مقدمات التحقيق
مقدمة
لا تزال الحاجة تدعو إلى نشر كثير من كتب العلوم العربية والإسلامية، بأسلوب يستوفي شروط التحقيق العلمي، وتتحدد أهمية تلك الكتب وأولويتها في النشر بقيمة الكتاب ذاته وأهمية العلم الذي ينتمي إليه ومقدار الفائدة التي يمكن أن يقدمها لنا في حياتنا المعاصرة. ومما يلاحظ في هذا المضمار أن الإهمال قد أصاب كتب علم التجويد، حيث انصرف عنها المشتغلون بالتحقيق، مع الحاجة الشديدة إلى تلك الكتب، سواء من الناحية العلمية في دراسة الأصوات العربية، أم من الناحية العملية في تعليم النطق العربي الفصيح.
ولا أجد تفسيرا لذلك الإهمال إلا في أن المشتغلين في هذا العلم من المتأخرين والمعاصرين قد اكتفوا بالرسائل التعليمية الموجزة التي صار فيها علم التجويد نوعا من الرموز التي يصعب فكها على كثير من دراسيه، ونسوا الكتب الكبيرة القديمة في هذا العلم، التي تزخر بالدراسة الصوتية الواضحة المفصلة، وهذه الكتب في الواقع ليست سهلة المنال، لأن نسخها المخطوطة قليلة، وأماكن وجودها نائية، ومضامينها مجهولة على كثير من الدارسين، مما لا يشجع على بذل الجهد في تحصيلها ونشرها.
أما المتخصصون بدراسة الأصوات العربية من اللغويين المحدثين فهم أشد بعدا عن كتب علم التجويد وأكثر جهلا بما فيها، ولعل صورة علم التجويد
التي عرفوها في الرسائل التعليمية المتأخرة هي التي صرفتهم عن هذا العلم وكتبه.(1/5)
أما المتخصصون بدراسة الأصوات العربية من اللغويين المحدثين فهم أشد بعدا عن كتب علم التجويد وأكثر جهلا بما فيها، ولعل صورة علم التجويد
التي عرفوها في الرسائل التعليمية المتأخرة هي التي صرفتهم عن هذا العلم وكتبه.
ومن هنا ظلت كتب علم التجويد منسية بشكل كبير، ولم ينشر من تلك الكتب نشرة علمية محققة بقدر ما علمت إلا كتاب (الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة) لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني الأندلسي (ت 437هـ)، الذي قام بنشره في دمشق الدكتور أحمد حسن فرحات سنة 1973م، وإلا كتاب (تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين عما يقع لهم من الخطأ حال تلاوتهم لكتاب الله المبين) لأبي الحسن علي بن محمد النوري الصفاقسي (ت 1118هـ) الذي قام بنشره في تونس سنة 1974م محمد الشاذلي النيفر.
وكانت صلتي تزداد بكتب علم التجويد، ومعرفتي بها تتسع، من خلال تتبعي الدائم لمخطوطات هذا العلم في فهارس المكتبات، حتى حصلت لديّ قناعة كاملة في أن كتب هذا العلم القديمة تستحق كل جهد من أجل نشرها محققة، وأن هذا العمل له فوائد كبيرة ترتبط بقراءة القرآن من جهة وبعلم الأصوات اللغوية العربية من جهة أخرى، ومن ثمّ بدأت السير في هذا الطريق (1).
وقد اخترت كتاب (التمهيد في علم التجويد) لتحقيقه ونشره لأن الكتاب جمع خلاصة الكتب السابقة له في علم التجويد، فضم نصوصا من كتب بعضها مفقود وبعضها لا يزال مخطوطا ولأنه من تأليف الإمام
__________
(1) يمكن أن أذكر هنا أني قمت بتحقيق قصيدة أبي مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى الخاقاني البغدادي المتوفى سنة 325هـ التي قالها في حسن أداء القرآن، وقد نشرت في مجلة كلية الشريعة بجامعة بغداد العدد السادس (1980م) ضمن بحث (علم التجويد: نشأته ومعالمه الأولى). وكذلك قمت بتحقيق كتاب (التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي) لأبي الحسن علي بن جعفر الرازي السعيدي، المتوفى بعد سنة 410هـ، وسوف ينشر، إن شاء الله تعالى، في مجلة المجمع العلمي العراقي.(1/6)
المقرئ المحقق شمس الدين بن الجزري المتوفى سنة 833هـ، أشهر علماء القراءة منذ زمانه حتى وقتنا الحاضر، وهو صاحب المؤلفات الكثيرة في علم القراءات وتاريخ القراء، مثل (النشر في القراءات العشر) و (غاية النهاية في طبقات القراء) ولأن الكتاب قد انتشر بين المشتغلين بعلم التجويد بعد عصر المؤلف، وحاز منزلة لا تقل عن المنزلة التي حازتها قصيدة المؤلف المسماة (المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه) المشهورة باسم (المقدمة الجزرية).
وقد علمت أن كتاب التمهيد كان قد طبع في مصر سنة 1908م، فحرصت على الاطلاع على هذه الطبعة قبل المضي في تحقيق الكتاب، ولكن لم أعثر في مكتبات بغداد العامة على أثر للنسخ المطبوعة من الكتاب، فطلبتها من مصر، ولكنها كانت أيضا نادرة الوجود، ولم نحصل عليها إلا عن طريق تصوير نسخة تحتفظ بها مكتبة جامعة القاهرة، ولم يقلل كون الكتاب قد طبع من حرصي على تحقيقه ونشره، وذلك لسببين:
الأول: إن الكتاب قد طبع قديما، منذ خمسة وسبعين عاما، وإن نسخه قد عزت إلى حد الندرة، وصارت كالنسخ المخطوطة، وبينما وجدت في بغداد نسخة مخطوطة للكتاب لم أجد نسخة مطبوعة منه، فلا يزال إذن هناك فراغ كبير لم يملأه طبع الكتاب.
الثاني: إن طبعة الكتاب جاءت دون تحقيق أو مقابلة بأي نسخة مخطوطة، بل إن هذه الطبعة قد أهملت الإشارة إلى الأصل الذي نقلت منه، وهو أمر شائع في طبع الكتب في ذلك الزمان، ومن هنا تكون النسخ المطبوعة من الكتاب بمنزلة نسخة مخطوطة مجهولة الأصل، وهي لا تخلو من النقص والتحريف، ولا يزال الكتاب معها بحاجة إلى تحقيقه، ولا يزال الناس بحاجة إلى نشره.
وتقديم الكتاب إلى القراء يقتضي التعريف بمؤلفه، وعلى الرغم من شهرة المؤلف وكثرة مؤلفاته لم أجد ترجمة حديثة وافية عنه، تبين مراحل حياته، وتحصي مؤلفاته، وحينئذ فكرت بكتابة ترجمة مناسبة لابن الجزري بين يدي
كتابه (التمهيد)، وبعد أن جمعت المادة من مصادرها المعروفة وبدأت بالكتابة شعرت أن حصيلة ذلك سوف تكون أكبر مما تحتمله مقدمة كتاب، وصار ما كتبته وما يمكن أن يضم إليه مادة لكتاب مستقل، بل ربما استطاع الدارس أن يكتب عن جهود ابن الجزري في علم القراءات كتابا، وعن جهوده في علم الحديث كتابا، وعن جهوده في التاريخ كتابا، ومن ثم عدت إلى ما كتبته ولخصت منه ما أثبتته في الصفحات الآتية، مما يتعلق بحياة ابن الجزري ومؤلفاته، وهناك مادة أخرى تتعلق بتفصيلات حياته وأسرته وتلامذته وشيوخه ومؤلفاته، أخرتها إلى فرصة اخرى إن شاء الله تعالى.(1/7)
وتقديم الكتاب إلى القراء يقتضي التعريف بمؤلفه، وعلى الرغم من شهرة المؤلف وكثرة مؤلفاته لم أجد ترجمة حديثة وافية عنه، تبين مراحل حياته، وتحصي مؤلفاته، وحينئذ فكرت بكتابة ترجمة مناسبة لابن الجزري بين يدي
كتابه (التمهيد)، وبعد أن جمعت المادة من مصادرها المعروفة وبدأت بالكتابة شعرت أن حصيلة ذلك سوف تكون أكبر مما تحتمله مقدمة كتاب، وصار ما كتبته وما يمكن أن يضم إليه مادة لكتاب مستقل، بل ربما استطاع الدارس أن يكتب عن جهود ابن الجزري في علم القراءات كتابا، وعن جهوده في علم الحديث كتابا، وعن جهوده في التاريخ كتابا، ومن ثم عدت إلى ما كتبته ولخصت منه ما أثبتته في الصفحات الآتية، مما يتعلق بحياة ابن الجزري ومؤلفاته، وهناك مادة أخرى تتعلق بتفصيلات حياته وأسرته وتلامذته وشيوخه ومؤلفاته، أخرتها إلى فرصة اخرى إن شاء الله تعالى.
وسوف أتحدث في الصفحات التالية إلى جانب ما يتعلق بحياة ابن الجزري ومؤلفاته عن كتاب (التمهيد في علم التجويد) من حيث تاريخ تأليفه، ومن حيث موضوعه، إلى جانب وصف النسخ الخطية التي اعتمدت عليها في تحقيق نص الكتاب، وبيان المنهج الذي سرت عليه في ذلك.
وأجد من الواجب عليّ هنا أن أخص بالشكر كل الذين أعانوني على إنجاز تحقيق الكتاب، سواء منهم الذين قاموا بتصوير النسخ المخطوطة، أو الذين ساعدوني في المقابلة أو الانتساخ، داعيا الله تعالى أن يكتب لي ولهم من الأجر والثواب بقدر ما بذلوا وبذلت في إخراج هذا الكتاب، وأن يجعل أعمالنا خالصة له، هو حسبنا ونعم الوكيل.
بغداد الخميس 29/ 7/ 1403هـ 12/ 5/ 1983م غانم قدّوري حمد(1/8)
بغداد الخميس 29/ 7/ 1403هـ 12/ 5/ 1983م غانم قدّوري حمد
أوّلا حياة ابن الجزري
ولد أبو الخير شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري (1)، الدمشقي، ثم الشيرازي، بعد صلاة التراويح من ليلة السبت، يوم الخامس والعشرين من شهر رمضان، سنة 751هـ، داخل خط القصاعين، بين السورين، بدمشق (2).
نشأ ابن الجزري في دمشق، واشتغل بحفظ القرآن فأكمله في سنة 764هـ، وصلّى به في التي بعدها (3). قال ابن حجر عنه: «ولد
بدمشق، وتفقه بها، ولهج (4) بطلب الحديث والقرآن، وبرز في القراءات» (5).
وشرع ابن الجزري بعد حفظه القرآن بقراءة القراءات ودراسة كتبها على علماء بلدته، مثل الشيخ أبي محمد عبد الوهاب بن السلار (ت 782هـ)، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان (ت 782هـ) والشيخ أحمد بن رجب
__________
(1) ابن الجزري، نسبة إلى جزيرة ابن عمر، قريب من الموصل (السخاوي: الضوء اللامع 9/ 255).
(2) غاية النهاية 2/ 247، وابن حجر: إنباء الغمر 3/ 466، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 255.
(3) غاية النهاية 2/ 247، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(4) لهج بالأمر يلهج لهجا: أولع به فثابر عليه واعتاده (لسان العرب مادة لهج).
(5) إنباء الغمر 3/ 466.(1/9)
(ت 775هـ)، والشيخ أبي المعالي محمد بن أحمد اللبان (ت 776هـ) (6).
وفي سنة 768هـ رحل ابن الجزري إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج، ويبدو أن هذه الرحلة كانت أول رحلة له خارج بلاد الشام، واستفاد من وجوده هناك فقرأ على الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح (ت 785هـ) الخطيب والإمام بالمدينة الشريفة (7).
وبعد رحلة الحجاز تطلع ابن الجزري إلى مصر ليكمل هناك تحصيله العلمي، فرحل إلى مصر ثلاث رحلات لهذا الغرض، وسافر بعدها مرات كثيرة لأغراض مختلفة.
فكانت رحلته الأولى إلى الديار المصرية سنة 769هـ.
وكانت رحلته الثانية سنة 771هـ.
وكانت الثالثة سنة 778هـ.
والتقى ابن الجزري في هذه الرحلات بكبار علماء القراءات في القاهرة، وقرأ عليهم. ودرس الحديث والفقه والأصول والمعاني والبيان أثناء ذلك، وسافر إلى الإسكندرية في رحلته الثالثة وقرأ على من كان فيها من الشيوخ (8).
ولم تنقطع صلة ابن الجزري بمصر بعد عودته إلى بلاد الشام، فهو إلى جانب قيامه ببعض الوظائف الرسمية التي تتطلب تردده إلى القاهرة رحل بأبنائه ليقرءوا على علماء الديار المصرية، فرحل بهم أولا سنة 788هـ، ورحل بهم رحلة أخرى سنة 792هـ (9).
__________
(6) غاية النهاية 2/ 247.
(7) غاية النهاية 2/ 155و 247والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(8) غاية النهاية 2/ 248247.
(9) المصدر نفسه 1/ 129و 2/ 243و 252.(1/10)
وأذن لابن الجزري غير واحد من علماء عصره بالإفتاء والتدريس والإقراء (10). فقد أجازه وأذن له بالإفتاء شيخ الإسلام أبو الفداء إسماعيل ابن كثير سنة 774هـ، وكذلك أذن له الشيخ ضياء الدين سنة 778هـ، وشيخ الإسلام البلقيني سنة 785هـ (11).
وولي ابن الجزري من الوظائف العلمية في دمشق في أثناء ذلك مشيخة الإقراء بالمدرسة العادلية الكبرى، والمشيخة الكبرى بمدرسة أم الصالح، وتدريس الأتابكية بسفح قاسيون، وجلس للإقراء تحت النسر من الجامع الأموي سنين، كما ولي تدريس الصلاحية بالقدس (12). وهو إلى جانب ذلك كله بنى بدمشق برأس عقبة الكتاب مدرسة للقرآن سماها (دار القرآن) أقرأ الناس بها (13).
وظل ابن الجزري مقيما في بلاد الشام ويتردد إلى الديار المصرية حتى كانت سنة 798هـ، فاضطر إلى مغادرتهما متجها إلى بلاد الروم [تركيا اليوم]، فقد كان ابن الجزري قد باشر بعض الأعمال الإدارية للأمير قطلوبك، أستادار ايتمش أتابك السلطان الظاهر برقوق (14). مما يتطلب تحصيل بعض الأموال وصرفها، وحصل له بسبب ذلك خلاف مع قطلوبك، فنقم عليه قطلوبك، فخشي ابن الجزري من عاقبة الأمر، فاضطر إلى مغادرة القاهرة في جمادى الأولى سنة 798هـ قاصدا الإسكندرية، وركب من هناك البحر متجها إلى بلاد الروم، حيث نزل في مدينة برصة، دار الملك
__________
(10) السخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(11) غاية النهاية 2/ 248.
(12) غاية النهاية 2/ 248و 1/ 130والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(13) ابن حجر: إنباء الغمر 3/ 466، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256، وابن الجزري:
الحصن الحصين، الورقة الأخيرة من نسخة مكتبة الأوقاف ببغداد.
(14) قطلوبك هو أستادار الأتابك ايتمش البجاسي الجركسي، والأستادار هو الذي يشرف على تدبير بيوت السلطان، والأتابك هو أمير العسكر.(1/11)
العثماني بايزيد بن عثمان (15).
وكانت مدينة برصة (16)، التي التجأ إليها ابن الجزري بعد خروجه من الديار المصرية، عاصمة دولة السلطان العثماني الرابع بايزيد (17) بن مراد بن أورخان بن عثمان، الذي بويع بالسلطنة بعد وفاة أبيه في شهر رمضان سنة 791هـ (18)، وكان السلطان بايزيد، كما يقول ابن حجر: «من خيار ملوك الأرض، ولم يلقب بلقب، ولا أحد من آبائه وذريته، ولا دعي بسلطان ولا ملك، وإنما يقال (الأمير) مرة، و (خوندخان) تارة، وكان مهابا، يحب العلم والعلماء، ويكرم أهل القرآن» (19).
وكان من تيسير الله تعالى على ابن الجزري في بلاد الروم أنه التقى هناك بتلميذ له يعرف (بشيخ حاجي)، كان قد قرأ القرآن عليه في دمشق، فعرّف الملك بمقداره، فعظّمه وأكرمه، ورتّب له في كل يوم مائتي درهم، وساق له عدة خيول ومماليك (20). كذلك صادف ابن الجزري تلميذه القديم مؤمن بن علي بن محمد الرومي الفلك آباذي، الذي كان قد قرأ عليه بدمشق، قال ابن الجزري: «ولما قدّر الله أني دخلت الروم سنة ثمان وتسعين وسبعمائة نزلت عنده، ولم يأل جهدا في إكرامي» (21).
أقام ابن الجزري في برصة، وأخذ عنه أهل تلك البلاد القراءات والحديث، وانتفعوا به (22). وكان غير منقطع عن التأليف هناك، فقد ألّف
__________
(15) ابن حجر: إنباء الغمر 1/ 510و 3/ 466، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(16) برصة مدينة عظيمة بالأناضول، وقد تسمى: برصا أو بروسة، أو بروسا.
(17) يرد اسمه في بعض المصادر العربية القديمة باسم (أبو يزيد).
(18) محمد فريد بك: تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 48.
(19) إنباء الغمر 2/ 225.
(20) المصدر نفسه 1/ 510.
(21) غاية النهاية 2/ 324.
(22) ابن حجر: إنباء الغمر 3/ 466، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.(1/12)
أشهر كتبه (النشر في القراءات العشر) في مدينة برصة سنة 799هـ (23).
كذلك نظم هناك قصيدته الألفية (طيبة النشر في القراءات العشر) في نفس السنة (24).
ولعل ابن الجزري فكر بالإقامة المستمرة في مملكة آل عثمان، فنجد أن عددا من أولاده لحقوا به، منهم أبو بكر أحمد، قال ابن الجزري عنه: «ولما دخلت الروم لحقني بكثير من كتبي، فأقام عندي يفيد ويستفيد» (25).
كذلك حضر منهم ابنه أبو الخير محمد، قال: «ولما دخلت الروم حضر إليّ سنة إحدى وثمانمائة، فصلى بالقرآن، وحفظ المقدمة والجوهرة» (26). أما بقية أبنائه فلا نعلم أقدموا عليه بلاد الروم أو ظلوا في محل إقامتهم في الشام أو مصر؟ إلا أبا الفتح محمدا فإنا نعلم أنه باشر وظائف والده بدمشق حين دخل بلاد الروم (27).
ولم تمض على إقامة ابن الجزري في بلاد الروم إلا ست سنين وأشهر حتى نزلت بتلك البلاد كارثة مدمرة، فقد شاء الله تعالى أن تبتلى تلك الدولة الفتية بموجة المغول الهمجية، بقيادة تيمور لنك، في أواخر سنة 804هـ، فقطعت ما كان فيه ابن الجزري من حياة مستقرة، ليبدأ رحلة شاقة أخرى، فقد خرج أبو الخير مع الجيوش العثمانية التي خرجت لمواجهة المغول، وشهد الوقعة التي دارت بين الجيشين في سهل أنقرة في التاسع عشر من شهر ذي الحجة سنة 804هـ، فكسر الجيش العثماني، ووقع الملك العادل بايزيد في
__________
(23) النشر 2/ 469.
(24) انظر: ابن الجزري: طيبة النشر ص 119، وحاجي خليفة: كشف الظنون 1118.
(25) غاية النهاية 1/ 130.
(26) المصدر نفسه 2/ 253.
(27) المصدر نفسه 2/ 252.(1/13)
الأسر، ومات في أسره (28). ووقع أبو الخير كذلك أسيرا في أيدي المغول (29).
وأحضر ابن الجزري عند تيمورلنك، فأكرمه لاشتهاره بعلم القراءات (30). وأطلقه من أسره، لكنه احتمله معه حينما عاد راجعا إلى بلاد ما وراء النهر، على عادته مع كبار علماء الدول الإسلامية التي دخلها، وأنزله مدينة كش، فكان بها وبمدينة سمرقند ما كان تيمورلنك في الحياة (31).
ولم تنل هذه المحنة من عزم ابن الجزري، فلم ينقطع عن تعليم القراءات (32)، ولم ينقطع عن التأليف، فقد شرح هناك كتاب (مصابيح السنة) للإمام حسين بن مسعود الفراء البغوي (ت 516هـ) كذلك كتب هناك (تذكرة العلماء في أصول الحديث) (33).
وظل ابن الجزري مقيما في بلاد ما وراء النهر حتى مات تيمور لنك، في يوم الأربعاء السابع عشر من شعبان سنة 807هـ (34). وهنا وجد ابن الجزري الفرصة قد واتت ليخرج من تلك البلاد، وربما كان يحبسه عن الرحيل الخشية من تيمور، فلما تحققت وفاته زال ما كان يخشاه، فسار متجها غربا، مارا بكثير من المدن، حتى وصل إلى شيراز ليستقر بها، ويقضي فيها بقية حياته.
وهذا وصف لرحلة ابن الجزري منذ خروجه من بلاد ما وراء النهر حتى نزوله بشيراز، كما جاء في ترجمته في كتابه غاية النهاية: «ولما توفي أمير تمر في
__________
(28) ابن حجر: إنباء الغمر 2/ 225، ومحمد فريدبك: تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 51.
(29) ابن حجر: إنباء الغمر 2/ 229.
(30) المصدر نفسه 2/ 229.
(31) غاية النهاية 2/ 249.
(32) المصدر نفسه 2/ 249.
(33) حاجي خليفة: كشف الظنون 389.
(34) ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 12/ 270.(1/14)
شعبان سنة سبع وثمانمائة خرج من تلك البلاد، فوصل إلى بلاد خراسان، ودخل مدينة هراة، فقرأ عليه للعشرة جماعة، أكمل منهم الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار الهروي، ثم قفل راجعا إلى مدينة يزد فقرأ عليه للعشرة جماعة منهم المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي، وجماعة لم يكملوا، ثم دخل أصبهان فقرأ عليه بها جماعة أيضا ولم يكملوا، ثم وصل إلى شيراز في رمضان سنة ثمان وثمانمائة، فأمسكه بها سلطانها بير محمد بن صاحبها أمير عمر شيخ ابن أمير تمر، فقرأ عليه بها جماعة كثيرون ثم ألزمه صاحبها بير محمد بالقضاء بها وبممالكها وما أضيف إليها كرها» (35).
وأقام ابن الجزري بشيراز، مكرها في بادئ الأمر، ومختارا في الختام، وأنشأ هناك مدرسة تعرف باسم (دار القرآن) (36)، على غرار مدرسته التي أنشأها بالشام، فكان يقرئ القراءات ويدرّس ويؤلف إلى أن مات هناك، رحمه الله.
وفي السنوات التي قضاها ابن الجزري في شيراز (من سنة 808هـ إلى سنة 833هـ) قام برحلتين، حج خلالهما وزار بعض البلدان، فقد قصد الحج في سنة 822هـ، ولكن نهب في الطريق، بحيث تعوق عن إدراك الحج في ذلك العام، فأقام بينبع، ثم بالمدينة، وكان دخوله لها في ربيع الأول سنة 823هـ، ثم توجه إلى مكة، فدخلها في مستهل رجب، فجاور فيها بقية السنة، فحدّث وأقرأ، ثم حجّ، وسافر بعد ذلك راجعا إلى مدينة شيراز (37).
أما الرحلة الثانية فكانت سنة 827هـ، حيث قدم دمشق، فاستأذن منها
__________
(35) غاية النهاية 2/ 250.
(36) المصدر نفسه 1/ 340و 2/ 251.
(37) المصدر نفسه 2/ 250وينظر: ابن حجر: إنباء الغمر 3/ 466، والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 257.(1/15)
في قدوم القاهرة، فأذن له، فقدمها واجتمع بالسلطان الأشرف برسباي فعظمه وأكرمه، وتصدى للإقراء والتحديث، وازدحم الناس عليه، ثم توجه مع الحاج إلى مكة، فحج وسافر من هناك في البحر إلى بلاد اليمن، في تجارة، فأكرمه ملكها المنصور عبد الله بن أحمد الرسولي المتوفى سنة 830هـ، وسمع عليه الحديث، وأنعم عليه. وعاد إلى مكة، فحج سنة 828هـ، ثم رجع إلى القاهرة، فدخلها في أول سنة 829هـ، ثم سافر منها على طريق الشام، ثم على طريق البصرة إلى شيراز (38).
عاد ابن الجزري إلى شيراز، ومكث فيها بضع سنوات أخرى حتى «كانت منيته فيها قبيل ظهر يوم الجمعة خامس ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين، بمنزله من سوق الإسكافيين، ودفن بمدرسته التي أنشأها هناك» (39).
وجاء في آخر ترجمة ابن الجزري في كتابه (غاية النهاية): «قال الفقير المغترف من بحاره: توفي شيخنا رحمه الله في ضحوة يوم الجمعة، لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، بمدينة شيراز، ودفن بدار القرآن التي أنشأها، وكانت جنازته مشهورة (مشهودة) تبادر الأشراف والخواص والعوام إلى حملها وتقبيلها ومسها، تبركا بها، ومن لم يمكنه الوصول إلى ذلك كان يتبرك بمن تبرك بها، وقد اندرس بموته كثير من مهام الإسلام» (40). رحمه الله تعالى، ورضي عنه، وجعل الجنة منزله ومثواه.
__________
(38) ينظر: ابن الجزري: غاية النهاية 1/ 130وابن حجر: إنباء الغمر 3/ 326و 342 و 466. والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 257.
(39) السخاوي: الضوء اللامع 9/ 257.
(40) غاية النهاية 2/ 251.(1/16)
ثانيا مؤلّفات ابن الجزري
كان ابن الجزري غزير الإنتاج في ميدان التأليف، في أكثر من علم من العلوم الإسلامية، وإن كان علم القراءات هو العلم الذي اشتهر به، وغلب عليه. ويعكس تنوع موضوعات مؤلفاته تنوع عناصر ثقافته، فنجد بين مؤلفاته، إلى جانب كتب القراءات وعلوم القرآن، كتبا في الحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله، والتاريخ والمناقب، وعلوم العربية، وغير ذلك.
ولعل أقدم وأطول قائمة في مؤلفات ابن الجزري هي التي أوردها السخاوي في كتابه (الضوء اللامع)، في ترجمته لابن الجزري، فقد ذكر أسماء اثنين وثلاثين كتابا من مؤلفاته، وختمها بقوله «وغير ذلك». وضم (كشف الظنون) لحاجي خليفة أكثر من خمسة وثلاثين كتابا، وأضاف إسماعيل باشا البغدادي في (إيضاح المكنون) مؤلفات أخرى إلى ما ذكره حاجي خليفة، وبلغ ما ذكره في (هدية العارفين) ستة وأربعين كتابا ختمها بقوله: «وغير ذلك».
وتضيف كتب فهارس المخطوطات مؤلفات اخرى منسوبة إلى ابن الجزري، ولقد بلغ ما أحصيته مما جاء في فهارس المخطوطات مع ما ذكره السخاوي وحاجي خليفة وإسماعيل باشا البغدادي وغيرهم ثمانية وسبعين كتابا، ودراسة تلك المؤلفات وتصنيفها والتحقق من نسبتها إلى ابن الجزري يحتاج إلى مجال أوسع مما نحن بصدده من تقديم موجز يعرّف القارئ بمؤلفات ابن الجزري، ولذلك سوف أكتفي هنا بتقديم قائمة موضوعية بتلك الكتب، عسى أن تتاح فرصة أخرى تسمح بإيفاء هذا الجانب ما يستحقه من التوضيح والتفصيل.(1/17)
وتضيف كتب فهارس المخطوطات مؤلفات اخرى منسوبة إلى ابن الجزري، ولقد بلغ ما أحصيته مما جاء في فهارس المخطوطات مع ما ذكره السخاوي وحاجي خليفة وإسماعيل باشا البغدادي وغيرهم ثمانية وسبعين كتابا، ودراسة تلك المؤلفات وتصنيفها والتحقق من نسبتها إلى ابن الجزري يحتاج إلى مجال أوسع مما نحن بصدده من تقديم موجز يعرّف القارئ بمؤلفات ابن الجزري، ولذلك سوف أكتفي هنا بتقديم قائمة موضوعية بتلك الكتب، عسى أن تتاح فرصة أخرى تسمح بإيفاء هذا الجانب ما يستحقه من التوضيح والتفصيل.
أولا: كتب القراءات والتجويد:
1 - إتحاف المهرة في تتمة العشرة (الضوء اللامع 9/ 257).
2 - أصول القراءات (كشف الظنون 114وهدية العارفين 2/ 187).
3 - إعانة المهرة في الزيادة على العشرة نظم (الضوء اللامع 9/ 257).
4 - الاعلام في أحكام الادغام شرح في أرجوزة أحمد المقرئ، أولها:
الحمد لله والشكر بغير حصر الخ (كشف الظنون 128وهدية العارفين 2/ 127: وبروكلمان: الذيل 2/ 275).
5 - الألغاز الجزرية، وهي أرجوزة ضمنها أربعين مسألة من المسائل المشكلة في القراءات. أولها: سألتكمو يا مقرئي الأرض كلها الخ (كشف الظنون 150وهدية العارفين 2/ 187) وتوجد منها عدة نسخ مخطوطة.
6 - الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء ذكره ابن الجزري نفسه في كتاب النشر 1/ 224، ولم أجد من ذكره غيره.
7 - تحبير التيسير في القراءات العشر (الضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 520وهدية العارفين 2/ 187) وتوجد منه نسخ مخطوطة كثيرة وهو مطبوع.
8 - تحفة الاخوان في الخلف بين الشاطبية والعنوان.
توجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم (19409ب) 9التذكار في رواية أبان بن يزيد العطار.
(غاية النهاية 2/ 324وطبقات المفسرين للداودي 2/ 60 وبروكلمان: الذيل 2/ 275).
10 - تقريب النشر في القراءات العشر وهو مختصر كتاب النشر.
(غاية النهاية 1/ 130و 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257وكشف
الظنون 1952وهدية العارفين 2/ 187) ونسخه المخطوطة كثيرة، وهو مطبوع.(1/18)
(غاية النهاية 1/ 130و 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257وكشف
الظنون 1952وهدية العارفين 2/ 187) ونسخه المخطوطة كثيرة، وهو مطبوع.
11 - التقييد في الخلف بين الشاطبية والتجريد.
ذكره ابن الجزري نفسه في كتابه غاية النهاية (1/ 374) في ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن عتيق المعروف بابن الفحام الصقلي مؤلف كتاب التجريد.
12 - التمهيد في علم التجويد سأتحدث عنه بالتفصيل إن شاء الله.
13 - التوجيهات في أصول القراءات.
(هدية العارفين 2/ 187) وذكره ابن الجزري في كتابه التمهيد.
14 - جامع الأسانيد في القراءات، ذكر فيه أسانيده في قراءة القرآن، ذكره الدكتور رمضان ششن في كتابه نوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا (1/ 406).
15 - الدرة المعنية في قراءات الأئمة الثلاثة المرضية.
قصيدة في 241بيتا أولها: قل الحمد لله الذي وحده علا الخ (إنباء الغمر 3/ 647والضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 743 وهدية العارفين 2/ 188) 16رسالة في الوقف على الهمزة لحمزة وهشام توجد منه نسخة مخطوطة في دار الكتب الظاهرية رقم 5465.
17 - طيبة النشر في القراءات العشر.
قصيدة ألفية أولها: الحمد لله على ما يسره الخ (غاية النهاية 1/ 130 و 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 1118) وهي مطبوعة.
18 - العقد الثمين في ألغاز القرآن المبين شرح لقصيدة المؤلف نفسه
المسماة الألغاز الجزرية. (كشف الظنون 1150وهدية العارفين 2/ 188).(1/19)
18 - العقد الثمين في ألغاز القرآن المبين شرح لقصيدة المؤلف نفسه
المسماة الألغاز الجزرية. (كشف الظنون 1150وهدية العارفين 2/ 188).
19 - غاية المهرة في الزيادة على العشرة نظم (غاية النهاية 2/ 251وطبقات المفسرين 2/ 60وكشف الظنون 1194وهدية العارفين 2/ 188).
20 - الفوائد المجمعة في زوائد الكتب الأربعة توجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية رقم (19410ب).
21 - المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه المشهورة بالمقدمة الجزرية، ومقدمة التجويد (غاية النهاية 1/ 130و 310و 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257، وكشف الظنون 1799وهدية العارفين 2/ 188) وقد طبعت مرارا، وتوجد منها نسخ مخطوطة كثيرة، وعليها عدة شروح بعضها مطبوع.
22 - منجد المقرئين ومرشد الطالبين (الضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 1859وهدية العارفين 2/ 188وبروكلمان: الذيل 2/ 275) وهو مطبوع.
23 - النشر في القراءات العشر (غاية النهاية 1/ 130و 2/ 251وإنباء الغمر 3/ 467الخ) وهو مطبوع.
24 - نهاية البررة فيما زاد على العشرة، وهي منظومة في قراءة ابن محيصن والأعمش والحسن البصري، أولها: بدأت بحمد الله نظمي أولا الخ ولعل هذه القصيدة هي رقم 19من مؤلفات ابن الجزري. وتوجد من نهاية البررة نسخ مخطوطة في مكتبة الجامع الأزهر ودار الكتب المصرية.
25 - هداية البررة في تتمة العشرة.
وهي منظومة مطلعها: ألا قد حمدت الله في النظم أولا.(1/20)
25 - هداية البررة في تتمة العشرة.
وهي منظومة مطلعها: ألا قد حمدت الله في النظم أولا.
توجد منها نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية رقم (19408ب) 26هداية المهرة في ذكر الأئمة العشرة المشتهرة (كشف الظنون 2042وإيضاح المكنون 2/ 723وهدية العارفين 2/ 188) 27البيان في خط عثمان (هدية العارفين 2/ 187).
ثانيا: كتب الحديث وعلومه:
28 - الأربعون حديثا (إنباء الغمر 3/ 468والضوء اللامع 9/ 259وكشف الظنون 53).
29 - الأولوية في أحاديث الأولية (هدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 151وفي الضوء اللامع 9/ 257ورد باسم: الألوية)
30 - البداية في علوم الرواية (الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين 2/ 187) وذكره بروكلمان (الذيل 2/ 277) باسم: البداية في أصول الحديث.
31 - تذكرة العلماء في أصول الحديث مختصر جعله بداية لمنظومته المسماة بالهداية إلى معالم الرواية.
(كشف الظنون 389وهدية العارفين 2/ 187).
32 - التوضيح في شرح المصابيح في ثلاثة مجلدات، وهو شرح مصابيح السنة للبغوي (غاية النهاية 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257 وكشف الظنون 1699).
33 - جنة الحصن الحصين مختصر كتابه الحصن الحصين الآتي.(1/21)
32 - التوضيح في شرح المصابيح في ثلاثة مجلدات، وهو شرح مصابيح السنة للبغوي (غاية النهاية 2/ 251والضوء اللامع 9/ 257 وكشف الظنون 1699).
33 - جنة الحصن الحصين مختصر كتابه الحصن الحصين الآتي.
(الضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 669).
34 - الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين في الأذكار والدعوات (إنباء الغمر 3/ 467والضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 669 ومعجم المطبوعات لسركيس 1/ 63) وهو مطبوع.
35 - عدة الحصن الحصين مختصر آخر للحصن الحصين (الضوء اللامع 9/ 257، وكشف الظنون 669) وتوجد منه عدة نسخ مخطوطة.
36 - عقد اللآلي في الأحاديث المسلسلة العوالي.
(الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين) وذكر محمد بن شنب (دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120) أن منه نسختين مخطوطتين في المكتبة الأهلية بباريس.
37 - القصد الأحمد في رجال مسند أحمد (الضوء اللامع 9/ 257) وهدية العارفين 2/ 188وإيضاح المكنون 2/ 227) 38المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد (الضوء اللامع 9/ 257) وهدية العارفين 2/ 188وإيضاح المكنون 2/ 481).
39 - المصعد الأحمد في ختم مسند أحمد (الضوء اللامع 9/ 257) وجاء في فهرس الخزانة التيمورية (2/ 167) أنه مطبوع بمصر.
40 - مفتاح الحصن الحصين وهو شرح للحصن الحصين.
(كشف الظنون 669وهدية العارفين 2/ 188).
41 - مقدمة علوم الحديث نظم.
(غاية النهاية 1/ 130) وفي كشف الظنون 1803وهدية العارفين 2/ 188باسم: مقدمة في الحديث. وذكر محمد بن شنب (دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120) أن هناك نسخة مخطوطة في برلين برقم (1084) باسم مقدمة علم الحديث.(1/22)
41 - مقدمة علوم الحديث نظم.
(غاية النهاية 1/ 130) وفي كشف الظنون 1803وهدية العارفين 2/ 188باسم: مقدمة في الحديث. وذكر محمد بن شنب (دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120) أن هناك نسخة مخطوطة في برلين برقم (1084) باسم مقدمة علم الحديث.
42 - الهداية إلى علوم الدراية نظم. أولها: يقول راجي عفو رب رءوف الخ.
(كشف الظنون 2028) وجاءت في فهرس الخزانة التيمورية (2/ 34) باسم الهداية إلى علوم الرواية رقم 51.
43 - الهداية إلى معالم الرواية (كشف الظنون 389، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 120) وليس متيسرا الآن القطع بأن الهداية رقم (42) والهداية رقم (43) كتابان أو كتاب واحد، وكان بروكلمان (الذيل 2/ 277) قد أشار إلى المنظومتين على هذا النحو: الهداية إلى (في) معالم (علم) الرواية. وفي الضوء اللامع 9/ 257: الهداية في فنون الحديث نظم.
ثالثا: كتب التاريخ والفضائل والمناقب:
44 - الإجلال والتعظيم في مقام إبراهيم (الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 26).
45 - أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
(الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 81) 46تاريخ ابن الجزري. قال حاجي خليفة: وهو غير الطبقات (كشف الظنون 277و 290وصلاح الدين المنجد: المؤرخون الدمشقيون ص 22).
47 - التعريف بالمولد الشريف (الضوء اللامع 9/ 257) وكشف الظنون 241وهدية العارفين 2/ 187).(1/23)
(الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 81) 46تاريخ ابن الجزري. قال حاجي خليفة: وهو غير الطبقات (كشف الظنون 277و 290وصلاح الدين المنجد: المؤرخون الدمشقيون ص 22).
47 - التعريف بالمولد الشريف (الضوء اللامع 9/ 257) وكشف الظنون 241وهدية العارفين 2/ 187).
48 - ذات الشفا في سيرة المصطفى ومن بعده من الخلفا منظومة (هدية العارفين 2/ 188وإيضاح المكنون 1/ 539وبروكلمان:
الذيل 2/ 77). توجد منها عدة نسخ مخطوطة.
49 - ذيل طبقات القراء للذهبي (إنباء الغمر 3/ 467).
50 - الرسالة البيانية في حق أبوي النبي (محمد بن شنب: دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120).
51 - عرف التعريف بالمولد الشريف. وهو مختصر كتاب التعريف للمؤلف.
(الضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 421و 1132وبروكلمان:
الذيل 2/ 277).
52 - غاية النهاية في أسماء رجال القراءات وهو مختصر من كتاب طبقات القراء الكبير للمؤلف.
(غاية النهاية 1/ 3و 2/ 408و 409، وكشف الظنون 1105 وهدية العارفين 2/ 188) وطبع في مصر محققا في جزءين باسم (غاية النهاية في طبقات القراء).
53 - فضل حراء (الضوء اللامع 9/ 257).
54 - مختصر تاريخ الإسلام للذهبي (كشف الظنون 295وهدية العارفين 2/ 188) توجد منه نسخ مخطوطة، وربما كان هذا الكتاب هو نفسه (تاريخ ابن الجزري)
المذكور في رقم (46).(1/24)
54 - مختصر تاريخ الإسلام للذهبي (كشف الظنون 295وهدية العارفين 2/ 188) توجد منه نسخ مخطوطة، وربما كان هذا الكتاب هو نفسه (تاريخ ابن الجزري)
المذكور في رقم (46).
55 - مشيخة الجنيد بن أحمد البلياني من تخريج ابن الجزري (ابن حجر: الدرر الكامنة 1/ 245و 270و 2/ 170والضوء اللامع 9/ 258).
56 - نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات وهو طبقات القراء الكبير (غاية النهاية 1/ 3و 2/ 408والضوء اللامع 9/ 257وكشف الظنون 1105وهدية العارفين 2/ 188).
رابعا: كتب أخرى:
57 - الإبانة في العمرة من الجعرانة.
(الضوء اللامع 9/ 257) وفي هدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 8 (من الجوانة).
58 - أحاسن المنن.
(الضوء اللامع 9/ 257).
59 - الإصابة في لوازم الكتابة.
(محمد بن شنب: دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120).
60 - الاعتراض المبدي لوهم التاج الكندي (هدية العارفين 2/ 187).
61 - التكريم في العمرة من التنعيم.
(الضوء اللامع 9/ 257وهدية العارفين 2/ 187وإيضاح المكنون 1/ 315).
62 - تكملة ذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والأسانيد.
(هدية العارفين 2/ 187).
63 - الجوهرة في النحو منظومة.
(غاية النهاية 1/ 310و 2/ 251و 253والضوء اللامع 9/ 258 وكشف الظنون 621وهدية العارفين 2/ 187).(1/25)
63 - الجوهرة في النحو منظومة.
(غاية النهاية 1/ 310و 2/ 251و 253والضوء اللامع 9/ 258 وكشف الظنون 621وهدية العارفين 2/ 187).
64 - حاشية على الإيضاح في المعاني والبيان لجلال الدين القزويني.
(كشف الظنون 211وهدية العارفين 2/ 187).
65 - الذيل على مرآة الزمان للنووي.
(هدية العارفين 2/ 188) 66الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح وهي رسالة في الحث على الفضيلة.
(محمد بن شنب: دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120وبروكلمان:
الذيل 2/ 277) وطبعت في مصر مرارا (أنظر سركيس: معجم المطبوعات العربية والمعربة 1/ 63).
67 - شرح ألفية ابن مالك (كشف الظنون 152) وذكر بروكلمان (الذيل 2/ 277) لابن الجزري كتاب (كاشف الخصاصة عن ألفاظ الخلاصة شرح الألفية).
68 - شرح منهاج الأصول (هدية العارفين 2/ 188).
69 - عوالي القاضي أبي نصر (كشف الظنون 1179).
70 - غاية المنى في زيارة منى (الضوء اللامع 9/ 257) وهدية العارفين 2/ 188).
71 - فضائل القرآن (بروكلمان: الذيل 2/ 277).
72 - كفاية الألمعي في آية {يََا أَرْضُ ابْلَعِي} (هود آية 44).
(كشف الظنون 1497وهدية العارفين 2/ 188وبروكلمان: الذيل 2/ 277). وتوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب الظاهرية بدمشق رقم 5433.(1/26)
72 - كفاية الألمعي في آية {يََا أَرْضُ ابْلَعِي} (هود آية 44).
(كشف الظنون 1497وهدية العارفين 2/ 188وبروكلمان: الذيل 2/ 277). وتوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب الظاهرية بدمشق رقم 5433.
73 - مختار النصيحة بالأدلة الصحيحة (إيضاح المكنون 2/ 447) وذكره محمد بن شنب (دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120) باسم: مختصر النصيحة بالأدلة الصحيحة.
74 - منظومة في الفلك.
(محمد بن شنب: دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120).
75 - منظومة في لغز (فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الأوقات العامة في بغداد 3/ 172) أولها: يا واحدا قد شاع فينا ذكره الخ وهي مخطوطة برقم [1/ 6301مجاميع] 76المولد الكبير، وهو في سيرة النبيّ (محمد بن شنب: دائرة المعارف الإسلامية 1/ 120).
77 - وظيفة مسنونة (بروكلمان: الذيل 2/ 277).
هذه القائمة لمؤلفات ابن الجزري ليست نهائية، لأن عددا من الكتب المذكورة لا يزال بحاجة إلى التحقق من نسبته إلى ابن الجزري، وعددا آخر لا يزال بحاجة إلى التأكد من عدم تكرره ووروده في أكثر من موضع باسمين أو أكثر. ولكني أكتفي الآن بهذه القائمة، وهي تعطي القارئ فكرة عن جهود ابن الجزري التأليفية، إلى أن تتاح مناسبة أخرى ومعلومات جديدة عن كثير من هذه الكتب حتى يمكن الحديث عنها بصورة أكثر وضوحا وأكثر تحديدا.(1/27)
هذه القائمة لمؤلفات ابن الجزري ليست نهائية، لأن عددا من الكتب المذكورة لا يزال بحاجة إلى التحقق من نسبته إلى ابن الجزري، وعددا آخر لا يزال بحاجة إلى التأكد من عدم تكرره ووروده في أكثر من موضع باسمين أو أكثر. ولكني أكتفي الآن بهذه القائمة، وهي تعطي القارئ فكرة عن جهود ابن الجزري التأليفية، إلى أن تتاح مناسبة أخرى ومعلومات جديدة عن كثير من هذه الكتب حتى يمكن الحديث عنها بصورة أكثر وضوحا وأكثر تحديدا.
ثالثا كتاب التمهيد في علم التجويد
تأليف الكتاب:
انتهى ابن الجزري من تأليف كتاب التمهيد في شهر ذي الحجة من سنة 769هـ، كما جاء ذلك صريحا في آخر الكتاب، وهذا يعني أنه كان حين ألّف الكتاب قد دخل في سنته التاسعة عشرة، وهو أمر يدل على ذكاء وفطنة مكنته من الاشتغال بالتأليف في هذه السن المبكرة.
وكان ابن الجزري بين سنة 764هـ، وهي السنة التي حفظ فيها القرآن الكريم في بلدته دمشق، وبين سنة 769هـ، وهي السنة التي ألف فيها كتاب التمهيد في القاهرة قد درس على عدد من علماء القراءة، فأتقن علم التجويد وضبط القراءات، فدرس أولا على شيخه أبي محمد عبد الوهاب بن السلار (ت 782هـ) وقال عنه: «هو أول شيخ انتفعت به ولازمته وصححت عليه الشاطبية دروسا وعرضا، وتلوت عليه ختمة بقراءة أبي عمرو، فأجازني وأنا مراهق دون سن البلوغ بكثير» (1). وكان ذلك سنة 766و 767هـ (2).
ودرس ابن الجزري القراءات في هذه الفترة على الشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان (ت 782هـ) والشيخ أحمد بن رجب السلامي (ت 775هـ) (3). وفي سنة 768هـ درس ابن الجزري القراءات والتجويد على الشيخ إبراهيم بن عبد الله الحموي (ت 773أو 771هـ) (4)، قال عنه:
__________
(1) غاية النهاية 1/ 483.
(2) المصدر نفسه 2/ 247.
(3) المصدر نفسه 2/ 247.
(4) المصدر نفسه 2/ 247.(1/29)
«ترددت إليه كثيرا، ومنه استفدت علم التجويد ودقائق التحرير، وعليه ارتاض لساني بالتحقيق، وقرأت عليه جمعا للسبعة إلى قوله تعالى:
{وَاذْكُرُوا اللََّهَ} (الجمعة 10)، ولم تر عيناي من شيوخي أعلم بالتجويد منه ولا أصح تلفظا وتحريرا» (5).
وكذلك درس ابن الجزري في السنة نفسها (768هـ) على الشيخ محمد ابن أحمد بن اللبان (ت 776هـ) بمضمن عدة كتب (6). لرحل في هذه السنة إلى الحجاز للحج، وقرأ على الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح (ت 785هـ) الخطيب والإمام بالمدينة الشريفة بمضمن كتاب الكافي التيسير لأبي عمرو الداني (ت 444هـ) (7).
ورحل ابن الجزري إلى مصر سنة 769هـ، وقرأ على الشيخ أبي بكر عبد الله بن الجندي قبيل وفاته في تلك السنة، وقرأ على أبي عبد الله محمد بن الصائغ والشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن البغدادي (8). وفي هذه الرحلة ألف ابن الجزري كتاب التمهيد «بالمدرسة الظاهرية من بين القصرين بالقاهرة».
وبذلك يكون ابن الجزري، قبل أن يؤلف كتاب التمهيد، قد حاز قدرا غير قليل من المعرفة بالقراءات والتجويد، وأتقنهما على كبار مشايخ الإقراء في عصره عرضا ورواية وأداء، في بلاد الشام والحجاز ومصر. ويبدو أن كتاب التمهيد لم يكن أول كتاب يؤلفه ابن الجزري، فقد قال في آخر هذا الكتاب: «وكنت قبل أن أكتب هذا التأليف قد بدأت في تأليف كتاب سميته (التوجيهات على أصول القراءات) ثم رأيت الحاجة داعية إلى تأليف هذا المختصر، فانثنيت عن ذلك حتى كمل تأليفي لهذا الكتاب». وقال
__________
(5) المصدر نفسه 1/ 3130وانظر 1/ 18.
(6) المصدر نفسه 2/ 247.
(7) غاية النهاية 2/ 155والسخاوي: الضوء اللامع 9/ 256.
(8) غاية النهاية 2/ 247.(1/30)
السخاوي: «وكذلك نظم الهداية في تتمة العشرة، وسماه الدرة، وله ثمان عشرة سنة، وربما حفظها أو بعضها بعض شيوخه» (9).
وكان ابن الجزري قد عاش بعد تأليف كتاب التمهيد سنوات طويلة (833769هـ) ألف خلالها كتبا كثيرة، منها قصيدته المشهورة في التجويد المسماة (المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه) التي حازت من الشهرة والعناية درجة عظيمة، فشرحها وعلق عليها كثير من العلماء، لكن تلك القصيدة وشروحها تظل مرتبطة بكتاب التمهيد، لأن القصيدة اختصار لأكثر موضوعات الكتاب من جهة، ولأن شروحها تعتمد كثيرا على كتاب التمهيد من جهة أخرى.
وظل ابن الجزري في السنوات الطوال التي تلت تأليفه كتاب التمهيد يراجع الكتاب ويرعاه ويشير إليه في كتبه، فقد أشار إليه في كتابه (النشر في القراءات العشر) الذي ألفه سنة 799هـ في مدينة برصة من بلاد الروم (10)، بقوله: «وحيث انتهى بنا القول إلى هنا فلنذكر فصلا في التجويد يكون جامعا للمقاصد حاويا للفوائد، وإن كنا قد أفردنا لذلك كتابنا: التمهيد في التجويد، وهو مما ألفناه حال اشتغالنا بهذا العلم في سن البلوغ» (11).
فكأن ابن الجزري يحيل قارئ كتابه (النشر) إلى كتاب التمهيد في تفصيل موضوعات علم التجويد، وذلك بعد ثلاثين سنة من تاريخ تأليفه لكتاب التمهيد.
وذكر ابن الجزري كتاب التمهيد أيضا في كتابه (غاية النهاية في طبقات القراء) الذي كتبه في شكله الأخير سنة 804هـ (12)، فقد قال في ترجمة عبد العزيز بن علي السماتي الإشبيلي (ت بعد 560هـ): «وهو ابن الطحان الذي
__________
(9) الضوء اللامع 9/ 257.
(10) النشر 2/ 469.
(11) المصدر نفسه 1/ 210209.
(12) غاية النهاية 2/ 409.(1/31)
ذكرت عنه في التمهيد من تأليفي تقسيم المشددات، وهو أبو الأصبغ الذي ذكرته في باب أصول القراءة من التمهيد» (13).
وجاء في آخر النسخة المخطوطة من كتاب التمهيد الموجودة في دار الكتب المصرية (رقم 19556ب) أنها كتبت عن نسخة خطية بآخرها إجازة المؤلف لبصطام بن خواجي أحمد بن حسن المعري، في تأريخ الثامن من جمادى الآخرة عام 772هـ بدمشق المحروسة. وهذا التأريخ يعني أن المعري هذا قرأ كتاب التمهيد على مؤلفه بعد ثلاث سنوات من تأريخ تأليفه.
وتبين لي من خلال مقارنة النسخ المخطوطة للكتاب في أثناء عملي في تحقيقه أن بعض النسخ قد احتوت إضافات لا توجد في النسخ الأخرى، وأنها لا يمكن أن تفسر دائما على أساس أنها من الناسخ، وإنما هي زيادات أدرجها المؤلف في السنوات التالية لتأليف الكتاب، وسوف أوضح ذلك بالأمثلة في الصفحات اللاحقة.
من هذا نستنتج أن ابن الجزري حين ألف كتاب التمهيد في فجر حياته العلمية لم يهمل الكتاب وإنما ظل يرعاه ويراجعه ويضيف إليه أو يغير فيه كلما رأى ذلك ضروريا بما لا يغير من شكل الكتاب.
وصف النسخ المستعملة في تحقيق نص الكتاب:
1 - نسخة مكتبة المتحف العراقي (رقم 10830):
تتألف هذه النسخة من 38ورقة، في كل صفحة 21سطرا، وهي مكتوبة بخط النسخ الواضح، المجرد من الحركات إلا نادرا، ولا تخلو من التصحيف، وقد رسمت الأبواب والفصول والعناوين باللون الأحمر، ويعود تاريخ نسخها إلى 25ذي الحجة من سنة 1322هـ، ولم يذكر اسم الناسخ، وتتميز عن نسخ الكتاب الأخرى بحذف جزء من دعاء ختم القرآن وهو الجزء
__________
(13) المصدر نفسه 1/ 395. ويلاحظ هنا أن ابن الجزري ذكر ابن الطحان في باب تقسيم المفخمات، وأن الذي ذكر في باب تقسيم المشددات هو إبراهيم بن وثيق الأندلسي.(1/32)
الذي وضعه علم الدين السخاوي وابن الجزري نفسه، ولم يرد فيها إلا ما نقله المؤلف عن الشاطبي، كذلك سقط منها خاتمة الكتاب التي تتضمن تأريخ تأليفه.
2 - نسخة دار الكتب الظاهرية (رقم 5738):
تتألف هذه النسخة من 60ورقة، في كل صفحة 17سطرا، وهي مكتوبة بخط النسخ الواضح الخالي من الحركات، وجاء في آخر النسخة:
«وكان تمام هذه النسخة، نقلا عن نسخة قديمة مع المقابلة بمدرسة البدرائيّة في محروسة دمشق المحمية، وذلك لنفسي بقلمي، وأنا العاجز الفقير خادم أقدام حملة القرآن المجيد، المذنب حسين بن موسى المصري، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولإخوانه الأحياء والميتين، والحمد لله رب العالمين، تحريرا في يوم الثلاثاء المبارك 23ب الأصم سنة 1308هـ والله الباقي».
3 - نسخة دار الكتب المصرية (رقم 19556ب):
نسخة بقلم معتاد تقع في 61ورقة، وفي الصفحة 21سطرا، كتبت سنة 1355هـ عن نسخة قديمة بآخرها إجازة المؤلف مكتوبة سنة 772هـ، فقد جاء في آخرها ما نصه: «تمت هذه النسخة كتابة في يوم السبت الموافق 3ذي الحجة سنة 1355عن نسخة خطية بآخرها إجازة المؤلف للشيخ الحافظ المجود فتح الدين فخر المحصلين بصطام بن خواجي أحمد بن حسن المعري، أدام الله له السعادة، ونوله في الآخرة الحسنى وزيادة، في تاريخ الثامن من جمادى الآخرة عام اثنين وسبعين وسبعمائة بدمشق المحروسة».
4 - نسخة مكتبة جستربتي بدبلن بتي بدبلن (رقم 3653):
تقع هذه النسخة ضمن مجموع يضم أربعة عشر كتابا، والتمهيد هو الكتاب الثالث عشر، ويستغرق الأوراق (214187)، ومكتوب بخط النسخ الدقيق الذي يكثر فيه الشكل، وفي كل صفحة 27سطرا، وقد أثرت الرطوبة في أعلى أوراق هذه النسخة على نحو محدود، وجاء في آخر هذه النسخة من كتاب التمهيد ما نصه «وكان الفراغ من نسخه في يوم الثلاثاء
ثاني عشرين رجب، من شهور سنة تسع وخمسين وثمان مائة على يد الفقير إلى ربه علي بن عبد الله بن محمد الغزي نزيل القدس الشريف، غفر الله [له] ولوالديه ولمشايخه ولمن دعا له بالتوبة والمغفرة ولجميع المسلمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين».(1/33)
تقع هذه النسخة ضمن مجموع يضم أربعة عشر كتابا، والتمهيد هو الكتاب الثالث عشر، ويستغرق الأوراق (214187)، ومكتوب بخط النسخ الدقيق الذي يكثر فيه الشكل، وفي كل صفحة 27سطرا، وقد أثرت الرطوبة في أعلى أوراق هذه النسخة على نحو محدود، وجاء في آخر هذه النسخة من كتاب التمهيد ما نصه «وكان الفراغ من نسخه في يوم الثلاثاء
ثاني عشرين رجب، من شهور سنة تسع وخمسين وثمان مائة على يد الفقير إلى ربه علي بن عبد الله بن محمد الغزي نزيل القدس الشريف، غفر الله [له] ولوالديه ولمشايخه ولمن دعا له بالتوبة والمغفرة ولجميع المسلمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين».
وهذه النسخة هي أقدم النسخ المخطوطة التي استعنت بها في تحقيق الكتاب، فقد كتبت بعد ستة وعشرين عاما من تاريخ وفاة المؤلف، ولكنها مع قرب عهدها بالمؤلف لا تخلو من التصحيف في كثير من الأحيان.
5 - النسخة المطبوعة:
طبع كتاب التمهيد في مصر سنة 1326هـ 1908م، في 83صفحة، بحرف غير مشكول، وبدون تحقيق ولا تقديم، ولم يذكر الأصل الذي اعتمد عليه في طبع الكتاب، وقد صارت النسخ المطبوعة للكتاب عزيزة المنال، حتى أني لم أحصل على النسخة المطبوعة في مكتبات بغداد العاصمة، وأرسلت في طلبها إلى مصر، ولم نحصل عليها إلا عن طريق تصوير نسخة تحتفظ بها مكتبة الجامعة المصرية (مكتبة جامعة القاهرة). وقد اعتبرت النسخة المطبوعة بمثابة نسخة مخطوطة يمكن أن يستعان بها في تحقيق نص الكتاب.
منهج التحقيق:
وجدت من خلال دراسة النسخ المخطوطة للكتاب أن أفضل طريقة لإخراج النص هي التي تعتمد على كل النسخ المتيسرة، لأني لم أجد في تلك النسخ نسخة متميزة يمكن أن أتحذها أصلا وأثبت قراءات النسخ الأخرى في الهوامش، ومن ثمّ كنت أوازن ثم أختار ما يبدو لي أنه أرجح من غيره، مستعينا في ذلك أحيانا بالمصادر التي اعتمد عليها ابن الجزري في كتاب التمهيد. وقد استخدمت في الهوامش رموزا للإشارة إلى النسخ التي اعتمدت عليها في التحقيق، وهي:
م نسخة مكتبة المتحف العراقي
ظ نسخة دار الكتب الظاهرية ب نسخة دار الكتب المصرية س نسخة مكتبة جستربتي ع النسخة المطبوعة.(1/34)
م نسخة مكتبة المتحف العراقي
ظ نسخة دار الكتب الظاهرية ب نسخة دار الكتب المصرية س نسخة مكتبة جستربتي ع النسخة المطبوعة.
ومن الأمور التي لفتت نظري في تحقيق كتاب التمهيد أن بعض نسخه المخطوطة يشير إلى أن المؤلف كان يعاود النظر في نص الكتاب وربما حذف كلمة أو بدلها أو زاد كلمة أو عبارة، وليس من اليسير القول أن هذه النسخة هي صورة الكتاب الأولى وأن تلك هي صورته الأخيرة، ولعل في دراسة النسخ الكثيرة للكتاب المنتشرة في مكتبات العالم والموازنة بينها ما يعين على ذلك، وربما تؤدي مثل تلك الدراسة إلى العثور على نسخة تقدم لنا نص الكتاب في صورته الأخيرة التي تركه المؤلف عليها، وقد حاولت منذ أمد الحصول على نسخ أخرى مخطوطة للكتاب، ولكن حالت دون ذلك عقبات يدركها كل من له صلة بواقع المخطوطات العربية في العالم.
ويمكنني أن أرجح أن نسخة دار الكتب المصرية والنسخة المطبوعة أقرب إلى أن تمثل الكتاب في صورته الأولى، لا سيما وأن نسخة دار الكتب منقولة عن نسخة عليها إجازة المؤلف مؤرخة بسنة 772هـ، أي بعد ثلاث سنوات من تأليف الكتاب. وأن نسخة مكتبة المتحف العراقي أقرب إلى أن تمثل الكتاب في صورته الأخيرة، وتظل نسختا الظاهرية وجستربتي تمثلان مرحلة وسطى، فيما يبدو لي الآن، وهذه نماذج توضح ما نتحدث عنه من تطور نص الكتاب في أثناء حياة المؤلف:
1 - ما جاء في الهامش 41من الباب السادس من الكتاب، فقد ورد في نسخة (م وس) تعليق على بيت من الشعر أورده المؤلف، وقد ختم ذلك التعليق بهذه العبارة: «نبهني على ذلك فحررته صاحبنا الشيخ جلال الدين محمد بن خطيب داريا». وهذا التعليق ورد في (م وس) في سياق نص الكتاب، ولكن العبارة الأخيرة تشير إلى أن هذه الزيادة إضافة لاحقة من
المؤلف، ويؤكد ذلك خلو النسخ الأخرى منها.(1/35)
1 - ما جاء في الهامش 41من الباب السادس من الكتاب، فقد ورد في نسخة (م وس) تعليق على بيت من الشعر أورده المؤلف، وقد ختم ذلك التعليق بهذه العبارة: «نبهني على ذلك فحررته صاحبنا الشيخ جلال الدين محمد بن خطيب داريا». وهذا التعليق ورد في (م وس) في سياق نص الكتاب، ولكن العبارة الأخيرة تشير إلى أن هذه الزيادة إضافة لاحقة من
المؤلف، ويؤكد ذلك خلو النسخ الأخرى منها.
2 - قال المؤلف في كلامه عن الظاءات في القرآن الكريم «فمن أراد الإحاطة بالظاءات فعليه برفع الحجاب عن تنبيه الكتاب، الذي ألّفه شيخنا الإمام أبو جعفر نزيل حلب» ورد هذا في (م ظ س) وجاء في ع: «
فعليه بالمنهج السني الذي ألفه شيخنا الشيخ أمين الدين بن السلار» أما نسخة ب فقد سقطت منها ورقة من ضمنها هذا الموضع، وأرجح أنها توافق ع من خلال شواهد أخرى اتفقت فيها النسختان.
3 - ويمكن للقارئ إذا أراد أمثلة أخرى أن يراجع الهامش 94من الباب الخامس والهامش 186و 229و 232و 389و 455و 606من الباب الثامن والهامش 395و 411من الباب العاشر، وغير ذلك.
وقد حاولت في تحقيق نص الكتاب أن أرجع إلى المصادر التي نقل عنها ابن الجزري ما أمكنني ذلك، وربما أفادتني تلك المصادر في بعض الأحيان على نحو أكثر تحديدا من النسخ المخطوطة ذاتها، ولكن مصادر ابن الجزري في كتابه (التمهيد) كثير منها لا يزال مخطوطا، وبعضها ربما يكون مفقودا، والمصدر المخطوط لا يخلو من المشكلات حتى بعد الحصول عليه، بل إن من المصادر المطبوعة لا يزال بحاجة إلى تحقيق نصه، ومن أهم المصادر المخطوطة التي استعنت بها:
1 - كتاب التحديد في الإتقان والتجويد لأبي عمرو الداني (ت 444هـ).
2 - مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ لعبد العزيز بن علي السماتي الأندلسي المعروف بأبي الأصبغ وبابن الطحان (ت بعد 560هـ).
3 - مقدمة في الوقف والابتداء لمؤلف مرشد القارئ السابق.
4 - جمال القراء وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي (ت 643) ومن
الكتب المطبوعة التي اعتمد عليها ابن الجزري كثيرا في التمهيد:(1/36)
4 - جمال القراء وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي (ت 643) ومن
الكتب المطبوعة التي اعتمد عليها ابن الجزري كثيرا في التمهيد:
1 - الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي الأندلسي (ت 437هـ).
2 - إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل لأبي بكر محمد ابن القاسم بن بشار الأنباري (ت 328هـ).
3 - المكتفى في الوقف والابتداء لأبي عمرو الداني (ت 444)، وهو مطبوع بالآلة الكاتبة ومسحوب بالرونيو، تحقيق الأستاذ جايد زيدان مخلف.
ومن كتب علم التجويد التي اعتمد عليها ابن الجزري ولم أتمكن من الرجوع إليها:
1 - نهاية الإتقان في تجويد القرآن لأبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني الأندلسي (ت 537هـ)، وتوجد منه نسخة في الجمعية الملكية الآسيوية في البنغال (كلكتا) تحت رقم (795).
2 - الموضح في التجويد (مجهول المؤلف) ورد وصف لهذا الكتاب في فهرس مخطوطات المكتبة الملكية ببرلين الذي وضعه وليم بن آلورد (رقم المخطوط 499). وقد اتضح لي من خلال ذلك الوصف أن ابن الجزري استفاد من هذا الكتاب ونقل عنه، لا سيما في الباب الرابع (في ذكر معنى اللحن وأقسامه)، وفي الباب الأول في (فصل فيما يستفاد بتهذيب الألفاظ وما تكون الثمرة الحاصلة عند تقويم اللسان).
وفي مكتبة (رضا) براسپور بالهند كتاب مخطوط (رقم 8123) بالعنوان السابق (الموضح في التجويد) من تأليف عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب القرطبي (ت 461هـ) ولا أستبعد أن يكون المخطوطان نسختين لكتاب واحد ومن تأليف عالم واحد.
وبعد أن حققت نص الكتاب من النسخ المخطوطة مستعينا بالمصادر التي نقل عنها ابن الجزري خرجت الكلمات والعبارات القرآنية التي أوردها المؤلف، فذكرت في الهوامش أسماء السور وأرقام الآيات، وكذلك خرجت الأحاديث والأشعار والأمثال والأقوال ما أمكنني ذلك، أما أسماء الأعلام من العلماء والرواة فقد وجدت أن الترجمة لهم في الهوامش أمر يضخم حجم الكتاب ولا يسعف القارئ دائما، ووجدت أن خير وسيلة تحقق الغرض هي أن ألحق بالكتاب فهرسا هجائيا بالأعلام أبين فيه الإسم كاملا، وأحدد إلى جانبه تاريخ الوفاة، وفي ذلك تحقيق لشيء من أهداف الترجمة، مع سهولة في الرجوع إليه.(1/37)
وفي مكتبة (رضا) براسپور بالهند كتاب مخطوط (رقم 8123) بالعنوان السابق (الموضح في التجويد) من تأليف عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب القرطبي (ت 461هـ) ولا أستبعد أن يكون المخطوطان نسختين لكتاب واحد ومن تأليف عالم واحد.
وبعد أن حققت نص الكتاب من النسخ المخطوطة مستعينا بالمصادر التي نقل عنها ابن الجزري خرجت الكلمات والعبارات القرآنية التي أوردها المؤلف، فذكرت في الهوامش أسماء السور وأرقام الآيات، وكذلك خرجت الأحاديث والأشعار والأمثال والأقوال ما أمكنني ذلك، أما أسماء الأعلام من العلماء والرواة فقد وجدت أن الترجمة لهم في الهوامش أمر يضخم حجم الكتاب ولا يسعف القارئ دائما، ووجدت أن خير وسيلة تحقق الغرض هي أن ألحق بالكتاب فهرسا هجائيا بالأعلام أبين فيه الإسم كاملا، وأحدد إلى جانبه تاريخ الوفاة، وفي ذلك تحقيق لشيء من أهداف الترجمة، مع سهولة في الرجوع إليه.
موضوع الكتاب:
علم التجويد الذي يعنى بدراسة مخارج الحروف وصفاتها وما يلحقها في النطق من تغيير هو موضوع كتاب التمهيد، وهو ما يسمى في زماننا بعلم الأصوات اللغوية، وعلى الرغم مما حصل لعلم الأصوات اللغوية من تقدم في الوسائل والمناهج في عصرنا فلا يزال كلا العلمين يشتركان في الموضوعات وفي كثير من تفاصيلها، ولكن الذين درسوا علم الأصوات في جامعات الغرب من أبناء قومنا، ثم عادوا ومعهم علم الأصوات في صورته الجديدة، تصوروا أن العلاقة منبتة بين ما في أيديهم وبين علم التجويد، وغاية ما يفعلونه أنهم يشيرون إلى جهود سيبويه أو ابن جني في دراسة الأصوات، ومع أن هذين العالمين هما من رواد الدراسات الصوتية العربية فإن هناك دراسات كثيرة جدا بعدهما تضمنتها كتب علم التجويد التي عانت من إهمال المعاصرين وجهلهم بما فيها من مادة صوتية.
ولا أحد ينكر أن علم الأصوات اللغوية المعاصر يقدم لنا الحقائق الصوتية من خلال أجهزة دقيقة لقياس الصوت وتوضيح طبيعة تكونه أو نطقه، مما يعتبر ثورة حقيقية في منهج دراسة هذا العلم وفي وسائله، ولكن ذلك كله لم يقدم لنا نتائج نهائية تخالف ما قدمه لنا علماء التجويد، معتمدين على
ملاحظاتهم الذاتية، وعلى الأخص فيما يتعلق باللغة العربية، وتكاد القضايا التي يمكن أن تكون موضع موازنة بين علم التجويد والدراسات الصوتية العربية القديمة وبين علم الأصوات اللغوية المعاصر تنحصر في أمور هي:(1/38)
ولا أحد ينكر أن علم الأصوات اللغوية المعاصر يقدم لنا الحقائق الصوتية من خلال أجهزة دقيقة لقياس الصوت وتوضيح طبيعة تكونه أو نطقه، مما يعتبر ثورة حقيقية في منهج دراسة هذا العلم وفي وسائله، ولكن ذلك كله لم يقدم لنا نتائج نهائية تخالف ما قدمه لنا علماء التجويد، معتمدين على
ملاحظاتهم الذاتية، وعلى الأخص فيما يتعلق باللغة العربية، وتكاد القضايا التي يمكن أن تكون موضع موازنة بين علم التجويد والدراسات الصوتية العربية القديمة وبين علم الأصوات اللغوية المعاصر تنحصر في أمور هي:
1 - تعريف الحرف (أو الصوت) المجهور، فالتعريف الذي أورده ابن الجزري، وهو في الأصل تعريف سيبويه، عن على المحدثين إدراك معناه، واستعانوا بالدراسات الصوتية الحديثة في تعريف الحرف المجهور بأنه «الذي يهتز معه الوتران الصوتيان» (1)، وبعكسه الصوت المهموس.
2 - وصف الهمزة والطاء والقاف بأنها أصوات مجهورة عند القدماء من علماء العربية والتجويد، وهي ليست كذلك عند المحدثين، ويعلل بعض المحدثين هذا الاختلاف بأمور منها أن هذا الاختلاف في وصف هذه الأصوات مصدره التطور الذي أصاب هذه الأصوات، خاصة الطاء والقاف (2).
وقد لاحظ ذلك بعض المتأخرين من علماء التجويد قبل المحدثين، قال ملا حسين بن اسكندر الرومي الحنفي (ت 1084هـ) في كتابه (بيان المشكلات على المبتدئين من جهة التجويد): «فان قيل ما فائدة الصفات؟
أجيب: فائدتها تمييز الحروف المشاركة في المخرج، ولولاها لا تحدث أصواتها ولم تتميز ذواتها، ولولا الأطباق لصارت الطاء تاء، لأنّهما ليس بينهما فرق إلا في الإطباق» (3)، وهذا يعني أن الطاء مهموسة عند الميداني، ولكن سيبويه كان قد نص قديما على أنه «لولا الاطباق لصارت الطاء دالا»، وهو أمر يدل على أن الطاء مجهورة عنده، وهو ما صرح به في موضع آخر (4).
__________
(1) إبراهيم أنيس: الأصوات اللغوية ص 20وينظر: كمال محمد بشر: الأصوات
(2) ينظر المصدران السابقان على التوالي ص 63و 85و 90وص 130وما بعدها.
(3) ينظر: بيان المشكلات، نسخة مكتبة المتحف العراقي رقم 7105/ 2وهي غير مرقمة الأوراق.
(4) الكتاب 4/ 434و 436.(1/39)
ولعل البحث في كتب علم التجويد، التي لا يزال أكثرها مخطوطا، يؤدي إلى التقاء كامل بين علم التجويد وبين علم الأصوات اللغوية المعاصر، ومن ثم تزول تلك الفجوة المصطنعة بينهما، وبكون ما يقدمه علم الأصوات بإمكانياته المتطورة وسيلة لإغناء علم التجويد وتوضيح غوامضه، وتيسير قواعده، ويعود كما كان في القرون السابقة حارس اللغة العربية وحامي نطقها الفصيح من التغيير، وقد كان ارتباط علم التجويد بالقرآن الكريم سببا في منحه مزيدا من العناية المستمرة التي لولاها ما استطاعت اللغة العربية أن تجتاز القرون المتتابعة دون أن تضعف أو تتبدل.
ولست في هذه المقدمة الموجزة بصدد تحديد جهود علماء التجويد الصوتية أو موازنتها بما حققه علم الأصوات اللغوية اليوم، فإن ذلك يحتاج إلى بحث واسع في كتب علم التجويد، وإلى مجال أوسع من هذه المقدمة، ولكني أريد من هذه الإشارة الموجزة تنبيه القارئ إلى أن علم التجويد لا يزال يحمل في كتبه مادة صوتية غنية ونافعة نحتاج إليها في تعليم لغتنا لأبنائنا ولغيرهم ممن يحرصون على تعلمها.(1/40)
ولست في هذه المقدمة الموجزة بصدد تحديد جهود علماء التجويد الصوتية أو موازنتها بما حققه علم الأصوات اللغوية اليوم، فإن ذلك يحتاج إلى بحث واسع في كتب علم التجويد، وإلى مجال أوسع من هذه المقدمة، ولكني أريد من هذه الإشارة الموجزة تنبيه القارئ إلى أن علم التجويد لا يزال يحمل في كتبه مادة صوتية غنية ونافعة نحتاج إليها في تعليم لغتنا لأبنائنا ولغيرهم ممن يحرصون على تعلمها.
مقدمة ابن الجزرى
بسم الله الرّحمن الرّحيم وبه نستعين (1)
الحمد لله الذي جعل القرآن العظيم مفتاح آلائه، ومصباح قلوب أوليائه، وربيعهم الذي يهيم به كل منهم في رياض برحائه (2)، أحمده على توالي نعمائه، وأشكره على تتابع كرم لا أمد لانتهائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تقضي (3) لقائلها باعتلائه، ويعدها المؤمن جنّة عند لقائه، وأشهد أن سيدنا (4) محمدا عبده ورسوله، أرسله بكتاب أوضحه، فوعته القلوب على اشتباه (5) آية، وشرع شرحه (6) فاتسع به مجال الحق حين (7) ضاق بالباطل متسع فنائه، ودين أوضحه (8) فأشرقت نجومه إشراق البدر في أفق سمائه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ما أتى الليل بظلامه،
__________
(1) م ب (وبه نستعين) س (رب يسر) ظ (رب يسر يا كريم). وأول المطبوع: «قال الشيخ الإمام العلامة المقرئ المحقق أبو الخير شمس الدين محمد بن شمس الدين محمد بن محمد بن علي الجزري الشافعي تغمده الله برحمته: الحمد لله» وفي م البسملة (اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما).
(2) ظ (مرجائه) م (مرحائه) وفي هامش ع (قوله برحائه هي الأرض الواسعة).
(3) ظ (تفضي).
(4) (سيدنا) ساقطة من م.
(5) ظ (تشابه).
(6) في جميع الأصول (شرحه) ولعلها (شرعه)
(7) ع (حتى).
(8) (ودين أوضحه) ساقطة من ب.(1/51)
وولّى النهار بضيائه. ورضي الله عن السادة (8) الأتقياء، ومشايخ الاقتداء، ونجوم الاهتداء، خير الأمة وأهل الأداء، ما أشرق معهد تلاوة (9) بضيائه، وأنار كوكب عبادة (10) بلألائه.
وبعد، فإنّ أولى العلوم ذكرا وفكرا، وأشرفها منزلة وقدرا، وأعظمها ذخرا وفخرا (11)، كلام من خلق من الماء بشرا، فجعله نسبا وصهرا، فهو العلم الذي لا يخشى معه جهالة (12)، ولا يغشى (13) به ضلالة، وإن أولى ما قدّم من علومه (14) معرفة تجويده (15)، وإقامة ألفاظه. وقد سئل عليّ رضي الله عنه عن معنى (16) قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (17)، فقال:
الترتيل تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف (18). وسيأتي الكلام على هذه الآية.
ولما رأيت الناشئين من قرّاء هذا الزمان وكثيرا من منتهيهم قد غفلوا عن تجويد ألفاظهم، وأهملوا تصفيتها من كدره (19)، وتخليصها من درنه، رأيت الحاجة داعية إلى تأليف مختصر، أبتكر فيه مقالا يهز عطف الفاتر، ويضمن غرض الماهر، ويسعف أمل الراغب، ويؤنس وسادة العالم، أذكر فيه علوما
__________
(8) م (السادات).
(9) (تلاوة) ساقطة من (س). وفي ع (مضطهد تلاوة).
(10) ع (كواكب عباد).
(11) ظ (وأجرا).
(12) م (منه جاهله)، ع (لا تخشى).
(13) س (تغشى).
(14) (علومه) ساقطة من م.
(15) م (التجويد).
(16) (معنى) ساقطة من م ب.
(17) المزمل 4.
(18) لم أقف على تخريج لهذا القول، وانظر أول الفصل الثاني من الباب الثاني أيضا. وقد راجعت تفسير الطبري فلم أجده ينقل شيئا عن علي رضي الله عنه في تفسير هذه الآية. أما الطبرسي فقد نقل عنه في (مجمع البيان) (29/ 377): «وروي عن أمير المؤمنين (ع) في معناه أنه قال: بيّنه بيانا ولا تهذه هذّ الشعر».
(19) م (كدرة).(1/52)
جليلة، تتعلق بالقرآن العظيم، يحتاج القارئ والمقرئ إليها، ومباحث دقيقة، ومسائل غريبة، وأقوالا عجيبة، لم أر أحدا ذكرها، ولا نبّه عليها، وسميته (كتاب (20) التمهيد في علم التجويد). جعله الله خالصا لوجهه الكريم، ونفع به إنه سميع عليم.
وجعلته عشرة أبواب:
الباب الأول: أذكر فيه صفة قراءة أهل (21) زماننا، وأتبعه بفصل بالحض على ما نحن بسببه.
الباب الثاني: في معنى التجويد والتحقيق والترتيل، وفيه فصول.
الباب الثالث: في أصول القراءة الدائرة على اختلاف القراءات.
الباب الرابع: في ذكر معنى اللحن وأقسامه والحض على اجتنابه وفيه فصلان.
الباب الخامس: في ذكر ألفات الوصل والقطع.
الباب السادس: في الكلام على الحروف والحركات.
الباب السابع: في ذكر ألقاب الحروف وعللها.
الباب الثامن: في ذكر (22) مخارج الحروف مجملة والكلام على كل حرف بما (23) يختص به من التجويد وغيره.
الباب التاسع: في أحكام النون الساكنة والتنوين، ثم أتبعه بالمد والقصر.
الباب العاشر: في ذكر الوقف والابتداء، ثم أتبعه بالكلام على حكم المشدد ومراتبه، وأحببت (24) أن أختم الكتاب بفصل (25) أذكر فيه الضاد والظاء (26) ووقوعهما (27) في القرآن.
__________
(20) (كتاب) ساقطة من ظ.
(21) (أهل) ساقطة من م.
(22) (ذكر) ساقطة من ظ.
(23) (بما) ساقطة من م.
(24) م (ثم أحببت).
(25) ب (الكلام بفصل) ع (الكتاب بيان).
(26) ب ع (الظاء والضاد).
(27) ب (ووقف).(1/53)
الباب الأول في ذكر قراءة هؤلاء القراء في هذا الزمان
إن (1) مما ابتدع (2) الناس في قراءة القرآن أصوات الغناء، وهي التي (3)
أخبر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنها ستكون بعده، ونهى عنها. ويقال إن أول ما غني به من القرآن قوله عز وجل: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكََانَتْ لِمَسََاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (4)، نقلوا ذلك من تغنّيهم (5) بقول الشاعر (6):
أما القطاة فإني سوف أنعتها ... نعتا يوافق عندي بعض ما فيها
وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هؤلاء: (مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم (7) شأنهم) (8).
__________
(1) ظ (انما).
(2) م (ابتدعوا).
(3) (التي) ساقطة من م.
(4) الكهف 79.
(5) م (تغنيهم)، وكذا هي في جمال القراء ورقة (190ظ) وفي بقية النسخ (تغنيتهم).
(6) ظ (بقول القائل الشاعر). وقد أورد علم الدين السخاوي هذا البيت في جمال القراء (انظر ورقة 190ظ)، دون أن ينسبه. وكان ابن قتيبة قد أورده في كتابه المعارف (ص 232) دون نسبة أيضا على هذا النحو: «وكان القراء كلهم الهيثم وأبان وابن أعين وغيرهم يدخلون في القراءة من ألحان الغناء والحداء والرهبانية فمن ذلك قراءة الهيثم (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) سلخه من صوت الغناء كهيئة:
أما القطاة فاني سوف أنعتها ... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها»
(7) ب (يعجبه).
(8) قال السيوطي: (الاتقان 1/ 303): «أخرجه الطبراني والبيهقي» وهو جزء من حديث،(1/55)
وابتدعوا أيضا شيئا سمّوه الترقيص، وهو أن يروم السكت على السكان ثم ينفر مع الحركة في عدو وهرولة.
وآخر سموه الترعيد، وهو أن يرعّد صوته كالذي يرعد من برد وألم، وقد يخلط بشيء من ألحان الغناء.
وآخر يسمى التطريب، وهو أن يترنم بالقرآن ويتنغم به، فيمد في غير مواضع المد (9)، ويزيد في المد على ما ينبغي لأجل التطريب، فيأتي بما لا تجيزه العربية. كثر هذا الضرب في قراء (10) القرآن.
وآخر يسمّى التحزين، وهو أن يترك طباعه وعادته في التلاوة، ويأتي بالتلاوة على وجه آخر، كأنه حزين يكاد يبكي مع (11) خشوع وخضوع، ولا يأخذ (12) الشيوخ بذلك، لما (13) فيه من الرياء.
وآخر أحدثه هؤلاء الذين يجتمعون فيقرءون كلّهم (14) بصوت واحد، فيقولون في نحو قوله: {أَفَلََا يَعْقِلُونَ} (15)، {أَوَلََا يَعْلَمُونَ} (16): أفل يعقلون، أول يعلمون، فيحذفون الألف، وكذلك يحذفون الواو فيقولون:
قال آمنا، والياء فيقولون: يوم الدن في (يوم الدين). ويمدون ما لا يمد،
__________
نصه الكامل: قال صلّى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق، فإنه سيجيء اقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم).
(9) (المد) ساقطة من س.
(10) ع (قراءة).
(11) س (من).
(12) م (تأخذ).
(13) ظ (وفيه).
(14) في النسخ الأربع المخطوطة (كلمة) وفي المطبوعة (جملة) وما أثبتناه من جمال القراء ورقة (190ظ) لأنه أنسب للسياق، ولعله المصدر الذي نقل عنه ابن الجزري هذا الباب.
(15) سورة يس 68.
(16) البقرة 77. و {أَوَلََا يَعْلَمُونَ} زيادة من جمال القراء (ورقة 190ظ) وهي ساقطة من جميع النسخ.(1/56)
ويحركون السواكن التي لم يجز تحريكها، ليستقيم (17) لهم الطريق (18) التي سلكوها، وينبغي أن يسمى هذا التحريف.
وأما قراءتنا التي نقرأ (19) ونأخذ بها، فهي القراءة السهلة المرتلة (20) العذبة الألفاظ، التي لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء، على وجه من وجوه القراءات، فنقرأ (21) لكل إمام بما نقل عنه، من مدّ أو قصر أو همز (22) أو تخفيف همز أو تشديد أو تخفيف (23) أو إمالة أو فتح أو إشباع أو نحو ذلك (24).
فصل فيما يستفاد بتهذيب الألفاظ وما تكون (25)
الثمرة الحاصلة عند تقويم اللسان
اعلم أن المستفاد بذلك حصول التّدبّر (26) لمعاني كتاب الله تعالى، والتفكر في غوامضه، والتبحر في مقاصده، وتحقيق مراده جلّ اسمه من ذلك.
فإنه تعالى (27) قال: {كِتََابٌ أَنْزَلْنََاهُ إِلَيْكَ} [28] مُبََارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيََاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ
__________
(17) م (لتستقم)، ع (لتستقيم).
(18) م (الطرق).
(19) م (نقرأها).
(20) م (والمرتلة).
(21) م ظ (فنقرأ) ب (فنقرىء) س ع (فيقرأ).
(22) م (همزة)، ع (تحقيق همزة).
(23) م (تخويف).
(24) ما تقدم من هذا الباب موجود بنصه تقريبا في كتاب (جمال القراء) لعلم الدين السخاوي (انظر ورقة 190و 190ظ). فلعل المؤلف اعتمد عليه فيه.
(25) م ع (تكون) ب س (يكون) ظ (وما يكون من الثمرة).
(26) ظ (التذكر) م س (التدبر) ب ع (حصول التدبر).
(27) (تعالى) ساقطة من م.
(28) (اليك) ساقطة من ظ ب، وهو سهو من الناسخ.(1/57)
{أُولُوا الْأَلْبََابِ} (29)، وذلك أن الألفاظ إذا أجليت على الأسماع في أحسن معارضها، وأحلى (30) جهات النطق بها، حسب ما حث عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقوله: (زيّنوا القرآن بأصواتكم) (31) كان تلقّي القلوب وإقبال النفوس عليها بمقتضى (32) زيادتها في الحلاوة والحسن، على ما لم يبلغ ذلك المبلغ منها، فيحصل حينئذ الامتثال لأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والرغبة في وعده، والرهبة من (33) وعيده، والطمع في ترغيبه، والارتجاء بتخويفه، والتصديق بخبره، والحذر من إهماله، ومعرفة الحلال والحرام. وتلك فائدة جسيمة، ونعمة (34) لا يهمل ارتباطها إلّا محروم (35)، ولهذا المعنى شرع الإنصات إلى قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وندب الإصغاء إلى الخطبة في يوم الجمعة، وسقطت القراءة عن المأموم ما عدا الفاتحة، ومن أجل ذلك دأب الأئمة في السكوت على التام من الكلام (36)، أو ما يستحسن (37) الوقف عليه، لما في ذلك من سرعة وصول المعاني إلى (38) الأفهام، واشتمالها عليها، بغير مقارعة (39) للفكر، ولا احتمال مشقة لا (40) فائدة فيها غير (41) ما ذكرناه. وبالله التوفيق.
__________
(29) سورة ص آية 29.
(30) ظ ب ع (أحلى) م (أجل) س (أجلى).
(31) رواه البخاري وغيره، حسبما ورد في (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي 2/ 376).
(32) س ب ع (بمقتضى) ظ م (يقتضي).
(33) ب ع (من) ظ م س (في).
(34) م (نعيمة).
(35) ظ (مجرم).
(36) ب (الكمال).
(37) م ظ (مما يستحسن) س (مما يحسن) ب ع (ما).
(38) ب (على).
(39) ع (منازعة).
(40) م (ولا).
(41) ظ (عدا).(1/58)
الباب الثاني في معنى التجويد، وفيه فصول
الفصل الأول في التجويد والتحقيق والترتيل
أما التجويد (1)
فهو مصدر من جوّد تجويدا، إذا أتى بالقراءة مجودة الألفاظ، بريئة من الجور في النطق بها. ومعناه انتهاء الغاية في إتقانه، وبلوغ النهاية في تحسينه، ولهذا يقال جوّد فلان في كذا إذا فعل ذلك جيدا (2)، والاسم منه الجودة.
فالتجويد هو حلية التلاوة، وزينة القراءة، وهو إعطاء الحروف حقوقها، وترتيبها مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله (3)، وإشباع لفظه، وتلطيف (4) النطق به، على حال صيغته وهيئته (5)، من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلّف، قال الداني (6): ليس بين التجويد وتركه إلّا رياضة لمن تدبّره بفكّه (7).
وأما التحقيق
فهو مصدر من حقّق تحقيقا، إذا اتى بالشيء على حقه،
__________
(1) (أما التجويد) ساقطة من م.
(2) ع والتحديد ورقة 84و (جيدا) ظ (مجودا) م (متقنا) وهي ساقطة من س ب.
(3) ظ والتحديد ورقة 84و (وشكله) وهي ساقطة من م ب س ع.
(4) في التحديد ورقة 84و (تمكين).
(5) (وهيئته) ساقطة من ظ.
(6) التحديد ورقة 84و.
(7) م (بقلبه).(1/59)
وجانب الباطل فيه (8)، والعرب تقول: بلغت حقيقة هذا الأمر، أي بلغت يقين (9) شأنه، والإسم منه الحق. ومعناه أن يؤتى بالشيء على حقه، من غير زيادة فيه (10) ولا نقصان منه.
وأما الترتيل
فهو مصدر من رتّل فلان كلامه، إذا (11) أتبع بعضه بعضا على مكث، والإسم منه الرتل (12)، والعرب تقول: ثغر رتل، إذا كان مفرقا لم (13) يركب بعضه بعضا، قال صاحب العين: رتّلت الكلام تمهلت فيه.
وقال الأصمعيّ: في الأسنان الرتل، وهو (14) أن يكون بين الأسنان الفرج (15)، لا يركب بعضها بعضا. وحدّه: ترتيب الحروف على حقها في تلاوتها، بتلبّث (16) فيها.
الفصل الثاني في معنى (17) قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (18)
سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن هذه الآية، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. وروى ابن جريج (19)، عن مجاهد، أنه
__________
(8) (فيه) ساقطة من ظ.
(9) م (تعيين).
(10) (فيه) ساقطة من س ب.
(11) ظ (أي).
(12) ع (الترتل).
(13) ب (ولم).
(14) ب س (وهو) م ظ ع (هو).
(15) ظ (الفرغ).
(16) س ع (بتلبث) م (بتثبت) ب (بتثبت) ظ (بتثبيت).
(17) (معنى) ساقطة من م. وفي ع (في معنى قوله تبارك وتعالى).
(18) المزمل 4.
(19) النسخ الخطية (ابن ابي جريج) وفي ع والتحديد ورقة 85و (ابن جريج)، وهو الصواب.(1/60)
قال: أي (20) ترسّل فيه ترسّلا (21). وروى جبير عن الضحاك: أي انبذه (22)
حرفا حرفا. وروى مقسم عن ابن عباس: أي (23) بيّنه (24) تبيينا (25). وقال علماؤنا: أي تلبث في قراءته (26)، وافصل الحرف من الحرف الذي بعده، ولا تستعجل فتدخل (27) بعض الحروف في بعض. ولم يقتصر سبحانه وتعالى على الأمر بالفعل حتى أكّده بمصدره، تعظيما لشأنه، وترغيبا في ثوابه. وقال تعالى: {وَرَتَّلْنََاهُ تَرْتِيلًا} (28) أي أنزلناه (29) على الترسل (30)، وهو المكث، وهو ضد العجلة. وقال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنََاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النََّاسِ عَلى ََ مُكْثٍ} (31) أي على ترسل.
الفصل الثالث الفرق بين التحقيق والترتيل
الترتيل (32) يكون للتدبر (33) والتفكر والاستنباط. والتحقيق يكون لرياضة الألسن، وترقيق الألفاظ الغليظة، وإقامة القراءة، وإعطاء كل حرف حقه، من المد والهمز والإشباع والتفكيك، ويؤمن معه تحريك ساكن واختلاس حركة. وتفكيك الحروف وفكها (34) بيانها وإخراج بعضها من
__________
(20) (أي) ساقطة في س م
(21) س ع والتحديد ورقة 85و (ترسلا) م ظ ب (ترسيلا).
(22) م (أيده).
(23) (أي) ساقطة في س
(24) م ع (بينه) ظ س ب (تبينه).
(25) انظر الطبري: جامع البيان 29/ 126.
(26) م (بقراءته).
(27) ع (فيدخل).
(28) الفرقان 32.
(29) ظ م (نزلناه).
(30) ظ س (الترتيل).
(31) الاسراء 106.
(32) م (اعلم أن).
(33) س (التدبر).
(34) ب (وتفكيكها).(1/61)
بعض بيسر وترسل، ومن ذلك فك الرقبة، وفك الأسير، لأنه إخراجهما (35)
من الرق والأسر، وكذا فك الرهن هو إخراجه من الارتهان، وفكّ الكتاب هو استخراج ما فيه، وفكّ الأعضاء هو إخراجها من مواضعها.
قال الداني: الفرق بين الترتيل والتحقيق أن الترتيل يكون بالهمز وتركه والقصر لحرف المد والتخفيف (36) والاختلاس، وليس ذلك في التحقيق.
وكذا قال أبو بكر الشذائي.
الفصل الرابع في كيفية التلاوة
كتاب (37) الله تعالى يقرأ بالترتيل والتحقيق، وبالحدر والتخفيف (38)
وبالهمز وتركه، وبالمد وقصره (39)، وبالبيان والإدغام، وبالإمالة والتفخيم.
وإنما يستعمل الحدر والهذرمة، وهما سرعة [القراءة] (40). مع تقويم الألفاظ (41)، وتمكين الحروف، لتكثر حسناته، إذ (42) كان له بكل حرف عشر حسنات. وأن ينطق القارئ بالهمز من غير لكز (43)، والمد من غير
__________
(35) ظ (أخرجهما).
(36) ظ (التحقيق).
(37) ظ (لكتاب).
(38) ظ (التحقيق).
(39) ظ (وبالمد والقصر).
(40) م ظ س ب (سرعة مع) ع (السرعة مع)، وما أثبته من التحديد للداني (ورقة 84ظ).
(41) ظ ع (تقويم الألفاظ) م س (تقويم للألفاظ) ب (تقوم الألفاظ).
(42) ظ ب ع (إذا).
(43) في النسخ الخطية الأربع (لكن) بالنون، وفي النسخة المطبوعة (لكز) بالزاي، وفي لسان العرب مادة (لكز): (اللكز: الدفع في الصدر بالكف) وهذه الكلمة هي التي تناسب السياق. ويدل على ذلك ما جاء في كتاب (التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي) لأبي الحسن علي بن جعفر السعيدي (ورقة 63و) من قوله (وتشديد الهمزات وتلكيزها).(1/62)
تمطيط، والتشديد من غير تمضيغ (44)، والإشباع من غير تكلف. هذه القراءة التي يقرأ (45) بها كتاب الله تعالى (46).
الفصل الخامس في ذكر قراءة الأئمة
عن أبي جعفر أحمد بن هلال، قال: حدثني محمد بن سلمة العثماني، قال:
إني قلت لورش: كيف كان يقرأ نافع؟ فقال (47): كان لا (48) مشددا ولا مرسلا، بيّنا حسنا.
وقال ابن مجاهد (49): كان أبو عمرو سهل القراءة، غير متكلف، يؤثر التخفيف (50) ما وجد إليه السبيل.
ووصف الشذائي قراءة أئمة القراءة السبعة (51)، فقال:
أما صفة قراءة ابن كثير فحسنة مجهورة، بتمكين بيّن.
وأما صفة قراءة نافع فسلسلة (52)، لها أدنى تمديد.
وأما صفة قراءة عاصم فمترسلة جريشة (53) ذات ترتيل، وكان عاصم
__________
(44) ظ (تمضغ).
(45) ظ (نقرأ).
(46) (تعالى) ساقطة من م.
(47) ب ع (فقال)، م ظ س (قال).
(48) (لا) ساقطة في ظ.
(49) انظر كتاب السبعة ص 84.
(50) ظ (التحقيق).
(51) ظ م (قراءة الأئمة القراء السبعة) ب س ع (قراءة أئمة القراءة السبعة) وما أثبته يوافق التحديد للداني (ورقة 91و).
(52) ظ (فسلسلة).
(53) م ظ ب والتحديد ورقة 91و (جريشة) س (جرشية) ع (حريشة) وفي اللسان مادة (جرش): الجرش حك الشيء الخشن بمثله، والجرش صوت يحصل من أكل الشيء(1/63)
نفسه (54) موصوفا بحسن الصوت وتجويد القراءة.
وأما صفة قراءة حمزة فأكثر من رأينا منهم لا ينبغي أن تحكى (55) قراءته لفسادها، ولأنها (56) مصنوعة (57) من تلقاء أنفسهم، وأما من كان منهم يعدل في قراءته حدرا وتحقيقا (58) فصفتها المد العدل (59) والقصر والهمز المقوم (60)
والتشديد المجود، بلا تمطيط ولا تشديق، ولا تعلية صوت، ولا ترعيد، فهذه (61) صفة التحقيق. وأما الحدر فسهل كاف، في أدنى ترتيل وأيسر تقطيع.
وأما وصف قراءة الكسائي فبين الوصفين في اعتدال.
وأما قراءة أصحاب ابن عامر فيضطربون في التقويم، ويخرجون عن الاعتدال.
وأما صفة قراءة أبي عمرو بن العلاء فالتوسط والتدوير، همزها سليم من اللكز (62)، وتشديدها خارج عن التمضيغ، بترسل (63) جزل وحدر بيّن
__________
الخشن، ولعل معنى (جريشة) هنا هو (شديدة)، يؤكد ذلك ما رواه الداني في كتابه التحديد (ورقة 88ظ) عن شريك أنه قال: «كان عاصم صاحب همز ومد وقراءة شديدة».
(54) (عاصم نفسه) ساقطة من م.
(55) م (نحكي).
(56) م (ولا).
(57) ب (موضوعة).
(58) ظ (تخفيفا).
(59) م (فيصفها بالمد المعتدل).
(60) م (المفهوم).
(61) في جميع النسخ (فهو). وفي التحديد ورقة 91و (فهذه).
كذا كذا في الأصل، ورأي الخبير أن تكون (قرأة).
(62) في النسخ الخطية الأربع (اللكن) بالنون وفي النسخة المطبوعة (اللكز) بالزاي وانظر هامش (43) من هذا الباب.
(63) م ب والتحديد ورقة 91و (بترسل) س ع (بترتيل) ظ (بترتل).(1/64)
سهل، يتلو بعضها بعضا. قال (64): وإلى هذا كان يذهب أبو بكر بن مجاهد في هذه القراءة وغيرها، وبه قرأنا عليه، وله كان يختار، وبمثله كان يأخذ ابن المنادى، رحمة الله عليهما (65) (66).
__________
(64) ظ (وقال).
(65) ظ (عليهم أجمعين).
(66) ما أورده المؤلف في هذا الباب وهو الثاني موجود في كتاب (التحديد في الإتقان والتجويد) لأبي عمرو الداني (انظر ورقة 84و 84ظ، 91و) مع تصرف يسير في العبارات.(1/65)
الباب الثالث في أصول القراءة الدائرة على اختلاف القراءات
وهي التسمية والبسملة، والمد، واللين، والمط (1) والقصر، والاعتبار، والتمكين، والإشباع، والإدغام (2)، والإظهار، والبيان، والإخفاء، والقلب، والتسهيل (3) والتخفيف، والتشديد، والتثقيل (4)، والتتميم، والنقل، والتحقيق، والفتح، والفغر، والإرسال، والإمالة، والبطح والإضجاع، والتغليظ، والترقيق، والروم، والإشمام، والاختلاس.
فصل
البسملة عبارة عن قول القارئ: {بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} وهي اسم مركب، يقال بسمل الرجل بسملة، فهو مبسمل، كما قالوا: حوقل الرجل إذا قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله، وحيعل إذا قال: حيّ على الصلاة.
والتسمية هي البسملة نفسها، يقال: سمّى (5) يسمّي تسمية فهو مسمّ، ويعبر عنها بالفصل. والفصل أيضا عبارة عن مجال (6) الألف بين همزتين
__________
(1) (المط) ساقطة من م.
(2) (الإدغام) ساقطة من ظ.
(3) ع (والتسهيل [وبين بين والبدل والحذف] والتخفيف).
(4) ع (التقتيل).
(5) (سمي) ساقطة من ظ.
(6) ع (محال).(1/67)
التقتا (7)، لمن له الفصل بينهما.
وأما المد فهو عبارة عن أصوات حروف المد واللين، وهو نوعان:
طبيعي (8) وعرضي. فالطبيعي هو الذي لا تقوم (9) ذات حرف المد دونه.
والعرضي هو الذي يعرض زيادة على الطبيعي (10)، لموجب يوجبه، يجيء (11)
في مكانه، إن شاء الله تعالى (12).
وأما المط فهو المد نفسه، لغة ثانية (13) فيه.
وأما اللين فهو عبارة عمّا يجري من الصوت في حرف المد، ممزوجا بالمد طبيعة وارتباطا، لا ينفصل أحدهما في ذلك عن الآخر، وهو أجرى (14) في الواو والياء إذا انفتح ما قبلهما، كما أن المد أجرى فيهما إذا انكسر ما قبل الياء، وانضم ما قبل الواو.
وأما القصر فهو عبارة عن صيغة حرف المد واللين، وهو المد الطبيعي.
وأما الاعتبار فهو عبارة عنه في بعض القراءات، وذلك أن بعضهم يعتبر المد واللين مع الهمزة، فإن كانا منفصلين لم يزد شيئا على الصيغة.
وأما التمكين فهو عبارة عن الصيغة [أيضا وقد] (15) يعبر به (16) عن المد العرضي، يقال منه مكّن، إذا أريدت (17) الزيادة.
وأما الإشباع فهو عبارة عن إتمام الحكم المطلوب من تضعيف الصيغة لمن (18) له ذلك، ويستعمل أيضا ويراد به أداء (19) الحركات كوامل غير
__________
(7) ع (التقيا).
(8) م (طبعي).
(9) ظ س (يقوم).
(10) م (الطبعي).
(11) م ع (ويجيء)
(12) (تعالى) ساقطة من س ب ع.
(13) م ظ (ثابتة).
(14) ع (أحرى)، وكذا الموضع الآتي.
(15) ما بين المعقوفين زيادة ضرورية من كتاب (مرشد القارئ) لأبي الأصبغ السماتي.
(16) ظ (عنه).
(17) ظ م (أردت).
(18) ظ (لمن كان له).
(19) (أداء) ساقطة من ع.(1/68)
منقوصات ولا مختلسات.
وأما الإدغام فهو عبارة عن خلط الحرفين وتصييرها حرفا واحدا مشددا وكيفية ذلك أن يصير (20) الحرف الذي يراد إدغامه حرفا على صورة الحرف الذي يدغم (21) فيه، فإذا تصيّر (22) مثله حصل حينئذ مثلان، وإذا حصل مثلان وجب الإدغام حكما إجماعيا (23)، فإن جاء نص بإبقاء نعت من نعوت الحرف المدغم فليس ذلك الإدغام بإدغام صحيح، لأن شروطه (24) لم تكمل (25)، وهو بالإخفاء أشبه، قال أبو الأصبغ (26): وقد أطلق عليه هذا الإسم بعض علمائنا، وهو قول شيخنا أبي (27) العباس، رحمه الله.
وأما الإظهار فهو عبارة عن ضد الإدغام، وهو أن يؤتى بالحرفين المصيّرين جسما واحدا منطوقا بكل واحد منهما على صورته، موفّى (28)
جميع صفته، مخلصا إلى كمال بنيته.
وأما البيان فهو عبارة أخرى بمعنى الإظهار.
وأما الإخفاء فهو عبارة عن إخفاء النون الساكنة والتنوين عند أحرفهما (29)، وسيأتي الكلام عليه، وحقيقته أن يبطل عند النطق به الجزء (30)
__________
(20) م (تصيير).
(21) س (تدغم).
(22) م (صار) س (يصير) ظ ب ع (تصير) وكذا في (مرشد القارئ) للسماتي.
(23) ظ (اجتماعيا).
(24) م (شرطه).
(25) ظ (تعمل).
(26) انظر: مرشد القارئ ورقة 133ظ.
(27) م (أبو)، وأبو العباس هو أحمد بن خلف بن عيسون الإشبيلي (أنظر غاية النهاية 1/ 52).
(28) م ظ ب س (موفا) ع (موفى).
(29) م (احرفها).
(30) م (الجزاء).(1/69)
المعمل (31)، فلا يسمع إلا صوت مركب على الخيشوم.
ويستعمل أيضا عبارة عن إخفاء الحركة، وهو (32) نقصان تمطيطها.
وأما القلب فهو عبارة عن الحكم المشهور من الأحكام الأربعة المختصة بالنون الساكنة والتنوين، وهو إبدالهما (33) عند لقائهما الباء ميما خالصة، تعويضا صحيحا لا يبقى للنون والتنوين أثر، ويتصرف (34) القلب عبارة عن بعض (35) أحكام التسهيل.
وأما التسهيل فهو عبارة عن تغيير يدخل الهمزة، وهو على (36) أربعة أقسام: بين بين، وبدل، وحذف، وتخفيف. فأما بين بين فهو نشوء (37)
حرف بين همزة وبين حرف مد. وأما البدل فهو إقامة الألف والياء والواو مقام الهمزة عوضا منها (38). وأما الحذف فهو إعدامها، دون أن يبقى (39) لها صورة.
وأما التخفيف فهو عبارة عن معنى التسهيل، وعن حذف الصلات من الهاءات، وعن فك الحرف المشدد القائم عن مثلين، ليكون النطق بحرف واحد من الضعفين (40)، خفيف الوزن، عاريا من الضغط، عاطلا في صناعة
__________
(31) ظ (والعمل) ع (الجزء نصف المكمل) وفي مرشد القارئ ورقة 133ظ (الجزء المعمل لها من اللسان).
(32) م (فهو).
(33) م (إبدالها).
(34) ظ (ينصرف) ع (وتصرف والقلب) وفي مرشد القارئ ورقة 134و (ويتصرف القلب أيضا في بعض أحكام التسهيل).
(35) (بعض) ساقطة من ظ.
(36) (على) ساقطة من ع.
(37) م ظ ب (نشر) ع (نشز) س ومرشد القارئ ورقة 134و (نشوء).
(38) ع (عنها).
(39) م (تبقى).
(40) (الحرفين) في مرشد القارئ لأبي الأصبغ السماتي.(1/70)
الخط من علامة الشد (41)، التي لها صورتان في النقط.
وأما التشديد فهو ضد هذا (42) التخفيف الذي (43) صيغ بالفك، فيكون النطق بحرف لزّ (44) بموضعه، فاندرج لتضعيف (45) صيغته شديد الفك.
وأما التثقيل فهو عبارة عن رد الصلات إلى الهاءات.
وأما التتميم فهو عبارة عن التثقيل أيضا، إلّا أن (46) التتميم مستعمل في صلات الميمات، حضيص بها.
وأما النقل فهو عبارة عن حكم يتصرف (47) عند الحذف أحد الأقسام في التسهيل، وهو تعطيل الحرف المتقدم (48) للهمزة من شكله وتحليته (49) بشكل الهمزة، في حالتي الأداء في الوقف والوصل.
وأما التحقيق فهو عبارة عن ضد التسهيل، وهو الإتيان بالهمزة أو بالهمزتين خارجات من مخارجهن، مندفعات عنهن، كاملات في صفاتهن.
وأما الفتح فهو عبارة عن النطق بالألف مركبة على فتحة خالصة غير ممالة، وحده أن يؤتى به على مقدار انفتاح الفم، مثاله (قال) تركّب (50)
صورت الألف على فتحة القاف، وهي فتحة خالصة لا حظ للكسر فيها، معترضة على مخرج القاف اعتراضا، وحقيقته أن ينفتح الفم بالنطق ب (قال)
__________
(41) س ع (الشر) م (الشدة) ب (المشدد) ظ (الشك) وفي مرشد القارئ ورقة 134 و (الشد).
(42) (هذا) ساقطة من س.
(43) م س (التي).
(44) م (كن) ظ (ساكن)، ومعنى (لزّ) هو لصق ولزم.
(45) ظ (تضعيف).
(46) س (لأن).
(47) م (ينصرف).
(48) ب ع (المستقدم).
(49) ب ع (تحليته) م ظ س (تخليته). وفي مرشد القارئ ورقة 134و (تحليته).
(50) ع (فركب).(1/71)
ونظيره. كانفتاح الفم في (كان) ونظيره.
وأما الفغر فهو بالغين المعجمة، وهو بفتح الفاء وإسكان الغين، وهو (51)
عبارة قديمة بمعنى الفتح، قال أبو الأصبغ (52): وهو يقع في كتب الأوائل من علمائنا، وهو عبارة عن التغليظ.
وأما الإرسال فهو عبارة عن تحريك ياء الإضافة (53) بحركة الألف، ويعبر عنه أيضا بالفتح.
وأما الإمالة فهي عبارة عن ضد الفتح، وهي نوعان: إمالة كبرى وإمالة صغرى.
فالإمالة (54) الكبرى حدها أن ينطق (55) بالألف مركبة على فتحة تصرف (56) إلى [الكسر كثيرا. والإمالة الصغرى حدها أن ينطق (57)
بالألف مركبة على فتحة (58) تصرف إلى] (59) الكسرة قليلا. والعبارة المشهورة في هذا بين اللفظين، أعني بين الفتح الذي حددناه، وبين الإمالة الكبرى.
والبطح (60) والإضجاع عبارتان بمعنى (61) الإمالة (62) الكبرى.
وأما التغليظ فهو عبارة عن سمن يدخل على (63) جسم الحرف وامتلاء الفم بصداه.
وأما الترقيق فهو عبارة عن ضد التغليظ، وهو نحول يدخل على جسم الحرف فلا يملأ صداه الفم ولا يغلقه (64)، وهو نوعان: ترقيق مفتوح، وترقيق غير مفتوح، وهو الإمالة على نوعيها (65)، فكل (66) فتح ترقيق،
__________
(51) ع (فهو).
(52) أنظر: مرشد القارئ ورقة 134ظ.
(53) ظ (ياء إضافة).
(54) ع (فالكبرى).
(55) م (تنطق).
(56) ظ ب ع (فتح يصرف).
(57) م (تنطق.
(58) ب (فتح).
(59) ما بين القوسين ساقط من س.
(60) م (وإما البطح).
(61) ب (عن معنى).
(62) (الإمالة) ساقطة من س.
(63) س (في).
(64) ظ (يعلقه).
(65) ظ (نوعها).
(66) م (وكل).(1/72)
وليس كل ترقيق فتحا، وكل إمالة ترقيق (67)، وليس كل ترقيق إمالة (68).
وأما الرّوم فهو عبارة عن النطق ببعض الحركات، حتى يذهب معظم صوتها، فتسمع لها صويتا (69) خفيا (70)، يدركه الأعمى بحاسة سمعه دون الأصمّ.
وأما الإشمام فهو عبارة عن ضم الشفتين بعد سكون الحرف من غير صوت، ويدرك ذلك الأصم دون الأعمى. ويعبر (71) عنه ويراد به خلط حركة بحركة، نحو (قيل) [في قراءة من أشم] (72) ويطلق أيضا ويراد به (73) خلط حرف (74) بحرف في (75) نحو (الصراط) (76) و (أصدق) (77).
وأما الاختلاس فهو عبارة عن الإسراع بالحركة، إسراعا يحكم السامع له (78) أن الحركة قد ذهبت، وهي كاملة في الوزن (79).
__________
(67) ظ (ترقيقا).
(68) م (وكل ترقيق إمالة، وليس كل إمالة ترقيقا).
(69) م ع (صوتا).
(70) س ب (خفيا) م ظ ع (خفيا).
(71) م (ويطلق ويعبر عنه).
(72) ما بين القوسين ساقطة من ب ع.
(73) (به) ساقطة من ظ.
(74) س (الحرف بالحرف).
(75) (في) ساقطة من م س ع.
(76) الفاتحة 6.
(77) النساء 87و 122، وذلك في قراءة من يشم الصاد الزاي، أي يجعلها مجهورة (ينظر:
الداني: التيسير ص 1918). وهو معنى قول المؤلف (خلط حرف بحرف) مثل الصاد وهي مهموسة والزاي وهي مجهورة.
(78) (له) ساقطة ب وهي في ع (به).
(79) ما أورده المؤلف في الباب الثالث موجود في كتاب (مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ) لأبي الأصبغ السماتي (أنظر ورقة 132ظ 135ظ).(1/73)
الباب الرابع في ذكر معنى اللحن وأقسامه (1)
وفيه فصلان
الفصل الأول في بيان معنى اللحن في موضوع اللغة
اعلم أن اللحن يستعمل في الكلام على معان. يستعمل بمعنى اللغة، ومن ذلك: لحن الرجل بلحنه، إذا تكلم بلغته. ولحنت أنا له ألحن، إذا قلت له ما يفهمه عني ويخفى على غيره، وقد لحنه عني يلحنه لحنا إذا فهمه (2)، وألحنت أنا إياه إلحانا.
واللّحن (3) الفطنة ويقال منه: رجل لحن أي فطن. وقد (4) لحن يلحن إذا صرف الكلام عن وجهه، ويقال منه: عرفت ذاك في لحن قوله، أي في (5) ما دلّ عليه كلامه، ومنه قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (6). والله أعلم (7) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية كان يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم، يستدل على أحدهم بما ظهر له من لحنه، أي من ميله (8) في كلامه. ومنه قوله عليه الصلاة (9) والسلام: (لعلّ
__________
(1) ط (والحض على اجتنابه).
(2) ظ ب س (أفهمه).
(3) في لسان العرب مادة لحن «واللحن بفتح الحاء الفطنة».
(4) (قد) ساقطة من ع.
(5) ب ع (أي في ما دل) م ظ (أي ما دل) س (قوله ما دل).
(6) سورة محمد آية 30.
(7) ع (والله يعلم قيل أن).
(8) ظ (مثله).
(9) ب س (عليه السلام).(1/75)
بعضكم (10) ألحن في حجّته من بعض) (11)، أي أفطن لها وأشد انتزاعا.
واللحن الضرب (12) من الأصوات الموضوعة، وهو مضاهاة التطريب، كأنه (13) لاحن ذلك بصوته، أي شبّهه به، ويقال منه: لحّن في قراءته، إذا طرّب (14) فيها وقرأ بألحان.
واللحن (15) الخطأ ومخالفة الصواب، وبه سمّي الذي يأتي بالقراءة على ضد الإعراب لحّانا، وسمي فعله اللحن، لأنه كالمائل في كلامه عن جهة الصواب، والعادل عن قصد الاستقامة، قال الشاعر:
فزت بقدمي معرب لم يلحن (16)
وهذا المعنى الذي قصدت الإبانة عنه.
الفصل الثاني في حد اللحن وحقيقته في العرف والوضع
اعلم أن اللحن على ضربين: لحن جليّ، ولحن خفيّ، ولكل واحد منهما
__________
(10) ع (بعضهم).
(11) رواه أبو داود بلفظ آخر (ينظر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي 6/ 108) وابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث 4/ 231). ولسان العرب لابن منظور مادة (لحن).
(12) (الضرب) ساقطة من ب.
(13) س (لأنه).
(14) ع (أطرب).
(15) ظ (فاللحن).
(16) ورد في لسان العرب مادة (لحن) ولم ينسب لقائل معين، وهو لرؤبة بن العجاج من أرجوزة قالها في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أولها:
يا أيها الكاسر عين الأغضن ... والقائل الأقوال ما لم يلقني
(أنظر مجموع أشعار العرب تصحيح وليم بن الورد ص 160).(1/76)
حد يخصه، وحقيقة بها يمتاز عن (17) صاحبه.
فأما اللحن الجلي فهو خلل يطرأ على الألفاظ، فيخل [بالمعنى والعرف، وخلل يطرأ على الألفاظ فيخل بالعرف دون (18) المعنى. وأما اللحن الخفي فهو خلل يطرأ على الألفاظ فيخل بالعرف دون المعنى (19).
وبيان ذلك أن الجلي المخل بالمعنى والعرف هو تغيير بعض الحركات عما ينبغي (20)، نحو أن تضم التاء في قوله تعالى: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (21) أو تكسرها، أو تفتح التاء في قوله: {مََا قُلْتُ لَهُمْ} (22). والقسم الثاني من الجلي المخل] (23) بالعرف دون المعنى نحو رفع الهاء ونصبها من قوله تعالى:
{[الْحَمْدُ لِلََّهِ} (24).
واللحن الخفي هو مثل تكرير الراءات، وتطنين النونات، وتغليظ اللامات وإسمانها وتشريبها (25) الغنة، وإظهار المخفى، وتشديد الملين (26)، وتليين المشدد، والوقف بالحركات كوامل (27)، مما (28) سنذكره بعد. وذلك غير
__________
(17) ظ س (على) م (يمتاز بها عن صاحبه).
(18) (بالعرب دون) ساقطة من م.
(19) (دون المعنى) في ب ع فقط.
(20) ب ع (وبيان ذلك أن اللحن الجلي هو تغيير كل واحد من المرفوع والمجرور والمنصوب والمجزوم بإعراب غيره، أو تحريف المبني عما قسم له من حركة أو سكون).
(21) الفاتحة 7.
(22) المائدة 117.
(23) ما بين المعقوفين ساقط من ظ، واضطربت بقية النسخ فيه، وقد أثبتت ما جاء في م وس خاصة.
(24) الفاتحة 2.
(25) س (وأشربتها) ع (وتشريب).
(26) ظ ب س (اللين).
(27) (والوقف بالحركات) ساقطة من ب ع.
(28) س (كما).(1/77)
مخل بالمعنى، ولا مقصر (29) باللفظ، وإنما الخلل الداخل على اللفظ فساد رونقه وحسنه (30) وطلاوته، من حيث إنه جار مجرى الرّتّة (31) واللثغة، [كالقسم الثاني من اللحن الجلي، لعدم إخلالهما بالمعنى] (32).
وهذا الضرب من اللحن (33)، وهو الخفيّ، لا يعرفه إلّا القارئ المتقن، والضابط المجوّد، الذي أخذ عن (34) أفواه الأئمة، ولقن (35) من ألفاظ أفواه العلماء الذين ترتضى تلاوتهم ويوثق بعربيتهم، فأعطى كل حرف حقه، ونزّله منزلته (36).
__________
(29) ظ ب (مقصر) س (يقصر) م (مقتصر) ع (مضر).
(30) ع (وتلاوته) مكان (وحسنه).
(31) ظ ب س (الرثة) م (اللوثة) ع (الرتة).
(32) ما بين المعقوفين ساقطة من ب.
(33) (من اللحن) ساقطة من ظ.
(34) س م (من).
(35) ع (وتلقن).
(36) قال الشيخ أبو الحسن علي بن جعفر المقرئ الرازي السعيدي، في كتابه (التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي، ورقة 62ظ 63و): «ينبغي لقارئ كتاب الله عز وجل بعد معرفته باللحن الجلي أن يعرف اللحن الخفي، لأن اللحن لحنان: لحن جليّ ولحن خفيّ.
فاللحن الجلي هو أن ترفع المنصوب، أو تنصب المرفوع، أو تخفض المنصوب والمرفوع، أو ما أشبه ذلك. فاللحن الجلي يعرفه المقرءون والنحويون وغيرهم ممن شم رائحة العلم.
واللحن الخفي لا يعرفه إلا المقرئ المتقن الضابط، الذي قد تلقن من ألفاظ الأستاذين، المؤدي عنهم، المعطي كل حرف حقه، غير زائد فيه ولا ناقص منه، المتجنب عن الإفراط في الفتحات والضمات والكسرات والهمزات، وتشديد المشددات وتخفيف المخففات، وتسكين المسكنات، وتطنين النونات، وتفريط المدات وترعيدها، وتغليظ الراءات وتكريرها، وتسمين اللامات وتشريبها الغنة، وتشديد الهمزات وتلكيزها».(1/78)
الباب الخامس في ذكر ألفات الوصل والقطع
هذا الباب تكلم النحاة عليه في كتب النحو، ونحن نذكر هنا (1) ما يحتاج إليه المقرئ، وهذا الباب يشتمل على فصلين:
الفصل (2) الأول في ذكر الألفات التي تكون في أوائل الأفعال
وإنما بدأنا بها قبل الأسماء لأن الأصول في الأسماء مشكلة، وفي الأفعال أبين وأوضح وأقرب على المتعلم.
مقدمة
إن سأل سائل: لم سمّيت الهمزة همزة وصل؟ فقل: لأنك إذا وصلت الكلام اتصل ما بعدها بما قبلها، وسقطت هي في (3) اللفظ (4). فإن قلت: لم ثبتت خطا وسقطت لفظا؟ قلت: وجه إثباتها في الخط لأن الكتاب وضع على
__________
(1) ع (هاهنا).
(2) (الفصل) ساقطة من النسخ الخطية، وأثبتناه من النسخة المطبوعة.
(3) م (من).
(4) ظ (الألفاظ).(1/79)
السكوت (5) على كل حرف والابتداء بما بعده (6)، فثبتت في الخط كما ثبتت (7) إذا ابتدئ بها.
فصل اعلم أن ألفات الأفعال تنقسم على (8) ستة أقسام:
القسم الأول: ألف الأصل (9)
، ويبتدأ بها (10) بالفتح في الماضي، وتعرفها بأن تجدها فاء (11) من الفعل ثابتة في المستقبل، وذلك نحو {أَتى ََ أَمْرُ اللََّهِ} (12).
القسم الثاني: ألف الوصل
، وتعرفها بسقوطها في الدّرج (13)، وبحذفها في أول المستقبل (14)، وهي مبنية على ما قبل آخر المستقبل (15). إن كان (16)
مكسورا أو مفتوحا كسرت، وإن كان مضموما ضمت. مثال المكسورة إذا كان الثالث مكسورا {اهْدِنَا} (17)، الدليل (18) على أنها ألف وصل لأنها تحذف في الدرج، وتسقط في المستقبل في قولك: (هدى يهدي) (19)، فهذا ما يدل على أنها ألف وصل.
فإن قلت: لم دخلت في الابتداء وسقطت في الوصل؟ قلت: لأنا وجدنا
__________
(5) ظ س (السكون).
(6) م (بعدها).
(7) ب ظ (فتثبت في الخط كما تثبت).
(8) (إلى) في م فقط، وبقية النسخ (على).
(9) ع (القسم الأول ألف القطع).
(10) س ب (تبتدئها).
(11) (فاء) ساقطة في م.
(12) سورة النحل آية 1.
(13) م (بالدرج).
(14) إيضاح الوقف 1/ 151: (وبفتح أول المستقبل).
(15) ب ع (على ثالث المستقبل). وكذا في إيضاح الوقف 1/ 151.
(16) ب ع (إن كان الثالث). وكذا في إيضاح الوقف 1/ 151.
(17) الفاتحة 5.
(18) ظ (والدليل).
(19) ب ع (هكذا).(1/80)
الحرف الذي بعدها ساكنا، وهو الهاء في (20) {اهْدِنَا}، والعرب لا تبتدئ بساكن، فأدخلت همزة يقع بها الابتداء. وأما حذفها في الوصل فإن الذي بعدها اتصل بالذي قبلها، فلم يكن لنا حاجة إليها.
فإن قلت: أيّ شيء تسميها (21) ألفا أم (22) همزة؟ قلت: اختلف النحويون في ذلك.
فقال الكسائي والفراء وسيبويه هي ألف (23)، وحجتهم أن صورتها صورة الألف، فلقبت ألفا لهذا (24) المعنى.
وقال الأخفش هي ألف ساكنة لا حركة لها كسرت في قوله: (اهدنا) وما أشبهه لسكونها وسكون ما بعدها. وقال رحمه الله: وضمّوها في نحو قوله: {اقْتُلُوا} (25) وشبهه لأنهم كرهوا أن يكسروها وبعدها التاء مضمومة (26)، فينتقلون من كسر إلى ضم فضموها لضم الذي بعدها.
قالوا (27): وهذا غلط، لأنها إذا كانت عنده ساكنة لا حركة لها (28) فمحال أن يدخلها الابتداء، لأن العرب لا تبتدئ بساكن، ولا يجوز أن يدخل للابتداء حرف ينوى به (29) السكون.
وقال قطرب في ألف (اهدنا) وشبهها هي همزة (30) كسرت (31)
__________
(20) ع (من).
(21) ظ (تسميتها).
(22) ب (أو).
(23) ب ع (ألف وصل) وكذا في إيضاح الوقف 1/ 154.
(24) ظ (بهذا).
(25) النساء 66.
(26) ظ ب (المضمومة).
(27) إيضاح الوقف 1/ 155 (قال أبو بكر).
(28) (لا حركة لها) ساقطة من ع.
(29) (به) ساقطة من ب.
(30) (هي همزة) ساقطة من س.
(31) م ظ ع (كسرت) س ب (كثرت) وكذا إيضاح الوقف 1/ 156.(1/81)
فتركت. [أي حذفت وسقطت] (32) وهذا غلط، لأن الهمزة إذا كانت في أول كلمة ثم وصلت بشيء قبلها كانت مهموزة وصلا كما تهمز ابتداء، نحو {وَأَخَذْتُمْ عَلى ََ ذََلِكُمْ إِصْرِي} (33) فالهمزة في (إصري) ثابتة (34) في الوصل إذا كانت عندهم همزة.
فإن قلت: لم كسرت في قوله (اهدنا) ونحوه؟ قلت: لأنها مبنية على ثالث المستقبل، وهو الدال في (يهدي). فإن قلت: لم لم تبنها على الأول أو على الثاني أو على (35) الرابع؟ قلت: لأن الأول زائد، لا ينبني عليه لزيادته، والثاني ساكن، لا ينبني عليه لسكونه، والرابع لا يثبت (36) على إعراب واحد، وما قبل (37) الآخر لا تتغير حركته.
فإن قلت: كيف تبتدئ بقوله {اسْتَطََاعُوا} (38) و {اسْطََاعُوا} (39)؟
قلت: بالكسر، لأن الأصل في المستقبل (يستطوع) فاستثقلوا الكسرة على الواو، فنقلوها إلى الطاء، فصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وقد حذفوا التاء في (40) (يستطيع) كما حذفوها من (استطاع) قال الشاعر (41):
والشعر لا يسطيعه من يطلبه ... يريد (42) أن يعربه فيعجمه فإن قلت: كيف تبتدئ (43) في {انْشَقَّتِ} (44)؟ قلت: بالكسر. قيل:
__________
(32) ما بين القوسين زيادة من م.
(33) سورة آل عمران آية 81.
(34) م (ثانية).
(35) (على) ساقطة من ظ.
(36) (لا يثبت) ساقطة من م.
(37) ب ع (والثالث).
(38) البقرة 217.
(39) الكهف 97.
(40) ب ع (من).
(41) مختلف في نسبته، فبعضهم ينسبه إلى رؤبة بن العجاج والبعض ينسبه إلى الحطيئة (ينظر إيضاح الوقف 1/ 161ومجموع أشعار العرب ص 185ولسان العرب مادة (عجم)، ومعجم شواهد العربية لعبد السلام هارون 2/ 536).
(42) ب (يروم).
(43) ظ س (يبتدى).
(44) الرحمن (37). ب ع (بانشقت).(1/82)
فأنت تقول في المستقبل (ينشقّ) فقل (45): مسلم، ولكن أصلها (ينشقق) على وزن ينفعل، فاستثقلوا الجمع بين قافين محركين، والعرب تكره الجمع بين مثلين، فأسقطوا حركة القاف، وأدغموها (46) في الثانية، فصارت قافا (47)
مشددة.
وإن (48) كان ثالث المستقبل مضموما ضمّت الألف في الابتداء، فإنها مبنية على ثالث، وإن (49) كان الثالث مفتوحا كسرت.
فإن قلت: هلّا (50) فتحت كما ضمت مع ضم الثالث، وكسرت مع كسر الثالث. قلت: لأنها تلتبس بالخبر، وذلك أنك لو قلت (51) في الخبر:
(أذهب أنا)، وفي الأمر (أذهب أنت)، لالتبس، فكسرناها لمّا بطل فتحها، لأن الفتح أخو (52) الكسر.
فإن قلت: كيف تبتدئ ب {اثََّاقَلْتُمْ} (53)، و {ادََّارَكُوا} (54)؟
قلت: بالكسر، لأن عين الفعل مفتوحة، وهي القاف في (يتثاقل) [والراء في (يتدارك)، لأن وزن (تثاقل) تفاعل، فالقاف في (يتثاقل) (55)] (56) هي العين من تفاعل، فأدغموا التاء في الثاء (57)، فصارت ثاء ساكنة، ولم (58)
يصح الابتداء بساكن، فأدخلوا ألفا يقع بها الابتداء، والحكم في {اطَّيَّرْنََا} (59) ونحوه كذلك (60).
القسم الثالث: ألف القطع
، وتعرفها بضم أول المستقبل، ثم لا يخلو إما أن
__________
(45) ظ (فقيل).
(46) ظ س (فادغموها).
(47) ظ (قاف).
(48) س ب (فإن).
(49) ب (فان).
(50) م ع (هلا) ظ ب س (هل لا).
(51) م س (لا نالو) ظ (لوانا).
(52) ظ (اخر).
(53) التوبة 38.
(54) الأعراف 38، وهي ساقطة من س.
(55) ب ع (تثاقل).
(56) ما بين المعقوفين ساقطة من ظ.
(57) (في الثاء) ساقط من ظ.
(58) ع (ولا).
(59) النمل 47.
(60) العبارة في ظ (وكذا في اطيرنا ونحوه).(1/83)
تقع في الفعل أو في المصدر، فإن وقعت في الفعل فهي مفتوحة، نحو (أخرج ونحوه، وإن كانت في المصادر ابتدئت (61) بالكسر، نحو (إخراجا) فإن قيل: لم كسروها [في المصدر؟ قلت: لئلا تلتبس بالجمع، لأنهم قالوا] (62)
في المصدر [(إخراجا) وفي الجمع (أخراجا) و (أبوابا) فلو فتحت لالتبس المصدر] (63) بجمع (خرج) فكسروا ليفرقوا بين المصدر والجمع.
القسم الرابع: ألف المخبر عن نفسه
، وتعرفها بأن يحسن بعد الفعل الذي هي فيه لفظ (أنا)، ويكون الفعل مستقبلا، كقوله تعالى: {سَبِيلِي أَدْعُوا} (64)، و {أَرِنِي أَنْظُرْ} (65)، و {أُفْرِغْ عَلَيْهِ} (66). فإن قلت: لم فتحت في (أدعو، وأرني، وأنظر) وضمت في (أفرغ) وكلتاهما ألف المخبر عن نفسه؟ قلت: إذا كان الماضي فيه على ثلاثة أحرف فألفه مفتوح (67)، وإذا جاءت فيما لم يسم فاعله فهي مضمومة مطلقا. سواء قلّت حروفه أم (68)
كثرت، نحو (أنظر وأفرغ).
القسم الخامس: ألف الاستفهام:
وتعرفها بمجيء أم بعدها أو يحسن في موضعها هل (69)، نحو {أَفْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} (70)، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (71) وشبه ذلك. وهي مفتوحة أبدا، [والأصل فيه (أافترى)، أاستغفرت)، فحذفت الألف الثانية] (72) لأنها ألف وصل. ولا تمد الهمزة في هذا (73)، مثل {آلذَّكَرَيْنِ} (74)، {آللََّهُ}
__________
(61) م (ابتدأت) ظ (أبنيت).
(62) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(63) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(64) يوسف 108.
(65) الأعراف 143.
(66) الكهف 96.
(67) م (مفتوحة).
(68) ظ ع (أو).
(69) (هل) ساقطة من ع.
(70) سبأ 8.
(71) المنافقون 6و (تستغفر لهم) ساقطة من ظ س ع.
(72) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(73) ع (ولا تمد الهمزة في مثل هذا، وتمد في مثل الذكرين).
(74) الأنعام 143و 144.(1/84)
{خَيْرٌ} (75) ونحو ذلك، لأن الاستفهام والخبر في هذا (76) مفتوحان (77)، فمدّوا الاستفهام ليميزوه من الخبر، وفي (78) (افترى) وشبهه الاستفهام مفتوح والخبر مكسور، فجعل الفرق بينهما بالفتح والكسر في هذا وفي ذلك بالمدّ والقصر.
القسم السادس: ألف ما لم يسمّ فاعله
، وهي مبنية على الضم، وتكون في أربعة أمثلة: في أفعل، نحو قوله تعالى: {أُخْرِجْنََا} (79). وألف استفعل، نحو قوله تعالى: {اسْتُجِيبَ لَهُ} (80)، وكذلك {اسْتُحْفِظُوا} (81). وألف افتعل، نحو قوله تعالى: {ابْتُلِيَ} (82) و {اضْطُرَّ} (83)
و {اجْتُثَّتْ} (84)، وكذلك {الَّذِي اؤْتُمِنَ} (85)، الأصل أأتمن، فهي ألف افتعل، فجعلت الهمزة الساكنة واوا لانضمام ما قبلها في الابتداء. وأجاز الكسائي في غير القراءة (86) أن يبتدأ بها محققة (87). وأما ألف انفعل فلم تأت في القرآن، وذلك نحو انقطع، فلم نطول فيها لهذا المعنى (88).
فإن قلت: لم صارت الألف في هذا الضرب مضمومة فقط؟ قلت: لأن
__________
(75) النمل 59و (خير) ساقطة من ع.
(76) ظ (نحوهما).
(77) م ع (مفتوحان) ب س (مفتوحين) ظ (مفتوحتين).
(78) (في) في ع فقط.
(79) البقرة 246.
(80) الشورى 16. وفي ع (استجيب لهم) وهو تحريف.
(81) المائدة 44.
(82) الأحزاب 11.
(83) البقرة 173ومواضع أخر.
(84) إبراهيم 26.
(85) البقرة 283.
(86) (في غير القراءة) ساقطة من ب ع.
(87) ظ (مخففة).
(88) العبارة في ظ (فلم نطل فيها المعنى).(1/85)
فعل (89) ما لم يسم فاعله يقتضي اثنين: فاعلا ومفعولا، فضموا أوله لتكون الضمة دالة على اثنين، لأنها أقوى الحركات وأثقلها، كما قالوا: زيد حيث عمرو، معناه زيد في مكان عمرو. فلما تضمنت معنى اثنين أعطيت الضمة لقوتها. وكذا قالوا في (نحن) لتضمنها معنى الجمع والتثنية، كذلك فعلوا بألف ما لم يسمّ فاعله لمّا تضمن معنى الفاعل والمفعول، فضمّوا أوله (90) في كل حال.
الفصل الثاني في الألفات التي تكون في أوائل الأسماء وهي أربعة أقسام:
القسم الأول: ألف الوصل
، وتأتي في تسعة مواضع: ابن، وابنة، واثنين، واثنتين، وامرئ (91) وامرأة، واسم، واست. فهذه الثمانية تكسر الألف فيهن في الابتداء، وتحذف في الوصل (92). وأما الألف التاسعة فهي التي تدخل مع لام المعرفة، وهي مفتوحة في الابتداء. [وأما العاشرة فهي وايم الله في القسم، وتبتدئ (93) بالفتح أيضا] (94). أما الثمانية فتمتحن بأن لا توجد في التصغير.
والألف التاسعة تمتحن بأن تسقطها من الإسم وتنونه، فإن وجدتها لا يحسن دخولها عليه مع التنوين فهي ألف وصل.
القسم الثاني: ألف الأصل (95)
وتعرفها بأن تجدها فاء من الفعل، ثابتة في التصغير، وتأتي في الأسماء على ثلاثة أضرب: مضمومة، نحو قوله: {قُلْ أُذُنُ} (96) و {أُخْتَ هََارُونَ} (97). ومفتوحة، نحو قوله:
__________
(89) م (الفعل).
(90) ظ (ألفه).
(91) م ظ ب (امرء) س (امروا) ع (امرى).
(92) م (الأصل).
(93) م (تبتدى) ظ س (تبتدا).
(94) ما بين المعقوفين ساقطة من ب ع.
(95) ظ (الوصل).
(96) التوبة 61. وفي س (أذن) فقط.
(97) مريم 28.(1/86)
{مََا كََانَ أَبُوكِ} (98). ومكسورة، نحو قوله: {إِصْرِي} (99). فهذه الألف تبتدئ بها كما تصل (100).
القسم الثالث (101): ألف القطع
، وتأتي في الأسماء (102) على وجهين:
أحدهما (103) أن تكون في أوائل الأسماء المفردة، وتعرفها بثباتها في التصغير، وبأن تمتحنها فلا تجدها فاء ولا عينا ولا لاما، مثال ذلك {اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ} (104)، وبهذا فارقت ألف الوصل (105). والوجه الثاني أن تكون في أوائل الجمع، وتعرفها بأن يحسن دخول الألف واللام عليها، ولا تكون فاء ولا عينا ولا لاما، مثال ذلك قوله (106): {مُخْتَلِفٌ أَلْوََانُهََا} (107).
القسم الرابع: ألف الاستفهام
، وامتحانها مثل ألف الاستفهام في الأفعال، والله (108) المستعان (109).
__________
(98) مريم 28. و (قوله) ساقطة من ع.
(99) آل عمران 81و (قوله) ساقطة من ع.
(100) م (تبتدى كما تصل) ع (تبتدأ كما تتصل).
(101) (القسم) ساقطة من ع.
(102) م (الكلام).
(103) ظ (أحدها).
(104) المؤمنون 14.
(105) ب س (الأصل) م ظ ع (الوصل).
(106) م (مثال ذلك أف، ومختلف ألوانها).
(107) فاطر 27.
(108) م (وبالله).
(109) هذا الباب بفصليه ملخص من كتاب (إيضاح الوقف والابتداء) لأبي بكر بن الأنباري. أنظر (1/ 221151).(1/87)
الباب السادس في الكلام على الحركات والحروف
مقدمة
إنما سمّي (1) كل واحد من التسعة والعشرين حرفا حرفا (2) على اختلاف ألفاظها لأنه طرف للكلمة (3) في أولها وفي آخرها، وطرف كل شيء حرفه من أوله ومن آخره، ولذلك كان أقل عدد أصول (4) حروف الأسماء والأفعال (5) ثلاثة: طرفان ووسط. وكذلك الحروف العوامل سميت حروفا لأنها وصلة بين الإسم والفعل، فهي (6) طرف لكل واحد منهما، آخر الأول وأول الآخر (7)، وطرفا (8) الشيء حداه من أوله وآخره (9)، [ومنه قوله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلََاةَ طَرَفَيِ النَّهََارِ} (10) أي أوله وآخره] (11).
__________
(1) ع (يسمى).
(2) (حرفا) ساقطة من م ع.
(3) س (طرف الكلمة).
(4) ب ع (أقل أصول عدد).
(5) (والأفعال) ساقطة من ظ.
(6) س (فهو).
(7) ع (وأولا لآخر).
(8) ظ ع (وطرف).
(9) (وافره) ساقطة من ب.
(10) هود 114.
(11) ما بين المعقوفين ساقط من ع.(1/89)
فصل في ذكر ما السابق من الحروف والحركات
اختلف الناس في الحرف والحركة، أيهما قبل الآخر، أو لم يسبق أحدهما الآخر (12)؟
فقال جماعة الحروف قبل الحركات، واستدلّوا على ذلك بعلل: منها أن الحرف يسكن ويخلو من الحركة ثم يتحرك بعد ذلك، فالحركة ثانية (13)، والأول قبل الثاني بلا خلاف. ومنها أن الحرف يقوم بنفسه ولا يضطر إلى حركة، والحركة لا تقوم بنفسها، ولا بد أن تكون على حرف، فالحركة مضطرة إلى الحرف، والحرف غير مضطر إلى الحركة، فالحرف أول. ومنها أن من (14) الحروف ما لا تدخله (15) حركة، وهو الألف، وليس ثمّ حركة تنفرد بغير (16) حرف، فدلّ ذلك عندهم أن الحروف مقدمة على الحركات.
وقال قوم الحروف بعد الحركات، والحركات قبل الحروف، واستدلوا على ذلك بأن الحركات إذا أشبعت تولدت الحروف منها، نحو الضمة يتولد منها الواو، والكسرة يتولد منها الياء، والفتحة يتولد منها الألف، فدل ذلك على أن الحركات أصل الحروف.
وقال جماعة (17) الحركات والحروف لم يسبق أحدهما الآخر في الاستعمال، بل استعملا معا، كالجسم والعرض اللّذين لم يسبق أحدهما الآخر.
وقد طعن في هذا القول، فقيل إن السكون في الجسم عرض، وليس
__________
(12) العبارة في الرعاية ص 77: (إذا لم يسبق أحدهما الآخر في قوة النظر).
(13) م (الثانية) ب (نايبه) س (ثابتة).
(14) (من) ساقطة من م.
(15) ب س (من لا تدخله).
(16) ظ (بلا).
(17) م (بعضهم).(1/90)
السكون في الحرف حركة، فزوال الحركة من الحرف لا يؤديه إلى حركة (18)، وزوال العرض من الجسم يؤديه إلى عرض آخر يخلفه، لأن حركة الجسم وسكونه كل واحد منهما عرض (19) يتعاقبان عليه (20)، وليس سكون الحرف حركة. وأيضا فإن الجسم الذي هو نظير الحرف لا يخلو من حركة (21) البتة، وبذلك علمنا أن الأجسام كلها محدثة، إذ لا يفارقها المحدث، وهو العرض، وما لم يسبق المحدث فهو محدث مثله (22)، والحرف يخلو من الحركة ويقوم بنفسه، ولا يقال لسكونه حركة.
وأجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: بأن (23) هذا الاعتراض إنما يلزم منه أن (24) لا يشبه الحرف [بالجسم، والحركة بالعرض، وليس ينفي قول من قال إن الحرف] (25)
والحركة لم يسبق أحدهما الآخر في الاستعمال، والدليل على صحة هذا القول أن الكلام الذي جيء به للإفهام مبنيّ من الحروف، والحروف إن لم تكن في أول أمرها متحركة فهي ساكنة، والساكن لا يمكن أن يبتدأ به، ولا يمكن أن يتصل به ساكن آخر في سرد الكلام لا فاصل بينهما، فلا بد من كون حركة (26) مع الحرف، لا يتقدم أحدهما الآخر، إذ لا يمكن وجود حركة على غير حرف.
الثاني: أن الكلام إنما جيء به لتفهم المعاني التي في نفس المتكلم،
__________
(18) ع (الحركة).
(19) ظ (عرضان).
(20) م (على الجسم).
(21) ع (عرض)، وكذا هي في الرعاية ص 79.
(22) (مثله) ساقطة من م.
(23) ظ (أن)، م (بأن الاعتراض).
(24) ع (أنه).
(25) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(26) ع (الحركة).(1/91)
وبالحركات واختلافها (27) تفهم المعاني، فهي منوطة بالكلام مرتبطة (28)، إذ بها يفرق بين المعاني التي من أجلها جيء بالكلام، وهذا الجواب أولى من غيره.
فصل نذكر فيه حروف المد واللين والحركات واختلاف الناس في ذلك
اختلف النحويون في الحركات (29) الثلاث: الضمة والكسرة والفتحة، هل هي مأخوذة من حروف المد واللين الثلاثة (30): الألف والواو والياء، أو حروف المد واللين مأخوذة من الحركات؟.
فقال أكثر النحاة إن الحركات الثلاث (31) مأخوذة من الحروف الثلاثة، الضمة من الواو، والكسرة من الياء، والفتحة من الألف. واستدلوا على ذلك بما قدمناه من قول من قال إنّ الحروف قبل الحركات، والثاني (32) أبدا مأخوذ من الأول، والأول أصل له، ولا يجوز أخذ الأول من الثاني، لأنه يصير مأخوذا من المعدوم. واستدلوا أيضا أن العرب لما لم تعرب أشياء من الكلام بالحركات، التي هي أصل الإعراب، أعربته بالحروف التي أخذت الحركات منها، وذلك نحو التثنية والجمع السالم، ونحو الأسماء الستة، قالوا ألا ترى (33) أنهم لما لم يعربوا هذا بالحركات أعربوه بالحروف التي أخذت
__________
(27) ظ (وبالحركات والحروف واختلافهما).
(28) العبارة في الرعاية ص 80 (فهي منوطة بالكلام مرتبطة به). وفي نسخ الكتاب (متوسطة) بدل (متوطة).
(29) (الحركات) ساقطة من ظ.
(30) م ظ ب س ع (الثلاث) والسياق يقتضي (الثلاثة).
(31) (الثلاث) ساقطة من س.
(32) (الثاني) ساقطة من م.
(33) م ظ س (ألم تر). وفي الرعاية ص 82 (ألا ترى).(1/92)
الحركات منها.
وقال آخرون: حروف المد واللين مأخوذة من الحركات، واستدلوا على ذلك بأن الحركات إذا أشبعت حدثت منها هذه الحروف الثلاثة (34).
واستدلوا أيضا أن (35) العرب قد استغنت في بعض كلامها عن الواو بالضمة، وعن الياء (36) بالكسرة، وعن الألف بالفتحة، فيكتفون بالأصل عن الفرع، لدلالة الأصل على فرعه، كقول الشاعر (37):
فلو أنّ الأطبّا كان حولي ... وكان مع الأطبّاء الأساة
فحذفت الواو من (كانوا) وأبقيت الضمة تدل عليها، وقال الآخر (38):
دار لسلمى إذ هـ من هواكا فحذفت الياء من (هي) بعد أن سكنت، لدلالة الكسرة عليها، وقال الآخر (39):
فبيناه يشري رحله قائل ... لمن جمل رخو الملاط (40) نجيب (41)
__________
(34) م ظ ب س ع (الثلاث) وفي الرعاية ص 82 (الثلاثة) وهو الذي يناسب السياق.
(35) ع (بأن).
(36) م (وبالياء).
(37) ينظر: معجم شواهد العربية لعبد السلام هارون 1/ 70.
(38) في لسان العرب مادة (ها): «قال الكسائي: بعضهم يلقي الواو من هو إذا كان قبلها ألف ساكنة وكذلك الياء من هي وأنشد: دار لسعدى إذ هـ من هواكا».
وينظر معجم شواهد العربية لعبد السلام هارون 2/ 513.
(39) قيل هو العجير بن عبد الله السلولي وقيل مخلّب الهلالي. (ينظر لسان العرب مادة (ها) والهامش رقم 41التالي).
(40) ع (الملاك).
(41) في م س، بعد بيت الشعر ما يلي: «هكذا أنشده سيبويه، ووهم فيه، وهذا البيت الصحيح أنه لمخلب الهلالي، كما قال الصغاني، وليس للعجير بن عبد الله السلولي، كما قال جماعة، وعلى القولين فالقصيدة لامية أولها:
وجدت بها وجد الذي ضل نضوه ... بمكة يوما والرفاق نزول(1/93)
يريد فبينما (42) هو، فأسكن الواو ثم حذفها، لدلالة الضمة عليها، ويقولون: أن في الدار، فيحذفون الألف من (أنا) لدلالة الفتحة عليها، وقرأ هشام بن عروة {وَنََادى ََ نُوحٌ ابْنَهُ وَكََانَ} (43) بفتح الهاء (44)، يريد ابنها، فحذفت الألف لدلالة الفتحة عليها، ووجه هذه القراءة أنه كان ابن زوجته ربيبه، ولم يكن ابنه لصلبه.
وقال بعض أهل النظر: ليست الحروف مأخوذة من الحركات ولا الحركات مأخوذة من الحروف، إذ لم يسبق أحد الصنفين الآخر، على ما قدمناه من قول من قال الحروف والحركات لم يسبق أحدهما الآخر، وحجّته، وهو قول ظاهر (45).
__________
ومنها:
فباتت هموم النفس شتى يعدنه ... كما عيد شلو بالعراء قتيل
فبيناه يشرى رحله قال قائل ... لمن جمل رخو الملاط ذلول
نبهني على ذلك فحررته صاحبنا الشيخ جلال الدين محمد بن خطيب داريا» وفي هامش س: «داريا قرية من قرى دمشق، إليها ينتسب تميم الداري». وفي النسخة المطبوعة (ص 21) أثبت هذا التعليق في الهامش، دون ما جاء بعد أبيات الشعر الثلاثة.
(42) ع (فبينا).
(43) هود 42.
(44) أنظر: ابن خالويه: مختصر في شواذ القرآن ص 60.
(45) ما ورد في هذا الباب موجود في كتاب (الرعاية لتجويد القراءة) لمكي بن أبي طالب (أنظر ص 8477)، فكأن المؤلف اختصره من الرعاية والله أعلم.(1/94)
الباب السابع في ذكر ألقاب الحروف وعللها
فصل نذكر فيه ألقاب الحروف وأنسابها
اعلم أن ألقاب الحروف عشرة، لقبها بها الخليل بن أحمد في أول (1) كتاب العين (2).
الأول منها الحروف الحلقيّة، وهي ستة: الهمزة والهاء والحاء والعين والخاء والغين (3)، هذه الحروف تخرج من الحلق، فنسبهن إلى الموضع الذي يخرجن منه، ولم يذكر الخليل معهن الألف، لأنها تخرج (4) من هواء الفم، وتتصل (5) إلى آخر الحلق.
الثاني اللهويّة، وهما حرفان: القاف والكاف (6)، سميا بذلك لأنهما منسوبان إلى اللهاة، واللهاة بين (7) الفم والحلق.
الثالث الشّجريّة، وهي ثلاثة أحرف: الجيم والشين والضاد (8)، سمين (9)
__________
(1) (اول) ساقطة من م ظ.
(2) أنظر كتاب العين 1/ 5251و 1/ 5857.
(3) ب (ء هـ ح ع غ خ). وكذلك وردت الإشارة إلى أنواع الحروف الأخرى.
(4) ع (لأنه يخرج).
(5) ع (ويتصل).
(6) ظ (الكاف والقاف).
(7) في الرعاية ص 114 «واللهاة ما بين».
(8) م (الجيم والشين والياء).
(9) ع (سمين) وفي الرعاية ص 114 «سماهن الخليل بذلك» م ظ ب س (سموا).(1/95)
بذلك لأنهن نسبن إلى الموضع الذي يخرجن منه، وهو مفرج الفم، قال الخليل (10): الشّجر (11) مفرج الفم، أي مفتحه (12)، وقال غيره الشجر مجمع (13) اللحيين عند العنفقة.
الرابع الأسليّة، وهي ثلاثة أحرف: الصاد والسين والزاي، سموا بذلك لأنهن نسبن إلى الموضع الذي يخرجن منه، وهو أسلة اللسان، أي مستدقه.
الخامس النّطعيّة، وهي ثلاثة (14): الطاء والدال والتاء، سموا بذلك لأنهن يخرجن من نطع الغار الأعلى، وهو سقفه، فنسبن إليه.
السادس اللّثويّة، وهي ثلاثة: الظاء والذال والثاء، سماهن بذلك الخليل، نسبهن إلى اللّثة، لأنهن يخرجن منها، واللّثة اللحم المركب فيه الأسنان.
السابع الذّلقيّة، ويقال لها الذّلقيّة، باسكان اللام وفتحها، والذولقية، وهي ثلاثة: الراء (15) واللام والنون، سماهن الخليل بذلك لأنهن ينسبن إلى الموضع الذي منه مخرجهن، وهو طرف اللسان، وطرف كل شيء ذلقه.
الثامن الشفهية، ويقال الشفوية، وهي ثلاثة: الفاء والباء والميم، سموا بذلك لأنهن ينسبن إلى الموضع الذي منه مخرجهن، وهو بين الشفتين.
التاسع الجوفيّة، وهي ثلاثة: الواو والألف والياء، سموا بذلك لأنهن ينسبن (16) إلى آخر انقطاع مخرجهن وهو الجوف، وزاد غير الخليل معهن الهمزة، لأن مخرجها من الصدر، وهو يتصل (17) بالجوف.
العاشر الهوائية، وهي الجوفيّة، وتقدم شرحها.
__________
(10) العين 6/ 32و 1/ 58.
(11) (الشجر) ساقطة من س.
(12) ظ (منفتحة).
(13) الرعاية ص 114 (مجتمع).
(14) ظ (ثلاثة أحرف).
(15) ع (الدال).
(16) (ينسبن) ساقطة من س.
(17) م س (متصل)، وفي الرعاية ص 116 (يتصل).(1/96)
فصل نذكر فيه صفات الحروف وعللها
الأول المهموسة
، وهي عشرة، يجمعها قولك (سكت فحثّه شخص) ومعنى الحرف المهموس (18) أنه حرف جرى معه النّفس عند النطق به، لضعفه وضعف الاعتماد عليه عند خروجه، فهو أضعف من المجهور، وبعض الحروف المهموسة أضعف من بعض، فالصاد [والخاء أقوى من غيرهما، لأن في] (19) الصاد إطباقا وصفيرا واستعلاء، وهن (20) من صفات القوة، والخاء فيه استعلاء. وإنما لقّبت هذه الحروف بالمهموسة لأن الهمس الحس الخفي (21)
الضعيف، فلما كانت ضعيفة لقبت بذلك، قال الله تعالى: {فَلََا تَسْمَعُ إِلََّا هَمْساً} (22) قيل: هو حس الأقدام. ومنه قول أبي زبيد (23) في صفة الأسد (24):
فباتوا يدلجون وبات يسري (25) * بصير بالدّجى هاد هموس
الثاني المجهورة
، وهي أقوى من المهموسة، وبعضها أقوى من بعض، على قدر ما فيها من الصفات القوية (26)، وهي ما عدا المهموسة. ومعنى الحرف
__________
(18) م (الحروف المهموسة).
(19) ما بين المعقوفين ساقط م.
(20) م (وهي).
(21) م (هو الحس).
(22) ط 108.
(23) م س (زيد).
(24) في لسان العرب لابن منظور، مادة (همس): «والهموس من أسماء الأسد لأنه يهمس في الظلمة، ثم جعل ذلك اسما يعرف به، يقال أسد هموس، قال أبو زبيد:
بصير بالدجى هاد هموس
(25) الشطر الأول ساقط من ع.
(26) ظ (من القوية).(1/97)
المجهور أنه حرف قويّ، منع النّفس أن يجري معه عند النطق به لقوته وقوة الاعتماد عليه في موضع خروجه. وإنما لقبت بالجهر لأن الجهر الصوت الشديد القويّ، فلما كانت في خروجها كذلك لقبت به، لأن الصوت يجهر بها (27).
الثالث الحروف الشديدة
، وهي ثمانية أحرف، يجمعها قولك (أجدت كقطب)، ومعنى الحرف الشديد أنه حرف اشتدّ لزومه لموضعه، وقوي فيه حتى منع الصوت أن يجري معه عند اللفظ به. والشدة من علامات قوة الحرف، فإن كان مع الشدة جهر وإطباق واستعلاء فذلك غاية القوة، فإذا اجتمع اثنان من هذه الصفات أو أكثر (28) فهي غاية القوة، كالطاء الذي اجتمع فيه الجهر والشدة والإطباق والاستعلاء (29). فالجهر والشدة والإطباق والصفير والاستعلاء من علامات القوة، والهمس والرخاوة والخفاء من علامات الضعف. وإنما لقبت بالشدة لاشتداد الحرف في مخرجه حتى لا يخرج معه صوت، ألا ترى أنك تقول في الحرف الشديد: أج أت (30)، فلا يجري النفس مع الجيم والتاء، وكذا (31) أخواتها.
الرابع الحروف الرخوة
، وهي ما عدا الشديدة، وما عدا قولك: (لم يروعنا) (32)، وهي ثلاثة عشر حرفا، ومعنى الرخو (33) أنه حرف ضعف الاعتماد عليه عند النطق به فجرى معه الصوت، فهو أضعف من الشديد، ألا ترى أنك تقول: أس أش (34)، فجرى النّفس والصوت معهما (35)،
__________
(27) ظ (مجهر بها).
(28) س (وأكثر).
(29) ع (والاستعلاء والصفير).
(30) ظ ع (أج أت) م (أج أت الج الت) ب س (الج الت).
(31) ظ (وكذلك).
(32) ع (لم يسروعنا).
(33) م (ومعنى الحرف الرخو).
(34) م ظ ع (أس أش) ب س (الس الش) وكذا في الرعاية ص 94.
(35) م (معها).(1/98)
وكذلك (36) أخواتها (371). وإنما لقبت بالرخوة لأن الرخاوة اللين، واللين ضد الشدة. فإذا كان أحد (372) الصفات الضعيفة في حرف كان فيه ضعف، وإذا اجتمعت فيه كان ذلك أضعف له، نحو الهاء التي هي مهموسة رخوة خفية (38)، وكل واحد (39) من هذه الصفات من صفات الضعف.
الخامس الحروف الزوائد
، وهي عشرة أحرف يجمعها قولك (اليوم تنساه) ومعنى تسميتها بذلك لأنه (40) لا يقع في كلام العرب حرف زائد في اسم ولا فعل إلا أحد هذه العشرة يأتي زائدا على وزن الفعل، [ليس بفاء ولا عين ولا لام، وقد يجتمع في الفعل (41)] (42) زائدتان منها وثلاث زوائد، نحو انكسر واستبشر، الهمزة والنون، والهمزة والسين والتاء زوائد. وقد يجتمع منها أربعة في المصادر، نحو استبشار، الهمزة والسين والتاء والألف زوائد.
وقد تقع هذه الحروف أصولا غير زوائد إلا الألف، فإنها لا تكون أصلا إلا منقلبة عن حرف آخر.
السادس الحروف المذبذبة (43)
، وهي الزوائد المذكورة إلا الألف، سميت أيضا بذلك لأنها لا تستقر أبدا على حال، تقع (44) مرة زوائد ومرة أصولا.
السابع: الحروف الاصلية
، وهي ما عدا الزوائد المذكورة، سميت بذلك
__________
(36) ع (وكذاك).
(371) الرعاية ص 94 (أخواتها).
(372) كذا في الأصل ولعلها (فإذا كانت إحدى).
(38) م (ضعيفة).
(39) الرعاية ص 95 (واحدة).
(40) ع (هذه الحروف العشرة).
(41) ما بين المعقوفين ثابت في ب ع والرعاية ص 96وساقط من م ظ س.
(42) س (النون والهمزة) وهي ساقطة من م.
(43) ظ (المزيدة).
(44) ع (بل تقع).(1/99)
لأنها لا تقع أبدا في الكلام إلا أصولا، إما (45) فاء الفعل أو عينه أو لامه.
الثامن: حروف الإطباق
، وهي أربعة أحرف، الطاء والظاء والصاد والضاد، سميت بذلك لأن طائفة (46) من اللسان تنطبق مع الريح إلى (47)
الحنك عند النطق بها، مع استعلائها في الفم، وبعضها أقوى من بعض، فالطاء أقواها في الإطباق وأمكنها، لجهرها وشدتها. والظاء أضعفها في الإطباق، لرخاوتها وانحرافها إلى طرف اللسان (48) مع أصول الثنايا العليا.
والصاد والضاد متوسطتان (49) في الإطباق.
التاسع: الحروف المنفتحة
، وهي ما عدا حروف (50) الإطباق، وسميت بالمنفتحة (51) لأن اللسان لا ينطبق مع الريح إلى الحنك عند النطق بها، ولا ينحصر الريح بين اللسان والحنك، بل ينفتح ما بينهما ويخرج الريح عند النطق بها.
العاشر: حروف الاستعلاء
، وهي سبعة، منها حروف الإطباق، والغين والخاء والقاف، سميت بذلك لأن الصوت يعلو عند النطق بها إلى الحنك، فينطبق الصوت (52) مستعليا بالريح مع طائفة (53) من اللسان مع الحنك، هذا مع حروف الإطباق، ولا ينطبق الصوت مع الغين والخاء والقاف، وإنما يستعلي الصوت غير منطبق.
الحادي عشر: الحروف المستفلة
، وهي ما عدا المستعلية، سميت مستفلة لأن اللسان يستفل بها الى قاع الفم عند النطق بها على هيئة مخارجها (54).
الثاني عشر: حروف الصفير
، وهي ثلاثة: الزاي والسين والصاد سميت
__________
(45) (اما) ساقطة من م.
(46) م ظ ع (طائفة) س ب (طابقة).
(47) ع (مع الريح بين اللسان والحنك).
(48) (اللسان) ساقطة من م ظ س.
(49) س (متوسطان).
(50) م ظ (الحروف).
(51) ع (المنفتحة).
(52) ظ (فينطبق لها بالصوت).
(53) س (طابقة).
(54) ظ (هنة مخرجها).(1/100)
بذلك لأن الصوت يخرج معها عند النطق بها يشبه الصفير، فالصفير من علامات القوة، والصاد أقواها للإطباق والاستعلاء اللذين فيها، والزاي تليها (55) لجهر فيها، والسين أضعفها لهمس فيها.
الثالث عشر: حروف القلقة
، ويقال اللقلقة (56)، وهي خمسة أحرف، يجمعها (57) قولك (قطب جد). سميت بذلك لظهور صوت يشبه النبرة عند الوقوف عليهن، وزيادة إتمام النطق بهن (58)، فذلك الصوت في الوقف عليهن أبين منه في الوصل بهن (59). وقيل أصل هذه الصفة القاف، لأنه حرف لا يقدر أن (60) يؤتى به ساكنا إلا مع صوت زائد لشدة استعلائه. وأشبهه في ذلك أخواته. قال الخليل (61): القلقلة شدة الصياح، وقال اللقلقة (62) شدة الصوت.
الرابع عشر: حروف الإبدال
، وهي اثنا عشر حرفا، يجمعها قولك (طال (63) يوم أنجدته). سميت بذلك لأنها تبدل من غيرها، تقول: هذا أمر لازب ولازم، فتبدل أحدهما من الآخر، فالميم بدل من الباء، ولا تقول الباء بدل من الميم، لأن الباء ليست من حروف الإبدال، إنما يبدل غيرها منها، ولا تبدل من (64) غيرها. وليس البدل في هذا جاريا في كل شيء، إنما هو (65) موقوف على السماع من العرب بنقل، ولا يقاس عليه، فلم يأت في السماع من العرب (66) حرف يكون بدلا من غيره إلّا من أحد (67) هذه
__________
(55) ظ (يليها).
(56) (ويقال اللقلقة) ساقطة في م. وفي س (القلقة).
(57) ظ (ويجمعها).
(58) م (به).
(59) ظ (لهن).
(60) ب ع (على ان).
(61) العين 5/ 26.
(62) س (القلقة).
(63) ظ (كان).
(64) ع (هي من غيرها).
(65) (هو) ساقطة من ظ.
(66) (من العرب) ساقطة من ب ع.
(67) (أحد) ساقطة من ظ.(1/101)
الاثني (68) عشر حرفا، فاعلم (69).
الخامس عشر: حروف المد واللين
، وهي ثلاثة أحرف: الألف، والواو الساكنة التي قبلها ضمة، والياء الساكنة التي قبلها كسرة. سميت (70) بذلك لأن الصوت يمتد بها (71) بها ويلين، وذلك في مخرجها حين يسمع السامع مدها. والألف (72) هي الأصل (73) في ذلك، والواو والياء مشبهتان الألف (74)، لأنهما ساكنتان كالألف، ولأن حركة ما قبلهما منهما كالألف، يتولدان من إشباع الحركة قبلهما كالألف، فاعلم (75).
السادس عشر: حرفا (76) اللين
، وهما الياء الساكنة التي قبلها فتحة، والواو الساكنة التي قبلها فتحة (77)، سميتا بذلك لأنهما تخرجان (78) في لين وقلة كلفة على اللسان، لكنهما نقصتا عن مشابهة الألف، لتغير حركة ما قبلهما عن جنسيهما (79)، فنقصتا المد الذي في الألف، وبقي (80) اللين فيهما لسكونهما، فشبهتا بذلك.
السابع عشر: الحروف الهوائية
، وهي حروف المد واللين. وإنما
__________
(68) م س ع (الاثني) ظ ب (الأحد).
(69) م (فعلم ذلك).
(70) ب ع (سمين).
(71) س (يمد) ظ (يمسك).
(72) ب ع (والالف) م ظ س (الالف).
(73) ظ (الألف).
(74) ع (بالالف).
(75) (فاعلم) ساقطة في م.
(76) م (فتحة) ظ س ب ع (فتح) وفي الرعاية ص 101 (فتحة).
(77) س (تخرجان) م ظ ب ع (يخرجان).
(78) ب ع (حروف).
(79) ب ع (جنسها).
(80) ظ (يبقى).(1/102)
سميت (81) بالهوائية لأن كل واحد منهن يهوى عند اللفظ به (82) في الفم، فعمدة (83) خروجها من هواء الفم. وأصل ذلك الألف، والواو والياء ضارعتا الألف في ذلك، والألف أمكن في هواء الفم من الواو والياء، ولا يعتمد اللسان عند النطق بها الى موضع من الفم.
الثامن عشر: الحروف الخفية
، وهي أربعة: الهاء، وحروف المد واللّين.
سميت بالخفية، لأنّها تخفى في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها، ولخفاء (84) الهاء قوّوها بالصلة والزوائد. والألف أخفى هذه الحروف، لأنها لا علاج لها على اللسان عند النطق بها، ولا لها (85) مخرج تنسب إليه على الحقيقة، ولا يتحرك أبدا، ولا تتغير (86) حركة ما قبلها، ولا يعتمد اللسان عند النطق بها على عضو من أعضاء الفم، إنما يخرج من هواء الفم حتى ينقطع النفس والصوت في آخر الحلق، وقال (87) بعض العلماء في الهمزة خفاء يسير (88)، وكذلك النون الساكنة فيها خفاء.
التاسع عشر: حروف العلة
، وهي ثلاثة: حروف المد واللين، وزاد الهمزة جماعة. وإنما سميت بذلك لأن التغيير (89) والعلة والانقلاب لا يكون في
__________
(81) ب (نسبت).
(82) ع (كل واحدة منهن تهوى عند اللفظ بها).
(83) م (فعمدة) ظ س ب ع (فعمد)، وفي الرعاية ص 102 (فعمدة).
(84) ظ (وبخفاء).
(85) (لها) ساقطة في ظ.
(86) ب ع (ولا تتحرك ولا تتغير) م (ولا تتغير ولا تتحول) س (ولا تتغير ولا تتحرك) ط (ولا يتغير ولا يتحرك) وفي الرعاية ص 103 (ولا تتحرك ابدا ولا تتغير) وقد أثبتنا ما في الرعاية لاختلاف النسخ ولأن الرعاية هي مصدر المؤلف هنا كما نرجح.
(87) ظ (فقال).
(88) (يسير) ساقطة من م ظ س. والعبارة في الرعاية ص 103 (أن في الهمزة خفاء يسيرا).
(89) م ظ (التغير).(1/103)
جميع (90) كلام العرب إلا في أحدها (91)، تعتل الياء والواو فتنقلبان (92)
ألفا مرة وهمزة مرة، نحو (قال وسقى). وتنقلب الهمزة ياء مرة وواوا مرة وألفا مرة (93)، نحو (راس ويومن وبير) (94). وأدخل قوم الهاء في هذه الحروف لأنها تقلب همزة في نحو ماء وأيهات (95)، فاعلم (96).
العشرون: حروف التفخيم:
وهي حروف الإطباق، وقد يفخم (97) مثلها لبعض (98) الحروف في كثير من الكلام اللام والراء، نحو (الطلاق) و (الصلاة) في قراءة ورش (99)، و (ربكم) و (رحيم) (100). وتفخيم اسم الله تعالى لازم اذا كان قبله فتحة أو ضمة، نحو (وكان الله) (101) و (يعلم الله) (102). والطاء أمكن في التفخيم من أخواتها. وزاد مكي الألف (103)، وهو وهم.
__________
(90) (جميع) ساقطة في م.
(91) ظ (احدهما).
(92) ع (فينقلبان).
(93) (وألفا مرة) ساقطة من م.
(94) ع (رأس، ويؤمن، وبئر).
(95) م (اهاب) ظ (امهات).
(96) م (فاعلم ذلك).
(97) ع (تفخم).
(98) م (كبعض) ع (بعض).
(99) كان ورش يغلظ (أي يفخم) اللام إذا تحركت بالفتح ووليها من قبلها صاد أو ظاء أو طاء وتحركت هذه الحروف الثلاثة بالفتح أو سكنت لا غير (انظر الداني: التيسير ص 58).
(100) م والرعاية ص 104 (ربكم ورحيم) ظ س ب ع (وربكم رحيم) وفي سورة النحل آية 7 (ان ربكم لرءوف رحيم).
(101) النساء 17. وغيرها.
(102) النساء 63والأحزاب 18.
(103) انظر: الرعاية ص 104.(1/104)
الحادي والعشرون: حروف الإمالة
، وهي ثلاثة: الألف والراء (104)
وهاء التأنيث. سميت بذلك، لأن الإمالة في كلام العرب لا تكون إلا فيها، لكن الألف وهاء التأنيث لا يتمكن من (105) إمالتهما إلا بإمالة الحرف الذي قبلهما. والهاء لا تمال إلا في الوقف، والراء والألف (106) في الوقف والوصل، وتقدم معنى الإمالة. فالألف وهاء التأنيث يمالان ويمال ما قبلهما من أجلهما، والراء يمال ما قبلها من أجلها وتمال (107) من أجل غيرها.
الثاني والعشرون: الحروف (108) المشربة
، ويقال المخالطة، بكسر اللام وفتحها وهي الحروف التي اتسعت فيها العرب فزادتها على التسعة والعشرين المستعملة، وهي ستة أحرف: النون المخفاة، والألف الممالة (109)، والألف المفخمة، وهي التي يخالط لفظها تفخيم يقربها من لفظ الواو، [نحو (الصلاة) في قراءة ورش (110)]، وصاد بين بين، وهمزة بين بين. هذه الخمسة مستعملة في القرآن. والسادس حرف لم يستعمل في القراءة (111)، وهو بين الجيم والشين، لغة لبعض العرب، قال ابن دريد: يقولون في غلامك:
غلامش (112). فهي مشربة بغيرها (113)، وهي مخالطة في اللفظ لغيرها (114).
الثالث والعشرون: الحرف المكرر
، وهو الراء، سمي (115) بذلك لأنه
__________
(104) م (والواو).
(105) (من) في م فقط ظ (تمكن).
(106) (الالف) ساقطة من م.
(107) م ظ (ويمال).
(108) م ظ س (حروف) وفي الرعاية ص 105 (الحروف).
(109) (الالف الممالة) ساقطة من ب.
(110) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(111) م (القرآن).
(112) انظر جمهرة اللغة 1/ 5.
(113) ب ع (بغيرها) م س (لغيرها) ظ (كغيرها). وفي الرعاية ص 106 (بغيرها).
(114) ظ (كغيرها).
(115) ع (وسمي).(1/105)
يتكرر على اللسان عند النطق به (116)، كأن (117) طرف اللسان يرتعد به، وأظهر ما يكون اذا اشتدت (118)، ولا بد في القراءة من إخفاء تكريرها، وقد جرى فيه [الصوت] (119) لتكرره وانحرافه إلى اللام، فصار كالرخوة.
الرابع والعشرون: حرفا الغنة
، وهما النون والميم الساكنان (120)، سميتا (121) بذلك لأن فيهما غنة تخرج من الخياشيم عند النطق بهما، فهي زيادة فيهما، ومثلهما التنوين.
الخامس والعشرون: حرفا الانحراف
، وهما الراء واللام، سميتا (122)
بذلك لأنهما انحرفا عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما، وعن صفتهما (123)
إلى صفة غيرهما. أما اللام فهو حرف من الحروف الرخوة، لكنه انحرف به اللسان مع الصوت الى الشدة، ولم يعترض في منع خروج الصوت اعتراض الشديد، ولا خرج معه الصوت كله كخروجه مع الرخو (124)، فهو بين صفتين. وأما الراء فهو حرف انحرف عن مخرج النون، الذي هو أقرب المخارج إليه، إلى مخرج اللام (125)، وهو أبعد من مخرج النون من (126)
مخرجه، فسمي منحرفا لذلك.
السادس والعشرون: الحرف الجرسيّ (127)
، وهو الهمزة، سميت بذلك
__________
(116) ظ والرعاية ص 106وهي ساقطة في م س ب ع.
(117) ظ (فان).
(118) ظ (شدد).
(119) (الصوت) من الرعاية ص 106وهي ساقطة من جميع النسخ.
(120) ع (الساكنتان).
(121) م (سميا).
(122) م (سميا).
(123) ظ (صفة).
(124) ظ (الراء).
(125) (اللام) ساقطة من م.
(126) ظ (إلى)
(127) ظ (الجرشي) وكذلك وردت بالشين في المواضع التالية، وهو تصحيف.(1/106)
لاستثقالها في الكلام ولذلك جاز فيها التحقيق والتخفيف (128) والبدل والحذف وبين بين والقاء الحركة. والجرس في اللغة الصوت، قال الخليل:
الجرس الصوت، ويقال: جرست الكلام تكلمت به (129). أي [صوّت، فكأنه الحرف الصوتي، أي المصوّت به عند النطق به (130)، وكل الحروف] (131) يصوّت بها لكن الهمزة لها مزية زائدة (132) في ذلك، فلذلك استثقل الجمع بين همزتين في كلمة وكلمتين (133).
السابع والعشرون: الحرف المستطيل
، وهو الضاد المعجمة، سميت بذلك لأنها استطالت عن الفم عند النطق بها حتى اتصلت [بمخرج اللام، وذلك لما فيها من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء، قويت واستطاعت في الخروج (134) من مخرجها.
الثامن والعشرون: الحرف المتفشي
، وهو الشين. سميت بذلك لأنها تفشت في مخرجها عند النطق بها حتى اتصلت] (135) بمخرج الظاء وقيل إن في الياء (136) تفشيا. فقلت: والواو كذلك. وقال قوم حروف التفشي ثمانية: الميم والشين والفاء والراء والثاء (137) والصاد والسين والضاد، تفشي الميم بالغنة، والشين والفاء والراء والثاء (138) بالانتشار، والفاء بالتأفف، والراء بالتكرير، والصاد والسين بالصفير، والضاد بالاستطالة. قلت: ومن جعل الميم حرف تفش بالغنّة يلزمه النون (139)، لأنه حرف أغنّ. ومن لقب الصاد والسين بالتفشي لصفيرهما يلزمه الزاي لأن فيه ما فيها من الصفير. ومعنى التفشي هو كثرة خروج بين اللسان والحنك (140) وانبساطه في الخروج عند النطق بها حتى يتصل الحرف
__________
(128) ظ (التخفيف والتحقيق).
(129) العين 6/ 51.
(130) (به) ساقطة من ع.
(131) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(132) ظ (لها مزيد في).
(133) م (او كلمتين).
(134) ظ (المخرج).
(135) ما بين المعقوفين مكرر في م.
(136) ظ ب ع (الياء) م س (التاء).
(137) ظ ب ع (الثاء) م س (التاء).
(138) ب ع (الثاء) ظ (الياء) م س (التاء).
(139) (يلزمه النون) ساقطة من م ظ س.
(140) (الحنك) ساقطة من س.(1/107)
بمخرج غيره.
التاسع والعشرون، والثلاثون: الحروف المصمتة والحروف المذلقة
بهذين اللقبين (141) لقب ابن دريد الحروف كلها، قال (142): ومعنى المصمتة، على ما فسره الأخفش، أنها حروف أصمتت أي منعت أن تختص ببناء كلمة (143) في لغة العرب إذا كثرت حروفها، لاعتياصها (144) على اللسان، فهي حروف لا تنفرد بنفسها في كلمة أكثر من ثلاثة أحرف حتى (145) يكون معها غيرها من الحروف المذلقة، فمعنى المصمتة الممنوعة من أن تكون منفردة في كلمة طويلة، من (146) قولهم: صمت إذا منع نفسه الكلام.
ومعنى الحروف المذلقة، على ما فسره الأخفش، أنها حروف عملها وخروجها من طرف اللسان وما يليه من الشفتين، وطرف كل شيء ذلقه، فسميت بذلك إذ هي من (147) طرف اللسان، وهو ذلقه، وهي أخف الحروف على اللسان وأكثر امتزاجا بغيرها، وهي ستة أحرف: ثلاثة تخرج من الشفتين، ولا عمل لها في اللسان (148)، وهي الفاء والباء والميم. وثلاثة تخرج من أسلة (149) اللسان إلى مقدم الغار الأعلى، وهن (150) الراء والنون واللام،
__________
(141) ظ (لقبت بهذين اللقبين) ع (بهاتين اللغتين).
(142) جمهرة اللغة 1/ 76.
(143) س (الكلمة).
(144) ب ع (لاعتياصها) م ظ س (لاعتياضها) وفي جمهرة اللغة 1/ 7 (لاعتياصها).
(145) ع (حيث).
(146) م (مأخوذة من قولهم).
(147) (من) ساقطة من م س.
(148) العبارة في الرعاية ص 111 (ولا عمل للسان فيها). وفي جمهرة اللغة 1/ 7 (لا عمل للسان في هذه الأحرف).
(149) م والرعاية ص 111 (وثلاثة تخرج من اسلة اللسان) ظ ب س ع (وثلاثة يخرجن من أسفل اللسان).
(150) م (وهي).(1/108)
يجمع الستة هجاء قولك (فر من لب). فهذه الستة هي المذلقة، والمصمتة ما عداها من الحروف، وهن (151) اثنان وعشرون حرفا. والألف خارجة عن المصمتة والمذلقة، لأنها هواء لا مستقر لها في المخرج (152).
الحادي والثلاثون: الحروف الصّتم:
وهي الحروف التي ليست من الحلق، وما عدا حروف الحلق (153). سميت صتما لتمكنها (154) في خروجها من الفم واستحكامها فيه، يقال للمحكم المصتم (155)، حكاه الخليل وغيره. وقال الخليل في كتاب العين (156): والحروف الصتم التي ليست من الحلق.
الثاني والثلاثون: الحرف المهتوف
، وهو الهمزة. سميت بذلك لخروجها من الصدر كالتهوع، فتحتاج إلى ظهور قوي (157) شديد، والهتف الصوت، يقال هتف به اذا صوّت، وهو في المعنى بمنزلة تسميتهم للهمزة بالجرسي لأن (158) الجرس الصوت الشديد، والهتف الصوت الشديد (159).
الثالث والثلاثون: الحرف الراجع
، وهو الميم الساكنة (160). سميت بذلك لأنها ترجع في مخرجها إلى الخياشيم لما فيها من الغنة. وينبغي أن يشاركها في هذا اللقب النون الساكنة، لأنها ترجع أيضا إلى الخياشيم للغنّة التي فيها.
الرابع والثلاثون: الحرف المتصل
، وهو الواو. وذلك لأنها (161) تهوي
__________
(151) م س (وهي).
(152) ع (لانه هوائي لا استقرار له في المخرج).
(153) ب ع (وهي ما عدا حروف الحلق).
(154) ظ (لتمكينها).
(155) ظ (الصتم).
(156) انظر: الرعاية ص 112.
(157) العبارة في الرعاية ص 112 (ظهور صوت قوي).
(158) ع (بالجرس).
(159) ع (والهتف كذلك).
(160) (الساكنة) في م والرعاية ص 112وساقطة من بقية النسخ.
(161) م ع (لانها) ظ س ب (انها) وفي الرعاية ص 113 (لانها).(1/109)
في مخرجها في الفم لما فيها من اللين حتى تتصل بمخرج الألف (162). قلت:
والياء كذلك، فينبغي أن تلقب كالواو (163) و (164).
مقدمة نذكر فيها تأليف الكلام
[إن قلت: كيف يتألف الكلام] (165) من هذه الحروف؟ قلت: ائتلافه من أربعة أشياء: من حرف متحرك، وحرف ساكن، ومن حركة، وسكون.
وذلك يرجع الى شيئين: حرف ساكن وحرف متحرك، فالحرف المتحرك أكثر في كلام العرب من الساكن [كما أن الحركة أكثر من السكون، وإنما كان المتحرك أكثر من الساكن] (166) لأنك لا تبتدئ (167) إلا بمتحرك، وقد يتصل به حرف آخر متحرك، [وآخر متحرك] (168)، وآخر بعد ذلك متحرك، ولا يجوز أن تبتدئ (169) بساكن، ولا أن تصل (170) ساكنا بساكن، الا ان يكون الأول حرف مد ولين أو الثاني سكن (171) للوقف، فلذلك كانت الحركة أكثر من السكون.
والحروف هي مقاطع تعرض للصوت الخارج مع النفس مبتدأ مستطيلا
__________
(162) ظ (الفم).
(163) ب (بالواو).
(164) ينظر في ألقاب الحروف كتاب الرعاية لمكي (ص 11691).
(165) ما بين المعقوفين ساقط من م ظ س
(166) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(167) م ظ ب س (لانه لا تبتدى) وفي ع والرعاية ص 76 (لأنك لا تبتدئ).
(168) ما بين المعقوفين ثابت في جميع النسخ لكنه غير موجود في الرعاية ص 76.
(169) ع (تبتدئ) م ظ س ب (يبتدئ).
(170) ب ع (تصل) م ظ (يصل) س (يتصل).
(171) ع (ساكن).(1/110)
فتمنعه عن اتصاله (172) بغايته، فحيث ما عرض ذلك المقطع سمي حرفا، وسمي ما يسامته (173) ويحاذيه من الحلق والفم واللسان والشفتين مخرجا، ولذلك اختلف الصوت باختلاف المخارج واختلاف صفاتها. والاختلاف هو خاصية (174) حكمة الله تعالى المودعة فينا إذ بها يحصل التفاهم، ولولا ذلك لكان الصوت واحدا بمنزلة أصوات البهائم التي هي من مخرج واحد على صفة واحدة، فلم (175) يتميز الكلام ولا يعلم المراد، فبالاختلاف يعلم وبالاتفاق يعدم (176).
الفصل نذكر فيه اشتراك اللغات في الحروف وانفراد بعضها ببعض
فنقول: الحروف التسعة والعشرون المشهورة اشترك لغات العرب ولغات العجم في استعمالها، إلا الظاء المعجمة، فانها للعرب خاصة، انفرد العرب بها دون العجم. وقيل إن الحاء (177) أيضا انفردت بها العرب.
قال الأصمعي: ليس في الرومية ولا في الفارسية ثاء، ولا في السريانية ذال (178).
وكذا (179) ستة أحرف انفردت بكثرة استعمالها العرب، وهي قليلة في لغات العجم، ولا توجد في لغات كثير منهم، وهي العين والصاد والضاد
__________
(172) س (عن اتصاله) ظ ب ع (عن ايصاله) م (من ايصاله)
(173) م (ويسمى ما يساميه).
(174) ب ع (هو خاصية) م (هي خاصية) ظ س (هو خاصة).
(175) ع (فلا).
(176) ع (لا يعلم).
(177) ظ (الطاء).
(178) ظ (دال).
(179) ظ (وكذلك).(1/111)
والقاف (180) والظاء (181) والثاء.
وانفردت أيضا باستعمال الهمزة متوسطة ومتطرفة، ولم (182) تستعمل ذلك العجم إلّا في أول الكلام، وليس (183) في لسان اختلاف في لفظ التنوين. وقد ذكرنا ألقاب الحروف وصفاتها وتعليل ذلك (184). ولنتكلم الآن على مخارج الحروف مجملة، وعلى الحروف مفردة (185).
__________
(180) ظ (والفاء).
(181) ع (والطاء).
(182) م ب ع (لم).
(183) ب ع (وقيل انه ليس)، والعبارة في الرعاية ص 90: (يروى انه ليس من لسان يختلف في لفظ التنور) ويبدو انه حدث تصحيف في كلمة (التنوين) فات المحقق تصحيحه.
(184) ع (وتعليل ذلك ذلك).
(185) ما أورده المؤلف في هذا الباب موجود أكثره في كتاب (الرعاية لتجويد القراءة) لمكي ابن أبي طالب القيسي (انظر ص 76و 11690).(1/112)
الباب الثامن في مخارج الحروف والكلام على كل حرف بانفراده
فصل
مخارج الحروف عند الخليل سبعة عشر مخرجا. وعند سيبويه وأصحابه ستة عشر، لإسقاطهم الجوفية (1). وعند الفراء وتابعيه أربعة عشر، لجعلهم مخرج الذلقية واحدا.
ويحصر المخارج الحلق واللسان والشفتان (2)، ويعمها الفم.
فللحلق ثلاثة (3) مخارج، لسبعة أحرف:
فمن أقصاه الهمزة، والألف، لأن مبدأه من الحلق، ولم يذكر الخليل هذا الحرف هنا، والهاء.
ومن وسطه العين والحاء المهملتان.
ومن أدناه الغين والخاء.
وللسان (4) عشرة مخارج لثمانية عشر حرفا:
فمن أقصاه مما يلي الحلق وما (5) يحاذيه من الحنك الأعلى القاف. دونه قليلا مثله (6) الكاف.
__________
(1) م ظ (الجوفية) س ب (الجوية) ع (الجوية والجوفية).
(2) ب (الشفتان) م ظ س ع (الشفتين).
(3) م ظ (ثلاثة) س ب ع (ثلاث).
(4) ع (واللسان).
(5) ظ (ومما).
(6) ب (لأمثلة).(1/113)
ومن وسطه الحنك الأعلى الجيم والشين والياء.
ومن وسطه ووسط الحنك الأعلى الجيم والشين والياء.
ومن إحدى حافتيه وما يحاذيها (7) من الاضراس، من اليسرى.
صعب ومن اليمنى أصعب، الضاد.
ومن رأس حافته (8) وطرفه ومحاذيها من الحنك الأعلى من اللّثة اللام.
ومن رأسه أيضا ومحاذيه من اللثة النون.
ومن ظهره ومحاذيه من اللثة الراء.
هذا على مذهب سيبويه، وعند الفراء وتابعيه مخرج اللثة (9) واحد.
ومن رأسه أيضا وأصول الثنيتين العليين (10) الطاء والتاء والدال.
ومن رأسه أيضا وبين أصول الثنيتين (11) الصاد والسين والزاي.
ومن رأسه وما بين طرفي الثنيتين الظاء والذال والثاء.
ومن طرفي الثنيتين وباطن الشفة السفلى الفاء.
وللشفتين الباء والميم والواو.
والغنة من الخيشوم من (12) داخل الأنف، هذا السادس عشر.
وأحرف المد من جوّ الفم (13) وهو السابع عشر.
__________
(7) ظ (يحاذيهما).
(8) م ظ (حافتيه).
(9) ظ (الثلاثة).
(10) م ب (العليين) ظ س ع (العليتين).
(11) ظ (الثنيتين السفلتين) ب (الثنيتين السفليين).
(12) م ظ س (ومن).
(13) ظ (من الجوف).(1/114)
فصل نذكر فيه ما يتعلق بكل حرف من التجويد
أما الهمزة:
فتقدم (14) الكلام على مخرجها ونسبتها وصفتها، وهي حرف مجهور، شديد، منفتح، مستفل (15)، لا يخالطها نفس. وهي من حروف الإبدال وحروف الزوائد. وهي لا صورة لها في الحظ، وإنما تعلم بالشكل والمشافهة.
والناس يتفاضلون في النطق بها على مقدار غلظ طباعهم ورقتها، فمنهم من يلفظ بها لفظا تستبشعه الأسماع (16)، وتنبو عنه القلوب، ويثقل (17) على العلماء بالقراءة، وذلك مكروه، معيب من اخذ به. وروي عن الأعمش أنه كان يكره شدة النبرة، يعني الهمز (18) في القراءة. وقال أبو بكر بن عياش:
إمامنا يهمز (مؤصدة) (19) فأشتهي أن أسدّ أذني اذا سمعته يهمزها. ومنهم من يغلظ اللفظ بها، وهو خطأ. ومنهم من يشددها في تلاوته، يقصد بذلك تحقيقها، وأكثر ما يستعملون ذلك بعد المد، فيقول: (يا أيها). ومنهم (20)
من يأتي بها في لفظه مسهلة، وذلك لا يجوز إلا فيما أحكمت الرواية تسهيله (21).
__________
(14) م ظ س ب (تقدم) ع (فتقدم).
(15) ظ ع (مستفل) م ظ ب (منسفل).
(16) م والتحديد ورقة 98ظ (تستبشعه الاسماع) ب س (تبشعه الاسماع). ع (تبتشعه الاسماع) ظ (تبشعه الطباع).
(17) ظ ب (وتثقل).
(18) م ب ع (الهمز) ظ س (الهمزة).
(19) البلد 20والهمزة 8.
(20) ع (ومنها).
(21) ع (لتسهيله).(1/115)
والذي ينبغي أن القارئ إذا همز أن يأتي (22) بالهمزة سلسلة (23) في النطق، سهلة في الذوق، من غير لكز ولا ابتهار (24) لها ولا خروج بها عن حدها، ساكنة كانت أو متحركة، يألف ذلك طبع كل أحد، ويستحسنه أهل العلم بالقراءة، وذلك المختار. وقليل من يأتي بها كذلك في زماننا هذا، ولا يقدر القارئ عليه إلا برياضة شديدة، كما كان حمزة يقول: إنما الهمزة (25) رياضة. وقال أبان بن تغلب (26): فاذا أحسن الرجل سلّها أي تركها.
وينبغي للقارئ اذا سهل الهمزة أن يجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، وذلك مذكور في كتب القراءات (27)، فلذلك أضربنا عن ذكره هنا.
وينبغي أيضا للقارئ أن يتحفظ من إخفاء الهمزة إذا انضمت أو انكسرت، وكان بعد كل منهما أو قبله ضمة أو كسرة، نحو قوله: {إِلى ََ بََارِئِكُمْ} (28) {سُئِلَ} (29) {مُتَّكِؤُنَ} (30) {أُعِدَّتْ} (31).
وينبغي أيضا للقارئ اذا وقف على الهمزة المتطرفة بالسكون [أن يظهرها في وقفه، لبعد مخرجها وضعفها بالسكون] (32) وذهاب حركتها، لأن كل
__________
(22) ب ع (إذا همز أتى).
(23) ع (مسلسلة).
(24) التحديد ورقة 98ظ (لكز ولا ابتهار) ع (لكز ولا ابتهان) ب ظ س (لكن ولا انتهار) م (لكن ولا انتهاز).
(25) ظ (الهمزة).
(26) ب س (تغلب) م ظ ع (ثعلب)، وهو تصحيف.
(27) ظ (القراءة).
(28) البقرة 54.
(29) البقرة 108.
(30) يس 56.
(31) البقرة 24ومواضع أخر.
(32) ما بين المعقوفين ساقط من س.(1/116)
حرف سكن خفّ إلا الهمزة، فإنها إذا سكنت ثقلت، لا سيما إذا كان قبلها ساكن، سواء كان (33) الساكن حرف علة أو صحة، نحو قوله (34):
{دِفْءٌ} (35) و {الْخَبْءَ} (36) و {السَّمََاءِ} (37) و {شَيْءٍ} (38) ولهذا المعنى آثر هشام تسهيلها على تسهيل المتوسطة (39)، هذا ما يتعلق بحكم الهمزة.
وأما الباء (40):
فهي تخرج من المخرج الثاني عشر من مخارج الفم، مما بين الشفتين، مع تلاصقهما، وقد تقدم الكلام على أنها مجهورة شديدة منفتحة مستفلة مقلقلة.
فاذا التقتا من كلمتين، وكانت أولاهما ساكنة، كان إدغامها إجماعا نحو قوله: {فَاضْرِبْ بِهِ} (41).
وإذا سكنت ولقيها ميم أو فاء، نحو قوله: {يََا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنََا} (42)، {أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ} (43) جاز فيها الإظهار والإدغام، فالإظهار لاختلاف اللفظ والإدغام لقرب المخرج.
واذا التقت الباء المتحركة وجب إثبات كل منهما على صيغته مرققا، مخافة أن يقرب اللفظ من الإدغام، وذلك نحو قوله (44):
__________
(33) ب (سواء أكان).
(34) ع (نحو: مك، ودفء، والخبء، وشيء، والسماء).
(35) النحل 5.
(36) النمل 25.
(37) في 120موضعا في القرآن.
(38) في 202موضع في القرآن.
(39) كان حمزة وهشام يحققان على الهمزة الساكنة والمتحركة واذا وقعت طرفا في الكلمة بتسهيلها ويصلان بتحقيقها. (انظر: الداني: التيسير ص 37).
(40) م ع (اما الباء). ظ ب س (اما حكم الباء).
(41) سورة ص 44.
(42) هود 42 (يا بني) ساقطة من ع.
(43) النساء 74.
(44) (قوله) ساقطة من ع.(1/117)
{سَبَباً} (45) و {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ} (46) و {الْكِتََابَ بِالْحَقِّ} (47) ونحو ذلك.
فصل
وإذا سكنت الباء وجب على القارئ أن يظهرها مرققة، وأن يقلقلها، سواء كان (48) الإسكان لازما أو عارضا، لا سيما إذا أتى بعدها واو (49)، وذلك نحو قوله (50): (ربوة) (51) و (عبرة) (52)، وقوله:
{فَانْصَبْ} (53). وأما العارض فنحو قوله: {الْحِسََابِ} (54)
و {الْكِتََابُ} (55) و (لهب) (56) و {حَسِبَ} (57) ونحو ذلك.
فصل
واذا وقع بعد الباء ألف وجب على القارئ أن يرقق اللفظ بها (58)، لا سيما اذا وقع بعدها حرف استعلاء أو إطباق، نحو قوله: {بََاغٍ} (59)
__________
(45) الكهف 84ومواضع أخر.
(46) الحجرات 7. (اليكم) ساقطة من ع.
(47) البقرة 176ومواضع أخر.
(48) ب (سواء أكان).
(49) ع (واو أوراء).
(50) م س (قوله تعالى). وكلمة (قوله) ساقطة من ع في هذا الموضع والمواضع الثلاثة الآتية.
(51) البقرة 265والمؤمنون 50.
(52) آل عمران 13ومواضع أخر.
(53) الشرح 7.
(54) البقرة 202ومواضع أخر.
(55) البقرة 2ومواضع أخر، وفي ع جاءت كلمة (الكتاب) قبل (الحساب).
(56) المسد 1و 3.
(57) العنكبوت 2ومواضع أخر.
(58) (بها) ساقطة من ب.
(59) البقرة 173ومواضع أخر، وفي سن (نحو قوله تعالى باغ).(1/118)
و {بََارِئِكُمْ} (60) و (باسط) (61) و {الْأَسْبََاطِ} (62) و (الباطل) (63)
و {بََالِغَ} (64) ونحو ذلك. فكثير من القراء يتعمدون (651) اللفظ بها شديدة، فيخرجونها عن حدها، ويفخمون لفظها، فاحذر ذلك، واحذر أيضا اذا رققتها أن تدخلها إمالة، فكثير ما (652) يقع في ذلك عامة المغاربة.
وأما التاء:
فتقدم الكلام على أنها تخرج من المخرج الثامن من مخارج الفم، وهي من فوق الثنايا العليا، مصعد إلى جهة الحنك يسيرا مما يقابل طرف اللسان، وهي مهموسة شديدة منفتحة مستفلة.
وقيل إنها من حروف القلقلة، وهذا في غاية (66) ما يكون من البعد، لأن كل حروف القلقلة مجهورة شديدة، ولو لزم ذلك في التاء للزم في الكاف.
فلولا الهمس الذي في التاء لكانت دالا، ولولا الجهر الذي في الدال لكانت تاء، إذ المخرج واحد، وقد اشتركا في الصفات (67).
فاذا نطقت بها وبعدها ألف غير المحالة (68) فاحذر تغليظها وأن (69)
تنحو بها الى الكسر، وكلاهما محذوران، بل تنطق (70) بها مرققة، وذلك نحو (تائبون) (71) و {تَأْكُلُونَ} (72).
__________
(60) البقرة 54.
(61) المائدة 18. ومواضع أخر.
(62) البقرة 136. ومواضع أخر.
(63) البقرة 42. ومواضع أخر.
(64) المائدة 95والطلاق 3. وكلمة (بالغ) ساقطة من ظ.
(651) م ب ع (يتعمدون) س (يعتمدون) ظ (يعتدون).
(652) م ع (فكثيرا) س ظ ب (فكثير).
(66) (في غاية) ساقطة من ع.
(67) ع (الصفتين).
(68) م (ممالة).
(69) ظ ع (اوان).
(70) س (ينطق).
(71) التوبة 112.
(72) آل عمران 49. ومواضع أخر.(1/119)
فصل
وأما اذا سكنت وأتى بعدها طاء أو دال أو تاء وجب إدغامها فيهن، فاذا أدغمت في الطاء وجب إظهار الإدغام مع إظهار الإطباق والاستعلاء.
وذلك نحو قوله (73): {قََالَتْ طََائِفَةٌ} (74)، لأن في الأصل إطباقا (75) مع اطباق وكذا (76) استعلاء مع استعلاء، وذلك غاية القوة، لا سيما مع الجهر والشدة.
وإذا تكررت التاء (77) في كلمة نحو قوله: {تَتَوَفََّاهُمُ} (78) أو كلمتين الأولى متحركة، أظهرتهما إظهارا بيّنا، نحو قوله: {كِدْتَ تَرْكَنُ} (79)
وإن تكررت (80) ثلاث مرات نحو قوله: {الرََّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا} (81)
فبيان هذا الحرف لازم، لأن في اللفظ به صعوبة. قال مكي في الرعاية (82):
هو بمنزلة الماشي يرفع رجله مرتين أو ثلاث مرات (83)، ويردها (84) في كل مرة إلى الموضع الذي رفعها منه، وهذا ظاهر ألا ترى أن اللسان اذا لفظ بالتاء الأولى رجع إلى موضعه ليلفظ بالثانية، ثم يرجع ليلفظ بالثالثة (85)،
__________
(73) س (قوله تعالى) وسقطت (قوله) من ع. وكذلك المواضع الثلاثة الآتية.
(74) آل عمران 72والاحزاب 13.
(75) ب ع (اطباقا) م ظ س (اطباق).
(76) ظ (وذلك).
(77) (التاء) ساقطة من ع.
(78) النحل 28و 32.
(79) الاسراء 74.
(80) ظ (تكرر).
(81) النازعات 6.
(82) الرعاية ص 179نقله المؤلف بتصرف يسير.
(83) ع (او ثلاثا).
(84) م (يرددها).
(85) ب (بالتاء الثالثة).(1/120)
وذلك صعب فيه تكلف.
وإذا (86) جاءت قبل حرف (87) الإطباق في كلمة لزم بيانها وتخليصها بلفظ مرقق غير مفخم، وذلك نحو قوله (88): {أَفَتَطْمَعُونَ} (89) و {لََا تَطْرُدِ} (90) و {لََا تَطْغَوْا} (91) و {تَطْهِيراً} (92) ونحو ذلك، لأن الطاء والتاء من مخرج واحد، لكن الطاء حرف قوي فيه جهر وشدة وإطباق واستعلاء، والتاء منسفلة منفتحة مهموسة، والقوي إذا تقدم (93) الضعيف وهو مجاوره جذبه إلى نفسه، ألا ترى أن التاء (94) إذا وقعت بعد حرف إطباق (95) لم يكن بد من أن تبدل منها طاء، وذلك نحو (96):
{اصْطَفى ََ} (97)، و {اضْطُرَّ} (98)، ليعمل اللسان عملا واحدا، وإن حال بينهما حائل نحو قوله: {اخْتَلَطَ} (99) وجب بيان التاء مرققة، مع ترقيق اللام، لئلا تقرب (100) التاء من لفظ الطاء التي بعدها، وتصير اللام مفخمة.
وإذا سبقت الطاء التاء وكانت ساكنة أدغمت الطاء فيها، فإذا نطقت بها لخصت (101) صوت الطاء مع الإتيان بصوت (102) الإطباق، ثم تأتي بالتاء مرققة على أصلها. وهذا قليل في زماننا (103)، ولا يقدر عليه إلّا الماهر المجوّد، ولم أر أحدا نبّه عليه، وذلك نحو قوله (104): {بَسَطْتَ إِلَيَّ} (105)، و {فَرَّطْتُ} (106)، و {أَحَطْتُ} (107)، وهذا ونحوه
__________
(86) س (اذا).
(87) ب ع (حروف).
(88) (قوله) ساقطة من ع.
(89) البقرة 75.
(90) الأنعام 52.
(91) هود 112ومواضع أخر.
(92) الأحزاب 33.
(93) ع (تقدم على).
(94) ظ (الطاء).
(95) ع (الاطباق).
(96) س (نحو قوله) وكلمة (وذلك) ساقطة من ع.
(97) البقرة 132ومواضع أخر.
(98) البقرة 173ومواضع أخر.
(99) الانعام 146ومواضع أخر.
(100) م ع (تقرب) ظ ب س (يقرب).
(101) م ع (خلصت).
(102) م (بصفة).
(103) ع (زماننا هذا).
(104) س (تعالى).
(105) المائدة 28.
(106) الزمر 56.
(107) النمل 22.(1/121)
تحكمه (108) المشافهة. قال شريح في نهاية الإتقان: القراء قد يتفاضلون فيها، يعني التاء، فتلتبس في ألفاظهم بالسين لقرب مخرجها، فيحدثون (109) فيها رخاوة وصفيرا، وذلك أنهم لا يصعدون بها إلى جهة الحنك، إنما ينحون بها إلى جهة الثنايا، وهناك مخرج السين.
وإذا قرأت بحرف ورش (110) وفخمت اللام فليكن احتفالك بترقيق التاء أكثر، لقرب الحرف القوي من التاء، وذلك نحو قوله تعالى (111):
{تَصْلى ََ نََاراً} (112).
وإذا سكنت التاء وأتى بعدها حرف من حروف المعجم فاحذر إخفاءها في نحو قوله (113): {فِتْنَةٌ} (1141). وقيل لأن التاء حرف فيه ضعف، وإذا سكن ضعف، فلا بد من إظهاره لشدته.
وأما الثاء:
فتقدم الكلام على أنها تخرج من المخرج العاشر من الفم، وهو ما بين [طرف] (1142) اللسان وأطراف الثنايا العليا، وهي مهموسة رخوة منفتحة مستفلة، فإذا نطقت بها فوفّها حقّها من صفاتها، وإياك أن تحدث فيها جهرا، فيلتبس لفظها بالذال، لأنهما من مخرج واحد.
وإذا وقع بعد الثاء ألف فالفظ بها مرققة غير مغلظة، نحو قوله (115):
__________
(108) س ع (تحكمه المشافهة) م ب (بحكم المشافهة) ظ (بحكم المشاهدة).
(109) ع (فيجدون).
(110) أنظر هامش رقم (99) من الباب السابع.
(111) (تعالى) ساقطة من ب س وفي ع (من التاء نحو تصلى).
(112) الغاشية 4.
(113) ع (إخفاءها نحو فتنة).
(1141) البقرة 102ومواضع أخر.
(1142) زيادة ليست في النسخ يقتضيها السياق.
(115) (قوله) ساقطة من ع، وكذلك المواضع الثلاثة الآتية.(1/122)
{ثََالِثُ} (116) و {ثََامِنُهُمْ} (117) ونحوه (118).
وإذا تكررت الثاء (119) وجب بيانها، نحو قوله: {ثََالِثُ ثَلََاثَةٍ} (120)
ونحوه، مخافة أن يدخل الكلام إخفاء.
وإذا وقعت الثاء الساكنة قبل حرف استعلاء وجب بيانها، لضعفها وقوة الاستعلاء بعدها، نحو قوله (121): {أَثْخَنْتُمُوهُمْ} (122) وو إن يثقفوكم (123) وشبهه.
وأما الجيم:
فتقدم (124) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثالث من مخارج الفم، وهو من وسط اللسان، بينه وبين وسط الحنك، وهي مجهورة شديدة منفتحة مستفلة (125) مقلقلة، فإذا نطقت بها فوفّها حقها من صفاتها.
وإذا سكنت الجيم، سواء كان (126) كان سكونها لازما أو عارضا، فإن كان لازما وجب التحفظ من أن تجعل شينا، لأنهما من مخرج واحد، فإن قوما يغلطون (127) فيها، لا سيما إذا أتى بعدها زاي أو سين (128)، فيحدثون
__________
(116) المائدة 73يس 14.
(117) الكهف 22.
(118) (ونحوه) ساقطة من ع، وكذلك (ونحوه) الآتية.
(119) (الثاء) ساقطة من ع، وكذلك (الثاء) الآتية.
(120) المائدة 73.
(121) س (قوله تعالى).
(122) محمد 4.
(123) الممتحنة 2وفي ع (ان) ساقطة.
(124) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(125) م (مستفلة) وبقية النسخ (منسفلة).
(126) ب (أكان).
(127) ع (يغالطون).
(128) في هامش ظ (أو تاء أو دال).(1/123)
همسا ورخاوة ويدغمونها في الزاي والسين، ويذهبون لفظها، وذلك نحو قوله (129): {اجْتَمَعُوا} (130) و {النَّجْدَيْنِ} (131) [و {اجْتَنِبُوا} (132)
و {خَرَجْتَ} (133) و {وَجْهِكَ} (134)] (135) و {تَجْزِي} (136)
و {تُجْزَوْنَ} (137) و {رِجْزاً} (138) و {رِجْساً} (139) ونحو ذلك (140)، فلا بد أن ينطق (141) بجهرها وشدتها وقلقلتها (142).
وإذا كان سكونها (143) عارضا فلا بد من إظهار جهرها وشدتها وقلقلتها، وإلّا ضعفت وانمزجت (144) بالشين، وذلك نحو قوله: (145)
{أُجََاجٌ} (146) و {فَخَرََاجُ} (147) ونحو ذلك في الوقف.
__________
(129) س (قوله تعالى).
(130) الحج 73.
(131) البلد 10.
(132) النحل 36ومواضع أخر.
(133) البقرة 149و 150.
(134) البقرة 144ومواضع أخر.
(135) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(136) البقرة 48و 123.
(137) الأنعام 93ومواضع أخر.
(138) البقرة 59ومواضع أخر، والكلمة ساقطة من ظ.
(139) التوبة 125.
(140) وردت الأمثلة في ع على هذا النحو (اجتمعت واجتنبوا والنجدين واجتثت وخرجت ووجهك ونجزي وتجزون ورجزا ورجسا ونحو ذلك).
(141) م ظ تنطق.
(142) ع (وتقلقلها).
(143) ظ (سكونا).
(144) س (امتزجت).
(145) س (قوله تعالى). وكلمة (قوله) ساقطة من ع في هذا الموضع والموضعين الآتيين.
(146) الفرقان 53فاطر 12.
(147) المؤمنون 72.(1/124)
وإذا أتت الجيم (148) مشددة أو مكررة وجب على القارئ بيانها، لقوة اللفظ بها وتكرير (149) الجهر والشدة فيها، نحو قوله: {حََاجَجْتُمْ} (150)
و {حََاجَّهُ} (151)، فإن أتى بعد الجيم المشددة حرف مشدد خفيّ كان البيان لهما جميعا آكد، لئلا يخفى الحرف الذي بعد الجيم وليظهر (152) الجيم، نحو قوله (153): {يُوَجِّهْهُ} (154)، والبيان لهما لازم، لصعوبة اللفظ بإخراج الهاء المشددة [بعد الجيم المشددة] (155)، لأجل خفاء الهاء.
وأما الحاء المهملة:
فتقدم (156) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثاني من وسط الحلق، بعد مخرج العين، لأنهما جميعا من وسطه، وهي مهموسة رخوة منفتحة مستفلة (157)، فإذا نطقت بها فوفّها حقها من صفاتها.
قال الخليل في كتاب العين (158): لولا بحة في الحاء لكانت مشبهة بالعين.
يريد في اللفظ إذ المخرج والصفات متقاربة، ولهذه العلة لم يتألف في كلام العرب عين وحاء، في كلمة، أصليتان (159)، لا تجد إحداهما مجاورة للأخرى في كلمة إلّا بحاجز بينهما، وكذلك الهاء مع الحاء (160)، ولذلك قال بعض
__________
(148) (الجيم) ساقطة من ع
(149) ظ (وتكرر).
(150) آل عمران 66.
(151) الأنعام 80.
(152) ع (وتظهر).
(153) س (قوله تعالى).
(154) النحل 76.
(155) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(156) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(157) م (مستفلة) ع (منسفلة منفتحة) ظ س ب (منفتحة منسفلة).
(158) كتاب العين 1/ 57.
(159) ع (حاء وعين أصليتان في كلمة).
(160) ب (وكذلك الحاء مع الهاء).(1/125)
العرب في معهم: محّم (161)، فأبدل من العين حاء، لقرب الحاء في الصفة، ولأن مخرجهما واحد، ولبعد الهاء في الصفة من العين مع خفاء الهاء، فلما أبدل من العين حاء أدغمت الهاء التي بعدها فيها، على إدغام الثاني في الأول.
وإذا أتى بعد الحاء ألف وجب على القارئ أن يلفظ بها مرققة، وينبغي أن يتحفظ ببيان لفظها عند مجيء العين بعدها، لأنهما من مخرج واحد (162)، فإذا وقعت الحاء قبل العين خيف أن يقرب اللفظ من الإخفاء أو من الإدغام، نحو قوله (163): {زُحْزِحَ عَنِ} (164) و {الْمَسِيحَ عِيسَى} (165)
ونحوه (166). فإذا (167) كانت الحاء ساكنة كان البيان (168) آكد، لأنها (169)
بسكونها قد تهيأت للإدغام، إذ كل حرف أدغم لا بد من إسكانه قبل أن يدغم، فإذا (170) سكنت الحاء قبل العين قربت من الإدغام، فيجب إظهارها، وذلك نحو قوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} (171) البيان في هذه (172)
لازم.
فإن لقيها مثلها كان البيان لازما، إن لم يقرأ بالإدغام (173)، نحو قوله:
__________
(161) م (محهم). وفي الرعاية ص 138 (محهم). وفي الكتاب لسيبويه (4/ 450): «قول بني تميم: محّم، يريدون معهم. ومحّاؤلاء، يريدون مع هؤلاء).
(162) (واحد) ساقطة من ب س.
(163) (قوله) ساقطة من ع وكذلك المواضع الثلاثة الآتية.
(164) آل عمران 185.
(165) النساء 157.
(166) العبارة في ع (نحو المسيح عيسى، وزحزح عن، ونحو ذلك).
(167) ب س (فان).
(168) ب (الساكن).
(169) في جميع النسخ (لأن) والصواب (لأنها) كما في الرعاية ص 140.
(170) س (وإذا).
(171) الزخرف 89.
(172) ع (هذا).
(173) وهي قراءة أبي عمرو بن العلاء (انظر: الداني: التيسير ص 20).(1/126)
{لََا أَبْرَحُ حَتََّى} (174).
وإن لاصقها هاء كان البيان لازما وكيدا (175)، لئلّا تدغم الهاء فيها، لقرب المخرجين، ولأن الحاء أقوى من الهاء، فهي تجذب الهاء إلى نفسها، وهذا كثير (176) ما يقع فيه الناس، نحو قوله: {فَسَبِّحْهُ} (177) فالتحفظ بإظهارها واجب.
وأما الخاء:
فتقدم (178) الكلام على أنها (179) من أول المخرج الثالث من الحلق، وهي مما يلي الفم، وهي حرف مهموس مستعل (180) رخو منفتح، فإذا نطقت (181) بها فوفها حقها من صفاتها.
وإذا وقع بعدها ألف فلا بد من تفخيم لفظها لاستعلائها، وكذلك كل حرف من حروف الاستعلاء، وكذا إن كانت مفتوحة ولم يجيء بعدها ألف.
قال ابن الطحان (182) الأندلسي في تجويده: المفخّمات على ثلاثة أضرب:
ضرب يتمكن التفخيم فيه، وذلك إذا كان أحد حروف الاستعلاء مفتوحا.
وضرب يكون دون ذلك، وهو أن يقع حرف منها مضموما. وضرب دون ذلك، وهو أن يكون (183) حرف منها مكسورا.
__________
(174) الكهف 60.
(175) ع (اكيدا).
(176) ع (كثيرا).
(177) سورة ق 40والطور 49.
(178) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(179) ظ (انها تخرج من).
(180) ظ ب س (منسفل) م (مستفل) ع والتحديد ورقة 101و (مستعل).
(181) ب ع (لفظت).
(182) ظ (ابن بطحان) وسقطت (الاندلسي) من ع.
(183) م (يقع).(1/127)
قلت: وهذا قول حسن، غير أني أختار أن تكون (184) على خمسة أضرب:
ضرب يتمكن التفخيم فيه، وهو أن يكون بعد حرف (185) الاستعلاء ألف.
وضرب دون ذلك، وهو أن يكون مفتوحا، ودونه وهو أن يكون مضموما، ودونه وهو أن يكون ساكنا، ودونه وهو أن يكون مكسورا (186).
واحذر إذا فخمتها قبل الألف أن تفخم الألف معها، فإنه خطأ لا يجوز، وكثيرا (187) ما يقع القراء في مثل هذا، ويظنون أنهم قد أتوا بالحروف مجوّدة، وهؤلاء مصدرون في زماننا، يقرءون الناس القراءات. فالواجب أن يلفظ بهذه كما يلفظ (188) بها إذا قلت: ها، يا (189)، قال الجعبري (190):
وإيّاك واستصحاب تفخيم لفظها ... إلى الألفات التاليات فتعثرا
وقال شيخنا ابن الجندي رحمه الله وتفخيم الألف بعد حروف الاستعلاء خطأ، وذلك نحو {خََائِفِينَ} (191) و (غالبين) (192)
__________
(184) ظ س (تكون) م ب ع (يكون).
(185) (حرف) ساقطة من ظ وفي س (حرف استعلاء).
(186) العبارة في ع هكذا: (ضرب يتمكن التفخيم فيه وهو أن يكون بعد حرف الاستعلاء ألف، وضرب دون ذلك وهو أن يكون مفتوحا من غير ألف، وضرب دون ذلك وهو أن يكون مضموما، وضرب دونه وهو ما كان ساكنا، وضرب دونه وهو ما كان مكسورا).
(187) ع (وكثيرا)، وبقية النسخ (وكثير).
(188) ب ع (أن تلقط تلفظ).
(189) ع (هاء ياء).
(190) هذا البيت هو الرابع عشر من قصيدة للجعبري اسمها (تحقيق التعليم في الترقيق والتفخيم) ومنها نسخة مخطوطة في مكتبة الدراسات العليا في كلية الآداب بجامعة بغداد ضمن المجموع المخطوط المرقم (1002). وينظر البيت المذكور هنا في الورقة 29 ومن المخطوط.
(191) البقرة 114.
(192) (الغالبين) الأعراف 113ومواضع أخر، وفي ظ (غائبين).(1/128)
و {قََالَ} (193) و {طََالَ} (194) و {خََافَ} (195) وغاب (196) ونحو ذلك (197).
وبعض القراء يفخمون لفظها إذا جاورها ألف، ولا يفعلون ذلك في نحو (غلب) و (خلق)، قال شريح في نهاية الإتقان: وتفخيم لفظها على كل حال هو الصواب لاستعلائها.
وينبغي أن يخلص لفظها إذا سكنت وإلّا ربما انقلبت غينا، كقوله:
{وَلََا تَخْشى ََ} (198) و {اخْتََارَ مُوسى ََ} (199) و {اخْتَلَطَ} (200)
و {يَخْتِمْ} (201) ونحو ذلك.
__________
(193) وردت هذه الكلمة في 529موضعا في القرآن الكريم.
(194) الأنبياء 44.
(195) البقرة 182ومواضع أخر وفي س ب (خلق). وفي ع (خالق).
(196) لم ترد في القرآن والكلمة في س ب (غلب) وفي ع (غالب).
(197) وذهب الجعبري إلى أن الألف حكمها الترقيق دائما، وحذر من تفخيمها لا سيما إذا وقعت بعد حرف استعلاء، وأخذ ذلك عنه أبو بكر بن الجندي. وقد تابع ابن الجزري في هذا الكتاب شيخه ابن الجندي وشيخ شيخه الجعيري بالقول بترقيق الألف دائما، ولكنه ترك هذا القول في كتابه (النشر في القراءات العشر) حيث يقول (1/ 215): «وأما الألف فالصحيح أنها لا توصف بترقيق ولا تفخيم بل بحسب ما يتقدمها، فإنها تتبعه ترقيقا وتفخيما، وما وقع في كلام بعض أئمتنا من إطلاق ترقيقها فإنما يريدون التحذير مما يفعله العجم من المبالغة في لفظها إلى أن يصيروها كالواو، أو يريدون التنبيه على ما هي مرققة فيه، وأما نص بعض المتأخرين على ترقيقها بعد الحروف المفخمة فهو شيء وهم فيه ولم يسبقه إليه أحد» وقد نص بعض علماء التجويد على موقف ابن الجزري هذا مثل القسطلاني (انظر: لطائف الإشارات لفنون القراءات 1/ 221) ومثل ملا علي القاري (انظر: المنح الفكرية على متن الجزرية ص 21).
(198) طه 77.
(199) الأعراف 155.
(200) الأنعام 146.
(201) الشورى 24.(1/129)
وأما الدال المهملة (202):
فتقدم (203) الكلام على مخرجها، وهو مخرج التاء المذكور، وعلى أنها مجهورة شديدة منفتحة مستفلة (204) متقلقلة.
وإذا سكنت الدال، وسواء كان (205) سكونها لازما أو عارضا، فلا بد من قلقلتها [وبيان شدتها وجهرها، فإن كان سكونها لازما، سواء كان من كلمة أو كلمتين وأتى بعدها حرف من حروف المعجم، لا سيما النون فلا بد من قلقلتها] (206) وإظهارها، لئلا تخفى عند النون وغيرها، لسكونها واشتراكهما في الجهر، نحو قوله (207): {لَقَدْ لَقِينََا} (208) و {لَقَدْ رَأى ََ} (209) و {قَدْ نَرى ََ} (210) وو القدر (211) و (العدل) (212)
و {وُعِدْنََا} (213) ونحو ذلك. وإياك إذا أظهرتها أن تحركها، كما يفعل كثير من العجم، وذلك خطأ فاحش. وقال (214) لي شخص يزعم أنه إمام عصره: لا تكون القلقلة إلا في الوقف، فقلت له: سلاما! وإن كان سكونها عارضا فلا بدّ من بيانها وقلقلتها، وإلّا عادت تاء.
وإياك إذا تعمدت بيانها أن تشددها، كما يفعل كثير من القراء.
__________
(202) (المهملة) ساقطة من ع.
(203) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(204) م (مستفلة) وبقية النسخ (منسفلة).
(205) ب (أكان) وكذلك الموضع الآتي.
(206) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(207) (قوله) ساقطة من ع.
(208) الكهف 62.
(209) النجم 18.
(210) البقرة 144وفي ع (لقد نرى) وهو تصحيف.
(211) القدر 1و 2و 3.
(212) (بالعدل) البقرة 282ومواضع أخر.
(213) المؤمنون 83والنمل 68.
(214) م ظ س (قال).(1/130)
وإذا تكررت الدال وأتت مشددة وغير مشددة وجب بيان كلّ منهما، لصعوبة التكرير على اللسان، فالإظهار لازم، كقوله: {مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ} (215)، {أَخِي اشْدُدْ بِهِ} (216)، {أَنَحْنُ صَدَدْنََاكُمْ} (217)
و {عَدَّدَهُ} (218) و {مُمَدَّدَةٍ} (219) ونحوه، البيان لازم. وكذلك إن كانت الدال بدلا من تاء وجب على القارئ بيانها، لئلا يميل بها اللسان إلى أصلها، وذلك (220) نحو: {مُزْدَجَرٌ} (221) و {تَزْدَرِي} (222) وشبهه.
وإذا التقى الدال بالتاء، وهو ساكن، أدغم من غير (223) عسر، سواء كان (224) من كلمة أو من كلمتين، كقوله: {وَوَعَدْتُكُمْ} (225)
و {مَهَّدْتُ} (226) و {قَدْ تَبَيَّنَ} (227) و {لَقَدْ تََابَ} (228)، ومع ذلك فإذا جاء بعدها ألف لفظ بها مرققة (229).
وأما الذال:
__________
(215) البقرة 217.
(216) طه 31.
(217) م {أَنَحْنُ صَدَدْنََاكُمْ عَنِ الْهُدى ََ} سبأ 32.
(218) الهمزة 2.
(219) الهمزة 9.
(220) (وذلك) ساقطة من ع.
(221) القمر 4.
(222) هود 31.
(223) (من غير) ساقطة من م.
(224) ب (أكان).
(225) إبراهيم 22.
(226) المدثر 14.
(227) البقرة 256.
(228) التوبة 117.
(229) وردت هذه الفقرة في ع على هذا النحو: (وإذا التقى الدال بدال أخرى. أو بالتاء وهو ساكن أدغم من غير عسر نحو قد دخلوا، وفي التاء سواء كانا من كلمة أو كلمتين نحو وعدتكم، مهدت، قد تبين. فإذا جاء بعدها ألف لفظ بها مرققة).(1/131)
فقد تقدم (230) الكلام على أنها تخرج من مخرج الثاء، وهو المخرج العاشر من الفم، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستفلة (231)، وهي أقوى من الثاء بالجهر، ولولا الجهر الذي في الذال لكانت ثاء (232)، ولولا الهمس الذي في الثاء لكانت ذالا.
وإذا أتى بعد الذال ألف نطقت بها مرققة، كقوله (233): {ذََلِكَ}.
وذاق (234) وشبه (235)، ومتى لم يتحفظ (236) بترقيق الذال (237) دخلها التفخيم، فيؤديها إلى الإطباق، فتصير عند ذلك ظاء.
وإذا سكنت وأتى بعدها ظاء فإدغامها فيها لازم، وذلك في (238) نحو قوله: {إِذْ ظَلَمُوا} في النساء (239)، و {إِذْ ظَلَمْتُمْ} في الزخرف (240)، ليس في القرآن غيرهما، فاخرج (241) من لفظ الهمزة إلى لفظ الظاء المشددة.
وإن أتى بعدها حرف مهموس فبيّن جهرها، وإلّا عادت ثاء، كقوله (242): {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ} (243).
__________
(230) ع (فقد تقدم) بقية المنسخ (تقدم).
(231) م (مستفلة) ظ س ب (منسفلة)، ع (وهي مجهورة منفتحة وأيضا هي رخوية منفتحة منسفلة).
(232) ع (بالجهر الذي اشتركا فيه لصفاتها ولولاه لكانت ثاء).
(233) ع (نحو).
(234) ع (ذا) وكلمة (ذاق) ليست في القرآن، وإنما هناك: ذاقا، وذاقت، وذاقوا، إلخ.
(235) ع (ونحوه).
(236) م والرعاية ص 198 (يتحفظ) ظ ب ع (يحتفظ) س (تحتفظ).
(237) ع (بترقيقها).
(238) (وذلك في) ساقطة من ع.
(239) آية 64.
(240) آية 39.
(241) م (فتخرج).
(242) م س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(243) الأعراف 86، ع (اذكر وإذ كنتم).(1/132)
وإن أتى بعدها نون، كقوله: {فَنَبَذْنََاهُ} (244)، {وَإِذْ نَتَقْنَا} (245) فلا بد من إظهارها، وإلّا ربما اندغمت (246) في النون.
وإذا التقت بالراء فلا بد من بيانها وتخليص اللفظ بها رقيقة، وبالراء بعدها مفخمة، فلا تتساهل (247) في ذلك، فربما انقلبت الذال ظاء (248) إذا فخمت الراء، نحو قوله (249): {ذَرَّةٍ} (250) و {ذِرََاعاً} (251)
و {أَنْذَرْتُكُمْ} (252).
وإذا أتى بعدها قاف فلا بد من ترقيقها، وإلّا صارت ظاء، نحو قوله:
{ذََاقُوا} (253) و {الْأَذْقََانِ} (254).
فلا بد للقارئ أن يأتي بالذال مستفلة (255) منفتحة، وبالظاء مستعلية مطبقة (256)، وذاك نحو قوله (257): {الْمُنْذَرِينَ} (258)
و {الْمُنْظَرِينَ} (259) وذلّلنا (260) و {ظَلَّلْنََا} (261)
__________
(244) الصافات 145.
(245) الأعراف 171.
(246) ظ (أدغمت).
(247) ب ع (ولا يتساهل) م ظ س (فلا تتساهل).
(248) م (راء).
(249) س (قوله تعالى) وكلمة (قوله) ساقطة من ع وكذلك الموضعين الآتيين فيها.
(250) النساء 40ومواضع أخر.
(251) الحاقة 32.
(252) فصلت 13.
(253) الأنعام 148. ومواضع أخر.
(254) يس 8.
(255) م (مستفلة)، وبقية النسخ (منسفلة).
(256) ع (منطبقة).
(257) س (قوله تعالى).
(258) يونس 73ومواضع أخر.
(259) الأعراف 15ومواضع أخر.
(260) {ذَلَّلْنََاهََا} يس 72.
(261) البقرة 57، الأعراف 170.(1/133)
و {مَحْذُوراً} (262) و {مَحْظُوراً} (262) وما أشبه ذلك (264).
وإذا تكررت الذال وجب بيان كل منهما، نحو {ذِي الذِّكْرِ} (265) وقد اجتمع هنا ثلاث ذالات، لأن اللام قلبت ذالا توصلا إلى الإدغام، وبيان كل واحدة (266) منهن لازم.
وإياك أن تبالغ في ترقيق الذال، فتجعلها ثاء، كما يفعل بعض الناس.
وأما الراء:
فقد تقدم (267) الكلام على تخرج من المخرج السابع من مخارج الفم، وهو ما بين طرف اللسان [وفويق الثنايا العليا (268)، وهي أدخل في طرف اللسان] (269) قليلا (270) من النون، وفيها انحراف إلى مخرج اللام، وهي مجهورة بين الشدة والرخاوة (271)، منفتحة مستفلة متكررة (272)، ضارعت بتفخيمها الحروف المستعلية.
قال سيبويه: والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة (273)، وذلك لما فيها من التكرير الذي انفردت بها (274) دون سائر الحروف (275).
__________
(262) الإسراء 57.
(264) ع (وشبه ذلك).
(265) سورة ص 1.
(266) ع (واحد).
(267) ع (فقد تقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(268) ب (العلا).
(269) ما بين المعقوفين ساقط من ع.
(270) ع (قريبا).
(271) م (بين الشديدة والرخوة).
(272) ظ س (مكررة) م (مستفلة متكررة) وفي غير م (منسفلة).
(273) الكتاب 4/ 136.
(274) ع فقط (انفردت به). وهو أنسب للمعنى.
(275) ب (الحروف غيرها).(1/134)
وإذا (276) أتت مشددة وجب على القارئ التحفظ من تكريرها، ويؤديها بيسر (277)، من غير تكرير. ولا عسر، فغالب من لا معرفة له يقع في ذلك، وهو خطأ ولحن، وذلك نحو قوله (278): {وَخَرَّ مُوسى ََ} (279)، و {أَشَدُّ حَرًّا} (280) و {مَرَّةٍ} (281) و {الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} (282) ونحو ذلك. وإذا تكررت الراء (283) والأولى مشددة وجب التحفظ على إظهارها وإخفاء تكريرها، كقوله: {مُحَرَّراً} (284).
وأما (285) ترقيقها وتفخيمها (286) فقد أحكم القراء ذلك في كتبهم (287)، فلذلك أضربنا (2881) عنه هنا، ولا بد من تفخيمها إذا كان بعدها ألف واحذر تفخيم الألف معها (2882).
وأما الزاي:
فتقدم (289) الكلام على أنها تخرج من المخرج التاسع من الفم، مما يلي
__________
(276) ب ع (فإذا).
(277) ظ (تؤديها بيسير) ع (ان يؤديها).
(278) س (قوله تعالى) و (قوله) ساقطة من ع.
(279) الأعراف 143، ظ (وخر موسى صعقا).
(280) التوبة 81.
(281) الأنعام 94ومواضع أخر.
(282) الفاتحة 1ومواضع أخر.
(283) (الراء) ساقطة من ع.
(284) آل عمران 35.
(285) ع (وأما أمر ترقيقها).
(286) (وتفخيمها) ساقطة من ب.
(287) (نظر: الداني: التيسير 57).
(2881) ع (ضربنا).
(2882) أنظر الهامش رقم 197من هذا الباب.
(289) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).(1/135)
طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستفلة (290)
صفيرية.
فإذا سكنت وجب بيانها مما بعدها وإشباع لفظها، وسواء لقيت (291)
حرفا مهموسا أو مجهورا، نحو قوله (292): {مََا كَنَزْتُمْ} (293)
و {تَزْدَرِي} (294) و {أَزْكى ََ} (295) و {مُزْجََاةٍ} (296)
و {لَيُزْلِقُونَكَ} (297) و {وِزْرَكَ} (298) وشبه ذلك.
وإذا تكررت الزاي (299) وجب بيانها أيضا، نحو قوله (300): {فَعَزَّزْنََا بِثََالِثٍ} (301) لثقل التكرير، ولا بد من ترقيقها إذا أتى بعدها ألف، كقوله (302): {زََادُوكُمْ} (303) و {الزََّانِيَةُ} (304) ونحو ذلك.
وأما السين:
فتقدم (305) الكلام على مخرجها، وهو مخرج الزاي، وهي مهموسة رخوة
__________
(290) م ب (مستفلة) ظ س ع (منسفلة).
(291) ب (ألقيت).
(292) س (قوله تعالى) و (قوله) ساقطة من ع.
(293) التوبة 35، ظ (ما زكيتم).
(294) هود 31.
(295) البقرة 232ومواضع أخر.
(296) يوسف 88.
(297) القلم 51.
(298) الشرح 2.
(299) (الزاي) ساقطة من ع.
(300) ظ س (قوله تعالى) و (قوله) ساقطة من ع.
(301) يس 14، (بثالث) ساقطة من ع.
(302) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(303) التوبة 47، ع (ما زادوكم وزادكم).
(304) النور 2و 3.
(305) ظ ع (فتقدم) م س ب (تقدم).(1/136)
منفتحة مستفلة (306) صفيرية، ولولا الهمس الذي فيها لكانت زاء (307)، ولولا الجهر الذي في الزاي لكانت سينا، فاختلافهما (308) في السمع هو بالجهر والهمس.
وإذا أتى بعد السين حرف من حروف الإطباق، سواء كانت (309) ساكنة أو متحركة، وجب بيانها في رفق وتؤدة، وإلّا صارت صادا بسبب المجاورة، لأن مخرجهما واحد، ولولا التسفل والانفتاح اللذان في السين لكانت [صادا ولولا الاستعلاء والإطباق اللذان في الصاد لكانت] (310)
سينا (311). وينبغي أن يبيّن (312) صفيرها أكثر من (313) الصاد، لأن الصاد بيّن بالإطباق، نحو {بَسْطَةً} (314) و {مَسْطُوراً} (315) و {تَسْطِعْ} (316)
و {أَقْسَطُ} (317) فتلفظ بها في حالي سكونها وتحريكها برفق ورقة.
وإذا سكنت وأتى بعدها جيم أو تاء فبينها، نحو (318) {مُسْتَقِيمٍ} (319)
و {مَسْجِدٍ} (320) ونحو ذلك (321)، ولو لم تبيّنها (322) لالتبست بالزاي للمجاورة (323). واحذر أن تحركها عند بيانك صفيرها.
__________
(306) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(307) م (الزاي).
(308) ظ (فاختلافها) ع (واختلافها).
(309) ب (أكانت).
(310) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(311) ظ (شينا).
(312) ع (تبين).
(313) ع (من من).
(314) البقرة 247.
(315) الإسراء 58والأحزاب 6. ع (أو مسطور).
(316) الكهف 82م س (تستطيع).
(317) البقرة 282والأحزاب 5وبعدها في ع (وقسطاس).
(318) ظ ع (نحو مسجد ومستقيم).
(319) البقرة 142ومواضع أخر.
(320) الأعراف 29و 31.
(321) (ونحو ذلك) ساقطة من ع.
(322) س ب (يبينها).
(323) ظ (بالمجاورة) س (المجاورة).(1/137)
وإذا أتى لفظ هو بالسين يشبه لفظا هو بالصاد وجب بيان كلّ، وإلّا التبس، نحو {أَسَرُّوا} (324) و {أَصَرُّوا} (325) و {يُسْحَبُونَ} (326)
و {يُصْحَبُونَ} (327) و {قَسَمْنََا} (328) و {قَصَمْنََا} (329)، فلا بد من بيان صفيرها في استفالها (330).
وأما الشين:
فتقدم (331) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثالث من الفم بعد الكاف، من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك، وهي مهموسة رخوة منفتحة مستفلة (332) متفشية، وينبغي أن يبيّن (333) التفشّي الذي فيها عند النطق بها.
وإذا كانت مشددة فلا بدّ من إشباع (334) تفشيها، كقوله (335):
{فَبَشَّرْنََاهُ} (336).
وإذا سكنت فلا بد من بيان تفشيها وتخليصها، كقوله:
{اشْتَرََاهُ} (337)، و {يَشْرَبُونَ} (338) و {اشْدُدْ} (339). وإذا وقفت (340)
__________
(324) المائدة 52ومواضع أخر.
(325) نوح 7.
(326) غافر 71والقمر 48ظ (يسبحون).
(327) الأنبياء 43. م ب (يصبحون)، والعبارة في ع (ويسحبون ويصبحون ويسبحون ويصبحون).
(328) الزخرف 32.
(329) الأنبياء 11.
(330) م (استفالها) وغيرها (انسفالها).
(331) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(332) م (مستقلة) وغيرها (منسفلة).
(333) ظ (تبين).
(334) ع (إتباع).
(335) س (كقوله تعالى) ع (نحو) وكذلك الموضعين الآتيين في س.
(336) الصافات 101وبعدها في ع (والشاكرين).
(337) يوسف 21ع (كاشتراه).
(338) الإنسان 5.
(339) يونس 88، طه 31.
(340) س (وقعت).(1/138)
على نحو {الرُّشْدُ} (341) فلا بد من بيان تفشيها، وإلّا صارت كالجيم. وإن وقع بعدها جيم فلا بد من بيان لفظ الشين، وإلّا تقرب من لفظ الجيم كقوله:
{شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (342)، و {شَجَرَةً تَخْرُجُ} (343) ونحو ذلك.
وأما الصاد المهملة (344):
فتقدم (345) الكلام على أنها تخرج من المخرج التاسع من مخارج الفم، وهو مخرج الزاي والسين، وهي مهموسة رخوة مطبقة مستعلية صفيرية، وقد تقدم الكلام على تضخيمها في ذكر الخاء.
وإذا سكنت الصاد وأتى بعدها دال فلا بد من تخليصها وبيان إطباقها واستعلائها، وإلّا صارت زاء، كقوله (346): {أَصْدَقُ} (347)
و {يُصْدِرَ} (348)، إلا من مذهبه التشريب (349). وإن أتى بعدها طاء فلا بد أيضا من بيان إطباقها واستعلائها، وإلا صارت زاء، كقوله:
{اصْطَفى ََ} (350) و {يَصْطَفِي} (351) وشبهه (352). وإذا أتى بعدها تاء فلا
__________
(341) البقرة 256ومواضع أخر.
(342) النساء 65.
(343) المؤمنون 20.
(344) (المهملة) ساقطة من ع.
(345) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(346) س (كقوله تعالى) وكذلك الموضعين الآتيين.
(347) النساء 87.
(348) (يصدر) بضم الياء وكسر الدال القصص 23.
(349) التشريب يقصد به اشمام الصاد الزاي، أي أن تصير الصاد مجهورة، وذلك إذا كانت الصاد ساكنة وبعدها دال، في مثل (ومن أصدق) و (يصدر) و (قصد) وهو مذهب حمزة والكسائي. (أنظر: الداني: التيسير ص 97ومكي: الكشف 1/ 394). وسمّى سيبويه هذه الظاهرة بالمضارعة (أنظر الكتاب 4/ 477).
(350) البقرة 132ومواضع أخر.
(351) الحج 75.
(352) ع (وشبه ذلك).(1/139)
بد (353) من بيان إطباقها واستعلائها، وإلّا بادر اللسان إلى جعلها سينا، لأن السين أقرب إلى التاء من الصاد إلى التاء (354) كقوله: {وَلَوْ حَرَصْتَ} (355)
و {حَرَصْتُمْ} (356) ونحوه.
وأما الضاد:
فتقدم (357) الكلام على أنها تخرج من المخرج الرابع من مخارج الفم، من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، وهي مجهورة رخوة مطبقة مستعلية مستطيلة.
واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره، والناس يتفاضلون في النطق به.
فمنهم من يجعله ظاء مطلقا، لأنه يشارك الظاء في صفاتها كلها، ويزيد عليها بالاستطالة، فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء، وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق (358). وهذا لا يجوز في كلام (359) الله تعالى، لمخالفة المعنى الذي أراد (360) الله تعالى، إذ لو قلنا {الضََّالِّينَ}
بالظاء كان معناه الدائمين، وهذا (361) خلاف مراد الله تعالى، وهو مبطل للصلاة، لأن (الضلال) بالضاد هو ضد (الهدى)، كقوله (362): {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلََّا إِيََّاهُ} (363)، {وَلَا الضََّالِّينَ} (364) ونحوه، وبالظاء هو (365)
الدوام كقوله (366): {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} (367) وشبهه، فمثال الذي يجعل
__________
(353) ظ (فلا بد أيضا من).
(354) (إلى التاء) ساقطة من ظ.
(355) يوسف 103.
(356) النساء 129.
(357) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(358) س (المشرق) غيرها (الشرق).
(359) م (كتاب).
(360) ع (أراده).
(361) ظ (وهو).
(362) س ع (كقوله تعالى).
(363) الإسراء 67.
(364) الفاتحة 7.
(365) ظ (نحو).
(366) س (كقوله تعالى) وكذلك الموضع الآتي.
(367) النحل 58الزخرف 17وفي ع (وهو كظيم).(1/140)
الضاد ظاء في هذا وشبهه كالذي يبدل السين صادا في (368) نحو قوله (369):
{وَأَسَرُّوا النَّجْوى ََ} (370) و {أَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا} (371) فالأول من السر، والثاني من الإصرار. وقد حكى ابن جني في كتاب التنبيه (372) وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم. وهذا غريب، وفيه توسع للعامة.
ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة، لا يقدرون على غير ذلك، وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب (3731).
ومنهم من يخرجها لاما مفخمة، وهم الزيالع (3732) ومن ضاهاهم.
واعلم أن هذا الحرف خاصة اذا لم يقدر الشخص على إخراجه من مخرجه بطبعه (374) لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم.
واذا أتى بعد الضاد حرف إطباق وجب التحفظ بلفظ الضاد، لئلا (375)
يسبق اللسان إلى ما هو أخف عليه، وهو الإدغام، كقوله (376):
__________
(368) (في) ساقطة من م.
(369) (قوله) ساقطة من ع.
(370) طه 62والأنبياء 3.
(371) ظ س ع (أصروا واستكبروا) ب (استكبارا) م (أصروا) وهي في نوح 7.
(372) لعله يعني كتاب (التنبيه على شرح مشكلات الحماسة) لأبي الفتح عثمان بن جني، وقد اطلعت على هذا الكتاب محققا، وتصفحته ولم اهتد إلى ما أشار إليه ابن الجزري، ولا أقطع بعدم وجوده، لأن الكتاب كبير يقع في أكثر من سبعمائة صفحة (التنبيه على شرح مشكلات الحماسة لابن جني، دراسة وتحقيق عبد المحسن خلوصي الناصري، رسالة ماجستير على الآلة الكاتبة كلية الآداب بجامعة بغداد 1974.
(3731) ظ (المغرب) غيرها (الغرب).
(3732) ب) زيلغ جيل من السودان في طرف أرض الحبشة وهم مسلمون وأرضهم تعرف بالزيلغ، ومن جزائر اليمن جزيرة زيلغ (ينظر: ياقوت. معجم البلدان 2/ 966.
(374) س (ولا).
(375) ب (لا).
(376) س (كقوله تعالى) ع (نحو) وكذلك الموضعين الآتيين.(1/141)
{فَمَنِ اضْطُرَّ} (377) و {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} (378).
واذا سكنت الضاد وأتى بعدها حرف من حروف المعجم فلا بد من المحافظة (379) على بيانها، وإلّا بادر اللسان إلى ما هو أخف منها، نحو قوله:
{أَفَضْتُمْ} (380) و {خُضْتُمْ} (381) و {اخْفِضْ جَنََاحَكَ} (382)
وقبضنا (383) و {فَرَضْنََا} (384) و {خُضْراً} (385) و {نَضْرَةً} (386)
و {فِي تَضْلِيلٍ} (387) ونحو ذلك (388).
واذا تكررت هي (389)، أو أتى بعدها ظاء، فلا بد من بيان كل واحد منهما (390) وإخراجها من مخرجها، كقوله {يَغْضُضْنَ} (391) و {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (392) و {يَعَضُّ الظََّالِمُ} (393) ونحوه.
وإذا أتى بعدها حرف مفخم وغيره (394) فلا بد من بيانها، لئلا يبدلها
__________
(377) البقرة 173ومواضع أخر.
(378) البقرة 126وقبلها في ع (ما اضطررتم).
(379) ظ (المخالفة).
(380) البقرة 198والنور 14.
(381) التوبة 69وهذه الكلمة قبل السابقة في ع.
(382) الحجر 88والشعراء 215.
(383) الفرقان 46 (قبضناه).
(384) الاحزاب 50.
(385) الكهف 31.
(386) الانسان 11والمطففين 24.
(387) الفيل 2.
(388) ع (وشبه ذلك).
(389) (هي) ساقطة من ع. والعبارة في م (واذا تكررت هي، مثال تكررها، يغضضن، واغضض، ونحوه، او أتي).
(390) ظ (واحد) م ظ س (منهم).
(391) (يغضضن) النور 31زيادة من ع.
(392) الشرح 3.
(393) الفرقان 27.
(394) (وغيره) ساقطة من ظ. وفي ع (أو غيره).(1/142)
اللسان حرفا من جنس ما بعدها، كما تقدم، نحو {أَرْضُ اللََّهِ} (395)
و {الْأَرْضِ ذَهَباً} (396) وشبه ذلك. والتفخيم ذكر قبل.
وأما الطاء المهملة:
فتقدم (397) الكلام على أنها تخرج من مخرج التاء والدال، وهو المخرج الثامن من مخارج الفم، وهي (398) من أقوى الحروف، لأنها حرف مجهور شديد مطبق مستعل مقلقل اذا سكن، وقد تقدم الكلام على تفخيمه.
وإذا تكررت الطاء (399) وجب بيانها لقوتها (400) كقوله (401):
{شَطَطاً} (402). واذا سكنت، سواء كان (403) سكونها لازما أو عارضا، فلا بد من بيان إطباقها وقلقلتها، نحو قوله:
{الْخَطْفَةَ} (404) و {الْأَطْفََالُ} (405) و {الْبَطْشَةَ} (406) و {الْأَسْبََاطِ} (407)
و {اخْتَلَطَ} (408) و (القسط) (409) ونحوه في الوقف.
__________
(395) النساء 97ومواضع أخر.
(396) آل عمران 91وفي ظ (والأرض ذلك).
(397) (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(398) ظ (وهو).
(399) (الطاء) ساقطة من ع.
(400) (لقوتها) ساقطة من ظ.
(401) س (كقوله تعالى) ع (نحو) وكذا الموضع الآتي.
(402) الكهف 14والجن 4.
(403) ب (أكان).
(404) الصافات 10.
(405) النور 59. وهذه الكلمة في ع قبل السابقة.
(406) الدخان 16.
(407) البقرة 136ومواضع أخر.
(408) الأنعام 146ومواضع أخر ب ع (أحاط) م (احتاط).
(409) آل عمران 18ومواضع أخر.(1/143)
واذا سكنت وأتى بعدها تاء فأدغمها (410) فيها إدغاما غير مستكمل، يبقى (411) معه (412) تضخيمها واستعلاؤها، لقوة الطاء (413) وضعف التاء، نحو: {بَسَطْتَ} (414) و {أَحَطْتُ} (415) و {فَرَّطْتُ} (416) لأن أصل الإدغام أن يدغم الأضعف في الأقوى (417)، ليصير في مثل قوته، وفي مثل هذا عكسه، وسوغه القلب، لكن الصفة باقية دالة على موصوفها في نحو هذا كالغنة، ألا ترى أنك اذا أدغمت التاء في الطاء في (418) نحو {وَدَّتْ طََائِفَةٌ} (419) لم تبق (420) من لفظها شيئا، لأن الإدغام على ما ينبغي أن (421)
يكون كاملا في نحو هذا، ولولا أنهما من مخرج واحد لم تدغم الطاء فيها، فلذلك ضعف الإدغام عن (422) أن يكون مكملا. ونظيره إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء، اذا أبقيت الغنة، فيكون التشديد متوسطا، لأجل إبقاء الغنة. قال أبو (423) عمرو الداني: هذا مذهب القراء (424).
وقد يجوز إدغامها وإدغام صوتها، أعني الطاء في التاء، كجوازه في إدغام التنوين والنون في الواو والياء مع غنتهما (425)، كرواية خلف عن سليم (426)
عن حمزة، وهو الأقل (427). قال (428) شريح في نهاية الإتقان (429): من العرب من يبدل التاء طاء، ثم يدغم (430) الطاء الأولى فيها (431)، فيقول:
__________
(410) ظ (فادغامها).
(411) ع (تبقي).
(412) ظ (منه).
(413) ع (لقوتها).
(414) المائدة 28.
(415) النمل 22.
(416) الزمر 56.
(417) ع (القوي).
(418) (في) ساقطة من ظ.
(419) آل عمران 69.
(420) م ظ (يبق).
(421) (ان) ساقطة من م.
(422) (عن) ساقطة من ظ.
(423) ع (قال الحافظ ابو).
(424) التحديد ورقة 104و.
(425) م ع (غنتها).
(426) (سليم) ساقطة من م.
(427) انظر: الداني: التيسير ص 45.
(428) ظ (وقال).
(429) ع (في نهايته).
(430) ب (تدغم).
(431) ع (في الثانية).(1/144)
أحطّ و (فرط) (432) وهذا مما يجوز في كلام الخلق لا في كلام الخالق.
واذا كانت الطاء مشددة فلا بد من بيانها، نحو {اطَّيَّرْنََا} (433) و {أَنْ يَطَّوَّفَ} (434)، وإلّا مال بها اللسان إلى الرخاوة.
واما الظاء:
فتقدم (435) الكلام على مخرجها وأنها تخرج من مخرج الذال والثاء، وهو المخرج العاشر، وهي مجهورة رخوة مطبقة مستعلية، وتقدم الكلام على تفخيمها.
وإذا سكّنت الظاء (436) وأتى بعدها تاء وجب بيانها، لئلا تقرب من الإدغام، نحو {أَوَعَظْتَ} في الشعراء (437)، ولا ثاني له. قال مكي: الظاء مظهر بغير اختلاف في ذلك بين القراء (438). وقال الداني في كتاب التحديد (439) له (440): وقد جاء (441) عن أبي عمرو والكسائي ما لا يصح في الأداء ولا يؤخذ به في التلاوة (442). وكذا يلزم تخليصه وبيانه ساكنا كان (443) أو متحركا حيث وقع.
__________
(432) يعني (أحطت وفرطت).
(433) النمل 47.
(434) البقرة 58.
(435) ع (فتقدم) وتبعه النسخ (تقدم).
(436) (الظاء) ساقطة من ع.
(437) آية 136.
(438) مكي: الرعاية ص 196.
(439) م س (التجويد).
(440) (له) ساقطة من ع.
(441) العبارة في التحديد ورقة 104ظ (وقد جاء فيه عن).
(442) الداني: التحديد ورقة 104ظ.
(443) (كان) ساقطة من ظ.(1/145)
وأما العين المهملة (444)
فتقدم (445) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثاني من الحلق من قبل مخرج الحاء، وهي مجهورة بين الشدة والرخاوة منفتحة (446) مستفلة (447)، فاذا لفظت بها فبيّن (448) جهرها، وإلّا عادت حاء، إذ لولا الجهر وبعض الشدة لكانت حاء، كذلك لولا الهمس والرخاوة اللذان في الحاء لكانت عينا.
فإذا وقع بعدها حرف مهموس، كقوله (449): {تَعْتَدُوا}
و {الْمُعْتَدِينَ} (450) فبيّن جهرها وشدتها، وكذا إذا وقع بعدها ألف نحو:
{الْعََالَمِينَ} (451) فلطّف العين ورقق الألف. وبعض الناس يفخمونه، وهو خطأ.
فإذا تكررت فلا بد من بيانها، لقوتها وصعوبتها على اللسان كقوله (452):
{وَنَطْبَعُ عَلى ََ} (453) و {فُزِّعَ عَنْ} (454) وشبهه.
وإذا وقع بعد العين الساكنة غين (455) وجب بيانها، لقرب المخرج ولمبادرة اللفظ إلى الإدغام، نحو {وَاسْمَعْ غَيْرَ} (456).
__________
(444) (المهلة) ساقطة من ع.
(445) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(446) (منفتحة) ساقطة من ع.
(447) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(448) ظ (بين).
(449) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(450) الكلمتان في البقرة 190ومواضع أخر.
(451) الفاتحة 2ومواضع أخر.
(452) س (كقوله تعالى).
(453) الاعراف 100.
(454) سبأ 23.
(455) العبارة في ع (واذا وقع بعدها حال سكونها غين معجمة).
(456) النساء 46.(1/146)
وأما الغين:
فتقدم (457) الكلام على أنها تخرج من مخرج الخاء، وهو (458) آخر المخرج الثالث من الحلق مما يلي (459) الفم، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستعلية (460)، وتقدم (461) الكلام على تفخيمها.
فاذا لقيت (462) حرفا من حروف الحلق وجب بيانها (463)، نحو {رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا} (464) و {أَبْلِغْهُ} (465). وكذلك القاف، نحو {لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا} (466) لأن مخرج الغين (467) قريب من مخرج العين (468) قبله، والقاف بعده، فيخشى أن يبادر اللفظ إلى الإخفاء والإدغام.
وإذا وقع بعد الغين الساكنة شين وجب بيانها، لئلا تقرب (469) من لفظ الخاء، لاشتراكهما في الهمس والرخاوة، كقوله (470): {يَغْشى ََ} (471) ونحوه.
وكذا حكمه مع سائر الحروف، نحو {فَرَغْتَ} (472) و {ضِغْثاً} (473)
و {يَغْفِرْ} (474) و {بَغْياً} (475) و {أَغْنى ََ} (476) و {أَغْلََالًا} (477)
و {أَغْطَشَ} (478) ونحو ذلك.
__________
(457) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(458) ظ س (وهي).
(459) ظ (تلي).
(460) ع (مستطيلة).
(461) م (وقد تقدم).
(462) ع (القيت).
(463) س (بيانه).
(464) البقرة 250والأعراف 126.
(465) التوبة 6.
(466) آل عمران 8.
(467) ظ (القاف).
(468) ظ (الغين).
(469) ظ (يقرب).
(470) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(471) آل عمران 15ومواضع أخر.
(472) الشرح 7.
(473) سورة ص 44.
(474) آل عمران 31ومواضع أخر.
(475) البقرة 90ومواضع أخر. وهذه الكلمة في ع قبل السابقة.
(476) الأعراف 48ومواضع أخر.
(477) يس 8والإنسان 4.
(478) النازعات 29.(1/147)
وأما الفاء:
فتقدم (479) الكلام على مخرجها من الفم، وهو الحادي عشر، وهو من أطراف الثنايا العليا وباطن الشفة السفلى، وهي مهموسة رخوة منفتحة مستفلة (480) متفشية.
فإذا التقت بالميم أو (481) الواو فلا بد من بيانها لتأففها (482)، نحو {تَلْقَفُ مََا} (483) و {لََا تَخَفْ وَلََا} (484) ونحو ذلك. وإذا تكررت الفاء (485) وجب بيانها، سواء كانت (486) في كلمة أو كلمتين، كقوله (487):
{يُخَفِّفَ} (488) و {لْيَسْتَعْفِفِ} (489) و {تَعْرِفُ فِي} (490) في مذهب المظهر (491). وإذا أتى بعدها ألف فلا بد من ترقيقها (492).
وأما القاف:
فتقدم (493) الكلام على أنها تخرج من أول مخارج (494) الفم من جهة
__________
(479) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(480) ظ (منسفلة).
(481) ظ ع (أو) م س ب (و).
(482) ع (لتأمنها).
(483) الأعراف 117.
(484) العنكبوت 33ع (تلقف ما، لا تخف ولا).
(485) (الفاء) ساقطة من ع.
(486) ب (أكانت).
(487) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(488) النساء 28.
(489) النور 33.
(490) الحج 72والمطففين 24. م س ع (تعرف).
(491) ب ع (المظهر ونحو ذلك).
(492) ع (نحو فاكهون).
(493) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(494) م (مخرج).(1/148)
الحلق، من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى، وهي مجهورة شديدة مستعلية مقلقلة منفتحة، وهي قريبة من مخرج الكاف، وتقدم الكلام على تفخيمها، وينبغي المبالغة فيه.
وإذا سكنت، وكان سكونها لازما أو عارضا، فلا بد من بيان قلقلتها وإظهار شدتها، وإلّا مازجت الكاف، نحو {يَقْتُلُونَ} (495)، و {أَقْسَمُوا} (496)، و {لََا تَقْنَطُوا} (497) و {اقْصِدْ} (498)، و {فَلََا تَقْهَرْ} (499)، و {فَاقْضِ} (500)، و {الْحَقُّ} (501) و {فِرْقٍ} (502)
ونحو ذلك، ألا ترى أنه لو لم تبيّن (503) قلقلتها في مثل قوله (504):
{يَقْتُلَ} (505) صار مثل يكتل (506)، وكذا {تَقْفُ} (507) مثل تكف (508). وإذا تكررت وجب بيان كلّ، نحو {حَقَّ قَدْرِهِ} (509)
و {الْحَقُّ قََالُوا} (510).
__________
(495) البقرة 61وفي ع (تقتلون).
(496) المائدة 53بعدها في ع (واقسطوا).
(497) الزمر 53.
(498) لقمان 19.
(499) الضحى 9.
(500) طه 72.
(501) البقرة 26ومواضع أخر. ظ (فالحق).
(502) الشعراء 63.
(503) ظ س (يبين).
(504) س (قوله تعالى).
(505) النساء 92في م (يقتل) ظ س ب (نقتل). ع (تقتل) ورجحت قراءة م لانها هي الموجودة في القرآن.
(506) م (يكثل) ظ س ب (نكتل) ع (تكتل).
(507) الاسراء 36.
(508) م (تكف) ظ (تكلف) ب ع (يكف) وهي غير واضحة في س.
(509) الانعام 91الحج 74.
(510) الزخرف 30م (الحق قال).(1/149)
واذا وقعت الكاف بعدها أو قبلها وجب بيان كل منهما، لغير المدغم (511)، نحو {لَكَ قُصُوراً} (512) و {خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (513)
و {خَلَقَكُمْ} (514) وشبه ذلك. وفي إدغامها اذا سكنت في الكاف مذهبان:
الإدغام الناقص مع إظهار التفخيم والاستعلاء، كالطاء في التاء، وهذا مذهب ابي محمد مكي (515) وغيره. والإدغام (516) الكامل (517) بلا إظهار شيء، فتصير كافا مشددة (518)، وهو مذهب الداني (519) ومن والاه. قلت:
وكلاهما (520) حسن، وبالأول أخذ عليّ المصريون، وبالثاني الشاميون.
واختياري الثاني، وفاقا للداني (521)، وقياسا على مذهب أبي عمرو، [أعني ابن العلاء البصري] (522).
وأما الكاف:
فتقدم (523) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثامن من مخارج الفم، بعد (524) القاف مما يلي الفم، وهي مهموسة شديدة منفتحة مستفلة (525).
__________
(511) وهو مذهب أبي عمرو بن العلاء (انظر: الداني: التيسير ص 23).
(512) الفرقان 10.
(513) الانعام 101زيادة من ب ع.
(514) البقرة 21ومواضع أخر.
(515) انظر: مكي: الرعاية ص 146.
(516) ع (الادغام).
(517) (الكامل) ساقطة من ظ.
(518) س ع (فيصير) م (مشددا) ع (مشدة).
(519) ع (الحافظ الداني). انظر: الداني: التحديد ورقة 101ظ.
(520) ظ (قلت كلاهما).
(521) ع (للحافظ الداني).
(522) ما بين المعقوفين في ع فقط. وقد أثبتناه قصد الايضاح.
(523) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(524) ع (من بعد).
(525) س (مستفلة) م (مستعلية) ظ ب ع (منسفلة).(1/150)
فإذا أتى بعدها حرف استعلاء وجب التحفظ ببيانها، لئلا تلتبس بلفظ القاف، كقوله (526): {كَطَيِّ السِّجِلِّ} (527)، و {كَالطَّوْدِ} (528) ونحوه.
وإذا تكررت الكاف من (529) كلمة أو كلمتين فلا بد من بيان كل واحد منهما، لئلا يقرب اللفظ من الإدغام، لتكلف اللسان بصعوبة التكرير، نحو قوله (530): {مَنََاسِكَكُمْ} (531) و {إِنَّكَ كُنْتَ} (532) على مذهب المظهر (533).
وإذا وقعت الكاف (534) في موضع يجوز أن تبدل (535) منها قاف (536) في بعض اللغات وجب بيان الكاف، لئلا تخرج (537) من لغة إلى لغة أخرى، نحو قوله (538): {وَإِذَا السَّمََاءُ كُشِطَتْ} (539) قرأ ابن مسعود (قشطت) بالقاف (540)
ولا بد من ترقيقها إذا (541) أتى بعدها ألف.
__________
(526) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(527) الأنبياء 104.
(528) الشعراء 63وسقطت واو العطف بين المثالين من ع.
(529) ظ (في).
(530) م س (قوله تعالى) ع (نحو مناسككم).
(531) البقرة 200.
(532) طه 35.
(533) ظ (المظهرين). انظر الداني: التيسير ص 23.
(534) (الكاف) ساقطة من ع.
(535) س (يبدل).
(536) ظ (قافا).
(537) ظ (يخرج).
(538) س (قوله تعالى) ع (نحو وإذا).
(539) التكوير 11.
(540) انظر: ابن خالويه: مختصر في شواذ القرآن ص 169.
(541) ع (وإذا)(1/151)
وأما اللام:
فتقدم (542) الكلام على أنها تخرج من المخرج الخامس من مخارج الفم، بعد مخرج الضاد، من حافة اللسان فأدناها (543) إلى منتهى طرفه، وهي مجهورة (544) بين الشدة والرخاوة منفتحة مستفلة (545).
فإذا سكنت وأتى بعدها نون في كلمة فلا بد من بيان سكونها، نحو {جَعَلْنَا} و {قُلْنََا} (546)، واحذر من تحريكها، كما يفعله بعض العجم، وكذلك أظهرها في نحو قوله (547): {فَقُلْ تَعََالَوْا} (548) و {قُلْ نَعَمْ} (549).
وأما لام التعريف فلا بد من إظهارها عند هذه الحروف: الياء، والجيم، والحاء، والخاء، والعين، والغين، والفاء، والقاف، والكاف (550)، والميم، والهاء، والواو، والياء. وإدغامها (551) فيما بقي. وقد نظمتها أوائل (552) كلم هذين البيتين، فإذا (553) حفظت يفهم (554) (555) أن ما عداها مظهر، وهي (556)
قولي:
__________
(542) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(543) ع (أدناها).
(544) ظ (مجهورة [شديدة] بين).
(545) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(546) ع (نحو قلنا وجعلنا وأنزلنا وفضلنا).
(547) م س (قوله تعالى) ع (قوله) ساقطة.
(548) الأنعام 151.
(549) الصافات 18.
(550) ظ س (والكاف واللام والميم) ع (والكاف والهمزة والميم) م ب (والكاف والميم).
(551) س (فإدغامها).
(552) ع (في أوائل).
(553) ع (وإذا).
(554) م س (يفهم) ظ ب ع (تفهم).
(555) ظ (ما عدا ذلك).
(556) ع (وهما).(1/152)
واللام للتعريف أدغمها تنل ... ثواب داء زانه ذو شفا (557)
رماه سهم صائب لحظه ... نائبة ظلم طبيب ضفا (558)
كقوله (559): التراب، الثواب، الدار (560)، والزاني، الذل، الشراب، الرحمن، السماء، الصراط، الليل، النار (561)، الظالم، الطير، الضالين.
فإن قيل لم أدغمت اللام الساكنة في نحو النار والناس (562)، وأظهرت في نحو قوله (563): {قُلْ نَعَمْ} (564) وكل منهما واحد؟ قلت: لأن هذا فعل قد أعلّ بحذف عينه، فلم يعلّ ثانيا بحذف لامه، لئلا يصير في الكلمة إجحاف، إذ لم يبق منها إلّا حرف واحد. و (آل) حرف (565) مبني على السكون لم يحذف منه شيء، ولم يعل بشيء، فلذلك أدغم، ألا ترى أن الكسائي ومن وافقه (566) أدغم اللام من (هل وبل) في نحو قوله (567): {هَلْ تَعْلَمُ} (568)
و {بَلْ نَحْنُ} (569) ولم يدغمها في {قُلْ نَعَمْ} و {قُلْ تَعََالَوْا} (570).
فإن قيل: قد أجمعوا على إدغام {قُلْ رَبِّي} (571) والعلة موجودة؟
__________
(557) ظ ب (في التعريف) م س ع (للتعريف) ب س (ادغمها) م ع (أدغم) ظ (إدغامها) ب س ع (داء زانه) م (دار زانه) ظ (داء زانها).
(558) ظ ع (نائبة) م (نابيه) ب س: غير واضحة.
(559) س (كقوله تعالى) وكذا الموضعان الآتيان، ع (نحو).
(560) (الدار) ساقطة من ظ.
(561) ظ (النهار).
(562) ع (النار والنور والناس).
(563) ظ (في نحو قل) ع (في قل).
(564) الصافات 18.
(565) (وال حرف) ساقطة من س وفي ع (والحرف).
(566) انظر: الداني: التيسير ص 43.
(567) (قوله) ساقطة من ع.
(568) مريم 65.
(569) الواقعة 67.
(570) الأنعام 151.
(571) الكهف 22ومواضع أخر.(1/153)
قلت: لأن الراء حرف مكرر منحرف فيه شدة وثقل، يضارع حروف (572)
الاستعلاء بتفخيمه واللام (573) ليس كذلك، فجذب اللام جذب القوي للضعيف، ثم أدغم الضعيف في القوي، على الأصل، بعد أن قوي بمضارعته بالقلب (574)، والراء قائم بتكريره مقام حرفين كالمشددات، فاعلم. وأما النون فهو أضعف من اللام بالغنة، والأصل أن لا يدغم الأقوى في الأضعف، ألا ترى أن اللام إذا سكنت كان إدغامها في الراء إجماعا (575)، ولا كذلك العكس. وكذلك إذا سكنت النون كان إدغامها في اللام إجماعا، ولا كذلك العكس، وهذان سؤالان لم أر أحدا تعرض إليهما.
وإذا جاورت اللام لاما مغلظة فتعمّل في بيانها وتخليصها، وإلّا فخمت ما لا يجوز تفخيمه، كقوله (576): {جَعَلَ اللََّهُ} (577) و {قََالَ اللََّهُ} (578).
وكذلك إن لاصقها حرف إطباق، فبيّن ترقيقها، نحو: {اللَّطِيفُ} (579)
و {مَا اخْتَلَطَ} (580) و {لَسَلَّطَهُمْ} (581) ونحوه (582)، ومع ذلك فلا بد من تفخيم اسم (الله) تعالى (583) إذا كان قبله ضمة أو فتحة (584)، ومن ترقيقه إذا كان قبله كسرة. وبعد الإمالة فيها (585) خلاف.
__________
(572) م (حرف).
(573) ظ (فاللام).
(574) ظ (القلب).
(575) ع (اجماعا من أكثر الطرق).
(576) س (كقوله تعالى) ع (نحو).
(577) النساء 5ومواضع أخر.
(578) آل عمران 55ومواضع أخر.
(579) الأنعام 103والملك 14.
(580) الأنعام 146ع (اختلط).
(581) النساء 90.
(582) م ع (ونحو ذلك).
(583) (تعالى) ساقط من ظ.
(584) ع (فتحة أو ضمة نحو: وما الله بغافل، ويد الله).
(585) ع (فيه).(1/154)
وأما الميم:
فتقدم (586) الكلام على أنها تخرج من المخرج الثاني عشر من مخارج الفم، من مخرج الباء، وهي مجهورة بين الشدة والرخاوة منفتحة مستفلة (587)، وهي أخت الباء لأن مخرجهما واحد، فلولا الغنة التي في الميم وجريان النفس معها لكانت باء (588)، والميم أيضا مؤاخية النون (589)، للغنة التي في كل منهما تخرج من الخيشوم، ولأنهما مجهورتان، ولذلك (590) أبدلت العرب إحداهما من الأخرى، فقالوا: غين وغيم، وقالوا في الغاية: الندى والمدى (591).
فإذا سكنت الميم وأتى بعدها فاء أو واو (592) فلا بد من إظهارها، كقوله (593): {هُمْ فِيهََا} (594) و {يَمُدُّهُمْ فِي} (595) و {عِدْهُمْ وَمََا} (596) ونحوه (597).
وإذا سكنت وأتى بعدها باء فعن أهل الأداء فيها خلاف، منهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، ومنهم من يدغمها (598)، وإلى إخفائها
__________
(586) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(587) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(588) ظ (لكانت الميم باء).
(589) (النون) ساقطة من س.
(590) س (وكذلك).
(591) ظ ب س ع (الندا والمدا) م (النداء والمد). انظر السيوطي: المزهر 1/ 468.
(592) ع (فاء وواو).
(593) س (تعالى) ع (نحو).
(594) البقرة 25ومواضع أخر.
(595) البقرة 15ظ (وعدهم في) وهو تصحيف.
(596) الإسراء 64.
(597) (ونحوه) ساقطة من ع.
(598) (ومنهم من يدغمها) ساقطة من ب ع والعبارة في ب فقط هكذا: (ومنهم من يظهرها عندها، ومنهم من يخفيها، [ومن أخفاها فلا بد عنها من إظهار الغنة]، وإلى إخفائها).(1/155)
ذهب جماعة، وهو مذهب ابن مجاهد وابن بشر (599) وغيرهما، وبه قال:
[الداني (600). وإلى إدغامها (601) ذهب ابن المنادي وغيره. وقال] (602) أحمد ابن يعقوب التائب: أجمع (603) القراء على تبيين الميم الساكنة وترك إدغامها إذا لقيها باء في كل القرآن (604). وبه قال مكي (605).
وبالإخفاء أقول، قياسا على مذهب أبي عمرو بن العلاء (606)، قال شيخنا ابن الجندي رحمه الله واختلف في الميم الساكنة إذا لقيت باء، والصحيح إخفاؤها مطلقا، أي سواء كانت (607) أصلية السكون ك {أَمْ بِظََاهِرٍ} (608) أو عارضة ك {يَعْتَصِمْ بِاللََّهِ} (609). ومع ذلك فلا بد من ترقيقها وترقيق ما بعدها، إذا كان ألفا.
وأما النون:
فتقدم (610) الكلام على أنها تخرج من المخرج السادس من مخارج الفم، فوق اللام قليلا، على الاختلاف الذي ذكرناه قبل، وهي مجهورة بين الشدة
__________
(599) م ظ ب س (بشير) ع (بشر). وفي التحديد للداني (ورقة 109ظ): علي بن بشر.
(600) انظر: التحديد ورقة 109ظ 110و.
(601) م ظ س (إدغامها) ع (إظهارها). وفي التحديد للداني (ورقة 109ظ): «وقال أبو الحسن بن المنادي: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والفاء».
(602) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(603) س (اجتمع).
(604) انظر: الداني: التحديد ورقة 109ظ.
(605) انظر: الرعاية ص 206.
(606) ع (مذهب زيان) وهو اسم أبي عمرو بن العلاء (انظر: ابن الجزري: غاية النهاية 1/ 288). وقيل هو (زبان) بالباء الموحدة، وهو الراجح في اسمه.
(607) ب (أكانت).
(608) الرعد 33.
(609) آل عمران 101.
(610) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).(1/156)
والرخاوة منفتحة مستفلة (611) فيها غنة، إذا سكنت تخرج من الخياشيم من غير (612) مخرج المتحركة وسأفرد لأحكامها إذا سكنت بابا بعد، إن شاء الله تعالى (613)، والكلام هنا على المتحركة.
فإذا جاء بعدها ألف غير الممالة (614) يجب على القارئ أن يرققها، ولا يغلّظها كما يفعل بعض الناس، وإذا (615) تكررت وجب التحفظ من ترك بيان المثلين، وإذا (616) كانت الأولى مشددة كان البيان آكد، لاجتماع ثلاث نونات، كقوله (617): {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ} (618).
وأما قوله تعالى: {مََا لَكَ لََا تَأْمَنََّا} (619) فللسبعة فيه وجهان، أحدهما الإشارة بالشفتين إلى الحركة بعد الإدغام، وعلى هذا يكون إخفاء (620).
وإذا ألقيت (621) حركة الهمزة على التنوين وحرك بها على مذهب ورش، كقوله في سورة (622) يوسف: {مِنْ سُلْطََانٍ إِنِ الْحُكْمُ} (623) لفظ بثلاث نونات متواليات مكسورات (624).
وأما الهاء:
فتقدم (625) الكلام على أنها تخرج من مخرج الهمزة، من وسط المخرج الأول من مخارج الحلق، بعد مخرج الهمزة، وهي مهموسة رخوة منفتحة مستفلة (626) خفية، فلولا الهمس والرخاوة اللذان فيها مع شدة الخفاء (627)
لكانت همزة، ولولا الشدة والجهر اللذان في الهمزة لكانت هاء، إذا المخرج
__________
(611) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(612) (غير) ساقطة من م.
(613) (تعالى) ساقطة من ب س ع.
(614) س ع (ممالة).
(615) م (فإذا).
(616) س (اذا).
(617) س (تعالى). ع (نحو).
(618) سورة ص 88.
(619) يوسف 11.
(620) انظر: الداني: التيسير ص 127.
(621) س (إذا ألقيت) م ظ (وإذا لقيت).
(622) (سورة) ساقطة من س.
(623) يوسف 40.
(624) انظر: الداني: التيسير ص 35.
(625) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(626) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(627) ع (الفاء).(1/157)
واحد، ومن أجل ذلك أبدلت العرب من الهاء همزة ومن الهمزة هاء، فقالوا: ماء وأصله ماه، وأصل ذا موه (628)، ثم أعلّ. وأرقت الماء وهرقته، وكذا في مواضع (629). والحروف تكون من مخرج واحد، وتختلف صفاتها، فيختلف لذلك ما يقع في السمع (630) من كل حرف.
ولما كانت الهاء حرفا خفيا وجب أن يتحفظ (631) ببيانها، لا سيما إذا تكررت، سواء كانت (632) في كلمة أو كلمتين، لتكرر الخفاء ولتأتّي الإدغام في ذلك لاجتماع المثلين، وذلك نحو قوله تعالى (633):
{وُجُوهُهُمْ} (634) و {يُلْهِهِمُ} (635) و {فِيهِ هُدىً} (636) و {فَاعْبُدُوهُ هََذََا} (637) ونحو ذلك (638).
وإذا كانت الهاء (639) (640) لا سيما إذا كان قبلها حرف مجهور كهذا (641)، لأن أصله (يوجهه) بهاءين، وبهما (642) رسم في الأمهات، فلما سكنت الهاء الأولى للشرط أدغمت في الثانية، وكذا كل هاء مشددة، نحو
__________
(628) ظ (وأصله موه).
(629) أنظر: السيوطي: المزهر 1/ 462.
(630) (في السمع) ساقطة من ظ.
(631) ع (تحفظ).
(632) ب (أكانت).
(633) (تعالى) ساقطة من م ب، وفي ع (المثلين نحو وجوههم).
(634) آل عمران 106ومواضع أخر.
(635) الحجر 3.
(636) سورة البقرة 2المائدة 46.
(637) آل عمران 51ومواضع أخر.
(638) (ونحو ذلك) ساقطة من ع.
(639) (الهاء) ساقطة من ع.
(640) النحل 76.
(641) ع (هكذا).
(642) ع (وبها).(1/158)
{فَمَهِّلِ} (643).
وأما قوله تعالى: {مََالِيَهْ هَلَكَ} (644) فاختلف (645) أهل الأداء في إظهارها وإدغامها، والمختار أن لا تدغم هاء السكت في غيرها لعروضها، وأن ينوى بها الوقف. ومنهم من يأخذ بإدغامها، للتماثل وسكون الأول منهما (646).
وإذا سكنت الهاء (647) وأتى بعدها حرف آخر فلا بد من بيانها لخفائها، نحو {يَسْتَهْزِئُ} (648) و {عَهْداً} (649) و {اهْتَدى ََ} (650)
و (العهن) (651) وشبه ذلك.
وإذا وقعت بين ألفين وجب بيانها، لاجتماع ثلاثة أحرف خفية، كقوله تعالى (652): (بناها) (653) و {طَحََاهََا} (654) ونحوه (655).
__________
(643) الطارق 17.
(644) الحاقة 2928.
(645) ع (فاختلف) وبقية النسخ (اختلف).
(646) انظر: ابن الأنباري: إيضاح الوقف والابتداء 1/ 311303. والداني: التيسير ص 214.
(647) (الهاء) ساقطة من ع.
(648) البقرة 15.
(649) البقرة 80ومواضع أخر.
(650) يونس 108ومواضع أخر.
(651) المعارج 9والقارعة 5.
(652) (تعالى) ساقطة من م ب وفي ع (نحو).
(653) النازعات 27والشمس 5.
(654) الشمس 6.
(655) (ونحوه) ساقطة من ع وفي ب بعد كلمة (ونحوه) ما يلي: «ومن الناس من لا يوصلها إلى مخرجها، بل يخرجها ممزوجة بين العين والكاف. وهذا لا يجوز بدلا عن بيانها بيانا تاما، والتحفظ من ذلك، وإخراجها من أقصى الحلق».(1/159)
وأما الواو:
فتقدم (656) الكلام على أنها تخرج من مخرج الباء والميم، وهو المخرج الثاني عشر من بين الشفتين، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستفلة (657) بين الشدة والرخاوة في قول. فأما ما يتعلق بالمد واللين فيها وفي أختيها (658) فسأفرد لذلك بابا بعد، إن شاء الله تعالى.
وإذا جاءت الواو مضمومة أو مكسورة وجب بيانها وبيان حركتها، لئلا يخالطها لفظ غيرها، أو يقصر اللفظ عن إعطائها حقها، كقوله (659):
{وُجُوهٌ} (660) و {تَفََاوُتٍ} (661) و {لََا تَنْسَوُا الْفَضْلَ} (662) و {لِكُلٍّ وِجْهَةٌ} (663).
فإن (664) انضمت ولقيها مثلها كان بيانها آكد لثقلها، نحو (وري) (665).
وإذا سكنت وانضم ما قبلها، وأتى بعدها مثلها، وجب بيان كل منهما، خشية الإدغام لأنه غير جائز، وتمكّن الواو الأولى لمدها ولينها، وذلك (666)
نحو {آمَنُوا وَعَمِلُوا} (667) و {قََاتَلُوا وَقُتِلُوا} (668). فإن انفتح ما قبل
__________
(656) ع (فتقدم) وفي بقية النسخ (تقدم).
(657) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(658) ع (فيها وفي أختيها) ب (فيها وأختيها) م ظ س سقط منها (فيها وفي) وفي س (وأختيها).
(659) ع (نحو) س (كقوله تعالى).
(660) آل عمران 106ومواضع أخر.
(661) الملك 3.
(662) البقرة 237.
(663) البقرة 148.
(664) ظ ب (فإذا).
(665) الأعراف 20.
(666) (ذلك) ساقطة من ع.
(667) البقرة 25ومواضع أخر.
(668) آل عمران 195.(1/160)
الأولى وجب الإدغام وبيان التشديد، لأنها صارت في حكم الصحيح، فإدغامها واجب، كقوله (669) {اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} (670).
وإذا أتت الواو (671) مشددة فلا بدّ من بيان التشديد بقوة، من غير تمضيغ ولا رخاوة كقوله: {لَوَّوْا} (672) و {أُفَوِّضُ} (673)
و {عَدُوًّا} (674) ونحوه.
وأما الألف (675)
فتقدم (676) الكلام على أنها تخرج من مخرج الهمزة والهاء من أول الحلق، وتقدم الكلام على صفاتها وعللها، فهو مغن عن الإعادة هنا، ولا تكون إلّا ساكنة، ولا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا، وهو منفرد بأحوال ليست في غيره، ويقع زائدا إذا لم ينقلب (677) عن شيء، فإن انقلب (678) كان أصليا، فينقلب عن واو نحو (قال، وعن ياء نحو (جاء)، وعن (679) همزة نحو (سأل)، ويكون عوضا من التنوين المنصوب في حال الوقف.
واحذر تفخيمه إذا أتى حرف من حروف الاستعلاء، وقد تقدم الكلام عليه (680)، وإذا أتى لام مفخمة فلا بد من ترقيقه، نحو {إِنَّ اللََّهَ}
و (الصلاة) و (الطلاق) في مذهب ورش (681)، فتأتي باللام مغلظة، والألف بعدها مرققة، وبعض الناس يتبعون الألف اللام (682)، وليس يجيد، ولا تفخمها (683) إذا أتى بعدها همزة ومددتها، كفعل العجم، وذلك قبيح.
__________
(669) س (كقوله تعالى) ع (نحو)، وكذلك الموضع الآتي في ع.
(670) المائدة 93.
(671) (الواو) ساقطة من ع.
(672) المنافقون 5.
(673) غافر 44.
(674) البقرة 97ومواضع أخر.
(675) ب (وأما اللام ألف).
(676) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(677) ظ (تنقلب).
(678) ظ (انقلبت).
(679) ع (ومن).
(680) أنظر هامش 197من هذا الباب.
(681) أنظر: الداني: التيسير ص 58.
(682) ب (واللام).
(683) س (يفخمها).(1/161)
وأما الياء:
فتقدم (684) الكلام على أنها تخرج من مخرج الجيم والشين، وهو المخرج الثالث من مخارج الفم، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستفلة (685) جدا، وسيأتي الكلام على مدها.
فإذا سكنت بعد كسر، وأتى بعدها مثلها، فلا بد من تمكينها (686)
وإظهارها وبيان سكون الأولى، كقوله (687): {الَّذِي يُوَسْوِسُ} (688).
وإذا جاءت مشددة فلا بد من بيانها (689) وشدتها، نحو {إِيََّاكَ} (690)
و {عِتِيًّا} (691).
وإذا تكررت وجب بيانها والتحفظ على إظهارها برفق، كقوله:
{يَسْتَحْيِي} (692)، و {الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ} (693)، و {يُحْيِي} (694) ونحوه.
وإذا تحركت (695) بالكسر، وقبلها أو بعدها فتحة، نحو {تَرَيِنَّ} (696)، و {مَعََايِشَ} (697) أو انفتحت، واكتنفاها أي كسرة وفتحة، نحو
__________
(684) ع (فتقدم) وبقية النسخ (تقدم).
(685) م (مستفلة) وغيرها (منسفلة).
(686) م (تليينها).
(687) س (كقوله تعالى) ع (نحو) وكذا الموضع الآتي.
(688) الناس 5، وفي ع بعدها (وقومي يعلمون).
(689) ظ (تمكينها).
(690) الفاتحة 5.
(691) مريم 8و 69م (عشيا) ظ (غنيا) ع (غيا).
(692) البقرة 26ومواضع أخر.
(693) النحل 90.
(694) البقرة 73ومواضع أخر.
(695) ظ (أتت).
(696) مريم 26، وهي ساقطة من ظ.
(697) الأعراف 10.(1/162)
{لََا شِيَةَ} (698) وجب تخفيف الحركة عليها وتسهيل اللفظ بحركتها.
وإذا تكررت، وإحداهما (699) مشددة، وجب بيانها لثقل التكرير، وإلّا سقطت الأولى، نحو {إِنَّ وَلِيِّيَ اللََّهُ} (700) و {الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ} (701)
و {إِذََا حُيِّيتُمْ} (702) ونحو ذلك.
فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها، وقد شرحتها وبينت حقائقها (703)، ليقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك مضطر إلى الرياضة في تصحيحه، ومحتاج (704) إلى المشافهة في أدائه، لينكشف (705) غامض سره، ويتضح طريق نقله، [والله اسأل المزيد من فضله] (706).
__________
(698) البقرة 71.
(699) م ع (إحداهما) ظ ب س (أحدهما).
(700) الأعراف 196.
(701) الكهف 28و (يريدون) في ع فقط.
(702) النساء 86.
(703) ب ع (حقائقها بكمالها).
(704) ع (تحتاج).
(705) م ظ (ليكشف).
(706) ما بين المعقوفين ساقط من م.(1/163)
الباب التاسع في ذكر أحكام النون الساكنة والتنوين ثم المد والقصر
فصل في أحكام النون الساكنة والتنوين
اعلم أن التنوين في القرآن هو نون ساكنة، تلحق آخر الاسم، تظهر في اللفظ وتسقط في الخط. وأما (1) النون الساكنة فتكون في آخر الكلمة وفي وسطها. وهذا الفصل ينقسم على خمسة أقسام:
القسم الأول: الإظهار
اعلم أن النون الساكنة والتنوين يظهران عند ستة أحرف من (2) حروف الحلق، وهن: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء (3)، نحو (4) {مِنْ إِلََهٍ} (5)، {يَنْأَوْنَ} (6)، {غُثََاءً أَحْوى ََ} (7)، {مِنْ هََادٍ} (8)، {جُرُفٍ هََارٍ} (9)، {الْأَنْهََارُ} (10)، {مِنْ عِنْدِ} (11)، {أَنْعَمْتَ} (12)،
__________
(1) ظ س (اما).
(2) م (وهي حروف الحلق).
(3) م ظ س (والحاء والعين والخاء والغين).
(4) (نحو) ساقطة من ب.
(5) آل عمران 62ومواضع أخر.
(6) الأنعام 26وهذه الكلمة ساقطة من م ظ س.
(7) الأعلى 5.
(8) الرعد 33ومواضع أخر.
(9) التوبة 109.
(10) البقرة 25ومواضع أخر.
(11) البقرة 79ومواضع أخر، وهي ساقطة من ظ.
(12) الفاتحة 7ومواضع أخر.(1/165)
{جَنَّةٍ عََالِيَةٍ} (13)، {مِنْ حَكِيمٍ} (14)، {غَفُورٌ حَلِيمٌ} (15)، {وَانْحَرْ} (16)، {مِنْ غَفُورٍ} (17)، {فَسَيُنْغِضُونَ} (18)، {مِنْ مََاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (19)، {مِنْ خَوْفٍ} (20)، {وَالْمُنْخَنِقَةُ} (21). {عَلِيماً خَبِيراً} (22).
والعلة في إظهار ذلك عند هذه الحروف أن النون والغنة بعد مخرجهما عن (23) مخارج حروف الحلق، وإنما يقع الإدغام في أكثر الكلام لتقارب المخارج، فإذا تباعدت وجب الإظهار، الذي هو الأصل.
وقد ذكر بعض القراء في كتبهم أن الغنة باقية فيهما، وذكر شيخ الداني، فارس بن أحمد، في مصنف له أن الغنة ساقطة منهما إذا أظهرا، وهو (24)
مذهب النحاة، وبه صرحوا في كتبهم، وبه قرأت على كل شيوخي، ما عدا قراءة يزيد والمسيّبي.
القسم الثاني: إدغامهما (25) في اللام والراء
، إدغاما كاملا بلا غنة، نحو {مِنْ رَبِّكُمْ} (26)، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ} (27)، {وَمَنْ لَمْ} (28)، و {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (29).
وعلة ذلك قرب مخرج النون والتنوين (30) من مخرج اللام والراء، لأنّهن
__________
(13) الحاقة 22الغاشية 10.
(14) فصلت 42.
(15) البقرة 225ومواضع أخر.
(16) الكوثر 2وهي ساقطة من ظ.
(17) فصلت 32.
(18) الإسراء 51.
(19) محمد 15وفي ع سقطت (آسن).
(20) قريش 4.
(21) المائدة 3وهي ساقطة من ظ.
(22) النساء 35.
(23) س ب (من).
(24) ع (أو هو).
(25) م (إدغامها) وكذا الموضع الآتي.
(26) البقرة 49ومواضع أخر.
(27) الفتح 29.
(28) الحجرات 11.
(29) البقرة 2.
(30) ظ (النون والتنوين من) ب ع (النون من) س (التنوين من) م (مخارج التنوين من مخارج).(1/166)
من حروف طرف اللسان، فتمكّن (31) الإدغام وحسن لتقارب المخارج، وذهبت الغنة لأن حق الإدغام ذهاب لفظ الحرف الأوّل بكليته وتصييره بلفظ الثاني، ولم تقع النون الساكنة قبل اللام والراء في كلمة.
القسم الثالث: إدغامها في حروف (يومن) (32)
إدغاما غير مستكمل التشديد لبقاء الغنة، وهي بعض الحرف (33)، نحو قوله (34): {مَكَّنِّي} (35)، {مِنْ نِعْمَةٍ} (36)، {حِطَّةٌ نَغْفِرْ} (37)، {مِنْ وََاقٍ} (38)، {غِشََاوَةٌ وَلَهُمْ} (39)، {مِنْ مََاءٍ} (40)، {مََاءً مُبََارَكاً} (41)، {فَمَنْ يَعْمَلْ} (42)، {وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ} (43).
وعلة الإدغام في النون اجتماع المثلين والأول (44) ساكن. وفي الواو والياء أن الغنة التي فيها أشبهت المد واللين اللذين (45) فيهما، فحسن الإدغام لهذه المشابهة. وعلة الإدغام في الميم الاشتراك في الغنة، فتقاربا بهذا، فحسن الإدغام.
ولا يجوز إدغام النون الساكنة في الواو والياء إذا اجتمعا في كلمة، نحو (46) (دنيا) (47) و {صِنْوََانٌ} (48) لئلا يشبه مضاعف الأصل، نحو (صوّان) و (ديّان).
واختلف أهل الأداء في الغنة التي تظهر مع إدغام (49) التنوين والنون في
__________
(31) ب (فيمكن).
(32) ع (يومن ينمو) وهو تحريف.
(33) م ظ (الحروف).
(34) س (قوله تعالى) ع (نحو).
(35) الكهف 95.
(36) النحل 53.
(37) البقرة 58.
(38) الرعد 34غافر 21.
(39) البقرة 7.
(40) محمد 15.
(41) سورة ق 9.
(42) الأنبياء 94الزلزلة 7.
(43) البقرة 19.
(44) م ب س (الأول).
(45) (اللذين) ساقطة من س.
(46) (نحو) ساقطة من ع.
(47) (الدنيا): البقرة 85ومواضع أخر.
(48) الرعد 4وفي ع (دنيا وصنوان وقنوان وبنيان).
(49) (ادغام) ساقطة من م.(1/167)
الميم، هل هي غنتهما أو غنته؟ فذهب ابن كيسان وموافقوه (50) إلى أنها غنة النون. وذهب الداني وغيره إلى أنها غنة الميم (51). وبه أقول، لأن النون قد زال لفظها بالقلب، وصار (52) مخرجها من مخرج الميم، فالغنة له.
القسم الرابع: الإقلاب
، وقد تقدم الكلام على معناه، فإذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين باء قلبت (53) ميما، من غير إدغام، وذلك نحو (54)
{أَنْ بُورِكَ} (55)، {أَنْبِئْهُمْ} (56)، {جُدَدٌ بِيضٌ} (57) والغنة ظاهرة في هذا القسم.
وعلة ذلك أن الميم مؤاخية للنون في الغمة والجهر، ومشاركة للباء في المخرج، فلما وقعت النون قبل الباء، ولم يمكن إدغامها فيها، لبعد المخرجين، ولا (58) أن تكون ظاهرة لشبهها بأخت الباء وهي الميم، أبدلت منها لمؤاخاتها النون والباء.
القسم الخامس: إخفاء النون الساكنة والتنوين عند باقي الحروف
، وهي خمسة عشر حرفا، يتضمنها أوائل كلمات (59) هذا البيت:
صف ذا ثنا جود شخص قد سما كرما ضع ظالما زد تقى دم طالبا فترى
__________
(50) ع (مرافقوه).
(51) انظر: الداني: التحديد ورقة 97ظ.
(52) ظ (فصار).
(53) ع (اقلبت).
(54) م س (نحو قوله) وسقطت كلمة (وذلك) من ع.
(55) النمل 8.
(56) البقرة 33.
(57) فاطر 27.
(58) ع (ولا) وكذا هي في الرعاية لمكي ص 240وفي بقية النسخ جميعا (فلا بد).
(59) ظ (كلم).(1/168)
نحو: {أَنْ صَدُّوكُمْ} (60)، {مَنْصُوراً} (61)، {صَفًّا صَفًّا} (62).
{مِنْ ذََلِكَ} (63)، {الْمُنْذَرِينَ} (64)، {وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ} (65).
{فَمَنْ ثَقُلَتْ} (66)، {مَنْثُوراً} (67)، {جِهََاراً * ثُمَّ} (68).
{مِنْ جُوعٍ} (69)، {أَنْجََانََا} (70)، {حُبًّا جَمًّا} (71).
{مِنْ شَرِّ} (72)، {مَنْشُوراً} (73)، نفسا شيئا (74).
{مِنْ قَرََارٍ} (75)، {وَيَنْقَلِبُ} (76)، {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} (77).
{مِنْ سُوءٍ} (78)، {مِنْسَأَتَهُ} (79)، {بََابٍ * سَلََامٌ} (80).
{مِنْ كُلِّ} (81)، {مِنْكُمْ} (82)، {قَرْيَةً كََانَتْ} (83).
__________
(60) المائدة 2.
(61) الإسراء 33وهي ساقطة من ظ.
(62) الفجر 22وهي ساقطة من ظ.
(63) في آل عمران آية 15 (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم).
(64) يونس 73.
(65) الإسراء 32.
(66) المؤمنون 102.
(67) الفرقان 23.
(68) نوح 98.
(69) الغاشية 7.
(70) الانعام 63.
(71) الفجر 20.
(72) الفلق 2وهي ساقطة من ظ.
(73) الإسراء 13.
(74) البقرة 48وهي في ع (النفس) وهو تصحيف وفي ظ (غفورا شكورا).
(75) إبراهيم 26.
(76) الانشقاق 9وفي ظ (فينقلب) وهو تصحيف.
(77) الرعد 5.
(78) آل عمران 30.
(79) سبأ 14.
(80) الرعد 2423.
(81) البقرة 164.
(82) الأنفال 66.
(83) النحل 112.(1/169)
{لَمَنْ ضَرُّهُ} (84)، {مَنْضُودٍ} (85)، {ذُرِّيَّةً ضِعََافاً} (86).
{مَنْ ظُلِمَ} (87)، {يَنْظُرُونَ} (88)، {مَثَلًا ظَلَّ} (89).
{مِنْ زَوََالٍ} (90)، {مُنْزَلًا} (91)، {مَتََاعٍ زَبَدٌ} (92).
{مِنْ تَحْتِهَا} (93)، {كُنْتُمْ} (94)، {حََاضِرَةً تُدِيرُونَهََا} (95).
{مِنْ دَابَّةٍ} (96)، {أَنْدََاداً} (97)، {مُسْتَقِيمٍ دِيناً} (98).
{أَنْ طَهِّرََا} (99)، {فَانْطَلَقََا} (100)، {فِدْيَةٌ طَعََامُ} (101).
{مِنْ فَوََاقٍ} (102)، {الْإِنْفََاقِ} (103)، {مََاءً فَسََالَتْ} (104). ونحو ذلك، وقد تقدم الكلام على الإخفاء ومعناه.
__________
(84) الحج 13.
(85) هود 82.
(86) النساء 9.
(87) النساء 148.
(88) البقرة 210.
(89) الزخرف 17.
(90) إبراهيم 44.
(91) المؤمنون 29وهي ساقطة من م وفي ظ (فانزلنا) وفي س (انزلنا).
(92) الرعد 17. وفي ظ (يومئذ زرقا).
(93) البقرة 25.
(94) البقرة 23.
(95) البقرة 282.
(96) الأنعام 38.
(97) البقرة 22. وهي ساقطة من ظ.
(98) الانعام 161وفي ظ (مستقيما) وهو تصحيف.
(99) البقرة 125.
(100) الكهف 71.
(101) البقرة 184.
(102) سورة ص 15.
(103) الإسراء 100.
(104) الرعد 17.(1/170)
وعلة ذلك أن هذه النون صار لها مخرجان: مخرج لها، ومخرج لغنتها، فاتسعت في المخرج، فأحاطت عند اتساعها بحروف الضم، فشاركتها بالإحاطة، فخفيت عندها.
واعلم أن الغنة تخرج من الخيشوم، كما تقدم، والخيشوم خرق (105) الأنف المنجذب (106) الى داخل الفم.
واعلم أن إخفاءهما (107) على قدر قرب الحروف وبعدها، فما قرب منهما (108) كان أخفى عندهما ممّا بعد عنهما. وتقدم الكلام على الفرق بين الإخفاء والإدغام.
واحذر إذا أتيت بالغنة أن تمد عليها، فذلك قبيح (109).
[فهذه أحكام النون الساكنة والتنوين] (110).
__________
(105) ع م والتحديد ورقة 96و (خرق) ب ظ س (حرف).
(106) م ظ (المنحدر).
(107) ب (اخفاها).
(108) م ع (منها).
(109) م (والله واعلم).
(110) ما بين المعقوفين ساقط من م.(1/171)
باب المد والقصر
تقدم الكلام على أن المد على قسمين: طبيعيّ، وعرضيّ. وتقدم الكلام على حقيقة (1) الطبيعي، والكلام هنا على العرضي.
اعلم أنه لا يزداد على ما في حروف المد واللين المذكورة من المد إلّا بموجب، والموجب إمّا همز (2)، وإمّا سكون، وإمّا تشديد.
أما الهمز فله حالات:
أحدهما: أن يكون هو وحرف المد في كلمة، وهذا القسم يسمى متصلا، وذلك (3) نحو: {وَالسَّمََاءَ بَنَيْنََاهََا} (4) و {مِنْ سُوءٍ} (5) و {الْمُسِيءُ} (6)
ونحو ذلك، فالقراء مجمعون على مد هذا القسم، وبينهم فيه تفاوت، في إشباعه وتوسطه ودون ذلك، مذكور (7) في كتب القراءات (8).
__________
(1) (حقيقة) ساقطة من م.
(2) ظ (همزة).
(3) (وذلك) ساقطة من م ظ س.
(4) الذاريات 47. وكلمة (بنيناها) ساقطة من ع.
(5) آل عمران 30.
(6) غافر 58.
(7) م (وهذا مذكور في) ع (وذلك في).
(8) ينظر: ابن الجزري: النشر 1/ 362313.(1/173)
الثاني: أن يكون حرف المد آخر كلمة، والهمز (9) أول كلمة أخرى، نحو {بِمََا أُنْزِلَ} (10)، {قََالُوا آمَنََّا} (11)، {فِي أَنْفُسِهِمْ} (12) ونحو ذلك.
وهذا القسم يسمى منفصلا، وللقراء في مده أربع مراتب، ثم القصر، وهو حذف (13) المد العرضي.
وأما التشديد فعلى قسمين: لازم وعارض.
فمد اللازم واجب بلا خلاف، نحو: {دَابَّةٍ} (14)، و {أَتُحََاجُّونِّي} (15)، و {هََاتَيْنِ} (16) في مذهب المشدد (17)، ونحوه.
واختلف أهل الأداء في مقدار (18) مد هذا وبابه، فقال قوم هو دون ما مد للهمز، أي طول مد عاصم لا حمزة، وهذا اختيار أبي الحسن السخاويّ.
وقال آخرون هو أطول ما مد للهمز [وهو اختيار مكيّ وغيره، وقال قوم في قدر ما مد للهمز] (19)، وهذا اختيار عثمان بن سعيد، وهو ظاهر كلام كثير من مصنفي كتب القراءات.
قلت: وهذه الأقوال حسنة، واختياري التفعيل، ففي نحو (20)
__________
(9) ظ ب (الهمزة).
(10) البقرة 4وفي ع (ها أنزل).
(11) البقرة 14.
(12) آل عمران 154.
(13) (حذف) ساقطة من م.
(14) البقرة 164.
(15) الأنعام 80وفي ب (اتحاجوني ونحوه) والعبارة في ع (نحو دابة وهاء وهاتين وتجاهون في مذهب).
(16) القصص 27.
(17) انظر: الداني: التيسير 95.
(18) ب (المقدار مد).
(19) ما بين المعقوفين ساقط من م ظ س، وفي ع (ما قد مد للهمز).
(20) (نحو) ساقطة من ظ.(1/174)
{أَتُحََاجُّونِّي} وهاتين مذهب أبي عمرو (21)، وفيما سكونه لازم غير (22) المشدد، نحو (ن، م، س، ل) (23) في فواتح السور، مذهب مكيّ.
وفيما سكونه عارض للوقف، نحو {نَسْتَعِينُ} (24)، {كََارِهُونَ} (25) أنصار مذهب السخاوي.
وأما العارض فنحو {قِيلَ لَهُمْ} (26)، {يَقُولُ رَبَّنََا} (27)، {قََالَ رَبُّكُمْ} (28) في مذهب المدغم (29)، ففيه المد المتوسط والقصر.
فإن قيل: لم لا تجري الثلاثة في {الم اللََّهُ} ونحوه مع الإدغام (30)؟
قلت: لأن سكون الميم هنا (31) من هجاء (لام) لازم، فوجب إدغامه في مماثله، والسكون في ذلك عارض، وإدغامه غير واجب، فحمل على سكون الوقف.
القسم الثالث (32): الساكن، وهو على قسمين: لازم وعارض.
فاللازم ما كان من (33) من فواتح السور على ثلاثة أحرف، أوسطهم (34)
حرف مد ولين، نحو (لام، ميم، كاف، صاد، قاف، نون) وما أجري
__________
(21) يعني أبا عمرو الداني، وهو عثمان بن سعيد.
(22) ظ (عن).
(23) ع (نون ميم سين لام).
(24) الفاتحة 5.
(25) التوبة 48.
(26) البقرة 11.
(27) البقرة 200.
(28) الشعراء 26.
(29) انظر: الداني: التيسير ص 27.
(30) (نحوه) ساقطة من ظ س، وفي ظ (في الإدغام). وفي م سقط (ونحوه مع الإدغام).
(31) (هنا) ساقطة من ب س.
(32) ظ (واما الساكن فهو على قسمين).
(33) س (في).
(34) ع (اوسطها).(1/175)
مجراه نحو {مَحْيََايَ} (35) في قراءة المسكن (361).
والعارض ما سكن في الوقف، نحو ما مثلنا به قبل. وفيه المد والتوسط والقصر في الوقف لعروضه (362).
فإن قيل: فهل تجري هذه الثلاثة فيما سكن، وقبله أحد حرفي اللين، نحو {الْخَوْفِ} (37) و {اللَّيْلِ} (38)؟ فالجواب (39) أنهما حملا على حروف المد واللين في الثلاثة، إلا أن القصر أولى فيهما للفتحة، والمد فيهن للضمة والكسرة. والألف اجتمع فيه المد واللين، خلاف أختيه، لأنهما تارة يكونان (40) حرفي مد ولين، وتارة حرفي لين فقط، على (41) حسب اختلاف الحركات، والألف على حالة واحدة.
__________
(35) الانعام 162.
(361) انظر: الداني: التيسير ص 108.
(362) أي لكونه غير لازم، انما يكون في الوقف فقط.
(37) البقرة 155.
(38) البقرة 164. وفي ع (نحو الخوف والقول والليل والبيت).
(39) ع (فالجواب) وبقية النسخ (الجواب).
(40) (يكونان) وبقية النسخ (يكونا).
(41) (على) ساقطة من ع.(1/176)
الباب العاشر في الوقف والابتداء
اعلم أن علماءنا اختلفوا في أقسام الوقف، والمختار منه بيان أربعة أقسام:
تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك. وقد (1) صنف العلماء في ذلك كتبا مدونة، وذكروا فيها أصولا مجملة، وفروعا في الآي مفصلة، فمنها ما أثروه عن أئمة القراءة في كل عصر، ومنها ما أثروه عن أئمة العربية في كل مصر، ومنها ما استنبطوه وفاق الأثر وخلافه، ومنها ما اقتدوا فيه (2)
بالأثر فقط (3)، كالوقف على رءوس الآي، وهو وقف النبي صلّى الله عليه وسلم.
وذهب القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، رحمهما الله تعالى، إلى أن (4) تقدير الموقوف عليه من القرآن (5) بالتام والكافي والحسن والقبيح وتسميته بذلك بدعة، ومسميه بذلك ومتعمد الوقف على (6) نحوه مبتدع.
قال: لأن القرآن معجز، وهو كله كالقطعة الواحدة، وبعضه قرآن معجز، وكله تام حسن، وبعضه تام حسن (7).
__________
(1) (قد) ساقطة من ظ.
(2) م (به).
(3) (فقط) ساقطة من س.
(4) س (على ان).
(5) (من القرآن) ساقطة من ظ.
(6) ع (عند).
(7) ظ (وبعضه قرآن معجز، وتام حسن) وينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 354.(1/177)
قال المحققون: وليس الأمر كما زعم أبو يوسف، لأن الكلمة الواحدة ليست من الإعجاز في شيء، وإنما المعجز الوصف (8) العجيب والنظم الغريب، وليس ذلك في بعض الكلمات. وقوله: إن بعضه تام حسن كما أن كله تام حسن، فيقال له: إذا قال قارئ (9): {إِذََا جََاءَ} ووقف، أهذا تام وقرآن؟ فإن قال: نعم، قيل إنما يحتمل أن يكون القائل أراد (10) إذا جاء الشتاء، وكذلك كلما افرد (11) من كلمات القرآن وهو (12) وهو موجود في كلام البشر، فاذا اجتمع وانتظم وانحاز عن غيره وامتاز ظهر ما فيه من الإعجاز.
ففي معرفة الوقف والابتداء، الذي دونه العلماء، تبيين معاني القرآن العظيم وتعريف مقاصده وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص (13) على درره وفوائده، فإن كان هذا بدعة فنعمت البدعة هذه (14).
واعلم أنه يجب على القارئ أن يصل المنعوت بنعته، والفعل بفاعله (15).
والفاعل بمفعوله، والمؤكد بمؤكده، والبدل بالمبدل منه، والمستثنى بالمستثنى منه (16)، والمعطوف بالمعطوف عليه، والمضاف بالمضاف إليه، والمبتدآت
__________
(8) جمال القراء ورقة 199و: (الرصف) بالراء، ولعله أنسب للمعنى مما جاء في نسخ الكتاب.
(9) س (القارئ).
(10) م ظ س (أراد القاري).
(11) ع (افردت).
(12) ب (فهو).
(13) س (الغرض).
(14) اعتمد المؤلف في نقل رأي القاضي ابي يوسف والرد عليه على كتاب (جمال القراء). لعلم الدين السخاوي (انظر ورقة 199و 199ظ) لكنه تصرف بعبارته. وقد ذكر السخاوي المصدر الذي أخذ عنه ذلك بقوله: «ثنا بذلك شيخنا بن أبو (؟) الفتح بن برهان، قال شيخنا أبو اليمن، رحمه الله: نقلت هذا الفصل من تعليقه بخطه، يعني أبي (؟) الكرم المبارك بن فاخر». (انظر: جمال القراء ورقة 199و).
(15) (والفعل بفاعله) ساقطة من م ظ س.
(16) ع (والمستثنى منه بالمستثنى).(1/178)
بأخبارها والأحوال بأصحابها، والأجوبة بطالبها، والمميزات بمميزاتها، وجميع المعمولات بعواملها، ولا يفصل شيئا من هذه الجمل إلّا في بعض أجزائها (17).
فصل في الوقف التام (18)
وهو الذي قد انفصل مما بعده لفظا ومعنى. أخبرنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن (19) اللبان، قال أخبرتني الشيخة الصالحة زين الدار أم محمد الوجيهية بنت عليّ بن يحيى بن علي الصعيدي، قالت: اخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن وثيق، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زرقون، قال: أخبرنا (20) الخولاني، قال: أخبرنا أبو عمرو الداني، قال: أخبرنا أبو الفتح فارس بن أحمد، قال:
أخبرنا أحمد بن محمد وعبيد (21) بن محمد، قالا: أخبرنا علي بن الحسين القاضي، قال: أخبرنا يوسف بن موسى القطان، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، وسمعته منه، قال: أخبرنا علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (22)، أن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل استزده، [فقال: اقرأ (23) على حرفين، فقال
__________
(17) انظر: مقدمة في الوقف والابتداء للسماتي (ورقة 138و 138ظ) وقد جاء آخر العبارة على هذا النحو: «إلا في بعض أجزائها، اذا كان رأس آية، فان السنة أحكمت الفصل فيها».
(18) م (فصل في الوقف التام، ويسمى ايضا المختار، قاله السخاوي في جمال القراء، وهو الذي)، انظر جمال القراء ورقة 203و.
(19) (بن) ساقطة من ظ.
(20) م (انا) وكذلك بقية المواضع (انا) أو (ثنا)، دون بقية النسخ.
(21) في المكتفى ص 2 (عبد الله).
(22) في المكتفى ص 2 (ابي بكرة عن ابيه).
(23) م (اقرأ القرآن).(1/179)
ميكائيل: استزده] (24)، حتى بلغ سبعة أحرف، كل شاف كاف، ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب. وفي رواية أخرى ما لم تختم (25)
آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب بمغفرة (26).
قال أبو عمرو: هذا تعليم الوقف التام (27) من رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهر ذلك أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة أو الثواب، وتفصل (28) مما بعدها إذا كان ذكر العقاب، وكذلك ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب، وتفصل (29) مما بعدها اذا كان ذكر الجنة أو الثواب (30).
واعلم أن هذا القسم من الوقف، وهو التام، لا يوجد (31) إلّا عند تمام القصص وانقضائهن، ويكثر أيضا وجوده في الفواصل، كقوله: {وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (32)، ثم الابتداء بقوله (33): {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (34).
{وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رََاجِعُونَ} (35) ثم الابتداء بقوله: {يََا بَنِي إِسْرََائِيلَ} (36).
وقد يوجد التام قبل انقضاء الفاصلة [كقوله:
__________
(24) ما بين المعقوفين ساقط من ب س.
(25) م ب (يختم).
(26) انظر: الداني. المكتفى ص 32والطبري: جامع البيان 1/ 18.
(27) (التام) ساقطة من م ظ س. وفي المكتفى ص 3 (فهذا تعليم التمام).
(28) ظ س (يفصل).
(29) ظ (يفصل).
(30) انظر: الداني: المكتفى ص 43.
(31) ب ع (لا يوجد كثيرا).
(32) البقرة 5. وفي ع (فاولئك) وهو خطأ.
(33) م ظ (والابتداء).
(34) البقرة 6.
(35) البقرة 46.
(36) البقرة 47.(1/180)
{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جََاءَنِي} (37) هذا آخر قول الظالم، وتمام الفاصلة] (38) من قول الله تعالى (39): {وَكََانَ الشَّيْطََانُ لِلْإِنْسََانِ خَذُولًا} (40).
وقد يوجد التام بعد انقضاء الفاصلة بكلمة، كقوله (41): {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهََا سِتْراً * كَذََلِكَ} (42)، آخر الفاصلة (سترا)، والتمام (43)
(كذلك). وقوله (44): {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ} (45)
آخر الآية (مصبحين)، والتمام (46) (وبالليل)، لأنه عطف على المعنى، تقديره مصبحين ومليّلين (47)، ومثله قوله (48): {وَسُرُراً عَلَيْهََا يَتَّكِؤُنَ * وَزُخْرُفاً} (49).
وقد يوجد التام أيضا في درجة الكافي من طريق المعنى لا من طريق اللفظ، كقوله (50): (ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزّروه ويوقّروه) الوقف هنا، ويبتدأ (51) بقوله (52): (ويسبّحوه بكرة وأصيلا) (53)، لأنّ الضمير في (ويوقّروه) للنبي صلّى الله عليه وسلم وفي (ويسبّحوه) لله عز وجل، فحصل الفرق بالوقف. وكذا (54) {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً} (55) وقف تام، ثم يبتدأ (56) (ما لهم من علم). وكذا القطع على {وَلََا لِآبََائِهِمْ}
ويبتدأ (57) {كَبُرَتْ كَلِمَةً} (58) وما أشبه ذلك، مما يتم القطع عليه عند أهل التأويل.
__________
(37) الفرقان 29.
(38) ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
(39) (تعالى) ساقطة من م ظ.
(40) الفرقان 29.
(41) س (تعالى).
(42) الكهف 9190.
(43) م ظ (والتام).
(44) م (وكقوله) س (وقوله تعالى).
(45) الصافات 138137.
(46) ظ (والتام) ع (التمام).
(47) ع (مليللين).
(48) س (تعالى).
(49) الزخرف 3534.
(50) س (تعالى).
(51) ظ ع (يبتدئ).
(52) (بقوله) ساقطة من م.
(53) الفتح 9.
(54) ع (وكذلك).
(55) الكهف 4.
(56) ظ ع (يبتدئ) س (يبتدأ بقوله).
(57) ظ ع (يبتدي).
(58) الكهف 5.(1/181)
وقد يكون الوقف تاما على قراءة وحسنا على غيرها، نحو {إِلى ََ صِرََاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (59) هذا تام على قراءة من رفع الجلالة بعده، وهو {اللََّهِ الَّذِي} (60)، وعلى النعت حسن (61). وكذا {مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} (62) وقف تام على قراءة من كسر الخاء في {وَاتَّخِذُوا} وكاف على القراءة الأخرى (63).
وقد يوجد التام على تأويل، وغير تام تأويل آخر، كقوله (64): {وَمََا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللََّهُ} (651) وقف تام على أن ما بعده مستأنف، وإلى هذا الوقف ذهب نافع، والكسائي، ويعقوب، والفراء، والأخفش، وأبو حاتم، وابن كيسان، وابن اسحاق (652)، والطبري، وأحمد بن موسى اللؤلؤي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عبيدة، ومحمد بن عيسى الأصفهاني (66)، وابن الانباري، وأبو القاسم عباس بن الفضل. وهذا (67) ظاهر ما يقتضيه تفسير مقاتل، وإلى معناه ذهب مالك بن أنس وغيره.
ومعنى {وَالرََّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنََّا بِهِ} أي يسلمون ويصدقون به (68)، في قول ابن عباس وعائشة وابن مسعود، وقال عروة بن الزبير:
__________
(59) إبراهيم 1.
(60) إبراهيم 2.
(61) قرأ نافع وابن عامر (الحميد * الله) برفع الهاء والباقون بجرها (الداني: التيسير ص 134).
(62) البقرة 125.
(63) قرأ نافع وابن عامر (واتّخذوا) بفتح الخاء والباقون بكسرها (الداني: التيسير ص 76).
(64) س (تعالى).
(651) آل عمران 7.
(652) لعل (ابن اسحاق) تصحيف، والصواب (ابو اسحاق) كما ورد في كتاب القطع والائتناف لأبي جعفر النحاس (انظر ص 213) وأبو اسحاق هو إبراهيم بن السري الزجاج.
(66) ع (الاجهاني) وهو تصحيف.
(67) ع (وهو).
(68) (به) ساقطة من م ظ.(1/182)
الراسخون (69) في العلم لا يعلمون التأويل ولكن يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وعلى هذا أكثر المفسرين.
وقال آخرون: لا يوقف على قوله {إِلَّا اللََّهَ} لأن {وَالرََّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} معطوف عليه، وهذا القول اختاره الشيخ أبو عمرو بن الحاجب وغيره، وعلى قول هؤلاء المتشابه يحتمل التأويل، وذكر الشيخ عبد الله المرسي (70) أن أقوال هذه الفرقة تزيد على الثلاثين.
فصل في الوقف الكافي (71)
وهو الذي انفصل مما بعده في اللفظ، وله به (72) تعلق في المعنى بوجه، وبالإسناد إلى الداني قال: حدثنا (73) محمد بن خليفة الإمام، قال حدثنا محمد ابن الحسين، قال أخبرنا الفرياني، قال أخبرنا محمد بن الحسين البلخي، قال أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال حدثنا سفيان عن سليمان، يعني الأعمش، عن إبراهيم، عن (74) عبيدة، عن ابن مسعود، قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم «اقرأ عليّ» فقلت له (75): أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أحبّ أن
__________
(69) ظ (والراسخون).
(70) م (المريني) ع (المرتضى).
(71) في هامش ع (ويسمى الصالح والمفهوم والجائز، قاله السخاوي في جمال القراء)، (انظر:
جمال القراء ورقة 203و).
(72) (به) ساقطة من م ظ س.
(73) اختلفت هذه الألفاظ في نسخ التمهيد فأثبتت ما جاء في كتاب المكتفى لأبي عمرو الداني (انظر ص 7).
(74) م ظ ب س ع (إبراهيم بن عبيدة) وما أثبته هو الصواب (انظر: ابن حجر: فتح الباري 9/ 93والداني: المكتفى ص 7).
(75) (له) ساقطة من م ظ س.(1/183)
أسمعه من غيري» قال: فافتتحت سورة النساء، فلما بلغت {فَكَيْفَ إِذََا جِئْنََا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنََا بِكَ عَلى ََ هََؤُلََاءِ شَهِيداً} (76) قال: فرأيته وعيناه تذرفان دموعا، فقال لي: «حسبك».
قال الداني: وهذا دليل على جواز القطع على الوقف الكافي، لأن {شَهِيداً} ليس من التام (77)، وهو متعلق بما بعده معنى، لأن المعنى: فكيف يكون حالهم اذا كان هذا، {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (78) فما بعده متعلق بما قبله، والتمام (79) (حديثا) لأنه انقضاء القصة، وهو آخر الآية الثانية، وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلم أن يقطع عليه دونه، مع تقارب ما بينهما، فدلّ ذلك دلالة واضحة على جواز القطع على الكافي (80). مثال ذلك قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمََا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (81) هذا كلام مفهوم كاف، والذي بعده كلام مستقل مستغن عما قبله في اللفظ، وإن اتصل به في المعنى.
والكافي يتفاضل أيضا في الكفالة كتفاضل التام، فمن المقاطع التي بعضها أكفى من بعض قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (82)
القطع [على {بِكُفْرِهِمْ} كاف و {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أكفى منه، وكذا القطع على] (83) {رَبَّنََا تَقَبَّلْ مِنََّا} كاف (84)، {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (85) أكفى منه.
__________
(76) النساء 41.
(77) م (من الوقف التام).
(78) النساء 42.
(79) ظ (التام).
(80) انتهى كلام الداني: انظر المكتفى ص 7.
(81) البقرة 4.
(82) البقرة 93.
(83) ما بين المعقوفين ساقط من ع.
(84) (كاف) ساقطة من ظ. وفي م ظ (وانك).
(85) البقرة 127.(1/184)
وقد يكون القطع كافيا على قراءة، ويكون موضع القطع موصولا على أخرى، كقوله (86): {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئََاتِكُمْ} (87) من قرأ بالرفع قطع على قوله: {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ومن جزم لم يقطع (88). وكذا قوله:
{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ} (89) من كسر الهمزة من قوله: {وَأَنَّ اللََّهَ} قطع، وابتدأ به ومن فتحها وصلهما (90).
وقد يوجد الكافي على تأويل، ويكون موضع القطع غير كاف على تأويل آخر، كقوله تعالى: {يُعَلِّمُونَ النََّاسَ السِّحْرَ} (91) من جعل {وَمََا أُنْزِلَ}
نفيا قطع على (السحر)، ومن جعلها بمعنى الذي وصل، وبالنفي أقول.
وكقوله (92): {فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} (93) إذا جعلت الهاء للصديق قطع عليها، وكان كافيا، وهو قول سعيد بن جبير، قال: لأن النبي صلّى الله عليه وسلم [لم تزل السكينة معه، ومن جعلها للنبي صلّى الله عليه وسلم] (94) لم يكن الوقف عليه كافيا، ووجب الوصل. ومنه قوله (95): {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} (96) القطع عليه كاف، على قول من جعله متصلا بما قبله، وهو خطاب لأهل مكة، ثم ابتدأ فقال {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} والأوجه الوصل.
__________
(86) س (تعالى).
(87) البقرة 271. وفي م ظ س ب (نكفر) وهي في النساء 31 (نكفر عنكم سيئاتكم) أما موضع البقرة فهو (يكفر) بالياء على القراءة التي يقرأ بها في زماننا.
(88) قرأ حفص وابن عامر بالياء والرفع، والباقون بالنون والجزم (انظر الداني: التيسير ص 84).
(89) آل عمران 171. وفي ع (بنعمة الله) وهو خطأ.
(90) م (وصلها). قرأ الكسائي (وإن الله لا يضيع) بكسر الهمزة والباقون بفتحها (الداني:
التيسير ص 91).
(91) البقرة 102.
(92) س (تعالى).
(93) التوبة 40.
(94) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(95) س (تعالى).
(96) التوبة 128.(1/185)
فصل في الوقف الحسن
وهو الذي يحسن الوقف عليه، لأنه كلام حسن مفيد، ولا يحسن الابتداء بما بعده، لتعلقه به لفظا ومعنى.
أخبرنا (97) الشيخ الجليل أبو حفص عمر (98) بن حسن بن أميلة المزي، قال أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن البخاري، قال أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد، قال أنبأنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي (99)، قال أنبأنا أبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي، وأبو عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبو بكر أحمد ابن عبد الصمد الفورجي، قالوا (100) أنبأنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، أنبأنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، عن أبي عيسى الترمذي، أنبأنا علي (101) بن حجر، أنبأنا يحيى (102) بن سعيد الأموي، عن ابن جريح، عن ابن أبي مليكة، عن أمّ سلمة، قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقطّع قراءاته، يقول: {الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} ثم يقف (103)، ثم يقول (104):
{الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ}. ثم يقف. قالوا: وهذا دليل على جواز القطع على الحسن في الفواصل، لأن هذا متعلق بما قبله وما بعده لفظا ومعنى.
وهذا القسم (105) يحسن الوقف (106) عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده،
__________
(97) اختلفت النسخ في بعض ألفاظ الرواية وأثبتت ما جاء في المطبوعة لأنه اكثر اتساقا.
(98) م (الشيخ الجليل أبو عمرو بن حسن).
(99) عن (الكرخي).
وأقف على ما يعين في تحقيق نسبته.
(100) ب ع (قالوا) م ظ س (قال).
(101) س (محمد).
(102) ب (علي).
(103) (ثم يقف) ساقطة من ظ.
(104) (ثم يقول) ساقطة من ع.
(105) م (الوقف).
(106) ب (الوقوف).(1/186)
إلّا في رءوس الآي، فإن ذلك سنة. وحكى اليزيدي (107)، عن أبي عمرو بن العلاء، أنه كان يسكت على رءوس الآي، ويقول إنه أحبّ إليّ (108). مثال الحسن اذا لم يكن رأس آية قوله (109): {الْحَمْدُ لِلََّهِ} هذا كلام حسن مفيد، وقوله بعد ذلك (110) {رَبِّ الْعََالَمِينَ} غير مستغن عن الأول.
وقد يحتمل الموضع الواحد أن يكون الوقف عليه تاما على معنى، وكافيا على غيره، وحسنا على غيرهما، كقوله تعالى: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} يجوز أن يكون تاما إذا كان {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (111) مبتدأ وخبره {أُولََئِكَ عَلى ََ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ}. ويجوز أن يكون كافيا إذا جعلت {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} على معنى هم الذين، أو منصوبا بتقدير أعني الذين. ويجوز أن يكون حسنا إذا جعلت {الَّذِينَ} نعتا {لِلْمُتَّقِينَ} (112).
فصل في الوقف القبيح
وهو الذي لا يجوز تعمد الوقف عليه إذا غيّر المعنى أو نقصه، كقوله (113): (باسم) هذا لا يفيد معنى، وكقوله (114): {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (115)، و {إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي} (116)، و {إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي} (117)، و {إِنْ كََانَتْ وََاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ} (118)، و {إِنَّمََا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى ََ} (119) و {مََا مِنْ إِلََهٍ} (120)
__________
(107) م س (الترمذي)، وهو تصحيف.
(108) انظر: الداني: المكتفى ص 13.
(109) (قوله) ساقطة من م ظ س.
(110) (بعد ذلك) ساقطة من ع.
(111) (بالغيب) ساقطة من ع.
(112) الآيات في أول البقرة 52.
(113) س (تعالى).
(114) ظ ع (وقوله).
(115) الماعون 4.
(116) المائدة 151.
(117) البقرة 26.
(118) النساء 11.
(119) الانعام 36.
(120) آل عمران 62.(1/187)
و {لََا إِلََهَ} (121)، و {أَصْحََابُ النََّارِ * الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} (122)، ونحو ذلك، فيجب أن يحذر منه.
وكذلك عند انقطاع النفس، على ما لا يوقف عليه إذا رجع إلى (123) ما قبله، فإن كان بشعا لا يبتدأ به، مثل الوقف عند انقطاع النفس على {عُزَيْرٌ ابْنُ} (124)، فلا يبتدأ (125) ب (عزير) ولا ب (ابن) بل (126) ب {وَقََالَتِ الْيَهُودُ}، فقس على هذه الأمثلة ما شاكلها.
أخبرنا (127) الشيخ عمر بن أميلة، قال أنبأنا ابن البخاري، قال أنبأنا ابن طبرزد، قال أنبأنا أبو البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، أنبأنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (128)، أنبأنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال أنبأنا مسدد، قال أنبأنا يحيى، عن سفيان بن سعيد، قال أخبرني عبد العزيز بن رفيع (129)، عن تميم الطائي (130)، عن عدي (131) بن حاتم، قال: جاء رجلان إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما، ووقف، فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم قم واذهب (132)، بئس الخطيب (133).
__________
(121) البقرة 163. وهي ساقطة من ظ س.
(122) غافر 76.
(123) (الى) ساقطة من ظ.
(124) التوبة 30.
(125) ع (يبتدى).
(126) ع (بل يبتدئ ب).
(127) اختلفت هذه الألفاظ في النسخ وأثبتت ما في ع.
(128) ع (أبو بكر بن علي أحمد الخطيب).
(129) ع (وكيع).
(130) ع (عن تميم الطائي، عن محمد بن غانم، عن عدي).
(131) م (علي).
(132) ع (أو أذهب).
(133) ع (الخطيب أنت) وينظر: المكتفى ص 54. وقد نقل الإمام محمد بن إدريس(1/188)
قالوا وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم إنما (134) أقامه لما وقف على المستبشع، لأنه جمع فيه بين حالي (135) من أطاع الله ورسوله ومن عصى، والأولى أنه كان يقف على رشد، ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى (136).
قلت: وقد بينت معنى هذا الحديث، وكيف روي، في كتابي المسمى ب (التوجيهات في أصول القراءات) فأغنى عن إعادته هنا، فاطلبه تجده (137).
القول في (كلا)
وهي ثلاثة وثلاثون موضعا، في خمس عشرة (138) سورة، لم تقع في سورة إلا وهي مكية، وقد اختلف في الوقف عليها والابتداء بها، وذلك مبني على اعتقاد أهل العربية.
فذهب قوم إلى أنها رد لما قبلها، وردع له (139) وزجر، وهذا مذهب الخليل، وسيبويه، والأخفش، والمبرد، والزجاج، وأحمد بن يحيى.
وذهب قوم إلى أنها بمعنى (حقا). وعلى هذا المذهب تكون اسما، لأنها
__________
الشافعي هذا الحديث على نحو آخر قال: (كتاب الأم 1/ 179): «أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبد العزيز بن رفيع، عن تميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم، قال: خطب رجل عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى.
فقال النبي صلّى الله عليه وسلم أسكت فبئس الخطيب أنت، ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلم: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، ولا تقل: يعصهما» وينظر كتاب القطع والائتناف لأبي جعفر النحاس ص 88.
(134) (إنما) ساقطة من ع.
(135) ع (حال).
(136) انظر: المكتفى ص 5.
(137) لم أطلع على ما يشير إلى أن كتاب (التوجيهات) موجود الآن.
(138) في النسخ المخطوطة والمطبوعة (خمسة عشر) وهو خطأ.
(139) في جمال القراء ورقة 213ظ (وردع عنه)(1/189)
بمعنى المصدر، والتقدير أحق ذلك حقا، وهذا مذهب الكسائي وغيره، قال ابن الأنباري: قال المفسرون معناها حقا. وقال الزجاج: حقا توكيد (140)، والتوكيد إنما يقع بعد تمام الكلام.
وذهب قوم إلى أنها بمعنى (ألا) التي لاستفتاح الكلام، وهذا مذهب أبي حاتم وغيره.
وقال الفراء (كلا) (141) بمنزلة (سوف) لأنها صلة، وهي حرف رد، فكأنها (نعم) و (لا) في الاكتفاء (142)، قال: فإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها، كقولك (143): كلا وربّ الكعبة. قال الله تعالى: {كَلََّا وَالْقَمَرِ} (144) فالوقف على كلا قبيح، لأنها صلة لليمين. وتابع الفراء محمد ابن سعدان الضرير، وأبو عبد الرحمن بن اليزيدي.
وقال أحمد بن يحيى، فيما ذكره (145) مكي، إن أصل كلا (لا) التي للنفي، دخلت عليها كاف التشبيه، فجعلتها (146) كلمة واحدة، وشددت لتخرج الكاف عن معنى التشبيه، فهي عنده رد لما قبلها (147).
__________
(140) ظ (توكيدا).
(141) (كلا) ساقطة من س.
(142) العبارة في ظ: (وهي حرف ردع، فكأنها ردع نعم كما في الاكتفاء) وكلمة (كما) مكتوبة فوق السطر وأسفل منها كلمة (ولا) مضروبا عليها. والصواب ما أثبته كما في م س ب ع وكما هو موجود في كتاب إيضاح الوقف حيث نقل ابن الأنباري رأي الفراء (انظر إيضاح الوقف 1/ 421، وجمال القراء ورقة 213ظ). وفي م (فكأنها بمعنى نعم ولا).
(143) ظ (كقوله).
(144) المدثر 32.
(145) ع (فيما ذكره عن مكي) وهو خطأ.
(146) ظ س ع (فجعلتا) م ب (فجعلتها) وكذلك هي في رسالة مكي المسماة: الوقف على كلا وبلى في القرآن (انظر ص 102).
(147) انظر: مكي: الوقف على كلا وبلى ص 102.(1/190)
ثم إن علماءنا اختلفوا في الوقف عليها، فكان بعضهم يجيز الوقف عليها مطلقا، وبه قرأت على شيخنا أمين الدين عبد الوهاب الشهير بابن السلار، ومنهم من منع الوقف عليها مطلقا، وهو اختيار شيخنا سيف الدين بن الجندي. ومنهم (148) من فصّل، فوقف على بعضها لمعنى، ومنع الوقف على بعضها لمعنى آخر، وهو اختيار عامة أهل الأداء كمكي، وعثمان بن سعيد، وغيرهما (149)، وبه قرأت على بقية شيوخي.
فمن وقف عليها كلها كانت عنده بمعنى الردع والزجر، أي ليس الأمر كذلك، فهو رد للأول، وأنشدوا على ذلك قول العجّاج (150) استشهادا:
قد طلبت شيبان أن ننساكم ... كلّا ولمّا يصطفق مآتم (151) (151)
والمعنى: لا ما لا يكون الأمر على ما ظنوا (161)، وليس كما ظنوا حتى تصطفق (162) المآتم، والمأتم النساء المجتمعات في خير أو شر.
__________
(148) س (منهم).
(149) م (وغيرهما) بقية النسخ (وغيرهم)
(150) م (الزجاج).
(151) في لسان العرب مادة (كلا) وكتاب إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري (1/ 423) (قد طلبت شيبان أن يحاكموا) ومعنى حكمه: ضربه ودفعه. وقد جاء في م ظ س بعد البيت ما نصه: «هكذا أنشده الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه (الاكتفاء في الوقف والابتداء) والذي رأيته أنا في أراجيز العجاج:
صدت بنو شيبان أن يصادموا ... مقاعسا وجادت اللهازم
واستسلموا كرها ولم يسالموا ... وما لهم منا إيا وداهم
كالستر لا يعسم فيهم عاسم ... دون بني قيس وفيهم عاصم
«كلا ولما يصطفق مآتم».
ولم أجد هذه الأبيات في ديوان العجاج رواية الأصمعي الذي نشره الدكتور عزة حسن في بيروت 1971م.
(161) ظ ع (والمعنى لا يكون) والعبارة في م ظ س (والمعنى: لا، لا يكون الأمر على ما ظنوا [من صدهم أن يصادموا مقاعسا، وليس كما ظنوا]).
(162) م (تصطفق) ظ س ب (تصطف).(1/191)
ومن منع الوقف عليها واختار الابتداء بها مطلقا كانت عنده (163) بمعنى ألا التي للتنبيه، يفتتح بها الكلام، كقوله تعالى: {أَلََا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ [لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ] أَلََا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيََابَهُمْ} (164)، وأنشدوا على ذلك قول.
الأعشى (165) بن قيس استشهادا:
كلّا زعمتم بأنّا لا نقاتلكم ... إنّا لأمثالكم يا قومنا قتل (1661)
واجتمعوا أيضا بقول العرب (1662): (كلا زعمتم أن العير لا يقاتل) (167)
وهو مثل للعرب، قال ابن الأنباري: وهذا غلط (168) منه، وإنما معنى ذلك ليس الأمر كذلك، قلت: وما قال ابن الأنباري ظاهر.
ومن فصّل كانت عنده في مكان بمعنى (ألا) وفي مكان بمعنى (حقا) وفي مكان للرد (169) والزجر. وسأبين ذلك موضعا موضعا إن شاء الله تعالى.
فأول ما وقع من ذلك موضعان في سورة مريم عليها السلام (170) {عِنْدَ الرَّحْمََنِ عَهْداً * كَلََّا} (171)، {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلََّا} (172). قال
__________
(163) (عنده) ساقطة من ظ.
(164) سورة هود آية 5. (ثيابهم) ساقطة من ظ س ع وما بين المعقوفين في س فقط وبه تتم الآية.
(165) ب (أعشى). وفي إيضاح الوقف لابن الأنباري (1/ 424): أعشى بن قيس.
(1661) وردت (يا قومنا قتل) مصحفة في النسخ المخطوطة، والبيت للأعشى من قصيدته المشهورة التي مطلعها: ودع هريرة إلخ (ينظر: ديوان الأعشى الكبير، شرح وتعليق د. محمد حسين، المطبعة النموذجية 1950).
(1662) في مجمع الأمثال للميداني (2/ 88): «كلّا زعمت العير لا تقاتل)، يضرب للرجل قد كان أمن أن يكون عنده شيء، ثم ظهر منه غير ما ظن به».
(167) ظ (تقاتل).
(168) ع (أغلظ).
(169) س (للردع).
(170) (عليها السلام) ساقطة من م.
(171) مريم 7978.
(172) مريم 8281.(1/192)
الداني (173): الوقف عليهما تام عند القراء (174). وقال بعضهم كاف، لأنهما بمعنى ليس الأمر كذلك، فهو رد للكلام المتقدم قبلهما (175). وقد يبتدأ بهما (176) على قول من قال إنهما بمعنى حقّا أو ألا (177).
وفي سورة المؤمنون (178) {فِيمََا تَرَكْتُ كَلََّا} (179) الوقف عليها تام، وقيل كاف، ويبتدأ بها بمعنى ألا. وأمّا من قال إنها بمعنى حقا فقد أجازه بعض المفسرين، وهو وهم، لأنها لو كانت بمعنى حقا لفتحت (إنّ) بعدها، وكذا كل (180) ما يقال فيها أنها بمعنى حقا فإنها تفتح بعد (حقا) وبعد ما هو بمعناها (181)، وأنشدوا (182):
أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا ... فنيّتنا ونيّتهم فريق (183)
قال سيبويه (184): إذا قلت: أمّا أنّك منطلق، إن جعلت أمّا بمعنى (حقا) فتحت أن (185)، وإن جعلتها بمعنى (ألا) كسرت.
وهكذا (186) الكلام في الثاني من الشعراء، وموضعي المعارج (187)،
__________
(173) انظر: المكتفى ص 196.
(174) ب س (الفراء).
(175) ع (قبلها).
(176) م (بها).
(177) م ظ س (حقا وإلا).
(178) ظ (المؤمنين).
(179) المؤمنون 100.
(180) م (وكذا على ما).
(181) ظ (معناه).
(182) ظ (وأنشدوا شعرا).
(183) ظ (فبيننا وبينهم فريق) وانظر سيبويه: الكتاب 3/ 136، ومعجم شواهد العربية 1/ 248.
(184) (سيبويه) ساقطة من ظ، ينظر: سيبويه الكتاب 3/ 122.
(185) (إن) ساقطة من م.
(186) ظ (وهذا).
(187) م (والانفطار).(1/193)
والأوّلان في المدثر، والأوّل في عبس، والأوّل والثالث والرابع في المطففين، والأوّل في العلق، لأن (أن) مكسورة في كل هذه (188) المواضع بعد كلا، فلا (189) تكون بمعنى حقا، ويبتدأ (بكلا) فيهن بمعنى (ألا).
وفي الشعراء موضعان {فَأَخََافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * قََالَ كَلََّا} (190) الوقف عليها على (191) مذهب الخليل وموافقيه ظاهر قوي، وعلى ذلك جماعة من القراء منهم نافع ونصير، أي ليس الأمر كذلك، لا يصلون إلى قتلك، فهو رد لقول موسى عليه (192) السلام: فأخاف أن يقتلون، ولا يبتدأ بكلا في هذا الموضع (193)، لأنها محكية في قول (194) سابق من الله عز وجل (195)
لموسى، ولكن يجوز الوقف على (يقتلون) ويبتدأ (قال كلا) على معنى ألا أو حقّا.
{قََالَ أَصْحََابُ مُوسى ََ إِنََّا لَمُدْرَكُونَ * قََالَ كَلََّا} (196) الوقف على كلا، وهو حكاية عن قول موسى لبني إسرائيل، أي ليس الأمر كما تظنون من إدراككم، ويجوز أن يبتدأ ب (قال كلا) على معنى ألا فقط. قال الداني: ولا يجوز الوقف على (قال) ولا يبتدأ بكلا، وهذا (197) ظاهر.
وفي سبأ موضع {شُرَكََاءَ كَلََّا} (198) الوقف عليها مثل ما تقدم، والابتداء بها جائز.
وفي المعارج موضعان {يُنْجِيهِ * كَلََّا} (199)، {جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلََّا} (200) الوقف عليهما كما تقدم، والابتداء بهما جائز.
وفي المدّثر أربعة مواضع {أَنْ أَزِيدَ * كَلََّا} (201)،
__________
(188) (هذه) ساقطة من ع.
(189) ع (لا).
(190) الشعراء 1514.
(191) (عليها) ساقطة من ظ (على) ساقطة من ع.
(192) ع (على نبينا وعليه السلام).
(193) ب (المواضع).
(194) (قول) ساقطة من ظ.
(195) (عز وجل) ساقطة من م.
(196) الشعراء 6261.
(197) س (وهو).
(198) سبأ 27.
(199) المعارج 1514.
(200) المعارج 3938.
(201) المدثر 1615.(1/194)
{صُحُفاً مُنَشَّرَةً * كَلََّا} (202) الوقف عليهما كما تقدم، والابتداء بهما حسن.
{ذِكْرى ََ لِلْبَشَرِ * كَلََّا} (203) لا يحسن الوقف عليها لأنها صلة لليمين، والابتداء بها حسن بالمعنيين. {بَلْ لََا يَخََافُونَ الْآخِرَةَ * كَلََّا} (204) لا يوقف عليها، ويبتدأ بها.
وفي القيامة ثلاثة مواضع {أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلََّا} (205)، {فََاقِرَةٌ * كَلََّا} (206)، {بَيََانَهُ * كَلََّا} (207) لا يوقف عليهن. ويبتدأ بهن على المعنيين.
وفي النبأ موضعان {هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلََّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلََّا} (208) لا يوقف (209) عليهما، ويبتدأ بهما.
وفي عبس موضعان {تَلَهََّى * كَلََّا} (210) الوقف عليها كاف، وهو رد وزجر لما قبله، ويبتدأ بها (211) بمعنى ألا. {أَنْشَرَهُ * كَلََّا} (212) لا يوقف عليها، والابتداء بها جائز.
وفي الانفطار موضع {رَكَّبَكَ * كَلََّا} (213) لا يوقف (214) عليها، ويبتدأ بها.
__________
(202) المدثر 5352.
(203) المدثر 3231.
(204) المدثر 5453.
(205) القيامة 1110.
(206) القيامة 2625.
(207) القيامة 2019. وفي م ظ (بنانه) وهو تصحيف.
(208) النبأ 53.
(209) ظ (لا وقف).
(210) عبس 1110.
(211) (بها) ساقطة من م.
(212) عبس 2322.
(213) الانفطار 98.
(214) ظ (لا وقف).(1/195)
وفي المطففين أربعة مواضع {لِرَبِّ الْعََالَمِينَ * كَلََّا} (215)، {تُكَذِّبُونَ * كَلََّا} (216)، {يَكْسِبُونَ * كَلََّا} (217) لا يوقف عليهن، ويبتدأ بهن. {أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلََّا} (218) الوقف عليها كاف، لأنها رد لما قبلها، ويبتدأ بها (219).
وفي والفجر (220) موضعان {أَهََانَنِ * كَلََّا} (221)، {جَمًّا * كَلََّا} (222) الوقف عليهما كاف (223)، والابتداء بهما حسن.
وفي العلق ثلاثة مواضع {مََا لَمْ يَعْلَمْ * كَلََّا} (224)، {يَرى ََ * كَلََّا} (225)، (الزّبانية * كلّ) (226) لا يوقف عليهن، ويبتدأ (227) بهن، بمعنى ألا وحقّا، إلا الأوّل فبالأوّل (228) فقط.
وفي التكاثر ثلاثة مواضع {الْمَقََابِرَ * كَلََّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلََّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلََّا} (229) لا يوقف عليهن، ويبتدأ بهن.
__________
(215) المطففين 76.
(216) المطففين 1817.
(217) المطففين 1514وفي ظ تبادل هذان الموضعان.
(218) المطففين 1413.
(219) (بها) ساقطة من ب.
(220) م ظ س (وفي الفجر).
(221) الفجر 1716.
(222) الفجر 2120.
(223) (كاف) ساقطة من م ظ س.
(224) العلق 65.
(225) العلق 1514.
(226) العلق 1918.
(227) م (ولا يبتدأ).
(228) ظ (فبألا فقط) و (فبالأول) ساقطة من م.
(229) التكاثر 52و (سوف) في الموضعين في ع فقط و (المقابر) ساقطة من س.(1/196)
وفي الهمزة {أَخْلَدَهُ * كَلََّا} (230) الوقف عليه (231) تام، وقيل كاف لأن معناه لا (232) ليس الأمر كذلك، فهو رد اي لم يخلده ماله، ويبتدأ بها على المعنيين. والله سبحانه (233) أعلم.
القول في (بلى)
قال الكوفيون: أصل بلى بل زيدت عليها الألف، دلالة على أنّ السكوت (234) عليها ممكن، وأنها لا تعطف (235) ما بعدها على ما قبلها، كما تعطف (236) بل، فبل (237) دالة على رد الجحد، والألف المزيدة التي تكتب ياء دالة (238) على الإيجاب لما بعدها، وهي ألف التأنيث، ولذلك أمالتها العرب والقراء كما أمالوا ألف سكرى وذكرى.
فصل الفرق بين بلى ونعم
اعلم أنّ بلى جواب لكلام (239) فيه جحد، ويكون (240) قبلها استفهام، وقد لا يكون قبلها استفهام، فإذا جاوبت (241) ببلى بعد الجحد (242) نفيت الجحد (243)، ولا يصلح أن تأتي بنعم في مكانها، ولو فعلت ذلك كنت محققا
__________
(230) الهمزة 43.
(231) ظ ع (عليها).
(232) (لا) ساقطة من م ظ س.
(233) (سبحانه) ساقطة من س م. وفي ع (والله تعالى اعلم).
(234) ب س (السكون).
(235) ظ س (يعطف).
(236) م ظ س (يعطف).
(237) م ع (قيل) ظ ب س (قبل) والذي يناسب السياق هو (فبل) بفاء ثم باء.
(238) ع (دلالة) في هذا الموضع والذي قبله.
(239) ب ع (لكلام) م س (كلام) وهي ساقطة من ظ.
(240) م (وقد يكون).
(241) ظ (اجبت).
(242) ظ (المجاب).
(243) (نفيت الجحد) ساقطة من م.(1/197)
للجحد، وذلك نحو قوله (244): {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ} (245)، و {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قََالُوا بَلى ََ} (246) ونحوه (247) فأ لست وأ لم من حروف الجحد، فلو جئت بنعم كنت محققا للجحد، وبلى نافية له (248).
ونعم تكون تصديقا لما (249) قبلها في الكلام وإيجابا له، تقول: هل زيد في الدار؟ فيقول الرادّ: نعم، إن كان في الدار، ولا إن لم يكن فيها. ولا تدخل هنا بلى، لأنه (250) لا نفي فيها، فنعم مخالفة لبلى، إن كانت ردّا لما قبلها [كانت نعم إذا وقعت موقعها تصديقا لما قبلها] (251)، تقول: ما أكلت شيئا. فيقول (252) الراد بلى، فيزيل نفيه والمعنى بلى (253) أكلت، فإن (254)
قال الراد نعم فقد صدقه في نفيه عن نفسه الأكل، ويصير المعنى نعم لم تأكل (255) شيئا.
وقد اختلف النحويون والقراء في الوقف عليها في مواضع، وأنا أذكر ما يختار من ذاك، مع (256) ذكري جملة ما ورد منها في القرآن الكريم موضعا موضعا (257).
__________
(244) س (تعالى).
(245) الاعراف 172.
(246) الملك 98.
(247) (ونحوه) ساقطة من ع.
(248) م س (وقيل).
(249) م (له).
(250) ظ (لأنها).
(251) ما بين المعقوفين ساقط من ع.
(252) م ع (فيقول)، ظ س ب (يقول)، وهي بالفاء في كتاب الوقف على كلا وبلى لمكي (ص 117).
(253) (بلى) ساقطة من ب.
(254) ظ (ولو).
(255) ظ ع (أكل).
(256) ب (ذاك مع) ع (ذلك مع ذكر) وهي ساقطة من م ظ س.
(257) (موضعا موضعا) ساقطة من م.(1/198)
اعلم أن جملة ما في القرآن من لفظ بلى اثنان وعشرون موضعا، [في ست عشرة سورة] (258).
فمن القراء من يمنع الابتداء بها مطلقا، لأنها جواب لما قبلها، وهذا (259)
مذهب نافع بن أبي نعيم (260) وغيره.
ومنهم من يختار الابتداء بها مطلقا، وهذا غريب لا نعرفه، وهو ضعيف، لأن الاستفهام متعلق بما هو جواب له كجواب الشرط ونحوه.
ومنهم من لا يقف (261) عليها ولا يبتدئ بها، بل يصل.
فأول ذلك في سورة البقرة ثلاثة مواضع {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ * بَلى ََ} (262)، {إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ * بَلى ََ} (263) جوز الوقف عليهما الداني في كتابه المسمى بالاكتفاء، وقال: لأنها (264) رد لقول اليهود والنصارى (265). ووافقه على ذلك مكي (266). ومنع الوقف عليهما (267)
العماني، وغلّط من قال به (268). الثالث {قََالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قََالَ بَلى ََ} (269)
قال الداني: الوقف عليها هنا (270) كاف، وقيل تام لأنها رد للجحد،
__________
(258) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(259) ظ (وهو).
(260) م (مذهب نافع وغيره).
(261) م (يوقف).
(262) البقرة 8180.
(263) البقرة 112111.
(264) ظ (وقال انها).
(265) انظر: المكتفى ص 3029.
(266) انظر: الوقف على كلا وبلا ص 119.
(267) م ب (عليها).
(268) انظر: المقصد لتلخيص ما في المرشد ص 36.
(269) البقرة 260.
(270) (هنا) ساقطة من م ب.(1/199)
انتهى (271). قلت: والوقف عليها مذهب أحمد بن جعفر الدينوري وابن الأنباري وغيرهما، ومنعه العمانيّ وخطأ من أجازه، وليس كما زعم، لكن الاختيار الوقف على قوله: {قَلْبِي} (272).
وفي آل عمران موضعان {وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلى ََ} (273) وقف تام عند إبراهيم بن السري، لأنها رد للمعنى الذي تقدمها، وما بعدها مستأنف.
وأجاز (274) الوقف عليها مكي والداني (275). {مُنْزَلِينَ * بَلى ََ} (276) وقف تام عند نافع، كذا قال الداني، لأنها رد للجحد، وهي عند الداني ومكي وقف حسن (277).
وفي الأنعام موضع {قََالُوا بَلى ََ وَرَبِّنََا} (278) الوقف على (وربنا) ولا يوقف على بلى هنا، ولا يبتدأ بها، لأنها والقسم بعدها (279) جواب الاستفهام الداخل على النفي في {أَلَيْسَ هََذََا بِالْحَقِّ} (280)؟
وفي الأعراف موضع {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قََالُوا بَلى ََ} (281) وقف تام أو كاف، لأنها رد للنفي الذي تقدمها، وكلام بني آدم منقطع (282) عندها، وقوله (283): (شهدنا) من كلام الملائكة، كذا قال أكثر المفسرين كمجاهد
__________
(271) انظر: المكتفى ص 49.
(272) البقرة 260. ظ (ليطمئن قلبي).
(273) آل عمران 7675. ظ (وهما) وهو غلط.
(274) م (واختار).
(275) انظر: الوقف على كلا وبلى ص 120، والمكتفى ص 60.
(276) آل عمران 125124.
(277) المكتفى ص 62، والوقف على كلا وبلى ص 20.
(278) الانعام 30.
(279) ظ (لأنها والقسم الذي بعدها).
(280) الانعام 30.
(281) الاعراف 172.
(282) ظ (مقطع).
(283) م (تعالى).(1/200)
والضحاك والسّديّ، لأن بني آدم أقروا بالعبودية له بقولهم بلى، قال الله تعالى للملائكة: اشهدوا، فقالت (284) الملائكة: (شهدنا). وقال قوم: الوقف على (شهدنا) على معنى بلى شهدنا أنك ربنا، وهذا بعيد لأن (أن) تبقى (285) لا ناصب لها، وهي متعلقة ب (شهدنا) أو ب (أشهدهم).
وفي النحل موضعان {مِنْ سُوءٍ بَلى ََ} (286) وقف حسن عند الداني ومكي (287)، قال مكي (288): وهو قول نافع، لأنها جواب للنفي الذي قبلها، وهو قولهم: {مََا كُنََّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} أي ما كنا نعصي الله في الدنيا. {لََا يَبْعَثُ اللََّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى ََ} (289) أجاز الوقف عليها نافع ومكي والداني (290)، لأنها رد للنفي الذي قبلها، ثم يبتدأ (291) {وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا}
بمعنى وعدهم الله ذلك وعدا حقا، قال مكي: ولا يجوز الابتداء ببلى (292)
لأنها جواب لما قبلها (293).
وفي سبأ موضع {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لََا تَأْتِينَا السََّاعَةُ قُلْ بَلى ََ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} (294) قد أوضحت الكلام على هذا الموضع وبسطته في كتاب (التوجيهات)، لكن نذكر هنا بعض شيء، فنقول: قال نافع: الوقف عليها تام، وهو كاف على قراءته، لأنه يرفع (عالم) وكذا ابن عامر (295)، فمن
__________
(284) ظ (قالت).
(285) م ع (لان أن تبقى لا ناصب لها) ظ ب س (لان ان لا تبقى لا ناصب لها).
(286) النحل 28.
(287) انظر المكتفى ص 177، والوقف على كلا وبلى ص 122.
(288) م (قال وهو).
(289) النحل 38.
(290) انظر: المكتفى 178، والوقف على كلا وبلى ص 122.
(291) ب ع (يبتدى).
(292) ظ (بها).
(293) م س (لما فيها).
(294) سبأ 3.
(295) رفع الميم نافع وابن عامر وخفضها الباقون (انظر: الداني: التيسير ص 180).(1/201)
قرأ بالرفع وقف على (لتأتينكم)، وبالخفض وقف على (بلى) لأنها رد لنفي الساعة، ويبتدأ بما بعده لأنه قسم على إتيانها، ولا يبتدأ ببلى (296) هنا لأنها (297) جواب لقولهم (298).
وفي يس موضع {أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى ََ} (299) قال الداني: وقف تام عند نافع ومحمد بن عيسى وابن قتيبة، قال: وهو عندي كاف، لأنها رد للنفي الذي قبلها، والمعنى وهو يخلق مثلهم، انتهى (300). ولا يحسن الابتداء ببلى، وأجازه أبو حاتم وهو ضعيف (301).
وفي الزمر موضعان {فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلى ََ} (302) [يجوز الوقف عليها، وقيل التمام (من المحسنين)] (303) وبلى في هذا الموضع من المشكلات، لأنها لا تأتي إلّا بعد نفي ظاهر، ولا نفي هنا إلا من جهة المعنى، إذ كان معنى قوله {لَوْ أَنَّ اللََّهَ هَدََانِي} (304): ما هداني، فقال بلى، أي بلى (305) قد هداك. الثاني {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقََاءَ يَوْمِكُمْ هََذََا قََالُوا بَلى ََ} (306) الوقف عليها عند الداني كاف (307)، وعند مكي حسن (308)، وقيل وقف تام، لأنها رد للجحد الذي قبلها، وقال بعضهم: الوقف على (الكافرين) لأن بلى وما
__________
(296) ظ (بها) و (هنا) ساقطة من س.
(297) ظ (لانه).
(298) انظر: الوقف على كلا وبلى ص 123.
(299) يس 81.
(300) انظر: المكتفى ص 271.
(301) انظر: الوقف على كلا وبلى ص 123.
(302) الزمر 5958.
(303) ما بين المعقوفين ساقط من م ظ س.
(304) الزمر 57.
(305) ع (اي بل).
(306) الزمر 71.
(307) (كاف) ساقطة من م ظ س، وانظر: المكتفى 281.
(308) الوقف على كلا وبلى ص 124.(1/202)
بعدها من قول الكفار، فلا يفرق بين بعض القول وبعض، ومن جعل {وَلََكِنْ حَقَّتْ} من قول الملائكة جاز له الوقف عليها (309).
وفي المؤمن موضع {بِالْبَيِّنََاتِ قََالُوا بَلى ََ} (310) قيل الوقف عليها تام، وقال مكي حسن (311)، وقال الداني كاف (312)، لأنه رد للجحد قبله.
وفي الزخرف موضع {وَنَجْوََاهُمْ بَلى ََ} (313) وقف كاف، لأنها رد، والمعنى بلى (314) نسمع ذلك.
وفي الأحقاف موضعان {أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ََ بَلى ََ} (315) وقف كاف (316)، والمعنى ظاهر (317). {أَلَيْسَ هََذََا بِالْحَقِّ قََالُوا بَلى ََ وَرَبِّنََا} (318) الوقف على (وربنا).
وفي الحديد موضع {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قََالُوا بَلى ََ} (319) وقف كاف، لأنها رد. وفي التغابن موضع {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ََ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (320) الوقف هنا، وحكى الداني عن نافع أن الوقف على بلى تام (321).
واختار السخاوي الوقف عليها، والابتداء بما بعدها، لأنها رد لنفي البعث،
__________
(309) انظر: المصدر نفسه ص 124.
(310) المؤمن (غافر) 50.
(311) الوقف على كلا وبلى ص 124.
(312) المكتفى ص 284.
(313) الزخرف 80م (سرهم ونجواهم بلى).
(314) ع (بل).
(315) الاحقاف 33.
(316) ظ (تام).
(317) كذا في ظ، وفي س (ومعناه كثير، بالحق قالوا) وفي ب ع (ومعناه ليس بالحق قالوا)، وفي م (ومعناه أليس هذا بالحق قالوا).
(318) الاحقاف 34.
(319) الحديد 14.
(320) التغابن 7.
(321) (تام) ساقطة من ظ، ولم أجد ذلك في المكتفى (انظر ص 330) ولكن الداني أشار إلى الوقف في الآية في ص 382.(1/203)
وما بعدها قسم عليه، وكذا في سبأ (322).
وفي الملك موضع {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قََالُوا بَلى ََ} (323) منع الوقف عليها (324)
مكي (325)، وأجازه الداني (326)، وقال لأنها رد للجحد الذي قبلها.
وفي القيامة موضع {عِظََامَهُ بَلى ََ} (327) منع مكي الوقف عليها (328)، وأجازه الداني (329)، وقال: الوقف عليها كاف، وقيل تام، ثم يبتدأ (قادرين) على معنى بلى نجمعها (330) قادرين، فينصب (331) قادرين على الحال، وفي تعليل أبي عمرو نظر، لأنه اذا كان قادرين منصوبا على الحال كيف يحسن الوقف على بلى؟
وفي انشقت (332) موضع {أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلى ََ} (333) أجاز الوقف على (بلى) مكي (334)، وكذا الداني (335)، وقال (336): الوقف عليها كاف، والمعنى بلى ليرجعن الى ربه حيا كما كان قبل مماته، وقيل تام.
__________
(322) انظر: جمال القراء ورقة 206ظ.
(323) الملك 98.
(324) ظ (منه).
(325) الوقف على كلا وبلى ص 126.
(326) في المكتفى ص 335 (كاف) وليس فيه «وقال لانها رد للجحد الذي قبلها». وهو ما يؤكد أنّ ابن الجزري لا ينقل من كتاب (المكتفى) للداني دائما، وإنما ينقل من كتاب له آخر أكثر تفضيلا.
(327) القيامة 43.
(328) ع (منع الوقف عليها مكي) وانظر: الوقف على كلا وبلى ص 126.
(329) المكتفى ص 347.
(330) م س ع (بلى نجمعها) ب (بل نجمعها) ظ (بل نجمعهم).
(331) ب (فتنصب).
(332) م (وفي اذا السماء انشقت).
(333) الانشقاق 1514.
(334) ع (الوقف عليها مكي) وانظر الوقف على كلا وبلى ص 127.
(335) المكتفى ص 358.
(336) ع (قال).(1/204)
القول في (لا)
اختلف في قوله تعالى: {لََا جَرَمَ} (337)، فقال الزجاج: إنها نفي لما ظنوه أنه ينفعهم، فكان المعنى لا ينفعهم جرم أنهم في الآخرة، أي كسب (338) ذلك الفعل لهم الخسران. وأنّ عنده في موضع نصب (339)، فعلى قوله هذا يوقف على (لا) ويبتدأ بجرم. وجرم (340) عند الخليل وسيبويه بمعنى (341) حق دون لا (342). ولأبي محمد مكي مصنف في الرد على من جوّز الوقف على (لا) دون (جرم) وألزمه بأشياء من اعتقدها فهو كافر.
واختلفوا أيضا في قوله: {لََا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيََامَةِ} (343)، و {لََا أُقْسِمُ بِهََذَا الْبَلَدِ} (344) ونحوه، فقال البصريون والكسائي معناه أقسم بكذا. وقال الزجاج: لا خلاف في أنّ معناه أقسم، وإنما الخلاف في (لا) فهي عند البصريين والكسائي وعامة المفسرين زائدة، وقال الفراء: هي (345) رد لكلام تقدم من المشركين، كأنهم جحدوا البعث فقيل لهم ليس الأمر كذلك، ثم أقسم ليبعثن، فعلى هذا يحسن الوقف على (لا).
وأما قوله تعالى (346): {أَفَمَنْ كََانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كََانَ فََاسِقاً} (347)
__________
(337) هود 22وأربعة مواضع أخر.
(338) ع (كسير).
(339) (نصب) ساقطة من ظ.
(340) (جرم) ساقطة من ظ.
(341) ع (معنى).
(342) ينظر: لسان العرب لابن منظور مادة (جرم).
(343) القيامة 1، م (ولا اقسم بالنفس اللوامة).
(344) البلد 1.
(345) (هي) ساقطة من ع.
(346) (تعالى) ساقطة من م.
(347) السجدة 18.(1/205)
الوقف هنا كاف، لأنه كلام مفيد والذي بعده (348) متعلق به من جهة المعنى. وكان أبو القاسم الشاطبي يختار الوقف عليه، كذا حكاه السخاوي (349).
قال العماني: وزعم بعضهم أن الوقف عند قوله: (فاسقا)، قال: والمعنى لا يستوي المؤمن والفاسق، قال: وليس هذا الوقف عندي بشيء، ثم قال:
والمعنى الذي ذكره هذا الزاعم هو الذي (350) يوجب الوقف على قوله: (لا يستوون)، انتهى (351).
قلت: وهذا الذي قاله (352) العماني ليس بشيء، والصواب هو الذي ذكرته أولا. وأيّ فرق بين هذا وبين الذي في براءة {وَجََاهَدَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ لََا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللََّهِ} (353)، وقد أجاز العماني الوقف على (في سبيل الله) (354)، فإذا جاز الابتداء هنا (355) بقوله: (لا يستوون عند الله) جاز هناك (356)، إذ لا فرق بينهما (357). وأظنه نسي ما قاله في التوبة.
وأما قوله تعالى (358) في القصص: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (359) قال السخاوي: وقف تام في قول جماعة، منهم الدينوري ومحمد بن عيسى ونافع القارئ وابن قتيبة و (لا تقتلوه) نهي. وزعم قوم أن الوقف على (لا) أي
__________
(348) (والذي بعده) ساقطة من ظ.
(349) (كذا) ساقطة من ظ. وفي ب (حكى)، أنظر: جمال القراء ورقة 210و.
(350) (هو الذي) ساقطة من س.
(351) أنظر جمال القراء ورقة 210ظ.
(352) ع (قال).
(353) التوبة 19.
(354) (على) ساقطة من م. وانظر المقصد ص 137.
(355) ع (هناك).
(356) ع (هنا).
(357) م (بينهم).
(358) (تعالى) ساقطة من ع.
(359) القصص 9.(1/206)
هو قرة عين لي، ولك لا، أي دونك، قال: وهذا فاسد، لأن الفعل الذي هو (تقتلوه) مجزوم، فأين هو جازمه إذا (360) كانت (لا) للنفي لا للنهي (361)؟ قلت: وما قاله السخاوي ظاهر. وإني رأيت بعض الشيوخ يقف عليه.
القول في (ثم)
كان بعض الشيوخ يقف على ما قبلها في جميع القرآن، ويقول إنها للمهلة والتراخي. قلت: ولا تطرد هذه القاعدة، وإنما تتجه في بعض الأحوال، كقوله تعالى (362): {وَلَقَدْ خَلَقْنََاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنََاكُمْ ثُمَّ قُلْنََا} (363)، وكقوله (364): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ مِنْ سُلََالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنََاهُ} [365]
نُطْفَةً فِي قَرََارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا (366) {ثُمَّ أَنْشَأْنََاهُ} (367)، وكذا قوله تعالى (368) في الأنعام: {إِنَّمََا أَمْرُهُمْ إِلَى اللََّهِ ثُمَّ} (369)، {وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ، ثُمَّ} (370)، و {ثُمَّ آتَيْنََا مُوسَى} (371) وكذا في آل عمران {يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبََارَ ثُمَّ} (372) هذا كله وقف كاف متعلق بما بعده من جهة
__________
(360) ع (إذ).
(361) انظر: جمال القراء ورقة 210ظ.
(362) (تعالى) ساقطة من م.
(363) الأعراف 11.
(364) س (تعالى).
(365) م س (جعلناها) وهو تصحيف، و (نطفة) ساقطة من م.
(366) وردت الآية كاملة في ع فقط على هذا النحو (ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه).
(367) المؤمنون 12.
(368) (تعالى) في س فقط و (قوله) ساقطة من م.
(369) الأنعام 159.
(370) الأنعام 164.
(371) الأنعام 154.
(372) آل عمران 111.(1/207)
المعنى فقط، والبداءة بثمّ.
وأما قوله تعالى (373) في براءة: {أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ} (374) وفي الإسراء {لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ} (375)، و {بِمََا كَفَرْتُمْ ثُمَّ} (376) و {وَضِعْفَ الْمَمََاتِ ثُمَّ} (377) و {بِالَّذِي أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ ثُمَّ} (378) كل هذا لا يتعمد (379) الوقف عليه، لأنه لا يتم المعنى إلا به، ولا يقع المراد بدونه.
القول في (أم)
وهي تكون للمعادلة، وهي في المعادلة على وجهين: أحدهما أن تكون معادلة لهمزة الاستفهام. والثاني أن تكون معادلة لهمزة التسوية. ومعنى المعادلة أن (380) أحد الاسمين المسئول عنهما جعل معه الهمزة ومع الآخر أم، وكذلك إذا كان السؤال عن الفعل. مثال الأول مع الاسم قولك (381):
أشرب زيد أم عمرو؟ ومعناه أيهما شرب؟ ومع الفعل قولك: أصرفت (382)
زيدا أم حبسته؟ جعلت الهمزة مع أحدهما و (أم) مع الآخر. ومثال الثاني مع التسوية، وهو أن تكون (383) (أم) مساوية لهمزة الاستفهام، نحو: سواء عليّ أزيد (384) في الدار أم عمرو؟
__________
(373) (تعالى) في ظ فقط.
(374) التوبة 126.
(375) الإسراء 18 (ثم) ساقطة من ب.
(376) الإسراء 69.
(377) الإسراء 75.
(378) الإسراء 86.
(379) ظ س (يعتمد).
(380) (أن) ساقطة من م ظ س.
(381) (قولك) ساقطة من ظ، وفي س (كقولك).
(382) في جمال القراء ورقة 207ظ (اضربت).
(383) ب (يكون).
(384) ع (زيد).(1/208)
واعلم أن التسوية لفظها لفظ الاستفهام وهي خبر، كما جاء الاختصاص بلفظ النداء (385) وليس بنداء. ومعنى التسوية أنك تخبر باستواء الأمرين عندك، كأنك تقول سواء عليّ أيهما قام، واستوى عندي عدم العلم بأيهما في الدار. قال الله تعالى (386): {سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (387)، {سَوََاءٌ عَلَيْنََا أَجَزِعْنََا أَمْ صَبَرْنََا} (388).
واعلم أنها تكون في قسمي المعادلة عاطفة، وقد تكون منقطعة بمعنى بل.
وإنما سميت منقطعة لانقطاع ما بعدها مما قبلها، لأنه قائم بنفسه، سواء كان (389) ما قبلها استفهاما أو خبرا، وليست في هذا الوجه بمعنى [الوجه الأول، لأنها في الوجه الأول بمعنى (أي) وهي في هذا المعنى بمعنى] (390)
بل، قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا (391)
قال أبو عبيدة (392): لم يستفهم، إنما أوجب أنه رأى.
[وفي كونها عاطفة أم غير عاطفة خلاف، فالمغاربة يقولون ليست
__________
(385) م ظ س (على طريقة النداء) ب ع (بلفظ النداء) وكذلك هي في جمال القراء ورقة 207ظ.
(386) ع (قال تعالى).
(387) البقرة 6.
(388) إبراهيم 21.
(389) ب (أكان).
(390) ما بين المعقوفين ساقط من جميع النسخ وأضفته من جمال القراء (ورقة 207ظ)، فهو الأصل الذي نقل منه المؤلف هذا الموضوع، ويبدو أنه حصل للمؤلف انتقال نظر عند كلمة (بمعنى)، والله أعلم.
(391) ظ (كذبت) م ظ (عكس) ب س (علس) ع (غلس). وهو مطلع قصيدة للأخطل، ينظر: معجم شواهد العربية لعبد السلام هارون 1/ 271، وشعر الأخطل (1/ 105) صنعة السكري، تحقيق د. فخر الدين قباوة، حلب 1970م.
(392) س (أبو عبيد).(1/209)
عاطفة، لا (393) في جملة ولا في غيرها، وقال ابن مالك: قد تعطف المفرد، كقول العرب: إنها لإبل أم شاء (394)، قال فأم هنا لمجرد الأضراب، عاطفة ما بعدها على ما قبلها] (395).
فإذا كانت منقطعة جاز الوقف قبلها (396) والابتداء بها. وقوله (397) تعالى:
{قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللََّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (398) يجوز الابتداء بأم إذا (399) جعلت منقطعة، ولا يجوز إذا جعلت للمعادلة. تعليل الوجهين ذكرته في التوجيهات فاطلبه تره (400).
وقوله: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ} (401) قال السخاوي: الظاهر أنه منقطع ويجوز الابتداء به. قلت: قول السخاوي جيد، لكن قال أبو محمد مكي: هذا بعيد (402)، لأن المنقطع لا يكون في أكثر كلام العرب إلّا على حدوث شك دخل على المتكلم، قال: وذلك لا يليق بالقرآن. قلت (403):
والذي قاله لا يقدح في كلام السخاوي، لأن أم المنقطعة ترك الكلام لكلام
__________
(393) (لا) ساقطة من ظ.
(394) ظ (كقول العرب: زدتم كقول شا)، وينظر: الجوهري: تاج اللغة مادة (أمم) 5/ 1867.
(395) ما بين المعقوفين ساقط من ب ع، وهو غير موجود أيضا في جمال القراء ورقة 207ظ، وقد قال ابن مالك في تسهيل الفوائد (ص 176): «وأم متصلة ومنقطعة، فالمتصلة المسبوقة بهمزة صالح موقعها لأي، وربما حذفت ونويت. والمنقطعة ما سواها، وعطفها المفرد قليل».
(396) ب (عليها).
(397) ظ (نحو قوله).
(398) البقرة 80.
(399) ظ (إذ).
(400) م س ب (تراه) ظ (تراه في قوله). ع (تره) وهو الصواب.
(401) البقرة 108.
(402) يلاحظ أن السخاوي توفي سنة 643هـ، وأن مكيا توفي سنة 437هـ.
(403) (قلت) ساقطة من ع.(1/210)
آخر، وهي بمعنى بل، ولا يلزم أن يكون (404) بعد شك ولا بد.
وقوله: {وَجَعَلُوا لِلََّهِ شُرَكََاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمََا لََا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظََاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} (405) يجوز الابتداء (بأم) الأولى لأنها المنقطعة، (وسموهم) وقف كاف، وقيل تام، والوقف على (الأرض) حسن، ولا يبتدأ (406) بما بعده لتعلقه بما قبله لفظا ومعنى.
وقوله: {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} (407) قيل: وقف كاف، و (أم) بعده (408) منقطعة يجوز الابتداء بها.
وقوله: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلََا تُبْصِرُونَ} (409) قيل: المعنى أفلا تبصرون أم أنتم بصراء، وإلى ذلك ذهب الخليل وسيبويه، [لأن الاستفهام عندهما فيها (410) تقرير، والتقرير خبر موجب، فامتنع عندهما جعلها متصلة، لأن أم المتصلة لا تكون مقررة] (411). فعلى هذا يوقف على أم (412)، ويبتدأ {أَنَا خَيْرٌ} (413). وقال أبو زيد: أم زائدة، فعلى هذا يوقف على (تبصرون). وقيل هي أم المنقطعة، والتقدير بل أنا خير، فعلى هذا يبتدأ بأم على معنى بل.
قال الهروي، في قوله تعالى:
__________
(404) ع (تكون).
(405) الرعد 33.
(406) ظ (ولا يبتدأ) ب (ولا تبدأ) م (ولا ابتداء) س ع (والابتداء). وفي جمال القراء ورقة 208و (ولا يجوز الابتداء بما بعده لأنه متعلق بما قبله في اللفظ والمعنى).
(407) الفرقان 43.
(408) م (بعدها).
(409) الزخرف 51.
(410) ظ (فيه).
(411) ما بين المعقوفين ساقط من ب ع ومن جمال القراء أيضا (انظر ورقة 208و).
(412) (على ام) ساقطة من س.
(413) الزخرف 52.(1/211)
{تَنْزِيلُ الْكِتََابِ لََا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعََالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ} (414)، إن أم بمنزلة (415) همزة الاستفهام، [والتقدير أيقولون افتراه] (416)، فعلى هذا يبتدأ بأم، وكذا قال في قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ} (417)، وكذا {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} (418)، {أَمْ لَهُ الْبَنََاتُ} (419)، {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ} (420)، {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرََاهِيمَ} (421)، {أَمْ يَقُولُونَ شََاعِرٌ} (422)، {أَمِ اتَّخَذَ مِمََّا يَخْلُقُ بَنََاتٍ} (423)، {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ} (424)، قال: معنى أم في ذلك كله همزة الاستفهام، لأنها لم يتقدمها استفهام.
والهروي رحمه الله تعالى كان في علم العربية متسعا، وعلى غرائبها مطلعا، وما قاله ظاهر، لأنهم قالوا في قوله تعالى: {أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ} (425) إنها بهذا (426) المعنى، أي أزاغت (427) عنهم الأبصار؟
__________
(414) السجدة 2.
(415) في ب كتب فوق كلمة (بمنزلة) كلمة (بمعنى) وفي ع وجمال القراء ورقة 208و (بمعنى).
(416) ما بين المعقوفين ساقط من ع.
(417) البقرة 108، ظ (أم تسألوا رسولكم).
(418) الفرقان 44.
(419) الطور 39.
(420) النساء 53.
(421) البقرة 104، م (تقولون) غيرها (يقولون) وقد قرأ حفص وابن عامر وحمزة والكسائي بالتاء والباقون بالياء (الداني: التيسير ص 77).
(422) الطور 30.
(423) الزخرف 16.
(424) سورة ص 28.
(425) سورة ص 63.
(426) ظ (إنها أي بهذا) ع (لهذا).
(427) س (زاغت).(1/212)
وأجاز أن تكون هي (428) المعادلة لهمزة الاستفهام في قوله: {أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا} (429) على قراءة القاطع (430)، وأجازوا أن تكون مردودة على قوله تعالى (431): {مََا لَنََا لََا نَرى ََ} (432) على قراءة الواصل. وذهب البصريون إلى أنّ أم في كل هذه المواضع هي المنقطعة، لأنهم يقولون في أم المنقطعة إن فيها معنى بل والهمزة، تقول بل أتقولون (433) افتراه ونحو ذلك (434).
القول في (بل)
اعلم أنّ بل تأتي في القرآن على ضربين: ضرب تكون (435) فيه حرف إضراب، وضرب تكون (436) فيه حرف عطف، كقولك قام زيد بل عمرو.
ويجوز الابتداء بها إذا كانت بمعنى الإضراب، ومعنى الإضراب ترك الكلام وإضراب (437) عنه، وهي أكثر ما تقع في القرآن بهذا المعنى، قال الله تعالى (438): {وَلَدَيْنََا كِتََابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لََا يُظْلَمُونَ} (439)، ثم أخذ في كلام آخر فقال: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هََذََا} (440)،
__________
(428) م (هي) ظ ب س (في) وهي ساقطة من ع.
(429) سورة ص 63
(430) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بوصل الألف والباقون بقطعها (انظر: الداني: التيسير ص 188).
(431) (تعالى) ساقطة من م.
(432) سورة ص 62.
(433) ظ ب (أيقولون).
(434) اعتمد المؤلف في أكثر كلامه عن (أم) على كتاب جمال القراء لعلم الدين السخاوي (تراجع ورقة 207ظ 208ظ).
(435) ب ظ (يكون).
(436) ظ (يكون).
(437) ع (والإضراب).
(438) ع (قال تعالى).
(439) المؤمنون 62.
(440) المؤمنون 63.(1/213)
وكذا (441) {فَأَنََّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنََاهُمْ بِالْحَقِّ} (442)، وكذا {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ مِنَ الرَّحْمََنِ بَلْ هُمْ} (443)، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ} (444) ونحو ذلك، الوقف عليه (445) كاف، لأنه خروج من كلام إلى كلام (446) آخر لا تعلق بينهما من جهة اللفظ.
القول في (حتى)
يجوز الابتداء بها (447) إذا كانت هي التي يحكى (448) بعدها الكلام، كقوله تعالى (449): {حَتََّى إِذََا رَأَوْا مََا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذََابَ وَإِمَّا السََّاعَةَ} (450)، {حَتََّى إِذََا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} (451)، {حَتََّى إِذََا جََاؤُهََا فُتِحَتْ أَبْوََابُهََا} (452) وكذا التي بعدها (453)، و {حَتََّى إِذََا مََا جََاؤُهََا} في فصلت (454)، و {حَتََّى إِذََا جََاءَنََا} (455) ونحو ذلك (456).
__________
(441) س (وكذا قال)، وهي ساقطة من م.
(442) المؤمنون 9089وفي ظ (فأنى يسحرون) وهو تصحيف.
(443) الأنبياء 42. ظ س (بل هم، والقرآن).
(444) سورة ص آية 21في ع (بل الذين كفروا في عزة وشقاق).
(445) (عليه) ساقطة من م.
(446) م (من الكلام إلى آخر).
(447) (بها) ساقطة من م.
(448) ظ (تحكى).
(449) (تعالى) في م س فقط.
(450) مريم 75.
(451) الانبياء 96، (ومأجوج) ساقطة من ع.
(452) الزمر 71.
(453) الزمر 73.
(454) فصلت 20، ظ (حتى اذا جاءوها).
(455) الزخرف 38.
(456) ع (وكذا التي بعدها، حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم، حتى إذا جاءنا قال يا ليت، ونحو ذلك).(1/214)
قال الداني، في قوله تعالى: {وَحَرََامٌ عَلى ََ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنََاهََا أَنَّهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (457) هو وقف تام (458)، وقال العماني هو كاف (459)، وهو الظاهر (460).
فصل في ذكر المشددات ومراتبها (461)
اعلم أن المشدد (462) في القرآن كثير، وكل حرف مشدد بمنزلة حرفين في الوزن واللفظ، الأول منهما ساكن والثاني متحرك، فينبغي للقارئ أن يبين المشدد حيث وقع، ويعطيه حقه ليميزه من ضده.
قاعدة
ذكر صاحب التجريد، فيما حكاه عن أبي إسحاق إبراهيم بن وثيق، أن المشددات على ثلاث مراتب:
الأولى (463): ما يشدد بخطرفة (464)، وهو ما لا غنة فيه (465).
__________
(457) الانبياء 95.
(458) انظر: المكتفى ص 206.
(459) انظر: المقصد ص 214.
(460) اعتمد المؤلف في كلامه عن (حتى) على جمال القراء لعلم الدين السخاوي (انظر: ورقة 213و).
(461) ظ (وتعريف مراتبها)، س (ومراتبها تعريف اعلم).
(462) م (المشددات).
(463) ظ (الأول).
(464) م ع (بخطرفة)، س (بحطرفة) ب (بجطرفة) ظ (بخطفة). وفي لسان العرب (مادة خطرف): خطرف في مشيه وتخطرف توسع، ويتخطرف في مشيه يجعل خطوتين خطوة، من وساعته.
(465) ع (وهو بلا غنة فيه).(1/215)
الثانية (466): ما يشدد بتراخ (467)، قال: وهو ما يشدد فيه غنة مع الإدغام، وهو إدغام الحرف الأول بكماله، وذلك لأجل الغنة.
الثالثة: ما يشدد بتراخي التراخي، وهو إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء، انتهى.
قلت: وهذا قول حسن، وتظهر فائدته في نحو قوله (468): {إِنَّ رَبِّي عَلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ * فَإِنْ تَوَلَّوْا} (469) فأبلغ التشديد على الباء ثم الميم ثم الفاء (470).
وقال مكي في الرعاية (471): الحروف المدغمات على ثلاثة أضرب:
مدغم فيه (472) زيادة مع الإدغام، وذلك نحو الراء المشددة، فيها إخفاء تكريرها مع الإدغام الذي فيها (473)، قال: فهو (474) زيادة من الإدغام وزيادة من التشديد (475).
قال: والثاني إدغام لا زيادة فيه، فهو كل ما أدغم لا إخفاء معه، ولا إظهار غنة، ولا إطباق ولا استعلاء معه، نحو الياء من {ذُرِّيَّةٌ} (476)، والياء والجيم من {لُجِّيٍّ} (477). قال: فهذا تشديد دون الراء المشددة لأجل زيادة
__________
(466) ظ (والثانية).
(467) ع (بتراخ) وبقية النسخ (بتراخي).
(468) س (تعالى).
(469) هود 5756في ظ فقط (فان) وبقية النسخ (وان) وهو تصحيف.
(470) ظ فقط (الفاء) وبقية النسخ (الواو) وقد آثرت ما في ظ لأنه هو الموجود في القرآن.
(471) انظر: الرعاية ص 229.
(472) ظ (مدغم فيه مع زيادة مع).
(473) ظ (يخافيها).
(474) م (قال: وهو). ع (قالوا: فهو).
(475) في الرعاية (فهو زيادة في الإدغام وزيادة في التشديد).
(476) البقرة 266ومواضع أخر.
(477) النور 40.(1/216)
الإخفاء (478) للتكرير في الراء.
قال: والثالث مدغم فيه (479) نقص من الإدغام، وذلك نحو ما ظهرت معه الغنة والإطباق والاستعلاء نحو {مَنْ يُؤْمِنُ} (480) و {أَحَطْتُ} (481)
و {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ} (482) قال: فهذا التشديد دون تشديد الثاني الذي لا نقص معه في إدغامه ولا زيادة، انتهى.
قلت: وما قاله مكي ظاهر قوي، وتظهر فائدته في نحو قوله: {إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (483) فالتشديد على الراء أبلغ من اللام، وعلى اللام أبلغ من النون، ولكن لا بأس (484) في الجمع بين القولين. وتظهر (485) فائدة ذلك في نحو قوله (486): {سِرًّا إِلََّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلََا تَعْزِمُوا} (487)
فأقوى التشديد على الراء ثم على اللام ثم على الميم ثم على الواو. غير أن اختياري في هذه القاعدة مطلقا (488) التشديد على كل حرف مشدد بحسب ما فيه من الصفات القوية والضعيفة.
__________
(478) (الاخفاء) ساقطة من س.
(479) س (في).
(480) التوبة 99ومواضع أخر.
(481) النمل 22.
(482) المرسلات 20وفي ع (ونخلقكم).
(483) البقرة 173ومواضع أخر.
(484) ع (ولكن لا بأس) م (لكن لا بأس) ب س ظ (لكن ولا بأس).
(485) ب (ويظهر).
(486) م س (تعالى).
(487) البقرة 235.
(488) (مطلقا) ساقطة من ع.(1/217)
مقدمة
التشديد ينقسم على أقسام، منها ما هو مشدد ليس (489) أصله حرفين منفصلين في الوزن، وإنما هو حرف مشدد في الوزن (490)، فشدد في اللفظ كما يشدد في الوزن، وذلك نحو (زيّن) و (بيّن) (491) و (علّم). وأكثر ما يقع هذا في عين (492) الفعل.
ومنها ما أصله حرفان منفصلان في الوزن، وإنما شدد ذلك (493)
للإدغام، نحو {عِتِيًّا} (494) و {وَلِيًّا} (495)، ومن ذلك ما يكون من كلمتين نحو {قُلْ رَبِّ} (496)، و {قُلْ لَهُمْ} (497).
فينبغي للقارئ المجود أن يشدد الحرف من غير لكز ولا ابتهار (498) ولا تشدق ولا لوك، خصوصا الياء والواو، نحو {لَيًّا} (499) و {أَوََّابٌ} (500)
فكثير من يشددها بتراخ ولوك، ولا يأخذ الشيوخ بمثل ذلك.
__________
(489) م (لين).
(490) م ظ س (مشدد ليس أصله في الوزن). وفي الرعاية (ص 219). ما يؤكد صحة ما جاء في ب ع.
(491) ظ (او بين).
(492) ظ (غير).
(493) (ذلك) ساقطة من ظ.
(494) مريم 8و 69.
(495) النساء 45، ومواضع أخر.
(496) المؤمنون 93.
(497) النساء 63.
(498) ع (لكز ولا ابتهار) م ظ س ب (لكن ولا انتهار) وفي التحديد ورقة 98ظ مثل ع.
(499) النساء 46، ظ س (وليا).
(500) سورة ص 17ومواضع أخر.(1/218)
فصل
فان (501) اجتمع حرفان مشددان في كلمة أو كلمتين كقوله (502):
{اطَّيَّرْنََا} (503) و {ازَّيَّنَتْ} (504) و {يَصَّعَّدُ} (505)، و {ذُرِّيَّةٌ} (506)
و {قُلْ لِلَّذِينَ} (507)، و {أَنْصََارٍ * رَبَّنََا} (508) ونحو ذلك، فينبغي على القارئ (509) أن يبين ذلك في اللفظ، ويعطي كل حرف حقه من التشديد البالغ والمتوسط، ونحو ذلك.
فصل
وإن اجتمع ثلاث مشددات متواليات، ولا يكون ذلك إلّا (510) من كلمتين أو أكثر، كقوله (511): {دُرِّيٌّ يُوقَدُ} (512) في قراءة من قرأ (513)
(يوقد) بالياء (514)، وكقوله (515): {وَعَلى ََ أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} (516) ونحو
__________
(501) م (وان).
(502) س (تعالى).
(503) النمل 47.
(504) يونس 24.
(505) الانعام 125.
(506) البقرة 266ومواضع أخر.
(507) آل عمران 12، ومواضع أخر.
(508) آل عمران 193192.
(509) ظ ع (فينبغي للقارئ).
(510) ظ (الامر الا).
(511) س (تعالى).
(512) النور 35.
(513) (من قرأ) ساقطة من ظ.
(514) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر وحمزة والكسائي بالتاء، على تفصيل، والباقون بالياء (انظر: الداني: التيسير ص 162).
(515) (وكقوله) ساقطة من ظ ع، وفي س (تعالى).
(516) هود 48.(1/219)
ذلك، فينبغي للقارئ أن يبين ذلك في لفظه، ويعطي كل حرف حقه من التشديد حسبما فيه.
فصل في الوقف على المشدد
اعلم أن الوقف على الحرف المشدد فيه (517) صعوبة على اللسان، فلا بد من إظهار التشديد في الوقف في اللفظ وتمكين ذلك حتى يسمع، نحو {مِنْ وَلِيٍّ} (518) و {مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} (519) و {النَّبِيُّ} (520) عند غير الهامز، و {مُسْتَمِرٌّ} (521) و {صَوََافَّ} (522) يقصد كمال التشديد في هذا ونحوه، فاعلم.
ويجوز الوقف على أواخر الكلم بالإسكان، وهو الأصل في كل حرف موقوف عليه. وإن كان قبل الحرف الموقوف عليه (523) ساكن صحيح أو عليل فلك (524) الجمع بين الساكنين (525) إلا ما فيه عليل وهتوف (526)، ولك الوقف بالإشارة فيما يرام أو يشم، كلّ جائز مرويّ. والروم هو اختلاس (527)
الحركة. والإشمام ضم الشفتين بعد (528) سكون الحرف. والروم يدخل في
__________
(517) م (اعلم ان فيه).
(518) البقرة 107ومواضع أخر.
(519) الشورى 45، سقطت واو العطف قبل الآية من م س.
(520) البقرة 246، ومواضع أخر.
(521) القمر 2و 19.
(522) الحج 36.
(523) (عليه) ساقطة من ب.
(524) س (فذلك).
(525) ظ (الساكن).
(526) لعله يريد بالهتوف الهمزة، فقد سبق في صفات الحروف أن الحرف المهتوف هو الهمزة.
(527) ع (اختلال).
(528) ظ ب (بعد) م س (بعيد).(1/220)
القسمين من الحركات إلّا (529) [المفتوح والمنصوب عند القراء، والإشمام (530) يدخل في المضموم والمرفوع لا غير، وقد تقدم ذلك (531).
والله تعالى الميسر (532).
__________
(529) من هنا يبدأ سقط في نسخة ب قدر ورقة واحدة.
(530) س (الاشمام).
(531) اعتمد المؤلف في كلامه عن المشددات على ما كتبه مكي في الرعاية (انظر:
ص 235219).
(532) س (والله أعلم) وهي محذوفة أصلا من م ع.(1/221)
باب في معرفة الظاء وتمييزها من الضاد حسبما وقع في القرآن الكريم
وهذا الباب يحتاج القارئ إليه (1)، ولا بد من معرفته. وقد عمل المتقدمون فيه كتبا نثرا ونظما، ومن أحسن ما نظم فيه (2) ما أخبرني به الشيخ عبد الكريم التونسي، قراءة مني عليه (3)، قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بزال (4) الأنصاري، قال أخبرنا (5) ابن الغماز (6)، قال أخبرنا ابن سلمون، قال أخبرنا ابن هذيل (7)، قال أخبرنا أبو داود، قال أملى علينا الشيخ أبو عمرو الداني من نظمه (8):
__________
(1) (يحتاج اليه القارئ).
(2) (فيه) في ع فقط.
(3) (قراءة مني عليه) ساقطة من س.
(4) م (نزال) ع (بلال).
(5) م (انا) س (انبا).
(6) ظ (الغمار).
(7) ظ (ابن هديل).
(8) نشر الدكتور محسن جمال في مجلة البلاغ، السنة الثالثة 1970 (رسالة في الظاءات الموجودة في القرآن) لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، عن نسخة مخطوطة ضمن مجموع محفوظ (خزانة مكة المكرمة) تحت رقم (5) من المجاميع، ويعود تأريخ نسخها الى سنة 827هـ وهي بخط شمس الدين محمد بن الحاج أحمد المعري الرزاز. وتتضمن الرسالة الأبيات الأربعة التي نقلها هنا ابن الجزري مع شرح موجز لها. ولا يختلف ما جاء في الرسالة عما نقله ابن الجزري إلا في ثلاثة أمور:(1/223)
ظفرت شواظ بحظّها من ظلمنا ... فكظمت غيظ عظيم ما ظنّت بنا (9)
وظعنت أنظر في الظّهيرة ظلّة ... وظللت أنتظر الظّلال لحفظنا (10)
وظمئت في الظّلما ففي عظمي لظى ... ظهر الظّهار لأجل غلظة وعظنا (11)
أنظرت لفظي كي تيقّظ فظّه ... وحظرت ظهر ظهيرها من ظفرنا (12)
ذكر في هذه الأبيات الأربعة جميع ما وقع في القرآن من لفظ الظاء، وميزه مما (13) ضارعه لفظا، وهي اثنتان (14) وثلاثون كلمة، وقيل جميع ما في القرآن من ذلك ثمانمائة وأحد عشر موضعا. ولنتكلم الآن على هذه الأبيات كلمة كلمة، ونذكر وقوع كل (15) في القرآن ومعناه (16) بالإيجاز والاختصار، فمن أراد الإحاطة بالظاءات فعليه ب (رفع الحجاب عن تنبيه الكتاب) الذي ألفه شيخنا الامام أبو جعفر نزيل حلب (17) فأقول مستعينا بالله:
أمّا قوله: (ظفرت) أي فازت، يقال ظفر الرجل بحاجته يظفر ظفرا إذا فاز بها، والظافر (18) الغالب. والذي وقع في القرآن من هذا اللفظ موضع واحد في سورة الفتح: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} (19).
__________
1 - سقط من نص الرسالة كلمة (عظيم) في البيت الأول.
2 - رسمت له كلمة (وحظرت) في البيت الرابع بالضاد (وحضرت).
3 - تقدم البيت الثالث على الذي قبله في الترتيب.
(9) ع (غيظ عظم) و (عظيم) ساقطة من رسالة الداني المطبوعة.
(10) ظ (ظله).
(11) ع (الظلما) وكذلك هي في رسالة الداني المطبوعة، وبقية النسخ (الظلماء).
(12) ظ (تيقظ لفظه)، وفي رسالة الداني المطبوعة (وحضرت).
(13) ظ (بما).
(14) م فقط (اثنتان) وبقية النسخ (اثنان).
(15) ظ (كل ما في القرآن).
(16) (ومعناه) ساقطة من م.
(17) ع (فعليه بالمنهج السني، الذي ألفه شيخنا الشيخ أمين الدين ابن السلار).
(18) ع (الظافر) الواو ساقطة.
(19) الفتح 24. (عليهم) ساقطة من س.(1/224)
وأمّا الشّواظ فهو اللهب الذي لا دخان معه، وقيل الذي معه (20) دخان، وفيه لغتان: ضم الشين وكسرها، وقرئ بهما (21). ووقع في القرآن في موضع واحد في سورة الرحمن (22): {يُرْسَلُ عَلَيْكُمََا شُوََاظٌ مِنْ نََارٍ} (23).
وأما الحظّ فهو النصيب، وهو بالظاء، وضارعه في اللفظ الحض الذي معناه التحريض، يقال حضضت فلانا على الشيء، [أحضّه أي] (24) أحرضه عليه. قال الخليل: الفرق بين الحث (25) والحض، الحث يكون في السير والسوق وكل شيء، والحض لا يكون في سير ولا في سوق (26). فأما الاول ففي القرآن منه ستة مواضع (27)، والثاني ثلاثة مواضع، في الحاقة والماعون {وَلََا يَحُضُّ عَلى ََ طَعََامِ الْمِسْكِينِ} (28) وفي الفجر (29) {وَلََا تَحَاضُّونَ} (30)
هذه الثلاثة بالضاد.
وأما الظّلم فهو وضع الشيء في غير موضعه، ووقع في القرآن في مائتي موضع واثنين (31) وثمانين موضعا متنوعا (32).
__________
(20) ع (له).
(21) قرأ ابن كثير بكسر الشين والباقون بضمها. (انظر: الداني: التيسير ص 206).
(22) م (الرحمن) بقية النسخ (الزخرف) والصواب ما في م.
(23) الرحمن 35.
(24) ما بين المعقوفين من ع فقط.
(25) ع (ان الحث).
(26) ع (ولا سوق).
(27) م (ففي القرآن منه سبعة مواضع، وبيانه أن في آل عمران موضعا (176)، وفي النساء موضعين (11و 176)، وفي المائدة موضعين (13و 14)، وفي القصص موضعا (79)، وفي حم السجدة موضعا (35)).
(28) الحاقة 34والماعون 3، وفي س ظ (ولا يحضون).
(29) ظ (والفجر).
(30) الفجر 18. وفي م ظ س (يحضون).
(31) ظ (واثنان). وهو خطأ.
(32) يراجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن لمن أراد الوقوف على أماكنها:(1/225)
وأما الكظم فهو مخرج النفس، والكظيم (33) مجترع الغيظ، ووقع منه في القرآن] (34) ستة ألفاظ.
وأما الغيظ فهو الامتلاء والحنق (35)، وهو شدة الغضب، فهو بالظاء، ووقع في القرآن في أحد عشر (36) موضعا. وضارعه في اللفظ الغيض الذي معناه التفرقة، ووقع في موضعين {وَغِيضَ الْمََاءُ} في هود (37)، و {مََا تَغِيضُ الْأَرْحََامُ} في الرعد (38).
وأما العظيم فهو الجليل أي الكبير، وأعظم الأمر أكبره، ووقع في القرآن في مائة موضع وثلاثة مواضع.
وأما الظن فهو تجويز أمرين أحدهما أقرب من الآخر، يقال ظن يظن ظنا، ويكون شكا ويقينا، فالشك نحو (39): {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} (40)، و {تَظُنُّونَ بِاللََّهِ الظُّنُونَا} (41). واليقين نحو: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلََاقُوا رَبِّهِمْ} (42)، {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوََاقِعُوهََا} (43) ووقع منه في القرآن سبعة وستون لفظا (44)، وضارعه في اللفظ قوله تعالى: {وَمََا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (45)، وفيه خلاف، فقرأه بالظاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي،
__________
(33) ظ (والكظم).
(34) هنا ينتهي ما سقط من نسخة ب، وهو مقدار ورقة كاملة، لعلها سقطت أثناء التصوير.
(35) ع (والحمق).
(36) م ع (أحد عشر)، ظ ب س (إحدى عشرة).
(37) هود 44.
(38) الرعد 8.
(39) س (نحو قوله).
(40) الفتح 12.
(41) الأحزاب 10.
(42) البقرة 46. وفي م (ربهم وأنهم).
(43) الكهف 53.
(44) م (موضعا).
(45) التكوير 24.(1/226)
بمعنى متهم، والباقون يقرءونه بالضاد بمعنى بخيل (46).
وأما الظّعن فهو السفر والشخوص، يقال ظعن يظعن ظعنا إذا شخص (47) أو سافر، ووقع منه في القرآن لفظ واحد في سورة النحل {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} (48).
وأما النظر فهو من نظرت الشيء أنظره فأنا ناظر (49)، قال المجنون (50):
نظرت كأني من وراء زجاجة ... إلى الدار من ماء الصبابة أنظر
والنظير المثيل، وهو الذي إذا نظر إليه وإلى نظيره كانا سواء، ووقع في القرآن منه (51) ستة وثمانون موضعا. وضارعه في اللفظ النّضر (52) الذي معناه الحسن (53)، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: (نضّر الله امرأ سمع مقالتي (54) فوعاها، وأدّاها كما سمعها) (55)، ووقع في القرآن منه ثلاثة مواضع، في القيامة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاضِرَةٌ} (56)، وفي الإنسان {وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (57)، وفي المطففين {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (58).
__________
(46) أنظر الداني: التيسير ص 220. وفي ب ع (والله أعلم).
(47) ع (اشخص).
(48) النحل 80.
(49) ظ س (ناظره).
(50) ينظر: ديوان مجنون ليلى ص 135، جمع وتحقيق عبد الستار أحمد فراج، مكتبة مصر القاهرة (د. ت).
(51) (منه) ساقطة من م.
(52) (النضر) ساقطة من م.
(53) ب ع (لأنه مشتق من النضارة وهو الحسن).
(54) ب ع (مقالتنا).
(55) (رواه أبو داود والدارمي والترمذي وابن ماجة وأحمد (ينظر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي 6/ 472).
(56) القيامة 22.
(57) الإنسان 11.
(58) المطففين 24.(1/227)
وأما الظهيرة (59) فسيأتي الكلام عليه عند قوله ظهر ظهيرها.
وأما الظلة (60) فهو كل ما أظلك ووقع في القرآن (61) منها موضعان {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} في الأعراف (62)، و {يَوْمِ الظُّلَّةِ} في الشعراء (63).
وأما ظللت فهو من قولك ظلّ فلان يفعل كذا إذا دام على فعله نهارا، وهو (64) من ظلّ يظلّ وهي أخت كان، ووقع في القرآن منه تسعة ألفاظ (65)
{فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} بالحجر (66)، {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} في النحل (67)
والزخرف (68). {ظَلْتَ عَلَيْهِ} في طه (69). {فَظَلَّتْ أَعْنََاقُهُمْ}، {فَنَظَلُّ لَهََا} كلاهما بالشعراء (70). {لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ} في الروم (71). {فَيَظْلَلْنَ رَوََاكِدَ} بالشورى (72)، {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} في الواقعة (73). وظلت وفظلتم أصله بلامين، لكن خفف مثل مست ومسست. وضارع هذا اللفظ في اللفظ الضّلال الذي هو ضد الهدى، نحو {وَضَلَّ عَنْهُمْ مََا كََانُوا يَفْتَرُونَ} (74)
__________
(59) (وأما الظهيرة) ساقطة من ع.
(60) ظ (الظل).
(61) ظ (ووقع منه في القرآن موضعان).
(62) آية 171.
(63) آية 189، ب س (بالشعراء).
(64) م (من ظل) ظ س (ومن ظل) ب ع (وهو من ظل).
(65) م (مواضع).
(66) آية 14.
(67) آية 58.
(68) آية 17.
(69) آية 97.
(70) آية 4و 71، وفي م الآية الأولى (فظلت أعناقهم لها).
(71) آية 51.
(72) آية 33.
(73) آية 65. ظ (بالواقعة).
(74) الأنعام 24. ومواضع أخر.(1/228)
وكذا ما معناه البطانة (75) والتغيب نحو {أَإِذََا ضَلَلْنََا فِي الْأَرْضِ} (76) أي غبنا وبطنا فيها (77)، فكذلك عيّنّاه في مواضعه ليمتاز من هذا فاعلمه.
وأما الانتظار فهو التوقع، تقول (78): انتظرت كذا، أي توقعته، وأتى في أربعة عشر موضعا.
وأما الظّلال بكسر الظاء فهو جمع ظلّ، وهو معروف، كظل الشجرة وغيرها (79)، ويقال له ظل في أول النهار، فإذا رجع فهو فيء، والظل الظليل الدائم، فهو وما اشتق منه بالظاء، نحو {مَدَّ الظِّلَّ} (80) و {ظَلَّلْنََا عَلَيْهِمُ} (81)، {يَتَفَيَّؤُا ظِلََالُهُ} (82)، في ظلّ (83)، {مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ} (84).
وتقدم ذكر الظّلّة، وجمعها ظلل أو ظلال (85) كخلّة وخلل (86)، وبرمة وبرام، ووقع منه في القرآن اثنان وعشرون موضعا.
وأما الحفظ فهو ضد النسيان، وهو بالظاء كيف تصرف (87)، نحو
__________
(75) ب س ظ (البطالة).
(76) السجدة 10.
(77) ب س ظ (بطلنا).
(78) ع (يقول).
(79) م (وغيره).
(80) الفرقان 45.
(81) الأعراف 160.
(82) النحل 48و (يتفيأ) ساقطة من ظ، وهي مرسومة (يتفيؤا)، وأثبت ما يوافق إملاء الناس اليوم.
(83) البقرة 210.
(84) الزمر 16.
(85) ع (وظلال).
(86) م (خلال).
(87) ظ (كيف ما تصرف).(1/229)
{عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (88) و {حََافِظََاتٌ} (89) و {حَفَظَةً} (90)
و {مَحْفُوظٍ} (91) و {يَحْفَظُونَهُ} (92). وقع في اثنين وأربعين موضعا.
وأما الظمأ بالهمز فهو العطش، ووقع في ثلاثة مواضع، في براءة {لََا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} (93)، وفي طه (تظمأ) (94)، وفي النور {الظَّمْآنُ} (95).
وأما الظلماء فهي (96) من الظّلمة، وجمعها (97) ظلمات، ووقعت في ستة وعشرين موضعا.
وأما العظم فهو معروف، وجمعه عظام، ووقع (98) في أربعة عشر موضعا جمعا وفردا.
وأما لظى (99) فأصله اللزوم والإلجاج، تقول (100): ألظّ بكذا، أي الزمه ولج به، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم (101): (ألظّوا بيا ذا الجلال والإكرام) (102) أي
__________
(88) سبأ 21.
(89) النساء 34وفي ظ (حافظا).
(90) الأنعام 61.
(91) البروج 22.
(92) الرعد 11. وقد سقطت من ظ الأمثلة الثلاثة الأخيرة.
(93) التوبة 120.
(94) طه 119وفي ع (يظمؤا) بالياء وهو خطأ. وهي مرسومة في المخطوطات (تظمؤا).
(95) النور 39.
(96) م ظ س (فهو).
(97) ظ (وجمعه).
(98) م (وقد وقع).
(99) م (اللظى).
(100) ع (يقول).
(101) ظ (عليه الصلاة والسلام).
(102) جاء في كتاب النهاية لابن الأثير (مادة لظظ 4/ 252): «في حديث الدعاء: ألظّوا بيا ذا الجلال والإكرام. أي ألزموه وأثبتوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم». ونقل ذلك ابن منظور في لسان العرب مادة (لظظ). ونسبه الجوهري في الصحاح (مادة لظظ 3/ 178) إلى ابن مسعود رضي الله عنه.(1/230)
الزموا أنفسكم وألجوا بكثرة الدعاء بها، وسميت (103) بعض طباق النار به للزومها العذاب، قال الله تعالى: {وَمََا هُمْ مِنْهََا بِمُخْرَجِينَ} (104)، ووقع (105) في القرآن منه موضعان {إِنَّهََا لَظى ََ} في المعارج (106)، {فَأَنْذَرْتُكُمْ نََاراً تَلَظََّى} في والليل (107).
وأما الظهار فيأتي (108) الكلام عليه عند قوله ظهر ظهيرها.
وأما الغلظ فهو معروف، وفي القرآن منه ثلاثة عشر موضعا.
وأما الوعظ فهو التخويف من عذاب الله، والترغيب في العمل القائد إلى الجنة (1091). قال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب، انتهى (1092).
فهو بالظاء كيف تصرف، وجمع (110) الموعظة مواعظ، وجمع العظة عظات.
وضارعه في اللفظ قوله تعالى: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} في الحجر (111)، وهو بالضاد، ومعناه (112) أنهم فرقوه، وقالوا: هو (113) سحر وشعر وكهانة ونحو ذلك.
وأما الإنظار فهو التأخير والمهلة، تقول (114) أنظرته أي أمهلته، وهو اثنان وعشرون موضعا.
__________
(103) ب ع (وسميت) م ظ س (وبها سميت).
(104) الحجر 48.
(105) ب ع (وفي القرآن).
(106) المعارج 15.
(107) الليل 14. (في والليل) ساقطة من ظ س وفي م (في الليل).
(108) ع (فيأتي) م (ويأتي) ب س ظ (يأتي).
(1091) ظ (إلى الله).
(1092) العين 2/ 228.
(110) س (جمع).
(111) آية 91. م (وهو في الحجر).
(112) م (ومعنى).
(113) ع (هذا).
(114) ع (يقول).(1/231)
وأما اللفظ فهو الكلام، وهو مصدر من لفظ يلفظ، وهو موضع واحد {مََا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} في ق (115).
وأما الإيقاظ فهو من اليقظة، وهو (116) ضد الغفلة أو النوم (117)، وهو موضع واحد في الكهف {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقََاظاً} (118).
وأمّا الفظّ فقيل هو الرجل الكريه الخلق، مشتق من فظّ الكرش وهو ماؤه، وهو موضع واحد في آل عمران {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا} (119). وو ضارعه في اللفظ الغض الذي معناه الفك والتفرقة، تقول فضضت الطابع أي فككته (120)، وانفض الجماعة أي تفرقوا، قال الله تعالى (121): {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (122)، {انْفَضُّوا إِلَيْهََا} (123) أي تفرقوا.
وأما الحظر فمعناه المنع والحيازة، لأن كل حائز لشيء مانع غيره منه، وهو موضعان: في الإسراء {وَمََا كََانَ عَطََاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} (124) أي ممنوعا، وفي القمر {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (125) والمحتظر (126) الذي يعمل الحظيرة. وضارعه في اللفظ الحضر الذي هو (127) ضد الغيبة، ومعناه الإتيان إلى المكان، والمعنى فارق بينهما، فافهم.
وأما قوله ظهر ظهيرها، وقوله (128) في الظهيرة، وقوله ظهر الظّهار، فنتكلم (129) عليهن الآن. فالظهيرة هي شدة الحر، ومنه قوله: (130) {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيََابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (131). وأما الظّهر فهو خلاف البطن، ومنه
__________
(115) سورة ق آية 18. م ع (في قاف).
(116) ع (فهو اليقظة وهي ضد).
(117) م ع (والنوم).
(118) الكهف 18.
(119) آية 159.
(120) س (فكته).
(121) ع (قال تعالى).
(122) آل عمران 159.
(123) الجمعة 11.
(124) الإسراء 20.
(125) القمر 31.
(126) (والمحتظر) ساقطة من ظ.
(127) (هو) ساقطة من ظ.
(128) ع (وقوله قبل في) ب (وقوله قتل في).
(129) في جميع النسخ (نتكلم).
(130) م س (قوله تعالى) وكذلك الموضع الآتي.
(131) النور 58. و (من الظهيرة). ساقط من ب.(1/232)
قوله: {إِلََّا مََا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمََا} (132). والظّهار هو (133) من ظاهر (134)
الرجل من زوجته، وهو أن يقول لها أنت عليّ كظهر أمّي، ومنه قوله تعالى (135):
{الَّذِينَ يُظََاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسََائِهِمْ} الآية (136).
وأما قوله ظهر هو بضم الظاء، وهو اسم لوقت زوال الشمس، وهو وقت صلاة الظهر، تقول أظهرنا أي صرنا في وقت الظهر (137)، قال الله تعالى (138): {وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (139).
وأما الظّهير فهو المعين، والتظاهر (140) التعاون، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ تَظََاهَرََا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللََّهَ هُوَ مَوْلََاهُ وَجِبْرِيلُ وَصََالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلََائِكَةُ بَعْدَ ذََلِكَ ظَهِيرٌ} (141). فإذا علم ذلك ففي كتاب الله تعالى منها (142) وما تصرف منها سبعة وخمسون موضعا، والله أعلم (143).
وأما الظّفر فهو الذي بالأيدي والأرجل، قال أبو حاتم: يقال ظفر وظفر بضمة واحدة وبضمتين، ولا يقال بالكسر كما تقول العامة، وقد يقال للظفر أظفور، قالت أم الهيثم (144):
__________
(132) الأنعام 146.
(133) ظ ع (هو) م (وهو) وهي ساقطة من س ب.
(134) ع (ظاهر) وبقية النسخ (تظاهر).
(135) (تعالى) ساقطة من ب ع.
(136) المجادلة 2.
(137) م ظ س (في وقت صلاة الظهر).
(138) ع (وقال تعالى).
(139) الروم 18.
(140) ع (أو ظاهر).
(141) التحريم 4.
(142) م (من ذلك).
(143) (والله أعلم) ساقطة من س.
(144) أورده ابن منظور على هذا النحو في لسان العرب مادة (ظفر): «يقال للظفر أظفور،(1/233)
ما بين لقمته الأولى إذا انحدرت ... وبين أخرى تليها قيد (145) أظفور وجمع الظفر أظفار وأظافير، وقيل أظافير جمع الجمع، كما قيل أقوال وأقاويل، وقيل جمع أظفور. والتظفير هو أخذك (146) الشيء بأطراف أظفارك وتخذيشك (147) إياه بها. ووقع في موضع في (148) الأنعام قوله تعالى (149): {وَعَلَى الَّذِينَ هََادُوا حَرَّمْنََا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} (150) والله أعلم (151).
وهذا (152) آخر ما قصدته من ترجمة هذا الكتاب، وكنت قبل أن أكتب هذا التأليف بدأت في تأليف كتاب سميته (التوجيهات على أصول القراءات)، ثم رأيت (153) الحاجة داعية إلى تأليف هذا المختصر، فانثنيت عن
__________
وجمعه أظافير، وأنشد:
ما بين لقمتها الأولى إذا ازدردت ... وبين أخرى تليها قيس أظفور».
(145) ظ (قبل).
(146) ظ (أخذ).
(147) ع (تخديشك) وغيرها (تخدشك)، وفي لسان العرب مادة (ظفر): (التظفير غمز الظفر في التفاحة وغيرها).
(148) ب (من).
(149) (قوله تعالى) ساقط من ع.
(150) الأنعام 146.
(151) ع (والله سبحانه وتعالى أعلم). ويبدو من خلال (الموازنة أن ابن الجزري اعتمد في باب الظاءات على شرح لدرة القارئ التي نظمها عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (ت 661هـ). ومن الشرح نسخة في مكتبة جستربتي برقم (3653/ 6) والشرح من تأليف أحد تلامذة عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش البغدادي (ت 676هـ) ولعله أبو بكر بن عمر المقصاتي (ت 713هـ) (ينظر غاية النهاية 2/ 183و 387 ومقدمة الشرح المذكور حيث يذكر الشارح أنه روى القصيدة عن ابن أبي الجيش).
(152) م س (هذا) ب ظ ع (وهذا).
(153) م (فرأيت).(1/234)
ذلك حتى كمل تأليفي لهذا (154) الكتاب، وأنا إن شاء الله عازم (155) على ذلك بإرشاده (156) وتيسيره، إن تأخر الأجل، ونلت بلوغ الأمل حتى أكمله.
وأحببت أن أختم هذا الكتاب بأدعية رواها الخلف عن السلف عند ختم القرآن، لأن (157) بركة الدعاء عظيمة ومنافعه (158) عميمة عند نزول الرحمة في وقت ختم القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَإِذََا سَأَلَكَ عِبََادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} (159). وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أفضل العبادة الدعاء (160).
أخبرنا شيخنا (161) شمس الدين أبو عبد الله الصفوي، قال أخبرنا (162)
الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن مروان البعلبكي، قال أخبرنا السخاوي، قال كان شيخنا أبو القاسم، يعني الشاطبي (163)، يدعو عند ختم القرآن بهذا الدعاء:
اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك (164)، وأبناء إمائك [نواصينا بيدك] (165)، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل
__________
(154) ظ (هذا).
(155) (عازم) في م فقط.
(156) س (بارشاد).
(157) م (لأنه).
(158) ب (ومنافعها).
(159) البقرة 186.
(160) ذكر الطبري في تفسيره (2/ 160) عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«إن الدعاء هو العبادة».
(161) ب ع (شيخنا الشيخ).
(162) اختلفت النسخ في ألفاظها الحديث هنا.
(163) م (رحمهما الله).
(164) (وأبناء عبيدك) ساقط من ظ.
(165) ما بين المعقوفين ساقط من جميع النسخ وأثبته من جمال القراء (ورقة 226ظ) ففيه نص هذا الدعاء.(1/235)
اسم هو لك، سمّيت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك (166)، أو أنزلته في شيء من كتبك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا وهمومنا، وسائقنا وقائدنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم، مع الذين أنعمت عليهم (167) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (168). برحمتك يا أرحم الراحمين. وهو (169)
مروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لتفريج الهمّ (170).
قال السخاوي: وأنا أزيد عليه: اللهم اجعله لنا شفاء وهدى وإماما ورحمة، وارزقنا تلاوته على النحو الذي يرضيك عنا، ولا تجعل لنا (171) ذنبا إلا غفرته، ولا همّا إلّا فرّجته، ولا دينا إلّا قضيته، ولا مريضا إلّا شفيته، ولا عدوا إلّا كفيته، ولا غائبا إلّا رددته، ولا عاصيا إلّا عصمته، ولا فاسدا إلّا أصلحته، ولا ميتا إلّا رحمته، ولا عيبا إلّا سترته، ولا عسيرا إلّا يسّرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولنا فيها صلاح (172) إلّا أعنتنا على قضائها في يسر منك (173) وعافية، برحمتك (174) يا أرحم الراحمين.
قلت: وأنا أزيد عليه: اللهم انصر جيوش المسلمين نصرا عزيزا، وافتح
__________
(166) (أو علمته أحدا من خلقك) ساقط من م ظ س. وهو ثابت في جمال القراء لكنه جاء بعد الجملة الآتية.
(167) س (أنعمت اللهم عليهم).
(168) هنا تنتهي نسخة م وفي آخرها (في 25ذي الحجة سنة 1322هـ).
(169) ظ س (وقيل هو)، وفي جمال القراء (وهو دعاء مروي).
(170) ينظر جمال القراء لعلم الدين السخاوي (ورقة 227هـ). وذكر ابن الجزري في الحصن الحصين أنه قد رواه ابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده والبزار في مسنده (ينظر عدة الحصن الحصين ط 1، بيروت 1979ص 100).
(171) (لنا) ساقطة من ب، وفي جمال القراء (لنا به).
(172) (ولنا فيها صلاح) ساقط من ب، وفي ظ (صلاحا).
(173) (منك) ساقطة من ظ.
(174) (برحمتك) ساقطة من س، وهي غير موجودة في جمال القراء.(1/236)
لهم فتحا مبينا، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، اللهم افتح لنا بخير، واختم لنا بخير (175)، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، اللهم إنا نعوذ بك من فواتح (176) الشر وخواتمه، وأوله وآخره وباطنه وظاهره. اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحدا سواك، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وهب لنا غنى لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، وأغننا عن من أغنيته عنا، واجعل آخر كلامنا شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم (177) وتوفنا وأنت راض عنا غير غضبان، واجعلنا في موقف القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وروى (178) عاصم بن أبي النجود، عم زرّ بن حبيش، قال: قرأت القرآن كله، في المسجد الجامع بالكوفة (179)، على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما بلغت الحواميم، قال: يا زر قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت رأس العشرين من حم عسق (180) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ فِي رَوْضََاتِ الْجَنََّاتِ لَهُمْ مََا يَشََاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذََلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (181) بكى حتى ارتفع نحيبه، ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال:
يا زر أمّن عليّ دعائي، ثم قال:
اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص المؤمنين، ومرافقة (182)
الأبرار، واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ووجوب رحمتك، وعزائم مغفرتك، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
__________
(175) (واختم لنا بخير) ساقط من ظ س.
(176) ظ (فتح).
(177) (صلّى الله عليه وسلم) في ظ فقط.
(178) ظ (وروى عن عاصم).
(179) (في المسجد الجامع بالكوفة) ساقط من ظ س.
(180) (حم) ساقط من ظ س. و (حم عسق) هي سورة الشورى.
(181) الشورى 22.
(182) ظ (مراقبة).(1/237)
ثم قال: يا زر إذا (183) ختمت فادع بهذه الدعوات فإنّ حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.
انتهى ما أردت ذكره من الدعاء، وهو كاف، واسأل الله تعالى (184) أن ينفع به، ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
قال المؤلف (185): فرغت من تحريره آخر ثلث ساعة مضت بعد الزوال من (186) استوائه، من يوم السبت، خامس ذي الحجة الحرام، من (187) سنة تسع وستين (188) وسبعمائة، بالمدرسة الظاهرية من بين القصرين، بالقاهرة المحروسة، لا زالت معمورة وسائر بلاد المسلمين (189). وأجزت لجميع المسلمين روايته عني، راجيا ثواب الله تعالى ومغفرته (190) ورحمته (191).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين (192).
__________
(183) ع (فإذا).
(184) (تعالى) ساقطة من ظ.
(185) ظ (قال المؤلف رضي الله عنه ورحمه) وفي ع (قال المؤلف رحمه الله تعالى).
(186) (من) ساقطة من ب س.
(187) (من) ساقط من ع.
(188) ظ (وسبعين) وفي ع (سنة 769).
(189) ع (من بين القصرين لا زالت بالقاهرة مصورة، وسائر بلاد المسلمين آمين) وهو آخر النسخة. وفي ظ (آمين يا معين) وهو آخر النسخة.
(190) (ومغفرته) ساقط من ب.
(191) هنا تنتهي نسخة س.
(192) أنظر تعليقات النساخ في خاتمة كل نسخة في موضوع وصف النسخ المخطوطة في مقدمة الكتاب.(1/238)