت (10) مخاطبة من هذه بسبب مخاطبة أخرى، كمن يمدح شيئا أو يذم شيئا (11) (12) وغرضه أن ينتقل بعد ذلك إلى المشورة (13) على سبيل التلطف فى (14) الحيلة.
ولكل واحد من هذه المخاطبات غرض خاص. أما (15) المشورة (16): فهى مخاطبة يراد بها الإقناع فى أن كذا (17) ينبغى أن يفعل لنفعه، أو (18) أن لا يفعل لضره. وأما المنافرة: فمخاطبة (19)
يراد بها الإقناع فى مدح شئ بفضيلة، أو ذمه بنقيصة (20). وأما المشاجرة: فمخاطبة يراد بها الإقناع فى (21) شكاية ظلم، أو اعتذار بأنه لا (22) ظلم. وربما (23) لم تقع (24) منازعة فى كون الأمر نفسه (25)، ولكن فى كونه نافعا أو غير نافع، وكونه ظلما أو غير ظلم، أو (26) فضيلة أو نقيصة (27). والمشورة (28) ليست تكون (29) مشورة بسبب إقناعها (30) فى أمر هو نافع بالحقيقة. فإنه ربما لم يكن نافعا بالحقيقة (31)، ولا عند المشير. لكنه إن أظهر (32)
__________
(1) ثلثة: سقطت من ح
(2) نظار: نظارة س، م
(3) الحاكم: الحكام د
(4) فيكون: يكون سا
(5) لأمر: لأمور ح
(6) الموثوق: الموقوف د
(7) بفحصه: بنصحه ب، م، ن، دا
(8) فى قوة أحدهما: سقطت من ب، ح، سا
(9) شئ: الشئ م، ن، هـ
(10) مهدت: مهذب ح، سا
(11) أو يذم شيئا: سقطت من د
(12) شيئا: سقطت من هـ
(13) المشورة: المشهورة هـ
(14) فى: وفى ن
(15) اما: واما هـ
(16) المشورة: المشورية س
(17) كذا: كذى ح
(18) أو: وس: سقطت من م
(19) فمخاطبة: لمخاطبة هـ
(20) بنقيصة: بنقيضه س، م، ن
(21) مدح الإقناع فى: سقطت من هـ
(22) لا: سقطت من هـ
(23) وربما: فربما د
(24) تقع:؟؟؟ س
(25) نفسه: سقطت من ح
(26) أو: وكونه س
(27) نقيصة: نق؟؟؟ ن، م
(28) والمشورة: المشورة م
(29) تكون: سقطت من د
(30) اقناعها: من م
(31) فابه بالحقيقة: سقطت من سا
(32) أظهر: ظهر م، هـ(1/260)
أنه نافع، حاول (1) الإقناع فيه، فتكون المخاطبة مع ذلك مشورية. وربما كان (2)
المشورة ليست بالنافع، بن بالجميل الذى نفعه من جهة أخرى، وربما كان فى العاجل ضارا. وكذلك المدح (3) والذم ليس (4) ينظر فيه (5) دائما إلى النافع والضار حتى يكون المدح للنافع، والذم للضار، بل ربما كان المدح مدحا بالضار. فإن اقتحام (6) الضرر والأذى للذكر الجميل ممدوح، كالذين يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويخرجون (7) ويسلبون (8). وكثيرا (9) ما يحمد (10) العاقل بإيثار الموت على الحيوة. ولما كان القياس الخطابى فى جميع هذه الوجوه (11) يقتصر منه على قضية تقدم وتكون إما مأخوذة (12) من المحمودات، وإما دليلا، وإما علامة (13)، فكل (14) واحد من هذه (15) مقدمة، وهى بعينها مكان القياس، ويرجع إليه على ما تحققت. والقياس المطلق (16) من مقدمات على الإطلاق. والتفكير (17) قياس يكون من هذه المقدمة على وجه خاص.
فيجب أن يكون قد خزن (18) عندنا (19) مقدمات نافعة فى (20) هذه الأبواب. ولما كان الضرورى كونه وعدمه لا (21) إنسان يطلبه (22) أو يهرب منه، فلا تتوجه المشورة إليه، بل المشورة (23) متوجهة (24) نحو الممكنات. فينبغى أن يكون عند الخطيب المشير مقدمات فى إثبات أن الأمر ممكن أو غير ممكن (25)، وفى أنه هل يكون أو لا يكون، وأيضا فى أنه هل كان أولم يكن. فإن هذا ينتفع به المشير (26) فى التمثيل، وفى (27) إثبات الإمكان أو نفيه. وينتفع به الشاكى، والمعتذر، والمادح، والذام. وأيضا (28) فإن التعظيم
__________
(1) حاول: وحاول ح، س، هـ
(2) كان ب، ح، س، ن: كانت د، م، هـ، سا
(3) المدح: بالمدح م
(4) ليس: وليس م
(5) فيه: كتب فوقها فيهما فى ح
(6) اقتحام: مقتحم د
(7) يخرجون: يجرحون؟؟؟ ح
(8) ويسلبون: ويسكنون د: يسلبون ح
(9) وكثيرا: كثيرا س
(10) يحمد: يمدح م
(11) الوجوه: سقطت من م
(12) مأخوذة: مأخوذا س، هـ
(13) واما علامة: وعلامه هـ
(14) فكل: وكل ب: كل م
(15) هذه: اما سا
(16) المطلق: للمطلوب س
(17) التفكير: التفكر ح
(18) حزن؟؟؟: اخترن م
(19) عندنا: عند م
(20) فى: من د
(21) لا: سقطت من ن
(22) يطلبه: يطلب س، ن
(23) المشورة: سقطت من د
(24) متوجهة: موجه د: توجه هـ
(25) أو غير ممكن: سقطت من م
(26) المشير: والمنافر والمشاجر ب، م، ن، دا
(27) وفى: فى سا
(28) وأيضا: أيضا ن، هـ(1/261)
والتصغير ينتفع (1) به المشير والمنافر والمشاجر بأن يقول: إن فى (2) هذا الأمر نفعا (3)
أو خيرا (4) عظيما (5) أو صغيرا (6) لا يعبأ به، وإن (7) هذه فضيلة أو رذيلة عظيمة أو صغيرة لا قدر لها، وإن هذا عدل أو جور عظيم أو صغير لا يلتفت (8) إليه.
وسواء (9) اعتبر كل واحد منها بنفسه أو بمقايسة (10) بعضها إلى بعض، فظاهر (11)
أن الخطيب لا يقع له استغناء (12) عن إعداد مقدمات فى التعظيم والتحقير، والأفضل والأخس (13) تكون (14) مواضع وأنواعا (15). فلنبدأ باعتبار الأنواع المشورية.
ولما (16) كانت المشورة مشورة بمحاولة أمر لأجل غرض هو (17) خير، فبالحرى أن يحصّل المشير أقسام الخير الذى يشار به، وقبله أن يحقق معرفته من حيث هو عام. ومن المعلوم أن الخيرات والشرور الواقعة بالضرورة خارجة عن توجه المشورة إليها، إذ المشورة قول يراد به التحريك الإرادى نحو ما يكتسب بالإرادة (18)
من الخير أو ما يتحرز عنه بالإرادة من (19) الشر. والضرورى لا محالة كائن، أريد (20)
أو لم يرد. فالخير المشورى إمكانى، لا ضرورى. ولا كل إمكانى. فإن من الإمكانات (21) ما يصدر عن الطبيعة من غير إرادة، ومنها ما يصدر عن عرض (22)
يعرض، إما من خارج مثل انتفاع المحموم بنسيم الشمال إذا هبت، وإما من داخل مثل انتفاع (23) الشاكى مغسا (24) ريحيا (25) بغضب (26) يعرض له على سبيل الانفعال، وإن لم يكن مصدره عن الإرادة، فيسخن مزاجه، فيتحلل ريحه. وأمثال هذه
__________
(1) ينتفع: ينفع م
(2) إن فى: فى ان ح: الا فى س
(3) نفعا: نفع س، هـ
(4) خيرا: خير س، هـ
(5) عظيما: عظيم س، هـ
(6) صغيرا: صغير س، هـ
(7) وان: أو د
(8) يلتفت: يلفت هـ
(9) وسواء: سواء ح
(10) بمقايسة: بمقاسة س
(11) فظاهر: وظاهر هـ
(12) استغناء: استعفاء م
(13) الأخس: الاحسن سا
(14) تكون: ركوب م
(15) أنواعا: أنواع م
(16) ولما: وكما ح، ن، سا
(17) هو: سقطت من ح، س
(18) بالإرادة: سقطت من م
(19) الخير من: سقطت من سا
(20) اريد: يريد سا
(21) الإمكانات: الامكانيات س، هـ
(22) عرض: غرض د
(23) انتفاع: انتاع س
(24) مغسا: مغصا ب، س، هـ
(25) ريحيا: ريحا م: الحيا س
(26) بغضب: يحصب سا(1/262)
الأشياء لا تكون المشورة فيها مقدمة تمهد للعمل (1) عليها، بل تكون (2) المشورة مقدمة للعمل الإرادى (3). فإن المشورة تختص بما كان من الممكنات (4) إلينا أن نوجده أو نعدمه بالإرادة. فهذا هو (5) الأمر العام (6) لما (7) تنحوه المشورة. ثم ههنا أنواع خاصية ينبغى أن نحصيها غير ملتفتين فى إحصائها إلى الأنواع الحقيقية العقلية، (8)
بل نقتصر فى ذلك (9) على المقنعات المظنونة. إذ ليست الخطابة (10) معدة للتحقيق، بل هى (11) صناعة تتصرف (12) فيها الصناعة القياسية بمواد من السياسة (13) وأمثالها وعلى هيئة كالجدلية والسوفسطائية (14)، فنقول:
إن الأمور التى هى أقسام المشورية (15) الخطيرة جدا، دون الجزئيات التى لا تحصر، خمسة: العدة، والحرب (16) والسلم، وحماية المدينة (17)، ومراعاة أمر (18) الدخل (19)
والخرج، وتفريع الشرائع ووضع المصالح.
فالخطيب المشير فى أمر العدة (20) ينبغى أن يكون خبيرا (21) بارتفاعات (22) الناحية: من أى الأجناس هى، وكم هى، وبمبلغ النفقات إذا جرت على القسط ليوازى (23) الدخل (24)
بالخرج (25). ويوعز بنفى البطال الذى لا يضرب يده فى حرفة ينفع (26) بها المدينة، والمتعطل أقعدته (28) الزمانة (29) والعلة عن الاحتراف (27) (30)، ويحجر على المسرف بفضل سعته
__________
(1) للعمل: العمل ح
(2) تكون: سقطت من د
(3) الإرادى: فان المشورة مقدمه للعمل الارادى ح
(4) الممكنات: التى م، ن، هـ
(5) هو: سقطت من هـ
(6) العام: الامام هـ
(7) لما: كما ح
(8) العقلية: التعقلية س، م
(9) فى ذلك: سقطت من د
(10) الخطابة: الخطاه م
(11) هى: هو ب، د، ح، سا
(12) تنصرف: تضرب ح: يضرب د، م، هامش هـ، سا
(13) السياسة: السياسية د، هـ
(14) والسوفسطائية: السوفسطائية ح
(15) هى أقسام المشورية: هى أقسام من المشورية س: هى من الأقسام المشورية هـ: هى أقسام المشورة د: هى الأقسام المشورية ن
(16) والحرب: فى الحرب م
(17) الحرب المدينة: سقطت هنا من س، هـ ووضعت بعد الخرج
(18) أمر: سقطت من س
(19) الدخل: الداخل م، ن
(20) العدة: وأمر الدخل والخرج س، هـ
(21) خييرا: خيرا م، ن، هـ
(22) بارتفاعات: بايقاع ح
(23) ليوازى: اليوازى م
(24) الدخل: الداخل س، ن
(25) بالخرج: والخرج ب، سا: الخرج د
(26) ينفع: ينتفع س، دا، ن
(27) والمتعطل الاحتراف: سقطت من ب، ح، س، سا
(28) اقعدته: أبعدته ن، هـ
(29) الزمانة: زمانة م
(30) الاحتراف: الاحتراق م، هـ: الاحراف د(1/263)
عادلا به إلى الاعتدال. فليس كل ميسرة عن استكثار (1) دخل، بل عمود الميسرة (2)
التأتى (3) للتقدير (4) فى النفقة. فإن التقدير (5) فى الخرج مما يبسط فى ذات اليد. فهذا مما (6)
ينبغى أن ينصرف إليه وكد من كان مشيرا فى باب العدة. وينبغى أن يحيط علما بجزئيات الأخبار وبعوائد التجارب (7)، فإنها تذاكير وأمثال.
وأما المشير فى أمر الحرب والصلح فأول ما ينبغى أن يلحظه قوة الخطب الباعث على القتال وقدره (8) وجدواه، فربما اتضع قدره عن تجشم خطر القتال بسببه، إما لأن كظم الغيظ فيه أخف و؟؟؟ طأ من تكلف مؤونة الحرب بسببه (9)، فرب كظم كفى عظيما، ورب نزق جلب ندما (10)، وإما لأن (11) له دواء غير مر (12)
القتال (13) يشفى داءه، ويزيح علته. ثم بعد ذلك فينبغى (14) أن يحيط بمقاتلة (15) مدينته (16)، والمقاتلة (17) المحاصرين (18)، عددهم (19)، وعددهم، ودربتهم (20) بالحرب، وبسالتهم (21) علما، وأن يحيط بحال نجدة لعسكره (22) يرتجى لحوقها (23) واستمدادها فى مثل ذلك، وفى نقاء دخلتهم (24)
وطهارة نيتهم أو ضدها خبرا، فرب نجدة عادت كلّا ومدد صار (25) وبالا.
ويحب أن يكون هذا المشير ممن له بصر ببعض أنواع الحروب والتعابى (26)، إن (27)
لم يكن بكلها، وسماع لأخبار (28) المتقدمين من المقاتلة (29) فى مدينته وفى تخومها وما يليها ورسومهم ومذاهبهم، وأن يكون خبيرا بعواقبها المحمودة والمذمومة (30) بحسب
__________
(1) استكثار: استكسار د
(2) الميسرة: فالميسرة هـ
(3) التأتى: التالى هـ: الثاتى م: الثانى د
(4) للتقدير: التقدير د
(5) التقدير: التفسير م
(6) مما: ما م
(7) التجارب: سقطت من م
(8) قدره: قدرة م
(9) اما لأن بسببه: سقطت من سا
(10) ندما: ندماء م: بذما د
(11) لان: ان د
(12) مر: عزم م: سقطت من س، ن، هـ
(13) القتال: بمقابله س، م
(14) فينبغى: ينبغى هـ، سا
(15) بمقاتلة: بمقابلة د، م
(16) مدينته: مدينه م
(17) المقاتلة: المقابلة م: بالمقالة؟؟؟ د: بمقاتلة ح
(18) المحاصرين: المحاضرين د، س، م: الحاضرين ح
(19) عددهم: عدتهم سا
(20) ودربتهم: دربتهم م
(21) بسالتهم: أى شجاعتهم ن، هـ، دا
(22) لعسكره: لعسكر ح
(23) لحوقها: لحقوقها د
(24) دخلتهم: دخيلتهم ح
(25) صار: صارت س
(26) التعابى: التعانى د
(27) ان: وان س
(28) لأخبار: الأخبار سا
(29) المقاتلة: المقابلة م
(30) والمذمومة: المذمومة م(1/264)
غرض غرض (1) من أغراض المقاتلين، فإنه سيستغزر (2) من هذه الأحوال مقدمات ينتفع بها فى المشورة. وكذلك ينبغى أن يستأنف النظر (3) كل وقت فى اعتبار عدة مقاتلة (4) المخالف وشوكتهم هل هم مشابهون (5) لمقاتلتهم (6) فى ذلك. ولا يقتصر على (7)
الامتحان السالف، فربما وفرهم إبقاء (8) التناسل وانتقلوا عن (9) قلة إلى كثرة، وعن ضعف إلى قوة. وأن (10) يعتبر جزئيات (11) سالفة، فإن الأمور فى أشباهها، وتحتذى كثيرا حذو أشكالها.
وأما المشير فى أمر حفظ المدينة فينبغى أن يعرف أنواع الحفظ لأنواع البلاد المختلفة سهليتها (13) وجبليتها وبريتها وبحريتها، وبما (14) يكتنفها (15) ويحيط بها. وأن يعرف (12) مواضع المسالح (16)، وأنها كيف ينبغى أن تكون فى قربها (17) وبعدها، وكيف وجه (18)
الاستظهار فى ترتيبها. فإن هذا أمر قد (19) يوقف عليه وإن لم يعرف حال المدينة مشاهدة. وأن يعرف عدد الحفظة والذين أقعدوا (20) مرصدا من المسالح (21)، ويتحقق نياتهم لينجد (22) قليلهم بالمدد، ويعزل (23) خبيثهم (24) بالناصح. وأن يكون له بصر (25) بالمدارج المخوفة والمسالك التى يرتادها (26) المغتالون (27) ومن ينحرف عن (28) الشوارع، فيكون له (29) أن يشير فيها بالأرصاد. وأن يقف على الحاصل من القوت وما يحتاج إلى جلبه
__________
(1) غرض غرض: غرض د
(2) سيستغرز: ستستغزر ب: سيستفز م: سيستعد ح: فاستشعر ن
(3) النظر: فى س
(4) مقاتلة: مقابله س، ن
(5) مشابهون: يشابهون ح
(6) لمقاتلتهم: لمقابلتهم م، ن
(7) على: فى س، هـ (كتبت فوق على)
(8) ابقاء: انفا م، سا: انف هـ
(9) عن: من س
(10) وأن: وب
(11) جزئيات: حربا م: حربان د: حرويا س
(12) أنواع وأن يعرف: سقطت من د
(13) سهليتها: بسهليتها ح، س، هـ، سا
(14) وبما: وربما ح
(15) يكتنفها: يكتفيها م
(16) المسالح: المسا؟؟؟ ح ن: المشا؟؟؟ ح س: المسانح هـ
(17) قربها: قوتها س
(18) وجه: سقطت من م
(19) قد: سقطت من ح
(20) اقعدوا: اعقدوا س
(21) المسالح: المسابح ن: المشا؟؟؟ ح س: المسا؟؟؟ ح هـ
(22) لينجد: ليتخذ ب، ح، م
(23) يعزل: يغره هـ:؟؟؟ رك سا
(24) خبيثهم: خائنهم ب، م، ن
(25) بصر: نظر د
(26) يرتادها: يرتاد بها هـ: وبادها د
(27) المغتالون: المغالون سا المغالبون هـ: المغالقون ن
(28) عن: على م
(29) له: سقطت من؟؟؟(1/265)
وإعداده من خارج المدينة (1)، وما يحتاج إلى تجهيزه نحو ناحية أخرى لعوض (2)
أو لغرض آخر. فإن القوت (3) وما يجرى مجراه من آلات اللبس (4) وأهب (5) الفصول (6)، إذا انحسمت (7) مادتها (8)، عجز عن حفظ المدينة. وتكون هذه الأشياء لكل بحسبه.
والناس يختلفون فى الحاجة إليها. فينبغى أن يكون المشير بصيرا بمقدار كل إلى كل، وبأحوال أهل الفضائل وأهل الثروة منهم، فيشير بما ينبغى أن يستعان به فيه بأهل الفضائل والصنائع (9)، وما ينبغى أن يستعان (10) فيه بأهل الثروة، مما ينتظم به شمل المصلحة.
وأما الخامس وهو المشورة (11) فى أمر السنن فهو من أعظم الأبواب خطرا، وأمسها إلى فضل قوة (12) الخطابة حاجة. فأول ما ينبغى للسّان أن يتحققه حال عدد الأنواع والاشتراكات المدنية، وحال التركيبات الخلطية التى تتولد عنها، وأن يعلم (13)
مناسبة اشتراك (14) اشتراك لأمة أمة بحسب عاداتها وخلائقها، وأن يعلم السبب الحافظ لكل واحد (15) منها، والسبب الفاسخ له، وما (16) الذى من جهته يتقى (17) فسخها، إما من الشركاء أنفسهم، وإما من أضدادهم الخارجين. والفساد (18) ينجم (19) من المدينة نفسها، إذا لم تكن محكمة التدبير من أمرين (20): أحدهما عنف من المدبر (21) لهم (22)، وتشديد فى أمر الواجبات عليهم والثانى إهمال (23) ومسامحة وفسح (24) ومراخاة (25).
__________
(1) المدينة: سقطت من م
(2) لعوض: لغرض ح، سا
(3) القوت: القوة س
(4) اللبس: البرس
(5) أهب: لهب م
(6) الفصول: الفضول ح
(7) انحسمت: انحسم س
(8) مادتها: مادته س
(9) الصنائع: وما ينبغى أن يستعان به فيه بأهل الفضائل والصنائع د
(10) يستعان: به م، سا
(11) المشورة: المشهورة ب، س
(12) قوة: فى م: القوة ن
(13) يعلم: لم يعلم ن
(14) اشتراك: سقطت من م
(15) واحد: سقطت من ن
(16) وما: واما م، ن
(17) يتقى:؟؟؟ بقى ب، ح
(18) والفساد: والفساد هـ
(19) ينجم: ينم ب، ن، دا: سقطت من م
(20) من أمرين: من أحد أمرين د
(21) المدبر: المدبرين ب
(22) لهم: سقطت من س
(23) اهمال: امهال س
(24) فسح: فسخ ح، س، م، هـ
(25) مراخاة: مواخاه د(1/266)
وأصناف السياسات التى تحفظ هذه الاشتراكات أربعة، تتشعب (1) إلى ستة.
منها: السياسة (2) الوحدانية إذا لم يرض (3) السائس (4) فيها بالشريك التى من جملتها (5) السياسة التغلبية، وهو أن يكون المطاع المؤتمر (6) المنتهى إلى رسمه المتدبر (7) بتدبيره هو (8) المستولى (9)
بالغلبة، إما بفضل ذات اليد، وإما بفضل قوة أخرى، ويكون مدبرها (10)
مقصور الهمة على الاستخضاع والتعبد. ومن (11) جملتها (12): سياسة الكرامة وهى (13) أن يكون الرئيس يراعى مصالح (14) المرءوسين لا لشئ يستعيضه (15) منهم إلا للكرامة (16) والتعظيم.
ومنها: الرياسة الفكرية وهى (17) أن يكون (18) المطاع هو الموسر، يرأس (19) ويقدم ويتدبر بتدبيره (20) لثروته (21) من غير مغالبة تولاها قبل. ومنها: السياسة الإجماعية وهى (23) أن يكون أهل المدينة شرعا (24) سواء فيما لهم من الحقوق والكرامة (25)، وعليهم من الأروش والجنايات (26)، لا (27) يروس أحد أحدا لخلة (22) غير إجماعهم (28) عليه، ومهما شاءوا استبدلوا (29) به. ومنها: سياسة (30) الأخيار وهى (31) أن يكون أهل المدينة متشاركين على طلب السعادة العاجلية والآجلية، كل له مقام محمود (32) بحسب فضيلته فى نوع صناعته وجنسها، فهو (33) دون من فوقه إن كان (34)، وفوق من دونه إن كان (35)، وكل
__________
(1) تنشعب: تنشعب ب: ينشعب س
(2) السياسة: السياسية هـ
(3) اذا لم يرض: اذ لا يرضى س
(4) السائس: التى يحفظ م
(5) التى من جملتها: ومنها د
(6) المؤتمر: الموتمن د
(7) المتدبر: المدبر س
(8) هو: وهو ب، س، هـ
(9) المستولى: المتولى د، س، هـ
(10) مدبرها: مدرها د
(11) ومن: ومنها د
(12) جملتها: سقطت من د
(13) هى: هو د، س، م
(14) مصالح: مصلحة س
(15) يستعيضه: يستعصيه م: يستقصيه د
(16) للكرامة: الكرامة س
(17) هى: هو د، س، م
(18) يكون: الرئيس س
(19) يرأس: يروس د: سقطت من ح
(20) يتدبر بتدبيره:؟؟؟ دبره ب: بتدبير يتدبره ح، سا:؟؟؟ دبر؟؟؟ ره س: بتدبر بتدبيره هـ: تدبير يدبره م، ن
(21) لثروته: لثروة ح: سقطت من م، هـ
(22) الاجماعية لحلة: سقطت من م
(23) هى: هو د، س
(24) شرعا: شراعا س
(25) الكرامة: الكرامات د، س، هـ
(26) الجنايات: الجبايات س
(27) لا: ولا د
(28) اجماعهم: اجتماعهم د
(29) استبدلوا: استدلوا س
(30) سياسة: ساسة د
(31) هى: هو د، س، م
(32) محمود: محدود د، س، هـ
(33) فهو: وهى ح
(34) ان كان: سقطت من د
(35) إن كان: سقطت من د(1/267)
له عمل (1) يعود (2) بصلاح المشاركة وفيهم (3) رئيس واحد أو رؤساء كنفس واحدة (4)، يذعن له (5) أو لهم الآخرون طوعا لا عن إجبار (6)، ويروسهم الرئيس استحقاقا، لا لاتفاق. ثم تتشعب تحته رياسات بحسب الصناعات إلى آخر الناس، لا نزاع بينهم ولا خصام ولا اختلاف ولا انشعاب. فإن كان الرئيس فيها حكيما، وكان (7)
له مع الفضيلة المدنية فضيلة نظرية، كان بالحرى أن تكمل هذه السياسة.
فأول هذه السياسات يسمى التغلبية، والثانية (8) تسمى سياسة الكرامة وإذا (9)
أخذت مع التغلبية سمى الأمر الذى يعمهما (10) وحدانية الرياسة، لامتناع الرئيس فيها أن يشاركه فى منزلته أحد (11). والثالثة (12) تسمى سياسة القلة إذا (13) أخذت مع التغلبية سمى (14) الأمر الذى يعمهما (15) سياسة الخسة (16). والرابعة تسمى سياسة (17) الحرية والديمقراطية.
والخامسة سياسة الخير (18)، والسادسة سياسة الملك (19) ويعمهما (20) اسم سياسة (21) السقراطية (22).
فينبغى أن يكون المشير بصيرا (23) بهذه السياسات، وما يعرض لكل واحد منها من العوارض، وما يؤول إليه حال كل واحد منها من المآلات (25). فإن السياسة (24) الكرامية لا تحتمل المشاركة، فهى (27) بعرض (28) أن (26) تنتقل (29) سريعا إلى سياسة التغلب. وسياسة القلة، ما دامت سياسة قلة فقط، لا يضرها ازدحام الرؤساء. وسياسة الحرية قد تنتقل إلى سياسة القهر، وسياسة القلة، وغير ذلك. كل (30) ذلك لفرط المسامحة فى السنن أو (31) فرط التشديد فيها. فإنها (32) إذا كانت مهملة، لم يكن قانون. وإذا كانت
__________
(1) عمل: سقطت من د
(2) يعود: يعمل بخ
(3) فيهم: منهم د
(4) واحدة: واحد م
(5) له: سقطت من ح
(6) اجبار اجبارهم هـ، د ا: اخبار س
(7) وكان: فكان ح، سا
(8) الثانية: الثانى س
(9) وإذا: فاذا د
(10) يعمهما: يعمها ب، د، ن، سا
(11) أحد: واحد م
(12) الثالثة: الثالث س: الثانية م، ن
(13) إذا: فادا هـ: وإذا س
(14) سمى: يسمى س
(15) يعمهما: يعمها ح، د، م، ن، سا
(16) الخسة: الخسية د
(17) سياسة: رياسة س
(18) الخير: الحر سا
(19) سياسة الملك: الملك د
(20) يعمهما: يعمها م
(21) اسم سياسية: اسم بسياسة م
(22) السقراطية: السوقراطية ح، س، سا: الديمقراطية د
(23) بصيرا:؟؟؟ عسر د
(24) وما يعرض فان السياسة: سقطت من د
(25) الآلات: الحالات م، ن
(26) فهى بعرض أن: سقطت من د
(27) فهى: أى ب، ح، دا، سا
(28) بعرض: بمعرض هـ
(29) تنتقل: فتنقل د
(30) كل: وكل هـ
(31) أو: ود
(32) فانها: فانه ح(1/268)
مشددا (1) فيها وقانونها (2) التحرير (3)، لم يجتمع (4) التشديد والتحرير (5)، فربما مالت إلى طاعة المدبر الذى له فضل بقوته (6) أو فضل (7) بيساره فتخضع له، وتخرج (8) عن الحرية إلى جانب العبودية، ولا تبقى المراتب محفوظة.
وقد يعين على المشورة (9) فى أمر وضع السنن (10) تأمل قصص من سلف.
وأما فساد السنن من جهة الأضداد فليس يحتاج إليه الخطيب من جهة ما يشير فى وضع السنن (11)، بل من جهة حفظ البلاد.
وقد قيل فى ذلك وفرغ (12) عنه. على (13) أن استقصاء الأمر فى هذا العلم (14) للسياسة (15)، لا لصناعة الخطابة.
فصل (16) [الفصل الثانى] فى المشوريات التى فى الأمور الجزئية غير العظام
قد (17) وقف مما (18) عددناه على المواضع التى منها تنتزع (19) المقدمات المشورية فى الأمور العظام. والآن فقد يحق (20) علينا أن ننتقل (21) إلى إعداد المواضع المشورية النافعة فى الأمور التى بحسب الأشخاص، وهى فى أنفسها (22) غير معدودة، إلا أن جميعها يشترك فى حكم أن (23) المشورة تنحو نحو صلاح (24) الحال، كان بالحقيقة (25)، أو كان بالظن.
__________
(1) مشددا: مسدودا ب: متعددا س
(2) قانونها: قوانينها م
(3) التحرير: التحرر م: التحريز سا
(4) يجتمع: فيها د
(5) التحرير: التحريز سا
(6) بقوته: بقوة د
(7) فضل: سقطت من د
(8) تخرج: تخرجه ب
(9) المشورة: المشهورة د
(10) السنن: السهولس د
(11) تأمل السنن: سقطت من د
(12) وفرغ: و؟؟؟ وع هـ
(13) على سقطت: من م
(14) العلم: لعلم ح: الصناعة ن، هـ، دا: لصناعة ب، د، م
(15) للسياسة: السياسة ح، د، سا
(16) فصل: فصل 2هـ: فصل ب ب: الفصل الثانى س، م
(17) قد: وقد س
(18) مما: مما س
(19) تنتزع: تنزع م
(20) فقد يحق: قد يحقق سا
(21) تنتقل:؟؟؟ قل ح، د
(22) فى (أنفسها): سقطت من س
(23) ان: سقطت من ب، ح، س، سا
(24) صلاح: اصلاح د
(25) كان (بالحقيقة): حقيقة م(1/269)
فيجب أن نحد أو نرسم (1) صلاح الحال، وأن نعدد (2) الأمور التى هى أنواع لصلاح الحال أو (3) أجزاء له، باجتماعها يصلح الحال، حتى يكون للمشير فيما يشيره مواضع يجعلها مقدمات مشورية.
قال المعلم الأول: ولا يقتصر على ما كان عند الخطباء فى ذلك فيما سلف من ذكر وجوب التهويل والتكبير أو (4) التهوين والتحقير والحث عليها واجتناب ما يفسد النظام ويزيل الإقناع، من غير أن عرفوا بماذا يكون التهويل والتكبير (5) أو (6) التهوين والتحقير، وفيما ذا يكون، وما الذى يفسد (7) غرض الخطيب، وينقص (8) إقناعه.
فنقول: إن صلاح الحال هو الفعال الجميل عن فضيلة (9)، وإملاء وإنساء للعمر (10)، مشفوعا بمحبة القلوب وتوفر الكرامة من الناس فى (11) رفاهية (12) وطيب عيش ووقاية (13)
وسعة ذات اليد فى المال والعقد، وتمكن من استدامة هذه الأحوال والاستمداد إليها. فإن صلاح الحال بحسب الظن العام هو ما ذكرناه، أو ما يجرى مجراه.
وأما أجزاؤه: فزكاء المحتد، ووفور الإخوان والأولاد واليسار والأنعام (14)، وبلوغ الشيبة (15) الحسنة (16) لوقارها وأحوالها، والصحة، والجمال، والجلد والجسامة، والبطش، ومع (17) ذلك فالمجد، والجلالة، وسعادة البخت، وأنواع الفضائل مثل أصالة العقل، والبسالة، والعفاف، والبر. فبعض هذه بدنية، وبعضها نفسانية، وبعضها خارجة (18) كالحسب والإخوان والمال (19) والكرامة.
__________
(1) نحد أو نرسم: نحد أو رسم د: نحد ونرسم ح: نحذوا رسم هـ: يحذو رسم سا: نحذوا اسم س: بجدوا رسم م
(2) نعدد: تعدد س
(3) أو: ود
(4) أو: ود، س
(5) والتكبير: والتكبير ح: او الكر؟؟؟ سا
(6) أو: ود
(7) يفسد:؟؟؟ د
(8) ينقص:؟؟؟ ض س
(9) فضيلة: النفس ب: فضله ح
(10) واملاء وانساء للعمر: واملاء وانساء العمر ن: واملاء وانشاء العمر م، سا: وامتداد العمر ب، د
(11) فى: وفى ب، ح، د، سا
(12) رفاهية: كتب أولا رفاغية فى ح ثم كتب فوقها رفاهية: رفاهية فى متن هـ وفى الهامش رفاغية
(13) وقاية: وقايته س، هـ
(14) اليسار والانعام: الانعام واليسار م
(15) الشيبة: السنة م
(16) الحسنة: سقطت من س
(17) ومع: مع م
(18) خارجة: خارجية ح، د، س، سا
(19) المال: الحال س(1/270)
ومن (1) حيى (2) هذه الحيوة (3)، وحسن منقلبه بعد الممات، فهو السعيد عند الجمهور.
فأما أجزاء زكاء المحتد وشرف المنصب فأن يكون من قبيلة إما بنكاء (4) فى المدينة نفسها من أول بنائها (5) أو قدماء فيها (6)، أو علماء حكماء (7)، أو رؤساء مشاهير ذوى (8)
كثرة، أحرار (9) غير موالى (10)، أو (11) أن يكون من قبيلة (12) أخرجت (13) سعداء قد تيسرت لهم أمور جزيلة وجميلة فهم لها (14) مغبوطون. وهذا المحتد يتفرع إلى طرفى الأعمام والخؤولة (15) جميعا إذا كان فيهم ما عددناه موروثا (16) عن أسلافهم وموجودا (17) فى المشايخ من الخلف وفى (18) الأحداث منهم. وأما حال الأولاد، فالأمر الجامع من صلاح الحال أن تكون فيهم كثرة (19) مع الجسامة والجمال والبطش والقوة، وأن يكون لهم مع (20) ذلك من الفضائل النفسانية مثل (21) العفاف والبسالة. ثم تخص (22) كل إنسان فى ولده شهوة، فمنهم من يسره جماله (23)، ومنهم من تسره (24) ذكورته، ومنهم من تسره أنوثته. وللإناث (25) فضيلة تزاد فيهن (26) خاصة وهى الجمال، والعبالة فى البدن، والعفة، وحب الزوج، والنشاط للعمل وإن كد. قال المعلم الأول: وبعض الناس فى بعض البلاد يقتصرون من جميع ذلك فى باب النساء على الزينة (27)، كما (28) للقدميين (29).
__________
(1) ومن: فمن س، هـ
(2) حى: حسن ح
(3) الحيوة: الجاه م
(4) بنكاء: بتكا ح، هـ: بتكاء ب: سكا؟؟؟ س، ن: سكا؟؟؟ د. هذه الكلمة ن؟؟؟ لها ابن سينا عن الترجمة العربية القديمة 8ب 3، واستعملها فى كتاب المجموع، فى معانى كتاب ريطوريقا، ص 45 (طبعة محمد سليم سالم)
(5) بنائها: بناتها د
(6) أو قدماء فيها: سقطت من د
(7) حكماء: أو حكماء س، هـ
(8) ذوى: ذوو س
(9) أحرار: أحرارا ب، سا: احرازا. د
(10) موالى: موال هـ: أموال م
(11) أو: وح
(12) قبيلة: قبله م
(13) أخرجت: أحرش د
(14) لها: له س: لهم هـ
(15) الخؤولة: الخولة هـ: الأخوال د: الجزوله س
(16) موروثا: موزونا س
(17) وموجودا: أو موجودا م: ومأخوذا س
(18) وفى: فى م
(19) كثرة: كثر د
(20) مع: فى ب، ح، د، سا
(21) مثل: من س
(22) تخص: يجعل د
(23) جماله: بجماله د
(24) من تسره: سقطت من د
(25) وللإناث: فلاناث ح: فالإناث ب: والأناث دا
(26) تزاد فيهن: سقطت من د
(27) فى باب النساء على الزينة: على الزينة فى باب النساء ح
(28) كما: سقطت من هـ
(29) للقدميين: للقداميين د: كالمقدمين هـ: للتقدمين س، هامش هـ(1/271)
وقال بعضهم: إن اقريطن (1)، صاحب كتاب الزينة، منهم.
وأما (2) أجزاء اليسار: فكثرة (3) الصامت والضياع (4) والأموال من الأثاث (5) والمواشى والعقد (6) مع علاقة كل شئ ونفاسته (7) واشتمال الوقاية عليه وتيسير (8) الاستمتاع والتنعم (9) به فى وجوه (10) اللذات المشهورة. وأيضا الضياع التى تؤتى أكلها وتجنى (11) ريوعها (12)، والمستغلات التى (13) تعود بالربح من غير إنصاب (14) موصولا (15) إلى التصرف فيه من غير خوف وأن لا تبغضه (16) الشركة، ولا سبب من أسباب الحجر، بل يكون إليه التصرف فيه تصرف الملاك احتباسا (17) وإخراجا ببيع أو هبة. وبالجملة: فإن الاستغناء فى الاستمتاع، لا فى الادخار.
وأما النباهة فهى (18) الشهرة بأصالة الرأى وجمال (19) الفعل (20)، وهى الفضيلة عند الجمهور ويؤثره (21) الأكثر (22) منهم، وخصوصا أولو الكيس.
وأما الكرامة فإنما يلقاها (23) فى الأكثر من عمّ (24) بحسن الفعال. وقد تختلف بحسب (25)
الأزمنة والأمم، فقد يكرم قوم لأفعال وأحوال (26) فى أزمنة وبلاد (28) يهان عندهم لها فى أزمنة وبلاد (27) أخرى. والكرامة قد تكون بالعدل والاستحقاق، وذلك إذا كان المتعرض لها قد اعتنى بحسن الفعال. وقد تكون لا عن وجوب (29)، كما يكرم (30) المقتدر على ذلك وإن لم يعن (31) به، كالأغنياء إذا أكرموا، والسلاطين (32) إذا خدموا، لأنهم يقتدرون على إنعام بمال أو جاه أو تخليص عن مضرة أو توصيل إلى (33) مربحة. وليس (34)
__________
(1) اقريطن: افريطن د، هـ. عن اقريطن: قارن ابن النديم، الفهرست، 293القفطى، تأريخ الحكماء، 55ابن أبى أصيبعة، عيون الأنباء، 34
(2) وأما: فأما ح
(3) فكثرة: وكثرة م: فكثيرة ح
(4) الضياع: الصناع م
(5) الاثات: الاثث سا
(6) العقد: العقار د: الملك هـ
(7) نفاسته: بقاسه د
(8) تبسير: تيسر ح، سا
(9) التنعم: النعم سا
(10) وجوه: وجوب س
(11) تجنى: ب؟؟؟ ى ب
(12) ريوعها: ونوع؟؟؟ ام: ونوعها د
(13) التى: سقطت من ح
(14) انصاب: انصباب م، ن
(15) موصولا: موصلا ح
(16) تبغضه: ينغصه هـ، سا
(17) احتباسا: احباسا ب، د
(18) فهى: وهى م، ن
(19) جمال: جميل ب، م، ن
(20) الفعل: الفعال د
(21) يؤثره: يوثرها م، ن، هـ
(22) الأكثر: الأكبر ح
(23) يلقاها: سقطت من م
(24) عم: عمر ب، م، سا، ح (كتبت فوق عم فى ح)
(25) بحسب: سقطت من م
(26) لافعال وأحوال: لاحوال أفعال ح
(27) يهان وبلاد: سقطت من م
(28) وبلاد: بلاد سا
(29) وجوب: وجود سا
(30) يكرم: يلزم ح
(31) يعن: يغن ح
(32) السلاطين: الثلاطين د
(33) الى: سقطت من ح
(34) وليس: فليس ب(1/272)
كل الناس يقتدرون على ذلك غير السلطان والغنّى، وأيضا (1) النجد القوىّ.
وأما أجزاء (2) الكرامة فأن يدعى الإنسان (3) بالخير، أو (4) يتصدق باسمه، أو يقرب (5) عنه، إما فى حيوته أو بعد موته، على ما توجبه شريعة الوقت، وأن يصدر فى المجالس ويرأس فيها، وأن يساعد على ما يريده، وأن يندب إلى الولائم والدعوات العامة (6)
فلا يغفل تحشيمه (7)، وأن يتقرب إليه بالهدايا والتحف. فإن الهدايا دلائل (8) على كرامة المهدى إليه. وقد تسر الهدية طائفتين: إحداهما (9) محبو القنية (10) من حيث الهدية (11) تحفة مالية، والأخرى محبو الكرامة من حيث الهدية دلالة كرامية (12).
وأما فضائل الجسد فالصحة (13) الغريزية التى لا تشوبها مسقامية (14) مع اقتدار على استعمال الأعضاء الآلية كلها. فإن كثيرا من الأصحاء كالمرضى، مثل الذين ركنوا (15) بطباعهم (16) إلى الكسل والخور، وأفرطت بهم العبالة وأقعدتهم عن (17) الحركة أو (18) عذرت (19) عليهم الإسراع (20) فيها، كما يعرف من حال الذين كسلوا لاعتياد الدعة فما بهم (21) نهوض فى الحركة (22)، ولا استقلال (23) بالمشقات (24) وهل (25) بين من تعطلت عليه أعضاؤه فلا تغنى غناءها (26) وبين من لا أعضاء له فرق؟ وهؤلاء الضخام والمترفون فى حكم من لا عضو له، غير لسان به ينطق، أسنان بها يمضغ.
__________
(1) وأيضا: ايضا س
(2) اجزاء: جزاء د
(3) الانسان: للانسان د
(4) أو: وح، س، هـ
(5) يقرب يعرف هـ
(6) العامة: العامية د
(7) تحشيمه: تحشمه ب، ن
(8) دلائل: دليل م
(9) احداهما: أحدهما س، م
(10) القنية: القيمة س
(11) الهدية: دلالة م
(12) كرامية: كرامة ب، م
(13) فالصحة: والصحة د، م
(14) مسقامية: مستقامية م، ن، سا
(15) ركنوا: ركبوا ب
(16) بطباعهم: بطبابعهم ب
(17) عن: على س
(18) أو: وس
(19) عذرت: عقدت د: تعذرت س، هـ
(20) الاسراع: بالاسراع د
(21) فما بهم: فانهم د
(22) الحركة: الحركات د، س، هـ، سا
(23) ولا استقلال: والاستقلال س
(24) بالمشقات: بالمشتقات د
(25) وهل: فهل ب
(26) غناءها: عنادها س: غناوها هـ(1/273)
وأما كثافة الجنس (1) ووفور الخلة (2) فهو أن يكون للإنسان جماعة عديدة يعملون بخيرات تخصه.
وأما سعادة الجد (3) فمعلوم أنه (4) من صلاح الحال. وكم من خير عمّ (5) ونعمة تمت بالبخت (6)، لا عن اكتساب صناعى ولا عن فعل طبيعى! وإن كان فى الخيرات ما تفيدها الصناعة، حتى إن الصحة كثيرا ما تفيدها الصناعة. وأما الجمال (7)
والجسامة (8) الغريزية (9) فعن الطبيعة لا محالة. وخيرات الجد (10) هى التى يغبط عليها المغبطون (11)، ويكثر عليها الحاسدون. والجد (12) من العلل الكاذبة التى لا تعويل عليها لا (13) فى الخير ولا فى الشر: إما فى الأمور الطبيعية فأن يتفق للواحد أن يكون أقبح ممن حضره (14)، فيحسنون فى مقابلته بختا أو يكون أحسن من آخرين، فيقبحون فى مقابلته (15) بختا وإما فى الأمور الإرادية مثل اختصاص الواحد بالعثور على كنز دون آخرين والطريق (16) واحد، أو (17) اختصاص الواحد بإصابة سهم غرب (18) إياه (19) دون آخرين والموقف واحد (20).
وأما الفضيلة فسنعد أجزاءها بحسب الظن فى باب المدح.
فهذه هى التى يشار بما يشار على واحد واحد من الناس لأجلها.
وقد بقيت النوافع المشتركة وهى التى يشار بها، لا (21) لها. والفرق بين النافع والخير: أن الخير يراد لأجله، وغيره له والنافع يراد لأجل غيره، وربما كان شرا. والخير هو ما يتشوقه الكل (22) أو أهل البصيرة والمعرفة منهم كل بحسب ظنه ومبلغه من العلم، حتى إن الذى (23) يختاره الجاهل عن جهل لا يعده الجمهور خيرا ولا يظنونه، بل إنما يعتبرون ما يميل إليه أهل الرأى
__________
(1) الجنس: الجيش ب، س، سا
(2) الخلة: الخدم د: الحكمة م
(3) الجد: البخت د
(4) انه: انها م
(5) عم: غمرسا
(6) بالبخت: بالجد والبحث م
(7) الجمال: الحمل س
(8) والجسامة: سقط؟؟؟ من س
(9) الغريزية: الغريرة م
(10) الجد: البخت
(11) المغبطون: المغبوطون ب، سا
(12) الجد: البخت د: كتب فى ح الجد ثم كتب فوقها البخت
(13) لا: ولا سا
(14) حضره: حضر ب: تحضره هـ
(15) مقابلته: مقابله د
(16) والطريق: سقطت من د
(17) أو: وم، هـ
(18) غرب: عرف س
(19) اياه: اتاه ب
(20) واحد: سقطت من ح
(21) لا: الا سا
(22) الكل: للكل م
(23) الذى: الذين م(1/274)
منهم. وإذا وصلوا إليه سكنوا عن الطلب. وإذا وجدوا بعض أهل الرأى والتصور (1) قد اختار شيئا، كان ذلك حجة مقنعة عندهم فى أنه خير. وكان الخطيب ينتفع بالاحتجاج بذلك.
والمقصود المحتاج إليه الذى هو نفس الحاجة قد يشارك النافع الذى يفعل الحاجة ويوجدها أو (2) الذى يحفظها ويديمها (3) فى أن المشير يشير نحوه. فإن المشير يشير نحو الخير، ونحو النافع لكن (4) يشير إلى أحدهما لنفسه، وإلى الآخر لأجل غيره.
وربما أشار بلازم النافع، كمن يقول: اتعب تصح. وليس اتعب هو علة الصحة، بل الحركة الرياضية هى علة الصحة، فيلزمها (5) التعب. وكذلك يشير (6)
باجتناب علل الشر (7) ولوازمها.
واللوازم كلها: إما لا حقة من بعد، كالعلم فإنه يلزم التعلم (8)، إلا أنه يتأخر عنه، وإما مساوقة لوجود الشئ مثل استحقاق المديح بحسن السيرة فى الحيوة.
وأما العلل الفاعلة، فمن ذلك ما يكون اسمه من حيث (9) فعله، مثل المصحح والصحة، ومن ذلك ما لا يكون كذلك. وكل ذلك على قسمين: قسم تكون (10) طبيعة (11) المسمى إنما هى علة (12) موجبة لما توجبه (13) لكيفيتها، كالغذاء للصحة، ومنه (14) ما لا تكون طبيعته علة (16) موجبة لها (17) لكيفيتها، بل لكميتها (15) (18) مثل الارتياض للصحة. فإن الارتياض ليس (19)
علة للصحة من حيث هو (20) ارتياض بالفعل، بل من حيث أنه بمقدار منه يجب استعماله. والغذاء، وإن كان له مقدار (21) لا يجوز تجاوزه، فإنه ليس كالارتياض، لأن ما فضل من الغذاء على (22) الواجب وانهضم فلا يكون علة للمرض لذاته فإن
__________
(1) التصور: الصبور م: الصيور سا
(2) أو: ود
(3) يديمها: يدبرها د
(4) لكن: ولكن ب، سا
(5) فيلزمها: فيلزمه س: ويلزمها ح
(6) يشير: سقطت من د
(7) الشر: سقطت من د
(8) التعلم: التعليم ب، م، ن
(9) حيث: يصح ن
(10) تكون: فيه س، هـ
(11) طبيعة: الجسم س، هـ
(12) علة: علية د
(13) لما توجبه: سقطت من د
(14) منه: منها ح
(15) كالغذاء لكميتها؟؟؟: سقطت من سا
(16) علة: علية م
(17) لها: له س، هـ: سقطت من د
(18) بل لكميتها: سقطت من د
(19) ليس: سقطت من م
(20) هو: انه م
(21) مقدار: مقدارا م
(22) على: عن م(1/275)
ذاته حين انهضم علة للصحة بذاته وإن (1) لم ينهضم، لم يكن غذاء بالفعل.
وأما المعتدل منه، بل القليل منه، إذا انهضم وقبله عضو ما فهو (2) علة لصحة (3)
ذلك العضو بالقدر الذى قبل. وأما الرياضة (4) فقليلها (5) وكثيرها رياضة وحركة لكن قليلها لا يوجب صحة شئ البتة، وكثيرها ربما أوجب الضرر.
والنوافع (6): منها ما يعد خيرات ومنها ما يكون شرورا، منفعتها التخليص (7) من الشرور.
وإذا خلص شئ من الشر كيف كان (8)، كان مقبولا عند الجمهور أنه هو الذى يفعل الخير الذى يتمكن منه عند الخلاص من الشر (9). ومن النوافع (10) ما ينفع لا فى إفادة خير ليس غير (29)، بل فى الزيادة إليه، أو (11) ينفع لا فى التخليص (12) من الشر أصلا، بل لتهوينه والكسر (13) من حميّاه (14). فيكون هذا النقصان من جملة ما يعد فائدة.
إذ (15) كان الأنقص شرا (16) يظن؟؟؟ به (17) أفضل، والأفضل (18) أزيد على ما هو دونه، فيكون الشر الأكبر (الذى هو فى نفسه أخص (20)) أنقص فى الحقيقة (19). لكن الفائدة التى هى من (21) باب الخير هى (22) بالحقيقة فائدة.
وأما (23) الفائدة التى من (24) باب الشر التى (25) هى الانتقاص (26) من الآفة إنما هى (27) من جملة الخيرات النافعة (28)، لا الخيرات الحقيقية. والخيرات الحقيقية التى هى الفضائل فهى أيضا نوافع فى خيرات عامية.
__________
(1) وان: فان سا
(2) فهو: وهو م
(3) لصحة: للصحة م
(4) الرياضة: الرياضية د: فان ب، هـ
(5) فقليلها: قليلها ب، م
(6) النوافع: الواقع د
(7) التخليص: التخلص د، م
(8) كان: سقطت من ب، د، ح، سا
(9) الشر: الشرور ح، هـ
(10) ومن النوافع: ومنها س
(11) أو: وس
(12) التخليص: التخلص د، ن
(13) الكسر: الكثير هـ: الكبير ح
(14) حمياه: حميات س: احمياة م
(15) إذ: إذا م، ن، هـ
(16) الانقص شرا: سقطت من ن
(17) به: فيه ب
(18) الافضل: الفضل م
(19) والأفضل أزيد فى الحقيقة: سقطت من ب، ح، سا
(20) أخص: أخس س، ن
(21) من: فى س
(22) هى: سقطت من د
(23) وأما: ود
(24) التى من: فى د: التى فى سا
(25) من باب الشر التى: سقطت من س
(26) الانتقاص: الانتقال د، هـ (فوق الصاد كتب ل فى هـ)
(27) هى: هو د، س
(28) النافعة: النافية س
(29) لم يرد فى كلام العرب حذف اسم ليس وخبرها(1/276)
واللذة من الخيرات العامية، لأنها مما تشتاق إليه الطبيعة الحيوانية. بل كل مشتاق إليه إما جميل، وإما لذيذ، وإما نافع. فإذا كانت اللذة تعد خيرا، فكيف ما كان من اللذيذ مع أنه لذيذ جميلا أو نافعا. وكذلك التمكن (1) اللطيف، مثل الذكاء وحسن القبول. وكذلك الحفظ والتعلم والخفة (2) فى العلوم والصنائع. وقد (3) تختار هذه (4) لذواتها لا لغيرها. فهذه خيرات نافعة معترف بها عند الجمهور، وأضدادها شرور (5).
وقد يمكن من جهة المغالطة أن تقلب القضية (6)، فتجعل هذه الأحوال النافعة ضارة وشرورا، وأضدادها خيرات ونوافع (7). فإن الشجاعة ضارة إذا كانت للعدو (8)، وكذلك العقل إذا كان له. فإذا أخذت ضارة مطلقة ولم تضف إلى الوجه الذى ينبغى أن تضاف إليه، كانت مغالطة. وربما كان من القبيح أو المتعلق به سارا بذلك الشرط:
مثل سرور رجل من الملوك المحاصرين ناحية (9)، لما قتل عدوّه ولده فى بعض المغازى (10)، فلم يزل (11) يتضرع إليه حتى سلمه منه قتيلا، فاعتد (12) بذلك، إذ تمكن من تدبير جثته بإحراقها (13) على رسمهم (14) وإحراز رمادها فى الكوز لينقل إلى موضعه، اعتدادا كان يصرح به عارضا كوزه (15) على ذويه وشيعته، ناشرا ليد عدوّه (16) فى رده ولده القتيل إليه. وليس رد الولد قتيلا مما يسر به، لكنه (17) قد صار سارا بارا (18) لما قارنه من الحال. إذ كان حجرهم بين القتيل وبين أوليائه ممكنا (19) لهم. ولو فعلوه لكانوا (20)
قد زادوهم غما. وكان حكم الإحنة، وحكم غزو (21) هؤلاء إياهم يقتضى الإمعان فى غيظهم. فلما لم يفعلوا، مع إمكان ومع استحقاق (22)، كان (23) ذلك خيرا عظيما من
__________
(1) التمكن: المكن ن، هـ
(2) والخفة: والحفظ الخفة د
(3) وقد: قد د
(4) هذه: سقطت من د
(5) شرور: شر ب، ح، م، سا
(6) القضية: القصة ب، م، ن، هـ، سا
(7) نوافع: مواقع ب
(8) للعدو: بالعدو ح، د، م، سا
(9) ناحية: سقطت من سا
(10) المغازى: المعارك د
(11) يزل: سقطت من س
(12) فاعتد: واعيد م
(13) باحراقها: باحتراقها س
(14) رسمهم: رسمهم س
(15) كوزه: شكره ب
(16) عدوه: عوه م، ن
(17) لكنه: ولكنه س، ن، هـ
(18) بارا: سقطت من ب، س، ن
(19) ممكنا: كتب فوقها فى ح عكسا
(20) لكانوا: كانوا د
(21) غزو: سقطت من د
(22) ومع استحقاق: واستحقاق م
(23) كان: وكان ب(1/277)
جهة، ومنة عظيمة من الجنس الذى لا يمكن كتمانه (1) إذا (2) كان ظاهرا، ويلزم الشكر عليه، وإلا كان (3) كفرانا.
فإن قال قائل: إن رد الولد قتيلا سار (4) مطلقا، بلا اعتبار مثل هذه الحال المقارنة (5)، كان ذلك مغالطة. وليس هو من (6) المغالطة التى تقنع فيكون خطابيا، بل هو من الجنس الذى هو مغالطة، ولو فى الخطابة، لأن مقدماته محرفة عن وجه الصدق (7)، وعن وجه الحمد، وعن الظن جميعا (8).
ثم من الخيرات النافعة الإحسان أو المكافأة، فإنه فى نفسه خير ونافع فى خير آخر هو النباهة (9) والذكر الجميل والمحبة. وأفضل الإحسان الإحسان إلى الأفاضل بنصرتهم على أعدائهم الأراذل، إما نصرة فعلية، وإما نصرة قولية، مثل ما (10) فعل أوميرس (11)
الشاعر (12)، إذ اختار فاضلين هما ثاوذروس (13) ملك اثينيه (14) وهيلانى (15) ابنته (16) واختار أخيلوس (17)
الشجاع ونصبهم (18) هدفا للمدح والثناء، ونصب بإزائهم (19) عدوهم اسكندر بن ملك بربر (20)
الذى كان عدوا لهم فنكلهم (21) بالذم والهجاء، ففعل بالأصدقاء والأعداء ما ينبغى أن يفعل من الإحسان إلى الأصدقاء والإساءة إلى الأعداء على المقدار الذى كان ممكنا له (22) فعله (23).
فإن كان (24) المتوقع (25) من الإسداء هو الممكن المتوقع، فإذا لم يكن (26) إلا القليل ثم أتى به فلا تقصير. وإن أمكن أكثر، فاقتصر على كثير (27) دونه، عد (28) تقصيرا.
وكذلك ما يحتمل من تقصير أو جفاء يقع من الصديق (29) لداعى خوف، إنما يحتمل
__________
(1) كتمانه: كتمان م
(2) إذا: اذ ب، ح، هـ
(3) كان: لكان د، س، م
(4) سار: سارا س
(5) المقارنة: المقاربه سا
(6) من: سقطت من د
(7) الصدق: التصديق م
(8) الظن جميعا: الطعام م
(9) النباهة: النباهية د
(10) ما: سقطت من ح
(11) اوميرس: اوميروس م
(12) الشاعر: الفاصل س
(13) ثاوذروس: ماوذروس دا: بادوس ح: تادروس د، هـ، م: نا؟؟؟ دروس سا
(14) اثينيه. لاثينيه س، هـ
(15) هيلانى: هيلانا ب: هيلاى ح، م، ن، هـ
(16) ابنته: اتينيه ح، م، ن
(17) اخيلوس: خلوس د
(18) نصبهم: نصبهما د
(19) بازائهم: بازائهما د
(20) بربر: برمر س: بوبر ن
(21) فنكلهم: فتكلمهم م: فمكلهم د
(22) له: سقطت من س
(23) فعله: تم الجزء التاسع من كتاب الشفاء ح
(24) كان: سقطت من د، س، سا
(25) المتوقع: سقطت من د، س، هـ
(26) يكن: يمكن د، س، ن
(27) كثير: يسير ب
(28) عد: عند م
(29) الصديق: التصديق د، سا(1/278)
ولا يحزن (1) عليه، إذا قل وقصر زمانه. فأما إذا طال وجاوز وقت الضرورة فهو مكروه، ولا يقوم عليه العذر. لأن المتوقع من الإحسان بلوغ الإمكان، والمعذور (2) من الإساءة ما يصدر عن (3) ضرورة وعوز إمكان. فما قصر عن الممكن فى الإحسان (4) فهو تقصير، وما جاوز الضرورة من الإساءة فهو قصد. وإذا دام الإذعان للمحن (5) واشتد (6) الضعف والخوف حتى جلوز بالجفاء وقت الضرورة أورث الاستيحاش لا محالة. وقد فهم بعضهم من الضّعف (7) الضّعف وهو التضاعف، فكان (8) معناه أن الشئ إذا تضاعف أمّل، وإن كان قبله سهلا (9). والمثال (10) لما نحن فيه ما تورثه طاعة الإنسان لهواه فى الإحسان. فإن هواه أن لا يتضرر البتة بإحسان إلى غيره بشر (11) يصيبه فى مال أو حال (12). ثم إن دعاه (13) داع من استحقاق المحسن إليه الإحسان جزاء (14) عما قدمه من الإنعام إلى التضرر بنقص يقع له فى مال أو حال، فهواه (15) حينئذ موقوف على الغير (16)، وهو أن يكافئه بما (17) يقصر عن مستحقه ما قدر. فيغالطه (18) عن كثير ما أسداه بالقليل (19)، وعن عام المنفعه بخاص المنفعة، وعما كان هو (20) محتاجا إليه عند القبول بما هو فضل (21) لا يحتاج إليه مبتدئه (22) بالإحسان.
وبالجملة: يجهد أن لا (23) يكون مكافئا بالمثل. والمكافئ بالمثل فهو الذى يكافئ بما هو مقارب (24) فى الجنس أو مقارب (25) فى القدر (26) والمنفعة. وأما الموجبة (27)
للنباهة والحمد والثناء من المكافأة (28) فأن لا يكون المبتدئ والمكافئ مؤثرا لإحسان
__________
(1) يحزن: يخزى س، هـ
(2) المعذور: المقدور د، هـ
(3) عن: من س
(4) الاحسان: للمحسن ب، د، سا
(5) للمحن: للمحبر س: للجبر هـ
(6) اشتد: اشد د
(7) الضعف: سقطت من د
(8) فكان: وكان د، هـ
(9) سهلا: سهل: ب، م، ن، دا، سا
(10) والمثال: أو المثال ب، سا
(11) بشر: بشئ س
(12) حال: جاه س
(13) دعاه: ادعاه م، دا
(14) جزاء: خيرا ب، سا
(15) فهواه: فهو د: فهو له س
(16) الغير: الغبن س، م
(17) بما: فيما م
(18) فيغالطه: فغالطه سا: مغالطه د
(19) بالقليل: عن قليل سا
(20) كان هو: كان س: هو ن
(21) فضل: أفضل م، سا
(22) مبتدئه: مسداء س
(23) لا: سقطت من م
(24) مقارب: مقارن س، م
(25) مقارب: مقارن س
(26) القدر: المقدار س، هـ
(27) الموجبة: الموجب د، هـ
(28) المكافأة: المكاة م(1/279)
يسير (1) أو مكافأة قليلة، وقد تيسر (2) عليه الجزيل (3). على أن المتيسر من المكافأة قد يكون تارة ما هو مثل الإحسان المبتدأ من جنسه بكماله وكليته، وقد يكون ما هو أكثر منه، وقد يكون شيئا خارجا من جنسه وشبيها (4) به بالقوة (5)، وقد يكون ناقصا. ومن وفّى الممكن فقد أعذر، ومن قعد عنه فقد أعذل (6). وقد يكون من المكافأة أمور (7) ليست أعواضا (8) تملك (9)، بل مثل سر صديق (10) وإيحاش عدوّ، وأفعال يلتذ بمشاهدتها ويتعجب منها من الفكاهات وغيرها بحسب ما يقع له عند مشاهدة (11)
المتقرب (12) إليه إياه من الموقع لاستعداد يختص به المتصرف (13) إليه فى فطرته. فكل (14)
يلتذ بشئ (15) ويتعجب من شئ يخصه. وإما بحسب ما اعتاده (16) وتدرب فيه، فإن الدربة قد (17) تلذذ شيئا وتعجب منه، لولاها (18) لم (19) يلتذ به ولا تعجب منه. ومن هذا الباب أيضا (20) الهداية والنصيحة فإنه إحسان ومكافأة ما. ولموافاة (21) الصنيعة (22) أو الجزاء وقت الحاجة إليه والرغبة فيه موقع لذيذ، بل (23) عظيم كريم. ولكل واحد من الناس (24) (25) خاص إيثار (26) فلقوم (27) ما يعينهم فى الغلبة، ولقوم ما يعينهم فى الكرامة، ولقوم ما يعينهم فى اليسار، وهلم جرا.
والتصديقات الخطابية (28) فى باب الخير والشر إنما تكتسب من هذه المواضع المذكورة.
__________
(1) يسير: يسيرا سا
(2) تيسر: تعسر د: يتسير هـ
(3) الجزيل: الخليل د
(4) وشبيها: شبيها د
(5) بالقوة: فى القوة د
(6) اعذل: عذل د
(7) أمور: أمورا د، هـ
(8) أعواضا: اعراضا د: أغراضا هـ: اعواض س
(9) تملك: بملك سا
(10) صديق: صديقه م
(11) مشاهدة: المشاهدة هـ
(12) المتقرب: المتعرف د: المتقرر س، هـ
(13) المتصرف: المتعرف د
(14) فكل: وكل س
(15) بشئ: شيئا د، م
(16) اعتاده: اعتقاده م: اعتباره هـ
(17) قد: فيه س
(18) لولاها: لوها د
(19) لم: سقطت من د
(20) أيضا: سقطت من سا
(21) لموافاة: الموافاة هـ
(22) الصنيعة: الصنعة د: الطبيعية هـ
(23) بل: سقطت من م
(24) واحد من الناس: سقطت من د، س، هـ، سا
(25) الناس: القياس م، ن، دا
(26) خاص ايثار: ايثار خاص د
(27) فلقوم: ولقوم ب، د، ن
(28) الخطابية: سقطت من م(1/280)
فصل (1) [الفصل الثالث] فى الأشد (2) والأضعف وختم القول (3) فى المشوريات
وقد يحتاج الخطيب المشير إلى مقدمات (4) يعدها (5) فى إثبات أن هذا الخير أفضل (6)، وهذا (7) النافع أنفع، بل قد يحتاج إليه غيره أيضا. فينبغى أن يعد الأنواع النافعة (8)
فى ذلك.
فأفضل الخيرين أعمهما (9)، أو (10) أدومهما، أو (11) أكثرهما (12) جهات (13) نفع وخيرية (14) وأولاهما (15)
بأن يكون مقصودا لنفسه. وإذا كان الواحد من باب خير ما أفضل من عدة (16)
من خير آخر إلا أن يكثر جدا فهو أفضل. والخير الذى عظيمه أفضل من عظيم خير آخر فهو أفضل، مثل أن العظيم من الحكمة هو معرفة الله (17)، والعظيم من العبادة (18) هو المثابرة على الصلوات، ومعرفة الله أفضل من المثابرة على الصلوات.
فالحكمة أفضل من العبادة. وما كان أيضا نفسه أفضل، فعظيمه أفضل فإنه إذا كان القرآن أفضل وأفصح من خطبة النبى (19)، ففصيح القرآن أفضل وأفصح من فصيح خطبة (20) النبى (21). وإذا كان أحد الخيرين (22) يستتبع (23) الآخر، إما معا كالسلطان
__________
(1) فصل: فصل 3هـ: فصل ح ب: الفصل الثالث س، م
(2) فى الاشد: الأشد س
(3) القول: الكلام س
(4) مقدمات: المقدمات م
(5) يعدها: بعدها سا
(6) أفضل: سقطت من د
(7) وهذا: أو هذا ب، سا
(8) النافعة: سقطت من هـ
(9) فأفضل الخيرين أعمهما: ما فضل الخير يرعمهما س
(10) أو: وم، ن
(11) أو: ون
(12) أو أكثرهما: سقطت من م
(13) جهات: صفات د: من س
(14) وخيرية: خيرية سا
(15) وأولاهما: فأولاهما هـ: أو أولاهما ب، م: أولاهما
(16) عدة: عنده م
(17) الله: تعالى س، هـ: سبحانه وتعالى ن
(18) العبادة: العباد م: العبادات س: العباداة هـ
(19) النبى: صلى الله عليه وسلم م، ن، دا: عليه السلم ب، س، سا
(20) خطبة سقطت من م
(21) النبى: صلى الله عليه وسلم هـ: عليه السلم س، م، سا
(22) الخيرين: الخرين م: الأمرين س
(23) يستتبع: يستتبع؟؟؟ س(1/281)
والكرامة (1)، وإما بأخرة (2) كالسلطان واليسار، وإما فى القوة مثل السلب فإنه نفسه فقد، وليس كل فقد سلبا، وكان الآخر لا يستتبعه دائما، فالمستتبع أفضل.
وربما أقنع أن الشئ الذى ليس بفاضل فى نفسه، إذا كان يفعل خيرا أعظم فى نفسه من شئ آخر هو نفسه فاضل (3)، فإنه (4) ينبغى أن يكون هو آثر من الفاضل، وإن لم يكن أفضل، مثل (5) الجلد والجمال. فإن الجلد، وإن لم يكن بنفسه خيرا كالجمال، فقد يدرك بالجلد ما هو أفضل من الجمال. وكذلك التصحح، وإن لم يكن أفضل من اللذة (6)، فقد يدرك به ما هو أفضل من اللذة، فيكون هو آثر.
فيكون بعض ما هو نافع آثر من بعض ما هو خير. والذى يؤثر (7) لنفسه، وإن لم يصحبه الآخر، آثر من الآخر، إذا كان لا يؤثر وإن لم يصحبه الأول، مثل الصحة والجمال. فإن الصحة بلا جمال مؤثرة، ولكن الجمال بلا صحة غير مؤثر (8)
فالصحة آثر وأفضل. والذى هو تام الوجود مستقره (9) ومراد لنفسه كالصحة آثر من الذى يفقد أحدهما أو كلاهما (10)، إما كاللذة فإنها فى طريق التكون وتطلب لذاتها، وإما كالرياضة فإنها فى طريق التكون ومع ذلك فإنها تطلب لغيرها.
والذى وجوده يغنى عن الآخر أفضل من الذى وجوده يفتقر (11) إلى الآخر، مثل اليسار والتجارة. فإن اليسار يغنى عن التجارة، والتجارة تفتقر إلى اليسار فاليسار (12)
آثر. وقد يوهم كون الشئ مبدأ لأمر أنه أعظم منه، وربما (13) لم يكن فى الحقيقة.
فإن الخير أفضل من اختياره، وهو بدؤه. على أنه ليس يمكن أن يكون خير أو نافع مشورى (14) لا بدء (17) له. وكيف (15) وكلها (16) إرادى! فإذا كان كذلك، أمكننا (18) أن
__________
(1) الكرامة: الكرامير م
(2) بأخرة: تاخره د: متأخرة س، ن، هـ، دا
(3) فاضل: سقطت من س
(4) فانه: انه س
(5) مثل: من م
(6) اللذة: الجمال م
(7) يؤثر: يوثره هـ
(8) مؤثر: موثرة س، هـ
(9) مستقره: مستقرة م: مستقر س، ن، هـ
(10) يفقد أحدهما أو كلاهما: يوجد له أحدهما أو يفقد كلاهما د
(11) وجوده يفتقر: يفتقر وجوده س
(12) فاليسار: سقطت من د
(13) وربما: فربما د
(14) مشورى: منشورى م
(15) وكيف: فكيف د
(16) وكلها: كلها م
(17) بدء: بدو فى جميع المخطوطات
(18) أمكننا: أمكنا م(1/282)
نجد أنواعا من اعتبار المبادئ: فما مبدؤه أعظم، فهو (1) أعظم. والمبدأ الذى لأعظم المعلولين أعظم. وقد يمكن أن ينصر فى بعض الأوقات أن المبدأ نفسه أعظم. فإن رجلا واحدا (2) من الخطباء يقال له (3) لاوداماوس (4) ذم رجلين: أحدهما يقال له قلسطراطس (5)، والآخر (6) كفريوس (7). وكان قلسطراطس كما أقدر أنا (8)
أشار على كفريوس بارتكاب جور فائتمر (9). فذم قلسطراطس وقال (10): إن خطيئته أعظم من خطيئة الآخر، فإنه لولا (11) إشارته عليه بالجور، لما ارتكبه.
ثم ذم الآخر، فقال: إن خطيئته أعظم من خطيئة الأول، فلولا ائتماره، لما ضرت (12) مشورته.
وأيضا فإن الأعز أفضل كالذهب. وأيضا بل الأعم نفعا أفضل، كالحديد، فإن فى صلابته وشدته منافع عامة جدا ليس فى الذهب. بل الأكثر وجودا أعم نفعا، كالحديد، فقد (13) ينتفع به كل إنسان، والذهب يقل الانتفاع به. وكذلك الماء، وإن كان دهن البلسان أعز وجودا منه، فهو أفضل لعموم نفعه.
وأيضا فالذى هو أصعب إدراكا وذلك (14) لعظمة فى نفسه. بل الذى هو أسهل وصولا إليه، وذلك لموافقته لمحبتنا للدعة (15). وأيضا فإن الذى ضده أعظم ضررا فهو أعظم نفعا والذى فقدانه أعظم ضررا، فهو أعظم (16) نفعا. واقلب (17) الأعظم فى (18) باب النفع إلى الأعظم فى (19) باب الضرر (20). وغايات (21) أفعال هى أعظم، فمن (22) الخيرية
__________
(1) فهو: وهو م
(2) واحدا: سقطت من د
(3) يقال له: فقال م
(4) لاوداماوس ب، ن، هـ: لاوذاماوس د، م: لاوداوماوس س
(5) قلسطراطس: قلسطراطيس فى جميع المخطوطات فى المواضع للثلاثة
(6) الآخر: يقال له م، هـ
(7) كفريوس ن: كوبوس دا: كفديوس ب: كقديوس س، م، سا
(8) أقدر أنا: أقدرنا د: قد انا هـ
(9) فائتمر: فاتم د
(10) وقال: فقال ب
(11) لولا: لو هـ
(12) ضرت: مرت م
(13) فقد: قد م
(14) وذلك: ذلك د: ولذلك هـ
(15) للدعة: من الدعة ب، د، ن، سا
(16) ضررا فهو أعظم: سقطت من م
(17) اقلب: افلت، سا
(18) فى: من ب
(19) فى: من ب
(20) باب (الضرر): النفع إلى الأعظم فى باب النفع إلى الأعظم فى باب م
(21) وغايات: فهو غايات هـ
(22) فمن: من م: فى س، ن، هـ(1/283)
أو (1) الشرية أعظم. وبالعكس (2). وما هو خاص بالأعظم أعظم، فإن صحة البصر أعظم من صحة الشم، إذ البصر أعظم (4) من الشم (3). وكذلك محبة الإنسان أفضل من محبة المال، لأن الإنسان أفضل من المال. ثم الفضائل أنفسها، وهى من المبادئ، أفضل من الأفعال الفاضلة. وما (5) اشتهاره أفضل فهو أفضل.
وبالعكس. وأفضل العلمين (6) فهو (7) الأفضل أثرا، مثل الطب، فإنه أفضل من علم الزينة ومثل علم الهندسة فإنها (8) أفضل من علم الأخلاق. فإن الصدق فى الهندسة آكد (9) وهو فيه الغرض، وفى (10) علم الأخلاق أضعف، لأن بناءه على المحمودات، وليس الغرض فيه نفس الصدق فقط، بل والعمل (11). وبالعكس. فإن أفضل العلمين فى وزنه، أى فى وزن براهينه، وفى مرتبته (12)، أى فى تقدمه (13) بالغائية (14)، لأنه هو الذى علم آخر لأجله، فغايته أفضل. فلذلك علم التوحيد أفضل من علم الهيئة، لأن القياسات التوحيدية مجردة عن المادة، صحيحة جدا والهيئة (15) تتعلق بالحس والرصد. وأيضا فإن الهيئة (16) يقصد علمها ليتوصل به إلى كثير من علم التوحيد.
والذى يشهد بتقدمه الأكثر والفضلاء من ذوى الألباب والبصيرة أفضل.
فإن ما يشهد به العقلاء الصالحون الذين لا تستغويهم الأهواء والشهوات فهو أفضل مطلقا وقد يقتدرون لسلامة أنفسهم (17) عن العصبيات (18) والأهواء على الإحاطة بكثير من الأمور الفاضلة بماهيته وكميته، وإن (19) كان ذلك دون ما تفيده الصنائع العلمية المرتبة ترتيبها الطبيعى. وما هو (20) أكثر إلذاذا (21) فهو أفضل.
__________
(1) أو: ود، هـ، سا
(2) وبالعكس: بالعكس م
(3) إذ البصر أعظم من الشم: سقطت من د
(4) أعظم: أعمل س
(5) وما: وأما د
(6) العلمين: العالمين سا: ما كان فضل هـ
(7) فهو: هو م: وهو ن
(8) فانها: فانه ن، هـ دا
(9) آكد: أوكد د
(10) وفى: فى م
(11) والعمل: سقطت من م
(12) مرتبته: مرتبه م
(13) تقدمه: مقدمه س
(14) بالغائية: بالغاية د
(15) والهيئة: ولهيئة د
(16) فان الهيئة: فالهيئة د
(17) أنفسهم: سقطت من د
(18) العصبيات: الغضبيات سا
(19) وان: فان سا
(20) هو: سقطت من م
(21) الذاذا: التذاذا د(1/284)
فاللذة مشتاقة (2) عند الجمهور لذاتها، وخصوصا ما (3) كان أبرأ (4) عن شوب الغم، وأدوم مدة، وأرسخ ثباتا. وكذلك ما (5) كان أجمل فهو أفضل (1) من الأقبح. فإن الجميل مختار لذاته. ومن التصاريف أيضا أن الشجاعية أفضل وآثر من العفية، لأن الشجاعة أفضل وآثر (6) من العفة. وما يختاره الكل آثر. وما يختاره السلاطين والعظماء (7) أو العلماء (8) آثر. وما يختاره الذين يؤخذ عنهم الرأى فى عظائم (9) الأمور، وإن قلّوا (10)، فإنهم (11) هم المكرمون أيضا فإن من جنس الهوان أن لا يقبل قول الإنسان. والذين هم أعظم كرامة. والذين هم أشد تمكنا من الضر والنفع (12).
والمجبرون على تعظيمهم. وهذه الأنواع تفارق ما (13) سلف. فإن ذلك بحسب الشهادة، وهذه بحسب الإيثار. وأيضا فإن المعنى (14) العظيم من هذا (15) إذا جزئ إلى أقسامه، فعدت (16) أقسام ذلك المعنى، فكثر الكلى الواحد أو (17) الكل الواحد، صار أعظم. مثل ما قال أوميرس (18): إن هذه المدينة، إذا فتحت عنوة، ستلقى (19)
من مالاغروس (20) كل شر، وكذلك الناس كلهم، فإنه يهلك الناس، ويشب الحريق فى المدينة حتى يحرقها بأسرها، ويعترف كل بولده، أى (21) ينوح كل باسم (22) ولده:
يا ولدى (23) فلان! فهذا (24) التفصيل (25) مما قد جعل الشر أعظم مما لو ذكرت الجملة غير مفصلة. وقد يفعل أيضا التركيب والإجمال (26)، فإنه إذا اقتضت جزئيات خير (27) أو شر (28)، ثم اتبع ذلك بالدعوى الكلية، زاده ذلك تأكيدا (29). وأيضا (30) فإن صدور
__________
(1) فاللذة فهو أفضل: سقطت من د
(2) مشتاقة: متشاقة م
(3) ما: إذا س
(4) أبرأ: اثرا سا
(5) ما: إذا س
(6) أفضل وآثر: آثر وأفضل د
(7) والعظماء: العظماء هـ
(8) أو العلماء: والعلماء ن، هـ
(9) عظائم: عظام م، ن
(10) قلوا: قالوا م، ن، سا
(11) فانهم هم: وأنهم هم ب: فهم د
(12) الضر والنفع: النفع والضر س: الضرر والنفع ب، م
(13) ما: لما سا
(14) المعنى: معنى س: سقطت من هـ
(15) هذا: هذه د
(16) فعدت: بعدت د
(17) أو: وسا
(18) اوميرس: أوميروس م
(19) ستلقى: سنلق ب: سيلقى س
(20) مالاغروس: مالاغورس ب: ماعروس س
(21) أى: أو هـ
(22) باسم: اسم س
(23) لولدى: لولدى س، سا
(24) فهذا: هذا س
(25) التفصيل: سقطت من س
(26) الاجمال: ذلك د، س
(27) خير: خيرا د
(28) شر: شرا د
(29) تأكيدا: توكيدا د
(30) وأيضا: أو أيضا م(1/285)
الشىء عن أصعب مصادره وأقلها صدورا عنه يجعله أعظم، إما بحسب الزمان إذا كان صدوره فى مثل زمانه أقل (1)، أو السن إذا كان صدوره عن صاحب ذلك السن مثلا صعبا وقليلا. وكذلك المواضع (2) ومقدار (3) المدد والقوى فإنها تجعل الشىء الغريب الصدور عظيما. فإن الزنا من الشيخ مستفظع فوق (4) استفظاعه من الحدث. وأورد لهذا الباب (5) أمثلة فى التعليم الأول لم (6) أفهمها. والجزء الرئيس من الشىء الأشرف هو أفضل، كمن قال: إن نفى الشباب (7) عن المدينة مثل إسقاط الربيع عن السنة. وأيضا فإن الذى (8) يكون فى الحين الأنفع أفضل، مثل المال فإنه فى الكبر أفضل منه فى الشباب، وفى المرض أفضل (10) منه (9) فى الصحة.
والأقرب إلى الغاية أفضل، لأنه كالغاية. وكذلك ما كان من اللوازم خاصا بالغاية أفضل من لوازم تخص ما هو دون الغاية. فإن الصحة تلزم اعتدال المزاج، والضّعف يلزم ما دون اعتدال المزاج، فالصحة أفضل من الضعف. وقد فهم من الضّعف الضّعف بمعنى (11) اليسار وتضاعف المال، وفهم (12) من الخاص ليس الخاص بالغاية، بل الخاص بالكاسب (13). وعندى أنه وقع فى النسخ غلط، ويجب مكان الضّعف (14) عدم الضعف أو ما به (15) وهو القوة ولكن يجب أن (16) يرجع إلى اليونانية.
والخيرات المتيسرة (17) فى آخر العمر آثر من المتيسرة (18) فى الحداثة، لأنها كأنها تخص الغاية. وما يقصد لأجل ذاته، وليكون (19) موجودا بالحقيقة، آثر من الذى يقصد
__________
(1) أقل: اولى سا
(2) المواضع: مواضع ب
(3) ومقدار: مقدار ب، ن، سا: مقدار مقدار م
(4) فوق: قوى سا
(5) الباب: سقطت من س
(6) لم: سقطت من م
(7) الشباب: الشبان س، هـ (كتب أولا الشباب فى هـ ثم كتب فوقها الشبان)
(8) فان الذى: فالذى د
(9) فى الشباب وفى المرض أفضل منه: سقطت من م
(10) (وفى المرض) أفضل: سقطت من د: وكتب فوقها أنفع فى ب
(11) بمعنى: معنى م
(12) وفهم: فهم س
(13) بالكاسب: بالمكاسب م
(14) مكان الضعف: مكان م
(15) أو ما به م، ن، د ا: أو أما به ب، د، سا: أو أماته س: أو أمانه هـ
(16) يجب أن: سقطت من م
(17) المتيسرة: والمتيسرة م
(18) من المتيسرة: منها د: منها من الخيرات المتيسرة م: من التيسر هـ
(19) وليكون: ليكون س(1/286)
لأجل الحمد الذى، إذا كان ذلك (1) لا يوقف عليه (2) ولا يظهر للغير، لم يؤثر البتة. ولهذا ما تكون استفادة الخيرات آثر من إفادتها، إذا لم تظهر للغير لأنها (3) إذا لم تظهر للغير (4)، فغلط الغير (5) فى مصدرها (6) لم تؤثر. وقريب من هذا ما قيل فى الصحة والجمال.
وما (7) هو أنفع فى أمور كثيرة فهو (8) أنفع. فإن ما ينفع فى الحيوة وفى حسن الحيوة آثر من الذى ينفع فى أحدهما. ولهذا ما تعظم الصحة واليسار لكثرة تفننهما (9) فى النفع، لأنهما يبرئان من الحزن، ويمكنان من اللذة علما أو جهلا (10). وكان اليسار هو من (11) الخير (12) المطلق عند بعض الناس، وعند بعضهم إنما يكون خيرا إذا اقترنت (13)
به أحوال أخرى. وكذلك الضرر قد يختلف (14)، فمن الضرر ما هو أعم ولذلك (15)
فقؤ (16) عين الأعور أضر من فقء عين الصحيح. ويجب أن يستكثر من ضرب الأمثال وإيراد التذاكير (17) واقتصاص (18) أحوال ناس هم (19) فى مثل ذلك الحكم.
فقد أعطينا الأنواع النافعة فى إثبات أن الشىء صلاح حال، أو نافع، أو خير، والأنواع فى الأفضل، والأنفع، والآثر.
والمدينيات (20) الست، فقد علمتها، وعلمت الغايات فيها، وأن كل واحد منها ينبغى أن يشار فيه بما يحفظه، وأن الإجماعية منها، فقد (21) يرأس فيها الإنسان الذى هو فى مثل حكم غيره، وإنما يرأس إجماعا لداع دعا (22) إلى ذلك من قرعة، أو بخت. وخساسة الرياسة هى (23) التى يكون الاستيلاء فيها ببذل إتاوة (24) يطلقه (25) الرئيس للمرءوسين (26) فيتقبلونه (27). وأما الرياسة الشريفة
__________
(1) ذلك: سقطت من س
(2) عليه: عليها م
(3) لأنها: فانها د، هـ، سا: سقطت من س
(4) إذا لم تظهر للغير: سقطت من س
(5) فغلظ الغير: سقطت من د
(6) مصدرها: تصدرها س
(7) وما: أو ما ب
(8) فهو: وهو م
(9) تفننهما: نفسهما د: قيهما؟؟؟ س: قسمها؟؟؟ سا
(10) جهلا: جهالة د
(11) هو من: فهو د: هو ب، م، سا
(12) الخير: الجزء سا
(13) اقترنت: قرنت د
(14) يختلف: يحلف؟؟؟ م
(15) لذلك: كذلك سا
(16) فقؤ: فقؤه د
(17) التذاكير: التذكر د
(18) اقتصاص: اقصاص م، ن
(19) ناس هم: باسهم؟؟؟ م
(20) المدينيات: المدنيات د، م، ن
(21) فقد: قد د
(22) دعا: دعى م، ن، هـ
(23) هى: فهى م
(24) اتاوة: اناره سا: ناره د
(25) يطلقه: مطلقة د، ن، د ا
(26) للمرءوسين: للمروس س
(27) فيتقبلونه: فيتقتلونه م: ويقبلونه د: فيقتلونه هـ: فيتقلبونه سا(1/287)
فهى (1) التى يسوس فيها السائس لأنه مستحق للسياسة (2) لاقتداره (3) على وضع السنن أو حفظها (4). وأن وحدانية الرياسة (5) هى التى قصارى (6) غرض الرئيس فيها العز، والكرامة، والانفراد، والاستعباد (7) لمن هو غيره وأن هذه قد تكون بسيطة، محدودة (8)، وقد تكون متركبة (9)، متبدلة (10) بحسب ما يمكن به (11) حفظ الكرامة.
وغاية الإجماعية الحرية (12) وغاية خساسة الرياسة اليسار وغاية جودة التسلط حفظ السنة وغاية الكرامة حفظ الكرامة والعز والاحتراس من المنازع. ولكل غاية ضرب من الأخلاق يجانسه فيحفظه ويدعو إليه مما يسهل الوقوف عليه.
وينبغى أن يكون المشير يشير بتلك الأخلاق، ويكون متخلقا بها. فإن المشير إذا أشار بخلق لا يتخلق به نبا عنه القبول.
فليكن (13) هذا كافيا فى المشوريات.
فصل (14) [الفصل الرابع] فى المنافريات (15) وهو باب المدح والذم
فلننتقل (16) إلى تعديد الأنواع النافعة فى المدح والذم، المتعلقة بالفضيلة والرذيلة وما يجرى مجراها. وهى مع أنها تنفع (17) فى المدح والذم، فقد (18) تنفع فى إعداد الخطيب للتصديق بقوله، وإن كان فى (19) غير باب المنافرة، وذلك أنه (20) إذا أثبت
__________
(1) فهى: وهى م
(2) للسياسة: للسياسية د
(3) لاقتداره: لاقتدارها م
(4) حفظها: حططها د
(5) الرياسة: السياسة سا
(6) قصارى: سقطت من د
(7) الاستعباد: الاستبعاد م، هـ
(8) محدودة: محمودة د ا، ن (كتب أولا محدودة ثم كتب فوقها محمودة)
(9) متركبة: مركبه سا
(10) متبدلة: مبتداة ب
(11) به: سقطت من س
(12) الحرية: الجزءية سا
(13) فليكن: وليكن د
(14) فصل: فصل 4هـ: فصل د؟؟؟ ب: الفصل الرابع س، م
(15) المنافريات: المنافرات س، ن، هـ
(16) فلننتقل: فلننقل هـ: الان س
(17) تنفع: نفع؟؟؟ سا
(18) فقد: قد ب، م
(19) فى: من د
(20) انه: لأنه س(1/288)
فضيلة نفسه جعل نفسه (1) أهلا (2) للثقة بقوله وكذلك (3) إذا ذم خصمه، عرضه (4) لرد الناس (5) قوله.
والممادح المنسوبة إلى أنها فضيلة وأشياء تتبع (6) الفضيلة من الجمال والحسن وغير ذلك من الممادح التى قد يتعدى بمدحها الناس والملائكة إلى أشخاص أخر (7) يمدح بها (8). فالجميل هو المختار لأجل نفسه، وهو المحمود اللذيذ (9)
لا (10) لشىء (11) آخر، بل لأجل خيريته. فإنه جميل من هذه الجهة. والفضيلة نوع من الجميل، لأنها قوة، أى ملكة حسنة التأتى لتحصيل ما هو خير، أو يرى خيرا، وهى التى (12) تفعل أو تحفظ الأمور الشريفة العظيمة من كل جهة. وأجزاء الفضيلة هى:
البر، والشجاعة، والعفة (13)، والمروءة، وكبر الهمة، والسخاء، والحلم، واللب، والحكمة (14).
ومن الفضائل لا محالة ما يتعدى خيره إلى غير الفاضل، مثل البر والشجاعة والسخاء، ولذلك تلزم (15) كل واحد منهم، إذ الكرامة مبذولة من الكل للنافعين (16).
فلنعد إلى ذكر كل واحد منها:
فأما البر فإنها (17) فضيلة عادلة تقسم لكل ما يستحقه بحسب تقدير الشريعة.
والجور رذيلة يكون بها المرء (18) آخذا ما ليس له بحسب تقدير (19) الشريعة. والشجاعة فضيلة يكون بها المرء فعالا أفعالا (21) صالحة نافعة (22) فى الجهاد على ما تأمر به الشريعة (20)، وبها ينصر الشريعة نصرة خدمة والجبن خلاف ذلك فى التقصير (23). وأما العفة ففضيلة يكون بها المرء فى استعمال الشهوانية البدنية على القدر الذى ترخص فيه الشريعة والفجور خلافه (24). وأما السخاء ففضيلة يكون بها المرء فعالا (25) للجميل (26)
__________
(1) جعل نفسه: سقطت من س
(2) أهلا: اصلا ب، سا
(3) وكذلك: سقطت من سا
(4) عرضه: وعرضه سا
(5) الناس: سقطت من د
(6) تتبع: يقع م
(7) أخر: آخر د، م
(8) بها: لها ن
(9) اللذيذ: واللذيذ سا
(10) لا: سقطت من سا
(11) لشىء: لأجل شىء س
(12) وهى التى: وهو الذى س
(13) والعفة: سقطت من د، سا
(14) والحكمة: والعفة د
(15) تلزم: يكرم د
(16) للنافعين: النافعين د، م
(17) فانها: فانه د
(18) المرء: سقطت من س
(19) تقدير: تقدم د
(20) والشجاعة فضيلة الشريعة: كررت فى د
(21) أفعالا: سقطت من م
(22) نافعة: سقطت من س
(23) التقصير: النقيض د
(24) خلافه: وأما المروءة س انظر ص 85، س 32
(25) فعالا: فعال م
(26) للجميل: للجهل د(1/289)
ببذل المال (1) والدناءة (2) خلافه (3). وأما كبر الهمة ففضيلة يكون بها المرء فعالا لأفعال عظيمة المنزلة من الحمد (4) والسفالة ضدها (5) (6). وأما (7) المروءة ففضيلة بفعل (8)
النبل بالتوسيع (9) فى الإطعام (10) وصغر النفس والنذالة خلافه (11). وأما اللب ففضيلة (12)
فى الرأى يكون بها المرء (13) حسن التعقل (14) والمشورة نحو الخيرات والجميل والبلاهة (16) ضده (15) (17).
ولتؤخذ هذه الرسوم على ظاهرها، ولا يلتمس فيها التحقيق العلمى البتة.
وكذلك فى (18) أكثر (19) سائر الرسوم التى نورد فى هذا الفن من المنطق:
فهذه هى الفضائل التى يمدح بها.
وأما ما سواها من الممادح ففاعلات الفضائل والعلامات التى تدل على الفضائل، مثل الأنداب (20) على الشجاع (21). وكذلك الانفعالات (22) التى تلحق العادلين، إذا لزموا العدل ولم يجنبوا إلى الجور، كالمستودع إذا شدد عليه العذاب فى انتزاع ما هو فى يديه (23)، فاحتمل، وأبى أن (24) يسلم الوديعة إلا إلى ربها. وأما الانفعالات التى يستحقونها عدلا، فهى وإن كانت خيرا فى نفسها وواجبات (25)، إذ كل فعل يصدر عن عدل فهو واجب وخير، فإنها من حيث هى آلام (26) صرفة تجلب ضيما وخسرانا فقط بلا (27) زيادة أخرى فليست خيرات وممادح لمن (28) تقع بهم. وإن كانت باستحقاق عن سوء سيرة، فهى مذام. وأما فى الباب الأول فقد كان الألم، وإن كان من حيث هو ألم، شرا ينقضى أثره، فهو (29) من حيث (30) يدل على فضيلة النفس وإيثار (31) العدل مكرمة ومحمدة (32)، وربما خلد
__________
(1) المال: ليستحقه على اعتدال م
(2) الدناءة: الدنا د
(3) خلافه: وأما اللب س
(4) الحمد: وصغر النفس والبذاله خلافه وأما السخاء س
(5) والسفالة ضدها: سقطت من سا
(6) ضدها: ضده هـ
(7) وأما: وم
(8) بفعل: بها هـ
(9) بالتوسيع: بالتوسع ن، هـ، دا: فى التوسع س
(10) الإطعام: وأما كبر الهمة س
(11) خلافه: خلافها د
(12) ففضيلة: يكون س
(13) بها المرء: المرء بها س
(14) التعقل: العقل د
(15) والبلاهة ضده: سقطت من سا
(16) البلاهة: البلادة س، هـ
(17) ضده: خلافه س، هـ: خلافه ضده م
(18) فى: سقطت من م
(19) اكثر: سقطت من س
(20) الأنداب: الانرار؟؟؟ س
(21) الشجاع: الشجعان د، س، هـ، سا
(22) الانفعالات: الانفعال د
(23) يديه: بدنه س، م: يده ب
(24) وأبى ان: وأبا ان ب، م: وابان د
(25) وواجبات: واجبات د
(26) آلام: الامر سا
(27) بلا: بال د
(28) لمن: لم د
(29) فهو: فهى س
(30) حيث: هو س
(31) ايثار: اثبات ب، د، دا، سا
(32) ومحمدة: ومحمودة د: محمودة ب، ن، سا(1/290)
ذكرها. وقد يمكن أن يصدر عن الشجاع فعل لا (1) يصدر إلا (2) عن شجاع، أو (3) يلحقه انفعال لا يكون إلا للشجاع وكذلك قد (4) يصدر عن السخى فعل وانفعال لا يصدران (5) إلا عن سخى (6) ولكنه لا يكون محمودا، إذا كان خارجا عن مقتضى العدل. ومن آثار الفضائل ما هو أكرم وأحسن. فإن الشجاع إذا جوزى بالكرامة، كان هذا أقرب إلى استحقاق المدح به من أن يجازى (7) بالمال (8). وأدل أفعال الفضائل على استيجاب (9) المدح ما فعل لا لجذب منفعة إلى الفاعل، بل لأجل غيره، أو لأنه خير لنفسه. إذ هو خير عام له ولغيره. ولهذا يمدح من يتعهد الموتى بالصدقات، لأن هذا النوع من الإحسان لا يبتغى به جزاء. ثم ما أريد به نفع الآخرين من حيث هو خير لهم، وليس لهم (10) فيه غرض. ويفارق ما قبله أن ذلك كان الإيثار متجها فيه إليه لأنه خير فقط، وهذا لأنه خير للآخرين (11)
وهذا قد يبتغى (12) عليه جزاء، والأول لا يبتغى (13) عليه جزاء. وبعد هذا ما يراد به الإحسان إلى المحسنين (14) خاصة. فإن (15) كان مكافأة فإنه (16) من حيث يكافئ (17) فاعلها لا يرتاد لنفسه خيرا (18) الا بالعرض من حيث هو مكافئ (19) متوقع لا مكافئ (20) فقط.
وأما المكافئ (21)، من حيث هو مكافئ، فقد حصل الخير وأحرزه، وليس يتوقعه حين يكافئ (22).
ومن علامات الفضيلة والممادح أجزاء من تنابذ (23) الفضيلة وتضادها وتخجيله (24). فإنهم كثيرا ما يبتدئون (25) بأقوال وأفعال من الفواحش يريدون بها
__________
(1) لا: ولا م
(2) الا: سقطت من م
(3) أو: ود
(4) قد: سقطت من م، سا
(5) يصدران: يصدر سا
(6) سخى: السخى هـ
(7) يجازى: يجازا م، ن
(8) بالمال 1سقطت من سا
(9) استيجاب: اسحباب د
(10) وليس لهم: وليس له س، هـ، سا: وليس د
(11) للآخرين: لاخرين د: الآخرين م
(12) يبتغى: ينبغى سا
(13) يبتغى: ينبغى سا
(14) المحسنين: المحسن س، هـ
(15) فان: وان د، س، هـ، سا
(16) فانه: سقطت من د
(17) يكافئ: يكافا ب، م
(18) خيرا: جزاء د، م
(19) مكافئ: مكافا ن: مكاف س، م
(20) مكافئ: مكافا م، ن: مكاف س
(21) مكافئ: مكاف د، س، م: مكافا ن: مكافأة ب
(22) يكافئ: يكافا م: مكافا ن
(23) تنابذ: منابذ ب، د
(24) تخجيله: يخجله م، ن: يحجله؟؟؟ سا
(25) يبتدئون: سدون؟؟؟ هـ(1/291)
فضح غيرهم فيفتضحون (1) لفضيلة (2) فى ذلك الغير يصدر عنه حسن المعاملة لأجله (3).
مثل ما فعلت سفا (4) الحكيمة، حين رمز إليها القاوس المتغلب، فعترض؟؟؟ عن فاحشة قائلا: إنى أريد أن أنفث عن صدرى بشئ، لكن الحياء (5) والاحتشام يصدنى عنه. فاستقرت (6) هذه الحكيمة على جملة أمرها وديعة لم تقابله بالفحشاء من القول، والهجر من السب (7)، مستحيية (8) من مفارقة طريقة الحكمة (9)، ومن (10) إظهار التنبه (11)
لمعنى (12) الفاحشة، كأنها لا يخطر ببالها أن أحدا يعرضها لطمع سوء (13)، ويعترض (14) لها بدعوة إلى فاحشة، ويضرب (15) لها مثلا بمنكر (16)، أو يجرى عليها المعانى التى تجرى على غيرها. لكنها (17) كانت مصروفة الشغل إلى نصرة (18) الهيئة والملكة الفاضلة، تترك (19)
الفعل الرذل، وكذلك من كان معها من النسوة الحصر (20) لا يجز عن ولا يخفن من وقوع مثل (21) ذلك بها (22) ثقة بشرف (23) نفسها، واعتلائها عن طاعة غير الواجب، وكمال (24) فعلها فى طاعة فضيلتها، وقلة انفعالها عن الرذائل، صار (25) كل ذلك صادرا (26) عن ملكة حصلت بالارتياض والاجتهاد. فإن الفضائل جلها مباين للهوى (27)، ويكتسب بالمجاهدة إيثارا للمجد والفخر فى تنميتها. وتنميتها (28) بالعقل (29) على (30) الهوى، مثل ما سمعت من قصة الرجل والمرأة (31). والاستحياء (32) أيضا قد يؤهل للمدح ولكن دون تأهيل
__________
(1) فيفتضحون: فيفضحون سا
(2) لفضيلة: سقطت من د
(3) لأجله: لأجلها ب
(4) سفا: شفا م: سفاء س، هـ: سقاء سا: سواء د
(5) الحياء: الحياه د
(6) فاستقرت: فاستعرت سا
(7) السب: الست سا: السبب م، ن، هـ
(8) مستحيية: مستحية د
(9) الحكمة: الحلم س، هـ
(10) ومن: وهى من د
(11) التنبه: البينة ب: التنبيه د
(12) لمعنى: لمعانى ب
(13) سوء: سواء د
(14) ويعترض: أو يعترض س، ن، هـ، سا
(15) و (يضرب): او سا
(16) بمنكر: لمنكر س، هـ
(17) لكنها: لكنه م، د ا
(18) نصرة: بصره س
(19) تترك: بترك هـ، سا: وترك م، ن: وتركت دا
(20) الحصر: الحضر ب، س، هـ، سا
(21) مثل: ميل د: سقطت من سا
(22) بها: سقطت من س
(23) بشرف: لشرف سا
(24) كمال: كما م
(25) صار: سقطت من س، د، هـ
(26) كل ذلك صادرا: كل ذلك صادر س: صادر كل ذلك د
(27) للهوى: للهوا د
(28) تتميتها وتنميتها م: سيمها ب، سا: يمسمها؟؟؟ وتتميتها د: تنميتها وتمييمها هـ: تنمتها س، ن
(29) بالعقل: بالفعل كل المخطوطات
(30) على: عن ب، د
(31) الرجل والمرأة: المرأة والرجل م
(32) والاستحياء: سقطت من ن: الاستحياء سقطت من م (14ص 88س 1) والاستحياء أيضا سفا: سقطت من ب، س، هـ، سا(1/292)
حالة سفا (1). والاستحياء أيضا (3) قد (2) يكون لشيئين (4): أحدهما لاشمئزاز النفس عن الحالة الشنعاء، وهذا يصدر عن فضيلة والثانى لنظرته (5) ذكر فاحشة عرف بها المستحيى (6)، وقد (7) نسيت (8) فى الحال. فإذا (9) لفظ بلفظ يشير إلى معناها، أو فعل (10) مثلها، خطرت بالبال من الحاضرين، وهو من أهلها، فخطر بالبال صنيعه، فصار كالمشاهدة منهم له، الموجبة للاستحياء (11)، إلا من البالغ فى الرذيلة والسقوط فلا يستحيى من انكشاف مذمته. ومن الممادح أفعال يفعلها الإنسان ليصلح بها حال آخرين (12). وأيضا (13) الانتقام من الأعداء، وقلة الإذعان لهم، والجزاء على الحسنة والسيئة. وأن يكون الشجاع (14) مغلبا لا يغلب. فإن الغلبة والكرامة من ممادح الشجعان. وأن يفعل أفعالا تنشر وتذكر، وتكون لعظمتها مما يسهل تخليدها، فيتوارثها الأعقاب. ومن (15) الممدوحات علامات تختص (16)
بالأشراف، كإسبال العلوية شعورهم، فإنه من دلائل شرفهم. ومن الممدوحات الاستغناء عن الآخرين فى أى باب كان.
وقد يتلطف (17) فى المدح على سبيل كالمغالطة، فيعبر عن الخسيسة بعبارة تجلوها فى معرض (18) الفضيلة، إذا (19) كانت أقرب الخسيستين (20) المتضادتين (21) من الفضيلة، أو قد كان (22) يلزمها والفضيلة شئ واحد يعمهما (23). وهذا مما يضطر إليه الخطيب إذا أحوج إلى مدح الناقصين (24)، فيجعل الشئ الذى تشارك به الفضيلة (25) الخسيسة
__________
(1) سفا: منها د: بالفعل على الهوى مثل ما سمعت م
(2) أيضا قد: سقطت من س
(3) أيضا سقطت من د
(4) لشيئين: لوجهين س
(5) لنظرته: لنطيرنه؟؟؟ سا
(6) المستحيى: المستحى ب، م، ن: المستحق س
(7) وقد: فقد م، ن
(8) نسيت: تنسيت د
(9) فاذا: فانه إذا س
(10) فعل: فعل س، هـ، سا
(11) للاستحياء: الاستحياء ب، د
(12) آخرين: منها م
(13) وأيضا: منها د: ومنها أيضا ن، هـ، دا
(14) الشجاع: سقطت من س
(15) ممادح ومن: سقطت من د
(16) تختص:؟؟؟ خصص ب
(17) يتلطف: يتلفظ ب
(18) معرض: صورة د
(19) إذا: إذ م
(20) الخسيستين: الخسيسين ب، ن: الجنسين د
(21) المتضادتين: المتضادين د
(22) أو قد كان: وقد كان س، م: وكان قد هـ، سا
(23) يعمهما: يعمها س، هـ
(24) الناقصين: النافصتين م
(25) الفضيلة: الفضيل د(1/293)
مشاركة ما مكان (1) نفس الفضيلة. فيقال للحويز (2) إنه (3) حسن المشورة، وللفاسق إنه لطيف العشرة، وللغبى إنه حليم (4)، وللغضوب القطوب إنه نبيل ذو سمت، وللأبله المغفل عن اللذات إنه عفيف، وللمتهور (5) إنه شجاع (6)، وللماجن إنه ظريف (7)، وللمبذر (8) فى الشهوات إنه سخى.
ومن الممادح الانخداع والغلط فى صغار الأمور، فإنه يدل على قلة الخوف، فإن الخوف هو الملجئ إلى الاحتياط فى الفكر، ويدل على قلة الالتفات إلى مراقبة فوت ما يضن (9) به. وقد يمدح أيضا بالبراءة عن الانخداع أصلا لشدة (10) الفطنة.
ومن الممادح الإذلال إلى الصديق والعدو. وإن كان من الممادح أيضا تخصيص الأصدقاء بالإحسان والإسداء. وأيضا فإن الخطيب يجب أن يعلم موضع مدح الممدوح حتى يمدحه (11) بما (12) يلائم ذلك الموضع، فلا (13) يأمن من (14) أن يكون الممدوح به (15) فى (16) موضع (17) مذمة (18) فى موضع آخر (19)، بل يجب أن يعلم (20) الممادح بحسب البلاد والأمم والملل (21). ومن الممادح ذكر السلف الصالح والآثار (22) التى خلدوها، خصوصا (23) إذا تشبه بهم الخلف فاستوجب (24) مزيد مدح وكرامة من تلقاء نفسه، وإن قصر عن شأو (25) سلفه، أو كان ما يكسبه أقل مما كان ينبغى أن ينحو نحوه من الخير (26) والفضيلة، كالإنسان المتوسط فى همته، أو كان ما يكسبه أقل مما كان (28) ينبغى (27)، فإذا أنجح، اقتنع (29) فلم يمعن (30). والكبير الهمة كلما أمعن فى الإنجاح، أمعن فى استئناف (31) الجد نحو إدراك ما هو أعلى، وصار أحرص
__________
(1) مكان: كان م
(2) للحريز: للحرز د
(3) انه: له م
(4) حليم: حلوم ب
(5) للتهور: المتهور د
(6) انه شجاع: الشجاع سا
(7) انه ظريف: سقطت من د، سا
(8) وللمبذر: المبذر د: سا
(9) يضن: يظن م، ن: طن؟؟؟ د، س
(10) لشدة: بشدة س، هـ
(11) يمدحه: يمدح س
(12) بما: سقطت من س
(13) فلا: ولا د
(14) من: سقطت من ب، م، ن، سا
(15) به: سقطت من ب، م، ن، سا
(16) فى: عند د
(17) موضع: مدحه ب: مده سا
(18) مذمة: مذموما م، ن
(19) فى موضع آخر: سقطت من د
(20) يعلم: ان م، ن، هـ، دا
(21) الملل: الملك ب، ن، هـ
(22) الآثار: الأوتار م
(23) خصوصا: وخصوصا س
(24) فاستوجب: واستوجب د، دا
(25) شأو: ساق ب، د
(26) الخير: الخيرات م
(27) أو كان ينبغى: سقطت م، ن
(28) كان: سقطت من هـ
(29) اقتنع: امتنع د
(30) يمعن: يمعنى م
(31) استئناف: الاستئناف ب(1/294)
على اقتناء المآثر المستصعبة (1). ومثل هذا الإنسان لا يقتصر على الشرف الموروث، بل يستخف به، وينشط (2) لادخار (3) الحسب والشرف المكتسب (4)، ويقل افتخاره بآبائه، وربما ارتقى بأفعاله (5) إلى درجة تفوق درجة قبيلته، كما قال بعض الناس فى مديح (6) سوسدس (7) مخاطبا أباه وإخوانه: إنه اليوم فى الساطورانس (8). كأن (9)
الساطورانس قبيلة (10) أشرف من (11) اليونانيين.
وأول الأفعال التى يستحق بها المدح ما صدر عن قصد أو عن مشيئة.
وأما التى بالعرض، فإذا بدر نفعه لم يذكر إلا أن يتكرر، فيلحق (12) حينئذ بالممادح (13)، ويشبّه بما (14) يصدر عن مشيئة. فإن المتكرر مرارا قد يظن به أنه مقصود من الفاعل، ويعتقد أن الذى بالبخت (15) قليل التكرر. والممادح الحقيقية هى الأفعال الاختيارية. وأما المظنونة فهى (16) التى تنسب إلى النسب، حتى يقال: إن الأسد يلد الأسد، والحية تلد الحية وكذلك التى (17) تصدر عن تأديب وتقويم، ليس عن نشاط غريزى. على أنه ليس يبعد من الحق أن يتشبه الأولاد بالآباء. فإن الإنسان يحرص على الإتيان بما يكثر منه (18) مشاهدته ويستمر عليه نشؤه، ولذلك (19) ما قد يحمد الفاعل إذا فعل الجميل المنشوء عليه. فإنه إذا فعل ما نشأ عليه، دل على أن الفعل إنما صدر عن فضيلة وعن (20) ملكة فيه رسخت مع النشوء.
فيكون حينئذ قد فعل ما فعل آباؤه. فإن أعمالهم الباقية دلائل على أفعالهم.
وإنما يمدحون على أعمالهم لأنها عن أفعالهم وإنما يمدحون على أفعالهم
__________
(1) المستصعبة: المستصبة س
(2) وينشط: وسط د: و؟؟؟ بسط سا
(3) لادخار: الادخار د
(4) المكتسب: سقطت من س
(5) بافعاله: بأفعال د
(6) مديح: مدح م
(7) سوسدس د، س، هـ: سيرسدس ب، ن، سا: سيوسدس م
(8) الساطورانس: الساطوراس د: الساطورياس ب، ن فى التزجمة العربية القديمة 1715: الساطوراسن وفى ارسطو، 3191 (1367ب 20) نجد: وقد قليها المترجم علما
(9) كأن: سقطت من م
(10) قبيلة: قبيلة م
(11) من: قبيلة د
(12) فيلحق: فلحق سا
(13) الممادح: المادح سا
(14) بما: ما س، هـ
(15) بالبخت: سقطت من س
(16) فهى: وهى م، دا
(17) التى: الذى س، م، ن
(18) منه: فيه د
(19) ولذلك: فكذلك د: وكذلك م الجميل: الحميد د
(20) وعن: وسا(1/295)
لأنها تصدر عن فضائلهم الموجودة فيهم (1). فأما (2) استحقاق الحمد فهو لنفس الفضيلة، حتى لو تيقنا وجود الفضيلة فى إنسان ما، فإنا نمدح ذلك الإنسان، ولو لم (3) نر فعلا (4) فعله. ثم الفعل دليل على الفضيلة التى هى الممدوحة. وإن كان استحقاق الحمد لا يكون إلا على فعل. والفعل هو الإنعام. وأما السعادة المشهورة فهى من باب الاتفاق والبخت. وكما أن صلاح الحال جنس للفضيلة (5)، كذلك الاتفاق الجيد (6) جنس للسعادة.
لكن الكلام فى المدح والمشورة (7) نوع جديد، أى غير ما قلناه مما (8) هو خاص أو مما قد اعتبر خاصا بكل واحد منهما، بل (9) شيئا يعمهما وغيرهما من الأمور الخطابية.
وذلك أن من الذى نمدح به (10) الممدوح أشياء قد يشار بها على المشار عليه.
وبالعكس. فإنه كما يقول المشير: ينبغى أن لا (11) تستنيم إلى السعادة الاتفاقية، بل أن تستنيم إلى ما تيسر لك من المآثر المكتسبة (12) بالمشيئة، ويكون هذا مشورة على سبيل تفويض وإطلاق إذا (13) كذلك يقول المادح فى الممدوح: إنه هو الذى حاز المحاسن بسعيه (14)، ليس الذى اتفق (15) له من أسبابها ما (16) أتته منها حظا (17) غير موثوق به (18). فإذا أردت أن تمدح، فيلزمك أن تتأمل ما تمدح به. فإذا كانت المشوريات تتضاد فى أمور، فيمنع عن بعضها ويطلق بعضها، فالذى (19) لو أشرت لأطلقت الإذن فيه ورأيته المستصلح من الأمرين للتقرب (20) بالمشورة (21) به (22)، فهو المستصلح للمدح. فانتقل من المشورة إلى المدح، ومن المدح إلى المشورة.
__________
(1) الموجودة فيهم: التى وجودها فى أصحابها د
(2) فاما: وأما د
(3) ولو لم: ولم م
(4) فعلا: فضلا س: فعل ب
(5) للفضيلة: الفضيلة ب
(6) الاتفاق الجيد: اتفاق الجيد م: اتفاق البخت ب، ن، دا: اتفاق الحيل سا
(7) المشورة: المشهورة س
(8) مما: هو د
(9) بل: لو م
(10) به: بها س، م، ن، هـ، دا
(11) أن لا: أن س، هـ: لا م
(12) المكتسبة: المنكسبة د
(13) إذا: وإذا ن: فاذا هـ
(14) بسعيه: لسعيه س
(15) اتفق: سقطت من س
(16) ما: بما م، ن، هـ
(17) حظا: خطأ م، س، هـ، دا، سا
(18) به: سقطت من م
(19) فالذى: والذى د
(20) للتقرب: للتقريب د
(21) بالمشورة: فى المشورة هـ
(22) به: سقطت من م، ن، هـ(1/296)
وينبغى أن يؤكد أمر المدح، وكذلك أمر المشورة، بالألفاظ المعظمة المفخمة (1)، كما يقال (2): إنه هو (3) نسيج وحده فى كذا، وإنه قريع (4) عصره فيه، وإنه وحده فعل، وأول من سن، وأسرع (5) من فعل مثل فعله (6)، وأكثر من فعل مثله فعلا (7)، وفعل فى زمان يعسر فيه فعل مثله، وإنه (8) صار قدوة لغيره، وأقام غيره لمن سواه، وأصبح مزجره (9) عن الفحشاء والمنكر أمة يؤتسى به فى الجميل شهرة عند الناس والجمهور، وخصوصا إذا كان فعل ذلك بقصده. ويقال فى كل شئ من (10) ذلك ما يشاكل. وكذلك يقال: إنه (11) فعل (12) كذا لا (13) كفلان الذى قصر عنه، بل كفلان الذى وفق له. وليس كل إنسان مليئا بالمقايسة بينه وبين غيره. فإن أكثر الناس يستفضل (14) نفسه على غيره فى فضله (15) (16)، ويستهين رذيلته (17) وعيبه الذى لو كان فى أخيه استكثره (18). وعلى ما يقال: إن المرء ليعمى عن الجذع يعترض (19) فى حدقته، ويلمح (20)
قذاة (21) فى عين صاحبه. وليس كل إنسان مثل سقراط الذى كان يعتبر نفسه من غيره (22)
فى مجارى أخلاقه، فيعاقب نفسه إذا تشبهت بالأراذل، ويثيبها (23) إذا تشبهت بالأخيار. ومن المحمود أن (24) يجتهد فى التشبه (25). فإن المجتهد كالحاصل فى تخوم الفضائل.
فبهذه الأشياء يكون التعظيم. والتعظيم يدل على زيادة فى الشرف. والزيادة فى الشرف (26)
شرف مفرد. والشرف المفرد ممدحة (27) خاصة. وبالجملة: فإن التعظيم والتفخيم أشد
__________
(1) المفخمة: سقطت من د
(2) كما يقال: كما د
(3) هو: سقطت من د
(4) قريع: بديع ب
(5) أسرع: شرع د: انترع م: ابترع هـ: أبدع ن
(6) مثل فعله: فعل مثله فعلا س، هـ: فعلا سا
(7) وأكثر فعلا: سقطت من سا
(8) وانه: فانه سا
(9) مزجره: من حره د
(10) من: فى س
(11) إنه: ان س
(12) فعل: فعلا س
(13) لا: سقطت من م: الا سا
(14) يستفضل: سيفضل م
(15) فضله: فضيله س
(16) فى فضله: سقطت من سا
(17) رذيلته: ورذيلته د
(18) استكثره: استكبره د، سا: استكره س، هـ (ثم صححت فى الهامش فى هـ: استكثره)
(19) يعترض: به س، هـ
(20) يلمح: سقطت من س
(21) قذاة: قذا س: قذاة هـ (كتب تحت التاء خ)
(22) من غيره: بغيره د
(23) يثيبها:؟؟؟ ها س
(24) المحمود أن: المحمودات س، هـ
(25) التشبه: النسبة د
(26) والزيادة فى الشرف: سقطت من د
(27) ممدحة: ممدوحة ب(1/297)
مشاكلة للمدح وأما الدلالات والبرهانات (1) فأشد مشاكلة للمشورة. لأن الممادح (2)
بالحاضرات، وأكثر الحاضرات مقر (3) بها، وقلما يطلب دليل عليها (4) وأما المشوريات فبالمعدومات (5) الغائبة. وتمس (6) الحاجة إلى تصحيح الغائب بالحجة وضرب (7)
الأمثال (8) مما كان لما سيكون أشد من مسها (9) إلى تصحيح الحاضر. وأما الكلام الذى هو فصل القضاء، وهو استيضاح صحة الحجة، فللحاكم، لأن الحاكم ينبغى أن يورد الفصل الذى لا مطعن عليه. وضرب الأمثال من الأمور المستقبلة والماضية أوقع عند الجمهور فى المشورة من غيره، لأنه أمر قد كان ودرس وبقى ذكره. وللتذكير (10) تأثير أكثر من المشاهدة، لأن التذكير (11) كأنه أقرب إلى الأمر العقلى الذى يختص بذوى الألباب، والمشاهدة (12) إلى الأمر الحسى الذى يشترك فيه الخاص والعام (13). وقد تستنبط الممادح من المذام، والصواب فى المشورة من الخطأ فيها.
فصل (14) [الفصل الخامس] فى شكاية (15) الظلم (16) والاعتذار بأنه لا ظلم (17)
وأما القول فى الشكاية والاعتذار فقد حان أن ننتقل إليه، ونحدد القياسات المشاجرية، وأن (18) نبين الأمور التى يجور (19) الجائر لأجلها، فتؤخذ (20) منها مقدمات فى أنه
__________
(1) البرهانات: البرهانيات د، س
(2) الممادح: المادح ب
(3) مقر: نقر د
(4) دليل عليها: عليها دليل س، هـ
(5) فبالمعدومات: فبالمعدمات م، ن: فبادمات هـ
(6) وتمس: ومس س، هـ، سا: ومن م، ن
(7) ضرب:؟؟؟ ضرب د
(8) الأمثال: المثال سا
(9) مسها: منتها م
(10) للتذكير: للتذكر ب، ن، سا
(11) التذكير: التذكر ب، ن، سا
(12) المشاهدة: المشاهد ب، د، سا
(13) العام: العلوم م
(14) فصل: فصل 5هـ: فصل هـ ب: الفصل الخامس س، م
(15) شكاية: الشكاية م
(16) الظلم: والظلم م
(17) ظلم: به هـ
(18) وأن: ود
(19) يجور: بحوير م
(20) فتؤخذ: فوجد م: فيوجد هـ(1/298)
لما (1) كان الفاعل كذا أقدم على الجور، والأمور التى يعرض (2) بها (3) الإنسان لأن يجار (4)
عليه، فتؤخذ (5) منها مقدمات فى أنه لما (6) كان (7) المفعول به كذا أقدم بالجور عليه، والغايات التى كان يجار (8) لأجلها الجور (9)، والأمور التى هى فى أنفسها جور. وقبل ذلك ينبغى أن نحدد الجور، فنقول:
إن الجور إضرار يقع بالقصد والمشيئة (10) متعد (11) فيه الرخصة الشرعية.
والشريعة والسنة: إما خاصة مكتوبة بحسب شارع شارع، وبلاد بلاد (12)، وأزمنة أزمنة (13) وإما عامة غير مكتوبة، لكن (14) أكثر الناس وجلهم يعتقدونها، ويرونها. وربما تخالفا (15): مثل إيثار أرذل الأولاد بالتحلى (16)، فإنه يصح فى السنة المكتوبة، إذا وقع (17) من المؤثر فى وقت الصحة، ويمنع عنه فى السنة الغير المكتوبة.
والقضاء المر مبنى على السنة المكتوبة (18)، والوساطة (19) على السنة الغير المكتوبة، والحسبة (20) على أقرب السنتين (21) من مصلحة الوقت مشوبة بسنة الملك، وهو السياسة.
فالجائر (22) هو الذى يضر بالمشيئة. لأن الذى يصدر عنه فعل (23) ما طبعا أو قسرا، لا مشيئة وطوعا، فإنه لا يعد به محسنا ولا (24) مسيئا. وأما الذى يقدم طوعا على ما يفعله فهو الجائر. والمقدم طوعا هو الذى يعلم (25) ما يفعله ويقدم (26) عليه غير مقسور لأمور (27)
يستدعيه إليه (28) هواه. فمنهم من يكون مقدما هذا الإقدام عن روية ونظر (29) واختيار، وهذا هو الشرير الجائر. ومنهم من يفعل ذلك لضعف (30) رأى (31)، وهو الذى (32) يجيب (33)
__________
(1) لما: كتب تحتها لم فى هـ
(2) يعرص: يعترض ب
(3) بها: لها س
(4) يجار: يحاب ب، م، ن، سا
(5) فتؤخذ: فيوجد م، هـ
(6) لما: كتب تحتها لم فى هـ
(7) كان: سقطت من، س، م، هـ
(8) يجار: سقطت من ب، ن، سا
(9) الجور: سقطت من س، سا
(10) والمشيئثة: والجور سا
(11) متعد: متعدى ب، سا: يتعدى د، ن
(12) بلاد: سقطت من م
(13) وازمنة أزمنة: وأزمنة وازمنة م
(14) لكن: ولكن ب
(15) تخالفا: يخالفها م
(16) بالتحلى: بالتحله ب، د، هـ
(17) وقع: ذلك س، هـ
(18) والقضاء السنة المكتوبة: سقطت من س
(19) الوساطة: الواسطة ب
(20) الحسبة: الحسنة ب، ن، م
(21) السنتين: السنن م: السن؟؟؟ سا
(22) فالجائر: والحار؟؟؟ د
(23) فعل: سقطت من س
(24) ولا: سقطت من سا
(25) يعلم: سقطت من س
(26) يقدم: يفعل س
(27) لأمور: ولأمور س، هـ
(28) اليه: اليها د
(29) نظر: بصر ب
(30) لضعف: الضعف سا
(31) رأى: الرأى م، دا
(32) وهو الذى: سقطت من م
(33) يجيب: بحيث سا(1/299)
فى ذلك داعى (1) تخيل (2) يثير (3) انفعالا (4) نفسانيا (5) مناسبا لاستعداد خلق له، أو مخالفا للخلق الموجود فيه. مثل ما يعرض ممن تغلبه الشهوة (6) أو الغضب أو الخوف (7) أو شئ آخر مما يشبه ذلك، فيعمل من غير روية يستعمله (8) فيما (9) يفعله، وربما (10) يعقبه الندم. وهذا مثل ما يبدر (11) عن النذل إذا لمح مرفقا (12) وعن الشره النهم إذا عرضت (13)
له لذة ويبدر (14) من الكسلان، عند ما يتخيل الدعة التى يهواها، من خذلان صديقه ومن الجبان عند الخوف، فربما سلم الحريم وكما (15) يقع من المؤثر (16)
للكرامة (17) عند استرباح الكرامة وتقية الهوان وكما يقع (18) من الغضوب، عند ثوران الغضب (19)، من عسف (20) ومن مؤثر (21) الظفر، عند اعتراض (22) الغلبة، من (23)
اقتحام ومن الأنف (24) ذى الحمية، عند خشية الاستخفاف والعقوبة، من انقباض (25) ومن المائق (26) المأفوك (27) فى عقله، عند التبلد فيما (28) بين الخطأ والصواب، من خبط (29) ومن الوقح الحريص، عند فائدة تلوح له ومربحة (30) خسيسة تقرب منه، من استخفاف (31) بنضوب ماء الوجه، وقلة رغبة (32) فى الحمد. فهذه هى الأحوال التى إذا كانت فى خلائق الناس حركتهم إلى الجور، أو كانوا قد انفعلوا (33) بها وقتا ما،
__________
(1) داعى د، هـ، بخ: داع ب، س، م، ن
(2) تخيل: تخيلى هـ
(3) يثير: ينشر هـ
(4) انفعالا: افعالا هـ
(5) نفسانيا: لا نفسا بنا م: نفسانية س
(6) الشهوة: لشهوة د: الشهرة س
(7) أو الخوف: والخوف س
(8) يستعمله: يستعملها د، دا، ن
(9) فيما: مما م
(10) وربما: فربما ب: قديما د
(11) يبدر: سدر م: يندر ن، هـ، سا
(12) مرفقا: موقفا م: ما؟؟؟ لا مو؟؟؟ اد: موفقا ن، سا
(13) عرضت: اعرضت س: اعترضت م، ن، هـ، سا
(14) يبدر:؟؟؟ در ن، هـ، سا
(15) وكما: كما م، ن، دا، سا ثم كما هـ: ثم لما س
(16) من المؤثر: من موثر س، هـ: للموثر د
(17) للكرامة: الكرامة س، هـ، سا
(18) يقع: يعرض س
(19) الغضب: غضبه د
(20) من عسف: سقطت من د
(21) مؤثر: فوت ب، م: موت سا
(22) اعتراض: اعراض س، ن، هـ
(23) من فى س
(24) الأنف: الآنف س
(25) من انقباض: سقطت من د
(26) المائق: سقطت من ن
(27) المأفوك: المافون ب: المارق د: المادن ن، دا: المادون بخ
(28) فيما: سقطت من د
(29) من خبط: من محيط م: من حيرة هـ: سقطت من د
(30) ومربحة: ومن مربحة م
(31) استخفاف: استخفافه ب، د: استحقاق س
(32) رغبة: رغبته د
(33) انفعلوا: نفعلوا د(1/300)
وإن لم تكن عن خلق. وينتفع الخطيب باستعمالها فى أن (1) الجور وقع من الجائر.
فينبغى أن نبين الآن الأشياء التى لأجلها يجار. فإن الأمور المشكوة ستحد (2)، وأما المعاذير (3) فإنها غير محدودة بأنفسها، لأنها تتبع الشكايات وتتحدد (4) بها. فمن (5) المحال أن تكون معذرة إلا وتتلقى (6) بها شكاية مصرح بها، أو مضمرة، أو متوقعة، فنقول:
إن كل فعل يصدر عن الإنسان، فإما أن يكون عن قصد وإرادة، أو يكون (7)
بغير قصد وإرادة. وما ليس بقصد وإرادة، فإما أن يعرض بالاتفاق، أو يقع بالاضطرار. والذى بالاضطرار، فإما أن يقع عن طبيعة، وإما أن يقع عن (8)
قسر. فأما (9) الأفعال التى تكون عن الإرادة، فمنها ما يتبع العادة والخلق، ومنها (10)
ما يتبع شوقا حيوانيا، إما (11) نحو اللذة وهو الشهوة، وإما نحو الدفاع والغلبة وهو الغضب (12)، ومنها ما يتبع شوقا فكريا أو شوقا منطقيا. ويشبه (13) أن يكون قد عنى بالفكرى ما يصدر عن الفكر نحو أى غرض كان، وإن كان الغرض غير عقلى (14) أو غير جميل، وبالمنطقى ما يكون نحو الجميل العقلى. ويشبه أن يكون قد (15) عنى بالفكرى التخيلى (16)، بالمنطقى الفكرى بالحقيقة. وهذه الأقسام تنحصر فى سبعة: الاتفاقى، كمن رمى صيدا فأصاب إنسانا والطبيعى، كمن ركب مطية مستأجرة (17) مثقلة بالقدر الذى عسى أن يكون (18) غاية ما يرخص فى حمله (19) عليها، فناء (20) بها حتى نفقت واستكراهى، كمن يلب على يده فيقبض سكينا، فيوجأ (21) بيده إنسان وإما عادى (22) وخلقى، مثل (23)
__________
(1) أن: سقطت من س
(2) ستحد: ستجد د
(3) المعاذير: المقادير م
(4) تتحدد: تجدد؟؟؟ د
(5) فمن: ومن د
(6) تتلقى: لقا؟؟؟ ب، م، دا: لقى؟؟؟ سا
(7) أو يكون: أو ان يكون م
(8) طبيعة، وإما أن يقع عن: سقطت من س
(9) فاما: واما م، ن، دا
(10) منها: سقطت من م
(11) إما: واما س
(12) الغضب: ومنها ما ينبع شوقا حيوانيا وهو الغضب د
(13) ويشبه: أو أشبه ب
(14) غير عقلى: عن عقلى د
(15) قد: سقظت من د
(16) التخيلى: ال؟؟؟ له س
(17) مستأجرة: مستابره د
(18) يكون: فى س
(19) حمله: حملة د
(20) فناء: فباء م
(21) فيوجأ: فيوجى ب: ويوجا د، س، هـ
(22) عادى: عادتى س، هـ: اعتيادى ب، د
(23) مثل: سقطت من ب(1/301)
من اعتاد السرقة والاختلاس. فإذا أمكنته (1) فرصة لم يملك نفسه أن انتهزها وإما فكرى، مثل رجل اختل حاله، فلم يزل يفكر ويحتال حتى أنشأ تدبيرا فى اختزال (2)
مال (3) إنسان وإما غضبى وإما شهوانى. فهذه هى القسمة الذاتية. وأما قسمة هذه الأسباب من جهة الأسنان (4)، ومن جهة الهمم فمثل ما يقال: إن الشاب يجور (5) فى الحرم وفى الدماء، والشيخ يجور (6) فى الأموال، والغنى يجور (7)
فى اللذات. فليس ذلك (8) قسمة ذاتية. فإن الشاب ليس يجور (9) فى الدماء، لأنه شاب، بل لأنه غضوب وليس يجور (10) فى الحرم لأنه شاب، ولكن لأنه مغتلم (11).
والشيخ ليس (12) يجور (13) فى الأموال لأنه شيخ. ولكن لأنه حريص وقح (14). والغنى ليس يجور (15) فى اللذات لأنه غنى، بل لأنه حريص متمكن. وكذلك الناسك ليس يعدل لأنه عابد (16)، بل لأنه زاهد. لكن من الأقسام التى تتبع العرض (17) ما هو بعيد عن المناسبة، مثل قسمة الناس إلى البيضانى (18) والسودانى (19) والنحاف والسمان. فإن ذلك لا يتعلق به شئ (20) من الأخلاق التى تصدر عنها هذه الأفعال بالذات. ومنها ما هو قريب، وهو (21) مثل قسمة الناس إلى الأحداث والشيوخ، وإلى العباد والفساق. فإن هؤلاء قد يكيفهم (22) ويلزمهم من الأخلاق ما تصدر عنها بالذات هذه الأفعال. والغنى والفقير (23) من هذا القبيل. فللغنى أخلاق تخصه، وللفقير أضدادها (24).
__________
(1) أمكنته: امكنه م
(2) اختزال: اختراك م
(3) مال: ما م: حال د
(4) الأسنان: الأسباب د
(5) يجور: يجوز د
(6) يجور: يجوز د
(7) يجور: يجوز د
(8) فليس ذلك: تلك د
(9) يجور: يجوز د
(10) يجور يجوز د
(11) مغتلم: مغيلم د
(12) ليس: سقطت من د
(13) يجور: يجوز د
(14) وقح: ربح د
(15) يجور: يجوز د
(16) عابد: ما يد د
(17) العرض: الغرض د، س، م، هـ، سا
(18) البيضانى: البيضاى د
(19) السودانى: السوداوى د
(20) به شئ: بشئ سا
(21) وهو: سقطت من س
(22) يكيفهم: يكفيهم ن، هـ
(23) الفقير: الفقر س، هـ
(24) أضدادها: أضداده د، س، هـ، سا(1/302)
والأفعال الصادرة عن الاتفاق غير مضبوطة ولا محدودة. وأما التى عن الطبيعة فدائمة وأكثرية. وقد توجب الطبائع أيضا أخلاقا متمكنة لا يجب أن تنسب الأفعال الصادرة (1) عن تلك الأخلاق إلى (2) الطبائع إلا بالعرض. ولم يحسن من ظن أن الطبائع فى هذا الموضع تعمل (3) عمل السجايا. وأما الخارجات (4) عن الطبيعة فقد علمتها. والمستكره (5) فى جملتها. وقد جرب (6) الناس أحوال المستكرهين مرارا كثيرة فى (7) أمور مختلفة، وعرفوا ما فيه (8). فالمستكرهون (9) عرضة لتمهيد (10) معاذيرهم.
إنما الذى يجب علينا تفصيل (11) القول فيه هو (12) ما يكون بروية وفكرة (13) لمنفعة تؤم (14) نحو (15)
غاية ترى خيرا (16)، وربما (17) كانت لذة أو غلبة. لكن إقدام من يستفزه الانفعال، فيحثه على فعل ما، هو على خلاف هيئة إقدام المروى عليه (18). فإن الذى يقدم بانفعال نفسانى أو خلقى هو الذى قد أعرض له الشئ (19)، فشاهده (20)، فتحرك به إليه انفعال أو خلق. وأما الذى يقدم بروية فهو الذى يتمحل الحيلة فى تحصيل الغاية وطلبها (21) قصدا. لكن أكثر من يجور عن روية، يجوز لمنفعة، لا للذة، ولا لغلبة (22)، وأما الشهوانيون الفجار فليس يجورون (23) فى اللذة لينتفعوا بها فى شئ، بل لنفس اللذة. والمنطوون (24) على إحنة ووتر (25) يطلبون (26) الثأر لأجل التشفى والغلبة، لا لأجل التأديب (27). وفرق بين العقاب وبين أخذ الثأر. فإن التأديب (28) يقصد به (29)
__________
(1) الصادرة: سقطت من هـ
(2) إلى: فى د
(3) فى هذا الموضع تعمل: يعمل فى هذا الموضع س، هـ
(4) الخارجات: الخارجيات م
(5) المستكره: المستنكرة م
(6) جرب: جرت د
(7) فى: وفى س، هـ، سا
(8) وعرفوا ما فيه: سقطت من س، هـ
(9) فالمستكرهون: وهم س، هـ: والمستكرهون سا
(10) لتمهيد: لتمهيده د
(11) تفصيل: بفصل هـ
(12) هو: وهو س، هـ
(13) فكرة: سقطت من س
(14) تؤم: قوم ب، د، م، ن، دا
(15) نحو: سقطت من م
(16) خبرا: جورا ب
(17) وربما: أو ربما م
(18) عليه: نحوها د، م
(19) الشئ: شئ ن
(20) فشاهده: فشاهد س، هـ
(21) وطلبها: فطلبها م
(22) لغلبة: لعلمه د
(23) يجورون: يجوزون د
(24) المنطوون: المنطؤن هـ
(25) ووتر: وترس
(26) يطلبون: يطالبون م
(27) التأديب: العقوبة د
(28) التأديب: المعاقبة د
(29) به: بها د(1/303)
تقويم المسئ وتثقيفه وردعه ومجازاته لأجل مجازاته. وأما (1) الثأر فالمقصود بطلبه ليس حالا (2) تحصل (3) فى المفعول به فقط، بل حالا تحصل للفاعل، وهو التشفى والابتهاج بالانتقام. وكل متبع روية أو مطيع (4) خلقا أو انفعالا فله لذة ما فيما يطلبه. ولكل لذة علة. فبعض اللذات علتها الطبيعة وبعضها علتها العادة، حتى إن كثيرا مما هو غير لذيذ بالطبيعة يعود لذيذا (5) بالاعتياد، وبالجملة:
فإن (6) الإقدام على شئ طوعا لارتياد خير ولذة حقيقية أو مظنونة وبالجملة (7):
لابتغاء (8) المنفعة هو خاصة للمروى. فإن المروى (9) هو مستعمل الحد الأوسط إلى ما يرتاد من الخير عنده. وهذا (11) الحد الأوسط (12) هو المنفعة (10)، حتى إن الشر بالحقيقة أو بالظن، أو اليسير من الخير قد يطلب بالروية طلب النافع، ليتوصل به إلى غاية هى (13) خير أو ترى خيرا. فحرى بنا أن نتكلم فى النافع واللذيذ (14). لكن النافع قد ذكر فى باب المشورة (15)، فبقى اللذيذ (16).
فصل (17) [الفصل السادس] فى (18) أسباب اللذة الداعية إلى الجور
إن اللذة حركة للنفس (19) نحو هيئة تكون عن أثر يؤديه الحس بغتة، يكون ذلك الأثر (20) طبيعيا لذلك الحس. وأعنى بالحس الظاهر والباطن معا. والشئ الذى يفيد هذه الحركة هو اللذيذ، وضده الذى يفيد (21) هيئة مضادة لهذه هو المؤلم (22).
__________
(1) وأما: فأما د
(2) حالا: حاله د
(3) تحصل: به هـ
(4) مطيع: مطمع سا
(5) لذيذا: لذيذ م
(6) فان: ان س، هـ
(7) بالجملة: سقطت من د
(8) لا؟؟؟ بتغاء: لا ابتغاء م: ابتغاء د:؟؟؟ هـ
(9) المروى: سقطت من سا
(10) هو خاصة المروى هو المنفعة: سقطت من ن
(11) وهذا: وهو م
(12) الأوسط: سقطت من هـ
(13) هى: هو س، م، هـ
(14) واللذيذ: اللذيذ م، ن، دا
(15) المشورة: المشوريات م
(16) فبقى اللذيذ: سقطت من سا
(17) فصل: فصل 6هـ: فصل وب: الفصل السادس س، م
(18) فى: تفصيل س، ن، هـ، دا
(19) للنفس: النفس م
(20) الأثر: الأمر س، م
(21) هذه الحركة يفيد: سقطت من د
(22) هو (المؤلم): وهو س(1/304)
فالأمور (1) الطبيعية كلها لذيذة. والمعتادة والمتخلق بها هى أيضا كالطبيعية (2)، إذ العادة كأنها طبيعة مكتسبة. والمستكره مخالف لهما مؤلم. ولذلك صار الاعتناء وبذل الجهد (3) والدوب (4) من المؤلمات، والكسل والاستراحة والتوانى (5) والعصيان والترف (6) والنوم من اللذيذات، لأنها نحو (7) الأمر الطبيعى. والمشتهى لذيذ كيف كان لذة نطقية أو غير نطقية. وغير النطقية هى التى يتوجه إليها الشوق لا عن فكرة ورأى (8) وتمثيل (9) بيّن أنه هل يجب أن يطلب أو أن لا يطلب، وهى التى تنسب إلى الطبيعة وإلى (10) الحس. لكن السمع والبصر قد يختصان (11) بتأدية لذات إلى النفس (12)
ليست (13) طبيعية، بل عقلية، بما تدل (14) عليه من غير المعنى المحسوس، كمن يسمع فضيلة فينزع إليها، أو يبصر (15) صنعا (16) جميلا فيحن نحو، ويؤثر (17) التشبه به، أو يقرؤه من مكتوب. وأما التخيل (18) فله (19) نوع من اللذات، إلا أن التخيل حس ضعيف كأنه أثر عن حس، ويلذ (20) بالتذكير أو بالتأميل (21). وأكثر المأمول يطابق المذكور وخصوصا وإنما تؤمل تركيبات عن مفردات محسوسة وسالفة، فيكون الالتذاذ بالذكر أو بالأمل تابعا للذة حسية شوهدت فذكرت (22)، ثم أملت. وإن الحس للحاضر، والذكر للماضى، والتأميل (23) للمنتظر. وربما كان الذكر والتأميل أشد إلذاذا من المركون (24) إلى حصوله. فإن الشوق يسقط مع الظفر. والملال من هذا القبيل. وهذا يختلف باختلاف الأوقات، والأحوال، والسجايا. ومن الأذكار
__________
(1) فالأمور: فان الأمور س
(2) كالطبيعية: كالطبيعة د، س، م، ن، سا
(3) الجهد: الجد س، هـ
(4) الدوب: الدووب سا: الداب د: الدودب م: الدودبة هـ
(5) والتوانى: التوانى م
(6) الترف: النرق س: النزق هـ
(7) نحو: هو س
(8) ورأى: فرأى د
(9) تمثيل:؟؟؟ مثل ب: تميز ن، دا
(10) والى: أو إلى ب، د، سا
(11) يختصان:؟؟؟ صان ب
(12) النفس: نفس م، هـ
(13) ليست: ليس ن، هـ
(14) تدل: يدل هـ
(15) يبصر: بنصر م
(16) صنعا: فعلا س هـ: صنيعا م
(17) ويؤثر: أو يؤثر د
(18) التخيل: التخييل س، م
(19) فله: فله سا
(20) ويلذ: وتلذ ب
(21) بالتاميل: بالتامل ن، هـ
(22) فذكرت: ثم ذكرت م، ن: ثم قد ذكرت هـ
(23) التأميل: التأمل هـ
(24) المركون: المذكور م: المذكون هـ: المدكون س: الذكور ن(1/305)
اللذيذة أذكار (1) مشقات (2) قوسيت (3) فتخلص بها من خطر، أو توصل بها (4) إلى مراد ووطر (5). وانبعاث (6) الغضب أيضا فكثيرا ما يلذ، لتخيل (7) الغلبة اللذيذة واستقرائها، كما قال أوميرس (8): إن (9) الغضب لأحلى (10) من الشهد. ولولا الغلبة لما لذ الغضب.
فإن الغضب على من لا يرجى الانتقام منه، لعلو شأنه، غير لذيذ. وأيضا (11) فإن الساقط الخامل الذى لا اعتداد به قلما (12) يلتذ بالتسخط (13) عليه، لقلة الالتذاذ بغلبته. والشهوة (14)
قبل المواقعة قد تلذ، لمثل هذا الشأن. وذلك لأنه يتخيل معه المواقعة ومصادفة (15)
المشتهى، فتلذ (16). ولهذا (17) ما يلتذ المتذكر والمؤمل (18). ولهذا ما يعرض لبعض المصابين أن ينقبضوا عن المآتم (19) والمناحات (20) تسلية للنفس (21) بلذات الذكر والأمل، وخشية أن (22) يؤكد المأتم (23) خيال الألم فى النفس. وربما اجتمع فى عارضة واحدة لذة وألم، كالمصاب (24) فإنه يلتذ بتذكار من أصيب به، ويتألم بفقدانه، وكما (25) قال أوميرس (26) الشاعر فى وصف كلام إنسان (27) يندب (28) ميتا ويؤبنه (29) ويذكره: إنه لما تكلم بذلك، صرخوا صرخة فاجعة لذيذة. ومن اللذيذات إدراك الثأر، وإخفاق العدو فى الطلبات (30). وكما (31) أن الحنق (32)، إذا لم يستقص التشفى بالانتقام، بقى حسيرا، إلا أن يترجى التلاقى، فيفرح (33) بالرجاء. والغلبة لذيذة، لا لجمهور الناس، بل لسائر الحيوان، فضلا عن مؤثريها من الناس خلقا وطباعا، وإن اختلفت (34)
__________
(1) اذكار: سقطت من س
(2) مشقات: مشقات د
(3) قوسينت: قوسيه د
(4) (توصل) بها: سقطت من س: وكتب فوقها خ فى هـ
(5) ووطر: وطرد ب
(6) وانبعاث: ولا انبعاث م
(7) لتخيل: لحصل س
(8) اوميرس: اوميروس ب، هـ، م، ن: الشاعر م، ن، هـ (ثم كتب فوقها خ فى هـ)
(9) إن: لان س
(10) لأحلى: لاجلى س
(11) وأيضا: سقطت من س: كتب فوقيا خ فى هـ
(12) قلما: قل ما د
(13) بالتسخط: بالسخط د
(14) الشهوة: الشهرة س
(15) مصادقة: مصادفة س: مصادرة م
(16) فتلذ: قبله س
(17) ولهذا: واهذا م: فلهذا د، هـ
(18) المؤمل: المتأمل س
(19) المآتم: الما اثم سا
(20) المناحات: المناحاه س: المباحاث م: المبافات هـ
(21) للنفس: سقطت من ب
(22) أن: سقطت من م
(23) المأتم: الما اثم سا
(24) كالمصاب: كالمضاف د
(25) وكما: كا ب، د، ن
(26) اوميرس: اوميروس ن: اميروس م: ميرس س
(27) انسان: انسانا ب
(28) يندب:؟؟؟ د
(29) يؤبنه: يؤ؟؟؟ ثه د
(30) فى الطلبات: سقطت من س، هـ، سا
(31) وكما: كما سا
(32) الحنق؟؟؟: الخفق م
(33) فيفرح: مفرح ب
(34) اختلفت: اختلف م(1/306)
الدرجات فيه. ولهذه العلة ما صار استعمال الأدوات اللعبية (1) كالضرب بالصولجان والمراماة بالأحجار والملاعبة بالشطرنج والنرد وسائر ما يجرى مجراها لذيذة. فبعضها (2)
لا يلذ ما لم يتمهر فيها كالشطرنج والنرد، وبعضها (3) يلذ فى الحال كالصيد. والغلبة بالواجب والقسط ألذ (4) عند قوم، والتى تقع بالمشاغبة والتلبيس ألذ عند آخرين، بحسب انشعاب الهمم (5). وكثير من الغلبة وغير الغلبة يرغب (6) فيه لما يتبع ذلك من الكرامة، لما يتخيل من استحقاق الغالب والمعجب إياها مع (7) الغلبة أو التعجب.
فإن المجتهد فى الفضيلة ربما صرف وكده إلى اجتهاده بسبب الوجوه. وحتى إن إكرامه (8) على ذلك يزيده غلوا فيه. ووجوه الحاضرين أدعى إلى ذلك من الغيب، والمعارف أولى بأن يبتغى وجوههم من الأجانب (9). والبلديون أولى به من الغرباء.
والحاصلون أولى به (10) من الآتين. والمحصلون أولى به من الأغتام. والأكثر عددا أولى به من الأقل. وأما (11) المستخف بهم جدا مثل البهائم والأطفال وأشباههم من الناس فلا تهتز الأنفس (12) إلى طلب (13) الوجه لديها (14). والأحباء من الأمور اللذيذة.
فما من حبيب (15) حتى الجسم (16) إلا ويستلذ. وإنما يستلذ (17) الحبيب لما يتخيل فيه من خير يصل منه أو يريده هو لمن (18) يحبه. وأما التذاذ الإنسان بأن يكون محبوبا مقربا فليس لأجل شئ خلا نفسه. وكذلك أن يكون متعجبا منه، ولأجل ذلك ما يبارز المعجب (19) من نفسه بين الصفوف ومجمع (20) الزحام ومآقط (21) اللقاء، فيتجشم
__________
(1) اللعبية: اللعبيعة د
(2) فبعضها: وبعضها ب
(3) وبعضها: سقطت من د
(4) ألذ: الذى د
(5) الهمم: الهم د
(6) يرغب: فيرغب ب، د
(7) مع: من س
(8) اكرامه: الكرامة د
(9) من (الأجانب): وس
(10) به: سقطت من س
(11) واما: وس
(12) الأنفس: النفس د
(13) طلب: طالب م
(14) لديها: لذتها د، م، هـ (ثم صححت فى الهامش فى هـ)
(15) حبيب: حث؟؟؟ د
(16) الجسم: الجسد سا: الحاسد د: الحسده ب
(17) وإنما يستلذ: وإنما يلتذ ب
(18) لمن: بمن ب، سا
(19) المعجب: المتعجب س: المجب م
(20) مجمع: مجتمع د
(21) مآقط: اما قط ب: ما قطه ن: مأقط س(1/307)
ما يتجشمه (1) التذاذا بما (2) يعجب (3) من نفسه. والتملق أيضا لهذا السبب لذيذ. فإن المتملق معجب (4) من نفسه بما يظهره من الموالاة. وتكرير اللذيذ لذيذ (5). والمعتاد لذيذ. وتغير الأحوال وتجددها لذيذ، لما يستحدث (6) معه (7) من الإحساس (8) بها، ويكمل به من الوهم المتسلط (9) علينا. فإن الوهم إنما يستكمل بما (10) تورده عليه الحواس من الفوائد الجديدة. وأما الحاصل فيكون كشئ قضى منه الوطر، فلا تأثير لبقائه. والتعلم (11) لذيذ ويشبه أن يكون إلذاذه لما يخيل من التعجب منه إذا استكمل، ولأن التعلم (12) يخرج أمرا دفينا فى قوة الطبيعة إلى الاستكمال وإلى حصوله صنعة.
والفعل الجميل إذا فعل لذيذ. والانفعال الجميل كالاحتمال الدليل (13) على جودة الاقتدار، وكمال المسكة لذيذان، وكأنداب الجروح (14) فى مزاولة (15) الشجاعة. والفعل الحسن إنما يلذ لأنه يشتاق فيه إلى أمرين: أحدهما الحسن، والآخر إظهار الاقتدار. وفى الانفعال (16) أحدهما فقط. والهداية لذيذة. والكفاية لذيذة. وانسداد (17) الخلة (18)
لذيذ (19). وكما أن التعلم لذيذ بسبب (20) ما يتوقع من التعجيب (21)، كذلك المحاكيات كلها كالتصوير والنقش وغير ذلك لذيذة، حتى إن الصورة (22) القبيحة المستبشعة (23) فى نفسها قد تكون لذيذة إذا بلغ بها المقصود من محاكاة شئ آخر، هو أيضا قبيح مستبشع (24)، فيكون إلذاذها لا لأنها حسنة، بل لأنها حسنة المحاكاة لما (25) حوكى بها عند (26)
__________
(1) يتجشمه: يتجشمها م: يتجشم سا
(2) التذاذا بما: التذاذ انما د، س
(3) يعجب: التذاذا بما يعجب م
(4) معجب: متعجب سا
(5) لذيذ: سقطت من م
(6) يستحدث: سيحدث س: يحدث م
(7) معه: معها م، ن، دا
(8) الاحساس: الاحسان د
(9) المتسلط: المسلط س
(10) بما: عند ما س
(11) التعلم: التعليم م
(12) التعلم: التعليم م
(13) الدليل: الدال ب
(14) الجروح: الخروج م، دا
(15) مزاولة: امزاولة د: كزاولة هـ
(16) الانفعال: الافعال هـ
(17) انسداد: ايراد د: اسناد م
(18) الخله: الحله م
(19) لذيذ: لذيذة س، م، ن، هـ، سا
(20) بسبب: بحسب س
(21) التعجيب: التعجب هـ، دا
(22) الصورة: الصور د
(23) المستبشعة: والمستبشعة م: المسسعه؟؟؟ د
(24) مستبشع: مستشنع د، دا
(25) لما: كما هـ
(26) عند: عقد س(1/308)
مقايستها به. والحيل (1) التى يتخلص بها عن المكاره لذيذة، لا لغاياتها، بل لجودة (2)
ترتيبها. هذا كله للمناسبات بين الصورة مثلا وما يحاكيها، وبين الحيلة وما تعمل فيه (3). وهذه المناسبات أمور فى الطبيعة. وشبيه (4) اللذيذ لذيذ، مثل شبيه الصديق.
وشبيه نفس الشئ لذيذ إليه، لأنه (5) نفسه إلى نفسه لذيذ (6)، مثل الصبى إلى الصبى، واللص إلى اللص. وكذلك المناسب فى العادة، لأن العادة (7) محبوبة (8). والسلطان والترائى بالحكمة والاستبصار لذيذ عند الجميع، وخصوصا عند محبى (9) الكرامة. والتمكن من عول الأقارب (10) ورياستهم لذيذ (11). ثم ارتياض المرء فيما بينه وبين نفسه فى اكتساب الفضيلة جيد (12) لذيذ. والمضاحك والنوادر والفكاهات (13) الحادة لذيذة (14).
فهذه (15) هى اللذيذات، وأضدادها هى المؤذيات.
فهذه هى ما يدخل فى باب اللذة من (16) غايات الجور.
فصل (17) [الفصل السابع] فى الأسباب المسهلة للجور، كانت فى نفس ما جير به (18)
أو فى الجائر (19) أو فى المجور عليه (20)
وأما الدواعى (21) إلى الجور من انتهاز الفرصة (22)، وحسن التأتى، فسنعدها (23) عدّا.
من ذلك أن يكون الجور مما (24) يسهل تجهيله وإخفاؤه (25) وإنساؤه (26)، أو يكون (27) الغرم (28)
__________
(1) الحيل: التحيل م
(2) لجودة: بجودة س، هـ
(3) فيه: فيها م، ن
(4) شبيه: شبه ب
(5) لأنه: لأن س
(6) نفسه لذيذ: نفسه لذيذة هـ
(7) لأن العادة: سقطت من ب، سا
(8) محبوبة: محبوب ب
(9) محبى: محبئ د
(10) الأقارب: الاماره س
(11) لذيذ: لذيذ ب
(12) جيد: جدا س: حد سا: سقطت من د
(13) الفكاهات: الفكاهاه س
(14) لذيذة: لذيذ هـ
(15) فهذه: هذه م
(16) من: عن م
(17) فصل: فصل 7هـ: فصل رب: الفصل السابع س، م
(18) جير به: خيرية ب، م، ن، سا
(19) أو فى الجائر: أفى الجائر د
(20) عليه: سقطت من ب، د، س، سا
(21) الدواعى: الداعى ب
(22) الفرصة: الفرص د
(23) فسنعدها: عليه د: فيسعدها م، ن
(24) مما: بما ب: ما س
(25) اخفاؤه: القاوه س
(26) انساؤه: انشاوه ب، س، م، هـ، سا
(27) أو يكون: وأن يكون ن، هـ
(28) الغرم: العزم سا(1/309)
فيه، إن شاع وظهر، دون الغنم. وأما الكلام فى الممكن وغير الممكن من الأمور فسنشرحه (1) أخيرا (2). ولكنه إذا اجتمع التمكن وأمن (3) سوء العقبى، دعا (4) ذلك إلى ارتكاب الجور دعاء حثيثا. ومما يؤمن ذلك كثافة (5) العشيرة، وكثرة الشيعة (6)، وخصوصا إذا كانوا شاركوا (7) فى العهدة، هم أو آخرون هم منهم بسبب. وهذا من جانب الجائر. ومن ذلك زوال الحشمة، وتأكد (8) الصداقة مع المجور عليه، فيرجى احتماله أو حسن مرجوعه بأدنى اعتذار يخاطب به، ولما ترافع (9) بعد إلى الحاكم. أو (10) إذا أمل ذلك من الحاكم، فيطمع (11) فى ميله (12)، أو تخفيفه (13) عليه النكير (14)
وهذا من جنبة المجور عليه أو (15) الحاكم. وكذلك إذا كان المجور عليه مريضا، أو ضعيفا، أو بعرض (16) حد يقام عليه، أو بلاء (17) يساق (18) إليه. فإنه إذا (19) كان كذلك، أقدم على ظلمه من غير مبالاة. وهو أيضا قد (20) يقدم (21) على الجور، فإن مثله لا يظن به الجور. ومن (22) ذلك أن يكون الجور علانية جدا، ومجاهرة (23) حقا، إما بترويج الجد (24) منه على أنه هزل، أو باختداع (25) الأوهام والإيحاء (26) إليها أن ذلك لو لم يكن واجبا، لم يجاهر به. ومثل هذا الجور لا يتحفظ منه، لأن كل تحفظ إنما هو عن (27) معتاد الوقوع، والنوادر لا تتقى (28)، وإلا لازدحمت تقيات (29) غير متناهية فى إنسان واحد. ولذلك (30) فلا (31) يتحفظ عن صديق أو حميم. وكذلك (32) فإن حسن الظن بالناس، والواثق بصحبتهم (34)، والغافل عن ترصد (35) أعدائه إياه هو بصدد (33)
__________
(1) فسنشرحه: فيشرح د
(2) أخيرا: خيرا م: اخران
(3) أمن: آمن م
(4) دعا: دعى ن، هـ
(5) كثافة: كافة ن، هـ: كتائب هامش هـ
(6) الشيعة: الشعبة م
(7) شاركوا: سقطت من م
(8) تأكد: تأكيد ب
(9) ترافع:؟؟؟ رافعا ب، ن، هـ (ثم صححها ترافع)
(10) او: وسا
(11) فيطمع: فطمع س، م
(12) ميله: مثله د، س، م، ن
(13) تخفيفه: تحقيقه د، ب
(14) النكير: التكبر م، سا
(15) أو: وس
(16) بعرض: يعرض م
(17) بلاء: سقطت من سا
(18) يساق: يعاق س
(19) فانه اذا: فاذا هـ
(20) فد: سقطت من ب، م، ن، دا
(21) يقدم: تقدم د، هـ
(22) ومن: من د
(23) ومجاهرة: أو مجاهرة د
(24) الجد: الأخد د: الاحد ب
(25) باختداع: باخداع ب
(26) الإيحاء: الانحاء د، ب، ن
(27) عن: عين سا
(28) تتقى: تبقى هـ:؟؟؟ قى سا: يبقى م
(29) تقيات: هيئات م، ن
(30) ولذلك: لذلك م: فلذلك د
(31) فلا: لا د: قد لا م
(32) كذلك: لذلك ب، د، ن، دا، سا
(33) والواثق بصحتهم هو بصدد: سقطت من م
(34) بصحبتهم ن: بصحتهم بقية المخطوطات
(35) ترصد: رصد دا(1/310)
كل جور لسقوط التحفظ عنه. ومثل هذا يسهل الجور عليه لما يظن به من تضييع الاحتياط. ومن الناس (1) من يهمل (2) التحفظ إيهاما (3) من نفسه سلامة الصدر، ليقل الاحتراز منه، فيتمكن من الجور، وتقوم الحجة له فى التنصل أنه ليس من أهل العدوان. ومن الذين (4) يسهل عليهم الجور من يقتدر على كتمان ما جار فيه، إما فى الأخبار (5)، وإما فى الحالات (6)، أى فى أحوال يعمى على الناس (7) فعله من مراآته (8) بالتقوى، أو وقوعه حين ما يجور فى زحام لا يبين (9). ومما يسهل الجور رجاء الإملال باللجاج، وطول المدافعة عند المحاكمة، والمواقفة، أو بذل الغرامة.
وكذلك رجاء حيف (10) من الحاكم إلى جنبة الجائر، وتعديه فى (11) الحكم. وكذلك الثقة بظهور الإعدام وأنه ليس ممن يسام غرامة (12) ويجبر (13) عليها. وكذلك من يرجو (14)
فى جوره (15) منفعة (16) حاضرة وعظيمة (17)، ويحاذر (18) مضرة متراخية (19) أو يسيرة. وكذلك من يأمن مضرة الغرامة عند منفعة الغنيمة لعموم فتنة أو وقوع هرج يهدر (20) الجنايات (21).
وكذلك (22) من اكتسب بإمعانه فى الجور ذكرا (23) ينشر (24) أو فخرا (25) يشهر (26)، مثل المؤاخذ بثأره، إذا تعدى (27) حد القصاص، فقتل (28) عن نفس نفوسا. وكذلك (29) الذين لا يرتقبون فيما يجنونه (30) آفة عن (31) خسران فى مال أو اضطرار إلى جلاء. ومن الناس من (32) هو بالضد من (33) هؤلاء (34)، فيهون عليه (35) ارتكاب الجور الذى تعقبه (36) فضيحة أو
__________
(1) كل جور الناس: سقطت من م
(2) يهمل: يمهل هـ
(3) إيهاما: انها ما د، ن
(4) الذين: الذى م
(5) الاخبار ب، هامش هـ: الأحرار س، هـ، سا: الاجزاء د، ن: الاحرار؟؟؟ م
(6) الحالات: الخيالات م، دا
(7) الناس: سقطت من د
(8) مرا آته: ترا ايه هـ: ترائيه س
(9) لا يبن؟؟؟: الاثين هـ: إلا يتبين ن: لا يتبين د، سا
(10) حيف: خيف د، سا
(11) فى: من ب، د، سا
(12) غرامة: غرامته د
(13) يجبر: يحصر م
(14) يرجو: يرجوا ب، م: رجوا د
(15) جوره: جور س
(16) منفعة: ومنفعة سا
(17) عظيمة: عظمه سا
(18) يحاذر: يجاوز د
(19) متراخية: ومتراخية م، ن
(20) يهدر: تهدر م
(21) الجنايات: الخيانات م
(22) وكذلك الاشرار (ص 109، سطر 6): فقدت من س
(23) ذكرا: ذكر هـ
(24) ينشر: انتشر هـ
(25) فخرا: فخر هـ
(26) يشهر: اشتهر م، هـ، سا
(27) تعدى: تعدم
(28) فقتل: فقيل م
(29) وكذلك: فى م
(30) يجنونه: يجبونه هـ
(31) عن: غير م، هـ، سا
(32) الناس من: سقطت من م، ن
(33) بالضد من: بالصدق سا
(34) من هؤلاء: وهؤلاء ب
(35) عليه: عليهم ب
(36) تعقبه: يعقبه م(1/311)
عقوبة، إذا أمن الخسران فى المال. والمرددون (1) فى العقوبات، المعتادون (2)
للآلام (3) يستخفونها، فيهون (4) عليهم (5) احتمالها، ولا يقبضهم ذلك عن ارتكاب العدوان. ولهذا ما يشجع من كثرت مزاولته (6) للحروب (7). وقد يحمل (8) على (9) ذلك ضعف (10) الرأى، وهو الرضى (11) باستعجال (12) المنفعة واللذة، وإن اقترن باستئجال (13)
المضرة والأذى العظيمين. وههنا قوم بالضد منهم لا يردعهم عاجل الخسران عن مزاولة جور يعقبهم (14) آجل (15) الالتذاد. وهؤلاء أجل رأيا. وربما حمل على الجور تقدير (16) الجائر أنه يعتذر بأن (17) ذلك قد (18) وقع منه اتفاقا، أو أنه كان (19) عليه محمولا مستكرها، أو (20) كان (21) سهوا وخطأ (22)، أو (23) صدر عن طبيعة مستولية عليه وعادة متقررة فيه، أو يكون من ظاهر حاله الاستغناء عن ذلك الجور، فيقول عند التظلم منه: وما الذى ألجأنى إلى هذا الجور ولا امتساس (24) حاجة (25) إياى (26) به، ولا لى (27)
سبيل مستقيم إلى غرض دون تعاطيه؟ على أن الاستغناء لا يلحق (28) الحاجة إلى الازدياد. فالحاجة (29) على وجهين: حاجة ضرورة وهى للفقراء وحاجة شره وهى للأغنياء (30)، وإذا (31) أنجح صاحبها (32) لم يحمد، بل ذم لشرهه. والخب (33) منهم ينسب ذلك الإنجاح (34) إلى الجد والاتفاق، دون القصد، ولا يظهر بسببه كل الجذل (35).
والغبى (36) بضده (37). ومن الأمور التى تكون فى الإنسان فيطمع الأشرار فيه أن يكون
__________
(1) المرددون: المردودون هـ
(2) المعتادون: المتعادون د
(3) للآلام الالام سا يستخفونها: يستحقونها ب، م، سا
(4) فيهون: فيون م
(5) عليهم: عليه ب، سا
(6) مزاولته: من ارلته د
(7) للحروب: للحرب ب سا
(8) يحمل: يحتمل ب، م
(9) على: سقطت من ب
(10) ضعف: ضعيف ب
(11) الرضى: الرضا هـ، دا
(12) باستعجال: باستعمال بخ
(13) باستئجال: باستعجال د
(14) بعقبهم: ويعقبهم ب
(15) أجل: جل د
(16) تقدير: تعذير هـ
(17) بان: فان هـ
(18) قد: سقطت من سا
(19) أو أنه كان: وأنه كان ب، سا: أو كان د
(20) أو: إذ سا
(21) كان: به م، ن، دا: سقطت من د
(22) وخطأ: أو خطأ ن، هـ
(23) أو: وسا
(24) امتساس: امساس د
(25) حاجة: سقطت من د
(26) اياى: امانى؟؟؟ م
(27) ولا لى: إلى م، هـ
(28) يلحق: يمحق م، هـ
(29) فالحاجة: والحاجة ب
(30) للاغنياء: للاعتبار سا
(31) واذا: اذا سا
(32) صاحبها: صاحبهما هـ
(33) الخب: الحب م
(34) الانجاح: سقطت من د
(35) الجذل: الحذر د
(36) الغبى: العى؟؟؟ د، ن: الغنى م، هـ: العنى ب: الغى؟؟؟ سا. إنى أفضل هذه القراءة على الرغم من أن الغنى لها سند قوى فى المخطوطات لأن الغبى ضد الخب
(37) بضده: بضد م(1/312)
المجور عليه عييا (1) عن الجور، أو مخذولا، لا ناصر له، أو يكون عنده ما (2) يحتاج إليه المضطر (3) أو (25) المتنعم، أو يكون فى طباعه من قوم منظرين مسامحين لا يستعجلون فى اقتضاء الحقوق، أو يكون من القرابة. والأقرباء أيضا، فان الأولين يجار عليهم استضعافا، وهؤلاء يجار عليهم استسماحا. ولأن الأقرباء لا يسيئون الظن بأقربائهم، فتخفى عليهم مظنة الجور، فيدرس (4) الأمر ويخفى (5). وكذلك حال أهل التقوى والصيانة والترفع عن المشاجرة. وكذلك الذين حسنوا الطرائق (6)
وصححوا الأمانات يقصدون بالجور أحيانا، لما قيل: ومن لا يظلم الناس يظلم.
والداعى إلى ذلك أمن جانبهم. وكذلك المتدعون الكسالى، فإنهم لا يلحون على الحكام بفصل القضاء. وكذلك الحييون (7) والذين يعدون الشغب أشد إخسارا (8)
من فوت المال. وكذلك المدعون المتظلمون (9) كثيرا (10) المعتادون للظلم، فإنهم يظلمون استحقارا وثقة بأنهم ملوا التألم والتظلم. وكذلك الذين أخفقوا كثيرا (11)
فى الشكايات فمجتهم مجالس الحكام (12). والذين شارفوا الانتصاف (13) مرارا فلم ينتصفوا. والذين قد حالت الجنايات (14) بينهم وبين الظهور (15) للحكام والأئمة، فهم (16)
مرتقبون حلول النكير (17) بهم، لما سلف عنهم. والواترون قوما (18) بأنفسهم أو ذويهم (19)
معرضون للجور (20) من القوم. والمستخفون (21). ومن أنهى منه (22) ترة (23)، أو أنهى منه استخفاف (24)، وهو صديق. فإن كان المنهى يسيرا، خف ولم يلتفت إليه. وإن
__________
(1) عييا: غنيا د، م، سا: غباب: غيا هـ
(2) ما: بما هـ
(3) المضطر: البطر د
(4) فيدرس: فيندرس د
(5) ويخفى: فيخفى د
(6) الطرائق: الطريق ن، دا
(7) الحييون: الحيون سا
(8) اخسارا: خسارا د: اختيارا م، ن
(9) المتظلمون: المظلمون م، ن
(10) كثيرا: كثير هـ
(11) المعتادون كثيرا: سقطت من م
(12) الحكام: الحكماء ب، ن
(13) الانتصاف: للأنتصاف م
(14) الجنايات: الشكايات د
(15) الظهور: اظهور د
(16) فهم:؟؟؟ هم د
(17) النكير: التكر د
(18) قوما: سقطت من ب
(19) ذويهم: دونهم د، ن، سا
(20) للجور: الجور ب
(21) المستخفون: المستحفون ب، م
(22) منه: منهم ب، م
(23) ترة؟؟؟ م
(24) استخفاف: استخقاق ب، م
(25) ارسطو، 17121 (1372ب 25)(1/313)
كان عظيما، التفت إليه، وأصغى نحوه إصغاء ملذا، لما يؤدى من حيث يوقف عليه وإن كان أليما من حيث هو جفاء (1). وأما العدو فربما خف عظيم ما يبلغ عنه خفة (2) ما يتوقع، وربما ثقل (3) ما يستفظع (4). ومن ليس بصديق (5) ولا عدو، فأجدر (6) بأن يكثر التهاون بمقاله (7)، إذا لم يتعده (8) إلى المكروه من (9) فعاله. ومن الناس من يجار عليهم لا لمنفعة (10)، بل للذة (11) فقط، مثل الغرباء، ومثل أصحاب الغفلة فإن إيذاءهم والتعرض (12) لهم أيسر على الأشرار منه لغيرهم. والسبب فى ذلك خروج أمثال هؤلاء إلى القلق سريعا (13) لأيسر (14) موحش. فقد علم أن إحراج من يسرع إليه الحرج لذيذ. ولهذا ما يولع الصبيان بالمجانين، فإذا رأوهم يحتملون، وادعوهم وإذا رأوهم (15) يزدادون نزقا (16)، زادوهم إحراجا. والمعتدون المسيئون (17) يلتذ (18) بالتعدى عليهم، وتؤمن عاقبة الإنكار فيه (19)، كأنهم لما يفتنون (20) أو يعذبون به مستحقون (21)، ويتحرى بذلك قربة إلى الناس. وكذلك من ساعدهم، أو فرح بسوء صنيعهم، وجميع شيعتهم، والمتعجبون منهم. والحكماء المحتملون البالغون فى الإغضاء يلتذ الجور (22) عليهم، تعجبا من حلمهم، أو أمنا لغائلتهم. والمعاشر يظلم (23)، ثقة باحتماله أيضا. والذى وقف على شكايته، قد ينشط (24) لابتداء الجور (25)
عليه، إذا كانت الشكاية هى المتقاة (26) والصادة عن الجور. فلما وقعت، فقد كان ما كان يتقى (27). والذين يفطن لجور (28) هم (29) يهمون به، فإن مقابلتهم (30)
__________
(1) جفاء: حقا ب
(2) خفة: حقه سا
(3) ثقل: يقل هـ
(4) يستفظع: يستقطع م، سا: يسقطع؟؟؟ د
(5) بصديق: تصديق ب، د
(6) فاجدر: فاحذر هـ، سا
(7) بمقاله: بمقابلة د: لمقابله ن
(8) يتعده: يتعد م: يتعهده د: يعده هـ: يبعده دا
(9) من: ومن ن، هـ
(10) لمنفعة: للمنفعة ب
(11) للذة: اللذة م
(12) التعرض: المتعرض هـ
(13) سريعا: سقطت من س
(14) لا يسر: لا يسير م: لأسرب: ولا يسر س
(15) يحتملون رأوهم: سقطت من س
(16) نزقا: نزوا سا
(17) المسيئون: للسنون س
(18) يلتذ: يلتذه س
(19) فيه: فيهم م
(20) يفتنون: يعينون هـ:؟؟؟ عون سا
(21) مستحقون: يستحقون هـ
(22) الجور: بالجور ب، م، ن
(23) يظلم: بطلم س
(24) ينشط: يبسط م
(25) الجور: الجوار م
(26) المتقاة: المتقاقة م
(27) يتقى: يبقى م، هـ
(28) لجور: الجور د
(29) هـ: سقطت من د، س، هـ، سا
(30) مقابلتهم: مقاتلتهم م(1/314)
بمثله مما لا يعد جورا، مثل قتل من همّ بالقتل. والذين هم بشرف من جور، فقد يهون الجور عليهم من ذلك النوع، أو (1) من نوع آخر، مثل من ماله عرضة لنهب جائر، فإن غير (2) ذلك الجائر ربما أقدم على مشاركته فى النهب إقداما، لولا ابتداؤه (3) به لما استحله. وذلك لأنه لما أيقن بفوات (4) ماله، لم ير مصيره (5) إلى الجائر أولى من مصيره (6) إليه. وكذلك من أشرف على الغرق، فابتدر (7) إلى سلب ثيابه (8) عنه. وكما ذكر أن قوما شاهدوا شرذمة استخذأت (9) لطائفة تأسرهم (10) وتسبيهم، فلما رأوهم قد بذلوا الرضا (11) بذلك، ولهم أن يمتنعوا، عمدوا إليهم (12)، فسبوهم (13)
وحجزوا بينهم وبين الطائفة المبتدئة. وقد يسهل الجور فى أشياء تخفى، ويتوقع فيها الصفح، لحقارة المجور فيه، أو لسرعة استحالته (14) وتغيره كالأطعمة، أو (15) لسهولة (16)
تغيره عن حاله، إما بالشكل أو اللون كالثياب (17)، أو بالخلط (18) كالأدوية، أو لأن الجائر يملك ما (19) يشبهها ويضاهيها. فإذا (20) وجدت معه، لم تميز عن الموجود قديما عنده، وأوهم ذلك (21) استغناءه (22) عنه (23). أو يكون فى رفعه إلى الحكام، والبوح بالتظلم فيه فضيحة، ويكون ستره أخلق بذى المروءة من كشفه، كالجور فى الستر (24) (25).
__________
(1) او: وب، م
(2) غير: سقطت من س
(3) ابتداؤه: ابتدا ما ب
(4) بفوات: بفولته م، هـ
(5) مصير: مصيره د
(6) مصيره: تصيره د
(7) فابندر: ابتدو سا
(8) ثيابه:؟؟؟ پياله د، م
(9) استخذأت: استخذلت ب
(10) تسرهم: باسرهم م
(11) الرضا: الرضى د
(12) اليهم: اليه س، هـ
(13) فسبوهم: فسبوهم د
(14) استحالته: استحاله د
(15) أو: وسا
(16) لسهولة: السهويه؟؟؟ سا
(17) كالياب: كالنبات س، م، هـ، سا
(18) بالخلط: الخلط د
(19) ما: وما هـ
(20) فإذا: فإن ب
(21) ذلك: تلك م
(22) استغناءه: استغناوه فى جميع المخطوطات
(23) عنه: سقطت من ب
(24) الستر: الستره سا
(25) يمكن ان تقرأ: الستر، ويمكن ان تكون: السّتر. وفى الحكمة العروضية، ص 72:
كالفضية؟؟؟ فى النساء. قارن ارسطو، 35111 (33281373)(1/315)
فصل (1) [الفصل الثامن] فى التنصل والاعتذار وجواب الشاكى (2) بتعظيم الجناية والمعتذر بتصغيرها
إن الظلم قد يكون بحسب مخالفة السنة المكتوبة، وقد يكون بحسب مخالفة السنة الغير (3) المكتوبة. وكل ذلك: إما فى الملك، وإما فى (4) الكرامة، وإما فى السلامة. وكل ظلم: إما بحسب (5) واحد، كمن يضرب واحدا أو يأخذ ماله أو بحسب المدينة، كمن يفر من الزحف، ولا يشارك فى البيعة. والظلامة حال المظلوم من حيث ظلم (6). وذلك كما علمت بالمشيئة، وطوعا، وعلى أقسامه. وليس كل مضرة ظلما، ولا كل منفعة عدلا. وبإزاء المتظلم (8) المتنصل. والمتنصل (7): إما أن (9) ينكر أصلا لما رفع (10) عليه فى قصة الدعوى وإما أن يقربه (11)، وينكر وقوعه على الجهة (12) التى يكون بها ظلما، كما (13) يقول (14): إنه (15)
أخذ ولم يسرق، وإنه عاشر (16) ولم يفجر، وإنه كان (17) أخذ الزينة غافلا عن كونها وقفا على المصلى، وإنه فعل ما شكى فضحه (18) المفعول به، لكنه فعله سرا غير جهار، وعلى جهة لم يفصح (19) به (20)، وإنه واطأ (21) العدو احتيالا عليه لا له. فإن
__________
(1) فصل: فصل 8هـ: فصل ح ب: الفصل الثامن س، م
(2) الشاكى: السكاكى س
(3) الغير: غير م
(4) الملك وإما فى: سقطت من م
(5) اما بحسب: ما بحسب م
(6) ظلم: يظلم ب، م، ن
(7) والمتنصل: التنصل سا
(8) المتظلم: المتكلم س
(9) ان: بأن س
(10) رفع: وقع سا
(11) يقربه، وينكر: يعرف ينكر د
(12) الجهة: الجملة م
(13) كما: كمن س
(14) يقول: يقال ب
(15) إنه اذا سا
(16) وانه عاشر: وبانه عاشر د، م، هـ، سا
(17) وانه كان: وانه اذا كان م
(18) فضحه: فضيحة بقية المخطوطات
(19) يفصح: يفضح س، هـ
(20) به: بها د
(21) واط: واطى ن، هـ: بخ: راطن س، سا: واطن ب، م، هامش هـ(1/316)
أصناف الظلم من السرقة والفضيحة والاستهانة والزنا إنما (1) تصير ظلما، لا لنفس الفعل، بل لوقوعه على جهة، وبالمشيئة. فيكون الاعتذار: إما بإنكار نفس الفعل، أو (2) بإنكار وقوعه على جهة يكون بها ظلما، أو لوقوعه كذلك غلطا وسهوا، لا بالمشيئة. وهذه الجهات (3) تتحدد بالشرائع المكتوبة والمشتركة. أما (4)
المكتوبة فيرجع إليها فى كميتها. وأما غير المكتوبة فإن العدل والجور يتفاضل فيها (5) على حسب تفاضل الخير والشر، إما من جنس ما يستحق به المدح أو (6) الذم، وإما من جنس ما يستحق به الكرامة والهوان.
ومثال الأول أن من (7) قال. ينبغى أن نحسن إلى المحسن (8)، ثم فعل ذلك، استحق المدح بفعله ومن قال: ينبغى أن نحسن إلى الإخوان كافة، ثم فعل ذلك، استحق الكرامة منهم أيضا لفعله.
وكثير (9) من العدل لا يكون بحسب المكتوبة (10) مفصلا. فإن الحلم (11) يعد فى (12) السنة المكتوبة عدلا (13) من غير تفصيل ملخص (14)، ثم يفصل بالسنة الغير المكتوبة المشتركة.
فإن الحلم (15) فى بعض المواضع رذيلة وجور بحسب السنة المشتركة، كما قيل: إن بعض الحلم (16) عجز. وإنما يقع هذا الإبهام (17) فى السنن المكتوبة حيث لا يفصل العدل والجور على واجبه (19)، ويحتاج (20) أن يردف (21) حكم (22) السنة المكتوبة (18) فيه بحكم السنة الغير المكتوبة لشيئين (23): أحدهما أن يكون المتعرض للشرع غير مؤيد من السماء، وإنما هو متكلف (24)
__________
(1) انما: وانما م، دا
(2) أو: سقطت من هـ
(3) الجهات: الجهاد س
(4) اما: فاما د، هـ: واما ب، س، م، سا
(5) فيها: فيهما د
(6) أو: وم، هـ
(7) ان من: من د: من ان م
(8) الى المحسن: للمحسن هـ
(9) كثير: كثيرا ب، م
(10) المكتوبة: فصلا فان الحلم م
(11) الحلم: الحكم سا
(12) فى: من ب، م
(13) عدلا: جدلا سا
(14) ملخص: مخلص سا
(15) الحلم: الحكم سا
(16) الحلم: الحكم سا
(17) هذا الإبهام: هذه الايهام م، هـ
(18) حيث السنة المكتوبة: سقطت من س
(19) واجبه: واحبة م
(20) ويحتاج: يحتاج هـ
(21) يردف: يرادف هـ
(22) حكم: سقطت من سا
(23) لشيئين: بشيئين هـ: لسببين م
(24) متكلف: يتكلف هـ: متغلب ب، د(1/317)
خارجى فيجهل ويتهم (1) وإما لأن الأمر فى نفسه غير ممكن إنهاؤه إلى آخره تفصيلا (2)، لأن المخصصات الجزئية لا نهاية لها. فيكون الشارع إنما يشعرع أحكاما كلية، يحتاج أن يستعان فى تفصيلها بحسب الواقعات الجزئية بالمحمودات والسنن الغير المكتوبة، وهى التى تسمى عند الجمهور عقلا. ومثال (3) هذا أن الشارع إذا قال: من قتل بالحديد، فيلزم أن يقتل بالحديد، فليس يمكنه بعد ذلك أن يفصل (4)
جميع وجوه القتل بالحديد، من جهة القتل، أو من جهة الحديد (5)، أو من جهة المضرب، أو (6) من جهة عوارض جزئية أخرى، ربما (7) تعرف (8) لها أحكام وتكون غير محدودة (9) ولا مضبوطة، ودون إنهائها (10) فناء العالم (11). فبيّن أن كثيرا من الظلم والعدل، إذا كان ظلما وعدلا (12) بحسب الشريعة المكتوبة، فربما يجد المعتذر فيه مخلصا بالتجائه (13) إلى السنة الغير المكتوبة على سبيل التفصيل. وربما (14) كانت السنة الغير المكتوبة تخالف المكتوبة (15) أصلا، كما كان فى بعض السنن المكتوبة القديمة أن لابس الخاتم، إذا شال يده غير منكوسة (16)، استحق التأديب ونسب إلى الظلم، والسنة الغير المكتوبة تبيح (17) له ذلك.
وقد تختلف السنة المكتوبة وغير المكتوبة بالعكس من ذلك: وهو أن تكون (18)
المكتوبة (19) قد (20) تحدد وتحصر فى أقل، وغير المكتوبة توجب على العموم. فإن السنة الغير المكتوبة توجب الإحسان إلى الإخوان كافة (21) وربما منعت المكتوبة
__________
(1) فيجهل ويتهم: يتهم ويجهل د: وتهم سا
(2) تفصيلا: تفصيلها د
(3) مثال: مال م
(4) بعد أن ذلك يفصل: أن يفصل بعد ذلك د
(5) أو (من جهة الحديد): وس، هـ، سا
(6) أو: وس، سا
(7) ربما: وربما هـ: انما س
(8) تعرف: تغيرت د، س، هـ، سا
(9) محدودة: محمودة ن، دا
(10) إنهانها: انها س
(11) العالم: سقطت من د
(12) ظلما وعدلا: عدلا وظلما ب، م
(13) بالتجائه: بالنجاة هـ: بالنجاه س
(14) وربما: فيهما د
(15) تخالف المكتوبة: سقطت من سا
(16) منكوسة: مكتوبة د
(17) تبيح: نتج؟؟؟ هـ، سا؟؟؟ د، س:؟؟؟ ب
(18) تكون: السنة م، دا
(19) المكتوبة: به سا
(20) قد: سقطت من د، س: كتب فوقها خ فى هـ
(21) كافة: كانه د(1/318)
الإحسان إلى بعض الإخوان. وكما أن السنة المكتوبة ترى كل حلم (1) عدلا، والمشتركة (2) تفصل ذلك، وقد توجب خلاف (3) ذلك. فإن السنة المشتركة ربما رأت الحلم (4) فى بعض المواضع واجبا، ورأت العقوبة قبيحة، وكانت السنة المكتوبة لا ترى ذلك بل (5) تخصص (6) ذلك الموضع. مثاله: أن السنة المشتركة توجب أن يكون المقدم على سرقة الطفيف يحلم عنه ولا يعاقب والسنة المكتوبة توجب قطع اليد (7)
فى سرقة دينار عند قوم، وربع دينار عند آخرين. وهذا مما تشمئز (8) عنه (9) المشتركة.
ومن ترك حقه من الإضرار بالآخر (10) على مبنى السنة الغير المكتوبة، إذا كانت المكتوبة لا ترخص له فى ذلك الإضرار، لا يسمى حليما ولا محتملا. وإن كان الأمر بالعكس، سمى حليما ومحتملا. ومن تعاطى الإفضال على الآخر على موجب فتوى السنة المكتوبة، فإن كان (11) لا توجبه السنة (12) المشتركة، لم يسم متفضلا. فإن تبع فتوى (13) السنة المشتركة فى ذلك، وإن كان (15) لا توجبه (16) عليه السنة المكتوبة، أو توجب عليه دونه، يسمى متفضلا (14).
وبإزاء المتظلم اثنان (17): معتذر ومستغفر (18). وقد قلنا فى المعتذر، فبالحرى أن نقول (19)
فى المستغفر (20). والمستغفر هو ملتمس (21) الحلم (22) أو (23) التفضل. أما الحلم (24)، فبأن (25) لا يعاقب على جوره وأما التفضل، فبأن يترك عليه ما جار فيه، ولا يرتجع منه. فإنّ ترك ذلك عليه نوع من مغفرته. فليسم (26) باسم آخر. والأنواع النافعة فى الاستغفار
__________
(1) حلم ب د، ن، هـ: حكم س، م، سا
(2) والمشتركة: فالمشتركة د
(3) خلاف: سقطت من د
(4) الحلم: الحكم سا
(5) بل: بان م
(6) تخصص: تخصيص د
(7) اليد: اليدين س، هـ
(8) تشمئز: تشمأز ب، د، م، ن: يشتمئز هـ
(9) عنه: عند هـ
(10) بالآخر: بالاحرار م
(11) فان كان: وان كان ب، س، سا: فكان ن: كان م
(12) السنة: سقطت من م
(13) فتوى: سقطت من سا
(14) فان تبع فتوى متفضلا: سقطت من ن
(15) كان: الشاكى المعاقب د
(16) توجبه: الشاكى المعاقب م، هـ، سا: للشاكى المعاقب ب
(17) اثنان: ايتان د، م، دا
(18) مستغفر: يستغفر م
(19) نقول: يقول م، هـ: يقال ب، د، سا
(20) فى المستغفر: بالمستغفر س
(21) ملتمس: الذى يلتمس س
(22) الحلم الحكم سا
(23) أو: ود
(24) الحلم الحكم سا
(25) فبأن: فأن ب
(26) فليسم: أو فليسم س، هـ: فليسمى د: او قلتم سا(1/319)
أن يقال (1): إن الحلم هو الصفح والأولى بالعاقل أن لا ينظر إلى قول الشارع فى شرعه، بل إلى سيرته من (2) حلمه (3) وصفحه وأن لا يتعلق بالظاهر من لفظه، بل بالمقصود (4) من مراده وأن لا يؤاخذ بعمل العامل، بل يلحظ نيته وأن لا يتلفت إلى نادر (5) خطيئته، بل إلى متواتر (6) طاعته. وأن يقول المعتذر المستغفر:
لا تلحظنى بعين (7) الحال، بل بعين (8) السالف والآنف. فقد أحمدتنى (9) فيما مضى، وستحمدنى (10) فيما يستقبل. واذكر الجميل، ينسك (11) القبيح. وتأن (12) ولا تتوثب (13) بالمكافأة، فعسى أن يكون ما كرهته يعقبك خيرا. وليكن للمشكور من الجميل عنك موقع عندك ليس دون موقع (14) المشكو (15) من القبيح يفعله (16). وليكن (17) حضور الولائم آثر عندك من حضور المخاصم. فإن الخيّر الكريم موادع، والخبيث اللئيم نزق منازع. واعلم أن الصخب (18) الأهوج (19) ربما نزعت (20) نفسه إلى أن يتحالم (21). فلتكن أنت أولى به. فبهذه الأشياء يعتذر المعتذر، ويستغفر المستغفر.
وحينئذ للشاكى أمور يعظم بها الظنية (22) وبإزائه (23) للمعتذر أمور أضدادها (24) يهون به (25)
الفعلة. فمن الظلم العظيم ما يقدم (26) عليه الإنسان العظيم الذى لا فاقة به إلى الجور.
فيكون اليسير (27) من فعله (28) مستعظما، فإنه يدل (29) على العظيم من شره. وربما كان اليسير (30)
__________
(1) يقال: للشاكئ المعاقب س، ن، هـ
(2) من: فى د
(3) حلمه: حكمه د
(4) بل (بالمقصود): سقطت من د
(5) نادر: بادر هـ
(6) متواتر: تواتر هـ
(7) بعين: بغير هـ
(8) بعين: بغير هـ
(9) فقد احمدتنى: وقد حمدتنى د
(10) وستحمدنى: فاستحمدنى هـ
(11) ينسك: ينسيك س، م، سا: ينسينك هـ
(12) وتأن: وبان م
(13) ولا تتوثب: لا يتوب م: لا تتوثب د، ن
(14) دون موقع: دون توقع م، ن
(15) المشكو: المشكور م، ن، دا
(16) من القبيح يفعله: مما يفعله من القبيح س، هـ
(17) وليكن: ولكن س، هـ
(18) الصخب: الصخيب س، هـ
(19) الأهوج: حضور المخاصم فان الخير الكريم موادع والخبيث اللئيم م
(20) نزعت: رعب ب: يرغب سا: غب د
(21) يتحالم: يتحاكم ب، س، دا
(22) الظنية: الطيبة س، هـ: الطنة بخ
(23) بازائه؟؟؟: بازائها د
(24) أضدادها: يضادها س، هـ
(25) به: بها م، ن، هـ
(26) يقدم: يقدر س
(27) اليسير: اليسر م
(28) فعله: جوره س، د، هـ
(29) يدل: عدل هـ
(30) اليسير: اليسر م(1/320)
من الجور مستعظما، لا من جهة الجائر، بل من جهة المجور عليه، إذا كان فقد ذلك اليسير (1) عظيم الضرر عليه، كمن (2) لا يملك إلا قوتا (3) ويغصب (4) ما يملكه. والخيانة (5)
الخسيسة مستعظمة، كمن يسرق من وقف المسجد درهما. فإن هذا، وإن كان من طريق الحقيقة واعتبار العدل ظلما (6) قليل الضرر لا يوجب الحكام فيه عقوبة (7) بالغة، فهو (8) من جهة استنكاره (9) عظيم القبح، وإن كان من الظلم الذى لا يفتقر (10) إلى مصالحة، ولا إلى (11) مشاجرة ومرافعة إلى الحكام، أو (12) احتمال عن المظلوم بسبب أنه صديق وقريب (13)، فإنه دون أن يقع فيه حلم (14) وصفح، كما لا يقع به تفضل (15)، فإنه ليس مما يتعين (16) به صلاح. والحاكم، إنما (17) يرفع إليه فيما يحتاج أن يرده الحاكم إلى الصلاح، أو فيما يحتاج أن يقيم فيه (18) حدا. ومن الظلم العظيم أن يجمع إلى غضب (19) النقمة (20) الإنهاك (21)
فى العقوبة (22). ومن الظلم العظيم ما يقع على المحسن، مثل عمل الناسك بابن عرس.
ومن المعظمات أن يقال (23): إنه أول (24) من فعل، وإنه المنفرد وحده بما فعل، وإنه كثيرا (25) ما فعل، وإنه جار على من توخى بصنعه (26) التقرب (27) إليه والمصلحة له (28).
ثم من الظلم العظيم أن يستعان (29) فيه الجسراء (30) على الانهماك (31) الذين لارقة بهم (32) ولا رأفة، كأنهم سباع ضارية، حتى يستعان بهم فى العقوبة. وقطع القرابة وإغفال حقها
__________
(1) اليسير: اليسر م
(2) كمن: فمن م
(3) قوتا: قويا د، م
(4) يغصب: يغضب م، هـ، سا
(5) الخيانة: الجناية هـ، سا: بالخيانه م
(6) ظلما: ظلم ب، د، م، ن: ظالم هـ
(7) عقوبة: بل ن: بل عقوبة م
(8) فهو: فهى ن، هـ، دا: وهى م
(9) استنكاره: استكثاره د
(10) يفتقر: يغفر هـ
(11) ولا إلى: أو س، سا: أو إلى هـ
(12) او: وسا
(13) وقريب: أو قريب د
(14) حلم: حكم م، ن
(15) تفضل: تفضيل د
(16) يتعين: يتغير س، هـ، سا
(17) إنما: مما هـ
(18) فيه: منه د: به س
(19) غضب: عصب سا
(20) النقمة، النعمة ب، د، س، هـ، سا
(21) الانهاك: الانهماك م، ن
(22) فى العقوبة: بالعقوبة د، س، سا
(23) أن يقال: انه؟؟؟ د
(24) أول: أولى م
(25) وانه كثيرا: وان كثيرا ب
(26) بصنعه: بصنيعه د فصنيعة م
(27) التقرب: التقريب د
(28) له: سقطت من م
(29) يستعان: يستعمل س، هـ، سا
(30) الجسراء: بالجسراء د
(31) الانهماك: الانهاك س
(32) بهم: لهم د(1/321)
وإخافتهم (1) ظلم (2) عظيم. وكذلك خفر العهد، والحنث فى اليمين (3)، والخيانة فى الأمانة، والتعرض للمحصنات (4). فإن هؤلاء لا يقتصر بهم على العقوبة، بل يعمل على فضحهم (5) وإخزائهم (6)، كما يفعل بشهود الزور من فضحهم فى مجلس القضاء.
والظلم فى السنة الغير المكتوبة أعظم (7)، لأن هذه السنة أوجب. وكذلك تعدى المكتوبة أيضا ظلم عظيم عند مستحليها (8).
وأما الظلم اليسير فهو ما (9) قابل ذلك.
فليكن ما قلناه كافيا فى التصديقات الواقعة بصناعة (10).
فصل (11) [الفصل التاسع] [فى التصديقات التى ليست عن صناعة]
وأما التصديقات التى ليست عن صناعة وأكثر نفعها فى المشاجرات فهى (12) تنحصر فى أقسام خمسة (13): السنن، والشهود، والعقد، والعذاب، والأيمان.
فأما (14) السنن المكتوبة فربما افتقر الخطيب إلى مناقضة موجبها، فيجد إلى إيهان مقتضى بعضها (15) سبيلا بإظهار إعراض (16) مثلها (17) للنسخ والتبديل، وأن غير المكتوبة
__________
(1) اخافتهم: اخافهم د
(2) ظلم: وظلم سا
(3) فى اليمين: باليمين ب
(4) للمحصنات: للمحسنات س
(5) على فضحهم: فضحهم م: على فضيحتهم د
(6) اخزائهم: احزانهم د
(7) أعظم: سقطت من م، ن، دا
(8) مستحليها: مسحلها؟؟؟ د: مستحيلها سا
(9) ما: مما سا
(10) بصناعة: صناعة س
(11) فصل: فصل 9فى مثل ذلك هـ: فصل ط ب: الفصل التاسع فى مثل ذلك س: الفصل التاسع م
(12) فهى: وهى م
(13) خمسة: الخمس م
(14) فأما: وأما ب، س: أما د
(15) بعضها: نقضها م
(16) إعراض: اعتراض س
(17) مثلها: مثله س، هـ(1/322)
مأمون (1) التغير (2)، ولأن (3) أهل المروءة لا يناقشون (4) بمر السنة المكتوبة، بل (5) ينحرفون إلى مقتضى السنة المشتركة، وذلك بحسب ما يقول (6): لأن المكتوبة إنما احتيج إليها لعجز الجمهور عن تقدير الغير المكتوبة وتفصيلها (7). فإذا (8) كان بالعاقل من المنة أن يفصل المشتركة، كان له بعقله كفاية، وكان له أن يخصص (9) المكتوبة بحكم العقل (10). ثم يقول (11): والحاكم الفاضل هو بمنزلة النار المخلصة بعض الجواهر عن بعض، فيلزمه أن يتهدى (12) لهذا التخليص، وينظر فى واجب الأمر، ولا يخلد إلى مر القضاء، فإن ذلك من عمل الحشوية (13) الغتم (14) الذين لا يفطنون للمصالح، ولا يتصرفون (15) فى رأى واجتهاد. وأما القاضى البصير فربما رأى أن يرجح حجة العقل، وربما (16) رأى (17) أن يرجح مر الحكم. وإذا أشكلت (18) عليه المصلحة (19)، اعتصم بالتوقف، ولم يستعجل (20) فى فصل القضية. فربما أعقبته العجلة ندامة. وإذا وقف الأمر، كان له أن يستظهر بمعاودة (21) النظر (22)، فيلوح له الصواب من إيثار الواجب من المكتوبة أو النافع من المشتركة. فهذا (23) وأمثاله مما يقوله الخطيب، حين (24) تكون السنة المشتركة أشهد (25) للخطيب.
__________
(1) مأمون: مأمونة ب
(2) التغير: التغيير م، ن
(3) ولأن: لان س هـ
(4) يناقشون: ينافسون م، ن
(5) بل: قل؟؟؟ د
(6) ما يقول: قوله ومخالفته للواجب حين يقول س، هـ: ما نقول د
(7) تفصيلها: تفضيلها سا: فصلها؟؟؟ م
(8) فاذا: واذا م، ن
(9) أن يخصص: تخصيص د
(10) العقل: القول م
(11) يقول هـ: نقول م
(12) يتهدى: يهدى د
(13) الحشوية: الحسوه؟؟؟ د
(14) الغتم: والغم؟؟؟ س: والغنم هـ: الغنم د: الرمم ن، دا
(15) يتصرفون د: ينصرفون م، هـ
(16) وربما: فربما د
(17) رأى: سقطت من م
(18) اشكلت: شكلت س
(19) المصلحة: المسئلة د
(20) ولم؟؟؟ يستعجل: سقطت من د
(21) بمعاودة: بالمعاودة ب، م، ن، دا
(22) النظر: للنظر م، دا
(23) فهذا: وهذا م
(24) حين: حتى س، ن، هـ
(25) أشهد: أشهر س، هـ(1/323)
فإن لم توافقه المشتركة، وكانت المكتوبة أوفق له (1)، قال غير ذلك، فقال:
إن الأمور التى فيها أحكام السنة المشتركة أمور مختلفة ومتبدلة لا استقرار (2) لها، ولا صدق للحكم الكلى فيها، فلا بد من سنة مكتوبة مخصصة (3) تحدد وتقدر (4)، ولا يحل للحاكم أن يحدث (5) نفسه بعدول عنها. فإن كان الحاكم قد جهل المكتوبة، فما أخلق به (6) أن لا ينفذ حكمه، بل يتوقف ريث الاستبانة. فإن الحكم الذى عنده بحسب السنة المشتركة هو مصلحة أو خير مطلق. وليس قضاؤه، عند ما يترافع (7)
إليه المتشاجران (8)، قضاء (9) فى أمر كلى، حتى يكون فى خير مطلق، بل فى خير ما.
فعليه (10) أن يتأنى (11) ريث ما يستعلم مقتضى السنة (12) المكتوبة المقدرة. فإنه إن (13) جاز (14)
أن لا يستعمل السنة المكتوبة، فقد جاز أن لا يسن (15)، وفى ذلك إبطال السنن ورفع (16) الحاجة إلى الشريعة. وكما أن (17) الانتفاع بالطبيب (18) مما يفقد عند مواربته (19)
ومناكرته (20) والعدول عن إشارته، كذلك (21) الانتفاع بالشارع مما (22) يبطل (23) أصلا إن جازت مخالفته. بل هذا أعظم. ولو جاز أن لا يلتفت إلى السنن المكتوبة.
لم تقع الحاجة إلى استقصاء الفقية الماهر المستبصر فى أحكام السنة المكتوبة.
فإن السنن المشتركة لا يذهب عنها أولو الألباب، وإن (24) لم (25) يكونوا فقهاء.
فهذا ما قيل فى سبيل (26) السنة.
__________
(1) له: فان م، ن، هـ
(2) لا استقرار: لا استقراء د، هـ: لاستقرار م
(3) مكتوبة مخصصة: مخصصة مكتوبة د
(4) تحدد وتقدر: جدد؟؟؟ وتقدر هـ: محدود؟؟؟: يحدد و؟؟؟ قرر ب: يحدد ويقدر م
(5) يحدث: يجذب س، هـ
(6) به: له س، هـ
(7) يترافع: به م، ن، هـ (تم كتب عليها خ فى هـ)
(8) المتشاجران: ان د
(9) قضاء: قضى هـ
(10) فعليه: فعلته سا: فعلية هـ: فعله م
(11) يتأنى: يتأتى د
(12) السنة: سنة ب
(13) ان: إذا سا
(14) جاز: ان جاز د
(15) يسن:؟؟؟ سن د
(16) رفع: دفع د
(17) وكما ان: فكما ان ب: وكان م
(18) بالطبيب: با الطب د
(19) مواربته: موازنته ب، د، م، ن، سا
(20) مناكرته: مماكرته س، هـ، سا
(21) كذلك: فكذلك م، ن، هـ، دا
(22) مما: ما ب
(23) يبطل: تبطل هـ
(24) وان: ان ب، م
(25) لم: لا س
(26) سبيل: سقطت من س(1/324)
وأما الشهادات (1)، فمنها شهادات قدماء عدول (2) على أمور قديمة، يلتفت إلى شهادتهم (3) بوجود الأمر وغير وجوده، وإلى (4) شهادتهم (5) بكونه على صفة (6) من صواب أو خطأ أو ظلم أو جور (7) وغير ذلك (8). وربما كانت شهادتهم (9) كهانات (10) وإنذارات بأمور مستقبلة بحسب زمانهم. ومنها شهادات شهود حدث، وهم (11) المشاركون فى الزمان، وهم الذين يحتاج (12) إلى تعديلهم والتفتيش عنهم والرجوع فى ذلك إلى جيرانهم الخبراء بأمورهم. ويفارقون الأولين أيضا من جهة أنهم قد يتهمون بمشاركتهم (13) المشهود له فى فائدة الشهادة (14) من جذب خير أو دفع شر، ومن جهة أنهم لا مرجع إليهم إلا فى إثبات وجود الأمر وعدمه. وأما (15) حكمها (16) بعد ذلك فيكون إلى الحكام. ومن الشهود ما ليس من جملة الناس، وهى (17) الدلائل والأمارات التى تجر اجتهاد الحاكم (18) إلى أحد جنبتى الشكاية والاعتذار بحسب المشاكلات وكيف لا يستنام إلى هذه الأمارات (19) عند عدم الشهود. وربما احتيج إليها عند وجود الشهود فى قبول الشهادة أو تزييفها. وكل (20) شهادة، إما على الخصم بأنه ظالم كاذب فيما يقوله (21)، وإما على الأمر (22) بأنه كان أو لم يكن، وهو الأصل الذى لا محيص (23) عنه. فأما (24) الشهادة على (25) النحو والكيفية: بأن يشهد مثلا للمشهود له بأنه حسن السيرة (26) حليم محصل، ولخصمه بأنه داه (27) محتال خب.
__________
(1) الشهادات: الشهادة د
(2) عدول: وعدول س، هـ
(3) شهادتهم: شهاداتهم ب، م، ن
(4) والى: الى ب
(5) شهادتهم: شهاداتهم ب، م، ن، سا
(6) صفة: صفته د
(7) أو ظلم أو جور: أو جور أو ظلم ب، م، ن، دا
(8) وغير ذلك: أو غير ذلك د، سا: وعن غير ذلك ب، م، ن، دا
(9) شهادتهم: شهاداتهم س، هـ، سا
(10) كهانات: كفايات د
(11) وهم: سقطت من ب
(12) يحتاج: محتاج د: يحتاجون س
(13) بمشاركتهم: لمشاركتهم س، هـ
(14) الشهادة: والشهاده س
(15) واما: فاما د
(16) حكمها: حكمهما س، هـ
(17) وهى: فهى م
(18) الحاكم: الحكم د
(19) الامارات: سقطت من م: الا م، ن، دا
(20) وكل: فكل م
(21) يقوله: يدعيه د
(22) الأمر: الأمور س، هـ
(23) محيص: يحيص د
(24) فاما: واما سا
(25) على: سقطت من سا
(26) السيرة: السريرة م، ن، هـ، دا
(27) داه: داهية ب، د(1/325)
وكل (1) ما هو خارج عن الأمر نفسه، فإما أن يؤكد به نفس ما يقوله المتكلم بأنه حق، وإما أن يؤكد به ما هو مخالف لدعوى خصمه. وهما وإن تقاربا، فبينهما خلاف: فإنه ليس تصحيح ما يقوله (2) إنسان، هو بعينه تصحيح (3) بطلان ما يقوله خصمه. مثلا: ليس القياس الذى يثبت به (4)، مثلا، حدث العالم، هو بعينه القياس الذى يدفع به قدمه، وإن كان نتيجة لازمة لنتيجة ذلك.
فإن القياس الذى نحو الموجب منهما غير القياس الذى نحو السالب منهما (5)، وهما متغايران. وكذلك فرق بين أن يشهد أنه أعطاه وبين أن يشهد أنه أخذ منه، وإن كانا (6) معا. فالشهود (7) إنما تقام على أحد (8) هذه الوجوه.
وأما إبطال الشهادة، فهو (9) بأن (10) يقال: إن الشاهد هو صديق للمشهود له، أو عدو للمشهود عليه. وذلك لأن الشهود ثلثة: صديق، وعدو، وغريب (11) من المدعى والمنكر، لا ميل له إلى أحدهما، الذى بالحرى (12) أن تقبل شهادة مثله.
وأما العهود، فإنها إذا وافقت دعوى المشاجر، أعطته مجالا فى تزيين أمر نفسه وتعظيمه، إذ قد حافظ على الميثاق (13)، وفى تحقير أمر صاحبه، إذا (14) خفر به (15)
ونكثه (16). وبالجملة: فإن غناء (17) العهد لعارضه (18) على الحكام والحاضرين إنما هو فى الإقناع، وإيقاع (19) التصديق بوجوب العمل على مقتضى دعواه، وثبوت ظلم من خالفه وتعداه (20). وإما فى التزيين والتفخيم. والعهد كالشاهد فى وجوب ما يوجبه على المكتوب له (21) وعليه. وكالشاهد (22) فى التعديل والتجوير (23) والتعظيم والتحقير
__________
(1) وكل: أو كل د
(2) المتكلم بانه حق ما يقوله: كررت فى د
(3) تصحيح: بصحح؟؟؟ سا
(4) به: سقطت من د
(5) (السالب) منهما: منها سا
(6) كانا د: كان بقية المخطوطات
(7) فالشهود: فالمشهود د
(8) أحد: سقطت من س
(9) فهو: هو ب، س، هـ
(10) بأن: فبان هـ
(11) غريب: قريب بخ
(12) بالحرى: بالجزئى د
(13) الميثاق: المشاق م
(14) إذا: إذ ب، د، س، هـ، سا
(15) خفر به: حقرته م: حقر به س، هـ، سا
(16) نكثه: بكته س، هـ: نكته سا
(17) غناء: عى؟؟؟ س
(18) لعارضه: لعارضة م: بعرضه د
(19) ايقاع: اتباع هـ
(20) تعداه: تعد له م
(21) له: سقطت من م
(22) وكالشاهد: كالشاهد م
(23) التجوير: التجويز س، سا: التحويز م التحوير هـ: التحور د(1/326)
ونفى (1) الحجة. العهد (2)، إذا وافق الدعوى، فينبغى أن لا يحاد عنه، بل يجب أن تقام به الحجة، وتعظم به الظنية (3). فإن العهد شريعة شرعها اثنان أو عدة فيما بينهم (4). والشريعة إنما ترعى وتحفظ بالعهد. والعهود ربما (5) كانت خارجة عن حكم موجب الشريعة، مستقلة (6) بنفسها، مثل (7) معاهدة اثنين على أن لا (8) يفترقا فى سفر، ولا يتخاذلا (9) عند وقوع منكر (10). وللمدعى أن يقول: إنك إن نبذت العهد (11) وراء (12)
ظهرك، فاخلق بأن تنابذ (13) الشريعة (14) وتنسلخ (15) عن السنة. وإن (16) الناس عند عهودهم (17).
وكيف، وإنما (18) عقدوها (19) على (20) اختيارهم! فإن كان العهد مرذولا والاستنامة إليه ساقطة، فقد زالت المعاملات (21)، وسقطت المشاركات، وما يجرى هذا المجرى من الشناعات.
فأما الذى يجد العهد مخالفا لمراده، فيجب أن يقول: كل عهد ليس فى الكتاب فهو بدعة، وكل بدعة (22) ضلالة. وقد كفانا عقد الشرع عقد العهد الذى هو مخادعة ومراوغة. ومن استقصر الشريعة، حتى احتاج إلى غيرها من المعاهدة والشريطة، فقد برئت منه الذمة. ومن استقصرها، فقد نسب الناس فى قبولهم الشريعة إلى اجتماع (23) على الجهل والضلالة. ثم يقول للحاكم (24): إن الحاكم خليفة العقل والشرع، وفى ذمته عهدة الاستكشاف، وبالحرى أن يستبرئ (25) أحوال
__________
(1) نفى: بقى د: نعم س، هـ
(2) العهد: والعهد د
(3) الظنية: الطيبة هـ: الطينه سا: الطب د
(4) بينهم: بينهما د
(5) ربما: انما س
(6) مستقلة: مستقبلة م
(7) مثل: بل س
(8) ان لا: ان هـ
(9) يتخاذلا: سجادلا؟؟؟ م
(10) منكر: يتكرر م
(11) العهد: العهود د
(12) وراء: فيما هـ
(13) فاخلق بأن تنابذ: فسيفسد د
(14) الشريعة: سقطت من س
(15) تنساخ: ستساخ د
(16) وان: فان م، ن: وهـ
(17) عهودهم: عهودكم م
(18) وانما: انما س
(19) عقدوها: عقودها هـ
(20) على: عن د، س، هـ، سا
(21) المعاملات: المعاملة ب، ن، سا: المحاملة م
(22) وكل بدعة: سقطت من م
(23) اجتماع: اجتماع الناس ن، دا: اجماع الناس هـ: اجماع س، سا
(24) للحاكم: الحاكم ب
(25) يستبرئ: يسترى م(1/327)
العهود (1) المفروضة (2)، فإن صادفها بمعزل عن جهه السنة أوعز بفسخها (3)، وعمل (4)
بإبطالها (5). فلا عهد فى معصية (6) الله. فمن القبيح أن يتمكن مدلس من حمل (7) على جور بقهر، ومن إيجاب طاعة لعقد غير عادل بقسر (8). وإن الشريعة لتتقبل (9) عن رضى (10)
واتفاق من العلماء. وأما العهد والإقرار (11) فربما خدع (12) إليه، وربما (13) قسر السلطان عليه. وإذا وجد الخطيب نصا من السنة المكتوبة فى سنة تلك المدينة، أو رجع إلى سنة مدينة أخرى أو أمة أخرى، إن (14) لم يجد النص فى سنة المدينة، ووجد مشهورا من (15) السنة المشتركة بخلاف العهد، فقد اعتصم الخطيب فى إبطال مقتضاه بالعروة الوثقى. وكذلك إذا وجد عهدا آخر سبقه، وقد عهد بخلافه، فيقول: إن الأول من العهدين هو الأولى (16) بالانتهاء إليه والعمل عليه ولو حل نكثه، فأحرى (17) بأن يحل (18) نكث ما بعده. وكذلك إذا وجد عهدا (19) تأخر (20) عقده (21) عنه والشئ (22) بتاريخ بعده، فإنه يستدل بتاريخه على نسخه الأول (23)، وعلى أن التراضى بالأول مقصور على (24) مدة، لم يتراض بعدها إلا على (25) ضده، وأن الأول، لو كان مقبولا، لما أجمع على نقضه (26) بعهد ردفه. والدفع بالناسخ أعمل (27) منه بالمنسوخ.
ويجب أيضا أن ينظر، فعسى أن يجد فى لفظ (28) العهد وعبارة الصك (29) لفظا متشابها يحتمل غير المعنى المدعى، فيكون التأويل يصرفه عن الجهة التى يخشى أن ينص عليها الحاكم.
__________
(1) العهود: العمود د
(2) المفروضة: عليه ن، هـ: المعروضة عليه د
(3) او عز بفسخها هـ: أو عن بفسخها س: او عن نفسها ب، د، م، ن، سا: او عن تفسيخها دا
(4) وعمل: أو عمل ن، دا
(5) بابطالها: فى ابطالها د
(6) معصية: معرفة م
(7) حمل: جهل س
(8) بقسر: يقر م
(9) لتتقبل: لسعلل س
(10) رضى: رضا د، س، هـ، سا
(11) والاقرار: سقطت من س
(12) خدع: جدع د، س
(13) خدع إليه وربما: سقطت من م، دا
(14) إن: اذا د
(15) من: فى د
(16) الأولى: سقطت من م
(17) فاحرى: فاجر؟؟؟ س: فاحبر؟؟؟ سا
(18) يحل: محل د
(19) عهدا: عهد ب، هـ، سا: سقطت من م
(20) تأخر: باخر د، س: بآخر م
(21) عقده: عقد م: عهده د، ن، دا
(22) والشئ: ولشئ ب
(23) الأول: سقطت من م
(24) مقصور على: مقصور س
(25) إلا على: إلا عن س
(26) على نقضه: عن نقيضه س: على نقيضه هـ
(27) اعمل: لعمل د
(28) لفظ: لفظه هـ
(29) الصك: الضد د، ن: الصد م(1/328)
وأما التقريرات والفحص عن الأحوال بالإنذار والإعذار، وبالترغيب والترهيب، وبالعقاب والثواب فهى (1) أيضا من (2) جنس الشهادات. فإن كان التقرير (3) موافقا للدعوى، احتفظ به حجة وربّى واعتمد عليه، وقيل: لا أكثر من اعتراف على هذه الجهة، وإقرار يصدر فى مثل هذه الحالة. وإن كان مخالفا للدعوى، فيقول ما هو الحق: وهو أن المضطر، كالغريق، لا يبالى بأى علقة (4)
يتشبث (5) وربما رجى الخلاص بالكذب، كما يرجى الخلاص بالصدق (6). وإنه (7)
إذا صدع المقرر (8) بالحق وصبر عليه فلم يصدقوه، ولم يزالوا (9) يعنتونه (10) تكذيبا إياه وتعذيبا (11) له، ألجئ إلى الكذب، وعدل إليه عن الصدق (12) الذى لم يجد به خلاصا.
ويضرب لذلك أمثالا مشهورة عند الحكام (13) من كذب قوم آخرين عند تشديد عليهم.
مما (14) يقال حينئذ: إن من الناس من يستنكف أن تذله (15) العقوبة وتضطره إلى البوح (16)
بما آثر كتمه، وينسبه (17) ذلك عند (18) من يطلب وجهه إلى عجز فلا (19) يصرح بالحق، وإن اختلف (20) عليه ضروب (21) العقوبات ومنهم خوار يقرره أدنى (22) ذاعر (23). فلا معول على التقرير بالتنكيل (24).
وأما القسم واليمين (25)، فمنه ما لأجل أن يعطى ما يحلف (26) عليه من عرض (27) أو جاه أو معونة أو غير ذلك، فيأخذه وما يتعلق به. وإما أن يكون لا معطيا فيه
__________
(1) فهى: وهى م
(2) من: جهة س، هـ
(3) التقرير: التقدير م، هـ
(4) علقة: شئ م
(5) يتشبث: سقطت من د
(6) الخلاص (بالصدق): وهو ان المضطر كالغريق لا يبالى بأى علقة د
(7) وانه: انه س: فانه ب
(8) المقرر: المفرد هـ: القرر سا
(9) ولم يزالوا: لم يزل سا: بل ب:؟؟؟ الرا د
(10) يعنتونه:؟؟؟ غيبنونه م:؟؟؟ ب:؟؟؟ د: يعصونه هـ:؟؟؟ س، ن: يعنتونه سا: بغيبوته دا
(11) وتعذيبا: أو تعذيبا هـ
(12) عن الصدق: سقطت من م: من الصدق هـ
(13) الحكام: الحكماء م
(14) مما ب، س: بما هـ: ومما د: كما م، ن، دا
(15) تذله: يزله ب، م
(16) البوح: البرح هـ: السرح د: النوع ن، دا
(17) وينسبه: ويتشبه س، هـ
(18) عند: سقطت من ب
(19) فلا: ولا ب
(20) اختلف: اختلفت ب، س، سا
(21) ضروب: من هـ، ن، دا
(22) ادنى: اوفى د: اذى م
(23) ذاعر: داعر د، س، م
(24) بالتنكيل: بالتنكل د
(25) اليمين: التميز؟؟؟ سا
(26) ما يحلف: بما لف س، هـ
(27) عرض: غرض سا(1/329)
ولا آخذا، بل حاكيا (1) أو متظلما. وإما أن يكون (2) متمكنا من (3) إعطاء، معفى (4) عن الأخذ، وذلك عن رغبة (5)، كمن يحلف: أن هذا الولد ليس له (6)، حيث (7) يكون حلفه يوجب إلزام الولد غيره، ويكفيه مؤونته. وإما (8) أن يأخذ ولا يعطى. وكل ذلك إما أن يلزم المدعى الحلف (9) أو يلزم خصمه. ومن عرف بالحنث والخبث (10)
والفجور لم تكن اليمين (11) التى يقدم عليها موقعا لتصديق البتة. وأما الموثوق به، فإذا حلف، أماط عن نفسه وجوب ما يدعى عليه. والذى لا يحلف، فقد أوجب على نفسه ما يدعى عليه، وكانت فضيلة (12) داعية إلى التصديق بقول الخصم عليه. وكان هذا ضربا من الفضيلة يكون (13) على الفاضل، ليس له.
فمن يخطب فى تزييف (14) اليمين (15) يقول: إن هذا (16) لم يزل حانثا (17) فى يمينه، ضعيفا فى مروءته أو يقول (18): إن غنم الإقدام على الأقسام (19) منقود (20)، وغرم الحنث نسيئة، والفاجر يؤثر (21) العاجلة على الآجلة.
وأما الملاعنة والاستدعاء إلى اليمين، فقد تكون على سبيل تهور (22) وقد تكون عن ثقة (23) بجبن الآخر عنه، وخصوصا إذا كان المتحدى بذلك كأنه (24) لا يبالى بما تعقبه اليمين، وإن كانت كاذبة، وذلك الآخر يتقى (25) الشبهة فى الصادق وقد تكون على سبيل الثقة بصدق نفسه. ولأجل ذلك أكثر (26) ما يتحدى (27) المتحدون. والأمين (28)
ربما غرم، ولم يحلف وربما حلف لتأكيد صدقه، وليزيل الشبهة (29) عن إنكاره، حتى لا يقال إنه استحل أن يكذب (30) عند الإنكار. فلو (31) نكل، لصحح أنه كان قد
__________
(1) حاكيا: حاليا س
(2) يكون: لاحدهما س: لاحدها هـ
(3) من: عن س، هـ، سا
(4) معفى: معفا م: يعرف د
(5) رغبة: رغبته هـ
(6) له: من هـ
(7) حيث: حنث سا
(8) وإما: فاما فى كل المخطوطات
(9) الحلف: بالحلف س، هـ
(10) والخبث: سقطت من د
(11) اليمين: لليمين د، م، ن
(12) فضيلة: فضيلته ب
(13) يكون: فيكون د
(14) تزييف: تزيف د
(15) اليمين: باليمين م
(16) هذا: المرء ن، دا، هـ
(17) حانثا: خاينا م، هـ
(18) أو يقول: سقطت من سا
(19) الاقسام: الاقدام على الاقدام د
(20) منقود: مما ينفد د
(21) يؤثر: يورث سا
(22) تهور: التهور د
(23) عن ثفة: تبعه د
(24) كأنه: انه هـ: سقطت من س
(25) يتقى: يفى؟؟؟ سا
(26) اكثر: سقطت من سا
(27) يتحدى: يتحد م
(28) والأمين: سقطت من م
(29) الشبهة: الشبهة د
(30) يكذب: فيه واذا حلف ازال الشبهة عن انكاره حتى لا يقال انه استحل ان يكذب م
(31) فلو: لو د(1/330)
كذب فيه. وإذا حلف، أزال الشبهة، ولكنه يستصعب ذلك ويستشقه على (1)
نفسه. أقول: والكريم من حلف لذلك (2)، ثم غرم. والثقة الأمين (3) ربما آثر (4)
الغرامة، وأن يجل الله (5) عن ذكره فى مثل (6) ما شجر بينه وبين غيره، ويتنزه عن الإقدام على الحلف به (7)، حيث له عنه مندوحة (8) ببذل مال لكنه يستحيى أن لا يحلف فى موضع يوجب هو نفسه الحلف على الآخر فيه، أو يتحداه إليه، كما فى المنافرة (9) إلى اليمين.
فمن هذه الأشياء تؤخذ (10) الأنواع النافعة فى الدعوى والإنكار الذى يقوله.
والمقدم على اليمين الفاجرة، إذا ظهر حنثه (11)، أو المعقود عليه فى المستقبل بعقد، وقد (12) أجرى إلى مخالفة حكمه، قد يدفع اللائمة عنه (13) بمثل (14) ما يقول (15) (16): لقد (17) قهرونى على الاستحلاف، أو أجرؤنى (18) على الخلاف (19)، أو خدعت (20)، أو وقع (21) منى، أى ذينك كان بلا قصد، أو إنه إنما خالف (22) ظاهر اللفظ، لا التأويل المعتقد والنية المرادة، وإن اللجاج حمله على الزلة (23) لكثرة عناد الخصم، وإن اليمين التى يعتبر حكمها ما تعقده (24) القلوب، لا ما (25) يوجبه اللغو. فإن الشرائع قد أهملت أمر (26) اللغو (27).
__________
(1) على: عن س
(2) لذلك: لذاك س
(3) الأمين: والأمين م، ن، هـ، دا
(4) آثر: اثرت م
(5) الله: عز ذكره ب، سا
(6) عن ذكره فى مثل: عن ذكره فى مثل ذكره م: بمنه ذكره فى مثل ذكره هـ: عن ذكر فى مثل ذكر ن
(7) الحلف به: الخلقية م: الحله؟؟؟ ن
(8) عنه مندوحة: عند مندوحة د: مندوحة عنه ن، دا: مندوحة ب، م، سا
(9) المنافرة: المشاجرة س، هـ
(10) تؤخذ: يوجد سا
(11) حنثه: خبثه م، هـ
(12) قد: وقد س
(13) عنه: سقطت من هـ
(14) بمثل: فمثل س، هـ
(15) يقول: يقال د
(16) عنه بمثل ما يقول: عند ما يقول م
(17) لقد: سقطت من د
(18) أجرؤنى: جرؤنى ب، د: اجبرونى س، هـ
(19) الخلاف: أو أجرؤنى على الخلاف م
(20) خدعت: اخدعت م
(21) وقع: وقعت ب، م، ن، سا
(22) خالف: خلف م
(23) الزلة: البراه سا
(24) اليمين: العاد؟؟؟ س
(25) ما تعقده: اما يكتسبه فى د: ما يعتقده س
(26) لا ما: لا ما لا م
(27) امر: امن د اللغو: تمت المقالة الثانية من الفن الثامن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم م: تمت المقالة الثانية من الفن الثامن من الجملة الأولى فى الخطابة من المنطق والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبى وآله الطاهرين هـ: تمت المقالة الثانية من الفن الثامن والحمد لله رب العلمين ب: تمت المقالة الثانية والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبى دا(1/331)
المقالة الثالثة ثمانية فصول(1/332)
فصل (1) [الفصل الأول] [فى المخاطبات الاستدراجية]
لنتكلم (2) الآن فى المخاطبات التى يستدرج بها القضاة والسامعون.
قد (3) يختلف ذلك بحسب مراتب الحكام فى أذهانهم وثقافة آرائهم، أو أضداد ذلك، وخصوصا فى المشوريات (4). وأما الخصومات، فيشبه أن يكون الاعتماد فيها على السنن المحفوظة أكثر منه على القرائح (5) المميزة. فإذا كان الخطيب خبيرا بحال الحاكم، وحال خصمه، انتفع بذلك. فإن الحكام لا يتساوى ميلهم إلى من يحبونه، ومن يشنؤونه (6)، وحكمهم لمن يضمرون عليه موجدة، أو لا (7) يألونه (8)
مسالمة. فكذلك (9) إذا استدرج الحاكم بالمخاطبة (10) فى خلل (11) المرافعة إلى (12) قلى يعتقده (13)
للخصم (14) وسخط عليه، ومحبة (15) يعتقده (16) للخطيب أو رحمة (17) إياه، أو غير ذلك مما يميله (18)
إليه ويشدده على خصمه، أو كان (19) حسن الظن بالمتكلم الخطيب مستنيما إليه، لما (20) يتخيله من فضيلته ودماثته، أو صار (21) كذلك، لم يبعد أن يصير به (22) إلى خير، كما أنه لا يبعد أن يكون متعسرا على المريب (23) المتعسر. فما أطوع الطباع لمدامثة (24)
المدامث، ومشاكسة المشاكس. والمتكلم قد يقع التصديق به للثقة بلبه (25) (26)،
__________
(1) فصل: فصل اب: الفصل الأول فى المخاطبات الاستدراجية س، هـ: سقطت من م، دا
(2) لنتكلم: فليتكل د: ليتكلم م
(3) قد: فقد ب، د: وقد م
(4) المشوريات: المشهوريات م
(5) القرائح: القراع هـ
(6) يشنؤونه: يسبونه د: يشنأونه س، هـ
(7) أولا: أو ب
(8) يألونه: ينالونه ن، دا
(9) فكذلك: وكذلك د
(10) بالمخاطبة: بالمخاطب د
(11) خلل: حلل سا
(12) إلى: الا م
(13) يعتقده: عقيده؟؟؟ م
(14) للخصم: فى الخصم د
(15) محبة: صحبة س
(16) يعتقده: يعتقدها د
(17) رحمة: رحمته د
(18) يميله: يميله م
(19) أو كان: وإذا كان س، هـ
(20) لما: مما س
(21) أو صار: وصار د
(22) يصير به: يضربه م
(23) المريب: المرتب م، سا
(24) لمدامثة: لمدامث س
(25) للثقة بلبه: لنفسه هـ
(26) بلبه: بانه م(1/334)
أو للثقة بفضيلته، أو للثقة بمؤالفته وصداقته. وقد يقع التكذيب لأضداد (1) هؤلاء.
كما قد (2) يقع الكذب (3) فى المشورة من المشيرين: إما (4) لجهلهم، وإما (5) لشرارتهم ومحبتهم (6) الشر للناس، وإما لأنهم غير معنيين (7) بالمشار عليه (8)، فلا (9) يصدقون النظر فى أمره، ويشيرون عليه بالفطير من الرأى. فأما (10) امتحان الإنسان وتعرف حاله فى أصالة لبه (11)، وزكاء (12) خليقته، فإنما يتيسر الوقوف عليه باعتبار الأنواع المعطاة فى باب المدح والذم. وأما حال الألفة والصداقة واعتبارها فسيرد (13) من الأنواع فى ذلك ما يزيح العلة فى الحاجة إلى معرفته حين نذكر الانفعالات، وهى الأحوال التى يختلف باختلاف تكيف (14) الحاكم بها حكمه.
فلنبدأ من هذه الأحوال بالغضب (15)، والمغضب، والمغضوب عليه (16). فأما (17)
الغضب: فهو أذى نفسانى لشوق من (18) الإنسان إلى إحلال ما يرى عقوبة بسبب اعتقاد استصغار (19) وازدراء من الذى يغضب عليه إياه. ولذلك (20) فالغضب لا يتناول أمرا كليا يغضب عليه، لأن الأمر الكلى لا يصدر عنه احتقار، ولا يرجى منه انتقام، بل المغضوب عليه شخص أو نفر. وقد علمت ما يلزم الغضب من اللذة التى (21) تستدعى إلى التزايد (22) فيه. وأما الاستحقار: فهو أن يظهر من حال الشئ قولا أو فعلا أنه لا يستحق (23) الاعتناء به، والالتفات إلى كرامته، وأنه لا يخاف شره ولا يرجى خيره. وينحصر (24) فى ثلثة أقسام هى: الاستهانة،
__________
(1) لاضداد: بأضداد م
(2) قد: سقطت من س
(3) الكذب: التكذيب ب، د
(4) اما: واما س
(5) واما: او سا
(6) محبتهم: صحبتهم س
(7) معنيين: معفين م
(8) عليه: اليه س، م
(9) فلا: ولا س
(10) فأما: وأما ب، د
(11) لبه: لبة س
(12) زكاء: زكاء م
(13) فسيرد: فيرد د، دا
(14) تكيف: وتكيف س
(15) الغضب: المغضوب له د، دا
(16) المغضوب عليه: المغضوب له هـ
(17) فاما: أما ب
(18) من: سقطت من د
(19) اعتقاد استصفار: احتقار واستصغار ب، هامش هـ، دا
(20) ولذلك: وكذلك س: وبذلك هـ
(21) التى سقطت من د
(22) التزايد: التزيد م
(23) يستحق: يستحيى م
(24) وينحصر: سقطت من م(1/335)
والعنت (1)، والشتيمة. والاستهانة: إظهار ما يدل على دناءة (2) المستهان به.
والعنت (3): هو التعرض له عند ما يحاول حركة أو سكونا بإرادته ليصد (4) عن ذلك لا لغرض إلا للالتذاذ بضجره (5) أو حيرته (6). وهذا لا يفعل إلا بمن يعد (7) غير معتد برضاه ولا سخطه (8)، كأنه لا يرجى ولا يتقى.
وأما كيفية الإضرار بالشتيمة وأنه (9) لا يصدر إلا عن استحقار فهما (10) ظاهران لا يحتاج إلى كشفهما. والشتم أيضا مما يلتذ له (11) الشاتم لما يتخيله عند ما يشتم من الغلبة، وما يتوهم عند نفسه من سبقه المشتوم فى الفضيلة لبراءته عما قذفه (12)
به من المثلبة (13). والأحداث والمثرون شتامون فحاشون لهذا (14) السبب. والطّنز تركيب من العنت (15) والاستخفاف، أو العنت (16) والشتيمة، على ما يشرح فى موضعه.
وأقل الناس احتمالا للمخرجات وحلما عند لذع المغضبات من يرى لنفسه فضلا بحسبه، أو قوته، أو فضيلة فيه، أو سلطان، والمتنعمون، ومن يتوقع إكراما وإنعاما فيخفق، أو يتلقى ممن يتوقع ذلك عنده استخفافا وهوانا فى نفسه أو ذويه (17) بقصد (18) من الآخر. والمشغول بألم فى بدنه أو مقاساة (19) أذى من غيره أو مصائب (20)
فجعته (21) أو نوائب فدحته مستعد للغضب من أدنى (22) مغضب. ولذلك (23) من منى بالعسرة، أو قصر عن مشتاق إليه من الأغراض فإنه لا يتفرغ للشهوة واللذة (24)، ويضطرب (25) عند عارض الغضب. وقد يسرع إلى الإنسان الغضب على من (26)
__________
(1) العنت: العتب م: العبث ب، دا، سا
(2) دناءة: ديانه س
(3) العنت: العتب م: العبث ب، سا
(4) ليصد: ليضجر ب، د، هامش هـ
(5) بضجره: بضجرة م
(6) حيرته: خبرته د
(7) يعد: هو ب، دا
(8) سخطه: بسخطه م
(9) وانه: وانها م
(10) فهما: هما م
(11) له: به م
(12) قرفه: قوفه د: قذفه هامش هـ
(13) المثلبة: المثلية م
(14) لهذا: بهذا ب
(15) العنت: العتب م: العبث ب، د، سا
(16) العنت: العنه؟؟؟ س: العبث ب، سا
(17) ذويه: دونه د، م
(18) بقصد: يقصد دا
(19) مقاساة: بمقاساة د
(20) مصائب: مصيبة د
(21) فجعته: مجعته س
(22) أدنى: أذى س، سا
(23) لذلك: كذلك ب، د، دا
(24) واللذة: سقطت من سا
(25) يضطرب: يضطر م
(26) من: سقطت من ب(1/336)
يتهاون بعارض له من ألم بدنى أو نفسانى، أو بما (1) يهمه من استخبار حال أو مزاولة قتال، أو يتهاون بحقه من الصداقة. وكذلك (2) المخفق (3) فى أمله، فإنه تعرض استشاطته (4) غضبا على من حرمه أمله، وعلى غيره. ومن جنس الشتيمة والاستهانة تحقير ما يؤثره أهل الاجتهاد فى العبادة والفضيلة، أو فى تعليم (5) أهل الاجتهاد الحكمة وتعلمها (6)، وترذيله (7). فإن الجمهور كثيرا ما يتطانزون (8) بهؤلاء (9) لقصور أوهامهم عن إدراك المنفعة فيما يدأبون (10) فيه، فينسبونهم إلى أنهم متشحطون (11) فيما لا منفعة فيه، ولا قوة منفعة. فإذا فطن المجتهد والمتعلم لصنيعهم (12) امتعض وارتمض.
لكن العامى أيضا آخر الأمر فقد تحوجه (13) الأحوال إلى ترضى (14) الأمناء والفضلاء فيما يتوقعونه من حسن قيامهم على الودائع، وحسن توسطهم فى الأمور، بما (15) يعرفه العامى من تدينهم بإحسان (16) المعونة (17) من (18) الافتقار إلى عدالتهم فى باب الشهادات التى لابد منها فى المعاملات، فحينئذ يتألفونهم ويستعطفون قلوبهم، ويرون فى استيحاشهم منهم خسرانا ووضيعة (19).
ومن المغضبات: قطع العادة فى الإحسان، والقعود (20) عن جزاء الجميل بالجميل.
فكيف إذا ساءت المجازاة (21)، وقوبل الجسيم من النعمة بالسيئة أو بالكفران (22)، أو باستخساس ما أسدى من الإحسان وإيقاعه موقع القاصر عن الاستحقاق.
فبعض هذه الوجوه خسيسة وهو قطع العادة، وبعضه أخس وهو القعود (23) عن الجزاء، وبعضه لا كلام فى قبحه وهو سوء الجزاء. وقد يغضب المرء على صديقه،
__________
(1) بما: ما ب، سا
(2) وكذلك: فكذلك م، دا
(3) المخفق؟؟؟: المحفوّ سا
(4) استشاطته: استشاطة ب
(5) أو فى تعليم: وفى تعليم د
(6) وتعلمها: سقطت من م
(7) ترذيله: رذيلة د
(8) ما يتطانزون: لتطايرون هـ
(9) بهؤلاء: بها ولا د
(10) يدأبون: يدانون د
(11) متشحطون: متسخطون س
(12) لصنيعهم: لضيعتهم م: لصنعتهم دا
(13) تحوجه:؟؟؟ حرحه د
(14) ترضى: رضى د
(15) بما: وبما س، هـ
(16) بإحسان: الاحسان هـ
(17) المعونة: المعرفة سا
(18) من: وسا
(19) ووضيعة: وصيعه س
(20) القعود: العقود د، س
(21) المجازاة: المجازات د، س
(22) بالكفران: الكفران م
(23) القعود: العقود د(1/337)
إذا استحل السكوت عن الجميل فى بابه، وخصوصا إذا أصابه (1) بأساء (2) فهانت (3)
عليه، ولم يمتعض (4) له (5)، ولم يحسن مشاركته إياه فيها (6) أو أصابته فاقة، وبه سدها، فلم يرتج له. وكذلك إن كان مكانه أهل (7) عنايته، ومن يهمه أمره. وذلك لأن هذا كله (8) دليل على الاستهانة.
وأصناف الاستهانات الموجبة للعتب (9): الاستهانة بالمرء نفسه، والاستهانة بمن يكرمه (10)، والاستهانة بمن (11) يتعجب (12) المرء (13)، والاستهانة بما يجلب (14) فضيحة على الصديق (15). ومن هذه الأصناف: غضب الوالد على أولاده، والمتسلطة على زوجها.
والبخس فى كل (16) مستحق (17) هو من الاستهانة. وكذلك تلقى جد الجاد بالهزل.
والتخصيص (18) بالحرمان (19) من بين الأشكال. وتناسى الصديق حتى يمحو اسمه أو قصته عن الذكر. فقد استقصى شرح ما يتعلق بالغضب.
فلننتقل إلى شرح الحال فى ضده: وهو فتور الغضب. وإنما يفتر (20) عمن لم يقصد الاستهانة بالمنة (21)، بل (22) سها (23) أو غلط وعمن يتعدى الإغضاب إلى العذاب، فيشغل (24)
الألم عن الحرد وعن الذى يعامل نفسه بما عاملك (25) به وعن المعترف والمستغفر بالتوبة. كما أن المصر على الإنكار والجحد (26) لوقاحة أو لاستخفاف فإنه يؤهل (27) لمزيد الغضب على ما كان عليه من الغضب. وعن المتخاشع المتذلل (28) المستكين (29) المتساكت
__________
(1) أصابه: اصابته هـ
(2) بأساء: بأس د: بأسا م: باسها سا
(3) فهانت: فهان د
(4) يمتعض: يمتعط م: ينغص د
(5) له: سقطت من س
(6) فيها: سقطت من د
(7) أهل: هل س
(8) هذا كله: هذه كلها د
(9) للعتب: للعنت س، هـ: للغضب ب، د
(10) يكرمه: يمكر به م
(11) بمن: فمن د
(12) يتعجب: تعجب ب: من م
(13) المرء: منه د: منه الاستهانة والاستهانة جب؟؟؟ من المرء م
(14) يجلب: جلب ب، سا
(15) الصديق: التصديق م
(16) كل: سقطت من م
(17) مستحق: حق م
(18) التخصيص: التخصص م
(19) بالحرمان: والحرمان د
(20) وانما يفتر: سقطت من م
(21) بالمنة: بالشتيمة د
(22) بل: قبل د
(23) سها ب، س، ن: سهى د، م، هـ
(24) فيشغل: فيستعمل م: ولينقل د: فينتقل دا
(25) عاملك: عامل سا
(26) الجحد: الجهد س
(27) يؤهل: موهل س، هـ
(28) المتذلل: المتنكل م
(29) المستكين: المسكين د، سا(1/338)
الذى لا يعتصم باللجاج والحجاج (1)، ويستثبت (2) السكون (3) من الاعتراف المخجل (4). وقد تجد الكلاب المتهرشة (5)، إذا أولعت (6) بالحمل (7) على عدة، فقعد (8) بعضهم، واستعجل بعضهم كأنه (9) يجالدها، كفت عن المستخذى (10) بالقعود، وحملت على المجالد (11). وقد يفتر الغضب عن القوم الهشاش جدا. فإن الأريحية التى تتوسم (12) فيهم لمفراحيتهم (13)
تحيل (14) النفس إلى مثلها فى بابهم، كأن الهشاشة إحسان يقتضى جزاء (15). وكذلك الفقراء الذين بأحوالهم ضر وكذلك المستغفرون المحتجزون (16) وكذلك المشاهير بكف الأذى، وغض الطرف، وقصر اللسان، فإنهم يحتمل عنهم بوادرهم ونوادرهم (17). وكذلك المهيبون والمستحيى (18) منهم فإن الغضب لا يجامع المهابة (19)، ولا الخجل (20). والاستهانة، إذا صدرت عن محتشم، ظنت نتيجة سخطه، فلم (21)
تعتقد استهانة محضة (22)، بل اعتقدت (23) تأديبا وتثقيفا، وعد تأهيله للغضب (24) عليه مضادا لاحتقاره. فإن البالغ فى السقوط لا يسف إليه السخط (25)، ولا يعترى منه الحزن (26)، ولا الأذى (27) المستشعر مع استشعار استهانته (28). وكذلك الاستهانة (29) التى تكون فى حال المزاح، فإنها تدل على التذاذ المستهين بمحاورة المستهان به، ومخالطته وذلك لعزه (30) لا لحقارته. والملهو به قد لا يغضب لرجائه الخير ممن (31) يلهو به.
وكذلك إذا أتى بفعل مغضب مشوبا (32) بسد (33) خصاصة، وإسداء معروف. وإذا طال (34) الزمان على المعنى المغصب المحق (35) أثره، فلم يغضب، أو (36) فتر عنه الغضب.
__________
(1) الحجاج: اللجاج م
(2) يستثبت:؟؟؟ ستي سا
(3) السكون: السكوت ب
(4) المخجل: المحول هـ
(5) المتهرشة: المهترشة م
(6) اولعت: اولغت سا
(7) بالحمل: سقطت من س
(8) فقعد: وفقد د: ففقد هـ
(9) كأنه: سقطت من م
(10) المستخذى: المستخذين ب
(11) المجالد: المحادل س
(12) تتوسم:؟؟؟ م س
(13) لمفراحيتهم: لمفراحتهم ب: بمفراحتهم د
(14) تحيل: تميل د
(15) جزاء: جزءا د
(16) المحتجزون: المحرون؟؟؟ د: والمحرون؟؟؟ المححرون؟؟؟ م
(17) ونوادرهم: سقطت من سا
(18) والمستحيى: المسخر س
(19) المهابة: المهانة د، ن، هـ، دا
(20) الخجل: الخجالة ب
(21) فلم: ولم س
(22) محضة: محمدة س، هـ: محدة؟؟؟ سا
(23) اعتقدت: اعتقد د، س، هـ
(24) وعد تأهيله للغضب: وعند تأهيل المودب للغضب د
(25) السخط: لسخط د
(26) الحزن: الحر د ب
(27) ولا الأذى: والاذى د
(28) استهانته: استهانة س، هـ
(29) الاستهانه: استهانة د، سا
(30) لعزه: لغيره سا
(31) ممن: ممن د
(32) مشوبا:؟؟؟ سدبا د
(33) بسد: لسد د
(34) طال: كان س
(35) انمحق؟؟؟ انمحى؟؟؟ ن، دا
(36) أو: إذ هـ(1/339)
ومما يسكن الغضب: الظفر، وإدراك الثأر، وانصباب (1) عذاب (2) على المغضبين، ولو من السماء. والعارف بزلته وجنايته، الواقف باعتباره (3) على خطيثته، المتحقق لاستحقاقه ما يجرى عليه من الاحتقار، فإنه لا يحرد (4) فى التعنيف به حرد (5) المصر على الإنكار، وخصوصا إذا عوقب (6) أولا بالكلام وذلك أن يواقف (7) على سوء صنيعه، ويوبخ (8) عليه. وإنما يغضب فى مثل هذه الحالة من الناس من هو غال (9)
فى الزعارّة (10). ومما يسقط الموجدة على المسئ جهله بالإساءة، وغفلته عن الفرقان بين الجميل والقبيح. وإن هلاك المغضب ولحوقه بالدار الآخرة لمما يسل السخيمة عن القلوب، فضلا عن الغضب.
فصل (11) [الفصل الثانى] فى أنواع الصداقة والأمن والخوف (12) والشجاعة والجبن
الصداقة حالة (13) الإنسان من حيث يهوى الخير (14) لإنسان آخر، لأجل ذلك الآخر، لا لأجل نفسه. فتكون له ملكة داعية إلى فعل الخير لذلك الآخر (15). والصديق هو (16) الذى يحب ويحب معا، ويشارك فى السراء والضراء، لأجل صديقه،
__________
(1) وانصباب: أو انصباب د، س
(2) عذاب: سقطت من س
(3) باعتباره: باعترافه ب
(4) يحرد: يجرد م، سا
(5) حرد: جرد سا
(6) عوقب: عوتب م
(7) يواقف: واقف ب
(8) يوبخ: التوبيخ م
(9) غال: عال د، س، ن
(10) الزعارة: الذعارة هـ: الدعارة س، م، ن، سا
(11) فصل: فصل 2هـ: فصل ب ب: الفصل الأول م، دا: الفصل الثانى س
(12) الخوف: والأنس م
(13) حالة: حال س: على هـ
(14) الخير: سقطت من د
(15) الآخر: به س، سا
(16) الآخر والصديق هو: وبه الصديق الآخر وهو م(1/340)
لا لأجل نفسه. وإنما يظهر صدق الصداقة (1) عند الارتياح لما يسر الصديق والاغتمام لما يسوءه. لأن العدو بالضد. والمحببون إليك من الناس هم المحسنون إما اليك، أو إلى من منك بسبب، وخصوصا إذا توالى الجسيم من إحسانهم عن طيب نفس، وطلاقة، من غير استثقال. وكذلك الذين يرتجى مثل ذلك فيهم (2).
وكذلك حبيب الحبيب، وعدو العدو الذى (3) يبغض العدوّ، أو يبغضه العدوّ.
والذين يطمعون غيرهم ولا يطمعون، مثل الأسخياء والشجعاء (4) والأبرار. والذين (5)
يقتنعون بما يكسبونه (6) بكد أنفسهم، ويحسمون مواد الأطماع (7) عن (8) غيرهم، مثل الذين يتعيشون (9) بغنائم (10) الأعداء. وكذلك سلماء الصدور (11) محببون، لكفهم الأذى وإيمانهم الناس غوائلهم. وكذلك ذوو (12) الفضائل الذين يستغنون عن الآخرين، ولا يقدم أحد على إكرامهم (13) إلا بالاستئذان (14)، ويستشعر من يبرهم منة جسيمة (15) حين يجاب إلى القبول. وكذلك الظرفاء الألذاء فى عشرتهم (16) لما يتوقع من مساهلتهم، ومساعدتهم، ولمهم الإنسان على شعثه (17)، وقلة معاتبتهم (18) على التقصير، وشدة (19)
أمان الأصدقاء توبيخهم على التفريط. وأضداد هؤلاء هم الصخابون، المعاسرون (20)، العذال (21). وإن (22) كان ليس كله للنكد (23)، بل وللشفقة. ومنهم الصلاب، المحتملون لأنواع العقوبة، المصطبرون (24) عليها (25) فإنهم إنما يفعلون ذلك لشراسة (26) أخلاقهم.
__________
(1) الصداقة: الصداق د
(2) فيهم: منهم د
(3) الذى: والذى م
(4) الشجعاء: الشجعان س، هـ
(5) والذين: الذين س، م
(6) يكسبونه: يكتسبونه ب، هـ، دا: يكتسوه؟؟؟ د
(7) الاطماع: الاطباع هـ، دا: الاطمان د
(8) عن: من د، م
(9) يتعيشون: يعيشون ب
(10) بغنائم: لغنائم د
(11) سلماء الصدور: سليمو الصدور د
(12) ذوو: ذو م: ذوا هـ
(13) اكرامهم: الرامهم س
(14) بالاستئذان: باستئذان م، هـ
(15) من يبرهم منة جسيمة: رهم؟؟؟ منه حشمة س: بتوهم منه حشمة هـ
(16) عشرتهم: عشيرتهم م، سا
(17) شعثة: سعيه سا
(18) معاتبتهم: معاتبته س، هـ
(19) وشدة: وصد سده د
(20) المعاسرون: المعاشرون د، م
(21) العذال: العداله د: العدال م
(22) وان: فان سا
(23) للنكد: للتكد سا
(24) المصطبرون: المصطرون س
(25) عليها: عليهما س
(26) لشراسة: فى د، م(1/341)
ومن المحبوبين: المداحون المتملقون، والمتجملون (1) الحسنو البزة، والذين لا يعيرون (2)، ولا يعاسرون، ولا يربون الوغر فى الصدور، ويمقتون اللجاج. فإنهم إذا جرت عادتهم هذه فى الناس، رجا (3) كل إنسان منهم مثل ذلك مع نفسه. وكذلك الذين يملكون ألسنتهم فلا يهجرون (4) ولا يفيضون فى ذكر الشر. ولمثل هذه العلة ما تنحل عقدة الموجدة، إذا تلقيت بالسكون والاستخذاء. والشريك (5) فى الحرفة والعادة. والذى يظن بالإنسان فضيلة أو تعجيبا ويأنس به هو محبب عند المظنون به. وكذلك المكرمون المبجلون. وكذلك من تود (6) أن لو حسدك (7) من غير تعديه إلى تربص (8) غيلة (9) بك (10) فإنك لو لم تعتد به، لم تهو حسده (11) لك. والمعتد به، إذا أمن شره، فهو معرض للمحبة. وكذلك من تحب أن يحبك. ومن (12) المحبين (13)
أيضا (14) من يبذل مودته (15) للدانى والقاصى من غير تملق وتصنع (16). ومن المحبين (17) من يوثق بحسن كتمانه لما يقف عليه من مساوئ الإنسان. ولذلك فإن الوقاح يحب (18) الحيى، لأنه يأمنه.
فأما أنواع الصداقة فثلثة: أولاها الصحبة، وهى حالة (19) تتأكد بين اثنين لطول التشاهد (20) وثانيها الأنس، وهو الالتذاذ بالالتقاء وثالثها الوصلة، وهى المشاركة، إما فى القرابة كالمصاهرة، وإما فى النعمة كالمهاداة.
وأما العداوة فيوقف على أحوالها من أحوال الصداقة، على مقتضى المقابلة.
ومن أسباب العداوة والبغض: الغضب. لكن الغضب (21) لا يكون إلا على شخص،
__________
(1) والمتجملون: المتجملون س: والمحتملون م: والمتمحلون سا
(2) يعيرون: عيرون؟؟؟ ب: يعرون؟؟؟ م: يغترون د: يغرون س، هـ
(3) رجا: رجاء د، س، هـ
(4) فلا يهجرون: سقطت من سا
(5) والشريك: الشريك د
(6) تود: يود س، هـ
(7) لو حسدك: لو حدك د
(8) تربص: رفص د، دا
(9) غيلة:؟؟؟ له د: محله ب: عيلة هـ: علة س، هامش هـ، دا
(10) بك: بل ب، م، د، سا
(11) حسده: حده د
(12) ومن: من سا
(13) المحبين: المحببين س
(14) أيضا: سقطت من س: وكذلك سا
(15) مودته: سقطت من س
(16) تملق وتصنع: تصنع وتملق س، هـ
(17) المحبين: المحببين س
(18) يحب: محب د
(19) حالة: حال س، هـ
(20) التشاهد: الشاهد سا
(21) (لكن) الغضب: العداوة د، س(1/342)
والبغض قد (1) يكون للنوع، وما يشبه (2) النوع، كبغضك للسارق على الإطلاق (3).
فمن هذه الأنواع يمكن أن نبين (4) أن فلانا صديق وفلانا عدو، ومنها (5) يمكن أن نقرر فى نفس الحاكم والسامعين (6) على سبيل الاستدراج عداوة للخصم وغضبا (7) عليه، ومحبة للمتكلم وميلا (8) إليه.
فأما الخوف، فهو (9) حزن واختلاط نفس، لتخيل شر متوقع ناهك يبلغ الإفساد أو لا يبلغه. فإنه ليس كل شر يخاف. فإن الحسد (10) وكون الإنسان فاجرا (11) مما لا يخاف. إنما يخاف من الشر ما (12) ينهك (13) من يحله (14) بإفساد أو إيلام، ويكون فى المستقبل. فأما (15) الذى انقرض، أو الذى حل، فقد (16) بطل الخوف عنه (18). ويكون مع كونه فى المستقبل (17) متوقعا، أى قريب (19) الوقوع. فإن المستبعد (20)
لا يخاف. ولهذا لا يخاف كل إنسان الموت، بل إنما يخافه الذى شارفه.
فالمخوفون (21) إذا هم الذين يقتدرون على مثل هذا الضرر. وركوب (22) الخطر هو (23) الحركة نحو مقاربة (24) الضرر (25) أو الثبات (26) بقربه. ومما يوجب الخوف الاعتبار، وهو مشاهدة مثل ذلك الضرر وقد حل بآخر (27). ومن صدر عنه ذلك (28) مخوف، ومن جرب بالإضرار مرارا فهو مخوف. والمقتدر الذى لا يدافع إلا بالاستغفار (29) مخوف، وإن لم يقدم على ضرر (30)، وخصوصا إذا كان مع ذلك ظالما. والمغافص
__________
(1) قد: سقطت من س
(2) يشبه: يشبهه م، دا، سا
(3) الإطلاق: سقطت من م
(4) نبين: تبين م، دا، سا: سقطت من س
(5) ومنها: منها ما د: ما س
(6) السامعين: السامعون م
(7) غضبا: غضب س، هـ، سا
(8) ميلا: ميل ب، س، م، هـ، سا
(9) فهو: وهو م، دا
(10) الحسد: الكسل س، هـ
(11) فاجرا: فاخرا د، دا
(12) ما: وما س
(13) ينهك: نبهل م
(14) يحله: كله سا
(15) فأما: واما د
(16) فقد: فقط س
(17) فاما الذى انقرض فى المستقبل: سقطت من م
(18) عنه: عليه د
(19) قريب: من م
(20) المستبعد: المتبعد س: المستعد سا
(21) فالمخوفون: والمخوفون ب
(22) ركوب: يكون د
(23) هو: وهو هـ
(24) مقاربة: مقارنة س، هـ
(25) الضرر: الضر د
(26) الثبات: الثياب م: النبات ب
(27) بآخر: بالآخر د
(28) عنه ذلك: ذلك عنه س، هـ
(29) بالاستغفار: بالاستصغار م
(30) ضرر: ضرره د(1/343)
بخلاف المظنون خائف، يخاف من غافصه به (1). وهذا المغافص، ما (2) لم يرجه (3)، مخوف عند مغافصه. والمقتدر على المنازعة فيما لا يحتمل الشركة، كالملك، مخوف. والأعلى يدا مخوف، وخصوصا إذا شعر بقصد منه (4). والذين يخافهم من هو أفضل فهو مخوف عند الأدون. وأصدقاء (5) المظلومين. والأعداء.
والمسارعون إلى الإضرار بك. والمتأنون من الدهاة، فإنهم أبلغ نكاية من المتسرعين (6)، وهؤلاء هم الذين لا يوقف على نياتهم (7) (8) بسرعة، ولا يملون طول مزاولة (9) العداوة. ومن الأمور المخوفة ما لا يسهل تداركه بمنعه (10) أو مقابلته (11) بضده، وما لا ناصر له (12) على مدافعته. فأما (13) المستعد (14) لأن يخاف، وهو (15) الذى به (16) أحد هذه الأحوال، فهو (17) متوقع لضرر مطل (18)، ولا ناصر له، ولا حيلة. والذين لا يخافون هم المثرون، المتمكنون من العدد والأعوان. ولذلك ما تراهم شتامين، صخابين، مستخفّين بالناس، مستعلين (19) وخصوصا فى سن الشباب وصحة البدن وقوته، ووفور الشيعة (20)، وكثافة الرفقة. والالتجاء إلى المشورة (21) من علامات الخوف.
فمن أراد أن يثبت خوفا، أو يقرره فى نفس أو وهم (22)، فليتأمل شيئا (23) شيئا مما قلناه (24)، وليتخذه موضعا.
فأما (25) الشجاعة: فهى (26) ملكة يكون بها الإنسان حسن الرجاء للخلاص، ومستبعدا (27)
لوقوع المكروه. وكأن المكروه عند الشجاع غير موجود، أو بعيد (28). وكل ذلك
__________
(1) به: سقطت من م
(2) ما: بما م
(3) يرجه: يوجه د، م
(4) منه: سى د: شى سا
(5) أصدقاء: الاصدقاء س
(6) المتسرعين: المسرعين م، سا
(7) على نياتهم: سقطت من هـ
(8) نياتهم: ثباتهم د
(9) مزاولة: مزاولته م
(10) بمنعه: لمنفعة هـ
(11) مقابلته:؟؟؟ ابلته س
(12) له: سقطت من ب، م
(13) فأما: وأما د
(14) المستعد: المستبعد م
(15) وهو: فهو د، س، هـ
(16) به: سقطت من س
(17) فهو: وهو س، هـ
(18) مطل: مظل م
(19) مستعلين: مشتغلين م
(20) الشيعة: الشنيعة م
(21) المشورة: المشهورة د
(22) أو وهم: أو؟؟؟ هم م
(23) شيئا: سقطت من م
(24) قلناه: قلنا د، س، سا
(25) فأما: وأما س
(26) فهى: فهو س: وهى م
(27) مستبعدا: مستبعد م
(28) أو بعيد: وبعيدا د(1/344)
له من جهة اعتقاده (1) بأن (3) أسباب الخلاص قريبة ومن (4) جهة (2) حسن ظنه (5) بالتمكن من تقويم الشر المتوقع، وقوة استشعار نفسه (6) التمكن من إحلاله النكير بالقرن المبارز. ثم كثرة الأنصار وقوتهم معا، ثم البراءة عن الظلم وقلة احتماله معا، إذا اجتمعا، شجعا الإنسان. فإنه من حيث لم (7) يظلم حسن الظن، ومن حيث لا يحتمل (8) الظلم (9) جرئ على المدافعة. فإنه لا يمكن أن يقدم على المجاهدة وما به منة (10) بدن أو نفس. فأما إذا (11) كانت هناك قوة، وكان الآخر يجرى منه مجرى الصديق، وكان مبرأ عن توجه الضيم منه إليه، بل لم (12) يزل مخصوصا بالإحسان منه به (13)، اما فى فعل، أو انفعال أما الفعل فمثل المعونة بالمال (14)، وأما الانفعال فمثل مقاساة الشدائد فيما يعود على الصديق بالمصالح فإن مثل هذا الإنسان شديد التشجع على من يؤذيه من أصدقائه الذين حاله إليهم ما اقتصصناه.
ثم المستند (15) بخلال الشرف فى النسب، والفضل فى الحسب، أو باجتماعهما، جرئ مقدام، لاستحقاره من دونه. والأمور التى يشجع عليها هى الأمور التى لا تبلغ الإتلاف، ويتوقع (16) فيها التلافى. والأمور (17) المكابدة مرارا عن خلاص، فإن المجرب من المخاوف المكابدة ربما جرأ (18) عليها قوما، وربما جبّن عنها قوما.
وما لم (19) يجرب مشجوع عليه أيضا حين لا يتخيل عقباه (20). وقد يشجع على (21) المخوف المجرب (22)، إذا صودف فيه سند يعول (23) على كفايته (24)، كمن يشجع (25) على ركوب البحر
__________
(1) اعتقاده: الاعتقاد د
(2) اعتقاده ومن جهة: سقطت من م
(3) بأن: فان د، سا
(4) ومن: من س، هـ
(5) ظنه: الظن د
(6) نفسه: النفس د
(7) لم: ما م، سا
(8) يحتمل: يتحمل د
(9) الظلم: ثم م
(10) منة: سقطت من سا
(11) فأما إذا: فاذا ب
(12) بل لم: فلم هـ
(13) به: سقطت من د
(14) بالمال: بالحال هـ: سقطت من ب، س
(15) المستند: المستبد ب، م، سا
(16) يتوقع: متوقع د
(17) الأمور: لأمور د
(18) جرأ: جراه س: جسر د
(19) لم: لا م
(20) عقباه: عقبا د
(21) على: عن س
(22) المجرب: والمجرب م، هـ، دا
(23) يعول: يقول د، م، هـ
(24) كفايته: كفاية م
(25) يشجع: يعول سا(1/345)
مستنيما (1) إلى الربان الحصيف (2). وقد يشجع (3) على المخوف معرفة الإنسان بخلاص طائفة قاسوه (4) عنه، وإن لم يخضه الإنسان بنفسه. وإذا كان المدبر تحت تدبير غيره يرى (5) أنه أفضل وأولى بالرتبة السنية منه، شجع عليه. وكذلك إن رأى نفسه نظيرا له. فأما إن كان (6) المستعلى أفضل وأولى بوفور ماله، أو قوة بطشه، أو كثافة أنصاره وزحامة (7) بلده وكثرة عدده، أو فى بعض ما هو خطير (8) من جملة ذلك، فإنه يكون حينئذ (9) (10) مخوفا مهيبا. وإذا كان المستعلى عليه حسن السيرة، متمهد الحال فيما بينه وبين الله، كان أيضا (11) قليل الاكتراث بالمتغلب (12) عليه.
وكذلك إذا كان العقلاء والفقهاء والخطباء يحسنون به (13) الظن، ويشهدون له بالستر، فإنهم لا يكترثون (14) بالمتغلبين. ومن المشجعات اشتعال الغضب فإنه إذا حمى، شجع الجبان، وقوى الخوار، وأخرج الإنسان إلى جانب الإقدام.
ومما يوجب مثل هذا الغضب ظلم يقع على البرئ، فإنه يحسن ظنه بنصرة الله (15)
إياه. وكذلك الثقة بأمن غائلة الإقدام، أو بزيادة (16) المنفعة فيه على المضرة، أو اعتراضها (17) للتلافى.
__________
(1) مستنيما: مستنيفا س
(2) الحصيف: الخصيف س: الخفيف هـ
(3) يشجع: يجسر د
(4) قاسوه: فاسره هـ
(5) يرى: ويرى ب، دا، سا، هـ (ثم كتب فوق الواو خ فى هـ)
(6) كان: بخاف هـ
(7) زحامة: رحاه؟؟؟ د: رجاه؟؟؟ م
(8) خطير: خطر سا
(9) حينئذ: سقطت من هـ
(10) يكون حينئذ: حينئذ يكون د
(11) كان أيضا: سقطت من س
(12) بالمتغلب: بالتغلب د
(13) به: سقطت من هـ
(14) يكترثون: كثيرون هـ: يكثرون د
(15) الله: تعالى ب
(16) بزيادة: زيادة ب، د، سا
(17) اعتراضها: عوارضها هـ: اعراضها س(1/346)
فصل (1) [الفصل الثالث] فى أنواع الاستحياء وغير الاستحياء (2) والمنة
فلنتكلم (3) فى الخجل وفى الافتضاح (4) وفى أسبابهما:
إن الخجل والاستحياء حزن واختلاط (5) بسبب شر (6) يصير به الإنسان مذموما، سواء سلف وقوعه، أو حضر، أو يتوقع. والوقاحة خلق يحتقر (7) معه الإنسان فوات الحمد، ويستهين (8) بانتشار الذم. فتكون الفاضحات هى الشرور التى بهذه الصفة، مثل الفرار من الزحف، والتكشف عن السلاح جبنا، ومثل التعرض للوديعة بالخفر، ومثل ارتكاب الظلم، وكذلك معاشرة الفساق ومداخلتهم فى مواضع (9)
الريبة (10)، والحرص على المحقرات والإسفاف (11) للدنيات مثل سلب المسكين والنبش عن كفن الميت، والتقتير (12) مع اليسار، ومسئلة المعسرين، والاستسلاف حيث يقبح، ومعارضة المستميح (13) بالاستماحة، ومقابلة المجتدى بالتقاضى، فيتقاضى إذا استميح، ويستميح إذا تقوضى. ومن ذلك المدح للطمع، والذم عند الإخفاق، فيكون متملقا يفرط فى نشر فضائل إنسان ما خارجا عن الواجب، ومتظاهرا باغتمام لما يغم الآخر فوق المضمر فى النفس (14). ومن الفضائح الجزع على اليسير
__________
(1) فصل: فصل 3هـ: فصل ح ب: الفصل الثانى م، دا: الفصل الثالث س
(2) وغير الاستحياء: سقطت من س
(3) فلنتكلم: الآن س
(4) وفى الافتضاح: والافتضاح د، س
(5) واختلاط: أو اختلاط م، هـ
(6) شر: سوء دا: شئ هامش هـ
(7) يحتقر: يحقر س
(8) يستهين: يستبين هـ
(9) مواضع: موضع سا
(10) الريبة: الرتبة س، سا: الزينة م
(11) الاسفاف: الاشتياق ب: بالاشتياق د
(12) التقتير: التغيير هـ
(13) المستميح: المستميحين ب، د
(14) النفس: ومن النفس م(1/347)
من الوجع أو الضر جزع (1) المشايخ، أو الكسالى (2)، أو المتسلطين، أو الضعفاء وكذلك تعيير (3) المحسنين بأفعالهم أو انفعالاتهم (4)، فإن ذلك قبيح وفضول، لأن ذلك علامة صغر (5) النفس. وكذلك مدح النفس بالكذب (6) والصلف وانتحال ما أظهره غيره من أثر، فإن هذا من علامات الزهو (7). ومن المستهجنين من يجرى مجرى هؤلاء، وإن لم يأت مأتاهم (8). والذى يجرى مجراهم هو من يرضى برضاهم، ويدخل فى مشورتهم، ويميل إلى عشرتهم (9). ومن المخازى انفعالات يتلقاها الإنسان فى نفسه وذويه بالإذعان، مثل رضى (10) الإنسان بالاستهزاء به ومحاكاته للأمور الخسيسة وتعريضه (11) أعضاءه (12) لمعاملات فاحشة، وصبره (13) على الشر (14) الواقع به بإرادته وغير إرادته، لحرصه وجشعه (15) وتوقعه حلوانا عليه (16). وكثير (17) من الصبر جبن لا شجاعة، وذلك مثل القعود عن الثأر وما يجرى مجراه. ثم الافتضاح أو الخزاية (18)
فى الجملة (19) فإنه يوهم (20) لفوات الحمد وحلول الذم (21) وانطلاق الألسنة فيه بالذم عند من يعبأ به (22).
وأما فوت الحمد عند المجانين والصبيان فأمر لا يستحيى منه. فالمستحيى (23) منهم هم الذين يتعجب منهم، أو يتعجبون هم من المستحيى (24)، ومن يؤثر المستحيى (25) أن يكون عجيبا عنده أو مكرما لديه، ويكون معتدا (26) بما يناله من حمده، وذلك (27) من
__________
(1) جزع: كجزع ب، د
(2) أو الكسالى: والكسالى د
(3) تعيير: يعتبر م، سا
(4) أو انفعالاتهم: وانفعالاتهم م: أو انفعالهم ب
(5) علامة صغر: المسصفر هـ
(6) بالكذب: والكذب هـ: سقطت من س، سا
(7) الزهو: الزهق د
(8) مأتاهم: ما اتاهم س، سا
(9) عشرتهم: عشيرتهم م
(10) رضى: رضا م
(11) وتعريضه: تعريضه د
(12) أعضاءه: أعضاؤه هـ، دا: اعضاء د
(13) صبره: صبرة س
(14) الشر: البشر سا
(15) جشعه: خشعه ب، د
(16) عليه: سقطت من س
(17) كثير: كثيرا س
(18) الخزاية: الخزانة م: الخرصانه س
(19) فى الجملة: وبالجملة ب، د
(20) يوهم: موهم م: يتوهم د: يؤهل ب
(21) وحلول الذم: سقطت من س، هـ
(22) يعبأ به: يعنى به م: يعتا به ب: نعتا به سا
(23) فالمستحيى: فالمستحى ب، هـ: والمستحيى د، س
(24) المستحيى: المستحى هـ
(25) المستحيى: بالمستحيى هـ
(26) معتدا: سقطت من س
(27) ذلك: كذلك س(1/348)
إيثاره تعجبه منه (1)، أو يكون محتاجا إليه، أو يكون مادحا له، أو يكون نظيرا له (2).
فربما توخى (3) من الوجه إلى النظير ما لم (4) يتوخ إلى غيره. أو يكون المستحيى منه خصيفا معروفا بأصالة الرأى، أو شيخا، أو أديبا (5). وفضح العيان أشد من فضح الأثر، وفضح الجهر أشد من فضح السر. والفضيحة عند الأقربين والمصاحبين أعظم من الفضيحة عند الأبعدين والمهجورين. والفضيحة عند الذين لا يحلون منه محل المقومين والمؤدبين (7) أعظم من الفضيحة عند (6) القائمين (8) مقام المقومين والمؤدبين. فإن الإنسان كالمتكشف (9) لمن لا يحله محل المؤدب، ولمن استرسل إليه، وكالمنقبض (10) عمن يحله (11) ذلك المحل، ولا يبوح إليه بنيات (12) صدره وخفيات سره، ويكره أن يقف هو على خطائه (13)، صرح له به (14)، أو لم يصرح، كان ذلك حقا، أو كان باطلا، بعد أن يكون هناك توهم. وليس كل ذى (15)
معرفة يسترسل إليه، فكثير (16) من المتعرفين بالمودة هم قاعدون للعثرات (17) بالمرصد، وموكلون باستقراء المساوئ. والفضيحة (18) عند أمثالهم أعظم فضيحة. وأمثال هؤلاء، فليس إنما يستحيى منهم لأنهم فى أنفسهم أهل الاستحياء، بل لإذاعتهم ما يستحيى منه، حتى يبلغ من يستحيى منهم. وهؤلاء هم المستهزئون (19) بالصداقات، والمشاجرون (20) للمعارف (21). وقد يستحيى ممن لم يزل (22) معظما للإنسان، لم (23) يمتهنه باستهانة، كما يستحيى من المتعجب من الإنسان، ومن المرغوب فى استئناف صداقته واستمداد مواصلته، ومن الذى سيصار إلى الالتقاء (24) به. والمعارف القدماء (25) الذين
__________
(1) منه: فيه س
(2) نظيرا له: نظيرا د
(3) توخى:؟؟؟ وحى س
(4) ما لم: مالا د
(5) أو أديبا: أديبا د: وأديبا ب، سا
(6) الأبعدين من الفضيحة عند: سقطت من م
(7) والمؤدبين: المؤدبين ب، سا
(8) القائمين: منهم د: منه س، هـ
(9) كالمتكشف: كالمكشف سا
(10) كالمنقبض:؟؟؟ كالمض س
(11) يحله: فى م
(12) بنيات: بينات م: ات؟؟؟ سا
(13) خطائه: خطاه د
(14) له به: به د: له م
(15) ذى: سقطت من س، هـ، سا
(16) فكثير: وكثير م
(17) للعثرات: للغمرات س، هامش هـ
(18) والفضيحة: فالفضيحة ب، م، دا
(19) المستهزئون: المشهورون د
(20) المشاجرون: المتأخرون هـ (ثم صححت فى الهامش)
(21) للمعارف: من المعارف د
(22) لم يزل: له ل؟؟؟ د
(23) لم: ثم ب، م، دا، سا
(24) الالتقاء: الا التقاء د
(25) القدماء: والقدماء م(1/349)
لم يستعثروا (1) الإنسان فيما سلف. وليس إنما يستحيى فقط من العمل الفاضح والكسب الفاحش، بل من دلائله وعلاماته (2)، بل ومن النطق به.
وأما من لا يستحيى منه (3) فالمخلص (4) من الإخوان، والمستخف بهم من الغاغة المجرون مجرى البهائم والأطفال، والغرباء الذين لا معرفة بينهم (5). فإن الاستحياء من المعارف بالحقيقة، ومن الأجانب على سبيل الظن.
ولا يحتاج (6) أن يكرر القول فى ذكر ما يشتد الاستحياء منه.
وإذ (7) قد قلنا فى الحياء والوقاحة، فلنقل فى شكر المنة وكفرانها، فإنه متصل بذلك. والمنة هو الأمر الذى به يسمى الإنسان ممتنا (8)، وهو الأمر النافع الذى إذا وجد من إنسان عند إنسان وجب أن يصير (9) له الإنسان الآخر شاكرا، أو طائعا، أو أكثر شكرا، أو أطوع (10) نفسا. وكل منة: فإما بخدمة (11) (12)، أى بفعل (13) بدنى نفاع، وإما بصنيعة (14)، أى بإعطاء جوهر ينتفع به، اللتين (15) لولا المعطى، لما كان الانتفاع به نفسه ممكنا مستطاعا. وإنما يكون مثل هذه الخدمة والصنيعة (16) منة، إذا لم يرد بها غير نفس المصطنع إليه. والمنة العظيمة ما توافى اشتداد (17) الحاجة، أو تكون فى وقت تعسر المعونة (18) بمثله فيه (19) أو يكون المان (20) منفردا بالمن (21) به، لم ينشط به (22) غيره أو يكون أول من أنعم، فأنشط غيره، ويكون (23) أكثر إنعاما به. والحاجة، إما مشتهى يشتاق حصوله، أو مشتهى يحزن فراقه، كالمعشوق. وخصوصا ما يشتهى فى الشديدة، إما لأنه يدفع الشديدة، وإما لأن (24) الرغبة فيه بحيث لا تسقطها (25) الكآبة (26) والحزن بالشديدة. وموقع
__________
(1) يستعثروا: يستعروا د
(2) علاماته: أماراته س
(3) منه: منهم س: سقطت من هـ
(4) فالمخلص: فالخاص سا
(5) بينهم: بهم س، هـ
(6) يحتاج: الى د
(7) وإذ: وإن ب
(8) ممتنا: ممنا د
(9) يصير: كون؟؟؟ س
(10) أو أطوع: وأطوع د، م
(11) بخدمة: بدنية م، هـ
(12) بخدمة: يخدمه م
(13) أى بفعل: او فعل سا
(14) بصنيعة: بصنعة هـ
(15) اللتين: التين س
(16) الصنيعة: الصنعه سا
(17) اشتداد: باشتداد س، هـ
(18) المعونة: المؤنة د
(19) فيه: سقطت من سا
(20) المان بها سا
(21) المن: لمن سا
(22) (ينشط) به: لمثله س، هـ: بها م: له ب
(23) ويكون: أو يكون س، هـ
(24) لان: ان د
(25) تسقطها: يسقط س، هـ: يسقطها د
(26) الكآبة: الكالبة؟؟؟ ب، هـ(1/350)
المنة عند (1) الممنونين بالفاقة، والمدفوعين إلى الخصاصة أعظم. وكذلك عند الممحونين والمتوارين (2) والمستخفين (3) عن أعداء وأضداد (4)، ولمن يجرى مجراهم، وعند (5) من هو أسوأ حالا منهم. وأعظم الناس منّا من لم يرد بالإنعام ذكرا، ولا (6)
بستر (8) الصنيعة (9) نشرا (7)، فإن ستر (10) الاصطناع تهنئة، كما أن إذا عته تنغيص (11). فهذا ما يحتج به فى توكيد المنة.
ومما يحتج به فى إبطالها وتحقيرها أن يقول: ما أردت باصطناعك إلا عرضا (12) استنفعته (13)، وإنك لم تتمم النعمة، وقصرت عن الواجب فى مثله عليك، إذ (14) لم تطبق (15) به مفصل (16) الحاجة، وألزمت (17) قبولها عند القنية (18)، فإنك (19) لم تصنع بقصد، بل لاتفاق أو ضرورة، أو لرغبة (20) فى مجازاة، أو من غير علم ولا إرادة. فإن ذلك كله مما تتضاءل (21) معه المنة. وإذا كانت من أجل الضرورة، قلّت معها (22) المنة. وقد تكون مع الضرورة إرادة، فتكون الإرادة قسرية، وهو أن يلجأ إلى اختيار الإنعام. وقد تكون من غير إرادة فيه (23)، وهو أن يكون المضطر يؤخذ (24) منه ماله، ويبذله (25) غيره، وكذلك تكون مع علم، ومن غير علم.
وهذه الأنواع نافعة فى الشكاية والاعتذار. والعلامات (26) المحققة لتهنئة (27) المنة وتأكيدها أن يكون صدورها عن إرادة ومحبة، وأن لا يكون فيها تقصير، وأن لا يكون مثل ذلك قد صدر منهم إلى أعداء (28) الممتن. فإنه إذا اشترك فى النمة
__________
(1) عند: غير س، سا
(2) والمتوارين: سقطت من هـ، دا: والمتوازين د: والمتوارين ن: سقطت من دا
(3) المستخفين: المستحقين م
(4) وأضداد: أو أضداد م، سا
(5) وعند: أو عند س، م
(6) ولا: اولا ن، دا
(7) ولا بستر الصنيعة نشرا: بل سترها وأخفاها د
(8) بستر: ستر سا: ينشر م: ر؟؟؟ ب: ل؟؟؟ ن: فسل دا
(9) الصنيعة: للصنيعة م، ن، دا، سا
(10) ستر: نشر م
(11) تنغيص: تبغيض م:؟؟؟ ص د
(12) عرضا: عوصا د
(13) استنفعته: استنقصته د
(14) إذ: أو س، هـ
(15) تطبق: طيق؟؟؟ سا
(16) مفصل: مفضل سا
(17) وألزمت: الزمت م
(18) القنية: الغيبة م، دا، سا: الغيب س
(19) فانك: وانك س
(20) أو لرغبة: أو كان لرغبة م، ن، دا
(21) تتضاءل: تتضاد د: يتأصل: س
(22) معها: معه سا
(23) فيه: سقطت من د، س، هـ
(24) يؤخذ: يوجد سا
(25) ويبذله م فدله؟؟؟: د و؟؟؟ د له سا
(26) العلامات: سقطت من د
(27) لتهنئة: لهنه د
(28) أعداء: الاعداء(1/351)
العدوّان معا، دل على ضرورة دعا (1) إلى ذلك الإحسان. وكذلك إذا اصطنع المان (2) مثله (3) إلى عدوّ نفسه. وكذلك إذا لم يكن أحسن إلى من هو فى مثل استحقاق الممنون عليه أو فوقه. فان ذلك يدل على أن المنة لم تصدر عن سماحة (4).
فإنه لو كان إحسانه إحسان مرتاد للمنة والقربة لما كان حكم العدو فيه حكمه، ولما كان المستحق الآخر يقصر عنه مثله. وكذلك إن كانت المنة مشوبة بشر ينقصها (5). فحينئذ لا يكون الغرض بالمنة مطابقة الحاجة. والاعتراف (6) بالمنة يقتضى اعترافا بالحاجة (7)، ولا يعترف أحد بحاجة إلى الشر (8).
فصل (9) [الفصل الرابع] فى أنواع الاهتمام بالمرء (10) والشفقة عليه والحسد والنقمة والغيرة والحمية والاستخفاف
فلنذكر (11) الآن الاهتمام بالغير، وهو قريب من الشفقة (12) أو شغل القلب بالإنسان على سبيل العناية (13)، ومن الذى يهتم (14) له. والاهتمام أذى يعترى الإنسان لشئ (15)
__________
(1) دعا: دعى م، هـ: دعت د
(2) المان: بالمان م، ن، دا
(3) مثله: بمثله ب، م، سا
(4) سماحة: سحاحة م: سجاحة هامش هـ، سا
(5) ينقصها: يبغضها هـ
(6) والاعتراف: فالاعتراف د، س
(7) بحاجة: بالحاجة د، هـ
(8) الشر: شر س
(9) فصل: فصل 4هـ: فصلء ب: الفصل الرابع س: الفصل الثالث م، دا
(10) بالمرء: بالغير ب: بغير بالمرء م: بالغير بالمرء ن، دا
(11) فلنذكر: لنذكر س، سا: ولنذكر د، هـ
(12) الشفقة: المشقة م
(13) العناية: ومن الذى يهتم هـ
(14) يهتم: مهتم د
(15) لشئ: لشر د، س، هـ(1/352)
مفسد أو حازن يعرض لإنسان آخر من غير استيجاب (1)، ومن غير توقع. والمهتم هو الذى به (2) مثل (3) هذا الأذى لما عرض لإنسان آخر، أو المتصل (4) به من ذلك.
وأما (5) الهالكون (6) فلا يهتم لما وقع لهم (7)، لأن ما عرض لهم يبعد أن يقال فيه إنه غير متوقع. وكذلك سعداء (8) البخت لا يهتم لهم، لأنهم لا يظن بهم سوء، ولحوق شر. والذين لا يهتمون، ولا يبالون، فهم المتدربون بمقاساة الشرور (9) للسن (10)، أو لكثرة التجارب. والمخلدون إلى الإقبال وأنفسهم طيبة لا تستوحش (11) لحال.
والمشهورون بالاعتلاء والنمو. والمتأدبون الذين (12) يغلب عليهم حسن الظن. والذين جرت (13) الأمور على محاب أسلافهم، وعلى (14) محابهم أنفسهم. والمنفعلون بأعراض الشجاعة، كالغضاب والقساة. وكذلك المستهينون والشتامون (15)، فانه لا هؤلاء يهتمون، ولا مقابلوهم (16) من الخائفين (17) الأرقاء المكروبين الأشقياء (18)، فإنهم بهم ما يشغلهم عن الاهتمام لغيرهم (19) بل إنما يهتم المتوسطون بين (20) ذلك. ولا يهتم بالخاملين المحتقرين (21) فإنهم فى عداد المعدومين. ولذلك (22) فإن الجبابرة (23) لا يهتمون بأحد تقديرا منهم أنه ليس غيرهم أحد.
وأما الأسباب التى لأجلها يهتم فقد يوقف عليها من حد الاهتمام. وهذه الأسباب مثل المهلك (24) من العذاب والأوجاع والجهد والكبر والسقم والخصاصة وسوء البخت وعدم الأنصار، وخصوصا إذا طرأ الشر من متوقع منه الخير،
__________
(1) استيجاب: استحاث د
(2) به: سقطت من س
(3) مثل: سقطت من سا
(4) أو المتصل: لمتصل س: والمتصل هـ
(5) واما: فأما د، هـ
(6) الهالكون: الهناء يكون هـ
(7) لهم: بهم د، س، هـ
(8) سعداء: سعيدوا د، هـ
(9) الشرور: الشر م: السرقة هـ
(10) للسن: للشر د، هـ
(11) تستوحش: ستوحشون؟؟؟ د، هـ
(12) الذين: والذين س، م
(13) جرت: جربوا س
(14) وعلى: وعن س
(15) الشتامون: الشامون س
(16) مقابلوهم: مقابلون د
(17) الخائفين: الجانبين س، م، سا
(18) الأشقياء: سقطت من ن، دا
(19) لغيرهم: عرهم؟؟؟ س
(20) بين: من م
(21) المحتقرين: المحقرين؟؟؟ م: المستحقرين س: المحترين؟؟؟ ب
(22) ولذلك: وكذلك م
(23) الجبابرة: الجهابرة د
(24) المملك: الملك س(1/353)
وإذا خلا الشر عن خلط الخير، أو يكون الاستمتاع بخلطه (1) قد (2) انقرض (3) وقته.
والمهتم لهم هم المعارف والشركاء والحرفاء. فأما من هو من الإنسان كنفسه، وهو الولد، فلا يقال إن الإنسان يهتم (5) للأذى (6) يصيبه، كما لا (7) يقال إنه يهتم للأذى (8)
يصيب نفسه. فلا يقال إن الانسان (4) يشفق على نفسه، ويعتنى بنفسه، بل ذلك شدة خوف، لا عناية وشفقة. ولهذا ما حكى عن واحد أنه لم تدمع عينه عند إشفاء (9) ولده على التلف، ورأى صديقا له قد فضحته الفاقة، فبكى له.
والشدة تنسى الشفقة، وتسلى عن العناية بالغير. ومن المهتم لهم الأشكال فى الأسنان (10)، وهم الأقران، والأشكال فى الأخلاق (11) والهمم (12) والمراتب وإيثار الجميل.
وكل ما يخاف وقوعه بالإنسان فهو (13) الذى يهمه إذا حل بالإخوان (14). ولذلك (15) لا يهتم للمتقادم، ولا للمتراخى (16). وممن يهتم له المتشكل بشكل (17) المظلوم، والمعذب، والممنو (18)
والممحون (19)، وإن لم يشاهد ما قدمناه ولا يحقق ما محنته (20). فإن هيئته تخيل حالته، فيكون المشاهد من هيئته كالمشاهد من حاله (21). وقد تهم (22) أيضا علامات الآفات إذا دلت على وقوعها، وإن لم تقع بعد. ولهذا (23) المعنى قد (24) يهم امتحان غير المستحق. وكأن هذا الحزن مضاد (25)، أى مقابل (26) مقابلة ما، للحزن الذى يعترى للنجح (27) بلا استحقاق، وهو الذى يسمى (28) فى هذا الكتاب جزعا، وإن لم
__________
(1) بخلطه: بخلقه ب، د، هـ، ن، سا
(2) قد: وقد س، سا
(3) انقرض: قرض؟؟؟ د
(4) يهتم الانسان: سقطت من هـ
(5) يهتم: يهم د
(6) للأذى: لأذى م
(7) لا: سقطت من د
(8) للأذى: لاذى م
(9) إشفاء: اشقاء م
(10) الأسنان: الإنسان د، هـ
(11) الأخلاق: الخلاق د
(12) الهمم: الهم د
(13) فهو: وهو د، م، هـ
(14) بالاخوان: بالانسان د، هـ
(15) ولذلك: ولهذا س: وكذلك د، هـ
(16) ولا للتراخى: والمتراخى د، هـ
(17) بشكل: سقطت من م
(18) الممنو: الممنر؟؟؟ د: المهون ن
(19) والممحون: الممحون س
(20) محنته: محبته م، هـ: محنه سا: مسحه؟؟؟ س: يحسنه دا
(21) من حاله: عن حاله د
(22) تهم: هتم؟؟؟ س
(23) ولهذا: لهذا د، س، هـ، سا
(24) قد: وقد د، س، م، هـ
(25) مضاد: مضادا ب، م
(26) مقابل: سقطت من هـ
(27) للنجح: المنجح فى جميع المخطوطات
(28) يسمى: سقطت من هـ(1/354)
يكن (1) تضادا (2) حقيقيا. فإن مصدر كل واحد منهما عن (3) خلق كريم. والجامع من (4) ذلك صيرورة (5) كل منهما إلى غير مستحقه من خير أو شر. ووقوع مالا يستحق يغم (6) بالحق، وأما إذا لم يكن لذلك سبب معلوم، بل كان واقعا على مجرى القضاء والقدر، فالحزن فى ذلك متوسط. فإنه لا يبعد أن يقول القائل: إنه لم يقض له الخير الذى أتاه عفوا إلا عن استحقاق، ولا قضى عليه الشر الذى أتاه بغتة إلا (7) عن استيجاب، فيقل الحزن لذلك، وإن كان لا يجب زواله دفعة أو جملة.
فإن القضاء والقدر ليسا مقصورين على الاستحقاق فقط، وإن كانا موهمين إياه، بل المشهور أن أمر القضاء والقدر مشكل موكول إلى الله (8).
وقيل فى التعليم الأول: فأما (9) الذين يصيرون إلى ذلك بلا حتم أو (10) قضاء.
يشبه (11) أن تكون لفظة «لا» قد (12) وقعت زائدة سهوا من الناقلين (13) أو غيرهم، أو يشبه (14) أن يكون معناه بلا حتم من الكاسبين، ولا تقدير (15) منهم فيكون كأنه قال:
بلا (16) توقع (17) من الناس وتقدير (18).
ومما يضاد الاهتمام والجزع المذكورين: الحسد. فإن الاهتمام هو أذى (19) يعترى لشر (20) يصيب الإنسان إنما (21) يعترى لأنه غير مستحق، ولأجل ذلك الإنسان. والحسد هو (22) أذى يعتريه لخير يصيب من يستحقه، لأجل أنه أصابه. فأما (24) الجزع المذكور فهو كالوسط (23) بينهما. فإن الجزع أقرب إلى الاهتمام. وإذ هو أقرب من الاهتمام فهو كالضد للحسد. ولا يجب أن (25)
__________
(1) يكن: سقطت من س
(2) تضادا: مضادا د، هـ
(3) عن: غير سا
(4) من: فى س، ن
(5) صيرورة: ضرورة د، دا، هـ: ضروره س
(6) يغم:؟؟؟ مر م
(7) إلا: لا م
(8) الله: تعالى ب، د، م، هـ، دا، سا: عز وجل س، ن
(9) فأما: فان س
(10) أو: ولا م، ن، دا
(11) يشبه: ويشبه ن، دا
(12) قد: وقد د
(13) الناقلين: الناقل س
(14) أو يشبه: ويشبه م
(15) تقدير: يقدر د
(16) بلا: فلا م
(17) توقع: موقع د، هـ
(18) وتقدير: او تقدير هـ: أو قدر؟؟؟ د
(19) اذى: اذن س
(20) لشر: بسبب شر د، هـ
(21) إنما: انه م
(22) هو: سقطت من د، س، هـ، سا
(23) من ستحقه؟؟؟ كالوسط: سقطت من سا
(24) فاما: واما د، هـ
(25) فهو ان.؟؟؟ من سا(1/355)
يناقش (1) أيضا (2) فى الأضداد، مطالبة أن يورد على الحقائق، دون المظنونات.
فقد (3) قيل فى هذا مما هو سد (4) لهذا الباب. والحسد، إنما يكون حسدا، إذا كان الغم فيه بسبب أن الخير أصاب الغير. وأما إذا كان الغم ليس لهذا، بل بسبب قصور مثله (5) عن المغتم، فهذا ليس حسدا (6). وهو أمر قريب من الواجب، ولا تنفك عنه الطبائع. فإن كل إنسان يغتم (7) لما (8) يفوته من العطاء (9) والرزق الذى من شأنه أن يوجد لغيره. وكذلك (10) إذا كان الغم بسبب خوف يعترى الإنسان من إنجاح العدو، يقدّر معه أن إنجاحه (11) يبسط (12) له فى القدرة، فيمكنه من أفعال المعاداة. وههنا فرح يصيب الإنسان لشر (13) يعرض للمستحقين، كالذين يقتلون الناس ويعفون الآثار (14) ويعيثون (15) فى الأرض ساعين (16) بالفساد وفرح (17) آخر بإخفاق المستحق وسوء حال المحسن وهما متضادان: أحدهما يصدر عن فضيلة، والآخر عن رذيلة. وحزنان: حزن يعرض لحسن حال المستحق، لأجل حسن حاله، وهو الحسد (18) وحزن (19) يعرض لحسن حال من لا يستحق (20) لأنه لا يستحق (21) وهو المناقمة (22)
والغيظ وهما متضادان: أحدهما عن رذيلة، والآخر عن فضيلة. فهذه تركيبات مختلفة من الحزن والفرح، والخير والشر، والاستئهال وغير الاستئهال (23).
والحاسد يحسد فى كل خير، حتى فى الحسن والجمال وغير ذلك. وأما (24) الناقم فليس يحسد فى الفضائل، لأنه (25) لا معنى لاستشعاره وجود (26) فضيلة بلا استحقاق.
__________
(1) يناقش سقطت من سا
(2) أيضا: ههنا س
(3) فقد: وقد د، هـ
(4) سد: سر د، هـ
(5) مثله: ميله هـ
(6) حسدا: حسد؟؟؟ س
(7) يغتم: نعيم هـ: غم؟؟؟ د
(8) لما: ولما هـ
(9) العطاء: الخطا سا
(10) وكذلك: ولذلك ب
(11) يقدر معه أن انجاحه: سقطت من هـ
(12) يبسط: ويبسط هـ
(13) لشر: ليس د، هـ
(14) يعفون الآثار: يعقون الاباء دا
(15) يعيثون: يعثون د، هـ
(16) ساعين: سقطت من ن، دا
(17) وفرح: وافرح م
(18) الحسد: الحد د: والنقمة وهو د، هـ
(19) وحزن: حزن د، هـ: وحسن س
(20) يستحق: به م
(21) لانه لا يستحق: سقطت من هـ
(22) المناقمة؟؟؟: المناقة د: المنافسة ب
(23) وغير الاستئهال: سقطت من م
(24) وأما: فى هـ
(25) لأنه: بل د، هـ
(26) وجود: وجوده د(1/356)
فإن (1) غير الفاضل (2) لا ينال الفضيلة. بل إنما ينقم للخيرات الخارجة. فإن غير الفاضل لا يستحقها، وغير الفاضل ينالها، وإنما يستحقها الأخيار. وكذلك لا ينقم (3) فى الخيرات الواقعة فى الطبع كالحسن والجمال، ولا فى الخيرات الموروثة التى لم تستحدث، فإن ذلك (4) يرى (5) كالحق الواجب. وكذلك (6) إذا كان المستحدث للخيرات سلطانا ومتبعا فإنه، وإن (7) لم يستأهلها بالفضيلة، فكأنه استأهلها (8) (9) قديما للسلطان والمكنة. فيكون بعضهم لا ينقم عليه لأنه فى عداد (10) من كان يملك قديما، وإن استحدث وبعضهم لأنه لم يستحدث (11)، بل هو له كالحق.
وليس أيضا مبلغ الاستحقاق فى الجميع واحدا (12)، ولا كل إنسان مستحقا (13) لكل خير، بل كل إنسان يليق به خير ما، ينقم إن فاته. فإن الناسك غير مستحق للمعتقد جمالا (14) وخيرا من زينة (15) التلبيس (16) والتسلح (17). وكذلك فإن الاستكثار من السرايا وما يجرى مجراه (18) لا يليق بمستطرف اليسار. فإن المستطرف يليق به أن يتشبه (19)
بعد بمن (20) حاله حال الفقير إلى أن يؤنس بيساره. وكذلك الحقير لا يستأهل (21) ظفرا بالنبيه، وخصوصا إذا كانا فى مذهب واحد. ولهذا صار أمثال هذه الأحوال مما يعد (22) من آثار القدر، وليس (23) من آثار القدر (24). ولولا ذلك لما استولى العاجز على القادر، ولا استهان (25) مثل المغنى بالناسك. والأمور المنسوبة من هذا الباب
__________
(1) فإن: بان د، هـ
(2) الفاضل: سقطت من سا
(3) لا (ينقم): سقطت من س
(4) ذلك: سقطت من د
(5) يرى: سقطت من س
(6) وكذلك: فكذلك م
(7) فإنه وإن: وانه م
(8) بالفضيلة فكأنه استأهلها: سقطت من هـ
(9) استأهلها: وربما م
(10) عداد: عدد س
(11) يستحدث: يحدث د، هـ
(12) واحدا: واحد م
(13) مستحقا: مستحق هـ
(14) جمالا: كمالا ب، م، ن، دا
(15) زينة: رتبة د، م، هـ، سا
(16) التلبيس: التلبس ب، س، ن، سا
(17) التسلح: التسلخ د، دا، هـ، ن
(18) مجراه: مجراها س
(19) يتشبه: يشبه د، هـ، دا
(20) بعد بمن: بعد من د، م، هـ: عديم؟؟؟ س
(21) يستأهل: يتساهل م، دا، ن.
(22) يعد: ذلك م
(23) وليس ب: ليس بقية المخطوطات
(24) وليس من آثار القدر: سقطت من هـ
(25) استهان: استاهل م، ن، دا(1/357)
إلى القدر اثنان: أحدهما أن يفوز من لا استحقاق له بالخطر لعظيم، والثانى أن يقصر المستحق الفاضل عن مستحقه. وإنما (1) تشتد (2) نقمة الناقم على أمثالهما (3)، إذا (4) كان هو فى نفسه محبا للكرامة. فإن محب الكرامة (5) أنظر (6) إلى الاستئهال (7)، وضده.
ولهذا السبب يكون القنوع بالدنية (8)، والمستند إلى المخادعة التى (9) يرجى عيشه (10) بها، ولا يلتفت إلى المذمة، غير (11) ناقم لأنهم لا يلتفتون الى الاستيجاب. والمحسّدون هم الذين أصابهم خير (12)، وهم مع ذلك من جنس الحساد. فإن المباين فى (13) الجنس كأنه لا يحسد وكذلك المباين فى النسب، أو السن، أو الحرفة، أو المرتبة، أو الثروة. فإنه إذا بعد ما بين الدرجات، نام (14) الحسد (15). فإن لم يكونوا (16) متساوى الدرج فى المعنى الجامع، ولكن كانوا متقاربيها (17)، فإنهم يتحاسدون (18) أيضا.
والحاسد هو القاصر عن الغاية، وإن كان مقاربا (19) فيها. ولهذا ما يكثر الحسد من المتمكنين. فإن الذى (20) يعلم، هو أحسد للعالم من الذى لا يعلم. والذى يفعل العظائم هو أحسد لمن يفوقه (21) فيها ممن لا ينهض إليها (22) البتة. فإنه لابد من مشاكلة أو مقاربة (23). وأشدهم (24) حسدا محبو الكرامة، وبالجملة: محبو الحمد، لما قلناه.
وكذلك المتجملون بالرقيق والأموال. فإن التجمل لتحمد (25). وكذلك (26) فى كل شئ مستحسن حسد مرصد (27)، وخصوصا إذا كان المستحسن مما ينزع إليه الحاسد.
وأنت تعلم من هذا أنه من المحسود. ولا يحتاج إلى تكرير ذكره مما جرى.
__________
(1) وإنما: واما د
(2) تشتد: ستقد؟؟؟ د
(3) أمثالهما: امثالها س
(4) إذا: إذ م
(5) فإن محب الكرامة: سقطت من م
(6) أنظر: أبطن هـ
(7) إلى الاستئهال: سقطت من هـ
(8) بالدنية: بالزينة م
(9) التى: الذى هـ
(10) عيشه: عيشته س، د
(11) غير: عن د
(12) خير: وهم الذين اصابهم خير هـ
(13) فى: من م، دا
(14) نام ب، س، سا: أمن د، هـ: يأمن م، ن
(15) الحسد: الحد د
(16) يكونوا: يكونا د، ن، دا
(17) متقاربيها: متقاربها م: متقاربتها د
(18) يتحاسدون: يحاسدون هـ
(19) مقاربا: مقارنا د، هـ
(20) فان الذى: فالذى م
(21) يفوقه: يفوته ب
(22) اليها: سقطت من س
(23) مقاربة: مقارنة هـ: مقارة؟؟؟ ب، د، م
(24) واشدهم: فأشدهم د، هـ
(25) للتحمد: للحمل؟؟؟ د: للتجمل هـ
(26) كذلك: سقطت من س
(27) حسد مرصد: حمد مرصد س: حينئذ من ضد م: حسد يرصد د: حسد ويرصد هـ(1/358)
وأما الذين (1) لا يحسدهم (2) الناس: فالذاهبون الأولون من القرون، والهالكون، والبعداء فى المكان المنقطع عنهم، كالساكنين عند منار هرقلس (3)، فلا (4) يحسدهم أحد من هذه البلاد. والمستقصون (5) جدا، والفائفون جدا، الذين لا يقاربون، بل إنما يحسد من يصلح أن يكون منازعا، ويصلح أن يشارك (6) فى الهوى (7)
والإرادة. ويكون الخير المحسود عليه مما يتوقعه الحاسد، أو (8) كان له مرة.
ولذلك ما كان أكبر الغلامين يحسد أصغرهما إذا أفلح، إذ (9) كان له فيما أفلح حق (10)، وكان له (11) أن يكتسبه (12). وكذلك المبذر يحسد المصلح. وكذلك الذى لا يدرك (13)
الخير إلا (14) بجهده يحسد (15) من تيسر (16) له إدراك الخيرات (17). وبالجملة: إذا كان يرى نفسه أهلا لمثل ما سبق إلى غيره. فأما إذا (18) تباينت (19) المراتب، لم يكن حسد.
فبهذه (20) الأنواع يقتدر الخطيب على التنقيم، والتحسيد (21)، والتأسيف، والاهتمام (22)، والتسلية، وغير ذلك.
وههنا شئ يناسب النقم: وهى الحمية، وهو (23) أيضا من جملة الخير. والحمية أذى يعترى عند فوت خيرات يستحقها المرء وينالها (24) الآخرون، ويكون فى نيل الآخرين دلالة على جواز نيلها. وجواز النيل فى مذهب الاستحقاق. ولن تعترى هذه الحمية (25) إلا لمن يحب الخير، ويأسف على فوته (26)، ويراه محمودا
__________
(1) الذين: الذى س، ن، دا
(2) يحسدهم: يحدهم د، يحسدون م، دا: يحسدونهم ن
(3) هرقلس ب، م، ن، هـ، سا: هرقليس د: هم س؟؟؟ س
(4) فلا: ولا س
(5) المستقصون: المستنقصون م
(6) يشارك: يكون مشاركا س
(7) الهوى: الهدى د
(8) أو: وس
(9) إذ: إذا هـ
(10) حق: سقطت من سا
(11) فيما أفلح حق وكان له: سقطت من هـ
(12) يكتسبه: وكذلك المبذر المصلح هـ
(13) يدرك: يدركه هـ
(14) إلا: سقطت من س، م، ن، دا، سا
(15) يحسد: سقطت من س
(16) تيسر: يتيسر هـ
(17) الخيرات: الخير د، س، هـ
(18) إذا: ان د، هـ
(19) تباينت: تناسب هـ: تدانيت س
(20) فبهذه: بهذه م، سا
(21) التحسيد: التحسد س
(22) الاهتمام: الاهمام سا
(23) هو: هى د، س، هـ
(24) ينالها: يناله س، سا
(25) الحمية: الجهة د
(26) فوته: فوقه(1/359)
ولا تعرض إلا لكبار (1) الأنفس، أعلياء (2) الهمم. وأولاهم (3) بالحمية من تيسر مثل ذلك الخير لسلفه، أو لعشيرته (4)، أو لأشكاله، وخصوصا إذا كان الخير مما يكرم عليه، وينال الحمد به، كالمال والجمال، لا كالصحة فإنها ليست تعرض الناس للكرامة كل التعريض، وإنما (5) يغار على مثل الشجاعة، والحكمة، والرياسة لأن هذه أمور تمكن من الفضائل (6) ومن الإحسان ومن الكسب للمحامد.
فالغيرة إذا إنما تقع على الذين لهم هذه (7) الفضائل، وأشباهها، وعلى جميع من (8) يرغب فى مصادقته لفضيلة (9)، وعلى المتعجب منهم، والمثنى عليهم، والمستخفين بمن يقصر منهم ويضادهم ويخالفهم. فإن الاستخفاف يضاد الحمية. فإن الحمية تصدر عن غيرة (10)، والاستخفاف عن عدم غيرة (11). وإذا كان الاستخفاف يضاد الحمية، فهو يحركه تحريك المضاد (12) والمؤذى فيزيد فيه. فإن المستخف بذى الحمية يكون محركا من حميته عند ما يستخف به (13). وأما الذى تعتريه (14) الحمية (15) فهو فاقد الخير الذى يحمى. وأما الذى يستخف به ولا يحمى عليه فمن سامق؟؟؟ إليه الجد شيئا (16)
بغير استئهال، ولا يكون ابتداؤه عن جلد وصرامة. فمثل هذا يستخف به، ويوثق (17) بوهى (18) قاعدة أمره.
__________
(1) لكبار: الكبار د
(2) أعلياء: على د: على هـ: أعلاء س
(3) وأولاهم: فأولاهم د
(4) لعشيرته: عشيرته د، هـ
(5) وإنما: انما س: فانما سا
(6) من الفضائل: ومن الفضائل س
(7) هذه: من س
(8) من: ما د، هـ
(9) لفضيلة: لفضيلته س
(10) غيرة: عتو م
(11) عدم غيرة: عدم عتو م
(12) المضاد: المضادى ب، د، هـ، سا: المضارى بخ
(13) به: سقطت من د، هـ
(14) تعتريه: لا تعتريه ب
(15) الحمية: سقطت من م
(16) شيئا؟؟؟: سقطت من س
(17) ويوثق: يوثق د
(18) بوهى: وهى هـ(1/360)
فصل (1) [الفصل الخامس] فى مواضع نحو (2) اختلاف الناس (3) فى الأخلاق
وينبغى أن ندل على الأحوال المحركة نحو خلق (4) خلق بحسب الأعراض والهمم، وبحسب الأسنان (5)، وبحسب الحدود، وبحسب الأنفس. أما (6) الأعراض فمثل الغضب والميل. وأما الهمم فكما يعتاد (7) من إيثار النفس على جنس من الأمور، كمملكة (8) أو سياسة أو زهد، وتدخل فيها الأديان و (9) الصناعات. وأما الأسنان فكالحداثة والشباب والشيبة (10). وأما الحدود فالحسب (11) واليسار (12) والجلد (13). وأما الأنفس فالنفس (14) العربية (15) والعجمية، والنفس الكبيرة (16) والنفس (17) الصغيرة.
ولنبدأ بالأسنان (18): فالغلمان قد تكثر حركة الشهوة فيهم (19) ويقتدرون عليها، وتقتصر شهواتهم على الأمور المطيفة (20) بالبدن، المنسوبة إلى الزهرة، كالمناكح والملابس والمشام وهم (21) سريعو التقلب والتبدل، يغلب عليهم الملال، يشتهون بإفراط ويملون (22) بسرعة، لحدة أهوائهم (23) وقلقها وفقدان الجزالة فى آرائهم (24).
__________
(1) فصل: فصل 5هـ: فصل 5ب: الفصل الخامس س: الفصل الرابع م، دا
(2) نحو: سقطت من س
(3) الناس: النفس م
(4) خلق: سقطت من د
(5) الأسنان: الانسان م
(6) أما: واما م، دا، ن
(7) فكما يعتاد: كانعقاد س، م
(8) كمملكة: المملكه س
(9) الأديان و: سقطت من ب، س، سا
(10) الشيبة: المشيب د: الشيب هـ: الشبسه س
(11) فالحسب: بالحسب هـ: فكالحسب س
(12) اليسار: الشباب هـ
(13) الجلد: الخلد هـ
(14) فالنفس: فكالنفس س، سا
(15) العربية: الغربه سا
(16) الكبيرة: الكثيرة د
(17) النفس: سقطت من ن، دا
(18) بالأسنان: بالشاب د: بالشباب هـ: ومنهم بالغلمان س، م، ن، دا
(19) حركة الشهوة فيهم: فيهم حركة الشهوة س
(20) المطيفة: المطبقة س، هـ، دا
(21) وهم: فهم ن، دا
(22) يملون: يميلون ب: ملكون؟؟؟ سا
(23) لحدة أهوائهم: لحداء هوايهم د: لحدة أهواهم م
(24) آرائهم: ازائهم د(1/361)
وإنما آراؤهم كالعطش الكاذب الذى ينتفع (1) بالنسيم (2) البارد. ويسرع إليهم الغضب، ويشتد فيهم، وخصوصا لحبهم الكرامة، فلا (3) يحتملون الضيم. وتفرط فيهم محبتهم للكرامة ومحبتهم (4) للغلبة (5) ميلا منهم إلى النباهة والعلو. وحبهم لذلك أشد من حبهم للمال، بل ميلهم إلى المال ميل يسير، فإنهم لم يقاسوا الحاجة، ولا كابدوا (6)
الفاقة. ومن طباعهم سرعة التصديق بما يرتمى (7) إليهم لما فيهم من حسن الظن، وقلة الارتياب، وفسحة الأمل. وكل ذلك تبع لمزاجهم (8) الحار المشابه (9) لمزاج (10)
النشاوى (11) الذى يقوى النفس جدا. ولذلك لا يجورون (12) ولا ينهزمون ويرجون (13) العيش بالأمل. فإن المستقبل فى سلطانهم والماضى فى سلطان المشايخ. فإنهم، إذ لا كثير (14) ماض لهم، تقل (15) تجربتهم. ولحسن ظنهم يسهل انخداعهم. وكذلك الشجعان. ولهذا (16) يشتركان فى سرعة الغضب، فهما حسنا (17) الظن، سريعا (18) الغضب.
وحسن الظن يزيل الجزع. وشدة الغضب تقوى النحيزة (19) فتتبعه (20) قلة الخوف، لا لحسن الظن فقط، بل لشدة القلب. فإن الخوف والغضب لا يجتمعان.
ويشبه أن يكون حسن الظن جزءا (21) من الشجاعة. وقد يغلب على الأحداث الحياء، لأنهم لم يندفعوا بعد فى الفواحش الموقحة، وبقوا على الفطرة. وهم متهمون لأنفسهم استقصارا لأنفسهم فى المعرفة والخبرة. ويتبع حسن ظنهم كبر (22) أنفسهم.
ولا يقدّرون أنهم سيفتقرون (23)، إذ لم يقاسوا الضراء بعد. ولهذا ما تتوجه هممهم
__________
(1) ينتفع: قع؟؟؟ س، سا: يقنع م
(2) بالنسيم: بألسنتهم د: بالشبم هـ
(3) فلا: ولا د، هـ
(4) ومحبتهم: سقطت من ب ن، دا
(5) للغلبة: والغلبة ب ن، دا
(6) كابدوا: كايدوا د
(7) يرتمى: يرمى د، هـ: يرقى ب: يرمى م
(8) لمزاجهم: مزاجهم س
(9) المشابه: المتشابه هـ
(10) لمزاج: سقطت من هـ
(11) النشاوى: التشاوى م: المنشارى هـ: التساوى سا
(12) يجورون: يحوزون د: حورون؟؟؟ س
(13) يرجون: جون؟؟؟ سا
(14) كثير: كبير هـ
(15) تقل: قنع؟؟؟ م: تبغ ب، سا: ينتفع ن، دا
(16) ولهذا: فلهذا د، هـ
(17) حسنا: حسن س، هـ
(18) سريعا: الجزع وشدة م
(19) النحيزة: الحيزه؟؟؟ سا: النجيزة ب: النجيرة د، هـ: النجدة م، ن
(20) فتتبعه: ويتبعه م، ن، دا
(21) جزءا: خيرا سا
(22) كبر: لكبر م
(23) سيفتقرون: سيفترقون د، ب (ثم صححت فى الهامش)(1/362)
إلى العظائم، وتجسم (1) فى أنفسهم الأمانى. وميلهم إلى النافع الذى عرفوه أكثر من ميلهم إلى الجميل الذى لم يألفوه بعد. وإنما فكرهم وهواجس نفوسهم موقوفة على الأنفع. فإنهم إنما (2) عرفوا من الخير النافع الذى عندهم بحسب سنهم (3)، وكأنه اللذة وما يجرى معها والفكر المبنى على الفطرة. وهذه الفكرة (4) إنما تجذب (5) إلى النافع الذى بحسب المفكر (6) وعنده. وأما (7) الجاذب إلى الجميل فهو الفضيلة، لا الفطرة (8). هكذا (9) يجب (10) أن يفهم هذا الموضع.
وأما الأحداث فشديدو المحبة لذويهم وإخوانهم وأقرانهم، وذلك لأنهم نشيطون، يحبون السرور. والسرور إنما يتم بالصحة (11) والمعاشرة معا.
وليس غرضهم فيما يؤثرونه (12) المنفعة الحقيقية، بل المنفعة المؤدية إلى اللذة.
ولذلك (13) صداقتهم للذة، لا للمنفعة فى المصالح العقلية، فلذلك يحبون الأصدقاء، ليلتذوا بهم. وخطأهم فى إتيان (14) نافعهم وفى (15) كل شئ أعظم من خطأ المشايخ فى مثله، لأنهم مفرطون لا يتوسطون (16). والإفراط مغلطة. ومن شدة إفراطهم ظنهم بأنفسهم البصر بكل شئ. ومن سجاياهم ركوب الظلم الجهار، وإن عاد عليهم بالعيب والخزى، لأنهم مائلون بالطبع إلى سوء الفعال، لأنهم بالطبع شديد والغضب، قليلو الخوف. ومع ذلك فقد (17) تغلب عليهم الرحمة، لتصديقهم المتظلم المتعرف (18) بالخير. وهم لقلة جريرتهم ومكرهم مناصبون للأشرار المكرة (19).
وهم محبون للهزل والمزاح، لحب الفرح والسرور، ولضعف الروية التى إذا قويت، وقفت الهمة على الجد.
__________
(1) تجسم: حسهم؟؟؟ د
(2) انما: إذا د، هـ
(3) سنهم: سنتهم سا
(4) وهذه الفكرة: وهذا الفكر د، هـ
(5) تجذب: يحدث ب، ن، دا
(6) المفكر: المفكرة ب
(7) واما: فاما سا
(8) لا الفطرة: سقطت من م
(9) هكذا: فهكذا م، ن، دا
(10) يجب: سغى س
(11) بالصحة: بالصحبة س، هـ
(12) يؤثرونه: يورثونه س
(13) ولذلك: فلذلك د، هـ
(14) إتيان: ايثار س
(15) وفى: فى ب
(16) يتوسطون: متوسطون ب
(17) فقد: قد د، هـ
(18) المتعرف: المعترف هـ
(19) المكرة: المكروه ب(1/363)
وأما المشايخ فأكثر أخلاقهم ضد أخلاق هؤلاء. فإن أخلاقهم (1) سخيفة، ومع ذلك شكسة، ولا (2) تذعن لأحد لكثرة ما جربوا، وكثرة ما جرى عليهم من الخديعة والغلط، ثم تنبهوا له، وكثرة ما خاضوا فيه من الشرور وقصدوه منها. ومن أخلاقهم لا يحكمون فى شئ (3) من الأشياء بحكم جزم البتة. وإن حكموا، حكموا به (4)
على ما جربوه (5). وكل (6) شئ عندهم على حكم ما سلف، أو لا حكم له أصلا. وكأنه (7)
على كثرة تجربتهم، لم يجربوا شيئا، وذلك لشدة امترائهم (8) فيما لا مثال له عندهم، فكأنهم (9) فيه أغمار. ويقل اكتراثهم بالمحمدة والمذمة. وإذا حدّثوا عن أمر فى المستقبل، حدّثوا عنه مرتابين يعلقون (10) ألفاظهم بعسى ولعل وأخلاقهم سيئة، لسوء ظنهم. وليس من عادتهم الغلو فى ولاء أو بغضاء (11)، إلا فى الأشياء المضطر إليها. وتراهم فى محبتهم كالمبغضين وفى بغضهم كالمحبين.
وهم صغار الأنفس، متهاونون، لا يقتفون (12) أثر العزم المصمم، كانهم قد يئسوا.
فلذلك يضعف شوقهم إلى الأمور، سوى ما يتعلق بالمعاش، فهم حرصاء عليه (13)، خوفا من إدراك الأجل. ولأجل ذلك ما لا (14) تسمو أنفسهم (15) إلى التكرم والمروءة، ضنّا (16) بمتاع (17) الدنيا. وقد أشعرتهم التجارب عسر الاقتناء، وسوء عاقبة الإتلاف والإفناء. والجبن يستولى عليهم. وهم حسنو الإنذار بما هو كائن، لما استفادوه من التجارب. وهم على خلاف الشبان فى المعانى المحركة، بل هم إلى السكون لبرد مزاجهم، فلذلك يجبنون ويخافون. ولأجل الجبن والخوف، يشتد حرصهم. وأيضا لفرط حبهم للحيوة بسبب إعراضها فيهم للزوال. وتسقط (18)
__________
(1) فإن أخلاقهم: سقطت من س
(2) ولا: لاس
(3) شئ: حكم د، هـ
(4) به: بأنه م
(5) جربوه: جربوا د، هـ
(6) وكل: فكل د، هـ
(7) وكأنه: وكانهم ب، هـ
(8) امترائهم: اجترائهم ن، هـ، دا
(9) فكأنهم: وكانهم م، دا
(10) يعلقون: يعقلون د، هـ
(11) بغضاء: فى بغضاء م، ن، دا: بعضها د
(12) يقتفون: يفتقرون م، سا
(13) عليه: عليهم م
(14) لا: لم د، هـ
(15) أنفسهم: نفسهم س
(16) ضنا: حبا د، هـ
(17) بمتاع: لمتاع د، هـ، سا
(18) وتسقط: فتسقط ب(1/364)
شهوتهم عن المناكح والمناظر (1)، لزوال حاجتهم فيها (2). على أنهم يشتهون أيضا، وخصوصا المآكل (3). ويميلون إلى العدل، ويحبون الأئمة العادلة، وذلك من جبنهم (4) وضعفهم. فإن الميل إلى العدل هو لحب (5) السلامة. وحب السلامة هو (6) إما من فضيلة، وإما لصغر النفس فإن الفضيلة تحث عليه، وصغر النفس أيضا يوجبه. فمن (7) ليس (8) توجبه فيه الفضيلة، فليس شئ يوجبه إلا صغر النفس. ويؤثرون النافع، ولا يؤثرون الجميل (9). وكل ذلك (10) لمحبتهم لأنفسهم.
فإن محب نفسه، يميل إلى النافع، لا إلى الجميل. فإن النافع بحسب (11) نفس (12)
الإنسان، والجميل بحسب غيره. وهم أوقاح (13) لا يستحيون، لأنهم ليس لهم كل الميل إلى الجميل، بل ميلهم موقوف على جهة النافع. فلذلك (14) يتهاونون (15) بالجميل.
ومن أخلاقهم قلة التأميل، إذ (16) وجدوا الإخفاق فى العالم أكثر من الإنجاح.
والتجربة تتبع الأكثر. والاعتقاد فيهم يتبع التجربة. ولهم، بدل الالتذاذ بالتأميل، الالتذاذ بالتذكير (17). ولقلة تأميلهم، يكثر جبنهم. وغضبهم حديد (18)، ضعيف. أما (19) الحدة، فلسرعة الانفعال، كأنهم مسقامون (20) وأما الضعف، فلضعف النحيزة (21). وشهواتهم مضمحلة، أو منكسرة. وشوقهم إلى النافع، دون اللذيذ، ولذلك (22) يظن بهم (23) أنهم أعفاء. وهم أعفاء ضرورة، لا أعفاء فضيلة.
وتقل رغبتهم فى طلب الفضل (24) والفائدة، استقصارا لمدة الحيوة. ويعاشرون
__________
(1) المناظر: المنازل س
(2) فيها: عنها س
(3) المآكل: الماء اكل د
(4) من جبنهم: لجبنهم م، ن، دا
(5) لحب: يحب م: محب دا
(6) هو: سقطت من سا
(7) فمن: لمن هـ
(8) ليس: له م
(9) الجميل: النافع الجميل د
(10) ذلك: سقطت من سا
(11) بحسب: سقطت من هـ
(12) نفس: سقطت من ب، د، هـ
(13) أوقاح: وقاح هـ: فقاح د
(14) فلذلك: فلذلك م: ولذلك د، هـ
(15) يتهاونون: يتهاولون م
(16) اذ: او س
(17) بالتذكير: بالتذكر س
(18) حديد: حاد د، هـ
(19) أما: وأما س، سا
(20) مسقامون: مستقامون م
(21) النحيزة: النحيزه ب: الحزه؟؟؟ س: النحره؟؟؟ هـ: الره؟؟؟ د، ن: النجبره م ولذلك:
(22) وكذلك سا
(23) يظن بهم: يطربهم م
(24) الفضل: الفضيلة م(1/365)
الناس على أنهم أتباع فيما يؤثرونه لأخلاق (1) مستعفة (2)، لأجلها يفعلون ما يفعلون، لا على أنهم أتباع أفكار تؤم المنافع. فإن عاداتهم الترائى بأخلاق الصالحين، وإن كان ما يفعلونه (3) لأغراض وأفكار (4). فانهم إذا تراءوا بالصلاح، طلبوا بذلك منفعة ما (5)، لكنهم لا يعترفون (6) به. وهم طلّابون (7) جدا لكسب المنافع، ولكن (8) على سبيل الأرب والخب والمكر، لا على سبيل المجاهرة، وارتكاب (9)
ما (10) يستحيى منه، خلافا (11) لعادات (12) الأحداث (13). وقد (14) يرحمون أيضا بسبب مخالف لرحمة الأحداث. فإن الأحداث يرحمون لمحبتهم للناس، وتصديقهم للمتظلم (15)
وهؤلاء يرحمون لضعف أنفسهم، وتخيلهم للشر (16) المشكو منه (17) والمشاهد (18) كالواقع بهم. وهم مع ذلك صبراء على الأذيات، غير قلقين. وليسوا بمهزالين، لأن الهزل (19) مناف (20) للجد، مباين للصبر.
وأما الذين (21) فى عنفوان التشييخ (22)، وهم (23) الذين بلغوا أشدهم، ولم ينحطوا (24)، فأخلاقهم متوسطة بين الخلقين المذكورين: بين الشجاعة التهورية والجبن، وبين التصديق بكل شئ والتكذيب لكل شئ. بل هم فى (25) الشجاعة على ما ينبغى، وفى التصديق على ما ينبغى. وهممهم مازجة للنافع بالجميل، وللجد (26) بالهزل. فهم أعفاء (27) مع شجاعة (28). وأما (29) الأحداث فشجعان (30) مع نهم. كما أن الشيوخ جبناء مع عفاف. ومبدأ هذه (31) السن (32) من ثلثين إلى خمسة وثلثين (33)، واستكمالها (34) إلى خمسين.
__________
(1) لأخلاق: لا خلاف د
(2) مستعفة: مستعقبة د، هـ
(3) لا على أنهم يفعلونه: سقطت من هـ
(4) وأفكار: افكار م
(5) ما: لا م
(6) يعترفون: يعرفون م، ن، دا
(7) طلابون: ظلامون د، هـ، سا
(8) ولكن: لكن سا
(9) ارتكاب: ارتكابا د، هـ
(10) ما: لما د، هـ
(11) خلافا: خلاف د، هـ
(12) لعادات: العادات د، هـ
(13) الاحداث: لاحداث هـ
(14) وقد: وهم س
(15) للمتظلم: للتظلم س، سا
(16) للشر: الشر س، م
(17) منه: سقطت من س، سا
(18) والمشاهد: أو المشاهد س، سا: او المشاهدة م
(19) الهزل: الهزال م
(20) مناف: مناف س
(21) الذين: هم س
(22) التشبيخ: التشيخ ب، د، هـ
(23) وهم: فهم ب
(24) ينحطوا: تحصوا سا
(25) فى: سقطت من س
(26) للجد: الحد س
(27) أعفاء: أعفى م
(28) شجاعة: الشجاعة س
(29) وأما: فأما د، هـ
(30) فشجعان: فالشجعان ب، م، ن، دا، سا
(31) هذه: هذا س
(32) السن: السنن م
(33) الى خمسة وثلثين: الى خمسة واربعين د، هـ: سقطت من م
(34) واستكمالها: واستكماله ن، دا: الى استكماله س(1/366)
وأما (1) الأنسباء (2) ذوو (3) الأبوة من الناس، فإنهم راغبون جدا فى الكرامة، متشبهون بأوائلهم (4). وقد يظن أن كل ما هو أقدم فهو أجل وأعظم، فلذلك يشتهون الرفعة والكرامة. ولذلك يجنحون إلى التيه والاستطالة وربط الجأش. ومع ذلك فكرمهم يدعوهم إلى العدل وذلك ما دام الكرم فيهم باقيا بعد، ولم تنسخ الأيام عاداتهم الموروثة عن أسلافهم. ثم يتعطلون آخر الأمر (5) مع ضربان الدهر (6) لقلة تواضعهم للتأديب، واعتلائهم عن الإسفاف (7) للحرف والصنائع والمكاسب السافلة (8). فإذا جار عليهم الدهر، بقوا متعطلين (9)، وتفرقت عنهم العدد والكفايات، فبقوا معاتيه، أو عجزة مخاذيل.
وأما (10) أخلاق الأغنياء: فالتسلط، والاستخفاف بالناس، والإقدام على شتيمتهم (11)، وعظم الاعتقاد فى أنفسهم، كنهم فائزون بكل خير، يلاحظون كلا بالتملك (12) والاستعباد (13). فهم مترفون بالنعمة، صلفون بحسن الحال. وهم محبون للثناء (14)، مشترون (15) للمدح لكثرة ما اعتادوهما. ومن عاداتهم أن يستحسدوا كل إنسان، كأن (16) كل إنسان يحسدهم على حظهم. ولذلك جعل بعضهم من فضائل الحكمة أن الحكيم، لاحتياجه إلى الأغنياء، ومقاساته الفقر، يكون بصيرا بالأحوال، غير سئ (17) الظن بالناس، ولا مسيئا إليهم بحكم التسلط. وإساءة الأغنياء تغلّب عليهم ضعف الروية لقلة الحاجة منهم إليها. وتشاكل شمائلهم شمائل النساء.
إلا أن الذى له (18) قديم فى الغناء (19) أنبل (20) من المستحدث الذى قد قاسى قبله الهوان، ورسخ فيه صغر النفس.
__________
(1) وأما: فأما د، هـ
(2) الأنسباء: الاباء م
(3) ذوو: ذو س، سا
(4) بأوائلهم: بابائهم د، هـ أعظم: أفضل د، هـ
(5) الأمر: سقطت من د
(6) الدهر: امله م
(7) الاسفاف: الاشفاق سا
(8) السافلة: السالفه س
(9) متعطلين: معطلين م
(10) وأما: ود، هـ
(11) شتيمتهم: شميتهم س
(12) بالتملك: بالتملل د، هـ
(13) الاستعباد: الاستبعاد م
(14) للثناء: النا د: البنا هـ
(15) مشترون: مشيرون ب
(16) كأن: وكان د، هـ: سقطت من م
(17) سئ؟؟؟: شئ م
(18) له: سقطت من سا
(19) الغناء ب، د، م، هـ: العا؟؟؟ ن: العنا س، سا
(20) انبل: انيل سا(1/367)
والأغنياء يشبهون الأحداث فى المجاهرة بالظلم من غير مبالاة، كأن المال وقاية لهم عن (1) كل آفة. وتقوى فيهم الأخلاق المائلة إلى جهة القوة. والأخلاق المائلة إلى جهة القوة: منها ما هو (2) أخس (3) وهى التى تصرف فضل القوة إلى الازدياد فى الاقتناء ومنها ما هو أنبه (4) مثل محبة طلب الفضيلة. فإن من كان منهم أعلى (5) همة، صرف قوته إلى الفضيلة. وهؤلاء هم المحبون للكرامة. وهم أفحل (6) أخلاقا، وأجزل آراء، وهؤلاء هم أقدر من (7) المائلين إلى الازدياد فى الميسرة (8)، لأن (9) أفعال القوة هى التى (10) نحو الغلبة والكرامة والجلالة. وأما الاكتساب والاستكثار (11)
من العدة فهو للضعف. وكلما كانت النفس أقوى، كان (12) إلى التصون والصلف أميل. وهؤلاء يكسبون (13) بقوة أنفسهم فضل لب، ويترفعون (14) عن أن يتكبروا (15)
متكلف، فلذلك (16) لا يرون لأنفسهم (17) حاجة إلى الكبر، فيكونون متواضعين حسنى الأشكال فى العشيرة (18). لا يسعون (19) للظلم الحقير (20). فإن ظلموا، ظلموا فى كثير.
وأما المجدودون (21)، فمن أخلاقهم: التنعم، والاستمتاع باللذات، والاستطالة، وقلة المبالاة، لسعة المقدرة. ويكونون (22) محبين لله جدا، واثقين به، معولين على التوكل، لأنهم اعتادوا الانتفاع بالجد، دون الكد.
وقد يوقف على أحوال (23) أضداد (24) هؤلاء من أحوالهم.
ولما كانت المنفعة فى الأقاويل الإقناعية هى حصول الإقناع (25). والإقناع لن (26) يحصل
__________
(1) عن: من د، هـ، س
(2) هو: هى س
(3) أخس: سقطت من م: احسن سا
(4) هو أنبه: هو ايته م: هى اه؟؟؟ س
(5) أعلى: أعلا د
(6) افحل: اقحل سا
(7) من: سقطت من م
(8) الازدياد فى الميسرة: الاثراء والميسرة هـ: الأثر والميسرة د
(9) لان: الا ان م
(10) التى: سقطت من م، س، ن، دا، سا
(11) والاستكثار: بالاستكثار د، هـ
(12) كان: كانت م، ن، دا
(13) يكسبون: يكتسبون م، هـ
(14) يترفعون: س
(15) يتكبروا: ينكثروا م: كسروا؟؟؟ سا
(16) فلذلك: فكذلك م: فلا د، هـ: فبذلك ن
(17) لانفسهم: افسهم؟؟؟ ب، م
(18) العشيرة: العشره سا
(19) يسعون: يسفون س
(20) الحقير: الكبر سا
(21) المجدودون: المجدود سا
(22) يكونون: يكون د، هـ
(23) أحوال: سقطت من م، ن، دا
(24) اضداد: ضد د، هـ
(25) (حصول) الاقناع: للاقناع م
(26) لن: ان م(1/368)
إلا إذا انقطع الجواب، وحقت الكلمة. والواحد يعسر إسكاته، ويبعد إذعانه، وخصوصا فى الأمور الإقناعية. فبالحرى أن يكون من تمام التدبير فى المحاورات الخطابية تعيين حاكم يزجر المرتكب عن ارتكابه، والمعاسر (1) عن معاسرته (2)، مع تمكينه كلّا من كلامه، لا يحجر عليه، أو يجرى إلى (3) الخطل. ويجب أن يكون إنما يحجر عند مشاركة (4) النظار إياه فى استخطال (5) المتكلم. وشهادة السامعين للبادئ (6) للاينسب إلى الميل.
فينبغى إذا أن يكون ههنا متكلم، وحاكم، ونظار. وإذا كان كذلك، وجب أن تكون عند الخطيب أنواع تعين فى الانفعالات (7) والأخلاق.
فصل (8) [الفصل السادس] [فى الأنواع المشتركة للأمور الخطابية]
قد حان لنا الآن (9) أن نتكلم فى الأنواع المشتركة للأمور الخطابية الثلثة: كالقول فى الممكن وغير الممكن (10)، والقول فى الكائن وغير الكائن، وفى التكبير والتصغير (11). وهذه وإن كانت عامة للثلثة (12)، فيشبه أن يكون التكبير (13) والتحفير أخص بالمدح. وأما الجزئى (14)
__________
(1) المعاسر: المعاشر د، م، هـ، سا
(2) معاسرته: معاشرته ب، د، م، هـ، سا
(3) الى: فى سا
(4) مشاركة: المشاركة م
(5) استخطال: استخطار ب: استحضار م، ن، دا: استحطار سا
(6) للبادئ: للبا د ب، س، هـ، سا
(7) للبادئ فى الانفعالات: سقطت من م
(8) فصل: فصل 6غير مترجم هـ: فصل وب: الفصل السادس س: الفصل الخامس م، دا
(9) الآن: سقطت من س، م، هـ
(10) وغير المكن: سقطت من م
(11) وفى التكبير والتصغير: والتصغير والتكبير هـ
(12) للثلثة: لثلثة د، هـ
(13) التكبير: للتكثير د، هـ
(14) الجزئى: الحالى د، هـ: الجنس أى س، م(1/369)
الموضوع، أى الذى يحكم بوضعه وكونه، وهو (1) الذى ينحوه النظر فى الكائن وغير الكائن، فهو أخص بالمتشاجرين. وأما الممكن وغير الممكن والمتوقع كونه فإنه أخص بالمشورى الذى يثبت أن الانتفاع بكذا (2) ممكن ومتوقع (3).
فلنبدأ بالأنواع الخاصة بالممكن وغير الممكن، فنقول:
إذا كان نقيض الشئ ممكنا، فظاهر أنه ممكن. وأيضا إن كان ما يشبهه ويجرى مجراه ممكنا، فهو ممكن. وإن كان الأصعب ممكنا، فالأسهل ممكن. وإن كان كونه بحال أحسن ممكنا، فهو ممكن (4). فإنه لما كان إجادة البناء ممكنا، فالبناء ممكن. وما (5) ابتداء كونه ممكنا، فما (6) ينتهى إليه ممكن. وما كان تمامه ممكنا (7)، فبدؤه (8)
ممكن. وإذا كان المتأخر فى الطبع ممكنا، فالمتقدم (9) ممكن. فإنه إن أمكن أن يكون الإنسان رجلا، أمكن أن يكون غلاما. وبالعكس. والأمور التى يشتاق (10)
إليها طبعا ممكنات، فإن الممتنع لا يشتاق (11). والأمور التى تتعاطاها (12) العلوم كالطب، والصنائع كالفلاحة، ممكنات (13). وما كان إلينا (14) أن ندبره (15)، كالذى يكون عن إجبار (16) أو تشفع، فهى ممكنات. والذى (17) يتعلق بمعونة الأفاضل والأصدقاء كالممكن (18)، مثل ما يتعلق بأموالهم أو (19) جاههم، فإنه ممكن لا يبخلون به. وإذا كان كل (20) جزء ممكنا، فالكل ممكن. وإذا كان الكل ممكنا، فكل جزء ممكن. وإن كانت طبيعة النوع ممكنة الوجود، فطبيعة (21) الجنس ممكنة لا محالة. وإذا أمكن
__________
(1) وهو: سقطت من م
(2) بكذا: بكذى د
(3) ومتوقع: كونه م، ن، دا
(4) وان كان الأصغب فهو ممكن: سقطت من هـ
(5) وما: وأما ب، م، ن، دا
(6) فما: فيما م، ن، دا
(7) ممكنا: سقطت من د، سا
(8) فبدؤه: مبدؤه د
(9) فالمتقدم: فالمقدم سا
(10) تشتاق: تشاق د، م
(11) يشتاق: يشاق د، م
(12) تتعاطاها: يتعاطاه م
(13) ممكنات: ممكنا هـ
(14) الينا: الساء؟؟؟ س
(15) ندبره: ندره د
(16) اجبار: اخبار م، سا: احار د: اختبار ن، دا
(17) والذى: الذى هـ
(18) كالممكن: الممكن س
(19) أو: ود، هـ
(20) كل: سقطت من ب، ن، دا، سا
(21) فطبيعة: وطبيعة س(1/370)
أحد طرفى الإضافة، أمكن الآخر. وما أمكن (1) للجاهل (2) والبطال، فهو للعالم الصانع (3) أشد إمكانا. وما كان ممكنا للأوضع، فهو (4) ممكن لمن هو أشرف.
وأما الذى لا يمكن، فستجد (5) له أنواعا مضادة لهذه.
وأما أنواع أنه: هل كان الشئ أو لم يكن؟ فمن أنواعه أنه (6): إن كان ما هو أقل استعدادا للكون (7) قد كان (8)، فالأتم استعدادا قد كان. وإن كان التابع قد كان، فالمتبوع (9) قد كان (10). فإنه (11) إن كان قد نسى، فقد كان قد علم. وإن كانت الأسباب قد كانت، فالشئ قد كان (12). فإنه إذا (13) كانت القدرة والإرادة، فقد كان الشئ، وخصوصا إذا لم يكن عائق. وهذا نحو (14) أن يكون قدر وغضب، أو قدر (15) واشتاق، أو قدر واشتهى. والذى توجب الدلائل أن يكون، فليوضع كائنا. فإن الأسباب الملاصقة (16) توجب الوجود بالفعل لا محالة. وإذا كانت المعدات قد سبق (17) كونها، فالأمر قد كان. كما أنه إن كان السحاب قد برق، فقد رعد. وإن كان الإنسان قد جرب (18) محاولة أمر يطلبه، فوجده قد أذعن له، فقد فعل. وإذا استعد للثانى، فقد كان الأول مثل أنه إذا استعد للقتال، فقد (19) تقدم الاستيحاش (20).
قال المعلم الأول: ومن هذه ما هى اضطرارية، ومنها ما هى أكثرية.
فيجب أن تعلم من ذلك أن رأى المعلم الأول فى الخطابيات ليس ما ينسب إليه
__________
(1) الآخر وما أمكن: سقطت من د
(2) للجاهل: الجاهل د، هـ
(3) للعالم الصانع: للعالم والصانع د: للعالم والطبايع هـ: للصانع العالم م، ن، دا
(4) فهو: فهل د
(5) فستجد: مستجد م: فسنحد سا
(6) (انواعه) أنه: سقطت من ب، م، دا
(7) للكون: اللكون م
(8) قد كان: قد وجد د، هـ: سقطت من س، سا
(9) فالمتبوع: والمتبوع سا
(10) فالمتبوع قد كان: سقطت من م
(11) فانه: وانه ب
(12) قد كان: فالشئ قد كانت م
(13) إذا: إن س
(14) نحو: يجوز هـ، دا
(15) أو قدر: أو قد قدر م
(16) الملاصقة: المتلاصقه س
(17) سبق: سبق سا: يسبق د
(18) جرب: جرت د، م
(19) فقد: قد ب
(20) الاستحاش: للاستيحاش د، هـ(1/371)
من وجوب (1) تساوى (2) الإمكان فيها. وأنت ستعلم (3) أنواع ما لا يكون من أنواع ما يكون. ومن هناك تعلم حال متوقع الكون، وهو ما استعدت نحوه الأسباب مما ذكر وما ليس متوقع الكون، وهو الذى بالخلاف.
وأما أمر التعظيم والتحقير، فقد يكتفى فيه بما (4) ذكر منه فى المشوريات، وخصوصا إذا خصصت بحسب أمر (5) أمر من الأمور الجزئية، وجعل له بحسبه حكم حادث.
فلنفصل الأمر فى التصديقات المشتركة، وهى جنسان (6): المثال والتفكير (7).
وأما الرأى المحمود فهو داخل فى مواد التفكير (8).
ولنبدأ بالمثال، وهو الذى نسميه (9) ههنا برهانات (10)، ونقول (11): إن الأمثلة (12) على ضربين: أمثلة من أمور مقر بكونها يقاس عليها غيرها سواء كانت أمورا موجودة، أو حوادث وجدت فى زمان ماض (13) (14)، أو (15) أمثالا (16) مضروبة سائرة. هكذا (17)
ينبغى أن يفهم. ومنها ما يخترعه الإنسان (18): فمن ذلك مثل وحكاية تجعل له حكما وتجعله كأنه قد كان، وهو ممكن الكون، إلا أنه لا رواية له، ولا سير مثل (19) به ومنها ما هو كلام كاذب، مثل ما فى كتاب كليلة ودمنة.
فمثال المثال بالحقيقة، ما يقال: لا ينبغى لك أيها الملك أن تستهين بأمر (20)
الجواسيس، ففلان (21) قد استهان فندم. ومثال المثل المضروب (22) ما قال سقراط (23):
__________
(1) وجوب: وجوه ب، م، سا: سقطت من هـ
(2) تساوى: يتساوى ب، م، سا
(3) ستعلم: متعلم س
(4) بما: ما د، هـ
(5) أمر: سقطت من هـ
(6) جنسان: الجنان هـ
(7) التفكير: التفكر د
(8) التفكير: التفكر د
(9) نسميه: سقطت من هـ
(10) برهانات: برهانا د، هـ
(11) ونقول: فنقول د: نقول هـ
(12) الأمثلة: لامثلة د
(13) أو حوادث وجدت فى زمان ماض: سقطت من س
(14) ماض: ماضى ب، م
(15) او: وسا
(16) أمثالا: مثالا م
(17) هكذا: هكذى م: فهكذا ب: وهكذا دا
(18) الإنسان: سقطت من هـ
(19) سبر مثل: سير؟؟؟ ميل سا
(20) بأمر: بامور س
(21) ففلان: فلان س
(22) المضروب: سقطت من س، م، ن، دا، سا
(23) سقراط: السقراط س(1/372)
إن من يحرم الترأس (1) بالقرعة، كمن يحرم المصارعة (2) بالقرعة. فإن تحريم المصارعة بالقرعة لم يكن أمرا قد وجد وأعقب (3) خطأ، بل أمرا (4) قد اختلق (5) فرضه، وبه (6)
يضير (7) فيه الخطأ، فنقل (8) الخطأ منه إلى غيره.
وأما الثالث: فكضرب (9) بعض المشيرين مثلا، وهو يشير على قومه بشدة التيقظ (10)، وأن لا يذعنوا (11) لواحد وعدهم بتخليصهم (12) عن يدى متسلط عليهم عنيف بهم، فإنه قال لقومه: إياكم وأن تصيروا بحالكم إلى (13) ما صار إليه الفرس، عند ما زاحمه الايّل (14) فى مرعاه، ونغصه (15) عليه، ففزع إلى إنسان (16) من الناس يعتصم بمعونته، ويقول له: هل لك فى إنقاذى من يدى هذا الأيل (17)؟ فأنعم الإنسان له الإجابة (18)
على شرط أن يسمح بالتقام ما يلجمه، وبتمطيته (19) ظهره وهو ممسك قضيبا. فلما أذعن له، صار فيما هو شر له من الأيل (20).
وقال آخر فى قريب من هذه الواقعة: إنى أوصيكم أن تستنوا بسنة الثعلب الممنو (21) بالذبان (22). قيل له (23): وما فعل ذلك (24) الثعلب؟ قال: بينا ثعلب يعبر نهرا من الأنهار إلى العبر (25) الآخر، إذ (26) اكتنفته (27) القنصة، وحصل (28) فى حومة الطلب، فلم ير لنفسه مخلصا (29) غير الانقذاف (30) فى وهدة غائرة انقذافا (31) أثخنه. وكلما (32) راود الخروج منه (33)، أعجزه، فلم ير إلا الاستسلام. وهو (34) فى ذلك إذ جهدته (35) الذبان
__________
(1) الترأس: التراوس ب، م، سا: التوابين هـ: الراوس س
(2) (يحرم) المصارعة: المصارنح س
(3) وأعقب: فاعقب ب
(4) أمرا: سقطت من د، هـ
(5) اختلق: اخلق س: اختلف هـ
(6) به: سقطت من س
(7) يضير:؟؟؟ ضرّ س: يصير م، هـ: صر؟؟؟ ب، د، ن، سا
(8) فنقل: فينقل د، هـ
(9) فكضرب: فضرب سا
(10) التيقظ: السقص؟؟؟ ب
(11) يذعنوا: يذعنون هـ
(12) بتخليصهم: تخليصهم س، سا
(13) الى: سقطت من هـ
(14) الأيل: الابل س، هـ، سا
(15) نغصه: بغضه هـ
(16) انسان: القسال؟؟؟ د: الفتيان هـ
(17) هذا الأيل: هذه الابل س: هذا الابل هـ، سا
(18) الاجابة: بالاجابة د، هـ
(19) بتمطيته: بتمطية س
(20) الايل: الابل س، هـ، سا
(21) الممنو: سقطت من ب، سا
(22) بالذبان: سقطت من س
(23) له: سقطت من د، هـ
(24) ذلك: سقطت من ن، دا
(25) العبر: المعبر هـ
(26) إذ: فقد س: فد سا
(27) اكتنفته: اكتنفه د
(28) وحصل: حصل سا
(29) مخلصا: سقطت من س
(30) الانقذاف: الافقذن د
(31) إنقذافا: وإنقذافا م
(32) وكلما: ولما د، هـ: كلما سا
(33) منه: عنه س
(34) وهو: وهى م
(35) جهدته: جهد به س، سا(1/373)
محتوشة إياه. وإذا فى جواره (1) قنفذ يشاهد ما به من الغربة (3) والحيرة و (2) لذع (4) الذبان وإنحلال القوة، فقال له: هل لك (5)، يا أبا الحصين، فى أن أذب عنك (6)؟
فقال: كلا. و (7) لا سبيل لك إلى ذلك، وإنه لمن الشفقة الضائرة (8)، ومن البر العاق. فقال له القنفذ: ولم ذلك؟ قال: اعلم أن هؤلاء (9) الذبان قد شغلت المكان فلا موقع لغيرهم من بدنى (10)، وقد امتصت ريها من دمى، فهى الآن هادئة. فإن ذبت، خلفها جماعة أخرى (11) غراث (12)، كلبى (13)، تنزف بقية دمى.
وأكثر ما ينتفع بهذه الأمثال فى المشورة، حين ما يعز وجود جزئيات مشاكلة، فتخترع فإن اختراعها يسير (14). لكن موقع الموجود المشهود به آكد (15).
واعتبار الجزئيات الموجودات (16) من أبواب مبادئ الفلسفة، إذ (17) التجربة، كما علمت (18)، من أجلّ أصولها، فكيف فى البحوث الضعيفة. والفزع إلى المثال إنما يقع عند عوز (19) التفكير، فإن التفكير أولى أن (20) يوقع (21) التصديق. وأما إذا أورد المثال لا على أنه المقنع نفسه، بل على أنه شاهد لضمير مصنوع، أو مصحح (22) لمقدمة (23)
كبرى فى الضمير، على ما تحققته قبل (24)، فإنه يكون (25) فى (26) أول القسمين نافعا، وفى الثانى ضروريا. وتكون منزلة المثال فى تثبيت الكلى (27) منزلة الاستقراء. وإن كان الاستقراء غير أهل (28) للخطابة ولا مناسب إلا فى أحوال نادرة. فإذا قدم الخطيب الضمير، ثم أيده بالشاهد، على أنه نافع أو ضرورى، كان قد تمم الإقناع. فإن
__________
(1) جواره: جوازه د
(2) الغربة والحيرة و: سقطت من سا
(3) الغربة: العدبة هـ
(4) لذع: لسع د، هـ
(5) هل لك: سقطت من س
(6) عنك: الذباب م، ن، دا
(7) كلا و: كلام سا
(8) الضائرة: الضارة س
(9) هؤلاء: الذين د
(10) من (بدنى): غير سا
(11) أخرى: أخر س
(12) غراث: غراب ب: عدار د، هـ
(13) كلبى: سفطت من سا
(14) يسير: شهادة ب
(15) آكد: أوكد د، هـ
(16) الموجودات: الموجوديات ب، س، سا
(17) إذ: إلى م، ن، دا
(18) علمت: يحتل ب: ل؟؟؟ هـ: حل؟؟؟ د، م، ن: اجل س، دا: احل سا
(19) عوز: غدرد، هـ
(20) أن: بأن س
(21) يوقع: سقطت من م
(22) مصحح: محقق م
(23) لمقدمة: المقدمة م
(24) فى الضمير على ما تحققته قبل: سقطت من س، سا
(25) يكون: عند عوز التفكير فان التفكير م
(26) فى: سقطت من م
(27) الكلى: الكل د، هـ
(28) اهل: اهلى سا(1/374)
الشاهد مقنع. لكنه إذا سبق فادعى، ولو مقرونا بالضمير، فاستنكر دعواه بديا، لم يكد يسلم له إلا شهادات كثيرة. فأما إذا أورد المثال أولا واعتمده (1)، ثم أورد الدعوى بعده، فتكون الدعوى قد صادف (2) الاستعداد من الأنفس لقبوله ولم ترد (3)
عليها بغتة فيتنبه لإنكارها (4). وقد يقبل (5) المثال الواحد قبول الشاهد الواحد (6)، إذا كان ثقة. وهذا الإعداد مثل الإعداد (7) بحذف الكبرى أيضا فإن التصريح بها ينبه على العناد. فالغرض فى هذا أن الضمير إذا كان محوجا إلى تصحيحه بالمثال، فلأن يتدئ بالمثال (8) أولى من أن يبتدئ (9) (10) بالضمير. وأما إذا كان المثال للاستظهار، فلا بأس فى تقديمه أو تأخيره. هكذا (11) ينبغى أن يفهم هذا الموضع.
وأما الرأى فإنه قضية كلية، لا جزئية، وهى فى أمور عملية (12)، ومن جهة (13) ما يؤثر أو (14) يجتنب. والتفكير الرأيى (15) قريب من المستنتجة (16) التامة. ونتائج الآراء، إذا أخذت بانفرادها، هى أيضا آراء، كما أن مقدماتها آراء، لكنها إنما تكون تفكيرا (17) إقناعيا، إذا قرنت (18) بها العلة، مثل قولنا: إن معرفة الأحداث بالحكمة فضول. فهو رأى، ونتيجة رأى. وهو أنهم حينئذ يكونون مدخرين ما لا ينتفعون به. لكنه إذا أخذ الرأى الذى (19) هو نتيجة وحده، لم (20) ينتفع به، لأنه لا ينفع (21)، إذ ليس مقبولا بنفسه، إذ القبول يناله (22) بعد قبول مقدمة، هى (23) علة (24)
قبوله، فينبغى أن يقرن ذلك به، فينتج، ثم تستعمل النتيجة، فيكون الضمير (25)
__________
(1) واعتمده: واعتمد س
(2) صادف: صادفت د، هـ
(3) ترد: يزد ب، د
(4) لانكارها لانكاره د، هـ
(5) يقبل: قبل د
(6) قبول الشاهد الواحد: سقطت من ن، دا
(7) مثل الإعداد: سقطت من م، دا، ن
(8) فلان ن يبتدئ بالمثال: سقطت من هـ
(9) يبتدئ:؟؟؟ داء س
(10) يبتدئ: دا؟؟؟ س: يبتداء م
(11) هكذا: فهكذا ب
(12) عملية: علمية م
(13) ومن جهة: من جهة د، هـ
(14) أو: وم
(15) الرأيى: راى س
(16) المستنتجة: المستحسنة س: السلجسه م: المسلحسة سا
(17) تفكيرا: تغلبا م
(18) قرنت؟؟؟: قرن د، هـ
(19) الذى: سقطت من م
(20) لم: ولم م: لا س
(21) ينفع: ينتفع ن، دا: يقنع د، هـ
(22) يناله س: مثاله ب، م، هـ، سا: مناله د، ن
(23) هى: هو س، سا
(24) علة: علية د
(25) الضمير: المقنع سا(1/375)
جميع ذلك القول. ويجب لذلك أن تكون أنواع الرأى أربعة: رأى لا يحتاج إلى قرن كلام به لظهوره فى نفسه ورأى لا يحتاج إلى ذلك لظهوره (1) عند المخاطب أو عند أهل البصر ورأى يحتاج (2) أن يقرن بكلام (3) آخر ليؤدى إلى المطلوب. وهذا على قسمين:
لأنه إما أن يكون ذلك الكلام (4) هو نتيجة عنه، أو يكون منتجا إياه. فإن كان نتيجة (5) عنه، كان هو بالحقيقة ليس ضميرا على المطلوب (6)، بل (7) جزءا من الضمير، كأنه (8) جزء قياس مركب. وإن كان يحتاج إلى ما ينتجه (9)، فيكون هو الضمير القريب، وليس جزءا من الضمير البتة (10). فإن القياس القريب ليس كالبعيد. فإن البعيد ينتج (11)
على أنه جزء قول مفلح (12)، والقريب ينتج الشئ بذاته، لا على أنه جزء شئ. وعلى هذا ينبغى أن يفهم هذا الموضع (13).
وقد خبرناك أن الخطابة تشاكل (14) الجدل فى الموضوعات والمبادئ، وتشاركه فى أشياء، فينبغى أن تأخذ الآراء الخطبية (15) آراء مختارة (16) مقبولة عند إنسان إنسان ممن (17) تخاطبه، أو عند إنسان من الأئمة، أو مما يظن مقبولا (18) مما هو فى الأمور الممكنة المتعلقة (19) بالزمان، لا المظنونة (20) التى فى الأمور الدائمة، فإن ذلك للجدل. وإذا كان هذا محصلا عندك، أمكنك أن تستنبط منه الحجج (21) والضمائر. ولسنا نوجب عليك أن تضبط أمورا غير متناهية من الموجودات بحسب شخص شخص فى أمر (22) أمر جزئى. فإن ما لا يتناهى لا يوجد، فكيف يحصر ويضبط؟! بل أن تصنف الأحكام الكلية الموجودة المحصورة (23) المتعلقة بالأجناس الثلثة للخطابة، وتجتهد أن
__________
(1) ورأى لظهوره: سقطت من سا
(2) يحتاج: إلى ب
(3) بكلام: كلام د: سقطت من هـ
(4) الكلام: الكل او سا
(5) نتيجة: فيكون هو الضمير القزيب م
(6) عنه كان هو بالحقيقة ليس ضميرا على المطلوب: سقطت من م
(7) بل: وليس م
(8) كأنه: فإنه م
(9) ما ينتجه: نتيجة م
(10) الضمير البتة: ضمير البتة د، هـ
(11) ينتج: فلح؟؟؟ سا
(12) مفلح: فلح؟؟؟ دا: منح س
(13) الموضع: الموضوع سا
(14) تشاكل: يسارك س، سا
(15) الخطيبة: الخطيبية د
(16) مختارة؟؟؟: محتاجه؟؟؟ س
(17) ممن: مما س
(18) مقبولا: مقبوله س
(19) المتعلقة: المتكلفة د، هـ
(20) المظنونة: المظنونة م: مظنونة المظنونة س
(21) الحجج: الحج د
(22) أمر: سقطت من م
(23) المحصورة: المنحصرة م(1/376)
تخصصها ما قدرت. فإن الأحكام التى هى أخص، أشد نفعا، وأقرب إلى الباب، وأليق (1) به. وكذلك إذا أخذت تستعملها فى الجزئيات، فتلطف (2)
فى (3) تحصيصها تلطفا آخر، حتى تكاد تطابق ذلك الشخص المتكلم فيه وحده.
مثال (4) ذلك فى المدح: إذا كان عندك مقدمة مناسبة للمدح، كقولك: الإلهى هو الذى (5) يكاد أن تكون فيه قوة إلهية، فإن هذا من المديح (6) البالغ جدا. لكنك إذا مدحت واحدا من الفضلاء بهذا، فقد مدحته (7) بما يعمه وغيره من الذين (8)
يجرون مجراه. فإن خصصت وزعمت (9) أنه الذى فعل الأمر الإلهى الفلانى، فظفر بفلان، وأنقذ فلانا من ورطة، كان هذا بالمدح أليق، وإلى الإقناع أقرب. فإنك إذا قلت: إن فلانا إلهى، لم تقنع بذلك (10) ما لم تدل على جزئى من الأمور به يصير مثله إلهيا. هكذا (11) ينبغى أن يفهم أيضا هذا (12) الفصل.
ومن الآراء (13) التى تحتاج أن يقرن بها قول آخر حتى تتروج (14) وتستمر وتقبل ما يكون انفراده غير مقتصر (15) به على أن يجهل (16)، ولا (17) يتسارع (18) إلى قبوله فقط، بل يكون معرضا إياه أيضا (20) للشنعة (21). فما لم يقرن (22) به القول الآخر، لم يتعرض للإحماد. ولا نشك فى أن الأولى (19) فى مثله، على ما ذكرناه (23) من غيره (24)، أن تقدم تلك القرينة به عليه، مثل قول القائل: قد (25) ينبغى لمثلى أن لا يتأدب. فإن هذا إذا ذكر وحده، استشنع.
فإذا قدم عليه، فقيل: ينبغى لمثلى من الراغبين فى أن يأمن غوائل الحساد أن لا يتأدب، فحينئذ ربما أقنع. وأما المجهول الذى لا تعرف شناعته ولا حمده، فلا بأس
__________
(1) اليق: الود
(2) فتلطف: تلطف د: فيلطف س
(3) فى: سقطت من ب، سا
(4) مثال: ومثال س
(5) هو الذى: والذى س، سا
(6) المديح: المدح م
(7) مدحته: مرحته س
(8) الذين: الدى س
(9) وزعمت: فزعمت د، هـ
(10) فانك إذا قلت: بذلك: سقطت من ب
(11) هكذا: هكذى س
(12) هذا: سقطت من م
(13) ومن الآراء: من الاراى س
(14) تتروج: تروج د، س، هـ، سا
(15) مقتصر: مقصر د، هـ
(16) يجهل: يحمل هـ: يحتمل م: يجعل ن، د، ا
(17) لا: سقطت من س
(18) تتسارع: يسارع د، هـ
(19) إياه أيضا الأولى: سقطت من د
(20) أيضا: سقطت من س
(21) للشنعة: على سبعة هـ
(22) يقرن: يقترن هـ
(23) ذكرناه: ذكرنا س، سا
(24) غيره: غير هـ
(25) قد: وقد م(1/377)
أن تقرن العلة به مقدمة، أو مؤخرة. وربما كانت العلة فى أمثال هذه ليست رأيا، بل رمزا شعريا، وكلاما مخيلا (1)، فيروج، مثل قول القائل (2): إياكم أن تكونوا شتامين، فتؤذوا خطاطيف الأرض. وعنى (3) بخطاطيف الأرض الناس الضعفاء، الكافى الأذى، المستنيمين إلى الشنعة والوعوعة (4)، عند ما يخرجهم (5) أمر.
وليس كل الناس (6) يليق به استعمال (7) الكلام الرأيى (8) واختراع ضرب الأمثال، بل إنما يليق ذلك بالمشايخ، لأنهم المرموقون بعين (9) التمييز (10) فتكون أحكامهم الكلية (11) متلقاة (12) بالإذعان، وهم (13) المظنون بهم (14) كثرة التجارب فتكون أمثالهم التى يضربونها معدودة فى الكائن. فإن تكلف الغمر (15) الذى لم يجرب (16) لضرب (17) الأمثال، وإيراد الشواهد من الأحوال، فهو شروع منه فيما لا يعنى، وإساءة الأدب (18).
فالرأى إنما يوجد كليا (19)، ويعبر عنه مهملا. وربما اشترط فيه الأمر الأكثر (20)، وربما اقتصر على الكثير. فتارة يقال: إن كذا كذا (21)، إيهاما للكلية وتارة يقال: أكثر كذا كذا وتارة يقال: كثيرا ما كان من كذا كذا (22). وهذا (23) مما يقنع (24) بالتكلف، والاستكراه. وكذلك فى العلامات. وينبغى أيضا أن نورد فى الرأى ما كان الجمهور يرونه (25) مما (26) أجمعوا عليه لسنة، أو عادة، وإن لم يكن من الذائعات المطلقة. وذلك مثل استعمالنا فى شريعتنا: أن المتعة ظلم، وأن قذف
__________
(1) مخيلا: محال؟؟؟ د: جميلا دا
(2) القائل: القائلن؟؟؟ س
(3) وعنى: وعنا ب، م: وعنى د
(4) الوعوعة: العورة د، هـ
(5) يخرجهم: حزعهم؟؟؟ د، هـ
(6) الناس: انسان د، س، هـ
(7) به استعمال: باستعمال ب، ن، دا، سا
(8) الرأيى: الذاتى سا
(9) بعين: بغير م، ن، دا
(10) التمييز: المتميز د: المميزة هـ: الر؟؟؟ س
(11) الكلية: كلية م
(12) متلقاه: ملتقاة م
(13) وهم: فهم ب
(14) بهم: من م
(15) الغمر ب: الغر س: الغير د، م، هـ، سا
(16) يجرب: الأمور م، دا
(17) لضرب: ضرب ب، د، هـ، سا
(18) الأدب: للأدب س
(19) كليا: كلها م
(20) الأكثر: الأكثرى م: الاكبر دا
(21) كذا كذا: كذا كذى س
(22) من كذا كذا: من كذا وكذا س
(23) وهذا: ولهذا د، هـ
(24) يقنع: لا يقنع م، ن، دا
(25) يرونه: دونه د
(26) مما: وما ب، ن، دا: ما سا(1/378)
المحصنات يوجب حد ثمانين (1). فإن أحكام الشرائع آراء جليلة (2). وينبغى أن نورد أيضا الأمثال المقبولة (3) السائرة على أنها أحكام كلية. وهى مع قبولها عند الجمهور ليس يجب أن تكون محمودة بالحقيقة، كقولهم: الكلاب على البقر وقولهم:
إذا عز أخوك فهن وقولهم: ول (4) حارها من تولى قارها. فإنها محمودات فى بادى الرأى. كذلك ينبغى أن يفهم هذا الموضع.
وينبغى أن تستعمل الآراء التى فى غاية الفشو، حتى يجتمع فيها أن تكون آراء وأمثالا (5)، مثل قولهم: اعرف ذاتك. وهذه من الآراء التى تصلح للأضداد.
إذ هذا (6) يصلح للمدح والذم. وكذلك: لو عرفت خلقك، لما استعظمت هذا منك (7).
فإن هذا (8) أيضا (9) يصلح للأضداد. إذ هذا يصلح للشكاية والإشكاء. وبعض هذه تكون فاعلة فى النفس (10) انفعالات (11)، كما تقول للمشتعل (12) غضبا عن شئ بلغه: إن (13) أمثال هذه السعايات، بقدر علمى، لكاذبة (14). فإن هذا ربما أهدأ (15) غيظه وكما تقول:
طوبى لمن عرف قدر نفسه، فلم ينتصب لقيادة الجيوش. فإن هذا يسخط (16) من (17)
انتصب لها. فهذه من جملة ما يؤثر انفعالات (18). وقد تكون أقوال رأيية أخرى خلقية، كقولهم: ليس ينبغى أن يحب المرء بقدر (19) ما يبغض، بل أن تكون محبته للحبيب أكثر من بغضه للبغيض. وينبغى أن يجتهد فى كل موضع حتى (20) يكون اللفظ المعبر به مطابقا لكنه ما فى الضمير. فإن قصر اللفظ عن مطابقة المعنى، ولم يخرج خروجا مغنيا (21) عن الشرح، فعليه معاودة الشرح. كذا (22) ينبغى أن يفهم هذا الموضع.
__________
(1) ثمانين: ثمنين ب، م
(2) جليلة: كلية د، هـ
(3) المقبولة: المقبول ب
(4) ول: ولى د، هـ
(5) أمثالا: امثال د، دا
(6) (إذ) هذا: هذه م
(7) منك: سقطت من م
(8) فان هذا: فان هذا م
(9) أيضا: سقطت من سا
(10) النفس: الأنفس د، هـ
(11) انفعالات: للانفعالات فى اللانفس م
(12) للمشتعل: للمشتغل م
(13) إن: سقطت من س
(14) لكاذبة: الكاذبة د، هـ
(15) أهدأ: هذا د: سقطت من هـ
(16) يسخط: سخط سا
(17) من: لمن د، هـ
(18) انفعالات: الانفعالات م
(19) بقدر:؟؟؟ د
(20) حتى: حتى م
(21) مغنيا: معنيا د
(22) كذا: هكذى س.(1/379)
مثلا، ليس (1) ينبغى أن يقول: أحب، لا كما تبغض، ويسكت، فإن هذا غير شارح، بل يقول: إنه ينبغى أن يحب الحبيب، لا بقدر ما يبغض البغيض، كما قال قوم، ولكن يجب أن يكون آكد (2) المحبة، دائمها. ثم يعطى العلة، فيقول: أما (3) المساواة بين (4) الحب والبغض فهو طريقة الغدار (5) الذى لا يثبت على (6)
العهد، والمكار الذى لا يصح عنده (7) انعقاد الميثاق. أو يقول على وجه آخر:
ينبغى أن تشتد محبة (8) الحبيب، كما ينبغى أن (9) يشتد بغض الشرير. وهذا أيضا إيراد للعلة (10) فى المقابلة.
ولإيراد الكلام الرأيى (11) منافع عند السامعين: منها ما يتعلق بثقل فهمهم وبلادتهم فإنهم إذا كانت عندهم جزئيات مجربة تحت حكم، وقصروا عن رفعه (12)
إلى حكم عام، فأورد عليهم الحكم العامى، طالعوا (13) دفعة جميع جزئياتهم، وفرحوا بذلك كأنهم أصابوا (14) حاجتهم. وربما كان القول الكلى غير محمود، لكنه إذا وقع مطابقا لجزئيات أهمتهم، حمدوه وقبلوه فى الوقت كالمتأذى (15) بعدة جيران فساق أو بأولاد عقاق إذا سمع قول القائل: الجيران شر الخليقة، وقوله (16): لا خير فى اتخاذ الأولاد، فرح جدا بذلك، وتلقاه بالتصديق، وقنع (17) به. فلذلك ينبغى أن يكون المتكلم بصيرا بحال السامع والحاكم، وإلى نحو حاجته بالقول الكلى. ومن منافع الرأى أن يجعل الكلام خلقيا (18)، أى حكميا فى الأخلاق. وهذا مما يفخم به الكلام، ويصير قائله كالسّان والشارع، ويلتذ (19) بمثله من الخطباء والمخاطبين.
__________
(1) ليس: سقطت من سا
(2) آكد: اكيد س، سا
(3) أما: وأما س، سا
(4) بين: من سا
(5) الغدار: الغرار س: الغدر هـ
(6) على: عند ب، ن، دا، سا
(7) عنده: عند س
(8) محبة: سقطت من د
(9) ينبغى أن: سقطت من سا
(10) للعلة: العلة م، دا، ن
(11) الرأيى س: الراى ب، د، م، ن، هـ، سا
(12) رفعه: رفعها م، ن، دا
(13) طالعوا: طالوا د
(14) أصابوا: أصابهم م
(15) كالمتأذى: كالمتعدى هـ: كالمبادى ن
(16) وقوله: أو قوله د، م، هـ
(17) قنع: فرح ب، م، ن، دا، سا
(18) خلقيا: خليقا م
(19) ويلتذ: يلتذ د(1/380)
فصل (1) [الفصل السابع] فى الفرق (2) بين المقدمات الجدلية والخطابية وفى إعطاء أنواع نافعة فى التصديقات بأصنافها
الفرق بين المقدمات (4) المستعملة فى الضمائر والمستعملة فى الجدل (3) أن الجدلية قد تستعمل فيها المقدمات البعيدة عن المطلوب، ليتدرج بها إلى المطلوب بأوساط متتالية، وتستعمل فيها المقدمات (6) التى (7) هى متعالية (8) الشهرة حقيقيتها (5) (9)، وتستعمل فيها المقدمات التى لا ظن للجمهور فيها، إذا كانت منتجة عن مقدمات مشهورة. وأما الخطابة فلا يجوز أن تستعمل فيها المقدمات البعيدة جدا، كما علمت، ولا الشرط فيها أن تستعمل المشهورات الحقيقية فقط، فيوهم (10) أن المتكلم يتعلق بالحقائق، ويخرج عن طريق العامية والخطابية (11). ولا (12) تستعمل فيها أيضا المقدمات البعيدة عن ظنون الجمهور، بل إنما تستعمل فيها مقدمات (13)
ليست حاضرة الأذهان (14) بالفعل حضور كون الشمس مشرقة، ولا (15) غائبة عنها، حتى إذا ذكرت، قعدت (16) الأذهان عن الحكم فيها بوجه، بل هى التى عند ما تذكر (17)، ينقدح فيها ظن (18)، سواء (19) انقدح منها (20) ذلك، إذا ذكرت مفردة، أو ذكرت
__________
(1) فصل: فصل 7هـ: فصل رب: الفصل السابع س: الفصل السادس م، دا
(2) الفرق: الفرقان ب، س، م، سا
(3) الفرق الجدل: سقطت من هـ
(4) المقدمات: الجدلية والخطابية وفى إعطاء أنواع نافعة فى التصديقات بأصنافها؟؟؟ د
(5) وتستعمل حقيقيتها: سقطت من ب، م
(6) المقدمات: مقدمات س
(7) التى: سقطت من س
(8) متعالية: متعاليه سا
(9) حقيقيتها: حقيقها د، هـ
(10) فيوهم: يتوهم د
(11) والخطابية: والخطابة ب
(12) ولا: لا ب، س، سا
(13) مقدمات: مقامات د
(14) الأذهان: للأذهان ب
(15) لا: سقطت من د
(16) قعدت: قعدة هـ: بعدت د
(17) تذكر: ذكره؟؟؟ م، سا
(18) ظن: سوء ظن م: سقطت من د
(19) سواء: سرا د: فعلت ذلك وإذا ما يدل يتقدم فيها ظن م
(20) منها: فيها م(1/381)
مع قرينة، وعلى نحو (1) ما علمت. وهذا مثل قولهم: بئس الشئ الطمع. فإن المعلومة (2) جدا ذكرها كالفضل والمجهولة (3) جملة ذكرها كالإغراب (4)، والخروج عن العادة. وأما (5) المناسب لطباع (6) العامة فما (7) لا يجهل، ولا يكون أيضا كالمعلوم (8)
والفضل (9). والشئ المجهول منفور عنه، غير مجانس (10). ولذلك (11) ما يكون الرجل القليل الأدب أفكه فى المجالس من الأديب. وذلك لأن (12) الأديب كالغريب، وكما لا يجانس وهذا (13) أقرب إلى المجانسة. وهو أيضا أسرع إلى التصديق والقبول والارتياح لما يسمع من الأديب الذى لا يفيده السماع إلا ما علمه سالفا. فيكون مثل هذا الإنسان أسر (14) فى المجالس لما يسمع ويسمع (15). فمنهم من يتكلم بالظاهرات جدا عند الكل ومنهم من يتكلم بأمور هى عندهم معروفة.
فإذا تكلم بالظاهرات أوردها على أنها فوائد وقوانين مضبوطة، ففرح من جهة ما يفيد، فأمعن فى النشاط. وإذا أورد ما هو عنده مشهور، وليس من المعلوم (16) جدا (17)، ولكن بيّن حمله (18)، وكان من القريبة لا من البعيدة، وعلى ما ذكرنا فى ابتداء الفصل، فاستمر (19) إلى فهمها (20) السامعون، ففرحوا (21) بها. وأما الأديب، فإنه يورد الغرائب (22)، وذلك (23) مما تشمئز عنه الأنفس. والأحب إلىّ أن يفهم هذا الفصل هكذا.
فيبين (24) من هذا أن الكلام الخطبى (25) ينبغى أن لا يكون كله ما (26) يرى ويظن (27)
من المشهورات جدا، بل من أمور محمودة، إذا قبلت (28)، تكون كأنها
__________
(1) نحو: سقطت من د، هـ
(2) المعلومة: المعلوم س
(3) والمجهولة: المجهولة م: والمجهول س
(4) كالاغراب: عن الأعراب سا
(5) وأما: فأما ب: وهـ: سقطت من د
(6) لطباع: لطبايع م: اطباع هـ
(7) فما: مما د، هـ
(8) كالمعلوم: كالمعلوم د، هـ
(9) والفضل: سقطت من سا
(10) مجانس: مجالس سا
(11) ولذلك: وكذلك م
(12) لأن: ان م
(13) وهذا: هذا م
(14) أسر: أسرع ن، هـ: آنس س
(15) ويسمع: ويستمع د، هـ
(16) المعلوم: العلوم د
(17) جيدا: سقطت من ن، دا
(18) بين حمله: بين من حمله ب، ن، دا، سا: من جملة م: بين حمده د، هـ
(19) فاستمر: واستمر هـ: استمر د
(20) فهمها: فهمهما م
(21) نفرحوا: فرحوا م
(22) الغرائب: الغراب م
(23) وذلك: سقطت من ب
(24) فيبين: فبين م: فتبين هـ
(25) الخطبى: الخطابى م، ن، دا: الخطيى د، هـ
(26) ما: كما ب، د، هـ
(27) يرى ويظن: طن؟؟؟ ويرى س
(28) قبلت: قيلت س، سا(1/382)
أصول (1)، وكأنها مذكرات يلتذ (2) بها، فتكون من الجنس الذى علم بالعلامات المعلومة أن الحكام يقبلونه. ويجب أن يقرن بها (3) دعوى أنها ظاهرة بينة للكل والأكثر (4). فإن ذلك، وإن لم يكن بالحقيقة (5) كذلك، فلا يبعد أن يزيد القول توكيدا (6). فإنه ليس واجبا لا محالة أن يؤتى (7) بالاضطراريات، بل والأكثريات (9)
نافعة لهم. فليأخذوها مأخذ الاضطراريات (8). هكذا فافهم هذا الموضع.
والمتصدى للكلام فى جنس من الأجناس مع مخاطب من (10) المخاطبين، ينبغى أن يكون بصيرا بذلك الجنس من الأمر وبالأحوال التى عرضت للجزئى الذى يتكلم فيه، كما مثلنا فى المشورة فى الجزئيات وغيرها، وخصوصا ذكر (11) مشورة حروب فى بلاد مخصوصة. فإنه (12) إن لم يعلم مآثر إنسان ما (13) وأفعاله الكريمة، لم يمكنه أن يمدحه (14). وإن (15) لم يعلم فضائحه، لم يمكنه أن يذمه. ولهذا أشار رسول الله صلى الله عليه (16) على (17) حسان بن (18) ثابت أن يحضر أبا بكر الصديق (19) فيسمع (20) منه مساوئ أبى (21) سفين وعشيرته، ثم يقول الشعر فيه. وكذلك الحال فى المشاجرات، وفى كل باب.
واعلم أن الحكم فى الخطابة كالحكم فى الجدل فى أن أصوب (22) الصواب له التقدم (23) بإعداد مواضع نحو كل إثبات وإبطال (24) على جهة محدودة قريب
__________
(1) أصول: ضوال س، سا
(2) تلتذ: فيلتذ د، هـ
(3) بها: به ب، س
(4) والأكثر: والأكبر م، هـ: وللاكبر د
(5) بالحقيقة: بالحقيقية د
(6) توكيدا: كدا؟؟؟ س
(7) يؤتى: يأتوا س
(8) بل والأكثريات الاضطراريات: سقطت من س
(9) والأكثريات: الاكثريات م
(10) من: سقطت من م
(11) ذكر: فى ذكر س، م
(12) فانه: بانه م، سا
(13) ما: سقطت من د، هـ
(14) يمدحه: مدح؟؟؟ س، سا
(15) وإن: أو إن س
(16) عليه: وعلى آله ب، سا: وسلم د، س، م، هـ
(17) على: سقطت من س
(18) بن: ابن س
(19) الصديق: رضى الله عنه ب، م، ن
(20) فيسمع: فيستمع د، هـ
(21) ابى: أبا م
(22) أصوب: اصواب س
(23) له التقدم: التقدم له د، هـ: له التقديم س
(24) وابطال: وكل ابطال د، س، هـ(1/383)
من الأمر. فحال الخطابى فى هذا هو (1) حال الجدلى. وكما قد (2) بينا هناك أن الموضع الأقرب، والأشد مناسبة للأمر أحرى (3) بالاستعمال، وكذلك فإن النوع الأقرب والأخص بالغرض أولى فى الخطابة بالاستعمال (4)، فيجب لا محالة (5) أن تهيأ فيها المواضع والأنواع، فإنها اسطقسات (6) وأصول العمل.
وكل تفكير، فاما تثبيت قد يشبه القياس المستقيم، إما توبيخ قد يشبه الخلف. والتثبيت قد (7) يؤلف من مقدمات يقر (8) بها، والتوبيخ من المجحودات (9)
المستشنعة، وذلك فى أى شأن (10) كان التفكير (11): فى مشاورة، أو منافرة، أو مشاجرة، أو كان فى الانفعاليات (12) والخلقيات.
فلنذكر هذه، ولننتقل عنها إلى ذكر المناقضات والمقاومات:
فنوع من ذلك نقل الحكم من الضد على ما علمت. وربما جحد، لأنه غير ضرورى. ونوع من النظائر والأشباه (13). ونوع من المتضايفات، مثل أنه:
إن كان فعل هذا حسنا، فانفعال ذلك (14) حسن. وربما يغالط فى هذا مغالط، فيزيل الشرط، كمن يقول: إن كان عدلا بالقاتل أن يقتل، فعدل فى (15) أن أقتله. فإن القاتل، وإن كان عدلا به أن يقتل، فليس مطلقا، بل بشرط أن يقتل بذى قاتل محدود، لا بذى (16) كل قاتل. فيجب أن يراعى الاستقامة والتعادل فى المضاف، فلا يوجد عند أحد المضافين إلا ما يعادله، دون أى شئء اتفق. وأن تكون الإضافة من جهة واحدة. فلا يبعد أن يكون للمضاف الثانى إلى الأول إضافة ما، غير الإضافة التى فيها الكلام. مثلا: أن يكون صديقا، وأن يكون شريكا. فإذا أخذ من حيث
__________
(1) هو: هى م
(2) قد: سقطت من س
(3) ان الموضع أحرى: سقطت من د، هـ
(4) بالاستعمال: وكذلك س
(5) محالة: فى س، م
(6) اسطقسات: استقصات د، س، هـ، سا
(7) قد: سقطت من د، س، سا
(8) يقر: مقر سا
(9) المجحودات: المحمودات الى م
(10) شأن: شئ د، س، هـ
(11) التفكير: سقطت من ب، م، ن: كان د، هـ، سا
(12) الانفعاليات: الانفعالات د
(13) الاشباه: الاشتباه م
(14) ذلك: كذلك د
(15) فى: بى سا
(16) بذى، رى؟؟؟ سا(1/384)
الآخر صديق (1)، لا ينبغى أن يؤخذ هذا من حيث هو شريك (2). فربما كان لكل إضافة حكم آخر. وربما كان الحكمان متضادين: مثل أن يكون هذا شريك ذلك، وذلك ظالم هذا. فيكون، مثلا، حكم الشركة يقتضى ضد (3) حكم الظلم.
وهما إضافتان بينهما لا غير. ونوع (4) من الأقل والأكثر، على الوجوه التى علمتها (5).
ونوع جزئى جدا مأخوذ (6) من التقديم والتأخير الزمانى، مثل أن يقول: إن فعلت (7) كذا وكذا، فيلزمنى (8) أن أفعل كذا. فربما (9) كان ما يسئله (10) خارجا عن وسعه، فلا يلزمه أن يجيبه إلى ملتمسه. أو مثل أن يقول له (11): إن الفاضل والقدير من يفعل (12) كذا وكذا. فهلم، فافعل. فإن هذا فى قوة قياس موهم أن (13) القائل يقدر على أمر يعجز عنه المخاطب. أو يقول لآخر (14): بئس الرجل أنت، إذا (15)
فعلت كذا وكذا (16). يوهمه أنه برئ الساحة عن هذه المذمة. وربما أوهم القائل المخاطب بمثل هذا أنه برئ الساحة عما يريد المخاطب أن يشكوه (17) عليه. ونعم (18) ما قال القائل: إن التجنى (19) بلا جناية من هذا النمط. ومن هذا (21) الجنس (20) أيضا التقصير فى الشروط عند العهود، والتقصير فى تفصيل الألفاظ وتجريدها عن التأويلات.
فإن المكار (22) يتقدم فيجعل العهود ذوات تأويل. وهذه (23) نوافع (24) فى التوبيخ حيث يقول: لو فعلت كذا، لفعلت كذا. أو يقول (25): إنك لم تفعل كذا الواجب عليك، وهذا قبيح منك. ونوع (26) من قبل اعتبار الحد، وإن لم يكن الحد حقيقيا،
__________
(1) صديق: صديقه م
(2) شريك: شريك ذلك د، م
(3) ضد: سقطت من سا
(4) نوع: اخر س
(5) علمتها: علمتهما م
(6) مأخوذ: سقطت من س
(7) فعلت: فعل سا
(8) فيلزمتى: فلزمنى م
(9) فربما: وربما د، هـ
(10) يسئله: يسأله س
(11) له: سقطت من د، س، هـ
(12) يفعل: فعله؟؟؟ م
(13) أن: بأن د هـ
(14) لآخر: الاخر س، م
(15) إذا: إذ ب، م
(16) كذا وكذا: كذا كذا م
(17) يشكوه: يشكره م: يشكوا د: يشكو هـ
(18) نعم: يعم س
(19) التجنى: لتجنى د
(20) الجنس: عما يريد المخاطب ان يشكره عليه ونعم ما قال القائل الجنس م
(21) النمط ومن هذا: سقطت من س
(22) المكار: المكان سا
(23) وهذه: وهذا س
(24) نوافع: نافعة د، هـ
(25) أو يقول: ويقول س
(26) نوع: سقطت من م(1/385)
بل مظنونا، كقول القائل: إن كان الملك (1) حقيقته (2) أنه إلهى، وخلق (3) قريب من (4) الله، فإن الله على كل حال موجود. ومثل قولهم: فلان لم يسم فاضلا إلى أن شجع فإذا الفضيلة هى الشجاعة. فالأول هو استخراج حكم من حد، والثانى استخراج حد من الحكم. ونوع مأخوذ من القسمة وإبطال وجه وجه منه بحجة، أو بتسلم. ونوع (5) من الاعتبار وإيراد أمثلة كثيرة من الجزئيات، مثل من يثبت إصابة الشفيق فى المشورة بعد (6) أمثلة، أو يثبت حقه حال العدول عن الشبيه (7) بأمثلة. وهذا هو استقراء يستعمل فى الأمور الاختيارية فى الخطابة.
ونوع آخر أن يكون ذلك الحكم بعينه قد حكم به (8) فاضل، أو حكم بحكم كان شبيها بذلك الحكم، أو حكم بضد ذلك الحكم فى ضد (10) ذلك الأمر (9). ونوع آخر أن ينظر فى جزئيات المحمولات فلا يجدها للموضوع، فيسلب الحكم، كقول القائل: إن كان زيد شجاعا، فمتى قاتل، وفى أى حرب بارز؟ وموضع آخر (11) من لواحق الحكم ولوازمه، كقولهم: لا تتأدب، فتحسد، أو تقول: تأدب تبجل. ونوع آخر مقارب لهذا (12) من حيث هو من اللوازم، مخالف له من حيث هو من لوازم المتضادين، إذا كان يلزمها أمر عام، ويكون (13) بحيث لابد من حمل أحدهما على الموضوع، فيكون (14) كالوسط فى إنتاج ذلك الحكم. ولهذا (15) الموضع خاصة أخرى: وهو أن الضدين نفسهما قد يستعملان فى إيجاب نقيض ذلك الحكم. مثاله قول القائل: ينبغى أن يسكت المرء فى المحافل (16). فإنه (17) إذا صدق، أبغضه الناس وإن كذب،
__________
(1) الملك: سقطت من هـ
(2) حقيقته: حقيقة ب، م، سا
(3) وخلق: أو خلق د، هـ
(4) من: سقطت من د
(5) ونوع: أو نوع ب، م، ن، سا، دا
(6) بعد: بعده د، س، هـ
(7) الشبيه: السنه س
(8) به: بانه م
(9) أو حكم بضد الامر: أو بحكم بضد ذلك الأمر ب
(10) ضد: سقطت من م
(11) آخر سقطت من م، سا
(12) لهذا: من هذا س
(13) ويكون: فيكون س
(14) فيكون: فيكونان د، س، هـ، سا
(15) ولهذا: لهذا ب
(16) المحافل: المحالف س
(17) فإنه: فإن م(1/386)
أبغضه الله (1). فالناطق فى المحافل (2) مقيت (3). ثم يقول: ينبغى أن يتكلم (4) المرء فى المحافل (5).
فإن صدق، أحبه الله وإن كذب، أحبه الناس. فهو على كل حال محبب.
وكما يقول (6): عليك باتخاذ العقار، فإنها (7) إن أغلت، فزت (8) بالغلة وإن لم تغل، أمنت بوار الأصل. وهذا يفارق الأول، لأن الطرفين تلحقهما خصلة واحدة، وهو (9) الخير فقط. ونحو آخر أن يقول (10) القائل فى إثبات شئ أو مدح شئ (11)، فيأتى فى الظاهر بحجة عدلية، نقبل فى الظاهر، ويكون فى الباطن إنما يراعى حجة أخرى وغرضا آخر، وهو الانتفاع والملاءمة (12)، مثل محب اللذات، فإنه فى ضميره يحبها لأنها ملائمة، ولأنها لذات وأما إذا احتج لدفع المذمة عن نفسه عليها، قال: أحبها لأنها تقوى الطبيعة، وتشرح الصدر (13)، وتجلو الذهن.
كما أن أصحاب الماليخوليا ينتفعون بالجماع من حيث هو مفرح. وكذلك (14) حال بعض الصوفية فى قولهم بالشاهد (15)، فكأنهم (16) يحاولون جمع (17) الأمرين كليهما (18)، أحدهما فى الباطن، والآخر فى الظاهر. وهذا الموضوع لتعجيبه (19) شديد الإقناع. ونحو (20)
آخر من الوزن والمعادلة (21). أما الوزن فوضع مقابل بإزاء المقابلة. وأما المعادلة فوضع حكم بإزاء حكم. كما قال قائل عذل فى استخدام (22) أبيه، وكان قد بلغ الكبر، فقال: إنكم إن (23) كنتم تعدون الطوال من الغلمان (24) رجالا (25)، فعدوا القصار
__________
(1) الله: سقطت من س
(2) المحافل: المحالف؟؟؟ س
(3) مقيت م، سا: ممقت ب: ممقوت س: مقت ن، دا:؟؟؟ د
(4) يتكلم: كون؟؟؟ د: يكون هـ
(5) المحافل: المحالف؟؟؟ س
(6) يقول: يقال د، هـ
(7) فانها: سقطت من سا
(8) فزت: قرن د
(9) وهو: فهو د: وهى ن، دا
(10) يقول: يكون س، سا
(11) مدح شئ: مدح د
(12) الملاءمة: الملاامة ب: فى الملامه؟؟؟ س
(13) الصدر: الصدور م
(14) وكذلك: كذلك م
(15) بالشاهد: بالمشاهد د
(16) فكأنهم: فانهم د، هـ
(17) جمع: جميع س، م، ن، دا، سا
(18) كليهما: كلهما م: كلاهما س
(19) لتعجيبه: ليعجبه م: لتفخيمه ب
(20) ونحو: ونوع م
(21) والمعادلة: والمقابله س
(22) استخدام: استخدامه ب، د، ن، دا، سا
(23) إن: سقطت من د، س، هـ
(24) الغلمان: العلماء د، هـ
(25) رجالا: حالا د(1/387)
من الرجال صبيانا. وكما قال (1) قائل (2): إن كنتم تستقبحون (3) طرد الضيف الخبيث (4)، فلا تستقبحوا (5) قرى الضيف اللبيب. والأول على قياس عكس النقيض والثانى على قياس الاستقامة. ونحو (6) آخر من هذا القبيل، وهو أن يكون الحكم ثابتا على أى الوجهين أوجبت، مثل قولهم: إن كان الإله خالقا للخير والشر، أو خالقا للخير (7) وحده، فالإله موجود. وكذلك (8) سواء قلت إن الإله مكون، أو قلت إنى الله (9) فاسد، فذلك يرفع وجود الإله. وكذلك ما يعمل على سبيل الموازنة والاستدراج، كمن يسئل (10) منكر العلم (11) والفلسفة، فيقول: هل يحب أن يتفلسف (12)؟
فإن قال: نعم، فقد أعطى (13) علما وإن قال: لا، فقد أعطى (14) علما (15). فكون (16)
هذا على سبيل الاستدراج ليس معناه أنه مغالطة، بل معنى (17) كونه مستدرجا أنه يفتقر فيه إلى سؤال، ويخالف ما (18) الذى يأتى به المثبت من تلقاء نفسه. وكقولهم:
سواء خرجت إلى فلان من ملك أرضك، أو من (19) ملك ملكك (20)، فكلاهما (21) إذعان.
وهذا وقت ما يحتج بأنه (22) لو جمع بينهما فى تمليكهما (23) فلانا فقد انقاد لصغار، وإنما يعطيه أحدهما. وكقوله (24): إنك (25) إن تكبرت من (26) خدمة الملك، ورأيت مخالطته (27) مذلة، فكذلك (28) انحيازك إلى العامة، ورضاك بجرى أحكامهم عليك، ولبسك ثوب السلامة الذى (29) أفيض عليهم. ونحو آخر من ضدين عند ضدين فى (30) وقتين يمكن أن يعكس الأمر فيهما، كقول (31) القائل: إنما كنت أقاتل لأنى
__________
(1) قال: عدل س
(2) قائل: عذل فى م: سقطت من س
(3) تستقبحون: سسحون؟؟؟ س
(4) الخبيث: الحبيب سا: الح؟؟؟ د: الحنف هـ
(5) تستقبحوا: ستحوا؟؟؟ د: سسحوا؟؟؟ س
(6) ونحو: ونوع م
(7) والشر أو خالقا للخير: سقطت من س
(8) وكذلك: ولذلك م، سا
(9) الله: الاله س
(10) يسئل: سال؟؟؟ س
(11) العلم: العالم م
(12) يتفلسف: فلست؟؟؟ س
(13) اعطى: اعطا ب، م
(14) اعطى: اعطا ب، د: أعطى م
(15) وان قال لا فقد اعطى علما: سقطت من هـ
(16) فكون: وكون س: فيكون م، هـ: ويكون ن
(17) معنى: معناه سا
(18) ما: سقطت من م، ن
(19) أو من: ومن م
(20) ملكك ن: ما يك س، م: مانك مشارك هـ: مشارك ملكك ب: مشارك ما يك د: مشارك ماك؟؟؟ سا
(21) فكلاهما: وكلاهما س، م، سا
(22) بأنه: فإنه م
(23) تمليكهما: تمليكها م
(24) كقوله: كقولهم س: كقولك د، هـ: لك م
(25) انك: سقطت من م
(26) من: سقطت من د
(27) مخالطته: مخاطبته د، هـ
(28) فكذلك: كذلك ب، م، ن
(29) الذى: الى؟؟؟ س
(30) فى: وفى س، م
(31) كقول: كقولك سا(1/388)
كنت متورطا. فإن أمنت، فلا أقاتل (1). ولقائل أن يقول: إنما كنت لا أقاتل، لأنى كنت فى الورطة. والآن، فإذا أمنت، فأنا مقاتل. ونحو آخر ينبغى أن يفهم هكذا: وهو أنه إذا كان الضد الذى (2) قد كان سببا لضد، فالضد الآخر لو كان، لقد كان يكون لا محالة سببا للضد الآخر، مثل ما يقال:
إن كنت لما أعطيته سررته، فكلما (3) ارتجعت حزنته. وإذا كان الأمر سببا لضدين، فيجب أن لا يخص بأحدهما، فيقال: ليس (4) الجد إنما يعطى السعادة (5)
للإحسان (6)، بل (7) وللغبطة، ولأن يحسده (8) الاشرار ويقصدوه (9) بالشر. وقد يمكن أن يفهم الضرب الذى قبل هذا على هذا المعنى بعينه، حتى يقول: ما أعطاه، ليسره، بل ليرتجعه (10)، فيغمه. وهذه المواضع نافعة فى الذم، وفى كفر المنة، والشكاية وقد (11) تنفع أيضا فى المدح والاعتذار. ونحو (12) آخر خاص بالمشاجرة والمشاورة، وهو أن يكون الخطيب عمد إلى حال الشئ فتأملها (13)، فإذا كانت على جهة ما شكا به (14) أو منع وإن كانت على ضدها اعتذر (15) أو أطلق، كمن (16) يقول: هذا ممكن وسهل ونافع لك ولإخوانك، فافعله، فى المشورة أو فعلت بك، عند الاعتذار وفى ضده: لا تفعله، فى المشورة أو فعلت بى (17)، عند الشكاية.
وإما نحو (18) يتبع هذا، وهو فى الاشتغال بالمعروف، والقريب من المعروف فهو كالمكرر. وموضع من التوبيخ (19) أورد غير مناسب لما يحكيه: وهو أن يأتى بما هو معلوم من مساوئ الخصم، وإن كانت خارجة عن المسئلة ومساوئه (20)
هى الأمور القبيحة المنسوبة إليه، أو من الأمور القبيحة (21) التى هو مؤثر لها،
__________
(1) فلا اقاتل: بلا اقابل س
(2) الذى: كان س، ن
(3) فكلما: وكلما س: فكما م
(4) ليس: له س
(5) السعادة: للسعادة هـ
(6) للاحسان: للانسان هـ
(7) بل: سقطت من س
(8) يحسده: يقصده س، م
(9) يقصدوه: يقصدونه د، هـ
(10) ليرتجعه: ارتجعه م
(11) وقد: قد س
(12) ونحو: نحو س
(13) فتاملها: ساملها؟؟؟ س
(14) شكابه: شكاية د، م، هـ، سا
(15) اعتذر: اعتذار س، ن
(16) كمن: فمن ب، س، سا
(17) بى: فى س
(18) واما نحو: ونحو د، هـ
(19) التوبيخ: الوبيخ م
(20) ومساوئه: مساوئه م، ن، دا، سا
(21) المنسوبة القبيحة: سقطت من سا(1/389)
إما من الأحوال المنسوبة إلى الدهر والزمان وهى الجدية، أو من الأفعال الاختيارية أو الأقوال الاختيارية أو يأتى بما هو معلوم من فضائل نفسه، وإن كانت خارجة عن المسئلة. ونحو بإزاء توبيخ المونج، بأن يقول: إنّ كذا لو كان قبيحا، لما فعله فلان (1)، أو لما فعل شبيهه فلان، أو إنه إنما فعل فلان، لا أنا، أو (2) إنما كان لكذا لا لكذا (3)، ليحسنه على الجملة. وربما كانت المصادرة على المطلوب الأول مقنعة (4)، ويكون التكرير الذى فيه موقعا لتصديق الأمر بعد تكذيبه، كقول القائل: لم زعمت أن فلانا شق العصا، فيقول: لأنه (5) شق (6) العصا. وكذلك ما يجرى مجرى المصادرة، مما قيل فى الجدل، وذلك مثل أن يقول: فلان لا يفعل كذا، لأنه مأمون (7) أن يفعل كذا، فإنه فى قوة المصادرة وإنما فعل (8) كذا مناكدة لفلان، لأنه أراد مغالطته. ومن الإنحاء فى التوبيخ: إنك لم (9) فعلت (10) هذا، وقد كان الأحسن والأولى بك ممكنا؟
وهذا فى قوة قياس على إنتاج القبح (11). وأيضا أن يقول: لو كان ما يقوله صوابا، لفعلته (12). وقد يصلح للتثبيت أنه لما قال شيئا، وفعله بنفسه، فقد كان عنده صوابا. أو يقول المونج: لو كان ما يقوله صوابا عنده (13)، لفعله بنفسه. ويعارض هذا بأنه (14) يجوز أن يكون لمّا فعل ما فعله، أو لم يفعل ما لم يفعله، كان ذلك عنده أنه صواب. وأما حين يشير (15) بما يشير (16) (17) به، فلا يؤمن أن يكون قد بدا له فى استصابته (18). فهذا (19) النوع يعارض بهذا. وأيضا قد يعارض قول من قال:
قلت ولم تفعل وهو موضع يصلح للاستغشاش بأنه ليس كل من يشير بصواب
__________
(1) فعله فلان: فعله د
(2) أو: وم، ن
(3) لكذا لا لكذا: لكذى لا لكذى د، س: كذا لا لكذا م: كذا لا كذا ن
(4) مقنعة: منفعة م
(5) لأنه: انه لما س
(6) شق: سق؟؟؟ س
(7) مأمون: مأمور م
(8) فعل: يفعل م، ن، دا
(9) لم: ما س: سقطت من هـ
(10) فعلت: تغلب ب
(11) القبح: القبيح د، ن، هـ، دا
(12) لفعلته: لفعليه سا
(13) عنده: سقطت من س
(14) بانه: فانه م
(15) يشير: ستر؟؟؟ سا
(16) بما يشير: سقطت من س
(17) يشير: ستر؟؟؟ سا
(18) استصابته: اصابته؟؟؟ س
(19) فهذا: فلهذا م(1/390)
يجب أن يعمله. فما كل صواب يعتقد، يعمل به المعتقد. فهو موضع يصلح لإزالة التهمة عند الاستغشاش. ويعارض من قال: إنه لما قال وفعل، فهو صواب، بأنه ربما فعل على غير الوجه الذى قد أشار. ويصلح للتغشيش أيضا. ونحو (1) آخر من (2) التوبيخ مأخوذ من الضدين: إنه إن (3) كان يفعل (4) كذا، لأجل كذا، فلم يفعل الذى يخالفه، والذى يضاده (5)؟ وإن كنت لا تفعل كذا، فلم لا تفعل كذا (6)؟ وبالجملة: فإن (7) فعلك يلزم منه ضد فعلك. كما قال قائل لقوم (8)
يذبحون عن ميت (9) أنه لحق السعادة، وصار إلى جوار الله، وهم مع ذلك يبكون عليه: إنكم بئس ما تفعلون. إن كان المتوفى عندكم لاحقا (10) بدرجة السعداء، فلم تبكون عليه؟ وإن كان لاحقا بدرجة الأشقياء، فلم تذبحون عنه وتقربون؟
ونحو آخر يجب أن يفهم أنه (11) يتمكن به المتكلم من التوبيخ لما يعرض لخصمه من الخطأ فى الاحتجاج. وذلك يعرض كثيرا. فتكون الحجة التى يحتج بها (12) الخصم توكد عليه (13) الإلزام. مثل المرأة المتهمة (14) بإسقاط ولدها، وقتله. فإنها لما قيل لها: لم فعلت؟ فحاولت أن تدرأ عن نفسها التهمة، قالت: ما قتلت ولدى، ولا فلانا (15) زوجى. فصار قولها (16) هذا حجة للخصم يونج بها (17) ويقول: إن هذه قد جعلت حكم زوجها حكم ولدها، فهى قاتلتهما جميعا. ونحو آخر يتعلق فيه باشتقاق الاسم، وبالاستعارة (18)، وبما هو منقول إليه، كمن يقول: إنك والله جواد، كما سميت. وفلان ظالم، كما سمى (19). وكما قال واحد لثراسوماخس (20) الجدلى: إنك
__________
(1) ايضا ونحو: وأيضا نحو س
(2) من: فى س، م
(3) ان: سقطت من م
(4) كان يفعل: كنت تفعل د، س، هـ: كان فعلك ب، ن، سا
(5) والذى يضاده: سقطت من د، س، هـ، سا
(6) كذا: سقطت من س
(7) فإن: ان س، م
(8) لقوم: لقومه س
(9) ميت: يدعون س
(10) لاحقا: لاخفاء د
(11) أنه: نحو س
(12) بها: به سا
(13) عليه: عليها س: به سا
(14) المتهمة: المتهم س
(15) فلانا: فلان د، هـ
(16) قولها: سقطت من سا
(17) بها: به س
(18) وبالاستعارة: بالاستعارة م
(19) كما (سمى): كمن د، هـ
(20) لثراسوماخس: لبراسوماخس ب: لتراسواماخس س(1/391)
والله لتراسوماخس (1)، كما سميت، أى صخاب مشغب (2). وكما (3) يقال: إن شريعة موسى (4) كموسى (5)، أى حلاقة (6) صعبة. وكما يقال: إن ملة محمد (7) لمحمدة (8). والتوبيخ أنجع من التثبيت (9)، لأنه يضع الضدين (10) نصب العين. والعبارة عن التوبيخ فإنها تجرى على إيجاز، كما يقال: لو فعلت كذا، أو كان كذا (11) فيكون مبدؤه ينبه (12) لآخره (13) عن قرب. والمونج يؤلم، ويؤثر أثرا يستشعر (14) فاعله معه فضل تشف، وخصوصا إذا كان هيئة ابتدائه (15) تنبه على آخرته. فإن سرعة التفهيم مفرح، كما أن سرعة التفهم (16) مفرح.
فصل (17) [الفصل الثامن] فى الضمائر المحرفة المقبولة فى الخطابة والمرذولة المغالطية منها (18) وفى أصناف المقاومات
قد علمت أن استعمال الضمائر المحرفة التى ليست حقيقية قد يكون خطابيا فمنها ما تحريفه بسبب اللفظ، كالذى يكون فيه لفظ مشترك، وما يجرى مجراه ومنها ما تحريفه بسبب (19) الشكل، وهو أن لا يكون القول يلزم منه الأمر بحال،
__________
(1) لثراسوماخس: لتراسواماخس س
(2) مشغب: ومشغب س
(3) وكما: كما س
(4) موسى: سقطت من هـ: عليه السلم ب
(5) كموسى: سقطت من د
(6) حلاقة: خلاقة د: خلافة هـ
(7) محمد: صلى الله عليه س
(8) لمحمدة: كمحمد ب، ن، دا
(9) التثبيت: التثويب ب
(10) الضدين: التصديق ب، د، هـ
(11) أو كان كذا د: وكان كذا هـ: لكان كذا ب، ن: لو كان كذا م، سا: سقطت من س
(12) ينبه: منبه ب مبينا د، هـ
(13) لآخره: لاخرته ب، م، ن، سا
(14) يستشعر: يستشف م
(15) ابتدائه: ابتدايته د، م
(16) التفهم: التفهيم م، ن، دا
(17) فصل: فصل 8هـ: فصل ح ب: الفصل الثامن س: الفصل السابع م، دا
(18) منها: فيها س
(19) اللفظ، كالذى بسبب: سقطت من د(1/392)
ولا لزوما مظنونا. لكن القائل يتجلد (1)، وينتقل عن القول إلى النتيجة (2) كأنه أنتجها (3)، فيروجها (4). وهذا الترويج يكون بسبب (5) فى هيئة القول ولفظه، متعلق باللفظ وحده أو متعلق بالمعنى مع اللفظ، تتروج له المقدمة على أنه بدلها. فمن ذلك ما يكون باشتراك الاسم الصرف، كمن يثنى على الكلب ويمدحه، فيقول (6):
ألا ترى (7) الكلب الذى فى السماء يبذ سائر الكواكب نورا؟ ومن ذلك ما يكون بسبب التركيب والتفصيل، على ما علمت فى (8) الفن الذى قبل هذا، كمن يقول:
فلان يعرف الحروف والهجاء، فيعرف إذا الشعر. وكقولهم: كيف يكون فلان (9)
قد صح، وقد نكس إلى مرضه؟ وكيف يكون عن (10) شرير خير؟ وقد يقال هذا (11)
على جهة التوبيخ (12)، ويقال على جهة التثبيت (13). ومن ذلك أن يترك الأمر، وينتقل إلى غيره، مثل المنكر (14) أنه فعل شيئا اتهم به، إذا لم تكن عنده حجة يبين (15)
بها أنه لم يفعله، فإنه يأخذ فى تقبيح من يفعل ذلك، وتعظيم (16) صنيعه (17)
أو الشاكى، إذا تهيأ بهيئة مخرج (18) مغضب، أوهم أن ذلك قد فعل به. وهذا نوع من الاحتجاج المظنون. لأن (19) الحاكم إذا كان كون الأمر ولا كونه مشكلا لديه، لا يتضح له (20)، فعومل ما (21) ذكرناه (22)، اشتغل (23) عن استثبات الحال فيه، وانتقل إلى اعتبار ما يخاطب به، أو يتراءى (24) به لديه، فلم يلبث أن يصدق.
فهكذا (25) يجب أن يفهم هذا الموضع.
__________
(1) يتجلد: يخلد د
(2) النتيجة: كا؟؟؟ س
(3) انتجها: جها؟؟؟ س: جها؟؟؟ سا
(4) فيروجها: ويروجها د: وروجها هـ: فيروجهما ب، سا
(5) بسبب: نسبت م
(6) فيقول: سقطت من سا
(7) ترى: أن س، ن
(8) فى: من م
(9) (يكون) فلان: فلانا م، ن، دا
(10) عن: سقظت من سا
(11) هذا: سقطت من سا
(12) التوبيخ: السلب د، هـ (ثم كتب فوقها التوبيخ فى هـ)
(13) التثبيت: التثبت س
(14) المنكر س: المفكر ب، د، م، ن، هـ، سا
(15) يبين: بين م
(16) وتعظيم: ويعظم د
(17) صنيعه: صيغة م
(18) مخرج: وحرج م
(19) لأن: فان م، ن، دا
(20) له: سقطت من د
(21) ما: بما د، ن، دا، هـ (ثم كتب فوقها ما فى هـ)
(22) ذكرناه: ذكرنا ب، سا
(23) اشتغل: واشتغل م
(24) يتراءى: يتراءاى د: يترااى ن
(25) فهكذا: وهكذا ب: وهكذى س(1/393)
ونحو آخر أن يأتى باللاحق (1). فإن هذا بالحقيقة قياس مظنون، لأنه من الموجبتين فى الشكل الثانى.
ومن ههنا نعلم أن المعلم الأول (2) لما ذكر فى كلامه المائل المنحرف، وأنه (3) تفكير حقيقى، لم يعن به أن المائل من جهة (5) وضع حدوده، والمنحرف (6) عن الشكل المنتج فى نفسه، تفكير حقيقى (4). فإنه ليس يراه تفكيرا حقيقيا، بل تفكيرا مظنونا (7). وأنه إنما عنى بالمائل ما حرف عن (8) الجهة (9) القياسية. وذلك لأن كثيرا من المقدمات يستعمل فى الخطابة (10)، لا على أنها مقدمات، بل على أنها مسائل، أو تعجبات، أو أوامر.
ومن ذلك أن يسلك طريق ما بالعرض، كمن يقول: إن من الاستظهار أن يكون مع الإنسان حيث يكون درهمان (11)، فإن يزدجرد، إنما هلك، لفقده (12)
الدرهمين. ومن ذلك قوله (13): ينبغى أن يفهم على ما أعبر (14) عنه (15). وهو موضع مبنى على اعتبار المعادلة، أو اعتبار المباينة، وأن يجعل للشئ (16) حكم شئ، لأنه نظيره، كمن يجعل التخلى (17) دليلا على العز، إذ كان تخلى (18) الاسكندر إنما (19) هو لعزه ويجعل السرى بالليل دليلا على الزنا، لأن الزناة كذلك يفعلون. وكذلك (20) أيضا (21)، لما كان المساكين الذين لا مأوى لهم، وإنما (22) يسكنون الرباطات، قوما (23) يأكلون بلا حشمة ويرقصون والهراب الشاردون (24) أيضا ينزلون حيث شاءوا، ويفعلون ذلك ثم الأكل والرقص والنزول (25) حيث (26) شاء الإنسان قد (27) يكون كثيرا للمثرين (28) المتنعمين (29)
__________
(1) باللاحق: باللواحق س
(2) الأول: انه م: سقطت من س
(3) وأنه: فإنه د، هـ
(4) لم يعن تفكير حقيقى: سقطت من س
(5) من جهة: سقطت من د
(6) والمنحرف: والمحرف د، سا
(7) تفكيرا (مظنونا): تفكرا م
(8) عن: على م
(9) الجهة: جهة ب، ن، دا، سا: وجه م
(10) الخطابة: الخطابيه س، سا
(11) درهمان: درهما د
(12) لفقده: لفقد ب، م، ن، دا، سا
(13) قوله: قول سا
(14) اعبر: عبر د، س
(15) عنه: سقطت من س
(16) للشئ: لشئ س
(17) التخلى م، سا: التجلى د، هـ
(18) تخلى م: حكى؟؟؟ د: تجلى هـ
(19) إنما: وانما م
(20) وكذلك: فكذلك د، هـ: ولذلك ن، دا
(21) أيضا: سقطت من سا
(22) وإنما: فإنما د
(23) قوما: قوم د، س
(24) الشاردون: الشادردون ب
(25) والنزول: سقطت من م
(26) حيث: وحيث م
(27) قد: فقد ب، د، هـ
(28) للثمرين؟؟؟: للوسرين؟؟؟ د، هـ: سقطت من م
(29) المتنعمين: المنعمين د، سا(1/394)
فيقال من هذا: إن المساكين والهراب (1) مثرون (2) متنعمون. وهذا أيضا من جملة اللواحق. وأما الأمثلة لهذا من المباينة، كما يقال (3): لست (4) بقارون (5)، فما لك والاسراف (6)؟ وهذه (7) أيضا ضمائر مظنونة. وعندى أنها قريبة من باب اللواحق (8)، أو جزئية اللاحق (9)، وأنه (10) تأخر عنه لغلط من النساخ (11). ومن ذلك أخذ ما ليس بعلة علة، كمن يقول: لولا ورود (12) فلان المشئوم، لما (13) مات فلان. ومن ذلك اطراح الشرائط من الأين والكيف وغير ذلك، وأخذ ما ليس بمرسل مرسلا. فإن الجدلى يأخذ الشرط ويورده ويوجده، والسوفسطيقى يلغيه ويعدمه. هكذا فافهم هذا الموضع (14).
وإذا كانت السوفسطية (15) مظنونة مقبولة فهى (16) خطابية فلا بأس فى الريطورية أن (17) يستعمل من (18) الضمير المظنون (19) ما أشرنا إليه، فيؤخذ (20) ما ليس محمولا بالإيجاب على الإطلاق محمولا بالإيجاب على الإطلاق (21). فما كان من أصناف هذه التفكيرات ما يتروج ويظن فى مذهب الخطباء حجة، فهو غير بعيد من (22) الخطابة.
وأما ما كان لا يقع به الظن، ولا يقبله الجمهور، ويفطنون لتحريفه، فإن استعمالها (23) مغالطة فى الخطابة، كمن يقول: إن زيدا الجانى (24)، عند ما هو مريض، قد كان صادقا عليه أنه غير واجب (25) أن يعاقب، فيجب أن لا يعاقب أبدا أو (26) يقول: إن هذا السكران إن لم يجلد (27) فى سكره وجنايته (28)، فكيف يجلد وهو
__________
(1) الهراب: الهرب د
(2) مثرون: موسرون د، هـ
(3) كما يقال: سقطت من م
(4) لست: ليست م
(5) بقارون: يفارون م
(6) الإسراف: الاشراف س
(7) هذه: هذا س
(8) اللواحق: اللاحق د
(9) اللاحق: اللواحق ن، دا: للاحق س، سا
(10) وانه: وانها بخ، هـ (كتبت فوق وانه): وا د
(11) من النساخ: والنساخ د
(12) ورود: ورد د، س
(13) لما: كما س
(14) هكذا فافهم هذا الموضع: سقطت من د، هـ
(15) السوفسطية: السوفسطيقية د، ن، هـ، دا
(16) فهى: وهى م، ن، دا
(17) ان: بان سا
(18) من: فى م
(19) المظنون: والمظنون م
(20) فيؤخذ: فيوجد سا
(21) محمولا على الإطلاق: سقطت من د، سا
(22) من: عن س
(23) استعمالها: استعماله م
(24) الجانى: كجانى ب
(25) واجب: عليه م
(26) أو: وس
(27) يجلد: يحد س
(28) جنايته: خيانته م(1/395)
صاح، وقد (1) فارقته الجناية (2)؟ فإن أمثال هذه يظهر عند الجمهور ما فيها من التحريف.
وأما المناقضة، فمنه ما يكون بأن يورد الخصم حجة بإزاء (3) حجة (4) الخصم (5)
تنتج (6) نقيض نتيجة (7) حجة (8) الخصم. ويكون ما أعطيناه من الأنواع المظنونة الصالحة لإيقاع الظنين المتقابلين معا كافيا فى معرفة مأخذ ذلك. ومنها ما يكون بأن يقاوم ولا يأتى بحجة على نقيض مطلوب الخصم، بل يقصد المقدمات.
والمقاومة الخطابية (9) تشارك (10) الجدلية فى العدة، وفى أنها أربع وقد ذكرت فى الجدل أنها إما مقاومة نحو المقدمة، أو نحو القول (11)، أو نحو السائل، أو نحو الزمان وإن (12) كانت تخالف الجدلية فى التعيين. على أن الجدلية أيضا تنفع فى الخطابة. وأما هذه الأربعة المذكورة خاصة فى الخطابة فهى أن المقاوم إما أن ينحو بها نحو المقدمة نفسها، أو نحو ما هو مقامها ككليها فوقها أو جزئيها تحتها، وإما أن يتركها ويقصد شبهها (13) فيثبت فى شبهها (14) ما يبطل حكم المقدمة، وإما أن يقصد ضدها فيجعل حكم المقدمة ضد حكم الشبيه، أو يرفع (15) حكم المقدمة على اقتضاء (16) ذلك التضاد، وإما أن يأتى بنص من أقاويل الشرائع والحكام، كمن يقول: إن السنة ليست توجب على السكارى العذاب، إذا قذفوا، وهم سكارى. فيقول المقاوم: بل السنة توجب ذلك ولذلك (17) عذب فلان النبى والإمام (18) ولده، حين أساء أدبه فى حالة الانتشاء.
ثم إن التفكيرات: إما أن تكون من الواجبات وهى الآراء المحمودة، أو تكون من البرهانات، لا من حيث (19) يصحح بها المطلوب نفسه (20)، فذلك (21) خارج
__________
(1) وقد: سقطت من س، سا
(2) الجناية: الخيانة م
(3) بازاء: ازاء م، سا
(4) بازاء حجة: بان يراد د
(5) الخصم: سقطت من م
(6) تنتج:؟؟؟ حه س، ن
(7) نتيجة: سقطت من م
(8) حجة: سقطت من ب، س، ن، سا
(9) والمقاومة الخطابية: فى المقاومة الخطابية س: والمقاومة والخطابية ب
(10) تشارك: مشارك م
(11) القول: المطلوب س
(12) وان: فان س
(13) شبهها: شبيها م: شبيهها هـ
(14) شبهها: سبيها م: شبيهها هـ، سا
(15) يرفع: رفع د
(16) اقتضاء: اقتصار ب
(17) ولذلك: فلذلك د
(18) والامام: أو الامام د
(19) حيث: سقطت من د
(20) نفسه: فى نفسه د
(21) فذلك: فلذلك س(1/396)
عن هذا، بل بأن ينتقل منها إلى حكم كلى، ثم (1) يصنع منه ضمير (2) وإما من الدليل، وهو الذى على سبيل الشكل الأول، وهو اضطرارى جدا وإما من الرسوم (3).
والعلامة: إما من الكلية على سبيل الشكل الثانى وإما من الجزئية على سبيل الشكل الثالث، وعلى ما علمت. وذلك إما فى إثبات وإما فى نفى. هكذا يجب أن يفهم هذا الموضع.
وليس يجب أن يظن أن الواجب هو الحق دائما، بل وإن كان فى الأكثر، فهو واجب بحسب هذا المبلغ (4). والكلام المؤلف من الآراء، فإنما (5)
يناقض بالمقاومة للمقدمة فقط، ولا يناقض من جهة ترذيل الشكل. وتناقض (6)
المقدمة بأنها ليست دائمة الصدق، ويؤتى بجزئى يكذب فيه الحكم (7)، وأنه (8) ليس باضطرار. وإن كان يسلم أنه واجب، فلا يسلم أنه واجب دائما (9) كل وقت.
بل تارة يقول: إنه ليس بواجب، وتارة يقول: إنه ليس باضطرار وجوبه (10)
كل وقت. وأن يقول: نعم، هذا يكون فى الأكثر، ولكن ليس واجبا، بل قد يخلف (11). وإنه وإن كان الشرع أوجبه، فقد أوجبه من غير تفصيل، والمصلحة توجب فيه التفصيل بحكم العقل. فيخصص الحكم بزمان يناقض به، أو بشخصى يناقض به. وإما (12) أن يكون ظاهرا حكمه فى أنه ينقض، أو يدعم الجزئى بحجة من مصلحة أو غيرها (13). كما أن الاعتماد على مقتضى الكثير بالعدد المترادف فى الزمان قوى (14). كذلك نقضه بأيهما كان، أو باجتماعهما، نقض قوى.
وأما (15) الرواسم فإنها تنقض من وجهين: أحدهما من أن القول غير منتج والآخر من أن المقدمة غير صحيحة. على أن نقض المقدمة فيهما ربما عسر (16)، لأنها (17) تكون فى الأكثر من مقدمات مسلمة.
__________
(1) ثم: سقطت من س
(2) ضمير: ضميرا د
(3) الرسوم د، م، هـ، سا: الرسم س، ن، دا، هـ: الرواسم ب
(4) هذا المبلغ: الموضع د
(5) فانما: فانه ب
(6) وتناقض: ناقض؟؟؟ م
(7) فيه الحكم: فيها الحكمة د
(8) وانه: واما انه م
(9) دائما: فى سا
(10) وجوبه: فى س
(11) يخلف: حلف؟؟؟ سا
(12) واما: اما س
(13) غيرها: غيرهما ب
(14) قوى: سقطت من م
(15) واما: فاما د
(16) عسر د: غيّر هـ: غير ن:؟؟؟ ب، م: عر؟؟؟ سا: غبّر؟؟؟ س
(17) لانها: لانهما م(1/397)
وأما الأمثلة فمناقضتها بالأمثلة (1) واجبة. فإن لم تنتقض بمثال، فالوجه أن يقال فيها: إنها ليست باضطرارية، وإن كانت أكثرية (2)، ويعترف (3) بأكثريتها، ثم يقال: لكنها تخلف فى مثل ما فيه الكلام. اللهم إلا أن تفرط جدا فى الكثرة.
فحينئذ لابد من المقاومة بمثال آخر. فإن الذى هو قريب من العموم، وليس المعول (4) فيه على شبيه واحد فقط، إما أن يبين (5) أنه ليس بمشابه أصلا ولا مشاكل (6)، أو يبين (7) أن الحكم لعلة (8) أخرى غير المشابهة المظنونة وإما أن يعترف يفضيلته ويذعن له.
وأما الدلائل فلا تؤتى من جهة رداءة التأليف. فإن صدقت المقدمات، فلا سبيل إلى مناقضتها.
وأما التكبير (9) والتصغير (10) فليس اسطقسا (11) للضمير الذى يراد (12) به الوصول (13) فى (14) المشاجرات والمشاورات والمنافرات، بل هما (15) من توابع ذلك، فمقاومتها ليست مقاومة أصلية، ولا اسطقسات (16) مقاومة. وكل مخاصم بالحجاج، كما علمت، إما بمعارض (17)، أو بمقاوم (18). وكلاهما مشتركان فى استعمال أنواع (19) جنس واحد، ومحتاجان إليه، ومغترفان (20) منه. وإن كانت المقاومة من نوعى المناقضة ليست تفكيرا، كما علمت لأنه ليس إذا (21) أبطل صحة احتجاج (22) خصمه، فقد صحح قول نفسه، وإنما أكثر ما يبينه (23) أن كلام خصمه ليس بصحيح، وأن (24) فيه كذبا ما (25).
__________
(1) فمنا؟؟؟ قضتها بالأمثلة: سقطت من م
(2) اكثرية: اكثريه ب: كثيرة د، س، سا
(3) ويعترف: وتعرف م، ن، دا
(4) المعول: المقول د
(5) يبين: ن؟؟؟ س
(6) مشاكل: يشاكل م
(7) يبين: سقطت من ب، د، سا
(8) لعلة: بعلة س
(9) التكبير: التكثير هـ
(10) التصغير: الصغير د
(11) اسطقسا: اسطسا سا
(12) يراد: لا يراد م
(13) الوصول: الاصول س
(14) فى: وس
(15) هما: هى م
(16) اسطقسات: استقسات ب، سا: استقصار نج
(17) بمعارض: معارض د
(18) بمقاوم: مقاوم د
(19) أنواع: سقطت من سا
(20) مغترفان: مفترقان م
(21) إذا: إذ د
(22) احتجاج: قول د
(23) ما يبينه؟؟؟: ما ينبه م: ما بينه ب: مباينته بخ
(24) وان: كان م
(25) كذبا ما: تمت المقالة الثالثة من الفن الثامن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله اجمعين م: تمت المقالة الثالثة والحمد لله رب العلمين وصلى الله على سيدنا محمد النبى واله وسلم دا: تمت المقالة الثالثة من الفن الثامن من الجملة الأولى من المنطق فى الخطابة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين اجمعين هـ(1/398)
المقالة الرابعة خمسة فصول(1/400)
فصل (1) [الفصل الأول] فى التحسينات واختيار الألفاظ للتعبيرات (2)
قد قيل فى التصديقات، وفى الأنواع كلها، وبقى أن نتكلم (3) فى التوابع والترتيبات (4) والتحسينات. وهذه، بعضها متعلق باللفظ، وبعضها متعلق بالترتيب (5)، وبعضها متعلق بهيئات المتكلمين وهى أمور خارجة عن اللفظ وعن المعنى. فمنها ما يتعلق بهيئة اللفظ ونغمته (6). ومنها ما يتعلق بهيئة القائل، فيخيل معانى، أو يخيل أخلاقا واستعدادات (7) نحو أفعال أو نحو (8) انفعال. وهذا هو الشئ (9) الذى يسمى الأخذ بالوجوه، ويسمى نفاقا. وهذا كما أنه يصلح للشعر من جهة ما فيه من التخييل (10)، فقد يصلح أيضا للخطابة. فإن التخييل قد يعين على الإقناع والتصديق. ومنها (11) الصنف المستعمل فى النغم (12)، مثل تثقيلها وتحديدها (13) وتوسيطها (14)
وإجهارها (15) والمخافتة (16) بها (17) أو توسيطها (18). فإن للنغم مناسبة ما مع الانفعالات والأخلاق.
فإن الغضب تنبعث منه نغمة بحال، والخوف تنبعث منه نغمة بحال أخرى (20)، وانفعال (21) ثالث (22) تنبعث منه نغمة (23) بحال (19) (24) ثالثة. فيشبه أن يكون الثقل (25) والجهر (26) يتبع
__________
(1) فصل: فصل اب: الفصل الاول س، م، هـ
(2) للتعبيرات هـ: للتغيرات دا: والتغيرات م: للتغييرات ب، سا: والعرا؟؟؟ س: للعرات؟؟؟ د، ن
(3) نتكلم: يتكلم د
(4) والترتيبات: وفى الترتيبات م، ن: والتزيينات هـ
(5) متعلق (بالترتيب): سقطت من س
(6) نغمته: نغمتيه د
(7) واستعدادات: أو استعدادات د
(8) أو نحو: أو ن: وب
(9) الشئ: سقطت من س، هـ، سا
(10) (من) التخييل: التخيل س
(11) ومنها: فاما د: وأما ن، دا
(12) النغم: التنغيم م
(13) وتحديدها: أو تحديدها س، هـ
(14) وتوسيطها: أو توسيطها س، هـ
(15) واجهارها: وتجهيزها ب
(16) والمخافتة: أو المخافتة د
(17) بها: فيها ن
(18) أو توسيطها: وتوسيطها ب، م، سا
(19) والخوف بحال: سقطت من سا
(20) بحال (اخرى): سقطت من د
(21) وانفعال: وانفعالات م
(22) ثالث: آخر د
(23) نغمة: سقطت من س: أخرى م
(24) بحال: اخرى د
(25) الثقل: للثقيل د: النقل س
(26) الجهر: الجوهر م(1/402)
الفخامة، والحاد (1) المخافت (2) فئة تتبع صعف النفس. وجميع هذا (3) يستعمل (4) عند المخاطب، إما لأن يتصور (5) الإنسان بخلق تلك النغمة أو بانفعالها عند ما يتكلم، وإما لأن يتشبه نفس السامع بما يناسب تلك النغمة (6) قساوة (7) وغضبا، أو رقة وحلما.
ومن أحوال النغم: النبرات، وهى هيئات (8) فى النغم (9) مدّية، غير حرفية، يبتدئ (10)
بها (11) تارة، وتخلل الكلام تارة (12)، وتعقب النهاية تارة، وربما تكثر فى الكلام، وربما تقلل. ويكون فيها إشارات نحو الأغراض (13). وربما كانت مطلقة للإشباع، ولتعريف القطع، ولإمهال السامع ليتصور (14)، ولتفخيم الكلام.
وربما أعطيت هذه النبرات (15) بالحدة والثقل هيئات تصير بها دالة على أحوال أخرى من أحوال (16) القائل إنه متحير أو غضبان، أو تصير به (17) مستدرجة (18) للمقول معه بتهديد أو تضرع أو غير ذلك. وربما صارت المعانى مختلفة باختلافها (19)، مثل أن النبرة قد تجعل الخبر استفهاما، والاستفهام (20) (21) تعجبا، وغير ذلك (22). وقد تورد للدلالة (23) على الأوزان (24) والمعادلة وعلى أن هذا شرط، وهذا جزاء (25) وهذا محمول (26)، وهذا موضوع.
__________
(1) والحاد: واسماء م: واتخاذ ب: واتحارن
(2) المخافت: المخافة س، م: المحاقب ن
(3) هذا: هذه د
(4) يستعمل: مستعمل ب، سا
(5) بتصور: ينصر؟؟؟ ن، دا
(6) أو بانفعالها النغمة: سقطت من س
(7) قساوة: قسارة؟؟؟ د
(8) هيئات: هيئة م
(9) النغم: التنغم ب
(10) يبتدى: يبتدا هـ
(11) بها: منها د
(12) وتخلل الكلام تارة: سقطت من ب، ن، سا
(13) الأغراض: الاعتراض سا
(14) ليتصور: لتصور د: لتصوره ن، دا: للتصور س، هـ
(15) هذه النبرات: سقطت من ب، م، ن، سا، دا
(16) أحوال: حال د، س، م، سا
(17) به: بها م، س، هـ
(18) مستدرجة: مندرحه د
(19) باختلافها: باختلافهما س
(20) والاستفهام: سقطت من سا
(21) الاستفهام: سقطت من ب
(22) وغير ذلك: أو غير ذلك د، هـ
(23) للدلالة: الدلالة د
(24) على الاوزان: على أن الاوزان ب
(25) جزاء: جزء ن، هـ: خبر ب
(26) وهذا (محمول): أو هذا ب(1/403)
واعلم أن اختلاف النغم عند محاكاة المحاكى إنما (1) يكون من وجوه ثلثة:
الحدة، والثقل (2)، والنبرات. والمنازعون من الخطباء يكتسبون هذه الملكة من مراعاة المنازعين من الشعراء، فما كان أعمل (3) فى أغراضهم، نقلوه إلى صناعتهم، وكذلك (4) قد يأخذونها من هيئات السواس حين يسوسون المدن. لكن هذه الأشياء لم تكن دونت إلى زمان المعلم الأول بل الأوجب منها، وهو (5) القول فى اللفظ، لم يكن قد دوّن البتة. وهذه الأشياء كلها توزينات (6) للقول (7) ليستقر (8)
فى الأنفس استقرارا أكثر (9)، وهى لأجل قذف الظن فى النفس. وأما بالحقيقة (10)
فهى (11) خارجة عن صرف العدل ومره (12) لأن صرف العدل (13) هو الاقتصار على الكلام وأما (14) هذه فهى (15) حيل، ولكها؟؟؟ حيل (16) نافعة.
واعلم أن الاشتغال بتحسين الألفاظ فى صناعة الخطابة والشعر (17) أمر (18) عظيم الجدوى. وأما التعاليم فإن اعتبار (19) الألفاظ فيها أمر يسير، ويكفى فيها أن تكون مفهومة، غير مشتركة، ولا مستعارة، وأن تطابق بها المعانى. ولا يختلف التصديق فى التعليم بأى عبارة كانت إذا عبرت (20) عن المعنى. وأما الإقناع فى الخطابة والتخييل (21) فى الشعر فيختلف فى المعنى الواحد بعينه بحسب الألفاظ التى تكسوه (22).
فينبغى أن يجتهد حتى يعبر عنها بلفظ (23) يجعله مظنونا فى الخطابة، ومتخيلا فى الشعر.
فإن اللفظ الجزل يوهم أن المعنى جزل واللفظ (24) السفساف يجعل المعنى كالسفساف (25)
__________
(1) إنما: أن ب، سا
(2) الثقل: النقل س
(3) أعمل: يعمل س
(4) وكذلك: ولذلك ن، دا.
(5) وهو: هو س
(6) توزينات م: تره زينات س: تزيينات نج، هـ:؟؟؟ ن: ترزينات ب، د، سا: ترتيبات دا
(7) للقول: القول ب، سا
(8) ليستقر: ليسقر د
(9) أكثر: أكبر د، دا
(10) بالحقيقة: فى الحقيقة د، س
(11) فهى: وهى م
(12) ومره: ومرة د، س، هـ
(13) لأن صرف العدل: لأن العدل م
(14) وأما: فاما د
(15) فهى: وهى م
(16) (ولكنها) حيل: حيلة م: حد س: جد سا
(17) الخطابة والشعر: الخطباء أو الشعراء م: الخطباء والشعراء ن، دا
(18) أمر: من د
(19) اعتبار: الاعتبار م
(20) عبرت: غيرت سا
(21) التخييل: التخيل م، د، ن، دا
(22) تكسوه: تكساه فى جميع المخطوطات
(23) بلفظ: بلفطه س
(24) واللفظ: فاللفظ ب
(25) كالسفساف: كالسفسان د(1/404)
والعبارة بوقار تجعل المعنى كأنه (1) أمر ثابت والعبارة المستعجلة (2) تجعل المعنى كشئ سيال. ولذلك (3) فإن المشتغلين بالحقائق، المتمكنين (4) من المعرفة (5)، المتحلين بالصدق (6)
لا يتعاطون (7) طريقة تزيين الألفاظ فلا المهندس ولا معلم آخر يعينه (8) الاشتغال بالألفاظ وتحسينها، إلا أن يكون ناقصا، أو مزورا (9)، أو مضطرا (10) إلى أن يروج المعنى باللفظ، كبعض الخراسانية النسفية (11) الذين كانوا قريبا من زماننا. بل هذه التكلفات (12) تجرى مجرى النفاق والأخذ بالوجوه فيحسن حيث تحسن (13) هى (14).
وقال المعلم الأول (15): وقد تكف النظر فيها ثراسوماخس (16) الخطيب الجدلى.
أما النفاق والأخذ بالوجوه، فإنما ينصرفان (17) على أشياء تصدر عن الطبائع.
وأما الحيلة الفظية فإنما تنصرف على أشياء تصدر عن الصناعة. ولهذا صار المقتدر (18) على إجادة العبارة أشوق إلى المنازعة من العاجز عنها، وإن كان المعنى واحدا. كما أن المقتدر على الأخذ بالوجوه يجسر على ما لا يجسر عليه الساذج، وإن اتفقا فى المعنى. وأما الرسائل الخطبية (19) المكتوبة فإنما تكون قوة تأثيرها لأحوال فى نفس اللفظ فقط، لا لمعنى النفاق. لأن (20) النفاق لا يكتب. وكثيرا ما يضعف المعنى جدا، فيتداركه اللفظ الجزل، وإن لم يرفده (21) النفاق (22). ذلك وأول من اهتدى إلى استعمال ما هو خارج عن الأصل هم الشعراء، إذ كان
__________
(1) كأنه: كانت د
(2) المستعجلة: المستعملة د
(3) ولذلك: وكذلك م
(4) المتمكنين: المتملن؟؟؟ سا
(5) المتمكنين من المعرفة: المتحلين بالمعرفة م: المحلن؟؟؟ من المعرفه س
(6) المتحلين بالصدق: والعالمين بالصدق م: بالصدق س
(7) يتعاطون: فيه م، ب، ن
(8) يعنيه: يغنيه م. يعينه ب، س
(9) أو مزورا: ومزورا ب، س، سا
(10) أو مضطرا: ومضطرا ب، س، سا
(11) النسفية: السفية س، هـ (كتب تحتها النسفية ن فى هـ
(12) التكلفات: التلطيفات د
(13) تحسن: محسن م
(14) هى: سقطت من ن، دا
(15) الأول: سقطت من د، هـ
(16) ثراسوماخس: براسوماخوس هـ (ثم صححت براسوماخس): براسوماخس سا: راسوماخس د
(17) ينصرفان: تصرفان؟؟؟ سا
(18) المقتدر: المصدر ن، دا
(19) الخطبية؟؟؟: الخطسة د
(20) لأن: اذ د
(21) يرفده؟؟؟: ده؟؟؟ د
(22) النفاق: نفاق م(1/405)
بناؤهم (1) لا (2) على صحة وأصل، بل على تخييل (3) فقط. فلذلك (4) أخذوا فى تفخيم الألفاظ وجعلوا أيضا نغم الإنشاد مضاهية (5) لجزء جزء من الغرض (6). ومن هناك اهتدوا إلى استنباط الصنائع الخطابية المدنية والقصصية. ولذا إذا قدر الشاعر على أن يخيل باللفظ وحده من غير (7) حاجة إلى الغناء والتلحين وأخد الوجوه والنفاق (8)
اعتد لصنيعه (9)، وأعجب به، واستوجب عليه الإحماد. ولهذا السبب ما يسبق (10)
التخييل (11) التصديق فى الزمان. فإن المأثور من العبارات والمناظرات القديمة إنما يجرى على مذهب الشعراء فى التخييل. والناس أول ما يسمعون إنما يسمعون الأمثال الشرعية (12) التى فيها (13) مشاكلة للأقاويل التخييلية (14). ثم بعد زمان يتدرجون إلى خطابة، ثم إلى جدل وسفسطة، ثم إلى برهان ويكون المتكلفون والمتفصحون (15) فى كل عصر محاولين للتفيهق (16) فى بذلة (17) الكلام. وليس يحسن هذا (18)
فى كل موضع، ولا أيضا فى كل شعر. فكثيرا (20) ما يجب أن يستعمل مثل هذا فى غير الشعر (19) وكثيرا ما يجب أن يستعمل (21) فى الشعر. فإن الأشعار القصار والخفاف التى ينحى بها نحو المعانى (22) الهزلية والضعيفة يجب أن لا تفخم فيها الألفاظ بل يؤتى بالبذلة. ولذلك فإن الأعاريض التى كانت لليونانيين مفروضة لمعنى ما، لما (23) حرفت وألحقت بأعاريض أخرى، حرف أيضا ما يليق بها من التفخيم.
ولما طولوا الرباعيات حاولوا تغيير (24) عادة اللفظ فيها. ولم يحسن ذلك لأنهم
__________
(1) بناؤهم: بناءهم س: ثناؤهم د
(2) لا: سقطت من سا
(3) تخييل: تخيل م
(4) فلذلك: فكذلك د، م
(5) مضاهية: مضاهيا د
(6) الغرض ب، هـ، سا: العرض س، م، ن: الفرض؟؟؟ د
(7) غير: سقطت من سا
(8) والنفاق: النفاق م
(9) لصنيعه: لصنعه س: بصنيعه ب، هـ، سا: بصنعه ن، دا
(10) يسبق: سبق د، س، هـ
(11) التخييل: التخيل م، هـ
(12) الشرعية: الشعرية م: صقطت من ن
(13) فيها: منها د
(14) التخييلية: التخييله م
(15) المتفصحون: المتفضحون م: المتفحصون س: المتصحفون ن، دا
(16) للتفيهق: للتفهيق ب، د، س، سا: للتفيهق ن، م: للتفهق د. تفهق فى كلامه تنطع وتوسع كأنه ملأ به فه؟؟؟. ولم أعثر فى كتب اللغة على تفهيق
(17) بذلة: تذلة؟؟؟ هـ
(18) هذا: هنا م
(19) فكثيرا الشعر: سقطت من سا
(20) فكثيرا: وكثيرا ب
(21) يستعمل: لا يستعمل م، هـ
(22) المعانى: القريبة؟؟؟ ب، د، هـ (اضيفت تحت المعانى)
(23) لما: لا ن، دا
(24) تغيير: تغير د(1/406)
لم يطولوها وهم يعدونها نحو استعمال آخر، بل استعملوها فى الغرض التى كانت تستعمل فيه وهى رباعية. ويجب أن يفهم أن الرباعيات هى القصار من الأبيات، دون الطوال. وبالجملة: لا ينبغى أن تستعمل فخامة اللفظ فى كل موضع. ولا ينبغى أن يقتدى الخطيب بالشاعر (1) فى ذلك. وكيف والشعراء أنفسهم لا يستعملون ذلك فى كل موضع! وينبغى أن لا يتحرى الخطيب التفيهق (2) فى كل موضع؟؟؟ بكلام مستقصى (3) فى الجزالة، ولكن (4) ليطابق بمتانة (5) اللفظ وسلاسته متانة (6) ما يتكلم فيه وسلاسته.
واعلم أن القول (7) يرشق بالتغيير (8). والتغيير (9) هو أن لا يستعمل كما يوجبه المعنى فقط، بل أن يستعير، ويبدل، ويشبه. وذلك لأن اللفظ (10) والكلام علامة ما على المعنى. فإنه إن لم يدل على شئ، لم يكن مغنيا غناء اللفظ. فينبغى أن يكون له فى نفسه حال يكون بها ذا رونق، حتى يجمع إلى الدلالة حسن التخييل، وذلك أن لا تكون الألفاظ حقيرة سفسافية (11)، ولا مجاوزة فى المتانة مبلغ الأمر الذى تدل عليه. وكذلك الشعراء المفلقون (12) الذين كلامهم أحسن كلام عامى، وهو الشعر، فإنهم يستعملون الألفاظ من (13) الأسماء والكلم (14) ما (15) كان مشهورا كريما، بين الحقيرة (16)
وبين المتكلفة المجاوز حد الواجب فى تهذيبها. وهذه الألفاظ المتوسطة التى ترتفع عن درجة العامية، ولا (17) تخرج (18) إلى الكلفة المشنوءة، تسمى ألفاظا مستولية.
وأما أقسام الألفاظ من حيث أنفسها فتذكر فى الشعر.
__________
(1) بالشاعر: الشاعر م
(2) التفيهق م، ن: التفهيق ب، د، س، هـ. انظر ص 201س 10؟؟؟
(3) مستقصى: مستقصا ن، دا
(4) ولكن: وليكن ب
(5) بمتانة: بمثانه س
(6) متانة: مثانته م
(7) القول: اللفظ سا
(8) بالتغيير: بالتعبير هـ
(9) والتغيير: والتعبير هـ: سقطت من د
(10) اللفظ: القط س
(11) سفسافية: سفسافه س
(12) المفلقون: المقلقون م: الملقون ب، د، ن، دا، سا
(13) من: فى د
(14) الكلم: الكلام د، هـ، دا
(15) ما: مما د
(16) الحقيرة: الحقير م، دا
(17) ولا: لا م
(18) تخرج: تحوج ب، م، ن، دا، هامش هـ، سا(1/407)
واعلم أن الرونق المستفاد بالاستعارة والتبديل سببه (1) الاستغراب (2) والتعجب (3) وما يتبع ذلك من الهيبة والاستعظام والروعة، كما يستشعره الإنسان من مشاهدة (4) الناس الغرباء، فإنه يحتشمهم (5) احتشاما لا يحتشم مثله (6) المعارف (7). فيجب على الخطيب أن يتعاطى ذلك حيث يحتاج إلى الروعة وإلى التعجب (8). وللأوزان تأثير عظيم فى ذلك. واستعمال الاستعارات والمجاز فى الأقوال الموزونة أليق من استعمالها فى الأقوال المنثورة، ومناسبتها للكلام النثر المرسل أقل من مناسبتها للشعر، وهو مع ذلك متفاوت. فإنه ليس قولك لرجل لا تعرف اسمه: يا رجل، كما تقول (9) له:
يا غليم. فإن هذا أشد بعدا من الواجب. على أن له موضعا يلائمه، ويليق به.
ولا ينبغى أن يقتدى فى ذلك بالشعر. فإن الخطابة معدة إلى الإقناع، والشعر ليس (10) للإقناع والتصديق، ولكن للتخييل (11). وليعلم أن الاستعارة فى الخطابة ليست على أنها (12) أصل، بل على أنها غش ينتفع به فى (13) ترويج الشئ على من ينخدع وينغش ويؤكد عليه الإقناع (14) الضعيف بالتخييل (15)، كما تغش الأطعمة والأشربة (16) بأن يخلط معها شئ غيرها لتطيب به أو لتعمل عملها (17)، فيروج أنها طيبة فى أنفسها. وقد يقع من (18) ذلك ما يسمج (19) جدا، كما كان يفعل رجل يقال له إدروس (20) فإنه كان يحرف (21) لغته وصوته (22) ويتكلم بغير لغة بلده، ويتشبه فيه بالغرباء، فكان يستبشع (23) ذلك منه عند المحنكين (24)، لأنه كان يخرج عن العادة، وإنما كان يتعجب منه المغبونون والأغرار.
__________
(1) سببه: شبيه ب، هـ، ن
(2) الاستغراب: للاستغراب ب، هـ
(3) التعجب: التعجيب م
(4) مشاهدة: شهاده س
(5) يحتشمهم: يحشمهم د، دا: مثله ب
(6) مثله: سقطت من ب
(7) المعارف: المعارف س
(8) التعجب: التعجيب م
(9) تقول: يقال م، ن
(10) ليس: وليس سا
(11) للتخييل: للتخيل د، دا
(12) أنها: بابها سا
(13) فى: سقطت من س
(14) الإقناع: الااع؟؟؟ س
(15) بالتخييل: بالتخيل م، سا
(16) الأطعمة والأشربة: الاشربه والاطعمه د، س، سا
(17) عملها: علمها م
(18) من: فى س، ن، دا: سقطت من م
(19) يسمج: يسمع سا
(20) ادروس: اذروس س
(21) يحرف: يحذف د
(22) صوته: صورته س
(23) يستبشع: يستشنع س، ن: يستشبع م
(24) المحنكين: المخلين م: المحتنكين د، هـ: المحركين ن(1/408)
وقد (1) يعرض لمستعمل الخطابة (2) شعرية، كما يعرض لمستعمل الشعر خطابية.
وإنما يعرض للشاعر أن يأتى بخطابية وهو لا يشعر، إذا أخذ المعانى المعتادة، والأقوال الصحيحة (3) التى لا تخييل فيها، ولا محاكاة، ثم يركّبها (4) تركيبا موزونا. وإنما (5) يغتر بذلك البله، وأما أهل البصيرة فلا يعدون (6) ذلك شعرا (7). فإنه (8)
ليس يكفى للشعر أن يكون موزونا فقط. وهذا الإنسان فى حكم اللص، لأنه يسرق ظنا بغير وجوب، ولا أشباه وجوب. وأول من كان يفعل هذا أوريفيدس (9).
بل الأصل الأول فى الخطابة أن تكون الألفاظ التى منها (10) تتركب (11) الخطابة ألفاظا أصلية مناسبة، وأن تكون الاستعارات وغيرها تدخل فيها كالأبازير (12)، وكذلك (13)
اللغات الغريبة (14)، وكذلك (15) الألفاظ المختلفة على سبيل التركيب، وهى ألفاظ لم تستعمل فى العادة على تركيبها، وإنما الشعراء ومن يجرى مجراهم هم الذين يختلقون فى (16) تركيبها، مثل قولهم: فلان (17) يتكشحم (18). فإن هذه مما ينفر عنها فى الخطابة، لأنها أحرى أن تستعمل فى التخييل (19) منها فى التصديق. وستعلم أن بين الجميل (20) والحسن (21)
وبين القوى والعظيم (22) فرقا، كما (23) فى الخلق والأشكال. وإنما يحسن (24) فى (25) الخطابة من الأسماء ما كان (26) مستوليا، وقد عرفته، وما كان مناسبا أيضا أهليا. وهذا هو اللفظ النص على المعنى. وأما التغييرات فإنما تصلح إلى حد. والفرهة من الخطباء يستعملون هذه الأصناف. وههنا أقسام من الألفاظ ذكرها بكتاب (27)
الشعر أولى، ومن حقها أن تهجر فى الخطابة، وكلها يغلّط السامع، والتغليط بالشعر أولى منه بالخطابة، وخصوصا المتفقات من الأسماء فإن من حقها أن
__________
(1) قد: سقطت من ب، د، سا
(2) الخطابة: الخطابية ن، دا
(3) الصحيحة: المصححه سا
(4) يركبها: ركبها ب، ن، دا، سا
(5) وانما: فانما د
(6) يعدون: عتدون؟؟؟ ب
(7) شعرا: شعر س
(8) فإنه: وإنما يغتر سا
(9) اوريفيدس: اوريفيس د
(10) منها: سقطت من سا
(11) تتركب: تركب م
(12) كالابازير: كالاباريز ب، م: كالارر د
(13) وكذلك: فكذلك د: ولذلك ن
(14) الغريبة: العربية م: سقطت من ب
(15) وكذلك: ولذلك ن، دا
(16) فى: سقطت من د
(17) فلان: فلا د
(18) يتكشحم: سكشحم؟؟؟ د، س: سكسحم؟؟؟ ب: سكسحم؟؟؟ ن، دا: يتكثجم هـ: يتكحشم م: كشجم؟؟؟ سا
(19) فى التخييل: سقطت من ب، سا
(20) الجميل: الجهل م
(21) والحسن: والحس؟؟؟ م: الحسن س
(22) والعظيم: العظيم س، سا
(23) كما: قال م
(24) يحسن: سقطت من س
(25) يحسن فى: التخييل منها فى التصديق وستعلم ان بين الجهل م
(26) كان: منها ب، م، سا
(27) بكتاب: فى كتاب د(1/409)
لا يستند إليها. على أنها بالمغالطية (1) أولى. وأما المترادفة فهى بالشعر أولى، فإن ترادفها يخيل توكيدا للمعنى. وأما التصديق فلا يستعان فيه بالتكرير (2) البتة (3). اللهم إلا أن يكون التصديق غير واقع أو يرفد بتخييل. وكما أن الوزن من جملة ما لا ينتفع به فى الخطابة، أو ينتفع به نفعا يسيرا، وإنما (4) يحتاج فيها إلى شئ من الوزن غير تام، كذلك الألفاظ الشعرية.
واعلم أن (5) الاستعارة والتغيير (6) إما أن تقع بلفظ مشهور، أى بحسب معنى آخر، أو بلفظ غريب، أو بلفظ لا مشهور (7) جدا، ولا غريب، ولكن لذيذ. واللذيذ هو المستولى المذكور، وخصوصا إذا كانت حروفه حروفا غير مستشنعة (8)
فى انفرادها، أو فى تركيبها. وكيف كان فينبغى أن يستعمل من الألفاظ الموضوعة أى المطابقة، والمتغيرة أى المستعارة، وما يجرى مجراها من المجاز ما يليق (9) بالشئ، لا كيف اتفق، وذلك على حسب الشئ ومضاده، وأن يقايس (10)
بينه وبين (11) ضده فيعلم اختصاصه بما يليق به. فإن الشيخ يجمل به شئ من الزينة (12)
بعينه، ولا يجمل به (13) ضده وبالصبى شئ آخر. ويبين (14) ذلك إذا قوبل الشيخ بالصبى، فروعى (16) ما يجمل بالصبى (15)، فيعلم (17) أن ذلك لا يجمل (18) بالشيخ (19). وينبغى للخطيب، إذا أراد أن يستعير (20) ويغير (21) حيث يريد التحسين، أن يأخذ الاستعارة والتغيير من جنس مناسب لذلك الجنس، محاك له غير بعيد (22) منه، ولا خارج عنه.
فإنه إذا أراد أن يحقر إنسانا ويقبحه، فيجب لا محالة أن لا يحاكيه بشئ بعيد
__________
(1) بالمغالطية: بالمغالطة س
(2) بالتكرير: بالتكريرات م
(3) البتة: سقطت من ن
(4) وإنما: أو إنما س
(5) أن سقطت من س
(6) التغيير: التغير م، سا
(7) أو بلفظ (لا مشهور): سقطت من م
(8) مستشنعة: مستبشعة ب، م، هـ، سا
(9) ما يليق: وما يليق د
(10) يقايس: يقاس د
(11) وبين: او بين س
(12) الزينة: وحده م، ن، دا
(13) به: سقطت من د
(14) يبين: يتبين سا
(15) فروعى ما يجمل بالصبى: سقطت من س
(16) فروعى: وروعى هـ، سا
(17) فيعلم: فعلم سا
(18) يجمل: به س، هـ
(19) بالشيخ: بالشئ م: الشيخ س: سقطت من هـ
(20) يستعير: يستعين سا
(21) يغير: بعبر؟؟؟ س
(22) بعيد: يعتد د(1/410)
من جنس ما يفعله، بل يقول، إن أراد أن يقبح (1) ملتمسا ويحقره: إن فلانا ليتكدى (2). وإذا (3) أراد أن يفخم أمر حريز (4)، لم (5) يبعد (6) بالمحاكاة، بل حاكاه بأنه حاذق بما يتعاطاه، وكما يقال للص (7) المحتال: إنه لص بالتدبير والحيلة. وربما كان ما يحاكيه به (8) ليس يخرجه إلى ضد المعنى، بل يجعله أصغر أو أكبر (9) فيه.
كمن (10) يهون حال الظالم (11)، فيقول: مخطئ، مسئ (12) أو يعظم الظنية فى أمر من (13) أساء وأخطأ (14)، فيقول (15): ظالم، متعد. وكذلك (16) يقول لمن سرق (17): إنه أخذ وتناول تارة (18)، يريد بذلك تخفيف الأمر، أو أغار (19) وانتهب أخرى، يريد بذلك تعظيم الأمر. وقد يقع أيضا (20) الغلط فى الدلالة من جهة إعراب المقاطع، وفى حروف الوصل والفصل (21). فربما يقع ذلك خطأ، وربما يقع قصدا، لتحريف الدلالة والتغيير (22). وإذا (23) لم يجد الخطيب للشئ اسما، فأراد أن يستعير له، فينبغى أن يستعير اسمه من أمور مناسبة ومشاكلة، ولا يمعن فى الإغراب، بل يأخذ الاسم المحقق لشبيهه (24) ومناسبه. فتغييره (25) إياه ليس (26) مستعار (27) المستعار، ومغير (28)
المغير (29). ثم (30) يجب أن تكون المعانى التى يستعار منها معانى (31) لطيفة معروفة محمودة (32)، وقد استعملت فى المتعارف من الكلام، مثل قول القائل: فوا بردا على كبدى.
__________
(1) أن يقبح: يقبح م
(2) ليتكدى: ليتكدا ن، دا: ليتكدر م
(3) واذا: إذا م
(4) أمر حريز: أمرا جربزا هـ: أمر جربز س: أمرا حريزا ن: أمر حرر د
(5) لم: سقطت من سا
(6) يبعد: سعل سا
(7) للص: اللص س، ن، وا
(8) به: بل م: سقطت من ن، دا
(9) أو أكبر: وأكبر م
(10) كمن: فهو د
(11) الظالم: الظلم ن، دا
(12) مسئ: ومسئ س: فيه م
(13) أمر من: أمرين م
(14) وأخطأ: أو أخطأ ب، د
(15) فيقول: فيقال س
(16) وكذلك: ولذلك ن، دا
(17) سرق: يسرق م، ن
(18) تارة: لمن د
(19) أو أغار: وأغارن، دا
(20) أيضا: سقطت من م
(21) الوصل والفصل: الفصل الأصل ب
(22) والتغيير: وللتغيير س، ن، هـ، سا
(23) وإذا: فاذا ن، هـ
(24) لشبيهه: لشيهه؟؟؟ د
(25) فتغييره: فيره؟؟؟ س: فتغيره م
(26) ليس: وليس د
(27) مستعار: يستعار ن، دا
(28) مغير: يغير ن، دا: معى؟؟؟ س
(29) المغير: المتغير ن: العير دا: للغير هـ
(30) ثم: لم س
(31) معانى: معان ب، م
(32) معروفة محمودة: محمودة معروفة سا(1/411)
فإن أمثال هذه الاستعارات قد صارت لفرط الشهرة كأنها غير استعارات. وأما (1)
الاستعارات التى لم تذع ولم تتعارف، فأكثرها منافية للخطابة. وإنما يجوز أن تختلف (3) الاستعارات (2) الغريبة فى الكلام الشعرى. ومن (4) حسن الأدب فى الألفاظ أن يكون الخطيب، إذا حاول العبارة عن معنى فاحش، لم يصرح بلفظه البسيط الذى يدل عليه بلا تركيب، أى بلا توسط معنى مستعار، بل ينبغى أن يعترض عنه، ويستعير له، ويقيم شيئا بدله. وذلك وإن كان كذبا، فهو كذب حسن.
وربما دل على المعنى القبيح بالإشارة، دون العبارة. ولكنه مذهب غير شريف فى الخطبة. لأن الخطيب يجب أن يدل على المعنى بحيث يسمع. فإذا (5) سكت عنه لفظا، وأومأ (6) إليه إشارة، فكأنه ترك المخاطبة. وقد يحسن أن (7) يعترض لا من الشبيه والمناسب (8)، بل بتسمية ما يخالف المعنى محكوما فيه بالأولى والأحرى والأفضل، ومقابلها (10) من الأقل (11). أما بالأولى (12) والأحرى والأفضل (9) فكما (13) يقول وهو يريد ذم إنسان: إن (14) السيرة الحسنة أولى من الغشم، وإن العفاف أفضل من الفجور. وأما بالأقل فأن يقول: ليس العفاف أقل (15) فى إرغاد العيش من الطمع.
وربما (16) ذكر مقابل ما هو الأحرى والأولى، مثل ما ذكر فى المثالين. وربما لم يذكر ذلك المخالف (17)، بل ذكر الأولى والأحرى (18) وحده، وكفاه (19) فى ذلك (20) الباب بعينه (21)، فيقول: الازدياد من العفة أولى، والاستكثار من الأصدقاء أحرى.
__________
(1) وأما: فاما م، هـ
(2) وأما الاستعارات الاستعارات: سقطت من ن
(3) تختلف: يختلق س، هـ
(4) ومن: من م
(5) فاذا: وإذا د
(6) أومأ: أوى؟؟؟ د، س، هـ
(7) ان: حروف؟؟؟ س
(8) المناسب: المناسبة د، س
(9) ومقابلها والأفضل: سقطت من سا
(10) ومقابلها: ومباينها د: فمقابلها ب
(11) من الأقل: سقطت من ب
(12) بالأولى: الأولى د، هـ
(13) فكما: وكما م: كما د: فكمن ن، هـ: وكمن دا
(14) إن: الى س
(15) أقل: بأقل د
(16) وربما: واما؟؟؟ س
(17) المخالف: لمخالف سا
(18) الأولى والأحرى: الأحرى والأولى س
(19) وكفاه: وكفايه سا: وكفى به د، س
(20) ذلك: هذا س
(21) بعينه: سقطت من س(1/412)
وقد ينفع هذا أيضا (1) إذا ذم به من فيه عفة أو له أصدقاء، إلا أنه مقتصر على الاقتصاد (2).
وجميع الاستعارات تؤخذ من (3) أمور إما مشاركة فى الاسم، أو مشاكلة فى القوة، أى مغنية غناء الشئ فى فعل، أو انفعال (4)، أو مشاكلة فى الكيفية المحسوسة، مبصرة (5) كانت أو غيرها. وللقول (6) الانتقالى (7) الاستعارى فى تأثيره مراتب. فإنه إذا قال الغزل فى صفة بنان الحبيب: إنها وردية، كانت أوقع من أن يقول:
حمر، وخصوصا أن يقول: قرمزية. فإن قوله (9) فى الاستعارة للحمر (11) وردية (8) (10)، قد (12) يخيل (13) معها من لطافة الورد وعرفه ما لا يخيله (14) قوله حمر (15) مطلقا (16). فإن قوله حمر مطلقا لا يطور (17) بجنبه (18) المدح والاستحسان. وذكر القرمز يتعدى إلى تخييل الدودة المستقذرة (19). وكذلك أيضا الحال فى الأسماء الموضوعة (20) التى ليست مستعارة، فإن بعضها أفضل من بعض. فإن اللفظ الذى يقع على الشئ من حيث له معنى أكرم هو (22) أحسن من اللفظ الذى (23) يقع عليه من حيث له معنى (21)
أخس (24) (25)، وإن (26) كان كل واحد منهما يقصد به (27) فى الحقيقة معنى واحد، مثل ما يقال للبغل: إنه نسل فرس من غير فرس، فإنه أوقع من أن يقال له (28):
__________
(1) أيضا: سقطت من سا
(2) الاقتصاد: الاقتصار م، ن
(3) من: فى ن، دا
(4) أو انفعال: وانفعال ن، دا
(5) مبصرة: مصرة؟؟؟ د
(6) وللقول: والقول ب، سا
(7) الانقالى؟؟؟: بعد الانتقال د
(8) كانت وردية: سقطت من سا
(9) قوله: قولك د
(10) فى الاستعارة للحمر وردية: الوردية فى استعارة الحمرة د
(11) حمر: حمرة س: الحمرة د:؟؟؟ مر
(12) قد: فقد ب: سقطت من د
(13) يخيل:؟؟؟ حل س: مخيلة د
(14) يخيله: فى د
(15) حمر: أحمر د
(16) مطلقا: فان قوله د
(17) يطور: يصور د
(18) بجنبه: بحسنه د، دا: تحته ب: بحبيبه؟؟؟ هـ: تحتيه م
(19) المستقذرة: المعذوة د
(20) الموضوعة: الموضوعات م، ن، دا
(21) اكرم معنى: سقطت من سا
(22) هو: وهو م
(23) الذى: سقطت من س
(24) معنى أخس: سقطت من م
(25) أخس: أحسن ب، سا
(26) وإن: إذ هـ: وإذا ب، د، سا
(27) به: سقطت من سا
(28) له: انه م، هـ: انه ن(1/413)
نسل حمار من غير حمار. وكلاهما، وإن قصد بهما معنى واحد من جهة وفى ظاهر الأمر، فإن الاعتبارين المتحققين (1) فيهما مختلفان، وأحدهما أحسن.
وهذا قريب مما قال أبو الطيب (2):
أيا بن (3) كرّوس، يا نصف أعمى ... وإن (4) تفخر (5)، فيا نصف البصير
وعلى هذا المجرى حال استعمال اللفظ المعظم والمصغر. فإذا قيل مثلا: ذهيب، وثويب، حقر به المعنى الواحد بعينه الذى يعظمه لو قيل: العقيان (6)، أو قيل:
الخلعة. بل إذا قيل: ثعلبان، وقيل: ثعيلب (9)، وقيل: معطى (7) (8)، وقيل: معيطى (10)، وعنى تصغير معطى، اختلف المعنى بذلك (11) شديدا. ويجب فى أكثر المواضع أن يتوقى (12) الإفراطات جميعا.
والألفاظ الباردة على وجوه أربعة: منها الأقوال المأخوذة بالتركيب بدل الأسماء، إذا جمعت من أعراض بعيدة، غير خاصة، مثل قولهم بدل السماء: الكثيرة الوجوه (13)، وقولهم بدل الأرض: جماء (14) الهامة، وقولهم بدل المتملق: صديق الحاجة، وكقولهم (15) بدل النفس العادية: أسد، وكقولهم (16)
بدل قعر (17) البحر: قانى اللون (18). فإن هذه الألفاظ المركبة، إذا (19) ذكرت، لم تقم مقام حد، ولا رسم، ولا خاصة، ولا يفهم منها غرض القائل. وأما فى الشعر، فقد يجوز أمثال ذلك، ويكون استعمالها لا على أنها تدل على الشئ، بل (20) على أنها ألفاظ تحاكى الشئ (21).
__________
(1) المتحققين: المحققين م
(2) أبو الطيب: أبو الطبيب شعر م: المتنبى ب
(3) أيا بن م، سا: فيابن؟؟؟ هـ: فيا ابن ب: أيا ابن س، ن: أنا ابن د
(4) وإن: فان ن، هـ
(5) تفخر: يفخر م، ن: هجر س
(6) العقيان: القصبان ب
(7) ثعيلب وقيل معطى: سقطت من م
(8) وقيل (معطى): وقد قيل ب
(9) وقيل (ثعيلب): أو قيل س
(10) وقيل معيطى: وقد قيل معيطى ب: سقطت من د
(11) بذلك: سقطت من د
(12) يتوقى: يتوقها ب، م، ن الإفراطات: الافراطان ب، د، م، سا
(13) الكثيرة الوجوه: الكرة المدحوة هـ
(14) جماء: جمعا د، هـ (ثم كتب تحتها جماء فى هـ)
(15) وكقولهم: وولهم؟؟؟ س: وكقوله سا
(16) وكقولهم: وقولهم س، هـ
(17) قعر: عقر س
(18) فانى اللون: قافى؟؟؟ الكون س: قانى اللوى ب
(19) إذا: وإذا م
(20) بل: سقطت من ب، سا
(21) الشئ: للشئ م(1/414)
والنوع الثانى: أن يستعمل لغة (1) غريبة، إما من ذلك اللسان بعينه (2)، أو (3) من لسان آخر ينقله إلى لسانه، أو على سبيل الاختراع، كما اخترع بعض أهل لسان العرب (4)، فقال (5):
ترافع (6) العز بنا فارفنععا (7).
والنوع (8) الثالث: أن يكون من الألفاظ الموضوعة الموافقة (9) ما يستثقل (10) جدا، لا لنفس الغرابة، بل لأنها محرفة فى هيئاتها عن القبول: لطوله (11) جدا، كإستعمالهم بدل (12) الطويل (13): العشنّق (14) أو (15) لإبهامه: كما يتفق أن تكون الكلمة (16) (17) مبهمة لا تدل على زمانها، فلا يعرف أن (18) الأمر ماض مثلا أو مستقبل، أو تكون (19) محرفة الزمان كقولهم: كان ذلك، أى سيكون أو لأنها متصلة، أى متصلة بغير ذلك المعنى، كتسميتهم الخمر صهباء، حيث لا يكون مشهورا. فإن الصهوبة تشير إلى صفة تواصل الخمر بها غيره. أو قولهم (20) للماء واللبن: الأبيضان، حيث لا يكون مشهورا. وأمثال هذه لا تحسن فى الكلام الخطابى. ولا (21) ما كان مشهورا (22) جدا، متعارفا على ألسنة الناس والغاغة، وشيئا (23) كالمملول (24). ولا يحسن أيضا ما يكون مع ذلك مأخوذا من الشعر مخيلا فيه (25) طبيعة الشعر، كما يسمع تقريبا (26) من (27) هذا
__________
(1) لغة: لعله د
(2) بعينه: سقطت من س
(3) أو: ان د
(4) بعض أهل لسان العرب: بعض لسان أهل العرب ب: بعضهم د، م، هـ
(5) فقال: قال د: فيقل ن: سقطت من س
(6) ترافع: رافع؟؟؟ م
(7) فارفنععا: فارفمقعا؟؟؟ م: فارقيقعا سا: فان عا؟؟؟ ب: فان ضعفا دا
(8) النوع: سقطت من د
(9) الموافقة: سقطت من س
(10) ما يستثقل: سل؟؟؟ د
(11) لطوله: طويلة د
(12) بدل: بدل سا
(13) الطويل: التطويل س: سقطت من سا
(14) العشنق: العشق م: الع؟؟؟ ن
(15) أو: سقطت من م
(16) أو لابهامه كما يتفق أن تكون الكلمة: أو تكون كلمة د
(17) الكلمة: كلمه س
(18) أن: من د
(19) تكون: سقطت من د
(20) قولهم: كقولهم م، ن، هـ
(21) ولا: إلا ن، دا
(22) مشهورا: إذ أمثال هذه لا تحسن فى الكلام س
(23) وشيئا: وشئ م، ن
(24) كالمملول: كالمملوك د، سا
(25) فمنه: فيه د
(26) تقريبا: قريبا د: تقريرا س
(27) من: حو؟؟؟ س(1/415)
الذى يسمى فى زماننا ذوب (1) الشعر، وهو وإن استحسن فى زماننا، فإنما استحسن فى البلاغة من حيث هى بلاغة يراد بها التعجيب (2)، لا من حيث هى (3) خطابة يراد بها إيقاع التصديق للجمهور، إذ ليس هو على عادة الجمهور ومذهب اللفظ المشهور (4)، بل هو كاللفظ الغريب، الغير (5) اللذيذ عند الجمهور، وعلى أن الإجماع إنما وقع على ذلك من المتعجرفين. وأما البصراء؟؟؟ فإنما يحبون من ذوب (6) الشعر ما (7) هو حائل (8) اللفظ، لطيف المعنى، وليس بالمفرط فى الاستعارة، ويحبونه كالأبازير (9). ومن اللفظ البارد (10) ما يسمج لإفراط (11) جعله الشئ عظيما، مثل ما كان لا (12) يستعمل بعضهم فى كلامه (13) لفظة اللذيذ، بل يأخذ بدله المغرى (14). وقد ذكر لذلك أمثلة أخرى جمع فيها إن كان اللفظ متصلا، ومع الاتصال فيه البرد التركيبى. وإنما يضطر إلى استعمال هذه الأشياء فى كثير منه حيث لا يوجد للشئ لفظ موضوع مفرد، فيحتاج أن يؤلف له لفظ دال عليه. ثم على طول الزمان ربما (15) قبل (16) واعتيد.
ويكون قبل ذلك باردا. وبعض (17) هذه الوجوه المستبردة قد يقع فى الشعر أحسن موقع (18). أما المضعفات فتلائم (19) الوزن المسمى افمن (20)، وهو وزن يستعمل فى المطربات المفرحة (21) والمضحكة، ويكون مع ذلك طويلا. فيكون المضاعف لطوله، ولتعريضه للضحك (22) منه (23) ببرده، يلائمه (24). وأما الغريب (25) فيصلح للوزن المسمى
__________
(1) ذوب: دون د، ن، دا
(2) التعجيب: التعجب ب، د، م
(3) هى: سقطت من س، م، ن، سا
(4) المشهور: بل هو كاللفظ المشهور م
(5) الغير: سقطت من ن، دا
(6) ذوب: دون ن، دا
(7) ما: صقطت من سا
(8) حائل: حارم: حاد د، س، هـ (ثم كتب فوقها حال؟؟؟ فى هـ): حايك سا
(9) كالأبازير: كالاباريز م
(10) ومن اللفظ البارد: سقطت من ب
(11) لإفراط: الإفراط ب
(12) لا: سقطت من ن، دا
(13) كلامه: كلامهم س
(14) المغرى: المغذى ب، د، م، ن، سا
(15) ربما: وربما م
(16) قبل: قيل م، سا
(17) وبعض: أو بعض د
(18) موقع: مواقع م، ن، دا، سا
(19) فتلائم: فلائم م
(20) افمن: اقمن؟؟؟ ب، م
(21) المفرحة: والمفرحة د
(22) للضحك: لضحكته هـ
(23) منه: سقطت من د
(24) منه ببرده يلائمه: بترده بلاغه ن، دا
(25) الغريب: الغرائب ن، دا(1/416)
افى، فإنه وزن يراد به (1) تهويل الأمر فى السياسات والشرائع، ليخشع (2) أو يحذر.
والغريب من جملة ما يكون له (3)، كما أنبأنا به (4) من قبل، روعة (5) وحشمة، مع انقباض النفس عنه. كما أن الاستعارة تناسب ايامبوا (6).
وأما النوع الرابع من الألفاظ الباردة: فهى الاستعارات التى لا تشاكل الخطابة أصلا (7)، إما (8) لشدة بعدها والغلو (9) فيها، وإما لحقارتها وذهابها إلى جهة الاستهزاء، فإنها قبيحة. وإن كانت الاستهزائية منها تصلح فى ضروب من (10) مؤذيات الشعر، وهى التى تذكر فيها الأهاجى والفحش والرفث. والمبعدات العظيمة جدا منها تستعمل فى الاطراغودية (11).
والتشبيه (13) يجرى مجرى الاستعارة، إلا أن الاستعارة (14) تجعل الشئ غيره (12)، والتشبيه (15) يحكم عليه بأنه كغيره (16)، لا غيره (17) نفسه، كما قال القائل: إن أخيلوس وثب كالأسد. والتشبيه (18) نافع فى الكلام الخطابى منفعة الاستعارة، وذلك إذا وقع معتدلا. فأما (20) أصله فهو للشعر. ويجب فى التشبيه (21) والاستعارة (19)، إذا استعملا فى شيئين معا، أن يكونا متجانسين. مثلا: إذا دل على الزهرة والمريخ معا بالاستعارة، أو بالتمثيل، أو بالمحاكاة، فقيل فى هذه: ما سكة الكأس، فينبغى أن يقال للمريخ: ماسك الحربة (22). حتى إذا كانا (23) نظيرين (24) ومتخالفين (25) معا، يمثلان بشيئين متناظرين (26) من جهة (27)، مختلفين (28) من جهة خاصة (29) كل واحد (30) منهما (31).
__________
(1) به: فيه ن، دا
(2) ليخشع: ليشجع س، هـ
(3) له: سقطت من م
(4) أنبأنا به: انبأناه م
(5) روعة: ورعه م
(6) ايامبوا: أياميوا م: ايامووا؟؟؟ س: ايامبو ن، سا: ايامنو هـ
(7) أصلا: سقطت من ب، د، سا
(8) إما: واما س
(9) والغلو: فالعلو د
(10) من: سقطت من سا
(11) الاطراغودية: الاصطراغورية م: الاطراغوريه ب، سا: الاطراء عودية د: الاطراغوذية هـ
(12) والتشبيه يجرى الشئ غيره: سقطت من د
(13) التشبيه: الشبيه سا
(14) إلا أن الاستعارة: سقطت من سا
(15) التشبيه: الشبيه سا
(16) كغيره: لغيره ب
(17) غيره: غير ب، ن، دا
(18) التشبيه: الشبيه د، سا
(19) وذلك اذا وقع والاستعارة: سقطت من م
(20) فاما: وأما د
(21) التشبيه: الشبيه ب، سا
(22) الحربه: للحربة س، هـ
(23) كانا: كان د، م، ن
(24) نظيرين: نظرين م
(25) ومتخالفين: ومتقاربين د
(26) متناظرين: مناظرين سا
(27) جهة: وجه هـ: وجهين د
(28) مختلفين: متخالفين س
(29) جهة خاصة: جهة أخرى خاصة ن، دا
(30) واحد: سقطت من ن
(31) منهما: منها د(1/417)
فصل (1) [الفصل الثانى] فى إشباع الكلام فى اجتناب ما يهجن اللفظ واختيار ما يحسنه وما يحسن فى الشعر ولا يحسن فى الخطابة وما يحسن فيهما جميعا
فلنتكلم (2) الآن فى كيفية اختيار اللفظ (3)، فنقول:
يجب أول كل (4) شئ أن تكون فصيحة (5) صحيحة (6)، لا لحن فيها (7) بحسب اللغة فإن اللحن يركك الكلام ويرذله. ثم ينبغى أن تراعى (8) الرباطات (9) بتمامها.
والرباطات (10) هى الحروف التى يقتضى (11) النطق (12) بها عودها مرة أخرى، وارتباط كلام بها فينبغى أن لا ينسى إعادتها (13)، أو أن لا (14) ينسى الكلام المرتبط بها، مثل أنه إذا قال: أما أنا فقد قلت كذا، فينبغى أن يتمم (15) الكلام، فيقول:
وأما أنت، أو إنسان آخر فلم (16) يفعل كذا. فإن الوقوف على أما (17) هو نقصان من واجب الكلام وأن لا يباعد بين الرباطين بحشو دخيل (18) ينسى ما بينهما من الوصلة وأن يراعى حقه من التقديم والتأخير، فإنه (19) يجب أن يقول: لمّا كان كذا، كان كذا، فإن حق لما أن يقدم (20). ويقول: كان كذا،
__________
(1) فصل: فصل 2هـ: فصل ب: الفصل الثانى س، م
(2) فلننكلم: فيتكلم د
(3) اللفظ: الالفاظ س، هـ
(4) كل: سقطت من س
(5) فصيحة: فضيحة د: فصيحاب، ن، هـ، دا
(6) صحيحة: صحيحا ب، هـ، ن، دا: سقطت من م
(7) فيها: فيه ب، هـ
(8) تراعى: يراعى د
(9) الرباطات: الرابطات م، ن، دا
(10) والرباطات: والرابطات ن، دا
(11) يقتضى: مقتضى هـ
(12) النطق: الناطق د
(13) اعادتها: اجادتها س
(14) أو ان لا: ولا ن، دا: أو لا د
(15) يتمم: يتم م، ن، دا
(16) فلم: لم س
(17) اما: ما ن، دا
(18) دخيل: دخل س
(19) فانه: وانه ب
(20) يقدم: يتقدم د(1/418)
لأن كذا كذا (1)، فإن تقديم لأن (2) قبل الدعوى سمج (3). أقول (4): ولم يأتمر بهذا (5)
فرفوريوس (6)، صاحب ايساغوجى (7) (8). وأن لا يدخل رباط بين (9) رباط وبين (10) جوابه، إلا (11) فى بعض المواضع، كقولهم (12): أما أنا، فلأجل الرغبة فى حمدك، فارقت قومى، وقصدتك وأما فلان فيلزمهم (13). فلأن (14) لفظ فلأجل قد دخل بين أما الأول، وبين (15) أما الثانى، وتوسط (16)، فلم (17) يقبح. وربما لم يوسط بل جعل فى الطرف، كقولهم: أما أنا فأتيتك، وأما فلان فلم يأتك. ثم يورد العلة فى الطرف، فيقال: لأجل كذا. وهذا إنما يحسن حيث يكون الرباط الأول شديد التنبيه على الثانى. ثم للغات (18) فى هذا أحكام، فليس يمكن أن يقال فيها قول (19) كلى محقق. بل (20) ينبغى أن تكون الألفاظ التى لا يراد فيها التشبيه والاستعارة ألفاظا خاصة، غير مشتركة، ثم (21) لا تكون مغلطة وتوهم (22) بمعناها الواحد الشئ (23) وضده (24). فأمثال (25) هذه الألفاظ (26) تستعسل تغليطا، مثل ما يستعمل انبادقليس (27)
الكرة (28) التى يقول إن العالم سيصير وقتا (29) إليها، كما ابتدأ وقتا منها. وكما يتلفظ (30) به المتكهنون، مثل الحكم النجومى الذى حكم به (31) بعض المنجمين، فقال (32): فلان الملك اليونانى، إذا عبر النهر تأدى الأمر به (33) إلى بطلان ملك عظيم. فلما عبره، تلقاه (34) كورش الملك وهزمه وأفسد ملكه. ولم يجد إلى الإنكار على المنجم سبيلا،
__________
(1) لأن كذا كذا: لان كذى كذا د: لا كذى كذا س
(2) (تقديم) لان: الان م
(3) سمج: يسمج د
(4) اقول: واقول م، ن
(5) بهذا: بذلك س
(6) فرفوريوس: سقطت من ب، س، سا
(7) ايساغوجى: الساعوجى س
(8) صاحب ايساغوجى: سقطت من د
(9) رباط بين: رباطين ب
(10) وبين: ومن م
(11) إلا: لا ب
(12) كقولهم: كقولك س
(13) فيلزمهم: يلزمهم ن، دا
(14) فلأن: فان س، ن
(15) وبين: سقطت من س
(16) وتوسط: فتوسط ب
(17) فلم: لم د: ولم ب
(18) للغات: اللغات م، ن، دا
(19) قول: بقول ب، س، سا
(20) بل: ثم د
(21) ثم: ان د، هـ
(22) وتوهم: توهم د
(23) الواحد الشئ: الشئ والواحد س
(24) وضده: ويضده م
(25) فأمثال: وأمثال د
(26) الالفاظ: انماس
(27) انبادقليس: انباذقليس هـ
(28) الكرة: للكرة ب
(29) (سيصير) وقتا: وقت م
(30) يتلفظ: يلفظ د
(31) به: بها س
(32) فقال: ان د
(33) الأمر به: أمره د
(34) تلقاه: تلقا ب(1/419)
لأنه لم يكن بيّن (1) أى الملكين يبطل بعبوره. وإنما كان الملك نفسه، ومن ذات نفسه، وبحسب (2) وهمه، ما تخيل أن ملك كورش يبطل. ولفظ الكاهن كان محتملا (3) للمعنيين (4). ولمثل (5) ذلك ما يكون المنجم والكاهن جسورا على القضايا (6)
بأمور كلية جدا، إذ الغلط فى الجزئية أكثر. ولذلك (8) فإنهم يحكمون حكما مبهما جدا (7)، غير مؤقت ولا مكيف. والوجه الرابع: أن يراعى أمر التأنيث والتذكير، ما كان بعلامة، وما لم يكن بعلامة، حتى لا يقع فيه غلط. والوجه الخامس:
أن يراعى أمر الجمع والتثنية (9) والوحدان والتصاريف التى تختص بها. وينبغى أن يسقط الرباطات (10) والإدخالات والتعويضات (11) بالشروط (12) المتداخلة (13) بالتقديم والتأخير، ويجعل الكلام عفوا، حسن الدلالة. وأن تكون هيئات الدلالة على الوقف (14) بالتقصير، وعلى الاتصال بالتثقيل (15) مراعاة على حقوقها. وهذا شئ يكثر فى اللغة (16) السريانية واليونانية. ويحذر (17) إيقاع اللفظ موقعا يمكن أن تقرن دلالته بموضعين مختلفين، كقول بعضهم: إن هذا القول كان دائما للرجال الحكماء لأن الدائم لا يدرى أهو فى شرط الموضوع، أو فى شرط المحمول (18)، أى (19) على أن هذا القول إذا كان دائما فهو للرجال الحكماء (20)، أو على أن هذا القول للرجال الحكماء (21) كان دائما. فيحتاج ضرورة إلى علامة تتصل به: أما فى الكتابة فإلى الشكل والإعجام وأما فى العبارة فإلى مثل ذلك من الدلالة.
__________
(1) بين: ان س
(2) بحسب: سقطت من د
(3) محتملا: محملا م
(4) للمعنيين: لمعنيين د
(5) ولمثل: ومثل د
(6) القضايا: القضاء د، م
(7) إذ جدا: سقطت من سا
(8) ولذلك: وكذلك ب، م
(9) الجمع والتثنية: التثنية والجمع م
(10) الرباطات: الرباط د
(11) والتعويضات: والتعريضات م، ن، دا
(12) بالشروط: بالشرط س
(13) المتداخلة: والمتداخلة س، م
(14) الوقف: الموقف ن، دا
(15) بالتثقيل: بالل؟؟؟ ن: بالتنقل دا
(16) اللغة: لغة د، س
(17) ويحذر: ويحرزم
(18) فى شرط المحمول: شرط المحمول د
(19) أى: التى م: أو ب ن
(20) للرجال الحكماء: للرجال الحكيم م، ن، دا
(21) الحكماء: وان ن: إن دا: إذا سا(1/420)
وهذا مما ليس فى كلام العرب (1). وهذا كما يجب عليك، إذا ذكرت الشئ وحده، أن تدل عليه بالاسم الذى يخصه، كما تقول فى حكاية حال العين: إنها أبصرت.
فإن قال: أحست (2)، لم (3) تدر إلى أى الحواس يرد، إذ (4) كان محتملا للرد إلى كل (5)
حاسة رد (6) العين إلى الإبصار واللمس. فكذلك (7) حال (8) الدائم هناك، لكنه (9) إذا ذكر حالا (10) عامة (11) لا (13) نبين (14)، مثل حال عامة (12) لفعلى (15) السمع والبصر (16) معا، احتاج (17) ضرورة إلى (18) أن يقول (19): تحس (20)، وأغناه ذلك عن أن يقول: الأذن والعين أبصرت وسمعت (21)، بل يقول: أحستا (22). وكذلك إذا جمع المذكر والمؤنث معا، أو ثناهما، فغلب المذكر.
ومن الأشياء المفسدة لرونق النظم إدخال كلام (23) فى كلام، مثلا (24) كما يقول:
كنت أريد أن آتيك وقت المساء، وفى ذلك (25) الوقت يرجع الناس إلى بيوتهم ويتهيئون (26) لصلوة المغرب، ولتناول العشاء، لأن الشمس تغرب، والليل يقرب (27)، لكنه منعنى (28) من ذلك بعض الموانع.
واعلم أن الكلام ربما نفع (29) إيجازه (30) حين يراد الإفهام الوحىّ، ويوثق بتعقب الإقناع إياه لمعرفة (31) حال السامع، أو حال الأداء (32). فيجب أن ترد (33) الحدود والرسوم هناك إلى الألفاظ المفردة. وربما نفعت (34) بسطة (35) للإسهاب (36) به (37) حين يراد توكيد
__________
(1) كلام العرب: الكلام العرب م: الكلام العربى ب، ن، دا
(2) أحست: أحسنت ب، م، ن
(3) لم: فلم ب، م، ن
(4) يرد إذ: يزداد م: يرد اذا س، دا
(5) كل: سقطت من م
(6) رد: وفى د
(7) فكذلك: وكذلك هـ
(8) حال: حالا سا
(9) لكنه: لاكنه م
(10) حالا: حال س، م، هـ
(11) عامة: علامة م
(12) لا تبين مثل حال عامة: سقطت من سا
(13) لا: لم ن، دا
(14) مثل: من ب: سقطت من س
(15) لفعلى: لفعل هـ: بفعلى ب: لفظى م
(16) السمع والبصر: السميع والبصير س
(17) احتاج: احتياج م
(18) الى: سقطت من د
(19) يقول: يقال د
(20) تحس: وتحسن ب، د، ن، دا
(21) سمعت: رأت س
(22) احسنا: احسنتا م
(23) (إدخال) كلام: الكلام س
(24) مثلا: سقطت من س، سا
(25) وفى ذلك: فى ذلك د
(26) يتهيؤن: يتأهبون هامش هـ: باهون؟؟؟ س
(27) يقرب: تقتزب؟؟؟ سا
(28) منعنى: معنى م
(29) نفع: يقع فى م
(30) إيجازه: اتخاذه م
(31) لمعرفة: بمعرفة ب، د، ن، دا، سا
(32) الأداء: الاراء ب
(33) ترد: تراد د
(34) نفعت: نفع ب، هـ: يعقب دا
(35) بسطة: بسطه ب، م: بسيطه س، د، هـ
(36) للاسهاب: وللاسهابه م: الأسباب د: والأسها ب س، هـ
(37) به: وأما م(1/421)
الإقناع والتهويل. فيجب أن تبدل الألفاظ المفردة بالأقاويل. وقد يبدل الاسم بالقول، إذا (1) كان الصريح (2) يستبشع (3)، مثل (4) الاسم (5) الصريح لفرج النساء، فالأحسن أن يبدل فيقال (6): عورة النساء، وكما (7) يبدل اسم الحيض (8) بدم النساء، ويبدل (9) الاسم الصريح للجماع بلمس النساء. وربما بدل الاسم بالصفة المفردة، فيقال بدل الاسم الصريح للجماع: الوطء، وبدل اسم ذلك الذى لهن: العورة.
وربما تركت الصفة، وفزع إلى التشبيه (10) والاستعارة.
والشعراء يجتنبون استعمال اللفظ الموضوع، ويحرصون على الاستعارة حرصا (11)
شديدا، حتى إذا وجدوا اسمين للشئ (12)، أحدهما موضوع، والآخر فيه تغيير (13) ما، مالوا (14) إلى المغيّر. مثلا: إذا كان شئ واحد يحسن أن يقال له: مستراح، ويقال له: مسكن ومبيت، وكان (15) تسميته بالمسكن أولى، لأنه مكان المرء ووطنه (16)، سموه بالمستراح (17)، لأنه يدل على تغيير (18) ما، ويخيل (19) راحة ما. كما (20) ينتقلون إلى الوصف عن الاسم، فيقولون لبعض الدور والمساكن: تلك الكثيرة (21)
الأبواب، ولبعضها: تلك التى لها وجهان ومصراعان متباينان ولا يقولون بالتصريح: إنه دار فلان، أو مسجد فلان (22)، بل يتركون الاسم الموضوع (23)، ويميلون إلى النعت. كذلك (24) يتركون الاسم الموضوع (25)، وينتقلون إلى اسم مشتق عن وصف، أو إلى مستعار. وبالجملة: إلى مغيّر (26) هذا.
__________
(1) إذا: إذ م
(2) الصريح: سقطت من ن، دا
(3) يستبشع: يستشنع س، دا
(4) مثل: مثلا د
(5) الاسم: اسم سا
(6) فيقال: ويقول س
(7) وكما: كما س
(8) الحيض: الجنس د
(9) ويبدل: فيبدل س
(10) التشبيه: الشبيه سا
(11) حرصا: وحرصا م
(12) اسمين للشى: اسمين لشى هـ م، هـ: للشى اسمين س
(13) تغيير: تغير د، س، سا
(14) مالوا: قالوا د
(15) وكان: كان ن، دا: وب
(16) ووطنه: وطنه م: ووطنوه ب
(17) بالمستراح: المستراح د، س، هـ
(18) تغيير: تعين م: تغير د، ب: عن؟؟؟ س
(19) يخيل: تخييل هـ
(20) كما: وكما س، م، هـ
(21) الكثيرة: الكثير ب
(22) مسجد فلان: المسجد الفلانى د، هـ
(23) الموضوع: سقطت من د، س
(24) كذلك: لذلك ن، دا
(25) الاسم الموضوع: الاسلم لموضوع م
(26) مغير: متغير سا: معنى غير ب: معا د(1/422)
ومما يعين على الإيجاز: ترك الروابط، وحذف حروف الإضافة، والصلات، إذا وقع عنها استغناء (1). وليس يحسن استعمال المعدول حيث يوجد اللفظ المعتدل، الموجز (2)، المحصل.
فإن المعدول لا يدل النفس على معنى (3) يقع (4) عنده، بل إنما يدل على المراد بالعرض، كما علمت. فيجب أن لا تعتقد أن فى (5) استعماله (6) كل تلك الفصاحة والشرف (7)، بل يجب أن تستعملها فى التعريضات حيث يكره التصريح، وفى التهويلات وحيث (8)
يراد التعجيب (9) والتغريب. وهذه الأشياء تجوز فى الإفراطات (10) المديحية (11) والهجائية (12)، حيث تذكر خيرات وشرور، لا لأجل أن ينتفع (13) بها. وكذلك تحسن جدا فى الشعر. وأما فى المشورات (14) فلا تحسن إلا حيث يراد تهويل ما بالتحذير. وأما (15)
الشكاية فقلما يحتاج فيها إلا (16) إلى ما يدل على المعنى (17) بالمطابقة. وأما الاعتذار فربما احتاجت الشعراء فيه (19) إلى مثل ذلك (18)، فكثيرا ما يستعملون ذلك، فيقولون مثلا (20): إن الأشعار ألحان غير مزهرية (21)، وإن (22) النفخ فى المزمار القرنى عزف غير عودى. وأحسن هذه ما يحفظ المعادلة. وإنما تكون المعادلة إذا كان للشئ (23) ضد، أو نظير وشريك، فدل (24) عليه بسلب ذلك الشئ عنه، فيقال:
الجاهل (25) غير عالم (26)، والزمر (27) عزف غير وترى (28). إذ كان الجاهل غير العالم (29)، وكان الوتر نظير الزمر (30). وأما أن يقال: غير إنسان، أو غير اثنين، أو ما أشبه (31) ذلك، فهو مستكره (32)، غير مقبول.
__________
(1) استغناء: الاستغناء د
(2) المعتدل الموجز: القليل د
(3) معنى: معمى سا
(4) يقع: فع؟؟؟ س: يقوم سا
(5) أن فى: فى د، س
(6) استعماله: استعمال م، ن
(7) الشرف: السريف؟؟؟ س
(8) وحيث: حيث س
(9) التعجيب: التعجب د، س، هـ، سا
(10) الافراطات: الافراطان د
(11) المديحية: المدحه؟؟؟ س
(12) والهجائية: الهجائية د
(13) ينتفع: ينفع د
(14) المشورات: المشوريات د: المنثورات سا
(15) وأما: فى د
(16) إلا: سقطت من د
(17) المعنى: المعانى م، ن، دا
(18) احتاجت الشعراء فيه الى مثل ذلك: يحتاج فيه الى مثل ذلك الشعراء د
(19) فيه: فيها م، ن، دا
(20) مثلا: سقطت من سا
(21) مزهرية: مزموره س
(22) وإن: وس
(23) للشئ: لشئ د: له م
(24) فدل: ودل د
(25) الجاهل: للجاهل س، سا
(26) غير عالم: سقطت من س
(27) الزمر: للزمر سا
(28) وترى: وترد
(29) غير العالم: غير مقابل للعالم د: مقابل العالم هـ
(30) إذ كان الجاهل الزمر: سقطت من س
(31) أو (ما اشبه): وس
(32) مستكره: مستنكر س، هـ: ممتكرم م(1/423)
والألفاظ الفصيحة الموافقة هى المطابقة، والمخيلة مع ذلك على سبيل التضليل، وهى التى تجمع إلى تفهيم (1) المعنى (2) التخييل (3) المطابق للغرض أيضا، إذا فهمت وذلك إما للعبارة، وإما لنفس اللفظ (4)، كما يقال بدل (5) الخبيث من الناس: القذر، فإنه تقزز (6) عنه مع إفهام المنقصة (7) المقصودة. وأن (8) يكون معتدله. والمعتدل هو الذى لا يفرط فى الصفة حتى يدخل فى حيز الكذب الظاهر، ولا يقصر أيضا تقصيرا يسلب الصفة رونقها. ويجب أن يقال فى كل شئ بما يناسبه، ولا يقصر (9) فى الامور العالية (10)، ولا يفرط فى الأمور المتواضعة، وأن (11) يهجر (12) اللفظ العامى السفسافى (13) الذى لا يستعمله إلا الغاغة. فإن الشعراء الهجائين (14) أيضا، إذا قصدوا (15) قصد الفحش والسقط السفسافى من المعنى، اجتنبوا (16) اللفظ الساقط، وهو بذلك (17) أليق. فإن السفساف أليق بالسفساف. وقد ينتفع بالألفاظ الانفعالية والخلقية انتفاعا شديدا، وذلك حين يراد أن يثار انفعال. فتكون الألفاظ المثيرة للأنفة (18)، الفاضحة (19)، صالحة لإثارة الغضب. وأما الألفاظ المستقبحة (20) للفواحش والآثام، فإنما ينتفع بها حين يزهد فى القبائح. وينتفع بالمدحيات للاستدراج، وبالذميات (21) والمؤذيات عند الغم (22). فإن الألفاظ، إذا قرنت بهذه الأحوال (23)، ضللت (24)
النفوس، وجذبتها (25) إلى جانب التصديق، وقهرتها إلى القناعة، وحصلت هيئة
__________
(1) تفهيم هـ: تفهم ب، د، ن، م، سا: أن فهم؟؟؟ س: الفهم د
(2) المعنى: للمعنى د
(3) التخييل: التخيل د: السخيلى؟؟؟ س
(4) اللفظ: الأمر د
(5) بدل: هذا د
(6) تقزز: قرر؟؟؟ ب، م، د، ن: يقذر س: يقرب هـ
(7) المنقصة: النقيصة ن، دا
(8) وأن: فأن د
(9) يقصر: يقتصر د
(10) العالية: الغالبة ب، ن، هـ، دا، سا
(11) وان: ان د
(12) يهجر: يهجن د
(13) السفسافى: السفساف س
(14) الهجائين: المجانين د
(15) إذا قصدوا: يقصدون د
(16) اجتنبوا: يجتنبون د: أخذوا م، ن، دا
(17) بذلك: سقطت من د
(18) للأنفة: اللايقة ب، د: للايقة م
(19) الفاضحة: أو الفاضحة س، سا: أو الفضيحة هـ: والفاضحة د: أو القبيحة م
(20) المستقبحة: المقبحة د، س: المستقيمه ب
(21) وبالذميات: بالذميات سا
(22) الغم: الغمر م: العمر ن، دا
(23) الأحوال: الألفاظ س
(24) ضللت: او ضللت م
(25) وجذبتها: فحذبتها س، م(1/424)
نفس (1) السامع (2) على هيئة نفس القائل. وللفظ (3) سلطان عظيم، وهو أنه قد يبلغ به، إذا أحكمت (4) صنعته (5)، مالا يبلغ بالمعنى، لما (6) يتبعه أو (7) يقارنه (8) من التخيل (9). فإذعان النفس لما تهيؤها (10) له قوة اللفظ يقرب البعيد من التصديق، كما أن التهيئات (11) الخلقية (12)
اللاحقة للإنسان وغيرها مما (13) يقرب (14) من التهيئات (15) (16) تقرب البعيد من الانفعال، والطاعة (17)، وتصديق (18) ما ينى على ذلك الانفعال. والألفاظ الخلقية تقوم مقام هذه الهيئات. والكلام الخلقى هو المحرك (19) نحو اعتقاد خلق، واستشعاره (21)، والركون (20) (22)
الى إيثاره (23). والكلام الانفعالى هو المحرك فى الوقت لانفعال، وإن كان مخالفا للخلق (24)، مثل ما يخجل الحكيم ويجنبه ذكر ما يطابق باللفظ الصريح بين الخلق والانفعال. ومن هذه الألفاظ (25) الانفعالية قول القائل: كل عاقل يعلم أن كذا كذا، فيستحيى (26) السامع إنكاره وقول القائل لخصمه: أتظن أن الناس يذعنون (27)
لزرقك (28)، ويصغون إلى تلبيسك؟ أو يقول: أنت هو ذا (29) تستحقر الحاكم والحضور ولا تعبأ بهم، ولا تنقد أولا ما تعرض عليهم من كلامك. وهذا وما أشبه (30) يغيظ المتوسطين، ويخرجهم إلى توبيخ الخصم.
وأما وجوب اختيار الوقت لكل عمل من هذه بحسبه، فهو أمر يعم كل شئ.
__________
(1) نفس: النفس م، سا
(2) السامع: للسامع م، سا
(3) وللفظ: واللفظ ن، دا
(4) أحكمت: حكمت ن، دا
(5) صنعته م: صيغته هـ: صعته ب: صعته س: صنيعته ن: صعه د
(6) لما: بما س
(7) أو: أن د
(8) يقارنه: يقاربه سا: يفارقه م
(9) من التخيل: سقطت من سا
(10) تهيؤها: يهيئها د، س
(11) التهيئات ب، س، م: الهيئات د، هـ، ن، دا
(12) الخلقية: الحلقته د
(13) مما: سقطت من سا
(14) مما يقرب: سقطت من س
(15) مما يقرب من التهيئات: سقطت من د
(16) التهيئات: الهيئات هـ: سقطت من د
(17) الطاعة: التصديق س
(18) وتصديق: وبتصديق م
(19) المحرك: المحرى س
(20) نحو اعتقاد خلق واستشعاره والركون: استشعاره الى كون نحو اعتقاد خلق ب، سا: واستشعاره الى كون نحو اعتقاد خلق م
(21) واستشعاره: سقطت من د، ن، هـ
(22) والركون: والسكون هـ، دا: سقطت من د
(23) إلى إيثاره: إلى إيثار د: إلى ايثار خلق هـ: ايثاره ن
(24) للخلق: للحق د
(25) الألفاظ: سقطت من سا
(26) فيستحيى: فيستحق ب
(27) يذعنون: دعون؟؟؟ سا
(28) لزرقك: لزرعك س: لرزقك م
(29) ذا: ذى س
(30) اشبه: اشبه سا(1/425)
وأما دعوى الصحة فهو أيضا من ذلك القبيل. ودعوى الصحة (1) أن يقرن بكل لفظ (2) يقوله: إنه لا شك فيه، وإنه من البين. وكذلك وجوب تقدمة الأعداد.
وليس يجب أن يستعمل الخطيب المعتدلات فقط، فربما وجب أن يستعمل تلك الأخرى، ويستدرج السامعين بترك استعمال المعتدلات، مائلا بالألفاظ بها إلى الإفراط (3) المذكور، أو التقصير المذكور. وكذلك يلزمه (4) أن يستدرج بأحد (5)
الوجوه فإنه إن لم يفعل هذا، لم يكن القول إلا ساذجا على فطرته الأولى، غير معان بحيلة. وحينئذ ربما لا يفاد منه إقناع. فإذا غلظ اللين، ولين الغليظ (6)، كان فى ذلك تدارك (7) للشئ (8) بلطف الصنعة (9)، ورد (10) إياه (11) إلى الإقناع.
وأما الأسماء الموضوعة والمضاعفة والغريبة (12) فتصلح فى الأحوال (13) الانفعالية، وخصوصا إذا قرن بها معان (14) انفعالية وعرض لمدح، أو ذم، أو احتشام، أو تقرب بتودد، مثل ما كان يقول سقراط: إنه سيتم مرادى (15)، فلقد (16) تم صبرى وجهادى. والمجاهد فى الحق يبلغ منه أربه. وهذا أشد موافقة للشعر. قال (17): وعليه (18)
كان الشعراء القدماء. ولمثل هذا ما كان الشاعر فى القديم ينزل منزلة (19) النبى، فيعتقد (20)
قوله، ويصدق حكمه، ويؤمن بكهانته، إذا كان يزعم (21) ما يحكم به بمثل (22) هذه الأشياء.
لكن الخطابة، وإن رخص فيها بمثل هذه الأحوال، فلا ينبغى أن يقرن بها وزن وعدد إيقاعى، فإن الناس يلحظونها (23) حينئذ بعين الصناعة (24) والتكلف، وأنه إنما يفعل
__________
(1) فهو أيضا من ذلك القبيل ودعوى الصحة: سقطت من م
(2) لفظ: لفظة م
(3) الافراط: الافراد م
(4) يلزمه: حب؟؟؟ س
(5) بأحد: بأخذ ب، س، م
(6) الغليظ: الغلط ب: العلط سا
(7) تدارك: سقطت من ن، دا
(8) الشئ: الشى م، ن، دا
(9) الصنعة: الصنيعة س، ن
(10) رد: رده د: ردا س، م
(11) إياه: سقطت من د
(12) الغريبة: القرينة م: القرة؟؟؟ ب
(13) الاحوال: الافعال ن، دا
(14) معان: معانى د
(15) مرادى: من اذى بخ
(16) فلقد: فلقد د
(17) قال: وقال س: سقطت من د
(18) وعليه: عليه هـ
(19) منزلة: سقطت من م
(20) فيعتقد: سقطت من س
(21) يزعم: يدعم س
(22) بمثل: لمثل ن، دا
(23) يلحظونها: يلحظونه بها م
(24) الصناعة: الصنعة د، س: الصنيعه سا(1/426)
فعله لما صنع عليه (1) من (2) تلك الصنعة (3)، وأفرغ فيه (4) من ذلك (5) القالب، وأنه من جملة ما صنع ليتعجب (6) منه ويتخيل (7) عنه، لا (8) لإيقاع التصديق. وتدعوهم حشمته (9) الى شدة (10)
صرف الهمة كلها الى تفهمه (11)، فيسبقون (12) اللفظ، ويفهمون الغرض قبل الوصول اليه، فيعرض من ذلك أن لا يلتذ به، حين ما يسمعونه، بل يكون كالمفروغ منه، ويعرضونه بذلك للتعقب (13)، خصوصا والزمان يسع له. فربما (14) سمع وهو معاند. ويكون ذلك كما يبدر (15) الصبيان المتعادون أمام المنادى فى السوق، فيخبرون (16) بما يقوله. فإذا (17) طلع (18) على القوم، رمق بعين الاستغناء عنه.
وأما اللفظ المتخلخل (19)، وهو المقطع مفردا مفردا (20)، فهو شئ غير لذيذ لأنه لا يتبين (21) فيه الاتصال والانفصال (22) فى (23) الحدود التى تتناهى (24) إليها القضايا وغير القضايا (25) أيضا (26) التى هى مثل النداء والتعجب والسؤال، إذا تمت. فإن لكل شئ منها حدا وطرفا يجب (27) أن يفصل عن غيره بوقفة، أو نبرة (28)، فيعلم. وإذا كان الكلام مقطعا ليس فيه اتصالات وانفصالات، لم يلتذ به. وهذا الوصل والفصل (29) وزن ما للكلام، وإن لم يكن وزنا عدديا. فإن ذلك للشعر (30). وهذا الوزن هو الذى يتحدد بمصاريع الأسجاع. فإن قرب من الوزن العددى تقريبا ما، لا (31) يبلغ
__________
(1) لما صنع عليه: سقطت من د
(2) من: على د
(3) الصنعة: الصنيعه سا: الصناعة د
(4) فيه: فى د
(5) من (ذلك): سقطت ب، د، سا
(6) ليتعجب: لا يتعجب ن، دا: ولا تعجب؟؟؟ سا: لان يتعجب هـ
(7) يتخيل: لا يتخيل ن، دا
(8) لا: سقطت من ن، دا
(9) حشمته: حسميه سا
(10) شدة: سقطت من سا
(11) تفهمه؟؟؟: فهمه د
(12) فيسبقون: فيشقون د
(13) للتعقب: المتعقب سا
(14) فربما: وربما م
(15) يبدر: يبتدر ب: ندر؟؟؟ د، ن
(16) فيخبرون: فحرون؟؟؟ س
(17) فاذا: واذا سا
(18) طلع: اطلع ب، م
(19) المتخلخل: المتخيل د
(20) مفردا مفردا: سقطت من س
(21) يتبين: يبين د، م، سا
(22) والانفصال: أو الانفصال س
(23) فى: من س
(24) تتناهى: اها؟؟؟ س
(25) القضايا: وغير القضايا م
(26) أيضا: سقطت من س
(27) يجب: ويجب س
(28) نبرة: بنبرة د
(29) الوصل والفصل: الفصل والوصل م، ن، دا، سا
(30) للشعر: الشعر م، سا
(31) لا: لم د(1/427)
الكمال (1) فيه، فهو (2) حسن. وهذا التقريب أن تكون المصاريع متقاربة الطول (3)
والقصر، وإن (4) لم تكن قسمتها (5) قسمة متساوية إيقاعية. وللنبرات (6) حكم فى القول يجعله قريبا من الموزون (7). وكذلك فإن (8) القول المنثور (9) أيضا قد يجعل بالمدات موزونا (10)، كالخسروانيات فإنها (11) تجعل موزونة بمدات تلحقها. وأنت ستعلم معنى الوزن فى موضع (12) آخر (13)، وذلك حين نتكلم فى الإيقاع (14) الشعرى، إذا بلغنا إلى الموسيقى. فمن الأقاويل ما ينبغى أن تورد النبرات فيه عند تمام قول قول (15)، وذلك عند ما يكون (16) الكلام قصيرا، ويحتاج أن يكون (17) مع قصره فخما (18)، فتخلل (19)
أجزاؤه القولية الصغرى بنبرات وكأن هذه الأقاويل هى التى تسمى باليونانية «أيامبيقى (20)» و «ماريقا (21)». وأحوج الأقوال إلى النبرات هى القصيرة المتعادلة (22) الأجزاء وأما الطوال فتقل حاجتها إليها، فإنها (23) تزداد بذلك طولا. وأعنى بالطويل من الأقاويل مثل ما تكون القضايا (24) فيه كثيرة أجزاء الموضوع والمحمول. ومثل ذلك أيضا فى سائر أقسام (25) اللفظ المركب. فيجب أن لا تخلل هذه الأقاويل الطويلة إلا النبرات (26) التى لا ينغم فيها، وإنما يراد بها (27) الإمهال فقط. وربما احتيج أن تخلل (28)
الألفاظ المفردة، إذا كانت فى حكم القضايا، خصوصا حيث تكون على سبيل الشرط والجزاء، كقولهم: لما التمس، أعطيت، فيقول بين التمس وبين (29)
__________
(1) الكمال: الكلام ن، هـ، دا
(2) فهو: وهو م
(3) الطول: الطوال م
(4) وإن: فان س
(5) قسمتها: قسمها ب
(6) وللنبرات: والنبرات د
(7) الموزون: الوزن ن، دا
(8) فان: يكون د
(9) المنثور: المبتور ب
(10) موزونا: موزونه س
(11) فانها: فلما د
(12) موضع: مواضع ب، م، ن، دا، سا
(13) آخر: اخرى م، ن، دا
(14) الإيقاع: الأنواع د
(15) قول قول: قول م: قول هـ
(16) يكون: سقطت من ن، دا
(17) يكون: الكلام م، ن، دا، سا
(18) فخما: فخا د
(19) فتخلل: فيتخلل ب، م، ن، هـ
(20) ايامبيقى: اامى؟؟؟ ب: الااسقى؟؟؟ د: الااسعى؟؟؟ هـ (ثم كتب تحتها ايامبيقى؟؟؟)
(21) وماريقا: وهو ماريقا د
(22) المتعادلة: المتعاله؟؟؟ س
(23) فانها: فلها د
(24) القضايا: الأقاويل د
(25) أقسام: سقطت من م
(26) النبرات: نبرات د
(27) بها: سقطت من سا
(28) تخلل: يتخلل م
(29) التمس وبين: سقطت من د(1/428)
اعطيت نبرة إلى الحدة (1)، وهو عند الشرط، وبعقب (2) أعطيت (3) نبرة أخرى إلى الثقل، وهى للجزاء. ويشبه والله أعلم أن يكون هذا الجنس من الكلام باليونانية يسمى «ايامبقى (4)». ومن الكلام والعبارة ما تكثر فيها النبرات، فيصير كالجمز (5)، وكأن ذلك قريب من الشعر، وكأنه أحسن للمغالطة (6) والتغيير (7)، وهو (8) يشبه بالأشعار الرباعية. وذكر أن (9) ثراسوماخوس (10) أول من تكلم فيها، أو بها (11). ونوع (12) من النبرات يأتى عند خواتم (13) الفصول، ويشتمل على هذه، ويشبه أن يكون (14) يسمى هذا «فودون (15)». ويجب أن يميز بينه وبين النبرات الأخرى (16) المتخللة (17) والمبتدئة «وفادون (18)» كأنه أمر لابد (19) (20) منها فيه وعن سائر تلك الأخر (21). وقد (22) يجب أن يكون «مرون (23)» بالمقطع الممدود، ليس (24) المكتوب (25)، مثل الألف التى تكتب فى (26): لنسفعا (27)، ويسمع (28) بدله حرف آخر، أو (29) فى: اعلموا، ولا يسمع البتة، بل المسموع المطابق.
وأقول: إن العادات (30) توجب فى النبرات ودلائلها أمورا (31) لا تضبط (32)، وكذلك (33)
فى تلفيق (34) الكلام، وتصريفه، وتسجيعه وغير ذلك. ثم لليونانيين (35) فى هذا الباب أحوال لم نحصلها، ولم نقف عليها (36)، وما (37) نراها (38) نحن (39) ينتفع بها اليوم.
__________
(1) الحدة: الحد سا
(2) بعقب: تعقبت م
(3) أعطيت: أعطيته م
(4) أيا مبقى: أنا ميقى م: أيا مسقى؟؟؟ س، هـ: ا؟؟؟ اميقى د، سا
(5) كالجمز: كالجمرسا: كالجمر الحسم م: كالخمر ب، دا: كالحمر س، ن، هـ (ثم كتب فوق لحمر فى هـ: لخمر): كالجز د
(6) للمغالطة: المغالطة د
(7) التغيير: التغير د، م، سا
(8) هو: سقطت من د، هـ
(9) ان: سقطت من م، ن، دا
(10) ثراسوماخس: تراماماخس م: براسوماخس هـ، سا: ترسوماخوس د
(11) أو بها: سقطت من د، م
(12) ونوع: نوع ن، دا
(13) خواتم: خاتم ن، دا
(14) يكون: سقطت من ن، دا
(15) فودون: قورون م: فورا د: فوزن ب: فورن هـ: فرون سا: فورون ن
(16) الاخرى: الاخر د
(17) المتخلله: المتخلكة د
(18) فادون: قارون ب، م: قارون سا: مارون د
(19) لابد: لابذ م
(20) لابد: له س، م
(21) الاخر: الاخرة ب، ن، هـ، دا، سا: الاخر هـ؟؟؟ د
(22) قد: سقطت من د
(23) مرون: قرون س: مرادن د: مرون فاوفى هـ: واقرون م: ومرون ب: وفرون سا: مرون مما وفى ن: مرون ما وفى دا
(24) ليس: وليس هـ، دا، سا
(25) المكتوب: بالمكتوب م، ن، هـ، دا
(26) فى: سقطت من م
(27) لنسفعا: اسفعا د
(28) ويسمع، فيسمع د
(29) أو: ود
(30) العادات: العلم بذاته م
(31) أمورا: أمور س
(32) تضبط: يضبطها ب، م، ن، دا، سا
(33) وكذلك: كذلك ب: ولذلك ن، دا
(34) تلفيق: تدقيق د
(35) لليونانيين: لليونانيون ب
(36) عليها: فيجب م
(37) وما: ما د: أو ما ن، دا
(38) نراها: أراها د: يراها م: تراها دا
(39) نحن: سقطت من د، س(1/429)
والعرب أحكام أخرى فى جعل النثر (1) قريبا (2) من النظم، وهو (3) خمسة أحوال.
أحدها: معادلة ما بين مصاريع (5) الفصول بالطول والقصر (4) والثانى: معادلة ما بينها فى عدد الألفاظ المفردة والثالث: معادلة ما (6) بين الألفاظ والحروف، حتى يكون، مثلا، إذا قال: بلاء حسيم، قال بعده: وعطاء عميم، لا عرف عميم (7)
والرابع: أن يناسب بين المقاطع الممدودة والمقصورة، حتى إذا قال: بلاء جسيم، قال بعده مثلا: نوال عظيم (8)، ولم يقل: موهب عظيم، وإن كانت الحروف متساوية العدد والخامس: أن يجعل المقاطع متشابهة، فيقال (9): بلاء جسيم، ثم (10) لا يقال: منيخ (11) عظيم، بل (12) يقال (13): مناخ (14) عظيم، حتى (15) يكون المقطعان (16) الممدودان (17)
يمتدان نحو هيئة واحدة، وهو إشباع الفتحة.
وأما السجع وتشابه حروف الأجزاء (18) فهو شئ لا يتعلق بالموازنة، وهو خاصة للعرب، وله غناء كثير فى اللفظ. وكل (19) هذا لا يخرج (20) النثر (21) إلى النظم (22).
فهذا (23) ما نقوله فى الأوزان للخطابة (24). وقد ذكرت هذه أيضا فى التعليم الأول.
__________
(1) النثر: النبرة م
(2) قريبا:؟؟؟ د
(3) وهو: أو من د: وهى هـ
(4) وهو خمسة القصر: سقطت من س
(5) مصاريع: تصاريع هـ
(6) ما: سقطت من س
(7) (عرف) عميم: سقطت من م
(8) نوال عظيم: نوال عميم م
(9) فيقال: فقال م
(10) ثم: سقطت من م
(11) منيخ: مسح ب، د، س: منيح هـ: منتج م
(12) بل: ثم م
(13) (بل) يقال: مثلا س
(14) مناخ: ما؟؟؟ ح د: مناح ب، هـ: مباح س: مناخ م
(15) حتى: صحرد
(16) المقطعان: المقطعات م، ن، دا
(17) الممدودان: الممدودة ان ن
(18) الاجزاء: الآخر د
(19) وكل: ذلك م
(20) يخرج:؟؟؟ حوج م، سا
(21) النثر: اليه م
(22) النظم: التعليم م
(23) فهذا: وهذا م
(24) للخطابة: الخطابية د(1/430)
فصل (1) [الفصل الثالث] فى وزن الكلام الخطابى واستعمال الأدوات فيها والنبرات وما يجب من ذلك بحسب (2) مخاطبة مخاطبة خطابية (3)
وما يحسن مسموعا على الأشهاد وما يحسن فى (4) مجالس الخواص وما يحسن مخاطبة وما يحسن كتابة (5)
قيل فى التعليم الأول: إنه يجب أن يكون الكلام الخطابى مفصلا، أى ذا (6) مصاريع، وتكون التفاصيل ليس كل واحد منها (7) يتم بنفسه، بل يجب أن يكون كل واحد منها مشوقا (8) إلى المصراع الذى يليه الذى إنما (9) يتم به (10) المعنى. وهذا مثل ما قال الفصيح من العرب: إياك وما يسبق إلى النفس إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره فليس كل من (11) يسمعه نكرا، يقدر أن يوسعه عذرا. فإن كل مصراع من مصراعى (12) هذا الكلام يحتاج إلى الفقه (13) حتى يتم (14). وهذه التفاصيل تحسن (15) عند المخاطبة بالنبرات (16) التى تقطع وتصل. ويجب أن يكون للكلام (17) الخطابى عطوف، وهو أن يكون إما الابتداء من لفظ أو حرف (18) ينتهى إليه، سواء كان على سبيل التكرير، أو على سبيل التجنيس، وهو أن يكون المكرر، وإن كان لفظا مكررا فى المسموع، فهو مختلف فى المفهوم. فإن هذا يجعل الكلام لذيذا، محصورا
__________
(1) فصل: فصل ح ب: الفصل الثالث س، م
(2) من ذلك بحسب: سقطت من م
(3) خطابية: سقطت من ب
(4) فى: سقطت من م
(5) وما يحسن كتابة: أو كتابة د
(6) ذا: ذو د، س: ذوا م
(7) منها: منهما سا
(8) مشوقا: متشوقا هـ
(9) الذى انما: انما سا
(10) به: هذا سا
(11) كل من: كلمن م
(12) مصراعى: مصاريع م، س، هـ
(13) الفقه: المقه؟؟؟ م: فقه س: لفقه ب، سا
(14) يتم: يميز سا
(15) تحسن: تستحسن د: تتحن هـ:؟؟؟ سحر س: سخن سا
(16) بالنبرات: بالنيرات
(17) للكلام: الكلام م
(18) لفظ أو حرف: حرف أو لفظ س(1/431)
بحدود حادة يقف عندها الذهن، ويجعله سهل الحفظ، لكونه ذا عدد، إنما (1)
يسهل لمثله (2) حفظ الموزون. وبالجملة (3): فإن المسجع والمعطف والموزون أقرب إلى أن يثبت فى الذكر من غيره من الكلام. ويجب (4) أن يكون طول (5) الأسجاع بقدر (6)
لا يبعد له ما بين الأطراف بعدا ينمحى (7) معه تخيل السجع الأول. وأيضا فلا ينبغى أن يكون سريع الانقطاع قصيرا (8) جدا. وينبغى أن يكون التوصيل (9) بين المصاريع غير متباين (10)، ولا مفترقا (11) فلا يتناسب. والموصل هو الكلام الذى له مصاريع يتنفس فيما بينها (12)، كما عند أسجاع (13) المعاطف، فهو كلام فيه تفاصيل بالفعل. وأما الذى لا تفصيل فيه، فهو المصراع الواحد، مثل المصراع الأخير (14). ويجب أن تكون مصاريع الأسجاع والاتصالات معتدلة فى القصر والطول. فإن القصير يسهى (15) الإنسان لما يعرض من قصر مدة مطابقة الذهن إياه. فإن النهر والمعبر، إذا قصر جدا، لم يحتفل (16) به (17)، ولم يستعد للطفر عليه، ولم يكن به اعتداد (18) البتة. وأما الطويل فإنه يمل (19) وينسى (20) أوله آخره ويعدل فيه عن الواجب، مثل المعبر إلى الساحل إذا كان طويلا جدا لم يحسن (21) أن يطفر عليه طفرا فإن فعل، لم يبعد أن يغرق فى وسطه. ومثل الطريق إذا طال، فإن المترافقين (22) يتركون سالكهم (23) فى ذلك الطريق، ويحيدون عن مرافقته (24). فالطويل مملول (25)، والقصير مستحقر، ولا تكون له استدارة، أى اعتدال بأجزاء (26) يعود (27)
__________
(1) انما: ود
(2) لمثله: لمثل د
(3) وبالجملة: سقطت من ن، دا
(4) ويجب: وينبغى س
(5) طول: سقطت من د
(6) الاسجاع بقدر قول الناس (ص 232سطر 3): فقدت من س
(7) ينمحى: يمحى د
(8) قصيرا: سريعا د
(9) التوصيل: التوصل م
(10) متباين: متباينه د
(11) مفترقا: مفترقه د: متفارق هـ: متفرقا سا
(12) بينها: بينهما م، ن
(13) اسجاع: السجاع م
(14) الأخير: الاخر هـ
(15) يسهى: يسمى ب: يشهى سا
(16) يحتفل: يحفل م
(17) به: له د، هـ
(18) اعتداد: اعتداد د
(19) يمل: يميل م
(20) ينسى: ينسا د
(21) لم يحسن: سقطت من سا
(22) المترافقين: المرافقين د، دا
(23) سالكهم: سالكتهم م، سا: مسالكتهم ب
(24) مرافقته: موافقته د
(25) مملول: مملوك به سا
(26) باجزاء: تاخرا د: باجزائه دا
(27) يعود: ويعود ن، دا(1/432)
بعضها على بعض. والكلام الموصول فربما كان اتصاله أقساما، ويسمى المقسم (1)، كقولهم: إنى تعجبت من فلان الذى قال كذا وكذا، ومن فلان (2)
الذى عمل كذا (3) (4). فهؤلاء (5) أقسام المتعجب منهم. وربما كانت الأقسام إلى التقابل، كقولهم: منهم من اشتاق إلى الثروة، ومنهم من اشتاق إلى اللهو وكقولهم (6): أما العقلاء فأخفقوا، وأما الحمقى (7) فأنجحوا. والمتقابلات (8) إذا (9)
توافقت، أحدثت رونقا، لظهور بعضها ببعض. فالموصلات (10): بعضها (11) مقسمات (12)
وبعضها (13) متقابلات (14) وبعضها مدافعات وهو أن تختلف أقسامها فى الطول والقصر بعد أن يكون (15) بينها نظام ما (16) وبعضها مصارعات وهى التى لها أطراف متشابهة (17) أو مبادئ (18) متشابهة وهى المسجعات بسجع واحد (19) بأن يكون المقطع الآخر (20) فيها (21)
واحدا أو تكون فيها كلمة واحدة مكررة فى آخر كل مصراع أو أوله (22). واعلم أن العبارة المفهمة لذيذة بما يفهم، والإغراب مستكره (23) لما لا (24) يفهم.
ومن التغييرات الاستعارية اللذيذة أن ينسب الأمر إلى صفة الفاعل، دون الفاعل، وخصوصا إذا كانت تلك الصفة توجب الأمر، مثل أن لا يقال:
المشايخ يفعلون الخيرات، بل يقول (25): إن (26) الشيخوخة تفعل الخيرات. وهذه الصفة عامة كالجنس.
__________
(1) المقسم: المنقسم د
(2) (ومن) فلان: قال م
(3) ومن فلان عمل كذا: سقطت من د
(4) كذا: وكذا هـ
(5) فهؤلاء: وهولاء هـ
(6) وكقولهم: كقولهم م، ن، دا
(7) الحمقى: الحمقا م، ن، دا
(8) والمتقابلات: والمفابلات ب: التى ب، م، ن، هـ (كتبت فوق السطر)، دا
(9) إذا: سقطت من ن، دا
(10) فالموصلات: فالموصولات ب
(11) بعضها: بعضه سا
(12) مقسمات: منقسمات ب، د
(13) بعضها: بعضه سا
(14) متقابلات: مقابلات م، هـ
(15) يكون: يكون د
(16) ما: سقطت من ن، دا
(17) متشابهة: متشابهات د
(18) أو مبادئ: او مباد ن، هـ، سا، دا: ومبادى ب، م: ومباد د
(19) بسجع واحد: تسجيعا واحدا هـ: يسجع واحدا ب
(20) الاخر: الاخير ب، د
(21) فيها: منها د
(22) أو أوله: وأوله ب، د، سا
(23) مستكره: مستنكر م، هـ، سا: مستنكره ن، دا
(24) لا: سقطت من م
(25) يقول: يقال د: يقولون م
(26) إن: سقطت من د(1/433)
ويجب أن تستعمل الاستعارات غير (1) كثيرة التداخل، وهو أن تدخل استعارة (2)
فى استعارة. وكذلك الإغرابات فإنه ينبغى (3) أن لا يمعن فيها. فإن الإمعان فى الصنعة نقيصة (4)، كما أن الإمعان فى السخيف (5) من العبارة والسفساف (6) منها (7) يكون مسترذلا، وذلك هو الذى يفهمه كل إنسان من ساعته. وكذلك (8) الذى يصعب فهمه أيضا مسترذل. بل يجب أن تكون العبارة بحيث يفهمها (9) الأماثل، دون سقاط الجمهور، ويفهمونه متى أصاخوا إليه إصاخة (10) متأمل، ولم يحوجوا (11) إلى نظر وفحص (13). فإن هذا أيضا يكون غير قليل. وإن المعتدل، وخصوصا إذا شحن (12)
بالمطابقات المأخوذة من المتقابلات، لذيذ جدا (14). وكذلك إذا وقعت فيها استعارات لطيفة، ليست شديدة البعد. وكل ذلك (15) ينبغى أن يكون بتأمل ونظر واختيار (16)
للأوفق. وأن يكون التغيير (17) كأنه يجعل الشئ قائما نصب العين. ومدار جميع ذلك على ثلثة أشياء: التغييرات، ومطابقات المتقابلات (18)، والأفعال.
أما التغييرات (19) فأنجح ضروبها ما كان المستعار منه يعادل المستعار له ويحاكيه محاكاة تامة، ولا يكون فيه شئ يظهر مخالفته للمقصود، ومحاكاته من الجهة المقصودة. والتغييرات (20) أربعة: تشبيه (21) واستعارة من الضد، كقولهم جونة للشمس، وأبو البيضاء للأسود واستعارة من الشبيه، كقولهم للملك ربان البلد واستعارة من الاسم وحده، كقولهم للشعرى هذا النباح (22) فى السماء، وكقولهم (23) للحمل ذلك (24) الناطح فى السماء.
__________
(1) غير: عن م
(2) استعارة: الاستعارة م
(3) فانه ينبغى: فينبغى د
(4) نقيصة: بغيضه ب، م، هـ، سا
(5) السخيف: السخيفه سا
(6) السفساف: الشقاق سا
(7) منها: ما م
(8) وكذلك: ولذلك ن، دا: وكما أن د، هـ
(9) يفهمها: فهمه؟؟؟ سا
(10) اصاخة: اخاصيه د: صاخة م
(11) يحوجوا: يخرجوا ب
(12) شحن: سخن سا
(13) فحص: يخص د: محص ن
(14) جدا: سقطت من م
(15) وكل ذلك: وكل ذ د
(16) واختيار: واختيارا م
(17) التغيير: التغير د
(18) المتقابلات: المقابلات د
(19) التغييرات: التغييرات م
(20) والتغييرات: والتغيرات د
(21) تشبيه: شبيه سا
(22) النباح: الاح؟؟؟ م
(23) كقولهم: سقطت من هـ
(24) ذلك: ذاك هـ(1/434)
وأما (1) المتقابلات: فبعضها أضداد، وبعضها كأضداد (2). والمتضايفات (3)
فى تلك الجملة. والصيغة (4) المتقابلة تجعل الشئ كالمحسوس المشاهد.
وأما الأفعال (5) فهو أن يشرح الشئ المنصوب بحذاء العين ببسط أفعاله (6)، وتقام (7)
أفعاله مقامه (8). وقد تتركب الاستعارة مع شرح الفعل وتحسن، كما يقال للرجل الصالح: إنه مربع الجوانب، أى معتدل. فهذا (10) استعارة، وبسط لفعله.
ومن أنواع الإستعارة (9) اللفظية: أن تجعل أفعال الأشياء الغير المتنفسة كأفعال ذوات الأنفس، كمن يقول: إن الغضب لجوج (11)، وإن الشهوة ملحفة (12)، والغم غريم سوء. وأحسنه ما لا يبعد، ويكون قريبا مشاكلا، ولا يكون أيضا شديد الظهور. فإن المشابهة القريبة (13) ليس ينتفع بها فى التغيير (14) فقط، بل وفى العلوم على ما قد (15) علمت. وكثير من الألفاظ الاستعارية النادرة المستطرفة خطابا يقبح أن يستعمل فى الكتابة. ومن ذلك الإفراطات فى الأقاويل، كقولهم: أجمع أهل الدنيا وكقولهم: أنت وذاك (16). ومن (17) التغييرات الحسنة أن يتحدث عن أمر، بحيث (18) ظاهره لا يكون (19) حجة على القائل، ويعتقد فى الضمير أنه إنما يعنى (20)
به معنى ما بلا شك فيه من غير أن يكون أقرّ به. ومن ذلك عكسه: وهو أن يقول (21) القائل بقوله (22) على ظاهره، وكأنه يقر بأن غرضه ذلك المعنى، لكن الأحوال تدل على (23) ما (24) أريد به ظاهره. وربما كان السبب فيه اتفاق الاسم،
__________
(1) واما: فأما د
(2) كأضداد: كالاضداد هـ: المتضايفات سا
(3) والمتضايفات: والمضايفات د
(4) الصيغة ب، هـ، سا: الصنعة م، ن: الصعه؟؟؟ د
(5) الأفعال: الانفعال ن، د
(6) افعاله: افعال د
(7) تقام: تقاوم د
(8) مقامه: مقاومه د
(9) مع شرح الاستعارة: سقطت من م
(10) فهذا: فهذه ن، هـ، دا
(11) لجوج: محوج هـ، دا
(12) ملحفة: ملحقة م: ملحة د: ملحمه (كتبت فوق ملحفة فى هـ)
(13) القريبة: لقربته م
(14) التغيير: التغير د
(15) قد: سقطت من د، هـ
(16) ذاك: ذلك د، م، هـ
(17) ومن: من هـ
(18) بحيث: بحسب م: بحديث د
(19) لا يكون: ولا يكون ن، دا، هـ (ثم كتب فوق الواو ز فى هـ)
(20) يعنى:؟؟؟ عنى د: عنى هـ
(21) يقول: يقال م
(22) بقوله: لقوله هـ
(23) على: ان نج
(24) ما: سقطت من سا(1/435)
بل أكثر ذلك باتفاق الاسم. ومن الملح فى ذلك (1) أن ينقض الشئ نفسه ويروج، كقول القائل: الأحسن بنا أن نموت قبل أن نفعل ما نستحق به الموت. فإن قوله الأحسن بنا أن نموت هو نفس الدلالة على استحقاق الموت، فكأنه قال:
نحن نستحق الموت، قبل أن نستحق الموت. وأمثال هذه الأشياء تتروج إذا كانت موجزة مبينة (2) فإن بسطت، سمجت. ويحب أن تكون المقابلة (3) فيها لطيفة، غير مصرح بها تصريحا. ويجب أن يكون لمثل هذا القول (4) وجه يصدق به دون وجه المجاز الذى ليس (5) هو صدق به (6)، أى وجه (7) مجازيته (8). فإن هذا (9) القول الذى يمثل (10) به له (11) وجه يصدق معه ولكن (12) إذا صرح بذلك الوجه وبذلك الشرط، لم تكن له روعة، كما لو قيل: ينبغى أن نموت قبل أن نستحق الموت القبيح (13) بالخطيئة.
وليس (14) الاستعارات كلها فى الأفعال والأوصاف، بل قد تكون فى المسميات، وتقع، إذا أحسن فيها، الموقع اللطيف، كمن قال بدل الترس «صفحة المريخ».
وهذا على سبيل (15) التركيب. وأما على الإطلاق، فإذا سمى الترس صفحة، أو سمى القوس صنجا (16)، لم يكن له موقع من القول (17). وربما لطف موقع ما يجتمع فيه (18)
الأمران من الاستعارة للاسم والاستعارة للصفة والفعل، كما قيل: إن فلانا (19) يشبه قردا يزمر. وقد يخطئ الشعراء فى التشبيه، إذا أبعدوا وقبحوا، كقول (20) القائل:
إن ساقيه (21) ملتفتان كالكرفس. فإن التشبيه (22) من جملة التغيير كأن التغيير (23) (24) منه استعارة بسيطة، ومنه تشبيه (25) بسيط، ومنه مثل يضرب.
__________
(1) فى ذلك: ومن ذلك د
(2) مبينة دا: مبنه ب: مثلثة م، سا: مله؟؟؟ د: متينة هـ: مسه ن
(3) المقابلة: المتقابلة د
(4) القول: الذى يمثل به م، هـ
(5) ليس: سقطت من م
(6) صدق به: ضدا فانه د
(7) وجه: بوجه م
(8) مجازيته: لمحاربته د: مجازيه ن، دا
(9) هذا: لهذا هـ
(10) يمثل: يميل سا
(11) له: سقطت من هـ
(12) لكن: لذلك ب
(13) القبيح: قبيح م
(14) وليس: وليست د، هـ
(15) سبيل: سقطت من م، ن، دا، سا
(16) صنجا: صحاب: صفحا د: قحا؟؟؟ هـ
(17) القول: القبول م، سا
(18) فيه: من م
(19) فلانا: فلان م
(20) كقول: لقول م
(21) ساقيه: ساقه م
(22) فان التشبيه: سقطت من ن
(23) كان التغيير: سقطت من د
(24) كأن الثغيير الخطباء (ص 233س 7): تعذر تصويرها فى سا
(25) تشبيه: يشبه م(1/436)
والإغرابات (1) الواقعة بكثرة التركيب هى تغييرات بحسب القول، لا بحسب اللفظة (2) المفردة. ومن إفراطات الأشياء التى تقال للتعظيم مع العلم بكذب دعوى (3)
من يدعيها، أو وصف من يصفها، قول الناس: لو أعطيت مثل هذا الزمل (4) ذهبا ما رغبت فى نكاحها وكما (5) قال بعضهم: إن الزهرة لا تشبّه بهذه، أى أنها (6)
أحسن من الزهرة. فهذه ليست أمثالا، ولا تشبيهات، ولا استعارات.
فإنه ليس يعنى بهذا معنى، ويعبر عنه بغير لفظه. بل هى أكاذيب ظاهرة.
وهذا (7) الصنف قريب من الموافق (8) فى الخطابة. وأقبح من ذلك (9) ما كان فى المكتوبات. فإن هذه (10) إفراطات قد تقال قولا يتصرم تصرما. وأما فى الرسائل المكتوبة فأمثالها (11) تقبح، لأنها تخلد. والمخلد (12) يقبح فيه ما يدل على النزق (13) وعلى المجازفة بالقول. وليس أيضا حال الخطبة المشورية والمدحية التى يخطب بها على رأس الملأ، ويراد (14) فيها التفخيم والتنويه لما يقال، وحال المشورة التى يحكم بها واحد عند واحد، بمنزلة واحدة. فإن الخطبة تحتمل من الإفراطات ما يقبح أن يخاطب به الواحد على سبيل المشاورة. وعلى كل حال، فإنه يلزمنا (15) أن نعرف الوجه الأجود فى المخاطبة، والوجه الأجود فى الكتابة، وما يليق بكل واحد (16) منهما (17)، حتى إذا ثبتنا (18) وناظرنا، استعملنا الأول وإذا (19) احتجنا أن نجيب (20) الرسائل (21)، استعملنا الوجه الثانى، ولم نضطر إلى السكوت (22) اضطرار من لا يكتب.
__________
(1) والإغرابات: فى الاغرابات ب
(2) اللفظة: اللفظ م، هـ
(3) دعوى: من دعوى د: سقطت من ب، ن، دا
(4) الزمل: الرسل ن، دا
(5) كما: سقطت من ب
(6) انها: حسنها ب
(7) هذا: هذه م
(8) قريب من الموافق: قبيحا د
(9) من ذلك: منه د
(10) هذه: هذا م
(11) فامثالها: وأمثالها د
(12) والمخلد: فى المخلد م
(13) النزق: السرف د
(14) ويراد: و؟؟؟ راد س
(15) يلزمنا: الى م
(16) واحد: سقطت من ن
(17) منهما: منها م، ن، دا
(18) ثبتنا: سسا د
(19) واذا: فاذا م، ن، دا
(20) أن نجيب:؟؟؟ حست د
(21) الرسائل: السائل ب، د، ن، دا: كتب أولا الرسائل ثم كتب تحتها السائل فى هـ
(22) السكوت: السكون س، م(1/437)
واعلم أن اللفظ المكتوب ينبغى أن يكون أشد تحقيقا واستقصاء فى الدلالة، واللفظ المخاطب به يكون أشد اختلاطا بأخذ الوجه والنفاق المذكورين، سواء كان خلقيا (1) أو انفعاليا (2). والمنافقون، الآخذون بالوجوه، شديد والحرص على قراءة الكتب النافعة فى أخذ الوجوه، والكتاب على قراءة الكتب النافعة (3) فى تجويد اللفظ.
والشعراء (4) أيضا كذلك (5). وما (6) يسمع، ولا يقرأ، ينسى (7)، فلا (8) يتصدى لنقد (9) الفكر، ولا (10) يلزم من تصحيحه ما يلزم من تصحيح المكتوب. ولهذا ما كان كثير من الكتاب المهرة لا يجيدون الإقناع بالمخاطبة وكثير من الخطباء المقنعين المفلقين (11) لا يحسنون أن (12) يعملوا (13) بأيديهم (14) إقناعا. والسبب فى ذلك أن المنافقة شديدة (15) الموافقة فى المنازعات (16)
والمفاوضات. وتشبهها أحوال أخرى (17) مثل إهمال الرباطات باختصار أو تكرير القول الواحد استظهارا. وليس شئ من هذا بملائم (18) للكتابة (19). واختلاط أخذ (20)
الوجوه بالتغييرات شديد المعونة فى الإقناع، لأنهما يتفقان جميعا على تضليل الذهن. ويكون ترك النفاق كالأخذ بفضل القوة. واستعمال النفاق كالأخذ بالتلطف (21) والالتماس (22). وكذلك إذا استعملت الألفاظ مجردة عن الرباطات (23)، فقال (24) مثلا: وافيت (25) (بالوقف (26))، طلبت (بالوقف (27))، ولم يدل باللفظ (28) على المقصود،
__________
(1) خلقيا: خلقنا م: حقيقيا ن، دا
(2) أو انفعاليا: وانفعاليا ن، دا
(3) فى أخذ الوجوه النافعة: سقطت من د
(4) والشعراء: والشعر م، ن: دا: أو الشعراء س
(5) كذلك: لذلك ن، دا
(6) وما: ولا س
(7) ينسى: ينسا م، ن، دا
(8) فلا: ولا ب، م، ن، دا
(9) لنقد: لبعد هـ: ليفسد د
(10) ولا: فلا د، س، هـ
(11) المفلقين: المقلقين م: سقطت من د
(12) أن: سقطت من ب، ن، دا
(13) يعملوا: يعلموا ب، د: يعملون ن، دا
(14) يعملوا بأيديهم: يعملوا فائدتهم ب، د، هامش هـ، سا
(15) شديدة: شديد س
(16) المنازعات: المنازعة س
(17) أخرى: سقطت من سا
(18) بملائم: ملائم ب: يلائم هـ
(19) للكتابة: الكتابة د
(20) أخذ: أحد سا
(21) بالتلطف: بالتلطيف م
(22) الالتماس: الاستعمال سا
(23) الرباطات: الرباط س
(24) فقال: فيقال س
(25) وافيت: واتيت س، م
(26) بالوقف: سقطت من ب، د، سا
(27) طلبت بالوقف: سقطت من ن: طلبت بالوقت د
(28) باللفظ: على اللفظ سا(1/438)
بل بالإشارة، والهيئة، والنغمة. والتثقيل المرتل والتعجيل الحدر من هذه الأبواب. واعلم أن (1) الاختصار فى ترك الرباطات هو اختصار لفظى، وليس اختصارا معنويا. فإن الرباط يجعل الكلام الكثير كالواحد، وتركه يجعل الكلام مفرقا (2)، مكثرا، فيوهم معانى كثيرة، كمن لا يقول: وافيت ولقيت وطلبت، بل يقول: وافيت (3)، لقيت، طلبت، فإن هذا يوهم كأنه عمل أمرا كثيرا.
وقد يحسن فى الخطبة تصدير يفهم (4) الغرض الذى يصار إليه، وخصوصا فى المشورية. فإن الخطب على رءوس الملأ تكون فى الأكثر مشورية، وقد تكون منافرية. وقد علم ذلك خطباء العرب، مثل خطبهم فى الفتوح التى يبتدئون بها، فيقول: الحمد لله معز أوليائه، قاهر أعدائه، فيقدم (5) شيئا كالرسم قبل التصوير (6) يوقف (7) منه على الغرض. فإن الجمع (8) كلما كان أكثر، احتاج (9) إلى تفهيم أكثر، وإقناع أقل وذلك لأن (10) تصديق الأكثر والجمهور والغاغة (11) بالشئ سهل، وإنما يتعسر تصديق الخواص البحت (12)، إذا انفردوا (13) بالمباحثة. وتفهيم الأكثر صعب، إنما يسهل تفهيم الخواص البحت (14). والقول الخصومى (15) يحتاج أن يجعل قولا شديد التقريب (16) من الغرض، وأن يكون اللفظ فيه شديد المطابقة للمعنى، لا سيما حيث لا يكون كالخطبة، بل يكون بين يدى حاكم واحد ومجلس (17) خاص (18)، وذلك لأن تكلف الخصومة فى مثل هذا الموضع يكون أيسر منه على رأس الملأ المزدحم (19). فإن مثل (20) هذا الموضع (21) يحتاج إلى عمل واحد من الخطابة، وهو حسن
__________
(1) ان: ترك س
(2) مفرقا: مفترقا س، م، هـ
(3) وافيت: سقطت من م
(4) تصدير يفهم: تصديقهم ب
(5) فيقدم: هذا د
(6) التصوير: التصور د
(7) يوقف: ويوقف سا
(8) الجمع: الجميع ب، م
(9) احتاج: احساح س
(10) لأن: ان ب
(11) والغاغة: الغاغة ب، د، م: العاه؟؟؟ سا
(12) البحت: الحث س: النخب م: النجب سا
(13) انفردوا: فردوا سا
(14) البحت: البحث س: النخب م: النحب سا
(15) الخصومى: الخصوصى د
(16) شديد (التقريب): شديدا م، سا
(17) مجلس: بمجلس س
(18) خاص: الخاص ب، م
(19) المزدحم: ازدحم م
(20) مثل: امثال م، ن، دا
(21) هذا الموضع: هذه المواضع ب، م، ن، دا، سا(1/439)
العبارة، ولا يحتاج إلى كثرة الاستعارات (1) والتشبيهات والتهويلات (2) كما تحتاج إليها (3) الخطبة التى على المنابر، وعند المحافل، بل (4) الاشتغال فى (5) المشاجرة (6) التى تكون فى مجلس خاص (7) يجب أن يكون مقصورا على إظهار الغرض الخاص (8) بالأمر (9)، وأن يظهر بالقريب (10) منه (11)، وحتى لا يكون الشاكى (12) منهما (13) أيضا قد بعد (14) عن المراد. وذلك لأن القضاء فى المجلس الخاص (15) مصرح مهذب مخلص (16)، لا يحتاج فيه إلى التكلف (17)
الذى يحتاج إليه (18) فى المحافل. فلذلك لا نجد المعتادين للخطبة على رءوس الملأ ينجحون فى مجالس الخاصة (19) إنجاحهم على المنابر، لأن النفاق والأخذ بالوجوه هناك أحسن وأروج. لأن ما يراد به مخاطبة الجمهور فقد (20) يكون شيئا (21) غير ذلك الحقيقى جدا، لأن ما يراد أن يفهمه جماعة يكون (22) بحسب الأقرب إلى فهم أرذلهم. وأما ما يخاطب به الخواص، فهو شئ آخر. فإذ (23) كان المراد بالخطاب العامى هو التكثير، ليس التحقيق، فالنفاق (24) أنفع فيه (25) من الاستقصاء. وأما اللفظ المرئى، أى المكتوب الذى ليس بمسموع، فمنه الرسائل ولا يحتاج فيها إلا (26) إلى (27)
القراءة ومنها (28) السجلات التى يخلدها (29) القضاة والخطباء، ولا يطلب فيها غاية التعظيم والتفخيم (30) للكلام، فإنه مبغوض (31)، بل أن يكون جزءا من الكلام مهذبا.
وإذا (32) اشتمل على التحميد (33) والعظة (34)، فينبغى أن تكون العبارة عنه على ما بينا فيما
__________
(1) الاستعارات: العبارات س
(2) التهويلات: التمهيلات س
(3) اليها: فى د
(4) بل: ود
(5) فى سقطت من ن، دا
(6) المشاجرة: المشاجر د
(7) خاص: خاصى د
(8) الخاص: الخاصى س
(9) بالأمر: احرى م، هـ
(10) بالقريب: بالتقريب س
(11) منه: اولى م، هـ
(12) الشاكى: الساكن د
(13) منهما: منها ب، ن، هـ
(14) قد بعد: قد؟؟؟ فد؟؟؟ سا
(15) الخاص: الخاصى سا
(16) مخلص: ملحص س: سقطت من ب، م
(17) التكلف: التكلفات هـ: الكلف س
(18) إليه: اليها س، هـ
(19) مجالس الخاصة: المجالس الخاصة هـ: مجلس الخاص د
(20) فقد: وقد سا
(21) شيئا سقطت من سا
(22) يكون: ويكون سا
(23) فاذ: فاذا م، ن، هـ
(24) فالنفاق: والنفاق د
(25) فيه: سقطت من ب
(26) الا: سقطت من ن، هـ
(27) الى: سقطت من م
(28) ومنها: ومنه د، هـ
(29) يخلدها: بجلوها م
(30) التعظيم والتفخيم: التفخيم والتعظيم س
(31) مبغوض: س: منقوص دا
(32) وإذا: فاذا هـ
(33) التحميد: التعظيم سا: التهذيب هـ (ثم كتب فوقها التحميد)
(34) العظة: العظمة س، ن، هـ(1/440)
سلف. ويجب أن يكون أشد (1) الكلام تقويما. لأن السجل أشرف من الرسالة وأبقى، وأشد احتياجا إلى الغرض. فينبغى أن تكون ألفاظه ألفاظا مشهورة، غير غريبة، ليس من المشهورات السفسافية (2). ولا ينبغى أن تكون فيها إضمارات كثيرة، فإنها تردها إلى الغربة (3) عن الشهرة، والاختصار يفقدها الغرض فى أمثالها.
ولا بد من (4) أن تخلط بها أيضا أشياء لطيفة من (5) التغييرات (6) المعتادة، وقليل من الغريبة، وشئ من الوزن الخطابى على الجهات المقنعة المذكورة (7).
فصل (8) [الفصل الرابع] فى أجزاء (9) القول الخطابى وترتيبها وخاصيتها (10) فى كل باب من الأبواب الثلثة (11) وما (12) يفعله المجيب فيها
ويجب أن نعرف الآن حال النظم والترتيب (13)، فنقول:
إن الخطابة تتعلق بأمرين: الشئ الذى فيه الكلام، والحجة التى تبين (14) ذلك الشئ. وبالجملة: فيه (15) دعوى، وحجة. وللأقاويل (16) الخطابية صدر، واقتصاص (17)، وخاتمة. والصدر هو كالرسم للغرض الذمى ينحى (18) نحوه من الأمر. والاقتصاص كالرسم للتصديق، كأنه (19) ذكر ما كان، وما يقتضيه كونه بالإجمال. والتصديق
__________
(1) أشد: أسهل م: ابتداء د، ن
(2) السفسافية: الفسافه؟؟؟ س
(3) الغربة: الغربة د
(4) بد من: يكون م
(5) من: سقطت من د، ن
(6) التغييرات: التغيرات د، م
(7) المذكورة: والله أعلم هـ
(8) فصل: فصل د؟؟؟ ب: الفصل الرابع س، م
(9) أجزاء: احوال دا
(10) خاصيتها: حاجتها دا
(11) الثلثة: الثلاثه س
(12) وما: واما دا
(13) الترتيب: التعريف سا
(14) تبين:؟؟؟ تبين ب، سا
(15) فيه: سقطت من ب، س، سا
(16) وللأقاويل: والأقاويل د، سا
(17) واقتصاص: كالرمم د
(18) ينحى:؟؟؟ د، س
(19) كأنه: وكأنه م(1/441)
هو الإحكام. والخاتمة (1) هو جمع (2) ما ثبت (3) وتذكيره (4) دفعة واحدة على سبيل التوديع للقول. والاقتصاص لا (5) يحتاج إليه فى المشورة، لأن الاقتصاص اقتصاص لأمر واقع، فينسب إلى أنه حسن، أو قبيح، كما فى المنافرة وإما عدل وجور، كما فى المشاجرة. وأما المشورة فليس فيها ما يحكى فيشكى (6)، أو يحمد ويذم، وليس (7) فيها منازعة ومواثبة (8)، بل دلاله على مصلحة قابلة (9). وإذا تغيرت عن هذه الصورة، عادت شكاية. لكن الصدر يحسن جدا فى المشوريات، ليكون الإنسان قد (10) وعى (11) الغرض فيه جملة ما، ثم لا يزال يستبرئ (12) حاله بالمقايسة (13)
بين الحجج (14) الموردة من المشاجرين فى أمره. وكذلك الخاتمة (15) كقوله (16): قد (17) قلت ما عندى من المصلحة، والآن فالرأى رأيكم. وبعض الشكايات لا يطول بالاقتصاص، وذلك (18) إذا (19) أريد أن يوجز (20) الكلام (21). ثم الصدر والاقتصاص والخاتمة هى أقاويل يتلقى بها (22) السامعون، دون الخصم. وإنما يتلقى (23) الخصوم بالتصديقات.
والتصديقات تكرر وتطول للتذكير والتفهيم، لا لأن التكرير جزء من الخطبة. ونسبة الصدر إلى الكلام كله نسبة التنحنح (24) إلى الأذان (25)، والترنم الزمرى قبل افتتاح (26)
الزمر إلى الزمر (27). وكذلك من أراد من المتعلمين للكتابة أن يجيد (28) صورة ما يكتبه، فإنه يرسم بالنقط أولا ثم يوسع الحروف. ويحسن (29) الصدر فى المدح والذم (30)،
__________
(1) والخاتمة: الخاتمة سا
(2) جمع: جميع د، ن، دا
(3) ما ثبت: فتانيث ب: نانيث؟؟؟ سا: ما يثبت م
(4) تذكيره: تذكره ن، هـ: تذكير ب، م
(5) لا: ولا ن، دا
(6) فيشكى: فيشكا د
(7) وليس: ليس س
(8) ومواثبة: مواثبة س
(9) قابلة: قليلة ن، دا: قايلة م
(10) قد: وقد م
(11) وعى: وعا د
(12) يستبرى: ستبرا؟؟؟ د: سنرى سا
(13) بالمقايسة: بالمقاييس د
(14) بين الحجج: من الحجج د: بالحجج س
(15) وكذلك الخاتمة فيحتاج (ص 240سطر 3): نقدت من س
(16) كقوله: كقولك د: فى قوله سا
(17) قد: وقد م
(18) وذلك: ولك د
(19) إذا: واذا د
(20) يوجز: يوجب د: يوخر م، هـ، سا
(21) الكلام: بالكلام م
(22) يتلقى بها: يكتفى بها د: يتلقاها ن، دا
(23) يتلقى: يكتفى د
(24) نسبة التنحنح: كنسبة التنحنح ن، دا
(25) إلى الأذان: عند الاذان م
(26) قبل افتتاح: فى فاتحة د
(27) (إلى) الزمر: الزمرى م
(28) يجيد: يوجد ن: يوحه م
(29) يحسن: يوسع م: توسع هـ
(30) والذم: سقطت من ن، دا(1/442)
مثل قول القائل: بالحرى أن يتعجب الناس من فضيلة اليونانيين، ثم يفيض (1)
بعد ذلك فى عد فضائلهم وتصحيحها. وكذلك فى المشورة أن يقول: بالواجب (2)
أن يكرم أهل الفضائل، ثم يتخلص منه إلى الإنسان الذى يريد أن يذكره ويشير بإكرامه. وفى (3) الشكاية أيضا، كما يقول: الآن قد بلغ (4) السيل الزبى وكما يقول: وبعد فقد طال ما (5) قيل سمن (6) كلبك يأكلك. وتصدير الخصومة أولى بالطول. وليس الصدر مما يقدمه الخطباء فقط، بل والشعراء (7) المجيدون (8). اللهم إلا أن يكون الأمر قليل الخطر (9) فى كل باب منها، فيكون ترك (10) التصدير فيه (11)
أولى، لأن التصدير للعظائم (12) من الأمور.
وأما الحيل الخارجة عن الأمر، فوجه فائدتها هو على ما علمت. فمن ذلك ما يتعلق بالمتكلم بأن يثنى على نفسه ومنها (13) ما يراد به (15) الاستدراج (14) ومنها (16) ما يراد به تخييل الأمر نفسه (17) على الوجه المراد، وذلك مثل ما يراد به إظهار نقيصة الخصم. والضد. فأما الشاكى فيحسن أن يستعملها بديا، فيقرر فضيلته وخسيسة خصمه. وأما مجيب الشاكى، فإنما يجب عليه أن ينحو نحو صريح الجواب عن الشكاية فى أول الأمر، فإنه متوقع، ثم بعد ذلك يأتى بالحيل. والذى يهجو ويقابل المادح فينبغى أن يقدم التصديق بسرعة لتعظيم القبح (18)، فإن الترتيب بالجميل أجمل، والمغافصة بالقبيح أوقع ثم يأتى بالحيلة. وأما الشاكى فلا بد من أن يصدر أو يطول. وأما استدراج السامع فهو (19) بتقريب (20) وبسط تارة،
__________
(1) يفيض: نقبض م
(2) بالواجب: فالواجب سا
(3) وفى: فى ن، دا
(4) الآن قد بلغ: قد بلغ الآن د: قد بلغ ن، دا
(5) طال ما: طالما هـ
(6) سمن: سم م
(7) والشعراء: الشعراء ب
(8) المجيدون: والمجيدون ب
(9) الخطر: بل ب
(10) ترك: سقطت من د
(11) فيه: به د
(12) للعظائم: للعظيم د
(13) ومنها: ومنه د
(14) ومنها ما يراد به الاستدراج: سقطت من ب، سا
(15) به: سقطت من م
(16) ومنها: ومنه د، م
(17) نفسه: فى نفسه ن، هـ، دا
(18) القبح: القبيح ن، هـ
(19) فهو: سقطت من م
(20) بتقريب: بتقريب ن: يتقرب م(1/443)
وتبعيد (1) وإيحاش أخرى (2). وليكن التقرب متوسطا (3)، لئلا يحس (4) الإنسان. وكذلك (5)
باستئناس وتحبب تارة (6)، وبضد ذلك أخرى. ولتحبب إنما يخيله الظاهر بحيث يصور الخير، وتوجبه (7) القرابة (8) والمنزلة وحسن المنظر. فيجب أن يوهم كل ذلك. فإن كان التحبب لا ينفعه، ولم (9) يكن من شأنه، فالأحرى أن يقتصر على التصديق. والسامع الأحمق أطوع للاستدراج منه للتصديق. فكذلك (10) يجب أن يتلطف لمثله بالتصدير الخالب (11) للقلب، والمزين، والمعظم.
واعلم أن الافتتاح بالمخسسات (12) جدا، والغامات (13) الموحشات فى الشكايات قبيح (14)، مسقط لرونق القائل، كتصدير بعض الشاكين: إنك ستخلص (15) عن قريب (16) من بموتى. أو يقول فى المشورة: قد يكاد (17) أن تلحقنى نكبة بالقتل (18)، فحينئذ تفقدون (19)
مثلى وهذه (20) المصببة ليست (21) لى وحدى (22)، بل ولكم (23). والتصدير من الأشياء التى إنما يراد بها السامع، لذلك (24) ما صار أكثر الناس ينشطون لتطويله. وإن زيدوا، فإن النفوس من السامعين تشتاق إلى الصريح، لكن الإمعان فى التصدير وإطالته من الجبن، والضعف عن البوح (25)، والعجز عن انتصريح. مثل العبيد الذين يسئلون شيئا، فيجا وبون (26) بما يطيف (27) به، دون ما يسئل. ومدح (28) السامعين نافع للاستدراج. وأما الخطبة، إذا أعدت (29) نحو الشكاية، فليس يحتاج فيها (30) إلى
__________
(1) تبعيد: يتعبد م
(2) أخرى: الحرى د
(3) متوسطا: متوسط م
(4) يحس: يحسس سا: يحسن بقية المخطوطات
(5) وكذلك: سقطت من د
(6) تارة: وتارة م
(7) وتوجبه: ويوجبه م، هـ
(8) القرابة: والقرابة ب، م، هـ (كتب فوق الواو ن فى هـ)، سا
(9) ولم: أو لم ن، هـ
(10) فكذلك: وكذلك هـ
(11) الخالب: الجالب ب، م، هـ
(12) بالمخسسات: بالمحسنات ن، دا، هـ: بالمحسسا سا
(13) الغامات: العامات ب، م، ن: الغاضبات د: جدا هـ
(14) قبيح: قبح م
(15) ستخلص: سيتخلص د
(16) عن قريب: سقطت من سا
(17) يكاد: كاد م
(18) بالقتل: وبالقتل م: بالفعل هـ
(19) تفقدون: يفقدون م، هـ
(20) وهذه: فهذه ب
(21) ليست: ليس د
(22) وحدى: وحدها م
(23) بل ولكم: بل لى ولكم هـ: وبالكم د
(24) لذلك: ولذلك د
(25) البوح: الموج سا
(26) فيجاوبون: فيجابون فى كل المخطوطات. ولكن قارن: ارسطو، ريطوريقا، 1043 (1415ب 2422) الترجمة العربية القديمة 59ب 2220
(27) يطيف: بصيب؟؟؟ سا
(28) ومدح: مدح د: وفدح ن
(29) اعدت: عدت ب، دا
(30) فيها: بها م(1/444)
كثير من التصدير، لأن أكثر هذا يكون فى الأمر المشهور. اللهم إلا أن لا يكون السامع أو الخصم (1) عرف قدر الأمر، فيحتاج أن ينبه قدره (2) بالتصدير.
وأما مقاومة الشكاية فتارة أن يقول: لم يكن و (3) تارة أن يقول: كان، ولم يضر. وإنكار كون ما يشكى أصلا، فهو (4) على وجهين: لأنه إما أن ينكره أصلا، أو ينكر كون جميع ما قال، فيقول: ولا كل هذا. وإنكار الضرر (5)
على وجهين: إما أن ينكره (6) أصلا، أو يقول: لم يكن الضرر (7) عظيما. وأيضا من إنكاره أن يقول: لم يكن قبيحا، بل كان واجبا أو يقول: لم يكن لها (8) كبير (9)
مقدار قبح (10). ووجه آخر أن يدعى الخطأ والزلة (11). ووجه آخر أن يقول (12): إن (13) هذا كثير الشكاية بالجزاف، فقد شكانى، أو شكا فلانا، ولم يكن من ذلك شئ.
وموضع آخر (14) أن يقول: كانت نيتى جميلة (15) فيما فعلته وإن كنت آذيتك، فقد كانت فيه مصلحة لك. كالذى يحنث فى يمينه فيرى وجه التخلص أن يدعى (16)
نية (17) مضمرة تخالف الظاهر من الحلف. ونحو آخر أن يقابل (18) السيئة المشكوة بحسنات مشكورة، فإن هذا يوهن أثر الشكاية. وقد يقابل هذا، فيقال (19):
والدهاة إذا أرادوا أن يضروا، غمروا المضرور أولا بالمنافع ليؤمنوا. ويقال (20):
إن (21) أسأت فعلا، فقد أسأت (22) شكايته (23). وهذه المقابلة هجاء ما للشاكين (24)، ونسبة (25)
إياهم إلى التروير والسعاية (26). ثم يقال: إن الساعى يمدح عند المسعى إليه يسيرا، ويهجى (27) عند الناس كثيرا وإن المعتذر أكرم من الشاكى، فإن المعتذر ينحو
__________
(1) أو الخصم: والخصم ب، هـ
(2) قدره: قدرة م
(3) لم يكن و: سقطت من سا
(4) فهو: سقطت من س
(5) الضرر: الضر س
(6) ينكره: ينكرها س
(7) الضرر: الضرس
(8) لها: سقطت من ن
(9) كبير: كثير هـ، سا
(10) قبح: قبيح م، ن، دا
(11) الزلة: الذلة س
(12) أن يقول: سقطت من س
(13) إنّ: سقطت من م
(14) آخر: اخرى م
(15) نيتى جميلة: منى جهلة ن، دا: نيتى جهله م
(16) يدعى: الى م، ن، دا
(17) نية: بنية ب: فيه هـ
(18) يقابل: يقال م، س، ن، دا
(19) فيقال: سقطت من سا
(20) ويقال: أو يقال س، سا
(21) ان د: لو بقية المخطوطات
(22) نقد أسات: فأسات س
(23) شكايته: شكاية د، س
(24) للشاكين: الشاكين د
(25) ونسبة: ويشير س.
(26) السعاية: السكايه سا
(27) يهجى: يهجا س(1/445)
نحو الفضيلة (1)، ويثبت العدل والشاكى ينحو نحو المذمة، ويحاول أن يثبت الأمر الخسيس الذى هو الجور.
والاقتصاص هو ايجاز لما يراد أن يظهر (2) ويوضح بعد، ولكن لا على ذلك النسق والترتيب، بل (3) بإشارة جزئية (4). وربما كان الاقتصاص مخلوطا بشئ غير صناعى، وربما كان مخلوطا بالصناعى. ولما كان الاقتصاس كالرسم للتصديق، وكان (5) شيئا يحتاج أن يثبت فى الذهن أولا إلى أن يتمم ويرى، فيجب أن لا يراعى (6)
فيه حقوق الترتيب، فيخرج به عن الغرض فيه. وكثير من الأشياء ظاهرة، ولا تحتاج إلى اقتصاص مجمل، لأن (8) الجملة من أمره ظاهرة (7). إنما الحاجة فيه إلى إتباع التصديق بالتفصيل. فذلك هو المطلوب. مثلا (9): إذا كان يخطب (10)
فى مدح إنسان، وذلك الإنسان معروف بمدح الناس إياه، ومجهول (11) الممادح بالتفصيل (12)، فإذا وقع الاقتصاص (13) قبل التفصيل، لم يفد معرفة شئ ليس عند الناس به (14) معرفة (15) مما يجب أن يفاد بالقول حتى يعتقد ويرى (16). فإذا لم يحتج إلى ذلك، فالأولى أن يعرض عنه، ويشتغل (17) بالبيان. فمثل هذا لا يحتاج إلى اقتصاص. اللهم إلا أن يكون الحاكم غريبا، فيحتاج أن يفعل ذلك.
ويجب أن يأتى الخطيب فى المديح (18) بالتصديقات المأخوذة (19) من الأفعال والأوصاف الخاصة (20) بالممدوح، فبها (21) تعظم (22) الفضيلة. وأما الأمور الاتفاقية والخارجية (23) فيؤتى بها لتأكيد (24) التصديق، كما يقال: وبالحرى أن كان وهو ولد الفاضلين فاضلا.
__________
(1) نحو الفضيلة: الفضيلة د
(2) يظهر: راد س
(3) بل: سقطت من د
(4) جزئية: حرير؟؟؟ ية ب، ن
(5) وكان: فكان م
(6) أن لا يراعى: أن يراعى ن، دا
(7) ولا تحتاج ظاهرة: سقطث؟؟؟ من سا
(8) لأن: ولأن د
(9) مثلا: وذلك مثلا د: ومثلا ب، سا
(10) يخطب:؟؟؟ طلب سا
(11) ومجهول: مجهول س
(12) بالتفصيل: التفصيل د، سا
(13) الاقتصاص: الاختصاص س
(14) به: سقطت من سا
(15) به معرفة: معرفته ب
(16) ويرى: سقطت من س، سا
(17) يشتغل: يشغل سا
(18) فى المديح: على المديح د: بالمديح س
(19) المأخوذة: فى المديح سا
(20) الخاصة: الخاصية ب، د، س، م
(21) فيها: فيها أن م
(22) تعظم: تعظيم هـ
(23) الخارجية: الخارجة س، هـ
(24) لتأكيد: ليؤكد د(1/446)
والمشورة تشارك المدح، كما علمت. وبأدنى تغيير لفظى يصير المدح مشورة، كما إذا قلت: هو فاضل (2) لأنه يفعل كذا وكذا، كان مدحا. فإن قلت: افعل كذا وكذا، تكن فاضلا، كان مشورة (1). وأما الممادح (3) البختية فقد تقلب (4) إلى المشورة من وجه آخر، بأن يقال: لا تعتمد الجد، بل الكد فينقلب هذا فى المشورة إلى مكان المذموم، وذلك لأن المدح الحقيقى أيضا إنما هو بالأمور المكتسبة، لا الاتفاقية. ولذلك قد تنقلب المشورة (5) التى ذكرناها (6) مدحا، فيقال:
إنما يجب أن يمدح مثل فلان المدرك (7) بجده، لا (8) بكده. ولا شك فى أن القلب ربما أخرج (9) إلى (10) باب الضد (11). والأولى بالصدر والاقتصاص أن يكون معتدلا، وأن لا تخلط (12) به (13) التصديقات فيشوش (14) النظام. وإذا خلط الاقتصاص بذكر فضيلة القائل، مهد (15) للإصغاء إلى قوله التصديقى، وتكون تلك الفضيلة التى يذكرها من النحو الذى يلتذ به الحاكم.
وأما المجيب فلا يحتاج (16) فى المشاجرة (17) إلى اقتصاص كثير، وخصوصا إذا أنكر الأمر أصلا، أو أنكر الضرر (18). وجميل به أن يورد حججا (19) فى تصحيح إنكاره بردها (20)
على الشاكى أو فى (21) إلزامه (22) الصفح. ويجب أن يكون الاقتصاص وخصوصا من المعتذر (23) لطيفا مقبولا، فيه كلام خلقى يدل (24) على الخير ويدعو إليه، فيفيد المتكلم سمتا ومحلا وهيئة محمودة، وذلك يوهم أنه لا يختار إلا (25) الخير. فان الكلام الخلقى يتعلق بالاختيار. ولذلك (26) ليس فى التعاليم قول خلقى يتعلق بجميل أو قبيح، أو نافع
__________
(1) كما إذا مشورة: سقطت من سا
(2) هو فاضل: فاضل هو ب
(3) الممادح: للمادح سا
(4) تقلب: نقلت س، م، سا
(5) المشورة: هذه المشورة د
(6) ذكرناها: ذكرنا س
(7) المدرك: يدرك م
(8) لا: ولا سا
(9) اخرج: يخرج هـ
(10) إلى: من س
(11) الضد: الصدر س، م، هـ (ثم وضع ن فوق الراء فى هـ)، سا
(12) تخلط: تختلط س، ن، دا
(13) به: بها م
(14) فيشوش: ويشوش د
(15) مهد: فهذا هـ
(16) يحتاج: فى قوله م
(17) فلا يحتاج فى المشاجرة: فى المشاجرة فلا يحتاج س
(18) الضرر: للضرر م: بالضرر س
(19) حججا: على الشاكى د
(20) بردها: يردها م: ويردها س
(21) فى: سقطت من م
(22) الزامه: اكرامه س
(23) المعتذر: المعتدل م
(24) يدل: فيه سا
(25) إلا: الى س
(26) ولذلك: وكذلك م(1/447)
أو ضار. اللهم إلا عند بعض أصحاب سقراط. وقد تستعمل الأقاويل الخلقية (1)
دلائل على خلق الخصم. مثلا إذا قيل: إنه يتكلم ويمشى معا، فيدل ذلك على أنه نزق، عجول، وأنه لا يتكلم عن روية، بل (2) يعتمد المجازفة. لأن الأحوال الخلقية تستند (3) إلى هيئات الاختيار. وإذا لم يقع بذلك تصديق، دل عليه بعلامة وعلة ومثال مما (4) فعله (5). وأيضا فقد يجب على المجيب أن يرذل الأخذ بالوجوه، بأن يقول: هذه حيلة وهذا تباكى (6) الطرارين (7).
والاقتصاص لا يدخل فى المشورة، كما قلنا (8) مرارا، إلا بالعرض (9)، حين يعزم (10) على ذكر أمر كان، واقتصاصه، والاحتجاج على حاله (11)، وما يلزمه (12) من الخير أو الشر (13)، ثم ينتقل عنه إلى المشورة. وكذلك (14) إذا ابتدأ بضرب مثل أو بمدح (15)، ثم انتقل إلى المشورة، فيحتاج (16) أن يصحح ما يقتصه (17)، إن كان مكذبا (18) وخصوصا الشاكى، إذا كان خصمه (19) ينكر أصل الفعل. وأما (20) إذا سلم، ثم (21) جحد أنه ضر بما فعله، أو ادعى أنه عدل فيه، وأنه كان السبب فيه خصمه، وأنه ابتدأه (22) به، فقد ضيق على نفسه الاحتجاج وخصوصا فى الأخير (23) من الوجهين: وذلك حين يقر بالفعل وبالضرر، ويدعى الاستحقاق (25). فإنه يجعل المسئ (26) هو الشاكى، فيحتاج أن يبين أمورا (24). وأما (27) إذا جحد الأصل، فقد ضيق الأمر على شاكيه.
__________
(1) الأقاويل الخلقية: الاشارات الخليقة د
(2) بل: سقطت من م
(3) تستند: مستند س
(4) مما: فيما د: بما ب
(5) فعله: يفعله ب
(6) تباكى: يناتى هـ
(7) الطرارين: الطارين د
(8) قلنا: قلناه م، ن، سا
(9) بالعرض: بالعوض م
(10) يعزم: يعرض ن، دا
(11) على حاله: عن حاله س
(12) يلزمه: يلزم ب، د، م، سا
(13) أو الشر: والشر د
(14) وكذلك: ولذلك ن، دا
(15) بمدح: مدح س
(16) فيحتاج: الى م، ن، دا
(17) يقتصه: يقتضيه م:؟؟؟ س
(18) مكذبا: منكرا ب، ن، دا: منكرا كتبت تحت مكذبا فى هـ
(19) خصمه: سقطت من س
(20) وأما: أما س
(21) ثم: به س
(22) ابتدأه: ابتدأ د: ابتدوه؟؟؟ هـ
(23) الأخير: الاخر سا
(24) الاحتجاج وخصوصا امورا: سقطت من ن
(25) الاستحقاق: الاستخفاف سا
(26) المسئ: المشكى ب، سا: المشتكى م
(27) وأما: سقطت من ن(1/448)
والمماراة فى المشورة هى: إما فى أن الأمر لا يكون ولا ينفع، أو يكون ولا ينفع، أو ينفع (1) (2) ولا يكون بعدل (3)، وأن (4) المشار إليه (5) ليس مما يحتاج إليه فى الأمر، أو أنه (6) يجب أن يكون لا (7) على هذا النحو بل (8) على نحو آخر.
والدلائل نافعة. والأمثلة أنفع فى المشورات (9) بمقايسة (10) ما يكون بما قد كان.
وأما (11) الضمائر فهى (12) فى الخصومة (13) أنفع فإن المثالات قليلة النفع فيها، لأن المشكو كائن وداخل فى الوجوه (14). فيجب أن يغير (15) نظام الضمائر على ما قيل فى الجدل.
وفى بعض المواضع يجب أن تذكر على الترتيب إذا كان الكلام قويا ويزيده الترتيب إيضاحا (16). ولتتذكر (17) من علم الجدل ما ينبغى أن تعتمد عليه فى ذلك. وإذا أردت أن تحدث انفعالا، فلا تأت بضمير (18) البتة، فإنهما متمانعان (19). فإن الانفعال يشغل عن الضمير، والضمير يشغل عن الانفعال. فإن الانفعال يتقرر بالتخييل (20)
والألم، ويميل (21) بالاختيار إلى حال والضمير يخبر إخبارا (22) من غير اختيار.
والمشورة أصعب من المشاجرة، لأن القول فى المعدوم أصعب (23) من القول فى الموجود. والتعلق بالشريعة فى المشاجرات باب قوى، لأن الاحتجاج به مؤكد، ولا يجسر على مخالفته ورده، كما يجسر على رد سائر المقدمات. اللهم (24)
إلا أن يقع من الخصم تشكك فى أمر الشريعة نفسه. وأما المحمودات فى الظاهر فتصلح جدا فى المدح. والتوبيخ أنجع من التثبيت (25)، لما فيه من إحداث الألم، وإحلال الصغار بالمخاطب.
__________
(1) أو يكون ولا ينفع أو ينفع: سقطت من د
(2) أو ينفع: سقطت من ب، سا
(3) بعدل: بعدك سا
(4) وأن: فان م
(5) اليه: عليه د
(6) أو أنه: وانه س، سا
(7) لا: سقطت من سا
(8) النحو بل: النحو؟؟؟ يل ب، م
(9) المشورات: المشوريات د، س، م
(10) بمقايسة: لمقايسة ن، دا
(11) واما: فاما د
(12) فهى: وهى م
(13) الخصومة: الخصوميه ب، م، سا
(14) الوجوه: الوجود س، هـ، ن (ثم كتب فوق الدال هاء فى ن)
(15) يغير: يعين ن، دا
(16) إيضاحا: ايضا د
(17) ولتتذكر: ولدكر؟؟؟ م: ونبتذكر هـ
(18) بضمير: بالضمير س
(19) متمانعان: يتمانعان س، م، هـ
(20) بالتخييل: بالتحليل م: بالسخيل ب
(21) يميل: مثل؟؟؟ س
(22) إخبارا: إخسارا د
(23) (فى المعدوم) اصعب: اصوب س
(24) اللهم: سقطت من د
(25) التثبيت: الثبت س(1/449)
وأما كلام الخصم فبعضه ينتقض (1)، كما علمت، بالمقاومة (2) وبعضه بالمعارضة بقياس آخر. وإذا قاومت فى المشورة والخصومة، فمن الحسن أن تبتدئ بنقض ما قاله الخصم، ثم تقصد إلى إثبات نقيض ما حاوله. فإن المشير، إذا أبطل مشورات غيره، أصغى جدا إلى مشورته إصغاء ليس كما لو ابتدأ بالمشورة، خاصة إذا كان ما يشير به منجحا، سديدا (3)، مؤيدا بالتصديق البالغ.
وينتفع بأن (4) يقول فى جوابه للشاكى: إن المصر (5) على الشكاية لا يلتفت إلى المعذرة. وإنك سليط، فصيح (6)، تماحك (7) فى كل شئ، أو تعظم كل شئ (8)، أو تقتدر على الغلبة، وتحسن الكلام، فتصدق عند الناس، ولا (9) تصدق عند الله. أو يقول: أنت لجوج مغرى بالإطالة. أو يقول: أنت أبله، لا تعرف ما تقول والعجب من اشتغالى بك (10).
فصل (11) [الفصل الخامس] فى السؤال الخطابى وأنه أين (12) ينبغى وفى الجواب (13) وفى خاتمة الكلام الخطابى
فلنختم (14) هذا الفن بذكر كيفية السؤال والجواب، وكيفية الخاتمة (15).
اعلم أنه ليس بناء (16) الخطابة على السؤال عن المقدمات. وقد عرفناك هذا فيما (17)
سلف. ولكن للسؤال فيها أيضا (18) مواضع نافعة. فمن ذلك: السؤال عن الشئ
__________
(1) ينتقض:؟؟؟ ض س
(2) بالمقاومة: بالمفاوضة ب، د، دا، هـ (كتب أولا بالمقاومة، ثم كتب تحتها بالمفاوضة فى هـ)
(3) سديدا: شديدا م
(4) بأن: ان م
(5) المصر: المصير م
(6) فصيح: فضح س
(7) تماحك: مماحك م: تماحل د: بما حكّ سا
(8) أو تعظم كل شئ: سقطت من سا
(9) لا: ولا د
(10) اشتغالى بك: سقطت من د
(11) فصل: فصل هـ ب: الفصل الخامس س، م
(12) أين: كيف س
(13) وفى الجواب: فى الجواب م، ن، دا
(14) فلنختم: فليختم د
(15) الخاتمة: الخطاب سا
(16) بناء: سقطت من د
(17) فيما: قد م
(18) فيها أيضا: أيضا فيها د(1/450)
الذى إن أجيب فيه بنعم، لزم الخصم شئ فى خاص ما يقوله (1). وإن أجيب بلا، كان ذلك، أو ما يلزم (2) عنه (3)، عند السامعين (4) قبيحا، مستنكرا. أو بالعكس (5).
والثالث: أن يكون القائل واثقا أنه لا يجيب (6) إلا بطرف، وأن ذلك الطرف نفس الضمير الذى ينتج المطلوب، كقولهم: أليس دخل الدار بغير إذن، وفقد مع دخوله (7) المتاع؟ حين (8) يعلم المخاطب أن (9) الآخر يعترف به، ويسلمه وكما (10) يجيب بنعم تؤخذ (11) عليه (12)، فينتج أنه (13) إذا (14) لص. والأول يفارق هذا بأن ذلك الجواب تلزمه شنعة، وهذا يلزمه المطلوب. وهذا نافع حيث لا يمكن المتكلم إثبات الشئ إلا بتقرير (15) الخصم به. وأيضا إذا وثق بأنه (16) يجيب جوابا فيه تناقض، فيعجب من بلهه. وأيضا إذا كان السؤال ذا (17) وجوه، ومن حق (18)
المجيب أن يفصل تفصيلا طويلا (19). فإذا (20) سئل ولم يفصل، ألزم وإن مال إلى التفصيل والتطويل، أمل (21) وأوهم (22) أنه (23) (24)، أى (25) المجيب، قد تبلد وتشوش. فإن الجمهور لا يفطنون للتفصيلات (26)، إنما يقنعهم (27) من الجواب (28) ما كان جزما، وفصلا بنعم أو لا. فإذا ابتلى المجيب عند الدهماء بمثل هذا فاختصر وأجاب (29) بلا تفصيل، قطع. وإن أخذ يفصل، أوهم أنه يتعلق بحواشى الكلام والهذيان، وقد ضاق عليه المجال. والمسائل الخطابية (30) أيضا قد تكون مهملات.
__________
(1) يقوله: هو له د
(2) أو ما يلزم: وما يلزم س
(3) عنه: منه د، م، ن
(4) السامعين: السامع سا
(5) أو بالعكس: وبالعكس هـ
(6) يجيب: بحسب د
(7) دخوله: وصوله هـ
(8) حين: حتى س
(9) ان: المخاطب م
(10) وكما: فكما د
(11) تؤخذ: فتوخذ ب، م
(12) عليه: علة هـ (ثم صححت فى الهامش)
(13) أنه: سقطت من ن، دا
(14) أنه إذا: إذا أنه د
(15) بتقرير: بتقدير س
(16) بانه: انه د
(17) ذا: ذو س
(18) ومن حق: من حق د، س
(19) طويلا: طولا س
(20) فاذا: واذا د
(21) أمل: ولم يتم بل يميل إلى غيره د
(22) أوهم: فاوهم ب، ن، دا: اوهم د
(23) انه: انها م، ن، دا
(24) انه: عائدة م، ن، دا
(25) أى: إلى م، ن، دا
(26) للتفصيلات: للمنفصلات د
(27) يقنعهم: يقنعم س
(28) الجواب: التفصيلات س
(29) وأجاب: أجاب م
(30) الخطابية: الخطبية س(1/451)
والحق يوجب أن (1) يتوقف فى أمر (2) المهمل. والتوقف يوهم الاحتيال (3) للتخلص عن (4) الإلزام. ويجب (5) أن لا يكون السؤال المقصود قريبا من الابتداء، وعلى (6)
ما قيل فى طوبيقا. وأما الجواب فيجب أن يتحرى فيه مقابلة أغراض السائل، وسائر ما قيل فى طوبيقا. ويجب أن لا يسئل عن النتيجة، ولا عما (7) بعد النتيجة، للعلة المذكورة فى طوبيقا.
وقد يستعان بالهزل، فى أوقات الضرورة، وبالمزاح. وقد قيل فى موضع آخر فى المزاح، وإن الذى يليق بالكريم منه غير الذى يليق بالخسيس. وإن الذى يليق بالكريم منه التعريض، وهو تمكين المعنى، دون التصريح. ويجب أن يكون مشيرا به إلى تفضيل (8) نفسه، وتخسيس خصمه، واستدراج السامع.
وأما المواضع والأنواع، والتعظيم والتصغير (9)، والألميات (10)، والخلقيات، وأجزاء الخطبة، والمقاومات (11) فقد علمتها مما (12) سلف فى هذا الكتاب. والذى يليق بآخر (13) الخطبة، وهو الخاتمة، أن يكون مفصلا غير مخلوط (14) بما قبله، مثل الصدر (15)، وخصوصا فى المشوريات (16)، وهو أن يقول: هذا هو (17) الذى قلته، وسمعتموه. والحكم اليكم. كما يقال عندنا: أقول قولى هذا، وأستغفر الله العظيم لى ولكم. إنه غفور رحيم (18).
__________
(1) يوجب أن: الحقيقة موجبات ان م: الحقيقة موجبات ب، د، ن، سا: الحقيقة موجبة دا
(2) أمر: آخر س
(3) الاحتيال: الإحسان د: الاحتمال ب
(4) عن: عند د
(5) ويجب: ويوجب ب، ن، دا، سا
(6) وعلى: أو على د
(7) عما: عن ما د: ما م، ن، دا
(8) تفضيل: التفصيل ب، م، ن، دا، سا
(9) والتصغير: أو التصغير م، سا
(10) الالميات: الالهيات د
(11) المقاومات: المقدمات د
(12) مما: بما س، هـ، سا
(13) بآخر: باجزاء د
(14) مخلوط: سقطت من سا
(15) الصدر: لصدر د
(16) المشوريات: المشورات س
(17) هذا هو: هذا س
(18) رحيم: وهو حسبنا كافيا وعليه توكلنا ونعم الوكيل وبه التوفيق والعصمة والحول والقوة. تمت الخطابة بحمد الله وحسن توفيقه والصلوة والسلم على محمد نبيه وآله هـ: تم الفن الثامن من الجملة الأولى فى المنطق ن: تم الفن الثامن من الجملة الأولى من المنطق وهو فى الخطابيات. والحمد لله حق حمده ب: تم كتاب الخطابة بفضله ومنه د: تم الفن الثامن من الجملة الأولى من المنطق وهو فى الخطابيات من كتاب الشفا. والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله أجمعين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا م: الحمد لله رب العالمين وهو حسبنا ونعم المعين سا.(1/452)
فهرس الأعلام
أخيلوس 73، 212
إدروس 203
أرسطوطاليس. أنظر: المعلم الأول اسكندر بن ملك بربر 73، 189
اقريطن 67
القاوس 87
انبادقليس 214
أوريفيدس 204
أوميرس 73، 80، 101
أبو بكر الصديق 178
ثراسوماخوس 186، 187، 200، 224
ثاوذروس 73
حسان بن ثابت 178
رسول الله. أنظر: محمد سفا 87، 88
أبو سفيان 178
سقراط 92، 168، 221
سوسدس 90
أبو الطيب المتنبى 209
على بن أبى طالب 45
فرفوريوس 214
قلسطراطس 78(1/454)
ابن كروس 209
كفريوس 78
كورش 214، 215
لاوداماوس 78
مالاغروس 80
محمد (رسول الله) 76، 178
المعلم الأول (أرسطوطاليس) 8، 12، 13، 35، 47، 65، 66، 150، 166، 189، 199، 20، 225، 226
موسى 187
النبى. انظر: محمد
هيلانى 73
يزدجرد 189(1/455)
دليل الكتاب
(آ)
أبازير 211
اتفاق 96، 98، 107
إجمال 80
إحسان 74، 86، 112
إحنة 98
اختزال 97
أخذ بالوجوه. أنظر: نفاق
إدخال (كلام فى كلام) 216
أذكار 100
إرادة 96
ارتفاعات الناحية 85
ارتياض 1، 23
استحقار 130
استحياء 87، 145142
استخفاف 147، 155
استدراج 183، 238
استعارة 185، 203، 205، 217، 229، 230، 231
استغفار 114
استقراء 35، 181169
استكراه 173استكراهى 96
استهانة 130، 134
اسطقسات 179، 193(1/456)
اسم 188
أسنان 15614997
أشباه 179
أصالة العقل 65
اضطرار 96اضطرارية 166، 178
اعتبار 35
اعتذار 8، 93، 111، 120، 146
أغتام 102
اغرابات 232
أغنياء أنظر: غنى
افتضاح 142، 143
افضال 114
افمن 211
افى 212
اقتصاص 12، 236، 241، 242، 243
أقوام محدثون 26
أكثريات 44، 178166
ألفاظ باردة 209
ألم 85
أمثال 92، 93، 169167، 173، 174
أمن 135
إناث 66
أنسباء 161
أنف 95
أنواع 32، 49، 76، 164
اهتمام 147، أسباب الاهتمام 148، المهتم لهم 149، ما يضاد(1/457)
الاهتمام 150
ايامبو 211
ايامبيقى 223، 224
أيل 168
(ب)
بخت 6965، 90، 91أخلان؟؟؟ المجدودين 162
بر 65، 84
برهان 1، 22، 24، 3427، 35، 36برهانات 167
بسالة 24، 65أنظر: شجاعة
بطال 58، 166
بغض 138
بغل 208
بلسان (دهن) 78
بلاهة 85
بنكاء 66
(ت)
تأخير 180
تأميل 100، 160
تثبيت 35، 179
تجربة 169
تحسينات 197
تحقير 57، 65، 121، 165، 167
تحلى 94
تخلى 189
تخيل 100تحييل 197(1/458)
تذكير 93، 100، 160
تركيب 80، 188
تركيبات خلطية 61
تشبيه 212، 217، 229، 231أنظر: استعارة
تصديق 1، 3، 4
التصديقات 32، 33، 176167، 193
تصغير 57، 111، 164، 193
تصوير 103
تعبيرات 197
تعجب 102
تعديل 120، 121
تعظيم 57، 92، 111، 167121
تعلم 103
تغييرات 202، 229
تغير الأحوال 103
تفريع (الشرائع) 58
تفسير 18أنظر: مشورة
تفصيل 80، 188
تفكير 21، 35، 36، 43، 56، 167، 161، 179، 188، 191
تفيهق 201
تقريرات 124
تقديم 180
تكبير 65، 164
تمثيل 36أنظر: مثال، أمثال
تملق 103
تنصل 106، 111(1/459)
تهويل 65
تهوين 65
توبيخ 179، 180، 184، 185، 186، 187، 188
توزينات 199
(ث)
ثأر: 98، 99، 101، 106، 135، 143
ثعلب: أنظر: أبا الحصين
(ج)
جائر 93، 94، 116
جبن 84، 116، 135
جد. أنظر: البخت
جدل: فائدة الجدل 31التفريق بينه وبين الخطابة 6، 34، 171القياس الجدلى 21، 23، 25، 35، 176الجدل الكاذب 27 المنطقى الجدلى 41المقاومة الجدلية 191
جزع 150
جلالة 65
جمز 224
جميل 84
جواب 247
جور 84، 94، 105أنظر: جائر
(ح)
حاجة 107
حاكم 55، 93، 105، 122، 129، 163، 175
حبيب 102، 136، 174، 175(1/460)
حد: اعتبار الحد 180، 181
حد (أوسط) 99
حدث: الأحداث 131، 157، 17
حديد 103
حرب 58
حرد 133
حريز 89
حريم 95
حسب 95
حسبة 94
حسد 138، 147، 150، 151
حشوية 118
أبو الحصين 168، 169
حكمة 84، 132
حلم 84، 112، 114، 116
حلوان 143
حمل 229
حماية المدينة 58
حمية 147، 154
حنث. أنظر: يمين
حيلة. 12، 199حيل إعدادية 10حيل لفظية 200
حيل خارجية 18، 238
(خ)
خاتم 113
خاتمة 12، 237(1/461)
خاصى 2، 3، 4
خب 107، 121
خجل 142
خراسانية 200
خرج. أنظر: دخل
خساسة الرياسة 82
خسروانيات
خصم 55
خطاطيف 173
خوف 95، 135، 138، 197
خلق 96، خلقى 96
خوار 124
خير 69خيرات نافعة 73
(د)
الدخل 58
درهم 116
دليل: دليل بالتسمية الخاصة 44دليل أكثرى 45
دلائل 43، 56، 192، 193
دمنة. أنظر: كليلة
دناءة 85
ديمقراطية. أنظر: سياسة
دينار 114
(ذ)
ذبان 168
ذم 15، 83، 112، 129، 142، 174(1/462)
(ر)
الرأى 170، 173، 174أنواع الرأى 171منافضة الرأى 192
رباطات 189، 213، 233، 234
ربيع 81
رجل (من الملوك) 72
رسائل 200، 223
رسوم 192
روية 94، 97
(ز)
زرق 220
زعارة 135
زكاء المحتد 65
زمر 218
زمل 232
الزهرة (نجم) 156، 232
زور 117
(س)
ساطورانس 90
سامعون 10، 55، 175استدراج السامعين 33، 129
ستر 110
سجع 225، 227
سجل 235، 236
سحنة 9(1/463)
سخاء 84
سرقة 97، 111
سريانية (لغة) 215
سفالة 85
سلم: أنظر: حرب
سمت 33، 89
سنة 111، 117، 123، 173، 191سنن 117، 119، 129
سؤال (خطبى) 245
سوفسطائية. أنظر: مغالطية
السياسة الوحدانية 62، 63، 83التغلبية 62، 63سياسة الكرامة 62، 63الرياسة الفكرية 62السياسة الاجتماعية 62، 82سياسة الأخيار 62سياسة القلة 63سياسة الخسة 63 سياسة الحرية والديمقراطية 63سياسة الخير 63سياسة الملك 63 سياسة السقراطية 63غاياتها 83
(ش)
شاهد (الصوفية) 182
شتيمة 131
شجاعة 84، 135، 139، 181المشجعات 141الأمور التى شجع عليها 140
شريعة 14، 94، 112، 119، 173
شعر 24، 178، 188
شطرنج 102
الشعرى (نجم) 229
شغب 108
شفقة 147
شكاية 8: 93، 96، 108، 120، 146، 174، 183، 240(1/464)
الشكل الأول 44الشكل الثانى 42، 44، 45، 192الشكل الثالث 44، 45، 192
شنعة 172، 173
شهادة 9، 120، 121، 132إبطال الشهادة 121
شهود 177، 120، 121، 170
شهوة 95، 96
شهوانيون 98
شوق 96
شيخ: مشايخ 173أخلاق المشايخ 158أخلاق الذين فى عنفوان التشييخ 162
(ص)
صحة 24، 68، 82
صداقة 135أنواع الصداقة 137
الصدر 12، 234، 236
صغر النفس 143
صلاح الحال 64أجزاء صلاح الحال 65
الصنائع القياسية الخمس 1الصنائع المعلمة 30الصنائع المقنعة فى الجزئيات 30، الصناعة المدنية 34، 35الصناعة الخلقية 34 صوفية 182
(ض)
ضد 183
ضمير 18، 21، 43، 47، 169، 176، 187
ضروريات 43
ضعف رأى 94، 107(1/465)
(ط)
طب 29، 79
طبيب 25، 119
طبيعة 98طبيعى 96
طرارون (طرواديون) 243
طراغوديا 212
طنز 131
(ظ)
ظلم 93
(ع)
العادة 96عادى 96
العامة 1، 2، 177، العامى 2، 3، 132عامية 176
عدة 58
عداوة 137أسباب العداوة 138
العذاب 117، 133
عراف
عرس (ابن) 116
عروض (يونانى) 201
عشنق 210
عفاف 65عفة 84
عقد 65، 67
عقد 117
علل فاعلة 70
علوية 88(1/466)
علامة 44، 45، 56، 192
عمود (الخطابة) 6، 12، 33
عنت 131، 133
عهد 121إبطال العهود 122
(غ)
غاغة 175
غتم 118
غدار 175
غرباء 109
غضب 95، 96، 101، 130، 138، 141: 156، 197، فتور الغضب 123: المغضبات 132
غفلة 109
غلبة 102، 131
غلمان 156
غم 151
غمر 173
الغنى (أخلاق) 162، 163
غيرة 148، 155
(ف)
فادون 224
فاضحات 142
فجور 84
فرس 168، 208
فشو 174(1/467)
الفضيلة 69، 84أجزاؤها 84الفضائل 85فاعلات الفضائل 85، 86العلامات التى تدل على الفصائل 85آثار الفضائل 86
فكاهات 75، 104
فكرى 97
فودون 224
(ق)
قائل 10، 55
قدر 152، 153
قضاء وقدر 150
القرآن 6، 76
قسم. أنظر: يمين
قسمة من جهة الأسنان 97قسمة تتبع العرض 97قسمة الى الأحداث 97القسمة 181
قصة الرجل والمرأة 87
القضاة (استدراج) 129
قطع اليد 114
القناعة 9، 219
قنفذ 168
قوت 60
قول. أنظر: قائل
(ك)
كاهن 214، 215
كبر الهمة 84، 85
كثافة الجنس 69(1/468)
الكرامة 67، 86، 95أجزاء الكرامة 68
كلب: كلاب متهرشة 134: الكلاب على البقر 174سمن كلبك 238نجم الكلب 188
كليلة ودمنة 167
(ل)
اللب 84، 85
اللذة 71، 72، 8، 96، 99تعريف اللذة 99اللذيذات 100
اللعبية (الادوات) 102
اللغو 126
اللقدميون 66
اللواحق 188، 190
اللوازم 70، 81لوازم اللواحق 181
(م)
ماريقا 223، 226
ماليخوليا 182
مباينة 189، 190
متخلخل (لفظ) 223
متساويات 45
متعه 173
متضايفات 179
متقابلات 3، 230
مثال 37، 47، 167مناقضة الأمثلة 193
محاورة (عنادية) 3
محصنات 174(1/469)
محمود 39، 56
محمولات 181
مخاطب 178
مدح 7، 15، 69، 83، 91، 112، 130، 165، 172، 174، 184
ممادح 84، 85، 88، 89، 90، 93
مر: مر الحكم 20، 118، القضاء المر 94صرف العدل ومره 199
مريخ (نجم) 231
مزاح 247
مستراح 217
مسلمات 3
مشاجرية 55
مشورة 8، 91مشوريات 37، 43، 53، 129، 167
مشاورية 55، 193
مشهورات 176، 177
مصادرة 185
مصاريع 223، 225
مطابقات 219
معادلة 182، 189
معبر 227
معدول 218
مغالطة 73مغالطية 1، 3، 24، 27، 28، 31، 36، 190، 204
مفاوضة (امتحانية) 3
مقاومات 179، 187، 191
ملاءمة 182
ملح 231
ملك 181(1/470)
ممادح. أنظر: مدح
ممكنات 43، 56الممكن 165
منافرية 55، 193
مناقضات 179، 191، 193
منجم 214، 215
منة 184
موازنة 183
مواضع 32، 48، 49، 183
مواصلات 227
(ن)
ناسك 116، 152
نافع 69، 71لازم النافع 70
نباهة 67
نبرات 198، 223
نحيزة 157، 160
نذالة 85نذل 95
نرد 102
نساخ 119، نسخ 117
نسوة حصر 87
نشاوى: مزاج النشاوى 157
نصرة 12
نظارة 10، 55، 164
نظائر 179
نغمة 197، 199
نفاق 200، 201، 233(1/471)
نقش 103
نقمة 147
(هـ)
هجاء 212، 219
هزل. أنظر: مزاح
(و)
ورطة 183
وزن (خطابى) 221
وساطة 94
وصلة 137
وطر 100، 103
وعوعة 173
وفور الخلة (الاخوان) 65، 69
وقاحة 142، 145
وكد 20، 102
ولائم 115
(ى)
يتكشحم 204
يسار 24، 82أجزاء اليسار 67
يمين: 117تزييف اليمين 125، الاستدعاء إلى اليمين 125، 126، اللغو فى اليمين 126
يونانية (لغة) 81، 215، 213، 224
يونانيون 90، 224(1/472)
تم طبع هذا الكتاب فى يوم 11شعبان سنة 1373 (الموافق 14أبريل سنة 1954)
مدير المطبعة الأميرية حسن على كليوة(1/473)
المطبعة الاميرية 1000195315900
ابن سينا الشّفاء المنطق
9 - الشعر
حققه وقدّم له الدكتور عبد الرحمن بروى بمناسبة الذكرى الألفيّة للشيخ الرئيس الدار المصرية للتأليف والترجمة القاهرة 1386هـ 1966م(1/474)
منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشى النجّفى قم المقدّمة ايران 1404ق(1/475)
تصدير عام
1 - ابن سينا و «فن الشعر» لأرسطوطاليس
ليسخط من شاء من أنصار ابن سينا على ما سنسوق اليه من نقد فى هذا الحديث. ولا جناح علينا فى الجنوح الى القسوة هاهنا: أولا: لأن الرجل قد وعدنا وعودا لم يف بشئ منها فى هذا الباب، فكأنه كان اذن على وعى كامل بخطورة المسئولية الملقاة على عاتقه، وثانيا: لأن تقصيره قد أدى الى عواقب وخيمة فى تطور الأدب العربى. ولعله لو عرف مدى ما سيترتب على صنيعه هذا من نتائج، لكان له فيما يخيل الينا موقف آخر.
أما وعوده فلأنه قال فى ختام تلخيصه لكتاب «فن الشعر» لأرسطو:
«هذا هو تلخيص القدر الذى وجد فى هذه البلاد من كتاب «الشعر» للمعلم الأول: وقد بقى منه شطر صالح. ولا يبعد أن نجتهد نحن فنبتدع فى علم الشعر المطلق وفى علم الشعر بحسب عادة هذا الزمان، كلاما شديد التحصيل والتفصيل. وأما هاهنا فلنقتصر على هذا المبلغ» (ص 73من هذا الكتاب). وهو كلام يذكرنا بنظيره فى مستهل «منطق المشرقيين (1)» حيث وعدنا وعدا ما لبث أن تحلل منه! باستقصاء المنطق وتجديده على نحو مخالف للسنة الأرسططالية ثم راح يعتذر عن انصرافه عن هذا التجديد المرموق بحجة أنه لا يريد مخالف الف أهل زمانه! وهو اعتذار لا محصل له. انما هو العجز عن الاتيان بشئ جديد هو الذى أملى عليه ما قال.
والأمر بعينه فى شأن فن الشعر: فهو يقول أولا: «وقد بقى منه شطر صالح» ولا ندرى الى أى شئ ينصرف الضمير فى «منه»: الى كتاب
__________
(1) «منطق المشرقيين» ص 3. المكتبة السلفية سنة 1910.(1/476)
«فن الشعر» لأرسطو؟ أم الى فن الشعر عامة مما لم يعرفه أرسطو؟
ويغلب على الظن انه انما يقصد المعنى الأول، لأنه لابد أن يكون قد عرف من المصادر التاريخية، أو من ثنايا نص كتاب «فن الشعر» نفسه من حيث تقسيمه الأول لما سيتكلم فيه، وعدم وجود القسم الخاص بالقوميديا نقول انه لابد أن يكون قد عرف أن نص كتاب «فن الشعر» كما عرف فى العالم العربى، وكما نعرفه حتى اليوم، ناقص، وان كنا لا نستطيع أن نحدد هل النقص قد ظنه ابن سينا فى المخطوطات، أو ان أرسطوطاليس نفسه لم يتم بحثه. على أنى أميل الى الفرض الأول، وهو أن يكون ابن سينا قد عرف أن النقص فى المخطوطات نفسها، لأنه يقول:
«القدر الذى وجد فى هذه البلاد من كتاب «الشعر» للمعلم الأول».
ونص هذه العبارة يحمل فى طياته ان للكتاب بقية لم تعرف فى النسخ المتداولة فى العالم الاسلامى فى ذلك الحين. وفيما بين أيدينا من كتب ابن سينا لا نعرف له كتابا، ولا نعثر فى فهرست مؤلفاته على ذكر لكتاب كتبه ابن سينا فى فن الشعر، مما عسى أن يكون قد اجتهد فيه وابدع «فى علم الشعر المطلق وفى علم الشعر بحسب عادة هذا الزمان (زمانه هو) كلاما شديد التحصيل والتفصيل».
ومعنى هذا اذن أن هذه الأمنية اما أن تكون قد بقيت من غير تحقيق، لأنه لم تتح لابن سينا الفرصة أو القدرة على تحقيقها واما أن تكون من الأمانى الكواذب التى كان يعلم هو علم اليقين انه لن يحققها، كما هو شأنه فى المنطق، وفى الحكمة المشرقية المزعومة، والتى أثبتنا بعد (1)
دراستنا لكتاب «الانصاف» أنها لم تكن شيئا آخر غير تلخيص وتعليق على كتب أرسطو على نحو يزيل منها ما أدخله المحدثون من المشائيين المسلمين وغير المسلمين فى بغداد وما اليها من تأويلات لم يشأ ابن سينا ان يقرهم عليها. لهذا لا نحسب أنفسنا مبالغين أو متجنين على الشيخ الرئيس اذا اتهمناه هنا وفى أكثر مباحثه بالدعاوى العريضة الزائفة.
واذا كان سيشفع له فى هذا أنه اجتهد فلم يوفق الى ايجاد جديد، فان لهجة الثقة التى تحدث بها فى هذا الموضع وفى نظائره تسلب هذا التشفع مبرراته، خصوصا وقد كرره مرات ومرات.
__________
(1) راجع كتابنا «أرسطو عند العرب» ص 24، ص 29. القاهرة سنة 1947.(1/477)
وخطورة المسئولية ها هنا بعيدة المدى. فكلنا (1) يعلم المكانة الكبرى التى ظفر بها كتاب «فن الشعر» لأرسطوطاليس فى العصر الحديث، فضلا عن القديم. فكتاب «فى الشعر» هو أشد كتبه اثارة للجدل منذ أن قدم شاب من ذوى النزعة الانسانية فى فيرنتسه سنة 1548 الى كوزمو دى مدتشى أول شرح على كتاب «فى الشعر» لأرسطو، ونعنى به فرنشسكو روبرتلى فمنذ ذلك الحين والنقاد يختصمون أشد الخصومة حول هذا الكتاب ومدى الافادة منه وسلامة المبادئ التى قام عليها، حتى ليمكن أن يقال: ان تطور الادب الاوربى الحديث كان يسير جنبا الى جنب وفقا للتأويلات الجديدة التى تواردت على هذا الكتاب، ومدى اتباعه أو التمرد عليه. فالمذهب الكلاسيكى فى الأدب الايطالى انما تأسس واستقرت قواعده وفقا لهذا الكتاب، والنهضة الفرنسية كلها، ممثلة خصوصا فى كورنى (2)
انما قامت حول المبادئ التى أقرها الشراح الايطاليون لهذا الكتاب. وفى اسبانيا امتتح منه أصحاب القواعد فى القرن السابع عشر وعلى رأسهم فرنشسكو كسكالس فى كتابه الشهير «الألواح الشعرية» (3) الذى استعان فيه بكتاب «فن الشعر» للآسقف منتورنو وبشرح روبرتلى الذى تحدثنا عنه آنفا ولم تتزعزع أو كانه الا على يد الحركة الرومنتيكية فى النصف الأول من القرن التاسع عشر أو قبل ذلك بقليل. بل ان نهضة الأدب الألمانى، وبخاصة منذ الثلث الأخير من القرن الثامن عشر، قد ارتبطت بعمود التقاليد المستقرة فى كتاب «الشعر» لأرسطو، حتى لقد قال لسنج (4): «ان لكتاب أرسطو «فى الشعر» من العصمة ما لكتاب «اصول الهندسة» لاقليدس».
__________
(1) راجع مقدمة كتابنا «أرسطوطاليس: فن الشعر»، وراجع أيضا:
1920،:. (1
: (2. 1932،.
(2) راجع. 1882.؟؟؟:؟؟؟.
(3) الطبعة الأولى فى مرسية سنة 1617فى 44816صفحة. والطبعة الثانية سنة 1709فى 36024صفحة فى مدريد عند أنطونيو دى سنشا. راجع منذث پلايو:
«تاريخ الافكار الجمالية فى اسپانيا» ج 2ص 240. مدريد سنة 1947.
(4). 74؟؟؟،:.(1/478)
أما وهذه خطورة الكتاب، فماذا عسى أن يكون تأثيره فى تطور الأدب العربى لو أنه ظفر من ابن سينا ثم من ابن رشد بما هو خليق به من عناية؟.
سيقول قائلهم: ان الظروف فيما بين العالم الاسلامى والعالم الاوربى الحديث مختلفة، فليس لنا أن نقيس ما حدث فى الواحد على ما كان ينتظر أن يحدث فى الآخر. وهذا قول لا نقرهم عليه:
فلئن زعموا أولا أن الشعر العربى والأدب العربى أو الفارسى اجمالا لم يعرف المسرحية، وهى حجر الزاوية فى مذهب أرسطو فى كتاب «فن الشعر»، فلم يكن المعرب أن يفيدوا من هذا الكتاب لأنه لم يكن يتحدث عن أمور معروفة لديهم فى لغتهم فنحن نجيبهم عن هذا الزعم قائلين:
أن الحال أيضا كانت كذلك فى أوربا فى نهاية العصر الوسيط ومستهل عصر النهضة: ففى ذلك العهد لم توجد مسر حيات حقيقية باللغات الأوروبية الناشئة وما يسمونه باسم «الأسرار»، وهى التمثيليات ان صح هنا هذا التعبير الدينية الأولية ليست هى المسر حيات بالمعنى الفنى المعروض فى كتاب «فن الشعر» لأرسطو، ولا تكاد تنطبق عليها قاعدة واحدة من القواعد التى فصل أرسطو القول فيها بل هى أقل قيمة من تشخيصات «خيال الظل» التى عرفت من بعد فى الأدب العربى، لدى ابن دانيال، وفى عصر اسبق من عصر «الأسرار» فى أوربا، أو يدانيه انما كان الشائع هو الشعر الغنائى الذى ابدع فيه التروبادور والتروفير والمينسنجر، ثم الملاحم الأولية التى تشبه الى حد بعيد قصصنا البطولى والقصصى الفارسى البطولى الذى انتشر فى البيئات الثقافية الاسلامية منذ القرن الثالث، وبخاصة فى القرنين الرابع والخامس اللذين فيهما عاش ابن سينا. أجل! ان شعر دانته كان طويل النفس على نحو لم يعرف نظيره فى الشعر العربى. ولكن دانته لم يكن هو النهضة، بل كان حظه منها أقل من حظ پترركه الممثل الأكبر للنزعة الانسانية و پترركه شاعر غنائى قصير النفس، أقصر بكثير من أصحاب القصائد الكبرى فى الشعر العربى. فضلا عن أن طول النفس ليس بذى خطر فى هذا الباب.
واذن فالحجة التى يسوقونها ها هنا لتبرير عدم تأثير «فن الشعر» لأرسطو فى العالم العربى على أساس أن حال الشعر كانت مختلفة عن حال
الشعر الأوربى فى عصر النهضة، هى حجة داحضة لا محصل لها ولا أساس من الواقع التاريخى.(1/479)
واذن فالحجة التى يسوقونها ها هنا لتبرير عدم تأثير «فن الشعر» لأرسطو فى العالم العربى على أساس أن حال الشعر كانت مختلفة عن حال
الشعر الأوربى فى عصر النهضة، هى حجة داحضة لا محصل لها ولا أساس من الواقع التاريخى.
وسيقول قائل آخر: ان العلة فى عدم افادة العرب من كتاب «فن الشعر» لأرسطو أن ترجمة هذا الكتاب الى العربية كانت فاسدة، وغير مشفوعة بشروح جيدة من نوع ما ظفرت به كتب أرسطو الأخرى، كشروح الاسكندر الافروديسى وثامسطيوس وغيرهما. وتلك حجة متهافتة هى الأخرى. حقا ان ترجمة أبى بشر متى بن يونس القنائى لكتاب «فى الشعر» ترجمة رديئة، خصوصا فى ترجمة المصطلحات الرئيسية مثل الطراغوديا والقوموديا، اذ ترجمهما على التوالى: المدح والهجاء. ولكن هذا لم يقع الا مرات قليلة، وفى بقية الكتاب أبقى الكلمات على نطقها اليونانى المعرب، بحيث لا يخطئ الذهن المتوقد المعنى الحقيقى المقصود، كما يظهر من تلخيص ابن سينا نفسه وتلخيص ابن رشد، وان كنا نرجح أن يكونا قد اعتمدا على ترجمة أخرى، هى ترجمة اسحق بن حنين المفقودة. بل نحن لا نزال حتى اليوم نتخبط فى ترجمة هذه المصطلحات نفسها، ولا نزال نسميها بأسمائها الأعجمية فنقول: التراجيديا والكوميديا والساتير الخ أى اننا نستعمل نفس المصطلحات التى استعملها أبو بشر متى بن يونس، ومع ذلك فنحن نفهم معانيها ولا نجد هذه الألفاظ الأعجمية عقبة فى سبيل فهم المقصود منها. ماذا أقول! بل انى وجدت فى ترجمة «فى الشعر» لمتى بن يونس ترجمات جيدة رأيتها أوفق مما نستعمله اليوم للعبارة عنها. واذا كانت ترجمة متى سقيمة العبارة، فلم يكن هذا السقم مقصورا على كتاب «فى الشعر»، بل تعداه الى معظم كتب ارسطو، وبخاصة كتاب «السوفسطيقا» الذى ترجم على الأقل أربع مرات (1) كلها سقيمة، ولم يمنع هذا كله من اجادة المناطقة العرب فى فهم باب المغالطات وادماجه فى بقية المنطق فى نفس المرتبة التى ظفر بها كتاب «المقولات» أو كتاب «البرهان».
أضف الى هذا أن الترجمة العربية قد اعتمدت على مخطوط لعله يرجع الى القرن السادس الميلادى، عند ما ترجم الى السريانية، ومن هذه الى العربية. ومن المسلم به بين النقاد أنه أقدم (2) المخطوطات بل كان
__________
(1) نشرناها كلها فى «منطق أرسطو» ج 3، القاهرة سنة 1952.
(2) راجع عن هذه المسئلة مقدمة كتابنا «فن الشعر» ص 28، ص 38. القاهرة سنة 1953.(1/480)
يظن أنه الوحيد الأصيل، حتى اكتشف المخطوط الركرديانى رقم 4646وهو مخطوط باريس رقم 1741 (ورمزه)، انما يرجع الى القرن العاشر أو الحادى عشر. فكان الترجمة العربية قد تمت عن نص يونانى اسبق بقرابة أربعة أو خمسة قرون من اقدم مخطوط معروف فى أوربا. لهذا أمكن الانتفاع فى كثير من المواضع بالقراءات التى تقدمها الترجمة العربية منذ أن نشرها مرجوليوث بالعربية أولا سنة 1887، ثم ترجمها الى اللاتينية ووضعها فى مواجهة النص اليونانى محققا من جديد، مع ترجمة انجليزية للأصل اليونانى سنة 1911، وخصوصا بعد النشرة الدقيقة التى قام بها ياروسلاوس تكاتش فى فينا 1928، حتى أنها أفادت فى تأييد بعض مقترحات الباحثين فى اصلاح النص، مثل اقتراحات برنايس («فى الشعر» ص 1447ب س 9) وهينسيوس («فى الشعر» ص 1447ب س 16) وفى اضافة بعض الزيادات التى لم توجد فى مخطوط باريس ووجدت فى المخطوط الركرديانى («فى الشعر» ص 1455اس 14) والترجمة العربية.
واذن فمن حيث الترجمة العربية والنص اليونانى الذى عنه ترجم الى السريانية ثم العربية كان حظ العرب خيرا من حظ الأوربيين المحدثين فى عصر النهضة. فلا وجه اذن لاقامة الحجة على هذا الأساس أيضا.
فلا معنى اذن للاحتجاج باختلاف الظروف فى العالم العربى عنها فى العالم الأوربى. انما العلة كلها فى العقول التى تناولت هذا الكتاب فى العالم العربى فلم تستطع أن تقدم للناس صورة عنه صحيحة، ولا أن تبرز المبادئ الكبرى التى تضمنها، وأن تدعو الناس الى الافادة منها والاقتداء بها. فلو كان قد قدر للعالم العربى أن يظفر بمثل فرنشسكو روبرتلى ومن تلاه، لكان وجه الأدب العربى قد تغير جميعه.
ومن يدرى أيضا! لعل وجه الثقافة العربية كلها أن يتغير تماما، خصوصا وقد عمل فى ظروف مشابهة لظروف ابن سينا، بل اسوأ: فالكتاب لم يشرحه أحد من القدماء حتى يستعين به روبرتلى فى تفسيره.
ويزيد فى جسامة جناية ابن سينا فى هذا الباب أنه كان أيضا شاعرا، ان لم يكن رفيع المنزلة فى الشعر، فقد شدا بحظ منه أوفر من حظ أرسطو نفسه الذى نظم قصائد شعرية بقيت لنا شذرات (1) منها: بعضها
__________
(1) تجد هذه الشذرات مجموعة فى كتاب ت. برك: «الشعراء الغنائيون اليونانيون» ص 504وما يليها.:.، وفى شذرات روزه (ص 1583، شذرة رقم 621وما يليها).(1/481)
اشعار ملاحم قصيرة، وبعضها مراث ايليجية ومقطعات غنائية فكان عليه اعنى ابن سينا أن يقدر الشعر اذن ومكانته، وأن ينبه الشعراء الى هذه الأبواب الجديدة التى لم تعرف فى الشعر العربى بل وأن يعالج بعضها أو بحاول ذلك ما استطاع اليه سبيلا. ولكنه لم يفعل شيئا من هذا كله، فجنى بهذا على الأدب العربى كله، لأنه لم يكن ينتظر من أبى بشر متى وكان شبه أعجمى فى العربية أو أضرابه من الترجمين ان يقوموا بهذا الواجب انما كان على ابن سينا، بوصفه الممثل الأكبر للثقافة اليونانية فى عصره أولا، وبوصفه شاعرا ثانيا، أن يتولى هذا العمل.
على أن الدراسة التفصيلية لتلخيص ابن سينا لكتاب «فى الشعر» لأرسطو تكشف لنا عما يلى:
(أولا): انه حاول أن يتجاوز التلخيص المجرد، وأن يجتهد. وهذا الاجتهاد يظهر فيما يلى:
(أ) ايراد بعض الشواهد من الشعر العربى. ولكنه فى هذا أيضا قصر تقصيرا شديدا، ولذا فاقه ابن رشد فى هذه الناحية: لأن ابن رشد بذل وسعه فى التماس أوجه الشبه بين ما يورده أرسطو عن الشعر اليونانى، وبين ما عسى أن يناظره فى الشعر العربى، وحاول تطبيق القواعد التى قعدها أرسطو على الشعر العربى فأكثر من الشواهد وأن كان هذا التطبيق والحق يقال غير موفق فى معظم الأحوال. ولكن المهم فى هذا كله أن ابن رشد أستفرغ جهده فكشف عن اجتهاد ان يكن حظه من الأصالة ضئيلا فهو اجتهاد على كل حال وللمجتهد كما يقولون أجران ان أصاب، واجر واحد ان أخطا. وهذا كله فعله ابن رشد فى غير ادعاء اجوف: الاجتهاد فى ابتداع كلام «شديد التحصيل والتفصيل» كما يزعم ابن سينا. وحتى هذه الشواهد والموازنات التى قام بها ابن سينا تقتصر على المقدمة الاستهلالية التى قدم بها لتلخيصه واعتمد فيها على ما عرفه من كتاب الخطابة، وعلى ما استقر عند البلاغيين العرب فى القرن الرابع وأوائل الخامس. ولهذا لا يصح أيضا أن نقول انها موازنات بين الشعر العربى والشعر اليونانى، كما هى الحال فى تلخيص ابن رشد.
(ب) استشهاده، فى باب المحاكاة، بالصور التى يرسمها أصحاب مانى. ومعنى هذا أن المدرسة التى كونها مانى فى التصوير وتبعه عليها اصحابه من أهل مذهبه كانت معروفة لدى ابن سينا. وهذا أيضا مما يزيد فى القاء اللوم على ابن سينا، لأنه شدا طرفا من الفنون غير الشعر، فعرف
التصوير وشاهد له نماذج يحتمل أنها كانت ممتازة، ما دامت تنتسب الى مدرسة مانى.(1/482)
(ب) استشهاده، فى باب المحاكاة، بالصور التى يرسمها أصحاب مانى. ومعنى هذا أن المدرسة التى كونها مانى فى التصوير وتبعه عليها اصحابه من أهل مذهبه كانت معروفة لدى ابن سينا. وهذا أيضا مما يزيد فى القاء اللوم على ابن سينا، لأنه شدا طرفا من الفنون غير الشعر، فعرف
التصوير وشاهد له نماذج يحتمل أنها كانت ممتازة، ما دامت تنتسب الى مدرسة مانى.
(ج) ذكر «كليلة ودمنة» مرة واحدة، وقارن بين خرافاته والخرافات المستخدمة أساسا فى المسرحيات والقصص الشعرى الملحمى. لكنه اقتصر على مجرد الذكر، مع انه لو توسع فى هذه الناحية، وخصوصا فى باب الخرافات الفارسية، ولابد أن يكون قد عرف الكثير منها فى بيئته الفارسية وعن طريق الكتب التى مثل «هزار افسانه». انما هو اقتصر على القول بأن الخرافات المستخدمة فى الشعر يجب أن تتجه الى الخيال وليس الفارق بين أمثال «كليلة ودمنة» والمسرحيات أن الأول نثر، والمسرحيات منظومة، فان الوزن ليس هو الفارق الحقيقى هنا، حتى انه لو نظم «كليلة ودمنة» شعرا لما غير هذا فى حقيقته وهى أنه لا يشبه الخرافات الشعرية. وانما الفارق هو فى أن أمثال «كليلة ودمنة» انما يتجه الى الآراء بينما الخرافات الشعرية تتجه الى الخيال. والمقارنة صائبة من غير شك لكنه لم يتوسع فيها، ولم يفد منها ما تنطوى عليه من نتائج.
(ثانيا): انتبه الى المعانى الرئيسية فى كتاب الشعر فأجاد تلخيصها:
فعرف التراجيديا تعريفا جيدا، وان أخذه عن نص أرسطو، لكن تلخيصه له يدل على حسن الفهم. وها هو ذا: «أن الطراغوذية هى محاكاة فعل كامل الفضيلة عالى المرتبة، بقول ملائم جدا لا يختص بفضيلة فضيلة جزئية تؤثر فى الجزئيات، لا من جهة الملكة، بل من جهة الفعل، محاكاة تنفعل لها الأنفس برحمة وتقوى». وبين أن هذه المحاكاة انما تكون للأفعال، لا للمعانى المجردة الكلية لأن الأفعال هى وحدها التى تنطوى على تخيل، وتقبل أن يفعل فيها التخييل والمحاكاة. أما «الفضائل والملكات»، وهى معان مجردة، فانها «بعيدة عن التخيل». ثم أجاد فى بيان أقسامها، وعبر عنها دائما باللفظ اليونانى: طراغوذيا، مما يستبعد نهائيا سوء الفهم الذى قد ينشأ من ترجمتها بكلمة «المدح» كما فعل أبو بشر متى فى أول ترجمته. وهذا قد يدل أيضا على تنبه ابن سينا لبعد ترجمة لفظ «طراغوديا» بلفظ: «المدح». وهذه حسنة تضاف الى مآثر ابن سينا.
كذلك أجاد فى فهم المحاكاة ومداها، ولاحظ ملاحظات قيمة تدل على انه أجاد الفهم.
(ثالثا): ومأثرة أخرى لابن سينا فى فهمه لكتاب «فى الشعر» لأرسطو هى أنه تنبه الى الفارق الأكبر بين الشعر العربى والشعر اليونانى،
هذا الفارق هو ان الأخير يبحث فى الأفعال والأخلاق، بينما الشعر العربى يدور حول الوصف للموضوعات أو الانفعالات. وقد كرر هذا المعنى مرارا عدة فى باب الطراغوديا، وباب المحاكاة، ولم ملل من توكيده، مما يدل على أنه اصاب عين الحقيقة فى هذه المسألة التى لا تزال تند عن أذهان بعض النقاد العرب المعاصرين، أو بالاحرى من يتصدون ادعاء للنقد فى العالم العربى اليوم.(1/483)
(ثالثا): ومأثرة أخرى لابن سينا فى فهمه لكتاب «فى الشعر» لأرسطو هى أنه تنبه الى الفارق الأكبر بين الشعر العربى والشعر اليونانى،
هذا الفارق هو ان الأخير يبحث فى الأفعال والأخلاق، بينما الشعر العربى يدور حول الوصف للموضوعات أو الانفعالات. وقد كرر هذا المعنى مرارا عدة فى باب الطراغوديا، وباب المحاكاة، ولم ملل من توكيده، مما يدل على أنه اصاب عين الحقيقة فى هذه المسألة التى لا تزال تند عن أذهان بعض النقاد العرب المعاصرين، أو بالاحرى من يتصدون ادعاء للنقد فى العالم العربى اليوم.
ولو وجد الناقد العربى الحاذق فى القرن الخامس الهجرى وما تلاه، لاقتنص من ابن سينا هذا الفارق، ولراح يستنبط كل مدلولاته، ولأحدث ثورة فى النفد عند العرب. لكن متى وجد الناقد فى الأدب العربى! ان جميع من تصدوا للنقد فى الأدب العربى منذ نشأته حتى العصر الحديث لم يكونوا الا لغويين سطحيين، لم يعرفوا من الشعر الا انه كلام موزون مقفى.
وحتى الوزن والقافية لم يبحثوا فيهما بحثا جديا. فاقتصروا على الزعم بأن الشعر والنثر «كلام» و «الكلام» لغة، فالنقد نقد لغوى خالص.
وكانت نتيجة هذا التصور الكاذب أن تولى النقد غير أهله، وأن استحال الأدب العربى الى الحال التى سار عليها فى تطوره، ان جاز لنا أن نتحدث عن تطوره بالمعنى الخصب الحقيقى.
والحق أن ابن سينا فى باب مقدمات الطراغوديا، وفى باب المحاكاة، وفى باب الايقاع قد قدم صورة واضحة المعالم، كانت تنتظر النقاد الحذاق لتؤتى ثمارها فى فهم معنى الشعر أولا، ثم فى ابتكار انواع فريدة جديدة.
والشئ المؤلم حقا هو أن الشعر قد دخل منذ البداية فى باب علوم العربية، لأنه كان يدرس لاستخلاص الشواهد النحوية والصرفية واللغوية.
فكان ثمت هوة هائلة بين علماء العربية وبين علماء الثقافة الانسانية. فلم يتوقع لغوى وما كان اشد غرورهم وتبجحهم بالدعوى! أن يتلقى درسا من فيلسوف أو رجل مشتغل بالفلسفة وعلوم الأوائل. وان المناظرة التى زعم أبو حيان التوحيدى وقوعها بين أبى سعيد السيرافى وبين أبى بشر متى بن يونس، بين ذلك اللغوى القح وبين هذا المثقف بعلوم الأوائل نقول:
أن هذه المناظرة هى خير دليل على العقلية السائدة فى ذلك العصر، أعنى القرن الرابع الهجرى: هوة لا يمكن عبورها بين علماء العربية وعلماء العلوم اليونانية، وادعاء وقح من جانب الأولين، وانصراف من جانب الآخرين عن الدعوة لمذهبهم وأفكارهم ونزعاتهم.(1/484)
بيد أن ابن سينا لم يلبث أن أهمل هذا الفارق كما لاحظ جبرييلى (1) بحق، كما أن احدا بعده لم يتناوله ولم يبين أوجه الشبه والخلاف بين الشعر العربى والشعر اليونانى، وهو أمر طبيعى، اذ كان ينقصهم المعرفة الدقيقة بأحد طرفى المقارنة، وهو الشعر اليونانى.
وعلى كل حال فقد أصاب ابن سينا فى هذه الملاحظة الجزئية وهو يقارن بين الشعر العربى والشعر اليونانى. ولو أنه فصل القول فيها وأشبعه، فلربما كان فى ذلك مثار لاستطلاع بعض النقاد العرب، وان كنا نشك كل الشك فى وجود حب استطلاع لما لدى غير العرب من ادب، نظرا للغرور القاتل الذى انتفخت أذهانهم به فأعماهم عن كل ما عدا الشعر العربى!.
لكننا لا نريد أن نعفى ابن سينا ها هنا من مسئولية التقصير فى السعى لمعرفة حقيقة الطرف الثانى للمقارنة، وهو الشعر اليونانى، حتى يتبين جلية الأمر فيما يورده المعلم الأول من شواهد على ما يسوق من قواعد ومبادئ كلية. ذلك لأن حماسته لمؤلفات أرسطو كانت كافية لدفعه الى تقصى الآساس التى أقام عليها أرسطو نظرياته ها هنا أعنى فى فن الشعر، خصوصا وهو يرى أن أرسطو يتخذ شواهده من الأدب اليونانى ويتكئ عليها فى كل خطوات تحليله، فيذكر سوفقليس، وخصوصا يذكر له مسرحية «أوديب ملكا»، ويوريفيدس، وبخاصة مسرحية «ايفيجينيا»، وقبل هذا كله يمجد سيد الشعراء غير مدافع، وهو هوميروس، فيذكره فى ثلاثة عشر موضعا: فهل لم يكن هذا كله كافيا لاثارة رغبة ابن سينا حتى يعرف الأدب اليونانى ليزداد فهما لنص كتاب أرسطو؟.
ثم ان العالمين باليونانية من المشتغلين بالترجمة ومن رجال الدين فى الأديرة كانوا لا يزالون يمارسون نشاطهم الفكرى. فكان فى وسعه وهو الوزير ذو المال والسلطان أن يلجأ اليهم ويدعوهم بل يحملهم على ترجمة هذه الآثار الى العربية حتى يستوعبها، خصوصا والمسرحيات لا تفقد الكثير من روعتها وتأثيرها بخلاف الشعر الغنائى اذا ترجمت الى لغة أخرى. فمعظم الأدباء الأوربيين فى العصر الحديث يعتمدون على ترجمات هذه المسرحيات اليونانية الى لغاتهم الحديثة ومع ذلك يتأثرون بها كل
__________
(1) فى بحث له «بمجلة الدراسات الشرقية» ج 12 (سنة 1929سنة 1930) ص 302:
:.،،
التأثر، لأن المسرحية، كما قلنا، لا تعتمد فى تأثيرها كثيرا على اللغة التى كتبت بها. فتقصير ابن سينا ها هنا لا ينهض لتبريره أى اعتذار.(1/485)
__________
:.،،
التأثر، لأن المسرحية، كما قلنا، لا تعتمد فى تأثيرها كثيرا على اللغة التى كتبت بها. فتقصير ابن سينا ها هنا لا ينهض لتبريره أى اعتذار.
ولو أخذنا الآن فى بيان مصادر ابن سينا فى تلخيصه لكتاب أرسطو هنا، لما وجدناها تتجاوز مصدرين:
(1) «فى الشعر» لأرسطو
(2) «مقالة فى قوانين صناعة الشعراء» للفارابى.
فالفصل الأول «فى الشعر مطلقا واصناف الصيغ الشعرية وأصناف الأشعار اليونانية» وهو الفصل الأهم فى تلخيص ابن سينا لأن فيه تظهر شخصية عمله الخاص مدخل يتألف من ملاحظات عامة ابداها ابن سينا فى بيان حد الشعر، وما يعنى المنطقى (يعنى غير اللغوى، وبالجملة الناقد الفنى) من أمره وهو أنه كلام مخيل، و «المخيل هو الكلام الذى تذعن له النفس فتنبسط عن أمور وتنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختيار، وبالجملة ينفعل له انفعالا نفسانيا غير فكرى» اى ان المنطقى وبتعبير أدق: عالم الجمال ليهتم بالأثر الشعرى من حيث تأثيره فى النفس، أيا كان هذا التأثير: معقولا أو غير معقول. وفى هذا المعنى يفرق بين التخييل، والتصديق: فالأول، وهو الذى يكون صميم الشعر، يقصد به مجرد تحريك النفس ولو كان المحرك غير حقيقى أما الثانى فيقصد به الوصول الى معرفة الشئ الموجود كما هو على حقيقته.
والتخييل يولد اعجابا وتلذذا بنفس القول، أما التصديق فهو «اذعان لقبول ان الشئ على ما قيل فيه». ويعرج من هذا على المقارنة بين الخطابة والشعر من حيث هذه التفرقة: فيرى أن الخطابة تستعمل التصديق، والشعر يستعمل التخييل والتصديقات المظنونة فى الخطابة محصورة متناهية، أما التخييلات والمحاكيات فى الشعر فلا تحصر ولا تحد. وكيف والمحصور هو المشهور أو القريب، بينما يمتاز الشعر بالنادر والغريب، بالمخترع والمبتدع. ثم راح يبحث فى الحيل التى تؤدى الى هذا الابداع:
فقسمها الى ما هو بحسب المعنى، وما هو بحسب اللفظ. وبين أن الحيل تترتب على نسبة ما بين الأجزاء: اما بمشاكلة، وأما بمخالفة والمشاكلة والمخالفة كلتاهما: اما تامة، واما ناقصة. ثم يبحث فى هذه الأقسام على سبيل الايجاز. وهذه التقسيمات وما اورده بشأنها قد استخلصه
ابن سينا من مستهل كلام (1) الفارابى (راجع كتابنا «فن الشعر» ص 150ص 151) ومن كلام أرسطو فى كتاب «الخطابة» ومما أدركه بصفة عامة فى كتاب أرسطو «فى الشعر» كل هذا مع ملاحظات خاصة أبداها ابن سينا نفسه.(1/486)
فقسمها الى ما هو بحسب المعنى، وما هو بحسب اللفظ. وبين أن الحيل تترتب على نسبة ما بين الأجزاء: اما بمشاكلة، وأما بمخالفة والمشاكلة والمخالفة كلتاهما: اما تامة، واما ناقصة. ثم يبحث فى هذه الأقسام على سبيل الايجاز. وهذه التقسيمات وما اورده بشأنها قد استخلصه
ابن سينا من مستهل كلام (1) الفارابى (راجع كتابنا «فن الشعر» ص 150ص 151) ومن كلام أرسطو فى كتاب «الخطابة» ومما أدركه بصفة عامة فى كتاب أرسطو «فى الشعر» كل هذا مع ملاحظات خاصة أبداها ابن سينا نفسه.
حتى اذا ما فرغ من بيان «عدة الصيغات الشعرية على سبيل الاختصار» انتقل الى الشعر اليونانى خاصة فذكر ان اليونانيين «كانت لهم أغراض محدودة يقولون فيها الشعر، وكانوا يخصون كل غرض بوزن على حدة، وكانوا يسمون كل وزن باسم على حدة»، فيذكر اثنى عشر نوعا وتعريفا بكل نوع. وهو هنا انما ينقل عن الفارابى (2) نقلا مع شئ من الايجاز. فليس لابن سينا هنا أى فضل بل كلام الفارابى هنا أوسع وادق وأوضح ولم نستطع نحن ان نفهم كلام ابن سينا الا بعد اطلاعنا على كلام الفارابى.
من أين استقى الفارابى هذه التقسيمات؟.
يقول هو: «ونحن نعدد اصناف أشعار اليونانيين على ما عدده الحكيم فى اقاويله فى صناعة الشعر، ونومئ الى كل نوع منها ايماء» ولكن ارسطو فى كتابه «فى الشعر» لا يذكر هذه الأقسام التى ذكرها الفارابى كلها على هذا النحو. وانما أخذها الفارابى عما تناهى اليه «من العارفين بأشعارهم وعلى ما وجدناه فى الأقاويل المنسوبة الى الحكيم أرسطو فى صناعة الشعر والى ثامسطيوس وغيرهما من القدماء والمفسرين لكتبهم» (ص 155).
فاذن تلقى الفارابى معلوماته هنا من:
(1) العارفين بالاشعار اليونانية وهو يقصد المترجمين والمشتغلين بالثقافة اليونانية من السريان، ومنهم استاذه يوحنا بن حيلان. فالذين يعرفون اليونانية كانوا بالضرورة ملمين بالأدب اليونانى وكتب النحويين للافادة منها فى دراسة اللغة، وهى بطبعها قد اشتملت على مباحث فى فن الشعر اعنى خصوصا فى العروض والقوافى. وابن العبرى يروى لنا أن الياذة هو ميروس قد ترجمت الى اللغة السريانية. ولعل الاكتشافات الجديدة فى ميدان الثقافة السريانية من القرون السادس الى العاشر أن لزيدنا بيانا فى هذا الباب، لاننا نعتقد أن الأدب اليونانى كان معروفا جيدا
__________
(1) نشرنا نص مقالة الفارابى هذه فى كتابنا: «أرسطوطاليس: فن الشعر، مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفارابى وابن سينا وابن رشد»، ص 149ص 158.
(2) المصدر السابق ص 152ص 155.(1/487)
لدى السريان الملمين باللغة اليونانية. هذا فضلا عن امكان انتقال ابحاث مدرسة الاسكندرية فى اللغة والخطابة والنقد الأدبى مع ما انتقل منها الى بغداد، لأننا نرجح أن انتقال التراث اليونانى من الاسكندرية الى بغداد (1) لم يقتصر على كتب الطب والفلسفة والرياضيات.
(2) كلام ثامسطيوس تعليقا على كتاب «فى الشعر» لأرسطو. فقد ذكر ابن النديم فى «الفهرست» (ص 350س 1، طبع مصر) عند الكلام عن كتاب «الشعر» لأرسطو: «وقيل ان فيه كلاما لثامسطيوس، ويقال انه منحول اليه». فهذا الكلام الذى لثامسطيوس هو ما يشير اليه الفارابى هنا.
(3) من كتاب أرسطو فى صناعة الشعر. وكان قد ترجمه زميله فى الدراسة ومعاصره أبو بشر متى بن يونس، وان لم يذكر هو شيئا من هذا. أما أن يكون قد عرف كتب أرسطو الاخرى فى صناعة الشعر، فهو أمر نستبعده كثيرا. ونحن نعلم أن كتاب أرسطو «فى الشعر» ليس هو الكتاب الوحيد الذى كتبه فى فن الشعر، بل تذكر لنا الفهارس (فهرس ذيوجانس اللائرسى، والفهرس المجهول المؤلف، وفهرس بطلميوس الغريب) أسماء قرابة خمسة عشر كتابا كتبها أرسطو فى فن الشعر، ولكن لم يبق لدينا منها الا شذرات قليلة جمعها روزه (2) فى «أرسطو المنحول» (ليبتسك سنة 1863)، وفى الجزء الخامس من نشرة بكر (ص 1485وما يليها، برلين سنة 1870). ولكننا لم نعثر فى كتب المؤرخين أمثال ابن النديم والقفطى وابن أبى أصيبعة، ولا فى الأخبار الواردة فى الترجمات عن اليونانية، ما يدل على أن هذه الكتب الأرسطية المفقودة فى صناعة الشعر قد وجد شئ منها فى العربية، وان كان هذا ليس بالدليل المقنع، لأن مخبآت الغد لا تكاد تخطر لنا اليوم بحسبان.
ولكن المشكل فى بعض هذه الأنواع التى ساقها الفارابى هو فى أن رسم بعضها من الصعب استخلاص أصله اليونانى، مثل: «اينى» فان تعريفه
__________
(1) راجع كتابنا: «التراث اليونانى فى الحضارة الاسلامية»، الفصل الثانى، القاهرة سنة 1946.
(2) راجع: 1863،: ثم هيتس: «كتب أرسطو المفقودة» ليبتسك سنة 1865:(1/488)
الوارد فى كلامه لا يسمح بتصحيحها الى ايفى بمعنى الملحمى ومثل «ديقرامى» (1) الذى لم يفلح مرجوليوت فى رده الى كلمة (امور العدالة) كما أن البعض الآخر، مثل «افيقى وريطورى»، ومثل «فيوماتا» لا نرى ما يدعو الى ابرازه نوعا من الشعر خاصا، مع ان كلمة «فيوماتا» (قصائد صغار) تدل على الأشعار القصيرة عامة.
وعلى كل حال فابن سينا قد نقل هذه التقسيمات عن الفارابى نقلا دون أن يزيد فى توضيح معناها ولا أن يحاول استكناه مدلولها. فهو هنا كما فى كثير من أجزاء فلسفته عالة على الفارابى، ولا يمكن أن يفهم دون البدء بفهم الفارابى. وهذا أمر يجب توكيده والالحاح فيه: وهو أن ابن سينا لن يفهم جيدا الا بالرجوع الى كتب الفارابى. ولقد كان الفارابى أعلم الفلاسفة المسلمين بالتراث اليونانى، لأنه كان على اتصال مباشر بالنقلة والعارفين بهذا التراث فى اللغة اليونانية الأصلية.
وابتداء من الفصل الثانى يبدأ ابن سينا فى تلخيص نص أرسطوطاليس الفصل اثر الفصل على تقسيم له خاص فيه تكرار أحيانا لما قاله من قبل وتداخل بين الفصول. فهو فى الفصل الثانى يعود الى ذكر بعض الأقسام التى أوردها فى الفصل الأول (ديثورمبى، ديقرامى، طراغوذيا، قوموذيا) ويتناول المحاكاة، فيبدى هنا الملاحظة القيمة (الوحيدة) عن خصائص الشعر اليونانى فى مقارنته بالشعر العربى حيث يقول: «والشعر اليونانى انما كان يقصد فيه فى اكثر الأمر محاكاة الأفعال والأحوال لا غير وأما الذوات فلم يكونوا يشتغلون بمحاكاتها أصلا كاشتغال العرب: فان العرب كانت تقول الشعر لوجهين: أحدهما ليؤثر فى النفس أمرا من الأمور تعد به نحو فعل أو انفعال، والثانى للعجب فقط، فكانت تشبه كل شئ لتعجب بحسن التشبيه. وأما اليونانيون فكانوا يقصدون أن يحثوا بالقول على فعل أو يردعوا بالقول عن فعل». وقد نبه فرنشسكو جبرييلى (2) فى مقاله المذكور آنفا الى أهمية هذه الفقرة وما تضعه من تفرقة، فقال: «فى
__________
(1) يمكن أن يكون صوابها: «نواميسى» نسبة الى «نواميس» جمع ناموس لأن ترجمة متى العربية ورد فيها هنا: «كصناعة الشعر الديثورمبى والتى للناموس» (راجع نشرتنا لهذه الترجمة فى: «ارسطوطاليس: فن الشعر» ص 88س 1).
(2) فى «مجلة الدراسات الشرقية» (بالايطالية) ج 12 (سنة 1929 سنة 1930) ص 302.(1/489)
هذه التفرقة التى عبر عنها على نحو غامض ناقص يشوبه الخلط وسوء الفهم احساس أولى أو على الأقل تخطيط للتفرقة الكبرى بين الشعر اليونانى، خصوصا اذا نظر اليه بعينى ارسطو، وبين الشعر العربى الشرقى: فالأول اسطورى قصصى درامى، يستبعد من نماذجه الطابع الغسائى؟؟؟ الذاتى والشاعر الذى يتحدث بضمير المتكلم والثانى على الضد من ذلك يجهل الملحمة ويجهل الدراما (المسرحية)، وكله مقصور على التعبير عن العواطف والصور (ولا يهم هنا أن تكون آلية متحجرة أو قابلة لذلك)، وفيه تحتل الذوات، أعنى الأشخاص بما هى أشخاص، المكانة الأولى، وليس هذا فقط، بل الغالب أن يكون الشاعر هو الذات أو الشخص الوحيد يتحدث بلسان نفسه. ومن هنا فليس من الخطأ أن يسبق الى الظن أنه اذا حق للمرء أن يحكم بحسب النماذج لا بحسب الحقيقة الفعلية للشعر المتمرد على كل نموذج، لتبدت الشاعرية البدوية الفقيرة ذات الوتر الواحد، والتى تكاد الا تعبر عن نفسها الا فى الغنائية الذاتية، نقول لتبدت هذه الشاعرية البدوية فى مدلولها المجرد أقرب الى الفكرة الحديثة عن الفن من الشاعرية اليونانية الرائعة المتعددة الأشكال».
واذن فالشعر اليونانى شعر ارادى ان صح هذا التعبير، بينما الشعر العربى شعر عاطفى الأول موضوعى أو اقرب ما يكون الى الموضوعية، أما الثانى وهو العربى فذاتى لا يكاد يخرج عن نطاق الشاعر وذاته وما ينطبع فى نفسه من انفعالات. والشعر اليونانى كذلك يتجه الى تمجيد الفعل والحث عليه فى المجال العام، أى أن له طابعا اخلاقيا فعاليا، بينما الشعر العربى له طابع انفعالى عاطفى أو لذى فحسب: فالشعر اليونانى يدفع الى الفعل، بينما العربى يستجلب اللذة والمتعة فحسب، وفى هذه الملاحظة العميقة أصاب ابن سينا صميم الحق فى الفارق بين الشعر العربى، والشعر اليونانى.
وابن سينا فى مجرى التلخيص أو العرض يحس احساسا كاملا بأن ارسطو فى قواعده انما يستقرئ الشعر اليونانى بما له من خصائص لا يمكن أن تنطبق كما هى على غيره من ألوان الشعر للأمم الأخرى. وهو لهذا يعبر عن قصور فهمه عن نص ارسطو (التعليم الأول) لعدم المامه بالشعر اليونانى، فيقول: «والآن، فانا نعبر عن القدر الذى أمكننا فهمه من التعليم الأول، اذ أكثر ما فيه اقتصاص أشعار ورسوم كانت خاصة بهم ومتعارفة بينهم يغنيهم تعارفهم اياها عن شرحها وبسطها» (ص 29).
م 2ابن سينا(1/490)
ولعله شعر كذلك بأنه لو تعرض لهذه النماذج والشواهد التى قدمها أرسطو على فرض انه اجاد فهمها لكان كمن يتحدث الى غير مستمع.
فماذا عسى أن يفهم العرب من كلامه ان راح يفسر ويطيل فى معانى الطراغوذيا والقوموذيا والديثورمبى ويروى شواهد من اسخيلوس وسوفقليس ويوريفيدس؟! ولهذا كان يمر بهذه الشواهد فلا يتعرض لها، بل يكتفى بأن يقول: «ثم ذكر (أى أرسطو) عادات كانت لهم فى ذلك» (ص 171)، او كما قال فى الفصل الأخير: «وقد شحن هذا الفصل من التعليم الأول بأمثلة» (ص 197).
وفى هذا مناط اعتذار لابن سينا عن قصوره فى تلخيص كلام أرسطو:
فالأمر كله غريب عنه وعمن يتحدث اليهم.
لهذا لم يكن لنا أن ننتظر من ابن سينا أن ينتبه الى مسائل دقيقة مثل فكرة «التطهير» (1) التى شغلت الأوربيين فيما بعد، أو «وحدة الموضوع والزمان والمكان»، أو الموازنة بين الملحمة والمأساة، أو بين المأساة والملهاة فكل هذه أمور تفترض بالضرورة مقدما أن يكون المرء على علم بالمسرح والمسرحيات، وهو أمر لم يتحقق لابن سينا أو غيره من الفلاسفة العرب، بل نستطيع أن نؤكد كذلك أنه لم يتحقق لواحد من المترجمين عن اليونانية، والا لوردت لنا عنه انباء فيما كتبوا عن انفسهم أو فيما ذكره عنهم المؤرخون. بل لا تدل الدراسات فى الأديرة فى ذلك العصر على أن الذين كانوا يدرسون اليونانية كانوا يحفلون بنتاج يونان الأدبى ادنى احتفال. وانما اقتصروا فيما يظهر على هذه الآثار الفلسفية والطبية والعلمية ولم تكن دراستهم لليونانية الا فى متون نحوية أو كتب قراءة يونانية أولية لا تثير شوقهم الى الاطلاع على هذه الآثار الأدبية الرائعة التى ابدعتها عبقرية الاغريق.
__________
(1) راجع مقدمة كتابنا: «أرسطوطاليس: فن الشعر» ص 49ص 50.(1/491)
مخطوطات الكتاب
اعتمدنا فى نشر هذا القسم من كتاب «الشفاء» على المخطوطات التالية:
1 - مخطوط مكتبة بودلى، پوكوك رقم 119. والمخطوط ردئ، فيه نقص كثير، قليل العناية. وفى خاتمته ورد: «هذا آخر المنطق من كتاب «الشفاء». ووافق الفراغ منه فى العشر الأوسط من ربيع الآخر سنة ثلاث وستمائة».
2 - مخطوط مكتبة بودلى، هنت رقم 111. ويقع قسم «الشعر» فى ورقة 126ب حتى نهايته. وهو بخط مغربى. وليس به تاريخ نسخه، لكن يلوح أنه قديم.
3 - مخطوط الديوان الهندى، المخطوط رقم 1420وكان سابقا باسم رتشرد جونسون. خطه مشرقى، واضح، حديث جدا. وقد ورد فى آخره أنه نسخ «فى رابع ربيع الأول سنة ثمان وأربعين من المائة الثانية بعد الألف من الهجرة النبوية»، وهو يناظر سنة 1735م وقد نسخ عن نسخة ترجع الى سنة 891هـ. وعليه تصحيحات فى الهامش أو فوق الكلمات وتحتها.
4 - مخطوط المتحف البريطانى رقم 113شرقى. بخط نسخى.
5 - مخطوط من وقف السلطان احمد خان بن غازى سلطان محمد خان (تولى الخلافة فى 17رجب سنة 1012وتوفى فى 22ذى القعدة سنة 1026). يقع قسم الشعر فيه من ورقة 1314الى 210ب. وهو بخط نسخى منقوط، مسطرته 31سطرا. وفى خاتمته: «تمت الجملة الأولى من كتاب «الشفا» المشتملة على تلخيص المنطق. واتفق الفراغ منها فى أواخر شعبان من سنة ثمان وعشرين وستمائة. وأسأل الله الهداية والتوفيق وسعادة الأبد، فهو الهادى والموفق للصواب».(1/492)
6 - مخطوط بخيت برقم 331 (حكمة 24بالمكتبة الأزهرية بالأزهر).
مسطرته 41سطرا، بخط نسخى دقيق جدا، منقوط. تاريخ نسخه سنة 864هـ كما ورد فى نهايته بغير خاتمة وتحميد، مما يدعو الى الشك فى صحته ولكنه لا يتأخر عن القرن السابع كثيرا. وهو من خير مخطوطات الشفا لابن سينا (1).
7 - مخطوط دار الكتب المصرية برقم 894فلسفة. بخط حديث كبير، فارسى، منقوط، مسطرته 29سطرا، حجم المكتوب فى الصفحة 2ر 11سم * 2/ 181سم فى المتوسط. لم يرد فيه تاريخ نسخه، وورد فى وجه الورقة الأولى تاريخ تملك هو: 4جمادى الأولى سنة 1115هـ لكن نرجح أن يكون من القرن العاشر أو الحادى عشر (2).
8 - مخطوط المكتبة الأهلية بباريس رقم 6829عربى. ويشمل «الشفا» كله. بخط فارسى خال من الشكل، مسطرته 25سطرا، والكتابة بين اطارات مذهبه. عرض المكتوب فى الصفحة 7ر 10وطوله 9ر 21سم. والخط جميل واضح. تاريخ نسخه «سنة اربع وخمسين بعد الألف من الهجرة النبوية» أى سنة 1644م فهو مخطوط حديث وهو ردئ النسخ، حافل بالتحريف والتصحيف (3).
__________
(1) راجع ما قلناه فى وصفه فى مقدمة نشرتنا لبرهان الشفاء لابن سينا ص 47 ص 48. القاهرة سنة 1954.
(2) راجع المصدر السابق ص 49ص 50من المقدمة. القاهرة سنة 1954.
(3) المصدر السابق ص 50ص 53.(1/493)
رموز المخطوطات
خ مخطوط بخيت برقم 331خصوصية ورقم 44988عمومية بالكتبخانة الأزهريه.
قسم الشعر من 173ب الى 178أ.
م مخطوط دار الكتب المصرية برقم 894فلسفة
س مخطوط استانبول، وقف سلطان أحمد خان بن سلطان غازى محمد خان.
ب مخطوط المتحف البريطانى.
هـ. .
ف 9. .
و1420.
113 ... .(1/494)
الفن التاسع من الجملة الأولى فى المنطق من كتاب «الشفا» (1)
ثمانية فصول
الفصل الأول فى الشعر مطلقا وأصناف الصنعات (2) الشعرية وأصناف الأشعار اليونانية (3)
نقول (4) نحن أولا إن الشعر هو كلام مخيل مؤلف (5) من أقوال موزونة متساوية (6) وعند العرب: مقفاة. ومعنى كونها موزونة أن يكون لها عدد إيقاعى ومعنى كونها متساوية هو أن يكون كل قول منها مؤلفا من أقوال إيقاعية فان عدد زمانه مساو لعدد زمان الآخر (7) ح ومعنى كونها مقفاة هو أن تكون الحروف التى يختم بها (8) كل قول منها واحدة.
ولا نظر للمنطقى فى شئ من ذلك إلا فى كونه كلاما مخيلا: فان الوزن ينظر فيه: أما بالتحقيق والكلية فصاحب علم الموسيقى، وأما
__________
(1) م: الفن التاسع من الجملة الأولى فى المنطق فى الشعر. فصل فى الشعر مطلقا وأصناف الصنعات
فى خ: الفن التاسع من الجملة الأولى فى المنطق. فصل فى الشعر
(2) فى م: الصيغات.
(3) فى ب عند هذا الموضع بالهامش: فواثيطيقا وهو الشعر
(4) خ: نحن نقول أولا.
(5) أم: مخيل.
(6) ب م: موزونة ومتساوية
(7) ج م: آخر
(8) خ: به. م: هو أن يكون الحرف الذى يختم به واحدا.(1/496)
بالتجربة وبحسب المستعمل عند أمة أمة (1) فصاحب علم العروض والتقفية ينظ. فيها صاحب علم القوافى. وإنما ينظر المنطقى فى الشعر من حيث هو مخيل، والمخيل هو الكلام الذى تذعن له النفس فتنبسط عن أمور وتنقبض عن أمور (2) من غير روية وفكر واختيار، وبالجملة تنفعل له انفعالا نفسانيا غير فكرى، سواء كان القول مصدقا به أو غير مصدق به فان كونه مصدقا به (3) غير كونه مخيلا أو غير مخيل. فانه قد يصدق بقول من الأقوال ولا ينفعل عنه فان قيل مرة أخرى، وعلى هيئة أخرى، فكثيرا ما يؤثر الانفعال ولا يحدث تصديقا. وربما كان المتيقن كذبه مخيلا.
وإذا كانت محاكاة الشئ بغيره تحرك النفس، وهو (4) كاذب، فلا عجب أن تكون صفة الشئ على ما هو عليه تحرك النفس وهو صادق بل ذلك أوجب، لكن الناس أطوع للتخيل (5) منهم للتصديق. وكثير منهم إذا سمع التصديقات استنكرها وهرب منها. وللمحاكاة شئ من التعجيب (6) ليس للصدق (7)، لأن الصدق المشهور كالمفروغ منه ولا طراء (8) له والصدق المجهول غير ملتفت إليه والقول الصادق إذا حرف عن العادة وألحق به شئ تستأنس به النفس، فربما أفاد التصديق والتخييل. وربما شغل (9) التخييل عن الالتفات إلى التصديق والشعور به. والتخييل (10)
إذعان، والتصديق إذعان، لكن التخييل (11) إذعان للتعجب والالتذاذ بنفس القول والتصديق إذعان لقبول أن الشئ على ما قيل فيه. فالتخييل [-11]
__________
(1) م: عند أمة فصاحب
(2) وتنقبض عن أمور: مكررة فى خ. م: عن أمر وتنقبض من غير
(3) الزيادة عن خ، م.
(4) خ: فهو.
(5) ب: التخيل. م: للخيل.
(6) ب: التعجب.
(7) خ: للمصدق.
(8) الطراءة: الحدوث والجدة من طرأ يطرأ.
(9) ب: اشتغل.
(10) م: التخيل.
(11) (11، 12) خ: التخيل.(1/497)
يفعله القول بما هو عليه، والتصديق يفعله القول بما القول فيه عليه أن يلتفت فيه إلى جانب (1) حال المقول فيه.
والشعر قد يقال للتعجيب (2) وحده، وقد يقال للأغراض المدنية وعلى ذلك كانت الأشعار اليونانية. والأغراض المدنية هى فى أحد أجناس الأمور الثلاثة: أعنى المشورية، والمشاجرية، والمنافرية. وتشترك (3)
الخطابة والشعر فى ذلك. لكن الخطابة تستعمل التصديق، والشعر يستعمل التخييل.
والتصديقات المظنونة محصورة (4) متناهية يمكن أن توضع أنواعا ومواضع وأما التخييلات والمحاكيات فلا تحصر ولا تحد. وكيف، والمحصور هو المشهور أو القريب غير كل ذلك (5) المستحسن فى الشعر، بل المستحسن فيه المخترع المبتدع.
والأمور التى تجعل القول مخيلا منها أمور تتعلق بزمان القول وعدد زمانه، وهو الوزن ومنها أمور تتعلق بالمسموع من القول، ومنها أمور تتعلق بالمفهوم من القول ومنها أمور تتردد بين المسموع والمفهوم. وكل واحد من المعجب بالمسموع (6) أو المفهوم هو على وجهين: لأنه إما أن يكون من غير حيلة (7)، بل يكون نفس اللفظ فصيحا من غير صنعة فيه، أو يكون نفس المعنى غريبا من غير صنعة فيه [غير] إلا غرابة المحاكاة والتخييل الذى فيه وإما أن يكون المتعجب منه (8) صادرا عن حيلة فى اللفظ أو المعنى إما (9) بحسب البساطة أو بحسب التركيب. والحيلة التركيبية
__________
(1) ب: ما القبول عليه أن يلتفت فيه الحق جانب فى: يلتفت الى
(2) م، ب: للتعجب.
(3) خ: تشترك.
(4) ب: المحصورة.
(5) ب: عن ذلك. م: القريب عن كل ذلك
(6) ب: المعجب بالمسموع أو من القول، ومنها أمور (وهنا تتكرر العبارة السالفة حتى قوله: بالمسموع المعجب أو)
(7) خ: خيلة (بالخاء المعجمة) وفى م بدون نقط. حيلة
(8) م: التعجب فيه.
(9) ب: أو بحسب. م: عن خله فى اللفظ(1/498)
فى اللفظ مثل: التسجيع، ومشاكلة الوزن، والترصيع، والقلب، وأشياء قيلت فى «الخطابة».
وكل حيلة (1) فانما تحدث بنسبة ما بين الأجزاء. والنسبة (2) إما بمشاكلة أو بمخالفة. والمشاكلة إما تامة، وإما ناقصة. وكذلك المخالفة: إما تامة، وإما (3) ناقصة. وجميع ذلك إما أن يكون بحسب اللفظ، أو بحسب المعنى.
والذى بحسب اللفظ: فاما فى الألفاظ الناقصة الدلالات، أو العديمة الدلالات كالأدوات والحروف التى هى مقاطع القول (4) وإما فى الألفاظ الدالة (5)
البسيطة وإما فى الألفاظ المركبة. والذى بحسب المعنى فاما أن يكون بحسب بسائط المعانى، وإما أن يكون بحسب مركبات المعانى. ولنبدأ من القسم الأول فنقول (6): إن الصيغات التى بحسب القسم الأول نسبة أواخر المقاطع وأوائلها. فالنظم المسمى المرصع كقوله:
فلا (7) حسمت من بعد فقدانه الظّبى
ولا كلمت من بعد هجرانه السّمر (8)
ومنها تداخل الأدوات وتخالفها وتشاكلها ك «من» و «إلى» من باب المتخالفات، و «من» و «عن» من (9) باب المتشاكلات.
وأما [الصناعة التى بحسب القسم الثانى فالذى بالمشاكلة تكرر فى الأجزاء
__________
(1) م: جبلة (!).
(2) م: الأجزاء والتشبه واما لمشاكلة واما لمخالفة
(3) ناقصة فى ب والزيادة عن خ. م: وكذلك المخالفة. وجميع ذلك
(4) موجودة فى ب، م وناقصة فى خ.
(5) ب: الدلالة.
(6) ب: ان من الصنعات التى بحسب تشابه أواخر المقاطع وأوائلها
خ: ان الصيغات التى بحسب القسم الأول نسبة مقاطع تتكرر فى الأجزاء وتداخل الأدوات. وأما الصيغات التى بحست القسم الثانى فالتى بالمشاكلة التامة
م: فنقول: الصيغات التى تشابه أواخر المقاطع والنظم المسمى الوضع كقوله
(7) أب: فلما.
(8) ب م: النحو. وحسمت قطعت. كلمت: جرحت.
(9) ج من: ناقصة فى ب.(1/499)
وتداخل الأدوات و] الصيغات التى بحسب (1) القسم الثانى فالذى بالمشاكلة التامة فهو أن تتكرر فى البيت ألفاظ متفقة أو متفقة الجوهر مخالفة التصريف والتى بالمشاكلة الناقصة فأن (2) تكون متقاربة الجوهر، أو متقاربة الجوهر والتصريف. ومثال الأول: العين والعين، ومثال (3) الثانى: الشمل والشمال (4) مثال الثالث والرابع الفاره، والهارف (5)، أو العظيم والعليم، والصابح والسابح، أو السهاد (6) والسّها.
هذا (7) هو التشاكل الذى فى اللفظ بحسب ما هو لفظ. وقد يكون ذلك فى اللفظ بحسب المعنى، وهو أن يكون لفظان (8) اشتهرا مترادفين أو أحدهما مقولا على مناسب (9) الأجزاء [187ب] (10) أو مجانسه، واستعمل على غير تلك الجهة كالكوكب (11) والنجم فيراد به البيت، أو السهم والقوس ويراد (12) به الأثر العلوى.
وأما الذى بحسب المخالفة فإذ ليس لفظ من الألفاظ بمخالف للفظ من جهة لفظيته، فاذن إن خالف فمعناه أن (13) يخالف، وهو المعنى الذى يكون اشتهر له، فتكون الصيغة التى على هذا السبيل فى ألفاظ أو لفظين (14)
يقع أحدهما على شىء والآخر على ضده أو ما يظن أنه ضده (15) وينافيه، أو ما يشاكل ضده ويناسبه ويتصل به وقد استعمل على غير تلك الجهة كالسواد التى هى القرى، والبياض أو الرحمة، وجهنم وما جرى مجراه.
__________
(1) ب: القسم فالتى
(2)؟؟؟: انا مقاربة. م: أن
(3) خ: العين مثال.
(4) الشمال: ناقصة فى م.
(5) م: الحاذق.
(6) ب: الشهادة والسهار.
(7) م، خ: وهذا.
(8) الزيادة فى خ، م.
م: مترادفان.
(9) م: مناسبة مجانسته.
(10) ب و.
(11) ب: ى كالكواب. م: والنجم ويراد
(12) خ. ب: القوس يراد.
(13) ب، خ: ما.
(14) ج م: لفظتين.
(15) أو ما يظن أنه ضده: مكررة فى ب. خ. ب ضده يناسبه.(1/500)
وأما الصنعات (1) التى بحسب القسم الثالث فالذى منه بالمشاكلة فأن يكون لفظ مركب من أجزاء ذوات التصريف فى الانفراد، ويجتمع منها جملة ذوات (2) ترتيب فى التركيب ويقارنه مثله، أو يكون التركيب من ألفاظ لها إحدى (3) الصنعات التى فى البسيطة ويقارنه مثله. والذى بحسب المخالفة فالذى يكون فيه مخالفة ترتيب الأجزاء بين جملتى قولين مركبين: إما أجزاء مشتركة فيهما، أو اجزاء غير مشتركة فيهما. (4)
وأما الصيغات (5) التى بحسب القسم الرابع: أما الذى بحسب المشاكلة التامة فأن يتكرر فى البيت معنى واحد باستعمالات مختلفة وأما الذى بحسب المشاكلة الناقصة فأن تكون هناك معان (6) مفردة متضادة أو مناسبة، كمعنى القوس والسهم، ومعنى الأب والابن. وقد يكون التناسب بتشابه فى النسبة وقد يكون بجهة الاستعمال، وقد يكون باشتراك فى الحمل، وقد يكون باشتراك فى. (7) الاسم. مثال الأول: الملك، والعقل ومثال (8)
الثانى: القوس والسهم مثال الثالث: الطول والعرض مثال الرابع:
الشمس والمطر.
وربما (9) صرح بسبب المشاكلة، وربما لم يصرّح. وإذا صرّح فربما كان بحسب الأمر فى نفسه، وربما كان بحسب الوضع. والمخالفة (10)
إما تامة فى الأضداد وما جرى مجراها، وإما ناقصة. وهى بين شىء ونظير ضده أو مناسب ضده، وبين نظيرى ضدين أو مناسبيهما (11). وربما كانت المخالفة بسبب يذكر (12)، وربما كانت فى نفس الأمر.
وأما الذى بحسب القسم الخامس فأما فى المشاكلة فأن يكون معنى
__________
(1) ب: الصفات. م: الصناعات.
(2) ب: ذو.
(3) أص: احد.
(4) أم: فيها.
(5) خ: الصفات.
(6) ج م: معانى متناسبة
(7) فى: ناقصة فى ب.
(8) الواو: ناقصة فى م.
(9) الواو محذوفة فى خ.
(10) والمخالفة: ناقصة فى م.
(11) م: مناسبها.
(12) خ: مذكر. م: تذكر.(1/501)
مركب من معان (1) وآخر غيره (2) يتشاكل تركيبها أو يشتركان فى الأجزاء.
وأما الذى بالمخالفة فأن يتخالفا فى التركيب أو الترتيب بعد الشركة فى الأجزاء، أو بلا شركة فى الأجزاء، أو يدخل (3) فى هذه القسمة كقولهم: إما كذا كذا، وإما كذا كذا. والجمع (4) والتفريق كقولهم: أنت وفلان (5)
ونحن، لكن أنت للعمادة، وذلك للزعامة. وجمع الجملة لتفصيل البيان:
كقولهم يرجى وتخشى (6) يرجّى الحيا منه، ونحشى الصواعق (7).
فهذه هى عدة الصنعات (8) الشعرية على سبيل الاختصار. واليونانيون كانت لهم أغراض محدودة يقولون فيها الشعر. وكانوا يخصون كل غرض بوزن على حدة وكانوا يسمون كل وزن باسم على حدة. فمن ذلك نوع من الشعر يسمى «طراغوذيا» (9)، له وزن طريف (10) لذيذ يتضمن ذكر الخير والأخيار والمناقب الإنسانية. ثم يضاف جميع ذلك (11) إلى رئيس يراد مدحه. وكانت الملوك فيهم يغنىّ بين أيديهم بهذا الوزن. وربما زادوا (12) فيه نغمات عند موت الملوك للنياحة والمرثية. ومنه نوع يسمى «ديثر مبى» (13)، وهو مثل طراغوديا (14)، ما خلا أنه لا يخص به مدحة إنسان واحد (15) أو أمة معينة، بل الأخيار على الإطلاق. ومنه نوع يسمى
__________
(1) ب: معانى.
(2) م، خ: آخر غير متشاكل تركيبهما
(3) ب: ويدخل وكقولهم.
(4) أوالجمع: ناقصه فى م.
(5) ب م: وفلان ونحن. خ: بحر.
(6) ج ب، م، خ: بعض.
(7) بالهامش هنا فى خ: اشارة الى قول المتنبى (وهو) هكذا:
فتى كالسحاب الجون يخشى ويرتجى يرجى الحيا منه وتخشى الصواعق راجعه فى ديوانه طبع بيروت سنة 1305ص 71س 6.
(8) خ: الصغات؟؟؟. م: الصناعات.
(9) طراغوذيا المأساة
(10) أم: تسديد الأخبار.
(11) ناقصة فى ب. م: يضاف ذلك الى.
(12) ب: زاد.
(13) ب: دمرميتى م، خ: دمرميتى. وفى اليونانية: وهو شعر غنائى ذو جوقة تغنيه جوقة دائرية غالبا من خمسين منشدا، وقد نشأ مرتبطا بعبادة ديونوسيوس.
(14) أم. كطراغوذيا.
(15) خ وأمة. م: واحد واحد معينة.(1/502)
«قوموذيا» (1)، وهو نوع تذكر فيه الشرور والرذائل والأهاجى (2).
وكانوا ربما زادوا فيه نغمات ليذكروا القبائح التى يشترك فيها الناس وسائر الحيوانات. ومنه نوع يسمى «إيامبو» (3)، وهو نوع تذكر فيه المشهورات والأمثال المتعارفة فى كل فن وكان مشتركا للجدال وذكر الحروب والحث عليها، وفى معانى الغضب والضجر. ومنه نوع يسمى «دراماطا» (4)، وهو نوع مثل «إيامبو» (9)، إلا أنه كان (5) يراد به إنسان مخصوص أو ناس معلومون. ومنه نوع يسمى «ديقرا» (6)، وهو نوع كان يستعمله أصحاب النواميس فى تهويل المعاد على النفوس الشريرة. ومنه نوع يسمى «أنثيى» (7). وهو نوع مفرح يتضمن (8) الأقاويل المطربة لجودتها أو لغرابتها. ومنه نوع يسمى «افيقى» (9) ريطوريقى، وهو نوع كان يستعمل فى السياسة والنواميس وأخبار الملوك. ومنه نوع يسمى «ساطورى» (10)
وهو نوع أحدثه الموسيقاريون خاصة فى إيقاعه والتلحين المقرون به، وزعم
__________
(1) قوموذيا الملهاة. وهى مأخوذة من أى عربده.
وكان ثمت أنواع من العربدة فى الأعياد خصوصا أعياد ديونوسيوس، حافلة بالغناء والرقص والسخرية من النظارة.
(2) خ: المهاجى وربما
(3) ب: أنامنوا. خ: انامنوا. م: انامنوا. س: انامنوا.
وفى اليونانية. والوزن الايامبى يتكون من ارجل كل رجل من قصير يتلوه طويل هكذا ب، وهو السائد فى الشعر الايامبى الذى يلوح أنه نش 6أول ما نشأ مرتبطا بعبادة ديميتر وكان ذا طابع ساخر تهكمى. وقد صار الشعر الايامبى هو المستعمل فى الحوار المسرحى لأنه أقرب الأوزان الى لغة التخاطب العادية.
(4) أ: م: ديراما.
(5) ناقصة فى خ.
(6) ب: ديغرا. م: ومغرمى. س: ذيفوا.
(7) م: العى المطربة لحدوثها ب. خ: أمى؟؟؟. ولعله كما أثبتنا أى زهرة الشعر.
(8) خ: تضمن.
(9) من ريطوريقى؟.
(10) ساطورى وهى مسرحية تهريجية الجوقة فيها مؤلفة من الساطوريين، وهم أنصاف آلهة. وكانت تشبه الطراغوذيا فى الشكل، ولكن لغتها فاحشة.
ب: ساطورى وهو نوع يسمى فيومانا وكان أحدثه(1/503)
أنه يحدث فى الحيوان حركات خارجة عن العادة. ومنه نوع يسمى «فيوموتا» (1)
وكان يذكر فيه الشعر الجيد والردئ ويشبه كل ما يجانسه، ومنه نوع يسمى «ايفحا باساردس» (2) وأحدثه أنبدقليس (3)، وحكم فيه على العلم الطبيعى وغيره. ومنه نوع يسمى «أوتوستقى» (4)، وهو نوع تلقن به صناعة الموسيقى لا نفع له فى غيره.
الفصل (5) الثانى فى أصناف الأغراض الكلية والمحاكاة الكلية التى للشعراء
والآن فانا قد نعبر عن هذا القدر الذى أمكنا فهمه من التعليم الأول إذ أكثر ما فيه اقتصاص أشعار ورسوم كانت خاصة بهم ومتعارفة بينهم (6)
يغنيهم (7) تعارفهم إياها (8) عن شرحها وبسطها. وكانت لهم، كما أخبرنا (9)
أنواع معدودة للشعر فى أغراض محدودة ويخص (10) كل غرض وزن وكانت لهم عادات فى كل نوع خاصة بهم كما للعرب من عادة (11) ذكر الديار والغزل وذكر الفيافى وغير ذلك. فيجب أن يكون هذا معلوما مفروضا.
فنقول الآن (12): أما الكلام فى الشعر، وأنواع الشعر، وخاصة
__________
(1) م: فيمومونا. ح، ب: قيومونا. وصوابه ما أثبتنا وهو تعريب كلمة أى قصائد احمالا.
(2) م: انصحابا ساويين، س: الصحابا ساروس.
(3) م أمبدقلبس. س: أمبدفنس؟؟؟.
(4) ب، م، خ: أوفوسبعى. وصوابه ما اثبتناى ورد فى نشرة مرجوليوت. وهى تعريب كلمة أى السماع.
(5) خ: فصل فى أصناف م: فصل فى أصناف الأغراض الكلية والمحاكيات التى للشعراء.
(6) أخ، ب: عنهم ويغنيهم
(7) خ: ويغنيهم.
(8) ب اياهم. خ: اياه.
(9) ب أخبرنا به.
(10) أ: الواو ناقصة فى م.
(11) ب: م: من ذكر عادة (وفيه تقديم وتأخير).
(12) ج م: فنقول. دل:؟؟؟ أما الكلام(1/504)
كل واحد منها، ووجه إجادة قرض الأمثال والخرافات الشعرية، وهى الأقاويل المخيلة، وإبانة أجزاء كل نوع بكميته وكيفيته فنقول (1) فيه إن كل مثل وخرافة فاما أن يكون على سبيل تشبيه بآخر وإما على سبيل أخذ الشىء نفسه، لا على ما هو عليه، بل على سبيل التبديل وهو الاستعارة أو المجاز وإما على التركيب منهما. فان المحاكاة كشىء طبيعى للإنسان، والمحاكاة هى إيراد مثل الشىء وليس هو هو، وذلك كما يحاكى الحيوان الطبيعى بصورة (2)
فى الظاهر كالطبيعى. ولذلك (3) يتشبه بعض الناس فى أحواله ببعض ويحاكى بعضهم بعضا، ويحاكون غيرهم.
فمن ذلك ما يصدر عن صناعة، ومن ذلك ما يتبع العادة، وأيضا من ذلك ما يكون بفعل (4)، ومن ذلك ما يكون بقول. والشعر (5)
من جملة ما يخيل (6) ويحاكى بأشياء ثلاثة: باللحن الذى يتنغم به، فان اللحن يؤثر فى النفس تأثيرا لا يرتاب به. ولكل غرض لحن يليق به بحسب جزالته أو (7). لينه أو توسطه. وبذلك التأثير تصير النفس محاكية فى نفسها لحزن أو غضب (8) أو غير ذلك وبالكلام نفسه إذا كان مخيلا محاكيا وبالوزن، فان من الأوزان ما يطيش، ومنها ما يوقر. وربما اجتمعت هذه كلها. وربما انفرد الوزن والكلام المخيل فان هذه الأشياء قد يفترق بعضها من بعض، وذلك أن اللحن المركب من نغم متفقة ومن إيقاع قد يوجد فى المعارف والمزاهر واللحن المفرد الذى لا إيقاع فيه قد (9) يوجد فى المزامير المرسلة التى لا توقع عليها الأصابع إذا سويت مناسبة. والإيقاع الذى لا لحن فيه قد يوجد فى الرقص ولذلك فان الرقص يتشكل جيدا بمقارنة اللحن إياه حتى يؤثر فى النفس.
__________
(1) د م: فستقول.
(2) خ: يصور هو فى الظاهر م: لصورة هو فى الظاهر
(3) خ: كذلك.
(4) ب م: يفعل.
(5) خ، م: فالشعر.
(6) ب: يتخيل.
(7) م: ولينه.
(8) ب: بحنبل.
(9) ب، خ: وقد.(1/505)
قد (1) تكون أقاويل منثورة مخيلة، وقد تكون أوزان غير مخيلة لأنها ساذجة بلا قول. وإنما يجود الشعر بأن يجتمع فيه القول المخيل والوزن فان الأقاويل الموزونة التى عملها عدة من الفلاسفة، ومنهم سقراط، قد وزنت (2) إما بوزن حيا (3) الثالث المؤلف من أربعة عشر رجلا، وإما بوزن المؤلف (4) من ستة عشر رجلا، وغير ذلك. وكذلك التى ليست بالحقيقة أشعارا، ولكن أقوالا تشبه الأشعار. وكذلك (5) الكلام الذى وزنه أنبدقلس (6) [188ا] وجعله فى الطبيعيات، فان ذلك ليس فيه من الشعر إلا الوزن. ولا مشاركة بين أنبدقلس وبين أوميروس (7). إلا فى الوزن. وأما ما وقع عليه الوزن من كلام أنبدقلس فأقوال طبيعية، وما يقع عليه الوزن من كلام (8) أو ميروس فأقوال شعرية. فلذلك ليس كلام أنبدقليس (4) شعرا. ولذلك أيضا من نظم كلاما ليس من وزن واحد، بل كل جزء منه ذو وزن (9) آخر، فليس ذلك شعرا. ومن الناس من يقول ويغنى به بلحن (10) ذى إيقاع. وعلى هذا كان شعرهم يسمى ديثورمبى (11)
وآظنه ضربا من الشعر كان يمدح به لا (12) الإنسان بعينه أو طائفة بعينها، بل الأخيار على الإطلاق. وكان يؤلف من أربعة وعشرين رجلا، وهى المقاطع. وكذلك كان شعرهم الذى يستعمله أصحاب (13) السنن فى تهويل المعاد على النفوس الشريرة، وأظنه الذى يسمى ديقراقى (14). وكذلك كان
__________
(1) خ، م: وقد.
(2) ب م: قرنت.
(3) كذا فى ب وخ، م.
(4) م: من المؤلف.
(5) خ: وكالكلام
(6) ب: أمبدقلس. م: أمبدقليس.
(7) ب: أميرس. م: مشاركة بين أمبدقليس وبين أرميرس.
(8) ناقصة فى ب. م: فأقول طبيعية.
(9) ب: وزن ذو آخر وهو تحريف ظاهر.
(10) م: لحن.
(11) ب: دمبورمنى. خ: دمبورمنى. م: المسمى دمبورمى.
(12) ناقصة فى ب، خ والسياق يقتضيها. وفى م: به لانسان بعينه.
(13) ب: أصاب.
(14) ب، خ: ديقراقى. م: ديفرافى.(1/506)
يعمل «طراغوذيا» (1)، وهو المديح الذى يقصد به إنسان حى أو ميت، وكانوا يغنون به غناءا فحلا وكانوا يبتدئون فيه فيذكرون فيه الفضائل والمحاسن ثم ينسبونها إلى واحد: فان كان ميتا زادوا فى طول البيت أو فى لحنه نغمات تدل على أنها (2) مرثية ونياحة. وأما «قوموذيا» وهو ضرب من الشعر يهجى به هجاءا مخلوطا بطنز (3) وسخرية ويقصد به إنسان.
وهو يخالف «طراغوذيا» بسبب أن «طراغوذيا» (4) يحسن أن يجمع أسباب المحاكاة كلها فيه من اللحن والنظم، و «قوموذيا» لا يحسن فيه التلحين، لأن للطنز لا يلائم اللحن.
وكل محاكاة فاما أن يقصد بها التحسين وإما أن يقصد بها التقبيح.
فان الشىء إنما يحاكى ليحسن، أو يقبح. والشعر اليونانى إنما كان يقصد فيه فى أكثر الأمر محاكاة الأفعال والأحوال لا غير وأما الدواب فلم يكونوا يشتغلون بمحاكاتها أصلا كاشتغال العرب. فان العرب كانت تقول الشعر لوجهين: أحدهما ليؤثر فى النفس أمرا من الأمور بعينه (5) نحو فعل وانفعال والثانى للتعجب (6) فقط، فكان يشبه كل شىء ليعجب بحسب التشبيه.
وأما اليونانيون فكانوا يقصدون أن يحثوا بالقول على فعل، أو يردعوا بالقول عن فعل. وتارة كانوا يفعلون ذلك على سبيل الخطابة، وتارة على سبيل الشعر (7). فلذلك (8) كانت المحاكاة الشعرية عندهم مقصورة على الأفاعيل والأحوال، وعلى الذوات من حيث لها تلك الأفاعيل والأحوال فى كل فعل (9).
وكل فعل إما قبيح، وإما جميل. ولما اعتادوا محاكاة الأفعال انتقل
__________
(1) ب: كان اغوديا. م: بطراغوديا.
(2) م: انه.
(3) الطنز السخرية، طنز به فهو طناز.
(4) م: فراعوديا.
(5) ب، خ: يعلم به.
(6) ب، خ: للعجب.
(7) م: وتارة على سبيل الخطابة (وهو تكرار).
(8) ب: ولذلك. م: فلذلك تكون
(9) الزيادة فى خ. م: وفى كل فعل.(1/507)
بعضهم إلى محاكاتها للتشبيه الصرف، لا لتحسين وتقبيح، فكل تشبيه (1)
ومحاكاة كان معدا عندهم نحو التقبيح أو (2) التحسين، وبالجملة المدح أو الذم. وكانوا يفعلون فعل المصورين فان (3) المصورين يصورون الملك بصورة حسنة، ويصورون الشيطان بصورة قبيحة، وكذلك من حاول من المصورين أن يصور الأحوال أيضا، كما يصور أصحاب مانى حال الغضب والرحمة فانهم يصورون الغضب بصورة قبيحة، ويصورون الرحمة بصورة حسنة (4).
وقد كان من الشعراء اليونانيين (5) من يقصد التشبيه للفعل وإن لم يخيل (6) منه قبيحا وحسنا، بل المطابقة فقط.
فظاهر (7) أن فصول التشبيه هذه الثلاثة: التقبيح، والتحسين والمطابقة وأن ذلك ليس فى الألحان (8) الساذجة والأوزان الساذجة، ولا فى الإيقاع الساذج، بل فى الكلام. والمطابقة فصل ثابت يمكن أن يمال بها إلى قبح، وأن يمال بها إلى حسن وكأنها (9) محاكاة معدة مثل من (10) شبه شوق النفس الغضبية بوثب الأسد، فان هذه مطابقة يمكن أن يمال بها (11) إلى الجانبين فيقال توثب الأسد (12) الظالم، أو توثب الأسد المقدام. فالأول يكون مهيئا نحو الذم، والثانى يكون مهيئا نحو المدح.
والمطابقة تستحيل إلى تحسين أو (13) تقبيح يتضمن شيئا زائدا وهذا نمط أوميروس (14). فأما إذا تركت على حالها ومثالها كانت مطابقة فقط.
فكل (15) هذه المحاكيات الثلاث إنما هى (16) على الوجوه الثلاثة
__________
(1) خ: تشبيه محاكاة.
(2) أم: والتحسين.
(3) ناقصة فى ب.
(4) ناقصة فى ب.
(5) ب: اليونانية.
(6) م: يتخيل.
(7) ب، خ: وظاهر.
(8) م: ألحان الساذجة.
(9) د م: فكأنها.
(10) هـ م: معدة من تشبيه شوق
(11) م، ب: يمال الى
(12) م: توثبا لاسد
(13) م: وتقبيح.
(14) م، خ: أوميرس.
(15) خ: وكل.
(16) خ: انما هو.(1/508)
المذكورة سالفا. فكان (1) بعض الشعراء اليونانيين يشبهون فقط، وبعضهم كأوميروس (2) يحاكى الفضائل فى أكثر الأمر فقط، وبعضهم يحاكى كليهما، أعنى الفضائل والقبائح. ثم ذكر عادات كانت لبلاد فى ذلك.
فهذه هى فصول المحاكاة من جهة ما هى محاكاة، ومن جهة ما يقصد بالمحاكاة. أما المحاكيات (3) فثلاثة: تشبيه، واستعارة، وتركيب. وأما الأغراض فثلاثة: تحسين، وتقبيح، ومطابقة.
__________
(1) م: وكان.
(2) م: كأوميرس.
(3) م: المحاكات الثلاثة تشبيه(1/509)
الفصل الثالث فى الإخبار عن كيفية ابتداء نشء الشعر وأصناف الشعر (1)
إن السبب المولد للشعر فى قوة الناس شيئان: أحدهما الالتذاذ بالمحاكاة واستعمالها منذ الصبا وبها يفارقون الحيوانات العجم، من جهة أن الإنسان أقوى على المحاكاة من سائر الحيوان (2): فان بعضها لا محاكاة فيه أصلا، وبعضها فيه محاكاة يسيرة: إما بالنغم كالببغاء، وإما بالشمائل كالقرد.
وللمحاكاة التى فى الناس فائدة، وذلك فى الإشارة التى يحاكى بها المعانى فتقوم مقام التعليم، وتقع موقع سائر الأمور المتقدمة على التعليم. وحتى إن الإشارة إذا اقترنت (3) بالعبارة أوقعت المعنى فى النفس إيقاعا جليا، وذلك لأن النفس (4) تنبسط وتلتذ بالمحاكاة، فيكون ذلك سببا لأن يقع عندها لأمر فضل موقع.
والدليل على فرحهم بالمحاكاة أنهم يسرون بتأمل الصور المنقوشة للحيوانات الكريهة والمتقزّر منها. ولو شاهدوها أنفسها لتنكبوا (5) عنها.
فيكون المفرح ليس نفس تلك الصورة ولا المنقوش، بل كونبا (6) محاكاة لغيرها إذا كانت أتقنت (7) ولهذا السبب ما كان (8) التعلم لذيذا، لا إلى الفلاسفة فقط، بل إلى الجمهور، لما فى التعلم من المحاكاة، لأن التعليم (9)
تصوير ما للأمر فى رقعة النفس. ولهذا ما يكثر سرور الناس بالصور المنقوشة
__________
(1) م، خ، س: فصل فى الاخبار عن كيفية ابتداء نشا الشعر وأصنافه.
(2) خ: الحيوانات.
(3) م: قرنت أوقف المعنى
(4) ب م: الأنفس.
(5) ج م: لبنطوا الفرح
(6) ب، خ: كونه.
(7) هـ م: أبينت.
(8) م، خ: صار.
(9) م: فان التعلم(1/510)
بعد أن يكونوا قد أحسنوا إلحاق (1) التى هذه أمثالها، فان لم يحسنوها (2)
قبل، لم تتم لذتهم، بل إنما يلتذون حينئذ قريبا مما يلتذ (3) من نفس كيفية (4) النقش فى كيفيته ووضعه، وما يجرى مجراه.
والسبب الثانى حب الناس (5) للتأليف المتفق (6) والألحان طبعا. ثم قد وجدت الأوزان مناسبة للألحان، فمالت إليها الأنفس وأوجدتها.
فمن هاتين العلتين تولدت الشعرية، وجعلت تنمو (7) يسيرا يسيرا تابعة للطباع. وأكثر تولدها على المطبوعين الذين يرتجلون الشعر طبعا، وانبعثت الشعرية منهم بحسب غريزة كل واحد منهم وقريحته فى خاصته وبحسب خلقه وعادته. فمن كان منهم أعف، مال إلى المحاكاة بالأفعال الجميلة وبما يشاكلها (8)
ومن كان منهم أخس (9) نفسا مال إلى الهجاء، وذلك حين هجوا الأشرار كانوا إذا هجوا الأشرار (10) بانفرادهم يصيرون إلى ذكر المحاسن والممادح ليصيروا الرذائل بازائها أقبح. فان من قال إن الفجور رذالة ووقف (11) عليه لم يكن تأثير ذلك فى النفس تأثيره لو قال: كما أن العفة جلالة وحسن حال (12).
قال: إلا أنه ليس لنا أن نسلم ذكر الفضائل فى الشعر لأحد قبل أوميروس (13) وقبل أن بسط هو الكلام فى ذكر الفضائل. ولا ينكر أن يكون آخرون قرضوا الشعر بالفضائل ولكن أوميروس (13) هو الأول
__________
(1) ب: يكونوا أحسوا الحلق م: قد أحسن الحلق التى.
(2) ب: يحسوها. م: يحسرها.
(3) ب: يلتذون. م: يتلذذون.
(4) م: نفس عمل النقش
(5) ب: حب الناس النفس للتأليف وفى خ: حث الناس
(6) م: المتبق.
(7) م: تنمى.
(8) م: شاكلها.
(9) ب: أحسن مال
(10) ناقصة فى ب.
(11) ب: ووقف بانفرادهم يصيرون الى ذكر عليه وهو تحريف بالاضافة.
(12) م: حاله.
(13) م: أوميرس.(1/511)
والمبدأ. ومثال أشعار المتقدمين من الهجاء قول بعضهم ما ترجمته (1):
«إن لهذاك (2) شبقا وفسقا وانتشار حال».
وما يجرى مجرى ذلك مما يقال فى الأشعار المعروفة ب «يامبو (3)، وهو وزن يخص بالمجادلات والمطانزات (4) والإضجارات من غير أن يقصد به إنسان بعينه، وهو وزن ذو اثنى عشر (5) رجلا وكان يستعمله شعراء «ديلاذا» و «فاروديا» (6). ثم إن أوميروس (7) وإن كان أول من قال طراغوذيا قولا يعتد به، وبسط الكلام فى الفضائل فقد نهج أيضا سبل قول درامطريات (8)، وهى فى معنى إيامبو، إلا أنه مقصود به إنسان بعينه أو عدة من الناس بأعيانهم. ونسبة هذا النوع إلى «قوموذيا» نسبة «أوذوسيا» إلى «طراغوذيا»، يعنى أن كل واحد منهما أعم من نظيره وأقدم والثانيان أشد [188ب] تفصيلا وأبطأ زمانا، وإنما تولدا بعد ذلك.
ويذكر بعد هذا ما يدل عليه من كيفية الانتقال بحسب تأريخاتهم التى كانت لها من نوع إلى نوع، إلى أن تفصل طراغوذيا وقوموذيا واستفادا (10)
الرونق التام. فان طراغوذيا نشأ من الديثورمبو (11) القديمة وأما قوموذيا فنشأ من الأشعار الهجائية السخيفة، المنسية (12) عند الأماثل، الباقية قال إلى الآن فى الرساتيق الخسيسة. ثم لما نشأت الطراغودية لم تترك
__________
(1) ج م: رحمته.
(2) خ: ان لها دآن م: ان لها حال لسبق وفسق
(3) خ: ساميو. ب: سامبو وهى م: سامه.
(4) المطانزة: من الطنز اى السخرية، م: والمطانزات والاسمارات.
(5) ب: ذو اثنا عشر.
(6) مرجوليوتا: وايقا ودويامنو، ب: أولها دويامبو، هـ: وايعاوديامبو، خ: شعراء ديلاد وابقاء دباميو وقد أصلحناه بحسب اليونانى
(7) م: أوميرس.
(8) خ، دمامطراب هى لأنه م: سبيل قول درامطربار.
(9) ناقصة فى ب.
(10) ب: واستقر ذا م: وأسفار
(11) ب: انبورمبوا. خ: انبورمبوا. م: المورنبوا.
(12) م: المشئة.(1/512)
حتى أكملت بتغييرات وزيادات كانت تليق بطباعهم (1) ثم أضيف إليها الأخذ بالوجوه (2) واستعملها الشعراء الذين يخلطون (3) الكلام بالأخذ بالوجوه حتى صار الشئ الواحد يفهم من وجهين: أحدهما من حيث اللفظ والآخر من حيث (4) هيئة المنشد. ثم جاء أسخيلوس (5) القديم فخلط ذلك بالألحان، فوقع للطراغوديات ألحانا بقيت عند المغنيين والرقاصين. وهو الذى رسم المجاهدة بالشعر، يعنى المجاوبة والمناقضة، كما قيل فى «الخطابة».
وسوفوقليس (6) وضع الألحان التى يلعب بها فى المحافل على سبيل الهزل والتطانز. وكان ذلك قليلا يسيرا فيما سلف. ثم إنه نشأ ساطورى (7) من بعد، وساطورى من رباعيات إيامبو (8)، ثم استعمل ساطورى فى غير الهزل ونقل إلى الجد وذكر العفة. وأظن أنا أن الرباعيات هى الأوزان القصيرة التى يكون كل بيت منها (9) من أربع قواعد، وكل مصراع من قاعدتين.
وليس يجب أن يصغى إلى الترجمة التى دلت على أن الرباعيات هى التى تضاعف الوزن فيها أربع مرات (10)، بل الترجمة الصحيحة ما يخالف ذلك.
فان ذلك (11) النقل يدل على أن هذه الرباعية قديمة وبسبب (12) الرقص المسمى ساطوريقا. والأقدم من الأشعار هو الأقصر والأنقص، والمستعمل للرقص هو الأخف. قال: وإنما سمى هذا النوع ساطورى لأن الطباع
__________
(1) ب، خ: بطباعها.
(2) الأخذ بالوجوه:
(3) م: يخلصون.
(4) ب: من حسب. م: أحدهما من حسب اللفظ، والآخر من حسب
(5) ب: امنخلوس. وفى خ صحيحة. وفى م: اسيخلوس.
(6) م: سوفوقلس التى بلغت
(7) ساطورى وهو مسرحية تهريجية كان الحورس فيها مؤلفا من الساطوروسيين، وهم أنصاف آلهة خرافيون. وفى خ: نشأ من عمل ساطورى فى غير الهزل ونقل م: نشأ فى عمل ساطورى
(8) ب: اناميو. م: انامنو.
(9) ب: فيها.
(10) م، خ: مرار.
(11) ذلك: ناقصة فى م.
(12) م: وسبب.(1/513)
صادفته ملائما (1) للرقص المسمى ساطوريقا، وكأن الطباع تسوق إلى هذا النوع من القول ذلك النوع من الوزن، وخصوصا حينما (2) كانت الأجزاء تشغل بالوزن (3)، وهذا هو أن يلحن فيكون فى كل جزء من أجزاء البيت الموزون وزن تلحينى (4). قال: والدليل على أن ذلك طبيعى أن الناس عند المجادلات والمنازعات ربما ارتجلوا شيئا منها طبعا ارتجالا لمبلغ (5) مصراع منه، وهى ستة أرجل. وأما تمام الوزن فعلى ما تنبعث إليه القريحة بتمامه.
وإنما يقع المتنازعون فى ذلك إذا انحرفوا فى المنازعات عن الطريق الملائم للمفاوضة أو مالوا عنها (6) إليه محبة للتفخيم والزينة، فإن العدول من المبتذل إلى الكلام العالى الطبقة والتى (7) تقع فيه أجزاء هى نكت نادرة (8)
هو فى الأكثر بسبب التزيين (9)، لا بسبب التبيين. ولا نشك فى أن الناس تعبوا تعبا شديدا حتى بلغوا غايات التزيين فى واحد واحد من أنواع الكلام.
و «القوموديا» يراد بها المحاكاة التى هى شديدة الترذيل، وليس بكل ما هو شر، ولكن بالجنس من الشر الذى يستفحش ويكون المقصود به الاستهزاء والاستخفاف. وكأن «قوموذيا» نوع (10) من الاستهزاء. والهزل (11)
هو حكاية صغار واستعداد سماجة (12) من غير غضب يقترن به، ومن غير ألم بدنى يحل بالمحكى. وأنت ترى ذلك فى هيئة وجه المسخرة عند ما يغير سحنته لتطنز به من اجتماع ثلاثة أوصاف فيها القبح، لأنه يحتاج إلى أن (13)
يغير عن الهيئة الطبيعية إلى سماجة النكد (14)، لأنه يقصد قصد المجاهرة (15)
__________
(1) ب: ملائمة. وفى خ: ملائم.
(2) ب: حين من.
(3) م، ب: بوزن.
(4) خ: تلحين. م: ملحنين.
(5) لمبلغ ناقصة فى م.
(6) ناقصة فى ب. وفى م: ومالوا التفخيم.
(7) م: والذى.
(8) م: بارزة.
(9) م: التزين.
(10) م: وكأن فروموديا نوع ب: نوعا.
(11) خ: الهزء. م: هوهو.
(12) ب: سماجه. م: سماحه.
(13) م: يعبر.
(14) ب: سماجة والنكد.
(15) م: المجاهدة.(1/514)
بما يغم من (1) اعتقاد قلة مبالاة به وإظهار إضرار عليه. ولذلك فى وجه النكد هيئة يحتاج إليها المستهزئ. والثالث الخلو عن الدلالة على غم، لا كما فى الغضب، فان الغضب سجيته مركبة من سجية موقع متأذ (2) ومغموم جميعا.
وأما المستهزئ فسجيته سجية المنبسط والفرح دون المنقبض المغتم أو المتأذى.
قال: فأما مبدأ الأمر فى حدوث طراغوذيا وآخره فأمر مشهور لا يحوج إلى شرح. وأما قوموذيا فلما لم تكن من الأمور التى يجب أن يعتنى بها أهل العناية وأهل الفضل والرواية، فقد وقع الجهل بنسبه ونسى مبدؤه (3)
وكيفية تولده. وذلك أن المغنيين والرقاصين لما أذن لهم ملك أسوس أن يستعملوا القوموذيا بعد تحريمه إياه (4) عليهم كانوا يستعملون شيئا يخترعونه بارادتهم مما ليس له قانون شعرى صحيح. ولم يكن بجنبهم (5). والقرب منهم من يستمد (6) منه أشكال الأقوال الشعرية حتى كانوا يصادفون (7) شعرا ويكتبونه غناء وإيقاعا. وكانوا يقتصرون على بعض الوجوه الموزونة من الأقاويل القديمة أو من جهة الاستعانة بصناعة الأخذ بالوجوه (8)
فكان (9) أمثال هؤلاء لا يتحققون المعرفة بالقوموذيا فى وقتهم. فكيف يكون حالهم فى تحقيق نسبة قوموذيا إلى من سبقهم!
__________
(1) خ: عن.
(2) خ: سحنه موقع مثار به ومغموم
(3) م، ب: مبدئها تولدها.
(4) ب: اياه. كان عليهم
(5) ناقصة فى ب.
(6) ب: يشتمل.
(7) م: مصادقون.
(8) الأخذ بالوجوه
(9) م: وكان.(1/515)
الفصل الرّابع فى مناسبة مقادير الأبيات مع الأغراض وخصوصا فى إطراغوذيا، وبيان أجزاء إطراغوذيا (1)
إن (2) إجادة الخرافات هى تعقبها (3) بالبسط دون الإيجاز.
فذلك يتم أكثره (4) فى الأعاريض الطويلة فإن قوما من الآخرين لما تسلطوا على بلاد من بلادهم وأرادوا أن يتداركوا الأشعار القصار القديمة ردوها إلى الطول، وتبسطوا فى إيراد الأمثال والخرافات. ولذلك (5)
رفضوا «أيامبو» (6) القصيرة. وأما وزن «آفى»، وهو أيضا إلى القصير، فإنه من ستة عشر رجلا، فشبهوه (7) بطراغوذيا وزادوه طولا. وهو نوع من الشعر تذكر فيه الأقاويل المطربة المفرحة لجودتها وغرابتها وندرتها.
وربما استعملت المشوريات والعظات (8) فينبغى أن يكون الوزن بسيطا، أى من إيقاع بسيط، فإن ذلك أوقع من الذى يكون من إيقاع مركب.
ولتكن الأوزان البسيطة موفية توفيات مختلفة (9) لكل شئ بحسبه.
وأما ما سوى هذين الوزنين فيكاد بعض الناس يجوز مد (10) الوزن فى الطول ما تسعه مدة (11) يوم واحد، لكن «آفى» مع ذلك (12) لم
__________
(1) خ، م: فصل فى مناسبة
(2) ب: فى ان اجادة
(3) م: نعقبه.
(4) م: أكثر.
(5) م: فلذلك.
(6) ب: اناميوا. خ: امامنوا. م: اماضو.
(7) م: وشبهوه.
(8) م: العصاب وينبغى
(9) م: موقساب.
(10) م: مبدأ.
(11) ب: تستعل صده.
(12) ب: آفى كل ذلك خ: لكن آومى مع ذلك(1/516)
يمدد (1) قدره فى تكثيره إلى قدر لا يجاوز (2). ولذلك اختلفت عندهم.
قال (3): ولكنه إن كان قد زيد الشعر هذه الزيادة فى آخر الزمان، فقد كانت (4) الطراغوذيات فى القديم على المثال المذكور. وكذلك القول فى «آفى». وأما أجزاء «آفى» و «اطراغوديا» فقد كان بعضها المشتركة بينها، وبعضها ما يخص الطراغوذيات (5) حتى تكون أجزاؤها إما هذه المشتركة، وإما الخاصة بالطراغوذيات. فانه ليس كل ما يصلح لطراغوذيا يصلح «لآفى».
وأما السداسيات والقوموذيات فيؤخر (6) القول فيها. فان المديح وما يحاكى به (7) الفضائل أولى بالتقديم من الهجاء والاستهزاء.
ولنحد الطراغودية ونقول: «إن الطراغوذية هى محاكاة فعل كامل الفضيلة، عانى (8) المرتبة بقول ملائم جدا لا يختص بفضيلة فضيلة جزئية، تؤثر فى الجزئيات لا؟؟؟ من جهة الملكة، بل من جهة الفعل، محاكاة تنفعل لها الأنفس برحمة وتقوى». وهذا الحد قد (9) بين فيه أمر (10) طراغوذيا بيانا يدل على أنه تذكر فيه الفضائل الرفيعة كلها بكلام موزون لذيذ على جهة تميل الأنفس إلى الرّقة والتقية. وتكون محاكاتها للأفعال، لأن الفضائل والملكات بعيدة عن التخيل، وإنما المشهور من أمرها أفعالها. فيكون طراغوذيا يقصد فيه (11) لأجل هذه الأفعال أن يكمل أيضا بإيقاع آخر واتفاق نغم ليتم به اللحن، ويجعل له من هذه الجهة إيقاع زائد على إيقاع (12) أوزانه فى نفسه.
وقد يعملون عند إنشاد طراغوذيا باللحن أمورا أخرى من الإشارات والأخذ بالوجوه (13) تتم بها المحاكاة.
__________
(1) م: يحدث.
(2) م: لم اختلف.
(3) قال: ناقصة فى م.
(4) م: كان.
(5) ب: للطراغوذيات.
(6) م: المحدث نحوان يدل.
(7) ب: يحاكى الفضائل.
(8) م، خ: على.
(9) قد: ناقصة فى ب.
(10) أمر: ناقصة فى م.
(11) ب: فيه الى لأجل
(12) م، خ: على أنواع أوزانه
(13) الأخذ بالوجوه(1/517)
فأول أجزاء (1) أطراغوذيا هو المقصود من المعانى المتخيلة والوجيهة ذات الرونق ثم يبنى عليها اللحن والقول. فانهم إما يحاكون باجتماع (2)
هذه. ومعنى القول: اللفظ الموزون، وأما معنى اللحن فالقوة التى تظهر بها كيفية ما للشعر كله من المعنى. ومعنى القوة هو أن التلحين والغناء الملائم لكل غرض هو مبدأ تحريك النفس إلى جهة المعنى، فيحسن له معه (3)
التفطن وتكون فيه هيئة دالة على القدرة، لأن التلحين فعل ما، ويتشبه به بالأفعال التى لها معان إذ قلنا إن الحدة من النغم تلائم بعضا من الأحوال المستدرج (4) إليها، والثقل يلائم أخرى [189ا]، وكذلك أجزاء الألحان تلائم أحوالا أحوالا وتكون من الألحان فى أمور يتحدث بها عند أناس ينشدون ويغنون على الهيئة التى يضطر أن يكون عليها صاحب ذلك الخلق وذلك الاعتقاد الذى يصدر عنه ذلك الفعل. ولذلك يقال إنه أنشد كأنه واحد ممن له ذلك المعنى فى نفسه أو واحد شأنه أن يصير بتلك الحال. ونحو هيئات المحدث (5) نحوان: نحو يدل على خلق كمن يتكلم كلام غضوب بالطبع أو كلام حكيم (6)، ونحو يدل على الاعتقاد كمن (7) يتكلم كلام متحقق، أو من يتكلم كلام مرتاب. وليس لهيئات (8) الأذى قسم غير هذين.
ويكون الكلام الخرافى (9) الذى يعبر عنه المنشد محاكاة على هذه الوجوه. والخرافة هو تركيب الأمور (10) والأخلاق بحسب المعتاد للشعراء والموجود فيهم. ويكون كل منشد هو كواحد من المظهرين عن اعتقادهم الجدّ.
فانه وإن هزل حقا، فينبغى أن يظهر جّدا ويظهر مع ذلك فيه دقة فهم (11)
__________
(1) ب، خ: الأجزاء.
(2) م: اجتماع.
(3) ب: معنى.
(4) ب: المستدرجة. م: بعضا من الأقوال المستدرج به اليها.
(5) م: المحدث نحوان يدل.
(6) ب أو كلام حكيم: ناقصة فى م.
(7) م: وكمن.
(8) م: هيئات.
(9) م: الخوراءفى.
(10) خ: للأمور.
(11) م: هيئة ذو فهم.(1/518)
فانه ليس هيئة من يعبر عن معنى معقول عبارة كالخبر (1) المسرود هو هيئة من يعبر عنه ويظهر أنه شديد الفهم فى وقوفه (2) عليه والتحقيق لما يؤديه منه.
وكما أن للخطابة على الإطلاق أجزاء مثل الصور والاقتصاص والتصديق والخاتمة، كذلك (3) كان القول الشعرى عندهم أجزاء. وأجزاء (4)
الطراغوذيا التامة عندهم ستة (5): الأقوال الشعرية الخرافية، والمعانى التى جرت العادة بالحث عليها، والوزن، والحكم، والرأى، والدعاء (6)
إليه، والبحث والنظر ثم اللحن.
فأما الوزن والخرافة واللحن فهى ثلاثة بها تقع المحاكاة. وأما العبارة والاعتقاد والنظر فهو الذى تقصد محاكاته فيكون الجزءان الأولان له أحدهما ما يحاكى والثانى (7) ما يحاكى. ثم كل واحد منهما ثلاثة أقسام، ويكون المحاكى أحد هذه الثلاثة، والمحاكى به أحد تلك الثلاثة والمحاكيات.
وأما (8) العادة الجميلة والرأى الصواب فأمر لابد له منه. وأما النظر فهو كالاحتجاج والإبانة لصواب كل واحد من العادة والخرافة. ويؤدى بالوزن واللحن. وكذلك (9) الإبانة لصواب الاعتقاد يؤدى (10) بالوزن واللحن.
وأعظم الأمور التى بها تتقوم طراغوذيا هذه. فان طراغوذيا ليس هو محاكاة للناس أنفسهم، بل لعاداتهم وأفعالهم وجهة (11) حياتهم وسعادتهم.
والكلام فيه فى الأفعال أكثر من الكلام فيه فى الأخلاق. وإذا ذكروا الأخلاق (12)
ذكروا (13) الأفعال فلذلك لم يذكروا (14) الأخلاق فى الأقسام،
__________
(1) خ: كالجر. م: يعبر عن معتقد كالجزء المسرور هو هيئة.
(2) ب: قوته.
(3) ب: كذلك كما كان. م:
والتصديق والخامه.
(4) وأجزاء: ناقصة فى م.
(5) م: بنسبه (؟)
(6) م، خ: بالدعاء.
(7) ناقصة فى ب.
(8) م، خ: والمحاكيات أما العادة
(9) ب: كذا.
(10) ب: ويؤدى.
(11) خ: وجه.
(12) م: أخلاق.
(13) ب: ذكروه للأفعال.
(14) م: يذكر ذكر.(1/519)
بل ذكروا العادات، ليشتمل على الأفعال والأخلاق اشتمالا على ظاهر النظر.
فانه لو قيل: الأخلاق، لكان ذلك لا يتناول الأفعال. وذكر الأفعال (1)
ضرورية (2) فى طراغوذياتهم وذكر الأخلاق غير ضرورى فيه.
وكثير (3) من طراغوذيات كانت لهم يتداولها الصبيان فيما بينهم، تذكر فيها الأفعال ولا يفطن معها لأمر الأخلاق. وليس كل إنسان يشعر بأن الفضيلة هى الخلق، بل يظن أن (4) الفضيلة هى الأفعال. وكثير من (5)
المصنفين فى الفضائل والشاعرين فيها لم يتعرضوا للأخلاق، بل إنما يتعرضون لما قلنا، وإن كان التعرض للخرافات والعادات والمعاملات وغيرها وجمعها فى الطراغوذيات مما قد سبق إليه أوّلوهم، وقصر عنه من تخلف ووقع (6)
فى زمان المعلم الأول. فكأن (7) المتأخرين لم يكونوا يعملون (8) بالحقيقة طراغوديا، بل تركيبا (9) من هذه الأشياء لا يؤدى إلى الهيئة (10) الكاملة لطراغوديا. فان المعمول قديما كانت فيها خرافات واقعة (11)، وكان سائر ما تقوم به الطراغوذيا مأخوذا (12) فيه، وكان يؤثر أثرا قويا فى النفس حتى كان يعزى المصابين ويسلى المغمومين (13).
وأجزاء الخرافة جزءان: الاشتمال (14)، وهو الانتقال من ضد إلى ضد وهو قريب من الذى يسمى فى زماننا مطابقة ولكنه كان يستعمل فى طراغوذياتهم فى أن ينتقلوا (15) من حالة غير جميلة إلى حالة حميلة بالتدريج،
__________
(1) وذكر الأفعال: ناقصة فى خ.
(2) م: بطراغوديا.
(3) م، خ: فكثير.
(4) ناقصة فى ب.
(5) ناقصة فى ب.
(6) فى: ناقصة فى م.
(7) خ: وكان.
(8) م: يعلمون.
(9) م: تركيب ما.
(10) خ: الهبة (؟) الكاملية.
(11) م: موافقة.
(12) خ: موجودا. م: موجودا فى أشعارهم.
(13) م: العمومين.
(14) ب، م: الاشمال.
الحالة: ناقصة فى ب، خ.
(15) ب: سطوا (؟).(1/520)
بأن تقبح الحالة الغير الجميلة وتحسن بعدها الحالة (1) الجميلة. وهذا مثل الحلف والتوبيخ والتعذير (2).
والجزء الثانى الدلالة، وهو أن تقصد الحالة الجميلة بالتحسين، لا من جهة تقبيح مقابلها. وكان القدماء من شعرائهم على هذا أقدر منهم على اللحن (3) والوزن وكان المتأخرون على إجادة الوزن واللحن أقدر منهم على حسن التخييل بنوعى الخرافة. فالأصل والمبدأ هو (4) الخرافة. ثم من بعده استعمالها فى العادات على أن يقع مقاربا من الأمر حتى تحسن به المحاكاة فان المحاكاة هى المفرحة، والدليل على ذلك أنك لا تفرح بانسان ولا عابد صنم يفرح (5) بالصنم المعتاد وإن بلغ (6) الغاية فى تصنيعه (7)
وترتيبه ما تفرح بصورة منقوشة محاكية. ولأجل ذلك أنشئت (8) الأمثال والقصص.
والثالث من الأجزاء هو الرأى، فان الرأى أبعد من العادات فى التخييل لأن التخييل (9) معد نحو قبض النفس وبسطها (10). وذلك نحو ما يشتاق (11) أن يفعل فى أكثر الأمر. وكان الكلام الرأيى المحمود عندهم هو ما اقتدر فيه على محاكاة الرأى وهو القول المطابق للموجود على أحسن (12)
ما يكون. وبالجملة، فان الأولين إنما كانوا يقررون الاعتقادات فى النفوس بالتخييل الشعرى، ثم نبغت (13) الخطابة بعد ذلك فزاولوا تقرير الاعتقادات فى النفوس بالإقناع، وكلاهما متعلق بالقول.
ويفارق القول فى (14) الرأى القول فى العادة والخلق (15):
__________
(1) الحالة: ناقصة فى ب، خ.
(2) خ: التعيير. م: والتعرير والتعيير.
(3) م: الوزن واللحن.
(4) خ: هى.
(5) ناقصة فى ب.
(6) م: بلغت.
(7) م: مصبعه.
(8) م، خ: السبب.
(9) ناقصة فى ب. م: فان التخييل.
(10) م: بسيطها.
(11) م: مسبال (؟)
(12) ناقصة فى ب.
(13) م: تبعه
(14) ناقصة فى ب.
(15) م: فى العادة والقول أن أحدهما(1/521)
ان أحدهما يحث على إرادة، والآخر يحث على رأى فى أن شيئا موجودا (1)
أو غير موجود. ولا يتعرض فيه للدعوة إلى إرادته أو الهرب منه. ثم لا تكون العادة والخلق متعلقين بأن شيئا موجود (2) أو غير موجود، بل إذا ذكر الاعتقاد فى الأمر العادى ذكر ليطلب أو ليهرب منه. فأما (3) الرأى فانما يبين الوجود أو اللاوجود (4) فقط أو على نحو.
والرابع: المقابلة، وهو أن يجعل للغرض المفسر وزنا (5) يقول به، ويكون ذلك الوزن مناسبا إياه، وأن تكون التغييرات الجزئية لذلك الوزن تليق به: فرب شئ واحد يليق به الطى فى غرض [وزن شئ] (6)، وفى غرض آخر يليق به التلصيق وهما فعلان يتعلقان بالإيقاع يستعملهما.
وبعد الرابعة: التلحين، وهو أعظم كل شئ وأشده (7). تأثيرا فى النفس وأما النظر والاحتجاج فهو الذى يقرر فى النفس حال المعقول ووجوب قبوله حتى يتسلى عن الغم وينفعل الانفعال المقصود بطراغوذيا، ولا تكون فيها (8)
صناعة، أى التصديق المذكور فى كتاب «الخطابة» (9)، فان ذلك غير مناسب للشعر. وليس طراغوذيا مبنيا على المحاورة والمناظرة، ولا على الأخذ بالوجوه (10). والصناعة أعلى درجة من درجة الشعر فإن الصناعة هى تفيد الآلات التى بها (11) يقع التحسين والنافعات منها (12) والشعر يتصرف على تلك تصرفا
__________
(1) خ، ب: موجودا وغير
(2) ب: موجودا وغير موجود. م: موجود أو غير موجود ولا يتعرض فيه للدعوة (وتتكرر الجملة السالفة).
(3) م: وأما.
(4) م: الوجود أن لا وجود فقط.
(5) م: العرض المفسرون ما يقوله به.
(6) توجد فى ب ولا توجد فى خ. م: الطى فى غرض آخر يليق به التلصيق
(7) م: أشد.
(8) خ: فيه.
(9) م: الخطاب.
(10) الأخذ بالوجوه
(11) خ: فيها.
(12)، ب: معها.(1/522)
ثانيا، والصانع (1) الأقدم أرأس من الصّانع الذى يخدمه (2) ويتبعه.
واعلم أن أصول التخييلات مأخوذة من الخطابة على أنها خدم للتصديقات وتوابع. ثم (3) التصرف الثانى فيها بحسب أنه أصل للشعر (4)، وخصوصا للطراغوذيا.
__________
(1) م: وهو الصانع الأقدم اروس من
(2) خ: يحدثه.
(3) ثم: ناقصة فى م. م: الثانى فيها هو الشعر بحسب أنه أصل خصوصا
(4) ب: الشعر.(1/523)
الفصل الخامس فى حسن ترتيب الشعر، وخصوصا الطراغوذيا وفى أجزاء الكلام المخيل الخرافى فى الطراغوذيا (1)
وأما حسن قوام الأمور التى يجب أن توجد فى الأشعار، فينبغى (2)
أن يتكلم فيه، فان ذلك مقدمة طراغوذيا، واعم منه، وأعلى مرتبة. فان طراغوذيا أيضا يجب أن تكون كاملة فيما يعمل (3) من المحاكاة، وأن يعظم الأمر الذى يقصده فان تلك (4) المعانى قد تقال قولا مرسلا من غير الرونق (5) والفخامة والحشمة. واستعمال طراغوذيا إذن بسبب التعظيم والتكميل للتخييل (6). وكل تمام وكل أمر فله مبدأ ووسط وآخر (7)، والوسط مع، وقبل، والمبدأ قبل، وليس يجب أن يكون مع، والآخر مع، وليس (8) يجب أن يكون قبل شئ. والجزء (9) الفاضل هو الوسط.
وإن [189ب] كان من جهة المرتبة قد يكون بعد، ولذلك (10) فان الشجعان المقدمين يفضلون إذا لم يجبنوا، فيكونوا (11) فى أخريات الناس، ولم يتهوروا فيكونوا فى أول الرعيل وكذلك فى الحيوان: إنما (12) الجيد هو المتوسط.
__________
(1) م، خ: فصل فى حسن م فى اطراغوديا.
(2) خ: فى الشعر أن يتكلم
(3) م: يفعل.
(4) مكررة فى ب م: وان تلك
(5) م: الرونق والعظم والفخامة. فاستعمال
(6) خ: للتخيل.
(7) ب: وكل تمام وكل مبدأ. م، خ: وكل تمام وكل فله
(8) وليس يجب: ناقصة فى م.
(9) خ: الخير.
(10) ب: بعد لذلك
(11) ب: فيكونون.
(12) خ: وكذلك الجيد فى الحيوان انما هو(1/524)
وكل أمر جيد (1) مما فيه تركيب فهو الذى لا يتركب منه شئ، بل يتركب هو من الأطراف فيعتدل. وليس يكفى أن يكون المتوسط فاضلا لأنه وسط فى المرتبة فقط، بل يجب أن يكون وسطا فى العظم، فان المقدار الفاضل هو الوسط فى العظم. فيجب أن تكون أجزاء طراغوذيا هى المتوسطة فى العظم. وكذلك (2) فان الحيوان الصغير ليس ينتهى (3). والتعليم القصير المدة الذى (4) يخلط الكل بعضه ببعض، ويرده إلى واحد لقصره ليس بجيد، ويكون كمن يرى حيوانا من بعد شديد (5)، فانه لا يمكن أن يراه، ولا أيضا يمكن أن يراه وهو شديد (6) القرب، بل المتوسطه هو السهل الإدراك السهل الرؤية. كذلك يجب أن يكون الطول فى الخرافات محصلا مما يمكن أن يحفظ فى الذكر. وأما طول الأقاويل (7)
التى يتنازع فيها، والتصديقات التى للصناعة الخطابية، فان ذلك غير محصل ولا محدود، بل بحسب مبدأ المحاكاة فيه (8). وأما إطراغوذيا فانه شئ محصل الطول والوزن. ولو كان مما يكون بالمجاهدة والمفاوضة، لكانت تلك المفاوضة لا تحدد (9) بنفسها إلا أن يقتصر بها على وقت محدود يحدد بفنجان (10) الساعات، ولذلك لا يجب أن يوكل أمر تقدير طول القصائد إلى مدة المفاوضات (11)، بل يجب أن يكون لها طول وتقدير معتدل كالطبيعى، وأن تكون الاشتمالات التى فيه التى ذكرنا (12) أنها توجب الانتقالات محدودة الأزمنة، لا كما ظن (13) ناس أنه إنما كان القصد فى الطراغوذية الكلام فى معنى بسيط، ولا يلتفت إلى جميع ما يعرض للشئ فيطول فيه
__________
(1) م: حد.
(2) م، ب: ولذلك
(3) ب: يرى. م: ينعى.
(4) م: التى ورده.
(5) ب م: مديد.
(6) خ: الشديد القرب.
(7) م: الامابل.
(8) م: لا تحد.
(9) فنجان الساعات: فارسية الأصل: پنكمان اقلافسودرا.
(10) خ: المجازاة فيه. م: المحاذاة فيه.
(11) ناقصة فى ب.
(12) ب: فيه ذكرنا.
(13) خ: يظن.(1/525)
فان الواحد تعرض له أمور كثيرة، ولذلك لا يوجد أمر واحد له غرض واحده وكذلك للواحد الجزئى أفعال جزئية بغير نهاية. ولهذا ما يكون الشئ واحد الفعل بالنوع غير واحده بانقسامه (1) بأغراضه وأحواله يقترن به بشخصه (2).
ومن هنا وقع الشك الكثير (3) فى كون الواحد كثيرا، بل يجب أن يراعى نمطا واحدا من الفعل ويتكلم فيه، ولا يخلط أفعالا بأفعال وأحوالا بأحوال.
فانه كما يجب أن يكون الكلام محدودا من جهة اللفظ، كذلك يجب أن يكون محدودا من جهة المعنى، ويكون فيه من المعانى قدر يوافق الغرض ولا يتعداه إلى أحوال وأغراض (4) للمقول فيه خارجة عنه، كما كان يفعله بعض (5)
من ذكروا (6) أما أميروس، فانه كان يخالفهم ويلزم غرضا واحدا. ونعم ما فعل ذلك، سواء كان اعتبر فيه الواجب بحسب الصناعة، فان كل صناعة تقصد غاية واحدة أو محدودة أو الواجب بحسب الطبيعة فإن الطبيعة تقصد غاية واحدة أو غايات محدودة (7). وأورد لهذا أمثلة فى شعر أوميرس أنه لما ذكر إنسانا أو حزبا (8) لم يذكر من أحوال ذلك الإنسان أو الحزب أو ما عرض له من الخصومات ولحقته (9) من النكبات إلا المتعلق بالغرض الخاص الذى نحاه.
فيجب أن يكون تقويم الشعر على هذه الصفة: أن يكون مرتبا فيه أول ووسط وآخر، وأن يكون الجزء الأفضل فى الوسط، وأن تكون المقادير معتدلة، وأن يكون المقصود محدودا لا يتعدى ولا يخلط بغيره مما لا يليق (10) بذلك الوزن، ويكون بحيث لو نزع منه جزء واحد (11)
فسد وانتقص. فان الشئ الذى حقيقته الترتيب إذا زال عنه الترتيب لم يفعل
__________
(1) ب: بانقسام.
(2) م: أحوال تقرن به شخصية.
(3) ب: أكثر. م: لكثير.
(4) ب: فأغراض.
(5) بعض: ناقصة فى ب.
(6) ذكروا ما: كذا فى ب، خ وفى م: ذكروا ما أوميرس
(7) الواجب محدودة: ناقصة فى م.
(8) أو حزبا: ناقصة؟؟؟ فى ب. وفى م: أو جزئيا.
(9) خ: لحقه.
(10) لا: ناقصة فى ب.
(11) م: حرفا واحدا.(1/526)
فعله، وذلك لأنه إنما يفعل لأنه كل، ويكون الكل شيئا محفوظا بالأجزاء ولا يكون كلا عند ما لا (1) يكون الجزء الذى للكل.
واعلم أن المحاكاة التى تكون بالأمثال والقصص ليس هو من الشعر بشئ، بل الشعر (2) إنما يتعرض لما يكون ممكنا من (3) الأمور وجوده، أو لما وجد ودخل فى الضرورة. وإنما كان يكون ذلك لو كان الفرق بين الخرافات والمحاكيات الوزن فقط، وليس كذلك، بل يحتاج إلى أن يكون الكلام مسددا نحو أمر وجد أو لم يوجد. وليس الفرق بين كتابين موزونين لهم: أحدهما فيه شعر، والآخر فيه مثل ما فى «كليلة ودمنة» وليس بشعر (4) إلا بسبب الوزن فقط، حتى لو لم يكن لما (5) يشاكل «كليلة ودمنة» وزن، صار ناقصا لا يفعل فعله، بل هو يفعل فعله من إفادة الآراء التى هى نتائج وتجارب أحوال تنسب إلى أمور ليس لها وجود، وإن لم يوزن. وذلك لأن الشعر إنما المراد فيه التخييل، لا إفادة الآراء (6)
فان فات الوزن نقص التخييل (7). وأما الآخر فالغرض فيه إفادة نتيجة التجربة، وذلك قليل الحاجة إلى الوزن. فأحد هذين متكلم فيها، وجد ويوجد، والآخر يتكلم فيما وجوده فى القول فقط. ولهذا صار الشعر أكثر مشابهة للفلسفة من الكلام الآخر لأنه أشد تناولا (8) للموجود وأحكم بالحكم للكلى. وأما ذلك النوع من الكلام فإنما يقول فى واحد على أنه عارض له وحده، ويكون ذلك الواحد قد اخترع له اسم فقط (9) ولا وجود له.
ونوع منه يكون فى (10) اقتصاص أحوال جزئية قد وجدت، لكنها غير مقولة على نحو التخييل. وأما الجزئيات التى يتكلم فيها الشعراء كلاما يخلطونه بالكلى فانها موجودة كجزئيات الأمور التى تحدث عنها فى قوموذيا
__________
(1) لا: ناقصة فى ب.
(2) م: الشعراء.
(3) ب: فى.
(4) م: شعر.
(5) ب: لم يكن لما يشاكل.
(6) ناقصة فى ب. وفى خ: هى تنازع وتجارب المراد فيه التخيل
(7) خ: التخيل.
(8) ب: أشد لا للموجود.
(9) خ: فقط لا وجود
(10) ب. خ: يقول.(1/527)
مما وجدت، وليست كجزئيات الأمور التى فى إيامبو (1) العامة، فان تلك الجزئيات تفرض فرضا أيضا، ولكن تدل على معنى كلى على النحو الذى يسمى تبديل الاقتضاب (2). وأما فى طراغوذيا فان النسبة إنما هى إلى أسماء موجودة. والموجود والممكن أشد إقناعا للنفس فان التجربة أيضا إذا استندت (3) إلى موجود أقنعت أكثر مما تقنع إذا استندت إلى مخترع وبعد ذلك إن استندت إلى (4) موجود ما يقدر كونه. وقد كان يستعمل فى طراغوذيا أيضا جزئيات فى بعض المواضع مخترعة (5): يسمى على قياس المسميات الموجودة ولكن ذلك فى (6) النادر القليل. وفى النوادر قد كان يخترع اسم شئ لا نظير له فى الوجود (7)، ويوضع بدل معنى كلى، مثل جعلهم (8) الجزء كشخص واحد وإطنابهم فى مدحه وذلك لأن أحوال الأمور قد كانت مطابقة لأحوال ما كانوا يخترعون له (9)
الاسم. وليس يقع ذلك فى التخييل بنفع (10) قليل، ولكنه لا يجب أن يوقف عمل الطراغوذيا واختراع الخرافات فيها على هذا النحو. فان هذا ليس مما يوافق جميع الطباع. فان الشاعر إنما يجود شعره لا بمثل هذه الاختراعات، بل إنما يجود وزنه (11) وخرافته إذا كان حسن المحاكاة بالمخيلات وخصوصا للأفعال وليس شرط كونه شاعرا أن يخيل لما كان فقط، بل لما يكون ولما يقدر كونه وإن لم يكن بالحقيقة.
ولا يجب أن يحتاج فى التخييل الشعرى إلى هذه الخرافات البسيطة التى
__________
(1) ب: انامنوا. خ: انامنوا. م: انامنوا.
(2) ب: الاقتصات. م: الاقتصات.
(3) ب: أسندت.
(4) ناقصة فى ب.
(5) موجودة فى ب، م. وناقصة فى خ.
(6) ب: من. م: وليكن ذلك من
(7) ب: الموجود. م: من الوجود.
(8) ب: الخير (؟) ولعل المقصود هو الجزء الذى لا يتجزأ (أى الذرة).
(9) ب، خ: لها.
(10) ب: ينفع. م: فى التخيير بنفع
(11) خ: فرضه. ب: قصته.(1/528)
هى قصص مخترعة، ولا أن يتمم بأفعال دخيلة مثل أخذ الوجوه، وهى أفعال يؤثر بعض الشعراء أو الرواة (1) إيرادها مع الرواية حتى يخيل بها القول.
فان ذلك يدل على نقصه، وعلى أن قوله ليس يخيل إلا بفعل (2). وإنما يضطر إلى ذلك من الشعراء: أما الرذال منهم فلضعفهم (3)، وأما المفلقون فلمقابلة الأخذ (4) بالوجوه بأخذ الوجوه. وأما إذا قابلهم الشعراء المفلقون دون هؤلاء لم يبسطوا الخرافات (5) خالطين إياها بأمثال هذه وإنما أوردوها موجزين منقحين. وربما اضطروا فى الطراغوذيا أيضا (6) إلى أن يتركوا محاكاة الأفعال الكاملة، ومالوا إلى المجزيات، وذلك أكثره فى الجزء الذاتى (7).
وقد يخلط بعض ذلك أيضا ببعض الوجوه الأخر كأنها قد دخلت بالاتفاق لتعجب فان الذى يدخل بالاتفاق (8) ويقع بالبخت يتعجب منه.
وكثير من الخرافات يكون خاليا عن النفع فى التخييل (9) وربما كان بعضها مشتبكا متداخلا به يتحجج (10)، كما أن الأفعال من الناس أنفسها: بعضها ينال به الغرض ببساطته وبكونه واحدا متصلا. وبعضها إنما (11) ينال به الغرض بتركيب وتخليط. والمشتبك المشتجر (12) من الخرافات ما كان متفننا فى وجوه الاستدلال والاشتمال. وبذلك تنقل النفس من حال إلى حال. وإن كل اشتمال واستدلال يراد به نقل النفس إلى انفعال عن انفعال بأن (13) يخيل سعادة
__________
(1) م: يؤثر ايرادها مع بعض الشعراء أو الرواة حتى يخبل
(2) خ: يخيل الانفعال. م: يخيل الأفعال.
(3) م: لضعفهم.
(4) ب: الأخذة. م: فلمقابلة الأخذ بالوجوه. وأما اذا
(5) ب: الجزئيات.
(6) ب: وأيضا. م: فى الطراغوديات الى أن يتركوا
(7) م: مالوا الى المحررات وذلك أكثره من الجزء الرائى
(8) م: الاتفاق.
(9) خ: والتخييل.
(10) خ، م: تنجح.
(11) انما: ناقصة فى ب.
(12) كذا فى ب وفى خ كذلك ولكن فوقها فى خ: المتحير. وفى م: لشلتبك؟؟؟
من الخرافات
(13) خ: فان. م: انفعال ألم وانفعال تحتل قسط الدنياوية(1/529)
فينبسط، أو شقاوة فينقبض فان الغايات الدنيوية هاتان. وأحسن الاستدلال ما يتركب بالاشتمال (1). وقد يستعمل الاستدلال فى كل شئ ويكون منه خرافة لكن الأليق بهذا الموضع [190ا] أن يكون الاستدلال على فعل.
فان مثل هذا الاستدلال وما يجرى مجراه من الاشتمال هو الذى يؤثر فى النفس رقة أو مخافة كما يحتاج إليه فى طراغوديا ولأن التحسين وإظهار السعادة، والتقبيح وإظهار الشقاوة إنما يتعلق، فى ظاهر المشهور، بالأفعال. وإنما يكون لناس كانوا يستدل منهم ويحاكى بهم آخرون يجرون مجراهم فى الفعل.
فأجزاء الخرافة بالقسمة الأولى جزءان: الاستدلال والاشتمال. وهاهنا جزء آخر (2) يتبعهما فى طراغوذيا، وهو التهويل وتعظيم الأمر وتشديد الانفعال، مثل ما يعرض عند محاكاة الآفات الشاملة كالموتان والطوفان وغير ذلك.
فهذه (3) أنواع طراغوذيا.
__________
(1) م: باشتمال.
(2) ب، م: أجزاء أخر.
(3) ب: وهذه. م، خ: فهذا.(1/530)
الفصل السّادس فى أجزاء طراغوديا بحسب الترتيب والإنشاد، لا بحسب المعانى. ووجوه من القسمة الأخرى وما يحسن من التدبير فى كل جزء، وخصوصا ما يتعلق بالمعنى (1)
قد كان عندهم لكل قصيدة من (2) طراغوذيا أجزاء تترتب عليها (3) فى ابتدائها ووسطها وانتهائها وكان ينشد بالغناء والرقص (4)
ويتولاه عدة. وكان (5) جزؤه الذى يقوم مقام أول النسيب (6) فى شعر العرب يسمى «مدخلا». ثم يليه جزء هناك يتبدى معه الرقاص يسمى «مخرج» الرقاص (7) ثم جزء آخر يسمى «مجاز» هؤلاء. وهذا كله كالصدر فى الخطبة. ثم يشرعون فيما يجرى مجرى الاقتصاص والتصديق فى الخطابة فيسمى (8) «التقويم». ثم كان تختلف (9) أحوال ذلك فى مساكنهم وبلادهم، وإن كان (10) لا يخلو من المدخل ومجاز المغنين.
«فالمدخل» هو جزء كلى يشتمل على أجزاء، وفى وسطه يتبدى الملحنون بجماعتهم. و «المخرج» هو الجزء الذى لا يلحن بعده الجماعة منهم.
وأما (11) «المجاز» فهو الذى يؤدونه (12) المغنون بلا لحن، بل بايقاع.
وأما «التقويم» فهو جزء كان لا يؤدى بنوع من الإيقاع يستعمل فيما سواه،
__________
(1) خ، م: فصل فى أجزاء اطراغوذيا.
(2) من: ناقصة فى ب.
(3) ب، خ: عليه.
(4) ب، خ: بالغناء الرقصى.
(5) م: فكان.
(6) م، خ: التشبيب.
(7) م: الرقائص.
(8) م: يسمى.
(9) م: مختلف
(10) خ: فان كانوا لا يخلون من
(11) م: فأما.
(12) كذا فى ب، خ، م.(1/531)
بل يؤدى بنشيد نوحى لا عمل معه إيقاعى إلا وزن الشعر. وكل ذلك تنشده جماعة (1) الملحنين. فهذه أنواع قسمة الطراغوذيا (2).
ونوع آخر أن بعض أجزاء طراغوذيا يعطى ظنا (3) مخيلا لشئ (4)، ويميل الطبع إليه وبعضه يعطى النفس ما يحذره ويحفظه على سكونه ويقبضه عن شئ.
ويجب فى تركيب الطراغوذيا أن يكون غير تركيب بسيط، بل يجب أن يكون فيه اشتباك (5) وقد عرفته ويكون ذلك مما يخيل خوفا مخلوطا بحزن بمحاكاته (6). فان هذه الجهة من المحاكاة هى التى تختص (7) كل طراغوذيا وبها تقدر (8) النفس لقبول الفضائل. وليس يجب أن تكون النقلة فيها (9) كلها من سعادة إلى سعادة. فالشجعان لا يقنعون (10) بمزاولة السعادة والبراءة من الخوف والغم ومزاولة الأفعال التى لا صعوبة فيها، كما لا يقنع الكدود بدوام الشقاوة. ومثل هذا لا يخيل فى النفس انفعالا يعتد به من رقة أو حزن أو تقية، ولا تكون فيه محاكاة شقاوة الأشرار. وإنما تحدث الرقة من أمثال ذلك. وكذلك الحزن والخوف. وإنما يحدث التفجع من (11)
محاكاة الشقاوة بمن لا يستحق. والخوف يحدث عند تخيّل (12) المضر.
وإنما يراد محاكاة الشقاوة لهذه الأمور ولإظهار زلة من حاد عن الفضائل.
فينبغى فى الطراغوذيا أن تبدأ بمحاكاة السعادة، ثم ينتقل إلى الشقاوة وتحاكى ليرتد عن (13) طريقها وتميل النفس إلى ضدها ولا تذكر الشقاوة التى تتعلق بجور من الجائر على الشقى، أو التى تتعلق ببغيه، بل الذى
__________
(1) ب: لجماعة.
(2) ب: الطرغوديا. ب، خ: نوع قسمة
(3) خ: ظا؟؟؟. ب، خ: طرغوديا.
(4) م: بشئ.
(5) ب: أمثال. م: بل فيه اشتباك.
(6) م: بماكاته (!).
(7) م: مود.
(8) ب: تخص طراغوذيا وبها تقيد
(9) م: منها.
(10) ب: يصنعون.
(11) خ: التفجيع.
(12) ب: تخييل. م: المضرة.
(13) م: لدر.(1/532)
يتعلق بغلطه وضلاله سبيل (1) الواجب وذهابه عن الذى فضله أكثر.
ويكون الاستدلال مطابقا لذلك. وذكر (2) أن الأولين القدماء كانوا يستهينون (3) فى الخرافات حتى يتوصلوا إلى الغرض. وأما المحدثون بعدهم (4)
فقد مهروا، حتى إنهم يبلغون الغرض فى طراغوذيا بقول معتدل وذكر له مثال. وذكر قوما (5) أحسنوا النقلة المذكورة.
وأما الطراغوذيات الجهادية فقد ذكر أنها قد تدخلها المغضبات فى تقويماتها (6). وذكر له مثال. وقد كان نوع من الطراغوذيات الجهادية القديمة قد يتعدى فيها إلى ذكر النقائص. وكان السبب فيه ضعف نحيزة الشعراء الذين كانوا يقولون أشعار التعبد (7)، فكانوا (8) يقعون فى مخالفتهم فلم (9) يكن ذلك طراغوذيا صرفية (10)، بل مخلوطة بقوموذيا، وكان شعر هؤلاء شعر المعادين، مثل رجلين سماهما (11)، فانهما لما صارا فى آخر أمرهما من النساك المتقين، أنشدا (12) فى المراثى أشياء لا تتناسب فكانا (13) لا يخيلان أيضا بالمفزعات والمخزيات، ويوردان فى تقويم الأمور (14) ما يورده الشعراء المفلقون.
ويجب أن لا تكون الخرافة موردة مورد الشك، حتى تكون كأنها تعسر (15) على التخيل فان هذا أولى بأن يخيل جيدا كما كان يفعله فلان، وإن كان فعله غير مخلوط بصناعة تصديقية وشئ يحتاج إلى مقدمات. وقد كان بعضهم يقدمون مقدمات شعرية للتعجيب (16) بالتشييد والمحاكاة فقط،
__________
(1) م: لسبيل.
(2) ب: وذكر له مثال أن
(3) خ: يسهرن.
(4) م: بعضهم.
(5) م، خ: قوم.
(6) خ: تقويمها بها.
(7) خ: البعيد. م: البعتد.
(8) ب: وكانها. م: وكانوا.
(9) ب: فلن.
(10) ب: صرف.
(11) سماهما: فى ب: هماهما؟؟؟.
(12) ب: أنشدوا. م: أنشد.
(13) م: وكانا.
(14) ب، خ: الأمر.
(15) م: يفسر.
(16) ب: للتعجب.(1/533)
دون القول، الموجه نحو الانفعال. فيجب (1) فى الشعر أن يحاكى الأفعال المنسوبة إلى الأفاضل وإلى الممدوحين من الأصدقاء بما يليق بهم وبمقابلتها للأعداء (2): وأحدهما مدح، والآخر ذم. وأما القسم الثالث فتشبيه صرف (3). وأما عدو العدو، وصديق الصديق، وصديق العدو، وعدو الصديق، فليس يكون ممدوحا أو مذموما لذلك، بل لا (4) يكون مع ذلك صديقا أو عدوا أو يكون المدح بذكر (5) أفعال تصدر عن علم:
وأما علم بلا (6) فعل، وفعل بلا علم فلا (7) يحسن به مدح أو ذم. وإذا (8)
مدح بذلك أو ذم استقذر القول ونسب (9) إلى السفسافية. وكذلك الاقتصار على ضروب (10) المحاكاة فى هذه الأبواب قول هذر. ولذلك يقلّ فى أشعارهم. وقد حكى كذلك من الاستدلال أمثلة لهم. فهذا ما يقال فى التقويم.
وأما الأخلاق فأن يحاكى من الممدوح خيريته. والخير موجود فى كل صنف ونوع على تفاوته. ويذكر (11) أن خيريته نافعة موافقة، وأنها على أشبه ما ينبغى أن يكون به، وأنها معتدلة متناسبة الأحوال. وكذلك يجب أن يقول القول الدال عليه. وأورد لذلك أمثلة. والأخلاق المحمودة: إما حقيقية فلسفية، وإما التى يضطر (12) إلى مدحها الجمهور بين يدى الجمهور وإن لم تكن حقيقية، وإما التى تشبه أحد هاتين وليس به. وجميعها تدخل فى المديح الشعرى.
__________
(1) ب: فيجب أن فى الشعر وهو تحريف واضح.
(2) ب: للأعداد لواحدهما مدح خ: أو أحدهما.
(3) م: وثالث تشبيه صرف
(4) م: بل لأن يكون
(5) م: يذكر تصدر عن علم بلا فعل وفعل
(6) ب: فلا.
(7) ب: ولا.
(8) خ: واما.
(9) م: استقذر لقول واستسف وكذلك
(10) م، ب: صرف.
(11) م: فيذكر.
(12) ب: يضطرب. فى مدحها بين يدى الجمهور.(1/534)
ويجب أن تكون خاتمة الشعر تدل على مقتضاه، فتدل على ما فرغ منه كما فى الخطابة، لا كمثال أورده وأن يخالطه من الحيل الخارجة بقدر ما ينبغى أن يخاطب به المخاطبون (1) ويحتملونه وأن يكون بقدر لا يكون الإنسان معه غاليا، وبقدر مطابق للقول لو صرح به. وذكر أمثلة. ويجب أن يكون كالمصور، فانه يصور كل شئ بحسب وحتى الكسلان والغضبان. وكذلك يجب أن تقع المحاكاة للأخلاق (2)، كما يقول أوميرس (3) فى بيان خيرية أخيلوس. وينبغى أن يكون ذلك مع حفظ للطبيعة (4) الشعرية، وللمحسوس المعروف من حال الشعر. فقد يذهب المحاكى أيضا عن طريق الواجب، وعن النمط المستملح (5) المستحسن. وأنواع الاستدلال فيها الذى (6) هو بصناعة أن يخيل، لست أقول بأن يصدق وإما أمور ممكنة أن توجد، لكنها لم توجد، فيكذب من حيث لم يوجد ويخيل من حيث يقع كذبه موقع القبول، وإما مقتناة من الأجسام حاصلة لها بالحقيقة (7)، فيشبه به حاصل فى الظاهر من المعانى كالطوق فى العنق، ويشبه (8) به المنة، والصمصام فى اليد يشبه به البيان. وما كان بعيدا عن الوجود أصلا فينبغى أن لا يستعمل. وكذلك محاكاة الخسائس. وذكر أمثلة. فهذا ضرب يستعمله الصناع من الشعراء الذين يحسنون التصديق. وبعض الشعراء يميل إلى أقاويل تصديقية، وبعضهم يميل إلى اشتمالية إذا كان (9) مرائيا بالعفة، بارزا فى معرض اللوم والعذل.
__________
(1) ب: ويحتملونه وأن يكون الانسان بقدر
(2) ب: يقع مكون المحاكاة
(3) م: للأخلاف كما كان يقول أوميرس.
(4) خ: الطبيعة.
(5) المستملح: ناقصة فى م.
(6) م: فيها ما هو بسب.
(7) م: حاصلة للشئ فيشتبه به حاصل فى الظاهر
(8) م: لسه المنة.
(9) ب: كان مراييا بالعفة والعدل، مرائيا بالعفة بارزا والتحريف فيه ظاهر.(1/535)
وأما الوجه الثانى فاستدلالات ساذجة (1)، لا صنعة شعرية فيها وهى شبيهة بالخطابية أو القصص. ويخلو ذلك عن الخرافة. والثالث التذكير، وهو أن يورد شيئا [190ب] يتخيل (2) معه شئ آخر، كمن يرى خط صديق له مات فيذكره فيتأسف.
والرابع إخطار (3) التشبيه بالبال، بايراد التشبيه من النوع والصنف لا غير، مثل من يراه الإنسان شبيها بصديقه الغائب فتحسر (4) لذلك.
وأورد أمثلة.
والخامس من المبالغات الكاذبة كقولهم: قد نزع فلان قوسا لا يقدر البشر على نزعه (5).
والاستدلال الفاضل هو الذى يحاكى الفعل (6). وذكر (7) أمثلة وساق الكلام إلى الواجب وخدا (8)، إلى أن يبلغ التخييل مبلغا يكون كأن الشئ يحس نفسه، وأن يطابق بذلك المضادات، فعل المفلقين. وذكر أمثلة.
وذكر أن تفصيل الأنواع مما يطول. والسبب فيه أن مآخذ التشبيهات ليست حقيقية ولا مظنونة فقدم على (9) ما قدمناه لذلك قولا.
وقد يقع فى الطراغودية حل وربط، والربط قد يقع بفعل ومن خارج (10)، وقد يقع بقول وآلة (11). والربط هو إشارة نبتدئ بها تدل على الغاية (12) وإلى النقلة المذكورة. والحل هو تحليل الجملة المسبب بها من ابتداء النقلة إلى آخرها. فمن الطراغوذيا استدلالية واشتمالية ومشتبكة
__________
(1) ب: فاستدلالات شعرية ساذجة
(2) ب: بتخييل.
(3) خ: الاخطار الشبيه بالبال م: الاخطار بالبال لتشبيه بايراد التشبيه
(4) خ، م: فتحسره.
(5) خ: نوعه.
(6) ب: القول.
(7) ب: وذكر بالفعل أمثلة.
(8) خ: وخدا أن يبلغ.
(9) ب: فيحدد على. م: ما قدمناه.
(10) خ: بفعل من الخارج.
(11) م: بقول قاله.
(12) م: العناية.(1/536)
مركبة من استدلال واشتمال وقول انفعالى قد أضيف إليهما، وقول إفراطى ليس يستند إلى ما يجرى مجرى الاحتجاج. ومن الناس من يجيد عند الحل (1)
بالاشتباك، ولا يجيد مع الإيجاز وضبط اللسان عن (2) الإسهاب.
ثم ذكر عادات فى الأوزان، وفى التطويل المناسب لطول المعنى وغير المناسب، وما يكون غناؤه مناسبا لوزنه وتخييله غير مناسب، وما يخلط بالشعر (3) من أفعال دخيلة ذكرناها، وإن الفعل الدخيل والقول الغير الموزون، أو الموزون (4) بوزن آخر واحد.
فأما (5) القول الرائى فينبغى أن تستقى (6) أصوله من المذكور فى «الخطابة». وإن هذا القول الرائى مطابق (7). للانفعال المرتاد بالتخييل الذى يقوم به ذلك الشعر. وأنت تجد أنواع ذلك وما يطابق انفعالا انفعالا فيما قيل فى الخطابة. وكذلك ما يطابق التهويلات والتعظيمات، وما كان أنواعا من القول الرائى صادقا وكان بين الصدق وموافقا للغرض أخذ بحاله. وما كان غير بيّن بيّن بطريق شعرى لا خطابى، يكون بحيث (8) يقال ويلوح صدقه، بل بأمور خارجة أو أقوال تحاكى أمرا، ذلك الأمر يوجب المعنى إيجابا خارجيا، ويشكل القول أيضا بفعل يخيل ذلك، وإن لم يكن شئ غيره، وإنما يحتاج إليه بازاء الأخذ بالوجوه، مثل شكل الأمر، وشكل التضرع، وشكل الإخبار، وشكل التهدد، وشكل الاستفهام، وشكل الإعلام.
وكأن الشاعر (9) لا يحتاج إلى شئ خارج عن القول وشكله (10). وذكر قصة (11).
__________
(1) ناقصة فى ب وموجودة فى خ.
(2) ب: عند.
(3) م: من الشعر.
(4) م: والموزون.
(5) م: وأما ينبغى
(6) ب: يستبقى أصوله والمذكور خ: تستبقا
(7) ب: وأن يعيد القول الرائى انفعالا مطابقا. ب: مطابقا
(8) ب: بحيث يلوح يقال خ: يقال يلوح
(9) ب: الشعر
(10) وكان الشعر القول: مكررة فى ب.
(11) خ: قصته.(1/537)
الفصل السّابع فى (1) قسمة الألفاظ وموافقتها لأنواع الشعر، وفصل الكلام فى طراغوذيا، وتشبه أشعار أخرى به (2)
وأما اللفظ والمقالة فان أجزاءه سبعة: المقطع الممدود والمقصور، كما علمت (3). ويؤلف من الحروف الصامتة، وهى التى لا تقبل المد ألبتة، مثل الطاء والباء (4) والتى لها نصف صوت، وهى التى تقبل المد مثل السين والراء (5) والمصوتات الممدودة التى يسميها (6) مدات والمقصورة، وهى الحركات وحروف العلة والرباط الذى يسمى واصلة (7)، وهى نقطة لا تدل بانفرادها على معنى، وإنما يفهم فيها ارتباط (8) قول بقول، تارة يكون (9) بأن يذكر الواصلة أولا (10)
بقول قيل فينتظر (11) بعده قول آخر، مثل أما المفتوحة (12) وتارة على أنه يأتى ثانيا ولا يبتدئ به، مثل الواو والفاء وما هو الألف فى لغة اليونانيين، والفاصلة (13) وهى أداة أى لفظة لا تدل بانفرادها، لكنها تدل على أن القولين متميزان (14)، وأحدهما مقدم، والآخر تال، وتدل على الحدود والمفارقات مثل قولنا «إما» مكسورة الألف، والاسم والكلمة (15) وتصريفهما والقول.
__________
(1) خ: فصل فى قسمة
(2) به: ناقصة فى ب.
(3) م: عرفت.
(4) خ: الياء.
(5) خ: الصاد.
(6) ب: يسميها ممدودة مدات.
(7) م: واسطة.
(8) م: اغتباط.
(9) ب: فيكون.
(10) م: ولا يقول ينتظر بعده قول
(11) خ: الواصلة ولا يقول قيل
(12) مثل أما المفتوحة: ناقصة فى م.
(13)،؟؟؟ خ: العاضلة.
(14) م: متميزين.
(15) م: والاسم الكلبة (!).
م 5ابن سينا(1/538)
وكل لفظ دال فاما حقيقى مستول (1)، وإما لغة، وإما زينة، وإما موضوع، وإما منفصل، وإما متغير. والحقيقى هو اللفظ المستعمل فى الجمهور المطابق بالتواطؤ للمعنى.
وأما اللغة فهو اللفظ الذى تستعمله قبيلة وأمة أخرى، وليس من لسان المتكلم، وإنما أخذه من (2) هناك، ككثير من الفارسية المعربة بعد أن لا يكون مشهورا متداولا قد صار كلغة القوم.
وأما النقل فانما (3) يكون أول الوضع والتواطؤ على معنى، وقد نقل عنه إلى معنى آخر، من غير أن صار كأنه اسمه، صيرورة (4) لا يميز معها بين الأول والثانى. فتارة ينقل من الجنس إلى النوع، وتارة من النوع إلى الجنس (5)، وتارة من نوع إلى نوع، وتارة إلى (6) منسوب إلى شئ من مشابهة فى النسبة إلى رابع، مثل قولهم للشيخوخة إنه: مساء العمر (7)
أو خريف الحياة.
وأما الاسم الموضوع المعمول فهو الذى يخترعه (8) الشاعر ويكون هو أول من استعمله، وكما أن المعلم الأول اخترع أيضا أشياء، ووضع للمعنى الذى يقوم فى النفس مقام الجنس اسما هو انطلاخيا (9).
وأما الاسم المنفصل والمختلط (10) فهو الذى احتيج إلى أن حرّف عن أصله بمد قصر وقصر مد، أو ترخيم (11)، أو قلب. وقيل إنه الذى
__________
(1) ب: حقيقى ومسئول.
(2) من: ناقصة فى خ.
(3) م: فأن.
(4) م، خ: ضرورة.
(5) خ: تارة الى النوع من الجنس
(6) خ: وتارة منسوب الى شئ
(7) خ: للعمر.
(8) م: يخبر عنه.
(9) ب: أرق الانحناء. وفى خ كما رسمناها، وكذلك فى م. وفى س:
وفى هامش س؟؟؟: اصطلاحيا. وانطلاخيا الكمال.
(10) م: أو المختلط فهو الذى اعتبر احتيج يحرف
(11) م: رخيم.(1/539)
يعمه التفوّه به لطوله أو لتنافر حروفه واستعصائها (1) على اللسان، أو بحال اجتماعها. والأول هو الصحيح (2).
وأما المتغير، فهو (3) المستعار والمشبه على نحو ما قيل فى «الخطابة».
والزينة هى اللفظة (4): التى لا تدل بتركيب (5) حروفها وحده، بل بما (6) يقترن به من هيئة نغمة ونبرة. وليست للعرب. فكان (7) كل اسم فى اليونانية (8) إما أن يكون مذكرا، وإما أن يكون مؤنثا، أو وسطا، وكان حروف التذكير «نو» و «رو»، وحروف التأنبث اكسى وبسى (9)
وأوضح القول وأفضله ما يكون بالتصريح، والتصريح هو ما يكون بالألفاظ الحقيقية المستولية. وسائر ذلك يدخل لا للتفهيم، بل للتعجيب، مثل المستعارة، فيجعل القول لطيفا كريما. واللغة تستعمل للإعراب والتحسين (10) والرمز والنقل أيضا، كالاستعارة وهو ممكن، وكذلك الاسم المضعف (11). وكلما اجتمعت هذه، كانت الكلمة آبد وأغرب (12)، وبها تفخيم الكلام، وخصوصا الألفاظ المنقولة. فلذلك يتضاحكون بالشعراء إذا أتوا بلفظ منفصل (13)، أو أتوا بنقل واستعارة يريدون الإيضاح، ولا يستعمل شئ (14) منها للإيضاح. وأورد لذلك أمثالا، وذكر فيها ما تكون الصنعة فيه بالتركيب وبالقلب، مثل: ليس الإنسان بسبب السّنة، بل السّنة بسبب الإنسان. والعطف والمطابقة وسائر ما قيل فى الخطابة وأشرنا إليه فى فاتحة هذا الفن. وقال: إن الألفاظ المضاعفة أخص بنوع ديثرمبى (15)
__________
(1) ب، م: صروفه واستقصائها.
(2) ب: هذا الصحيح.
(3) ب، خ: وهو. م: وأما المتعين وهو
(4) م: والزينة اللفظية التى
(5) ب: تركيب
(6) ب: انما.
(7) ب: وكان.
(8) خ، م: لليونانية.
(9) ب: النحبير. خ: ولسى؟؟؟. م: حروف التذكير ورق (!).
(10) خ، م: النحسر؟؟؟.
(11): م: المضاعف.
(12) خ: آيد وأعرف. أم: أسد وأعرف.
(13) خ، م: يفصل.
(14) ب، خ: شيئه.
(15) خ: ديرسى: م: دسومى.(1/540)
وقد علمته، وهو الذى يبنى فيه على الإخبار من غير تعيين. واللغات أليق بديقرامى (1)، وهو وزن كان فى شرائعهم يهول به حال المعاد على الأشرار.
وأما (2) المنقولات فهى أولى بوزن ايمبق (3)، وهو وزن مخصوص بالأمثال والحكم المشهورة. وكذلك المنقولات (4) الشديدة الملائمة لا بغرافى (5)
فهذا ما قيل (6) فى طراغوذيا.
وأما الأشعار القصصية التى كانت لهم (7)، والأوزان التى كانت تلائم القصص فسبيلها سبيل طراغوديا فى تقسيم أجزائه إلى المبدأ والوسط والخاتمة. ولا تقع استدلالات (8) فيها على نفس الأفعال، بل على محاكاة الأزمنة، لأن الغرض ليس الأفعال، بل تخييل الأزمنة وماذا (9) يعرض فيها، وما يكون حال السالف منها بالقياس إلى الغابر، وكيف تنتقل فيها الدول، وتدرس أمور، وتحيا أمور. وذكر فى ذلك أمثلة وبين [191ا] أن أوميرس أحسنهم تأتيا فى هذا المعنى. وكذلك الأشعار الحربية، فانه كان أهدى (10) إلى قرضها سبيلا وأحسن لها إلى الأجزاء الثلاثة تقسيما، وإن كان ذلك فى الأمور الحربية (11) صعبا فى كيفيتها. وذكر (12) أمثلة.
فهذه الأبواب (13) متعارفة بينهم. قال: ونوع «أفى» أيضا مناسب لطراغوذيا، وذلك أنها إما بسيطة، وإما مشتبكة. وربما كانت بعض أجزائها انفعاليا كما قلنا فى طراغوذيا. وأحكامها فى التلحين والغناء أحكام طراغوذيا.
__________
(1) ب: بقرافى! خ: بقوافى! م: معراكى.
(2) خ: وانما المنقولات وهى
(3) ب: الميق! خ: المسق! م: البق.
(4) خ: المقولات.
(5) ب: لا بقرافى. م، خ: لا بقوافى.
(6) خ: فهذا تمثل فى
(7) ب كانت لهم والأورزان التى كانت لهم والأوزان
(8) ب: الاستبدالات. م: استبدالات.
(9) م: ومبادئ يعرض
(10) خ: فانه كان هو أهدى الى ب: هو كان أهدى الى م: وكذلك الأشعار الجزئية هو كان
(11) م: الجزئية.
(12) هـ: وذكر فى ذلك أمثلة.
(13) أنها: ناقصة فى ب.(1/541)
وذكر أمثالا وقصائد لقوم، بعضها بسيطة، وبعضها مشتبكة (1)، وأنها كانت مختلفة الأوزان فى الطول والقصر، وكان بعضها شديد الطول، وهو افى (2)، وكان فيها خلقيات واعتقاديات (3) كما فى طراغوذيا، لكن طراغوذيا لا تتفنن فى المحاكيات إلا فى الجزء الذى فى المسكن، ويذكر فيه الثناء (4)
على الناحية، والذى بازاء المنافقين الآخذين بالوجوه. فأما «أفى» فعند اتجاهه إلى الخاتمة (5) قد يقع فيه حديث كثير وتفنن (6) فى المحاكيات مختلفة.
ولذلك يزداد بهاؤه. وربما أدخلوا فيها الدخيلات التى علمتها وإن لم تكن مناسبة، وذلك لأن المناسب يقتضى بسرعة التمام. وإنما يطول الكلام بالدخيل.
قال: وأما وزن أرايقوا (7). فوقع من التجربة، فان إنسانا قاله طبيعيا (8) فى الجنس من الأمور المخصوصة به، فوافق ذلك قبول الطباع.
وهو وزن رزين واسع العرصة، يحتمل معانى كثيرة وتسعة محاكيات كثيرة فلذلك يحتمل ذكر الفضائل الكثيرة مع ما فيه.
وأما (9) ايامبو فلها أربعة أوزان، وتحرك إلى هيئة وقضية مع التحريك الانفعالى. ولا يجب أن يخفى هذا كما خفى على فلان. وليست عرصته بواسعة سعة ايرويقى (10) بالجملة، فان الملاءمة الطبيعية هى التى حركت إلى الاختيار.
قال: وإن أوميرس (11) وحده هو الذى يستحق المدح المطلق، فقد كان يعلم ما يعمل. وينبغى للشاعر أن يقلّ من الكلام الذى لا محاكاة فيه.
وكان غير أوميرس (12) يجتهد ويطيل. وإنما يأتى بالمحاكاة يسيرا. وأما أوميرس
__________
(1) ب: مشتبكة وأنها كانت مشتبكة وأنها كانت مختلفة
(2) ب، خ، م: أطى.
(3) ب: اعتقاد. م: فى طراغوديا لجزء طراغوديا تتفنن
(4) خ: البناء.
(5) ب: الفاتحة.
(6) م: تعين مختلف.
(7) خ، ب: ايرايقوا.
(8) خ: طبعا.
(9) ب: امامنوا. خ: امامنوا. م: امامنوا.
(10) خ، ب: اومقى. م: اومبقى.
(11) خ: أوميروس.
(12) خ: أوميروس.(1/542)
فكان (1) كما ينسب يسيرا يتخلص إلى محاكاة (2) مرأة أو رجل أو المثل أو عادة أخرى، فان غير المعتاد معيف (3).
ويجب أن تحشى الطراغوديا بالأمور العجيبة. وأما «أفى» فيدخل (4)
فيها من المعانى العجيبة ما لا يتعلق بكيفية الأفعال، ثم يتخلص منها إلى المضاحك بحسب المساكن. وضرب أمثالا. وقد بين فضل أوميرس الشاعر بتقصير غيره، ودل على ذلك بأحوال أشعار لقوم (5) بعضهم حكوا غير الحق، وبعضهم ابتدأوا بغير الواجب.
قال: وما كان من أجزاء الشعر بطالا ليس فيه صنعة ومحاكاة، بل هو شئ ساذج، فحقه أن يعنى فيه بفصاحة اللفظ وقوته ليتدارك به تقصير المعنى، ويتجنب فيه البذلة (6)، اللهم إلا أن يكون شديد الاشتهار، كمثل مضروب.
__________
(1) م: وكان.
(2) ب: بمحاكاة. م، خ: بمرأة أو برجل. م: أو رجل أو كمثل أو عادة
(3) معيف: مكروه مبغوض. وفى هـ: معوف.
(4) م: وأما فى مد رحل (!).
(5) ب، خ: اشعار القوم
(6) البذلة: الابتذال.(1/543)
الفصل الثامن فى وجوه تقصير الشاعر، وفى تفضيل طراغوديا على ما شبيهه (1)
إن الشاعر يجرى مجرى المصور: فكل واحد منهما محاك (2). والمصور ينبغى أن يحاكى الشئ الواحد بأحد أمور (3) ثلاثة: إما بأمور موجودة فى الحقيقة، وإما بأمور يقال إنها موجودة وكانت، وإما بأمور يظن أنها ستوجد وتظهر. ولذلك ينبغى أن تكون المحاكاة من الشاعر بمقالة تشتمل على اللغات والمنقولات (4) من غير التفات إلى مطابقة من الشعر للأقاويل السياسية التعقلية، فان ذلك من شأن صناعة أخرى.
والشاعر يغلط من وجهين: فتارة بالذات وبالحقيقة إذا حاكى ما (5) ليس له وجود ولا إمكانه (6) وتارة بالعرض إذا كان الذى يحاكى به موجودا، لكنه قد حرف عن هيئة وجوده كالمصور إذا صور فرسا فجعل الرجلين وحقهما أن يكونا مؤخرين إما يمنيين (7). وإما مقدمين.
وقد علمت أن كل غلط: إما فى الصناعة ومناسب لها، وإما خارجا عنها وغير مناسب لها. وكذلك فى الشعر.
وكل (8) صناعة يخصها نوع من الغلط، ويقابله (9) نوع من
__________
(1) خ: فصل فى وجوه س، م: على ما يشبهه.
(2) خ: محال وهو تحريف واضح. س، ب، خ: وكل.
(3) م: الشئ الواحد بأحوال ثلاثة
(4) المنقولات المجازات وفى خ، م: المنقولة. وفى م: المنقولة من غير اللغات الى مطابقة
(5) ب: بما.
(6) امكانه: أى امكان وجود.
(7) ب: يمين.
(8) م: فكل.
(9) م: ويقابله من نوع الحل.(1/544)
الحل يلزم صاحب تلك الصناعة. وأما الغلط الغير المناسب فليس حله على صاحب الصناعة. فمن غلط الشاعر محاكاته بما ليس يمكن (1)، ومحاكاته على التحريف، وكذبه فى المحاكاة كمن يحاكى أيّلا أنثى (2) ويجعل لها قرنا عظيما (3). أو بأنه يقصر فى محاكاة الفاضل والرذل فى فاعله أو فعله أو فى زمانه باضافته أو فى غايته.
ومن جهة اللفظ، أن يكون أورد لفظا متفقا (4) لا يفهم منه ما عنى به من بين أمرين (5) متقاربين يحتمل العبارة كل واحد منهما. ومن ذلك أن لا يحسن محاكاة الناطق بأشياء لا نطق لها. فيبكت (6) ذلك الشاعر بأن:
فعلك ضد الواجب. وكذلك إذا حاكى بما ضده أحسن (7) أن يحاكى به. وكذلك إذا ترك المحاكاة وحاول (8) التصديق الصناعى على أن ذلك جائز (9) إذا وقع موقعا حسنا فبلغت به الغاية. فان قصر قليلا سمج.
ولا تصح (10) المحاكاة بما لا يمكن وإن كان غير ظاهر الإحالة ولا مشهورها وأحسن المواضع لذلك الخلقيات والرأييات (11) والأغاليط والتوبيخات التى بازائها هى (12) هذه الاثنا عشر، وتدخل فى خمسة غير الإمكان أو المحاكاة
__________
(1) خ، ب: ممكن. م: أو محاكاته.
(2) ب بايك! خ، م: بأيل أنثى. وفى مرجوليوث: بأيل أنثى.
، والتصحيح كما فى اليونانى (ماعز، أيل).
(3) ب: أو عظيما بأنه
(4) المتفقة، وهى الألفاظ المترددة بين المشتركة والمتواطئة، كالوجود للجوهر والعرض فهو فيهما معا ولكنه فى الأول أقوى منه فى الثانى.
وتسمى أيضا المشككة.
(5) بين: ناقصة فى ب. م: ما غنا به بين.
(6) خ: فينكث.
(7) خ: بما ضد، ان حسن.
(8) ب، م: وحاول البيان التصديق
(9) خ: جائزا اذا وقع ب: وقع حسنا.
(10) م: وكذلك لا تصح
(11) فى صلب خ: الذاتيات، ثم صححت بالهامش: الدانباب. م: الفاساب.
(12) خ: هو.(1/545)
بالضار أو بما يجب ضده، أو التحريف، أو الصناعية التصديقية، أو كونه غير نطقى. وقد شحن هذا فى الفصل (1) من التعليم الأول بأمثلة.
ثم يقايس (2) بين طراغوذيا و «أفى»، وخاصة «فورطيقى (3)» منه. وهو ضرب يخلط القول فيه بالحركات (4) الشمالية والأشكال الاستدراجية فى أخذ (5) الوجوه وبأغانى. وكان القدماء يذمون ذلك ويشبهون الشاعر المفتقر إلى ذلك والقائل به بأبى زنّة (6)، بل يجعلونه أسوأ حالا منه. وأما «أفى» فهو بنفسه (7) مخيل، ولا يحتاج إلى شئ من ذلك فيكون «فورطيقى» على هذا القياس أحسن.
وبالجملة فان الثلث منه أخذ بالوجوه وليس (8) بشعر، وما فيه (9)
أيضا غناء، وعلى نحو عادة رجل كان فيما (10) ينشد زعق وزمر. على أنه ليس كل حركة وشكل استدراجى مذموما (11)، بل الذى يتحاشى منه (12)
ويتساقط به.
والطراغوديا قد يمكن أن يطول البيت منه حتى يكون مكان الحرافاقى (13)
كلام، ويكون لقائل أن يقول إن طراغوديا جامع لكل شئ. وأما «أفى» (14)
__________
(1) الفصل من: ناقصة فى خ. م: شحن هذا الفصل فى التعليم
(2) م: يقاسى.
(3) مبتذل، وضيع، رزل، سوقى.
(4) م: بالمحركات.
(5) م: الاستدراجية لأخذ
(6) ب: ياتى رنه! وفى اليونانى أى بالقوه؟؟؟. وفى خ: يالى ربه وفى م: بافى ذلك. وأبو زنة: القرد (راجع مادة: زن فى «القاموس المحيط») وفى مرجوليوث: أبى زينة وهو خطأ واضح.
(7) م: فى نفسه.
(8) و: ناقصة فى ب، خ.
(9) خ: وباقية أيضا عنا.
(10) ب: فيه ما ينشد بزعق وبرمر.
(11) خ، ب، م: مذموم. رينحاش به: يفزع.
(12) ب، خ: رنحاش به.
(13) خ: الجزء النعافى؟؟؟ كلام! م: الجزء العاى؟؟؟. هـ: البحر العامى كلام.
و: البحر العامى؟؟؟ كلام. ف البحر النعافى للكلام. ويقترح مرجرليوث؟؟؟: الجزء الثقافى للكلام!
(14) هـ: فى.(1/546)
فوزن فقط. وأيضا فان الشئ إذا دخل بعض أجزائه والقلائل منها غناء وأخذ بالوجوه (1)، وكان لها أشكال، كان ألذ، وخصوصا (2)
ولها أن تدل (3) بالقول والعمل جميعا. ولأن هذا إنما يعرض عند انقضائه ويكون مدة يسيرة. ولو كان اختلاط (4) ذلك بطراغوديا فى مدة طويلة لسمج (5). ومثّل لذلك.
وأيضا من فضائل طراغوذيا أنه مقصور على محاكاة نمط واحد.
وأما «أفى» فهو مختلف وكأنه طراغوذيات كثيرة مجموعة فى خرافة واحدة ويكون ذلك منتشرا (6)، وإن ظهر المعنى فيه بسرعة، كأنه (7)
منتشر خفى غير مستقيم، لأن الوزن الواحد إنما يلائم من تلك الجملة غرضا واحدا. فاذا تعداه وإن كانت (8) المحاكاة والصنعة لذيذة، فلا (9) تكون مناسبة إلا لغرض واحدا.
* * * __________
(1) أخذ بالوجوه
(2) وخصوصا: ناقصة فى م
(3) ب: تدل بالقوة القول هـ: بالقوة.
(4) خ: اخلاط.
(5) م: سح.
(6) م: مشتهرا.
(7) ب: فانه.
(8) هـ: وكانت.
(9) م: فلان.(1/547)
هذا (1) هو تلخيص القدر الذى وجد فى هذه البلاد من كتاب «الشعر» للمعلم الأول وقد بقى منه شطر صالح. ولا يبعد أن نجتهد نحن فنبتدع فى علم الشعر المطلق، وفى علم الشعر بحسب عادة هذا الزمان، كلاما (2) شديد التحصيل والتفصيل. وأما هاهنا فلنقتصر على هذا المبلغ، فان وكد (3)
غرضنا الاستقصاء فيما ينتفع به فى العلوم (4). والله أعلم وأحكم.
تم الفن التاسع من كتاب «الشفاء»، ونجز بتمامه الجملة الأولى من الكتاب، وهى مشتملة على تلخيص المنطق.
والحمد لله رب العالمين.
__________
(1) خ، م: وهذا، وكذا فى س.
(2) خ، ب: كلام.
(3) الوكد (بالضم): السعى والجهد.
(4) خ: العلوم ولله الحمد والمنة. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلامه. الفن الأول من الطبيعيات فى السماع الطبيعى
م: فى العلوم ان شاء الله. تم الفن التاسع من الجملة الأولى. وبتمامه تم كتاب «الشعر» بحمد الله ومنه وحسن توفيقه. وهو آخر المنطقيات ويتلوه أول الطبيعيات.
س: فى العلوم. والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد النبى وآله الطاهرين. تمت الجملة الأولى من كتاب «الشفا» المشتملة على تلخيص المنطق.
واتفق الفراغ منها فى أواخر شعبان من سنة ثمان وعشرين وستمائة. وأسأل الله الهداية والتوفيق وسعادة الأبن،؟؟؟ فهو الهادى والموفق للصواب.(1/548)
فهرس الكتاب
صفحة تصدير عام 183
مخطوطات الكتاب 2019
الفصل الأول:
فى الشعر مطلقا وأصناف الصيغات الشعرية وأصناف الأشعار اليونانية 3123
الفصل الثانى:
فى أصناف الأغراض الكلية والمحاكاة الكلية التى للشعراء 3631
الفصل الثالث:
فى الإخبار عن كيفية ابتداء نشئ الشعر وأصناف الشعر 4237
الفصل الرابع:
فى مناسبة مقادير الأبيات مع الأغراض، وخصوصا فى إراغوذيا، وبيان أجزاء إطراغوذيا 5043
الفصل الخامس:
فى حسن ترتيب الشعر، وخصوصا الطراغوذيا وفى أجزاء الكلام المخيل الخرافى فى الطراغوذيا 5351
الفصل السادس:
فى أجزاء طراغوذيا بحسب الترتيب والإنشاد، لا بحسب المعانى، ووجوه من القسمة الأخرى، وم؟؟؟ يحسن من التدبير فى كل جزء، وخصوصا ما يتعلق بالمعنى 6458(1/549)
الفصل السابع:
فى قسمة الألفاظ وموافقتها لأنواع الشعر، وفصل الكلام فى طراغوذيا، وتشبه أشعار أخرى به 7065
الفصل الثامن:
فى وجوه تقصير الشاعر، وفى تفضيل طراغوذيا على ما شبيهه 7571(1/550)