مقيما بأملاح كما ربط اليعر
والبذج: من أولاد الضأن خاصة. وقال الراجز [1]: [من الرجز] قد هلكت جارتنا من الهمج ... فإن تجع تأكل عتودا أو بذج [2]
والجمع بذجان.
1593 [أمنية أعرابي]
وقال أعرابيّ [3]: اللهم ميتة كميتة أبي خارجة! قالوا: وما ميتة أبي خارجة؟
قال: أكل بذجا، وشرب مشعلا، ونام في الشمس، فأتته المنيّة شبعان ريان [دفآن] [4]!.
1594 [تيس بني حمان]
وفي المثل [5]: «أغلم من تيس بني حمّان». وبنو حمّان تزعم أنه قفط سبعين عنزا وقد فريت أوداجه.
فهذا من الكذب الذي يدخل في باب الخرافة.
1595 [زعم لصاحب المنطق]
وقد ذكر أرسطوطاليس في كتاب الحيوان، أنه قد ظهر ثور وثب بعد أن خصي، فنزا على بقرة فأحبلها.
ولم يحك هذا عن معاينة. والصدور تضيق بالردّ على أصحاب النظر وتضيق بتصديق هذا الشّكل.
749، واللسان والتاج (يعر)، والتنبيه والإيضاح 2/ 232، وديوان الأدب 3/ 209، وبلا نسبة في الجمهرة 778، والمقاييس 6/ 156، والتهذيب 3/ 181، والمخصص 7/ 187.
[1] الرجز لأبي محرز المحاربي في اللسان والتاج (بذج، همج)، والتنبيه والإيضاح 1/ 193، 226، وبلا نسبة في التهذيب 6/ 71، 11/ 160، والمقاييس 1/ 217، 6/ 64، والمجمل 1/ 250، 4/ 87، وديوان الأدب 1/ 206.
[2] العتود: الجدي بلغ السفاد.
[3] الخبر في عيون الأخبار 2/ 276، وثمار القلوب (248)، وقطب السرور 1/ 187.
[4] الزيادة من المصادر السابقة.
[5] انظر ما تقدم في 121فقرة 1365، 250.(5/266)
1596 [أحاديث وآثار في الغنم]
قال: وحدّثنا سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت عليّا يقول:
«ما أهل بيت لهم شاة إلا يقدّسون [1] كلّ ليلة».
وقال: حدثنا عنبسة القطّان، قال حدّثنا السكن بن عبد الله بن عبد الأعلى القرشيّ، عن رجل من الأنصار، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «امسحوا رعام الشّاء، ونقّوا مرابضها من الشّوك والحجارة، فإنها في الجنّة».
وقال: «ما من مسلم له شاة إلا قدّس كلّ يوم مرّة. فإن كانت له شاتان قدّس في كلّ يوم مرّتين».
قال: وحدثنا عنبسة القطان، بهذا الإسناد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أوصيكم بالشّاء خيرا، فنقّوا مرابضها من الحجارة والشّوك فإنّها في الجنّة».
وعن محمد بن عجلان، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء العامريّ من بني عامر بن لؤيّ، أن رجلا مرّ على أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو بالعقيق، فقال: أين تريد؟ قال: أريد غنيمة لي. قال: امسح رعامها، وأطب مراحها، وصلّ في جانب مراحها فإنها من دوابّ الجنة [2].
وعن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن رجل من أصحاب أبي الدرداء، أنه عمل طعاما اجتهد فيه، ثم دعاه فأكل، فلما أكل قال [3]: الحمد لله الذي أطعمنا الخمير، وألبسنا الحبير، بعد الأسودين: الماء والتمر. قال: وعند صاحبه ضائنة له، فقال: هذه لك؟ قال: نعم. قال: أطب مراحها واغسل رعامها، فإنها من دوابّ الجنة، وهي صفوة الله من البهائم.
قال: وحدّثنا إبراهيم بن يحيى، عن رجل، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «إن الله عزّ وجلّ خلق الجنة بيضاء، وخير الزّيّ البياض». قال: وبعث إلى الرّعيان: «من كانت له غنم سود فليخلطها بعفر، فإنّ دم عفراء أزكى من دم سوداوين».
وحدثنا أبو المقدام قال: حدّثنا عبد الرحمن بن حبيب، عن عطاء، عن ابن
[1] التقديس: التطهير والتبريك.
[2] ورد حديث أبي هريرة في النهاية 2/ 235.
[3] انظر الخبر في ربيع الأبرار 5/ 409.(5/267)
عباس، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا بالرّعاة فجمعوا له، فقال: «من كان منكم يرعى غنما سودا فليخلط فيها بيضا».
قال [1]: وجاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني اتخذت غنما رجوت نسلها ورسلها وإني لا أراها تنمو. قال: «فما ألوانها؟» قالت: سود. قال: «عفّري». أي اخلطي فيها بيضا.
قال: وحدثنا طلحة بن عمرو الحضرميّ، عن عطاء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الغنم بركة موضوعة، والإبل جمال لأهلها، والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة» [2].
حنظلة بن أبي سفيان المكّي قال: سمعت طاووسا يقول: من ها هنا أطلع الشيطان قرنيه، من مطلع الشمس. والجفاء والكبر في أهل الخيل والإبل، في الفدّادين أهل الوبر [3]. والسكينة في أهل الغنم [4].
قال وحدثنا بكر بن خنيس، عن يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال [5]: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رأس الكفر قبل المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر. والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان والحكمة يمانية».
وعن عوف بن أبي جميلة، عن الحسن، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال [6]: «الفخر في أهل الخيل، والجفاء في أهل الإبل، والسكينة في أهل الغنم».
وعن عثمان بن مقسم، عن نافع، أن ابن عمر حدثه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول [6]: «السكينة في أهل الغنم».
والفدّاد: الجافي الصوت والكلام. وأنشدنا أبو الرّدينيّ العكليّ: [من الرجز] جاءت سليم ولها فديد
[1] انظر الحديث في عيون الأخبار 2/ 76.
[2] «الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة» أخرجه البخاري في المناقب، حديث رقم 3443.
[3] الفدادون: المكثرون من الإبل، وقيل: هم الجمّالون والبقّارون والحمّارون والرعيان.
[4] انظر الحاشية التالية.
[5] أخرجه البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3125، 3126، ومسلم في الإيمان، حديث 51، 52.
[6] انظر الحاشية السابقة.(5/268)
1597 [أخبار ونصوص في الغنم]
وكان من الأنبياء عليهم السلام من رعى الغنم [1]. ولم يرع أحد منهم الإبل.
وكان منهم شعيب، وداود، وموسى، ومحمد عليهم السلام. قال الله عزّ وجلّ:
{وَمََا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يََا مُوسى ََ. قََالَ هِيَ عَصََايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهََا وَأَهُشُّ بِهََا عَلى ََ غَنَمِي وَلِيَ فِيهََا مَآرِبُ أُخْرى ََ} [2].
وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يرعى غنيمات خديجة.
والمعزبون [3] بنزولهم البعد من الناس، في طباع الوحش.
وجاء في الحديث: «من بدا جفا» [4].
ورعاء الغنم وأربابها أرقّ قلوبا، وأبعد من الفظاظة والغلظة.
وراعي الغنم إنما يرعاها بقرب الناس، ولا يعزب، ولا يبدو [5]، ولا ينتجع [6].
قالوا: والغنم في النوم غنم.
وقالوا في الغنم: إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت [7].
1598 [ما حرمته العرب على أنفسها]
وكان لأصحاب الإبل مما يحرمونه على أنفسه: الحامي [8] والسائبة [9]،
[1] أخرج البخاري في الإجارة، حديث رقم 2143 «عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم».
[2] 1817/ طه: 20.
[3] المعزبون: الذين بعدوا بماشيتهم عن الناس في المرعى.
[4] أخرجه أحمد في المسند 2/ 371، 440، 4/ 297.
[5] يبدو: يخرج إلى البادية.
[6] ينتجع: يطلب الكلأ في موضعه.
[7] ورد هذا القول في عيون الأخبار 2/ 76على أنه حديث، وتتمته فيه: «والإبل إذا أدبرت أدبرت، وإذا أقبلت أدبرت، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم»، وانظر تتمة الحديث في النهاية 2/ 437 (شأم).
[8] في اللسان: «الحامي: الفحل من الإبل يضرب الضّراب المعدود قيل عشرة أبطن، فإذا بلغ ذلك قالوا: هذا حام، أي حمى ظهره فيترك فلا ينتفع منه بشيء ولا يمنع من ماء ولا مرعى».
اللسان: حما.
[9] في اللسان: «كان الرجل في الجاهلية إذا قدم من سفر بعيد، أو برئ من علة، أو نجّته دابة من مشقة أو حرب قال: ناقتي سائبة أي تسيب فلا ينتفع بظهرها، ولا تحلأ عن ماء، ولا تمنع من كلإ، ولا تركب» اللسان: (سيب).(5/269)
ولأصحاب الشاء الوصيلة [1].
والعتيرة أيضا من الشّاء. وكان أحدهم إذا نذر أن يذبح من العتائر والرجبية كذا وكذا شاة، فبلغ الذي كان يتمنّى في نذره، وشحّ على الشاء قال: والظّباء أيضا شاء، وهي تجزي إذا كانت شاء: فيجعل عتائره من صيد الظباء. وقال الحارث بن حلّزة [2]: [من الخفيف] عنتا باطلا وظلما كما تع ... تر عن حجرة الرّبيض الظّباء
وقال الطّرمّاح [3]: [من الطويل] كلون الغريّ الفرد أجسد رأسه ... عتائر مظلوم الهديّ المذبّح [4]
ومنها الغدويّ [5] والغذويّ جميعا. وقال الفرزدق [6]: [من الكامل] ومهور نسوتهم إذا ما أنكحوا ... غذويّ كلّ هبنقع تنبال [7]
1599 [ميل الحيوان على شقة الأيسر]
وقال أبو عتّاب: ليس في الأرض شاة ولا بعير ولا أسد ولا كلب يريد الرّبوض إلا مال على شقّه الأيسر، إبقاء على ناحية كبده.
[1] في اللسان «الوصيلة التي كانت في الجاهلية هي الشاة تلد سبعة أبطن عناقين عناقين، فإن ولدت في الثامنة جديا وعناقا قالوا وصلت أخاها، فلا يذبحون أخاها من أجلها، ولا يشرب لبنها النساء وكان للرجال، وجرت مجرى السائبة، وثمة خلاف بين المفسرين في تحديد معاني الحامي والسائبة والوصيلة. انظر كتب التفسير للآية 103من سورة المائدة: {مََا جَعَلَ اللََّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلََا سََائِبَةٍ وَلََا وَصِيلَةٍ وَلََا حََامٍ}.
[2] البيت من معلقته في شرح القصائد السبع 484، وشرح القصائد العشر 399، واللسان (حجر، عتر، عنن)، والتاج (عتر، عنن)، والجمهرة 158، 392، وديوان الأدب 2/ 156، والتهذيب 1/ 109، 2/ 263، 4/ 134، 12/ 26، والخصائص 3/ 307، والمعاني الكبير 683، وبلا نسبة في اللسان (ربض)، والمخصص 13/ 98.
[3] ديوان الطرماح 114 (101).
[4] في ديوانه: «الغري: الصنم، كانوا يذبحون عنده، ويلطخونه بالدماء في الجاهلية. شبّه الذئب به في لونه. وأجسد رأسه: أي يبس الدم على رأسه وصبغه باللون الأحمر. والمظلوم من الذبائح: كل ما ذبح منها لغير علة. والهدي: ما كان يهدى للصنم من الذبائح».
[5] الغدوي: كل ما في بطون الحوامل.
[6] ديوان الفرزدق 729، واللسان (هبقع، غدا، غذا) والتاج (هبقع، نبل، غدا، غذا)، والتهذيب 3/ 465، 8/ 171، 175، ونسب وهما إلى جرير في ديوان الأدب 2/ 85، وكتاب الجيم 3/ 14،.
[7] نسوتهم: يعني نسوة بني كليب. الهبنقع: القصير الملزز الخلق. التنبال: القصير.(5/270)
قال: ومتى تفقدتم الصفايا التي في البيوت، والنعاج، والجداء، والحملان وجدتموها كذلك.
1600 [معالجة العقاب الفريسة]
قال [1]: والعقاب تستعمل كفها اليمنى إذا أصعدت بالأرانب والثعالب في الهواء، وإذا ضربت بمخالبها في بطون الظّباء والذئاب. فإذا اشتكت كبدها أحسّت بذلك، فلا تزال إذا اصطادت شيئا تأكل من كبده، حتى تبرأ. وإن لم تعاين فريسة فربما جلّت [2] على الحمار الوحشيّ فتنقضّ عليه انقضاض الصخرة، فتقدّ بدابرتها [3] ما بين عجب [4] ذنبه إلى منسجه [5]. وقد ذكرنا من شأنها في باب القول فيها ما فيه كفاية.
1601 [أخذ الهارب على يساره حين الهرب]
قال [6]: وليس في الأرض هارب من حرب أو غيرها استعمل الحضر [7] إلا أخذ على يساره، إذا ترك عزمه وسوم [8] طبيعته. وأنشد: [من الطويل] تخامص عن وحشيّة وهو ذاهل ... وفي الجوف نار ليس يخبو ضرامها [9]
وأنشد الأصمعي للأعشى [10]: [من الطويل] ويسّر سهما ذا غرار يسوقه ... أمين القوى في ضالة المترنّم [11] ... فمرّ نضيّ السّهم تحت لبانه ... وحال على وحشيّة لم يعتّم [12]
[1] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/ 453.
[2] جلّى ببصره: أغمض عينيه ثم فتحهما ليكون أبصر له.
[3] الدابرة: الإصبع التي من وراء رجله، وبها يضرب الصيد.
[4] العجب: الذّنب.
[5] المنسج: ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق.
[6] الخبر في عيون الأخبار 2/ 68.
[7] الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه.
[8] السوم: التكليف.
[9] تخامص: تجافى. وحشي كل شيء: شقه الأيسر، وإنسيه: شقه الأيمن، وقد قيل بخلاف ذلك.
[10] ديوان الأعشى 171، والبيت الثاني في اللسان (نضا)، والأساس (نضو)، وبلا نسبة في اللسان والتاج (عتم).
[11] يسّر: هيّأ. الغرار: حد السيف والرمح والسهم. أمين القوى: الوتر. المترنم: القوس.
[12] النضي: نصل السهم. اللبان: الصدر. لم يعتم: لم يبطئ.(5/271)
قال: ووضع: «على» موضع: «عن».
1602 [ميل شقشقة الجمل ولسان الثور]
وفي باب آخر يقول أوس بن حجر [1]: [من البسيط] أو سرّكم في جمادى أن نصالحكم ... إذ الشقاشق معدول بها الحنك [2]
وذلك أنه ليس في الأرض جمل هاج وأخرج شقشقته إلا عدل بها إلى أحد شقّي حنكه، والثور إذا عدا عدل بلسانه عن شقّ شماله إلى يمينه. وقال عبدة بن الطبيب [3]: [من البسيط] مستقبل الريح يهفو وهو متبرك ... لسانه عن شمال الشّدق معدول [4]
1603 [حال الثور عند الكر والفر]
قال: وإذا كر الكلب أو الثور فهو يصنع خلاف صنيعه عند الفرّ. وقال الأعشى [5]: [من الطويل] فلما أضاء الصّبح قام مبادرا ... وحان انطلاق الشاة من حيث يمما ... فصبّحه عند الشروق غديّة ... كلاب الفتى البكريّ عوف بن أرقما ... فأطلق عن مجنوبها فاتّبعنه ... كما هيّج السامي المعسّل خشرما [6] ... فأنحى على شؤمى يديه فذادها ... بأظمأ من فرع الذّؤابة أسحما [7]
[1] ديوان أوس بن حجر 80، والمعاني الكبير 868، 1145.
[2] في المعاني الكبير: «قال: كان هذا في جمادى، يقول: أسرّكم أنا سلم لكم في هذا الوقت. ذلك أن بني عامر لما قتلوا بني تميم يوم جبلة قالوا: لم يبق منهم إلا يسير فنغزوهم فنستأصلهم.
فغزوهم يوم ذي نجب فقتلتهم تميم. وقوله: إذ الشقاشق معدول بها الحنك، يريد: إذ تهدرون، والشقشقة أبدا تكون من جانب».
[3] هو البيت (41) من قصيدته في المفضليات 140.
[4] مستقبل الريح: يستروح بها من حرارة التعب وجهد العدو. المبترك: المعتمد في سيره لا يترك جهدا. معدول: ممال.
[5] ديوان الأعشى 345، والبيت الأول في اللسان (خيم، شوه)، والتاج (خيم)، والمذكر والمؤنث 115، وبلا نسبة في المخصص 8/ 39، 43، 16/ 111. والبيت الرابع للقطامي في ديوانه 181، واللسان والتاج (شأم)، والمخصص 2/ 3، 15/ 191.
[6] المعسل: الذي يجمع العسل من الخلية. الخشرم: جماعة النحل.
[7] أنحى: اعتمد. الشؤمى: نقيض اليمنى. الأظمأ: القرن الصلب.(5/272)
ثم قال:
وأدبر كالشّعرى وضوحا ونقبة ... يواعس من حرّ الصّريمة معظما [1]
1604 [علة غزو العرب أعداءهم من شق اليمين]
قال: ولعلم العرب بأن طبع الإنسان داعية إلى الهرب من شقّ الشمال، يحبّون أن يأتوا أعداءهم من شقّ اليمين. قال: ولذلك قال شتيم بن خويلد: [من الطويل] فجئناهم من أيمن الشّق غدوة ... ويأتي الشّقيّ الحين من حيث لا يدري
وأما رواية أصحابنا فهي: «فجئناهم من أيمن الشق عندهم».
1605 [الأعسر من الناس واليسر]
وإذا كان أكثر عمل الرجل بيساره كان أعسر، فإذا استوى عملا بهما قيل «أعسر يسر» [2]، فإذا كان أعسر مصمتا فليس بمستوى الخلق، وهو عندهم إذا كان كذلك فليس بميمون الخلق. ويشتقّون من اليد العسرى العسر والعسرة. فلما سمّوها الشّمال أجروها في الشؤم وفي المشؤوم على ذلك المعنى. وسموها اليد اليسار واليد اليسرى على نفي العسر والنكد، كما قالوا: سليم، ومفازة. ثم أفصحوا بها في موضع فقالوا اليد الشؤمى.
1606 [مما قيل من الشعر في الشمال]
ومما قالوا في الشمال قول أبي ذؤيب [3]: [من الطويل] أبالصّرم من أسماء جدّ بك الذي ... جرى بيننا يوم استقلّت ركابها ... زجرت لها طير الشّمال فإن يكن ... هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
وقال شتيم بن خويلد [4]: [من المتقارب] وقلت لسيّدنا يا حليم ... إنّك لم تأس أسوا رفيقا
[1] الشعرى: نجم. النقبة: اللون. المواعسة: ضرب من السير. الحرّ: وسط الشيء. صريمة الثور:
رملته التي هو فيها.
[2] في النهاية 5/ 297: «كان عمر أعسر يسرا»، وهو الذي يعمل بيديه جميعا ويسمى الأضبط.
[3] شرح أشعار الهذليين 42، وديوان الهذليين 1/ 70، والبيت الثاني في اللسان (طير، شمل، هوا)، وللهذلي في الجمهرة 272، وبلا نسبة في المقاييس 4/ 23.
[4] الأبيات في معجم الشعراء 311في ترجمة معاوية بن حذيفة، والبرصان 351، والبيان 1/ 181 182، واللسان (خفق)، والخزانة 5/ 170، وتقدمت الأبيات في 3/ 39، الفقرة (581).(5/273)
زجرت بها ليلة كلها ... فجئت بها مؤيدا خنفقيقا ... أعنت عديّا على شأوها ... تعادي فريقا وتبقي فريقا ... أطعت عريّب إبط الشّمال ... تنحّي لحد المواسي الحلوقا
وقال آخر [1]: [من الطويل] وهوّن وجدي أنني لم أكن لهم ... غراب شمال ينفض الرّيش حاتما [2]
وإذا مال شقّة قالوا: احولّ شقّه وقال الأشتر بن عمارة [3]: [من المتقارب].
عشيّة يدعو معتر يال جعفر ... أخوكم أحول الشّقّ مائله
وقال آخر [4]: [من المنسرح] أيّ أخ كان لي وكنت له ... أشفق من والد على ولد ... حتى إذا قارب الحوادث من ... خطوي وحلّ الزمان من عقدي ... احولّ عنّي وكان ينظر من ... عيني ويرمي بساعدي ويدي
1607 [الوقت الجيد في الحمل على الشاء]
قال الأصمعيّ: الوقت الجيّد في الحمل على الشاء أن تخلّى سبعة أشهر بعد ولادها. ويكون حملها خمسة أشهر، فتولّد في كل سنة مرة. فإن حمل عليها في كل سنة مرتين فذلك الإمغال، يقال: أمغل بنو فلان فهم ممغلون، والشاة ممغل.
وإذا ولّدت الشاة ومضى لها أربعة أشهر فهي لجبة، والجميع اللّجاب واللّجبات. وذلك حين يأخذ لبنها في النقصان.
1608 [استطراد لغوي]
قال: والأير من البعير: المقلم، ومن الحافر الجردان، ومن الظلف كله:
القضيب. ومن الفرس العتيق: النّضيّ. زعم ذلك أبو عبيدة.
[1] البيت للحارث بن حرجة الفزاري في أساس البلاغة (شمل). وللحارث بن عمرو الفزاري في الوحشيات 62.
[2] الحاتم: الغراب الأسود.
[3] البيت في البرصان 272، والنقائض 930، والبيت قاله في يوم هراميت.
[4] الأبيات لمحمد بن حزم الباهلي في ديوانه 47، والعقد الفريد 2/ 347، ولأبي الشيص في البرصان 272، وبهجة المجالس 1/ 711، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/ 81.(5/274)
وما أراد من الحافر الفحل فهو الوداق، وهو من الإبل الضّبعة، ومن الضأن الحنوّ. ويقال: حنت تحنو حنوّا، وهي نعجة حان كما ترى. وما كان من المعز فهو الحرمة. ويقال: عنز حرمى. وأنكر بعضهم قولهم: «شاة صارف» وزعم أنه مولد.
قال: وهو من السباع الإجعال، يقال: كلبة مجعل. فإذا عظم بطنها قيل أجحّت فهي مجحّ.
وما كان من الخف فهو مشفر، وما كان من الغنم فهو مرمّة، وما كان من الحافر فهو جحفلة.
1609 [استطراد لغوي آخر]
وإذا قلت لكلّ ذات حمل وضعت، جاز. فإذا ميزت قلت للخف: نتجت، وللظّلف: ولّدت. والبقرة تجري هذا المجرى. وقلت للحافر: نتجت.
ويقال للحافر من بين هذا كله إذا كان في بطنها ولد: نتوج. وإذا عظم بطن الحافر قيل قد أعقّت فهي عقوق، والجماع عقق، وبعضهم يقول: عقائق.
ويقال للبقرة الوحشية نعجة. والبقرة تجري مجرى الضائنة في حالها.
وما كان من الخف فصوته بغام. فإذا ضجّت فهو الرّغاء. فإذا طرّبت في إثر ولدها قيل حنّت. فإذا مدت الحنين قيل سجرت.
قال: والإلماع في السباع وفي الخيل، دون البهائم، وهو أن تشرق ضروعها.
قال: والخروف في الخيل والضأن، دون البهائم كلها.
قال: ويقال للطير: قد قمطها يقمطها. ويقال للتيس والكلب: قد سفد يسفد سفادا. ويقال في الخيل: كامها يكومها كوما، وكذلك في الحافر كلّه. وفي الحمار وحده: باكها يبوكها بوكا.
1610 [ما له سبد ولا لبد]
وتقول العرب [1]: «ما له عندي سبد ولا لبد». فقدّموا السّبد، ففي هذا المعنى أنهم قدموا الشّعر على الصوف.
فإن قال قائل: فقد قدّموا في مواضع كثيرة ذكر ما هو أخسّ فقالوا: «ما له
[1] انظر ما تقدم ص 255.(5/275)
عندي قليل ولا كثير»، و «العير والنّفير» [1] حتى قالوا: الخلّ والزيت، وقالوا: ربيعة ومضر، وسليم وعامر، والأوس والخزرج. وقال الله: {لََا يُغََادِرُ صَغِيرَةً وَلََا كَبِيرَةً إِلََّا أَحْصََاهََا} [2].
والذي يدلّ على أن ذلك الذي قلنا كما قلنا قول الراعي [3]: [من البسيط] حتى إذا هبط الغيطان وانقطعت ... عنه سلاسل رمل بينها عقد ... لاقى أطيلس مشّاء بأكلبه ... إثر الأوابد ما ينمي له سبد [4]
فقدّم السّبد. ثم قال:
يشلي سلوقيّة زلّا جواعرها ... مثل اليعاسيب في أصلابها أود [5]
وقال الراعي:
أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد [6]
وهو لو قال: لم يترك له لبد، ولو قال: ما ينمي له لبد لقام الوزن، ولكان له معنى. فدلّ ذلك على أنه إنما أراد تقديم المقدّم.
1611 [مفاخرة بين صاحب الضأن وصاحب الماعز]
قال صاحب الضأن: فخرتم على الضأن بأن الإنسان ذو شعر، وأنه بالماعز أشبه، فالإنسان ذو ألية، وليس بذي ذنب، فهو من هذا الوجه بالضأن أشبه.
قال صاحب الماعز: كما فخرتم [7] بقوله: {ثَمََانِيَةَ أَزْوََاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} [8] وقلتم: فقد قدّمها، فقال الله: {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [9].
[1] العير: ما كان من قريش مع أبي سفيان، والنفير: ما كان منهم مع عتبة بن ربيعة، يوم بدر.
[2] 49/ الكهف: 17.
[3] ديوان الراعي النميري 69.
[4] أطيلس: تصغير أطلس، وهو من الرجال الدنس الثياب الوسخ، وأراد به هنا الصائد. الأوابد:
الوحش.
[5] الزل: جمع زلاء، وهي الخفيفة الوركين. الجاعرة: رأس أعلى الفخذ. الأود: العوج.
[6] وفق العيال: أي لها لبن يكفيهم.
[7] انظر ما تقدم ص 242.
[8] 143/ الأنعام: 6.
[9] 130/ الأنعام: 6.(5/276)
فإن وجب لضأنك التقديم على الماعز بتقديم هذه الآية وجب للجنّ التقديم بتلك الآية.
1612 [ذكر أجناس من الحيوان والهمج في القرآن]
علّمك الله علما نافعا، وجعل لك من نفسك سامعا، وأعاذك من العجب، وعرّفك لباس التقوى، وجعلك من الفائزين.
اعلم، رحمك الله تعالى، أن الله جل وعز قد أضاف ست سور من كتابه إلى أشكال من أجناس الحيوان الثلاثة، منها مما يسمونها باسم البهيمة وهي سورة البقرة، وسورة الأنعام، وسورة الفيل، وثلاثة منها مما يعدون اثنتين منها من الهمج [1]. وواحدة من الحشرات [2].
فلو كان موقع ذكر هذه البهائم، وهذه الحشرات والهمج، من الحكمة والتدبير، موقعها من قلوب الذين لا يعتبرون ولا يفكرون، ولا يميزون، ولا يحصلون الأمور، ولا يفهمون الأقدار لما أضاف هذه السور العظام الخطيرة، والشريفة الجليلة، إلى هذه الأمور المحقّرة المسخفة [3]، والمغمورة المقهورة.
ولأمر ما وضعها في هذا المكان، ونوّه بأسمائها هذا التنويه. فافهم، فإن الأديب الفهم [4]، لا يعوّد قلبه الاسترسال. وخذ نفسك بالفكرة، وقلبك بالعبرة.
باب في الضفادع
1613 [القول في الضفادع]
وأنا ذاكر من شأن الضفدع من القول ما يحضر مثلي. وهو قليل في جنب ما عند علمائنا. والذي عند علمائنا لا يحسّ في جنب ما عند غيرهم من العلماء.
والذي عند العلماء قليل في جنب ما عند الأنبياء، والذي عند الأنبياء قليل في جنب ما عند الله تبارك وتعالى.
من ذلك الضّفدع [5]، لا يصيح ولا يمكنه الصياح حتى يدخل حنكه الأسفل
[1] إشارة إلى سورتي النحل والعنكبوت.
[2] إشارة إلى سورة النمل.
[3] أرض مسخفة: أي قليلة الكلأ.
[4] الفهم: السريع الفهم.(5/277)
في الماء. فإذا صار في فمه بعض الماء صاح. ولذلك لا تسمع للضفادع نقيقا إذا كنّ خارجات من الماء.
والضفادع من الحيوان الذي يعيش في الماء، ويبيض في الشطّ، مثل الرّق [1] والسّلحفاة، وأشباه ذلك.
والضفادع تنقّ، فإذا أبصرت النار أمسكت [2].
1614 [زعم في تخلّق الضفادع] [3]
والضفادع من الحيوان الذي يخلق في أرحام الحيوان، وفي أرحام الأرضين، إذا ألقحتها المياه، لأن اليخّ [4] يخراسان يكبس في الآزاج [5]، ويحال بينه وبين الرّيح والهواء والشمس، بأحكم ما يقدرون عليه وأوثقه. ومتى انخرق في تلك الخزانة خرق في مقدار منخر الثور حتى تدخله الريح، استحال ذلك اليخّ كله ضفادع.
ولم نعرف حقّ هذا وصدقه من طريق حديث الرجل والرجلين، بل نجد الخبر عنه كالإطباق، وكالخبر المستفيض الذي لا معارض له.
1615 [أعجوبة في الضفادع]
وفيها أعجوبة أخرى [6]: وذلك أنا نجد، من كبارها وصغارها، الذي لا يحصى في غبّ المطر [7]، إذا كان المطر ديمة، ثم نجدها في المواضع التي ليس بقربها بحر ولا نهر، ولا حوض، ولا غدير، ولا واد، ولا بير. ونجدها في الصّحاصح الأماليس [8]، وفوق ظهور مساجد الجماعة. حتى زعم كثير من المتكلفين، ومن أهل الخسارة [9] وممن لا يحتفل بسوء الحال عند العلماء، ولا يكترث للشكّ أنها كانت في السحاب.
[5] انظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/ 440.
[1] الرق: السلحفاة المائية.
[2] انظر ما تقدم 4/ 501، الفقرة (1259).
[3] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/ 440. وتقدمت في 3/ 176.
[4] اليخ: الجليد والثلج. انظر السامي في الأسامي 343، ومعجم استينجاس 1528.
[5] الآزاج: جمع أزج، وهو بيت يبنى طولا.
[6] وردت الأعجوبة في ربيع الأبرار 5/ 440.
[7] غب المطر: بعده.
[8] الصحصح: الأرض الجرداء المستوية ذات حصى صغار. الإمليس: الأرض التي ليس بها شجر ولا يبيس ولا كلأ ولا نبات ولا يكون فيها وحش.(5/278)
ولذلك طمع بعض الكذّابين ممن نكره اسمه، فذكر أن أهل أيذج مطروا مرة أكبر شبابيط في الأرض، وأسمنها وأعذبها وأعظمها، وأنهم اشتووا، وملّحوا، وقرّسوا [1]، وتزوّد منه مسافرهم. وإنما تلك الضفادع شيء يخلق في تلك الحال بمزاوجة الزمان، وتلك المطرة، وتلك الأرض، وذلك الهواء.
1616 [معارف في الضفدع]
والضفادع من الخلق الذي لا عظام له [2].
ويزعم أصحاب الغرائب أن العلاجيم [3] منها الذكورة السود.
ويقال: «أرسح من ضفدع» [4].
وتزعم الأعراب أن الضفدع كان ذا ذنب، وأن الضّبّ سلبه إياه [5] وذلك في خرافة من خرافات الأعراب. ويقول آخرون: إن الضفدع إذا كان صغيرا كان ذا ذنب، فإذا خرجت له يدان أو رجلان سقط.
1617 [طائفة من الأمثال]
وتقول العرب: «لا يكون ذلك حتى يجمع بين الأروى والنعام» [6] و «حتى يجمع بين الماء والنار»، و «حتى يشيب الغراب» [7]، و «حتى يبيضَّ القار» [8]، و «حتى تقع السماء على الأرض».
ومن حديث الأمثال: «حتى يجيء نشيط من مرو» [9]. وهو لأهل البصرة.
[9] الخسارة: الضلال والهلاك.
[1] القريس من الطعام: مشتق من القرس الجامد، وسمي القريس قريسا لأنه يجمد فيصير ليس بالجامس ولا بالذائب.
[2] سترد هذه العبارة مرة أخرى في الصفحة الثانية 280، سطر 10.
[3] العلجوم: الضفدع، وقيل هو الذكر منها الشديد السواد.
[4] الرسح: خفة لحم العجز والفخذين، والمثل في مجمع الأمثال 1/ 315، والمستقصى 1/ 139، وجمهرة الأمثال 1/ 501، والدرة الفاخرة 1/ 211.
[5] انظر هذه الخرافة في مظان المثل.
[6] المثل برواية: «ما يجمع بين الأروى والنعام» في مجمع الأمثال 2/ 271، والمستقصى 2/ 335، وأمثال ابن سلام 279، وجمهرة الأمثال 2/ 169.
[7] فصل المقال 474، 482، والمستقصى 2/ 59، وجمهرة الأمثال 1/ 363، وثمار القلوب (675).
[8] ثمار القلوب (675).
[9] مجمع الأمثال 1/ 216، وجمهرة الأمثال 1/ 361، وثمار القلوب (100).(5/279)
و «حتى يجيء مصقلة من طبرستان» [1]، وهو لأهل الكوفة.
وقال الله عزّ وجلّ: {وَلََا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتََّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيََاطِ} [2].
وتقول العرب: «لا يكون ذلك حتى يجمع بين الضب والنون» [3]، و: «حتى يجمع بين الضفدع والضّبّ!». وقال الكميت [4]: [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا
وقال في النون والضبّ [5]: [من الطويل] ولو أنهم جاؤوا بشيء مقارب ... لشيء وبالشكل الموافق للشّكل ... ولكنهم جاؤوا بحيتان لجّة ... قوامس، والمكنيّ فينا أبا الحسل [6]
1618 [معارف في الضفدع]
[7] وهو من الخلق الذي لا يصاب له عظم [8]. والضفدع أجحظ الخلق عينا.
والأسد تنتابها في الشرائع، وفي مناقع المياه، والآجام والغياض، فتأكلها أكلا شديدا.
وهي من الخلق المائيّ الذي يصبر عن الماء أياما صالحة. والضفادع تعظم ولا تسمن، كالدّرّاج والأرنب، فإنّ سمنهما أن يحتملا اللحم.
وفي سواحل فارس ناس يأكلونها.
1619 [زعم مسيلمة في الضفدع]
ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها، ولم ساء رأيه فيها، حيث جعل بزعمه فيما نزل عليه من قرآنه: يا ضفدع كم تنقّين! نصفك في الماء ونصفك في الطين! لا الماء تكدّرين، ولا الشارب تمنعين [9].
[1] جمهرة الأمثال 1/ 362، والمعارف 403، ومعجم البلدان 4/ 15، وثمار القلوب (100).
[2] 40/ الأعراف: 7.
[3] المثل برواية: «حتى يؤلف بين الضب والنون» في مجمع الأمثال 1/ 213، والمستقصى 2/ 58.
[4] ديوان الكميت 2/ 113، والمعاني الكبير 640.
[5] ديوان الكميت 2/ 52.
[6] القوامس: جمع قامس، والقمس: الغوص. أبو الحسل: كنية الضب.
[7] انظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/ 441440.
[8] تقدمت هذه العبارة في الصفحة السابقة 279، سطر 11.
[9] انظر قول مسيلمة في اللسان والتاج (نفق)، وثمار القلوب (261)، وربيع الأبرار 5/ 541.(5/280)
1620 [معيشة الضفادع مع السمك]
والضفادع من الخلق الذي يعيش مع السمك في الماء. وليس كل شيء يعيش في الماء فهو سمك. وقد قال الصّلتان العبديّ، في القضاء الذي قضى بين جرير والفرزدق. والفصل الذي بينهما [1]: [من الطويل] فإن يك بحر الحنظليَّين زاخرا ... فما تستوي حيتانه والضفادع [2]
1621 [طلب الحيّات والضفادع وإعراضها عن بعض الحيوان]
والحيات تأني مناقع الماء، تطلب الضفادع. والفأر تكون بقرب المياه كثيرة، فلذلك تأتي الحيات تلك المواضع. ولأن صيدها من أسهل الصيد عليها، وهي تعرف صيدها. ألا تراها تحيد عن ابن عرس، وإن رأت جرذا أكبر منه لم تنهنهه دون أن تبتلعه؟! وترى الورل فتفرّ منه. وترى الوحرة [3] فتشدّ عليها، وترى القنفذ وإن صغر فلا تجترئ أن تمرّ به خاطفة، وترى الوبرة [4]، وهي مثل ذلك القنفذ مرتين فتأكلها.
ولطلبها الضفادع بالليل في الشرائع يقول الأخطل [5]: [من الطويل] ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدلّ عليها صوتها حيّة البحر
وقد سرق معناه بعض الشّعراء، فقال وهو يذكر الضفدع، وأنه لا ينقّ حتى يدخل حنكه الماء [6]: [من الرجز] يدخل في الأشداق ماء ينصفه ... كيما ينقّ والنّقيق يتلفه
[1] البيت للصلتان العبدي في النقائض 1050، والأمالي 2/ 141، والشعر والشعراء 315 (ليدن)، والمؤتلف 145، والخزانة 1/ 306 (بولاق).
[2] أراد بالحنظليين جريرا والفرزدق، لأن نسب كلّ منهما ينتهي إلى حنظلة.
[3] الوحرة: دويبة حمراء تلزق بالأرض كالعظاء لا تطأ طعاما أو شرابا إلا شمته، وهي على شكل سام أبرص. حياة الحيوان 2/ 411.
[4] الوبرة: دويبة أصغر من السنور، طحلاء اللون: تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/ 410409.
[5] تقدم البيت في 3/ 130، 4/ 377.
[6] تقدم البيت في 3/ 130129، الفقرة (728)، وهو بلا نسبة في عيون الأخبار 5/ 532، وحياة الحيوان 1/ 646.(5/281)
1622 [شعر في الضفادع]
وقال زهير [1]: [من البسيط] وقابل يتغنَّى كلما قدرت ... على العراقي يداه قائما دفقا [2] ... يحيل في جدول تحبو ضفادعه ... حبو الجواري ترى في مائه نطقا [3] ... يخرجن من شربات ماؤها طحل ... على الجذوع يخفن الغمّ والغرقا [4]
وقال أوس بن حجر [5]: [من الطويل] فباكرن جونا للعلاجيم فوقه ... مجالس غرقى لا يحلا ناهله [6]
جون قال: يريد غديرا كثير الماء. قال: وإذا كثر الماء وكثر عمقه اسودّ في العين. والعلاجيم: الضفادع السود وجعلها غرقى، يقول: هي فيما شاءت من الماء، كقولك: فلان في خير غامر من قبل فلان. وجعل لها مجالس حول الماء وفوقه، لأن هذه الأجناس التي تعيش مع السمك في الماء وليست بسمك أكثر حالاتهن إذ لم تكن سمكا خالصا أن تظهر على شطوط المياه، وفي المواضع التي تبيض فيها من الدّغل [7]. وذلك كالسّرطان والسّلحفاة، والرّق [8]، والضفدع، وكلب الماء، وأشباه ذلك.
[1] ديوان زهير 4443، والأول في اللسان والتاج (قبل)، والجمهرة 372، وبلا نسبة في المقاييس 5/ 35، والثاني في اللسان والتاج (نطق)، وبلا نسبة في اللسان (حول)، والثالث في اللسان والتاج (شرب، طحل)، والتهذيب 4/ 386، والجمهرة 1329، وديوان الأدب 1/ 234، والأساس (طحل).
[2] في ديوانه: «القابل: الذي يقبل الدلو. والعراقي: الخشبتان كالصليب على الدلو. ودفق الماء:
صبه في الحوض. ويقال: قبل الدلو يقبلها قبالة، إذا تلقاها».
[3] في ديوانه: «يحيل: يصب. وتحبو ضفادعه كما تحبو الصبيان. وإنما أراد أن الماء في جدول لا ييبس، فهو دائم الماء. ولولا ذلك لم تكن فيه ضفادع. والنطق: الطرائق، واحدها نطاق. وقال أبو عمرو: وهو أن يجتمع الغثاء على الماء فيصير كأنه نطاق حوله إذا يبس».
[4] في ديوانه: «الشربات: واحدتها شربة، وهي حياض تحفر في أصول النخل من شق واحد فتملأ ماء. طحل: كدر.
[5] البيت في ملحق ديوان أوس بن حجر 140، والمعاني الكبير 639، والعمدة 2/ 251، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه 84، وبلا نسبة في كتاب الجيم 2/ 345.
[6] يحلّأ: يمنع من ورود الماء.
[7] الدغل: الشجر الكثيف الملتف.
[8] الرق: السلحفاة المائية.(5/282)
1623 [استطراد لغوي]
ويقال: نقّ الضفدع ينقّ نقيقا، وأنقض ينقض إنقاضا.
وقال رؤبة [1]: [من الرجز] إذا دنا منهن إنقاض النّقق ... في الماء والساحل خضخاض البثق [2]
1624 [سمع الضفدع]
وقد زعم ناس أن أبا الأخزر الحمّاني حيث قال: [من الرجز] تسمّع القنقن صوت القنقن [3]
إنما أراد الضفدع. قالوا: وكذلك الطّرماح حيث يقول [4]: [من الطويل] يخافتن بعض المضغ من خشية الرّدى ... وينصتن للصوت انتصات القناقن
قالوا: لأن الضفدع جيّد السمع إذا ترك النقيق وكان خارجا من الماء. وهو في ذلك الوقت أحذر من الغراب [5] والعصفور والعقعق [6]، وأسمع من فرس [7]، وأسمع من قراد [7]، وأسمع من عقاب [8]. وبكل هذا جاء الشعر.
ذكر ما جاء في الضفادع في الآثار
إبراهيم بن أبي يحيى، عن سعيد بن أبي خالد بن فارض، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن قتل الضفدع» [9].
[1] ديوان رؤبة 103، واللسان (مصع، نقق)، والتاج (بثق).
[2] الخضخاض: الكثير الماء والشجر. البثق: أراد به الزرع نفسه.
[3] القنقن: الذي يسمع فيعرف مقدار الماء في البئر قريبا أو بعيدا.
[4] ديوان الطرماح 485 (268)، واللسان والتاج (نصت، قنن)، والأساس (قنن)، والتهذيب 8/ 294، 12/ 155، وبلا نسبة في الجمهرة 1209، والعين 5/ 27.
[5] أحذر من غراب: من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 226، والمستقصى 1/ 62، وجمهرة الأمثال 1/ 396.
[6] أحذر من عقعق: من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 227، والمستقصى 1/ 61، وجمهرة الأمثال 1/ 396.
[7] مجمع الأمثال 2/ 349، وأمثال ابن سلام 360، والمستقصى 1/ 173، وفصل المقال 492.
[8] المستقصى 1/ 173، ومجمع الأمثال 1/ 355.
[9] ربيع الأبرار 5/ 441.(5/283)
قال: وحدّثنا سعيد عن قتادة قال: سمعت زرارة يحدّث أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: «لا تسبّوا الضفادع فإنّ أصواتها تسبيح» [1].
قال: وحدثنا هشام صاحب الدّستوائي، عن قتادة عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «لا تقتلوا الضفادع، فإن نقيقهنّ تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش، فإنه إذا خرب بيت المقدّس قال: يا ربّ سلّطني على البحر حتى أغرقهم».
وعن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن زرارة، قال: قال عبد الله بن عمرو: «لا تقتلوا الخفاش، فإنه استأذن البحر أن يأخذ من مائه فيطفئ بيت المقدس حيث حرّق. ولا تقتلوا الضفادع، فإن نقيقها تسبيح».
وعن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وفي إسناد له: أن طبيبا ذكر الضّفدع عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، ليجعل في دواء، فنهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل الضفدع».
1625 [ما يوصف بجودة الحراسة وشدة الحذر]
والعرب تصف هذه الأصناف التي ذكرناها بجودة الحراسة، وبشدة الحذر، وأعطوا الثعلب والذّئب أمورا لا يبلغها كثير من الناس.
1626 [قول عجيب لصاحب المنطق في الغرانيق]
وقال صاحب المنطق في الغرانيق [2] قولا عجيبا. فزعم أن الغرانيق من الطيور القواطع [3]، وليست من الأوابد. وأنها إذا أحسّت بتغيّر الزمان اعتزمت على الرجوع إلى بلادها وأوكارها. وذكر أنها بعيدة سحيقة. قال: فعند ذلك تتخذ قائدا وحارسا، ثم تنهض معا، فإذا طارت ترفعت في الجواء جدّا، كي لا يعرض لها شيء من سباع الطير، أو يبلغها سهم أو بندق. وإن عاينت غيما أو مطرا، أو خافت مطرا، أو سقطت لطلب ما لا بدّ لها منه من طعم، أو هجم عليها الليل أمسكت عن الصياح، وضمَّت إليها أجنحتها. فإذا أرادت النوم أدخل كل واحد منها رأسه تحت جناحه، لأنه يرى أن الجناح أحمل لما يرد عليه من رأسه، أو بعض ما في رأسه: من العين وغير ذلك،
[1] ربيع الأبرار 5/ 441.
[2] الغرانيق: نوع من الكراكي، وهو طائر أبيض طويل العنق، من طير الماء. حياة الحيوان 2/ 113.
[3] القواطع: التي تقطع إلى الناس، أي ترحل إليهم.(5/284)
ويعلم أنه ليس بعد ذهاب الرأس حياة. ثم ينام كل واحد منها وهو قائم على رجليه، لأنه يظن أنه إن مكّنهما نام إن كان لا يحب النوم. أو نام نوما ثقيلا إن كان يحب أن يكون نومه غرارا [1]. فأما قائدها وسائقها وحارسها، فإنه لا ينام إلا وهو مكشوف الرأس. وإن نام فإن نومه يكون أقلّ من الغشاش [2]. وينظر في جميع النواحي، فإن أحسّ شيئا صاح بأعلى صوته.
1627 [صيد طير الماء]
وسألت بعض من اصطاد في يوم واحد مائة طائر من طير الماء، فقلت له: كيف تصنعون؟ قال: إن هذا الذي تراه ليس من صيد يوم واحد، وإن كلّه صيد في ساعة واحدة. قلت له: وكيف ذاك؟ قال: وذلك أنا نأتي مناقع الماء ومواضع الطير، فنأخذ قرعة يابسة صحيحة. فنرمي بها في ذلك الماء، فإذا أبصرها الطير تدنو منه بدفع الرّيح لها في جهته، مرة أو مرتين فزع. فإذا كثر ذلك عليه أنس. وإنما ذلك الطير طير الماء والسّمك [3]، فهي أبدا على وجه الماء. فلا تزال الرّيح تقرّبها وتباعدها، وتزداد هي بها أنسا، حتى ربما سقط الطائر عليها، والقرعة في ذلك إما واقفة في مكان، وإما ذاهبة وجائية. فإذا لم نرها تنفر منها أخذنا قرعة أخرى، أو أخذناها بعينها، وقطعنا موضع الإبريق [4] منها، وخرقنا فيها موضع عينين، ثم أخذها أحدنا فأدخل رأسه فيها، ثم دخل الماء ومشى فيه إليها مشيا رويدا، فكلما دنا من طائر قبض على رجليه ثم غمسه في الماء، ودقّ جناحه وخلّاه، فبقي طافيا فوق الماء يسبح برجليه، ولا يطيق الطيران، وسائر الطير لا ينكر انغماسه. ولا يزال كذلك حتى يأتي على آخر الطير. فإذا لم يبق منها شيء رمى بالقرعة عن رأسه، ثمّ نلقطها ونجمعها ونحملها.
1628 [نفع الضفدع]
قال: ومن جيّد ما يعالج به الملسوع، أن يشقّ بطن الضفدع، ثم يرفد [5] به موضع اللسعة. ولسنا نعني لدغة الحية، وإنما نعني لسعة العقرب.
[1] غرارا: قليلا خفيفا.
[2] الغشاش: القليل.
[3] أي الطائر الذي يغتذي بالسمك.
[4] أراد طرفها الدقيق.
[5] الرفد: وضع الرفادة على الجرح، وهي الخرقة.(5/285)
1629 [حيرة الضفدع والأسد عند رؤية النار]
والضفدع إذا رأى النار أمسك عن النقيق [1]، وإذا رأى الفجر. والأسد إذا رأت النار أحجمت عن الإقدام. وإذا اشتد الأصوات.
1630 [استطراد لغويّ]
قال: ويقال للضفدع: نقّ ينقّ، وهدر يهدر. وقال الراعي: [من المتقارب] فأوردهنّ قبيل الصباح ... عينا ضفادعها تهدر
1631 [قول صاحب المنطق في الضفادع والسمك]
وأما قول صاحب المنطق في أن الضفادع لا تنقّ حتى تدخل فكها الأسفل في الماء، لأن الصوت لا يجيئها حتى يكون في فكها ماء، فقد قال ذلك، وقد وافقه عليه ناس من العلماء، وادعوا في ذلك العيان [2].
فأما زعمه أن السمكة لا تبتلع شيئا من الطعم إلا ببعض الماء، فأيّ عيان دلّ على هذا؟! وهذا عسر.
باب في الجراد
القول في الجراد أحضرني على اسم الله ذهنك، وفرّغ لما ألقيه إليك قلبك، فربّ حرف من حروف الحكم الشريفة، والأمثال الكريمة قد عفا أثره، ودثر ذكره، ونبا الطَّرف عنه، ولم يشغل الذهن بالوقوف عليه. وربّ بيت هذا سبيله، وخطبة هذه حالها.
ومدار الأمر على فهم المعاني لا الألفاظ، والحقائق لا العبارات. فكم من دارس كتابا خرج غفلا كما دخل، وكم من متفهّم لم يفهم؟! ولن يستطيع الفهم إلا من فرَّع قلبه للتفهم، كما لا يستطيع الإفهام إلا من صحت نيته في التعليم.
1632 [فضل الإنسان على سائر الحيوان]
فأقول: إن الفرق الذي بين الإنسان والبهيمة، والإنسان والسّبع والحشرة، والذي صيّر الإنسان إلى استحاق قول الله عزّ وجلّ:
[1] انظر ما تقدم ص 278277.
[2] انظر ما تقدم ص 278277، وربيع الأبرار 5/ 440.(5/286)
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [1] ليس هو الصورة، وأنه خلق من نطفة وأن أباه خلق من تراب، ولا أنه يمشي على رجليه، ويتناول حوائجه بيديه، لأن هذه الخصال كلها مجموعة في البله والمجانين، والأطفال والمنقوصين.
والفرق الذي هو الفرق إنما هو الاستطاعة والتمكين. وفي وجود الاستطاعة وجود العقل والمعرفة. وليس يوجب وجودهما وجود الاستطاعة.
وقد شرّف الله تعالى الجانّ وفضّله على السّبع والبهيمة، بالذي أعطاه من الاستطاعة الدالة على وجود العقل والمعرفة.
وقد شرّف الله الملائكة وفضلهم على الجانّ، وقدمهم على الإنسان وألزمهم من التكليف على حسب ما خوّلهم من النعمة. وليست لهم صورة الإنسان ولم يخلقوا من النّطف، ولا خلق أبوهم من التراب. وإنما الشأن في العقل، والمعرفة، والاستطاعة.
أفتظنّ أن الله عز وجل يخصّ بهذه الخصال بعض خلقه دون بعض، ثم لا يطالبهم إلا كما يطالب بعض من أعدمه ذلك، وأعراه منه؟! فلم أعطاه العقل، إلا للاعتبار والتفكير؟! ولم أعطاه المعرفة، إلا ليؤثّر الحقّ على هواه؟! ولم أعطاه الاستطاعة، إلا لإلزام الحجة؟! فهل فكّرت قطّ في فصل [2] ما بينك وبين الخلق المسخّر لك، وبين الخلق الذي جعل لك والخلق المسلط عليك؟! وهل فكّرت قط في فصل ما بين ما جعله عليك عاديا؟! وبين ما جعله لك غاذيا؟! وهل فكرت قطّ في فصل ما بين الخلق الذي جعل لك عذابا، والخلق الذي جعل لك قاتلا، وبين ما آنسه بك وبين ما أوحشه منك، وبين ما صغّره في عينك وعظّمه في نفسك، وبين ما عظّمه في عينك وصغّره في نفسك؟!.
بل هل فكرت في النحلة والعنكبوت والنملة، أنت ترى الله تقدّس وعزّ كيف نوّه بذكرها ورفع من قدرها، وأضاف إليها السّور العظام، والآيات الجسام، وكيف جعل الإخبار عنها قرآنا وفرقانا، حيث يقول: {وَأَوْحى ََ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [3]. فقف
[1] 13/ الجاثية: 45.
[2] الفصل: الفرق.
[3] 1/ النحل: 16.(5/287)
على صغر النحلة وضعف أيدها [1]، ثمّ ارم بعقلك إلى قول الله: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرََاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [2]، فإنك تجدها أكبر من الطّود، وأوسع من الفضاء. ثم انظر إلى قوله: {حَتََّى إِذََا أَتَوْا عَلى ََ وََادِ النَّمْلِ} [3]. فما ترى في مقدار النملة في عقل الغبيّ، وغير الذّكيّ؟! فانظر كيف أضاف الوادي إليها، وخبر عن حذرها ونصحها لأصحابها، وخوفها ممن قد مكّن، فإنك تجدها عظيمة القدر، رفيعة الذكر، قد عظمها في عقلك، بعد أن صغرها في عينك.
1633 [عجز الإنسان وصغر قدره]
وخبّرني عن الله تعالى، أمّا كان قادرا أن يعذّب الكنعانيين، والجبابرة، والفراعنة، وأبناء العمالقة: من نسل عاد وثمود، وأهل العتوّ والعنود بالشياطين ثم بالمردة، ثم بالعفاريت، ثم بالملائكة الذين وكّلهم الله تعالى بسوق السحاب، وبالمدّ والجزر، وبقبض أرواح الخلق. وبقلب الأرضين، وبالماء والريح، وبالكواكب والنيران، وبالأسد والنمور والببور [4] وبالفيلة والإبل والجواميس، وبالأفاعي والثعابين وبالعقارب والجرارات، وبالعقبان والنسور، وبالتماسيح، وباللّخم [5] والدّلفين.
فلم عذّبهم بالجراد والقمّل والضفادع؟! وهل يتلقّى عقلك قبل التفكير إلا أنه أراد أن يعرّفهم عجزهم، ويذكّرهم صغر أقدارهم، ويدلّهم على ذلك بأذلّ خلقه، ويعرفهم أن له في كل شيء جندا، وأن القويّ من قوّاه وأعانه، والضعيف من ضعّفه، والمنصور من نصره، والمخذول من خلّاه وخذله، وأنه متى شاء أن يقتل بالعسل الماذي والماء الزّلال كما يقتل بالسمّ الساري، والسيف الماضي قتل؟
ولم كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى على جسده البثرة ابتهل في الدعاء وقال: «إن الله تعالى إذا أراد أن يعظم صغيرا عظمه»؟! ولم قال لنا: {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الطُّوفََانَ وَالْجَرََادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفََادِعَ وَالدَّمَ آيََاتٍ مُفَصَّلََاتٍ} [6]؟! فافهم عنه تعالى ذكره، وتقدست أسماؤه قوله: «آيات» ثم قال:
[1] الأيد: القوة.
[2] 69/ النحل: 16.
[3] 88/ النمل: 27.
[4] الببر: ضرب من السباع، قيل إنه متولد من الزبرقان واللبوة.
[5] اللخم: سمك بحري يقال له الكوسج. حياة الحيوان 2/ 305.
[6] 133/ الأعراف: 7.(5/288)
«مفصّلات». فهل وقفت قطّ على هذه الآيات؟! وهل توهّمت تأويل قوله: هذا آية وغير آية؟! وهل وقفت على فصل ما بين الآية وغير الآية، وإذا كانت مفصّلات كان ماذا، وإذا لم تكن مفصلات كان ماذا.
فافهم قوله: {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ}. وما في الأرض أنقص معرفة وعلما، ولا أضعف قوة وبطشا، ولا أوهن ركنا وعظما من ضفدع. فقد قال كما ترى:
{فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الطُّوفََانَ وَالْجَرََادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفََادِعَ وَالدَّمَ}. فقد جعله كما ترى أفضل آياته والعذاب الذي أرسله على أعدائه.
وقد قال جل وعز: {فَإِذََا جََاءَ أَمْرُنََا وَفََارَ التَّنُّورُ} [1] فأظهر الماء جلّ ثناؤه من أبعد مواضع الماء من ظنونهم، وخبّرنا بذلك كي لا نخلي أنفسنا من الحذر والإشفاق، ولنكون علماء بالعلم الذي أعطانا، ولنكون راجين خائفين، ليصحّ الاختيار، ويحسن الاختبار: {فَتَبََارَكَ اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ} [2]. ما أحسن ما قدَّر، وأتقن ما برأ!.
1634 [سيل العرم]
وكان السبب الذي سلطه الله تعالى على العرم، وهو مسنّاة جنّتي بلاد سبإ، جرذا، فهو الذي خرقه، وبدّل نعمتهم بؤسا، وملكهم يبابا وعزَّهم ذلّا، إلى أن عادوا فقراء [3]. فقال الله: {وَبَدَّلْنََاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوََاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [4]. هذا بعد أن قال: {لَقَدْ كََانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتََانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمََالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [5].
1635 [شعر في سد مأرب]
وقال الأعشى [6]: [من المتقارب]
[1] 27/ المؤمنون: 23.
[2] 14/ المؤمنون: 32.
[3] انظر معجم البلدان (مأرب).
[4] 16/ سبأ: 34.
[5] 1615/ سبأ: 34.
[6] ديوان الأعشى 93، ومعجم البلدان 5/ 37 (مأرب)، ومروج الذهب 2/ 322. والأول بلا نسبة في اللسان (قفا)، والتهذيب 9/ 327.(5/289)
ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب قفّى عليه العرم [1] ... رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم
وأنشد أبو عمرو بن العلاء [2]: [من المنسرح] من سبإ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما
1636 [باب القول في الجراد]
ثم انظر إلى الجراد وهذا باب القول فيه.
قال: فأول ما يبدو الجراد إذا باض سرء، وسرؤه: بيضه.
يقال: سرأت تسرأ سرءا.
فانظر الآن، فكم ترى فيه من أعجوبة، ومن آية بليغة. فأوّل ذلك التماسها لبيضها الموضع الصّلد، والصخور الصّمّ الملس، ثقة بأنها إذا ضربت بأذنابها فيها انفرجت لها.
1637 [ذنب الجرادة وإبرة العقرب]
ومعلوم أن ذنب الجرادة ليس في خلقة المسمار، ولا طرف ذنبها كحد السّنان، ولا لها من قوة الأسر، ولذنبها من الصّلابة [3] ما إذا اعتمدت به على الكدية [4] والكذّانة [5] جرح فيهما. فكيف وهي تتعدى إلى ما هو أصلب من ذلك، وليس في طرف ذنبها كإبرة العقرب؟!.
وعلى أن العقرب ليس تخرق القمقم من جهة الأيد [6] وقوة البدن [7]، بل إنما
[1] قفى: عفى ودرس.
[2] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 134، والجمهرة 773، 1022والسمط 18، وشرح أبيات سيبويه 2/ 241، واللسان (عرم)، وله أو لأمية بن أبي الصلت في الخزانة 9/ 139، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه 490، وللأعشى في معجم ما استعجم 1170، وبلا نسبة في مروج الذهب 2/ 321، والاشتقاق 489، والإنصاف 2/ 502، والجمهرة 1107، والكتاب 3/ 253، واللسان (سبأ).
[3] انظر 4/ 41، الفقرة (1166).
[4] الكدية: الصفاة العظيمة الشديدة.
[5] الكذانة: حجارة كأنها المدر فيها رخاوة.
[6] الأيد: القوّة.
[7] انظر ما تقدم في 415414.(5/290)
ينفرج بطبع مجعول هناك. وكذلك انفراج الصخور لأذناب الجراد.
ولو أن عقابا أرادت أن تخرق في جلد الجاموس لما انخرق لها إلا بالتكلّف الشديد، والعقاب هي التي تنكدر [1] على الذئب الأطلس فتقدّ بدابرتها [2] ما بين صلاه [3] إلى موضع الكاهل.
فإذا غرزت الجرادة وألقت بيضها، وانضمّت عليها تلك الأخاديد التي أحدثتها، وصارت كالأفاحيص لها، وصارت حافظة لها ومربّية. وصائنة وواقية، حتى إذا جاء وقت دبيب الرّوح فيها أحدث الله في أمرها عجبا آخر. فسبحان من استخزنها حكمته، وحشاها بالأدلة عليه، وأنطقها بأنها مدبرة، ومذلَّلة ميسرة، ليفكر مفكر، ويعتبر معتبر! ذلكم الله ربّ العالمين، وتبارك الله ربّ العالمين!
1638 [استطراد لغوي]
وقال الأصمعي [4]: يقال: قد سرأت الجرادة تسرأ سرءا. فإذا خرج من بيضه فهو دبا والواحدة دباة. ويخرج أصهب إلى البياض، فإذا اصفرّ وتلوّنت فيه خطوط واسودّ فهو برقان. يقال رأيت دبا برقانا، والواحدة برقانة، فإذا بدت فيه خطوط سود وبيض وصفر فهو المسيّح. فإذا بدا حجم جناحه فذلك الكتفان، لأنه حينئذ يكتف المشي، واحدة كتفانة. قال ابن كناسة: [من الخفيف] يكتف المشي كالذي يتخطّى ... طنبا أو يشكّ كالمتمادي [5]
يصف فرسا. فإذا ظهرت أجنحته وصار أحمر إلى الغبرة فهو الغوغاء والواحدة غوغاءه، وذلك حين يستقلّ ويموج بعضه في بعضه ولا يتوجّه جهة. ولذلك قيل لرعاع الناس غوغاء.
فإذا بدت في لونه الحمرة والصفرة، وبقي بعض الحمرة، واختلف في ألوانه، فهو الخيفان، والواحدة خيفانة. ومن ثمّة قيل للفرس خيفانة.
[1] تنكدر: تنقضّ.
[2] تقد: تقطع. الدابرة: الإصبع التي من وراء رجلها.
[3] الصلا: وسط الظهر.
[4] انظر قول الأصمعي في نهاية الأرب 10/ 293، وورد بعض من هذا القول في اللسان 2/ 493 (سيح)، وانظر نظام الغريب 219 (الباب 82: في أسماء الجراد).
[5] الطنب: حبل الخباء. المتمادي: اللجوج.(5/291)
فإذا اصفرّت الذكورة واسودّت الإناث ذهبت عنه أسماء غير الجراد. فإذا باض قيل غرز الجراد، وقد رزّ.
فإذا كثر الجراد في السماء وكثف فذلك السّدّ. ويقال: رأيت سدّا من جراد، ورأيت رجلا من جراد، للكثير منه. وقال العجاج [1]: [من الرجز] سير الجراد السّدّ يرتاد الخضر
1639 [مثل في الجراد]
ومما تقول العرب: «أصرد من جرادة» [2]. وإنما يصطاد الجراد بالسّحر. إذا وقع عليه الندى طلب مكانا أرفع من موضعه، فإن كان مع النّدى برد لبد في موضعه. ولذلك قال الشاعر [3]: [من الكامل] وكتيبة لبّستها بكتيبة ... كالثائر الحيران أشرف للنّدى
الثائر: الجراد. أشرف: أتى على شرف. للندى: أي من أجل الندى.
1640 [استطراد لغوي]
ويقال: سخّت الجرادة تسخّ سخّا، ورزّت وأرزّت، وجرادة رزّاء ورازّ ومرزّ: إذا غمزت ذنبها في الأرض، وإذا ألقت بيضها قيل: سرأت تسرأ سرءا.
ويقال: قد بشر الجراد الأرض فهو يبشرها بشرا: إذا حلقها فأكل ما عليها.
ويقال: جرد الجراد: إذا وقع على شيء فجرده. وأنشدني ابن الأعرابي [4]: [من الطويل] كما جرد الجارود بكر بن وائل
ولهذا البيت سمّي الجارود.
[1] ديوان العجاج 1/ 81، والأساس (سدد)، ونظام الغريب 219، وبلا نسبة في اللسان (سدد)، والجمهرة 111، والتنبيه والإيضاح 2/ 27.
[2] مجمع الأمثال 1/ 413، وجمهرة الأمثال 1/ 585، والمستقصى 1/ 207، والدرة الفاخرة 1/ 267.
[3] البيت لأبي بكر في كتاب الجيم 2/ 243، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 24.
[4] صدر البيت: «ودسناهم بالخيل من كلّ جانب»، وهو في العين 6/ 76، واللسان (جرد)، والتهذيب 10/ 639، والجمهرة 446، وكتاب الجيم 3/ 71، والاشتقاق 327، والمعارف 338.(5/292)
وأنشدني آخر: [من الطويل] يقول أمير: ها جراد وضبّة ... فقد جردت بيتي وبيت عياليا
وهذا من الاشتقاق.
ومنه قيل ثوب جرد، بإسكان الراء، إذا كان قد انجرد وأخلق. قالت سعدى بنت الشّمردل [1]: [من الكامل] سبّاء عادية وهادي سربة ... ومقاتل بطل وليث مسلع [2] ... أجعلت أسعد للرّماح دريئة ... هبلتك أمّك أيَّ جرد ترقع [3]
1641 [تطيّر النابغة]
ويدخل في هذا الباب ما حدّثنا به الأصمعيّ، قال [4]: تجهز النابغة الذبيانيّ مع زبَّان بن سيَّار الفزاريّ، للغزو. فلما أراد الرحيل نظر إلى جرادة قد سقطت عليه، فقال: «جرادة تجرد، وذات لونين. غيري من خرج في هذا الوجه» ولم يلتفت زبّان إلى طيرته وزجره، ونفذ لوجهه، فلما رجع إلى موضعه الذي كان النابغة فارقه فيه، وذكر ما نال من السلامة والغنيمة، أنشأ يذكر شأن النابغة فقال [5]: [من الوافر] تخبّر طيره فيها زياد ... لتخبره وما فيها خبير ... أقام كأنَّ لقمان بن عاد ... أشار له بحكمته مشير ... تعلَّم أنه لا طير إلا ... على متطيّر وهو الثبور ... بلى، شيء يوافق بعض شيء ... أحايينا، وباطله كثير
[1] البيتان في الأصمعيات 103، والحماسة الشجرية 1/ 306، ونوادر أبي زيد 7، ولسلمى الجهنية في اللسان والتاج (حضر)، والبيت الأول لسعدى بنت الشمردل أو لسلمى الجهنية أو لتأبط شرّا أو لبعض الهذليين في شرح شواهد الإيضاح 390، ولتأبط شرّا في السمط 36، وبلا نسبة في اللسان والتاج والأساس (جرد)، والثاني لسلمى الجهنية في اللسان والتاج (سلع)، وللخنساء في العين 1/ 335، والتهذيب 2/ 99، وبلا نسبة في المخصص 12/ 36.
[2] سباء: من السبي وهو الأسر. العادية: الخيل تعدو. السرية: السير بالليل. المسلع: الذي يشق الفلاة.
[3] الدريئة: الحلقة التي يتعلم الرامي الطعن والرمي عليها. الجرد: الثوب: الخلق.
[4] تقدم الخبر في 3/ 213، الفقرة (864).
[5] الأبيات في البيان 3/ 304، والعمدة 2/ 262، وعيون الأخبار 1/ 146، وقد تقدمت الأبيات مع الخبر السابق في 3/ 213، الفقرة (864).(5/293)
واسم النابغة زياد بن عمرو، وكنيته أبو ثمامة. وأنشدني أبو عبيدة [1]: [من الطويل] وقائلة: من أمّها واهتدى لها؟ ... زياد بن عمرو أمَّها واهتدى لها
1642 [استطراد لغوي]
قال: ويقال أبشرت الأرض إبشارا: إذا بذرت فخرج منها بذرها. فعند ذلك يقال: ما أحسن بشرة الأرض.
وقال الكميت وكنية الجراد عندهم: أمّ عوف. وجناحاها: برداها ولذا قال [2]: [من الطويل] تنفّض بردي أمّ عوف ولم تطر ... لنا بارق، بخ للوعيد وللرّهب [3]
وأنشدنا أبو زيد [4]: [من البسيط] كأن رجليه رجلا مقطف عجل ... إذا تجاوب من برديه ترنيم
يقول: كأنَّ رجلي الجندب، حين يضرب بهما الأرض من شدة الحرّ والرّمضاء، رجلا رجل مقطف. والمقطف: الذي تحته دابّة قطوف [5]، فهو يهمزها [6] برجليه.
1643 [شعر في الجندب والجراد]
وقال أبو زبيد الطائيّ [7]، يصف الحرّ وشدته، وعمل الجندب بكراعيه: [من الخفيف]
[1] البيت للنابغة للذبياني في ديوانه 205، واللسان والتاج (قصد)، والتهذيب 8/ 353.
[2] ديوان الكميت 1/ 128، واللسان (برد، عوف)، والمخصص 8/ 174، والتهذيب 3/ 230، 14/ 108.
[3] بردا الجراد: جناحاه. بارق: قبيلة من الأزد. الرهب: الخوف.
[4] البيت لذي الرمة في ديوانه 419، واللسان والتاج (جدب، جوب، برد، قطف، رنم)، والتهذيب 11/ 253، 14/ 108، والمقاييس 4/ 237، والمجمل 1/ 261، والعين 8/ 30، وديوان الأدب 2/ 316، وبلا نسبة في المخصص 10/ 145.
[5] القطوف: المتقارب الخطو البطيء.
[6] يهمزها: يضربها ويدفعها.
[7] ديوان أبي زبيد الطائي 579، والحماسة البصرية 2/ 358، والخزانة 7/ 322، وتقدمت الأبيات مع شرحها ص 128.(5/294)
أيّ ساع سعى ليقطع شربي ... حين لاحت للصابح الجوزاء
واستكنّ العصفور كرها مع الضَّبّ وأوفى في عوده الحرباء ونفى الجندب الحصى بكراعيه وأذكت نيرانها المعزاء وأنشد أبو زيد، لعوف بن ذروة [1]، في صفة الجراد: [من الرجز] 1قد خفت أن يحدرنا للمصرين ... ويترك الدّين علينا والدَّين [2] ... 3زحف من الخيفان بعد الزّحفين ... من كلّ سفعاء القفا والخدّين [3] ... 5ملعونة تسلخ لونا عن لون ... كأنها ملتفَّة في بردين ... 7تنحي على الشمراخ مثل الفأسين ... أو مثل مئشار غليظ الحرفين [4] ... 9أنصبه منصبه في قحفين [5]
وعلى معنى قوله:
تنحي على الشمراخ مثل الفأسين ... أو مثل مئشار غليظ الحرفين
قال حماد لأبي عطاء [6]: [من مجزوء الوافر] فما صفراء تكنى أمَّ عوف ... كأنَّ رجيلتيها منجلان
1644 [تشبيه الفرس بالجرادة]
ويوصف الفرس فيشبه بالجرادة، ولذا قال الشاعر: [من الكامل] فإذا أتيت أباك فاشتر مثلها ... إنّ الرّداف عن الأحبَّة يشغل ... فإذا رفعت عنانها فجرادة ... وإذا وضعت عنانها لا تفشل
[1] الرجز لعوف بن ذروة في محاضرات الأدباء 2/ 304 (4/ 669)، ونوادر أبي زيد 48، والأول والثالث بلا نسبة في اللسان (زحف)، والخامس والسادس في المعاني الكبير 613، وبلا نسبة في الجمهرة 1279، وتقدم الخامس في 4/ 369بلا نسبة.
[2] المصران: البصرة والكوفة.
[3] الخيفان: جمع خيفانة، وانظر ص 291. السفعاء: السوداء.
[4] الشمراخ: العثكال الذي عليه البسر، وربما عنى به السنابل. المئشار: المنشار.
[5] أنصبه: جعله في نصاب، والنصاب: المقبض. القحف: الفلقة من القصعة إذا انثلمت.
[6] البيت لحماد الراوية في الأغاني 17/ 331، والشعر والشعراء 483 (ليدن)، والخزانة 4/ 170 (بولاق)، وله أو لأبي عطاء السندي في اللسان (عوف)، ولحماد عجرد في التاج (عوف)، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صفر)، ومحاضرات الأدباء 2/ 304 (4/ 669).(5/295)
ولم يرض بشر بن أبي خازم بأن يشبهه بالجرادة حتى جعله ذكرا، حيث يقول [1]: [من الوافر] بكلّ قياد مسنفة عنود ... أضرَّ بها المسالح والعوار [2] ... مهارشة العنان كأنّ فيها ... جرادة هبوة فيها اصفرار [3]
فوصفها بالصّفرة، لأنّ الصفرة هي الذكورة، وهي أخفّ أبدانا، وتكون لخفة الأبدان أشدّ طيرانا.
1645 [تشبيه قتير الدرع بحدق الجراد]
ويوصف قتير [4] الدّرع ومساميرها [فيشبّه] [5] بحدق الجراد [6]. وقال قيس بن الخطيم [7]: [من الطويل] ولما رأيت الحرب حربا تجرّدت ... لبست مع البردين ثوب المحارب ... مضاعفة يغشى الأنامل فضلها ... كأنّ قتيريها عيون الجنادب
وقال المقنّع الكنديّ [8]: [من الطويل] ولي نثرة ما أبصرت عين ناظر ... كصنع لها صنعا ولا سردها سردا [9]
[1] ديوان بشر بن أبي خازم 7473 (111110)، والمفضليات 343، والأول في اللسان والتاج (سلح)، والثاني في اللسان والتاج (عرر، هرش)، والأساس (هرش)، والمخصص 16/ 115.
[2] في ديوانه: «المسنفة: الفرس المتقدمة. العنود: الفرس التي لا تستقيم على حالة ولكنها تعارض في الطريق لمرحها. المسالح: موضع القتال حيث يستعمل السلاح، الواحد مسلحة، أو هي بمعنى الثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو» المعاورة: المداولة. وفي ديوانه «الغوار» وهو الغارة، مصدر غاور.
[3] في ديوانه: «المهارشة: «التهارش: تقاتل الكلاب وتواثبها. الهبوة: الغبار. ووصف الجرادة بالصفرة لأن الذكور فيها صفر، وهي أخف أبدانا، والجرادة إنما تصفر حين تتم وينبت جناحاها وتبلغ مداها».
[4] القتير: رؤوس مسامير الدرع.
[5] إضافة يقتضيها السياق، انظر س 15من الصفحة السابقة.
[6] حدقة العين: سوادها الأعظم.
[7] ديوان قيس بن الخطيم 82، والأول في المعاني الكبير 969، وشروح سقط الزند 306، والمنتخب من كنايات الأدباء 109، والثاني في اللسان والتاج (ريع)، والعين 2/ 243، وبلا نسبة في الأساس (ريع)، والمخصص 6/ 72.
[8] ديوان المقنع الكندي 206.
[9] النثرة: الدرع الواسعة. السرد: نسج الدروع.(5/296)
تلاحم منها سردها فكأنما ... عيون الدَّبا في الأرض تجردها جردا [1]
وقال عمرو بن معد يكرب [2]: [من الوافر] تمناني ليلقاني أبيّ ... وددت وأين ما منّي ودادي ... تمناني وسابغتي دلاص ... خروس الحسّ محكمة السّراد [3] ... مضاعفة تخيَّرها سليم ... كأنّ سكاكها حدق الجراد [4]
1646 [تشبيه وسط الفرس بوسط الجرادة]
ويوصف وسط الفرس بوسط الجرادة. قال رجل من عبد القيس [5] يصف فرسا:
[من الكامل] أمّا إذا ما استدبرت فنعامة ... تنفي سنابكها رضيض الجندل
1647 [تشبيه الحباب بحدق الجراد]
ويوصف حباب الشراب بحدق الجراد. قال المتلمّس [6]: [من الوافر] كأني شارب يوم استبدّوا ... وحثّ بهم وراء البيد حادي ... عقارا عتّقت في الدّنّ حتى ... كأنّ حبابها حدق الجراد
1648 [لعاب الجندب]
وإذا صفا الشّراب وراق شبّهوه بلعاب الجندب. ولذا قال الشاعر [7]: [من الكامل] صفراء من حلب الكروم كأنّها ... ماء المفاصل أو لعاب الجندب [8]
[1] تجردها: تأكل نبتها.
[2] ديوان عمرو بن معدي كرب 107106، 110.
[3] السابغة: الدرع الفضفاضة.
[4] سليم: أراد به سليمان بن داود، وأخطأ في نسبة الدرع إلى سليمان، لأن الدروع تنسب إلى داود.
انظر العمدة 2/ 268، باب الإحالة والتغيير.
[5] البيت لابن سنان العبدي، كما تقدم في 1/ 182، نهاية الفقرة (207).
[6] ديوان المتلمس 166165، والخزانة 3/ 71 (بولاق).
[7] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب 446 (807)، والمستقصى 1/ 210.
[8] ماء المفاصل: ماء بين السهل والجبل، وهو أصفى ما يكون وأرقه. انظر المثل «أصفى من ماء المفاصل». في مجمع الأمثال 1/ 412، 2/ 49، وجمهرة الأمثال 1/ 584، والمستقصى 1/ 210.(5/297)
ولعاب الجندب سمّ على الأشجار، لا يقع على شيء إلا أحرقه.
1649 [زعم في الدّبا]
ولا يزال بعض من يدَّعي العلم يزعم أن الدّبا يريد الخضرة، ودونها النهر الجاري، فيصير بعضه جسرا لبعض، وحتى يعبر إلى الخضرة، وأن تلك حيلة منها.
وليس ذلك كما قال: ولكنّ الزّحف الأول من الدبا يريد الخضرة، فلا يستطيعها إلا بالعبور إليها، فإذا صارت تلك القطعة فوق الماء طافية صارت تلك لعمري أرضا للزحف الثاني الذي يريد الخضرة. فإن سمّوا ذلك جسرا استقام. فأما أن يكون الزحف الأول مهّد للثاني ومكّن له، وآثره بالكفاية فهذا ما لا يعرف.
ولو أن الزحفين جميعا أشرفا على النهر، وأمسك أحدهما عن تكلّف العبور إلى أن يمهّد له الآخر كان ذلك قولا.
1650 [استطراد لغوي]
ويقال في الجراد: خرقة من جراد، والجميع خرق. وقال الشاعر [1]: [من مجزوء الكامل] وكأنها خرق الجراد ... يثور يوم غبار
ويقال للقطعة الكثيرة منها رجل جراد، ورجلة من جراد. والثَّول:
القطعة من النحل.
وتوصف كثرة النّبل، ومرورها، وسرعة ذلك بالجراد. وقال أبو النجم [2]: [من الرجز] كأنما المعزاء من نضالها ... رجل جراد طار عن حدالها [3]
وإذا جاء منه ما يسدّ الأفق قالوا: رأينا سدّا من جراد. وقال المفضل النّكريّ [4]:
[من الوافر] كأنّ النّبل بينهم جراد ... تهيّجه شآمية خريق [5]
[1] البيت بلا نسبة في نظام الغريب 219.
[2] ديوان أبي النجم 163، واللسان والتاج (رجل).
[3] المعزاء: الأرض الحزنة الغليظة ذات الحجارة. الحدال: مصدر: حادلت الأتن العير أي راوغته.
[4] البيت للمفضل النكري في الأصمعيات 201.
[5] شآمية: ريح تهب من الشام. الخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب.(5/298)
والمرتجل: الذي قد أصاب رجل جراد، فهو يشويه.
وقال بعض الرّجّاز، وهو يصف خيلا قد أقبلت إلى الحيّ: [من الرجز] حتى رأينا كدخان المرتجل ... أو شبه الحفّان، في سفح الجبل
ولأن الحفان أتمّها أبدانا، قال ابن الزّبعرى [1]: [من الرمل] ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل ... حين ألقت بقباء بركها ... واستحرّ القتل في عبد الأشل [2] ... ساعة ثم استخفوا رقصا ... رقص الحفّان في سفح الجبل [3] ... وقتلنا الضّعف من ساداتهم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل [4]
1651 [طيب الجراد الأعرابي]
والجراد الأعرابيّ لا يتقدمه في الطّيب شيء. وما أحصي كم سمعت من الأعراب من يقول: ما شبعت منه قطّ! وما أدعه إلا خوفا من عاقبته أو لأني أعيا فأتركه!
1652 [أكل الجراد]
والجراد يطيب حارّا وباردا، ومشويّا ومطبوخا، ومنظوما في خيط، ومجعولا في الملّة [5].
والبيض الذي يتقدّم في الطيب ثلاثة أجناس: بيض الأسبور [6] وبيض الدّجاج، وبيض الجراد فوق بيض الأسبور في الطيب. وبيض الأسبور فوق بيض الدّجاج.
وجاء في الأثر، أن الجراد ذكر عند عمر فقال [7]: «ليت لنا منه قفعة [8] أو قفعتين».
[1] ديوان عبد الله بن الزبعرى 42، والحماسة البصرية 1/ 100.
[2] قباء: قرية على ميلين أو ثلاثة أميال من المدينة على يسار القاصد إلى مكة. البرك: الإبل الكثيرة.
[3] الرقص: المشي السريع وضرب من الخبب. الحفان: صغار النعام.
[4] الميل: الزيادة.
[5] الملة: الجمر، والرماد الحار.
[6] الأسبور: سمك بحري.
[7] الحديث في النهاية 4/ 91، وأساس البلاغة واللسان (قفع).
[8] في النهاية: «القفعة: شيء كالقفة تتخذ واسعة الأسفل ضيقة الأعلى».(5/299)
وهو يؤكل يابسا وغير يابس، ويجعل أدما [1] ونقلا [2].
والجراد المأكول ضروب، فمنه الأهوازيّ، ومنه المذنّب، وأطيبه الأعرابيّ، وأهل خراسان لا يأكلونه.
1653 [الولوع بأكل الجراد]
وحدّثني رتبيل بن عمرو بن رتبيل قال: والله إني لجالس على باب داري في بني صبير، إذ أقبلت امرأة لم أر قط أتم حسنا وملحا [3] وجسما منها، ورأيت في مشيها تأوّدا، ورأيتها تتلفّت. فلم ألبث أن طلعت أخرى لا أدري أيتهما أقدّم، إذ قالت التي رأيتها بديّا للأخرى: ما لك لا تلحقيني؟ قالت: أنا منذ أيام كثيرة أكثر أكل هذا الجراد، فقد أضعفني! فقالت: وإنك لتحبّينه حبّا تحتملين له مثل ما أرى بك من الضّعف؟ قالت: والله إنه لأحبّ إليّ من الحبل!.
1654 [طرفة في الجراد]
وقال الأصمعي: قال رجل من أهل المدينة لامرأته: لا جزاك الله خيرا، فإنك غير مرعية ولا مبقية! قالت: لأنا والله أرعى وأبقى من التي كانت قبلي! قال: فأنت طالق إن لم أكن كنت آتيها بجرادة فتطبخ منها أربعة ألوان، وتشوي جنبيها! فرفعته إلى القاضي فجعل القاضي يفكر ويطلب له المخرج. فقال للقاضي: أصلحك الله أأشكلت عليك المسألة؟ هي طالق عشرين!
1655 [تشبيه الجيش بالدبا]
ووصف الراجز حربا، فوصف دنوّ الرّجّالة من الرّجّالة، فقال: [من الرجز] أو كالدّبا دبّ ضحى إلى الدّبا
1656 [قول أبي إسحاق في آية الضفادع]
وقرأ بعض أصحابنا بحضرة أبي إسحاق: {وَقََالُوا مَهْمََا تَأْتِنََا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنََا بِهََا فَمََا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الطُّوفََانَ وَالْجَرََادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفََادِعَ وَالدَّمَ آيََاتٍ مُفَصَّلََاتٍ} [4] فقال رجل لأبي إسحاق: انظر كيف قرن الضفادع مع ضعفها
[1] الأدم: ما يؤكل بالخبز.
[2] النقل: ما يعبث به الشارب على شرابه، أو الذي يتنقّل به على الشراب. انظر اللسان «نقل».
[3] الملح: الملاحة والطيب.
[4] 133132/ الأعراف: 7.(5/300)
إلى الطوفان، مع قوة الطوفان وغلبته. قال أبو إسحاق: الضفادع أعجب في هذا الموضع من الطوفان، وإذا أراد الله تعالى أن يصيّر الضفادع أضرّ من الطوفان فعل.
1657 [شعر في تشبيه بالجراد]
وقال أبو الهندي [1]: [من الكامل] لمّا سمعت الدّيك صاح بسحرة ... وتوسّط النّسران بطن العقرب ... وتتابعت عصب النّجوم كأنها ... عفر الظّباء على فروع المرقب ... وبدا سهيل في السماء كأنه ... ثور وعارضه هجان الرّبرب [2] ... نبّهت ندماني فقلت له: اصطبح ... يا ابن الكرام من الشّراب الأصهب ... صفراء تنزو في الإناء كأنها ... عين الجرادة أو لعاب الجندب ... نزو الدّبا من حرّ كلّ ظهيرة ... وقّادة، حرباؤها يتقلّب
وقال أبو الهنديّ [3] أيضا: [من السريع] فإنّ هذا الوطب لي ضائر ... في ظاهر الأمر وفي الغامض [4] ... إن كنت تسقيني فمن قهوة ... صفراء مثل المهرة الناهض ... تنزو الفقاقيع إذا شعشعت ... نزو جراد البلد الرّامض [5]
وقال الأفوه [6]: [من الكامل] بمناقب بيض، كأنّ وجوههم ... زهر قبيل ترجّل الشّمس ... دبّوا كمنتشر الجراد هوت ... بالبطن، في درع وفي ترس [7] ... وكأنها آجال عادية ... حطّت إلى إجل من الخنس [8]
[1] الأبيات في ديوان أبي الهندي 1615، والحماسة البصرية 2/ 386، والأغاني 20/ 328.
[2] الهجان: البيض. الربرب: قطيع من بقر الوحش.
[3] ديوان أبي الهندي 42.
[4] الوطب: سقاء اللبن.
[5] تنزو: تثب وتقفز. شعشعت: مزجت بالماء. الرامض: الشديد الحر.
[6] ديوان الأفواه الأودي 16.
[7] بالبطن: أي بطن الوادي.
[8] الإجل: القطيع من بقر الوحش. العادية: التي تعدو. الخنس: جمع أخنس وخنساء وهو الذي قصرت قصبته وارتدت أرنبته إلى قصبته.(5/301)
1658 [أقوال فيما يضر من الأشياء]
وروى الأصمعي، وأبو الحسن، عن بعض المشايخ. قال: ثلاثة أشياء ربما صرعت أهل البيت عن آخرهم: أكل الجراد، ولحوم الإبل، والفطر من الكمأة.
وقال غيرهما: شرب الماء في الليل يورث الخبل، والنظر إلى المختصر يورث ضعف القلب، والاطلاع في الآبار العاديّة [1] ينقض التركيب. ويسوّل مصارع السّوء.
فأما الفطر الذي يخلق في ظلّ شجر الزيتون فإنما هو حتف قاض، وسمّ ناقع.
وكل شيء يخلق تحت ظلال الشجر يكون رديئا، وأردؤه شجر الزيتون، وربما قتل، وإن كان مما اجتنبوه من أوساط الصحارى.
قالوا: ومما يقتل: الحمّام على الملأة، والجماع على البطنة، والإكثار من القديد [2] اليابس.
وقال الآخر [3]: شرب الماء البارد على الظمإ الشديد إذا عجّل الكرع، وعظّم الجرع، ولم يقطع النفس يقتل.
قالوا [4]: وثلاث تورث الهزال: شرب الماء على الرّيق، والنوم على غير وطاء، وكثرة الكلام برفع الصوت.
والجماع على الامتلاء من الطعام ودخوله. وربما خيف عليه أن يكون قاتل نفسه [5].
وقالوا [6]: وأربعة أشياء تسرع إلى العقل بالإفساد: الإكثار من البصل، والباقلّى والجماع، والخمار.
وأما ما يذكرون في الباب من الهمّ والوحدة والفكرة، فجميع الناس يعرفون
[1] العادية: القديمة.
[2] القديد: ما قطع من اللحم وبسط في الشمس.
[3] انظر عيون الأخبار 3/ 271، السطر قبل الأخير.
[4] عيون الأخبار 3/ 271.
[5] في عيون الأخبار 3/ 271: «ويقال: أربع خصال يهدمن العمر وربما قتلن: دخول الحمام على بطنة، والمجامعة على الامتلاء، وأكل القديد الجاف، وشرب الماء البارد على الريق، وقيل:
مجامعة العجوز».
[6] عيون الأخبار 3/ 272.(5/302)
ذلك. وأما الذي لا يعرفه إلا الخاصة فالكفاية التامة، والتعظيم الدائم، وإهمال الفكر، والأنف من التعلّم. هذا قول أبي إسحاق.
وقال أبو إسحاق [1]: ثلاثة أشياء تخلق العقل، وتفسد الذهن: طول النظر في المرآة، والاستغراق في الضحك، ودوام النظر إلى البحر.
وقال معمّر: قطعت في ثلاثة مجالس، ولم أجد لذلك علة إلا أني أكثرت في أحد تلك الأيام من أكل الباذنجان، وفي اليوم الآخر من أكل الزيتون، وفي اليوم الثالث من الباقلّى.
وزعم أنه كلم رجلا من الملحدين في بعض العشايا، وأنه علاه علوّا ظاهرا قاهرا، وأنه بكر على بقية ما في مسألته من التخريج، فأجبل وأصفى [2]، فقال له خصمه: ما أحدثت بعدي؟ قال: قلت: ما أتّهم إلا إكثاري البارحة من الباذنجان! فقال لي وما خالف إلى التّهمة: ما أشكّ أنك لم تؤت إلا منه! وقال لي من أثق به: ما أخذت قط شيئا من البلاذر فنازعت أحدا إلا ظهرت عليه.
وقال أبو ناضرة: ما أعرف وجه انتفاع الناس بالبلاذر إلا أن يؤخذ للعصب.
قلت: فأي شيء بقي بعد صلاح العصب، وأنتم بأجمعكم تزعمون أن الحسّ للعصب خاصة؟
باب في القطا
1659 [القول في القطا]
تقول العرب: «أصدق من قطاة [3]» و «أهدى من قطاة» [4].
وفي القطا أعجوبة، وذلك أنها لا تضع بيضها أبدا إلا أفرادا، ولا يكون بيضها أزواجا أبدا. وقال أبو وجزة [5]: [من البسيط] وهنّ ينسبن وهنا كلّ صادقة ... باتت تباشر عرما غير أزواج
[1] عيون الأخبار 3/ 272.
[2] أجبل: صعب عليه القول. أصفى الرجل من المال: خلا.
[3] مجمع الأمثال 1/ 412، والدرة الفاخرة 1/ 263، 265، وجمهرة الأمثال 1/ 584، والمستقصى 1/ 206، وأمثال ابن سلام 363.
[4] مجمع الأمثال 2/ 409، وجمهرة الأمثال 2/ 353.
[5] البيت لأبي وجزة في اللسان (زوج، هدج، عرم، قطا)، والأساس (نسب)، والتاج (عرم، قطا)، والتهذيب 2/ 392، 9/ 241، وربيع الأبرار 5/ 449، وبلا نسبة في المخصص 4/ 46.(5/303)
والعرم التي عنى: بيض القطا، لأنها منقّطة. وقال الأخطل [1]: [من الطويل] شفى النّفس قتلى من سليم وعامر ... ولم يشفها قتلى غنيّ ولا جسر ... ولا جشم شرّ القبائل إنهم ... كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر
وقال معقل بن خويلد [2]: [من الطويل] أبا معقل لا توطئنكم بغاضتي ... رؤوس الأفاعي في مراصدها العرم
يريد: الأفاعي العرم في مراصدها. وهي منقّطة الظهور. وما أكثر ما تبيض العقاب ثلاث بيضات، إلا أنها لا تلحم ثلاثة [3]، بل تخرج منهنّ واحدة. وربما باضت الحمامة ثلاث بيضات، إلا أن واحدة تفسد لا محالة. وقال الآخر [4] في صفة البيض: [من الطويل] وبيضاء لا تنحاش منّا وأمّها ... إذا ما رأتنا زال منها زويلها ... نتوج ولم تقرف لما يمتنى له ... إذا أنتجت ماتت وحيّ سليلها
يعني البيضة. نتوج، حامل: ولم تقرف: لم تدان. لما يمتنى: أي للضّراب.
والامتناء: انتظارك الناقة إذا ضربت ألاقح هي أم لا.
وقال ابن أحمر [5]: [من الطويل] بتيهاء قفر والمطيّ كأنها ... قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها [6]
[1] ديوان الأخطل 181.
[2] تقدم البيت مع تخريجه في الفقرة (1113) 4/ 363.
[3] ألحمه: أطعمه اللحم. والمقصود بالثلاثة: فراخها.
[4] البيت لذي الرمة في ديوانه 923، والبيت الأول في اللسان (حوش، زول، زيل، مني)، والتاج (رجأ، حوش، زول، وصل)، والعين 7/ 385، والتهذيب 5/ 142، 13/ 253، وبلا نسبة في الجمهرة 827، والمقاييس 2/ 119، 3/ 38، والمجمل 2/ 119، 11/ 183، 15/ 532، والتاج (رجأ، مني)، وبلا نسبة في المجمل 2/ 471.
[5] ديوان عمرو بن أحمر 119، والخزانة 9/ 102، واللسان والتاج (عرض، كون)، وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح 525، وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 68، وشرح المفصل 7/ 102، والمعاني الكبير 1/ 313، وأسرار العربية 137.
[6] التيهاء: الأرض التي لا يهتدى فيها. الحزن: الأرض الغليظة وفي المعاني الكبير: «أراد أنها شربت من الغدر في الربيع، فإذا فرخت ودخلت في الصيف احتاجت إلى طلب الماء على بعد، فيكون أسرع لطيرانها. وإنما تفرخ بيضها إذا جاء الحر».(5/304)
وذلك أنها قد كانت قبل ذلك الوقت تشرب من الغدر، فلما أفرخت صافت، فاحتاجت إلى طلب الماء من مكان بعيد، فذلك أسرع لها.
1660 [تشبيه مشي المرأة السمينة بمشي القطاة]
ويشبّه مشي المرأة إذا كانت سمينة غير خرّاجة طوّافة بمشي القطاة في القرمطة والدّلّ. وقال ابن ميّادة [1]: [من البسيط] إذا الطّوال سدون المشي في خطل ... قامت تريك قواما غير ذي أود [2] ... تمشي ككدريّة في الجوّ فاردة ... تهدي سروب قطا يشربن بالثّمد [3]
وقال جران العود [4]: [من الطويل] فلمّا رأين الصّبح بادرن ضوءه ... رسيم قطا البطحاء، أو هنّ أقطف
وقال الكميت [5]: [من الكامل] يمشين مشي قطا البطاح تأوّدا ... قبّ البطون رواجح الأكفال
1661 [شعر في التشبيه بالقطاة]
وقال الآخر [6] في غير هذا المعنى: [من الوافر] كأنّ القلب ليلة قيل يغدى ... بليلى العامريّة أو يراح ... قطاة غرّها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح
وقال آخر [7]: [من الطويل] وكنّا كزوج من قطا بمفازة ... لدى خفض عيش ونق مورق رغد ... فخانهما ريب الزّمان فأفردا ... ولم تر عيني قطّ أقبح من فرد
[1] ديوان ابن ميادة 119، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 208.
[2] السدو: اتساع الخطو. الخطل: السرعة في المشي. الأود: العوج.
[3] الكدري: ضرب من القطا قصار الأذناب. الثمد: القليل.
[4] ديوان جران العود 22، واللسان والتاج (حنف).
[5] ديوان الكميت 2/ 53، وتقدم البيت ص 120.
[6] الأبيات لمجنون ليلى في ديوانه 90، وتزيين الأسواق 104، والأمالي 2/ 61، وله أو لتوبة بن الحمير في الكامل 2/ 44 (المعارف)، ولنصيب في ديوانه 74، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1313، وله أو لقيس بن معاذ في الحماسة البصرية 2/ 115، ولقيس بن الذريح في ديوانه 7473، وانظر المزيد من المصادر في الدواوين الثلاثة المتقدمة.
[7] البيتان لأبي دلامة في الأغاني 10/ 255، ومعاهد التنصيص 2/ 221، وبلا نسبة في الأمالي 2/ 21، ومحاضرات الأدباء 1/ 263 (2/ 546).(5/305)
1662 [شعر في صدق القطاة]
وفي صدق القطاة يقول الشاعر [1]: [من الطويل] وصادقة ما خبّرت قد بعثتها ... طروقا وباقي الليل في الأرض مسدف ... ولو تركت نامت، ولكن أعشّها ... أذى من قلاص كالحنيّ المعطّف [2]
وتقول العرب: «لو ترك القطا لنام» [3]. ويقال: أعششت القوم إعشاشا: إذا نزلت بهم وهم كارهون لك فتحوّلوا عن منزلهم.
وقال الكميت [4]: [من البسيط] لا تكذب القول إن قالت قطا صدقت ... إذ كلّ ذي نسبة لابد ينتحل
وقال مزاحم العقيليّ [5]، في تجاوب القطاة وفرخها: [من الطويل] فنادت وناداها، وما اعوجّ صدرها ... بمثل الذي قالت له لم يبدّل.
والقطاة لم ترد اسم نفسها، ولكن الناس سموها بالحروف التي تخرج من فيها، وزاد في ذلك أنها على أبنية كلام العرب، فجعلوها صادقة ومخبرة، ومريدة وقاصدة.
1663 [استطراد لغوي]
ويقال سرب نساء، وسرب قطا، وسرب ظباء. كل ذلك بكسر السين وإسكان الراء. فإذا كان من الطريق والمذهب قالوا: خلّ سربه. و: فلان خليّ السّرب بفتح السين وإسكان الراء. وهذا عن يونس بن حبيب. وقال الشاعر: [من البسيط] أما القطاة فإنّي سوف أنعتها ... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها
[1] البيتان للفرزدق في اللسان والتاج (عشش)، والثاني في التهذيب 1/ 71، والعين 1/ 70، ولم أقع عليهما في ديوانه، والثاني بلا نسبة في المقاييس 4/ 47، وديوان الأدب 3/ 159، وتقدم البيت الأول ص 155.
[2] القلاص: الإبل الفتية. الحي: جمع حنية، وهي القوس.
[3] الفاخر 145، ومجمع الأمثال 2/ 174، والمستقصى 2/ 196، وفصل المقال 384، وأمثال ابن سلام 271.
[4] البيت في حياة الحيوان 2/ 124، ولم يرد في ديوان الكميت.
[5] ديوان مزاحم العقيلي 14، وفي الأغاني 8/ 258: «الشعر مختلف في قائله، ينسب إلى أوس بن غلفاء الهجيمي وإلى مزاحم العقيلي وإلى العباس بن يزيد بن الأسود الكندي وإلى العجير السلولي وإلى عمرو بن عقيل بن الحجاج الهجيمي وهو أصح الأقوال»، والبيتان بلا نسبة في اللسان (طرق)، والعين 2/ 7372، والثاني في ديوان الأدب 2/ 245.(5/306)
سكّاء مخطوفة في ريشها طرق ... سود قوادمها صهب خوافيها
ويقال في ريشها فتخ، وهو اللّين. ويقال في جناحه طرق: إذا غطى الرّيش الأعلى الأسفل. وقال ذو الرّمّة [1]: [من الطويل] طراق الخوافي واقع فوق ريعة ... ندى ليلة في ريشه يترقرق [2]
ويقال: اطّرقت الأرض: إذا ركب التراب بعضه بعضا، ولزم بعضه بعضا، فصار كطراق [2] النّعال طبقا. وقال العجاج [3]: [من الرجز] فاطّرقت إلا ثلاثا دخّسا [5]
والطّرق، بإسكان الراء: الضرب بالحصى، وهو من فعال الحزاة والعائفين [6]:
وقال [7] لبيد، أو البعيث: [من الطويل] لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
قال: ويقال طرّقت القطاة ببيضها: إذا حان خروجه وتعضلّت به شيئا. قال أبو عبيد ولا يقال ذلك في غير القطاة. وغرّه قول العبديّ [8]: [من الطويل] وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق [9]
وهذا الشاعر لم يقل إن التطريق لا يكون إلا للقطاة، بل يكون لكل بيّاضة، ولكلّ ذات ولد. وكيف يقول ذلك وهم يروون عن قابلة البادية أنها قالت لجارية
[1] ديوان ذي الرمة 488، واللسان (ريع، طرق)، والتاج (ريع، رقق)، والجمهرة 756، 777، 1073.
[2] الريعة: المكان المرتفع.
[3] الطراق: النعل يطبق على النعل.
[4] ديوان العجاج 1/ 187، وبلا نسبة في العين 4/ 193.
[5] في ديوانه: «اطرقت: صار بعض ترابها على بعض. والدّخّس: الدواخل، يريد أن هذه الأثافي قد دخلت في الأرض».
[6] الحزاة: جمع حاز، وهو الكاهن. العائف: الذي يزجر الطير.
[7] البيت للبيد في ديوانه 172، واللسان (طرق)، والجمهرة 756، والعين 5/ 100، والتهذيب 16/ 224، وبلا نسبة في المقاييس 1/ 450، والمخصص 13/ 26.
[8] البيت للممزق العبدي في الأصمعيات 165، والأشباه والنظائر 1/ 260، وشرح شواهد الإيضاح 402، وشرح شواهد المغني 2/ 680، واللسان (فحص، نسف، طرق)، والمقاصد النحوية 4/ 590، وللمثقب العبدي في اللسان (حدب)، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 287، والجمهرة 388، 541، 757، 848، 1192.
[9] الغرز: هو للجمل مثل الركاب للبغل. النسيف: أثر ركض الرجل «بجنبي البعير إذا انحص عنه الوبر».(5/307)
تسمى «سحابة»، وقد ضربها المخاض وهي تطلق على يدها [1]: [من الرجز] أيا سحاب طرّقي بخير ... وطرّقي بخصية وأير ... ولا ترينا طرف البظير
1664 [ولادة البكر]
وقال أوس بن حجر [2]: [من المتقارب] بكلّ مكان ترى شطبة ... مولّية، ربها مسبطر [3] ... وأحمر جعدا عليه النسو ... روفي ضبنه ثعلب منكسر [4] ... وفي صدره مثل جيب الفتا ... ة تشهق حينا وحينا تهر [5] ... فإنا وإخوتنا عامرا ... على مثل ما بيننا نأتمر [6] ... لنا صرخة ثم إسكاتة ... كما طرّقت بنفاس بكر
فهذا كما ترى يردّ عليه.
وإنما ذكر أوس بن حجر البكر دون غيرها، لأن الولاد على البكر أشدّ، وخروج الولد أعسر، والمخرج أكزّ وأضيق، ولولا أن البكر أكثر ما تلد أصغر جثة وألطف جسما، إلى أن تتسع الرحم بتمطّي الأولاد فيها لكان أعسر وأشقّ.
1665 [أجود قصيدة في القطا]
وقال المرّار، أو العكبّ التغلبي، وهي أجود قصيدة قيلت في القطا: [من الطويل] بلاد مروراة يحار بها القطا ... ترى الفرخ في حافاتها يتحرّق [7]
[1] البيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (سحب).
[2] ديوان أوس بن حجر 30.
[3] في ديوانه: «الشطبة: الفرس الطويلة الحسنة الخلقة. مسبطر: مضطجع».
[4] في ديوانه: «أحمر: أي رجل أبيض. الجعد: المجتمع الخلق الشديد. عليه النسور: أي سقطت عليه لتنال منه. الضبن: الجنب أو الإبط وما يليه. الثعلب: ما دخل من القناة في جبة السنان».
[5] في ديوانه: «الجيب: فتحة القميص أو الدرع عند الصدر».
[6] في ديوانه: «قوله: على مثل ما بيننا نأتمر، أي نمتثل ما تأمرنا به أنفسنا من الإيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة».
[7] المروراة: الأرض التي لا يهتدي فيها إلا الخريت. يتحرق: أي يتضرم جوعا.(5/308)
يظلّ بها فرخ القطاة كأنّه ... يتيم جفا عنه مواليه مطرق ... بديمومة قد مات فيها وعينه ... على موته تغضي مرارا وترمق [1] ... شبيه بلا شيء هنالك شخصه ... يواريه قيض حوله متفلّق [2] ... له محجر ناب وعين مريض ... ة وشدق بمثل الزّعفران مخلّق ... تعاجيه كحلاء المدامع حرّة ... لها ذنب وحف وجيد مطوّق [3] ... سماكية كدريّة عرعريّة ... سكاكيّة غبراء سمراء عسلق [4] ... إذا غادرته تبتغي ما يعيشه ... كفاها رذاياها النّجاء الهبنّق [5] ... غدت تستقي من منهل ليس دونه، ... مسيرة شهر للقطا، متعلّق ... لأزغب مطروح، بجوز تنوفة ... تلظّى سموما قيظه، فهو أورق [6] ... تراه إذا أمسى وقد كاد جلد ... هـ من الحرّ عن أوصاله يتمزّق [7] ... غدت فاستقلّت ثم ولّت مغيرة ... بها حين يزهاها الجناحان أولق [8] ... تيمّم ضحضاحا من الماء قد بدت ... دعاميصه فالماء أطحل أورق [9] ... فلما أتته مقذحرّا تغوّثت ... تغوّث مخنوق فيطفو ويغرق [10] ... تحير وتلقي في سقاء كأنّه ... من الحنظل العاميّ جرو مفلّق [11] ... فلما ارتوت من مائه لم يكن لها ... أناة وقد كادت من الرّيّ تبصق ... طمت طموة صعدا ومدّت جرانها ... وطارت كما طار السّحاب المحلّق [12]
[1] الديمومة: الفلاة البعيدة الأرجاء. الإغضاء: إدناء الجفون.
[2] القيض: قشرة البيضة العليا.
[3] المعاجاة: هي ألا يكون للأم لبن يروي صبيها فتعاجيه بشيء تعلله به ساعة. الوحف من الشعر:
الغزير والأسود.
[4] سماكية: نسبة إلى أحد السماكين: الأعزل والرامح، أراد أنها علوية. العرعرة: أعلى الجبل، وأعلى كل شيء. السكاك: الجو والهواء والأرض. العسلق: الخفيف.
[5] البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه 1894، واللسان والتاج (هبنق)، والتهذيب 6/ 504، والرذايا:
أراد فراخها الضعاف. النجاء: السرعة. الهبنق: الأحمق.
[6] جوز: وسط. التنوفة: الفلاة. السّموم: الريح الحارة. الأورق: ما لونه بين السواد والغبرة.
[7] الأوصال: المفاصل والأعضاء.
[8] استقلت: ارتفعت في الهواء. الأولق: شبه الجنون.
[9] تيمم: تقصد. الدعاميص: دويبات صغيرة تكون في مستنقع الماء. الأطحل: الرمادي اللون.
والأورق: الرمادي اللون.
[10] المقذحر: المتهيئ للشر، وشبه به الماء الثائر. تغوثت: صاحت.
[11] تحير: ترد وترجع. السقاء: عنى بها حوصلتها تملؤها ماء لإرواء صغارها. العامي: اليابس أتى عليه عام. الجرو: الصغير من كل شيء. والبيت للنمر بن تولب في ديوانه 361.
[12] طمت: ارتفعت. الجران: باطن العنق. المحلق: المرتفع.(5/309)
1666 [شعر البعيث في القطا]
وقال البعيث: [من الطويل] نجت بطوالات كأنّ نجاءها ... هويّ القطا تعرو المناهل جونها [1] ... طوين سقاء الخمس ثمّت قلّصت ... لورد المياه واستتبّت قرونها [2] ... إذا ما وردن الماء في غلس الضّحى ... بللن أداوى ليس خرز يشينها [3] ... أداوى خفيفات المحامل أشنقت ... إلى ثغر اللّبّات منها حصينها [4] ... جعلن حباب الماء حين حملنه ... إلى غصص قد ضاق عنها وتينها [5] ... إذا شئن أن يسمعن والليل واضع ... هذا ليله والريح تجري فنونها [6] ... تناوم سرب في أفاحيصه السّفا ... وميّتة الخرشاء حيّ جنينها [7] ... يروّين زغبا بالفلاة كأنّها ... بقايا أفاني الصّيف، حمرا بطونها [8]
«يروّين» من قولك: روّيت: أي حملت في راوية.
إذا ملأت منها قطاة سقاءها ... فلا تعكم الأخرى ولا تستعينها [9]
ذكر نوادر وأحاديث وأشعار وكلام يتمّ بها هذا الجزء
قالوا [10]: خرف النّمر بن تولب، فكان هجّيراه [11]: اصبحوا الركب، اغبقوا الركب.
[1] نجت: أسرعت. الطوالات: جمع طوالة، أي الطويلة. الهويّ: العدو الشديد.
[2] قلصت: ارتفعت. القرون: النفس.
[3] الغلس: أول الصبح. الأداوي: جمع إداوة، وهو إناء صغير من الجلد يتخذ للماء، وعنى بالأداوي:
حواصلهن.
[4] أشنقت: علقت. الثغر، جمع ثغرة: وهي نقرة النحر. اللبات: جمع لبة، وهي وسط الصدر والمنحر.
[5] الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، أو هو عرق لاصق بالصّلب من باطنه أجمع، يسقي العروق كلها الدم ويسقي اللحم وهو نهر الجسد.
[6] الهذاليل: جمع هذلول، وهو التل الصغير، وعنى بها التلال الصغيرة.
[7] الأفحوص: الموضع الذي تبيض فيه القطاة. السفا: شوك البهمى. الخرشاء: قشرة البيضة العليا اليابسة.
[8] الأفاني: جمع أفانية، وهو عنب الثعلب.
[9] تعكم: تنتظر.
[10] ورد هذا الخبر والذي يليه في الأغاني 22/ 280، ومحاضرات الأدباء 2/ 322 (4/ 705).
[11] هجيراه: دأبه وكلامه.(5/310)
وخرفت امرأة من العرب فكان هجّيراها: زوّجوني، زوّجوني! فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لما لهج به أخو عكل خير مما لهجت به صاحبتكم! وحدثني عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى رجلا يضرب في كلامه قال: أشهد أن الذي خلقك وخلق عمرو بن العاص واحد! وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لصعصعة بن صوحان في المنذر بن الجارود: ما وجدنا عند صاحبك شيئا! قال [1]: إن قلت ذاك إنه لنظّار في عطفيه، تفّال في شراكيه، تعجبه حمرة برديه! قال: وحدّثنا جرير بن حازم القطعيّ قال: قال الحسن: لو كان الرجل كلما قال أصاب، وكلما عمل أحسن، لأوشك أن يجنّ من العجب.
عن أبان بن عثمان قال: سمعت أبا بلال في جنازة وهو يقول [2]: كلّ ميتة ظنون إلا ميتة الشّجّاء قالوا: وما ميتة الشّجّاء؟ قال: أخذها زياد فقطع يديها ورجليها، فقيل لها: كيف ترين يا شجّاء؟ فقالت: قد شغلني هول المطّلع عن برد حديدكم هذا [3].
قال: وقيل لرابعة القيسيّة: لو أذنت لنا كلّمنا قومك فجمعوا لك ثمن خادم، وكان لك في ذلك مرفق وكفتك الخدمة وتفرّغت للعبادة. فقالت والله إني لأستحيي أن أسأل الدنيا من يملك الدنيا، فكيف أسأل الدنيا من لا يملكها؟! والناسكات المتزهدات من النساء المذكورات في الزّهد والرياسة، من نساء الجماعة وأصحاب الأهواء. فمن نساء الجماعة [4]: أم الدرداء، ومعاذة العدوية، ورابعة القيسيّة.
ومن نساء الخوارج [5]: الشّجاء، وحمادة الصّفرية وغزالة الشّيبانية قتلن
[1] ورد الخبر في البيان 1/ 99.
[2] في اللسان: «وقول أبي بلال بن مرداس وقد حضر جنازة، فلما دفنت جلس على مكان مرتفع ثم تنفس الصعداء وقال: كلّ منيّة ظنون إلا القتل في سبيل الله» اللسان 13/ 275 (ظنن).
[3] البرد: الموت، وفي اللسان (طلع)، والنهاية 3/ 132: «ومنه حديث عمر: لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع».
[4] البيان 1/ 365، 3/ 163.
[5] البيان 1/ 365.(5/311)
جميعا، وصلبت الشجاء وحمادة، قتل خالد بن عتّاب غزالة. وكانت امرأة صالح بن مسرّح.
ومن نساء الغالية [1]: الميلاء، وحميدة، وليلى الناعظية.
محمد بن سلام عن ابن جعدبة قال: ما أبرم عمر بن الخطاب أمرا قط إلا تمثل ببيت شعر.
وعن أبان بن عثمان، قال عبد الملك: لقد كنت أمشي في الزّرع فأتّقي الجندب أن أقتله، وإن الحجاج ليكتب إليّ في قتل فئام [2] من الناس فما أحفل بذلك.
وقيل له وقد أمر بضرب أعناق الأسراء: أقستك الخلافة يا أمير المؤمنين، وقد كنت رؤوفا! قال: كلا، ما أقستني، ولكن أقساني احتمال الضغن على الضغن قالوا [3]: ومات يونس النحويّ سنة اثنتين وثمانين ومائة هو ابن ثمان وثمانين سنة. وقال يونس: ما أكلت شيئا قطّ في الشتاء إلا وقد برد، ولا في الصيف إلا وقد سخن.
وحدثني محمد بن يسير قال [3]: قال أبو عمرو المدايني: لو كانت البلايا بالحصص ما نالني كل ما نالني: اختلفت جاريتي بالشاة إلى التّياس وبي إلى حملها حاجة، فرجعت جاريتي حاملا، والشاة حائلا.
محمد بن القاسم قال [4]: قال جرير: أنا لا أبتدي، ولكني أعتدي.
وقال القيني [5]: أنا مثل العقرب. أضر ولا أنفع.
وقال القينيّ [6]: أنا أصدق في صغار ما يضرّني، لأكذب في كبار ما ينفعني.
قال أبو إسحاق: استراح فلان من حيث تعب الكرام.
وقال الحجاج: أنا حديد حقود حسود [7].
[1] في البيان 1/ 365: «ومن نساء الغالية: ليلى الناعظية، والصدوف، وهند».
[2] فئام: جماعات كثيرة.
[3] تقدم الخبر في 3/ 224.
[4] تقدم الخبر في 3/ 50، وهو في البيان 3/ 165.
[5] تقدم الخبر في ص 189، وفي 4/ 366.
[6] انظر الخبر في عيون الأخبار 2/ 28، والكامل 1/ 363 (المعارف).
[7] تقدم الخبر في 3/ 225، وهو برواية مختلفة في البيان 3/ 255.(5/312)
وحدثني نفيع قال [1]: قال لي القيني: أنا لا أصدق مادام كذبي يخفى.
قال: وذكر شبيب بن شيبة عند خالد بن صفوان فقال خالد: ليس له صديق في السر، ولا عدوّ في العلانية! وقال أبو نخيلة [2] في شبيب بن شيبة: [من الرجز] إذا غدت سعد على شبيبها ... على فتاها وعلى خطيبها ... من مطلع الشمس إلى مغيبها ... عجبت من كثرتها وطيبها
وقال يحيى بن أبي علي الكرخيّ: أنا إنسان لا أبالي ما استقبلت به الأحرار [3].
وقال عمرو بن القاسم: إنما قويت على خصمي بأني لم أتستّر قطّ عن شيء من القبيح [4]! فقال أبو إسحاق: نلت اللذّة، وهتكت المروءة، وغلبتك النفس الدّنية، فأرتك مكروه عملك محبوبا وسيّىء قولك حسنا. ومن كان على هذا السبيل لم يتلفت إلى خير يكون منه، ولم يكترث بشرّ يفعله.
وقال الفرزدق [5]: [من الطويل] وكان يجير الناس من سيف مالك ... فأصبح يبغي نفسه من يجيرها
ومن هذا الباب قول التّوتّ اليمانيّ [6]: [من الطويل] على أيّ باب أطلب الإذن بعد ما ... حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه
ومن هذا الشكل قول عديّ بن زيد [7]: [من الرمل] لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصاري
وقال زهير [8]: [من الطويل] فلما وردن الماء زرقا جمامه ... وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم
[1] ورد الخبر في البيان 1/ 47، 340، ورسائل الجاحظ 1/ 357.
[2] الرجز في الأغاني 20/ 391، 405، وثمار القلوب (83) وبلا نسبة في البيان 1/ 113.
[3] ورد الخبر في عيون الأخبار 2/ 28، منسوبا إلى القيني.
[4] ورد القول في عيون الأخبار 2/ 28بلا نسبة.
[5] ديوان الفرزدق 249، والبيان 3/ 259، وتقدم في ص 253.
[6] البيت في البيان 2/ 360، 3/ 259، والوحشيات 77.
[7] تقدم تخريج البيت ص 76.
[8] تقدم تخريج البيت ص 178.(5/313)
وكتب سويد بن منجوف [1] إلى مصعب بن الزبير: [من الوافر] فأبلغ مصعبا عني رسولا ... وهل يلفى النصيح بكلّ واد ... تعلّم أنّ أكثر من تواخى ... وإن ضحكوا إليك هم الأعادي
وحدثني إبراهيم بن عبد الوهاب، قال [2]: كتب شيخ من أهل الريّ على باب داره: «جزى الله من لا يعرفنا ولا نعرفه خيرا. فأمّا أصدقاؤنا الخاصة فلا جزاهم الله خيرا، فإنا لم نؤت قطّ إلا منهم!» وأنشدني النهشليّ لأعرابي يصف نخلا: [من البسيط] ترى مخارفها ثنيي جوانبها ... كأنّ جاني بيض النّحل جانيها [3]
ووصف آخر نخلا فقال: [من الرجز] إذا علا قمّتها الرّاقي أهل [4]
وقال الشاعر [5]: [من الوافر] ومن تقلل حلوبته وينكل ... عن الأعداء يغبقه القراح ... رأيت معاشرا يثنى عليهم ... إذا شبعوا وأوجههم قباح ... يظلّ المصرمون لهم سجودا ... وإن لم يسق عندهم ضياح [6]
وقال الشاعر: [من البسيط] البائتين قريبا من بيوتهم ... ولو يشاؤون آبوا الحيّ أو طرقوا
يقول: لرغبته في القرى، وفي طعام الناس، يبيت بهم، ويدع أهله. ولو شاء أن يبيت عندهم لفعل.
وقال آخر، يمدح ضدّ هؤلاء: [من البسيط] تقري قدورهم سرّاء ليلهم ... ولا يبيتون دون الحيّ أضيافا [7]
[1] البيتان في الوحشيات 98، وربيع الأبرار 3/ 573، وأمالي اليزيدي 81، والتعازي والمراثي 190.
[2] الخبر في البيان 3/ 280.
[3] المخارف: جمع مخرف، وهو الرّطب.
[4] الراقي: الذي يعتليها. أهل: رفع صوته.
[5] الأبيات لمالك بن الحارث في شرح أشعار الهذليين 238، والأول في اللسان والتاج (غبق) مع نسبته إلى أبي سهم الهذلي، والثالث في اللسان والتاج (ضيح) مع نسبته إلى خالد بن مالك الهذلي، والثاني والثالث للهذلي في عيون الأخبار 1/ 241240.
[6] المصرم: القليل الماء السيئ الحال. الضياح: اللبن الرقيق الكثير الماء.
[7] السراء: جمع سار، وهو الذي يسير ليلا.(5/314)
وقال جرير [1]: [من الطويل] وإني لأستحيي أخي أن أرى له ... عليّ من الحق الذي لا يرى ليا
قال: أستحيي أن يكون له عندي يد ولا يرى لي عنده مثلها.
وقال امرؤ القيس [2]: [من الطويل] وهل ينعمن إلا خليّ منعّم ... قليل الهموم ما يبيت بأوجال
قال: وهو كقوله [2]: «استراح من لا عقل له». وأنشد مع هذا البيت قول عمر ابن أبي ربيعة. ويحكى أن المنصور كان يعجبه النصف الأخير من البيت الثاني جدّا، ويتمثل به كثيرا، حتى انتقده بعض من قضى به عليه أن المعنى قدّمه دهرا، وكان استحسانه عن فضل معرفته بإحقاقه فيه، وصواب قوله [3]: [من الطويل] وأعجبها من عيشها ظلّ غرفة ... وريّان ملتفّ الحدائق أخضر ... ووال كفاها كلّ شيء يهمّها ... فليست لشيء آخر الدهر تسهر
وأنشد [4]: [من الطويل] إذا ابتدر الناس المعالي رأيتهم ... وقوفا، بأيديهم مسوك الأرانب [5]
هجاهم بأنهم إنما يعيشون من الصيد. وأنشد: [من الطويل] إذا ابتدر الناس المكارم والعلا ... أقاموا رتوبا في النّهوج اللهاجم [6]
يخبر أنهم يسألون الناس. والنهج واللهجم: الطريق الواسع.
وقال الآخر [7]: [من الطويل] لنا إبل يروين يوما عيالنا ... ثلاث وإن يكثرن يوما فأربع ... نمدّهم بالماء لا من هوانهم ... ولكن إذا ما قلّ شيء يوسّع
[1] تقدم البيت في 3/ 237، الفقرة (900).
[2] ديوان امرئ القيس 27، وتقدم في 3/ 237، الفقرة (900).
[3] ديوان عمر بن أبي ربيعة 95، والبيان 3/ 318، وتقدم البيتان في 3/ 237، الفقرة (900).
[4] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/ 427.
[5] المسوك: جمع مسك، وهو الجلد.
[6] الرتوب: الثبات والإقامة.
[7] البيتان لأبي الحسحاس الأسدي في السمط 892، وبلا نسبة في البخلاء 220، والثاني بلا نسبة في الفاضل 40، واللسان (مدد).(5/315)
وقال الآخر [1]: [من الطويل] من المهديات الماء بالماء بعدما ... رمى بالمقادي كلّ قاد ومعتم [2]
وقال الآخر: [من الطويل] وداع دعا والليل مرخ سدوله ... رجاء القرى يا مسلم بن حمار ... دعا جعلا لا يهتدي لمبيته ... من اللوم حتى يهتدي ابن وبار
وقال الحسن بن هانئ [3]: [من الطويل] أضمرت للنّيل هجرانا ومقلية ... إذ قيل لي إنما التّمساح في النيل [4] ... فمن رأى النّيل رأي العين من كثب ... فما أرى النّيل إلا في البواقيل [5]
وقال ابن ميّادة [6]: [من الطويل] أتيت ابن قشراء العجان فلم أجد ... لدى بابه إذنا يسيرا ولا نزلا ... فإن الذي ولّاك أمر جماعة ... لأنقص من يمشي على قدم عقلا
ومن هذا الباب قوله [7]: [من البسيط] إني رأيت أبا العوراء مرتفقا ... بشطّ دجلة يشري التّمر والسّمكا ... كشرّة الخيل تبقى عند مذودها ... والموت أعلم إذ قفّى بمن تركا ... هذي مساعيك في آثار سادتنا ... ومن تكن أنت ساعيه فقد هلكا
ومن هذا الباب قوله [8]: [من الوافر] ورثنا المجد عن آباء صدق ... أسأنا في ديارهم الصّنيعا ... إذا المجد الرفيع تعاورته ... ولاة السّوء أوشك أن يضيعا
وقال جران العود [9]: [من الطويل]
[1] البيت للعجير السلولي في البخلاء 220.
[2] القادي: القادم من السفر. المعتمي: القاصد.
[3] ديوان أبي نواس 561.
[4] مقلية: بغضا.
[5] البواقيل: جمع بوقال، وهو كوز بلا عروة.
[6] ديوان ابن ميادة 197، وتقدم البيتان في 3/ 4039.
[7] تقدمت الأبيات في 3/ 39.
[8] تقدمت الأبيات في 3/ 40.
[9] البيت لجران العود في ديوانه 53، وتقدم في 3/ 23.(5/316)
أراقب لمحا من سهيل كأنه ... إذا ما بدا في دجية الليل يطرف
وقال: [من الطويل] ولم أجد الموقوذ ترجى حياته ... إذا لم يرعه الماء ساعة ينضح [1]
وكان أبو عباد النّميريّ أتى باب بعض العمال، يسأله شيئا من عمل السلطان، فبعثه إلى أستقانا فسرقوا كل شيء في البيدر وهو لا يشعر، فعاتبه في ذلك، فكتب إليه أبو عبّاد [2]: [من مجزوء الرمل] كنت بازا أضرب الكر ... كيّ والطير العظاما ... فتقّنّصت بي الصّ ... عو فأوهنت القدامى [3] ... وإذا ما أرسل البا ... زي على الصعو تعامى
أراد قول أبي النجم [4] في الراعي: [من الرجز] يمرّ بين الغانيات الجهّل ... كالصقر يجفو عن طراد الدّخّل
وبات أبو عبّاد مع أبي بكر الغفاريّ، في ليالي شهر رمضان، في المسجد الأعظم، فدبّ إليه، وأنشأ يقول: [من السريع] يا ليلة لي بتّ ألهو بها ... مع الغفاريّ أبي بكر ... قمت إليه بعد ما قد مضى ... ثلث من الليل على قدر ... في ليلة القدر، فيا من رأى ... أدبّ منّي ليلة القدر ... ما قام حمدان أبو بكر ... إلا وقد أفزعه نخري [5]
وقال في قلبان صديقته: [من مجزوء الخفيف] إنّ قلبان قد بغت ... لشقائي وقد طغت ... وإذا لم تنك بأي ... ر عظيم القوى بكت
وقال مسكين الدّارمي [6]: [من الطويل]
[1] الموقوذ: المضروب ضربا شديدا.
[2] الخبر السابق مع الأبيات في البرصان 216، ومحاضرات الأدباء 1/ 87 (1/ 179).
[3] التقنص: الصيد. الصعو: طائر أصغر من العصفور.
[4] ديوان أبي النجم العجلي 206، والبرصان 216، والطرائف الأدبية 70، والثاني في المقاييس 1/ 465، وبلا نسبة في الجمهرة 580، والتاج (دخل)، ومبادئ اللغة 166.
[5] النخر: صوت الأنف.
[6] ديوان مسكين الدارمي 32، والحماسة البصرية 1/ 179.(5/317)
إليك أمير المؤمنين رحلتها ... تثير القطا ليلا وهنّ هجود ... لدى كلّ قرموص كأنّ فراخه ... كلى غير أن كانت لهنّ جلود
وقال أبو الأسود الدؤلي، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان [1]: [من الطويل] أمنت على السّرّ امرأ غير كاتم ... ولكنه في النصح غير مريب ... أذاع به في الناس حتّى كأنّه ... بعلياء نار أوقدت بثقوب [2] ... وكنت متى لم ترع سرّك تنتشر ... قوارعه من مخطئ ومصيب [3] ... وما كل ذي لبّ بمؤتيك نصحه ... وما كلّ مؤت نصحه بلبيب ... ولكن إذا ما استجمعا عند واحد ... فحقّ له من طاعة بنصيب [4]
وقال أيضا [5]: [من الطويل] إذا كنت مظلوما فلا تلف راضيا ... عن القوم حتّى تأخذ النصف واغضب ... وإن كنت أنت الظّالم القوم فالطّرح ... مقالتهم وأشغب بهم كل مشغب ... وقارب بذي جهل، وباعد بعالم ... جلوب عليك الحقّ من كلّ مجلب ... فإن حدبوا فاقعس وإن هم تقاعسوا ... ليستمسكوا مما وراءك فاحدب [6] ... ولا تذعنن للحقّ واصبر على التي ... بها كنت أقضي للبعيد على أبي ... فإني امرؤ أخشى إلهي وأتّقي ... معادي وقد جرّبت ما لم تجرب
وقال مسلمة بن عبد الملك: [من الرجز] إني إذا الأصوات في القوم علت ... في موطن يخشى به القوم العنت ... موطّن نفسي على ما خيّلت ... بالصّبر حتّى تنجلي عمّا انجلت
وقال الكميت [7]: [من المتقارب] وبيض رقاق خفاف المتون ... تسمع للبيض منها صريرا [8]
[1] ديوان أبي الأسود الدؤلي 207.
[2] الثقوب: ما أثقبت به النار وأشعلتها.
[3] القوارع: الدواهي.
[4] استجمعا: أي اللب والنصح.
[5] ديوان أبي الأسود الدؤلي 209.
[6] القعس: خروج الصدر ودخول الظهر وهو نقيض الحدب.
[7] ديوان الكميت 1/ 191، والثاني في اللسان والتاج (قرح)، والتهذيب 4/ 38، والبيان 1/ 255.
[8] البيض: السلاح، والبيض: السيوف.(5/318)
تشبّه في الهام آثارها ... مشافر قرحى أكلن البريرا
وأنشدني أبو عبيدة: [من الرجز] نصبحها قيسا بلا استبقائها ... صفائحا فيها فضول مائها ... من كلّ غضب علّ من دمائها ... إذا علا البيضة في استوائها ... رونقه أوقد في حربائها ... نارا وقد أمخض من ورائها
وأنشدني لرجل من طيئ: [من الرجز] لم أر فتيان صباح أصبرا ... منهم إذا كان الرماح كسرا ... سفع الحدود درّعا وحسّرا ... لا يشتهون الأجل المؤخّرا [1]
وقال ابن مفرّغ [2]: [من الرجز] قبّ البطون والهوادي قود ... إن حادت الأبطال لا تحيد [3] ... إذا رجعناهنّ قالت عودوا ... كأنما يعلمن ما نريد
ومن المجهولات: [من الطويل] عليك سلام الله من منزل قفر ... فقد هجت لي شوقا قديما وما تدري ... عهدتك من شهر جديدا ولم أخل ... صروف النّوى تبلي مغانيك في شهر
الخريميّ أبو يعقوب [4]: [من الطويل] لعمرك ما أخلقت وجها بذلته ... إليك ولا عرّضته للمعاير
أي لا أعيّر لقصدك.
فتى وفرت أيدي المحامد عرضه ... عليه وخلّت ماله غير وافر
وقال مطيع بن إياس [5]: [من المنسرح] قد كلفتني طويلة العنق ... وحبّ طول الأعناق من خلقي
[1] الدّرّع: جمع دارع، وهو لابس الدرع. الحسّر: جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه.
[2] ديوان يزيد بن مفرغ 93.
[3] في ديوانه: «قبّ: جمع قباء، وهي الضامرة البطن مع دقة في الخصر. الهوادي: الأعناق. قود:
جمع أقود وهو الطويل، والأقود من الخيل: الطويل العنق العظيمة».
[4] ديوان الخريمي 38.
[5] لم يرد البيتان في ديوانه، والأول في البرصان 318.(5/319)
أقلق من بعدها فإن قربت ... فالقرب أيضا يزيد في قلقي
وقال سهل بن هارون [1]: [من البسيط] إذا امرؤ ضاق عنّي لم يضق خلقي ... من أن يراني غنيّا عنه بالياس ... ولا يراني إذا لم يرع آصرتي ... مستمريا دررا منه بإبساس [2] ... لا أطلب المال كي أغنى بفضلته ... ما كان مطلبه فقرا إلى الناس
وقال [3] ليحيى بن خالد: [من الطويل] عدّو تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزما ... فسيّان حالاه، له فضل منعه ... كما يستحقّ الفضل إن هو أنعما ... مذلّل نفس قد أبت غير أن ترى ... مكاره ما تأتي من الحقّ مغنما
وقال أبو الأسود لزياد: [من الطويل] لعمرك ما حشاك الله روحا ... به جشع ولا نفسا شريره ... ولكنّ أنت لا شرس غليظ ... ولا هشّ تنازعه خؤوره ... كأنا إذ أتيناه نزلنا ... بجانب روضة ريّا مطيره
تم الجزء الخامس من كتاب الحيوان ويليه الجزء السادس أوله باب من كتاب الحيوان.
[1] الأبيات في البخلاء 182، والأول والثالث في زهر الآداب 617.
[2] الآصرة: ما عطفك على رجل من رحم أو قرابة أو صهر أو معروف، والآصرة: الرحم، لأنها تعطفك.
مستمريا: مستخرجا. الإبساس: صوت الراعي تسكن به الناقة عند الحلب، وهو قوله: بس بس.
[3] البيتان الأول والثالث لسهل بن هارون في البيان 3/ 352، وزهر الآداب 616، والأول في البخلاء 14، وقد تقدم في 3/ 222، والأبيات لكثير عزة في العقد الفريد 6/ 192.(5/320)
الجزء السادس
{بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} *
باب في الإطناب والإيجاز لبعض الأبواب السابقة
باب بسم الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللهم جنّبنا فضول القول، والثقة بما عندنا، ولا تجعلنا من المتكلّفين.
1667 [مسرد الأجزاء السابقة]
قد قلنا في الخطوط [1] ومرافقها، وفي عموم منافعها، وكيف كانت الحاجة إلى استخراجها، وكيف اختلفت صورها على قدر اختلاف طبائع أهلها، وكيف كانت ضرورتهم إلى وضعها، وكيف كانت تكون الخلّة عند فقدها.
وقلنا في العقد ولم تكلّفوه، وفي الإشارة ولم اجتلبوها [2]، ولم شبّهوا جميع ذلك ببيان اللّسان حتى سموه بالبيان، ولم قالوا: القلم أحد اللسانين، والعين أنمّ من اللّسان.
وقلنا في الحاجة إلى المنطق وعموم نفعه، وشدة الحاجة إليه، وكيف صار أعمّ نفعا، ولجميع هذه الأشكال أصلا، وصار هو المشتقّ منه، والمحمول عليه، وكيف جعلنا دلالة الأجسام الصامتة نطقا والبرهان الذي في الأجرام الجامدة بيانا.
وذكرنا جملة القول في الكلب والدّيك في الجزأين الأوّلين، وذكرنا جملة القول في الحمام، وفي الذّبّان، وفي الغربان، وفي الخنافس، وفي الجعلان، إلّا ما بقي من فضل القول فيهما، فإنّا قد أخرنا ذلك، لدخوله في باب الحشرات، وصواب موقعهما في باب القول في الهمج في الجزء الثالث.
وإذا سمعت ما أودعها الله تعالى من عظيم الصّنعة، وما فطرها الله تعالى عليه من غريب المعرفة، وما أجرى بأسبابها من المنافع الكثيرة، والمحن العظيمة، وما جعل فيها من الدّاء والدّواء أجللتها أن تسميها همجا، وأكبرت الصنف الآخر أن تسمّيه حشرة، وعلمت أنّ أقدار الحيوان ليست على قدر الاستحسان، ولا على أقدار الأثمان.
[1] تقدم الكلام على الخطوط في 1/ 5045، الفقرات (3935).
[2] تقدم الكلام على العقد والإشارة في 1/ 29، الفقرة (15).(6/321)
وذكرنا جملة القول في الذّرّة والنّملة، وفي القرد والخنزير، وفي الحيّات والنّعام، وبعض القول في النّار في الجزء الرابع.
والنار حفظك الله وإن لم تكن من الحيوان، فقد كان جرى من السّبب المتّصل بذكرها، ومن القول المضمر بما فيها، ما أوجب ذكرها والإخبار عن جملة القول فيها.
وقد ذكرنا بقيّة القول في النّار، ثمّ جملة القول في العصافير، ثمّ جملة القول في الجرذان والسّنانير والعقارب. ولجمع هذه الأجناس في باب واحد سبب سيعرفه من قرأه، ويتبيّنه من رآه! ثمّ القول في القمل والبراغيث والبعوض، ثمّ القول في العنكبوت و؟؟؟
القول في الحبارى، ثمّ القول في الضّأن والمعز، ثمّ القول في الضفادع والجراد؟؟؟
القول في القطا.
1668 [الإطناب والإيجاز]
وقد بقيت أبقاك الله تعالى أبواب توجب الإطالة، وتحوج إلى الإطناب.
وليس بإطالة ما لم يجاوز مقدار الحاجة، ووقف عند منتهى البغية.
وإنما الألفاظ على أقدار المعاني، فكثيرها لكثيرها، وقليلها لقليلها، وشريفها لشريفها، وسخيفها لسخيفها. والمعاني المفردة، البائنة بصورها وجهاتها، تحتاج من الألفاظ إلى أقلّ مما تحتاج إليه المعاني المشتركة، والجهات الملتبسة.
ولو جهد جميع أهل البلاغة أن يخبروا من دونهم عن هذه المعاني، بكلام وجيز يغني عن التفسير باللّسان، والإشارة باليد والرأس لما قدروا عليه.
وقد قال الأوّل [1]: «إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون!».
وليس ينبغي للعاقل أن يسوم [2] اللّغات ما ليس في طاقتها. ويسوم النّفوس ما ليس في جبلّتها [3]. ولذلك صار يحتاج صاحب كتاب المنطق إلى أن يفسّره لمن
[1] هذا القول لأيوب بن أبي تميمة السختياني في صفة الصفوة 3/ 214، وورد بلا نسبة في البيان 1/ 210، وهو من الأمثال في المستقصى 1/ 127، وأمثال ابن سلام 237، وجمهرة الأمثال 1/ 305.
[2] سامه الأمر: كلّفه إيّاه.
[3] الجبلة: الخلقة والطبيعة.(6/322)
طلب من قبله علم المنطق، وإن كان المتكلم رفيق اللّسان، حسن البيان، إلّا أنّي لا أشكّ على حال أنّ النفوس إذ كانت إلى الطّرائف أحنّ، وبالنّوادر أشغف، وإلى قصار الأحاديث أميل، وبها أصبّ أنّها خليقة لاستثقال الكثير، وإن استحقّت تلك المعاني الكثيرة، وإن كان ذلك الطّويل أنفع، وذلك الكثير أردّ [1].
1669 [سرد سائر أبواب الكتاب]
وسنبدأ بعون الله تعالى وتأييده، بالقول في الحشرات والهمج، وصغار السباع، والمجهولات الخاملة الذّكر من البهائم، ونجعل ذلك كله بابا واحدا، ونتّكل، بعد صنع الله تعالى، على أنّ ذلك الباب إذ كان أبوابا كثيرة، وأسماء مختلفة أنّ القارئ لها لا يملّ بابا حتّى يخرجه الثّاني إلى خلافه، وكذلك يكون مقام الثّالث من الرّابع، والرّابع من الخامس، والخامس من السّادس.
1670 [مقياس قدر الحيوان]
وليس الذي يعتمد عليه من شأن الحيوان عظم الجثة، ولا كثرة العدد، ولا ثقل الوزن! والغاية التي يجرى إليها، والغرض الذي نرمي إليه غير ذلك، لأن خلق البعوضة وما فيها من عجيب التركيب، ومن غريب العمل، كخلق الذّرّة وما فيها من عجيب التركيب، ومن الأحساس الصّادقة، والتدابير الحسنة، ومن الرويّة والنظر في العاقبة، والاختيار لكلّ ما فيه صلاح المعيشة، ومع ما فيها من البرهانات النيرة، والحجج الظّاهرة [2].
وكذلك خلق السّرفة [3] وعجيب تركيبها، وصنعة كفّها، ونظرها في عواقب أمرها.
وكذا خلق النّحلة مع ما فيها من غريب الحكم، وعجيب التّدبير، ومن التقدّم فيما يعيشها، والادخار ليوم العجز عن كسبها، وشمّها ما لا يشمّ، ورؤيتها لما لا يرى، وحسن هدايتها، والتّدبير في التأمير عليها، وطاعة ساداتها، وتقسيط أجناس الأعمال بينها، على أقدار معارفها وقوّة أبدانها [4].
[1] أردّ: أنفع.
[2] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (642).
[3] السرفة: دودة القز.
[4] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (732).(6/323)
فهذه النّحلة، وإن كانت ذبابة، فانظر قبل كل شيء في ضروب انتفاع ضروب الناس فيها، فإنّك تجدها أكبر من الجبل الشامخ، والفضاء الواسع.
وكلّ شيء وإن كان فيه من العجب العاجب، ومن البرهان النّاصع، ما يوسّع فكر العاقل، ويملأ صدر المفكّر، فإنّ بعض الأمور أكثر أعجوبة، وأظهر علامة. وكما تختلف برهاناتها في الغموض والظّهور، فكذلك تختلف في طبقات الكثرة، وإن شملتها الكثرة، ووقع عليها اسم البرهان.
1671 [رجع إلى سرد سائر أبواب الكتاب]
ولعلّ هذا الجزء الذي نبتدئ فيه بذكر ما في الحشرات والهمج، أن يفضل من ورقه شيء، فنرفعه ونتمّه بجملة القول في الظّباء والذئاب، فإنّهما بابان يقصران عن الطوال، ويزيدان على القصار.
وقد بقي من الأبواب المتوسّطة والمقتصدة المعتدلة، التي قد أخذت من القصر لمن طلب القصر بحظّ، ومن الطّول لمن طلب الطّول بحظّ وهو القول في البقر، والقول في الحمير، والقول في كبار السّباع وأشرافها، ورؤسائها، وذوي النّباهة منها، كالأسد والنّمر، والببر وأشباه ذلك، مما يجمع قوّة أصل النّاب، والذّرب [1]، وشحو [2] الفم، والسّبعيّة وحدّة البرثن، وتمكّنه في العصب، وشدّة القلب وصرامته عند الحاجة، ووثاقة خلق البدن، وقوّته على الوثب.
وسنذكر تسالم المتسالمة منها، وتعادي المتعادية منها، وما الذي أصلح بينها على السّبعيّة الصّرف، واستواء حالها في اقتيات اللّحمان، حتّى ربّما استوت فريستها في الجنس.
وقد شاهدنا غير هذه الأجناس يكون تعاديها من قبل هذه الأمور التي ذكرناها.
وليس فيما بين هذه السّباع بأعيانها تفاوت في الشّدّة، فتكون كالأسد الذي يطلب الفهد ليأكله، والفهد لا يطمع فيه ولا يأكله. فوجدنا التّكافؤ في القوّة والآلة من أسباب التّفاسد. وإنّ ذلك ليعمل في طباع عقلاء الإنس حتّى يخرجوا إلى تهارش السّباع، فما بالها لم تعمل هذا العمل في أنفس السّباع؟!
[1] الذرب: الحدّة.
[2] الشحو: الاتساع.(6/324)
وسنذكر علّة التسالم وعلّة التعادي، ولم طبعت رؤساء السّباع على الغفلة وبعض ما يدخل في باب الكرم، دون صغار السّباع وسفلتها، وحاشيتها وحشوها [1]، وكذلك أوساطها، والمعتدلة الآلة والأسر [2] منها.
1672 [شواهد هذا الكتاب وملازمتها للغرائب والطرائف]
ولم نذكر، بحمد الله تعالى، شيئا من هذه الغرائب، وطريفة من هذه الطرائف إلا ومعها شاهد من كتاب منزل، أو حديث مأثور، أو خبر مستفيض، أو شعر معروف، أو مثل مضروب، أو يكون ذلك ممّا يشهد عليه الطبيب، ومن قد أكثر قراءة الكتب، أو بعض من قد مارس الأسفار، وركب البحار، وسكن الصّحاري واستذرى [3] بالهضاب، ودخل في الغياض [4]، ومشى في بطون الأودية.
وقد رأينا أقواما يدّعون في كتبهم الغرائب الكثيرة، والأمور البديعة، ويخاطرون من أجل ذلك بمروءاتهم، ويعرّضون أقدارهم، ويسلّطون السّفهاء على أعراضهم، ويجترّون سوء الظّنّ إلى أخبارهم، ويحكّمون حسّاد النّعم في كتبهم، ويمكّنون لهم من مقالتهم. وبعضهم يتّكل على حسن الظّنّ بهم، أو على التسليم لهم، والتقليد لدعواهم. وأحسنهم حالا من يحبّ أن يتفضّل عليه ببسط العذر له، ويتكلّف الاحتجاج عنه، ولا يبالي أن يمنّ بذلك على عقبه، أو من دان بدينه، أو اقتبس ذلك العلم من قبل كتبه.
ونحن حفظك الله تعالى، إذا استنطقنا الشّاهد، وأحلنا على المثل، فالخصومة حينئذ إنّما هي بينهم وبينها، إذ كنّا نحن لم نستشهد إلّا بما ذكرنا. وفيما ذكرنا مقنع عند علمائنا، إلّا أن يكون شيء يثبت بالقياس، أو يبطل بالقياس، فواضع الكتاب ضامن لتخليصه وتلخيصه، ولتثبيته وإظهار حجّته.
فأمّا الأبواب الكبار فمثل القول في الإبل، والقول في فضيلة الإنسان على جميع الحيوان، كفضل الحيوان على جميع النامي، وفضل النّامي على جميع الجماد.
[1] الحشو والحاشية: الصغار.
[2] الأسر: القوة.
[3] استذرى بالشجرة والحائط: اكتنّ وصار في كنف منها.
[4] الغياض: جمع غيضة، وهي مفيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر.(6/325)
وليس يدخل في هذا الباب القول فيما قسم الله، عزّ وجلّ، لبعض البقاع من التّعظيم دون بعض، ولا فيما قسم من السّاعات والليالي، والأيّام والشّهور وأشباه ذلك، لأنّه معنى يرجع إلى المختبرين بذلك، من الملائكة والجنّ والآدميّين.
فمن أبواب الكبار القول في فصل ما بين الذّكورة والإناث، وفي فصل ما بين الرّجل والمرأة خاصّة.
وقد يدخل في القول في الإنسان ذكر اختلاف النّاس في الأعمار، وفي طول الأجسام، وفي مقادير العقول، وفي تفاضل الصّناعات، وكيف قال من قال في تقديم الأوّل، وكيف قال من قال في تقديم الآخر.
فأما الأبواب الأخر، كفضل الملك على الإنسان، وفضل الإنسان على الجانّ، وهي جملة القول في اختلاف جواهرهم، وفي أيّ موضع يتشاكلون، وفي أيّ موضع يختلفون فإن هذه من الأبواب المعتدلة في القصر والطّول.
1673 [علة تداخل أبواب الكتاب]
وليس من الأبواب باب إلّا وقد يدخله نتف من أبواب أخر على قدر ما يتعلّق بها من الأسباب، ويعرض فيه من التضمين. ولعلك أن تكون بها أشدّ انتفاعا.
وعلى أني ربما وشّحت هذا الكتاب وفصّلت فيه بين الجزء والجزء بنوادر كلام، وطرف أخبار، وغرر أشعار، مع طرف مضاحيك. ولولا الذي نحاول من استعطاف على استتمام انتفاعكم لقد كنّا تسخّفنا [1] وسخّفنا شأن كتابنا هذا.
وإذا علم الله تعالى موقع النّيّة، وجهة القصد، أعان على السّلامة من كلّ مخوف
1674 [العلة في عدم إفراد باب للحيوانات المائية]
ولم نجعل لما يسكن الملح والعذوبة، والأنهار والأدوية، والمناقع والمياه الجارية، من السّمك وممّا يخالف السّمك، ممّا يعيش مع السمك بابا مجرّدا، لأنّي لم أجد في أكثره شعرا يجمع الشّاهد ويوثق منه بحسن الوصف، وينشّط بما فيه من غير ذلك للقراءة. ولم يكن الشّاهد عليه إلّا أخبار البحريّين، وهم قوم لا
[1] انظر ما تقدم في 3/ 17، السطر 18، 24، 27. وأراد بالتسخف: الذهاب مذهب السخف.(6/326)
يعدّون القول في باب الفعل، وكلّما كان الخبر أغرب كانوا به أشدّ عجبا، مع عبارة غثّة، ومخارج سمجة.
وفيه عيب آخر: وهو أنّ معه من الطّول والكثرة ما لا تحتملونه، ولو غنّاكم بجميعه مخارق، وضرب عليه زلزل، وزمر به برصوما، فلذلك لم أتعرّض له.
وقد أكثر في هذا الباب أرسطاطاليس، ولم أجد في كتابه على ذلك من الشّاهد إلّا دعواه.
ولقد قلت لرجل من البحريّين: زعم أرسطاطاليس أنّ السّمكة لا تبتلع الطّعم أبدا إلّا ومعه شيء من ماء، مع سعة المدخل، وشرّ النفس. فكان من جوابه أن قال لي: ما يعلم هذا إلّا من كان سمكة مرّة، أو أخبرته به سمكة، أو حدّثه بذلك الحواريّون أصحاب عيسى، فإنهم كانوا صيّادين، وكانوا تلامذة المسيح.
وهذا البحريّ صاحب كلام، وهو يتكلّف معرفة العلل. وهذا كان جوابه.
ولكني لن أدع ذكر بعض ما وجدته في الأشعار والأخبار، أو كان مشهورا عند من ينزل الأسياف [1] وشطوط الأودية والأنهار، ويعرفه السّمّاكون، ويقرّ به الأطبّاء بقدر ما أمكن من القول.
1675 [زعم إياس بن معاوية في الشبّوط]
وقد روى لنا غير واحد من أصحاب الأخبار، أنّ إياس بن معاوية زعم أنّ الشّبّوطة كالبغل، وأنّ أمّها بنيّة، وأباها زجر [2]، وأنّ من الدّليل على ذلك أنّ الناس لم يجدوا في بطن شبّوطة قطّ بيضا.
وأنا أخبرك أنّي قد وجدته فيها مرارا، ولكنّي وجدته أصغر جثّة، وأبعد من الطّيب، ولم أجده عامّا كما أجده في بطون جميع السمك.
فهذا قول أبي واثلة إياس بن معاوية المزني الفقيه القاضي، وصاحب الإزكان [3]، وأقوف [4] من كرز بن علقمة، داهية مضر في زمانه، ومفخر من مفاخر العرب.
[1] الأسياف جمع سيف، وهو ساحل البحر.
[2] البنية والزجر: ضربان من السمك، انظر ما تقدم في 5/ 198.
[3] الإزكان: الفطنة والحدس الصادق، وانظر ما تقدم في 5/ 124، السطر 7.
[4] أقوف: أشد قيافة. والقيافة: هي عمل القائف: وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.(6/327)
1676 [الشك في أخبار البحريين والسّماكين والمترجمين]
فكيف أسكن بعد هذا إلى أخبار البحريّين، وأحاديث السمّاكين، وإلى ما في كتاب رجل لعلّه أن لو وجد هذا المترجم أن يقيمه على المصطبة، ويبرأ إلى النّاس من كذبه عليه، ومن إفساد معانيه بسوء ترجمته.
1677 [الأجناس التي ترجع إلى صورة الضب]
والذي حضرني من أسماء الحشرات، ممّا يرجع عمود صورها إلى قالب واحد، وإن اختلفت بعد ذلك في أمور. فأوّل ما نذكر من ذلك الضبّ.
والأجناس التي ترجع إلى صورة الضّبّ: الورل، والحرباء، والوحرة [1]، والحلكة [2]، وشحمة الأرض، وكذلك العظاء، والوزغ، والحرذون. وقال أبو زيد:
وذكر العظاية هو العضرفوط. ويقال في أمّ حبين حبينة وأشباهها مما يسكن الماء الرّقّ، والسّلحفا، والغيلم، والتّمساح، وما أشبه ذلك.
1678 [الحشرات]
وممّا نحن قائلون في شأنه من الحشرات: الظربان، والعثّ [3] والحفّاث [4] والعربد [5]، والعضرفوط [6]، والوبر [7]، وأم حبين، والجعل، والقرنبى [8] والدّسّاس [9]، والخنفساء، والحيّة، والعقرب، والشّبث [10] والرّتيلاء [11]، والطّبّوع،
[1] الوحرة: دويبة حمراء تلزق بالأرض شبيهة بسام أبرص. حياة الحيوان 2/ 411.
[2] الحلكة: دويبة شبيهة بالعظاية تغوص في الرمل. حياة الحيوان 1/ 337.
[3] العثّ: دويبة تأكل الصوف والجلود.
[4] الحفّاث: ضرب من الحيات تأكل الفأر وأشباه الفأر، انظر ما تقدم في 4/ 331، س 1310.
[5] العربد: حية أحمر أرقش، لا يظلم إلا إذا أوذي.
[6] العضرفوط: العظاءة الذكر. حياة الحيوان 2/ 31.
[7] الوبر: دويبة أصغر من السنور تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/ 409.
[8] القرنبى: دويبة طويلة الرجلين مثل الخنفساء أو أعظم منها بيسير. حياة الحيوان 2/ 209.
[9] الدساس: ضرب من الحيات، أصم يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/ 479.
[10] الشبث: العنكبوت، أو هي دويبة لها ست قوائم طوال صفراء الظهر وظهور القوائم، سوداء الرأس زرقاء العينين، وقيل: دويبة كثيرة الأرجل عظيمة الرأس واسعة الفم مرتفعة المؤخر، وهي التي تسمى شحمة الأرض. حياة الحيوان 1/ 595.
[11] الرتيلاء: نوع من العناكب تسمى عقرب الحيات، لأنها تقتل الحيات والأفاعي. حياة الحيوان 1/ 523.(6/328)
والحرقوص [1]، والدّلم [2]، وقملة النّسر [3]، والمثل، والنّبر، وهي دويبّة إذا دبّت على جلد البعير تورّم [4]، ولذلك يقول الشاعر [5]، وهو يصف إبله بالسّمن: [من الرجز] كأنّها من بدن واستيقار ... دبّت عليها ذربات الأنبار [6]
وقال الآخر [7]: [من الكامل] حمر تحقّنت النّجيل كأنما ... بجلودهن مدارج الأنبار
والضّمج [8]، والقنفذ، والنّمل، والذّرّ، والدّساس [9]، [ومنها ما] [10] تتشاكل في وجوه، وتختلف من وجوه: كالفأر والجرذان والزباب [11]، والخلد واليربوع، وابن عرس، وابن مقرض [12] ومنها العنكبوت الذي يقال له منونة، وهي شرّ من الجرّارة والضّمج [8].
1679 [الوحشي والأهلي من الحيوان]
وسنقول في الأجناس التي يكون في الجنس منها الوحشيّ والأهليّ، كالفيلة، والخنازير، والبقر، والحمير، والسّنانير.
[1] الحرقوص: دويبة أكبر من البرغوث وعضها أشد عضة، وهي مولعة بفروج النساء تولع النمل بالمذاكير. حياة الحيوان 1/ 331، وربيع الأبرار 5/ 478، وانظر ما سيأتي في ص 563562.
[2] الدلم: نوع من القراد. حياة الحيوان 1/ 483.
[3] انظر ما تقدم في 5/ 210، س 12، و 213، س 3.
[4] انظر ما تقدم في 3/ 148، الفقرة (758).
[5] الرجز لشبيب بن البرصاء في اللسان (ذرب، نبر، عرم، بدن)، والتاج (وقر، بدن)، والتنبيه والإيضاح 2/ 209، وبلا نسبة في اللسان (وفر، وقر)، والتاج (ذرب، نبر)، ومعجم البلدان 1/ 257 (الأنبار)، والجمهرة 330، والمقاييس 5/ 380، والمجمل 4/ 370، والتهذيب 15/ 214.
[6] البدن: البدانة. الاستيقار: مصدر استوقرت الإبل، أي سمنت وحملت الشحوم.
[7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (حقن)، والتهذيب 4/ 65، وتقدم مع شرحه في 3/ 148، الفقرة (758).
[8] الضمج: حشرة تعرف باسم البق، والبعوض، والفسافس. انظر معجم الألفاظ الزراعية 544.
[9] الدساس: ضرب من الحيات أصم، يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/ 479.
[10] زيادة يقتضيها سياق الكلام.
[11] الزباب: الفأرة البرية، وقيل: هي فأرة عمياء صماء. حياة الحيوان 1/ 532، وسبق أن تحدث الجاحظ عنها في 4/ 461.
[12] ابن مقرض: دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر، تقتل الحمام وتقرض الثياب. حياة الحيوان 2/ 320.(6/329)
والظّباء قد تدجن وتولّد على صعوبة فيها. وليس في أجناس الإبل جنس وحشيّ، إلّا في قول الأعراب.
وممّا يكون أهليّا ولا يكون وحشيّا وهو سبع الكلاب وليس يتوحّش منها إلّا الكلب الكلب. فأمّا الضّباع والذّئاب، والأسد، والنمور، والببور، والثعالب، وبنات آوى، فوحشيّة كلها، وقد يقلّم الأسد وتنزع أنيابه، ويطول ثواؤه مع الناس حتى يهرم مع ذلك، ويحسّ بعجزه عن الصّيد، ثمّ هو في ذلك لا يؤتمن عرامه [1] ولا شروده، إذا انفرد عن سوّاسه [2]، وأبصر غيضة قدّامها صحراء.
1680 [قصة الأعرابي والذئب]
وقد كان بعض الأعراب ربّى جرو ذئب صغيرا، حتّى شبّ، وظنّ أنه يكون أغنى غناء من الكلب، وأقوى على الذّبّ عن الماشية، فلمّا قوي شيئا وثب على شاة فذبحها وكذلك يصنع الذّئب ثمّ أكل منها فلمّا أبصر الرّجل أمره قال [3]:
[من الوافر] أكلت شويهتي وربيت فينا ... فمن أنباك أنّ أباك ذيب
وقد أنكر ناس من أصحابنا هذا الحديث، وقالوا: لم يكن ليألفه ويقيم معه بعد أن اشتدّ عظمه! ولم لم يذهب مع الذّئاب والضّباع، ولم تكن البادية أحبّ إليه من الحاضرة، والقفار أحبّ إليه من المواضع المأنوسة.
1681 [كيف يصير الوحشيّ من الحيوان أهليا]
وليس يصير السبع من هذه الأجناس أو الوحشيّ من البهائم أهليّا بالمقام فيهم، وهو لا يقدر على الصّحاري. وإنما يصير أهليّا إذا ترك منازل الوحش وهي له معرضة.
1682 [ما يعتري الوحشي إذا صار إلى الناس]
وقد تتسافد وتتوالد في الدّور وهي بعد وحشيّة، وليس ذلك فيها بعامّ. ومن الوحش ما إذا صار إلى النّاس وفي دورهم ترك السّفاد، ومنها ما لا يطعم ولا يشرب
[1] العرام: الشدة والحدة.
[2] السواس: جمع سائس، وهو من يسوس الدابة ويروضها.
[3] تقدم البيت مع الخبر السابق في 4/ 284283، الفقرة (979).(6/330)
البتّة بوجه من الوجوه، ومنها ما يكره على الطّعم ويدخل في حلقة كالحيّة، ومنها ما لا يسفد ولا يدجن، ولا يطعم ولا يشرب، ولا يصيح حتى يموت وهذا المعنى في وحشيّ الطّير أكثر.
1683 [حذق السّوداني بتدريب الجوارح]
[1] والذي يحكى عن السوداني القنّاص الجبليّ ليس بناقض لما قلنا، لأنّ الشّيء الغريب، والنادر الخارجيّ، لا يقاس عليه. وقد زعموا أنّه بلغ من حذقه بتدريب الجوارح وتضريتها أنّه ضرّى ذئبا حتّى اصطاد به الظّباء وما دونها، صيدا ذريعا، وأنه ألفه حتى رجع إليه من ثلاثين فرسخا، وقد كان بعض العمّال سرقه منه. وقد ذكروا أنّ هذا الذّئب قد صار إلى العسكر، وأن هذا السّودانيّ ضرّى أسدا حتى اصطاد له الحمير فما دونها صيدا ذريعا، وأنه ضرّى الزّنابير فاصطاد بها الذّبّان. وكلّ هذا عجب، وهو غريب نادر، بديع خارجيّ وذكروا أنّه من قيس عيلان، وأن حليمة ظئر النبي صلّى الله عليه وسلّم قد ولدته.
1684 [الحيوانات العجيبة]
وليس عندي في الحمار الهنديّ [2] شيء. وقد ذكره صاحب المنطق. فأما الدّباب، وفأرة المسك [3]، والفنك [4]، والقاقم [5]، والسّنجاب، والسّمّور [6]، وهذه الدوابّ ذوات الفراء [7] والوبر الكثيف النّاعم، والمرغوب فيه، والمنتفع به، فهي عجيبة.
وإنّما نذكر ما يعرفه أصحابنا وعلماؤنا، وأهل باديتنا. ألا ترى أنّي لم أذكر لك
[1] وردت هذه الفقرة مختصرة في ربيع الأبرار 5/ 460.
[2] الحمار الهندي: يسمى الكركدن والحريش، وهو عدو الفيل، يقال إنه متولد من بين الفرس والفيل، وله قرن واحد عظيم في رأسه. حياة الحيوان 2/ 243، وانظر ما تقدم في 3/ 112، الفقرة (698).
[3] تحدث الجاحظ عن فأرة المسك في 5/ 162.
[4] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان 1/ 574.
[5] القاقم: دويبة تشبه السنجاب، ويشبه جلده جلد الفنك. حياة الحيوان 2/ 195.
[6] السمور: حيوان بري يشبه السنور، وزعم ناس أنه النمس. حياة الحيوان 1/ 574.
[7] انظر ما تقدم في 5/ 257.(6/331)
الحريش [1]، والدّخس [2]، ولا هذه السّباع المشتركة الخلق، المتولّدة فيما بين السّباع المختلفة الأعضاء، المتشابهة الأرحام، التي إذا صار بعضها في أيدي القرّادين والمتكسّبين والطوّافين، وضعوا لها أسماء، فقالوا: مقلاس، وكيلاس، وشلقطير، وخلقطير وأشباه ذلك، حين لم تكن من السّباع الأصلية والمشهورة النسب، والمعروفة بالنّفع والضّرر.
وقد ذكرنا منها ما كان مثل الضبع، والسّمع [3]، والعسبار [4]، إذ كانت معروفة عند الأعراب، مشهورة في الأخبار، منوّها بها في الأشعار.
1685 [الاعتماد على معارف الأعراب في الوحش]
وإنّما أعتمد في مثل هذا على ما عند الأعراب، وإن كانوا لم يعرفوا شكل ما احتيج إليه منها من جهة العناية والفلاية، ولا من جهة التذاكر والتكسّب. ولكن هذه الأجناس الكثيرة، ما كان منها سبعا أو بهيمة أو مشترك الخلق، فإنّما هي مبثوثة في بلاد الوحش: من صحراء، أو واد، أو غائط، أو غيضة، أو رملة، أو رأس جبل، وهي في منازلهم ومناشئهم [5]، فقد نزلوا كما ترى بينها، وأقاموا معها. وهم أيضا من بين النّاس وحش، أو أشباه الوحش.
1686 [توارث المعرفة بالداء والدواء]
وربّما بل كثيرا ما يبتلون بالناب والمخلب، وباللدغ واللّسع، والعضّ والأكل، فخرجت بهم الحاجة إلى تعرّف حال الجاني والجارح والقاتل، وحال المجنيّ عليه والمجروح والمقتول، وكيف الطّلب والهرب، وكيف الداء والدواء، لطول الحاجة، ولطول وقوع البصر، مع ما يتوارثون من المعرفة بالدّاء والدواء.
[1] في حياة الحيوان 1/ 332: «الحريش نوع من الحيات أرقط، كذا قال الجوهري. وقال بعد هذا: الحريش: دابة لها مخالب كمخالب الأسد ولها قرن واحد في هامتها، ويسميها الناس الكركدن».
[2] في حياة الحيوان 1/ 476: «قال الجوهري الدّخس: مثال الصّرد دويبة في البحر تنجي الغريق، تمكنه من ظهرها ليستعين على السباحة، وتسمى الدلفين».
[3] السمع: ولد الذئب من الضبع.
[4] العسبار: ولد الضبع من الذئب.
[5] مناشئهم: مكان نشوئهم.(6/332)
1687 [معرفة العرب للآثار والأنواء والنجوم]
ومن هذه الجهة عرفوا الآثار في الأرض والرّمل، وعرفوا الأنواء ونجوم الاهتداء، لأنّ كلّ من كان بالصّحاصح الأماليس [1] حيث لا أمارة ولا هادي، مع حاجته إلى بعد الشّقّة مضطرّ إلى التماس ما ينجيه ويؤديه [2].
ولحاجته إلى الغيث، وفراره من الجدب، وضنّه بالحياة، اضطرته الحاجة إلى تعرّف شأن الغيث.
ولأنه في كلّ حال يرى السّماء، وما يجري فيها من كوكب، ويرى التّعاقب بينها، والنّجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجتمعا وما يسير منها فاردا [3]، وما يكون منها راجعا ومستقيما.
وسئلت أعرابيّة فقيل لها: أتعرفين النجوم؟ قالت: سبحان الله! أما أعرف أشباحا وقوفا عليّ كلّ ليلة! وقال اليقطريّ: وصف أعرابيّ لبعض أهل الحاضرة نجوم الأنواء، ونجوم الاهتداء، ونجوم ساعات اللّيل والسّعود والنّحوس، فقال قائل لشيخ عباديّ كان حاضرا: أما ترى هذا الأعرابيّ يعرف من النّجوم ما لا نعرف! قال: ويل أمّك، من لا يعرف أجذاع [4] بيته؟
قال: وقلت لشيخ من الأعراب قد خرف، وكان من دهاتهم: إني لا أراك عارفا بالنّجوم! قال: أما إنّها لو كانت أكثر لكنت بشأنها أبصر، ولو كانت أقلّ لكنت لها أذكر.
وأكثر سبب ذلك كلّه بعد فرط الحاجة، وطول المدارسة دقّة الأذهان، وجودة الحفظ. ولذلك قال مجنون من الأعراب لمّا قال له أبو الأصبغ بن ربعيّ: أما تعرف النجوم؟ قال: وما لي أعرف من لا يعرفني؟! فلو كان لهذا الأعرابيّ المجنون مثل عقول أصحابه، لعرف مثل ما عرفوا.
[1] الصحاصح: جمع صحصح، وهي الأرض المستوية الواسعة. الأماليس: جمع إمليس، وهي الأرض الملساء لا شجر بها ولا ماء.
[2] آداه: قوّاه، أو أوصله.
[3] فاردا: منفردا.
[4] الجذع: ساق النخلة، والمراد بها هنا ما جعل منها سقفا للبيت.(6/333)
1688 [ما يجب في التعليم]
ولو كان عندي في أبدان السّمّور، والفنك، والقاقم [1]، ما عندي في أبدان الأرانب والثّعالب، دون فرائها، لذكرتها بما قلّ أو كثر، لكنّه لا ينبغي لمن قلّ علمه أن يدع تعليم من هو أقلّ منه علما.
1689 [الدساس وعلة اختصاصه بالذّكر]
ولو كانت الدّسّاس [2] من أصناف الحيّات لم نخصّها من بينها بالذّكر، ولكنها وإن كانت على قالب الحيّات وخرطها، وأفرغت كإفراغها وعلى عمود صورها، [فخصائصها] [3] دون خصائصها، كما يناسبها في ذلك الحفّاث [4] والعربد [5].
وليسا من الحيّات، كما أن هذا ليس من الحيّات، لأنّ الدّسّاس ممسوحة الأذن، وهي مع ذلك ممّا يلد ولا يبيض. والمعروف في ذلك أنّ الولادة هي في الأشرف [6]، والبيض في الممسوح [7].
وقد زعم ناس أنّ الولادة لا تخرج الدّسّاس من اسم الحيّة، كما أن الولادة لا تخرج الخفّاش من اسم الطير.
وكلّ ولد يخرج من بيضه فهو فرخ، إلا ولد بيض الدّجاج فإنّه فرّوج.
والأصناف التي ذكرناها مع ذكر الضّبّ تبيض كلّها، ويسمى ولدها بالاسم الأعم فرخا.
وزعم لي ابن أبي العجوز، أنّ الدّسّاس تلد. وكذلك خبّرني به محمد بن أيوب ابن جعفر عن أبيه، وخبّرني به الفضل بن إسحاق بن سليمان فإن كان خبرهما عن إسحاق فقد كان إسحاق من معادن [8] العلم.
[1] انظر ما تقدم ص 331.
[2] الدساس: ضرب من الحيات أصم، يندس تحت التراب. حياة الحيوان 1/ 479.
[3] زيادة يقتضيها سياق الكلام.
[4] انظر ما تقدم في الحاشية 4ص 328.
[5] العربد: حية أحمر أرقش، لا يظلم إلا إذا أوذي.
[6] الأشرف: الظاهر الأذنين.
[7] الممسوح: ليس بظاهر الأذنين.
[8] معدن الشيء: موضعه ومكانه، عدن بالمكان: أقام وثبت.(6/334)
وقد زعموا بهذا الإسناد أنّ الأرويّة [1] تضع مع كلّ ولد وضعته أفعى في مشيمة واحدة.
وقال الآخرون: الأرويّة [1] لا تعرف بهذا المعنى، ولكنه ليس في الأرض نمرة إلا وهي تضع ولدها وفي عنقه أفعى في مكان الطّوق. وذكروا أنّها تنهش وتعضّ، ولا تقتل.
ولم أكتب هذا لتقرّ به، ولكنها رواية أحببت أن تسمعها. ولا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، وكذلك لا يعجبني الإنكار له. ولكن ليكن قلبك إلى إنكاره أميل.
1690 [مواضع الشك واليقين]
وبعد هذا فاعرف مواضع الشّكّ، وحالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له، وتعلم الشّكّ في المشكوك فيه تعلّما. فلو لم يكن في ذلك إلّا تعرّف التوقّف ثمّ التثبّت، لقد كان ذلك ممّا يحتاج إليه.
ثمّ اعلم أنّ الشكّ في طبقات عند جميعهم. ولم يجمعوا على أن اليقين طبقات في القوّة والضعف.
1691 [أقوال لبعض المتكلمين في الشك]
ولمّا قال ابن الجهم للمكّيّ: أنا لا أكاد أشكّ! قال المكّيّ: وأنا لا أكاد أوقن! ففخر عليه المكيّ بالشكّ في مواضع الشّك، كما فخر عليه ابن الجهم باليقين في مواضع اليقين.
وقال أبو إسحاق: نازعت من الملحدين الشاك والجاحد فوجدت الشّكّاك أبصر بجوهر الكلام من أصحاب الجحود.
وقال أبو إسحاق: الشاك أقرب إليك من الجاحد، ولم يكن يقين قط حتى كان قبله شكّ، ولم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتّى يكون بينهما حال شكّ.
وقال ابن الجهم: ما أطمعني في أوبة المتحيّر لأنّ كل من اقتطعته عن اليقين الحيرة فضالته التبيّن، ومن وجد ضالته فرح بها.
وقال عمرو بن عبيد: تقرير لسان الجاحد أشدّ من تعريف قلب الجاهل.
[1] الأروية: الأنثى من الوعول. حياة الحيوان 1/ 35.(6/335)
وقال أبو إسحاق: إذا أردت أن تعرف مقدار الرجل العالم، وفي أيّ طبقة هو، وأردت أن تدخله الكور [1] وتنفخ عليه، ليظهر لك فيه الصّحّة من الفساد، أو مقداره من الصّحّة والفساد، فكن عالما في صورة متعلّم، ثم اسأله سؤال من يطمع في بلوغ حاجته منه.
1692 [علة قلة الشكوك عند العوام]
والعوامّ أقلّ شكوكا من الخواص، لأنّهم لا يتوقّفون في التصديق والتكذيب ولا يرتابون بأنفسهم، فليس عندهم إلّا الإقدام على التّصديق المجرّد، أو على التكذيب المجرد، وألغوا الحال الثالثة من حال الشّكّ التي تشتمل على طبقات الشك، وذلك على قدر سوء الظنّ وحسن الظّن بأسباب ذلك. وعلى مقادير الأغلب.
1693 [حرمة المتكلمين]
وسمع رجل، ممّن قد نظر بعض النظر، تصويب العلماء لبعض الشكّ، فأجرى ذلك في جميع الأمور، حتّى زعم أنّ الأمور كلها يعرف حقها وباطلها بالأغلب.
وقد مات ولم يخلّف عقبا، ولا واحدا يدين بدينه. فلو ذكرت اسمه مع هذه الحال لم أكن أسأت، ولكنّي على حال أكره التّنويه بذكر من قد تحرّم بحرمة الكلام، وشارك المتكلّمين في اسم الصّناعة، ولا سيّما إن كان ممّن ينتحل تقديم الاستطاعة.
1694 [الأوعال والثياتل والأيايل]
فأمّا القول في الأوعال، والثّياتل [2]، والأيايل [3] وأشباه ذلك، فلم يحضرنا فيها ما إن نجعل لذكرها بابا مبوبا. ولكننا سنذكرها في مواضع ذكرها من تضاعيف هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
[1] الكور: كور الحداد الذي فيه الجمر وتوقد فيه النار، وهو مبني من الطين، ويقال: هو الزق أيضا.
[2] الثيتل: الذكر المسن من الأوعال. حياة الحيوان 1/ 259.
[3] الأيل: ذكر الأوعال.(6/336)
باب في الضب
الضب
1695 [ذم هذا الكتاب ومدحه]
وأنا مبتدئ على اسم الله تعالى في القول في الضّبّ. على أنّي أذمّ هذا الكتاب في الجملة، لأنّ الشواهد على كلّ شيء بعينه وقعت متفرّقة غير مجتمعة.
ولو قدرت على جمعها لكان ذلك أبلغ في تزكية الشّاهد، وأنور للبرهان، وأملأ للنفس، وأمتع لها، بحسن الرّصف [1]. وأحمده، لأنّ جملة الكتاب على حال مشتملة على جميع تلك الحجج، ومحيطة بجميع تلك البرهانات، وإن وقع بعضه في مكان بعض، تأخّر متقدّم، وتقدّم متأخر.
1696 [ما قيل من الشعر في جحر الضب]
وقالوا [2]: ومن كيس [3] الضّبّ أنّه لا يتخذ جحره إلّا في كدية وهو الموضع الصّلب أو في ارتفاع عن المسيل والبسيط، ولذلك توجد براثنه ناقصة كليلة، لأنّه يحفر في الصّلابة، ويعمّق الحفر، ولذلك قال خالد بن الطّيفان [4]: [من الطويل] ومولى كمولى الزّبرقان دملته ... كما دملت ساق تهاض، بها كسر [5] ... إذا ما أحالت والجبائر فوقها ... مضى الحول لا برء مبين ولا جبر ... تراه كأنّ الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر ... ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه ... كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر
[1] الرصف: ضم الشيء بعضه إلى بعض.
[2] انظر هذا القول في ربيع الأبرار 5/ 467.
[3] الكيس: العقل.
[4] الأبيات لخالد بن علقمة في ديوان علقمة 110109، والمؤتلف 221، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية 4/ 172171، والأول لابن الطيفان الدارمي في اللسان (دمل)، والثالث للزبرقان بن بدر في ديوانه 40، والدرر 6/ 81، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 396، والخصائص 2/ 431، وهمع الهوامع 2/ 130، واللسان (جدع)، والرابع للحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (613).
[5] في ديوان علقمة: «قوله: كمولى الزبرقان، كان الزبرقان بن بدر وصف مولى له في شعره فذمه، فشبّه هذا مولاه به والمولى هنا ابن العم. والدمل: إصلاح ما فسد، وهو هاهنا الرفق والتلطف.
والهيض: كسر بعد جبر».(6/337)
وقال كثيّر [1]: [من المتقارب] فإن شئت قلت له صادقا ... وجدتك بالقفّ ضبّا جحولا ... من اللاء يحفرن تحت الكدى ... ولا يبتغين الدّماث السّهولا
وقال دريد بن الصّمّة [2]: [من الطويل] وجدنا أبا الجبّار ضبّا مورّشا ... له في الصّفاة برثن ومعاول ... له كدية أعيت على كلّ قانص ... ولو كان منهم حارشان وحابل ... ظللت أراعي الشمس لولا ملالتي ... تزلّع جلدي عنده وهو قائل [3]
وأنشد لدريد بن الصمة [4]: [من الطويل] وعوراء من قيل امرىء قد رددتها ... بسالمة العينين طالبة عذرا [5] ... ولو أنني إذ قالها قلت مثلها ... وأكثر منها، أورثت بيننا غمرا ... فأعرضت عنها وانتظرت به غدا ... لعلّ غدا يبدي لمنتظر أمرا ... لأخرج ضبّا كان تحت ضلوعه ... وأقلم أظفارا أطال بها الحفرا
وقال أوس بن حجر، في أكل الصّخر للأظفار [6]: [من الطويل] فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكّلا ... وقد أكلت أظفاره الصّخر، كلّما ... تعايا عليه طول مرقى توصّلا
فقد وصفوا الضّبّ كما ترى، بأنه لا يحفر إلّا في كدية، ويطيل الحفر حتّى تفنى براثنه، ويتوخّى به الارتفاع عن مجاري السّيل والمياه، وعن مدق الحوافر، لكيلا ينهار عليه بيته.
[1] ديوان كثير 392، والمعاني الكبير 643، وثمار القلوب (613).
[2] ديوان دريد بن الصمة 104، والأول في المعاني الكبير 648.
[3] القائل: النائم نومة نصف النهار.
[4] لم ترد الأبيات في ديوان دريد بن الصمة، وهي لمسكين الدارمي في ديوانه 48، وربيع الأبرار 2/ 290، ولحاتم الطائي في ديوانه 284283، وذيل الأمالي 6362، وللأعور الشني في حماسة البحتري 171، والأول والثالث له في الوساطة 392، والأبيات لأنس بن أبي أناس الكناني في المؤتلف 70، والأول والثاني بلا نسبة في لباب الآداب 323322، والمخصص 16/ 57، والأول في اللسان والتاج (عور)، والأساس (سلم)، والتهذيب 3/ 171.
[5] الغمر: الحقد.
[6] ديوان أوس بن حجر، وتقدم البيتان مع تخريج واف في 5/ 12.(6/338)
1697 [هداية الضب إلى جحره]
ولمّا علم أنّه نسّاء سيّئ الهداية، لم يحفر وجاره إلّا عند أكمة، أو صخرة، أو شجرة، ليكون متى تباعد من جحره لطلب الطّعم، أو لبعض الخوف فالتفت ورآه أحسن الهداية إلى جحره. ولأنّه إذا لم يقم علما [1] فلعلّه أن يلج على ظربان أو ورل، فلا يكون دون أكله له شيء.
1698 [بعض الأمثال في خداع الضب]
فقالت العرب: «خبّ ضبّ» [2] و: «أخبّ من ضبّ» [3] و «أخدع من ضبّ» [4] و: «كلّ ضبّ عند مرداته» [5].
وإذا خدع في زوايا حفيرته فقد توثّق لنفسه عند نفسه.
1699 [حذر بعض الحيوان]
ولهذه العلّة اتخذ اليربوع القاصعاء، والنافقاء، والدّامّاء، والرّاهطاء، وهي أبواب قد اتخذها لحفيرته، فمتى أحسّ بشرّ خالف تلك الجهة إلى الباب.
ولهذا وشبهه من الحذر كان التوبير [6] من الأرانب وأشباهها. والتوبير: أن تطأ على زمعاتها [6] فلا يعرف الكلب والقائف من أصحاب القنص آثار قوائمها.
ولما أشبه هذا التّدبير صار الظبي لا يدخل كناسه إلّا وهو مستدبر، يستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه [7].
[1] أي إذا لم ينصب لنفسه علما يهتدي به.
[2] الإتباع والمزاوجة 46، وفيه «فالضب: البخيل الممسك، والخبّ: من الخبّ»، ورجل خب «بالفتح والكسر»: خدّاع خبيث، وخب ضب: منكر مراوغ حرب. وانظر الدرة الفاخرة 1/ 192، وجمهرة الأمثال 1/ 415.
[3] مجمع الأمثال 1/ 260، وجمهرة الأمثال 1/ 439، والدرة الفاخرة 1/ 192، والمستقصى 1/ 92.
[4] مجمع الأمثال 1/ 260، وجمهرة الأمثال 1/ 440، والدرة الفاخرة 1/ 193، 330، والمستقصى 1/ 95، وأمثال ابن سلام 364.
[5] المرداة: الصخرة يرمى بها، ويضرب المثل للشيء العتيد ليس دونه شيء، والمثل في مجمع الأمثال 2/ 132، وجمهرة الأمثال 2/ 157، والمستقصى 2/ 227، وفصل المقال 163، وأمثال ابن سلام 335.
[6] انظر ما تقدم في 5/ 150، 239.
[7] الخشف: ولد الظبي أول ما يولد.(6/339)
1700 [شعر في حزم الضب واليربوع]
وقد جمع يحيى بن منصور الذّهليّ أبوابا من حزم الضب، وخبثه وتدبيره. إلّا أنّه لم يرد تفضيل الضب في ذلك. ولكنه بعد أن قدّمه على حمقى الرّجال. قال:
فكيف لو فكّرتم في حزم اليربوع والضبّ.
وأنشدني فقال [1]: [من الوافر] وبعض النّاس أنقص رأي حزم ... من اليربوع والضبّ المكون [2] ... يرى مرداته من رأس ميل ... ويأمن سيل بارقة هتون [3] ... ويحفر في الكدى خوف انهيار ... ويجعل مكوه رأس الوجين [4] ... ويخدع إن أردت له احتيالا ... رواغ الفهد من أسد كمين ... ويدخل عقربا تحت الذّنابى ... ويعمل كيد ذي خدع طبين [5] ... فهذا الضبّ ليس بذي ... حريم مع اليربوع والذّئب اللّعين
وقد ذكر يحيى جميع ما ذكرنا، إلّا احتياله بإعداد العقرب لكفّ المحترش، فإنه لم يذكر هذه الحيلة من عمله. وسنذكر ذلك في موضعه. والشّعر الذي يثبت له ذلك كثير.
فهذا شأن الضّب في الحفر، وإحكام شأن منزله.
1701 [امتناع الورل عن اتخاذ بيت له]
ومن كلام العرب أنّ الورل إنّما يمنعه من اتّخاذ البيوت أنّ اتخاذها لا يكون إلّا بالحفر، والورل يبقي على براثنه، ويعلم أنّها سلاحه الذي به يقوى على ما هو أشدّ بدنا منه. وله ذنب يؤكل ويستطاب، كثير الشّحم.
1702 [قول الأعراب في مطايا الجن من الحيوان]
والأعراب لا يصيدون يربوعا، ولا قنفذا، ولا ورلا من أول الليل، وكذلك كل شيء يكون عندهم من مطايا الجنّ، كالنّعام والظّباء.
[1] الأبيات في ربيع الأبرار 5/ 467.
[2] المكون: التي جمعت البيض في بطنها، وبيضها يسمى المكون.
[3] المرداة: الصخرة يرمى بها. البارقة: السحابة ذات البرق. الهتون: السحابة التي مطرها فوق الهطل.
[4] المكو: الجحر. الوجين: الأرض الصلبة.
[5] الطبين: وصف من الطبانة، وهي شدة الفطنة.(6/340)
ولا تكون الأرنب والضّبع من مراكب الجن، لأن الأرنب تحيض ولا تغتسل من الحيض، والضبّاع تركب أيور القتلى والموتى إذا جيّفت [1] أبدانهم وانتفخوا وأنعظوا ثم لا تغتسل عندهم من الجنابة. ولا حنابة إلا ما كان للإنسان فيه شرك. ولا تمتطي القرود، لأن القرد زان، ولا يغتسل من جنابة.
فإن قتل أعرابيّ قنفذا أو ورلا، من أول الليل، أو بعض هذه المراكب، لم يأمن على فحل إبله، ومتى اعتراه شيء حكم بأنه عقوبة من قبلهم.
قالوا: ويسمعون الهاتف عند ذلك بالنّعى، وبضروب الوعيد.
1703 [قول الأعراب في قتل الجان من الحيات]
وكذلك يقولون في الجانّ من الحيّات. وقتل الجان عندهم عظيم. ولذلك رأى رجل منهم جانّا في قعر بئر، لا يستطيع الخروج منها، فنزل على خطر شديد حتّى أخرجها، ثم أرسلها من يده فانسابت، وغمّض عينيه لكيلا يرى مدخلها كأنّه يريد الإخلاص في التقرّب إلى الجن.
قال المازني: فأقبل عليه رجل فقال له: كيف يقدر على أذاك من لم ينقذه من الأذى غيرك؟!
1704 [ما لا يتم له التدبير إذا دخل الأنفاق]
وقال: ثلاثة أشياء لا يتمّ لها التّدبير إذا دخلت الأسراب، والأنفاق، والمكامن والتّوالج [2] حتّى يغص بها الخرق.
فمن ذلك: أن الظربان إذا أراد أن يأكل حسلة الضب أو الضبّ نفسه اقتحم جحر الضّب مستدبرا، ثم التمس أضيق موضع فيه، فإذا وجده قد غصّ به، وأيقن أنّه قد حال بينه وبين النسيم، فسا عليه، فليس يجاوز ثلاث فسوات حتى يغشى على الضب فيأكله كيف شاء.
والآخر: أن الرجل إذا دخل وجار الضبع ومعه حبل، فإن لم يسدّ ببدنه وبثوبه جميع المخارق والمنافذ ثم وصل إلى الضبع من الضياء بمقدار سمّ الإبرة، وثبت عليه. فقطّعته، ولو كان أشدّ من الأسد.
[1] جيّفت: أنتنت.
[2] التوالج: جمع تولج، وهو كناس الظبي.(6/341)
والثالث: أنّ الضب إذا أراد أن يأكل حسوله وقف لها من جحرها في أضيق موضع من منفذه إلى خارج، فإذا أحكم ذلك بدأ فأكل منها، فإذا امتلأ جوفه انحطّ عن ذلك المكان شيئا قليلا، فلا يفلت منه شيء من ولده إلا بعد أن يشبع ويزول عن موضعه، فيجد منفذا.
وقال بعض الأعراب: [من الرجز] ينشب في المسلك عند سلّته ... تزاحم الضبّ عصى في كديته
1705 [شعر في أكل الضبّ ولده]
وقال: الدّليل على أنّ الضّبّ يأكل ولده قول عملّس بن عقيل بن علّفة لأبيه [1]: [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل ... فلو أنّ الأولى كانوا شهودا ... منعت فناء بيتك من بجيل
وأنشد لغيره [2]: [من الوافر] أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى ... تركت بنيك ليس لهم عديد
وقال عمرو بن مسافر: عتبت على أبي يوما في بعض الأمر، فقلت: [من البسيط] كيف ألوم أبي طيشا ليرحمني ... وجدّه الضّبّ لم يترك له ولدا
وقال خداش بن زهير [3]: [من البسيط] فإن سمعتم بجيش سالكا سرفا ... أو بطن قوّ فأخفوا الجرس واكتتموا ... ثمّ ارجعوا فأكبّوا في بيوتكم ... كما أكبّ على ذي بطنه الهرم
جعله هرما لطول عمره. وذي بطنه: ولده.
[1] البيتان للعملس بن عقيل أو لأرطأة بن سهية في نوادر المخطوطات 2/ 359 (العققة والبررة)، ولأرطأة بن سهية في الأغاني 12/ 269، والأول للعملس بن عقيل في المعاني الكبير 642، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 366، وشرح شواهد المغني 2/ 366. وتقدم البيتان في 1/ 129، الفقرة (155).
[2] البيت بلا نسبة في حياة الحيوان 1/ 637 (الضب)، وانظر العقد الفريد 6/ 49، وتقدم البيت في 1/ 129الفقرة (155).
[3] البيتان لخداش بن زهير في أشعار العامريين 45، والمعاني الكبير 642، 1092، والأول في الأغاني 22/ 61، والتاج (سرف).(6/342)
وقال أبو بكر بن أبي قحافة لعائشة، رضي الله عنهما: إنّي كنت نحلتك سبعين وسقا [1] من مالي بالعالية، وإنّك لم تحوزيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هو أخواك وأختاك. قالت: ما أعرف لي أختا غير أسماء. قال: إنّه قد ألقى في روعي أن ذا بطن بنت خارجة جارية.
قال آخرون: لم يعن بذي بطنه ولده، ولكنّ الضّبّ يرمي ما أكل، أي يقيء ثم يرجع فيأكله. فذلك هو ذو بطنه. فشبّهوه في ذلك بالكلب والسّنّور.
وقال عمرو بن مسافر: ما عنى إلا أولاده، فكأنّ خداشا قال: ارجعوا عن الحرب التي لا تستطيعونها، إلى أكل الذّريّة والعيال.
1706 [نفي الغنويّ أكل الضبّة أولادها]
قال: وقال أبو سليمان الغنويّ: أبرأ إلى الله تعالى من أن تكون الضّبّة تأكل أولادها! ولكنها تدفنهنّ وتطمّ عليهنّ التّراب، وتتعهدهنّ في كلّ يوم حتّى يخرّجن [2]، وذلك في ثلاثة أسابيع. غير أنّ الثّعالب والظّربان والطّير، تحفر عنهنّ فتأكلهنّ. ولو أفلت منهنّ كلّ فراخ الضّباب لملأن الأرض جميعا.
ولو أنّ إنسانا نحل أمّ الدّرداء، أو معاذة العدويّة، أو رابعة القيسيّة، أنهنّ يأكلن أولادهنّ، لما كان عند أحد من النّاس من إنكار ذلك، ومن التكذيب عنهنّ، ومن استعظام هذا القول، أكثر مما قاله أبو سليمان في التّكذيب على الضّباب أن تكون تأكل أولادها.
قال أبو سليمان: ولكن الضبّ يأكل بعره، وهو طيّب عنده. وأنشد [3]: [من البسيط] يعود في تيعه حدثان مولده ... فإن أسنّ تغدّى نجوه كلفا
قال: وقال أفّار بن لقيط: التّيع: القيء. ولكنّا رويناه هكذا. إنما قال: «يعود في رجعه». وكذلك الضّبّ، يأكل رجعه [4].
[1] الوسق: الحمل، وكل شيء وسقته فقد حملته، والوسق أيضا: ضم الشيء إلى الشيء.
[2] التخريج: التعليم والتأديب.
[3] البيت بلا نسبة في اللسان (ثعع)، والرواية فيه:
(يعود في ثعّه حدثان مولده ... وإن أسنّ تعدّى غيره كلفا)
[4] الرجع، الروث والعذرة.(6/343)
وزعم أصحابنا أنّ أبا المنجوف السّدوسيّ روى عن أبي الوجيه العكليّ قوله [1]: [من الطويل] وأفطن من ضبّ إذا خاف حارشا ... أعدّ له عند التلمّس عقربا
جملة القول في نصيب الضباب من الأعاجيب والغرائب
أوّل ذلك طول الذّماء، وهو بقيّة النّفس وشدّة انعقاد الحياة والرّوح بعد الذبح وهشم الرّأس، والطّعن الجائف النافذ، حتّى يكون في ذلك أعجب من الخنزير، ومن الكلب، ومن الخنفساء، وهذه الأشياء التي قد تفرّدت بطول الذّماء.
ثمّ شارك الضّبّ الوزغة والحيّة، فإن الحية تقطع من ثلث جسمها، فتعيش إن سلمت من الذّرّ. فجمع الضّبّ الخصلتين جميعا. إلا ما رأيت في دخّال الأذن من هذه الخصلة الواحدة، فإنّي كنت أقطعه بنصفين، فيمضي أحد نصفيه يمنة والآخر يسرة. إلا أنّي لا أعرف مقدار بقائهما بعد أن فاتا بصري.
ومن أعاجيبه طول العمر. وذلك مشهور في الأشعار والأخبار، ومضروب به المثل. فشارك الحيّات في هذه الفضيلة، وشارك الأفعى الرّمليّة والصّخرية في أنّها لا تموت حتف أنفها، وليس إلا أن تقتل أو تصطاد، فتبقى في جون الحوّائين، تذيلها [2] الأيدي، وتكره على الطّعم في غير أرضها وهوائها، حتى تموت، أو تحتملها السّيول في الشّتاء وزمان الزّمهرير، فما أسرع موتها حينئذ، لأنّها صردة. وتقول العرب: «أصرد من حيّة» كما تقول: «أعرى من حية» [3]. وقال القشيريّ: «والله لهي أصرد من عنز جرباء» [4].
[1] البيت بلا نسبة في التاج (خدع)، والكامل 1/ 158 (المعارف)، ومجمع الأمثال 1/ 260.
[2] تذيلها: تهينها.
[3] مجمع الأمثال 2/ 54، وجمهرة الأمثال 2/ 34، والمستقصى 1/ 241، والدرة الفاخرة 1/ 298.
[4] مجمع الأمثال 1/ 213، وجمهرة الأمثال 1/ 585، والمستقصى 1/ 207، والدرة الفاخرة 1/ 267، وأمثال ابن سلام 367.(6/344)
1707 [حتوف الحيّات]
وحتوفها التي تسرع إليها ثلاثة أشياء:
أحدها مرور أقاطيع الإبل والشّاء، وهي منبسطة على وجه الأرض، إما للتشرّق نهارا في أوائل البرد، وإما للتبرّد ليلا في ليالي الصّيف، وإمّا لخروجها في طلب الطّعم.
والخصلة الثانية ما يسلّط عليها من القنافذ والأوعال والورل، فإنها تطالبها مطالبة شديدة، وتقوى عليها قوّة ظاهرة، والخنازير تأكلها وقد ذكرنا ذلك في باب القول في الحيّات [1].
والخصلة الثالثة: تكسّب الحوّائين بصيدها. وهي تموت عندهم سريعا.
1708 [اكتفاء الحيات والضباب بالنسيم]
والضّبّ يشاركها في طول العمر، ثمّ الاكتفاء بالنسيم والتّعيش ببرد الهواء.
وذلك عند الهرم وفناء الرّطوبات، ونقص الحرارات [2]. وهذه كلها عجب.
1709 [رجع إلى أعاجيب الضب]
ثم اتخاذه الجحر في الصّلابة، وفي بعض الارتفاع. خوفا من الانهدام، ومسيل المياه. ثم لا يكون ذلك إلا عند علم يرجع إليه إن هو أضلّ جحره. ولو رأى بالقرب ترابا متراكبا بقدر تلك المرداة [3] والصّخرة، لم يحفل بذلك. فهذا كله كيس وحزم.
وقال الشّاعر [4]: [من الطويل] سقى الله أرضا يعلم الضب أنّها ... عذيّة بطن القاع طيّبة البقل ... يرود بها بيتا على رأس كدية ... وكل امرئ في حرفة العيش ذو عقل
وقال البطين: [من البسيط] وكلّ شيء مصيب في تعيّشه ... الضبّ كالنّون، والإنسان كالسّبع
[1] انظر ما تقدم في 4/ 332، الفقرة (1058)، و 4/ 339، الفقرة (1079).
[2] انظر ما تقدم في 4/ 322، الفقرة (1034).
[3] المرداة: الصخرة يرمى بها.
[4] البيتان في ربيع الأبرار 5/ 469، وتقدما في 3/ 40، الفقرة (582).(6/345)
ومن أعاجيبه [1] أنّ له أيرين، وللضبة حرين. وهذا شيء لا يعرف إلّا لهما.
فهذا قول الأعراب.
وأمّا قول كثير من العلماء، ومن نقّب في البلاد، وقرأ الكتب، فإنّهم يزعمون أنّ للسّقنقور أيرين، وهو الذي يتداوى به العاجز عن النكاح، ليورثه ذلك القوة.
قالوا: وإن للحرذون أيضا أيرين، وإنّهم عاينوا ذلك معاينة. وآخر من زعم لي ذلك موسى بن إبراهيم.
والحرذون دويبة تشبه الحرباء، تكون بناحية مصر وما والاها، وهي دويّبة مليحة موشّاة بألوان ونقط.
وقال جالينوس: الضبّ الذي له لسانان يصلح لحمه لكذا وكذا. فهذه أيضا أعجوبة أخرى في الضبّ: أن يكون بعضه ذا لسانين وذا أيرين.
ومن أعاجيب الضّبّة أنّها تأكل أولادها. وتجاوز في ذلك خلق الهرّة، حتّى قالت الأعراب: «أعقّ من ضبّ» [2].
1710 [احتيال الضب بالعقرب]
وزعمت العرب أنّه يعدّ العقرب في جحره، فإذا سمع صوت الحرش استثفرها [3]، فألصقها بأصل عجب الذّنب من تحت، وضمّ عليها، فإذا أدخل الحارش يده ليقبض على أصل ذنبه لسعته العقرب.
وقال علماؤهم: بل يهيّئ العقارب في جحره، لتلسع المحترش إذا أدخل يده.
وقال أبو المنجد بن رويشد: رأيت الضب أخور [4] دابّة في الأرض على الحر، تراه أبدا في شهر ناجر [5] بباب جحره، متدخّلا يخاف أن يقبض قابض بذنبه، فربّما أتاه الجاهل ليستخرجه، وقد أتى بعقرب فوضعها تحت ذنبه بينه وبين الأرض، يحبسها بعجب الذنب، فإذا قبض الجاهل على أصل ذنبه لسعته، فشغل بنفسه.
[1] تقدم ذكر هذه الأعجوبة في 4/ 338، الفقرة (1075).
[2] مجمع الأمثال 2/ 47، وجمهرة الأمثال 2/ 69، والمستقصى 1/ 250، وأمثال ابن سلام 369.
[3] أصل الاستثفار في الكلب، وهو أن يدخل ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه.
[4] أخور: أضعف.
[5] شهر ناجر: رجب أو صفر. انظر الأزمنة والأمكنة 1/ 280، والأيام والليالي للفراء 17.(6/346)
فأما ذو المعرفة فإنّ معه عويدا يحرّكه هناك، فإذا زالت العقرب قبض عليه.
وقال أبو الوجيه: كذب والله من زعم أنّ الضّبّة تستثفر [1] عقربا، ولكنّ العقارب مسالمة للضّباب، لأنها لا تعرض لبيضها وفراخها. والضبّ يأكل الجراد ولا يأكل العقارب. وأنشد قول التميميّ الذي كان ينزل به الأزديّ: إنّه ليس إلى الطعام يقصد، وليس به إلا أنه قد صار به إلفا وأنيسا، فقال: [من الوافر] أتأنس بي ونجرك غير نجري ... كما بين العقارب والضّباب [2]
وأنشد: [من الطويل] تجمّعن عند الضّبّ حتى كأنه ... على كلّ حال أسود الجلد خنفس
لأن العقارب تألف الخنافس. وأنشدوا للحكم بن عمرو البهراني [3]: [من السريع] والوزغ الرّقط على ذلّها ... تطاعم الحيّات في الجحر ... والخنفس الأسود من نجره ... مودّة العقرب في السّرّ
لأنك لا تراهما أبدا إلّا ظاهرتين، يطّاعمان أو يتسايران، ومتى رأيت مكنة [4] أو اطّلعت على جحر فرأيت إحداهما رأيت الأخرى.
قال: ومما يؤكّد القول الأوّل قوله: [من الطويل] ومستثفر دون السّويّة عقربا ... لقد جئت بجريّا من الدّهر أعوجا
يقول: حين لم ترض من الدّهاء والنكر [5] إلّا بما تخالف عنده النّاس وتجوزهم.
1711 [شعر في إعجاب الضب والعقرب بالتمر]
وأنشدني ابن داحة لحذيفة بن دأب عمّ عيسى بن يزيد، الذي يقال له ابن
[1] انظر الحاشية 3، في الصفحة السابقة.
[2] النجر: الطبع.
[3] سيكرر الجاحظ هذين البيتين ص 467، والثاني بلا نسبة في اللسان (خنفس).
[4] المكنة: بيضة الضبة.
[5] النكر: الدهاء.(6/347)
دأب في حديث طويل من أحاديث العشّاق: [من الطويل] لئن خدعت حبّى بسبّ مزعفر ... فقد يخدع الضّبّ المخادع بالتّمر [1]
لأن الضب شديد العجب بالتّمر، فضرب الضب مثلا في الخبث والخديعة.
والذي يدلّ على أن الضب والعقرب يعجبان بالتّمر عجبا شديدا، ما جاء من الأشعار في ذلك.
وأنشدني ابن الأعرابيّ، لابن دغماء العجلي: [من الطويل] سوى أنكم درّبتم فجريتم ... على دربة، والضّبّ يحبل بالتّمر
فجعل صيده بالتّمر كصيده بالحبالة. وأنشدني القشيريّ: [من الطويل] وما كنت ضبّا يخرج التّمر ضغنه ... ولا أنا ممن يزدهيه وعيد
وقال بشر بن المعتمر، في قصيدته التي ذكر فيها آيات الله عز ذكره، في صنوف خلقه، مع ذكر الإباضيّة، والرافضة والحشوية والنابتة فقال فيها [2]: [من السريع] وهقلة ترتاع من ظلّها ... لها عرار ولها زمر ... تلتهم المرو على شهوة ... وحبّ شيء عندها الجمر ... وضبّة تأكل أولادها ... وعترفان بطنه صفر ... يؤثر بالطّعم، وتأذينه ... منجّم ليس له فكر ... وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التمر
وقال أيضا بشر، في قصيدة له أخرى [3]: [من السريع] أما ترى الهقل وأمعاءه ... يجمع بين الصّخر والجمر ... وفأرة البيش على بيشها ... أحرص من ضبّ على تمر
وقال أبو دارة وقد رأيته أنا، وكان صاحب قنص: [من الطويل] وما التمر إلّا آفة وبليّة ... على جلّ هذا الخلق من ساكن البحر
[1] حبّى: اسم امرأة. السّبّ: العمامة.
[2] الأبيات (1، 2، 5) في اللسان (ألق)، وستأتي القصيدة كاملة في ص 467464.
[3] البيتان هما (4241) من قصيدة سيوردها الجاحظ ص 470467.(6/348)
وفي البرّ من ذئب وسمع وعقرب ... وثرملة تسعى وخنفسة تسري [1] ... وقد قيل في الأمثال إن كنت واعيا ... عذيرك، إنّ الضّبّ يحبل بالتمر
وسنفسّر معاني هذه الأبيات إذا كتبنا القصيدتين على وجوههما [2] بما يشتملان عليه من ذكر الغرائب والحكم، والتّدبير والأعاجيب التي أودع الله تعالى أصناف هذا الخلق، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكر، فيصير بذلك عاقلا عالما، وموحّدا مخلصا.
1712 [طول ذماء الضب]
والدّليل على ما ذكرنا من تفسير قولهم: الضّبّ أطول شيء ذماء [3]، قولهم:
«إنّه لأحيا من ضبّ» [4]، لأنّ حارشه ربّما ذبحه فاستقصى فري الأوداج، ثم يدعه، فربما تحرك بعد ثلاثة أيام.
وقال أبو ذؤيب الهذلي [5]: [من الكامل] ذكر الورود بها وشاقى أمره ... شؤما وأقبل حينه يتتبّع ... فأبدّهنّ حتوفهنّ فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع
وكان النّاس يروون: «فهارب بدمائه» يريدون من الدم. وكانوا يكسرون الدال، حتى قال الأصمعيّ: «بذمائه» معجمة الذال مفتوحة وقال كثير [6]: [من الكامل] ولقد شهدت الخيل يحمل شكّتي ... متلمّظ خذم العنان بهيم [7] ... باقي الذماء إذا ملكت مناقل ... وإذا جمعت به أجشّ هزيم [8]
[1] الثرملة: الأنثى من الثعالب.
[2] انظر ما سيأتي ص 470464.
[3] تقدم هذا القول في 3/ 247، الفقرة (914)، وورد هذا القول في رسائل الجاحظ 1/ 277.
[4] مجمع الأمثال 1/ 218، 226، وجمهرة الأمثال 1/ 343، وأمثال ابن سلام 369.
[5] البيتان لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 24، والمفضليات 423و 425، والثاني في اللسان والتاج (بدد، جعع، ذمي)، والمقاييس 1/ 176، 416، والعين 1/ 68، والأساس (ذمي)، والتهذيب 1/ 69، 14/ 78، 15/ 26، وبلا نسبة في العين 8/ 203، والمخصص 3/ 23، 80.
[6] ديوان كثير 206، والمعاني الكبير 49.
[7] الشكة: السلاح. خذم العنان: سريع.
[8] المناقل: السريع نقل القوائم. الأجش: الغليظ الصهيل. الهزيم: الشديد الصوت.(6/349)
1713 [خبث الضب ومكره]
والضّبّ إذا خدع في جحره وصف عند ذلك بالخبث والمكر، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط] إنّا منينا بضبّ من بني جمح ... يرى الخيانة مثل الماء بالعسل
وأنشد أبو عصام [1]: [من الطويل] إنّ لنا شيخين لا ينفعاننا ... غنيّين لا يجدي علينا غناهما ... كأنّهما ضبّان ضبّا مغارة ... كبيران غيداقان صفر كشاهما [2] ... فإن يحبلا لا يوجدا في حبالة ... وإن يرصدا يوما يخب راصداهما
ولذلك شبّهوا الحقد الكامن في القلب، الذي يسري ضرره، وتدبّ عقاربه بالضّبّ، فسمّوا ذلك الحقد ضبّا. قال معن بن أوس: [من الطويل] ألا من لمولى لا يزال كأنّه ... صفا فيه صدع لا يدانيه شاعب [3] ... تدبّ ضباب الغشّ تحت ضلوعه ... لأهل النّدى من قومه بالعقارب
وقال أبو دهبل الجمحيّ [4]: [من البسيط] فاعلم بأنّي لمن عاديت مضطغن ... ضبّا وإنّى عليك اليوم محسود
وأنشد ابن الأعرابيّ [5]: [من الرجز] يا ربّ مولى حاسد مباغض ... عليّ ذي ضغن وضبّ فارض [6] ... له قروء كقروء الحائض
[1] الأبيات لأبي أسيدة الدبيري في تهذيب الألفاظ 135، والأول في اللسان والتاج (يسر) مع بيت لم يذكره الجاحظ، والثاني في اللسان (علد)، وبلا نسبة في التهذيب 2/ 216، وكتاب الجيم 2/ 311، 3/ 157.
[2] الغيداق: الضب المسن العظيم. الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء تمتد من أصل ذنبه حتى تبلغ إلى أقصى حلقه.
[3] الصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء. الشاعب: المصلح.
[4] ديوان أبي دهبل 104، والأغاني 7/ 129.
[5] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (بغض، فرض)، والأساس (فرض)، والتهذيب 12/ 15، وديوان الأدب 1/ 353، ومجالس ثعلب 301، والأضداد 28، وعمدة الحفاظ (فرض).
[6] الفارض: المسن.(6/350)
كأنّه ذهب إلى أنّ حقده يخبو تارة ثمّ يستعر، ثم يخبو ثم يستعر.
وقال ابن ميّادة [1]، وضرب المثل بنفخ الضب وتوثّبه: [من الطويل] فإن لقيس من بغيض أقاصيا ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها
وقال الآخر: [من الطويل] فلا يقطع الله اليمين التي كست ... حجاجي منيع بالقنا من دم سجلا [2] ... ولو ضبّ أعلى ذي دميث حبلتما ... إذا ظلّ يمطو من حبالكم حبلا [3]
والضب يوصف بشدّة الكبر، ولا سيّما إذا أخصب وأمن وصار [4]، كما قال عبدة بن الطّبيب، فإنّه ضرب الضبّ مثلا حيث يقول [5] ليحيى بن هزّال: [من البسيط] لأعرفنّك يوم الورد ذا لغط ... ضخم الجزارة بالسّلمين وكّار ... تكفي الوليدة والرّعيان مؤتزرا ... فاحلب فإنّك حلّاب وصرّار ... ما كنت أول ضب صاب تلعته ... غيث فأمرع واسترخت به الدار
وقال ابن ميّادة [6]: [من الطويل] ترى الضّبّ أن لم يرهب الضّبّ غيره ... يكشّ له مستكبرا ويطاوله
وقال دعلج عبد المنجاب: [من الطويل] إذا كان بيت الضب وسط مضبّة ... تطاول للشخص الذي هو حابله
المضبّة: مكان ذو ضباب كثيرة، ولا تكثر إلّا وبقربها حيّة أو ورل، أو ظربان، ولا يكون ذلك إلّا في موضع بعيد من النّاس، فإذا أمن وخلا له جوّه، وأخصب، نفخ وكشّ نحو كل شيء يريده.
1714 [ما يوصف بالكبر من الحيوان]
ومما يوصف بالكبر الثّور في حال تشرّقه، وفي حال مشيته الخيلاء في الرّياض،
[1] ديوان ابن ميادة 79، والمعاني الكبير 649.
[2] الحجاجان: العظمان اللذان ينبت عليهما الحاجب. القنا: الرماح. السجل: الدلو العظيمة.
[3] حبله: اصطاده بالحبالة.
[4] صار القوم يصيرون: حضروا الماء.
[5] الأبيات لعبدة بن الطبيب في ديوانه 38، ونوادر أبي زيد 47. وتقدمت في 5/ 143.
[6] ديوان ابن ميادة 193، والمعاني الكبير 649.(6/351)
عند غبّ ديمة. ولذلك قال الكميت [1]: [من الخفيف] كشبوب ذي كبرياء من الوح ... دة لا يبتغي عليها ظهيرا [2]
وهذا كثير، وسيقع في موضعه من القول في البقر.
وممّا يوصف بالكبر الجمل الفحل، إذا طافت [3] به نوق الهجمة [4]، ومرّ نحو ماء أو كلأ فتبعنه. وقال الرّاجز: [من الرجز] فإن تشرّدن حواليه وقف ... قالب حملاقيه في مثل الجرف [5] ... لو رضّ لحد عينه لما طرف ... كبرا وإعجابا وعزّا وترف
والنّاقة يشتدّ كبرها إذا لقحت، وتزمّ بأنفها [6] وتنفرد عن صحاباتها، وأنشد الأصمعيّ: [من الرجز] وهو إذا أراد منها عرسا ... دهماء مرباع اللّقاح جلسا [7] ... عاينها بعد السّنان أنسا ... حتّى تلقّته مخاضا قعسا [8] ... حتّى احتشت في كلّ نفس نفسا ... على الدّوام ضامزات خرسا [9] ... خوصا مسرّات لقاحا ملسا [10]
وأمّا قول الشّمّاخ [11]: [من الطويل] جماليّة لو يجعل السّيف غرضها ... على حدّه لاستكبرت أن تضوّرا [12]
[1] ديوان الكميت 1/ 194.
[2] الشّبوب: الشاب من الثيران.
[3] طاف بالقوم وعليهم: استدار وجاء من نواحيه.
[4] الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين والمائة، وقيل: الهجمة أولها الأربعون إلى ما زادت. وقيل: هي ما بين السبعين إلى دوين المائة، وقيل: هي ما بين السبعين إلى المائة. وانظر أقوالا أخرى في اللسان (هجم).
[5] الحملاق: بياض العين. الجرف: ما تجرفته السيول.
[6] تزم بأنفها: تشمخ به.
[7] الدهماء: السوداء. المرباع: التي عادتها أن تنتج في الربيع. الجلس: الناقة الجسيمة.
[8] سان البعير الناقة يسانها: طردها حتى ينوخها ليسفدها. القعس: جمع قعساء وهي التي مال رأسها وعنقها نحو ظهرها.
[9] الضامزات: الساكتات لا تسمع لها رغاء.
[10] الخوص: جمع خوصاء، وهي الغائرة العينين.
[11] ديوان الشماخ 134، وأساس البلاغة (كبر).
[12] في ديوانه: «ناقة جمالية: وثيقة، تشبه الجمل في خلقتها وشدتها وعظمها. والغرض: حزام الرحل. وقوله: أن تضورا، أصله: أن تتضورا، فحذف إحدى التاءين، والتضور: التلوي، والصياح، يصفها بالقوة والتحمل والرياضة».(6/352)
فليس من الأوّل في شيء.
1715 [المذكورون من الناس بالكبر]
والمذكورون من النّاس بالكبر، ثمّ من قريش: بنو محزوم، وبنو أميّة. ومن العرب: بنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس خاصّة.
فأمّا الأكاسرة من الفرس فكانوا لا يعدّون النّاس إلّا عبيدا، وأنفسهم إلّا أربابا.
ولسنا نخبر إلا عن دهماء النّاس وجمهورهم كيف كانوا، من ملوك وسوقة.
1716 [الكبر في الأجناس الذليلة]
والكبر في الأجناس الذّليلة من النّاس أرسخ وأعمّ. ولكنّ الذلة والقلّة مانعتان من ظهور كبرهم، فصار لا يعرف ذلك إلّا أهل المعرفة. كعبيدنا من السّند، وذمّتنا من اليهود.
والجملة أنّ كلّ من قدر من السّفلة والوضعاء والمحقرين أدنى قدرة، ظهر من كبره على من تحت قدرته، على مراتب القدرة، ما لا خفاء به. فإن كان ذمّيّا وحسن بما له في صدور النّاس، تزيّد في ذلك، واستظهرت طبيعته بما يظنّ أنّ فيه رقع ذلك الخرق، وحياص [1] ذلك الفتق، وسد تلك الثّلمة. فتفقد ما أقول لك، فإنك ستجده فاشيا.
وعلى هذا الحساب من هذه الجهة، صار المملوك أسوأ ملكة من الحرّ.
وشيء قد قتلته علما، وهو أنّي لم أر ذا كبر قطّ على من دونه إلا وهو يذلّ لمن فوقه بمقدار ذلك ووزنه.
1717 [كبر قبائل من العرب]
فأمّا بنو مخزوم. وبنو أميّة، وبنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس، فأبطرهم ما وجدوا لأنفسهم من الفضيلة. ولو كان في قوى عقولهم وديانتهم فضل على قوى دواعي الحميّة فيهم، لكانوا كبنى هاشم في تواضعهم، وفي إنصافهم لمن دونهم.
[1] حاص الثوب يحوصه: خاطه.(6/353)
وقد قال في شبيه بهذا المعنى عبدة بن الطبيب، حيث يقول [1]: [من الطويل] إن الذين ترونهم خلّانكم ... يشفي صداع رؤوسهم أن تصرعوا ... فضلت عداوتهم على أحلامهم ... وأبت ضباب صدورهم لا تنزع
1718 [من عجائب الضب]
فأمّا ما ذكروا [2] أنّ للضبّ أيرين، وللضّبّة حرين، فهذا من العجب العجيب.
ولم نجدهم يشكّون. وقد يختلفون ثمّ يرجعون إلى هذا العمود. وقال الفزاريّ [3]:
[من الطويل] جبى المال عمّال الخراج وجبوتي ... محذّفة الأذناب صفر الشّواكل [4] ... رعين الدّبا والبقل حتى كأنّما ... كساهنّ سلطان ثياب المراجل [5] ... سبحل له نزكان كانا فضيلة ... على كلّ حاف في البلاد وناعل [6] ... ترى كلّ ذيّال إذا الشمس عارضت ... سما بين عرسيه سموّ المخايل
واسم أيره النّزك، معجمة الزّاي والنون من فوق بواحدة، وساكنة الزاي. فهذا قول الفزاريّ. وأنشد الكسائي [7]: [من الطويل] تفرّقتم لا زلتم قرن واحد ... تفرّق أير الضّبّ والأصل واحد
فهذا يؤكد ما رواه أبو خالد النميري، عن أبي حيّة النّميري. قال أبو خالد [8]:
سئل أبو حيّة عن ذلك، فزعم أنّ أير الضبّ كلسان الحيّة: الأصل واحد، والفرع اثنان.
[1] البيتان في المفضليات 147.
[2] انظر ما تقدم ص 346.
[3] الأبيات لحمران ذي الغصة أو لأبي الحجاج في اللسان والتاج (نزك)، والأول بلا نسبة في كتاب الجيم 2/ 194، وتقدم تخريج البيت الثالث في 4/ 338، الفقرة (1075).
[4] الشواكل، جمع شاكلة، وهي الخاصرة.
[5] الدبا: الجراد. المراجل: ضرب من برود اليمن.
[6] السبحل: العظيم المسن من الضباب.
[7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (نزك)، والتهذيب 10/ 102.
[8] تقدم هذا القول في 4/ 338، الفقرة (1075) مع نسبته إلى أبي خلف النمري.(6/354)
1719 [زعم بعض المفسّرين في عقاب الحية]
وبعض أهل التّفسير يزعم أنّ الله عزّ وجلّ عاقب الحيّة حين أدخلت إبليس في جوفها حتّى كلّم آدم على لسانها بعشر خصال، منها شقّ اللسان [1].
قالوا [1]: فلذلك ترى الحيّة أبدا إذا ضربت لتقتل كيف تخرج لسانها، تلويه كما يصنع المسترحم من النّاس بإصبعه إذا ترحّم أو دعا، لتري الظالم عقوبة الله تعالى لها.
1720 [تناسل الضب]
قال أبو خالد: قال أبو حيّة: الأصل واحد، والفرع اثنان، وللأنثى مدخلان.
وأنشد لحبّى المدنيّة [2]: [من الوافر] وددت بأنّه ضبّ وأني ... كضبّة كدية وجدت خلاء
قال: قالت هذا البيت لابنها، حين عذلها، لأنّها تزوّجت ابن أمّ كلاب، وهو فتى حدث، وكانت هي قد زادت على النّصف، فتمنّت أن يكون لها حران ولزوجها أيران.
وقال ابن الأعرابيّ: للأنثى سبيلان، ولرحمها قرنتان، وهما زاويتا الرّحم. فإذا امتلأت الزّاويتان أتأمت، وإذا لم تمتلئ أفردت.
وقال غيره من العلماء: هذا لا يكون لذوات البيض والفراخ، وإنما هذا من صفة أرحام اللواتي يحبلن بالأولاد، ويضعن خلقا كخلقهنّ ويرضعن. وكيف تفرد الضبّة وهي لم تتئم قط. وهي تبيض سبعين بيضة في كلّ بيضة حسل.
قال: ولهذه الحشرات أيور معروفة، إلّا أنّ بعضها أحقر من بعض. فأما الخصى فشيء ظاهر لمن شقّ عنها.
1721 [تناسل الذباب]
وجسر أبو خالد، فزعم أنه قد أبصر أير ذباب وهو يكوم ذبابة وزعم أن اسم أيره المتك. وأنشد لعبد الله بن همام السّلوليّ [3]: [من الكامل]
[1] انظر ما تقدم في 4/ 339، 357.
[2] البيت في اللسان والتاج (نزك) لامرأة لامها ابنها في زوجها.
[3] ديوان عبد الله بن همام السلولي 3837، وثمار القلوب 398 (728)، وتقدم البيتان بلا نسبة في 3/ 152، الفقرة (768).(6/355)
لما رأيت القصر غلّق بابه ... وتعلّقت همدان بالأسباب ... أيقنت أنّ إمارة ابن مضارب ... لم يبق منها قيس أير ذباب
وهذا شعر لا يدلّ على ما قال.
وقال أصحابنا: إنّما المتك البظر. ولذلك يقال للعلج: يابن المتكاء كما يقال له: يابن البظراء.
القول فيمن استطاب لحم الضب ومن عافه
روى أنّه أتي به على خوان النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يأكله، وقال [1]: «ليس من طعام قومي».
وأكله خالد بن الوليد فلم ينكر عليه [1].
ورووا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال [2]: «لا أحلّه ولا أحرّمه». وأنكر ذلك ابن عباس وقال:
ما بعثه الله تعالى إلّا ليحلّ ويحرّم.
وحرّمه قوم، ورووا أنّ أمّتين مسختا، أخذت إحداهما في البر، فهي الضّباب، وأخذت الأخرى في طريق البحر، فهي الجرّيّ [3].
ورووا عن بعض الفقهاء أنه رأى رجلا أكل لحم ضبّ، فقال: اعلم أنّك قد أكلت شيخا من مشيخة بني إسرائيل [4].
وقال بعض من يعافه: الذي يدلّ على أنّه مسخ شبه كفّه بكفّ الإنسان.
وقال العدار الأبرص، نديم أيّوب بن جعفر، وكان أيوب لا يغبّ [5] أكل الضباب، في زمانها. ولها في المربد سوق تقوم في ظلّ دار جعفر. ولذلك قال أبو فرعون، في كلمة له طويلة: [من الرجز]
[1] أخرجه البخاري في الأطعمة، حديث رقم 5076، وأعاده في الذبائح والصيد، حديث رقم 5217، ومسلم في الصيد والذبائح، باب إباحة الضب، حديث رقم 19461945.
[2] أخرجه البخاري في الذبائح والصيد، حديث رقم 5216، ومسلم في الصيد والذبائح برقم 1943.
[3] الجري: ضرب من السمك. انظر ما تقدم في 1/ 154، 196، 203.
[4] ورد الخبر في ربيع الأبرار 5/ 468.
[5] الغب: هو أن يرد يوما ويدع يوما.(6/356)
سوق الضباب خير سوق في العرب
وكان أبو إسحاق إبراهيم النظام والعدار، إذا كان عند أيوب قاما عن خوانه [1]، إذا وضع له عليه ضبّ. ومما قال فيه العدار قوله: [من الطويل] له كفّ إنسان وخلق عظاية ... وكالقرد والخنزير في المسخ والغضب
1722 [القول في المسخ]
والعوامّ تقول ذلك. وناس يزعمون أن الحيّة مسخ، والضبّ مسخ، والكلب مسخ، والإربيان [2]، مسخ، والفأر مسخ.
ولم أر أهل الكتاب يقرّون بأنّ الله تعالى مسخ إنسانا قط خنزيرا ولا قردا. إلّا أنهم قد أجمعوا أنّ الله تبارك وتعالى قد مسخ امرأة لوط حجرا [3]، حين التفتت [4].
وتزعم الأعراب: أنّ الله عزّ ذكره قد مسخ كلّ صاحب مكس وجابي خراج وإتاوة، إذا كان ظالما. وأنه مسخ ماكسين، أحدهما ذئبا والآخر ضبعا.
1723 [شعر الحكم بن عمرو في غرائب الخلق]
وأنشد محمّد بن السّكن المعلّم النحويّ، للحكم بن عمرو البهراني، في ذلك وفي غيره شعرا عجيبا، وقد ذكر فيه ضروبا كلّها طريف غريب، وكلها باطل، والأعراب تؤمن بها أجمع.
وكان الحكم هذا أتى بني العنبر بالبادية، على أنّ العنبر من بهراء، فنفوه من البادية إلى الحاضرة، وكان يتفقّه ويفتي فتيا الأعراب [5]، وكان مكفوفا ودهريّا
[1] الخوان: المائدة يوضع عليها الطعام.
[2] الإربيان: ضرب من السمك، وهو القريدس في الشام، والجمبري في مصر. معجم الألفاظ الزراعية 197.
[3] تقدم هذا القول في 3/ 313، الفقرة (1020)، وانظر أيضا 3/ 309، الفقرة (1010)، و 3/ 312، الفقرة (1017).
[4] إشارة إلى قوله تعالى في الآية 81من سورة هود: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلََا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ}.
[5] فتيا الأعراب: ضرب من الألغاز يقوم على المقدرة اللغوية. ويتضح هذا الفن في المقامة (32) من مقامات الحريري، مثل قوله «أيستباح ماء الضرير؟ قال: نعم. ويجتنب ماء البصير». الضرير هنا:
حرف الوادي، والبصير: الكلب. وانظر المزهر 1/ 637622حيث أورد مقامة الحريري.(6/357)
عد مليّا [1]، وهو الذي يقول [2]: [من الخفيف] 1إنّ ربّي لما يشاء قدير ... ما لشيء أراده من مفرّ ... 2مسخ الماكسين ضبعا وذئبا ... فلهذا تناجلا أمّ عمرو ... 3بعث النّمل والجراد وقفّى ... بنجيع الرّعاف في حيّ بكر ... 4خرقت فارة بأنف ضئيل ... عرما محكم الأساس بصخر [3] ... 5فجّرته وكان جيلان عنه ... عاجزا لو يرومه بعد دهر [4] ... 6مسخ الضّبّ في الجدالة قدما ... وسهيل السّماء عمدا بصغر [5] ... 7والذي كان يكتني برغال ... جعل الله قبره شرّ قبر [6] ... 8وكذا كلّ ذي سفين وخرج ... ومكوس وكلّ صاحب عشر [6] ... 9منكب كافر وأشراط سوء ... وعريف جزاؤه حرّ جمر [7] ... 10وتزوّجت في الشّبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر [8] ... 11ثيّب إن هويت ذلك منها ... ومتى شئت لم أجد غير بكر [9] ... 12بنت عمرو وخالها مسحل الخى ... ر وخالي هميم صاحب عمرو [9] ... 13ولها خطّة بأرض وبار ... مسحوها فكان لي نصف شطر [10] ... 14أرض حوش وجامل عكنان ... وعروج من المؤبّل دثر [11] ... 15سادة الجنّ ليس فيها من الج ... نّ سوى تاجر وآخر مكر ... 16ونفوا عن حريمها كلّ عفر ... يسرق السّمع كل ليلة بدر [11]
[1] العدملي: الهرم المسن.
[2] ورد البيتان (54) في ثمار القلوب (610609)، والسابع في ثمار القلوب (245).
[3] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 393.
[4] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 394393.
[5] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 395.
[6] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 396395.
[7] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 397.
[8] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 398397، 433.
[9] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 433.
[10] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 435.
[11] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 436.(6/358)
17 - في فتوّ من الشّنقناق غرّ ... ونساء من الزوابع زهر [1] ... 18تأكل الفول ذا البساطة مسيا ... بعد روث الحمار في كلّ فجر ... 19جعل الله ذلك الرّوث بيضا ... من أنوق ومن طروقة نسر ... 20ضربت فردة فصارت هباء ... في محاق القمير آخر شهر [2] ... 21تركت عبدلا ثمال اليتامى ... وأخوه مزاحم كان بكري [3] ... 22وضعت تسعة وكانت نزورا ... من نساء في أهلها غير نزر [3] ... 23غلبتني على النّجابة عرسي ... بعد ما طار في النّجابة ذكري [4] ... 24وأرى فيهم شمائل إنس ... غير أنّ النّجار صورة عفر [5] ... 25وبها كنت راكبا حشرات ... ملجما قنفذا ومسرج وبر [6] ... 26كنت لا أركب الأرانب للحي ... ض ولا الضّبع أنّها ذات نكر ... 27تركب المقعص المجيّف ذا النّع ... ظ وتدعو الضّباع من كلّ جحر [7] ... 28جائبا للبحار أهدي لعرسي ... فلفلا مجتنى وهضمة عطر [8] ... 29وأحلّي هرير من صدف البح ... ر وأسقي العيال من نيل مصر [9] ... 30ويسنّي المعقود نفثي وحلّي ... ثمّ يخفى على السّواحر سحري ... 31وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التّمرّي [10] ... 32مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري [10] ... 33يحسب النّاظرون أنّي ابن ماء ... ذاكر عشّه بضفّة نهر ... 34ربّ يوم أكلت من كبد اللّي ... ث وأعقبت بين ذئب ونمر
[1] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 437436.
[2] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 438.
[3] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 435.
[4] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 439.
[5] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 439.
[6] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 440.
[7] المقعص: الذي ضرب فقتل مكانه. النعظ: الانتشار.
[8] الهضمة: الطيب أو البخور.
[9] هرير: ترخيم هريرة، وهو اسم علم للمؤنث.
[10] انظر شرح الجاحظ لهذا البيت فيما سيأتي ص 440. الخواية: متسع داخل الكناس. الممكو:
الجحر.(6/359)
35 - ليس ذاكم كمن يبيت بطينا ... من شواء ومن قليّة جزر ... 36ثم لاحظت خلتي في غدوّ ... بين عيني وعينها السّمّ يجري ... 37ثم أصبحت بعد خفض ولهو ... مدنفا مفردا محالف عسر ... 38أتراني مقتّ من ذبح الدّى ... ك وعاديت من أهاب بصقر ... 39وسمعت النقيق في ظلم اللّي ... ل فجاوبته بسرّ وجهر ... 40ثمّ يرمى بي الجحيم جهارا ... في خمير وفي دراهم قمر ... 41فلعل الإله يرحم ضعفي ... ويرى كبرتي ويقبل عذري
1724 [القول في استحلال الضب واستطابته]
وسنقول في الذين استحلوه واستطابوه وقدّموه.
قالوا: الشيء لا يحرم إلّا من جهة كتاب، أو إجماع، أو حجة عقل، أو من جهة القياس على أصل في كتاب الله عزّ وجلّ، أو إجماع. ولم نجد في تحريمه شيئا من هذه الخصال، وإن كان إنّما يترك من قبل التقزز فقد أكل الناس الدّجاج، والشبابيط ولحوم الجلّالة، وأكلوا السراطين، والعقصير [1]، وفراخ الزّنابير، والصحناء [2] والرّبيثا [3] فكان التقزّز مما يغتذي العذرة رطبة ويابسة، أولى وأحقّ من كلّ شيء يأكل الضروب التي قد ذكرناها وذكرها الرّاجز حيث يقول: [من الرجز] يا ربّ ضبّ بين أكناف اللّوى ... رعى المرار والكباث والدّبا [4] ... حتّى إذا ما ناصل البهمى ارتمى ... وأجفئت في الأرض أعراف السّفا ... ظلّ يباري هبّصا وسط الملا ... وهو بعيني قانص بالمرتبا [5] ... كان إذا أخفق من غير الرعا ... رازم بالأكباد منها والكشى [6]
فإن عفتموه لأكل الدّبا فلا تأكلوا الجراد، ولا تستطيبوا بيضه.
[1] العقصير: دابة يتقزز من أكلها.
[2] الصحناة: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح، وتقدم هذا الشرح في الحاشية الخامسة للصفحة 141، الفقرة (750).
[3] الربيثا: إدام يتخذ من السمك الصغار والملح.
[4] الكباث: ثمر الأراك. الدبا: الجراد قبل أن يطير.
[5] هبص: جمع هابص، وهو الحريص على الصيد. الملا: المتسع من الأرض. المرتبأ: المرقب والموضع الذي يشرف عليه.
[6] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة في ظهر الضب.(6/360)
وقد قال أبو حجين المنقريّ: [من الطويل] ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بأسفل واد ليس فيه أذان ... وهل آكلن ضبّا بأسفل تلعة ... وعرفج أكماع المديد خواني [1] ... أقوم إلى وقت الصّلاة وريحه ... بكفّيّ لم أغسلهما بشنان [2] ... وهل أشربن من ماء لينة شربة ... على عطش من سور أمّ أبان [3]
وقال آخر [4]: [من الطويل] لعمري لضبّ بالعنيزة صائف ... تضحّى عرادا فهو ينفخ كالقرم [5] ... أحبّ إلينا أن يجاور أرضنا ... من السّمك البنّيّ والسّلجم الوخم [6]
وقال آخر في تفضيل أكل الضّبّ [7]: [من الطويل] أقول له يوما وقد راح صحبتي ... وبالله أبغي صيده وأخاتله ... فلمّا التقت كفّي على فضل ذيله ... وشالت شمالي زايل الضّبّ باطله [8] ... فأصبح محنوذا نضيجا وأصبحت ... تمشّى على القيزان حولا حلائله [9] ... شديد اصفرار الكشيتين كأنّما ... تطلّى بورس بطنه وشواكله [10] ... فذلك أشهى عندنا من بياحكم ... لحى الله شاريه وقبّح آكله [11]
[1] العرفج: ضرب من النبات سهلي، وقيل: هو من شجر الصيف وهو لين أغبر له ثمرة خشناء كالحسك. الأكماع: أماكن من الأرض ترتفع حروفها وتطمئن أوساطها. المديد: موقع قرب مكة. الخوان: المائدة يوضع عليها الطعام.
[2] الشنان: الماء البارد.
[3] لينة: موضع في بلاد نجد.
[4] البيتان بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/ 467، ومعجم البلدان 4/ 163 (عنيزة).
[5] عنيزة: موضع بين البصرة ومكة، وعنيزة: من أودية اليمامة قرب سواج، وقرى عنيزة بالبحرين.
تضحى: أكل في وقت الضحى. العراد: ضرب من النبات تألفه الضباب. القرم: الفحل المتروك للفحلة.
[6] السلجم: ضرب من البقول، وهو اللفت. الوخم: الثقيل الذي لا يستمرأ.
[7] الأبيات لبعض الأعراب في عيون الأخبار 3/ 212، والبيتان الأخيران في ربيع الأبرار 5/ 468، والرابع في محاضرات الأدباء 1/ 292 (2/ 611).
[8] شالت: ارتفعت. زايل: فارق.
[9] المحنوذ: المشوي. القيزان: الرمال العالية. الحول: جمع حائل، وهي التي لم تحمل. الحلائل:
جمع حليلة، وهي الزوجة.
[10] الكشية: شحمة في ظهر الضب. الشواكل: جمع شاكلة، وهي الخاصرة.
[11] البياح: ضرب من السمك صغار.(6/361)
وقال أبو الهنديّ، من ولد شبث بن ربعيّ [1]: [من المتقارب] أكلت الضّباب فما عفتها ... وإنّي لأهوى قديد الغنم [2] ... وركّبت زبدا على تمرة ... فنعم الطّعام ونعم الأدم [3] ... وسمن السّلاء وكمء القصيص ... وزين السّديف كبود النّعم [4] ... ولحم الخروف حنيذا وقد ... أتيت به فائرا في الشّبم [5] ... فأمّا البهطّ وحيتانكم ... فما زلت منها كثير السّقم [6] ... وقد نلت ذاك كما نلتم ... فلم أر فيها كضبّ هرم ... وما في البيوض كبيض الدّجاج ... وبيض الجراد شفاء القرم ... ومكن الضّباب طعام العريب ... ولا تشتهيه نفوس العجم [7]
وإلى هذا المعنى ذهب جران العود، حين أطعم ضيفه ضبّا، فهجاه ابن عمّ له كان يغمز في نسبه، فلما قال في كلمة له [8]: [من الوافر] وتطعم ضيفك الجوعان ضبّا ... وتأكل دونه تمرا بزبد
وقال في كلمة له أخرى [8]: [من الوافر] وتطعم ضيفك الجوعان ضبّا ... كأنّ الضّبّ عندهم عريب
قال جران العود [8]: [من الوافر] فلولا أنّ أصلك فارسيّ ... لما عبت الضّباب ومن قراها ... قريت الضيف من حبّي كشاها ... وأيّ لويّة إلّا كشاها [9]
[1] ديوان أبي الهندي 50، والمعاني الكبير 650، وعيون الأخبار 3/ 210، وربيع الأبرار 5/ 466، وفيه صحّف اسم أبي الهندي إلى أبي الهندام، واللسان 1/ 586 (عرب).
[2] القديد: ما قطع من اللحم وشرر، واللحم المملوح المجفف في الشمس.
[3] الأدم: الإدام، وهو ما يؤكل به الخبز.
[4] سلأ الزبد: طبخه وعالجه ليخلص منه السمن. القصيص: جمع قصيصة، وهي شجرة تنبت في أصلها الكمأة. السديف: شحم السنام. الكبود: جمع كبد.
[5] الحنيذ: المشوي. الفائر: أراد به الحار. الشبم: البارد.
[6] البهط: الأرز يطبخ باللبن والسمن.
[7] المكن: جمع مكنة، وهو بيض الضب. العريب: تصغير العرب.
[8] البيت مع الخبر في ربيع الأبرار 5/ 466.
[9] الكشية: شحمة في ظهر الضب.(6/362)
واللّويّة: الطّعيّم الطّيب، واللّطف [1] يرفع للشّيخ والصبي. وقد قال الأخطل [2]: [من الطويل] ففلت لهم هاتوا لوية مالك ... وإن كان قد لاقى لبوسا ومطعما
1725 [بزماورد الزّنابير]
وقال مويس بن عمران: كان بشر بن المعتمر خاصّا بالفضل بن يحيى، فقدم عليه رجل من مواليه، وهو أحد بني هلال بن عامر، فمضى به يوما إلى الفضل ليكرمه بذلك، وحضرت المائدة، فذكروا الضب ومن يأكله، فأفرط الفضل في ذمّه، وتابعه القوم بذلك ونظر الهلاليّ فلم ير على المائدة عربيّا غيره، وغاظه كلامهم، فلم يلبث الفضل أن أتي بصحفة ملآنة من فراخ الزّنابير، ليتّخذ له منها بزماورد [3] والدّبر والنّحل عند العرب أجناس من الذّبان فلم يشكّ الهلاليّ أنّ الذي رأى من ذبّان البيوت والحشوش [4]. وكان الفضل حين ولي خراسان استظرف بها بزماورد الزّنابير، فلمّا قدم العراق كان يتشّهاها فتطلب له من كلّ مكان. فشمت الهلاليّ به وبأصحابه، وخرج وهو يقول [5]: [من الطويل] وعلج يعاف الضّبّ لؤما وبطنة ... وبعض إدام العلج هام ذباب [6] ... ولو أن ملكا في الملا ناك أمّه ... لقالوا لقد أوتيت فصل خطاب [7]
1726 [شعر أبي الطروق في مهر امرأة]
لما قال أبو الطروق الضبي [8]: [من الطويل] يقولون أصدقها جرادا وضبّة ... فقد جردت بيتي وبيت عياليا [9]
[1] اللطف: التحفة والهدية.
[2] ديوان الأخطل 600.
[3] البزماورد: طعام من البيض واللحم، انظر اللسان «ورد».
[4] الحشوش: جمع حش، وهو موضع قضاء الحاجة.
[5] البيتان مع الخبر السابق باختصار في ربيع الأبرار 5/ 467466.
[6] العلج: الرجل الشديد الغليظ.
[7] الملأ: الجماعة، أو وجوه القوم.
[8] البيتان (21) في الحماسة البصرية 2/ 314، ورواية عجز البيت الثانى:
(وغابت فلا آبت سمير اللياليا)
[9] الصداق: المهر.(6/363)
وأبقت ضبابا في الصّدور جواثما ... فيا لك من دعوى تصمّ المناديا ... وعاديت أعمامي وهم شرّ جيرة ... يدبّون شطر اللّيل نحوي الأفاعيا ... وقد كان في قعب وقوس وإن أشأ ... من الأقط ما بلّغن في المهر حاجيا [1]
فقال أبوها: [من الطويل] فلو كان قعبا رضّ قعبك جندل ... ولو كان قوسا كان للنّبل أذكرا
فقال عمّها: دعوني والعبد.
1727 [شعر في الضبّ]
وأنشد للدّبيري: [من الطويل] أعامر عبد الله إنّي وجدتكم ... كعرفجة الضّبّ الذي يتذلّل
قال: هي ليّنة، وعودها ليّن، فهو يعلوها إذا حضروا بالقيظ. ويتشوّف [2] عليها. ولست ترى الضّب إلا وهي سامية برأسها، تنظر وترقب. وأنشد: [من الطويل] بلاد يكون الخيم أطلال أهلها ... إذا حضروا بالقيظ والضّبّ نونها
وقال عمرو بن خويلد: [من الطويل] ركاب حسيل أشهر الصّيف بدّن ... وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل [3] ... إذا ما ابتنينا بيتنا لمعيشة ... يعود لما نبني فيهدمه حسل ... ويزعم حسل أنّه فرع قومه ... وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل ... ولدت بحادي النّجم تسعى بسعيه ... كما ولدت بالنّحس ديّانها عكل
1728 [استطراد لغوي]
وهم يسمّون بحسل وحسيل: وضبّ وضبّة. فمنهم ضبّة بن أدّ، وضبة بن محض، وزيد بن ضبّ. ويقال: حفرة ضب. وفي قريش بنو حسل. ومن ذلك ضبّة الباب. ويسمّى حلب الناقة بخمس أصابع ضبّا، يقال ضبّها يضبّها ضبّا: إذا حلبها كذلك. وضبّ الجرح وبضّ: إذا سال دما، مثل ما تقول: جذب وجبذ. و: «إنّه لخبّ
[1] القعب: القدح الضخم. الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض.
[2] يتشوف: يتطلع.
[3] الركاب: الإبل التي يسار عليها.(6/364)
ضبّ» [1]، و: «إنّه لأخدع من ضبّ» [2]. والضبّ: الحقد إذا تمكّن وسرت عقاربه.
وأخفى مكانه. والضّبّ: ورم في خفّ البعير. وقال الرّاجز [3]: [من الرجز] ليس بذي عرك ولا ذي ضبّ [4]
ويقال ضبّ خدع، أي مراوغ. ولذلك سموا الخزانة المخدع. وقال راشد بن شهاب [5]: [من الطويل] أرقت فلم تخدع بعينيّ نعسة ... وو الله ما دهري بعشق ولا سقم
وقال ذو الرّمّة [6]: [من الطويل] مناسمها خثم صلاب كأنّها ... رؤوس الضّباب استخرجتها الظهائر [7]
1729 [شعر فيه ذكر الضبّ]
ويدلّ على كثرة تصريفهم لهذا الاسم ما أنشدناه أبو الرّدينيّ: [من الرجز] لا يعقر التقبيل إلا زبّي ... ولا يداوي من صميم الحبّ ... والضّبّ في صوّانه مجبّ [8]
وأنشدنا أبو الرّدينيّ العكليّ، لطارق وكنيته أبو السّمّال: [من الرجز] يا أم سمّال ألمّا تدري ... أنّي على مياسري وعسري ... يكفيك رفدي رجلا ذا وفر ... ضخم المثاليث صغير الأير ... إذا تغدّى قال تمري تمري ... كأنّه بين الذّرى والكسر [9] ... ضبّ تضحّى بمكان قفر [10]
[1] انظر الحاشية رقم (2) ص 339.
[2] انظر الحاشية رقم (4) ص 339.
[3] الرجز بلا نسبة في اللسان (ضبب، عرك، أمم)، والتاج (عرك، أمم).
[4] العرك: أن يحز مرفق البعير جنبه حتى يخلص إلى اللحم ويقطع الجلد بحز الكركرة.
[5] البيت في شرح اختيارات المفضل 1318، والمفضليات 308، والأساس (خدع)، وبلا نسبة في الدرر 4/ 215، وهمع الهوامع 2/ 33.
[6] ديوان ذي الرمة 1036.
[7] في ديوانه: «خثم: عراض. وقوله: كأنها رؤوس الضباب استخرجتها الظهائر، يقول: إذا اشتد الحر أخرجت الضباب رؤوسها من الحر، والظهيرة: عند زوال الشمس».
[8] الصّوّان: الحجارة الصلبة. المجب: من التجبية، وهي الانكباب على الوجه.
[9] الذّرى: ما سترك من الريح الباردة من حائط أو شجر. كسر البيت: جانبه.
[10] تضحى: أكل في وقت الضحى.(6/365)
وقال أعرابيّ: [من الطويل] قد اصطدت يا يقظان ضبّا ولم يكن ... ليصطاد ضبّ مثله بالحبائل ... يظلّ رعاء الشّاء يرتمضونه ... حنيذا ويجنى بعضه للحلائل [1] ... عظيم الكشى مثل الصّبي إذا عدا ... يفوت الضّباب حسله في السّحابل [2]
وقال العماني [3]: [من الرجز] إنّي لأرجو من عطايا ربّي ... ومن وليّ العهد بعد الغبّ ... روميّة أولج فيها ضبّي ... لها حر مستهدف كالقب [4] ... مستحصف نعم قراب الزّبّ [5]
وقال الآخر: [من الوافر] إذا اصطلحوا على أمر تولّوا ... وفي أجوافهم منه ضباب [6]
وقال الزّبرقان بن بدر [7]: [من الكامل] ومن الموالي ضبّ جندلة ... زمر المروءة ناقص الشّبر [8]
فالأول جعل أيره ضبّا، والثاني جعل الحقد ضبّا.
وقال الخليل بن أحمد، في ظهر البصرة مما يلي قصر أنس [9]: [من البسيط] زر وادي القصر نعم القصر والوادي ... لا بدّ من زورة عن غير ميعاد ... ترى به السّفن كالظّلمان واقفة ... والضبّ والنّون والملاح والحادي
[1] الحنيذ: المشوي. الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة.
[2] الكشية: شحمة في ظهر الضب. السحابل: جمع سحبل، وهو العريض البطن.
[3] الرجز للعماني في التشبيهات لابن أبي عون 234، وبلا نسبة في المختار من شعر بشار.
[4] المستهدف: العريض المرتفع. القعب: القدح الضخم.
[5] المستحصف: الضيق. القراب: غمد السيف.
[6] الضباب: جمع ضب، وهي هنا بمعنى الحقد.
[7] ديوان الزبرقان 42، والأضداد للأنباري 48.
[8] زمر المروءة: قليلها. الشّبر: العطاء.
[9] البيتان للخليل بن أحمد في ديوانه 365، وثمار القلوب (760)، ورسائل الجاحظ 4/ 138، وعيون الأخبار 1/ 217، والأزمنة والأمكنة 2/ 303، وهما لابن أبي عيينة في ديوان المعاني 2/ 138، والأنوار ومحاسن الأشعار 2/ 81، والأغاني 20/ 91، ومعجم الشعراء 110، وانظر المزيد من المصادر في ديوان الخليل بن أحمد وثمار القلوب.(6/366)
وقال في مثل ذلك ابن أبي عيينة [1]: [من المنسرح] يا جنّة فاتت الجنان فما ... يبلغها قيمة ولا ثمن ... ألفتها فاتّخذتها وطنا ... إنّ فؤادي لأهلها وطن ... زوّج حيتانها الضّباب بها ... فهذه كنّة وذا ختن [2] ... فانظر وفكّر فيما تطيف به ... إنّ الأريب المفكّر الفطن [3] ... من سفن كالنّعام مقبلة ... ومن نعام كأنّها سفن
وقال عقبة بن مكدّم في صفة الفرس [4]: [من الخفيف] ولها منخر إذا رفعته ... في المجاراة مثل وجر الضّباب [5]
وأنشد [6]: [من الرجز] وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضّبّ يسعى بالواد [7]
وقال أبو حيّة النّميري [8]: [من البسيط] وقرّبوا كلّ قنعاس قراسية ... أبدّ ليس به ضبّ ولا سرر [9]
وقال كثير [10]: [من الطويل]
[1] الأبيات لابن أبي عيينة في ديوان المعاني 2/ 137، وعيون الأخبار 1/ 218217، والأغاني 20/ 103، والأزمنة والأمكنة 2/ 303، والأنوار ومحاسن الأشعار 2/ 38، ومعجم البلدان 1/ 438437 (البصرة)، وتنسب إلى الخليل بن أحمد في ديوانه 368367، وثمار القلوب (761).
[2] الكنة: امرأة الابن أو الأخ. الختن: أبو امرأة الرجل وأخو امرأته.
[3] تطيف به: تقاربه.
[4] البيت لعقبة بن مكدم في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص 155.
[5] الوجر: الجحر.
[6] الرجز في ربيع الأبرار 5/ 466، وعيون الأخبار 3/ 211، والمخصص 15/ 178، 16/ 112، واللسان (كشى)، والأساس (كشي)، والجمهرة 879، والمقاييس 5/ 183، والمجمل 4/ 231.
[7] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الضب.
[8] ديوان أبي حية النميري 149.
[9] في ديوانه: «القنعاس: الجمل الضخم. القراسية: الضخم الشديد من الإبل. الأبدّ: الذي في يديه فتل. الضب: ورم يكون في خف البعير أو صدره. السرر: قرح في مؤخرة كركرة البعير يكاد ينقب إلى جوفه».
[10] ديوان كثير عزة 239، واللسان (خلا)، والأساس (خلو)، والتاج (حرش، خلا)، وشرح شواهد الإيضاح 321، وبلا نسبة في اللسان (خدع)، والمخصص 3/ 80، 8/ 97.(6/367)
ومحترش ضبّ العداوة منهم ... بحلو الرّقى حرش الضّباب الخوادع
وقال كثيّر [1] أيضا: [من الوافر] وما زالت رقاك تسلّ ضغني ... وتخرج من مضائبها ضبابي
1730 [شعر في ذم الضب]
فأما الذين ذمّوا الضب وأكله، وضربوا المثل به وبأعضائه وأخلاقه وأعماله، فكما قال التميمي [2]: [من الوافر] لكسرى كان أعقل من تميم ... ليالي فرّ من أرض الضّباب ... فأنزل أهله ببلاد ريف ... وأشجار وأنهار عذاب ... وصار بنو بنيه بها ملوكا ... وصرنا نحن أمثال الكلاب ... فلا رحم الإله صدى تميم ... فقد أزرى بنا في كلّ باب
وقال أبو نواس [3]: [من الطويل] إذا ما تميميّ آتاك مفاخرا ... فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضّبّ ... تفاخر أبناء الملوك سفاهة ... وبولك يجري فوق ساقك والكعب
وقال الآخر: [من البسيط] فحبّذا هم وروّى الله أرضهم ... من كلّ منهمر الأحشاء ذي برد ... ولا سقى الله أياما غنيت بها ... ببطن فلج على الينسوع فالعقد [4] ... مواطن من تميم غير معجبة ... أهل الجفاء وعيش البؤس والصّرد [5] ... همّ الكرام كريم الأمر تفعله ... وهمّ سعد بما تلقي إلى المعد [6] ... أصحاب ضبّ ويربوع وحنظلة ... وعيشة سكنوا منها على ضمد [7]
[1] ديوان كثير 280، والسمط 62.
[2] الأبيات للفرزدق في رسائل الجاحظ 2/ 411وليست في ديوانه، وتقدمت الأبيات في 1/ 167 منسوبة إلى أبي ذباب السعدي.
[3] ديوان أبي نواس 510.
[4] ورد هذا البيت في معجم البلدان 5/ 451 (الينسوع). بطن فلج: طريق من البصرة إلى اليمامة.
الينسوع: موضع في طريق البصرة. العقد: موضع بين البصرة وضرية.
[5] الصرد: البرد.
[6] المعد: جمع معدة.
[7] حنظلة: إشارة إلى أنهم كانوا يأكلون الحنظل. الضمد: شدة الغيظ.(6/368)
إن يأكلوا الضّبّ باتوا مخصبين به ... وزادها الجوع إن باتت ولم تصد ... لو أنّ سعدا لها ريف لقد دفعت ... عنه كما دفعت عن صالح البلد ... من ذا يقارع سعدا عن مفازتها ... ومن ينافسها في عيشها النّكد
وقال في مثل ذلك عمرو بن الأهتم [1]: [من الخفيف] وتركنا عميرهم رهن ضبع ... مسلحبّا ورهن طلس الذّئاب [2] ... نزلوا منزل الضّيافة منا ... فقرى القوم غلمة الأعراب [3] ... ورددناهم إلى حرّتيهم ... حيث لا يأكلون غير الضّباب [4]
وقالت المرّيّة [5]: [من الكامل] جاؤوا بحارشة الضّباب كأنّما ... جاؤوا ببنت الحارث بن عباد
وقائله هذا الشعر امرأة من بني مرّة بن عباد.
وقال الحارث الكندي [6]: [من الوافر] لعمرك ما إلى حسن أنخنا ... ولا جئنا حسينا يابن أنس ... ولكنّ ضبّ جندلة أتينا ... مضبّا في مضابئها يفسّي [7] ... فلمّا أن أتيناه وقلنا ... بحاجتنا تلوّن لون ورس [8] ... وآض بكفّه يحتكّ ضرسا ... يرينا أنّه وجع بضرس ... فقلت لصاحبي أبه كزاز ... وقلت أسرّه أتراه يمسي [9] ... وقمنا هاربين معا جميعا ... نحاذر أن نزنّ بقتل نفس [10]
وقالت عائشة ابنة عثمان، في أبان بن سعيد بن العاص، حين خطبها، وكان
[1] ديوان عمرو بن الأهتم 81.
[2] مسلحب: منبطح أو ممتد. الطلس من الذئاب: ما لونها الطلسة وهي غبرة إلى سواد.
[3] الغلمة: جمع غلام.
[4] حرّتيهم: مثنى حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء نخرات كأنها أحرقت بالنار.
[5] البيت في ثمار القلوب 240 (465)، وتقدم في 4/ 436.
[6] الأبيات عدا الأول والثاني في عيون الأخبار 3/ 154.
[7] الجندلة: الحجر. المضابئ: المخابئ.
[8] الورس: نبات أصفر ينبت باليمن.
[9] الكزاز: داء يأخذ من شدة البرد.
[10] نزنّ: نتّهم.(6/369)
نزل أيلة وترك المدينة [1]: [من الطويل] نزلت ببيت الضّبّ لا أنت ضائر ... عدوّا ولا مستنفعا أنت نافع
وقال جرير [2]: [من الوافر] وجدنا بيت ضبّة في تميم ... كبيت الضّبّ ليس له سواري
وقال آخر وهذا الشعر يقع أيضا في الضّباع كما يقع في الضّباب: [من الرجز] يا ضبع الأكهاف ذات الشّعب ... والوثب للعنز وغير الوثب ... عيثي ولا تخشين إلّا سبّي ... فلست بالطّبّ ولا ابن الطّبّ [3] ... إن لم أدع بيتك بيت الضّبّ ... يضيق عند ذي القرد المكبّ [4]
وقال الفرزدق [5]: [من الطويل] لحى الله ماء حنبل خير أهله ... قفا ضبّة عند الصّفاة مكون [6] ... فلو علم الحجّاج علمك لم تبع ... يمينك ماء مسلما بيمين [7]
وأنشد: [من الطويل] زعمت بأنّ الضبّ أعمى ولم يفت ... بأعمى ولكن فات وهو بصير ... بل الضبّ أعمى يوم يخنس باسته ... إليك بصحراء البياض غرير [8]
وقالت امرأة في ولدها وتهجو أباه: [من الرجز] وهبته من ذي تفال خبّ ... يقلب يمينا مثل عين الضّبّ [9] ... ليس بمعشوق ولا محبّ
[1] البيت مع الخبر في البيان 3/ 301300.
[2] ديوان جرير 192 (طبعة الصاوي).
[3] عاثت الضبع: أفسدت.
[4] القرد: ما تمعّط من الوبر والصوف.
[5] ديوان الفرزدق 881.
[6] المكون: التي جمعت مكنها في بطنها، والمكن: بيضها.
[7] اليمين: القدرة والقوة.
[8] خنس: تأخر. البياض: موضع قرب يبرين، وأرض بنجد.
[9] التفال: البصاق. الخبّ: الخبيث الخدّاع.(6/370)
وقال رجل من فزارة: [من الطويل] وجدناكم رأبا بين أمّ قرفة ... كأسنان حسل لا وفاء ولا غدر [1]
وأنشد [2]: [من الطويل] ثلاثون رأبا أو تزيد ثلاثة ... يقاتلنا بالقرن ألف مقنّع [3]
والرأب: السواء، والمعنى الأول يشبه قوله [4]: [من الطويل] سواس كأسنان الحمار فلا ترى ... لذي شيبة منهم على ناشئ فضلا
وأنشد ابن الأعرابي [5]: [من الرجز] قبّحت من سالفة ومن صدغ ... كأنّها كشية ضبّ في صقغ [6]
أراد صقع بالعين فقلب. وقال الآخر: [من الرجز] أعقّ من ضبّ وأفسى من ظرب
وأنشد [7]: [من الطويل] فجاءت تهاب الذّمّ ليست بضبّة ... ولا سلفع يلقى مراسا زميلها [8]
يقول: لا تخدع كما يخدع الضّبّ في جحره.
وأنشد ابن الأعرابي لحيّان بن عبيد الربعي جد أبي محضة: [من الرجز]
[1] الرأب: السبعون من الإبل. الحسل: ولد الضب. وأسنان الحسل لا يسقط منها شيء حتى يموت، وسيعيد الجاحظ هذا البيت ص 376.
[2] البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (رأب).
[3] في أساس البلاغة: «في بني فلان ثلاثون رأبا أي سادات يرأبون أمورهم». القرن: الجبل الصغير.
المقنع: المتغطي بالسلاح.
[4] البيت لكثير عزة في ديوانه 384، واللسان (سوا)، ومجمع الأمثال 1/ 329، والمستقصى 2/ 123، ولعمرو بن أحمر في ديوانه 132، وثمار القلوب (556)، وبلا نسبة في البيان 2/ 19، وعيون الأخبار 2/ 2، وفصل المقال 196، والبرصان 236.
[5] الرجز لجواس بن هريم في الموشح 19، وبلا نسبة في العمدة 1/ 166، ورصف المباني 376، وأدب الكاتب 523، والجمهرة 879، وسر صناعة الإعراب 1/ 245، واللسان (صقع، سقغ، صدغ، صقغ)، والتاج (سقغ، صدع، صقغ).
[6] الكشية: شحمة صفراء في ظهر الضب. الصقغ: الصقع، وهو الناحية من الأرض.
[7] البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (ضبب).
[8] السلفع: السليطة اللسان الجريئة. المراس: شدة المعالجة.(6/371)
يا سهل لو رأيته يوم الجفر ... إذ هو يسعى يستجير للسّور [1] ... يرمي عن الصّفو ويرضى بالكدر ... لازددت منه قذرا على قذر ... يضحك عن ثغر ذميم المكتشر ... ولثة كأنّها سير حور [2] ... وعارض كعارض الضّبّ الذكر
وأنشد السّدري [3]: [من البسيط] هو القرنبى ومشي الضب تعرفه ... وخصيتا صرصراني من الإبل [4] ... والخال ذو قحم في الجري صادقة ... وعاتق يتعقّى مأبض الرجل [5]
واعلم، حفظك الله تعالى، أنّه قد أكتفي بالشّاهد، وتبقى في الشعر فضلة، ممّا يصلح لمذاكرة، ولبعض ما بك إلى معرفته حاجة، فأصله به، ولا أقطعه عنه.
وأنشد لابن لجأ [6]: [من الرجز] وغنوي يرتمي بأسهم ... يلصق بالصّخر لصوق الأرقم [7] ... لو سئم الضبّ بها لم يسأم
وقال أعرابيّ من بني تميم [8]: [من الرجز] تسخر منّي أن رأتني أحترش ... ولو حرشت لكشفت عن حرش [9]
[1] يوم الجفر: لعله يقصد يوم الجفار وهذا اليوم كان للأحاليف في ضبة وإخوتها: الرباب وأسد وطيء على بني تميم. العمدة 2/ 219. السور: جمع سورة وهي العرق من أعراق الحائط.
[2] الحور: الجلد المصبوغ بحمرة.
[3] البيت الأول بلا نسبة في البرصان 152.
[4] القرنبى: دويبة فوق الخنفساء ودون الجعل. الصرصراني: هو من الإبل بين البخاتي والعراب.
[5] الخال: المنخوب الضعيف. قحم: جمع قحمة، وهي الانقحام في السير، أراد أنه فرّار يجبن عند اللقاء. العاتق: البكر. يتعقى: يكره. المأبض: كل ما يثبت عليه فخذك. الرجل: جمع أرجل، وهو من الخيل الذي في إحدى رجليه بياض.
[6] ديوان عمر بن لجأ 162.
[7] الأرقم: ضرب من الحيات فيه سواد وبياض.
[8] الرجز بلا نسبة في اللسان (حرش، كشش)، والعين 1/ 91، 5/ 269، والجمهرة 4342، والخزانة 11/ 461، والتهذيب 4/ 182، 9/ 425، والتاج (أبش، كشش)، وكتاب الجيم 1/ 188، والاشتقاق 257، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 199، وشرح شواهد الشافية 419.
[9] الاحتراش: صيد الضباب. حرش: أراد: حرك، وقلب الكاف شينا على الكشكشة، وهي لغة بني تميم، والحر: فرج المرأة.(6/372)
يريد عن حرك.
قال: وقال أبو سعنة: [من الرجز] قلهزمان جعدة لحاهما ... عاداهما الله وقد عاداهما [1] ... ضبّا كدى قد غمّرت كشاهما [2]
وأنشد الأصمعي [3]: [من البسيط] إنّي وجدتك يا جرثوم من نفر ... جرثومة اللّؤم لا جرثومة الكرم [4] ... إنّا وجدنا بني جلان كلّهم ... كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم
وقال ابن ميّادة [5]: [من الطويل] فإنّ لقيس من بغيض لناصرا ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها [6]
وفي هذه القصيدة يقول: [من الطويل] ولو أنّ قيسا قيس عيلان أقسمت ... على الشّمس لم يطلع عليك حجابها
وهذا من شكل قول بشّار [7]: [من الطويل] إذا ما غضبنا غضبة مضريّة ... هتكنا حجاب الشّمس أو مطرت دما
وأنشد لأبي الطّمحان: [من الكامل] مهلا نمير فإنّكم أمسيتم ... منّا بثغر ثنيّة لم تستر [8]
[1] القلهزم: القصير الغليظ. الجعد: الشعر القصير القطط.
[2] الكدى: جمع كدية، وهي الأرض الغليظة المرتفعة. غمّرت: طليت بالغمرة، وهي الزعفران أو الورس. الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الضب.
[3] ورد البيت الثاني بقافية (ولا قصر)، بلا نسبة في اللسان (جلل)، والخزانة 5/ 183.
[4] جرثومة كل شيء: أصله.
[5] ديوان ابن ميادة 7978.
[6] كشّت: صوّتت.
[7] البيت لبشار بن برد في ديوانه 4/ 163، والمختار من شعر بشار 163، والموشح 248، والأزمنة والأمكنة 2/ 35، والعمدة 2/ 144، وللغنوي في اللسان (حجب)، والتهذيب 4/ 163، وأنشده الغنوي للقحيف بن عمير العقيلي في التاج (حجب)، وهو للقحيف بن عمير في اللسان (غشم) وفيه أن بشار بن برد سرق هذا البيت، وهو في المؤتلف 93للقحيف بن خمير وفيه أيضا أن بشار بن برد أخذ هذا البيت فأدخله في قصيدته.
[8] نمير: هم بنو نمير بن عامر بن صعصعة. الثغر: موضع المخافة. الثنية: كل عقبة مسلوكة.(6/373)
سودا كأنّكم ذئاب خطيطة ... مطر البلاد وحرمها لم يمطر [1] ... يحبون بين أجا وبرقة عالج ... حبو الضّباب إلى أصول السّخبر [2] ... وتركتم قصب الشّريف طواميا ... تهوي ثنيّته كعين الأعور [3]
1731 [مفاخرة العثّ للضبّ]
وقال العثّ، واسمه زيد بن معروف، للضب غلام رتبيل بن غلاق: وقد رأيت من سمّى عنزا وثورا، وكلبا، ويربوعا، فلم نر منهم أحدا أشبه العنز ولا الثّور، ولا الكلب، ولا اليربوع. وأنت قد تقيّلت [4] الضّبّ حتى لم تغادر منه شيئا. فاحتمل ذلك عنه، فلمّا قال: [من البسيط] من كان يدعى باسم لا يناسبه ... فأنت والاسم شنّ فوقه طبق [5]
فقال ضبّ لعثّ: [من البسيط] إن كنت ضبّا فإنّ الضّبّ محتبل ... والضبّ ذو ثمن في السّوق معلوم [6] ... وليس للعثّ حبّال يراوغه ... ولست شيئا سوى قرض وتقليم [7]
1732 [ما يخرج الضب من جحره]
وما أكثر ما يجيء الأعرابي بقربة من ماء، حتى يفرغها في جحره، ليخرج فيصطاده. ولذلك قال الكميت في صفة المطر الشديد الذي يستخرج الضّباب من جحرتها، وإن كانت لا تتّخذها إلا في الارتفاع فقال [8]: [من الخفيف] وعلته بتركها تحفش الأك ... م ويكفي المضبّب التفجير [9]
والمضبّب هو الذي يصيد الضباب.
[1] الخطيطة: الأرض التي لم تمطر بين أرض ممطورتين. الحرم: الحرام، وعنى به هنا حريمها.
[2] أجأ: جبل لطيئ. السخبر: شجر يشبه الثمام له عيدان كالكراث في الكثرة.
[3] الشريف: ماء لبني نمير. القصب: مجاري ماء البئر من العيون. طواميا: طما ماؤها وارتفع.
[4] تقيّل فلان أباه: إذا نزع إليه في الشبه.
[5] إشارة إلى المثل: «وافق شنّ طبقة». انظر مجمع الأمثال 2/ 358، وجمهرة الأمثال 2/ 336، والمستقصى 2/ 371، وفصل المقال 262، 263، وأمثال ابن سلام 177.
[6] احتبله: صاده بالحبالة، وهي المصيدة.
[7] الحبّال: الذي يصطاد بالحبالة.
[8] ديوان الكميت 1/ 250.
[9] تحفش: تملأ.(6/374)
القول في سن الضب وعمره
أنشد الأصمعيّ وغيره [1]: [من الرجز] تعلّقت واتّصلت بعكل ... خطبي وهزّت رأسها تستبلي [2] ... تسألني من السّنين كم لي ... فقلت لو عمّرت عمر الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصّخر مبتلّ كطين الوحل [3] ... صرت رهين هرم أو قتل
وهذا الشّعر يدلّ على طول عمر الحسل لأنه لم يكن ليقول:
أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصّخر مبتلّ كطين الوحل
إلّا وعمر الحسل عنده من أطول الأعمار.
وروى ابن الأعرابي عن بعض الأعراب أنّ سنّ الضبّ واحدة أبدا، وعلى حال أبدا. قال فكأنه قال: لا أفعله ما دام سنها كذلك، لا ينقص ولا يزيد.
وقال زيد بن كثوة: سنّ الحسل ثلاثة أعوام. وزعم أن قوله ثمّة: «لا أفعله سنّ الحسل» غلط. ولكن الضبّ طويل العمر إذا لم يعرض له أمر.
وسنّ الحسل مثل سنّ القلوص [4]، ثلاث سنين، حتى يلقح ولو كانت سنّ الحسل على حال واحدة أبدا لم تعرف الأعراب الفتيّ من المذكّي [5].
وقد يكون الضّبّ أعظم من الضّبّ وليس بأكبر منه سنّا.
قال: ولقد نظرت يوما إلى شيخ لنا يفرّ [6] ضبّا جحلا سبحلا [7] قد اصطاده.
فقلت له: لم تفعل ذلك؟ فقال: أرجو أن يكون هرما.
[1] الرجز لرؤبة في ديوانه 128، والمخصص 10/ 171، واللسان (معر، فطحل)، والتاج (فطحل)، والتهذيب 4/ 101، وله أو للعجاج في اللسان والتاج (حكل)، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 234، والأزمنة والأمكنة 1/ 229.
[2] الاتصال: أن يعتزي الرجل إلى قبيلته. الخطب: المرأة المخطوبة. تستبلي: تنظر ما عندي.
[3] زمن الفطحل: زمن نوح، وسئل رؤبة عن قوله «زمن الفطحل» فقال: أيام كانت الحجارة فيها رطابا.
[4] القلوص: الفتية من الإبل.
[5] المذكي: المسن من كل شيء.
[6] يفرّ: يكشف عن أسنانه ليعرف عمره.
[7] الجحل: الضخم. السبحل: العظيم المسن.(6/375)
1733 [بيض الضب]
قال [1]: وزعم عمرو بن مسافر أن الضّبّة تبيض ستّين بيضة، فإذا كان ذلك سدّت عليهن باب الجحر، ثم تدعهن أربعين يوما فيتفقّص البيض، ويظهر ما فيه، فتحفر عنهنّ عند ذلك، فإذا كشفت عنهن أحضرن وأحضرت في أثرهن تأكلهن، فيحفر المنفلت منها لنفسه جحرا ويرعى من البقل.
قال: وبيض الضبّ شبيه ببيض الحمام. قال: وفرخه حين يخرج يخرج كيّسا كاسيا، خبيثا، مطيقا للكسب، وكذلك ولد العقرب، وفراخ البطّ، وفراريج الدّجاج، وولد العناكب.
1734 [سنّ الضب]
وقال زيد بن كثوة، مرّة بعد ذلك: إنّ الضب ينبت سنّه معه وتكبر مع كبر بدنه، فلا يزال أبدا كذلك إلى أن ينتهي بدنه منتهاه قال: فلا يدعى حسلا إلا ثلاث ليال فقط.
وهذا القول يخالف القول الأوّل [2]. وأنشد: [من الرجز] مهرتها بعد المطال ضبّين ... من الضباب سحبلين سبطين ... نعم لعمر الله مهر العرسين [3]
أنشدني ابن فضّال: «أمهرتها» وزعم أنّه كذلك سمعها من أعرابيّ وقد يمكن أن يكون الحسل لا يثني ولا يربع، فتكون أسنانه أبدا على أمر واحد، ويكون قول رؤبة بن العجّاج في طول عمره حقّا.
ويدلّ على أنّ أسنانه على ما ذكروا قول الفزاريّ: [من الطويل] وجدناكم رأبا بني أمّ قرفة ... كأسنان حسل لا وفاء ولا غدر [4]
يقول: لا زيادة ولا نقصان.
[1] انظر ربيع الأبرار 5/ 468، وما سيأتي في الصفحة التالية.
[2] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة والصفحة 372.
[3] انظر أرجوزته التي تقدمت في الصفحة السابقة.
[4] تقدم هذا البيت ص 371.(6/376)
1735 [قصة في عمر الضب]
وقال زيد بن كثوة المزني: قال العنبريّ، وهو أبو يحيى: مكثت في عنفوان شبيبتي، وريعان من ذلك، أريغ ضبّا، وكان ببعض بلادنا في وشاز [1] من الأرض، وكان عظيما منها منكرا. ما رأيت مثله، فمكثت دهرا أريغه ما أقدر عليه. ثم إنّي هبطت إلى البصرة، فأقمت بها ثلاثين سنة، ثمّ إنّي والله كررت راجعا إلى بلادي، فمررت في طريقي بموضع الضّبّ، معتمدا [2] لذلك، فقلت: والله لأعلمنّ اليوم علمه، وما دهري [3] إلا أن أجعل من جلده عكّة [4] للّذي كان عليه من إفراط العظم، فوجّهت الرّواحل نحوه، فإذا أنا به والله محرنبئا [5] على تلعة فلمّا سمع حسّ الرّواحل، ورأى سوادا مقبلا نحوه، مرّ مسرعا نحو جحره، وفاتني والله الذي لا إله إلا هو.
1736 [مكن الضّبة]
وقال ابن الأعرابيّ [6]: أخبرني ابن فارس بن ضبعان الكلبيّ، أنّ الضّبّة يكون بيضها في بطنها، وهو مكنها، ويكون بيضها متّسقا، فإذا أرادت أن تبيضه حفرت في الأرض أدحيّا مثل أدحيّ النعامة، ثم ترمي بمكنها [7] في ذلك الأدحيّ ثمانين مكنة، وتدفنه بالتّراب، وتدعه أربعين يوما، ثم تجيء بعد الأربعين فتبحث عن مكنها، فإذا حسلة [8] يتعادين منها، فتأكل ما قدرت عليه، ولو قدرت على جميعهن لأكلتهنّ. قال: ومكنها جلد ليّن، فإذا يبست فهي جلد. فإذا شويتها أو طبختها وجدت لها محّا كمحّ بيض الدّجاج.
1737 [عداوة الضّبة للحية]
قال [9]: والضّبّة تقاتل الحيّة وتضربها بذنبها، وهو أخشن من السّفن وهو
[1] الوشاز: جمع وشز، وهو النشز المرتفع من الأرض.
[2] معتمدا: قاصدا.
[3] ما دهري: أي ما غايتي وهمي.
[4] العكّة: الزقيق، تصغير زق، وهو قربة تتخذ لحفظ السمن.
[5] احرنبى الرجل: تهيأ للغضب.
[6] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة، وهو ما زعمه عمرو بن مسافر.
[7] المكن: بيض الضبة.
[8] الحسلة: جمع حسل، وهو ولد الضب.
[9] الخبر في ربيع الأبرار 5/ 468.(6/377)
سلاحها، وقد أعطيت فيه من القوّة مثل ما أعطيت العقاب في أصابعها، فربما قطعتها بضربة، أو قتلتها، أو قدّتها [1]. وذلك إذا كان الضّبّ ذيّالا [2] مذنّبا وإذا كان مرائسا [3] قتلته الحية.
والتذنيب: أنّ الضبّ إذا أرادت الحيّة الدّخول عليه في جحره أخرج الضبّ ذنبه إلى فم جحره. ثم يضرب به كالمخراق [4] يمينا وشمالا، فإذا أصاب الحية قطعها، والحية عند ذلك تهرب منه.
والمراءسة: أن يخرج الرّأس ويدع الذّنب ويكون غمرا [5] فتعضّه الحيّة فتقتله.
1738 [استطراد لغوي]
قال: وتقول: أمكنت الضبّة والجرادة فهي تمكن إمكانا: إذا جمعت البيض في جوفها. واسم البيض المكن. والضّبة مكون، فإذا باضت الضبّة والجرادة قيل قد سرأت. والمكن والسّرء: البيض، كان في بطنها أو بعد أن تبيضه. وضبّة سروء.
وكذلك الجرادة تسرأ سرءا، حين تلقي بيضها. وهي حينئذ سلقة [6].
وتقول: رزّت الجرادة ذنبها في الأرض فهي ترزّ رزّا، وضربت بذنبها الأرض ضربا، وذلك إذا أرادت أن تلقي بيضها.
1739 [المضافات من الحيوان]
ويقولون [7]: ذئب الخمر [8]، وشيطان الحماطة [9]، وأرنب الخلّة [10]، وتيس الرّبل [11]، وضبّ السّحا. والسّحا: بقلة تحسن حاله عنها.
[1] قدّتها: قطعتها.
[2] الذيال: الطويل الذنب.
[3] المرائس: الذي يخرج من جحره برأسه.
[4] المخراق: منديل يلوى فيضرب به، أو يلف ليفزع به.
[5] الغمر: الجاهل الغر الذي لا تجربة له.
[6] السلقة: الجرادة إذا ألقت بيضها.
[7] انظر ثمار القلوب (577، 614)، وما سيأتي ص 414.
[8] الخمر: ما واراك من شجر وغيره.
[9] الشيطان هنا: الحية. الحماطة: شجر التين الجبلي.
[10] الخلة: ما فيه حلاوة من المرعى.
[11] الربل: ضرب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر من غير مطر.(6/378)
ويقال: هو قنفذ برقة [1]، إذا أراد أن يصفه بالخبث.
1740 [ذكر الشعراء للضب في وصف الصيف]
وما أكثر ما يذكرون الضّبّ إذا ذكروا الصيف مثل قول الشاعر: [من البسيط] سار أبو مسلم عنها بصرمته ... والضبّ في الجحر والعصفور مجتمع
وكما قال أبو زبيد [2]: [من الخفيف] أيّ ساع سعى ليقطع شربي ... حين لاحت للصّابح الجوزاء ... واستكنّ العصفور كرها مع الض ... بّ وأوفى في عوده الحرباء
وأنشد الأصمعيّ [3]: [من الطويل] تجاوزت والعصفور في الجحر لاجئ ... مع الضّبّ والشّقذان تسمو صدورها
قال: والشّقذان: الحرابيّ. قوله: «تسمو»: أي ترتفع في رؤوس العيدان.
الواحد من الشّقذان، بكسر الشين وإسكان القاف. شقذ بتحريك القاف.
1741 [أسطورة الضب والضفدع]
وتقول الأعراب: خاصم الضبّ الضفدع في الظّمأ أيّهما أصبر، وكان للضفدع ذنب، وكان الضبّ ممسوح الذنب [4]، فلمّا غلبها الضبّ أخذ ذنبها فخرجا في الكلإ، فصبرت الضفدع يوما ويوما، فنادت: يا ضبّ، وردا وردا! فقال الضبّ [5]:
[من مجزوء الرجز] أصبح قلبي صردا ... لا يشتهي أن يردا ... إلّا عرادا عردا ... وصلّيانا بردا [6]
[1] برقة: غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلفة.
[2] ديوان أبي زبيد الطائي 579، وتقدم البيتان في 5/ 295.
[3] البيت لذي الرمة في ديوانه 238، واللسان (شقذ)، وتقدم في 5/ 128بلا نسبة، وسيعيده الجاحظ ص 509.
[4] المسح: نقص وقصر في ذنب العقاب.
[5] الرجز في اللسان (جزأ، ضبب، عنكث، برد، صرد، عرد، لبد)، والتاج (ضبب، عكث، زرد، صرد، عرد)، والتهذيب 2/ 199، 3/ 308، 11/ 148، 12/ 139، والتنبيه والإيضاح 1/ 186، والجمهرة 426، 633، 1132، وديوان الأدب 2/ 23، والعين 6/ 193، 7/ 97، والمخصص 9/ 138، 13/ 258، وأساس البلاغة (صرد).
[6] العراد: حشيش طيب الريح. العرد: الذي خرج واشتد. الصليان: شجر من الطريفة ينبت صعدا.
البرد: البارد.(6/379)
فلما كان في اليوم الثالث نادت: يا ضبّ، وردا وردا! قال: فلمّا لم يجبها بادرت إلى الماء، وأتبعها الضبّ، فأخذ ذنبها. فقال: في تصداق ذلك ابن هرمة [1]:
[من الهزج] ألم تأرق لضوء البر ... ق في أسحم لمّاح ... كأعناق نساء الهن ... د قد شيبت بأوضاح [2] ... تؤام الودق كالزّاح ... ف يزجى خلف أطلاح [3] ... كأنّ العازف الجنّ ... يّ أو أصوات أنواح [4] ... على أرجائها الغرّ ... تهدّيها بمصباح [5] ... فقال الضبّ للضفد ... ع في بيداء قرواح [6] ... تأمّل كيف تنجو اليو ... م من كرب وتطواح [7] ... فإني سابح ناج ... وما أنت بسبّاح ... فلمّا دق أنف المز ... ن أبدى خير إرواح [8] ... وسحّ الماء من مستح ... لب بالماء سحّاح [9] ... رأى الضبّ من الضفد ... ع عوما غير منجاح ... وحطّ العصم يهويها ... ثجوج غير نشّاح [10] ... ثقال المشي كالسّكرا ... ن يمشي خلفه الصّاحي
ثم قال في شأن الضفدع والضب، الكميت بن ثعلبة [11]: [من المتقارب]
[1] ديوان ابن هرمة 9794.
[2] الأوضاح: جمع وضح، وهو البرص.
[3] الودق: المطر. الزاحف: البعير أعيا فجرّ فرسنه. يزجى: يساق. الأطلاح: جمع طلح، وهو البعير الذي لحقه الإعياء.
[4] عزيف الجن: أصواتها. الأنواح: جمع نوح، والنوح: النساء يجتمعن في مناحة.
[5] الغر: البيض. التهدي: الاهتداء.
[6] القرواح: الفضاء من الأرض.
[7] التطواح: الهلاك.
[8] أنف المزن: أوله. المزن: جمع مزنة، وهي السحابة البيضاء.
[9] المستحلب: المستدر.
[10] العصم: جمع أعصم، وهو الذي بإحدى يديه بياض، وأراد هنا الوعول. يهويها: يسقطها.
الثجوج: الماء الغزير. النشاح: الماء القليل.
[11] البيت في مجمع الأمثال 1/ 316، والمستقصى 1/ 140، والدرة الفاخرة 1/ 212، وشروح سقط الزند 1506.(6/380)
على أخذها يوم غبّ الورود ... وعند الحكومة أذنابها [1]
وقال عبيد بن أيوب [2]: [من الطويل] ظللت وناقتي نضوي فلاة ... كفرخ الضبّ لا يبغي ورودا [3]
وقال أبو زياد: قال الضبّ لصاحبه [4]: [من الرجز] أهدموا بيتك لا أبا لكا ... وزعموا أنك لا أخا لكا ... وأنا أمشي الحيكى حوالكا [5]
1742 [أورى من الضب]
وتقول العرب: «أروى من ضبّ» [6] لأن الضب عندهم لا يحتاج إلى شرب الماء، وإذا هرم اكتفى ببرد النّسيم، وعند ذلك تفنى رطوبته فلا يبقى فيه شيء من الدّم، ولا مما يشبه الدّم. وكذلك الحيّة. فإذا صارت كذلك لم تقتل بلعاب، ولا بمجاج، ولا بمخالطة ريق وليس إلّا مخالطة عظم السّنّ لدماء الحيوان.
وأنشدوا [7]: [من الرجز] لميمة من حنش أعمى أصم ... قد عاش حتّى هو لا يمشي بدم ... فكلّما أقصد منه الجوع شم
وأما صاحب المنطق فإنه قال: باضطرار إنه لا يعيش حيوان إلّا وفيه دم أو شيء يشاكل الدم.
[1] الغب: أن يرد يوما بعد يوم. الحكومة: الحكم.
[2] البيت في أشعار اللصوص 216.
[3] النضو: الهزيل العليل.
[4] الرجز في الدرر 1/ 119، 2/ 216، واللسان (بيت، حول، دأل)، والتاج (دأل)، والجمهرة 1309، والكتاب 1/ 351، والمعاني الكبير 650، وهمع الهوامع 1/ 41، 145، والمخصص 3/ 226، 233.
[5] الحيكى: مشية فيها تبختر.
[6] مجمع الأمثال 1/ 310، والدرة الفاخرة 1/ 209، والمستقصى 1/ 146، وجمهرة الأمثال 1/ 473، 498.
[7] الرجز لخلف الأحمر في مجمع الذاكرة 1/ 162، وتقدم في 4/ 318، 399، وسيعيده الجاحظ ص 529.(6/381)
1743 [ما يخرج الضب من جحره]
والضبّ تذلقه [1] من جحره أمور، منها السّيل. وربّما صبّوا في جحره قربة من ماء فأذلقوه به. وأنشد أبو عبيدة: [من الخفيف] يذلق الضبّ ويخفيه كما ... يذلق السّيل يرابيع النّفق
يخفيه مفتوحة الياء. وتذلقه وقع حوافر الخيل. ولذلك قال امرؤ القيس بن حجر [2]: [من الطويل] خفاهنّ من أنفاقهنّ كأنّما ... خفاهنّ ودق من سحاب مركّب
تقول: خفيته أخفيه خفيا: إذا أظهرته. وأخفيته إخفاء: إذا سترته. وقال ابن أحمر [3]: [من المتقارب] فإن تدفنوا الدّاء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
ولا بدّ من أن يكون وقع الحوافر هدم عليها. أو يكون أفزعها فخرجت. وأهل الحجاز يسمّون النّبّاش المختفي لأنّه يستخرج الكفن من القبر ويظهره.
وحكوا عن بعض الأعراب أنّه قال [4]: «إنّ بني عامر قد جعلوني على حنديرة أعينها، تريد أن تختفي دمي» أي تظهره وتستخرجه. كأنّها إذا سفحته وأراقته فقد أظهرته.
1744 [تفضيل أبي عبيدة قصيدة لامرىء القيس]
وأنشد أبو عبيدة [5]: [من الرمل] ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرّى وتدر [6]
[1] أذلق الضب واستذلقه: صب على جحره الماء حتى يخرج.
[2] ديوان امرئ القيس 51، والقافية فيه (مجلب).
[3] البيت لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه 180، ولامرئ القيس في ديوانه 186.
[4] تقدم هذا القول في 5/ 165.
[5] ديوان امرئ القيس 145144، والشرح التالي منه.
[6] «الديمة: المطر الدائم. الهطلاء: الكثيرة الهطل. الوطف: الدنو من الأرض. طبق الأرض: أي هذه السحابة تطبّق وتعمها كلها لسعتها وكثرة مطرها. تحرّى: تتعمد المكان وتثبت فيه. تدر: يكثر ماؤها.(6/382)
تخرج الضبّ إذا ما أشجذت ... وتواريه إذا ما تعتكر [1] ... وترى الضّبّ ذفيفا ماهرا ... ثانيا برثنه ما ينعفر [2]
وكان أبو عبيدة يقدّم هذه القصيدة في الغيث، على قصيدة عبيد بن الأبرص، أو أوس بن حجر، التي يقول فيها أحدهما [3]: [من البسيط] دان مسفّ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالرّاح [4] ... فمن بنجوته كمن بعقوته ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح [5]
وأنا أتعجّب من هذا الحكم
1745 [قولهم: هذا أجلّ من الحرش]
ومما يضيفون إلى هذه الضّباب من الكلام، ما رواه الأصمعيّ في تفسير المثل، وهو قولهم [6]: «هذا أجلّ من الحرش» أنّ الضّبّ قال لابنه: إذا سمعت صوت الحرش فلا تخرجنّ! قال: والحرش: تحريك اليد عند جحر الضب ليخرج ويرى أنّه حيّة. قال: فسمع الحسل صوت الحفر، فقال للضّبّ: يا أبت! هذا الحرش؟
قال: يا بنيّ، هذا أجلّ من الحرش! فأرسلها مثلا.
1746 [الضب والضفدع والسمكة]
وقال الكميت [7]: [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا
[1] «تخرج الود: يريد: الوتد. أشجذت: أقلعت وسكنت». وقافية البيت في ديوانه «تشتكر» أي تحتفل ويكثر مطرها.
[2] «الذفيف: الخفيف»، ورواية الديوان «خفيفا» مكان «ذفيفا».
[3] البيتان لأوس بن حجر في ديوانه 1615، ولعبيد بن الأبرص في ديوانه 34، 36.
[4] في ديوان عبيد: «الداني: القريب. المسف: الدنو من الأرض. الهيدب: ما تدلى من السحاب على الأرض. الراح: الكف.
[5] في ديوان عبيد: (بمحفله) مكان (بعقوته)، وفيه: «النجوة ما ارتفع من الأرض. المحفل:
مستقر الماء. المستكن: الذي في بيته. القرواح: الأرض المستوية الظاهرة». العقوة: الساحة.
[6] الدرة الفاخرة 1/ 118، وجمهرة الأمثال 1/ 332، ومجمع الأمثال 1/ 186، وأمثال ابن سلام 342، والمستقصى 1/ 50، 384، وفصل المقال 471، والفاخر 242.
[7] ديوان الكميت 2/ 113، والمعاني الكبير 640، وتقدم في 5/ 280.(6/383)
وقال في الضّبّ والنّون [1]: [من الطويل] ولو أنّهم جاؤوا بشيء مقارب ... لشيء وبالشّكل المقارب للشّكل ... ولكنّهم جاؤوا بحيتان لجّة ... قوامس والمكنيّ فينا أبا حسل
وقال الكميت [2]: [من الوافر] وما خلت الضّباب معطّفات ... على الحيتان من شبه الحسول
وقال آخر: [والعرب تقول في الشّيء الممتنع: لا يكون ذلك حتى يرد الضبّ، وفي تبعيد ما بين الجنسين [3]:] حتّى يؤلّف بين الضّبّ والنّون
1747 [استطراد لغوي]
قال: ويقال أضبّت أرض بني فلان: إذا كثرت ضبابها. وهذه أرض مضبّة، وأرض بني فلان مضبّة، مثل فئرة من الفأر، وجرذة من الجرذان، ومحواة ومحياة من الحيّات. وجردة من الجراد، وسرفة من السّرفة، ومأسدة من الأسود، ومثعلة من الثّعالب لأن الثّعلب يسمّى ثعالة، والذّئب ذؤالة.
ويقال أرض مذبّة من الذّباب. مذأبة من الذّئاب.
ويقال في الضّبّ: وقعنا في مضابّ منكرة، وهي قطع من الأرض تكثر ضبابها.
قال: ويقال أرض مربعة، كما يقال مضبّة. إذا كانت ذات يرابيع وضباب. واسم بيضها المكن، والواحدة مكنة.
1748 [ترتيب أسماء فرخ الضب]
ويقال لفرخه إذا خرج حسل، والجميع حسلة، وأحسال، وحسول. وهو حسل، ثم مطبّخ ثم غيداق، ثمّ جحل. والسّحبل: ما عظم منها. وهو في ذلك كلّه ضبّ.
وبعضهم يقول: يكون غيداقا، ثم يكون مطبّخا، ثمّ يكون جحلا، وهو
[1] ديوان الكميت 2/ 52، وتقدم البيتان في 5/ 280.
[2] ديوان الكميت 2/ 52.
[3] الزيادة من ثمار القلوب 331 (616615)، وانظر مجمع الأمثال 1/ 213، والمستقصى 2/ 58، وفي مجمع الأمثال 1/ 356: «سبحان الجامع بين الثلج والنار وبين الضب والنون».(6/384)
العظيم. ثمّ هو خضرم، ثمّ يكون ضبّا. وهذا خطأ، وهو ضبّ قبل ذلك. وقال الرّاجز: [من الرجز] ينفي الغياديق عن الطّريق ... قلّص عنه بيضه في نيق [1]
1748 [قولهم: أضل من ضب]
ويقال: «أضلّ من ضبّ» [2].
والضلال وسوء الهداية يكون في الضبّ، والورل، والدّيك.
1749 [الضب وشدة الحر]
وإذا غيّر الحرّ لون جلد الضبّ فذلك أشدّ ما يكون من الحر. وقال الشّاعر:
[من الطويل] وهاجرة تنجي عن الضّبّ جلده ... قطعت حشاها بالغريريّة الصّهب [3]
1750 [أمثال في الضب]
وفي المثل: «خلّ درج الضبّ» [4]، وفي المثل: «تعلمني بضبّ أنا حرشته!» [5] و: «هذا أجلّ من الحرش» [6]، و: «أضلّ من ضبّ» [2] و: «أخبّ من ضبّ» [7]، و: «أروى من ضبّ» [8]، و: «أعقّ من ضبّ» [9]، و: «أحيا من ضبّ» [10]،
[1] قلّص: ارتفع. النيق: أعلى موضع في الجبل.
[2] الدرة الفاخرة 1/ 282، ومجمع الأمثال 1/ 426، وفصل المقال 163، والمستقصى 1/ 217.
[3] تنجي عنه جلده: تسلخه. الغريرية: إبل منسوبة إلى الغرير، وهو فحل معروف. الصهب: جمع أصهب، وهو الذي يخالط بياضه حمرة.
[4] درج الضب: طريقه. ويضرب المثل لمن شوهد منه أمارات الصرم. وهو في مجمع الأمثال 1/ 242، والمستقصى 2/ 76، وجمهرة الأمثال 1/ 415، وفصل المقال 163، وأمثال ابن سلام 111.
[5] يقال هذا المثل في مخاطبة العالم بالشيء من يريد تعليمه، وهو في مجمع الأمثال 1/ 125، وأمثال ابن سلام 202، والفاخر 246، والدرة الفاخرة 1/ 298.
[6] تقدم تخريج المثل في الحاشية 6ص 383.
[7] مجمع الأمثال 1/ 260، والدرة الفاخرة 1/ 170، 192، وجمهرة الأمثال 1/ 412، 439.
[8] مجمع الأمثال 1/ 310، والمستقصى 1/ 146، وجمهرة الأمثال 1/ 473، 498.
[9] مجمع الأمثال 2/ 47، والمستقصى 1/ 250، وأمثال ابن سلام 369، وجمهرة الأمثال 2/ 69.
[10] مجمع الأمثال 1/ 218، 226، وجمهرة الأمثال 1/ 343، والمستقصى 1/ 90، وأمثال ابن سلام 369.(6/385)
و: «أطول ذماء من ضبّ» [1]، و: «كلّ ضبّ عند مرداته» [2]. ويقال: «أقصر من إبهام الضّبّ» [3] كما يقال: «أقصر من إبهام القطاة» [3]. وقال ابن الطّثريّة [4]: [من الطويل] ويوم كإبهام القطاة
ومن أمثالهم: «لا آتيك سنّ الحسل» [5]. وقال العجاج: [من الرجز] ثمّت لا آتيه سنّ الحسل
كأنّه قال، حتّى يكون ما لا يكون لأنّ الحسل لا يستبدل بأسنانه أسنانا.
1751 [أسنان الذئب]
وزعم [بعضهم] [6] أنّ أسنان الذّئب ممطولة [7] في فكيه. وأنشد: [من الرجز] أنيابه ممطولة في فكّين
وليس في هذا الشعر دليل على ما قال لأنّ الشاعر يشبع الصفة إذا مدح أو هجا، وقد يجوز أن يكون ما قال حقّا.
1752 [من لم يثغر]
فأما عبد الصّمد بن علي فإنه لم يثغر، ودخل القبر بأسنان الصّبا [8].
1753 [استطراد لغوي]
وقد يقال للضّبّ والحيّة والورل، وما أشبه ذلك: فحّ يفحّ فحيحا. والفحيح:
[1] مجمع الأمثال 1/ 437، وجمهرة الأمثال 2/ 20، والمستقصى 1/ 227، والدرة الفاخرة 2/ 438.
[2] تقدم تخريج المثل في الحاشية 5ص 339.
[3] مجمع الأمثال 2/ 128، والمستقصى 1/ 283، وجمهرة الأمثال 2/ 115.
[4] تمام البيت:
(ويوما كإبهام القطاة مزينا ... لعيني ضحاه غالبا لي باطله)
وهو ليزيد بن الطثرية في ديوانه 94، والأغاني 8/ 162، وهو لجرير برواية مختلفة قليلا في عجز البيت، وهو في ديوان جرير 478، وثمار القلوب 382 (703)، وبلا نسبة في العين 2/ 297.
[5] في جمهرة الأمثال 1/ 415: «لا آتيك ورد الحسل». وبرواية: «لا أفعله سن الحسل» في فصل المقال 412، وجمهرة الأمثال 1/ 360.
[6] هذا الاستدراك مما تقدم في 4/ 53.
[7] المطل: السكّ والطبع.
[8] تقدم الخبر في 4/ 52، وهو في اللسان 4/ 104 (ثغر)، وعيون الأخبار 2/ 63.(6/386)
صوت الحية من جوفها، والكشيش والقشيش: صوت جلدها إذا حكّت بعضها ببعض.
وليس كما قال، ليس يسمع صوت احتكاك الجلد بالجلد إلّا للأفعى فقط.
وقال رؤبة [1]: [من الرجز] فحّي فلا أفرق أن تفحّي ... وأن ترحّي كرحى المرحّي
وقال ابن ميادة [2]: [من الطويل] ترى الضبّ إن لم يرهب الضبّ غيره ... يكشّ له مستكبرا ويطاوله
1754 [حديث أبي عمرة الأنصاري]
ويكتب في باب حبّ الضّب للتّمر حديث أبي عمرة الأنصاري رووه من كلّ وجه. أنّ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال لرجل من أهل الطائف: الحبلة [3] أفضل أم النخلة؟ قال: بل الحبلة، أتزببها وأشمّسها [4]، وأستظل في ظلّها، وأصلح برمتي [5] منها. قال عمر: تأبى ذاك عليك الأنصار [6].
ودخل أبو عمرة عبد الرحمن بن محصن النجّاري فقال له عمر: الحبلة أفضل أم النّخلة؟ قال: الزبيب إن آكله أضرس، وإن أتركه أغرث! ليس كالصّقر [7] في رؤوس الرّقل [8]، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل [9]، خرفة [10] الصائم وتحفة الكبير، وصمتة [11] الصغير وخرسة مريم [12]، ويحترش به الضّباب من الصّلعاء يعني الصحراء [13].
[1] ديوان رؤبة 3736، واللسان (رحا)، والتهذيب 5/ 215، وبلا نسبة في اللسان (فحح)، والجمهرة 100.
[2] ديوان ابن ميادة 193، وتقدم ص 351.
[3] الحبلة: شجر العنب.
[4] أتزببها: أتخذ منها زبيبا. أشمسها: أجففها في الشمس.
[5] البرمة: قدر من حجارة.
[6] انظر هذا الخبر في التنبيه للبكري 95.
[7] الصقر: ما تحلّب من العنب والزبيب والتمر من غير أن يعصر.
[8] الرقل: إذا فاتت النخلة يد المتناول فهي جبارة، فإذا ارتفعت عن ذلك فهي الرقلة.
[9] المحل: الجدب والقحط.
[10] الخرفة: ما يجتنى من الفواكه.
[11] الصمتة: ما يصمت به الصبي من شيء طريف.
[12] الخرسة: ما تطعمه المرأة عند ولادها.
[13] انظر الخبر في الأمالي 2/ 58، والتنبيه للبكري 95.(6/387)
1755 [دية الضب واليربوع]
قال: ويقال في الضّب حلّام [1]، وفي اليربوع جفرة [2]. والجفرة: التي قد انتفخ جنباها وشدنت [3]. والحلّام فوق الجدي وقد صلح أن يذبح للنّسك. والحلّان، بالنون: الجدي الصغير الذي لا يصلح للنّسك.
وقال ابن أحمر [4]: [من البسيط] تهدي إليه ذراع الجدي تكرمة ... إمّا ذبيحا وإمّا كان حلّانا
والحلّان والحلوان جميعا: رشوة الكاهن. وقد نهي عن زبد المشركين [5]، وحلوان الكاهن [6]. وقال مهلهل [7]: [من الرجز] كلّ قتيل في كليب حلّام ... حتّى ينال القتل آل همّام
1756 [أقوال لبعض الأعراب]
وقال الأصمعي [8]: قال أعرابيّ يهزأ بصاحبه: اشتر لي شاة قفعاء [9]، كأنّها تضحك: مندلقة [10] خاصرتاها، كأنّها في محمل، لها ضرع أرقط. كأنّه ضبّ.
قال: فكيف العفل [11]؟ قال: أو لهذه عفل؟!
[1] انظر ما تقدم في 5/ 499س 5.
[2] انظر ما تقدم في 5/ 497س 9.
[3] شدنت: قويت وصلح جسمها.
[4] ديوان عمرو بن أحمر 155، وتقدم البيت في 5/ 265.
[5] الحديث «إني نهيت عن زبد المشركين» في سنن أبي داود، كتاب الإمارة 3/ 173، وأخرجه الترمذي في كتاب السير 4/ 140، وأحمد في المسند 4/ 162.
[6] أخرجه البخاري في البيوع، باب ثمن الكلب، حديث رقم 2122، وفي الإجارة، باب كسب البغي والإماء، حديث رقم 2162، وفي كتاب الطلاق، باب مهر البغي والنكاح الفاسد، حديث رقم 5031، وأخرجه مسلم في المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، رقم 1567، وأحمد في المسند 1/ 235.
[7] الرجز للمهلهل في الأغاني 5/ 47، والأمالي 2/ 90، واللسان والتاج (حلم)، وبلا نسبة في الجمهرة 566، 1232، والمجمل 2/ 97، والمخصص 6/ 96، وتقدم في 5/ 265.
[8] الخبر في عيون الأخبار 2/ 78.
[9] القفعاء: القصيرة الذنب.
[10] الاندلاق: البروز.
[11] العفل: مجس الشاة بين رجليها لينظر سمنها من هزالها، وبدل هذه الكلمة في عيون الأخبار 2/ 78 (العطل)، وهو العنق.(6/388)
قال [1]: وسأل مدنيّ أعرابيّا قال: أتأكلون الضّبّ؟ قال: نعم. قال: فاليربوع؟
قال: نعم. قال: فالورل؟ قال: نعم. قال: أفتأكلون أمّ حبين؟ قال: لا. قال: فليهن أمّ حبين العافية!.
1757 [شعر في الضب]
وقال فراس بن عبد الله الكلابي: [من الرجز] لمّا خشيت الجوع والإرمالا ... ولم أجد بشولها بلالا [2] ... أبصرت ضبّا دحنا مختالا ... أوفد فوق جحره وذالا [3] ... فدبّ لي يختلني اختيالا ... حتّى رأيت دوني القذالا [4] ... وميلة ما ملت حين مالا ... فدهشت كفّاي فاستطالا ضمني فلا نزع ولا إرسالا ... فحاجزا وبرّأ الأوصالا [5] ... منّي ولم أرفع بذاك بالا ... لمّا رأت عيني كشى خدالا [6] ... منه وثنّيت له الأكبالا ... ورحت منه دحنا دأّلا [7]
[1] تقدم مثل هذا الخبر في 3/ 256، الفقرة (932).
[2] الإرمال: نفاذ الزاد. الشول: الإبل التي ارتفعت ألبانها. البلال: كل ما يبلّ به الحلق من ماء أو لبن.
[3] الدّحن: السمين المندلق البطن. المختال: المتكبر. أوفد: ارتفع وأشرف. ذال: شال بذنبه وتبختر.
[4] القذال: جماع مؤخر الرأس.
[5] الأوصال: المفاصل.
[6] الكشى: جمع كشية، وهي شحمة صفراء في ظهر الذنب. الخدال: جمع خدلة، وهي العظيمة.
[7] الأكبال: جمع كبل، وهو القيد. الدّحن: العظيم البطن. الدآل: وصف من الدألان، وهو مشي فيه مقاربة للخطو كأن صاحبه مثقل من حمل.(6/389)
أسماء لعب الأعراب
البقّير، وعظيم وضّاح، والخطرة. والدّارة، والشّحمة والحلق، ولعبة الضّبّ.
فالبقير: أن يجمع يديه على التراب في الأرض إلى أسفله، ثم يقول لصاحبه:
اشته في نفسك. فيصيب ويخطئ.
وعظيم وضّاح: أن يأخذ بالليل عظما أبيض، ثم يرمي به واحد من الفريقين، فإن وجده واحد من الفريقين ركب أصحابه الفريق الآخر من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به منه.
والخطرة: أن يعملوا مخراقا، ثم يرمي به واحد منهم من خلفه إلى الفريق الآخر، فإن عجزوا عن أخذه رموا به إليهم، فإن أخذوه ركبوهم.
والدّارة، هي التي يقال لها الخراج [1].
والشّحمة: أن يمضي واحد من أحد الفريقين بغلام فيتنحّون ناحية ثم يقبلون، ويستقبلهم الآخرون فإن منعوا الغلام حتّى يصيروا إلى الموضع الآخر فقد غلبوهم عليه، ويدفع الغلام إليهم، وإن هم لم يمنعوه ركبوهم. وهذا كله يكون في ليالي الصّيف، عن غبّ ربيع مخصب.
ولعبة الضّبّ: أن يصوّروا الضّبّ في الأرض، ثم يحوّل واحد من الفريقين وجهه، ثم يضع بعضهم يده على شيء من الضّبّ، فيقول الذي يحوّل وجهه: أنف الضّبّ، أو عين الضبّ، أو ذنب الضّب، أو كذا وكذا من الضّبّ، على الولاء [2]، حتّى يفرغ فإن أخطأ ما وضع عليه يده ركب وركب أصحابه، وإن أصحاب حوّل وجهه الذي كان وضع يده على الضّبّ، ثم يصير هو السائل.
1758 [التداوي بالحيوان]
ويقول: الأطبّاء [3]: إنّ خرء الضّب صالح للبياض الذي يصير في العين.
والأعراب ربّما تداووا به من وجع الظهر.
[1] خراج: هو أن يمسك أحدهم شيئا بيده ويقول لسائرهم: أخرجوا ما في يدي.
[2] الولاء: مصدر والى بين الأمرين ولاء وموالاة أي تابع.
[3] ورد القول في ربيع الأبرار 5/ 468.(6/390)
وناس يزعمون أنّ أكل لحمان الحيوان المذكور بطول العمر، يزيد في العمر.
فصدّق بذلك ابن الخاركي وقال: هذا كما يزعمون أن أكل الكلية جيّد للكلية.
وكذلك الكبد، والطّحال، والرّئة، واللّحم ينبت اللّحم، والشّحم ينبت الشّحم.
فغبر [1] سنة وليس يأكل إلّا قديد لحوم الحمر الوحشية، وإلا الورشان والضّباب، وكلّ شيء قدر عليه مما يقضي له بطول العمر، فانتقض بدنه، وكاد يموت، فعاد بعد إلى غذائه الأوّل.
تفسير قصيدة البهراني [2]
نقول في تفسير قصيدة البهراني، فإذا فرغنا منها ذكرنا ما في الحشرات من المنافع والأعاجيب والروايات، ثم ذكرنا قصيدتي أبي سهل بشر بن المعتمر في ذلك، وفسرناهما وما فيهما من أعاجيب ما أودع الله تعالى هذا الخلق وركّبه فيهم.
إن شاء الله تعالى. وبالله تبارك وتعالى أستعين.
1759 [شعر في المكس والأتاوة]
أما قوله: [من الخفيف] 2 «مسخ الماكسين ضبعا وذئبا ... فلهذا تناجلا أمّ عمرو»
فإن ملوك العرب كانت تأخذ من التّجّار في البرّ والبحر، وفي أسواقهم، المكس، وهو ضريبة كانت تؤخذ منهم، وكانوا يظلمونهم في ذلك. ولذلك قال التّغلبي، وهو يشكو ذاك في الجاهلية ويتوعد وهو قوله [3]: [من الطويل] ألا تستحي منّا ملوك وتتّقي ... محارمنا لا يبوؤا الدّم بالدّم ... وفي كلّ أسواق العراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤ مكس درهم
والإتاوة والأربان والخرج كله شيء واحد. وقال الآخر [4]: [من الطويل] ألا ابن المعلّى خلتنا أم حسبتنا ... صراري نعطي الماكسين مكوسا
وقال الأصمعيّ، في ذكر المكس والسّفن التي كان تعشر، في قصيدته التي
[1] غبر: مكث.
[2] تقدمت القصيدة ص 360358.
[3] البيتان في المفضليات 211، وتقدما في الفقرة (241).
[4] البيت ليزيد بن الخذاق في المفضليات 298، وتقدم في الفقرة (241).(6/391)
ذكر فيها من أهلك الله عز ذكره، من الملوك، وقصم من الجبابرة، وأباد من الأمم الخالية فقال: [من الخفيف] أعلقت تبّعا حبال المنون ... وانتحت بعده على ذي جدون [1] ... وأصابت من بعدهم آل هرما ... س وعادت من بعد للسّاطرون [2] ... ملك الحضر والفرات إلى دج ... لة شرقا فالطور من عبدين [3] ... كل حمل يمرّ فوق بعير ... فله مكسه ومكس السّفين
والأعراب يزعمون أن الله تعالى عزّ وجلّ لم يدع ماكسا ظالما إلا أنزل به بلية، وأنّه مسخ منهم ضبعا وذئبا. فلهذه القرابة تسافدا وتناجلا، وإن اختلفا في سوى ذلك. فمن ولدهما السّمع والعسبار. وإنما اختلفا لأنّ الأمّ ربما كانت ضبعا والأب ذئبا، وربما كانت الأمّ ذئبة والأب ذيخا. والذّيخ: ذكر الضّباع.
1760 [ذكر الأمم التي أهلكها الله]
وأمّا قوله: [من الخفيف] 3 «بعث الذّرّ والجراد وقفّى ... بنجيع الرّعاف في حيّ بكر»
فإنّ الإعراب تزعم أن الله تعالى قد أهلك بالذرّ أمما. وقد قال أميّة بن أبي الصّلت [4]: [من الخفيف] أرسل الذّرّ والجراد عليهم ... وسنينا فأهلكتهم ومورا ... ذكر الذّرّ إنّه يفعل الشّ ... رّ وإنّ الجراد كان ثبورا
وأما قوله: «وقفّي بنجيع الرّعاف في حيّ بكر» فإنّه يريد بكر بن عبد مناة، لأنّ كنانة بنزولها مكّة كانوا لا يزالون يصيبهم من الرّعاف ما يصير شبيها بالموتان، ويجارف الطاعون. وكان آخر من مات بالرّعاف من سادة قريش هشام بن المغيرة.
وكان الرّعاف من منايا جرهم أيام جرهم، ولذلك قال شاعر في الجاهلية، من إياد [5]: [من المتقارب]
[1] الإعلاق: وقوع الصيد في الحبل. ذو جدون: أراد ذو جدن، وهو من أذواء اليمن.
[2] الهرماس: نهر نصيبين. الساطرون: ملك من ملوك العجم قتله سابور ذو الأكتاف.
[3] ورد هذا البيت بلا نسبة في معجم البلدان 4/ 48 (طور عبدين)، الحضر: مدينة بإزاء تكريت في البرية بينها وبين الموصل والفرات، كان يمر بها نهر الثرثار. طور عبدين: بليدة من أعمال نصيبين في بطن الجبل المشرف عليها المتصل بجبل الجودي، وهي قصبة كورة فيه.
[4] ديوان أمية بن أبي الصلت 405404، وتقدم البيتان في الفقرة (949) 4/ 14.
[5] البيتان لبشير بن الحجير الإيادي في مجمع الأمثال، وبلا نسبة في البيان 2/ 110.(6/392)
ونحن إياد عباد الإله ... ورهط مناجيه في سلّم ... ونحن ولاة حجاب العتيق ... زمان الرّعاف على جرهم
ولهذا المناجي [1] الذي كان يناجي الله، عز وجل، في الجاهلية على سلّم حديث [1].
1761 [سيل العرم]
فأما قوله: [من الخفيف] 4 «خرقت فأرة بأنف ضئيل ... عرما محكم الأساس بصخر»
فقد قال الله عز وجل: {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [2] والعرم [3]: المسنّاة التي كانوا أحكموا عملها لتكون حجازا بين ضياعهم وبين السيل، ففجرته فارة، فكان ذلك أعجب وأظهر في الأعجوبة كما أفار الله تعالى عز وجل ماء الطوفان من جوف تنّور، ليكون ذلك أثبت في العبرة، وأعجب في الآية.
ولذلك قال [4] خالد بن صفوان لليمانيّ [5] الذي فخر عليه عند المهديّ وهو ساكت، فقال المهدي: وما لك لا تقول؟! قال: وما أقول لقوم ليس فيهم إلا دابغ جلد، وناسج برد، وسائس قرد، وراكب عرد، غرّقتهم فارة، وملكتهم امرأة، ودلّ عليهم هدهد [6].
وأما قوله: [من الخفيف] 5 «فجّرته وكان جيلان عنه ... عاجزا لو يرومه بعد دهر»
[1] المناجي: هو وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، كان قد ولي أمر البيت بعد جرهم، فبنى صرحا وجعل فيه سلما، وكان يرقاه ويزعم أنه يناجي الله. انظر الخبر في مصادر الحاشية السابقة.
[2] 16/ سبأ: 34.
[3] معجم البلدان 5/ 37، (مأرب)، وثمار القلوب (609)، ومروج الذهب 2/ 321.
[4] الخبر في عيون الأخبار 1/ 217، ومروج الذهب 4/ 321، وديوان المعاني 1/ 151، والبيان 1/ 339، ومعجم البلدان 5/ 37 (مأرب)، 448 (يمن)، ورسائل الجاحظ 2/ 273، وثمار القلوب (609).
[5] اليماني: هو إبراهيم بن مخرمة، كما في معجم البلدان.
[6] بعد هذا في ديوان المعاني 1/ 151: «قال: وحدثني ابن المزرع قال: سمعت عمرو بن بحر الجاحظ وقد ذكر كلام خالد هذا يقول: والله لو نفكر في جمع معايبهم واختصار اللفظ في مثالبهم بعد ذلك المدح المهذب سنة لكان قليلا، فكيف على بديه لم يرض فكرا».(6/393)
فإنّ جيلان فعلة الملوك، وكانوا من أهل الجبل. وأنشد الأصمعي [1]: [من المنسرح] أرسل جيلان ينحتون له ... ساتيدما بالحديد فانصدعا
وأنشد: [من الطويل] وتبني له جيلان من نحتها الصّفا ... قصورا تعالى بالصّفيح وتكلس [2]
وأنشد لامرئ القيس [3]: [من الطويل] أتيح له جيلان عند جذاذه ... وردّد فيه الطّرف حتّى تحيّرا [4]
يقول: فجّرته فارة، ولو أنّ جيلان أرادت ذلك لامتنع عليها، لأنّ الفارة إنما خرقته لما سخّر الله عز ذكره لها من ذلك العرم وأنشدوا [5]: [من المنسرح] من سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما
ومأرب: اسم لقصر ذلك الملك، ثم صار اسما لذلك البلد. ويدلّ على ذلك قول أبي الطّمحان القيني [6]: [من البسيط] ألا ترى مأربا ما كان أحصنه ... وما حواليه من سور وبنيان ... ظلّ العباديّ يسقى فوق قلّته ... ولم يهب ريب دهر حقّ خوّان ... حتّى تناوله من بعد ما هجعوا ... يرقى إليه على أسباب كتّان [7]
وقال الأعشى [8]: [من المتقارب] ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب قفّى عليه العرم
[1] البيت بلا نسبة في اللسان (جيل)، والتهذيب 11/ 191.
[2] الصفيح: جمع صفيحة، وهي كل عريض من حجارة أو لوح. تكلس: تطلى بالكلس.
[3] ديوان امرئ القيس 58، والجمهرة 1044، والمقاييس 1/ 499، والمجمل 1/ 457، وبلا نسبة في اللسان والتاج (جيل)، والمخصص 16/ 30، والتهذيب 11/ 191.
[4] الجذاذ: صرام النخل، وهو قطع تمره، ورواية صدر البيت في ديوانه:
«أطافت به جيلان عند قطاعه».
[5] تقدم البيت في 5/ 290.
[6] الأبيات بلا نسبة في معجم البلدان 5/ 38 (مأرب)، والأول في مروج الذهب 2/ 322.
[7] الأسباب: المراقي والحبال، جمع سبب.
[8] ديوان الأعشى 93، ومروج الذهب 2/ 322، وتقدم البيتان (21) في 5/ 290.(6/394)
رخام بنته له حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم ... فأروى الحروث وأعنابها ... على ساعة ماؤهم إذ قسم ... فطار الفيول وفيّالها ... بيهماء فيها سراب يطمّ [1] ... فكانوا بذلكم حقبة ... فمال بهم جارف منهدم ... فطاروا سراعا وما يقدرو ... ن منه لشرب صبيّ فطم
1762 [مسخ الضبّ وسهيل]
وأما قوله: [من الخفيف] «مسخ الضّبّ في الجدالة قدما ... وسهيل السّماء عمدا بصغر [2]»
فإنهم يزعمون أنّ الضّبّ وسهيلا كانا ماكسين عشّارين، فمسخ الله عز وجل أحدهما في الأرض، والآخر في السماء. والجدالة: الأرض، ولذلك يقال: ضربه فجدّله أي ألزقه بالأرض، أي بالجدالة. وكذلك قول عنترة [3]: [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم
وأنشد أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري [4]: [من الرجز] قد أركب الحالة بعد الحاله ... وأترك العاجز بالجداله
1763 [قبر أبي رغال]
[5] وأما قوله: [من الخفيف] 7 «والذي كان يكتني برغال ... جعل الله قبره شرّ قبر ... 8وكذا كلّ ذي سفين وخرج ... ومكوس وكلّ صاحب عشر»
فإنما ذكر أبا رغال، وهو الذي يرجم الناس قبره إذا أتوا مكة. وكان وجّهه
[1] اليهماء: المفازة لا ماء فيها. يطم: يغمر.
[2] الصغر: الذل.
[3] ديوان عنترة 24، وتقدم في 3/ 148، الفقرة (759). و 4/ 455.
[4] الرجز لأبي قردودة في التاج (أول، جدل)، وبلا نسبة في اللسان (أول، جدل)، والتهذيب 10/ 650، والأساس (جدل)، والجمهرة 449، والمقاييس 1/ 434، والمجمل 1/ 412، وديوان الأدب 1/ 385، والمخصص 10/ 68، والأمالي 2/ 254، 269، وسفر السعادة 898897.
[5] انظر مروج الذهب 2/ 201، وثمار القلوب (244).(6/395)
صالح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيما يزعمون، على صدقات الأموال، فخالف أمره، وأساء السّيرة، فوثب عليه ثقيف، وهو قسيّ بن منبّه، فقتله قتلا شنيعا. وإنما ذلك لسوء سيرته في أهل الحرم فقال غيلان بن سلمة، وذكر قسوة أبيه على أبي رغال [1]: [من الرجز] نحن قسيّ وقسا أبونا
وقال أميّة بن أبي الصّلت [2]: [من الوافر] نفوا عن أرضهم عدنان طرّا ... وكانوا للقبائل قاهرينا ... وهم قتلوا الرئيس أبا رغال ... بنخلة إذ يسوق بها الظعينا
وقال عمرو بن درّاك العبدي، وذكر فجور أبي رغال وخبثه، فقال [3]: [من الوافر] وإني إن قطعت حبال قيس ... وحالفت المزون على تميم ... لأعظم فجرة من أبي رغال ... وأجور في الحكومة من سدوم [4]
وقال مسكين الدارميّ [5]: [من الوافر] وأرجم قبره في كلّ عام ... كرجم النّاس قبر أبي رغال
وقال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، لغيلان بن سلمة، حين أعتق عبده، وجعل ماله في رتاج الكعبة: لئن لم ترجع في مالك ثمّ متّ لأرجمنّ قبرك، كما رجم قبر أبي رغال، وكلاما غير هذا قد كلّمه به [6].
1764 [المنكب والعريف]
وأما قوله: [من الخفيف] 9 «منكب كافر وأشراط سوء ... وعريف جزاؤه حرّ جمر»
[1] الرجز مع الخبر في المصدرين السابقين، واللسان والتاج (قسا)، والمعارف 91.
[2] ديوان أمية بن أبي الصلت 509508، ومروج الذهب 2/ 201.
[3] البيتان في مروج الذهب 2/ 201، ومعجم الشعراء 29، واللسان والتاج (سدم).
[4] من الأمثال: «أجور من قاضي سدوم»، وكان من جوره أنه حكم على أنه إذا ارتكبوا الفاحشة من أحد أخذ منه أربعة دراهم. معجم البلدان 3/ 200 (سدوم)، وانظر المثل في مجمع الأمثال 1/ 190، والمستقصى 1/ 56، وثمار القلوب (166).
[5] ديوان مسكين الدارمي 57، ومروج الذهب 2/ 202، وثمار القلوب (245).
[6] ورد الخبر في ثمار القلوب (245)، والإصابة 5/ 194 (رقم 6918).(6/396)
فإنما ذهب إلى أحكام الإسلام. كأنه قد كان لقى من المنكب والعريف جهدا. وهم ثلاثة: منكب [1]، ونقيب، وعريف. وقال جبيهاء الأشجعيّ: [من الوافر] رعاع عاونت بكرا عليه ... كما جعل العريف على النّقيب
1765 [الغول والسعلاة]
وأما قوله: [الخفيف] 10 «وتزوّجت في الشّبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر»
فالغول اسم لكلّ شيء من الجن يعرض للسّفّار، ويتلوّن في ضروب الصّور والثّياب، ذكرا كان أو أنثى. إلّا أنّ أكثر كلامهم على أنّه أنثى [2].
وقد قال أبو المطراب عبيد بن أيّوب العنبريّ [3]: [من الوافر] وحالفت الوحوش وحالفتني ... بقرب عهودهنّ وبالبعاد ... وأمسى الذّئب يرصدني مخشّا ... لخفّة ضربتي ولضعف آدي [4] ... وغولا قفرة ذكر وأنثى ... كأنّ عليهما قطع البجاد [5]
فجعل في الغيلان الذّكر والأنثى. وقد قال الشّاعر في تلوّنها [6]: [من البسيط] فما تدوم على حال تكون بها ... كما تلوّن في أثوابها الغول
فالغول ما كان كذلك، والسّعلاة اسم الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغوّل لتفتن السّفّار.
قالوا: وإنما هذا منها على العبث، أو لعلّها أن تفزّع إنسانا جميلا فتغيّر عقله، فتداخله عند ذلك، لأنّهم لم يسلّطوا على الصّحيح العقل، ولو كان ذلك إليهم
[1] المنكب: عون العريف.
[2] انظر هذا القول في مروج الذهب 2/ 291.
[3] الأبيات في أشعار اللصوص 217، والثالث في مروج الذهب 2/ 291.
[4] المخش: الماضي الجريء على هول الليل. الآد: القوة.
[5] البجاد: كساء مخطط.
[6] البيت لكعب بن زهير في ديوانه 8، والمخصص 17/ 5، والمذكر والمؤنث للأنباري 411، وبلا نسبة في الجمهرة 961، 988، ومروج الذهب 2/ 291.(6/397)
لبدؤوا بعليّ بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب وبأبي بكر وعمر في زمانهم وبغيلان والحسن في دهرهما وبواصل وعمرو في أيامهما.
وقد فرق بين الغول والسّعلاة عبيد بن أيّوب، حيث يقول [1]: [من الطويل] وساخرة منّي ولو أنّ عينها ... رأت ما ألاقيه من الهول جنّت ... أزلّ وسعلاة وغول بقفرة ... إذا اللّيل وارى الجنّ فيه أرنّت [2]
وهم إذا رأوا المرأة حديدة الطّرف والذّهن، سريعة الحركة، ممشوقة ممحّصة [3] قالوا: سعلاة وقال الأعشى [4]: [من الخفيف] ورجال قتلى بجنبي أريك ... ونساء كأنهنّ السّعالي [5]
1766 [تزاوج الجن والإنس]
ويقولون: تزوّج عمرو بن يربوع السّعلاة. وقال الرّاجز [6]: [من الرجز] يا قاتل الله بني السّعلاة ... عمرو بن يربوع شرار النّات
وفي تلوّن الغول يقول عبّاس بن مرداس السّلميّ [7]: [من البسيط] أصابت العام رعلا غول قومهم ... وسط البيوت ولون الغول ألوان
وهم يتأوّلون قوله عز ذكره: {وَشََارِكْهُمْ فِي الْأَمْوََالِ وَالْأَوْلََادِ} [8].
وقوله عز وجل: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلََا جَانٌّ} * [9]. قالوا: فلو كان الجانّ لم يصب منهنّ قطّ، ولم يأتهنّ، ولا كان ذلك مما يجوز بين الجن وبين النساء الآدميات لم يقل ذلك.
[1] البيتان في أشعار اللصوص 214، ومروج الذهب 2/ 291.
[2] الأزل: الأرسح، أي الصغير العجز.
[3] الممحصة: الشديدة الخلق، البريئة من الترهل.
[4] ديوان الأعشى 63، واللسان (حرب، سعل)، والتاج (حرب)، والتهذيب 2/ 100، 5/ 23، وبلا نسبة في المخصص 13/ 121، والعين 3/ 214.
[5] رواية صدر البيت في الديوان: «وشيوخ حربى بشطّي أريك». الأريك: اسم واد.
[6] تقدم الرجز مع تخريج واف في 1/ 120، وزد: أمالي القالي 2/ 68. وسفر السعادة 7574.
[7] ديوان العباس بن مرداس 154.
[8] 64/ الإسراء: 17.
[9] 56، 74/ الرحمن: 55.(6/398)
وتأوّلوا قوله عزّ وجلّ: {وَأَنَّهُ كََانَ رِجََالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجََالٍ مِنَ الْجِنِّ} [1] فجعل منهنّ النّساء، إذ قد جعل منهم الرّجال، وقوله تبارك وتعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِي} [2].
وزعم ابن الأعرابيّ قال: دعا أعرابيّ ربه فقال: اللهمّ إني أعوذ بك من عفاريت الجن! اللهم لا تشركهم في ولدي، ولا جسدي، ولا دمي، ولا مالي، ولا تدخلهم في بيتي، ولا تجعلهم لي شركاء في شيء من أمر الدنيا والآخرة.
وقالوا: ودعا زهير بن هنيدة فقال: اللهمّ لا تسلطهم على نطفتي ولا جسدي.
قال أبو عبيدة: فقيل له: لم تدعو بهذا الدّعاء قال: وكيف لا أدعو به وأنا أسمع أيّوب النبي والله تعالى يخبر عنه ويقول: {وَاذْكُرْ عَبْدَنََا أَيُّوبَ إِذْ نََادى ََ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ بِنُصْبٍ وَعَذََابٍ} [3] حتى قيل له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هََذََا مُغْتَسَلٌ بََارِدٌ وَشَرََابٌ} [4]. وكيف لا أستعيذ بالله منه وأنا أسمع الله يقول: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبََا لََا يَقُومُونَ إِلََّا كَمََا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطََانُ مِنَ الْمَسِّ} [5]، وأسمعه يقول:
{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطََانُ أَعْمََالَهُمْ وَقََالَ لََا غََالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النََّاسِ وَإِنِّي جََارٌ لَكُمْ} [6]، فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه، كما قال الله عزّ ذكره: {فَلَمََّا تَرََاءَتِ الْفِئَتََانِ نَكَصَ عَلى ََ عَقِبَيْهِ وَقََالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ََ مََا لََا تَرَوْنَ} [7]، وقد جاءهم في صورة الشّيخ النّجدي [8]. وكيف لا أستعيذ بالله منه، وأنا أسمع الله عز ذكره يقول: {وَلَقَدْ جَعَلْنََا فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنََّاهََا لِلنََّاظِرِينَ. وَحَفِظْنََاهََا مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ رَجِيمٍ. إِلََّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهََابٌ مُبِينٌ} [9]. وكيف لا أستعيذ بالله منه وأنا أسمع الله تعالى يقول:
[1] 6/ الجن: 72.
[2] 50/ الكهف: 18.
[3] 41/ ص: 38.
[4] 42/ ص: 38.
[5] 275/ البقرة: 2.
[6] 48/ الأنفال: 8.
[7] 48/ الأنفال: 8.
[8] انظر ما تقدم في 1/ 197، الفقرة (227)، وفي ربيع الأبرار 1/ 388، «قالوا: الشيخ النجدي الذي ظهر إبليس على صورته، فأشار على قريش بأن يكونوا سيفا واحدا على النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت كنيته أبامرة فكني به إبليس. وانظر ثمار القلوب (138).
[9] 1817/ الحجر: 15.(6/399)
{وَلِسُلَيْمََانَ الرِّيحَ غُدُوُّهََا شَهْرٌ وَرَوََاحُهََا شَهْرٌ وَأَسَلْنََا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [1] ثم قال: {يَعْمَلُونَ لَهُ مََا يَشََاءُ مِنْ مَحََارِيبَ وَتَمََاثِيلَ وَجِفََانٍ كَالْجَوََابِ وَقُدُورٍ رََاسِيََاتٍ} [2]. وكيف لا أدعو بذلك وأنا أسمع الله تعالى يقول: {قََالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقََامِكَ، وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [3]. وكيف لا أقول ذلك وأنا أسمع الله عزّ وجلّ يقول: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لََا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ. فَسَخَّرْنََا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخََاءً حَيْثُ أَصََابَ. وَالشَّيََاطِينَ كُلَّ بَنََّاءٍ وَغَوََّاصٍ. وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفََادِ} [4].
والأعراب يتزيّدون في هذا الباب. وأشباه الأعراب يغلطون فيه. وبعض أصحاب التأويل يجوّز في هذا الباب ما لا يجوز فيه. وقد قلنا في ذلك في كتاب النّبوّات بما هو كاف إن شاء الله تعالى.
1767 [شعر العرب في الجن]
وسيقع هذا الباب والجواب فيه تامّا إذا صرنا إلى القول في الملائكة، وفي فرق ما بين الجن والإنس. وأما هذا الموضع فإنما مغزانا فيه الإخبار عن مذاهب الأعراب، وشعراء العرب. ولولا العلم بالكلام، وبما يجوز مما لا يجوز، لكان في دون إطباقهم على هذه الأحاديث ما يغلط فيه العاقل.
قال عبيد بن أيّوب، وقد كان جوّالا في مجهول الأرض، لمّا اشتد خوفه وطال تردّده، وأبعد في الهرب [5]: [من الطويل] لقد خفت حتّى لو تمرّ حمامة ... لقلت عدوّ أو طليعة معشر ... فإن قيل أمن قلت هذي خديعة ... وإن قيل خوف قلت حقّا فشمر ... وخفت خليلي ذا الصّفاء ورابنى ... وقيل فلان أو فلانة فاحذر ... فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر [6]
[1] 12/ سبأ: 34.
[2] 13/ سبأ: 34.
[3] 39/ النمل: 27.
[4] 3835/ ص: 38.
[5] أشعار اللصوص 218، 221، والأبيات (6321) في الحماسة البصرية 1/ 111، وتقدمت الأبيات (321) في 5/ 132. والبيتان (54) في 4/ 500.
[6] المتقتر: المتنحي عن الناس.(6/400)
أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت ... حواليّ نيرانا تلوح وتزهر ... وأصبحت كالوحشيّ يتبع ما خلا ... ويترك مأبوس البلاد المدعثر [1]
وقال في هذا الباب في كلمة له، وهذا أولها [2]: [من الطويل] أذقني طعم الأمن أو سل حقيقة ... عليّ فإن قامت ففصّل بنانيا ... خلعت فؤادي فاستطير فأصبحت ... ترامى بي البيد القفار تراميا ... كأني وآجال الظّباء بقفرة ... لنا نسب نرعاه أصبح دانيا [3] ... رأين ضئيل الشّخص يظهر مرّة ... ويخفى مرارا ضامر الجسم عاريا ... فأجفلن نفرا ثمّ قلن ابن بلدة ... قليل الأذى أمسى لكنّ مصافيا ... ألا يا ظباء الوحش لا تشهرنّني ... وأخفينني إذ كنت فيكن خافيا ... أكلت عروق الشّرى معكنّ والتوى ... بحلقي نور القفر حتّى ورانيا [4] ... وقد لقيت مني السّباع بليّة ... وقد لاقت الغيلان منّي الدّواهيا ... ومنهنّ قد لاقيت ذاك فلم أكن ... دجبانا إذا هول الجبان اعترانيا ... أذقت المنايا بعضهنّ بأسهمي ... وقدّدن لحمي وامتشقن ردائيا [5] ... أبيت ضجيع الأسود الجون في الهوى ... كثيرا وأثناء الحشاش وساديا [6] ... إذا هجن بي في جحرهنّ اكتنفنني ... فليت سليمان بن وبر يرانيا [7] ... فما زلت مذ كنت ابن عشرين حجة ... أخا الحرب مجنيّا عليّ وجانيا
ومما ذكر فيه الغيلان قوله [8]: [من الطويل] نقول وقد ألممت بالإنس لمّة ... مخضّبة الأطراف خرس الخلاخل [9]
[1] المأبوس: المذلل الممهد. المدعثر: الموطوء.
[2] الأبيات في أشعار اللصوص 235234، والعقد الفريد 2/ 162. والشعر والشعراء 761758.
[3] الآجال: جمع إجل، وهو القطيع من بقر الوحش.
[4] الشري: شجر الحنظل. النور: الزهر. وراه: من الوري، وهو شرق يقع في قصبة الرئتين فيقتله.
[5] التقديد: التقطيع. الامتشاق: الاقتطاع والاختلاس.
[6] الأسود: العظيم من الحيات. الهوى: جمع هوّة كقوة، وهي الوهدة الغامضة من الأرض. الحشاش:
ما يوضع فيه الحشيش.
[7] اكتنف: أحاط.
[8] الأبيات في أشعار اللصوص 229228، والحماسة البصرية 1/ 110، والشعر والشعراء 760، 761.
[9] خرس الخلاخل: كناية عن امتلاء الساق.(6/401)
أهذا خليل الغول والذّئب والذي ... يهيم بربّات الحجال الكواهل [1] ... رأت خلق الأدراس أشعث شاحبا ... على الجدب بسّاما كريم الشّمائل [2] ... تعوّد من آبائه فتكاتهم ... وإطعامهم في كلّ غبراء شامل [3] ... إذا صاد صيدا لفّه بضرامه ... وشيكا ولم ينظر لنصب المراجل [4] ... ونهسا كنهس الصقر ثم مراسه ... بكفيّه رأس الشّيخة المتمايل [5] ... فلم يسحب المنديل بين جماعة ... ولا فاردا مذ صاح بين القوابل
ومما قال في هذا المعنى [6]: [من الطويل] علام ترى ليلى تعذّب بالمنى ... أخا قفرات كان بالذئب يأنس ... وصار خليل الغول بعد عداوة ... صفيّا وربّته القفار البسابس
وقال في هذا المعنى [7]: [من الطويل] فلولا رجال يا منيع رأيتهم ... لهم خلق عند الجوار حميد ... لنالكم مني نكال وغارة ... لها ذنب لم تدركوه بعيد ... أقلّ بنو الإنسان حتّى أغرتم ... على من يثير الجنّ وهي هجود
1768 [أخبار تتعلق بالجن]
وقال ابن الأعرابي: وعدت أعرابيّة أعرابيّا أن يأتيها، فكمن في عشرة [8] كانت بقربهم، فنظر الزّوج فرأى شبحا في العشرة، فقال لامرأته: يا هنتاه [9] إنّ إنسانا ليطالعنا من العشرة! قالت: مه يا شيخ، ذاك جانّ العشرة! إليك عنّي وعن ولدي!!
[1] الحجال: جمع حجلة وهي بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار. الكواهل: جمع كاهلة.
[2] الأدراس: جمع درس، وهو الثوب البالي.
[3] الغبراء: السنة المجدبة.
[4] لم ينظر: لم ينتظر. الضرام: ما اشتعل من الحطب.
[5] المراس: المسح والدلك. الشيخة: نبتة، سميت بذلك لبياضها.
[6] البيتان لعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 222، وحماسة البحتري 411.
[7] الأبيات لعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 215، والسمط 384383.
[8] العشرة: واحدة العشر، وهو من كبار الشجر له صمغ حلو، وورقه عريض، وله سكر يخرج من شعبه.
[9] يا هنتاه: كناية عن المنادى المؤنث الذي لا تريد إعلان اسمه، ويقال للمنادى المذكر «يا هناه».
انظر همع الهوامع 1/ 178.(6/402)
قال الشيخ: وعنّي يرحمك الله! قالت: وعن أبيهم إن هو غطّى رأسه ورقد. قال:
ونام الشّيخ، وجاء الأعرابي فسفع [1] برجليها ثمّ أعطاها حتى رضيت.
وروى عن محمّد بن الحسن، عن مجالد أو عن غيره وقال [2]: كنّا عند الشّعبي جلوسا، فمرّ حمّال على ظهره دنّ خلّ، فلما رأى الشّعبيّ وضع الدّنّ وقال للشعبي: ما كان اسم امرأة إبليس؟ قال: ذاك نكاح ما شهدناه! وأبو الحسن عن أبي إسحاق المالكي قال [3]: قال الحجاج ليحيى بن سعيد بن العاص: أخبرني عبد الله بن هلال صديق إبليس، أنّك تشبه إبليس! قال: وما ينكر أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجنّ! وروى الهيثم عن داود بن أبي هند، قال [4]: سئل الشّعبي عن لحم الفيل، فتلا قوله عزّ ذكره: {قُلْ لََا أَجِدُ فِي مََا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى ََ طََاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلََّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} [5] إلى آخر الآية. وسئل عن لحم الشّيطان فقال: نحن نرضى منه بالكفاف. فقال له قائل [6]: ما تقول في الذّبّان؟ قال: إن اشتهيته فكله.
وأنشدوا قول أعرابي لامرأته: [من البسيط] ألا تموتين إنا نبتغي بدلا ... إن اللواتي يموّتن الميامين ... أم أنت لازلت في الدنيا معمّرة ... كما يعمّر إبليس الشّياطين
وقال أبو الحسن وغيره: كان سعيد بن خالد بن عبد الله بن أسيد تصيبه موتة [7] نصف سنة، ونصف سنة يصح، فيحبو ويعطي، ويكسو ويحمل. فأراد أهله أن يعالجوه. فتكلّمت امرأة على لسانه فقالت. أنا رقيّة بنت ملحان سيّد الجنّ، والله أن لو علمت مكان رجل أشرف منه لعلقته! والله لئن عالجتموه لأقتلنّه! فتركوا علاجه.
[1] سفع: جذب وقبض.
[2] الخبر في عيون الأخبار 1/ 316، ونثر الدر 2/ 145.
[3] الخبر في نثر الدر 2/ 161، وثمار القلوب (150)، وربيع الأبرار 1/ 385384.
[4] انظر نثر الدر 2/ 145.
[5] 145/ الأنعام: 6.
[6] الخبر في عيون الأخبار 1/ 316، ونثر الدر 2/ 146.
[7] الموته: ضرب من الجنون والصرع يصيب الإنسان.(6/403)
وتقول العرب: شيطان الحماطة، وغول القفرة، وجانّ العشرة. وأنشد: [من الرجز] فانصلتت لي مثل سعلاة العشر ... تروح بالويل وتغدو بالغير
وأنشد [1]: [من الرجز] يا أيّها الضاغب بالغملول ... إنّك غول ولدتك غول
الغملول: الخمر من الأرض اختبأ فيه هذا الرجل، وضغب ضغبة [2] الأرنب، ليفزعه ويوهمه أنّه عامر لذلك الخمر.
[1] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (ضغب، أمل)، والتهذيب 8/ 18.
[2] ضغيب الأرنب صوتها.(6/404)
باب من ادعى من الأعراب والشعراء أنهم يرون الغيلان ويسمعون عزيف الجان
وما يشبهون بالجن والشياطين، وبأعضائهم وبأخلاقهم وأعمالهم.
وأنشد: [من الرجز] كأنّه لمّا تدانى مقربه ... وانقطعت أوذامه وكربه [1] ... وجاءت الخيل جميعا تذنبه ... شيطان جنّ في هواء يرقبه [2] ... أذنب فانقضّ عليه كوكبه
وأنشد: [من البسيط] إنّ العقيليّ لا تلقى له شبها ... ولو صبرت لتلقاه على العيس ... بينا تراه عليه الخزّ متّكئا ... إذ مرّ يهدج في خيش الكرابيس [3] ... وقد تكنّفه غرّامه زمنا ... أشباه جنّ عكوف حول إبليس [4] ... إذا المفاليس يوما حاربوا ملكا ... ترى العقيليّ منهم في كراديس [5]
وهو الذي يقول [6]: [من الكامل] أصبحت ما لك غير جلدك تلبس ... قطر السّماء وأنت عار مفلس
وقال الخطفي [7]: [من الرجز]
[1] المقرب: سير الليل. الأوذام: جمع وذم، وهو السير من الجلد يقدّ طولا، الكرب: الحبل يشد على عراقي الدلو عنى به حبل الفرس.
[2] تذنبه: تتبعه، والبيت للكلابي في اللسان (ذنب).
[3] الهدج: مشي رويد في ضعف. الكرابيس: جمع كرباس، وهو ثوب من القطن الأبيض.
[4] الغرّام: جمع غريم، وهو صاحب الدّين.
[5] الكراديس: جمع كردوس، وهي الكتيبة من الخيل.
[6] كذا، ولم يعين اسم شاعر فيما تقدم.
[7] الرجز للخطفى (واسمه حذيفة، وهو جد جرير) في اللسان (خطف، سدف، جنن)، والتهذيب 5/ 190، والتاج (حيد، خطف، سدف، جنن)، والجمهرة 609، 1173، والمخصص 15/ 196، وبلا نسبة في العين 4/ 221، والمخصص 7/ 109، 9/ 41، والمقاييس 2/ 196.(6/405)
يرفعن بالليل إذا ما أسدفا ... أعناق جنّان وهاما رجّفا ... وعنقا بعد الرسيم خيطفا [1]
وأنشد ابن الأعرابي: [من الطويل] غناء كليبيا ترى الجنّ تبتغي ... صداه إذا ما آب للجشنّ آيب
وقال الحارث بن حلزة [2]: [من الخفيف] ربّنا وابننا وأفضل من يم ... شي ومن دون ما لديه الثّناء [3] ... إرميّ بمثله جالت الج ... نّ فآبت لخصمها الأجلاء [4]
وقال الأعشى [5]: [من الطويل] فإنّي وما كلّفتموني وربّكم ... ليعلم من أمسى أعقّ وأحوبا ... لكالثّور والجنيّ يضرب ظهره ... وما ذنبه أن عافت الماء مشربا
وقال الزّفيان العوافيّ واسمه عطاء بن أسيد أحد بني عوافة بن سعد [6]: [من الرجز] بين اللها منه إذا ما مدّا ... مثل عزيف الجن هدّت هدّا [7]
وقال ذو الرّمّة [8]: [من البسيط] قد أعسف النّازح المجهول معسفه ... في ظلّ أغضف يدعو هامه البوم [9] ... للجنّ باللّيل في حافاتها زجل ... كما تناوح يوم الريح عيشوم [10]
[1] العنق: ضرب من السير المنبسط. الرسيم: ضرب من السير سريع. الخطيف: سرعة انجذاب السير كأنه يختطف في مشية عنقه.
[2] البيتان من معلقته في شرح القصائد العشر 390، وشرح القصائد السبع 473.
[3] الرب: الملك.
[4] إرمي: نسبة إلى إرم عاد. الأجلاء: جمع جلا، وهو الأمر المنكشف.
[5] ديوان الأعشى 165، والأول في اللسان والتاج (عقق)، والثاني في اللسان والتاج (ثور)، والتهذيب 15/ 111.
[6] الرجز للزفيان في ديوانه 93، واللسان والتاج (صمعد).
[7] اللها: جمع لهاة وهي اللحمة المشرفة على الحلق. الهد: الصوت الغليظ.
[8] ديوان ذي الرمة 401، 408، 410، والشرح التالي منه.
[9] «أعسف: آخذ في غير هدى. النازح: الخرق البعيد. المجهول: الذي لا يهتدى لطريقه. في ظل أغضف: أي تحت الليل دائما».
[10] «زجل: صوت مختلط. تناوح: تجاوب بصوت الرياح. عيشوم: شجرة تنبسط على وجه الأرض فإذا يبست فللريح بها زفير».(6/406)
داويّة ودجى ليل كأنّهما ... يمّ تراطن في حافاته الرّوم
وقال [1]: [من الطويل] وكم عرّست بعد السّرى من معرّس ... به من كلام الجن أصوات سامر [2]
وقال [3]: [من البسيط] كم جبت دونك من يهماء مظلمة ... تيه إذا ما مغنّي جنّة سمرا [4]
وقال [5]: [من الطويل] ورمل عزيف الجنّ في عقداته ... هزيز كتضراب المغنّين بالطّبل [6]
وقال [7]: [من الطويل] وتيه خبطنا غولها وارتمى بنا ... أبو البعد من أرجائها المتطاوح ... فلاة لصوت الجنّ في منكراتها ... هزيز، وللأبوام فيها نوائح ... وطول اغتماسي في الدّجى كلما دعت ... من اللّيل أصداء المتان الصوائح [8]
وقال ذو الرّمة [9]: [من الطويل] بلادا يبيت البوم يدعو بناته ... بها ومن الأصداء والجنّ سامر
وقال ذو الرمة [10]: [من الطويل] وللوحش والجنّان كلّ عشية ... بها خلفة من عازف وبغام [11]
[1] ديوان ذي الرمة 1685.
[2] التعريس: النزول للنوم في آخر الليل. سامر: قوم يسمرون، أي يتحدثون.
[3] ديوان ذي الرمة 1162.
[4] جبت: قطعت. اليهماء: الفلاة. سمر: لم ينم.
[5] ديوان ذي الرمة 148.
[6] «العقدات: جمع عقدة وهي الرملة الكثيرة الأنقاء والأحقاف، يتعقد بعضه ببعض. هزيز الشيء:
صوته الذي تسمعه من بعيد، مثل صوت الرحى والرعد».
[7] ديوان ذي الرمة 879878، 885.
[8] الأصداء: جمع صدى، وهو طائر. المتان: جمع متن، وهو ما غلظ من الأرض وارتفع. وقافية هذا البيت في ديوانه «الضوابح» مكان «الصوائح».
[9] ديوان ذي الرمة 1039.
[10] ديوان ذي الرمة 1054.
[11] خلفة: اختلاف أي: تجيء هذه وتذهب هذه. البغام: صوت الإبل.(6/407)
وقال الراعي [1]: [من الطويل] وداويّة غبراء أكثر أهلها ... عزيف وبوم آخر الليل صائح ... أقرّ بها جأشي تأوّل آية ... وماضي الحسام غمده متصايح
1769 [لطيم الشيطان]
ويقال لمن به لقوة أو شتر، إذا سبّ: يا لطيم الشيطان [2].
وكذلك قال عبيد الله بن زياد، لعمرو بن سعيد، حين أهوى بسيفه ليطعن في خاصرة عبد الله بن معاوية، وكان مستضعفا، وكان مع الضّحّاك فأسر، فلمّا أهوى له السيف وقد استردفه عبيد الله، واستغاث بعبيد الله، قال عبيد الله لعمرو: يدك يا لطيم الشيطان [3]!
1770 [قولهم: ظل النعامة، وظل الشيطان]
ويقال للرّجل المفرط الطّول: يا ظلّ النّعامة! وللمتكبّر الضخم: يا ظلّ الشيطان [4]! كما قال الحجّاج لمحمد بن سعد بن أبي وقاص: بينا أنت، يا ظلّ الشّيطان، أشدّ النّاس كبرا إذ صرت مؤذّنا لفلان [5]! وقال جرير في هجائه شبّة بن عقال، وكان مفرط الطّول [6]: [من الكامل] فضح المنابر يوم يسلح قائما ... ظلّ النّعامة شبّة بن عقال
1771 [قولهم: ظل الرمح]
فأما قولهم [7]: «منينا بيوم كظلّ الرمح» فإنّهم ليس يريدون به الطول فقط، ولكنّهم يريدون أنّه مع الطول ضيق غير واسع.
[1] ديوان الراعي النميري 49.
[2] القول في ثمار القلوب (154)، والبرصان 275، والبيان 1/ 315، وربيع الأبرار 1/ 386. اللقوة:
داء في الوجه يعوج منه الشدق. الشتر: انقلاب جفن العين وتشنجه.
[3] الخبر في البيان 1/ 315، والبرصان 275.
[4] التمثيل والمحاضرة 326، وثمار القلوب (153)، والمنتخب 326.
[5] ثمار القلوب (154)، ولطائف المعارف 40، وتاريخ الطبري 6/ 376.
[6] ديوان جرير 962 (طبعة نعمان طه)، 471 (طبعة الصاوي)، وثمار القلوب (649)، والبرصان 91، وأساس البلاغة (نعم) ونسبه في المنتخب 73، إلى جذيمة؟.
[7] ورد القول في ثمار القلوب (892).(6/408)
وقال ابن الطّثرية [1]: [من الطويل] ويوم كظلّ الرّمح قصّر طوله ... دم الزّقّ عنّا واصطفاق المزاهر [2]
قال: وليس يوجد لظلّ الشخص نهاية مع طلوع الشّمس.
1772 [التشبيه بالجن]
قال: وكان عمر بن عبد العزيز أوّل من نهى النّاس عن حمل الصّبيان على ظهور الخيل يوم الحلبة [3]، وقال: «تحملون الصّبيان على الجنّان؟».
وأنشد في تشبيه الإنس بالجن لأبي الجويرية العبدي: [من البسيط] إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا ... مرزّؤون بها ليل إذا حشدوا [4]
وأنشدوا: [من الرجز] وقلت والله لنرحلنّا ... قلائصا تحسبهنّ جنا [5]
وقال ابن ذي الزوائد: [من المنسرح] وحولي الشّول رزّحا شسبا ... بكية الدّرّ حين تمتصر [6] ... ولاذ بي الكلب لا نباح له ... يهرّ محرنجما وينجحر [7] ... بحور خفض لمن ألمّ بهم ... جنّ بأرماحهم إذا خطروا [8]
[1] البيت ليزيد بن الطثرية في وثمار القلوب (892)، وأساس البلاغة (رمح)، وله أو لشبرمة بن الطفيل في اللسان (صفق)، ولشبرمة بن الطفيل في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1269، وشرحها للتبريزي 3/ 133، وبلا نسبة في ديوان المعاني 1/ 311، والمستقصى 1/ 229، والمعاني الكبير 469.
[2] دم الزق: أراد به الخمر. المزاهر: جمع مزهر وهو العود الذي يضرب به.
[3] الحلبة: الدفعة من الخيل في الرهان.
[4] فزعوا: أغاثوا غيرهم. مرزؤون: يرزؤهم الناس أي يصيبون من مالهم. البهاليل: جمع بهلول، وهو العزيز الجامع لكل خير.
[5] القلائص: جمع قلوص وهي الفتية من الإبل. رحلها: شد عليها الرحال.
[6] الشول: الإبل ارتفعت ألبانها. رزحا: جمع رازح، وهو الذي سقط من الإعياء. الشسب: جمع شاسب وهو النحيف اليابس. بكية: بكيئة، وهي التي قلّ لبنها. تمتصر: يحتلب ما بقي في ضرعها من لبن.
[7] الهرير: نباح الكلب. احرنجم: انقبض. انجحر: دخل جحره.
[8] الخفض: لين العيش وسعته.(6/409)
وأنشدوا: [من الرجز] إنّي امرؤ تابعني شيطانيه ... آخيته عمري وقد آخانيه ... يشرب في قعبي وقد سقانيه ... فالحمد لله الذي أعطانيه [1] ... قرما وخرقا في خدود واضيه ... تربّعت في عقد فالماوية [2] ... بقلا نضيدا في تلاع حاليه ... حتّى إذا ما الشّمس مرّت ماضيه [3] ... قام إليها فتية ثمانيه ... فثوّروا كلّ مريّ ساجيه [4] ... أخلافها لذي الأكف ماليه [5]
1773 [موضع الجن]
وقال ابن الأعرابي: قال لي أعرابي مرّة من غنيّ وقد نزلت به، قال: وهو أخفّ ما نزلت به وأطيبه، فقلت: ما أطيب ماءكم هذا، وأعذى [6] منزلكم! قال: نعم وهو بعيد من الخير كله، بعيد من العراق واليمامة والحجاز، كثير الحيات، كثير الجنان! فقلت: أترون الجن؟ قال: نعم! مكانهم في هذا الجبل وأشار بيده إلى جبل يقال له سواج [7] قال: ثمّ حدّثني بأشياء.
1774 [ذكر الجن في الشعر]
وقال عبيد بن أوس الطائي [8] في أخت عدي بن أوس: [من الكامل] هل جاء أوسا ليلتي ونعيمها ... ومقام أوس في الخباء المشرج [9]
[1] القعب: القدح.
[2] القرم: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويودع للفحلة. الخرق: جمع خرقاء، وهي التي يقع منسمها بالأرض قبل خفها لنجابتها. الواضية: من الوضاءة، وهي الحسن والبهجة. عقد: موضع بين البصرة وضرية. الماوية: ماء على طريق البصرة من النباح.
[3] التلاع: جمع تلعة، وهي ما انهبط من الأرض أو ما ارتفع. حالية: حليت بالنبت.
[4] ثوّروها: بعثوها بعد بروكها. المري: الناقة التي تدر على من يمسح ضرعها. الساجية: الساكنة.
[5] الأخلاف: جمع خلف، وهو الضرع. لذي الأكف: أي لهذه الأكف.
[6] العذي: الأرض الطيبة التربة البعيدة من المياه.
[7] سواج: جبل من جبال غني.
[8] الأبيات لعبيد بن أوس الطائي في الحماسة البصرية 2/ 114113، ولجميل بن معمر في ديوانه 4241، ولعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 488، ولعروة بن أذينة في الكامل 1/ 171 (المعارف)، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/ 9493.
[9] المشرج: الذي أدخل بعض عراه في بعض.(6/410)
ما زلت أطوي الجنّ أسمع حسّهم ... حتّى دفعت إلى ربيبة هودج ... فوضعت كفّي عند مقطع خصرها ... فتنفّست بهرا ولمّا تنهج [1] ... فتناولت رأسي لتعرف مسّه ... بمخضّب الأطراف غير مشنّج [2] ... قالت بعيش أخي وحرمة والدي ... لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج ... فخرجت خيفة قومها فتبسّمت ... فعلمت أنّ يمينها لم تلجج [3] ... فلثمت فاها قابضا بقرونها ... شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج [4]
وأنشدني آخر [5]: [من الطويل] ذهبتم فعذتم بالأمير وقلتم ... تركنا أحاديثا ولحما موضّعا [6] ... فما زادني إلّا سناء ورفعة ... ولا زادكم في القوم إلّا تخشّعا ... فما نفرت جنّي ولا فلّ مبردي ... وما أصبحت طيري من الخوف وقّعا [7]
وقال حسّان بن ثابت، في معنى قوله [8]: «ولله لأضربنّه حتّى أنزع من رأسه شيطانه»، فقال [9]: [من المتقارب] وداوية سبسب سملق ... من البيد تعزف جنّانها [10] ... قطعت بعيرانة كالفني ... ق يمرح في الآل شيطانها [11]
فجمع في هذا البيت تثبيت عزيف الجن، وأنّ المراح والنشاط والخيلاء والغرب [12] هو شيطانها.
[1] البهر: انقطاع النفس من الإعياء، تنهج: تواتر نفسها من شدة الحركة.
[2] المشنج: المتقبض.
[3] اللجج: التمادي والإصرار.
[4] القرون: الضفائر من الشعر. النزيف: الذي عطش حتى جف لسانه ويبست عروقه. الحشرج: الماء الجاري على الحجارة.
[5] الأبيات لموسى بن جابر الحنفي في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 140، والثالث في اللسان (جنن)، والتاج (وقع).
[6] الموضّع: المنضد بعضه على بعض، أي هم كاللحم المنضد يطمع فيه الناس.
[7] أراد بالجن: القلب، وبالمبرد: اللسان.
[8] هذا القول لعمر بن خطاب كما سيأتي ص 416.
[9] ديوان حسان بن ثابت 1/ 239 (دار صادر)، ولم يرد البيتان في ديوان حسان (طبعة الصاوي).
[10] الداوية: الفلاة الواسعة. السبسب: القفر البعيدة. السملق: المستوية الجرداء. عزيف الجن:
أصواتها.
[11] العيرانة: النشيطة من الإبل. الفنيق: الفحل المكرم من الإبل. الآل: السراب.
[12] الغرب: الحدة والنشاط.(6/411)
وأبين من ذلك قول منظور بن رواحة [1]: [من الطويل] أتاني وأهلي بالدّماخ فغمرة ... مسبّ عويف اللؤم حيّ بني بدر ... فلمّا أتاني ما يقول ترقّصت ... شياطين رأسي وانتشين من الخمر
1775 [من المثل والتشبيه بالجن]
ومن المثل والتّشبيه قول أبي النّجم [2]: [من الرجز] وقام جنّيّ السّنام الأميل ... وامتهد الغارب فعل الدّمّل [3]
وقال ابن أحمر [4]: [من الوافر] بهجل من قسا ذفر الخزامى ... تداعى الجربياء به الحنينا ... تكسّر فوقه القلع السّواري ... وجنّ الخازباز به جنونا
وقال الأعشى [5]: [من الخفيف] وإذا الغيث صوبه وضع القد ... ح وجنّ التّلاع والآفاق ... لم يزدهم سفاهة شرب الخم ... ر ولا اللهو بينهم والسّباق
وقال النابغة [6]: [من البسيط] وخيّس الجنّ إنّي قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد [7]
1776 [إضافة البناء العجيب إلى الجن]
وأهل تدمر يزعمون أنّ ذلك البناء [بني] [8] قبل زمن سليمان، عليه السّلام،
[1] البيتان في ثمار القلوب (149)، ومعجم الشعراء 282، وتقدما في 1/ 199، الفقرة (228).
[2] الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه 180، والطرائف الأدبية 59. والأول في اللسان (جنن)، والتاج (طير، دمل، جنن)، والأساس (جنن، طير)، والثاني في اللسان (مهد)، والتاج (مهد، دمل)، والجمهرة 285، والمقاييس 2/ 303، 3/ 159، 5/ 280، وبلا نسبة في اللسان (دمل)، والتهذيب 14/ 136، والجمهرة 1166، والعين 4/ 32، 8/ 48، وديوان الأدب 2/ 399.
[3] امتهد: انبسط وارتفع. الغارب: أعلى مقدم السنام. الدمل: واحد الدماميل وهي القروح.
[4] ديوان عمرو بن أحمر 159، وتقدم البيتان مع تخريج واف في 3/ 55، الفقرة (604).
[5] ديوان الأعشى، وتقدم البيتان في 3/ 56، الفقرة (604).
[6] ديوان النابغة الذبياني 21، واللسان والتاج (عمد، دمر)، والعين 4/ 288، 8/ 40، والجمهرة 541، والتهذيب 2/ 252، وثمار القلوب (126).
[7] في ديوانه: «قوله: وخيّس الجن أي ذللهم. ومنه سمي السجن مخيّسا. الصفاح: حجارة كالصفائح عراض. تدمر: مدينة بالشام، فيها بناء لسليمان بن داود عليهما السلام. العمد:
أساطين الرخام وهي السواري».
[8] إضافة من ثمار القلوب (126) حيث ورد هذا الزعم.(6/412)
بأكثر مما بيننا اليوم وبين سليمان بن داود عليهما السلام قالوا: ولكنّكم إذا رأيتم بنيانا عجيبا، وجهلتم موضع الحيلة فيه، أضفتموه إلى الجنّ، ولم تعانوه بالفكر.
وقال العرجيّ [1]: [من البسيط] سدّت مسامعها بفرج مراجل ... من نسج جنّ مثله لا ينسج [2]
وقال الأصمعيّ [3]: السيوف المأثورة هي التي يقال إنها من عمل الجن والشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام. فأمّا القوارير والحمامات، فذلك ما لا شك فيه. وقال البعيث [4]: [من البسيط] بنى زياد لذكر الله مصنعة ... من الحجارة لم تعمل من الطّين [5] ... كأنّها، غير أنّ الإنس ترفعها ... مما بنت لسليمان الشياطين
وقال المقنّع الكنديّ [6]: [من البسيط] وفي الظّعائن والأحداج أملح من ... حلّ العراق وحلّ الشام واليمنا [7] ... جنّيّة من نساء الإنس أحسن من ... شمس النّهار وبدر اللّيل لو قرنا ... مكتومة الذكر عندي ما حييت لها ... قد لعمري مللت الصّرم والحزنا
وقال أبو النّجم [8]: [من الرجز] أدرك عقلا والرهان عمله ... كأنّ ترب القاع حين تسحله [9] ... صيق شياطين زفته شمأله [10]
وقال الأعشى [11] في المعنى الأوّل، من بناء الشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام: [من الطويل]
[1] البيت في ثمار القلوب (126)، وديوان العرجي 61.
[2] الفرج: الثوب شقّ من خلفه. المراجل: ثياب عليها صور الرجال.
[3] ورد هذا القول في اللسان 4/ 9 (ثفر)، دون ذكر الأصمعي، وتقدم في 1/ 101، الفقرة (120).
[4] البيتان في ثمار القلوب (127126)، والأول في اللسان والتاج (صنع). والبيت الثاني فيه إقواء.
[5] المصنعة: ما تصنعه الناس من الآبار والأبنية والقصور.
[6] ديوان المقنع الكندي 215، والشعر والشعراء 740739.
[7] الظعينة: الهودج تكون فيه المرأة. الأحداج: جمع حدج، وهو مركب نحو الهودج.
[8] ديوان أبي النجم 166، 171، وديوان المعاني 2/ 109.
[9] تسحله: تقشره وتنحته.
[10] الصيق: الغبار. زفته: طردته واستخفته. الشمأل: ريح الشمال.
[11] ديوان الأعشى 267، ومعجم البلدان 1/ 76 (الأبلق)، وثمار القلوب (751)، 2/ 67 (تيماء)، والأول في اللسان والتاج (بلق)، والمخصص 5/ 122، 16/ 74، والثاني في اللسان والتاج (أزج).(6/413)
أرى عاديا الم يمنع الموت ربّه ... وورد بتيماء اليهوديّ أبلق ... بناه سليمان بن داود حقبة ... له جندل صمّ وطيّ موثّق
1777 [مواضع الجن]
وكما يقولون [1]: قنفذ برقة، وضبّ سحا، وأرنب الخلّة، وذئب خمر فيفرقون بينها وبين ما ليست كذلك إمّا في السّمن، وإمّا في الخبث، وإمّا في القوة فكذلك أيضا يفرقون بين مواضع الجن. فإذا نسبوا الشّكل منها إلى موضع معروف، فقد خصّوه من الخبث والقوة والعرامة بما ليس لجملتهم وجمهورهم. قال لبيد [2]:
[من الكامل] غلب تشذّر بالذّحول كأنّها ... جنّ البديّ رواسيا أقدامها [3]
وقال النّابغة [4]: [من الكامل] سهكين من صدإ الحديد كأنّهم ... تحت السّنوّر جنّة البقّار [5]
وقال زهير [6]: [من الطويل] عليهنّ فتيان كجنّة عبقر ... جديرون يوما أن ينيفوا فيستعلوا
وقال حاتم [7]: [من الطويل] عليهنّ فتيان كجنّة عبقر ... يهزّون بالأيدي الوشيج المقوّما [8]
[1] انظر ما تقدم ص 378.
[2] ديوان لبيد 317، والخزانة 9/ 515، 516، 919، واللسان (شذر)، والعين 6/ 249، والمعاني الكبير 816، وسر صناعة الإعراب 13، والأزهية 287، وثمار القلوب (377).
[3] في ديوانه: «غلب: غلاظ الأعناق. تشذر: تهدد وتتوعد. الذحول: الأحقاد. البدي: موضع وهو واد لبني عامر».
[4] ديوان النابغة الذبياني 56، وثمار القلوب (377)، واللسان والتاج (سهك)، والتهذيب 6/ 8، 12/ 396، والجمهرة 1189، 1322، والمقاييس 1/ 280، 3/ 110، والعين 3/ 373، والمجمل 1/ 283، والأساس (سنر)، وبلا نسبة في اللسان والتاج (سنر)، والمخصص 11/ 207.
[5] في ديوانه: «سهكين: أي عليهم سهكة الحديد، وهي الرائحة المتغيرة. السّنوّر: ما كان من حلق وقيل: هو السلاح التام. البقّار: هو اسم رمل كثير الجن، وهو من أدنى بلاد طيئ إلى بني فزارة. وإنما شبههم بالجن لنفوذهم في الحرب».
[6] ديوان زهير 87، وثمار القلوب (377)، واللسان (جدر، عبقر)، والتاج والأساس (جدر)، والتهذيب 2/ 293، 10/ 635.
[7] البيت لحاتم الطائي في ثمار القلوب (377)، وربيع الأبرار 1/ 383، ولم يرد في متن ديوانه، وأورده محقق الديوان في حاشية الصفحة 225، نقلا عن مختارات ابن الشجري.
[8] الوشيج: الرماح.(6/414)
ولذلك قيل لكلّ شيء فائق، أو شديد: عبقري.
وفي الحديث، في صفة عمر رضي الله عنه «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» [1].
قال أعرابي: ظلمني والله ظلما عبقريّا [2].
1778 [مراتب الجن]
ثمّ ينزلون الجن في مراتب. فإذا ذكروا الجنّيّ سالما قالوا: جني. فإذا أرادوا أنّه ممن سكن مع النّاس قالوا: عامر، والجميع عمّار. وإن كان ممن يعرض للصبيان فهم أرواح. فإن خبث أحدهم وتعرّم فهو شيطان، فإذا زاد على ذلك فهو مارد. قال الله عز ذكره: {وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ مََارِدٍ} [3] فإن زاد على ذلك في القوّة فهو عفريت، والجميع عفاريت. قال الله تعالى: {قََالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقََامِكَ} [4].
وهم في الجملة جنّ وخوافي. قال الشاعر [5]: [من البسيط] ولا يحسّ سوى الخافي بها أثر
فإن طهر الجني ونظف ونقي وصار خيرا كلّه فهو ملك، في قول من تأول قوله عز ذكره: {كََانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [6] على أنّ الجنّ في هذا الموضع الملائكة.
وقال آخرون: كان منهم على الإضافة إلى الدّار والدّيانة، لا على أنّه كان من جنسهم. وإنّما ذلك على قولهم سليمان بن يزيد العدوي، وسليمان بن طرخان التّيمي، وأبو علي الحرمازي، وعمرو بن فائد الأسواري، أضافوهم إلى المحالّ، وتركوا أنسابهم في الحقيقة.
[1] أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3434، وأحمد في المسند 2/ 28، ومسلم في فضائل الصحابة 2393، وانظر عمدة الحفاظ 3/ 25 (عبقر)، 3/ 225 (فري).
[2] ربيع الأبرار 1/ 383.
[3] 7/ الصافات: 37.
[4] 39/ النمل: 27.
[5] صدر البيت: (يمشي ببيداء لا يمشي بها أحد)، والبيت لأعشى باهلة في اللسان (خفا)، والتاج (خفي)، وبلا نسبة في التهذيب 7/ 597، والجمهرة 1055.
[6] 50/ الكهف: 18.(6/415)
1779 [استطراد لغوي]
وقال آخرون: كلّ مستجنّ فهو جنّيّ، وجانّ، وجنين. وكذلك الولد قيل له جنين لكونه في البطن واستجنانه. وقالوا للميّت الذي في القبر جنين. وقال عمرو بن كلثوم [1]: [من الوافر] ولا شمطاء لم تدع المنايا ... لها من تسعة إلّا جنينا
يخبر أنّها قد دفنتهم كلّهم.
1780 [طبقات الملائكة]
قالوا: وكذلك الملائكة، من الحفظة، والحملة، والكروبيّين [2]. فلا بدّ من طبقات. وربّما فرّق بينهم بالأعمال، واشتقّ لهم الاسم من السّبب كما قالوا لواحد من الأنبياء: خليل الله، وقالوا لآخر: كليم الله، وقالوا لآخر: روح الله.
1781 [مراتب الشجعان]
والعرب تنزل الشّجعاء في المراتب. والاسم العامّ شجاع، ثمّ بطل، ثم بهمة، ثم أليس. هذا قول أبي عبيدة.
فأمّا قولهم: شيطان الحماطة، فإنّهم يعنون الحيّة. وأنشد الأصمعي [3]: [من الطويل] تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه ... تعمّج شيطان بذي خروع قفر
وقد يسمّون الكبر والطغيان، والخنزوانة، والغضب الشّديد شيطانا، على التّشبيه. قال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه [4]: «والله لأنزعنّ نعرته، ولأضربنّه حتى أنزع شيطانه من نخرته».
[1] ديوان عمرو بن كلثوم 81، وشرح القصائد العشر 330، وشرح القصائد السبع 384، والمخصص 16/ 16، ونسب إلى الأعشى في اللسان (جنن)، وهو بلا نسبة في التاج (جنن).
[2] الكروبية: سادة الملائكة، منهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل، وهو من الكرب بمعنى القرب، لأنهم أقرب الملائكة إلى حملة العرش. وفي ديوان أمية بن أبي الصلت 370:
(ملائكة لا يفترون عبادة ... كروبية منهم ركوع وسجّد)
[3] تقدم البيت في 4/ 324منسوبا إلى طرفة، وليس في ديوانه. وتقدم بلا نسبة في 1/ 198، الفقرة (120) مع تخريج واف.
[4] تقدم حديث عمر بن الخطاب في 1/ 101، الفقرة (120)، و 1/ 197، الفقرة (228)، و 3/ 167، الفقرة (800)، وفي هذا الجزء ص 411، الفقرة (1774).(6/416)
1782 [مراتب الجن]
والأعراب تجعل الخوافي والمستجنّات، من قبل أن ترتّب المراتب، جنسين، يقولون جنّ وحنّ، بالجيم والحاء. وأنشدوا [1]: [من الرجز] أبيت أهوي في شياطين ترنّ ... مختلف نجواهم حنّ وجنّ [2]
ويجعلون الجنّ فوق الحنّ. وقال أعشى سليم: [من الطويل] فما أنا من جنّ إذا كنت خافيا ... ولست من النّسناس في عنصر البشر
ذهب إلى قول من قال: البشر ناس ونسناس، والخوافي حنّ وجنّ. يقول: أنا من أكرم الجنسين حيثما كنت.
1783 [شيطان ضعفة النّسّاك]
وضعفة النسّاك وأغبياء العبّاد، يزعمون أنّ لهم خاصّة شيطانا قد وكّل بهم، ويقال له «المذهب» يسرج لهم النّيران، ويضيء لهم الظّلمة ليفتنهم وليريهم العجب إذا ظنّوا أنّ ذلك من قبل الله تعالى.
1784 [شيطان حفظة القرآن]
وفي الحديث أنّ الشّيطان الذي قد تفرّد بحفظة القرآن ينسيهم القرآن، يسمى خنزب [3]، وهو صاحب عثمان بن أبي العاص.
1785 [شيطان الخبل]
قال: وأما الخابل والخبل، فإنما ذلك اسم للجنّ الذين يخبلون النّاس بأعيانهم، دون غيرهم. وقال الشّاعر [4]: [من الطويل] تناوح جنّان بهنّ وخبّل
كأنّه أخرج الذين يخبلون ويتعرّضون، ممّن ليس عنده إلّا العزيف والنّوح.
وفصل أيضا لبيد بينهم فقال [5]: [من الطويل]
[1] الرجز لمهاصر بن المحل في اللسان (حنن)، وبلا نسبة في التاج (حنن)، والجمهرة 102.
[2] الإرنان: التصويت.
[3] في النهاية 2/ 83: (في حديث الصلاة «ذاك شيطان يقال له خنزب» قال أبو عمرو: وهو لقب له.
والخنزب قطعة لحم منتنة، ويروى بالكسر والضم).
[4] صدر البيت: (تبدّل حالا بعد حال عهدته)، وهو لأوس بن حجر في ديوانه 94، والتاج (خبل).
[5] البيت للبيد في البرصان 14، وانظر ملحق ديوانه 365364، وهو لعامر بن الطفيل في العقد الفريد 5/ 235، والنقائض 1/ 469، وقد قال البيت يوم فيف الريح.(6/417)
أعاذل لو كان النّداد لقوتلوا ... ولكن أتانا كلّ جنّ وخابل
وقد زعم ناس أنّ الخبل والخابل ناس. قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، فكيف يقول أوس بن حجر [1]: [من الطويل] ناوح جنّان بهن وخبّل
1786 [استطراد لغوي]
قالوا: وإذا تعرّضت الجنّيّة وتلوّنت وعبثت فهي شيطانة، ثم غول. والغول في كلام العرب الدّاهية. ويقال: لقد غالته غول. وقال الشاعر: [من البسيط] تقول بيتي في عز وفي سعة ... فقد صدقت ولكن أنت مدخول ... لا بأس بالبيت إلّا ما صنعت به ... تبني وتهدمه هدّا له غول
وقال الرّاجز: [من الرجز] والحرب غول أو كشبه الغول ... تزفّ بالرّايات والطّبول ... تقلب للأوتار والذّحول ... حملاق عين ليس بالمكحول [2]
1787 [زواج الجن بالأعراب]
ومن قول الأعراب أنهم يظهرون لهم، ويكلّمونهم، ويناكحونهم. ولذلك قال شمر بن الحارث الضبّي [3]: [من الوافر] ونار قد حضأت بعيد هدء ... بدار لا أريد بها مقاما ... سوى تحليل راحلة وعين ... أكالئها مخافة أنّ تناما ... أتوا ناري فقلت منون قالوا ... سراة الجنّ قلت عموا ظلاما ... فقلت إلى الطّعام فقال منهم ... زعيم نحسد الإنس الطّعاما
وذكر أبو زيد عنهم أن رجلا منهم تزوج السّعلاة، وأنها كانت عنده زمانا، وولدت منه، حتّى رأت ذات ليلة برقا على بلاد السّعالي، فطارت إليهنّ، فقال [4]:
[من الوافر]
[1] انظر الحاشية الرابعة في الصفحة السابقة.
[2] الأوتار: جمع وتر، وهو الثأر. الذحول: جمع ذحل، وهو الثأر. الحملاق: باطن جفن العين.
[3] تقدمت الأبيات في 4/ 500، مع نسبتها إلى سهم بن الحارث.
[4] تقدّم قول أبي زيد مع البيت في 1/ 121، الفقرة (146)، وأضف إلى مصادر البيت: شرح شواهد الإيضاح 225، والخصائص 2/ 19، ورصف المباني 146، واللسان (أهل).(6/418)
رأى برقا فأوضع فوق بكر ... فلا بك ما أسال وما أغاما
فمن هذا النّتاج المشترك، وهذا الخلق المركّب عندهم، بنو السّعلاة، من بين عمرو بن يربوع، وبلقيس ملكة سبأ. وتأوّلوا قول الشاعر [1]: [من الرجز] لا همّ إنّ جرهما عبادكا ... النّاس طرف وهم تلادكا
فزعموا أن أبا جرهم من الملائكة الذين كانوا إذا عصوا في السّماء أنزلوا إلى الأرض [2]، كما قيل في هاروت وماروت. فجعلوا سهيلا عشّارا مسخ نجما، وجعلوا الزّهرة امرأة بغيّا مسخت نجما، وكان اسمها «أناهيد».
وتقول الهند في الكوكب الذي يسمّى «عطارد» شبيها بهذا.
1788 [المخدومون]
ويقول الناس: «فلان مخدوم» يذهبون إلى أنّه إذا عزم على الشّياطين والأرواح والعمّار أجابوه وأطاعوه. منهم عبد الله بن هلال الحميريّ، الذي كان يقال له صديق إبليس [3]. ومنهم كرباش الهنديّ، وصالح المديبري.
1789 [شروط إجابة العامر للعزيمة]
وقد كان عبيد مجّ يقول: إن العامر حريص على إجابة العزيمة، ولكنّ البدن إذا لم يصلح أن يكون له هيكلا لم يستطع دخوله. والحيلة في ذلك أن يتبخّر باللبان الذّكر، ويراعي سير المشتري، ويغتسل بالماء القراح، ويدع الجماع وأكل الزّهومات [4]، ويتوحّش في الفيافي، ويكثر دخول الخرابات، حتى يرقّ ويلطف ويصفو ويصير فيه مشابه من الجنّ، فإن عزم عند ذلك فلم يجب فلا يعودنّ لمثلها فإنه ممّن لا يصلح أن يكون بدنه هيكلا لها، ومتى عاد خبط فربما جنّ، وربما مات.
قال: فلو كنت ممّن يصلح أن يكون لهم هيكلا لكنت فوق عبد الله بن هلال.
[1] تقدم الرجز في 1/ 123، الفقرة (147)، وهو لعمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي في شرح القصائد السبع للأنباري 255.
[2] تقدم هذا الزعم في 1/ 123122، الفقرة (147).
[3] انظر ما تقدم في ص 403.
[4] الزهومة: ريح اللحم السمين المنتن.(6/419)
1790 [رؤية الجن وسماع همهمتهم]
قال الأعراب: وربما نزلنا بجمع كثير، ورأينا خياما وقبابا، وناسا، ثم فقدناهم من ساعتنا.
والعوامّ ترى أنّ ابن مسعود، رضي الله عنه، رأى رجالا من الزّطّ فقال: «هؤلاء أشبه من رأيت بالجنّ ليلة الجنّ».
قال: وقد روي عنه خلاف ذلك.
وتأوّلوا قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كََانَ رِجََالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجََالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزََادُوهُمْ رَهَقاً} [1]. ولم يهلك الناس كالتأويل.
ومما يدلّ على ما قلنا قول أبي النّجم، حيث يقول [2]: [من الرجز] بحيث تستنّ مع الجنّ الغول
فأخرج الغول من الجنّ، للذي بانت به من الجنّ.
وهكذا عادتهم: أن يخرجوا الشيء من الجملة بعد أن دخل ذلك الشيء في الجملة، فيظهر لأمر خاصّ.
وفي بعض الرّواية أنهم كانوا يسمعون في الجاهلية من أجواف الأوثان همهمة، وأن خالد بن الوليد حين هدم العزّى رمته بالشّرر حتى احترق عامّة فخذه، حتى عاده النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وهذه فتنة لم يكن الله تعالى ليمتحن بها الأعراب وأشباه الأعراب من العوامّ.
وما أشك أنه قد كانت للسّدنة حيل وألطاف لمكان التكسّب.
ولو سمعت أو رأيت بعض ما قد أعدّ الهند من هذه المخاريق [3] في بيوت عباداتهم، لعلمت أنّ الله تعالى قد منّ على جملة الناس بالمتكلّمين، الذين قد نشؤوا فيهم.
1791 [افتتان بعض النصارى بمصابيح كنيسة قمامة]
وقد تعرف ما في عجايز النصارى وأغمارهم [4]، من الافتنان بمصابيح كنيسة
[1] 6/ الجن: 72، وسيكرر الجاحظ الآية ص 428مع عرض رأي أصحاب التفسير.
[2] ديوان أبي النجم العجلي 209.
[3] المراد بالمخاريق: ألاعيب المشعوذين.
[4] الأغمار: جمع غمر، وهو الذي لم يجرب الأمور.(6/420)
قمامة. فأما علماؤهم وعقلاؤهم فليسوا بمتحاشين من الكذب الصّرف، والجراءة على البهتان البحت. وقد تعوّدوا المكابرة حتى دربوا بها الدّرب الذي لا يفطن له إلا ذو الفراسة الثّابتة، والمعرفة الثّاقبة.
1792 [إيمان الأعراب وأشباههم بالهواتف]
والأعراب وأشباه الأعراب لا يتحاشون من الإيمان بالهاتف، بل يتعجّبون ممن ردّ ذلك [1]. فمن ذلك حديث الأعشى بن نبّاش بن زرارة الأسدي، أنه سمع هاتفا يقول [2]: [من الطويل] لقد هلك الفيّاض غيث بني فهر ... وذو الباع والمجد الرّفيع وذو الفخر
قال: فقلت مجيبا له: [من الطويل] ألا أيّها الناعي أخا الجود والنّدى ... من المرء تنعاه لنا من بين فهر
فقال: [من الطويل] نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا النّدى ... وذا الحسب القدموس والحسب القهر [3]
وهذا الباب كثير.
قالوا: ولنقل الجنّ الأخبار علم الناس بوفاة الملوك، والأمور المهمة، كما تسامعوا بموت المنصور بالبصرة في اليوم الذي توفي فيه بقرب مكة. وهذا الباب أيضا كثير.
1793 [من له رئيّ من الجن]
وكانوا يقولون: إذا ألف الجنّي إنسانا وتعطّف عليه، وخبّره ببعض الأخبار، وجد حسّه ورأى خياله، فإذا كان عندهم كذلك قالوا: مع فلان رئيّ من الجن. وممن يقولون ذلك فيه عمرو بن لحيّ بن قمعة، والمأمور الحارثي، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، في ناس معروفين من ذوي الأقدار، من بين فارس رئيس، وسيّد مطاع.
[1] انظر مروج الذهب 2/ 395، الباب الخمسون.
[2] الأبيات في آكام المرجان 140، والاشتقاق 143142.
[3] القدموس: القديم.(6/421)
فأما الكهّان [1]: فمثل حارثة جهينة [2]، وكاهنة باهلة، وعزّى سلمة، ومثل شقّ، وسطيح، وأشباههم.
وأما العرّاف، وهو دون الكاهن، فمثل الأبلق الأسدي، والأجلح الزهري، وعروة ابن زيد الأسدي، وعرّاف اليمامة رباح بن كحلة [3]، وهو صاحب بنت المستنير البلتعي، وقد قال الشاعر [4]: [من الطويل] فقلت لعراف اليمامة داوني ... فإنّك إنّ أبرأتني لطبيب
وقال جبيهاء الأشجعيّ: [من الوافر] أقام هوى صفيّة في فؤادي ... وقد سيّرت كلّ هوى حبيب ... لك الخيرات كيف منحت ودّي ... وما أنا من هواك بذي نصيب ... أقول وعروة الأسديّ يرقي ... أتاك برقية الملق الكذوب ... لعمرك ما التّثاؤب يا ابن زيد ... بشاف من رقاك ولا مجيب ... لسير النّاعجات أظنّ أشفى ... لما بي من طبيب بني الذّهوب [5]
وليس الباب الذي يدّعيه هؤلاء من جنس العيافة والزّجر، والخطوط، والنّظر في أسرار الكفّ، وفي مواضع قرض الفار، وفي الخيلان في الجسد، وفي النظر في الأكتاف، والقضاء بالنجوم، والعلاج بالفكر.
وقد كان مسيلمة يدّعي أن معه رئيّا في أوّل زمانه، ولذلك قال الشّاعر، حين وصف مخاريقه وخدعه: [من الطويل] ببيضة قارور وراية شادن ... وخلة جنّيّ وتوصيل طائر [6]
[1] ثمار القلوب (202)، ومروج الذهب 2/ 311، والبيان 1/ 290289، وربيع الأبرار 4/ 341 342.
[2] في ثمار القلوب ومروج الذهب (حازية جهينة)، وفي البيان (حازي جهينة).
[3] في ثمار القلوب (رياح بن كحيلة)، وفي مروج الذهب (رباح بن عجلة).
[4] البيت لعروة بن حزام في ديوانه 94، والخزانة 3/ 214، واللسان والتاج (عرف)، ومصارع العشاق 1/ 318، والأغاني 24/ 155، وبلا نسبة في المخصص 5/ 86، وثمار القلوب (200)، ومروج الذهب 2/ 311.
[5] الناعجات: الإبل البيض، أو السريعة.
[6] تقدم مثل هذا البيت في 4/ 369، 374، وأوضح الجاحظ أمر البيضة في 4/ 370. وتحدث عن توصيل ريش الطائر في 4/ 373371.(6/422)
ألا تراه ذكر خلّة الجني.
1794 [تعرض الشّقّ للمسافرين وإهلاكه لهم]
ويقولون [1]: ومن الجنّ جنس صورة الواحد منهم على نصف صورة الإنسان، واسمه شقّ، وإنّه كثيرا ما يعرض للرّجل المسافر إذا كان وحده، فرّبما أهلكه فزعا، وربما أهلكه ضربا وقتلا.
قالوا [2]: فمن ذلك حديث علقمة بن صفوان بن أميّة بن محرّث الكناني، جدّ مروان بن الحكم، خرج في الجاهلية، وهو يريد مالا له بمكة، وهو على حمار، وعليه إزار ورداء، ومعه مقرعة، في ليلة إضحيانة، حتى انتهى إلى موضع يقال له حائط حزمان، فإذا هو بشقّ له يد ورجل، وعين، ومعه سيف، وهو يقول: [من الرجز] علقم إني مقتول ... وإن لحمي مأكول ... أضربهم بالهذلول ... ضرب غلام شملول [3] ... رحب الذّراع بهلول
فقال علقمة:
يا شقّها مالي ولك ... اغمد عنّي منصلك [4] ... تقتل من لا يقتلك
فقال شقّ:
عبيت لك عبيت لك ... كيما أتيح مقتلك ... فاصبر لما قد حمّ لك
قال: فضرب كلّ واحد منهما صاحبه، فخرّا ميّتين، فممّن قتلت الجنّ علقمة ابن صفوان هذا، وحرب بن أميّة.
قالوا: وقالت الجنّ [5]: [من الرجز] وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر [6]
[1] الخبر في مروج الذهب 2/ 296، وربيع الأبرار 1/ 379.
[2] الخبر مع الرجز التالي في مروج الذهب 2/ 296، والخبر وحده في ربيع الأبرار 1/ 380379.
[3] الهذلول: عنى به سيفه. الشملول: أراد به الخفيف السريع.
[4] اغمد: أراد اغمدن. المنصل: السيف.
[5] الرجز في مروج الذهب 2/ 297، وربيع الأبرار 1/ 380، والعمدة 1/ 261، والدر المصون 7/ 675، ومعاهد التنصيص 1/ 12، والبيان 1/ 65.
[6] يجوز في «قفر» الرفع على القطع، والجر على الصفة.(6/423)
قالوا [1]: ومن الدّليل على ذلك، وعلى أنّ هذين البيتين من أشعار الجن أن أحدا لا يستطيع أن ينشدهما ثلاث مرات متصلة، لا يتتعتع فيها، وهو يستطيع أن ينشد أثقل شعر في الأرض وأشقّه عشر مرّات ولا يتعتع.
1795 [ذكر من قتلته الجنّ أو استهوته]
قال [2]: وقتلت مرداس بن أبي عامر، أبا عبّاس بن مرداس [3]، وقتلت الغريض خنقا بعد أن غنّى بالغناء الذي كانوا نهوه عنه، وقتلت الجنّ سعد بن عبادة بن دليم، وسمعوا الهاتف يقول [4]: [من الهزج] نحن قتلنا سيّد الخزر ... ج سعد بن عباده ... رميناه بسهمين ... فلم نخط فؤاده
واستهووا سنان بن أبي حارثة ليستفحلوه، فمات فيهم. واستهووا طالب بن أبي طالب، فلم يوجد له أثر إلى يومنا هذا [5].
واستهووا عمرو بن عديّ اللّخميّ الملك، الذي يقال فيه [6]: «شبّ عمرو عن الطّوق»، ثمّ ردّوه على خاله جذيمة الأبرش، بعد سنين وسنين.
واستهووا عمارة بن الوليد بن المغيرة، ونفخوا في إحليله فصار مع الوحش [7].
ويروون عن عبد الله بن فائد بإسناد له يرفعه، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خرافة رجل من عذرة استهوته الشّياطين»، وأنّه تحدّث يوما بحديث فقالت امرأة من نسائه: هذا من حديث خرافة! قال: «لا، وخرافة حقّ» [8].
[1] انظر المصادر في الحاشية السابقة.
[2] مروج الذهب 2/ 297.
[3] تقدم في 3/ 237، الفقرة (900): «ويزعمون أن ثلاثة نفر هاموا على وجوههم فلم يوجدوا:
طالب بن أبي طالب، وسنان بن أبي حارثة، ومرداس بن أبي عامر».
[4] البيتان في ربيع الأبرار 1/ 380. والمعارف 259، والعمدة 1/ 142، واللسان (خزم)، والتاج (قتل، خزم).
[5] تقدم الخبر في 3/ 237، الفقرة (900)، ورسائل الجاحظ 2/ 373.
[6] المثل في مجمع الأمثال 2/ 137، والفاخر 73، والمستقصى 2/ 214، وأمثال ابن سلام 297، وجمهرة الأمثال 1/ 547، وانظر مروج الذهب 2/ 217215، ورسائل الجاحظ 2/ 373372.
[7] رسائل الجاحظ 2/ 373.
[8] تقدم الحديث في 1/ 199، الفقرة (229)، وانظر كشف الخفا للعجلوني 1/ 377، وربيع الأبرار 1/ 382.(6/424)
1796 [طعام الجن]
ورووا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنّه سأل المفقود الذي استهوته الجن: ما كان طعامهم؟ قال: الفول. قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف [1].
ورووا أن طعامهم الرّمة وما لم يذكر اسم الله عليه.
ورووا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم والحديث صحيح أنه قال [2]: «خمّروا آنيتكم، وأوكئوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، واكففوا صبيانكم، فإن للشّياطين انتشارا وخطفة».
1797 [ضرب المثل بقبح الشيطان]
وقد قال الناس في قوله تعالى: {إِنَّهََا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُهََا كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّيََاطِينِ} [3]، فزعم ناس أنّ رؤوس الشياطين ثمر شجرة تكون ببلاد اليمن، لها منظر كريه.
والمتكلّمون لا يعرفون هذا التّفسير، وقالوا: ما عنى إلّا رؤوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم، من فسقة الجن ومردتهم. فقال أهل الطّعن والخلاف: كيف يجوز أن يضرب المثل بشيء لم نره فنتوهّمه، ولا وصفت لنا صورته في كتاب ناطق، أو خبر صادق. ومخرج الكلام يدلّ على التخويف بتلك الصّورة، والتفزيع منها.
وعلى أنّه لو كان شيء أبلغ في الزّجر من ذلك لذكره. فكيف يكون الشأن كذلك، والناس لا يفزعون إلّا من شيء هائل شنيع، قد عاينوه، أو صوّره لهم واصف صدوق اللسان، بليغ في الوصف. ونحن لم نعاينها، ولا صوّرها لنا صادق. وعلى أنّ أكثر الناس من هذه الأمم التي لم تعايش أهل الكتابين وحملة القرآن من المسلمين، ولم تسمع الاختلاف لا يتوهّمون ذلك، ولا يقفون عليه، ولا يفزعون منه. فكيف يكون ذلك وعيدا عاما؟! قلنا [4]: وإن كنّا نحن لم نر شيطانا قطّ ولا صوّر رؤوسها لنا صادق بيده، ففي
[1] الحديث في النهاية 1/ 247، وتقدم في 1/ 199، الفقرة (229/ 2). وفي النهاية: «الجدف:
نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله معه إلى شرب ماء».
[2] تقدم الحديث في 4/ 291، 5/ 121.
[3] 65/ الصافات: 37.
[4] ورد قول الجاحظ في ثمار القلوب 57 (151).(6/425)
إجماعهم على ضرب المثل بقبح الشيطان، حتّى صاروا يضعون ذلك في مكانين:
أحدهما أن يقولوا: «لهو أقبح من الشيطان»، والوجه الآخر أن يسمّى الجميل شيطانا، على جهة التطيّر له، كما تسمّى الفرس الكريمة شوهاء، والمرأة الجميلة صمّاء، وقرناء، وخنساء، وجرباء وأشباه ذلك، على جهة التطيّر له. ففي إجماع المسلمين والعرب وكلّ من لقيناه على ضرب المثل بقبح الشيطان، دليل على أنه في الحقيقة أقبح من كل قبيح.
والكتاب إنّما نزل على هؤلاء الذين قد ثبّت في طبائعهم بغاية التثبيت.
وكما يقولون: «لهو أقبح من السحر»، فكذلك يقولون، كما قال عمر بن عبد العزيز لبعض من أحسن الكلام في طلب حاجته ««هذا والله السّحر الحلال».
وكذلك أيضا ربّما قالوا: «ما فلان إلا شيطان» على معنى الشّهامة والنّفاذ وأشباه ذلك [1].
1798 [صفة الغول والشيطان]
والعامّة تزعم أنّ الغول تتصوّر في أحسن صورة إلا أنه لا بدّ أن تكون رجلها رجل حمار [2].
وخبّروا عن الخليل بن أحمد، أنّ أعرابيّا أنشده [3]: [من البسيط] وحافر العير في ساق خدلّجة ... وجفن عين خلاف الإنس في الطول [4]
وذكروا أنّ العامّة تزعم أنّ شقّ عين الشيطان بالطول. وما أظنّهم أخذوا هذين المعنين إلّا عن الأعراب.
1799 [ردّ على أهل الطعن في الكتاب]
وأما إخبارهم عن هذه الأمم، وعن جهلها بهذا الإجماع والاتّفاق والإطباق، فما القول في ذلك إلّا كالقول في الزّبانية وخزنة جهنّم، وصور الملائكة الذين
[1] بعد هذا في ثمار القلوب (151): «لذلك قالوا لأبي حنيفة: شيطان خرج من البحر». وانظر التمثيل والمحاضرة 326.
[2] في مروج الذهب 1/ 289 «ويزعمون أن رجليها رجلا عير».
[3] البيت بلا نسبة في مروج الذهب 2/ 291.
[4] الخدلجة: الضخمة الممتلئة.(6/426)
يتصوّرون في أقبح الصّور إذا حضروا لقبض أرواح الكفار، وكذلك في صور منكر ونكير، تكون للمؤمن على مثال، وللكافر على مثال.
ونحن نعلم أنّ الكفار يزعمون أنهم لا يتوهّمون الكلام والمحاجّة من إنسان ألقي في جاحم أتّون فكيف بأن يلقى في نار جهنّم؟! فالحجّة على جميع هؤلاء، في جميع هذه الأبواب، من جهة واحدة. وهذا الجواب قريب. والحمد لله.
وشقّ فم العنكبوت بالطول. وله ثماني أرجل.
1800 [سكنى الجن أرض وبار]
وتزعم الأعراب أن الله عزّ ذكره حين أهلك الأمة التي كانت تسمّى وبار، كما أهلك طسما، وجديسا، وأميما، وجاسما، وعملاقا، وثمودا وعادا أنّ الجنّ سكنت في منازلها وحمتها من كلّ من أرادها، وأنّها أخصب بلاد الله، وأكثرها شجرا، وأطيبها ثمرا، وأكثرها حبّا وعنبا، وأكثرها نخلا وموزا. فإن دنا اليوم إنسان من تلك البلاد، متعمّدا، أو غالطا، حثوا في وجهه التراب، فإن أبى الرّجوع خبلوه، وربّما قتلوه.
والموضع نفسه باطل. فإذا قيل لهم: دلّونا على جهته، ووقّفونا على حدّه وخلاكم ذمّ زعموا أنّ من أراد ألقي على قلبه الصّرفة، حتّى كأنهم أصحاب موسى في التّيه. وقال الشاعر [1]: [من الطويل] وداع دعا واللّيل مرخ سدوله ... رجاء القرى يا مسلم بن حمار ... دعا جعلا لا يهتدي لمقيله ... من اللؤم حتّى يهتدي لوبار
فهذا الشاعر الأعرابيّ جعل أرض وبار مثلا في الضلال. والأعراب يتحدّثون عنها كما يتحدّثون عمّا يجدونه بالدّوّ والصّمّان، والدهناء، ورمل يبرين. وما أكثر ما يذكرون أرض وبار في الشّعر، على معنى هذا الشاعر [2].
قالوا: فليس اليوم في تلك البلاد إلّا الجنّ، والإبل الحوشيّة.
[1] تقدم البيتان في 5/ 216.
[2] من ذلك قول أبي النجم: (حذار من أرماحنا حذار ... أو تجعلوا دونكم وبار)
وقول الأعشى: (وكرّ دهر على وبار ... فهمدت جمهرة وبار)
انظر ما بنته العرب على فعال 5150.(6/427)
1801 [الحوشية من الإبل]
والحوش من الإبل عندهم هي التي ضربت فيها فحول إبل الجن. فالحوشيّة من نسل إبل الجن. والعيديّة، والمهرية، والعسجديّة، والعمانية، قد ضربت فيها الحوش.
وقال رؤبة [1]: [من الرجز] جرّت رحانا من بلاد الحوش
وقال ابن هريم: [من الطويل] كأنّي على حوشيّة أو نعامة ... لها نسب في الطّير وهو ظليم
وإنما سمّوا صاحبة يزيد بن الطّثرية «حوشيّة» على هذا المعنى.
1802 [التحصّن من الجنّ]
وقال بعض أصحاب التفسير في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كََانَ رِجََالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجََالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزََادُوهُمْ رَهَقاً} [2]: إنّ جماعة من العرب كانوا إذا صاروا في تيه من الأرض، وتوسّطوا بلاد الحوش، خافوا عبث الجنّان والسّعالي والغيلان والشياطين، فيقوم أحدهم فيرفع صوته: إنا عائذون بسيّد هذا الوادي! فلا يؤذيهم أحد، وتصير لهم بذلك خفارة [3].
1803 [الصرع والاستهواء]
[4] وهم يزعمون أن المجنون إذا صرعته الجنّيّة، وأنّ المجنونة إذا صرعها الجنيّ أنّ ذلك إنما هو على طريق العشق والهوى، وشهوة النّكاح، وأن الشيطان يعشق المرأة منّا، وأنّ نظرته إليها من طريق العجب بها أشدّ عليها من حمّى أيام، وأنّ عين الجانّ أشدّ من عين الإنسان.
قال: وسمع عمرو بن عبيد، رضي الله عنه، ناسا من المتكلّمين ينكرون صرع الإنسان للإنسان، واستهواء الجنّ للإنس، فقال وما ينكرون من ذلك وقد سمعوا قول
[1] ديوان رؤبة 78، واللسان والتاج والأساس (حوش)، والتهذيب 5/ 142، والمجمل 2/ 122، والمقاييس 2/ 119، وتقدم في 1/ 103، نهاية الفقرة (122).
[2] 6/ الجن: 72.
[3] خفارة: ذمة.
[4] انظر هذه الفقرة في رسائل الجاحظ 2/ 372.(6/428)
الله عزّ ذكره في أكلة الرّبا، وما يصيبهم يوم القيامة، حيث قال: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبََا لََا يَقُومُونَ إِلََّا كَمََا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطََانُ مِنَ الْمَسِّ} [1]. ولو كان الشّيطان لم يخبط أحدا لما ذكر الله تعالى به أكلة الرّبا.
فقيل له: ولعلّ ذلك كان مرّة فذهب. قال: ولعله قد كثر فازداد أضعافا. قال:
وما ينكرون من الاستهواء بعد قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيََاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرََانَ} [2].
1804 [زعم العرب أن الطاعون طعن من الشيطان]
قال [3]: والعرب تزعم أن الطاعون طعن من الشيطان، ويسمّون الطّاعون رماح الجنّ. قال الأسديّ للحارث الملك الغسّاني [4]: [من الوافر] لعمرك ما خشيت على أبيّ ... رماح بني مقيّدة الحمار ... ولكني خشيت على أبيّ ... رماح الجنّ أو إياك حار
يقول: لم أكن أخاف على أبيّ مع منعته وصرامته، أن يقتله الأنذال، ومن يرتبط العير دون الفرس، ولكني إنما كنت أخافك عليه، فتكون أنت الذي تطعنه أو يطعنه طاعون الشّام.
وقال العمانيّ يذكر دولة بني العبّاس [5]: [من الرجز] قد دفع الله رماح الجن ... وأذهب العذاب والتّجنّي [6]
وقال زيد بن جندب الإياديّ [7]: [من الطويل] ولولا رماح الجنّ ما كان هزهم ... رماح الأعادي من فصيح وأعجم
[1] 275/ البقرة: 2.
[2] 71/ الأنعام: 6.
[3] ورد القول في ربيع الأبرار 3/ 382، وثمار القلوب (141)، وتقدم في 1/ 234.
[4] البيتان للأسدي في ربيع الأبرار 1/ 383382، ولفاختة بنت عدي في الأغاني 11/ 200، والحماسة البصرية 1/ 270، وشرح أبيات سيبويه 2/ 198، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 574، والكتاب 2/ 357، والأساس (رمح)، واللسان (رمح، قيد، حمر)، والتاج (رمح، قيد)، وثمار القلوب 53 (143)، وتقدم البيتان في 1/ 234، الفقرة (252).
[5] الرجز في ثمار القلوب 53 (142).
[6] بعد الرجز في ثمار القلوب: «يريد أن ما كان بنو مروان يفعلونه من مطالبة الناس بالأموال، وتعذيب عمّال الخراج بالتعليق والتجريد والمسالّ قد ذهب».
[7] البيت لزيد بن جندب الأيادي في أساس البلاغة (رمح).(6/429)
ذهب إلى قول أبي دؤاد [1]: [من الخفيف] سلّط الموت والمنون عليهم ... فلهم في صدى المقابر هام
يعني الطاعون الذي كان أصاب إيادا.
وجاء في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه ذكر الطّاعون فقال [2]: «هو وخز من عدوّكم»: وأنّ عمرو بن العاص قام في النّاس في طاعون عمواس فقال [3]: «إنّ هذا الطاعون قد ظهر، وإنما هو وخز من الشّيطان، ففرّوا منه في هذه الشّعاب».
وبلغ معاذ بن جبل، فأنكر ذلك القول عليه.
1805 [تصور الجنّ والغيلان والملائكة والناس]
وتزعم العامّة أنّ الله تعالى قد ملّك الجن والشياطين والعمّار والغيلان أن يتحوّلوا في أيّ صورة شاؤوا، إلّا الغول، فإنّها تتحوّل في جميع صورة المرأة ولباسها، إلّا رجليها، فلا بدّ من أن تكون رجلي حمار [4].
وإنما قاسوا تصوّر الجن على تصوّر جبريل عليه السلام في صورة دحية بن خليفة الكلبي [5]، وعلى تصوّر الملائكة الذين أتوا مريم [6]، وإبراهيم، ولوطا، وداود عليهم السلام في صورة الآدميّين، وعلى ما جاء في الأثر من تصوّر إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم [7]، وعلى تصوّره في صورة الشيخ النجدي [8]. وقاسوه على تصوّر ملك الموت إذا حضر لقبض أرواح بني آدم، فإنه عند ذلك يتصوّر على قدر الأعمال الصالحة والطالحة.
قالوا [9]: وقد جاء في الخبر أنّ من الملائكة من هو في صورة الرّجال، ومنهم
[1] ديوان أبي دؤاد 339، والأصمعيات 187، واللسان (منن، صدى)، والتاج (منن)، والتهذيب 3/ 302، وبلا نسبة في التاج (هيم)، واللسان (هوم).
[2] أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 395، 413، من رواية أبي موسى الأشعري، وتقدم في 1/ 234.
[3] ورد حديث عمرو بن العاص في ثمار القلوب 43 (141)، والنهاية 5/ 163.
[4] تقدم القول ص 426، وانظر مروج الذهب 2/ 289.
[5] جاء جبريل على صورته في غزوة بني قريظة. انظر ثمار القلوب (138).
[6] إشارة إلى الآية 17من سورة مريم {فَأَرْسَلْنََا إِلَيْهََا رُوحَنََا فَتَمَثَّلَ لَهََا بَشَراً سَوِيًّا}.
[7] ثمار القلوب (138)، وطبقات ابن سعد 4/ 366، 5/ 90، والإصابة 3/ 69 (رقم 3109).
[8] انظر ما تقدم ص 399.
[9] ورد هذا القول في ربيع الأبرار 1/ 372.(6/430)
من هو في صورة الثّيران، ومنهم من هو في صورة النسور. ويدلّ على ذلك تصديق النبى صلّى الله عليه وسلّم لأميّة بن أبي الصّلت، حين أنشد [1]: [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد
قالوا: فإذ قد استقام أن تختلف صورهم وأخلاط أبدانهم، وتتفق عقولهم وبيانهم واستطاعتهم، جاز أيضا أن يكون إبليس والشّيطان والغول أن يتبدلوا في الصّور من غير أن يتبدلوا في العقل والبيان والاستطاعة.
قالوا: وقد حوّل الله تعالى جعفر بن أبي طالب طائرا، حتى سماه المسلمون الطّيّار [2]، ولم يخرجه ذلك من أن نراه غدا في الجنة، وله مثل عقل أخيه علي رضي الله عنهما، ومثل عقل عمه حمزة رضي الله تعالى عنه، مع المساواة بالبيان والخلق.
1806 [أحاديث في إثبات الشيطان]
قالوا: وقد جاء في الأثر النهي عن الصّلاة في أعطان الإبل، لأنّها خلقت من أعنان الشياطين [3].
وجاء أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الصّلاة عند طلوع الشّمس حتى طلوعها، فإنّها بين قرني شيطان [4].
وجاء أنّ الشياطين تغلّ في رمضان.
فكيف تنكر ذلك مع قوله تعالى في القرآن. {وَالشَّيََاطِينَ كُلَّ بَنََّاءٍ وَغَوََّاصٍ. وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفََادِ} [5].
ولشهرة ذلك في العرب، في بقايا ما ثبتوا عليه من دين إبراهيم عليه السّلام، قال النابغة الذبياني [6]: [من البسيط]
[1] ديوان أمية بن أبي الصلت 365.
[2] انظر ما تقدم 1/ 26، س 1514، 3/ 112، الفقرة (699).
[3] في النهاية 3/ 313: «لا تصلوا في أعطان الإبل لأنها خلقت من أعنان الشياطين». أي كأنها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها. وفي حديث آخر في النهاية 3/ 258: «صلّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل». وتقدم الحديث في 1/ 101، الفقرة (119).
[4] النهاية 2/ 475، وتقدم في 1/ 101، الفقرة (120).
[5] 3837/ ص: 38.
[6] ديوان النابغة الذبياني 2120، والأول في اللسان والتاج (حدد)، والعين 8/ 49، والمقاييس(6/431)
إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البريّة فاحددها عن الفند [1] ... وخيّس الجنّ إنّي قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد [2] ... فمن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهى الظّلوم ولا تقعد على ضمد [3]
وجاء في قتل الأسود البهيم من الكلاب، وفي ذي النّكتتين، وفي الحية ذات الطّفيتين [4]، وفي الجانّ [5].
وجاء: «لا تشربوا من ثلمة الإناء، فإنّه كفل الشّيطان» [6]. وفي العاقد شعره في الصلاة: «إنّه كفل الشيطان». وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «تراصّوا بينكم في الصلاة، لا تتخللكم الشّياطين كأنّها بنات حذف» [7]. وأنّه نهى عن ذبائح الجن [8].
ورووا: «أن امرأة أتت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّ ابني هذا، به جنون يصيبه عند الغداء والعشاء قال: فمسح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صدره، فثعّ ثعة فخرج من جوفه جرو أسود يسعى».
2/ 3، والمجمل 2/ 6، والتهذيب 3/ 420، وتقدم تخريج البيت الثاني ص 412. والثالث في اللسان والتاج والأساس (ضمد)، والتنبيه والإيضاح 2/ 33، والمقاييس 3/ 370، وكتاب الجيم 2/ 203، والمجمل 3/ 289، والجمهرة 659، والمخصص 13/ 22، والتهذيب 12/ 6، والعين 1/ 180، 7/ 24.
[1] في ديوانه: «احددها: امنعها. والفند: الخطأ في القول والفعل وغير ذلك مما يفند عليه صاحبه ويلام. ومعنى قوله: قم في البرية أي انظر في مصالحها واجتهد في إرشادها».
[2] تقدم شرح البيت ص 412.
[3] في ديوانه: «الضمد: الذل والغيظ والحقد، وقيل: هو الظلم، وقيل: هو شدة الغضب والحقد، أي لا تنطوي على حقد وغضب إلا لمن هو مثلك في الناس، أو قريب منك».
[4] تقدم في 2/ 405، الفقرة (469): «اقتلوا من الحيات ذا الطفيتين، والكلب الأسود البهيم ذا الغرتين».
[5] في النهاية 1/ 308 «نهى عن قتل الجنّان»، وهي الحيات تكون في البيوت، واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف. والجانّ: الشيطان أيضا.
[6] في النهاية 1/ 220، 4/ 192: (وحديث النخعي «أنه كره الشرب من ثلمة القدح، وقال: إنها كفل الشيطان» أراد أن الثلمة مركب الشيطان، لما يكون عليها من الأوساخ).
[7] أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 405، 408، وهو في النهاية 1/ 356. الحذف: هي الغنم الصغار الحجازية، واحدتها حذفة بالتحريك، وقيل: هي صغار جرد ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها من جرش اليمن.
[8] أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 289، وهو في النهاية 2/ 153.(6/432)
قالوا: وقد قضى ابن علاثة القاضي بين الجنّ، في دم كان بينهم بحكم أقنعهم.
1807 [رجع إلى تفسير قصيدة البهراني]
ثم رجع بنا القول إلى تفسير قصيدة البهّراني [1]:
أما قوله:
10 «وتزوّجت في الشبيبة غولا ... بغزال وصدقتي زقّ خمر»
فزعم أنه جعل صداقها غزالا وزقّ خمر، فالخمر لطيب الرائحة، والغزال لتجعله مركبا، فإنّ الظّباء من مراكب الجنّ.
وأما قوله:
11 «ثيّب إن هويت ذلك منها ... ومتى شئت لم أجد غير بكر»
كأنه قال: هي تتصوّر في أيّ صورة شاءت.
1808 [شياطين الشعراء]
وأما قوله:
12 «بنت عمرو وخالها مسحل الخي ... ر وخالي هميم صاحب عمرو»
فإنهم يزعمون [2] أنّ مع كلّ فحل من الشعراء شيطانا يقول ذلك الفحل على لسانه الشعر، فزعم البهراني أنّ هذه الجنّية بنت عمرو صاحب المخبّل، وأن خالها مسحل شيطان الأعشى. وذكر أن خاله هميم، وهو همّام. وهمّام هو الفرزدق. وكان غالب بن صعصعة إذا دعا الفرزدق قال: يا هميم.
وأما قوله: «صاحب عمرو» فكذلك أيضا يقال إن اسم شيطان الفرزدق عمرو.
وقد ذكر الأعشى مسحلا حين هجاه جهنّام فقال [3]: [من الطويل] دعوت خليلي مسحلا ودعوا له ... جهنّام جدعا للهجين المذمّم
[1] تقدمت القصيدة ص 360358.
[2] من هنا حتى نهاية ص 437نقله الثعالبي بتصرف في ثمار القلوب (150145).
[3] ديوان الأعشى 175، واللسان والتاج (سحل، جهنم)، والتهذيب 4/ 308، وديوان الأدب 1/ 300، وثمار القلوب (146).(6/433)
وذكره الأعشى فقال [1]: [من الطويل] حباني أخي الجنّيّ نفسي فداؤه ... بأفيح جيّاش العشيّات مرجم [2]
وقال أعشى سليم [3]: [من الطويل] وما كان جنّيّ الفرزدق قدوة ... وما كان فيهم مثل فحل المخبّل ... وما في الخوافي مثل عمرو وشيخه ... ولا بعد عمرو شاعر مثل مسحل
وقال الفرزدق [4]، في مديح أسد بن عبد الله: [من البسيط] ليبلغنّ أبا الأشبال مدحتنا ... من كان بالغور أو مروي خراسانا [5] ... كأنّها الذّهب العقيان حبّرها ... لسان أشعر خلق الله شيطانا [6]
وقال: [من الطويل] فلو كنت عندي يوم قوّ عذرتني ... بيوم دهتني جنّه وأخابله
فمن أجل هذا البيت، ومن أجل قول الآخر: [من الوافر] إذا ما راع جارته فلاقى ... خبال الله من إنس وجنّ
زعموا أنّ الخابل النّاس.
ولما قال بشّار الأعمى [7]: [من الطويل] دعاني شنقناق إلى خلف بكرة ... فقلت: اتركنّي فالتفرّد أحمد [8]
يقول: أحمد في الشعر أن لا يكون لي عليه معين فقال أعشى سليم [9] يردّ عليه: [من الطويل]
[1] ديوان الأعشى 175، وثمار القلوب (146).
[2] الأفيح: الواسع. وأراد سعة خطوه. المرجم: الذي يرجم الأرض بشدة وقع حوافرة.
[3] البيتان في ثمار القلوب (148).
[4] ديوان الفرزدق 875، وثمار القلوب (148).
[5] مروا خراسان هما: مرو الشاهجان وهي قصبة خراسان، ومرو الروذ وهي قريبة من مرو الشاهجان، وهي صغيرة بالنسبة إلى الأولى (معجم البلدان 5/ 112). الغور: جبال وولاية بين هراة وغزنة، وهي بلاد باردة واسعة موحشة (معجم البلدان 4/ 218).
[6] العقيان: الخالص.
[7] ديوان بشار 4/ 53، وثمار القلوب (147).
[8] في ثمار القلوب: «شيصبان وشنقناق: رئيسان عظيمان من الجن بزعمهم».
[9] البيت في ثمار القلوب (147).(6/434)
إذا ألف الجنّيّ قردا مشنّفا ... فقل لخنازير الجزيرة أبشري
فجزع بشّار من ذلك جزعا شديدا، لأنّه كان يعلم مع تغزّله أنّ وجهه وجه قرد.
وكان أوّل ما عرف من جزعه من ذكر القرد، الذي رأوا منه حين أنشدوه بيت حمّاد [1]: [من الهزج] ويا أقبح من قرد ... إذا ما عمي القرد
وأما قوله:
13 «ولها خطّة بأرض وبار ... مسحوها فكان لي نصف شطر» [2]
فإنما ادّعى الرّبع من ميراثها، لأنه قال:
21 «تركت عبدلا ثمال اليتامى ... وأخوه مزاحم كان بكري» ... 22 «وضعت تسعة وكانت نزورا ... من نساء في أهلها غير نزر» [3]
وفي أنّ مع كلّ شاعر شيطانا يقول معه، قول أبي النجم [4]: [من الرجز] إني وكلّ شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
وقال آخر [5]: [من الرجز] إني وإن كنت صغير السّنّ ... وكان في العين نبوّ عنّي ... فإنّ شيطاني كبير الجنّ
1809 [كلاب الجن]
وأما قول عمرو بن كلثوم [6]: [من الوافر]
[1] البيت في طبقات ابن المعتز 25، 67، والأغاني 14/ 333، 329، والبيان 1/ 30، والمؤتلف 235، والشعر والشعراء 758، وتقدم في 4/ 294.
[2] انظر ما تقدم من القول عن أرض وبار ص 427.
[3] النزور: القليلة الولد.
[4] ديوان أبي النجم العجلي 105104، والأغاني 10/ 153، والحماسة البصرية 1/ 80، وثمار القلوب (148)، والشعر والشعراء 603، وديوان المعاني 1/ 113، وتقدم الرجز في 1/ 198، الفقرة (228).
[5] الرجز لأمية بن كعب في الوحشيات 119، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 217، وثمار القلوب 56 (148)، وتقدم في 1/ 198.
[6] البيت من معلقته في شرح القصائد السبع 390، والتاج (هقق)، وثمار القلوب (144)، وربيع الأبرار 1/ 383، وتقدم في 1/ 234.(6/435)
وقد هرّت كلاب الجنّ منا ... وشذّبنا قتادة من يلينا
فإنهم يزعمون أنّ كلاب الجنّ هم الشعراء.
1810 [أرض الجن]
وأما قوله:
14 «أرض حوش وجامل عكنان ... وعروج من المؤبّل دثر»
فأرض الحوش هي أرض وبار، وقد فسّرنا تأويل الحوش [1]، والعكنان: الكثير الذي لا يكون فوقه عدد. قوله: «عروج» جمع عرج. والعرج: ألف من الإبل نقص شيئا أو زاد شيئا. و «المؤبّل» من الإبل، يقال إبل مؤبّلة، ودراهم مدرهمة، وبدر مبدّرة، مثل قوله تعالى: {وَالْقَنََاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [2] وأما قوله: «دثر» فإنهم يقولون:
مال دثر، ومال دبر، ومال حوم: إذا كان كثيرا.
1811 [استراق السمع]
وأما قوله:
16 «ونفوا عن حريمها كلّ عفر ... يسرق السّمع كلّ ليلة بدر»
فالعفر هو العفريت، وجعله لا يسرق السمع إلا جهارا في أضوإ ما يكون البدر، من شدّة معاندته، وفرط قوته.
1812 [الشنقناق والشيصبان]
وأما قوله:
17 - في فتوّ من الشّنقناق غرّ ... ونساء من الزّوابع زهر»
الزوابع: بنو زوبعة الجنّيّ، وهم أصحاب الرّهج والقتام والتّثوير وقال راجزهم: [من الرجز] إنّ الشياطين أتوني أربعه ... في غبش الليل وفيهم زوبعه
فأما شنقناق وشيصبان، فقد ذكرهما أبو النجم [3]: [من الرجز] لابن شنقناق وشيصبان
[1] انظر ما تقدم ص 427.
[2] 14/ آل عمران: 3.
[3] ديوان أبي النجم 221.(6/436)
فهذان رئيسان ومن آباء القبائل. وقد قال شاعرهم [1]: [من المتقارب] إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فليس يقال له من هوه ... إذا لم يسد قبل شدّ الإزار ... فذلك فينا الذي لا هوه ... ولي صاحب من بني الشّيصبا ... ن فطورا أقول وطورا هوه
وهذا البيت أيضا يصلح أن يلحق في الدّليل على أنهم يقولون: إن مع كلّ شاعر شيطانا. ومن ذلك قول بشّار الأعمى [2]: [من الطويل] دعاني شنقناق إلى خلف بكرة ... فقلت: اتركنّي فالتّفرّد أحمد
1813 [شياطين الشام والهند]
قال: وأصحاب الرّقى والأخذ والعزائم، والسّحر، والشّعبذة، يزعمون أنّ العدد والقوّة في الجنّ والشياطين لنازلة الشام والهند، وأنّ عظيم شياطين الهند يقال له:
تنكوير [3]، وعظيم شياطين الشام يقال له: دركاذاب [3].
وقد ذكرهما أبو إسحاق في هجائه محمد بن يسير، حين ادّعى هذه الصناعة فقال: [من الخفيف] قد لعمري جمعت مل آصفيّا ... ت ومن سفر آدم والجراب [4] ... وتفرّدت بالطوالق والهي ... كل والرّهنبات من كلّ باب ... وعلمت الأسماء كيما تلاقي ... زحلا والمرّيخ فوق السّحاب ... واستثرت الأرواح بالبحر يأتي ... ن لصرع الصّحيح بعد المصاب ... جامعا من لطائف الدّنهشيّا ... ت كبوسا نمّقتها في كتاب [5] ... ثم أحكمت متقن الكرويّا ... ت وفعل الناريس والنجاب ... ثمّ لم تعيك الشعابيذ والخد ... مة والإحتفاء بالطلاب [6] ... بالخواتيم والمناديل والسّع ... ي بتنكوير ودركاذاب
[1] الأبيات لحسان بن ثابت في ديوانه 484483، وثمار القلوب 55 (146)، واللسان (شصب)، ورسائل الجاحظ 1/ 299، والجمهرة 235، والمزهر 2/ 492.
[2] تقدم البيت ص 434.
[3] ذكرهما الجاحظ في 1/ 203، الفقرة (233)، وانظر آخر الشعر التالي.
[4] الآصفيات: نسبة إلى آصف كاتب سليمان عليه السّلام.
[5] الدنهشيات: نسبة إلى دنهش، أحد آباء الجن. انظر الفهرست 341.
[6] لم تعيك: لم تعجزك.(6/437)
1814 [قتل الغول بضربة واحدة]
وأما قوله:
20 «ضربت فردة فصارت هباء ... في محاق القمير آخر شهر»
فإنّ الأعراب والعامّة تزعم أن الغول إذا ضربت ضربة ماتت، إلّا أن يعيد عليها الضّارب قبل أن تقضي ضربة أخرى، فإنّه إن فعل ذلك لم تمت. وقال شاعرهم: [من الكامل] فثنّيت والمقدار يحرس أهله ... فليت يميني قبل ذلك شلّت
وأنشد لأبي البلاد الطّهويّ [1]: [من الوافر] لهان على جهينة ما ألاقي ... من الرّوعات يوم رحى بطان [2] ... لقيت الغول تسري في ظلام ... بسهب كالعباية صحصحان [3] ... فقلت لها كلانا نقض أرض ... أخو سفر فصدّي عن مكاني [4] ... فصدّت وانتحيت لها بعضب ... حسام غير مؤتشب يماني [5] ... فقدّ سراتها والبرك منها ... فخرّت لليدين وللجران [6] ... فقالت زد فقلت رويد إنّي ... على أمثالها ثبت الجنان [7] ... شددت عقالها وحططت عنها ... لأنظر غدوة ماذا دهاني ... إذا عينان في وجه قبيح ... كوجه الهرّ مشقوق اللسان ... ورجلا مخدج ولسان كلب ... وجلد من فراء أو شنان [8]
وأبو البلاد هذا الطهوي كان من شياطين الأعراب، وهو كما ترى يكذب وهو يعلم، ويطيل الكذب ويحبّره. وقد قال كما ترى: [من الوافر]
[1] الأبيات لأبي البلاد الطهوي في الحماسة البصرية 2/ 397، وينسب بعضها إلى تأبط شرا في نهاية الأرب 1/ 405، وانظر الأغاني 21/ 134، ومعجم البلدان (رحى بطان).
[2] رحى بطان: موضع في بلاد هذيل.
[3] السهب: ما بعد من الأرض واستوى. العباية: العباءة. الصحصحان: ما استوى من الأرض.
[4] النقض: المهزول.
[5] المؤتشب: المخلوط، وأراد أنه خالص النسب.
[6] السراة: الظهر. البرك: الصدر. الجران: باطن العنق.
[7] الثبت: الثابت. الجنان: القلب.
[8] المخدج: الناقص الخلق. الفراء: جمع فرو. الشنان: جمع شن، وهو القربة الخلق.(6/438)
فقالت زد فقلت رويد إنّي ... على أمثالها ثبت الجنان
لأنّهم هكذا يقولون، يزعمون أنّ الغول تستزيد بعد الضّربة الأولى لأنّها تموت من ضربة، وتعيش من ألف ضربة [1].
1815 [مناكحة الجنّ ومحالفتهم]
وأمّا قوله:
23 «غلبتني على النّجابة عرسي ... بعد أن طال في النجابة ذكري ... 24وأرى فيهم شمائل إنس ... غير أنّ النّجار صورة عفر»
فإنّه يقول: لما تركّب الولد منّي ومنها كان شبهها فيه أكثر.
وقال عبيد بن أيّوب [2]: [من الطويل] أخو قفرات حالف الجنّ وانتفى ... من الإنس حتّى قد تقضّت وسائله ... له نسب الإنسيّ يعرف نجله ... وللجنّ منه خلقه وشمائله
وقال [3]: [من الطويل] وصار خليل الغول بعد عداوة ... صفيّا وربّته القفار البسابس ... فليس بجنّيّ فيعرف نجله ... ولا أنسيّ تحتويه المجالس ... يظلّ ولا يبدو لشيء نهاره ... ولكنّه ينباع واللّيل دامس [4]
قال: وقال القعقاع بن معبد بن زرارة، في ابنه عوف بن القعقاع: والله لما أرى من شمائل الجنّ في عوف أكثر ممّا أرى فيه من شمائل الإنس!.
وقال مسلمة بن محارب: حدّثني رجل من أصحابنا قال: خرجنا في سفر ومعنا رجل، فانتهينا إلى واد، فدعونا بالغداء، فمدّ رجل يده إلى الطعام، فلم يقدر عليه وهو قبل ذلك يأكل معنا في كلّ منزل فاشتدّ اغتمامنا لذلك، فخرجنا نسأل عن حاله، فتلقّانا أعرابيّ فقال: ما لكم؟ فأخبرناه خبر الرّجل، فقال: ما اسم
[1] ورد هذا القول في الحماسة البصرية 2/ 398.
[2] البيتان في أشعار اللصوص 226225، والحماسة البصرية 1/ 36، والكامل 1/ 200 (المعارف)، والوحشيات 30، وديوان المعاني 1/ 113.
[3] الأبيات في أشعار اللصوص 222، وحماسة البحتري 411.
[4] ينباع: ينطلق.(6/439)
صاحبكم؟ قلنا: أسد قال: هذا واد قد أخذت سباعه فارحلوا، فلو قد جاوزتم الوادي استمرى الرّجل وأكل.
1816 [مراكب الجن]
وأمّا قوله [1]:
25 «وبها كنت راكبا حشرات ... ملجما قنفذا ومسرج وبر ... 31وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التمرّي ... 32مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري»
فقد أخبرنا في صدر هذا الكتاب [2] بقول الأعراب في مطايا الجن من الحشرات والوحش.
وأنشد ابن الأعرابي لبعض الأعراب [3]: [من الطويل] كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألذّ وأشهى من مذاكي الثّعالب [4] ... ومن عنظوان صعبة شمّرية ... تخبّ برجليها أمام الرّكائب ... ومن جرذ سرح اليدين مفرّج ... يعوم برحلى بين أيدي المراكب [5]
... ومن فارة تزداد عتقا وحدّة ... تبرّح بالخوص العتاق النّجائب [6] ... ومن كلّ فتلاء الذّراعين حرّة ... مدرّبة من عافيات الأرانب [7] ... ومن ورل يغتال فضل زمامه ... أضرّ به طول السّرى في السّباسب
قال ابن الأعرابي: فقلت له: أترى الجن كانت تركبها، فقال: أحلف بالله لقد كنت أجد بالظّباء التّوقيع في ظهورها؟ والسّمة في الآذان. وأنشد [8]: [من الطويل] كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألذّ وأشهى من ركوب الجنادب
[1] يقصد قصيدة البهراني التي تقدمت ص 359.
[2] انظر ص 341340.
[3] البيتان (21) في التاج (عضرفط)، والعين 2/ 346، والأول في اللسان والتاج (سرب).
[4] المذاكي: جمع مذكّي وهو المسن.
[5] السرح: المنسرح السهل. يعوم: يسرع في سيره.
[6] العتق: السبق. الحدة: النشاط والسرعة. تبرح بها: تجهدها. الخوص: الإبل قد غارت عيونها.
[7] الفتلاء: التي بان ذراعها عن جنبها. العافيات: الطويلات الشعر.
[8] البيتان (21) في الحماسة البصرية 2/ 399، والتاج (عضرفط، سرب)، واللسان (سرب)، والعين 2/ 346.(6/440)
ومن عضرفوط حطّ بي فأقمته ... يبادر وردا من عظاء قوارب [1] ... وشرّ مطايا الجنّ أرنب خلّة ... وذئب الغضا أوق على كلّ صاحب [2] ... ولم أر فيها مثل قنفذ برقة ... يقود قطارا من عظام العناكب
وقد فسّرنا قولهم في الأرانب، لم لا تركب، وفي أرنب الخلّة، وقنفذ البرقة.
وحدثني أبو نواس قال: بكرت إلى المربد، ومعي ألواحي أطلب أعرابيّا فصيحا، فإذا في ظلّ دار جعفر أعرابيّ لم أسمع بشيطان أقبح منه وجها، ولا بإنسان أحسن منه عقلا. وذلك في يوم لم أر كبرده بردا، فقلت له: هلّا قعدت في الشمس! فقال: الخلوة أحبّ إليّ! فقلت له مازحا: أرأيت القنفذ إذا امتطاه الجنيّ وعلا به في الهواء، هل القنفذ يحمل الجنّيّ أم الجنّيّ يحمل القنفذ؟ قال: هذا من أكاذيب الأعراب، وقد قلت في ذلك شعرا. قلت فأنشدنيه. فأنشدني بعد أن كان قال لي:
قلت هذا الشعر وقد رأيت ليلة قنفذا ويربوعا يلتمسان بعض الرّزق: [من الطويل] فما يعجب الجنّان منك عدمتهم ... وفي الأسد أفراس لهم ونجائب ... أتسرج يربوع وتلجم قنفذا ... لقد أعوزتهم ما علمت المراكب ... فإن كانت الجنّان جنّت فبالحرى ... ولا ذنب للأقدار والله غالب ... وما الناس إلا خادع ومخدّع ... وصاحب إسهاب وآخر كاذب
قال: فقلت له: قد كان ينبغي أن يكون البيت الثالث والرابع بيت آخر. قال:
كانت والله أربعين بيتا، ولكنّ الحطمة [3] والله حطمتها. قال: فقلت: فهل قلت في هذا الباب غير هذا؟ قال: نعم، شيء قلته لزوجتي، وهو والله عندها أصدق شيء قلته لها: [من الطويل] أراه سميعا للسّرار كقنفذ ... لقد ضاع سرّ الله يا أمّ معبد [4]
قال: فلم أصبر أن ضحكت. فغضب وذهب.
[1] العضرفوط: ضرب من العظاء، والعظاء جمع عظاية وهي دويبة على خلق سام أبرص. الورد: ما ورد من جماعة الطير والإبل. القوارب: جمع قارب، وهو طالب الماء ليلا.
[2] الخلة: ما فيه حلاوة من المرعى. الأوق: الثقل والشؤم.
[3] الحطمة: السنة الجدب.
[4] السرار: المسارة بالحديث.(6/441)
1817 [شعر فيه ذكر الغول]
ويكتب مع شعر أبي البلاد الطّهوي: [من الطويل] فمن لا مني فيها فواجه مثلها ... على غرّة ألقت عطافا ومئزرا [1] ... لها ساعدا غول، ورجلا نعامة ... ورأس كمسحاة اليهوديّ أزعرا [2] ... وبطن كأثناء المزادة رفّعت ... جوانبه أعكانه وتكسّرا [3] ... وثديان كالخرجين نيطت عراهما ... إلى جؤجؤ جاني الترائب أزورا [4]
قال: كان أبو شيطان، واسمه إسحاق بن رزين، أحد بني السّمط سمط جعدة ابن كعب، فأتاهم أمير فجعل ينكب [5] عليهم جورا، وجعل آخر من أهل بلده ينقب [6] عليهم: أي يكون عليهم نقيبا، فجعل يقول: [من الرجز] يا ذا الذي نكبنا ونقبا ... زوّجه الرّحمن غولا عقربا ... جمّع فيها ماله ولبلبا ... لبالب التّيس إذا تهبهبا [7] ... حتّى إذا ما استطربت واستطربا ... عاين أشنا خلق ربّي زرنبا [8] ... ذات نواتين وسلع أسقبا [9]
يعني فرجها ونواتها. يقول. لم تختن.
1818 [جنون الجن وصرعهم]
وأما قوله [10]:
فإن كانت الجنّان جنّت فبالحرى
[1] العطاف: الرداء.
[2] المسحاة: المجرفة من الحديد.
[3] أثناء المزادة: ما تعوج منها. الأعكان: جمع عكنة، وهي طي البطن.
[4] الجؤجؤ: الصدر. الجاني: من الجنأ، ورجل أجنأ: أقعس، وهو الذي خرج صدره ودخل ظهره.
الترائب: أطراف أضلاع الصدر. الزّور: ميل في وسط الصدر.
[5] نكب عليهم: صار منكبا. والمنكب: العريف.
[6] نقب عليهم: صار نقيبا. والنقيب: كالعريف على القوم الذي ينقب عن أحوالهم أي يفتش.
[7] لبالب الغنم: صوتها وجلبتها.
[8] أشنأ: أقبح منظرا. الزرنب: فرج المرأة، أو لحم ظاهره.
[9] السلع: الشق يكون في الجلد، وأراد به الفرج. أسقبا: قرّب.
[10] انظر ما تقدم في الصفحة السابقة.(6/442)
فإنهم قد يقولون في مثل هذا، وقد قال دعلج بن الحكم [1]: [من الطويل] وكيف يفيق الدهر كعب بن ناشب ... وشيطانه عند الأهلّة يصرع
1819 [شعر فيه ذكر الجنون]
وأنشدني عبد الرحمن بن منصور الأسيديّ قبل أن يجنّ: [من الطويل] جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون [2]
وأنشدني يومئذ [3]: [من الطويل] أتوني بمجنون يسيل لعابه ... وما صاحبي إلا الصّحيح المسلّم
وفيما يشبه الأول يقول ابن ميّادة [4]: [من الطويل] فلما أتاني ما تقول محارب ... تغنّت شياطيني وجنّ جنونها ... وحاكت لها ممّا أقول قصائدا ... ترامت بها صهب المهاري وجونها
وقال في التّمثيل [5]: [من الخفيف] إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأس ... ود ما لم يعاص كان جنونا
وقال الآخر [6]: [من البسيط] قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... إنّ الشّباب جنون برؤه الكبر
وما أحسن ما قال الشّاعر حيث يقول [7]: [من الطويل] فدقّت وجلّت واسبكرّت وأكملت ... فلو جنّ إنسان من الحسن جنّت
وما أحسن ما قال الآخر [8]: [من الكامل]
[1] البيت في الشعر والشعراء 438 (ليدن)، والخزانة 3/ 446 (بولاق). وانظر للصرع عند الأهلة 5/ 479.
[2] تقدم البيت في 3/ 56، الفقرة (605).
[3] تقدم البيت في 3/ 56، الفقرة (604)، مسبوقا بقوله: «مما أنشدنيه أبو الأصبغ بن ربعي».
[4] ديوان ابن ميادة 231، وتقدم البيت الأول في 1/ 198.
[5] البيت لحسان بن ثابت في ديوانه 473، وتقدم مع تخريج واف في 3/ 55، الفقرة (604).
[6] البيت لابن أبي فنن في ديوانه 161، وعيون الأخبار 2/ 320، والعقد الفريد 3/ 57، وللعتبي في الحماسة الشجرية 184، 245، وبلا نسبة في البيان 1/ 324، وعيون الأخبار 2/ 320.
[7] البيت للشنفرى كما تقدم في 3/ 55، الفقرة (604).
[8] الأبيات لجميل بثينة في ديوانه 198، والبرصان 349، ولابن الطثرية في ديوانه 106، ولعبيد بن أيوب في أشعار اللصوص 233232، والثالث له في الرسالة الموضحة 38، وأخبار أبي تمام 33، والأبيات بلا نسبة في الوحشيات 268، وتقدمت بلا نسبة في 3/ 55، الفقرة (604).(6/443)
حمراء تامكة السّنام كأنّها ... جمل بهودج أهله مظعون ... جادت بها عند الغداة يمينه ... كلتا يدي عمرو الغداة يمين ... ما إن يجود بمثلها في مثلها ... إلّا كريم الخيم أو مجنون
وقال الجميح [1]: [من البسيط] لو أنّني لم أنل منكم معاقبة ... إلّا السّنان لذاق الموت مظعون ... أو لا ختطبت فإني قد هممت به ... بالسّيف إنّ خطيب السّيف مجنون
وأنشد [2]: [من الوافر] هم أحموا حمى الوقبى بضرب ... يؤلّف بين أشتات المنون ... فنكّب عنهم درء الأعادي ... وداووا بالجنون من الجنون
وأنشدني جعفر بن سعيد: [من البسيط] إنّ الجنون سهام بين أربعة ... الرّيح والبحر والإنسان والجمل
وأنشدني أيضا: [من البسيط] احذر مغايظ أقوام ذوي حسب ... إنّ المغيظ جهول السّيف مجنون
وأنشدني أبو تمام الطائي [3]: [من البسيط] من كلّ أصلع قد مالت عمامته ... كأنّه من حذار الضّيم مجنون
وقال القطاميّ [4]: [من البسيط] يتبعن سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل
وقال في المعني الأوّل الزّفيان العوافيّ [5]: [من الرجز] أنا العوافيّ فمن عاداني ... أذقته بوادر الهوان ... حتّى تراه مطرق الشّيطان
[1] تقدمت الأبيات في 3/ 54، الفقرة (604)، مع نسبتها إلى ابن الطثرية.
[2] البيتان لأبي الغول الطهوي في الأمالي 1/ 260، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 40، والسمط 580، والخزانة 6/ 433، 8/ 314، والشعر والشعراء 257 (ليدن)، والأول في معجم البلدان 5/ 380 (الوقبى)، وتقدما في 3/ 54، الفقرة (604).
[3] البيت للأشهب بن رميلة في ديوانه 244، وتقدم في 3/ 54، الفقرة (604).
[4] ديوان القطامي 27، وتقدم في 3/ 55، الفقرة (604).
[5] الرجز في ثمار القلوب 56 (149).(6/444)
وقال مروان بن محمد: [من الكامل] وإذا تجنّن شاعر أو مفحم ... أسعطته بمرارة الشيطان
وقال ابن مقبل [1]: [من الطويل] وعندي الدّهيم لو أحلّ عقالها ... فتصعد لم تعدم من الجنّ حاديا
وقد صغّر «الدّهيم» ليس على التحقير، ولكن هذا مثل قولهم: «دبّت إليهم دويهية الدهر».
1820 [أحاديث الفلاة]
وقال أبو إسحاق: وأما قول ذي الرّمّة [2]: [من الطويل] إذا حثّهنّ الرّكب في مدلهمّة ... أحاديثها مثل اصطخاب الضّرائر
قال أبو إسحاق: يكون في النّهار ساعات ترى الشّخص الصّغير في تلك المهامه عظيما، ويوجد الصّوت الخافض رفيعا، ويسمع الصّوت الذي ليس بالرّفيع مع انبساط الشّمس غدوة من المكان البعيد ويوجد لأوساط الفيافي والقفار والرّمال والحرار، في أنصاف النّهار، مثل الدّويّ من طبع ذلك الوقت وذلك المكان. عند ما يعرض له. ولذلك قال ذو الرّمّة [3]: [من الطويل] إذا قال حادينا لتشبيه نبأة ... صه لم يكن إلا دويّ المسامع [4]
قالوا: وبالدّويّ سميّت دوّيّة وداوية، وبه سمّي الدوّ دوّا
1821 [عزيف الجنان وتغوّل الغيلان]
وكان أبو إسحاق يقول في الذي تذكر الأعراب من عزيف الجنان، وتغوّل الغيلان: أصل هذا الأمر وابتداؤه، أنّ القوم لما نزلوا بلاد الوحش، عملت فيهم
[1] ديوان ابن مقبل 412 (288)، والعمدة 2/ 168، ومجمع الأمثال 1/ 156، 379، وبلا نسبة في الرسالة الموضحة 60.
[2] ديوان ذي الرمة 1696.
[3] ديوان ذي الرمة 791، والتهذيب 5/ 349، والجمهرة 145، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صهصه).
[4] في ديوانه: «أي إذا سمع نبأة فشبهت عليه. والنبأة: الصوت الخفي. قوله: لم تكن إلا دوي المسامع أي لم يكن إلا أن يسمع في المسامع دويّا».(6/445)
الوحشة [1]. ومن انفرد وطال مقامه في البلاد [2] والخلاء، والبعد من الإنس استوحش. ولا سيّما مع قلة الأشغال والمذاكرين.
والوحدة لا تقطع أيامهم إلا بالمنى أو بالتفكير. والفكر ربما كان من أسباب الوسوسة. وقد ابتلى بذلك غير حاسب، كأبي يس ومثنّى ولد القنافر [3].
وخبّرني الأعمش أنه فكّر في مسألة، فأنكر أهله عقله، حتّى حموه وداووه.
وقد عرض ذلك لكثير من الهند.
وإذا استوحش الإنسان تمثّل له الشّيء الصغير في صورة الكبير، وارتاب، وتفرّق ذهنه، وانتفضت أخلاطه، فرأى ما لا يرى، وسمع ما لا يسمع، وتوهم على الشيء اليسير الحقير، أنه عظيم جليل.
ثمّ جعلوا ما تصوّر لهم من ذلك شعرا تناشدوه، وأحاديث توارثوها فازدادوا بذلك إيمانا. ونشأ عليه الناشئ، وربّي به الطّفل، فصار أحدهم حين يتوسّط الفيافي، وتشتمل عليه الغيظان في اللّيالي الحنادس فعند أوّل وحشة وفزعة، وعند صياح بوم ومجاوبة صدى، وقد رأى كلّ باطل، وتوهّم كلّ زور، وربما كان في أصل الخلق والطبيعة كذّابا نفّاجا [4]، وصاحب تشنيع وتهويل، فيقول في ذلك من الشّعر على حسب هذه الصّفة، فعند ذلك يقول: رأيت الغيلان! وكلّمت السّعلاة! ثمّ يتجاوز ذلك إلى أن يقول قتلتها، ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول: رافقتها ثمّ يتجاوز ذلك إلى أن يقول: تزوّجتها!! قال عبيد بن أيّوب [5]: [من الطويل] فلله درّ الغول أيّ رفيقة ... لصاحب قفر خائف متقتّر
وقال [6]: [من الطويل] أهذا خليل الغول والذئب والذي ... يهيم بربّات الحجال الهراكل
[1] الوحشة: الخوف من الخلوة والهم.
[2] البلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء.
[3] القنافر: القصير.
[4] النفّاج: الذي يفخر بما ليس عنده.
[5] البيت في أشعار اللصوص 218، وتقدم ص 400.
[6] البيت في أشعار اللصوص 228، وتقدم ص 402.(6/446)
وقال [1]: [من الطويل] أخو قفرات حالف الجنّ وانتفى ... من الإنس حتّى قد تقضّت وسائله ... له نسب الإنسيّ يعرف نجله ... وللجنّ منه خلقه وشمائله
وممّا زادهم في هذا الباب، وأغراهم به، ومدّ لهم فيه، أنهم ليس يلقون بهذه الأشعار وبهذه الأخبار إلا أعرابيّا مثلهم، وإلا عامّيّا لم يأخذ نفسه قط بتمييز ما يستوجب التّكذيب والتّصديق، أو الشّكّ، ولم يسلك سبيل التوقف والتثبّت في هذه الأجناس قطّ. وإمّا أن يلقوا راوية شعر، أو صاحب خبر، فالرّاوية كلّما كان الأعرابيّ أكذب في شعره كان أطرف عنده، وصارت روايته أغلب، ومضاحيك حديثه أكثر فلذلك صار بعضهم يدّعي رؤية الغول، أو قتلها، أو مرافقتها، أو تزويجها وآخر يزعم أنّه رافق في مفازة نمرا. فكان يطاعمه ويؤاكله، فمن هؤلاء خاصّة القتّال الكلابي فإنّه الذي يقول [2]: [من الطويل] أيرسل مروان الأمير رسالة ... لآتيه إني إذا لمصلّل [3] ... وما بي عصيان ولا بعد منزل ... ولكنّني من خوف مروان أوجل ... وفي باحة العنقاء أو في عماية ... أو الأدمى من رهبة الموت موئل [4] ... ولي صاحب في الغار هدّك صاحبا ... هو الجون إلّا أنه لا يعلّل ... إذا ما التقينا كان جلّ حديثنا ... صمات وطرف كالمعابل أطحل [5] ... تضمّنت الأروى لنا بطعامنا ... كلانا له منها نصيب ومأكل [6] ... فأغلبه في صنعة الزّاد إنّني ... أميط الأذى عنه ولا يتأمّل ... وكانت لنا قلت بأرض مضلّة ... شريعتنا لأيّنا جاء أوّل [7] ... كلانا عدوّ لو يرى في عدوّه ... محزّا وكلّ في العداوة مجمل [8]
[1] البيتان في أشعار اللصوص 226225، وتقدما ص 439.
[2] ديوان القتال الكلابي 77، وأشعار اللصوص 526525.
[3] مروان هو الخليفة مروان بن الحكم.
[4] الباحة: الساحة. العنقاء وعماية والأدمى: مواضع. موئل: منجى.
[5] الصمات: الصمت. المعابل: جمع معبلة وهي النصل الطويل العريض. الأطحل: ما لونه الطلحة، وهو لون بين الغبرة والبياض.
[6] الأروى: الأنثى من الوعول.
[7] القلت: النقرة في الجبل تمسك الماء.
[8] المجمل: المتئد المعتدل لا يفرط.(6/447)
وأنشد الأصمعيّ [1]: [من الطويل] ظللنا معا جارين نحترس الثّأى ... يسائرني من نطفة وأسائره
ذكر سبعا ورجلا، قد ترافقا، فصار كلّ واحد منهما يدع فضلا من سؤره ليشرب صاحبه. الثّأى: الفساد. وخبّر أنّ كلّ واحد منهما يحترس من صاحبه.
وقد يستقيم أن يكون شعر النابغة في الحية، وفي القتيل صاحب القبر، وفي أخيه المصالح للحية أن يكون إنما جعل ذلك مثلا، وقد أثبتناه في باب الحيات [2]، فلذلك كرهنا إعادته في هذا الموضع.
فأما جميع ما ذكرناه عنهم فإنما يخبرون عنه من جهة المعاينة والتّحقيق، وإنما المثل في هذا مثل قوله: [من الرجز] قد كان شيطانك من خطّابها ... وكان شيطاني من طلّابها ... حينا فلمّا اعتركا ألوى بها
1822 [توهم سماع الأصوات]
والإنسان يجوع فيسمع في أذنه مثل الدويّ. وقال الشاعر: [من الطويل] دويّ الفيافي رابه فكأنّه ... أميم وساري اللّيل للضّرّ معور [3]
معور: أي مصحر [4].
وربما قال الغلام لمولاه: أدعوتني؟ فيقول له: لا. وإنما اعترى مسامعه ذلك لعرض، لا أنّه سمع صوتا.
ومن هذا الباب قول تأبّط شرّا، أو قول قائل فيه في كلمة له [5]: [من الطويل] يظلّ بموماة ويمسي بقفرة ... جحيشا ويعروري ظهور المهالك [6]
[1] البيت للغنوي في الأمالي 1/ 236.
[2] انظر ما تقدم في 4/ 205203.
[3] الأميم: الذي أصيب في أم رأسه.
[4] مصحر: منكشف، من قولهم: أصحر الرجل إذا خرج إلى الصحراء.
[5] الأبيات لتأبط شرا في الأمالي 2/ 138، وزهر الآداب 358، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 92، والخزانة 1/ 200.
[6] الجحيش: المتنحي عن الناس. يعروري: يركب.(6/448)
ويسبق وقد الرّيح من حيث ينتحي ... بمنخرق من شدّه المتدارك [1] ... إذا خاط عينيه كرى النّوم لم يزل ... له كالئ من قلب شيحان فاتك [2] ... ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلّة من حدّ أخضر باتك [3] ... إذا هزّه في عظم قرن تهلّلت ... نواجذ أفواه المنايا الضّواحك [4] ... يرى الإنس وحشيّ الفلاة ويهتدي ... بحيث اهتدت أمّ النجوم الشّوابك [5]
1823 [نزول العرب بلاد الوحش والحشرات والسباع]
ويدلّ على ما قال أبو إسحاق، من نزولهم في بلاد الوحش وبين الحشرات والسّباع، ما رواه لنا أبو مسهر، عن أعرابيّ من بني تميم نزل ناحية الشّام، فكان لا يعدمه في كلّ ليلة أن يعضّه أو يعضّ ولده أو بعض حاشيته سبع من السباع، أو دابّة من دوابّ الأرض فقال: [من الطويل] تعاورني دين وذلّ وغربة ... ومزّق جلدي ناب سبع ومخلب ... وفي الأرض أحناش وسبع وحارب ... ونحن أسارى وسطها نتقلب [6] ... رتيلا وطبّوع وشبثان ظلمة ... وأرقط حرقوص وضمج وعقرب [7] ... ونمل كأشخاص الخنافس قطّب ... وأرسال جعلان وهزلى تسرّب ... وعثّ وحفّاث وضبّ وعربد ... وذرّ ودحّاس وفار وعقرب [7] ... وهرّ وظربان وسمع ودوبل ... وثرملة تجري وسيد وثعلب ... ونمر وفهد ثم ضبع وجيأل ... وليث يجوس الألف لا يتهيّب ... ولم أر آوى حيث أسمع ذكره ... ولا الدّبّ إنّ الدّبّ لا يتنسّب
فأما الرّتيلا والطّبّوع، والشّبث، والحرقوص، والضّمج والعنكبوت، والخنفساء، والجعل، والعثّ، والحفّاث، والدّحّاس والظّربان، والذّئب، والثّعلب، والنمر، والفهد، والضّبع، والأسد فسنقول في ذلك إذا صرنا إلى ذكر هذه الأبواب،
[1] وفد الريح: أولها. ينتحي: يعتمد. المنخرق: السريع الواسع. المتدارك: المتلاحق.
[2] الكالئ: الحافظ. الشيحان: الحازم.
[3] الربيئة: الرقيب. السلة: المرة من سلّ السيف.
[4] القرن: الكفؤ والنظير.
[5] أم النجوم: المجرة، لأنها مجتمع النجوم.
[6] الحارب: الذي يقطع الطريق ويعري الناس ثيابهم.
[7] انظر ما تقدم ص 329328.(6/449)
وقبل ذلك عند ذكر الحشرات. فأما الضّبّ والورل، والعقرب، والجعل، والخنفساء، والسّمع فقد ذكرنا ذلك في أوّل الكتاب. وأما قوله: «وهزلى تسرب فالهزلى هي الحيات، كما قال جرير [1]: [من الطويل] مزاحف هزلى بينها متباعد
وكما قال الآخر [2]: [من الوافر] كأنّ مزاحف الهزلى عليها ... خدود رصائع جدلت تؤاما
وأما قوله: [من الطويل] ولم أر آوى حيث أسمع ذكره
فإنّ ابن آوى لا ينزل القفار، وإنّما يكون حيث يكون الريف.
وينبغي أن يكون حيث قال هذا الشّعر توهّم أنّه ببياض نجد.
وأمّا قوله: [من الطويل] ولا الدبّ إنّ الدبّ لا يتنسّب
فإنّ الدبّ عندهم عجميّ، والعجميّ لا يقيم نسبه.
1824 [ملح ونوادر]
ورووا في الملح أنّ فتى قال لجارية له، أو لصديقة له: ليس في الأرض أحسن منّي: ولا أملح منّي. فصار عندها كذلك. فبينا هو عندها على هذه الصّفة إذ قرع عليها الباب إنسان يريده، فاطّلعت عليه من خرق الباب، فرأت فتى أحسن النّاس وأملحهم، وأنبلهم وأتمّهم، فلمّا عاد صاحبها إلى المنزل قالت له: أو ما أخبرتني أنّك أملح الخلق وأحسنهم؟ قال: بلى! وكذلك أنا! فقالت: فقد أرادك اليوم فلان، ورأيته من خرق الباب، فرأيته أحسن منك وأملح! قال: لعمري إنّه لحسن مليح، ولكنّ له جنّيّة تصرعه في كلّ شهر مرّتين وهو يريد بذلك أن يسقطه من عينها قالت: أو ما تصرعه في الشّهر إلّا مرتين؟ أما والله لو أنّي جنّيّة لصرعته في اليوم ألفين!
[1] تقدم البيت في 4/ 344، وهو للّعين المنقري في الوحشيات 267، وبلا نسبة في اللسان (صوى).
[2] البيت لثمامة الكلبي كما تقدم في 344.(6/450)
وهذا يدلّ على أنّ صرع الشّيطان للإنسان ليس هو عند العوامّ إلّا على جهة ما يعرفون من الجماع.
ومن هذا الضّرب من الحديث ما حدّثنا به المازنيّ، قال: ابتاع فتى صلف بذّاخ [1] جارية حسناء بديعة ظريفة، فلمّا وقع عليها قال لها مرارا ويلك. ما أوسع حرك! فلمّا أكثر عليها قالت: أنت الفداء لمن كان يملؤه.
فقد سمع هذا كما ترى من المكروه مثل ما سمع الأوّل.
وزعموا أنّ رجلا نظر إلى امرأة حسناء ظريفة، فالحّ عليها، فقالت: ما تنظر؟
قرّة عينك، وشيء غيرك! وزعم أبو الحسن المدائني أن رجلا تبع جارية لقوم. فراوغته فلم ينقطع عنها، فحثّت في المشي فلم ينقطع عنها، فلمّا جازت بمجلس قوم قالت: يا هؤلاء، لي طريق ولهذا طريق، ومولاي ينيكني فسلوا هذا ما يريد مني؟
وزعم أيضا أن سيارا البرقيّ قال: مرّت بنا جارية، فرأينا فيها الكبر والتجبّر، فقال بعضنا: ينبغي أن يكون مولى هذه الجارية ينيكها! قالت: كما يكون! فلم أسمع بكلمة عامّية أشنع ولا أدلّ على ما أرادت، ولا أقصر من كلمتها هذه.
وقد قال جحشويه في شعر شبيها بهذا القول، حيث يقول: [من الوافر] تواعدني لتنكحني ثلاثا ... ولكن يا مشوم بأيّ أير
فلو خطبت في صفة أير خطبة أطول من خطبة قيس بن خارجة بن سنان في شأن الحمالة لما بلغ مبلغ قول جحشويه: «ولكن يا مشوم بأيّ أير»، وقول الخادم:
«كما يكون».
وزعموا [2] أن فتى جلس إلى أعرابيّة، وعلمت أنّه إنما جلس لينظر إلى محاسن ابنتها، فضربت بيدها على جنبها، ثم قالت: [من الوافر] علنداة يئطّ الأير فيها ... أطيط الغرز في الرّحل الجديد [3]
ثم أقبلت على الفتى فقالت: [من الطويل] وما لك من غير أنّك ناكح ... بعينيك عينيها فهل ذاك نافع
[1] الصّلف: الغلو في الظرف والتكبر. البذاخ: المتكبر الفخور.
[2] الخبر مع الشعر في عيون الأخبار 4/ 101، وأخبار النساء 162، وربيع الأبرار 3/ 162.
[3] علنداة: عظيمة طويلة. يئط: يصوت. الغرز: هو للناقة مثل الحزام للفرس.(6/451)
ودخل قاسم منزل الخوارزمي النخّاس، فرأى عنده جارية كأنها جانّ، وكأنها خوط بان، وكأنّها جدل عنان، وكأنه الياسمين نعمة وبياضا فقال لها: أشتريك يا جارية؟ فقالت: «افتح كيسك تسرّ نفسك» ودخلت الجارية منزل النخّاس، فاشتراها وهي لا تعلم ومضى إلى المنزل ودفعها الخوارزميّ إلى غلامه، فلم تشعر الجارية إلا وهي معه في جوف بيت، فلما نظرت إليه وعرفت ما وقعت فيه قالت له: ويلك! إنك والله لن تصل إليّ إلا بعد أن أموت! فإن كنت تجسر على نيك من قد أدرجوه في الأكفان فدونك! والله إن زلت منذ رأيتك، ودخلت إلى الجواري، أصف لهنّ قبحك وبليّة امرأتك بك! فأقبل عليها يكلّمها بكلام المتكلمين، فلم تقبل منه، فقال: فلم قلت لي: «افتح كيسك تسرّ نفسك»؟ وقد فتحت كيسي فدعيني أسرّ نفسي! وهو يكلّمها وعين الجارية إلى الباب، ونفسها في توهّم الطّريق إلى منزل النخّاس. فلم يشعر قاسم حتّى وثبت وثبة إلى الباب كأنّها غزال، ولم يشعر الخوارزمي إلّا والجارية بين يديه مغشيّ عليها. فكرّ قاسم إليه راجعا وقال: ادفعها إليّ أشفي نفسي منها.
فطلبوا إليه فصفح عنها، واشتراها في ذلك المجلس غلام أملح منها، فقامت إليه فقبّلت فاه، وقاسم ينظر، والقوم يتعجّبون ممّا تهيأ له وتهيّأ لها.
وأما عيسى بن مروان كاتب أبي مروان عبد الملك بن أبي حمزة فإنّه كان شديد التغزّل والتّصندل [1]، حتّى شرب لذلك النبيذ وتظرّف [2] بتقطيع ثيابه [3] وتغنّى أصواتا، وحفظ أحاديث من أحاديث العشّاق ومن الأحاديث التي تشتهيها النساء وتفهم معانيها. وكان أقبح خلق الله تعالى أنفا، حتّى كان أقبح من الأخنس، ومن الأفطس، والأجدع، فإمّا أن يكون صادق ظريفة، وإما أن يكون تزوّجها فلما خلا معها في بيت وأرادها على ما يريد الرّجل من المرأة، امتنعت، فوهب لها، ومنّاها، وأظهر تعشقها، وأراغها بكلّ حيلة. فلما لم تجب قال لها: خبّريني، ما الذي يمنعك؟ قالت: قبح أنفك وهو يستقبل عيني وقت الحاجة، فلو كان أنفك في قفاك لكان أهون عليّ! قال لها: جعلت فداك؟ الذي بأنفي ليس هو خلقة وإنّما هو ضربة ضربتها في سبيل الله تعالى. فقالت واستغربت ضحكا: أنا ما أبالي. في سبيل الله كانت أو في سبيل الشّيطان. إنّما بي قبحه. فخذ ثوابك على هذه الضّربة من الله أمّا أنا فلا.
[1] تصندل: تغزل مع النساء.
[2] تظرف: تكلف الظرف.
[3] تقطيع الثياب: تقصيرها.(6/452)
باب الجدّ من أمر الجنّ
ليس هذا، حفظك الله تعالى، من الباب الذي كنّا فيه، ولكنّه كان مستراحا وجماما. وسنقول في باب من ذكر الجنّ، لتنتفع في دينك أشد الانتفاع. وهو جدّ كلّه.
والكلام الأوّل وما يتلوه من ذكر الحشرات، ليس فيه جدّ إلّا وفيه خلط من هزل، وليس فيه كلام صحيح إلا وإلى جنبه خرافة، لأن هذا الباب هكذا يقع.
وقد طعن قوم في استراق الشّياطين السمع بوجوه من الطّعن. فإذ قد جرى لها من الذّكر في باب الهزل ما قد جرى، فالواجب علينا أن نقول في باب الجدّ، وفيما يرد على أهل الدّين بجملة، وإن كان هذا الكتاب لم يقصد به إلى هذا الباب حيث ابتدئ. وإن نحن استقصيناه كنّا قد خرجنا من حدّ القول في الحيوان. ولكنا نقول بجملة كافية. والله تعالى المعين على ذلك.
1825 [رد على المحتجّين لإنكار استراق السمع بالقرآن]
قال قوم: قد علمنا أن الشياطين ألطف لطافة، وأقلّ آفة، وأحدّ أذهانا، وأقلّ فضولا، وأخفّ أبدانا، وأكثر معرفة وأدقّ فطنة منّا. والدّليل على ذلك إجماعهم على أنّه ليس في الأرض بدعة بديعة، دقيقة ولا جليلة، ولا في الأرض معصية من طريق الهوى والشّهوة، خفيّة كانت أو ظاهرة، إلّا والشّيطان هو الدّاعي لها، والمزيّن لها، والذي يفتح باب كلّ بلاء، وينصب كلّ حبالة وخدعة. ولم تكن لتعرف أصناف جميع الشرور والمعاصي حتى تعرف جميع أصناف الخير والطّاعات.
ونحن قد نجد الرّجل إذا كان معه عقل، ثمّ علم أنّه إذا نقب حائطا قطعت يده، أو أسمع إنسانا كلاما قطع لسانه، أو يكون متى رام ذلك حيل دونه ودون ما رام منه أنّه لا يتكلّف ذلك ولا يرومه، ولا يحاول أمرا قد أيقن أنّه لا يبلغه.
وأنتم تزعمون أنّ الشّياطين الذين هم على هذه الصّفة كلّما صعد منهم شيطان ليسترق السّمع قذف بشهاب نار، وليس له خواطئ، فإمّا أن يكون يصيبه،
وإمّا أن يكون نذيرا صادقا أو وعيدا إن يقدم عليه رمى به. وهذه الرّجوم لا تكون إلا لهذه الأمور. ومتى كانت فقد ظهر للشّيطان إحراق المستمع والمسترق، والموانع دون الوصول ثمّ لا نرى الأوّل ينهي الثّاني، ولا الثّاني ينهي الثّالث، ولا الثّالث ينهي الرّابع عجب. وإن كان الذي يعود غيره فكيف خفي عليه شأنهم، وهو ظاهر مكشوف؟! وعلى أنّهم لم يكونوا أعلم منّا حتّى ميّزوا جميع المعاصي من جميع الطاعات. ولولا ذلك لدعوا إلى الطّاعة بحساب المعصية، وزيّنوا لها الصّلاح وهم يريدون الفساد. فإذا كانوا ليسوا كذلك فأدنى حالاتهم أن يكونوا قد عرفوا أخبار القرآن وصدقوها، وأنّ الله تعالى محقّق ما أوعد كما ينجز ما وعد. وقد قال الله عزّ وجل: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [1]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنََا فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنََّاهََا لِلنََّاظِرِينَ. وَحَفِظْنََاهََا مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ رَجِيمٍ} [2] وقال تعالى: {إِنََّا زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِزِينَةٍ الْكَوََاكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ مََارِدٍ} [3] وقال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كََاذِبُونَ} [4] مع قول الجنّ: {أَنََّا لََا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرََادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} [5] وقولهم: {أَنََّا لَمَسْنَا السَّمََاءَ فَوَجَدْنََاهََا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنََّا كُنََّا نَقْعُدُ مِنْهََا مَقََاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهََاباً رَصَداً} [6].(6/453)
وأنتم تزعمون أنّ الشّياطين الذين هم على هذه الصّفة كلّما صعد منهم شيطان ليسترق السّمع قذف بشهاب نار، وليس له خواطئ، فإمّا أن يكون يصيبه،
وإمّا أن يكون نذيرا صادقا أو وعيدا إن يقدم عليه رمى به. وهذه الرّجوم لا تكون إلا لهذه الأمور. ومتى كانت فقد ظهر للشّيطان إحراق المستمع والمسترق، والموانع دون الوصول ثمّ لا نرى الأوّل ينهي الثّاني، ولا الثّاني ينهي الثّالث، ولا الثّالث ينهي الرّابع عجب. وإن كان الذي يعود غيره فكيف خفي عليه شأنهم، وهو ظاهر مكشوف؟! وعلى أنّهم لم يكونوا أعلم منّا حتّى ميّزوا جميع المعاصي من جميع الطاعات. ولولا ذلك لدعوا إلى الطّاعة بحساب المعصية، وزيّنوا لها الصّلاح وهم يريدون الفساد. فإذا كانوا ليسوا كذلك فأدنى حالاتهم أن يكونوا قد عرفوا أخبار القرآن وصدقوها، وأنّ الله تعالى محقّق ما أوعد كما ينجز ما وعد. وقد قال الله عزّ وجل: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [1]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنََا فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنََّاهََا لِلنََّاظِرِينَ. وَحَفِظْنََاهََا مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ رَجِيمٍ} [2] وقال تعالى: {إِنََّا زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِزِينَةٍ الْكَوََاكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ مََارِدٍ} [3] وقال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى ََ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيََاطِينُ تَنَزَّلُ عَلى ََ كُلِّ أَفََّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كََاذِبُونَ} [4] مع قول الجنّ: {أَنََّا لََا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرََادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} [5] وقولهم: {أَنََّا لَمَسْنَا السَّمََاءَ فَوَجَدْنََاهََا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنََّا كُنََّا نَقْعُدُ مِنْهََا مَقََاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهََاباً رَصَداً} [6].
فكيف يسترق السّمع الذين شاهدوا الحالتين جميعا، وأظهروا اليقين بصحّة الخير بأنّ للمستمع بعد ذلك القذف بالشّهب، والإحراق بالنار، وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [7] وقوله تعالى: {وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ مََارِدٍ. لََا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ََ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جََانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذََابٌ وََاصِبٌ} [8] في آي غير
[1] 5/ الملك: 67.
[2] 1716/ الحجر: 15.
[3] 86/ الصافات: 37.
[4] 223221/ الشعراء: 26.
[5] 10/ الجن: 72.
[6] 98/ الجن: 72.
[7] 212/ الشعراء: 26.
[8] 97/ الصافات: 37.(6/454)
هذا كثير. فكيف يعودون إلى استراق السّمع، مع تيقنهم بأنّه قد حصّن بالشهب.
ولو لم يكونوا موقنين من جهة حقائق الكتاب، ولا من جهة أنّهم بعد قعودهم مقاعد السّمع لمسوا السّماء فوجدوا الأمر قد تغيّر لكان في طول التّجربة والعيان الظّاهر، وفي إخبار بعضهم لبعض، ما يكون حائلا دون الطّمع وقاطعا دون التماس الصّعود.
وبعد فأي عاقل يسرّ بأن يسمع خبرا وتقطع يده فضلا عن أن تحرقه النّار؟! وبعد فأيّ خبر في ذلك اليوم؟! وهل يصلون إلى النّاس حتّى يجعلوا ذلك الخبر سببا إلى صرف الدّعوى؟ قيل لهم: فإنّا نقول بالصّرفة في عامّة هذه الأصول. وفي هذه الأبواب، كنحو ما ألقي على قلوب بني إسرائيل وهم يجولون في التّيه، وهم في العدد وفي كثرة الأدلّاء والتجّار وأصحاب الأسفار، والحمّارين والمكارين، من الكثرة على ما قد سمعتم به وعرفتموه وهم مع هذا يمشون حتّى يصبحوا، مع شدّة الاجتهاد في الدّهر الطويل، ومع قرب ما بين طرفي التّيه. وقد كان طريقا مسلوكا. وإنّما سمّوه التّيه حين تاهوا فيه، لأنّ الله تعالى حين أراد أن يمتحنهم ويبتليهم صرف أوهامهم.
ومثل ذلك صنيعه في أوهام الأمة التي كان سليمان ملكها ونبيّها، مع تسخير الريح والأعاجيب التي أعطيها. وليس بينهم وبين ملكهم ومملكتهم وبين ملك سبأ ومملكة بلقيس ملكتهم بحار لا تركب، وجبال لا ترام. ولم يتسامع أهل المملكتين ولا كان في ذكرهم مكان هذه الملكة.
وقد قلنا في باب القول في الهدهد ما قلنا [1]، حين ذكرنا الصّرفة، وذكرنا حال يعقوب ويوسف وحال سليمان وهو معتمد على عصاه، وهو ميّت والجنّ مطيفة به وهم لا يشعرون بموته، وذكرنا من صرف أوهام العرب عن محاولة معارضة القرآن، ولم يأتوا به مضطربا ولا ملفّقا ولا مستكرها إذا كان في ذلك لأهل الشّغب متعلّق، مع غير ذلك، ممّا يخالف فيه طريق الدّهريّة، لأنّ الدّهريّ لا يقر إلّا بالمحسوسات والعادات على خلاف هذا المذهب.
ولعمري ما يستطيع الدّهريّ أن يقول بهذا القول ويحتجّ بهذه الحجّة، ما دام لا يقول بالتّوحيد، وما دام لا يعرف إلا الفلك وعمله، ومادام يرى أن إرسال الرسل يستحيل، وأن الأمر والنّهي، والثواب والعقاب على غير ما نقول، وأنّ الله تعالى لا يجوز أن يأمر من جهة الاختبار إلا من جهة الحزم.
[1] انظر ما تقدم في 3/ 249 (باب القول في الهدهد)، 4/ 77.(6/455)
وكذلك نقول ونزعم أن أوهام هذه العفاريت تصرف عن الذكر لتقع المحنة، وكذلك نقول في النبي صلّى الله عليه وسلّم أن لو كان في جميع تلك الهزاهز [1] من يذكر قوله تعالى: {وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ} [2] لسقط عنه من المحنة أغلظها.
وإذا سقطت المحنة لم تكن الطاعة والمعصية. وكذلك عظيم الطاعة مقرون بعظيم الثّواب.
وما يصنع الدهري وغير الدّهري بهذه المسألة وبهذا التسطير [3]؟! ونحن نقول: لو كان إبليس يذكر في كلّ حال قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى ََ يَوْمِ الدِّينِ} [4] وعلم في كلّ حال أنّه لا يسلم لوجب أن المحنة كانت تسقط عنه، لأن من علم يقينا أنّه لا يمضي غدا إلى السوق ولا يقبض دراهمه من فلان، لم يطمع فيه. ومن لم يطمع في الشيء انقطعت عنه أسباب الدواعي إليه. ومن كان كذلك فمحال أن يأتي السّوق.
فنقول في إبليس: إنه ينسى ليكون مختبرا ممتحنا فليعلموا أن قولنا في مسترقي السمع كقولنا في إبليس، وفي جميع هذه الأمور التي أوجب علينا الدّين أن نقول فيها بهذا القول.
وليس له أن يدفع هذا القول على أصل ديننا، فإن أحبّ أن يسأل عن الدين الذي أوجب هذا القول علينا فيلفعل، والله تعالى المعين والموفّق.
وأما قولهم: «من يخاطر بذهاب نفسه لخبر يستفيده» فقد علمنا أن أصحاب الرّياسات وإن كان متبيّنا كيف كان اعتراضهم على أنّ أيسر ما يحتملون في جنب تلك الرّياسات القتل.
ولعلّ بعض الشّياطين أن يكون معه من النّفخ [5] وحب الرّياسة ما يهوّن عليه أن يبلغ دوين المواضع التي إن دنا منها أصابه الرّجم، والرّجم إنما ضمن أنه مانع من الوصول، ويعلم أنه إذا كان شهابا أنه يحرقه ولم يضمن أنه يتلف عنه، فما أكثر من تخترقه الرّماح في الحرب ثم يعاود ذلك المكان ورزقه ثمانون دينارا ولا يأخذ إلا
[1] الهزاهز: الفتن يهتز فيها الناس.
[2] 67/ المائدة: 5.
[3] التسطير: أن يأتي بأساطير وأحاديث تشبه الباطل.
[4] 35/ الحجر: 15.
[5] النفخ: الكبر.(6/456)
نصفه، ولا يأخذه إلا قمحا. فلولا أن مع قدم هذا الجنديّ ضروبا مما يهزّه وينجّده [1] ويدعو إليه ويغريه ما كان يعود إلى موضع قد قطعت فيه إحدى يديه، أو فقئت إحدى عينيه.
ولم وقع عليه إذا اسم شيطان، ومارد، وعفريت، وأشباه ذلك؟! ولم صار الإنسان يسمّى بهذه الأسماء، ويوصف بهذه الصفات إذا كان فيه الجزء الواحد من كلّ ما هم عليه؟!.
وقالوا في باب آخر من الطّعن غير هذا، قالوا في قوله تعالى: {وَأَنََّا كُنََّا نَقْعُدُ مِنْهََا مَقََاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهََاباً رَصَداً} [2] فقالوا: قد دلّ هذا الكلام على أن الأخبار هناك كانت مضيّعة حتّى حصّنت بعد. فقد وصفتم الله تعالى بالتّضييع والاستدراك!.
قلنا: ليس في هذا الكلام دليل على أنهم سمعوا سرّا قط أو هجموا على خبر إن أشاعوه فسد به شيء من الدّين. وللملائكة في السّماء تسبيح وتهليل، وتكبير وتلاوة، فكان لا يبلغ الموضع الذي يسمع ذلك منه إلا عفاريتهم.
وقد يستقيم أن يكون العفريت يكذب ويقول: سمعت ما لم يسمع ومتى لم يكن على قوله برهان يدلّ على صدقه فإنما هو في كذبه من جنس كلّ متنبئ وكاهن.
فإن صدقه مصدق بلا حجّة فليس ذلك بحجّة على الله وعلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
1826 [المحتجون بالشعر لرجم الشياطين قبل الإسلام]
وذهب بعضهم في الطّعن إلى غير هذه الحجّة، قالوا: زعمتم أن الله تعالى جعل هذه الرّجوم للخوافي حجّة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكيف يكون ذلك رجما، وقد كان قبل الإسلام ظاهرا مرئيّا، وذلك موجود في الأشعار. وقد قال بشر بن أبي خازم في ذلك [3]: [من الطويل] فجأجأها من أول الرّيّ غدوة ... ولمّا يسكّنه من الأرض مرتع [4] ... بأكلبة زرق ضوار كأنّها ... خطاطيف من طول الطريدة تلمع [5]
[1] ينجده: يجعله ذا نجدة، والنجدة: الشجاعة.
[2] 9/ الجن: 72.
[3] ديوان بشر بن أبي خازم 121 (146).
[4] جأجأها: دعاها إلى الشرب. المرتع: المرعى الخصيب.
[5] زرق: زرق العيون، الضواري: الكلاب التي اعتادت الصيد. الخطاطيف: جمع خطاف بضم الخاء وهي الحديدة الحجناء، شبه بها الكلاب لدقتها وضمورها.(6/457)
فجال على نفر تعرّض كوكب ... وقد حال دون النّقع والنّقع يسطع [1]
فوصف شوط الثّور هاربا من الكلاب بانقضاض الكوكب في سرعته، وحسنه، وبريق جلده. ولذلك قال الطّرمّاح [2]: [من الكامل] يبدو وتضمره البلاد كأنّه ... سيف على شرف يسلّ ويغمد
وأنشد أيضا قول بشر بن أبي خازم [3]: [من الكامل] وتشجّ بالعير الفلاة كأنّها ... فتخاء كاسرة هوت من مرقب [4] ... والعير يرهقها الخبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب [5]
قالوا: وقال الضّبّي: [من السريع] ينالها مهتك أشجارها ... بذي غروب فيه تحريب [6] ... كأنّه حين نحا كوكب ... أو قبس بالكفّ مشبوب [7]
وقال أوس بن حجر [8]: [من الكامل] فانقضّ كالدّريء يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا [9] ... يخفى وأحيانا يلوح كما ... رفع المشير بكفّه لهبا
[1] جال: جرى، يعني الثور. النفر: الشرود. النقع: الغبار الذي تثيره أظلاف الثور. يسطع: ينتشر ويتفرق.
[2] ديوان الطرماح 146 (117)، وأساس البلاغة (ضمر)، وديوان المعاني 2/ 131، والأغاني 6/ 95، والعمدة 1/ 260، وتقدم في 3/ 222، الفقرة (881).
[3] ديوان بشر بن أبي خازم 3736 (81).
[4] في ديوانه: «تشج الفلاة: تشقها وتسير بها سيرا شديدا. والعير: حمار الوحش. فتخاء: أي عقاب فتخاء، وهي اللينة الجناح، لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها، وهذا لا يكون إلا من اللين.
والمرقب: الموضع المشرف من علم أو رابية يرتفع عليه الرقيب للمراقبة».
[5] في ديوانه: «الخبار: أرض لينة رخوة تسوخ فيها القوائم. شبه الجحش بالكوكب المنقض في سرعته وبياضه.
[6] الأشجار: جمع شجر، وهو ما انفتح من مطبق الفم. غروب الأسنان: مناقع ريقها. التحريب:
التحديد.
[7] نحا: قصد.
[8] ديوان أوس بن حجر 43، والأول في اللسان والتاج (درأ)، والتهذيب 14/ 158.
[9] الدريء: الكوكب المنقض يدرأ على الشيطان. النقع: الغبار الساطع. تخاله طنبا: يريد: تخاله فسطاطا مضروبا.(6/458)
ورووا قوله [1]: [من الكامل] فانقضّ كالدّرّي من متحدّر ... لمع العقيقة جنح ليل مظلم [2]
وقال عوف بن الخرع: [من الطويل] يردّ علينا العير من دون أنفه ... أو الثّور كالدّرّي يتبعه الدّم
وقال الأفوه الأودي [3]: [من الرمل] كشهاب القذف يرميكم به ... فارس في كفّه للحرب نار
وقال أميّة بن أبي الصّلت [4]: [من الكامل] وترى شياطينا تروغ مضافة ... ورواغها شتّى إذا ما تطرد [5] ... يلقى عليها في السّماء مذلّة ... وكواكب ترمى بها فتعرّد [6]
قلنا لهؤلاء القوم: إن قدرتم على شعر جاهليّ لم يدرك مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا مولده فهو بعض ما يتعلّق به مثلكم، وإن كان الجواب في ذلك سيأتيكم إن شاء الله تعالى. فأما أشعار المخضرمين والإسلاميّين فليس لكم في ذلك حجّة. والجاهليّ ما لم يكن أدرك المولد، فإنّ ذلك ممّا ليس ينبغي لكم أن تتعلّقوا به. وبشر بن أبي خازم فقد أدرك الفجار، والنبي صلّى الله عليه وسلّم شهد الفجار، وقال: «شهدت الفجار فكنت أنبل على عمومتي وأنا غلام» [7].
والأعلام ضروب، فمنها ما يكون كالبشارات في الكتب، لكون الصّفة إذا واقفت الصّفة التي لا يقع مثلها اتفاقا وعرضا لزمت فيه الحجة، وضروب أخر كالإرهاص للأمر، والتأسيس له، وكالتعبيد والترشيح [8]، فإنّه قلّ نبيّ إلّا وقد حدثت عند مولده، أو قبيل مولده، أو بعد مولده أشياء لم يكن يحدث مثلها. وعند ذلك
[1] سيذكر الجاحظ هذا البيت ص 460.
[2] العقيقة: البرق إذا رأيته وسط السحاب كأنه سيف مسلول.
[3] ديوان الأفوه الأودي 12، والحماسة البصرية 1/ 49.
[4] ديوان أمية بن أبي الصلت 361.
[5] تروغ: تميل. المضاف: الخائف.
[6] التعريد: الإحجام والفرار. التقديد: التقطيع.
[7] النهاية 3/ 414، 5/ 10، وعمدة الحفاظ 2/ 204 (فجر). وانظر لحرب الفجار: الأغاني 22/ 7454، وأيام العرب في الجاهلية 341322.
[8] التعبيد: التمهيد والتذليل. الترشيح: التهيئة للشيء.(6/459)
يقول الناس: إنّ هذا لأمر، وإنّ هذا ليراد به أمر وقع، أو سيكون لهذا نبأ. كما تراهم يقولون عند الذوائب التي تحدث لبعض الكواكب في بعض الزمان. فمن التّرشيح والتّأسيس والتّفخيم شأن عبد المطلب عند القرعة، وحين خروج الماء من تحت ركبة جملة، وما كان من شأن الفيل والطير الأبابيل وغير ذلك، مما إذا تقدم للرّجل زاد في نبله وفي فخامة أمره. والمتوقّع أبدا معظّم فإن كانت هذه الشهب في هذه الأيام أبدا مرئيّة فإنما كانت من التأسيس والإرهاص، إلا أن ينشدونا مثل شعر الشعراء الذين لم يدركوا المولد ولا بعد ذلك، فإنّ عددهم كثير، وشعرهم معروف.
وقد قيل الشّعر قبل الإسلام في مقدار من الدهر أطول ممّا بيننا اليوم وبين أوّل الإسلام، وأولئكم عندكم أشعر ممن كان بعدهم.
وكان أحدهم لا يدع عظما منبوذا باليا، ولا حجرا مطروحا، ولا خنفساء، ولا جعلا، ولا دودة، ولا حية، إلا قال فيها، فكيف لم يتهيأ من واحد منهم أن يذكر الكواكب المنقضّة مع حسنها وسرعتها والأعجوبة فيها. وكيف أمسكوا بأجمعهم عن ذكرها إلى الزّمان الذي يحتجّ فيه خصومكم.
وقد علمنا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين ذكر له يوم ذي قار قال: «هذا أوّل يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا».
ولم يكن قال لهم قبل ذلك إنّ وقعة ستكون، من صفتها كذا، ومن شأنها كذا، وتنصرون على العجم، وبي تنصرون فإن كان بشر بن أبي خازم وهؤلاء الذين ذكرتم قد عاينوا انقضاض الكواكب فليس بمستنكر أن تكون كانت إرهاصا لمن لم يخبر عنها ويحتجّ بها لنفسه. فكيف وبشر بن أبي خازم حيّ في أيّام الفجار، التي شهدها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وأنّ كنانة وقريشا به نصروا.
وسنقول في هذه الأشعار التي أنشدتموها، ونخبر عن مقاديرها وطبقاتها. فأما قوله [1]: [من الكامل] فانقضّ كالدّرّي من متحدّر ... لمع العقيقة جنح ليل مظلم
[1] تقدم البيت ص 459.(6/460)
فخبّرني أبو إسحاق أن هذا البيت في أبيات أخر كان أسامة صاحب روح بن أبي همّام، هو الذي كان ولّدها. فإن اتّهمت خبر أبي إسحاق فسمّ الشّاعر، وهات القصيدة، فإنّه لا يقبل في مثل هذا إلّا بيت صحيح صحيح الجوهر، من قصيدة، صحيحة لشاعر معروف. وإلّا فإن كلّ من يقول الشّعر يستطيع أن يقول خمسين بيتا كل بيت منها أجود من هذا البيت.
وأسامة هذا هو الذي قال له روح: [من مجزوء الخفيف] اسقني يا أسامه ... من رحيق مدامه ... اسقنيها فإنّي ... كافر بالقيامه
وهذا الشعر هو الذي قتله. وأمّا ما أنشدتم من قول أوس بن حجر [1]: [من الكامل] فانقضّ كالدريء يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا
وهذا الشّعر ليس يرويه لأوس إلّا من لا يفصل بين شعر أوس بن حجر، وشريح ابن أوس. وقد طعنت الرّواة في هذا الشّعر الذي أضفتموه إلى بشر بن أبي خازم، من قوله [2]: [من الكامل] والعير يرهقها الخبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب
فزعموا أنه ليس من عادتهم أن يصفوا عدو الحمار بانقضاض الكوكب، ولا بدن الحمار ببدن الكوكب. وقالوا: في شعر بشر مصنوع كثير، مما قد احتملته كثير من الرّواة على أنّه من صحيح شعره. فمن ذلك قصيدته التي يقول فيها [3]: [من الوافر] فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزيّ آبا [4]
[1] ديوان أوس بن حجر 3، وتقدم ص 458.
[2] تقدم البيت ص 458.
[3] ديوان بشر بن أبي خازم 26 (74).
[4] في ديوانه: «القارظ: الذي يجني القرظ وهو شجر يدبغ بورقه وثمره. والقارظ العنزي: رجل من عنزة خرج يطلب القرظ فمات ولم يرجع إلى أهله. فضربته العرب مثلا للمفقود الذي يفوت فلا يرجع، وهما قارظان، ولهما حديث، انظره في مجمع الأمثال 1/ 75، والسمط 10099، واللسان (فرظ).(6/461)
وأما ما ذكرتم من شعر هذا الضّبّي، فإنّ الضّبّي مخضرم.
وزعمتم أنّكم وجدتم ذكر الشّهب في كتب القدماء من الفلاسفة، وأنّه في الآثار العلوية لأرسطاطاليس، حين ذكر القول في الشّهب، مع القول في الكواكب ذوات الذوائب، ومع القول في القوس، والطّوق الذي يكون حول القمر بالليل. فإن كنتم بمثل هذا تستعينون، وإليه تفزعون، فإنّا نوجدكم من كذب التّراجمة وزيادتهم، ومن فساد الكتاب، من جهة تأويل الكلام، ومن جهة جهل المترجم بنقل لغة إلى لغة، ومن جهة فساد النّسخ، ومن أنه قد تقادم فاعترضت دونه الدّهور والأحقاب، فصار لا يؤمن عليه ضروب التّبديل والفساد. وهذا الكلام معروف صحيح.
وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأوديّ فلعمري إنّه لجاهليّ، وما وجدنا أحدا من الرّواة يشكّ في أن القصيدة مصنوعة. وبعد فمن أين علم الأفوه أنّ الشهب التي يراها إنما هي قذف ورجم، وهو جاهليّ، ولم يدّع هذا أحد قطّ إلا المسلمون؟ فهذا دليل آخر على أن القصيدة مصنوعة.
1827 [رجع القول إلى تفسير قصيدة البهراني]
ثم رجع بنا القول إلى تفسير قصيدة البهرانيّ [1]:
وأما قوله: [من الخفيف] 28 «جائبا للبحار أهدي لعرسي ... فلفلا مجتنى وهضمة عطر ... 29وأحلّي هرير من صدف البح ... ر وأسقي العيال من نيل مصر»
فإن الناس يقولون: إن السّاحر لا يكون ماهرا حتّى يأتى بالفلفل الرّطب من سرنديب. وهريرة: اسم امرأته الجنّيّة.
وذكر الظّبي الذي جعله مركبه إلى بلاد الهند، فقال:
30 «وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التّمرّي ... 32مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري»
يقول: هذا الظّبي الذي من جبنه وحذره، من بين جميع الوحش، لا يدخل حراه [2] إلا مستدبرا، لتكون عيناه تلقاء ما يخاف أن يغشاه هو الذي يسري مع العفاريت باللّيل ضاحكا بي هازئا إذا كان تحتي.
[1] تقدمت القصيدة ص 360358.
[2] الحرا: مأوى الظبي.(6/462)
وأما قوله:
33 «يحسب النّاظرون أني ابن ماء ... ذاكر عشّه بضفّة نهر»
فإن الجنّيّ إذا طار به في جوّ السماء ظنّ كلّ من رآه أنّه طائر ماء.
1828 [قولهم: أروى من ضبّ]
وأما قولهم في المثل: «أروى من ضبّ» فإني لا أعرفه، لأنّ كلّ شيء بالدوّ والدّهناء والصّمّان، وأوساط هذه المهامه والصحاصح فإن جميع ما يسكنها من الحشرات والسّباع لا يرد الماء ولا يريده، لأنه ليس في أوساط هذه الفيافي في الصّيف كله وفي القيظ جميعا منقع ماء، ولا غدير، ولا شريعة، ولا وشل [1]. فإذا استقام أن يمرّ بظبائها وأرانبها وثعالبها وغير ذلك منها الصّيفة كلّها، والقيظ كله، ولم تذق فيها قطرة ماء، فهي له في الشتاء أترك، لأنّ من اقتات اليبس إذا لم يشرب الماء فهو إذا اقتات الرّطب أترك.
وليس العجب في هذا، ولكنّ العجب في إبل لا ترد الماء.
وزعم الأصمعيّ أنّ لبني عقيل ماعزا لم يرد الماء قطّ [2]. فينبغي على ذاك أن يكون واديهم لا يزال يكون فيه من البقل والورق ما يعيشها بتلك الرّطوبة التي فيها.
ولو كانت ثعالب الدّهناء وظباؤها وأرانبها ووحشها تحتاج إلى الماء لطلبته أشدّ الطلب، فإن الحيوان كلّه يهتدي إلى ما يعيشه، وذلك في طبعه وإنما سلب هذه المعارف الذين أعطوا العقل والاستطاعة فوكلوا إليهما.
فأمّا من سلب الآلة التي بها تكون الرّويّة والأداة التي يكون بها التصرّف، وتخرج أفعاله من حد الإيجاب إلى حد الإمكان، وعوّض التمكين، فإن سبيله غير سبيل من منح ذلك، فقسم الله تعالى لتلك الكفاية، وقسم لهؤلاء الابتلاء والاختيار.
1829 [قصيدتا بشر بن المعتمر]
أوّل ما نبدأ قبل ذكر الحشرات وأصناف الحيوان والوحش بشعري بشر بن المعتمر، فإن له في هذا الباب قصيدتين، قد جمع فيهما كثيرا من هذه الغرائب
[1] الوشل: الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة.
[2] تقدم القول في 5/ 485.(6/463)
والفرائد، ونبّه بهذا على وجوه كثيرة من الحكمة العجيبة، والموعظة البليغة. وقد كان يمكننا أن نذكر من شأن هذه السّباع والحشرات بقدر ما تتسع له الرواية، من غير أن نكتبهما في هذا الكتاب، ولكنهما يجمعان أمورا كثيرة.
أمّا أوّل ذلك فإنّ حفظ الشّعر أهون على النّفس، وإذا حفظ كان أعلق وأثبت، وكان شاهدا. وإن احتيج إلى ضرب المثل كان مثلا.
وإذا قسمنا ما عندنا في هذه الأصناف، على بيوت هذين الشّعرين، وقع ذكرهما مصنّفا فيصير حينئذ آنق في الأسماع، وأشدّ في الحفظ.
1830 [القصيدة الأولى]
قال بشر بن المعتمر [1]: [من السريع] 1الناس دأبا في طلاب الغنى ... وكلهم من شأنه الختر [2] ... 2كأذؤب تنهشها أذؤب ... لها عواء ولها زفر ... 3تراهم فوضى وأيدي سبا ... كلّ له في نفثه سحر [3] ... 4تبارك الله وسبحانه ... بين يديه النّفع والضّرّ ... 5من خلقه في رزقه كلّهم ... الذّيخ والثّيتل والغفر [4] ... 6وساكن الجوّ إذا ما علا ... فيه، ومن مسكنه القفر ... 7والصّدع الأعصم في شاهق ... وجأبة مسكنها الوعر ... 8والحيّة الصّماء في جحرها ... والتّتفل الرائغ والذّرّ [5] ... 9وإلقة ترغث ربّاحها ... والسّهل والنّوفل والنضر [6] ... 10وهقلة ترتاع من ظلّها ... لها عرار ولها زمر [7]
[1] الأبيات (91) في اللسان (ربح) والتنبيه والإيضاح 1/ 236، والأبيات (114، 20) في اللسان (ألق)، والبيت التاسع في التاج (ربح، ألق)، وتقدم بلا نسبة في 2/ 402، والفقرة (462). وتقدمت الأبيات (1310، 20) ص 348، والبيت (28) في اللسان والتاج (شرف)، والبيت (60) في البيان 4/ 22.
[2] الختر: الغدر.
[3] النفث: شبيه بالنفخ.
[4] الذيخ: الذكر من الضباع. الثيتل: الوعل المسن، وجنس من بقر الوحش. الغفر: ولد الأروية.
[5] التتفل: الثعلب.
[6] الإلقة: القردة. الرباح: القرد. ترغثه: ترضعه. السهل: الغراب. النوفل: البحر. النضر: الذهب.
[7] الهقلة: الفتية من النعام. العرار: الصياح.(6/464)
11 - تلتهم المرو على شهوة ... أحبّ شيء عندها الجمر [1] ... 12وضبة تأكل أولادها ... وعترفان بطنه صفر [2] ... 13يؤثر بالطّعم، وتأذينه، ... منجّم ليس له فكر ... 14وكيف لا أعجب من عالم ... حشوته التأبيس والدّغر [3] ... 15وحكمة يبصرها عاقل ... ليس له من دونها ستر ... 16جرادة تخرق متن الصّفا ... وأبغث يصطاده صقر ... 17سلاحه رمح فما عذره ... وقد عراه دونه الذّعر ... 18والدّبّ والقرد إذا علّما ... والفيل والكلبة واليعر [4] ... 19يحجم عن فرط أعاجيبها ... وعن مدى غاياتها السّحر ... 20وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التّمر ... 21وخنفس يسعى بجعلانه ... يقوتها الأرواث والبعر ... 22يقتلها الورد وتحيا إذا ... ضمّ إليها الرّوث والجعر ... 23وفأرة البيش إمام لها ... والخلد فيه عجب هتر [5] ... 24وقنفذ يسري إلى حيّة ... وحيّة يخلى له الجحر ... 25وعضرفوط ماله قبلة ... وهدهد يكفره بكر ... 26وفرّة العقرب من لسعها ... تخبر أن ليس لها عذر ... 27والببر فيه عجب عاجب ... إذا تلاقى اللّيث والببر ... 28وطائر أشرف ذو جردة ... وطائر ليس له وكر [6] ... 29وثرمل تأوي إلى دوبل ... وعسكر يتبعه النّسر [7] ... 30يسالم الضّبع بذي مرّة ... أبرمها في الرّحم العمر ... 31وتمسح خلّله طائر ... وسابح ليس له سحر [8]
[1] المرو: حجر أبيض براق.
[2] العترفان: الديك.
[3] التأبيس: الإغاظة والترويع. الدغر: توثب المختلس.
[4] اليعر: صغار الغنم.
[5] الهتر: العجب.
[6] الجردة: التجرد، أي التجرد من الزغب والريش.
[7] الثرمل: أورد الجاحظ في تفسيره للبيت فيما سيأتي «الثرملة»: أنثى الثعالب، وهي مسالمة للدوبل». الدوبل: الذئب العرم.
[8] التمسح: التمساح. السحر: الرئة.(6/465)
32 - والعثّ والحفّاث ذو فحفح ... وخرنق يسفده وبر [1] ... 33وغائص في الرمل ذو حدّة ... ليس له ناب ولا ظفر [2] ... 34حرباؤها في قيظها شامس ... حتّى يوافي وقته العصر [3] ... 35يميل بالشّقّ إليها كما ... يميل في روضته الزّهر [3] ... 36والظّربان الورد قد شفّه ... حبّ الكشى، والوحر الحمر [4] ... 37يلوذ منه الضّبّ مذلوليا ... ولو نجا أهلكه الذّعر [4] ... 38وليس ينجيه إذا ما فسا ... شيء ولو أحرزه قصر [4] ... 39وهيشة تأكلها سرفة ... وسمع ذئب همّه الحضر [5] ... 40لا ترد الماء أفاعي النّقا ... لكنما يعجبها الخمر [6] ... 41وفي ذرى الحرمل ظلّ لها ... إذا غلا واحتدم الهجر [6] ... 42فبعضها طعم لبعض كما ... أعطى سهام الميسر القمر [6] ... 43وتمسح النّيل عقاب الهوا ... والّليث رأس وله الأسر [7] ... 44ثلاثة ليس لها غالب ... إلّا بما ينتقض الدّهر [7] ... 45إنّي وإن كنت ضعيف القوى ... فالله يقضي وله الأمر ... 46لست إباضيّا غبيّا ولا ... كرافضيّ غرّه الجفر ... 47كما يغرّ الآل في سبسب ... سفرا فأودى عنده السّفر [8] ... 48كلاهما وسّع في جهل ما ... فعاله عندهما كفر ... 49لسنا من الحشو الجفاة الأولى ... عابوا الذي عابوا ولم يدروا ... 50أن غبت لم يسلمك من تهمة ... وإن رنا فلحظه شزر [9] ... 51يعرض إن سالمته مدبرا ... كأنما يلسبه الدّبر [10] ... 52أبله خبّ ضغن قلبه ... له احتيال وله مكر
[1] انظر ما سيأتي من الشرح ص 496.
[2] انظر ما سيأتي من الشرح ص 505.
[3] انظر ما سيأتي من الشرح ص 507.
[4] انظر ما سيأتي من الشرح ص 511.
[5] انظر ما سيأتي من الشرح ص 519.
[6] انظر ما سيأتي من الشرح ص 528527.
[7] انظر ما سيأتي من الشرح ص 531.
[8] الآل: السراب. السفر: جماعة المسافرين.
[9] الرنو: إدامة النظر.
[10] لسبه: لسعه. الدبر: النحل والزنابير.(6/466)
53 - وانتحلوا جماعة باسمها ... وفارقوها فهم اليعر [1] ... 54وأهوج أعوج ذو لوثة ... ليس له رأي ولا قدر [2] ... 55قد غرّه في نفسه مثله ... وغرّهم أيضا كما غرّوا ... 56لا تنجع الحكمة فيهم كما ... ينبو عن الجرولة القطر [3] ... 57قلوبهم شتّى فما منهم ... ثلاثة يجمعهم أمر ... 58إلّا الأذي أو بهت أهل التّقى ... وأنّهم أعينهم خزر [4] ... 59أولئك الدّاء العضال الذي ... أعيا لديه الصّاب والمقر [5] ... 60حيلة من ليست له حيلة ... حسن عزاء النّفس والصبر
1831 [القصيدة الثانية]
قال: وأنشدني أيضا [6]: [من السريع] 1ما ترى العالم ذا حشوة ... يقصر عنها عدد القطر ... 2أوابد الوحش وأحناشها ... وكلّ سبع وافر الظّفر ... 3وبعضه ذو همج هامج ... فيه اعتبار لذوي الفكر ... 4والوزغ الرّقط على ذلّها ... تطاعم الحيّات في الجحر ... 5والخنفس الأسود في طبعه ... مودّة العقرب في السّرّ ... 6والحشرات الغبر منبثّة ... بين الورى والبلد القفر ... 7وكلها شرّ وفي شرّها ... خير كثير عند من يدري ... 8لو فكّر العاقل في نفسه ... مدّة هذا الخلق في العمر ... 9لم ير إلّا عجبا شاملا ... أو حجّة تنقش في الصّخر ... 10فكم ترى في الخلق من آية ... خفيّة الجسمان في قعر ... 11أبرزها الفكر على فكرة ... يحار فيها وضح الفجر ... 12لله درّ العقل من رائد ... وصاحب في العسر واليسر ... 13وحاكم يقضي على غائب ... قضيّة الشّاهد للأمر
[1] اليعر: صغار الغنم.
[2] اللوثة: الحمق.
[3] الجرولة: الحجارة.
[4] الخزر: جمع خزراء وأخزر، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه.
[5] الصاب والمقر: نبتان مران.
[6] تقدم البيتان (54) ص 347.(6/467)
14 - وإنّ شيئا بعض أفعاله ... أن يفصل الخير من الشّرّ ... 15بذي قوى، قد خصّه ربّه ... بخالص التّقديس والطّهر ... 16بل أنت كالعين وإنسانها ... ومخرج الخيشوم والنّحر ... 17فشرّهم أكثرهم حيلة ... كالذّئب والثّعلب والذّرّ ... 18واللّيث قد جلّده علمه ... بما حوى من شدّة الأسر [1] ... 19فتارة يحطمه خابطا ... وتارة يثنيه بالهصر ... 20والضعف قد عرّف أربابه ... مواضع الفرّ من الكرّ ... 21تعرف بالإحساس أقدارها ... في الأسر والإلحاج والصّبر [2] ... 22والبخت مقرون فلا تجهلنّ ... بصاحب الحاجة والفقر ... 23وذو الكفايات إلى سكرة ... أهون منها سكرة الخمر ... 24والضّبع الغثراء مع ذيخها ... شرّ من اللبوة والنّمر [3] ... 25لو خلّي اللّيث ببطن الورى ... والنّمر أو قد جيء بالببر ... 26كان لها أرجى ولو قضقضت ... ما بين قرنيه إلى الصّدر [4] ... 27والذئب إن أفلت من شره ... فبعد أن أبلغ في العذر ... 28وكلّ جنس فله قالب ... وعنصر أعراقه تسري ... 29وتصنع السّرفة فيهم على ... مثل صنيع الأرض والبذر ... 30والأضعف الأصغر أحرى بأن ... يحتال للأكبر بالفكر ... 31متى يرى عدوّه قاهرا ... أحوجه ذاك إلى المكر ... 32كما ترى الذئب إذا لم يطق ... صاح فجاءت رسلا تجري [5] ... 33وكلّ شيء فعلى قدره ... يحجم أو يقدم أو يجري ... 34والكيس في المكسب شمل لهم ... والعندليب الفرخ كالنّسر ... 35والخلد كالذّئب على خبثه ... والفيل والأعلم كالوبر [6] ... 36والعبد كالحرّ وإن ساءه ... والأبغث الأغثر كالصّقر [7]
[1] الجلد: الشديد القوي.
[2] الأسر: القوة.
[3] الغثراء: التي لونها الغثرة، وهي لونان من سواد وصفرة. الذيخ: الذكر من الضباع.
[4] القضقضة: أن يحطم عظام الفريسة. القرن: واحد قرون الرأس، وهي نواحيها.
[5] الرسل: القطيع من كل شيء.
[6] الأعلم: البعير، سمي بذلك لأنه مشقوق الشفة العليا. الوبر: دويبة أصغر من السنور، تقيم في البيوت. حياة الحيوان 2/ 409.
[7] الأبغث: من طير الماء طويل العنق، لونه كلون الرماد. الأغثر: ما لونه الغثرة، وهي لونان من سواد وصفرة.(6/468)
37 - لكنّهم في الدّين أيدي سبا ... تفاوتوا في الرّأي والقدر ... 38قد غمر التّقليد أحلامهم ... فناصبوا القيّاس ذا السّبر [1] ... 39فافهم كلامي واصطبر ساعة ... فإنّما النّجح مع الصّبر ... 40وانظر إلى الدّنيا بعين امرئ ... يكره أن يجري ولا يدري ... 41أما ترى الهقل وأمعاءه ... يجمع بين الصّخر والجمر ... 42وفارة البيش على بيشها ... طيّبة فائقة العطر ... 43وطائر يسبح في جاحم ... كماهر يسبح في غمر ... 44ولطعة الذئب على حسوه ... وصنعة السّرفة والدّبر ... 45ومسمع القردان في منهل ... أعجب ممّا قيل في الحجر [2] ... 46وظبية تدخل في تولج ... مؤخرها من شدّة الذّعر [3] ... 47تأخذ بالحزم على قانص ... يريغها من قبل الدّبر [4] ... 48والمقرم المعلم ما إنّ له ... مرارة تسمع في الذّكر [5] ... 49وخصية تنصل من جوفه ... عند حدوث الموت والنّحر [6] ... 50ولا يرى من بعدها جازر ... شقشقة مائلة الهدر ... 51وليس للطّرف طحال وقد ... أشاعه العالم بالأمر ... 52وفي فؤاد الثور عظم وقد ... يعرفه الجازر ذو الخبر ... 53وأكثر الحيتان أعجوبة ... ما كان منها عاش في البحر ... 54إذ لا لسان سقي ملحه ... ولا دماغ السّمك النّهري ... 55يدخل في العذب إلى جمّه ... كفعل ذي النّقلة في البرّ [7] ... 56تدير أوقاتا بأعيانها ... على مثال الفلك المجري ... 57وكلّ جنس فله مدّة ... تعاقب الأنواء في الشّهر ... 58وأكبد تظهر في ليلها ... ثمّ توارى آخر الدّهر [8]
[1] السبر: مصدر سبر الجرح، أي نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره.
[2] الحجر: الأنثى من الخيل، وانظر لقوة شم الفرس ما تقدم في 2/ 326، الفقرة (350).
[3] التولج: كناس الظبي.
[4] أراغ الصائد القنص: طلبه.
[5] المقرم: البعير يترك للفحلة والضراب. المعلم: الذي جعلت له سمة وعلامة.
[6] تنصل: تزول وتختفي.
[7] العذب: الماء العذب. جمّ الشيء: معظمه. ذو النقلة: أراد قواطع الطير التي تقطع إلى الناس في أزمان معينة من السنة.
[8] انظر ما سيأتي ص 555، فثمة شرح للأبيات (605958).(6/469)
59 - ولا يسيغ الطّعم ما لم يكن ... مزاجه ماء على قدر ... 60ليس له شيء لإزلاقه ... سوى جراب واسع الشّجر [1] ... 61والتتفل الرائغ إمّا نضا ... فشطر أنبوب على شطر [2] ... 62متى رأى اللّيث أخا حافر ... تجده ذا فشّ وذا جزر [3] ... 63وإن رأى النّمر طعاما له ... أطعمه ذلك في النّمر ... 64وإن رأى مخلبه وافيا ... ونابه يجرح في الصّخر ... 65منهرت الشّدق إلى غلصم ... فالنّمر مأكول إلى الحشر [4] ... 66وما يعادي النّمر في ضيغم ... زئيره أصبر من نمر ... 67لولا الذي في أصل تركيبه ... من شدّة الأضلاع والظّهر ... 68يبلغ بالجسر على طبعه ... ما يسحر المختال ذا الكبر [5] ... 69سبحان ربّ الخلق والأمر ... ومنشر الميت من القبر ... 70فاصبر على التّفكير فيما ترى ... ما أقرب الأجر من الوزر
1832 [تفسير القصيدة الأولى]
نقول بعون الله تعالى وقوته في تفسير قصيدة أبي سهل بشر بن المعتمر، ونبدأ بالأولى المرفوعة، التي ذكر في آخرها الإباضية، والرافضة، والنابتة. فإذا قلنا في ذلك بما حضرنا قلنا في قصيدته الثانية إن شاء الله تعالى.
1833 [ما قيل في الذئب]
أمّا قوله:
2 «كأذؤب تنهشها أذؤب ... لها عواء ولها زفر»
فإنّها قد تتهارش على الفريسة، ولا تبلغ القتل، فإذا أدمى بعضها بعضا وثبت عليه فمزّقته وأكلته. وقال الرّاجز [7]: [من الرجز]
[1] الشجر: مفرج الفم.
[2] التتفل: الثعلب، نضا: أدلى فأخرج جردانه، وسيعاد هذا البيت ص 474.
[3] أخا الحافر: أي ما له حافر من الحيوان. الفش: الأكل.
[4] المنهرت: الواسع.
[5] الجسر: الشجاع.
[6] الرجز لرؤبة في ديوانه 142، واللسان والتاج (ورق، دمي)، وثمار القلوب (579)، وبلا نسبة في التهذيب 9/ 290.(6/470)
فلا تكوني يا ابنة الأشمّ ... ورقاء دمّى ذئبها المدمّي
وقال الفرزدق [1]: [من الطويل] وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدّم
نعم حتّى ربما أقبلا على الإنسان إقبالا واحدا، وهما سواء على عداوته والجزم على أكله، فإذا أدمي أحدهما وثب على صاحبه المدمى فمزّقه وأكله، وترك الإنسان وإن كان أحدهما قد أدماه [2].
ولا أعلم في الأرض خلقا ألأم من هذا الخلق، ولا شرّا منه، ويحدث عند رؤيته الدّم له في صاحبه الطمع، ويحدث له في ذلك الطمع فضل قوة، ويحدث للمدمّى جبن وخوف، ويحدث عنهما ضعف واستخذاء [3]، فإذا تهيأ ذلك منهما لم يكن دون أكله شيء. والله أعلم حيث لم يعط الذئب قوة الأسد، ولم يعط الأسد جبن الذئب الهارب بما يرى في أثر الدم من الضعف. مثل ما يعتري الهر والهرة بعد الفراغ من السّفاد، فإن الهر قبل أن يفرغ من سفاد الهرة أقوى منها كثيرا، فإذا سفدها ولّى عنها هاربا واتبعته طالبة له، فإنها في تلك الحال إن لحقته كانت أقوى منه كثيرا.
فلذلك يقطع الأرض في الهرب، وربّما رمى بنفسه من حالق. وهذا شيء لا يعدمانه في تلك الحال.
ولم أرهم يقفون على حدّ العلة في ذلك. وهذا باب سيقع في موضعه من القول في الذئب تامّا، بما فيه من الرّواية وغير ذلك.
1834 [الذيخ والثيتل والغفر]
وأمّا قوله:
5 «من خلقه في رزقه كلّهم ... الذّيخ والثّيتل والغفر
الذّيخ: ذكر الضّبع. والثّيتل شبيه بالوعل، وهو ممّا يسكن في رؤوس الجبال، ولا يكون في القرى. وكذلك الأوعال. وليس لها حضر [4] ولا عمل محمود على البسيط، وكذلك ليس للظباء حضر ولا عمل محمود في رؤوس الجبال.
[1] ديوان الفرزدق 2/ 187 (صادر)، 749 (الصاوي) وتقدم في 5/ 171.
[2] ورد مثل هذا القول في ربيع الأبرار 5/ 417.
[3] الاستخذاء: الخضوع.
[4] الحضر الارتفاع في العدو.(6/471)
وقال الشاعر [1]: [من المتقارب] وخيل تكردس بالدارعين ... كمشي الوعول على الظاهره
وقال أيضا:
[من الكامل] والظّبي في رأس اليفاع تخاله ... عند الهضاب مقيّدا مشكولا [2]
والغفر: ولد الأروية: واحد الأروى، والأروى: جماعة من إناث الأوعال.
1835 [الصّدع والجأب]
وأما قوله:
7 «والصّدع الأعصم في شاهق ... وجأبة مسكنها الوعر»
فالصّدع: الشّاب من الأوعال. والأعصم: الذي في عصمته بياض، وفي المعصم منه سواد ولون يخالف لون جسده، والأنثى عصماء. والجأب: الحمار الغليظ الشّديد. والجأبة: الأتان الغليظة. والجأب أيضا، مهموز: المغرة [3]. وقال عنترة [4]: [من الكامل] فنجا أمام رماحهنّ كأنّه ... فوت الأسنة حافر الجأب
شبّهه بما عليه من لطوخ الدّماء برجل يحفر في معدن المغرة. والمغرة أيضا المكر. ولذلك قال أبو زبيد [5] في صفة الأسد المخمر بالدماء: [من الطويل] يعاجيهم للشّرّ ثاني عطفه ... عنايته كأنّما بات يمكر
1836 [الحية والثعلب والذر]
وأما قوله:
8 «والحية الصماء في جحرها ... والتّتفل الرائغ والذّرّ»
[1] تقدم البيت مع تخريجه في 4/ 431.
[2] اليفاع: المشرف من الأرض. المشكول: الذي قيّد بالشكال، وهي حبل تشد به قوائم الدابة.
[3] المغرة: طين أحمر يصبغ به.
[4] البيت لعنترة في معجم ما استعجم 326 (توضح)، وبلا نسبة في اللسان (جأب)، والتهذيب 11/ 223.
[5] ديوان أبي زبيد الطائي 610.(6/472)
فالتتفل هو الثّعلب، وهو موصوف بالرّوغان والخبث، ويضرب به المثل في النّذالة والدناءة، كما يضرب به المثل في الخبث والرّوغان.
وقال طرفة [1]: [من السريع] وصاحب قد كنت صاحبته ... لا ترك الله له واضحه [2] ... كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه اللّيلة بالبارحه
وقال دريد بن الصمّة [3]: [من الطويل] ومرّة قد أدركتهم فتركتهم ... يروغون بالغرّاء روغ الثّعالب
وقال أيضا [4]: [من الوافر] ولست بثعلب، إن كان كون ... يدسّ برأسه في كلّ جحر [4]
ولمّا قال أبو محجن الثّقفي لأصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، من حائط الطائف ما قال: قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنما أنت ثعلب في جحر، فابرز من الحصن إن كنت رجلا»!.
ومما قيل في ذلة الثعلب، قال بعض السّلف [5]، حين وجد الثّعلبان بال على رأس صنمه: [من الطويل] إله يبول الثّعلّبان برأسه ... لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب
فأرسلها مثلا. وقال دريد في مثل ذلك [6]: [من الطويل]
[1] ديوان طرفة بن العبد 15، ومجمع الأمثال 1/ 317، والتاج (روغ)، وبلا نسبة في التهذيب 5/ 157، واللسان (وضح)، والأول في ديوان الأدب 3/ 231، وبلا نسبة في المقاييس 6/ 119، والثاني في جمهرة الأمثال 2/ 247، والجمهرة 275، والفاخر 316، وفصل المقال 227، وبلا نسبة في مجمع الأمثال 2/ 275.
[2] الواضحة: الأسنان التي تبدو عند الضحك.
[3] ديوان دريد بن الصمة 28، والتاج (صلع)، ومعجم البلدان 3/ 422 (صلعاء)، والأصمعيات 112.
[4] ديوان دريد بن الصمة 67.
[5] البيت للعباس بن مرداس في ديوانه 167، وللعباس أو لغاوي بن ظالم السلمي أو لأبي ذر الغفاري في اللسان (ثعلب)، ولراشد بن عبد ربه في الدرر 4/ 104، وشرح شواهد المغني 317، وبلا نسبة في الجمهرة 1181، ومغني اللبيب 105، وهمع الهوامع 2/ 22.
[6] ديوان دريد بن الصمة 30، والأول في المقاييس 4/ 108، والثاني في اللسان والتاج (كنب)، والتهذيب 10/ 283، وبلا نسبة في اللسان والتاج (عكس)، والجمهرة 337، وكتاب الجيم 2/ 318، 3/ 159.(6/473)
تمنّيتني قيس بن سعد سفاهة ... وأنت امرؤ لا تحتويك المقانب [1] ... وأنت امرؤ جعد القفا متعكّس ... من الأقط الحوليّ شبعان كانب [2] ... إذا انتسبوا لم يعرفوا غير ثعلب ... إليهم، ومن شرّ السّباع الثعالب
وأنشدوا في مثل ذلك [3]: [من المنسرح] ما أعجب الدّهر في تصرّفه ... والدّهر لا تنقضي عجائبه ... يبسط آمالنا فنبسطها ... ودون آمالنا نوائبه ... وكم رأينا في الدّهر من أسد ... بالت على رأسه ثعالبه
ففي الثّعلب جلده، وهو كريم الوبر، وليس في الوبر أغلى من الثعلب الأسود.
وهو ضروب، ومنه الأبيض الذي لا يفصل بينه وبين الفنك، [4] ومنه الخلنجيّ [5]، وهو الأعمّ.
ومن أعاجيبه أن نضيّه، وهو قضيبه في خلقة الأنبوبة، أحد شطريه عظم في صورة المثقب، والآخر عصب ولحم، ولذلك قال بشر بن المعتمر [6]: [من السريع] والتّتفل الرائغ إمّا نضا ... فشطر أنبوب على شطر
وهو سبع جبان جدّا، ولكنّه لفرط الخبث والحيلة يجري مع كبار السّباع.
وزعم أعرابيّ ممن يسمع منه، أنّه طارده مرّة بكلاب له، فراوغه حتّى صار في خمر [7]، ومرّ بمكانه فرأى ثعلبا ميّتا، وإذا هو قد زكر [8] بطنه ونفخه، فوهّمه أنّه قد مات من يوم أو يومين. قال: فتعدّيته وشمّ رائحة الكلاب فوثب وثبة فصار في صحراء.
وفي حديث العامّة أنّه لما كثرت البراغيث في فروته، تناول بفيه إمّا صوفة وإمّا ليقة، ثم أدخل رجليه في الماء، فترفّعت عن ذلك الموضع، فما زال يغمس بدنه أوّلا
[1] المقانب: جمع مقنب، وهو من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين.
[2] الجعد: القصير. المتعكس: المتثني غضون القفا. الأقط: لبن مجفف يابس. الكانب: الغليظ.
[3] البيت الثالث في ربيع الأبرار 2/ 463.
[4] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان 2/ 175.
[5] الخلنجي: الذي له خطوط وطرائق مثل الطرائق التي ترى في الخرز اليماني.
[6] تقدم البيت ص 470.
[7] الخمر: ما واراك من الشجر والجبال.
[8] زكر بطنه: ملأه بالهواء.(6/474)
فأوّلا حتّى اجتمعن في خطمه، فلمّا غمس خطمه أوّلا فأوّلا اجتمعن في الصّوفة، فإذا علم أنّ الصّوفة قد اشتملت عليهنّ تركها في الماء ووثب، فإذا هو خارج عن جميعها.
فإن كان هذا الحديث حقّا فما أعجبه. وإن كان باطلا فإنّهم لم يجعلوه له إلّا للفضيلة التي فيه، من الخبث والكيس.
وإذا مشى الفرس مشيا شبيها بمشي الثعلب قالوا: مشى الثّعلبيّة قال الراعي [1]:
[من الطويل] وغملى نصيّ بالمتان كأنّها ... ثعالب موتى جلدها قد تسلّعا [2]
وقال الأصمعيّ: سرق هذا المعنى من طفيل الغنويّ ولم يجد السّرق [3].
وفي تشبيه بعض مشيته قال المرّار بن منقذ [4]: [من الرمل] صفة الثّعلب أدنى جريه ... وإذا يركض يعفور أشر [5]
وقال امرؤ القيس [6]: [من الطويل] له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
والبيت الذي ذكره الأصمعيّ لطفيل الغنوي، أنّ الرّاعي سرق معناه هو قوله [7]:
[من الطويل] وغملى نصيّ بالمتان كأنّها ... ثعالب موتى جلدها لم ينزع
وأنشدوا في جبنه قول زهير بن أبي سلمى [8]: [من المنسرح]
[1] ديوان الراعي النميري 165، واللسان والتاج (زلع، غمل)، والتهذيب 8/ 144، والجمهرة 1170، والأمالي 1/ 115، 2/ 185، والسمط 345، 803، وبلا نسبة في الجمهرة 815، 960، والمخصص 11/ 177.
[2] غملى: جمع غميل، وهو من النصي ما ركب بعضه بعضا، والنصي: بنت سبط أبيض ناعم.
المتان: جمع متان، وهو ما ارتفع من الأرض واستوى. تسلع: تشقق.
[3] انظر ما سيأتي بعد 6أسطر في هذه الصفحة.
[4] البيت في شرح اختيارات المفضل 410، والجمهرة 1330، وبلا نسبة في التهذيب 4/ 10.
[5] اليعفور: الظبي. الأشر: النشيط.
[6] ديوان امرئ القيس 21، وتقدم في 3/ 24، الفقرة (568).
[7] ديوان طفيل الغنوي 104، ووسمط اللآلي 345، وانظر لشرح البيت ما تقدم في شرح بيت الراعي.
[8] ديوان زهير 191.(6/475)
وبلدة لا ترام خائفة ... زوراء مغبّرة جوانبها [1] ... تسمع للجنّ عازفين بها ... تصيح من رهبة ثعالبها [2] ... كلّفتها عرمسا عذافرة ... ذات هباب فعما مناكبها [3] ... تراقب المحصد الممرّ إذا ... هاجرة لم تقل جنادبها [4]
والذي عندي أنّ زهيرا قد وصف الثّعلب بشدّة القلب، لأنهم إذا هوّلوا بذكر الظّلمة الوحشيّة والغيلان، لم يذكروا إلّا فزع من لا يكاد يفزع، لأنّ الشاعر قد وصف نفسه بالجراءة على قطع هذه الأرض في هذه الحال.
وفي استنذاله وجبنه قالت أمّ سالم لابنها معمر: [من الطويل] أرى معمرا لا زيّن الله معمرا ... ولا زانه من زائر يتقرّب ... أعاديتنا عاداك عزّ وذلّة ... كأنك في السّربال إذ جئت ثعلب ... فلم تر عيني زائرا مثل معمر ... أحقّ بأن يجنى عليه ويضرب
وقال عقيل بن علفة: [من الطويل] تأمّل لما قد نال أمّك هجرس ... فإنّك عبد يا زميل ذليل ... وإني متى أضربك بالسّيف ضربة ... أصبّح بني عمرو وأنت قتيل
الهجرس: ولد الثّعلب. قال: وكيف يصطاد وهو على هذه الصّفة؟
فأنشد شعر ابن ميّادة [5]: [من الطويل] ألم تر أنّ الوحش يخدع مرّة ... ويخدع أحيانا فيصطاد نورها ... بلى، وضواري الصّيد تخفق مرّة ... وإن فرهت عقبانها ونسورها [6]
[1] في ديوانه: «لا ترام: لا يقدر عليها. خائفة: ذات خوف، كقولك: عيشة راضية: ذات رضا.
زروراء: ليس طريقها بمستقيم، ولا هي على القصد. مغبرة: من الجدب. جوانبها: نواحيها».
[2] في ديوانه: «أي: تسمع لهم مثل العزف، أي: صوت المزمار والطبل من بعيد».
[3] في ديوانه: «عذافرة: ضخمة شديدة الخلق. عرمسا: ناقة شديدة. ذات هباب: أي ذات نشاط.
فعما: ممتلئا. يريد ضخمة المناكب».
[4] في ديوانه: «تراقب: ترقب السوط بشق عينها، من الخوف أن تضرب به. المحصد: الشديد الفتل، يعني السوط. الممر: المفتول. لم تقل: من القائلة، يريد من شدة الحر، والجندب هو راجل الجراد الذي ليس له جناحان يطير بهما».
[5] ديوان ابن ميادة 129.
[6] النور: جمع نوار، وهي النّفر من الظباء والوحوش وغيرها.(6/476)
قال: وسألت عنه بعض الفقهاء فقال [1]: قيل لابن عبّاس: كيف تزعمون أنّ سليمان بن داود عليهما السلام كان إذا صار في البراري، حيث لا ماء ولا شجر، فاحتاج إلى الماء، دلّه على مكانه الهدهد، ونحن نغطّي له الفخّ بالتراب الرّقيق، ونبرز له الطّعم، فيقع فيه جهلا بما تحت ذلك التراب، وهو يدلّ على الماء في قعر الأرض الذي لا يوصل إليه إلّا بأن يحفر عليه القيّم الكيّس؟
قال: فقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: «إذا جاء القدر لم ينفع الحذر» [2].
وأنشدوا: [من الكامل] خير الصديق هو الصّدوق مقالة ... وكذاك شرّهم الميون الأكذب [3] ... فإذا غدوت له تريد نجازه ... بالوعد راغ كما يروغ الثّعلب
وقال حسّان بن ثابت رضي الله عنه [4]: [من الطويل] بني عابد شاهت وجوه الأعابد ... بطاء عن المعروف يوم التّزايد ... فما كان صيفيّ يفي بأمانة ... قفا ثعلب أعيا ببعض المراصد
وأنشد [5]: [من الطويل] ويشربه مذقا ويسقي عياله ... سجاجا كأقراب الثّعالب أورقا [6]
وقال مالك بن مرداس: [من الرجز] يا أيّها ذا الموعدي بالضرّ ... لا تلعبنّ لعبة المغترّ ... أخاف أن تكون مثل هرّ ... أو ثعلب أضيع بعد حرّ ... هاجت به مخيلة الأظفر ... عسراء في يوم شمال قرّ [1]
[1] الخبر في ثمار القلوب 384 (706)، وتقدم في 3/ 250، الفقرة (917)، وفيه أن الذي سأل ابن عباس هو نجدت الحروري أو نافع بن الأزرق.
[2] في ثمار القلوب: «إذا جاء القدر عمي البصر، وفي رواية أخرى: إذا جاء الحين غطى العين».
[3] رجل ميون: كذاب.
[4] ديوان حسان بن ثابت 208.
[5] البيت بلا نسبة في اللسان (سجج، مذق، ورق)، والتاج (سجج، ورق)، والتهذيب 9/ 77، 10/ 449، والمخصص 5/ 46، ونظام الغريب 98.
[7] المذق: اللبن الممزوج بالماء. السجاج: اللبن الذي يجعل فيه الماء، أرق ما يكون. الأقراب:
جمع قرب، وهو الخاصرة. الأورق: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن.
[8] العسراء: العقاب التي في جناحها قوادم بيض. يوم شمال: أي يوم تهب فيه ريح الشمال. القر:
اليوم البارد.(6/477)
يجول منها لثق الذعر ... بصرد ليس بذي محجر [1] ... تنفض أعلى فروه المغبرّ ... تنفضّ منها نابها بشزر ... نفضا كلون الشره المخمر
المخيلة: العقاب الذّكر الأشبث. صرد: مكان مطمئن.
وقال اليقطري: كان اسم أبي الضّريس دينارا فقال له مولاه: يا دنينير! فقال:
أتصغّرني وأنت من بني مخيلة، والعقاب الذّكر بدرهم، والأنثى بنصف درهم، وأنا ثمني عشرة دراهم
1837 [سلاح الثعلب]
ومن أشدّ سلاح الثّعلب عندكم الرّوغان والتّماوت، وسلاحه أنتن وألزج وأكثر من سلاح الحبارى.
وقالت العرب: «أدهى [من ثعلب] [2]، وأنتن من سلاح الثّعلب».
وله عجيبة في طلب مقتل القنقذ، وذلك إذا لقيه فأمكنه من ظهره بال عليه.
فإذا فعل ذلك به ينبسط فعند ذلك يقبض على مراقّ بطنه.
1838 [أرزاق الحيوان]
ومن العجب في قسمة الأرزاق أنّ الذّئب يصيد الثّعلب فيأكله، ويصيد الثّعلب القنقذ فيأكله، ويريغ القنفذ الأفعى فيأكلها. وكذلك صنيعه في الحيّات ما لم تعظم الحيّة. والحيّة تصيد العصفور فتأكله، والعصفور يصيد الجراد فيأكله، والجراد يلتمس فراخ الزّنابير وكلّ شيء يكون أفحوصه على المستوي، والزّنبور يصيد النّحلة فيأكلها، والنّحلة تصيد الذبابة فتأكلها، والذبابة تصيد البعوضة فتأكلها.
1839 [الإلقة والسهل والنوفل والنضر]
وأمّا قوله [3]:
9 «وإلقة ترغث ربّاحها ... والسّهل والنّوفل والنضر»
[1] الصرد: المكان المرتفع من الجبال.
[2] زيادة يقتضيها السياق.
[3] من القصيدة التي تقدمت ص 464.(6/478)
فالإلقة ها هنا القردة. ترغث: ترضع. والرّبّاح: ولد القردة. والسّهل: الغراب.
والنّوفل: [البحر] [1]. والنّضر: [الذهب] [1]. وكلّ جريّة [2] من النّساء وغير ذلك فهي إلقة. وأنشدني بشر بن المعتمر لرؤبة [3]: [من الرجز] جدّ وجدّت إلقة من الإلق
وقد ذكرنا الهقل وشأنه في الجمر والصّخر [4]، وأكل الضّبّ أولاده [5]، في موضعه من هذا الكتاب وكذلك قوله في العترفان [6]، وهو الديك الذي يؤثر الدّجاج بالحبّ، وكأنّه منجّم أو صاحب أسطرلاب [7]. وذكرنا أيضا ما في الجراد في موضعه [8]. ولسنا نعيد ذكر ذلك، وإن كان مذكورا في شعر بشر [9].
1840 [الأبغث]
وأمّا قوله:
16 «[جرادة تخرق متن الصفا] [10] ... وأبغث يصطاده صقر»
ثم قال:
17 «سلاحه رمح فما عذره ... وقد عراه دونه الذعر»
يقول: بدن الأبغث أعظم من بدن الصقر، وهو أشدّ منه شدّة، ومنقاره كسنان الرّمح في الطول والذّرب. وربّما تجلّى له الصّقر والشّاهين فعلق الشّجر والعرار [11]، وهتك كلّ شيء. يقول: فقد اجتمعت فيه خصال في الظّاهر معينة له عليه. ولولا أنّه على حال يعلم أنّ الصّقر إنما يأتيه [قبلا] [12] ودبرا، واعتراضا، ومن عل، وأنه قد
[1] زيادة يقتضيها السياق.
[2] الجرية: الجريئة.
[3] ديوان رؤبة 107، وبلا نسبة في المقاييس 1/ 132، والمخصص 10/ 187. وتقدم في 2/ 401، الفقرة (462).
[4] انظر ما تقدم في 1/ 97، الفقرة (110)، س 1817.
[5] انظر ما تقدم في 1/ 129، الفقرة (155).
[6] انظر ما تقدم في 2/ 331329، الفقرة (354).
[7] انظر ما تقدم في 2/ 378، س 32.
[8] انظر ما تقدم في 5/.
[9] بهذه الإشارات استغنى الجاحظ عن إعادة إنشاد الأبيات 1510من هذه القصيدة.
[10] صدر البيت من ص 465.
[11] العرار: شجر عظيم جبلي تسميه الفرس: السرو.
[12] زيادة يقتضيها المعنى.(6/479)
أعطى في سلاحه وكفّه فضل [1] قوّة لما استخذى [2] له، ولما أطمعه بهربه، حتّى صارت جرأته عليه بأضعاف ما كانت.
قال بعض بني مروان [3] في قتل عبد الملك عمرو بن سعيد: [من الطويل] كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطّير اجتمعن على صقر
1841 [ما يقبل التعليم من الحيوان]
وأمّا قوله:
18 «والدّبّ والقرد إذا علّما ... والفيل والكلبة واليعر»
فإن الحيوان الذي يلقن ويحكي ويكيس ويعلّم فيزداد بالتّعليم في هذه التي ذكرنا، وهي الدّبّ والقرد، والفيل، والكلب.
وقوله: اليعر، يعني صغار الغنم. ولعمري أنّ في المكّيّة والحبشيّة لعبا.
1842 [حب الظبي للحنظل، والعقرب للتمر]
وأمّا قوله:
20 «وظبية تخضم في حنظل ... وعقرب يعجبها التّمر»
ففي الظّبي أعاجيب من هذا الضرب، وذلك أنّه ربّما رعى الحنظل، فتراه يقبض ويعضّ على نصف حنظلة فيقدّها قد الخسفة [4] فيمضغ ذلك النصف وماؤه يسيل من شدقيه، وأنت ترى فيه الاستلذاذ له، والاستحلاء لطعمه.
وخبرني أبو محجن العنزيّ، خال أبي العميثل الرّاجز، قال: كنت أرى بأنطاكية الظّبي يرد البحر، ويشرب المالح الأجاج [5].
والعقرب ترمي بنفسها في التّمر. وإنّما تطلب النّوى المنقع في قعر الإناء.
فأيّ شيء أعجب من حيوان يستعذب ملوحة البحر، ويستحلي مرارة الحنظل.
[1] فضل: زيادة.
[2] استخذى: خضع.
[3] البيت بلا نسبة في ثمار القلوب (237)، وسيأتي في 7/ 37منسوبا إلى بشر بن مروان.
[4] الخسفة: واحدة الخسف، وهو الجوز الذي يؤكل.
[5] الأجاج: الشديد الملوحة.(6/480)
وسنذكر خصال الظّبي في الباب الذي يقع فيه ذكره إن شاء الله تعالى. ولسنا نذكر شأن الضبّ والنّمل، والجعل والرّوث والورد لأنّا قد ذكرناه مرّة.
1843 [فأرة البيش]
وأمّا قوله:
23 «وفأرة البيش إمام لها ... والخلد فيه عجب هتر»
فإن فأرة البيش دويبة تشبة الفأرة، وليست بفأرة، ولكن هكذا تسمّى. وهي تكون في العياض والرّياض ومنابت الأهضام [1]. وفيها سموم كثيرة، كقرون السّنبل، وما في القسط [2]. فهي تتخلّل تلك الأهضام، وتطلب السّموم وتغتذيها. والبيش:
اسم لبعض السّموم. وهذا ممّا يعجب منه.
وقد ذكرنا شأن القنقذ والحيّة في باب القول في الحيّات [3].
1844 [العضرفوط والهدهد]
وأمّا قوله:
25 «وعضرفوط ما له قبلة»
فهو أيضا عندهم من مطايا الجنّ. وقد ذكره أيمن بن خريم فقال [4]: [من المتقارب] وخيل غزالة تنتابهم ... تجوب العراق وتجبي النّبيطا [5] ... تكرّ وتجحر فرسانهم ... كما أجحر الحيّة العضرفوطا [6]
لأن العضرفوط دويبّة صفيرة ضعيفة، والحيّات تأكلها وتغصبها أنفسها.
وأنشدوا على ألسنة الجنّ [7]: [من الطويل]
[1] الأهضام: جمع هضم، وهو المطمئن من الأرض، أو أسفل الوادي.
[2] القسط: عود يتبخر به.
[3] انظر ما تقدم في 4/ 169.
[4] ديوان أيمن بن خريم 141، والأغاني 20/ 314، والثاني في اللسان والتاج (عضرفط).
[5] تنتابهم: تأتيهم مرة بعد مرة. تجوب: تقطع. النبيط: جيل كانوا ينزلون سواد العراق. تجبي:
تأخذ منهم الجباية.
[6] تجحر: تدخلهم في الحجر، أي تحملهم على الهرب.
[7] تقدم البيت مع تخريجه ص 441.(6/481)
ومن عضرفوط حطّ بي فأقمته ... يبادر وردا من عظاء قوارب
وأمّا قوله:
25 «وهدهد يكفره بكر»
فإنّما ذلك لأنّه كان حاجّ بكر ابن أخت عبد الواحد [صاحب] [1] البكريّة، فقال له [2]: أتخبر عن حال الهدهد بخبر؟ إنه كان يعرف طاعة الله عزّ وجل من معصيته، وقد ترك موضعه وسار إلى بلاد سبأ، وهو وإن أطرف سليمان بذلك الخبر وقبله منه فإنّ ذنبه في ترك موضعه الذي وكلّ به، وجولانه في البلدان على حاله. ولا يكون ذلك مما يجعل ذنبه السابق إحسانا. والمعصية لا تنقلب طاعة، فلم لا تشهد عليه بالنّفاق؟ قال: فإني أفعل! قال: فحكى ذلك عنه فقال: أمّا هو فقد كان سلم على سليمان وقد كان قال: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذََاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطََانٍ مُبِينٍ} [3]، فلمّا أتاه بذلك الخبر، رأى أنّه قد أدلى بحجّة، فلم يعذّبه، ولم يذبحه.
فإن كان ذنبه على حاله، فكيف يكون ما هجم عليه ممّا لم يرسل فيه ولم يقصد له حجّة؟ وكيف يبقي هذا عليه.
وبكر يزعم أن الأطفال والبهائم لا تأثم، ولا يجوز أن يؤثم الله تعالى إلّا المسيئين. فقال بشر لبكر: بأيّ شيء تستدلّ على أنّ المسيء يعلم أنه مسيء؟
قال: بخجله، واعتذاره بتوبته. قال: فإنّ العقرب متى لسعت فرّت من خوف القتل، وهذا يدلّ على أنّها جانية، وأنت تزعم أنّ كلّ شيء عاص كافر، فينبغي للعقرب أن تكون كافرة، إذا لم يكن لها عذر في الإساءة.
1845 [الببر والنمر]
وأمّا قوله:
27 «والببر فيه عجب عاجب ... إذا تلاقى الليث والنّمر»
لأنّ الببر مسالم للأسد، والنّمر يطالبه، فإذا التقيا أعان الببر الأسد.
[1] إضافة يقتضيها الكلام.
[2] أي قال له بشر.
[3] 21/ النمل: 27.(6/482)
1846 [الخفاش والطائر الذي ليس له وكر]
وأمّا قوله:
28 «وطائر أشرف ذو جردة ... وطائر ليس له وكر» [1]
فإنّ الأشرف من الطّير الخفّاش، لأنّ لآذانها حجما ظاهرا. وهو متجرّد من الزّغب والرّيش، وهو يلد.
والطّائر الذي ليس له وكر، هو طائر يخبر عنه البحريّون أنّه لا يسقط إلّا ريثما يجعل لبيضه أدحيّا من تراب، ويغطّي عليه، ويطير في الهواء أبدا حتّى يموت. وإن لقى ذكر أنثى تسافدا في الهواء. وبيضه يتفقص من نفسه عند انتهاء مدّته، فإذا أطاق فرخه الطّيران كان كأبويه في عاداتهما.
1847 [الثعالب والنسور والضباع]
وأمّا قوله:
29 «وثرمل تأوي إلى دوبل ... وعسكر يتبعه النسر ... 30يسالم الضّبع بذي مرة ... أبرمها في الرحم العمر»
فالثرملة: أنثى الثّعالب، وهي مسالمة للدّوبل [2]. وأمّا قوله:
وعسكر يتبعه النّسر
فإن النسور تتبع العساكر، وتتبع الرّفاق ذوات الإبل، وقد تفعل ذلك العقبان، وتفعله الرّخم. وقد قال النّابغة [3]: [من الطويل] وثقت له بالنّصر إذ قيل له قد غدت ... كتائب من غسّان غير أشائب [4]
[1] الجردة: التجرد.
[2] الدوبل: الذئب العرم، والثعلب.
[3] ديوان النابغة الذبياني 4342، والأول في اللسان والتاج والأساس (أشب)، والتنبيه والإيضاح 1/ 41، والعين 6/ 292، والتهذيب 11/ 432، وبلا نسبة في المقاييس 1/ 108، والمجمل 1/ 193. والثاني في اللسان والتاج (أشب)، والثالث في الخزانة 4/ 289، واللسان والتاج (عصب، حلق)، والمقاييس 2/ 99، وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 68، وشرح التصريح 2/ 227، والرابع في أساس البلاغة (جنح)، والمقاييس 2/ 99، والخامس في الجمهرة 329، والمعاني الكبير 283، 477، 913، وبلا نسبة في المخصص 16/ 108.
[4] الأشائب: الأخلاط من الناس.(6/483)
بنو عمّه دنيا، وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب [1] ... إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب [2] ... جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب [3] ... تراهنّ خلف القوم خزرا عيونها ... جلوس الشّيوخ في مسوك الأرانب [4]
والأصمعي يروي: «جلوس الشيوخ في ثياب المرانب».
وسباع الطير كذلك في اتباع العساكر. وأنا أرى ذلك من الطمع في القتلى، وفي الرّذايا والحسرى، أو في الجهيض وما يجرح.
وقد قال النّابغة [5]: [من الطويل] سماما تباري الرّيح خصوما عيونها ... لهنّ رذايا بالطّريق ودائع [6]
وقال الشاعر [7]: [من الطويل] يشقّ سماحيق السّلا عن جنينها ... أخو قفرة بادي السّغابة أطحل [8]
وقال حميد بن ثور في صفة ذئب [9]: [من الطويل] إذا ما بدا يوما رأيت غياية ... من الطير ينظرن الذي هو صانع [10]
لأنّه لا محالة حين يسعى وهو جائع، سوف يقع على سبع أضعف منه أو على بهيمة ليس دونها مانع.
[1] دنيا: أراد الأدنين في النسب.
[2] العصائب: الجماعات.
[3] جوانح: مائلات للوقوع على القتلى في المعركة.
[4] خزرا عيونها: أي تنظر بمآخير أعينها. المسوك: جمع مسك، وهو الجلد.
[5] ديوان النابغة الذبياني 36، والتاج (سمم)، والعين 7/ 207.
[6] السمام: طيور تشبه السمانى، شديدة الطيران، شبه الإبل بها في سرعتها. تباري الريح: تعارضها لسرعتها. خوصا عيونها: أي غائرة العيون من الجهد والعناء. الرذايا: الساقطة المعيية التي لا تنبعث، فأخذت رحالها عنها وتركت. ودائع: قد استودعت الطريق، أي تركت فيه لإعيائها.
[7] البيت للأخطل في ديوانه 14.
[8] السمحاق: ما خرج على وجه الوليد من السلا. السلا: غشاوة رقيقة. أخو قفرة: الذئب. السغابة:
الجوع. الأطحل: الأكدر اللون كلون الطحال.
[9] البيت لحميد بن ثور في ديوانه 106، والحماسة البصرية 2/ 338، وبلا نسبة في أساس البلاغة (ظلل).
[10] غياية تكون من الطير الذي يغيي على رأسك أي يرفرف.(6/484)
وقد أكثر الشّعراء في هذا الباب حتّى أطنب بعض المحدثين وهو مسلم بن الوليد بن يزيد فقال [1]: [من البسيط] يكسو السيوف نفوس الناكثين به ... ويجعل الهام تيجان القنا الذّبل ... قد عوّد الطّير عادات وثقن بها ... فهنّ يتبعنه في كلّ مرتحل
ولا نعلم أحدا منهم أسرف في هذا القول وقال قولا يرغب عنه إلا النابغة، فإنّه قال [2]: [من الطويل] جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب
وهذا لا نثبته.
وليس عند الطّير والسّباع في اتّباع الجموع إلّا ما يسقط من ركابهم ودوابّهم وتوقّع القتل، إذ كانوا قد رأوا من تلك الجموع مرّة أو مرارا. فأمّا أن تقصد بالأمل واليقين إلى أحد الجمعين، فهذا ما لم يقله أحد.
1848 [نسر لقمان]
وقد أكثر الشّعراء في ذكر النسور، وأكثر ذلك قالوا في لبد [3].
قال النّابغة [3]: [من البسيط] أضحت خلاء وأمسى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخني على لبد [4]
فضربه مثلا في طول السّلامة. وقال لبيد [5]: [من الكامل] لما رأى صبح سواد خليله ... من بين قائم سيفه والمحمل [6]
[1] ديوان مسلم بن الوليد 1211، وديوان المعاني 1/ 116، وحماسة القرشي 338.
[2] تقدم البيت ص 484.
[3] لبد: هو نسر لقمان، انظر حديثه في ثمار القلوب 376، (694)، والمعمرون 4، والفاخر 84، والاختيارين 75، والتيجان 79، وفصل المقال 462، والمعارف 626، والسمط 845، والخزانة 11/ 143، والمستقصى 1/ 36، ومجمع الأمثال 1/ 429.
[4] ديوان النابغة الذبياني 16، والجمهرة 1057، والخزانة 4/ 5، والدرر 2/ 57، واللسان (لبد، خنا)، وعمدة الحفاظ 4/ 7 (لبد)، 4/ 94 (مسي)، وبلا نسبة في شرح قطر الندى 134، وهمع الهوامع 1/ 114، وعجزه في ثمار القلوب (694).
[5] ديوان لبيد 274، وثمار القلوب (694).
[6] في ديوانه: «صبح: هو العادي يقال إنه من ملوك الحبشة. وعنى بخليله سواد كبده لأنه يروى الأسد بقر بطنه وهو حي، فنظر إلى سواد كبده، وقيل: خليل الرجل قلبه».(6/485)
صبّحن صبحا يوم حقّ حذاره ... فأصاب صبحا قائما لم يعقل ... فالتفّ منقصفا وأضحى نجمه ... بين التراب وبين حنو الكلكل [1] ... ولقد جرى لبد فأدرك جريه ... ريب الزّمان وكان غير مثقّل ... لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل [2] ... من تحته لقمان يرجو نفعه ... ولقد رأى لقمان أن لم يأتل [3]
وإن أحسنت الأوائل في ذلك فقد أحسن بعض المحدثين وهو الخزرجي في ذكر النّسر وضرب المثل به وبلبد وصحّة بدن الغراب، حيث ذكر طول عمر معاذ بن مسلم بن رجاء، مولى القعقاع بن شور [وكان من المعمرين، طعن في السن مائة وعشرين سنة] [4]. وهو قوله [5]: [من المنسرح] إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد ... قد شاب رأس الزّمان واختضب ال ... دّهر وأثواب عمره جدد ... يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تلبس ثوب الحياة يا لبد ... قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنّك الوتد ... تسأل عربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرّمد
1849 [شعر وخبر فيما يشبه بالنسور]
وما تعلق بالسّحاب من الغيم يشبّه بالنّعام، وما تراكب عليه يشبّه بالنسور. قال الشاعر [6]: [من الطويل] خليليّ لا تستسلما وادعوا الذي ... له كلّ أمر أن يصوب ربيع ... حيا لبلاد أنفذ المحل عودها ... وجبر لعظم في شظاه صدوع ... بمستنضر غرّ النّشاص كأنّها ... جبال عليهنّ النسور وقوع [7] ... عسى أن يحلّ الحيّ جزعا وإنها ... وعلّ النوى بالظّاعنين تريع
[1] انقصف: انكسر. حنو كل شيء: اعوجاجه أو كل شيء فيه اعوجاج كاللحى والضلع. والكلكل:
الصدر.
[2] الفقير: الذي كسرت فقراته. الأعزل: المائل الذنب، توصف به الخيل.
[3] يأتلي: يقصر ويبطئ.
[4] ما بين قوسين مستدرك من ثمار القلوب (695) حيث نقل عن الجاحظ.
[5] الأبيات في ربيع الأبرار 3/ 90، وتقدمت الأبيات مع تخريج واف في 3/ 201، الفقرة (844).
[6] الأبيات في ربيع الأبرار 1/ 139، وتقدمت في 4/ 430عدا البيت الثالث.
[7] المستنضد: أراد به السحاب، وهو المتراكم منه. النشاص: السحاب المرتفع بعضه فوق بعض.(6/486)
وشبّه العجير السّلوليّ شيوخا على باب بعض الملوك بالنسور، فقال [1]: [من الطويل] فمنهن إسآدي على ضوء كوكب ... له من عمانيّ النّجوم نظير [2] ... ومنهن قرعي كلّ باب كأنّما ... به القوم يرجون الأذين نسور [3] ... إلى فطن يستخرج القلب طرفه ... له فوق أعواد السّرير زئير [4]
وذكرت امرأة من هذيل قتيلا فقالت [5]: [من البسيط] تمشى النسور إليه وهي لاهية ... مشي العذارى عليهنّ الجلابيب
تقول: هي آمنة أن تذعر ومدح بعض الشّعراء عبد العزيز بن زرارة الكلابيّ فقال [6]: [من الطويل] وعند الكلابيّ الذي حلّ بيته ... بجوّ شخاب ماضر وصبوح [7] ... ومكسورة حمر كأنّ متونها ... نسور إلى جنب الخوان جنوح [8]
مكسورة: يعني وسائد مثنيّة. وقال ابن ميّادة [9]: [من الكامل] ورجعت من بعد الشّباب وعصره ... شيخا أزبّ كأنّه نسر [10]
وقال طرفة: [من مجزوء الكامل] فلأمنعنّ منابت الضّ ... مران إذ منع النسور [11]
[1] البيتان (1، 2) في الأغاني 13/ 68، و (1، 3) في مجالس ثعلب 524والثاني في البيان والتبيين 1/ 123، والبيت الثالث في اللسان والتاج (نفض)، وبلا نسبة في الأساس (قطم).
[2] الإسآد: سير الليل كله.
[3] الأذين: الزعيم والكفيل.
[4] الفطن: الفهم الذكي.
[5] البيت لجنوب أخت عمرو ذي الكلب في شرح أشعار الهذليين 580، واللسان والتاج (جلب)، والتنبيه، والإيضاح 1/ 52، ولريطة أخت عمرو في الأغاني 22/ 353، ونوادر المخطوطات 2/ 243، وبلا نسبة في المقاييس 1/ 470.
[6] البيتان في محاضرات الأدباء 2/ 161.
[7] جو: اسم موضع. الشخاب: اللبن. الماضر: اللبن الحامض. الصبوح: ما حلب من اللبن بالغداة.
[8] جنوح: مائلات.
[9] ديوان ابن ميادة 128.
[10] الأزب: الكثير شعر الذراعين والحاجبين.
[11] لم يرد البيت في ديوانه طبعة صادر، وهو في ديوانه 155طبعة مجمع اللغة، الضمران: ضرب من الشجر.(6/487)
وفي كتاب كليلة ودمنة [1]: «وكن كالنّسر حوله الجيف، ولا تكن كالجيف حولها النسور». فاعترض على ترجمة ابن المقفّع بعض المتكلّفين من فتيان الكتّاب فقال: إنما كان ينبغي أن يقول: «كن كالضّرس حفّ بالتّحف، ولا تكن كالهبرة تطيف بها الأكلة»: وأطنّه أراد الضّروس فقال الضّرس. وهذا من الاعتراض عجب.
ويوصف النسر بشدّة الارتفاع، حتّى ألحقوه بالأنوق، وهي الرّخمة.
وقال عديّ بن زيد [2]: [من الخفيف] فوق علياء لا ينال ذراها ... يلغب النّسر دونها والأنوق [3]
وأنشدوا في ذلك: [من الكامل] أهل الدّناءة في مجالسهم ... الطّيش والعوراء والهذر ... يدنون ما سألوا وإن سئلوا ... فهم مع العيّوق والنّسر
وقال زيد بن بشر التّغلبي، في قتل عمير بن الحباب: [من الخفيف] لا يجوزنّ أرضنا مضريّ ... بخفير ولا بغير خفير ... طحنت تغلب هوازن طحنا ... وألحّت على بني منصور [4] ... يوم تردى الكماة حول عمير ... حجلان النسور حول جزور
وقال جميل [5]: [من الطويل] وما صائب من نابل قذفت به ... يد وممرّ العقدتين وثيق [6] ... له من خوافي النّسر حمّ نظائر ... ونصل كنصل الزّاعبيّ رقيق [7] ... على نبعة زوراء أمّا خطامها ... فمتن وأمّا عودها فعتيق [8]
[1] انظر كليلة ودمنة، باب الأسد والثور، ص 137.
[2] ديوان عدي بن زيد 79.
[3] اللغوب: التعب والإعياء.
[4] ديوان جميل 152151.
[5] ديوان جميل 152151والكامل 1/ 42 (المعارف)، 96 (الدالي)، والحماسة الشجرية 1/ 512، والأبيات (41) في السمط 29، والأول في أمالي القالي 1/ 7، واللسان (همن)، والتهذيب 6/ 334، والخامس في اللسان (صدق)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1347.
[6] النابل: صاحب النبل، وهي السهام. ممر العقدتين: يريد وتر الفرس.
[7] الخوافي: ريشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحيه خفيت. حمّ: سود. نظائر: متماثلة. الزاعبي من الرماح: الذي إذا هز تدافع كله كأن آخره يجري في مقدمه.
[8] النبعة: الشجرة من النبع، وهو من أشجار الجبال تتخذ منه أكرم القسي. الزوراء: المعوجة. خطام القوس: وترها. المتن: الظهر. عتيق: قديم كريم.(6/488)
بأوشك قتلا منك يوم رميتني ... نوافذ لم تظهر لهن خروق [1] ... فلم أر حربا يا بثين كحربنا ... تكشّف غمّاها وأنت صديق [2]
1850 [مسالمة النسر للضبع]
وأما قوله:
30 «يسالم الضّبع بذي مرّة ... أبرمها في الرّحم العمر»
لأنّ النّسر طير ثقيل، عظيم شره رغيب نهم. فإذا سقط على الجيفة وتملأ لم يستطع الطّيران حتى يثب وثبات، ثمّ يدور حول مسقطه مرارا، ويسقط في ذلك، فلا يزال يرفع نفسه طبقة طبقة في الهواء حتى يدخل تحته الرّيح. فكلّ من صادفه وقد بطن وتملأ، ضربه إن شاء بعصا، وإن شاء بحجر، حتّى ربما اصطاده الضّعيف من الناس.
وهو مع ذلك يشارك الضّبع في فريسة الضبع، ولا يثب عليه، مع معرفته بعجزه عن الطّيران.
وزعم أنّ ثقته بطول العمر هو الذي جرّأه على ذلك.
1851 [استطراد لغوي]
ويقال: هوت العقاب تهوي هويّا: إذا انقضّت على صيد أو غيره ما لم ترغه، فإذا أراغته قيل أهوت له إهواء. والإهواء أيضا التّناول باليد. والإراغة أن يذهب بالصيد هكذا وهكذا.
ويقال دوّم الطائر في جوّ السّماء، وهو يدوّم تدويما: إذا دار في السماء ولا يحرك جناحيه.
ويقال نسره بالمنسر [3]. وقال العجّاج [4]: [من الرجز] شاكي الكلاليب إذا أهوى ظفر ... كعابر الرؤوس منها أو نسر [5]
[1] بأوشك: بأسرع. نوافذ: طعنات نافذة.
[2] غمى الحرب: شدتها.
[3] المنسر: هو لسباع الطير بمنزلة المنقار لغيرها.
[4] ديوان العجاج 1/ 44، والثاني في اللسان والتاج (كعبر).
[5] الكلاليب: المخالب. الشاكي: الحاد، الكعابر: رؤوس العظام.(6/489)
والنسر ذو منسر، وليس بذي مخلب، وإنما له أظفار كأظفار الدّجاج.
وليس له سلاح، إنّما يقوى بقوّة بدنه وعظمه. وهو سبع لئيم عديم السّلاح، وليس من أحرار الطير وعتاقها.
(ولوع عتاق الطير بالحمرة)
ويقال إنّ عتاق الطير تنقضّ على عمود الرّحل وعلى الطّنفسة والنمرق [1] فتحسبه لحمرته لحما. وهم مع ذلك يصفونها بحدّة البصر ولا أدري كيف ذلك.
وقال غيلان بن سلمة [2]: [من الكامل] في الآل يخفضها ويرفعها ... ريع كأنّ متونه السّحل [3] ... عقلا ورقما ثمّ أردفه ... كلل على ألوانها الخمل [4] ... كدم الرّعاف على مآزرها ... وكأنّهنّ ضوامرا إجل [5]
وهذا الشّعر عندنا للمسيّب بن علس.
وقال علقمة بن عبدة [6]: [من البسيط] ردّ الإماء جمال الحيّ فاحتملوا ... وكلّها بالتّزيديات معكوم [7] ... عقلا ورقما يظلّ الطّير يتبعه ... كأنّه من دم الأجواف مدموم [8]
[1] الطنفسة: النمرقة فوق الرحل، والنمرق: الوسادة الصغيرة.
[2] الأبيات للمسيب بن علس في ديوانه 625، وانظر ما تقدم في 1/ 251، س 1511.
[3] الربع: الطريق المنفرج عن الجبل. متونه: ظهوره. السحل: الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن.
[4] العقل: ثوب أحمر يجلل به الهودج. الرقم: ضرب من البرود. الكلل: جمع كلة، وهي من الستور ما خيط فصار كالبيت. الخمل: الطنفسة، وهي الوسادة.
[5] الإجل: القطيع من بقر الوحش.
[6] ديوان علقمة 51، والأول في اللسان والتاج (زيد)، والثاني في اللسان (عقل، دمم، عقم)، والتاج (عقل، عقم)، والتهذيب 14/ 81، وبلا نسبة في العين 1/ 160، 8/ 15.
[7] في ديوانه: «رد الإماء، يقول: رددن الإبل من مراعيها لما أرادوا الرحيل. والتزيديات: ثياب منسوبة إلى تزيد بن حيدان بن عمران من قضاعة، وقال الأصمعي: التزيدات: هوادج. المعكوم:
من العكم، وهو العدل.
[8] في ديوانه: «العقل: ضرب من البرود. الرقم: ما نقش بالدارات، وهو ضرب من البرود أيضا.
مدموم: مطلي بالدم».(6/490)
1852 [شعر في العقاب]
وقال الهذليّ [1]: [من الكامل] ولقد غدوت وصاحبي وحشيّة ... تحت الرّداء بصيرة بالمشرف ... حتّى أتيت إلى فراش عزيزة ... سوداء، روثة أنفها كالمخصف [2]
يعني عقابا. وقوله: «بصيرة بالمشرف» يريد الرّيح من أشرف لها أصابته.
وقال الآخر في شبيه بهذا: [من الكامل] فإذا أتتكم هذه فتلبّسوا ... إنّ الرّماح بصيرة بالحاسر [3]
وقال آخر [4]: [من الكامل] كأنّي إذ عدوا ضمّنت بزّي ... من العقبان خائتة طلوبا [5] ... جريمة ناهض في رأس نيق ... ترى لعظام ما جمعت صليبا [6]
وقال طفيل الغنويّ [7]: [من الطويل] تبيت كعقبان الشّريف رجاله ... إذا ما نووا إحداث أمر معطّب [8]
[1] البيتان لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1089، والأول في اللسان (وحش)، والتاج (عزز، وحش)، والتهذيب 5/ 145، وللهذلي في المخصص 8/ 147، والثاني في اللسان والتاج (روث، عزز، فرش، خصف)، والتهذيب 7/ 147، 15/ 125، وخلق الإنسان 146، ونظام الغريب 26، وللهذلي في المقاييس 2/ 186، والمخصص 1/ 29، 4/ 113، 8/ 147، والأساس (خصف)، والتهذيب 11/ 347.
[2] روثة الأنف، عنى به المنقار، المخصف: المثقب.
[3] تلبسوا: البسوا السلاح. الحاسر: الذي لا سلاح عليه.
[4] البيتان لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1205، واللسان والتاج (صلب)، والأول في اللسان (بزز) بلا نسبة، والثاني في اللسان والتاج (جرم)، والمخصص 8/ 147، والمجمل 1/ 425، والتهذيب 11/ 67، 12/ 196، والتنبيه والإيضاح 1/ 103، وبلا نسبة في الجمهرة 465، والمقاييس 1/ 446. والمخصص 13/ 117، وديوان الأدب 1/ 399.
[5] البز: السلاح. الخائتة: التي تنقض على الصيد لتأخذه فتسمع لجناحيها صوتا.
[6] الجريمة: الكاسبة. الناهض: الفرخ. النيق: أرفع موضع من الجبل. الصليب: الودك، أو ودك العظام.
[7] ديوان طفيل الغنوي 20، والمعاني الكبير 250، 971، ومعجم البلدان 3/ 341 (الشريف).
[8] الشريف: تصغير شرف، وهو الموضع العالي، وهو ماء لبني نمير، وله تنسب العقبان. معطب: ذو عطب، وهو الهلاك.(6/491)
أي أمهلوا. وقال دريد [1]: [من الطويل] تعلّلت بالشّطّاء إذ بان صاحبي ... وكلّ امرئ قد بان إذ بان صاحبه [2] ... كأني وبزّي فوق فتخاء لقوة ... لها ناهض في وكرها لا تجانبه [3] ... فباتت عليه ينفض الطّلّ ريشها ... تراقب ليلا ما تغور كواكبه ... فلما تجلّى اللّيل عنها وأسفرت ... تنفّض حسرى عن أحصّ مناكبه [4] ... رأت ثعلبا من حرّة فهوت له ... إلى حرّة والموت عجلان كاربه [5] ... فخرّ قتيلا واستمرّ بسحره ... وبالقلب يدمى أنفه وترائبه [6]
1853 [جفاء العقاب]
زعم صاحب المنطق أنّه ليس شيء في الطّير أجفى لفراخه من العقاب وأنّه لا بدّ من أن يخرج واحدا، وربما طردهنّ جميعا حتّى يجيء طائر يسمّى «كاسر العظام» فيتكفّل به.
ودريد بن الصّمّة يقول: [من الطويل] كأني وبزّي فوق فتخاء لقوة ... لها ناهض في وكرها لا تجانبه
1854 [ما يعتري العقاب عند الشبع]
وقد يعتري العقاب، عند شبعها من لحم الصّيد، شبيه بالذي ذكرنا في النسر.
وأنشد أبو صالح مسعود بن قند، لبعض القيسيّين: [من الطويل] قرى الطّير بعد اليأس زيد فأصبحت ... بوحفاء قفر ما يدبّ عقابها [7] ... وما يتخطّى الفحل زيد بسيفه ... ولا العرمس الوجناء قد شقّ نابها [8]
[1] ديوان دريد بن الصمة 38، والأول في التاج (شمط).
[2] الشطّاء: قال محقق ديوانه: (قد تكون السّماء، وهي فرس صخر أخي الخنساء «المخصص 5/ 23»، والمعروف أن دريدا كان صديقا لإخوتها وقد رثى أخاها معاوية بقصيدة رائية).
[3] البز: السلاح: الفتخاء: العقاب، وأصل الفتخ: اللين. اللقوة: العقاب السريعة الاختطاف.
الناهض: الفرخ.
[4] أسفرت: أصبحت. الأحص: الأجرد أو القليل الشعر.
[5] كاربه: دان منه.
[6] السحر: الرئة. الترائب: جمع تريبة، وهي عظام الصدر.
[7] الوحفاء: الأرض السوداء.
[8] ما يتخطى: أي ينحرهما لا يعبأ بكرمهما، ويهين لضيفه كرائم المال. العرمس: الناقة الصلبة الشديدة. والوجناء: الضخمة. شق الناب: طلع.(6/492)
وإن قيل مهلا إنّه شدنيّة ... يقطّع أقران الجبال جذابها [1]
خبّر أنّه يعتري العقاب من الثّقل عند الطيران. من البطنة، ما يعتري النسر.
1855 [شعر في العقاب]
وقال امرؤ القيس إن كان قاله [2]: [من البسيط] 1كأنّها حين فاض الماء واحتملت ... فتخاء لاح لها بالقفرة الذّيب [3] ... 2فأبصرت شخصه من فوق مرقبة ... ودون موقعها منه شناخيب [4] ... 3فأقبلت نحوه في الجوّ كاسرة ... يحثّها من هويّ اللّوح تصويب [5] ... 4صبّت عليه ولم تنصبّ من أمم ... إنّ الشّقاء على الأشقين مصبوب [6] ... 5كالدّلو بتّت عراها وهي مثقلة ... إذ خانها وذم منها وتكريب [7] ... 6لا كالتي في هواء الجوّ طالبة ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب [8] ... 7كالبرق والريح مرآتاهما عجب ... ما في اجتهاد على الإصرار تغبيب [9] ... 8فأدركته فنالته مخالبها ... فانسلّ من تحتها والدّفّ مثقوب [10]
[1] الشدنية: إبل منسوبة إلى شدن، وهو فحل باليمن. الأقران: جمع قرن، وهو الحبل يقرن به البعيران.
[2] الأبيات لامرئ القيس أو لإبراهيم بن بشير الأنصاري في ديوان امرئ القيس 229226، والأول لامرئ القيس في الأساس (حفل)، وللراعي النميري في ملحق ديوانه 299، واللسان والتاج (صرح)، والعين 3/ 115، وبلا نسبة في اللسان والتاج (صقع)، والتهذيب 4/ 239، والثاني بلا نسبة في العين 4/ 326، والخامس لامرئ القيس في اللسان والتاج (كرب)، والسادس لامرئ القيس في الخزانة 4/ 90، 91، 92، وشرح المفصل 2/ 114، والكتاب 2/ 294، وسر صناعة الإعراب 235، وبلا نسبة في الجمهرة 998، ورصف المباني 43، واللسان (ويا).
[3] فاض الماء: يريد العرق. الفتخاء: العقاب، وأصل الفتخ: اللين.
[4] المرقبة: الموضع العالي يرقب منه العدو. الشناخيب: رؤوس في أعالي الجبال لا يعلو عليها إلا ما طار.
[5] كاسرة: تضم جناحيها للسقوط. الهوي: هبوب الريح. اللوح: الهواء بين السماء والأرض.
التصويب: الخفض.
[6] الأمم: القرب.
[7] قوله: «كالدلو» أراد أن انقضاض هذه العقاب إلى هذا الذئب كالدلو. وقوله «بتت» أي قطعت.
الوذم: سير يعلق بعرا الدلو. التكريب: أن يشد خيط من قنب مع الدلو إلى الرشاء وهو الحبل.
ليكون عونا واستظهارا متى انقطعت عروة أو انحلت عقدة أمسكها فلا تقع في البئر.
[8] الطالبة: العقاب. وقوله: «كهذا» يريد الذئب.
[9] تغبيب: ليست فيهما بقية من السرعة والعدو.
[10] الدف: الجنب.(6/493)
9 - يلوذ بالصّخر منها بعد ما فترت ... منها ومنه الصّخر الشآبيب [1] ... 10ثمّ استغاثت بمتن الأرض تعفره ... وباللسان وبالشّدقين تتريب [2] ... 11ما أخطأته المنايا قيس أنملة ... ولا تحرّز إلّا وهو مكثوب [3] ... 12يظلّ منجحرا منها يراقبها ... ويرقب اللّيل إنّ اللّيل محبوب [4]
وقال زهير [5]: [من البسيط] تنبذ أفلاذها في كلّ منزلة ... تنتخ أعينها العقبان والرّخم [6]
تنتخ: أي تنزع وتستخرج. والعرب تسمّي المنقاش المنتاخ.
ويقال: نقّت الرّخم تنقّ نقيقا. وأنشد أبو الجرّاح: [من الوافر] حديثا من سماع الدّلّ وعر ... كأنّ نقيقهنّ نقيق رخم
والنقيق مشترك. يقال: نقّ الضفدع ينقّ نقيقا.
ويقال: «أعزّ من الأبلق العقوق» [7]، و: «أبعد من بيض الأنوق» [8].
فأمّا بيض الأنوق فربما رئي. وذلك أنّ الرّخم تختار أعالي الجبال، وصدوع الصّخر، والمواضع الوحشيّة. وأمّا الأبلق فلا يكون عقوقا. وأما العقوق البلقاء فهو مثل. وقال: [من الطويل] ذكرناك أن مرّت أمام ركابنا ... من الأدم مخماص العشيّ سلوب [9] ... تدلّت عليها تنفض الرّيش تحتها ... براثنها وراحهنّ خضيب [10]
[1] يلوذ: يلجأ. فترت: ضعفت. الشآبيب: جمع شؤبوب أي الدفعة من المطر، وجعلها للعدو والطيران.
[2] متن الأرض: ظهرها. تعفره: تضرب به التراب وهو العفر.
[3] مكثوب: أي كثبته العقاب: قاربته أو تلته.
[4] منجحرا: داخلا في الجحر.
[5] ديوان زهير 120، واللسان (فلا)، والتاج والأساس (نتخ)، والجمهرة 390، والمقاييس 2/ 98، 5/ 386، والمجمل 4/ 374، وبلا نسبة في اللسان (نتخ)، والتهذيب 3/ 304.
[6] تنبذ: تلقي. أفلاذها: أولادها.
[7] مجمع الأمثال 2/ 43، والدرة الفاخرة 1/ 299، وجمهرة الأمثال 2/ 64، والمستقصى 1/ 242، وفصل المقال 493، وأمثال ابن سلام 362.
[8] مجمع الأمثال 1/ 115، والدرة الفاخرة 1/ 76، والمستقصى 1/ 24.
[9] الركاب الأدم: الإبل يخالط بياضها سواد. المخماص: وصف من الخمص وهو الجوع.
[10] البراثن: هي للسباع كالأصابع من الإنسان. الراح جمع راحة وهي الكف.(6/494)
خداريّة صقعاء دون فراخها ... من الطّود فأوبينها ولهوب [1] ... إذا القانص المحروم آب ولم يصب ... فمطعمه جنح الظّلام نصيب ... فأصبحت بعد الطير ما دون فارة ... كما قام فوق المنصتين خطيب
وقال بشر بن أبي خازم [2]: [من الوافر] فما صدع بخيّة أو بشرق ... على زلق زمالق ذي كهاف [3] ... تزلّ اللّقوة الشّغواء عنها ... مخالبها كأطراف الأشافي [4]
وقال بشر أيضا [5]: [من الطويل] تدارك لحمي بعد ما حلّقت به ... مع النّسر فتخاء الجناح قبوض [6] ... فإن تجعل النّعماء منك تمامة ... ونعماك نعمى لا تزال تفيض ... تكن لك في قومي يد يشكرونها ... وأيدي النّدى في الصالحين قروض [7]
وعلى شبيه بهذا البيت الآخر. قال الحطيئة [8]: [من البسيط] من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والنّاس
وقال عقيل بن العرندس: [من الطويل] حبيب لقرطاس يؤدّي رسالة ... فيالك نفسا كيف حان ذهولها ... وكنت كفرخ النسر مهّد وكره ... بملتفّة الأفنان حيل مقيلها [9]
[1] الخدارية: السوداء. الصقعاء: التي في رأسها بياض. الفأو: مهواة بين جبلين.
[2] ديوان بشر بن أبي خازم 149148 (166)، وعيار الشعر 177.
[3] الصدع: وعل بين الوعلين، وهو الذي ليس بالعظيم ولا الصغير. حية: جبل من جبال طيئ. شرق:
موضع في جبل طيئ. الزلق: المكان الذي لا تثبت عليه القدم. الزمالق: أصله الغلام الخفيف في عدوه. الكهاف: جمع كهف.
[4] اللقوة: العقاب السريعة الاختطاف. الشغواء: العقاب. الأشافي: جمع الإشفى، وهو المثقب.
[5] ديوان بشر بن أبي خازم 107 (135).
[6] الفتخاء: اللينة الجناح تكسره كيف شاءت. القبوض: تقبض جناحيها، أي تجمعهما.
[7] الندى: السخاء والكرم. قروض: جمع قرض، وهو ما يتجازى به الناس بينهم ويتقاضونه من إحسان ومن إساءة.
[8] ديوان الحطيئة 51، والخصائص 2/ 489، والأغاني 2/ 174، وشرح الأشموني 3/ 587، والتاج (الفاء)، ومجمع الأمثال 2/ 162.
[9] الحيل: الماء المستنقع في بطن الوادي.(6/495)
1856 [التمساح والسمك]
وأمّا قوله:
31 «وتمسح خلّله طائر ... وسابح ليس له سحر»
فالتمساح مختلف الأسنان، فينشب فيه اللحم، فيغمّه فينتن عليه، وقد جعل في طبعه أن يخرج عند ذلك إلى الشط، ويشحا [1] فاه لطائر يعرفه بعينه، يقال إنه طائر صغير أرقط مليح. فيجيء من بين الطير حتى يسقط بين لحييه ثم ينقره بمنقاره حتّى يستخرج جميع ذلك اللحم، فيكون غذاء له ومعاشا، ويكون تخفيفا عن التّمساح وترفيها [2]. فالطائر الصغير يأتي ما هنالك يلتمس ذلك الطّعم، والتمساح يتعرّض له، لمعرفته بذلك منه.
وأمّا قوله:
«وسابح ليس له سحر».
فإن السمك كلّه لا رئة له. قالوا: وإنما تكون الرّئة لمن يتنفس. هذا، وهم يرون منخري السّمك، والخرق النّافذ في مكان الأنف منه، ويجعلون ما يرون من نفسه إذا أخرجوه من الماء أن ذلك ليس بنفس يخرج من المنخرين، ولكنه تنفس جميع البدن.
1857 [العث والحفاث]
وأمّا قوله:
32 «والعث والحفّاث ذو نفخة ... وخرنق يسفده وبر»
فإنّ الحفّاث دابّة تشبه الحيّة وليست بحيّة، وله وعيد شديد، ونفخ وتوثّب، ومن لم يعرفه كان له أشدّ هيبة منه للأفاعي والثّعابين. وهو لا يضرّ بقليل ولا كثير، والحيّات تقتله. وأنشد [3]: [من الكامل] أيفايشون وقد رأوا حفّاثهم ... قد عضّه فقضى عليه الأسود [4]
[1] يشحا: يفتح.
[2] انظر ما تقدم في 4/ 228، س 65.
[3] ثمة بيت بقافية «الأشجع» لجرير في ديوانه 913، واللسان والتاج (حفث، فيش).
[4] يفايشون: يفاخرون. الأسود: أخبث الحيات.(6/496)
والعثّ: دويبة تقرض كلّ شيء، وليس له خطر ولا قوّة ولا بدن.
قال الرّاجز [1]: [من الرجز] يحثّني وردان أيّ حثّ ... وما يحثّ من كبير عثّ ... إهابه مثل إهاب العثّ
وأنشد: [من الوافر] وعثّ قد وكلت إليه أهلي ... فطاح الأهل واجتيح الحريم ... وما لاهى به طرف فيوحي ... ولا صكّ إذا ذكر القضيم [2]
وأنشد آخر [3]: [من المتقارب] فإن تشتمونا على لؤمكم ... فقد يقرض العثّ ملس الأديم
وقالوا في الحفّاث، هجا الكروبي أخاه فقال: [من الوافر] حبارى في اللّقاء إذا التقينا ... وحفّاث إذا اجتمع الفريق
وقال أعرابي: [من الطويل] ولست بحفّاث يطاول شخصه ... وينفخ نفخ الكير وهو لئيم
وقع بين رجل من العرب ورجل من الموالي كلام، فأربى عليه المولى، وكان المولى فيه مشابه من العرب والأعراب، فلم يشكّ ذلك العربيّ أن ذلك المولى عربيّ، وأنّه وسط عشيرته، فانخزل [4] عنه فلم يكلمه، فلما فارقه وصار إلى منزله علم أنه مولى، فبكر عليه غدوة، فلما رأى خذلان جلسائه له ذلّ واعتذر، فعند ذلك قال العربيّ في كلمة له: [من الطويل] ولم أدر ما الحفاث حتّى بلوته ... ولا نفض للأشخاص حتّى تكشّفا [5]
وقد أدركت هذه القضية وكانت في البحرين، عند مسحر بن السكن عندنا بالبصرة. فهو قوله: «والعثّ والحفّاث ذو نفخة» لأن الحفاث له نفخ وتوثّب، وهو ضخم شنيع المنظر، فهو يهول من لا يعرفه.
[1] ورد البيت الثالث بلا نسبة في البرصان 193.
[2] القضيم: الرق الأبيض الذي يكتب فيه.
[3] البيت للمخبل في مجمع الأمثال 1/ 434، وبلا نسبة في حياة الحيوان 2/ 15 (العثة).
[4] انخزل: انقطع وانفرد.
[5] النفض: أن ينظر جميع ما في الشيء حتى يعرفه.(6/497)
وكان أبو ديجونة مولى سليمان، يدّعي غاية الإقدام والشّجاعة والصّرامة، فرأى حفّاثا وهو في طريق مكة، فوجده وقد قتله أعرابيّ، ورآه أبو ديجونة كيف ينفخ ويتوعّد، فلم يشك إلا أنه أخبت من الأفعى ومن الثعبان، وأنه إذا أتى به أباه وادعى أنه قتله سيقضي له بقتل الأسد والببر والنمر في نقاب، فحمله وجاء به إلى أبيه وهو مع أصحابه، وقال: ما أنا اليوم إلا ذيخ [1] وما ينبغي لمن أحسّ بنفسه مثل الذي أحس أن يرمى في المهالك والمعاطب، وينبغي أن يستبقيها لجهاد أو دفع عن حرمة وحريم يذبّ عنه! وذلك أني هجمت على هذه الحيّة، وقد منعت الرّفاق من السّلوك، وهربت منها الإبل، وأمعن في الهرب عنه كلّ جمّال ضخم الجزارة [2]، فهزتني إليه طبيعة الأبطال، فراوغتها حتى وهب الله الظّفر. وكان من البلاء أنها كانت بأرض ملساء ما فيها حصاة، وبصرت بفهر على قاب غلوة، فسعيت إليه وأنا أسوار كما تعلمون فو الله ما أخطات حاقّ لهزمته [3] حتى رزق الله عليه الظّفر. وأبوه والقوم ينظرون في وجهه، وهم أعلم النّاس بضعف الحفّاث، وأنّه لم يؤذ أحدا قط، فقال له أبوه: ارم بهذا من يدك، لعنك الله ولعنه معك، ولعن تصديقي لك ما كنت تدّعيه من الشّجاعة والجراءة! فكبّروا عليه وسمّوه قاتل الأسد.
ومما هجوا به حين يشبّهون الرّجل بالعث، في لؤمه وصغر قدره قول مخارق الطائي، حيث يقول [4]: [من الوافر] وإني قد علمت مكان عثّ ... له إبل معبّسة تسوم [5] ... عن الأضياف والجيران عزّت ... فأودت والفتى دنس لئيم [6] ... وإني قد علمت مكان طرف ... أغرّ كأنّه فرس كريم [7] ... له نعم لعام المحل فيها ... ويروى الضّيف، والزّقّ العظيم [8]
[1] الذيخ: الذكر من الضباع.
[2] الجزارة: اليدان والرجلان.
[3] اللهزمة: أصول الحنك.
[4] الأبيات لعارق الطائي في الوحشيات 250.
[5] معبسة: عبست الإبل: علاها العبس، وهو ما يبس على هلب الذنب والفخذ من البول والبعر، وذلك زمن المرعى، فتسمن ويكون عليها الشحم.
[6] عزت: منعت عن الأضياف والجيران لعزتها على صاحبها.
[7] الطرف: الكريم من الرجال.
[8] الزق: زق الخمر، أي يسقي ضيفه اللبن والخمر.(6/498)
1858 [الوبر والخرنق]
وأمّا قوله:
32 «وخرنق يسفده وبر»
فإنّ الأعراب يزعمون أنّ الوبر يشتهي سفاد العكرشة وهي أنثى الأرانب ولكنّه يعجز عنها، فإذا قدر على ولدها وثب عليه. والأنثى تسمى العكرشة، والذّكر هو الخزر، والخرنق ولدهما. قال الشاعر: [من الكامل] قبح الإله عصابة نادمتهم ... في جحجحان إلى أسافل نقنق ... أخذوا العتاق وعرّضوا أحسابهم ... لمحرّب ذكر الحديد معرّق ... ولقد قرعت صفاتكم فوجدتكم ... متشبّثين بزاحف متعلّق ... ولقد غمزت قناتكم فوجدتها ... خرعاء مكسرها كعود محرق ... ولقد قبضت بقلب سلمة قبضة ... قبض العقاب على فؤاد الخرنق ... ثمّ اقتحمت للحمه فأكلته ... في وكر مرتفع الجناب معلّق
قالوا: إنه قالها أبو حبيب بعد أن قال جشم ما قال، وقد قدّم إليه طعامه.
1859 [ما يشبه الخزز]
ووصف أعرابيّ خلق أعرابيّ فقال: كأن في عضلته خززا، وكأنّ في عضده جرذا.
وأنشدوا لماتح ووصف ماتحا، ورآه يستقي على بئره، فقال [1]: [من الرجز] أعددت للورد إذ الورد حفز ... دلوا جرورا وجلالا خزخز ... وماتحا لا ينثني إذا احتجز ... كأنّ تحت جلده إذا احتفز ... في كلّ عضو جرذين أو خزز
وسنقول في الأرنب بما يحضرنا إن شاء الله تعالى.
[1] تقدم تخريج الرجز في 5/ 141.(6/499)
باب في الأرانب
القول في الأرانب
1860 [قصر كراع الأرنب]
قال الشاعر [1]: [من الكامل] زعمت غدانة أن فيها سيّدا ... ضخما يوازنه جناح الجندب ... يرويه ما يروي الذّباب فينتشي ... سكرا ويشبعه كراع الأرنب
وإنما ذكر كراع الأرنب من بين جميع الكراعات لأنّ الأرنب هي الموصوفة بقصر الذّراع وقصر اليد. ولم يرد الكراع فقط، وإنما أراد اليد بأسرها. وإنما جعل ذلك لها بسبب نحن ذاكروه إن شاء الله تعالى.
والفرس يوصف بقصر الذّراع فقط.
1861 [التوبير]
والتّوبير لكلّ محتال من صغار السّباع، إذا طمع في الصيد أو خاف أن يصاد، كالثّعلب، وعناق الأرض هي التي يقال لها التّفة، وهي دابّة نحو الكلب الصّغير، تصيد صيدا حسنا، وربّما واثب الإنسان فعقره، وهو أحسن صيدا من الكلب.
وفي أمثالهم: «لأنت أغنى من التفة عن الرّفة» [2]، وهو التّبن الذي تأكله الدوابّ والماشية من جميع البهائم. والتّفة سبع خالص لا يأكل إلا اللحم.
والتّوبير: أن تضمّ براثنها فلا تطأ على الأرض إلا ببطن الكفّ، حتى لا يرى لها أثر براثن وأصابع. وبعضها يطأ على زمعاته، [3] وبعضها لا يفعل ذلك. وذلك كله في السهل. فإذا أخذت في الحزونة والصّلابة، وارتفعت عن السّهل حيث لا ترى لها آثار قالوا: ظلفت الأثر تظلفه ظلفا. وقال النّميري: أظلفت الأثر إظلافا.
1862 [بعض ما قيل في الأرنب]
وعن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر: «ما الدّنيا في الآخرة إلّا كنفجة أرنب» [4].
[1] البيتان للأبيرد بن المعذر الرياحي أو لزياد الأعجم، انظر ما تقدم في 3/ 189، الفقرة (827)، الحاشية الثانية.
[2] مجمع الأمثال 2/ 63، والدرة الفاخرة 1/ 321، وجمهرة الأمثال 2/ 84، والمستقصى 1/ 264.
[3] الزمعات: هنات شبه أظفار الغنم، في كل قائمة زمعتان كأنما خلقت من قطع القرون.
[4] القول في النهاية 5/ 88.(6/500)
ويقال حذفته بالعصا كما تحذف الأرنب.
وقال أبو الوجيه العكلي [1]: «لو كانت والله الضبّة دجاجة لكانت الأرنب درّاجة». ذهب إلى أنّ الأرانب والدّرّاج لا تستحيل لحومها ولا تنقلب شحوما، وإنّما سمنها بكثرة اللّحم. وذهب إلى ما يقول المعجبون منهم بلحم الضّبّ فإنّهم يزعمون أنّ الطعمين متشابهان. وأنشد [2]: [من الرجز] وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد ... لما تركت الضّبّ يسعى بالواد
قال: والضبّ يعرض لبيض الظّليم ولذلك قال الحجّاج لأهل الشّام [3]: «إنّما أنا لكم كالظّليم الرّامح عن فراخه، ينفي عنها المدر [4]، ويباعد عنها الحجر، ويكنّها من المطر، ويحميها من الضّباب، ويحرسها من الذئاب. يا أهل الشّام أنتم الجنّة والرّداء، وأنتم العدّة والحذاء».
1863 [ما يشبه بالأرنب]
ثم رجع بنا القول إلى الأرانب. فممّا في الخيل مما يشبه الأرنب قول الأعشى [5]: [من الكامل] أمّا إذا استقبلته فكأنّه ... جذع سما فوق النّخيل مشذّب ... وإذا تصفّحه الفوارس معرضا ... فتقول سرحان الغضا المتنصّب ... أمّا إذا استدبرته فتسوقه ... ساق يقمّصها وظيف أحدب ... منه، وجاعرة كأنّ حماتها ... كشطت مكان الجلّ عنها أرنب
وقال عبد الرّحمن بن حسّان: [من المتقارب] كأنّ حماتيهما أرنبا ... ن غيضتا خيفة الأجدل [6]
1864 [طول عمر الأغضف والأرنب]
وأنشد الأثرم: [من الرجز]
[1] القول في ربيع الأبرار 5/ 468.
[2] تقدم الرجز مع تخريج واف في ص 367.
[3] ورد قول الحجاج في البيان 2/ 140.
[4] المدر: قطع الطين اليابس.
[5] تقدمت الأبيات في 1/ 181، الفقرة (207) منسوبة إلى الأعشى، وهي للمرار العدوي في كتاب الخيل لأبي عبيدة 10099، و، البيت الأول لأنيف بن جبلة في اللسان (أول).
[6] قافية البيت في الأصل «الأذؤب»، والتصويب مما تقدم في 1/ 181، الفقرة (207)، والمعاني الكبير 1/ 164، والأنوار 1/ 297.(6/501)
بأغضف الأذن الطّويل العمر ... وأرنب الخلّة تلو الدّهر [1]
قد سمعت من يذكر أنّ كبر أذن الإنسان دليل على طول عمره، حتّى زعموا أنّ شيخا من الزّنادقة، لعنهم الله تعالى، قدّموه لتضرب عنقه فعدا إليه غلام سعديّ كان له، فقال: أليس قد زعمت يا مولاي أنّ من طالت أذنه طال عمره؟ قال: بلى! قال:
فهاهم يقتلونك! قال: إنما قلت: إن تركوه! وأنا لا أعرف ما قال الأثرم، ولا سمعت شعرا حديثا ولا قديما يخبر عن طول عمر الأرنب. قال الشّاعر: [من الرجز] معبلة في قدح نبع حادر ... تسقى دم الجوف لظفر قاصر [2] ... إذ لا تزال أرنب أو فادر ... أو كروان أو حبارى حاسر [3] ... إلى حمار أو أتان عاقر
1865 [لبن الأرنب]
قال: ويزعمون أنه ليس شيء من الوحش، في مثل جسم الأرنب أقلّ لبنا ودرورا على ولد منها. ولذلك يضرب بدرّها المثل، فممّن قال في ذلك عمرو بن قميئة، حيث يقول [4]: [من الخفيف] ليس بالمطعم الأرانب إذ قلّ ... ص درّ اللّقاح في الصّنّبر ... ورأيت الإماء كالجعثن البا ... لي عكوفا على قرارة قدر ... ورأيت الدّخان كالودع الأه ... جن ينباع من وراء السّتر ... حاضر شرّكم وخيركم د ... رّ خريس من الأرانب بكر
1866 [قصر يدي الأرنب]
والأرنب قصير اليدين، فلذلك يخفّ عليه الصّعداء [5] والتوقّل في الجبال.
وعرف أنّ ذلك سهل عليه. فصرف بعض حيله إلى ذلك، عند إرهاق الكلاب إيّاه.
ولذلك يعجبون بكلّ كلب قصير اليدين، لأنه إذا كان كذلك كان أجدر أن يلحقها.
[1] الأغضف الأذن: المسترخيها. تلو الدهر: ولده.
[2] المعبلة: النصل الطويل العريض. الحادر: الغليظ.
[3] الفادر: المسن من الأوعال. الحاسرك الذي لا ريش عليه.
[4] ديوان عمرو بن قميئة 7877، وتقدمت الأبيات في 5/ 40، الفقرة (1297).
[5] أي الأرض الصعداء، وهي التي يشتد صعودها على الراقي.(6/502)
1867 [من أعاجيب الأرنب]
وفي الأرانب من العجب أنها تحيض، وأنها لا تسمن، وأن قضيب الخزز ربّما كان من عظم، على صورة قضيب الثّعلب [1].
ومن أعاجيبها أنّها تنام مفتوحة العين، فربّما جاء الأعرابيّ حتّى يأخذها من تلقاء وجهها، ثقة منه بأنّها لا تبصر.
وتقول العرب: هذه أرنب، كما يقولون: هذه عقاب ولا يذكّرون. وفيها التّوبير الذي ليس لشيء من الدوابّ التي تحتال بذلك، صائدة كانت أو مصيدة، وهو الوطء على مؤخر القوائم، كي لا تعرف الكلاب آثارها، وليس يعرف ذلك من الكلاب إلّا الماهر، وإنّما تفعل ذلك في الأرض اللّيّنة. وإذا فعلت ذلك لم تسرع في الهرب. وإن خافت أن تدرك انحرفت إلى الحزونة والصّلابة. وإنما تستعمل التّوبير قبل دنو الكلاب.
وليس لشيء من الوحش، ممّا يوصف بقصر اليدين ما للأرنب من السرعة.
والفرس يوصف بقصر الكراع فقط
1868 [زعم في كعب الأرنب]
وكانت العرب في الجاهليّة تقول [2]: من علّق عليه كعب أرنب لم تصبه عين ولا نفس ولا سحر، وكانت عليه واقية لأنّ الجنّ تهرب منها، وليست من مطاياها لمكان الحيض.
وقد قال في ذلك امرؤ القيس [3]: [من المتقارب] يا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا [4]
[1] انظر ما تقدم في هذا الجزء ص 474.
[2] انظر عيار الشعر 64، ونهاية الأرب 3/ 123، وما تقدم في هذا الجزء ص 341.
[3] ديوان امرئ القيس 128، ومجالس ثعلب 82، واللسان والتاج (رسع)، والتهذيب 2/ 92، بالأسود في اللسان والتاج (حسب، عقق، بوه)، والعين 1/ 62، والجمهرة 277، والمقاييس 4/ 4، وديوان الأدب 3/ 321، والمجمل 1/ 305، والتهذيب 4/ 334، 6/ 462، وكتاب الجيم 1/ 210، والتنبيه والإيضاح 1/ 64، وبلا نسبة في العين 3/ 150، 4/ 98، والمقاييس 1/ 324، 2/ 61، والمخصص 8/ 161، بالأسود في اللسان والتاج (لسع، عسم)، وإنباه الرواة 4/ 174، وشرح ابن عقيل 115، والمعاني الكبير 211، ونسب إلى امرئ القيس بن مالك الحميري في المؤتلف والمختلف 12، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 73، وشرح المفصل 1/ 36، بالأسود بلا نسبة في العين 1/ 336.
[4] البوهة: طائر يشبه البومة. عقيقته: شعره الذي ولد به. الأحسب: من الحسبة، وهي صهبة تضرب إلى الحمرة، وهي مذمومة عند العرب.(6/503)
مرسّعة بين أرساغه ... به عسم يبتغي أرنبا [1] ... ليجعل في يده كعبها ... حذار المنيّة أن يعطبا [2]
وفي الحديث [3]: «بكى حتّى رسعت عينه» مشدّدة وغير مشدّدة، أي قد تغيّرت. ورجل مرسّع وامرأة مرسّعة.
1869 [تعشير الخائف]
وكانوا إذا دخل أحدهم قرية من جنّ أهلها، ومن وباء الحاضرة، أشدّ الخوف، إلّا أن يقف على باب القرية فيعشّر كما يعشّر الحمار [4] في نهيقه، ويعلّق عليه كعب أرنب. ولذلك قال قائلهم [5]: [من الطويل] ولا ينفع التّعشير في جنب جرمة ... ولا دعدع يغني ولا كعب أرنب
الجرمة: القطعة من النّخل. وقوله: «دعدع» كلمة كانوا يقولونها عند العثار.
وقد قال الحادرة [6]: [من الكامل] ومطيّة كلّفت رحل مطيّة ... حرج تنمّ من العثار بدعدع [7]
وقالت امرأة من اليهود [8]: [من المتقارب] وليس لوالدة نفثها ... ولا قولها لابنها دعدع ... تداري غراء أحواله ... وربّك أعلم بالمصرع
[1] المرسعة: مثل المعاذة وكان الرجل من جهلة العرب يعقد سيرا مرسّعا معاذة، مخافة أن يموت أو يصيبه بلاء. ويقال: مرسّعة ومرصّعة. العسم: يبس في الرسغ واعوجاج. انظر ديوانه 128.
[2] يريد أنه يتداوى ويتعوّذ بكعب الأرنب حذر الموت والعطب، وكانوا يشدون في أوساطهم عظام الضبع والذئب. يتعوذون بها. انظر ديوانه 128.
[3] هو من حديث ابن عمرو بن العاص في النهاية 2/ 221، 227، والمعنى أنها تغيرت وفسدت والتصقت أجفانها.
[4] عشّر الحمار: تابع النهيق عشر نهقات.
[5] البيت بلا نسبة في عيار الشعر 64، والمعاني الكبير 268، ونهاية الأرب 3/ 123.
[6] ديوان الحادرة 52، واللسان والتاج (جرر، أمن)، والتنبيه والإيضاح 2/ 98، والتهذيب 10/ 476، 15/ 200، 511، وشرح اختيارات المفضل 221، وبلا نسبة في المقاييس 1/ 134، 412، 2/ 280، والمجمل 1/ 389، والمخصص 6/ 89.
[7] الحرج: الناقة الجسيمة الطويلة. النم: الإغراء.
[8] البيتان للشنفرى في ديوانه 37 «ضمن الطرائف الأدبية»، والأغاني 21/ 184.(6/504)
وقد قال عورة بن الورد، في التّعشير، حين دخل المدينة فقيل له: إن لم تعشّر هلكت! فقال [1]: [من الطويل] لعمري لئن عشّرت من خيفة الرّدى ... نهاق الحمير إنّني لجزوع
1870 [نفع الأرنب]
وللأرنب جلد ووبر ينتفع به، ولحمه طيّب ولا سيّما إن جعل محشيا [2] لأنّه يجمع حسن المنظر، واستفادة العلم مما يرون من تدبيرها وتدبير الكلاب، والانتفاع بالجلد وبأكل اللّحم. وما أقلّ ما تجتمع هذه الأمور في شيء من الطّير.
وأما قوله [3]: [من الطويل] إذا ابتدر النّاس المعالي رأيتهم ... قياما بأيديهم مسوك الأرانب
فإنّه هجاهم بأنّهم لا كسب لهم إلّا صيد الأرانب وبيع جلودها.
1871 [الحلكاء]
وأمّا قوله:
33 «وغائص في الرمل ذو حدّة ... ليس له ناب ولا ظفر»
فهذا الغائص هو الحلكاء. والحلكاء: دويبّة تغوص في الرمل. كما يصنع الطّائر الذي يسمّى الغمّاس في الماء. وقال ابن سحيم في قصيدته التي قصد فيها للغرائب: [من البسيط] والحلكاء التي تبعج في الرمل [4]
1872 [شحمة الأرض]
وممّا يغوص في الرّمل، ويسبح فيه سباحة السّمكة في الماء، شحمة الرّمل، وهي شحمة الأرض، بيضاء حسنة يشبّه بها كفّ المرأة [5]، وقال ذو الرّمّة في تشبيه البنان بها [6]: [من الطويل]
[1] ديوان عروة بن الورد 465، واللسان والتاج (عشر)، وبلا نسبة في المقاييس 4/ 325، والمخصص 8/ 49، والعين 1/ 247، وانظر الخبر مع البيت في معجم البلدان (روضة الأجداد).
[2] المحش: الاشتواء.
[3] البيت بلا نسبة في ربيع الأبرار 5/ 427، وتقدم في 5/ 315.
[4] البعج: الشق.
[5] ثمار القلوب (736).
[6] ديان ذي الرمة 622، واللسان (دسس، بنى، نقا)، والتاج (نقا)، والتهذيب 9/ 319، 15/ 507، والمخصص 15/ 131، وثمار القلوب (736).(6/505)
خراعيب أمثال كأنّ بنانها ... بنات النقا تخفى مرارا وتظهر [1]
وقال أبو سليمان الغنوي: هي أعرض من العظاءة بيضاء حسنة منقطة بحمرة وصفرة، [وهي] [2] أحسن دوابّ الأرض.
1873 [تشبيه أطراف البنان بالعنم]
وتشبّه أيضا أطراف البنان بالأساريع وبالعنم، إذا كانت مطرّفة، وقال مرقّش [3]:
[من السريع] النّشر مسك والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكفّ عنم
وصاحب البلاغة من العامّة يقول: «كأنّ بنانها البيّاح [4] والدّواج [5]، ولها ذراع كأنها شبّوطة [6]».
ويشبه أيضا بالدّمقس.
1874 [خرافات أشعار العرب]
ومن خرافات أشعار الأعراب، يقول شاعرهم: [من الرجز] أشكو إلى الله العليّ الأمجد ... عشائرا مثل فراخ السرهد ... عشائرا قد نبّفوا بفدفد ... قد ساقهم خبث الزمان الأنكد ... وكلّ حرباء وكل جدجد ... وكلّ رام في الرّمال يهتدي ... وكلّ نفّاض القفا ملهّد ... ينصب رجليه حذار المعتدي [7] ... وشحمة الأرض وفرخ الهدهد ... والفار واليربوع ما لم يسفد ... فنارهم ثاقبة لم تخمد ... شواء أحناش ولم تفرّد ... من الحبين والعظاء الأجرد ... يبيت يسري ما دنا بفدفد ... وكلّ مقطوع العرا معلكد ... حتّى ينالوه بعود أو يد [8]
[1] الخراعيب: الطويلات. بنات النقا: دويبات في الرمل.
[2] الزيادة من ثمار القلوب (736).
[3] ديوان المرقش 586، والمفضليات 238، واللسان والتاج والأساس (نشر).
[4] البيّاح: ضرب من السمك صغار.
[5] الدواج: لحاف يلبس.
[6] الشبوط: نوع من السمك، دقيق الذنب عريض الوسط.
[7] الملهد: المستضعف الذليل.
[8] المعلكد: الغليظ.(6/506)
منها وأبصار سعال جهّد ... يغدون بالجهد وبالتشرّد ... زحفا وحبوا مثل حبو المقعد
1875 [الحرباء]
وأمّا قوله:
34 «حرباؤها في قيظها شامس ... حتّى يوافي وقته العصر ... 35يميل بالشّقّ إليها كما ... يميل في روضته الزّهر»
قال: والحرباء دويبّة أعظم من العظاءة أغبر ما كان فرخا، ثم يصفرّ، وإنّما حياته الحر. فتراه أبدا إذا بدت جونة يعني الشّمس، قد لجأ بظهره إلى جذيل [1]، فإن رمضت الأرض ارتفع. ثم هو يقلّب بوجهه أبدا مع الشّمس حيث دارت، حتّى تغرب، إلا أن يخاف شيئا. ثم تراه شابحا بيديه [2]، كما رأيت من المصلوب. وكلما حميت عليه الشّمس رأيت جلده قد يخضرّ، وقد ذكره ذو الرّمّة بذلك فقال [3]: [من الطويل] يظلّ بها الحرباء للشّمس ماثلا ... على الجذل إلّا أنّه لا يكبّر ... إذا حوّل الظّلّ العشيّ رأيته ... حنيفا وفي قرن الضّحى يتنصّر ... غدا أصفر الأعلى وراح كأنّه ... من الضّحّ واستقباله الشّمس أخضر [4]
1876 [خضوع بعض الأحياء للشمس]
وكذا الجمل أيضا يستقبل بهامته الشّمس، إلّا أنه لا يدور معها كيف دارت كما يفعل الحرباء.
وشقائق النّعمان والخيريّ يصنع ذلك، ويتفتّح بالنهار. وينضمّ بالليل، والنّيلوفر الذي ينبت في الماء يغيب الليل كلّه ويظهر بالنهار، والسّمك الذي يقال له
[1] الجذيل: مصغر جذل وهو من العيدان ما كان على مثال شماريخ النخل، وما عظم من أصول الشجر المقطع.
[2] شبح يديه: مدهما.
[3] ديوان ذي الرمة 631، والأول له في اللسان (حول)، وديوان المعاني 2/ 147، وينسب إلى زهير ابن أبي سلمى في اللسان والتاج (مثل)، وليس في ديوانه. والثاني في اللسان (حول، ولى)، والتاج (حول)، والتهذيب 15/ 452، وديوان الأدب 2/ 381، والثالث في اللسان والتاج (ضحح)، وديوان الأدب 3/ 30.
[4] الضح: ضوء الشمس على الأرض.(6/507)
الكوسج. في جوفه شحمة طيّبة، وهم يسمّونها الكبد، فإن اصطادوا هذه السّمكة ليلا وجدوا هذه الشّحمة فيها وافرة، وإن اصطادوها نهارا لم توجد. وقد ذكر الحطيئة دوران النّبات مع الشمس حيث يقول [1]: [من الطويل] بمستأسد القريان حوّ تلاعه ... فنوّاره ميل إلى الشّمس زاهره
وقال ذو الرّمة [2]: [من الطويل] إذا جعل الحرباء يغبّر لونه ... ويخضرّ من لفح الهجير غباغبه ... ويشبح بالكفّين شبحا كأنّه ... أخو فجرة عالى به الجذع صالبه
وقال ذو الرّمّة أيضا [3]: [من الطويل] وهاجرة من دون ميّة لم يقل ... قلوصي بها والجندب الجون يرمح ... إذا جعل الحرباء ممّا أصابه ... من الحرّ يلوي رأسه ويرنّح
وقال آخر [4]: [من الطويل] كأنّ يدي حربائها متشمّسا ... يدا مجرم يستغفر الله تائب
وقال آخر: [من الطويل] لظى يلفح الحرباء حتّى كأنّه ... أخو حربات بزّ ثوبيه، شابح [5]
وأنشدوا: [من الرجز] قد لاحها يوم شموس ملهاب ... أبلج ما لشمسه من جلباب [6] ... يرمي الإكام من حصاة طبطاب ... شال الحرابيّ له بالأذناب [7]
[1] ديوان الحطيئة 20، والأغاني 2/ 155، وبلا نسبة في المخصص 10/ 19، وتقدم في 5/ 57 منسوبا إلى قطران العبسي.
[2] ديوان ذي الرمة 846845، وديوان المعاني 2/ 147، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (غبب)، والمخصص 8/ 35.
[3] ديوان ذي الرمة 1212، 1214، والأول في اللسان والتاج (رمح)، والتهذيب 5/ 53، وبلا نسبة في المخصص 8/ 177، والعين 3/ 226.
[4] البيت لذي الرمة في ديوانه 203، وديوان المعاني 2/ 147واللسان والأساس (شمس)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 25.
[5] الحربات: جمع حربة، وحربه: سلبه ماله. بزّ: سلب. شبح: مده يديه للدعاء.
[6] أبلج: مشرق مضيء.
[7] شالت: رفعت. الحرابي: جمع حرباء.(6/508)
وقال العباس بن مرداس [1]: [من الطويل] على قلص يعلو بها كلّ سبسب ... تخال به الحرباء أنشط جالسا
وقال الشّاعر [2]: [من الطويل] تجاوزت والعصفور في الحجر لاجئ ... مع الصّبّ والشّقذان تسمو صدورها
وقال أبو زبيد [3]: [من الخفيف] واستكنّ العصفور كرها مع الضّ ... بّ وأوفى في عوده الحرباء
والشّقذان [4]: الحرابي. وقوله: «تسمو» أي ترتفع في الشجرة وعلى رأس العود. والواحد من الشّقذان بإسكان القاف وكسر الشّين شقذ بتحريك القاف.
وأنشد: [من الطويل] ففيها إذا الحرباء مدّ بكفّه ... قام مثيل الرّاهب المتعبّد
وذلك أنّ الحرباء إذا انتصف النّهار فعلا في رأس شجرة صار كأنّه راهب في صومعته.
وقال آخر [5]: [من البسيط] أنّى أتيح لكم حرباء تنضبة ... لا يترك السّاق إلّا ممسكا ساقا [6]
1877 [التشبّه بالعرب]
قال: وكان مولى لأبي بكر الشّيباني، فادّعى إلى العرب من ليلته فأصبح إلى
[1] ديوان العباس بن مرداس 92، والأصمعيات 205.
[2] البيت لذي الرمة في ديوانه 238، وتقدم في 5/ 128، وفي هذا الجزء ص 379.
[3] ديوان أبي زبيد 579، وتقدم في 5/ 128، 295.
[4] انظر ما تقدم في 5/ 128.
[5] البيت لقيس بن الحدادية في ديوانه 30، والاختيارين 216، ولأبي دؤاد الإيادي في ديوانه 326، وجمهرة الأمثال 1/ 408، واللسان (حرب)، والتاج (سوق)، والتنبيه والإيضاح 1/ 60، وديوان المعاني 2/ 146، وللحارث بن دوسر في المستقصى 2/ 269، ونسب خطأ إلى كعب بن زهير في فصل المقال 350، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/ 192، وديوان المعاني 1/ 138، والبخلاء 171، واللسان (نضب، سوق، علق)، والتاج (نضب، علق)، والمخصص 4/ 25، 8/ 103، ومجمع الأمثال 2/ 217، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1859، والتمثيل والمحاضرة 321، ونهاية الأرب 3/ 59، والنهاية 2/ 432، والمعاني الكبير 662.
[6] تنضبة: شجرة تألفها الحرباء، قال ابن قتيبة «والحرباء إذا لجأ إلى شجرة، فزالت الشمس عنها، تحول إلى أخرى أعدها لنفسه. وهذا مثل للملحف أي أنه لا يدع حاجة إلّا سأل أخرى».(6/509)
الجلوس في الشمس، قال: قال لي محمد بن منصور: مررت به فإذا هو في ضاحية [1]، وإذا هو يحكّ جلده بأظفاره خمشا وهو يقول: إنما نحن إبل! وقد كان قيل له مرّة: إنّك تتشبّه بالعرب، فقال: ألي يقال هذا؟ أنا والله حرباء تنضبة، يشهد لي سواد لوني، وشعاثتي، وغور عينيّ وحبي للشّمس.
1878 [نفخ الحرباء والورل]
قال [2]: والحرباء ربّما رأى الإنسان فتوعّده، ونفخ وتطاول له حتّى ربّما فزع منه من لم يعرفه. وليس عنده شرّ ولا خير.
وأمّا الذي سمعناه من أصحابنا فإنّ الورل السّامد [3] هو الذي يفعل ذلك. ولم أسمع بهذا في الحرباء إلا من هذا الرجل.
قال: والحرباء أيضا: المسمار الذي يكون في حلقة الدّرع وجمعه حرابي.
1879 [استدراك لما فات من ذكر الوبر]
وقد كنا غفلنا أن نذكر الوبر في البيت الأول [4]. قال رجل من بني تغلب:
[من الرجز] إذا رجونا ولدا من ظهر ... جاءت به أسود مثل الوبر [5] ... من بارد الأدنى بعيد القعر
وقال مخارق بن شهاب: [من الطويل] فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... بني فالج حيث استقرّ قرارها ... هلمّوا إلينا لا تكونوا كأنّكم ... بلاقع أرض طار عنه وبارها ... وأرض التي أنتم لقيتم بجوّها ... كثير بها أوعالها ومدارها
فهجا هؤلاء بكثرة الوبار في أرضهم، ومدح هؤلاء بكثرة الوعول في جبلهم.
وقال آخر [6]: [من الكامل]
[1] الضاحية: الأرض البارزة للشمس.
[2] ربيع الأبرار 5/ 476.
[3] السامد: الرافع رأسه.
[4] يشير بالبيت الأول إلى اليت رقم 32الذي تقدم في ص 496.
[5] يقال: فلان من ولد الظهر: أي ليس منا.
[6] الأبيات لجواس بن القعطل كما تقدم في 3/ 247، الفقرة (915).(6/510)
هل يشتمنّي لا أبا لكم ... دنس الثّياب كطابخ القدر ... جعل تمطّى في غيابته ... زمر المروءة ناقص الشّبر [1] ... لزبابة سوداء حنظلة ... والعاجز التّدبير كالوبر
ويضرب المثل بنتن الوبر ولذلك يقول الشاعر [2]: [من الوافر] تطلّى وهي سيّئة المعرّى ... بوضر الوبر تحسبه ملابا [3]
ونتن الوبر هو بوله.
1880 [مما يتمازح به الأعراب]
ومما تتمازح به الأعراب، فمن ذلك قول الشاعر: [من الرجز] قد هدم الضّفدع بيت الفاره ... فجاء الرّبية والوباره [4] ... وحلم يشدّ بالحجاره [5]
وهذا مثل قولهم: [من الرجز] اختلط النّقد على الجعلان ... وقد بقي دريهم وثلثان
1881 [الظربان]
وأمّا قوله:
36 «والظّربان الورد قد شفّه ... حبّ الكشي والوحر الحمر [6] ... 37 [يلوذ منه الضبّ مذلوليا ... ولو نجا أهلكه الذّعر] [7] ... 38وليس ينجيه إذا ما فسا ... شيء ولو أحرزه قصر»
[1] الغيابة: المنهبط من الأرض، ومكان هذه الكلمة في 3/ 247 (عمايته). زمر المروءة: قليلها.
الشبر: العطاء.
[2] البيت لجرير في ديوانه 820، واللسان والتاج (لوب، صنن)، والمقاييس 3/ 279، والتهذيب 12/ 116.
[3] البيت في هجاء بني نمير، تطلى: تتطلى. المعرى: المجرد. الوضر: الدرن وما يشمه الإنسان من ريح يجده من طعام فاسد. الملاب: الزعفران أو الطيب.
[4] الربية: دويبة بين الفأرة وأم حبين.
[5] الحلم: ضرب من القردان. يشد: يسرع في عدوه.
[6] الكشى: جمع كشية وهي شحمة صفراء في ظهر الضب. الوحر: جمع وحرة، وهي دويبة صغيرة حمراء لها ذنب دقيق تمصع به إذا عدت.
[7] لم يرد البيت في الأصل، واستدراكه لازم لالتئام الكلام.(6/511)
قال أبو سليمان الغنويّ: الظّربان أخبث دابّة في الأرض وأهلكه لفراخ الضّبّة.
قال: فسألت زيد بن كثوة عن ذلك فقال: إي والله وللضّبّ الكبير! والظّربان دابّة فسّاءه لا يقوم لشرّ فسوها شيء، قلت: فكيف يأخذها؟ قال:
يأتي جحر الضّبّ، وهو ببابه يستروح، فإذا وجد الضّبّ ريح فسوه دخل هاربا في جحره، ومرّ هو معه من فوق الجحر مستمعا حرشه، وقد أصغى بإحدى أذنيه من فوق الأرض نحو صوته وهو أسمع دابّة في الأرض فإذا بلغ الضبّ منتهاه، وصار إلى أقصى جحره وكفّ حرشه استدبر جحره، ثم يفسو عليه من ذلك الموضع وهو متى شمّه غشي عليه فيأخذه.
قال: والظّربان واحد، والظّربان: الجميع، مثل الكروان للواحد والكروان للجميع. وأنشد قول ذي الرّمّة [1]: [من الطويل] من آل أبي موسى ترى القوم حوله ... كأنّهم الكروان أبصرن بازيا
والعامّة لا تشكّ [في] [2] أنّ الكروان ابن الحبارى لقول الشاعر [3]: [من الطويل] ألم تر أنّ الزّبد بالتّمر طيّب ... وأنّ الحباري خالة الكروان
وقال غيره: الظّربان يكون على خلقة هذا الكلب الصّينيّ، وهو منتن جدّا، يدخل في جحر الضبّ فيفسو عليه، فينتن عليه بيته، حتى يذلق الضبّ من بيته، فيصيده.
والضّباب الدلالي أيضا، التي يدخل عليها السّيل فيخرجها. وأنشد [4]: [من الرجز] 1يا ظربانا يتعشّى ضبّا ... رأى العقاب فوقه فخبّا
[1] ديوان ذي الرمة 1313، والخزانة 2/ 377، والخصائص 2/ 222، 3/ 118.
[2] إضافة تقتضيها اللغة.
[3] البيت بلا نسبة في البيان 1/ 230، ومجمع الأمثال 1/ 362، والتاج (حبر)، ومحاضرات الأدباء 2/ 299.
[4] الرجز لهند بن أبي سفيان في الحماسة البصرية 2/ 403، والثاني والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (خصى).(6/512)
3 - كأنّ خصييه إذا أكبّا ... فرّوجتان تطلبان حبّا ... 5أو ثعلبان يحفزان ضبّا [1]
وأنشد الفرزدق [2]: [من الطويل] أبوك سليم قد عرفنا مكانه ... وأنت بجيريّ قصير قوائمه ... ومن يجعل الظّربى القصار ظهورها ... كمن رفعته في السّماء دعائمه
1882 [سلاح بعض الحيوان]
قال: والظّربان يعلم أنّ سلاحه في فسائه، ليس شيء عنده سواه، والحبارى تعلم أنّ سلاحها في سلحها ليس لها شيء سواه، قال: ولها في جوفها خزانة لها فيها أبدا رجع [3] معدّ فإذا احتاجت إليه وأمكنها الاستعمال استعملته، وهي تعلم أنّ ذلك وقاية لها، وتعرف مع ذلك شدّة لزجه، وخبث نتنه، وتعلم أنها تساور بذلك الزّرّق [4]، وأنها تثقله فلا يصيد.
ويعلم الدّيك أنّ سلاحه في صيصيته [5]، ويعلم أنّ له سلاحا، ويعلم أنّه تلك الشوكة، ويدري لأيّ مكان يعتلج، وأيّ موضع يطعن به.
والقنافذ تعلم أنّ فروتها جنّة [6] وأنّ شوك جلدها وقاية. فما كان منها مثل الدّلدل ذوات المداري [7] فإنها ترمي فلا تخطئ، حتى يمرّ مرور السهم المسدّد. وإن كانت من صغارها قبضت على الأفعى وهي واثقة بأنّه ليس في طاقة الأفعى لها من المكروه شيء. ومتى قبضت على رأس الأفعى فالخطب فيها يسير. وإن قبضت على الذنب أدخلت رأسها فقرضتها وأكلتها أكلا، وأمكنتها من جسمها، تصنع ما شاءت ثقة منها بأنّه لا يصل إليها بوجه من الوجوه.
والأجناس التي تأكل الحيّات: القنافذ، والخنازير، والعقبان، والسّنانير،
[1] حفزه: دفعه من خلفه.
[2] ديوان الفرزدق 815.
[3] الرجع: النجو والروث.
[4] الزرق: طائر بين البازي والباشق يصاد به.
[5] الصيصية: الشوكة التي في رجل الديك.
[6] الجنة: الوقاية.
[7] المداري: جمع مدرى، وهو شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط، وأراد به الشوك الطويل.(6/513)
والشاهمرك [1]. على أن النّسور والشاهمرك لا يتعرّضان للكبار.
ويعلم الزّنبور أن سلاحه في شعرته فقط، كما تعلم العقرب أن سلاحها في إبرتها فقط. وتعلم الذّبان والبعوض والقملة، أن سلاحها في خراطيمها. وتعلم جوارح الطّير أن سلاحها في مخالبها. ويعلم الذّئب والكلب أنّ سلاحهما في أشداقهما فقط. ويعلم الخنزير والأفعى أنّ سلاحهما في أنيابهما فقط.
ويعلم الثّور أنّ سلاحه قرنه، لا سلاح له غيره. فإن لم يجد الثّور والكبش والتّيس قرونا، وكانت جمّا [2]، استعملت باضطرار مواضع القرون.
والبرذون يستعمل فمه وحافر رجله.
ويعلم التّمساح أنّ أحدّ أسلحته وأعونها ذنبه، ولذلك لا يعرض إلّا لمن وجده على الشريعة فإنّه يضربه ويجمعه إليه حتى يلقيه في الماء.
وذنب الضبّ أنفع من براثنه [3].
1883 [لجوء بعض الحيوان إلى الخبث والحيلة والفرار]
وإنما تفزع هذه الأجناس إلى الخبث، وإلى ما في طبعها من شدّة الحضر [4] إذا عدمت السّلاح فعند ذلك تستعمل الحيلة: مثل القنفذ في إمكان عدوّه من فروته، ومثل الظّبي واستعمال الحضر في المستوي، ومثل الأرنب واستعماله الحضر في الصّعداء [5].
وإذا كان ممن لا يرجع إلى سلاحه ولا إلى خبثه كان إمّا أن يكون أشدّ حضرا ساعة الهرب من غيره، وإمّا أن يكون ممّن لا يمكنه الحضر ويقطعه الجبن، فلا يبرح حتّى يؤخذ.
1884 [ما يقطعه الجبن من الحيوان]
وإنما تتقرّب الشّاة بالمتابعة والانقياد للسّبع، تظنّ أن ذلك ممّا ينفعها فإن
[1] الشاهمرك: معرب الشاه مرغ، ومعناه ملك الطير. وهو الفتي من الدجاج. حياة الحيوان 1/ 594، وانظر ما تقدم في 1/ 25، الفقرة (13).
[2] الجم: جمع أجم وجماء، وهو الذي لا قرن له.
[3] ربيع الأبرار 5/ 468، وانظر ما تقدم ص 378.
[4] الحضر: الارتفاع في العدو.
[5] انظر ما تقدم ص 502، الحاشية رقم (5).(6/514)
الأسد إذا أخذ الشّاة ولم تتابعه، ولم تعنه على نفسها، فربما اضطرّ الأسد إلى أن يجرّها إلى عرينه. وإذا أخذها الذئب عدت معه حتّى لا يكون عليه فيها مؤونة، وهو إنما يريد أن ينحّيها [1] عن الراعي والكلب، وإن لم يكن في ذلك الوقت هناك كلب ولا راع، فيرى أن يجري على عادته.
وكذلك الدّجاج إذا كنّ وقّعا على أغصان الشّجر، أو على الرّفوف، فلو مرّ تحتها كلّ كلب. وكلّ سنّور، وكلّ ثعلب، وكلّ شيء يطالبها، فإذا مرّ ابن آوى بقربها لم يبق منها واحدة إلّا رمت بنفسها إليه [2]. لأنّ الذّئب هو المقصود به إلى طباع الشاة، وكذلك شأن ابن آوى والدّجاج، يخيّل إليها أن ذلك مما ينفع عنده.
وللجبن تفعل كلّ هذا.
ولمثل هذه العلّة نزل المنهزم عن فرسه الجواد ليحضر ببدنه، يظنّ اجتهاده أنجى له، وأنّه إذا كان على ظهر الفرس أقلّ كدّا، وأنّ ذلك أقرب له إلى الهلاك.
ولمثل هذه العلّة يتشبّت الغريق بمن أراد إنقاذه حتّى يغرقه نفسه، وهما قبل ذلك قد سمعا بحال الغريق والمنهزم، وأنّهما إنّما هما في ذلك كالرجل المعافى الذي يتعجّب ممن يشرب الدّواء من يد أعلم النّاس به، فإن أصابته شقيقة، أو لسعة عقرب، أو اشتكى خاصرته، أو أصابه حصر أو أسر [3] شرب الدّواء من يد أجهل الخليقة، أو جمع بين دواءين متضادّين.
فالأشياء التي تعلم أنّ سلاحها في أذنابها ومآخرها الزّنبور والثّعلب والعقرب والحبارى، والظّربان، وسيقع هذا الباب في موضعه إن شاء الله تعالى.
وليس شيء من صنف الحيوان أردأ حيلة عند معاينة العدوّ من الغنم لأنها في الأصل موصولة بكفايات النّاس، فأسندت إليهم في كل أمر يصيبها، ولولا ذلك لخرّجت لها الحاجة ضروبا من الأبواب التي تعينها. فإذا لم يكن لها سلاح ولا حيلة، ولم تكن ممن يستطيع الانسياب إلى جحره أو صدع صخرة، أو في ذروة جبل.
كانت مثل الدّجاجة، فإنّ أكثر ما عندها من الحيلة إذا كانت على الأرض أن ترتفع إلى رفّ. وربّما كانت في الأرض، فإذا دنا المغرب فزعت إلى ذلك.
[1] ينحيها: يبعدها.
[2] انظر ما تقدم في 2/ 282، س 2017.
[3] الحصر: احتباس الغائط، الأسر: احتباس البول.(6/515)
1885 [ما له ضروب من السلاح]
وربّما كان عند الجنس من الآلات ضروب، كنحو زبرة [1] الأسد ولبدته، فإنّه حمول للسّلاح إلّا في مراقّ بطنه فإنّه [2] من هناك ضعيف جدّا، وقال التغلبي [3]:
[من الطويل] ترى النّاس منّا جلد أسود سالخ ... وزبرة ضرغام من الأسد ضيغم [4]
وله مع ذلك بعد الوثبة واللّزوق بالأرض. وله الحبس باليد. وله الطّعن بالمخلب، حتى ربّما حبس العير بيمينه وطعن بمخلب يساره لبّته [5] وقد ألقاه على مؤخره، فيتلقّى دمه شاحيا [6] فاه وكأنه ينصبّ من فوّارة، حتى إذا شربه واستفرغه صار إلى شقّ بطنه. وله العضّ بأنياب صلاب حداد، وفكّ شديد، ومنخر واسع. وله مع البرثن والشكّ بأظفاره دقّ الأعناق، وحطم الأصلاب. وله أنه أسرع حضرا من كلّ شيء أعمل الحضر في الهرب منه. وله من الصّبر على الجوع ومن قلّة الحاجة إلى الماء مع غيره، وربّما سار في طلب الملح [7] ثمانين فرسخا في يوم وليلة. ولو لم يكن له سلاح إلّا زئيره وتوقّد عينيه، وما في صدور النّاس له لكفاه.
وربما كان كالبعير الذي يعلم أنّ سلاحه في نابيه وفي كركرته [8].
والإنسان يستعمل في القتال كفّيه في ضروب، ومرفقيه ورجليه ومنكبيه وفمه ورأسه وصدره، كلّ ذلك له سلاح ويعلم مكانه، يستوي في ذلك العاقل والمجنون، كما يستويان في الهداية في الطّعام والشراب إلى الفم.
1886 [سلاح المرأة]
والمرأة إذا ضعفت عن كلّ شيء فزعت إلى الصّراخ والولولة التماسا للرّحمة، واستجلابا للغياث من حماتها وكفاتها، أو من أهل الحسبة في أمرها.
[1] الزّبرة: ما بين كتفي الأسد من الوبر، هي اللبدة أيضا.
[2] مراق البطن: ما رقّ منها في أسفلها.
[3] البيت لجابر بن حني التغلبي في المفضليات 212.
[4] الأسود: العظيم من الحيات، وقيل له «سالخ» لأنه يسلخ جلده في كل عام. الضرغام والضيغم:
من أسماء الأسد.
[5] اللّبة: وسط الصدر والمنحر.
[6] شحا: فتح.
[7] انظر لشهوة الأسد الملح ما تقدم في 3/ 127، الفقرة (722)، 5/ 114، الفقرة (1352)، ولقلة رغبته في الماء ما تقدم في 2/ 283، الفقرة (287)، 3/ 153، الفقرة (769).
[8] الكركرة: رحى زور البعير أو الناقة.(6/516)
باب في أسماء أولاد الحيوان
باب
1887 [أسماء أولاد الحيوان]
قال: ويقال لولد السّبع الهجرس والجمع هجارس، ولولد الضبع الفرعل والجمع فراعل. قال ابن حبناء: [من الطويل] سلاحين منها بالرّكوب وغيرها ... إذا ما رآها فرعل الضّبع كفّرا
قال: والدّيسم ولد الذّئب من الكلبة.
وسألت عن ذلك أبا الفتح صاحب قطرب فأنكر ذلك وزعم أنّ الدّيسمة الذّرة، واسم أبي الفتح هذا ديسم.
ويقال إنّه دويبّة غير ما قالوا.
ويقال لولد اليربوع والفأر درص، والجمع أدراص. ويقال لولد الأرنب خرنق، والجمع خرانق، قال طرفة [1]: [من الطويل] إذا جلسوا خيّلت تحت ثيابهم ... خرانق توفي بالضّغيب لها نذرا
أشعار فيها أخلاط من السباع والوحش والحشرات
قال مسعود بن كبير الجرمي، من طيئ، يقولها في حمار اشتراه فوجده على خلاف ما وصفه به النخّاس: [من الرجز] إنّ أبا الخرشن شيء هنب ... معجّب ما يحتويه العجب [2] ... قد قلت لما أن أجدّ الرّكب ... واعتر القوم صحار رحب ... يا أجنح الأذن ألا تخبّ ... أهانك الله فبئس النّجب [3] ... ما كان لي إذ أشتريك قلب ... بلى ولكن ضاع ثمّ اللّبّ ... إن الذي باعك خبّ ضبّ ... أخبرني أنّك عير ندب [4]
[1] ديوان طرفة بن العبد 60.
[2] الهنب: الفائق الحمق. معجب: يحمل على العجب.
[3] الجنح: الميل. الخبب: ضرب من السير سريع.
[4] العير: السيد والملك. الندب: النجيب.(6/517)
وشرّ ما قال الرّجال الكذب ... صبّ عليه ضبع وذئب ... سرحانة وجيأل قرشبّ ... ذيخ عدته رملة وهضب [1] ... كأنه تحت الظّلام سقب ... يأخذ منه من رآه الرّعب [2] ... أبو جراء مسّهنّ السّغب ... حتّى يقال حيث أفضى السحب [3] ... وأنت نفّاق هناك ضبّ ... وصبّح الراعي مجرّا وغب [4] ... ورخات بينهنّ كعب ... وأكرع العير وفرث رطب [5]
تقول: أدنوني إلى شرائه، ويقال ثرية لقيك لغة طائيّة.
وقال قرواش بن حوط [6]: [من الكامل] نبّئت أن عقالا بن خويلد ... بنعاف ذي عدم وأنّ الأعلما [7] ... ضبعا مجاهرة وليثا هدنة ... وثعيلبا خمر إذا ماء أظلما [8] ... لا تسأماني من رسيس عداوة ... أبدا فلست بسائم إن تسأما [9] ... غضّا الوعيد فما أكون لموعدي ... فيئا ولا أكلا له متخضّما [10] ... فمتى ألاقكما البراز تلاقيا ... عركا يفلّ الحدّ شاكا معلما [11]
[1] السرحانة: أنثى الذئب. جيأل: الضبع. القرشب: الأكول والمسن. الذيخ: ذكر الضباع الكثير الشعر. عدته: صرفته عنها.
[2] السقب: ولد الناقة.
[3] السغب: الجوع.
[4] نفق: دخل في نافقائه. مجرا: مجرأ، وهو الجريء. الوغب: اللئيم.
[5] الرخم: مما يقع على الجيف. الكعب: العظم لكل ذي أربع. العير: الحمار. الفرث: ما في الكرش من السرجين.
[6] الأبيات لقرواش بن حوط بن أنس في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1460، والأبيات (32 4) في معجم الشعراء 224، والبيت الثاني في عيون الأخبار 1/ 166.
[7] النعاف: جمع نعف، وهو أنف الجبل. ذو عدم: واد باليمن، وموضع بنواحي المدينة.
[8] في شرح ديوان الحماسة والضبع يوصف بضعف القلب. والخمر ما واراك من الشجر. وصغّر الثعلب لأنه كلما كان أصغر كان على الروغان أقدر. إذا أظلما: أي دخلا في الظلمة خبثا، لأن الثعلب حاله كذا.
[9] «رسيس عداوة: مثل رسيس الحمى والهوى ورسهما لما يبدأ منهما.
[10] غضا: كفّا، وأصل الغض: الكسر. الفيء: الغنيمة. الأكل: ما يؤكل. متخضما: مأكولا بسهولة، والخضم: أكل شيء يلين على الضرس. يقول: لا ألين لمن أراد أكلي.
[11] البراز: أي متبارزين. العرك: البطش في الحرب. الشاك: الشائك السلاح، وهو ذو الشوكة والحد في سلاحه.(6/518)
1888 [الوحر]
قال: وقال العدبّس الكنانيّ: والوحرة دويبّة كالعظاءة حمراء إذا اجتمعت تلصق بالأرض، وجمع وحرة وحر، مفتوحة الحاء، ومنه قيل وحر الصّدر، كما قيل للحقد ضبّ ذهبوا إلى لزوقه بالصّدر كالتزاق الوحرة بالأرض، وأنشد [1]: [من الرمل] بئس عمر الله، قوم طرقوا ... فقروا أضيافهم لحما وحر [2] ... وسقوهم في إناء مقرف ... لبنا من درّ مخراط فئر [3]
يقال لحم وحر: إذا دبّت عليه الوحرة، مقرف: موبئ [4]. ويقال فئر: إذا وقعت فيه فارة. وقال الحكميّ [5]: [من مجزوء الوافر] بأرض باعد الرّحم ... ن عنها الطّلح والعشرا [6] ... ولم يجعل مصايدها ... يرابيعا ولا وحرا
1889 [الهيشة]
وأمّا قوله:
29 «وهيشة تأكلها سرفة ... وسمع ذئب همّه الحضر»
فالهيشة أم حبين، وأنشد [7]: [من البسيط] أشكو إليك زمانا قد تعرّقنا ... كما تعرّق رأس الهيشة الذّيب
وأمّ جبين وأمّ حبينة سواء، وقد ذكرنا شأنها في صدر هذا الكتاب. ويقال إنّها لا تقيم بمكان تكون فيه هذه الدّودة التي يقال لها السّرفة، وإليها ينتهي المثل في الصّنعة، ويقال: «أصنع من سرفة» [8]. ويقال إنّها تقوم من أمّ حبين مقام القراد من
[1] البيتان بلا نسبة في المخصص 16/ 132، والأول في الدرر 5/ 206، 217، وهمع الهوامع 2/ 85، والمقاصد النحوية 4/ 19، وشرح الأشموني 2/ 372، والثاني في اللسان والتاج (خرط).
[2] طرقوا: زارهم الضيف ليلا. قروا: أضافوا.
[3] المخراط: الناقة يخرج لبنها متعقدا كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر.
[4] موبئ: من الوباء.
[5] البيتان لأبي نواس في ديوانه 557.
[6] الطلح والعشر: من نباتات البادية.
[7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (هيش)، والتهذيب 6/ 357.
[8] مجمع الأمثال 1/ 411، والدرة الفاخرة 1/ 264، وجمهرة الأمثال 1/ 583، والمستقصى 1/ 213، وأمثال ابن سلام 363.(6/519)
البعير، إذا كانت أمّ حبين في الأرض التي تكون فيها هذه الدّودة.
1890 [ذكر من يأكل بعض أصناف الحيوان]
قال [1]: وقال مدنيّ لأعرابي: أتأكلون الضّبّ؟ قال: نعم. قال: فاليربوع؟ قال:
نعم. قال: فالوحرة؟ قال: نعم. حتّى عدّ أجناسا كثيرة من هذه الحشرات. قال أفتأكلون أمّ حبين؟ قال: لا. قال: «فلتهن أمّ حبين العافية».
قال ابن أبي كريمة [2]: سأل عمرو بن كريمة أعرابيّا وأنا عنده فقال:
أتأكلون القرنبى؟ قال: طال والله ما سال ماؤه على شدقي!.
وزعم أبو زيد النحويّ سعيد بن أوس الأنصاريّ، قال [3]: دخلت على رؤبة وإذا قدّامه كانون، وهو يملّ على جمره جرذا من جرذان البيت، يخرج الواحد بعد الواحد فيأكله، ويقول: هذا أطيب من اليربوع! يأكل التّمر والجبن، ويحسو الزّيت والسّمن.
وأنشد [4]: [من الوافر] ترى التّيميّ يزحف كالقرنبى ... إلى تيميّة كقفا القدّوم
وقال آخر [5]: [من الكامل] يدبّ على أحشائها كلّ ليلة ... دبيب القرنبى بات يعلو نقا سهلا
1891 [اليربوع]
قال: واليربوع دابّة كالجرذ، منكبّ على صدره لقصر يديه طويل الرّجلين، له ذنب كذنب الجرذ يرفعه في الصعداء [6] إذا هرول. وإذا رأيته كذلك رأيت فيه اضطرابا وعجبا. والأعراب تأكله في الجهد وفي الخصب.
[1] تقدم الخبر في 3/ 256، الفقرة (932)، وتقدم هنا ص 389.
[2] تقدم الخبر في 3/ 256، الفقرة (932)، وهو في ربيع الأبرار 5/ 473.
[3] الخبر في الأغاني 20/ 350، وربع الأبرار 5/ 472، وتقدم في 4/ 284، 5/.
[4] البيت برواية «كعصا المليل» منسوبا إلى جرير في ديوانه 438 (الصاوي)، وعيون الأخبار 4/ 42 مع بيتين آخرين، واللسان والتاج (قرنب)، والعين 5/ 264، وبلا نسبة في اللسان والتاج (ملل)، والتهذيب 9/ 417، 5/ 352، والمخصص 16/ 17.
[5] البيت للأخطل في حياة الحيوان 2/ 209 (القرنبى)، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الكامل 1/ 282 (طبعة المعارف)، 595 (الدالي)، واللسان والتاج (قرنب)، وتقدم بلا نسبة في 3/ 255، الفقرة (930).
[6] أرض صعداء: يشتد صعودها على الراقي.(6/520)
1892 [أخبث الحيوان]
قال: وكلّ دابّة حشاها الله تعالى خبثا فهو قصير اليدين، فإذا خافت شيئا لاذت بالصّعداء فلا يكاد يلحقها شيء [1].
1893 [أكل المسيب بن شريك لليربوع]
قال: وأخبرني ابن أبي نجيح وكان حجّ مع المسيّب بن شريك عام حجّ المهديّ [مع] [2] سلسبيل، قال: زاملت المسيّب في حجّته تلك، فبينا نحن نسير إذ نظرنا إلى يربوع يتخلل فراسن [3] الإبل، فصاح بغلمانه: دونكم اليربوع! فأحضروا في إثره فأخذوه. فلمّا حططنا قال: اذبحوه. ثمّ قال: اسلخوه واشووه وائتوني به في غدائي. قال: فأتي به في آخر الغداء، على رغيف قد رعّبوه فهو أشدّ حمرة من الزّهوة [4]، يريد البسرة فعطف عليه فثنى الرّغيف ثم غمزه بين راحتيه ثم فرج [5] الرغيف، فإذا هو قد أخذ من دسمه، فوضعه بين يديه، ثمّ تناول اليربوع فنزع فخذا منه، فتناولها ثم قال: كل يا أبا محمد! فقلت: ما لي به حاجة! فضحك ثم جعل يأتي عليه عضوا عضوا.
1894 [أم حبين]
قال: وأمّا أمّ حبين فهي الهيشة، وهي أم الحبين، وهي دويبة تأكلها الأعراب مثل الحرباء، إلّا أنّها أصغر منها، وهي كدراء لسواد بيضاء البطن. وهو خلاف قول الأعرابيّ للمدني.
1895 [وصية أعرابي لسهل بن هارون]
وقال أعرابيّ لسهل بن هارون، في تواري سهل من غرمائه وطلبهم له طلبا شديدا فأوصاه الأعرابيّ بالحزم وتدبير اليربوع، فقال [6]: [من الطويل] انزل أبا عمرو على حدّ قرية ... تزيغ إلى سهل كثير السّلائق [7]
[1] انظر ما تقدم ص 502، س 2220.
[2] في الأصل «في».
[3] الفرسن: هو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة.
[4] الترعيب: التقطيع. الزهوة: واحدة الزهو، وهو البسر إذا ظهرت فيه الحمرة.
[5] فرج الشيء: فتحه وباعد بين شقيه.
[6] الأبيات مع الخبر في عيون الأخبار 1/ 255.
[7] تزيغ: تميل. السلائق: أثر الأقدام والحوافر في الطريق.(6/521)
وخذ نفق اليربوع واسلك سبيله ... ودع عنك إني ناطق وابن ناطق ... وكن كأبي قطن على كلّ زائغ ... له منزل في ضيق العرض شاهق
وإنّما قال ذلك لاحتيال اليربوع بأبوابه التي يخرج من بعضها، إذا ارتاب بالبعض الآخر. وكذا كانت دار أبي قطنة الخناق بالكوفة في كندة، ويزعمون أنّه كان مولى لهم. وأنشد أبو عبيدة قال: أنشدني سفيان بن عيينة [1]: [من الهزج] إذ ما سرّك العيش ... فلا تمرر على كنده
وقد قتل أبو قطنة وصلب.
1896 [الخناقون]
وممّن كان يخنق النّاس بالمدينة عديّة المدنيّة الصّفراء، وبالبصرة، رادويه.
والمرميّون بالخنق من القبائل وأصحاب النّحل والتأويلات هم الذين ذكرهم أعشى همدان في قوله [2]: [من الطويل] إذا سرت في عجل فسر في صحابة ... وكندة فاحذرها حذارك للخسف ... وفي شيعة الأعمى خناق وغيلة ... وقشب وإعمال لجندلة القذف ... وكلّهم شرّ، على أنّ رأسهم ... حميدة والميلاء حاضنة الكسف ... متى كنت في حيّي بجيلة فاستمع ... فإنّ لها قصفا يدلّ على حتف ... إذا اعتزموا يوما على قتل زائر ... تداعوا عليه بالنّباح وبالعزف
وذلك أن الخناقين لا يسيرون إلّا معا، ولا يقيمون في الأمصار إلّا كذلك. فإذا عزم أهل دار على خنق إنسان كانت العلامة بينهم الضرب على دفّ أو طبل، على ما يكون في دور الناس، وعندهم كلاب مرتبطة فإذا تجاوبوا بالعزف ليختفي الصّوت ضربوا تلك الكلاب فنبحت. وربّما كان منهم معلّم يؤدّب في الدّرب، فإذا سمع تلك الأصوات أمر الصّبيان برفع الهجاء والقراءة والحساب.
1897 [المغيرية والغالية والمنصورية]
وأما الأعمى فهو المغيرة بن سعيد صاحب المغيرية، مولى بجيلة والخارج على
[1] البيت في عيون الأخبار 2/ 147، وتقدم في 2/ 391، الفقرة (454).
[2] الأبيات لأعشى همدان في عيون الأخبار 2/ 147146، وتقدمت منسوبة إلى حماد الراوية في 2/ 391، الفقرة (454).(6/522)
خالد بن عبد الله القسري. ومن أجل خروجه عليه قال: «أطعموني ماء» حتى نعى عليه ذلك يحيى بن نوفل، فقال [1]: [من الوافر] تقول من النّواكة أطعموني ... شرابا ثمّ بلت على السّرير ... لأعلاج ثمانية وشيخ ... كليل الحدّ ذي بصر ضرير
وأمّا حميدة، فكانت من أصحاب ليلى الناعظية، ولها رياسة في الغالية.
والميلاء حاضنة أبي منصور صاحب المنصوريّة، وهو الكسف، قالت الغالية: إيّاه عنى الله: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمََاءِ سََاقِطاً يَقُولُوا سَحََابٌ مَرْكُومٌ} وإيّاه عنى معدان الأعمى حيث يقول [2]: [من الخفيف] إنّ ذا الكسف صدّ آل كميل ... وكميل رذل من الأرذال ... تركا بالعراق داء دويّا ... ضلّ فيه تلطّف المحتال
1898 [تفسير بيت]
وأمّا قوله [3]: [من الطويل] انزل أبا عمرو على حدّ قرية ... تزيغ إلى سهل كثير السّلائق
فأراد الهرب لأنه متى كان في ظهر فظّ [4] كثير الجوادّ والطرائق [5]. كان أمكر وأخفى. وما أحسن ما قال النابغة في صفة الطّريق إذا كان يتشعّب، حيث يقول [6]:
[من الطويل] وناجية عدّيت في ظهر لاحب ... كسحل اليماني، قاصدا للمناهل [7] ... له خلج تهوي فرادى وترعوي ... إلى كلّ ذي نيرين بادي الشّواكل [8]
[1] تقدم البيتان في 2/ 392، الفقرة (454)، وهما في البيان 2/ 267، 3/ 205.
[2] تقدم البيتان في 2/ 392، الفقرة (454)، وانظر الحاشية رقم (3) هناك.
[3] تقدم البيت ص 521.
[4] الظهر: ما غلظ من الأرض وارتفع.
[5] الجواد: جمع جادة. الطرائق: جمع طريق وهي الخطوط.
[6] ديوان النابغة الذبياني 142.
[7] الناجية: الناقة السريعة، اللاحب: الطريق الواضح. السحل: الثوب الأبيض، وشبه الطريق به.
المناهل: المشارب، واحدها منهل.
[8] الخلج: الطّرق الصغار، واحدها خلوج، سمي بذلك لأنه يختلج الناس عن الطريق الأعظم، فيذهب به. وأراد بالنيرين: لونين وضربين. الشواكل: النواحي، واحدتها شاكلة.(6/523)
وهذا موضع اليربوع في تدبيره ومكره.
1899 [أرجوزة في اليربوع وأكل الحشرات والحيات]
وقال الآخر في صفة اليربوع، وفي حيلته، وفي خلقه، وفي أكل الحشرات والحيات: [من الرجز] يا ربّ يربوع قصير الظّهر ... وشاخص العجب ذليل الصّدر ... ومحكم البيت جميع الأمر ... يرعى أصول سلم وسدر ضحتّى تراه كمداد العكر ... باكرته قبل طلوع الفجر ... بكلّ فيّاض اليدين غمر ... وكلّ قنّاص قليل الوفر ... مرتفع النّجم كريم النّجر ... فعاذ منّي ببعيد القعر [1] ... مختلف البطن عجيب الظهر ... وتدمريّ قاصع في جحر [2] ... في العسر إن كان وبعد العسر ... أطيب عندي من جنيّ التّمر ... وشحمة الأرض طعام المثري ... وكلّ جبار بعيد الذّكر ... وهيشة أرفعها لفطري ... ليوم حفل وليوم فخر [3] ... وكلّ شيء في الظلام يسري ... من عقرب، أو قنفذ، أو وبر ... أو حيّة أملّها في الجمر ... فتلك همّي وإليها أجري [4] ... في كلّ حال من غنى وفقر ... وكلّ شيء لقضاء يجري ... وكلّ طير جاثم في وكر ... وكلّ يعسوب وكلّ دبر ... والذّيخ والسّمع وذئب القفر ... والكلب والتّتفل بعد الهرّ [5] ... والضّبّ والحوت وطير البحر ... والأعور النّاطق يوم الزّجر [6] ... آكله غير الحرابي الخضر ... أو جعل صلّى، صلاة العصر [7] ... يشكر إن نال قرى من جعر ... يا ويله من شاكر ذي كفر ... أفسد والله عليّ شكري
[1] النجر: الأصل. عاذ به: التجأ إليه.
[2] التدمري: الماعز من اليرابيع، ولا أظفار في ساقيه، وفيه قصر وصغر.
[3] الهيشة: تقدم القول فيها في ص 519.
[4] ملّ الشيء: أدخله في الملة، وهي الجمر.
[5] التتفل: الثعلب.
[6] الأعور: أراد به الغراب.
[7] انظر لخضرة الحرباء ما تقدم في ص 507. س 11.(6/524)
فزعم أنّه يستطيب كلّ شيء إلّا الحرباء الذي قد اخضرّ من حرّ الشّمس وإلّا الجعل الذي يصلّي العصر. وزعم أنّه إنما جعل ذلك شكرا على ما أطعم من العذرة، وأنّ ذلك الشّكر هو اللّؤم والكفر.
ولا أعرف معنى صلاة الجعل. وقد روى ابن الأعرابي عن زاهر قال: «يا بنيّ لا تصلّ فإنّما يصلّي الجعل، ولا تصم فإنما يصوم الحمار [1]». وما فهمته بعد.
وأراه قد قدّم الهيشة، وهي أمّ حبين، وهذا خلاف مارووا عن الأعرابي والمدني [2].
1900 [اليرابيع]
وأمّا قوله:
وتدمريّ قاصع في جحر
فقد قال الشاعر [3]: [من الطويل] وإنّي لأصطاد اليرابيع كلّها ... شفاريّها والتّدمريّ المقصّعا [4]
واليرابيع ضربان: الشّفاريّ والتّدمري، مثل الفتّي والمذكّي [5].
وقال جرير حين شبّه أشياء من المرأة بأشياء من الحشرات وغيرها وذكر فيها الجعل فقال [6]: [من الوافر] ترى التّيميّ يزحف كالقرنبى ... إلى تيمية كعصا المليل ... تشين الزّعفران عروس تيم ... وتمشي مشية الجعل الدّحول [7] ... يقول المجتلون عروس تيم ... شوى أمّ الحبين ورأس فيل [8]
[1] صلاة الجعل: من قولهم: صلى الفرس، إذا أتى مصليا ورأسه على صلا السابق، والجعل يصلي أي يتبع كل ذاهب لقضاء حاجته كما يتبع المصلي من الخيل خلف السابق. وصوم الحمار: وقوفه على أربعة.
[2] انظر ما تقدم في ص 520، 521.
[3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (دمر، شفر، شرف)، والمخصص 1/ 86، 8/ 91.
[4] المقصع: الذي سدّ باب حجره.
[5] الفتي: الشاب. المذكي: المسن من كل شيء.
[6] ديوان جرير 438 (الصاوي)، وانظر ما تقدم في الحاشية رقم (4)، ص 520.
[7] الدحول: من قولهم: ناقة دحول تعارض الإبل متنحية عنها.
[8] اجتلى العروس: نظر إليها. الشوى: الأطراف.(6/525)
1901 [شعر فيه ذكر اليربوع]
وقال عبيد بن أيّوب العنبري [1]، في ذكر اليربوع: [من الطويل] حملت عليها ما لو انّ حمامة ... تحمّله طارت به في الخفاخف [2] ... نطوعا وأنساعا وأشلاء مدنف ... برى جسمه طول السّرى في المخاوف [3] ... فرحنا كما راحت قطاة تنوّرت ... لأزغب ملقى بين غبر صفاصف [4] ... ترى الطّير واليربوع يبحثن وطأها ... وينقرن وطء المنسم المتقاذف [5]
وقال ابن الأعرابيّ، وهو الذي أنشدنيه: «ترى الطير واليربوع» يعني أنّهما يبحثان في أثر خفّها ملجأ يلجآن إليه، إمّا لشدّة الحر، وإما لغير ذلك. وأنشد أصحابنا عن بعض الأعراب وشعرائهم أنّه قال في أمّه [6]: [من الوافر] فما أمّ الرّدين وإن أدلّت ... بعالمة بأخلاق الكرام ... إذا الشّيطان قصّع في قفاها ... تنفّقناه بالحبل التؤام
يقول: إذا دخل الشّيطان في قاصعاء قفاها تنفقناه، أي أخرجناه من النافقاء، بالحبل المثنّى، وقد مثّل وقد أحسن في نعت الشّعر وإن لم يكن أحسن في العقوق.
وأنشد في قوس [7]: [من الرجز] لا كّزة السّهم ولا قلوع ... يدرج تحت عجسها اليربوع [8]
القلوع من القسي: التي إذا نزع فيها انقلبت على كفّ النازع. وأما قوله:
وأما قوله [9]: [من الطويل]
[1] الأبيات في أشعار اللصوص 223، والمعاني الكبير 654، والشعر والشعراء 351، 495 (ليدن).
[2] الخفاخف: جمع خفخفة وهي الصوت.
[3] النطوع: جمع نطع، وهو بساط من الأديم. الأنساع: جمع نسع، وهو سير ينسج عريضا تشد به الرحال. الأشلاء: الأعضاء.
[4] التنور: التبصر والنظر من بعيد. الأزغب: ذو الزغب وهو الريش القصير. الغبر: جمع أغبر وغبراء. الصفاصف: الأماليس المستوية.
[5] المنسم: خف البعير.
[6] البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (نفق)، والتهذيب 9/ 193، والثاني في اللسان والتاج والأساس (قصع). وتقدم البيتان في 5/ 149.
[7] الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (كزز، قلع)، والأساس (كزز)، وفي الأساس قبل إنشاد الرجز:
«قال الجاحظ: قوس كزّة: إذا نزع فيها لم تستغرق السهم».
[8] عجس القوس: مقبضها الذي يقبضه الرامي منها.
[9] كذا ورد البيت مقحما في كلام ناقص.(6/526)
تخال به السّمع الأزلّ كأنّه ... إذا ما عدا (البيت)
1902 [قيام الذئب بشأن جراء الضبع]
ويقولون: إن الضبع إذا هلكت قام بشأن جرائها الذّئب وقال الكميت [1]: [من الطويل] كما خامرت في حضنها أمّ عامر ... لذي الحبل حتّى عال أوس عيالها [2]
وأنشد أبو عبيدة في ذلك شعرا فسّر به المعنى، وهو قوله [3]: [من البسيط] والذّئب يغذو بنات الذّيخ نافلة ... بل يحسب الذّئب أنّ النّجل للذّيب
يقول: لكثرة ما بين الذئاب والضباع من التّسافد يظن الذّئب أنّ أولاد الضبع أولاده.
1903 [أكل الأعراب للسباع والحشرات]
والأمر في الأعراب عجب في أكل السّباع والحشرات، فمنهم من يظهر استطابتها، ومنهم من يفخر بأكلها، كالّذي يقول [4]: [من الطويل] أيا أمّ عمرو ومن يكن عقر داره ... جوار عديّ يأكل الحشرات
1904 [ما تحبه الأفاعي وما تبغضه]
وأمّا قوله:
40 «لا ترد الماء أفاعي النّقا ... لكنّها يعجبها الخمر ... 41وفي ذرى الحرمل ظلّ ... إذا علا واحتدم الهجر»
فإن من العجب أنّ الأفعى لا ترد الماء ولا تريده، وهي مع هذا إذا وجدت الخمر شربت حتّى تسكر حتّى ربّما كان ذلك سبب حتفها [5]
[1] ديوان الكميت 2/ 80، واللسان (وجر، جهز، عول، حضن)، والتاج (جهز، عول، حضن)، والتنبيه والإيضاح 2/ 240، والتهذيب 3/ 196، 6/ 35، 13/ 137، والمعاني الكبير 212، والمستقصى 1/ 77، وعيون الأخبار 2/ 79، والبرصان 165، وثمار القلوب (583)، وبلا نسبة في اللسان والتاج (أوس)، وتقدم في 1/ 130، الفقرة (157).
[2] خامرت: استترت. ذو الحبل: الصائد.
[3] البيت بلا نسبة في اللسان (عول)، والتهذيب 3/ 196.
[4] البيت النابغة الذبياني أو لأوس بن حجر في التهذيب 11/ 229، وليس في ديوان أي منهما، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حشر)، وانظر شبيها لهذا البيت في اللسان والتاج (ربا)، والتهذيب 15/ 275.
[5] ربيع الأبرار 5/ 475.(6/527)
والأفاعي تكره ريح السّذاب والشّيح، وتستريح إلى نبات الحرمل. وأمّا أنا فإنّي ألقيت على رأسها وأنفها من السّذاب ما غمرها فلم أر على ما قالوا دليلا.
1905 [أكل بعض الحيوان لبعض]
وأمّا قوله:
42 «وبعضها طعم لبعض كما ... أعطى سهام الميسر القمر»
فإن الجرذ يخرج يلتمس الطّعم، فهو يحتال لطعمه، وهو يأكل ما دونه في القوّة، كنحو صغار الدّوابّ والطّير، وبيضها وفراخها، ومما لا يسكن في جحر، أو تكون أفاحيصه على وجه الأرض، فهو يحتال لذلك، ويحتال لمنع نفسه من الحيّات ومن سباع الطّير.
والحيّة تريغ الجرذ لتأكله، وتحتال أيضا للامتناع من الورل والقنفذ، وهما عليه أقوى منه عليهما. والورل إنما يحتال للحية، ويحتال للثّعلب، والثعلب يحتال لما دونه.
قال: وتخرج البعوضة لطلب الطّعم، والبعوضة تعرف بطبعها أنّ الذي يعيشها الدم، ومتى أبصرت الفيل والجاموس وما دونهما، علمت أنّما خلقت جلودهما لها غذاء، فتسقط عليهما وتطعن بخرطومها، ثقة منها بنفوذ سلاحها، وبهجومها على الدّم.
وتخرج الذّبابة ولها ضروب من المطعم، والبعوض من أكبرها صيدها وأحبّ غذائها إليها. ولولا الذّبان لكان ضرر البعوض نهارا أكثر.
وتخرج الوزغة والعنكبوت الذي يقال له الليث فيصيدان الذّباب بألطف حيلة، وأجود تدبير، ثم تذهب تلك أيضا كشأن غيرهما.
كأنه يقول: هذا مذهب في أكل الطّيبات بعضها لبعض. وليس لجميعها بدّ من الطّعم، ولا بدّ للصائد أن يصطاد، وكلّ ضعيف فهو يأكل أضعف منه، وكلّ قويّ فلا بدّ أن يأكله من هو أقوى منه، والنّاس بعضهم على بعض شبيه بذلك، وإن قصروا عن درك المقدار، فجعل الله عزّ وجلّ بعضها حياة لبعض، وبعضها موتا لبعض.
1906 [شعر للمنهال في أكل بعض الحيوان لبعض]
وقال المنهال: [من السريع] ووثبة من خزز أعفر ... وخرنق يلعب فوق التّراب
وعضرفوط قد تقوّى على ... محلولك البقة مثل الحباب ... وظالم يعدو على ظالم ... قد ضجّ منه حشرات الشّعاب
وهذان الظّالمان اللذان عنى: الأسود، والأفعى، فإنّ الأسود إذا جاع ابتلع الأفعى.(6/528)
وقال المنهال: [من السريع] ووثبة من خزز أعفر ... وخرنق يلعب فوق التّراب
وعضرفوط قد تقوّى على ... محلولك البقة مثل الحباب ... وظالم يعدو على ظالم ... قد ضجّ منه حشرات الشّعاب
وهذان الظّالمان اللذان عنى: الأسود، والأفعى، فإنّ الأسود إذا جاع ابتلع الأفعى.
1907 [أكل الأسود للأفاعي]
وشكا إليّ حوّاء مرة فقال: أفقرني هذا الأسود، ومنعني الكسب، وذلك أنّ امرأتي جهلت فرمت به في جونة فيها أفاعي ثلاث أو أربع، فابتلعهنّ كلّهن، وأراني حيّة منكرة. ولا يبعد ما قال.
والعرب تقول للمسيء: «أظلم من حيّة». وقد ذكرنا ذلك في موضعه من هذا الكتاب [1].
ولا يستطيع أن يروم ذلك من الأفعى إلّا بأن يغتالها، فيقبض على رأسها وقفاها، فإنّ الأفعى تنفذ في الأسود، لكثرة دمه.
1908 [وصف سم الحية]
وإذا وصفوا سمّ الحيّة بالشدّة والإجهاز خبّروا عنها أنّه لم يبق في بدنها دم ولا بلّة [2]، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط] لو حزّ ما أخرجت منه يد بللا ... ولو تكنّفه الراقون ما سمعا
وقال آخر [3]: [من الرجز] لميمة من حنش أعمى أصمّ ... قد عاش حتّى هو ما يمشي بدم
1909 [سلاح الحيوان]
والشأن في السّلاح [أنّه] [4] كلما كان أقلّ كان أبلغ، وكلما كان أكثر عددا وأشدّ ضررا كان أشجع وآخذ لكلّ من عرف أنه دونه. وأنشد أبو عبيدة [5]: [من البسيط] مشي السّبنتى إلى هيجاء مفظعة ... له سلاحان أنياب وأظفار [6]
[1] انظر ما تقدم في 5/ 189، 191.
[2] البلة: البلل.
[3] تقدم الرجز في 5/ 186، 6/ 381.
[4] إضافة يقتضيها المعنى.
[5] البيت الخنساء في ديوانها 381، والأغاني 15/ 80.
[6] السبنتى: النمر والأسد. المفظعة: الشديدة الشنيعة.(6/529)
كالأسد له فم الذّئب وحسبك بفم الذّئب وله فضل قوة المخالب.
وللنّسر منسر وقوّة بدن بهما فوق العقاب. ولذلك قال ابن مناذر: [من الطويل] أتجعل ليثا ذا عرين ترى له ... نيوبا وأظفارا وعرسا وأشبلا ... كآخر ذا ناب حديد ومخلب ... ولم يتّخذ عرسا ولم يحم معقلا
وذلك أن فتيين تواجأا بالخناجر، أحدهما صبيريّ والآخر كلبيّ، فحملا إلى الأمير، فضرب الصّبيريّ مائة سوط، فلم يحمدوا صبره، وشغل عن الكلبي فضربه يوم العرض خمسمائة سوط، فصبر صبرا حمدوه، ففخر الكلبيّ بذلك على الصّبيري.
وابن مناذر مولى سليمان بن عبيد بن علّان بن شمّاس الصّبيري. فقال هذا الشعر. ومعناه أنّ شجاعا لو لقي الأسد وهو مسلّح، بأرض هو بها غريب وليس هو بقرب غيضته وأشباله، لما كان معه، مما يتخذه، مثل الذي يكون معه في الحال الأخرى. يقول: وإنما صبر صاحبكم لأنّه إنما ضرب بحضرة الأكفاء والأصدقاء والأعداء، فكان هذا مما أعانه على الصّبر. وضرب صاحبنا في الخلاء، وقد وكل إلى مقدار جودة نفسه، وقطعت المادة بحضور البطالة.
1910 [حمدان وغلامه]
وسمعت حمدان أبا العقب، وهو يقول لغلام له، وكيف لا تستطيل عليّ وقد ضربوك بين النّاس خمسين سوطا فلم تنطق؟! فقلت: إذا ضربه السّجّان مائة قناة في مكان ليس فيه أحد فصبر فهو أصبر النّاس.
1911 [تفسير بيت الخنساء]
وأمّا قوله [1]: «مشي السّبنتى»، فإن السّبنتى هو النمر، ثمّ صار اسما لكلّ سبع جريء، ثم صاروا يسمّون الناقة القوية سبنتاة. قال الشّاعر [2]: [من الرجز] مشي السّبتى وجد السّبنتى
1912 [ورؤساء الحيوان]
وأمّا قوله:
[1] يقصد البيت الذي تقدم في الصفحة السابقة.
[2] الرجز بلا نسبة في البرصان 155.(6/530)
43 «وتمسح النّيل عقاب الهوا ... والليث رأس وله الأسر ... 44ثلاثة ليس لهم غالب ... إلّا بما ينتقض الدّهر»
فإنّهم يزعمون أنّ الهواء للعقاب، والأرض للأسد، والماء للتّمساح. وليس للنّار حظّ في شيء من أجناس الحيوان: فكأنّه سلّم الرياسة على جميع الدّنيا للعقاب والأسد والتمساح ولم يمد الهواء، وقصر الممدود أحسن من مدّ المقصور.
1913 [رواية المعتزلة للشعر]
وروت المعتزلة المذكورون كلّهم رواية عامّة الأشعار، وكان بشر أرواهم للشّعر خاصّة.
1914 [الهوائي والمائي والأرضي من الحيوان]
وقولهم: الطائر هوائيّ، والسمك مائيّ، مجاز كلام، وكلّ حيوان في الأرض فهو أرضيّ قبل أن يكون مائيّا أو هوائيا لأنّ الطّائر وإن طار في الهواء فإنّ طيرانه فيه كسباحة الإنسان في الماء، وإنّما ذلك على التكلف والحيلة. ومتى صار في الأرض ودلّى نفسه لم يجد بدّا من الأرض.
1915 [بقية قصيدة بشر الأولى]
وأمّا بقيّة القصيدة التي فيها ذكر الرّافضة والإباضيّة والنّابتة فليس هذا موضع تفسيره.
1916 [تفسير القصيدة الثانية]
[1] وسنقول في قصيدته الأخرى، بما أمكننا من القول إن شاء الله تعالى.
انقضت قصيدة بشر بن المعتمر الأولى.
1917 [الأوابد والأحناش]
وأمّا قوله:
2 «أوابد الوحش وأحناشها»
فإن الأوابد المقيمة [2]، والأحناش الحيّات، ثم صار بعد الضبّ والورل والحرباء والوحرة وأشباه ذلك من الأحناش.
[1] تقدمت القصيدة ص 467.
[2] أي المقيمة بالقفر.(6/531)
1918 [شر الحيوانات]
وأما قوله:
7 «وكلّها شرّ وفي شرّها ... خير كثير عند من يدري»
يقول: هي وإن كانت مؤذية وفيها قواتل فإن فيها دواء، وفيها عبرة لمن فكّر، وأذاها محنة واختبار. فبالاختبار يطيع النّاس، وبالطاعة يدخلون الجنّة.
وسئل علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، غير مرّة في علل نالته فقيل له:
كيف أصبحت؟ فقال: بشرّ. ذهب إلى قوله عزّ وجلّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ مََا خَلَقَ} [1].
وأمّا قوله:
17 «فشرّهم أكثرهم حيلة ... كالذّئب والثّعلب والذّرّ»
فقد فسره لك في قوله:
18 «والليث قد بلّده علمه ... بما حوى من شدّة الأسر»
وهكذا كلّ من وثق بنفسه، وقلّت حاجته.
1919 [زعم في العقاب]
ويزعم أصحاب القنص أنّ العقاب لا تكاد تراوغ الصّيد ولا تعاني ذلك، وأنّها لا تزال تكون على المرقب العالي، فإذا اصطاد بعض سباع الطير شيئا انقضّت عليه فإذا أبصرها ذلك الطائر لم يكن همه إلا الهرب وترك صيده في يدها، ولكنها إذا جاعت فلم تجد كافيا لم يمتنع عليها الذّئب فما دونه. وقد قال الشّاعر: [من البسيط] مهبّل ذئبها يوما إذا قلبت ... إليه من مستكفّ الجوّ حملاقا [2]
وقال آخر [3]: [من البسيط] كأنّها حين فاض الماء واحتملت ... صقعاء لاح لها بالقفرة الذّيب ... صبّت عليه ولم تنصبّ من أمم ... إنّ الشّقاء على الأشقين مصبوب
[1] 21/ الفلق: 113.
[2] المهبل: المكتسب المغتنم. المستكف: موضع الاستكفاف وهو الاستيضاح.
[3] تقدم تخريج البيتين ص 6/ 519.(6/532)
1920 [معرفة الحيوان مدى قوته]
وأمّا قوله:
21 «تعرف بالإحساس أقدارها ... في الأسر والإلحاح والصّبر»
يقول: لا يخفى على كلّ سبع ضعفه وتجلده وقوته، وكذلك البهيمة الوحشيّة لا يخفى عليها مقدار قوة بدنها وسلاحها، ولا مقدار عدوها في الكرّ والفر. وعلى أقدار هذه الطّبقات تظهر أعمالها.
1921 [تعرض الحيوان للإنسان]
وأمّا قوله:
24 «والضّبع الغثراء مع ذيخها ... شرّ من اللّبوة والنّمر ... 32كما ترى الذّئب إذا لم يطق ... صاح فجاءت رسلا تجري ... 33وكلّ شيء فعلى قدره ... يحجم أو يقدم، أو يجري»
فإنّ هذه السّباع القويّة الشّريفة ذوات الرّياسة: الأسد والنّمور والببور لا تعرض للنّاس إلّا بعد أن تهرم فتعجز عن صيد الوحش. وإن لم يكن بها جوع شديد فمرّ بها إنسان لم تعرض له، وليس الذّئب كذلك، لأن الذّئب أشدّ مطالبة، فإن خاف العجز عوى عواء استغاثة فتسامعت الذّئاب وأقبلت، فليس دون أكل ذلك الإنسان شيء.
وقسّم الأشياء فقال: إنّما هو نكوص وتأخّر، وفرار، وإحجام وليس بفرار ولا إقدام. وكذلك هو.
1922 [العندليل والنسر]
وأمّا قوله:
34 «والكيس في المكسب شمل لهم ... والعندليل الفرخ كالنّسر»
فالعندليل طائر أصغر من ابن تمرة، وابن تمرة هو الذي يضرب به المثل في صغر الجسم. والنّسر أعظم سباع الطّير وأقواها بدنا.
وقال يونس النحويّ وذكر خلفا الأحمر فقال [1]: «يضرب ما بين العندليل إلى الكركيّ». وقد قال فيه الشّاعر: [من السريع]
[1] تقدم هذا القول والبيت الذي يليه في 5/ 83.(6/533)
ويضرب الكركي إلى القنبر ... لا عانسا يبقى ولا محتلم
وقال: [من الكامل] وبما أقول لصاحبي خلف ... إيها إليك تحذّرن خلف ... فلو أنّ بيتك في ذرى علم ... من دون قلّة رأسه شعف ... لخشيت قدرك أن يبيتها ... إن لم يكن لي عنه منصرف
وفي المثل: «كلّ طائر يصيد على قدره» [1].
1923 [غدر الذّئب وخبثه وكسبه]
وأمّا قوله:
35 «والخلد كالذّئب على كسبه ... والفيل والأعلم كالوبر»
فإنّه يقال: «أغدر من ذئب» [2]، و: «أخبث من ذئب» [3]، و: «أكسب من ذئب» [4]، على قول الآخر: [من الرجز] أكسب للخير من الذّئب الأزلّ
والخير عنده في هذا الموضع ما يعيش ويقوت، والخير في مكان آخر: المال بعينه على قوله عزّ وجلّ: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} [5]، وعلى قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [6]، أي إنّه من أجل حبّ المال لبخيل عليه، ضنين به، متشدّد فيه.
والخير في موضع آخر: الخصب وكثرة المأكول والمشروب، تقول: ما أكثر خير بيت فلان. والخير المحض: الطّاعة وسلامة الصدر.
[1] المثل في المستقصى 2/ 228.
[2] مجمع الأمثال 2/ 67، والدرة الفاخرة 1/ 321، وجمهرة الأمثال 1/ 167، 2/ 79، والمستقصى 1/ 258.
[3] المثل برواية: «أخبث من ذئب الخمر» في مجمع الأمثال 1/ 259، والدرة الفاخرة 1/ 190، والمستقصى 1/ 92، وجمهرة الأمثال 1/ 412، 438، 462. وبرواية «أخبث من ذئب الغضى» في المصادر نفسها.
[4] مجمع الأمثال 2/ 168، والمستقصى 1/ 194، وجمهرة الأمثال 2/ 137، 175، والدرة الفاخرة 2/ 361، 366.
[5] 180/ البقرة: 2.
[6] 8/ العاديات: 100.(6/534)
وأمّا قولهم [1]: «أخبث من ذئب خمر» فعلى قول الرّاجز [2]: [من الرجز] أما أتاك عنّي الحديث ... إذ أنا بالغائط أستغيث ... والذّئب وسط أعنزي يعيث ... وصحت بالغائط يا خبيث
وقالوا في المثل: «مستودع الذئب أظلم» [3].
1924 [الخلد]
والخلد دويبة عمياء صماء، لا تعرف ما يدنو منها إلا بالشّمّ، تخرج من جحرها، وهي تعلم أن لا سمع ولا بصر لها، وإنما تشحا فاها [4]، وتقف على باب جحرها فيجيء الذّباب فيسقط على شدقها ويمرّ بين لحييها فتسدّ فمها عليها وتستدخلها بجذبة النّفس، وتعلم أن ذلك هو رزقها وقسمها. فهي تعرض لها نهارا دون اللّيل، وفي السّاعات من النهار التي يكون فيها الذباب أكثر، لا تفرّط في الطّلب، ولا تقصّر في الطّلب، ولا تخطئ الوقت، ولا تغلط في المقدار.
وللخلد أيضا تراب حوالي جحره، هو الذي أخرجه من الجحر، يزعمون أنّه يصلح لصاحب النّقرس [5] إذا بلّ بالماء وطلي به ذلك المكان.
1925 [الأعلم]
وأمّا قوله:
35 «والفيل والأعلم كالوبر»
فالفيل معروف، والأعلم: البعير، وبذلك يسمّى، لأنّه أبدا مشقوق الشّفة العليا، ويسمّى الإنسان إذا كان كذلك به.
ويدلّ على أن الأعلم والبعير سواء قول الراجز [6]: [من الرجز] إني لمن أنكر أو توسّما ... أخو خناثير أقود الأعلما
[1] المثل في الصفحة السابقة رقم 3.
[2] تقدم الرجز في 1/ 202، الفقرة (232).
[3] مجمع الأمثال 1/ 446، والدرة الفاخرة 1/ 192، 294، 454.
[4] تشحا فاها: تفتحه، وانظر هذه الفقرة في ربيع الأبرار 5/ 473.
[5] النقرس: ورم ووجع في مفاصل الكعبين وأصابع الرجلين.
[6] تقدم الرجز في 4/ 454، الفقرة (1206).(6/535)
وقال عنترة [1]: [من الكامل] وحليل غانية تركت مجدّلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم
يريد شدق البعير في السعة. وقال الآخر [2]: [من الكامل] كم ضربة لك تحكي فاقراسية ... من المصاعب في أشداقه علم
1926 [ما قيل من الشعر في صفة الضرب والطعن]
وقال الكميت [3]: [من المتقارب] مشافر قرحى أكلن البريرا
وقال آخر: [من الوافر] بضرب يلقح الضّبعان منه ... طروقته ويأتنف السّفادا
وقال الشاعر الباهليّ [4]: [من الطويل] بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها
كأنّه ضربه بالسّيف، فعلق عليه من اللحم كأمثال آذان الحمير.
وقال بعض المحدثين، وهو ذو اليمينين [5]: [من السريع] ومقعص تشخب أوداجه ... قد بان عن منكبه الكاهل ... فصار ما بينهما هوّة ... يمشي بها الرّامح والنّابل
وفي صفات الطّعنة والضّربة أنشدني ابن الأعرابيّ: [من الطويل] تمنّى أبو اليقظان عندي هجمة ... فسهّل مأوى ليلها بالكلاكل ... ولا عقل عندي غير طعن نوافذ ... وضرب كأشداق الفصال الهوازل [6]
[1] تقدم البيت في 3/ 148، 4/ 455، 6/ 395.
[2] تقدم مثل هذا البيت في 3/ 148، الفقرة (759) بقافية (شنع).
[3] صدر البيت (تشبّه في إلهام آثارها)، وهو في ديوان الكميت 1/ 191، والبيان 1/ 55، واللسان والتاج (قرح)، والتهذيب 4/ 38، وتقدم في 3/ 149، الفقرة 759.
[4] البيت لمالك بن زغبة الباهلي في اللسان والتاج (فرأ، بور، وزغ) وتقدم مع تخريج واف في 2/ 385، الفقرة (447).
[5] البيتان لذي اليمينين طاهر بن الحسين في الموشح 79، 245.
[6] الفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة.(6/536)
وسبّ يود المرء لو مات دونه ... كوقع الهضاب صدّعت بالمعاول
وقل الآخر [1]: [من الطويل] جمعت بها كفّي فأنهرت فتقها ... ترى قائما من خلفها ما وراءها [2]
وقال البعيث [3]: [من الطويل] أئن أمرعت معزى عطيّة وارتعت ... تلاعا من المرّوت أحوى جميمها [4] ... تعرّضت لي حتّى ضربتك ضربة ... على الرّأس، يكبو لليدين أميمها [5] ... إذا قاسها الآسي النّطاسيّ أرعشت ... أنامل آسيها وجاشت هزومها [6]
وقال الآخر: [من المتقارب] ونائحة رافع صوتها ... تنوح وقد وقع المهذم [7] ... تنوح وتسبر قلّاسة ... وقد غابت الكفّ والمعصم [8]
وقال آخر [9]: [من المتقارب] ومستنّة كاستنان الخرو ... ف قد قطع الحبل بالمرود [10] ... دفوع الأصابع ضرح الشّمو ... س نجلاء مؤيسة العوّد [11]
[1] البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 46، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 184، وشرحه للتبريزي 1/ 95، وديوان المعاني 1/ 25، وعيار الشعر 78، والمعاني الكبير 978، 983، 1062، 1080، وديوان الأدب 2/ 301، والتهذيب 6/ 277، 10/ 271، ولباب الآداب 184، واللسان والتاج (نهر، ملك)، وبلا نسبة في المخصص 3/ 133، 4/ 19، 6/ 89، 10/ 30، 17/ 157.
[2] أنهر الطعنة: وسعها.
[3] البيت الأول في اللسان والتاج (مرت)، والثالث في اللسان والتاج (نطس)، وهو بلا نسبة في اللسان (قيس)، والجمهرة 838، والتهذيب 9/ 225.
[4] عطية: هو والد جرير بن عطية الخطفي. المروت: اسم موضع لباهلة أو كليب.
[5] الأميم: الذي أصيب في أم رأسه.
[6] الآسي: الطبيب. الهزوم: الصدوع والشقوق.
[7] أراد بالنائحة: الطعنة تصيح بشدة خروج الدم منها. المهذم: السيف القاطع.
[8] قلاسة: قذافة.
[9] البيتان لرجل من بني الحارث بن كعب في اللسان والتاج (حزف)، وبلا نسبة في المخصص 6/ 137، 9/ 142، والأول في التهذيب 7/ 350، ورصف المباني 145، وسر صناعة الإعراب 1/ 134، وشرح المفصل 8/ 23، واللسان (بنت)، والمحتسب 2/ 88.
[10] المستنة: الطعنة. الخروف: ولد الفرس إذا بلغ ستة أشهر. المرود: حديدة توتد في الأرض يشد فيها حبل الدابة.
[11] نجلاء: واسعة. العوّد: جمع عائد المريض.(6/537)
وقال محمد بن يسير [1]: [من المتقارب] وطعن خليس كفرغ النّضيح ... أفرغ من ثعب الحاجر [2] ... تهال العوائد من فتقها ... تردّ السّبار على السّابر [3]
وأنشدوا لرجل من أزد شنوءة [4]: [من الطويل] وطعن خليس قد طعنت مرشّة ... يقطّع أحشاء الجبان شهيقها ... إذا باشروها بالسّبار تقطّعت ... تقطع أم السكر شيب عقوقها
وروي للفند الزّمّاني [5] ولا أظنّه له: [من الهزج] كففنا عن بني هند ... وقلنا: القوم إخوان ... عسى الأيّام ترجعهم ... جميعا كالذي كانوا ... فلمّا صرّح الشّرّ ... وأضحى وهو عريان ... شددنا شدّة اللّيث ... عدا والليث غضبان ... بضرب فيه تفجيع ... وتوهين وإرنان [6] ... وطعن كفم الزّقّ ... وهي والزّقّ ملآن [7]
وأنشد السّدّيّ لرجل من بلحارث: [من المتقارب] أتيت المحرم في رحله ... فشمّر رحلي بعنس خبوب [8]
[1] ديوان محمد بن يسير 141، وهما لخداش بن زهير في ديوانه 82، وأشعار العامريين الجاهليين 34، وديوان المعاني 2/ 73، والأول في المعاني الكبير 1/ 149، 2/ 982، والثاني في تهذيب الألفاظ 542، وعجز البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (سبر)، والمخصص 5/ 93، 12/ 327.
[2] طعنة خليس: إذا اختلسها الطاعن بحذقه. النضيح: الحوض. الثعب: الماء السائل. الحاجر: ما يحبس ماء الحوض.
[3] تهال: تفزع. السابر: الطبيب أو الجراح المعالج.
[4] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (قبض) وروايته:
(تركت ابن ذي الجدّين فيه مرشّة ... يقبّض أحشاء الجبان شهيقها).
[5] الأبيات للفند الزماني في ديوانه 363 (ديوان بني بكر)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 37، والخزانة 3/ 431، وأمالي القالي 1/ 260، والسمط 578، 940، وحماسة البحتري 56، والمقاصد النحوية 3/ 122.
[6] التوهين: تفعيل من الوهن، وهو الضعف. الإرنان: التصويت.
[7] وهي: ضعف.
[8] شمّر إبله: أعجلها. العنس: الناقة الصلبة. الخبوب: وصف من الخبب وهو ضرب من العدو.(6/538)
تذكّر منّي خطوبا مضت ... ويوم الأباء ويوم الكثيب ... ويوم خزاز وقد ألجموا ... وأشرطت نفسي بأن لا أثوب [1] ... ففرّجت عنهم بنفّاحة ... لها عاند مثل ماء الشعيب [2] ... إذا سبروها عوى كلبها ... وجاشت إليهم بآن صبيب [3]
وقال آخر: [من الخفيف] طعنة ما طعنت في جمح الذّ ... مّ هلال وأين منّي هلال ... طعنة الثائر المصمّم حتى ... نجم الرّمح خلفه كالخلال [4]
وقال الحارث بن حلّزة [5]: [من الخفيف] لا يقيم العزيز بالبلد السّهل ... ولا ينفع الذّليل النّجاء ... حول قيس مستلئمين بكبش ... قرظيّ كأنّه عبلاء [6] ... فرددناهم بضرب كما يخ ... رج من خربة المزاد الماء [7] ... وفعلنا بهم كما علم الله ... وما إن للحائنين دماء [8]
وقال ابن هرمة [9]: [من الكامل] بالمشرفيّة والمظاهر نسجها ... يوم اللّقاء وكلّ ورد صاهل [10] ... وبكلّ أروع كالحريق مطاعن ... فمسايف فمعانق فمنازل [11]
ويروى: «فمعاذل».
[1] يوم خزاز: أعظم يوم التقته العرب في الجاهلية. معجم البلدان 2/ 366. ألجموا: أي ألجموا الخيل.
[2] النفاحة: الشديدة الدفع، أي الطعنة. العاند: الدم يسيل في جانب. الشعيب: المزادة المشعوبة.
[3] الآني: الذي انتهى واشتد في حرارته.
[4] نجم: ظهر. الخلال: العود يخلّ به الشيء.
[5] الأبيات من معلقته في شرح القصائد السبع 494، والأغاني 11/ 4847.
[6] المستلئم: لابس اللأمة، وهي الدرع. الكبش: رئيس القوم. قرظي: نسبة إلى اليمن لأن القرظ ينبت فيها. العبلاء: هضبة بيضاء.
[7] الخربة: غرلاء المزادة، وهو مسيل الماء منها.
[8] الحائن: الهالك.
[9] ديوان ابن هرمة 174173.
[10] المشرفية: السيوف. المظاهر: الدروع التي طرقت. الورد: الفرس.
[11] المسايف: المقاتل بالسيف.(6/539)
1927 [الإسراف في صفة الضرب والطعن]
وإذ قد ذكرنا شيئا من الشّعر في صفة الضرب والطعن فقد ينبغي أن نذكر بعض ما يشاكل هذا الباب من إسراف من أسرف، واقتصاد من اقتصد. فأما من أفرط فقول مهلهل [1]: [من الوافر] فلولا الرّيح أسمع من بحجر ... صليل البيض تقرع بالذّكور
وقال الهذلي [2]: [من البسيط] والطعن شغشغة والضّرب هيقعة ... ضرب المعوّل تحت الدّيمة العضدا ... وللقسيّ أزاميل وغمغمة ... حسّ الجنوب سوق الماء والقردا [3]
ومن ذلك قول عنترة: [من الكامل] برحيبة الفرغين يهدي جرسها ... باللّيل معتسّ السّباع الضّرّم [4]
وقال أبو قيس بن الأسلت [5]: [من السريع] قد حصّت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع
وقال دريد بن الصّمّة [6]: [من الوافر] أعاذل إنّما أفنى شبابي ... ركوبي في الصّريخ إلى المنادي ... مع الفتيان حتّى خلّ جسمي ... وأقرح عاتقي حمل النّجاد [7]
[1] البيت للمهلهل في الأصمعيات 155، والبيان 1/ 124، والموشح 74، والأمالي 2/ 129، ومعجم البلدان 3/ 8 (ذنائب).
[2] البيتان لعبد مناف بن ربع الهذلي في شرح أشعار الهذليين 674، وديوان المعاني 2/ 55، وتقدم تخريج البيت الأول في 4/ 458، والثاني في اللسان والتاج (حسس، غمم)، وبلا نسبة في اللسان والتاج (زمل)، والمخصص (2/ 145).
[3] في ديوان الهذليين 2/ 41: «الأزامل: الصوت المختلط. الغمغمة: صوت مختلف لا تفهمه.
حسّ الجنوب: صوتها».
[4] الفرغ: مفرغ الدلو. الجرس: الصوت. اعتس الذئب: طلب الصيد. الضرّم: الجياع.
[5] ديوان أبي قيس بن الأسلت 78، وشرح اختيارات المفضل 1236، واللسان والتاج (حصص، هجع)، والتهذيب 3/ 400، والجمهرة 98، والمجمل 2/ 14، وديوان الأدب 3/ 126، وبلا نسبة في العين 3/ 14، والمقاييس 2/ 13، والمخصص 1/ 70، وأساس البلاغة (هجع).
[6] ديوان دريد بن الصمة 60، وحماسة القرشي 129، والأول لعمرو بن معدي كرب في ديوانه 97، وعيون الأخبار 1/ 193. والحماسة البصرية 1/ 35.
[7] خلّ: وهن وفسد.(6/540)
وممّا يدخل في هذا الباب قول عنترة [1]: [من الكامل] رعناهم والخيل تردي بالقنا ... وبكلّ أبيض صارم قصّال [2] ... وأنا المنيّة في المواطن كلّها ... والطّعن منّي سابق الآجال
وأمّا قوله [3]: [من الكامل] إنّ المنيّة لو تمثّل مثّلت ... مثلي، إذا نزلوا بضنك المنزل
وقال نهشل بن حرّيّ [4]: [من الطويل] وما زال ركني يرتقي من ورائه ... وفارس هيجا ينفض الصدر واقف [5]
فوصف [نفسه] [6] بأنّه مجتمع القلب، مرير [7] لا يبرح.
وقد كان حميد بن عبد الحميد يوصف بذلك، لأنّه كان لا يرمي بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولكن التصبير والتّحريض والثّبات، إذا انهزم، كلّ شجاع.
[1] ديوان عنترة 192191.
[2] رعناهم: من الروع وهو الخوف. القنا: الرماح. الأبيض: السيف. القصّال: القطّاع.
[3] البيت لعنترة في ديوانه 58.
[4] ديوان نهشل بن حري 114.
[5] ركن كل شيء: جوانبه.
[6] إضافة يقتضيها السياف.
[7] المرير: القوي الشديد القلب.(6/541)
باب من نذر في حميّة المقتول نذرا فبلغ في طلب ثأره الشفاء
قال العبسيّ: [من الوافر] دعوت الله إذ قدنا إليهم ... لنلقى منقرا أو عبد عمرو ... وكانت حلفة حلفت لوتر ... وشاء الله أن أدركت وتري ... وإنّي قد سقمت فكان برئي ... بقرواش بن حارثة بن صخر
والأعراب تعدّ القتل سقما وداء لا يبرئه أخذ ثأره دون أخ أو ابن عمّ، فذلك الثّأر المنيم.
وممّن قال في ذلك صبار بن التوءم اليشكري، في طلب الطّائلة وأنّ ذلك داء ليس له برء، وكانوا قتلوا أخاه إساف بن عباد، فلما أدرك ثأره قال: [من الطويل] ألم يأتها أنّي صحوت وأنّني ... شفاني من الدّاء المخامر شاف ... فأصبحت ظبيا مطلقا من حبالة ... صحيح الأديم بعد داء إساف ... وكنت مغطّى في قناعي حقبة ... كشفت قناعي واعتطفت عطافي [1]
وفي شبيه بهذا المذهب من ذكر الدّاء والبرء قال الآخر [2]: [من البسيط] قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... إن الشّباب جنون برؤه الكبر
وفي شبيه بالأوّل قول الشّيخ الباهليّ، حين خرج إلى المبارزة على فرس أعجف، فقالوا: «بال على بال!». فقال الشّيخ: [من الوافر] رآني الأشعريّ فقال بال ... على بال ولم يعرف بلائي ... ومثلك قد كسرت الرّمح فيه ... فآب بدائه وشفيت دائي
وقالت بنت المنذر بن ماء السّماء [3]: [من الوافر] بعين أباغ قاسمنا المنايا ... فكان قسيمها خير القسيم
[1] العطاف: الرداء.
[2] البيت للعتبي أو لابن أبي فنن، وتقدم تخريجه ص 344.
[3] الأبيات لزينب بنت فروة بن مسعود الشيباني في معجم الأدبيات 251، ومعجم البلدان 1/ 68 (أباغ). وانظر العقد الفريد 3/ 373.(6/542)
وقالوا فارس الهيجاء قلنا ... كذاك الرّمح يكلف بالكريم
وقال الأسدي [1]: [من المتقارب] رفعنا طريفا بأرماحنا ... وبالرّاح منّا فلم يدفعونا ... فطاح الوشيظ ومال الجموح ... ولا تأكل الحرب إلا السّمينا [2]
وقال الخريمي [3]: [من الطويل] وأعددته ذخرا لكلّ ملمّة ... وسهم المنايا بالذخائر مولع
وقال السموءل بن عاديا [4]: [من الطويل] يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول ... لأنّا أناس لا نرى القتل سبّة ... إذا ما رأته عامر وسلول
وقال أبو العيزار [5]: [من الكامل] يدنو وترفعه الرّماح كأنّه ... شلو تنشّب في مخالب ضاري ... فتوى صريعا والرّماح تنوشه ... إنّ الشّراة قصيرة الأعمار
وقال آخر وهو يوصي بلبس السّلاح [6]: [من الكامل] فإذا أتتكم هذه فتلبّسوا ... إنّ الرّماح بصيرة بالحاسر
وقال الآخر: [من البسيط] يا فارس الناس في الهيجا إذا شغلت ... كلتا اليدين كرورا غير وقّاف
قوله «شعلت» يريد بالسّيف والتّرس. وأنشد أبو اليقظان [7]: [من الطويل] وكان ضروبا باليدين وباليد
[1] البيتان لعبادة بن أنف الكلب الصيداوي الأسدي في الوحشيات 68، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 88،
[2] الوشيظ: الدخلاء في القوم ليسوا من صميمهم، ورواية صدر البيت في المصدرين السابقين:
(وطاح الرئيس وهادي اللواء).
[3] ديوان الخريمي 43، والبيان 1/ 406، والكامل 2/ 303 (المعارف)، ونهاية الأرب 3/ 87، وتقدم في 3/ 76، الفقرة (635).
[4] ديوان السموءل، والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (سلل)، والمخصص 17/ 41.
[5] البيتان في البيان 1/ 406، وشعر الخوارج 92، وبهجة المجالس 1/ 476، والكامل 2/ 301 (المعارف)، وحماسة القرشي 184.
[6] تقدم البيت في ص 491.
[7] صدر البيت: (أعيني ألا فابكي عبيد بن معمر)، وهو في الميسر والقداح 140.(6/543)
أمّا قوله: «ضروبا باليدين»، فإنّه يريد القداح، وأمّا قوله: «باليد» فإنّه يريد السّيف.
وأمّا قول حسّان لقائده حين قرّبوا الطّعام لبعض الملوك: «أطعام يدين أم يد؟» [1] فإنه قال هذا الكلام يومئذ وهو مكفوف.
وإن كان الطعام حيسا أو ثريدا أو حريرة فهو طعام يد، وإن كان شواء فهو طعام يدين.
1928 [من أشعار المقتصدين في الشعر]
ومن أشعار المقتصدين في الشّعر أنشدني قطرب [2]: [من المتقارب] تركت الرّكاب لأربابها فأجه ... دت نفسي على ابن الصّعق ... جعلت يديّ وشاحا له ... وبعض الفوارس لا يعتنق
وممن صدق على نفسه عمرو بن الإطنابة، حيث يقول [3]: [من الوافر] وإقدامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح [4] ... وقولي كلّما جشأت وجاشت ... مكانك تجمدي أو تستريحي
وقل آخر: [من الطويل] وقلت لنفسي إنّما هو عامر ... فلا ترهبيه وانظري كيف يركب
وقال عمرو بن معد يكرب [5]: [من الطويل]
[1] الخبر في عيون الأخبار 1/ 321، والبرصان 345344، والموفقيات 250، وثمار القلوب (869)، والكامل 1/ 391 (المعارف).
[2] البيتان لقيس بن زهير في الحماسة البصرية 1/ 18، وبلا نسبة في البيان 3/ 246.
[3] البيتان لعمرو بن الإطنابة في الحماسة البصرية 1/ 3، والحماسة المغربية 606، وحماسة القرشي 149148، ومجالس ثعلب 67، وأمالي القالي 1/ 260، وحماسة البحتري 9، وديوان المعاني 1/ 114، وسمط اللآلي 574، وعيون الأخبار 1/ 126، ومعجم الشعراء 9، ولباب الآداب 224223، والخزانة 2/ 428، وإنباه الرواة 3/ 281، والمقاصد النحوية 4/ 415، وشرح شواهد المغني 546، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 35، وشرح شذور الذهب 447، وشرح قطر الندي 117، وشرح المفصل 4/ 74، وهمع الهوامع 2/ 13، واللسان (جشأ، شيح)، والتاج (شيح)، والتهذيب 5/ ر 147
[4] المشيح: المجد. والمشيح: المقبل إليك أو المانع لما وراء ظهره.
[5] البيتان لعمرو بن معدي كرب في ديوانه 71، والأصمعيات 122، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 157، وشرح شواهد المغني 418، والأول بلا نسبة في العين 7/ 338، والثاني في ديوان المعاني 1/ 112.(6/544)
ولّما رأيت الخيل زورا كأنّها ... جداول زرع أرسلت فاسبطرّت [1] ... فجاشت إليّ النّفس أوّل مرّة ... فردّت على مكروهها فاستقرّت [2]
وقال الطّائيّ: [من الرمل] ودنونا ودنوا حتّى إذا ... أمكن الضّرب فمن شاء ضرب ... ركضت فينا وفيهم ساعة ... لهذميّات وبيض كالشّهب [3] ... تروا القاع لنا إذ كرهوا ... غمرات الموت واختاروا الهرب
وقال النّمر بن تولب [4]: [من المتقارب] سمونا ليشكر يوم النّهاب ... نهزّ قنا سمهريّا طوالا [5] ... فلمّا التقينا وكان الجلاد ... أحبّوا الحياة فولّوا شلالا [6]
وكما قال الآخر: [من الطويل] هم المقدمون الخيل تدمى نحورها ... إذا ابيضّ من هول الطّعان المسالح [7]
وقال عنترة [8]: [من الكامل] إذ يتّقون بي الأسنّة لم أخم ... عنها ولكني تضايق مقدمي [9]
وقال قطريّ بن الفجاءة [10]: [من الوافر] وقولي كلّما جشأت، لنفسي ... من الأبطال ويحك لا تراعي ... فإنّك لو سألت حياة يوم ... سوى الأجل الذي لك لم تطاعي
وقالت الخنساء [11]: [من المتقارب]
[1] الزور: جمع أزور وزوراء وهو المعوج العنق. اسبطرت: امتدت.
[2] جاشت: اضطربت من الفزع.
[3] اللهذم: السنان القاطع، وأراد باللهذميات هنا: الرماح. البيض: السيوف.
[4] البيتان للنمر بن تولب في ديوانه 374، ونسب البيت الثاني إلى سويد في أساس البلاغة (كون).
[5] القنا: الرماح. السمهرية: الرماح المنسوبة إلى امرأة تسمى سمهر.
[6] الشلال: المتفرقون.
[7] المسالح: جمع مسلحة، وهم القوم ذوو السلاح.
[8] البيت من معلقته في ديوانه 29.
[9] خام يخيم: نكص وجبن. مقدمي: موضع الإقدام.
[10] البيتان لقطري بن الفجاءة في شعر الخوارج 108، وعيون الأخبار 1/ 126، والعقد الفريد 1/ 105، وبهجة المجالس 1/ 470، وحماسة البحتري 10، والسمط 575.
[11] ديوان الخنساء 105، والأغاني 15/ 92، واللسان (هون)، والتهذيب 6/ 442، ونهاية الأرب 3/ 72.(6/545)
يهين النّفوس وهون النفوس ... غداة الكريهة أبقى لها
وقال عامر بن الطّفيل [1]: [من الطويل] أقول لنفس لا يجاد بمثلها ... أقلّي المراح إنّني غير مقصر [2]
وقال جرير [3]: [من البسيط] إن طاردوا الخيل لم يشووا فوارسها ... أو نازلوا عانقوا الأبطال فاهتصروا [4]
وقال ابن مقروم الضّبيّ [5]: [من الكامل] وإذا تعلّل بالسّياط جيادها ... أعطاك ثائبة ولم يتعلّل [6] ... فدعوا نزال فكنت أوّل نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل
وقال كعب الأشقري [7]: [من الطويل] إليهم وفيهم منتهى الحزم والنّدى ... وللكرب فيهم والخصاصة فاسح ... ترى علقا تغشى النفوس رشاشه ... إذا انفرجت من بعدهنّ الجوانح ... كأنّ القنا الخطّيّ فينا وفيهم ... شواطن بئر هيّجتها المواتح [8] ... هناك قذفنا بالرّماح فيما يرى ... هنالك في جمع الفريقين رامح ... ودرنا كما دارت على قطبها ... ودارت على هام الرّجال الصّفائح ... ودرنا كما دارت على قطبها ... ودارت على هام الرّجال الصّفائح
وقال مهلهل [9]: [من الخفيف] ودلفنا بجمعنا لبني شي ... بان إن الخليل يبغي الخليلا
[1] البيت لعامر بن الطفيل في المفضليات 362، والأصمعيات 215، والسمط 144.
[2] المراح: المرح، وهو شدة الفرح.
[3] ديوان جرير 295 (الصاوي).
[4] يشووا: من الإشواء، وذلك إذا رمى فأصاب الأطراف ولم يصب المقتل. الاهتصار: الجذب والإمالة.
[5] ديوان ربيعة بن مقروم 269، والثاني في عيون الأخبار 1/ 126، والبرصان 172.
[6] التعليل: من العل وهو متابعة الضرب.
[7] الأبيات (543) في الحماسة البصرية 1/ 371، والخامس بلا نسبة في اللسان (رحا)، والتهذيب 5/ 215.
[8] الشواطن: جمع شطن وهو الحبل.
[9] البيتان في الأغاني 5/ 57، والعقد الفريد 5/ 217.(6/546)
لم يطيقوا أن ينزلوا ونزلنا ... وأخو الحرب من أطاق النزولا
وقال عبدة، وهو رجل من عبد شمس: [من الطويل] ولما زجرنا الخيل خاضت بنا القنا ... كما خاضت البزل النّهاء الطّواميا [1] ... رمونا برشق ثمّ إنّ سيوفنا ... وردن فأنكرن القبيل المراميا ... ولم يك يثني النّبل وقع سيوفنا ... إذا ما عقدنا للجلاد النّواصيا
[1] النهاء جمع نهى وهو كل موضع يجتمع فيه الماء.(6/547)
باب في ذكر الجبن ووهل الجبان
قال الله عزّ وجلّ: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قََاتَلَهُمُ اللََّهُ أَنََّى يُؤْفَكُونَ} [1]. ويقال إن جريرا من هذا أخذ قوله [2]: [من الكامل] ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم ... خيلا تكرّ عليكم ورجالا
وإلى هذا ذهب الأوّل [3]: [من الطويل] ولو أنّها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما
وقال جران العود [4]: [من البسيط] يوم ارتحلت برحلي قبل برذعتي ... والقلب مستوهل للبين مشغول [5] ... ثمّ اغترزت على نضوى ليحملني ... إثر الحمول الغوادي وهو معقول [6]
وهذا صفة وهل الجبان. وليس هذا من قوله [7]: [من المتقارب] كملقي الأعنّة من كفّه ... وقاد الجياد بأذنابها
وقال الذّكواني أو زمرة الأهوازيّ، ففسر ذلك حيث يقول: [من الخفيف] يجعل الخيل كالسّفين ويرقى ... عاديا فوق طرفه المشكول [8]
[1] 4/ المنافقون: 63.
[2] ديوان جرير 53، والرسالة الموضحة 64، والمختار من شعر بشار 9، والعقد الفريد 3/ 132، وتقدم في 5/ 132.
[3] البيت لجرير، وللبعيث وللعوام بن شوذب ولمغيرة بن طارق اليربوعي ولابن حوشب، وقد تقدم البيت مع تخريج واف في 5/ 131.
[4] البيتان لجران العود في الأشباه والنظائر للخالديين 1/ 58، وعيون الأخبار 1/ 165، وديوان جران العود 55، وهما لابن مقبل في ديوانه (265)، وفي ديوان جران العود: «وتروى لابن مقبل، ولقحيف العقيلي، وقال خالد: هي لحكم الخضري».
[5] المستوهل: الفزع.
[6] اغترزت: وضعت رجلي في الغرز، وهو الركاب. النصو: البعير أنضاه المسير. المعقول: مشدود بالعقال.
[7] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار 1/ 165.
[8] الطرف: الفرس الكريم الطرفين. المشكول: المشدود بالشكال، وهو العقال تشد به قوائم الدابة.(6/548)
لأنّهم ربّما تنادوا في العسكر: قد جاؤوا، ولا بأس! فيسرج الفارس فرسه وهو مشكول ثم يركبه ويحثّه بالسّوط، ويضربه بالرّجل، فإذا رآه لا يعطيه ما يريد نزل فأحضر على رجليه، ومن وهل الجبان أن يذهل عن موضع الشّكال في قوائم فرسه.
وربما مضى باللّجام إلى عجب ذنبه [1]. وهو قوله: «يجعل الخيل كالسّفين» لأنّ لجام السفينة الذي يغمزها به والشّكال [2] هو في الذّنب.
وقال سهل بن هارون الكاتب في المنهزمة من أصحاب ابن نهيك بالنّهروان من خيل هرثمة بن أعين: [من الطويل] يخيّل للمهزوم إفراط روعه ... بأنّ ظهور الخيل أدنى من العطب
لأنّ الجبن يريه أنّ عدوه على رجليه أنجى له، كأنّه يرى أنّ النّجاة إنّما تكون على قدر الحمل للبدن.
وقال آخر [3] حين اعتلّ عليه قومه في القتال بالورع: [من البسيط] كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع النّاس إنسانا
وقال آخر [4]: [من الطويل] كأنّ بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل
وقال الشّاعر [5]: [من الوافر] يروّعه السّرار بكلّ أرض ... مخافة أن يكون به السّرار
وأنشدني ابن رحيم القراطيسي الشاعر ورمى شاطرا بالجبن، فقال [6]: [من م.
الوافر] رأى في النّوم إنسانا ... فوارى نفسه أشهر
[1] عجب الذنب: أصله.
[2] أي ما هو للسفينة بمنزلة اللجام والشكال.
[3] البيت لقريط بن أنيف في الخزانة 7/ 441، وشرح شواهد المغني 2/ 643، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 27، وشرحه للتبريزي 1/ 5، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 406.
[4] البيت لعبد الله بن الحجاج أو لعبيد بن أيوب العنبري أو للطرماح، وتقدم البيت مع تخريج واف في 5/ 132.
[5] البيت لبشار بن برد في ديوانه 1/ 249، ولنصيب في ديوانه 89، وتقدم البيت في 5/ 133.
[6] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار 1/ 166.(6/549)
ويقولون في صفة الحديد إذا أرادوا أنّه خالص. فمن ذلك قول هميان: [من الكامل] يمشون في ماء الحديد تنكّبا [1]
وقال ابن لجإ [2]: [من الرجز] أخضر من ماء الحديد جمجم
وقال الأعشى في غير هذا [3]: [من الخفيف] وإذا ما الأكسّ شبه بالأر ... وق عند الهيجا وقلّ البصاق [4]
وقال الأعشى [5]: [من م. الكامل] إذ لا نقاتل بالعصيّ ... ولا نرامي بالحجاره
وقال الأخطل [6]: [من الطويل] وما تركت أسيافنا حين جرّدت ... لأعدائنا قيس بن عيلان من عذر
وأنشد الأصمعيّ للجعديّ [7]: [من م. الكامل] وبنو فزارة إنّها ... لا تلبث الحلب الحلائب
يقول: لا تلبث الحلائب حلبا حتى تهزمهم
1929 [السّندل]
وأمّا قوله:
43 «وطائر يسبح في جاحم ... كماهر يسبح في غمر»
فهذا طائر يسمّى سندل، وهو هنديّ، يدخل في أتون النّار ويخرج ولا يحترق له ريشة [8].
[1] التنكب: المشي في شق على انحراف.
[2] ديوان عمر بن لجإ 162.
[3] ديوان الأعشى 265.
[4] الأكس: القصير الأسنان، يقابله الأروق.
[5] ديوان الأعشى 209، واللسان (جزر، بده)، والتاج (جزر)، والجمهرة 1171.
[6] ديوان الأخطل 182، والقافية فيه (من وتر).
[7] ديوان النابغة الجعدي 214، واللسان والتاج (حلب)، والتهذيب 5/ 86.
[8] انظر ثمار القلوب (662).(6/550)
1930 [ذكر ما لا يحترق]
وزعم ثمامة أن المأمون قال [1]: لو أخذ إنسان هذا الطّحلب الذي يكون على وجّه الماء، في مناقع المياه، فجفّفه في الظلّ وألقاه في النّار لما كان يحترق وزعموا [2] أنّ الفلفل لا يضرّه الحرق، ولا الغرق، والطّلق لا يصير جمرا أبدا.
قال: وكذلك المغرة.
فكأنّ هذا الطّائر في طباعه وفي طباع ريشه مزاج من طلاء النّفاطين [3]. وأظنّ هذا من طلق وخطميّ ومغرة [4].
وقد رأيت عودا يؤتى به من ناحية كرمان لا يحترق. وكان عندنا نصرانيّ في عنقه صليب منه، وكان يقول لضعفاء الناس: هذا العود من الخشبة التي صلب عليها المسيح، والنّار لا تعمل فيها. فكان يكتسب بذلك، حتّى فطن له وعورض بهذا العود [5].
1931 [الماهر]
وأمّا قوله:
43 «كماهر يسبح في غمر»
فالماهر هو السّابح الماهر وقال الأعشى [6]: [من السريع] مثل الفراتيّ إذا ما طما ... يقذف بالبوصيّ والماهر [7]
وقال الربيع بن قعنب: [من الرمل] وترى الماهر في غمرته ... مثل كلب الماء في يوم مطر
[1] الخبر في ثمار القلوب (663)، وعيون الأخبار 2/ 107، وتقدم في 5/ 310.
[2] عيون الأخبار 2/ 107.
[3] النفاطون: الرماة بالنفط وهو القطران.
[4] ورد هذا القول في ثمار القلوب (662). الطلق: دواء إذا طلي به منع من الحرق. الخطمي: نبات يداوى به حرق النار. المغرة: طين أحمر يصبغ به.
[5] الخبر في ثمار القلوب (663)، وعيون الأخبار 2/ 107، وتقدم في 5/ 310.
[6] ديوان الأعشى 191، واللسان (جدد، مهر، بوص، ظنن)، والتاج (جدد، بوص، ظنن)، والتنبيه والإيضاح 2/ 208، والتهذيب 6/ 299، والجمهرة 87، وديوان الأدب 3/ 72، 322، والعين 4/ 51.
[7] الفراتي: أراد ماء الفرات. البوصي: ضرب من السفن.(6/551)
1932 [لطعة الذئب]
وأمّا قوله:
44 «ولطعة الذّئب على حسوه ... وصنعة السّرفة والدّبر»
قال [1]: فإنّ الذّئب يأتي الجمل الميّت فيفضي بغمغمته، فيعتمد على حجاج عينه [2] فيلحس عينه بلسانه حسيا، فكأنّما قوّرت عينه تقويرا، لما أعطي من قوّة الرّدّة [3]. وردّه لسانه أشدّ مرّا في اللّحم والعصب من لسان البقر في الخلى [4].
فأمّا عضّته ومصّته فليس يقع على شيء عظما كان أو غيره إلّا كان له بالغا بلا معاناة، من شدّة فكيه.
ويقال [5]: إنّه ليس في الأرض سبع يعضّ على عظم إلّا ولكسرته صوت بين لحييه، إلّا الذئب، فإنّ أسنانه توصف بأنّها تبري العظم بري السّيف المنعوت بأنّ ضربته من شدّة مرورها في العظم، ومن قلّة ثبات العظم له، لا يكون له صوت. قال الزّبير بن عبد المطّلب [6]: [من الوافر] وينبي نخوة المحتال عنّي ... غموض الصوت ضربته صموت
ولذلك قالوا في المثل [7]: «ضربه ضربة فكأنّما أخطأه»، لسرعة المرّ، لأنّه لم يكن له صوت.
وقال الرّاجز في صفة الذّئب [8]: [من الرجز] أطلس يخفي شخصه غباره ... في شدقه شفرته وناره
وسنأتي على صفة الذئب، في غير هذا الباب من أمره في موضعه إن شاء الله تعالى.
[1] ورد القول في ربيع الأبرار 5/ 416.
[2] الحجاج: العظم المستدير حول العين.
[3] في ربيع الأبرار «قوة النفس».
[4] الخلى: واحدته خلاة، وهو الرطب من النبات.
[5] ربيع الأبرار 5/ 417416.
[6] البيت في ربيع الأبرار 5/ 417، وحماسة القرشي 92، واللسان والتاج (صمت)، وتقدم في 4/ 393.
[7] ربيع الأبرار 5/ 417.
[8] الرجز في ديوان المعاني 2/ 134، وذيل الأمالي 129، والبيان 1/ 150، والعمدة 1/ 252، وتقدم في 1/ 97، الفقرة (110).(6/552)
1933 [صنعة السرفة والدّبر]
وأمّا ذكر صنعة السّرفة والدّبر، فإنّه يعني حكمتها في صنعة بيوتها، فإنّ فيها صنعة عجيبة.
1934 [سمع القراد والحجر]
وأمّا قوله:
44 «ومسمع القردان في منهل ... أعجب ممّا قيل في الحجر»
فإنهم يقولون: «أسمع من فرس» [1]، ويجعلون الحجر فرسا بلا هاء، وإنّما يعنون بذلك الحجر، لأنّها أسمع.
قال: والحجر وإن ضرب بها المثل، فالقراد أعجب منها، لأنها تكون في المنهل فتموج ليلة الورد، في وقت يكون بينها وبين الإبل التي تريد الورود أميال.
فتزعم الأعراب أنها تسمع رغاءها وأصوات أخفافها، قبل أن يسمعها شيء والعرب تقول: «أسمع من قراد» [2]. وقال الرّاجز [3]: [من الرجز] أسمع من فرخ العقاب الأسحم
1935 [ما في الجمل من الأعاجيب]
وأمّا قوله:
48 «والمقرم المعلم ما إن له ... مرارة تسمع في الذّكر ... 49وحصية تنصل من جوفه ... عند حدوث الموت والنّحر ... 50ولا يرى بعدهما جازر ... شقشقة مائلة الهدر»
فهذا باب قد غلط فيه من هو أعنى بتعرّف أعاجيب ما في العالم من بشر.
ولقد تنازع بالبصرة ناس، وفيهم رجل ليس عندنا بالبصرة أطيب منه، فأطبقوا جميعا على أنّ الجمل إذا نحر ومات فالتمست خصيته وشقشقته أنهما لا توجدان.
فقال ذلك الطّيب: فلعلّ مرارة الجمل أيضا كذلك، ولعلّه أن تكون له مرارة ما دام
[1] مجمع الأمثال 2/ 349، وأمثال ابن سلام 349، والدرة الفاخرة 1/ 218، وهو برواية «أسمع من فرس بيهماء غلس» في المستقصى 1/ 173، وفصل المقال 492، ومجمع الأمثال 1/ 349.
[2] مجمع الأمثال 1/ 349، وفصل المقال 492، والمستقصى 1/ 173، وجمهرة الأمثال 1/ 531.
[3] انظر مجمع الأمثال 1/ 355.(6/553)
حيّا، ثمّ تبطل عند الموت والنّحر. وإنّما صرنا نقول: لا مرارة له، لأنّا لا نصل إلى رؤية المرارة إلّا بعد أن تفارقه الحياة. فلم أجد ذلك عمل في قلبي، مع إجماعهم على ذلك، فبعثت إلى شيخ من جزّاري باب المغيرة فسألته عن ذلك، فقال: بلى لعمري إنهما لتوجدان إن أرادهما مريد. وإنّما سمعت العامّة كلمة، وربّما مزحنا بها، فيقول أحدنا: خصية الجمل لا توجد عند منحره! أجل والله ما توجد عند منحره، وإنما توجد في موضعها. وربّما كان الجمل خيارا جيّدا فتلحق خصيتاه بكليتيه، فلا توجدان لهذه العلّة. فبعثت إليه رسولا: إنّه ليس يشفيني إلّا المعاينة. فبعث إليّ بعد ذلك بيوم أو يومين مع خادمي نفيس، بشقشقة وخصية.
ومثل هذا كثير قد يغلط فيه من يشتدّ حرصه على حكاية الغرائب.
1936 [ما في الفرس والثور من الأعاجيب]
وأمّا قوله:
51 «وليس للطّرف طحال وقد ... أشاعه العالم بالأمر ... 52وفي فؤاد الثّور عظم وقد ... يعرفه الجازر ذو الخبر»
وليس عندي في الفرس أنّه لا طحال له، إلّا ما أرى في كتاب الخيل لأبي عبيدة والنّوادر لأبي الحسن، وفي الشّعر لبشر. فإن كان جوف الفرس كجوف البرذون، فأهل خراسان من أهل هذا العسكر، يذبحون في كلّ أسبوع عدّة براذين.
وأمّا العظم الذي يوجد في قلب الثّور فقد سمعنا بعضهم يقول ذلك، ورأيته في كتاب الحيوان لصاحب المنطق.
1937 [أعجوبة السمك]
وأمّا قوله:
53 «وأكثر الحيتان أعجوبة ... ما كان منها عاش في البحر ... 54 [إذ لا لسان سقي ملحه ... ولا دماغ السمك النهري] [1]»
فهو كما قال: لأنّ سمك البحر كلّه ليس له لسان ولا دماغ [2].
[1] إضافة يقتضيها السياق.
[2] ربيع الأبرار 5/ 439.(6/554)
1938 [قواطع السمك]
[1] وأصناف من حيتان البحر تجيء في كلّ عام، في أوقات معلومة حتّى تدخل دجلة، ثم تجوز إلى البطاح. فمنها الأسبور، ومنها البرستوك ووقته ومنها الجواف ووقته. وإنما عرفت هذه الأصناف بأعيانها وأزمانها لأنها أطيب ذلك السّمك. وما أشكّ أنّ معها أصنافا أخر يعلم منها أهل الأبلّة مثل الذي أعلم أنا من هذه الأصناف الثّلاثة.
1939 [كبد الكوسج]
وأمّا قوله:
58 «وأكبد تظهر في ليلها ... ثمّ توارى آخر الدّهر ... 59ولا يسيغ الطّعم ما لم يكن ... مزاجه ماء على قدر ... 60ليس له شيء لإزلاقه ... سوى جراب واسع الشّجر» [2]
فإنّ سمكا يقال له الكوسج غليظ الجلد، أجرد، يشبه الجرّيّ، وليس بالجرّي، في جوفها شحمة طيّبة، فإن اصطادوها ليلا وجدوها وإن اصطادوها نهارا لم يجدوها [3].
وهذا الخبر شائع في الأبلة، وعند جميع البحريّين، وهم يسمّون تلك الشّحمة الكبد.
وأما قولهم: السّمكة لا تسيغ طعمها إلّا مع الماء، فما عند بشر ولا عندي إلّا ما ذكر صاحب المنطق. وقد عجب بشر من امتناعها من بلع الطّعم، وهي مستنقعة في الماء، مع سعة جراب فيها.
والعرب تسمّي جوف البئر من أعلاه إلى قعره جراب البئر.
وأمّا ما سوى هذه القصيدة فليس فيها إلّا ما يعرف، وقد ذكرناه في موضع غير هذا من هذا الجزء خاصّة.
وسنقول في باب الضّبع والقنفذ والحرقوص والورل وأشباه ذلك ما أمكن إن شاء الله تعالى.
[1] انظر ما تقدم في 3/ 127، الفقرة (723).
[2] الشجر: مفرج الفم.
[3] ربيع الأبرار 5/ 439.(6/555)
1940 [مساجلة شعرية بين أعرابي وضبع]
قال أبو زياد الكلابيّ: أكلت الضّبع شاة رجل من الأعراب، فجعل يخاطبها ويقول: [من الرجز] ما أنا يا جعار من خطّابك ... عليّ دقّ العصل من أنيابك [1] ... على حذا جحرك لا أهابك
جعار: اسم الضبع، ولذلك قال الراجز [2]: [من الكامل] يا أيّها الجفر السّمين وقومه ... هزلى تجرّهم ضباع جعار [3]
ثم قال الأعرابيّ: [من الرجز] ما صنعت شاتي التي أكلت ... ملأت منها البطن ثمّ جلت ... وخنتني وبئس ما فعلت ... قالت له: لا زلت تلقى الهمّا ... وأرسل الله عليك الحمّى ... لقد رأيت رجلا معتمّا ... قال لها: كذبت يا خباث ... قد طال ما أمسيت في اكتراث ... أكلت شاة صبية غراث ... قالت له والقول ذو شجون: ... أسهبت في قولك كالمجنون ... أما وربّ المرسل الأمين ... لأفجعن بعيرك السّمين ... وأمّه وجحشه القرين ... حتّى تكون عقلة العيون ... قال لها ويحك حذّريني ... واجتهدي الجهد وواعديني ... وبالأمانيّ فعلّليني ... لأقطعنّ ملتقى الوتين ... منك وأشفى الهمّ من دفيني ... فصدّقيني أو فكذّبيني ... أو اتركي حقّي وما يليني ... إذا فشلّت عندها يميني ... تعرّفي ذلك باليقين ... قالت: أبالقتل لنا تهدّد ... وأنت شيخ مهتر مفنّد [4]
[1] العصل: جمع أعصل وعصلاء، وهي الملتوية.
[2] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (عفج)، وفيهما: «يا أيها العفج السمين».
[3] الجفر: العظيم الجفرة، وهي ما يجمع البطن والجنبين.
[4] المهتر: الذي فقد عقله وصار خرفا من الكبر.(6/556)
قولك بالجبن عليك يشهد ... منك وأنت كالذي قد أعهد ... قال لها: فأبشري وأبشري ... إذا تجردت لشأني فاصبري ... أنت زعمت قد أمنت منكري ... أحلف بالله العليّ الأكبر ... يمين ذي ثرية لم يكفر ... لأخضبنّ منك جنب المنحر ... برمية من نازع مذكّر ... أو تتركين أحمري وبقري ... فأقبلت للقدر المقدّر ... فأصبحت في الشّرك المزعفر ... مكبوبة لوجهها والمنخر ... والشّيخ قد مال بغرب مجزر [1] ... ثمّ اشتوى من أحمر وأصفر ... منها ومقدور وما لم يقدر
1941 [جلد الضبع]
وقال الآخر [2]: [من الرجز] يا ليت لي نعلين من جلد الضّبع ... وشركا من استها لا ينقطع ... كلّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع
وهذا يدلّ على أنّ جلدها جلد سوء.
وإذا كانت السّنة جدبة تأكل المال، سمّتها العرب الضّبع. قال الشّاعر [3]: [من البسيط] أبا خراشة أمّا كنت ذا نفر ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع
1942 [تسمية السنة الجدبة بالضبع]
وقال عمير بن الحباب [4]: [من الرجز]
[1] الغرب: الحد. المجزر: آلة الجزر.
[2] الرجز لجساس بن قطيب (أبي مقدام) في اللسان والتاج (وقع)، وبلا نسبة في البيان 3/ 109، والبخلاء 188، والبرصان 192، وأمالي القالي 1/ 115، ومجمع الأمثال 2/ 136، واللسان والتاج (حذا)، والتهذيب 3/ 36، وديوان الأدب 3/ 260، وكتاب الجيم 3/ 294، والمخصص 4/ 112، والعين 2/ 178، والجمهرة 944، والعقد الفريد 3/ 270.
[3] البيت لخفاف بن ندبة في ديوانه 533، وللعباس بن مرداس في ديوانه 106، وتقدم البيت مع تخريج واف في 5/ 12.
[4] الرجز لعمير بن الحباب في الأغاني 24/ 29.(6/557)
فبشّري القين بطعن شرج ... يشبع أولاد الضباع العرج [1] ... ما زال إسدائي لهم ونسجي ... حتّى اتّقوني بظهور ثبج [2] ... أريننا يوما كيوم المرج
1943 [مما قيل من الشعر في الضباع]
وقال رجل من بني ضبّة [3]: [من البسيط] يا ضبعا أكلت آيار أحمرة ... ففي البطون وقد راحت قراقير ... ما منكم غير جعلان بممدرة ... دسم المرافق أنذال عواوير [4] ... وغير همز ولمز للصّديق ولا ... تنكي عدوّكم منكم أظافير ... وإنّكم ما بطنتم لم يزل أبدا ... منكم على الأقرب الأدنى زنابير [5]
وأنشد [6]: [من الرجز] القوم أمثال السّباع فانشمر ... فمنهم الذّئب ومنهم النّمر ... والضّبع العرجاء واللّيث الهصر
وقال العلاجم: [من الرجز] معاور حلباته الشخص أعم ... كالدّيخ أفنى سنّه طول الهرم [7]
وأنشد: [من الرجز] فجاوز الحرض ولا تشمّمه ... لسابغ المشفر رحب بلعمه [8] ... سالت ذفاريه وشاب غلصمه ... كالذّيخ في يوم مرشّ رهمه [9]
[1] القين: أراد به الفرزدق.
[2] الثبج: جمع أثبج وهو الأحدب.
[3] الأبيات لجرير الضبي في اللسان والتاج (أير)، والأول لرجل من بني ضبة في شرح شواهد الإيضاح 477، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 608، والكتاب 3/ 589، ونوادر أبي زيد 76، والمقتضب 1/ 132، والأول والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (ضبع).
[4] الممدرة: موضع فيه طين حر. العواوير: جمع عوار وهو الجبان.
[5] بطن: شبع وامتلأ من الطعام.
[6] الرجز في ربيع الأبرار 3/ 573.
[7] البيت الأول فيه تحريف.
[8] الحرض: شجر الأشنان وهو من الحمض. السابغ: الطويل.
[9] الذفارى: جمع ذفرى، وهو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وسالت الذفرى: عرقت.
الغلصم: جمع غلصمة وهي اللحم الذي بين الرأس والعنق. الذيخ: ذكر الضباع. الرهم: جمع رهمة وهي المطر الضعيف.(6/558)
يقول: وبر لحييها كثير كأنّه شعر [ذيخ] [1] قد بلّه المطر. وأنشد: [من الرجز] لما رأين ماتحا بالغرب ... تخلّجت أشداقها للشّرب [2] ... تخليج أشداق الضّباع الغلب [3]
يعني من الحرص والشّره. وتمثّل ابن الزّبير [4]: [من الطويل] خذيني فجرّيني جعار وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره [5]
وإنّما خصّ الضّباع، لأنّها تنبش القبور، وذلك من فرط طلبها للحوم النّاس إذا لم تجدها ظاهرة. وقال تأبّط شرّا [6]: [من الطويل] فلا تقبروني إنّ قبري محرّم ... عليكم ولكن خامري أمّ عامر ... إذا ضربوا رأسي وفي الرّأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثمّ سائري ... هنالك لا أبغي حياة تسرّني ... سمير الليالي مبسلا بالجرائر
1944 [إعجاب الضّباع بالقتلى]
قال اليقطري [7]: وإذا بقي القتيل بالعراء انتفخ أيره، لأنّه إذا ضربت عنقه يكون منبطحا على وجهه، فإذا انتفخ انقلب، فعند ذلك تجيء الضّبع فتركبه فتقضي حاجتها ثمّ تأكله.
وكانت مع عبد الملك جارية شهدت معه حرب مصعب، فنظرت إلى مصعب وقد انقلب وانتفخ أيره وورم وغلظ، فقالت: يا أمير المؤمنين، ما أغلظ أيور المنافقين!
[1] إضافة يقتضيها السياق.
[2] الماتح الذي يستقي من أعلى البئر. الغرب: الدلو العظيمة. التخلج: التحرك والاضطراب.
[3] الغلب: جمع أغلب وغلباء وهو الغليظ الرقبة.
[4] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 220، والكتاب 3/ 273، وبلا نسبة في اللسان (جرر، جعر)، والمقتضب 3/ 375.
[5] جعار: اسم للضبع.
[6] الأبيات للشنفرى أو لتأبط شرا في الطرائف الأدبية 36، وللشنفرى في الحماسة البصرية 1/ 94، والأغاني 21/ 182، وأسماء المغتالين 232، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/ 65، وللمرزوقي 490، وانظر البرصان 166، وعيون الأخبار 3/ 200، والعقد الفريد 1/ 101، والأزمنة والأمكنة 1/ 293.
[7] تقدم الخبر في 5/.(6/559)
فلطمها عبد الملك
1945 [حديث امرأة وزوجها]
ابن الأعرابي: قالت امرأة لزوجها، وكانت صغيرة الرّكب، وكان زوجها صغير الأير: ما للرّجل في عظم الرّكب منفعة، وإنّما الشّأن في ضيق المدخل، وفي المصّ والحرارة، ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما ليس من هذا في شيء. وكذلك الأير، إنّما ينبغي أن تنظر المرأة إلى حرّ جلدته، وطيب عسيلته، ولا تلتفت إلى كبره وصغره.
وأنعظ الرجل على حديثها إنعاظا شديدا، فطمع أن ترى أيره في تلك الحال عظيما، فأراها إيّاه، وفي البيت سراج، فجعل الرّجل يشير إلى أيره، وعينها طامحة إلى ظلّ أيره في أصل الحائط، فقال: يا كذابة، لشدّة شهوتك في عظم ظلّ الأير لم تفهمي عنّي شيئا، قالت: أما إنّك لو كنت جاهلا كان أنعم لبالك يا مائق، لو كان منفعة عظم الأير كمنفعة عظم الرّكب لما طمحت عيني إليه. قال الرجل: فإنّ للرّكب العظيم حظّا في العين، وعلى ذلك تتحرّك له الشّهوة. قالت: وما تصنع بالحركة، وشكّ يؤدّي إلى شكّ؟ الأير إن عظم فقد ناك جميع الحر، ودخل في تلك الزّوايا التي لم تزل تنتظم من بعيد. وغيرها المنتظم دونها، وإذا صغر ينيك ثلث الحر ونصفه وثلثيه.
فمن يسرّه أن يأكل بثلث بطنه، أو يشرب بثلث بطنه؟
قال اليقطري: أمكنها والله من القول ما لم يمكنه.
1946 [الجارية التي أدركت بثأرها من معاوية]
وقال [1]: وخلا معاوية بجارية له خراسانيّة، فما همّ بها نظر إلى وصيفة في الدّار، فترك الخراسانيّة وخلا بالوصيفة ثمّ خرج فقال للخراسانيّة: ما اسم الأسد بالفارسيّة؟ قال: كفتار. فخرج وهو يقول: ما الكفتار؟ فقيل له: الكفتار الضّبع.
فقال: ما لها قاتلها الله، أدركت بثأرها! والفرس إذا استقبحت وجه الإنسان قالت:
روي كفتار، أي وجه الضبع.
1947 [كتاب عمر بن يزيد إلى قتيبة بن مسلم]
قال: وكتب عمر بن يزيد بن عمير الأسدي إلى قتيبة بن مسلم، حين عزل وكيع بن سود عن رياسة بني تميم، وولّاها ضرار بن حسين الضّبي: «عزلت السّباع وولّيت الضّباع».
[1] ورد الخبر في ربيع الأبرار 5/ 418.(6/560)
1948 [شعر فيه ذكر الضبع]
وأنشد لعبّاس بن مرداس السّلميّ [1]: [من الطويل] فلو مات منهم من جرحنا لأصبحت ... ضباع بأكناف الأراك عرائسا [2]
وقال جريبة بن أشيم [3]: [من الطويل] فمن مبلغ عنّي يسارا ورافعا ... وأسلم أنّ الأوهنين الأقارب ... فلا تدفننّي في ضرا وادفننّني ... بديمومة تنزو عليّ الجنادب [4] ... وإن أنت لم تعقر عليّ مطيّتي ... فلا قام في مال لك الدّهر حالب [5] ... فلا يأكلنّي الذّئب فيما دفنتني ... ولا فرعل مثل الصّريمة حارب [6] ... أزلّ هليب لا يزال مآبطا ... إذا ذربت أنيابه والمخالب [7]
وأنشد: [من الرمل] تركوا جارهم تأكله ... ضبع الوادي وترميه الشّجر
يقول: خذلوه حتّى أكله ألأم السّباع، وأضعفها. وقوله: «وترميه الشّجر»، يقول: حتّى صار يرميه من لا يرمي أحدا.
1949 [بقية الكلام في الضبع]
وقد بقي من القول في الضّبع ما سنكتبه في باب القول في الذئب [8].
[1] ديوان العباس بن مرداس 94، والحماسة البصرية 1/ 54، والبرصان 165، والأغاني 14/ 315، والأصمعيات 206، والمعاني الكبير 213، 927.
[2] عرائس: جمع عروس، وفي البيت إشارة إلى ما يكون من الضباع من شغفها بركوب القتلى.
[3] الأبيات لجريبة بن أشيم في البرصان 164163.
[4] الضرا: مقصور الضراء، وهو الشجر الملتف في الوادي، وفي البرصان «صوى» وهي جمع صوة، وهي ما غلظ وارتفع من الأرض. الديمومة: الفلاة.
[5] كان أهل الجاهلية يؤمنون بالبعث، ولهذا فقد كانوا يعقرون عند القرب مطية ويسمون تلك العقيرة «بلية»، ليركبها الميت عند بعثه، ومن لم تكن له بلية حشر ماشيا. انظر اللسان 14/ 8685. (بلا)، والمحبر 323.
[6] الفرعل: الضبع. الصريمة: السوداء مثل الليل. الحارب: السالب.
[7] الأزل: الأرسح الصغير العجز. الهليب: من الهلب، وهو كثرة الشعر. ورواية صدر البيت في البرصان: (أزبّ هلبّ لا يزال مطابقا).
[8] لم يف الجاحظ بوعده هذا، إذ لم يفرد بابا للذئب.(6/561)
1950 [الحرقوص]
وأمّا الحرقوص فزعموا أنّه دويبّة أكبر من البرغوث، وأكثر ما ينبت له جناحان بعد حين، وذلك له خير.
وهذا المعنى يعتري النّمل وعند ذلك يكون هلاكه ويعتري الدّعاميص إذا صارت فراشا، ويعتري الجعلان.
والحرقوص دويبّة عضّها أشدّ من عضّ البراغيث. وما أكثر ما يعضّ أحراح النساء والخصى [1]. وقد سميّ بحرقوص من مازن أبو كابية بن حرقوص، قال الشّاعر:
[من الرجز] أنتم بني كابية بن حرقوص ... كلّهم هامته كالأفحوص [2]
وقال بشر بن المعتمر، في شعره المزاوج، حين ذكر فضل عليّ على الخوارج، وهو قوله: [من الرجز] ما كان في أسلافهم أبو الحسن ... ولا ابن عبّاس ولا أهل السّنن ... غرّ مصابيح الدّجى مناجب ... أولئك الأعلام لا الأعارب ... كمثل حرقوص ومن حرقوص ... فقعة قاع حولها قصيص ... ليس من الحنظل يشتار العسل ... ولا من البحور يصطاد الورل ... هيهات ما سافلة كعاليه ... ما معدن الحكمة أهل البادية
قال [3]: والحرقوص يسمى بالنّهيك. وعضّ النّهيك ذلك الموضع من امرأة أعرابيّ فقال [4]: [من الطويل] وما أنا للحرقوص إن عضّ عضة ... لها بين رجليها بجدّ عقور ... تطيب بنفسي بعد ما تستفزّني ... مقالتها إنّ النّهيك صغير
والذين ذهبوا إلى أنّه البرغوث نفسه قالوا: الدّليل على ذلك قول الطّرمّاح [5]:
[من الطويل]
[1] ربيع الأبرار 5/ 478.
[2] أفحوص القطا: مبيضها. وهو مثل في الصغير.
[3] ربيع الأبرار 5/ 478.
[4] البيتان في ربيع الأبرار 5/ 478، واللسان والتاج (نهك)، والثاني في المقاييس 4/ 243.
[5] ديوان الطرماح 63، وربيع الأبرار 5/ 478، والمعاني الكبير 680.(6/562)
ولو أنّ حرقوصا على ظهر قملة ... يكرّ على صفّي تميم لولّت
قالوا: ولو كان له جناحان لما أركبه ظهر القملة. وليس في قول الطّرمّاح دليل على ما قال.
وقال بعض الأعراب، وعض الحرقوص خصيته [1]: [من الوافر] لقد منع الحراقيص القرارا ... فلا ليلا نقرّ ولا نهارا ... يغالبن الرّجال على خصاهم ... وفي الأحراح دسّا وانجحارا
وقالت امرأة تعني زوجها [2]: [من الطويل] [يغار من الحرقوص أن عضّ عضة ... بفخذي منها ما يجذّ، غيور] [3] ... لقد وقع الحرقوص منّي موقعا ... أرى لذّة الدّنيا إليه تصير
وأنشدوا لآخر: [من الرجز] برّح بي ذو النّقطتين الأملس ... يقرض أحيانا وحينا ينهس
فقد وصفه هذا كما ترى. وهذا يصدّق قول الآخر، ويردّ على من جعل الحراقيص من البراغيث. قال الآخر: [من البسيط] يبيت باللّيل جوّابا على دمث ... ماذا هنالك من عضّ الحراقيص
1951 [الورل]
وسنقول في الورل بما أمكن من القول إن شاء الله تعالى. وعلى أنّا قد فرّقنا القول فيه على أبواب قد كتبناها قبل هذا.
قالوا [4]: الورل يقتل الضّبّ، وهو أشدّ منه، وأجود سلاحا وألطف بدنا. قالوا:
والسّافد منها يكون مهزولا، وهو الذي يزيف إلى الإنسان وينفخ ويتوعّد.
قال [5]: واصطدت منها واحدا فكسرت حجرا، وأخذت مروة فذبحته بها، حتّى قلت قد نخعته [6]. فاسبطرّ [7] لحينه فأردت أن أصغي إليه وأشرت بإبهامي في
[1] البيتان في نهاية الأرب 10/ 305.
[2] البيتان في نهاية الأرب 10/ 305، والبيت الأول مستدرك من نهاية الأرب.
[3] الدمث: اللين السهل، ويعني به الخصى والأحراح.
[4] ربيع الأبرار 5/ 469.
[5] ثمة نقص في الكلام، وانظر هذا القول في ربيع الأبرار 5/ 469.
[6] نخعته: أصبت نخاعة.
[7] اسبطر: امتد.(6/563)
فيه، فعضّ عليها عضة اختلعت أنيابه، فلم يخلّها حتى عضضت على رأسه.
قال: فأتيت أهلي فشققت بطنه، فإذا فيها حيّتان عظيمتان إلّا الرّأس.
قال: وهو يشدخ رأس الحيّة ثمّ يبتلعها فلا يضرّه سمّها. وهذا عنده أعجب ما فيه. فكيف لو رأى الحوّائين عندنا، وأحدهم يعطى الشيء اليسير، فإن شاء أكل الأفعى نيّا، وإن شاء شواء، وإن شاء قديدا فلا يضرّه ذلك بقليل ولا كثير.
وفي الورل أنه ليس شيء من الحيوان أقوى على أكل الحيّات وقتلها منه، ولا أكثر سفادا، حتى لقد طمّ في ذلك على التّيس، وعلى الجمل، وعلى العصفور، وعلى الخنزير، وعلى الذّبّان في العدد، وفي طول المكث. وفيه أنّه لا يحتفر لنفسه بيتا، ويغتصب كلّ شيء بيته لأنها أيّ جحر دخلته هرب منه صاحبه. فالورل يغتصب الحيّة بيتها كما تغتصب الحيّة بيوت سائر الأحناش والطّير والضّب.
وهو أيضا من المراكب. وهو أيضا مما يستطاب، وله شحمة، ويستطيبون لحم ذنبه. والورل دابّة خفيف الحركة ذاهبا وجائيا، ويمينا وشمالا. وليس شيء بعد العظاءة أكثر تلفّتا منه وتوقفا.
1952 [زعم المجوس في العظاءة]
وتزعم المجوس أنّ أهرمن، وهو إبليس، لمّا جلس في مجلسه في أوّل الدهر ليقسّم الشّرّ والسّموم فيكون ذلك عدّة على مناهضة صاحب الخير إذا انقضى الأجل بينهما، ولأنّ من طباعه أيضا فعل الشر على كلّ حال كانت العظاءة آخر من حضر، فحضرت وقد قسم السمّ كلّه، فتداخلها الحسرة والأسف. فتراها إذا اشتدّت وقفت وقفة تذكّر لما فاتها من نصيبها من السّم، ولتفريطها في الإبطاء حتى صارت لا تسكن إلّا في الخرابات والحشوش [1] لأنها حين لم يكن فيها من السّم شيء لم تطلب مواضع الناس كالوزغة التي تسكن معهم البيوت، وتكرع في آنيتهم الماء وتمجّه، وتزاقّ الحيّات وتهيّجها عليهم. ولذلك نفرت طباع النّاس من الوزغة، فقتلوها تحت كلّ حجر، وسلمت منهم العظاءة تسليما منهم.
ولم أر قولا أشدّ تناقضا، ولا أموق من قولهم هذا لأنّ العظاءة لم يكن ليعتريها من الأسف على فوت السمّ على ما ذكروا أوّلا إلّا وفي طبعها من الشّرارة الغريزيّة أكثر ممّا في طبع الأفعى.
[1] الحشوش: جمع حش، وهو بيت الخلاء.(6/564)
1953 [ذكر الورل في الشعر]
قال الرّاجز في معنى الأوّل: [من الرجز] يا ورلا رقرق في سراب ... أكان هذا أول الثّواب
قال: ورقرقته: سرعته ذاهبا وجائيا ويمينا وشمالا.
قال أبو دؤاد الإيادي [1]، في صفة لسان فرسه: [من الخفيف] عن لسان كجثّة الورل الأح ... مر مجّ الثّرى عليه العرار
وقال خالد بن عجرة [2]: [من الوافر] [كأنّ لسانه ورل عليه، ... بدار مضنّة، مجّ العرار]
ووصف الأصمعيّ حمرته في بعض أراجيزه، فقال: [من الرجز] في مغر ذي أضرس وصكّ ... يعرج منه بعد ضيق ضنك [3]
1954 [فروة القنفذ]
قد قلنا في القنفذ، وصنيعه في الحيّات وفي الأفاعي خاصّة، وفي أنّه من المراكب، وفي غير ذلك من أمره، فيما تقدم هذا المكان من هذا الكتاب [4].
ويقول من نزع فروته بأنها مملوءة شحيمة. والأعراب تستطيب أكله، وهو طيّب للأرواح [5].
1955 [ذكر القنفذ في الشعر]
والقنفذ لا يظهر إلا بالليل، كالمستخفي، فلذلك شبه به، قال أيمن بن خريم [6]: [من البسيط] كقنفذ الرّمل لا تخفى مدارجه ... خبّ إذا نام عنه النّاس لم ينم
[1] البيت لأبي دؤاد في ديوانه 318، ولعدي بن الرقاع في ديوانه 74، واللسان (ورل)، وتقدم في 1/ 179، الفقرة (207).
[2] لم يرد البيت في الأصل، واستدركته مما تقدم في 1/ 179، الفقرة (207).
[3] المغر: المصبوغ بالمغرة وهو صبغ أحمر.
[4] انظر ما تقدم في ص 341.
[5] ربيع الأبرار 5/ 473.
[6] البيت لأيمن بن خريم في ديوان المعاني 2/ 144، وتقدم في 4/ 340، منسوبا إلى الأودي، وانظر ديوان الأفوه الأودي 24.(6/565)
وقال عبدة بن الطبيب [1]: [من الكامل] قوم إذا دمس الظّلام عليهم ... حدجوا قنافذ بالنّميمة تمزع
وقال [2]: [من المتقارب] شريت الأمور وغاليتها ... فأولى لكم يا بني الأعرج ... تدبّون حول ركيّاتكم ... دبيب القنافذ في العرفج
وقال الآخر [3] في غير هذا الباب: [من الرجز] كأنّ قيرا أو كحيلا ينعصر ... ينحطّ من قنفذ ذفراه الذّفر
وقال عبّاس بن مرداس السّلميّ [4]، يضرب المثل به وبأذنيه في القلّة والصّغر:
[من المتقارب] فإنّك لم تك كابن الشّريد ... ولكن أبوك أبو سالم ... حملت المئين وأثقالها ... على أذني قنفذ رازم ... وأشبهت جدّك شرّ الجدود ... والعرق يسري إلى النّائم
وأنشدني الدّلهم بن شهاب، أحد بني عوف بن كنانة، من عكل، قال:
أنشدنيه نفيع بن طارق في تشبيه ركب المرأة إذا جمّم بجلد القنفذ [5]: [من الرجز] 1علّق من عنائه وشقوته ... وقد رأيت هدجا في مشيته [6] ... 3وقد جلا الشّيب عذار لحيته ... بنت ثماني عشرة من حجّته [7] ... 5يظنّها ظنّا بغير رؤيته ... تمشي بجهم ضيقه من همّته [8]
[1] البيت في المفضليات 147، وتقدم في الفقرة (167).
[2] نسب البيت الثاني إلى جرير في ديوان المعاني 2/ 144، ولم يرد البيتان في ديوانه.
[3] الرجز لجندل بن المثنى في التاج (صلف)، ولم يرد فيه البيت الأول، بل ورد الثاني مع بيت آخر.
[4] ديوان العباس بن مرداس 152، وعيون الأخبار 2/ 7.
[5] الرجز في الخزانة 6/ 430، والمقاصد النحوية 4/ 488، والمخصص 14/ 92، 17/ 102، والإنصاف 1/ 309، وأوضح المسالك 4/ 259، وشرح الأشموني 3/ 627، وهمع الهوامع 2/ 149، وشرح التصريح 2/ 275، واللسان (شقا)، وتهذيب اللغة 9/ 209، وانظر ربيع الأبرار 5/ 474.
[6] الهدج: مشية الشيخ.
[7] جلاه: جعله واضحا أبيض.
[8] ضيقه من همته: أي إن حرها ضيق كضيق همته.(6/566)
7 - لم يخزه الله برحب سعته ... جمّم بعد حلقه ونورته [1] ... 9كقنفذ القفّ اختفى في فروته ... لا يبلغ الأير بنزع رهوته [2] ... 11ولا يكرّ راجعا بكرّته ... كأنّ فيه وهجا من ملّته [3]
1956 [من تسمى بقنفذ]
ويتسمّون بالقنافذ. وذو البرة الذي ذكره عمرو بن كلثوم هو الذي يقال له: برة القنفذ، وهو كعب بن زهير، وهو قوله [4]: [من الوافر] وذو البرة الذي حدّثت عنه ... به نحمى ونشفي الملجئينا
1957 [كبار القنافذ]
[5] ومن القنافذ جنس وهو أعظم من هذه القنافذ وذلك أنّ لها شوكا كصياصي [6] الحاكة، وإنّما هي مدارى قد سخّرت لها وذلّلت تلك المغارز والمنابت، ويكون متى شاء أن ينصل منها رمى به الشخص الذي يخافه، فعلا حتّى كأنّه السهم الذي يخرجه الوتر.
ولم أر أشبه به في الحذف من شجر الخروع فإنّ الحبّ إذا جفّ في أكمامه، وتصدّع عنه بعض الصّدع، حذف به بعض الغصون، فربّما وقع على قاب الرّمح الطويل وأكثر من ذلك.
1958 [تحريك الحيوان بعض أعضائه دون بعض]
والبرذون يسقط على جلده ذبابة فيحرّك ذلك الموضع. فهذا عامّ في الخيل.
فأمّا النّاس فإن المخنّث ربما حرّك شيئا من جسده، وأيّ موضع شاء من بدنه [7].
[1] النورة: مسحوق يستخدم لإزالة الشعر.
[2] القف: ما غلظ من الأرض وارتفع. الرهوة: مستنقع الماء. النزع: مأخوذ من نزع الماتح بالدلو من البئر.
[3] الملة: الرماد الحار والجمر.
[4] البيت لعمرو بن كلثوم من معلقته في شرح القصائد السبع 407، وشرح القصائد العشر 350، والمقاييس 1/ 234.
[5] وردت هذه الفقرة محرفة في ربيع الأبرار 5/ 474473.
[6] الصياصي: جمع صيصية: وهو الشوكة التي يستعملها الحائك.
[7] ربيع الأبرار 5/ 474.(6/567)
والكاعاني، وهو اسم الذي يتجنّن أو يتفالج فالج الرّعدة والارتعاش، فإنّه يحكي من صرع الشّيطان، ومن الإزباد، ومن النّفضة، ما ليس [يصدر] [1] عنهما.
وربّما جمعهما في نقاب واحد، فأراك الله تعالى [منه] [1] مجنونا مفلوجا يجمع الحركتين جميعا بما لا يجيء من طباع المجنون.
1959 [حكاية الإنسان للأصوات وغيرها]
والإنسان العاقل وإن كان لا يحسن يبني كهيئة وكر الزّنبور، ونسج العنكبوت، فإنه إذا صار إلى حكاية أصوات البهائم وجميع الدوابّ وحكاية العميان والعرجان والفأفأء، وإلى أن يصوّر أصناف الحيوان بيده، بلغ من حكايته الصّورة والصوت والحركة ما لا يبلغه المحكيّ.
1960 [الحركات العجيبة للإنسان]
[2] وفي النّاس من يحرّك أذنيه من بين سائر جسده، وربّما حرّك إحداهما قبل الأخرى.
ومنهم من يحرّك شعر رأسه، كما أنّ منهم من يبكي إذا شاء، ويضحك إذا شاء.
وخبّرني بعضهم أنّه رأى من يبكي بإحدى عينيه، وبالتي يقترحها عليه الغير.
وحكى المكّي عن جوار باليمن. لهنّ قرون مضفورة من شعر رؤوسهن، وأنّ إحداهنّ تلعب وترقص على إيقاع موزون، ثمّ تشخص قرنا من تلك القرون، ثمّ تلعب وترقص، ثمّ تشخص من تلك الضّفائر المرصّعة واحدة بعد أخرى، حتّى تنتصب كأنها قرون أوابد في رأسها. فقلت له: فلعلّ التّضفير والترصيع أن يكون شديد الفتل ببعض الغسل [3] والتّلبيد، فإذا أخرجته بالحركة التي تثبتها في أصل تلك الضفيرة شخصت. فلم أره ذهب إلى ذلك، ورأيته يحقّقه ويستشهد بأخيه.
1961 [حذر الذئب عند نومه]
وتزعم الأعراب أنّ الذّئب ينام بإحدى عينيه، ويزعمون أنّ ذلك من حاقّ الحذر [4]. وينشد شعر حميد بن ثور الهلاليّ، وهو قوله [5]: [من الطويل]
[1] إضافة يقتضيها السياق.
[2] وردت هذه الفقرة باختصار في ربيع الأبرار 5/ 474.
[3] الغسل: ما يغسل به الرأس.
[4] حاق الحذر: شدته.
[5] ديوان حميد بن ثور 105، وثمار القلوب (508)، وديوان المعاني 2/ 134، والخزانة 4/ 292، والمقاصد النحوية 1/ 562، وربيع الأبرار 5/ 418.(6/568)
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ال ... منايا بأخرى فهو يقظان هاجع
وأنا أظنّ هذا الحديث في معنى ما مدح به تأبّط شرّا [1]: [من الطويل] إذا خاط عينيه كرى النّوم لم يزل ... له كالئ من قلب شيحان فاتك ... ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلّة من حدّ أخضر باتك
1962 [قولهم: أسمع من قنفذ ومن دلدل]
ويقال: «أسمع من قنفذ» [2]، وقد ينبغي أن يكون قولهم: «أسمع من الدّلدل» من الأمثال المولّدة.
1963 [المتقاربات من الحيوان]
وفرق ما بين القنفذ والدّلدل، كفرق ما بين الفأر والجرذان، والبقر والجواميس، والبخاتيّ والعراب، والضّأن والمعز، والذّر والنّمل، والجواف والأسبور [3]، وأجناس من الحيّات، وغير ذلك فإنّ هذه الأجناس منها ما يتسافد ويتلاقح، ومنها ما لا يكون ذلك فيها.
1964 [أمثال في الخنفساء]
ويقال [4]: «إنّه لأفحش من فاسية» وهي الخنفساء لأنّها تفسو في يد من مسّها. وقال بعضهم: إنّه عنى الظّربان لأنّ الظّربان يفسو في وسط الهجمة [5]، فتتفرّق الإبل فلا تجتمع إلا بالجهد الشّديد.
ويقال: «ألجّ من الخنفساء» [6]. وقال خلف الأحمر وهو يهجو رجلا [7]: [من المتقارب] ألجّ لجاجا من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب
[1] تقدم البيتان ص 449.
[2] مجمع الأمثال 1/ 355، والمستقصى 1/ 174، والدرة الفاخرة 1/ 218.
[3] الجواف والأسبور: ضرب من السمك. انظر ما تقدم في 3/ 127، الفقرة (721).
[4] تقدمت هذه الفقرة في 3/ 243، الفقرة (907).
[5] الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل، قيل هي من الأربعين إلى ما دوين المائة، وقيل غير ذلك. انظر اللسان «هجم».
[6] جمهرة الأمثال 2/ 180، والمستقصى 1/ 308، ويروى (ألح من الخنفساء) في مجمع الأمثال 2/ 250، والدرة الفاخرة 2/ 369.
[7] تقدم البيت في 3/ 243. الفقرة (702).(6/569)
1965 [رجز في الضبع]
وأنشد أبو الرّديني، عن عبد الله بن كراع، أخي سويد بن كراع، في الضّبع:
[من الرجز] من يجن أولاد طريف رهطا ... مردا أوله شمطا [1] ... رأى عضاريط طوالا ثطّا ... كأضبع مرط هبطن هبطا [2] ... ثم يفسّين هزيلا مرطا ... إنّ لكم عندي هناء لعطا [3] ... خطما على آنفكم وعلطا [4]
1966 [تأويل رؤيا أبي مجيب]
وحكى أبو مجيب، ما أصابه من أهله، ثمّ قال: وقد رأيت رؤيا عبّرتها: رأيت كأني طردت أرنبا فانجحرت، فحفرت عنها حتّى استخرجتها، فرجوت أن يكون ذلك ولدا أرزقه، وإنه كانت لي ابنة عمّ هاهنا، فأردت أن أتزوّجها فما ترى؟ قلت:
تزوّجها على بركة الله تعالى. ففعل ثمّ استأذنني أن يقيم عندنا أيّاما فأقام ثم أتاني فقلت: لا تخبرني بشيء حتى أنشدك. ثمّ أنشدته هذه الأبيات [5]: [من الرجز] يا ليت شعري عن أبي مجيب ... إذ بات في مجاسد وطيب [6] ... معانقا للرّشأ الرّبيب ... أأقحم الحفار في القليب ... أم كان رخوا يابس القضيب
قال: بلى كان والله رخوا يابس القضيب، والله لكأنّك كنت معنا ومشاهدنا!
1967 [خصال الفهد]
فأمّا الفهد فالذي يحضرنا من خصاله أنّه يقال إن عظام السّباع تشتهي ريحه [7]، وتستدلّ برائحته على مكانه وتعجب بلحمه أشدّ العجب.
وقد يصاد بضروب، منها الصّوت الحسن فإنّه يصغي إليه إصغاء حسنا. وإذا
[1] مردا: جمع أمرد، شمطا، جمع أشمط: وهو الذي اختلط سواد شعره في بياضه.
[2] العضاريط: الخدم والتباع. الثط: جمع أثط وهو القليل شعر اللحية. أضبع: جمع ضبع. مرط:
جمع أمرط وهو الخفيف شعر الجسد والحاجبين. هبطن: هزلن.
[3] يهجوهم بضعف الفساء. الهناء: ضرب من القطران تطلى به الإبل. اللعط: الكي بالنار.
[4] خطمه بالسيف: ضربه وسط أنفه.
[5] الرجز الأغاني 5/ 349.
[6] المجاسد: جمع مجسد وهو الثوب المصبوغ بالجساد أي الزعفران.
[7] تقدم في 4/ الفقرة (228): «والسباع تشتهي رائحة الفهود، والفهد يتغيب عنها».(6/570)
اصطادوا المسنّ كان أنفع لأهله في الصّيد من الجرو الذي يربّونه لأنّ الجرو يخرج خبّا، ويخرج المسنّ على التأديب صيودا غير خبّ ولا مواكل [1] في صيده. وهو أنفع من صيد كلّ صائد، وأحسن في العين. وله فيه تدبير عجيب.
وليس شيء في مثل جسم الفهد إلّا والفهد أثقل منه، وأحطم لظهر الدابَّة التي يرقى على مؤخّرها [2].
والفهد أنوم الخلق، [وليس نومه كنوم الكلب لأن الكلب نومه نعاس واختلاس] [3]، والفهد نومه مصمت [4]: قال أبو حيّة النّميري [5]: [من البسيط] بعذاريها أناسا نام حلمهم ... عنّا وعنك وعنها نومة الفهد
وقال حميد بن ثور الهلاليّ [6]: [من الطويل] ونمت كنوم الفهد عن ذي حفيظة ... أكلت طعاما دونه وهو جائع
1968 [أرجوزة في صفة الفهد]
وقال الرقاشيّ في صفة الفهد [7]: [من الرجز] قد أغتدي واللّيل أحوى السّدّ ... والصّبح في الظّلماء ذو تهدّي [8] ... مثل اهتزاز العضب ذي الفرند ... بأهرت الشّدقين ملتئد [9] ... أزبر مضبور القرا علّكد ... طاوي الحشا في طيّ جسم معد [10] ... كزّ البراجيم هصور الجدّ ... برامز ذي نكت مسودّا [11]
[1] الخب: الخدّاع والخبيث.
[2] المواكل: الثقيل ذو البطء والبلادة.
[3] ثمار القلوب: (694).
[4] التكملة من ثمار القلوب (694)، ومجمع الأمثال 2/ 355، في المثل «أنوم من فهد»، وانظر ربيع الأبرار 5/ 419.
[5] ديوان أبي حية النميري 472.
[6] ديوان حميد بن ثور 105، وثمار القلوب (595).
[7] الأرجوزة لأبي نواس في ديوانه 663622، والأنوار 2/ 159158.
[8] الأحوى: الأسود، السد: السحاب الأسود والوادي فيه حجارة وصخور يبقى الماء فيه زمنا.
[9] العضب: السيف. الأهرت: الواسع.
[10] الأزبر: القوي. المضبور: المكتنز لحما. القرا: الظهر. العلكد: الضخم. المعد: الغليظ الضخم.
[11] رواية الديوان: (كره الرّوا، جمّ غضون الخدّ ... دلامز ذي نكف مسودّ).
وفي الأنوار: (كرّ الرّواجمّ غضون الجلد ... دلامز ذي نكب مسود).
الكز: الصلب الشديد اليابس. البراجيم: جمع برجمة وهي مفاصل الأصابع. ورواية الديوان «الروا» أي الماء الكثير المروي. الهصور: من الهصر وهو الافتراس والكسر. ورواية الديوان والأنوار «غضون» وهي التجاعيد. «دلامز»: قوي ماض. «النكف»: غدد صغار في أصل اللحى.(6/571)
وشجر لحيين ونحر ورد ... شرنبث أغلب مصمعدّ [1] ... كالليث إلّا نمرة في الجلد ... للشبح الحائل مستعدّ [2] ... حتّى إذا عاين بعد الجهد ... على قطاة الرّدف ردف العبد [3] ... سربين عنا بجبين صلد ... وانقضّ يأدو غير مجرهدّ [4] ... في ملهب منه وختل إدّ ... مثل انسياب الحيّة العربدّ [5]
وقوله: «مثل انسياب الحيّة العربدّ»، هذه الحيّة عين الدابّة التي يقال لها العربد. وقد ذكرها مالك بن حريم في [قوله] [6] لعمرو بن معد يكرب: [من م.
الكامل] يا عمرو لو أبصرتني ... لرفوتني في الخيل رفوا [7] ... والييض تلمع بينهم ... تعصو بها الفرسان عصوا [8] ... فلقيت مني عربدا ... يقطو أمام الخيل قطوا [9] ... لا رأيت نساءهم ... يدخلن تحت البيت حبوا ... وسمعت زجر الخيل في ... جوف الظّلام هبي وهبوا [10] ... في فيلق ملمومة ... تسطو على الخبرات سطوا [11]
وقال الرّقاشي أيضا في الفهد: [من الرجز] لما غدا للصّيد آل جعفر ... رهط رسول الله أهل المفخر
[1] الشرنبث: الغليظ الكتفين والرجلين. المصمعد: المنطلق انطلاقا سريعا والأسد.
[2] النمرة: النكتة من أي لون كانت.
[3] القطاة: مقعد الردف من الدابة خلف الفارس.
[4] عنّا: ظهرا،. الصلد: القوي. يأدو: يختل. المجرهد: المسرع المستمر في السير.
[5] المهلب: العدو السريع الذي يثير الغبار. الختل: الخداع. الإد: العجيب. العربد: الشديد من كل شيء.
[6] إضافة يقتضيها السياق، والأبيات التالية في لباب الآداب 203.
[7] رفاه: سكنه من الرعب.
[8] البيض: السيوف. عصاه بالسيف: ضربه به.
[9] قطا يقطو: تقارب مشيه من النشاط.
[10] هبي: زجر للخيل، أي توسعي وباعدي.
[11] الفيلق: الكتيبة العظيمة. الملمومة: المجتمعة. تسطو: تسرع الخطو. الخبرات: جمع خبرة، وهي الأرض كثر خبارها، والخبار: ما استرخى من الأرض وتخفى.(6/572)
بفهدة ذات قرا مضبّر ... وكاهل باد وعنق أزهر [1] ... ومقلة سال سواد المحجر ... منها إلى شدق رحاب المفغر [2] ... وذنب طال وجلد أنمر ... وأيطل مستأسد غضنفر [3] ... وأذن مكسورة لم تجبر ... فطساء فيها رحب في المنخر [4] ... مثل وجار التتفل المقوّر ... أرثها إسحاق في التعذر [5] ... منها على الخدّين والمعذّر [6]
1969 [نعت ابن أبي كريمة للفهد]
وقال ابن أبي كريمة في صفة الفهد [7]: [من الطويل] كأنّ بنات القفر حين تشعّبت ... غدوت عليها بالمنايا الشواعب ... بذلك نبغي الصيد طورا وتارة ... بمخطفة الأحشاء رحب التّرائب ... موقّفة الأذناب، نمر ظهورها ... مخطّطة الآماق غلب الغوارب ... مولّعة فطح الجباه عوابس ... تخال على أشداقها خطّ كاتب ... فوارس ما لم تلق حربا ورجلة ... إذا آنست بالبيد شهب الكتائب ... تضاءل حتّى ما تكاد تبينها ... عيون لدى الصّرّات غير كواذب ... توسّد أجياد الفرائس أذرعا ... مرمّلة تحكي عناق الحبائب
1970 [ما يضاف إلى اليهود من الحيوان]
قال [8]: والصبيان يصيحون بالفهد إذا رأوه: يا يهوديّ! وقد عرفنا مقالهم في الجرّيّ [9].
[1] القر: الظهر، المضبر: المكتنز لحما. الباد: الكثير اللحم. الأزهر: الأبيض.
[2] المفغر: المفتح. فغرفاه: فتحه.
[3] الأيطل: الخاصرة.
[4] الفطس: انخفاض قصبة الأنف.
[5] التتفل: الثعلب. المقور: الموسع.
[6] المعذر: المقذ، وهو أصل الأذن.
[7] تقدمت الأبيات في 2/ 446، وهي في الحماسة البصرية 2/ 345، ونهاية الأرب 9/ 266.
[8] ربيع الأبرار 5/ 420.
[9] الجرّي ضرب من السمك، وانظر ما تقدم في 1/ 154س 7، 196، 203، 6/ 356.(6/573)
والعامّة تزعم أن الفأرة كانت يهوديّة سحّارة [1]، والأرضة يهودية أيضا عندهم ولذلك يلطّخون الأجذاع بشحم الجزور [2].
والضبّ يهوديّ ولذلك قال بعض القصّاص لرجل أكل ضبّا: اعلم أنّك أكلت شيخا من بني إسرائيل [3].
ولا أراهم يضيفون إلى النّصرانية شيئا من السّباع والحشرات.
1971 [ذئب يوسف]
[4] ولذلك قال أبو علقمة: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف رجحون [5]. فقيل له: فإنّ يوسف لم يأكله الذّئب، وإنما كذبوا على الذّئب ولذلك قال الله عزّ وجلّ:
{وَجََاؤُ عَلى ََ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [6]. قال: فهذا اسم للذئب الذي لم يأكل يوسف.
فينبغي أن يكون ذلك الاسم لجميع الذّئاب، لأنّ الذئاب كلها لم تأكله.
1972 [زعم المجوس في لبس أعوان بشوتن]
وتزعم المجوس أنّ بشوتن الذي ينتظرون خروجه، ويزعمون أنّ الملك يصير إليه، يخرج على بقرة ذات قرون. ومعه سبعون رجلا عليهم جلود الفهود، لا يعرف هرّا ولا برّا [7] حتى يأخذ جميع الدنيا.
1973 [الهرّ والبرّ]
وكذلك إلغازهم في الهرّ والبرّ. وابن الكلبي يزعم عن الشّرقي بن القطاميّ، أن الهرّ السنّور، والبرّ الفارة [8].
[1] تقدم في 1/ 196أنها كانت طحانة. وأخرج البخاري في بدء الخلق، حديث رقم 3129: (عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: فقدت أمة من بني إسرائيل لا يدرى ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأر».
[2] ربيع الأبرار 5/ 471.
[3] ربيع الأبرار 5/ 468، وتقدم في ص 356.
[4] ثمار القلوب (108)، والعقد الفريد 6/ 156.
[5] في ثمار القلوب «رغمون»، وفي العقد «هملاج».
[6] 18/ يوسف: 12.
[7] هذا القول من الأمثال في مجمع الأمثال 2/ 269، والمستقصى 2/ 337، وفصل المقال 515، وجمهرة الأمثال 2/ 376. وفي هذا المثل خمسة أقوال: أحدها أن الهر: السنور، والبر: الفأرة، والثاني: أن الهر: الهرهرة وهو صوت الضأن، والبرّ: البربرة وهو صوت المعزى. والثالث أنّ البرّ:
دعاء الغنم، والهرّ: سوقها، والرابع أن البرّ: اللطف، والهرّ: العقوق، والخامس أن البرّ: الإكرام، والهرّ: الخصومة.
[8] انظر الحاشية السابقة.(6/574)
1974 [جوارح الملوك]
والباز والفهد من جوارح الملوك. والشاهين، والصّقر، والزّرّق، واليؤيؤ [1].
وليس ترى شريفا يستحسن حمل البازي لأنّ ذلك من عمل البازيار [2] ويستهجن حمل الصّقور والشواهين وغيرها من الجوارح، وما أدري علّة ذلك إلا أنّ الباز عندهم أعجميّ، والصّقر عربيّ.
1975 [العقعق]
ومن الحيوان الذي يدرّب فيستجيب ويكيس وينصح العقعق، فإنّه يستجيب من حيث تستجيب الصّقور. ويزجر فيعرف ما يراد منه ويخبأ الحلي فيسأل عنه ويصاح به فيمضي حتى يقف بصاحبه على المكان الذي خبّأه فيه، ولكن لا يلزم البحث عنه [3].
وهو مع ذلك كثيرا ما يضيع بيضه وفراخه.
1976 [الحيوانات التي تخبئ الدراهم والحلي]
وثلاثة أشياء تخبّي الدّراهم والحلي، وتفرح بذلك من غير انتفاع به، منها [4]:
العقعق ومنها ابن مقرض: دويبة آلق من ابن عرس وهو صعب وحشيّ، يحبّ الدّراهم، ويفرح بأخذها، ويخبيها، وهو مع ذلك يصيد العصافير صيدا كثيرا، وذلك أنّه يؤخذ فيربط بخيط شديد الفتل، ويقابل به بيت العصفور، فيدخل عليه فيأخذه وفراخه، ولا يقتلها حتى يقتلها الرّجل، فلا يزال كذلك ولو طاف به على ألف جحر. فإذا حلّ خيطه ذهب ولم يقم.
وضرب من الفار يسرق الدّراهم والدنانير والحلي ويفرح به ويظهره ويغيّبه في الجحر وينظر إليه ويتقلّب عليه.
1977 [ذنب الوزغة]
قال [5]: وخطب الأشعث فقال: «أيّها الناس إنه ما بقي من عدوّكم إلا كما بقي
[1] اليؤيؤ: طائر شبيه بالباشق، من جوارح الطير.
[2] البازيار: القائم بأمر البازي.
[3] ربيع الأبرار 5/ 458.
[4] ربيع الأبرار 5/ 457.
[5] ربيع الأبرار 5/ 470.(6/575)
من ذنب الوزغة تضرب به يمينا وشمالا ثم لا تلبث أن تموت» فمر به رجل من قشير فسمع كلامه فقال: قبّح الله تعالى هذا ورأيه، يأمر أصحابه بقلّة الاحتراس، وترك الاستعداد! وقد يقطع ذنب الوزغة من ثلثها الأسفل، فتعيش إن أفلتت من الذّرّ.
1978 [أشد الحيوان احتمالا للطعن والبتر]
وقد تحتمل الخنافس والكلاب من الطّعن الجائف، والسّهم النّافذ ما لا يحتمل مثله شيء. والخنفساء أعجب من ذلك وكفاك بالضّبّ! والجمل يكون سنامه كالهدف، فيكشف عنه جلده في المجهدة [1] ثمّ يجتث من أصله بالشّفار، ثمّ تعاد عليه الجلدة ويداوى فيبرأ، ويحتمل ذلك، وهو أعجب في ذلك من الكبش في قطع أليته من أصل عجب ذنبه، وهي كالتّرس، وربما فعل ذلك به وهو لا يستطيع أن يقلّ أليته [2] إلّا بأداة تتّخذ. ولكنّ الألية على كلّ حال طرف زائد، والسّنام قد طبّق على جميع ما في الجوف.
1979 [زكن إياس]
[3] ونظر إياس بن معاوية في الرّحبة بواسط إلى آجرّة، فقال: تحت هذه الآجرّة دابّة: فنزعوا الآجرّة فإذا تحتها حيّة متطوّقة. فسئل عن ذلك، فقال لأنّي رأيت ما بين الآجرّتين نديّا من جميع تلك الرّحبة، فعلمت أن تحتها شيئا يتنفّس.
1980 [هداية الكلاب في الثلوج]
وإذا سقط الثّلج في الصحارى صار كلّه طبقا واحدا، إلّا ما كان مقابلا لأفواه جحرة الوحش والحشرات فإنّ الثّلج في ذلك المكان ينحسر ويرقّ لأنفسها من أفواهها ومناخرها ووهج أبدانها [4]، فالكلاب في تلك الحال يعتادها الاسترواح حتى تقف بالكلّابين على رؤوس المواضع التي تنبت الإجردّ والقصيص [5]، وهي التربة التي تنبت الكمأة وتربّيها.
[1] المجهدة: الإعسار، والحال الشاقة.
[2] يقل: يرفع.
[3] الخبر في ثمار القلوب (183)، وأخبار الأذكياء 69، وبهجة المجالس 1/ 422، والوافي بالوفيات 9/ 466.
[4] تقدم مثل هذا الكلام في 2/ 315، س 4.
[5] الإجرد: نبت يدل على الكمأة. والقميص: شجر تنبت في أصله الكمأة.(6/576)
1981 [تعرّف مواضع الكمأة]
وربما كانت الواحدة كالرّمانة الفخمة، ثم تتخلّق من [غير] [1] بزر، وليس لها عرق تمصّ به من قوى تلك الأرض، ولكنها قوى اجتمعت من طريق الاستحالات، كما ينطبخ في أعماق الأرض، من جميع الجواهر وليس لها بدّ من تربة ذلك من جوهرها، ولا بدّ لها من وسميّ [2]. فإذا صار جانيها إلى تلك المواضع ولا سيما إن كان اليوم يوما لشمسه وقع [3] فإنه إذا أبصر الإجردّ والقصيص استدلّ على مواضعها بانتفاخ الأرض وانصداعها.
وإذا نظر الأعرابيّ إلى موضع الانتفاخ يتصدّع في مكانه فكان تفتّحه في الحالات مستويا، علم أنّه كمأة وإن خلط في الحركة والتصدّع علم أنّه دابّة، فاتّقى مكانّها.
[1] إضافة يقتضيها السياق.
[2] الوسمي: مطر أول الربيع، وهو أوان الكمأة.
[3] الوقع: الشدة.(6/577)
باب نوادر وأشعار وأحاديث
قال الشّاعر [1]: [من م. الكامل] وعصيت أمر ذوي النّهى ... وأطعت رأي ذوي الجهاله ... فاحتلت حين صرمتني ... والمرء يعجز لا المحاله ... [والعبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه المقاله] [2]
وقال بشّار [3]: [من الرجز] وصاحب كالدّمّل الممدّ ... حملته في رقعة من جلدي ... الحرّ يلحى والعصا للعبد ... وليس للملحف مثل الرّدّ
وقال خليفة الأقطع [4]: [من م. الكامل] العبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه الملامه
[1] الأبيات لأبي دؤاد في ديوانه 332، وانظر اللسان 11/ 187 (حول)، والبيان 3/ 37.
[2] إضافة من ديوانه والبيان.
[3] الرجز لبشار في طبقات ابن المعتز 26، والثالث والرابع في البيان 3/ 37، والمختار من شعر بشار 223.
[4] البيت ليزيد بن مفرغ في ديوانه 215، والأغاني 18/ 261، وأمالي الزجاجي 29، والبيان 3/ 37، والوساطة 196، والمختار من شعر بشار 223، واللسان والتاج (عصا).(6/578)
باب من القول في العرجان
قال رجل من بني عجل [1]: [من الطويل] وشى بي واش عند ليلى سفاهة ... فقالت له ليلى مقالة ذي عقل ... وخبّرها أنّي عرجت فم تكن ... كورهاء تجترّ الملامة للبعل [2] ... وما بي من عيب الفتى غير أنّني ... جعلت العصا رجلا أقيم بها رجلي
وقال أبو حيّة في مثل ذلك [3]: [من البسيط] وقد جعلت إذ ما قمت، يوجعني ... ظهري فقمت قيام الشّارب السّكر ... وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر
وقال أعرابيّ من بني تميم [4]: [من الطويل] وما بي من عيب الفتى غير أنّني ... ألفت قناتي حين أوجعني ظهري
وكان بنو الحدّاء عرجانا كلّهم، فهجاهم بعض الشّعراء فقال [5]: [من البسيط] لله درّ بني الحدّاء من نفر ... وكلّ جار على جيرانه كلب ... إذا غدوا وعصيّ الطّلح أرجلهم ... كما تنصّب وسط البيعة الصّلب
وإنّما شبه أرجلهم بعصيّ الطّلح لأنّ أغصان الطلح تنبت معوجّة. لذلك قال معدان الأعمى [6]: [من الخفيف] والذي طفّف الجدار من الذّع ... ر وقد بات قاسم الأنفال [7] ... فغدا خامعا بأيدي هشيم ... وبساق كعود طلح بال [8]
[1] الأبيات في البيان 3/ 76، والبرصان 250249،. والثالث في عيون الأخبار 4/ 67.
[2] الورهاء: الحمقاء. تجتر: تجتلب.
[3] ديوان أبي حية النميري 186، والأمالي 2/ 163، والبيان 3/ 76، والبرصان. 133، 249،
والخصائص 1/ 207، وعيون الأخبار 4/ 68.
[4] البيت في البيان 3/ 76، وعيون الأخبار 67.
[5] البيتان لبشر بن أبي خازم في البيان 3/ 75، والبرصان 229، وديوانه 227، وتقدما في 1/ 208 بلا نسبة.
[6] البيتان لمعدان الأعمى أبي السري الشميطي في البرصان 231، والبيان 3/ 75، وانظر ما تقدم في 2/ 393392، الفقرة (454)، والحاشية الثالثة في 2/ 392.
[7] طفف الجدار: رفعه. الأنفال: الغنائم.
[8] الخامع: الأعرج. الهشيم: الشجر اليابس.(6/579)
وله حديث.
1982 [عصا الحكم بن عبدل]
وكان الحكم بن عبدل أعرج، وكان بعد هجائه لمحمد بن حسّان بن سعد لا يبعث إلى أحد بعصاه التي يتوكأ عليها وكتب عليها حاجته إلّا قضاها كيف كانت، فدخل على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وهو أمير الكوفة، وكان أعرج، وكان صاحب شرطته أعرج فقال ابن عبدل [1]: [من الكامل] ألق العصا ودع التّعارج والتمس ... عملا فهذي دولة العرجان ... فأميرنا وأمير شرطتنا معا ... يا قومنا لكليهما رجلان ... فإذا يكون أميرنا ووزيره ... وأنا فإنّ الرّابع الشيطان
وقال آخر ووصف ضعفه وكبر سنّه [2]: [من الكامل] آتي النديّ فلا يقرّب مجلسي ... وأقود للشرف الرفيع حماريا
1983 [عرجان الشعراء]
وكان من العرجان والشعراء أبو ثعلب، وهو كليب بن أبي الغول. ومنهم أبو مالك الأعرج. وفي أحدهما يقول اليزيدي [3]: [من الطويل] أبو ثعلب للناطفيّ مؤازر ... على خبثه والناطفيّ غيور ... وبالبغلة الشهباء رقّة حافر ... وصاحبنا ماضي الجنان جسور ... ولا غرو أن كان الأعيرج آرها ... وما الناس إلا آير ومئير
1984 [البدء والثّنيان]
وقال الشاعر [4]: [من البسيط]
[1] الأبيات مع الخبر السابق في الأغاني 2/ 406، والبيان 3/ 76، والبرصان 210، وعيون الأخبار 4/ 67.
[2] البيت في البيان 3/ 263، والبرصان 133، واللسان والتاج (شرف)، والقافية في الأخيرين (حماري).
[3] الأبيات في اللسان والتاج (أرر، أير)، والتنبيه والإيضاح 2/ 81، والثالث في البرصان 220.
[4] البيت لأوس بن مغراء في اللسان والتاج (بدأ، ثنى)، والتنبيه والإيضاح 1/ 6، والتهذيب 14/ 205، 15/ 136، والمخصص 2/ 159، 15/ 138، والمجمل 1/ 248، 4/ 369، والأمالي 2/ 176، والعمدة 1/ 118، وبلا نسبة في العين 8/ 244، والمقاييس 1/ 213، 391.(6/580)
تلقى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا
فالبدء أضخم السّادات يقال ثنى وثنيان، وهو اسم واحد. وهو تأويل قول الشّاعر [1]: [من الوافر] يصدّ الشّاعر الثّنيان عنّي ... صدود البكر عن قرم هجان [2]
لم يمدح نفسه بأن لا يغلب الفحل وإنّما يغلب الثّنيان. وإنما أراد أن يصغّر بالذي هجاه، بأنه ثنيان، وإن كان عند نفسه فحلا وأمّا قول الشّاعر [3]: [من الوافر] ومن يفخر بمثل أبي وجدّي ... يجئ قبل السّوابق وهو ثان
فالمعنى ثان عنانه.
أحاديث من أعاجيب المماليك
أتيت باب السّعداني، فإذا غلام له مليح بالباب كان يتبع دابّته، فقلت له:
قل لمولاك، إن شئت بكرت إليّ، وإن شئت بكرت إليك. قال: أنا ليس أكلّم مولاي ومعي أبو القنافذ فقال أبو القنافذ: ما نحتاج مع هذا الخبر إلى معاينة.
وقال أبو البصير المنجّم، وهو عند قثم بن جعفر، لغلام له مليح صغير السّنّ: ما حبسك يا حلقيّ؟ والحلقيّ: المخنث ثمّ قال: أما والله لئن قمت إليك يا حلقيّ لتعلمنّ! فلمّا أكثر عليه من هذا الكلام بكى وقال: أدعو الله على من جعلني حلقيّا.
حدّثني الحسن بن المرزبان قال: كنت مع أصحاب لنا، إذ أتينا بغلام سنديّ يباع، فقلت له: أشتريك يا غلام؟ فقال: حتّى أسأل عنك! قال المكّي: وأتي المثنّى بن بشر بسنديّ ليشتريه على أنّه طبّاخ، فقال له المثنى: كم تحسن يا غلام من لون؟ فلم يجبه فأعاد عليه، وقال: يا غلام كم تحسن من لون؟ فكلّم غيره وتركه فقال المثنّى في الثالثة: ما له لا يتكلم؟ يا غلام، كم تحسن من لون؟ فقال السندي: كم تحسن من لون! كم تحسن من لون! وأنت
[1] ديوان النابغة الذبياني 112، والعمدة 1/ 118، 2/ 188.
[2] البكر: الفتي من الإبل. القرم: الفحل من الإبل. الهجان: الأبيض.
[3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (ثني)، والتهذيب 14/ 232، والعمدة 1/ 189.(6/581)
لا تحسن ما يكفيك أنت؟ قال: حسبك الآن: ثم قال المثنّى للدّلّال: امض بهذا، عليه لعنة الله!.
وحدّثني ثمامة قال: جاءنا رجل بغلام سنديّ يزعم أنّه طباخ حاذق، فاشتريته منه، فلمّا أمرت له بالمال قال الرّجل: إنه قد غاب عنا غيبة، فإن اشتريته على هذا الشّرط، وإلّا فاتركه. فقلت للسندي: أكنت أبقت قطّ! قال: والله ما أبقت قطّ! فقلت: أنت الآن قد جمعت مع الإباق [1] الكذب! قال: كيف ذلك؟ قلت: لأنّ هذا الموضع لا يجوز أن يكذب فيه البائع. قال: جعلني الله تعالى فداءك! أنا والله أخبرك عن قصّتي: كنت أذنبت ذنبا كما يذنب هذا وهذا، جميع غلمان النّاس فحلف بكلّ يمين ليضربنّي أربعمائة سوط، فكنت ترى لي أن أقيم؟ قلت: لا والله! قال: فهذا الآن إباق؟ قلت لا. قال: فاشتريته فإذا هو أحسن النّاس خبزا وأطيبهم طبخا.
وخبّرني رجل قال: قال رجل لغلام له ذات يوم: يا فاجر! قال: جعلني الله فداك، مولى القوم منهم! وزعم روح بن الطائفية وكان روح عبدا لأخت أنس بن أبي شيخ، وكانت قد فوّضت إليه كلّ شيء من أمرها قال: دخلت السّوق أريد شراء غلام طبّاخ، فبينا أنا واقف إذ جيء بغلام يعرض بعشرة دنانير، ويساوي على حسن وجهه وجودة قدّه، وحداثة سنّه، دون صناعته مائة دينار. فلمّا رأيته لم أتمالك أن دنوت منه فقلت:
ويحك أقلّ ثمنك على وجهك مائة دينار، والله ما يبيعك مولاك بعشرة دنانير إلّا وأنت شرّ الناس! فقال: أمّا لهم فأنا شرّ الناس، وأمّا لغيرهم فأنا أساوي مائة ومائة.
قال: فقلت: التزيّن بجمال هذا وطيب طبخه يوما واحدا عند أصحابي خير من عشرة دنانير. فابتعته ومضيت به إلى المنزل، فرأيت من حذقه وخدمته، وقلّة تزيّده ما إن بعثته إلى الصّيرفي ليأتيني من قبله بعشرين دينارا، فأخذها ومضى على وجهه فو الله ما شعرت إلّا والنّاشد [2] قد جاءني وهو يطلب جعله، فقلت: لهذا وشبهه باعك القوم بعشرة دنانير! قال: لولا أنّي أعلم أنّك لا تصدّق يميني وكيف طرّت الدّنانير من ثوبي. ولكنّي أقول لك واحدة: احتبسني واحترس منّي، واستمتع بخدمتي، واحتسب أنّك كنت اشتريتني بثلاثين دينارا، قال: فاحتبسته لهواي فيه، وقلت لعلّه
[1] الإباق: هرب العبد من سيده.
[2] الناشد: أراد به الجاحظ: المعرّف.(6/582)
أن يكون صادقا. ثمّ رأيت والله من صلاحه وإنابته وحسن خدمته ما دعاني إلى نسيان جميع قصّته، حتى دفعت إليه يوما ثلاثين دينارا ليوصلها إلى أهلي، فلمّا صارت إلى يده ذهب على وجهه، فلم ألبث إلّا أيّاما حتى ردّه النّاشد، فقلت له:
زعمت أنّ الدّنانير الأولى طرّت منك، فما قولك في هذه الثانية؟ قال: أنا، والله أعلم أنّك لا تقبل لي عذرا، فدعني خارج الدار، ولا تجاوز بي خدمة المطبخ ولو كان الضّرب يردّ عليك شيئا من مالك لأشرت عليك به، ولكن قد ذهب مالك، والضّرب ينقص من أجرك ولعلّي أيضا أموت تحت الضّرب فتندم وتأثم وتفتضح ويطلبك السلطان. ولكن اقتصر بي على المطبخ فإنّي سأسرّك فيه، وأوفره عليك. وأستجيد ما أشتريه وأستصلحه لك. وعدّ أنك اشتريتني بستّين دينارا! فقلت له: أنت لا تفلح بعد هذا! اذهب فأنت حرّ لوجه الله تعالى! فقال لي: أنت عبد فكيف يجوز عتقك.
قلت فأبيعك بما عزّ أو هان! فقال: لا تبعني حتّى تعدّ طبّاخا، فإنّك إن بعتني لم تتغذّ غذاء إلّا بخبز وباقلاء. قال: فتركته ومرّت بعد ذلك أيام فبينا أنا جالس يوما إذ مرّت عليّ شاة لبون كريمة، غزيرة الدّرّ كنا فرّقنا بينها وبين عناقها فأكثرت في الثّغاء، فقلت كما يقول النّاس، وكما يقول الضّجر: اللهمّ العن هذه الشاة! ليت أنّ الله بعث إنسانا ذبحها أو سرقها، حتى نستريح من صياحها! قال: فلم ألبث إلّا بقدر ما غاب عن عيني، ثمّ عاد فإذا في يده سكّين وساطور وعليه قميص العمل، ثمّ أقبل عليّ فقال: هذا اللّحم ما نصنع به وأيّ شيء تأمرني به؟ فقلت: وأيّ لحم؟ قال: لحم هذه الشاة. قلت: وأيّما شاة؟ قال: التي أمرت بذبحها. قلت: وأي شاة أمرت بذبحها؟
قال: سبحان الله! أليس قد قلت السّاعة: ليت أن الله تعالى قد بعث إليها من يذبحها أو يسرقها، فلما أعطاك الله تعالى سؤلك صرت تتجاهل! قال روح: فبقيت والله لا أقدر على حبسه ولا على بيعه ولا على عتقه.
1985 [أشعار حسان]
وقال مسكين الدّارميّ [1]: [من الطويل] إنّ أبانا بكر آدم، فاعلموا ... وحواء قرم ذو عثانين شارف [2] ... كأنّ على خرطومه متهافتا ... من القطن هاجته الأكفّ النوادف [3]
[1] ديوان مسكين الدارمي 53.
[2] القرم: الفحل. العثانين: جمع عثنون، وهي شعيرات طوال تحت حنك البعير. الشارف: المسن من الإبل.
[3] المتهافت: المتطاير المتساقط.(6/583)
وللصّدأ المسودّ أطيب عندنا ... من المسك دافته الأكفّ الدوائف [1] ... ويصبح عرفان الدّروع جلودنا ... إذا جاء يوم مظلم اللّون كاسف ... تعلق في مثل السّواري سيوفنا ... وما بينها والكعب منّا تنائف [2] ... وكلّ ردينيّ كأنّ كعوبه ... قطا سابق مستورد الماء صائف [3] ... كأنّ هلالا لاح فوق قناته ... جلا الغيم عنه والقتام الحراجف [4] ... له مثل حلقوم النّعامة حلة ... ومثل القدامى ساقها متناصف [5]
وقال أيضا مسكين الدّارميّ [6]: [من الرمل] وإذا الفاحش لاقى فاحشا ... فهناكم وافق الشّنّ الطبق [7] ... إنّما الفحش ومن يعتاده ... كغراب البين ما شاء نعق ... أو حمار السّوء إن أشبعته ... رمح النّاس وإن جاع نهق ... أو غلام السّوء إن جوّعته ... سرق الجار وإن يشبع فسق
وقال ابن قيس الرقيات [8]: [من الخفيف] معقل القوم من قريش إذا ما ... فاز بالجهل معشر آخرونا ... لا يؤمّون في العشيرة بالسّو ... ء ولا يفسدون ما يصنعونا [9]
وقال ابن قيس أيضا، واسمه عبد الله [10]: [من المنسرح] لو كان حولي بنو أميّة لم ... ينطق رجال إذا هم نطقوا ... إن جلسوا لم تضق مجالسهم ... أو ركبوا ضاق عنهم الأفق ... كم فيهم من فتى أخي ثقة ... عن منكبيه القميص منخرق ... تحبّهم عوّذ النّساء إذا ... ما احمرّ تحت القوانس الحدق [11]
[1] داف الطيب: خلطه.
[2] التنائف: جمع تنوفة، وهي المفازة.
[3] الرديني: الرمح المنسوب إلى ردينة.
[4] القتام: الغبار. الحراجف: جمع حرجف، وهي الريح الباردة.
[5] المتناصف: المتساوي المحاسن.
[6] ديوان مسكين الدارمي 56.
[7] إشارة إلى المثل «وافق شن طبقة»، وانظر ما تقدم في ص 374.
[8] ديوان ابن قيس الرقيات 197.
[9] يؤمون: يقصدون.
[10] ديوان ابن قيس الرقيات 7372.
[11] العوذ: جمع عائذة وهي التي تلجأ إلى غيرها تعتصم به. القوانس: جمع قونس، وهو أعلى بيضة الحديد. الحدق: العيون.(6/584)
وأنكر الكلب أهله ورأى الشّرّ ... وطاح المروّع الفرق [1]
وقال النابغة [2]: [من الكامل] سهكين من صدإ الحديد كأنّهم ... تحت السّنوّر جنّة البقّار
وقال بشار بن برد: [من الطويل] يطيّب ريح الخيزرانة بينهم ... على أنّها ريح الدّماء تضوع
باب آخر في الشهب وفي استراق السمع
سنقول في الشهب وفي استراق السمع [3] وإنّما تركنا جمعه في مكان واحد، لأنّ ذلك كان يطول على القارئ. ولو قد قرأ فضل الإنسان على الجانّ، والحجّة على من أنكر الجانّ لم يستثقله، لأنّه حينئذ يقصد إليه على أنّه مقصور على هذا الباب، فإذا أدخلناه في باب القول في صغار الوحش، والسّباع، والهمج، والحشرات، فإذا ابتدأ القراءة على ذلك استطال كلّ قصير إذا كان من غير هذا المعنى.
قالوا: زعمتم أنّ الله تعالى قال: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [4]، وقال تعالى: {وَحَفِظْنََاهََا مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ رَجِيمٍ}، [5] وقال تعالى: {وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [4] ونحن لم نجد قطّ كوكبا خلا مكانه، فما ينبغي أن يكون واحد من جميع هذا الخلق، من سكّان الصحارى، والبحار. ومن يراعي النّجوم للاهتداء، أو يفكّر في خلق السموات أن يكون يرى كوكبا واحدا زائلا، مع قوله: {وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [4].
قيل لهم: قد يحرّك الإنسان يده أو حاجبه أو إصبعه، فتضاف تلك الحركة إلى كلّه، فلا يشكّون أنّ الكلّ هو العامل لتلك الحركة، ومتى فصل شهاب من كوكب، فأحرق وأضاء في جميع البلاد. فقد حكم كلّ إنسان بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب. وهذا جواب قريب سهل. والحمد لله.
ولم يقل أحد: إنّه يجب في قوله: {وَجَعَلْنََاهََا رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} [4] أنّه يعني
[1] الفرق: الخائف.
[2] ديوان النابغة الذبياني 56، وتقدم البيت مع الشرح والتخريج في ص 414.
[3] انظر ما تقدم من القول في الشهب واستراق السمع ص 462453.
[4] 15/ الملك: 67.
[5] 17/ الحجر: 15.(6/585)
الجميع. فإذا كان قد صحّ أنّه إنّما عنى البعض فقد عنى نجوم المجرّة، والنجوم التي تظهر في ليالي الحنادس لأنّه محال أن تقع عين على ذلك الكوكب بعينه في وقت زواله حتّى يكون الله عزّ وجلّ لو أفنى ذلك الكوكب من بين جميع الكواكب الملتفّة، لعرف هذا المتأمّل مكانه، ولوجد مسّ فقده. ومن ظنّ بجهله أنّه يستطيع الإحاطة بعدد النّجوم فإنه متى تأمّلها في الحنادس، وتأمّل المجرّة وما حولها، لم يضرب المثل في كثرة العدد إلّا بها، دون الرّمل والتّراب وقطر السّحاب.
وقال بعضهم: يدنو الشّهاب قريبا، ونراه يجيء عرضا لا منقضّا ولو كان الكوكب هو الذي ينقضّ لم ير كالخيط الدّقيق، ولأضاء جميع الدّنيا، ولأحرق كلّ شيء مما على وجه الأرض. قيل له: قد تكون الكواكب أفقيّة ولا تكون علوية فإذا كانت كذلك فصل الشّهاب منها عرضا. وكذلك قال الله تعالى: {إِلََّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهََابٌ ثََاقِبٌ} [1] وقال الله عزّ وجلّ: {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهََابٍ قَبَسٍ} [2] فليس لكم أن تقضوا بأنّ المباشر لبدن الشيطان هو الكوكب حتى لا يكون غير ذلك، وأنتم تسمعون الله تعالى يقول: {فَأَتْبَعَهُ شِهََابٌ ثََاقِبٌ} [1] والشّهاب معروف في اللغة، وإذا لم يوجب عليها ظاهر لفظ القرآن لم ينكر أن يكون الشّهاب كالخطّ أو كالسهم لا يضيء إلّا بمقدار، ولا يقوى على إحراق هذا العالم. وهذا قريب والحمد لله.
وطعن بعضهم من جهة أخرى فقال: زعمتم أنّ الله تبارك وتعالى قال:
{وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطََانٍ مََارِدٍ. لََا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ََ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جََانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذََابٌ وََاصِبٌ} [3] وقال على سنن الكلام: {إِلََّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهََابٌ ثََاقِبٌ} [4] قال: فكيف تكون الخطفة من المكان الممنوع؟
قيل له: ليس بممنوع من الخطفة، إذ كان لا محالة مرميّا بالشّهاب، ومقتولا، على أنّه لو كان سلم بالخطفة لما كان استفاد شيئا للتكاذيب والرّياسة. وليس كلّ من كذب على الله وادّعى النبوّة كان على الله تعالى أن يظهر تكذيبه، بأن يخسف به الأرض، أو ينطق بتكذيبه في تلك السّاعة. وإذا وجبت في العقول السّليمة ألّا يصدق في الأخبار لم يكن معه برهان. فكفى بذلك.
[1] 10/ الصافات: 37.
[2] 7/ النمل: 27.
[3] 97/ الصافات: 37.
[4] 10/ الصافات: 37.(6/586)
ولو كان ذلك لكان جائزا، ولكنّه ليس بالواجب. وعلى أنّ ناسا من النحويّين لم يدخلوا قوله تعالى: {إِلََّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ}، [1] في الاستثناء، وقال: إنّما هو كقوله [2]: [من الكامل] إلّا كخارجة المكلّف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا [3]
وقوله أيضا [4]: [من الكامل] إلّا كناشرة الذي كلّفتم ... كالغصن في غلوائه المتنبّت
وقال الشاعر في باب آخر ممّا يكون موعظة له من الفكر والاعتبار. فمن ذلك قوله [5]: [من الطويل] مهما يكن ريب المنون فإنني ... أرى قمر اللّيل المعذّر كالفتى ... يكون صغيرا ثمّ يعظم دائبا ... ويرجع حتّى قيل قد مات وانقضى ... كذلك زيد المرء ثمّ انتقاصه ... وتكراره في إثره بعد ما مضى
وقال آخر [6]: [من الطويل] ومستنبت لا باللّيالي نباته ... وما إن تلاقي ما به الشّفتان ... وآخر في خمس وتسع تمامه ... ويجهد في سبع معا وثمان
الأوّل الطّريق والثاني القمر.
1986 [ما قيل من الشعر في إنقاص الصحة والحياة]
وقال أبو العتاهية [7]: [من الرجز]
[1] 10/ الصافات: 37.
[2] البيت للأعشى في ديوانه 281، واللسان (قدد)، وبلا نسبة في رصف المباني 203، وسر صناعة الإعراب 1/ 303، والمقتضب 4/ 418.
[3] خارجة: رجل من بني شيبان.
[4] البيت لعنز بن دجاجة في الكتاب 2/ 328، وله أو لمعاوية بن كاسر في شرح أبيات سيبويه 2/ 172، ولشهاب المازني في الأزهية 176، ولكابية بن حرقوص بن مازن في الخزانة 6/ 362، وبلا نسبة في رصف المباني 203، وسر صناعة 302، وشرح اختيارات المفضل 537، والمقتضب 4/ 416.
[5] الأبيات لحسان السعدي في نوادر أبي زيد 112111، ولحنظلة بن أبي عفراء الطائي في معجم البلدان 2/ 506 (دير حنظلة)، ولبعض شعراء طيئ في أمالي المرتضى 2/ 76، وتقدمت الأبيات في 3/ 230.
[6] البيتان بلا نسبة في المخصص 9/ 28، وتهذيب الألفاظ 401.
[7] ديوان أبي العتاهية 636، وعيون الأخبار 2/ 322، والسمط 104، والرسالة الموضحة 109، والبيان 1/ 154، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 39، والعقد الفريد 3/ 58، وتقدم في 3/ 231.(6/587)
أسرع في نقض امرئ تمامه
وقال عبد هند: [1] [من الطويل] فإنّ السّنان يركب المرء حدّه ... من العار أو يعدو على الأسد الورد ... وإنّ الذي ينهاكم عن طلابها ... يناغي نساء الحيّ في طرّة البرد ... يعلّل والأيّام تنقص عمره ... كما تنقص النّيران من طرف الزّند
وفي أمثال العرب [2]: «كلّ ما أقام شخص، وكلّ ما ازداد نقص ولو كان يميت النّاس الدّاء، لأعاشهم الدّواء».
وقال حميد بن ثور [3]: [من الطويل] أرى بصري قد رابني بعد صحّة ... وحسبك داء أن تصحّ وتسلما
وقال النّمر بن تولب [4]: [من الطويل] يحبّ الفتى طول السّلامة والبقا ... فكيف ترى طول السّلامة يفعل
1987 [أخبار في المرض والموت]
وقيل للموبذ: متى أبنك يعني أبنك قال: يوم ولد.
وقال الشّاعر: [من الطويل] تصرّفت أطوارا أرى كلّ عبرة ... وكان الصّبا منّي جديدا فأخلقا ... وما زاد شيء قطّ إلا لنقصه ... وما اجتمع الإلفان إلّا تفرّقا
وقيل لأعرابي في مرضه الذي مات فيه: أيّ شيء تشتكي؟ قال: تمام العدّة وانقضاء المدّة [5]!.
[1] الأبيات لعمرو بن عبد هند في البيان 3/ 34، ولعبد هند بن زيد التغلبي في الوحشيات 19، وتقدم الثانى والثالث في 3/ 231230.
[2] البيان 1/ 154.
[3] ديوان حميد بن ثور 7، والبيان 1/ 154، وعيون الأخبار 4/ 144، والوحشيات 288، والسمط 532.
[4] ديوان النمر بن تولب 369، والبيان 1/ 154، والرسالة الموضحة 110، والوحشيات 288، وديوان المعاني 2/ 183.
[5] الخبر في عيون الأخبار 3/ 49.(6/588)
وقيل لأعرابي، في شكاته التي مات فيها: كيف تجدك؟ قال: أجدني أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجد [1]!.
وقيل لعمرو بن العاص في مرضته التي مات فيها: كيف تجدك؟ قال: أجدني أذوب ولا أثوب [2].
وقال معمر: قلت لرجل كان معي في الحبس، وكان مات بالبطن: كيف تجدك؟ قال: أجد روحي قد خرجت من نصفي الأسفل، وأجد السّماء، مطبقة عليّ، ولو شئت أن ألمسها بيدي لفعلت، ومهما شككت فيه فلا أشكّ أنّ الموت برد ويبس، وأنّ الحياة حرارة ورطوبة.
1988 [شعر في الرثاء]
وقال يعقوب بن الرّبيع في مرثية جارية كانت له [3]: [من الكامل] حتى إذا فتر اللّسان وأصبحت ... للموت قد ذبلت ذبول النّرجس ... رجع اليقين مطامعي يأسا كما ... رجع اليقين مطامع المتلمّس
وقال يعقوب بن الربيع [4]: [من المتقارب] لئن كان قربك لي نافعا ... لبعدك قد كان لي أنفعا ... لأني أمنت رزايا الدّهور ... وإن جلّ خطب فلن أجزعا
وقال أبو العتاهية [5]: [من الوافر] وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حيّا
وقال التيميّ: [من الوافر] لقد عزّى ربيعة أنّ يوما ... عليها مثل يومك لا يعود ... ومن عجب قصدن له المنايا ... على عمد وهنّ له جنود
وقال صالح بن عبد القدّوس [6]: [من الخفيف]
[1] الخبر في البيان 1/ 210، وعيون الأخبار 3/ 49، وتقدم في 3/ 68، الفقرة (621).
[2] الخبر في عيون الأخبار 3/ 49، وتتمة الخبر: «وأجد نجوي أكثر من رزئي، فما بقاء الشيخ على هذا».
[3] البيتان من قصيدة في الكامل 2/ 370 (المعارف).
[4] البيتان في تاريخ بغداد 14/ 268.
[5] ديوان أبي العتاهية 679، وتقدم البيت في 3/ 44، الفقرة (593).
[6] البيت في البخلاء 189، ونهاية الأرب 3/ 83.(6/589)
إن يكن ما أصبت فيه جليلا ... فذهاب العزاء فيه أجلّ
ونظر بعض الحكماء إلى جنازة الإسكندر، فقال [1]: «إنّ الإسكندر كان أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس».
وقال غسان [2]: [من الكامل] ابيضّ منّي الرّأس بعد سواده ... ودعا المشيب حليلتي لبعاد ... واستنفد القرن الذي أنا منهم ... وكفى بذلك علامة لحصادي
وقال أعرابي [3]: [من الرجز] إذا الرّجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها ... وجعلت أسقامها تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصادها
وقال ضرار بن عمرو [4]: «من سرّه بنوه ساءته نفسه».
وقال عبد الرحمن بن أبي بكرة [5]. «من أحبّ طول العمر فليوطّن نفسه على المصائب».
وقال أخو ذي الرّمّة [6]: [من الطويل] ولم ينسني أوفى الملمّات بعده ... ولكنّ نكء القرح بالقرح أوجع
1989 [بعض المجون]
وقال بعض المجّان [7]: [من الطويل] نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقّع
[1] ورد القول في الصناعتين 24، والبيان 1/ 81، والكامل 1/ 239 (المعارف).
[2] البيتان في البيان 3/ 195لغسان خال الغدّار.
[3] تقدم الرجز في 3/ 43، الفقرة (590).
[4] ورد القول في عيون الأخبار 2/ 320.
[5] تقدم القول في 5/.
[6] البيت لمسعود أخي ذي الرمة في الأغاني 18/ 4، والشعر والشعراء 337 (ليدن)، ولهشام أخي ذي الرمة في الكامل 1/ 153 (المعارف) وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 328، وبلا نسبة في أساس البلاغة (نكأ)، والجمهرة 1105، والبيتان والتبيين 2/ 193.
[7] البيت لإبراهيم بن أدهم العجلي في عيون الأخبار 2/ 330، والبيان 1/ 260، والعقد 2/ 115، ولعبد الله بن مبارك في التاج (رقع)، وبلا نسبة في الأساس (رقع).(6/590)
وسئل بعض المجّان: كيف أنت في دينك؟ قال: أخرّقه بالمعاصي، وأرقّعه بالاستغفار.
1990 [شعر في معنى الموت]
وأنشدوا لعروة بن أذينة [1]: [من الوافر] نراع إذا الجنائز قابلتنا ... ويحزننا بكاء الباكيات ... كروعة ثلّة لمغاز سبع ... فلما غاب عادت راتعات [2]
وقال أبو العتاهية [3]: [من الطويل] إذا ما رأيتم ميّتين جزعتم ... وإن لم تروا ملتم إلى صبواتها
وقالت الخنساء [4]: [من البسيط] ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار
وكان الحسن لا يتمثّل إلا بهذين البيتين، وهما: [من الطويل] يسرّ الفتى ما كان قدّم من تقى ... إذا عرف الدّاء الذي هو قاتله
والبيت الآخر [5]: [من الخفيف] ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء
وكان صالح المرّيّ يتمثّل في قصصه بقوله [6]: [من المتقارب] فبات يروّي أصول الفسيل ... فعاش الفسيل ومات الرجل
[1] البيتان لعروة بن أذينة في البيان 3/ 201، وبلا نسبة في عيون الأخبار 3/ 62.
[2] الثلة: جماعة الغنم.
[3] ديوان أبي العتاهية 512، وأمالي المرتضى 2/ 75.
[4] ديوان الخنساء 383، والخزانة 1/ 431، 2/ 34، وشرح أبيات سيبويه 1/ 282، والكتاب 1/ 337، واللسان (رهط، قبل، سوا)، والمقتضب 4/ 305، والمنصف 1/ 197، والبيان 3/ 201، والبرصان 130، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68، وشرح الأشموني 1/ 213، وشرح المفصل 1/ 115، والمحتسب 2/ 43.
[5] البيت لعدي بن الرعلاء في معجم الشعراء 86، والأصمعيات 152، وشرح المفصل 10/ 69، والحماسة الشجرية 1/ 195، والخزانة 9/ 583، والسمط 8/ 603، واللسان والتاج (موت)، ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري 214، وبلا نسبة في شرح قطر الندى 234، وشرح شواهد المغني 2/ 936، ومغني اللبيب 461، والتهذيب 14/ 343، والتاج (حيي)، والتنبيه والإيضاح 1/ 173، والبيان 1/ 119.
[6] البيت في البيان 1/ 119، 3/ 178، وعيون الأخبار 2/ 306.(6/591)
وكان أبو عبد الحميد المكفوف، يتمثّل في قصصه بقوله [1]: [من البسيط] يا راقد اللّيل مسرورا بأوّله ... إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا
ونظر بكر بن عبد الله المزنيّ إلى مورّق العجليّ، فقال [2]: [من الرجز] عند الصّباح يحمد القوم السّرى ... وتنجلي عنهم غيابات الكرى
وقال أبو النجم [3]: [من الرجز] كلنا يأمل مدّا في الأجل ... والمنايا هي آفات الأمل
فأمّا أبو النجم فإنّه ذهب في الموت مذهب زهير حيث يقول [4]: [من الرجز] إنّ الفتى يصبح للأسقام ... كالغرض المنصوب للسّهام ... أخطاه رام وأصاب رام
وقال زهير [5]: [من الطويل] رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم
1991 [مقطعات شتى]
وقال الآخر [6]: [من الكامل] وإذا صنعت صنيعة أتممتها ... بيدين ليس نداهما بمكدّر ... وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري
وقال الشاعر: [من الطويل]
[1] البيت بلا نسبة في البيان 3/ 202، وذكر محقق البيان في الحاشية «والبيت لأبي العتاهية في ديوانه 120، وقد نسب مع قرين له في تفسير القرطبي إلى ابن الرومي».
[2] الرجز لخالد بن الوليد في اللسان (سوا)، ومعجم البلدان 3/ 271 (سوا)، 4/ 318 (قراقر).
وبلا نسبة في اللسان والتاج (غبب).
[3] ديوان أبي النجم 147، وبلا نسبة في البيان 3/ 194.
[4] الرجز لأبي النجم في ديوانه 218، ومعجم الشعراء 180، وربيع الأبرار 5/ 111.
[5] ديوان زهير 34، وتقدم البيت مع تخريج واف في 2/ 305، الفقرة (315).
[6] البيتان لابن المولى المدني (محمد بن عبد الله بن مسلم) في معجم الشعراء 342، والحماسة البصرية 1/ 184، والحماسة المغربية 320319، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1761، وشرحه للتبريزي 4/ 135، والمقاصد النحوية 3/ 125، والدرر 3/ 92، وبلا نسبة في الأغاني 10/ 138، وهمع الهوامع 1/ 202، وشرح الأشموني 1/ 235.(6/592)
قصير يد السّربال يمشي معرّدا ... وشرّ قريش في قريش مركّبا [1]
وقال الآخر [2]: [من الوافر] بعثت إلى العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص ... تفيهق بالعراق أبو المثنّى ... وعلّم قومه أكل الخبيص
وقال الآخر: [من الخفيف] حبّذا رجعها إلىّ يديها ... بيدي درعها تحلّ الإزارا
وأنشد: [من الطويل] طوته المنايا، وهو عنهنّ غافل ... بمنخرق السّربال عاري المناكب ... جريء على الأهوال يعدل درءها ... بأبيض سقّاط وراء الضّرائب [3]
وقال جرير [4]: [من الطويل] تركت لكم بالشّام حبل جماعة ... متين القوى مستحصد الفتل باقيا [5] ... وجدت رقى الشّيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا [6]
وقال الأسديّ: [من المتقارب] كثير المناقب والمكرمات ... يجود مجدا وأصلا أثيلا ... ترى بيديه وراء الكميّ ... تباله بعد نصال نصولا ... تمنى السفاه ورأى الخنا ... وضلّ وقد كان قدما ضلولا ... فإن أنت تنزع عن ودّنا ... فما إن وجدت لقلبي محيلا
«تم الجزء السادس من كتاب الحيوان ويليه الجزء السابع، وأوله القول في أحساس أجناس الحيوان».
[1] السربال: القميص. المعرد: من التعريد وهو الإحجام. المركب: الأصل والمنبت.
[2] البيتان للفرزدق، وتقدما في 5/ 109.
[3] الدرء: العوج والميل. الأبيض: السيف. السقاط: السيف يسقط من وراء الضريبة يقدها حتى يصل إلى الأرض بعد أن يقطع.
[4] البيتان في الأغاني 8/ 48.
[5] المستحصد: المحكم الشديد الفتل.
[6] رقى الشيطان: أراد بها بديع الشعر.(6/593)
فهرس الجزءين الخامس والسادس من كتاب الحيوان(6/595)
فهرس أبواب المصحف الخامس
القول في نيران العرب والأعاجم 3
باب آخر، وهو قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً} 12
جملة القول في الضد والخلاف والوفاق 31
باب آخر أن الصفرة متى اشتدت صارت حمرة 32
جملة من القول في الماء 49
رجع إلى القول في النار 65
باب في مديح النصارى واليهود والمجوس والأنذال وصغار الناس 88
باب من أراد أن يمدح فهجا 90
باب مما قالوا في السر 101
باب في ذكر المنى 105
أجناس الطير التي تألف دور الناس 112
القول في العقارب والفأر والجرذان 134
باب آخر للسنور، فيه فضله على جميع أصناف الحيوان ما خلا الإنسان 154
باب آخر يدّعونه للفأر 163
القول في العقرب 189
باب القول في القمل والصّؤاب 198
باب والبرغوث أسود 206
باب في البق والجرجس والشّرّان والفراش والأذى 214
باب في العنكبوت 218(6/597)
باب في النحل 222
باب القول في القراد 230
باب القول في الحبارى 237
باب القول في الضأن والمعز 242
القول في الماعز 253
القول في الضفادع 277
ذكر ما جاء في الضفادع من الآثار 283
القول في الجراد 286
القول في القطا 303
ذكر نوادر من أشعار وأحاديث 310(6/598)
فهرس أبواب المصحف السادس
باب قد قلنا في الخطوط ومرافقها 321
الكلام على الضبّ 337
جملة القول في نصيب الضباب من الأعاجيب والغرائب 344
القول فيمن استطاب لحم الضب ومن عافه 356
القول في سنّ الضب وعمره 375
أسماء لعب الأعراب 390
القول في تفسير قصيدة البهراني 391
باب من ادّعى من الأعراب والشعراء أنهم يرون الغيلان ويسمعون
عزيف الجانّ 405
باب الجدّ من أمر الجن 453
القول في الأرانب 500
باب قال ويقال لولد السبع الهجرس 517
أشعار فيها أخلاط من السباع والوحش والحشرات 517
باب من نذر في حمية المقتول نذرا فبلغ في طلب ثأره الشفاء 542
في باب ذكر الجبن ووهل الجبان 548
في باب الضبع والقنفذ واليربوع والورل وأشباه ذلك 555
باب نوادر وأشعار وأحاديث 578
باب من القول في العرجان 579
أحاديث في أعاجيب المماليك 581
قول في الشّهب واستراق السّمع 585(6/599)
الجزء السابع
بسم الله الرّحمن الرّحيم
القول في أحساس أجناس الحيوان
اللهم إنّا نعوذ بك من الشّيطان الرجيم، ونسألك الهداية إلى صراطك المستقيم، وصلّى الله على سيدنا محمد خاصّة وعلى أنبيائه عامّة. ونعوذ بالله أن تدعونا المحبّة لإتمام هذا الكتاب إلى أن نصل الصّدق بالكذب وندخل الباطل في تضاعيف الحق، وأن نتكثّر بقول الزور ونلتمس تقوية ضعفه باللفظ الحسن، وستر قبحه بالتأليف المونق، أو نستعين على إيضاح الحقّ إلا بالحق، وعلى الإفصاح بالحجّة إلّا بالحجة، ونستميل إلى دراسته واجتبائه (1)، ونستدعي إلى تفضيله والإشادة بذكره، بالأشعار المولّدة، والأحاديث المصنوعة، والأسانيد المدخولة، بما لا شاهد عليه إلّا دعوى قائله، ولا مصدّق له إلّا من لا يوثق بمعرفته. ونعوذ بالله من فتنة القول وخطله، ومن الإسهاب وتقحّم أهله. والاعتماد فيما بيننا وبين كثير من أهل هذا الزمان على حسن الظنّ، والاتّكال فيهم على العذر فإنّ كثيرا ممّن يتكلّف قراءة الكتب، ومدارسة العلم، يقفون من جميع الكتب على الكلمة الضعيفة، واللّفظة السّخيفة، وعلى موضع من التأليف قد عرض له شيء من استكراه، أو ناله بعض اضطراب، أو كما يعرض في الكتب من سقطات الوهم، وفلتات الضّجر، ومن خطأ النّاسخ، وسوء تحفّظ المعارض على معنى لعله لو تدبّره بعقل غير مفسد، ونظر غير مدخول، وتصفّحه وهو محترس من عوارض الحسد، ومن عادة التسرّع، ومن أخلاق من عسى أن يتّسع في القول بمقدار ضيق صدره، ويرسل لسانه إرسال الجاهل بكنه ما يكون منه. ولو جعل بدل شغله بقليل ما يرى من المذموم شغله بكثير ما يرى من المحمود كان ذلك أشبه بالأدب المرضيّ والخيم الصّالح، وأشدّ مشاكلة للحكمة، وأبعد من سلطان الطّيش، وأقرب إلى عادة السّلف وسيرة الأوّلين، وأجدر أن يهب الله له السّلامة في كتبه، والدّفاع عن حجّته يوم مناضلة خصومه ومقارعة أعدائه.
وليس هذا الكتاب يرحمك الله في إيجاب الوعد والوعيد فيعترض عليه
__________
(1) الاجتباء: الاختيار والاصطفاء.(7/3)
المرجئ، ولا في تفضيل عليّ فينصب له العثمانيّ، ولا هو في تصويب الحكمين، فيتسخّطه الخارجيّ، ولا هو في تقديم الاستطاعة فيعارضه من يخالف التقديم، ولا هو في تثبيت الأعراض فيخالفه صاحب الأجسام، ولا هو في تفضيل البصرة على الكوفة، ومكة على المدينة، والشّام على الجزيرة. ولا في تفضيل العجم على العرب، وعدنان على قحطان، وعمرو على واصل فيردّ بذلك الهذيلي على النّظّامي، ولا هو في تفضيل مالك على أبي حنيفة ولا هو في تفضيل امرئ القيس على النّابغة، وعامر ابن الطفيل على عمرو بن معد يكرب، وعباد بن الحصين على عبيد الله بن الحرّ، ولا في تفضيل ابن سريج على الغريض، ولا في تفضيل سيبويه على الكسائيّ، ولا في تفضيل الجعفريّ على العقيليّ، ولا في تفضيل حلم الأحنف على حلم معاوية، وتفضيل قتادة على الزّهري، فإنّ لكلّ صنف من هذه الأصناف شيعة، ولكلّ رجل من هؤلاء الرجال جند، وعددا يخاصمون عنهم. وسفهاؤهم المتسرعون منهم كثير، وعلماؤهم قليل، وأنصاف علمائهم أقلّ.
ولا تنكر هذا حفظك الله أنا رأيت رجلين بالبصرة على باب مويس بن عمران، تنازعا في العنب النّيروزيّ والرازقيّ، فجرى بينهما اللعين حتى تواثبا، فقطع الكوفيّ إصبع البصريّ، وفقأ البصريّ عين الكوفيّ، ثم لم ألبث إلّا يسيرا حتى رأيتهما متصافيين متنادمين لم يقعا قطّ على مقدار ما يغضب من مقدار ما يرضي، فكيف يقعان على مقادير طبقات الغضب والرضا؟! والله المستعان.
وقد ترك هذا الجمهور الأكبر، والسّواد الأعظم، التوقف عند الشبهة، والتثبّت عند الحكومة جانبا، وأضربوا عنه صفحا، فليس إلّا لا أو نعم. إلّا أنّ قولهم «لا» موصول منهم بالغضب، وقولهم «نعم» موصول منهم بالرّضا. وقد عزلت الحرّيّة جانبا، ومات ذكر الحلال والحرام، ورفض ذكر القبيح والحسن.
قال عمرو بن الحارث: «كنّا نبغض من الرّجال ذا الرياء والنّفخ، ونحن اليوم نتمنّاهما».
قد كتبنا من كتاب الحيوان ستّة أجزاء، وهذا الكتاب السابع هو الذي ذكرنا فيه الفيل بما حضرنا من جملة القول في شأنه، وفي جملة أسبابه، والله الموفق.
وإنما اعتمدنا في هذه الكتب على الإخبار عمّا في أجناس الحيوان من الحجج المتظاهرة، وعلى الأدلة المترادفة، وعلى التنبيه على ما جلّلها (1) الله تعالى من البرهانات
__________
(1) جللها: كساها.(7/4)
التي لا تعرف حقائقها إلا بالفكرة، وغشّاها من العلامات التي لا تنال منافعها إلا بالعبرة، وكيف فرّق فيها من الحكم العجيبة، والأحساس الدقيقة، والصنعة اللطيفة، وما ألهمها من المعرفة وحشاها (1) من الجبن والجرأة، وبصّرها بما يقيتها ويعيشها، وأشعرها من الفطنة لما يحاول منها عدوّها، ليكون ذلك سببا للحذر، ويكون حذرها سببا للحراسة، وحراستها سببا للسلامة، حتى تجاوزت في ذلك مقدار حراسة المجرّب من الناس، والخائف المطلوب من أهل الاستطاعة والرويّة، كالذي يروى من تحارس الغرانيق والكراكي، وأشكال من ذلك كثيرة، حتى صار الناس لا يضربون المثل إلا بها، ولا يذمّون ولا يمدحون إلا بما يجدون في أصناف الوحش من الطّير وغير ذلك، فقالوا: أحذر من عقعق، وأحذر من غراب، وأحذر من عصفور، وأسمع من فرخ العقاب، وأسمع من قراد، وأسمع من فرس، وأجبن من صفرد، وأسخى من لافظة، وأصنع من تنوّط، وأصنع من سرفة، وأصنع من دبر، وأهدى من قطاة، وأهدى من حمام، وأهدى من جمل، وأزهى من غراب، وأزهى من ذباب، وأجرأ من اللّيث، وأكسب من الذّئب، وأخدع من ضبّ، وأروغ من ثعلب، وأعقّ من ضبّ، وأبرّ من هرّة، وأسرع من سمع، وأظلم من حيّة، وأظلم من ورل، وأكذب من فاختة، وأصدق من قطاة، وأموق من رخمة، وأحزم من فرخ العقاب.
ونبّهنا تعالى وعزّ على هذه المناسبة، وعلى هذه المشاركة، وامتحن ما عندنا بتقديمها علينا في بعض الأمور، وتقديمنا عليها في أكثر الأمور وأراد بذلك ألّا يخلينا من حجة، ومن النّظر إلى عبرة، وإلى ما يعود عند الفكرة موعظة. وكما كره لنا من السهو والإغفال، ومن البطالة والإهمال، في كلّ أحوالنا لا تفتح أبصارنا إلا وهي واقعة على ضرب من الدلالة، وعلى شكل من أشكال البرهانات، وجعل ظاهر ما فيها من الآيات داعيا إلى التفكير فيها، وجعل ما استخزنها من أصناف الأعاجيب يعرف بالتكشيف عنها، فمنها ظاهر يدعوك إلى نفسه، ويشير إلى ما فيه، ومنها باطن يزيدك بالأمور ثقة إذا أفضيت إلى حقيقته، لتعلم أنّك مع فضيلة عقلك، وتصرّف استطاعتك إذا ظهر عجزك عن عمل ما هو أعجز منك أنّ الذي فضّلك عليه بالاستطاعة والمنطق، هو الذي فضّله عليك بضروب أخر، وأنكما ميسّران لما خلقتما له، ومصرّفان لما سخّرتما له، وأن الذي يعجز عن صنعة السّرفة، وعن تدبير العنكبوت في قلتهما ومهانتهما وضعفهما وصغر جرمهما، لا ينبغي أن يتكبّر في الأرض ولا يمشي الخيلاء، ولا يتهكّم في القول، ولا يتألّى ولا يستأمر. وليعلم أنّ
__________
(1) حشاها: ملأها.(7/5)
عقله منيحة من ربه، وأن استطاعته عاريّة عنده، وأنه إنما يستبقي النّعمة بإدامة الشّكر، والتعرّض لسلبها بإضاعة الشكر.
ثم حبّب إليها طلب الذّرء والسّفاد الذي يكون مجلبة للذرء (1)، وحبّب إليها أولادها ونجلها وذرءها ونسلها، حتى قالوا: أكرم الإبل أشدّها حنينا، وأكرم الصّفايا أشدّها حبّا لأولادها. وزاوج بين أكثرها وجعل تألّفها مع بعضها من الطّروقة (2) إذا لم يكن الزّواج لها خلقا، وجعل إلف العرس لها عادة، وقوّاها على المسافدة، لتتمّ النعمة، وتعظم المنة، وألهمها المبالغة في التربية، وحسن التعبّد، وشدّة التفقّد، وسوّى في ذلك بين الجنس الذي يلقّم أولاده تلقيما، وبين الذي يرضعها إرضاعا، وبين الذي يزقّها زقّا، وبين ما يحضن وما لا يحضن. ومنها ما أخرجها من أرحام البيض وأرحام البطون كاسية، ومها ما أخرجها كاسية كاسبة، وأمتعها وألذّها، وجعلها نعمة على عباده، وامتحانا لشكرهم، وزيادة في معرفتهم، وجلاء لما يتراكم من الجهل على قلوبهم. فليس لهذا الكتاب ضدّ من جميع من يشهد الشهادة، ويصلّي إلى القبلة، ويأكل الذّبيحة ولا ضدّ من جميع الملحدين ممّن لا يقرّ بالبعث، وينتحل الشرائع وإن ألحد في ذلك وزاد ونقص، إلا الدّهري، فإن الذي ينفي الربوبيّة، ويحيل الأمر والنّهي، وينكر جواز الرّسالة، ويجعل الطّينة قديمة، ويجحد الثواب والعقاب، ولا يعرف الحلال والحرام، ولا يقرّ بأن في جميع العالم برهانا يدلّ على صانع ومصنوع، وخالق ومخلوق، ويجعل الفلك الذي لا يعرف نفسه من غيره، ولا يفصل بين الحديث والقديم، وبين المحسن والمسيء، ولا يستطيع الزيادة في حركته، ولا النّقصان من دورانه، ولا معاقبة للسّكون بالحركة، ولا الوقوف طرفة عين، ولا الانحراف عن الجهة هو الذي يكون به جميع الإبرام والنّقض، ودقيق الأمور وجليلها، وهذه الحكم العجيبة، والتدابير المتقنة، والتأليف البديع، والتّركيب الحكيم، على حساب معلوم، ونسق معروف، على غاية من دقائق الحكمة وإحكام الصّنعة.
ولا ينبغي لهذا الدهريّ أيضا أن يعرض لكتابنا هذا وإن دلّ على خلاف مذهبه، ودعا إلى خلاف اعتقاده، لأن الدّهريّ ليس يرى أنّ في الأرض دينا أو نحلة أو شريعة أو ملة، ولا يرى للحلال حرمة ولا يعرفه ولا للحرام نهاية ولا يعرفه، ولا يتوقّع العقاب على الإساءة، ولا يترجّى الثواب على الإحسان. وإنما الصواب عنده والحقّ في حكمه،
__________
(1) الذرء: النسل.
(2) الطروقة: الأنثى التي بلغت الضراب.(7/6)
أنه والبهيمة سيّان، وأنه والسّبع سيّان، ليس القبيح عنده إلّا ما خالف هواه وليس الحسن عنده إلّا ما وافق هواه، وأن مدار الأمر على الإخفاق والدّرك، وعلى اللذّة والألم، وإنما الصواب فيما نال من المنفعة، وإن قتل ألف إنسان صالح لمنالة درهم رديء. فهذا الدهريّ لا يخاف إن ترك الطّعن على جميع الكتب عقابا ولا لائمة، ولا عذابا دائما ولا منقطعا ولا يرجو إن ذمّها ونصب لها ثوابا في عاجل ولا آجل.
فالواجب أن يسلم هذا الكتاب على جميع البريّة، إذا كان موضعه على هذه الصّفة، ومجراه إلى هذه الغاية. والله تعالى الكافي الموفّق بلطفه وتأييده، إنه سميع قريب، فعال لما يريد.
1992 [رجع القول إلى الإخبار عن الحيوان]
ثم رجع بنا القول إلى الإخبار عن الحيوان، بأيّ شيء تفاضلت وبأيّ شيء خصّت، وبماذا أبينت. وقد عرفنا ما أعطيت في الشّمّ والاسترواح. قال الرّاجز (1)
وذكر الذئب: [من الرجز] يستخبر الرّيح إذا لم يسمع ... بمثل مقراع الصّفا الموقّع (2)
1993 [الشم عند الحيوان]
وقد عرفنا كيف شمّ السّنانير والسّباع والذئاب. وأعجب من ذلك وجدان الذّرّة لرائحة شيء لو وضعته على أنفك لما وجدت له رائحة، كرجل جرادة يابسة منبوذة، كيف تجد رائحتها من جوف جحرها حتى تخرج إليها، فإذا تكلّفت حملها فأعجزتها كيف تستدعي إليها سائر الذّرّ، وتستعين بكلّ ما كان منها في الجحر (3).
ونحو شمّ الفرس رائحة الحجر من مسيرة ميل. والفرس يسير قدما والحجر خلفه بذلك المقدار، من غير تلفّت ولا معاينة من جهة من الجهات. وهذا كثير، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع (4).
1994 [السمع عند الحيوان]
فأمّا السّمع فدعنا من قولهم: «أسمع من فرس» (5)،: «أسمع من فرخ
__________
(1) الرجز لأبي الرديني العكلي، كما تقدم في 1/ 29، الفقرة (15).
(2) الموقع: المحدد.
(3) ربيع الأبرار 5/ 482، وما تقدم في 4/ 456، الفقرة (1208).
(4) انظر ما تقدم في 2/ 326، الفقرة (350)، 4/ 456، الفقرة (1208).
(5) الدرة الفاخرة 1/ 218، ومجمع الأمثال 2/ 349، وأمثال ابن سلام 360.(7/7)
العقاب» (1) وأسمع من كذا، وأسمع من كذا. ولكنّا نقصد إلى الصّغير الحقير في اسمه وخطره والقليل في جسمه وفي قدره.
وتقول العرب: «أسمع من قراد» (2)، ويستدلون بالقردان التي تكون حول الماء والبئر. فإذا كان ليلة ورود القرب (3)، وقد بعث القوم من يصلح لإبلهم الأرشية وأداة السقي، وباتت الرجال عند الماء تنتظر مجيء الإبل، فإنها تعرف قربها منهم في جوف الليل بانتفاش القردان وسرعة حركتها وخشخشتها، ومرورها نحو الرعاء، وزجر الرعاء، ووقع الأخفاف على الأرض، من غير أن يحسّ أولئك الرجال حسّا أو يشعروا بشيء من أمرها. فإذا استدلوا بذلك من القردان نهضوا فتلبّبوا واتزروا (4) وتهيؤوا للعمل.
1995 [البصر عند الحيوان]
فأمّا إدراك البصر فقد قالوا: «أبصر من غراب» (5) و: «أبصر من فرس» (6) و:
«أبصر من هدهد» (7) و: «أبصر من عقاب» (8).
والسّنانير والفأر والجرذان والسّباع تبصر بالليل كما تبصر بالنهار فأمّا الطّعم فيظّن أنها بفرط الشّره والشّهوة وبفرط الاستمراء وبفرط الحرص والنّهم، أن لذتها تكون على قدر شرهها وشهوتها، تكون على قدر ما ترى من حركتها، وظاهر حرصها.
1996 [لذة الحيوان وشهوته]
ونحن قد نرى الحمار إذا عاين الأتان، والفرس إذا عاين الحجر والرمكة، والبغل والبغلة، والتيس والعنز فنظن أن اللذة على قدر الشهوة، والشهوة على قدر الحركة، وأن الصّياح على قدر غلبة الإرادة.
__________
(1) مجمع الأمثال 1/ 355.
(2) مجمع الأمثال 1/ 349، وجمهرة الأمثال 1/ 531، وفصل المقال 492، والمستقصى 1/ 173.
(3) القرب: أن يسيم القوم إبلهم وهم في ذلك يسيرون نحو الماء، فإذا بقيت بينهم وبين الماء عشية عجلوا نحوه فتلك الليلة ليلة القرب.
(4) التلبب: التخرم بالثوب عند الصدر. والاتزار: لبس الإزار.
(5) مجمع الأمثال 1/ 115، وجمهرة الأمثال 1/ 240.
(6) جمهرة الأمثال 1/ 239، والمستقصى 1/ 22.
(7) جمهرة الأمثال 1/ 240.
(8) مجمع الأمثال 1/ 115، والمستقصى 1/ 21.(7/8)
ونجد الرجال إذا اعتراهم ذلك لا يكونون كذلك إلّا في الوقت الذي هم فيه أشدّ غلمة وأفرط شهوة.
فإن قال قائل: إن الإنسان يغشى النّساء في كلّ حال من الفصلين والصّميمين (1)، وإنما هيج السّباع والبهائم في أيام من السنة ثم يسكن هيج التّيس والجمل. فالإنسان المداوم أحسن حالا.
قلنا: إنّا لم نكن في ذكر المخايرة بين نصيب الإنسان في ذلك مجموعا ومفرّقا، وبين نصيب كلّ جنس من هذه الأجناس مجموعا ومفرّقا، وإنما ذكرنا نفس المخالطة فقط. وما يدريكم أيضا لعلها أن تستوفي في هذه الأيّام اليسيرة أضعاف ما يأتي الإنسان في تلك الأيّام الكثيرة.
وعلى أنّا قد نرى ممّا يعتري الحمار والفرس والبغل وضروبا كثيرة إذا عاينوا الإناث في غير أيام الهيج. وها هنا أصناف تديم ذلك كما يديمه الإنسان، مثل الحمام والدّيكة وغير ذلك.
وقد علمنا أنّ السّنانير وأشباه السنانير لها وقت هيج، ولكنّ ذلك يكون مرارا في السّنة على أشدّ من هيج الإنسان، فليس الأمر على ما يظنّون.
فإن كان الإنسان موضع ذهنه من قلبه أو دماغه يكون أدقّ وأرقّ وأنفذ، وأبصر، فإنّ حواسّ هذه الأشكال أدقّ وأرقّ وأبصر وأنفذ. وإن كان الإنسان يبلغ بالرويّة والتصفّح، والتحصيل والتمثيل ما لا يبلغه شيء من السّباع والبهائم، فإنّ لها أمورا تدركها، وصنعة تحذقها تبلغ منها بالطبائع سهوا وهويّا ما لا يبلغ الإنسان في ما هو بسبيله إلا أن يكره نفسه على التفكير، وعلى إدامة التنقير والتكشيف والمقاييس فهو يستثقله.
ولكلّ شيء ضرب من الفضيلة وشكل من الأمور المحمودة، لينفي تعالى وعز عن الإنسان العجب، ويقبّح عنده البطر، ويعرّفه أقدار القسم.
وسنذكر من فطن البهائم وأحساس الوحش وضروب الطير أمورا تعرفون بها كثرة ما أودعها الله تعالى من المعارف، وسخّر لها من الصنعة، ثم لا نذكر من ذلك في هذا الموضع إلّا كلّ طائر منسوب إلى الموق، وإلّا كلّ بهيمة معروفة بالغثاثة، بعدّة ما فيه أشكالها من المعرفة والفطنة. ولو أردنا الأجناس المعروفة بالمعارف
__________
(1) الصميمان: الصيف والشتاء في أشد حالاتهما.(7/9)
الكثيرة، والأحساس اللّطيفة، لذكرنا الفيل والبعير، والذّرة والنملة، والذئب، والثعلب، والغرنوق، والنحلة، والعنكبوت، والحمام، والكلب.
وسنذكر على اسم الله تعالى بعض ما في البهائم والسّباع والطير من المعرفة، ثم نخصّ في هذا الكتاب المنسوبات إلى الموق، والمعروفات بالغباوة وقلة المعرفة، كالرّخمة والزنبور، والرّبع من أولاد الإبل، والنّسر من عظام الطير.
1997 [معنى الرحمة في بيت للكميت]
وقال المفضّل الضبيّ: قلت لمحمد بن سهل راوية الكميت: ما معنى قول الكميت (1) في الرّخمة: [من الوافر] ذات اسمين والألوان شتّى ... تحمّق وهي كيّسة الحويل (2)
... لها خبّ تلوذ به وليست ... بضائعة الجنين ولا مذول (3)
قال (4): كأنّ معناه عندي حفظ فراخها، أو موضع بيضها، وطلب طعمها، واختيارها من المساكن ما لا يطوره (5) سبع طائر ولا ذو أربع. قال: فقلت: فأيّ كيس عند الرّخمة إلّا ما ذكرت، ونحن لا نعرف طائرا ألأم لؤما ولا أقذر طعمة، ولا أظهر موقا منها، حتى صارت في ذلك مثلا؟! فقال محمد بن سهل: «وما حمقها وهي تحضن بيضها، وتحمي فراخها، وتحبّ ولدها، ولا تمكّن إلّا زوجها، وتقطع في أوّل القواطع وترجع في أوّل الرواجع، [ولا تطير في التحسير، ولا تغترّ بالشكير، ولا تربّ (6) بالوكور ولا تسقط على الجفير».
أمّا قوله: «تقطع في أول القواطع وترجع في أوّل الرواجع»] (7) فإنّ الرّماة وأصحاب الحبائل والقنّاص إنما يطلبون الطير بعد أن يعلموا أنّ القواطع قد قطعت، فبقطع الرّخمة يستدلّون. فلا بدّ للرّخمة من أن تنجو سالمة إذا كانت أوّل طالع عليهم.
__________
(1) ديوان الكميت 2/ 54، والأول في اللسان والتاج (أنق، حول)، والمقاييس 2/ 121، 501، والتهذيب 9/ 324.
(2) الحويل: من حاولت الشيء إذا أردته.
(3) المذول من المذل وهو الضجر والقلق.
(4) نهاية الأرب 10/ 208، حيث نقل عن الحيوان.
(5) يطوره: يدنون منه.
(6) أربّ بالمكان: أقام به فلم يبرحه.
(7) إضافة من نهاية الأرب 10/ 208.(7/10)
وأمّا قوله: «ولا تربّ بالوكور» فإنّه يقول: الوكر لا يكون إلا في عرض الجبل، وهي لا ترضى إلا بأعالي الهضاب، ثم مواضع الصّدوع وخلال الصخور، وحيث يمتنع على جميع الخلق المصير إلى فراخها. ولذلك قال الكميت (1): [من الطويل] ولا تجعلوني في رجائي ودّكم ... كراج على بيض الأنوق احتبالها (2)
والأنوق هي الرّخمة. وقال ابن نوفل (3): [من الوافر] وأنت كساقط بين الحشايا ... يصير إلى الخبيث من المصير ... ومثل نعامة تدعى بعيرا ... تعاظمها إذا ما قيل طيري ... وإن قيل احملي قالت فإنّي ... من الطّير المربّة في الوكور
وأما قوله: «[ولا تطير في التّحسير] (4)، ولا تغترّ بالشّكير» فإنها تدع الطيران أيام التحسير، فإذا نبت الشّكير وهو أول ما ينبت من الريش فإنها لا تنهض حتى يصير الشكير قصبا. وأمّا قوله: «ولا تسقط على الجفير»، فإنما يعني جعبة السّهام، يقول: إذا رأته علمت أنّ هناك سهما، فهي لا تسقط في موضع تخاف فيه وقع السّهام.
1998 [اتباع الرخم والنسور والعقبان للجيوش]
والرّخم والنّسور والعقبان تتبع الجيوش لتوقع القتال وما يكون لها من الجيف، وتتبع أيضا الجيوش والحجّاج لما يسقط من كسير (5) الدّواب، وتتبعها أيضا في الأزمنة التي تكون فيها الأنعام والحجور حوامل، لما تؤمّل من الإجهاض والإخداج.
قال النابغة (6): [من الطويل] وثقت له بالنّصر إذ قيل قد غدت ... كتائب من غسّان غير أشائب ... بنو عمّه دنيا وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب
__________
(1) ديوان الكميت 2/ 81، والمقاييس 2/ 131، والمعاني الكبير 291. ونهاية الأرب 10/ 208.
(2) الاحتبال: أخذ الصيد بالحبالة، وهي المصيدة.
(3) الأبيات في البيان 2/ 267، وتقدمت في 4/ 417، الفقرة (1168) وانظر البيان 3/ 205، وما تقدم في 2/ 392، الفقرة (454)، 6/ 523، الفقرة (1897).
(4) إضافة من نهاية الأرب 10/ 208.
(5) الكسير: المكسور.
(6) ديوان النابغة الذبياني 4342، وتقدمت الأبيات مع تخريج واف وشرح مفصل في 6/ 483، 484الفقرة (1847).(7/11)
إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب ... جوانح قد أيقنّ أنّ قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أوّل غالب ... تراهنّ خلف القوم خزرا عيونها ... جلوس شيوخ في مسوك الأرانب
فأخذ هذا المعنى حميد بن ثور الهلالي فقال (1): [من الطويل] إذا ما غزا يوما رأيت عصابة ... من الطّير ينظرن الذي هو صانع
وقال آخر (2): [من البسيط] يكسو السيوف نفوس النّاكثين به ... ويجعل الرّوس تيجان القنا الذبل ... قد عوّد الطّير عادات وثقن بها ... فهنّ يتبعنه في كلّ مرتحل
فقال الكميت كما ترى (3): [من الوافر] تحمّق وهي كيّسة الحويل
فزعم أن النّاس يحمقونها وهي كيّسة.
1999 [قول بعض الأعراب في أكل الرأس]
وقال بعض أصحابنا (4): قيل لأعرابيّ: أتحسن أن تأكل الرّأس؟ قال: نعم.
قيل: وكيف تصنع به؟ قال: «أبخص (5) عينيه، وأسحى (6) خدّيه، وأعفص (7) أذنيه، وأفكّ لحييه، وأرمي بالمخّ إلى من هو أحوج منّي إليه». قيل له: إنك لأحمق من ربع. قال: «وما حمق الرّبع؟! والله إنه ليجتنب العداوء (8) ويتبع أمّه في المرعى، ويراوح بين الأطباء، ويعلم أن حنينها رغاء، فأين حمقه».
2000 [قتل المكاء للثعبان]
وحدث ابن الأعرابيّ عن هشام بن سالم، وكان هشام من رهط ذي الرّمّة،
__________
(1) ديوان حميد بن ثور 106، وتقدم مع تخريجه في 6/ 484، الفقرة (1847).
(2) البيتان لمسلم بن الوليد كما تقدم في 6/ 485، الفقرة (1847). وهما في ديوانه 1211.
(3) انظر تتمة البيت وتخريجه ص 10من هذا الجزء.
(4) انظر الخبر في اللسان 7/ 55 (عفص).
(5) بخص عينه: قلعها مع شحمتها.
(6) سحى: قشر.
(7) العفص: الثني والعطف.
(8) العدواء: يقال فرس ذو عدواء إذا لم يكن ذا طمأنينة وسهولة.(7/12)
قال (1): أكلت حيّة بيض مكّاء (2) فجعل المكّاء يشرشر على رأسها ويدنو منها، حتى إذا فتحت فاها تريده وهمّت به ألقى فيه حسكة، فلم يزل يلقي فيه حسكة بعد حسكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت.
وأنشد ابن الأعرابيّ عند هذا الحديث قول الشاعر: [من الطويل] كأنّ لكلّ عند كلّ سخيمة ... يريد بتخريق الأديم استلالها
وأنشد أبو عمرو الشيباني بيت شعر، وهو هذا المعنى بعينه، وهو قول الأسديّ الدّبيريّ: [من البسيط] إن كنت أبصرتني فذّا ومصطلما ... فربّما قتل المكّاء ثعبانا
يقول: قد يظفر القليل بالكثير. والقليل الأعوان بالكثير الأعوان والمكّاء من أصغر الطير وأضعفه، وقد احتال للثّعبان حتّى قتله.
2001 [قول جالينوس في معرفة أنثى الطير]
وقال جالينوس في الإخبار عن معارف البهائم والطير، وفي التعجّب من ذلك وتعجب الناس منه: قولوا لي: من علّم النسر الأنثى إذا خافت على بيضها وفراخها الخفافيش أن تفرش ذلك الوكر بورق الدّلب (3) حتى لا تقربه الخفافيش. وهذا أعجب، والأطباء والعلماء لا يتدافعونه، والنّسور هي المنسوبة إلى قلّة المعرفة والكيس والفطنة.
2002 [حزم فرخ العقاب] (4)
وقال ابن الأعرابيّ وأبو الحسن المدائني: قال رجل من الأعراب: «كان سنان بن أبي حارثة أحزم من فرخ العقاب». وذلك أنّ جوارح الطير تتخذ أو كارها في عرض الجبال، فربّما كان الجبل عمودا، فلو تحرّك الفرخ إذا طلب الطعم وقد أقبل إليه أبواه أو أحدهما وزاد في حركته شيئا من موضع مجثمه لهوى من رأس الجبل إلى الحضيض، وهو يعرف مع صغره وضعفه وقلّة تجربته، أنّ الصواب في ترك الحركة.
__________
(1) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 447.
(2) المكاء: طائر مثل القنبرة، سمي بذلك لأنه يمكو أي يصفر.
(3) الدلب: جنس شجر للتزيين، وهو من الزهريات يحب الماء. وذكر القدماء أن الدلب لا نور له ولا ثمر، وأنه من نباتات الصحراء. معجم الألفاظ الزراعية 521.
(4) انظر هذه الفقرة في ثمار القلوب (666)، ومجمع الأمثال 1/ 221220، والتمثيل والمحاضرة 365.(7/13)
2003 [اختلاف عادات صغار الحيوان]
ولو وضع في أوكار الوحشيّات فرخ من فراخ الأهليّات لتهافتن تهافتا كفراخ القطا والحجل والقبج والدّرّاج والدّجاج لأنّ هذه تدرج على البسيط (1)، وذلك لها عادة، وفراخ الوحشيّة لا تجاوز الأوكار لأنها تعرف وتعلم أنّ الهلكة في المجاوزة.
وأولاد الملّاحين الذين ولدوا في السفن الكبار، والمنشآت (2) العظام لا يخاف الآباء والأمّهات عليهم إذا درجوا ومشوا أن يقعوا في الماء. ولو أن أولاد سكان القصور والدّور صاروا مكان أولاد أرباب السفن لتهافتوا. ولكلّ شيء قدر، وله موضع وزمان وجهة وعادة.
فإذا استوى قصب ريش فرخ العقاب، وأحسّ بالقوة طار.
وأبوا فرخ الخطّاف يعلّمانه الطيران تعليما.
2004 [الختان عند اليهود والمسلمين والنصارى]
وزعم ناس من أطبّاء النصارى وهم أعداء اليهود، أن اليهود يختنون أولادهم في اليوم الثّامن، وأن ذلك يقع، ويوافق أن يكون في الصّميمين (3)، كما يوافق الفصلين، وأنّهم لم يروا قطّ يهوديّا أصابه مكروه من قبل الختان، وأنهم قد رأوا من أولاد المسلمين والنصارى ما لا يحصى ممّن لقي المكروه في ختانه إذا كان ذلك في الصّميمين من ريح الحمرة (4)، ومن قطع طرف الكمرة، ومن أن تكون الموسى حديثة العهد بالإحداد وسقي الماء، فتشيط (5) عند ذلك الكمرة ويعتريها برص.
والصبيّ ابن ثمانية أيام أعسر ختانا من الغلام الذي قد شبّ وشدن وقوي إلّا أنّ ذلك البرص لا يتفشى ولا يعدو مكانه، وهو في ذلك كنحو البرص الذي يكون من الكيّ وإحراق النار، فإنهما يفحشان ولا يتسعان.
2005 [ختان أولاد السفلة وأولاد الملوك وأشباههم]
ويختن من أولاد السّفلة والفقراء الجماعة الكثيرة فيؤمن عليهم خطأ الخاتن، وذلك غير مأمون على أولاد الملوك وأشباه الملوك، لفرط الاجتهاد، وشدّة الاحتياط،
__________
(1) تدرج: تمشي. البسيط: المنبسط من الأرض.
(2) المنشآت: السفن المرفوعة الشرع.
(3) الصميمان: الصيف والشتاء في أشد حالاتهما.
(4) الحمرة: جنس من الطواعين، يعتري الناس فيحمر موضعها.
(5) شاط: هلك واحترق.(7/14)
ومع ذلك يزمع، ومع الزّمع (1) والرّعدة يقع الخطأ، وعلى قدر رعدة اليد ينال القلب من الاضطراب على حسب ذلك.
وليس من التدبير أن يحضر الصبيّ والخاتن إلّا سفلة الخدم، ولا يحضره من يهاب.
2006 [قدم ختان العرب]
وهذا الختان في العرب في النّساء والرجال من لدن إبراهيم وهاجر إلى يومنا هذا (2). ثم لم يولد صبيّ مختون قط أو في صورة مختون.
2007 [ختان الأنبياء]
وناس يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم وعيسى بن مريم ولدا مختونين. والسّبيل في مثل هذا الرّجوع إلى الرواية الصحيحة، والأثر القائم (3).
2008 [أثر الختان في اللذة]
قال (4): والبظراء تجد من اللذة ما لا تجده المختونة، فإن كانت مستأصلة مستوعبة كان على قدر ذلك. وأصل ختان النساء لم يحاول به الحسن دون التماس نقصان الشهوة، فيكون العفاف عليهنّ مقصورا.
قال: ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة (5): «يا أم عطيّة أشميّه ولا تنهكيه، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند البعل» (6). كأنه أراد صلّى الله عليه وسلم أن ينقص من شهوتها بقدر ما يردّها إلى الاعتدال فإن شهوتها إذا قلّت ذهب التمتّع، ونقص حبّ الأزواج، وحبّ الزّوج قيد دون الفجور. والمرأة لا تكون في حال من حالات الجماع أشدّ شهوة منها للكوم الذي لقحت منه.
__________
(1) الزمع: رعدة تعتري الإنسان إذا همّ بأمر.
(2) انظر روضة المحبين 229.
(3) في النهاية 2/ 359 (سرر)، 3/ 196 (عذر): «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم معذورا مسرورا، أي مختونا مقطوع السرة»
(4) ثمار القلوب (470).
(5) الخاتنة: هي أم عطية نسيبة بنت الحارث الأنصارية، والحديث في الإصابة 8/ 259رقم 1409، والنهاية 2/ 503، 5/ 137. وأخرجه أبو داود في الأدب 4/ 368، والحديث في البيان والتبيين 2/ 21، وثمار القلوب (470).
(6) الإشمام: القطع اليسير. النهك: المبالغة فيه. أسرى: أجلى.(7/15)
وقد كان رجل من كبار الأشراف عندنا يقول للخاتنة: لا تقرضي إلّا ما يظهر فقط.
2009 [أثر الختان في العفاف والفجور]
وزعم جناب بن الخشخاش القاضي، أنه أحصى في قرية واحدة النساء المختونات والمعبرات (1)، فوجد أكثر العفائف مستوعبات وأكثر الفواجر معبرات.
وأن نساء الهند والروم وفارس إنما صار الزنا وطلب الرّجال فيهنّ أعم، لأنّ شهوتهنّ للرجال أكثر، ولذلك اتخذ الهند دورا للزّواني، قالوا: وليس لذلك علّة إلّا وفارة البظر والقلفة (2).
والهند توافق العرب في كلّ شيء إلّا في ختان النّساء والرجال. ودعاهم إلى ذلك تعمّقهم في توفير حظ الباه. قالوا: ولذلك اتخذوا الأدوية، وكتبوا في صناعة الباه كتبا ودرسوها الأولاد.
2010 [ما يدعو إلى السّحق]
قالوا: ومن أكبر ما يدعو النساء إلى السحق أنهنّ إذا ألصقن موضع محزّ الختان وجدن هناك لذّة عجيبة، وكلما كان ذلك منها أوفر كان السّحق ألذّ. قال: ولذلك صار حذّاق الرّجال يضعون أطراف الكمر ويعتمدون بها على محزّ الختان، لأنّ هناك مجتمع الشهوة.
2011 [ظمأ الأيّل إذا أكل الحيات]
ومن هذا الباب الذي ذكرنا فيه صدق أحساس الحيوان ثم اللاتي يضاف منها إلى الموق وينسب إلى الغثارة (3). قال داود النبي عليه السلام في الزبور (4): «شوقي إلى المسيح مثل الأيّل إذا أكل الحيّات».
والأيّل إذا أكل الحيّات فاعتراه العطش الشديد تراه كيف يدور حول الماء ويحجزه من الشرب منه علمه بأنّ ذلك عطبه، لأن السموم حينئذ تجري مع هذا
__________
(1) المعبرة: التي لم تخفض.
(2) في ثمار القلوب (470) حيث ينقل عن الجاحظ: «ومن إحدى علل حبهن للزنا وفارة البظر والقلفة».
(3) الموق والغثارة: الحمق.
(4) المزامير 42: 1، وانظر ربيع الأبرار 5/ 426.(7/16)
الماء، وتدخل مداخل لم يكن ليبلغها الطّعام بنفسه. وليس علم الأيّل بهذا كان عن تجربة متقدمة، بل هذا يوجد في أوّل ما يأكل الحيّات وفي آخره.
2012 [تعلّق رؤوس الحيات في بدن الأيّل]
وربما اصطيد الأيّل فيجد القنّاص رؤوس الأفاعي وسائر الحيات ناشبة الأسنان في عنقه وجلد وجهه، لأنه يريد أكلها فرّبما بدرته الأفعى والأسود وغيرهما من الحيات فتعضّه، وهو يأكلها ويأكل ما ينال منها ويفوته ما تعلق به منها بالعضّ، فتبقى الرّؤوس مع الأعناق معلّقة عليه إلى أن تنقطع.
2013 [اختفاء الوعل حين نصول قرنه]
قالوا (1): وليس شيء من ذوات القرون ينصل (2) قرنه في كلّ عام إلا الوعل، فإذا علم أنّه غير ذي قرن، وأنه عديم السلاح، لم يظهر من مخافة السباع. فإذا طال مكثه في موضعه سمن، فإذا سمن علم أن حركته تفقد وتبطئ، فزاد ذلك في استخفائه وقلّة تعرّضه، واحتال بألّا يكون أبدا على علاوة الريح، فإذا نجم قرنه (3) لم يجد بدّا من أن يمظّعه (4) ويعرّضه للشمس والريح، حتى إذا أيقن أنه قد اشتد أكثر المجيء والذهاب التماسا أن يذهب شحمه، ويشتد لحمه، وعند ذلك يحتال في البعد من السّباع، حتى إذا أمكنه استعمال قرنيه في النزال والاعتماد عليهما، والوثوب من جهتهما، رجع إلى حاله من مراعيه وعاداته. ولذلك قال عصام بن زفر (5): [من الرجز] ترجو الثّواب من صبيح يا حمل ... قد مصّه الدهر فما فيه بلل ... إن صبيحا ظاعن فمحتمل ... فلائذ منك بشعب من جبل
كما يلوذ من أعاديه الوعل
فضرب به المثل كما ترى في الاحتيال والهرب من أعدائه: وقال الراجز (6):
لما رأيت البرق قد تبسّما ... وأخرج القطر القروع الأعصما
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 426.
(2) ينصل: يسقط.
(3) نجم قرنه: ظهر.
(4) يمظعه: يعرضه للشمس.
(5) الرجز في ربيع الأبرار 5/ 426.
(6) الرجز بلا نسبة في كتاب الجيم 3/ 103.(7/17)
قال ابن الأعرابيّ: إنما سمّوا الوعل القروع لأنه يقرع عجب ذنبه من الناحيتين جميعا.
2014 [بيوت الزنابير]
وقال ابن الكلبي: قال الشرقي بن القطامي ذات يوم: أرأيتم لو فكّر رجل منكم عمره الأطول في أن يتعرّف الشيء الذي تتّخذ الزنابير بيوتها المخرّقة بمثل المجاوب (1)، المستوية في الأقدار، المتحاجزة بالحيطان، السخيفة في المنظر، الخفيفة في المحمل، المستديرة المضمر بعضها ببعض، المتقاربة الأجزاء. وهي البيوت التي تعلم أنها بنيت من جوهر واحد وكأنها من ورق أطباق صغار الكاغذ المزرّرة. قولوا لي: كيف جمعته؟ ومن أي شيء أخذته، وهو لا يشبه البناء ولا النّسج ولا الخياطة.
ولم يفسر ابن الكلبيّ والشرقيّ في ذلك شيئا، فلم يصر في أيدينا منهما إلا التعجّب والتعجيب. فسألت بعد ذلك مشايخ الأكرة فزعموا (2) أنها تلتقطه من زبد المدود (3). فلا يدرى أمن نفس الزّبد تأخذ، أم من شيء يكون في الزّبد.
والذي عرّف الزنابير مواضع تلك الأجزاء، ودلها على ذلك الجوهر هو الذي علّم العنكبوت ذلك النسج. وقد قال الشاعر: [من الطويل] كأنّ قفا هارون إذ يعتلونه ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل
وقد قال بلا علم.
وأما دودة القزّ فلا نشك أنها تخرجه من جوفها.
2015 [معرفة الحقنة من الطير]
وتزعم (4) الأطباء أنهم استفادوا معرفة الحقنة من قبل الطائر الذي إذا أصابه الحصر أتى البحر فأخذ بمنقاره من الماء المالح، ثم استدخله فمجّه في جوفه، وأمكنه ذلك بطول العنق والمنقار، فإذا فعل ذلك، ذرق فاستراح.
__________
(1) المجوب: آلة الجوب وهو الخرق والقطع.
(2) انظر هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/ 460.
(3) المدود: السيول.
(4) ورد هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/ 457.(7/18)
2016 [ما يتعالج به الحيوان]
والقنفذ وابن عرس إذا ناهشا الأفاعي والحيّات الكبار تعالجا بأكل الصّعتر البرّيّ (1).
والعقاب إذا اشتكت كبدها من رفعها الأرنب والثعلب في الهواء وحطّها لهما مرارا فإنها لا تأكل إلّا من الأكباد حتى تبرأ من وجع كبدها.
2017 [رغبة الثعلب في القنفذ]
قال: وسألت القنّاص: ما رغبة الثعلب في أكل القنفذ وإن كان حشو إهابه شحما سمينا، وفي ظاهر جلده شوك صلاب حداد متقارب كتقارب الشعر في الجسد؟ فزعموا أنّ الثعلب إذا أصابه قلبه لظهره ثم بال على بطنه فيما بين مغرز عجبه إلى فكّيه، فإذا أصابه ذلك البول اعتراه الأسن (2) فأسبط (3) وتمدّد، فينقر عن بطنه، فمن تلك الجهة يأكل جميع بدنه ومسلوخه الذي يشتمل عليه جلده.
2018 [صيد الظربان للضب]
وقالوا: وبشبيه بهذه العلّة يصيد الظّربان الضبّ في جوف جحره حتى يغتصبه نفسه وذلك أنه يعلم أنّه أنتن خلق الله قسوة، فإذا دخل عليه جحره سدّ خصاصه وفروجه ببدنه، وهو في ذلك مستدبر له، فلا يفسو عليه ثلاث فسوات حتى يعطي بيده فيأكله كيف شاء.
قالوا: وربّما فسا وهو بقرب الهجمة وهي باركة فتتفرّق في الصحراء فلا يجمعها راعيها إلّا بجهد شديد، ولذلك قال الشاعر: [من الكامل] لا تمنحوا صقرا، فما لمنيحة ... أتت آل صقر من ثواب ولا شكر ... فما ظربان يؤبس الضبّ فسوه ... بألأم لؤما قد علمناه من صقر (4)
ولذلك قال الراجز، وهو يذكر تكسّب الظربان بفسوه لطعمه وقوته، كما يتكسّب الناس بالصّناعات والتّجارات، فقال: [من الرجز]
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 434.
(2) الأسن: الدوار والغشي.
(3) أسبط: امتد على وجه الأرض.
(4) يؤبس: يقهر.(7/19)
باتا يحكّان عراصيف القتب ... مستمسكين بالبطان والحقب (1)
... كما يحكّ القين أطراف الخشب ... وابن يزيد حرب من الحرب (2)
... لا ينفع الصاحب إلّا أن يسبّ ... كالظّربان بالفساء يكتسب
2019 [ما قيل في بلاهة الحمام]
قال ابن الأعرابيّ: قلت لشيخ من قريش: من علّمك هذا، وإنما يحسن من هذا أصحاب التجارات والتكسّب، وأنت رجل مكفيّ مودّع (3)؟ قال: علّمني الذي علم الحمامة على بلهها تقليب بيضها كي تعطي الوجهين جميعا نصيبهما من الحضن، ولخوف طباع الأرض إذا دام على الشّقّ الواحد.
والحمام أبله ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: «كونوا بلها كالحمام» (4). ألا ترى أنّ الحمام في الوجه الذي ألهمه الله مصالح ما يعيشه، ويصلح به شأن ذرئه ونسله ليس بدون الإنسان في ذرئه ونسله، مع ما خوّل من المنطق، وألهم من العقل، وأعطي من التّصريف في الوجوه؟!.
2020 [حيلة الفأرة للعقرب]
وإذا جمع بعض أهل العبث وبعض أهل التّجربة بين العقرب وبين الفأرة في إناء زجاج، فليس عند الفأرة حيلة أبلغ من قرض إبرة العقرب فإمّا أن تموت من ساعتها، وإمّا أن تتعجل السّلامة منها، ثم تقتلها كيف شاءت، وتأكلها كيف أحبّت (5).
2021 [علم الذرة]
قال (6): ومن علّم الذّرّة أن تفلق الحبّة فتأكل موضع القطمير لئلّا تنبت فتفسد. فإذا كانت الحبّة من حبّ الكزبرة ففلقتها أنصافا لم ترض حتى تفلقها أرباعا لأن الكزبرة من بين جميع الحبّ تنبت وإن كانت أنصافا. وهذا علم غامض
__________
(1) العراصيف: أربعة أوتاد يجمعن بين رؤوس أحناء الرحل، البطان: حزام الرحل. الحقب: حبل يشد به الرحل في بطن البعير.
(2) الحرب: الخصومة والغضب.
(3) المودع: المرفّه.
(4) ورد هذا القول في البيان والتبيين 2/ 242، وعيون الأخبار 2/ 72، ومحاضرات الأدباء 2/ 300، وتقدم في 3/ 94، الفقرة (676).
(5) ربيع الأبرار 5/ 470.
(6) ربيع الأبرار 5/ 482، وثمار القلوب (643)، وانظر ما تقدم في 4/ 262، الفقرة (945).(7/20)
إذا عرفه الشّيخ الفلّاح المجرّب، والفاشكار (1) الرئيس والأكّار الحاذق، فقد بلغوا النهاية في الرّياسة.
2022 [معرفة الدبّ]
وقال جالينوس (2): ومن علّم الدبّ الأنثى إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياما تهرب به من الذّرّ والنمل، لأنها تضعه كفدرة (3) من لحم، غير متميّز الجوارح، فهي تخاف عليه الذّرّ، وذلك له حتف. فلا تزال رافعة له وراصدة، ومتفقّدة ومحوّلة له من موضع إلى موضع، حتى يشتد وتنفرج أعضاؤه.
2023 [شعر لبشار]
وقال بشّار الأعمى: [من البسيط] أما الحياة فكلّ النّاس يحفظها ... وفي المعيشة أبلاء مناكير (4)
... وكلّ قسم فللعقبان أكثره ... والحظّ شيء عليه الدهر مقصور
2024 [أمنيّة بشر أخي بشار]
وقال بشر أخو بشّار وكانوا ثلاثة [لأمّ] (5)، واحد حنفيّ، وواحد سدوسيّ، وبشّار عقيليّ، وإنما نزل في بني سدوس لسبب أخيه وقد كان قيل لأخيه: لو خيّرك الله أن تكون شيئا من الحيوان أيّ شيء كنت تتمنى أن تكون؟ قال: عقاب.
قيل: ولم تمنّيت ذلك؟ قال: لأنّها تبيت حيث لا ينالها سبع ذو أربع، وتحيد عنها سباع الطّير.
وهي لا تعاني الصيّد إلّا في الفرط، ولكنّها تسلب كلّ صيود صيده. وإذا جامع صاحب الصقر وصاحب الشّاهين وصاحب البازي صاحب العقاب، لم يرسلوا أطيارهم خوفا من العقاب. وهي طويلة العمر، عاقّة بولدها. وهي لا تحمل على نفسها في الكسب، وهي إن شاءت كانت فوق كلّ شيء، وإن شاءت كانت بقرب كلّ شيء، وتتغدّى بالعراق وتتعشّى باليمن. وريشها الذي عليها هو فروها في الشتاء، وخيشها في الصّيف. وهي أبصر خلق الله.
__________
(1) الفاشكار: من «بشكاري» الفارسية بمعنى الزراعة والفلاحة، انظر معجم استينجاس 189.
(2) ربيع الأبرار 5/ 425.
(3) الفدرة: القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة.
(4) الأبلاء: جمع بلو، أي قوي.
(5) انظر ربيع الأبرار 5/ 453، وثمار القلوب (655) حيث ورد الخبر.(7/21)
هذا قول صاحب المنطق في عقوق العقاب وجفائها بأولادها، فأمّا أشعار العرب فهي تدلّ على خلاف ذلك، قال دريد بن الصّمّة (1): [من الطويل] وكلّ لجوج في العنان كأنّها ... إذا اغتمست في الماء فتخاء كاسر (2)
... لها ناهض في الوكر قد مهدت له ... كما مهدت للبعل حسناء عاقر (3)
2025 [المحمق من الحيوان]
والحيوان المحمّق الرّخمة والحبارى. قال عثمان بن عفّان رضي الله عنه (4):
«كلّ شيء يحبّ ولده حتّى الحبارى».
وأنثى الذئاب، وهي التي تسمّى جهيزة، والضبع، والنّعجة، والعنز، هذه من الموصوفات بالموق جدّا.
قال: ومن الحيوان ما ليس عنده إلا الجمال والحسن كالطاوس وهو من الطير المحمّق، وكذلك التّدرج (5) مع جماله وحسنه وعجيب وشيه، والزرافة، وهي أيضا موصوفة بالموق، وليس عندها إلا طرافة الصّورة وغرابة النّتاج. وهي من الخلق العجيب مواضع الأعضاء، ويتنازعها أشباه كثيرة.
2026 [القبيح من الحيوان]
والفيل عجيب ظريف، ولكنه قبيح مسيخ (6)، وهو في ذلك بهيّ نبيل، والعين لا تكرهه. والخنزير قبيح مسيخ، والعين تكرهه. والقرد قبيح مليح.
__________
(1) البيتان لدريد بن الصمة في ملحق ديوانه 117، وهما لمعقر بن حمار في قصائد جاهلية نادرة 110، والنقائض 677، والأغاني 11/ 162، والأول في الأنوار 1/ 290، والمعاني الكبير 1/ 13، والحماسة البصرية 1/ 76، والثاني في المعاني الكبير 1/ 282، والمزهر 2/ 438، ومعجم الشعراء 9، ونسب لوعلة الجرمي في العقد الفريد 2/ 358، والأول بلا نسبة في اللسان والتاج (جحشر)، والتهذيب 5/ 311. وفي المزهر والأغاني والنقائض بعد إنشاد البيت الثاني: «وبهذا البيت سمي معقّرا واسمه سفيان بن أوس. وإنما خص العاقر لأنها أقل دلّا على الزوج من الولود فهي تصنع له وتداريه».
(2) اللجوج: أراد به الفرس. الفتخاء: العقاب. الكاسر: المنقضة.
(3) الناهض: فرخ العقاب.
(4) الحديث في النهاية 1/ 328، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/ 146، والمستقصى 2/ 227، وتقدم في 1/ 129128، 5/ 84، 238.
(5) التدرج: طائر كالدراج يغرد في البساتين بأصوات طيبة، يكون بأرض خراسان وغيرها من بلاد فارس. حياة الحيوان 1/ 230.
(6) المسيخ: الذي لا حلاوة له.(7/22)
2027 [فطنة بعض الطيور]
وعند الببغاء والمكّاء والعندليب وابن تمرة (1) مع صغر أجرامها ولطافة شخوصها، وضعف أسرها (2)، من المعرفة والكيس والفطنة والخبث ما ليس عند الزّرافة والطاووس والببغاء عجيب الأمر. ويقولون: عندليب وعندبيل، وهو من أصغر الطير.
2028 [ما قيل في حمق الأجناس المائية وفطنتها]
فأما الأجناس المائية من أصناف السّمك، والأجناس التي تعايش السّمك، فإنّ جماعتها موصوفة بالجهل والموق وقلّة المعرفة، وليس فيها خلق مذكور، ولا خصلة من خصال الفطن، إلا كنحو ما يروى من صيد الجرّيّ للجرذان، وحمل تلك الدابة (3)
للغرقى حتى تؤدّيهم إلى الساحل.
2029 [شدة بدن السمكة والحية]
والسمكة شديدة البدن، وكذلك الحيّة. وكلّ شيء لا يستعين بيد ولا رجل ولا جناح، وإنما يستعمل أجزاء بدنه معا فإنه يكون شديد البدن.
2030 [حيلة الشبوط في التخلص من الشبكة]
وخبّرني (4) بعض الصيّادين أنّ الشبوطة تنتهي في النهر إلى الشّبكة فلا تستطيع النفوذ منها، فتعلم أنها لا ينجيها إلا الوثوب فتتأخّر قدر قاب رمح، ثم تتأخّر جامعة لجراميزها (5) حتّى تثب، فربّما كان ارتفاع وثبتها في الهواء أكثر من عشر أذرع. وإنما اعتمدت على ما وصفنا. وهذا العمل أكثر ما رووه من معرفتها، وليس لها في المعرفة نصيب مذكور.
2031 [ما يغوص من السمك في الطين]
وأنواع من السمك يغوص في الطّين، وذلك أنها تنخر وتتنفّس في جوفه، وتلزم أصول النبات إذا لم يرتفع، وتلتمس الطّعم والسّفاد.
__________
(1) ابن تمرة: أصغر ما يكون من الطير، يجرس الزهر والشجر، كما تجرس النحل والدبر. المخصص 8/ 165.
(2) الأسر: القوة.
(3) هذه الدابة هي الدخس: وهي تعرض للفريق وتدنو منه حتى يضع الفريق يده على ظهره ويسبح به. ثمار القلوب (818)، وربيع الأبرار 5/ 440، وانظر ما سيأتي ص 76.
(4) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 439.
(5) الجراميز: الجسد والأعضاء.(7/23)
ونحن لم نر قطّ في بطن دجلة والفرات وجميع الأودية والأنهار، عند نضوب الماء، وانكشاف الأرض، وظهور وجه الطين، وعند الجزر والنّقصان في الماء في مواخر (1) الصيّف وأيّام مجاورة الأهلّة والأنصاف (2) جحرا قطّ، فضلا على ما يقولون، أنّ لها في بطون الأنهار بيوتا.
2032 [جحرة الوحش]
ورأيت عجبا آخر، وهو أنّي في طول ما دخلت البراريّ، ودخلت البلدان، في صحارى جزيرة العرب والرّوم والشّام والجزيرة وغير ذلك، ما أعلم أني رأيت على لقم طريق (3) أو جادة، أو شرك مصاقب ذلك (4) أو إذا جانبت الطّرق، وأمعنت في البراري، وضربت إلى الموضع الوحشي جحرا واحدا يجوز أن يدخله ضبع أو تيس ظباء، أو بعض هذه الأجناس الوحشيّة. وما أكثر ما أرى الجحرة، ولكني لم أر شيئا يتسع للثّعلب وابن آوى، فضلا على هذه الوحوش الكبار مما هو مذكور بالتّولج والوجار، وبالكناس والعرين.
وجحر الضبّ يسمّى عرينا، وهو غير العرين الذي يضاف إلى الشّجر.
2033 [حيلة الضب واليربوع]
وأمّا حفظ الحياة والبصر بالكسب، والاحتراس من العدوّ والاستعداء بالحيل، فكما أعدّ الضبّ واليربوع (5).
2034 [علة اختفاء الفهد والأيل]
والفهد إذا سمن عرف أنه مطلوب، وأنّ حركته قد ثقلت، فهو يخفي نفسه بجهده حتى ينقضي ذلك الزمان الذي تسمن فيه الفهود، ويعلم أنّ رائحة بدنه شهيّة إلى الأسد والنّمر. وهو ألطف شمّا لأراييح السباع القويّة من شمّ السباع للرائحة الشهيّة، فهي لا تكاد تكون إلّا على علاوة الريح.
والأيّل ينصل قرنه في كلّ عام، فيصير كالأجمّ، فإذا كان ذلك الزمان استخفى
__________
(1) مواخر: جمع مؤخر بالتسهيل.
(2) الأنصاف: أي أنصاف الشهور. انظر ما تقدم في 1/ 37، 5/ 254.
(3) لقم الطريق: متنه ووسطه ومعظمه.
(4) شرك الطريق: جواده، جمع جادة. المصاقب: المجاور.
(5) الضب يعد لمحترشه عقربا، انظر 6/ 45، 58. واليربوع يحتال بالنافقاء، انظر 5/ 150149 239.(7/24)
وهرب وكمن، فإذا نبت قرنه عرّضه للرّيح والشّمس في الموضع الممتنع، ولا يظهر حتى يصلب قرنه ويصير سلاحا يمتنع به. وقرنه مصمت، وليس في جوفه تجويف، ولا هو مصمت الأعلى أجوف الأسفل.
2035 [معرفة الإبل بما يضرها وما ينفعها]
والبعير يدخل الرّوضة والغيضة، وفي النبات ما هو غذاء، ومنه ما هو سمّ عليه خاصة، ومنه ما يخرج من الحالين جميعا، ومن الغذاء ما يريده في حال ولا يريده في حال أخرى، كالحمض والخلّة، ومنه ما يغتذيه غير جنسه فهو لا يقربه وإن كان ليس بقاتل ولا معطب. فمن تلك الأجناس ما يعرفه برؤية العين دون الشمّ، ومنها ما لا يعرفه حتّى يشمّه، وقد تغلط في البيش فتأكله، كصنع الحافر في الدّفلى (1).
2036 [معرفة الإبل بالزجر]
والناقة تعرف قولهم: حل، والجمل يعرف قولهم: جاه. قال الراجز وهو يحمّق رجلا هجاه (2): [من الرجز] يقول للناقة قولا للجمل ... يقول جاه يثنيه بحل
2037 [قدرة الحيوان على رفع اللبن وإرساله]
وممّا فضلت به السّباع على بني آدم أنّ الله جعل في طباع إناث السباع والبهائم، من الوحشيّة والأهلية، رفع اللّبن وإرساله عند حضور الولد، والمرأة لا تقدر أن تدرّ على ولدها وترفع لبنها في صدرها إذا كان ذلك المقرّب منها غير ولدها.
والذي أعطى الله البهائم من ذلك مثل ما تعرف به المعنى وتتوهّمه.
اعلم أنّ الله تعالى قد أقدر الإنسان على أن يحبس بوله وغائطه إلى مقدار، وأن يخرجهما، ما لم تكن هناك علّة من حصر وأسر، وإنما يخرج منه بوله ورجيعه بالإرادة والتوجيه والتهيؤ لذلك. وقد جعل الله حبسه وإخراجه وتأخيره وتقديمه على ما فسّرنا. فعلى هذا الطريق طوق (3) إناث السّباع والبهائم، في رفع اللّبن.
2038 [حشر الحيوان في اليوم الآخر]
وقد قال الله جل ثناؤه: {وَمََا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلََا طََائِرٍ يَطِيرُ بِجَنََاحَيْهِ إِلََّا أُمَمٌ}
__________
(1) انظر ما تقدم في 5/ 168167.
(2) الرجز بلا نسبة في رسائل الجاحظ 2/ 274، واللسان (عوج) والتهذيب 3/ 50.
(3) الطوق: القدرة.(7/25)
{أَمْثََالُكُمْ مََا فَرَّطْنََا فِي الْكِتََابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى ََ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (1). فالكلمة في الحشر مطلقة عامّة، ومرسلة غير مستثنى منها. فأوجب في عموم الخبر على الطّير الحشر، والطير أكثر الخلق. والحديث: «إنّ أكثر الخلق الجراد».
2039 [ما يطرأ عليه الطيران]
ومن العقارب طيّارة قاتلة. وزعم صاحب المنطق أنّ بالحبشة حيات لها أجنحة.
وأشياء كثيرة تطير بعد أن لم تكن طيّارة، مثل الدعاميص، والنّمل، والأرضة، والجعلان.
والجراد تنتقل في حالات قبل نبات الأجنحة.
قالوا: وحين عظّم الله شأن جعفر بن أبي طالب، خلق له جناحين يطير بهما في الجنّة، كأنه تعالى ألحقه بشبه الملائكة في بعض الوجوه (2).
2040 [ما يطير ولا يسمى طيرا]
وذكر الله الملائكة فقال: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ} (3).
ولا يقال للملائكة طير، ولا يقال إنها من الطّير، رفعا لأقدارها.
ولا يقال للنمل والدعاميص والجعلان والأرضة إذا طارت: من الطّير، كذلك لا يقال للجرجس والبعوض وأجناس الهمج إنها من الطير، وضعا لأقدارها عن أقدار ما يسمّى طيرا. فالملائكة تطير ولا يسمّونها طيرا لرفع أقدارها عن الطير. والهمج يطير ولا يسمّى طيرا لوضع أقدارها عن الطّير.
2041 [ملائكة العرش]
وفي الرواية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنشد قول أميّة بن أبي الصّلت (4): [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد
فقال: «صدق». وقوله «نسر» يعني في صورة نسر، لأنّ الملك لا يقال له نسر ولا صقر ولا عقاب ولا باز.
__________
(1). 38/ الأنعام: 6.
(2) انظر ما تقدم في 3/ 112، 6/ 431.
(3). 1/ فاطر: 35.
(4) ديوان أمية بن أبي الصلت 365، وتقدم في 6/ 431.(7/26)
2042 [ما جاء فيه الأثر من الطير]
وذكروا غراب نوح (1). وحمامة نوح (2)، وهدهد سليمان (3)، والنحل والدرّاج، وما جاء من الأثر في ذلك الديك الذي يكون في السماء (4).
وقال الناس: غراب نوح، وهدهد سليمان، وحمامة نوح. ورووا في الخطاف والصّرد.
2043 [أشرف الخيل والطير]
ولا نعرف شيئا من الحيوان أشرف اسما من الخيل والطّير، لأنّهم يقولون: فرس جواد، وفرس كريم، وفرس وسيم، وفرس عتيق، وفرس رائع.
وقالوا في الطير لذوات المخالب المعقّفة، والمناسر المحدّبة: أحرار، ومضرحيّات (5)، وعتاق وكواسب، وجوارح. وقال لبيد بن ربيعة (6): [من الرمل] فانتضلنا وابن سلمى قاعد ... كعتيق الطّير يغضي ويجلّ (7)
وقال الشّاعر: [من الكامل] حرّ صنعناه لتحسن كفّه ... عمل الرفيقة واستلاب الأخرق (8)
ولولا أنا قد ذكرنا شأن الهدهد والغراب والنمل وما ذكرها به القرآن، والخصال التي فيها من المعارف ومن القول والعمل، لذكرناه في هذا الموضع.
__________
(1) انظر ما تقدم في 2/ 421، الفقرة (497).
(2) انظر ما تقدم في 3/ 97. والحاشية السابقة.
(3) انظر ما تقدم في 1/ 6665.
(4) انظر ما تقدم في 2/ 387.
(5) المضرحيات: أصل معناه في الناس: السيد الكريم والطويل.
(6) ديوان لبيد 195، واللسان والتاج (عتق، نضل، جلا)، والتهذيب 1/ 211، 8/ 156، 12/ 39، والمقاييس 4/ 220، 5/ 436، والأساس (عتق)، والعين 7/ 43، وبلا نسبة في المخصص 8/ 150، واللسان (غضا)، وديوان الأدب 4/ 116.
(7) ابن سلمى: هو النعمان بن المنذر.
(8) الرفيقة: الحسنة الصنعة، وسيعاد البيت ص 32.(7/27)
ما جاء في ذكر الطير
قال الله جلّ ثناؤه: {وَرَسُولًا إِلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللََّهِ} (1). وقال الله: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهََا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى ََ بِإِذْنِي} (2). وقال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ََ وَمَنْ مَعَهُ أَلََا إِنَّمََا طََائِرُهُمْ عِنْدَ اللََّهِ وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ} (3).
وقال الله: {أَمََّا أَحَدُكُمََا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ} (4). وقال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحََابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبََابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجََارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} (5). وقال الله:
{وَوَرِثَ سُلَيْمََانُ دََاوُدَ وَقََالَ يََا أَيُّهَا النََّاسُ عُلِّمْنََا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} (6).
ولم يذكر منطق البهائم والسباع والهمج والحشرات.
وقال الله: {فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كََانُوا يَنْطِقُونَ} (7) لأنك حيثما تجد المنطق تجد الرّوح والعقل والاستطاعة.
وقالوا: الإنسان هو الحيّ الناطق. وقال الله: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوََارٌ فَقََالُوا هََذََا إِلََهُكُمْ وَإِلََهُ مُوسى ََ} (8). وقال: {أَفَلََا يَرَوْنَ أَلََّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} (9)، ثم قال: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمََانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ} (10) ولم يذكر شيئا من جميع الخلق. وقد كان الله سخّر له جميع ذلك. ثم قال: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقََالَ مََا لِيَ لََا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كََانَ مِنَ الْغََائِبِينَ} (11).
ولم يتفقد شيئا ممّا سخّر له، ولا دلّ سليمان على ملكة سبأ إلّا طائر.
وقال الله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللََّهِ فَكَأَنَّمََا خَرَّ مِنَ السَّمََاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} (12).
__________
(1). 49/ آل عمران: 3.
(2). 110/ المائدة: 5.
(3). 131/ آل عمران: 3.
(4). 41/ يوسف: 12.
(5) سورة الفيل: 105.
(6). 16/ النمل: 27.
(7). 63/ الأنبياء: 21.
(8). 88/ طه: 20.
(9). 89/ طه: 20.
(10). 17/ النمل: 27.
(11). 20/ النمل: 27.
(12). 31/ الحج: 22.(7/28)
وقال الله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلََّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلََكِنْ لََا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (1). فلما ذكر داود قال: {وَسَخَّرْنََا مَعَ دََاوُدَ الْجِبََالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} (2). وقال الله: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (3). وقال: {وَقََالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنََا قََالُوا أَنْطَقَنَا اللََّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (4).
وقالوا: «منطق الطير»، على التشبيه بمنطق الناس، ثم قالوا بعد: الصّامت والناطق، ثم قالوا بعد للدار: تنطق.
وقال الله: {يََا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلََا تَسْتَغْفِرُونَ اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. قََالُوا اطَّيَّرْنََا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قََالَ طََائِرُكُمْ عِنْدَ اللََّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} (5).
وقال الله: {وَإِذََا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنََا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النََّاسَ كََانُوا بِآيََاتِنََا لََا يُوقِنُونَ} (6).
وكان عبد الله بن عبّاس يقول: ليس يعني بقوله: {تُكَلِّمُهُمْ} من الكلام، وإنما هو من الكلم والجراح. وجمع الكلم كلوم، ولم يكن يجعله من المنطق، بل يجعله من الخطوط والوسم، كالكتاب والعلامة اللذين يقومان مقام الكلام والمنطق.
وقال الآخرون: لا ندع ظاهر اللفظ والعادة الدالّة في ظاهر الكلام، إلى المجازات، قالوا: فقد ذكر الله الدابّة بالمنطق، كما ذكروا في الحديث كلام الذئب لأهبان بن أوس (7). وقول الهدهد مسطور في الكتاب بأطول الأقاصيص، وكذلك شأن الغراب (8).
وقال الله: {وَقََالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنََا قََالُوا أَنْطَقَنَا اللََّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (9)، وجعل الله مقالة النملة قرآنا، وقال: {وَمََا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ، وَلََا طََائِرٍ}
__________
(1). 44/ الإسراء: 17.
(2). 79/ الأنبياء: 27.
(3). 24/ النور: 11.
(4). 21، 50/ فصلت: 41.
(5). 47/ النمل: 27.
(6). 82/ النمل: 27.
(7) انظر 1/ 197.
(8) انظر لكلام الغراب مع الديك ما تقدم في شعر أمية 2/ 424.
(9). 21/ فصلت: 41.(7/29)
{يَطِيرُ بِجَنََاحَيْهِ إِلََّا أُمَمٌ أَمْثََالُكُمْ مََا فَرَّطْنََا فِي الْكِتََابِ مِنْ شَيْءٍ} (1). وقال في مكان آخر: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمََّا يَشْتَهُونَ} (2). وقال: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوََّابٌ} (3).
وذكر الملائكة فقال: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ} (4).
وأنشدوا النبيّ صلى الله عليه وسلم قول أميّة بن أبي الصّلت (5): [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد
فقال: «صدق».
وخلق الله لجعفر جناحين في الجنّة، عوضا من يديه المقطوعتين في سبيل الله (6). قالوا: ولو كانت في الأرض يد تفضل الجناح لجعلها الله بدل الجناح.
وسمّاه المسلمون «الطيّار».
ويقال: «ما هو إلا طائر»، إذا أرادوا مديح الإنسان في السّرعة. وقال الفرزدق (7): [من البسيط] جاؤوا مع الرّيح أو طاروا بأجنحة ... وخلّفوا في جؤاثا سيّدي مضرا (8)
والأمم كلّها تضرب المثل بعنقاء مغرب. وقد جاء في نسر لقمان ما قد جاء من الآثار والأخبار. وقال الخزرجي (9): [من المنسرح] إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد ... قد شاب رأس الزّمان واختضب ال ... دّهر وأثواب عمره جدد ... يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد ... قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنّك الوتد ... تسأل غربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرّمد
__________
(1). 38/ الأنعام: 6.
(2). 21/ الواقعة: 56.
(3). 19/ ص: 38.
(4). 1/ فاطر: 35.
(5) ديوان أمية 365، وتقدم ص 26.
(6) انظر الحاشية رقم (2) ص 26.
(7) البيت ملفق من بيتين، انظره في ديوانه 386.
(8) جؤاثا: موضع بالبحرين.
(9) الأبيات في ربيع الأبرار 3/ 90، وتقدمت مع تخريج واف 3/ 102، الفقرة (844)، كما وردت في 6/ 486.(7/30)
وقال النابغة (1): [من البسيط] أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد
وقال الله: {وَلََا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} (2) لأن ذلك الصنم كان على صورة النّسر.
وقالوا: أحرار فارس، وأحرار الرّياحين، وأحرار البقول، وأحرار الطير، وهي الأحرار، والعتاق، والكواسب، والجوارح، والمضرحيّات.
وقال الله: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ قََالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قََالَ بَلى ََ وَلََكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قََالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى ََ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} (3).
أسماء ما في النجوم والبروج والفرس والنّاس وغير ذلك، من أسماء الطير
مما يعدّ في الفرس من أسماء الطير (4): الفراش: وهو المنخر (5). والذّباب:
وهو ذباب العين (6). والصّلصل: وهو الدائرة في الجبهة (7). والعصفور: وهو الجلدة تحت الناصية (8) والحدأة: وهو أصل الأذن. والهامة: وهو الجلدة التي فيها الدماغ (9)
والفرخ: موضع الفهقة (10). والنّاهضان: في المنكبين (11). والصّرد: عرق تحت اللسان.
__________
(1) تقدم البيت مع شرحه وتخريجه في 6/ 485.
(2). 23/ نوح: 71.
(3). 260/ البقرة: 2.
(4) انظر أمالي القالي 2/ 255252، وكتاب الخيل لأبي عبيدة 46.
(5) في الأمالي: «الفراش: العظام الرقاق في أعلى الخياشيم وهي تسمى الخشارم.
(6) في الأمالي: «الذبابة: النكيتة الصغيرة التي في إنسان العين فيها البصر».
(7) الصلصل: طائر تسميه العجم الفاختة.
(8) في الأمالي: «العصفور: العظم الذي تنبت عليه الناصية».
(9) في الأمالي: «الهامة: العظم الذي في أعلى رأسه، وفيه الدماغ، ويقال لها أم الدماغ أيضا».
(10) الفهقة: عظم عند مركب العنق، وفي الأمالي: «الفرخ: هو الدماغ وجمعه فروخ».
(11) في الأمالي: «الناهض: العظم الذي على أعلى العضد والجمع نواهض وأنهض».(7/31)
والسّمامة (1): الدائرة في عرض العنق. والقطاة: موضع الرّدف. والغرابان: العظمان الناتئان بين الوركين ويقال الغراب طرف الورك. والساق: ساق الفرس، وهو ذكر الحمام. والخطّاف: موضع الرّكاب من جنبه. والرّخمة: البضعة الناتئة في ظهر الفخذ. والأصقع (2): الأبيض الناصية.
وقال الله: {وَلَقَدْ آتَيْنََا دََاوُدَ مِنََّا فَضْلًا يََا جِبََالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنََّا لَهُ الْحَدِيدَ} (3).
وفي السماء النّسر الطائر، والنّسر الواقع.
وفي الأوثان القديمة وثن كان يسمّى نسرا، ويزعمون أنه كان على صورة نسر.
وقال الله: {وَلََا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلََا سُوََاعاً وَلََا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} (4).
وقال: {وَاذْكُرْ عَبْدَنََا دََاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوََّابٌ. إِنََّا سَخَّرْنَا الْجِبََالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرََاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوََّابٌ} (5).
وفي أسماء الناس (6): غراب، وصرد. وفي أسماء النساء: فاختة وحمامة. وفي أسماء الناس: يمام ويمامة، وسمامة، وشاهين. وفي أسماء النّساء: عقاب، وقطاة، وقطيّة، ودجاجة يكون للرّجال والنساء. ويسمّون بعصفور، ونقّاز، وحجل، ويسمّون الرجال بقطاميّ، مثل أبي الشرقيّ بن القطامي الشاعر (7). وإذا كانت امرأة قالوا قطام مثل حذام. وقال امرؤ القيس بن حجر (8): [من الكامل] وأنا الذي عرفت معدّ فضله ... ونشدت حجرا ابن أمّ قطام
ويسمون بمضرحيّ. وكبار الطير هي المضرحيّة وأكثر ما يستعمل ذلك في عتاق الطير وأحرارها، ويسمون بحرّ، وليس الحر من الطير إلّا العقيق. وقال الشاعر (9): [من الكامل] حرّ صنعناه لتحسن كفّه ... عمل الرّفيقة واستلاب الأخرق
__________
(1) السمامة: ضرب من الطير نحو السمانى دون القطا في الخلقة.
(2) الأصقع: طائر كالعصفور في ريشه ورأسه بياض.
(3). 10/ سبأ: 34.
(4). 23/ نوح: 71.
(5). 1918/ ص: 38.
(6) انظر أدب الكاتب 72.
(7) في أدب الكاتب: «هوذة القطاة، وبها سمي الرجل القطامي بضم القاف وفتحها: الصقر، وهو مأخوذ من القطم، وهو الشهوان للحم وغيره، يقال فحل قطم إذا كان يشتهي الضراب».
(8) ديوان امرئ القيس 118، والجمهرة 924.
(9) تقدم البيت ص 27.(7/32)
ويسمّون صعوة وسمنانى، وسمامة، ويسمّون بجناح، ويلقّبون بمنقار، ويسمون بفرخ وفريخ، وصقر وصقير وأبي الصّقر، وطاوس وطويس. وفي الألقاب يؤيؤ وزرّق.
وفي الأسماء حيقطان وهو الدّرّاج الذّكر، ويسمّون بحذف (1) وحذيفة، وأبي حذيفة، وفي الألقاب أبو الكراكيّ، وفي الصفات الغرانيق والغرنوق (2).
2044 [نطق الطير]
وقال أميّة أبي الصّلت (3): [من الكامل] فاسمع لسان الله كيف شكوله ... عجب وينبيك الذي تستشهد ... والوحش والأنعام كيف لغاتها ... والعلم يقسم بينهم ويبدّد
وقال الله عزّ وجلّ مخبرا عن سليمان أنّه قال: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ عُلِّمْنََا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} (4). وقال الشاعر (5): [من البسيط] يا ليلة لي بحوّارين ساهرة ... حتّى تكلّم في الصّبح العصافير
وقال الشاعر: [من المنسرح] وغنّت الطّير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا
وقال الكميت (6): [من مجزوء الكامل] كالناطقات الصادقا ... ت الواسقات من الذّخائر
2045 [تدبير الحيوان]
قال: ولكلّ جنس من أجناس الحيوان احتراف وتكسّب، وروغان من الباغي عليه، واحتيال لما أراد صيده فهو يحتال لما هو دونه، ويحتال في الامتناع مما فوقه، ويختار الأماكن الحصينة ما احتملته، والاستبدال بها إذا أنكرها.
__________
(1) الحذف: طائر أو بط صغار، وغنم سود صغار حجازية أو جرشية بلا أذناب ولا آذان. والزاغ الصغير الذي يؤكل.
(2) الغرنوق: الشاب الأبيض الجميل. وهو اسم طائر من طيور الماء.
(3) ديوان أمية بن أبي الصلت 352.
(4). 16/ النمل: 27.
(5) البيت لكلثوم بن عمرو العتابي كما تقدم في 2/ 407، 5/ 126. وانظر البيت في معجم البلدان 2/ 315 (حوارين)، والعمدة 1/ 267، والموشح 293.
(6) ديوان الكميت 1/ 238، والعمدة 2/ 27، وأساس البلاغة (أبي).(7/33)
2046 [منطق الطير]
ولها منطق تتفاهم بها حاجات بعضها إلى بعض. ولا حاجة بها إلى أن يكون لها في منطقها فضل لا تحتاج إلى استعماله. وكذلك معانيها في مقادير حاجاتها.
2047 [بعض ما قيل في العقل]
وقيل لرجل من الحكماء: متى عقلت؟ قال: ساعة ولدت. فلما رأى إنكارهم لكلامه قال: أمّا أنا فقد بكيت حين خفت، وطلبت الأكل حين جعت، وطلبت الثّدى حين احتجت، وسكتّ حين أعطيت. يقول هذه مقادير حاجاتي، ومن عرف مقادير حاجاته إذا منعها، وإذا أعطيها، فلا حاجة به في ذلك الوقت إلى أكثر من ذلك العقل. ولذلك قال الأعرابيّ (1): [من الطويل] سقى الله أرضا يعلم الضّبّ أنّها ... بعيد من الآفات طيبة البقل ... بني بيته منها على رأس كدية ... وكلّ امرئ في حرفة العيش ذو عقل
2048 [منطق الطير وعقله]
فإن قال قائل: ليس هذا بمنطق، قيل له: أما القرآن فقد نطق بأنّه منطق، والأشعار قد جعلته منطقا، وكذلك كلام العرب، فإن كنت إنما أخرجته من حدّ البيان، وزعمت أنّه ليس بمنطق لأنك لم تفهم عنه، فأنت أيضا لا تفهم كلام عامّة الأمم وأنت إن سمّيت كلامهم رطانة وطمطمة فإنّك لا تمتنع من أن تزعم أنّ ذلك كلامهم ومنطقهم، وعامّة الأمم أيضا لا يفهمون كلامك ومنطقك، فجائز لهم أن يخرجوا كلامك من البيان والمنطق. وهل صار ذلك الكلام منهم بيانا ومنطقا إلّا لتفاهمهم حاجة بعضهم إلى بعض، ولأنّ ذلك كان صوتا مؤلّفا خرج من لسان وفم، فهلّا كانت أصوات أجناس الطير والوحش والبهائم بيانا ومنطقا إذ قد علمت أنّها مقطعة مصوّرة، ومؤلّفة منظمة، وبها تفاهموا الحاجات، وخرجت من فم ولسان، فإن كنت لا تفهم من ذلك إلّا البعض، فكذلك تلك الأجناس لا تفهم من كلامك إلّا البعض.
وتلك الأقدار من الأصوات المؤلّفة هي نهاية حاجاتها والبيان عنها، وكذلك أصواتك المؤلّفة هي نهاية حاجاتك وبيانك عنها. وعلى أنّك قد تعلّم الطّير الأصوات فتتعلّم، وكذلك يعلّم الإنسان الكلام فيتكلّم، كتعليم الصبيّ والأعجميّ. والفرق
__________
(1) تقدم البيتان في 3/ 40، 6/ 345. وهما في ربيع الأبرار 5/ 469.(7/34)
بين الإنسان والطير أنّ ذلك المعنى معنّى يسمّى منطقا وكلاما على التشبيه بالنّاس، وعلى السبب الذي يجري، والنّاس ذلك لهم على كلّ حال.
وكذلك قال الشاعر الذي وصفها بالعقل، وإنما قال ذلك على التّشبيه، فليس للشاعر إطلاق هذا الكلام لها، وليس لك أن تمنعها ذلك من كلّ جهة وفي كلّ حال.
فافهم فهّمك الله، فإنّ الله قد أمرك بالتفكّر والاعتبار، وبالتعرّف والاتّعاظ.
وقد قال الله عزّ وجلّ مخبرا عن سليمان: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ عُلِّمْنََا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} (1) نجعل ذلك منطقا، وخصّ الله سليمان بأن فهّمه معاني ذلك المنطق، وأقامه فيه مقام الطّير وكذلك لو قال علّمنا منطق البهائم والسّباع، لكان ذلك آية وعلامة.
وقد علّم الله إسماعيل منطق العرب بعد أن كان ابن أربع عشرة سنة، فلما كان ذلك على غير التلقين والتأديب والاعتياد والترتيب والمنشأ، صار ذلك برهانا ودلالة وأعجوبة وآية.
وقال ابن عبّاس وذكر عمر بن الخطاب فقال: «كان كالطائر الحذر» فشبّه عزم عمر وتخوّفه من الخطأ، وحذره من الخدع بالطائر.
2049 [ما قيل في تجاوب الأصداء والديكة]
وقال ابن مقبل (2): [من البسيط] فلا أقوم على المولى فأشتمه ... ولا يخرّقه نابي ولا ظفري ... ولا تهيّبني الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر
فجعلها تتجاوب. وقال الطرمّاح بن حكيم وذكر تجاوب الدّيكة كما ذكر ابن مقبل تجاوب الأصداء فقال (3): [من الطويل] فيا صبح كمّش غبّر اللّيل مصعدا ... ببمّ ونبّه ذا العفاء الموشّح ... إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشّوى يصدحن من كلّ مصدح
__________
(1). 16/ النمل: 27.
(2) ديوان ابن مقبل 79، والثاني في اللسان (هيب)، وشرح شواهد المغني 2/ 971، والمعاني الكبير 1264، ومغني اللبيب 2/ 695، وبلا نسبة في اللسان والتاج (ألك)، والجمهرة 496.
(3) ديوان الطرماح 97 (94)، وربيع الأبرار 5/ 444، وتقدم البيتان مع تخريج أوفى في 2/ 384، الفقرة (446).(7/35)
2050 [ما قيل في ضبحة الثعلب وقبعة القنفذ والقرنبى]
وحدّث أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء قال: خطب ابن الزبير خطبة فاعترض له رجل فآذاه بكلمة، ثم طأطأ الرّجل رأسه، فقال ابن الزّبير: أين المتكلم؟ فلم يجبه فقال: «قاتله الله، ضبح ضبحة الثّعلب وقبع قبعة القنفذ» (1). وقال ابن مقبل (2):
[من الطويل] ولا أتبع الجارات باللّيل قابعا ... قبوع القرنبى أخلفته مجاعره (3)
باب ما جاء في الشعر من إحساس الطّير وغير ذلك من الحيوان
2051 [الحبارى]
قال أبو عبيدة (4): تسلح الحبارى على الصّقر، وذلك من أحدّ سلاحها، وهي تعلم أنّها تدبّق جناحيه وتكتفه، حتى تجتمع عليه الحباريات فينتفن ريشه طاقة طاقة، فيموت الصّقر.
والحبارى إذا تحسّرت فأبطأ نبت ريشها، وهي لا تنهض بالشّكير (5)، فربّما طار صويحباتها إذا تقدّم نبت ريشها قيل نبت ريش تلك الحبارى، فعند ذلك تكمد حزنا حتى تموت كمدا ولذلك قال أبو الأسود الدّؤليّ (6): [من الوافر] وزيد ميّت كمد الحبارى ... إذا ظعنت مليحة أو تلمّ
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 474، واللسان 2/ 523 (ضبح)، والنهاية 3/ 71.
(2) ديوان ابن مقبل 154، واللسان والتاج (قبع)، والتهذيب 1/ 283، وتقدم في 1/ 155، 209.
(3) المجاعر: جمع مجعر وهو الدبر. القرنبى: دويبة تتبع الناس إلى الغائط.
(4) انظر ما تقدم في 1/ 162، س 87، 5/ 238.
(5) الشكير: ما نبت من صغار الريش بين كباره.
(6) ديوان أبي الأسود الدؤلي 188، وثمار القلوب (705)، واللسان والتاج (حبر)، والتهذيب 5/ 36، وبلا نسبة في الجمهرة 168، وتقدم في 5/ 237.(7/36)
وليس في الطّير أسرع طيرانا منها، لأنها تصاد عندنا بظهر البصرة، فيوجد في حواصلها حبّة الخضراء غضّة طريّة، وبينها وبين مواضع ذلك الحبّ بلاد وبلاد.
ولذلك قال بشر بن مروان (1)، في قتل عبد الملك عمرو بن سعيد: [من الطويل] كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطّير اجتمعن على صقر
2052 [بغاث الطير]
وبغاث الطّير ضعاف الطير وسفلتها من العظام الأبدان، والخشاش مثل ذلك إلا أنها من صغار الطّير، وأنشد أبو عبيدة قول الشاعر (2): [من الوافر] سألت النّاس عن أنس فقالوا ... بأندلس وأندلس بعيد ... كأنّي بعد سكن مضرحيّ ... أصاب جناحه عنت شديد ... فقد طمعت عتاق الطّير فيه ... وكانت عن عقيرته تحيد (3)
وقال الذّكوانيّ: [من الوافر] بغاث الطّير تعرف قانصيها ... وكلّ مكبّد منها لهيد (4)
يقول: لكلّ جنس من الجوارح ضرب من الصيد، وضرب من الطلب، فالمصيد منها يعرف ذلك، فيجعل المهرب من الآخر، ثم ذلك أنها تعرف الصائد المعتلّ من الصحيح. وهو معنى الخريمي حيث يقول (5): [من الطويل] ويعلم ما يأتي وإن كان طائرا ... ويعلم أقدار الجوارح والبغث
وقوله البغث يريد به جمع أبغث، وقال الأوّل (6): [من الوافر]
__________
(1) البيت بلا نسبة في ثمار القلوب (237)، وتقدم في 6/ 480. منسوبا إلى بعض بني مروان.
(2) البيت الأول بلا نسبة في معجم البلدان 1/ 262 (الأندلس).
(3) العقيرة: الصوت.
(4) اللهيد: أصله في الإبل أن يصيب جنبها ضغطة من حمل ثقيل فتورثها داء يفسد عليها رئتها.
(5) ديوان الخريمي 21.
(6) البيت للعباس بن مرداس في ديوانه 173، واللسان (بغث)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1153، وشرحه للتبريزي 3/ 89، وفيه: «هذا الشعر لمعاوية بن مالك معود الحكماء»، والجمهرة 260، 711، والتنبيه والإيضاح 1/ 180، ولكثير عزة في ملحق ديوانه 530، وأمالي القالي 1/ 47، واللسان والتاج (قلت، نزر)، والعين 5/ 128، 7/ 360، ولمحمد بن مناذر في الأغاني 18/ 205، ولمعود الحكماء في معجم الشعراء 9، وأشعار العامريين 57، وسمط اللآلي 190، ولمعاوية بن أبي سفيان في الأغاني 13/ 262، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري 2/ 289، والمقاييس 5/ 419، والمخصص 8/ 144، والتمثيل والمحاضرة 363.(7/37)
بغاث الطّير أكثرها فروخا ... وأمّ الباز مقلات نزور (1)
وأنشدني ابن يسير: [من الطويل] وبالجدّ طورا ثم بالجدّ تارة ... كذاك جميع الناس في الجدّ والطّلب
والجدّ مفتوح الجيم. يقول: الطير كالناس، فمرّة تصيد بالحظّ وبما يتفق لها، ومرّة بالحيلة والطّلب. وقال بشّار بن برد: [من الكامل] وبجدّه يتقلّب العصفور
2053 [العصفور]
قال: وقال زاهر لصبيانه: «يرزقكم الذي يرزق عصافير الدوّ». وقال صالح المرّيّ: «تغدو الطّير خماصا وتروح شباعا، واثقة بأنّ لها في كلّ غدوة رزقا لا يفوتها. والذي نفسي بيده أن لو غدوتم على أسواقكم على مثل إخلاصها، لرحتم وبطونكم أبطن من بطون الحوامل».
وقال أعشى همدان: [من البسيط] قالت تعاتبني عرسي وتسألني ... أين الدّراهم عنّا والدّنانير ... فقلت أنفقتها والله يخلفها ... والدّهر ذو مرّة عسر وميسور ... إن يرزق الله أعدائي فقد رزقت ... من قبلهم في مراعيها الخنازير ... قالت: فرزقك رزق غير متّسع ... وما لديك من الخبرات قطمير ... وقد رضيت بأن تحيا على رمق ... يوما فيوما، كما تحيا العصافير
وإنما خصّ العصافير بقلّة الرّزق، لأنها لا تتباعد في طلب الطعم وإلا فإنّ السّباع ووحش الطّير كلّها تغدو خماصا وتروح بطانا.
وقال لبيد (2): [من الطويل] فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا ... عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال (3): [من الوافر]
__________
(1) الفروخ: جمع فرخ. المقلات: التي لا يبقى لها ولد.
(2) البيت للبيد في ديوانه 56، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه 550، وانظر ما تقدم من تخريج البيت في 5/ 126.
(3) البيت لامرئ القيس في ديوانه 97، وتقدم في 5/ 127منسوبا إلى لبيد.(7/38)
عصافير وذبّان ودود ... وأجرأ من مجلّحة الذئاب
ولولا أنّ تفسير هذا قد مرّ في باب القول في العصافير في كتاب الحيوان لقلنا في ذلك.
باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق
الذئب لا يطمع فيه صاحبه، فإذا دمي وثب عليه صاحبه فأكله (1)، وإذا عضّ الذّئب شاة فأفلتت منه بضرب من الضروب، فإنّ عادة الغنم إذا وجدت ريح الدّم أن تشمّ موضع أنياب الذئب، وليس عندها عند ذلك إلّا أن ينضمّ بعضها إلى بعض ولذلك قال جرير (2) لعمر بن لجأ التّيميّ: [من الطويل] فلا يضغمنّ اللّيث تيما بغرّة ... وتيم يشمّون الفريس المنيّبا
فذكر أنّهم كالغنم في العجز والجبن. وإذا دمي الحمار ألقى نفسه إلى الأرض وامتنع ممن يريده بالعضّ وبكلّ ما قدر عليه، غير أنه لا ينهض ولا يبرح مكانه. وإذا أصاب الأسد خدش أو شحطة (3) بعد أن يدمى مكانه فإنّ ذبّان الأسد تلحّ عليه، ولا تقلع عنه أبدا حتى تقتله.
وللأسود ذبّان على حدة، وكذلك الكلاب، وكذلك الحمير، وكذلك الإبل، وكذلك الناس.
وإذا دمي الإنسان وشمّ الذئب منه ريح الدّم فما أقلّ من ينجو منه (4) وإن كان أشدّ الناس بدنا وقلبا، وأتمّهم سلاحا، وأثقفهم ثقافة.
وإذا دمي الببر استكلب فخافه كلّ شيء كان يسالمه من كبار السّباع كالأسود والنّمور، والببر على خلاف جميع ما حكينا.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 417، وانظر ما تقدم في 6/ 471.
(2) ديوان جرير 13 (الصاوي)، 611 (نعمان طه)، والجمهرة 718. والبيان 3/ 223.
(3) الشحطة: أثر سحجة يصيب جنبا أو فخذا.
(4) ربيع الأبرار 5/ 417، وانظر ما تقدم في 6/ 471.(7/39)
وإذا أصاب الحية خدش فإنّ الذرّ يطالبه أشدّ الطلب، فلا يكاد ينجو، ولا يعرف ذلك إلا في الفرط.
وإذا عضّ الإنسان الكلب الكلب فإنّ الفأر يطالبه ليبول عليه، وفيه هلكته، فهو يحتال له بكلّ حيلة.
وربما أغدّ البعير فلا يعرف ذلك الجمّال حتى يرى الذّبّان يطالبه.
وإذا وضعت الذّئبة جروها فإنه يكون حينئذ ملتزق الأعضاء أمعط كأنه قطعة لحم، وتعلم الذّئبة أنّ الذرّ يطالبه، فلا تزال رافعة له بيديها، ومحوّلة له من مكان إلى مكان، حتى تفرج الأعضاء، ويشتدّ اللحم.
وإذا وضعت الهرّة جروها فإن طرحوا لها لحما من ساعتها أو روبة (1) أو بعض ما يشبه ذلك فأكلته، لم تكد تأكل أجراءها، لأنّ الهرة يعتريها عند ذلك جوع وجنون وخفّة.
والأجناس التي تحدث لها قوّة على غير سبب يعرف في تقدير الرأي منها الذّئب الضعيف الواثب على الذّئب القويّ إذا رأى عليه دما، والهرّة إذا سفدها الهرّ، فإنها عند ذلك تشدّ عليه وهي واثقة باستخذائه لها، وفضل قوّتها عليه، والجرذ إذا خصي فإنّه يأكل الجرذان أكلا ذريعا ولا يقوم له شيء منها (2).
فأمّا الفيل والكركدّن والجمل، عند الاغتلام وطلب الضّراب، فإنها وإن تركت الشّرب والأكل الأيّام الكثيرة فإنّه لا يقوم لشيء منها شيء من ذلك الجنس وإن كان قويّا شابا آكلا شاربا.
وأمّا الغيران والغضبان والسّكران والمعاين للحرب، فهم يختلفون في ذلك على علل قد ذكرناها في القول في فضيلة الملك على الإنسان. والإنسان على الجانّ. فإن أردته فالتمسه هناك. فإنّ إعادة الأحاديث الطوال والكلام الكثير مما يهجر في السّماع، ويهجّن الكتب.
__________
(1) الروبة: القطعة من اللحم.
(2) ربيع الأبرار 5/ 471.(7/40)
باب ما يستدل به في شأن الحيوان على حسن صنع الله
وإحكام تدبيره، وأن الأمور موزونة مقدرة. قالوا: الأشياء البيّاضة طائر، ومشترك، وذو أربع، ومنساح. فمنها ما يبيض في صدوع الصّخر وأعالي الهضاب.
ومنها ما يعيش في الجحرة كسائر الحيات.
وأما الدّسّاس منها فإنّها تلد ولا تبيض، وهي لا ترضع ولا تلقم، والخفّاش تلد ولا تبيض وترضع، وهذا مختلف.
والدّجاج والحجل والقطا وأشباه ذلك من الدّراريج وغيرها أفاحيصها في الأرض.
والحمام منها طورانّي جبليّ، ومنها ألوف أهليّ. فالجبليّ تبيض في أو كار لها في عرض مقاطع الجبال، والأهليّ منها يبيض في البيوت. والعصافير بيوتها في أصول أجذاع السّقف. والخطاطيف تتّخذ بيوتها، في باطن السقف في أوثق ذلك وأمنعه.
والرّخم لا ترضى من الجبال إلا بالوحشيّ منها، ومن البعيد في أسحقها وأبعدها عن مواضع أعدائها، ثم من الجبال إلّا في رؤوس هضابها، ثم من الهضاب إلا في صدوع صخورها. ولذلك يضرب بامتناع بيضها المثل.
وأما الرّقّ والضّفدع والسّلحفاة والتمساح، وهذه الدوابّ المائية، فإنها تبيض في الأرض وتحضن. وأمّا السّراطين فإنّ لها بيوتا في عرض شطوط الأنهار والسّواقي، تمتلئ مرة ماء وتخلو مرة.
ومن الحيوان ما لا يجثم، كالضبّة فإنها لا تجثم على بيضها، ولكن تغطّيها بالتراب وتنتظر أيّام انصداعها.
2054 [أسماء مواضع الفراخ والبيض]
فإذا كان مواضع الفراخ والبيض من القطا وأشباه القطا فهو أفحوصة، وإذا كان من الطير الذي يهيئ ذلك المجثم من العيدان والرّيش والحشيش فهو عشّ، وإذا كان من الظّليم فهو أدحيّ. ذكر ذلك أبو عبيدة والأصمعي. وكلّها وكور ووكون، ووكنات ووكرات.(7/41)
2055 [أكثر الحيوان بيضا وأقله]
فالذي يبيض الكثير من البيض الذي لا يجوزه شيء في الكثرة السّمك، ثم الجراد، ثم العقارب، ثم الضّبة، لأن السّمك لا تزقّ ولا تلقم ولا تلحم ولا تحضن ولا ترضع، فحين كانت كذلك كثّر الله تعالى ذرءها وعدد نسلها، فكان ذلك على خلاف شأن الحمام الذي يزاوج أصناف الحمام ومثل العصافير والنّعام، فإنها لا تزاوج.
فأما الحمام فلما جعله الله يزق ويحضن، ويحتاج إلى ما يغتذيه ويغذو به ولده، ويحتاج إلى الزّق، وهو ضرب من القيء، وفيه عليها وهن وشدّة، ولذلك لا يزجل إذا كان زاقّا. فلما أن كان كذلك لم يحمل عليها أكثر من فرخين وبيضتين.
ولما كانت الدّجاجة تحضن ولا تزقّ، وهي تأكل الحبّ وكلّ ما دبّ ودرج، زاد الله في بيضها، وعدد فراريجها، ولم يجعل ذلك في عدد أولاد السّمك والعقارب والضّباب التي لا تحضن البتة ولا تزقّ ولا تلقم.
ولما جعل الله أولاد الضبّ لها معاشا، زاد في عدد بيضها وفراخها، وصار ما يسلم كثيرا غير متجاوز للقدر.
وكذلك الظّليم، لما كان لا يزق ولا يحضن اتسع عليه مطلب الرّزق من الحبوب وأصول الشّجر.
وجعلها تبيض ثلاثين بيضة وأكثر. وقال ذو الرمة (1): [من البسيط] أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى فهو منقلب
وبيضها كبار، وليس في طاقتها أن تشتمل وتجثم إلّا على القليل منها.
وكذلك الحيّة تضع ثلاثين بيضة، ولها ثلاثون ضلعا، وبيضها وأضلاعها عدد أيام الشّهر، ولذلك قويت أصلابها لكثرة عدد الأضلاع، وحمل عليها في الحضن بعض الحمل إذ كانت لا ترضع.
2056 [أثر الإلقام والزق في الحيوان]
والطائر الذي يلقم فرخه يكون أقوى من الطائر الزاقّ، وكذلك من البهائم المرضعة.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 114، واللسان (خضب، سوا)، وشرح شواهد الإيضاح 427.(7/42)
ولما كانت العصافير تصيد الجراد والنمل والأرضة إذا طارت، وتأكل الحبّ واللّحم، وكانت مع هذا تلقم، لم تكثّر من البيض كتكثير الدجاج ولم تقلّلل كتقليل الحمام.
2057 [ما يزاوج من الحيوان]
وللعصافير فيها زواج، وكذلك النّعام، وليس في شيء من ذوات الأربع زواج، وإنما الزّواج في اللاتي تمشي على رجلين، كالإنسان والطّير والنّعام، وليس هو في الطير بالعامّ، وهو في الحمام وأصناف الحمام من هذه المغنيات والنوائح عامّ. وسبيل الحجل والقبج سبيل الدّيكة والدّجاج.
والدّجاجة تمكن كلّ ديك، والدّيك يثب على كلّ دجاجة. وربّما غبر الحمام الذّكر حياته كلّها لا يقمط غير أنثاه، وكذلك الأنثى لا تدعو إلا زوجها، وربّما أمكنت غيره، وفي الحمام في هذا الباب من الاختلاف ما في النساء والرجال.
فأما الشّفنين (1) فإنّه لا يقمط غير أنثاه، وإن هلكت الأنثى لم يزاوج أبدا، وكذلك الأنثى للذكر.
2058 [عجائب البيض]
فأمّا العلة في وضع القطا بيضها أفرادا، وخروج البضة من جهة أوسع الرّأسين، واستدارة بيض الرّقّ، واستطالة بيض الحيات، وما يكون منها أرقط وأخضر وأصفر وأبيض وأكدر وأسود، فإنّي لم أرض لهم في ذلك جوابا فأحكيه لك.
2059 [معارف في البيض]
قالوا: وإنما يعظم البيض على قدر جثّة البيّاضة. وبيض الأبكار أصغر. فأمّا كثرة العدد فقالوا إنه كلما كان أكثر سفادا كان أكثر عددا. وليس الأمر كذلك، لأنّ العصفور أكثر سفادا من أجناس كثيرة هي أقلّ بيضا منه.
والجراد والسّمك لا حضن ولا زقّ ولا رضاع ولا تلقيم عليهن، فحين جعل الفراخ كثيرة العدد، وكانت الأمّهات والآباء عاجزة عنها، لم يجعلها محتاجة إلى الأمّهات والآباء.
فتفهّم هذا التدبير اللطيف، والحكمة البالغة.
__________
(1) الشفنين: هو اليمام، وانظر الخبر في 3/ 251، الفقرة (921).(7/43)
2060 [أقل الحيوان نسلا وأكثره]
قالوا: والأقلّ في ذلك البازي، والأكثر في ذلك الذّرّ والسّمك.
قال الشاعر (1): [من الوافر] بغاث الطّير أكثرها فروخا ... وأمّ الباز مقلات نزور
وقال صاحب المنطق: نسل الأسد أقلّ لأنه يجرح الرحم فيعقم، قالوا: والفيلة تضع في سبع سنين، وأقلّ الخلق عددا وذرءا الكركدّن، لأنّ الأنثى تكون نزورا، وأيام حملها كثيرة جدّا (2)، وهي من الحيوان الذي لا يلد إلّا واحدا، وكذلك عظام الحيوان. وهي مع ذلك تأكل أولادها، ولا يكاد يسلم منها إلّا القليل، لأنّ الولد يخرج سويّا نابت الأسنان والقرن، شديد الحافر.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد خاصّة وعلى أنبيائه عامّة، ونسأله التأييد والعصمة، ونعوذ به من كلّ سبب جانب الطّاعة، ودعا إلى المعصية، إنه قريب مجيب، فعّال لما يريد.
قد قلنا في أول هذا الجزء، وهو الجزء السابع، من القول في الحيوان في أحساس أجناسها المجعولة فيها، وفي معارفها المطبوعة عليها، وفي أعاجيب ما ركّبت عليه من الدّفع عن أنفسها، والتقدّم فيما يحييها وفي تحسّسها عواقب أمورها وكلّ ما خوّفت من حوادث المكروه عليها بقدر ما ينوبها من الآفات، ويعتريها من الحادثات وأنّها تدرك ذلك بالطّبع من غير رويّة، وبحسّ النّفس من غير فكرة، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكّر، ولينفي عن نفسه العجب، ويعرف مقداره من العجز، ونهاية قوّته، ومبلغ نفاذ بصره، وأنه مخلوق مدبّر ومصرّف وميسّر، وأنّ الأعجم من أجناس الحيوان، والأخرس من تلك الأشكال، يبلغ في تدبير معيشته، ومصلحة شأنه، وفي
__________
(1) تقدم البيت ص 38مع تخريج واف.
(2) في ربيع الأبرار 5/ 434: «وأيام حملها كأيام حمل الفيلة»، أي سبع سنين كما تقدم في السطر السابق.(7/44)
كلّ ما هو بسبيله، ما لا يبلغه ذو الرّويّة التامّة، والمنطق البليغ، وأنّ منها ما يكون ألطف مدخلا، وأدقّ مسلكا، وأصنع كفّا، وأجود حنجرة، وأطبع على الأصوات الموزونة، وأقوم في حفظ ما يعيشه طريقة، إلّا أنّ ذلك منها مفرّق غير مجموع، ومنقطع غير منظوم.
والإنسان ذو العقل والاستطاعة، والتصرّف والرويّة، إذا علم علما غامضا، وأدرك معنى خفيا، لم يكد يمتنع عليه ما دونه إذا قاس بعض أمره على بعض.
وأجناس الحيوان قد يعلّم بعضها علما، ويصنع بكفّه صنعة يفوق بها الناس، ولا يهتدي إلى ما هو دون ذلك بطبع ولا رويّة، وعلى أنّ الذي عجز عنه في تقدير العقول دون الذي قدر عليه.
[ما جاء في الفيلة]
وأنا ذاكر إن شاء الله، ما جاء في الفيلة من عجيب التركيب، وغريب التأليف، والمعارف الصّحيحة، والأحساس اللطيفة، وفي قبولها التّثقيف والتّأديب، وسرعتها إلى التلقين والتّقويم، وما في أبدانها من الأعضاء الكريمة، والأجزاء الشريفة، وكم مقدار منافعها، ومبلغ مضارّها، وبكم فضلت أجناس الحيوان، وفاقت تلك الأجناس.
وما جعل الله تعالى فيها من الآيات والبرهانات، والعلامات النيّرات، التي جلاها لعيون خلقه وعرّف بينها وبين عقول عباده، وقيّدها عليهم، وحفظها لهم ليكثّر لهم من الأدلة، ويزيدهم في وضوح الحجّة، ويسخّرهم لتمام النّعمة، والذي ذكرها الله به في الكتاب الناطق، والخبر الصادق، وما في الآثار المعروفة، والأمثال المضروبة، والتجارب الصحيحة.
وما قالت فيها الشعراء، ونطقت به الخطباء، وميّزته العلماء، وعجّبت منه الحكماء، وحالها عند الملوك وموضع نفعها في الحروب، ومهابتها في العيون، وجلالتها في الصّدور، وفي طول أعمارها، وقوّة أبدانها، وفي اعتزامها وتصميمها، وأحقادها، وشدّة اكتراثها، وطلبها بطوائلها، وارتفاعها عن ملك السّقّاط والحشوة، وعن اقتناء الأنذال والسّفلة، وعن ارتخاصها في الثمن وارتباطها على الخسف، وابتذالها وإذالتها، وعن امتناع طبائعها، وتمنّع غرائزها أن تصلح أبدانها، وتنبت أنيابها، وتعظم جوارحها، وتتسافد وتتلاقح إلّا في معادنها وبلادها، وفي منابتها ومغارس أعراقها، مع التماس الملوك ذلك منها، حتى أعجزت الحيل، وخرجت من حدّ الطّمع.
وعن الإخبار عن حملها ووضعها، ومواضع أعضائها، والذي خالفت فيه الأشكال الأربعة التي تحيط بالجميع مما ينساح أو يعوم، أو يمشي أو يطير، وجميع ما ينتقل عن أوّليّة خلقه، وما يبقى على الطّبائع الأول من صورته وعمّا يتنازعه من شبه الحيوان، أو ما يخالف فيه جميع الحيوان، وعن القول في شدّة قلبه وأسره، وفي جرأته، على ما هو أعظم بدنا وأشدّ كلبا، وأحدّ أظفارا، وأذرب أنيابا، وهربه ممّا هو أصغر منه جرما وأكلّ حدّا، وأضعف أسرا، وأخمل ذكرا.(7/45)
وما قالت فيها الشعراء، ونطقت به الخطباء، وميّزته العلماء، وعجّبت منه الحكماء، وحالها عند الملوك وموضع نفعها في الحروب، ومهابتها في العيون، وجلالتها في الصّدور، وفي طول أعمارها، وقوّة أبدانها، وفي اعتزامها وتصميمها، وأحقادها، وشدّة اكتراثها، وطلبها بطوائلها، وارتفاعها عن ملك السّقّاط والحشوة، وعن اقتناء الأنذال والسّفلة، وعن ارتخاصها في الثمن وارتباطها على الخسف، وابتذالها وإذالتها، وعن امتناع طبائعها، وتمنّع غرائزها أن تصلح أبدانها، وتنبت أنيابها، وتعظم جوارحها، وتتسافد وتتلاقح إلّا في معادنها وبلادها، وفي منابتها ومغارس أعراقها، مع التماس الملوك ذلك منها، حتى أعجزت الحيل، وخرجت من حدّ الطّمع.
وعن الإخبار عن حملها ووضعها، ومواضع أعضائها، والذي خالفت فيه الأشكال الأربعة التي تحيط بالجميع مما ينساح أو يعوم، أو يمشي أو يطير، وجميع ما ينتقل عن أوّليّة خلقه، وما يبقى على الطّبائع الأول من صورته وعمّا يتنازعه من شبه الحيوان، أو ما يخالف فيه جميع الحيوان، وعن القول في شدّة قلبه وأسره، وفي جرأته، على ما هو أعظم بدنا وأشدّ كلبا، وأحدّ أظفارا، وأذرب أنيابا، وهربه ممّا هو أصغر منه جرما وأكلّ حدّا، وأضعف أسرا، وأخمل ذكرا.
وعن الإخبار عن خصاله المذمومة، وأموره المحمودة وعن القول في لونه وجلده وشعره، ولحمه وشحمه وعظمه، وبوله ونجوه، وعن لسانه وفمه، وعن أذنه وعينه، وعن خرطومه وغرموله، وعن مقاتله وموضع سلاحه، وعن أدوائه ودوائه، وعن القول في أنيابه وسائر أسنانه، وسائر عظامه، وفرق ما بين عظامه وعظام غيره، وعن مواضع عجزه وقوّته، والقول في ألبانها وضروعها، وعدد أخلافها وأماكن ذلك منها، وعن سياحتها ومشيها وحضرها وسرعتها، وخفّة وطئها ولين ظهورها، وإلذاذ راكبها، وعن ثبات خفّها في الوحل والرّمل، وفي الحدر والصّعداء، وعن أمن راكبها من العثار.
وكيف حالها عند اهتياجها واغتلامها، وعن سكونها وانقضاء هيجانها عند حملها، وعن طربها وطاعتها لسوّاسها، وفهمها لما يراد منها، وكيف حدّة نظرها والفهم الذي يرى في طرفها، مع الوقار والنّبل، والإطراق والسّكون، ولم اجتمعت الملوك عربها وعجمها وأحمرها وأسودها على اقتنائها والتزيّن بها، والفخر بكثرة ما تهيّأ لهم منها، حتى صارت عندهم من أكرم الهدايا، وأشرف الألطاف، وحتى صار اتخاذها مروءة وعتادا وعدّة، ودليلا على أنّ مقتنيها صاحب حرب.
وفي تفضيل خصال الفيل على خصال البعير، وفي أيّ مكان يكون أنفع في الحرب من الفرس، وأصبر عند القتال من النّمر، وأقتل للأسد من الجاموس، وأكلب من الببر إذا تعرّم (1)، وأشدّ من الكر كدّن إذا اغتلم، حتى لا يبلغه مقدار ما يكون من تماسيح الخلجان، وخيل النّيل، وعقبان الهواء، وأسد الغياض.
2061 [قصيدة هاورن مولى الأزد في الفيل]
وقد جمع هاورن مولى الأزد الذي كان يردّ على الكميت ويفخر بقحطان،
__________
(1) تعرم: صار عرما، أي شرسا شديدا.(7/46)
وكان شاعر أهل المولتان (1)، ولا أعرف من شأنه أكثر من اسمه وصناعته. وقد قال في صفات الفيل أشعارا كثيرة، ذكر فيها كثيرا ممّا قدّمنا ذكره، فمن ذلك قوله (2):
[من المتقارب] أليس عجيبا بأن خلقة ... له فطن الإنس في جرم فيل
وأنشدني هذا البيت صفوان بن صفوان الأنصاريّ، وكان من رواة داود بن مزيد: [من المتقارب] «أليس عجيبا بأن خلقة ... له فطن الإنس في جرم فيل» ... وأظرف من قشّة زولة ... بحلم يجلّ عن الخنشليل (3)
... وأوقص مختلف خلقه ... طويل النّيوب قصير النّصيل (4)
... ويلقى العدوّ بناب عظيم ... وجوف رحيب وصوت ضئيل ... وأشبه شيء إذا قسته ... بخنزير برّ وجاموس غيل ... تنازعه كلّ ذي أربع ... فما في الأنام له من عديل ... ويخضع للّيث ليث العرين ... بأن ناسب الهرّ، من رأس ميل (5)
... ويعصف بالببر بعد النّمور ... كما تعصف الرّيح بالعندبيل ... وشخص ترى يده أنفه ... فإن وصلوه بسيف صقيل ... وأقبل كالطّود هادي الخميس ... بهول شديد أمام الرّعيل (6)
... ومرّ يسيل كسيل الأتيّ ... بخطو خفيف وجرم ثقيل (7)
... فإن شمته زاد في هوله ... شناعة أذنين في رأس غول (8)
... وقد كنت أعددت هرّا له ... قليل التهيّب للزّندبيل
__________
(1) المولتان: بلد من بلاد الهند على سمت عزنة.
(2) نهاية الأرب 9/ 311. ومروج الذهب 2/ 117.
(3) القشة: الأنثى من القرود. الزولة: الطريفة. الخنشليل: الماضي والمسن القوي.
(4) الأوقص: القصير العنق. النصيل: ما تحت العين إلى الخطم.
(5) أي هو يخشى الأسد لأنه يشبه الهر.
(6) الهادي: المتقدم. الخميس: الحيش.
(7) الأتي: السيل لا يدرى من أين أتى.
(8) شمته: رأيته.(7/47)
فلما أحسّ به في العجاح ... أتانا الإله بفتح جميل ... فطار وراغم فيّاله ... بقلب نجيب وجسم نبيل ... فسبحان خالقه وحده ... إله الأنام وربّ الفيول
2062 [احتيال هارون بالهر لهزيمة الفيل]
وذكر صفوان بن صفوان أنّ هارون هذا خبّأ معه هرّا تحت حضنه، ومشى بسيفه إلى الفيل، وفي خرطومه السّيف، والفيالون يذمرونه، فلما دنا منه رمى بالهرّ في وجهه، فأدبر هاربا، وتساقط كلّ من كان فوقه، وكبّر المسلمون، وكان ذلك سبب الهزيمة (1).
وسنذكر الهرّ في هذا الشّعر كما كتبته لك.
2063 [استطراد لغوي]
وأمّا قوله: [من المتقارب] بحلم يجلّ عن الخنشليل
فقد قال الأنصاريّ (2) في صفة النّخل: [من المتقارب] تليص العشاء بأذنابها ... وفي مدر الأرض عنها فضول (3)
... ويشبعها المصّ مصّ الثّرى ... إذا جاعت الشّاة والخنشليل (4)
وهذا غير قوله (5): [من الرجز] قد علمت جارية عطبول ... أنّي بنصل السيف خنشليل
2064 [العندبيل]
وأما العندبيل فهو طائر صغير جدّا، ولذلك قال الشاعر: [من الطويل] وما كان يوم الرّيح أوّل طائر ... يروح كروح العندبيل إلى الوكر
__________
(1) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 429.
(2) الأبيات للأنصاري في مروج الذهب 2/ 118. والبيت الأول بلا نسبة في المخصص 12/ 225.
(3) تليص بذنبها: تحركه. المدر: قطع الطين اليابس.
(4) الخنشليل من الإبل: المسن.
(5) الرجز بلا نسبة في اللسان (خنشل، نصل)، والتاج (نصل)، والتهذيب 7/ 648، والجمهرة 1218، والمخصص 6/ 16.(7/48)
لأنّ الرّيح تعصف به من صغره، فهو يعرف ذلك من نفسه، فإذا قويت الرّيح دخل جحره، ويقولون عندليب وعندبيل وكلّ صواب، ولذلك قال هارون: [من المتقارب] ويعصف بالببر بعد النمور ... كما تعصف الرّيح بالعندبيل
وسنخبر عن تقرير ما في هذه القصيدة مفرّقا، إذ لم نقدر عليه مجموعا متّصلا، ولو أمكن ذلك لكان أحسن للكتاب، وأصحّ لمعناه، وأفهم لمن قرأه.
باب ما يدخل في ذكر الفيل وفيه أخلاط من شعر وحديث وغير ذلك
قال رؤبة (1) في صفة الفيل: [من الرجز] أجرد كالحصن طويل النّابين ... مشرّف اللّحي صغير الفقمين
عليه أذنان كفضل الثّوبين
وأنشد ابن الأعرابيّ (2): [من البسيط] هو البعوضة إن كلّفته كرما ... والفيل في كلّ أمر أصله لوم
وقال أعرابيّ ووصف امرأة له (3): [من الرجز] لو أكلت فيلين لم تخش البشم
وقال أعرابيّ يصف الأكرياء (4): [من الرجز] لو تركب البختيّ ميلا لأنحطم ... أو تركب الفيل بها الفيل رزم (5)
__________
(1) لم يرد الرجز في ديوان رؤبة.
(2) البيت في ربيع الأبرار 5/ 430، ورواية عجزه فيه.
(والفيل في كل أمر خالط اللوما).
(3) الرجز بلا نسبة في أساس البلاغة (أبب).
(4) الأكرياء: جمع كرى، وهو المكاري الذي يكريك دابته.
(5) رزم البعير: إذا كان لا يقدر على النهوض رزاحا وهزالا.(7/49)
وحمل ناس أبا الحلال الهدادي على الفيل أيّام الحجّاج، فتمنّع وأنشأ يقول:
[من الطويل] أأركب شيطانا ومسخا وهضبة ... إلا إنّ رأيي قبل ذاك مضلّل
فقالوا له: لو علوته ما كان عندك إلّا كالبغل! فلما علاه صاح: الأرض الأرض! فلما خافوا أن يرمي بنفسه وهو شيخ كبير، أنزلوه، فقال بعد ذلك في كلمة له (1):
[من الطويل] وما كان تحتي يوم ذلك بغلة ... ولكنّ جلبا من رفيع السّحائب
وقال بعض المتحدثين والمملّحين في بعض النساء (2): [من الهزج] أرادت مرّة بيتا ... لها فيه تماثيل ... فلما أبصرت سترا ... لوجهيه تهاويل ... وفيه الفيل منقوشا ... وفي مشفره طول ... قالت: انزعوا الستر ... فلا يأكلني الفيل
وقال خلف بن خليفة الأقطع، حين ذكر الأشراف الذين يدخلون على ابن هبيرة: [من المتقارب] وقامت قريش قريش البطاح ... مع العصب الأول الدّاخله ... يقودهم الفيل والزّندبيل ... وذو الضّرس والشّفة المائله
الفيل والزّنذبيل: أبان والحكم، ابنا عبد الملك بن بشر بن مروان، وذو الضّرس: خالد بن سلمة المخزومي الخطيب، وهو ذو الشّفة، قتل مع يزيد بن عمر ابن هبيرة فيمن قتل.
وقد فصل خلف بن خليفة الفيل من الزّندبيل، ولم يفسّر. وقد اختلفوا في ذلك، وسنذكره إذا جرّ سببه إن شاء الله تعالى.
الفيل، المعروف بهذا الاسم. ويقال رجل فيل إذا كان في رأيه فيالة، والفيالة:
__________
(1) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 430، وفيه أنه أنشد:
(وما كنت يوم الفيل فوق مطية ... ولكن على وطفاء جون ربابها)
(2) الأبيات في ربيع الأبرار 5/ 430.(7/50)
الخطأ والفساد. ويسمّون أيضا الرّجل بفيل، منهم فيل مولى زياد وحاجبه، وفي أنهار الفرات بالبصرة نهر يقال له فيل بانان وموضع آخر يقال له فيلان.
وقد يعرض بقدم الإنسان ورم جاس حتّى تعظم له قدمه وساقه، وصاحبه لا يبرأ منه، ويسمّى ذلك الورم داء الفيل.
ويسمّى الرّجل بدغفل، وهو ولد الفيل، ولا يسمّون بزندبيل. وبعض العرب يقول للذّكر من الفيلة فيل وللأنثى فيلة. كما يقولون أسد وأسدة، وذئب وذئبة، ولا يقولون مثل ذلك في ثعلب وضبع، وأمور غير ذلك، إلّا أن يكون اسما لإنسان.
وبعث رجل من العرب بديلا مكانه في بعض البعوث، وأنشأ يقول: [من الوافر] إذا ما اختبّت الشّقراء ميلا ... فهان عليّ ما لقي البديل (1)
... يشنّفها ويحسبها بعيرا ... قليل علمه بالخيل فيل (2)
وأنشدنا الأصمعيّ (3): [من الطويل] يفرّون والفيل الجبان كأنّه ... أزبّ خصيّ نفّرته القعاقع
قال سلمة بن عيّاش: قال لي رؤبة (4): «ما كنت أحب أن أرى في رأيك فيالة».
وبالكوفة باب الفيل، وبواسط باب الفيل.
ومنهم فيلويه، وهو أبو حاتم بن فيلويه، وكان أبو مسلم ربّى أبا حاتم حتّى اكتهل، وهما سقيا أبا مسلم السمّ حتى عولج بالترياق فأفاق، فقتلهما أبو مسلم بعد ذلك، وكانا على شبيه بدين الخرّميّة.
ويقولون عنبسة الفيل، وهو النحويّ، وهو أحد قدماء النحويّين الحذّاق. وهو عنبسة بن معدان، وكان معدان يروض فيلا لزياد، فلما أنشد عنبسة بن معدان هجاء جرير للفرزدق قال الفرزدق (5): [من الطويل] لقد كان في معدان والفيل زاجر ... لغنبسة الرّاوي عليّ القصائدا
__________
(1) اختبت: سارت الخبب، وهو ضرب من العدو.
(2) أراد بالفيل هنا: ضعف الرأي.
(3) البيت لطفيل في كتاب الجيم 3/ 41، ولم يرد في ديوان طفيل الغنوي.
(4) ورد قول رؤبة في ديوان كعب بن زهير 20، وفيه «قال سلمة بن عياش: أنشدني رؤبة شيئا فعبته عليه، فقال لي».
(5) البيت للفرزدق في اللسان والتاج (روى)، وبغية الوعاة 368، وربيع الأبرار 5/ 433، وليس في ديوانه.(7/51)
فلمّا تناشد النّاس بعد ذلك هذا الشعر قال عنبسة: إنّما قال الفرزدق:
لقد كان في معدان واللّؤم زاجر
فقالوا: إنّ شيئا فررت منه إلى اللّؤم لناهيك به قبحا! فعند ذلك سمّي «عنبسة الفيل» (1).
وغيلان الراجز كان يقال له «غيلان راكب الفيل» كان الحجّاج بن يوسف ربّما حمله على الفيل (2).
وسعدويه الطّنبوريّ، وكان يقال له: «سعدويه عين الفيل» (3).
قال أبو عبيدة: حدّثني يونس قال: لما بنى فيل مولى زياد داره وحمّامه بالسّبابجة، عمل طعاما لأصحاب زياد، ودعاهم إلى داره، وأدخلهم حمّامه، فلمّا خرجوا منه غدّاهم، ثم ركب وغبّر في وجوههم، فقال أبو الأسود الدّؤلي (4): [من الوافر] لعمر أبيك ما حمّام كسرى ... على الثّلثين من حمّام فيل
وقال الجارود بن أبي سبرة: [من الوافر] وما إرقاصنا خلف الموالي ... كسنّتنا على عهد الرسول
وأنشد الأصمعي وغيره (5): [من الطويل] خلافا علينا من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف فتذكرا
ويقال للرّجل إذا عنّف عند الرأي يراه: لم تفيّل رأيك؟ وقد فال رأي فلان.
وحدّثنا عبد الله بن بكر، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمّا انتهيت إلى السّدرة إذا ورقها أمثال آذان الفيلة، وإذا ثمرها أمثال القلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحوّلت ياقوتا» (6).
وقال صاحب الكيمياء في جرير بن يزيد: [من السريع] مهلا أبا العبّاس رفقا ولا ... تكن خصيم المعشر الخون
__________
(1) انظر الخبر في بغية الوعاة، وربيع الأبرار.
(2) ربيع الأبرار 5/ 434.
(3) ربيع الأبرار 5/ 434.
(4) ديوان أبي الأسود الدؤلي 99.
(5) البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 345، وشرح الأشموني 2/ 505، والبيان 2/ 187، ومجمع الأمثال 1/ 232، والفاخر 212.
(6) أخرجه البخاري من حديث طويل في بدء الخلق، برقم 3035، ومسلم في الإيمان برقم 164.(7/52)
هيهات هيهات لما رمته ... أو يولد الفيل من النّون ... أنت إذا ما عدّ أهل الحجا ... والحلم كالأحنف في سين (1)
2065 [الفرخ والفروج]
وكلّ طائر يخرج من البيض وكلّ ولد يخرج من البيض وإن لم يكن طائرا، فإنما يسمّى فرخا، كفرخ الحمام والوزغة والعظاءة والرق والسّلحفاء والحكاء، وبنات النّقا، وشحمة الأرض، والضب، والحرذون، والورل، والحرباء، إلا ما يخرج من بيض الدجاج فإنه يقال له «فرّوج» ولا يقال له فرخ، إلا أنّ الشعراء يتوسّعون في ذلك. قال شمّاخ بن أبي شداد (2): [من الوافر] ألا من مبلغ خاقان عنّا ... تأمّل حين يضربك الشّتاء ... أتجعل في عيالك من صغير ... ومن شيخ أضرّ به الفناء ... فراخ دجاجة يتبعن ديكا ... يلذن به إذا حمس الوغاء
وقال الآخر (3): [من الطويل] أحبّ إلينا من فراخ دجاجة ... ومن ديك أنباط تنوس غباغبه
2066 [بعض من سمّي بالفيل]
وإذا سمّى أهل البصرة إنسانا بغيل فأرادوا تصغيره قالوا فيلويه، كما يجعلون عمرا عمرويه، ومحمدا حمدويه.
وكان محمد بن إبراهيم الرّافقي الفارس النّجيد قتيل نصر بن شبث، مولى بني نصر بن معاوية، له كنيتان: أبو الفيل وأبو جعفر، ولم يكن بالجزيرة أفرس من داود بن عيسى، وأبي الفيل وعيسى بن منصور من ساكني الرافقة (4).
2067 [حمل الفيل وعمره]
وذكر بعض الفيّالين أنّ الفيلة تضع لسبع سنين ولدا مستوي الأسنان، وأنهم
__________
(1) لعله أراد أنهما مستويان كاستواء أسنان حرف السين.
(2) تقدمت الأبيات في 1/ 131منسوبة إلى الشماخ بن ضرار، وهي في ديوانه 427.
(3) البيت بلا نسبة في المخصص 8/ 167، وتقدم في 1/ 131.
(4) الرافقة: بلدة كانت متصلة البناء بالرقة على ضفة الفرات.(7/53)
يرصدون ذلك الوقت من الوحشية منها، ويحتالون في أخذ الولد، وأن ذلك الولد يعيش في أيديهم ما بين الثمانين سنة إلى المائة، وأنّ عمر الوحشية أطول (1).
وأنّ كلّ شيء منها اليوم بالعسكر إناث، وأنّ الموت بالعراق إلى الذّكورة أسرع، وأنّ نابه لا يطول عندنا، وأنّهم يعملون من جلودها التّرسة (2) أجود من جلود الجواميس، ومن الخيزران، ومن الدّرق والحجف (3) التي تتخذ من جلود الإبل، ومن هذه المعقّبة المطليّة، ومن جميع ما يؤلّف من أنواع الخشب والجلود التي قد أطيل إنقاعها في اللّبن، ومن كلّ تبّتيّ وصينيّ.
2068 [مروج الفيلة]
وذكر أن لها مروجا، وأن المروج أصلح لها من القرى، ومواضعها من الوحش أصلح لها من المروج.
2069 [فهم الفيلة وغيرها من الحيوان]
وذكر رسول لي إلى سائسها أنه قد اتّبعها إلى دجلة، وأنّ بعض الغوغاء صاح بها: يا حجّام بابك! وهذا الكلام اليوم ظاهر على ألسنة الجهّال، وأن فيلا منها ركله برجله ركلة صكّ بها الحائط حتّى خيف عليه منها، وأنه رأى منها الإنكار لذلك القول، وأنّ الفيّال كان يحثّها على الانتقام لمّا صاح بها.
وإذا عرف الكلب اسمه، وكذلك السنّور، وكذلك الشّاة والفرس، والطفل والمجنون المصمت الجنون، وعرفت النّاقة فصل ما بين حل وجاه، وعرف الحمار الصّوت الذي يلتمس به وقوفه، والذي يلتمس به سيره، وعرف الكلب مخاطبة الكلّاب، والببغاء مناغاة المكلّم له، فجائز أن يكون الفيل بفضل فطنته أن يفهم أضعاف ذلك. فإذا أمروه بضرب إنسان عند ضرب من الكلام استعاد ذلك وأدامه، لم ينكر أن يعرفه على طول الترداد.
2070 [التداوي بنجو الفيل وغيره من الحيوانات]
قالوا (4): وإذا احتملت المرأة شيئا من نجو الفيل بعد أن يخلط به شيء من عسل فإنها لا تحبل أبدا.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 429.
(2) ربيع الأبرار 5/ 429.
(3) الحجف: الترس من جلود ليس فيه خشب.
(4) ربيع الأبرار 5/ 429.(7/54)
قالوا: ومما يؤكّد ذلك أنّك لو علّقت على شجرة من نجوه شيئا، إنّ تلك الشجرة لا تحمل في تلك السنة.
قالوا: وزواني الهند يفعلن ذلك استبقاء للطّراء وللشّباب، ولأنها إذا كانت موقوفة على جميع الأجناس من الرّجال كانت أسرع إلى الحبل لأنها لا تعدم موافقا لطبعها، وإذا حملت ووضعت مرارا بطلت.
وليس هذا بعجيب، لأنهم يزعمون أنّ صاحب الحصاة إذا أخذ روث الحمار حين يروثه حارّا فعصره وشرب ماءه أنه كثيرا ما يبول تلك الحصاة. وفي ماء روث الحمار أيضا دواء للضّرس المأكول (1).
وقال الأصمعيّ: سألت بعض (2) الأكلة ممن كان يقدّم على ميسرة التّرّاس:
كيف تصنع إذا جهدتك الكظّة؟ والعرب تقول: إذا كنت بطينا فعدّل نفسك زمنا، فقال: آخذ روث حمار حارّا فأعصره وأشرب ماءه فأختلف عنه مرارا، فلا أثبت أن يلحق بطني بصلبي، فأشتهي الطّعام.
والمرأة من نسائنا اليوم إذا استحيضت استفّت مثقالا من الإثمد، لأنها عندهن إذا فعلت ذلك لم تلد.
وأنا رأيت امرأة قد فعلت ذلك ثم ولدت.
وخرء الكلب إذا كان الجعر أبيض اللّون، وكان غذاء الكلب العظام دون اللحم، فهو عجيب لصاحب الذّبحة، وكذلك رجيع الإنسان.
وخرء الفار يكون شيافا (3) للصّبيان، يحملونه إذا استوكى بطن أحدهم وإن كان من خرء الجرذان وكان عظيما كان الواحد منه هو الشّياف.
ويصلح أيضا خرء الفار لداء الثّعلب، وهو القرع الذي يعرض لشعر الرّأس.
وخرء الحمام الأحمر يصلح، من المبولات للرّمل والحصى، يقمح منه وزن درهم مع مثله من الدّارصيني.
2071 [شعر في الفيل]
وقال بعض المحدثين (4): [من السريع]
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 403.
(2) اسمه: ميسرة الفراس، كما في ربيع الأبرار 5/ 403، حيث ورد الخبر.
(3) الشياق: أدوية للعين وغيرها.
(4) الأبيات لبعض المحدثين في عيون الأخبار 4/ 55.(7/55)
يا لحية طالت على نوكها ... كأنها لحية جبريل ... لو كان ما ينصبّ من مائها ... نهرا إذا طمّ على النّيل ... أو كان ما يقطر من دهنها ... كيلا لوفّى ألف قنديل ... فلو تراها وهي قد سرّحت ... حسبتها بندا على فيل (1)
وأنشد أبو عمرو الشيبانيّ لبعض المولّدين (2): [من المنسرح] إذا تلاقى الفيول وازدحمت ... فكيف حال البعوض في الوسط
وأنشد علي بن محمد: [من المتقارب] وما الفيل أحمله موقرا ... رصاصا بأثقل من معبد ... ولا قرمليّ عليه الغبيط ... ينوء بعدلين من إثمد (3)
... وجاموسة أوقرت زئبقا ... بأثقل منه ولا أنكد
وقال آخر: [من السريع] باب يرى ليس له داخل ... إلّا خرا جمّع في الزّاويه ... إن جئت فالفيل على هامتي ... ومثله نيط بأوصاليه
ووصف مرّة بن محكان قدرا فقال (4): [من البسيط] ترمي الصّلاة بنبل غير طائشة ... وفقا إذا آنست من تحتها لهبا (5)
... زيّافة مثل جوف الفيل مجفرة ... لو يقذف الرّأل في حيزومها ذهبا (6)
وقال بعض الأكرياء في امرأة كان حملها: [من الرجز] بيضاء من رفقة عمران الأصمّ ... لا ثعل في سنّها ولا قصم (7)
__________
(1) البند: العلم الكبير.
(2) البيت في عيون الأخبار 2/ 128وفيه «قال بعض الشعراء في تلاقي العلماء».
(3) القرملية من الإبل الصغار الكثيرة الأوبار. الغبيط: الرحل.
(4) البيتان في شرح الديوان للمرزوقي 1562، وأشعار اللصوص 113.
(5) الصّلاة: جمع صال، وهو الذي يصطلي بالنار. وفقا: متوافقات.
(6) زافت المرأة في مشيتها: إذا رأيتها كأنها تستدير. المجفرة: الواسعة. المرأل: فرخ النعام.
(7) الثعل: تراكب الأسنان بعضها على بعض. القصم. انكسار الثنية من النصف.(7/56)
بهكنة لو تركب الفيل رزم ... كأنّها يوم توافي بالحرم (1)
غمامة غرّاء عن غبّ رهم (2)
وقال رؤبة بن العجّاج (3): [من الرجز] إنّ الرّدافى والكريّ الأرقبا ... يكفيك درء الفيل حتى تركبا (4)
ثم قال (5): [من الرجز] يشقى بي الغيران حتّى أحسبا ... سيدا مغيرا أو لياحا مغربا (6)
2072 [ما ورد في شأن الفيل من الأمثال في كليلة ودمنة]
ومما قرأه الناس من الأمثال في شأن الفيل التي وجدوها في كتاب كليلة ودمنة. فمن ذلك قوله (7): «أفلا ترى أنّ الكلب يبصبص بذنبه مرارا حتى تلقى له الكسرة، وإنّ الفيل المغتلم ليعرف قوّته وفضله (8)، فإذا قدّم إليه علفه مكرّما لم يأكل حتى يمسح ويتملّق» (9).
قال (10): «وقيل في أعماله ثلاثة (11) لا يستطيعها أحد إلا بمعونة من ارتفاع همة، وعظيم خطر، منها عمل السلطان (12)، وتجارة البحر، ومناجزة العدوّ. وقالت العلماء في الرّجل الفاضل [الرشيد] (13): إنّه لا ينبغي أن يرى إلا في مكانين، ولا
__________
(1) البهكنة: الجارية الخفيفة الروح. رزم البعير: لم يقدر على النهوض.
(2) الرهم: جمع رهمة، وهو المطر الضعيف.
(3) لم يرد الرجز في ديوان العجاج.
(4) الردافي: الحداة، جمع حاد. الكري: الذي يكري دابته. الأرقب: الغليظ الرقبة. درء الفيل: دفعه وكفه.
(5) لم يرد الرجز في ديوان العجاج، وهو في البرصان 85منسوب إلى رؤبة وليس في ديوانه.
(6) الغيران: جمع غور، وهو المطمئن من الأرض. السيد: الذئب. اللياح: الثور الأبيض. المغرب:
الأبيض.
(7) انظر باب «الأسد والثور» ص 97من كليلة ودمنة.
(8) في كليلة ودمنة «أن الفيل المعترف بفضله وقوته».
(9) في كليلة ودمنة «حتى يمسح وجهه ويتملق له».
(10) باب الأسد والثور ص 101من كليلة ودمنة.
(11) في كليلة ودمنة: «وقد قيل إن خصالا ثلاثة لن يستطيعها»
(12) في كليلة ودمنة: «منها صحبة السلطان».
(13) إضافة من كليلة ودمنة.(7/57)
يليق به غيرهما إمّا مع الملوك مكرّما، وإمّا مع النّسّاك متبتّلا، كالفيل إنما بهاؤه وجماله في مكانين: إمّا في برّية وحشيّا (1)، وإما مركبا للملوك».
قال (2): «وقد قيل في أشياء ثلاثة فضل ما بينها متفاوت: فضل المقاتل على المقاتل، وفضل الفيل على الفيل، وفضل العالم على العالم».
وقال في كلام آخر (3): «فإن لم تنجع الحيلة فهو إذا القدر الذي لا يدفع، فإنّ القدر هو الذي يسلب الأسد قوّته حتى يدخله التّابوت، وهو الذي يحمل الرّجل الضّعيف على ظهر الفيل المغتلم، وهو الذي يسلّط الحوّاء على الحيّة ذات الحمة فينزع حمتها ويلعب بها.
قال (4): «ومن لم يرض من الدّنيا بالكفاف الذي يغنيه، وطمحت عيناه إلى ما فوق ذلك، ولم ينظر إلى ما يتخوّف أمامه، كان مثله مثل الذباب الذي ليس يرضى بالشجر والرياحين حتى يطلب الماء الذي يسيل من أذن الفيل المغتلم، فيضربه بأذنه فيهلك».
وقال (5): «فأقام الجمل مع الأسد حتى إذا كان ذات يوم توجّه الأسد نحو الصيد، فلقيه فيل فقاتله قتالا شديدا، وأفلت الأسد مثقلا يسيل دما، قد جرحه الفيل بأنيابه، فكان لا يستطيع أن يطلب صيدا، فلبث الذئب والغراب وابن آوى أياما لا يجدون ما يعيشون به من فضول الأسد».
وقال (6): «وكيف يرجو إخوانك عندك وفاء وكرما وأنت قد صنعت بملكك الذي كرّمك وشرّفك ما صنعت، بل مثلك في ذلك كما قال التاجر: إنّ أرضا يأكل جرذانها مائة منّ من حديد، غير مستنكر أن تخطف بزاتها الفيلة».
قال (7): «وقال الجرذ للغراب: أشد العداوة عداوة الجوهر. وعداوة الجوهر
__________
(1) في كليلة ودمنة «إما أن تراه وحشيا».
(2) كليلة ودمنة 103102. وفيه «وقد يقال إن الفضل في أمرين: فضل المقاتل على المقاتل والعالم على العالم».
(3) كليلة ودمنة، باب الأسد والثور مثل النحلة والنور 132.
(4) كليلة ودمنة، باب الأسد والثور مثل الذئب والغراب وابن آوى مع الجمل 133.
(5) كليلة ودمنة، باب الأسد والثور مثل الذئب والغراب وابن آوى مع الجمل 134.
(6) كليلة ودمنة، باب الأسد والثور مثل التاجر والحديد 146.
(7) كليلة ودمنة، باب الحمامة المطوقة 176175.(7/58)
عداوتان، منها عداوة متجازية كعداوة الفيل والأسد، فإنّه ربّما قتل الفيل الأسد، وربّما قتل الأسد الفيل، ومنها عداوة إنما ضررها من أحد الجانبين على الآخر كعداوة ما بيني وبين السنّور، فإنّ العداوة بيننا ليست لضرّ منّي عليه، ولكن لضرّ منه عليّ».
وقال (1): «إن الكريم إذا عثر لم يستعن إلا بالكريم، كالفيل إذا وحل لم يستخرجه إلا الفيلة».
2073 [ضروب العداوات]
وسنذكر عداوة الشيطان للإنسان، والإنسان للشّيطان. وهما عداوتان مختلفتان وعداوة الله للكافر، وعداوة الكافر لله، وهاتان العداوتان غير تينك، وهما في أنفسهما مختلفتان، وهما والتي قبلها مخالفة لعداوة العقرب للإنسان، وعداوة العقرب مخالفة لعداوة الحيّة، وعداوة الإنسان لهما مخالفة لعداوة كلّ منهما للإنسان. وعداوة الذئب والأسد، والأسد والإنسان خلاف عداوة العقرب والحية، وعداوة النمر للأسد والأسد للنمر مخالفة لجميع ما وصفنا. ومسالمة الببر للأسد غير مسالمة الخنفساء والعقرب. وشأن الحيات والوزغ خلاف شأن الخنافس والعقارب.
وعداوة الإنسان خلاف عداوة ذلك كلّه. وابن عرس أشدّ عداوة للجرذان من السنّور، وعداوة البعير للبعير، والبرذون للبرذون، والحمار للحمار شكل واحد. وعداوة الذّئب خلاف ذلك. والشّاة أشدّ فرقا منه منها من الأسد والنمر والببر، وهي أقوى عليها من الذّئب. وفرق الدّجاج من ابن آوى أشدّ من فرقها من الثّعلب، والحمام أشدّ فرقا من الشاهين منه من الصّقر والبازي.
2074 [أسباب عداوات الناس]
وأسباب عداوات النّاس ضروب: منها المشاكلة في الصناعة، ومنها التقارب في الجوار، ومنها التقارب في النّسب، والكثرة من أسباب التّقاطع في العشيرة والقبيلة، والسّاكن عدو للمسكن، والفقير عدوّ للغني وكذلك الماشي والراكب، وكذلك الفحل والخصيّ، و «بغضاء السّوق موصولة بالملوك»، وكذلك [المعتق عن دبر] (2)، والموصى له بالمال الرغيب، وكذلك الوارث والموروث، ولجميع هذا تفسير ولكنه يطول.
__________
(1) كليلة ودمنة، باب الحمامة المطوقة 188.
(2) المعتق عن دبر: هو الذي يسميه الفقهاء «المدبر» وهو الذي تعلق حريته بموت مالكه، يقول له:
أنت حر بعد موتي.(7/59)
2075 [عداوات الحيوان]
وذكر صاحب المنطق عداوة الغراب للحمار، والنّحويون ينشدون في ذلك قول الشّاعر (1): [من الرجز] عاديتنا لا زلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب
ولا أدري من أين وقع هذا إليهم.
وذكر أيضا عداوة البوم للغراب. وكذلك عصفور الشّوك للحمار (2)، وفي هذا كلام كثير قد ذكرنا بعضه في أوّل كتابنا هذا من الحيوان.
2076 [رجع إلى الأمثال في كليلة ودمنة]
ثم رجعنا إلى الإخبار عن الأمثال.
قال (3): وأكيس الأقوام من لا يلتمس الأمر بالقتال ما وجد عن القتال مذهبا فإن القتال إنما النفقة فيه من الأنفس، وسائر الأشياء إنما النّفقة فيها من الأموال. فلا يكوننّ قتال البوم من رأيك، فإنّ من يراكل (4) الفيل يراكل الحين.
قال (5): فأجابه الجرذ فقال: إنّه ربّ عداوة باطنة ظاهرها صداقة، وهي أشدّ ضررا من العداوة الظاهرة، ومن لم يحترس منها وقع موقع الرّجل الذي يركب ناب الفيل المغتلم ثمّ يغلبه النّعاس (6).
قال (7): واعلم أنّ كثيرا من العدوّ لا يستطاع بالشدّة والمكابرة حتى يصاد بالرّفق والملاينة، كما يصاد الفيل الوحشيّ بالفيل الأهليّ.
وقال (8): إنّ العشب كما رأيت في اللّين والضّعف، وقد يجمع منه الكثير فيصنع منه الحبل القويّ الذي يوثق به الفيل المغتلم.
__________
(1) تقدم الرجز في 2/ 281، 3/ 219.
(2) انظر ما تقدم في 2/ 281.
(3) كليلة ودمنة، باب البوم والغربان 196.
(4) المراكلة: الضرب بالرجل.
(5) كليلة ودمنة، باب الجرذ والسنور 241.
(6) بعده في كليلة ودمنة: «فيستيقظ تحت فراسن الفيل فيدوسه ويقتله».
(7) كليلة ودمنة، باب الملك والطائر فنزة 247.
(8) كليلة ودمنة، باب الأسد وابن آوى 252.(7/60)
قال (1): وقالوا: نريد أحبّ بنيك إليك، وأكرمهم عليك، ونريد كال الكاتب صاحب سرّك، والسيف الذي لا يوجد مثله، والفيل الأبيض الذي لا تلحقه الخيل الذي هو مركبك في القتال. ونريد الفيلين العظيمين اللذين يكونان مع الفيل الذّكر.
2077 [الفيلة في الحروب]
وقد سمعنا في هذا الحديث والإخبار عن أيام القادسيّة ويوم جسر مهران، وقسّ النّاطف، وجلولاء، ويوم نهاوند، بالفيل الأبقع، والفيل الأسود، والفيل الأبيض، والناس لم يروا بالعراق فيلا أوبر، ولا فيلا أشعر.
2078 [الفيلة المستأنسة]
والفيلة التي كانت مع الفرس، حكمها حكم الفيلة التي كانت عند أمير المؤمنين المنصور، وعند سائر الخلفاء من بعده، وكلها جرد مغضّبة، ولم نلق أحدا رآها وحشيّة قبل أن تصير في القرى والمواضع التي يذكرها.
2079 [تبدل حال الحيوان إذا أخرج من موطنه]
وقد علمنا أنّ الطائر الصّيود من الجوارح، لو أقام في بلاده مائة عام لم يحدث لمنسره زوائد، وعير العانة إذا أقام في غير بلاده احتاج إلى الأخذ من حافره، وإلى أن يختلف به إلى البيطار، والطائر الوحشيّ من هذه المغنّيات والنوائح، لو أقام عندنا دهرا طويلا لم يصوّت إذا أخذناه وقد كرّز (2). وكذلك المزاوجة والتعشيش والتّفريخ.
2080 [التكاثر بالفيلة]
قال: وكلّ ملك كان يصل إلى أن تكون عنده فيلة فإنّه كان لا يدع الاستكثار منها والتجمل بها، والتّهويل بمكانها عنده، ولا يدع ركوبها في الحروب، وفي الأعياد، وفي يوم الزّينة.
2081 [الفيل في الشعر]
وقد كانت عند حمير والتبابعة والمقاول والعباهلة من ملوكهم، وأبي اليكسوم من ملوك الحبشة، وعند ملوك سبأ، مقرّبة مكرّمة. يدلّ على ذلك الأشعار المعروفة،
__________
(1) كليلة ودمنة، باب إيلاذ وبلاذ وإيراخت 268.
(2) كرز الطائر: سقط ريشه.(7/61)
والأخبار الصحيحة. ألا ترى أن الأعشى ذكر مأرب وملوك سبأ وسيل العرم، فقال (1):
[من المتقارب] ففي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب عفّى عليها العرم ... رخام بنته له حمير ... إذا جاء ماؤهم لم يرم (2)
... فأروى الحروث وأعنابها ... على ساعة ماؤهم قد قسم ... وطار الفيول وفيّالها ... بتيهاء فيها سراب يطمّ (3)
وكان الأقيبل القينيّ مع الحجاج يقاتل ابن الزّبير، فلما رأى البيت يرمى بالمنجنيق أنشأ يقول (4): [من الطويل] ولم أر جيشا غرّ بالحجّ قبلنا ... ولم أر جيشا مثلنا كلّهم خرس ... دلفنا لبيت الله نرمي ستوره ... بأحجارنا نهب الولائد للعرس ... دلفنا لهم يوم الثلاثاء من منى ... بجيش كصدر الفيل ليس له رأس
فلما فزع وعاذ بقبر مروان، وكتب له عبد الملك كتابا إلى الحجّاج يخبره فيه، وفوّض الأمر إليه، قال (5): [من البسيط] وقد علمت لو انّ العلم ينفعني ... أنّ انطلاقي إلى الحجّاج تغرير ... مستحقبا صحفا تدمى طوابعها ... وفي الصّحائف حيّات مناكير ... لئن رحلت إلى الحجّاج معتذرا ... إنّي لأحمق من تخدي به العير
2082 [لسان الفيل]
وكلّ حيوان في الأرض ذو لسان فأصل لسانه إلى داخل، وطرفه إلى خارج إلّا الفيل، فإنّ طرف لسانه إلى داخل، وأصله إلى خارج (6).
وتقول الهند: إنّ لسان الفيل مقلوب، ولولا أنّه مقلوب ثمّ لقن الكلام لتكلم.
__________
(1) ديوان الأعشى 93، ومعجم البلدان 5/ 37 (مأرب).
(2) لم يرم: لم يبرح.
(3) التيهاء: المفازة.
(4) انظر الأبيات مع الخبر في المؤتلف والمختلف 24.
(5) تقدمت الأبيات في 4/ 284.
(6) ربيع الأبرار 5/ 430، ومروج الذهب 2/ 121، وتقدم في 1/ 204.(7/62)
2083 [بعض خصائص الحيوان]
وكلّ سمك يكون في الماء العذب فإنّ له لسانا ودماغا، إلّا ما كان منها في الماء الملح، فإنّه ليس لسمك البحر لسان ولا دماغ (1).
وكلّ شيء يأكل بالمضغ دون الابتلاع فإنّه إنما يحرّك فكه الأسفل، إلّا التمساح فإنّه إنّما يحرّك فكّه الأعلى (2).
وكلّ ذي عين من ذوات الأربع من السّباع والبهائم الوحشية والأهلية، فإنما الأشفار لجفونها الأعالي إلّا الإنسان، فإنّ الأشفار للأعالي والأسافل.
وكلّ حيوان ذي صدر فإنّه ضيّق الصّدر، إلّا الإنسان فإنّه واسع الصّدر وليس لشيء من ذكورة جميع الحيوان وإناثها ثدي في صدره إلا الإنسان والفيل (3). وقال ابن مقبل (4): [من البسيط] وليلة مثل ظهر الفيل غيّرها ... طلس النّجوم إذا اغبرّ الدياميم (5)
2084 [ضخامة الفيل وظرفه]
والفيل أضخم الحيوان وهو مع ضخمه أملح وأظرف وأحكى وهو يفوق في ذلك كلّ خفيف الجسم، رشيق الطبيعة.
وإنّما الحكاية من جميع الحيوان في الكلب والقرد والدّبّ والشّاة المكّيّة.
وليس عند الببغاء إلّا حكاية صور الأصوات، فصار مع غلظه وضخمه وفخامته أرشق مذهبا، وأدقّ ظرفا، وأظهر طربا. وهذا من أعجب العجب. وما ظنّكم بعظم خلق ربّما كان في نابيه أكثر من ثلاثمائة منّ (6).
2085 [قول المتعصبين على الفيل]
فقال من يعارضهم: قد أجمعوا على أنّ أعظم الحيوان خلقا السمكة والسرطان.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 439.
(2) ربيع الأبرار 5/ 439، وتقدم في 1/ 204.
(3) ربيع الأبرار 5/ 430.
(4) ديوان ابن مقبل 270، ورواية عجز البيت فيه: (طمس الكواكب والبيد الدياميم)
(5) في ديوانه: «غيّرها: أي غير من لونها المظلم. طمس: جمع طامس، وكوكب طامس: أي ضعيف النور، يذهب ضوؤه ويجيء. الدياميم: جمع ديمومة، وهي الصحراء البعيدة الأرجاء يدوم السير فيها. والصحارى تغير ظلام الليل الأسود بلونها الضارب إلى البياض».
(6) المن: الرطل.(7/63)
وحكوا عن عظم بعض الحيّات، حتى ألحقوه بهما، وأكثروا في تعظيم شأن التّنّين فليس لكم أن تدّعوا للفيل ما ادّعيتم.
2086 [رد صاحب الفيل على خصمه]
قال صاحب الهند والمعبّر عن خصال الفيل (1): أمّا الفيل وعلوّ سمكه، وعظم جفرته، واتّساع صهوته، وطول خرطومه، وسعة أذنه، وكبر غرموله، مع خفّة وطئه، وطول عمره، وثقل حمله، وقلة اكتراثه لما وضع على ظهره، فقد عاين ذلك من الجماعات من لا يستطيع الردّ عليها إلّا جاهل أو معاند. وأمّا ما ادّعيتم من عظم الحيّة وأنّا متى مسحنا طولها وثخنها، وأخذنا وزنها كانت أكثر من الفيل، فإنّا لم نسمع هذا إلا في أحاديث الرقّائين، وأكاذيب الحوّائين، وتزيّد البحريّين.
وأما التنّين فإنّما سبيل الإيمان به سبيل الإيمان بعنقاء مغرب. وما رأيت مجلسا قطّ جرى فيه ذكر التنّين إلّا وهم ينكرونه ويكذّبون المخبر عنه، إلّا أنا في الفرط ربّما رأينا بعض الشاميّين يزعم أنّ التّنّين إعصار فيه نار يخرج من قبل البحر في بعض الزّمان، فلا يمرّ بشيء إلّا أحرقه، فسمّى ذلك ناس «التّنّين»، ثمّ جعلوه في صورة حيّة.
وأما السّرطان فلم نر أحدا قط ذكر أنّه عاينه، فإن كنّا إلى قول بعض البحريّين نرجع، فقد زعم هؤلاء أنّهم ربما قربوا إلى بعض جزائر البحر، وفيها الغياض والأودية واللّخاقيق (2)، وأنّهم في بعض ذلك أوقدوا نارا عظيمة، فلما وصلت إلى ظهر السرطان هاج بهم وبكلّ ما عليه من النّبات، حتّى لم ينج منهم إلا الشريد.
وهذا الحديث قد طمّ على الخرافات والتّرّهات (3) وحديث الخلوة.
وأمّا السّمك فلعمري إنّ السمكة التي يقال لها «البال» لفاحشة العظم. وقد عاينوا ذلك عيانا، وقتلوه يقينا. ولكن أحسبوا أنّ الشّأن في البال على ما ذكرتم، فهل علمتم أن فيه من الحسّ والمعرفة، واللّقن والحكاية، والطّرب وحسن المواتاة وشدّة القتال، والتمهّد تحت الملوك، وغير ذلك من الخصال، كما وجدنا ذلك وأكثر منه في الفيل.
__________
(1) انظر مروج الذهب 2/ 121.
(2) اللخاقيق: جمع لخقوق، وهو الشق والخد في الأرض.
(3) الترهات: الأباطيل.(7/64)
وهل رغبت في صيده الملوك واحتالت له التجار، أو تمنّى الظّفر بأجزائه بعض الأطبّاء. وهل يصلح لدواء أو غذاء أو لبس، إنّما غاية البحريّين أن يسلموا من عبثه إن هجموا عليه نائما أو غافلا، حتّى ينفر ويفزع وينبّه بقرع العصا، واصطكاك الخشب.
وإنما قدّمنا خصال الفيل على خصال الحيوان الذي في كفّه ومنقاره الصنعة العجيبة، أو يكون فيه من طريف المعرفة، وغريب الحس، وثقوب البصر، أو بعض ما فيه من الجمال والحسن، ومن التفاريج ومن التّحاسين، والوشي والتلاوين، بالتأليف العجيب، والتّنضيد الغريب، أو بعض ما في حنجرته من الأصوات الملحّنة، والمخارج الموزونة، والأغاني الدّاخلة في الإيقاع، الخارجة من سبيل الخطأ، ممّا يجمع الطّرب والشّجا، ومما يفوق النوائح ويروق كلّ مغنّ، حتى يضرب بحسن تخريجه وصفاء صوته وشجا مخرجه المثل، حتى يشبّه به صوت المزمار والوتر.
وأما بعض ما يعرف بالمكر والحيل، والكيس والرّوغان، وبالفطنة وبالخديعة، والرّفق والتكسّب، والعلم بما يعيشه والحذر ممّا يعطبه، وتأتّيه لذلك وحذقه به وأمّا بعض ما يكون في طريق الثّقافة يوم الثّقافة والبصر بالمشاولة (1)، والصّبر على المطاولة، والعزم والرّوغان، والكرّ والجولان، ووضع تلك التدابير في مواضعها حتى لا تردّ له طعنة ولا تخطئ له وثبة، وأما بعض ما يعرف بالنّظر في العاقبة وبإحكام شأن المعيشة والأخذ لنفسه بالثقة، وبالتقدّم في حال المهلة والادّخار ليوم الحاجة، والأجناس التي تدّخر لأنفسها ليوم العجز عن الطلب والتكسّب فمثل الذّرّة، والنملة، والجرذ والفأرة، وكنحو العنكبوت والنّحل.
فإذا كان ليس للفيل إلا عظمه وإن كان العظم قد يدخل في باب من أبواب المفاخرة، فلا ينبغي لأحد أن يناهد (2) به الأبدان التي لها الخصال الشّريفة، ويناضل به ذوات المفاخر العظيمة. فما ظنّك ببدن قد جمع مع العظم من الخصال الشريفة ما يفني الطّوامير الكثيرة، ويستغرق الأجلاد الواسعة. وقد علمت أنّ من جهل هذه السمكة بما يعيشها ويصلحها أنّها شديدة الطّلب والشّهوة لأكل العنبر. والعنبر أقتل للبال من الدّفلى للدوابّ، فإذا أصابوه ميّتا استخرجوا من جوفه عنبرا كثيرا فاسدا.
وما فيه من النفع إلّا أنّ دهنه يصلح لتمرين سفن البحريين.
__________
(1) المشاولة: المطاعنة بالرماح.
(2) يناهد: يناهض.(7/65)
2087 [تعصب غانم الهندي على الفيل]
فسمعني غانم العبد يوما وأنا أحكي هذا الكلام، وكان من أموق (1) الناس وأرقعهم رقاعة، مع تيه شديد وعجب ورضا عن نفسه، وسخط على النّاس. فمن حمقه أنه هنديّ وهو يتعصّب على الفيل، فقال لي: ما تقول الهند في الحوت الذي يحمل الأرض، أليس أعمّ نفعا وأعلى أمرا؟ قلت له: يا هالك، إنّ مدار هذا الكلام إنما يقع على الأقسام الأربعة من بين جميع الحيوان المذكورة في الماء وفي الأرض وفي الهواء، كالذي ينساح من أجناس الحيّات والدّيدان، وكالذي يمشي من الدوابّ والنّاس، وكالذي يطير من أحرار الطير وبغاثها وخشاشها وهمجها، وكالذي يعوم كالسّمك وكلّ ما يعايش السمك.
فأمّا الحوت الذي تكون الأرض على ظهره فقد علمنا أنّ في الملائكة من هو أعظم من هذا الحوت مرارا. ولولا مكان من قد حضرنا لكان ممن لا يستأهل الجواب، وهذا مقدار معرفته.
2088 [قوة الفيل]
قالوا (2): والفيل أقوى من جميع الحيوان إن حمّل الأثقال. ومن قوة عظمه وعصبه أنّه يمرّ خلف القاعد مع عظم بدنه، فلا يشعر بوطئه، ولا يحسّ بممرّه لاحتمال بعض بدنه لبعض. وهذه أعجوبة أخرى.
2089 [طول مدة حمل الفيلة]
وليس في حوامل إناث الحيوان أطول مدّة حبل من الفيل. والكر كدّن، فإنه مذكور في هذا الباب، والفيل يزيد عليه في قول بعضهم (3).
فأمّا الهند ففتنتهم بالكر كدّن أشدّ من فتنتهم بالفيل.
فأما ما كان دون ذلك من أجناس الحيوان فأطولها حملا الحافر والخفّ، ولا يزيدان على السّنة إلا أن تسحب الأنثى وتجرّ أيّاما. فأمّا الظّلف فعلى ضربين، فما كان منها من البقر فإنّ مدّة حملها وحمل النساء تسعة أشهر، وما كان من الغنم فإنّ حملها خمسة أشهر.
وقد ذكرنا حال أجناس الحيوان في ذلك فيما سلف من كتابنا هذا.
__________
(1) الموق: الحمق.
(2) مروج الذهب 2/ 121.
(3) تقدم في ص 44، 54أن مدة الحمل سبع سنين.(7/66)
2090 [صولة الفيل]
قالوا: والفيلة هولها في العين، فاحذر أن تتخذ ظهورها كالمناظر والمسالح والأرصاد.
وللفيل قتال وضرب بخرطومه، وخبط بقوائمه. وكانت الأكاسرة ربما قتلت الرّجل بوطء الفيلة، وكانت قد دربّت على ذلك وعلّمته، فإذا ألقوا إليها الرّجل تركت العلف وقصدت نحوه فداسته. ولذلك أنشد العباس بن يعقوب العامريّ، لناهض بن ثومة العامري قوله: [من الطويل] أنا الشّاعر الخطّار من دون عامر ... وذو الضّغم إذ بعض المحامين ناهش ... بخبط كخبط الفيل حتى تركته ... أميما به مستدميات مقارش (1)
وأنشد الأصمعي وأبو عمرو لتميم بن مقبل (2): [من الطويل] بني عامر ما تأمرون بشاعر ... تخيّر آيات الكتاب هجائيا ... أأعفو كما يعفو الكريم فإنّني ... أرى الشّعب فيما بيننا متدانيا ... أم اخبط خبط الفيل هامة رأسه ... بجرد فلا أبقي من الرأس باقيا (3)
2091 [بعض من رمي تحت أرجل الفيلة]
وكانت الأكاسرة وهي الكسور (4) تؤدّبها وتعوّدها وطء الناس وخبطهم إذا ألقي تحت قوائمها بعض أهل الجنايات، فكان ممن رمي به تحت أرجل الفيلة النّعمان بن المنذر. وقال في ذلك الشاعر: [من الخفيف] إنّ ذا التّاج لا أبا لك أضحى ... وذرى بيته بجوز الفيول
إنّ كسرى عدا على الملك النّعمان حتّى سقاه أمّ البليل (5)
2092 [التخويف بالفيل]
وذكر الهيثم بن عديّ، عن أبي يعقوب الثّقفيّ، عن عبد الملك بن عمير قال:
__________
(1) الأميم: الذي بلغت الطعنة أم رأسه أي الدماغ. يقال: أقرشت الشجة: إذا صدعت العظم ولم تهشم.
(2) ديوان ابن مقبل 412410.
(3) الجرد: أخذ الشيء عن الشيء عسفا وجرفا.
(4) الكسور: جمع كسرى.
(5) أم البليل: الداهية.(7/67)
رأيت في ديوان معاوية بعد موته كتابا من ملك الصين فيه: «من ملك الصّين الذي على مربطه ألف فيل، وبنيت داره بلبن الذهب والفضة، والذي تخدمه بنات ألف ملك، والذي له نهران يسقيان الألوّة (1). إلى معاوية».
قالوا: ولمّا أراد كسرى قتل زيوشت المغنّي، لقتله فهلبذ المغني، وأمر أن يرمى به تحت الفيلة وقال: قتلت أحسن النّاس غناء، وأجودهم إمتاعا للملك حسدا له. فلمّا سحبوه نحو الفيلة التفت إلى كسرى وقال: إذا قتلت زيوشت المغني، وقد قتل زيوشت فهلبذ فمن يطربك؟ فقال كسرى: المدة التي بقيت لك هي التي أنطقتك، خلّوا سبيله.
2093 [تأديب الهند الفيلة]
وقال صفوان بن صفوان الأنصاريّ، وكان عند داود بن يزيد بالمولتان: الهند تؤدّب الفيلة بأنواع من التّأديب، وبضروب من التقويم، فمنها آداب الحروب، حتى ربّما ربطوا السّيف الهذام (2) الرّغيب، الشّديد المتن، الحديد الغرب، التّام الطول، الطّويل السّيلان (3)، في طرف خرطوم الفيل، وعلموه كيف يضرب به قدما، يمينا وشمالا، وكيف يرفعه بخرطومه حتى يكون فوق رؤوس الفيّالين القعود على ظهره.
2094 [شعر هارون في الفيل]
قال (4): وأنشدني هارون بن فلان (5) المولى، مولى الأزد (6)، قصيدته التي ذكر فيها خروجه في الحرب إلى فيل في هذه الصفة، فمشى إليه، فلما كان حيث يناله السّيف وثب وثبة أعجله بها عن الضّربة، ولصق بصدر الفيل، وتعلّق بأصول نابيه وهما عندهم قرناه فجال به الفيل جولة كاد يحطمه من شدّة ما جال به، وكان رجلا شديد الخلق، رابط الجأش. قال: فاعتمدت وأنا في تلك الحال وأصول الأنياب جوف فانقلعا من أصلهما، وأدبر الفيل، وصار القرنان في يديّ، وكانت الهزيمة وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وقلت في ذلك: [من الطويل]
__________
(1) الألوة: العود الذي يتبخر به.
(2) الهذام: القاطع.
(3) سيلان السيف ما يدخل في نصابه.
(4) نهاية الأرب 9/ 304، وربيع الأبرار 5/ 431430.
(5) في نهاية الأرب «هارون بن موسى».
(6) في الأصل «مولى الأنصار»، والتصحيح مما سبق ص 46، وربيع الأبرار 5/ 429، 430.(7/68)
مشيت إليه وادعا متمهّلا ... وقد وصلوا خرطومه بحسام ... فقلت لنفسي: إنّه الفيل ضارب ... بأبيض من ماء الحديد هذام (1)
... فإن تنكلي عنه فعذرك واضح ... لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام (2)
... وعند شجاع القوم أكلف فاحم ... كظلمة ليل جلّلت بقتام ... [ولما رأيت السيف في رأس هضبة ... كما لاح برق من خلال غمام] (3)
... فناهشته حتى لصقت بصدره ... فلما هوى لازمت أيّ لزام ... وعذت بقرنيه أريد لبانه ... وذلك من عادات كلّ محامي ... فجال وهجّيراه صوت مخضرم ... وأبت بقرني يذبل وشمام (4)
وقال هارون: [من الطويل] ولمّا أتاني أنّهم يعقدونه ... بقائم سيف فاضل الطّول والعرض ... مررت ولم أحفل بذلك منهم ... إذا كان أنف الفيل في عفر الأرض ... وحين رأيت السّيف يهتزّ قائما ... ويلمع لمع الصّبح بالبلد المفضي (5)
... وصار كمخراق بكفّ حزوّر ... يصرّفه في الرّفع طورا وفي الخفض (6)
... فأقبل يفري كلّ شيء سما له ... وصرت كأنّي فوق مزلقة دحض (7)
... وأهوي لجاري فاغتنمت ذهوله ... فلاذ بقرنيه أخو ثقة محض ... فجال وجال القرن في كفّ ماجد ... كثير مراس الحرب مجتنب الخفض ... فطاح وولّى هاربا لا يهيده ... رطانة هنديّ برفع ولا خفض (8)
__________
(1) الهذام: القاطع.
(2) العبام: الأحمق.
(3) البيت إضافة من ربيع الأبرار 5/ 431.
(4) المخضرم: المقطوع نصف أذنه. يذبل وشمام: جبلان.
(5) المفضي: الواسع.
(6) المخراق: منديل يلوى فيضرب به. الحزوّر: الغلام الذي شبّ وقوي.
(7) سما: ارتفع.
(8) لا يهيده: لا يكترث لها.(7/69)
2095 [نابا الفيل]
والهند تزعم أنّ نابي الفيل يخرجان مستبطنين حتى يخرقا الحنك ويخرجا أعقفين (1)، وإنما يجعلهما نابين من لا يفهم الأمور. قالوا: والدّليل على ذلك أنّ لهما أصلين في موضع مخارج القرون، يوجد ذلك عند سلخ جلده، ولأنّ القرن لا يكون إلّا مصمت الأعلى مجوّف الأسفل وكذلك صفة هذا الذي يسمّيه من لا علم له نابا. ومع ذلك إنّا لا نجد الفيل يعضّ كعضّ الأسد للأكل، ولا كعضّ الجمل الصّؤول للقتل، ولا كعضّ الأفعى لإخراج السمّ، ولا تراه يصنع به ويستعمله إلّا على شبيه بما تستعمله ذوات القرن عند القتال والغضب.
فقال لهم بعض من يردّ عليهم: أمّا قولكم إنّ القرن لا يكون إلّا مجوّف الأصل، فهذا قرن الأيّل مصمت من أوّله إلى آخره، وهو ينصل في كلّ سنة، فإذا نبت حديثا لم يظهر حتى يستحكم في يبسه وصلابته. وإذا علم أنه قد بلغ ذلك ظهر. وأكثر القرون الجوف يكون في أجوافها قرون، وليس ذلك لقرن الفيل.
قالوا: ولم نجد هذا القرن في لون القرون، ووجدناه بسائر أسنانه وأضراسه أشبه، للبياض واليبس. وليس كذلك صفة القرون.
وتقول الهند: فم الأيّل صغير، وهو أفقم، ولا يجوز أن يكون مثل ذلك اللّحي والفكّ ينبت فيه ومنه نابان يكون فيهما ثلاثمائة منّ (2). وقد رأيت قرونا كثيرة الأجناس، بيضا، وبرشا، وصهبا. وهذه أيضا من أعاجيب الفيل.
وقرن الكركدّن أغلظ من مقدار ذراع، وليس طوله على قدر غلظه، وهو أصلب وأكرم من قرني الفيل.
2096 [حجم أعضاء التناسل لدى الحيوان]
ويقال: إنّ أكبر أيور الحيوان أير الفيل، وأصغرها قضيب الظبي (3). وقضيب البطّ لا يذكر مع هذه الأشكال، وليس شيء على قدره ومقدار جسمه أعظم أيرا من البغل.
وقد علمنا أنّ للضب أيرين، وكذلك الحرذون والسّقنقور، وعرفنا مقدار ذلك، ولكنّه لا يدخل في هذا الباب لضعف لا يخفى.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 431430.
(2) المن: الرطل.
(3) رسائل الجاحظ 2/ 321.(7/70)
2097 [عجائب خرطوم الفيل]
ولو لم يكن من أعاجيب الفيل إلّا خرطومه الذي هو أنفه وهو يده، وبه يوصل الطعام والشّراب إلى جوفه، وهو شيء بين الغضروف واللحم والعصب، وبه يقاتل ويضرب، ومنه يصيح، وليس صياحه في مقدار جرم بدنه. ويضرب به الأرض ويرفعه في السّماء ويصرّفه كيف شاء، وهو مقتل من مقاتله. والهند تربط في طرفه سيفا شديد المتن فيقاتل به، مع ما في ذلك من التهويل على من عاينه (1).
2098 [سباحة الفيل والجاموس والبعير]
وهو مع عظم بدنه جيّد السّباحة إلّا أنه يخرج خرطومه ويرفعه في الهواء صعدا لأنّه أنفه. ألا ترى أنّ الجاموس يغيب جميع بدنه في الماء إلّا منخريه.
والبعير قبيح السّباحة: لأنه لا يسبح إلّا على جنبه فهو في ذلك بطيء ثقيل.
والبعير مما يخاير (2) بينه وبين الفيل، فلذلك ذكرناه.
2099 [ما يغرق من الحيوان]
وقد علمنا أنّ الإنسان يغرق في الماء ما لم يتعلّم السّباحة. فأمّا الفرس الأعسر والقرد فإنّهما يغرقان البتّة، والعقرب تقوم وسط الماء لا طافية ولا لازقة بالأرض.
2100 [أشراف السباع وساداتها]
وأشراف السّباع وساداتها وكبارها ورؤساؤها ثلاثة: الكركدّن والفيل والجاموس. قال: ولعلّ بعض من اعتاد الاعتراض على الكتب يقول: وأين الخيل والإبل، وفيها من خصال الشّرف والمنافع والغناء في السّفر والحضر، وفي الحرب والسّلم، وفي الزّينة والبهاء، وفي العدّة والعتاد، ما ليس عند الكركدّن ولا عند الفيل ولا عند الجاموس.
قال القوم: ليس إلى هذا الباب ذهبنا، ولا إليه قصدنا، ولا ذلك الباب ممّا يجوز أن ندخله في هذا الباب. ولكنّا ذهبنا إلى المحاماة والدّفع عن الأنفس والقتال دون الأولاد، وإلى الامتناع من الأضداد بالحيلة اللطيفة، وبالبطش الشديد، وليس عند الخيل والإبل إذا صافت الأسد والنّمور والببور، ما عند الجاموس والفيل. فأمّا الكركدّن فإن كلّ شيء من الحيوان يقصّر عن غايته التقصير الفاحش.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 431.
(2) يخاير: يوازن ويفاضل.(7/71)
2101 [إنكار الكركدن والعنقاء]
وما أكثر من ينكر أن يكون في الدنيا حيوان يسمّى الكركدّن، ويزعمون أنّ هذا وعنقاء مغرب سواء، وإن كانوا يرون صورة العنقاء مصوّرة في بسط الملوك، واسمها عندهم بالفارسيّة «سيمرك» كأنه قال: هو وحده ثلاثون طائرا، لأنّ قولهم بالفارسية «سي» هو ثلاثون بالعربية، ومرغ بالفارسيّة هو الطائر بالعربية. والعرب إذا أخبرت عن هلاك شيء وبطلانه قالت: «حلّقت به في الجوّ عنقاء مغرب» (1). وفي بعض الحديث: «أنّ بعض الأمم سألوا نبيّهم وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفعل كذا وتفعل كذا، أو تلقي في فم العنقاء اللّجام، وتردّ اليوم أمس».
2102 [شعر في العنقاء]
قال أبو السّريّ الشّميطي، وهو معدان المكفوف المديبريّ (2): [من الخفيف] يا سميّ النبيّ والصادق الوع ... د وجدّ الصبيّ ذي الخلخال ... صاحب التّومة التي لم يشنها ... بعد حرس مثاقب اللآل (3)
... مهدته العنقاء وهي عقيم ... ربّ مهد يكون فوق الهلال ... يوم تصغي له النّعامة والأحنا ... ش طرّا لشدّة الزّلزال (4)
فأهل هذه النّحلة يثبتون العنقاء، ويزعمون أنها عقيم.
وقال زرارة بن أعين، مولى بني أسعد بن همام، وهو رئيس الشميطيّة وذكر هذا الصبي الذي تكفله العنقاء، فقال: [من الطويل] وأوّل ما يحيا نعاج وأكبش ... ولو شاء أحيا ربها وهو مذنب ... ولكنّه ساعى بأمّ وجدّة ... وقال سيكفيني الشقيق المقرّب ... وآخر برهاناته قلب يومكم ... وإلجامه العنقاء في العين أعجب ... يصيف بساباط ويشتو بآمد ... وذلك سرّ لو علمناه معجب ... أماع له الكبريت والبحر جامد ... وملّكه الأبراج والشّمس تجنب (5)
__________
(1) المثل في مجمع الأمثال 1/ 201، وبرواية «طارت بهم» في المستقصى 2/ 150.
(2) تقدمت بعض القصيدة في 2/ 393392، 5/ 130.
(3) التومة: اللؤلؤة.
(4) النعامة والأحناش مشهوران بالصمم.
(5) أماع: أذاب. تجنب: تقاد إلى جنب.(7/72)
فيومئذ قامت شماط بقدرها ... وقام عسيب القفر يثني ويخطب ... وقام صبيّ دردق في قماطه ... عليهم بأصناف اللّسانين معرب (1)
فثّبت زرارة بن أعين قول أبي السّريّ في العنقاء، وزادنا تثبيت الكبريت الأحمر ولا أعلم في الأرض قوما يثبّتون العنقاء على الحقيقة غيرهم.
2103 [الكركدن]
قال: والذي يثبت الكركدّن أن داود النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكره في الزّبور حتّى سمّاه.
وقد ذكره صاحب المنطق (في كتاب الحيوان) إلّا أنه سمّاه بالحمار الهنديّ، وجعل له قرنا واحدا في وسط جبهته. وكذلك أجمع عليه أهل الهند كبيرهم وصغيرهم.
وإنما صار الشكّ يعرض في أمره من قبل أنّ الأنثى منها تكون نزورا (2)، وأيام حملها ليست بأقل من أيام حمل الفيلة (3) فلذلك قلّ عدد هذا الجنس.
وتزعم الهند أنّ الكركدّن إذا كانت ببلاد، لم يرع شيء من الحيوان شيئا من أكناف تلك البلاد، حتى يكون بينه وبينها مائة فرسخ من جميع جهات الأرض هيبة له، وخضوعا له، وهربا منه.
وقد قالوا في ولدها وهو في بطنها قولا لولا أنّه ظاهر على ألسنة الهند لكان أكثر النّاس، بل كثير من العلماء، يدخلونه في باب الخرافة وذلك أنهم يزعمون أنّ أيام حملها إذا كادت أن تتم، وإذا نضجت وسحبت وجرّت وجرى وقت الولادة، فربما أخرج الولد رأسه من ظبيتها (4) فأكل من أطراف الشجر، فإذا شبع أدخل رأسه، حتّى إذا تمّت أيامه وضاق به مكانه وأنكرته الرّحم، وضعته مطيقا قويّا على الكسب والحضر والدفع عن نفسه، بل لا يعرض له شيء من الحيوان والسّباع.
2104 [ولد الفيل]
وقد زعم صاحب المنطق أنّ ولد الفيل يخرج من بطن أمّه نابت الأسنان، لطول لبثه في بطنها.
__________
(1) الدردق: الصغير. القماط: خرقة عريضة يلف بها الصبي.
(2) النزور: القليلة الولد. وانظر هذا القول في الكركدن ما ورد في ربيع الأبرار 5/ 434.
(3) مدة حمل الفيل سبع سنين، انظر ما تقدم ص 44.
(4) الظبية: حياء المرأة وكل ذي حافر، وفي ربيع الأبرار «يخرج رأسه من بطن أمه» والمعنى واحد.(7/73)
وهذا جائز في ولد الفيل غير منكر، لأن جماعة نساء معروفات الآباء والأبناء، قد ولدن أولادهنّ ولهم أسنان نابتة. كالذي رووا في شأن مالك بن أنس، ومحمد بن عجلان وغيرهما.
2105 [أعاجيب الولادة]
وقد زعم ناس من أهل البصرة أنّ خاقان بن عبد الله بن الأهتم استوفى في بطن أمّه ثلاثة عشر شهرا، وقد مدح بذلك وهجي، وليس هذا بالمستنكر، وإن كنت لم أر قطّ قابلة تقرّ بشيء من هذا الباب وكذلك الأطبّاء. وقد رووه كما علمت، ولكنّ العجب كلّ العجب ما ذكروا من إخراج ولد الكركدّن رأسه واعتلافه، ثم إدخاله رأسه بعد الشّبع والبطنة. ولا بدّ أكرمك الله لما أكل من نجو فإن كان بقي ذلك الولد يأكل ولا يروث فهذا عجب، وإن كان يروث في جوفها فهذا أعجب.
وإنما جعلناه يروث حيث سمّوه حمارا، وهذا ممّا ينبغي لنا أن نذكره في خصال الحمير إذا بلغنا ذلك الباب.
ولا أقرّ أنّ الولد يخرج رأسه من فرج أمّه حتى يأكل شبعه، ثمّ يدخل رأسه من فرج أمّه، ولست أراه محالا ولا ممتنعا في القدرة، ولا ممتنعا في الطبيعة، وأرى جوازه موهوما غير مستحيل، إلّا أنّ قلبي ليس يقبله، وليس في كونه ظلم ولا عبث ولا خطأ ولا تقصير في شيء من الصفات المحمودة، ولم نجد القرآن ينكره، ولا الإجماع يدفعه، والله هو القادر دون خلقه، ولست أبتّ بإنكاره وإن كان قلبي شديد الميل إلى ردّه، وهذا ممّا لا يعلمه النّاس بالقياس، ولا يعرفونه إلّا بالعيان الظاهر، والخبر المتظاهر.
2106 [عجيبة الدسّاس]
وليس الخبر عنه مثل الخبر عن الدّسّاس التي تلد ولا تبيض. وإنما أنكر ذلك ناس لأنّ الدّسّاس ليس بأشرف كالخفّاش، بل هو من الممسوح (1) كسائر الطير.
وكاللواتي يبضن من ذوات الأربع من المائيّات والأرضيّات.
2107 [عجائب الدلفين واللّخم والكوسج]
وليس الخبر عن الكركدّن أيضا كالخبر عن الدّلفين أنّها تلد وعن اللّخم مثل ذلك، وأنّ الكوسج يتولّد من بين اللّخم وسمكة أخرى، وهذا كلّه غير مستحيل، إلّا
__________
(1) الممسوح: الذي خفيت أذنه.(7/74)
أنّي لا أجعل الشيء الجائز كونه كالشيء الذي تثبّته الأدلّة ويخرجه البرهان من باب الإنكار. والواجب في مثل هذا الوقف، وإن كان القلب إلى نقض ذلك أميل.
والميل أيضا يكون في طبقات، وكذلك الظن قد يكون داخلا في باب الإيجاب، وربّما قصّر عن ذلك شيئا.
2108 [زعم ولادة السمك]
وقد زعم ناس من أهل العلم أنّ السّمك كلّه يلد، وأنهم إنما سمّوا ذلك الحبّ بيضا على التشبيه والتمثيل، لأنّه لا قشر له هناك ولا محّ ولا بياض، ولا غرقئ (1) وأنّ السمكة لا تخرج أبدا إلّا فارغة البطن أو محشوّة، ولم نر الحبّ الذي بقرب مبالها أعظم، ولم نرها ألقت إحدى تلك الطّوامير (2) وبقّت الأخرى. وإنما غلط في ذلك ناس من قبل ضيق السبيل والمسلك، فظنوا أنّ خرق المبال يضيق عن عظم ذلك الجسم العظيم المجتمع من الحبّ الصغار. قالوا: فإنما تخرج تلك الطوامير واحدا فواحدا، وأوّلا فأولا.
2109 [عجائب الولادة]
وما ذلك بأعجب ولا أضيق من حياء الناقة والسّقب والحائل يخرجان منه خروجا سلسا إذا أذن الله بذلك. وكذلك المرأة وولدها، والفيلة، والجاموسة، والرّمكة، والحجر والأتان، والشاة في ذلك كلّه مثل السمكة.
وقالوا: لا بدّ للبيض من حضن، ومتى حضنت السمكة بيضها لا تلتفت إلى بيضها وفراخها.
2110 [زعم العوام في الكركدن]
والعوامّ تضرب المثل في الشدّة والقوّة بالكركدّن، وتزعم أنه ربما شطح الفيل فرفعه بقرنه الواتد في وسط جبهته، فلا يشعر بمكانه ولا يحسّ به حتّى ينقطع على الأيّام (3).
وهذا القول بالخرافة أشبه.
2111 [مزاعم في ضروب من الحيوان]
وأعجب من القول في ولد الكركدّن ما يخبرنا به ناس من أهل النظر والطبّ
__________
(1) الغرقئ: قشر البيض الذي تحت القيض.
(2) الطومار: الصحيفة، وأراد بها هنا ما يتجمع في جوف السمكة من البيض.
(3) ربيع الأبرار 5/ 434.(7/75)
وقراءة الكتب، وذلك أنّهم يزعمون أنّ النمرة لا تضع ولدها أبدا إلّا وهو متطوّق بأفعى، وأنها تعيش وتنهش، إلّا أنها لا تقتل. ولو كنت أجسر في كتبي على تكذيب العلماء ودرّاسي الكتب، لبدأت بصاحب هذا الخبر.
وليس هذا عندي كزعمهم أنّ الأفعى تلد وتبيض، لأنّ تأويل ذلك أنّ الأفعى تتعضّل (1) بيضها، فإذا طرّقت بالبيض تلوّت فحطمته في جوفها، ثم ترمي بتلك القشور والخراشيّ (2) أوّلا فأولا، كما لا بدّ لكلّ ذات حمل أن تلقي مشيمتها.
ويزعم كثير من الأعراب أنّ الكمأة تتعفّن، ويتخلّق منها أفاعي. فهذا الخبر وإن كنت لا أتسرّع إلى ردّه فإنّي على أصحابه ألين كنفا (3).
2112 [قرن الكركدن]
وأمّا قرن الكركدّن فخبّرني من رآه ممّن أثق بعقله، وأسكن إلى خبره، أنّ غلظ أصله وسعة جسمه يكون نحوا من شبرين، وليس طوله على قدر ثخنه. وهو محدّد الرأس، شديد الملاسة، ملموم الأجزاء مدمج، ذو لدونة وعلوكة في صلابة، لا يمتنع عليه شيء. ويجهز من عندنا بالبصرة إلى الصين لأنّه يقع إلينا قبلهم، فإذا قطعوه ظهرت في مقاطعه صور عجيبة. وفيه خصال غير ذلك، لها يطلب (4).
2113 [خيل النهر]
وقد كنا نزعم أنّ الهواء للعقاب، والماء للتمساح، والغياض للأسد حتى زعم أصحابنا أنّ في نيل مصر خيولا تأكل التماسيح أكلا ذريعا وتقوى عليها قوة ظاهرة، وتغتصبها أنفسها فلا تمتنع عليها، وعارضوا من أنكر خيل الماء، بخنازير الماء وبكلاب الماء، وبدخّس الماء.
2114 [إنقاذ بعض حيوان البحر للغريق]
ولم أجدهم يشكّون أن بعض الحيوان الذي يكون في البحر ممّا ليس بسمك وهو يعايش السمك وقد ذهب عنّي اسمه أنّه متى أبصر غريقا عرض له وصار تحت بطنه وصدره، فلا يزال كالحامل له والمزجي والمعين، حتى يقذف به إلى حزيرة، أو ساحل، أو جبل.
__________
(1) تتعضّل ببيضها: تعسر عليها إخراجه.
(2) الخراشي: جمع خرشاء، وهي جلدة البيضة الداخلة.
(3) انظر هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/ 475. والكنف: الجانب.
(4) ربيع الأبرار 5/ 435.(7/76)
وأصناف سمك البحر، وأجناس ما يعايش سمك البحر لا تكون في أوساط اللّجج وفي تلك الأهواز العظام، مثل لجّة سقوطرا، وهركند، وصنجى. وكذلك أهل البحر إذا عاينوا نباتا أو طيرا، أيقنوا بقرب الأرض إلّا أنّ ذلك القريب قد سمّي بعيدا، فلذلك سلم ذلك الغريق بمعونة ذلك الحيوان (1).
2115 [مسالمة الأسد للببر ومعاداته للنمر]
فأمّا الأسد والببر فمتسالمان، وأما الأسد والنمر فمتعاديان والظّفر بينهما سجال. والنّمر وإن كان ينتصف من الأسد فإنّ قوّته على سائر الحيوان دون قوّته على الأسد، وبدنه في ذلك أحمل لوقع السّلاح، ولا يعرض له الببر، وقد أيقنا أنّهما ليسا من بابته، فلا يعرض لهما، لسلامة ناحيته وقلة شرّه، وهما لا يعرضان له لما يعرفان من أنفسهما من العجز عنه. وأمّا البهائم الثلاث اللواتي ذكرناها فإنّها فوق الأسد والنمر.
والببر هنديّ أيضا مثل الفيل، وأمّا الكركدّن فلا يقوم له سبع ولا بهيمة، ولا يطمع فيه، ولا يروم ذلك منه.
2116 [مبارزة الجاموس للأسد]
وأمّا الجاموس والأسد فخبّرني محمد بن عبد الملك أنّ أمير المؤمنين المعتصم بالله، أبرز للأسد جاموسين فغلباه، ثم أبرز له جاموسة ومعها ولدها فغلبته وحمت ولدها منه، وحصّنته، ثم أبرز له جاموسا وحده فواثبه ثم أدبر عنه (2).
هذا وفي طبع الأسد الجرأة عليه، لأنّه يعدّ الجاموس من طعامه، والجاموس يعرف نفسه بذلك، فمع الأسد من الجرأة عليه على حسب ذلك ومع الجاموس من الخوف على قدر ذلك. وفي معرفة الأسد أنّ له في فمه من السّلاح ما ليس لشيء سواه، وفي معرفة الجاموس بعدم ذلك السّلاح منه، فمعه من الجرأة عليه بمقدار ما مع الجاموس من التهيّب له، فيعلم أنّه قد أعطي في كفّه ومخالبه من السلاح ما ليس لشيء سواه. ويعلم الأسد والجاموس جميعا أنّه ليس في فم الجاموس ويده وظلفه من السّلاح قليل ولا كثير، فمع الأسد من الجراءة عليه، ومع الجاموس من الخوف منه، على حسب ذلك. ويعلم الأسد أنّ بدنه يموج في إهابه، وأنّ له من القوّة على
__________
(1) انظر ما تقدم ص 23، الحاشية الثالثة.
(2) انظر نهاية الأرب 10/ 124.(7/77)
الوثوب والضّبر (1) والحضر، والطّلب والهرب، ما ليس في الجاموس، بل ليس ذلك عند الفهد في وثوبه، ولا عند السّمع في سرعة مرّه، ولا عند الأرنب في صعداء ولا هبوط، ولا يبلغه نقزان الظّبي إذا جمع جراميزه، ولا ركض الخيل العتاق إذا أجيد إضمارها. والجاموس يعرف كلّ ذلك منه.
ومع الجاموس من النّكوص عنه بقدر ما مع الأسد من الإقدام عليه، ويعلم أنّه ليس له إلّا قرنه وأنّ قرنه ليس في حدّة قرون بقر الوحش، فضلا عن حدّة أطراف مخالب الأسد وأنيابه وأن قرنه مبتذل، لا يصان عن شيء. ومخالب الأسد في أكمام وصوان (2).
وإذا قوي الجاموس مع هذه الأسباب المجبّنة على الأسد مع تلك الأسباب المشجّعة حتى يقتله أو يعرّد (3) عنه، كان قد تقدّمه تقدّما فاحشا، وقد علاه علوّا ظاهرا. فلذلك قدّمنا الجاموس وهو بهيمة، وقدّمنا رؤساء البهائم على رؤساء السباع.
هذا سوى ما فيها من المرافق والمنافع والمعاون.
والجاموس أجزع خلق الله من عضّ جرجسة (4) وبعوضة، وأشدّه هربا منهما إلى الماء. وهو يمشي إلى الأسد رخيّ البال، رابط الجأش، ثابت الجنان. فأمّا الفيل فلم يولّد الناس عليه وعلى الكركدّن ما ولّدوا من إفراط القوّة والنّجدة والشّهامة، إلّا والأمر بينهما متقارب عندهم.
2117 [مغالبة الفيل للأسد]
والهند أصحاب الببور والفيول، كما أنّ النّوبة أصحاب الزّرافات دون غيرهم من الأمم. وأهل غانة إنما صار لباسهم جلود النمور لكثرة النمور بها. إلا أنّها على حال موجودة في كثير من البلدان.
وقد ذكروا بأجمعهم قوّة الفيل الوحشيّ على الأسد، وقالوا في الفيلة الأهليّة إذا لقيت عندنا بالعراق الأسد وجمعنا بينهما. قالوا: أما واحدة فإنّ ذكور الفيلة لا تكاد تعيش عندكم، وأنيابها التي هي أكبر سلاحها لا تنبت في بلادكم، ولا تعظم ولا تزيد على ما كانت عليه ما أقامت في أرضكم، وهي أيضا لا تتناتج عندكم، وذلك
__________
(1) الضبر: جمع القوائم في العدو.
(2) الصوان: ما يصان به الشيء.
(3) التعريد: الإحجام والفرار.
(4) الجرجس: صغار البعوض.(7/78)
من شدّة مخالفة البلدة لطبائعها ونقضها لقواها. وإنما أسرع إليها الموت عندكم للذي يعتريها من الآفات والأعراض في دوركم، فاجتمعت عليها خصال، أوّل ذلك أنها مع الوحش وفي صميم بلادها أجرأ وأقوى، وأشهم نفسا وأمضى، فلمّا اصطدناها بالحيل، وصيّرناها مقصورة أهليّة بعد أن كانت وحشيّة وفي غير غذائها، لأنّها كانت تشرب إذا احتاجت، وتأكل إذا احتاجت وتأخذ من ذلك على مقادير ما تعرف من موقع الحاجة، فلما صارت إلى قيام العبيد عليها، والأجراء بشأنها، والوكلاء بما يصلحها دخل ذلك من النقض والخور، والخطأ والتقصير، على حسب ما تجد في سائر الأشياء، ثم لم نرض بذلك حتّى نقلناها من تلك البلدة على إنكارها لتلك اللدة، فصيّرناها إلى الضدّ بعد أن كانت في الخلاف.
وقد علمنا أنّ سبيلها سبيل سائر الحيوان، فإنّ الإبل تموت ببلاد الروم وتهلك وتسوء حالها، والعقارب تموت في مدينة حمص (1)، والتماسيح تموت إن نقلت إلى دجلة والفرات، والنّاس يصيبهم الجلاء فيموتون ويتهافتون. وقد علمنا أنّ الزّنج إذا أخرجوا من بلادهم فما يحصل بالبصرة عندنا منهم إلّا اليسير. وكذلك لو نقلوا إليكم بزر الفلفل والسّاج والصّندل والعود، وجميع تلك الأهضام (2)، فما امتناع نبات العاج ببلادكم إلّا كامتناع نبات الآبنوس، وإن كان ينبت في حيوان والآخر في أرض.
فلا يفتخرنّ مفتخر في الأسد في هذه البلدة إذا قاوم الفيل. والأسد هاهنا في بلاده وفي الموضع الذي تتوفّر أموره عليه، لأنّ أسد العراق هي الغاية، وأقواها أسد السّواد ثم أسد الكوفة. ولأنّ الفيلة عندكم أيضا ترى عندكم السّنانير، وقد جعل الله في طبع الفيل الهرب من السّنّور والوحشة منه، كما أنّ بعض شجعانكم يمشي إلى الأسد، ويقبض على الثّعبان، ولا يستطيع النّظر إلى الفأر والجرذان، حتى يهرب منها كلّ الهرب، ويعتريه من النّفضة واصفرار اللّون ما لا يعتري المصبور على السّيف وهو يلاحظ بريقه عند قفاه (3).
2118 [خوف عبد الله بن خازم من الجرذ]
وذكر عليّ بن محمد السميري قال (4): بينما عبد الله بن خازم السّلميّ عند عبيد
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 477، ومعجم البلدان (حمص).
(2) الأهضام: الطيب، وقيل البخور.
(3) ربيع الأبرار 5/ 471.
(4) ربيع الأبرار 5/ 471.(7/79)
الله بن زياد، إذ أدخل على عبد الله جرذ أبيض ليعجّب منه، فأقبل عبيد الله على عبد الله فقال: هل رأيت يا أبا صالح أعجب من هذا الجرذ قط؟ وإذا عبد الله قد تضاءل حتى صار كأنه فرخ، واصفرّ حتى صار كأنّه جرادة ذكر، فقال عبيد الله: أبو صالح يعصي الرّحمن، ويتهاون بالشيطان، ويقبض على الثعبان، ويمشي إلى الأسد، ويلقى الرّماح بوجهه، وقد اعتراه من جرذ ما ترون؟! أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير.
2119 [خوف الفيل من السنور]
وإذا عاين الفيل الأسد رأى فيه شبه السّنّور، فيظنّ أنه سنّور عظيم فلا يبلغ منه مقدار تلك المناسبة، وذلك الشّبه، ومقدار ذلك الظنّ ما يبلغ رؤية السّنّور نفسه.
وليس هربه منه من جهة أنّه طعام له، وأنّه إن ساوره خافه على نفسه، وإن كان في المعنى يرجع إلى أنّه طعام لصغار السّباع وكبارها. وهل قتل أسد قطّ فيلا، ومتى أكله؟! وإنّه مع ذلك لربّما ركله الرّكلة، فإمّا أن يقتله، وإمّا أن يذهب عنه هاربا في الأرض، وإمّا أن يجليه.
وأيّة حجّة على الفيل في أن يرى سنورا فينفر منه؟! فالأسد يشار إليه بشعلة من نار، أو يضرب له بالطّست فيهرب منه، فإنما هذا كنحو تفزّع الفرس من كلّ شيء يراه في الماء وهو عطشان فيأباه.
2120 [حب الفرس للماء الكدر]
ويزعم (1) ناس من أصحاب الخيل أنّ الفرس ليس يضرب بيديه في الماء الصافي ليثوّره، لأنّ الماء الكدر أحبّ إليه، وما هو إلا كالثّور الذي يحبّ الصافي ويختاره، ولكنه إذا وقف على الماء الصافي رأى فيه ظلّه وظلّ غيره من الأشخاص، فيفزعه ذلك، فلمعرفته بأنّ الماء الكدر لا تتصوّر فيه الصّور يضرب بيديه. هذا قول هؤلاء. وأمّا صاحب المنطق وغيره ممّن يدّعي معرفة شأن الحيوان فإنّه يزعم أنّ الفرس بالماء الكدر أشدّ عجبا منه بالماء الصافي، كما أنّ الإبل لا يعجبها الماء إلّا أن يكون غليظا، وذلك هو الماء النّمير عندهم. وإنّما تصلح الإبل عندهم على الماء الذي تصلح عليه الخيل.
2121 [التداوي بأضراس خيل الماء وأعفاجها]
ويزعم من أقام ببلاد السّودان أنّ الذين يسكنون شاطئ النيل من الحبشة
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 395، وانظر ما تقدم في 5/ 79.(7/80)
والنّوبة، أنهم يشربون الماء الكدر، ويأكلون السّمك النّيء فيعتريهم طحال شديد (1)، فإذا شدّوا على بطونهم ضرسا من أضراس خيل الماء وجدوه صالحا لبعض ما يعرض من ذلك. ويزعمون أن أعفاج هذا الفرس تبرئ من الصّرع الذي يكون في الأهلّة.
2122 [دفاع صاحب الأسد]
وقال بعض من ينصر الأسد: إن الأسد في الهند أضعف، بل هي ضعيفة جدّا، والفيل في بلادهم أقوى، والوحشي منها أجرأ، والمغتلم لا يقوم له إلا الكركدّن وإنه ليهجم عليه فيحجم عنه حتى تذهب عنه سكرة الغلمة، فيرجع إلى معرفة حال الكركدّن فلا يطور طواره (2)، ولا يحلّ بأداني أرضه.
وأما الفيل فإذا كان غير هائج والأسد في غير أيّام هياجه ثم يكون الأسد عراقيّا ويكون سواديّا ويكون من أجمة أبزيقيا فإنّ الفيل لا يقوم له.
2123 [قول صاحب الفيل]
وقال صاحب الفيل: الفيل لا يعاين أسدا أبزيقيّا حتى تفسخه البلدة، وتهدمه الوحشة، ويمرضه الغذاء، ويفسده الماء. وهو لا يصل إلى ذلك المكان حتى يجمع بينه وبين ذلك الأسد، وحتى يسمع تجاوب السّنانير وتضاغيها (3) وهو أسمع من قراد فيغبّ (4) ذلك في صدره، وتتزايد تلك الوحشة في نفسه، فمتى رأى أسدا قائما فربّما دعته الوحشة منه، والبغض المجعول فيه، إلى الصّدود والذّهاب عنه.
فيظنّ كثير من الناس أنّ ذهابه هرب، وأنّ صدوده جبن، وإنّما هو من الوحشة منه، والكراهة لمنظرته. وربّما اضطرّه الأسد بخرقه حتى ينقض حلمه، ويغلب وقاره، فيخبطه خبطة لا يفلح بعدها أبدا.
2124 [فخر صاحب فرس الماء]
قال صاحب الفرس: زعمتم أنّ الأسد في الأرض كالعقاب في الهواء، وكالتمساح في الماء، وأنّ تمساحا وأسدا اعتلجا على شريعة فقتل كلّ واحد منهما
__________
(1) أي وجع الطحال.
(2) لا يطور طواره: لا يقرب منه. والطور: ما كان على حذوا الشيء.
(3) تضاغيها: من الضغو، وهو الصياح.
(4) يغب في صدره: يقع فيه.(7/81)
صاحبه، وكأنّ التمساح ضرب الأسد بذنبه في الشريعة، وضغم الأسد رأسه فماتا جميعا.
قال: والفرس المائيّ بالنّيل يقتل التّماسيح ويقهرها ويأكلها ولا يساجلها الحرب، ولا تقع بينهما مغالبة ومجاذبة، وتكون الأيام بينهما دولا. فهذه فضيلة ظاهرة على الأسد، وشرف فرس الماء راجع إلى فرس الأرض، فإن كان فرس الأرض لا يقوى على الأسد ولا على النّمر ولا على الببر، فإن ابن عمّه وشكله في الجنس قد قوي على التّمساح وهو رئيس سكان الماء.
قالوا: أمّا واحدة فإن التمساح ليس برئيس سكان الماء إلا أن تريد بعض سكان الأودية والأنهار والخلجان والبحيرات في بعض المياه العذبة. والكوسج واللّخم والسّرطان والدّلفين وضروب من السباع مما يعايش السّمك ليس التمساح من بابه.
وعلى أن التمساح إنما يأكله ذلك الفرس وهو في الماء، وليس للتمساح في جوف الماء كبير عمل إلا أن يحتمل شيئا بذنبه ويحتجنه (1) إليه، ويدخله الماء، وربّما خرج إلى الأرض للسّفاد ولحضن البيض، فلا يكون على ظهر الأرض شيء أذلّ منه.
وذلّه على ظهر الأرض شبيه بذلّ الأسد في وسط الماء الغمر (2). ولعمري أن لو عرض له هذا الفرس في الشرائع فغلبه لقد كان ذلك من مفاخره، فلذلك لم تذكر الخيل في باب الغلبة، والقتال والمساجلة، والانتصاف من الأعداء.
والفرس قد يقاتل الفرس في المروج إذا أراد أن يحمي الحجور، كما يحمي العير العانة ويقاتل دونها كلّ عير يريد مشاركته فيها، وهذا شيء يعرض لجميع الفحولة في زمن الهيج.
وقد يصاول الجمل الجمل فربّما قتل أحدهما صاحبه، ولكنّ هذه الفحولة لا تعرض لشيء من الحيوان في غير هذا الباب.
وإن أراد الفرس أسد، فليس عنده من إحراز نفسه وقتل عدوّه ما عند الجاموس، فإن فضله الجاموس بقرنيه، فإن السّلاح الذي في فم الفرس لو استعمله لكان سلاحا، ولو استدبر الأسد فركله ورمحه وعضّه بفيه، لكان ذلك ممّا يدفع عنه ويحمي لحمه.
وليس للجاموس في أظلافه وفي يديه ورجليه وفي فمه سلاح، فقد دلّت الحال على أنّ مدار الأمر إنّما هو في شجاعة القلب.
__________
(1) الاحتجان: الضم والإمساك.
(2) ربيع الأبرار 5/ 438.(7/82)
وفي هذا القياس أنّ الصّقر إنّما يواثب الكركيّ لمكان سلاحه دون شجاعة القلب التي يقوى بها الضّعيف، وبخلافها يضعف القويّ.
وسأقرّب ذلك عندك ببعض ما تعرفه، لا نشكّ أنّ الهرّ أقوى من الهرّة في كلّ الحالات، حتى إذا سفدها فحدثت بينهما بغضاء ومطالبة حدثت للهرّة شجاعة وللهرّ ضعف، فصارت الهرّة في هذه الحال أقوى منه، وصار الهرّ أضعف. ولولا أنّه يمعن في الهرب غاية الإمعان ثمّ لحقته، لقطّعته وهو مستخذ.
ومثل ذلك أنّ الجرذ يخصى ويرمى به في أنابير التّجّار (1) وفي الأقرحة (2)
والبيادر، فلا يدع جرذا ضخما قد أعيا الهرّ وابن عرس إلّا قتله، وإن كان أعظم منه وأشدّ.
والخصيّ من كلّ شيء أضعف قوّة من الفحل إلّا الجرذ، فإنه إذا خصي أحدث له الخصاء شجاعة وجراءة، وأحدثت له الشّجاعة قوّة وأحدث علم الجرذان بحال الخصاء لها جبنا، وأحدث الجبن لها ضعفا (3).
والرّجل الشّديد الأسر قد يفزع فتنحلّ قواه، ويسترخي عصبه حتّى يضربه الصبيّ. والذّئب القويّ من ذئاب الخمر (4) يكون معه الذئب الضعيف من ذئاب البراري، فيصيب القويّ خدش يسير، فحين يشمّ ذلك الذئب الضعيف رائحة الدّم وثب عليه، فيعتري ذلك القويّ عند ذلك من الضّعف بمقدار ما يعتري الضعيف من القوّة حتى يأكله كيف شاء.
والأسد الذي يعتريه الضّعف في الماء الغمر حتّى يركب ظهره الصبيّ ثم يقبض على أذنيه فيغطه كيف شاء.
وقد يفعل به ذلك غلمان السّواد وشاطئ الفرات، إذا احتملت المدود الأسد لا تملك من أنفسها شيئا، وهو مع ذلك يشدّ على العسكر حتى يفرقه فرق الشّعر، ويطويه طيّ السّجل ويهارش النمر عامّة يومه لا يقتل أحد هما صاحبه، وإن كان الجمل الهائج باركا أتاه فضرب جنبه ليثني إليه عنقه، كأنه يريد عضّه فيضرب بيساره إلى مشفره فيجذبه جذبة يفصل بها بين دأيات عنقه، وإن ألفاه قائما وثب
__________
(1) الأنابير: جمع أنبار: وهي البيوت الكبيرة التي يجمع فيها طعام السلطان.
(2) الأقرحة: جمع قراح، وهي الأرض المخلصة لزرع أو لغرس.
(3) ربيع الأبرار 5/ 471.
(4) الخمر: ما واراك من شجر.(7/83)
وثبة فإذا هو في ذروة سنامه، فعند ذلك يصرّفه كيف شاء، ويتلعّب به كيف أحبّ.
ونحن لا نشكّ أنّ للفرس تحت الفارس غناء في الحرب لا يشبهه غناء، ولذلك فضّل في القسم. وإنما ذلك بتصريف راكبه له، وقتاله عليه. فأمّا هو نفسه فإنه إذ كان أوفر سلاحا من الجاموس وخام عن قرنه (1)، واستسلم لعدوّه فإنّه من ها هنا لا يقدم على غيره. ولم يكن الله ليجعل انحصار جميع أقسام الخير في شخص واحد، ولكن لمّا أن كان الفرس عليه تقاتل الأنبياء وأتباع الأنبياء، ملوك الكفّار وأتباع ملوك الكفار حتّى يقمع الله الباطل ويظهر الحقّ فلذلك قدّمناه على جميع البهائم والسّباع، وإنما نقدّمه على الوجه الذي قدّمه الله فيه.
2125 [الرد على صاحب فرس الماء]
واعترض على أصحاب فرس الماء معترضون فقالوا: الفرس لا يكون إلّا بهيمة، والبهائم لا تصيد وتأكل صيدها، وإنما طعام الفرس النّبات وليس اللّحم لها بطعام.
وقال النمر بن تولب (2): [من الرجز] والخيل في إطعامها اللّحم ضرر ... نطعمها اللّحم إذا عزّ الشّجر
في كلمته التي يقول فيها (3): [من الرجز] الله من آياته هذا القمر
وقد تعلف في تلك الحالات اللّحم اليابس وهسيس السّمك (4). فأمّا الهسيس فلخيول أهل الأسياف خاصّة.
2126 [الانتصار لصاحب فرس الماء]
قيل لهؤلاء المعترضين على فرس الماء: وقد يكون في الخلق المشترك وغير المشترك ما يأكل اللّحم والحبّ. فالمشترك مثل الإنسان الذي يأكل الحيوان والنبات. وهذا العصفور من الخلق المشترك لأنّه يأكل الحبّ، ويصطاد النمل الطّيار
__________
(1) خام عنه: نكص وجبن.
(2) الرجز للنمر بن تولب في ديوانه 355، واللسان (هشش)، وللطرماح في أساس البلاغة (لحم) وليس في ديوانه، وبلا نسبة في اللسان (علف، لحم)، والتهذيب 5/ 106، 348، والتاج (لحم).
(3) ديوان النمر بن تولب 355، واللسان (هشش).
(4) الهسيس: المدقوق من كل شيء.(7/84)
والأرضة فيأكلها، ويأكل اللّحم، والدّجاج تأكل اللّحم والدّيدان، وتحسو الدّم وتلقط الحبّ. والغراب لا يدع شيئا إلّا أكله.
وما خرج من حدّ المشترك وهو كنحو الذّئب والضّبع، وكنحو الشّاهين والصّقر، فإنّ هذه وأشباهها لا تعرف إلا اللّحم. والحمام وضروب من الطير لا تعرف إلّا الحبّ والنّبات. والمشترك أجمع مما هو غير مشترك.
والسّمكة تأكل الطّين والنّبات، وتأكل الجيف التي تصيب في الماء، وتصاد بضروب من الحيوان تجعل لها في الشّصوص (1)، ثم ينصبون لكلّ ضرب من السّمك بضرب من الطّعم.
والجرّيّ يأكل الجرذان ويصيدها، وهو آكل لها من السّنانير والحيّات والكلاب السّلوقية، ويأكل الجرّيّ جميع جيف الموتى. والسّمك يأكل السّمك ويأكل من كلّ حبّ ونبات يسقط في الماء.
وإن استفهم مستفهم، أو اعترض معترض فقال: وكيف يأكل الجرّيّ الجرذان، والجرذان أرضيّة بيوتيّة، والجرّيّ مائي؟ قيل له: يخبّرنا جميع من يبيت في السّفن وفي المشارع، في فيض البصرة عندنا، أنّ جرذان الأنابير (2) تخرج أرسالا باللّيل كأنّها بنات عرس، والجرّيّ قد كمن لهنّ وهو فاتح فاه، فإذا دنا الجرذ من الماء فعبّ فيه التهمه ليس دون ذلك شيء، بشجر فم واسع (3) يدخل في مثله الضبّ الهرم. وإنما يضع بخطمه على الشّريعة.
وسنذكر شيئا من الطّرف والحكم والأشعار، إذ كنّا قد ذكرنا من الكلام في الحيوان صدرا صالحا، وأبوابا جامعة، ثم نعود في ذكر الفيل إن شاء الله، والله الموفّق.
2127 [شيء من الطرف والحكم والأشعار]
قال الشّاعر (4): [من الطويل] ونحن أناس لا حجاز بأرضنا ... مع الغيث ما نلقى ومن هو غالب
__________
(1) الشصوص: جمع شص، وهي حديدة عقفاء يصاد بها السمك.
(2) الأنابير: جمع أنبار، وهي البيوت الكبيرة التي يجمع فيها طعام السلطان.
(3) شجر الفم: مفرجه.
(4) الأبيات للأخنس بن شهاب في المفضليات 206.(7/85)
وإن قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب ... ترى كلّ قوم ينظرون إليهم ... وتقصر عمّا يبلغون الذّوائب
مثل قول الآخر (1): [من الطويل] لكلّ أناس سلّم يرتقى به ... وليس إلينا في السّلاليم مطلع ... ومنزلنا الأعلى حجاز لمن به ... وكلّ حجاز إن هبطناه بلقع ... وينفر منا كلّ وحش وينتمي ... إلى وحشنا وحش البلاد فيربع
وقال حسّان بن ثابت (2): [من الطويل] وندمان صدق تقطر الخير كفّه ... إذا راح فضفاض العشيّات خضرما ... وصلت به كفّي وخالط شيمتي ... ولم أك عضّا في الندامى ملوّما (3)
... لنا حاضر فعم وباد كأنّه ... شماريخ رضوى عزّة وتكرّما ... ولدنا بني العنقاء وابني محرّق ... فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما ... لنا الجفنات الغرّ يلمعن في الضّحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وقال أعرابيّ غزليّ (4): [من الطويل] بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ... ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب ... ولم يعتذر عذر البريء ولم تزل ... به سكتة حتّى يقال مريب
وقال أعرابيّ من هذيل (5): [من الطويل]
__________
(1) الأبيات لمقاس العائذي (مسهر بن النعمان بن عمرو) في الوحشيات 1514، ومعجم الشعراء 331، والأشباه والنظائر للخالديين 287، وبلا نسبة في البيان 2/ 356.
(2) ديوان حسان بن ثابت 427426، والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج والأساس (عضض)، والمقاييس 4/ 49، والعين 1/ 72، والثالث في اللسان والتاج (حضر)، والمجمل 2/ 80، والمقاييس 2/ 76، والرابع في اللسان والتاج (بني)، وبلا نسبة في العين 1/ 169، والتهذيب 15/ 506، والخامس في الخزانة 8/ 106، 107، 110، 116، واللسان (جدا)، وأسرار العربية 356، وشرح الأشموني 3/ 671، وشرح شواهد الإيضاح 521، وشرح المفصل 5/ 10، والكتاب 3/ 578، والمقاصد النحوية 4/ 527، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 206، والمقتضب 2/ 188.
(3) العض: السيئ الخلق.
(4) البيتان بلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1328.
(5) البيتان بلا نسبة في البيان 3/ 330، والحماسة البصرية 2/ 222، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1316.(7/86)
رعاك ضمان الله يا أمّ مالك ... ولله أن يسقيك أولى وأوسع ... يذكّرنيك الخير والشرّ والذي ... أخاف وأرجو والذي أتوقّع
قطعة من أشعار الاتعاظ
قال الشاعر: [من المتقارب] عليك من امرك ما تستطيع ... وما ليس يغنيك عنه فذر ... وللصّمت أجمل في حينه ... من القول في خطل أو هذر ... وكم غائب كان يخشى الرّدى ... فعاد وأودى الذي في الحضر ... وبينا الفتى يعجب النّاظري ... ن مال إلى عطفه فانقعر ... وبعض الحوادث إن يبقه ... فإنّ الفنا شأنه والكبر ... وكم من أخي نجدة ماهر ... تعلّقه الدّهر حتى عثر ... وكم من أخي عثرة مقتر ... تأتّى له الدّهر حتى انجبر
وقال علقمة بن عبدة (1): [من البسيط] وكلّ قوم وإن عزّوا وإن كثروا ... عريفهم بأثافي الشّرّ مرجوم ... والحمد لا يشترى إلا له ثمن ... ممّا يضنّ به الأقوام معلوم ... والجهل منقصة شين لصاحبه ... والحلم آونة في النّاس معدوم ... وكلّ حصن وإن طالت سلامته ... على دعائمه لا بدّ مهدوم ... ومن تعرّض للغربان يزجرها ... على سلامته لا بدّ مشؤوم ... ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه ... أنّى توجّه والمحروم محروم
وقال عديّ بن زيد العباديّ (2)، وهو أحد من قد حمل على شعره الحمل الكثير، ولأهل الحيرة بشعره عناية، وقال أبو زيد النحويّ: «لو تمنّيت أن أقول الشّعر ما قلت إلا شعر عديّ بن زيد»: [من الطويل]
__________
(1) الأبيات في ديوانه 6765، والمفضليات 401.
(2) ديوان عدي بن زيد 107104، والحماسة البصرية 2/ 4948، وأرقام الأبيات في ديوانه (16، 19، 20، 32، 26، 34، 46).(7/87)
كفى زاجرا للمرء أيّام عمره ... تروح له بالواعظات وتغتدي ... فنفسك فاحفظها من الغيّ والرّدى ... متى تغوها تغو الذي بك يقتدي ... فإن كانت النّعماء عندك لامرئ ... فمثلا بها فاجز المطالب أو زد ... عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإنّ القرين بالمقارن مقتدي ... ستدرك من ذي الجهل حقّك كله ... بحلمك في رفق ولمّا تشدّد ... وظلم ذوي القربى أشدّ عداوة ... على المرء من وقع الحسام المهنّد ... وفي كثرة الأيدي عن الظّلم زاجر ... إذا خطرت أيدي الرّجال بمشهد
قال المهلب بن أبي صفرة: «عجبت لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه» (1).
وقال عبد الله بن جعفر لرجل يوصيه: «عليك بصحبة من إن صحبته زانك، وإن تركته شانك إن سألته أعطاك، وإن تركته ابتداك إن رأى منك سيّئة سدّها، وإن رأى حسنة عدّها وإن وعدك لم يجرضك وإن ألجئت إليه لم يرفضك».
وسأل يزيد بن المهلّب رجل من أصحابه حاجة وذكر له خلّة، فقال: أوجّه بها إليك. ثمّ حمل إليه خمسين ألف درهم، ثم كتب إليه: «قد وجّهت إليك بخمسين ألف درهم، لم أذكرها تمنّنا، ولم أدع ذكرها تجبّرا، ولم أقطع بها لك رجاء، ولم أرد بها منك جزاء».
وقيل ليزيد: ما أحسن ما مدحت به؟ قال: قول زياد الأعجم (2): [من الطويل] فتى زاده السّلطان في الحمد رغبة ... إذا غيّر السلطان كلّ خليل
شبيه بقول الآخر (3): [من الطويل] فتى زاده عزّ المهابة ذلّة ... وكلّ عزيز عنده متواضع
وقال الآخر، وهو يدخل في باب الشكر: [من الرجز]
__________
(1) ورد قوله في البيان 3/ 205.
(2) البيت لزياد الأعجم في ديوانه 193، والبيان 1/ 71، والعقد الفريد 2/ 478، والتمثيل والمحاضرة 151، والأغاني 15/ 391، ولزياد الأعجم أو حبيب بن عوف في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1791.
(3) البيت بلا نسبة في البيان 2/ 233.(7/88)
شوقي إليك يا أبا العبّاس ... طيّر ما أبليتني نعاسي ... إنّي لمعروفك غير ناس ... والشّكر قدما في خيار النّاس
أبيات لبعض الشعراء العميان
أنشدني ابن الأعرابيّ لرجل من بني قريع (1) يرثي عينه ويذكر طبيبا: [من الطويل] لقد طفت شرقيّ البلاد وغربها ... فأعيا عليّ الطبّ والمتطبّب ... يفولون إسماعيل نقّاب أعين ... وما خير عين بعد ثقب بمثقب ... يقولون ماء طيّب خان عينه ... وما ماء عين خان عينا بطيّب ... ولكنّه أيّام أنظر طيّب ... بعيني قطاميّ علا فوق مرقب (2)
... كأنّ ابن حجل مدّ فضل جناحه ... على ماء إنسانيهما ماء طحلب
وقال الخريميّ (3): [من الطويل] كفى حزنا أن لا أزور أحبّتي ... من القرب إلّا بالتّكلّف والجهد ... وأنّي إذا حيّيت ناجيت قائدي ... ليعدلني قبل الإجابة في الردّ ... إذا ما أفاضوا في الحديث تقاصرت ... بي النّفس حتى ما أحير وما أبدي ... كأني غريب بينهم لست منهم ... فإن لم يحولوا عن وفاء ولا عهد ... أقاسي خطوبا لا يقوم بثقلها ... من الناس إلا كلّ ذي مرّة جلد
__________
(1) الأبيات لمحصن بن كنان القريعي في الوحشيات 138، وبلا نسبة في عيون الأخبار 2/ 187.
(2) القطامي: الصقر.
(3) ديوان الخريمي 23.(7/89)
باب في الحاجة
قال ابن الأعرابيّ (1): قيل للأحنف: أتيناك في حاجة، لا ترزؤك ولا تنكؤك.
فقال: «ليس مثلي يؤتى في حاجة لا ترزأ ولا تنكأ».
وقال أعرابيّ لرجل: «إني لم أصن وجهي عن الطّلب إليك، فصن وجهك عن ردّي، وأنزلني من كرمك بحيث وجهي من رجائك».
وقال أبو عقيل بن درست: «لم يقض ذمام التّأميل، ولم يقم بحرمة الرّجاء إلّا من أعطاها حقّها، ووفّاها حظّها، وعرف قدرها، وكيف يستبقي النّعمة فيها، وكيف الشّكر على أداء حقّها، بالبشر عند المسألة، وقلّة التّضجّر عند المعاودة، وتوكيد الضّمان عند العدة، وانتهاز الفرصة عند القدرة. ويكون النّجح المعجل أحبّ إليه من عذر المصدق، وحتّى يرى أنّ حقّك عليه في بذل وجهك إليه أكثر من حقّه عليك في تحقيق أملك فيه. ثم إيجاب سترها، فإنّ سترها هو المخبر عنها، والدالّ عليها، والزّائد في قدرها، والمتولّي لنشرها».
وقال الشاعر (2): [من المنسرح] فإنّ إحياءها إماتتها ... وإنّ منّا بها يكدّرها
__________
(1) ورد القول في عيون الأخبار 3/ 136.
(2) البيت لعروة بن أذينة في عيون الأخبار 3/ 173.(7/90)
باب في الوعد والوفاء به والخلف له
قال عمرو بن الحارث (1): «كنت متى شئت أن أجد صفة من يعد وينجز وجدته، فقد أعياني من يعد ولا ينجز».
وقال أبو إسحاق النّظام: «كنّا نلهو بالأماني، ونطيب أنفسا بالمواعيد، فذهب من يعد، وقطعتنا الهموم عن فضول الأماني».
وقال الشاعر (2): [من مجزوء الرمل] قد بلوناك بحمد الله إن أغنى البلاء
فإذا جلّ مواعيدك والجحد سواء
وقال أعرابيّ (3): «وعد الكريم نقد وتعجيل، ووعد اللئيم مطل وتعطيل».
وذمّ أعرابيّ رجلا فقال: «إذا أوعد صدق، وإذا وعد كذب، ويغضب قبل أن يشتم، ويجزم قبل أن يعلم».
وقال عبد الله بن قيس الرقيّات (4): [من المنسرح] اخترت عبد العزيز مرتغبا ... والله للمرء خير من قسما ... من البهاليل من أميّة يز ... داد إذا ما مدحته كرما ... جاءت به حرّة مهذّبة ... كلبيّة كان بيتها دعما
هنّ العرانين من قضاعة أمثال بنيهنّ تمنع الذّمما تكنّه خرقة الدّرفس من الشّمس كليث يفرّج الأجما
__________
(1) الخبر في عيون الأخبار 3/ 145.
(2) البيتان بلا نسبة في عيون الأخبار 3/ 145، والبيان 2/ 355.
(3) في عيون الأخبار 3/ 145: «وكان يقال: وعد الكريم نقد، ووعد اللئيم تسويف».
(4) ديوانه 153.(7/91)
يقوت شبلين في مغارهما ... قد ناهزا للفطام أو فطما ... لم يأت يوم إلا وعندهما ... لحم رجال أو يولغان دما ... فذاك أشبهته ابن ليلى ول ... كنّ ابن ليلى يفوقه شيما ... من يهب البخت والولائد كال ... غزلان والخيل تعلك اللجما ... ينكر «لا» إنّ «لا» لمنكرة ... من فيه إلّا محالفا نعما
وقال زيادة بن زيد (1): [من الطويل] إذا فرجة سدّت عليك فروجها ... فأنت ملاق لا محالة مذهبا ... فلم يجعل الله الأمور إذا اغتدت ... عليك رتاجا لا يرام مضبّبا ... كفاك الغنى يوما إذا ما تقلّبت ... به صيرفيّات الأمور تقلبا ... وإني لمزورّ قليل تقلّبي ... لوجه امرئ يوما إذا ما تجنّبا ... قليل ليوم الشّرّ ويك تعرّضي ... فإن حلّ يوما قلت للشّرّ مرحبا ... ملكنا ولم نملك وقدنا ولم نقد ... وكان لنا حقّا على الناس ترتبا
وقال هدبة العذريّ (2): [من الطويل] فأب بي إلى خير فقد فاتني الصّبا ... وصيح بريعان الشّباب فنفّرا ... أمور وألوان وحال تقلّبت ... بنا وزمان عرفه قد تنكّرا ... أصبنا بما لو أنّ سلمى أصابه ... لسهّل من أركانه ما توعّرا (3)
... فإن ننج من أهوال ما خاف قومنا ... علينا فإنّ الله ما شاء يسّرا ... وإن غالنا دهر فقد غال قبلنا ... ملوك بني نصر وكسرى وقيصرا ... وذي نيرب قد عابني لينالني ... فأعيا مداه عن مداي فقصّرا ... فإن يك دهر نالني فأصابني ... بريب فإن تشوي الحوادث معشرا ... فلست إذا الضّرّاء نابت بجبّإ ... ولا جزع إن كان دهر تغيّرا
__________
(1) انظر الأبيات في الأغاني 21/ 261260، وحماسة البحتري 85.
(2) الأبيات من قصيدة في ديوانه 9285، وترتيبها (8، 10، 11، 31، 33، 36، 40، 43) والإمتاع والمؤانسة 3/ 203.
(3) سلمى: أحد جبلي طيئ، وهما سلمى وأجأ.(7/92)
وكان هدبة هذا من شياطين عذرة، وهذا شعره كما ترى، وقد أمر بضرب عنقه وشدّ خناقه. وقليلا ما ترى مثل هذا الشّعر عند مثل هذه الحال وإنّ امرأ مجتمع القلب، صحيح الفكر، كثير الرين، عضب اللّسان في مثل هذه الحال، لناهيك به مطلقا غير موثق، وادعا غير خائف. ونعوذ بالله من امتحان الأخيار.
وهو القائل في تلك الحال (1): [من الطويل] فلا تعذليني لا أرى الدّهر معتبا ... إذا ما مضى يوم ولا اللّوم مرجعا ... ولكن أرى أنّ الفتى عرضة الرّدى ... ولاقي المنايا مصعدا ومفرّعا (2)
... وإن التّقى خير المتاع وإنما ... نصيب الفتى من ماله ما تمتّعا ... فلا تنكحي إن فرّق الدّهر بيننا ... أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا ... ضروبا للحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا ... وأخرى إذا ما زار بيتك زائر ... زيالك يوما كان كالدّهر أجمعا (3)
... سأذكر من نفسي خلائق جمّة ... ومجدا قديما طالما قد ترفّعا ... فلم أر مثلي كاويا لدوائه ... ولا قاطعا عرقا سنونا وأخدعا ... وما كنت ممن أرّث الشرّ بينهم ... ولا حين جدّ الشّرّ ممّن تخشّعا ... وكنت أرى ذا الضّغن ممّن يكيدني ... إذا ما رآني فاتر الطّرف أخشعا
وما قرأت في الشّعر كشعر عبد يغوث بن صلاءة الحارثيّ، وطرفة بن العبد، وهدبة هذا، فإنّ شعرهم في الخوف لا يقصّر عن شعرهم في الأمن (4). وهذا قليل جدّا.
__________
(1) ديوان هدبة بن الخشرم 108105.
(2) مفرعا: منحدرا.
(3) زيالك: من المزايلة، وهي المفارقة والمبارحة.
(4) انظر مثل هذا القول في البيان 2/ 268.(7/93)
من أشعار الأعراب
أنشدني ابن الأعرابيّ في معنى قوله (1): [من الوافر] كمخض الماء ليس له إتاء
[من الطويل] وما كان مثلي يعتريك رجاؤه ... ولكن أساءت همّة من فتى محض ... وإنّي وإشرافي إليك بهمّتي ... الكالمرتجي زبدا من الماء بالمخض
وقال الآخر في مثل قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (2): [من الطويل] فلولا اتّقاء الله قلت مقالة ... تسير مع الرّكبان أبردها يغلي ... أبن لي فكن مثلي أو ابتغ صاحبا ... كمثلك، إني مبتغ صاحبا مثلي ... ولا يلبث الأصحاب أن يتفرّقوا ... إذا لم يؤلّف روح شكل إلى شكل
فقال (3): [من الطويل] لكلّ امرئ شكل يقرّ بعينه ... وقرّة عين الفسل أن يتبع الفسلا (4)
... وتعرف في جود امرئ جود خاله ... وينذل أن تلقى أخا أمّه نذلا
وفي غير هذا الباب يقول الجرنفس اللص (5): [من البسيط] أبلغ بني ثعل عنّي مغلغلة ... فقد أنى لك من نيء بإنضاج ... أمّا النهار ففي قيد وسلسلة ... واللّيل في جوف منحوت من السّاج
__________
(1) صدر البيت: (وبعض القول ليس له عناج)
وهو لقيس بن الحظيم في ديوانه 151، وله أو لربيع بن أبي حقيق في شرح ديوان الحماسة للتبريزي، وللحطيئة في ديوانه 319، ولابن الإطنابة في أساس البلاغة (أتى)، وتقدم البيت مع تخريج أوفى في 3/ 3231.
(2) الأبيات لعبد الله بن عبد الله بن عتبة في عيون الأخبار 3/ 87، ولحمزة بن عبد الله بن عتبة في مجالس ثعلب 13، والبيت الثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (زوج).
(3) البيتان بلا نسبة في اللسان والتاج (نذل).
(4) الفسل: النذل.
(5) البيت الأول للجرنفش بن يزيد الطائي في شرح أبيات سيبويه 1/ 237، ولرجل من أهل البحرين من اللصوص في الكامل 2/ 300 (المعارف)، وبلا نسبة في الكتاب 1/ 161، والمحتسب 2/ 184، والمقتضب 4/ 331، وعمدة الحفاظ 4/ 103 (مكر).(7/94)
وقال بعض اللصوص (1): [من الطويل] أقيد وحبس واغتراب وفرقة ... وهجر حبيب، إنّ ذا لعظيم ... وإن امرأ دامت مواثيق ودّه ... على عشر ما بي إنّه لكريم
ومن المراثي المستحسنة قول حارثة بن بدر الغدانيّ (2)، يرثي زيادا ابن أبيه:
[من البسيط] أبا المغيرة والدّنيا مغيّرة ... وإنّ من غرّت الدّنيا لمغرور ... قد كان عندك للمعروف معرفة ... وكان عندك للنّكراء تنكير ... وكنت تؤتى فتؤتي الخير من سعة ... إن كان قبرك أمسى وهو مهجور ... صلّى الإله على قبر بمحنية ... دون الثّويّة يسفي فوقه المور (3)
وأنشد ابن الأعرابيّ: [من الطويل] وما حسب الأقوام إلا فعالهم ... وربّ حسيب الأصل غير حسيب
وقال الآخر في مثله: [من الكامل] ليس الكريم بمن يدنّس عرضه ... ويرى مروءته تكون بمن مضى ... حتّى يشيد بناءهم ببنائه ... ويزين صالح ما أتوه بما أتى
وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر (4): [من الكامل] لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يوما على الأحساب نتّكل ... نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا
__________
(1) البيتان لدوير بن دؤالة العقيلي في مجموعة المعاني 139، ولأعرابي في البيان 4/ 62، وعيون الأخبار 1/ 81، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1315.
(2) الأبيات لحارثة بن بدر الفداني في الأغاني 8/ 398، والحماسة البصرية 1/ 258، وزهر الآداب 985، ومعجم البلدان 2/ 187 (ثوية).
(3) الثوية: موضع قريب من الكوفة.
(4) البيتان لعبد الله بن معاوية في ديوانه 63، والعقد الفريد 2/ 290، وذيل الأمالي 117، وهما للمتوكل الليثي في معجم الشعراء 340، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 4/ 284، وشرحه للمرزوقي 1790، والعمدة 2/ 146، ولمعن بن أوس في معجم الشعراء 323، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 40.(7/95)
وقال عمر بن الخطّاب: «كفى بالمرء عيبا أن تكون فيه خلة من ثلاث: أن يبدو له من أخيه ما يخفى عليه من نفسه، أو يعيب شيئا ثم يأتي مثله، أو يؤذي جليسه فيما لا يعنيه».
ووصف أعرابيّ رجلا فقال: «آخذ النّاس بما به أمر، وأتركهم لما عنه زجر».
من هجا امرأته
قدم أعرابيّ فحلف بطلاق امرأتيه على شيء فحنث ثم هرب فقال: [من الكامل] لو يعلم الغرماء منزلتيهما ... ما خوّفوني بالطّلاق العاجل ... قد ملّتا ومللت من وجهيهما ... عجفاء مرضعة وأخرى حامل
وقال الأقرع بن معاذ القشيريّ: [من الطويل] لعمرك إنّ المسّ من أمّ خالد ... إليّ وإن ضاجعتها لبغيض ... إذا بزّ عنها ثوبها فكأنما ... على الثّوب نمل عاذم وبعوض
وقال أعرابيّ يتألّه، لامرأته، وما الأعراب وهذا المذهب، ولكن كذا وقع، والله أعلم بكثير من الرّواية: [من البسيط] لولا مخافة ربّي أن يعاقبني ... وأنّها عدّة تقضى وأوتار ... لقد جعلت مكان الطّوق ذا شطب ... وتبت بعد فإنّ الله غفّار
وقال بعض المولّدين (1): [من المنسرح] تجهّزي للطّلاق وانصرفي ... ذاك جزاء الجوامح الشّمس ... لليلتي حين بتّ طالقة ... ألذّ عندي من ليلة العرس
وأنشدني ابن الأعرابي لأعرابي (2): [من الرجز]
__________
(1) البيتان لقتادة بن معروف اليشكري في الحماسة البصرية 2/ 318317، والتنبيه على أمالي القالي 24، والشعر والشعراء 257 (ليدن)، وبلاغات النساء 157، ولأبي موسى في العقد الفريد 3/ 292، وبلا نسبة في عيون الأخبار 4/ 126.
(2) الأبيات (531) لعقال بن رزام في التاج (هرش)، وبلا نسبة في الجمهرة 736، 1134، 1228، والأول مع آخر بلا نسبة في اللسان (جذر)، والثاني بلا نسبة في اللسان والتاج (قنفرش)، والتهذيب 9/ 421.(7/96)
1 - قد قرنوني بعجوز جحمرش ... ناتية النّاب كزوم قنفرش ... 2كأنما دلالها على الفرش ... من آخر اللّيل كلاب تهترش ... 3وجلدها من حكّها القمل برش ... كأنّ طيّ بطنها طيّ كرش ... 4فقماء في حضن الضّجيع تهتمش ... تخشخش الضّبّ دنا للمحترش
وقال رجل من بني نمير (1) لامرأته، وكانت حضرية: [من الطويل] لعمري لأعرابيّة بدوية ... تظلّ بروقي بيتها الرّيح تخفق ... أحبّ إلينا من ضناك ضفنّة ... إذا رفعت عنها المراويح تعرق ... كبطّيخة البستان ظاهر جلدها ... صحيح ويبدو داؤها حين تفتق
وأنشدني محمد بن يسير في امرأته أو في غيرها (2): [من البسيط] أنبئت أنّ فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصّوم في الطول ... أسنانها مائة أو زدن واحدة ... كأنّها حين يبدو وجهها غول
وإنما أكتب لك من كلّ باب طرفا، لأنّ إخراجك من باب إلى باب أبقى لنشاطك، ولو كتبته بكماله لكان أكمل وأنبل، ولكن أخاف التّطويل، وأنت جدير أن تعرف بالجملة التّفصيل، والآخر بالأوّل.
من هجته زوجته
قالت عصيمة الحنظليّة: [من الوافر] كأنّ الدّار حين تكون فيها ... علينا حفرة ملئت دخانا ... فليتك في سفين بني عباد ... فتصبح لا نراك ولا ترانا ... فلو أنّ البدور قبلن يوما ... لقد أعطيتها مائة هجانا
وقالت امرأة من بني ضبة لزوجها: [من البسيط] تراه أهوج ملعونا خليقته ... يمشي على مثل معوجّ العراجين
__________
(1) الأبيات في ربيع الأبرار 1/ 273.
(2) البيتان لمحمد بن يسير الرياشي في ديوانه 107، والأول أنشده ابن سيرين جوابا لمن زعم أن إنشاد الشعر ينقض الوضوء، وهو في عيون الأخبار 1/ 317، والعمدة 1/ 30، وزهر الآداب 207، والبيت الثاني فيه إقواء.(7/97)
وما دعوت عليه قطّ ألعنه ... إلّا وآخر يتلوه بآمين ... فليته كان أرض الرّوم منزله ... وأنّني قبله صيّرت بالصّين
وقالت جمرة الأزدية لزوجها أبي وائل: [من المتقارب] لعمرك ما إن أبو وائل ... إذا ذكر القوم بالطائل ... فياليتني لم أكن عرسه ... وعوجلت بالحدث العاجل
وقالت امرأة من بني زياد الحارثي: [من الطويل] فلا تأمروني بالتزوّج إنّني ... أريد كرام النّاس أو أتبتّل ... أريد فتى لا يملأ الهول صدره ... يريح عليه حلمه حين يجهل ... كمثل الفتى الجعد الطّويل إذا غدا ... كعالية الرّمح الطويل أو اطول
وقالت امرأة من باهلة (1): [من الطويل] أحبّ الفتى ينفي الفواحش سمعه ... كأنّ به كلّ فاحشة وقرا ... سليم دواعي الصّدر لا باسط أذى ... ولا مانع خيرا ولا قائل هجرا ... كمثل الفتى الذّهليّ تحسب وجهه ... إذا ما بدا في ظلمة طالعا بدرا
وقال لبيد بن ربيعة (2): [من الخفيف] إنما يحفط التقى الأبرار ... وإلى الله يستقرّ القرار ... وإلى الله ترجعون وعند ... الله ورد الأمور والإصدار ... إن يكن في الحياة خير فقد أن ... ظرت لو كان ينفع الإنظار
عشت دهرا فلن يدوم على الأيّام إلّا يرمرم وتعار (3)
وأنشدني الأصمعيّ قال: أنشدني رجل، ولم يسمّه: [من الطويل] إذا ما بدا عمرو بدت منه صورة ... تدلّ على مكنونه يقبل ... بياض خراسان ولكنه فارس ... وجثّة روميّ وشعر مفلفل
__________
(1) الأبيات لسالم بن وابصة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1142، وأمالي القالي 2/ 224.
(2) ديوان لبيد بن ربيعة 41، 43.
(3) يرمرم وتعار: جبلان في بلاد بني قيس.(7/98)
لقد ألّفت أعضاء عمرو عصابة ... يدلّ عليها آخر القوم أوّل
وقالت أخت ذي الرّمّة ترثيه (1): [من الطويل] تعزّيت عن أوفى بغيلان بعده ... عزاء وجفن العين ملآن مترع ... ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ... ولكنّ نكء القرح بالقرح أوجع
وذو الرّمّة القائل: إذا قلت كأنّ فلم أجد مخرجا فقطع الله لساني.
وأنشد (2): [من الكامل] لا أتّقي حسك الضّغائن بالرّقى ... فعل الذّليل ولو بقيت وحيدا (3)
... لكن أعدّ لها ضغائن مثلها ... حتّى أدواي بالحقود حقودا ... كالخمر خير دوائها منها بها ... تشفي السّقيم وتبرئ المنجودا (4)
فأخذ الحكميّ هذا فقال (5): [من المتقارب] وكأس شربت على لذّة ... وأخرى تداويت منها بها
وقال ابن هرمة (6): [من البسيط] إنّ أياديك عندي غير واحدة ... جلّت عن الوصف والإحصاء والعدد ... وليس منها يد إلّا وأنت بها ... مستوجب الشّكر منّي آخر الأبد
وقال الآخر: [من الطويل]
__________
(1) البيتان لمسعود أخي ذي الرمة في الأغاني 18/ 4، والشعر والشعراء 337 (ليدن)، ولهشام أخي ذي الرمة في الكامل 1/ 153 (المعارف)، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 328. وبلا نسبة في البيان 2/ 193192، وانظر ما تقدم في 6/ 590.
(2) البيتان (21) ليزيد بن الطثرية في ديوانه 66، وحماسة القرشي 8786، والأغاني 8/ 170، ولم أجد البيت الثالث في هذين المصدرين.
(3) المراد بقوله: «حسك الضغائن» الحقد والعداوة.
(4) المنجود: المكروب.
(5) الحكمي: هو أبو نواس، والبيت ليس له، بل للأعشى في ديوانه 223، وسرقات أبي نواس 70، أما البيت الذي سرقه أبو نواس من الأعشى فهو:
(دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء)
انظر سرقات أبي نواس 70.
(6) ديوان ابن هرمة 106.(7/99)
سأشكر ما أبقاني الله خالدا ... كشكري، ولا يدري، عليّ بن ثابت ... حملت عليه مثقلا فأطلقه ... وحمّلني من شكره فوق طاقتي
ورأى رجل من النبيط الحجّاج بعد موته في منامه فقال: يا حجّاج، إلام صيّرك ربّك؟ فقال: وماذا عليك يا ابن الزّانية، فقال: ما سلمنا من قولك ميتا، ولا من فعلك حيّا.
وقال الأشهب رجل من أهل الكوفة يهجو نوح بن درّاج: [من البسيط] إنّ القيامة فيما أحسب اقتربت ... إذ صار حاكمنا نوح بن درّاج ... لو كان حيّا له الحجّاج ما سلمت ... صحيحة يده من نقش حجّاج
وكان الحجّاج يشم أيدي النّبط علامة يعرفون بها.
وقال رجل من طيّئ لرجل من فزارة، وكان الرجل يتوعّده: [من الطويل] فإن كان هذا يا فزار تجلّبا ... لنخشى فما نرتاع للجلبات ... أألآن لما أن علا الشّيب مفرقي ... وصارت نيوب العود مختلفات ... فلو أنّ سافي الريح يحملكم قذى ... لأعيننا ما كنتم بقذاة ... ألست فزاريّا تبيّن لؤمه ... إذا قام بين الأنف والسّبلات ... ترى الخيل تستحيي إذا ما ركبتم ... عليها حياء البدّن الخفرات
وقال أبو عبيدة: «ما ينبغي أن يكون في الدّنيا مثل النظّام: سألته وهو صبيّ عن عيب الزّجاج، فقال: سريع الكسر، بطيء الجبر».
ومدحوا النّخلة عنده، فقال: «صعبة المرتقى، بعيدة المهوى، خشنة المسّ، قليلة الظلّ».
وذكر النظّام الخليل بن أحمد فقال: «توحّد به العجب فأهلكه، وصوّر له الاستبداد صواب رأيه فتعاطى ما لا يحسنه، ورام ما لا يناله، وفتنته دوائره (1) التي لا يحتاجه إليها غيره».
وكان أبو إسحاق إذا ذكر الوهم لم يشكّ في جنونه، وفي اختلاط عقله.
وهكذا كان الخليل، وإن كان قد أحسن في شيء.
__________
(1) يقصد دوائر العروض.(7/100)
وكان النطّام كثيرا ما ينشد: [من الطويل] فلو كنت أرضى لا أبالك بالذي ... به الخامل الجثّام في الخفض قانع ... قصرت على أدنى الهموم وأصبحت ... عليّ وعندي للرّجال صنائع
وقال المريسيّ لأبي الهذيل بحضرة المأمون، بعد كلام جرى: كيف ترى هذه السّهام؟ قال: ليّنة كالزّبد، حلوة كالشّهد، فكيف ترى سهامنا؟ قال: ما أحسست بها، قال: لأنّها صادفت جمادا.
وأنشد أبو الهذيل: [من الكامل] فإذا توهّم أن يراها ناظر ... ترك التّوهّم وجهها مكلوما
فقال (1): «هذه تناك بأير من خاطر» وأنشدني أبو الهذيل بعد أن أنشد هذا البيت (2): [من الرجز] اسجد لقرد السّوء في زمانه ... ولا تسائل عن خبيء شأنه
وقال آخر: [من الطويل] كم من كريم ضعضع الدّهر حاله ... وكم من لئيم أصبح اليوم صاعدا ... وقد قال في الأمثال في النّاس واعظ ... بتجربة أهدى النّصيحة جاهدا ... إذا دولة للقرد جاءت فكن له ... وذلك من حسن المداراة، ساجدا ... بذاك تداريه ويوشك بعدها ... تراه إلى تبّانه الرّثّ عائدا
وأنشدني الأصمعيّ في معنى قول الفرزدق (3): [من الطويل] به لا بظبي بالصّريمة أعفرا
لرجل من بني القين: [من الوافر]
__________
(1) ورد هذا القول في طبقات ابن المعتز 271، وذكر المحقق ص 496 «وفي الوافي بالوفيات المجلد الأول من الجزء الثالث ص 49وما بعدها روى شعرا غير هذا، وذكر معه قول أبي الهذيل»
(2) انظر شبيه هذا الرجز فيما تقدم 1/ 237، حيث نسب للعتابي.
(3) صدر البيت: (أقول له لما أتاني نعيّه) وهو في ديوان الفرزدق 246 (الصاوي)، 1/ 201 (دار صادر)، واللسان (عود، عدن، ظبا)، والتاج (عدد، ظبا)، والعين 2/ 123، والتهذيب 2/ 291، ومجمع الأمثال 1/ 90، وبلا نسبة في المقاييس 4/ 63.(7/101)
أقول لصالح لمّا دهته ... بنات الدّهر ويحك ما دهاكا ... شجاك العزل، لا بأخي نوال ... من الفتيان كربة ما شجاكا ... أتيتك زائرا فرجعت صفرا ... كذاك تكون أوبة من أتاكا ... أحبّ لك السلامة يا ابن أمّي ... وإن كنت امرأ بخلت يداكا ... حفاظا للعشيرة لا بعرف ... فإنّ العرف منّ به سواكا
وقال الفرزدق: [من الطويل] ألا خبّروني أيّها الناس إنّني ... سألت ومن يسأل عن العلم يعلم ... سؤال امرئ لم يغفل العلم صدره ... وما العالم الواعي الأحاديث كالعمي
وقال أيضا: [من الطويل] ألم تعلموا يا آل طوعة أنما ... تهيج جليلات الأمور دقيقها ... سأثني على سعد بما قد علمته ... وخير أحاديث الرّجال صدوقها
2128 [بعض الأخبار العجيبة]
قال أبو عثمان: ومما أكتب لك من الأخبار العجيبة التي لا يجسر عليها إلا كلّ وقاح أخبار بعض العلماء وبعض من يؤلّف الكتب ويقرؤها ويدارس أهل العبر ويتحفّظها.
زعموا (1) أنّ الضبع تكون عاما ذكرا وعاما أنثى. وسمعت هذا من جماعة منهم ممّن لا أستجيز تسميته.
قال الفضل بن إسحاق: أنا رأيت العفص والبلّوط في غصن واحد.
قال: ومن العفص ما يكون مثل الأكر. وقد خبّرني بذلك غيره، وهو يشبه تحوّل الأنثى ذكرا والذّكر أنثى.
وقد ذكرت العرب في أشعارها الضّباع والذّئاب والسّمع والعسبار، وجميع الوحوش والحشرات، وهم أخبر الخلق بشأن الضّبع، فكيف تركت ما هو أعجب وأطرف.
وقد ذكرت العلماء الضّباع في مواضع من الفتيا لم نر أحدا ذكر ذلك. وأولئك
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 418.(7/102)
بأعيانهم هم الذين زعموا أن النمر الأنثى تضع في مشيمة واحدة جروا وفي عنقه أفعى قد تطوّقت به، وإذا لم يأتنا في تحقيق هذه الأخبار شعر شائع، أو خبر مستفيض، لم نلتفت لفته، وقد أقررنا أن للسّقنقور أيرين، وكذلك الحرذون والضبّ، حين وجدناه ظاهرا على ألسنة الشّعراء وحكاية الأطبّاء.
2129 [خرطوم الفيل]
والخرطوم للفيل هو أنفه، ويقوم مقام يده ومقام عنقه (1)، والخرق الذي هو فيه لا ينفذ، وإنما هو وعاء إذا ملأه الفيل من طعام أو ماء أولجه في فيه، لأنّه قصير العنق لا ينال ماء ولا مرعى. وإنما صار ولد البختيّ من البختيّة جزور لحم لقصر عنقه، ولعجزه عن تناول الماء والمرعى.
2130 [خرطوم البعوضة]
وللبعوضة خرطوم، وهي تشبّه بالفيل إلّا أنّ خرطومها أجوف فإذا طعن به في جوف الإنسان والبهيمة فاستقى به الدّم من جوفه قذفت به إلى جوفها، فهو لها كالبلعوم والحلقوم.
وللذبابة خرطوم تخرجه إذا أرادت الدّم، وتدخله إذا رويت. فأمّا من سمّى خطم الخنزير والكلب والذّئب خرطوما فإنما ذلك على التشبيه. وكذلك يقولون لكلّ طويل [الخطم] (2) قصير اللّحيين.
وقد يقال للخطم خرطوم على قوله: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (3).
وأنشدنا ابن الأعرابي لفتى من بني عامر: [من البسيط] ولا أقوم على شيخي فأشتمه ... ولا أمرّ على تلك الخراطيم
جعل سادة عشيرته في النّادي والمجالس كالخراطيم والمقاديم والهوادي، وعلى ذلك قالوا: بنو فلان أنف بني فلان ورؤوسهم وخراطيمهم، ومعنى العامريّ الذي ذهب إليه في شعره كأنّه عظّم المشيخة أن يمرّ بهم، وقد قال الشاعر (4): [من الوافر] هم الأنف المقدّم والسّنام
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 431.
(2) إضافة يقتضيها السياق.
(3). 16/ القلم: 68.
(4) صدر البيت كما في البرصان 295:
(وقال الناس: آل بني هاشم).(7/103)
والفيل والببر، والطّاوس والببغا، والدّجاج السّنديّ، والكركدّن، مما خص الله به الهند. وقد عدّد ذلك مطيع بن إياس، حين خاطب جارية له كانت تسمى «روقة»، فقال (1): [من الخفيف] روق أي روق كيف فيك أقول ... سادسنا دوني وأرمائيل (2)
... وبعيد من بينه حيثما كا ... ن وبين الحبيب قندابيل (3)
... روق يا روق لو ترين محلّي ... ببلاد معروفها مجهول ... ببلاد بها تبيض الطواوى ... س وفيها يزاوج الزّندبيل ... وبها الببّغاء والصّفر والعو ... د له في ذرى الأراك مقيل (4)
... والخموع العرجاء والأيّل الأق ... رن واللّيث في الغياض النّسول (5)
وقال أبو الأصلع الهنديّ، يفخر بالهند وما أخرجت بلاد الهند: [من الهزج] لقد يعذلني صحبي ... وما ذلك بالأمثل ... وفي مدحتي الهند ... وسهم الهند في المقتل ... وفيه السّاج والعاج ... وفيه الفيل والدّغفل ... وإنّ التّوتيا فيه ... كمثل الجبل الأطول ... وفيه الدّارصينيّ ... وفيه ينبت الفلفل
والمتشابه عندهم من الحيوان الفيل، والخنزير، والبعوضة، والجاموس. وقال رؤبة (6): [من الرجز] ليث يدقّ الأسد الهموسا ... والأقهبين الفيل والجاموسا (7)
__________
(1) ديوان مطيع بن إياس 64.
(2) أرمائيل: مدينة كبيرة بين مكران والديبل من أرض السند.
(3) قندابيل: مدينة بالسند.
(4) الصفر: النحاس. ذرى الأراك: كنفه.
(5) الخموع: الضبع. النسول: السريع.
(6) ديوان رؤبة 69، واللسان والتاج (قهب، همس)، والأساس (قهب)، والجمهرة 1205، والتهذيب 5/ 406، وبلا نسبة في المخصص 13/ 224، 14/ 145.
(7) الهموس: الخفيف الوطء. الأقهب: ما كان لونه إلى الكدرة مع البياض والسواد.(7/104)
2131 [هجاء أبي الطروق لامرأته]
ولما هجا أبو الطّروق الضّبيّ امرأته، وكان اسمها شغفر بالقبح والشناعة فقال (1): [من الرجز] جاموسة وفيلة وخنزر ... وكلّهنّ في الجمال شغفر
جعل الخنزير خنزرا، فجمعها كما ترى للتّشابه. وقال الآخر: [من الطويل] كأنّ الذي يبدو لنا من لثامها ... جحافل عير أو مشافر فيل
2132 [شعر في الفيل]
والفيل يوصف بالفقم، ولذلك قال الأعرابيّ: [من الرجز] قد قادني أصحبي المعمّم ... ولم أكن أخدع فيما أعلم (2)
... إذ صفق الباب العريض الأعظم ... وأدني الفيل لنا وترجموا ... وقيل إنّ الفيل فيل مرجم ... خبعثن قد تمّ منه المحزم (3)
... أجرد أعلى الجسم منه أصحم ... يجرّ أرحاء ثقالا تحطم (4)
... ما تحتها من قرضها وتهشم ... وحنك حين يمدّ أفقم (5)
... ومشفر حين يمدّ سرطم ... يردّه في الجوف حين يطعم (6)
... لو كان عندي سبب أو سلّم ... نجّيت نفسي جاهدا لا أظلم
وقال آخر: [من الرجز] من يركب الفيل فهذا الفيل ... إنّ الذي يركبه محمول ... على تهاويل لها تهويل ... كالطّود إلّا أنّه يجول
وأذن كأنها منديل
__________
(1) الرجز في اللسان والتاج (شغفر).
(2) الأصحب: الذي يضرب لونه إلى الحمرة، وأراد به هنا قائد الفيل.
(3) المرجم: الشديد. الخبعثن: الضخم الشديد. المحزم: موضع الحزام من الدابة.
(4) الصحمة: لون من الغبرة إلى سواد قليل. الأرحاء: جمع رحى، وتعني الحجر الذي يطحن به الحب.
(5) الفقم: أن يخرج أسفل اللحى ويدخل أعلاه.
(6) السرطم: الطويل.(7/105)
وقال عمارة بن عقيل يضرب المثل بقوّة الفيل: [من البسيط] إذا أتانا أمير لم يقل لهم ... هيدا وجالت بنا منه الأحابيل ... وعضّ مجهودنا الأقصى وحمّله ... من المظالم ما لا يحمل الفيل
وقال أبو دهبل (1) يمدح أبا الفيل الأشعريّ: [من البسيط] إنّ أبا الفيل لا تحصى فضائله ... قد عمّ بالعرف كلّ العجم والعرب
ونظر ابن شهلة المدينيّ إلى خرطوم الفيل وإلى غرموله فقال: [من الطويل] ولم أر خرطومين في جسم واحد ... قد اعتدلا في مشرب ومبال
فقد غلط لأنّ الفيل لا يشرب بخرطومه ولكن به يوصل الماء إلى فمه. فشبّه غرموله بالخرطوم، وغرموله يشبّه بالجعبة والقنديل والبربخ.
وقال المخبّل (2) في تعظيم شأن الفيل: [من الطويل] أتهزأ منّي أمّ عمرة أن رأت ... نهارا وليلا بلّياني فأسرعا ... فإن أك لاقيت الدّهاريس منهما ... فقد أفنيا النّعمان قبلي وتبّعا ... ولا يلبث الدّهر المفرّق بينه ... على الفيل حتى يستدير فيصرعا
وقال مروان بن محمد وهو أبو الشّمقمق وحدّثني صديق لي قال سألت أبا الشّمقمق عن اسمه ونسبه. فقال: أنا مروان بن محمد، مولى مروان بن محمد (3):
[من البسيط] يا قوم إنّي رأيت الفيل بعدكم ... فبارك الله لي في رؤية الفيل ... رأيت بيتا له شيء يحرّكه ... فكدت أصنع شيئا في السراويل
وقالت دودة لأمّها: [من البسيط] يا أمّ إنّي رأيت الفيل من كثب ... لا بارك الله لي في رؤية الفيل ... لمّا بصرت بأير الفيل أذهلني ... عن الحمير وعن تلك الأباطيل
__________
(1) ديوان أبي دهبل الجمحي 78.
(2) ديوان المخبل السعدي 301، وشرح المفضليات 370.
(3) ديوان أبي الشمقمق 41.(7/106)
2133 [خطبة بدوي فيها ذكر الفيل]
وقال الأصمعي: جنى قوم من أهل اليمامة جناية فأرسل إليهم السّلطان جندا من بخاريّة ابن زياد، فقام رجل من أهل البادية يذمّر أصحابه فقال: «يا معشر العرب، ويا بني المحصنات، قاتلوا عن أحسابكم ونسائكم. والله لئن ظهر هؤلاء القوم عليكم لا يدعون بها لينة حمراء (1)، ولا نخلة خضراء، إلّا وضعوها بالأرض. ولا أغرّكم من نشّاب (2) معهم، في جعاب كأنّها أيور الفيلة، ينزعون في قسيّ كأنّها العتل (3) تئط إحداهنّ أطيط الزّرنوق (4)، يمغط (5) أحدهم فيها حتى يتفرّق شعر إبطيه، ثم يرسل نشّابة كأنها رشاء (6) منقطع، فما بين أحدكم وبين أن تفضخ عينه (7)، أو يصدع قلبه منزلة».
قال: فخلع قلوبهم فطاروا رعبا.
2134 [الفيل والزندبيل]
قالوا (8): الفيلة ضربان: فيل وزندبيل. وقد اختلفوا في أشعارهم وأخبارهم.
فبعضهم يقول كالبخت والعراب، والجواميس والبقر، والبراذين والخيل، والفأر والجرذان، والذّرّ والنمل. وبعضهم يقول: إنما ذهبوا إلى الذّكر والأنثى.
قال خالد القنّاص، وفي قصيدته تلك المزاوجة والمخمّسة، التي ذكر فيها الصّيد فأطنب فيها، فقال حين صار إلى ذكر الفيل (9): [من الرجز] ذاك الذي مشفره طويل ... وهو من الأفيال زندبيل
فذهب إلى العظم. وقال الذّكواني (10): [من الرجز] وفيلة كالطّود زندبيل
__________
(1) اللينة: الدقل من النخل.
(2) النشاب: السهام.
(3) العتل: جمع عتلة، وهي الهراوة.
(4) الزرنوق: واحد الزرنوقين، وهما دعامتا البئر.
(5) مغط: أغرق في نزعه.
(6) الرشاء: الحبل.
(7) الفضخ: كسر كل شيء أجوف، مثل الرأس والبطيخ.
(8) ربيع الأبرار 5/ 431.
(9) الرجز في مروج الذهب 2/ 118.
(10) الرجز في مروج الذهب 2/ 118.(7/107)
وقال الآخر: [من الرجز] من بين فيلات وزندبيل
فجعل الزّندبيل هو الذكر. وقال أبو اليقظان سحيم بن حفص:
إنّ الزّندبيل هو الأنثى. فلم يقفوا من ذا على شيء.
2135 [الجنّ والحن]
وبعض النّاس يقسم الجنّ على قسمين فيقول: هم جنّ وحنّ، ويجعل التي بالحاء أضعفها، وأما الرّاجز فقال (1): [من الرجز] أبيت أهوي في شياطين ترنّ ... مختلف نجراهم جنّ وحنّ
ففرق هذا بين الجنسين.
2136 [الناس والنسناس]
وسمع بعض الجهّال قول الحسن: «ذهب النّاس وبقيت في النّسناس» فجعل النّسناس جنسا على حدة. وسمع آخرون هم أجهل من هؤلاء قول فجعل النّسناس جنسا على حدة. وسمع آخرون هم أجهل من هؤلاء قول الكميت (2): [من الطويل] نسناسهم والنّسانسا
فزعموا أنّهم ثلاثة أجناس: ناس، ونسناس، ونسانس. هذا سوى القول في الشّق، وواق واق، وذوال باي، وفي العدار، وفي أولاد السّعالي من الناس، وفي غير ذلك مما ذكرناه في موضعه من ذكر الجنّ والإنس (3).
وقد علم أهل العقل أنّ النّسناس إنما وقع على السّفلة والأوغاد والغوغاء، كما سمّوا الغوغاء الجراد إذا ألقى البيض وسخف وخفّ وطار.
__________
(1) الرجز لمهاصر بن المحل في اللسان (حنن)، وبلا نسبة في التاج (حنن)، والجمهرة 102، وتقدم في 6/ 193.
(2) تمام البيت:
(وما الناس إلا نحن أم ما فعالهم ... وإن جمعوا نسناسهم والنسانسا)
وهو في ديوان الكميت 1/ 242، والتاج (نسس)، وبلا نسبة في العين 7/ 201.
(3) انظر ما تقدم في 1/ 123، الفقرة (150).(7/108)
2137 [هياج الفيل]
قال: وإذا اغتلم الفيل قتل الفيلة والفيّالين وكلّ من لقيه من سائر النّاس، ولم يقم له شيء، حتى لا يكون لسوّاسه همّ إلّا الهرب، وإلّا الاحتيال لأنفسهم.
وتزعم (1) الفرس أنّ فيلا من فيلة كسرى اغتلم، فأقبل نحو النّاس فلم يقم له شيء، حتى دنا من مجلس كسرى فأقشع (2) عنه جنده، وأسلمته صنائعه، وقصد إلى كسرى ولم يبق معه إلّا رجل واحد من فرسانه كان أخصّهم به حالا، وأرفعهم مكانا، فلمّا رأى قربه من الملك شدّ عليه بطبرزين (3) كان في يده فضرب به جبهته ضربة غاب لها جميع الحديدة في جبهته، فصدف عنها وارتدع، وأبى كسرى أن يزول من مكانه، فلمّا أيقن بالسّلامة قال لذلك الرجل: ما أنا بما وهب الله لي من الحياة على يدك بأشدّ سرورا منّي بالذي رأيت من هذا الجلد والوفاء والصّبر في رجل من صنائعي، وحين لم تخطئ فراستي، ولم يفل رأيي (4) فهل رأيت أحدا قطّ أشدّ منك؟ قال: نعم.
قال: فحدّثني عنه. قال: على أن تؤمّنني. فأمّنه فحدّث عن بهرام جوبين بحديث شقّ على الملك وكرهه، إذ كان عدوّه على تلك الصّفة.
قال: إذا اغتلم الفيل وصال وغضب وخمط (5) خلّاه الفيّالون والرّوّاض، فربّما عاد وحشيّا.
2138 [أهليّ الفيلة ووحشيّها]
والفيلة من الأجناس التي يكون فيها الأهليّ والوحشيّ، كالسّنانير والظّباء والحمير وما أشبه ذلك. وأنشد الكرمانيّ لشاعر المولتان قوله: [من البسيط] فكنت في طلبي من عنده فرجا ... كراكب الفيل وحشيّا ومغتلما
وهذه القصيدة هي التي يقول فيها:
قد كنت صعّدت عن بغبور مغتربا ... حتى لقيت بها حلف النّدى حكما (6)
... قرم كأنّ ضياء الشّمس سنّته ... لو ناطق الشّمس ألقت نحوه الكلما
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 432.
(2) أقشعوا: تفرقوا، كانقشعوا.
(3) الطبرزين: فأس يعلقه الفارس في سرج جواده.
(4) فال رأيه: أخطأ وضعف.
(5) خمط: غضب.
(6) بغبور: لقب ملك الصين.(7/109)
2139 [خصال كسرى]
وتقول الفرس: أعطي كسرى أبرويز ثمان عشرة خصلة لم يعطها ملك قطّ ولا يعطاها أحد أبدا، من ذلك أنّه اجتمع له تسعمائة وخمسون فيلا، وهذا شيء لم يجتمع عند ملك قطّ. ومن ذلك أنّه أنزى الذّكورة على الإناث. وأنّ فيلة منها وضعت عنده، وهي لا تتلاقح بالعراق، فكانت أوّل فيلة بالعراق وآخر فيلة تضع.
قالو: ولقي رستم الآزريّ المسلمين يوم القادسيّة ومعه من الفيلة عشرون ومائة فيل، وكنّ من بقايا فيلة كسرى أبرويز.
قالوا (1): ومن خصاله أنّ النّاس لم يروا قط أمدّ قامة، ولا أتمّ ألواحا، ولا أبرع جمالا منه، فلما مات فرسه الشّبديز كان لا يحمله إلّا فيل من فيلته، وكان يجمع وطاءة ظهر الفيل وثبات قوائمه، ولين مشيته، وبعد خطوه، وكان ألطفها بدنا، وأعدلها جسما.
2140 [أكثر خلفاء المسلمين فيلة]
قالوا: ولم يجتمع لأحد من ملوك المسلمين من الفيلة ما اجتمع عند أمير المؤمنين المنصور، اجتمع عنده أربعون فيلا، فيها عشرون فحلا.
2141 [شرف الفيل]
قالوا (2): والفيل أشرف مراكب الملوك. وأكثرها تصرّفا، ولذلك سأل وهرز الأسوار عن صاحب الحبشة، حين صافّهم في الحرب، فقيل له: ها هو ذاك على الفيل. فقال: لا أرميه وهو على مركب الملوك. ثم سأل عنه فقيل له: قد نزل عنه وركب الفرس. قال: لا أرميه وهو على مركب الحماة. قيل: قد نزل عنه وركب الحمار. قال: قد نزل عن مركبه لحمار! فدعا بعصابة رفع بها حاجبيه وكان قد أسنّ حتى سقط جاجباه على عينيه ثم رماه فقتله.
2142 [ذكاء الفيل]
وكان سهل بن هارون يتعجّب من نظر الفيل إلى الإنسان، وإلى كلّ شيء يمرّ به. وهو الذي يقول (3): [من الطويل]
__________
(1) الخبر في ثمار القلوب (539538).
(2) الخبر في رسائل الجاحظ 2/ 346.
(3) البيت في ربيع الأبرار 5/ 432.(7/110)
ولمّا رأيت الفيل ينظر قاصدا ... ظننت بأنّ الفيل يلزمه الفرض
قال أبو عثمان: وقد رأيت أنا في عين الفيل من صحّة الفهم والتأمّل إذا نظر بها، وما شبهت نظره إلى الإنسان إلّا بنظر ملك عظيم الكبر راجح الحلم. وإذا أردت أن ترى من الفيل ما يضحك، وتراه في أسخف حالاته وأجهله فألق إليه جوزة، فإنّه يريد أن يأخذ بطرف خرطومه، فإذا دنا منها تنفّس، فإذا تنفّس طارت الجوزة من بين يديه، ثم يدنو ثانية ليأخذها فيتنفس أخرى، فتبعد عنه، فلا يزال ذلك دأبه.
2143 [فضل الفيل على الفرس في الحرب]
قالوا: ويفضل الفيل الفرس في الحرب أنّ الفيل يحمي الجماعة كلهم، ويقاتل ويرمي ويزجّ بالمزاريق (1)، وله من الهول ما ليس للفرس، وهو أحسن مطاوعة، ولا يعرف بجماح ولا طماح ولا حران.
والخيول العتاق ربّما قتلت الفرسان بالحران مرّة وبالإقدام مرّة، وبسوء الطّاعة وشدّة الجزع، وربّما شبّ الفرس بفارسه حتى يلقيه بين الحوافر والسيّوف، للسّهم يصيبه والحجر يقع به.
وما يشبه ظهر الفرس من ظهره، وظهر الفيل منظرة من المناظر ومسلحة من المسالح.
2144 [عمر الفيل]
وفي الفيلة عجب آخر، وذلك أنّ قصر الأعمار مقرون بالإبل والبراذين وبكلّ خلق عظيم. وكلّ شيء يعايش النّاس في دورهم وقراهم ومنازلهم فالناس أطول أعمارا منها، كالجمل، والفرس والبرذون، والبغل والحمار، والثّور والشّاة، والكلب والدّجاج، وكلّ صغير وكبير، إلا الفيل فإنّه أطول عمرا.
والفيل أعظم من جميع الحيوان جسما وأكثر أكلا، وهو يعيش مائة السنة ومائتي السنّة.
وزعم صاحب المنطق في كتاب الحيوان أنّه قد ظهر فيل عاش أربعمائة سنة.
فالفيل في هذا الوجه يشارك الضّباب والحيّات والنّسور، وإذا كان كذلك فهو فوق الورشان وعير العانة وهو من المعمّرين وفوق المعمّرين وهو مع ذلك أعظم الحيوان بدنا، وأطولها عمرا.
__________
(1) المزراق: رمح قصير.(7/111)
2145 [الأسد والفيل]
وقال بعض من يستفهم ويحب التّعلم: ما بال الأسد إذا رأى الفيل علم أنّه طعام له، وإذا رأى النّمر والببر لم يكونا عنده كذلك؟ وكيف وهو أعظم وأضخم وأشنع وأهول؟ فإن كان الأسد إنما اجترأ عليه لأنّه من لحم ودم، واللّحم طعامه والدّم شرابه. فالببر والنّمر من لحم ودم، وهما أقلّ من هؤلاء وأقمأ جسما.
قال القوم: ومتى قدّر الأسد في الفيل أنه إذا قاتله غلبه، وإذا غلبه قتله، وإذا قتله أكله؟ وقد نجد الببر فوق الأسد وهو لا يعرض له. والأسد فوق الكلب وهو يشتهي لحمه، ويشتهي لحم الفهد بأكثر ممّا يشتهي لحم الضّبع والذئب، وليست علّته المواثبة التي ذهبتم إليها.
2146 [معرفة الحيوان]
فأمّا علم جميع الحيوان بمواضع ما يعيشها، فمن علّم البعوضة أنّ من وراء ظاهر جلد الجاموس دما، وإنّ ذلك الدم غذاء لها، وأنّها متى طعنت في ذلك الجلد الغليظ الشّثن (1)، الشديد الصّلب، أن خرطومها ينفذ فيه على غير معاناة (2).
ولو أن رجلا منّا طعن جلده بشوكة لانكسرت الشّوكة قبل أن تصل إلى موضع الدم. وهذا باب يدرك بالحسّ وبالطبع وبالشبه وبالخلقة. والذي سخّر لخرطوم البعوضة جلد الجاموس، هو الذي سخّر الصخرة لذنب الجرادة، وهو الذي سخّر قمقم النّحاس لإبرة العقرب.
2147 [علة عدم تلاقح الفيلة بالعراق]
وقال بعض خصماء الهند: لو كانت الفيلة لا تتلاقح عندنا بالعراق لأنها هنديّة لتغيّر الهواء والأرض، فعقر ذلك أرحامها، وأعقم أصلابها لكان ينبغي للطواويس أن لا تتزاوج عندنا ولا تبيض ولا تفرخ. ونحن قد نصيد البلابل والدباسيّ، والوارشين، والفواخت والقمارى والقبج والدّرّاج، فلا تتسافد عندنا في البيوت، وهي من أطيار بساتيننا وضياعنا، ولا تتلاقح إذا اصطدناها كرارزة (3)، بل لا تصوّت ولا تغنّي ولا تنوح، وتبقى عندنا وحشيّة كمدة ما عاشت، فإن أخذناها فراخا زاوجت وعشّشت
__________
(1) الشثن: الغليظ.
(2) ربيع الأبرار 5/ 461.
(3) الكرارزة: جمع كرز، وهو من الطير الذي أتى عليه حول.(7/112)
وباضت وفرّخت، فلعلّكم أن تكونوا لو أهديتم إلينا أولادها صغارا فنشأت عندنا وذهب عنها وحشة الخلاء، وجدت أنس الأهليّ، فإنّ الوحشة هي التي أكمدتها، ونقضت قوّتها، وأفنت شهوتها.
2148 [وفاء الشفنين]
وقد نجد الشّفنين الذّكر تهلك أنثاه فلا يزاوج غيرها أبدا، في بلادها كان ذلك أو في غير بلادها (1)، ونحن لو جئنا بالأسد والذّئاب والنّمور والببور فأقامت عندنا الدّهر الطّويل لم تتلاقح.
2149 [قصة الذئب والأعرابي]
وقد أصاب أعرابيّ جرو ذئب فربّاه ورجا حراسته وأن يألفه، فيكون خيرا له من الكلب، فلما قوي وثب على شاة له فأكلها، فقال الأعرابي (2): [من الوافر] أكلت شويهتي وربيت فينا ... فما أدراك أنّ أباك ذيب
2150 [تسافد حمير الوحش]
وقد تتسافد عندنا حمير الوحش، وقد تلاقحت عند بعض الملوك.
2151 [تلاقح الظباء في البيوت] (3)
وكان جعفر بن سليمان أحضر على مائدته بالبصرة يوم زاره الرّشيد ألبان الظّباء وزبدها وسلاها (4) ولبأها، فاستطاب الرشيد جميع طعومها. فسأل عن ذلك وغمز جعفر بعض الغلمان فأطلق عن الظّباء ومعها خشفانها (5)، وعليها شملها (6)، حتى مرّت في عرصة تجاه عين الرّشيد، فلما رآها على تلك الحال وهي مقرّطة مخضّبة استخفّه الفرح والتعجّب حتى قال: ما هذه الألبان؟ وما هذه السّمنان واللّبأ والرّائب والزّبد الذي بين أيدينا؟! قال: من حلب هذه الظّباء ألّفت وهي خشفان فتلاقحت وتلاحقت.
__________
(1) انظر ما تقدم ص 43.
(2) تقدم البيت مع الخبر في 4/ 284283، الفقرة (979)، 6/ 330الفقرة (1680).
(3) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 426.
(4) السلا: السمن.
(5) الخشفان: جمع خشف، وهو ولد الظبية.
(6) الشمل: جمع شمال وهو شيء يغطى به ضرع الشاة إذا ثقلت.(7/113)
2152 [استنتاج الذئاب والأسد بالعراق]
ولو أطلقوا الذّئاب والأسد في مروج العراق، وأقاموا لها حاجاتها لتسافدت وتلاقحت. فلعلّهم لو تقدّموا في اصطناع أولاد الفيلة واقتنائها صغارا أن تأنس حتى تتسافد وتتلاقح. وقد زعمتم أنّ كسرى أبرويز استنتج دغفلا واحدا (1).
2153 [احتجاج الهندي]
قال الهندي: تكفينا هذه الحجّة، وهي بيننا وبينكم. أو ليس قد جهد في ذلك جميع الملوك من جميع الأمم في قديم الدهر، فلم يستنتجوا إلا واحدا. وعلى أنّ هذه الأحاديث من أحاديث الفرس، وهم أصحاب نفج (2) وتزيد ولا سيّما في كلّ شيء مما يدخل في باب العصبيّة، ويزيد في أقدار الأكاسرة، وإن كانوا كذلك فهم أظنّاء، والمتهم لا شهادة له. ولكن هل رأيتم قطّ هنديا أقرّ بذلك، أو هل أقرّت بقايا سائر الأمم للفرس بهذا الأمر للفيل المعروف بهذا الاسم.
2154 [استطراد لغوي] (3)
ويقال رجل فيل إذا كان في رأيه فيالة، والفيالة. الخطأ والفساد. وهم يسمّون الرّجل بفيل. منهم فيل مولى زياد. ويكنون بأبي الفيل، منهم أبو الفيل الأشعريّ الذي امتدحه أبو دهبل.
وقال: الرّاجز غيلان يقال له راكب الفيل: ومنهم عنبسة الفيل، وكذلك يقال لابنه معدان وله حديث. وقال الفرزدق: [من الطويل] لقد كان في معدان والفيل راجر ... لعنبسة الرّاوي عليّ القصائدا
وقال الأصمعيّ: إذا كان الرجل نبيلا جبانا قيل هذا فيل، وأنشد: [من الطويل] يقولون للفيل الجبان كأنّه ... أزبّ خصيّ نفّرته القعاقع
وقال سلمة بن عيّاش: قال لي رؤبة: «ما كنت [أحبّ أن] (4) أرى في رأيك فيالة».
ويقول الرّجل لصاحبه: لم يفل رأيك. وهو رأي فائل، ورجل فيل. وبالكوفة
__________
(1) انظر ما تقدم ص 110.
(2) النفج: الفخر والكبر.
(3) تقدمت هذه الفقرة في 5251.
(4) إضافة مما تقدم ص 51.(7/114)
باب الفيل، ودار الفيل في السبابجة، وكذلك حمّام فيل، وفي حمّام فيل يقول بعض السّلف: [من الوافر] لعمر أبيك ما حمّام كسرى ... على الثلثين من حمّام فيل
وقال الجارود بن أبي سبرة: [من الوافر] وما إرقاصنا خلف الموالي ... كسنّتنا على عهد الرّسول
وأبو الفيل محمد بن إبراهيم الرافقي كان فارس أهل العراق.
وفيلويه السّقطي هو الذي كان يجري لأمّه كلّ أضحى درهما. فحدثتني امرأة قالت قلت لأمّ فيلويه: أو ما كان يجري فيلويه في كلّ أضحى إلا درهما؟ قالت: إي والله، وربّما أدخل أضحى في أضحى (1)!
2155 [مثالب الفيل]
وقال بعض من يخالف الهند: الفيل لا ينتفع بلحمه ولا بلبنه، ولا بسمنه ولا يزبده، ولا بشعره ولا بوبره ولا بصوفه، عظيم المؤونة في النفقة، شديد التّشزّن (2)
على الرّوّاض، وإن اغتلم لم تف جميع منافعه في جميع دهره بمضرّة ساعة واحدة.
وهو مرتفع في الثمن، وإن أخطؤوا في تدبير مطمه ومشربه، وتعلّمه وتلقنه هلك سريعا، ولا يتصرّف كتصرّف الدّوابّ، ولا يركب في الحوائج والأسواق وفي الجنائز والزّيارات.
ولو أنّ إنسانا عاد مريضا أو اتّبع جنازة على فيل لصار شهرة، وترك الميّت آية.
2156 [رؤيا الفيل]
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى فيما يرى النّائم كأنه راكب على فيل، فقال:
أمر جسيم لا منفعة له.
قالوا: وقال رجل للحجّاج بن يوسف: رأيت في المنام رجلا من عمّالك قدّم فيلا فضرب عنقه، فقال: إن صدقت رؤياك هلك داهر بن بصبهرى.
2157 [حكم أكل لحمه]
وسئل الشّعبيّ عن أكل لحم الفيل، فقال: ليس هو من بهيمة الأنعام.
__________
(1) الخبر في البخلاء 115.
(2) التشزن: التحرف والاعتراض.(7/115)
2158 [خرطوم الفيل]
وخرطومه، الذي هو سلاحه والذي به يبطش وبه يعيش، من مقاتله.
وقال زهرة بن جؤيّة يوم القادسية: أمّا لهذه الدابة مقتل؟ قالوا: بلى، خرطومه، فشدّ عليهم حتى خالطهم، ودنا من الفيل، فحمل كلّ واحد منهما على صاحبه فضرب خرطومه فبرك وأدبر القوم.
2159 [بعض صفة الفيل]
قال: والفيل أفقم قصير العنق، مقلوب اللسان، مشوّه الخلق، فاحش القبح.
ولم يفلح ذو أربع قطّ قصير العنق في طلب ولا هرب. ولولا أنّ مسلوخ النّور يجول في إهابه، ولولا سعته وغببه، لما خطا مع قصر عنقه، ولذلك قال الأعرابي (1): «ومن جعل الأوقص كالأعنق والمطبّق كالضابع».
وقال الشّاعر في غبب الثّور (2)، وهو إسحاق بن حسان الخريميّ (3): [من المتقارب] وأغلب فضفاض جلد اللّبان ... يدافع غبغبه بالوظيف
وليس يؤتى البعير في حضره مع طول عنقه إلّا من ضيق جلده. والفيل ضئيل الصّوت، وذلك من أشدّ عيوبه. والفيل إذا بلغ في الغلمة أشدّ المبالغ أشبه الجمل في ترك الماء والعلف حتى تنضمّ أيطلاه ويتورّم رأسه. وقد وصف الرّاجز الجمل الهائج فقال: [من الرجز] سام كأنّ رأسه فيه ورم ... إذ ضمّ إطليه هياج وقطم (4)
وآض بعد البدن ذا لحم زيم (5)
ولو لم يكن في الفيلة من العيب إلا أن عدة أيام حملها كعمر بعض البهائم، لكان ذلك عيبا.
وقد ترك أهل المدينة غراس العجوة، لمّا كانت لا تطعم إلّا بعد أربعين سنة.
__________
(1) في البرصان 191: «وقال اليقطري: سابقوا بين فرس وحمار وثور، فجاء الفرس سابقا وشهد ذلك بعض الأعراب، فقال: ليس المطبق كالضابع ولا أوقص كالأعنق». الأوقص القصير العنق، وعكسه الأعنق. المطبق: الذي ساوى جلده أعضاءه. الضابع: الذي يمد ضبعه في سيره والضبع هو العضد.
(2) الغبب: الجلد المتدلي تحت الحنك.
(3) ديوان الخريمي 47، وربيع الأبرار 5/ 410، وبلا نسبة في البرصان 190.
(4) الإطل: الخاصرة. القطم: شهوة الضراب.
(5) زيم: متفرق.(7/116)
2160 [قدرته على حمل الأثقال]
قال: وليس شيء يحمل من عدد الأرطال ما يحمل الفيل، لأنّ الذي يفضل فيما بين حمل الفيل وحمل البختيّ أكثر من قدر ما يفضل بين جسم الفيل على جسم البختي.
وقد قال الأعرابيّ الذي أدخل على كسرى ليعجب من جفائه وجهله، حين قال له: أيّ شيء أبعد صوتا؟ قال: الجمل. قال: فأيّ شيء أطيب لحما؟ قال: الجمل.
قال: فأيّ شيء أنهض بالحمل؟ قال: الجمل. قال كسرى: كيف يكون الجمل أبعد صوتا ونحن نسمع صوت الكركيّ من كذا وكذا ميلا؟ قال الأعرابي: ضع الكركيّ في مكان الجمل، وضع الجمل في مكان الكركيّ حتى يعرف أيّهما أبعد صوتا. قال:
وكيف يكون لحم الجمل أطيب من لحم البطّ والدّجاج والفراخ والدّرّاج والنّواهض والجداء؟ قال الأعرابيّ: يطبخ لحم الدّجاج بماء وملح، ويطبخ لحم الجمل بماء وملح، حتى يعرف فضل ما بين اللّحمين. قال كسرى: فكيف تزعم أنّ الجمل أحمل للثّقل من الفيل والفيل يحمل كذا وكذا رطلا؟ قال الأعرابيّ: ليبرك الفيل ويبرك الجمل، وليحمل على الفيل حمل الجمل، فإن نهض به فهو أحمل للأثقال.
قال القوم: ليس في استطاعة الجمال النهوض بالأحمال ما يوجب لها فضيلة على حمل ما هو أثقل. ولعمري، إنّ للجمل بلين أرساغه وطول عنقه لفضيلة في النّهوض بعد البروك، فأمّا نفس الثقل فالذي بينهما أكثر من أن يقع بينهما الخيار.
قالوا: وبفارس ثيران تحمل حمل الجمل باركة ثم تنهض به. فهذا باب الذمّ.
2161 [مناقب الفيل]
فأمّا باب الحمد فقد حدّثنا عن شريك، عن جابر الجعفي، قال: رأيت الشعبيّ خارجا فقلت له: إلى أين؟ قال: أنظر إلى الفيل.
قال: وسألت أبا عبيدة فقلت: ما لون الفيل؟ قال: جون.
2162 [ما يحث به الفيل]
ومن أعاجيب الفيل أن سوطه الذي به يحثّ ويصرّف، محجن حديد طرفه في جبهته، والطّرف الآخر في يد راكبه، فإذا راد منه شيئا غمز تلك الحديدة في لحمه، على قدر إرادته لوجوه التصرّف (1).
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 432.(7/117)
2163 [قصة الفيل]
وقد ذكر ذلك أبو قيس بن الأسلت في الجاهليّة. وهذا الشّعر حجّة في صرف الله الفيل والطّير الأبابيل، وصدّ أبي يكسوم عن البيت. وسنذكر من ذلك طرفا إن شاء الله تعالى. قال أبو قيس (1): [من المتقارب] ومن صنعه يوم فيل الحبو ... ش إذ كلّما بعثوه رزم (2)
... محاجنهم تحت أقرابه ... وقد كلموا أنفه فانخرم ... وقد جعلوا سوطه معولا ... إذا يمّموه قفاه كلم ... فأرسل من فوقهم حاصبا ... يلفّهم مثل لفّ القزم
وقال أيضا صيفيّ بن عامر، وهو أبو قيس بن الأسلت (3)، وهو رجل يمان من أهل يثرب، وليس بمكيّ ولا تهام (4) ولا قرشيّ ولا حليف قرشيّ، وهو جاهليّ: [من الكامل] قوموا فصلّوا ربّكم وتعوّذوا ... بأركان هذا البيت بين الأخاشب (5)
... فعندكم منه بلاء مصدّق ... غداة أبي يكسوم هادي الكتائب ... فلمّا أجازوا بطن نعمان ردّهم ... جنود الإله بين ساف وحاصب ... فولّوا سراعا نادمين ولم يؤب ... إلى أهله ملحبش غير عصائب
ويدلّ على صحّة هذا الخبر قول طفيل الغنويّ، وهو جاهليّ، وهذه الأشعار صحيحة معروفة لا يرتاب بها أحد من الرّواة، وإنما قال ذلك طفيل لأنّ غنيّا كانت تنزل تهامة، فأخرجتها كنانة فيمن أخرجت، فهو قوله (6): [من البسيط] ترعى مذانب وسميّ أطاع له ... بالجزع حيث عصى أصحابه الفيل (7)
__________
(1) ديوان أبي قيس بن الأسلت، والثاني له في اللسان والتاج (شرم)، وبلا نسبة في ديوان الأدب 2/ 184، 427، والمخصص 13/ 38، والأبيات لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 8786.
(2) رزم: لم يقدر على النهوض.
(3) ديوان أبي قيس بن الأسلت.
(4) تهام: نسبة إلى تهامة.
(5) الصلاة هنا: الدعاء. الأخاشب، أراد بهما الأخشبين، وهما جبلا مكة: أبو قبيس والأحمر.
(6) ديوان طفيل الغنوي 197.
(7) المذانب: جمع مذنب، وهو مسيل ما بين كل تلعتين.(7/118)
قال أبو الصّلت (1)، واسمه ربيعة، وهو أبو أميّة بن أبي الصّلت، وهو ثقفيّ طائفيّ، وهو جاهليّ، وثقيف يومئذ أضداد بالبلدة وبالمال وبالحدائق والجنان، ولهم اللات والغبغب، وبيت له سدنة يضاهئون بذلك قريشا. فقال مع اجتماع هذه الأسباب التي توجب الحسد والمنافسة: [من الخفيف] إنّ آيات ربّنا بيّنات ... ما يماري فيهنّ إلّا الكفور ... حبس الفيل بالمغمّس حتّى ... ظلّ يحبو كأنّه معقور ... واضعا حلقة الجران كما قطّ ... ر صخر من كبكب محدور
وقال بعضهم (2) لأبرهة الأشرم: [من الرجز] أين المفرّ والإله الطالب ... والأشرم المغلوب غير الغالب
وقال عبد المطّلب (3) يوم الفيل وهو على حراء: [من مجزوء الكامل] لاهمّ إنّ المرء يم ... نع رحله فامنع حلالك ... لا يغلبنّ صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك ... إن كنت تاركهم وقب ... لتنا فأمر ما بدا لك
وقال نفيل بن حبيب الخثعميّ (4)، وهو جاهليّ شهد الفيل وصنع الله في ذلك اليوم: [من الوافر] ألا ردّي جمالك يا ردينا ... نعمناكم مع الإصباح عينا ... فإنّك لو رأيت ولن تريه ... لدى جنب المحصّب ما رأينا ... أكلّ الناس يسأل عن نفيل ... كأنّ عليّ للحبشان دينا ... حمدت الله أن عاينت طيرا ... وحصب حجارة تلقى علينا
__________
(1) الأبيات لأبي الصلت في مروج الذهب 2/ 383، وأخبار مكة للأزرقي 104103، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه 392391، والحماسة البصرية 2/ 412411، ومعجم البلدان 5/ 161 (المغمّس).
(2) الرجز لنفيل بن حبيب الحميري في المقاصد النحوية 4/ 123، وشرح شواهد المغني 705، والدرر 6/ 146، وبلا نسبة في الجنى الداني 498، ومغني اللبيب 296، وهمع الهوامع 2/ 138.
(3) الأبيات في سيرة ابن إسحاق 62، ومروج الذهب 2/ 255.
(4) الأبيات في سيرة ابن إسحاق 64، ومعجم البلدان 5/ 161 (المغمّس)، ومروج الذهب 2/ 256.(7/119)
وقال المغيرة بن عبد الله المخروميّ (1): [من الرجز] أنت حبست الفيل بالمغمّس ... حبسته كأنّه مكردس ... محتبس تزهق فيه الأنفس
قال الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحََابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبََابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجََارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (2). وأنزل هذه السورة وقريش يومئذ مجلبون في الردّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وما شيء أحبّ إليهم من أن يروا له سقطة أو عثرة أو كذبة، أو بعض ما يتعلّق به مثلهم، فلولا أنّه كان أذكرهم أمرا لا يتدافعونه ولا يستطيع العدوّ إنكاره، للذي يرى من إطباق الجميع عليه، لوجدوا أكبر المقال. فهذا باب يكثر الكلام فيه، وقد أتينا عليه في (كتاب الحجّة).
وقال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعََادٍ} (3)، مثل قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلى ََ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (4)، وقال: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (5). وهذا كلّه ليس من رؤية العين لنا.
2164 [استطراد لغوي]
وباب آخر من هذا، وهو قوله: {وَتَرََاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ} (6).
ويقول الرجل: رأيت الرجل قال كذا وكذا، وسمعت الله قال كذا، وفلان يرى السّيف، وفلان يرى رأي أبي حنيفة، وقد رأيت عقله حسنا. وقال ابن مقبل (7): [من الطويل] سل الدّار من جنبي حبرّ فواهب ... بحيث يرى هضب القليب المضيّح
وإذا قابل الجبل الجبل فهو يراه، إذ قام منه مقام الناظر الذي ينظر إليه.
وتقول العرب: دار فلان تنظر إلى دار فلان، ودور بني فلان تتناظر.
__________
(1) الرجز في سيرة ابن إسحاق 64.
(2). 51/ الفيل: 105.
(3). 6/ الفجر: 89.
(4). 45/ الفرقان: 25.
(5). 143/ آل عمران: 3.
(6). 198/ الأعراف: 7.
(7) ديوان ابن مقبل 22 (37)، وتقدم في 2/ 383، الفقرة (446).(7/120)
وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كلّ مسلم مع مشرك» قيل: ولم يا رسول الله؟
قال: «لا تتراءى ناراهما» (1).
ويقولون: إذا استقمت تلقاء وجهك فنظر إليك الجبل فخذ عن يمينك. وقال الكميت (2): [من المتقارب] وفي ضبن حقف يرى حقفه ... خطاف وسرحة والأحدل
2165 [جسامة الفيل]
قال أبو عثمان: خرجت يوم عيد، فلما صرت بعيسا باذ (3) إذا أنا بتلّ مجلّل بقطوع ومقطّعات (4)، وإذا رجال جلوس، عليهم أسلحتهم فسألت بعض من يشهد العيد فقلت: ما بال هذه المسلحة في هذا المكان وقد أحاط النّاس بذلك التّلّ؟ فقال لي: هذا الفيل! فقصدت نحوه وما لي همّ إلّا النّظر إلى أذنيه فرجعت عنه بعد طول تأمّل وأنا أتوهّم عامّة أعضائه بل جميع أعضائه إلّا أذنيه، وما كانت لي في ذلك علّة إلّا شغل قلبي بكلّ شيء هجمت عليه منه، وكلّه كان شاغلا لي عن أذنه التي إليها كان قصدي، فذاكرت في ذلك سهل بن هارون، فذكر لي أنّه ابتلي بمثلها، وأنشدني في ذلك بيتين من شعره، وهما قوله: [من الوافر] أتيت الفيل محتسبا بقصدي ... لأبصر أذنه ويطول فكري ... فلم أر أذنه ورأيت خلقا ... يقرّب بين نسياني وذكري
2166 [أعجب الأشياء]
قال: وقال رجل مرّة: أخزى الله الفيل فما أقبحه. فقال بكر بن عبد الله المزنيّ: لا تشتم شيئا جعله الله آية في الجاهليّة، وإرهاصا للنبوّة.
وقال سعدان الأعمى النحوي: قلت للأصمعيّ: أيّ شيء رأيت أعجب؟ قال:
الفيل.
وقيل لابن الجهم: أيّ أمور الدنيا أعجب؟ قال: الشمّ.
وقيل لإبراهيم النظّام: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: الرّوح.
__________
(1) تقدم الحديث مع تخريجه في 2/ 383، الفقرة (446).
(2) ديوان الكميت 2/ 9، وتقدم في 2/ 269، الفقرة (277).
(3) عيساباذ: محلة كانت بشرقي بغداد، منسوبة إلى عيسى بن المهدي.
(4) القطع: ضرب من الثياب الموشاة. والمقطعات برود عليها وشي مقطع.(7/121)
وقيل لأبي عقيل بن درست: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النّوم واليقظة.
وقيل لأبي شمر: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النّسيان والذّكر.
وقيل لسلم الخلّال: أيّ أمور الدّنيا أعجب؟ قال: النار.
وقيل لبطليموس: أيّ أمور الدنيا أعجب؟ قال: بدن الفلك. وقال مرّة أخرى: الضّياء.
وقيل لأبي عليّ عمر بن فائد الأسواريّ: أيّ شيء ممّا رأيت أعجب؟ قال:
الآجال والأرزاق.
وكان إبراهيم بن سيّار النّظام شديد التعجّب من الفيل.
وكان معبد بن عمر يقول: إنّ السرطان والنعامة أكثر عجائب من الفيل (1).
وهذا كله تفسير.
2167 [قول الخضر في بعض الدواب]
أبو عقيل السّوّاق، عن مقاتل بن سليمان، قال (2): قال موسى للخضر: أي الدوابّ أحبّ إليك، وأيّها أبغض؟ قال: أحبّ الفرس والحمار والبعير لأنّها من مراكب الأنبياء، وأبغض الفيل والجاموس والثّور.
فأمّا البعير فمركب هود وصالح وشعيب والنبيّين عليهم السلام. وأما الفرس فمركب أولي العزم من الرّسل وكلّ من أمره الله بحمل السّلاح وقتال الكفّار. وأمّا الحمار فمركب عيسى بن مريم وعزيز وبلعم. وكيف لا أحبّ شيئا أحياه الله بعد موته قبل الحشر.
قال (3): ولمّا نظر الفضل بن عيسى الرّقاشيّ إلى سلم بن قتيبة على حمار يريد المسجد قال: قعدة نبيّ وبذلة جبّار.
وأبغض الفيل لأنّه أبو الخنزير، وأبغض الثّور لأنّه يشبه الجاموس، وأبغض الجاموس لأنّه يشبه الفيل.
وأنشدني في هذا المعنى جعفر ابن أخت واصل، في منزل الفضل بن عاصم الباخرزيّ: [من البسيط]
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 451.
(2) القول في ثمار القلوب (129).
(3) القول في البيان 1/ 307، وثمار القلوب (129)، وربيع الأبرار 5/ 400.(7/122)
ما أبغض الخضر فيلا منذ كان ولا ... أحبّ عيرا وذاكم غاية الكذب ... وكيف يبغض شيئا فيه معتبر ... وكان في الفلك فرّاجا من الكرب ... والفيل أقبل شيء لو تلقّنه ... حاجات نفسك من جدّ ومن لعب ... ولو تتوّج فينا واحد فرأى ... زيّ الملوك لقد أوفى على الرّكب ... يغضي ويركع تعظيما لهيبته ... وليس يعدله النّشوان في الطرب ... وليس يجذل إلّا كلّ ذي فخر ... حرّ ومنبته من خالص الذّهب ... مثل الزّنوج فإنّ الله فضّلهم ... بالجود والتّطويل في الخطب
قال: أنشدنيها يونس لابن رباح الشارزنجيّ. فمدح الفيل كما ترى بالطّرب والحكاية، وأنّه قد أدّب وعلّم السجود للملوك.
2168 [سجود الفيل للملك]
وزعموا أنّ أوّل شيء يؤدّبونه به السجود للملك قالوا (1): خرج كسرى أبرويز ذات يوم لبعض الأعياد، وقد صفّوا له ألف فيل، وقد أحدق به وبها ثلاثون ألف فارس، فلما بصرت به الفيلة سجدت له، فما رفعت رأسها حتى جذبت بالمحاجن وراطنها الفيّالون.
وقد شهد ذلك المشهد جميع أصناف الدوابّ: الخيل فما دونها، وليس فيها شيء يفصل بين الملوك والرعيّة، فلما رأى ذلك كسرى قال: ليت أنّ الفيل كان فارسيّا ولم يكن هنديّا، انظروا إليها وإلى سائر الدوابّ، وفضّلوها بقدر ما ترون من فهمها وأدبها.
وأما ما ذكر به الزّنج من طول الخطب فكذلك هم في بلادهم وعند نوائبهم، ولكنّ معانيهم لا ترتفع عن أقدار الدوابّ إلّا بما لا يذكر.
2169 [ما قيل في تعظيم شأن الفيل]
وأنشدوا في تعظيم شأن الفيل وصحة نظره وجودة تحديقه وتأمّله، وسكون طرفه، والشّعر لبعض المتكلّمين (2): [من الطويل] إذا ما رأيت الفيل ينظر قاصدا ... ظننت بأنّ الفيل يلزمه الفرض
وقد قيل إن الشّعر لسهل بن هارون.
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 433.
(2) تقدم البيت ص 111منسوبا إلى سهل بن هارون.(7/123)
2170 [مثل النون والضب]
وقال عبد الأعلى القاصّ: يقال في المثل: إنّ النون قال للضبّ حين رأى إنسانا في الأرض: إني قد رأيت عجبا. قال: وما هو؟ قال: رأيت خلقا يمشي على رجليه، ويتناول الطعام بيديه فيهوي به إلى فيه. قال: إن كان ما تقول حقا فإنّه سيخرجني من قعر البحر وينزلك من وكرك من رأس الجبل.
2171 [تناول الفيل والقرد طعامه]
والفيل أعجب منه، لأنّ يده أنفه، وأيدي البهائم والسّباع على حال عاملة شيئا، والقرد يأكل بيديه وينقي الجوزة ويتفلّى ويفلي أنثاه. وليس شيء يكرع بأنفه ويوصل الطعام إلى فيه بأنفه غير الفيل.
2172 [إطعام الدب ولدها] (1)
والدب الأنثى تقيم أولادها تحت شجرة الجوز، ثم تصعد الشّجرة فتجمع الجوز في كفّها، ثم تضرب باليمنى على اليسرى فتحطم ذلك الجوز فترمي به إلى أولادها، فلا تزال كذلك حتى إذا شبعن نزلت.
2173 [قوة الدب] (2)
وربّما قطع الدّبّ من الشجرة الغصن العبل الضّخم الذي لا يقطعه صاحب الفأس إلّا بالجهد الشديد، ثم يشدّ به على الفارس قابضا عليه في موضع مقبض العصا فلا يصيب شيئا إلّا هتكه.
2174 [كثرة تصرف يدي الفيل]
قال صاحب المنطق: ليس شيء من ذوات الأربع إلّا وتصرّف يديه في الجهات أقلّ من تصرّف يدي الفيل.
2175 [شعر في وصف جلد الفيل والجاموس]
وقال أبو عثمان: ويوصف جلد الفيل، وجلد الجاموس بالقوّة، قال جميل (3):
[من الطويل]
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 425.
(2) ربيع الأبرار 5/ 425.
(3) لم ترد الأبيات في ديوان جميل.(7/124)
إذا ما علت نشزا تمدّ زمامها ... كما امتدّ نهي الأصلف المترقرق (1)
... وما يبتغي منّي العداة تفاقدوا ... ومن جلد جاموس سمين مطرّق (2)
... وأبيض من ماء الحديد اصطفيته ... له بعد إخلاص الضريبة رونق
2176 [شعر فيه ذكر الفيل]
وقال كعب بن زهير (3) في اعتذاره إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم: [من البسيط] لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل ... لظلّ يرعد إلّا أن يكون له ... من الرّسول بأمر الله تنويل
وذكر أمية بن أبي الصلت سفينة نوح فقال (4): [من الخفيف] تصرخ الطّير والبريّة فيها ... مع قويّ السبّاع والأفيال ... حين فيها من كلّ ما عاش زوج ... بين ظهري غوارب كالجبال
وقال أميّة (5) أيضا: [من الخفيف] خلق النّحل معصرات تراها ... تعصف اليابسات والمخضورا ... والتماسيح والثياتل والأيّ ... ل شتّى والرّيم واليعفورا ... وصوارا من النّواشط عينا ... ونعاما خواضبا وحميرا ... وأسودا عواديا وفيولا ... وسباعا والنّمر والخنزيرا
2177 [طيب عرق الفيل]
وتزعم الهند أنّ جبهة الفيل في بعض الزمان تعرق عرقا غليظا غير سائل، يكون أطيب رائحة من المسك. وهذا شيء يعتريه كلّ عام. وموضع ذلك الينبوع في جبهته (6).
__________
(1) النهي: كل موضع يجتمع فيه الماء. الأصلف: ما اشتد من الأرض.
(2) تفاقدوا: فقد بعضهم بعضا. المطرق: الغليظ.
(3) ديوان كعب بن زهير 20.
(4) ديوان أمية بن أبي الصلت 440.
(5) ديوان أمية بن أبي الصلت 401400، وتقدمت الأبيات في 2/ 422، الفقرة (498).
(6) ربيع الأبرار 5/ 433.(7/125)
2178 [فأرة المسك والإبل]
والنّاس يجدون ريح المسك في بيوتهم في بعض الأحايين، وهي ريح فارة يقال لها فارة المسك. والذي يكون في ناحية خراسان الذي له فأر المسك ليس بالفأر (1)، وهو بالخشف (2) حين تضعه الظّبية أشبه (3).
وتقول العرب في فارة الإبل صادرة (4): إنّ أرج ذلك العرق أطيب من المسك الأذفر في ذلك الزمان، وفي ذلك الوقت من اللّيل والنهار.
قال الراعي (5): [من الطويل] لها فارة ذفراء كلّ عشيّة ... كما فتق الكافور بالمسك فاتقه
قال الأصمعيّ (6) قلت لأبي مهدية، أو قيل لأبي مهدية: كيف تقول لا طيب إلا المسك؟ قال: فأين أنت من البان. قال: فقيل له: فقل: لا طيب إلا المسك والبان. قال: فأين أنت عن أدهان بحجر. قالوا له: فقل: لا طيب إلّا المسك والبان وأدهان بحجر. قال: فأين أنتم عن فارة الإبل صادرة؟.
قالوا (7): وربّما وجد النّاس في بيوتهم الجرذ يضرب إلى السّواد، يجدون من بدنه إذا عدا إلى جحره رائحة تشبه رائحة المسك، وبعض النّاس يزعم أنّ هذا الجنس هو الذي يخبأ الدّنانير والدراهم والحليّ، كما يصنع العقعق والغراب.
وهذا الجرذ غير فارة المسك التي تكون بخراسان، وتلك بالخشف الصّغير أشبه، وإنما يأخذون سرّته وهي ملأى من دم عبيط.
2179 [الآية في الفيل]
قالوا: وقد جعل الله الفيل من أكبر الآيات وأعظم البرهانات للبيت الحرام
__________
(1) في ربيع الأبرار 5/ 433 «وربما وجد الناس في بيوتهم جرذا أسود يجدون منه إحدى المسك، وقيل هو الذي يخبأ الدراهم».
(2) الخشف: ولد الظبية.
(3) ثمار القلوب (611).
(4) ثمار القلوب (611).
(5) ديوان الراعي النميري 190، واللسان (ذفر، فأر، فتق)، والتاج (فأر، فتق)، والتهذيب 14/ 424، والمخصص 14/ 204، وإصلاح المنطق 337، وثمار القلوب (612)، وبلا نسبة في مجالس ثعلب 97، واللسان والتاج (فور).
(6) تقدم الخبر في 5/ 166.
(7) ربيع الأبرار 5/ 433، وانظر الحاشية الأولى في هذه الصفحة.(7/126)
ولقبلة الإسلام، وتأسيسا لنبوّة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتعظيما لشأنه ولما أجرى من ذلك على يدي جدّه عبد المطلب، حين غدت الحبشة لتهدم البيت الحرام وتذلّ العرب، فلم يذكر الله منهم ملكا ولا سوقة باسم ولا نسب ولا لقب وذكر الفيل باسمه المعروف، وأضاف السورة التي ذكر فيها الفيل إلى الفيل، وجعل فيه من الآية أنهم كانوا إذا قصدوا به نحو البيت تعاصى وبرك، وإذا خلّوه وسومه (1) صدّ عنه وصدف. وفي أضعاف ذلك التقم أذنه نفيل بن حبيب، وقال: «ابرك محمود»، وكان ذلك اسمه.
2180 [الطعن في قصة الفيل]
وقد طعن في ذلك ناس فقالوا: قد يستقيم أن ينصرف عنه ويحرد دونه، كلّ ذلك بتصريف الله له. وكيف يجوز أن يفهم كلام العرب ويعرف معنى قول نفيل؟
فإن قلتم: قد يفهم الفيل عن الفيّال جميع الأدب والتقويم، وجميع ما يريد منه عند الحطّ والرّحيل والمقام والمسير. قلنا: قد يفهم بالهنديّة كما يعرف الكلب اسمه، ويعرف قولهم اخسأ. وقد يعرف السّنّور اسمه ويعرف الدّعاء والزّجر، وكذلك الطّفل والمجنون، وكذلك الحمار والفرس إذا كنّ قد عوّدن تلك الإشارة، وسماع تلك الألفاظ. فأمّا الفيل وهو هنديّ جلبه إلى تلك البلدة حبشيّ، فخرج من عجمة إلى عجمة، كيف يفهم مع ذلك لسان العرب وسرار نفيل بن حبيب بالعربيّة؟
قلنا: قد يستقيم أن يكون قال له كلاما بالهنديّة كان قد تعوّد سماعه من الفيّالين، فيكون ترجمته بالعربيّة هذا الكلام الذي حكوه، وقد يكون الذي أنطق الذّئب لأهبان بن أوس وجعل عود المنبر يحنّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يصوّر لوهم الفيل إرادة نفيل بن حبيب. وقد يستقيم مع لقن الفيل وذكائه وحكايته ومؤاتاته، أن يعرف ذلك كلّه وأكثر منه، لطول مقامه في أرض الحبشة واليمن، وليس يبعد أن يكون بأرض الحبشة جماعة كثيرة من العرب من وافد وباغ وتاجر، وغير ذلك من الأصناف، فيسمع ذلك منهم الفيل فيعرفه، وليس هذا المقدار بمستنكر من الفيل، مع الذي قد أجمعوا عليه من فهم الفيل ومعرفته.
وكان منكه المتطبّب الهنديّ صحيح الإسلام، وكان إسلامه بعد المناظرة والاستقصاء والتثبّت، قالوا: فسمع مرّة من رجل وهو يقرأ: {أَفَلََا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ}
__________
(1) أي تركوه وما يريد.(7/127)
{كَيْفَ خُلِقَتْ} (1)، وسمع بعض الجهال يقول: فكيف لو رأى الفيل؟ فعذله قوم، فقال منكه: لا تعذلوه فإنّه لا شكّ أنّ خلق الفيل أعجب، فقيل له: فكيف لم يضرب به الله تعالى المثل دون البعير؟ فقال أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار النظام، فقلت له:
ليس الفيل بأعجب من البعير. واجعله يعجّب من البعير. وهو إنما خاطب العرب، وهم الحجة على جميع أهل اللغات، ثم تصير تلك المخاطبة لجميع الأمم بعد الترجمة على ألسنة هؤلاء العرب، الذين بهم بدأت المخاطبة لجميع الأمم. وكيف يجوز أن يعجّب جماعة الأمم من شيء لم يروه قطّ، ولا كان على ظهرها يوم نزلت هذه السورة رجل واحد كان قد شهد الفيل والحبشة. وعلى أنّ الفيل وافى مكّة وما بها أحد إلّا عبد المطلب في نفير من بقيّة النّاس، ولا كانوا حيث يتأمّلون الفيل.
وقد قال ناس: كان النّاس رجلين، رجل قد سمع بهذا الخبر من رجالات قريش الذين يجترّون إلى أنفسهم بذلك التّعظيم، كما كانت السّدنة تكذب للأوثان والأصنام والأنصاب، لتجترّ بذلك المنافع، ورجل لم يكن عنده علم بأنّ هذا الخبر باطل فلم يتقدّم على إنكار ذلك الخبر، وجميع قريش تثبّته.
قيل لهم: إنّ مكّة لم تزل دار خزاعة وبقايا جرهم وبقايا الأمم البائدة، وكانت كنانة منها النّسأة، وكانت مرّ بن أدّ من رهط صوفة والرّبيط منها أصحاب المزدلفة، وإليهم كانت السّدانة، وكانت عدوان وأبو سيّارة عميلة بن أعزل، تدفع بالنّاس، وقد كان بين خزاعة وبقايا جرهم ما كان حتى انتزعوا البيت منهم، وقد كان بين ثقيف وقريش لقرب الدار والمصاهرة، والتّشابه في الثروة والمشاكلة في المجاورة تحاسد وتنافر، وقد كان هنالك فيهم المولى والحلفاء والقطّان والنازلة، ومن يحجّ في كلّ عام، وكان البيت مزورا على وجه الدهر، يأتونه رجالا وركبانا وعلى كل ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق، وبشقّ الأنفس، كما قال الله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النََّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (2)، وكانوا بقرب سوق عكاظ وذي المجاز، وهما سوقان معروفان، وما زالتا قائمين حتى جاء الإسلام، فلا يجوز أن يكون السّالب والمسلوب، والمفتخر به والمفتخر عليه، والحاسد والمحسود، والمتديّن به والمنكر له، مع اختلاف الطبائع
__________
(1). 17/ الغاشية: 88، وفي عمدة الحفاظ 1/ 50 (أب ل): «الإبل: هي النعم المعروفة، وعن المبرد: هي السحائب. وقال أبو عمرو بن العلاء: من قرأ «الإبل» بالتخفيف عنى به البعير، ومن قرأ بالتثقيل عنى بها السحاب التي تحمل ماء المطر».
(2). 37/ إبراهيم: 14.(7/128)
وكثرة العلل، يجمعون كلهم على قبول هذه الآية وتصديق هذه السّورة، وكلهم مطبق على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، والكفر به.
والمحلّون من العرب ممّن كان لا يرى للحرم ولا للشّهر الحرام حرمة: طيّئ كلها، وخثعم كلّها، وكثير من أحياء قضاعة ويشكر والحارث بن كعب، وهؤلاء كلّهم أعداء في الدّين والنّسب. هذا مع ما كان في العرب من النّصارى الدين يخالفون دين مشركي العرب كلّ الخلاف، كتغلب، وشيبان، وعبد القيس، وقضاعة، وغسّان، وسليح، والعباد، وتنوخ، وعاملة، ولخم، وجذام، وكثير من بلحارث بن كعب، وهم خلطاء وأعداء، يغاورون ويسبون، ويسبى منهم، وفيهم الثّؤور (1) والأوتار والطوائل، وهي العرب وألسنتها الحداد، وأشعارها التي إنما هي مياسم، وهممها البعيدة، وطلبها للطّوائل، وذمّها لكلّ دقيق وجليل من الحسن والقبيح، في الأشعار والأرجاز والأسجاع، والمزدوج والمنثور، فهل سمعنا بأحد من جميع هؤلاء الذين ذكرنا أنكر شأن الفيل، أو عرض فيه بحرف واحد.
2181 [كلام الفيل والذئب]
ورزين العروضيّ وهو أبو زهير لم أر قطّ أطيب منه احتجاجا، ولا أطيب عبارة قال في شعر له يهجو ولد عقبة بن جعفر، فكان في احتجاجه عليهم وتقريعه لهم أن قال (2): [من البسيط] تهتم علينا بأن الذّئب كلّمكم ... فقد لعمري أبوكم كلّم الذّيبا ... فكيف لو كلم اللّيث الهصور إذا ... تركتم الناس مأكولا ومشروبا ... هذا السّنيديّ لا أصل ولا طرف ... يكلّم الفيل تصعيدا وتصويبا
ولو كان ولد أهبان بن أوس ادّعوا أنّ أباهم كلم الذئب، كانوا مجانين وإنما ادّعوا أنّ الذئب كلّم أباهم، وأنّه ذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّه صدّقه.
والفيل ليس يكلّم السنديّ، ولم يدّع ذلك السنديّ قطّ، وربّما كان السّنديّ هو المكلّم له، والفيل هو الفهم عنه. فذهب رزين العروضيّ من الغلط في كل مذهب.
__________
(1) الثؤور: جمع ثأر.
(2) الأبيات لرزين العروضي في رسائل الجاحظ 2/ 53، وثمار القلوب (576)، وكتاب الورقة 35، وهي لوزير العروضي في الوزراء والكتاب 295، ولأبي سعيد المخزومي في ديوانه 2524، وطبقات ابن المعتز 295، ولدعبل في الوحشيات 214، والأغاني 20/ 138.(7/129)
2182 [ما يكلّم من ضروب الحيوان]
والنّاس قد يكلّمون الطير والبهائم والكلاب والسّنانير والمراكب (1)، وكلّ ما كان تحتهم من أصناف الحيوان التي قد خوّلوها وسخّرت لهم، وربّما رأيت القرّاد يكلّم القرد بكلّ ضرب من الكلام، ويطيعه القرد في جميع ذلك، وكذلك ربّما رأيته يلقّن الببغاء ضروبا من الكلام، والببغاء تحكيه، وإنّ في غراب البين لعجبا، وكذلك كلامهم للدب والكلب والشاة المكّيّة، وهذه الأصناف التي تلقن وتحكي.
2183 [تكليم الأنبياء للحيوان]
وقد روى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم في كلام السّباع والإبل ضروبا، ولم يذهبوا إلى أنها نطقت بحروف مقطّعة، ولكنّ النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون الله أوحى إليه بحاجاتها، وإمّا أن تكون فراسته وحسّه وتثبّته في الأمور، مع ما يحضره الله من التوفيق، بيّن له معانيها وجلّاها له، واستدلّ بظاهر على باطن، وبهيئة وحركة على موضع الحاجة، وإمّا أن يكون الله ألهمه ذلك إلهاما.
وأمّا جهة سليمان بن داود، صلى الله على نبينا وعليه، في المعرفة بمنطق الطير ومنطق كلّ شيء، فلا ينبغي أن يكون ذلك إلّا أن يقوم منها في الفهم عنها مقام بعضها من بعض، إذا كان الله قد خصّه بهذا الاسم، وأبانه بهذه الدّلالة. وأعلام الرّسل لا يكثر عددها، ولا تعظم أقدارها على أقدار فضائل الأنبياء لأن أكثر الأنبياء فوق سليمان بن داود، وأدنى ذلك أنّ داود فوقه، لأن الحكم في الوارث والمورّث، والخليفة والذي استخلفه، أن يكون الموروث أعلى، والمستخلف أرفع. كذلك ظاهر هذا الحكم حتى يخصّ ذلك برهان حادث.
وإنما تكثر العلامات وتعظم على قدر طبائع أهل الزمان، وعلى قدر الأسباب التي تتّفق وتتهيّأ لقوم دون قوم، وهو أن يكونوا جبابرة عتاة، أو أغبياء منقوصين، أو علماء معاندين، أو فلاسفة محتالين، أو قوما قد شملهم من العادات السيّئة وتراكم على قلوبهم من الإلف للأمور المردية (2)، مع طول لبث ذلك في قلوبهم، أو تكون نحلتهم وملتهم ودعوتهم تحتمل من الأسباب والاحتيالات أكثر ممّا يحتمل غيرها
__________
(1) المراكب: أراد ما يركب من الدواب.
(2) المردية: المهلكة.(7/130)
من ذلك، فإنّ من الكفر ما يكون عند المسألة، والجواب أسرع انتشارا وأظهر انتقاضا، ومنه ما يكون أمتن شيئا، وإن كان مصير الجميع إلى الانتقاض وإلى الفساد.
ومنه شيء يحتاج من المعالجة إلى أكثر وأطول، وإنما يتفاضل العلماء عند هذه الحال، وقد يكون أن ينقدح في قلوب الناس عداوات وأضغان سببها التّحاسد الذي يقع بين الجيران والمتفقين في الصّناعة، وربما كانت العداوة من جهة العصبيّة، فإنّ عامّة من ارتاب بالإسلام إنما كان أوّل ذلك رأي الشّعوبية والتمادي فيه، وطول الجدال المؤدّي إلى القتال، فإذا أبغض شيئا أبغض أهله، وإن أبغض تلك اللغة أبغض تلك الجزيرة، وإذا أبغض تلك الجزيرة أحبّ من أبغض تلك الجزيرة. فلا تزال الحالات تنتقل به حتى ينسلخ من الإسلام، إذ كانت العرب هي التي جاءت به، وكانوا السّلف والقدوة.
2184 [أثر الغلمة في الجسم والعمر]
وتزعم الهند أنّ شدّة غلمة الفيل وطول أيّامه فيها وهجرانه الطّعام والشراب، وبقيّة تلك الطبيعة، وعمل ذلك العرق السّاري، هو الذي يمنع الفيل أن يصير في جسمه مرّتين، لأنّ ذلك من أمتن أسباب الهزال. وإذا تقادم ذلك في بدن وغبّ فيه، عمل في العظم والعصب، بعد الشّحم واللّحم. وإذا كان رفع الصوت والصّياح وكثرة الكلام والغضب والحدّة، إنما صار يورث الهزال لأنّ البدن يسخن عن ذلك، وإذا شاعت فيه الحرارة أحرقت وأكلت وشربت، ولذلك صار الخصيّ من الدّيوك والأنعام أسمن.
وزعموا أنّه ليس فيما يعايش الناس من أصناف الحيوان أقصر عمرا من العصفور، ولا أطول عمرا من البغل. وللأمور أسباب، فليس يقع الظنّ إلّا على قلّة سفاد البغل وكثرة سفاد العصفور.
قالوا: ونجد العمر الطّويل أمرا خاصا في الرّهبان، فنظنّ أيضا أنّ تركها الجماع من أسباب ذلك (1).
قالوا: وإذا اغتلم الذكر من الحيوان فهو أخبث ما يكون لحما، وإذا كثر سفاده تضاعف فيه ذلك، وصار لحمه أيبس ودمه أقلّ.
قال الشاعر (2): [من الرجز]
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 398.
(2) الرجز بلا نسبة في اللسان والتاج (رمل، سحبل)، والتهذيب 15/ 205، وتقدم في 5/ 240.(7/131)
أحبّ أن أصطاد ضبّا سحبلا ... أو جرذا يرعى ربيعا أرملا
فجعله أرمل لا زوجة له ليكون أسمن له لأنّ كثرة السفاد مما يورث الهزال، ولا يكثر سفاده إلّا من شدّة غلمته.
وهجا أعرابيّ صاحبه حين أكل لحم سوء غثّ فقال: [من الرجز] أكلته من غرث ومن قرم ... كالورل السافد يغنى بالنّسم (1)
لأنّ لحم الورل لا يشبه لحم الضبّ، وهم لا يرغبون في أكله لأنه عضل مسيخ، ولأنهم كثيرا ما يجدون في جوفه الحيّات والأفاعي. وله ذنب سمين، وذلك عامّ في الأذناب، وإن رأيتها في العين كأنها عضل. فإذا كان لحمها كذلك، ثم كان في زمن هيجه وسفاده كان شرّا له.
وللورل في السّفاد ما يجوز به حدّ الجمل والخنزير.
قال: والنسم هو النّسيم في هذا المكان.
وقالت أمّ فروة القرنية (2): [من الطويل] نفى نسم الرّيح القذى عن متونه ... فما إن به عيب تراه لشارب
وأنا أعلم أني لو فسّرت لك معاني هذه الأشعار وغريبها، لكان أتمّ للكتاب وأنفع لمن قرأ هذه الأبواب، ولكني أعرف ملالة الناس للكتاب إذا طال. قال الشاعر (3) يهجو من قراه لحم كلب: [من الطويل] فجاء بخرشاوي شعير عليهما ... كراديس من أوصال أعقد سافد (4)
فلم يرض أن جعله كلبا حتى جعله سافدا. فأما ابن الأعرابيّ فزعم أنّه إنما عنى تيسا. وقد أبطل، وعلى أنّ المعنى فيهما سواء.
__________
(1) الغرث: الجوع.
(2) البيت في الوحشيات 202، ومعجم الأديبات الشواعر 312، وتقدم في 3/ 24، الفقرة (569)، 5/ 142.
(3) البيت للّعين المنقري كما تقدم في 1/ 175، 210، وهو في معجم البلدان 2/ 281 (حلامات).
(4) الخرشاء: كل شيء أجوف فيه انتفاخ وخروق وتفتق. الكراديس: جمع كردوس، وهو كل عظم تام ضخم. الأعقد: الملتوي الذنب.(7/132)
2185 [أثر الخصاء في اللحم]
قالوا: وإنما صار الخصيّ من كلّ جنس أسمن لأنّه لا يسفد ولا يهيج.
2186 [السقنقور]
قالوا (1): والسقنقور إنما ينفع أكله إذا اصطادوه في أيام هيجه وسفاده لأنّ العاجز عن النّساء يتعالج بأكل لحمه، فصار لحم الهائج أهيج له.
2187 [أبو نواس والحرامي الكاتب]
أقبل أبو نواس ومعه الحراميّ الكاتب، وكان أطيب الخلق، وقد كانا قبل ذلك قد نظرا إلى الفيلة فأبصرا غرمول فيل منها، وعلم الحراميّ أنّ غرمول الفيل يوصف بالجعبة، فوصف لنا غرموله، وأنشدنا فيه شعرا لنفسه: [من الرجز] كأنّه لمّا بدا للسّفد ... جعبة تركيّ عليها لبد
قلنا له: أقويت واجتلبت ذكر اللّبد عن غير حاجة، قال: فإني قد قلت غير هذا. قلنا: فأنشدنا. فقال: [من الرجز] كأنه لمّا دنا للشدّ ... شمعة قيل لفّفت في لبد
قلنا: فلا نرى لك بدّا من اللّبد على حال؟ قال: قال أبو نواس: فإني أقول عنك بيتين. قال: فهاتهما. فقال: [من الرجز] كأنه لما دنا للوثبه ... أيور أعيار جمعن ضربه
قال الحرامي لأبي نواس: هبهما لي على أن لا تدّعيهما، فعسى أن أنتحلهما.
قلت له: وما ترجو من هذا الضّرب من الأشعار؟ قال: قد رأيت غرموله، فما عذري عند الفيل إن لم أقل فيه شيئا.
2188 [فهم الفيل الهندية]
وحدّثني صديق لي قال: رأيت الفيّالين على ظهر فيل من هذه الفيلة، وأقبل صبيّ يريد السّنديّ الرّاكب، فكلّم الفيل بالهنديّة فوقف، ثم كلّمه فمدّ يده رافعها في الهواء حتى ركبها الغلام، ثم رفع يده حتى مدّ السنديّ يده، فأخذ بيد الصبيّ.
2189 [أخلاف الحيوان وأطباؤه]
وللبقر والجواميس أربعة أخلاف في مؤخّر بطونها، وللشاة خلفان، وللناقة
__________
(1) ربيع الأبرار 5/ 476.(7/133)
أربعة في مؤخّر البطن. وللمرأة والرّجل والفيل ثديان في الصدر، وثدي الفيل يصغر جدّا إذا قرنته إلى بدنه. وللسّنّور ثمانية أطباء، وكذلك الكلبة في جميع بطونهما.
والخنزيرة كثيرة الأطباء. وللفهدة في بطنها أربعة أطباء. وللّبؤة طبيان لا يصغران عن مقدار بدنها. والبقرة والأتان والرّمكة والحجر في ذلك سواء، إلّا أنها من الحافر أطباء، ومن الظّلف أخلاف. والسّباع في ذلك والحافر سواء.
2190 [عضو الفيل]
وقال صاحب المنطق: غرمول الفيل يصغر عن مقدار بدنه، وخصيته لاحقة بكليته لا ترى، ولذلك يكون سريع السّفاد.
وزعم الهنديّ صاحب «كتاب الباه» أنّ أعظم الأيور أير الفيل، وأصغرها أير الظّبي.
2191 [الفيل في كتاب الحيوان]
وما أعجب ما قرأت في كتاب الحيوان لصاحب المنطق، وجدته قد ذكر رأس الفيل وقصر عنقه، ولم يذكر انقلاب لسانه. وذلك أعجب ما فيه، ولم يذكر في كم يضع، ولا مقدار وزن أعظم الأنياب وكيف يخرج من بطن أمّه نابت الأسنان.
2192 [خصائص الفيلة]
والفيلة لا تلد التؤام. قال: وهي تفذّ وتفرد. قال: وقال بعض العلماء: لا يقال أفذّت ولا أفردت إلّا لما يجوز أن يتئم.
قال: وأمراضها أقلّ من أمراض غيرها، إلّا أنّ النّفخ والرّياح يعرض لها كثيرا ويؤذيها أذى شديدا، وعامّة أمراضها من ذلك، حتى ربّما منعها البول وغير ذلك.
قال: وإذا أكلت التّراب ضرّها ذلك، ولا سيّما إذا أكثرت منه فعاودته.
2193 [علاج الفيلة]
قال: وربّما ابتلعت منه الحجارة. قال: وإذا أصابها استطلاق سقيت الماء الحارّ وعلفت الحشيش المعسول. وإذا أتعبوها اعتراها السّهر، فتعالج عند ذلك بأن تدلك أكتافها بزيت وماء حار. قال: وبعضها يشرب الزّيت شربا ذريعا.
2194 [تذليل الفيل]
قال: وإذا تصعّب الفيل وكان في حدثان ما اقتطعوه من الوحش فإنهم ينزون عليه فيلا مثله، ويحتالون له في ذلك فما أكثر ما يجدونه بعد ذلك قد لأن.
قال: وهو مادام راكبه عليه فهو ألين من كلّ ذي أربع، وأحسن طاعة، ولكن لبعضها صعوبة عند نزوله عنه، فإذا شدّوا مقاديم قوائمها بالحبال شدّا قويّا لانت.(7/134)
قال: وإذا تصعّب الفيل وكان في حدثان ما اقتطعوه من الوحش فإنهم ينزون عليه فيلا مثله، ويحتالون له في ذلك فما أكثر ما يجدونه بعد ذلك قد لأن.
قال: وهو مادام راكبه عليه فهو ألين من كلّ ذي أربع، وأحسن طاعة، ولكن لبعضها صعوبة عند نزوله عنه، فإذا شدّوا مقاديم قوائمها بالحبال شدّا قويّا لانت.
قال: وهي على صعوبتها تأنس سريعا وتلقن سريعا، فأوّل ما يعلّم السّجود للملك، فإذا عرفه فكلما رآه سجد له.
2195 [صدق حس الفيل]
فأمّا صدق الحسّ فهو يفوق في ذلك جميع الحيوان، وهو والجمل سواء إذا علّما، لأنّ الأنثى إذا لقحت لم يعاوداها للضرّاب. فهذه فضيلة مذكورة في حسّ الجمل، وقد شاركه الفيل فيها وباينه في خصال أخر.
2196 [بعض خصائص الفيل]
وإناث الفيلة وذكورها متقاربة في السنّ، وكذلك النّساء والرّجال، وهو بحريّ الطّباع، ونشأ في الدّفاء، وهو أجرد الجلد، فلذلك يشتدّ جزعه من البرد. فإن كان أجرد الجلد، فما قولهم في أحاديثهم: طلبوا من الملك الفيل الأبيض والفيل الأبقع، وجاء فلان على الفيل الأسود.
2197 [حقد الفيل]
قال: وأخبرني رجل من البحريّين لم أر فيهم أقصد ولا أسدّ ولا أقلّ تكلّفا منه، قال: لم أجدهم يشكّون أنّ فيّالا ضرب فيلا فأوجعه فألحّ عليه، وأنّهم عند ذلك نهوه وخوّفوه وقالوا: لا تنم حيث ينالك فإنه من الحيوان الذي يحقد ويطالب. ولمّا أراد ذلك السائس القائلة شدّه إلى أصل شجرة وأحكم وثاقه، ثم تنحّى عنه بمقدار ذراع ونام، ولذلك السائس جمّة. قال: فتناول الفيل بخرطومه غصنا كان مطروحا، فوطئ على طرفه حتى تشعّث، ثم أخذه بخرطومه، فوضع ذلك الطّرف على جمّة الهندي، ثم لواها بخرطومه، فلما ظنّ أنها قد تشبّكت به وانعقدت، جذب العود جذبة فإذا الهنديّ تحت قوائمه، فخبطه خبطة كانت نفسه فيها.
فإن كان الحديث حقّا في أصل مخرجه فكفاك بالفيل معرفة ومكيدة. وإن كان باطلا فإنهم لم ينحلوا الفيل هذه النّحلة دون غيره من الدوابّ إلّا وفيه عندهم ما يحتمل ذلك ويليق به.
2198 [طيب عرق الفيل]
قال: والعرق الذي يسيل من جبهته في زمن من الزّمان يضارع المسك في طيبه، ولا يعرض له وهو في غير بلاده.(7/135)
2199 [أثر المدن في روائح الأشياء]
وقد علمنا أنّ لرائحة الطّيب فضيلة إذا كان بالمدينة، وأنّ الناس إذا وجدوا ريح النّوى المنقع بالعراق هربوا منه. وأشراف أهل المدينة ينتابون المواضع التي يكون فيها ذلك، التماسا لطيب تلك الرائحة.
ويزعم تجّار التّبّت ممن قد دخل الصّين والزّابج (1)، وقلّب تلك الجزائر، ونقّب في البلاد، أنّ كلّ من أقام بقصبة تبّت اعتراه سرور لا يدري ما سببه، ولا يزال مبتسما ضاحكا من غير عجب حتى يخرج منها.
ويزعمون أنّ شيراز من بين قرى فارس، لها فغمة طيّبة. ومن مشى واختلف في طرقات مدينة الرّسول صلى الله عليه وسلم، وجد منها عرفا طيّبا وبنّة عجيبة لا تخفى على أحد، ولا يستطيع أن يسمّيها (2).
ولو أدخلت كلّ غالية وكلّ عطر، من المعجونات وغير المعجونات، قصبة الأهواز أو قصبة أنطاكية لوجدته قد تغيّر وفسد، إذا أقام فيها الشّهرين والثّلاثة.
2200 [أثر بعض التمر في العرق]
وأجمع أهل البحرين أنّ لهم تمرا يسمى النّابجيّ، وأنّ من فضخه وجعله نبيذا ثمّ شربه وعليه ثوب أبيض، صبغه عرقه، حتى كأنه ثوب أتحميّ (3).
2201 [استعمال الفيلة]
وزعم لي بعض البحريّين أنها بالهند تكون نقّالة وعوامل كعوامل البقر والإبل.
والنّقالة التي تكون في الكلّاء (4) والسّوق. وأنها تذلّ لذلك وتسامح وتطاوع، وأنّ لها غلّات من هذا الوجه.
وزعم لي أنّ أحد هذه الفيلة التي رأيناها بسرّ من رأى، أنّه كان لقصّار بأرض سندان (5)، يحمل عليه الثّياب إلى الموضع الذي يغسلها فيه. ولا أعلمه إلا الفيل الذي بعث به ماهان أو زكريا بن عطية.
__________
(1) الزابج: جزيرة بأقصى بلاد الهند.
(2) انظر مثل هذا القول في رسائل الجاحظ 4/ 129.
(3) الأتحمي: ضرب من البرود، وهو الأحمر.
(4) الكلّاء: مرفأ السفن.
(5) سندان: مدينة في ملاصقة السند، وبينها وبين الديبل والمنصورة نحو عشر مراحل.(7/136)
2202 [العاج]
قالوا: وعظام الفيل كلها عاج، إلّا أنّ جوهر النّاب أثمن وأكرم. وأكثر ما ترى من العاج الذي في القباب والحجال والفلك والمداهن إنما هو من عظام الفيل، يعرف ذلك بالرّزانة والملاسة.
والعاج متجر كبير، ويتصرّف في وجوه كثيرة، ولولا قدره لما فخر الأحنف بن قيس فيما فخر به على أهل الكوفة، حيث قال: «نحن أكثر منكم عاجا وساجا، وديباجا، وخراجا». ويقال إنّه من كلام خالد بن صفوان، ويقال إنه من كلام أبي بكر الهذلي.
2203 [موت الذباب]
وإذا خفق بأذنه الفيل فأصاب ذبابا أو يعسوبا أو زنبورا لم يفلح. والفرس الكريم تقع الذّبابة على موقي عينيه، فيصفق (1) بأحد جفنيه، فتخرّ الذّبابة ميّتة. وقال ابن مقبل (2): [من الطويل] كأنّ اصطفاق مأقييه بطرفه ... صفاق أديم بالأديم يقابله
ويصيح الحمار فتصعق منه الذبابة فتموت. قال العبشميّ: [من الرجز] من الحمير صعقا ذبّانه ... بكلّ ميثاء كتغريد المغنّ
وقال عقبة بن مكدّم التّغلبي: [من الخفيف] وترى طرفها حديدا بعيدا ... أعوجيّا يطنّ رأس الذّباب
وقال ابن مقبل (3): [من الطويل] ترى النّعرات الخضر تحت لبانه ... فرادى وشتّى أصعقتها صواهله (4)
وأنشد في غير هذا الباب (5): [من الطويل]
__________
(1) صفق عينه: أغمضها.
(2) البيت لابن مقبل، وقد أورده محقق الديوان في حاشيته ص 252 (185) على أنه رواية أخرى للبيت:
(إذا مأقياه أصفقا الطّرف صفقة ... كصفق الصّناع بالطّباب تقابله)
(3) ديوان ابن مقبل 252 (186).
(4) النعرات: جمع نعرة وهي ذبابة ضخمة زرقاء العينين. أصعقتها: قتلتها.
(5) ورد البيت الثاني بلا نسبة في البرصان 297.(7/137)
وإنّي لقاض بين شيبان وائل ... ويشكر، إنّي بالقضاء بصير ... وجدنا بني شيبان خرطوم وائل ... ويشكر خنزير أدنّ قصير (1)
وليس هذا موضع هذين البيتين. وأنشد (2): [من الكامل] أمسى المضاء ورهطه في غبطة ... ليسوا كما كان المضاء يقول ... لا تخرأ الذّبان فوق رؤوسهم ... فاليوم تخرأ فوقها وتبول
2204 [قول زياد في بناء داره]
أبو الحسن قال: قال زياد ودخل داره، وكان بناها له فيل مولاه، فلم يرض بناءها، فقال: ادعوا لي فيلا. فلم يجدوه. فقال: ليتها في بطن فيل، وفيل في البحر.
2204 [قصة فيل مولى زياد]
وكان فيل مولى زياد شديد اللّكنة، وأهدى بعضهم إلى زياد حمار وحش، فقال فيل (3): أصلح الله الأمير، قد أهدوا لنا همار وهش! فقال: أيّ شيء تقول ويلك؟ قال: أهدوا لنا أيرا. يريد عيرا فقال زياد: الأوّل أمثل.
2206 [العيثوم]
وكان أبو مالك يقول: العيثوم الفيل الأنثى. وذهب إلى قول الشاعر (4): [من الكامل] وطئت عليك بخفّها العيثوم
ويدلّ قول علقمة بن عبدة على أنّ العيثوم من صفات الفيل العظيم الضّخم.
وقال (5): [من البسيط]
__________
(1) الأدن: الذي يداه قصيرتان وعنقه قريبة من الأرض.
(2) البيتان بلا نسبة في البرصان 296.
(3) انظر الخبر في البيان 1/ 73، 2/ 213، وعيون الأخبار 2/ 159.
(4) صدر البيت: (تركوا أسامة في اللقاء كأنما) وهو للأخطل في اللسان والتاج (عثم)، والجمهرة 427، 1204، وبلا نسبة في المخصص 8/ 57.
(5) ديوان علقمة 74، 76.(7/138)
تتبع جونا إذا ما هيّجت زجلت ... كأنّ دفّا على العلياء مهزوم ... إذا تزغّم من حافاتها ربع ... حنّت شعاميم من أوساطها كوم (1)
... يهدي بها أسجح الخدّين مختبر ... من الجمال شديد الخلق عيثوم (2)
2207 [ضرب المثل ببعد ما بين الجنسين]
وقد أكثروا في ضرب المثل ببعد ما بين الجنسين. وقال عبد الرحمن بن الحكم (3): [من الوافر] أتغضب أن يقال أبوك عفّ ... وترضى أن يقال أبوك زاني ... وأشهد أن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان
فجعل معاوية من نسل الفيل لشرفه، وجعل زيادا من نسل الحمار لضعته ولعمري لقد باعد لأنّ الغنم وإن كانت من النعم من ذوات الجرّة والكروش فإنّ ما بين الغنم والإبل بعيد.
وكذلك قول الكميت (4): [من الوافر] وما خلت الضّباب معطّفات ... على الحيتان من شبه الحسول
قال: فهذا أبعد وأبعد، لأنه وإن ذهب إلى أنّ ولد نزار عرب فهم في معنى الضّباب وساكني الصّحارى، وأولئك عجم، فجعلهم كالسّمك الذي يعيش في الماء. ألا ترى أنّ معاوية بن أبي سفيان بن يزيد بن معاوية، لمّا قتلته ضبّة دسّت في استه سمكة.
قال جرير (5): [من البسيط] ما بين تيم وإسماعيل من نسب ... إلّا قرابة بين الزّنج والرّوم
فقال قطرب: الصّقالبة أبعد. قيل له: إنّ جريرا لا يفصل بين الصّقالبة والرّوم.
__________
(1) تزغّم: حنّ حنينا خفيا. الشغاميم: الطوال. الكوم: العظام الأسنمة.
(2) الأسجح: السهل الطويل القليل اللحم. المختبر: المجرّب.
(3) البيتان لعبد الرحمن بن الحكم في الأغاني 13/ 265، والخزانة 2/ 518 (بولاق)، وهما ليزيد بن المفرغ في ديوانه 231230، والأغاني 18/ 265، 271، واللسان (عدس)، وتقدم البيتان في 1/ 96، الفقرة (108).
(4) ديوان الكميت 2/ 52، وتقدم البيت في 6/ 384.
(5) ديوان جرير 488 (الصاوي).(7/139)
وعلى معنى الكميت قال الآخر (1): «حتى يؤلف بين الضّبّ والنّون» وتقول العرب (2): «لا يكون ذاك حتى يجمع بين الأروى والنّعام» لأنّ الأروى جبليّة والنّعام سهلية. وقد قال الكميت (3): [من الوافر] يؤلّف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا
وهذا هو معناه الأوّل. وأبعد من هذا قول الشاعر (4):
حتّى يؤلّف بين الثّلج والنّار
2208 [قصة الجارية وأمها]
وقال أبو الحسن المدائني: قال أبو دهمان الغلّابي عن الوقّاصي. قال وحدثني بذلك الغيداقيّ عن الوقّاصي قال: قالت جارية لأمّها ليلة زفافها: يا أمّه، إن كان أير زوجي مثل أير الفيل كيف أحتال حتى أنتفع به؟ قال: فقالت الأم: أي بنيّة قد سألت عن هذه المسألة أمي فذكرت أنّها سألت عنها أمّها فقالت: لا يجوز إلا أن يجعلك الله مثل امرأة الفيل. قال: فسكتت حولا ثم قالت لأمّها يا أمّه، فإنّي إن سألت ربّي أن يجعلني مثل امرأة الفيل أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: يا بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها فقالت: لا يجوز ذلك إلا أن يجعل الله جميع نساء الرّجال مثل نساء الفيلة. قال: فسكتت عنها حولا ثم قالت: فإن سألت ربّي أن يجعل نساء جميع الرّجال مثل نساء الفيلة أتطمعين أن يفعل ذلك؟
قالت: يا بنيّة، قد سألت عن مثل هذه أمّي فذكرت أنها سألت أمّها عنها فقالت: لا يجوز ذلك إلا أن يجعل الله جميع رجال النساء مثل رجال نساء الفيلة. قال:
فسكتت عنها حولا ثم قالت فإن سألت ربّي أن يجعل جميع رجال النساء مثل جميع رجال نساء الفيلة أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قال: يا بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنّها قد سألت أمّها عنها، وأنّها قالت: يا بنيّة، إنّ الله إن جعل جميع
__________
(1) تقدم هذا القول في 6/ 384.
(2) المثل رواية: «ما يجمع بين الأروى والنعام» في مجمع الأمثال 2/ 271، والمستقصى 2/ 335، وتقدم في 5/ 279.
(3) ديوان الكميت 2/ 113، والمعاني الكبير 640، وتقدم في 5/ 280. 6/ 384.
(4) في مجمع الأمثال 1/ 356: (سبحان الجامع بين الثلج والنار، وبين الضب والنون)، وانظر ما تقدم في 6/ 384.(7/140)
النّاس فيلة لم تجد امرأة الفيل مع عظم بدنها من اللّذة إلا مثل ما تجدين أنت اليوم مع زوجك من اللذّة، ثم تذهب عنك لذّة الشّمّ والتّقبيل والضمّ والتقليب، والعطر والصّبغ، والحلي والمشطة والعتاب والتفدية وجميع ما لك اليوم. قال: فسكتت حولا ثم قالت: يا أمّه، إن سألت ربّي أن يجعل أير الفيل أعظم أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت الأمّ: أي بنيّة، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها، وأنها قالت: أي بنيّة، إنّ الله إن جعل أير الفيل أعظم، جعل حر امرأة الفيل أوسع وأعظم، فيعود الأمر كلّه إلى الأمر الأول. قال: فسكتت عنها حولا ثم قالت: يا أمّه، فإن سألت ربّي أن يجعل أير الفيل أشدّ غلمة فيصير عدد أكوامه أكثر أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنية، قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت أمّها عنها، وأنها قالت: أي بنية سلي الله أن يجعل زوجك أشدّ غلمة مما هو عليه، ولكن لا تسأليه ذلك حتى تسأليه أن يزيدك في غلمتك. قالت: يا أمّه، فإن سألت ربّي أن يجعله في غلمة التيس أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنيّة، قد سألت عن مثل هذه المسألة أمّي فذكرت أنها سألت عنها أمّها، وأنها قالت: لا يجوز أن يجعله في غلمة التّيس حتى يجعله تيسا، قالت: يا أمّه فإن سألت ربّي أن يجعله تيسا أتطمعين في ذلك. قالت: أي بنيّة، إنه لا يجعله تيسا حتى يجعلك عنزا. قال:
أي أمّه، فإن سألته أن يجعله تيسا ويجعلني عنزا أتطمعين أن يفعل ذلك؟ قالت: أي بنيّة قد سألت عن هذه المسألة أمّي فذكرت أنها زارت أمّها لتسألها عن هذه المسألة فوجدتها في آخر يوم من الدّنيا وأوّل يوم من الآخرة، وما أشكّ أن يومي قد دنا.
فلم تلبث الأمّ إلا أياما حتى ماتت.
معناها في تسويف اللذة ودفعها بالحيلة.(7/141)
باب الظلف
وهي الظّباء وهي معز، والمعز أجناس. والبقر الوحشيّ ذات أظلاف وهي بالمعز أشبه منها بالبقر الأهليّ، وهي في ذلك تسمّى نعاجا. وليس بينها وبين الظّباء، وإن كانت ذوات جرّة وكروش وقرون وأظلاف تسافد ولا تلاقح. وهي تشبهها في الشعر، وفي عدم السّنام.
ومن الظّلف الوعل، والثّيتل، والتّامور (1)، والأيّل. جبليات كلّها، لا أدري كيف التّسافد والتلاقح منها.
ومن الظّلف الخنازير وهي بلا كرش ولا جرّة ولا قرن. وليس بينهما موافقة إلا في الظّلف.
وفي الخنازير ما ليس ظلفه بمنشقّ، فذاك هو المخالف بالنّاب وبعدم هذه الأشياء كلّها. وتشاكل المعز والبقرة والظباء بالشّعر وقصر الذّنب، وتخالف البقر والجواميس في طول الذّنب، وفي عدد أيّام الحمل.
ومن الظلف الضأن والمعز، وقد يكون بينهما تسافد وتلاقح إلا أنها تلقيه مليطا (2) قبل أن يشعر (3)، وذلك أقلّ من القليل.
ومن الظلف البقر الأهليّ، والجواميس، وهي أهلية أبدا، وهي موافقة للضأن في القرن وفي عدم النّاب، وفي الجرّة والكرش. وتخالف الضأن في الصّوف والسنام وتوافق المعز في الشعر وتخالف في السنام، وتخالف جميع الغنم في الحمل لأن الغنم تضع لخمسة أشهر. والبقر تضع كما تضع المرأة في تسعة أشهر. وليس تشبه المرأة في غير ذلك، إلا ما يذكرون من الغبب (4) ونتوّ الكاهل، فإنهما ربما كانا في بعض النساء، وأكثر ذلك في نساء الدّهاقين.
__________
(1) التامور: جنس من الأوعال، له قرن واحد متشعب في وسط رأسه.
(2) المليط: الذي لا شعر عليه.
(3) أشعر الجنين في بطن أمه: نبت عليه الشعر.
(4) الغبب: ما تغضّن من جلد منبت العثنون الأسفل، والجلد الذي تحت الحنك.(7/142)
2209 [القول في الزرافة]
قالوا: والزرافة تكون في أرض النّوبة فقط. قالوا: وهي تسمّى بالفارسية أشتركاو بلنك كأنه قال: بعير، بقرة، نمر. لأنّ كاو هو البقرة، وأشتر هو الجمل، وبلنك هو النّمر.
فزعموا أنّ الزرافة ولد النمرة من الجمل. فلو زعمتم أنّ الجمل يكوم الضّبع ويكوم بعض ما له ظلف ما كان إلا كذلك. والمسافدة في أجناس المخلب والخفّ والحافر أعمّ، فلو جعلوا الفحل هو النمر، والأنثى هي الناقة، كان ذلك أقرب في الوهم.
وليس كلّ ذكر يكوم أنثى يلحقها. وقد يكوم الإنسان الدابّة بشهوة منهما جميعا ولا يكون تلاقح كما اتّفقا في المسافدة. وإنّ الرّاعي يكوم الغنم وغير الغنم.
وانظر، كم من ضرب ادّعوا ممّا لا يعرف: فواحدة أنّ بهيمة ذكرا اشتهى سبعا أنثى، وهو من أصعب السّباع. ثم الثانية أنه ألقح، والثالثة أنّ أرحام النمور لا تتّسع لأولاد الإبل.
قالوا: نمورهم عظام وإبلهم لطاف. وقد تتّسع أرحام القلاص العربيّة لفوالج (1)
كرمان، فتجيء بهذه الجمّازات (2). ولولا أنه فسّر لجاز أن يكون النّمر يكوم النّاقة فتتّسع أرحامها لذلك.
قالوا: وفي أعالي بلاد النّوبة تجتمع سباع ووحوش ودواب كثيرة، في حمارّة القيظ إلى شرائع المياه، فتتسافد هناك فيلقح منها ما يلقح، ويمتنع ما يمتنع، فيجيء من ذلك خلق كثير مختلف الصّورة والشكل والقدر، منها الزّرافة.
وللزّرافة خطم الجمل، والجلد للنّمر، والأظلاف والقرن للأيّل، والذّنب للظّبي، والأسنان للبقر، فإن كانت أمّها ناقة فقد كامها نمر وظبي وأيّل في تلك الشرائع.
وهذا القول يدلّ على جهل شديد.
والزّرافة طويلة الرّجلين، منحنية إلى مآخيرها، وليس لرجليها ركبتان، وإنما الرّكبتان ليديها وكذلك البهائم كلّها. وعساه إنما أراد الثفنات. والإنسان ركبتاه في رجليه.
__________
(1) الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين.
(2) الجمازة: هي التي تجمز، أي تسرع في عدوها.(7/143)
ويقولون: «أشتر مرك» للنّعامة، على التّشبيه بالبعير والطّائر، يريدون تشابه الخلق، لا على الولادة.
ويقولون للجاموس «كاوماش» على أن الجاموس يشبه الكبش والثّور، لا على الولادة، لأنّ كاو بقرة، وماش اسم للضأن.
وقال آخر: تضع أمّ الزّرافة ولدها من بعض السّباع، ولا يشعر النّاس بذلك الذّكر. قالوا: كاوماش على شبه الجواميس بالضّأن، لأنّ البقر والضأن لا يقع بينهما تلاقح. والتّفليس (1) الذي في الزّرافة لا يشبه الذي في النّمر، وهو بالببر أشبه، وما النمر بأحقّ به من هذا الوجه من الفهد.
2210 [تسافد الأجناس المختلفة]
وقد يمكن أن تسمح الضّبع للذّئب، والذّئبة للذّبخ، والكلبة للذّئب وكذلك الثعلب والهرّة، وكذلك الطّير وأجناس الحمام كالوردانيّ والورشان والحمام، وكالشّهريّ من بين الحجر والبرذون، والرّمكة والفرس، والبغل من بين الرّمكة والحمار.
فأمّا بروك الجمل على النّمرة، والجمل لا بدّ أن تكون طروقته باركة، فكيف تبرك النّمرة للجمل، والسّباع إنما تتسافد وتتلاقح قائمة، وكذلك الظّلف والحافر، والمخلب، والخفّ. والإنسان والتّمساح يتبطّنان الأنثى. والطير كلّه إنما يتسافد ويتلاقح بالأستاه من خلف وهي قائمة.
2211 [شواذ السفاد]
وزعموا أنّ الغراب يزاقّ. والحمّر والقبج ربّما ألقحا الإناث إذا كانا على علاوة الرّيح (2). ولا تكون الولادة إلّا في موضع إلقاء النّطفة والشيء الذي يلقح منه.
وأمّا السّمكة فقد عاين قوم معارضة الذكر للأنثى، فإذا سبح الذكر إلى جنب الأنثى عقف ذنبه وعقفت ذنبها، فيلتقي المبالان فتكون الولادة من حيث يكون التلقيح، لا يجوز غير ذلك.
والذين يزعمون (3) أن الحجلة تلقح من الحجل إذا كانت في سفالة الرّيح، من
__________
(1) أراد بالتفليس اللمع التي تشبه الفلوس.
(2) علاوة الريح: أعلاها.
(3) انظر هذا الزعم في ربيع الأبرار 5/ 448.(7/144)
شيء ينفصل من الذّكر. فإنما شبّهوا الحجل بالنّخل، فإن النخلة ربما لقحت من ريح كافور الفحّال (1) إذا كانت تحت الرّيح.
2212 [المخايرة بين ذوات القرون والجم]
قال: وسئل الشّرقيّ عن مخايرة ما بين ذوات القرون والجمّ فقال: الإبل والخيل من الخفّ والحافر. والبرثن والمخلب والقدم التي هي للإنسان. قال: فمن خصال ذي القرن أنّ منه وإليه ينسب ذو القرنين الملك المذكور في القرآن، ويزعم بعضهم أنه الإسكندر. وقال أميّة بن أبي الصّلت (2): [من الكامل] رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد
2213 [استطراد لغوي]
ويقال ضربه على قرنه. وقرن من دم، كما يقال قرن من عرق (3). والقرن: أمّة بعد أمّة. والقرن: شيء يصيب فروج النساء يشبه العفلة (4).
2214 [ذوات القرون]
والفيل من ذوات القرون، وفي الحيّات والأفاعي ما لها قرون، وإنما ذلك الذي تسمع أنه قرن إنما هو شيء يقولونه على التّشبيه، لأنّه من جنس الجلد والغضروف.
ولو كان من جنس القرون لكانت الحيّة صلبة الرأس، والحية أضعف خلق الله رأسا، ورأسه هو مقتله لأن كلّ شيء له قرن فرأسه أصلب وسلاحه أتمّ. والقرن سلاح عتيد غير مجتلب ولا مصنوع، وهو لذوات القرون في الرؤوس. وللكركدّن قرن في جبهته، والجاموس أوثق بقرنه من الأسد بمخلبه ونابه.
وتقول المجوس: يجيء بشوتن على بقرة ذات قرون (5).
وظهرت الآية في شأن داود وطالوت في القرن. وشبّور اليهود من قرن.
والبوق في الحروب مذ كانت الحرب إنما كان قرنا.
__________
(1) الفحّال: ذكر النخل.
(2) ديوان أمية بن أبي الصلت 365، وتقدم في ص 26، 30.
(3) القرن: الدفعة من العرق.
(4) العفلة: هي للنساء شبه الأدرة التي للرجال في الخصية، والعفل لا يصيب المرأة إلا بعد ما تلد.
(5) تقدم في 6/ 574.(7/145)
وبوق الرّحى قرن. والأيّل ينصل قرنه في كلّ عام. وكان سنان رمح الفارس في الجاهليّة روق ثور.
2215 [ما يسمى بروق]
ويسمّى الرّجل بروق، والرّوق كالشيء يعاقب الشيء وقال بشّار في التّعاقب:
[من الخفيف] أعقبته الجنوب روقا من الأزيب
وفي العرب روق وأبو روق. وقال ابن ميادة (1): [من السريع] دان له الرّوقان من وائل ... وقبله دانت له حمير
الرّوقان: بكر وتغلب.
2216 [استطراد لغوي]
ويقال قرن الضّحى، وقرن الشّمس، وقرون الشّعر، وقرن الكلأ (2)، وقرون السّنبل، وأطراف عذوق النّخل وأطاف عروق الحلفاء وإبرة العقرب كلّها قرون.
2217 [علاقة القرون واللحى بالذكور]
والأجناس التي تكون لها القرون تكون قرونها في الذّكور منها. وقد يكون الفحل أجمّ، كما أن اللّحى عامّ في الرّجال، وقد يكون فيهم السّناط (3).
2218 [أنواع القرون]
وقد تتشعّب قرون الظباء إذا أسنّت.
وقرون الظّباء وبقر الوحش شداد جدّا، وإنما تعتمد الأوعال في الوثوب وفي القذف بأنفسها من أعالي الجبال على القرون. والأغلب على القرون أن تكون اثنين اثنين. وقد يكون لبعض الغنم قرون عدّة.
2219 [استخدام القرون]
والجواميس تمنع أنفسها وأولادها من الأسد بالقرون، وبقر الوحش تمنع
__________
(1) ديوان ابن ميادة 124.
(2) في اللسان: «قرن الكلأ: أنفه الذي لم يوطأ، وقيل: خيره، وقيل: آخره. وأصاب قرن الكلأ: إذا أصاب مالا وافرا».
(3) السناط: الذي لا لحية له.(7/146)
أنفسها وأولادها من كلاب القنّاص ومن السّباع التي تطيف بها، بالقرون. قال الطّرمّاح (1): [من الرمل] أكل السّبع طلاها فما ... تسأل الأشباح غير انهزام
2220 [قصة في سفاد الخنزير]
وقال ابن النّوشجانيّ (2): أقبلت من خراسان في بعض طرق الجبال فرأيت أكثر من ميلين متّصلين في مواضع كثيرة من الأرض، أثر ستّ أرجل، فقلت في نفسي: ما أعرف دابّة لها ستّ أرجل! فاضطرّني الأمر إلى أن سألت المكاري، فزعم أنّ الخنزير الذّكر في زمان الهيج يركب الخنزيرة وهي ترتع أو تذهب نحو مبيتها، فلا يقطع سفاده أميالا، ويداه على ظهرها ورجلاه خلف رجليها، فمن رأى تلك الآثار، رأى ستّ أرجل، لا يدري كيف ذلك.
2221 [ما يعرف بطول السفاد]
قال: فالخنزير في ذلك على شبيه بحال الذباب الذكر إذا سقط على ظهر الأنثى، في طول السّفاد.
وإنّ الجمل في ذلك لعجيب الشّأن، فأمّا العدد فالعصفور، ويحكى أنّ للورل في ذلك ما ليس لشيء، يعني في القوة، وأنشد أبو عبيدة: [من الرجز] في عظم أير الفيل في رهز الفرس ... وطول عيس جمل إذا دحس (3)
2222 [فرس الماء]
قال عمرو بن سعيد: فرس الماء يأكل التمساح. قال (4): ويكون في النّيل خيول، وفي تلك البحور يعني تلك الخلجان مثل خيول البرّ، وهي تأكل التماسيح أكلا شديدا، وليس للتماسيح في وسط الماء سلطان شديد إلّا على ما احتمله بذنبه من الشّريعة.
قال: وفرس الماء يؤذن بطلوع النّيل، بأثر وطء حافره، فحيث وجد أهل مصر أثر تلك الأرجل عرفوا أنّ ماء النيل سينتهي في طلوعه إلى ذلك المكان.
__________
(1) ديوان الطرماح 417.
(2) ورد الخبر في رسائل الجاحظ 2/ 317 (كتاب البغال).
(3) العيس: الضراب.
(4) الخبر في ربيع الأبرار 5/ 438.(7/147)
وهذا الفرس ربّما رعى الزّروع، وليس يبدأ إذا رعى في أدنى الزّرع إليه، ولكنّه يحزر منه قدر ما يأكل، فيبدأ بأكله من أقصاه، فيرعى مقبلا إلى النّيل، وربّما شرب هذا الفرس من الماء، بعد المرعى ثم قاءه في المكان الذي رعى فيه، فينبت أيضا.
والطّير عندنا يأكل التّوت ويذرقه، فينبت من ذرقه شجر التّوت.
قالوا: وإذا أصابوا من هذه الخيل فلوا صغيرا ربّوه مع نسائهم وصبيانهم في البيوت، ولم يزد على هذا الكلام شيئا.
قال (1): وفي سنّ من أسنانه شفاء من وجع المعدة.
2223 [التداوي بفرس الماء وبنات عرس]
قال: والنّوبة وناس من الحبشة يأكلون الحيتان نيّة بغير نار، ويشربون الماء العكر فيمرضون، فإذا علّقوا سنّ هذا الفرس أفاقوا، قال: وأعفاج هذا الفرس تبرئ من الجنون والصّرع الذي يعتري مع الأهلّة.
قال (2): وكذلك لحوم بنات عرس صالحة لمن به هذه العلّة.
2224 [صيد الذئب للإنسان]
قال: وإنما يكون الإنسان من مصايد الذّئب إذا لقيه والأرض ثلجاء، فإنّه عند ذلك يحفش وجه الأرض ويجمعه، ويضرب وجه الرجل فارسا كان أو راجلا. قال:
ودقاق الثّلج وغباره إذا صكّ وجه الفارس سدر واسترخى وتحيّر بصره، فإذا رأى ما قد حلّ به فربّما بعج بطن الدّابّة، وربما عضّها، فيقبض على الفارس فيصرعه ولا حراك به، فيأكله كيف شاء، وإلّا أن يكون الفارس مجربا ماهرا، فيشدّ عليه عند ذلك بالسّلاح، وهو في ذلك يسير ويقطع المفازة، ولا يدعه حينئذ يتمكّن من النفر عليه.
2225 [تعليم الذئب وتأليفه]
وزعم (3) عبويه أنّ الخصيّ العبدي الفقيه من أهل همدان، السودانيّ الجبلّي، وهو رجل من العرب قد ولدته حليمة ظئر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو من بني سعد بن بكر، فزعم أنّ السّوداني أشبه خلق الله بجارحة وأحكمهم بتدبير ذئب وكلب وأسد ونمر،
__________
(1) القول في ربيع الأبرار 5/ 439.
(2) القول في ربيع الأبرار 5/ 439.
(3) تقدم هذا الزعم في 6/ 26. وهو في ربيع الأبرار 5/ 560.(7/148)
وتعليم وتثقيف، وأنّه بلغ من حذقه ورفقه أنّه ضرّى ذئبا وعلّمه، حتى اصطاد له الظّباء والثّعالب وغير ذلك من الوحوش، وأنّ هذا الذئب بعينه سرّحه فرجع إليه من ثلاثين فرسخا، وذكر أنّ هذا الذئب اليوم بالعسكر، وحدّثني بهذا الحديث في الأيام التي قام بها أمير المؤمنين المتوكّل على الله، وذكر أنّه ضرّى أسدا حتى ألف وصار أهليّا صيودا، حتى اصطاد الحمير والبقر وعظام الوحش صيدا ذريعا، إلا أنّ الأسد بعد هذا كله وثب على ولد له فأكله، فقتله السوداني.
والذي عندنا في الذّئب أنه يألف. ولو أخذ إنسان جروا صغيرا من جرائه ثمّ ربّاه، لما نزع إلا وحشيّا غدورا مفسدا. ولذلك قال الأعرابي (1): [من الوافر] أكلت شويهتي ونشأت فينا ... فمن أنباك أنّ أباك ذيب
فالذي حكى عبويه من شأن هذا الذّئب والأسد من غريب الغريب.
2226 [مصارعة كلبة لثعلب]
وأخبرني عبويه صاحب ياسر الخادم قال: أرسلت كلبة لي فحاصرت ثعلبا، فو الله إن زالا كذلك حتى خرّا ميّتين، قال: فقلت: أكرم بهما صيدا ومصيدا، وطالبا ومطلوبا.
2227 [من خصائص الكبار والفلاسفة]
قال: وإذا أسنّ القرشيّ رحل إلى الحجاز.
وقال: ما احتنك رجل قطّ إلا أحبّ الخلوة، وقالوا: ما فكّر فيلسوف قط إلا رأى الغربة أجمع لهمّه وأجود لخواطره.
2228 [قول بكر المزني في الأرضة]
قال (2): وشتم رجل الأرضة فقال بكر بن عبد الله المزني: «مه، فهي التي أكلت جميع الصّحيفة التي تعاقد المشركون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلا ذكر رسول الله، وبها تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وبها تكشّف أمرها عند العوّام بعد الفتنة العظيمة عندهم، وكان على الخاصّة من ذلك أعظم المحن».
__________
(1) تقدم البيت مع الخبر ص 113.
(2) ورد الخبر في ثمار القلوب 738، وربيع الأبرار 5/ 477.(7/149)
2229 [طول ذماء الضب]
وخبّرني رجل من بني هاشم كان منهوما بالصّيد لهجا به، أنّه ضرب وسط ضبّ بالسّيف فقطعه نصفين، فتحرّك كلّ واحد منهما على حياله ساعة من نهار ثمّ سكنا.
2230 [الورل والضب]
وأخبرني أنهم كانوا يهارشون بين الضّبّ والورل، فيلغبه (1) الورل حتى يقتله.
وحكى أنّ الورل يقتل الضبّ على معنى الصائد والطالب، وأن الضبّ يقاتل على معنى المحرج، وأنّه هارش بين الورل والحيّة فوجد الورل يقتل الحيّة ويأكلها، ويقتل الضبّ ولا يأكله ولكن حسوله (2).
2231 [علة عدم قتل الأعراب للورل والقنفذ]
وزعم أنّه وجد مشايخ الأعراب لا يقتلون ورلا ولا قنفذا ولا يدعون أحدا يصطادهما، لأنهما يقتلان الأفاعي، ويريحان الناس منها.
2232 [نوادر من الشعر والخبر]
وأنشد أبو عبيدة لأبي ذؤيب (3): [من الطويل] وسوّد ماء المرد فاها فلونه ... كلون النّؤور وهي بيضاء سارها
وأنشد شبيها به للنابغة (4): [من الكامل] يتحلّب اليعضيد من أشداقها ... صفرا مناخرها من الجرجار
وأنشد شبيها بذلك لإبراهيم بن هرمة (5): [من الرجز] كأنّها إذ خضبت حنّا ودم ... والحرض والعسن والهرم العصم
وأنشد أيضا: [من البسيط] تعلّم الأكل أولاد الظباء بها ... فما يحسّ بها سيد ولا أسد
__________
(1) ألغبه: أتعبه.
(2) الحسول: جمع حسل، وهو ولد الضب.
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 73، ونوادر أبي زيد 26، واللسان (حوج، سير)، والمقتضب 1/ 130، والأشباه والنظائر 7/ 226، وبلا نسبة في جمهرة اللغة 807، 872، 1065.
(4) ديوان النابغة الذبياني 60، واللسان والتاج (عضد، جرر)، والجمهرة 183، 658، 1216.
(5) ديوان ابن هرمة 191.(7/150)
وأنشد: [من الوافر] ذكرتك ذكرة فاصطدت ظبيا ... وكنت إذا ذكرتك لا أخيب ... منحتكم المودّة من فؤادي ... وما لي في مودّتكم نصيب
وقال ابن مقبل (1): [من الطويل] وكم من عدوّ قد شققنا قميصه ... بأسمر عسّال إذا هزّ عامله (2)
وقال أيضا (3): [من الطويل] ولم أصطبح صهباء صافية القذى ... بأكدر من ماء اللهابة والعجب ... ولم أسر في قوم كرام أعزّة ... غطارفة شمّ العرانين من كلب (4)
اللهابة والعجب: ماءان من مياه كلب موصفان بالعذوبة، وهي في ذلك كدرة.
وأنشد ابن مزروع لعديّ بن غطيف الكلبيّ، وكان جاهليّا: [من المنسرح] أهلكنا اللّيل والنهار معا ... والدّهر يعدو على الفتى جذعا (5)
... والشّمس في رأس فلكة نصبت ... رفّعها في السماء من رفعا ... أمر بليط السماء مكتتم ... والنّاس في الأرض فرّقوا شيعا (6)
... كما سطا بالآرام عاد وبالحج ... ر وأركى لتبّع تبعا ... فليس ممّا أصابني عجب ... إن كنت شيبا أنكرت أو صلعا
قال: هو عاد بن عوص بن إرم. وسطا بالحجر، أي بأهل الحجر. وأركى أي أخّر. والإركاء: التأخير.
وقال كعب بن زهير (7): [من البسيط] فعم مقلّدها عبل مقيّدها ... في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
__________
(1) ديوان ابن مقبل 242.
(2) العسال: الرمح المضطرب اللدن. عامل الرمح: صدره دون السنان.
(3) البيتان في ذيل ديوان ابن مقبل 362.
(4) الغطارفة: جمع غطريف، وهو السيد الشريف، شم العرانين: كناية عن الرفعة وشرف الأنفس.
(5) الجذع: الدهر، وسمي كذلك لأنه أبدا جديد كأنه فتى لم يسن.
(6) أصل الليط: ليط العود، وهو القشر الذي تحت القشر الأعلى.
(7) ديوان كعب بن زهير 1110.(7/151)
حرف أخوها أبوها من مهجّنة ... وعمّها خالها قوداء شمليل
وكما قال ذو الرّمّة (1): [من الطويل] أخوها أبوها والضّوى لا يضيرها
وقال سالم بن دارة: [من الطويل] حدوت بهم حتّى كأنّ رقابهم ... من السّير في الظّلماء خيطان خروع
وقال بعض المحدثين (2): [من الطويل] وقد شربوا حتى كأنّ رقابهم ... من اللّين لم تخلق لهنّ عظام
وقال آخر (3): [من البسيط] كأنّ هامهم والنّوم واضعها ... على المناكب لم تعمد بأعناق
وقال الكميت (4): [من المتقارب] وفي اللّزبات إذا ما السّنو ... ن ألقي من بركها كلكل (5)
... لعام يقول له المؤلفو ... ن هذا المقيم لنا المرحل
وقال أيضا (6): [من مجزوء الكامل] الطّيّبو ترب المغار ... س والمنابت والمكاسر (7)
... والساحبون اللاحفو ... ن الأرض هدّاب المآزر (8)
... أنتم معادن للخلاف ... ة كابرا من بعد كابر ... بالتّسعة المتتابعي ... ن خلائفا وبخي عاشر
__________
(1) عجز البيت:
(وساق أبيها أمها عقرت عقرا)
وهو في ديوان ذي الرمة 1431.
(2) البيت بلا نسبة في البرصان 317.
(3) البيت مع آخر بلا نسبة في البرصان 317.
(4) ديوان الكميت 2/ 15، والبرصان 270.
(5) اللزبات: الشدائد من السنين. البرك: الإبل الكثيرة.
(6) ديوان الكميت 1/ 235.
(7) المكاسر: جمع كسر، وهو من الشجرة أصلها حيث تكسر منها أغصانها.
(8) يلحفون الأرض: يغطونها.(7/152)
وقال أيضا: [من البسيط] ولا يكن قوله إلا لرائدها ... أعشبت فانزل إلى معشوشب العشب
ذهب إلى قوله (1): [من الرجز] مستأسد ذبّانه في غيطل ... يقلن للرّائد أعشبت انزل
ولكن انظر كم بين الدّيباجتين. وفي الأوّل ذهب إلى قول الأعشى (2): [من المتقارب] إذا الحبرات تلوّت بهم ... وجرّوا أسافل هدّابها (3)
قال: كان أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولون: «كونوا بلها كالحمام» ولقد كان الرّجل منهم يدعو لصاحبه يقول: أقلّ الله فطنتك.
قال (4): وهذا يخالف قول عمر رضي الله عنه، حين قيل له: إنّ فلانا لا يعرف الشّرّ. قال: ذلك أجدر أن يقع فيه.
وقال النابغة الذبياني (5): [من الطويل] ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده ... ولا يحسبون الشّرّ ضربة لازب
وقال الآخر (6): [من الطويل] ولا تعذراني في الإساءة إنّه ... شرار الرجال من يسيء فيعذر
وقالت امرأة (7) ترثي عمير بن معبد بن زرارة: [من الطويل] أعين ألا فابكي عمير بن معبد ... وكان ضروبا باليدين وباليد
__________
(1) الرجز لأبي النجم في ديوانه 179178، والطرائف الأدبية 58، وتقدم في 3/ 151، الفقرة (763).
(2) ديوان الأعشى 223.
(3) الحبرات: جمع حبرة، وهو ضرب من برود اليمن. الهداب: طرف الثوب.
(4) البيان والتبيين 2/ 327.
(5) ديوان النابغة الذبياني 48، واللسان والتاج (لزب)، والمقاييس 5/ 245، والعين 7/ 369، والتهذيب 13/ 215، وبلا نسبة في المخصص 12/ 68.
(6) تقدم البيت في 3/ 57، الفقرة (607)، 3/ 233، الفقرة (887).
(7) تقدم عجز البيت في 6/ 543.(7/153)
تقول: بالسّيف وبالقداح، لأنّ القداح تضرب باليدين جميعا. وقال ابن مقبل (1): [من البسيط] وللفؤاد وجيب عند أبهره ... لدم الوليد وراء الغيب بالحجر
وقال ابن أحمر (2): [من الطويل] وفؤاده زجل كعزف الهدهد
وكان حسّان يقول لقائده إذا شهد طعاما: «أطعام يد أم طعام يدين؟» (3). طعام يدين: الشّواء وما أشبه ذلك، وطعام اليد: الثرائد وما أشبهها.
وقال بعض السّلاطين لغلام من غلمانه وبين يديه أسير: اضرب. قال: بيد أو يدين؟ قال: بيد، فضربه بالسّياط. قال: اذهب فأنت حرّ. وزوّجه وأعطاه مالا.
وسارّ رجلا من الملوك بعض السّعادة بابن له ذكر أنّه بموضع كذا وكذا يشرب الخمر مع أصحاب له، فبعث غلاما له يتعرّف حاله في الشراب، فلمّا رجع وجد عنده ناسا فكره التفسير، فقال له: مهيم. قال: كان نقله جبنا. قال: أنت حرّ. لأنّ معاقري الخمر يتنقلون بالجبن لأسباب كثيرة.
2233 [حكاية فرخ الحجّام]
وكان (4) فرج الحجّام مملوك جعفر بن سليمان، إذا حجمه أو أخذ من شعره لم يتكلّم ولم يتحرّك، ولم يأخذ في شيء من الفضول، فقال جعفر ذات يوم: والله لأمتحننّه، فإن كان الذي هو فيه من عقل لا ينته، وإن كان كالطّبيعة والخلقة لأحمدنّ الله على ذلك. فقال له يوما: ما اسمك يا غلام؟ قال: فرج. قال: وما كنيتك؟ قال: لا أكتني بحضرة الأمير. قال: فهل تحتجم؟ قال نعم. قال: متى؟ قال: عند هيجه.
قال: وهل تعرف وقت الهيج؟ قال: في أكثر ذلك. قال: فأيّ شيء تأكل على الحجامة؟ قال: أما في الصّيف فسكباجة محمّضة عذبة، وأمّا في الشتاء فد يجيراجة خاثرة حلوة. فأعتقه وزوّجه، ووهب له مالا.
__________
(1) ديوان ابن مقبل 99، واللسان والتاج (بهر، لدم)، والأساس (لدم)، والعين 4/ 48، وديوان الأدب 3/ 249، والتنبيه والإيضاح 2/ 89، وبلا نسبة في العين 8/ 46، والمقاييس 5/ 243، والتهذيب 3/ 286.
(2) تقدم البيت بتمامه في 3/ 255، الفقرة (929).
(3) تقدم الخبر في 6/ 544.
(4) انظر الخبر في رسائل الجاحظ 1/ 181.(7/154)
وكان قاطع الشهادة، ولم يكن أحد من مواليه يطمع أن يشهده إلّا على شيء لا يختلف فيه الفقهاء. وهو الذي ذكره أبو فرعون فقال (1): [من الرجز] خلّوا الطّريق زوجتي أمامي ... أنا حميم فرج الحجّام
وكان أهل المربد يقولون: لا نرى الإنصاف إلا في حانوت فرج الحجّام، لأنّه كان لا يلتفت إلى من أعطاه الكثير دون من أعطاه القليل، ويقدّم الأوّل ثم الثاني ثم الثالث أبدا حتى يأتي على آخرهم، على ذلك يأتيه من يأتيه، فكان المؤخّر لا يغضب ولا يشكو.
وقال ابن مقروم الضّبي (2): [من الكامل] وإذا تعلّل بالسّياط جيادنا ... أعطاك نائله ولم يتعلّل (3)
... فدعوا نزال فكنت أوّل نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل ... ولقد أفدت المال من جمع امرئ ... وظلفت نفسي عن لئيم المأكل (4)
... ودخلت أبنية الملوك عليهم ... ولشرّ قول المرء ما لم يفعل ... وشهدت معركة الفيول وحولها ... أبناء فارس بيضها كالأعبل (5)
... متسربلي حلق الحديد كأنّهم ... جرب مقارفة عنيّة مهمل (6)
تم المصحف السابع من كتاب الحيوان، وبتمامه تم الكتاب، والحمد لله على حسن الختام. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام.
__________
(1) البيت لأبي فرعون في رسائل الجاحظ 1/ 182.
(2) ديوان ربيعة بن مقروم 270269، والأغاني 22/ 104102، ومعجم البلدان (أسنمة)، والخزانة 3/ 566565.
(3) علّ: ضرب وتابع الضرب. النائل: العطايا، ويريد بها ما عنده من ركض، أي لم تطلب علالته بالضرب.
(4) ظلفت: كففت ومنعت.
(5) معركة الفيول: أراد الوقعة التي كانت في عقب القادسية، وكانت العجم جاءت بالفيول فيها.
الأعبل: حجارة بيض، شبّه البيض بها.
(6) المقارف: المخالطة، ولا تكون إلا في الأشياء الدنية. العنية: أبوال الإبل يؤخذ معها أخلاط فتخلط ثم تحبس زمانا في الشمس ثم تعالج بها الإبل الجربى.(7/155)
فهرس أبواب المصحف السابع
القول في أحساس أجناس الحيوان 3
ما جاء في ذكر الطير 28
باب ما جاء في الشعر من إحساس الطّير وغير ذلك من الحيوان 36
باب ذكر اختلاف طبائع الحيوان وما يعتريها من الأخلاق 39
باب ما يستدل به في شأن الحيوان على حسن صنع الله 41
ما جاء في الفيلة 45
باب ما يدخل في ذكر الفيل وفيه أخلاط من شعر حديث وغير ذلك 49
شيء من الطرف والحكم والأشعار 85
باب في الحاجة 90
باب في الوعد والوفاء به والخلف له 91
من أشعار الأعراب 94
بعض الأخبار العجيبة 102
باب الظلف 142(7/156)
الفهارس العامة لكتاب الحيوان
صنع وترتيب محمد رياض نصري
1 - فهرس أنواع الحيوان 159
2 - فهرس الآيات القرآنية 223
3 - فهرس الأحاديث النبوية 228
4 - فهرس الأقوال والأثر 231
5 - فهرس الأمثال 238
6 - فهرس البلدان والمواقع 245
7 - فهرس القبائل والطوائف 257
8 - فهرس أيام العرب 267
9 - فهرس الكتب 268
10 - فهرس الأشعار 270
11 - فهرس الأرجاز 361
12 - فهرس أجزاء الأبيات 380
13 - فهرس الأعلام 381
14 - فهرس التراجم 435
15 - فهرس المصادر والمراجع 486
ما وضع بين قوسين يدل على أن ما بينهما لم يرد في كتاب الحيوان وإنما تمت معرفته من مصادر أخرى كل اسم وضع بجانبه (*) يدل على أنه قد ورد في الأشعار فقط.(7/157)
فهرس أنواع الحيوان
(الألف)
ابن آوى:
من فصيلة الكلاب 2/ 348
من صغار سباع الأرض 3/ 192
مخالبه 1/ 184
قبح صوته 1/ 190
شبه صياحه بصياح الصبيان 5/ 156
خوف الدجاج منه 2/ 5282/ 127 6/ 515
الشك في لقاحه لبعض الحيوان 2/ 348
يترل بالريف ولا يترل القفار 6/ 450.
أبجل:
ضرب من البراغيث 5/ 200.
أبغث:
منقاره 3/ 93
أعظم بدنا من الصقر 6/ 479
خوفه من الصقر والشاهين مع قوته 6/ 479.
إبل:
من ذوات الوبر 5/ 257
من الجلالة 1/ 152
تأويلها بمعنى السحاب 1/ 228
زعم قرابتها للجن 1/ 101
خلقها من أعنان الشياطين 1/ 6196/ 431
اختلاف أنواعها 3/ 75
الإبل الوحشية 1/ 6102/ 330
إبل وبار 1/ 102
الأوابد منها 3/ 206
إبل الجن ونسلها:
الحوشية والعيدية والمهرية والعسحدية والعمانية 6/ 428
الذهبية 1/ 102
ذبان الإبل زرق 3/ 185
التي لا ترد الماء 6/ 463
ما يسمى بفارة الإبل 5/ 166
ما حرم العرب على أنفسهم منها 5/ 269
المفقأ والمعنى 1/ 16
الحامي 1/ 517/ 269
السدم المعنى 1/ 86، 87
الجمازات 1/ 758/ 143
أكرم فحولها 5/ 129
أكرمها أشدها حنينا 7/ 6
عصافير النعمان 3/ 198
تحمضها بعد الخلة 3/ 127
عجزها عن هضم الشعير 4/ 413
معرفتها للنبات 7/ 25
غلطها في البيش 7/ 25
إعجابها بالماء الغليظ 5/ 79
حبها للماء الكدر 7/ 81
بعرها 2/ 390
نفعها وشرفها 7/ 72
موازنة بينها وبين الفيل 7/ 128
ضرر لحمها 5/ 302
اختلاج لحم الجزور بعد مضي ليلة على ذبحه 2/ 344
اتخاذ الدرق والحجف من جلودها 7/ 54
شرب الأرض دماءها خاصة 4/ 358
خصاء فحولتها 1/ 87
سبب عقم الإناث 4/ 342
اتخاذها رئيسا 5/ 224
حنينها 2/ 406
بكورها 2/ 406
حمق الربع 7/ 10، 12
طرحها أو بارها
2/ 406(7/159)
طرحها أو بارها
2/ 406
بكورها 2/ 406
حمق الربع 7/ 10، 12
طرحها أوبارها 4/ 369
صرها آذانها عند سماع الحادي 4/ 353
سكرها 2/ 371
رسمها 4/ 404
ملاينة الفحل بترع القردان 5/ 231
غرز الريش في أسنمة إبل الملوك 3/ 198
وفي أسنمة ذوات الدبر 3/ 217
سرعة قبولها للأمراض 3/ 147
هلاكها عند دخولها بلاد الروم 3/ 4206/ 7295/ 79
يهلكها الذباب 3/ 151
إيذاء الغراب لها 3/ 209
تفريق الظربان لها 1/ 1163/ 7136/ 13
الخوف عليها من الخنافس 3/ 247
سمع القراد أصواتها من أميال 6/ 7553/ 8
سن القلوص ثلاث سنوات 6/ 375
اتخاذ النوبة والبربر والروم لها 3/ 206
الكبر في أهل الإبل 5/ 268
ما يصيب فحل الإبل إذا صاد صاحبه قنفذا أو ورلا من أول الليل 6/ 341
فأرة الإبل 7/ 126.
أتان:
شبه العير بها 5/ 116
اتباع أتن الوحش الحمار 1/ 18
فطامها ولدها 3/ 82
وقوع الراعي عليها 3/ 100.
أجدهاني:
زعم الفرس فيه 4/ 335.
أخدري:
طول عمره 1/ 92.
أذى:
قول فيه 5/ 214.
أربيان:
من قواطع السمك 4/ 311
من المسخ 1/ 6196/ 357.
أرضة:
ليست من الطير 1/ 26
جلال شأنها 7/ 149
يهودية عند العوام 6/ 574
تولدها في جمار النخلة 3/ 176
استحالتها إلى نملة 4/ 277
طيرانها 7/ 26
بيتها 2/ 329
بناؤها بيتها 3/ 250
نقلها التراب 3/ 250
أكل النمل لها 4/ 276.
أرنب:
من ذوات الوبر 5/ 257
هي مسخ 1/ 4203/ 295
من مراكب الغيلان 1/ 203
ليست من مراكب الجن 6/ 431
قصر يديها 3/ 6189/ 500، 502
صغر كعبيها 1/ 182 1/ 182
تعظم ولا تسمن 5/ 6280/ 501، 502
قلة لبنها 6/ 502
غلظ لبن الأنثى 2/ 367
نفعها 6/ 505
تعليق كعبها 6/ 503، 504
تنام مفتوحة العين 3/ 192
حيضها 3/ 257 6/ 341، 502، 503
قضيب الذكر من عظم 6/ 502
توبيرها 5/ 151، 153، 239، 6503/ 339
إيثارها الصعداء 5/ 6239/ 7502/ 78
زعم طول عمرها 6/ 502
من صيد الكلب 2/ 269
معرفة الكلب بجحرها 2/ 315
مهارته في الإصعاد خلفها 2/ 315 2/ 315
لا يلحقها من الكلاب إلا قصير اليد 3/ 6189/ 502
لعب العقاب بها 5/ 138
اشتهاء الوبر أنثاها 6/ 499
التدرب على أكلها 4/ 281
أرنب الخلة 4/ 6352/ 387، 414، 502
استغناء أرانب الدهناء والدو والصمان عن الماء 6/ 462.
أروى:
هي أنثى الوعل 3/ 242
أكلها الحيات 3/ 4242/ 339
وضعها ولدها ومعه أفعى 6/ 335
سكناها الجبال 4/ 431.(7/160)
أسبور:
من قواطع السمك 3/ 4127/ 6311/ 555
مقاربته للجواف 6/ 569
بيضه 4/ 342.
أسد:
سيد السباع 1/ 149
وحيوان الأرض 7/ 81
من رؤساء السباع 6/ 324
والحيوان 6/ 533
من ذوات المخالب 6/ 324
والشعر 5/ 259
كله وحشي 6/ 330
أسد سفينة نوح 1/ 97
شبه السنور به 1/ 297/ 283، 389، 5390/ 147، 7181/ 80
والكلب 2/ 283، 363، 364
واللبؤة 5/ 116
زعم أن الأسد كلب 2/ 348
قرابته لبعض الحيوان 2/ 348
مخالبه في أكمام 4/ 5399/ 7186/ 78
حدة أطراف مخالبه وأنيابه 7/ 78
أثر ضربه بمخالبه 2/ 283
كفه في يده 3/ 114
في أنفه أسلوب 1/ 150
قوة شمه 4/ 7469/ 7
وصف أنيابه وفكه ومنخره 6/ 516
عضته 3/ 144
شحو فمه 2/ 4336/ 333
قلة ريقه 2/ 363
بخره 2/ 333
عنقه من عظم واحد 1/ 2150/ 3363/ 146
سعة جلده 7/ 78
حمرة عينيه 4/ 372
سجرتهما 5/ 176
غؤورتهما 4/ 485
توقدهما 6/ 516
إضاءتهما بالليل 4/ 317، 371، 372
خطأ من زعم جحوظ عينه 4/ 485
ضعف مراقه 6/ 516
لعظمه مخ 4/ 419
طريقة بوله 2/ 283
يبس رجعه 2/ 283
بعره 2/ 390
الأسد ذات لون واحد 5/ 147، 171
أسرع الحيوان حضرا 6/ 516
مشيه كالرهيص 5/ 118
طعامه 1/ 149
صفة أكله اللحم 2/ 283
يبلع البضعة العظيمة من غير مضغ 4/ 334
هضمه للعظم 4/ 413
أحب اللحوم إليه 2/ 317، 336
لذته بلطع الدماء 1/ 135
أثر إكثاره من حسو الدماء 3/ 127
طلبه للخترير 2/ 317
والكلب 2/ 317، 318
والفهد 6/ 324
والملح 3/ 12 5/ 6114/ 16
حبه رائحة الفهد ولحمه 4/ 7371/ 24
أكله الرق والحمير والسرطان والسلاحف والشاء 2/ 318
والضفادع 2/ 5318/ 280
نهمه 2/ 4363/ 334، 368
رجوعه في قيئه 1/ 149
قلة شربه للماء 2/ 3283/ 4153/ 6368/ 516
صبره على العطش والجوع 6/ 516
الاستعانة به على الخترير 4/ 279
سماجة صوته 1/ 190
قلة نسله 7/ 44
انفراده بلبؤته 4/ 287
لا يتلاقح في البيوت 7/ 113
لقاحه للكلبة 1/ 120
شدة صولته 4/ 279
وثوبه 1/ 2139/ 7406/ 78
أشده ساكن الغياض 2/ 7336/ 76
أقوى الأسود 7/ 79
من حيله في الصيد 2/ 318
تعلم السبع من السبع 3/ 161
تعليمه الصيد وتأليفه 7/ 149
لا يثب على الإنسان ولا على الحيوان إلا للمطعم 5/ 190
لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/ 533
خوفه من النار 4/ 430، 7501/ 80
والصوت الشديد 5/ 286
والببر المجروح 7/ 39
ذله في الماء 7/ 82، 83
حاله إذا خدش 7/ 39
حرصه 1/ 140
طول عمره 3/ 259
عداوته للنمر 2/ 7282/ 77
صبره في مقاتلة النمر 7/ 83
عداوته للفيل 7/ 112
مغالبة الفيل له 7/ 78
غلبة الأسد العراقي للفيل 7/ 81
علة فزع الفيل منه 7/ 80(7/161)
مسالمته للببر 5/ 683/ 7482/ 77
يعينه الببر على النمر 6/ 482
يأكله الفهد 4/ 371
قد يقتله الخترير 4/ 307
يقتله ذبان الأسد إذا جرح 5/ 220
مساورة الكلب له 2/ 394
مبارزة الجاموس له 7/ 77، 78
قتل الجاموس له 7/ 46
سطوته على الجمل 7/ 83، 84
وصف افتراسه للعير 6/ 516
خوف الشاة منه 2/ 3278/ 793/ 59
انقيادها له 6/ 514
قد يجرها إلى عرينه 6/ 515
ما يعتري الحمار إذا رآه 3/ 106
ضعف الأسد الهندي 7/ 81
دواء عضته 2/ 283
حكم قتله 1/ 202
علة إطافته بجنبات القرى 2/ 317
فرانق الأسد 4/ 335.
أسروع:
انسلاخه فراشه 4/ 380.
أسود:
هول منظره 4/ 380
شدة سواد أسود سالخ 4/ 379
موازنة بينه وبين الأفعى 4/ 409
أكله الأفعى عند الجوع 5/ 189، 6191/ 529
للذكر خصيتان 4/ 366
له زمان يقتل فيه 4/ 363
حقود يطالب 4/ 363
التهاجي بأكله 4/ 263
مصادقة العقرب له 4/ 365، 366 5/ 191
قد تقتله الأفعى 5/ 6191/ 529
كيف ينتقل إلى البيوت 4/ 376.
أصلة:
قول الأعراب فيها 4/ 335.
أطرغلة:
تبيض مرتين في السنة 3/ 8
قد تبيض ثلاث بيضات 3/ 90
قتالها للشقراق 2/ 281.
أغتيولس:
إتقانه صنع عشه 3/ 251.
أفعى:
من السباع 1/ 25
والقواتل 4/ 319
وأعداء الإنس والبهائم 1/ 425/ 279
هي نوع من الحيات 5/ 195
موازنة بينها وبين الأسود 4/ 409
الحارية 4/ 379
الراصدة 4/ 363
ذات القرن 7/ 145
أفاعي الرمل 4/ 370
وسوق الأهواز 4/ 328
استحالة الكمأة إلى أفاع 4/ 7368/ 76
نابها 2/ 3323/ 5159/ 186، 238
أنيابها في أكمام 4/ 399
ينبت نابها بعد كسره 4/ 315
سلاحها في نابها 6/ 514
الاحتيال لضرر نابها بحماض الأترج 4/ 315
عينها: حمرتها 4/ 378
بين الزرق والذهبية 5/ 176
إضاءتها في الليل 4/ 317، 5371/ 176
عينها لا تدور 1/ 4204/ 315
ولا تطبق 4/ 346
عودتها بعد قلعها 4/ 346
بصرها 4/ 346
صممها 4/ 345، 445
عريها 6/ 344
منها ما يكون في أعناقها تخصير ولصدورها أغباب 4/ 334
سعة شدقها 2/ 364
حمرة لسانها وانشقاقه 5/ 193
حمتها 2/ 375
وضع الشمال لأنفها 5/ 58
هي دائما نابتة مستوية 4/ 389
تنبت أنيابها بعد قطعها 4/ 315
خصائصها 4/ 315
سمها 2/ 4323/ 316، 403، 405
كيفية سمها 5/ 10
نكزها بأنفها 2/ 324
حركتها عند النهش 5/ 119
تقتل في كل حال وزمان 4/ 364
علة انقلابها بعد العض 4/ 320
تمج في الآنية ما صار في جوفها 4/ 314
لعابها لا يعمل في الدم 4/ 316
التداوي بسمها 4/ 382
ضرب منها لا يضر بالفراريج 4/ 317
زعم بعض الأطباء في لحمها 4/ 282
تداوي السلحفاة بالصعتر إذا أكلتها 4/ 371
إذا هرمت لم تطعم ولم يبق بها دم
2/ 324(7/162)
إذا هرمت لم تطعم ولم يبق بها دم
2/ 324
تكرع في الإناء غير المخمر 4/ 314
حبها للشيح والحرمل 3/ 219
حبها للحرمل وكراهيتها للشيح 6/ 528
إعجابها بالخمر 6/ 527
كراهيتها السذاب 6/ 528
صردها 6/ 344
لا ترد الماء 6/ 527
نتنها 3/ 251
علة عدم نتنها 5/ 140
لا يعوم إلا الأفاعي الجبلية 5/ 281
طول ذمائها 2/ 344
تبقى أياما بعد ذبحها 4/ 315، 316
لا تموت حتف أنفها 6/ 344
ظهورها في الصيف مع أول الليل 4/ 363
سكناها صدوع الصخر 4/ 391
كيف تنقل إلى البيوت 4/ 376
اجتلابها من سجستان 4/ 341
القول بأنها تلد ولا تبيض 7/ 76
رداءة سباحتها 5/ 65، 188
الحيوان الذي يأكل الأفعى 4/ 339
هربها من القنفذ 4/ 341
لا تأكل الفأر 5/ 140
تلسعها العقرب فتموت 5/ 190، 195
غلبتها للأسود 6/ 529
يأكلها الأسود 5/ 189، 6191/ 529
والقنفذ 6/ 478
شدة أذى العقرب إذا صادقها 4/ 370
مسالمتها القانص والراعي 4/ 364، 365
يمس جلدها الإنسان فلا يضره 3/ 159
وضع النمور أولادها ومعها أفعى 4/ 6368/ 7335/ 76، 103
ثمنها 4/ 316
التهاجي بأكلها 4/ 389.
أقرشان:
ضرب من النمل 4/ 313.
إنسان:
من الحيوان ذي الشعر 5/ 257
أصل الناس في زعم المجوس 1/ 124
ضروب بياض الناس 3/ 123
من أحرقته الأرحام 3/ 119
من لم تنضجه الأرحام 3/ 119
يأجوج ومأجوج 1/ 124
هو أصل للنسناس 1/ 123
تسميته بالعالم الأصغر 1/ 139
شبه باطن الكلب بباطنه 1/ 140
وظاهر القرد بظاهره 1/ 140
شبه الكلب به 2/ 283، 364
والحمام 3/ 83، 103
والهر 5/ 156
انفراده هو والحمام بالتقبيل 3/ 89
شبه صوت الخترير بصوت الصبي 4/ 307
شبه كف الضب بكفه 6/ 356
ركبتاه في رجليه 7/ 143
تصوره في صورة أخرى 6/ 430
انقلاب صور قوم إلى صور الخنازير والقرود 4/ 296
شبه وجه النبطي بوجه القرد 4/ 296
وأوجه الحمر بوجه القرد 4/ 309
المسخ 4/ 278
مسخه على خلقة القرد 4/ 278، 312
والخترير 4/ 309278
مسخ بعضهم ذئبا وضبعا 6/ 358، 392
مشيه على أربع 5/ 122
رجلاه أكبر من يديه 5/ 122
قدمه أكبر من كفه 5/ 122
ركبته وكفه 2/ 3439/ 114
الأعسر واليسر 5/ 473
أسنانه 2/ 439
من ولد بأسنان نابتة 7/ 24
من لم يثغر قطّ 4/ 286 6/ 386
أطيب الناس أفواها 2/ 333
سعة صدره 7/ 63
ثديا الرجل 2/ 7354/ 63
تميز الرجل باللحية 2/ 376
ظهور حجم ذكره 2/ 284، 347
انفراده بازدواج أشفار الجفون 7/ 63
العيون الحمر 4/ 371
حمرة العين الخلقية 4/ 378
حمرة عينه في الحرب والغضب 4/ 378
الزرق العيون 5/ 177، 178
الحمر الحماليق 5/ 178
رداءة بصره بالليل 3/ 260
عروق الكلى 4/ 395
انسلاخ جلده 4/ 336
لا يلتحم بعظمه إلا عظم الخترير 4/ 307
كمون
الدم فيه 5/ 6(7/163)
كمون
الدم فيه 5/ 6
قيئه 3/ 79
لحمه أطيب اللحوم 5/ 14
البلغم طبع الشيوخ 5/ 26
ذيول نبط بيسان 4/ 296
أكله الجراد 4/ 263، 5281/ 294
والحيات 4/ 282
والسنانير 4/ 281 5/ 183
والجرذان 4/ 5282/ 6138/ 520
والضباب 4/ 281، 282، 5308/ 138 6/ 356، 368، 389، 520
واليرابيع 4/ 5282/ 6138/ 389، 520، 521
والأرنب 4/ 281
والكلاب 5/ 199
والهامة 4/ 408
والقنفذ 6/ 565
والقرنبى 6/ 520
وأم حبين 6/ 521
والوحرة 6/ 520
والورل 4/ 6281/ 389
وسام أبرص 4/ 407
والذبان 4/ 282
والزنابير 4/ 6282/ 360، 363
والعقارب 4/ 282، 408
والسراطين 4/ 5282/ 217 6/ 360
والرق 4/ 282
والكوسج 4/ 282
والبلبل 4/ 282
والكسمير 4/ 282
والجري 4/ 308
والضفدع 5/ 138
والشبوط 6/ 360
والصحناء 6/ 360
والربيثاء 6/ 360
والحيتان النيئة 7/ 148
ودم الفصد 4/ 308
ولحوم الجلالة 6/ 360
اشتهاء بعضهم اللحم الغابّ 1/ 150
من يأكل لحوم الكلاب 1/ 2149/ 4336318/ 280، 281
تعليل أكل لحوم الكلاب 2/ 266
من يأكل لحوم الناس 1/ 176، 177
اختلاف ميل الناس إلى الطعام 4/ 308
إدخال الناس الملح في أكثر طعامهم 3/ 127
قوة شم الجائع 4/ 263
حيلة بعض الجائعين 4/ 323
اختصاصه هو والطير بالزواج 1/ 127
طلبه للنسل 1/ 73
ميوله التناسلية 3/ 84، 85
قدرته على الحماع في كل وقت 5/ 121
هيجه في كل فصل 7/ 9
يقلبه ذكره إذا قتل 5/ 64
غرق الرجل والمرأة 5/ 65
انفراده بخواص تناسلية 3/ 8
قوة شهوة الغلام والجارية 3/ 259
شدة شهوة النصف والكهلة 3/ 259
ضعف شهوة الكهل 3/ 259
إصفاء الرجل إذا أكثر الجماع 3/ 85
يكوم الدابة بشهوة منهما جميعا ولا يكون تلاقح 7/ 143
نسل متروع البيضة اليسرى 1/ 82
علة كثرة الأولاد 4/ 342
زواج الأجناس المتباينة 1/ 98، 104
التلاقح بينه وبين الجن 1/ 6123/ 398، 418
زواجه بالسعلاة 7/ 108
أولاد السعلاة 1/ 121
أولاد الملائكة 1/ 123
وقوعه على بعض الحيوان 3/ 100
صغر ولد البكر 2/ 3366/ 88
ابن المذكرة من المؤنث 1/ 70
الخلاسي من الناس والبيسري 1/ 104
علامة احتلام الغلام 2/ 273
الصبي يحلم ولا يحتلم 2/ 364
أثر السمن في الحمل 5/ 115
من أعاجيب الولادة 7/ 74
تضع المرأة في تسعة أشهر 4/ 287
ولادة الطفل محموما في الأهواز 4/ 329
فشو الحلاق في الهند 5/ 170
الختان عند مختلف الديانات 7/ 14، 16
ذوات اللحى والشوارب 1/ 77
الغبب ونتو الكاهل في نساء الدهاقين 7/ 142
من لا يحضن من الجواري 2/ 273
عسر ولادة البكر 5/ 308
عادة السحق 7/ 16
سلاح المرأة 6/ 516
ما ينبغي للأم في سياسة الرضيع 1/ 190
حب النساء للسنانير وتقبيلهن لها 5/ 181
إعجاب نساء العامة بقصع القمل 5/ 205
صوت الخصي وشعره 1/ 76
مشيه وذكاؤه 1/ 78
نتن بوله 1/ 161
شدة وطئه على الأرض 5/ 120
ما
يعرض للخصيان 1/ 72، 75، 105(7/164)
ما
يعرض للخصيان 1/ 72، 75، 105
محاسن الخصي ومساويه 1/ 110
بعض ميوله 1/ 90، 113
خصاء الجلب وقسوته 1/ 85
خصاء الناس 1/ 86
خصيان السند 1/ 79
والحبشة والنوبة والسودان 1/ 79
منع الخصاء وإباحته 1/ 108
حاجته إلى الاجتماع 1/ 340
وإلى البيان 1/ 35
سبب اختلاف اللغات 4/ 270
اختلاف الناس عند سماع الغرائب 3/ 115
تنوع الملكات وقوتها وضرورة ظهورها 1/ 132
أسباب العداوات 7/ 59
تفاوت الناس 6/ 326
تخالف الترعات والميول 1/ 93
هو دون الشياطين والجن في صدق الحس ونفوذ البصر 4/ 306
الاختبار والاختيار عنده 2/ 328
أثر التكرار في خلقه 1/ 49
نسك طوائف من الناس 1/ 149
الموصوفون بالكبر 6/ 353
الكبر في الأجناس الذليلة 6/ 353
اتخاذه الرؤساء 5/ 223
أجمع الخلق لخصال الخير 1/ 127
بدنه هيكل لروحه 4/ 354
أشياء ثلاثة نادرة في الإنسان 1/ 191
تعدد سلاحه 6/ 516
من سار على غير طبعه 1/ 133
ما يغير نظره إلى الأشياء 4/ 308
تحكم الأسباب في همم الناس 2/ 357
تشابه طبائع العامة 2/ 306، 307
علة نومه ليلا 1/ 188
علة نوم الملوك نهارا 1/ 188
سلطان النوم عليها 3/ 192
بعض ما يعتري النائم 3/ 193
أثر معيشته في غير بيئته 7/ 79
أثر البلدان في الناس 4/ 325، 328
التشاؤم بالبكر الذكر 3/ 88
وبالبكر ابن البكر 3/ 88
وبالبكر ابن البكرين 3/ 88
وبالزرق 2/ 344
تحريكه بعض مواضع من بدنه دون بعض 6/ 567، 568
استعماله رجليه فيما يعمله بيديه 3/ 114
قيام بعض الناس بعمل دقيق في الظلام 3/ 114
حكايته للأصوات وغيرها 6/ 568
تغريده 3/ 117
ما يكرهه من الأصوات 3/ 160
لا يستطيع الكلام وفى فيه ماء 3/ 129
قدرته على حبس بوله وغائطه 7/ 25
ما يعجز عنه مما قدر عليه الحيوان 1/ 30
شدة غيرته 4/ 309
مبالغته في تقدير ما ينسب إليه 2/ 307
فهم الأخرس 4/ 455
علة خرس الأصم 4/ 457
عقول السودان والحمران دون السمر 3/ 119
احتياله على دخول النار بالطلاء 3/ 188
استطابة بعضهم ريح التيوس 5/ 249
والكرياس 4/ 493
معرفة الطفل والمجنون لاسمه 7/ 54
مناغاة الطفل للمصباح 4/ 5430/ 65
يموت ويحيا حيث تموت النار وتحيا 5/ 60
هربه من شق الشمال 5/ 273
من مظاهر جبنه وفزعه 6/ 515، 548
أثر قطع إحدى يديه في عدوه 3/ 111
أثر مشيه على إبرة العقرب وعظم الحية 4/ 321
تنويم الصبيان والأطفال بالبيوت 4/ 353
تلهي المحزون بالسماع 1/ 189
اختلاف درجة سكره 2/ 369
من لا يسكر البتة 2/ 369
من تقتل عضته 2/ 4375/ 321
دماء الملوك والأشراف شفاء من الكلب 2/ 261، 5415/ 184
حال المجنون 1/ 186
سمومه العجيبة 5/ 194
ما يفعل الفزع في المسموم 4/ 319
متى ينفع الترياق 4/ 320
شرب المسموم للبن 4/ 322
قد يقتل الملسوع العقرب 4/ 367
علاج الملسوع 5/ 285
تعليق الحلي والخلاخيل على السليم 4/ 381
ما يعتريه من الصرع 2/ 368
جرب الزنج 4/ 327
أوجاع الشيوخ
4/ 433(7/165)
أوجاع الشيوخ
4/ 433
فخر العرب بالبرص 5/ 91
كراهتهم الدنو من الأبرص 5/ 102
أثر النبيذ في العمر 1/ 104
قصر عمر البكر 3/ 88
زعم أن طول الأذن مؤذن بطول العمر 6/ 502
عود الحياة إليه 3/ 166
راحة الموت 5/ 61
وقوع المضروب على وجهه 5/ 64
غرق المضروب 5/ 65
اختلاف أحوال الغرقى 1/ 5204/ 65
متى يحل قتله 1/ 203
من خنقته الجن 1/ 199
ومن قتلته 6/ 423، 424
ومن استهوته 6/ 424
ومن خالطته 6/ 406
استهواء الشياطين والجن له 1/ 199
عداؤه للشيطان 7/ 59
من له رئي من الجن 6/ 421
الصرع من الجن 6/ 428
حكمه بينهم 432، 433
عنايته بالحمام 3/ 104
وطء الضبع للقتيل 5/ 64
شغف السمك بأكل الغريق 5/ 173
طلب الفأر للمكلوب ليبول عليه 7/ 40
مسالمة العقرب له 4/ 365
حاله مع العقرب 5/ 190
يعرض له النمر في كل حالة 5/ 190
من ادعى مرافقة النمر 6/ 447
يعرض له الذئب في كل حالة 6/ 533
اشتهاء الذئب للمجروح 7/ 39
صيد الذئب له 7/ 148
لا يعرض له الأسد إلا للمطعم 5/ 190
ولا كبار السباع إلا عند عجزها عن الصيد 6/ 533
كثرة مخالطة الذباب له 3/ 258
تعلمه الحقنة من الطير 7/ 18
فزع بعضهم من الفأر 5/ 140
ومن أضعف الحيوان مع جرأتهم على أقواه 7/ 80
كراهة حمل الصبيان على الخيل يوم الحلبة 6/ 409
حمايته من سقوط الذباب عليه 3/ 147.
أنعام:
من الجلالة 1/ 154
ذوات الجرة 1/ 151.
أنكليس:
شبهه بالحية 4/ 322.
أنوق:
تسمية القرنبى والجعل أنوقا 1/ 3154/ 245
تسمية الرحمة بالأنوق 1/ 235 3/ 245
بيضها 1/ 3204/ 254
شدة ارتفاعها 6/ 488.
إوز:
يكون منه بيض الريح 3/ 131
نشاطه بعد السفاد 3/ 88
تحضن الأنثى دون الذكر 3/ 91
تحضن ثلاثين يوما 3/ 91
نشاطه بعد السفاد 3/ 88.
أوس:
هو الذئب 1/ 130.
أيل:
لا يكون منه بحري 4/ 313
قرنه 4/ 311، 7369/ 24، 70، 146
تعريضه قرنه للشمس في أول نباته 4/ 370
اختفاؤه إذا ألقى قرونه 4/ 370
شبه أظلاف الزرافة وقرونها به 7/ 143
صغر فمه 7/ 70
يأكل الحيات 4/ 7339/ 16
ظمؤه عند أكلها 7/ 16
أكله السراطين إذا لدغته الحية 4/ 370
أكل الأنثى مشيمتها 4/ 370
اختفاؤه إذا سمن 4/ 370
يصاد بالصفير والغناء 4/ 353
تعلق رؤوس الحيات في عنقه وجلد وجهه 7/ 17.
أيم:
هو الحية الذكر 1/ 4101/ 343
مشيته 4/ 393.
(الباء)
بادنجار:
1/ 25.(7/166)
بازي:
من الجوارح 2/ 350
من جوارح الملوك 6/ 575
أعجمي 6/ 575
زعم أنه أنثى الزرق 5/ 198
البازي التام من العقبان 3/ 91
أنواعه 4/ 371
هو عشرة أجناس في طريقة صيده للحمام 3/ 93
حسنه وانتصابه 3/ 119
عينه ذهبية 4/ 371
حبه لحم الخفاش 3/ 261
سمن فراخه 3/ 91
قلة بيضه 7/ 43
يحضن عشرين يوما 3/ 91
إناثه أصيد من ذكوره 1/ 106
صيده للحمام 3/ 93
خوف الحمام منه 2/ 288
خوف صاحب البازي من العقاب 7/ 21
وفاؤه 2/ 442
قبوله الأدب 4/ 283
ثمنه 3/ 104.
باشق:
من الجوارح 2/ 350
يحضن عشرين يوما 3/ 91.
بال:
وصفه 5/ 194، 7195/ 64
قيئه وأثره في السفن 3/ 80
أثر العنبر فيه 5/ 7194/ 65.
ببر:
من كبار السباع 6/ 324، 533
من ذوات الشعر 5/ 257
من الحيوان الهندي 7/ 77، 104
كله وحشي 6/ 330
قرابته لبعض الحيوان 2/ 349
لا يتلاقح في البيوت 7/ 113
شدة فتكه 7/ 46
مسالمة الأسد له 5/ 83، 6191/ 7482/ 77، 112
استكلابه حين يجرح 7/ 39
يعين الأسد على النمر 6/ 482
خوف النعجة منه 3/ 793/ 59
يطلبه النمر 6/ 482
لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/ 533.
ببغاء:
علة تسميتها 3/ 251
من الحيوان الهندي 7/ 104
تقليدها وحكايتها 2/ 3346/ 221 7/ 63
ما تيسر لها من الحروف 5/ 157
كيسها 7/ 22
معرفتها مناغاة المتكلم 7/ 54، 130.
بخت:
من أجناس الإبل 3/ 75
قرابتها من العراب 1/ 394/ 7202/ 107
هي عند الفرس ضأن الإبل 5/ 244
نشأتها 1/ 92
منها الجمازات 5/ 244
قصر عنق البختي 7/ 103
نسلها 1/ 92
قوة سفادها 2/ 377
ضربها في الفوالج ينتج ولدا منقوصا 3/ 82.
برذون:
من ذوات الشعر 5/ 257
من الخيل 3/ 7100/ 107
البراذين عند الفرس ضأن الخيل 1/ 100
شبهه بالرمكة 2/ 324
ذهاب البياض الذي يركب عينيه في أيام يسيرة 4/ 315
عجزه عن هضم الشعير 3/ 413
تفوق الرمكة عليه في الطعام 1/ 575/ 259
رمح البرذون البرذون 1/ 186
هراش البراذين 2/ 338
يعض من غير أن يهاج 2/ 319
استعماله فمه وحافره 6/ 514
معاينة احتلامه 2/ 364
قد يكومه البغل والحمار 3/ 101
نخره عند النشاط 3/ 101
تحريكه موضع سقوط الذبابة عليه 6/ 567
تعليمه 3/ 162
سكره 2/ 371
ثمنه 3/ 104.
برستوج:
من قواطع السمك 3/ 127، 128.
برستوك:
هو البرستوج، من قواطع السمك 6/ 555.
برغوث:
من الأبجل والبق 5/ 200
يقال إن الحرقوص هو البرغوث أو الحرقوص أكبر منه 6/ 562
شبهه بالفيل 5/ 210
استحالته إلى البعوض 3/ 4244/ 369
استحالة البعوض الذي من سلخ دعموص إلى برغوث 4/ 369
يعرض له الطيران 5/ 200
أحدب 5/ 206(7/167)
أسود اللون 5/ 200
تناكحه مستدبرا ومتعاظلا 5/ 210
مطاولته في السفاد 5/ 210
قفزه 4/ 5375/ 119، 206
مشيه 5/ 119، 200
خبثه 5/ 206
استقذاره 5/ 210
أثر عضته 5/ 212
سلطانه بالليل 5/ 215
الاحتيال له 5/ 200
احتيال الثعلب له 6/ 474، 475
قتله 1/ 107، 202
سؤال في دمه يصيب الثوب 1/ 248.
بط:
طائر مثقل 3/ 100
طيب لحمه 1/ 2153/ 7381/ 117
علة ذبحه من أول الليل 1/ 248
قضيبه 7/ 70
خروج ولده كاسيا كاسبا 6/ 376
كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/ 248.
البط الصيني:
2/ 441
خروج فرخه كاسيا كاسبا 3/ 92.
بط كسكر:
4/ 267.
بعوض:
من ذوات الخراطيم 3/ 5152/ 213
ليس من الطير 1/ 26
استحالة الدعاميص والبراغيث إليه 3/ 4244/ 369
استحالة البعوض الذي من سلخ دعموص إلى برغوث 4/ 369
جناحه 1/ 137
شبهه بالجاموس 7/ 104
خرطومه 7/ 103
هو سلاحه 6/ 514
سمه في خرطومه 2/ 3375/ 168
موازنة سمه بسم الجرارة 5/ 212
نفاذه في جلد الفيل والجاموس 4/ 5413/ 6213/ 7528/ 112
جزع الجاموس من عضته 7/ 78
مخه 3/ 152
وصفه بالربدة 4/ 365
اغتذاؤه بدم الحيوان 3/ 257
قيؤه ما مص من الثور ليعود إليه ثانية 5/ 213
طنينه غناء 3/ 151، 185
يقوى سلطانه في الظلمة 3/ 153، 5256/ 215
وقت هيجه 3/ 257
تصيده بعض طيور الليل 2/ 371
يأكله الطير الدائم الطيران 3/ 113
والخفاش 3/ 256
والذباب 3/ 153، 154، 6161/ 478، 528
طريقة إخراجه 3/ 183
قتله 1/ 107، 202
طلسمات البعوض 5/ 212
جلال شأنه 3/ 145
حقارته 4/ 278
عذاب الأمم به 3/ 145
موته في الشتاء 5/ 58
يكثر في مكان ويندر في آخر قريب منه 5/ 213.
بعير:
تسميته بالأعلم 6/ 535
كل بعير أعلم 3/ 148، 149
شبه النعامة به 4/ 416
مقارنته بالفيل 1/ 138
مخالفة دمه لدم سائر الحيوان 3/ 70
تشبيه الضربة بشدقه 3/ 148
اختفاء شقشقته 1/ 204
جرته 3/ 79
نتن جرته 1/ 151
ضيق جلده 7/ 116
جيفته أنتن الجيف 1/ 161
شيب وجهه من أكل الحمض 1/ 232
غلطه في البيش 5/ 167
سلاحه في نابيه وكركرته 6/ 516
هراش البعران 2/ 337
مطاولته في السفاد 3/ 169
قبح سباحته 7/ 71
تذليله 2/ 282
إلفه 2/ 351
قتله 1/ 203
أثر سم الجرارة في جسمه 2/ 323
تخلق القراد من عرقه 5/ 234
سقوط النبر عليه 3/ 6148/ 329
علاقة القراد به 6/ 519، 520
لا تخافه النعجة 3/ 93
تغلب الذباب على جلده 3/ 168
معرفة غدته بسقوط الذبان عليه 3/ 7147/ 39
احتيال الجمالين بإسقاط الذباب عليه 3/ 147
غرز الريش والخرق في سنامه 3/ 197
هو من
مراكب الأنبياء 7/ 122(7/168)
هو من
مراكب الأنبياء 7/ 122
ثمنه 3/ 104.
بغاث:
بغاث الطير 1/ 725/ 37.
بغل:
من ذوات الشعر 5/ 257
نشأته 1/ 69، 146
شبه الشبوط به 1/ 98، 99
طول غرموله 1/ 91
اختفاء غرموله 1/ 204
أعظم الحيوان أيرا بالقياس إلى جسمه 7/ 70
شحيجه 1/ 91
سماجة صوته 1/ 190
قلة سفاده 5/ 115
كومه البرذون 3/ 101
نزوه على البغلة 5/ 115
ولده على البغلة لا يبقى 2/ 5263/ 115
المتولد منه بين الحمار والرمكة لا يبقى له نسل 3/ 82
وقوع بعض الناس على البغلة 3/ 145
طول عمره 1/ 584/ 7115/ 131
أنثاه أطول عمرا 5/ 115
إلفه 2/ 351، 426
مثالبه 1/ 69
طباعه ووراثته أبويه 1/ 73
ذكره في القرآن 4/ 278
ثمنه 3/ 104.
بق:
ضرب من البراغيث 5/ 200
استقذاره 5/ 210
وانظر 5/ 214.
بقر:
من ذوات الشعر 5/ 257
فيه الأهلي والوحشي 3/ 75، 683/ 329
تسمية بقر الوحش نعاجا 2/ 348
علاقة البقرة الوحشية بالزرافة 1/ 94
زعم أن الجواميس بقر 2/ 348
أو ضأن البقر 2/ 348
وأن البقر ضأن 2/ 348
قرابته للجاموس 3/ 775/ 107
انقسامه إلى قسمين أحد هما الجواميس 3/ 83
اتخاذها رئيسا 5/ 224
أميرها الثور 1/ 18
ضرب الثور لتشرب البقر 1/ 18
صدّ الجن الثور عن الماء 1/ 19
حدة قرون بقر الوحش 7/ 78
كلها خنس فطس 4/ 454
شبه أسنان الزرافة بأسنانه 7/ 143
قوة لسانه في ضرب الخلى 6/ 552
جرته 3/ 79
اتخاذ النعال من جلده 5/ 254
تضع في تسعة أشهر 4/ 7287/ 66
سبب عقم الإناث 4/ 342
فطامها ولدها 3/ 82
سهولة خلقها حين يكون لها ولد 2/ 366
استماتتها في حماية ولدها من الوحش 2/ 7356/ 146، 147
وقوع الراعي عليها 3/ 100
سباحته 2/ 347
جودتها 5/ 65
إلفه 1/ 218
سكره 2/ 371
تبختره في مشيه 5/ 120
حبه للماء الصافي 5/ 79
عداوة الذئب له 2/ 281
تغلب الذباب على جلده 3/ 168
لا يعرض الأسد له إلا للمطعم 5/ 190
اختلاج لحمه بعد مرور ليلة على ذبحه 2/ 344
رضاع الحية من البقرة المحفلة 4/ 314 4/ 314
أثر العين فيها 2/ 326
بقرة بني إسرائيل 4/ 292
ذكره في القرآن 4/ 278.
بلبل:
لا يتسافد في البيوت 7/ 112
جمال صوته 1/ 127
تعليمه الغناء 3/ 171
زعم أنه لا يستقر 5/ 124.
بنات حذف:
ضرب من الغنم 6/ 432.
بنات الماء:
2/ 291.
بنات وردان:
تولدها في جمار النخلة 3/ 176
زعم أنها من خلق الشيطان 4/ 407
كثرة قوائمها 4/ 393
اشتثقالها 4/ 279
تعرضها للخارئ 3/ 7
أكل السنور لها 2/ 333.(7/169)
بني:
والد الشبوط 1/ 598/ 6198/ 327
بيضه أكبر من بيض الشبوط 1/ 100
طعم بيضه 1/ 100
صفته 3/ 9.
بهونية:
من أنواع الإبل 1/ 392/ 75.
بهيمة:
سواد بهائك حرة بني سليم 4/ 296
لذتها بالعلوفة 1/ 135
لذتها في أكل الخبط 2/ 304
خصاؤها 1/ 86
تعفيرها أولادها 2/ 3356/ 82
هيجها في وقت معلوم 7/ 9
سكرها 2/ 371 372
إشلاء السباع عليها 4/ 471.
بوم:
من طيور الليل 2/ 5408/ 215
من لئام الطير 3/ 253
تشبه غراب الليل بأخلاقه 2/ 417
فمه 3/ 258
ضعف بصره بالنهار 2/ 280
سلاحه 1/ 26
التفاؤل والتطير به 3/ 218
نصبه للصيد 2/ 280
صياحه مع الصبح 2/ 355
الفزع من صوته 6/ 446
دخوله بالليل على كل طائر 2/ 408
عداوة الغراب له 7/ 60
يقاتله الغداف 2/ 280.
بينيب:
ليس من السمك 1/ 27.
(التاء)
تدرج:
القول بأنه من طيور الجنة 3/ 187
طوقه 3/ 99
جمال منظره 1/ 2127/ 379 5/ 251
مقارنته بالطاووس 1/ 137
تمييز ذكوره من إناثه 5/ 115
ذكره ديك 3/ 100
علاقته بالقبج والحجل والدجاج 3/ 100
حمقه 7/ 22
ثمنه 3/ 100.
تفته:
هي عناق الأرض، سبع خالص، لا تأكل اللحم 6/ 55.
ابن تمرة:
صغره 5/ 683/ 533
كيسه 7/ 23.
تمساح:
من كبار الحيوان 5/ 288
من حيوان الماء 4/ 6329/ 328
أشد حيوان الماء 2/ 336، 7/ 76، 81، 82
ليس من السمك 1/ 27
مختلف الأسنان 6/ 496
معاليقه 3/ 80
تحريكه فكه الأعلى 1/ 7204/ 63
يخرج رجعه من فمه 3/ 79، 80
سلاحه ذنبه 6/ 514
قوة تماسيح الخلجان 7/ 46
ضعف سلطانه في الماء 7/ 147
يسكن بيته طيلة الشتاء لا يطعم شيئا 4/ 330
صبره على فقد الطعم 4/ 330
أحب اللحوم إليه 6/ 336
خروجه من الماء 7/ 82
بيضه خارج الماء 7/ 41
موته إن نقل إلى دجلة والفرات 7/ 79
تبطنه الأنثى 7/ 144
فتحه فاه لطائر خاص 4/ 6371/ 496
يأكله فرس النهر 7/ 76، 82، 147.
تنوط:
صنعته 1/ 30
لا ينام في الليل 4/ 458.
تنين:
الخلاف فيه 4/ 334
القول بأنه إعصار 7/ 64
دخوله في الخرافة 4/ 7335/ 64
عظم خلقه 7/ 64
تنين أنطاكية 4/ 334.
تيس:
قبح وجهه 2/ 5330/ 251
لحيته 2/ 5376/ 116
نتن ريحه 1/ 148، 151، 162 2/ 3330/ 249، 5251/ 248
حذفه ببوله تلقاء خيشومه 1/ 2151/ 5330/ 248(7/170)
استعماله موضع القرن منه إذا عدمه 6/ 514
قتال التيس للذكر زمان الهيج 4/ 286
غباوته 2/ 330
تفضيل الكبش عليه 5/ 247
كثرة سفاده 6/ 564
قوة التيس المراقي في السفاد 2/ 5377/ 121، 253
صفات تيس بني حمان بعد ذبحه 5/ 250، 266
لا يعرض للنعجة 1/ 194.
تيس الربل:
من الوعول والظباء 4/ 6320/ 379.
(الثاء)
ثعبان:
عده في السباع 1/ 25
من القواتل 4/ 319، 321
تنته 3/ 251
سمه 4/ 405
يمس جلده الإنسان فلا يضره 3/ 159
بغض الإنسان له 4/ 279
احتيال المكاء له 7/ 13
ثعابين مصر 4/ 370.
ثعلب:
من فصيلة الكلاب 2/ 348
من صغار سباع الأرض 3/ 192
عده في كبار السباع 3/ 146
من ذوات الوبر 5/ 257
قرابته لبعض الحيوان 2/ 348
موازنته بالذئب 1/ 138
شبه مشي الفرس بمشيه 6/ 475
كله وحشي 6/ 330
الأبيض والخلنجي 6/ 474
قضيبه لحم وعظم 6/ 474
فروته 2/ 5404/ 684/ 474
أكله ولد الضب 6/ 343
نتن نجوه 6/ 478
استغناء ثعالب الصمان والدو والدهناء عن الماء 6/ 463
سلاحه 1/ 525/ 6238/ 478
سلاحه في مؤخرته 6/ 515
قد يصارعه الكلب 7/ 149
سفاده الهرة الوحشية 1/ 96
تماوته وانتفاخه 2/ 6361/ 474
دهاؤه 6/ 478
احتياله للبراغيث 6/ 474، 475
والقنفذ 6/ 478 7/ 19
استعماله التوبير 6/ 500
جبنه 6/ 474، 476
روغانه 1/ 2139/ 404، 406، 438
شدة حذره 5/ 284
نذالته 1/ 6235/ 473، 476
ذلته 6/ 473
مسالمة أنثاه للذئب 6/ 483
عداوة الذئب له 2/ 281
يصيده الذئب 6/ 478
معرفة الكلب بمكمنه 2/ 314
عداوته للزرق 2/ 281
صداقته للحية والغراب 2/ 282.
ثور:
هو أمير البقر 1/ 18
للثيران أمير 3/ 157
شبهه بالجاموس 7/ 122
قرنه 2/ 374
ميل لسانه 5/ 272
في قلبه عظم 6/ 554
كل ثور أفطس 3/ 148
اتساع إهابه 7/ 116
علة تكديره الماء 7/ 80
ضرب الثور لتشرب البقر 1/ 18
سلاحه قرنه 6/ 514
استعماله موضع القرن إذا عدمه 6/ 514
اتخاذ عرب الجاهلية قرنه سنانا 7/ 146
حاله عند الكر والفر 5/ 272
قتال الذكور للذكور في زمان الهيج 4/ 286
قوة بعض ثيران فارس 7/ 117
زعم أرسطو أن ثورا سفد وألقح بعد الخصاء 5/ 122، 266
يحلم ويحتلم 2/ 364
سباحته 2/ 347
إلفه 2/ 352
علة فزعه عند الصبح 2/ 385
تشرقه في الشمس 2/ 358
نخره عند الذبح 3/ 146
من صيد الكلب 2/ 269
عداوة الذئب والغراب له 2/ 281.
ثيتل:
من سكان الجبال 6/ 471
شبهه بالوعل 6/ 471
لا يستطيع الحضر على البسيط 6/ 471(7/171)
(الجيم)
جاموس:
أحد رؤساء الحيوان 7/ 71
من ذوات الشعر 5/ 239
هي ضأن البقر عند الفرس 1/ 100
اسمه بالفارسية 1/ 7100/ 144
زعم أنه بقر 2/ 5348/ 244
قرابته للبقر 3/ 75 7/ 107
مشابهته للكبش والثور 1/ 7100/ 122
شبه البعوض به 7/ 104
ضعف سلاحه وقوة قلبه 7/ 82
عمل الترسة من جلده 7/ 54
قوة جلده 7/ 124، 125
قوة قرنه 7/ 145، 146
سباحته 7/ 71
سكره 2/ 371
نفاذ خرطوم البعوضة والجرجسة في جلده 4/ 413 5/ 6213/ 7528/ 112
جزعه من ذلك 7/ 78
تعالجه بالالتجاء إلى الطين 4/ 413
عجز العقاب عن خرق جلده 5/ 291
مبارزته للأسد 7/ 77، 78
قتله للأسد 7/ 46، 82
لا تخافه النعجة 3/ 93.
جان:
(من الحيات) جان العشرة 6/ 404
ضرر قتله 6/ 431، 432، 433.
جحل:
ليس من الطير 1/ 26
جحلان الذباب 3/ 157.
جدي:
طيب لحمه 1/ 2153/ 4381/ 5282/ 7256/ 117
ارتضاعه لبن الختريرة 5/ 164
جداء كسكر 3/ 4141/ 267
طيب عماريس الشام 5/ 246
تقديم الحمل مقطوع الألية لإيهام أنه جدي 5/ 256
ميله على شقه الأيسر في الربوض 5/ 270، 271.
جراد:
ليس من الطير 1/ 26
الأهوازي والمذنب 5/ 300
صفاء عينيه 2/ 436
عينه لا تدور 1/ 4204/ 346
قوائمه ست 5/ 217
ذنبه 5/ 290
بيضه 4/ 424
كثرة بيضه 7/ 42
علة كثرة بيضه 7/ 43
طيب بيضه 5/ 299
مراتب نموه 5/ 7290/ 26
انسلاخ جلوده 4/ 369
نبات أجنحته 3/ 244
ذو ألوان 3/ 166
صفرة ذكوره 3/ 414/ 5343/ 296
خفة أبدان الذكور 5/ 296
تلون جراد البقل بالخضرة 5/ 198
خضرة جراد البقول والرياحين 4/ 295
تخلقه بين الأخاديد 5/ 291
أكله العذرة 3/ 4256/ 310
والزنابير 6/ 478
صرده 5/ 292
العذاب به 5/ 288
إفناؤه الأمم 3/ 145
أكل الإنسان له 4/ 263، 281
يعاف أكله الخراسانيون 4/ 282
طعم لحم العقرب كلحمه 4/ 5282/ 191
ريح المشوي منه كمشوي العقارب 4/ 5282/ 191
طيب الجراد الأعرابي 5/ 299، 300
ضرر أكله 5/ 302
قفزه 4/ 5418/ 119
أثره في الصخر 4/ 7413/ 112
صيد الغراب له 2/ 417
حب الذر له 4/ 263
تأكله الحيات 4/ 5376/ 196، 6/ 478
والعصفور 1/ 225/ 425 5/ 7114/ 43
استخراج العقرب به 5/ 193
حرص العقرب على أكله 5/ 196.
جرارة:
سمها 2/ 4323/ 405
وزن سمها 4/ 415
موازنة سم البعوض بسمها 5/ 212
عظم ضررها 3/ 4168/ 6366/ 329
علاج لسعتها 4/ 366
مسالمتها للإنسان 4/ 365
يمس جلدها فلا يضره 3/ 159
سكناها بقرب الأتاتين والحشوش 4/ 367
جرارات الأهواز
4/ 328، 5370/ 193، 195.(7/172)
جرارات الأهواز
4/ 328، 5370/ 193، 195.
جرجس:
عظم قدره 3/ 4144/ 361
حقارته 4/ 279
استقذاره 5/ 210
طريقة إخراجه 3/ 183
نفاذ خرطومه في جلد الفيل والجاموس 4/ 413
جزع الجاموس من عضته 7/ 78.
جرذ:
ضرب من الفأر 5/ 141
قرابته للفأر 7/ 107
مخالفته للفأر 3/ 145
شبه اليربوع به 6/ 520
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
بصره بالليل كبصره بالنهار 7/ 8
طعامه 6/ 520
حسن تدبيره 5/ 136، 7/ 65
ادخاره 4/ 5276/ 222
قوة جرذ أنطاكية 4/ 5406/ 135
والجرذ الخصي 5/ 7171/ 40، 83
ضرره 5/ 173
تخريبه سد مأرب 5/ 6289/ 394
اجتلابه الحيات 5/ 173
امتناع التلاقح بينه وبين الفأر 1/ 103
عبثه بالعقود والشنوف 5/ 140
والدراهم 5/ 162
تقاتل الجرذان 2/ 5338/ 135
قتاله للعقرب 5/ 136
تبتلعه الحيات 7/ 85
تأكله الحيات 5/ 172، 6173/ 528
وسباع الطير 6/ 528
والسنانير 2/ 332 7/ 85
والكلاب السلوقية 7/ 85
والجري 7/ 23، 85
والإنسان 4/ 5282/ 138
أكل الإنسان لجرذان البيوت 6/ 520
عداوة ابن عرس له 7/ 59
فزعه من السنور 5/ 172.
جرذ المسك:
7/ 126
يخبأ الدنانير والدراهم والحلي 7/ 126.
جرّيّ:
هو مسخ 1/ 195، 196، 4203/ 6295/ 356
شبه الكوسج به 6/ 555
ولوعه بأكل العذرة 1/ 4153/ 310
وجيف الموتى 7/ 85
منافعه ومساويه 1/ 154
أكل بعض الناس له 4/ 309
صيده للجرذان 7/ 23، 85.
جعل:
من الحشرات 6/ 328
تسميته أنوقا 1/ 3154/ 245
جلال شأنه 3/ 145
قرابة ما بينه وبين الخنفساء 3/ 166
زعم أنه من خلق الشيطان 4/ 407
قد يطير 1/ 26
نبات جناحين له 6/ 562
يسلخ غلاف جناحه 4/ 369
تحزيز قوائمه 3/ 246
جناحاه لا يكادان يريان 3/ 246
يظل دهرا لا جناح له 3/ 7244/ 26
يحرس النيام 3/ 245
يتبع الرجل إلى الغائط 1/ 31
علة ملازمته لمن بات بالصحراء 1/ 155
طلبه للعذرة 1/ 154، 3155/ 241، 256
أثر الروث فيه والورد 2/ 3363/ 166، 244
سفاد الخنفس لأنثاه 3/ 241
دحروجة الجعل 3/ 247
صلاته 6/ 525
أكل الإنسان له 3/ 256.
جمل:
شبهه بالناقة 2/ 5376/ 116
مسخ الحية على صورته 1/ 4196/ 356
زعم أن الزرافة ولده من النمر 7/ 143
بعض صفاته 1/ 139
عثنونه 2/ 5376/ 226
قوة نابه 4/ 286
لين أرساغه وطول عنقه 7/ 117
شقشقته 4/ 394
ميلها 5/ 272
ليس له سلى 3/ 254
حياته بعد قطع سنامه 6/ 576
شبه خطم الزرافة بخطمه 7/ 143
صوت الجمل المحجوم 3/ 16
هديره 3/ 117
صولته 1/ 139
أظهر الحيوان هيجا 5/ 168
هيجه بدون معاينة الأنثى 5/ 169
قوته عند الهياج 7/ 40، 116
لا يدع جملا ولا إنسانا يدنو من هجمته زمن
الهيج 4/ 286(7/173)
لا يدع جملا ولا إنسانا يدنو من هجمته زمن
الهيج 4/ 286
يكره قرب الفرس من الهجمة 4/ 286
غيرته 4/ 286
غيرته 4/ 309
مطاولته في السفاد 2/ 365 5/ 3121/ 7564/ 147
يركب الناقة ساعة من نهار 4/ 455
لابد أن تكون طروقته باركة 7/ 144
لا يزاوج 4/ 309
هدايته 4/ 456
كبره وزهوه 6/ 352
استقباله الشمس 6/ 507
معرفته للزجر 7/ 25
قتل الخنفساء له حين تصل إلى جوفه 3/ 247
قتال الجمل للجمل 7/ 82
تعرض القراد لاسته 5/ 235
لحس الذئب عينه بعد موته 6/ 552
لعب الأسد به 7/ 83.
جن:
إنكار الدهرية للجن 2/ 325
الجن والحن 1/ 2192/ 7312/ 108
الشق 6/ 423 7/ 108
زعم أن الشق أصل للنسناس 1/ 123
الشنقناق والشيصبان 6/ 436
الهواتف والرئي 6/ 421
مراتب الجن 6/ 417415
تصورهم 6/ 430، 433
شبه الجني الطائر بطير الماء 6/ 463
طعامهم وشرابهم 4/ 6386/ 425
ذبائحهم 6/ 432
استضافتهم الناس 1/ 122
من خنقته الجن 1/ 199
من قتلته الجن 6/ 423، 424
من استهوته 1/ 6199/ 424
أثر عشقهم في الصرع 6/ 428، 451
ما يزعمون من عملهم 6/ 413، 414
زعم أنها تخبل من نام بين البابين 2/ 360
رؤيتهم 6/ 418، 420
مكالمتهم 6/ 41
سماع أصواتهم 6/ 420
عزيفهم 6/ 445
التحصن منهم 6/ 428
العزيمة عليهم 4/ 349
شروط العزيمة 4/ 303
خضوعهم لسليمان 4/ 6303/ 413، 414
حكم الإنسان بينهم 6/ 433
محالفتهم 6/ 439
التلاقح بين الجن والإنس 1/ 6123/ 398، 418، 439
مطاياهم 6/ 340، 341، 433، 440، 481 564
ركوبهم الظباء 1/ 6203/ 433
القنفذ 6/ 441
والعضرفوط 6/ 481، 482
ليست الأرنب من مطاياهم 6/ 503
مراكب الغيلان 1/ 203
لا تصيد الأعراب مطاياهم من أول الليل 6/ 340
حبهم للمعصفر من الثياب 4/ 386
نقلهم الأخبار 6/ 414، 427، 436
جبلهم 6/ 410
نارهم 4/ 499
كلابهم 6/ 436
إبلهم 6/ 428
رماحهم 1/ 6234/ 429
جنونهم وصرعهم 6/ 442، 443.
جندب:
جناحه 3/ 189
لعابه سم على الأشجار 5/ 297، 298.
جهار رنك:
هو من العقبان 3/ 91.
جواف:
من قواطع السمك 3/ 4127/ 6311/ 555
مقاربته للأسبور 6/ 569.
(الحاء)
حباب:
هو الحية الذكر 1/ 101
مشيته 4/ 393.
حباحب:
ناره 4/ 502.
حبارى:
قول فيها 5/ 237
شدة طيرانها 5/ 7241/ 37
جمالها 5/ 241
الذكر منها يسمى خربا 5/ 239
سلاحها في مؤخرتها 6/ 515
سلحها 1/ 26، 2162/ 5413/ 238 6/ 478، 7513/ 36
استطابة محسيها 5/ 241
فرخها هو النهار 5/ 239
ضعف فرخها
5/ 239(7/174)
ضعف فرخها
5/ 239
حرصها على بيضها وفراخها 5/ 84
حمقها 1/ 2129/ 5329/ 84، 7238/ 22
كمدها 5/ 7237/ 36
كيف تنحي الصقر عنها 1/ 162
مساورتها الزرق بسلحها 6/ 513.
أم حبين:
من الحشرات 6/ 328
يقال لها حبينة 6/ 328
ذكرها هو الحرباء 1/ 96
شبهها بالحرباء 6/ 521
وصفها 6/ 521
لا تقيم بمكان به السرفة 6/ 519، 520
تقوم السرفة منها مقام القراد من البعير 6/ 519، 520
نفور الأعراب منها 3/ 125
يأكلها بعض الأعراب 6/ 521.
حجر:
(أنثى الخيل) تفوقها على الفرس في الطعام 1/ 75
قرابة الحمار لها 1/ 92
قوة سمعها 6/ 553
وقوع الراعي عليها 3/ 100.
حجل:
ذكره ديك 3/ 100
عظم خصيته 2/ 434
قوة سفاده 3/ 92
لقاحه بالريح 3/ 88 7/ 144، 145
لا يلقح إلا بعد ثلاث سنين 3/ 91
تقاسم الزوجين العناية بالفراخ 3/ 91
يعيش خمسا وعشرين سنة 3/ 91
أفحوصه في الأرض 7/ 41
علاقته بالتدارج والقبج والدجاج 3/ 100.
حدأ:
من الحيوان العاصي 4/ 402
الحدأ السود 3/ 221
ربما باضت ثلاث بيضات 3/ 91
تحضن عشرين يوما 3/ 91
عداوتها للغداف 2/ 280.
حرباء:
حيوان بري 4/ 329
من الأحناش 6/ 531
هو ذكر أم حبين 1/ 96
شبهه بالضب 6/ 328
وبالراهب 6/ 509
أعظم من العظاءة 6/ 510
لونه 6/ 507
خضوعه للشمس 6/ 507
انتصابه على الجذل 4/ 5313/ 483
لا يستطاب أكله 6/ 524
ربما تطاول ونفخ للإنسان 6/ 510.
حرذون:
شبهه بالضب 6/ 328
وصفه 6/ 346
له أيران 6/ 7346/ 70، 103
موطنه 6/ 346
حرقوص:
من الحشرات 6/ 328، 329
يقال هو البرغوث 6/ 562، 563
تسميته بالنهيك 6/ 562
وصفه 6/ 562
نبات جناحيه 6/ 562
شدة عضه 6/ 562.
حريش:
لا يعرفه المعتزلة ولا أهل البادية 6/ 331، 332.
حشرة:
جلال شأنها 3/ 144
حشرات الأرض 5/ 153
أجناسها 6/ 328
سواد حشرات حرة بني سليم 4/ 296
الحيات من الحشرات 1/ 25
غشيانها النهار 2/ 310
عجز الإنسان عما تقدر عليه 1/ 30
يصيدها بعض طيور الليل 2/ 408.
حصاني:
صيده للذباب 3/ 160.
حفاث:
من الحشرات 6/ 328
من الحيات 4/ 331
ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/ 334، 496
يأكل الفأر وأشباه الفأر 4/ 331
له نفخ ووعيد كاذب 4/ 6331/ 496، 497
تقتله الحيات 6/ 496.
حكأة:
هي مسخ 1/ 196، 203.(7/175)
حلكاء:
تسميتها عظاءة 1/ 96
حيوان بري 4/ 329
شبهها بالضب 6/ 328
وصفها 6/ 505.
حلم:
ضرب من القراد 5/ 232
تعرضه لأذني الكلب 5/ 232.
حمار:
من ذوات الشعر 5/ 257
زعم من قال إن الخيل حمر 2/ 348
منه الأهلي والوحشي 4/ 6283/ 329
الحمر الوحشية 1/ 7102/ 109
قرابة الحمار للرمكة والحجر 1/ 92
قرابة الخيل من الحمير 1/ 94
شبه الحمار بالحمار 2/ 5376/ 116
غلظ لحمه وظمأ فصوصه وتمحص عصبه وتمكن أرساغه 1/ 128
عرض صهوته 1/ 182
ضيق إبطيه 2/ 271
ضيق جلده 5/ 182
وصفه بالصرد 4/ 376
صومه 6/ 525
تعشيره 3/ 209
بعد صوته 2/ 385، 386
وامتداده 2/ 406
فهم الإنسان صوته 1/ 28
فائدة روثه 7/ 55
نفعه في الوقير 5/ 244
هيجه عند معاينة الأنثى 5/ 168
تسافد حمر الوحش في البيوت 7/ 113
يحلم ويحتلم 2/ 364
معاينة احتلامه 2/ 364
لواطه 1/ 101، 127، 3128/ 492/ 5285/ 170
كومه البرذون 3/ 101
اختفاء غرموله 1/ 204
ظهور حجم ذكره 3/ 76
غيرته 4/ 309
البغل المتولد بينه وبين الرمكة لا يبقى له نسل 3/ 83
إلفه 6/ 488
الحمر الوحشية أهدى من الأهلية 1/ 127
اتخاذه رئيسا 5/ 224
معرفته الصوت 7/ 54
إلقاؤه بنفسه على الأرض حينما يدمى 7/ 39
جهله 2/ 292، 304، 4385/ 279
استعماله القياس في الخوف من السوط 2/ 292
يعرض له داء الكلب 2/ 368
تمعيك حمار المكاري 2/ 346
الحمر الوحشية أطول أعمارا 1/ 92 3/ 259
هراش الحمير 2/ 338
اتباع الأتن الحمار 1/ 18
أكل الأسد له 2/ 318
لا يعرض له إلا للمطعم 5/ 190
وصف افتراس الأسد للوحشي منه 6/ 516
انقضاض العقاب على الحمار الوحشي 5/ 271
عداوة الذئب له 2/ 281
والغراب 2/ 3281/ 219، 7243/ 60
وعصفور الشوك 2/ 5281/ 7124/ 60
تأذيه من الذباب 3/ 168
طعن الذباب له 4/ 413
ذكره في القرآن 4/ 278
من مراكب الأنبياء 7/ 122
لا يكون بأرض نهاوند 4/ 313
حمار إبليس 2/ 422
وعزير 1/ 3197/ 4250/ 301
وأبي سيارة 1/ 292/ 386
ثمنه 3/ 104.
حمام:
ما يسمى بالحمام 3/ 75، 99
الحمام الذكر يسمى هدهدا نابحا 1/ 330/ 259
القول بأنه شيطان 1/ 203
الوحشي 1/ 3102/ 75
الطوراني 2/ 3345/ 775/ 41
الهدي 1/ 366/ 106
الهديل 3/ 117
ساق حر 3/ 118
السود وهدايته 3/ 119
الأبيض وضعفه 2/ 294
النمر وهدايته 2/ 3294/ 119
الخضر وهدايته 1/ 270/ 3294/ 119
الفقيع وسوء هدايته 3/ 119
حمام النساء 3/ 130، 139
والفراخ 3/ 130
الأهلي والبيوتي 3/ 75
الراعبي 1/ 391/ 82
سرد أنواع مختلفة 3/ 75، 76
حمامة السفينة أو نوح 1/ 197 3/ 497/ 7355/ 27
حمام مكة وأمنه 3/ 95
زجله 3/ 134، 136
ما يختار للزجل 3/ 106
انتخابه 3/ 131
الغمر والمجرب 3/ 106
لا يقدر كل الهدي على الرجوع 3/ 131(7/176)
شبهه بالناس 3/ 83، 103
جماله 5/ 84
لإناثه جمال 5/ 251
طوقه 2/ 3421/ 97، 99
فراخه 2/ 428
تشابه الذكر والأنثى 2/ 376
كثرة ما يعتريه من الأوضاح والشيات 3/ 119
الشيات والأوضاح ضعف 3/ 122
إذا بلغ لم يقبل السمن 2/ 341
فراخه أسمن شيء 2/ 341
عجز فراخه 2/ 396
لا يأكل إلا الحب والنبات 7/ 85
جمال حسوه 3/ 76
استخدام جناحه في الدفاع 5/ 122
إحكامه صنعة عشه 3/ 94
تدبيره لمواضع بيضه 3/ 94
هديله 2/ 407 3/ 163
تدرجه في الهديل 3/ 88
نوحه 3/ 116
تغريده 3/ 117
غناؤه 3/ 101، 185
أوقات صياحه 2/ 406
صوته لا يجوز بعيدا 2/ 406
حديث أفليمون عن نفعه 3/ 137، 138
نفع ذرقه 2/ 3390/ 123
نفع ذرق الأحمر 7/ 55
طيب لحم فراخه 4/ 281
اختلاف الأغراض التي يتخذ لها 3/ 76
اللعب به 1/ 2196/ 3444/ 9، 95، 125
كثرة ذبحه 3/ 96
الأمر بذبحه 3/ 94
زواجه 7/ 42
كثرة نسله 1/ 74
تسافده مع اختلاف أجناسه 3/ 83
حاله في السفاد 3/ 80
طلبه السفاد للنسل 3/ 77
نشاطه بعد السفاد 3/ 88
ليس له وقت معين للهيج 7/ 9
إصفاؤه إذا أكثر السفاد 3/ 85
ميوله التناسلية 3/ 84، 85
قوته التناسلية 3/ 81
ما يسافد الحمام 3/ 100
زواجه 4/ 7309/ 43
لا تظهر له عورة 3/ 76
لواطه 3/ 492/ 285
انفراده بين الحيوان بالتقبيل 3/ 76
تقبيل الإناث للإناث 3/ 89
ضعف غيرته 3/ 4123/ 309
قلة بيضه 7/ 42
قد يبيض ثلاث بيضات 3/ 90
يبيض ثلاث بيضات فتفسد واحدة منهن 5/ 304
يبيض عشرة أشهر في السنة وقد يبيض في جميع السنة 3/ 86
تبيض الحمامة البيضة التي فيها الذكر أولا 3/ 90
يتم خلق بيضه قبل عشرة أيام 3/ 88
تقبيله بيضه 3/ 82
مدة الحضن 3/ 90
أكثر ساعات الحضن على الأنثى 3/ 83
حضنه بيض الدجاج 1/ 2131/ 435
يكون أحد فرخيه ذكرا والآخر أنثى 3/ 88
احتباس بيضه 3/ 88
فساد بيضه للرعد 3/ 77، 89
الحمام البري يبيض بيضتين في السنة 3/ 86
الحمام الأهلي يبيض عشر مرات 3/ 86
يبيض بيض الريح 3/ 87
بيض الإناث من الإناث شبيه ببيض الريح 3/ 89
بر الحمامة بالبيض والفراخ 3/ 90
بيض الضب يشبه بيضه 6/ 376
زقه فراخه 1/ 226/ 3424/ 78، 79
منه ما لا يزق فراخه 2/ 335
منه ما يزق كل فرخ 2/ 335
الزق على الذكر 3/ 83
علامة الحمام الزاق 2/ 335
تدرجه في فطام ولده 3/ 82
معاونة الذكر للأنثى 3/ 77، 79
أنساب الحمام 3/ 103
تعليمه فراخه 3/ 78
معرفته 4/ 301
من عجائبه 2/ 3335/ 82
من مناقبه 3/ 76، 104، 105
تمييزه لأجناس الطير 3/ 93
بلهه 3/ 794/ 20
خرقه 3/ 94
أنسه 3/ 110
استيحاش الأهلي بالغربة 3/ 135
هدايته وإلفه 1/ 127، 2139/ 345، 351، 388، 426، 3438/ 172
إلفه لمكانه 3/ 5127/ 169
شوقه 3/ 110
إلهامه 2/ 334
معرفته لقيمه 1/ 17
لا يتخذ رئيسا 5/ 226
لؤمه وقسوته 3/ 124، 125
حاجته إلى الشمس والماء 2/ 429(7/177)
لا يسقط على الكعبة إلا مريضا 3/ 72، 96
شدة طيرانه مع الجماعة 3/ 107
أطير من الشاهين وجميع سباع الطير 3/ 106
جدفه 2/ 3390/ 111، 126
حاجته إلى التعليم 5/ 112
تعليمه وتدريبه 3/ 133
تعليمه الورود والتحصب 3/ 106، 135
نسيانه التأديب 3/ 135
غاياته 3/ 10
طريقة استكثاره 3/ 136
نصيحة شدفويه في تربية الحمام 3/ 107
اختيار الوقت الملائم لتمرين فراخه 3/ 64
أدواؤه وعلاجها 3/ 132
علاج الفزع 3/ 136
أثر نتف ريشه 3/ 134
وقص جناحه 3/ 112، 134
قمله 5/ 201
ارتفاع مواضع بيوته وأعشاشه 3/ 116
سكناه أجواف الركايا 3/ 116
بيوته 7/ 41
خوفه من البازي 2/ 282
والزرق 3/ 93
والشاهين 2/ 3282/ 93
والصقر 2/ 282
والعقاب 2/ 282
لا يستوحش من الكركي والطبرزين 3/ 93
معابثة السنور لفراخه 2/ 389، 431
يأكله السنور 2/ 332
أكل الحية لفراخه 4/ 334
الخفاش أقوى منه 3/ 258
يصطاده البازي 3/ 93
وسباع الطير 3/ 106
هو طائر ملقّى 3/ 106
ما يعتريه إذا رأى الأسد 3/ 107
ترفعه مع الشاهين مع شدة خوفه منه 3/ 106
حب الناس له 3/ 76
التيامن به 3/ 76
عناية الناس به 3/ 104
كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/ 248
حب الخصي له 1/ 79
ما يلحق الناس من ضرر في صيده 3/ 94
آلات صيده 3/ 106
مبلغ ثمنه 3/ 104، 141
رخص ثمن المجهول ومتى يرتفع ثمنه 3/ 106.
حمر:
ضرب من العصافير 5/ 120
سفاده بالريح 7/ 144
صياحه مع الصبح 2/ 407.
حمل:
حديث الحمل المصلي 4/ 382
لعب الصبيان بالحملان 5/ 243
تقديم مقطوع الألية على المائدة لإيهام أنه جدي 5/ 256.
حمنان:
ضرب من القراد 5/ 232
تعرضه لأذني الكلب 5/ 234.
حنش:
أحناش الأرض 5/ 6153/ 531
حبه للشيح والحرمل 3/ 219
بغض الإنسان له 4/ 279.
حوت:
ذكره في القرآن 3/ 17
الحوت الذي يحمل الأرض 7/ 66
شدة حبه للماء 3/ 129
أكله نيئا 7/ 148.
حن:
ضعفة الجن 1/ 1922/ 7321/ 108.
حوش:
ضرب من الإبل 3/ 75
الإبل الوحشية 1/ 102.
حيقطان:
هو الدراج الذكر 7/ 33.
حية:
تسميتها داهية الغبر 4/ 330
تكنيتها بأم طبق 4/ 235
تسمية الحية الداهية شيطانا 1/ 101، 198
من الحشرات 1/ 625/ 328
والأحناش 5/ 153
وذوات الأنياب 3/ 144
والمسخ 1/ 4193/ 295، 6335/ 357
والذي ينساح 4/ 494
والحيوان العاصي 4/ 402
فيها شياطين 4/ 335
هي مائية برية 4/ 318
مائية الأصل 4/ 322
وحشية لا تأنس 4/ 308(7/178)
اختلاف أنواعها 3/ 75، 476/ 324، 336، 363
اختلاف أنواعها في المشي 5/ 119
الحيات المائية 4/ 322، 375، 376
الجبلية 4/ 390
البيض 4/ 309، 357
التي في أعناقها تخصير ولصدورها أغباب 4/ 334
ذوات الطفيتين 4/ 6409/ 432
والرأسين 4/ 335
والأجنحة 7/ 26
والقرون 4/ 322، 375، 376
والشعر 4/ 336
الجرد والزعر 4/ 336
القواتل منها 4/ 319
ما لا يؤذي 4/ 336
حية إبليس 2/ 4422/ 355
حية طبقون 4/ 370
حية موسى 4/ 336
هي من خلق الشيطان 4/ 407
تولدها في جوف الإنسان 3/ 172
حقارتها 1/ 236
ذكورها سيارة 4/ 405
ما يشبهها من السمك 4/ 322
شبه رأس العصفور برأسها 2/ 425 5/ 114
وأمعاء الكلب بأمعائها 2/ 364
عظم خلقها 7/ 64
جسمها 4/ 341
ضعف رأسها 4/ 5333/ 7153/ 145
لها خطم 4/ 333
سعة شدقها 2/ 332، 364
أسنانها أكل من أسنان الفأر 4/ 332
أسنانها ممطولة 2/ 4364/ 286
سبب نفاذ بابها 4/ 333
لطف لسانها 4/ 382
سواده 4/ 5338/ 193
لسانها مشقوق 4/ 338، 6357/ 355
لبعض الحيات لسانان 4/ 338
حلقها دقيق 4/ 334
علة ظنها عمياء 4/ 368
عودة عينها بعد قلعها 4/ 329
لها حزوز في بطنها 4/ 394
كثرة عدد أضلاعها 4/ 318
ضلوعها وبيضها بعدد أيام الشهر 7/ 42
عريها 4/ 357
جمال جلدها 4/ 382
سلخها 4/ 311، 345، 349
ابتداؤه من ناحية عيونها 4/ 368
هو في يوم وليلة 4/ 369
أول الربيع والخريف 4/ 368
ضعفها أيام السلخ 4/ 391
قوتها بعد السلخ 4/ 391
تخلق قشرها في كل عام مرتين 4/ 336، 391
حمتها 2/ 375
نتن ريحها 1/ 3148/ 4248/ 5352/ 248
علة ذلك 5/ 140
نهمها وشراهتها 2/ 283 4/ 334، 368
ما تعجب به وما تكرهه 4/ 314
تأكل العصافير 2/ 425
والجرذ 5/ 140، 141، 172
والفأر 5/ 172140، 189، 281
والضفدع 5/ 281
والعضرفوط 6/ 481
والخفافيش 5/ 189
والفراخ 3/ 243
وفراخ الحمام 4/ 334
والبيض 3/ 4242/ 368
وبيض المكاء 7/ 13
واللحم والعشب 4/ 368
هضمها للعظم 4/ 413
تبلع بدون مضغ 4/ 317، 334
إنما تعض للأكل والابتلاع 4/ 331
صبرها على فقد الطعم 4/ 318، 330
إكراهها على الطعم 6/ 331
إعجابها باللبن 4/ 314، 385، 386
ارتضاعها البقرة المحفلة 4/ 314
تشرع في المرق 4/ 386
سكرها 2/ 371
بغضها للسذاب 3/ 4219/ 371 5/ 196
أثر السذاب فيها 4/ 368
لا تأكل الميتة 5/ 188
علة إتيانها الماء 5/ 281
اكتفاؤها بالنسيم 4/ 318، 6322/ 345، 381
تسكن طيلة الشتاء لا تطعم شيئا 4/ 330
ما يكمن شتاء ولا يتناول طعاما 5/ 196
اكتسابها بالليل وصردها 4/ 376
قوتها 2/ 4283/ 315، 316، 7317/ 23
سمها 4/ 6321/ 529
قد تكون عظيمة جدا ولا سم لها 4/ 331
قد تجمع السم والجرح والعض والحطم 4/ 331
لا يقتل سمها حتى تأتي عليه سنتان 4/ 390(7/179)
التداوي بسمها 4/ 382
موت السنور بأكلها 5/ 168
موت من يض ربها بعصا 2/ 324
نباحها 4/ 392
نطقها 4/ 359
زعم الأطباء في لحمها 4/ 276
أكل الحوائين لها 4/ 408 6/ 564
التهاجي بأكلها 4/ 389
سفادها 4/ 343
كثرة بيضها 4/ 341
اختلاف لونه واستطالته 7/ 43
نظام بيضها 4/ 341
تضع ثلاثين بيضة 7/ 42
تقيم إناثها إلى انتهاء التفريخ 4/ 405
كلبها 4/ 368
سباحتها 2/ 5347/ 65
كلها تعوم إلا الأفاعي 5/ 188
قلة اكتراثها بحرارة الرمل 4/ 347
آثارها في الرمال 4/ 344
تشرقها في الشمس 4/ 6376/ 345
لا تصاعد في الحائط 5/ 189
صعودها في الدرج 5/ 189
سعيها خلف الرجل الشديد الحضر 4/ 317
ظلمها واغتصابها بيوت الأحناش والطير والضب 4/ 332، 333، 6341/ 529
سبب ظلمها لغيرها 4/ 332
طول عمرها 1/ 3124/ 4259/ 318، 6335/ 7345/ 111
لا تموت حتف أنفها 1/ 4119/ 318، 335
أسباب هلاكها 6/ 344
سرعة موتها عند الحوائين 6/ 345
نبات ذنبها بعد قطعه 4/ 318
يقطع ثلثها فينبت ذلك المقطوع 2/ 350 6/ 344
أثر الأصوات فيها 4/ 354
عقابها 4/ 339، 6356/ 355
ضرر قتل الجان من الحيات 6/ 341
جحرها 7/ 41
سكناها بقرب الضب 6/ 351
تسكن بطن الأرض 4/ 330
خضوع بعض الحيات لبعض 5/ 225
تقاتل الحيات المشتركة الطعم 4/ 371
ما يأكلها من الحيوان 1/ 425/ 6339/ 513
يأكلها الإنسان 3/ 4125/ 282، 408
والسنانير 2/ 6332/ 513
والذئب 4/ 397
والورل 4/ 6332/ 345، 528، 564
والوعل 2/ 281 3/ 6241/ 345
والعقاب 1/ 225/ 280، 5281/ 6153/ 513
والنسور 6/ 514
والقنافذ 2/ 6281/ 345، 478، 513
والخنازير 2/ 6281/ 513
والأروى 3/ 242
والشاهمرك 6/ 514
والذر إذا جرحت 5/ 6221/ 7344/ 40
تعلق رؤوسها في بدن الأيل 7/ 17
ظمأ الأوعال بعد أكلها 7/ 16
مهارشة الورل لها 7/ 150
صراعها مع الضب 6/ 377
صداقة العنكبوت لها 5/ 222
والثعلب 2/ 282
والوزغ 3/ 4241/ 405
والعصفور 5/ 130
مطاعمتها للوزغ 4/ 403، 5405/ 191
عداوتها للإنسان 4/ 308
والخترير 2/ 281 4/ 339
وابن عرس 2/ 4281/ 371
صيدها للعصافير 4/ 5313/ 6189/ 478
والزرازير 5/ 189
والجراد 4/ 313، 5376/ 196
والجعل 4/ 313
والخفافيش 5/ 189
اجتلاب العصافير لها 5/ 132
والفأر والجرذ 5/ 173
قتلها الحفاث 6/ 496
تترك ابن عرس وتتبع الجرذ 5/ 281
تترك القنفذ وتتبع الوبرة 5/ 281
تفر من الورل وتشد على الوحرة 5/ 281
تقتلها أقاطيع الشاء 4/ 394
ما يصنعه الأيل إذا لدغته الحية 4/ 370
تعالج القنفذ وابن عرس بأكل الصعتر بعد مناهشتها 7/ 19
علة فزع الناس منها 4/ 336
رقاها 4/ 344، 349
تمويه الحواء والراقي 4/ 352
معرفة الراقي بالأفعى والحية 4/ 349، 350
أثر الوطء على عظمها 4/ 321(7/180)
حكم قتلها 1/ 2202/ 405.
حيوان:
تقسيمه من حيث المشي 1/ 424/ 392
أقسام ما يمشي 1/ 24
كيفية مشيه 3/ 113
الهوائي والمائي والأرضي 6/ 531
رأي الفرس في تقسيمه 1/ 100
تقسيمه إلى فصيح وأعجم 1/ 27
اختلافه في الحسن والقبح 3/ 187
ما يسبح وما لا يسبح 2/ 347
ما ينبح 4/ 392
ما تخلق بين الحيوان والنبات 1/ 124
الخلق المركب 1/ 98، 114، 119
المشترك الطباع 5/ 405
ما يعايش الناس 1/ 91، 2128/ 337
ما له مسكن 4/ 405
ما يغتصب بيت غيره 4/ 332
ما له بدن شديد 7/ 23
ما هو وحشي صرف أو أهلي صرف 6/ 329، 330
ما يقيم مع الناس 3/ 5154/ 114
بعض ما يألفه الناس 2/ 351
ما له رئيس 5/ 223، 225
رؤساء الحيوان 7/ 71
ما يوصف بالكبر 6/ 351، 352
ما يعظم ولا يسمن 5/ 280
ما له ضروب من السلاح 6/ 516
ذوات الأنياب والمخالب والإبر 3/ 144
والشعر 3/ 5144/ 257
والسموم 3/ 144
والخراطيم 3/ 105
والوبر 5/ 257
ما يلقي أسنانه 4/ 286 (الحافر)
وسومه 1/ 50
غلطه في الدفلى 7/ 25
من أطول الحيوان مدة حمل 7/ 66
سلخه 4/ 368
إلقاؤه أسنانه 4/ 286 (الخف)
وسومه 1/ 50
من أطول الحيوان مدة حمل 7/ 66
إلقاؤه أسنانه 4/ 286
(سباع الحيوان)
أشرافها وسادتها 7/ 71
سباع الطير وذوات الأربع موصوفة بالبخر 2/ 333
قوة شمها 2/ 338
مخالبها 4/ 399
عمى أجرائها 2/ 403
سكرها 2/ 372
ذكورتها أجرأ 2/ 372
سود سباع حرة بني سليم 4/ 296
نشاطها في الليل 1/ 4188/ 376
تعفيرها أولادها 2/ 356
إشلاؤها على البهائم 4/ 471
كراهة الأكل بين أيديها 2/ 321 (الظلف)
وسومه 1/ 50
سكره 2/ 371
إذا اختلف لم يكن بينه تلاقح 3/ 83
ما تضيء عيونه في الليل 4/ 317، 5371/ 176
ما يسوء بصره في الليل 3/ 259
ذوات العيون الذهبية 4/ 371
ما ينسب إلى خلق الشيطان 4/ 407
ما أضيف إلى خبث الرائحة 1/ 175
حيوان الهند 7/ 9
ما يضاف إلى اليهود 6/ 573
مراكب الأنبياء 7/ 122
المطيع والعاصي 4/ 402
حشره في اليوم الآخر 7/ 25، 26
ما يباح قتله 1/ 202
الفواسق وقتلها 1/ 202
ما يلغ في الدماء وما لا يلغ 3/ 152
الجلالات 1/ 152، 154
ما يطلب العذرة 3/ 241، 256
مخبئات الدراهم والحلي 6/ 575
الحكل 4/ 271
ما يقطعه الجبن 6/ 514، 515
اللجوج 3/ 162
العجيب 6/ 331
علامة الفاضل تميز ذكورته من إناثه 5/ 115
ما يتولد في جمار النخلة 3/ 176
قول في المسخ 4/ 6295/ 357
قوة بدن الممسوح 4/ 316
شبه بعض الحيوان البري بنظيره البحري 4/ 329
المتقاربات من الحيوان 4/ 493
أطيبه أفواها 2/ 333
أقواه 2/ 336
أكثره نسلا 4/ 342
أشده احتمالا للطعن والبتر 6/ 576
أخبثه 6/ 521
إناثه أصيد من ذكوره 1/ 76
الخصي أضعف من الفحل 7/ 83
ادعاء عدم الفرق بين أنواع من الحيوان 3/ 177
الذم ببعض الحيوان 1/ 138(7/181)
المشقوقة الأفواه 2/ 368
خبث أفواه السباع وذوات الجرة 5/ 181
الأعمى 4/ 461
علة وجود الأشفار في الأجفان العالية 1/ 204
ما له لحية 5/ 116
أنواع القرون 7/ 146، 147
قوة رأس ما له قرن 7/ 146، 147
ركب ذوات الأربع 2/ 3439/ 129
يدا ذي الأربع أكبر من رجليه 5/ 122
كل ذي بيض لا حجم لأذنيه 4/ 452
وسم الحيوان 1/ 106
نقص بعض أجزائه أو نقضها أو إيلامها 1/ 82
السود أخبث الحيوان 1/ 173
الشيات فيه نقص وضعف 1/ 370/ 122، 123
جمال الذكورة 5/ 251
طعام بعضه 4/ 405
ما يأكل اللحم والعشب 4/ 368
ما يأكل اللحم والحب 7/ 84، 85
ما يقتات بالذباب 3/ 160
حالة الطعم الذي يصير في جوفه 3/ 78
قيئه 3/ 79
جرة ذوات الكروش 3/ 79
امتناع الجرة عند الحافر 3/ 79
تفوق شهية إناثه على ذكوره 1/ 76
اختلاف ما يحبه من الماء 5/ 79
بغض الحافر للماء الصافي 5/ 79
ما لا يرد الماء 5/ 6257/ 463
سقي الحيوان بالصفير 4/ 353
أثر الأصوات فيه 4/ 353
ما يشرع في اللبن 4/ 386
ما يدخر من الحيوان 5/ 196، 222
من المحكمات شأن المعيشة 5/ 221
الكاسب من الأولاد 5/ 222
مرق لحمه 4/ 286
طيب لحم المنخنقة والموقوذة والمتردية 4/ 308
أكل الحيوان المعمر يزيد في العمر 6/ 391
عض السباع ولدغ الهوام يختلفان باختلاف البلدان 4/ 370
قول أرسطو في خبث ذوات السموم إذا أكل بعضها بعضا 5/ 188، 189
ربما ظهرت الحكمة في دقيق الحيوان 5/ 82، 83
تخلق بعضه من غير ذكر وأنثى 3/ 175
إنكار تخلقه من غير الحيوان 5/ 187
أعضائه التناسلية 7/ 70
ما له أيران أو حران 6/ 346
ما لذكره حجم ظاهر 2/ 284، 3347/ 76
الذكور أظهر هيجا من الإناث 5/ 168
ما يعرض له زمن الهيج 4/ 286
هيج السباع في وقت معلوم 7/ 9
ما يتلاقح في الدفء 2/ 365
تسافد الأجناس المختلفة 7/ 144
امتناع التلاقح بين الأجناس المتقاربة 1/ 103
المزاوج 1/ 74
الزواج خاص بذوات الرجلين 4/ 295
ما يطاول في الفساد 2/ 365
أثر السمن في الحمل 5/ 115
عجيبة خروج الولد مع ضيق الحياء 7/ 75
ما جاء في خصاء الدواب 1/ 117
أثر الخصاء فيه 1/ 772/ 132
ضعف الخصي ما عدا الجرذ 5/ 171
تناسل الخلق المركب 1/ 95
والمسخ 4/ 295
ولد البكر وفرخه 2/ 366
أولاد ذوات الأربع 2/ 428، 441
تخالف طباعه 2/ 311
معنى حيوان مستأنس 6/ 330
هدايته 1/ 30
ما يوصف بسوء الهداية 6/ 385
إلهامه 2/ 329
حمق الأجناس المائية 7/ 23
لجوء الضعاف إلى الخبث 6/ 514
وإلى التوبير 6/ 500
متى يشتد سوء خلقه 2/ 366
أثر البيئة فيه 4/ 5295/ 198
ما يعتري الوحشي إذا صار إلى الناس في دورهم 6/ 330
تبدل حاله إذا أخرج من موطنه 7/ 61
دواعي الرياسة في الحيوان 5/ 225
احتياله لما فوقه وما دونه 7/ 33
ما يعتريه عند الفزع 2/ 313
اختلافه في درجات السكر 7/ 25
صره آذانه إذا غنى المكاري
4/ 353(7/182)
صره آذانه إذا غنى المكاري
4/ 353
قدرته على رفع اللبن وإرساله 7/ 25
لابد له من دم 3/ 4174/ 6474/ 381
مشى طوائف منه 4/ 474
ما يحسن السباحة 5/ 765/ 71
ما يغرق منه 7/ 71
تحريكه بعض أعضائه دون بعض 6/ 567
تحامله بالرجل الصحيحة إذا كسرت الأخرى 5/ 121
المقطوع اليدين يعمل برجليه 5/ 121
قد يقوم على رجليه دون يديه 5/ 121
كل سبع شديد البدن فهو ضعيف الرجلين 5/ 121
قلة عدد السلاح وكثرته 6/ 529
ما يقبل الأدب 4/ 283 6/ 480
أمراض بعضه 2/ 367
صرعه 2/ 368
أثر سم المرضع في الرضيع 5/ 197
وأثر خمارها فيه 5/ 197
يصيبه السلخ جميعا 4/ 369
أطول الحيوان عمرا وأقصره 1/ 591/ 115
أطوله ذماء وأقصره 5/ 138
كل ما يعايش الناس فالناس أطول عمرا منه 7/ 111
تفاهم البهائم وضروب السباع 1/ 35
علاقة الظلف بالحافر 5/ 261
تسلسل أكل الحيوان بعضه لبعض 6/ 478، 528
تأويل طلسم الحيوان 5/ 212
زعم النساء أن من عضه الخفاش لا ينجيه إلا نهيق حمار وحشي 3/ 259
معرفة العرب والأعراب به 3/ 6130/ 332.
(الخاء)
خرب:
هو ذكر الحبارى 5/ 239.
خرق:
ضرب من العصافير 5/ 120.
خرنق:
هو ولد الأرنب 5/ 6153/ 499.
خزز:
هو ذكر الأرنب 6/ 499
من ذوات الوبر 5/ 257.
خشاش:
خشاش الطير 7/ 37
عجز الإنسان عما يقدر عليه 1/ 30.
خطاف:
من القواطع 2/ 345، 5388/ 112
علة ضعف رجليه 5/ 122
رجوع عينه بعد قلعها 4/ 315، 329
اختياره لو كره مكانا حصينا 2/ 3389/ 786/ 41
يبيض مرتين في السنة 3/ 86، 90
كثرة صياحه 2/ 406
يصيح مع الصبح 2/ 407
حذره 2/ 398
إلفه للناس 1/ 2128/ 345، 346، 5426/ 112
يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/ 158
طلب الحيات له 5/ 189.
خفاش:
من الطير 1/ 327/ 125، 6258/ 334، 483
من طيور الليل 2/ 408 5/ 402
مرطه وجودة طيرانه 1/ 3127/ 112، 256
ظهور حجم أذنه 3/ 4275/ 452 6/ 7483/ 74
صحة بصره على طول العمر 3/ 259
فمه وأسنانه 3/ 258
قبضه على ولده بفيه 3/ 258
حمله أولاده تحت جناحه 3/ 258
ليس له منقار 3/ 258
يضخم على طول العمر 3/ 259
وقت خروجه للطعم 3/ 257
يقتات بالذباب 3/ 260
والبعوض والفراش 3/ 256
ولوعه بالرمان 3/ 261
نفوره من ورق الدلب 7/ 13
صبره على فقد الطعم 3/ 259
أقوى من الحمام والشاهمرك 3/ 258
يحبل ويلد ويحيض ويرضع 3/ 6257/ 7483/ 41
ربما
أتأم 3/ 258(7/183)
ربما
أتأم 3/ 258
متى يبيض 5/ 284
إرضاعه ولده في حال الطيران 3/ 258
تعليمه فراخه 7/ 14
طول عمره 3/ 259
ظهور المسن في ضوء القمر 3/ 259
من أعاجيبه 3/ 258
لا يطير في ضوء ولا ظلمة 3/ 257
إلفه للناس 5/ 112
ما يأكله من الطير 3/ 261
طلب الحيات له 5/ 189
زعم النساء فيه 3/ 259.
خلاسي:
الخلاسي من الدجاج 1/ 69، 103
ومن الكلاب وهو بين السلوقي وكلب الراعي 1/ 104
ومن الناس 1/ 104.
خلد:
ضرب من الفأر 5/ 141، 162
عماه وصممه 2/ 310، 4311/ 5461/ 141 6/ 535
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
حصوله على رزقه 2/ 311
يقتات بالذباب ويستدخله 3/ 6160/ 535
التداوي بالتراب الذي حول جحره 6/ 535
له مسكن 4/ 405
لا يكون في بعض الأراضي ولا يعيش 4/ 313.
خلقطير:
اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/ 332.
خترير:
من ذوات الخراطيم 3/ 4152/ 312
لا يكون منه بحري 4/ 313
ذكره في القرآن 4/ 280
علة النص في القرآن على تحريمه دون القرد 4/ 280
زعم بعض المفسرين في خلقه 5/ 187
حقارته 1/ 236
هو مسخ 1/ 4203/ 291
مسخ الإنسان على صورته 4/ 296، 309
قبح منظره 4/ 280، 7285/ 22
أقبح من القرد 4/ 285
شنعته 4/ 312
انقسامه إلى أهلي ووحشي 4/ 6283/ 329
شبهه بالفيل 1/ 797/ 104
شبه الكلب به 2/ 363
طول خطمه 2/ 363
شدة فكه ومماضغه 2/ 363
قوة نابه 4/ 284
طلبه العروق المدفونة في الأرض 4/ 284
لا يلقي أسنانه 4/ 286
زعم أرسطو أن لبعض الخنازير ظلفا واحدا 4/ 286، 313
ليس له جلد 4/ 298
سرعة سمنه 2/ 283
قلة المخ في عظمه 4/ 419
التحام عظمه بعظم الإنسان 4/ 307
يأكل الحيات 1/ 215/ 4281/ 6399/ 345، 503
علة أكل الحيات 4/ 399
ولوعه بأكل العذرة 1/ 3153/ 241، 4256/ 280، 284، 310
أجود العلف له زمان الهيج 4/ 287
قوته وشدة احتماله 4/ 307
ربما قتل الأسد 4/ 307
سلاحه نابه 6/ 514
قبح صوته 1/ 4190/ 280
شبه صوته بصوت الصبي 4/ 5307/ 156
لا يجمد مرق لحمه 4/ 286، 307
طيب لحمه 1/ 4153/ 280، 307، 308
القول في تحريمه 4/ 297، 309، 310
حب المجوس للحمه 4/ 291
كان نصارى العرب يأكلونه 4/ 280
ارتضاع الجدي لبنه 5/ 164
مساويه 4/ 280
شدة ضرره 4/ 284
هو أنسل الخلق 4/ 307 5/ 191، 243
قوته في السفاد 4/ 307
مطاولته في السفاد 3/ 169، 4190/ 5307/ 121 6/ 7564/ 147
يركب الختريرة عامة نهاره 3/ 190
يترو إذا تم له ثمانية أشهر 4/ 287
أو أربعة أشهر في بعض البلدان 4/ 287
طلبه الأنثى إذا تم لها ستة أشهر 4/ 287
لقاحه في
حال الدفء والخصب 2/ 365(7/184)
لقاحه في
حال الدفء والخصب 2/ 365
علامة هيجه 4/ 287
امتلاء الإناث ريحا زمان الهيج 4/ 287
لا يحهل على الناس زمن الهيج 4/ 287
قتال الذكر في زمن الهيج 4/ 286
مدافعة الذكر للذكر 4/ 286
وثب الذكورة على الذكورة 3/ 492/ 285
يعرض له الحلاق 5/ 170
مدة حمل الأنثى 4/ 287
حملها من نزوة واحدة 4/ 293
أجود أوقات الترو 4/ 287
تضع عشرين خنوصا 4/ 287، 5307/ 243
غلظ لبنها 2/ 367
ضعفها عن إرضاع أجرائها 4/ 287
ضعف أولاد البكر 4/ 288
طباعه 4/ 286، 307
بكوره 2/ 4406/ 284
حملته 2/ 438
صبره 3/ 244
عدوه 4/ 307
روغانه 4/ 285، 307
غدره 4/ 284
معرفته 4/ 300
دلكه جلده بالشجر 4/ 286
سبب شدته 4/ 333
لا يقبل الأدب على حال 4/ 283
عمره 4/ 287
إسراع سموم الحيات فيه 4/ 333
هلاكه إذا نزعت له عين واحدة 4/ 287، 315
حياته مع الجراح 2/ 345
طول ذمائه 6/ 344
الفيل أبوه 7/ 122
عداوة الحية له 2/ 4281/ 339
طلب الأسد له 2/ 317
الاستعانة عليه بالأسد 4/ 284.
خترير الماء:
ليس من السمك 1/ 27
قول فيه 7/ 76.
خنفساء:
من الحشرات 6/ 328
قرابة ما بينها وبين الجعل 3/ 166
موازنة بينها وبين القرنبى 1/ 209
حبها للعذرة 3/ 241
موتها بالورد وحياتها بالروث 3/ 166
فحشها 3/ 243
فساؤها 3/ 6243/ 569
قتلها الجمل إذا صارت إلى جوفه 3/ 247
ليس لها صوت 4/ 272
سفاد ذكورتها للجعلان 3/ 241
صبرها 3/ 244
لجاجها 3/ 162، 164، 243
طول ذمائها 3/ 244، 6247/ 344
احتمالها للطعن الجائف 6/ 576
حياتها مع الجراح 2/ 350
أكل السنانير لها 2/ 333
صداقتها للعقرب 3/ 4241/ 5365/ 191، 192، 6222/ 347
عقيدة المفاليس فيها 3/ 162.
خيل:
من ذوات الشعر 5/ 257
قرابتها من الحمير 1/ 94
زعم من قال إن الخيل حمر 2/ 348
قرابتها للبراذين 7/ 107
تأويل الحصون بها 1/ 230
القول بأنها من حيوان الجنة 3/ 187
سوابق الخيل 3/ 123
عتاق الخيل والبراذين 3/ 100
نفعها وشرفها 7/ 71
ذكرها في القرآن 4/ 278
من علامات كرمها 3/ 131
الشهرية الخراسانية 1/ 92
شبه جيادها بجياد الكلاب 2/ 443
لين شعرها علامة صالحة 2/ 279
ربما حرنت العتاق 7/ 111
تغذيتها بهسيس السمك 7/ 84
نفع القت لها 3/ 21
لا تغلط إلا في الدفلى 5/ 167
الحجر آكل من الفحل 5/ 259
سكر الخيل 2/ 371
شدة تشمم الفحل للأنثى 2/ 326
ذهوله عن أنثاه إذا عاين الجيش 2/ 289
امتلاء الأنثى ريحا زمان الهيج 4/ 287
سوء خلقها عند الهيج 4/ 286
متى ينجب الخارجي 2/ 294
ما يعرض لغراميلها 1/ 80
خصاؤها 1/ 88
أقوال في منع خصائها وإباحته 1/ 105
إلفها 2/ 426
سواسها 3/ 164
قبول عتاقها للأدب 4/ 283
سرعتها 7/ 78
يستعملها الملوك
في السباق 5/ 244(7/185)
يستعملها الملوك
في السباق 5/ 244
كراهيتهم حمل الصبيان عليها يوم الحلبة 6/ 409
وقع أقدامها يستخرج الضب 6/ 382
الكبر في أهل الخيل 5/ 268.
(الدال)
دابة:
الدابة التي تحمل الغرقى 7/ 23.
ابن دأية:
هو الغراب 3/ 196، 209.
دب:
من ذوات الوبر 5/ 259
من الحيوان العجيب 6/ 331
عجمي 6/ 450
شبه الكلب به 2/ 364
كفه في يده 3/ 114
استعماله الأغصان في الضرب 7/ 124
تلاقحه مع الكلاب 2/ 364
إطعام الدبة ولدها 7/ 124
حرصها عليه 4/ 370
لماذا تخاف على ولدها الذر والنمل 7/ 21
رفعها إياه في الهواء أياما 7/ 21
ذو أعاجيب 1/ 138
قبوله للتعليم 6/ 480
حكايته وتقليده 2/ 7346/ 63، 130.
دبا:
تكوينه من أفراده جسرا للعبور 5/ 298.
دبر:
من ذوات الشعر 3/ 144
من الذبان 3/ 146، 6186/ 363
من المغنيات 3/ 185
حمته 3/ 114
شدة ضرره 3/ 167
صنعته 6/ 553.
دبسي:
هو حمام 3/ 103
جمال صوته 1/ 127، 190
هديله 3/ 117
يأكله السنور 5/ 182.
دجاج:
قد يسمى طيرا 1/ 26
ليس من بهائم الطير الخالصة 2/ 424
من المشترك الطباع 4/ 405
صغر قدره 2/ 427
تميز ذكورته من إناثه 5/ 115
جمال إناثه 5/ 251
اختلاف أنواعه 3/ 75، 86
الخلاسي 2/ 381
الزنجي 3/ 75
السندي 3/ 775/ 104
الكسكري 2/ 3381/ 4141/ 267
الهندي 2/ 381
دجاج أبي ريانوس 3/ 86
شبه الرخم والنسور به 2/ 426
علاقته بالتدارج والحجل والقبج 3/ 100
كبر رأس الفرخ 3/ 89
أكله العذرة والديدان 1/ 139، 4154/ 310
يأكل اللحم ويلغ في الدم 2/ 375
أكله اللحم 7/ 85
والعذرة 3/ 256
والديدان 7/ 85
وكل ما دب ودرج 7/ 42
قبح حسوه 3/ 76
سلاحه ونجوه 2/ 3413/ 123
بيضه وأنواعه 2/ 3434/ 86
بيض الريح 2/ 262، 378 3/ 86، 87
البيض ذو المحتين 2/ 3435/ 89
البيض العجيب 3/ 89
العظيم الجثة يبيض أكثر من الصغيرها 3/ 86
إذا هرمت الدجاجة لم يكن لبيضها مح 2/ 435
إذا باضت بيضتين كان ذلك من أسباب حتفها 2/ 434
تبيض في الأرض 7/ 41
كثرة بيضها 7/ 42
تبيض عشرة أشهر 3/ 86
يتم خلق بيضها في عشرة أيام 3/ 88
يتم خلق الفرخ لعشرة أيام 3/ 89
خروج فرخين من بيضة واحدة 3/ 90
تخلق الفرخ من البياض 3/ 89
يستبين خلقه بعد ثلاثة أيام 3/ 89
خروجه كاسيا كاسبا 3/ 492/ 6461/ 376
خبث حاله بعد خروجه 2/ 397
حضنه البيض في الصيف خمسة عشرة ليلة 3/ 87
حضنه بيض الطاوس 1/ 2131/ 434(7/186)
عدد ما يوضع تحته من بيض الطاوس 2/ 434
حضن الحمام بيضه 1/ 131
أثر كثرتها في عدد بيضها وفراخها 2/ 427، 428
لا تزاوج 7/ 43
أكثر الخلق ذرعا 4/ 342
طيب لحمها 1/ 153 2/ 4381/ 5282/ 714/ 117
وبيضها 5/ 299
لحمها أكثر اللحوم تصرفا 2/ 381
علة ذبحها أول الليل 1/ 150
طرد ديكة مرو للدجاج 2/ 330
إلفها 2/ 426
تحننها 2/ 438
تخاذلها عند رؤية العدو 6/ 515
نومها 3/ 192
خوفها من ابن آوى ورميها بنفسها إليه 2/ 6282/ 515
قملها 5/ 201
النهي عن اتخاذها في الدور 1/ 195
كراهة بعض الناس إدخالها بيته 1/ 248
حمل الفراخ بأجنحتها والفراريج بأرجلها 1/ 203
التفاؤل بها 2/ 439
اتخاذ الرعاة للدجاج في مصر 2/ 373
سرعة الموت إليها 2/ 428.
دخال الأذن:
حياته بعد قطعه نصفين 6/ 344
أكل السنانير له 2/ 332.
دخس:
ليس من السمك 1/ 27
نسبته إلى الماء 7/ 76
لا يعرفه المعتزلة ولا أهل البادية 6/ 331، 332.
دده:
اسم قملة النسر 5/ 210، 213.
دراج:
تميز ذكورته من إناثه 5/ 115
جمال إناثه 5/ 251
يعظم ولا يسمن 5/ 6280/ 501
قبح حسوه 3/ 76
طيب لحمه 1/ 2153/ 7381/ 117
علة ذبحه من أول الليل 1/ 150
يبيض بين العشب 3/ 86
وعلى التراب 3/ 92
لا يتسافد في البيوت 7/ 112
سفاد الذكورة للذكورة 3/ 92
غيرته 2/ 381
فراخه 2/ 441
إلف الفروج له 2/ 431
مهارة الكلب في تتبعه 2/ 315.
درة:
موازنة بينها وبين الطاوس والحمامة 1/ 137، 138
جمالها 5/ 84.
دساس:
من الحشرات 6/ 328
ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/ 334
ممسوح الأذن 6/ 7334/ 74
يلد ولا يبيض 4/ 6368/ 7334/ 41، 74
ولا يرضع 7/ 41.
دعموص:
يغبر حينا بلا أجنحة 3/ 244
استحالته إلى فراش وبعوض 3/ 4244/ 369 5/ 6200/ 7562/ 26.
دغفل:
هو ولد الفيل 7/ 51.
دلدل:
من كبار القنافذ 6/ 513.
دلفين:
من كبار الحيوان 5/ 7288/ 82
ليس من السمك 1/ 727/ 82
يلد ولا يبيض 7/ 74
دلم:
من الحشرات 6/ 329.
دوال باي:
1/ 7124/ 108بلفظ ذوال باي.
دود:
من الحيوان الذي ينساح 4/ 498
والثلج 3/ 188
والجبن 4/ 283
والخل 2/ 310 3/ 188
والسموم 2/ 310
والعذرة 1/ 3152/ 175
والقز 7/ 18
الدودة الحمراء ولجاجها
3/ 162(7/187)
الدودة الحمراء ولجاجها
3/ 162
تولده من الجيف 3/ 175
ذباب الباقلاء يكون في أول أمره دودا 3/ 169
يأكله الدجاج 7/ 85
والفروج 2/ 425
والناس 3/ 4155/ 283
تداوي الكلاب بسنبل القمح إذا كان في أجوافها دود 4/ 371.
ديسم:
ولد الذئب من الكلبة 1/ 120.
ديك:
ما يسمى ديكا 3/ 100
تسميته باللافظة 2/ 329، 332
هو من بهائم الطير 1/ 127
أفضل من الطاوس 2/ 378
حوار في الكلب والديك 1/ 125
مباينة صورته للدجاجة 2/ 376
طريقة معرفة الديك من الدجاجة في الصغر 2/ 387
صفاء عينه 2/ 436
صيصيته 2/ 319، 5374/ 6328/ 513
له لحية ظاهرة 2/ 5376/ 116
حسن قده 2/ 378
جمال انتصابه 2/ 376
جماله 2/ 380
خصيتاه 2/ 377
عظم خصيتيه 2/ 434
عجزه عن الطيران 1/ 127
زعم العوام في الديك الأبيض الأفرق 2/ 360
لقطه الحب 3/ 160
حبه التراب 2/ 390
سلاحه 1/ 25
صياحه 2/ 382، 383، 405، 406، 407
تجاوب الديكة 2/ 384
قبح صوته 2/ 422
ملاحة صوته 2/ 378
اللعب به 2/ 444
فائدة أكله 2/ 447
جودة لحم الخصي 2/ 381
خبث لحمه 5/ 183
علة ذبحه من أول الليل 1/ 150
من متممات القرية 2/ 353، 378
لا يزاوج 7/ 43
لا يقصد في سفاده النسل 3/ 77
ما يعرض له بعد الخصاء 1/ 78، 87
قوته في الإلقاح 2/ 262، 377
قوة سفاده 3/ 92
ليس له وقت معين للهيج 7/ 9
سفاد الذكورة للذكورة 3/ 92
بيضته 1/ 2204/ 433
سرعة وثبته 2/ 374
هراش الديكة 1/ 279/ 338 5/ 135
حمقه وعقوقه 1/ 128
بلهه وغباوته 1/ 2138/ 386
سوء هدايته 6/ 385
لا يألف ولا يحن 1/ 2128/ 388
إلفه 2/ 3351/ 111
ضعف ذاكرته 1/ 129
جوده وإيثاره 1/ 2139/ 329، 331، 5348/ 6185/ 419
نزع ديكة مرو الحب من أفواه الدجاج 2/ 330
لا يوصف بصبر ولا جزع 1/ 191
ولا يصيد 2/ 414
قلة وفائه 2/ 442
الديك الهرم لا يفرق الحب 2/ 332
شجاعته وصبره في القتال 2/ 373
جولانه 2/ 417
تسديده 2/ 374
كيسه 2/ 387
معرفته بساعات الليل 2/ 377، 6405/ 479
توازن خلاله 2/ 380
خضوع بعض الديكة لبعض 5/ 225
نتن ذرقه 2/ 3390/ 123
جنايات بعض الديكة 1/ 249
مقاتلته للكلاب 1/ 249
خداع الغراب له 2/ 420، 421 3/ 4194/ 300، 355
حراسته الإنسان من الشيطان 1/ 2250/ 387
سفر الصحابة بالديكة 2/ 387
الأمر بقتله 1/ 196
أمر عمر بذبح الديكة 3/ 95
كراهة بعض الناس إدخاله بيته 1/ 248
ثمنه 3/ 104.
الديك الخلاسي:
3/ 75.
الديك النبطي:
من أجناس الدجاج 3/ 75
شبهه بالطاوس 2/ 379.(7/188)
الديك الهندي:
من أجناس الدجاج 3/ 75
لقاحه 2/ 377.
(الذال)
ذباب:
من ذوات الخراطيم 3/ 151
من خلق النار 3/ 168
ليس من الطير 1/ 26
عظم قدره 3/ 144، 145
حقارته 3/ 4191/ 278، 279
استقذاره 3/ 159، 170، 5180/ 210
ضربه مثلا لضعف الناس 3/ 181
ما يعده العرب من أجناس الذبان 3/ 146، 150، 155، 186
ذبان الأسد 5/ 7220/ 39
والحمير 7/ 39
والعساكر 3/ 165
والكلأ 3/ 151، 165، 5167/ 220
والكلاب 3/ 5151/ 7220/ 39
النعر 3/ 167
القمع 3/ 167
الدبر والنحل 6/ 363
له يعاسيب وجحلان 3/ 157
ليس له أمير 3/ 157
ما يسمونه أمير الذبان 3/ 163
شبه الذباب بالذباب 1/ 382/ 190
خرطومه 7/ 103
كل ذباب أقرح 3/ 148، 149
نبات أجنحته 3/ 244
أيره 3/ 152
رؤية أيره 6/ 355
ألوانه 3/ 185
الذباب الأزرق 3/ 189
تلون ذباب البقل بالخضرة 5/ 198
ذباب الإبل زرق 3/ 185
والدواب صفر 3/ 185
والشعراء حمر 3/ 144
ولوعه بالقذر 1/ 3156/ 158، 180
سقوطه على العذرة 1/ 156
يلغ في الدماء 3/ 153
يأكل البعوض 3/ 6154/ 478، 528
تهافته على طعام الهند 3/ 157
يسقط على النبيذ الحلو دون الحارز 3/ 172، 180
ونيمه 3/ 169
أذاه 3/ 159
سلاحه خرطومه 6/ 514
طنينه يسمى غناء 3/ 151، 185
ليس لذبان الكلأ غناء 3/ 185
يقوى سلطانه في الضياء 3/ 153
إتقانه المشي 5/ 120
تغلبه على جلد البقرة 3/ 168
والبعير والحمار 3/ 7168/ 40
السم والشفاء في جناحيه 3/ 150
علاج الملسوع بالزنبور به 5/ 195
التداوي به مع الإثمد 3/ 154
يأكله أهل السفالة 3/ 155
يأكله بعض الناس 4/ 282
تخلقه 3/ 165، 169
استحالة الباقلاء إلى ذباب 3/ 169، 171
له وقت يهيج فيه للسفاد 3/ 151
مطاولته في السفاد 3/ 5169/ 6121/ 7564/ 147
كثرة سفاده 3/ 190
تعاظله 2/ 284
خصلتان محمودتان فيه 3/ 153
أجهل الخلق 3/ 188
حكه إحدى ذراعيه بالأخرى 3/ 149
نومه 3/ 193
زهوه 3/ 146
لجاجه 3/ 112، 162، 163، 165
فراره إلى الظل 3/ 191
سكونه بالليل 5/ 215
له وقت يهيج فيه للعض 3/ 151
سمه في خرطومه 2/ 3375/ 168
لا يقرب قدرا فيه كمأة 3/ 147
نفوره من اللبن المضروب بالكندس 3/ 182
عمره 3/ 151، 155، 156، 5186/ 123
موته في الشتاء 5/ 94
حياته بعد موته 3/ 166
كثرته في البصرة 3/ 191
أعجوبة ذبانها 3/ 191
كثرته بواسط والهند 3/ 155، 191
كثرة مخالطته للناس 3/ 168
طعنه الحمار 3/ 151
سقوطه على البعير علامة لغدته 3/ 7147/ 40
احتمال الجمالين بسقوطه عليه 3/ 147
ما يقتات بالذباب 3/ 160
لهج الزنبور بصيده 1/ 3156/ 161 3/ 161
يصطاده الفروج 2/ 378، 425، 428
والسوداني 2/ 3378/ 162
والوزغ 3/ 161
6/ 528(7/189)
والوزغ 3/ 161
6/ 528
والنحلة 6/ 478
والخلد 6/ 534
والعنكبوت 4/ 5205/ 219، 6220/ 528
يهلك الإبل 3/ 151
والدواب 3/ 151، 167، 168
حماية المكلوب من سقوطه عليه 3/ 148
طريقة إخراجه من البيت 3/ 153، 183.
ذرة:
من الحشرات 6/ 329
من المحكمات شأن المعيشة 5/ 7221/ 65
عظم قدرها 3/ 144 6145/ 323
ذكرها في القرآن 4/ 278
لطفها 4/ 267، 279
لا يعرف صغارها من مسانها 4/ 268
ليس لها أمير 3/ 157
قرابتها للنمل 7/ 107
مخالفتها للنملة 3/ 75
استصغارها 4/ 279
قلة غنائها 4/ 262
فازر وعقيفان ضربان منها 4/ 266
شمها 2/ 4338/ 263، 456، 469 7/ 7
ادخارها 1/ 2139/ 4406/ 262، 5276/ 196
صنيعها في ادخار الحب 4/ 262 7269/ 20
أكلها للنمل 4/ 276
كثرة نسلها 7/ 44
معرفتها 4/ 300
حفرها جحرها 4/ 332
حملها ما زنته قدر زنتها مائة مرة 4/ 263
دعاؤها صويحباتها وموافقتها 4/ 63
لا يسمع لها صوت 4/ 271، 272
قتلها الحية المجروحة 5/ 6220/ 7344/ 40
خوف الدب من شرها 7/ 21
والذئبة على ولدها منها 7/ 40
إجلاؤها الأمم 3/ 145
إهلاك بعض الأمم بها 6/ 392.
ذهبية:
إبل بين الحوش والعمانية 1/ 102.
ذئب:
من ذوات الأنياب 3/ 144
من ذوات الشعر 5/ 257
زعم أنه كلب 2/ 348
كله وحشي 6/ 330
قرابته لبعض الحيوان 2/ 348
العسبار ولد الضبع منه 1/ 6119/ 392
السمع ولده من الضبع 1/ 6119/ 392
الديسم ولده من الكلبة 1/ 120
مسخ أحد الماكسين ذئبا 6/ 357، 358، 392
موازنته بالثعلب 1/ 138
شبهه بالشيطان 1/ 196
شبه الكلب به 2/ 363
ذئب أهبان 1/ 196، 3/ 4250/ 7301/ 29، 129
ذئب الخمر 1/ 4144/ 324، 6325/ 378، 404، 414، 7535/ 83
ذكره في القرآن 4/ 278
طول خطمه 2/ 364/ 307
قوة قلبه لشدة خطمه 4/ 307، 333
قوة فكيه 6/ 552
قوة نابه 1/ 297/ 3363/ 152
أسنانه ممطولة 2/ 4364/ 6286/ 386
تشممه 1/ 168 2/ 338
استرواحه بالنسيم 4/ 323
صدق شمه 1/ 429/ 7456/ 7
قزله 1/ 595/ 118
كسبه 6/ 534
لا يأكل إلا اللحم 7/ 85
أكله الحية 4/ 397
بريه العظم 6/ 552
إذابة جوفه للعظم 4/ 413
لحسه عين الجمل الميت 6/ 552
قبح لطعه الماء 3/ 76
شدة رده لسانه 6/ 552
سبب شدته 4/ 333
سلاحه في شدقه 6/ 514
قبح صوته 1/ 191
ضرره 1/ 196
التحامه بالأنثى 2/ 364
حاله وقت الهيج 4/ 287
مطاولته في السفاد 2/ 365
سهولة قتله حين السفاد 2/ 313
سفاده الكلبة 1/ 120
والضبع 6/ 527
تلاقح الذئاب والكلاب 2/ 364
الشك في لقاحه لبعض الحيوان 2/ 348
لا يتلاقح في البيوت 7/ 113
بعض صفاته 1/ 139
ختله 2/ 438(7/190)
غدره 1/ 139، 6196/ 534
ظلمه 4/ 332، 333
خبثه 6/ 534
سلته وخطفته 1/ 200 2/ 406
شدة احتراسه 3/ 5192/ 284
حمق الأنثى 7/ 22
هي أجرأ من الذئب 2/ 372
سوء أخلاق الوالدة 4/ 287
الذئاب لا تجتمع على قطيع واحد 1/ 200
ضعف الذئب المخدوش 5/ 171
اشتهاؤه الإنسان المدمى 7/ 39
وثوبه على الذئب المدمى 6/ 7471/ 39
حدوث قوة له إذا رآه 7/ 40، 83
نومه بإحدى مقلتيه 6/ 568
محاولة ترويضه 6/ 331
تعليمه الصيد 7/ 149
حكم قتله 1/ 202
يعرض للإنسان في كل حالة 6/ 533
استعانته بغيره إذا عجز عنه 6/ 533
متى يصيد الإنسان 7/ 148
صيده الثعلب 6/ 478
مسالمة أنثى الثعلب له 6/ 383
يصيده العقاب 6/ 532
انقضاض العقاب عليه 5/ 291
سطوه على الغنم 2/ 346 5/ 172
وقت هجومه عليها 2/ 358، 396
حيلته لها 4/ 371
انقياد الشاة له 2/ 3282/ 93، 5106/ 6172/ 515
شم الغنم رائحة موضع أنيابه 7/ 39
فرق الشاة منه أشد من فرقها من الأسد والنمر والببر 7/ 59
متى يسالم السخلة 5/ 130
أفضل ما يقاتلها من الكلاب 2/ 294
جلبه اللحم لأولاد الضبع 1/ 129
قيامه بشأن جراء الضبع 6/ 527
ترك الذئبة ولدها وإرضاع ولد الضبع 1/ 129
خوف الذئبة على ولدها من الذر 3/ 283
عداوته للثور والحمار والبقرة والثعلب 2/ 281
وللنعام 4/ 421
امتناعه عن صيد الظبي في الحرم 3/ 72
قصة الذئب المربى 4/ 6283/ 7330/ 113، 149.
ذيخ:
(هو ذكر الضباع) في تكوين الزرافة 1/ 95
في تكوين السمع والعسبار 6/ 392.
(الراء)
الراعبي:
نتاج مركب 3/ 83
أبوه الورشان وأمه الحمامة 1/ 91، 3146/ 82، 100
أعظم من الورشان 1/ 91
عظم بدنه وفراخه 3/ 83
حسن هديله 3/ 83
كثرة نسله 3/ 82
سوء هدايته 1/ 69
مثالبه 1/ 69، 91
طول عمر ولده 3/ 82
زيادة ثمنه 3/ 83.
رباح: (هو القرد الذكر)
تعليمه 2/ 346.
ربيثاء:
ربيثاء كسكر 3/ 141
يأكلها الإنسان 6/ 360.
رتيلاء:
من الحشرات 6/ 328
ربما قتلت 2/ 4375/ 370.
رخمة:
تسميتها بالأنوق 1/ 3154/ 6245/ 488
من سباع الطير 2/ 426
ولئامه 3/ 126، 253
وقواطعه 3/ 7126/ 10
هي أعظم من الغراب 3/ 254
قدرة الغراب عليها 3/ 254
ينقر الغراب دماغها 3/ 203
ليس لها مخالب 2/ 426
أكلها العذرة 1/ 3154/ 241، 256
سلاحها 1/ 25
التماسها لبيضها المواضع البعيدة 3/ 254
حمقها 7/ 10، 22
زعم كيسها 7/ 10
اختيارها أعالي الجبال 6/ 7494/ 11، 41
اتباعها الجيوش والحجاج 7/ 21
الاستدلال بها على الصيد 7/ 10
أسطورتها 3/ 253.(7/191)
رمكة:
قرابة الحمار لها 1/ 92
شبه البرذون بها 2/ 5376/ 116
تفوقها في الطعام عليه 1/ 75، 5/ 259
البغل المتولد بين الحمار وبينها لا يبقى له نسل 3/ 82
وقوع الراعي عليها 3/ 100.
رق:
من قواطع السمك 4/ 311
والحيوان البحري 4/ 5329/ 6278/ 328
ليس من السمك 1/ 527/ 282
ظهوره على الشاطئ 5/ 282
استدارة بيضه 7/ 43
بيضه واكتسابه الطعم خارجا عن الماء 4/ 5329/ 7278/ 42
يأكله الإنسان 4/ 282
والأسد 2/ 318.
(الزاي)
زباب:
ضرب من الفأر 5/ 141، 162
صفته 4/ 5461/ 139
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
صممه 5/ 141
يسكن في الرمل 4/ 461.
زباد:
حديث فيه 5/ 164.
زجر:
والد الشبوط 1/ 598/ 6198/ 327.
زرافة:
اسمها الفارسي 1/ 795/ 143
نشأتها 1/ 94
رد على ما زعموا في نشأتها 1/ 100
عجيب تركيبها 5/ 83، 784/ 22
زعم أنها ولد النمرة من الجمل 7/ 143
طول رجليها وركبتيها 7/ 143
لها خطم الجمل وجلد النمر وأظلاف الأيل وقرونه وذنب الظبي وأسنان البقر 7/ 143
حمقها 7/ 22
بلادها 7/ 78، 143.
زرزور:
علة ضعف رجليه 5/ 122
لا يمشي 3/ 112
إلفه 2/ 5426/ 112
يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/ 158
طلب الحيات له 5/ 189.
زرق:
من جوارح الملوك 6/ 575
من الجوارح 1/ 225/ 350
والعقبان 3/ 91
والبزاة 4/ 371
زعم أنه ذكر البازي 5/ 198
عينه ذهبية 4/ 371
قبوله الأدب 4/ 283
ترهقه الحبارى بسلحها 6/ 513
عداوة الثعلب له 2/ 281
خوف الحمام منه 3/ 80.
زمج:
من العقبان 3/ 91
والطير الذي يقيء 3/ 80.
زنبور:
هو من الذبان 3/ 146، 150، 4155/ 282
ليس من الطير 1/ 26
حمته 2/ 375
شعرته 5/ 6238/ 514
يأكل الذباب 1/ 3156/ 161
ولا سيما إذا سقط على العذرة 1/ 156
ويأكل النحلة 6/ 478
سلاحه في مؤخرته 6/ 515
لسعته 5/ 195، 196
لا يدمي الملسوع 3/ 168
لا يتعرض إلا للمتعرض له 5/ 190
علاج لسعته بالذباب 5/ 195
قد يقتل 4/ 390
بيته 2/ 7329/ 18
صنعه بيته من زبد المدود 7/ 18
وكره 6/ 568
يأكل الإنسان فراخه 4/ 6282/ 360، 363
حب الخراسانيين أكل فراخه 3/ 4155/ 282
حمقه 7/ 10
يأكله الجراد 3/ 150
وصف فني له 3/ 30.
زندبيل:
قول فيه 2/ 7323/ 107
لا تخافه النعجة 3/ 93.(7/192)
(السين)
ساق حر:
هو الحمام الذكر 3/ 118.
سام أبرص:
علة تسميته 4/ 401
تسميته عظاءة 1/ 96
ذكر أن الله أبرص أباه 4/ 295
زعم زرداشت فيه 4/ 405
صبره على فقد الطعام 4/ 330
حبه للبن 4/ 386
لا يدخل بيتا فيه زعفران 3/ 4147/ 371
مسكنه 4/ 405
يسكن في عشه طيلة الشتاء لا يطعم شيئا 4/ 330
أكل الإنسان له 4/ 407
يقتل آكله 4/ 407
ربما قتلت عضته 2/ 375
تصيده بعض طيور الليل 2/ 408
تألفه الحيات 4/ 407.
سرطان:
من الحيوان العجيب 7/ 122
من أعظم ما خلق الله 4/ 7335/ 63، 141
ليس من السمك 1/ 527/ 282
المبالغة في صفته 7/ 64
كثرة قوائمه 4/ 393
أرجله ثمان 5/ 217
عيناه في ظهره 5/ 217
استعانته في المشي بأسنانه 5/ 217
ظهوره على الشاطئ 5/ 282
بيته 7/ 41
يأكله الإنسان 4/ 5282/ 6217/ 360
والأسد 2/ 318
التعاير بأكل لحمه 2/ 418
نفعه للديغ 4/ 370
تدواى الإبل بأكله إذا لدغتها الحية 4/ 370.
سرفة:
صفتها 1/ 30، 2139/ 6329/ 323، 519، 7553/ 5
لا تقيم بجوارها أم حبين 6/ 519، 520
تقوم من أم حبين مكان القراد من البعير 6/ 519، 520.
سدم:
السدم المعنّى من الإبل 1/ 86، 87.
سعلاة:
فرق ما بينها وبين الغول 1/ 6203/ 697
زواجها عمرو بن يربوع 1/ 203 6/ 398، 418، 419
أولادها من الناس 1/ 7121/ 108
نارها 4/ 499.
سقنقور:
له أيران 6/ 7346/ 70، 103
تداوي العاجز عن النكاح به 6/ 346
أنفعه ما اصطيد في أيام هيجه 7/ 133.
سلحفاة:
من الحيوان البحري 4/ 5329/ 278
ليست من السمك 1/ 527/ 282
ظهورها على الشاطئ 5/ 282
بيضها واكتسابها الطعم خارجة عن الماء 4/ 5329/ 278 7/ 41
تداويها بالصعتر إذا أكلت الأفعى 4/ 371
أكل الأسد لها 2/ 318.
سلوى:
لذة طعمها 1/ 146.
سمارو:
علة تسميته 3/ 251.
سماسم:
تربيته 3/ 170.
سمامة:
التسمية بها 7/ 33.
سمانى:
هراش السمانى 2/ 5338/ 135
أكله يورث الدوار 4/ 407.
سمع:
هو ولد الذئب من الضبع 1/ 6119/ 392
فساد عرقه 1/ 70
أسرع من الريح والطير 1/ 7119/ 78
كلام في تلاقحه 2/ 348
لا يموت حتف أنفه 1/ 119.(7/193)
سمك:
ماهية السمك 1/ 27
ليس كل ما يعيش في الماء سمكا 5/ 281
من أعظم ما خلق الله 4/ 335، 7/ 63
ما يعايشه في الماء 1/ 27
أجوده الشبوط 1/ 153
قواطع السمك 3/ 127 4/ 6311/ 555
من الأوابد والقواطع 4/ 311
سمك كسكر 3/ 4141/ 267
السمكة التي تحمل الغرقى 7/ 23، 76
ما يغوص منه في الطين 7/ 23
ليس له رئة 6/ 496
ليس للبحري لسان ودماغ 6/ 554
للنهري لسان ودماغ 7/ 63
انعدام لسانه 1/ 204
قوة بدنه 4/ 316 7/ 23
له دم 4/ 474
تولده من الماء 3/ 177
أكله الطين والنبات 7/ 85
زعم أنه لا يبتلع الطعم إلا بالماء 6/ 555
كثرة بيضه وذرئه 4/ 342، 5424/ 7191/ 42، 43
أثر الرعد في بيضه 4/ 353
زعم أن جميعه يلد 7/ 75
سفاده 7/ 144
هدايته 3/ 128
سباحته في غمر البحر 3/ 128
موته بنسيم الهواء 3/ 4128/ 457
تغذية الخيل بهسيسه 7/ 84
زعم زرادشت أن بول السنور يقتل عشرة آلاف سمكة 5/ 173
يأكل بعضه بعضا 3/ 4128/ 342 5/ 173
يأكله طير الماء 4/ 405.
سمنان:
ضرب من العقبان 3/ 91.
سمندل:
طائر هندي 6/ 550
لا يحترق بالنار 2/ 5310/ 6167/ 550.
سمور:
من ذوات الفراء والوبر 6/ 331
جهل الجاحظ ببدنه 6/ 334.
سندل:
هو السمندل 6/ 550.
سنور:
كثرة أسمائه غير المشتقة 5/ 180
أنواع السنانير 2/ 350
منها الوحشي والأهلي 4/ 5283/ 6181/ 329
الوحشي 1/ 2102/ 7345/ 109
البقالي هو أصيد السنانير 5/ 171
زعم بعض المفسرين في خلقه 5/ 187
زعم زرادشت أنه من خلق الشيطان 4/ 406 5/ 172
قذارته 1/ 248
قرابته لطوائف من الحيوان 2/ 348
شبهه بالإنسان 5/ 156
وبشبل الأسد 5/ 181
وبالأسد 1/ 297/ 283، 5390/ 7147/ 80
وبالأسد في ختل العصفور 5/ 181، 182
مخالبه 1/ 5184/ 186
طيب فمه 5/ 181
قوة شمه 2/ 7338/ 7
تضيء عينه بالليل 4/ 317، 5371/ 176
بصره بالليل كبصره بالنهار 3/ 7114/ 8
زعم أنه أبصر بالليل 3/ 5259/ 180
ضعف رأسه 5/ 180
سعة جلده 5/ 181، 182
أطباء الهرة 3/ 185
ضعفه إزاء جرذ أنطاكية 4/ 5406/ 135
اختلاف ألوانه 5/ 147
لونه الأصيل 5/ 171
خير ألوانه 2/ 294
لون عينه إما أزرق وإما ذهبي 5/ 176
تفقيح الجراء 5/ 185
يجزع من الطعام الحار 2/ 282
لا يذوق الحموضة 2/ 282
خطأ إطعامه من الخوان 2/ 320
يأكل الفأر 1/ 2248/ 332، 333
والجرذان 2/ 5333/ 167
والحمام والفراخ والعصافير 2/ 332
والحيات 1/ 225/ 4333/ 5339/ 6167/ 513
والأوزاغ 2/ 333 4/ 364
والخنافيس 3/ 578/ 167
والجعلان 5/ 167
ودخالات الآذان 2/ 333
والعقارب
2/ 4333/ 5364/ 167(7/194)
والعقارب
2/ 4333/ 5364/ 167
وبنات وردان 2/ 5333/ 167
وراثته عن الأسد الرجوع في قيئه 1/ 3149/ 79
سؤره 2/ 333
اختلاف أصواته 1/ 228/ 389
لغة السنانير 4/ 270 5/ 156
فهم الإنسان صوته 1/ 28
يصيده أصحاب الحمام 4/ 281
دفع ضرر الفأر به 4/ 407
الاستعداء به على مخلوقات الشيطان 4/ 407
أكل لحمه 4/ 5281/ 183
زعم أن من أكل لحم سنور أسود لم يضره سحر 2/ 360
كثرة نسله 1/ 74
له وقت معين للهيج 7/ 9
شدة صياح الأنثى عند الهياج 5/ 168
قوة الإناث بعد السفاد 5/ 6171/ 7471/ 40، 83
ضعف الذكر بعده 5/ 6171/ 7471/ 40، 83
أحوال الإناث والذكور 5/ 171
مدة حمل الأنثى 5/ 185
تضع في السنة مرتين 5/ 171
سفاد الثعلب الهرة الوحشية 1/ 96
وثب الذكور على الذكورة 3/ 92
يعرض له الحلاق 5/ 170
إلفه 1/ 2128/ 345، 388، 426
رجوعه إلى صاحبه 2/ 389
معرفته اسمه 1/ 7129/ 54
معرفته لربة المترل 2/ 389
ولولده 2/ 389
بره بولده 5/ 176
إيثار الهرة ولدها 2/ 5389/ 185
قبضها عليه بأنيابها 3/ 285
هو لص لئيم 5/ 167
شره خؤون 5/ 167
تغطيته رجعه 2/ 389
علة ذلك 5/ 136، 137، 176
مشيه 5/ 119
معاملته حين يتناول صاحبه الطعام 2/ 321
موته من أكل سام أبرص 4/ 407
ومن أكل الأوزاغ والحيات والعقارب 5/ 168
نتن جيفة السنانير لا سيما الذكور 1/ 161
الأمر باستحيائه 2/ 332
هو آنس الحيوان بالإنسان 5/ 174
يألف المكان ولا يألف الناس 3/ 5158/ 169
حب النساء له 5/ 181
تقبيلهن لأفواه السنانير 5/ 181
أكل الهرة أولادها 1/ 5129/ 6170/ 346
أكل سنانير الجيران أولادها 5/ 175
فزع الفأر والجرذ منه 1/ 2196/ 3282/ 106
والفيل 2/ 5282/ 7148/ 48، 79 80
والناقة 5/ 148
لعبه بالعقرب قبل أكلها 4/ 5364/ 138
وبالفأر 5/ 138
شم الفأر لرجعه 2/ 389
عداوته للجرذ 7/ 59
يألف فرخ الحمام 2/ 389
معابثته لفراريج الدار 2/ 389
وللحمام 2/ 431.
سوداني:
يخترع اللحون 3/ 162
صيده للذباب 2/ 3378/ 160.
سوس:
تولده في جمار النخلة 3/ 176.
(الشين)
شاة:
جرتها 3/ 79
بعرها 2/ 390
معرفة حملها 3/ 5122/ 256
أفضل الأوقات للإنزاء عليها 5/ 273
تضع في خمسة أشهر 4/ 287
وقوع الراعي عليها 3/ 100
ولدها 2/ 441
إلفها 2/ 351
معرفتها لاسمها 7/ 54
حكاية وفهم الشاة المكية 7/ 130
ما تهيأ للشاة من النطق 5/ 155
سكرها 2/ 371
انقياد الشاة للأسد والذئب 6/ 514
شدة خوفها من الذئب 2/ 282 3/ 106
وقت هجوم الذئب عليها 2/ 358، 396
خوفها من الأسد 2/ 282
أكله لها 2/ 318(7/195)
قد يجرها إلى عرينه 6/ 514، 515
لا يعرض لها إلا للمطعم 5/ 190
قتل أقاطيعها للحيات 4/ 364.
شاهمرك:
الخفاش أقوى منه 3/ 258
موته من أكل سام أبرص 4/ 407
صيده للذباب 3/ 160
أكله للحيات 1/ 425/ 6340/ 513، 514.
شاهين:
من الجوارح 2/ 350
من جوارح الملوك 6/ 575
ليس من العقبان 3/ 91
الحمام أطير منه 3/ 106
قبوله الأدب 4/ 283
حبه لحم الخفاش 3/ 261
لا يأكل إلا اللحم 7/ 85
شدة خوف الحمام منه 2/ 3282/ 93
ترفع الحمام معه مع شدة خوفه منه 3/ 106
خوف الأبغث منه 6/ 479
خوف صاحب الشاهين من العقاب 7/ 21
اللعب به 2/ 444
ثمنه 3/ 104.
شبث:
من الحشرات 6/ 328
ذكره في الكلمات الشنيعة 3/ 10
ربما قتلت عضته 2/ 4375/ 370.
شبوط:
ولد الزجر من البني 1/ 598/ 6198/ 327
هو أجود السمك 1/ 153
زعم إياس بن معاوية فيه 6/ 327
شبهه بالبغل 1/ 98
كثرة ذكوره وقلة إناثه 1/ 99
قلة عدده 1/ 100
حرصه على أكل العذرة 1/ 153، 4154/ 310
بيضه أصغر من بيض البني 1/ 100
الخلاف في بيضه 6/ 327
مواطنه 1/ 100
مطر الشبوط 1/ 99، 5103/ 279
حيلته في التخلص من الشبكة 7/ 23
يأكله الإنسان 6/ 360.
شجاع:
يواثب ويقوم على ذنبه 4/ 364.
شحمة الأرض:
من الحيوان البري 4/ 329
شبهها بالضب 6/ 328
غوصها في الرمل 6/ 504
شحمة الرمل:
هي شحمة الأرض 6/ 450.
شران:
ذكره في عنوان 5/ 214.
شعراء:
من الذبان 3/ 150
من المغنيات 3/ 185.
شفنين:
هو حمام 3/ 75
جمال صوته 1/ 127، 191
وفاؤه لزوجته 3/ 7251/ 43، 113
يأكله السنور 5/ 182.
شق:
هو أصل النسناس 1/ 123.
شقراق:
قتاله للأطرغلة 2/ 281.
شلقطير:
اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/ 332.
شلقة:
ضرب من السمك 1/ 73.
شيطان:
إنكار الدهرية للشياطين 2/ 325
ذكره في الكلمات الشينية المسخوطة 3/ 10
صفته 1/ 6192/ 426
شيطان الحماطة 1/ 101، 198، 4203/ 6324/ 379، 404، 416
شيطان الخضراء 1/ 203
شيطان النساك والعباد وحفظة القرآن 6/ 417
شياطين الشعراء
6/ 433(7/196)
شياطين الشعراء
6/ 433
شياطين الشام والهند 6/ 437
رؤوس الشياطين 4/ 6279/ 425
عينه 6/ 426
تصوره 6/ 430
هو سبب الطاعون 6/ 429
تناكح الشياطين 1/ 42
ذكاؤه ومعرفته 6/ 453
استراقه السمع 6/ 436، 453
استهوائه الإنسان 1/ 199
عداوته للإنسان 7/ 59
العزيمة عليه 4/ 349
رجمه 6/ 457
يغل في رمضان 6/ 431
نفوره من الديك الأبيض الأفرق 2/ 360
حراسة الديك له 1/ 250
لطيم الشيطان 6/ 408
خلق الإبل من أعنانها 1/ 6196/ 431.
(الصاد)
صافر:
لا ينام في الليل 3/ 192.
صحناء:
كسكر 3/ 141
يأكلها الإنسان 6/ 360.
صدى:
من طيور الليل 2/ 5408/ 215
الفزع من صوته 6/ 446
صياحه مع الصبح.
صرصراني:
نوع من الإبل 1/ 92، 3/ 75.
صعو:
ضرب من العصافير 5/ 120.
صفرد:
جبنه 1/ 139.
صفية:
الصفايا من الإبل 1/ 153
أكرمها أشدها حبا لأولادها 7/ 6.
صقر:
من الجوارح 2/ 350
من جوارح الملوك 6/ 575
ليس من العقبان 3/ 91
طير عربي 6/ 575
لا يأكل إلا اللحم 7/ 85
حبه لحم الخفاش 3/ 261
قبوله الأدب 4/ 283
اللعب به 2/ 444
كيف تنحيه الحبارى عنها 1/ 5162/ 7238/ 36
خوف الحمام منه 2/ 282
والأبغث 6/ 479
مواثبته للكركي 7/ 83
ثمنه 3/ 104
خوف صاحب الصقر من العقاب 7/ 21
صؤابة:
زعم أنها ذكر القمل 5/ 198
حقارتها 4/ 279
الحكمة فيها 2/ 203.
(الضاد)
ضأن:
قرابة الضأن من الماعز 1/ 94
الغنم على قسمين ضأن ومعز 3/ 83
مخالفته للمعز 3/ 75
فضله على المعز 5/ 243، 244، 251
البقر ضأن 2/ 348
بركتها ونماؤه 5/ 243
قول فيها 5/ 242
ذكرها في القرآن 4/ 5278/ 242
لحمها 5/ 254، 255
طيب رؤوسها المشوية 5/ 244
ولبنها 5/ 243
شحمها يصير إهالة 5/ 244
بطء جمود إهالته 4/ 307
ضررها 5/ 259
نبات ما تأكله 5/ 250
ولادته مرة في السنة 5/ 243
امتناع التلاقح بينها وبين المعز 1/ 3103/ 75
لاتتئم 5/ 243
تحملها البرد 5/ 251
لا تقرب الضأن ما وجدت معزا 2/ 431.
ضب:
تسميته عظاءة 1/ 96
حيوان بري 4/ 329
من الأحناش 5/ 6153/ 531
من المسخ 1/ 196، 4203/ 295، 6310/ 356، 357، 395
زعم أنه يهودي 6/ 574
ضب السحا 4/ 6325/ 378، 414
الضباب الدلالي 6/ 512
ما يشبهه الضب 4/ 332 6/ 328
ولد كل ما يشبه الضب فرخ 6/ 334
موازنة بينه وبين الورل 6/ 563
الورل ألطف
جرما منه 4/ 332(7/197)
الورل ألطف
جرما منه 4/ 332
براثن الورل أقوى من براثنه 4/ 332
شبه كفه بكف الإنسان 6/ 356
ولحمه بلحم الدراج 6/ 501
قصر إبهامه 6/ 386
كلال براثنه 6/ 337
كفه في رجله 3/ 114
بعضه له لسانان 6/ 346
تنبت أسنانه دفعة واحدة 6/ 375، 376، 386
رفعة رأسه 6/ 364
أسطورة اغتصابه ذنب الضفدع 6/ 379
تغيير الحر لون جلده 6/ 385
حبه للتمر 6/ 348 387
أكله أولاده 1/ 4129/ 6342/ 342، 343، 7346/ 42
والجراد 6/ 347
حيلته في هذا 6/ 341، 342
يعرض لبيض الظليم 6/ 501
رعي أفراخه البقل 6/ 376
عوده في قيئه 6/ 341
اكتفاؤه بالنسيم إذا هرم 4/ 322، 6343/ 345، 381
استغناؤه عن الماء 6/ 381، 463
سلاحه ذنبه 6/ 514
التداوي به 6/ 390
ذم أكله 6/ 368
كثرة نسله 5/ 191
لأنثاه حران 6/ 346، 354، 355
وله أيران 4/ 6338/ 346، 354، 7355/ 70، 103
بيضها جلد لين 6/ 377
اتساقه في بطنها 6/ 377
كثرة بيضها 7/ 42
أكثر بيضا من الدجاجة تبيض ستين بيضة 6/ 376
قد تبيض سبعين 4/ 6342/ 355
بيضها يشبه بيض الحمام 6/ 376
لا تجثم على بيضها 7/ 41
حفرها لبيضها ثم دفنه أربعين يوما 6/ 376، 377
دفنها أولادها وتعهدهن حتى يخرجن 6/ 343
خروج الحسل كاسبا 5/ 6222/ 376
عقوق الضب 5/ 176
نسيانه 6/ 339
حزمه 6/ 340
خبثه 6/ 350
كبره وزهوه 6/ 351
سوء هدايته 6/ 385
إعداده العقرب للمحترش 6/ 340، 7346/ 24
مراتب سنه 6/ 385
طول عمره 6/ 344، 7375/ 111
طول عمر الحسل 6/ 375
سن الحسل ثلاثة أعوام 6/ 375
حياته بعد القطع 6/ 344
أطول شيء ذماء 2/ 3344/ 5247/ 6138/ 344، 349، 7386/ 150
له مسكن 4/ 405
حفره جحره في الكدية 4/ 332، 6343/ 337، 339، 345
حفره جحره لدى علم 6/ 339، 345
معنى ظلمه 4/ 332
ما يسكن بقربه 6/ 351
اعتداء الورل على جحره 4/ 332
اغتصاب الحية بيته 6/ 564
لجوء العصفور إلى جحره 5/ 281
يستخرجه السيل الشديد 6/ 374، 382، 512
ووقع حوافر الخيل 6/ 382
هرب فراخه منه 6/ 376، 377
التدرب على أكله 4/ 281
يأكله الإنسان 4/ 282، 5308/ 138 6/ 356، 368، 389، 520
والظربان 6/ 339، 511
والورل 6/ 339، 563
كيف يصطاده الظربان 1/ 6162/ 7341/ 19
شدة طلبه له 1/ 163
أكل الثعالب ولده 6/ 343
والظربان 6/ 343، 511، 512
والطير 6/ 343
مصارعته الورل 7/ 150
والحية 6/ 377، 378
مسالمة العقرب له 6/ 347
ديته 6/ 388
قصة النون والضب 7/ 124.
ضبع:
اسمها الفارسي 6/ 560
من ذوات الشعر 5/ 257
ليست من مراكب الجن 6/ 341
كلها وحشية 6/ 330
زعم أنها كلب 2/ 348
العسبار ولدها من الذئب 1/ 6119/ 392
السمع ولد الذئب منها 1/ 6119/ 392
مسخ أحد المساكين ضبعا 6/ 375، 392
حقارتها
1/ 236(7/198)
حقارتها
1/ 236
أسنانها ممطولة 4/ 286
جلدها جلد سوء 6/ 557
عرجها 1/ 595/ 117
لا تأكل إلا اللحم 7/ 85
ولوعها بالجيفة 5/ 173
أكلها النمل 4/ 276
الشك في لقاحها لبعض الحيوان 2/ 348
مسافدتها الذئب حيضها 3/ 257
زعم أنها تكون عاما ذكرا وعاما أنثى وطؤها القتيل ثم أكله 5/ 664/ 341، 559
معاينة بعض الأعراب لذلك 5/ 64
إرضاع الذئبة ولدها 1/ 129
جلب الذئب اللحم لولدها 1/ 130
قيامه بشأن جرائها 6/ 527
حمقها 7/ 22
نبشها القبور 6/ 559
مسالمة النسر لها 6/ 489
الاحتراس في صيدها 6/ 341.
ضفدع:
من الحيوان البحري 4/ 5330/ 278، 281
من الحيوان المطيع 4/ 402
ليست بسمك 5/ 282
ليست بأدل على الله من الفراش 3/ 176
نسبها للضب 4/ 329
العلاجيم ذكورها السود 5/ 279، 281
لا تبتلع الطعم إلا ببعض الماء 5/ 286
تعظم ولا تسمن 5/ 280
لا عظم لها 5/ 279، 280
سقوط ذنبها وقصة ذلك 5/ 279، 6/ 379
أجحظ خلق الله عينا 5/ 280
جيد السمع 5/ 283
نقيقها بالليل 1/ 204
لا تصوت إلا في الماء 3/ 5129/ 277، 278، 286
كيفية نقيقها 3/ 129
سكوتها عند الفجر 5/ 286
ورؤية النار 1/ 4204/ 477، 5501/ 278، 286
التداوي به 5/ 284، 285
بيضها خارج الماء 4/ 5330/ 7278/ 41
طريقة سفادها 2/ 365
حذرها 5/ 583
ظهورها غب المطر 1/ 99، 3103/ 5176/ 278
ظهورها بقرب الشاطئ 5/ 278
عيشها مع السمك 5/ 281
تخلقها في أزج اليخ بخراسان 3/ 176
يأكلها الأسد 2/ 5318/ 280
والإنسان 5/ 138، 280
والحيات 5/ 281، 282
العذاب بها 5/ 288.
ضمج:
من الحشرات 6/ 329
أذاه 2/ 4375/ 6370/ 329.
ضوع:
من طيور الليل 2/ 5408/ 215
صياحه مع الصبح 2/ 407.
(الطاء)
طاغريس:
هو أصل للكلاب الهندية 1/ 120.
طاووس:
من حيوان الهند 7/ 104
القول بأنه من طير الجنة 3/ 187
جمال شكله 1/ 127 5/ 83، 251
حسنه في ألوانه 2/ 379
تلاوين ريشه 2/ 378
تميز الذكر من الأنثى 5/ 60
موازنة التدرج به 1/ 137
والدرة 1/ 138
فوق الفرس عليه في الجمال 2/ 379
عيوبه 2/ 378 379
قبح رجليه 2/ 378
سماجة صوته 1/ 190
التشاؤم به 1/ 2190/ 378
علة استحسان العامة له 2/ 380
يلقى ريشه في الخريف ويكتسي إذا اكتسى الشجر 3/ 91
يبيض أول ما يبيض ثلاث بيضات 3/ 91
حضن الدجاجة بيضه 1/ 2131/ 434
عدد ما يوضع من بيضه تحت الدجاجة 2/ 434
ما يحضنه الدجاج يكون أقل حسنا وأبغض صوتا 1/ 131
صغر فراخه التي تحضنها غير أمهاتها 2/ 435
يكون منه بيض الريح 3/ 87، 91
تزاوجه وإفراخه في العراق
7/ 112(7/199)
تزاوجه وإفراخه في العراق
7/ 112
موقه 2/ 378، 7/ 22
ثمنه 3/ 104.
طبرزين:
لا يستوحش منه الحمام 3/ 93.
طبوع:
من الحشرات 6/ 328
شديد الأذى 2/ 4375/ 370.
طلح:
ضرب من القراد 3/ 164.
طير:
ماهية الطائر 1/ 26
ما يطير ولا يسمى طيرا 1/ 726/ 26
تقسيمه إلى سبع وبهيمة وهمج 1/ 525/ 113 (سباع الطير) 1/ 25
سلاحها 1/ 25
إلقامها فراخها 1/ 226/ 424
طلبها للحمام 3/ 106
الحمام أسرع منها 3/ 106
بطء طيرانها إذا طارت في جماعة 3/ 107
صغارها أقبل للأدب 4/ 283
هي قليلة الشرب للماء 3/ 153
اتباعها الجيوش 6/ 7484/ 11
هربها من العقاب 6/ 532 (بهائم الطير) 1/ 25
سلاحها 1/ 25
تقممها 2/ 417
الخالصة منها 2/ 424
بطء طيرانها إذا طارت في جماعة 3/ 10 (وحوش الطير)
صوتها 3/ 117
ما يعتريها إذا صيدت 6/ 331
فراخها لا تجاوز الأوكار 7/ 14 (طير الماء)
مشترك الطباع 4/ 405
أكله للسمك والحب 4/ 405
صيده 5/ 258
ما له طبيعة مشتركة 1/ 226/ 425
النتاج المركب 1/ 95
الخشاش 1/ 25
لئام الطير 3/ 253
قواطع الطير 3/ 4127/ 311، 405
الطائران العجيبان 2/ 311
الطائران البحريان العجيبان 3/ 251، 551
طائر شديد الطيران بلا ريش 3/ 112
طائر لا يطير وهو وافي الجناح 3/ 112، 252
طائر لا يمشي 3/ 112
طائر دائم الطيران يغتذي بالبعوض والفراش 3/ 113، 252
طائر ليس له وكر 6/ 483
طيور الليل 2/ 5408/ 215
جوارح الملوك 6/ 575
الطير الأبابيل 3/ 210
ذوات الأطواق 3/ 100
ما يروق العين 1/ 127
طائر التمساح 4/ 6371/ 496
شبه النعامة بالطائر 4/ 416
والجني بطير الماء 6/ 463
ليس لأذنه حجم 4/ 405
حدة بصر عتاق الطير مع خطئها في ذلك 6/ 490
لون عيون أحرار الطير وعتاقها 5/ 176
كفه في رجله 2/ 3439/ 114
جناحاه بمترلة اليد 5/ 122
ريش جناحه 2/ 439
خروج طيور الماء غير مبتلة الريش 3/ 258
تأثير قوة الجناح في ضعف الرجل 5/ 122
تحسيره 4/ 369، 391
قوته بعد التحسير 4/ 391
وقوف نمو منسره إذا أقام في غير بلاده 7/ 61
لا يلغ في الدم 3/ 152، 153
أكل الهمج الذباب 3/ 160
يتعلم بعضه من بعض الغناء 3/ 161
امتناعه من الغناء إذا استؤنس كبيرا 7/ 61
إفصاح ما كان عريض اللسان 5/ 156
نطقه 7/ 34
نطقه وسكوته 4/ 311
ما يطرب بصوته 1/ 127
ما يصيح مع الصبح 2/ 407
ما يخترع الأصوات واللحون 3/ 162
اختصاصه بالزواج 1/ 127
خصي الذكور 3/ 164
بعض الطير لا يبيض إلا بعد سنة كاملة 3/ 90
آكل اللحم لا يبيض ولا يفرخ أكثر من مرة واحدة 3/ 90
علة كثرة البيض 7/ 43
عظم البيض على قدر البياضة 7/ 43
صغر بيض الأبكار 3/ 788/ 43
عجائب البيض 7/ 43
البيض المستطيل
المحدد للإناث والمستدير العريض للذكور 3/ 86(7/200)
البيض المستطيل
المحدد للإناث والمستدير العريض للذكور 3/ 86
خروج البيضة 3/ 786/ 43
بيض الصيف أسرع خروجا من بيض الشتاء 3/ 87
البيض يكون من أربعة أشياء 3/ 87
(بيض الريح):
صغره 3/ 86
أقل طيبا 3/ 86، 87
الطير الذي يبيضه 3/ 87، 89
تكونه 3/ 87
تسميته بالجنوبي 3/ 87
(بيض التراب):
صغره 3/ 86
أقل طيبا 3/ 86، 87
الطير الذي يبيضه 3/ 87
المعقف المخالب يطرد فراخه 3/ 91
طير الوحش يهربن البيض من الذكورة 2/ 434
عقله 7/ 34
جهله بفرق ما بين الحيوان والعود 4/ 314
سوء هداية ما يعجل له الكيس والكسوة 3/ 92
تفزيعه بالخرق السود 3/ 217
انفراق جماعاته إذا حاذت الكعبة 3/ 72
تعليمه 3/ 161
اختلاف أشكال العشاش 3/ 250
الطير الثقيل لا يتخذ عشّا 3/ 91
أوكار المصوت في أقلاب النخل 3/ 216، 217
تنفيره بالصفير 4/ 353
اصطياده بأصوات الطساس 4/ 353
سواد طيور حرة بني سليم 4/ 301
صيده للذباب 3/ 160
أكله ولد الضب 6/ 343
طلب الحيات بيضه وفراخه 3/ 243
احتيال ابن عرس له 4/ 371
تعلم الإنسان الحقنة منه 7/ 18.
(الظاء)
ظبي:
من ذوات الشعر 5/ 257
القول بأنه من حيوان الجنة 3/ 187
منه الأهلي والوحشي 7/ 109
قبوله للدجون 6/ 330
شبه ذنب الزرافة بذنبه 7/ 143
شنج نساه 5/ 118
أطيب البهائم فما 2/ 334
خنسه وفطسه 4/ 454
تشعب قرنه إذا أسن 1/ 4232/ 7392/ 146
مباينة الذكر للأنثى 2/ 376
ابيضاضه إذا هزل 1/ 232
حبه للماء الملح 5/ 679/ 480
والحنظل 5/ 679/ 480
سكره 2/ 371
أملح الحيوان سكرا 2/ 372
استغناء ظباء الدو والدهناء والصمان عن الماء 6/ 463
بعره 2/ 390
نباحه إذا أسن ونبتت لقرونه شعب 1/ 232 4/ 392
نقزانه 7/ 78
عتر الظباء أصبر في الجري 2/ 314
استعماله الحضر في المستوي 6/ 514
لا يستطيع الحضر في رؤوس الجبال 6/ 471
لحاق الكلاب بالتيس 2/ 314
أصغر الحيوان قضيبا 7/ 70
تلاقحه في البيوت 7/ 113
فطام ولده 3/ 82
أنسه 4/ 467
جبنه 6/ 462
دخوله حراه مستدبرا 6/ 462
هجرته إلى الناس 4/ 468
صيده بالحبائل 4/ 471
وبالنار 4/ 500
امتناع الذئب عن صيده في الحرم 3/ 72
لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/ 340
عتائر الظباء 1/ 517/ 270
قلة ذبحه 3/ 96
من صيد الكلب 2/ 269
معرفة الكلب به 2/ 313
الظباء ما شية الجن 1/ 6203/ 340.
ظربان:
تسميته بمفرق النعم 1/ 162
من الحشرات 6/ 328
شبهه بالكلب الصيني 6/ 512
سلاحه في مؤخرته 6/ 515
فسوه 2/ 3333/ 5243/ 6238/ 512، 569
هو من أشد سلاحه 1/ 3162/ 177
أنتن خلق الله فسوه 1/ 162
نتن ريح جحره 1/ 161
تفريقه الإبل 1/ 162
سكناه بجوار الضب 6/ 351
شدة طلبه له 1/ 6163/ 339، 512
كيف
يصطاد الضب 1/ 6162/ 7341/ 19.(7/201)
كيف
يصطاد الضب 1/ 6162/ 7341/ 19.
ظليم:
قوة شمه 4/ 324
اغتذاؤه بالصخر 4/ 411
إذابة جوفه للحجارة 4/ 412، 413
ابتلاعه الجمر 4/ 416
اتساع رزقه 7/ 42
جبنه ونفاره 4/ 474
استقباله للريح 4/ 464
تعرض الضب لبيضه 6/ 501.
(العين)
عبقري:
ضرب من الجن 1/ 192.
عترفان:
اسم من أسماء الديك 2/ 302.
عتيرة:
انظر 1/ 17.
عث:
من الحشرات 6/ 328
من القوارض 6/ 497
لؤمه وصغر قدره 6/ 498.
العدار: (دابة تنكح الناس باليمن)
7/ 108.
عراب:
من أنواع الإبل 3/ 75
قرابة البخت منها 1/ 394/ 7100/ 107
ضرب الفالج فيها 1/ 91.
عربد:
من الحشرات 6/ 328
ليس من الحيات وإن كان على صورتها 6/ 334.
ابن عرس:
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
أكله الفأرة 2/ 5282/ 172
والسذاب قبل مقاتلة الحية 4/ 376
سكره 2/ 371
موته من أكل سام أبرص 4/ 407
تعالجه بالصعتر البري بعد مناهشة الحية 7/ 19
التداوي بلحمه 7/ 148
تحيد الحية عنه 5/ 188
يقاتله الغداف 2/ 437
شدة عداوته للجرذان 7/ 59
احتياله للطير 4/ 371.
عسبار:
هو ولد الضبع من الذئب 1/ 6119/ 392
عيوبه 1/ 70
كلام في ملاقحته 2/ 348.
عسجدية:
إبل بين الوحشية والعمانية 1/ 102.
عصفور:
ما يسمى من الطير عصفورا 5/ 120
من الأوابد 2/ 388
مشترك الطبيعة 2/ 425 4/ 5405/ 114
العصافير الهبيرية بحمص 5/ 133
عصافير البصرة من القواطع 2/ 425
شبه رأسه برأس الحية 2/ 5425/ 114
تقليد الغراب له 4/ 418
سواد لحية الذكر 5/ 116
عظم خصيته 4/ 428
قوة جناحه 5/ 122
حدة عظام ساقه وفخذه 5/ 123
شدة وطئه 5/ 120
ألوانه 5/ 124
ضآلة رزقه 7/ 38
أكله للنمل الطائر 1/ 226/ 4425/ 277 5/ 7114/ 43، 84
والجراد 1/ 226/ 5425/ 207
والأرضة 7/ 85
واللحم 5/ 114 7/ 85
يصيد الجراد والأرضة 7/ 43
والعقعق صيدا حسنا 6/ 564
صياحه مع الصبح 2/ 407 6/ 434
حدة صياحه 2/ 425، 5426/ 124
وكثرته 2/ 5406/ 124
نقزانه 1/ 95 2/ 5426/ 120
نفعه 5/ 123
العوام تأكله للقوة على الجماع 5/ 123
تخريبه للسقف واجتلابه الحيات 5/ 123
كثرة سفاده 2/ 377، 3426/ 92، 5190/ 115، 121
6/ 7564/ 147(7/202)
كثرة سفاده 2/ 377، 3426/ 92، 5190/ 115، 121
6/ 7564/ 147
هو مما يزاوج 42، 43
إلقامه فراخه 1/ 226/ 424
شدة عطفه على صغاره 2/ 5430/ 116
إلفه 1/ 2128/ 345، 346، 5388/ 112
وفاؤه 1/ 427
رجوعه من بعد 2/ 425
هدايته 2/ 425
حذره 2/ 5426/ 124
الكلام في عمره 5/ 123
قصر عمره 1/ 291/ 5426/ 115، 7123/ 131
زعم أرسطو أن الأنثى أطول عمرا من الذكر 5/ 115
وأن الذكر لا يعيش إلا سنة واحدة 5/ 115، 123
بيوته 7/ 41
لا يقيم إلا بالدار المسكونة 2/ 389، 5425/ 113
لجوؤه إلى جحر الضب 5/ 128
إسعاد العصافير بعضها لبعض 2/ 425
يأكله السنور 2/ 332
حال السنور في صيده 5/ 181، 182
طلب الحيات له 5/ 189
صيد حيات بلعنبر له 4/ 313
متى تسالمه الحية 5/ 130
طريقة صيده 5/ 134
عصفور الشوك:
عبثه بالحمار 2/ 5281/ 7124/ 60
سقوط بيضه بسبب الحمار 2/ 281.
عصم:
كثرة سفاده 3/ 190.
عضر فوط:
قيس تسمي ذكر العظاءة العضرفوط 1/ 96
ذكر العظاءة هو العضر فوط 6/ 328
من الحشرات 6/ 328
وصفه 6/ 481
من مطايا الجن 6/ 481
تأكله الحيات 6/ 481.
عظاءة:
من الحيوان البري 4/ 329
تسمية الحلكاء وسام أبرص والضب والورل والوحر بالعظاءة 1/ 96
زعم زرادشت فيها 4/ 405
والمجوس 6/ 564
شبهها بالضب 6/ 328
شبه الوحرة بها 6/ 519
الحرباء أعظم منها 6/ 507
أشد شرا من الوزغ 4/ 406
أثرها في الرمال 4/ 344
علة مشيها مشيا سريعا ثم توقفها 4/ 405
إلفها للمزابل والخرابات 4/ 405
عداوتها للعنكبوت 2/ 281.
عفريت:
ماهيته 1/ 192
عفريت بلقيس 2/ 352
تسافده 1/ 42
استراقه السمع 6/ 436، 453.
عقاب:
ما يقال له عقاب 3/ 91
تسميتها عنقاء مغرب 3/ 208
من الجوارح 2/ 350
من البزاة 4/ 371
كفها 5/ 239
قوة أصابعها 6/ 378
عينها ذهبية 4/ 371
قوة بصرها 4/ 372 7/ 8، 21
وسمعها 5/ 6283/ 553
أكلها كبد الفريسة 5/ 271
ثقلها بعد الطعام 6/ 492، 493
تأكل الحية 4/ 5339/ 6153/ 513
سلاحها 1/ 25
هي أشد حيوان الهواء 2/ 336 7/ 76، 81
العقبان السود تربي وتحضن 3/ 91
تبيض ثلاث بيضات 2/ 3336/ 590/ 304
تحضن ثلاثين يوما 3/ 91
رميها بفرخها الثالث 3/ 590/ 6304/ 492
تعهد كاسر العظام فرخها الثالث 2/ 3336/ 691/ 492
قبح فرخها 2/ 420
وحزمه 7/ 13
متى يطير الفرخ 7/ 14
عقوقها 7/ 21، 22
اتباعها الجيوش والحجاج 6/ 7483/ 11
لا تعاني الصيد بل تختلس صيد غيرها 6/ 7532/ 21
قبولها الأدب 4/ 283
معالجتها الفريسة 5/ 271
تداويها بالكبد 7/ 19
طول عمرها 3/ 7259/ 21
ارتفاع وكرها 7/ 21
هرب سباع الطير
منها 6/ 217(7/203)
هرب سباع الطير
منها 6/ 217
والحمام 2/ 282
انقضاضها على الذئب 5/ 6291/ 532
وعلى الحمار الوحشي 5/ 271
لعبها بالأرنب 5/ 138
عجزها عن جلد الجاموس 5/ 291
قوة النسر عليها 6/ 530
ثمنها 6/ 478.
عقرب:
من الحشرات 6/ 328
وذوات الإبر 3/ 144
والحيوان العاصي 4/ 402
مائية الطباع 5/ 191
زعم أنها من خلق الشيطان 4/ 407
حقارتها 1/ 237
اختلاف أنواعها 3/ 75
ضروب منها 5/ 195
العقارب القاتلة 5/ 284
الطيارة 2/ 5375/ 7220/ 26
عقارب نصيبين 4/ 5370/ 193
عقارب القاطول يقتل بعضها بعضا ولا يموت من لسعها غير العقرب 5/ 194
عقارب نصر بن الحجاج 4/ 356
العقرب التي لسعت رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/ 366
إبرتها 2/ 323، 3375/ 5159/ 238، 290
معينة خرق إبرتها 5/ 191
حمتها 2/ 375
لها ثماني أرجل 5/ 196، 217
دهنها 5/ 214
تخلقها 3/ 177
حرصها على أكل الجراد 5/ 196
والتمر 6/ 384، 480
والنوى المنقع 6/ 480
سلاحها في مؤخرها 6/ 515
في إبرتها 6/ 415
سمها 4/ 321
وزنه 4/ 415
شدته في الصيف 4/ 367
اختلافه باختلاف أجناسها 5/ 195
نفعها 5/ 189، 214
تلسع بعض المحمومين فيبرأ 5/ 190
يبرأ المفلوج من لسعتها 5/ 195
علاج لسعتها بالحجامة 5/ 193، 194
نفع العقرب في علاج الملسوع 5/ 189
ريح المشوي منها يشبه ريح مشوي الجراد 4/ 5282/ 191
شدة أذاها 4/ 279
شر ما تكون العقرب 4/ 5367/ 195
ضررها بعد الموت 5/ 192
شدة أذاها إذا صادقت الأفاعي 4/ 370
أثر.
المشي على إبرتها 4/ 321
موت السنور من أكلها 5/ 168
كثرة بيضها 7/ 42
ونسلها 5/ 191
خروجها بكثرة من بطون أمهاتها 4/ 342
خروج ولدها كاسبا 6/ 376
حتفها في ولادها 4/ 5342/ 191
أكل أولادها بطنها 5/ 192
جهلها 2/ 329
لا تسبح 5/ 65، 7190/ 71
لا تتحرك إذا ألقيت في الماء 5/ 190
لا تضرب الميت ولا المغشي عليه ولا النائم 4/ 365
لا تدب على ما له غفر 5/ 193
خرقها القمقم 5/ 7290/ 112
والطست 4/ 414 5/ 194
زعم العامة في ضرر العقرب لمن خرج من الحمام 4/ 368
هربها إذا طلبها الإنسان 5/ 190
قد يقتلها أن تلسع الإنسان 4/ 5367/ 194، 195
حكم قتلها 1/ 202
إيواؤها إلى أصول الآجر 5/ 193
موتها بحمص 7/ 79
لسع بعض العقارب لبعض 5/ 190
وللأفاعي 5/ 190، 195
طلبها للإنسان 5/ 190
قتالها للجرذ 5/ 136
احتيال الفأر لها 7/ 20
يأكلها الإنسان 3/ 4256/ 408
والسنور 2/ 333
لعب السنور بها 4/ 5364/ 138
مصادقتها للأسود السالخ 4/ 366، 5365/ 191
وللخنفس 3/ 4241/ 365، 5405/ 190، 191 6/ 347
مسالمتها للناس 4/ 365
والضب 6/ 346، 347
يعدها الضب للمحترش 6/ 340، 346
استخراجها بالجراد والكراث 5/ 193.(7/204)
عقربان:
كلام فيه 4/ 387.
عقصير:
أكل الإنسان له 6/ 360.
عقعق:
شدة حذره 4/ 344، 5426/ 84، 283
صدق حسه 5/ 84
إضاعته لفراخه 3/ 90 5/ 684/ 575
سرقته 5/ 84، 6161/ 575
تخبئته الدراهم والحلي 6/ 7575/ 126
استجابته وكيسه 6/ 575.
عقيفان:
ضرب من الذر 4/ 266.
عكرشة:
هي أنثى الأرنب 5/ 6153/ 499.
عل:
ضرب من القراد 5/ 232.
علجوم:
هو الذكر الأسود من الضفادع 5/ 208، 288.
علس:
شدة لزوقه 2/ 284.
عمار:
حبها للمعصفر من الثياب 4/ 386
شرط إجابة العامر للعزيمة 6/ 419.
عناق:
طيب لحمه 2/ 381.
عناق الأرض:
من الجوارح 2/ 350
وصفه 6/ 500
حذقه بالصيد 3/ 161
استعماله التوبير 6/ 500.
عنبر:
أثره في الحيوان 5/ 194
وفي البال 5/ 7194/ 65.
عندليل:
العندليب.
عندليب:
أصغر من ابن تمرة 5/ 683/ 533
صغره 7/ 48
ما تهيأ له من الحروف 5/ 156
كيسه 7/ 23.
عتر:
معز.
عتر الماء:
ليس من السمك 1/ 27.
العنقاء:
الشك في وجودها 7/ 64، 72، 73
هي العقاب 3/ 208.
عنكبوت:
هو مسخ 1/ 203
من المحكمات شأن المعيشة 5/ 221
ما يسمى منه بالليث 5/ 220، 222
ما يسمى منونة 6/ 329
أجناسه 5/ 219، 221
كثرة قوائمه 4/ 495
شق فمه بالطول 6/ 427
يقتات بالذباب 3/ 4160/ 5405/ 219، 221
وصغار الزنابير 5/ 221
ادخاره الطعام 4/ 5276/ 222
صنعته ونسيجه 1/ 230/ 329، 330 6/ 7568/ 18
يأخذ في نسج بيته ساعة يولد 2/ 5441/ 220، 6222/ 376
النسج للأنثى 5/ 220، 222
ستره 4/ 382
ضعف بيته 4/ 5278/ 218
مطاولته في السفاد وطريقة سفاده 2/ 365
خروج ولده كاسيا كاسبا 5/ 220
أكثر وقوع صيده عند الغروب 5/ 219
تأكله العظاية 2/ 281
صداقته للحية 5/ 221.(7/205)
عير:
عير العانة 1/ 74، 7127/ 82
إذا أقام في غير بلاده احتاج إلى الأخذ من حافره 7/ 61
طول عمره 7/ 111.
(الغين)
غداف:
جنس من الغربان 2/ 418
بره بأولاده 3/ 91
شدة لؤمه 2/ 418
يقاتل البومة وابن عرس 2/ 280
عداوة الحدأة له 2/ 280.
غراب:
أسماؤه 3/ 209
تسميته بالأعور 3/ 203، 209
تسميته حاتما 3/ 207، 208، 209
علة تسميته ابن دأية 3/ 196، 209
من الفواسق 2/ 365
وشرار الطير 3/ 205
والحيوان العاصي 4/ 402
ليس ببهيمة ولا سبع 2/ 417
مشترك الطباع 4/ 405
ذكره في القرآن 3/ 4194/ 440
اختلاف أنواعه 2/ 3417/ 75
غراب البين 2/ 3417/ 205، 209
غراب الليل 2/ 408، 417
الغراب الأبقع والرخمة 3/ 203
القواطع 3/ 205، 216، 221
الأوابد 3/ 217
غربان البصرة أوابد 2/ 420
عجيبة في غربان البصرة 3/ 216، 221
الغربان الحاكية الأصوات 3/ 221
الغربان السود أمثال الحداء 3/ 221
غراب نوح 1/ 197 2/ 419، 3421/ 4250/ 301
تمرة الغراب 3/ 201
شيب الغراب 3/ 203
شبه الغراب بالغراب 1/ 382/ 190
الرخمة أعظم منه وأقوى منها 3/ 254
منقاره معول 3/ 216
صفاء عينه 2/ 3436/ 199
قوة بصره 2/ 3417/ 199، 7209/ 8
ضعف براثنه 2/ 417 3/ 195
وكل شيء 7/ 85
تقممه 2/ 417
إحضار الأزودة للذكر 3/ 91
سلاحه 1/ 25
نعيبه 1/ 29
ما تهيأ له من الحروف 5/ 156، 157
رداءة صيده 3/ 195
التطير به 2/ 418 3/ 209، 211
تطير العامة منه إذا صاح صيحة واحدة 3/ 218
فضيلته 3/ 194
زعم العامة أن تسافد الغربان تطاعمها بالمناقير 3/ 89، 7221/ 144
الحضن للأنثى 3/ 91
قبح فرخه 2/ 3420/ 221
نتن فرخه 2/ 420
قبح شمائله 3/ 195
سرقته 7/ 126
شدة حذره 2/ 426، 4438/ 5284/ 124، 283
لؤمه 2/ 417، 3420/ 253
حمقه 2/ 240
زهوه 3/ 156، 164
تقليده للعصفور 4/ 195
رداءة مشيته 3/ 95
نقره العيون 3/ 203
نفوره من النحل 3/ 217
معرفته بالكمأة 3/ 216
سقوطه على النخل المصروم 3/ 217
تعشيشه في نخل البصرة ورؤوس أشجار البادية 3/ 218
صداقته للثعلب 2/ 282
صيده الجراد 2/ 417
عداوته للثور 2/ 281
والحمار 2/ 3281/ 219، 7243/ 60
والبوم 7/ 60
مراوغته للعصفور 2/ 417
خداعه الديك 2/ 420، 3421/ 4194/ 355
سقوطه على البعير إذا كان عليه حمل من تمر أو حب 3/ 199
حماية البعير منه 3/ 197، 209، 217
خوف الناقة منه 3/ 203
التعاير بأكله 2/ 418.
غرنوق:
من القواطع 5/ 284
له رئيس 3/ 157، 5192/ 223
لواطه 4/ 285
لا ينام
3/ 192(7/206)
لا ينام
3/ 192
نومه قائما على رجل 5/ 285
إدخال رأسه تحت جناحه عند النوم 5/ 284
تحارس الغرانيق 7/ 5
نوم رئيسها مكشوف الرأس 5/ 285
إمساكها عن الصياح وضمها جناحيها عند الخوف 5/ 284.
غزال:
أمن غزلان مكة 3/ 95.
غماس:
من طير الماء 6/ 505.
غنم:
تقسيمها إلى ضأن ومعز 3/ 29
بنات حذف 6/ 432
رعيها 2/ 428
حكاية الغنم المكية وتقليدها 2/ 5346/ 6155/ 7480/ 63
لعب الغنم الحبشية 6/ 480
تضع في خمسة أشهر 7/ 66
سبب عقم الإناث 4/ 342
تعفيرها ولدها 5/ 267، 268
غثارتها وموقها 5/ 225
إلفها 2/ 426
تخاذلها عند رؤية العدو 6/ 515
عجزها وجبنها 7/ 39
سطو الذئب عليها 2/ 346، 4396/ 5371/ 172
شمها موضع أنياب الذئب 7/ 39
سطو كلاب الصيد عليها 2/ 346
سكينة أهل الغنم 5/ 268.
غول:
أكثر ما تذكر مؤنثة 6/ 397
فرق ما بين الغول والسعلاة 1/ 6203/ 397
صفتها 6/ 426
رؤيتها 6/ 447
مرافقتها 6/ 447
غول القفرة 6/ 404
مراكب الغيلان 1/ 203
نار الغيلان 4/ 5499/ 67
تغولها 6/ 397، 445
تلونها 6/ 397، 398
تغير كل شيء إلا حوافرها 1/ 203
قتلها 6/ 447
تموت من ضربة وتعيش من ضربتين 1/ 6203/ 438، 439.
غيلم:
من حيوان الماء 6/ 328.
(الفاء)
فاختة:
هي حمام 3/ 75، 99
هي والقمري 1/ 395/ 100
ندرة الفاختة البيضاء 5/ 147
هديلها 3/ 117
جمال صوتها 1/ 127
بعد صوتها 2/ 406
لا تتسافد في البيوت 7/ 112
تسافدها مع سائر أصناف الحمام 3/ 83
تبيض مرتين في السنة 3/ 86
قد تبيض ثلاث مرات 3/ 90
يأكلها السنور 5/ 182.
فاذو:
تولده في جمار النخلة 3/ 176.
فأر:
ما يسمى فأرا 5/ 141، 162
من المحكمات شأن المعيشة 5/ 221
من المسخ 1/ 196 6203/ 357
زعم أن الفأرة كانت يهودية 6/ 574
زعم زرادشت أنها من خلق الله 4/ 5406/ 172
تخلقه من الأرض 3/ 177
ومن طينة القاطول 5/ 187
ضروبه 5/ 162
ضرب منه يسرق الدراهم والحلي 6/ 575
فأر سيدنا نوح عليه السلام 1/ 97
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
قرابته للجرذ 7/ 107
مخالفته للجرذ 3/ 75
كلال أسنانه 4/ 332
سواد عينه 4/ 5372/ 180
ثقوب بصره 5/ 180
يبصر في الظلمة 3/ 114
بصره بالليل كبصره بالنهار 7/ 8
زعم أنه أبصر بالليل 3/ 4259/ 372
شمه 2/ 338
شمه رجع الهرة 2/ 389(7/207)
5/ 136، 137
ندرة الفأرة البيضاء 5/ 147
ادخاره الطعام 4/ 5276/ 7222/ 65
أكله البيض والفراخ 5/ 174
نفعه 5/ 175
لا نفع له 4/ 407
ضرره 4/ 5394/ 66، 173
قطع فأر خراسان أذن النائم 4/ 406
إهلاكه الأمم 3/ 145
امتناع التلاقح بينه وبين الجرذ 1/ 103
لا يأنس بالإنسان 5/ 174
طلبه للمكلوب 7/ 40
قصر ذمائه 5/ 138
له مسكن 4/ 405
وجوده بقرب الماء 5/ 281
موضع حفره بيته 5/ 164
فزع بعض الناس منه 5/ 140
فزعه من السنور 1/ 2196/ 3282/ 5106/ 172
تسليطه عليه 4/ 407
لعبه به 5/ 138
أكله له 2/ 333
تأكله الحية 5/ 172، 173، 189
جلبه الحيات إلى البيوت 5/ 173
تأكله الحية ولا تأكله الأفعى 5/ 140
احتياله للعقرب 7/ 20
الطيور التي تصيده 2/ 408
أثر شرب سؤره 5/ 146، 204
الفراسة بقرضه 5/ 6163/ 422.
فأرة البيش:
ليست بفأرة 2/ 6310/ 481
اغتذاؤها بالسموم 5/ 6163/ 481.
فأرة المسك:
من الحيوان العجيب 6/ 331
ليست من الفأر بل هي شبيهة بالخشف 5/ 164 7/ 126
ضرب منها بيتي ليس له إلا الرائحة 5/ 162
طيب بدنها 3/ 251
الحصول على مسكها 5/ 162.
فازر:
هو ضرب من الذر 4/ 266.
فالج:
من أنواع الإبل 3/ 75
ضرب الفالج في العراب 1/ 91
ضرب البخت فيها ينتج ولدا منقوصا 3/ 82.
فالية الأفاعي:
فحشها 3/ 243.
فراخ:
ما يسمى فرخا 7/ 53
اختلاف ضروبها 5/ 114
طيب لحمها 5/ 14
فرخ القبج والدراج والبط الصيني تزداد حسنا كلما كبرت 2/ 441
أكل السنور لها 2/ 333.
فراش:
من الذبان 3/ 146، 150
ليس من الطير 1/ 26
جلال شأنه 2/ 309 3/ 144، 4145/ 361
ليس الضفدع بأدل منه على الله 3/ 176
تولده من التعفين 3/ 182
استحالة الدعاميص إليه 3/ 5244/ 6200/ 562
تصيده بعض طيور الليل 2/ 408
اغتذاء الخفاش به 3/ 257.
فرانق الأسد:
دخوله في الخرافة 4/ 335.
فرس:
تشبيهه بضروب من الحيوان ليس فيها الكلب 1/ 179، 183
تشابه الذكر والأنثى 2/ 5376/ 116
روعة جماله 2/ 379
من مراكب الأنبياء 7/ 122
وصفه بقصر الذراع 3/ 6189/ 500، 503
وبسعة الإهاب 5/ 182
وبسدة السمع 2/ 5344/ 283
وبقوة البصر 4/ 372
ليس له طحال 6/ 554
شنج نساه 5/ 118
مشيه الثعلبية 6/ 475
لم يسبق الحلبة فرس أهضم 1/ 70
لم يسبقها أبلق ولا بلقاء 1/ 570/ 92
ندرة الفرس الأبيض 5/ 147(7/208)
الأبلق العقوق 1/ 3204/ 254
تغير لون شعره 1/ 233
الحجر فوق الفرس في الطعام 1/ 75
إيثار العربي فرسه باللبن 1/ 41
كراهته للماء الصافي 5/ 779/ 80
فزعه مما يراه في الماء 7/ 80
اختلاف صوته 1/ 28
فهم الإنسان صوته 1/ 28
لا يجمد مرق لحمه 4/ 286
لا يزاوج 4/ 309
هيجه عند معاينة الأنثى 5/ 169
غيرته 4/ 309
تشممه لأنثاه 2/ 4366/ 456، 7470/ 7
يحلم ويحتلم 2/ 364
معاينة احتلامه 2/ 364
ولد البكر 2/ 366
غناؤه في الحرب 1/ 4138/ 5262/ 74/ 46، 84، 111
مبالغته في الجزع من عذبة السوط 1/ 191
معرفته لاسمه 7/ 54
عجز الفرس الأعسر عن السباحة 2/ 7347/ 71
كراهة الجمل قربه من الهجمة 4/ 286
مقاتلة الفرس للفرس 7/ 82
ضعفه أمام الأسد 7/ 82
ثمنه 3/ 104.
فرس النهر:
تسميته بالفرس المائي 7/ 82
قوته 7/ 46، 76
اغتذاؤه بالنبات 7/ 84، 148
قيئه 7/ 148
أكله للتمساح 7/ 76، 82، 147
التداوي بأضراسه وأعفاجه 7/ 80، 148
تربية أفلائه في البيوت 7/ 148
إيذانه بطلوع النيل 7/ 147.
فروج:
إطلاق اسم الفروج على ولد الدجاجة 1/ 131
تسمية الفروج فرخا 1/ 131 7/ 53
مشترك الطبيعة 2/ 425
الفروج الكسكري 2/ 431
أملح طير 2/ 378
خروجه كاسيا كاسبا 2/ 378، 396، 424، 428، 5441/ 220، 222
إذا خرج من تحت الحمامة كان أكيس 1/ 2131/ 345
فروج البكر 2/ 366
إذا كبر لم يقبل الشحم 2/ 428
يأكل الديدان واللحم 2/ 425
والهوام 2/ 373
يحسو الدم 2/ 425
يتغذى من البيضة بالصفرة 2/ 435
صيده للذباب 2/ 425، 428، 3433/ 160
حدة صوته 2/ 428
لؤمه 2/ 431
تدرجه في الموق 2/ 373
كيسه في أول الأمر 2/ 428
سرعة حركته 2/ 428
إلفه للدراج 2/ 431
معابثة السنور له 2/ 389
من الأفاعي جنس لا يضر الفراريج 4/ 317
كيف يصاح به 2/ 428
فقيع:
حمام توصف عينه بالحمرة 2/ 436.
فنك:
من ذوات الوبر 5/ 6257/ 331
والحيوان العجيب 6/ 331
جودة فروه 6/ 474.
فهد:
من ذوات الشعر 5/ 257
والجوارح 2/ 350
وجوارح الملوك 6/ 575
شبه العنكبوت المسمى الليث به في الصيد 5/ 220، 221
زعم أنه يهودي 6/ 573
وصفه 6/ 573
قوة نابه 4/ 286
قوة شمه 7/ 24
ثقله 6/ 7571/ 24
اختفاؤه حينما يثقل 7/ 24
أطباء الفهدة 2/ 354
مشيه 5/ 119
وثبته 7/ 78
أنوم الخلق 5/ 251
الفهدة أجرأ من الفهد 2/ 372
صيده بالصوت الحسن 6/ 570
قبوله للأدب 4/ 283
كباره أقل للأدب 4/ 283
حذقه بالصيد 3/ 161
اللعب به 2/ 444
معرفة القناص بحاجته 4/ 271
تداويه بالعذرة إذا أصيب بخانق الفهود 4/ 370
طلب الأسد له 6/ 7324/ 24
اشتهاء السبع رائحته 4/ 371 6/ 7570/ 24
مراوغته للسبع 4/ 371.(7/209)
فيل:
أحد سادة الحيوان 7/ 71
من الحيوان الهندي 7/ 77، 104
والمائي 4/ 323، 330
هو مسخ 1/ 203
أنواعه 7/ 107، 109
فيل أبرهة 3/ 73
شرفه 7/ 110
ذكره في القرآن 4/ 278
هو أبو الخترير 7/ 122
ولده هو الدغفل 7/ 51
موازنته بالبعير 1/ 7138/ 128
شبه الخترير به 1/ 797/ 104
والبرغوث 5/ 210
قبحه 7/ 22، 121
جسامته 7/ 121
خرطومه أنفه 3/ 4152/ 7307/ 71، 103
طول خرطومه 7/ 64
هو مقتل من مقاتله 7/ 71، 116
استعانته بخرطومه 4/ 7307/ 71، 116
إيصاله الماء به 7/ 106
يده أنفه 7/ 124
أنيابه جوف 7/ 68
ضعف نابه 4/ 307
وزن نابيه 7/ 70
الخطأ في تسمية نابيه 7/ 70
فقمه 7/ 105، 116
انقلاب لسانه 1/ 7204/ 62، 116
قصر عنقه 1/ 491/ 307 7/ 103، 116
سعة أذنيه واتساع صهوته 7/ 64
حلمتا الفيل 2/ 7354/ 63
كثرة تصرف يديه 7/ 124
خفة وقع قوائمه 2/ 7426/ 64، 66
قوة جلده 7/ 124، 125
نفاذ خرطوم البعوضة والجرسة في جلده 4/ 6413/ 528
طيب عرق جبهته 7/ 125
لا يأكل المغتلم إلا إذا مسح وتملق 7/ 57
صولته 7/ 67
قوته 7/ 66
قوة حمله للأثقال 7/ 64، 117
قوة الفيل الهندي 7/ 81
استعمال نابه في القتال 2/ 282
ضآلة صوته 7/ 71، 116
صياحه من خرطومه 7/ 71
دهنه صالح لتمرين سفن البحرين 7/ 65
فائدة نجوه 7/ 54، 55
عمل الترسة من جلده 7/ 54
استخدامه في الحروب 7/ 61، 111
وفي دوس الناس 7/ 67
كبر غرموله 7/ 64، 70
تشبيه غرموله 7/ 106
وصف هيجه 7/ 116
أثر الغلمة في جسمه 7/ 40، 109
عود المغتلم إلى الوحشية 7/ 109
وضع الأنثى في سبع سنين 7/ 44، 53، 66
خروج ولده نابت الأسنان 7/ 73
ولادة إحدى الفيلة عند كسرى 7/ 110
معرفته 4/ 7300/ 54
ذكاؤه 7/ 110، 111
ظرفه 7/ 22، 63
جودة تحديقه إلى الإنسان 7/ 110، 111، 123
سكون طرفه 7/ 123
جودة سباحته 7/ 71
طربه 7/ 123
عبثه بالجوزة 7/ 111
استئناثه 7/ 61
تذليله 2/ 7282/ 68
قبوله للتعليم 6/ 480
سوطه محجن 7/ 117
سجوده للملك 7/ 123
تقليده وحكايته 2/ 7346/ 123
اصطياد الوحشي بالأهلي 7/ 60
أثر سم الجرارة في جسمه 2/ 232
قد يعيش أربعمائة عام 4/ 7330/ 54، 64، 111
أثر العراق فيه 7/ 54
مروج الفيلة أصلح لها 7/ 54
حيازة كسرى لتسعمائة وخمسون فيلا 7/ 110
فيلة المنصور 7/ 110
التكاثر بالفيلة 7/ 61
عداوة الفيلة بعضها لبعض 2/ 282
علة فزعه من الأسد 7/ 80
مغالبته للأسد 7/ 78، 112
غلبة الأسد العراقي للفيل الهندي 7/ 81
فزعه من السنور 2/ 5282/ 7148/ 48، 79، 80
لا تخافه النعجة 3/ 93
زعم أن الكر كدن ينطحه ويرفعه بقرنه ولا يحس به 7/ 75
آية الفيل 7/ 126، 127
تأويل رؤياه 7/ 115.(7/210)
(القاف)
قادحة:
تولدها في جمار النخلة 3/ 176.
قاقم:
من ذوات الوبر 5/ 6257/ 331
والحيوان العجيب 6/ 331
جهل الجاحظ به 6/ 334.
قبج:
الذكر ديك 3/ 100
علاقته بالتدارج والحجل والدجاج 3/ 100
فرق ما بينه وبين الديك 3/ 92
حسن إناثه 5/ 251
طيب لحمه 1/ 153
عظم خصيته 2/ 434
لا يزاوج 7/ 43
قوة الذكر في السفاد 3/ 92
فرار الأنثى من الذكر 3/ 92
سفاد الذكورة للذكورة 3/ 92
لا يسافد في البيوت 7/ 112
إفساد الذكر للبيض 3/ 92
يبيض على التراب 3/ 92
وبين العشب 3/ 86
يكون منه بيض الريح 3/ 786/ 144
عدد بيض إناثه 3/ 92
فراخه 2/ 441
طير منكر 3/ 92
سوء هدايته 3/ 92
تقاتل القبج 5/ 135
خداعها للصياد 3/ 92.
قراد:
تخلقه 5/ 234
أنواعه 5/ 232
شدة سمعه 5/ 230، 6283/ 7553/ 8، 81
شدة لزوقه 2/ 5284/ 230
تعرضه لاست الجمل 5/ 235
علاقته بالبعير 6/ 519، 520
ملاينة الفحل بترع قراده 5/ 231.
قرب:
علة تسمية هذا الطائر 3/ 251.
قرد:
هو مسخ 1/ 4203/ 280
مسخ الإنسان على صورته 4/ 273
ليس من مطايا الجن 6/ 341
شبه وجه النبطي بوجهه 4/ 296
شبه ظاهره بظاهر الإنسان 1/ 4140/ 309
تشبهه بالإنسان 2/ 347
كفه في يده 3/ 114
يأكل بيديه 7/ 124
كفه وأصابعه 4/ 310
قبحه 4/ 7285/ 22
شنعته 4/ 312
هوان شأنه 4/ 278
ملاحته 4/ 285، 7309/ 22
يأكل القمل 5/ 205
ضحكه وطربه 4/ 309
لحمه ينهي عن نفسه 4/ 280
كراهية لحمه 4/ 291
تحريم لحمه من جهة الحديث 4/ 280
علة النص في القرآن على تحريم الخترير دونه 4/ 280
لم تكن العرب تأكله 4/ 280، 291
زواجه وغيرته 4/ 309
يزني ولا يغتسل من جنابة 6/ 341
عجزه عن السباحة 2/ 4347/ 7309/ 71
تعليمه 2/ 6346/ 480
تقليده وحكايته 2/ 346
التكسب به 1/ 138
ذو أعاجيب 1/ 138
فطنته 2/ 347
معرفته 4/ 300
فهمه الكلام 7/ 130.
قرشام:
ضرب من القراد 5/ 232.
قرنبى:
تسميته أنوقا 1/ 3154/ 245
من الحشرات 6/ 322
دويبة بين الخنفساء والجعل 1/ 156، 209
حديث فيه 3/ 256
طلبه العذرة 1/ 3224/ 256
يتبع الرجل إلى الغائط 1/ 156
يأكله بعض الناس 3/ 6256/ 520.
قطاة:
علة تسميتها 3/ 5251/ 155، 306
قصر إبهامها 6/ 386
ملاحة مشيها 5/ 120، 305
صممها 4/ 447
نطقها 5/ 155
صدقها 5/ 40
بيضها منقط 5/ 306
لا تضع بيضها
إلا أفرادا 5/ 7306/ 43(7/211)
لا تضع بيضها
إلا أفرادا 5/ 7306/ 43
أفحوصها في الأرض 7/ 41
تطريقها 5/ 307
هدايتها 5/ 306
تصيدها بعض طيور الليل 2/ 408.
قلطي:
الكلب القلطي 1/ 104.
قمرى:
هو حمام 3/ 75، 99
جمال صوته 1/ 127
هديله 3/ 117
اختراعه اللحون 3/ 162
يتسافد مع سائر أجناس الحمام 3/ 83
لا يتسافد في البيوت 7/ 112
يصطاد الذباب 3/ 162
هو والفاختة 1/ 395/ 100.
قمع:
ضرب من ذبان الكلأ 3/ 167
من المغنيات 3/ 185.
قمل:
تخلقه 3/ 5158/ 198، 199، 234
خروجه من جلد الإنسان 5/ 200
قمل الدجاج والحمام والقرد 5/ 201
إناثه أعظم من ذكورته 5/ 198
تلونه بلون الشعر 4/ 259 5/ 198
سلاحه خرطومه 6/ 514
أثر عضته 5/ 212
ضرره واحد في كل وقت 5/ 512
معرفته 4/ 300
ولوعه بالقذر 3/ 158
استقذاره 3/ 5159/ 210
استصغاره 4/ 279
قتله 1/ 107، 202
نبذه يجلب النسيان 5/ 146، 204
إعجاب نساء العامة بصوت قصع القمل 5/ 205
التعذيب بالقمل 5/ 288
أكل القرد له 5/ 205.
قملة النسر:
اسمها بالفارسية 5/ 210، 213
من الحشرات 6/ 329
وصفها 5/ 213
سقوطها مع النسر 5/ 213
إذا عضت قتلت 5/ 210، 213.
قنبر:
ضرب من العصافير 5/ 150.
قنفذ:
من الأحناش 5/ 329153
ومطايا الجن 6/ 340، 341
كبار القنافذ 6/ 567
قنفذ البرقة 4/ 6325/ 414
فروته شحيمة 6/ 565
سلاحه فروته 6/ 514
مقاتلته بشوكه 6/ 567
سمعه 6/ 569
فائدته 4/ 341
تأكله الأعراب 6/ 565
معرفته بالريح 4/ 371
قبوعه 7/ 36
لا يظهر إلا بالليل 6/ 565
ضرر صيده من أول الليل 6/ 340، 341
تحرز العرب من قتله 7/ 150
النهي عن قتله 4/ 341
خوف الحية منه 5/ 281
أكله الحيات 1/ 225/ 281 4/ 339، 6341/ 345، 7513478/ 19
تداويه بالصعتر بعد مناهشة الحيات 7/ 19
هرب الأفعى منه 4/ 341
أكله الأفاعي 4/ 6339/ 478، 7513/ 150
احتيال الثعلب له 6/ 478
صيده له 7/ 19
يركبه الجني 6/ 441.
(الكاف)
كاسر العظام:
تعهده فرخ العقاب الثالث 2/ 3336/ 691/ 492.
كبش:
تفوق النعجة عليه في الطعام 1/ 575/ 258
استعماله موضع قرنه إذا عدمه 6/ 514
هراش الكباش 2/ 5338/ 135، 244
مقاتلة الكبش للكبش في زمان الهيج 4/ 286
حذقه في إتيان أنثاه 5/ 250
استعماله في الهدايا والنطاح 5/ 244
وضع الملوك السبق
على الكباش 5/ 244(7/212)
وضع الملوك السبق
على الكباش 5/ 244
اللعب به 2/ 444
يعقر من غير أن يهاج 2/ 319
تفضيله على التيس 5/ 247
حياته بعد قطع أليته 6/ 576
لا يعرض للعتر 1/ 94
الكبش الكراز:
نفعه 5/ 244
يعيس عشرين سنة 5/ 244.
كرز:
يخترع اللحون 3/ 162
أكله الذبان 3/ 162.
كركدن:
تسمية أرسطو له بالحمار الهندي 7/ 73
من أشراف السباع 7/ 71
من حيوان الهند 7/ 104
من الحيوان العجيب 6/ 331
إثبات وجوده 7/ 73
إنكار وجوده 7/ 72
ذكره في الزبور 7/ 73
قرنه 7/ 70، 76، 145
قوته 7/ 71، 75، 77، 81
قوة المغتلم 7/ 40، 46
أقل الخلق عددا وذرءا 7/ 44
طول حمل الأنثى 7/ 44، 66، 73
خروج ولدها تاما 7/ 44
القول بخروج ولدها من بطنها ثم دخوله 7/ 73، 74
لا تلد الأنثى إلا واحدا 7/ 44، 73
خوف أجناس الحيوان منه 7/ 73
زعم أنه ينطح الفيل فيرفعه بقرنه ولا يحس به 7/ 75
يأكل ولده 7/ 44.
كركي:
من عظام الطير 5/ 83
للكراكي رئيس 3/ 157، 5192/ 223
عظم منقاره وبشاعته 3/ 93
سلاحه 1/ 25
سماع صوته من بعد 7/ 117
ودكه في المرق 4/ 307
لواطه 4/ 285
حراسته 2/ 7438/ 5
لا ينام 3/ 192
مواثبة الصقر له 7/ 83
لا يستوحش منه الحمام 3/ 93.
كلب:
بعض أعلام الكلاب 2/ 266، 268
أنسابها 2/ 266
تأويل (المحروم) بالكلب 1/ 127
من ذوات الشعر 5/ 257
والحيوان الصائد 2/ 414
والجن 1/ 146، 2193/ 297، 321
ومطايا الجن 1/ 146، 203
والمسخ 1/ 146، 193، 196، 4203/ 6295/ 357
والحيوان العاصي 4/ 402
هل هو من خلق الجنة 3/ 187
هو سبع وإن كان أنيسا 1/ 2140/ 333
زعم أن بعض الحيوان كلاب 2/ 348
الكلاب كلها أهلي 2/ 5345/ 181
كلها أهلي إلا الكلب الكلب 6/ 330
سقوط قدره ونذالته 1/ 138
هوان شأنه 4/ 279
قول معبد فيه 1/ 238
ذكره في القرآن 4/ 278
أصناف الكلاب 1/ 3240/ 75
الخلاسية 1/ 204
الزينية 1/ 104، 2204/ 346
الصينية (وهي الزينية)
وشبه الظربان بها 6/ 512
القلطية 1/ 104
الخارجية ومتى تنجب 2/ 294
كلب الراعي 1/ 104، 204
كلب الرفقة 2/ 413
كلب أصحاب الكهف 2/ 3351/ 20
كلاب الحي (الشعراء) 1/ 234
الكلاب الهندية 1/ 120
شبهه بالإنسان 2/ 283، 364
وبالخنثى 1/ 71، 138
وبالخلق المركب 1/ 69، 146
وبالأسد 2/ 283، 363
وبالخترير 2/ 283، 363، 365
وبالدب 2/ 364
وبالذئب 2/ 363، 364
شبه باطنه بباطن الإنسان 1/ 140
وأمعائه بأمعاء الحية 2/ 364
الديسم ولد الذئب من الكلبة 1/ 120
قصر يده مما يحمد فيه 3/ 189
شدة وطئه الأرض 2/ 5354/ 120
لا يوصف
بطول المخالب 1/ 184(7/213)
لا يوصف
بطول المخالب 1/ 184
شحو فمه 2/ 363
قوة فكه وأنيابه 2/ 345
قوة نابه 3/ 125 4/ 286
أسنان الذكور أكثر من أسنان الإناث 2/ 363
إلقاؤه أنيابه 2/ 368
قوة مماضغه 2/ 363
كثرة ريقه 5/ 181
طيب فمه 1/ 5274/ 181
هو أطيب السباع فما 2/ 333، 345
شمه 2/ 338
قوة قلبه لشدة خطمه 4/ 307، 353
ما يمتاز به في خلقه 1/ 182
كثرة أطباء الكلبة 2/ 354
نتن جلده إذا بله المطر 1/ 148، 5151/ 248
خير ألوان الكلاب 2/ 294
سودها 1/ 172
بقعها 1/ 171، 172
السود أقل صبرا على البرد والحر 2/ 279
تشممه الطعام 1/ 169
خير غذاء له 2/ 279
خير طعام لإسمانه 2/ 279
يأكل لحوم الناس 1/ 147
يرض العظم 1/ 297/ 354
ويبتلعه 2/ 283، 354، 363
ويذيبه 4/ 413
ويستمرئه 2/ 345، 363
ويأكل العذرة 1/ 148
قبح لطعه الماء 3/ 76
نتن قيئه 1/ 151
رجوعه في قيئه 1/ 3149/ 79
حذفه ببوله تلقاء خيشومه 1/ 149، 151
طريقة بوله 2/ 283
رجعه 2/ 390
أجود رجعه 2/ 359
سلاحه 2/ 319
سلاحه في شدقه 6/ 514
له ضروب من النغم 2/ 354
نباحه 2/ 4281/ 392
تعبه من النباح 1/ 17
وقت فتوره عن النباح 3/ 396
نبحه السحاب 2/ 291
تعليل أحد المتكلمين لذلك 2/ 292
نبحه أصحابه عند الغزو 2/ 289
إجابته المستنبح 1/ 252
يخرسه إفراط البرد والمطر 2/ 291
ما تهيأ له من الحروف 5/ 156
متى يغلظ صوته 2/ 366
صوت الكلب الغريب 2/ 293
ما يحسنه مما لا يحسن الإنسان 2/ 313
نفعه 1/ 250
نفعه الخناقين 2/ 6390/ 522
الحاجة إليه 2/ 346، 353، 357
إحضاره الحوائج من البقال 2/ 346
هو من متممات القرية 2/ 353
علة إخراج أهل القرى للكلاب 2/ 317
رداءة لحمه 4/ 280
طيب لحم جرائه 2/ 4341/ 281
اللعب به 2/ 444
التعالج بخرئه 1/ 2160/ 359، 7404/ 55
أثر عضته 2/ 262، 263، 264
لا يعض إلا من تهييج شديد 2/ 319
هو أشد مضرة من الذئب 1/ 201
حماية من عضه الكلب الكلب من سقوط الذباب عليه 3/ 148
كان سببا في حرب هراميت 1/ 207
يستخدمه المجوس في اختبار الموتى 1/ 2249/ 3403/ 167
ظهور حجم ذكره 2/ 284، 3347/ 76
علامة بلوغه 2/ 273، 367
إذا بلغ لم يقبل الشحم 2/ 341
متى يترو 2/ 366
متى تصلح الأنثى للترو 2/ 366
هيج الذكور قبل الإناث 2/ 272
لا يجهل على الناس وقت الهيج 4/ 287
مدة قبول الأنثى للقاح 2/ 366
من الحيوان الذي يحلم ويحتلم 2/ 273، 364
معرفة احتلامه 2/ 364
حيض الكلبة 2/ 367
علامة حيضها 2/ 367
لقاحه في حال الدفء والخصب 2/ 365
مطاولته في السفاد 2/ 365
التحام قضيبه بثفر الكلبة 2/ 284، 364
انتظار الكلب الظالع نومة الكلب للسفاد 2/ 285، 361
مسافدته بنات آوى والثعالب والضباع 2/ 348
شك في لقاحه لبعض الحيوان 2/ 348
سفاد السبع والذئب للكلبة 1/ 120
تأدية الكلبة إلى
كل سافد شكله 2/ 284، 347، 443(7/214)
تأدية الكلبة إلى
كل سافد شكله 2/ 284، 347، 443
سفاده للذئبة والدبة 2/ 364
لا يقصد بسفاده النسل 3/ 77
إتيانه النساء 1/ 246
وقوع الراعي على الكلبة 3/ 100
عدد أيام حمل الأنثى 2/ 366
ظهور لبنها قبل الوضع 2/ 367
امتيازه بالغلظ 2/ 367
حالتها حين الوضع 2/ 367
صغر نتاج البكر 2/ 366
عدد الجراء 2/ 367
عمى الجرو 2/ 403
تفتيحه عينه بعد أيام 2/ 367 4/ 5461/ 185
متى تسفد الكلبة بعد الوضع 2/ 367
مساويه ومثالبه 1/ 146
ذكاؤه 2/ 314
انتباهه الغريزي 2/ 315
أيقظ الحيوان عينا 2/ 343
نومه 3/ 6192/ 571
متى ينام 2/ 343، 396
سهره الليل ونومه بالنهار 1/ 187
سرعته 1/ 179
صدق حسه 2/ 289
أنفته 2/ 336
صبره 2/ 344
حرصه وإلحاحه 1/ 168
أحرص الكلاب 2/ 269
جبنه 1/ 186
لؤمه 1/ 168، 2185/ 322
كرمه 2/ 297، 343
وفاؤه 2/ 316، 319، 332
إلفه 1/ 128، 138، 139، 190، 191، 2253/ 345، 3426/ 5111/ 169
حبه أصحابه 2/ 337
مخالطته الناس 2/ 345
إكرامه الرجل الجميل اللباس 2/ 337
لا يلاعب كلبا ما دام الإنسان يلاعبه 2/ 345
يقيم مع الإنسان ولا يرحل معه 3/ 107
معرفته اسمه 1/ 7128/ 54
وصاحبه 1/ 128، 2/ 319، 353
هدايته في الثلوج 6/ 576
معرفته بالظباء 2/ 313
وجحر الأرنب ومكمن الثعلب وكناس الظبي 2/ 314
تقليده وحكايته 2/ 346
حسن حكايته 7/ 130
سكره 2/ 371
سراره 2/ 333
حمايته نفسه وغيره 2/ 319
حراسته الماشية 1/ 200، 250 2/ 346
حارس محترس منه 1/ 141
لا يعقر صبيا من تلقاء نفسه 1/ 249
تركه الاعتراض على اللص الذي أطعمه 1/ 2190/ 327
أقدر الحيوان على السباحة 2/ 347
جودة سباحته 5/ 65
افتراشه ذراعيه 2/ 271
تخريقه أذنيه 2/ 271
بصبصته بذنبه حين يلقى إليه الطعام 7/ 57
قذارته 1/ 245
تماوته وانتفاخه 2/ 352
قبوله للتعليم 2/ 6346/ 480
أدبه 2/ 320
معاملته حين يأكل صاحبه الطعام 2/ 321
خطأ إطعامه من الخوان 2/ 320
أمراضه 2/ 368
علة كلبه وجنونه 1/ 134
جنونه من المطر 2/ 291
علاجه 2/ 280
علاج الكلاب لأنفسها 2/ 280، 344
تداويها بسنبل القمح لمعالجة الدود 4/ 371
صبره على الجراح 2/ 438
حياته مع الجراح 2/ 345
احتماله للطعن الجائف 6/ 576
طول ذمائه 2/ 6344/ 344
أعمار الكلاب 2/ 367
الإناث أطول عمرا 2/ 368
واقية الكلاب 2/ 354
جيف الكلاب 1/ 161
معرفة سنه 2/ 363
ما ورد من الحديث والخبر في قتله 1/ 2193/ 332
وفي اقتنائه 1/ 194
قتل الكلب الأسود 2/ 405
يأكل الإنسان لحمه 1/ 2110/ 317، 4336/ 281
تقاتل الكلاب 2/ 5337/ 135
أفضلها للهراش 2/ 294
خضوع بعضها لبعض 5/ 225
مقاتلة الديكة للكلاب 1/ 249
قد يصارع الثعلب 7/ 149
شدة حب التمساح له 2/ 336
طلب الأسد له 2/ 318، 336
مساورته للأسد 2/ 394
حاله مع الأسد والنمر والذئب ورؤساء
السباع 1/ 200(7/215)
حاله مع الأسد والنمر والذئب ورؤساء
السباع 1/ 200
تعرض الحلم لأذنيه 5/ 234
تخلق القراد من جلده 5/ 234
ذباب الكلاب 3/ 151، 185
حوار في الكلب 1/ 125
رؤيا الكلب وتأويلها 1/ 179
ثمنه وديته 1/ 141، 142، 194.
الكلاب السلوقية:
1/ 2204/ 356
السلوقي والد للخلاسي 1/ 104
هي أجود شما 2/ 338
البيضاء أكرم وأصيد من السوداء 3/ 167
أكلها للجرذ 7/ 85
ذكاء ذكورتها 2/ 372
قوة سفادها 2/ 367
قوتها على المعاظلة في الكبر 3/ 259
متى يسفد السلوقي 2/ 366
مدة حمل السلوقية 2/ 366
عدد جرائها 2/ 367
متى يظهر لبنها 2/ 367
عمرها 2/ 367.
كلاب الصيد:
استجادتها 2/ 389
علامة فراهيتها 2/ 278، 279
أفضلها 2/ 294
أفضلها للذئاب 2/ 294
إعجاب الكلاب بالكلب القصير اليدين 6/ 502
ما يستحب في ذنب كلب الصيد 2/ 340
صفة عيونها إذا أبصرت الصيد 2/ 357
إناثها أصيد من ذكورها 1/ 75، 76
مهارتها في الصيد 2/ 3314/ 161
إمساكها الصيد على صاحبها دون نفسها 2/ 351 359
مهارتها في الإصعاد خلف الأرانب 2/ 315
وفي تتبع الدراج 2/ 315
لحاقها بتيس الظباء 2/ 314
إرسالها على الثور 2/ 358
تنفير الوحش بها 4/ 468
معرفة القناص بحاجاتها 4/ 271
ما يصطاده الكلب 2/ 269
كراهية ما يصيده الأسود البهيم 2/ 444.
كلب الماء:
من ذوات الوبر 5/ 257
هو كلب الأرض 4/ 330
ليس من السمك 1/ 27 5/ 7282/ 76
ظهوره على الشاطئ 5/ 282.
كوسج:
والد اللخم 1/ 727/ 74
ليس من السمك 1/ 7199/ 82
يشبه الجري 6/ 555
غليظ الجلد أجرد 6/ 555
اختفاء كبده بالنهار 1/ 204
ظهور شحمته بالليل 6/ 508.
كيلاس:
اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/ 332.
(اللام)
لبؤة:
شبه الأسد بها 5/ 116
أشد عراما من الأسد 1/ 276/ 321
انفراد الأسد بها 4/ 287.
لخم:
من كبار الحيوان 5/ 7288/ 82
والده هو الكوسج 1/ 727/ 74
يلد ولا يبيض 7/ 74
امتلاخه المذاكير 1/ 82.
ليث (ضرب من العناكب):
شبهه بالفهد في الصيد 5/ 220
له ست عيون 5/ 220
صيده للذبان 3/ 5161/ 6220/ 528
لا يصيد إلا ذبان الناس 5/ 220.
(الميم)
مارد:
ماهيته 1/ 125.
مارماهي:
شبهه بالحية 4/ 322.
مثل:
من الحشرات 6/ 329.(7/216)
معز:
تسميتها باللافظة 2/ 330
من ذوات الشعر 5/ 257
من الغنم 3/ 83
كرمها 5/ 259
قول فيها 5/ 242
ذكرها في القرآن 4/ 5278/ 242
قرابة الضأن منها 1/ 34
مخالفتها للضأن 3/ 75
موازنة بينها وبين الضأن 5/ 244، 251
فضل الضأن عليها 5/ 243
شبه الذكر بالأنثى 2/ 376
تميز الذكورة من الإناث 5/ 115
الصفايا 2/ 381
لحمها 5/ 254
يجمد مرق لحمها 4/ 286، 307
ضرر لحمها 5/ 245
طيب لحم الحمر 5/ 14، 256
بقاء شحمها على حاله 5/ 244
سهولة سلخها 5/ 256
نفع جلودها 5/ 257، 258
اتخاذ النعال منها 5/ 254
ثمن جلدها 5/ 253، 254
ثمن ما في بطنها 5/ 255
مرعزاها 5/ 257
الماعز التي لا ترد الماء 5/ 6257/ 463
نفعها 5/ 255، 259
تحلب خمسة مكاكيك وأكثر 5/ 253
عدم نبات ما تأكل 5/ 250
لا يعرض لها الكبش 1/ 94
لا تقرب الضأن ما وجدت المعز 2/ 431
امتناع التلاقح بينها وبين الضأن 1/ 3103/ 75
قد تضع في السنة مرتين 5/ 171، 243، 255
قد تلد ثلاثا أو أكثر 5/ 243
صردها 4/ 5376/ 6245/ 344
إتلافها الأخبية 5/ 245
تمنع الحي الجلاء 5/ 259
عيوبها 1/ 148
من أموق البهائم 2/ 5330/ 250
حمقها 7/ 22
ارتضاعها من خلفها 1/ 2236/ 330
منع تسميتها بالشاة 5/ 250
نفورها من المخلب والخف 2/ 431
بحثها عن حتفها 1/ 236
تفضيل الراعي الشبق النعجة عليها 5/ 244.
ابن مقرض:
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
آلق من ابن عرس 6/ 575
حبه الدراهم 6/ 575
حسن صيده للعصافير 6/ 575.
مقلاس:
اسم لبعض السباع المشتركة الخلق 6/ 332.
مكاء:
من أصغر الطير وأضعفه 7/ 13
أكل الحية لبيضه 7/ 13
احتياله لقتل الثعبان 7/ 13.
مكلفة:
اسم لكاسر العظام 3/ 91.
ملائكة:
تطير وليست من الطير 1/ 726/ 26
جرهم من نتاج ما بين الملائكة وبنات آدم 1/ 122
مراتبهم 6/ 415
ملائكة العرش 7/ 26
ملك الظل 3/ 188
ملك الموت 6/ 430
تصورهم 6/ 430
أجنحتهم 3/ 112، 113.
منونة:
ضرب من العناكب 6/ 329.
مهرية:
إبل بين الوحشية والأهلية 1/ 102
بين الحوش والعمانية 1/ 102.
(النون)
ناقة:
علاقة الناقة الوحشية بالزرافة 1/ 142
شبهها بالجمل 2/ 5376/ 116
سقب ناقة صالح 3/ 89
عثنونها 5/ 116
صيرورة الناقة الحمراء حبشية إذا أتمت 1/ 233
كبرها بعد اللقاح 3/ 6146/ 352
إيزاغ المخاض 2/ 314
العجب من خروج ولدها من بطنها 7/ 74(7/217)
فطامها ولدها 3/ 82
وقوع الراعي عليها 3/ 100
نشاطها 1/ 183
معرفتها لقولهم حل 7/ 25، 54
تعمدها القيء في وجه من يرحلها أو يعالجها 3/ 80
خوفها من الغراب 3/ 203.
نبر:
من الحشرات 6/ 329
سقوطه على البعير 3/ 6148/ 329.
نجيبة:
ضرب من الإبل 3/ 75.
نحل:
هو من الذبان 3/ 146، 150، 6186/ 363
ومن المغنيات 3/ 185
والمحكمات شأن المعيشة 5/ 6221/ 323
ذكره في القرآن 4/ 278
زعم نبوة النحل 5/ 227
له رئيس 5/ 6223/ 323
فحل النحل 3/ 157
أمير النحل 5/ 223
أمير العسالات 3/ 157
طاعة النحل لليعسوب 1/ 18
شمه ما لا يشم ورؤيته ما لا يرى 6/ 323
اغتذاؤه بالعسل 4/ 405
ادخاره 4/ 5276/ 6196/ 323
لا يدخر إلا العسل 4/ 276
يأكل الذبابة 6/ 478
صنعته 1/ 30
خلاياه 2/ 343
نظامه 5/ 222، 223
عمله 5/ 226
كثرة فوائده 6/ 324
نفع العسل 5/ 229
وفاؤه 5/ 222
له مسكن 4/ 405
كراهة قتله 3/ 186، 4256/ 268
يأكله الزنبور 6/ 478.
نسر:
هو سبع 2/ 426
أعظم سباع الطير وأقواها بدنا 6/ 533
إلحاقه بكرام الطير 4/ 434
نسر لقمان 3/ 6201/ 7485/ 30
ليس له مخالب 2/ 6426/ 490
قوته في منسره وبدنه 6/ 530
شراهته 6/ 489
ولوعه بالجيف 5/ 173
أكله الحيات 6/ 513
يشارك الضبع في فريسته 6/ 489
علة اتباعه الجيوش والحجاج 6/ 7483/ 11
ثقله بعد الطعام 6/ 489
سكره 2/ 371
سلاحه 1/ 625/ 490
فرش الأنثى وكرها بورق الدلب لإبعاد الخفاش 7/ 13
حمقه 7/ 10، 13
شدة ارتفاعه 6/ 488
طول عمره 3/ 4259/ 6335/ 489 7/ 111
لا يتعرض للضبع 6/ 489
قمل النسر 5/ 210.
نسناس:
نشأته 1/ 123
كلام فيه 6/ 7417/ 108.
نعامة:
اسمها الفارسي 1/ 495/ 416
من الحيوان العجيب 7/ 122
ومراكب الجن 1/ 203 6/ 340
ليست من الطير 1/ 27
شبهها بالبعير والطائر 4/ 416
طول وظيفيها 1/ 182
قصر ساقيها 1/ 182
لا مخ لعظمها 4/ 418
سقوطها إذا كسرت رجلها 5/ 121
عري نساها 1/ 182
مصلومة الأذن 4/ 452
زعم الأعراب أنها صماء 4/ 345، 348
صممها 4/ 445، 452، 454، 455، 461
قصة أذنيها 4/ 417، 454
شمها 4/ 456، 469
صومها 2/ 391
التهامها الجمر والصخر 1/ 497/ 411، 415
هي مما يزاوج 7/ 43
مما لا يزاوج 7/ 42
بيضها 4/ 419
كبر بيضها وقلته 7/ 42
الحصول على بيضها 4/ 429
طلب بيضها بالنهار 4/ 501
حضنها بيض غيرها 1/ 131
ضررها 4/ 422
شرودها ونفارها 1/ 4130/ 452، 466، 467
حمقها 4/ 452
فهمها بالنظر 4/ 455
مسكنها 4/ 431
عداوتها للذئب 4/ 421(7/218)
لا يصيدونها من أول الليل 6/ 340.
نعجة:
تسمية بقر الوحش نعاجا 2/ 348
ذكرها في القرآن 4/ 278
النعاج الساجسية 2/ 400
هي آكل من الكبش 1/ 575/ 259
لا يعرض لها التيس 1/ 94
تفضيل الراعي الشبق النعجة على العتر 5/ 244
حمقها 7/ 22
ميلها على شقها الأيسر في الربوض 5/ 270
لا تخاف من البعير والجاموس ولا الزندبيل ولا الفيل 3/ 93
خوفها من الببر والنمر 3/ 93
خوفها من السبع ولم تره من قبل 3/ 93
شدة خوفها من الذئب 3/ 93.
نعر:
ضرب من الذبان 3/ 167
من المغنيات 3/ 185.
نقاز:
من أسماء العصفور 5/ 120.
نمر:
من كبار السباع 6/ 324، 533
وذوات الشعر 5/ 257
وذوات المخالب 3/ 144
كله وحشي 6/ 330
زعم أن الزرافة ولد النمرة من الجمل 7/ 143
شبه جلد الزرافة بجلده 7/ 143
عينه تضيء في الليل 4/ 5371/ 176
لا يتلاقح في البيوت 7/ 113
صبره في القتال 7/ 46
كثرته في بلاد غانة 7/ 78
اعتداؤه على الإنسان والحيوان في كل حالة 5/ 190، 191
لا يعرض للإنسان إلا عند الهرم 6/ 533
مرافقة الإنسان له 6/ 447
عداوته للأسد 2/ 282 7/ 77
صبره في قتاله 7/ 83
طلبه للببر 6/ 482
خوفه من الببر المجروح 7/ 39
يعين الببر الأسد عليه 6/ 482
خوف النعجة منه 3/ 793/ 59
تضع الأنثى الولد ومعه أفعى 4/ 368 6/ 7335/ 76، 103.
نمس:
احتياله للثعابين 4/ 319.
نمل:
من الحشرات 6/ 329
والمحكمات شأن المعيشة 5/ 7221/ 65
قرابته للذر 7/ 107
مخالفته له 3/ 75
أكل الذر له 4/ 276
نوع منه يسمى أقرشان 4/ 313
نملة سليمان 4/ 263
سادة النمل 4/ 270
ليس له أمير 3/ 157
استحالة الأرضة إلى نمل 4/ 277
جلال شأنه 3/ 145
ذكره في القرآن 4/ 278
أرجله ست 5/ 217
نبات أجنحته وهلاكه حينئذ 2/ 3425/ 244 4/ 277، 5369/ 6200/ 7562/ 26
أكل العصفور للنمل الطائر 2/ 5425/ 114 7/ 43، 84
يطير ولا يسمى طيرا 1/ 26
ادخاره 4/ 5276/ 196
صنيعه في الحب 4/ 269
أكله حشوة الإنسان 4/ 270
والأرضة 4/ 276
يعرض للخصي 5/ 235
ليس له صوت 4/ 272
إجلاؤه الأمم 3/ 4145/ 267
حفره جحره 4/ 332
قرية النمل 4/ 265، 270
وادي النمل 4/ 267
كل أرض كثيرة النمل لا تصلح فيها الأعناب 4/ 267
خوف الدب من شره 7/ 21
أكل العصافير له 4/ 277
والضباع 4/ 276
قتله 1/ 203
وسيلة لقتله 4/ 277
النهي عن قتله 3/ 4256/ 268.
نهار:
هو فرخ الحبارى 5/ 239.(7/219)
نهيك:
هو الحرقوص 6/ 562.
نون:
ذكره في القرآن 4/ 278
مثل النون والضب 7/ 124.
(الهاء)
هامة:
من طيور الليل 2/ 408
صياحها مع الصبح 2/ 407.
هدهد:
كل مغن من الطير فهو هدهد 3/ 255
الحمام الذكر هو الهدهد النابح 1/ 233 3/ 255
هدهد سليمان 1/ 65، 3197/ 4250/ 6299/ 477، 7482/ 27
ذكره في القرآن 4/ 278
قوة بصره 7/ 8
معرفته بمكامن الماء 3/ 250
استدلال سليمان به على الماء 3/ 6250/ 477
لا يبصر الفخ 3/ 250
ما زعموا في قترعته 3/ 249
أكله العذرة 1/ 154 3/ 241
نقله الزبل 3/ 250
بناؤه بيته من الزبل 3/ 251
نتنه 2/ 3420/ 249
نباحه 1/ 233 4/ 392
النهي عن قتله 3/ 4256/ 268.
هديل:
اسم للحمام الذكر 3/ 117.
هزاردستان:
هو العندليب 5/ 156.
همج:
جلال شأنه 3/ 144
عجز الإنسان عما يقدر عليه 1/ 30
غشيانه النار 2/ 310.
هندية:
من القواتل 4/ 319، 321
هنديات الخرابات 4/ 370
علة وجودها في البيوت والإصطبلات 4/ 419.
هوام:
النهي عن إحراقها 1/ 107
يصيدها الفروج 2/ 428.
هيشة:
هي أم حبين 6/ 519.
(الواو)
واق:
هو الصرد 3/ 208.
واق واق:
من الخلق العجيب 7/ 108.
وبر:
نتنه 6/ 511
يشتهي سفاد العكرشة 6/ 499
تأكله الحية 5/ 281.
وحر:
تسميته بالعظاءة 1/ 96
من الأحناش 6/ 531
شبهه بالعظاءة 6/ 519
وبالضب 6/ 328
ولوع الحية به 5/ 281
يأكله الإنسان 6/ 520.
وحش:
تقسيمه إلى ما يأنس وما لا يأنس 4/ 467
نفاره 4/ 468
تنفيره بالكلاب 4/ 368
جحرته 7/ 24.
ورداني:
الورداني من الحمام 1/ 370/ 100
نتاج مركب 3/ 83
غرابة لونه 3/ 83
ظرافة قده 3/ 83.
ورشان:
هو حمام 3/ 75، 100
هو والد الراعبي 1/ 391/ 82، 100
طوق الذكر 3/ 99
لإناثه جمال 5/ 251
ندرة الورشان الأبيض 5/ 147
مزاياه 1/ 69
جمال صوته 1/ 127، 191(7/220)
بعد صوته 2/ 406
تسافده مع سائر أجناس الحمام 3/ 83
لا يتسافد في البيوت 7/ 112
صرعه 2/ 369
طول عمره 1/ 391/ 7259/ 111
يأكله السنور 5/ 182.
ورل:
تسميته عظاءة 1/ 96
حيوان بري 4/ 329
من الأحناش 6/ 531
ومطايا الجن 6/ 340
موازنة بينه وبين الضب 6/ 563
شبهه بالضب 6/ 328
ألطف جرما منه 4/ 6332/ 563
براثنه أقوى من براثن الضب 4/ 332
سمن ذنبه 7/ 132
استطابة ذنبه 6/ 340، 564
التدرب على أكله 4/ 276
لحمه عضل مسيخ 7/ 132
يأكل الحيات أكلا ذريعا 4/ 6332/ 345، 528، 7564/ 150
كثيرا ما يوجد في جوفه الحيات والأفاعي 7/ 132
أكله الضب 6/ 339، 563
مطاولته في السفاد 3/ 5190/ 6121/ 564
خفة حركته 6/ 564
نفخه وتوعده للإنسان 6/ 510
سوء هدايته 6/ 385
لا يحفر جحرا لنفسه وإنما يغتصب بيت الضب 4/ 6332/ 340، 564
وبيت الحية 6/ 564
سبب ذلك 4/ 6332/ 340
سكناه بقرب الضب 6/ 351
مصارعته للضب 7/ 150
مهارشته للحية 7/ 150
فرار الحية منه 5/ 281
خوفه من الثعلب 6/ 528
النهي عن قتله 4/ 341
تحرز العرب من قتله 7/ 150
لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/ 340
ضرر صيده من أول الليل 6/ 341.
وزغ:
من المسخ 1/ 196
والحيوان العاصي 4/ 402
أصم الله أباه وأبرصه 4/ 295
نفخه نار بيت المقدس 4/ 402
شبهه بالضب 6/ 328
يأكل اللحم والعشب 4/ 368
ويصطاد الذباب 3/ 6161/ 528
ويطاعم الحيات 4/ 403، 5405/ 191
ويكرع في المرق واللبن 4/ 403
كراهته للزعفران 4/ 314
سمه 4/ 405
صنع السم منه 4/ 403
موت السنور بأكله 5/ 168
حياته بعد القطع 6/ 344
عيشه بعد قطع ذنبه 6/ 575، 576
قتله 4/ 400، 402
علة قتل العامة له 1/ 201
قربه من الناس 4/ 405
أكل السنانير له 2/ 333
صداقة الحية له 3/ 241.
وطواط:
من الطير 1/ 27
من طيور الليل 2/ 408
من الحيوان المطيع 4/ 402
طيرانه ولا ريش له 3/ 159
نفخه نار بيت المقدس 4/ 402
سلاحه 1/ 25.
وعل:
علة تسميته بالقروع 7/ 18
شبه الثيتل به 6/ 471
نصول قرنه 7/ 17
اعتماده على قرنه في الوثب والقذف بنفسه 7/ 146
أكله الحيات 1/ 225/ 3282/ 4241/ 339 6/ 345.
(الياء)
يراعة:
وصفها 4/ 503.
يربوع:
من الأحناش 5/ 153
ضرب من الفأر 5/ 141، 162
من مطايا الجن 6/ 340
ما يشبهه من الحيوان 6/ 329
شبهه بالجرذ 6/ 520
الشفاري والتدمري 6/ 525
يداه أقصر
من رجليه 6/ 520(7/221)
يداه أقصر
من رجليه 6/ 520
وصفه 6/ 524
نافقاؤه 5/ 149، 150، 239
علة اتخاذه النافقاء 6/ 339، 522
احتياله 5/ 7150/ 24
توبيره 5/ 150
يأكله الإنسان 4/ 6282/ 520، 521
لا تصيده الأعراب من أول الليل 6/ 340
ديته 6/ 388.
يعسوب:
هو فحل النحل 5/ 224
لا يعد طيرا 1/ 26
إطلاق اليعسوب على الثور 1/ 18
يعاسيب الذباب 3/ 157
طاعة النحل لليعسوب 1/ 18.
بعقوب:
اليعقوب حمام 3/ 76.
يمام:
هو حمام 3/ 76، 99
انفراق جماعاته إذا حاذت الكعبة 3/ 72.
يؤيؤ:
من خشاش الطير 1/ 25
من جوارح الملوك 6/ 575
ليس من العقبان 3/ 91
يحضن عشرين يوما 3/ 91.(7/222)
فهرس الآيات القرآنية
البقرة: 1: 1/ 59.
البقرة: 18: 4/ 449.
البقرة: 24: 4/ 393.
البقرة: 26: 4/ 5278/ 214.
البقرة: 30، 35: 1/ 124.
البقرة: 31: 5/ 111.
البقرة: 35: 3/ 196.
البقرة: 57: 4/ 290.
البقرة: 63، 93: 4/ 361.
البقرة: 74: 4/ 401، 411.
البقرة: 86: 4/ 292.
البقرة: 118: 2/ 307.
البقرة: 125: 3/ 73.
البقرة: 163: 4/ 362.
البقرة: 171: 4/ 449.
البقرة: 175: 5/ 55.
البقرة: 178: 4/ 288.
البقرة: 179: 2/ 4301/ 473.
البقرة: 180: 6/ 534.
البقرة: 183، 185: 1/ 228.
البقرة: 249: 5/ 16.
البقرة: 260: 7/ 31.
البقرة: 275: 1/ 6123/ 399، 429.
البقرة: 276: 3/ 110.
آل عمران: 14: 6/ 436.
آل عمران: 40: 4/ 301.
آل عمران: 49، 131: 7/ 28.
آل عمران: 75: 3/ 41.
آل عمران: 93: 4/ 292.
آل عمران: 143: 7/ 120.
آل عمران: 183: 4/ 5488/ 11.
النساء: 3: 4/ 288.
النساء: 4: 4/ 289.
النساء: 10: 5/ 21، 13.
النساء: 11: 3/ 122.
النساء: 43: 1/ 220.
النساء: 66: 3/ 110.
النساء: 119: 1/ 117.
المائدة: 3: 4/ 297، 298.
المائدة: 3، 87، 160: 4/ 288.(7/223)
المائدة: 3، 87، 160: 4/ 288.
المائدة: 4: 2/ 350، 351، 359.
المائدة: 6: 1/ 220.
المائدة: 22، 75: 1/ 229.
المائدة: 29، 30، 31: 3/ 194.
المائدة: 31: 3/ 195.
المائدة: 32: 4/ 292.
المائدة: 42: 5/ 13.
المائدة: 60: 4/ 279.
المائدة: 67: 6/ 456.
المائدة: 110: 3/ 7182/ 28.
المائدة: 111: 5/ 227.
الأنعام: 9: 1/ 35.
الأنعام: 38: 1/ 459/ 401 7/ 25، 26، 30.
الأنعام: 45، 146: 4/ 291.
الأنعام: 71: 6/ 429.
الأنعام: 130، 143: 5/ 276.
الأنعام: 143: 5/ 242.
الأنعام: 145: 4/ 6280/ 403.
الأنعام: 146: 4/ 292.
الأنعام: 164: 4/ 475.
الأعراف: 19: 1/ 124.
الأعراف: 32: 4/ 290.
الأعراف: 40: 5/ 280.
الأعراف: 97: 1/ 195.
الأعراف: 107104: 4/ 336.
الأعراف: 132، 133: 5/ 300.
الأعراف: 133: 5/ 288.
الأعراف: 145، 171: 4/ 362.
الأعراف: 157: 4/ 292.
الأعراف: 158: 5/ 39.
الأعراف: 163: 4/ 310، 311.
الأعراف: 166: 4/ 312.
الأعراف: 175، 176: 2/ 265، 266.
الأعراف: 175، 176، 179: 1/ 238.
الأعراف: 176: 4/ 279.
الأعراف: 198: 2/ 7384/ 120.
الأنفال: 7: 3/ 64.
الأنفال: 16: 3/ 4195/ 298.
الأنفال: 21، 22: 4/ 362.
الأنفال: 35: 4/ 351.
الأنفال: 42: 5/ 55.
الأنفال: 48: 6/ 399.
التوبة: 69: 2/ 307.
التوبة: 127: 1/ 227.
يونس: 5: 1/ 36.
يونس: 22: 4/ 289.
هود: 7: 5/ 78، 82.
هود: 40: 1/ 225.
هود: 72: 4/ 301.
هود: 81: 6/ 357.
يوسف: 18: 6/ 574.
يوسف: 41: 7/ 28.
يوسف: 76: 5/ 111.
يوسف: 93، 94، 96: 4/ 470.
يوسف: 100: 2/ 353.
إبراهيم: 24، 26: 4/ 290.
إبراهيم: 37: 3/ 773/ 127.
الحجر: 16، 17: 6/ 454.(7/224)
الحجر: 17: 6/ 585.
الحجر: 17، 18: 6/ 399.
الحجر: 22: 3/ 176.
الحجر: 35: 6/ 456.
النحل: 1: 5/ 287.
النحل: 8: 2/ 309، 5310/ 112.
النحل: 14: 4/ 298.
النحل: 68، 69: 5/ 226.
النحل: 69: 5/ 226، 227، 288.
النحل: 80: 5/ 244.
النحل: 97، 114: 4/ 290.
الإسراء: 14: 1/ 45.
الإسراء: 15: 4/ 475.
الإسراء: 44: 7/ 29.
الإسراء: 64: 1/ 6123/ 398.
الكهف: 149: 2/ 351.
الكهف: 1816: 2/ 351.
الكهف: 18: 3/ 20.
الكهف: 21، 22: 2/ 352.
الكهف: 23: 3/ 4196/ 298.
الكهف: 50: 6/ 399، 415.
الكهف: 58: 4/ 362.
الكهف: 99: 2/ 409.
الكهف: 149: 5/ 276.
مريم: 8: 4/ 301.
مريم: 14: 1/ 229، 230.
مريم: 32: 1/ 230.
مريم: 62: 4/ 395.
طه: 129: 4/ 489.
طه: 15: 5/ 165.
طه: 17، 18: 5/ 269.
طه: 18: 4/ 337.
طه: 20: 4/ 393، 396.
طه: 88، 89: 7/ 28.
طه: 125: 1/ 228.
الأنبياء: 45: 4/ 449.
الأنبياء: 60، 61، 68، 69: 4/ 489.
الأنبياء: 63: 7/ 28.
الأنبياء: 79: 7/ 29.
الحج: 29: 5/ 202.
الحج: 31: 7/ 28.
الحج: 73: 3/ 164، 4181/ 278.
المؤمنون: 14: 1/ 331/ 182.
المؤمنون: 14، 27: 5/ 289.
النور: 11: 7/ 29.
النور: 23، 26: 4/ 289.
النور: 26: 1/ 202.
النور: 45: 4/ 392، 5393/ 78.
النور: 61: 4/ 290.
الفرقان: 45: 7/ 120.
الفرقان: 73: 4/ 449.
الشعراء: 3229: 4/ 337.
الشعراء: 44: 4/ 366.
الشعراء: 130: 1/ 229.
الشعراء: 212، 223221: 6/ 454.
النمل: 7: 6/ 586.
النمل: 7، 10: 4/ 337.
النمل: 7، 8: 4/ 489.
النمل: 12: 1/ 230.
النمل: 16: 7/ 33، 35.(7/225)
النمل: 17، 18، 19: 4/ 267.
النمل: 17، 20، 105، 116: 7/ 28.
النمل: 18، 19: 4/ 264، 269.
النمل: 20: 4/ 301.
النمل: 2320، 28: 1/ 65.
النمل: 21: 4/ 302، 6306/ 482.
النمل: 21، 22، 2624: 4/ 299.
النمل: 22، 39، 40: 1/ 9.
النمل: 3127، 34، 4036: 4/ 300.
النمل: 1: 2/ 6352/ 400، 415.
النمل: 47، 82: 7/ 29.
النمل: 80: 4/ 447.
النمل: 88: 5/ 288.
النمل: 144: 5/ 78.
القصص: 19: 1/ 229.
القصص: 32: 1/ 230.
العنكبوت: 40: 4/ 283.
العنكبوت: 41: 4/ 278.
العنكبوت: 41، 43: 5/ 218.
العنكبوت: 41، 43: 5/ 218.
العنكبوت: 64: 5/ 154.
الروم: 7: 5/ 112.
الروم: 50: 4/ 362.
لقمان: 27: 1/ 5137/ 112.
السجدة: 10: 3/ 237.
الأحزاب: 36: 2/ 374.
الأحزاب: 72: 4/ 401.
سبأ: 10: 4/ 7401/ 32.
سبأ: 12، 13: 6/ 400.
سبأ: 13: 1/ 4225/ 305، 306.
سبأ: 14: 4/ 406.
سبأ: 15: 4/ 289.
سبأ: 15، 16،: 5/ 289.
فاطر: 1: 3/ 7112/ 26، 30.
فاطر: 11: 4/ 393.
فاطر: 12: 5/ 78.
فاطر: 18: 4/ 475.
يس: 29: 2/ 409.
يس: 55: 4/ 395.
يس: 80: 4/ 5490/ 51، 53.
الصافات: 96: 6/ 454.
الصافات: 97: 6/ 586.
الصافات: 7: 6/ 415.
الصافات: 10: 6/ 586، 587.
الصافات: 64، 65: 4/ 279.
الصافات: 65: 6/ 425.
الصافات: 102: 1/ 107.
الصافات: 107: 5/ 242.
ص: 18، 19: 7/ 32.
ص: 19: 7/ 30.
ص: 33: 5/ 248.
ص: 35: 4/ 303.
ص: 3835: 6/ 400.
ص: 37، 38: 6/ 431.
ص: 38: 4/ 306.
ص: 41، 42: 6/ 399.
ص: 56: 4/ 396.
ص: 86: 1/ 231.
الزمر: 7: 4/ 475.
الزمر: 71: 4/ 396.
فصلت: 21: 1/ 229.(7/226)
فصلت: 21، 50: 7/ 29.
الشورى: 52: 1/ 226.
الدخان: 49: 3/ 539/ 14.
الجاثية: 13: 1/ 5139/ 287.
الجاثية: 24: 1/ 226.
محمد: 15: 5/ 230.
محمد: 23، 24: 4/ 447.
الحجرات: 12: 5/ 13.
ق: 9: 5/ 78.
ق: 45: 1/ 230.
الذاريات: 19: 1/ 126، 127.
الذاريات: 53: 2/ 307.
الرحمن: 4، 5: 1/ 36.
الرحمن: 35: 4/ 5491/ 54.
الرحمن: 56، 74: 1/ 6123/ 398.
الرحمن: 64، 65: 3/ 120.
الطور: 44: 2/ 390.
الواقعة: 19: 5/ 230.
الواقعة: 19، 33: 3/ 42.
الواقعة: 21: 7/ 30.
الواقعة: 29: 1/ 2283/ 117.
الواقعة: 56: 4/ 394.
الواقعة: 71: 5/ 50.
الواقعة: 7371: 4/ 490.
الجمعة: 5: 2/ 385، 4386/ 279.
المنافقون: 4: 5/ 6132/ 548.
التغابن: 16: 3/ 7، 8.
التحريم: 6: 4/ 411.
التحريم: 10: 4/ 289.
الملك: 5: 6/ 454.
الملك: 15: 6/ 585.
القلم: 1: 1/ 37.
القلم: 16: 7/ 103.
القلم: 2017: 3/ 196.
الحاقّة: 19، 25: 1/ 45.
المعارج: 1611: 3/ 188.
نوح: 23: 7/ 31، 32.
الجن: 6: 6/ 399، 420، 428.
الجن: 108: 6/ 454.
الجن: 9: 6/ 457.
الجن: 18: 1/ 228.
المدثر: 4: 1/ 229.
المدثر: 31: 5/ 112.
المدثر: 36: 5/ 39.
الإنسان: 1، 2: 4/ 393.
الإنسان: 18: 1/ 229.
عبس: 13: 1/ 45.
عبس: 2927: 5/ 51.
الانفطار: 94: 1/ 45، 82.
المطففين: 1: 1/ 228.
الطارق: 11: 5/ 159.
الغاشية: 17: 1/ 7228/ 127، 128.
الفجر: 6: 7/ 120.
التين: 1: 1/ 136.
الزلزلة: 7، 8: 4/ 275، 279.
العاديات: 8: 6/ 534.
التكاثر: 8: 1/ 231.
الفيل: 51: 4/ 7283/ 120.
الإخلاص: 1: 4/ 497.
الفلق: 1: 1/ 6229/ 532.(7/227)
فهرس الأحاديث النبوية
(الألف)
إذا رقدت: 5/ 66، 146.
إذا كانت تلك: 4/ 450.
إذا لا ينتطح: 1/ 222.
أذنك حتى أساودك: 4/ 271.
اسقه عسلا: 5/ 228.
أشد الناس عذابا: 4/ 337.
اعقلها وتوكل: 2/ 312.
أعوذ بك أن: 4/ 337.
أغلقوا أبوابكم: 5/ 66.
أكلك كلب الله: 2/ 349.
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحبسوا: 5/ 67.
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع: 4/ 403.
امسحوا رعام الشاء: 5/ 267.
أنا!!: 1/ 224.
أنا بريء من: 7/ 121.
أنا جذيلها: 1/ 223.
إن تحت جناح: 3/ 150.
إن تلك الأكلة: 4/ 382.
إن الديك الأبيض: 2/ 387.
أنفق بلال: 2/ 312.
أنقوا عذراتكم: 1/ 220.
إن الله تعالى إذا: 5/ 288.
إن الله عز وجل: 5/ 267.
إن مما خلق: 2/ 387.
إنها بين قرني: 6/ 431.
إنها تطلع بين: 1/ 101.
إني بريء من كل: 2/ 383.
إني لست كأحدكم: 4/ 471.
أوصيكم بالشاء: 5/ 267.
(الباء)
البائعان بالخيار: 3/ 121.
بينما رجل يمشي: 2/ 332.
(التاء)
تراصوا بينكم: 6/ 432.
(الحاء)
الحلو البارد: 5/ 228.
الحميراء: 1/ 223.(7/228)
(الخاء)
خرافة رجل من: 6/ 424.
خرج نبي من: 4/ 269.
خرج نبي من: 4/ 269.
خصاء أمتي الصوم: 1/ 85.
خمروا آنيتكم: 6/ 425.
خمس من الدواب: 2/ 419.
خمس يورثن النسيان: 5/ 146.
(الدال)
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم: 4/ 401.
دخلت امرأة: 5/ 147.
الديك صديقي: 2/ 438.
(الراء)
الراجع في هبته: 1/ 149.
رأس الكفر: 5/ 268.
(السين)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 4/ 401.
السكينة في أهل: 5/ 268.
سياحة أمتي: 1/ 85.
(الشين)
شهدت الفجار: 1/ 6109/ 459.
شيطان خترب: 6/ 417.
شيطان يتبع: 1/ 197.
(الصاد)
الصوم وجاء: 1/ 85، 113.
(العين)
عذبت امرأة: 5/ 146.
عفري: 5/ 268.
عليكم بالأسود: 1/ 193.
عمر الذباب: 3/ 186.
العين حق: 2/ 321.
(الغين)
غفر لامرأة: 2/ 332.
الغنم بركة: 5/ 268.
(الفاء)
الفخر في أهل: 5/ 268.
فيها نشأة الخلق: 1/ 117.
(القاف)
قل ومعك: 1/ 226.
(الكاف)
كل ذباب في: 3/ 186.
كل الصيد في: 1/ 222، 385.
(اللام)
لا أحله ولا أحرمه: 6/ 356.
لا تبيتوا في المعصفر: 4/ 386.
لا تتراءى ناراهما: 2/ 7384/ 121.
لا تذبحوا الديك: 2/ 438.
لا تسبه فإنه يدعو: 2/ 387.
لا تسبوا الدهر: 1/ 226.
لا تشربوا من ثلمة: 6/ 432.
لا تطفئوا النار (حديث قدسي): 5/ 66.
لا تعذبوا بعذاب الله: 4/ 490.
لا وخرافة حق: 1/ 199.
لا يحل لرجل: 1/ 185.
لا يرجع في هبته: 1/ 185.
لا يقولن أحدكم خبثت: 1/ 223.
لا يقولن أحدكم لمملوكه: 1/ 225.
لا يلسع المؤمن: 1/ 222.
لعنها الله فإنها: 4/ 366.
اللهم إني أعوذ: 4/ 337، 338.(7/229)
ليس من طعام: 6/ 356.
(الميم)
الماء لا ينجسه: 5/ 82.
ما سالمناهن مذ: 4/ 404.
مات حتف أنفه: 1/ 222.
ما من مسلم: 5/ 267.
من اتخذ كلبا: 1/ 195، 199.
من أحيا أرضا: 1/ 24.
من اقتنى كلبا: 1/ 194.
من أكل من: 1/ 202.
من الدواب: 3/ 256.
من فعل هذا: 4/ 268.
من كانت له غنم: 5/ 267.
من كان منكم: 5/ 268.
(النون)
نزل نبي من: 4/ 268.
نعم إن لم تدركه: 1/ 208.
نعمت العمة لكم: 1/ 138، 139.
نهى صلى الله عليه وسلم أن يقعي: 2/ 363.
نهى صلى الله عليه وسلم عن اختناث فم القربة: 4/ 390.
نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الخفاش: 5/ 284.
نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع: 3/ 261 5/ 283.
نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل الوطواط: 3/ 261.
(الهاء)
هذا أول يوم: 6/ 460.
هن من الطوافات عليكم: 1/ 248 2/ 5332/ 146.
(الواو)
وفروا أشعارهن: 1/ 113.
الولد مجبنة: 1/ 74.
(الياء)
يا أم عطية: 7/ 15.
يا خيل الله: 1/ 222.(7/230)
فهرس الأقوال والأثر
القول: القائل: الجزء والصفحة
(الألف)
أبرح فتى إن لم تدركه أم كلبة.: زيد الخيل: 2/ 413.
أجدني أجد ما لا أشتهي:؟: 3/ 68، 6/ 589.
أجدني أذوب ولا أثوب.: عمرو بن العاص: 6/ 589.
إذا جاء القدر لم ينفع الحذر.: ابن عباس رضي الله عنه: 3/ 250، 6/ 477.
إذا ظهر البياض قل السواد:؟: 3/ 60.
إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.: أيوب السختياني: 6/ 322.
ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.: سليمان بن داود عليه السلام: 4/ 269.
استراح من لا عقل له.:؟: 3/ 237، 5/ 315.
أشهد بالله إنك لضبع.: أبو إسحاق: 5/ 64.
أصلخ كصلخ النعامة.:؟: 4/ 456.
اضربوهن بالعري.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/ 112.
الأماني للنفس مثل الترهات: معمر بن عباد: 5/ 106.
إن الطاعون وخز من الشيطان.: عمرو بن العاص: 1/ 234.
أطعام يد أم طعام يدين.: حسان: 7/ 154.
اقتلوا من الحيات ذا الطفيتين: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 2/ 405، 4/ 404.
أقل الله فطنتك.:؟: 7/ 153.
أنا أصدق في صغار ما يضرني: القيني: 5/ 312.
أنا بيضة البلد.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 4/ 424.
أنا لا أصدق ما دام كذبي يخفى.: القيني: 5/ 313.(7/231)
القول: القائل: الجزء والصفحة
أنا مثل العقرب أضر ولا أنفع.: القيني: 4/ 5366/ 189.
إن الإسكندر كان أمس أنطق:؟: 6/ 590.
إن بني عامر جعلتني على:؟: 5/ 165، 6/ 382.
إن الجماح يمنع الأذى.: جرير: 3/ 50.
إن الذباب إذا دلك به موضع: ابن ماسويه: 5/ 195.
إن سرك من دمك، فانظر: المنصور: 5/ 102.
إن عليك أن ترد ضالتها وتهنأ:؟: 5/ 59.
إن فيها لمثاقيل ذر.: عائشة «رض»: 4/ 275.
إن لكل شيء سادة حتى إن: أبو موسى الأشعري: 4/ 5269/ 225
إن الوئام يتترع في جميع الطمش.: الفزر عبد بني فزارة: 2/ 431.
إنا فقّحنا وصأصأتم.: عبيد الله بن جحش: 2/ 403.
إنما أنت ثعلب في جحر، فابرز: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/ 473.
إنك لا تنتفع بعقل الرجل حتى: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/ 27.
إنه ليقتل الحبارى هزلا:؟: 5/ 237.
إني لا أبتدي ولكني أعتدي.: جرير: 3/ 50، 225.
إياكم وهذه المجازر فإن لها: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 2/ 295.
إياك والكلام المأثور.: حذيفة بن بدر: 3/ 560/ 159.
أيها الناس إنه ما بقي من: الأشعث: 6/ 575.
(الباء)
البشر ناس ونسناس و:؟: 6/ 417.
بكى حتى رسعت عينه.: ابن عمرو بن العاص: 6/ 504.
بكل واد بنو سعد.: الأضبط بن قريع: 3/ 452/ 451.
(التاء)
تحملون الصبيان على الجنان.: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: 6/ 409.
تغدو الطير خماصا وتروح: صالح المري: 7/ 38.
تفقهوا قبل أن تسودوا.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/ 223.
تقرير لسان الجاحد أشد من: عمرو بن عبيد: 6/ 335.
تكثر من العلم لتعرف وتقلل: الخليل بن أحمد: 1/ 43.(7/232)
تمام العدة وانقضاء المدة.:؟: 6/ 588.
(الثاء)
ثلاث يخلقن العقل وفيها دليل على: يزيد بن معاوية: 5/ 105.
(الجيم)
جرادة تجرد وذات لونين: النابغة الذبياني: 5/ 293.
(الحاء)
الحبلة أفضل أم النخلة: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/ 387.
حتى أنزع النعرة التي في أنفه.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/ 101.
الحرب غشوم.:؟: 1/ 219.
الحركة خير من الظل والسكون.: مثنى بن بشير: 5/ 58.
حلقت به في الجو عنقاء مغرب.:؟: 7/ 72.
(الخاء)
خالف ولو بأن تعلق في عنقك:؟: 2/ 305.
الخصاء صبر شديد.: الزهري: 1/ 117.
خصلتان كبيرتان في امرئ السوء.: الزبرقان بن بدر: 3/ 52.
(الدال)
داهية الغبر.: يونس بن حبيب: 4/ 330.
دع الرّبى والماخض والأكولة.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 263.
الدنيا بما فيها حديث فإن:؟: 3/ 59.
(الذال)
ذهب الناس وبقيت في النسناس.: الحسن رضي الله عنه: 7/ 108.
ذهبت المكارم إلا من الكتب.: صديق الجاحظ: 1/ 40.
الذي يجيئني لا أرضاه والذي: الخليل بن أحمد: 3/ 67.
(السين)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للوزغ: عائشة «رض»: 4/ 401.
سيف في متنه ذر.:؟: 4/ 274.
سيف الله حلاه.: بلعاء بن قيس: 5/ 93.(7/233)
(الشين)
شراب كأنه النار.:؟: 5/ 52.
شعاع مركوم ونسم معقود: قدامة: 5/ 52.
الشمس أرحم بنا.:؟: 3/ 5173/ 56.
الشمس صلاء العرب.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 57.
شنشنة أعرفها من أخزم.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/ 222.
شوقي إلى المسيح مثل الأيل: داود عليه السلام: 7/ 16.
(الصاد)
صحة الأبدان مع الشمس.: إياس بن معاوية: 5/ 58.
(الطاء)
الطينة تقبل الطبائع ما كانت لينة.: ابن أود: 4/ 340.
(العين)
العاشية تهيج الآبية.:؟: 5/ 117.
العربي كالبعير حيثما دارت الشمس: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 57.
عضضت ببظر اللات.: أبو بكر رضي الله عنه: 3/ 19.
العقل إذا أكره عمي.:؟: 4/ 482.
عليكم بالشفاءين القرآن والعسل.: ابن مسعود: 5/ 228.
عمّر الله البلدان بحب الأوطان.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/ 110.
العنوق بعد النوق.: الكلابي: 5/ 246.
(الغين)
غير يعفور أهل به.:؟: 2/ 270.
(الفاء)
الفارسي إذا تظرف تساكت: خلف الأحمر: 3/ 60.
فإذا كان ذلك ضرب يعسوب: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/ 157.
الفقير مرقته سلقة ورداؤه علقة: عبد الأعلى القاص: 1/ 73.
فلما قدمنا الشام وجدنا مرافقهم: أبو أيوب: 5/ 159.
في الأرنب يصيبها المحرم حلام.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 265.(7/234)
(القاف)
قاتله الله، ضبح ضبحة الثعلب: ابن الزبير: 7/ 36.
قرب الوساد وطول السواد.: ابنة الخس: 4/ 271.
القليل والكثير للكتب والقليل: أبو إسحاق: 1/ 43.
قولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين: عائشة «رض»: 1/ 227.
(الكاف)
كان ذلك حين ركبني شيطاني.: أبو الوجيه العكلي: 1/ 198.
كان ذلك وثوب الإسلام داج.:؟: 3/ 122.
كأن لون وجهها النار.:؟: 5/ 52.
كل شيء يحب ولده حتى الحبارى.: عثمان بن عفان رضي الله عنه: 1/ 5128/ 84.
كلاب الحي شعراؤهم وهم الذين:؟: 1/ 234.
كنت والله في أيام شبابي أحسن: هند ابنة الخس: 5/ 52.
كنيف ملئ علما.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/ 223.
كونوا بلها كالحمام.:؟: 3/ 794/ 153.
(اللام)
لا تصلوا في أعطان الإبل.:؟: 1/ 101.
لا تجرين فرسا إلا من المائتين: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 1/ 117.
لا تقطعوا نامية خلق الله تعالى.: عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 1/ 117.
لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم: ابن مسعود وابن هريرة: 1/ 225.
لا يقرب العتر الضأن ما وجدت: الفزر عبد بني فزارة: 2/ 431.
لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقهن: عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 3/ 261.
لا تقتلوا الخفاش فإنه إذا خرب: عبد الله بن عمر رضي الله عنه: 3/ 261.
لا تطلع واحدا من سرك إلا:؟: 5/ 102.
لأنا أشد لك بغضا من الأرض للدم.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 4/ 358.
لعن الله من خصى الرجال.: الحسن رضي الله عنه: 1/ 118.
لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يمر: أبو ذر الغفاري: 4/ 363.
لكل مقام مقال.:؟: 3/ 19.
لهفي عليك يعسوب قريش.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/ 157.(7/235)
لولا أنها أمة من الأمم لأمرت: عثمان بن عفان رضي الله عنه: 3/ 94.
ليت أن روح الله مع كل أحد.: موسى عليه السلام: 1/ 226.
ليت لنا منه قفعة أو قفعتين.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 299.
ليس في البهائم شيء يعمل عمل: ابن عون: 1/ 74.
ليس الرجيع إلا رجيع القول: يونس: 5/ 159.
ليس لك أن تذكر أمي بخير ولا:؟: 5/ 60.
ليس للمريض عندي دواء إلا العسل.: ربيع بن خثيم: 5/ 228.
ليس الناس بشيء من أقسامهم: ابن الزبير: 3/ 110.
لئن لم ترجع في مالك ثم مت: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 6/ 396.
(الميم)
ما احتنك رجل قط إلا أحب الخلوة.:؟: 7/ 149.
ما أهل بيت لهم شاة إلا يقدسون: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 5/ 267.
ما جلس بين يدي رجل قط إلا: أبو عباد: 5/ 78.
ما الدنيا في الآخرة إلا كنفجة أرنب.: قبيصة بن جابر: 6/ 500.
ما ساءك وناءك.:؟: 1/ 230.
ما هو إلا في حلم معاوية.:؟: 2/ 300.
ما هو إلا نار.:؟: 5/ 52.
متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 4/ 396.
من أحب طول العمر فليوطن نفسه: عبد الرحمن بن أبي بكرة: 6/ 590.
من ارتاد لسره موضعا فقد أشاعه.:؟: 5/ 101.
من أهدى لنا مكتلا من عرة أهدينا: الزبير: 5/ 157.
من ترك قتل حية مخافة أثارها فعليه: عائشة «رض»: 4/ 404.
من رق وجهه رق علمه.: أبو الحسن: 3/ 223.
من سره بنوه ساءته نفسه.: ضرار بن عمرو: 6/ 590.
من قال الطوال فهو على القصار أقدر.: الكميت: 3/ 49.
من كتم سره كان الخيار في يده.: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 5/ 102.
من يطل أير أبيه ينتطق به.: علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 3/ 18.
من يعذرني من ابن أم سباع مقطعة: حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: 3/ 19.(7/236)
(النون)
نحن بخير ما رأينا سواد فلان بين أظهرنا.:؟: 3/ 120.
(الهاء)
هذا والله السحر الحلال.: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: 6/ 426.
هو يأكل رؤوس الحملان.:؟: 5/ 243، 244.
(الواو)
وجمال كل مجلس بأن يكون سقفه: العتابي: 5/ 52.
وصلت بالعلم وكسبت بالملح.: الأصمعي: 3/ 223.
والله لأنا أشد بغضا لك من الأرض: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 3/ 70.
والله ما ولدته يتنا وما سقيته غيلا: أم تأبط شرا: 1/ 189.
(الياء)
يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك.: العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: 5/ 105.
يا بني لا تقوموا في الأسواق إلا على: المهلب: 1/ 40.
يرزقكم الذي يرزق عصافير الدو.: زاهر: 7/ 38.
يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.: عقيل بن علفة: 3/ 49.(7/237)
فهرس الأمثال
(الألف)
آمن من حمام مكة: 3/ 95.
آمن من غزلان مكة: 3/ 96.
أبخل من كلب على جيفة: 1/ 149.
أبر من هرة: 1/ 129، 2145/ 7389/ 5.
أبصر من حية: 4/ 375، 379.
أبصر من عقاب: 1/ 7145/ 8.
أبصر من غراب: 3/ 7199/ 8.
أبصر من فرس: 7/ 8.
أبصر من كلب: 2/ 437.
أبصر من هدهد: 7/ 8.
أبطأ من غراب نوح: 2/ 419.
أبعد من بيض الأنوق: 6/ 494.
أبين من سحبان وائل: 1/ 32.
أترف من ربيب ملك: 3/ 225.
أجبن من صفرد: 1/ 7144/ 5.
أجرأ من الليث: 1/ 144، 7150/ 5.
أجرأ من مجلحة الذباب: 5/ 127.
أجع كلبك يتبعك: 1/ 192.
أجمع من ذرة: 1/ 144.
أجهل من حمار: 2/ 384.
أجهل من العقرب: 2/ 329.
أجوع من كلبة حومل: 1/ 192.
أحب شيء إلى الكلب خانقه: 1/ 192.
أحب أهلي إلى كلبهم الظاعن: 1/ 170.
احتاج إلى الصوف من جز كلبه: 1/ 192.
أحذر من عصفور: 5/ 7283/ 5.
أحذر من عقعق: 1/ 2144/ 3344/ 90 5/ 7283/ 5.
أحذر من غراب: 3/ 5201/ 7283/ 5.
أحرص من كلب على عقي صبي: 1/ 148.
أحرص من لعوة: 1/ 178.
أحزم من فرخ العقاب: 7/ 5، 13.
أحسن من الطاوس: 2/ 379.
أحلم من الأحنف: 2/ 300.
أحلم من قيس بن عاصم: 2/ 300.
أحمق من جهيزة: 1/ 129.
أحمق من الحبارى: 1/ 128، 2144/ 329.
أحمق من ربع: 7/ 12.
أحمق من عقعق: 3/ 90.
أحمق من نعامة: 1/ 130.
أحيا من ضب: 6/ 349، 385.(7/238)
أخب من ضب: 6/ 339، 385.
أخبث من ذئب: 6/ 534.
أخبث من ذئب الحمز: 1/ 144.
أخبث من ذئب خمر: 6/ 535.
أخدع من ضب: 6/ 339، 7365/ 5.
أخرق من امرأة: 3/ 225.
أخرق من حمامة: 3/ 94.
أخزى الله الحمار مالا: 2/ 386.
أخف من فراشة: 2/ 371.
أدرك القويمة لا تأكلها الهويمة: 4/ 375.
أدفأ من شجر: 5/ 262.
أدهى من ثعلب: 6/ 478.
إذا جاء الحين غطى العين: 3/ 250.
إذا جاء القدر عمي البصر: 3/ 250.
إذا جاء القدر لم ينفع الحذر: 6/ 477.
إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون: 6/ 322.
أذل من قراد: 5/ 234.
أذل من النقد: 5/ 246.
أرسح من ضفدع: 5/ 279.
أرنب الخلة: 4/ 6325/ 378، 414.
أروغ من ثعلب: 1/ 6144/ 7473/ 5.
أروى من ضب: 6/ 381، 385، 463.
أزهى من ذباب: 3/ 7146/ 5.
أزهى من ذبان: 3/ 146.
أزهى من غراب: 1/ 3144/ 164 6/ 7569/ 5.
أسأل من فلحس: 1/ 168.
استراح من لا عقل له: 5/ 315.
أسخى من ديك: 2/ 331.
أسخى من لافظة: 1/ 7144/ 5.
أسرع من سمع: 7/ 5.
أسرع من لحسة كلب أنفه: 1/ 178.
أسرق من جرذ: 5/ 139.
أسرق من زبابة: 5/ 139.
أسلح من حبارى: 2/ 5413/ 239.
أسلح من دجاجة: 2/ 413.
أسمح من لافظة: 2/ 329، 330.
أسمع من الدلدل: 6/ 569.
أسمع من عقاب: 4/ 5379/ 283.
أسمع من: 4/ 6379/ 7553/ 5، 7.
أسمع من فرس: 1/ 2145/ 4344/ 379 5/ 6283/ 7553/ 5، 10.
أسمع من قراد: 5/ 230، 6283/ 553 7/ 5، 8، 81.
أسمع من قنفذ: 6/ 569.
أسمع من كلب: 2/ 437.
أشد سوادا من غراب: 3/ 201.
أشد عداوة من عقرب: 1/ 144.
أشد من الأسد: 1/ 150.
أشرد من نعامة: 1/ 5130/ 239.
أشم من ذرة: 4/ 456.
أشم من كلب: 2/ 437.
أشم من نعامة: 4/ 456.
أشم من هيق: 4/ 456.
أصبر على الهون من كلب: 1/ 144.
أصبر من عير أبي سيارة: 2/ 385، 386.
أصح بدنا من غراب: 3/ 199، 219.
أصح من الظليم: 1/ 145.
أصدق من قطاة: 5/ 7303/ 5.
أصرد من جرادة: 5/ 292.(7/239)
أصرد من حية: 6/ 344.
أصرد من عتر جرباء: 5/ 6245/ 344.
أصغر من ابن تمرة: 6/ 533.
أصفى عينا من غراب: 3/ 199.
أصفى من عين الديك: 2/ 418، 436.
أصفى من عين الغراب: 2/ 418، 436.
أصنع من تنوط: 7/ 5.
أصنع من دبر: 7/ 5.
أصنع من سرفة: 1/ 2144/ 329 6/ 7519/ 5.
اصنعوا المعروف ولو إلى الكلب: 1/ 127.
اصنع المعروف ولو مع الكلب: 1/ 178.
أضبط من نملة: 4/ 267.
أضل من حمار أهله: 2/ 386.
أضل من حمار أهلي: 1/ 145.
أضل من الحية: 4/ 341.
أضل من ضب: 1/ 4145/ 6341/ 385.
أضل من ورل: 1/ 4145/ 341.
أطول ذماء من ضب: 1/ 6145/ 386.
أطير من الجراد: 1/ 26.
أطيش من فراشة: 3/ 145.
أظل من حجر: 5/ 262.
أظلم من حية: 1/ 144، 4145/ 332، 6357/ 7529/ 5.
أظلم من ذئب: 4/ 332.
أظلم من صبي: 3/ 225.
أظلم من ورل: 4/ 7332/ 5.
أعدى من الثؤباء: 2/ 325.
أعدى من الجرب: 2/ 325.
أعدى من حية: 4/ 6357/ 344.
أعز من الأبلق العقوق: 6/ 494.
أعز من كليب وائل: 1/ 211.
أعق من الضب: 1/ 129.
أعق من: 1/ 6145/ 346، 7385/ 5.
اعقلها وتوكل: 2/ 312.
أعيا من باقل: 1/ 32.
أغدر من الذئب: 1/ 6144/ 435.
أغدر من قيس بن عاصم: 2/ 300.
أغرب من غراب: 3/ 219.
أغلم من تيس بني حمان: 5/ 266.
أغنى من التفة عن الرفة: 6/ 500.
أفحش من فاسية: 3/ 6243/ 569.
أفحش من فالية الأفاعي: 3/ 243.
أفسى من الظربان: 1/ 162.
أقبح من السحر: 6/ 426.
أقبح من الشيطان: 6/ 426.
أقصر من إبهام الضب: 6/ 386.
أقصر من إبهام القطاة: 6/ 386.
أقطف من حلمة: 5/ 234.
أكثر نزوا من جرادة رمضة: 2/ 371.
أكذب من فاختة: 1/ 7144/ 5.
أكذب من قيس بن عاصم: 2/ 300.
أكسب من ذئب: 6/ 7534/ 5.
أكيس من قشة: 4/ 309.
ألأم من كلب على جيفة: 1/ 144.
ألج من الخنفساء: 3/ 164، 6243/ 569.
ألذ من السلوى: 1/ 152.
ألزق من البرام: 5/ 233، 234.
ألزق من قراد: 5/ 230، 233.
ألطف من ذرة: 4/ 267.(7/240)
أمتع من النسيم: 1/ 152.
أملح من رباح: 4/ 309.
أموق من رخمة: 7/ 5.
إن ذهب عير فعير في الرباط: 2/ 386.
إن الجماح يمنع الأذى: 3/ 50.
إن لكل رفقة كلبا: 1/ 170.
أنتن من سلاح الثعلب: 6/ 478.
أنتن من ظربان: 1/ 163.
أنسب من ذرة: 4/ 267.
أنفر من الظليم: 1/ 145.
أنكح من الفرأ: 2/ 385.
إنما أنت نعامة إذا 4/ 417.
إنما أنفه في أسلوب: 3/ 146.
إنما هو تيس: 5/ 243.
إنما هو عبد عين: 3/ 41.
إنما هو كبش من الكباش: 5/ 243.
أهدى من جمل: 4/ 7456/ 5.
أهدى من قطاة: 1/ 5144/ 7303/ 5.
أهلك الناس الأحامر: 3/ 121.
أهلك النساء الأحمران: 3/ 121.
أهون علي من الأعراب: 1/ 213.
أهون من تبالة على الحجاج: 1/ 213.
إياك أعني واسمعي يا جارة: 3/ 62.
إياك والكلام المأثور: 3/ 560/ 159.
إياي والغناء فإنه داعية الزنا: 3/ 140.
أيقظ من ذئب: 2/ 344.
(الباء)
بغضاء السوق موصولة بالملوك: 7/ 59.
بكل واد بنو سعد: 1/ 3239/ 452/ 451.
به لا بظبي بالصريمة أعفرا: 7/ 101.
بيضة الإسلام: 4/ 424.
بيضة البلد: 4/ 424.
بيضة القبة: 4/ 424.
(التاء)
تعلمني بضب أنا حرشته: 6/ 385.
تمرد مارد وعز الأبلق: 1/ 51.
تهنيك النافجة: 1/ 221.
تيس الربل: 4/ 6325/ 378.
(الجيم)
جاء بأم الربيق على أريق: 4/ 375.
جاء بما صأى وصمت: 1/ 28.
جاؤوا مثل النمل: 4/ 277.
جان العشرة: 6/ 404.
الجحش إذا فاتتك الأعيار: 2/ 385.
جحيش وحده: 2/ 386.
جسم البغال وأحلام العصافير: 5/ 126.
(الحاء)
الحب يعمي ويصم: 4/ 447.
حتى تقع السماء على الأرض: 5/ 279.
حتى يبيض القار: 5/ 279.
حتى يجمع بين: 5/ 7279/ 140.
حتى يجمع بين الضب والنون: 5/ 280.
حتى يجمع بين النار والماء: 5/ 279.
حتى يجيء مصقلة من طبرستان: 5/ 280.
حتى يجيء نشيط من مرو: 5/ 279.
حتى يرجع غراب نوح: 2/ 419.
حتى يرجع مصقلة: 2/ 419.
حتى يرجع نشيط من مرو: 2/ 419.
حتى يشيب الغراب: 3/ 5203/ 279.
حتى يلين لضرس الماضغ الحجر: 4/ 416.(7/241)
حتى يؤوب القارظ العتري: 2/ 419.
الحجر مجان والعصفور مجان: 5/ 131.
الحرب غشوم: 1/ 219.
حرة تحت قرة: 5/ 58.
حلقت به في الجو عنقاء مغرب: 7/ 72.
حمار يحمل أسفارا: 2/ 386.
(الخاء)
خالف تذكر: 2/ 7305/ 52.
خب ضب: 6/ 339، 365.
خل درج الضب: 6/ 385.
(الدال)
داهية الغبر: 4/ 330.
دماء الملوك شفاء: 2/ 260، 261.
(الذال)
ذئب الخمر: 4/ 6325/ 378، 414.
(الراء)
الرائد لا يكذب أهله: 4/ 263.
الراجع في هبته: 1/ 149.
رب ملوم لا ذنب له: 1/ 23.
رماه الله بأفعى حارية: 4/ 379.
رمتني بدائها وانسلت: 1/ 16.
(الزاي)
زل في سلى جمل: 3/ 254.
(السين)
سدك به جعله: 1/ 155.
سمن كلبك في جوع أهله: 1/ 126.
سمن كلبك يأكلك: 1/ 125، 192.
سواس كأسنان الحمار: 6/ 371.
سود الأكباد: 3/ 120.
سود البطون وحمر الكلى: 3/ 120.
(الشين)
شب عمرو عن الطوق: 6/ 424.
شراب كعين الديك: 2/ 447.
شرابون بأنقع: 1/ 98.
شرب الدهر عليهم وأكل: 5/ 14.
الشمس أرحم بنا: 3/ 5173/ 56.
شنشنة أعرفها من أخزم: 1/ 222.
شيطان الحماطة: 6/ 378، 404، 416.
(الصاد)
صاحبي مئق وأنا تئق: 1/ 190.
صمت حصاة بدم: 4/ 450.
صمي ابنة الجبل: 4/ 374.
صمي صمام: 4/ 374.
(الضاد)
ضب السحا: 4/ 6325/ 378، 414.
ضبح ضبحة الثعلب: 7/ 36.
ضربناهم ضرب غرائب الإبل: 4/ 465.
ضربه ضربة فكأنما أخطأه: 6/ 552.
(الطاء)
طول السواد وقرب الوساد: 1/ 112.
(العين)
العاشية تهيج الآبية: 5/ 117.
العصا من العصية: 1/ 11.
العقل إذا أكره عمي: 4/ 482.
على أهلها جنت براقش: 2/ 268.
على أهلها دلت براقش: 1/ 260.
عند الصباح يحمد: 6/ 592.
العتر تبهي ولا تبني: 5/ 245.
العنوق بعد النوق: 5/ 246.
العير أوقى لدمه: 2/ 385.(7/242)
العير والنفير: 5/ 276.
العير يضرط والمكواة في النار: 2/ 386.
عيير وحده: 2/ 386.
(الغين)
الغناء رقية الزنا: 3/ 140.
غول القفرة: 6/ 404.
(الفاء)
فسا بينهما ظربان: 1/ 162، 163.
فلان أخضر القفا: 3/ 120.
فلان أخضر البطن: 3/ 121.
فلان أسد البلاد: 1/ 150.
فلان أمعز من فلان: 5/ 255.
فلان حية الوادي: 4/ 374.
فلان في أنفه ختروانة: 3/ 167.
فلان في أنفه نعرة: 3/ 167.
فلان لا يستطيع أن يجيب: 3/ 129.
فلان ماعز من الرجال: 5/ 255.
في كل الشجر نار: 4/ 491.
(القاف)
قد حيل بين العير والتروان: 2/ 386.
القرد قبيح ولكنه مليح: 4/ 309.
قنفذ برقة: 6/ 414.
(الكاف)
كالكلب يربض في: 1/ 192.
كانت بيضة الديك: 2/ 433.
كانت بيضة العقر: 2/ 433.
كذب علي نمل: 4/ 309.
كل شيء يحب ولده حتى الحبارى: 1/ 128 5129/ 84، 7238/ 22.
كل الصيد في: 1/ 2222/ 385.
كل ضب عند مرداته: 6/ 339، 386.
كل طائر يصيد على قدره: 6، 534.
كل ما أقام شخص وكل: 6/ 588.
كل مجر في الخلاء يسر: 1/ 461/ 361.
الكلاب على البقر: 1/ 170.
الكلمة إذا خرجت: 4/ 362.
كمثل الحمار: 2/ 4385/ 279.
كمد الحبارى: 7/ 36.
كلفتني مخ البعوض: 3/ 152.
(اللام)
لا آتيك سن الحسل: 6/ 386.
لا أفعل حتى ينام: 2/ 361، 400.
لا أقلع عنه أو أطير نعرته: 3/ 167.
لا تتراءى ناراهما: 2/ 383، 384.
لا تلد الحية إلا حية: 1/ 511/ 249.
لا حر بوادي عوف: 1/ 211.
لا يضر السحاب نباح الكلاب: 1/ 14.
لا يعرف هرا ولا برا: 6/ 574.
لا يلسع المؤمن من: 1/ 222.
لا ينتطح فيها عتران: 1/ 222.
لتهن أم: 3/ 6256/ 389، 520.
لقوة لاقت قبيسا: 1/ 87.
لكل زمان رجال: 1/ 132.
لكل ساقطة لاقطة: 1/ 132.
لكل طعام أكلة: 1/ 132.
لكل مقام مقال: 1/ 3132/ 19، 175.
لو ترك القطا لنام: 5/ 306.
لولا الوئام لهلك الأنام: 2/ 432.
الليل أخفى للويل: 1/ 189.
الليل أخفى: 1/ 3189/ 33.(7/243)
(الميم)
ما أشبه الليلة بالبارحة: 6/ 473.
ما أقام رضوى في مكانه: 4/ 494.
ما بل البحر صوفة: 4/ 494.
ما ذقت اليوم ذواقا: 5/ 14.
ما فيها نافخ ضرمة: 5/ 72.
ما قولي هذا عندك إلا: 3/ 151.
ما له سبد ولا لبد: 5/ 255.
ما له عندي سبد ولا لبد: 5/ 275.
ما له في العير ولا النفير: 5/ 276.
ما هم إلا فراش نار: 3/ 146.
ما هو إلا الأسد على براثنه: 1/ 150.
ما هو إلا تيس: 2/ 330.
ما هو إلا تيس: 2/ 5330/ 243.
ما هو إلا شيطان: 1/ 6198/ 426.
ما هو إلا شيطان الحماطة: 1/ 198.
ما هو إلا صل أصلال: 4/ 374.
ما هو إلا طائر: 7/ 30.
ما هو إلا طاوس: 2/ 379.
ما هو إلا غراب نوح: 2/ 421.
ما هو إلا في حلم معاوية: 2/ 300.
ما هو إلا قراد ثفر: 5/ 230.
ما هو إلا قنفذ برقة: 4/ 325.
ما هو إلا نعجة من النعاج: 5/ 255.
ما يجمع بين الأروى والنعام: 4/ 431.
مات حتف أنفه: 1/ 222.
مات فلان كمد الحبارى: 5/ 237.
مستودع الذئب أظلم: 6/ 535.
من ارتاد لسره موضعا: 5/ 101.
من استرعى الذئب ظلم: 4/ 332.
من أشبه أباه فما ظلم: 1/ 219.
من سره بنوه ساءته نفسه: 6/ 590.
من العناء رياضة الهرم: 1/ 33.
من يجعل الأذى كالزمانة: 5/ 58.
من يطل أير أبيه ينتطق به: 3/ 18.
من ينك العير: 2/ 3385/ 18.
منينا بيوم كظل الرمح: 6/ 408.
(النون)
نحن بخير ما رأينا سواد: 3/ 120.
نزلت بهم أمور لا: 2/ 290.
نطف السكارى في أرحام القيان: 1/ 98.
نعم كلب في بؤس أهله: 1/ 178.
(الهاء)
هذا أجل: 4/ 6339/ 383، 385.
هذا فصده: 4/ 394.
هذا فصدي أنه: 5/ 17.
هل يضر السحاب نباح الكلاب: 1/ 14.
هو الأسد الأسود: 1/ 150.
(الواو)
وجد تمرة الغراب: 3/ 201.
وقع الكلب على: 1/ 170.
وقعا كعكمي عير: 3/ 5.
(الياء)
يا خيل الله اركبي: 1/ 222.
يأكل رؤوس الحملان: 5/ 244، 245.
يضرب ما بين العندليل: 6/ 533.
يضرب ما بين الكركي: 5/ 83.
يطبق المحز ولا: 2/ 373، 374.
يكفيك من القلادة: 3/ 49.
اليوم ظلم: 1/ 219.(7/244)
فهرس البلدان والمواقع
(الألف)
الآرام: 7/ 151.
آرام الكناس: 3/ 22.
آمد: 7/ 72.
الأباء: 6/ 539.
أبان: 1/ 122، 215.
الأبطح: 2/ 379.
الأبلق الفرد: 1/ 49، 51.
الأبلة: 1/ 147، 2186/ 4442/ 310، 414، 440.
أبواب بني سليم: 3/ 171.
أبو قبيس: 2/ 384.
أجأ: 1/ 6215/ 374.
الأجباب: 5/ 95.
أجمة أبزيقيا: 7/ 81.
أجمة البصرة: 5/ 213.
أحد: 1/ 122، 195، 3244/ 8.
الأخاشب: 7/ 118.
الأدمى: 6/ 447.
أذرعات: 2/ 437.
أذنة: 1/ 114.
الأراك: 6/ 561.
الأردن: 4/ 413.
أرض الحوش (أرض وبار): 6/ 436.
أرض الروم: 7/ 98.
إرم الكلبة: 1/ 206.
أرمام: 3/ 34، 61.
أرمائيل: 7/ 104.
أريك: 6/ 398.
الأساورة: 5/ 182.
استقانا: 5/ 317.
إصطخر: 1/ 51.
الأطواء: 1/ 256.
أفريقية: 5/ 236.
الأكهاف: 6/ 370.
أملاح: 5/ 266.
الأنبار: 4/ 440.
الأندلس: 2/ 7306/ 37.
أنطاكية: 3/ 474/ 334، 5406/ 165، 179، 200، 6212/ 7480/ 136.
الأهواز: 2/ 441، 3442/ 74، 260 4/ 283، 325، 327، 328، 329، 370 5/ 192، 7193/ 136.
أوال: 5/ 69.
أيذج: 1/ 599/ 279.
أيلة: 6/ 370.(7/245)
(الباء)
باب جارية: 2/ 316.
باب الجسر: 4/ 316.
باب طنج: 5/ 213.
باب الفيل بالكوفة: 7/ 51، 115.
باب الفيل بواسط: 7/ 51.
باب قلب: 1/ 173.
باب المغيرة: 6/ 554.
بابل: 2/ 417.
بادوريا: 1/ 206.
باري: 4/ 322.
بئر رومة: 5/ 82.
بئر النبي: 5/ 46.
بحر البصرة: 4/ 310.
بحر الزنج: 3/ 127.
البحرين: 1/ 449/ 325، 327، 334، 6445/ 7497/ 136.
بدر: 3/ 434/ 5377/ 299.
براقش: 5/ 241، 242.
برغمة: 3/ 105.
برقة عالج: 6/ 374.
البروقتان: 5/ 88.
البريص: 2/ 3419/ 120.
البشر: 1/ 322/ 4200/ 377.
البصرتان: 3/ 122.
البصرة: 1/ 65، 2129/ 311، 321، 334 372، 419، 420، 425، 3440/ 83، 100، 104، 127، 128، 169، 191، 207، 216، 218، 4260/ 310، 311،
323، 332، 408، 414، 5439/ 113، 149، 168، 170، 197، 212، 213، 218، 241، 253، 256، 6279/ 366، 377، 421، 497، 522، 7553/ 4، 37، 51، 53، 74، 76، 79، 85، 113.
البطاح: 5/ 120، 7305/ 50.
البطحاء: 5/ 88، 305.
بطن خبت: 1/ 233.
بطن نعمان: 7/ 118.
بغداد: 1/ 65، 77، 3147/ 97، 100، 104، 156، 4169/ 408، 493 5/ 113، 204، 207، 208، 209.
البغراس: 3/ 105.
البقار: 6/ 414.
البقاع: 4/ 334.
بلاد الترك: 5/ 199.
بلاد الحوش: 1/ 6103/ 428، 436.
بلاد الروم: 3/ 105، 7206/ 24، 79، 98.
بلاد الزنج: 3/ 127، 4128/ 311، 327.
بلاد السعالي: 1/ 6121/ 418.
بلخ: 5/ 36.
البلد الحرام: 2/ 361.
بم: 2/ 384، 7435/ 35.
بنو حنيفة: 4/ 439.
بنو سعد: 2/ 3383/ 260.
بنو صبير: 5/ 300.
بنو العدوية: 3/ 150.
بنو عمرو: 2/ 372.
البياض: 6/ 370.(7/246)
بياض نجد: 6/ 450.
البيت (بيت الله): 3/ 24، 25، 35، 73، 96، 7238/ 62، 118، 127، 128.
البيت الحرام (بيت الله): 3/ 796/ 126.
البيت العتيق (بيت الله): 3/ 673/ 393.
بيت المذبح: 4/ 473.
بيت المقدس: 3/ 4261/ 295، 402، 5500/ 284.
بيشة: 3/ 598/ 180.
بيضاء إصطخر: 1/ 51.
بيضاء المدائن: 1/ 51.
(التاء)
تبالة: 1/ 3213/ 5117/ 144.
تبت: 4/ 5325/ 119، 150، 162 7/ 136.
تثليث: 3/ 32، 98.
تدمر: 6/ 412، 432.
الترمس: 3/ 462/ 491.
تستر: 1/ 178.
تعار: 7/ 98.
تكريت: 3/ 221.
تل عبدي: 1/ 245.
تهامة: 4/ 5266/ 7228/ 118.
توضح: 5/ 166.
تيماء: 1/ 20، 649/ 414.
التين (دمشق): 1/ 136.
التيه: 4/ 6304/ 427، 455.
(الثاء)
ثبير: 2/ 5383/ 201.
الثبيران: 3/ 122.
ثجر: 2/ 411.
الثغور: 5/ 218.
الثوية: 1/ 771/ 95.
(الجيم)
جأبة: 2/ 415.
جاسم: 5/ 73، 74.
الجبال: 3/ 5252/ 175.
جبال سيلان: 5/ 36.
الجبل: 4/ 5468/ 6210/ 394.
الجبل (الطور): 4/ 361، 362.
جبل تكريت: 3/ 221.
الجبلان: 4/ 432.
جبلة: 2/ 299.
جحجحان: 6/ 499.
جحفة: 4/ 326.
الجزع: 7/ 118.
الجزيرة: 4/ 325، 6326/ 7435/ 4، 24، 53، 131.
جزيرة العرب: 4/ 267، 7285/ 24.
جزيرة نهر دبيس: 3/ 191.
جسداء: 2/ 293.
جسر مهران: 7/ 61.
جفر الهباءة: 3/ 60.
الجلس: 5/ 242.
جلق: 4/ 264.
الجلهتان: 5/ 201.
جلولى: 4/ 7443/ 61.
جمع: 3/ 527/ 223.(7/247)
جند يسابور: 4/ 366.
جو: 2/ 6408/ 487.
جؤاثا: 7/ 30.
الجوبار: 3/ 13.
الجودي: 2/ 423.
الجوسق: 1/ 172.
الجوف: 1/ 256.
الجولان: 3/ 4236/ 5331/ 235.
(الحاء)
الحارث: 4/ 499.
حانوت فرج الحجام: 7/ 155.
حائط حزمان: 6/ 423.
حبر: 2/ 7383/ 120.
الحبشة: 1/ 295/ 4403/ 7291/ 26، 80، 110، 127.
الحبيبان: 4/ 268.
حجر: 2/ 5260/ 6166/ 7540/ 126.
الحجاز: 1/ 249/ 4433/ 323 5/ 6254/ 382، 7410/ 149.
الحجر: 7/ 151.
حراء: 7/ 119.
الحربية: 3/ 4، 9.
الحرتان: 4/ 497، 498.
الحرم: 1/ 3109/ 72، 4238/ 383 7/ 57، 129.
الحرمان: 1/ 200.
الحرمل: 3/ 34.
حرة بني سليم: 4/ 5296/ 198.
حزمان: 6/ 423.
الحزن: 1/ 14، 5172/ 206.
حصن الطائف: 6/ 473.
الحضر: 1/ 451/ 6377/ 392.
حضن: 3/ 69.
حمام زياد: 7/ 52.
حمام عرق: 4/ 428.
حمام فيل: 7/ 53، 115.
حمام كسرى: 7/ 53، 115.
حمران: 3/ 34.
حمص: 2/ 5349/ 133، 183، 212 7/ 79.
حنو الغضا: 5/ 208.
حنين: 4/ 377.
الحوءب: 2/ 361.
حوارين: 2/ 5407/ 98، 7126/ 33.
حير المعتصم: 4/ 468.
حير الواثق: 4/ 468.
الحيرة: 2/ 4411/ 7440/ 87.
حية: 6/ 495.
(الخاء)
الخرب: 1/ 64.
خرشنة: 3/ 105.
خراسان: 1/ 79، 92، 3224/ 15، 155، 4176/ 282، 295، 406، 468 5/ 135، 175، 278، 6300/ 363، 434، 7554/ 98، 126، 147.
الخريبة: 2/ 3383/ 169.
خزاز: 4/ 6496/ 539.
خزانة كتب يحيى: 1/ 44.(7/248)
الخزر: 4/ 303.
خضراء زوج: 2/ 416.
خفية: 4/ 380.
الخورنق: 1/ 22.
خيبر: 2/ 4396/ 325.
الخيف: 3/ 96.
(الدال)
دابق: 1/ 174.
دار آدم: 6/ 486.
دار (الجاحظ): 5/ 221.
دار جارية: 2/ 316.
دار جعفر: 6/ 356، 441.
دار حسان: 3/ 30.
دار رتبيل: 5/ 300.
دار زياد بن أبي سفيان: 3/ 713/ 52، 138
دار الزيادي: 3/ 13.
دار العباسية: 2/ 404.
دار الفيل: 7/ 115.
دار أبي قطنة: 6/ 522.
دار نصر بن الحجاج: 4/ 365.
دجلة البصرة: 3/ 4127/ 311.
دجلة: 3/ 39، 4105/ 316، 377 5/ 108، 177، 6316/ 392، 555 7/ 24، 54، 79.
الدحائل: 3/ 102.
الدرب: 3/ 105.
دستبى: 5/ 104.
الدماخ: 1/ 6199/ 412.
دمخ: 5/ 74.
دمشق: 1/ 5136/ 200.
الدهناء: 1/ 3103/ 64، 5176/ 258، 6/ 427، 463.
الدو: 1/ 3103/ 6176/ 427، 463.
دير الربيع: 3/ 164.
الديران: 2/ 432.
ديوان معاوية: 7/ 68.
(الذال)
ذات البين: 3/ 208.
ذات عرق: 2/ 388، 439.
ذات الغضا: 3/ 98.
ذروة: 4/ 376.
ذو دميث: 6/ 351.
ذو الرجل: 5/ 259.
ذو سلم: 1/ 5219/ 107.
ذو عدم: 6/ 518.
ذو المجاز: 1/ 550/ 797/ 128.
ذو النخيل: 5/ 205.
(الراء)
الرفدان: 5/ 108، 109.
رافدية: 6/ 593.
الرافقة: 7/ 53.
رامة: 5/ 46.
رامهرمز: 1/ 100.
راهط: 3/ 200.
الرائدان: 5/ 108.
بنو ربعى: 3/ 9.
رجلة: 4/ 446.
رجلة الروحاء: 1/ 33.(7/249)
الرجيع: 1/ 177.
الرحبة: 6/ 576.
رحبة بني سليم: 3/ 13.
رحبة بني هاشم: 3/ 13.
رحى بطان: 6/ 438.
رخام: 3/ 110.
الرصافة: 1/ 147.
رضوى: 1/ 4215/ 7494/ 86.
الرقة: 1/ 265/ 3390/ 66، 110، 135.
رمال بلعنبر: 4/ 313.
رماي: 4/ 322.
الرمل: 4/ 297، 370.
الرها: 1/ 49.
رومية: 1/ 120.
الري: 1/ 2172/ 3393/ 218 5/ 209، 314.
(الزاي)
زبالة: 3/ 119.
الزرق: 3/ 204.
زرود: 3/ 119.
الزط: 5/ 213.
زقاق الهفة: 5/ 213.
زمزم: 3/ 573/ 82.
الزنج: 3/ 127، 4128/ 311، 325.
زورة: 5/ 88.
الزيتون (فلسطين): 1/ 136.
(السين)
ساباط: 5/ 769/ 72.
ساباط غيث: 3/ 13.
ساتيدما: 6/ 394.
ساحوق: 2/ 394.
سبأ: 1/ 65، 66، 4123/ 299، 303، 5406/ 137، 6289/ 419، 455، 482.
السبابجة: 7/ 52، 115.
سجستان: 1/ 2220/ 4419/ 317، 341، 499.
السد (سد يأجوج ومأجوج): 1/ 124.
سدوم: 6/ 396.
السراة: 1/ 206.
سرف: 6/ 342.
سرق: 5/ 139.
سر من رأى: 7/ 136.
سرنديب: 6/ 461.
سروحمير: 1/ 104.
السعد: 3/ 96.
السفالة: 3/ 155، 4251/ 282.
سفوان: 3/ 220.
سقوطرا: 7/ 77.
السقيفة: 1/ 223.
سكة إصطفانوس: 2/ 316.
سكة بني مازن: 2/ 372.
سلسبيل: 1/ 229.
سلمى: 1/ 18، 3215/ 750/ 92.
سلوق: 1/ 2205/ 356.
السماوة: 1/ 316.
سمرقند: 1/ 49.
السند: 2/ 311.(7/250)
سندان: 7/ 136.
سنسيرة: 2/ 416.
سواج: 2/ 410.
السواد: 1/ 3143/ 120، 4213/ 303 7/ 79، 83.
سواع (صنم): 7/ 32.
السوبان: 5/ 149.
السودان: 7/ 80.
سور أم أبان: 6/ 361.
سوق الأبلة: 4/ 440.
سوق الأنبار: 4/ 440.
سوق الأهواز: 4/ 328.
سوق لقه: 4/ 440.
سوق الحيرة: 4/ 440.
سوق ذي المجاز: 7/ 128.
سوق الضباب: 6/ 361.
سوق عكاظ: 7/ 128.
سويقة: 1/ 171.
السي: 4/ 413، 452، 7454/ 42.
سيحان: 3/ 191.
سيف البحر (البحرين): 5/ 138.
سيلان: 5/ 63.
(الشين)
شابة: 4/ 458.
الشامات: 1/ 352/ 104، 191، 216.
الشام: 1/ 49، 2125/ 3442/ 7، 8، 72، 226، 232، 4254/ 304، 326، 334، 359، 443، 447، 5470/ 74، 159، 162، 179، 210، 211، 213، 218،
6246/ 413، 429، 437، 449، 401، 7593/ 4، 24.
الشرى: 4/ 380.
شرج: 4/ 497.
الشرفان: 5/ 152.
الشرقان: 1/ 245.
شرق: 6/ 495.
الشريف: 6/ 374، 491.
شعب جبلة: 3/ 564/ 158.
شعبى: 1/ 256.
شمام: 4/ 7377/ 69.
شمامه: 4/ 444.
شهرزور: 5/ 192، 195.
شواحط: 1/ 20.
شيراز: 7/ 136.
(الصاد)
صارات: 5/ 152.
صحراء البياض: 6/ 370.
صحراء خوخ: 2/ 365.
صحراء العتيك: 2/ 441.
صحراء كلية: 3/ 37.
الصرح: 4/ 294.
صرح بلقيس: 5/ 78.
الصريمة: 7/ 101.
صعدة: 453.
الصفصاف: 3/ 105.
صقلية: 4/ 313.
الصمان: 1/ 103، 3172/ 64، 176 6/ 427، 463.(7/251)
صمد: 4/ 446.
صنجى: 7/ 77.
صنعاء: 1/ 49.
صومعة غمدان: 1/ 52.
الصين: 1/ 358/ 4127/ 5291/ 19 7/ 68، 76، 98، 136.
(الطاء)
الطائف: 3/ 698/ 387، 473.
طبرستان: 4/ 5444/ 280.
طبقون: 4/ 370.
طرسوس: 1/ 114، 143.
طسوج بادوريا: 1/ 206.
الطف: 5/ 91، 213.
الطور: 4/ 361.
طور عبدين: 6/ 392.
طوى: 4/ 489.
طويلع: 3/ 211.
طيبة (المدينة): 3/ 74.
(العين)
العالية: 5/ 674/ 343.
عبادان: 3/ 155.
عبدسي: 3/ 168.
عبدين: 6/ 392.
عبيدان: 4/ 359.
العتيق (البيت): 6/ 393.
العتيقة: 5/ 205.
العجب: 7/ 151.
العرج: 1/ 168، 175.
العراق: 1/ 177، 210، 2215/ 392،
399، 3430/ 9، 72، 74، 120، 140، 217213، 4234/ 311، 327، 377 5/ 79، 100، 108، 6109/ 391، 410، 413، 481، 532، 7593/ 21، 54، 61، 78، 79، 110، 112، 114، 115، 136.
العرض: 3/ 116.
عرفة: 1/ 228.
العرم: 5/ 6289/ 392، 7394/ 62.
العزى (صنم): 4/ 6500/ 420.
العسكر: 5/ 193، 7195/ 54، 149.
عسكر مكرم: 4/ 366، 415.
عقد: 6/ 410.
العقد: 6/ 368.
عقر الدير: 5/ 212.
عقر قوف: 2/ 416.
العقنقل: 2/ 388، 439.
العقيق: 5/ 267.
عكاظ: 7/ 128.
علكد: 2/ 413.
العليق: 3/ 105، 128.
عمان: 1/ 80، 3169/ 127، 150.
عماية: 1/ 6257/ 447.
عمواس: 6/ 430.
عمود مأرب: 1/ 49.
العنقاء: 6/ 447.
العنيزة: 6/ 361.
العوجاء: 5/ 212.
عويرضات: 2/ 5402/ 152.(7/252)
عيساباذ: 7/ 121.
عين أباغ: 6/ 542.
عين جعدى: 1/ 256.
عين حوارا: 5/ 50.
عينان: 4/ 498.
(الغين)
غانة: 7/ 78.
الغبغب (صنم): 7/ 119.
الغدير: 1/ 212.
الغراء: 6/ 473.
غمدان: 1/ 49، 51، 52.
غمرة: 1/ 199.
الغور: 5/ 6242/ 434.
الغوير: 5/ 43.
الغيل: 3/ 96.
(الفاء)
فاثور: 3/ 36.
فارس: 3/ 4252/ 5417/ 138، 175، 7280/ 117، 136.
الفرات: 3/ 5105/ 6108/ 392 7/ 24، 51، 79، 83.
الفراتي: 6/ 551.
فرعان: 1/ 245.
فرغانة: 1/ 2104/ 306.
الفريق: 5/ 201.
الفسطاط: 5/ 208.
فلج: 3/ 633/ 368.
فلسطين: 1/ 3136/ 8.
فيف الريح: 1/ 220/ 355.
فيل بانان: 7/ 51.
فيلان: 7/ 51.
(القاف)
قباء: 5/ 299.
قبر حرب: 6/ 423.
قبر الرسول: 5/ 95.
قبر أبي رغال: 6/ 396.
قبر مروان: 7/ 62.
قبة غمدان: 1/ 49.
القرن: 6/ 371.
القرية: 5/ 206.
قس الناطف: 7/ 61.
قسا: 6/ 412.
قساس: 3/ 34.
قسطنطينية: 4/ 371.
القصر: 3/ 6152/ 356.
قصر أنس: 6/ 366.
قصر أوس: 1/ 64.
قصر شعوب: 1/ 51.
قصر عبد الله بن زياد: 5/ 252.
قصر مأرب: 1/ 51.
قصر مارد: 1/ 51.
قصر مقاتل: 5/ 88.
قطربل: 5/ 204.
قطن: 5/ 152، 153.
قطيعة الربيع: 1/ 3113/ 101.
قلب: 1/ 163.
القلب: 4/ 316.
قلبي: 3/ 215.(7/253)
قلعة الكاريان: 4/ 499.
قلعة الهند: 3/ 74.
القليب: 2/ 7383/ 120.
قمامة: 4/ 500.
القن: 4/ 340.
القنافذ: 3/ 33.
قندابيل: 7/ 104.
قو: 6/ 342، 434.
القيروان: 1/ 49.
(الكاف)
كاذة: 5/ 212.
الكاريان: 4، 499.
كبكب: 7/ 119.
كتيفة: 3/ 34.
الكثيب: 6/ 539.
الكحيل: 4/ 377.
الكرخ (كرخ البصرة): 3/ 6.
كرخ بغداد: 5/ 207.
كرد بيداد: 1/ 51.
كرمان: 5/ 6167/ 7551/ 143.
كسكر: 3/ 4141/ 5267/ 108، 212، 256.
الكعبة: 1/ 3217/ 30، 72، 73، 96، 6140/ 396.
كعبة نجران: 1/ 351/ 73، 234.
كندة: 6/ 522.
كنيسة القمامة: 4/ 6500/ 420، 421.
الكهف: 1/ 2203/ 3351/ 19.
الكوفة: 1/ 65، 120، 2124/ 391،
3419/ 6، 48/ 5323/ 90، 240، 246، 6280/ 522، 7580/ 4، 51، 79، 100، 114، 137.
الكوكب: 2/ 415.
(اللام)
اللات (صنم): 7/ 119.
اللديد: 5/ 95.
لعلع: 3/ 32.
اللهابة: 7/ 151.
لؤلؤة: 3/ 105، 5110/ 226.
اللوى: 2/ 3276/ 4102/ 438 5/ 6107/ 360.
لوى عنيزة: 3/ 49162.
لينة: 6/ 361.
لقه: 4/ 440.
(الميم)
الماخور: 1/ 64.
مأرب: 1/ 49، 551/ 289، 290 6/ 7294/ 62.
مارد: 1/ 51.
مازن: 2/ 404.
الماطرون: 4/ 264.
الماوية: 6/ 410.
المبارك (نهر): 1/ 2171/ 3293/ 164.
المجمر: 5/ 70.
المحصب: 7/ 119.
مخيض: 5/ 236.
المدائن: 1/ 51.
المدينة: 1/ 81، 161، 193، 196، 201،(7/254)
2221/ 342، 374، 4193/ 8، 74، 4213/ 5470/ 133، 263، 240، 6300/ 370، 505، 7522/ 4، 116، 136.
المذار: 3/ 168.
مربد البصرة (المربد): 1/ 169، 171 6/ 357، 7441/ 155.
مربعة الأحنف: 5/ 189.
مربعة المحلة: 5/ 225.
مربعة بني منقر: 2/ 316.
المرج: 6/ 558.
مرو: 2/ 330، 3419/ 5218/ 108، 279.
مروا خراسان: 6/ 434.
المروان: 2/ 408.
المروت: 6/ 537.
المزدلفة: 7/ 128.
المسامعة: 2/ 383.
مسجد أنطاكية: 4/ 334.
مسجد البصرة: 2/ 264، 3443/ 67 5/ 203، 317.
مسجد الجامع: 3/ 176.
المسجد الحرام: 3/ 18.
مسجد دمشق: 1/ 42.
مسجد عتاب: 3/ 12.
مسجد محمد بن رغبان: 1/ 282/ 334.
المشقر: 1/ 49، 178.
مصر: 2/ 427، 3442/ 4216/ 319، 370، 5470/ 213، 6229/ 346
7/ 76، 147.
المصران: 1/ 5200/ 295.
مصنعة زياد: 6/ 413.
المصيصة: 4/ 327.
المضيح: 2/ 7383/ 120.
مطلوب: 2/ 409.
المغمس: 7/ 119، 120.
مقام إبراهيم: 3/ 73، 96.
مكة: 2/ 296، 3413/ 73، 95، 96، 4213/ 5381/ 38، 46، 231 7/ 4، 128.
مترل الخوارزمي: 6/ 452.
مترل الباخرزي: 7/ 122.
مترل المكي: 5/ 182.
منى: 3/ 596/ 201، 7223/ 62.
مهرجان قذق: 5/ 213.
مهيعة: 4/ 326.
مؤتة: 3/ 112.
الموصل: 1/ 49، 265/ 4318/ 325، 468.
المولتان: 7/ 47، 68، 109.
(النون)
ناظرة: 4/ 497.
ناعتين: 1/ 159.
نجد: 3/ 4103/ 5445/ 218، 242 6/ 450.
نجد الكلبة: 1/ 206.
نجران: 1/ 51، 2257/ 3411/ 43، 234.
نخلة: 6/ 396.(7/255)
نسر (صنم): 7/ 31، 32.
نصيبين: 4/ 5370/ 192.
نطاة: 2/ 396.
نقان: 3/ 110.
نهاوند: 4/ 7313/ 61.
نهر أذرب: 3/ 191.
نهر بط: 5/ 217.
نهر الجوبار: 3/ 13.
نهر دبيس: 3/ 191.
نهر رامهرمز: 1/ 100.
نهر الزط: 5/ 213.
نهر أم عبد الله: 5/ 109.
نهر الكلبة: 1/ 206.
النهروان: 4/ 6481/ 459.
النوبة: 4/ 7303/ 81، 143.
نير: 2/ 410.
النيل (نهر): 5/ 229، 6316/ 466، 530 7/ 46، 56، 76، 80، 82، 147، 148.
(الهاء)
هجر: 1/ 49.
هراميت: 1/ 207.
هراة: 2/ 408.
هركند: 7/ 77.
هضب القليب: 2/ 7382/ 120.
الهفة: 5/ 213.
الهلباء: 5/ 59.
همذان: 2/ 280.
الهند: 3/ 49، 155، 175، 6191/ 437، 7462/ 78، 81، 104، 136.
هيت: 3/ 135.
هيلان: 5/ 241.
(الواو)
وادي جحفة: 4/ 326.
وادي السباع: 4/ 501.
وادي القصر: 6/ 366.
الوادي المقدس: 4/ 489.
وادي النمل: 4/ 264، 267، 5269/ 288.
واسط: 1/ 365/ 107، 141، 142، 5155/ 6213/ 7576/ 51.
واهب: 2/ 7383/ 120.
وبار: 1/ 6103/ 358، 427، 435، 436.
ود (صنم): 7/ 32.
وقبى: 3/ 637/ 444.
الويل (واد في جهنم): 1/ 229.
(الياء)
يبرين: 6/ 427.
يثرب: 3/ 5197/ 795/ 118.
يذبل: 7/ 69.
يرمرم: 7/ 98.
اليعبوب (صنم): 3/ 50.
يعوق (صنم): 301، 32.
يغوث (صنم): 7/ 31، 32.
اليمامة: 1/ 4104/ 5442/ 177 6/ 410، 7422/ 107.
اليمن: 1/ 80، 95، 2205/ 3356/ 74، 4252/ 280، 303، 390، 5445/ 202 6242/ 413، 7425/ 21، 127.
يلملم: 3/ 98.
يمؤود: 5/ 43.
ينبع: 1/ 151.
ينخوب: 3/ 245.
الينسوع: 6/ 368.(7/256)
فهرس القبائل والطوائف
(الألف)
الإباضية: 1/ 313/ 5، 10 6/ 348، 475، 531.
بنو أبان: 3/ 246.
الأتراك: 1/ 390/ 82.
الأراقم: 1/ 5209/ 97.
الأزارقة: 1/ 13.
الأزد: 3/ 7150/ 47، 68.
أزد شنوءة: 1/ 6206/ 538.
أزد عمان: 3/ 150.
أزنم: 5/ 6131/ 548.
أسد: 1/ 176، 177، 2241/ 261، 317، 336، 341، 3359/ 42، 182 4/ 434، 5504/ 91، 158، 202 6/ 351، 373.
بنو إسرائيل: 1/ 364/ 48/ 292، 336، 379، 5488/ 666/ 356، 455، 574، 7/ 28.
بنو أسعد بن همام: 7/ 72.
أشجع الخنثى: 1/ 240.
أصحاب الاثنين: 1/ 124.
أصحاب الأجسام: 5/ 29.
أصحاب الاستخراج: 4/ 472.
أصحاب الأعراض: 5/ 29، 31، 49.
أصحاب الجهالات: 2/ 325.
أصحاب الخلقان: 2/ 307.
أصحاب الفيل: 7/ 28، 120.
أصحاب الكهف: 1/ 3203/ 19.
أصحاب المجارحات: 1/ 108.
الأعجام: 1/ 122.
بنو الأعرج: 6/ 566.
بنو أعيا: 5/ 249.
بنو أقيش: 1/ 203.
الأكاسرة: 1/ 4153/ 6443/ 353 7/ 67، 114.
أكلب بن ربيعة بن نزار: 2/ 349.
أميم: 6/ 427.
بنو أمية: 3/ 5203/ 70، 91، 94 6/ 353، 7584/ 91.
الأنباط: 1/ 3131/ 4116/ 7296/ 53.(7/257)
(الباء)
بارق: 5/ 294.
باهلة: 1/ 177، 239، 240، 241 3/ 7203/ 136.
بجيلة: 2/ 6391/ 522.
بحدل: 1/ 208.
بخارية ابن زياد: 7/ 107.
بدر: 1/ 199، 4217/ 6434/ 412.
البراجم: 1/ 242.
البرامكة: 4/ 344.
البربر: 3/ 206.
البصريون: 1/ 120، 2197/ 334، 368 3/ 220، 4108/ 5475/ 99، 121.
البطارقة: 3/ 146.
البغداديون: 3/ 60، 108.
بغيض: 6/ 351، 373.
بكر بن عبد مناة: 6/ 392.
بكر بن وائل: 1/ 50، 150، 3211/ 37، 448/ 5444/ 70، 97، 6292/ 358، 7357/ 146.
البكرية: 6/ 482.
بلعنبر بني العنبر.
بهراء: 5/ 673/ 357.
(التاء)
التبابعة: 7/ 61.
الترك: 2/ 4438/ 295، 5303/ 199.
تغلب وائل: 1/ 14، 50، 147، 150، 209، 212، 256، 4257/ 272، 496، 5/ 697/ 488، 7510/ 129، 146.
تكبو: 4/ 277.
تميم: 1/ 120، 121، 241، 3242/ 15 5/ 44، 70، 90، 96، 6139/ 368، 370، 372، 396، 449، 560، 563، 579.
تميم (مرخم تميمة): 4/ 494.
التميميون: 3/ 46.
تنبو: 4/ 277.
تنوخ: 7/ 129.
تيم: 1/ 5241/ 6261/ 525 7/ 39، 139.
تيم اللات: 1/ 20.
(الثاء)
ثعل: 7/ 94.
ثعلبة: 1/ 239.
ثعلبة بن عمرو: 2/ 262.
ثقيف: 1/ 2104/ 3420/ 166 4/ 439، 7445/ 119، 128.
ثمود: 3102/ 576/ 6288/ 427.
ثور: 1/ 241.
(الجيم)
بنو الجارود: 1/ 116، 2240/ 299.
جاسم: 1/ 6102/ 427.
الجالوت: 4/ 273.
الجبابرة: 5/ 6288/ 392.
الجبرية: 4/ 475.
جديس: 1/ 6102/ 427.
جديلة: 3/ 50.
جذام: 7/ 129.
جرم بن زبان: 1/ 209، 3238/ 224 5/ 203.
جرير بن دارم: 1/ 243.(7/258)
جرهم: 1/ 122، 6123/ 392، 419 7/ 128.
جسر: 5/ 304.
جشم: 6/ 499.
جشم بن بكر: 1/ 147.
جعدة بن كعب: 6/ 442.
آل جعفر: 1/ 5115/ 6274/ 572.
بنو جعفر: 4/ 450.
جعفر بن كلاب: 4/ 5333/ 695/ 353.
جفنة: 1/ 253.
بنو جلان: 6/ 373.
الجمار: 5/ 70.
جمح: 6/ 350.
جمرات العرب: 5/ 67، 68.
جندل: 5/ 98.
الجهمية: 4/ 5402، 51.
جهينة: 4/ 5274/ 246.
جيلان: 6/ 358، 393، 394.
(الحاء)
الحارث بن كعب: 4/ 7445/ 129.
الحارثيون: 1/ 167.
آل حاضر: 4/ 378.
أبناء حام: 3/ 66.
الحبش: 7/ 118.
الحبشان: 1/ 76، 379/ 7207/ 119.
الحبشة: 7/ 61، 81، 110، 127، 148.
الحبطات: 1/ 242.
الحبوش: 7/ 118.
بنو الحداء: 1/ 5208/ 88، 698/ 579.
حذيم: 4/ 294، 297.
بنو حرام: 3/ 97.
الحرقة: 4/ 274.
حرقوص: 6/ 562.
الحرميون: 1/ 197.
حزن: 4/ 381.
حسل: 6/ 364.
الحشو: 6/ 466.
الحشوية: 6/ 348.
الحفظة (من الملائكة): 6/ 416.
حمان: 1/ 5163/ 121، 218، 250، 266.
الحمر: 4/ 309.
الحمران: 3/ 119، 248.
الحملة (من الملائكة): 6/ 416.
حمير: 1/ 566/ 6290/ 7395/ 61، 62، 146.
حنيفة: 2/ 4291/ 439، 5444/ 98.
الحواريون: 2/ 5337/ 6227/ 327.
حيان: 3/ 53.
(الخاء)
الخارجية: 1/ 13.
خثعم: 1/ 3238/ 725/ 126، 129.
آل خثعم: 1/ 237.
خراسان: 7/ 98.
الخراسانية: 1/ 76.
الخرمية: 7/ 51.
خروء الطير أسد: 5، 158.
بنو خريم: 3/ 47.
خزاعة: 1/ 7240/ 128.
الخزر: 4/ 303.
خزنة جهنم (من الملائكة): 6/ 426.(7/259)
الخزرج: 4/ 5444/ 54، 276، 564 6/ 424.
خضر غسان: 3/ 120.
خضر محارب: 3/ 120.
الخناقون: 2/ 390، 3393/ 6215/ 522.
خندف: 1/ 3208/ 182.
الخوارج: 1/ 90، 179، 207، 213 2/ 3305/ 4195/ 391، 397 5/ 104، 6311/ 562.
الخوز: 4/ 5294/ 156.
آل خويلد: 3/ 95.
(الدال)
دارم: 1/ 19، 5242/ 96.
الدارميون: 2/ 26.
دبير: 1/ 176.
الدهاقين: 1/ 77، 2143/ 3318/ 15.
الدهرية: 1/ 2144/ 4325/ 304، 5473/ 21، 6175/ 455، 456.
الدوال باي: 1/ 124.
الديصانية: 5/ 24.
(الذال)
ذبيان: 1/ 20، 3240/ 45.
ذهل: 2/ 4285/ 408.
ذو يمن: 1/ 151، 3236/ 69.
بنو ذويبة: 3/ 146.
(الراء)
الرافضة: 1/ 10، 213/ 392 6/ 348، 470، 531.
الربيط: 7/ 128.
ربيعة بن حنظلة: 5/ 149.
ربيعة بن نزار: 1/ 205، 211، 244 5/ 6276/ 589.
رعل: 6/ 398.
الرقاشيون: 2/ 285.
الروافض: 1/ 154.
الروقان: 7/ 146.
الروم: 1/ 42، 83، 90، 114، 143 2/ 342، 343، 388، 406، 439 3/ 206، 4207/ 273، 291، 303، 439، 446، 5481/ 6150/ 407 7/ 16، 79، 139.
الروميات: 4/ 342.
بنو ريطة: 4/ 326.
(الزاي)
آل زائدة بن مقسم: 5/ 140.
الزبانية (من الملائكة): 6/ 426.
زرارة بن عدس: 5/ 696/ 353.
الزط: 5/ 6217/ 420.
الزنادقة: 1/ 341/ 4174/ 471، 473، 486، 6/ 502.
الزنج: 1/ 290/ 333، 347، 417 3/ 76، 119، 4127/ 277، 295 5/ 19، 156، 170، 7284/ 79، 193.
الزنوج: 5/ 750/ 123.
الزوابع (من الجن): 6/ 359، 436.
بنو زياد: 2/ 414.
بنو زياد الحارثي: 7/ 98.
زيد بن ضب: 6/ 364.
زيد بن عبد الله بن دارم: 1/ 243.
الزيدية: 1/ 10، 11، 13.(7/260)
(السين)
سبأ: 5/ 289، 6290/ 7394/ 28، 61.
السبابجة: 7/ 52، 115.
السبئية: 2/ 393.
سحيم: 4/ 428.
سدوس: 1/ 3212/ 207/ 7214/ 21.
بنو سعد: 1/ 89، 159، 198، 239، 2241/ 3264/ 52، 70، 4260/ 451، 5/ 92، 105، 6313/ 368، 369.
سعد بن بكر: 5/ 7179/ 148.
بنو السعلاة: 1/ 6122/ 398، 419.
بنو سفيان: 1/ 212.
آل سلم: 3/ 247.
سلمى: 3/ 50.
سلمى بن جندل: 1/ 172.
سليح: 7/ 129.
سليم: 1/ 4239/ 5296/ 15، 198، 269، 276، 304.
السمط: 6/ 442.
بنو سنان: 2/ 260.
آل سنان بن حارثة: 3/ 47.
السند: 1/ 76، 379/ 6207/ 353.
بنو سهم: 1/ 151، 3236/ 96.
السودان: 1/ 76، 379/ 119، 248.
(الشين)
شاكر: 2/ 393.
الشاكرية: 2/ 320.
الشراة: 6/ 543.
الشعوبية: 5/ 236.
شماط الشميطية: 7/ 72.
شمخ: 1/ 253.
الشميطية: 2/ 392.
شن: 6/ 374.
شيبان: 1/ 168، 3218/ 463/ 385 5/ 6178/ 7573/ 129، 138.
شيبان وائل شيبان: 7/ 138.
بنو الشيصبان (من الجن): 6/ 436.
بنو شيطان: 1/ 198.
الشيعة: 1/ 213/ 3392/ 10.
(الصاد)
الصابئة: 1/ 83، 85.
بنو صبير: 5/ 300.
الصفرية: 1/ 13، 206.
الصقالبة: 1/ 76، 78، 380/ 76، 119 4/ 295، 5314/ 719/ 139.
آل صقر: 7/ 19.
الصنائع: 4/ 496.
بنو صهارى: 5/ 239.
صوفة: 7/ 128.
الصوفية: 4/ 5471/ 227.
(الضاد)
ضباب: 2/ 400.
ضبة بن أد: 1/ 2241/ 346، 5391/ 67، 668/ 364، 370، 7558/ 97، 139.
ضبة بن محض: 6/ 364.
ضبيعة: 5/ 232.
ضبيعة أضجم: 1/ 244.
ضبيعة بن ربيعة بن نزار: 1/ 206.
بنو ضبينة: 5/ 95.
الضرارية: 1/ 13.(7/261)
(الطاء)
طبق: 6/ 346.
أولاد طريف: 6/ 570.
طسم: 1/ 6102/ 427.
الطفاوة: 1/ 3240/ 157.
بنو طليحة: 2/ 415.
بنو طهية: 1/ 211.
الطواويس (جيش ابن الأشعث): 2/ 379.
طوعة: 7/ 102.
طيئ: 1/ 18، 20، 150، 4217/ 497 5/ 6319/ 7517/ 100، 129.
(الظاء)
آل ظالم: 5/ 205.
الظليم: 1/ 242.
(العين)
عابد: 6/ 477.
عاد: 1/ 3102/ 42، 576/ 242، 6288/ 7427/ 120.
عارض: 1/ 19.
عاصم بن عبيد بن ثعلبة: 2/ 263.
عامر بن صعصعة: 1/ 20، 109، 111، 193، 238، 239، 2241/ 302، 394 4/ 5422/ 54، 165، 247، 278، 304، 6308/ 7382/ 67.
عامر بن عبد الله: 6/ 364.
عامر بن لؤي: 5/ 267.
عاملة: 7/ 129.
العباد: 7/ 129.
بنو عباد: 7/ 97.
بنو العباس: 3/ 6247/ 429.
العباهلة: 1/ 66، 780/ 61.
عبد الأشهل: 5/ 299 (بلفظ عبد الأشل).
عبد الحارث بن نمير: 2/ 356.
عبد شمس: 6/ 547.
عبد عمرو: 6/ 542.
عبد القيس: 1/ 116، 159، 4178/ 444، 445، 5499/ 7297/ 129.
عبد الله بن دارم: 1/ 243.
عبد الله بن غطفان: 1/ 240، 245.
بنو عبد الملك الزياديون: 2/ 370.
بنو عبس: 1/ 20، 239، 240، 241 4/ 497، 5504/ 67، 68، 97.
عبيد (بن ثعلبة): 5/ 6131/ 548.
عبيد العصا أسد: 2/ 5261/ 158.
بنو عتاب: 5/ 96.
عتيق: 5/ 98.
العتيك: 5/ 92.
العثمانية: 1/ 13.
عجل: 1/ 220/ 4391/ 444 6/ 522، 579.
عدنان: 6/ 7396/ 4.
العدنانية: 1/ 8.
عدوان: 4/ 7374/ 128.
بنو العدوية: 3/ 150.
عدي: 1/ 319/ 539/ 6274/ 527.
عذرة: 1/ 4199/ 6381/ 7424/ 93.
العرجان: 6/ 579، 580.
بنات عقاب: 3/ 201.
عقال: 1/ 167.
عقيل: 1/ 5158/ 165، 6257/ 463.(7/262)
العقيليون: 5/ 203.
عك: 1/ 208.
عكل: 1/ 5241/ 154، 219، 311 6/ 364، 375، 566.
العكليون: 4/ 354.
العمالقة: 1/ 3102/ 576/ 288.
عمرو: 1/ 2122/ 3265/ 647/ 476.
عمرو بن عامر: 6/ 7484/ 11.
عمرو بن يربوع: 6/ 398، 419.
عملاق: 6/ 427.
آل عموج: 3/ 150.
بنو العنبر: 1/ 177، 2242/ 264 3/ 63، 464/ 6313/ 357.
عترة بن أسد: 1/ 3244/ 36.
العتريون: 1/ 244.
بنو العنقاء ثعلبة بن عمرو: 2/ 7262/ 86.
عوافة بن سعد: 6/ 406.
بنو عوف: 1/ 52.
عوف بن كنانة: 6/ 566.
العوق: 5/ 92.
العير: 5/ 276.
العيص: 1/ 20.
عيط: 4/ 434.
(الغين)
الغالية: 1/ 13، 2206/ 3392/ 9 5/ 241، 6312/ 523.
بنو غير: 3/ 9.
غدانة: 3/ 5189/ 6264/ 500.
غراب بن فزارة: 3/ 39.
بنو غزوان: 1/ 203.
غسان (بن الأزد): 6/ 7483/ 11، 129.
غسان بن مالك بن عمرو بن مالك: 1/ 243.
غطفان: 1/ 40، 239، 3241/ 62، 5237/ 96.
بنو غنم: 1/ 359.
غني: 1/ 240، 3241/ 547/ 304 6/ 7410/ 118.
(الفاء)
فالج: 6/ 510.
الفراعنة: 5/ 288.
فزارة: 1/ 239، 2245/ 6431/ 371، 7550/ 100.
فقعس: 1/ 4176/ 333.
الفقيم بن جرير بن دارم: 1/ 243.
فهر: 6/ 421.
الفئتان الضالتان: 1/ 108.
(القاف)
قابوس: 1/ 122.
القبط: 1/ 108.
قحطان: 1/ 4174/ 7418/ 4، 46.
القحطانية: 1/ 5.
قراد: 3/ 542، 236.
بنو أم قرفة: 6/ 371، 376.
قريش: 1/ 48، 97، 104، 109، 243، 2250/ 296، 306، 308، 372، 379 3/ 73، 4157/ 266، 328، 387، 435، 445، 5484/ 54، 154، 175، 241، 6247/ 353، 364، 392، 460، 584، 7593/ 20، 119، 120، 128.
قريش البطاح: 7/ 50.(7/263)
قريع: 3/ 7140/ 89.
قشير: 6/ 576.
قصي بن معد: 4/ 442.
قضاعة: 2/ 4429/ 418، 5423/ 98 7/ 129.
قطيعة بن عبس: 4/ 497.
القلاسون: 2/ 307.
القياصرة: 1/ 153.
قيس قيس عيلان.
قيس بن ثعلبة: 1/ 589/ 178.
قيس بن سعد: 3/ 237.
قيس عيلان: 1/ 89، 97، 3147/ 59، 4234/ 377، 451، 5502/ 15، 90، 96، 98، 202، 6319/ 321، 351، 373، 396، 539، 550.
القيسيون: 1/ 689/ 492.
القين: 7/ 101.
(الكاف)
كابية بن حرقوص: 6/ 562.
أهل الكتابين: 4/ 6313/ 425.
الكروبيون: 6/ 416.
آل كسرى: 5/ 175.
كعب (بن ربيعة بن عامر): 1/ 169، 213، 5242/ 54.
كعب بن عمرو: 1/ 242.
كلاب بن ربيعة: 1/ 205، 2206/ 349.
كلاب (بن عامر بن صعصعة): 1/ 169، 210، 212، 2242/ 5349/ 95.
الكلاب (قبيلة زنجية): 2/ 4347/ 277.
كلب كلب بن وبرة.
كلب بن ربيعة: 1/ 2205/ 349.
كلب بن وبرة: 1/ 150، 178، 206، 207 2/ 4349/ 7375/ 151.
بنو الكلبة: 1/ 2206/ 349.
كليب بن يربوع: 1/ 167، 206، 207 5/ 231.
آل كميل: 2/ 6392/ 523.
الكميلية: 2/ 392.
كنانة: 1/ 109، 5243/ 93، 228 6/ 362، 7460/ 118.
كندة: 1/ 18، 2217/ 3391/ 5 5/ 698/ 522.
الكنعانيون: 3/ 576/ 288.
كهيان (اسم العرب بالفارسية): 5/ 37.
الكوفيون: 3/ 412/ 293.
(اللام)
آل لأم: 1/ 235.
بنو لأم: 3/ 46.
بنو لبنى: 1/ 203.
لحيان: 1/ 177.
لخم: 4/ 7442/ 129.
ليث: 2/ 5404/ 200.
(الميم)
مأجوج: 1/ 3124/ 476/ 295.
مازن: 1/ 2251/ 4372/ 6453/ 561.
مالك: 3/ 205.
المانية: 4/ 301.
مجاشع بن دارم: 1/ 207، 243.
المجوس: 1/ 41، 2124/ 3403/ 167 4/ 308، 406، 5499/ 36، 37، 38،(7/264)
6172/ 564، 7574/ 145.
محارب بن خصفة: 1/ 19، 147، 198 5/ 198.
المحاش: 4/ 494.
مخزوم: 1/ 2174/ 4296/ 497 5/ 6245/ 353.
بنو مخيلة: 6/ 477.
المدنيون: 3/ 256.
مذحج: 5/ 54.
مر بن أود: 7/ 128.
مراد: 5/ 94.
آل مرثد: 5/ 100.
مرة: 1/ 4239/ 6359/ 473.
مرة بن عباد: 6/ 369.
مرة بن عوف: 4/ 494.
بنو مروان: 1/ 52، 381/ 568/ 177 6/ 480.
المريون: 2/ 50.
المزون: 6/ 396.
مزينة: 1/ 241.
المسبع: 4/ 381.
المسجديون: 3/ 171.
آل مسعود: 3/ 224.
آل أبي مصاد: 5/ 93.
مضر: 2188/ 3433/ 536/ 17، 89، 91، 258، 7276/ 30.
المضربون: 5/ 98.
معاوية بن عمر: 1/ 256.
المعتزلة: 1/ 10، 4141/ 360، 402 5/ 6164/ 531.
معد: 1/ 3217/ 547/ 96، 207، 7232/ 32.
بنو المغيرة: 3/ 495/ 5326/ 200، 245.
المغيرية: 2/ 391.
المقاول: 7/ 61.
بنو مقيدة الحمار: 1/ 6234/ 429.
مكالب بن ربيعة: 1/ 2205/ 349.
مكلبة بن ربيعة: 1/ 2205/ 349.
مناف: 1/ 242.
المنانية: 4/ 478.
بنو المنذر: 2/ 411.
بنو منصور: 6/ 488.
المنصورية: 2/ 391، 6392/ 523.
بنو منقر: 2/ 5316/ 6250/ 542.
المهاجرون: 2/ 296.
مهنا: 1/ 124.
مهنة: 1/ 124.
مهنينة: 1/ 124.
(النون)
النابتة: 6/ 348، 531.
الناصبة: 1/ 13.
النبط: 1/ 5233/ 7208/ 100.
نبهان: 4/ 379.
النبيت: 1/ 243.
النبيط: 6/ 7481/ 100.
النخاسون: 2/ 307.
نزار: 1/ 151، 174، 4236/ 443 7/ 139.
ابنا نزار: 1/ 2206/ 4429/ 423.
النسأة: 7/ 128.(7/265)
النصارى: 1/ 41، 83، 2226/ 324، 4406/ 272، 273، 360، 471، 473 5/ 88، 160، 6240/ 7420/ 14، 129.
بنو نصر: 7/ 92.
نصر بني قعين: 2/ 413.
نصر بن معاوية: 7/ 53.
النصرانيات: 4/ 342.
بنو نعامة: 4/ 434.
النفير: 5/ 276.
نفيلة (بقيلة): 3/ 85.
النمل (قبيلة زنجية): 2/ 4347/ 277.
نمير: 1/ 169، 170، 2242/ 388، 4439/ 408/ 5/ 67، 668/ 373.
نهد: 1/ 238.
نهشل بن دارم: 1/ 210، 2243/ 373 3/ 547/ 92.
النوب: 3/ 206.
النوبة: 1/ 379/ 206، 4207/ 303 7/ 81، 148.
(الهاء)
بنو هاشم: 1/ 3197/ 4190/ 327 5/ 46، 694/ 7353/ 150.
هاربة البقعاء: 1/ 240.
الهجيم: 1/ 169.
هذيل: 1/ 4177/ 5390/ 228 6/ 487.
الهرابذة: 4/ 499.
آل هرماس: 6/ 392.
هلال بن عامر بن صعصعة: 1/ 212 6/ 363، 539.
هلال: 1/ 169.
الهلباء: 5/ 59.
آل همام: 5/ 6265/ 388.
همدان: 3/ 5152/ 6178/ 356.
الهند: 1/ 8، 36، 41، 53، 98، 104 2/ 4321/ 270، 5415/ 6175/ 380 419، 420، 7446/ 16، 55، 62، 66، 68، 70، 71، 73، 104، 112، 115، 125، 131.
بنو هند: 6/ 538.
هوازن: 5/ 202، 6203/ 488.
(الواو)
الواق: 1/ 124.
وائل: 1/ 21، 211، 3212/ 69، 136 4/ 5436/ 90، 7235/ 138، 146.
(الياء)
يأجوج: 1/ 3124/ 476/ 295.
يربوع: 3/ 205.
يشكر: 4/ 6408/ 7545/ 129، 138.
اليعسوب: 1/ 240.
يكبو: 4/ 277.
اليمانون: 3/ 235.
اليمانية: 5/ 210.
اليمن: 1/ 5229/ 202.
ينبو: 4/ 277.
اليهود: 1/ 154، 226، 4249/ 273 5/ 88، 6240/ 353، 7504/ 14، 145.
اليونانية: 1/ 53، 566/ 175.
اليونانيون: 1/ 2191/ 321.(7/266)
فهرس أيام العرب
(الألف)
الأباء: 6/ 539.
أحد: 3/ 8.
إرم الكلبة: 1/ 206.
(الباء)
البشر: 1/ 322/ 200.
(الجيم)
جبلة: 2/ 3299/ 64.
جسر مهران: 7/ 61.
جفر الهباءة: 3/ 60.
جلولا: 4/ 7443/ 61.
الجمل: 3129/ 5157/ 240.
جؤاثا: 7/ 30.
(الخاء)
خزاز: 6/ 539.
(الذال)
ذو قار: 1/ 4109/ 6443/ 460.
(الراء)
راهط: 3/ 200.
الردة: 1/ 178.
(السين)
ساحوق: 2/ 394.
(الشين)
شعب جبلة: 3/ 564/ 158.
(الصاد)
صحراء كلية: 3/ 37.
(الطاء)
الطائف: 3/ 698/ 743.
الطف: 5/ 91.
(العين)
عين أباغ: 6/ 542.
العظالة: 2/ 284.
(الغين)
الغدير: 1/ 212.
(الفاء)
الفجار: 1/ 6109/ 459، 460.
الفساد: 1/ 217.
فيف الريح: 1/ 20.
الفيل: 7/ 118، 119، 120.
(القاف)
القادسية: 7/ 61، 110، 116.
قس الناطف: 7/ 61.
(الكاف)
الكثيب: 6/ 539.
الكحيل: 4/ 377.
(الميم)
المرج: 6/ 558.
مرج راهط راهط.
مؤتة: 3/ 112.
(النون)
نهاوند: 7/ 61.
النهروان: 6/ 549.
(الهاء)
هراميت: 1/ 207.
(الواو)
الوقبى: 3/ 54.(7/267)
فهرس الكتب
(الألف)
الآثار العلوية لأرسطاطاليس: 6/ 462.
الاحتجاج لنظم القرآن: 1/ 11.
احتجاجات البخلاء ومناقضتهم للسمحاء:
1/ 7.
الأخبار: 1/ 12.
أصحاب الإلهام: 1/ 12.
الأصنام: 1/ 8.
أفوريسموا (كتاب الفصول لأبقراط): 1/ 69
إقليدس: 1/ 41، 56، 62.
الإنجيل: 1/ 359/ 4173/ 292، 356.
الأوفاق والرياضيات: 1/ 9.
(الباء)
الباه: 7/ 134.
(التاء)
التوراة: 1/ 459/ 292، 356، 358، 473.
(الجيم)
جالينوس: 1/ 56.
الجوابات: 1/ 12.
(الحاء)
الحجة في تثبيت النبوة: 1/ 712/ 120.
الحيل لأبي يوسف القاضي: 3/ 6.
حيل اللصوص: 1/ 7.
الحيوان: 1/ 431/ 5360/ 85، 86، 687/ 323، 326.
الحيوان لأرسطو: 2/ 3283/ 70، 250 5/ 196، 6266/ 7554/ 112، 134.
(الخاء)
خلق القرآن: 1/ 11.
الخيل لأبي عبيدة: 6/ 554.
(الدال)
ديوان أبي الشمقمق: 1/ 44.
(الراء)
الرد على الجهمية: 1/ 12.
الرد على المشبهة: 1/ 11.
الرد على اليهود والنصارى: 1/ 11، 12 4/ 274.
رسائل إلى الإخوان والخلطاء: 1/ 10.
الرسائل الهاشميات: 1/ 10.
(الزاي)
الزبور: 4/ 7473/ 16.
الزرع والنخل والزيتون والأعناب: 1/ 8.
(السين)
سفر الخروج: 5/ 66.(7/268)
(الشين)
الشروط لسلمان بن ربيعة القاضي: 1/ 63.
الشروط ليوسف السمتي: 1/ 63.
(الصاد)
صحف إبراهيم: 1/ 66.
صحف موسى: 1/ 66.
الصرحاء والهجناء: 1/ 8.
(العين)
العباسية: 1/ 13.
العثمانية والضرارية: 1/ 13.
العرب والعجم: 1/ 8.
العرب والموالي: 1/ 8.
(الغين)
غش الصناعات: 1/ 7.
(الفاء)
الفراسة لأفليمون: 3/ 76، 130، 137.
فرق ما بين الجن والإنس والملائكة والجن:
1/ 9.
الفرق ما بين الحيل والمخاريق: 1/ 12.
فرق ما بين النبي والمتنبي: 1/ 412/ 444.
فرق ما بين هاشم وعبد شمس: 1/ 9.
فصل ما بين الرجال والنساء: 1/ 8.
فصل ما بين النبي والمتنبي: 4/ 444.
الفصول لأبقراط: 1/ 69.
فضيلة الملك على الإنسان والإنسان على الجان: 7/ 40.
في الحيات: 4/ 347.
في مثالب العرب وعيوب الإسلام (ليونس ابن فروة كتبه لملك الروم): 4/ 481.
(القاف)
القحطانية والعدنانية: 1/ 8.
قرآن مسيلمة: 5/ 280.
القول في أصول الفتيا والأحكام: 1/ 11.
(الكاف)
كتاب الخليل في الكلام: 1/ 99.
كتاب الخليل في اللحون: 1/ 99.
كتاب ما سرجويه في الألبان: 3/ 133.
كتاب أشعياء: 4/ 358.
كتب الأنبياء: 4/ 358، 379.
كتب أبي الحسن الأخفش: 1/ 62.
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: 1/ 66.
كتب سليمان عليه السلام: 4/ 358.
كتب الشروط: 1/ 60.
كتب في النفس: 4/ 415.
كليلة ودمنة لابن المقفع: 6/ 7488/ 57.
(اللام)
اللحون، للخليل: 1/ 99.
اللصوص: 2/ 334.
(الميم)
المجسطي: 1/ 56.
المسائل: 1/ 12.
المعادن: 1/ 9.
معارضة الزيدية وتفضيل الاعتزال: 1/ 11.
الملح والطرف: 1/ 7.
المنطق: 1/ 662/ 323.
(النون)
النبوات: 6/ 400.
النوادر، لأبي الحسن الأخفش: 6/ 554.
(الهاء)
الهجناء والصرحاء: 3/ 248.
(الواو)
الوعد والوعيد: 1/ 11.(7/269)
فهرس الأشعار
المطلع: القافية: البحر: الشاعر: عدد الأبيات: الجزء والصفحة
قافية الهمزة
الهمزة المفتوحة
جمعت: وراءها: الطويل: قيس بن الخطيم: 1: 6/ 537
وددت: خلاء: الوافر: حبّى المدنية: 1: 6/ 355
ما لقينا: شعراء: الخفيف: (نصيب الأصغر): 1: 3/ 60
الهمزة المضمومة
تزل: قضاء: الطويل: بشار بن برد: 1: 4/ 387
وما: ماء: البسيط: أبو نواس: 1: 3/ 129
أتترك: براء: الوافر: نهشل بن حري: 3: 1/ 19
ألا: الشتاء: الوافر: الشماخ بن ضرار: 3: 1/ 131، 7/ 53
ألم: عواء: الوافر: النابغة: 1: 1/ 250
أرى: جفاء: الوافر:؟: 4: 2/ 260
ولا: شفاء: الوافر: عوف بن الأحوص: 1: 2/ 262
وبعض: شفاء: الوافر: (قيس بن الخطيم): 2: 3/ 31
وجار: سواء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 3: 3/ 228
أصك: وآء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 1: 4/ 452
بآرزة: خلاء: الوافر: زهير بن أبي سلمى: 3: 4/ 453
(وبعض): إتاء: الوافر: ابن الأعرابي: 1: 7/ 94
قد: البلاء: م. الرمل:؟: 2: 7/ 91
يا: الفداء: السريع: أبو حزابة: 4: 1/ 167(7/270)
عنتا: الظباء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 1: 1/ 18، 5/ 270
أم: الجزاء: الخفيف: الحارث بن حلزة اليشكري: 1: 1/ 18
واذكروا: الكفلاء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 2: 1/ 50
ربنا: الثناء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 2: 1/ 217، 6/ 406
وحديث: الصفراء: الخفيف: بشار بن برد: 1: 3/ 62
ولقد: الثواء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 4/ 448
آنست: الإمساء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 1: 4/ 455
وأتانا: نساء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 5/ 97، 129
أي: الجوزاء: الخفيف: أبو زبيد: 3: 5/ 295، 6/ 379
وأتانا: الداء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 10: 5/ 97
واستكن: الحرباء: الخفيف: أبو زبيد: 1: 6/ 509
لا: النجاء: الخفيف: الحارث بن حلزة: 4: 6/ 539
الهمزة المكسورة
قل: صماء: البسيط: (بشار بن برد): 1: 4/ 448
تمنت: خلائي: الوافر: عوف بن الخرع: 2: 1/ 18
رماك: البلاء: الوافر:؟: 4: 1/ 116، 4/ 386
له: للصلاء: الوافر: الهيبان الفهمي: 3: 5/ 35
رآني: بلائي: الوافر: الشيخ الباهلي: 2: 6/ 542
يسقط: الكرماء: الخفيف: (بشار بن برد): 1: 5/ 237
ليس: الأحياء: الخفيف: (عدي بن الرعلاء): 1: 6/ 591
قافية الألف اللينة
ومهما: كالفتى: الطويل: (حسان السعدي): 3: 3/ 230، 6/ 587
ولم: هوى: الطويل: (عمر بن أبي ربيعة): 1: 5/ 68
أفنت: فاستوى: الكامل: نفيع بن صفار المحاربي: 2: 1/ 147
أما: رأى: الكامل: الأسعر الجعفي: 3: 1/ 181
بات: الطوى: الكامل:؟: 1: 2/ 253
وكتيبة: للندى: الكامل: (أبو بكر): 1: 5/ 292
ليس: مضى: الكامل:؟: 2: 7/ 95(7/271)
وقد: الضحى: المتقارب: جهم بن خلف: 10: 3/ 98، 99
مطوقة: دعا: المتقارب:؟: 1: 3/ 99
قافية الباء
الباء الساكنة
عبيد: الكلب: الطويل: ابن عياش الكندي: 1: 1/ 261
له: الغضب: الطويل: العدار: 1: 6/ 357
يخيل: العطب: الطويل: سهل بن هارون: 1: 6/ 549
وبالجد: الطلب: الطويل: ابن يسير: 1: 7/ 38
فإني: أحربا: الطويل: الأعشى: 3: 1/ 19
إن: أكلبا: الطويل:؟: 2: 1/ 166
وإني: أحوبا: الطويل: الأعشى: 2: 1/ 199، 6/ 406
(أخلف): ذاهب: الكامل: المسعودي: 1: 3/ 35
وترى: مغاضب: م. الكامل:؟: 1: 1/ 183
وبنو: الحلائب: م. الكامل: الجعدي: 1: 6/ 550
وأنا: العرب: الرمل: القرشي: 1: 3/ 120
ودنونا: ضرب: الرمل: الطائي: 3: 6/ 545
ووثبة: التراب: السريع: المنهال: 3: 6/ 528
فأتتها: اللعب: الخفيف:؟: 2: 1/ 111
أتيت: خبوب: المتقارب: السّدري: 5: 6/ 538
الباء المفتوحة
وفر: متطببا: الطويل: زيد الخيل: 3: 1/ 217
سينبح: أؤنبا: الطويل: الأعشى: 1: 1/ 235
أراني: أكلبا: الطويل: الأعشى: 1: 1/ 262
وأفطن: عقربا: الطويل: أبو الوجيه العكلي: 1: 6/ 344
قصير: مركبا: الطويل:؟: 1: 6/ 593
إذا: مذهبا: الطويل: زياد بن زيد: 6: 7/ 92
فلا: المنيبا: الطويل: جرير: 1: 7/ 39
فاعص: خببا: البسيط: سهم بن حنظلة: 2: 1/ 119(7/272)
يا: فالقربا: البسيط: مرة بن محكان السعدي: 3: 2/ 437
ترمى: لهبا: البسيط: مرة بن محكان السعدي: 2: 7/ 56
الله: اليعاسيبا: البسيط: عبد الرحمن الأنصاري: 1: 3/ 30
تهتم: الذيبا: البسيط: رزين العروضي: 3: 7/ 129
كأن: الكلابا: الوافر: (جرير): 1: 1/ 211
فغض: كلابا: الوافر: جرير: 2: 1/ 169، 242
أجندل: غابا: الوافر: جرير: 1: 1/ 170
إذا: الكلابا: الوافر: أعشى بني تغلب: 1: 1/ 256
رأيت: الشبابا: الوافر: كثير عزة: 3: 3/ 27
أكلكم: سخابا: الوافر:؟: 1: 3/ 226
إذا: غضابا: الوافر: (معاوية بن مالك): 1: 5/ 227
فرجي: آبا: الوافر: بشر بن أبي خازم: 1: 6/ 461
تطلى: ملابا: الوافر: (جرير): 1: 6/ 511
فمن: الكليبا: الوافر: عبادة بن محبر السعدي: 1: 2/ 293
ولو: أسبابا: م. الوافر: (أبو محجن) (ابن أبي عقيق): 2: 2/ 269. 352
كأني: طلوبا: الكامل: (أبو خراش الهذلي): 2: 6/ 491
فانقض: طنبا: الكامل: أوس بن حجر: 2: 6/ 461. 458
فعلت: ضربا: م. الكامل: محمد بن عباد الكاتب: 7: 1/ 174
برد: شرابا: م. الرمل: أبو العتاهية: 1: 5/ 76
وصدهم: فاجتنبا: السريع: لبيد بن ربيعة: 1: 2/ 440
يا: أحسبا: المتقارب: امرؤ القيس: 3: 6/ 503
ولو: التربه: المتقارب: دعبل بن علي: 3: 1/ 175
على: أذنابها: المتقارب: الكميت بن ثعلبة: 1: 6/ 387
الباء المضمومة
فعاجوا: الحقائب: الطويل: نصيب: 1: 1/ 29
يقوم: أشيب: الطويل:؟: 1: 1/ 33
بأي: والمهلب: الطويل: عبد الله بن الحارث: 1: 1/ 89
وهم: الكلب: الطويل: (مالك بن أسماء): 1: 1/ 125(7/273)
(وقد): يثوب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/ 198
وإن: تكالب: الطويل: مزرد بن ضرار: 2: 1/ 210، 236
نشأت: راغب: الطويل: مزرد بن ضرار: 2: 1/ 245
ولو: راكب: الطويل: جرير: 3: 1/ 257
وأمر: مكلب: الطويل:؟: 1: 2/ 262
لقد: طالب: الطويل: دلم: 1: 2/ 264
وتصبح: شبوب: الطويل: علقمة بن عبدة: 2: 2/ 293
وكأس: تضرب: الطويل: (الأعشى): 1: 2/ 436
خفي: دابب: الطويل:؟: 1: 2/ 438
وحدثتماني: قليب: الطويل: كعب بن سعد الغنوي: 3: 3/ 26
طربت: يجرب: الطويل: حارثة بن بدر: 3: 3/ 36
بحق: حاجب: الطويل:؟: 2: 3/ 46
وكان: تغيبوا: الطويل: طفيل الغنوي: 2: 3/ 47
وذاك: يتذبذب: الطويل: النابغة الذبياني: 2: 3/ 48
مطرنا: حليب: الطويل:؟: 9: 3/ 58
رغا: سليب: الطويل: علقمة بن عبدة: 2: 3/ 89
كسيد: يلحب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 4/ 323. 465
أتذهب: يسيب: الطويل:؟: 1: 4/ 343
فكم: مخلب: الطويل: بشار بن برد أو غيره: 2: 4/ 387
أشار: محلب: الطويل: (بشر بن أبي خازم): 1: 4/ 458
وبورك: يثرب: الطويل:؟: 2: 5/ 95
وحاملة: تعطب: الطويل:؟: 1: 5/ 192
لقد: غريب: الطويل:؟: 1: 5/ 207
ترى: الزرائب: الطويل: راشد بن سهاب: 1: 5/ 254
وراحت: لبلب: الطويل: مخارق المازني: 8: 5/ 260
إلى: عذوب: الطويل: حميد بن ثور: 1: 5/ 262
ألا: شاعب: الطويل: معن بن أوس: 2: 6/ 350
غناء: آيب: الطويل: ابن الأعرابي: 1: 6/ 406(7/274)
فقلت: لطبيب: الطويل: عروة العذري: 1: 6/ 422
فما: نجائب: الطويل:؟: 4: 6/ 441
تعاورني: مخلب: الطويل: أبو إسحاق: 8: 6/ 449
إله: الثعالب: الطويل: (عباس بن مرداس): 1: 6/ 473
تمنيتني: المقانب: الطويل: دريد بن الصمة: 3: 6/ 474
أرى: يتقرب: الطويل: أم سالم: 3: 6/ 476
ذكرناك: سلوب: الطويل:؟: 5: 6/ 494
وقلت: يركب: الطويل:؟: 1: 6/ 544
فمن: الأقارب: الطويل: جريبة بن أشيم: 5: 6/ 561
وأول: مذنب: الطويل: زرارة بن أعين: 7: 7/ 72
ونحن: غالب: الطويل: الأخنس التغلبي: 3: 7/ 85
بنفسي: يجيب: الطويل:؟: 2: 7/ 86
لقد: المتطبب: الطويل: (محصن بن كنان القريعي): 5: 7/ 89
لعمري: نواعبه: الطويل:؟: 2: 1/ 131
أحب: غرائبه: الطويل:؟: 1: 1/ 131، 7/ 53
يعرد: ضاربه: الطويل:؟: 1: 2/ 316
وحفظك: طالبه: الطويل:؟: 1: 3/ 21
يقولون: كاسبه: الطويل:؟: 2: 3/ 42
وإني: صاحبه: الطويل: لقيط بن زرارة: 3: 3/ 46
ليهنيك: كاذبه: الطويل: حسيل بن عرفطة: 4: 3/ 51، 240
ألا: راكبه: الطويل: سحيم بن وثيل: 1: 3/ 52
على: حاجبه: الطويل: التوت اليماني: 1: 5/ 313
تعللت: صاحبه: الطويل: دريد بن الصمة: 6: 6/ 492
كأني: تجانبه: الطويل: دريد بن الصمة: 1: 6/ 492
إذا: غباغبه: الطويل: ذو الرمة: 2: 6/ 508
وجئت: تهابها: الطويل: ابن نوفل: 2: 1/ 172
وينبح: يريبها: الطويل:؟: 2: 1/ 232
ولا: كلابها: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 1/ 235(7/275)
إني: اغتيابها: الطويل: هلال بن خثعم: 4: 1/ 254
ولولا: كلابها: الطويل: ابن فسوة: 2: 2/ 263
وما لي: كلابها: الطويل:؟: 1: 2/ 291
وكأس: بغاتها: الطويل: الأعشى: 1: 2/ 436
ألا: ذبابها: الطويل: ابن ميادة: 3: 3/ 182
ألا: غرابها: الطويل: ابن ميادة: 2: 3/ 199
فليس: ثيابها: الطويل: أبو خولة الرياحي: 3: 3/ 205
دعا: غرابها: الطويل:؟: 2: 3/ 208
فهل: بابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 4/ 434
بأري: انقلابها: الطويل: أبو ذؤيب: 1: 5/ 223
أبالصرم: ركابها: الطويل: أبو ذؤيب: 2: 5/ 273
فإنا: ضبابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 6/ 351، 373
ولو: حجابها: الطويل: ابن ميادة: 1: 6/ 373
قرى: عقابها: الطويل:؟: 3: 6/ 492
صار: اللعب: المديد: (أبو نواس): 1: 1/ 11
والعفو: تدريب: البسيط:؟: 1: 1/ 16
أقبلت: الهرب: البسيط: ابن يسير: 18: 1/ 64
لج: الهرب: البسيط: الضحاك بن سعد: 3: 1/ 168
لله: كلب: البسيط: (بشر بن أبي خازم): 2: 1/ 208، 6/ 579
وفرحة: ترعيب: البسيط: ابن هرمة: 1: 1/ 256
مقزع: نشب: البسيط: ذو الرمة: 1: 2/ 295
يعنتريس: طرب: البسيط: ابن ميادة: 1: 3/ 186
العين: غربيب: البسيط: امرؤ القيس: 1: 3/ 202
هل: طنب: البسيط: ابن ميادة: 1: 3/ 231
في: شنب: البسيط: (ابن ميادة): 1: 3/ 231
أذاك: منقلب: البسيط: ذو الرمة: 4: 4/ 412، 419، 7/ 42
ألهاه: عقب: البسيط: ذو الرمة: 1: 4/ 427(7/276)
وذات: مجبوب: البسيط: عروة بن مرة الهذلي: 2: 4/ 431
حتى: طبب: البسيط: ذو الرمة: 7: 4/ 476
جلدي: مسبوب: البسيط: الذكواني: 3: 5/ 100
أحلامكم: الكلب: البسيط: الكميت: 1: 5/ 184
تمشي: الجلابيب: البسيط: جنوب أخت عمرو الهذلي: 1: 6/ 487
كأنها: الذيب: البسيط: امرؤ القيس: 12: 6/ 493
أشكو: الذيب: البسيط:؟: 2: 6/ 519، 532
كأن: كواكبه: البسيط: بشار بن برد: 1: 3/ 65
كوكب: كوكب: م. البسيط:؟: 1: 1/ 214
وكل: يؤوب: م. البسيط: عبيد بن الأبرص: 5: 3/ 43
فبتنا: الكليب: الوافر: لبيد بن ربيعة: 1: 2/ 293
ومنها: الكلاب: الوافر:؟: 1: 2/ 357
وأرسلت: تهاب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 7: 2/ 421
بآية: الغراب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 1: 2/ 421
أتوعد: الغراب: الوافر: (عبيد بن الأبرص): 2: 3/ 203
وأرسل: جديب: الوافر: ابن حبناء الأشجعي: 1: 4/ 273
أكلت: ذيب: الوافر:؟: 1: 4/ 284، 6/ 330 7/ 113، 149
وإذ: رطاب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 7: 4/ 355
كذي: تساب: الوافر: أمية بن أبي الصلت: 2: 4/ 355
يرون: ذباب: الوافر: خلف الأحمر: 6: 4/ 397
وفي: الغضوب: الوافر: الكميت: 3: 5/ 41
وخرق: وجيب: الوافر: الكميت: 2: 5/ 41
وجدنا: يريب: الوافر:؟: 3: 5/ 88
أيذهب: العجيب: الوافر:؟: 2: 5/ 128
وتطعم: عريب: الوافر: جران العود: 2: 6/ 362
إذا: ضباب: الوافر:؟: 1: 6/ 366
ذكرتك: أخيب: الوافر:؟: 2: 7/ 151(7/277)
ما: غيب: الكامل: (طرفة بن العبد): 2: 1/ 11
أما: مشذب: الكامل: الأعشى: 4: 1/ 181، 6/ 501
كالسيد: ضرب: الكامل: أبو دؤاد الإيادي: 3: 1/ 182، 4/ 422
نبئت: وتكتبوا: الكامل: عبيد بن الأبرص: 6: 3/ 50
شاب: يعتب: الكامل: ساعدة بن جؤية: 1: 3/ 203
يا: شؤبوب: الكامل:؟: 3: 5/ 80
خير: الأكذب: الكامل:؟: 2: 6/ 477
واستغن: ذهبه: الكامل: بشار بن برد: 2: 1/ 205
أخبث: شعبه: الكامل: أبو العتاهية: 3: 4/ 275
وإذا: عطبه: الكامل: (أبو العتاهية): 1: 4/ 277
إن: لحوب: م. الكامل: ضباعة بنت قرط: 2: 3/ 242
ينالها: تحريب: م. الكامل: الضبي: 2: 6/ 458
ذهب: أحبه: م. الكامل: عتبة الأعور: 2: 2/ 414
حو: ذبابه: م. الكامل:؟: 1: 3/ 184
يا: انجيابه: م. الكامل: الأعشى: 3: 4/ 432
من: ثيابه: م. الكامل: الحسن بن هانئ: 5: 5/ 203
أهوى: نصابه: م. الكامل: الحسن بن هانئ: 2: 5/ 203
من: كاذب: السريع: (المهاجر المخزومي): 4: 4/ 326
يا: صاحبها: المنسرح: أحيحة بن الجلاح: 1: 2/ 285
فالآن: يجب: المنسرح:؟: 2: 3/ 23
إذا: جوب: المنسرح: الحسن بن هانئ: 3: 3/ 101
ولم: حسبوا: المنسرح: الكميت: 1: 3/ 233
فاعتتب: معتتب: المنسرح: (الكميت): 7: 5/ 94
ما: عجائبه: المنسرح:؟: 3: 6/ 474
ما: ترائبها: المنسرح: أحيحة بن الجلاح: 2: 1/ 245
وبلدة: جوانبها: المنسرح: زهير بن أبي سلمى: 4: 6/ 476
بشر: الغراب: الخفيف: ابن قيس الرقيات: 1: 3/ 212
نفسي: أحبه: المجتث: أبو عبد الله الجماز: 3: 1/ 115(7/278)
أبوك: الأب: المتقارب: حسان بن ثابت: 3: 1/ 96
وداري: العقرب: المتقارب: نصر بن الحجاج السلمي: 2: 4/ 365
الباء المكسورة
جزى: كاذب: الطويل: النمر بن تولب: 2: 1/ 15
جزاني: ذنب: الطويل: الكلبي: 5: 1/ 22
فأنتم: الترب: الطويل: (أبو نواس): 1: 1/ 46
ويسفع: العصب: الطويل: البعيث: 1: 1/ 118
عددت: تولب: الطويل: بشار بن برد: 1: 1/ 166
سرت: كلب: الطويل:؟: 1: 1/ 168، 175
وسامعتان: ربرب: الطويل: امرؤ القيس: 1: 1/ 180
تباري: مكلب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/ 182، 2/ 95، 5/ 184
كأن: يذهب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 1/ 183
تقد: الحباحب: الطويل: النابغة: 1: 1/ 205
ولو: شعوب: الطويل: أبو سفيان: 2: 1/ 209
دعته: الكلب: الطويل: عبد الرحمن بن زياد: 1: 1/ 209
ومستنبح: فجاوب: الطويل: ابن هرمة: 3: 1/ 244
إذا: المعاتب: الطويل: (النعمان العبدي): 3: 1/ 245
أبالك: المتعجب: الطويل: بنت المستنثر: 1: 2/ 264
فلا: كلبي: الطويل:؟: 1: 2/ 289
وإني: موكب: الطويل: عامر بن الطفيل: 3: 2/ 302
وجدت: محتبي: الطويل: بشامة بن الغدير: 2: 2/ 302
ولست: الكلب: الطويل: حسان بن ثابت: 1: 2/ 355
وما: كلاب: الطويل: (هدبة بن الخشرم): 2: 2/ 357
عراجلة: العناكب: الطويل:؟: 1: 2/ 360
سرى: العقارب: الطويل: القطامي: 1: 2/ 375
إذا: كعثب: الطويل: الفرزدق: 1: 2/ 398
لدن: المتأوب: الطويل: لبيد بن ربيعة: 1: 2/ 408، 440(7/279)
وهل: تنضب: الطويل: عقيل بن علفة: 2: 2/ 413
إذا: الكلب: الطويل: جرير: 1: 2/ 414
ثلاثة: المحارب: الطويل: عدي بن زيد: 1: 2/ 437
مطبقة: الجنادب: الطويل:؟: 1: 2/ 437
وغب: السحائب: الطويل: أحمد بن زياد: 20: 2/ 444
بذلك: الترائب: الطويل: أحمد بن زياد: 13: 2/ 446
فما: الذوائب: الطويل: أم فروة الغطفانية: 4: 3/ 24، 5/ 79
لعمري: مركب: الطويل: خالد بن نضلة: 4: 3/ 52
أبى: مذهب: الطويل:؟: 2: 3/ 261
وأشرب: شارب: الطويل: العرجي: 2: 4/ 391
ولا: الكتائب: الطويل: النابغة: 1: 4/ 394
ضوابع: المعرب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 4/ 427
وصحم: مذنب: الطويل: (لبيد بن ربيعة): 2: 4/ 446
متى: المثقب: الطويل: (لبيد بن ربيعة): 1: 4/ 455
تخود: المغارب: الطويل: القطامي: 2: 4/ 502
إذا: تنضب: الطويل: طفيل الغنوي: 1: 5/ 34
وهم: النوائب: الطويل: أبو حية النميري: 1: 5/ 68
لنا: التجارب: الطويل: أبو حية النميري: 2: 5/ 68
إلى: المناكب: الطويل: أبو حية النميري: 1: 5/ 68، 6/ 593
ولا: قلبي: الطويل: سحيم الفقعسي: 2: 5/ 103
فللسوط: منعب: الطويل: امرؤ القيس: 4: 5/ 164
سقتني: الكواكب: الطويل: ابن ميادة: 3: 5/ 205
وعيد: بالخضب: الطويل: الكميت: 1: 5/ 241
تنفض: للرهب: الطويل: الكميت: 1: 5/ 294
ولما: المحارب: الطويل: قيس بن الخطيم: 2: 5/ 296
إذا: الأرانب: الطويل:؟: 1: 5/ 315، 6/ 505
إذا: اغضب: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 6: 5/ 318
أمنت: مريب: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 5: 5/ 318(7/280)