[وكان] (1) ابن شهاب الزهري إذا ذكر قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، يقول: / [70/ ب] كان من علماء هذه الأمة (2).
ولد عام الهجرة، وأوتي به للنبي (3) صلى الله عليه وسلم فدعا له. وتوفي سنة ثمانين (4)، وهو ابن ست وثمانين سنة (5).
(عودة إلى خلافة عبد الملك) (6):
وذكر جماعة ممن عني بجمع التاريخ (7): أنّ حبرا من الأحبار جاء إلى معاوية بن أبي سفيان رحمه الله تعالى فسأله معاوية عن مقدار ملكه، فأخبره، وقال (8) له: ومن يلي من بعدي؟ قال: ابن لك اسمه يزيد يملك كذا وكذا سنة، قال ثم من؟ قال: ابن له اسمه (9) معاوية أياما يسيرة. قال:
ثم من؟ قال يخرج الملك عن أهل بيتك، وينتقل إلى رجل صفته كذا
__________
(1) التكملة من: أ، ب، ج.
(2) ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 1273والذهبي: سير 4/ 283.
(3) في أ، ب، ج: وأتى به النبي.
(4) التصويب من: ب، ج، وفي الأصل، وأ: ست.
(5) ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 1273.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) في ج: التواريخ.
(8) في أ، ب، ج: ثم قال.
(9) في ج: يسمّى.(2/835)
وكذا (1)، واسمه مروان، يملك الأمر أشهرا يسيرة (2) وينتقل الملك إلى ابن له، يكون له ظهور كثيرة، وفتكات في أعدائه، وصولة، وملك شامخ، ويورّث الملك أربعة من بنيه يكون لهم ملك قاهر شامخ (3).
قال له معاوية: لو رأيت (4) هذا الغلام الذي ذكرت كنت تميزه؟
قال: نعم، كما أميزك الآن. فأمر أحد خواصه، أن يخرج معه، ويمشي على الأزقّة والأسواق والمجتمعات لكي يراه، فخرجا فبينما هما يمشيان في بعض الرّحاب إذ وجدا صبيانا يلعبون، وإذا بعبد الملك بن مروان صبّي صغير بيده سيف (5) يلعب به. فقال الحبر: الله أكبر [هذا هو] (6) فدنا منه، فقال له: ما تكون صلتك لي إن أنا بشّرتك بأمر يسّرك؟ قال: وما مقدار البشارة (7) حتى أعرف مقدار الصلة عليها؟ [قال: أن تملك الأرض] (8)، قال: أرأيت إن عجلت لك الصلة أتقدر أن تعجّلها؟ (9) قال لا. قال: فإن
__________
(1) (كذا) ليست في: أ، ب، ج.
(2) (يسيرة) سقطت من: ب.
(3) في أ، ب، ج: شامخ قاهر.
(4) (رأيت) سقطت من: أ.
(5) في أ، ب، ج: ساق.
(6) الزيادة من: أ، ب، ج.
(7) في أ، ب، ج: البشرى.
(8) التكملة من: أ، ب، ج.
(9) في ب: تجعلها.(2/836)
حرمتك أن تؤخرها عنّي؟ قال: لا، قال: فّحسبك. فانصرف إلى معاوية، فأخبره بما كان (1). وكان (2) معاوية ينظر إليه بتلك العين، ويبالغ في برّه (3)
وإكرامه (4).
(منزلته قبل الخلافة وبعدها) (5):
وجعله على ديوان المدينة مكان (6) زيد بن ثابت وهو ابن ست عشرة سنة (7).
وكان عبد الملك قبل خلافته من العبّاد. أقام ثلاثين سنة معتكفا ملازما للمسجد، حتى سمي: حمامة المسجد (8).
فلما ولّي الخلافة ترك ذلك كلّه، فلامه سعيد بن المسيب، وقال له:
__________
(1) (بما كان) سقطت من: أ.
(2) في أ، ب، ج: فكان.
(3) في ب: قدره.
(4) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف. قلت: ولا يمكن أن يكون هذا الخبر صحيحا، إذ لا يعقل أن تنطلي على معاوية رضي الله عنه الصحابي، كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأكاذيب.
(5) عنوان جانبي من المحقق.
(6) التصويب من: ج، وفي الأصل: ما كان، وفي أ، ب: فكان.
(7) ابن قتيبة: المعارف ص 355، وانظر الثعالبي: لطائف المعارف 29، 60وفيه: كان خارجه بن زيد بن ثابت على ديوان المدينة قبل عبد الملك.
(8) ابن عبد ربه: العقد الفريد 6/ 350.(2/837)
يا أبا الوليد كنت على (1) ما كنت عليه من العبادة والزّهاد، وبلغني الآن عنك أنّك تشرب الطّلاء (2).
__________
(1) (كنت على) سقطت من: ب.
(2) الطّلاء: بالكسر والمد: الشّراب المطبوخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ولم يكن مسكرا، وهو الرّب. وأصله القطران الخاثر الذي تطلى به الإبل. ابن الأثير:
النهاية 3/ 137بتصرف. وقد أحلّ عمر بن الخطاب شربه طالما أنه غير مسكر، وذلك عندما شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فأحله بعد أن تبين له أنه غير مسكر. مالك: الموطأ (برواية يحي بن يحي الليثي) 2/ 847كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر، وكتب عمر بإحلال ذلك الطلاء غير المسكر إلى عمار بن ياسر وكان على قضاء الكوفة عبد الرزاق: المصنف:
باب الرجل يجعل الرّبّ نبيذا 9/ 255رقم (17120). أبو يوسف: الآثار ص 226 رقم (1004) وكتب بنحو ذلك إلى أبي موسى الأشعري وكان عامله على البصرة النسائي: السنن، كتاب الأشربة، باب ما يجوز شربه من الطلاء 8/ 259 وكان عمر نفسه يرزق الناس الطلاء. البيهقي: السنن الكبرى 8/ 301وكتب إلى عماله أن يرزقوا الناس الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه. عبد الرزاق: المصنف 9/ 255رقم (17121) والنسائي: السنن 8/ 295وكان أبو عبيدة ومعاذ بن جبل وأبو طلحة يشربون الطّلاء إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه. عبد الرزاق: المصنف 9/ 255 رقم (17122) ووافقهم من الصحابة: علي وأبو موسى وأبو الدرداء وأبو أمامة وخالد بن الوليد وغيرهم، ومن التابعين: ابن المسيّب والحسن البصري وعكرمة، ومن الفقهاء: الثوري والليث ومالك وأحمد، وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر. ابن حجر: فتح الباري 10/ 63، 64لذلك كان رأي عبد الملك رحمه الله في حكم شرب الطلاء مطابقا لرأي سلفه من صالح الأمّة.(2/838)
قال: نعم، والدماء (1).
وكان المصحف بين يديه (2) يوم ولي، فغلقه وقال: هذا فراق بيني وبينك (3).
(حبّ عبد الملك للشعر) (4):
وكان يحبّ الشّعر والفخر والمدح.
وفد عليه رجل من بني ضنّة (5) فقال:
__________
(1) هذا الخبر ذكره ابن عبد ربه: العقد الفريد 6/ 351بدون إسناد. وروى ابن عساكر من طريق إبراهيم بن هشام بن يحي عن أبيه عن جده يحي بن يحي الغسّاني قال: كان عبد الملك بن مروان كثيرا ما يجلس إلى أمّ الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق وهو خليفة، فجلس إليها مرّة من المرار فقالت له: يا أمير المؤمنين! بلغني أنك شربت الطلاء بعد العبادة والنّسك. قال: أي والله يا أم الدرداء، والدماء قد شربتها.
تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 522والذهبي: سير 4/ 249وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 73.
(2) في أ، ب، ج: بيده.
(3) رواه بنحوه الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 390عن الحسين بن محمد الخالع.
ونقله ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 511والحسين بن محمد الشاعر الملقب بالخالع، كذّاب. الذهبي: ميزان الاعتدال 1/ 547.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في الأصل والنسخ الأخرى: أميّة، وهو تحريف، والصواب ما أثبته عن القالى:
الأمالي 2/ 283والبكري: فصل المقال ص 252وابن عبد ربه: العقد الفريد 1/ 305وفيه أنّ هذا الشعر قاله رجل من قضاعة من بني ضنّة ليزيد بن المهلب.(2/839)
والله ما ندري إذا ما فاتنا ... طلب إليك (1) من الذي نتطلّب
بل قد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحدا سواك إلى (2) المكارم ينسب / [71/ أ]
فاصبر لعادتك التّي عودّتنا ... أولا فأرشدنا إلى من نذهب
فقال: إليّ! فأمر (3) له بألف دينار، ثم أتاه في العام المقبل، فقال شعرا (4):
يربّ (5) الذّي يأتي من الخير إنّه ... إذا فعل المعروف زاد وتمّما
وليس كبان حين تمّ بناؤه ... تتبّعه بالنّقص حتى تهدّما
فأعطاه ألفي دينار، ثم أتاه في العام الثّالث، فقال شعرا (6).
إذا استمطروا (7) كانوا مغازير في النّدى ... يجيبون في المعروف عودا على بدء (8)
__________
وبنو ضنّة: بالكسر، هذه النسبة إلى خمس قبائل من العرب: إلى ضنّة بن سعد بن هذيم، من قضاعة وهي القبيلة التي ينسب إليها القبائل وإلى ضنّة بن عبد بن كبير، من عذرة. وإلى ضنّة بن عبد الله، من بني نمير. ابن الأثير: اللباب 2/ 265بتصرف.
(1) في الأصل وج: منك، والمثبت من: أ، ب وأمالي القالى 2/ 273.
(2) في ب: إلا.
(3) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: فأمره.
(4) (فقال شعرا) ليست في: أ، ب، ج.
(5) في ج: يا رب.
(6) (فقال شعرا) ليست في: أ، ب، ج.
(7) التصويب من: ب، وفي الأصل وأ، ج: استمتروا.
(8) (عوادا على بدء) ساقطة من: أ.(2/840)
فأعطاه ثلاثة ألاف دينار (1).
(تمنيه الخلافة) (2):
وروى الشّعبي واسمه عامر بن [شراحيل] (3) أنّه قال: لقد رأيت عجبا كنّا بفناء الكعبة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقوم كل واحد منكم فليأخذ بالرّكن اليماني، ويسأل (4) الله حاجته، فإنه يعط من ساعته. قم يا عبد الله بن الزبير. فإنّك أوّل مولود (5) ولد في [الهجرة] (6).
فقام، وأخذ (7) بالرّكن اليماني، فسأل الله (8) أن لا يموت حتى يتولّى الحجاز، ويسلّم عليه بالخلافة.
__________
(1) هذا الخبر بتمامه ذكره القالي: الأمالي 2/ 283.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) التصويب من: أ، وفي الأصل وب، ج: شرحبيل.
(4) في ب: وليسأل.
(5) في ب: أولى يولد.
(6) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: الإسلام.
(7) في أ، ب، ج: فأخذ.
(8) وقع في هامش الأصل: وقال: اللهم إنّك عظيم ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك وبحرمة عرشك وحرمة نبيك صلى الله عليه وسلم.(2/841)
ثم قام أخوه مصعب (1)، فسأل الله أن يتولى العراق، ويتزوج سكينة (2) بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما (3)، وعائشة (4) بنت طلحة بن عبيد الله (5).
ثم قام عبد الملك بن مروان (6)، فسأل أن لا يموت حتى يتولّى شرق الأرض وغربها، ومتى نازعني أحد أتيت برأسه.
__________
(1) وقع في هامش الأصل: فقام حتى أخذ بالركن اليماني وقال: اللهم إنك ربّ كل شيء، وإليك مصير كلّ شيء، أسألك بقدرتك على كل شيء أن لا تميتني حتى أتولى العراق.
(2) سكينة بنت الحسين رضي الله عنه، تزوجها مصعب بن الزبير، ثم تزوجت بعده بغير واحد. قدمت دمشق مع أهل بيتها بعد قتل أبيها، ثم عادت إلى المدينة وماتت بها سنة سبع عشرة ومئة. ابن سعد: الطبقات 8/ 475والمعافري: الحدائق الغنّاء ص 155143.
(3) (رضي الله عنهما) سقطت من: أ، ب، ج.
(4) عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيميّة، كانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن، أصدقها مصعب مئة ألف دينار. وفدت على عبد الملك وابنه هشام. بقيت إلى قريب من سنة عشر ومئة بالمدينة. الذهبي: سير 4/ 370والمعافري الحدائق الغناء ص 6954.
(5) التصويب من: ج، وفي الأصل وأ، ب: عبد الله.
(6) وقع في هامش الأصل: حتى أخذ بالركن اليماني، وقال: اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرض ذات النبات بعد القفر، أسألك بما سألك به عبادك المطيعون لأمرك وأسألك بحرمة وجهك وأسألك بحقك على جميع خلقك وبحق الطائفين حول بيتك أن لا يموت إلخ.(2/842)
ثم قام عبد الله بن عمر رضي الله عنه (1)، فسأل الله تعالى أن لا يموت (2) حتى يوجب له الجنّة.
قال الشعبي: فما ذهبت عينيّ (3) من الّدنيا حتى رأيت كلّ رجل منهم أعطي ما سأل، وبشّر عبد الله بن عمر بالجنّة، [ورؤيت له] (4) قال (5):
وكان لعبد الملك إقدام على سفك الدماء، فسلك عماله مسلكه، مثل: (6)
الحجاج بالعراق، والمهلب بخرسان، وهشام بن إسماعيل (7) بالمدينة، وكان
__________
(1) وقع في هامش الأصل: فقام حتى أخذ بالركن اليماني، وقال اللهم إنك رحمان رحيم، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك أن لا يموت إلخ.
(2) في ب: يميت.
(3) في ج: ذهب عني.
(4) الزيادة من: أ، وفي ب: وزينت له. وقد روى هذا الخبر بتمامه ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 29، 30من طريق طارق بن عبد العزيز عن الشعبي. ولم أتوصل إلى معرفة طارق بن عبد العزيز. وذكره بايجاز ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 367وأبو نعيم: حلية الأولياء 2/ 171.
(5) المقصود بالقائل المسعودي في: مروج الذهب 3/ 99الذي يعد من مصادر المؤلف.
(6) في ب: ثم.
(7) هو هشام بن إسماعيل المخزومي، كان من وجوه قريش، ولّاه عبد الملك على المدينة فكان مسددا في ولايته، قيل: هو أول من أحدث دراسة القرآن في جامع دمشق، استمر واليا على المدينة حتى عزله الوليد وولّى عمر بن عبد العزيز. مصعب(2/843)
بالمدينة، وكان الحجاج أظلمهم وأسفكهم للدماء (1).
وكان عبد الملك من أعلم الناس بأخبار العرب، وأذكرهم بغرائب الأدب. وكان حازما (2).
وهو أول خليفة نقل الدواوين من الفارسية إلى العربية (3).
وكانت له بلاغات وأخبار معجبات. ذكر يوما لجلسائه قول نصيب (4):
أهيم بدعد [ما حييت فإن أمت ... أوكّل بدعد] (5) من يهيم بها بعدي
فكلّ عابه (6). فقال عبد الملك: فلو كان إليكم فما كنتم قائلين؟
فقال رجل (7) منهم كنت أقول:
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فوا حزنا (8) من ذا يهيم بها بعدي / [71/ ب]
__________
الزبيري: نسب قريش ص 328والذهبي: تاريخ (10081هـ) ص 214.
(1) المسعودي: مروج الذهب 3/ 99.
(2) ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 401وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 69.
(3) أبو الهلال العسكري: الأوائل 1/ 354وانظر ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 399
(4) نصيب بن رباح، كان عبدا لرجل من أهل وادي القرى، فكاتب على نفسه، ومدح عبد العزيز بن مروان، فاشترى ولاءه، وكنيته أبو الحجناء، وقيل: أبو محجن.
ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 265وابن خلكان: وفيات الأعيان 6/ 89.
(5) ما بين القوسين: سقط من: الأصل، وهو من: أ، ب، ج.
(6) فكلّ عابه: أي عابوا نصيبا على قوله هذا.
(7) لم أتوصل إلى تعيينه.
(8) في أ: حازنا.(2/844)
فقال عبد الملك: قلت والله أسوأ مما قال. قيل له: فلو كنت (1) أنت قائلا يا أمير المؤمنين؟ قال: (2) كنت أقول:
أهيم بدعد ما حييت فإن (3) أمت ... فلا صلحت دعد لذي خلّة بعدي
قالوا: أنت والله أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين (4).
(إنصافه من نفسه) (5):
وكان عبد الملك منصفا من نفسه قال يوما لأمية (6) بن عبد الله بن خالد بن [أسيد] (7): ما فعلت بحرثان بن عمرو (8) حين قال فيك:
__________
(1) (فلو كنت) ليست في: أ، ب، ج.
(2) (قال) سقطت من: أ، ب.
(3) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: وإن.
(4) هذا الخبر ذكره ابن قتيبة: عيون الأخبار 4/ 143والمبرد: الكامل 1/ 152، 153.
(5) عنوان جانبي من المحقق.
(6) أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي، أحد الأشراف، كان على الجيش الذي واجه أبي فديك الخارجي بمرداء هجر، فهزم أمية عندما خذله الناس، ثم ولاه عبد الملك خراسان، ومات سنة سبع وثمانين. الطبري: تاريخ 6/ 174، 200والذهبي:
سير 4/ 272وياقوت: معجم البلدان 5/ 104.
(7) في الأصل والنسخ الأخرى: أمية بن مالك. والصواب ما أثبته من نسب قريش ص 190وجمهرة أنساب العرب ص 218.
(8) في ج: مالك، ولم أقف على ترجمة حرثان بن عمرو.(2/845)
إذا هتف العصفور طار فؤاده ... وليث حديد النّاب عند الثّرائد (1)
قال: يا أمير المؤمنين وجب عليه حد فأقمته (2) عليه، فقال: هلّا درأت عنه بالشبهات؟ (3) فقال كان الحد أبين، وكان زعمه عليّ أهون.
فقال عبد الملك: يا بني أمية، أحسابكم أنسابكم لا تعرّضوها للهجاء، فإنه باق ما بقي الدّهر، والله ما يسرّني أني هجيت بهذا البيت وأنّ لي ما طلعت عليه الشمس:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ... وجاراتكم غرثى (4) يبتن خمائصا (5)
(خطبة عبد الملك في أهل الكوفة) (6):
ولما قدم عبد الملك الكوفة، خطب أهلها، فقال: إني إذا قلت قولا
__________
(1) التصويب من: ج، وفي الأصل وأ، ب: الشدائد. وقد نسب ابن قتيبة هذا البيت لعبد الملك بن مروان: عيون الأخبار 1/ 257ونسبه ابن عبد ربه لبعض العراقيين.
العقد الفريد 1/ 143.
(2) في الأصل وج: فأقمت، والمثبت من: أ، ب وأمالي القالي 2/ 158.
(3) في الأصل وأ، ب: الشبهات، والمثبت من: ج، وأمالي القالي 2/ 158.
(4) غرثى: الغرث: أيسر الجوع، وقيل شدّته، وقيل: هو الجوع عامة. ابن منظور: لسان العرب 2/ 172 (غرث).
(5) هذا الخبر بتمامه ذكره القالي: الأمالي 2/ 157، 158والبيت منسوب إلى الأعشى.
المسعودي: مروج الذهب 3/ 175ولم أقف عليه في ديوانه.
(6) عنوان جانبي من المحقق.(2/846)
وعدا كان أوصولا، فهو كالسّهم جهزه وتره [فمضى] (1)، وكالّلهب طار شرره فأضاء. وقد عقدت مقالي (2) بفعالي، ووصلت وعدي بمطابي، وجعلت على [نفسي] (3) رقيبا من الوفاء يتعاطاها (4) كلما غمضت بخلف، صال عليها بعنف، وأنا كالأم الحنون لأهل الطّاعة، وكالأبخرة الباردة على أهل المعصية، أسبق بالعقاب إلى أهل الظنّة، وأتناول بالكرامة من قعد عن (5) الفتنة، وإياكم وعيدا غير ملويّ (6)، وزاجرا غير منسيّ، فطالما أوضعتم في الضلالة واستدرّتنا أكفّكم (7) العقوبة، فأمسكنا بحسن رأينا في استبقائكم، كلّما مريتم أخلاف النعمة صورناها بمظاهر النّقمة، تدفعنا حقنا ويأبى الله إلا تقليدكم إيّاه، فحتى متى نسعى في صلاحكم، وتوضعون في غيّكم، ونكدح (8) في إقبالكم فيدبّركم سفه رأيكم. لست آخذكم بسالف جرائمكم، لكني استأنف بكم (9) ما استقبلتم به أنفسكم،
__________
(1) التكملة من: أ، ب، ج.
(2) في ج: مالي.
(3) في الأصل: عليّ، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) في أ، ب، ج: يتقاظاها.
(5) في أ، ب: على.
(6) في أ: مالولي، وفي ب: ملولي.
(7) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: أكفيهم.
(8) في ب: بمطايرة، وفي ج: بمظاهرة.
(9) هذه العبارة سقطت من: ب.(2/847)
فكلّ ما مضى فقد جعلته تحت قدميّ، ودبر أذنيّ، رغبة لكم فيما لم ترغبوا فيه من الصّلاح، وحرصا لكم على ما أضعتموه من الخطّ، فاجعلوا (1) للحقّ نصيبا منكم. واستغفر الله لي ولكم (2).
(خطبة أخرى لعبد الملك) (3):
وخطب عبد الملك، فلما انتهى إلى موضع العظة، وعظ، فأحسن.
فقام إليه رجل من آل صوحان (4).
فقال: إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، أفنقتدي بسيرتكم في أنفسكم؟ أم نطيع أمركم بألسنتكم؟ فإن قلتم: اقتدوا بسيرتنا في أنفسنا. فأنّى؟ / وكيف؟ وما الحجة؟ [72/ أ] وما النصير (5) من الله في الاقتداء بالجورة الخونة الظلمة، الذين أكلوا أموال الله دولا، وجعلوا عباد الله خولا. فإن قلتم أطيعوا أمرنا، واقبلوا نصيحتنا (6)، فكيف ينصح من يغشّ نفسه، أم كيف تجب الطاعة لمن تثبت عدالته ولا تجوز في الإسلام
__________
(1) في الأصل وب: فاجعلوه، والمثبت من: أ، ج.
(2) لم أقف على هذه الخطبة عند غير مؤلف.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) التصويب من: أ، ج، وفي الأصل: سرحان، وفي ب: مرجان. بنو صوحان بن حجر، بطن من جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، من العدنانية. ابن دريد: الاشتقاق ص 329.
(5) في الأصل: النصر، وفي ب: النهي، والمثبت من: أ، ج.
(6) في الأصل وب: نصحتنا، والمثبت من: أ، ج.(2/848)
شهادته؟ فإن قلتم خذوا الحكمة من حيث وجدتموها واقبلوا العظة ممّن سمعتموها. فعلام (1) قدّمناكم أزمّة أمورنا، وحكّمناكم في أموالنا ودمائنا؟
أما تعلمون أنّ فينا من هو أفصح منكم [بالعظات] (2) وأعرف باللغات؟
فإن كانت الإمامة تستحق بذلك فتخلوا (3) عنها، واطلقوا عقالها، وخلّوا سبيلها، يبتدر (4) إليها أهلها، الذين فرض الله في كتابه طاعتهم، فشردتموهم في البلاد، وقتلتموهم في كل (5) واد. أما إنها إن تثبت (6) في أيديكم لاستيفاء المدة، وبلوغ الغاية، وعظيم المحنة، فإن لكل قائم [منكم] (7) يوما لا يعدوه، وكتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (227) (8).
(رسالة عبد العزيز بن مروان إلى أخيه عبد الملك يطلب منه أن يبعث رجلا له فقه في الدين) (9):
__________
(1) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: فعلى من.
(2) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: بالألفاظات.
(3) في أ، ب، ج: فتخلخلوا.
(4) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: يبتدي.
(5) في ب: بكلّ.
(6) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: تثبتوا.
(7) الزيادة من: أ، ج، وفي ب: حكم.
(8) سورة الشعراء: الآية (227) ولم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(9) عنوان جانبي من المحقق.(2/849)
وكتب (1) إليه أخوه عبد العزيز (2): إني ببلاد، لا علم لهم بالعرب، ولا بأنسابهم، ولا برواية الشعر. فابعث لي يا أمير المؤمنين رجلا له فقه في الدين، وصلاح، وعلم بالسنة، وفصاحة، ورواية للشعر، ومعرفة بالعرب وأنسابها.
فكتب إلى عامله على الحجاز [أن] (3) يرتاد له (4) من هذه صفته، فلم يجده.
ثم كتب إلى الحجاج أن يرتاده، فدعى الحجاج يزيد بن مسلم (5)
كاتبه.
فسأله: هل يعلم أحدا هذه صفته؟ (6) قال له: الشعبي على هذه
__________
(1) في ب: فكتب.
(2) عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أمير مصر لأبيه مروان، ثم أقره أخوه عبد الملك عليها، كان من خيار الأمراء كريما جواد ممدحا، وهو والد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز. مات سنة خمس وثمانين بمصر. ابن سعد: الطبقات 5/ 236وابن كثير:
البداية والنهاية 9/ 63.
(3) التكملة من: أ، ب، ج.
(4) التصويب من: أ، ب، ج وفي الأصل: لهم.
(5) هو يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء الثقفي مولاهم، استكتبه الحجاج، واستعمله الوليد ابن عبد الملك على العراق أربعة أشهر بعد وفاة الحجاج، ثم استعمله يزيد بن عبد الملك على إفريقية، وقتل بها سنة اثنتين ومئة. الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 42، 57وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 389385.
(6) في الأصل: صفته هذه، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/850)
الصفة (1).
فأرسل إليه (2) الحجاج.
فلما وصل إليه. أمر له بألفيّ درهم، وخمسة أثواب، وأرسله إلى عبد الملك على مركبين من البريد (3).
(مجالسة الشعبي لعبد الملك) (4):
قال الشعبي: فلما دخلت على عبد الملك، قال لي: يا شعبي! لا تساعدني على قبيح، ولا تردّ على الخطأ في مجلسي، ولا تكلفني جواب التشميت والتهنئة، ولا جواب السؤال والتعزية، ودع (5) عنك كيف أصبح الأمير وكيف أمسى؟ وكلمني بقدر ما [أستطعمك] (6) واجعل بدل التفريط لي صواب (7) الاستماع مني، واعلم أنّ صواب الاستماع يعدل
__________
(1) في أ، ب، ج: هذه صفة الشعبي.
(2) في أ، ب، ج: فيه.
(3) لم أقف على نص هذا الكتاب عند غير المؤلف، لكن وردت الإشارة إليه عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 147وابن درهم: نزهة الأبصار 2/ 734.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في ب: ودعك.
(6) في الأصل: استطاعتك، والمثبت من: أ، ب والمسعودي: مروج الذهب 3/ 100 وفي ج: استطع.
(7) في ج: جواب.(2/851)
صواب القول، وإذا سمعتني أتحدّث فلا يفتك من (1) حديثي شيء، وأرني فهمك في طرفك (2) وسمعك، ولا تجهد (3) نفسك في تطرية جوابي (4)، ولا تستدع بذلك الزيادة من كلامي، فإنّ أسوأ الناس حالا من استكدّ (5)
الملوك بالباطل، وإنّ أسوأ حالا منهم من استخفّ بحقهم (6)، واعلم يا شعبي أنّ أقلّ من هذا يذهب سالف الإحسان، ويسقط حقّ الحرمة، وأنّ الصمت في موضعه [ربما كان أبلغ من المنطق في موضعه] (7) وإن (8)
أصابته فرصة (9).
قال الشعبي: فحبسني / سنة عنده، فو الله لربّما حدّثته [72/ ب]
__________
(1) في أ، ب: منه.
(2) في أ، ب: طريقك.
(3) في ب: ولا تجهل في نفسك.
(4) في أ، ب: صوابي.
(5) في الأصل: استكاد. وفي ج: استكدر. والمثبت من أ، ب والمسعودي: مروج الذهب 3/ 100استكد الملوك بالباطل: أي طلب إتباعهم بالباطل. الجوهري:
الصحاح 2/ 530 (كدر) بتصرف.
(6) في الأصل: بحقه، والمثبت من: أ، ب، ج والمسعودي: مروج الذهب 3/ 100.
(7) التكملة من أ، ب، ج.
(8) في أ، ب: وعند.
(9) هذا الخبر ذكره بتمامه المسعودي: مروج الذهب 3/ 100وبإيجاز عند ابن خلكان:
وفيات الأعيان 3/ 14.(2/852)
بحديث (1)، وأنّ اللقمة بيده (2)، فما يرفعها إلى فيه، ولا يضعها [من يده] (3)، فأقول له: يا أمير المؤمنين، لو (4) أسغت لقمتك.
فيقول: حديثك أعجب إليّ (5).
فأكل ذات يوم حيتانا. فأصبح وهو يشتكي، فدخل عليه خويصة (6)
أصحابه، وأهله، والوليد (7) وسليمان (8)، إبناه، وروح بن زنباع، وعبد الرحمن بن أمّ الحكم، وأبان (9) بن مروان، وأنا (10) معهم، فكلّهم يقولون:
__________
(1) في أ، ب، ج: بالحديث
(2). في أ، ب، ج: في يده.
(3) التكملة من: أ، ب، ج.
(4) في ب: لما
(5) ذكر مثله القالي: ذيل الأمالي 3/ 80وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 148 والزمخشري: ربيع الأبرار 4/ 260.
(6) خويصة: تصغير الخاصة، وياؤها ساكنة، لأن ياء التصغير لا تتحرك. الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص 796 (خصّة).
(7) الوليد بن عبد الملك، الخليفة، بويع بعهد من أبيه، وهو الذي أنشأ جامع بني أمية، مات سنة ست وتسعين. ابن قتيبة: المعارف ص 359والذهبي: سير 4/ 347.
(8) سليمان بن عبد الملك، الخليفة بعد الوليد، كان دينا فصيحا مفوها عادلا محبا للغزو، مات سنة ثمان وتسعين. ابن قتيبة: المعارف ص 361والذهبي: سير 5/ 11.
(9) أبان بن مروان بن الحكم، ولي فلسطين لأخيه عبد الملك، وكان الحجاج على شرطه. البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 166وابن قتيبة: المعارف ص 354.
(10) في ب: وإني.(2/853)
كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ فيقول: أصبحت والله عليلا (1) ضعيفا كما قال عمرو بن قميئة (2):
كأنّي وقد خلّفت تسعين حجة ... خلعت بها عني عذار لجامي
رمتني بنات الدّهر من حيث لا أرى ... فما حال من يرمي وليس برام (3)
فلو أنّها نبل إذا لاتقيتها ... ولاكنها أرمى بغير سهام (4)
قال: فنظرت في وجوه القوم، هل يردّ عليه أحد شيئا؟ فلم يردّ.
فقلت: أصبحت يا أمير المؤمنين والله يبقيك كما قال لبيد (5) بن ربيعة، فإنّه لما بلغ (6) سبعا وسبعين سنة، قال:
__________
(1) (عليلا) ليست في: ب.
(2) عمرو بن قميئة، شاعر جاهلي، خرج مع إمرىء القيس إلى بلاد الروم، وعمّر طويلا. ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 338336، السجستاني: المعمرون ص 113112.
(3) في أ، ب: برامي.
(4) سقط هذا البيت من: ب.
(5) في ج: عبيد.
لبيد بن ربيعة العامري، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه، معدود في فحول الشعراء المجوّدين، نزل الكوفة ومات بها. ابن سعد الطبقات 6/ 33وابن عبد البر:
الاستيعاب 3/ 13381335.
(6) في ب: لم يبالغ.(2/854)
ظلت تشتكي (1) إليّ النّفس [مجهشة] (2) ... وقد حمدتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا ... وفي الثّلاث وفاء للثّمانينا
قال (3): فبلغ تسعين حجّة، فقال:
كأنّي وقد خلّفت تسعين حجّة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا
فبلغ مائة وعشرا، فقال:
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر
فبلغ مائة وعشرين، فقال:
ولقد سئمت (4) من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس: كيف لبيد!
فقال عبد الملك: أسندوني، أسندوني، فليس بي من بأس. قال الشعبي: فرأيت الرّونق يجري على وجهه، فضل يحدثنا بقيّة يومنا. ثم ذكر ما خطبه به أخوه عبد العزيز، فقلت يا أمير المؤمنين: قربك أحبّ إليّ، فقال: إنه يملأ (5) يدك، وإذا كنت معه فأنت عندي.
فأتيت عبد العزيز، فأكرم وألطف وقرّب، وصنع معي ما صنع
__________
(1) في أ، ب: تشتكي.
(2) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: مهجتي.
(3) (قال) ليست في: أ، ب.
(4) التصويب من: أ، ج: وفي الأصل وب: سمين.
(5) في أ، ب، ج: ملء.(2/855)
أخوه وأزيد من ذلك (1).
قال الشعبي: وكنت عند عبد الملك يوما فذكر عبد الله بن الزبير (2)، فقال عبد الملك: ما يعرف ابن الزبير: من أين تهبّ (3) الرّيح؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! مثل ابن الزبير، لا يدري من أين تهبّ الريح فقال لي: ولا أنت يا شعبي.
فجعلت أفكر (4) في نفسي، من أين تهبّ [الريح] (5)؟ فإذا أنا والله لا أدري، فقلت: يا أمير المؤمنين! فقد (6) فكّرت فيه (7)، فما رأيت (8)، فأخبرني (9) فقال: / يا شعبي! تهب القبول (10) من مطلع
__________
(1) ذكر هذا الخبر باختلاف يسير الأصبهاني: الأغاني 16/ 5736، 5737.
والصّابيء: الهفوات النادره ص 8280، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 148، 149، وابن درهم: نزهة الأبصار 2/ 734، وذكره بإيجاز بن عبد البر:
الاستيعاب 3/ 1338، وابن الأثير: أسد الغابة 4/ 216، 217.
(2) هذه الفقرة سقطت من: ج.
(3) في أ، ب: يهب.
(4) في ب: انظر.
(5) الزيادة من: أ.
(6) في ج: قد.
(7) في ج: فيها.
(8) في أ، ب، ج: دريت.
(9) في أ، ب، ج: فخبرّني.
(10) في ج: الجنوب.(2/856)
سهيل (1) إلى [73/ أ] مطلع الشّمس، وهي القبليّة.
وتهبّ الصّبا من مطلع الشمس (2) إلى بنات نعش (3)، وهي الشرقية.
وتهبّ الشمال من بنات نعش إلى مغرب الشّمس وهي الجوفية، وتهبّ الدّبور (4) من مغرب الشمس إلى مطلع سهيل وهي الغربيّة.
خذها بشكر يا شعبي (5)!
(سماعه الشكوى، ونصيحته لبني أميّة) (6):
ودخل عليه أعرابي يتظلّم من عامل له، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ فلانا ممن رفعت خسيسته (7) وأثبت وطأته، وأعليت وكأته، وأمرته بنشر محاسنك فطواها، وإظهار مكارمك فأخفاها، وإفاضت عدلك في رعيتك (8) فتعداها. واستخفافا بالحرم، وقلّة شكر للنعم. أخرب البلاد،
__________
(1) سهيل: كوكب أحمر منفرد عن الكواكب، وهو من الكواكب اليمانّية.
القلقشندي: صبح الأعشى 2/ 173.
(2) هذه الفقرة سقطت من: أ.
(3) بنات نعش: هي سبعة أنجم على القرب من القطب الشمالي، منها أربعة في صورة نعش، وثلاثة أمامه مستطيلة وهي المعبّر عنها بالبنات، وتعرف هذه ببنات نعش الكبرى. القلقشندي: صبح الأعشى 2/ 172.
(4) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: الظهور.
(5) ذكر مثل هذا الخبر المسعودي: مروج الذهب 3/ 100.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) خسيسته: الخسيس: الدنيء والرذيل. ابن منظور: لسان العرب 6/ 64 (خسس).
(8) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: رعايتك.(2/857)
وأضاع الأجناد، وأظهر الفساد، وأخرج الرعيّة من سعة العدل إلى (1)
ضيق الجور، حتّى باعوا الطّارف (2) والتّلاد (3)، وشفوا (4) على بيع النساء والأولاد (5).
قال عبد الملك: فإنّا (6) نمكنك منه يا أعرابي! قال: إذا أوجع ظهره، وأخذ ماله.
فجمع عبد الملك ولده وأهله، وقال: يا بني أميّة، ابذلوا نداكم (7)، وكفوا أذاكم، واجملوا إذا طلبتم، واعفوا إذا قدرتم، ولا تلحفوا (8) إذا سألتم، ولا تبخلوا إذا سئلتم، فإن العفو بعد القدرة، والثّناء بعد الخبرة،
__________
(1) (إلى) سقطت من: ب.
(2) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: الطرف. الطّارف: ما استحدثته من المال واستطرفته، وهو خلاف التّالد والتليد. ابن مظور: لسان العرب 9/ 214 (طرف).
(3) في أ، ب، ج: والتّالد. التّلاد: المال القديم الأصلي الذي ولد عندك، وهو نقيض الطّارف. ابن منظور: لسان العرب 3/ 99 (تلد).
(4) التصويب من: أ، ب، ج وفي الأصل: وشف.
(5) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: أولاد.
(6) في أ، ب: فإنما.
(7) نداكم: النّدى: هو المعروف والسّخاء والكرم والجود. ابن منظور: لسان العرب 15/ 314 (ندى) بتصرف.
(8) في ب: تحلفوا. تلحفوا: الإلحاف: شدة الإلحاح في المسألة. ابن مظور: لسان العرب 9/ 314 (لحف).(2/858)
وخير المال ما أفاد حمدا، ونفى ذما.
(وصيته لبنيه) (1):
وقال لبنيه: يا بنيّ! شرف الدنيا في ثلاثة الشّجاعة والمال والعلم، فلا يخلونّ أحدكم من أحدها، ومن استطاع كمالها فقد انقادت له الدّنيا بزمامها، وأعطته قيادها، ومن خلا منهنّ فهو في عداد البهائم التي لا تذكر بخصلة، ولا تنسب إلى مزيّة (2).
(كراهيته الكذب والمدح) (3):
وسأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوة، [فقال لأصحابه] (4): إذا شئتم.
فلمّا تهيأ (5) الرجل للكلام. قال له: إيّاك أن تمدحني، فإني أعلم بنفسي منك، أو تكذبني فإني لا أرى الكذب، أو تسعى إليّ بأحد. وإن شئت أقلتك، قال: أقلني. فأقاله (6).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) الزيادة من: أ، ب، ج.
(5) في ب: ذهب.
(6) ذكر نحوه المسعودي: مروج الذهب 3/ 124.(2/859)
(كرمه) (1):
وقال الأصمعي: تغدّى مع عبد الملك أعرابي، فجعل يضرب في القصعة يمنة ويسرة (2)، فقال الخادم: يا أعرابي! كل مما يليك، فقال الأعرابي: لعل طعامكم هذا حمى، فخجل عبد الملك، [وقال: ليس فيه حمى] (3)، فكل حيث شئت (4).
(تواضعه) (5):
ودخل عليه رجل من غسّان (6)، فكلمه في حوائج له، فقضاها، فقال: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في تقبيل يدك، فقال: [مه] (7)، أما علمت أنّها من العرب مذلّة، ومن العجم خدعة (8).
(دخول كثير عزة على عبد الملك) (9):
قال العتبي: كان عبد الملك يحبّ أن ينظر إلى أبي صخر (10)
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) التصويب من: أ، ب، ج وفي الأصل: ويساره.
(3) التكملة من: أ، ب، ج.
(4) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(5) عنوان جانبي من المحقق.
(6) لعله يقصد قبيلة غسان. ولم أتوصل إلى معرفة الرجل.
(7) الزيادة من: أ، ب، ج.
(8) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(9) عنوان جانبي من المحقق.
(10) هو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي، أبو صخر، شاعر أهل الحجاز، امتدح عبد(2/860)
كثير بن عبد الرحمن فدخل عليه آذنه يوما، فقال: يا أمير المؤمنين! / هذا [73/ ب] كثيّر عزّة بالباب، فقال له: أدخله. فلما نظر إليه احتقره، وكان قصيرا دميما، فقال له عبد الملك: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه (1)، فقال (2): مهلا يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه (3)، إن تكلم ببيان، وإن قاتل بجنان، على أنّي أنا الّذي أقول:
وما تخفي الرجال عليّ إني ... بهم لأخو مثاقبة (4) خبير
وجرّبت الأمور وجربتني ... فقد أبدت عريكتي (5) الأمور (6)
ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وتحت ثيابه أسد هصور (7)
__________
الملك بن مروان، مات سنة سبع ومئة. الجمحي: طبقات فحول الشعراء 2/ 540، 534والذهبي: سير 5/ 152.
(1) هذا مثل يضرب فيمن خبره خير من مرآه. انظر حديثه وأول من قاله، عند الميداني:
مجمع الأمثال 1/ 129والعسكري: جمهرة الأمثال 1/ 215.
(2) في الأصل: فقال له عبد الملك. وهو خطأ، وإنما القائل هو كثير عزة.
(3) إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه: مثل، معناه أن المرء يعلو الأمور ويضبطها بجنانه ولسانه. ابن منظور: لسان العرب 4/ 458 (صغر) ولم أقف عليه في كتب الأمثال.
(4) المثاقبة: الفهم الثاقب المصيب.
(5) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: ابتدت عليّ نكث. العريكة: الطبيعة والنفس. الجوهري: الصحاح 4/ 1599 (عرك).
(6) جاء هذا البيت في: أمكان البيت الأول.
(7) هصور: أسد كسور. الجوهري: الصحاح 2/ 855 (هصر) بتصرف.
قال البكري: واختلف العلماء في هذا الشعر، فأنشده أبو تمام عباس بن مرداس(2/861)
وذكر (1) القصة إلى آخرها.
فاستدناه عبد الملك، وكان منه بعيدا، ثم قال: يا كثير! أنشدني في أهل دهرك، فانشأ يقول:
خير إخوانك المشارك في المرّ ... وأين الشّريك في المرّ [أينا] (2)؟
الذي إن أشهدت زانك في الح ... ي (3) وإن غبت كان أذنا وعينا
أنت في معشر إذا غبت عنهم ... بدّلوا كلما يزينك (4) شينا
فقال عبد الملك: يغفر الله لك يا كثير! وأين (5) الإخوان؟ على أني أنا الّذي أقول:
صديقك حين تستغني كثير ... ومالك عند فقرك (6) من صديق
__________
السّلمي، ونسبه ابن الأعرابي والرياشي إلى: معوّد الحكماء.
وقال عمرو بن أبي عمرو النوقاني: وقد نسب إلى ربيعة الرّقي، والصحيح من هذا والله أعلم أنه لمعوّد الحكماء وهو معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب. اللآلي 1/ 190.
(1) أي العتبي راوي الخبر.
(2) التكملة من: أ، ب، ج.
(3) في ب: الحين.
(4) التصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: كما يزين.
(5) في ب: وأن.
(6) في ب: مقبرك.(2/862)
فلا تبكي على أحد إذا ما ... طوى (1) عنك الزيادة عند ضيق
وكنت إذا الصّديق أراد غيظي ... وأشرقني على [حنقي] (2) بريق
غفرت ذنوبه وصفحت عنه ... مخافة أن أقيم بلا صديق (3)
(مقتل عمرو بن سعيد بن العاص) (4):
وفي (5) سنة تسع وستين قتل عبد الملك، [عمرو بن سعيد بن العاص] (6) الأشدق.
وسبب قتله إيّاه: أنه خرج من دمشق يريد العراق لقتال مصعب بن الزبير، فقال له عمرو بن سعيد: كان أبوك وعدني أن يكون لي هذا الأمر من بعده، وعلى ذلك جاهدت معه، فاجعل [لي] (7) الأمر بعدك.
فلم يجبه إلى شيء من ذلك. فانصرف عنه عمرو إلى دمشق،
__________
(1) في الأصل وب: هوى، والمثبت من: أ، ج، وابن طرّارا: الجليس الصالح 1/ 588.
(2) التصويب من: أ، ب، ج وفي الأصل: احمق. حنقي: الحنق: شدة الغضب.
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1132 (حنق).
(3) هذا الخبر ذكره مفصلا ابن طرّارا: الجليس الصالح 1/ 588584، وذكره بإيجاز القالي: الأمالي 1/ 46، 47مع اختلاف يسير. والحصري: زهرة الآداب 1/ 355 ولم يتيسر لي الرجوع إلى ديوانه المطبوع.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) من هنا حدث سقط كبير من نسخة: ج.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: عمر بن سعيد بن أبي العاص.
(7) التكملة من: أ، ب.(2/863)
وتحصّن فيها، ودعا الناس إلى بيعته (1).
فلمّا بلغ الخبر إلى عبد الملك رجع وقد كان رحل مرحلتين (2)
فوجد أسوار المدينة مجلّلة (3) بالمسوح (4) واللّبود والخشب والجلود، فحاصره ثلاثة أيام، فصالحه عمرو على أن يكون له الأمر [من بعده] (5).
وأن يكون له في كل بلد عامل مع عماله، وأن لا يفتح بيت المال إلّا / [74/ أ] بحضرته، وأن يكون بيده مفتاح وبيد عبد الملك مفتاح (6) آخر، فأنعم عبد الملك بذلك (7) كله. ففتح له الأبواب، ودخل البلد (8).
فكتب (9) بينهما كتابا [بذلك] (10) وأمّنه عبد الملك.
__________
(1) هذا الجزء من الخبر رواه البلاذري: أنساب الأشراف 4/ 138عن أبي مخنف.
والطبري: تاريخ 6/ 140بدون إسناد.
(2) المرحلة: المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم. الفيومي: المصباح المنير ص 223 واليوم: النهار والليل، وقدّر الحاسبون ما يسيره المسافر في اليوم على الأقدام أو بصحبة البعير المحملّ بالأثقال: حوالي ثمانين كيلا. محمد شراب: المعالم الأثيرة ص 11.
(3) (مجللّة) سقطت من: ب. مجللّة: ملبّسة. الجوهري: الصحاح 4/ 1661 (جلل) بتصرف.
(4) المسوح: جمع مسح، وهو البلاس: شيء يشبه التين يكثر باليمن. الجوهري:
الصحاح 1/ 405 (مسح) 3/ 909 (بلس).
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) (مفتاح) سقطت من: أ، ب.
(7) (بذلك) سقطت من: أ.
(8) في الأصل: البلاد، والمثبت من: أ، ب.
(9) في أ: فكتبنا. وفي ب: وكتب.
(10) التكملة من: أ، ب.(2/864)
فخرج عليه عمرو في الخيل متقلدا [قوسا] (1) سوداء، فأقبل حتى أوطأ فرسه أطناب سرادق عبد الملك، فانقطعت شرائطه، وسقط السّرادق. فنزل، وجلس عبد الملك مغضب، فقال له: يا أبا أميّة! كأنك (2) تتشبه بتقلدك (3) هذه القوس يحي بن قيس (4)! فقال: لا، ولكن أتشبه بمن هو خير منه (5) العاص بن أميّة (6). وقام مغضبا والخيل معه، فدخل دمشق ودخل عبد الملك بعده، ونزل (7) في قصر، ونزل عمرو في قصر آخر فجعل عمرو يمشي برجال من بني عمّه وعبيده وسلاحهم مشهور. ومتى اجتمعا (8)، وقف رجال هذا على رأسه ورجال هذا على رأسه. فقال له عبد الملك: ادفع إلى الأجناد أرزاقهم.
فخرج وشرع في العطاء، فلما علم عبد الملك (9) أنه قد توسط في
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: كأنت.
(3) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وتقلدها.
(4) عند الطبري: بهذا الحيّ من قيس. تاريخ. 6/ 142
(5) عند الطبري: بمنهم. تاريخ 6/ 142.
(6) هو العاص بن أميّة بن عبد شمس، جد عمرو بن سعيد، وهو أحد الإخوة الذين يسّمون بالأعياص، وسموا بذلك أخذا من أسمائهم. ابن دريد: الاشتقاق ص 166 والقلقشندي: نهاية الأرب ص 168.
(7) في ب: ودخل.
(8) في الأصل: اجتمعوا، والمثبت من: أ، ب.
(9) هذه الفقرة سقطت من: ب.(2/865)
العطاء وجّه إليه رسولا بعد رسول.
إإتني أبا أميّة! فقد دهمنا أمر عظيم خدعة (1) منه ومكيدة فبادر إليه عمرو خائفا وجلا يظن أن ابن الزبير على باب دمشق، ووجد الرسول عنده عبد الله (2) بن يزيد بن معاوية، صهره على ابنته أم موسى (3)، فقال لعمرو: يا أبا أميّة (4)! والله إنك لأحب (5) إليّ من سمعي وبصري، وأراك (6) أن لا تجيب هذا الرجل.
__________
(1) هذا يشير إلى أن عبد الملك غدر بعمرو بن سعيد بعد أن أمّنه. ولكن البلاذري نقل عن المدائني، وأحمد بن إبراهيم الدورقي وهو ثقة حافظ باسناديهما، أنه جرى بين عمرو بن سعيد وعبد الملك مغالطة في الحديث، ففسخ عمرو الصلح الذي بينهما ظنّا منه بأن أصحابه خلفه سيحمونه منه، فبادر عبد الملك بقتله. أنساب الأشراف 4/ 141، 145وعبد العزيز نور ولي: أثر التشيع على الروايات التاريخية ص 449، 450.
(2) عبد الله بن يزيد بن معاوية، كان من أفضل أهل زمانه وأعبدهم، وهو الذي يقال له: الأسوار، ويقال: كان من أرمى العرب في زمانه! ابن قتيبة: المعارف ص 352، ومصعب الزبيري: نسب قريش ص 129والطبري: تاريخ 5/ 500.
(3) أم موسى بنت عمرو بن سعيد، تزوجها عبد الله بن يزيد، فولدت له: عبدة بنت عبد الله. مصعب الزبيري: نسب قريش ص 132، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 113.
(4) في ب: يا بني.
(5) في ب: إني لا أحب.
(6) في أ، ب: وأرى لك.(2/866)
فقال [عمرو] (1) ولم؟ قال: لأن كعب الأحبار (2) قال: إنّ عظيما من عظماء ولد إسماعيل يرجع فيغلق أبواب دمشق، ثم يخرج، فيقتل. فقال له عمرو: والله لو كنت نائما ما أيقظني أبو الذبّان، ولا كان يجتريء عليّ ومعي عشرة آلاف عبد.
فلمّا همّ بالمشي إليه لبس درعا حصينة، وعليها قميص، وتقلّد سيفه، وعنده امرأته الكلبية (3)، وحميد بن حريث (4). فلمّا اندفع للسير عثر بالبساط، فقال له حميدا: أما والله لئن أطعتني لم تأته.
وكان عبد الملك قد أغلق بابه، وأمر بضرب الطبول، كأن فتحا أتاه، فجاء (5) في مائة رجل من مواليه، وقد كان وجّه عبد الملك لبني (6)
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) عند الطبري: لأن تبيع ابن امرأة كعب الأحبار. تاريخ 6/ 142.
(3) واسمها: نائلة بنت فريص بن ربيع بن مسعود بن مصاد بن حصين بن كعب بن عليم، من كلب. ولدت لعمرو: أم موسى. ابن سعد: الطبقات 5/ 237وانظر المسعودي: مروج الذّهب 3/ 111.
(4) هو حميد بن حريث بن بحدل الكلبي، كان على شرط يزيد بن معاوية، ثم من خاصة عمرو بن سعيد الأشدق. ابن الكلبي: نسب معد 2/ 596والطبري: تاريخ 6/ 144140.
(5) يعني عمرو بن سعيد.
(6) في أ: عند، وفي ب: عن.(2/867)
مروان، فاجتمعوا عنده. فلمّا أعلم عبد الملك بمجيئه (1)، أتا الباب أمر أن يحبس كل من جاء معه ويدخل وحده، ودخل (2) وما معه إلا وصيف له، فنظر (3) إلى بني مروان مع عبد الملك، فأيقن بالشر، فقال لوصيفه: انطلق ويحك إلى يحي (4) بن سعيد، فقل له يأتيني (5).
فلم يفهم الوصيف ما قال له. فقال له: لبيك يا مولاي! فقال له:
اغرب (6) عنّي في حرق الله [تعالى] (7) وناره. فقال عبد الملك لحسان بن مالك ولقبيصة بن ذؤيب: / إذا مشيتما قفا [74/ ب] والتقياه (8)، وعمرو في باب المجلس، فقال لهما عبد الملك كالمازح: ليطمئن عمرو: أيكما
__________
(1) (بمجيئه) سقطت من: أ، ب.
(2) في أ، ب: فدخل.
(3) في ب: قبض.
(4) يحي بن سعيد بن العاص، كان على شرط أخيه عمرو يوم كان الأخير عاملا ليزيد بن معاوية على مكة. وبعد مقتل عمرو لحق يحي بابن الزّبير، ولازمه حتى قتل ابن الزبير، ثم قدم على عبد الملك بالكوفة فأمنّه. انظر الطبري: تاريخ 5/ 385، 388و 6/ 162ومصعب الزبيري: نسب قريش ص 180.
(5) في ب: يأتيني.
(6) في الأصل: غيب، والمثبت من: أ، ب والطبري: تاريخ 6/ 143،
اغرب عني أي تباعد. الجوهري: الصحاح 1/ 193 (غرب).
(7) الزيادة من: ب.
(8) عند الطبري: إذا شئتما فقوما فالتقيا. تاريخ 6/ 143.(2/868)
أطول؟ فقال حسان: قبيصة أطول مني بالأمارة وكان قبيصة على الخاتم ثم نظر عمرو إلى وصيفه، فقال له انطلق إلى يحي فمره أن (1) يأتيني.
فقال: لبيك، ولم يفهم عنه، فقال: اغرب عني. فلما خرج حسان وقبيصة، أمر بالأبواب، فغلقت. ودخل عمرو فرحب به عبد الملك، فقال له: ها هنا يا أبا أمية! فأجلسه معه على السرير، وحدثه ساعة، [ثم] (2)
قال: يا غلام، خذ السيف عنه، فقال عمرو: إنّا لله يا أمير المؤمنين. فقال له عبد الملك: أتطمع أن تجلس معي متقلدا سيفا! فأخذ السيف، ثم تحدّثا ساعة، ثم قال له عبد الملك: يا أبا أمية إنك لما خلعتني، آليت إن أنا أمليت عيني منك وأنا ملك لك أن أجمعك (3) في جامعة (4).
فقال له بنو أمية: برّ قسم أمير المؤمنين، [فقال له عمرو: فبرّ قسمك يا أمير المؤمنين] (5) فأخرج من تحت فراشه جامعة فطرحها إليه، ثم قال (6):
يا غلام اجمعه فيها، فقام غلام فجمعه [فيها، فقال له عمرو: وأذكّرك الله
__________
(1) في ب: أن لا.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في ب: اجمعا.
(4) في الأصل: جماعة، والمثبت من: أ، ب، والطبري تاريخ 6/ 143والجامعة: الغلّ، لأنها تجمع اليدين إلى العنق. الجوهري: الصحاح 3/ 1199 (جمع).
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل: فقال، والمثبت من: أ، ب.(2/869)
يا أمير المؤمنين أن تخرجني فيها على رؤوس الناس!] (1) فقال عبد الملك:
أمكرا عند الموت! ثم جذبه جذبة أصاب منها فمه السرير، فكسر ثنيته.
فقال له عبد الملك: والله لو أعلم أنك توفي (2) لي، وتصلح قريشا لأطلقتك، ولكن ما اجتمع رجلان قط في بلدة على مثل [ما نحن] (3) عليه إلا أخرج أحدهما صاحبه.
فلما رأى عمرو سنه قد اندقت، وعلم أنه يريد قتله (4)، قال:
[أغدرا] (5) يا بن الزرقاء! فأمر به فضربت عنقه.
فقام إلى صلاة العصر (6)، فرآه الناس، ولم يروا عمرا معه، فذكر ذلك ليحي بن سعيد، فأقبل في جملة من الناس إلى باب عبد الملك، ومعه ألف عبد لعمرو، فجعلوا يصيحون: أسمعنا صوتك أبا أمية! وجاء مع يحي بن سعيد [حميد بن حريث] (7) وزهير بن الأبرد (8)، فكسروا باب
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في أ، ب: تفى.
(3) في الأصل: ما نعلم، والمثبت من: أ، ب.
(4) في أ، ب: وعرف أن قتله يريد.
(5) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: اعذرني.
(6) في أ، ب: وقام.
(7) في الأصل: حمدية، وفي أ: حميدة بن حرية، وفي ب: حميدة بن حارث. والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري 7/ 144.
(8) لم أقف على ترجمته.(2/870)
المقصورة، وضربوا الناس بالسيوف، وضرب عبد (1) لعمرو الوليد بن عبد الملك على رأسه، فاحتمله (2) إبراهيم بن عربي (3) صاحب الّديوان، فأدخله بيت القراطيس.
فانتهى يحي وأصحابه إلى دار عبد الملك، فقاتلوا بني أمية، وجرحوهم.
وضرب يحي بن سعيد بصخرة في رأسه.
وجاء عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي، فألقى رأس عمرو إلى الناس، وأخذ عبد العزيز بن مروان المال من بيت المال، فألقاه إلى الناس فانتهبوه (4)، وتفرقوا.
ثم أن عبد الملك استقصى بعد على من أخذ تلك الأموال، فأعلم بهم فأخذهم.
فصرفها [حتى] (5) لم يبق منها شيء.
__________
(1) يقال له: مصقلة
(2) في أ، ب: فاحتملوه.
(3) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: العربي. إبراهيم بن عربي الكناني، كان عامل عبد الملك على اليمامة، فخرج عليه نوح بن هبيرة، وكان معه جند من أهل الشام فقتلهم. البلاذري: أنساب الأشراف 4/ 347.
(4) في ب: فانهبوه.
(5) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ثم.(2/871)
ثم أمر عبد الملك / بإحضار يحي بن سعيد، فلما حضر أمر [75/ أ] بقتله، فقال له عبد العزيز: جعلني الله فداك، أتراك (1) قاتلا بني أمية في يوم واحد! فأمر بسجنه (2)، [وأمر] (3) بسجن عنبسة بن سعيد. فمكث يحي في السجن شهرا.
ثم إنّ عبد الملك صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه.
ثم استشار الناس في (4) قتله (5)، فأشار عليه بعض الحاضرين بقتله، وقال: إنه عدو منافق.
وقام (6) عبد الله بن مسعدة الفزاري (7)، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ يحي بن عمك، وقرابته ما تعلم، وقد صنعوا ما صنعوا، وصنعت بهم ما صنعت أنتم له بآمن، ولا أرى قتلهم ولكن سيرهم إلى عدوك فإن قتلوا
__________
(1) (أتراك) سقطت من: أ.
(2) أي: بسجن يحي.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) في الأصل: على، والمثبت من: أ، ب، وتاريخ الطبري 6/ 146.
(5) في ب: قتلي.
(6) في أ، ب: وقال.
(7) هو عبد الله بن مسعدة الفزاري، له رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكن الشام، وكان يعرف بصاحب الجيوش لأنه كان أميرا عليه في غزو الروم لمعاوية، وكان معه في صفين. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 987، وابن الأثير: أسد الغابة 3/ 280.(2/872)
كفيت أمرهم، وإن سلموا ورجعوا رأيت فيهم رأيك، فأخذ برأيه (1).
وفي قتل عمرو، قال بعض الشعراء:
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل ... ومثلكم يبني البيوت على الغدر (2)
كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطير اجتمعن على صقر (3)
(حزمه، وسياسته لأمور الدنيا) (4):
ولماتم لعبد الملك الأمر، جمع الناس، وقام فيهم خطيبا، فقال: أيها
__________
(1) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 146141من رواية عوانه بن الحكم مطوّلا.
وابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 408، 409مثله، وابن الأثير: الكامل 3/ 397 399نفس رواية عوانه. وذكره بإيجاز خليفة: تاريخ ص 266بدون إسناد وابن سعد الطبقات 5/ 238، 227عن الواقدي. والمسعودي: مروج الذهب 3/ 111 واليعقوبي: تاريخ 2/ 270، 271مثله ويذكر خليفة والمسعودي واليعقوبي: أن ذلك كان سنة سبعين. ولكن الواقدي جمع بين القولين بقوله: إنما تحصنّ بدمشق في سنة تسع وستين، وأما قتله إياه فكان في سنة سبعين. ابن الجوزي: المنتظم 2/ 92.
(2) هذا البيت منسوب إلى يحي بن سعيد أخو الأشدق. البلاذري: أنساب الأشراف 4/ 144عن ابن الكلبي.
(3) هذا البيت منسوب إلى يحي بن الحكم بن أبي العاص من قصيدة له يرثي عمرو بن سعيد مطلعها:
أعينيّ جوادا بالدموع على عمرو ... عشيّة شدّدنا الخلافة بالغدر
البلاذري: أنساب الأشراف 4/ 144عن ابن الكلبي، ومصعب الزبيري: نسب قريش ص 179، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 457.
(4) عنوان جانبي من المحقق.(2/873)
الناس! ما لكم ترفعون رؤوسكم؟ ما أنا والله بالإمام (1) المستضعف يعني عثمان رضي الله عنه ولا بالخليفة (2) المداهن يعني معاوية رحمه الله تعالى فمن قال برأسه كذا، قلنا له [كذا] (3) وأشار إلى السيف (4).
ثم جهز جيشا (5) إلى البصرة يحارب (6) الحارث بن أبي ربيعة عامل بن الزبير عليها.
فنازله الجيش (7)، وحصره، فكان أهل البصرة يقرؤون القرآن الليل كله، وأهل الشام يعتكفون الليل كله على شرب الخمر، ونقر العيدان،
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بالايمان.
(2) في الأصل: وولي الخلافة، وفي أ، ب: ولي. والصواب ما أثبته من مصادر الخطبة.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) هذه الخطبة ذكرها الجاحظ: البيان والتبيين 2/ 345وابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 90والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 325وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 70بأطول مما هنا. وقالوا: كانت بمكة لما حج سنة خمس وسبعين.
(5) يبدو لي أن المؤلف هنا يشير إلى وقعة الرّبذة التي كانت بين جيش الشام بقيادة حبيش بن دلجة القيني وبين جيش البصرة الذي وجّهه الحارث بن أبي ربيعة بقيادة الحنتف بن السجف، وكانت هذه الوقعة عقب وفاة مروان بن الحكم سنة خمس وستين. انظر التفاصيل عند البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 157150، والطبري: تاريخ 5/ 611، 612.
(6) في أ، ب: لحرب.
(7) في ب: فنزله.(2/874)
وسماع غناء القيان، وغير (1) ذلك إلى أن هزمهم الله، وقتل أكثرهم.
وتحصّن (2) منهم نحو سبعين، [فيهم يوسف (3) الثقفي، أبو الحجاج، وغيره في خيل، وسأله الأمان، فأعطاهم الحارث الأمان، فلما نزلوا (4) قتلهم، فعزّ ذلك على ابن الزبير لنكثه العهد فعزله] (5).
وفي سنة سبعين ثارت الروم على من بالشام، فصالح عبد الملك تلك الروم على أن يؤدي (6) إليهم في كل جمعة ألف دينار (7).
(مقتل مصعب بن الزبير) (8):
وفي سنة إحدى وسبعين سار عبد الملك إلى العراق لحرب مصعب
__________
(1) في أ، ب: إلى غير.
(2) في أ، ب: فتحصن.
(3) يوسف بن الحكم الثقفي، ولي لعبد الملك بعض الولايات، وكان معه بعض الألوية في جيش حبيش بن دجلة يوم الرّبذة، ومات وابنه على المدينة. ابن قتيبة: المعارف ص 295، 396.
(4) (فلما نزلوا) سقطت من: ب.
(5) التكملة من: أ، ب. وقارن هذا الخبر بما ورد عند ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 402، 403والإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة 2/ 15.
(6) في ب: يدي.
(7) هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 150وذكر البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 300، 535واليعقوبي: تاريخ 2/ 269باختلاف يسير.
(8) عنوان جانبي من المحقق.(2/875)
بن الزبير بعد أن خرج مرارا، وانصرف لشدة الشتاء والبرد (1).
فسار إلى مصعب، وجعل على مقدمته محمد بن مروان (2) وعلى ميمنته عبد الله بن يزيد بن معاوية، وعلى ميسرته خالد بن يزيد.
وسار مصعب إليه وقد خذله (3) أهل الكوفة. فقام عبد الملك، وخطب (4) الناس، وأمرهم بالتهيؤ لقتال مصعب، فاختلف عليه رؤساء أهل الشام من غير خلاف لما يريد، وإنما أراد أن يقيم (5) ويرسل الجيوش.
فإن ظفروا فهو المراد، وإن لم يظفروا، أمدهم بالجيش، تخوفا منهم أن يصب في اللقاء / فقال [75/ ب] لهم: إنه لا يقوم (6) بهذا الأمر إلّا قريشي له رأي، ولعلّي أوجّه من له شجاعة ولا رأي عنده (7)، وإنّي أجد [في] (8)
نفسي أنّي بصير بالحروب، شجاع بالسّيف إن ألجئت إليه. ومصعب في
__________
(1) الطبري: تاريخ 6/ 151.
(2) محمد بن مروان بن الحكم، أمير الجزيرة لأخيه عبد الملك، وأقرّه عليها مع أرمينية وأذربيجان الوليد، كان محمد مفرط القوى، شديد البأس، موصوفا بالشجاعة خليفة:
تاريخ ص 298، 311والذهبي: سير 5/ 148.
(3) في أ، ب: خاذله.
(4) في أ: يخطب، وفي ب: فخطب.
(5) في ب: يقيموا.
(6) في الأصل: لا يقيم، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 157.
(7) في أ، ب: له.
(8) الزيادة من: أ، ب.(2/876)
بيت شجاعة، وأبوه أشجع قريش، وهو شجاع ولا علم له بالحروب (1)، ومعه من يخالفه، ومعي من ينصح لي.
ومرّ عبد الملك حتى نزل مسكن (2)، ونهض (3) مصعب حتى نزل باجميرى (4).
فكتب عبد الملك إلى جماعة من أهل العراق ليخذلوا مصعبا، وكتب إلى ابن الأشتر أيضا، فجاء (5) ابن الأشتر بكتابه مختوما، فدفعه إلى مصعب، فإذا فيه: أن سيّر (6) إليّ، وأخذل مصعبا، ولك ولاية العراق، فقال له ابن الأشتر: لا شكّ أنه قد كتب إلى جميع أصحابك بمثل ما كتب إليّ، فأطعني فيهم، أضرب أعناقهم.
قال: إذا لا تنصحني عشائرهم.
__________
(1) في أ، ب: بالحرب.
(2) في الأصل وأ: بسكين، وفي ب: باسكين. والصواب ما أثبته من: تاريخ الطبري 6/ 157، ومسكن: بكسر الكاف، موضع يقع على نهر دجيل عند دير الجاثليق، به كانت الوقعة بين عبد الملك ومصعب. ياقوت: معجم البلدان 5/ 127.
(3) في ب: وانتظر.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بحميراء. باجميرى: بضم الجيم، موضع دون تكريت. ياقوت: معجم البلدان 1/ 314.
(5) في الأصل: وجاء، والمثبت من: أ، ب.
(6) في أ، ب: أسر.(2/877)
قال: فأوقرهم حديدا ووجّه [بهم] (1) إلى أبيض كسرى (2)، فأحبسهم هنا لك، ووكّل (3) بهم من إن غلبت [مننت] (4) بهم على عشائرهم، قال: يا أبا النّعمان (5) إنّا لفي شغل عن ذلك، يرحمك الله أبا بحر يعني الأحنف بن قيس لقد كان يحذّرني غدر أهل العراق، كأنّه ينظر إلى ما نحن فيه! (6)
قال عبد القاهر بن السّري (7): همّ أهل العراق بغدر مصعب. فقال لهم قيس بن الهيثم (8): ويحكم! لا تدخلوا أهل الشام عليكم، فو الله لقد
__________
(1) في الأصل: إليهم، والمثبت من: أ، ب.
(2) أبيض كسرى: قصر الأكاسرة بالمدائن. ياقوت: معجم البلدان 1/ 85والبلاذري:
أنساب الأشراف 5/ 337، 341.
(3) في الأصل: وأوكل، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 157.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ضربت.
(5) النعمان بن إبراهيم بن الأشتر، كان على ربع مذحج وأسد في جيش يزيد بن المهلب عندما واجه مسلمة بن عبد الملك، وقتل النعمان بعد ذلك بفارس سنة اثنتين ومئة. الطبري 6/ 601، 591وابن الأثير: الكامل 4/ 171، 174.
(6) هذا الخبر أخرجه الطبري: تاريخ 6/ 156، 157مطول. وروى مثله البلاذري:
أنساب الأشراف 5/ 335، 336، 340، 341.
(7) عبد القاهر بن السّري السّلمي، أبو رفاعة أو أبو بشر، البصري، الضّرير، من ولد قيس بن الهيثم، مقبول. البخاري: التاريخ الكبير 6/ 129، والمزي: تهذيب الكمال 18/ 233وابن حجر: تقريب ص 360.
(8) قيس بن الهيثم السّلمي، البصري، وهو جد عبد القاهر بن السّري، له صحبة. ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 1302وابن حجر: الاصابة 5/ 268.(2/878)
رأيت سيّد أهل الشام على باب الخليفة يفرح إن أرسله في حاجة، ولقد رأينا في الصّوائف. وأنّ الرّجل من وجوههم ليغزوا على فرسه، وإنّ زاده من ورائه.
ولما نزل محمد بن مروان بدير الجاثليق، تقدّم إبراهيم بن الأشتر، فحمل على محمد بن مروان، فأزاله من موضعه. فوجّه عبد الملك عبد الله بن يزيد بن معاوية، فشدّ محمد بن مروان، وحمل بعضهم على بعض، فقتل محمد (1) إبراهيم (2) بن الأشتر، ومسلم بن عمرو الباهلي (3)، ويحي بن [مبشر] (4)، وهرب عتّاب بن ورقاء (5) وكان على الخيل فقال مصعب
__________
(1) (محمد) سقطت من: ب.
(2) في التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وإبراهيم.
(3) مسلم بن عمرو الباهلي، والد قتيبة، كان عظيم القدر عند يزيد بن معاوية. ابن قتيبة: المعارف ص 406وابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 87.
الباهلي: نسبة إلى باهلة: أم سعد مناة، عرفوا بها. وهي باهلة بنت صعب بن سعد العشير، من مذحج. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 245والقلقشندي: نهاية الأرب ص 170.
(4) وفي الأصل: الميسر، وفي أ، ب: ميسر، والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري 6/ 158، ويحي بن مبشّر، أحد بني ثعلبة بن يربوع من بني تميم. البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 345، 349والطبري: 6/ 158.
(5) عتّاب بن ورقاء الرّياحي، من سادات الكوفة، بعثه الحجاج على جيش لقتال الخوارج، فقتل سنة سبع وسبعين. الطبري: تاريخ 6/ 265259والعسكري:
تصحيفات المحدثين 2/ 871.(2/879)
لقطن (1) بن عبد الله الحارثي: يا أبا عثمان قدّم خيلك، قال: ما أرى ذلك، قال: ولم؟ قال: أكره أن تقتل مذحج في غير شيء. [فقال لحجار بن أبجر (2): أبا أسيد (3)، قدم رايتك. فأحجم] (4).
فقال لمحمد بن عبد الرحمن (5) مثل ذلك، قال: لا أرى (6) أحدا فعل ذلك فافعله (7).
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: لقط. قطن بن عبد الله بن حصين الحارثي، كان عثمانيا، وكان على مذحج وأسد في جيش مصعب يوم مسكن، ثم جعله عبد الملك على شرطه. البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 73، 341، 351والطبري: تاريخ 6/ 158.
(2) حجّار بن أبجر العجلي، الكوفي، كان شريفا، روى عن علي رضي الله عنه. ابن سعد:
الطبقات 6/ 231والعسكري: تصحيفات المحدثين 2/ 488.
(3) لم أقف على ترجمة أسيد.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، كان على ربع تميم وهمدان في قتال الأزارقة سنة أربع وسبعين، ثم كان على ميمنة عتاب بن ورقاء في قتال شبيب الخارجي سنة سبع وسبعين. الطبري: تاريخ 6/ 197، 263وابن الأثير: الكامل 3/ 385و 4/ 56.
(6) في أ، ب: ما أرى.
(7) هذا الخبر أخرجه الطبري: تاريخ 6/ 157، 158قال حدثني عمر بن شبة، قال:
حدثنا محمد بن سلام، عن عبد القاهر بن السّري.(2/880)
قال محمد بن سلام (1): أخبر (2) عبد الله بن خازم (3): أمع (4)
مصعب، عمر بن عبيد الله (5)؟ قيل (6): لا، فإنّه استعمله على فارس. قال:
أمعه المهلب؟ قيل: لا، استعمله على الموصل. قال: أمعه عباد بن
__________
(1) هو محمد بن سلّام الجمحي، كان عالما أخباريا، أديبا بارعا، صنّف كتاب طبقات الشعراء، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين، وله نيّف وتسعين سنة. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 5/ 230227والذهبي: سير 10/ 653، 654.
(2) في الأصل والنسخ الأخرى: قال لي. وهو خطأ، والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري 6/ 158وأنساب الأشراف 5/ 345لأن محمد بن سلام لم يدرك عبد الله بن خازم، فهذا الأخير قتل بخراسان عقب مقتل مصعب بن الزبير في العقد السابع من القرن الأول الهجري. ابن حجر: تهذيب 5/ 195بينما كانت وفاة محمد بن سلّام الجمحي سنة إحدى وثلاثين ومئتين، وله نيّف وتسعين سنة. الذهبي: سير 10/ 654.
(3) عبد الله بن خازم السّلمي، كان من أشجع الناس في زمانه، ولي خراسان عشر سنين فافتتح الطبسين، ثم ثاربه أهل خراسان، فقتل. العسكري: تصحيفات المحدثين 1/ 545وابن حجر: تهذيب 5/ 195.
(4) في الأصل: مع، والمثبت من: أ، ب.
(5) هو عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، أحد وجوه قريش وشجعانها، ولي البصرة ثم فارس لابن الزبير، ومات سنة اثنتين وثمانين. الذهبي: تاريخ (10081هـ) ص 163161وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 50.
(6) في الأصل والنسخ الأخرى: قلت. والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري 6/ 158 وأنساب الأشراف 5/ 345.(2/881)
الحصين (1)؟ قيل لا، استخلفه على البصرة (2). / وأنا [76/ أ] بخراسان! فقال:
خذيني فجريني (3) ضباع وأبشري ... بلحم امريء لم يشهد اليوم ناصره (4)
ويروى نحو هذا القول عن عبد الله بن الزبير حين بلغه قتل مصعب.
قال: أشهده المهلّب بن أبي صفرة؟ قالوا: لا، كان المهلّب على وجوه الخوارج. قال: أشهده عبّاد بن الحصين الحبطي؟ قالوا: لا. قال أشهده عبد الله بن خازم السّلمي؟ قالوا: لا، فقال عبد الله بن الزبير:
فقلت لها عيثي (5) جعار وأبشري ... بلحم امرىء لم يشهد اليوم ناصره (6)
وجعار: اسم من أسماء الضّبع (7).
__________
(1) هو عبّاد بن الحصين بن يزيد الحبطي التميمي، كان فارس بني تميم، وولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير، وشهد فتنة ابن الأشعث، وقتل قرب كابل. ابن قتيبة: المعارف ص 414وابن دريد: الاشتقاق ص 202.
الحبطي: نسبة إلى الحبط، واسمه الحارث بن عمرو بن تميم، بطن من تميم من العدنانية. القلقشندي: نهاية الأرب ص 50، 126.
(2) في ب: استعمله.
(3) في الأصل والنسخ الأخرى: فحرقني. والتصحيح من الطبري: تاريخ 6/ 158.
(4) رواه الطبري: تاريخ 6/ 158والبلاذري: أنساب الأشراف 5/ 345.
(5) عيثي: أفسدي. الفيروزآبادي ص 1688 (عثا) بتصرف.
(6) هذا البيت منسوب إلى النابغة الجعدي. شعر النّابغة ص 220.
(7) الخبر بتمامه ذكره المبرد: الكامل 2/ 29.(2/882)
فقال مصعب لابنه عيسى (1) حين رأى تخاذل أصحابه: يا بنيّ، اركب أنت ومن معك إلى عمك بمكة، فأخبره بما صنع أهل العراق، ودعني فإنّي مقتول، فقال ابنه: والله لا أخبر قريشا بذلك (2) أبدا، ولكن إن أردت ذلك فالحق بالبصرة، وألحق أنا بأمير المؤمنين.
فقال مصعب: والله لا تتحدث قريش أنّي فررت لمّا خذلتني ربيعة حتى أدخل الحرم منهزما، ولكن أقاتل فإن قتلت فلعمري مالسّيف بعار وما الفرار [لي] (3) بعادة ولا خلق، ولكن إن أردت أن ترجع فارجع، فقال: لا أفعل. وجعل يقاتل حتّى قتل (4).
وقيل: إنّ عبد الملك وجّه أخاه محمد إلى مصعب. وقال: إن ابن عمّك يعطيك الأمان فقال مصعب: إنّ مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبا أو مغلوبا (5).
فلمّا أبى مصعب قبول الأمان، قال لابنه عيسى: أمنّك ابن عمّك!
__________
(1) هو عيسى بن مصعب، أمّه فاطمة بنت عبد الله بن السائب، قتل مع أبيه بمسكن، ولا عقب له. الزبير بن بكار: جمهرة نسب قريش ص 314، 313وابن قتيبة:
المعارف ص 224.
(2) في أ، ب: بك.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 158عن محمد بن سلّام. والبلاذري: أنساب الأشراف 5/ 345، 333بروايتين.
(5) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 158، 159عن المدائني.(2/883)
فامض إليه. قال: والله لا تتحدّث نساء قريش أنّي أسلمتك للقتل ونجوت، فقال: أما والله لئن فعلت ذلك لا (1) زلت أتعرّف الكرم في أساريرك (2)، وأنت تتلقب في مهدك، فتقدّم بين يدي حتى أحتسبك.
فقاتل بين يديه حتى قتل. ثم حمل زائدة بن قدامة (3) على مصعب فطعنه فصرعه، وقال: يالثارات المختار! ونزل إليه عبيد الله (4) بن زياد بن ظبيان أحد بني تيم الله (5) بن ثعلبة، وهو أحد فتّاك [العرب] (6)، فاحتزّ رأسه، وقال: إنه قتل أخي يعني [النّابيء] (7) بن زياد.
__________
(1) في أ، ب: لما.
(2) أسارير: جمع أسرار: وهي الخطوط في الجبهة. الجوهري: الصحاح 2/ 983 (سرر) وانظر المبرد: الكامل 1/ 434.
(3) هو زائدة بن قدامة بن مسعود الثقفي ابن عم المختار بن أبي عبيد، وفد على يزيد بن معاوية، وقتله الخوارج سنة ست وسبعين. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 351349والطبري: تاريخ 6/ 246.
(4) (عبيد الله) تكرر في: أ.
(5) في الأصل والنسخ الأخرى: تميم اللات. والصواب ما أثبته من أنساب الأشراف للبلاذري 5/ 284وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 315، وبنو تيم اللات بن ثعلبة: بطن من بكر بن وائل، يقال لهم: اللهازم. القلقشندي: نهاية الأرب ص 191.
(6) الزيادة من: أ، ب. وانظر المبرد الكامل 1/ 191.
(7) التصويب من: أ، وفي الأصل: النائر، وفي ب: النّار. وقال ابن ناصر الدين: نابيء ابن ظبيان، عمّ عبيد الله بن زياد، وزياد أخو نابيء، وهكذا ذكره ابن ماكولا.
توضيح المشتبه 1/ 298وانظر الدارقطني: المؤتلف والمختلف 1/ 234.(2/884)
فأتى به عبد الملك، فأعطاه ألف دينار، فأبى أن يأخذها وقال: إني لم أقتله على طاعتك، إنّما قتلته على وتر (1) صنعه بي، فلا آخذ في حمل رأسه مالا (2).
وفي ذلك (3) يقول:
وإن عبيد الله مازال سالما ... لسار على رغم العدو وغاد
ونحن قتلنا ابن الزبير ورأسه ... حززنا برأس النّابيء بن زياد (4) /
[76/ ب]
وفيه يقول أيضا:
[يرى مصعب أنّي تناسيت نابئا ... وبئس لعمر الله ما ظنّ مصعب] (5)
وكان قتله رحمه الله على نهر دجيل (6) عند دير الجاثليق يوم
__________
(1) وتر: الوتر: الظّلم والحقد والعداوة. الجوهري: الصحاح 2/ 842 (وتر) والفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 631 (وتر) وذلك أن مصعب بن الزبير أمر بقتل نابيء بن زياد لأنّه قطع الطّريق، فاعتبر عبيد الله أخو نابيء أن مصعب أقدم على ظلم. انظر تفاصيل الخبر عند البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 274والطبري:
تاريخ 6/ 159، 160.
(2) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 159عن الهيثم بن عدي. وانظر البلاذري:
أنساب الأشراف 5/ 339، 340مختصرا
(3) في أ: تلك.
(4) المبرد: الكامل 2/ 346، 347.
(5) سقط هذا البيت من الأصل وهو من: أ، ب. ولم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(6) نهر دجيل: مخرجه من أعلى بغداد بين تكريت مقابل القادسية دون سامراء.(2/885)
الثلثاء (1) لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة اثنين وسبعين (2).
فأمر عبد الملك بدفنه [ودفن ابنه] (3) وقال: [قد] (4) كانت الحرمة بيننا وبينه قديمة، ولكنّ هذا الملك عقيم (5) يا مصعب متى تنجب قريش مثلك (6).
(مصعب بن الزبير) (7):
وكان رحمه الله من أجمل النّاس (8)، وفيه يقول الشاعر (9):
إنما مصعب شهاب (10) من الل ... هـ تجلّت عن وجهه الظّلماء
__________
ياقوت: معجم البلدان 2/ 443.
(1) في أ، ب: الثلاثاء.
(2) المسعودي مروج الذهب 3/ 115.
(3) الزيادة من: أ، ب.
(4) الزيادة من: أ، ب.
(5) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 160، 161عن الواقدي.
(6) رواه نحو الطبري: تاريخ 6/ 161، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 115.
(7) عنوان جانبي من المحقق.
(8) ابن سعد: الطبقات 5/ 183، والثعالبي: ثمار القلوب ص 508.
(9) هو عبيد الله بن قيس الرّقيّات، القرشي العامري، أحد الشعراء الجوّدين، مدح مصعب بن الزبير وعبد الله بن جعفر، وكان مولده في أيام عمر. ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 366، 367والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 479.
(10) في ب: كشهاب.(2/886)
ملكه ملك عزّة ليس فيه ... جبروت منه ولا كبرياء
يتّقي الله في الأمور وقد ... أفلح من كان همّه الإتقاء (1)
وكان من أفرس الناس وأكرم الناس (2).
قيل لعبد الملك: إنّ مصعبا لا يشرب الطلاء، فقال: لو علم أن فيه خيرا ما تركه، ولو علم أن الماء يفسد مروءته (3) ما يشربه (4).
وكانت تحته عقيلتا (5) قريش: سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
واسم سكينة: آمنة، وسكينة لقب (6). لقبها [به] (7) أمها: الرباب
__________
(1) هذه الأبيات عند ابن عبد ربه: العقد 2/ 173وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 16/ 526والذهبي: سير 4/ 141وانظر ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 366والمبرد: الكامل 1/ 538مع اختلاف يسير.
(2) هذه الجملة سقطت من ب.
(3) في ب: مروءة.
(4) روى هذا الخبر الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 13/ 106وابن عبد ربه: العقد الفريد 2/ 293وأخرج مثله الزبير بن بكار: الأخبار الموفقيات ص 560.
(5) في الأصل وب: عقيلة، والمثبت من: أوابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 412، عقيلتا:
مفردها عقيلة وهي كريمة الحيّ. الجوهري الصحاح 5/ 1770 (عقل).
(6) الاصبهاني: الأغاني 16/ 139 (مطبعة دار الكتب) المعافري: الحدائق الغنّاء ص 142، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 397.
(7) التكملة من: أ، ب.(2/887)
بنت امرؤ القيس بن عدي (1) بن أوس (2) بن جابر بن كعب بن عليم (3).
وكان مصعب أصدق كل واحدة منهما ألف درهم (4). وكانتا تتغايران كما يتغاير النّساء (5).
وكان الشّرف مع سكينة، والجمال مع عائشة.
فطلع البدر ليلة تمّه، فلما استوى بعثت عائشة إلى سكينة بوصيفة لها، فقالت: قولي لها: من أشبه هذا البدر وجهي أو وجهك؟ فلم تجبها سكينة بشيء حتى طلع الفجر، وأذّن المؤذن، فلما قال: أشهد أنّ محمدا رسول الله، بعثت لها سكينة بوصيفة لها، فقالت: قولي لها، هذا جدّي أو جدّك؟ فلم تعد عائشة تفاخرها بعد ذلك (6).
وحج مصعب بن الزبير من البصرة فحجّ بسكينة وعائشة، وكانت عائشة تحجّ في كل سنة على ستين بغلا (7)، فحجّت معها سكينة تلك
__________
(1) في ب: علي.
(2) في أ، ب: أويس.
(3) انظر الخبر عند ابن خلكان، وفيات الأعيان 2/ 397.
(4) وقيل: ألف ألف درهم. الاصبهاني: الأغاني 3/ 361، (طبعة دار الكتب). وابن قتيبة: المعارف ص 233والثعالبي: لطائف المعارف ص 79وقال ابن قتيبة في موضع آخر: أصدق كل واحدة خمسمائة ألف درهم. عيون الأخبار 1/ 367.
(5) انظر مثالا لذلك عند الاصبهاني: الأغاني 16/ 151 (مطبعة دار الكتب)
(6) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(7) الجاحظ: القول في البغال ص 29والأصبهاني: الأغاني 11/ 188طبعة دار الكتب.
وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 208والعاملي: الدرّ المنثور ص 286(2/888)
السنة (1) على مائة بغل.
وكان مصعب يعادل هذه يوما وليلة، وهذه يوما وليلة.
فكانت ليلة عند سكينة فحدى حادي عائشة يقول:
عائش يا ذات البغال السّتين ... في كل عام هكذا تحجين (2)
يا بنة شيخ (3) الهدى، هدى الدّين
فلمّا كان (4) في الليلة الثانية [كان] (5) عند عائشة، سمع (6) حادي سكينة يقول (7): [77/ ب]
عائش (8) جاءت ربت تعلوك ... فسدد [الملك] (9) للملوك
لولا أبوها ما اهتدى أبوك
فقال مصعب: بالله يا عائشة ضعي خدّي وخدّك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) في أ، ب: تلك السنة معها سكينة.
(2) البيت في الأغاني 11/ 188 (طبعة دار الكتب) وتاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 208وهو منسوب إلى عروة بن الزبير.
(3) في أ، ب: أشياخ.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وكانت.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: فحدى.
(7) (يقول) ساقطة من: أ، ب.
(8) في الأصل: عائشة، والمثبت من: أ، ب.
(9) التكملة من: أ، ب.(2/889)
ففعلت (1).
ولما قتل مصعب خرجت سكينة تريد المدينة فخرج أهل العراق يشيّعونها، فقالت لهم: ارجعوا لا أثابكم الله [ولا كلأكم] (2)، خنتم أبي وجدي وعميّ وبعلي، فأيتمتموني صغيرة، وأرملتموني كبيرة (3).
وكانت من أفضل نساء قريش عبادة ونسكا. [باعتمارها] (4) من مالها بأكثر من ثمانين ألف دينار، فتصدقت واعتقت ووصلت (5). وتوفيت رحمها الله ورضي عنها (6) يوم الخميس في شهر ربيع الأوّل لخمس خلون منه سنة سبع عشرة ومائة في خلافة هشام (7) بن عبد الملك ودفنت
__________
(1) لم أقف على نص هذا الخبر عند غير المؤلف، لكن الأصبهاني: ذكر مثله باختصار:
الأغاني 11/ 188 (طبعة دار الكتب). وانظر ابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 208والمعافري: الحدائق الغناء ص 55.
(2) الزيادة من أ، ب، كلأكم: حرسكم. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 64 (كلأ).
(3) ذكر مثله ابن عبد ربه: العقد 4/ 412و 6/ 250.
(4) في أ، ب: باعت.
(5) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(6) (ورضي الله عنها) ليست في: ب.
(7) هشام بن عبد الملك، الخليفة، ولد بعد السبعين، كان جميلا أبيض، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وله أربع وخمسون سنة. الذهبي: سير 5/ 315وابن العماد: شذرات الذهب 1/ 163.(2/890)
بالبقيع، رحمة الله ورضوانه عليها (1).
(خطبة عبد الله بن الزبير بعد مقتل مصعب) (2):
ولما وصل لعبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعب، قام في الناس فقال:
الحمد لله الذي لا إله إلا هو (3) يوتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممنّ يشاء، ويعز من يشاء، ويذلّ من يشاء.
ألا وإنه لم يذلّ الله من كان الحقّ معه وإن كان فردا، ولم يعزّ من كان وليّه الشيطان وحزبه ولو كان معه الأنام.
ألا وإنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا، أتانا قتل مصعب رحمه الله وهو الذي أحزننا. وأما الذي أفرحنا فعلمنا أنه مات شهيدا.
وفراق الحبيب لوعة (4) يجدها حبيبه عند المصيبة، ثم يرعوي (5)
بعدها إلى جميل الصّبر وكريم العزاء، ولئن أصبت بمصعب لقد أصبت (6)
بالزبير قبله (7)، وما مصعب إلّا عبد من عبيد الله، وعون من أعواني.
__________
(1) ابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 170، ولعاملي: الدرّ المنثور ص 155 وابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 396.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) في أ: الله.
(4) في ب: لموعدة.
(5) يرعوي: أي يكفّ ويرجع. ابن منظور: لسان العرب 14/ 328 (رعي) بتصرف.
(6) (بمصعب لقد أصبت) سقطت من: ب.
(7) فقد اغتاله عمير بن جرموز بوادي السّباع بعد منصرفه من وقعة الجمل عائدا إلى(2/891)
ألا إن أهل العراق أهل الغدر والشقاق أسلموه (1) وباعوه بأقلّ الثّمن، فإن [يقتل] (2) فإنا (3) والله ما نموت حبجا (4) على مضاجعنا كما يموت بنو [أبي] (5) العاص، والله ما قتل رجل منهم في زحف في الجاهلية ولا في الإسلام.
وما نموت إلّا قتلى بالرّماح قطعا (6) تحت ظلال السّيوف.
ألا وإنّ الدّنيا عارية من الملك، إلّا على الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد، فإن أقبلت (7)، لا آخذها أخذة البطرة، وإن أدبرت (8) لا أبكي عليها بكاء الحزين (9) الذّعر، [وإن] (10) يهلك مصعب ففي آل الزبير منه خلف.
__________
الحجاز. الطبري: تاريخ 4/ 499، 511.
(1) في ب: وأسلموه.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في ب: فإانّي.
(4) ما نموت حبجا: ما نموت بالتّخمة، يقال: حبجت الإبل بالكسرة، تحبج حبجا، إذا انتفخت بطونها عن أكل العرفج لأنه يتعقد فيها وييبس حتّى تتمرّغ من وجعه.
الجوهري: الصحاح 1/ 303 (حبج).
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: قصعا.
(7) في أ، ب: تقبل.
(8) في أ، ب: تدبر.
(9) في أ، ب: الخائف.
(10) التكملة من: أ، ب.(2/892)
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (1).
قوله: حبجا: منتفخين.
قال عبد الملك بن عمير (2): رأيت في قصر الكوفة، رأس الحسين بن علي رضي الله عنه بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم رأيت فيه رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار، ثم رأيت فيه رأس المختار / بين يدي [77/ ب] مصعب بن الزبير، ثم رأيت فيه رأس مصعب بين يدي عبد الملك بن مروان (3).
وأمر عبد الملك أهل العراق فبايعوه، وخطب النّاس فقال: إنّ عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم، لخرج وأتى بنفسه، ولم يغرز ذنبه في الحرم. وقد استعملت عليكم بشر بن مروان (4)، وأمرته بالإحسان
__________
(1) وردت هذه الخطبة عند الطبري: تاريخ 6/ 166، وابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 263262، وذكرها المسعودي: مروج الذهب 3/ 199باختصار، وابن عبد ربه العقد الفريد 4/ 412، 413مع اختلاف عمّا هنا.
(2) هو عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي الكوفي الثقة العالم، ولي قضاء الكوفة بعد الشعبي، طال عمره، وساء حفظه وربّما دلّس، مات سنة ست وثلاثين ومئة.
الذهبي: ميزان الاعتدال 2/ 660، وابن حجر: تقريب ص 364.
(3) ورد هذا الخبر عند الذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 527، وسير 4/ 143، وابن كثير: البداية والنهاية 8/ 346، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 117عن أبي مسلم النخعي.
(4) بشر بن مروان، كان سمحا جوادا ممدّحا، جمع له أخوه إمرة العراقين، ومات سنة خمس وسبعين عن نيّف وأربعين سنة. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق(2/893)
لأهل الطّاعة، والشّدة على أهل المعصية فاسمعوا له وأطيعوا.
واستعمل محمد بن عمير (1) على همدان، ويزيد بن رؤيم على الرّيّ، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد على البصرة، وفرّق العمّال على الأمصار (2).
(توجيه عبد الملك الحجاج لقتال ابن الزّبير) (3):
ووجّه الحجاج إلى مكة لقتل عبد الله بن الزبير.
وسبب إرسال الحجاج إليه دون غيره ممن هو أولى (4) منه وأشهد أن عبد الملك أراد الرّجوع إلى الشام، فقال له الحجاج: إنّي رأيت في منامي أنّي أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته، فأرسلني إليه، وولّني قتاله. فأرسله في جيش كثيف (5) من أهل الشّام، فصار حتى قدم مكة في جمادى الآخرة سنة ثنتين وسبعين (6).
__________
3/ 256251، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 372370.
(1) محمد بن عمير بن عطارد التميمي، كان سيد أهل الكوفة، وأجود مضر، وصاحب ربع تميم، وقد شهد مع علي صفين. الذهبي: تاريخ (10081هـ) ص 194وابن حجر: الاصابة 6/ 196.
(2) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 164، وابن الأثير: الكامل 4/ 13، 14.
(3) عنوان جانبي من تاريخ الطبري 6/ 174.
(4) في أ، ب: أعلى.
(5) في الأصل: كثير، والمثبت من: أ، ب، وتاريخ الطبري 6/ 174.
(6) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 174، والأزرقي: أخبار مكة 2/ 367،(2/894)
وقيل: في شعبان (1).
وقيل: في ذي الحجة (2).
وكتب عبد الملك بالأمان [إلى أهل مكة] (3) إن دخلوا في طاعته.
فنزل الحجاج بالطائف (4)، وجعل يبعث الخيل إلى عرفة (5)، ويبعث ابن الزبير خيله فيقتتلون هنا لك، فتنهزم خيل ابن الزبير، وتنصرف خيل الحجّاج ظافرة.
وحج بالناس الحجّاج في ذلك العام، فوقف (6) بعرفة وعليه درع ومغفر (7) ولم يطوفوا بالبيت في تلك الحجة.
وكتب الحجّاج إلى عبد الملك يستأذنه في حصار ابن الزبير،
__________
وابن الأثير: الكامل 4/ 22، وابن كثير: البداية والنهاية 8/ 349عن الطبري.
(1) لم أقف عليه عند غير المؤلف. لكن الأزرقي ذكر أن الحجاج قدم الطائف في شعبان سنة ثنتين وسبعين. أخبار مكة 2/ 468.
(2) لم أقف عليه عند غير المؤلف. لكن ابن الأثير ذكر أن قدوم الحجاج إلى مكة كان في شهر ذي القعدة. الكامل 4/ 22.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: في الطائف.
(5) عرفة: هي المشعر الأقصى من مشاعر الحج على الطريق بين مكة والطائف، على ثلاثة وعشرين كيلا شرق مكة. محمد شراب: المعالم الأثيرة ص 189.
(6) في أ، ب: ووقف.
(7) التصويب من: أ، ب: وفي الأصل: ومغفرة.(2/895)
ودخول الحرم، ويخبره أن شوكة (1) ابن الزبير قد كلّت وتفرق عنه أكثر أصحابه، ويسأله أن يمدّه برجال. فكتب عبد الملك إلى [طارق بن عمرو] (2) يأمره أن يلحق بمن معه من الجند (3) إلى الحجاج.
فسار إليه في خمسة آلاف في أوّل ذي الحجة. فرحل الحجاج من الطائف، ونزل بئر ميمون (4)، فحصر ابن الزبير (5).
ونصب الحجاج على مكة المجانيق، ورماها به، فرعدت السماء بصوت عظيم هائل، فبرقت. فأعظم ذلك أهل الشام، فأمسكوا عن الرمي، فرفع الحجاج قباءه (6) في منطقته، وأخذ حجر المنجنيق، فوضعه في
__________
(1) في أ، ب: شكوت.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: طريق بن عمر.
طارق بن عمرو المكي الأموي مولى عثمان، القاضي، ولي المدينة لعبد الملك حين قتل مصعب. المزّي: تهذيب الكمال 13/ 348، وابن حجر: تقريب ص 55.
(3) (إلى) سقطت من: أ، ب.
(4) بئر ميمون: بمكة، بين البيت والحجون بأبطح مكة، منسوبة إلى ميمون الحضرمي.
محمد شراب: المعالم الأثيرة ص 283.
(5) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 175، 174، والبلاذري: أنساب الأشراف 5/ 357، والأزرقي: أخبار مكة 2/ 368كلهم من طريق محمد بن سعد عن الواقدي، مع تقديم وتأخير في الرواية. وانظر ابن الأثير: الكامل 4/ 22، وابن كثير:
البداية والنهاية 8/ 349.
(6) في ب: قباء.(2/896)
كفّته، وقال لهم: ارموا معي. فلما أصبحوا نزلت صاعقة، وتبعتها أخرى، فقتلت من أصحابه اثنى عشر رجلا. فانكسر أهل الشّام، فقال الحجاج:
يا أهل الشام لا تنكروا هذا فإني ابن تهامه (1)، هذه صواعقها، وهذا الفتح قد حضر فابشروا، فإن القوم يصبهم [مثل] (2) ما / أصابكم. وصعقت من الغد [78/ أ] فأصيب (3) من أصحاب الزبير عدّة، فقال الحجاج: ألا ترون أنّهم يصابون كما أصبتم! فلم تزل الحروب (4) بينهما حتّى تفرّق عامة أصحاب ابن الزّبير، وساروا إلى الحجّاج بأمان (5).
وكانت (6) الحرب دارت بينهم ستّة أشهر وسبع عشرة ليلة (7).
وقيل: ثمانية أشهر (8).
__________
(1) في ب: أمرتها به. تهامة تطلق على الأرض المنكفئة إلى البحر الأحمر من الشّرق، من العقبة في الأردن إلى المخا في اليمن، محمد شرّاب: المعالم الأثيرة: ص 73، والبلادي:
معجم المعالم الجغرافية ص 6665.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في أ، ب: فأصيبت.
(4) في أ، ب: الحرب.
(5) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 187، 188، عن الواقدي بتفصيل أوسع.
وابن الأثير: الكامل 4/ 23، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 313، وابن كثير:
البداية والنهاية 8/ 354.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وكان.
(7) الطبري: تاريخ 6/ 187عن الواقدي. وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 907.
(8) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.(2/897)
قال المنذر بن جهم (1): خذل ابن الزبير أصحابه يوم قتله خذلانا شيدا، وخرج منهم إلى الحجّاج نحو عشرة آلاف (2).
ومن جملة من فارقه: ابناه حمزة، وخبيب أخذا من الحجّاج أمانا لأنفسهما (3).
فلما رأى ذلك الزّبير دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم (4)، وقد بلغت مائة سنة وكفّ بصرها، فقال: يا أمّه، خذلني النّاس حتى ولدي وأهلي، ولم يبق معي إلّا اليسير من القوم (5)، والقوم يعطونني ما أردت من الدّنيا، فما رأيك؟ فقالت (6): أنت (7) والله يا بنّي أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنّك على حقّ، وإليه تدعو (8) فامض،
__________
(1) المنذر بن جهم الأسدي، وقيل: الأسلمي، مجهول. البخاري: التاريخ الكبير 7/ 358، وابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 8/ 243، 244، والطبري: تاريخ 10/ 425، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 418.
(2) ورد هذا الخبر عند الطبري 6/ 188من طريق الواقدي. وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 418، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 313.
(3) الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 188، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 314.
(4) في الأصل: عنه، والمثبت من: أ، ب.
(5) (من القوم) ليست في: أ، ب.
(6) في الأصل: قالت، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 188.
(7) في أ: وأنت.
(8) في ب: يدعوا.(2/898)
فقد قتل أصحابك عليه (1)، ولا تمكّن رقبتك يلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنّما أردت الدّنيا، فبئس العبد أنت! أهلكت (2) نفسك، وأهلكت من قتل معك، وإن قلت: كنت على حق، فلمّا وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس من قلت فعل الأحرار وأهل الدّين، وكم خلودك في الدنيا! القتل أحسن.
فقبّل رأسها، وقال: هذا والله رأيي، والذي قمت به (3) داعيا إلى يومي هذا. ما ركنت إلى الدنيا، ولا أحببت الحياة [فيها] (4) ولا دعاني إلى الخروج إلّا الغضب لله أن تستحلّ حرمه، ولكنّي أحببت أن أعلم رأيك [فزدتيني] (5) بصيرة. وانظري يا أمّه فإني مقتول (6) في اليوم هذا، فلا يشتد حزنك، وسلّمي الأمر لله، فإنّ ابنك لم (7) يتعمّد إتيان منكر، ولا عمل (8)
الفاحشة، ولم [يجر] (9) في حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمّد ظلم
__________
(1) في أ، ب: عليه أصحابك.
(2) في ب: أهلك
(3) (به) سقطت من: ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: في يومي.
(7) (لم) سقطت من: ب.
(8) في أ، ب: عملا.
(9) التصويب من: أ، وفي الأصل وب: يحزن.(2/899)
مسلم ولا معاهد، ولم (1) يبلغني ظلم عمّالي (2) فرضيته بل أنكرته، ولا شيء أحسن عندي (3) من رضى ربي. اللهم لا أقول هذا تزكية منّي لنفسي، وأنت أعلم بي، ولكني أقول تعزية لأمي لتسلو عني.
فقالت أمه: إنّي لأرجو من الله تعالى أن يكون عزائي فيك حسنا إن قدّمتني، وإن قدّمتك فبنفسي أخرج (4) حتى أنظر ما يصير إليه أمرك.
فقال: (5) جزاك الله يا أمّه خيرا، فلا تدعي الدعاء لي قبل وبعد (6).
فقالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل، وذلك النّحيب والظّمأ في الهواجر (7) هواجر المدينة ومكة، وبرّه بأبيه وبي. اللهم إني قد سلّمته (8) لأمرك / فيه، ورضيت بما قضيته، فأثبني في عبد الله ثواب الصّابرين [78/ ب] الشاكرين (9).
__________
(1) في الأصل: ولا، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 189.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: عاملي.
(3) في ب: أشدّ عنّي.
(4) (أخرج) سقطت من: ب.
(5) في أ، ب: قال.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: قبلي وبعدي.
(7) الهواجر: جمع هاجرة: وهي نصف النهار عند اشتداد الحرّ. الجوهري: الصحاح 2/ 581 (هجر).
(8) في الأصل: سلمت، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 189.
(9) هذا الخبر بتمامه عند الطبري: تاريخ 6/ 188، 189، وابن عساكر: تهذيب(2/900)
فخرج عنها ولبس درعا ومغفرا، ودخل عليها ليودعها، وقال لها:
جئتك (1) مودّعا لأنّي أرى أنّ هذا اليوم (2) آخر يوم (3) من الدنيا، فاعلمي يا أمّه أنّي إن قتلت فإنّما أنا لحم وضم (4)، فلا يضرني ما يصنع بي، قالت:
صدقت يا بنيّ صمّم (5) على بصيرتك ولا تمكّن ابن أبي عقيل (6) منك، فادن مني أودّعك. فدنا منها فقبلها (7) وعانقها، [فمسّت] (8) الدّرع، فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد! فنزعه، ثم أخرج كمّيه (9)، وشدّ أسفل قميصه، وجبّة خزّ تحت القميص، فأدخل أسفلها في منطقته، وخرج وهو يقول:
__________
تاريخ دمشق 7/ 418، 419، وابن الأثير: الكامل 4/ 24، وابن كثير: البداية والنهاية 8/ 354، 355، وانظر بعضه عند البلاذري: أنساب الأشراف 5/ 364، اليعقوبي: تاريخ 2/ 267، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 314.
(1) في أ، ب: جئت.
(2) (اليوم) ليس في: أ، ب.
(3) في أ، ب: يومي.
(4) وضم: الوضم: كل شيئ يجعل عليه اللحم من خشب يوقى به من الأرض.
الجوهري: الصحاح 5/ 2053 (وضم).
(5) عند الطبري: أتمم. تاريخ 6/ 189.
(6) تعني الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل.
(7) في الأصل: وقبّلها، والمثبت من: أ، ب، وتاريخ الطبري 6/ 189.
(8) في الأصل وب: فحسنت، والمثبت من: أ، وتاريخ الطبري 6/ 189.
(9) في الأصل: كمّه، والمثبت من: أ، ب، والطبري: تاريخ 6/ 189.(2/901)
إنّي إذا أعرف يومي أصبر ... [إذ بعضهم] (1) يعرف ثم ينكر
فسمعته (2) أمّه فقالت: تصبّر إن شاء الله تعالى، أبوك: الزبير، وأمّه صفية بنت عبد المطلب (3).
فشحن الحجاج الأبواب بالرجال عليهم القراد (4) ووقف هو وطارق [في ناحية الأبطح (5) إلى المروة فمرّة يحمل ابن الزبير في هذه] (6)
الناحية، ومرة يحمل في تلك، كأنّه أسد في أجمة (7) ما تقدم عليه الرّجال، بل يفرون أمامه، ويخرجهم ويقول:
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وإذ قد.
(2) في ب: فسمعت.
(3) روى هذا الخبر الطبري: تاريخ 6/ 189عن الواقدي، وابن الأثير: الكامل 4/ 24 مع اختلاف يسير في الألفاظ.
(4) هكذا في الأصل والنسخ الأخرى، ولعلها: الدّرق: ضرب من الترسة، والواحدة درقة: تتخذ من الجلود. ابن منظور: لسان العرب 10/ 95 (درق).
(5) الأبطح: يضاف إلى مكة، وإلى منى، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، والأبطح اليوم من مكة. قال ياقوت: وهو المحصب وهو خيف بني كنانة.
معجم البلدان 1/ 74، ومحمد شراب: المعالم الأثيرة ص 16.
(6) التكملة من: أ، ب.
(7) في أجمة: في غضبه. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 1388 (أجم).(2/902)
لو كان قرني واحدا كفيته (1)
قال ابن صفوان (2): إي والله وألف (3).
وكان عبد الله (4) بن مطيع العدوي ممّن ثبت معه، وكان هرب بالحرّة (5)، ولحق بمكة. وكان من جلة قريش شجاعة ونجدة، فكان يقاتل مع ابن الزبير، ويقول:
أنا [الذي] (6) فررت يوم الحرّة ... والحرّ لا يفر إلا مرّة
[يا حبّذا الكرّ بعد الفرّة ... لأجزينّ فرّة بكرّة
__________
(1) هذا صدر بيت منسوب لدويد بن زيد، والبيت بتمامه هكذا:
لو كان قرني واحدا كفيته ... أوردته الموت وذكّيته
الجمحي: طبقات فحول الشعراء 1/ 32، وورد البيت عند الحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 552، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 908، والأزرقي: أخبار مكة 2/ 359.
(2) هو عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي، من أشراف قريش، وكان سيّد أهل مكة في زمانه لحلمه وسخائه وعقله، قتل مع ابن الزبير في يوم واحد. ابن عبد البر:
الاستيعاب 3/ 928، والذهبي: سير 4/ 150، 151.
(3) روى هذا الخبر الطبري: تاريخ 6/ 190، 191من طريق محمد بن سعد، عن الواقدي. وابن الأثير: الكامل 4/ 24مثله.
(4) في أ، ب: عبيد الله.
(5) بالحرّة: أي يوم وقعة الحرّة سنة أربع وستين.
(6) التكملة من: أ، ب.(2/903)
حتى قتل رحمه الله تعالى (1).
قال نافع (2) مولى] (3) لبني أسد: لما كانت صبيحة يوم سبعة عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بات ابن الزبير يصلي عامّة الليل، ثم احتبى فأغفى، ثم انتبه (4) في الفجر، فقال: أذّن يا سعيد (5)، فأذن عند المقام وتوضّأ [هو] (6) وركع ركعتي الفجر، ثم تقدم فصلى بأصحابه، فقرأ {ن وَالْقَلَمِ وَمََا يَسْطُرُونَ} (7) حرفا حرفا. ثم سلّم. فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اكشفوا وجوهكم حتى أنظر إليكم.
وعليهم المغافر والعمائم، فكشفوا وجوههم، فقال: أمّا بعد يا آل الزّبير فلا يبرمكم (8) وقع السيوف، فإنّي لم أحضر موطنا قطّ إلّا خرجت
__________
(1) ورد هذا الخبر عند ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 995، وابن الأثير: أسد الغابة 3/ 290، وابن حجر: الاصابة 5/ 66، والخبر في نسب قريش ص 384برواية أخرى.
(2) نافع مولى بني أسد، كان عالما بفتنة ابن الزبير. الطبري: تاريخ 6/ 187، وابن كثير:
البداية والنهاية 8/ 353.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: انتهى.
(5) عند الطبري: (سعد) تاريخ 6/ 191ولم أقف على تعيينه.
(6) الزيادة من: أ، ب.
(7) سورة القلم: الآية (1، 2).
(8) عند الطبري: يرعكم. تاريخ 6/ 191.(2/904)
جريحا، وما أجد من ألم جراحها أشد [مما أجد] (1) من ألم وقعها (2).
صونوا سيوفكم كما تصونون وجوهكم، لا أعلم أحد كسر سيفه، واستبقى نفسه، فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل، غضّوا أبصاركم عن البارقة، وليشتغل كلّ امريء بقرنه، ولا يلهينّكم السؤال عنّي، ولا تقولوا: أين (3) عبد الله بن الزبير؟ ألا من كان سائلا عنّي فإني في الرعيل (4) الأول، ثم قال:
أبى (5) لابن سلمى أنّه غير خالد ... يلاقي المنايا أيّ صرف تيمّما / [79/ أ]
فلست [بمبتاع] (6) الحياة بسبّة ... ولا مرتق من خشية الموت سلّما (7)
ثم شدّ على (8) أصحاب الحجّاج، فقال: أين (9) أهل مصر؟ فقالوا:
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: وقوعها، والمثبت من: أ، ب.
(3) في ب: يابن.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: الرّحيل.
(5) في ب: اني.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بمتع.
(7) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 191، والبيتان عند الأزرقي: أخبار مكة 2/ 358ولكنه قدم الثاني. والبيت الأول عند الحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 552.
(8) عند ابن عبد البر: (عليه) الاستيعاب 3/ 908.
(9) في ب: يا ابن.(2/905)
هم هؤلاء من هذا الباب لأحد أبواب المسجد فحمل عليهم هو وأصحابه.
وكان يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه، وقطع يده، وانهزموا حتى خرجوا من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبّه، فقال له: أصبر يا ابن حام، ثم حمل عليه فصرعه.
ثم دخل أهل حمص فشد عليهم، فضربهم حتى أخرجهم من المسجد. ثم انصرف، وهو يقول:
لو كان قرني واحدا (1) كفيته أو ... أوردته (2) الموت وقد ذكيته (3)
ثم دخل عليه أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد. ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السّيل (4) ... لا ينجلي قتامها حتى الليل (5)
ثم قال: احملوا على بركة الله، فحمل حتى بلغ الحجون (6)، فرمي
__________
(1) في ب: حدا.
(2) في ب: رددته.
(3) ورد البيت عند الحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 552.
(4) في ب: الاسيل.
(5) روى هذا الخبر ابن عبد البر، الاستيعاب 3/ 908باسناده إلى عروة بن الزبير.
والبيت عند الأزرقي: أخبار مكة 2/ 358، والحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 552، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق.
(6) جبل بأعلى مكة عند مدفن أهلها. ياقوت: معجم البلدان 2/ 225.(2/906)
بآجرّة (2) فأصابته في وجهه، فأرعش لها، ودمى وجهه، فلمّا وجد سخونة الدّم يسيل على وجهه ولحيته، قال متمثلا:
ولسنا على الأعقاب تدمي كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدّما (3)
فصايحوا عليه، فشدّ عليهم وهو يقول:
يا رب إنّ جنود الشام قد كثروا ... وهتّكوا من حجاب البيت أستارا
يا رب إنّي ضعيف الرّكن ... فابعث إليّ جنودا منك أنصارا
فتكاثرت جنود الشّام عليه في ألوف من كل باب، فحمل عليهم فشدخ بالحجارة فصرع، فأكبّ عليه موليان له، أحدهما يقول:
الفحل يحمي شوله ويحتمي (4)
(1) جبل بأعلى مكة عند مدفن أهلها. ياقوت: معجم البلدان 2/ 225.
__________
(2) الآجرّة: اللبنة التي يبنى بها، وجمعها: آجرّ، فارسي معرب. الجوهري: الصحاح 2/ 576 (أجر) بتصرف.
(3) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 6/ 191، باسناده إلى نافع مولى بني أسد، والبيت للحصين بن الحمام المرّي، في ديوان الحماسة بشرح المرزوقي 1/ 192وقال البلاذري حين ذكر البيت إنه لخالد بن الأعلم حليف بني مخزوم، وقال بعضهم: هو لأبي عزّة الجمحي. أنساب الأشراف 5/ 365والبيت بتمامه أيضا ذكره الدينوري: الأخبار الطوال ص 315، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 121، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 908.
(4) الفحل يحمي شولة معقولا: مثل يضرب للرجل الغيران الذي يحتمل الأمر الجليل ويحمي حريمه وإن كانت به علّة. أبو عبيد: الأمثال ص 108، وأبو هلال(2/907)
فقتلا جميعا معه (1)، وذلك يوم الثلاثاء السابع عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين (2).
وقيل: للنّصف من جمادى الآخرة (3).
وكان قد حج بالناس ثماني حجج (4).
وجاء الخبر إلى الحجاج، فسجد، ثم ركب حتى وقف عليه مع طارق، وقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا، إنّا محاصروه منذ سبعة أشهر وهو في خندق ولا حصن ولا منعة، وينتصف منّا، بل يفضل علينا (5).
فبعث الحجّاج برأسه وبرأس عبد الله بن صفوان بن أميّة الجمحي
__________
العسكري: جمهرة الأمثال 2/ 80.
(1) روى هذا الخبر المسعودي: مروج الذهب 3/ 121، 122مع اختلاف يسير.
(2) الخبر عند الطبري: تاريخ 6/ 187، والحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 555، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 907، وابن حجر: الاصابة 4/ 71.
(3) انظر ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 907.
(4) ابن عبد البر: الاستيعاب: 3/ 907.
(5) رواه الطبري: تاريخ 6/ 192باسناده إلى نافع مولى بني أسد، مع تقديم وتأخير في الخبر. والحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 555عن الواقدي باختصار.(2/908)
وبرأس عمارة (1) بن عمرو بن حزم إلى المدينة، [فنصبوها بها] (2)، وجعلوا يقرّبون رأس ابن صفوان إلى رأس ابن الزبير كأنه يسارّه، يلعبون بذلك.
ثم بعث برؤوسهم إلى عبد الملك. وأمر الحجاج بصلب جثّة عبد الله بن الزبير بمكة (3).
(خبر أسماء مع الحجّاج بعد مقتل عبد الله) (4):
وأرسل / إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها [79/ ب] أم عبد الله بن الزبير بمكة لما قتل ولدها [أن تأتيه] (5) فامتنعت.
فأرسل إليها: لتأتينّ، أو لأبعثنّ إليك من يسحبك بقرونك (6) حتى
__________
(1) هو عمارة بن عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري النجاري، وفد على معاوية.
واختلف في تاريخ وفاته، فذكره خليفة مع الذين قتلوا يوم الحرّة: تاريخ ص 248، وقيل: مع ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 12/ 585، 588.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بنصروها بها.
(3) رواه أبو العرب التميمي: المحن ص 293، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 928، وابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 416عن أبي معشر مختصرا، والذهبي: سير 4/ 151 باختصار.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) يسحبك بقرونك: أي يجرّك بضفائر شعرك. النووي: شرح صحيح مسلم 16/ 99.(2/909)
يأتيني بك!
فأرسلت إليه، وقالت: إنّي لا آتيك حتى تبعث إليّ من يسحبني بقروني! فلما رأى أنّها لا (1) تأتيه، أتاها، فدخل عليها، فقال لها: كيف رأيت ما صنعت بعدو (2) الله؟! قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد (3) عليك آخرتك، وقد بلغني أنّك كنت تعيّره بابن ذات النّطاقين، فقد كنت والله ذات النّطاقين أما أحدهما فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، وأما الآخر فكنت أحمل فيه طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر (4)
رضي الله [تعالى] (5) عنه إلى الغار، فأيّ نطاق؟! ويل أمّك عيّرته، أما إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنّه «يخرج في ثقيف كذّاب ومبير» فأمّا الكذاب فالمختار بن أبي عبيد، وأمّا المبير فأنت (6).
وقالت له: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه إلى ابني فشربه، فأتاه (7)
__________
(1) في أ، ب: أن ليس.
(2) في أ: بعبد الله.
(3) في ب: وأفسدت.
(4) (أبي بكر) سقطت من: أ، ب.
(5) الزيادة من: ب
(6) أخرجه مسلم: الصحيح بشرح النووي 16/ 10098، وابن عبد البر: الاستيعاب 4/ 1782باختصار. وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 24، 25من عدّة طرق مطوّلا. وابن كثير: البداية والنهاية 8/ 366.
(7) الضمير عائد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.(2/910)
جبريل عليه السلام، فأخبره.
فقال له: ما صنعت؟ قال: كرهت أن أصبّ دمك (1)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تمسك النّار. ومسح على رأسه، وقال: ويل للنّاس منك، وويل لك من النّاس. فانصرف عنها ولم يراجعها (2).
(خطبة الحجاج بمكة بعد مقتل ابن الزّبير) (3):
ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير، ارتجت مكة بالبكاء، فأمر الحجّاج بالنّاس فجمعوا إلى المسجد، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل مكة بلغني إنكاركم واستضعافكم قتل ابن الزبير، ألا وإنّ ابن الزبير كان من أخيار هذه الأمة حتّى رغب في الخلافة، ونازع فيها أهلها (4)، فخلع طاعة الله تعالى، واستكنّ حرم الّله (5)، ولو كان شيء مانعا (6) للعصاة، لمنعت آدم حرمة الجنة، لأن الله خلقه بيده، ونفخ فيه من
__________
(1) هذه الفقرة سقطت من: ب.
(2) هذا الخبر رواه ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 9/ 242عن أبي محمد مولى الزّبير. وأبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر (تحقيق وداد القاضي). وورد بأسانيد متعددة، وليس فيها نزول جبريل: عند أبي نعيم: حلية الأولياء 1/ 330، والحاكم:
المستدرك مع التلخيص 3/ 554، وابن كثير: البداية والنهاية 8/ 358.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) في ب: ابنها.
(5) في أ: لحرم الله، وسقطت من: ب.
(6) التصويب من: أ، وفي الأصل، وب: مانع.(2/911)
روحه، وأسجد له ملائكته، وأباح له جنّته. فلمّا أخطأ أخرجه من الجنة بخطيئته، وآدم أكرم على الله من ابن الزبير، والجنة أعظم حرمة من الكعبة. أذكرو الله يذكركم (1).
(عبد الله بن الزبير) (2):
وكان عبد الله بن الزبير يكنّى: أبا خبيب (3). وقيل: أبا بكر (4).
ولد بالمدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا (5).
(ذكر فضائله) (6):
وهو أول من ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة، ففرحوا به فرحا شديدا وذلك أنهم قيل لهم: إن اليهود سحرتكم فلا يولد لكم مولود (7).
فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم [في حجره] (8) وحنكه بتمرة، وكان أوّل شيء
__________
(1) هذه الخطبة وردت عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 53.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) الدولابي: الكنى ص 68.
(4) الدولابي: الكنى ص 64.
(5) ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 905.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) (مولود) سقطت من: أ، ب. والخبر عند ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 905، 906، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 9/ 238.
(8) الزيادة م ن: أ، ب.(2/912)
دخل بطنه ريق النبي صلى الله عليه وسلم (1) وسمّاه / عبد الله (2) باسم جدّه لأمه أبي بكر [80/ أ] الصديق رضي الله عنه، وكناه بكنيته (3).
وذكر ابن الزبير عند ابن العباس، فقال: قاريء القرآن، عفيف في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو (4) بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفيّة. والله لأحاسبنّ (5) نفسي [محاسبة] (6) لم أحاسبها لأبي بكر ولا عمر (7).
(مدة خلافته، وعمره) (8):
__________
(1) في أ، ب: رسول الله.
(2) في ب: عبد المطلب.
(3) في ب: بكنيته. هذا الخبر رواه ابن الأثير: أسد الغابة 3/ 138عن ابن عبد البر.
وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 9/ 237، 238.
(4) في ب: أبي.
(5) في أ، ب: لأحسبنه. لأحاسبنّ نفسي: أي لأناقشنّها في معونته ونصحه. ابن حجر:
الفتح 8/ 329.
(6) التكملة من: أ، ب.
(7) هذا الخبر أخرجه البخاري: الجامع الصحيح، كتاب التفسير، باب ثاني اثنين إذ هما في الغار (فتح الباري) 8/ 326رقم (4664) وطرفه في رقم (4665، 4666) وأبو نعيم: حلية الأولياء 1/ 334، والحاكم: المستدرك مع التلخيص 3/ 549، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 402، والذهبي: تاريخ (8061هـ) ص 438.
(8) عنوان جانبي من المحقق.(2/913)
وكانت ولاية عبد الله ثمانية أعوام وخمسة أشهر (1).
وتوفي وهو ابن ثلاث وسبعين سنة (2). وكان يشبه أبا بكر رضي الله عنه (3).
(أسماء تحنّط ابنها وتكفّنه) (4):
وكانت أمّه تقول: اللهم لا تمتني حتى أوتي به، فأحنّطه وأكفنه.
فأوتي (5) به بعد ذلك قبل موتها، فجعلت تحنّطه بيدها وتكفنه (6).
قال ابن أبي مليكة (7): [كنت] (8) الآذن لمن بشّر أسماء بنزول ابنها عبد الله من الخشبة، فدعت بمركن (9)، وشبّ (10) يماني، فأمرتني بغسله،
__________
(1) المسعودي: مروج الذهب 4/ 388.
(2) خليفة: تاريخ ص 269.
(3) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في ب: فأوتيت.
(6) رواه ابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 27، والذهبي: سير 2/ 259 كلاهما عن أبي مليكة.
(7) هو عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة التيمي، أدرك ثلاثين من الصحابة، وولي القضاء على الطائف لابن الزبير، ومات بمكة سنة سبع عشرة ومئة، وكان ثقة كثير الحديث. ابن سعد: الطبقات 5/ 472، 473، وابن حجر: تقريب ص 312.
(8) الزيادة من: أ، ب.
(9) المركن: الإناء الذي تغسل فيه الثياب. الجوهري: الصحاح 5/ 2126 (ركن) بتصرف.
(10) الشّبّ: حجر معروف يشبه الزّجاج، وقد يدبغ به الجلود. ابن الأثير: النهاية(2/914)
فكنّا لا نتناول عضوا إلا جاء معنا، وكنّا (1) نغسّل العضو ونضعه في أكفانه، ونتناول العضو الّذي يليه فنغسله ثم نضعه في أكفانه حتى فرغنا منه، ثم قامت فصلتّ عليه، فما أتت عليها جمعة بعد ذلك حتى ماتت رضي الله عنها (2).
وكان عروة بن الزبير رحل إلى عبد الملك بن مروان فرغب إليه إنزاله من الخشبة، فأسعفه (3) بذلك.
وروي أنّ الحجّاج صلب عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة (4)
ليري ذلك قريشا. فلمّا نفروا جعلوا يّمرون عليه، ولا يقفون حتى مرّ عبد الله ابن عمر رضي الله عنه فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب قالها ثلاثا (5)
__________
2/ 439 (شبب).
(1) في ب: فكنّا.
(2) رواه ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 909، ورواه البخاري: التاريخ الصغير 1/ 156 عن أبي مليكة مختصرا، ونقله عن البخاري ابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 27، والذهبي: سير 2/ 295، وابن الأثير: النهاية 2/ 429باختصار.
(3) في الأصل وج: فشفعه، والمثبت من: أ، ب، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 910.
(4) عقبة المدينة: عقبة بمكة، وتسمى ثنية المدنين، وثنية كداء: بفتح الكاف والمدّ، وهي التي دخل منها المسلمون يوم الفتح، وتعرف اليوم: ريع الحجون. الفاكهي: أخبار مكة 4/ 63و 6/ 251ومحمد شراب: المعالم الأثيرة ص 230، 231بتصرف.
(5) في ب: ثلاثة.(2/915)
لقد نهيتك [عن ذا] (1)، لقد كنت صوّاما قوّما تصل الرّحم. فبلغ ذلك الحجّاج، فأنزله، فرمى به في قبور اليهود (2).
(ولاية الحجاج على المدينة) (3):
ولمّا فرغ الحجّاج من ابن الزبير وصلبه، ولّاه عبد الملك على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عليها (4) طارق (5) بن عمرو، فعزله، وذلك سنة أربع وسبعين (6).
فنهض نحوها بعد أن نقض (7) [بنيان] (8) الكعبة الذي كان بنى (9)
ابن الزبير (10).
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: عمرا.
(2) رواه مسلم بشرح النووي، كتاب فضائل الصحابة 16/ 10098، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 24، 25.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) في ب: عليه.
(5) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: طريق.
(6) الطبري: تاريخ 6/ 195.
(7) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: انقضاء.
(8) الزيادة من: أ، ب.
(9) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ابن.
(10) روى مثله الفاكهي: أخبار مكة من طريق أبي أويس عن هشام بن عروة 5/ 229، 230، وذكره الطبري: تاريخ 6/ 195بدون إسناد. وتعقبه ابن كثير بقوله: الحجاج لم ينقض بنيان الكعبة جميعه، بل إنما هدم الحائط الشامي، حتى(2/916)
وكان ابن الزبير أدخل الحجر في الكعبة، ولصّقها، وجعل لها بابين بالأرض. فأعادها الحجاج إلى بنائها (1) الأول على ما هي عليه الآن (2).
انصرف إلى المدينة فلقي شيخا خارجا من الأخبية، فقال له: يا شيخ! أمن أهل المدينة؟ قال نعم، قال: من أيهم أنت؟ قال: من بني فزارة، قال: كيف حال البلد؟ قال: بشرّ حال. قال: لأي شيء؟ قال: لما لحقهم من البلاء بقتل ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الحجّاج: ومن قتله؟ قال:
[الفاجر اللّعين] (3) حجاج بن يوسف عليه لعنة الله قال له الحجاج وقد استشاط (4) غضبا: وإنّك يا شيخ ممن أحزنه / ذلك. قال:
__________
أخرج الحجر من البيت، ثم سده وأدخل في جوف الكعبة ما فضل من الأحجار
البداية والنهاية 9/ 3، وانظر الأزرقي: أخبار مكة 1/ 210، 211.
(1) في أ: بنيانها.
(2) في أ، ب: اليوم. وقد روى مسلم: الصحيح بشرح النووي: كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها 9/ 9492تفاصيل نقض ابن الزبير للكعبة وبنائها، ثم إعادة الحجاج إلى بنائها الأول: قلت: والمقصود بقوله: الآن، أي العصر الذي عاش فيه المؤلف القرن السادس الهجري لأنه قد أعيد بناء الكعبة في عام 1039هجري في عهد السلطان العثماني مراد بن أحمد. انظر السباعي: أخبار مكة ص 482479 وملخص تحقيقه لكتاب أخبار مكة للأزرقي 1/ 373355.
(3) الزيادة من: أ، ب.
(4) استشاط: أي احتدم كأنه التهب في غضبه. ابن منظور: لسان العرب 7/ 339 (شيط).(2/917)
[80/ ب] أي والله، فاسخط الله على الحجاج وأخزاه. فقال له الحجاج:
أو تعرف الحجاج إن رأيته؟ [إي] (1) والله إنّي لعارف به، فلا عرّفه الله خيرا، ولا وقاه ضرا. فكشف الحجّاج لثامه، وقال: ستعلم أيّها الشيخ إذا سال دمك الساعة. فلما أيقن الشّيخ بالهلاك (2)، تحامق وقال: هذا والله العجب، أما والله يا حجّاج لو كنت تعرفني ما قلت هذه المقالة! أنا والله يا حجّاج العباس بن أبي ثور (3) أصرع في كل يوم خمس مرّات. فقال له الحجّاج: انطلق فلا شفاك الله من جنونك ولا عافاك (4).
وكتب محمد بن الحنفية إلى عبد الملك: أن يرفع يد الجّاج عنه، فأجابه إلى ذلك (5)، ولم يجعل للحجّاج عليه سلطانا. فلقي الحجّاج يوما محمد ابن الحنفية في الطواف، فعضّ الحجّاج على شفتيه وقال: إن لم يأذن لي فيك أمير المؤمنين، فقال له محمد: ويحك، أما علمت أنّ الله تعالى في كل يوم وليلة ينظر للإنسان (6) ثلاث مائة وستين نظرة، لعله أن ينظر
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل: بهلاك، والمثبت من: أ، ب، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 4/ 231.
(3) لم أتوصل إلى معرفته.
(4) أخرجه ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 4/ 230، 231عن الأصمعي.
(5) في أ، ب: لذلك.
(6) (للإنسان) ليست في: أ، ب.(2/918)
إليّ (1) منها نظرة واحدة فيرحمني (2)، فلا يجعل لك عليّ سلطانا. فكتب بقوله الحجّاج إلى عبد الملك. فكتب به عبد الملك إلى ملك الروم، وكان قد توعده، فكتب إليه ملك الروم: ليست هذه الكلمة من سجيّتك ولا سجيّة آبائك، وما قال ذلك إلّا نبيّ أو رجل من أهل بيت نبيّ (3).
ولما استقرّ الحجّاج بالمدينة عبث بأهلها، واستخفّ بأمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فختم في أعناقهم، وختم على يد جابر بن عبد الله، وختم في عنق أنس بن مالك إذلالا له.
وأرسل إلى سهل بن سعد (4) فجيء به فقال: ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ قال: قد فعلت. قال: كذبت، فختم في عنقه برصاص (5).
ولما دانت لعبد الملك العراق، جعل يولّي عليها الأمير بعد الأمير، فما ينزل من المنبر حتى يحصبوه بالحجارة، فإمّا يقتلونه، وإمّا يجرحونه،
__________
(1) في ب: إليها.
(2) في ب: فرحمني.
(3) رواه بتفصيل أكثر ابن سعد: الطبقات 5/ 110، 111، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 15/ 729.
(4) سهل بن سعد بن مالك السّاعدي الأنصاري، من مشاهير الصحابة، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة، مات سنة إحدى وتسعين. خليفة: الطبقات ص 98، وابن حجر: الإصابة 3/ 140.
(5) الطبري: تاريخ 6/ 195، وابن عبد البر: الاستيعاب 2/ 664عن الواقدي.(2/919)
حتى ضاق بهم ذرعا (1)، ولم يطق لذلك دفعا. فأمر من نادى: الصلاة جامعة.
فخطبهم وقال: يا أيها (2) الناس إنّ نيران العراق قد علا لهبها، وسطع وميضها، وعظم الخطب بها، فجمرها ذكيّ، وشهابها وريّ. فهل من رجل ينتدب لهم، ذي سلاح عتيد، وقلب شديد، فيخمد نيرانها [ويبيد] (3) شيبها وشبابها؟ فسكت النّاس جميعا، فقام الحجّاج [بن يوسف] (4) فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين، قال: ومن أنت؟ قال: الحجّاج ابن يوسف بن الحكم بن عامر ابن عروة بن مسعود الثقفي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظيم القريتين. قال: اجلس، فلست هناك. / ثم قال: من للعراق؟ (5) فسكت الناس، فقام [81/ أ] الحجّاج فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين! فقال له: وما أعددت للعراق يا حجّاج؟ فقال: ألبس (6) لهم جلد النّمر، ثم أخوض بهم الغمرات، وأقتحم بهم المهلكات، فمن نازعني طلبته، فإن لحقته قتلته، وقمت فيهم بشدّة ولين، وعجلة وريث، وتبسم
__________
(1) في ب: ضرعا.
(2) في أ، ب: أيّها.
(3) في الأصل: ويبدو، وفي ب: ويبد، والمثبت من: أ، والأخبار الموفقيات ص 91
(4) الزيادة من: أ، ب.
(5) في الأصل: من لي بالعراق، والمثبت من: أ، ب، والأخبار الموفقيات ص 91.
(6) في ب: ليس.(2/920)
وازورار، وطلاقة واكفهرار (1)، وغلظة ورفق، وجفاء وصلة، وإعطاء وحرمان. فإن استقاموا كنت لهم وليا (2) وحميا، وإن اعوجّوا لم أبق منهم [طويّا] (3)، فهذا ما أعددت (4) لهم. فإن كنت للطّلى (5) قطّاعا، وللأرواح نزّاعا، وللأموال جماعا، وإلا فاستبدل غيري، فإنّ الرجال كثير.
فقال عبد الملك: أنت لها يا ظالم! (6) ثم أمر الكاتب أن يكتب بعهده، وأن يعطيه من الخيل والأموال ما سأل (7).
فسار إلى العراق وذلك سنة خمس وسبعين (8).
(خطبة الحجاج في أهل العراق) (9):
__________
(1) في الأصل: واكفهار، وفي ب: وافكهار، والمثبت من: أ، والأخبار الموفقيات ص 92.
واكفهرار: أي عبوس الوجه. الجوهري الصحاح 2/ 809 (كفهر).
(2) في ب: وليدا.
(3) التصويب من الأخبار الموفقيات ص 92، وفي الأصل والنسخ الأخرى: طوريا.
(4) التصويب من: أ، وفي الأصل وب: ماعدت.
(5) الطّلى: الأعناق، وأحدها طلية أو طلاة. ابن منظور: لسان العرب 15/ 13 (طلى).
(6) هذه الكلمة سقطت من: ب، وهي ليست في الأخبار الموفقيات.
(7) هذه الخطبة وردت عند الزبير بن بكر. الأخبار الموفقيات ص 91، ومثلها عند أبي حيان التوحيد: البصائر 2/ 212 (تحقيق: وداد القاضي).
(8) الطبري: تاريخ 6/ 202.
(9) عنوان جانبي من المحقق.(2/921)
قال عبد الملك بن عمير اللّيثي: بينا نحن بالمسجد الأعظم بالكوفة إذ أتانا آت، فقال: هذا الحجّاج قد قدم أميرا، فاشرأبّ النّاس نحوه، وتطاولوا له، ثم أفرجوا له فرجة عن صحن المسجد الأعظم، فإذا نحن وهو يتبهنس (1) في مشيه. متلثّما بعمامة خزّ حمراء. قد غطّى بها أكثر وجهه، متقلّدا سيفا متنكّبا قوسا عربية، يؤمّ المنبر وهو أحيمر (2) أزيرق، دميم الخلقة (3)، فمازلت أرمقه (4) حتى علاه (5)، وما حدر (6) اللّثام. فقال:
عليّ بالنّاس، فأقبل أهل (7) الكوفة ولهم يومئذ منعة، وعزة (8) أنفس، وحالة حسنة. يخرج الرجل منهم في العشرين والعشرة من مواليه. وفي المسجد رجل يقال له: عمير بن ضابئ [البرجمي] (9) قال لمحمد [ابن عمير] (10) بن
__________
(1) يتبهنس: يتبختر. الجوهري: الصحاح 3/ 901 (بنس).
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: أحمير.
(3) في أ، ب: الخليقة، وهذه الفقرة ليست في الأخبار والموفقيات.
(4) أرمقه: أنظر إليه. الجوهري: الصحاح 4/ 1484 (رمق).
(5) في الأصل: علا، والمثبت من: أ، ب.
(6) ما حدر: اللّثام: أي ما أمله عن حنكه. ابن منظور: لسان العرب 4/ 172 (حدر).
(7) (أهل) سقطت من: ب.
(8) في ب: وعشرة.
(9) في أ، ب: الفرخي. وهو خطأ واضح. عمير بن ضابيء البرجمي، شاعر من سكان الكوفة، مات سنة خمس وسبعين. الطبري: تاريخ 6/ 207، وابن الأثير:
الكامل 4/ 35، البرجمي: بضم الباء، هذه النسبة إلى البراجم، قبيلة من تميم. ابن الأثير: اللباب 1/ 133.
(10) الزيادة لضرورة السياق من تاريخ الطبري 6/ 164والزبير بن بكار: الأخبار(2/922)
عطارد: (1) هل لك أن تحصبه؟ (2) قال: لا، قال: حتى تسمع كلامه. فقال:
لعن الله بني أميّة [حين] (3) يستعملون علينا مثل هذا، والله لو كان كلاما كله ما كان (4) شيئا. والحجّاج ساكت ينظر يمنة ويسرة (5) حتى غصّ المسجد بأهله، فقال: يا أهل العراق إنّي لأعرف (6) قدر اجتماعكم. فقال رجل: قد اجتمعوا أصلحك الله. فسكت (7) هنيهة (8) لا يتكلم، فقالوا: ما يمنعه (9) من الكلام إلّا العيّ والحصر. فحدر اللّثام، وقال شعرا (10):
أنا ابن جلا (11) وطلّاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
__________
الموفقيات ص 93، ومحمد بن عمير بن عطارد التميمي من أشراف الكوفة، وأحد أمراء الجند في صفين مع علي، واستعمله ابن الزبير على همذان. الطبري: تاريخ 6/ 164، والأصبهاني: الأغاني 13/ 46 (طبعة دار الكتاب).
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: عطاريد.
(2) تحصبه: أي ترميه بالحصباء. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 95 (حصب).
(3) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: فيم.
(4) في الأصل: الكلام كله لكان، والتصويب من: أ، ب، والأخبار الموفقيات.
(5) في الأصل: وشماله، والمثبت من: أ، ب، والأخبار الموفقيات.
(6) في أ، ب: لا أعرف.
(7) في ب: وسكت.
(8) في الأصل والنسخ الأخرى: هنيئة، والتصويب من الأخبار الموفقيات ص 94.
(9) في الأصل: ما منعه، والمثبت من: أ، ب، والأخبار الموفقيات.
(10) هذه الكلمة ليست في: أ، ب.
(11) ابن جلا: الواضح الأمر. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 1640 (جلا).(2/923)
صليب العود من سهمي بجار (1) ... كنصل السّيف وضّاح الجبين
أخو الخمسين (2) مجتمع أشدّي ... ونجّذني (3) معاورة الشّؤون (4) (5)
ثم قال: يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، والله إنّي لأرى أبصارا طامحة، وأعناقا / متطاولة، ورؤسا قد أينعت وحان [81/ ب] قطافها، وإني لصاحبها، أما والله لأحمل الشر بحمله، وأحذره بنعله، وأجزيه بمثله، وكأني أنظر إلى الدماء ترقرق من (6) تحت العمائم واللّحى، ثم قال:
هذا أوان الشّدّ فاشتّدي زيم (7) ... قد لفّها الليل بسوّاق حطم (8)
__________
(1) في الأخبار الموفقيات ص 94: صليب العود من سلفي تران.
(2) في ب: الخميس.
(3) نجذّني: رجل منجّذ: مجرّب أحكمته الأمور. الجوهري: الصحاح 2/ 571 (نجذ).
(4) في الأخبار الموفقيات ص 94: مداورة السنين. وفي العقد الفريد 4/ 120: مداورة الشئون.
(5) هذه الأبيات للشاعر سحيم بن وثيل الرّياحي. الأصمعي: الأصمعيات ص 3 (تحقيق أحمد شاكر) وقد ذكر الزبير بن بكار وابن عبد ربه استشهاد الحجاج بهذه الأبيات جميعا. وبقيّة مصادر خطبته تذكر البيت الأوّل.
(6) في ب: ومن.
(7) زيم: اسم فرس. الجوهري: الصحاح 5/ 1947 (زيم).
(8) التصويب من: ب، وفي الأصل: بسوء الحطم، وفي أ: يسام خطم. والحطم: راعي(2/924)
ليس براع إبل ولا (1) غنم ... ولا بجزّار على ظهر وضم (2)
مدلج الساقين خفاق القدم
ثم قال:
قد لفّها الليل بعصلبيّ (3) ... أورع خرّاج من الدّويّ (4)
مهاجر ليس بأعرابي ... معاود للطعن للخطي (5)
ثم قال:
قد شمّرت عن ساقها فشدّوا ... وجدّت الحرب بكم فجدّوا
__________
الماشية قليل الرحمة يهشم بعضها ببعض. الجوهري: الصحاح 5/ 1901 (حطم).
والشعر في حواشي الكامل للمبرد 1/ 311منسوب لرويشد بن رميض العنبري.
وفي الأغاني (طبعة دار الكتب) 14/ 45منسوب لرشيد بن رميض العنبري، يقوله في الحطم، وهو شريح بن ضبيعة.
(1) في ب: علي.
(2) وضم: الخشبة التي يوضع عليها لتقيه من الأرض. الجوهري: الصحاح 5/ 2053 (وبضم).
(3) العصلبيّ: القوي الشديد من الرجال، والضمير في (لفّها) للإبل: أي جمعها.
الجوهري: الصحاح 1/ 183 (عصب) بتصرف.
(4) في ب: الأوي. الدّوي: جمع دوية، وهي المفازة. الجوهري: الصحاح 6/ 2343 (دوي).
(5) في أ، ب: بالخطي.(2/925)
والقوس فيها وترعردّ (1) ... مثل ذراع البكر أو أشدّ (2)
إني والله يا أهل العراق ما يغمز جانبي كغمّاز (3) التين، ولا يقعقع لي بالشنان (4)، ولقد فررت عن ذكاء (5) وفتّشت عن تجربة وأجريت (6) إلى الغاية.
وإنّ أمير المؤمنين نثر كنانته، فعجم (7) عيدانها فوجدني أمرّها طعما، وأحدّها سنانا، وأقواها قدحا. فوجّهني إليكم، فإنكم طالما أوضعتم (8) في الفتن (9)، وسننتم سنن الغيّ، فإن تستقيموا تستقم لكم الأمور، وإن
__________
(1) في الأصل: عطارد، وفي أ: عطرود، والتصويب من: ب. العردّ: الشديد.
الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 380 (عرد).
(2) في الأصل والنسخ الأخرى: أشدوا. والتصويب من الأخبار الموفقيات ص 96.
(3) في الأصل: وأ: كمغمار، والمثبت من: ب.
(4) الشّنان: جمع شنّة، وهي القربة الخلق، فإذا قعقع به نفرت الإبل منه، فضرب ذلك مثلا لنفسه. الجوهري: الصحاح 5/ 2146 (شنن) والمبرد: الكامل 1/ 316.
(5) فررت عن ذكاء: فسّرها المبرد بقوله: يعني تمام السنّ، الكامل 1/ 316.
(6) في أ: واجتريت.
(7) في الأصل والنسخ الأخرى: فجمع، والتصحيح من الأخبار الموفقيات ص 96، عجم: العجم: العضّ. وقد عجمت العود إذا عضضته لتعلم صلابته من خوره.
الجوهري: الصحاح 5/ 1981 (عجم).
(8) أوضّعتم: أسرعتم، يقال: أوضعت الناقة: أي أسرعت في سيرها. الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص 997 (وضع) بتصرف.
(9) في ب: العين.(2/926)
تأخذوا بنيّات الطريق (1)، فو الله لا أقيل لكم عثرة، ولا أقبل منكم معذرة، ولأنحتكم نحت (2) العود، ولأقرعنّكم قرع المروة (3) بالزناد، ولأعصبنّكم عصب السّلمة (4)، ولأضربنّكم ضرب غرائب الإبل، إني والله لا أعد ولا أوعد إلّا وفّيت، ولا أهمّ إلا أمضيت، ولا أخلق (5) إلّا فريت (6)، فإيّاي وهذه الجماعة، [وقال] (7) وقيل، وما أنتم وذلك يا بني اللكيعة؟ والله لتستقيموا على سبيل الحق أو لأدعنّ لكلّ واحد منكم شغلا بنفسه. لينظر الرجل في أمر نفسه، وليحذر أن يكون من فرائسي.
يا أهل العراق إنما أنتم كما قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كََانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهََا رِزْقُهََا رَغَداً} (8) الآية. فاستقيموا
__________
(1) في أ، ب: الطرق.
(2) في ب: نحر.
(3) المروة: حجارة بيضاء تورّي النار. ابن دريد: الاشتقاق ص 76بتصرف.
(4) في ب: السملة. والسلّمة: شجرة كثيرة الشوك. الجوهري: الصحاح 5/ 1950 (سلم).
(5) أخلق: أقدّر، يقال: خلقت الأديم، إذا قدرته قبل القطع. الجوهري: الصحاح 4/ 1470 (خلق).
(6) فريت: قطعت. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 1703 (فرى) بتصرف.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) سورة النحل: الآية (112).(2/927)
واعتدلوا، ولا تميلوا، وشايعوا وتابعوا واسمعوا وأطيعوا، واعلموا أنّه ليس من شيمي الإكثار والإهذار، وإنّما [هو] (1) إنتصابي هذا السيف ولا أغمده الشتاء والصّيف، حتى أدع النساء أيامى، والولدان يتامى، وحتى يظفر الله بكم، ويذل لأمير المؤمنين صعبكم، ويستقيم به أودكم. (2)
وقد بلغني رفضكم المهلب بن أبي صفرة، وإقبالكم إلى مصركم عصاة مخالفين، وقد أمرني أمير المؤمنين بإعطائكم وإشخاصكم [المجاهدة] (3) عدوكم مع المهلب، وقد أمرت لكم بها، وأجّلتكم ثلاثا، وأعطيت الله عهدا يأخذني به ويستوفي منّي، لئن تخلّف أحد منكم بعد قبضه عطائه (4) يوما واحدا لأضربن عنقه، ولأنهبنّ ماله. / [82/ أ]
ثم قال: يا غلام اقرأ كتاب أمير المؤمنين عبد الملك (5). فقرأ الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم، من [عبد الله] (6) عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين، سلام عليكم فلم يرّد أحد السّلام، فقال الحجاج:
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ويستقيموا به ودّكم. أودكم: أعوجاجكم.
الجوهري: الصحاح 2/ 442 (أود) بتصرف.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) في أ: عطاوة.
(5) (عبد الملك) ليس في: أ، ب.
(6) الزيادة من: أ، ب.(2/928)
اسكت يا غلام، فسكت (1). ثم قال الحجّاج [مغضبا] (2): يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق ومساويء الأخلاق، يا أهل الفرقة والضّلال، يسلّم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا السّلام عليه! هذا أدب ابن نهية (3)، والله لئن بقيت لكم لأؤدّبنّكم (4) سوى هذا التأديب، ولأجعلنّ لكل أمريء منكم شغلا في نفسه. يا غلام اقرأ كتاب أمير المؤمنين. فلمّا قال:
سلام عليكم، لم يبق في المسجد أحد إلّا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام.
ثم نزل ودخل دار الإمارة، وأمر الناس بأعطياتهم والمهلب يومئذ بمهران (5)
__________
(1) (فسكت) ليست في: أ، ب.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) في الأصل والنسخ الأخرى: ابن همة، والمثبت من تاريخ الطبري 6/ 208والكامل للمبرد 1/ 313وفي هامش الكامل: زعم أبو العباس أن ابن نهية رجل كان على الشرطة بالبصرة قبل الحجاج. وعند الزبير: ابن أذينة. الموفقيات ص 98وعند المسعودي: ابن سميّة. مروج الذهب 3/ 136.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ولادبنكم.
(5) مهران: بالكسر ثم السكون، موضع لنهر السند. ويطلق أيضا على سبع نواحي حول النّهر ياقوت: معجم البلدان 5/ 232، وكي لسترنج: بلدان الخلافة الشرقية ص 196.(2/929)
يقاتل الأزارقة (1). قال [عمير بن ضابيء] (2): فو الله ما زال يتكلم والحصباء تساقط من يدي ولا أشعر بها (3).
(قتل عمير بن ضابيء) (4):
ثم دعا العرفاء فقال لهم: ألحقوا كلّ من أخذ عطاءه بالمهلّب، وأتوني (5) بالبراءت [بموافات] (6) من وافاه منهم، ولا تغلقوا (7) أبواب الجسر ليلا ولا نهارا حتى تنقضي الثّلاثة الأيام (8).
__________
(1) الأزارقة: فرقة من الخوارج، تنسب إلى نافع بن الأزرق. البغدادي: الفرق بين الفرق ص 84، وقد وردت هذه الخطبة عند المبرد: الكامل 1/ 314311، ونقلها عنه ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 25، ووردت عند الزبير بن بكار: الأخبار الموفقيات ص 10091، والجاحظ: البيان والتبيين 2/ 310307، وابن قتيبة:
عيون الأخبار 2/ 265، 266، والطبري: تاريخ 6/ 208202، وابن عبد ربه:
العقد الفريد 4/ 122119مع اختلاف في الروايات، وزيادة ونقص.
(2) التصويب من: أ. وفي الأصل: عمرو بن ضبي، وفي ب: عمري بن ضابي.
(3) الطبري: تاريخ 6/ 204.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في الأصل: ولتوني، والتصويب من: أ، ب.
(6) التكملة من: أ، وفي ب: فهوافات.
(7) في أ، ب: تغلق.
(8) الطبري: تاريخ 6/ 205.(2/930)
فلمّا كان في اليوم الرابع جلس يعرض من يمر به من الأجناد. فمرّ به [عمير] (1) بن ضابيء وكان من أشراف أهل الكوفة ومن بعث (2)
المهلّب فقال: أصلح الله الأمير إنّي شيخ كبير زمن (3)، عليل الجسم، ولي عدّة أولاد، فليتخيّر الأمير منهم من شاء. فقال الحجاج: لا بأس بشباب مكان شيخ. فلمّا ولّي قال له عنبسة بن سعيد (4)، ومالك ابن (5)
أسماء (6): أصلح الله الأمير أتعرف هذا الشيخ؟! قال: لا. قالا: هو عمير بن ضابيء الذي وثب على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وهو مقتول فوطيء بطنه فكسر ضلعين (7) له، [فقال عمير: إنه كان حبس أبي شيخا كبيرا
__________
(1) في الأصل: عمر، والتصويب من: أ، ب.
(2) بعث: جيش. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 211.
(3) زمن: مبتلى بيّن العاهة. الجوهري: الصحاح 5/ 2131 (زمن) والفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص 1553 (زمن) بتصرف.
(4) عنبسة بن سعيد الأموي، كان جليسا للحجاج. الذهبي: تاريخ (10081هـ) ص 444وقد سبقت ترجمته.
(5) (ابن) سقط من: ب.
(6) مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري، من فحول الشعراء، له وفادة على عبد الملك ابن مروان، وكان عاملا على الحيرة للحجاج. ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 530، 531، والذهبي: سير 4/ 357.
(7) (له) سقطت من: ب، وعند المسعودي: ضلعا من أضلاعه. مروج الذهب 3/ 136.(2/931)
ضعيفا، فلم يطلقه حتى مات في السجن] (1). فقال له الحجاج: أمّا أمير [المؤمنين] (2) عثمان فتغزوه بنفسك وأمّا الأزارقة فتبعث إليهم بديلا! أو ليس أبوك (3) الذي يقول:
هممت ولم أفعل وكدت (4) وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله (5)
أما والله إنّ في قتلتك أيّها الشّيخ صلاح (6) للمسلمين. ثم جعل يصعد بصره فيه ويعضّ على لحيته مرّة، ويسرّحها أخرى. ثم أقبل عليه وقال له: يا عمير سمعت مقالتي على المنبر؟ قال: إنّه لقبيح لمثلي أن يكون كذّابا (7).
يا حرسي! اضرب عنقه، فضرب عنقه. ثم أمر مناديا ينادي: ألا
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) هو ضابيء بن الحارث البرجمي، شاعر، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش بالمدينة إلى أن مات أيّام عثمان رضي الله عنه. ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 226والبغدادي: خزانة الأدب (بتحقيق عبد السلام هارون) 9/ 327324.
(4) (كدت) سقطت من: ب.
(5) حلائلة: جمع حليلة وهي الزوجة. الجوهري: الصحاح 4/ 1673 (حلل) والبيت في الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 225والمبرد: الكامل 1/ 317.
(6) في أ، ب: صلاحا. وعند المسعودي: لصلاح المصرين. مروج الذهب 3/ 137.
(7) في أ: كتابا.(2/932)
إنّ (1) عمير بن ضابيء تأخّر بعد ثلاث وقد كان سمع ضرب الأجل، فأمرت بقتله. ألا وإنّ ذمّة الله بريئة ممن بات (2) الليلة من الجند الذين للمهلب. فلما تسامع / الجند بقتله ركبوا كلّ صعب (3) وذلول إلى المهلّب [82/ ب]، فأزدحموا على الجسر حتّى سقط، وسقط بعض النّاس في الفرات، فأتاه صاحب الجسر وأعلمه بسقوطه. [قال: ولم ذاك، قال:
لازدحام هذا البعث عليه] (4)، قال: انطلق واعقد لهم جسرين (5).
وخرج من عنده إبراهيم (6) بن العباس الأموي مذعورا، فلقيه رجل من قومه فقال له ما الخبر؟ قال له: الشّر الشّر، قام علينا رجل من شرّ أحياء العرب، من ثمود، أشعر السّاقين، ممسوح الجاعرتين (7)،
__________
(1) (إن) سقط من: أ.
(2) في الأصل: يأتي، والمثبت من: أ، ب.
(3) صعب: الصّعب من الدّواب: نقيض الذّلول، والأنثى: صعبة، والجمع صعاب.
وأصعب الجمل: لم يركب قط. ابن منظور: لسان العرب 1/ 524 (صعب).
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) المسعودي: مروج الذهب 3/ 136، 137وبعضه عند الطبري: تاريخ 6/ 208، 208.
(6) عند الطبري: إبراهيم بن عامر، أحد بني غاضرة من بني أسد. تاريخ 6/ 209، وعند المسعودي: مروج الذهب 3/ 137.
(7) ممسوح الجاعرتين: الجاعرتان: موضع الرقمتين من إست الحمار. وهو مضرب الفرس بذنبه على فخذيه. والمجعر: الّدبر. الجوهري: الصحاح 2/ 515 (جعر).(2/933)
أخفش (1) العينين، فقدم سيّد الحيّ عمير بن ضابيء فضرب عنقه (2). ثم قال (3):
أقول لإبراهيم لمّا لقيته ... أرى الأمر أمسى مهلكا متصعبا (4)
تجهّز فإمّا أن تزور ابن الضابيء ... عميرا (5) وإمّا أن تزور المهلبا
[تجهّز وأسرع والحق الجيش لا أرى ... سوى الجيش إلّا في المهاليك مذهبا] (6)
__________
(1) أخفش العينين: صغير العينين. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 765 (خفش).
وورد بعض هذه الصفات عند ابن قتيبة: المعارف ص 396والمقدسي: البدء والتاريخ 6/ 28.
(2) ورد هذا الجزء من الخبر عند المسعودي باختلاف عما هنا، وهو كالآتي:
خرج عبد الله بن الزّبير الأسدي مذعورا، حتى كان عند اللّجامين، لقيه رجل من قومه يقال له إبراهيم، فقال له: ما الخبر؟ فقال ابن الزبير: الشّر، قتل عمير بن بعث المهلب. مروج الذهب 3/ 137ومثله عند الطبري: تاريخ 6/ 209.
(3) القائل هو عبد الله بن الزبير بن سليم: بفتح الزاي، الأسدي أسد خزيمة كوفي، شاعر مشهور، مات في زمن الحجاج في عهد عبد الملك. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 428426والذهبي: تاريخ (10080هـ) ص 108.
(4) في الأصل: متعصبا، والمثبت من: أ، وفي ب: متصعا.
(5) في الأصل: عمر بن ضبي، والتصويب من: أ، ب.
(6) جاء هذا البيت في الأصل في غير موضعه حيث وقع بعد نهاية الخبر، ولعله خطأ من الناسخ، وسقط من: أ، وقد أثبته من نسخة: ب، والطبري: تاريخ 6/ 209، وفيه:
المهالك.(2/934)
هما خطّتا خسف نجاؤك منهما ... ركبوك حوليّا من الثّلج أشهبا (1)
فحال فلو كانت خراسان دونه ... رآها مكان السّوق أوهي أقربا
وإلا فما الحجاج مغمد سيفه ... مدى (2) الدهر حتى يترك الطّفل أشيبا (3)
وخرج (4) الناس هاربين إلى السّواد، وأرسلوا [إلى أهاليهم] (5) أن يزوّدوهم، فوافوا المهلب أفواجا أفواجا، فقال المهلب: من هذا الّذي استعمل على العراق؟! هذا والله ذكر من الرجال! قتل والله العدوّ إن شاء الله (6).
__________
(1) حوليا: المهر الذي مر عليه الحول. وقوله: من الثلج أشهبا: يريد أن لونه اشد شهبة من الثّلج. تاريخ الطبري: 6/ 909حاشية رقم (3).
(2) في الأصل وأ: مد. والمثبت من: ب، ومروج الذهب للمسعودي 3/ 137.
(3) سقط هذا البيت من: ب. والأبيات بتمامها عند الزبير بن بكار: الأخبار الموفقيات ص 100، والطبري: تاريخ 6/ 209، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 137، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 427، وشعر عبد الله بن الزبير ص 54مع اختلاف يسير بين الروايات.
(4) في الأصل: واخرج، والمثبت من: أ، ب، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 138.
(5) في الأصل والنسخ الأخرى: إليهم، والتصويب من: مروج الذهب.
(6) المسعودي: مروج الذهب 3/ 137، وقد جاء في الأصل بعد هذا الخبر خطأ البيت الثالث من شعر عبد الله بن الزبير الأسدي وهو:
تجهزّ وأسرع والحق الجيش لا أرى ... سوى الجيش إلا في المهاليك مذهبا(2/935)
(خطبة الحجاج في أهل البصرة) (1):
وخطب الحجاج أهل البصرة حين قدمها، فقال: من أعياه داؤه (2)
فإنّ عندي دواؤه، من استعجل إلى أجله فعليّ أن أأجّله فإنّ الحزم والجدّ استلب منّي سوطي، وعوّضني منه سيفي [فنجاده في] (3) عنقي، وقائمه بيدي، وذبابه (4) قلادة (5) من اغترّ بي. رحم الله امرءا جعل لنفسه زماما تقوده إلى طاعة الله، وعنانا يثنيه عن معصيته (6).
وخطب الحجاج يوم الجمعة، فلمّا توسّط كلامه، سمع تكبيرا عاليا من ناحية (7) السّوق، وقد (8) عظم. فقطع خطبته التي كان فيها، فقال: يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنّفاق إنّي سمعت تكبيرا ليس بالتّكبير
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) في ب: دواؤه.
(3) في الأصل والنسخ الأخرى: فنجادي والتصويب من البصائر 5/ 14، فنجاده: نجاد السّيف: حمائله. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 410 (نجد).
(4) ذبابه: حدّه. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 108 (ذبّ).
(5) في الأصل: قلادتي، والمثبت من: أ، ب.
(6) وردت هذه الخطبة بأكثر مما هنا عند أبي حيان التوحيدي: البصائر والذخائر 5/ 1413 (تحقيق وداد القاضي)، والنويري: نهاية الأرب 7/ 244، والقلقشندي:
صبح الأعشى 1/ 220.
(7) في ب: من حي ناحية.
(8) في الأصل: قد، والمثبت من: أ، ب.(2/936)
الّذي (1) يراد الله [به] (2) في التّرغيب، ولكنّه التّكبير الذي يراد به التّرهيب، وقد عرفت أنّها عجاجه يراد (3) بها القصف (4). يا بني (5)
اللّكيعة (6)، وعبيد العصا (7)، وأبناء الإماء، ألا يرقأ (8) أحدكم على ظلعه، ويحسن حقن دمه، ويصيرّ موضع قدمه (9). أقسم بالله ولا شكّ أن أوقع بكم إيقاعا يكون نكالا لما قبله، وأدبا لما بعده. إنّ مثلي ومثلكم قول الهمداني (10):
__________
(1) في أ: التي.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) في ب: يريد.
(4) القصف: اللهو واللعب. الجوهري: الصحاح 4/ 1416 (صف).
(5) في ب: أيا.
(6) اللكيعة: الأمة اللّئيمة. الجوهري: الصحاح 3/ 1280 (لكه).
(7) عبيد العصا: مثل يضرب للقوم إذا استذلّوا، وهو اسم لكلّ ذليل وتابع. الثعالبي:
ثمار القلوب ص 628.
(8) في الأصل والنسخ الأخرى: يرفع، والتصحيح من الإشراف في منازل الأشراف ص 138وتاريخ الإسلام (10081هـ) ص 318يقال: ارقأ على ظلعك: أي ارفق بنفسك، ولا تحملها أكثر مما تطيق. الجوهري: الصحاح 1/ 53 (رقأ).
(9) (قدمه) سقطت من: ب.
(10) في الكامل للمبرد 1/ 222ابن براقة الهمداني. ولم أتوصل إلى معرفة.(2/937)
وكنت إذا (1) قوم رموني رميتهم ... فهل أنا في ذا (2) يال (3) همدان ظّالم /
متى تجمع (4) القلب الذّكيّ وصارما ... وماء حبيب (5) تجتنبك المظالم (6)
[83/ أ]
(سيرة الحجاج) (7):
وقال عبد الملك يوما للحجاج: ليس يخدمني أحد إلّا [وقد] (8)
عرفت له عيبا غيرك، فأخبرني بم فيك من عيب؟ فقال: اعفني يا أمير المؤمنين. فأبى.
فقال: أنا لجوج حقود سريع الغضب، بعيد الرّضى، قليل الصبر، قليل الرحمة، قاسي القلب، سفّاك الدّماء. ما في إبليس أكثر من هذا (9).
__________
(1) في ب: إذ.
(2) التصويب من: أ، وفي الأصل: ذي، وفي ب: ذاي.
(3) التصويب من: ب، وفي الأصل: ءال، وفي أ: يا ءال.
(4) في الأصل: يجمع، والتصويب من: أ، ب.
(5) في الكامل للمبرد 1/ 223وأنفا حميّا.
(6) وردت هذه الخطبة باختصار عند ابن أبي الدنيا: الإشراف في منازل الأشراف ص 138والمبرد: الكامل 1/ 222، 223وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 62، 63والذهبي: تاريخ الإسلام (10081) ص 318.
(7) عنوان جانبي من المحقق.
(8) الزيادة من: أ، ب.
(9) روى مثله ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 49، والقالي: الأمالي 2/ 11، وذيل الأمالي(2/938)
وكتب إليه الوليد (1).
فراجعه: سيرتي وأخلاقي (2): أيقظت رأيي وعقلي، وأنمت هواي وشهوتي، فأدنيت السّيد المطاع في قومه، وأقصيت الخامل (3) الذليل، فخاف المسيء العقاب، وشكر المحسن الثّواب، والسّلام (4).
وكان الحجاج زيّه زيّ شاطر (5)، وكلامه كلام ساحر، وصولته (6)
صولة جبّار، وفعله فعل الكفّار (7).
وكان مع ذلك خصيب المائدة، يأكل فيها، [كل يوم] (8) جميع الوفود الواردين عليه، وسواهم من أمرائه (9) وقوّاده (10)، وأوليائه. قيل:
__________
(1) في العقد الفريد 1/ 22تكمله: يأمره أن يكتب إليه بسيرته.
(2) في الأصل: واخلقي، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: وأقسيت الخميل، والمثبت من: أ، ب.
(4) مثله عند ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 63وابن عبد ربه: العقد الفريد 1/ 22 و 5/ 36من طريق العتبي. وأبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر 5/ 216 (تحقيق وداد القاضي).
(5) الشّاطر: هو الذي أعيا أهله خبثا. الجوهري: الصحاح 2/ 697 (شطر).
(6) في ب: وصوله.
(7) ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 48من طريق العتبي عن أبيه، وليس فيه: وفعله فعل الكفّار.
(8) الزيادة من: أ، ب.
(9) في الأصل: امرائهم، والمثبت من: أ، ب.
(10) في أ: وقياده.(2/939)
فيها خمسمائة لون (1).
وقيل: إنه كان يطعم في كلّ يوم ألف مائدة [على كل مائدة] (2)
ثريد، وجنب من شواء (3)، وسمكه طريّة، وكان [يطوف] (4) على الموائد، ويقول: يا أهل الشّام اكسروا الخبز لئلا يعاد عليكم. وكان له ساقيان، أحدهما يسقي الماء والعسل، والآخر يسقي اللّبن (5).
ويروى أنّ الحجّاج خطب النّاس فقال: أيها (6) النّاس الصّبر عن محارم الله (7) أيسر من الصّبر على عذاب الله. فقام [إليه] (8) رجل فقال له (9): يا حجاج ما أصفق وجهك وأقلّ حياءك (10)، تفعل ما تفعل (11)، ثم تقول مثل هذا. فأمر به، فأخذ. فلما نزل عن المنبر دعابه، فقال: لقد
__________
(1) لم أقف عليه عند غير المؤلف.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) في الأصل: مشوي، والمثبت من: أ، ب.
(4) في الأصل: يشرف، والمثبت من: أ، ب.
(5) المبرد: الكامل 1/ 251.
(6) في ب: يا أيها.
(7) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: الناس.
(8) الزيادة من: أ، ب.
(9) (له) سقط من: أ، ب.
(10) في ب: جفاءك.
(11) (ما تفعل) ليست في أ.(2/940)
اجترأت (1) عليّ، فقال له: يا حجّاج تجتريء على الله تعالى فلا [تنكره على] (2) نفسك، وأجتريء (3) عليك فتنكره عليّ! فخلّى سبيله (4). وبنى مدينة واسط (5) واستوطنها، فسيق إليه رجل من الخوارج وهو في خضرائها (6)، فلمّا مثل بين يديه ونظر إلى بنائه وقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصََانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} (129) الآية (7) (8).
__________
(1) في الأصل والنسخ الأخرى: اجترين، والمثبت من تاريخ دمشق لابن عساكر 4/ 63.
(2) في الأصل: شكره انفسك، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: واجتريت.
(4) ورد في الأصل: فقام رجل منهم فقال له: يا حجاج أنت تجتري على الله تعالى فلا شكره أنفسك، واجتريت عليك فلا تنكره علي! ما اصفق وجهك وأقل حياءك الخ وما أثبته من: أ، ب، والخبر بتمامه في تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 4/ 63، وتاريخ الإسلام للذهبي (10081) ص 319، وابن كثير البداية والنهاية 9/ 140، 139.
(5) مدينة واسط تقع متوسة بين البصرة والكوفة، شرع الحجاج في عمارتها سنة:
84 - هـ، وفرغ منها سنة 86هـ، وهي اليوم تلول وأخربة، تقع على 36ميلا شمال شرق الشطرة. ياقوت معجم البلدان 5/ 348، 347وكوركيس عواد: تحقيق تاريخ واسط لبحشل 1/ 27.
(6) في خضرائها: في سواد قومها. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 494 (خضر) بتصرف.
(7) سورة الشعراء: الآية (128، 129).
(8) ربما قصد المؤلف الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ}(2/941)
وقال بعض جلسائه: اقتله قتله الله، فقال الخارجي: جلساء أخيك خير من جلسائك، فقال الحجاج: أيّ إخوة تعني؟ قال فرعون حين قال لموسى: {قََالُوا أَرْجِهْ وَأَخََاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدََائِنِ حََاشِرِينَ} (111) (1) قال هؤلاء:
اقتله، فأمر بقتله، فقتل (2).
وسيق إليه قوم من الخوارج، فأمر بضرب أعناقهم حتى انتهى القتل إلى شباب (3) منهم، فقال: والله يا حجّاج لئن كنّا أسأنا في الذنب (4) فما أحسنت (5) في العقوبة (6)، فصادف كلامه منه (7) أريحيّة، فقال: أف لهذه (8) الجيف! أما كان فيهم من يحسن (9) يقول مثل هذا؟ وأمر بتخلية / [83/ ب] [سبيله وسبيل من بقي] (10).
__________
{جَبََّارِينَ} (130) الشعراء: الآية (130).
(1) سورة الأعراف: الآية (111) وسورة الشعراء: الآية (36).
(2) ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 81، 80.
(3) عند ابن عبد البر: رجل من تميم. بهجة المجالس 1/ 99.
(4) في أ، ب: الدنيا.
(5) في الأصل: فأحسن أنت، والمثبت من: أ، ب.
(6) في أ، ب: الضّيعة.
(7) في الأصل: فصادف منه كلامه، والمثبت من: أ، ب.
(8) في أ، ب: لهؤلاء.
(9) (يحسن) سقطت من: ب.
(10) التّكملة من: أ، ب، وورد مثل هذا الخبر عند ابن عبد البرّ: بهجة المجالس(2/942)
وقال الشّعبي: كنت على يمين الحجاج ذات يوم إذ دخلت أعرابيّة كأنّها قمر، فسلّمت، ثم جلست، فقال لها الحجاج: ما جاء بك؟ (1)، قالت: اختلاف الحلوم وكثرة العزوم. قال: ما حال النّاس؟
قالت: البلاد مقشعرة (2)، والفجاج (3) مغبّرة، والنّاس مسنتون (4)، ورحمة الله يرجون. [وأنشدته] (5). فرقّ الحجّاج لكلامها، ثم قال: يا شعبي! أتعرف هذه؟ قلت: لا. إلّا أنّي لم أر قطّ أشعر (6) منها. قال: هذه ليلى الأخيلية (7). ثم أمر الحجّاج حرسيا فقال: اقطع عنّي لسانها، فخرج بها
__________
1/ 99، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 39، عن المدائني.
(1) في الأصل: ما جيء، والمثبت من: أ، ب.
(2) مقشعرة: أي: ممحلة ومجدبة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 594، (قشعر)، بتصرف.
(3) الفجاج: جمع فجّ، وهو الطّريق الواسع بين جبلين. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 257، (فجج).
(4) مسنتون: مجدبون، الجوهري: الصّحاح 1/ 254، (سنت) بتصرف.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: إلّا أنّي قطّ لم أر أفطح.
(7) ليلى بنت عبد الله الأخيليّة، امرأة شاعرة، مقدّمة في النّساء الشّواعر، وفدت على عبد الملك بن مروان. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 296، 297، المعافري: الحدائق الغنّاء ص 158، 159.
الأخيليّة: نسبة إلى الأخيل، واسمه: كعب بن معاوية بن عبادة بن عقيل. ابن الأثير:
اللّباب 1/ 36.(2/943)
الحرسيّ ليقطع لسانها فقالت له: ويلك إنّما أمرك أن تقطع لساني بعطيّة ليس بمدية (1)، فرجعت إليه مع الحرسيّ، فقالت: أراد والله يقطع مقولي (2). قال: يا غلام! اعطها عشرة آلاف درهم (3).
وسيق إليه يوما مهرا رائعا، فأعجبه، وأمر صاحب خيله أن ينظر فيه (4)، فلمّا كان بعد أشهر، قال له: إنّ ذلك المهر قد امتلأ شحما، فأمره بإسراجه وتقريبه إليه، فجاءه فركبه فجمح (5) به، ولم يملك نفسه، وكان المهر عطشانا فلمّا رأى الماء وقف عليه، واغتنم (6) ذلك الحجّاج، فنزل عنه، ونادى أعرابيّا [كان قريبا منه على قعود (7) له يلتقط ثمرات من
__________
(1) المدية: بالضّمّ: الشّفرة، الجوهري: الصّحاح 6/ 2490 (مدى).
(2) المقول: اللّسان، الجوهري: الصّحاح 5/ 1806، (قول).
(3) الخبر بصيغة أخرى عند ابن طرارا: الجليس الصّالح 1/ 337331، وأبو عليّ القالي: الأمالي 1/ 8986، وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النّساء) ص 329، من طريق أبي الحسن المدائني، وفي الأغاني: (طبعة دار الكتب) 11/ 243عن الأصمعي قال: أمر الحجاج لها بعشرة آلاف درهم.
(4) في الأصل وأ: منه، والمثبت من: ب، وينظر فيه: أي: يهتمّ به.
(5) جمح الفرس: إذا اعتزّ فارسه وغلبه. الجوهري: الصّحاح 1/ 360، (جمح).
(6) في: أ، ب: فاغتنم.
(7) القعود من الإبل، هو البكر حين يركب، أي: يمكن ظهره من الرّكوب، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان إلى أن يثنى، ولا تكون البكرة قعودا وإنّما تكون قلوصا.
الجوهري: الصّحاح 2/ 525، (قعد).(2/944)
النّخل، فجاءه فسأله عن اسمه ونسبه] (1) فقال له الأعرابي: إنّي أكره أن أكلّم أحمق أو أجيبه (2).
فقال: وما رأيت من حمقي وأنت لا تعرفني؟ قال: ركوبك (3) هذا الشّيطان الذي كاد أن يقتلك. قال: يا أعرابي! من خير النّاس؟ قال:
وهذا من عظيم حمقك، أما علمت أنّ قريشا خير النّاس فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم منهم، وهو خير النّاس؟! قال: ثم من؟ قال: الأنصار الذين آووا ونصروا.
قال: ثم من؟ قال: ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين.
قال: فأين أنت من هذا الحيّ من ثقيف فإنّ النّاس لا يفرّقون (4)
بينهم وبين قريش؟ قال له: ثبت والله حمقك، تسألني عن قوم لئام الجدود، قصار الحدود (5)، بقيّت عاد وثمود، عبيد وأبناء عبيد، منهم هذا الأمير المبير الحجاج بن يوسف عليه لعنة الله فما استتمّ الكلام إلّا والنّاس أقبلوا عليه من كلّ مكان يسلّمون بالإمارة. فلمّا تحقّق الأعرابي
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: وأجيبه، والمثبت من: أ، ب.
(3) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: ركبك.
(4) في ب: يفارقون.
(5) الحدود: جمع حدّ، وهو الفهم. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 352، (حدد).
أي أنه من قوم فهمهم قاصر.(2/945)
أنّه الحجاج، وضع يده على رأسه ونادى: يا ويلاه، ويا يتم عيالاه! (1).
وأراد الفراق فأمر / [84/ أ] الحجّاج بصرفه (2). فلمّا دنا منه، قال له: أيّها الأمير ذلك السّرّ الذي بيننا أكتمه، فضحك الحجاج حتّى استلقى، فأمر بحبسه (3) إلى أن ينصرف، فلمّا انصرف (4) أمر بإحضاره، وقال له وقد جمع وجوه دولته حدّث القوم بما جرى بيني وبينك، ولا تخالف في كلمة واحدة. قال: أو يعفني (5) الأمير؟ قال: لا بدّ لك أن تقول. فقصّ الأعرابي قوله كلّه فقال له الحجاج: ما كنت تصنع هناك (6)؟ قال: كنت ألتقط ثميرات أرجع بها إلى صبيان لي (7) يتضاغون (8) من الجوع فأشفق الحجاج لحاله، وأمر له بوقر خمسين جملا من الثّمر فخرج الأعرابي وهو
__________
(1) في الأصل: عياله، والمثبت من: أ، ب.
(2) في أ: بقدمه. بصرفه: بردّه إليه. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1069، (صرف).
(3) في أ، ب: وأمر.
(4) (ينصرف، فلمّا) سقطت من: أ.
(5) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: ويعفني.
(6) في أ: هنا لك.
(7) في أ، ب: صبية.
(8) في الأصل وب: يتضارعون، والمثبت من: أ.
يتضاغون، يتصايحون. يقال: ضغا الثّعلب، يضغو ضغوا وضغاء، أي: صاح.
الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2409، (ضغا).(2/946)
يقول: ما سمعت أنّ امرء انتفع بشتم الحجّاج غيري (1).
وسيق إليه يوما خارجيّ فسبّه سبّا قبيحا فقال له الخارجيّ: يا أسوأ (2)! ما أدّبتك أمّك يا حجّاج بعد الموت منزلة أصانعك عليها، ما آمنك (3)، أن أردد عليك بما يبقى (4) في عقبك، فقال له (5): قد أخطأنا وخلّينا سبيلك، فانطلق (6).
وكتب عبد الملك إلى الحجّاج أن يقتل رجلا (7) سمّاه له من شيعة علي رضي الله عنه فبحث الحجّاج عنه فلمّا مثل بين يديه قال له: ويحك! ما الذي جنيت؟ قال: وما ذاك، أصلح الله الأمير؟ قال: كتب إليّ أمير المؤمنين بقتلك. قال: ولم؟ والله (8) ما جنيت جناية، ولا خلعت يدا من طاعة، ولا فرّقت بين جماعة، [وإنّي] (9) مع ذلك لأعول ثلاثا (10)
__________
(1) لم أقف على هذا الخبر فيما تيسّر لي الرّجوع إليه من مصادر.
(2) في ب: يا سوأ.
(3) في أ، ب: يؤمنك.
(4) في الأصل: ابقى، والمثبت من: أ، ب.
(5) (له) ليست في: أ، ب.
(6) لم أقف عليه في المصادر التي تسّر لي الرّجوع إليها.
(7) أسلم بن عبيد البكري، كما ورد في الخبر عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 64، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 139.
(8) في: أ، ب: فو الله.
(9) التّكملة من: أ، ب.
(10) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: ثلاثة.(2/947)
وعشرين امرأة، ما منهنّ واحدة إلّا وتمسّني بقرابة قريبة، قال: ومن يعلم (1) ذلك؟ قال له (2): أنا آتيك بهنّ أو بالبيّنة (3) على ما قلته. فلمّا كان الغد، غدا [عليه] (4) بهنّ فقالت: إحداهنّ:
أحجّاج إمّا أن تمنّ بنعمة ... علينا وإمّا أن تقتلننا معا
أحجّاج لا تفجع به إن قتلته ... ثمانا وتسعا واثنتين وأربعا
أحجّاج إن قتلته تفجع نسيّة (5) ... ضعافا وتتركهنّ في النّاس جوّعا (6)
أحجّاج لو تشهد مقام بناته ... وعماته يندبنه اللّيل أجمعا
فمن رجل دان (7) يقوم مقامه ... أحجّاج مهلا لا تزدن تضعضعا
فرقّ الحجّاج لسماع شعرها، ورحم الرّجل، وكتب إلى عبد الملك بما نصّ من قضيّته / [84/ ب].
__________
(1) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: يعمل.
(2) (له) ليست في: أ، ب.
(3) في: أ، ب: وبالبيّنة.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) نسيّة: تصغير نسوة، ويقال: نسيّات، وهو تصغير الجمع. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2508، (نسا).
(6) في الأصل: أجوعا، والمثبت من: أ، ب.
(7) في الأصل: دنا، والمثبت من: أ، ب.
ودان، أي: دين ومتديّن، يقال: دان بكذا، ديانة وتديّن. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2119، (دين) بتصرّف.(2/948)
فراجعه: أن أكتبه في أصحابك، وأجر عليه في خاصّتك (1)، وأفرض لنسائه (2) في الذّريّة، ومع ذلك فأعطه عشرة آلاف معونة له ففعل الحجّاج ذلك (3) كلّه، فما [عرفت] (4) له مكرمة سوى هذه (5).
وروي أنّ أمّ الحجّاج كانت تسمّى الفارعة (6).
وكانت تحت الحارث بن كلدة (7) فدخل عليها في السّحر (8)، فوجدها تتخلّل (9)، فطلّقها فقالت: لم طلّقتني؟ قال: دخلت عليك
__________
(1) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: وجرّ عليه أن اكتبه في أصحابك وخاصتك.
(2) في الأصل: إلى نسائه، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: ذلك الحجّاج، والمثبت من: أ، ب.
(4) الزّيادة من: أ، ب.
(5) في أ، ب: سواها، والخبر مختصرا عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 64، 65، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 139.
(6) في الأصل: فارعة، والمثبت من: أ، ب، ولم أقف على ترجمتها.
(7) في الأصل وأ، ب: كنده، والتّصويب من مروج الذّهب 3/ 132.
والحارث بن كلدة الثّقفيّ، هو: طبيب العرب المشهور، مات في أوّل الإسلام، واختلف في صحبته، ابن الأثير: أسد الغابة 1/ 413، وابن خلكان: وفيّات الأعيان 6/ 362.
(8) في الأصل: السّحور، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب.
(9) تتخلّل: تزيل ما بقي بين الأسنان من طعام بالخلال. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1687، (خلل)، بتصرّف.(2/949)
سحرا، فوجدتك تتخلّلين، فإن كنت باكرت الغداء فأنت شرهة (1)، وإن كنت بتّ والطّعام بين أسنانك فأنت قذرة، فقالت: إنّما تخلّلت من شظايا السّواك. فتزوّجها بعده يوسف بن أبي عقيل والد الحجّاج، فوطئها (2) فلمّا قام عنها كانت في سراويله عقرب فضربته على إحليله فعاود الوطء ليجرب السمّ فعلقت بالحجّاج (3)، فولدته ولا دبر له، فنقّب عن دبره، فأبى أن يقبل ثدي أمّه أو غيرها، فتصوّر لهم إبليس في صورة الحارث بن كلدة طبيب العرب فقال: ما خبركم؟ قالوا: ولد ليوسف بن أبي عقيل ولد (4) أبى أن يقبل الثّدي فقال: اذبحوا له جديا (5) أسود وأولغوه (6) دمه فإذا كان اليوم الثّاني فاذبحوا (7) له (8) تيسا وأولغوه دمه
__________
(1) في ب: شرهته، والشّره: غلبة الحرصعلى الطّعام. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2237، (شره)، بتصرّف.
(2) في ب: فورطئت.
(3) هذه الفقرة ليست في مروج الذّهب.
(4) (ولد) سقط من: ب.
(5) في الأصل: جدي، والمثبت من: أ، ب.
والجدي: ولد المعزّ. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1638، (جدي).
(6) أولغوه: أي: أسقوه حتّى يشرب ما فيه بأطراف لسانه. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1329، (ولغ)، بتصرّف.
(7) في الأصل: اذبحوا، والمثبت من: أ، ب.
(8) (له) سقطت من: أ، ب.(2/950)
وأطلوا به وجهه، وفي [اليوم] (1) الثّالث كذلك فإنّه يقبل الثّدي في اليوم الرّابع. ففعلوا ذلك فأقبل على الثّدي، فلذلك [كان] (2) لا يصبر عن سفك الدّماء، وكان هو يخبر عن نفسه أنّه يجد لذّة عظيمة لسفك الدّماء (3).
وأحصي جملة من قتل قهرا وصبرا فوجد مائة ألف (4) رجل وعشرون (5) ألف امرأة، منهم سبعون (6) بدريّا (7).
ووجد في سجنه بعد موته ثمانون ألف محبوس ليس فيهم من يلزمه قتل، منهم ثلاثون ألف امرأة (8).
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) الزّيادة من: أ، ب.
(3) ورد هذا الخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 132، ونقله عن المسعودي ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 29، 30، وذكر ابن عبد ربه: أنّ الفارعة المذكورة كانت زوجة المغيرة بن شعبة، وأنّه هو الذي طلّقها لأجل الحكاية المذكورة في التّخلّل. العقد الفريد 5/ 13.
(4) في الأصل: مائة ألف ألف، والمثبت من: أ، ب.
(5) في الأصل: عشرين، والمثبت من: أ، ب.
(6) في الأصل: سبعين، والمثبت من: أ، ب.
(7) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف، ويظهر فيه الكذب الواضح.
(8) الخبر بصيغة أخرى عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 175، والتّنبيه والإشراف ص 318، وهنا فيه مبالغة وتهويل.(2/951)
فوجد في قصّة أعرابي أنّه بال في رحبة المسجد (1)، فقيل في ذلك:
إذا نحن جاورنا مدينة واسط ... خرينا وصلّينا بغير حساب (2)
فكان من خواصّ الحجّاج أنّه من نطفة سمّ وأوّل غذائه دم، وطبيبه إبليس (3).
وروي أنّ حطيطا (4) كان صواما قوّاما، يختم في كلّ ليلة ويوم ختمه، ويخرج من البصرة ماشيا إلى مكّة في كلّ سنة، فوجه الحجّاج في طلبه، فأخذ وأتي به الحجّاج، فقال له: إيه. قال: قل فإنّي عاهدت الله عزّ وجلّ لئن سئلت / لأصدّقنّ، ولئن ابتليت لأصبرنّ، ولئن عوفيت (5)
لأشكرنّ [85/ أ] ولأحمدنّ الله على ذلك. قال: ما تقول فيّ؟ قال: أنت
__________
(1) رحبة المسجد بالتّحريك: ساحته، الجوهريّ: الصّحاح 1/ 135، (رحب).
(2) ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 83ومثله عند ابن عبد ربه: العقد الفريد 3/ 481، 482و 5/ 46وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 152.
(3) لا يجوز أن يقال هذا عن الحجّاج، وإن كان عرف بالظّلم، فهو مسلم له أعمال صالحة في الظّاهر، وربّما كان مصدر هذه الحكايات والخرافات الشّنيعة الأخباريّين الشّيعة الذين قالوا: إنّ الحجاج قتل الأشراف من بني هاشم وأراد قطع دابرهم، فأجازوا لأنفسهم ذكر مثل هذه الأكاذيب ترويجا لعقائدهم الفاسدة ومذاهبهم الكاسدة.
(4) حطيط الزّايات، أدرك جماعة من التّابعين، ومات في زمن الحجاج، ابن حبان:
الثّقات 6/ 241.
(5) في الأصل: عفيت، والمثبت من: أ، ب، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 82.(2/952)
عدوّ الله تقتل على الظنّة، قال: فما قولك في أمير المؤمنين عبد الملك؟
قال: أنت شرارة من شرره (1)، وهو أعظم جرما منك، قال: فخذوه فقطّعوا عليه العذاب، ففعلوا، فلم (2) يقل حسّا ولا بسا فأقبروه (3). فأمر بالقصب فشقّ ثم شدّ (4) عليه، وصبّ عليه الخلّ والملح وجعل يستلّ (5)
قصبة قصبة، فلم يقل حسّا ولا بسّا. فأتوه فأخبروه، فقال: أخرجوه إلى الفندق (6) فاضربوا عنقه.
قال جعفر (7) بن [أبي] (8) المغيرة: أنا رأيته حين أخرج فأتاه صاحب له، فقال: ألك حاجة؟ فقال (9): شربة ماء، فأتاه بها فشرب، ثم ضربت عنقه، وكان ابن ثمان عشرة سنة (10).
__________
(1) في الأصل: شروره، والمثبت من: أ، ب، وتهذيب تاريخ دمشق.
(2) في ب: ولم.
(3) فأقبروه: أي: صيروا له قبرا يدفن فيه. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 784، (قبر) بتصرّف.
(4) في الأصل: شك، والمثبت من: أ، ب. وتهذيب تاريخ دمشق.
(5) في الأصل: يمتد، وفي: أ، ب: يتنتد، والتّصويب من: تهذيب تاريخ دمشق.
(6) الفندق: خان السبيل. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1187، (فندق).
(7) جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمّي، صاحب سعيد بن جبير، رأى ابن عمر، وكان صدوقا. المزيّ: تهذيب الكمال 5/ 122، والذّهبي: ميزان الاعتدال 1/ 417.
(8) التّكملة من: أ، ب.
(9) في الأصل: قال، والمثبت من: أ، ب.
(10) رواه أبو العرب التّميميّ: المحن ص 378، 379مطوّلا، وابن عساكر: تهذيب(2/953)
ودسّ الحجّاج (1) إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلا سمّ له عصا، فمشى به على رجليه في ازدحام النّاس، بعرفات، فلمّا حسّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (2) بالسّمّ يسري فيه، قال: قتلني قتله (3)
الله (4).
وقيل: إنّه سمّ زجّ (5) رمح، وزحمه في الطّريق، ووضح الزّجّ في ظهر قدمه، وذلك أنّ الحجّاج خطب يوما، فقال له عبد الله بن عمر: إنّ الشّمس لا تنتنظرك فقال له الحجّاج: لقد هممت أن أضرب عنقك. أو قال: الذي فيه عيناك، فقال له: إن تفعل فإنّك سفيه (6) مسلّط (7).
وقيل: إنّه أخفى قوله ذلك (8).
وكان عبد الله بن عمر (9) يتقدّم في المواقف بعرفة وغيرها إلى
__________
تاريخ دمشق 4/ 82، عن جعفر بن أبي المغيرة، مع اختلاف في الألفاظ.
(1) في الأصل: الحجّاج سمّا، والتّصويب من: أ، ب.
(2) (ابن عمر رضي الله عنه) ليست في: أ، ب.
(3) في الأصل: قاتله، والمثبت من: أ، ب.
(4) مثله عند ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 952.
(5) الزّجّ: الحديدة في أسفل الرّمح. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 244، (زجّ).
(6) في ب: سيفه.
(7) ابن عبد البر: الاستيعاب 3/ 952، وابن الأثير: أسد الغابة 3/ 240.
(8) في الاستيعاب 3/ 952، تكمله: عن الحجّاج، ولم يسمعه.
(9) في ب: عبد الملك بن عمير.(2/954)
المواضع التي (1) كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقف فيها (2)، فكان ذلك يعزّ على الحجّاج، فأمر رجلا يفعل به ذلك. فمرض عبد الله (3) من ذلك أيّاما، فدخل عليه الحجّاج يعوده فقال له: من [فعل] (4) بك يا أبا عبد الرّحمن؟
فقال: وما تصنع به؟ فقال: قتلني الله إن لم أقتله، قال: ما أراك فاعلا؟
أنت الذي أمرت من نحسني بزجّ الرّمح، فقال: لا تفعل يا أبا عبد الرّحمن، وخرج عنه، فلبث أيّاما ثم مات رحمه الله، وصلّى عليه الحجّاج، وذلك سنة ثلاث وسبعين (5).
وقيل: سنة أربع وسبعين (6).
وتعرّض الحجّاج إلى أنس بن مالك رضي الله عنه، فأذلّه وأهانه، وعلّق رصاصة في عنقه، ونادى عليه. فبلغ ذلك عبد الملك، فكتب إلى الحجّاج، ونهاه عن التّعرّض له، ونصّ كتابه:
أمّا بعد فإنّك عبد علت بك الأمور فطغيت فيها، وعلوت حتّى (7)
__________
(1) في الأصل: الموضع الذي، والمثبت من: أ، ب، وعبد البرّ: الاستيعاب 3/ 952.
(2) في الأصل: فيه، والمثبت من: أ، ب.
(3) في ب: عبد الملك.
(4) زيادة يقتضيها سياق الخبر، من الاستيعاب 3/ 952.
(5) ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 952، 953، وابن الأثير: أسد الغابة 3/ 240.
(6) ابن سعد: الطّبقات 4/ 187، 189، عن الواقدي، وخليفة: الطّبقات ص 22.
(7) في أ: ثم.(2/955)
جزت قدرك، وعدوت / [طورك] (1)، والله يا ابن المستفرمة (2) [85/ ب] بعجم (3) الزّبيب الطّائفيّ (4)، لأغمزنّك كبعض غمزات الليوث للثّعالب، ولأركضنّك ركضة تدخل منها (5) في وجعاء (6) أمّك. اذكر مكاسب آبائك بالطّائف إذ كانوا ينقلون الحجارة على أعناقهم، ويحفرون الآبار والمناهل (7) [بأيديهم] (8)، فقد نسيت ما كنت فيه وآباؤك من الدّناءة واللّؤم، وقد بلغ أمير المؤمنين استطالتك على أنس بن مالك خادم رسول
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
وعدوت طورك: أي: جاوزت حدّك، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 727، (طور)، بتصرّف.
(2) في أ: المستفرهة. المستفرمة: الفرمة بالتّسكين والفرم: ما تعالج به المرأة قبلها ليضيق.
يقال منه: استفرمت المرأة. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2001، (فرم).
(3) في الأصل: بعظم، والتّصحيح من العقد الفريد 5/ 38.
(4) في الأصل: الطّائف، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل: بها، والمثبت من: أ، ب والعقد الفريد.
(6) الوجعاء: السّافلة، وهي الدّبر. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 1295، (وجع).
والعبارة في: البيان والتّبيين 1/ 386، بصيغة: والله لقد هممت أن أركلك ركلة تهوي بها في نار جهنّم.
(7) في الأصل وب: بالمناهل، وسقطت من: أ، والتّصويب من العقد الفريد.
والمناهل: جمع منهل: المورد، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعى. الجوهريّ:
الصّحاح 5/ 1837، (نهل).
(8) الزّيادة من: أ، ب.(2/956)
الله صلى الله عليه وسلم جرأة [منك] (1) على أمير المؤمنين، وقلّة معرفة بنقماته (2) وسطواته على من خالف سبيله، وعمد إلى غير محبّته، ونزل (3) عند سخطه.
وأظنّك [أردت] (4) أن تروزه (5) لتعلم ما عنده من اليقين والنّكير فيها، فإن سوّغتها مضيت قدما، وإن نقضتها ولّيت دبرا، فعليك لعنة الله، عبد أخفش العينين، أصك الرّجلين، ممسوح الجاعرتين (6)، وأيم (7) الله لو علمت أنّك أجترمت منه جرما وانتهكت (8) له عرضا لبعثنا إليك من (9)
يسحبك (10) ظهرا لبطن حتّى ينتهي بك إليه (11) [ليحكم فيك بما أحبّ،
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) في العقد الفريد 5/ 38: وعزّة بمعرفة غيره، ونقماته.
(3) في ب: وينزل.
(4) الزّيادة من: أ، ب.
(5) في الأصل والنّسخ الأخرى: تزوره، والمثبت من العقد الفريد.
تروزه: تجرّبه، وتختبره. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 880، (روز)، بتصرّف.
(6) الجاعرتان: حرفا الوركين المشرفين على الفخذين، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 467، (جعر).
(7) في ب: وثم.
(8) في الأصل: وانهكت، والتّصويب من: أ، ب.
(9) في الأصل: أن، والتّصويب من: أ، ب.
(10) في ب: يسبحك.
(11) في ب: إلي.(2/957)
ولم يخف على أمير المؤمنين] (1) نبؤك، و {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ} [2] تَعْلَمُونَ (67) (3).
فإذا قرأت كتاب أمير المؤمنين فسر راجلا إلى باب أنس بن مالك، واعتذر إليه، واسأله مغفرته فإن فعلت فردّ كتابك إليّ (4)، بذلك، إن شاء الله.
(حركة ابن الأشعث) (5):
وكان الحجّاج ولّى عبد الرّحمن بن محمّد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي أميرا على خراسان، وكان رجلا صالحا ديّنا، فرأى ما فيه من ظلم الحجّاج وجوره، وإغضاء عبد الملك عنه. فجمع ناسا من بقيّة الصّحابة رضي الله عنهم والتّابعين، وشكا إليهم (6) ما هم فيه المسلمون من البلاء والجور والقتل مع الحجّاج، فاجتمع الكلّ منهم على
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل وب: فسوف، وصححتها من: القرآن الكريم، وأ.
(3) سورة الأنعام: الآية (67).
وقد ورد نص هذا الكتاب عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 38، 39، والقلقشندي: صبح الأعشى 6/ 389، 390، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 150، وذكره باختصار الجاحظ: البيان والتّبيين 1/ 386.
(4) في أ، ب: فإن فعل فخذ كتابه.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في ب: إليه.(2/958)
توليته والقيام [به] (1) راجين أن يريح الله به (2) المسلمين ممّا هم فيه، فأظهر عدله ودينه، وخلع عبد الملك والحجّاج، وهاجر (3) كلّ الفضلاء إليه، مثل: سعيد بن جبير وغيره (4) فجمع الحجّاج جيوشه، وأمره
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل: بهم، والمثبت من: أ، ب.
(3) في أ: فهاجر.
(4) ذكر خليفة في تاريخه ص 286، 287أن عدد القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث في هذه الفتنة بلغ خمسمائة كلهم يرون القتال، في حين ذلك الجصاص في أحكام القرآن 1/ 71أن عددهم بلغ أربعة آلاف عالم. وبالرغم من أن هذا الرقم لا يخلو من مبالغة إلا أنه يؤكد كثرة عددهم في هذه الفتنة، ولعل من أسباب كثرة تلك الأعداد المذكورة إدخال غير العلماء فيها من أهل العبادة والصلاح وإن لم يشتهر عنهم العلم، حيث تردد اسم القراء على هؤلاء المشاركين، ولعله يشمل العلماء وأهل الصلاح والزهادة والمشهورين بكثرة التعبد. وقد شاركوا في هذه الفتنة نتيجة اجتهاد منهم عندما غلب على ظنهم زوال المفاسد المترتبة على ذلك، وغلب عندهم تحقق المصالح المرجوة، وكان ذلك قبل أن يتقرر مذهب جمهور أهل السنة على عدم الخروج والقتال في الفتنة، كما قال ابن تيمية: «ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم» منهاج السنة (تحقيق محمد رشاد سالم) 1/ 429وقال ابن حجر في الإنكار بالسيف على أئمة الجور: «وهذا مذهب للسلف قديم لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الأشعث عبرة لمن تدبّر» تهذيب التهذيب 2/ 288وانظر الخرعان: أثر العلماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية(2/959)
عبد الملك بذلك (1)، وسار نحوه، فأوقع بابن الأشعث، وهزم أصحابه (2)، وقتل منهم خلقا كثيرا، وأسر جملة، وذلك بموضع يقال له: دير الجماجم (3)، وذلك سنة ثلاث وثمانين (4).
فكان يساق إليه من أسر منهم فيقول له: تقرّ أنّك كافر (5) بما صنعت من خروجك على أمير المؤمنين، وأنّ دمك ومالك وحرمك له (6)
حلال فإن اعترف بذلك (7) تركه، وإن أبى قتله.
وقام رجل منهم / فقال: [أصلح الله الأمير] (8) إنّ لي عليك [86/ أ]
__________
ص 429، 430، 551، 552.
(1) (بذلك) ليست في: ب.
(2) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: وسار نحوه بموضع يقال له: دير الجماجم، فأوقع به بدير الجماجم، فانهزم ابن الأشعث وانهزم أصحابه.
(3) دير الجماجم: موضع في البادية بظاهر الكوفة من ناحية الجنوب، ياقوت: معجم البلدان 2/ 572، عبد السّلام: الترمانيني، أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1463.
(4) انظر الطّبري: تاريخ 6/ 346، وقال الواقدي: كانت سنة اثنتين وثمانين. الطّبري:
تاريخ 6/ 346، وخليفة: تاريخ ص 285، وقد جمع الذّهبي بين الرّوايتين فقال: ولا شكّ أنّ نوبة دير الجماجم كانت أيّاما، بل أشهرا، اقتتلوا هناك مائة يوم، فلعلّها كانت في آخر سنة اثنتين، وأوائل سنة ثلاث، تاريخ (10081هـ) ص 10.
(5) في ب: كافرا.
(6) في الأصل: وحريمك عليه، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ: اعترف له بذلك.
(8) الزّيادة من: أ، ب.(2/960)
حقّا، قال: وما هو؟ قال: سبّك عبد الرّحمن يوما، فرددت عليه، فقال:
أنشد (1) الله رجلا سمع ذلك إلّا شهد، فقام رجل من الأسرى (2) فقال:
قد كان ذلك أيّها الأمير. قال: خلّوا عنه، ثم قال للشّاهد (3): فما منعك أن تنكر كما أنكر؟ فقال: لقديم بغضي إيّاك، قال: وليخلّ (4) عن هذا لصدقه (5).
(معاملة الحجّاج لأسرى الجماجم) (6):
وسيق إليه بعد ذلك الشّعبي، ومطرّف (7)، وسعيد بن جبير، وكانوا
__________
(1) في الأصل: أنشدكم، وفي أ: أنشدك، والمثبت من: ب، والكامل للمبرد 1/ 480.
(2) في الأصل: الأسارى، والمثبت من: أ، ب، والكامل للمبرد.
(3) في ب: للسّائل.
(4) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: البخيل.
(5) هذا الخبر بتمامه عند المبرد في الكامل 1/ 480، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 38، ومثله عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 65.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) هو: مطرف بن عبد الله بن الشّخير بكسر الشّين المعجمة العامريّ البصريّ، الإمام، القدوة، كان ممن يكره الفتن والسعي في الفرقة، حريصا على لزوم الطاعة وعدم مفارقة الجماعة، عاصر فتنة ابن الأشعث فوفقه الله للنجاة منها. قال العجلي: «لم ينج من فتنة ابن الأشعث بالبصرة إلا رجلان: مطرف بن عبد الله ومحمد بن سيرين، ولم ينج منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي وإبراهيم النخعي» مات سنة ست وثمانين للهجرة. ابن سعد: الطبقات 7/ 146141والذهبي: سير 4/ 187 195وعلي الصيّاح: من سير علماء السلف عند الفتن (مطرف بن(2/961)
من أصحاب ابن الأشعث، وكان الشّعبي قبل مختصّا بعبد الملك، وكان الشّعبي ومطرف يريان (1) برأي (2) الباطن (3)، وكان ابن جبير لا يرى إلّا الظّاهر، فقدم إليه الشّعبي، فقال: ما (4) دعاك إلى الخروج؟
فقال: أصلح الله الأمير نبا (5) بنا المنزل، وأجدب الجناب (6)، واكتنفنا السّهر (7)، واستعجفنا الخوف (8)، واستقرّ الطّمع (9)، وغشيتنا فتنة
__________
عبد الله بن الشخير نموذجا) ص 27، 43.
(1) في ب: يتران.
(2) في: أ، ب: رأي.
(3) برأي الباطن: يعني: بالتّقيّة، وهي أن يظهر الإنسان بلسانه غير ما يسّره في قلبه اتّقاء الشّرّ، ولا تجوز إلّا في حالات معيّنة منها: إذا أكره المؤمن على كلمة الكفر.
أبو نعيم: الإمامة والرّدّ على الرّافضة ص 52.
(4) في الأصل: من، والمثبت من: أ، ب.
(5) في الأصل: انبا، والمثبت من: أ، ب، والعقد الفريد 2/ 177، نبا بنا المنزل: لم يوافقهم. ابن منظور: لسان العرب 5/ 302، (نبا).
(6) أجدب الجناب: أي أمحل ما حولهم، يقال: فلان خضيب الجناب وجديب الجناب. ابن منظور: لسان العرب 1/ 256، (جدب)، بتصرّف.
(7) اكتنفنا السّهر: أي: أحاط بهم. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1424، (كنف)، بتصرّف.
(8) في العقد الفريد 2/ 177: استحلسنا الخوف.
استعجفنا الخوف: العجف، بالتّحريك: الهزال والمعنى: أصابنا الهزال من جرّاء الخوف. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1399، (عجف)، بتصرّف.
(9) في ب: الطّرح.(2/962)
لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء، فخلّي سبيله.
ثم قدم (1) إليه مطرف، فقال له: أكافر أنت أم مؤمن؟ فقال (2) له:
من شقّ العصا عن الإمام، ونكث (3) البيعة، وفارق الجماعة، وأخاف المسلمين فكافر (4)، فخلّى سبيله.
ثم قدم إليه (5) سعيد بن جبير رضي الله عنه فقال (6) له: أكافر أنت أم مؤمن؟
فقال: والله ما كفرت به منذ عرفته، ولا أشركت به منذ (7) وحدّته (8).
(سعيد بن جبير) (9):
وكان سعيد بن جبير عبدا لرجل من بني أسد بن خزيمة، فاشتراه سعيد بن العاص في مائة عبد، فأعتقهم جميعا (10).
__________
(1) في الأصل: وقدم، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: وقال، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: ونقض، والمثبت من: أ، ب، والعقد الفريد.
(4) في أ: لكافر.
(5) في الأصل: ثم قدم إليه مطرف وقدم إليه سعيد، التّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: وقال، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ، ب: مذ.
(8) ذكر مثله ابن عبد ربه: العقد الفريد 2/ 176، 177، 464، 465، و 5/ 54، 55.
(9) عنوان جانبي من المحقّق.
(10) المبرد: الكامل 1/ 403.(2/963)
وكان يكنّى: أبا عبد الله (1)، وكان مختفيا بمكّة، فكان إذا كان اللّيل خرج إلى (2) موضع من المسجد فجلس هو وأصحابه. وكان الوليد [قدم] (3) إليها حاجا، فكان يخرج باللّيل ويتنكّر، فخرج ذات ليلة فانتهى إلى حلقة فيها سعيد، فقال: من هذا؟ قالوا: سعيد بن جبير، فسكت، لم يأخذه ولم يأمر بأخذه.
فكتب الوليد إلى الحجّاج: أنّ عبد بني أميّة بمكّة وأنت جالس، فبعث إلى مكّة فأخذه، فقال [له] (4) الحجّاج: يا شقي بن كسير! أما قدمت (5) الكوفة وليس يؤمّ بها إلّا عربي فجعلتك إماما؟! (6). قال: بلى.
قال: أما ولّيتك القضاء فضجّ أهل الكوفة، وقالوا: لا يصلح القضاء إلّا لعربيّ (7)؟! فاستقضيت أبا بردة (8) [عامر بن أبي] (9) موسى الأشعري،
__________
(1) الدّولابي: الكنى 2/ 56.
(2) في الأصل: في، والمثبت من: أ، ب.
(3) الزّيادة من: أ، ب.
(4) الزّيادة من: أ، ب.
(5) في الأصل وب: ما قدمت، والمثبت من: أ، وابن قتيبة: المعارف ص 446.
(6) في الأصل: تومّ بها، والتصويب من: أ، ب، والمعارف.
(7) في الأصل: أعرابي، والمثبت من: أ، ب، والمعارف.
(8) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، تابعي فقيه من أهل الكوفة، استعمله الحجّاج على قضائها، وضمّ إليه سعيد بن جبير كاتبا، مات سنة أربع ومئة، وقيل: ثلاث ومئة، وقد جاز الثّمانين. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دشق 7/ 176، 178، وابن حجر:
تقريب ص 621.
(9) في الأصل والنّسخ الأخرى: علي بن موسى، والتّصويب من طبقات ابن سعد(2/964)
وأمرته ألّا (1) يقطع أمرا دونك؟! قال: بلى. [قال] (2): أو ما جعلتك في سمّاري، وكلّهم من رؤوس العرب؟! قال: بلى. [قال] (3): أو ما (4)
عطيتك مائة ألف درهم تفرّقها في أهل الحاجة، ثم لم أسألك عن شيء منها؟! / قال: بلى. قال: فما أخرجك [86/ ب] عليّ؟! قال: بيعة كانت لابن الأشعث في عنقي، فغضب الحجّاج، ثم قال: أفما كانت بيعة لأمير المؤمنين عبد الملك في عنقك قبل؟! والله لأقتلنّك (5). فأمر بقتله صبرا، فقال سعيد رحمه الله: لا سلّطك الله على أحد بعدي (6).
فقتله في شعبان سنة خمس وتسعين (7)، وهو ابن سبع وأربعين سنة (8).
__________
(1) في الأصل وب: أن لا، والتّصويب من: أ.
(2) التّكملة من: أ، وسقطت من: ب.
(3) زيادة يقتضيها السّياق، من المعارف ص 446.
(4) في أ: وما.
(5) الخبر عند المبرد: الكامل 1/ 403، 404، وابن قتيبة: المعارف ص 446، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 373، ورواه باختصار أبو نعيم: الحلية 4/ 290، والذّهبي: سير 4/ 328.
(6) ذكر مثله المسعودي: مروج الذّهب 3/ 173.
(7) ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 373.
(8) ابن سعد: الطّبقات 6/ 266.(2/965)
وكان له ابنان: عبد الله (1)، وعبد الملك (2).
ومات وليس على الأرض أحد إلّا يحتاج لعلمه رضي الله عنه (3).
ومات الحجّاج لعنة الله عليه إلى يوم الدّين (4) بعد في شهر رمضان، ولم يسلّط على أحد بعده (5).
وذلك أنّه لمّا قتل سعيد بن جبير أصابه زمهرير (6) فكان مع النّار والدّخان سبعة أيّام بليالها فكان يجد البرد من خارجه، والحرّ من داخله، فكان يروّح عليه من خلفه بالمراوح (7)، والنّيران توقد بين يديه (8).
وكان متى غفا (9) يرى كأنّ سعيد بن جبير بيده سيف يحمل عليه فيثور، ويقول: ما لي ولسعيد، فلم يزل على ذلك طول السّبعة الأيام
__________
(1) عبد الله بن سعيد بن جبير الكوفي، ثقة، فاضل، من السّادسة. ابن حجر: تقريب ص 305.
(2) عبد الملك بن سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي، لا بأس به، من السّادسة.
ابن حجر: تقريب ص 363.
(3) ابن سعد: الطّبقات 6/ 266.
(4) هذه الجملة ليست في: أ، ب.
(5) (بعده)، ليست في: أ، ب، والخبر عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 374.
(6) الزّمهرير: شدّة البرد، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 672، (زمهر).
(7) في أ، ب: المراويح.
(8) ذكره باختصار ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 53.
(9) في أ، ب: أغفى. غفا، أي: نام، الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2448، (غفا).(2/966)
حتّى هلك (1).
وقيل: إنّه مرّ في (2) يوم جمعة (3) فسمع استغاثة فقال: ما هذا؟
فقيل: [أهل] (4) السّجون يقولون قتلنا الحرّ، قال: قولوا لهم: {قََالَ اخْسَؤُا فِيهََا وَلََا تُكَلِّمُونِ} (108) (5)، فما عاش بعد ذلك إلّا أقلّ من جمعة (6).
وقال (7): قبل هذه الحال لطبيبه [تياذوق] (8): صف لي شيئا أعمل به (9) فإنّي أظنّ أن أفارقك سريعا فقال (10): احفظ عنّي خلالا، لا تشربنّ دواء من غير وجع، ولا تأكلنّ على شبع، ولا تأكل شهوة، ولا
__________
(1) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(2) (في) سقط من: ب.
(3) في ب: (الجمعة).
(4) الزّيادة من: أ، ب.
(5) سورة المؤمنون، الآية: (108).
(6) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 176، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 84، 85، والذّهبي: تاريخ (10081)، ص 325، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 154.
(7) في الأصل: وقيل، والتّصويب من: أ، ب.
(8) في الأصل والنّسخ الأخرى: تبدلون، والتّصحيح من عيون الأخبار 3/ 292.
تياذوق: طبيب مشهور في صدر الدّولة الإسلاميّة، اختص بالحجّاج، عيون الأخبار 3/ 292، حاشية رقم: (3).
(9) في أ، ب: عليه.
(10) في الأصل: فقالت، التّصويب من: أ، ب.(2/967)
تأكل فاكهة موليّة، ولا تأكل من اللّحم إلّا طريّا، ولا تلبس إلّا نقيّا، ولا تنكح إلّا فتيّا، واشرب من ألبان الإبل فإنّها تصلح (1) القلب، وأدم النّظر إلى الخضرة فإنّ ذلك يجلو البصر، وماء العسل شفاء يختم (2) على فم المعدة فيقذف الدّاء (3).
ولمّا أشرف على المنيّة فرح المسلمون وسرّوا وابتهجوا، فوصله ذلك، فأمر مناديا ينادي: ألا وإنّ الحجّاج يموت، فليفرح من لا يموت (4).
ولمّا اشتدّ مرضه قال لمنجّمه: ما ترى في مرضي؟ قال: لا بأس عليك، فلست بميّت، ولكن يموت ملك عظيم اسمه كليب، واسمك أنت الحجّاج، فصاح الحجّاج فقال (5): أنا والله كليب، سمّتني به أمّي وأنا طفل فما لبث أن مات (6).
__________
(1) في أ، ب: تقصد.
(2) في أ: يجثم.
(3) (وماء العسل شفاء يختم على فم المعدّة، فيقذف الدّاء)، سقطت من: ب.
والخبر بصيغة أخرى عند ابن قتيبة: عيون الأخبار 3/ 292.
(4) لم أقف علي الخبر عند غير المؤلّف.
(5) (فقال) ليست في: أ، ب.
(6) ابن قتيبة: المعارف ص: 397، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 50، 51.
لا نصدّق بمثل ذلك، وهذه من خرافات المنجّمين، وإلّا فإنّ الموت علمه عند الله تعالى. وراجع: ص 421.(2/968)
وتوّفيّ وهو ابن خمس وخمسين سنة، وكان ولد سنة أربعين (1).
ومات بمكّة، وأوصى أن لا يدفن بها، فدفنه ابنه بها (2).
وفي تسميته كليب يقول / القائل (3) [87/ أ]:
أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر
وكان معلّما بالطّائف.
وقال (4) آخر من أهل الطّائف:
كليب تمكّن في حيّكم (5) ... وقد كان فينا صغير الخطر (6)
ولمّا أخذ الحجّاج رأس (7) عبد الرّحمن بن محمّد بن الأشعث وذلك سنة خمس وثمانين وجّه (8) به إلى عبد الملك بن مروان مع عرار ابن شأس الأسدي (9)، وكان أسود دميما، من أمة سواداء (10) فلمّا
__________
(1) ابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 155.
(2) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(3) لم أتوصل إلى معرفته.
(4) في أ: وقيل.
(5) عند المبرد: الكامل 1/ 411، في أرضكم.
(6) لم أقف على قائله. والخبر عند المبرد: الكامل 1/ 410، 411.
(7) في ب: وابن.
(8) في أ: وجيء.
(9) (الأسدي)، سقطت من: ب.
عرار بن عمرو بن شأس الأسدي، كان سيّدا، أسود اللّون، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 193.
(10) ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 1181.(2/969)
ورد به، جعل عبد الملك لا يسأل عن شيء من أمر الوقيعة إلّا أنبأه به [عرار] (1)، في أصحّ (2) لفظ، وأشبع قول، وأجزل اختصار، فشفاه من الخبر، وملأ أذنه صوابا وعبد الملك لا يعرفه وقد اقتحمته (3) عينه (4) حين رآه فقال عبد الملك متمثّلا بقول عمرو (5) بن شأس في ابنه عرار:
أرادت (6) عرارا بالهوان ومن يرد ... عرار لعمري بالهوان فقد ظلم
وإنّ عرارا إن يكن غير واضح ... فإنّي أحبّ الجون (7) ذا المنكب العمم (8)
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل: به بأصح، والمثبت من: أ، ب، والكامل للمبرد 1/ 225.
(3) اقتحمته عينه: ازدرته، الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2006، (قحم).
(4) في الأصل: عيناه، والمثبت من: أ، ب، والكامل للمبرد.
(5) عمرو بن شأس بن عبيد الأسدي، له صحبة، شهد الحديبية، واشتهر بالبأس والنّجدة، وشهد القادسية وله فيها أشعار. ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 1180، وابن حجر: الإصابة 4/ 304.
(6) في الأصل: أردت، والمثبت من: أ، ب، والكامل للمبرد. والضّمير في أرادت إلى زوجته أم حسّان السّعدية. ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 1180، 1181، بتصرّف.
(7) الجوان: بفتح الجيم، من الأضداد، يقع على الأسود والأبيض. الجوهري: الصحاح 5/ 2095 (جون).
(8) العمم: تامّ القوام، والخلق، الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1992، 1993، (عمم).
والبيتان عند ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 278، والاستيعاب 3/ 1180، وأسد الغابة 3/ 736، وابن حجر: الأصابة 4/ 304، وديوان الحماسة لأبي تمام، بشرح التّبريزي 1/ 272.(2/970)
فقال عرار: تعرفني يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا. قال: أنا والله عرار، فزاده في سروره، وأضعف له الجائزة (1).
ويروى عرار: بفتح العين، وكسرها، فهو بالفتح: شجر، وبالكسر:
صياح الظّليم (2).
وكتب صاحب اليمن إلى عبد الملك بن مروان في وقت محاربته عبد الرّحمن بن محمّد (3) بن الأشعث: إنّي وجّهت إلى أمير المؤمنين بجارية اشتريتها بمال عظيم، لم ير مثلها، فلمّا دخلت عليه رأى وجها جميلا، وخلقا نبيلا، فألقى إليها قضيبا كان في يده، فانكبّت لتأخذه، فرأى منها جسما بهره، فلمّا همّ بها أعلمه (4) [الآذن] (5) أنّ رسول الحجّاج بالباب، فأذن له (6)، ونحّى الجارية، فأعطاه كتابا من عبد الرّحمن ابن الأشعث فيه سطور أربعة:
__________
(1) الخبر بتمامه عند المبرد: الكامل 1/ 225.
(2) ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 1181، وانظر: الجوهريّ: الصّحاح 2/ 743، (عرر).
(3) (محمّد) سقط من: أ، ب.
(4) (أعلمه) سقطت من: ب.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل: به، والمثبت من: أ، ب، والكامل للمبرد 1/ 226.(2/971)
سائل مجاور جرم (1): هل جنيت لهم (2) ... حربا تزيّل بين الجيرة الخلط
وهل سموت بجرّار (3) له لجب (4) ... جمّ الصّواهل بين الجمّ (5) والفرط (6)
وهل تركت نساء الحيّ ضاحية (7) ... في ساحة الدّار (8) يستوقدن بالغيط (9)
[وتحته مكتوب] (10):
__________
(1) جرم: بفتح الجيم بطن من طيء، وجرم بن زبان بطن من قضاعة. القلقشندي: نهاية الأرب ص 209، 210.
(2) في الأصل: له، والمثبت من: أ، ب، وفي الكامل: لها.
(3) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بجارة.
بجرار: أي: بجيش جرار.
(4) اللّجب: الصّوت والجلبة، وجيش لجب عرمرم، أي: ذو جلبة وكثرة. الجوهريّ:
الصّحاح 1/ 218، (لجب).
(5) في الأصل والنّسخ الخرى: اللّحم، والتّصويب من الكامل للمبرد.
(6) الفرط: الجبل الصّغير، وجمعه: أفراط، وفرط، موضع طرف العارض، عارض اليمامة حيث انقطع في رمل الجزء. ياقوت: معجم البلدان 4/ 252.
(7) ضاحية: بارزة للشّمس، الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2406، (ضحا)، بتصرّف.
(8) في الأصل والنّسخ الأخرى: النّار، التّصويب من: الكامل للمبرد 1/ 226.
(9) نسب أبو الفرج الأصبهاني هذه الأبيات إلى وعلة الجرمي. الأغاني 26/ 8940، (طبعة دار الشّعب). ونسبها الطّبري إلى الحارث بن وعلة، تاريخه 6/ 338، وانظر:
الأبيات في: اللآليء 2/ 750.
(10) التّكملة من: أ، ب.(2/972)
قتل الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى (1) وعراعر (2) الأقوام (3)
[قوله: بالغبط] (4): مراكب النّساء، وأحدها غبيط، قال الأصمعي، ومعناه: أنّهنّ يئسن من الرّحيل فجعلن مراكبهنّ حطبا (5).
وقال غيره: بل لقد منعهنّ الخوف من الاحتطاب (6). / [87/ ب].
والعرى: بضمّ العين: نبات بعينه (7). مقصور (8).
وعراعر الأقوام (9)، معناه: رؤوس الأقوام، الواحد: عرعرة.
فكتب إليه عبد الملك كتابا، وجعل في طيّه جوابا لعبد الرّحمن ابن الأشعث:
__________
(1) في الأصل: العرار، والتّصويب من: أ، ب.
والعرى: جمع عروة، الشّجر الذي لا يزال باقيا في الأرض لا يذهب. الجوهريّ:
الصّحاح 6/ 2423، (عرا).
(2) عراعر الأقوام: سادة القوم، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 744، (عرر).
(3) البيت لمهلهل بن ربيعة. البكري: اللآليء 1/ 341.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) المبرد: الكامل 1/ 228، عن الأصمعي.
(6) المبرد: الكامل 1/ 228، والبكري: اللآليء 2/ 750.
(7) في الأصل: وعينه، وفي أ، ب: فعينه. والمثبت من: الكامل للمبرد 1/ 228.
(8) مقصور: أي ألف (عرى) مقصورة.
(9) في الأصل: عرابر الأقوال، والتّصويب من: أ، ب.(2/973)
فما بال (1) من أسعى لأجبر عظمه ... حفاظا وينوي من سفاهته كسري
أظنّ خطوب الدّهر بيني وبينهم ... ستحملهم منّي على مركب وعري
وإنّي وإيّاهم كمن نبّه القطا (2) ... ولو لم ينبّه باتت الطّير لا تسري
أعود على ذي الذّنب والجهل منهم ... بحلم ولو عاقبت (3) غرّقهم بحري (4)
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا ... فما أنا بالواني (5) ولا الضّرع الغمري (6)
وينشد: فما أنا بالفاني، والضّرع: الضّعيف (7).
وهذا الشّعر لابن الذّئبة (8) الثّقفي.
__________
(1) في الكامل للمبرد 1/ 226: ما بال.
(2) في ب: القطى.
(3) في الأصل والنّسخ الأخرى: عقبت، والتّصويب من مجالس ثعلب 1/ 144.
(4) جاء هذا البيت في الأصل بعد الذي يليه، والمثبت من: أ، ب.
(5) الونى: الضّعف والفتور، والكلال، والإعياء، الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2531، (ونى).
(6) الغمر: الذي لم يجرب الأمور، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 772، (غمر).
(7) الجوهريّ: الصّحاح 3/ 1249، (ضرع).
(8) ثعلب: مجالس ثعلب 1/ 144، والبكري: التّنبيه ص 24، والسّيوطي: المزهر 1/ 152. ونسبه أبو الفرج الأصبهاني إلى الحارث بن وعلة الجرمي. الأغاني 26/ 8940، (طبعة دار الشّعب).
ونسبها أبو عليّ القالي إلى ابن أذينة الثّقفي: الأمالي 2/ 172، ولعلّه محرّف عن ابن الذّئبة.(2/974)
ثم بات يقلب كفّ الجارية، ويقول: ما أفدت فائدة أحبّ إليّ منك.
فتقول: ما بالك يا أمير المؤمنين وما يمنعك؟ فقال: ما قاله الأخطل (1)، وإن خرجت (2) كنت [ألأم] (3) العرب، وأنشد:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النّساء ولو باتت بأطهار (4)
فما إليك سبيل، أو يحكم الله بيني وبين ابن الشعث، فلم يقربها حتّى قتل ابن الأشعثب (5).
(بيعة عبد الملك لأبنائه) (6):
ولمّا حضرت الوفاة عبد الملك بن مروان بايع أربعة من بنيه وهم:
__________
(1) الأخطل: هو غياث بن غوث التّغلبي، شاعر بني أميّة، كان عبد الملك ابن مروان يجزل عطاءه ويفضّله في الشّعر على غير. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 325، والذّهبي: تاريخ الإسلام (10081هـ)، ص 284، 285.
(2) في الأصل: حجزت، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل وب: أمام، والتّصويب من: أ.
(4) شعر الأخطل 1/ 172، وفيه عن النّساء.
(5) الخبر بتمامه عند المبرد: الكامل 1/ 226، 227.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.(2/975)
الوليد، ثم سليمان (1)، ثم يزيد (2)، ثم هشام (3)، واحدا بعد واحد (4).
وكتب إلى عماله في جميع بلاده بأخذ البيعة لهم. فامتنع سعيد ابن المسيّب، فضربه عامل الحجاز (5)، وهو هشام بن إسماعيل المخزومي.
ونادى عليه، وسجنه وألبسه مسحا (6) من شعر فبلغ ذلك عبد الملك فقال: أخطأ في ضربه بالسّوط إذ لم يضرب عنقه حين امتناعه (7).
__________
(1) سليمان بن عبد الملك، أبو أيّوب القرشي الأموي، كان ديّنا فصيحا مفوّها عادلا محبّا للغزو، توفي سنة تسع وتسعين، وقيل: ثمان وتسعين. ابن قتيبة: المعارف ص 360، 361، والذّهبي: سير 5/ 111، 113.
(2) يزيد بن عبد الملك: أبو خالد القرشي الأموي، ولد سنة إحدى وسبعين وبويع بعد عمر بن عبد العزيز، ومات سنة خمس ومئة. ابن قتيبة: المعارف ص 364، والذّهبي:
سير 5/ 152150.
(3) هشام بن عبد الملك، أبو الوليد القرشي الأموي، ولد بعد السّبعين، ومات سنة خمس وعشرين ومئة، وقد بلغ من العمر ستّا وخمسين سنة. ابن قتيبة: المعارف ص 365، والذّهبي: سير 5/ 353351.
(4) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 399، وخليفة: تاريخ ص 289، والطّبري: تاريخ 6/ 416، باختصار.
(5) في أ: الحجاج.
(6) المسح: بكسر الميم، كساء من شعر. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 405، (مسح) بتصرّف.
(7) مثله عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 421.
ورواه مختصرا الطّبري: تاريخ 6/ 416، 417، عن الواقدي. وذكره بصيغة أخرى(2/976)
(وفاة عبد الملك بن مروان) (1):
ولمّا ثقل عليه الحال (2) في مرضه دخل عليه الوليد وهو يجود (3)
بنفسه فجعل (4) يبكي، ويقول: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فقال:
عبد الملك:
ومستغل عنّا يريد بنا الرّدى
وأشار إليه، ثم ابتدأ بالمصراع الثّاني، وأشار إلى نسائه فقال:
ومستعبرات (5) بالدّموع السّواجم (6)
ثم دخل عليه يوما آخر، وأنشأ يقول:
كم عائد رجلا وليس يعوده ... إلّا لينظر (7) هل يراه يموت (8) / [77/ أ]
__________
خليفة: تاريخ ص 289، 290.
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) (عليه الحال) ليست في: أ، ب.
(3) يجود بنفسه: قارب أن يقضي. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 351، (جود).
(4) في الأصل: وجعل، والمثبت من: أ، ب.
(5) في الأصل وب: ومستفزات، والتّصويب من: أ، ب.
(6) بالدّموع السّواجم: سجم الدّمع، سجوما وسجاما، وسجمت العين دمعها، وعين سجوم. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1947، (سجم). والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 169، عن المدائي.
(7) في أ، ب: ليظهر.
(8) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 169، عن العتبي.(2/977)
(وصيته عند وفاته) (1):
فبكى الوليد، فقال له عبد الملك: هذا تحنين الحمامة (2)، إذا أنا مت فشمّر واتّزر (3)، والبس جلد النّمر، وضع سيفك على عاتقك، فمن أبدى ذات نفسه فاضرب عنقه، ومن سكت مات بدائه.
ثم جعل يذمّ الدّنيا، ويقول: إنّ طويلك لقصير (4)، وإنّ كثيرك لقليل (5)، وإن كنت منك لفي غرور.
ثم أقبل على جميع ولده، فقال: أوصيكم بتقوى الله فإنّها غنيمة باقية، وجنّة واقية، فالتّقوى (6) خير زاد، وأفضل ما قدّم في المعاد، وليعطف الكبير منكم على الصّغير، وليعرف الصّغير حقّ الكبير مع سلامة الصّدور، والأخذ بجميع الأمور، وإيّاكم والبغي (7)، والتّحاسد، ففيهما (8) هلك الملوك الماضون، وذوو (9) العزّ المكنون، يا بنيّ!
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) في الأصل: الجماعة، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: وتيزد، وفي: أ، ب: وايتزر، والتّصحيح من مروج الذّهب 3/ 170.
(4) في ب: القصير.
(5) في الأصل: قليل، وفي ب: القليل، والمثبت من: أ، ومروج الذّهب.
(6) في الأصل: التّقوى، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب.
(7) في الأصل: البغض، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب.
(8) في ب: ففيها.
(9) في الأصل: ودار، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب.(2/978)
أخوكم (1) مسلمة (2) [نابكم] (3) الذي تفترّون عنه، ومحبّكم الذي تستحبّون (4) به، أصدورا عن رأيه، وأكرموا الحجّاج فإنّه وطّأ (5) لكم هذا الأمر، كونوا أولادا أبرارا، وفي الحروب أحرارا، وللمعروف منارا، والسّلام (6).
ولمّا فرغ من وصيّته سأله بعض بني أميّة: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ فقال كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونََا فُرََادى ََ كَمََا خَلَقْنََاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (7).
فكان هذا آخر كلام سمع منه (8).
__________
(1) في الأصل: أخيكم، والتّصويب من: أ، ب.
(2) مسلمة بن عبد الملك، الأمير، قائد الجيوش، غزا القسطنطينية، وكان ميمون النّقيبة، ولي العراق لأخيه يزيد، ثم أرمينيه، مات سنة عشرين ومئة. خليفة: تاريخ ص 301، 350، والذّهبي: سير 5/ 241.
(3) في الأصل: ابنكم، وفي: أ، ب: انكم، والتّصويب من: مروج الذّهب.
(4) في ب: تسحبون.
(5) في أ، ب: وطد.
(6) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 170، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 842.
(7) سورة الأنعام: الآية (94).
(8) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 170، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 525، مختصرا.(2/979)
(مدّة خلافته) (1):
وكانت ولايته منذ بويع إلى أن توفي إحدى وعشرين سنة وشهرا ونصف (2).
وقيل: ستّة أشهر ونصف (3).
وبقي بعد عبد الله بن الزّبير، واجتماع من اجتمع عليه من النّاس ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلّا سبع ليال (4)، فذلك ما يعدّ له من استقامة من استقام له من النّاس.
وتوفي بدمشق يوم السّبت (5).
وقيل: يوم الخميس في النّصف من شوال سنة ستّ وثمانين،
وهو ابن اثنتين وستّين سنة (6).
وقيل: أكثر من ذلك (7).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) الطّبري: تاريخ 6/ 418، برواية أبي معشر، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 99.
(3) الطّبري: تاريخ 6/ 418، برواية أخرى لأبي معشر.
(4) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 99.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 99.
(6) (وقيل: يوم الخميس في النّصف من شوال سنة ستّ وثمانين، وهو ابن اثنتين وستّين سنة)، سقطت من: ب.
والخبر ذكره المسعودي في التّنبيه والإشراف ص 316، وابن قتيبة: المعارف ص 357.
(7) قال خليفة: ابن ثلاث وستّين، تاريخه ص 292. والطّبري: تاريخ 6/ 419، برواية(2/980)
وقيل: ولي اثنتي عشرة سنة (1).
وكانت فتنة ابن الزّبير رضي الله عنه ثماني سنين (2).
__________
المدائني، وعند ابن عساكر من رواية أبي معشر، مات عبد الملك يوم الجمعة للنّصف من شوّال، وهو ابن أربع وستّين سنة. تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 529.
(1) في تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 528، تكملة: ونصفا.
(2) في مروج الذّهب 4/ 388، تكملة: وخمسة أشهر. وفي التّنبيه والإشراف ص 316، تكملة: وتسعة أشهر.(2/981)
خبر الوليد بن عبد الملك [بن مروان] (1):
(كنيته، ونسب أمّه، وولادته) (2):
يكنّى: أبا (3) العبّاس.
أمّه: [ولّادة] (4) بنت [العبّاس] (5) بن جزء بن الحارث بن زهير ابن جذيمة العبسيّ (6).
ولدته بالمدينة سنة اثنتين وخمسين (7).
(بيعته) (8):
بويع (9) بدمشق في اليوم الذي مات فيه أبوه عبد الملك (10)،
__________
(1) التّكملة، من: أ، ب.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في الأصل: أبو، والتّصويب من: أ، ب.
(4) التّكملة مة: أ، ب.
ولّادة بنت العبّاس، زوج عبد الملك، تكنّى: أمّ الوليد، مصعب الزّبيري: نسب قريش ص 162، وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النّساء) ص 413، 414.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل والنّسخ الأخرى: العبّاسي، والتّصويب من جمهرة أنساب العرب ص 91.
العبسي: نسبة إلى عبس غطفان. ابن الأثير: اللّباب 2/ 315.
(7) خليفة: تاريخ ص 300، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 844.
(8) عنوان جانبي من المحقّق.
(9) جاء في الأصل: انتهى الجزء الأوّل ويتلوه الثّاني إن شاء الله تعالى.
(10) اليعقوبي: تاريخ 2/ 283، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 165.(2/982)
[88/ ب] وهو ابن أربع وثلاثين سنة.
(صفاته) (1):
وكان أسمر طويلا، واسع الوجه، جميله، فيه أثر الجدري، رجل الشّعر، واللّحي (2)، أزبّ (3)، أفطس، عريض الأكتاف، أدعج (4)، جهير الصّوت، كبير العينين أكحلهما، عريض الزّند، فظّا غليظ القلب (5)، فطنا، مزواجا مطلاقا، تزوّج ثلاثا وثلاثين (6) امرأة.
وكان له أولاد كثيرة (7).
كاتبه:
جناح مولاه (8).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) في الأصل: واللّحية، والتّصويب من: أ، ب.
(3) أزبّ الزّبّ: اللّحية بلغة اليمن. والزّبب: طول الشّعر وكثرته، أي: أنّ لحيته طويلة الشّعر وكثيرة. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 141، (زبب).
(4) في ب: أمجح.
(5) رود بعض هذه الصّفات عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 317، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 480، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 66.
(6) عند ابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 185، ثلاث وستّين امرأة غير الإماء، وقال: يراد بهذا الوليد بن يزيد الفاسق، لا الوليد بن عبد الملك باني الجامع. والله أعلم.
(7) منهم: عبد العزيز، ومحمّد، وعبد الرّحمن، والعبّاس، وهو أكبر ولده. به كان يكنّى، وعمر، وبشر، وروح، وخالد، وتمام، وجزء، ويزيد، ويحيى، وإبراهيم، وأبا عبيدة، ومسرور، وصدقه. مصعب الزّبيري: نسب قريش ص 165.
(8) خليفة: تاريخ ص 312، والطّبري: تاريخ 6/ 181.(2/983)
وقيل: القعقاع بن خليد العبسي (1).
حاجبه:
بشير (2) مولاه.
وصاحب الشّرطة:
كعب بن حمّاد (3).
وصاحب مظالمه:
رباح بن عمرة (4) الغساني.
__________
جناح أبو مروان، مولى الوليد، وكاتبه، وصاحب خاتمه، ولّاه الوليد على عمارة مسجد دمشق. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 409.
(1) الطّبري: تاريخ 6/ 180.
القعقاع بن خليد بن جزء العبسي، الذي نسبت إليه حيار بني القعقاع من بريّة قنّسرين، كان الوليد بن عبد الملك أقطعه إيّاها. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 251، وياقوت: معجم البلدان 2/ 327.
(2) في أ: مسر. وفي ب: يسر. وفي المعرفة والتّاريخ 3/ 337: بشير بن عقبة. وفي تاريخ خليفة ص 312، وتاريخ اليعقوبي 2/ 191: سعيد. وفي التّنبيه والإشراف ص 317: يزيد.
(3) في ب: جماح، والخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 422، وفي تاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 549: كعب بن حامد بن سلمة الدّاراني، أقرّه سليمان على الشّرط ثلاث عشر سنة، ثم ولّاه أرمينية.
(4) في ب: رباح بن حمزة، وفي تاريخ خليفة ص 312، وتاريخ اليعقوبي 2/ 291:
رياح بن عبدة الغساني، وفي العقد الفريد 4/ 422، أبو ناتل بن رياح بن عبدة(2/984)
نقش خاتمه:
حسبي الله وكفى (1).
وقيل: يا وليد إنّك ميّت (2).
وكان أحسن النّاس أخلاقا، ولم يشهد عنه (3) شراب ولا عصيان.
(بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (4):
بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في (5) سنة سبع (6).
وقيل: في سنة ثمان وثمانين (7). [ورصّعه] (8) وجدّد منبره (9).
(بناء مسجد دمشق) (10):
__________
الغساني.
(1) لم أقف عليه في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(2) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 166، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 845.
(3) في الأصل: عنده، والمثبت من: أ، ب.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) (في) ليس في: أ، ب.
(6) أي: سبع وثمانين. خليفة: تاريخ ص 301، المسعودي: مروج الذّهب 3/ 166.
(7) الطّبري: تاريخ 6/ 435، عن الواقدي.
(8) الزّيادة من: أ، ب.
(9) انظر زيادة الوليد للمسجد النبوي عند: ابن النّجار: أخبار مدينة الرّسول ص 98 103، والسّمهودي: وفاء الوفاء 1/ 525513.
(10) عنوان جانبي من المحقّق.(2/985)
وبنى مسجد دمشق، وزاد فيه كنيسة كانت للرّوم (1).
وجعل أخاه سليمان [القيّم] (2) على بنائه (3)، فوجدوا فيه لوحا من رخام منقوشا، في حائط المسجد القبلي فأحضر لقراءته الرّوم، فلم يعرفوه (4)، ثم أحضر عليه وهب بن منبّه. فلمّا قرأه حرّك رأسه، فإذا فيه:
بسم الله، يا بن آدم، لو رأيت ما بقي من عمرك، لزهدت في طول أملك، وإنّما يلقاك ندمك لو قد زلّت بك قدمك، وأسلمك وأهلك وحشمك، وانصرف عنك الحبيب، وودّعك القريب، ثم تدعى فلا تجيب، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة، وقبل يوم الحشر والنّدامة، وقبل أن يحلّ (5) بك أجلك وتنزع روحك من بدنك (6)، فلا ينفعك مالا جمعته، ولا ولدا ولدته، ولا أخا اتّخذته. ثم (7)
تصير إلى برزخ المثوى (8)، ومجاورة الموتى (9)، فاغتنم من الحياة قبل الموت،
__________
(1) الطّبري: تاريخ 6/ 499، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 167.
(2) الزّيادة من: أ، ب.
(3) في أ: بابه.
(4) في أ: يعرفوا.
(5) في الأصل: يحول، والمثبت من: أ، ب.
(6) في ب: يدك.
(7) في ب: كم.
(8) في الأصل: الموتى، والمثبت من: أب، وفي تهذيب تاريخ دمشق 1/ 198: الثّرى.
(9) في الأصل: المثوى، والتّصويب من: أ، ب.(2/986)
والصّحة قبل السّقم، والقوّة قبل الضّعف، وقبل أن تؤخذ بالكظم (1)، ويحال بينك وبين العمل (2).
وأمر الوليد أن يكتب بالذّهب على الأزورد (3) في حائطه بلغته (4):
ربّنا الله لا نعبد (5) إلّا الله. وأمر ببناء هذا المسجد، وهدم الكنيسة التي كانت فيه الوليد بن عبد الملك، أمير المؤمنين في ذي الحجّة سنة سبع وثمانين (6).
وكتب إليه ملك (7) الرّوم لمّا هدم الكنيسة: [إنّك هدمت الكنسية التي] (8) رأى أبوك تركها فإن كان حقّا فقد أخطأ أبوك، وإن كان
__________
(1) بالكظم: بالسّكوت، الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2022، (كظم).
(2) هذا الخبر رواه الرّبعي: فضائل الشّام ص 34، 35، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 1/ 198، والعمري: مسجد دمشق (ضمن مجموع: الجامع الأموي بدمشق) ص 46، 47، والنّعيمي: تنبيه الطّالب (ضمن مجموع: الجامع الأموي بدمشق) ص 96، 97، وذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 166، 167، مختصرا.
(3) في الأصل: الأزور، وفي أ، ب: الأزود، والتّصويب من تهذيب تاريخ دمشق 1/ 207، ولم أتوصّل إلى معناها.
(4) (بلغته) ليست في: أ، ب.
(5) في أ، ب: يعبد.
(6) الخبر عند: المسعودي: مروج الذّهب 3/ 167، ومثله عند: الفسوي: المعرفة والتّاريخ 3/ 334، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 1/ 207.
(7) عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 175: الأخرم ملك الرّوم.
(8) التّكملة من: أ، ب.(2/987)
باطلا فقد خالفته فكتب إليه: {وَدََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ إِذْ يَحْكُمََانِ فِي الْحَرْثِ}
الآية (1).
(إصلاحاته) (2):
وأجرى النّفقة على المجذومين (3) حتّى أغناهم / عن السّؤال [89/ أ].
وكان المتولّي على ذلك عمر بن عبد العزيز. وجعل للمقعدين خدما يخدمونهم، وللعمي قادة يقودونهم (4). وأجرى النّفقة على الجميع من بيت المال، وأجرى الجراية (5) على أبناء (6) النّعم (7) الذين ضرّ بهم الدّهر.
__________
(1) سورة الأنبياء: الآية (78).
والخبر عند: ابن عبد ربّه: العقد الفريد 2/ 202.
والعمري: مسجد دمشق (ضمن مجموع: الجامع الأموي بدمشق) ص 53، والنعيمي:
تنبيه الطّالب (ضمن مجموع: الجامع الأموي بدمشق) ص 99، ورواه ابن عساكر:
تهذيب تاريخ دمشق 1/ 203، 204، مطوّلا.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في ب: المجذمين، والمجذوم هو: المقطوع اليد، أو من فيه داء. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1884، (جذم).
(4) اليعقوبي: تاريخ 2/ 290، والطّبري: تاريخ 6/ 496، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 424.
(5) الجراية: الجاري من الوظائف، الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2301، (جرى).
(6) (أبناء) سقطت من: ب.
(7) النّعم بالضّمّ خلاف البؤس. أي: كان يعطي المحتاجين الذين كانوا في رغد من العيش ثم ضرّ بهم الدّهر.(2/988)
وهو أوّل خليفة أسّس المارستان (1) لمرضى المسلمين والمهوسين (2).
وأمر الحكماء أن يعاينوهم (3). وأجرى عليهم من بيت المال. وأمر أن تقاس الطّرقات، ويتّخذ فيها الأميال، والفراسخ. وأمر أن لا يكذب أحد بحضرته. ولا يكنّى. وأمر بحفر آبار مكّة شرّفها الله (4)، [والمدينة] (5)، وكان متى حظر بصبيان المكاتب، يأمر المعلّمين بتسريحهم ذلك اليوم لترسّخ محبّته في أنفسهم (6).
ووقع في دمشق وباء (7) كثير، فعزم الوليد على الرّحيل منها فأتاه بعض رجاله، وقال: كيف تفرّ من قضاء (8) الله، وقد قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لََا تُمَتَّعُونَ إِلََّا قَلِيلًا} (16)
__________
(1) في الأصل: المرصتان، والمثبت من: أ، ب.
المارستان: أصله بيمارستان، حذفت الباء ظنّا أنّها باء الجر. هو دار المرضى، وهو فارسي معرّب، مرّكب من: (بيمار) ومعناه: المريض، و (استان) تفيد معنى الموضع.
الجواليقي: المعرّب ص 77، 577.
(2) في ب: المسوسين.
(3) في الأصل: يعالموهم، والمثبت من: أ، ب.
(4) (شرفها الله) ليست في: أ، ب.
(5) التّكملة من: أ، ب. والطّبري: تاريخ 6/ 437.
(6) في أ: نفوسهم.
(7) في العقد الفريد 3/ 193: الطّاعون.
(8) في أ، ب: قدر.(2/989)
(1)، قال له: ذلك القليل ينبغي، وإليه نفر (2).
ولمّا مات عبد الملك صعد الوليد المنبر، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، وقال: لم أر مثلها مصيبة، ولا مثلها نعمة فقد الخليفة، وتقليد الخلافة فإنّا (3) لله وإنّا إليه راجعون على المصيبة، والحمد لله ربّ العالمين على النّعمة، ثم دعا النّاس إلى البيعة، فبايعوه، ولم يخالف (4) عليه أحد (5).
ولمّا بلغ الحجّاج موت عبد الملك وولاية الوليد، وفد عليه مهنّئا ومعزّيا، فألفاه ماشيا في بعض منتزهاته، فترجّل، وقبّل يده، ومشى معه راجلا وعليه درع وكنانة وقوس عربيّة، فقال له الوليد: اركب يا أبا محمّد! فقال: يا أمير المؤمنين دعني أستكثر من الجهاد فإنّ ابن الزّبير وابن الأشعث شغلاني عنه، فعزم عليه ليركب. ودخل الوليد داره، فتفضّل (6)
في غلالة (7)، ثم أذن له فدخل عليه على هيئته تلك، فأطال الجلوس عنده،
__________
(1) سورة الأحزاب: الآية (16).
(2) مثله في العقد الفريد 3/ 193.
(3) في الأصل: إنا، وفي ب: فإننا، والمثبت من: أ، ومروج الذّهب 3/ 170.
(4) في أ، ب: يتخلّف.
(5) هذه الخطبة وردت عند الجاحظ في: البيان والتّبيين 1/ 409، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 170، والطّبري: تاريخ 6/ 423، باختلاف يسير.
(6) في وفيّات الأعيان 2/ 44، فتعلّل.
(7) الغلالة: شعار يلبس تحت الثّوب لأنّه يتغلّل فيها أيّ يدخل. ابن منظور: لسان العرب 11/ 502، (غلل).(2/990)
فجاءت جارية، فسارّت الوليد، ومضت، ثم عادت فسارّته ثم انصرفت (1). [فقال الوليد للحجّاج: أتدري ما سارّتني به الجارية يا أبا محمّد؟ قال: لا والله، قال: بعثت إليّ ابنة عمّي أمّ البنين (2) ابنة عبد العزيز (3) بن مروان تقول: ما مجالستك هذا الأعرابي المستلئم (4) في السّلاح وأنت في غلالة؟ فقلت لها: قولي لها إنّه الحجّاج، فراعها ذلك، فقالت لجاريتها: عودي إليه وقولي (5): ذلك والله أشدّ لجزعي، والله ما أحبّ أن تخلو به وقد قتل العالم (6) حتّى تعدّى جرمه إلى قتل العلماء والصّحابة، فقال الحجّاج: يا أمير المؤمنين لا تلتفت إلى مفاكهة النّساء بزخرف القول فإنّ المرأة ريحانة، وليست قهرمانة (7) فلا تطلعهنّ على
__________
(1) هنا بداية سقط من: الأصل، ما يقارب لوحة كاملة.
(2) أمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان، تزوّجها الوليد بن عبد الملك، فولدت له عبد العزيز، ومحمّد، وعاشة. مصعب الزّبيري: نسب قريش ص 165.
(3) (أمّ البنين ابنة عبد العزيز) سقطت من: أ.
(4) في أ: المستلم، المستلئم: اللابس الّلأمة، وهي الدّرع. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2026، (للأم).
(5) في أ: (وقولي لها).
(6) في مروج الذّهب 3/ 167: الخلق.
(7) قهرمانة: القهرمان: فارسي معرّب، ومعناه المسيطر الحفيظ على من تحت يديه، وهو مركّب من العربي (قهر)، ومن الفارسي (مان) أي: صاحب.
ابن منظور: لسان العرب 12/ 496، (قهرم)، وأدّي شير: معجم الألفاظ الفارسية(2/991)
سرّك، ولا على مكائدك بعدوّك، ولا تطمعهنّ في غير أنفسهنّ، ولا تشغهلنّ بأكثر من زينتهنّ، وإيّاك ومشاورتهنّ فإنّ رأيهنّ إلى أفن (1)
وعزّمهنّ إلى وهن، واكفف عليهن من أبصارهنّ يحيينك (2)، ولا تملك الواحدة من الأمور ما يجاوز نفسها فإنّ ذلك أنعم لحالها، وأرخى لبالها، ولا تعدّ بكرامتها نفسها، ولا تطمعها أن تشفع عندك لغيرها، ولا تطل الجلوس معهنّ والخلوة بهنّ فإنّ ذلك أوفر لعقلك، وأبين لفضلك.
ثم خرج الحجّاج من عنده، ودخل (3) الوليد على أمّ البنين، فأخبرها بمقالة الحجّاج، فقالت: يا أمير المؤمنين أحبّ (4) أن تأمره غدا بالتّسليم عليّ، قال لها: نعم، فلمّا غدا الحجّاج على الوليد، قال له: يا أبا محمّد سر إلى أمّ البنين، فسلّم عليها، قال: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: لا بدّ من ذلك. فمضى الحجّاج إليها، فحبسته بالباب طويلا، ثم أذنت له، فبقي (5)
قائما لم تأذن له في الجلوس، ثم قال له: إيه يا حجاج، أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزّبير وابن الأشعث؟ أمّا والله لولا أنّ الله علم أنّك
__________
ص 130، والجواليقي: المعرّب ص 97.
(1) الأفن: بسكون الفاء، هو النّقص، الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2071، (أفن).
(2) في مروج الذّهب 3/ 168، بحجبك.
(3) في أ: ثم دخل.
(4) (أحبّ) سقطت من: أ.
(5) في أ: فأقرّ.(2/992)
أهون خلقه عليه لما ابتلاك برمي الكعبة، وقتل ابن ذات النّطاقين وأوّل مولود (1) ولد في الإسلام.
وأمّا ابن الأشعث فقد والله وآلى عليك الهزائم حتّى لذت بأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فأغاثك بأهل الشّام، وأنت في أضيق من القرن، تناديه: واغوثاه واغوثاه! فأظلّتك رماحهم، وأنجاك كفاحهم، ولولا ذلك لكنت أذلّ من النّقد (2).
وأمّا ما أشرت به على أمير المؤمنين من ترك لذّاته من بلوغ أوطاره من نسائه فإن كنّ تفرّجن عن مثل ما تفرّجت به عنك أمّك فما أجدره بالأخذ عنك، والقبول منك، وإن كنّ تفرّجن عن مثل أمير المؤمنين فإنّه غير قابل منك، ولا مصغ إلى نصحك، ثم قالت: ألم يقل الشّاعر (3)، وقد نظر إليك وسنان رمح غزالة (4) الحرورية بين كتفيك:
__________
(1) في ب: مولد.
(2) النّقد بالتّحريك: جنس من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه تكون بالبحرين، الواحدة: نقدة، ويقال: أذلّ من النّقد، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 544، (نقد)، وأبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 1/ 381.
(3) الشّاعر هو: عمران بن حطّان الشّيباني. المبرد: الكامل 2/ 53.
(4) غزالة الحروريّة، وهي امرأة شبيب بن يزيد الخارجي، ابن قتيبة: المعارف ص 411، وقد ذكر الأصفهاني في الأغاني 16/ 155، (طبعة بولاق) أنّ غزالة الحرورية لمّا دخلت على الحجّاج هي وشبيب الكوفة، تحصّن منها وأغلق عليه قصره، فكتب إلى عمران بن حطّان، وقد كان الحجّاج لجّ في طلبه، بيتا ثالثا إضافة إلى البيتين(2/993)
أسد عليّ وفي الحروب نعامة ... ربداء تنفر من صفير الصّافر
هلّا برزت إلى غزالة في الوغى (1) ... أم كان قلبك في جناحي طائر (2)
ثم قالت لجواريها: أخرجنه عنّي، أخرج الله عينه. فخرج ودخل على الوليد، وجبينه يتفصّد عرقا، فقال له: يا أبا محمّد ما كنت فيه؟ قال:
والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتّى كان بطن الأرض أحبّ إليّ من ظهرها، فضحك الوليد حتّى فحص (3) برجليه، ثم قال: يا أبا محمّد إنّها ابنة عبد العزيز (4).
وأقام الوليد سنتين فحجّ بالنّاس، وكان عامّيا قليل المعرفة بالأدب لكونه ربّي في (5) القصور، وكان يضرب به المثل، فيقال: ألحن من الوليد
__________
المذكورين. كذلك أورد ابن عبد البر في العقد الفريد 5/ 44، هذه الأبيات، ولكن باختلاف يسير عمّا هنا.
(1) في ب: الوغا، الوغى: الصّوت والجلبة، ومنه قيل للحرب: وغى. الجوهريّ:
الصّحاح 6/ 2526، (وغى)، بتصرّف.
(2) في ب: ظافر، والبيتان في ديوان شعر الخوارج ص 184.
(3) فحص: بحث، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 807، (فحص).
(4) هذا الخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 169167، ورواه مختصرا الزّبير بن بكار: الأخبار الموفقيات ص 479476، وابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 263262، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 43، 44.
(5) (في) سقط من: ب.(2/994)
في خطبته (1)، وكان يصوم الإثنين والخميس.
وكانت في أيّامه فتوحات كثيرة، افتتح ما وراء النّهر بخراسان والسّند، وغزا ملك الصّين وفتتح جزيرة الأندلس (2).
قال اللّيث بن سعد: أخبرني خادم كان للوليد، قال: إنّي لقريب منه، وبين يديه طست هو يتوضأ إذ أتاه رسول من عند والي خراسان بفتح مدينة من مدنها، فأعلمته، فقال: خذ الكتاب منه، فقرأه، فما أتى على آخره حتّى قدم رسول آخر بفتح السّوس الأقصى (3) من قبل مروان (4) بن موسى بن نصير فقرأها، فلما أتى على آخره حتّى قدم رسول (5) آخر من عند موسى بن نصير بفتح الأندلس، فحمد الله وأثنى
__________
(1) لم أقف عليه في كتب الأمثال.
(2) انظر تفاصيل هذه الفتوحات: البلاذري: فتوح 1/ 273، و 3/ 518516، و 539534، والطّبري: تاريخ 6/ 436، 437، 442، 468، 502500.
(3) السّوس الأقصى: اسم لمدينة، ولإقليم واسع في جنوب المغرب، يضمّ مدن كثيرة وبلاد واسعة، فيه وادي السّوس الذي ينتهي بمدينة أغادير على المحيط الأطلسي.
الحميري: الرّوض المعطار ص 330، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1471، وليون الإفريقي: وصف أفريقيا ص 124.
(4) مروان بن موسى بن نصير غزا السّوس الأقصى سنة تسع وثمانين بأمر من أبيه، فبلغ السبي أربعين ألفا، ووفد على الخليفة سليمان بن عبد الملك. خليفة: تاريخ ص 302، ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 16/ 399.
(5) هذه الفقرة سقطت من: ب.(2/995)
عليه. ثم التفت إليّ، فقال: امسك الباب عليّ ولا تدع أحدا يدخل ففعلت. قال: وكان عنده ابن له صغير يحبو بين يديه، قال: فخرّ الوليد لله ساجدا شكرا له، وحبا الصّبي إلى الطّست فوقع فيه، فاضطرب وصاح، فما التفت إليه، وأنا لا أستطيع أن أغيثه لما أمرني من إمساك الباب، فأطال الجلوس (1) حتّى حفت موت الصّبي (2). ثم رفع رأسه وصاح (3) بي، فدخلت وأخذت الصّبي، وإنّه لما به (4).
قضية فتح الأندلس:
وذلك أنّ الأندلس ومغرب العدوة كانا بأيدي الرّوم والبربر (5)، [فساحل البحر] (6) كلّه للرّوم، والبرية للبربر، منهم من بلغته الدّعوة فأسلم، ومنهم من لم تبلغه الدّعوة فبقي جاهليا، وكان على طنجة (7)
__________
(1) في الإمامة والسّياسة 2/ 59، السّجود.
(2) في الإمامة والسّياسة: حتّى خفي صوت الصّبي.
(3) في ب: فصاح.
(4) في الإمامة والسّياسة: وإنّه لما به روح.
(5) في ب: وبالبربر.
(6) الزّيادة من: أ، ب.
(7) طنجة: مدينة قديمة بالمغرب الأقصى، تقع عند الطّرف الغربي من مضيق جبل طارق. الحميري: الرّوض المعطار، ص 395، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1478.
ويفهم من هذه الرّواية أنّ طنجة لم تكن بيد المسلمين في ذلك الوقت وأن يليان كان(2/996)
رومي يسمّى يليان (1) مقدّم من قبل لذريق (2) ملك الأندلس، وكانت دار ملكه طليلطة (3)، وكان فيها بيت عليه أقفال، فكلّ ما يلي منهم الملك
__________
حاكما عليها. لكن المصادر الأخرى تبيّن أنّها كانت في ذلك الوقت بيد المسلمين حيث افتتحها موسى بن نصير مصحوبا بطارق بن زياد. ابن عبد الحكم: فتوح مصر والمغرب 2/ 205، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 320، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 42، وابن خلدون: العبر 4/ 402، والمقريّ: نفح الطّيب 1/ 230، 250.
وأنّ يليان هذا واليا على مدينة سبته وما حولها، وأنّ موسى هاجمه بها لكنّه لم يتمكّن من فتحها. ابن خلدون: العبر 6/ 438437.
ولعلّ المقصود من رواية المؤلّف أنّ يليان كان الحاكم البيزنطي العام لولاية موريطانيا الطّنجية.
طه: الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال أفريقيا والأندلس ص 142.
(1) يليان: اختلفت الرّوايات حول شخصيّته، فقيل: رومي، أي: بيزنطي، ابن الأثير:
الكامل 4/ 123121، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 26.
وقيل: إنّه بربري من برابر غمارة. ابن خلدون: العبر 6/ 438437.
وقيل: قوطي، ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 205، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 203، في رواية أخرى، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 7، والمقري: نفح الطّيب 1/ 251.
(2) لذريق: آخر ملوك القوط بأسبانيا قبل الفتح الإسلامي كان قائدا، فارسا شجاعا، لكنّه لا ينتمي إلى سلاله الملوك الذين حكموا الأندلس قبله. ابن الأثير: الكامل 4/ 121، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 3، والمقري: نفح الطّيب 1/ 248، 250، والعبادي: في تاريخ المغرب والأندلس ص 54.
(3) طليلطة: أعظم بلاد أسبانيا قديما وحديثا، تقع على 75، كيلا جنوب غربي مدريد على نهر تاجه، وكانت في القديم قاعدة القوط ودار مملكتهم. البكري: جغرافية(2/997)
يزيد قفلا على ذلك / البيت ولم يفتحه قط ملك ولا علم ما فيه حتّى انتهت [90/ أ] الأقفال إلى عشرين قفلا. فلمّا وليّ لذريق هذا قال: لا بدّ أن أفتح هذا البيت حتّى أعرف ما فيه، فقال له أقامطته (1) وأقسّته (2): لا تفعل، ولا تحدث ما لم يحدثه من تقدّم من الملوك، فقال: لا بدّ لي من فتحه والوقوف على ما فيه. ففتحه فلم يجد فيه شيئا غير رقّ (3) كبير فيه صورة رجال عليهم العمائم وتحتهم صور خيول مسوّمة وفي أيديهم السّيوف والرّيات على (4) القنّي (5) بين أيديهم وفيه مكتوب: هذه صورة العرب، فإذا فتحت أقفال هذا البيت ودخل البيت، فتحت العرب هذه
__________
الأندلس ص 87، ومؤنس: رحلة الأندلس ص 323، وأرسلان: الحلل 1/ 363.
(1) أقامطة: جمع قمط أي كونت أو أمير. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس لابن الكردبوس ص 43، حاشية (1).
(2) أقسّته: جمع قسّ وقسيس، وهو رئيس من رؤساء النّصارى في الدّين والعلم.
الجوهريّ: الصّحاح 3/ 963، (قسس).
(3) الرّقّ: بالفتح، ما يكتب فيه، وهو جلد رقيق، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1483، (رقق).
(4) (على) سقطت من: ب.
(5) في الأصل: القنا، والتّصويب من: أ، ب.
القني: جمع قناة وهي الرّمح، وتجمع أيضا على قنا وقنوات. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2468، (قنا).(2/998)
الجزيرة وتملكوا أكثرها، فندم على فتحه وأغلقه (1).
وكانت سيرة الرّوم إذ ذاك: إذا كان فيهم من له قدر يدخل بناته قصر الملك الأعظم، فيكنّ مع بناته، ويتأدّبن بآدابهنّ، ويتعلّمن ما يتعلّم بناته من العلوم والصّنايع، ثم يتخيّر لهنّ الملك من أشراف رجاله من يزوّجهنّ منهم، فيجهّزهنّ (2) إليهم ليحبّب بذلك نفسه إلى الرّجال والنّساء والصّبيان.
وكان يليان صاحب سبته (3) وطنجة من خواصّ الملك لذريق ووجوه رجاله، فأنفذ (4) ابنته إليه إلى طليطلة، فكانت في قصره، وكان يزوره يليان مرّة في العام في أغشت (5) بهدايا وألطاف وطيور للصّيد،
__________
(1) نقله عن المؤلّف ابن الشّباط: صلة السّمط وسمة المرط.
أخرجه العبادي في تاريخ الأندلس ص 131، 132، وذكره ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 206، باختصار، ومثله عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 337، 338، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 7، والمقري: نفح الطّيب 1/ 215.
(2) في الأصل: فيزوجهن، والمثبت من: أ، ب.
(3) سبته: بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب. على بر البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف المضيق الذي هو أقرب ما بين البرّ والجزيرة. ياقوت: معجم البلدان 3/ 182.
(4) في الأصل: فانفذه، والتّصويب من: أ، ب.
(5) أغشت: أي: شهر أغسطس، الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 9، والمقري: نفح الطّيب 1/ 254.(2/999)
وكانت بنته من أجمل النّساء (1)، فوقعت عين لذريق عليها وهو سكران، فواقعها وافتضّها.
فلمّا صحا وأخبر بذلك ندم، وأمر بكتم ذلك، وأن تمنع الصّبية ابنة يليان بأن تخلو بأحد فتحدثه أو تكتب معه كتابا إلى أبيها. فلمّا لم تتمكّن الصّبية من شيء (2) أنفذت إلى أبيها هدية عظيمة، وفي جملتها بيضة مفسودة. فلمّا رآها يليان أنكرها، وعلم أنّ ابنته (3) أفسدت، فجاء (4) إليه في خلاف [الوقت] (5) المعهود، وذلك في شهر يناير (6). فقال له لذريق:
ما جاء بك في هذا (7) الشّتاء [الحادّ؟] (8). قال (9) له: جئت لابنتي فإنّ أمّها مريضة وخافت (10) المنيّة، فقالت لي: لا بدّ أن أرى ابنتي وأتشفى (11) منها عن قريب إن شاء الله، فقال له: وهل نظرت لنا في
__________
(1) في الأصل: من أجمل النّاس والنّساء، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: شيئا، التّصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: ابنته أن، والتّصويب، من: أ، ب.
(4) في أ، ب: فجاز.
(5) الزّيادة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: ينير.
(7) في الأصل، وب: هذه، والمثبت من: أ.
(8) الزّيادة من: أ، ب.
(9) في الأصل: فقال، المثبت من: أ، ب.
(10) في أ، ب: وتخاف.
(11) في الأصل: واشفى، والمثبت من: أ، ب.(2/1000)
طيور؟ قال: نظرت لك في صيد طيور لم ير مثلها قطّ، أنا آتيك بها عن قريب إن شاء الله (1)، يعني بذلك العرب فأخذ ابنته وانصرف، ومضى من فوره إلى إفريقية، إلى الأمير موسى بن نصير، فلقيه بالقيروان (2).
(موسى بن نصير) (3):
وموسى هذا، هو: ابن نصير بن عبد الرّحمن بنت زيد (4) البكري (5)،
__________
(1) (عن قريب إن شاء الله) ليست في: أ، ب.
(2) وردت هذه القصّة باختصار عند ابن الحكم: فتوح مصر 2/ 205، وابن الأثير:
الكامل 4/ 560، 561، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 7، والمقري: نفح الطّيب 1/ 251.
هذه القصّة التي جعلها المؤرّخون سببا رئيسا لفتح الأندلس، هي قصة يبدو فيها الخيال واضحا لذلك رفضها بعض المؤرّخين المحدثين، ورأى أنّها محض أسطورة ليس لها أساس من الواقع، ثم إنّه من غير المعقول أن يتّصل يليان بموسى ابن نصير أوّلا في القيروان بينما كان طارق قريبا منه في طنجة.
العبادي: في تاريخ المغرب والأندلس ص 55، وطه: الفتح والاستقرار العربي ص 160، وعنان: دولة الإسلام في الأندلس 1/ 3735.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) ابن بشكوال، الصّلة 2/ 499، ونقله عنه ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 22.
(5) البكري: نسبه إلى بكر بن وائل، ابن الأثير: اللّباب 1/ 170.
وقد وقع اختلاف في نسبته فقيل: بكري، وقيل: لخمي بالولاء، وقيل: إنّ نصير من سبي عين التّمر، وادّعى أنّهم من بكر بن وائل.
البلاذري: فتوح 2/ 303، براية المدائني والطّبري: تاريخ 3/ 377، والبكري:(2/1001)
ولد سنة تسع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1).
وكان معاوية بن أبي سفيان قد ولّى نصيرا والد موسى [هذا] (2)
على حرسه، فلم يقاتل معه / عليّا رضي الله عنه وكان (3) أميرا على [90/ ب] إفريقية سنة تسع وسبعين (4). وقيل: سنة ثمان وسبعين (5). فقال له معاوية: ما منعك من الخروج معي على عليّ ويد لي عليك [لم] (6)
تكافئني بها؟ فقال: لم يمكنّي أن أشكرك بكفر من هو أولى بشكري منك. قال: ومن هو؟ قال: الله عز وجلّ! قال: وكيف؟ لا أمّ لك! قال له
__________
جغرافية الأندلس ص 133، وابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس 2/ 146، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 39، و 2/ 22، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 4، والمقري: نفح الطّيب 1/ 250، وتنص رواية الواقدي وابن الكلبي على أنّ موسى من أراشة من قبيلة بلي.
البلاذري: فتوح 1/ 272، عن الواقدي و 2/ 303، عن ابن الكلبي، وأراشة تعود إلى قبيلة بليّ من قضاعة وليس إلى بكر بن وائل. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 442.
(1) ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 407.
(2) زيادة من: أ، ب.
(3) يعني: موسى بن نصير.
(4) الحميدي: جذرة المقتبس ص 338، والضّبي: بغية الملتمس: ص 457، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 409.
(5) خليفة: تاريخ ص 277، وابن الأبار: الحلل السّيراء ص 332.
(6) زيادة يقتضيها السّياق من البيان المغرب 2/ 22.(2/1002)
نصير: وكيف لا أعلمك [فأغض وامض] (1)، فأطرق معاوية مليّا، ثم قال:
أستغفر الله ورضي الله عنه (2).
وكان موسى بن نصير عامل أفريقية وما افتتح من المغرب (3) في حياة عبد الملك، ثم مات عبد الملك فأبقاه الوليد عليها.
ولمّا اجتمع يليان صاحب طنجة مع موسى بن نصير بالقيروان، أخبره بقصة ابنته، وقرّب عليه مرام (4) غلبة الأندلس، وسرعة فتحها، وكثرة أموالها وجمال سبيها، وأنّها بلاد مياه كثيرة، وجنات (5) وأنّهار وغلّات. وكان موسى ذا رأي وتدبير، وحنكة، وتجربة في جميع الأمور، فقال للنّصراني: إنّا لا نشكّ في قولك، ولا نرتاب، غير أنّا نخاف على المسلمين من بلاد لا يعرفونها، وبيننا وبينها البحر، وبينك وبين ملكك حميّة الجاهلية واتّفاق الدّين، ولكن ارجع إلى مكانك (6)، واجمع جندك (7)، ومن يقول بقولك، وجز إليه بنفسك، وشنّ الغارة على بلاده، واقطع ما
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) البكري: جغرافية الأندلس ص 134، ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 319، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 22، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 4، مختصرا.
(3) في ب: الغرب.
(4) في الأصل، وب: من أمر، والمثبت من: أ.
(5) في الأصل: أجنة، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: ملكك، والمثبت من: أ، ب.
(7) في الأصل: جنودك، والمثبت من: أ، ب.(2/1003)
بينك وبينه، وإذ ذاك تطيب النّفس عليك (1)، ونحن من ورائك إن شاء الله (2).
فكتب إذ ذاك موسى بن نصير إلى الوليد بن عبد الملك معلما بما جاء به يليان، فراجعه: أن خذها بالسّرايا (3) حتّى تختبر ولا تغرر (4).
وإنّ يليان انصرف، فجمع، وحشد، وجاز في مركبين، فحلّ بالجزيرة الخضراء (5)، فشنّ الغارة على تلك البلاد، وحرق وسبي، وقتل، وغنم، ورجع وقد امتلأت (6) أيديهم خيرا، فشاع (7) الخبر في كلّ قطر (8).
__________
(1) في الأصل: عليه بيننا وبينه، والمثبت من: أ، ب.
(2) ورد هذا الحوار بصيغة أخرى، واختصار عمّا هنا عند الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 8، والمقري: نفح الطّيب 1/ 252، 253، وأشار إلى هذا الحوار ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 5.
(3) في الأصل: بالسّريّة، والمثبت من: أ، ب.
(4) وردت الإشارة إلى كتاب موسى للوليد ورده عليه عند: ابن الأثير: الكامل 4/ 122، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 5، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 8، والمقري: نفح الطّيب 1/ 253.
(5) الجزيرة الحضراء، ويقال لها: جزيرة أم حكيم، وهي أوّل مدينة أفتتحت بالأندلس، وهي اليوم ميناء في أقصى جنوب أسبانيا بجوار جبل طارق. الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 73، وأرسلان: الحلل ص 81.
(6) في ب: اقتلت.
(7) في ب: وشاع.
(8) هذه الفقرة تتمة للخبر المتقدّم. نفح الطّيب 1/ 253، وباختصار في صفة جزيرة(2/1004)
ثم اجتمع ناس من البربر نحو ثلاثة آلاف راجل، وقدّموا عليهم أبا زرعة، طريف بن مالك المعافري (1)، وجاز بهم وحلّ في جزيرة (2)، فسمّيت طريفا، فثبت لها هذا الاسم إلى اليوم (3)، فشنّ الغارة، وسبي، وقتل، ورجع سالما (4).
فكت يليان إلى موسى (5) بالفتح، وكتب به موسى إلى الوليد،
__________
الأندلس ص 8.
(1) أبو زرعة طريف بن مالك المعافري، الاسم طبق الكنية، المقري: نفح الطّيب 1/ 254، برواية الرّازي.
وفي البيان المغرب 2/ 5: رجل من البربر يسمّى طريفا، ويكنّى: أبا زرعة.
وفي صفة جزيرة الأندلس ص 8، رجل من موالي موسى من البربر، اسمه: طريف بن ملّوك المعافري، يكنّى: أبا زرعة.
المعافري: نسبة إلى معافر بن يعفر بن مالك، من القحطانية، ينسب إليه بشر كثير، وعامّتهم بمصر. الهمداني: عجالة المبتدى ص 115، وابن الأثير: اللّباب 3/ 229.
(2) جزيرة طريف، مدينة صغيرة، تقع في جنوب غرب أسبانيا، وما زالت تعرف إلى اليوم بهذا الاسم.
الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 127، وعنان: الآثار الأندلسية الباقية ص 278.
(3) في ب: يوم.
(4) كانت غزوة طريف هذه في رمضان سنة إحدى وتسعين. وقد اختلفت المصادر في تحديد عدد جنده. ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 5، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 8، والمقري: نفح الطّيب 1/ 253.
(5) (إلى موسى) تكررت في: ب.(2/1005)
فاتّفق أن وردت عليه في ذلك اليوم إحدى عشرة بشارة كلّها بفتوحات، فخرّ ساجدا لله تعالى (1).
(وقعة شذونة) (2):
ثم رجع يليان ثانية إلى موسى، وأعلمه بما كان من فعله وبلائه وحرصه على غزو الأندلس، فدعا عند ذلك موسى مولاه طارق بن زياد (3)، وعقد له على اثني عشر ألف بين عرب وبربر (4)، وأمر يليان بالجواز معه بجملته، وانحاش إليه خلق كثير متطوّعين، فمضى لسبتة، وجاز في مراكبه (5) إلى جبل، فأرسى فيه، فسمّي [جبل] (6) طارق باسمه
__________
(1) لم أقف على هذا الخبر فيما تيسّر لي الرّجوع إليه من مصادر.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
وشذونة: مدينة بالأندلس تتّصل نواحيها بنواحي موزور من أعمال الأندلس. معجم البلدان 3/ 1.
(3) طارق بن زياد البربري، مولى ابن نصير، ويقال: ابن عمرو الصّدفي، ويقال: مولى الوليد بن عبد الملك. ابن عساكر: تهذيب 7/ 41، والذّهبي: تاريخ الإسلام (81 100)، ص: 393، والمقرّي: نفح الطّيب 1/ 229.
(4) تتّفق معظم المصادر على هذا العدد. الطّبري: تاريخ ص 468، وابن الأثير: الكامل 4/ 122، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 6، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 254، والمقريّ: نفح الطّيب 1/ 231، عن ابن بشكوال.
(5) في الأصل: في مراكبه وجاز، والمثبت من: أ، ب.
(6) زيادة يقتضيها السّياق.
جبل طارق: كان يعرف في القديم ب: (جبل كالبي)، ثم عرف في العصور(2/1006)
إلى الآن / [91/ أ] وذلك سنة ثلاث (1) وتسعين من الهجرة.
ووجد بعض الرّوم وقوفا في موضع وطئ، كان عزم على النّزول فيه إلى البرّ، فمنعوه منه، فعدل عنه ليلا إلى موضع وعر فوطئه بالمجاذف (2)
وبراذع (3) الدّواب، ونزل منه في البرّ، وهم لا يعلمون، فشنّ غارة عليهم، وأوقع بهم وغنمهم (4)، ورحل نحو قرطبة، بعد أن أحرق المراكب، وقال لأصحابه: قاتلوا أو موتوا (5).
__________
الإسلامية باسم الصّخرة، وجبل طارق، وجبل الفتح. يقع في أقصى جنوب أسبانيا على البحر. الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 121، وعنان: الآثار الأندلسية ص 284، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1452.
(1) السّائد في المصادر الأخرى أنّ نزول طارق على الجبل الذي عرف باسمه كان سنة:
اثنتين وتسعين للهجرة. البلاذري: فتوح 1/ 273، خليفة: تاريخ ص 304، وابن الأثير: الكامل 4/ 122، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 9، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 9، والمقري: نفح الطّيب 1/ 231، عن ابن حيّان.
(2) في ب: بالمحاجف.
المجاذف: جمع: مجذاف، ما تنجذف به السّفينة، وبالدّال أيضا. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1336، (جذف).
(3) البراذع، جمع: برذعة، وهو: الحلس الذي يلقى تحت الرّحل. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 1184، (برذع).
(4) في ب: واغنمهم.
(5) قارن ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 9حيث أورد رواية مشابهة عن عبور طارق ونزوله على الجبل.(2/1007)
فلقي عجوزا فقالت له: كان لي زوج علم بالحدثان (1)، وكان يخبر أن سيجوز رجل في صفتك، عظيم الهامة، في كتفه شامة، وفيه علامة تكون له الزّعامة. فكشف لهم عن الشّامة والعلامة، فتباشر النّاس بذلك، وتشجّعوا به (2).
فلمّا انتهى خبره إلى لذريق (3)، خرج إلى لقائه في مائة ألف فارس (4)، ومعه العجل (5) تحمل الأموال والكسا، وهو على سرير تحمله ثلاث (6) بغلات مقرونات، وعليه قبّة مكلّلة بالدّر (7) والياقوت، وعلى جسده حلّة لؤلؤ، قد نظمت بخيوط الإبريسم (8). ومعه أعداد دواب، لا
__________
(1) حدثان الأمر، بالكسر: أوّله وابتداؤه، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 214، (حدث).
(2) ابن الأثير: الكامل 4/ 122، والقلقشندي: صبح الأعشى 5/ 242، والحميري:
صفة جزيرة الأندلس ص 9، والمقري: نفح الطّيب 1/ 254، 255.
(3) في الأصل: الأذريق، والمثبت من: أ، ب.
(4) المقري: نفح الطّيب 1/ 231، عن ابن حيان، وص 257. ابن الأثير: الكامل 4/ 122.
(5) العجل بالتّحريك: جمع: عجلة، خشب تؤلّف يحمل عليها الأثقال. الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص: 1331، (عجل).
(6) في أ، ب: ثلاثة.
(7) في ب: بالدّرر.
(8) الإبريسم، معرّب، الحرير، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1395، (برسم)، الجواليقي: المعرب ص 97، 130.(2/1008)
تحمل غير الحبال لكتاف الأسرى إذ لم يشكّ في أخذهم (1).
وكان موسى بن نصير حين أنفذ طارقا، مكبّا على الدّعاء والبكاء والتّضرّع لله تعالى والابتهال إليه، في أن ينصر جيش المسلمين، وما [علم] (2) أنّه هزم له جيش قطّ (3).
ورحل لذريق قاصدا قرطبة يريد طارقا، فلمّا تدانيا، تخيّر لذريق رجلا شجاعا عارفا بالحروب ومكائدها، وأمره أن يدخل في عسكر طارق، فيرى صفاتهم وهيئاتهم، فمضى حتّى دخل في محلّة (4) المسلمين فأحسّ به طارق، فأمر ببعض القتلى أن تقطع لحومهم وتطبخ، فأخذ النّاس القتلى، فقطّعوا (5) لحومهم وطبخوها، ولم يشكّ رسول لذريق أنّهم يأكلونها، فلمّا جنّ اللّيل، أمر بهرق تلك اللّحوم ودفنها، وذبح بقرا وغنما، وجعل لحومها في تلك القدور، وأصبح النّاس، ونودي فيهم بالاجتماع إلى الطّعام، فأكلوا عنده، ورسول لذريق أكل معهم، فلمّا فرغوا، انصرف الرّسول إلى لذريق، وقال له: أتتك أمّة تأكل لحوم من
__________
(1) الإمامة والسّياسة المنسوب لابن قتيبة 2/ 61.
(2) الزّيادة من: أ، ب.
(3) لم أقف على هذا الخبر فيما تيسّر لي الرّجوع إليه من مصادر.
(4) المحلّة: منزل القوم، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1673، (حلل).
(5) في أ: فقطع.(2/1009)
الموتى بني آدم، وصفاتهم الصّفات التي وجدنا (1) في البيت المقفل (2). قد أحرقوا مراكبهم، ووطّنوا على الموت والفتح، فداخل (3) لذريق وجيشه من الجزع ما لم يظنّوا (4).
ثم لم يكن له بدّ من المقابلة، فالتقيا يوم الأحد (5). وصدق المسلمون القتال، وحملوا حملة رجل واحد على المشركين، فخذ لهم الله، وزلزل أقدامهم، وتبعهم المسلمون بالقتل والأسر، ولم يعرف (6) لملكهم خبر، ولا بان له أثر (7).
__________
(1) في الأصل: وجدت، وفي ب: وجد، والتّصويب من: أ.
(2) في الأصل: المقفول، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: فدخل، والتّصويب من: أ، ب.
(4) أورد المقري رواية مشابهة عن بعث لذريق علجا من أصحابه قد عرف نجدته ووثق ببأسه ليشرف على عسكر طارق. نفح الطّيب 1/ 258.
(5) ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 8، والحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 169، والمقري: نفح الطّيب 1/ 259، كلاهما عن الرّازي، وفيه تكملة: لليلتين بقيتا من شهر رمضان.
(6) (ولم يعرف) ليست في: ب.
(7) ولم يحدد المؤلّف رحمه الله موقعا لهذه المعركة، للاختلاف في تحديد موقع دقيق لها.
وتسميتها بعدّة أسماء مختلفة، مثل: معركة البحيرة، ووادي بكّة، ووادي لكة، ووادي البرباط، وشريش، والسّواني، والسّواقي.
ولكن من المؤكّد أنّها حدثت في كورة شذونة في جنوب غرب أسبانيا، التي تحوي(2/1010)
فقيل: إنّه ترجّل، وأراد أن يستتر في شاطئ الوادي، فصادف غديرا، فغرق فيه، فمات. ولهذا وجد (1) فيه فرد خفه (2)، وهو مرصّع (3)
بالدّر والياقوت، عليه / الخمل (4)، فانسلّ من رجله (5). وقوّم في المغنم [91/ ب] بمائة ألف دينار، وانتهبت محلّته، وانتشر عسكر المسلمين في الجزيرة يمينا وشمالا.
وكلّ ما غنم أخذ منه طارق الخمس لبيت المال، وقسّم أربعة (6)
الأخماس، على كلّ من حضر الوقيعة من المسلمين. فتحصّل منه مال عظيم، وامتلأت أيدي النّاس. فتسامع النّاس به من كلّ مكان، فجاؤوا إليه من شرق وغرب (7)، واتّصل الخبر بموسى، فكتب طارق إليه. فكتب
__________
كل هذه المناطق المذكورة. العبادي: تاريخ الأندلس ص 4038، وطه: الفتح والاستقرار العربي ص 168.
(1) (وجد) سقطت من: ب.
(2) في أ، ب: خفّيه، والمثبت من: أ.
(3) في أ، ب: مرسع.
(4) الخمل: هدب القطيفة ونحوها. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1286، (خمل).
(5) مثله عند ابن الأبار: الحلّة السّيراء ص 334، وابن الشّباط: صلة السّمط، ص 135، تحقيق العبادي، وابن الأثير: الكامل 4/ 122، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 97، والحميري: الرّوض المعطار ص 170169، والمقريّ: نفح الطّيب 1/ 259.
(6) في الأصل: أثمان أربعة، والتّصويب من: أ، ب.
(7) روى مثله المقري: نفح الطّيب 1/ 259، عن الرّازي.(2/1011)
به موسى إلى الوليد.
(فتح طليطلة) (1):
ومضى طارق على وجهه إلى طليطلة، ففتحها وما وراءها، ووجد في كنيستهم العظمى مائدة سليمان (2) بن داود عليه السّلام، ومرآة إذا نظر النّاظر فيها رأى الدّنيا كلّها بين عينيه، كانت مدبّرة من أخلاط أحجار وعقاقير منقوشة بخطّ يوناني جليل، وإحدى وعشرين مصحفا، من التّوراة والإنجيل، والزّبور، والفرقان، ومصحف (3) إبراهيم، وموسى عليهما السّلام، وخمسة وعشرين تاجا مكلّلة كلّها لأنّه كلّما مات ملك
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) هذا زعم أهل الكتاب والرّواة النّصارى. ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 209.
فقد أنكر ابن حيّان عودة هذه المائدة إلى سليمان عليه السّلام، وذكر أنّها صنعت من الذّهب والفضّة، ومن معادن نفيسة أخرى، بتبرّعات ومساهمات أغنياء القوط الغربيّين لكنيسة طليطلة، واستخدمت من قبل القساوسة لحمل الأناجيل أيّام الأعياد، وزينة توضع فوق مذابح الكنيسة. المقرّي: نفح الطّيب 1/ 272، برواية ابن حيّان.
والاحتمال الغالب أنّها كانت مذبحا لكنيسة طليلطة أكثر من كونها مائدة حقيقيّة، حملت إلى هذا المكان من قبل القساوسة. طه: الفتح والاستقرار العربي ص 173.
(3) المصحف هو ما جعلت فيه الصّحف. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1068، (صحف)، والذي ورد في القرآن الكريم: {صُحُفِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ} (19)، سورة الأعلى: الآية (19).(2/1012)
منهم ترك تاجه، وكتب فيه اسمه، وصفته، وكم عاش، وكم ولي، ومنافع الحيوان، والأشجار والأحجار، وطلسمات عجيبة محكّمة، وكتابا فيه الصّنعة الكبير (1) وعقاقيرها، وإكسيرها (2)، وصنع الأحجار واليواقيت (3)، الجميع في أوان من ذهب مرصّعة بالدّرّ والياقوت.
ورجع طارق إلى قرطبة، واستوطنها بعد أن وغل في بلاد الرّوم، وانتهى في غزوة إلى أن لقي أمّة كالبهائم والوحوش، حتّى ملّ النّاس السّفر، وخلقت (4) أبدانهم من طول المشي المستمرّ فقالوا له: ألم تقنع بما فتح الله عليك؟ فضحك، وقال: والله لو ساعدتموني لسرت بكم حتّى أقف على باب رومة وقسطنطينية العظمى وأفتتحها بإذن الله فإذا قد مللتم وسئمتم، فارجعوا.
فلمّا بلغ ذلك كلّه إلى موسى بن نصير حسده وخهاف إن بلغ (5)
الوليد فعله وفتحه أن يسمو عنده [ويرأس] (6) عليه (7) فسار بنفسه إلى
__________
(1) الصّنعة الكبرى: الكيمياء، ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 45، نقلا عن المسعودي.
(2) لم أتوصّل إلى معنى هذه اللّفظة.
(3) في الأصل: الياقوت، والمثبت من: أ، ب.
(4) خلقت: بليت، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1472، (خلق).
(5) في الأصل: يبلغ، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: ويقع، والتّصويب، من: أ، ب.
(7) انظر: ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 207، والمراكشي: المعجب ص 34، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 13، والمقري: نفح الطّيب 1/ 2699، عن ابن حيّان.(2/1013)
الأندلس في عشرة آلاف (1) فارس، وكان معه من التّابعين رضي الله عنهم: حنش بن عبد الله الصّنعاني (2)، [وأبو عبد الرّحمن عبد الله بن يزيد الحبلي] (3)، وعبد الرّحمن بن شماسة (4) المصري (5)، وأبو النّضر (6)
__________
(1) الطّبري: تاريخ 6/ 481، عن الواقدي، ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 13، والمقري: نفح الطّيب 1/ 277، كلاهما عن الرّازي، وفيه تكملة: وكان ذلك في رجب سنة ثلاث وتسعين.
(2) حنش بن عبد الله الصّنعاني، كان من الأبناء ثم تحوّل ونزل مصر، وتوفي غازيا فإفريقية سنة مئة. ابن سعد: الطّبقات 5/ 536، والذّهبي: سير 4/ 493.
الصّنعاني: نسبة إلى صنعاء، وهي مدينة باليمن مشهورة. ابن الأثير: اللباب 2/ 248.
(3) في الأصل والنّسخ الأخرى: عبد الرّحمن بن عبد الله بن يزيد البجلي، والتّصحيح من جغرافية الأندلس للبكري ص 133، والمقري: نفح الطّيب 1/ 278.
واسمه: عبد الله بن يزيد المعافري، نزيل إفريقية، وأحد أئمة التّابعين، مات بها سنة مئة، وكان رجلا صالحا فاضلا.
الذّهبي: تاريخ (10081هـ)، ص: 534، وابن حجر: تقريب ص 329.
الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء، منسوب إلى بطن من المعافر، وهم من اليمن. ابن الأثير: اللباب 1/ 337.
(4) هو: عبد الرّحمن بن شماسة المهري المصري، ثقة، مات سنة إحدى ومئة أو بعدها.
ابن حجر: تقريب ص 342.
(5) في الأصل: البصري، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: أو النّظير، والمثبت من: أ، ب.
والمقري: نفح الطّيب 3/ 9، عن ابن بشكوال. وفي تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1/ 122: أبو النّصر.(2/1014)
حبّان (1) ابن أبي جبلة مولى [بني] (2) عبد الدّار (3). ويقال: مولى ابن جبل بن حسنة (4)، في عشرين رجلا منهم (5)، وجاز إلى الجزيرة الخضراء، وقصد قرطبة فتلقّاه طارق (6)، وأكبره وعظّمه. فعلاه موسى بالقضيب على رأس وقرعه (7)، ومضى على وجهه حتّى دخل قرطبة، فقال لطارق:
__________
(1) في الأصل والنّسخ الأخرى: حيّان، والتّصويب من: الإكمال لابن ماكولا 2/ 308، وتصحيفات المحدّثين لأبي أحمد العكري 1/ 453.
وحبّان بن أبي جبلة، تابعي بعثه عمر بن عبد العزيز مع جماعة من الفقهاء من أهل مصر إلى إفريقية ليفقّهوا أهلها، مات سنة خمس وعشرين ومئة.
المزّي: تهذيب الكمال 5/ 332، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص 71، وابن حجر: تقريب ص 149، والمقرّي: نفح الطّيب 1/ 278.
(2) زيادة يقتضيها السّياق من: الإكمال 2/ 308، وتاريخ علماء الأندلس 1/ 122.
(3) بنو عبد الدّار، بطن من قصيّ بن كلاب، من العدناينة، القلقشندي: نهاية الأرب ص 336.
(4) في الإكمال 2/ 308، وتاريخ علماء الأندلس 1/ 122، وتهذيب الكمال 5/ 332:
مولى بني حسنة.
(5) المقرّي: نفح الطّيب 1/ 288، عن ابن حبيب.
(6) الطّبري: تاريخ 6/ 481، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 16، عن الطّبري.
(7) انظر ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 16.
الواقع أنّ مثل هذه المعاملة القاسية لم يسجّلها إلّا نفر قليل من المؤرّخين منهم: ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 210.
وأمّا الغالبية فقد نظروا إلى هذه المسألة على أنّها خلاف شخصيّ بسيط لم يتعدّ(2/1015)
أحضرني جميع ما غنمت وما وجدت من الذّخائر، فأتاه بجميع ذلك، وبالمائدة على زوج أرجل، وأزال الثالث (1)، وخبّأه لأمر دبّره، لما أصابه وما شكره
وكانت قطعة واحدة من زمرّدة خضراء، خرط منها أرجلها وحواشيها، فقال له موسى: ما هذا؟ قال: هكذا / وجدتها، فصدّقه، وصنع لها [92/ أ] رجلا من ذهب، وتتبّع الأخماس والأموال، وجمع منها ما لا يحصى عدده. ومضى حتّى أتى طليطلة وجاوزها، وفتح ثمان عشرة مدينة، وغنم وسبى وأنصرف. وأقام ثلاث سنين يغزو ويجاهد.
وقد كان أقام طارق قبله ثلاثة أعوام، ثم جاز البحر وأجاز معه طارقا، واستخلف على (2) الأندلس [ابنه] (3) عبد العزيز (4) ابن نصير،
__________
التّأنيب والتّوبيخ، ثم الرّضى والصّلح والتّعاون المشترك بينها لإنجاز هذه القضية الإسلامية الكبرى وهي فتح الأندلس.
انظر: نفح الطّيب 1/ 172، برواية ابن حيّان، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 50.
(1) في الأصل: الرّجل الثّالثة، والمثبت من: أ، ب.
(2) (على) سقط من: ب.
(3) في الأصل والنّسخ الأخرى: أخاه، وهو خطأ واضح، والتّصويب من فتوح مصر 2/ 210، والحلّة السّيراء ص 334، وكان ذلك سنة خمس وتسعين، البيان المغرب 2/ 23.
(4) في أ: العزيز ابن نصير.(2/1016)
وقصد دمشق إلى (1) أمير المؤمنين الوليد، وحمل جميع ما جلبه من الأندلس، وذلك ثلاثون عجلة موقرة (2) ذهبا وفضة، ومن الأعلاق النّفيسة من الدّرّ، والياقوت، والزّبرجد، والزّمرّد (3) والذّخائر الرّفيعة من الملابس، ومائة ألف من سبي (4) بين النّساء والرّجال (5)، والصّبيان، منهم أربعة مائة رجل من ملوك (6) الأعاجم متوّجين.
فلمّا قرب من دمشق بلغه أنّ الوليد مريض، فكتب إليه سليمان ابن عبد الملك، أخوه وولي عهده من بعده: أن يتأخّر حتّى يموت الوليد، ويقدم بتلك الأموال عليه فتكون فيئا (7) له في أوّل ولايته. فلم يفعل
__________
عبد العزيز بن موسى بن نصير، استخلفه والده على الأندلس عند خروجه منها سنة خمس وتسعين، وقتل بها سنة سبع وتسعين. وقيل: سنة تسع وتسعين.
الحميدي: جذوة المقتبس ص 290، والضبي: بغية الملتمس ص 386.
(1) في أ، ب: حيث.
(2) في الأصل: موقورة، والمثبت من: أ، ب.
الوقر. بكسر القاف: الحمل الثّقيل. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 635، (وقر).
(3) في أ، ب: من الياقوت والدّرّ والزّمرد والزبرجد.
(4) في ب: السّبي.
(5) (الرّجال) سقطت من: ب.
(6) (ملوك) سقطت من: ب.
(7) في أ، ب: فألا.(2/1017)
موسى، بل جدّ في السّير حتّى وصل، والوليد لما به. فلم يعبأ به، ولا عرف مقدارا لما جاء به.
وكان دخوله الأندلس في جمادى الأولى سنة [ثلاث] (1) وتسعين، وهو ابن ستّين، وأقام بإفريقية ستّ (2) عشرة سنة واليا، وقفل منها سنة خمس وتسعين (3)، فمات الوليد عن قريب (4).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، وعمره، وسبب وفاته) (5):
وكانت خلافته تسع سنين وسبعة أشهر (6).
وتوفي بدمشق يوم السّبت للنّصف من جمادى الآخرة سنة ستّ
__________
(1) في الأصل النّسخ الأخرى: سبع، والتّصويب من: فتوح مصر لابن عبد الحكم 2/ 70، لكنّه ذكر شهر رجب بدلا من شهر جمادى الأولى.
(2) في الأصل، وب: ستة، والتّصويب من: أ.
(3) ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 19.
(4) أي عن قريب مغادرة موسى إفريقية إلى الشّام، فقد كانت مغادرة موسى إفريقية في آخر سنة: (95هـ)، وفي جمادى الآخرة سنة: (96هـ)، كانت وفاة الوليد.
خليفة: تاريخ ص 307، وابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 210، وابن الأثير: الكامل 4/ 123.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) الطّبري: تاريخ 6/ 495، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 849، كلاهما عن أبي معشر.(2/1018)
وتسعين (1).
وهو ابن ثلاث وأربعين سنة وسبعة أشهر (2).
وقيل: ستّ وأربعين (3).
وكان سبب موته أنّه ركب يوما من قصره نجيبا (4)، وجعل حاديا يحدو به، تشبّها بالأعراب، فكان الحادي يقول في حدوه [رجزا منه] (5):
يا أيّها البكر الذي أراك ... ويحك هل تعلم من علاكا
خليفة الله الذي امتطاكا ... لم [يعط] (6) بكرا (7) قطّ ما اعطاكا (8)
فاستحسن الحدو، ووصل الحادي، وجعل يتمايل حتّى سقط، فمرض فمات، وصلّى عليه أخوه سليمان (9).
__________
(1) الطّبري: تاريخ 6/ 495، والمسعودي: 3/ 165، قال الطّبري: وهذا قول جميع أهل السّير.
(2) ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 849.
(3) في أ، ب: وأربعون.
والخبر في تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 851.
(4) النّجيب من الإبل، هو القوي منها، الخفيف السّريع.
ابن منظور: لسان العرب 1/ 748، (نجب).
(5) الزّيادة من: أ، ب.
(6) في الأصل: ير، والتّصويب من: أ، ب.
(7) البكر: الفتى من الإبل. الجوهري: الصحاح 2/ 595 (بكر).
(8) البيتان في العقد الفريد 4/ 424، ونسبه الأصفهاني لمكين العذري: الأغاني 8/ 133، (طبعة دار الكتب).
(9) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 422.(2/1019)
خبر سليمان بن عبد الملك بن مروان (1).
(كنيته، ونسب أمّه، ومولده) (2):
يكنّى: أبا الوليد (3).
وقيل: أبو أيّوب (4).
أمّه ابنة (5) العبّاس بن [جزء] (6) من العرب الحجازيّين.
ولد بالمدينة (7) سنة إحدى وخمسين.
بويع بدمشق في اليوم الذي مات فيه [أخوه] (8) الوليد، وهو ابن خمس وأربعين سنة (9).
__________
(1) (ابن مروان) ليست في: أ.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) لم أقف على كنيته هذه.
(4) أيوب بن سليمان، كان أدبيا عفيفا، وكان أبوه بايع له، وجعله ولي عهده، فهلك في حياة أبيه بالشّام، ولا عقب له. ابن قتيبة: المعارف ص 361.
(5) في أ، ب: بنت.
وهي: ولادة بنت العبّاس بن جزء العبسيّة، وقد سبقت ترجمتها ص: 982.
(6) في الأصل والنّسخ الأخرى: جرير، والتّوصيب من تاريخ خليفة ص 309، وجمهرة أنساب العرب ص 91.
(7) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 425.
(8) الزّيادة من: أ، ب.
(9) ابن قتيبة: المعارف ص 361.(2/1020)
(صفاته) (1):
وكان أجمل النّاس صورة، أبيض مشرّبا بحمرة، أسود الشّعر رجله، نحيف البدن، معتدل القامة، وسيما (2)، أديبا شاعرا، أنتشأ بالبادية عند أخواله بني عبس لأنّ الخلفاء كانوا يخرجون أولادهم إلى أحياء العرب ليتعلّموا (3) الفصاحة منهم.
حاجبه:
أبو عبيدة (4).
وكاتبه على الإنشاء والرّسائل:
عبد الحميد الأكبر (5)، كاتب أبيه.
وكاتبه على الدّواوين والخراج:
سليمان (6).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) في الأصل: وسيطا، والمثبت من: أ، ب. والعقد الفريد 4/ 424.
(3) في الأصل: يتعلمون، والمثبت من: أ، ب.
(4) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 319، وفي تاريخ خليفة ص 319: أبو عبيد مولاه.
(5) في العقد الفريد 4/ 165: عبد الحميد الأصغر.
(6) في أ، ب: سليمان بن نعيم.
وهو: سليمان بن سعد الخشني مولاهم، كاتب عبد الملك والوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، كان من أهل الأردن، وهو أوّل من نقل الدّيوان من الرّومية إلى العربية. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 278.(2/1021)
ونعيم بن سلامة (1).
وآذنه:
الحارث بن حكيم (2).
وصاحب / [92/ ب] شرطه:
كعب بن خوليد [العبسي] (3).
ونقش خاتمه:
آمنت بالله وحده (4).
(خطبته أوّل ما ولي الخلافة) (5):
ولمّا أفضى الأمر إليه، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: الحمد لله الذي ما شاء صنع، وما شاء أعطى، وما شاء منع، وما شاء رفع، وما شاء وضع، أيّها النّاس: إنّ الدّنيا دار غرور، وباطل وزينة (6)، وتقلّب بأهلها. تضحك باكيها، وتبكي
__________
(1) في تاريخ خليفة ص 319: نعيم بن أبي سلامة، مولى لأهل اليمن على الخاتم. وفي تاريخ الطّبري 6/ 547: ابن أبي نعيم صاحب الخاتم.
(2) لم أقف على ترجمته.
(3) الزّيادة من: أ، ب. وفي تاريخ خليفة ص 319: كعب بن حامد العبسي.
(4) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 319، وفي البداية والنّهاية 9/ 200: آمنت بالله مخلصا.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في ب: ورتبه.(2/1022)
ضاحكها، وتخيف آمنها، وتؤمّن خائفها، وتثري (1) فقيرها، وتفقر مثريها (2).
عباد الله! اتّخذوا كتاب الله إماما، وارضوا به حكما، واجعلوه لكم هاديا دليلا فإنّه ناسخ ما قبله ولا ينسخه ما بعده، واعلموا عباد الله أنّه ينفي عنكم كيد الشّيطان، ومطامعه، كما يجلو ضوء الشّمس (3) إذا أسفر إدبار اللّيل إذا عسعس (4).
ثم نزل، وإذا النّاس ازدحموا عليه (5)، فبايعوه، ولم يختلف عليه اثنان.
(إصلاحاته) (6):
وكانت خلافته يمنا وبركة، افتتحها بخير واختتمها بمثله، ابتدأها بهدم دولة الحجّاج وخدّامه وسيره، وختمها باستخلاف عمر ابن
__________
(1) في الأصل: وتوثر، والتّصويب من: أ، ب.
(2) في الأصل: موثرها، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في أ، ب: الصّبح.
(4) في الأصل: وعسعس، والتّصويب من: أ، ب.
إذا عسعس: إذا أقبل ظلامه. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 949، (عسس).
والخطبة بتمامها عند: المسعودي: مروج الذّهب 3/ 184، وعند ابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 169، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 9291، باختلاف يسير عمّا هنا.
وعند الجاحظ: البيان والتّبيين 1/ 304، مختصرة.
(5) في أ، ب: وأذن للنّاس عليه.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.(2/1023)
عبد العزيز (1) رضي الله عنه، وأقرّ عمّال أخيه على أعمالهم (2).
وأقرّ خالد بن عبد الله [القسري] (3) على مكّة. على أنّه قد كان غيّر فيها وبدّل، وأمر أن تدار الصّفوف حول الكعبة في الصّلاة، ولم تكن قبل ذلك.
وقال أحد الشّعراء وهو يطوف بالبيت، وقد التقى بامرأة عند الحجر الأسود، وكان يهواها:
يا حبّذا (4) الموسم من وقفة ... وحبّذا الكعبة من مشهد
وحبّذا اللائي يزاحمننا ... عند استلام الحجر الأسود
فقال (5) خالد: أمّا إنّهنّ لا يزاحمنك بعد هذا الموسم، وأمر بالتّفريق
__________
(1) عمر بن عبد العزيز بن مروان، أمير المؤمنين، ولي المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولي الخلافة بعده، ومات سنة إحدى ومئة. الذّهبي: سير 5/ 114 148، وابن حجر: تقريب ص 414.
(2) مثله عند ابن قتيبة: المعارف ص 360، والطّبري: تاريخ 6/ 546، وابن عبد ربّه:
القعد الفريد 4/ 425، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 420، والذّهبي: تاريخ (10080هـ)، ص 378.
(3) في الأصل: الغساني. وهو خطأ ظاهر. والتّصحيح من: أ، ب.
القسري: نسبة إلى قسر بن عبقر بن أنمار، بطن من بجلية. ابن الأثير: اللّباب 3/ 36.
(4) في الأصل: حبّ ذا، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل: وقال، والمثبت من: أ، ب. ومروج الذّهب 3/ 184.(2/1024)
بين الرّجال والنّساء في الطّواف (1).
ولمّا ولي سليمان الخلافة استحضر موسى بن نصير، وسأله عن المائدة، وأين رجلها (2)؟ فقال: هكذا وجدتها حين أخذتها. فخرّج له طارق الرّجل من عنده، وقال له: بل أنا أخذتها هي وجميع ما أتي (3) به غير اليسير، فلم يجد موسى جوابا [وبقي باهتا] (4). فسخط (5) عليه، وطالبه بمائتي (6) ألف دينار، فدفع إليه مائة [ألف] (7) وعجز عن الباقي، فسجنه حتّى ضمنه عنه الأمير يزيد (8) بن المهلب بن أبي صفرة.
ووزّعها على قومه، وذلك لمخالفته إيّاه فيما كان أمره به من
__________
(1) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 184، والأزرقي: أخبار مكّة 2/ 21، والشّعر عند الفاكهي: أخبار مكّة 1/ 315، ولم ينسبه لقائل.
(2) في الأصل: رجليها، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في أ: أوتي.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) في أ، ب: فسطى.
(6) في الأصل: بمائة، والمثبت من: أ، ب.
(7) التّكملة من: أ، ب.
(8) يزيد بن المهلب الأزدي، ولي المشرق بعد أبيه، ثم خراسان لسليمان بن عبد الملك، وقتل سنة اثنتين ومئة. وكان شريفا جوادا بطلا شجاعا. ابن قتيبة: المعارف ص 400، والذّهبي تاريخ (120101هـ)، ص 283.(2/1025)
التّثبّط بتلك الأموال (1) إلى أن يموت الوليد (2).
وسأل (3) سليمان بن عبد الملك عن هذه المائدة فقيل له: إنّ الجنّ كانت تتحف (4) سليمان النّبيّ عليه السّلام، بهذه الفوائد. تغوص عليها إلى قعر البحر (5) فتخرجها فكانت هذه المائدة في بيت المال معظّمة إلى أن ولي القرطر (6) جزيرة [الأندلس] (7) حين تغلّب بخت نصّر على بيت المقدس، فحملها هي وغيرها من الذّخائر النّفيسة (8) الغريبة.
ثم عفا سليمان عن موسى، وحجّ مع سليمان سنة ثمان وتسعين، فمات موسى في تلك الحجّة / في مدينة النّبيّ صلى الله عليه وسلم (9)، ودفن بها [93/ أ]، وصلّى عليه سليمان.
فيروى عن بعض أهل المدينة أنّ موسى قال يوما لبعض من يثق (10)
__________
(1) في ب: الأمور.
(2) مثله عند ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 4645.
(3) في ب: وقال.
(4) (تتحف) سقطت من: ب.
(5) في أ، ب: البحار.
(6) في الأصل: القرطن، والمثبت من: أ، ب.
(7) التّكملة من: أ، ب.
(8) (النّفيسة) ليست في: أ، ب.
(9) الذّهبي: سير 4/ 500، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 194.
(10) في الأصل: يوثق، والمثبت من: أ، ب.(2/1026)
به: ليموتنّ إلى يومين رجل قد بلغ ذكره المغرب والمشرق، وقال: فلم أظنّ إلّا أنّه يعني الخليفة، فلمّا كان صباح اليوم الثّاني، لم أشعر وأنا في مسجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى سمعت النّاس يقولون: توفي موسى بن نصير (1).
وعزل سليمان بن عبد الملك (2) [ابن] (3) موسى عن الأندلس بعد عام من ولايته، وولي مكانه [السّمح] (4) بن مالك.
(غزوة القسطنطينية) (5):
وجهّز سليمان جيشا [جرّارا] (6) إلى بلاد الشّرك، وأمّر عليه أخاه مسملة فانتهى إلى القسطنطينية، ودوّخ بلادها، وهزم أجنادها، وصدر
__________
(1) ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 46، و 2/ 22، باختصار.
(2) في أ، ب: بن عبد العزيز.
(3) وقع في الأصل والنّسخ الأخرى: أخا، وهو خطأ واضح.
(4) في الأصل والنّسخ الأخرى: السّجسج. وهو تحريف، والصّواب: السّمح.
وهو: السّمح بن مالك الخولاني، أمير الأندلس، استشهد في قتال الرّوم بالأندلس، في ذي الحجّة سنة ثلاث ومئة. الحميدي: جذوة المقتبس ص 237، والضّبي: بغية الملتمس ص 317.
والسّائد في كثير من المصادر أنّ الذي استخلفه على الأندلس هو: الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة مئة. ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 26، ابن الأثير: الكامل 4/ 160، 360.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في الأصل: أحرارا، التّصويب من: أ، ب.(2/1027)
سالما ظافرا غانما (1).
(خبر يزيد بن أبي مسلم مع سليمان) (2):
ودعا في آخر أيّامه يزيد بن أبي مسلم (3) كان أمر بسجنه وتقييده لأنّه كان [كاتب الحجّاج] (4) وصاحب أمره وكان دميما، فأدخل (5) عليه وهو يرسف (6) في قيوده، فازدراه لمّا رآه، ونبت عنه عيناه (7)، فقال له: ما رأيت كاليوم قطّ، لعن الله [رجلا] (8) أجرّك رسنه (9)، وحمّلك أمره، وأشركك في أمانته! فقال له يزيد: لا تقل له ذلك
__________
(1) انظر تفاصيل الغزوة عند الطّبري: تاريخ 6/ 530، 531.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) يزيد بن أبي مسلم، أبو العلا، الثّقفي، مولى الحجّاج وكاتبه، استخلفه الحجّاج عند موته على الخراج، وأقرّه الوليد بن عبد الملك، واستعمله يزيد بن عبد الملك على إفريقية، فقتل سنة اثنتين ومئة. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 386 389، والذّهبي: سير 4/ 593، 594.
(4) زيادة من: أ، ب.
(5) في الأصل: فدخل، والمثبت من: أ، ب.
(6) يرسف: يمشي مقيّدا، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1364، (رسف).
(7) نبت عنه عيناه: أي: رفع عنه بصره. الزّبيدي: تاج العروس 1/ 122، (نبأ)، بتصرّف.
(8) زيادة من: أ، ب.
(9) أجرّك رسنه: الرّسن في الأصل الحبل يقاد به البعير، أي: تركك وشأنك تفعل ما تشاء. ابن منظور: لسان العرب 13/ 180، (رسن)، بتصرّف.(2/1028)
يا أمير المؤمنين، إنّك ازدريتني لمّا رأيتني والأمر عنّي مدبر، وعليك مقبل، ولو رأيتني والأمر عليّ مقبل لاستعظمت منّي ما استصغرت، ولاستجللت منّي ما استحقرت، فقال له سليمان: عزمت عليك (1) يا ابن أبي مسلم لتخبرني عن الحجّاج، أتراه يهوي في جهنّم أم (2) قد استقرّ فيها؟ فقال له: يا أمير المؤمنين! لا تقل ذلك عن الحجّاج، وقد بذل لكم نصحه، وأخفر دونكم دمه، وولي وليّكم، وأخاف عدوّكم، ووطّأ لكم المنابر، وأذلّ لكم الجبابرة، وإنّه يجيء يوم القيامة عن يمين عبد الملك، ويسار الوليد، واجعله حيث شئت. فصاح سليمان: أخرجوه عنّي لعنه الله، ثم التفت إلى جلسائه وفيهم عمر بن عبد العزيز فقال (3) لهم: ثكلته أمّه ما أحسن (4) بديهته، وتزيينه (5) لنفسه ولصاحبه، ولقد أحسن المكافأة بحسن الصّنيعة، وأراد أن يطلقه ويولّيه عملا، فقال له عمر بن عبد العزيز:
يا أمير المؤمنين! لا تحم دولة الظّلم فأقام (6) مسجونا طول أيّام سليمان
__________
(1) في ب: عليكم.
(2) في ب: أو.
(3) في الأصل: وقال، والمثبت من: أ، ب.
(4) في ب: أخبر.
(5) في أ، ب: وتزيّنه.
(6) في أ، ب: فقام.(2/1029)
وأيّام عمر بن عبد العزيز (1).
(مقتل يزيد بن أبي مسلم بإفريقية) (2):
فلمّا ولي يزيد بن عبد الملك، أخرجه وولّاه على إفريقية.
قال محمّد بن يزيد الأنصاري (3) وكنت عاملا عليها لعمر (4):
فلمّا اجتمع بي (5): قال: الحمد لله الذي أمكنني منك، والله لو حال بينني وبينك لسبقته إليك، وأمر (6) بثقافي (7).
فبينما (8) نحن في الكلام إذ أقيمت الصّلاة للمغرب، فلمّا سجد
__________
(1) هذا الخبر ذكره المبرد: الكامل 1/ 348، بتمامه، وعند الجاحظ: البيان والتّبيين 1/ 395، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 186، 187، وأمالي المرتضى 1/ 295، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 387، 388، والقيرواني: زهرة الأداب 2/ 1018، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 425، و 6/ 425، باختصار.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) محمّد بن يزيد الأنصاري مولاهم، كتب لعبد الملك، ثم استعمله عمر بن عبد العزيز على إفريقية، وبعد مقتل يزيد بن أبي مسلم، أقرّه يزيد بن عبد الملك عليها. الطّبري:
تاريخ 6/ 415، والذّهبي: تاريخ (81/ 102هـ)، ص 255.
(4) يعني: عمر بن عبد العزيز.
(5) كان هذا الاجتماع بينهما في عهد يزيد بن عبد الملك، ويزيد بن أبي مسلم عاملا له على إفريقية. الطّبري: 6/ 717، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 427.
(6) (وأمر) سقطت من: ب.
(7) بثقافي: الثقاف: ما تسوى به الرّماح. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1334، (ثقف).
(8) في ب: فبينا.(2/1030)
وثب عليه رجل كان أضرّ به في أيّام الحجّاج فقتله، وأشار إليّ أن سر، فمضيت متعجّبا (1).
وقدم على سليمان وفد (2) العراق، فقال قائلهم: والله يا أمير المؤمنين ما أتيناك لرغبة، ولا رهبة، قال: فلم جئت / لا جاء الله بك؟ قال [93/ ب]: نحن وفد التّهنئة، لا وفد المرزئة (3)، أمّا الرّغبة فقد وصلت إلينا بك، وفاضت في رحالنا، وتناولها الأقصى والأدنى منّا، وأمّا الرّهبة فقد أمنّاها منك بعدلك فحبّبت إلينا بذلك الحياة، وهوّنت علينا الموت، لا نرجو فيمن نتخلّفه من إعفائنا فاستحيى سليمان منه، وأعظم جائزته (4).
ودخل عليه أعرابي فقال له: يا أمير المؤمنين! إنّي أكلّمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإنّ من ورائه ما تحبّه إن قبتله. قال: هات يا أعرابيّ! قال: فإنّي سأطلق لساني بما خرست عنه الألسن من (5) عظمتك لحقّ الله عز وجلّ، وحقّ أمانتك (6) إنّه قد اكتنفك قوم قد أساؤوا الإحسان لأنفسهم،
__________
(1) هذا الخبر ذكره ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 427، بصيغة أخرى. وانظر عن سبب قتل يزيد بن أبي مسلم: الطّبري: تاريخ 6/ 617.
(2) في الأصل: أهل، والمثبت من: أ، ب.
(3) المرزئة: المصيبة. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 53، (رزأ).
(4) ذكر مثله ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 182.
(5) (من) سقطت من: ب.
(6) في عيون الأخبار 2/ 364: إمامتك.(2/1031)
فابتاعهوا دينك بدينهم، ورضاك بسخط ربّهم، خافوك في الله عزّ وجلّ، ولم يخافوه فيك، فهم حرب الآخرة، سلم الدّنيا، فلا تأمنهم على ما يأتمنك الله عز وجلّ (1) فإنّهم لن ينالوا بالأمانة خيرا (2) إلّا تضعيفا (3)، وللأمّة (4) إلّا عسفا والقرى إلّا خسفا، وأنت مسؤول عمّا اجترحوا، وليسوا مسؤولين (5) عمّا اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فأعظم النّاس عيبا (6) يوم القيامة من باع آخرته بدنيا غيره. فقال له سليمان: أمّا أنت يا أعرابي فقد أنصحت. وأرجو أنّ الله عز وجلّ يعين على ما تقلّدنا (7).
وقال لرجل دخل عليه: تكلّم في حاجتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين!
__________
(1) (ولم يخافوه فيك، فهم حرب الآخرة سلم الدّنيا، فلا تأمنهم على ما يأتمنك الله عز وجلّ)، سقطت من: ب.
(2) (خيرا)، ليست في: أ، ب.
(3) في أ، ب: تضييعا.
(4) في الأصل: الأمانة، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل: مسؤولون، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في أ: غنى، وفي ب: غبنا.
(7) هذا الخبر ذكره ابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 364، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 188، 189، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 3/ 166، والقيرواني: زهر الأداب 1/ 259، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 424، باختلاف يسير عمّا هنا.(2/1032)
هيبة الخلافة، وعظم الملك يمنعاني من ذلك. قال: فعلى رسلك فإنّا (1) لا نحبّ مدح المشاهدة، ولا تزكية اللّقاء، قال: يا أمير المؤمنين! لست أمدحك، ولكنّي أحمد الله على النّعمة بك، قال: حسبك، قد بلغت من الثّناء مناط الإحسان، وقضى حوائجه (2).
(أجود العرب في الإسلام) (3):
ويقال: إنّ أجود العرب في الإسلام عشرة:
فأجود أهل الحجاز: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، و [عبيد الله] (4) بن العبّاس بن عبد المطلب، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص.
وأجود أهل الكوفة: عتّاب بن ورقاء (5)، أحد بني رياح بن يربوع (6)، وأسماء بن خارجة ابن حصين (7) الفزاري، وعكرمة بن ربعي
__________
(1) في الأصل: فإنّي، والمثبت من: أ، ب.
(2) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) في الأصل والنّسخ الأخرى: عبد الله، والتّصحيح من: الاستيعاب 3/ 881.
وهو: عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطلب، من صغار الصّحابة، مات بالمدينة سنة سبع وثمانين. ابن حجر: تقريب ص 371.
(5) عتاب بن ورقاء الرّياحي، ولي أصبهان لعبد الله ابن الزّبير، وقاتل الخوارج في الرّيّ، ففتحها، ثم انتدبه الحجّاج لقتال الأزارقة، فقتل سنة سبع وسبعين.
ابن قتيبة: المعارف ص 415، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 19.
(6) بنو رياح بن رياح، بطن من حنظلة، من تميم، من العدنانية، وهم بنو رياح ابن يربوع بن حنظلة. القلقشندي: نهاية الأرب ص 266.
(7) (حصين) سقط من: ب.(2/1033)
الفيّاض (1)، أحد بني تيم الله بن ثعلبة.
وأجود أهل البصرة: عمر بن [عبيد الله] (2) بن معمر، وطلحة (3) ابن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطّلحات (4)، وعبيد الله (5) بن أبي بكرة.
__________
(1) عكرمة بن ربعي بن عمير البصري، المعروف بالفيّاض، قدم على عبد الملك، وولي شرط أخيه بشرحين ولي العراق. ابن عساكر: تاريخ دمشق 11/ 748، 749.
(2) في الأصل والنّسخ الأخرى: عبد الله، والتّصويب من: الاستيعاب 3/ 882.
عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التّيمي، أحد وجوه قريش وكرمائها، ولي البصرة لابن الزّبير، وولي فتوحات كثيرة، وقدم دمشق على عبد الملك، ومات بها سنة اثنتين وثمانين. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 355، والذّهبي: سير 4/ 172، 173.
(3) طلحة بن عبد الله الخزاعي، كان مع عائشة يوم الجمل، وقدم دمشق على يزيد بن معاوية، ولي سجستان سنة ثلاث وستّين. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 68، والمزي: تهذيب الكمال 13/ 400.
(4) سمّي بذلك لأنّه كان أجود الطّلحات المعروفين، وهم: طلحة بن عبيد الله التّيمي، وطلحة بن عمر التّيمي، وطلحة بن عبد الله بن عوف الزّهري، وطلحة بن الحسن بن عليّ. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 69.
(5) في الأصل: عبد الله، والتّصويب من: أ، ب.
أمير سجستان، ولد سنة أربع عشرة، وولي قضاء البصرة، وتوفّي سنة تسع وسبعين.
ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 10/ 746، والذّهبي: سير 4/ 138.(2/1034)
وأجود أهل الشّام: خالد (1) بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وليس في (2) هؤلاء كلّهم من أجود من عبد الله بن جعفر (3).
ودخل على سليمان أعرابي فقال له: يا أعرابي أصابك سماء (4) في (5)
وجهك هذا؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين، غير أنّها سماء طفحاء [وطفاء] (6) كأنّ في وادها الدّلاء، [مرجحنة] (7) النّواحي، موصولة بالآكام (8)، تكاد أن تمس من الرّجال الهام، كبير زجلها (9) قاصف رعدها، / باطيء سيرها [94/ أ]
__________
(1) خالد بن عبد الله القرشي الأموي، كان مع مصعب بن الزّبير بالعراق ثم لحق بعبد الملك، وشهد معه قتل مصعب، وولاه البصرة ثم عزله. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 66، 67.
(2) في ب: من.
(3) الخبر بتمامه عند ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/ 881، 882، وبزيادة عند ابن عبد ربّه في العقد الفريد 1/ 293، 294.
(4) السّماء، أي: المطر. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2382، (سما).
(5) (في) ليس في: أ.
(6) الزّيادة من: ب.
(7) التّكملة من: أ، ب.
(8) الآكام: جمع أكمه، التّلّ، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1391، (أكم).
(9) زجلها، الزّجل بالتّحريك: الصّوت. يقال: سحاب زجل، أي: ذو رعد.
الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1715، (زجل).(2/1035)
[حثيث] (1) قطرها، مغدق ودقها (2)، خضل سيلها (3) مظلم يومها، قد لجأت الوحوش إلى أوطانها تبحث عن أصوله بأظلافها، مجتمع بعد شتاتها، متآلفة بعد افتراقها، فلولا اعتصامنا يا أمير المؤمنين بعضاة الشّجر، وتعلّقنا بقنان الجبال لكنّا [جفاء] (4) ببعض الأودية، ولقم الطّريق. وأطال الله في بقائك، وأنسأ (5) لنا في أجلك فهذه بركتك، وعادة الله على رعيّتك بك، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله وسلّم.
فقال له سليمان: لعمر أبيك لئن (6) كانت بديهة، لقد حسّنتها! (7)، ولئن كانت محبّرة، [لقد أجدت، قال: بل محبّرة] (8) يا أمير المؤمنين.
قال: يا غلام أعطه ألف درهم. فلصدقه أعجب إلينا من وصفه (9).
(تفسير بعض الغريب) (10):
__________
(1) التّكملة من: أ.
(2) ودقها، أي: قطرها. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1563، (ودق).
(3) في ب: ليلها.
(4) في الأصل وأ: غناء، والمثبت من: ب.
(5) في أ، ب: وأنسى.
(6) في الأصل: لو، والمثبت من: أ، ب، والعقد الفريد 3/ 465.
(7) في أ: أحسنت.
(8) زيادة يقتضيها سياق الخبر من: العقد الفريد 3/ 465.
(9) الخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 3/ 464، 465.
(10) عنوان جانبي من المحقّق.(2/1036)
الطّفحاء: المظلمة.
والوطفاء: المنهلة.
والمرجحنّة: المنبتة.
والرّجل: رفع الصّوت.
وقاصف رعدها: أي: كاسر (1).
والحثيث (2): السّريع.
[مغدق] (3) ودقها: أي: لودقها صوت من شدّة الوقع والودق.
خضل سيلها، أي: بال.
واخضلتنا السّماء: أي: بلّتنا.
والعضاة: شجر من شجر الشّوك كالطّلح والعوسج، الواحدة عضة، والهاء أصليّة، وقد يجمع على عضوات (4).
وقنان (5) الجبال: جمع قنّة، وهو الجبل المفرد.
[والجفاء] (6): ما رمى به الوادي إلى جنباته من الغثاء.
__________
(1) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: ساكن.
(2) في أ: والحديث.
(3) في الأصل والنّسخ الأخرى: منفق، وهو خطأ بلا شكّ من النّسّاخ، بدليل أنّها رسمت في نصالخبر بشكل صحيح.
(4) انظر: الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2240، 2241، (عضه).
(5) في ب: وقان.
(6) في الأصل: الغثاء. والتّصويب من: أ، ب.(2/1037)
ولقم الطّريق: منهجه.
وأنسأ، أي: أخّر.
وقال سليمان يوما لجلسائه: لقد أكلنا الطّيّب، ولبسنا الّلّين، وركبنا [الفاره] (1)، ووطئنا (2) العذراء، فلم يبق من لذّتي إلّا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التّحفّظ (3).
وكان يقول: زيادة المنطق على العقل خدعة، وزيادة العقل على المنطق هجنة (4)، وأحسن ذلك ما زيّن بعضه بعضا (5).
(موعظة أبي حازم لسليمان بن عبد الملك) (6):
وقدم سليمان المدينة يريد مكّة، فأقام بها، وسأل: هل بالمدينة من
__________
(1) في الأصل والنّسخ الأخرى: الفرات، وهو خطأ ظاهر، والتّصحيح من: مروج الذّهب 3/ 186.
الفاره: الحاذق بالشّيء، ويقال للبرذون والبغل والحمار: فاره بيّن الفرهة.
وفره بالكسر: أشر وبطر. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2242، 2243، (فره).
(2) في أ، ب: واستطأنا.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 186، والجاحظ: البيان والتّبيين 2/ 89، بأطول ممّا هنا.
(4) هجنة: قبح، الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2217، (هجن).
(5) هذا الخبر ذكره ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 452، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 241، مثله.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.(2/1038)
التّابعين وممّن أدركهم أحد؟ فقيل له: أبو حازم الأعرج (1)، صاحب أبي هريرة رضي الله عنه، واسمه: عبد الرّحمن بن هرمز (2) فأرسل إليه فلمّا دخل عليه قال له: ما هذا الجفاء؟ قال: وأيّ جفاء رأيت منّي يا أمير المؤمنين؟! قال: أتاني وجوه أهل المدينة ولم تأتني (3) أنت، قال: أعيذك بالله، أن تقول ما لم يكن، فو الله ما رأيتني ولا عرفتك، وما للأعرج من حاجة يتكلّم بها (4)، ولولا خوفكم ما أتيناكم وعند (5) سليمان محمّد (6) ابن
__________
(1) اسمه: سلمة بن دينار الأعرج المديني الزّاهد العابد، الأفزر، التّمّار، مولى الأسود بن سفيان، توفيّ في خلافة المنصور بعد سنة أربعين ومئة. ابن سعد: الطّبقات (القسم المتمّم) ص 332، 333، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 230218، وابن حجر: تقريب ص 247.
(2) وقع التباس هنا بين أبي حازم الأعرج المدني، الأفزر التّمار، القاصّ سلمة بن دينار، المتوفّى في خلافة المنصور، وبين عبد الرّحمن بن هرمز الأعرج المدني، أبو داود، صاحب أبي هريرة، ومولى ربيعة بن الحارث، المتوفّى بمصر سنة سبع عشرة ومئة. ابن سعد: الطّبقات 5/ 283، 284، والذّهبي: معرفة القراء الكبار 1/ 77، 78. وصاحب الحديث مع سليمان بن عبد الملك هو: أبو حازم، سلمة بن دينار.
(3) في الأصل وب: تأتيني، والتّصويب من: أ.
(4) في أ، ب: فيها.
(5) في الأصل: من عند، والتّصويب من: أ، ب.
(6) محمّد بن مسلم بن شهاب الزّهري، الفقيه الحافظ، مات سنة خمس وعشرين ومئة.
وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. ابن حجر: تقريب ص 506.(2/1039)
شهاب الزّهري فالتفت سليمان إلى ابن شهاب، وقال (1): أصاب الشّيخ وأخطأت (2).
ثم قال: يا ابا حازم! مالنا نكره الموت ونحبّ الحياة؟ قال: لأنّكم أخربتم الآخرة، وعمّرتم الدّنيا، فتكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب، وعمدتم إلى أمولكم فجمعتموها نصب أعينكم، فأنتم تكرهون فراقها، ولو قدّمتموها أمامكم لسرّكم أن تلحقوا بها، فإن كنت تريد من الدّنيا ما يكفيك فأدنى ما فيها يجزيك، وإن كان / أدنى ما فيها يجزيك [94/ ب] فليس فيها شيء يغنيك.
قال: يا أبا حازم! ما تقول فيما نحن فيه؟
قال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين! قال: إنّها نصيحة تلقيها إليّ.
قال: إنّ آباءك قهروا النّاس بالسّيف، وأخذوا هذا الأمر عنوة على غير رضى من المسلمين، ولا مشاورتهم، فقد رحلوا من (3) الدّنيا، فلو علمت ما قالوا، وما قيل لهم.
قال له رجل من جلسائه: بئس ما قلت يا أبا حازم، قال: كيف وأنّ الله أخذ ميثاقا للعلماء ليبيّننّه للنّاس (4)، ولا يكتمونه.
__________
(1) في أ، ب: فقال.
(2) في الأصل: وأخطأت أنت، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: رجوا أمر، والمثبت من: أ، ب.
(4) (للنّاس) سقطت من: ب.(2/1040)
وقال سليمان: يا أبا حازم! كيف بالقدوم على الله تعالى؟ قال (1):
أما المحسن فكالرّجل يقدم على أهله، وأمّا المسيء فكالآبق يقدم على مولاه (2). فبكى سليمان، ثم قال: ليت شعري ما لنا عند الله، قال له:
أعرض عملك على كتاب الله، قال: وأيّ مكان أجده؟ قال: {إِنَّ الْأَبْرََارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجََّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (14) (3)، قال: فأين رحمت الله؟ قال:
{قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (56) (4).
قال له: يا أبا حازم! أوصني. قال: أوصيك أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.
قال: ادع الله لي. قال: اللهم إن كان سليمان لك وليّا فبشّره بخير الدّنيا والآخرة، وإن كان لك عدوّا فخذ بناصيته إلى ما تحبّه وترضاه.
قال: يا أبا حازم! هل لك مال؟. قال: كثير طيّب. قال: ما هو؟
قال (5): الرّضى والقنوع.
قال له: ارفع حوائجك. قال: قد رفعتها. قال: إلى من؟ قال: إلى
__________
(1) (قال) سقطت من: ب.
(2) في الأصل: مواليه، والمثبت من: أ، ب.
(3) سروة الانفطار: الآيتان: (1413).
(4) الآية بتمامها: {وَلََا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلََاحِهََا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللََّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (56)، سورة الأعراف: الآية (56).
(5) (قال) سقطت من: ب.(2/1041)
من لا تقضى (1) الحوائج دونه. ولا ينتظر قضاؤها إلّا منه. قال: ارفع إليّ حوائجك. قال: نعم. تنجيني من النّار، وتدخلني الجنة. قال: ليس ذلك إليّ. فقال: فما للأعراج حاجة غيرها.
فالتفت ابن شهب، وقال: والله يا أمير المؤمنين! إنّه لجاري منذ عشرين سنة ما ظننت أنّ هذا عنده! قال: أجل والله يا زهري (2) لأنّي من المساكين، ولو كنت غنيّا لعرفتني. أدركنا العلماء وهم لا يأتون الأمراء فكان في ذلك صلاح الفريقين الوالي والمولّى عليهم، فلمّا رأيت العلماء يأتون الأمراء (3) ويسألونهم ما في أيديهم، قالوا: لولا أنّ الذي بأيدينا خير من الذي بأيديهم ما أتونا فكان في ذلك هلاك الفريقين الوالي والمولّى عليهم، قال سليمان: أجل والله يا زهري، لو لم تأتنا لأتيناك.
ثم خرج أبو حازم من عنده، فوجّه له بمائة ألف دينار، وكتب إليه أن أقبلها ولك عندي (4) مثلها. فردّها. وكتب إليه: أعيذك يا أمير المؤمنين
__________
(1) في أ، ب: تغش.
(2) في الأصل: يا زهيري، وفي ب: يا زهوري، والتّصويب من: أ.
(3) (فكان في ذلك صلاح الفريقين الوالي والمولّى عليهم، فلمّا رأيت العلماء يأتون الأمراء)، سقطت من: ب.
(4) في أ، ب: عندنا.(2/1042)
أن يكون سؤالك إيّاي وردّي عليك لبذل، والله! (1) ما أرضاها لك ولا (2)
لنفسي فإن كنت إنّما بعثتها عوضا ممّا حدّثتك فأكل الميتة [والدّم] (3)
ولحم الخنزير أحبّ إليّ منها في حال الاضطرار (4)، وإن كنت إنّما بعثتها لحقّ لي في بيت مال المسلمين، فلي فيها نظر فإن ساويت فيما بيننا (5)، وإلّا / فلا حاجة لي بها (6).
فقال له رجل من جلسائه [95/ أ]: أيسرّك (7) يا أمير المؤمنين أن يكون النّاس مثل هذا؟ قال: لا والله (8).
وأبو حازم (9) هذا يقال: إنّه مولى محمّد بن ربيعة بن الحارث ابن
__________
(1) (والله) لا توجد في النّسخ الأخرى.
(2) في أ، ب: فكيف أرضاها.
(3) الزّيادة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: في حال الاضطرار أحب إليّ منها.
(5) في الأصل: فيها بين لنا، والمثتب من: أ، ب.
(6) في أ، ب: فيها.
(7) في أ، ب: أيسرّ أمير.
(8) هذا الخبر ذكره صاحب الإمامة والسّياسة بتفصيل أكثر ممّا هنا 2/ 9188، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 221، ورواه بصيغة أخرى ابن عبد ربّه: العقد الفريد 3/ 163، 164.
(9) هذا القول غير صحيح لأنّ مولى محمّد بن ربيعة بن الحارث هو: عبد الله ابن هرمز الأعرج المدني. راجع طبقات ابن سعد 5/ 283، والذّهبي: سير 5/ 69، وابن الجزري: غاية النّهاية 1/ 381.(2/1043)
عبد المطلب، توفّي بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة.
وقال سليمان عند موت ابنه أيّوب لعمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة (1): إنّي لأجد في كبدي جمرة لا تطفيها (2) إلّا عبرة. فقال (3): أذكر الله يا أمير المؤمنين، وعليك بالصّبر، فنظر إلى رجاء بن حيوة (4)
كالمستريح إلى مشورته، فقال رجاء: أفضها يا أمير المؤمنين، فما بذلك من بأس فقد دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، وقال:
«العين تدمع، والقلب يوجع (5)، ولا نقول ما يسخط الرّبّ، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون» (6) فأرسل سليمان عينيه، فبكى حتّى
__________
أمّا أبو حازم سلمة بن دينار صاحب الكلام السّابق مع سليمان فهو مولى الأسود بن سفيان. ويقال: مولى لبني شجع من بني ليث بن بكر بن عبد مناة ابن كنانة.
راجع: طبقات ابن سعد (الجزء المتمّم) ص 332، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 217، وابن حجر: تهذيب 4/ 143.
(1) في ب: حياة.
(2) في ب: لا تطفها.
(3) القائل هو: عمر بن عبد العزيز، المبرد: الكامل 2/ 352.
(4) في ب: حياة.
(5) في الأصل: يخشع، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في أ: محزومون.
وللحديث شاهد أخرجه مسلم: الصّحيح بشرح النّووي، كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم، وتواضعه 15/ 75، عن أنس رضي الله عنه، ولفظه: «تدمع العين، ويحزن القلب،(2/1044)
قضى (1) إربا (2)، ثم أقبل عليهما (3) فقال: لو لم أنزف هذه العبرة لانصدعت كبدي. ثم لم يبك بعدها، ولكنّه تمثّل عند قبره لمّا دفنه، وحثا عليه التّراب، وقال: يا غلام! دابّتي، ثم التفت إلى قبره، فقال:
وقفت على قبر مقيم (4) بقفرة ... [متاع] (5) قليل من حبيب مفارق (6) (7)
وغضب سليان على خالد بن عبد الله القسري، فلمّا دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين! إنّ القدرة تذهب الحفيظة، وإنّك تجلّ (8) عن (9)
العقوبة فإن تعف فأهل (10) لذلك (11) أنت، وإن تعاقب فأهل
__________
ولا نقول إلّا ما يرضي ربّنا، والله يا إبراهيم إنّا بك لمحزونون». وأخرجه البخاري تعليقا في كتاب الجنائز، باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّا بك لمحزونون». فتح الباري 3/ 173، رقم (1303).
(1) في ب: قضا.
(2) قضى إربا، أي: قضى حاجة له. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 87، (أرب) بتصرّف.
(3) في أ، ب: عليها.
(4) (مقيم) سقطت من: ب.
(5) الزّيادة من: أ، ب.
(6) البيت في: البيان والتّبيين 4/ 59.
(7) الخبر في: الكامل للمبرد 2/ 352، وعند ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 302، بأطول ممّا هنا.
(8) في الأصل: وأنها تحمل، والتّصويب من: أ، ب.
(9) في ب: على.
(10) في الأصل: فأهلا، والتّصويب من: أ، ب.
(11) في أ، ب: ذلك.(2/1045)
فأهل لذلك (1) أنا (2).
وخرج نصيب الشّاعر يوما بابنتيه (3) يتنزّه فبينما (4) هو يمشي إذ بصر بأمير المؤمنين سليمان، فقال لابنتيه: دونكما أمير المؤمنين، فلمّا وصلتا إليه فقالت الكبرى:
أمير المؤمنين أما ترانا ... فقيرات ووالدنا فقير
أضرّ بنا شقاء الجدّ منه ... فليس يميرنا فيمن يمير
وقالت الصّغرى:
أمير المؤمنين أما ترانا ... كأنّا (5) من سواد اللّيل قير (6)
أمير المؤمنين أما ترانا ... خنافس بيننا عجل (7) كبير
فضحك سليمان، وأمر لهما بجائزة سنيّة (8).
__________
(1) في أ، ب: ذلك.
(2) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 190، وتكملته: فعفا عنه.
(3) في أ، ب: مع ابنتيه.
(4) في أ، ب: فبينا.
(5) في أ، ب: كأن.
(6) في الأصل: خير، التّصويب، من: أ، ب.
والقير: القار، الجوهريّ: الصّحاح 2/ 801، (قير).
(7) كذا في الأصل والنّسخ الأخرى، ولعلّ صوابها: جعل، وهو دويبة صغيرة تشبه الخنفساء. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1656، (جعل)، بتصرّف.
(8) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.(2/1046)
وكان سليمان نهما (1)، له معدّة كالنّار فمتى حصلت له الأطعمة فيها عادت حمأ من شدّة حرارتها، فكان [يأكل] (2) أبدا ولا يشبع (3)، وكان متى رأى الطّعام يساق إليه، لم يتمالك حتّى يقوم (4) ويلقاه، ويأخذ منه، ويجيء معه بالأكل، ثم يجلس معه، ففتحت له خوخة من خلفه يدخل منها الطّعام، فلا يراه حتّى يوضع بين يديه، فيهجم عليه هجمة الأسد فإن وجد الشّواء في السّفود (5) سخنا أخذه بأكمام حلّته التي من الوشي (6) و (7) الدّيباج، مثقّل (8) بالذّهب.
وأخبر (9) الأصمعي بذلك هاورن الرّشيد، بعد سبعين سنة، فلم
__________
(1) نهما: النّهم: إفراط الشّهوة في الطّعام. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1504، (نهم).
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) هذا من الكذب الذي قصد به الطّعن في سليمان رحمه الله، وتشويه صورته. وما أورده المؤلّف عقب هذا من أخبار تافهة وحكايات غريبة عن نهم سليمان في الطّعام، لا تستند إلى دليل، ولا يقبلها عقل، ولا يقرّ بها منطق.
(4) في أ: يقدم.
(5) في الأصل: سفود، والمثبت من: أ، ب.
والسّفود: الحديدة التي يشوى بها اللّحم. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 489، (سفد).
(6) الوشي: الثّوب المنقوش. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1730، (وشى).
(7) في أ، ب: أو.
(8) في أ، ب: والمثقّل.
(9) في أ، ب: فأخبر.(2/1047)
يصدّقه، فقال له: مر الخازن أن يأتيك / [95/ ب] بصناديقه من الخزانة، فجاء بها، فوجد فيها ثمانين حلّة مذهّبة، مملوءة الأكمام والصّدر بالدّسم، فأعطى الأصمعي منها حلّة، فباعها بخمس مئة دينار (1). وأتى يوما بالكامخة (2) وكان متخوما (3)، فقال: اجمعوا المساكين على هذا الطّعام، فلمّا اجتمعوا عند بابه، نظر إلى الطّعام فرأى فيه ألوانا حسانا محكمة كان يشتهيها، فأخذ في أكلها، وقال للعبيد: أدخلوا المساكين المساجد (4)
حتّى يصلّوا الصّلوات التي فاتتهم لأنّهم يشتغلون عن الصّلوات بالتّكفّف (5).
وخرج يوما إلى الحمام (6) جائعا، فأمر بإحضار الطّعام، فقال له
__________
(1) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 185، والأبشهي: المستطرف 1/ 180، مثله.
(2) في أ، ب: بالكاملة، والكامخة والكامخ معرّب، الذي يؤتدم به، الجوهريّ:
الصّحاح 1/ 430، (كمخ).
(3) متخوما، أي: ثقل من الطّعام، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1505، (وخم)، بتصرّف.
(4) (المس اجد) سقطت من: ب.
(5) في الأصل: بالتّكفيف، والتّصويب من: أ، ب.
والتّكفّف: أن يمدّ السّائل كفّه يسأل النّاس. يقال: فلان يتكفّف النّاس. الجوهريّ:
الصّحاح 4/ 1423، (كفف)، ولم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(6) الحمام: جمع حمامة، بالتّحريك، وهي ساحة القصر النّقيّة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1418، (حمم).(2/1048)
الطّبّاخ: إنّه لم ينضج، فقال له: أحضرني ما نضج منها مشويّا فقدّم إليه عشرين خروفا، فأكل أجوافها كلّها مع أربعين رقاقة (1)، ثم قدّم الطّعام بإثره (2)، فأكل مع جلسائه (3) أكله المعتاد (4).
وحضر مائدته (5) يوما أعرابي، وفيها جدي حنيذ فرأى الأعرابي يجهد فيه، فقال له: ما لك معه كأنّ أباه نطحك؟ فقال له الأعرابي: وما لك يا أمير المؤمنين تشفق عليه كأنّ أمّه أرضعتك؟! فاحتشم [وولّى] (6)، ورأى أنّه قد غلط، فاعتقد ذلك له. وكان كثيرا ما يحضر مائدته ويجهد حتّى يكاد يقاربه في الأكل، فقال له يوما: بلغني أنّ المارستان ليس له إمام، فكن فيه إماما تصلّي بمن فيه، ويرتّب لك (7) من بيت المال راتب، فقال له: الأيمان لي لازمة إن حضرت لك طعاما أبدا، فاعفني منه ومن المرستان، فضحك سليمان حتّى استلقى (8).
وكان له كلّ يوم ثمانون لونا للغداء ومثلها للعشاء، يحضر عليها
__________
(1) الرّقاقة، والرّقات، الخبز الرّقيق. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1483، (رقق).
(2) في أ، ب: بإثر ذلك.
(3) في أ، ب: ندمائه.
(4) مثله عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 185.
(5) في ب: مائدة.
(6) الزّيادة من: أ.
(7) في الأصل: ويترتّب لهم، والتّصويب من: أ، ب.
(8) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.(2/1049)
بنو أميّة، وأشراف النّاس، فكانت النّفقة تنثني عليها في (1) كلّ يوم عشرة آلاف درهم سوى سائر النّفقات.
وكان متى نام علّقت له من السّرير سلسل الخشكنان (2)، فمتى استيقظ أكل، فما يصبح فيها شيء (3).
وقدّر أكله في كلّ يوم بمائة (4) رطل (5) بالعراقي، حاشى ما كان يأكل متى استيقظ من اللّيل (6)، وكان مع هذا ضئيل الجسم (7)، لكنّه لم ير قطّ أقوى منه، ولا أكثر طاقة.
__________
(1) (في) ليس في: ب.
(2) في ب: الخشكلان.
والخشكنان: نوع من الخبز يعدّ بالزّبد والسّكر واللّوز والفستق، ويكون في شكل الهلال، وهو فارسي معرّب. الجواليقي: المعرب ص 273.
(3) مثله في مروج الذّهب 3/ 185.
(4) (بمائة) سقطت من: ب.
(5) الرّطل العراقي يساوي: (407غرامات)، زلّوم: الأموال في دولة الخلافة ص 62 فيكون وزن المئة رطل: (40800غرام)، فيظهر قدر ما يأكله في اليوم (40كيلو و 800غرام) من الطّعام، وهذا تقدير مبالغ فيه ولا نصدق به.
والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 185، وفي وفيات الأعيان 2/ 422، يأكل في كلّ يوم نحو مائة رطل.
(6) في أ، ب: بالليل.
(7) وردت هذه الصّفة له في البداية والنّهاية 9/ 205.(2/1050)
ذكر أنّه كان بين يديه أسد في قفص فجعل يرميه بقوس البندق (1).
فلمّا آلمه ذلك تحامل على القفص حتّى كسّره، وأقبل مغضبا إليه، فهرب جميع من كان معه، فلمّا دنا منه أخذ مخدّة كان يتّكيء عليها فلقيه بها في صدره، ودفعه (2) حتّى أقعده على كفله (3)، فبقي الأسد لا حراك به، فنظر إليه وقد دخل عظام رقبته في جوفه (4).
وخرج غازيا نحو الطّائف، فبات في منهلة (5) كان فيها جنان لبعض بني أميّة، فأمر الأمويّ وكيله أن يتقدّم، ويحتفل (6) في طعام يحضره، ويكثر منه، فعند دخوله للجنان، قال للوكيل: يا شمندل (7)، هل عندك ما تطعمني؟ قال: نعم. / جدي حنيذ كأنّه عكّة سمن، قال: هلمّ به، فأتاه به
__________
(1) البندق: الذي يرمى به، الواحدة: بندقة. والجمع: بنادق. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1452، (بندق).
(2) (ودفعه) تكرّرت في: ب.
(3) كفله: عجزه، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1361، (كفل).
(4) لم أقف على هذا عند غير المؤلّف.
(5) المنهلة، والمنهل: المنزل يكن بالمفازة، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1377، (نهل).
(6) في الأصل: ويحتال، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في عيون الأخبار 3/ 250: الشّمردل، وكيل آل عمرو بن العاص، وفي لسان العرب: باشمردل. والشّمردل كلاهما اسم رجل، ومعناهما: الفتى القويّ الجلد 12/ 371، 372، (شمردل).(2/1051)
[96/ أ]، فجعل ينهش فيه حتّى أتى على نصفه، ثم التفت فإذا عمر ابن عبد العزيز جالس بين يديه، فقال: هلمّ أبا حفص ولم يكن رآه قبل من شدّة شرهه للأكل فقال: إنّي صائم. فأتى على آخره، ثم جلس ساعة، فقال: يا شمندل! هل عندك ما تطعمني؟ قال: بلى والله، هريسة بعجل، كانت (1) تغدو عليه بقرة وتروح أخرى، قال: عجّل بها. فقدّمها إليه، فأكلها كلّها، ثم أقام ساعة، فقال: يا شمندل! هل عندك ما تطعمني؟ قال:
نعم والله، سبع دجاجات مشويّات (2) كأنّهنّ رئال (3) النّعام. فقال: جيء بهنّ. فأتاه بهنّ، فجعل يأخذ بأرجلهنّ، ويسلخ لحومهنّ، ويرمي بعظامهنّ، حتّى أتى على الجميع. ثم جال جولة في البستان فكان يأوي لشجرة (4) التّين وسائر أشجار الفاكهة، فيتوكّأ على الفرع بصدره، ويتناول ما فيه، حتّى يأتي على آخره وجميع ما في الشّجرة، ثم ينتقل إلى الأخرى (5)، كذلك حتّى أتى على أكثر البستان، ثم جلس ساعة وقال:
__________
(1) في أ، ب: كان.
(2) في ب: مشويات محشوات.
(3) رئال ورئلان: جمع: رأل، وهو ولد النّعام، والأنثى رألة، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1703، (رأل).
(4) في أ، ب: يأتي شجرة.
(5) في أ، ب: أخرى.(2/1052)
ويلك يا شمندل! هل عندك ما تطعمني؟ قال: نعم [والله] (1) عدل زبيب طائفيّ، ومائة رمّانة كأنّها قلال (2)، فقال: عليّ بذلك، فأتاه به، فأكل الجميع. ثم قال: يا شمندل! هل عندك ما تطعمني؟ قال: نعم (3)، والله ترجّات (4) مصبغات، كأنّهنّ هامات رجال عقلاء، وتفاحات مرشات (5)
كأنّهنّ بيضات نعام. قال: ائتني (6) بهنّ، فما برح حتّى أباد الجميع. ثم قال (7): هل من ماء؟ قال: قلّة جديدة قد شيب (8) فيها سكر، قال: هاتها،
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) قلال جمع: قلّة، إنّاء للعرب، كالجرّة الكبيرة، وقد تجمع على قلل، الجوهريّ:
الصّحاح 5/ 1804، (قلل).
(3) في أ، ب: بلى.
(4) ترجّات، جمع: أترجة، فاكهة حامضة المذاق، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص:
232، (ترج).
(5) (مرشات) ليست في أ. الأمتراش: الانتزاع، ومرشات: منتزعات من الشّجر.
الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 781، بتصرّف.
(6) في الأصل: إيتوني، والمثبت من: أ، ب.
(7) (قال) سقطت من: أ.
(8) شيب: خلط السّكر بالماء. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 132، (شوب)، بتصرّف.(2/1053)
فأتاه بقعب (1) يسع زقّا (2)، ففرّغه فيه (3)، فكأنّما يصبّ في جبّ (4)، ثم غفا (5) ساعة، واستيقظ.
فقال: يا شمندل! هل عندك ما تطعمني؟ قال: سلّة من بيض الإوز كأنّها ألال (6)، قال: هاتها. فأتاه بمائة (7) بيضة مسلوقة. ومائة (8) حبّة من التّين الأخضر، فما زال حتّى أتى عليها، ثمّ قال: علينا بالطّعام، فأتته الكوامل (9) ودعا بالنّاس. فأكل معهم فلم ينكر من أكله المعتاد شيئا (10)، وكان في جملة الطّعام صحفة مخ ملتوت (11) بسكّر، فأكله كلّه ثم رحل
__________
(1) القعب: قدح من الخشب مقعّر، الجوهريّ: الصّحاح 1/ 204، (قعب).
(2) الزّقّ بالكسر، السّقاء، أو جلد يجزّ ولا ينتف للشّراب وغيره، الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص: 1150، (زقّ).
(3) في أ، ب: فرفعه إلى فيه.
(4) الجبّ: البئر التي تطو. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 96، (جبب).
(5) في أ، ب: أغفى.
(6) ألال، صافية اللّون، يقال: ألّ اللّون، برق وصفا، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1242، (ألل).
(7) في أ، ب: بمائتي.
(8) في أ، ب: بمائتي.
(9) الكوامل: أي: الموائد الكاملة التي لا نقصفيها.
(10) في أ، ب: شيء.
(11) في الأصل: ملثوث، والتّصويب من: أ، ب.
ملتوت: مدقوق، ومشدود به. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 204، (لتّ).(2/1054)
من الطّائف، ونزل الزّهراء (1) فأصابته تخمة [وهيضة] (2) من ثقل البيض والمخ (3).
فلمّا أيقن بالموت، نظر نظرة موقن، وفكّر في افتئاته (4) على مال الله، وإسرافه [فيه] (5) فقال: والله لا كفّرت ذلك إلّا بتقديمي هذا العبد الصّالح عمر بن عبد العزيز فخلع أخاه (6) يزيد (7)، وولّى عمر ابن عبد
__________
(1) الزّهراء: لم أتوصّل إلى التّعرفّ بها.
(2) زيادة من: أ، ب.
(3) هذا الخبر ذكره باختصار ابن قتيبة: عيون الأخبار 3/ 250، و 251، وابن عبد ربّه:
العقد الفريد 4/ 431، 432، و 6/ 301، والإبشهي: المستطرف 1/ 180.
وهو من نسج بعض الرّواة من ذوي الميول الأهواء، ومن العوام الذين لا يعرفون من التّاريخ إلّا ما تناقلته الألسن وشاع بين النّاس. فقاموا بالتّرويج لتلك الشّائعات دون دراسة أو تحليل، حتّى غدت مقبولة عند النّاس. وما من شكّ أنّ هذه الشّائعات التي تدين خلفاء بني أميّة وتصورهم بحالة من السّوء كبيرة، تمسّ الحكم الإسلامي في ذلك العصر.
(4) افتئاته: صرفه لمال الله بالباطل، يقال: افتأت فلان على فلان، إذا قال عليه بالباطل.
الجوهريّ: الصّحاح 1/ 259، (فأت).
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في أب: أخوه.
(7) يزيد بن عبد الملك، أبو خالد، القرشي، الخليفة، ولد سنة إحدى وسبعين، ومات في شعبان سنة خمس ومئة. الذّهبي: سير 5/ 152150، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261259.(2/1055)
العزيز، وجعل يزيد بعده، ثم هشاما (1)، ثم كتب ببيعته (2).
ثم [دعا] (3) ببردة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبّلها ومسح بها وجهه وبكى، وقال: ما أرى أن يحرق الله بالنّار وجها باشر بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
وتأهب آخر جمعة من جمعه للخروج، والخطبة بالنّاس، فلبّس ثيابا خضراء، وعمّم عمامة خضراء، وتطيّب. وكانت بين يديه جارية تقابله بالمرآة، فأعجبته نفسه، ومشى بين يديها / متبخترا، وهو يقول: أنا [96/ ب] الملك الشّابّ، أنا السّيّد الحجاب، الكريم الوهّاب، فقال: كيف ترينني؟ فأنشدته بديها ممّا قيل إليه:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان
ليس فيما بدا لنا منك عيب ... عابه النّاس غير أنّك فان
فنغّصت البيتان نفسه، وغضب غضبا شديدا، وهمّ أن يوقع بها، ثم خرج باكيا، وخطب، وصلّى بالنّاس، وانصرف وقد أصابه برد شديد من تلك التّخمة والهيضة، فتلقّته تلك الجارية، فقال لها: اذهبي لا حيّاك الله! فلقد نغّصت عليّ يومي، فقالت له: بأيّ شيء جعلت فداك؟ فقال:
__________
(1) هشام بن عبد الملك، أبو الوليد، القرشي، الخليفة، ولد بعد السّبعين، ومات سنة خمس وعشرين ومئة. الذّهبي: سير 5/ 351، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 395.
(2) راجع: مروج الذّهب 3/ 193.
(3) الزّيادة من: أ، ب.
(4) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.(2/1056)
بالبيتين الذين أنشدتنيهما، فقالت [له] (1): وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحفظ بيت شعر ولا أنشدتك شعرا قطّ، ولا دخلت عليك يومي هذا إلّا السّاعة. فعلم أنّ نفسه نعيت إليه (2)، فتزايد (3) ما به، فلم تدركه (4) الجمعة الثّانية إلّا وهو تحت الأرض (5).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، وعمره، ومكان وفاته) (6):
وكانت خلافته ثلاث سنين، وستّة أشهر ونصف (7)، وتوفّي آخر (8)
__________
(1) زيادة من: أ، ب.
(2) نعيت إليه، أي: استشعر الموت، والنّاعي هو الذي يأتي بخبر الموت. الجوهريّ:
الصّحاح 6/ 2512، (نعا).
(3) في ب: فتزيّد.
(4) في ب: ترز.
(5) هذا الخبر ذكره باختصار الطّبري: تاريخ 6/ 547، وذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 186، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 202، 203، والشّعر عند الجاحظ:
البيان والتّبيين 3/ 144، 176، والأصفهاني: الأغاني 10/ 192، 193، (طبعة دار الكتب).
ونسبه لموسى شهوات، وكذلك في الشّعر والشّعراء لابن قتيبة ص 388، لكنّه قدّم البيت الثّاني على الأوّل.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(8) (آخر) ليست في: أ.(2/1057)
سنة تسع وتسعين، وهو ابن ثلاث وأربعين سنة (1)، وصلّى عليه عمر ابن عبد العزيز (2)، وتركه مع حشمه في مضاربه (3) حتّى انتهى إلى دمشق.
وكان حجّ بالنّاس في خلافته حجّة واحدة (4).
__________
(1) ذهب إلى هذا القول خليفة: تاريخه ص 316، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 425، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 71. وذكره ابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 198.
قلت: هذا الرّأي الذي أخذ به المؤلّف لا يستقيم مع ما ذكره في أنّه ولد سنة:
(51هـ)، وأنّ عمره عند بيعته كان (45سنة)، ووفاته سنة: (99هـ) لأنّ عمره بهذا يكون (56سنة).
ورجّح المسعودي القول بأنّ عمره عند وفاته كان (39سنة)، وقال: وجدت أكثر شيوخ بني مروان من ولده وولد غيره بدمشق وغيرها يذهبون إلى أنّه كان ابن تسع وثلاثين. مروج الذّهب 3/ 183.
ولعلّ هذا أقرب للواقع فيكون مولده سنة: (80هـ)، وهو العام الذي ولد فيه أخوه يزيد، وبعده بقليل كان مولد هشام. راجع: الذّهبي: سير 5/ 150، 351.
(2) خليفة: تاريخ ص 316، والطّبري: تاريخ 6/ 546، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 425، وكانت وفاته بمرج دابق بالقرب من حلب، ودفن فيها.
انظر: تاريخ خليفة ص 317، والطّبري: تاريخ 6/ 546، عن أبي مخنف، والمسعودي:
مروج الذّهب 3/ 183، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 424، وياقوت: معجم البلدان 2/ 416.
(3) في الأصل: إمضاء سنته، والتّصويب من: أ، ب.
مضاربه: جمع مضرب، وهو المكان الذي أقام به إلى أن توفّي ودفن به، يقال: ضرب بنفسه الأرض، أقام. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 138، (ضرب).
(4) وكانت تلك الحجّة سنة سبع وتسعين.(2/1058)
خبر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه (1):
ابن مروان بن الحكم:
أمّه أم عاصم (2)، قريبة (3) بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ولدته [بحلوان] (4) من بلاد مصر.
يكنّى:
أبا حفص (5).
__________
خليفة: تاريخ ص 314، والطّبري: تاريخ 6/ 529، عن أبي معشر، والذّهبي:
تاريخ (10080هـ)، ص: 378.
(1) (رضي الله عنه وأرضاه) ليست في: أ، ب.
(2) أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، القرشية، العدوية، وقيل: اسمها: ليلى، سكنت دمشق مدّة، وانتقلت إلى مصر مع زوجها عبد العزيز بن مروان، وماتت عنده. ابن قتيبة: المعارف ص 188، وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النّساء) ص 539533.
(3) محيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار ص: 38.
(4) في الأصل والنّسخ الأخرى: بالأردن، وهو خطأ واضح، وقع فيه المؤلّف ممّا اضطرّني إلى تصحيحه في المتن من وفيات الأعيان 5/ 298، وتاريخ الخلفاء للسّيوطي ص 228.
وحلوان: قرية من أعمال مصر، مشرفة على النّيل، هي اليوم تحمل مدينة بهذا الاسم تقع قرب القاهرة. ياقوت: معجم البلدان 2/ 293، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1458.
(5) الدّولابي: الكنى ص 151.(2/1059)
(بيعته) (1):
بويع بوم الجمعة. وذلك أنّ سليمان بن عبد الملك لمّا أشرف على المنيّة، دعا رجاء بن حيوة (2)، ومحمّد بن شهاب الزّهري، ومكحولا، وغيرهم من العلماء فكتب وصيّته، وأشهدهم عليها، وقال لهم: إذا أنا متّ فأذّنوا بالصّلاة جامعة، فإذا اجتمع النّاس وحضر بنو مروان، فأقرؤوا هذا الكتاب على النّاس. فلمّا فرغ من دفنه، نودي بالصّلاة جامعة، فلمّا اجتمع النّاس، وحضر بنو مروان أشرأبّوا للخلافة، وتشوّفوا (3) نحوها فقام الزّهري، فقال: أيّها النّاس أرضيتم من سماه أمير المؤمنين في كتابه؟
فقالوا: [نعم] (4)، فقرأ (5) الكتاب فإذا فيه: قد ولّيت أمير المسلمين عمر ابن عبد العزيز، ومن بعده يزيد بن عبد الملك. فقام مكحول فقال: أين عمر بن عبد العزيز؟ وكان عمر في آخر النّاس فتوقّف ولم يجب، فدعا به ثانية وثالثة، وهو لا يجيب، فقام إليه قوم، فأخذوا (6) بعضده
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) في ب: حياة.
(3) في أ، ب: وتشرّفوا.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) في الأصل: اقرؤوا، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: فأخذ، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب 3/ 193.(2/1060)
ويده (1)، فأقاموه وذهبوا (2) به إلى المنبر. فصعد فيه، وجلس على المرقاة الثّانية، فكان أوّل من بايعه يزيد بن / عبد الملك، ثم بايع النّاس أجمع بعده، وامتنع [97/ أ] سعيد وهشام ابناء عبد الملك من مبايعته، ولم يبايعا إلّا بعد يومين (3).
(خطبته بعد البيعة) (4):
ولمّا صعد المنبر، قال: أيّها النّاس إنّما نحن من فروع قد مضت أصولها، فما بقاء (5) فرع بعد أصله؟! وإنّما النّاس في هذه الدّنيا أغراض تنتقل (6) فيهم المنايا، وهم فيها نهب المصائب مع [كلّ] (7) جرعة شرق (8)، وفي كلّ أكلة غصص، ولا ينالون نعمة إلّا بفراق أخرى، وما يعمر فيها أحد يوما من عمره إلّا بانههدام (9) آخر من أجله (10).
__________
(1) في أ، ب: بعضديه ويديه.
(2) في الأصل: وذهب، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب 3/ 193.
(3) الخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 193.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) في الأصل: بقي، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب 3/ 194.
(6) في أ: تنتقر، وفي مروج الذّهب 3/ 194، تنتضل.
(7) الزّيادة من: أ، ب.
(8) في أ: شرقا.
(9) في أ، ب: باهزام.
(10) هذه الخطبة ذكرها المسعودي: مروج الذّهب 3/ 194، والقالي: الأمالي(2/1061)
(صفاته) (1):
وكان رحمه الله آدم اللّون، طويلا، نحيفا، أكحل، أسود اللّحية خفيفها، غائر العينين، دقيق الوجه (2).
وهو أشجّ بني أميّة (3)، الذي قال فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّ من ولدي رجلا بوجهه شين (4) يملأ الأرض عدلا (5).
وذلك أنّ دابة ضربته في وجهه فشجّته (6).
وقيل: إنّه ركبها وهو صبيّ، فسقط عنها، فأصابته تلك الشّجة (7)، فلمّا رآه أخوه الأصبغ (8) وكان عالما بالحدثان، قال: الله أكبر! هذا
__________
2/ 100، بأطول ممّا هنا.
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) ورد بعض هذه الصّفات عند المسعودي: التّنبيه الإشراف ص: 319، وابن دقماق:
الجوهر الثّمين ص 72.
(3) أشجّ بني أمية: لقب لعمر بن عبد العزيز، ابن حجر: نزهة الألباب 1/ 84.
(4) الشّين: خلاف الزّين، الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2147، (شين).
(5) هذا الأثر أخرجه البيهقي: دلائل النّبوة 6/ 492، عن نافع مولى ابن عمر، ونقله ابن كثير: مسند الفاروق 2/ 693، وقال إسناده صحيح إلى نافع، وهو منقطع بينه وبين عمر، والظّاهر أنّه سمعه من ابن عمر عن عمر.
(6) ابن سعد: الطّبقات 5/ 331، والثّعالبي: ثمار القلوب ص 113، وابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز ص 11.
(7) ابن عبد الحكم: سيرة عمر بن عبد العزيز ص 24.
(8) في الأصل: الأسبغ، والمثبت من: أ، ب.(2/1062)
أشجّ بني مروان الذي يملك ويملأ الأرض عدلا (1).
قال الأصمعي: اسمه في كتاب دانيال (2)، الدّردوق (3) الأشجّ (4).
كاتبه على الإنشاء والرّسائل:
أبو الزّناد (5)، [وليث بن أبي رقيّة مولى أمّ حكيم] (6)، ورجاء
__________
والأصبغ بن عبد العزيز، أبو ريّان الأموي، سكن مصر مع أبيه حتّى مات قبل أبيه، سنة ست وثمانين، ابن قتيبة: المعارف ص: 362، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 86.
(1) (يملأ الأرض عدلا)، ليست في: أ، ب، والخبر عند ابن قتيبة: المعارف ص 362، والثّعالبي: ثمار القلوب ص 113.
(2) دانيال أحد أنبياء بني إسرائيل، كان في الأساري الذين في يد بختنصر بعد غزو بيت المقدس، وأقام بأرض بابل، ثم انتقل عنها ومات ودفن بالسّوس من أعمال خوزستان.
انظر أخباره عند: ابن قتيبة: المعارف ص 49، والطّبري: تاريخ 1/ 543، 544، 555553، 558، 588، 597، وابن الأثير: الكامل 1/ 150، 151، و 2/ 386.
(3) في أ، ب: الدّردوق، وهو الأشجّ، والدّردوق: الطّفل الصّغير، والدّردق: الأطفال، والصّغار من كلّ شيء. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1474، (درق). بتصرّف.
(4) الخبر عند ابن قتيبة: المعارف ص 362.
(5) أبو الزّناد، هو: عبد الله بن ذكوان، الإمام، الفقيه، الحافظ، القرشي، المدني، ولّاه عمر بن عبد العزيز خراج العراق، وكان يكتب لعبد الحميد بن عبد الرّحمن، عامل عمر على الكوفة، وكتب لعمر بن عبد العزيز، مات سنة: (130هـ)، وقيل:
بعدها. ابن سعد: الطّبقات (القسم المتمّم) ص: 318، وابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 103، والذّهبي: سير 5/ 447445.
(6) في الأصل والنّسخ الأخرى: حكيم بن أبي رقية، وهو خطأ واضح، والصّواب ما(2/1063)
بن حياة (1) الكندي.
وكثيرا ما كان يكتب بيده جلالة منه وتواضعا.
وكاتبه على الدّيوان والخراج والجند:
صالح بن [جبير] (2).
وقيل: مزاحم (3).
وعلى شرطه:
يزيد بن بشير (4) الكناني.
__________
أثبته من تاريخ خليفة ص 324، والوزراء والكتاب للجهشياري ص 53، والمؤتلف والمختلف للدّارقطني 4/ 1059، والمسعودي: التّنبيه ص 320، وابن ماكولا:
الإكمال 4/ 89، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 432، وابن حجر: تهذيب 8/ 459.
(1) في أ: حيوة، والخبر عند ابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 73، لكنّه يقدّم رجاء ابن حيوة على ابن أبي رقيّة.
وانظر: الوزراء والكتاب ص 53، والعقد الفريد 4/ 165.
(2) في الأصل والنّسخ الأخرى: حميد، وهو تحريف ظاهر، والتّصحيح من التّاريخ الكبير للبخاري 4/ 274، وتاريخ خليفة ص 324، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 368، والمزّي: تهذيب الكمال 13/ 23.
(3) مزاحم بن أبي مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، سكن مكّة، وروي عن عمر ابن عبد العزيز، والزّهري، ومات في خلافة عمر بن عبد العزيز. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 16/ 404، 405.
(4) في أ، ب، والجوهر الثّمين ص 73: بشر، والخبر في العقد الفريد 4/ 432.(2/1064)
وعلى حرسه:
المهاجر بن أبي عياش (1) الألهاني (2).
وعلى مظالمه:
أبو العبّاس الهلالي (3).
وحاجبه:
أبو عبيدة [الهلالي] (4) مولاه، وكان حبشيا.
وآذنه:
حبيش (5) مولاه، وقيل: إنّه كان حاجبه (6).
[وعلى خاتمه:
نعيم بن سلامة] (7).
__________
(1) في تاريخ خليفة ص 325: ابن أبي عياش، ثم عزله وولّى عمر بن المهاجر مولى الأنصار، ونقله ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 19/ 271.
(2) الألهاني: نسبة إلى ألهان بن مالك أخي همدان بن مالك. ابن الأثير: اللّباب 1/ 83.
(3) لم أقف على ترجمته.
(4) في أ، ب: مزاحم، وفي العقد الفريد 4/ 432: الأسود، ولم أقف على ترجمة أبي عبيدة.
(5) لم أقف على ترجمته.
(6) خليفة: تاريخ 325.
(7) الزّيادة من: أ، ب، والخبر في ثقات ابن حبّان 5/ 478، وفي العقد الفريد 4/ 432:
نعيم بن أبي سلامة.(2/1065)
وكان نقش [خاتمه] (1):
كفى بالموت واعظا يا عمر (2).
وقيل: عمر يؤمن بالله (3).
(تسمية عمّاله على الولايات) (4):
ولمّا ولّي عزل يزيد بن المهلّب، وصالح بن عبد الرّحمن (5) عن (6)
العراق. والسّمح بن مالك عن الأندلس، وكلّ عامل كان لغيره قبله (7).
واستعمل على الكوفة: عبد الحميد (8)، بن عبد الرّحمن بن زيد ابن
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(3) المسعودي: التّنبيه ص 320، وفيه تكملة: مخلصا، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 81.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) صالح بن عبد الرّحمن، أبو الوليد، الكاتب، من أهل البصرة، ولّاه سليمان خراج العراق، ثم ولّاه يزيد بن عبد الملك، فتعقّبه أمير العراق عمر بن هبيرة فقتله. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 373، والذّهبي: تاريخ (120101هـ)، ص 110.
(6) في ب: على.
(7) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 193.
(8) عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، الثّقة الأمير العادل، مات بحرّان في خلافة هشام بن عبد الملك. الذّهبي: سير 5/ 149، وابن حجر: تقريب ص 334.(2/1066)
الخطاب.
وعلى البصرة: [عدي] (1) بن أرطاة الفزاري.
وعلى مصر: أبو أيّوب (2) بن شرحبيل الأصبحي (3).
وعلى الرّملة: عبد الله بن عوف الكناني (4).
وعلى إفريقية: محمّد بن يزيد (5) الأنصاري.
وعلى الأندلس: حذيفة بن الأحوص (6).
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
عدي بن أرطاة الفزاري الدّمشقي، قتل بالبصرة سنة اثنتين ومئة. الخطيب البغدادي:
تاريخ بغداد 12/ 306، والذّهبي: سير 5/ 53.
(2) في تاريخ خليفة ص 323، وتاريخ الإسلامي للذّهبي (120101هـ): أيوب بن شرحبيل، ولي مصر لعمر بن عبد العزيز، ومات في رمضان سنة إحدى ومئة.
(3) الأصبحي، نسبة إلى ذي أصبح من يعرب بن قحطان، وأصبح صارت قبيلة. ابن الأثير: اللّباب 1/ 69.
(4) عبد الله بن عوف الكناني الشّامي، أبو القاسم القاري، ولي خراج فلسطين لعمر بن عبد العزيز.
الفسوي: المعرفة والتّاريخ 1/ 607، والذّهبي: تاريخ (120101هـ)، ص 138.
(5) في الأصل والنّسخ الأخرى: زيد، والتّصويب من: تاريخ خليفة ص 323، وقد سبقت ترجمة محمّد بن يزيد.
(6) هذا خلاف السّائد في المصادر الأخرى حيث تذكر أنّ السّمح بن مالك الخولاني كان على الأندلس في عهد عمر بن عبد العزيز، وبقي واليا حتّى استشهد سنة (102هـ)، وقيل: (103هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 26، وابن الأثير:(2/1067)
وروي عن عبد الله (1) بن كريز، قال: كتب عامل إفريقية إلى عمر ابن عبد العزيز رحمه الله يشكو إليه الهوام والعقارب، فأجابه: وما على أحدكم أن يقول: {وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ وَقَدْ هَدََانََا سُبُلَنََا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ََ مََا آذَيْتُمُونََا وَعَلَى اللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (12) (2).
واستعمل على البلاد أصلح من رآه من النّاس.
وكان من الخلافة والفضل في غاية لم [ينلها] (3) بعد الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم إلّا هو (4) غيّر البدع، وردّ المظالم، ورفض / [97/ ب]
__________
الكامل 4/ 160، 360، والمقرّي: نفح الطّيب 3/ 14، 15.
أمّا حديفة بن الأحوص فكانت ولايته عليها متأخّرة في عهد هشام بن عبد الملك سنة: (110هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 27، والمقرّي: نفح الطّيب 3/ 18، عن ابن بشكوال.
(1) في أ: عبيد الله، ولم أقف على ترجمة لعبد الله.
(2) سورة إبراهيم: الآية: (12).
وليست تامّة في النّسخة أ. والخبر عند ابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 115، وابن أبي دينار: المؤنس ص 38.
(3) زيادة من: أ، ب.
(4) فقد اكتملت فيه بعد الخلفاء الرّاشدين صفات منها: القدرة، والعلم، والدّين، والعدل، والسّياسة، والسّلطان فلمّا تولّى الخلافة أظهر من السّنة والعدل ما قد خفي، وأعطى النّاس حقوقهم، وعدل فيهم حتّى روي عن الشّافعي رحمه الله قوله:
الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز.
وفي رواية: الخلفاء الرّاشدون.
وورد عن أبي بكر بن عيّاش نحوه، وعن الثّوري وأحمد مثله. ابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 73، والذّهبي: سير 5/ 130، 131، وابن تيمية: منهاج السّنة (تحقيق: محمّد رشاد سالم) 4/ 107، و 6/ 200، و 227.(2/1068)
الدّنيا، وحذا في بيت المال حذو جدّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال أبو الزّناد (1): لمّا ولي عمر (2) بن عبد العزيز، نظر فيما كان في يد (3) سليمان بن عبد الملك، فكلّما رأى أنّه لا يجوز ردّه لبيت المال، وردّ كلّ مال مغصوب إلى أربابه (4)، ونظر فيما كان بيد (5) بني أميّة من القطائع، فردّها إلى المسلمين (6).
قال مالك: وردّ ما كان بيده من القطائع والأموال، فقيل له: كيف يعيش ولدك من بعدك؟ قال: أكلهم إلى الله تعالى (7).
وقال يحيى (8) بن سعيد: كلّمه رجال من بني أميّة فيما بأيديهم،
__________
(1) عبد الله بن ذكوان القرشي، المعروف بأبي الزّناد، ثقة فقيه، ولد نحو سنة:
(65هـ)، ومات سنة: (130هـ). الذّهبي: سير 5/ 451445، وابن حجر:
تقريب ص 302.
(2) في ب: لعمر.
(3) في أ، ب: بيد.
(4) في ب: أربابها.
(5) في أ، ب: في أيدي.
(6) قارن بما ورد في العقد الفريد 4/ 437، 438، وابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 67.
(7) روى نص هذا الخبر تامّا الفسوي: المعرفة والتّاريخ 1/ 586، و 616615، وابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 128.
(8) لم أتوصّل إلى معرفته.(2/1069)
فقال له بعضهم: دع ما مضى عليه أوّلوك، واعمل بما يوفّقك الله له، فقال: كيف ألقى الله وفي يديك وأيدي أصحابك مظالم أقدر على ردّها؟! (1).
وكان يردّ المظالم على أربابها بغير بيّنة قاطعة، ويكتفي بيسير الشّبهة (2).
وقال فيه (3) عتبة بن شمّاس (4):
إنّ أولى بالحقّ في كلّ حقّ ... ثمّ أحرى بأن يكون حقيقا
من أبوه عبد العزيز بن مروان ... ومن كان جدّه الفاروقا
ردّ أموالنا علينا وكانت ... في ذرا شاهق يفوت الأنوقا (5)
وأمر أن ينفق على ابناء السّبيل من مرض منهم (6)، ومن نفقت
__________
(1) لم أقف عليه في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(2) ابن عبد الحكم: سيرة عمر ص 125، بأطول ممّا هنا، وابن سعد: الطّبقات 5/ 342.
(3) (فيه) ليست في: ب.
(4) لم أقف على ترجمته.
(5) الأنوق: أنثى طائر الرّخمة. وفي المثل: أعزّ من بيض الأنوق لأنّها تحرزه، فلا يكاد يظفر به لأنّ أو كارها في رؤوس الجبال، والأماكن الصعبة البعيدة. ابن منظور:
لسان العرب 11/ 10، (أنق)، والأبيات عند المبرد: الكامل 1/ 541.
(6) (منهم) ليست في: أ.(2/1070)
دابته، أخلفت (1) له، ومن ضعف قوّي، ومن عليه دين من غير سوء ولا فساد قضي عنه (2).
وكان يكثر العطاء، حتّى كان الرّجل يطلب (3) لمن يعطي صدقته، فلا يجد إلّا من [قد] (4) أعطاه عمر من مال الله (5).
وكان لا يأخذ من بيت مال (6) المسلمين أجرة، فقيل له: إنّ جدّك عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له في (7) كلّ يوم من بيت مال (8) المسلمين درهمان. فقال: كان عمر بن الخطاب لا مال له، وأنا عندي ما يقوم بي (9).
__________
(1) في أ: اختلفت، وفي ب: واخلف.
(2) انظر: الشّواهد على قضائه ديون المعسرين عند: ابن سعد: الطّبقات 5/ 349.
(3) في ب: حتّى طلب الرّجل، وفي أ: فربّما طلب الرّجل.
(4) زيادة من: ب.
(5) انظر نص الخبر عند: ابن عبد الحكم: سيرة عمر ص 124، 125، والفسوي:
المعرفة والتّاريخ 1/ 599، ومثله عند الذّهبي: سير 5/ 131.
(6) في أ: من مال بيت.
(7) (في) ليست في: أ، ب.
(8) في أ، ب: المال.
(9) مثله عند: ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 271، 434، وباختصار عند ابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 299، والذّهبي: سير 5/ 134.(2/1071)
وكان قبل الخلافة (1) تساق إليه حلّة (2) بألف مثقال ليشتريها، فيقول: هذه جيّدة لولا خشانة فيها، وكان يؤتى بعد خلافته بجبّة صوف بأربعة دراهم (3)، فيقول: هذه (4) جيّدة لولا حلاوة فيها (5)، فقيل له في ذلك، فقال: كانت (6) لي نفس توّاقت (7) لمّا كنت أميرا، فكانت نفسي تتوق إلى الخلافة فكنت أعمل بعملها (8)، فلمّا صارت إليّ الخلافة (9)
تاقت نفسي إلى ما هو أعلى وأفضل، وهي الجنّة، فأنا أعمل لها (10).
وكان قبل الخلافة (11) يدفع ثيابه إلى الغسّال، فيقصد (12)
__________
(1) في أ، ب: خلافته.
(2) في أ: حلف.
(3) هنا ينتهي السّقط من نسخة: ج.
(4) في ج: هي.
(5) قارن ما ورد عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 196، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 434.
(6) (كانت) سقطت من: ج.
(7) توّاقت: مشتاقة إلى الشّيء. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1153، (توق).
(8) في أ: بعملنا.
(9) (الخلافة) ليست في: أ، ب، ج.
(10) في ج: بها، والخبر رواه ابن عساكر: تاريخ دمشق 13/ 297، ومثله عند: ابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 81.
(11) في ب: خلافته.
(12) (فيقصد) سقطت من: ب.(2/1072)
جلّ (1) النّاس الغسّال (2) بالرّشوة ليغسل ثيابهم في الماء الذي يغسل به ثياب عمر، لتأخذ من رائحة ثيابه (3).
[ودخل عليه مسلمة بن عبد الملك وعليه ريطة (4) من رياط مصر، فقال له عمر: بكم أخذت هذه أبا سعيد؟ قال: بكذا وكذا، قال: فلو نقصت من ثمنها شيئا أزادك في شرفك؟ قال: لا. قال: فاعلم يا مسلمة أنّ أفضل الاقتصاد ما كان بعد الجدّة، وأفضل العفو ما كان بعد القدرة، وأفضل الدّين ما كان بعد الولاية] (5).
ومن عدله وفضله: أنّ الذّئب والشّاة (6) كانا يشربان من (7) ماء واحد طول (8) خلافته (9).
__________
(1) في أ، ب، ج: جلة.
(2) في ج: فيقصد الغسّال جلّة النّاس.
(3) في ج: لتأخذ من روائح طيب ثيابه. ولم أقف على الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(4) الرّيطة: كلّ ملاءة غير ذات لفقين، كلّها نسج واحد، وقطعة واحدة، أو كلّ ثوب ليّن رقيق. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 863 (ربط).
(5) هذا الخبر زيادة من: ج، وهو عند: ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 434، 435، والقالي: الأمالي 2/ 282.
(6) في ج: الشّاة والذئب.
(7) في أ: في.
(8) في ج: في.
(9) انظر نص الخبر عند: أبي نعيم: الحلية 5/ 255، وابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 87.(2/1073)
ولقد وجّه رسله إلى صاحب القسطنطينية في الصّلح، فأجابه إليه، وسرّ وأثنى وشكر (1). ولقد وجّه رسله ثانية فدخلوا عليه ووجدوه (2)
جالسا على الأرض، وقد نزل من سريره وأزال تاجه، وقد تغيّرت صفاته التي رأوه عليها (3) بالأمس، / كأنّه قد حدث في ملكه حادث عظيم [98/ أ]، ثمّ قال:
إنّما وجّهت عنكم (4) لأعزينّكم (5) في ذلك الرّجل الصّالح (6) الذي وجّهكم إليّ إذ قد مات، قلنا له: من أين عرفت موته؟ (7). قال: مذ (8)
ولي الخلافة كانت الشّاة تشرب مع الذّئب من ماء واحد في جميع بلادنا، وكانت أغنامنا (9) ترعى بلا راع، فعلمنا أنّ ذلك من عدله، فلمّا كان
__________
(1) في أ، ب: وأثنى.
(2) في أ، ب: قال الإرسال، فوجه لنا يوما، فدخلنا عليه فوجدناه، وفي ج: قال الرّسول فوجّه عنا يوما فدخلنا عليه فوجدناه.
(3) في أ، ب: رأينا، وفي ج: رأوها.
(4) في ج: إليكم.
(5) في أ، ب، ج: لأعزيكم.
(6) في ج: الصّالح العادل.
(7) في ج: بموته.
(8) في أ، ب: من.
(9) في الأصل: غنمنا، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1074)
اليوم الذي عدت الذّئاب على الماشية في كلّ موضع (1)، فعلمنا [بذلك] (2)
أنّه قد مات. قالوا: فورّخنا ذلك اليوم، فإذا هو اليوم الذي مات فيه عمر رحمه الله تعالى (3).
[وقدم عليه رجل من خراسان، فقال له: رأيت في خلافة عبد الملك ابن مروان قائلا يقول: إذا ولي الأشجّ من بني أميّة ملأها عدلا وفضلا كما ملئت ظلما وجورا فلمّا ولي الوليد سألت عنه، فقيل لي: ليس بأشجّ، ثم ولي سليمان، فسألت عنه فقيل لي كذلك، فلمّا ولّيت أنت، سألت عنك، فقيل لي: إنّك أشجّ، فأتيتك أخبرك بذلك. فقال له: والله إنّ الذي رأيت حقّا، قال له: أي وعزّة الله وجلاله، فأمر به إلى دار الضّيافة، فأقام فيها مدّة، ثم بعث إليه، وقال: امسكتك حتّى بعثت إلى بلدك حتّى أستقصي عليك، فأخبرت أنّك من خيار قومك، واستوى فيك قول صديقك وعدوّك، فانصرف راشدا] (4).
__________
(1) (في كلّ موضع)، سقطت من: ج.
(2) التّكملة من: ج.
(3) (تعالى) ليست في: أ، ب. والفقرة كاملة سقطت من: ج. وذكر مثله المسعودي:
مروج الذّهب 3/ 195.
(4) هذا الخبر بكامله استدراك من نسخة: ج، وذكر مثله ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 433.(2/1075)
[ولمّا ولي عمر رحمه الله تعالى] (1) دخل عليه سالم [السّدّي] (2)
وكان من خواصّة (3)، فقال له عمر: أسرّك ما ولّيت أم ساءك؟ فقال: بل سرّني للنّاس، وساءني لك، فقال: إنّي أخاف أن أكون قد أوبقت نفسي، قال: وما أحسن ذلك إن كنت (4) تخاف، إنّما يخاف عليك ألّا تخاف، قال: عظني، قال: أبونا آدم أخرج من الجنّة بخطيئته (5).
ودخل عليه محمّد بن كعب القرظي (6)، يوم ولّي فقال له (7): يا أمير
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، ج.
(2) الزّيادة من: أ، ب، ج.
سالم بن عبد الله المدني مولى محمّد بن كعب القرظي، كان عابدا خيّرا، قدم على عمر بن عبد العزيز. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 57، والصّفدي: الوافي بالوفيّات 15/ 86.
والسّدّي: نسبة إلى: السّدّة، وهي الباب، ابن الأثير: اللّباب 2/ 110.
(3) في ج: خاصته.
(4) في الأصل، وأ، ب: إنّك، والتّصويب من: ج.
(5) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 194، ومثله عند الزّمخشري: ربيع الأبرار 1/ 717، وأبو حيّان التّوحيدي: البصائر (تحقيق وداد القاضي) 4/ 172، وأشار إليه ابن عبد البرّ: بهجة المجالس 1/ 100، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 57.
(6) محمّد بن كعب القرظي المدني، سكن الكوفة مدّة ثم المدينة، ولد سنة أربعين، ومات سنة عشرين ومئة. وقيل: قبل ذلك. الذّهبي: سير 5/ 6865، وابن حجر: تقريب ص 504.
القرظي: نسبة إلى قريظة، وهو اسم رجل نزل أولاده حصنا بقرب المدينة. ابن الأثير:
اللّباب 3/ 26.
(7) (له) ليست في: ج.(2/1076)
المؤمنين! إنّما الدّنيا سوق من الأسواق، عنها خرج النّاس بما ربحوا منها (1) لآخرتهم، وخرج منها آخرون بما يضرّهم، فكم من قوم غرّهم مثل الذي أصبحنا (2) فيه حتّى أتاهم الموت فاستوعبهم، وخرجوا من الدّنيا مرمّلين (3)، لم يأخذوا من أمر الدّنيا والآخرة، فاقتسم مالهم من لم يحمدهم، وصاروا إلى من لا (4) يعذرهم فانظر الذي تحبّ أن يكون (5)
معك، إذا قدمت فقدّمه بين يديك حتّى تخرج إليه، وانظر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت، فابتغ به البدل حيث (6) يجوز البدل، ولا تذهبنّ إلى سلعة قد بارت على غيرك ترجو جوازها [عنك] (7)، يا أمير المؤمنين! افتح الأبواب، وسهّل الحجاب، وانصر المظلوم (8).
وقال عمر لمزاحم مولاه: إنّ الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا
__________
(1) (منها) سقطت من: ج.
(2) في الأصل: أصبحت، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) مرمّلين: مهرولين، والرّمل بالتّحريك: الهرولة. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1713، (رمل).
(4) في الأصل، وأ، ج: لم، والمثبت من: ب، وعيون الأخبار 2/ 370.
(5) في ب: تكون.
(6) في ج: حتى.
(7) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(8) هذا الخبر ذكره ابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 370.(2/1077)
أجعلك عينا على نفسي (1) فإن سمعت منّي كلمة تكرهها (2) أو فعلا لا تحبّه فعظني عند ذلك وانهني عنه (3).
[وقال يوما لعنبسة بن سعيد: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجّاج، فقال له: يا أمير المؤمنين! كنّا جلوسا عنده ذات ليلة فأتي برجل، فقال: ما أخرجك هذه السّاعة، وقد قلت لا أجد فيها أحدا إلّا فعلت به وفعلت. قال: أمّا والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمّي منذ ثلاث. قالت (4): أعزم عليك إلّا رجعت إلى أهلك فإنّهم مغمومون بتخلّفك، فكن عندهم اللّيلة، وتعود إليّ غدا، فخرجت فأخذ بي الطّائف، فقال الحجّاج: ننهاكم وتعصوننا، أضربوا عنقه.
ثم أتي برجل آخر، فقال: ما أخرجك من هذه السّاعة؟ فقال: والله لا أكذبك، لزمني غريم لي على بابه، فلمّا كانت السّاعة أغلق بابه، وجاء طائفك فأخذني، فقال: ما أخرجك هذه السّاعة؟ قال: كنت مع شرب أشرب، فلمّا سكرت خرجت فأخذني الطّائف، فذهب عنّي السّكر فزعا. فقال: يا عنبسة ما أراه إلّا صادقا، خلّيا سبيله، فقال عمر بن عبد
__________
(1) (نفسي)، سقطت من: ج.
(2) (تكرهها) سقطت من: ج.
(3) في ج: ونبهني عليه، والخبر عند ابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 23، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 16/ 405.
(4) في ج: قال، والتّصويب من تهذيب تاريخ دمشق 4/ 80.(2/1078)
العزيز لعنبسه: فما قلت له شيئا؟! فقال: لا. فقال عمر لآذنه: لا تأذن لعنبسة علينا إلّا أن تكون له حاجة] (1).
[وبعث عمر إلى أبي سلّام واسمه ممطور الأعرج الحبشي (2)
الدّمشقي فحمل على البريد، فلمّا قدم عليه قال: لقد شقّ عليّ محملي على البريد، فقال: ما أردنا المشقّة عليك، ولكن بلغني عنك حديثا تحدّثه عن ثوبان (3)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوض، فأحببت أن تشافهني به. فقال سمعت ثوبان يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ حوضي ما بين عدن إلى عمان، ماؤه أشدّ بياضا من اللّبن، وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السّماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، وأوّل النّاس ورودا عليه فقراء المهاجرين فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صفهم يا رسول الله. قال:
__________
(1) هذا الخبر زيادة من نسخة: ج، وذكره بتمامه ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 80.
(2) ممطور الحبشي الدّمشقي، من جلّة العلماء بالشّام، عمّر دهرا، توفّي سنة نيّف ومئة.
الذّهبي: سير 4/ 357355، وابن حجر: تقريب ص 545.
الحبشي، أختلف في هذه النّسبة فقيل: نسبة إلى الحبشة. وقيل: إلى حيّ من خثعم.
وقيل: إلى حيّ من حمير. ابن الأثير: اللّباب 1/ 336، ورجّح الذّهبي إلى أنّ هذه النّسبة إلى حيّ من حمير لا إلى الحبشة. تاريخ (120101هـ) ص 258.
(3) ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشتراه صلى الله عليه وسلم ثم أعتقه، فخدمه إلى أن مات، ثم تحوّل إلى الرّملة، ثم حمص، ومات بها سنة أربع وخمسين. ابن عبد البرّ: الاستيعاب 1/ 218، وابن حجر: الإصابة 1/ 212.(2/1079)
هم الشّعث رؤوسا، الدّنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السّدد (1)».
فقال عمر بن عبد العزيز: والله لقد نكحت المتنعمات فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، وفتحت إلي أبواب السّدد، إلّا أن يرحمني، لا جرم لا أدهن رأسي حتّى يتشعّث، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتّى يتّسخ] (2).
وكان على قبّة زوجه فاطمة بنت عبد الملك بن مروان (3)
__________
(1) السّدد: أبواب الدّور، جمع: سدّة. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 486، (سدد).
(2) هذا الخبر زياد من نسخ: ج.
والحديث أخرجه أحمد في المسند (مع المنتخب) 5/ 275، والتّرمذي: سنن، كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في صفة أواني الحوض 4/ 629، رقم (2444)، وابن ماجه: سنن، كتاب الزّهد، باب ذكر الحوض 2/ 1438، رقم (4303)، كلّهم من طريق محمّد بن المهاجر عن العبّاس بن سلّام عن ابن سلّام.
وأخرجه مسلم: الصّحيح بشرح النّووي، كتاب الفضائل، باب حوض نبيّنا صلى الله عليه وسلم 15/ 62، 63، من طريق سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان، مثله.
(3) (زوجه فاطمة بنت عبد الملك بن مروان) سقطت من: ج.
فاطمة بنت عبد الملك، زوج عمر، ولدت له إسحاق ويعقوب، وخلف عليها بعد عمر. سليمان بن داود بن مروان، ولها دار بدمشق. مصعب الزّبيري: نسب قريش ص 165، وابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النّساء) ص 296290.(2/1080)
[مكتوب] (1):
بنت الخليفة والخليفة جدّها ... أخت الخليفة والخليفة بعلها (2)
[وكتب عبد الحميد بن عبد الرّحمن إليه، أمّا بعد! يا أمير المؤمنين! فإنّ النّاس قد أصابوا من الخير قبلنا خيرا كثيرا، حتّى لقد [تجوّفت] (3).
فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: أمّا بعد فإنّ الله تبارك وتعالى لمّا أدخل أهل الجنّة الجنّة وأسكنهم داره، وأحلّهم جواره، رضي عنهم أن قالوا: الحمد لله ربّ العالمين، فأمر من قبلك أن يحمدوا الله عز وجلّ على ما زرقهم الله] (4).
وكان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثة أيّام، ثم عاقبه، كراهة أن يجعل في أوّل (5) غضبه (6).
__________
(1) التّكملة من: ج.
(2) هذا الخبر ذكره ابن عساكر: تاريخ دمشق (تراجم النّساء) ص 292، والبيت في:
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار ص 209، وفي أعلام النّساء لكحالة 4/ 76، منسوب لوضّاح.
(3) كذا رسمها في ج، ولم أقف على معناها.
(4) هذا الخبر استدراك من نسخة: ج، وروى ابن سعد: الطّبقات 5/ 383مثله، لكنّه يذكر عدي بن أرطاة عامل البصرة، بدلا من عبد الحميد بن عبد الرّحمن عامل الكوفة.
(5) في الأصل: الأوّل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 405، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط)(2/1081)
وأسمعه رجل كلاما، فقال: أردت أن يستفزّني الشّيطان، فأنال منك اليوم ما تنال (1) منّي [أنت] (2) غدا (3) يوم القيامة، انصرف عنّي رحمك الله (4).
[وقال لبعض (5) ولد الحسن بن عليّ بن أبي طالب: لا تقف على بابي ساعة واحدة، إلّا ساعة تعلم أنّي جالس، فيؤذن لك عليّ وقت تأتي، فإنّي استحيي من الله تعالى أن تقف على بابي ولا يؤذن لك عليّ] (6).
[وروي عن الحسن (7) بن عبد الله قال: لقيت غيلان العدويّ (8)،
__________
13/ 296، والذّهبي: سير 5/ 133.
(1) في ج: تناله.
(2) التّكملة من: أ، ب، ج.
(3) (غدا) ليست في: أ.
(4) في أ، ب: عفاك الله ورحمك. وفي ج: عفاك الله.
والخبر عند: ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 405، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 2/ 279، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 296.
(5) في سير ومناقب عمر لابن الجوزري ص 78: عبد الله بن الحسن.
(6) هذا الخبر استدارك من نسخة: ج، وهو في تاريخ دمشق لابن عساكر (مخطوط) 13/ 304، وابن الجوزري: سيرة ومناقب عمر ص 78.
(7) لم أتوصّل إلى معرفته.
(8) غيلان بن عقبة، ذو الرّمة، الشّاعر أبو الحارث العدوي، من مضر، مات بأصبهان كهلا سنة سبع عشرة ومئة. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 356، والذّهبي: سير(2/1082)
فقلت: من كان أشدّ عليك كلاما؟ فقال: كان أشدّ النّاس عليّ كلاما عمر بن عبد العزيز، كأنّه يلقى من السّماء، ولقد كنت أطلب له مسائل أعنّته فيها، فبينما أنا ذات يوم في السّوق إذ دراهم بيض يقلّبها اليهودي والنّصراني، والحائض والجنب. قلت: إن يكن يوم أظفر به فاليوم! قال:
فدخلت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين! هذه الدّراهم البيض فيها كلام الله، يقلبها اليهودي والنّصراني، والحائض والجنب! فإن أردت أن تأمر بمحوها. فقال لي: أردت أن تحتجّ علينا الأمم أنّا غيّرنا توحيد ربّنا عزّ وجلّ واسم نبيّنا صلى الله عليه وسلم، قال: فبهتّ، فلم أدر ما أرادّ عليه] (1).
وذكر العبّاس بن أبي راشد (2)، قال: نزل بنا عمر بن عبد العزيز، فلمّا رحل، قال لي مولاي: اركب معه فشيّعه (3)، قال: فركبت فمررنا بواد، فإذا نحن بحيّة مطروحة على الطّريق، فنزل عمر فنحّاها وواراها، ثم ركب، فبينما نحن نسير إذا بهاتف (4) يهتف: وهو يقول: يا خرقاء! يا
__________
5/ 267.
العدويّ: نسبة إلى: عدي بن عبد مناة بن أد بن طانجة بن إلياس بن مضر. ابن الأثير:
اللّباب 2/ 329.
(1) هذا الخبر استدراك من نسخة: ج، ولم أعثر عليه في المصادر الأخرى.
(2) في ج: العبّاس بن أبي راشد عن أبيه قال.
ولم أقف على ترجمة العبّاس بن أبي راشد.
(3) في الأصل: معنا نشيّعه، والمثبت من: أ، ب، ج. ودلائل النّبوّة للبيهقي 6/ 494.
(4) في أ، ب، ج: هاتف.(2/1083)
خرقاء! قال: فالتفت (1) يمينا وشمالا فلم ير (2) أحدا فقال عمر له:
سألتك بالله أيّها الهاتف إن كنت / ممّن تظهر إلّا ظهرت، وإن كنت ممّن لا تظهر، أخبرنا ما الخرقاء [98/ ب]؟ قال: الحيّة التي دفنتم بمكان كذا وكذا، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها يوما: «يا خرقاء! تموتين (3)
بفلاة من الأرض، يدفنك خير مؤمن من أهل الأرض يومئذ»، فقال له عمر: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا من التّسعة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان، فقال له: [آلله] (4) أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نعم. [سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم] (5)، فدمعت عينا عمر، وانصرفنا (6).
وقيل له: لماذ لا (7) تنام؟ قال: إن نمت ليلي ضيّعت نفسي، وإن نمت نهاري ضيّعت الرّعية.
__________
(1) في ج: فالتفتنا.
(2) في الأصل، وج: نر، والمثبت من أ، ب، ج.
(3) (تموتين) سقطت من: ج.
(4) زيادة من: أ، ب، ج.
(5) زيادة من: أ، ب، وفي ج: الله إنّي سمعته منه.
(6) هذا الخبر أخرجه البيهقي: دلائل النّبوّة 6/ 494، 495، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 266، وابن الجوزي: سيرة عمر ص 39، وأشار إليه ابن كثير:
البداية والنّهاية 6/ 272، وقال: رجّحه البيهقي وحسّنه.
(7) في أ، ب، ج: لم لا.(2/1084)
فقيل له: إنّ بالمدينة مخنثا قد أفسد نساء المدينة، فكتب إلى عامله على المدينة: أن يحمله إليه، فلمّا أدخل عليه، رآى شيخا مخضوب اللّحية والأطراف، [معتجرا بسيفه] (1) ومعه دفّ في خريطة، فقال له: مه (2)، لهذه الشّيبة وهذه القامة! أتحفظ القرآن؟! قال: لا والله، يا أبانا. قال (3):
قبّحك الله، وقبّح أباك. فأشار إليه من حضر أن يسكت (4)، فسكت فقال له عمر: أتقرأ من المفصّل شيئا؟ قال: وما المفصّل؟ قال: ويلك! القرآن، قال: نعم. أقرأ الحمد لله، وأخطيء (5) فيها في موضعين أو ثلاثة، وأقر أعوذ بربّ النّاس وأخطيء (6) فيها، وأقرأ قل هو الله أحد، مثل الماء الجاري، قال: ضعّوه في السّجن (7)، ووكّلوا به (8) معلّما يعلّمه القرآن وما يجب عليه من حدود الله [والطّهارة والصّلاة] (9)، وأجروا عليه وعلى (10)
__________
(1) الزّيادة من: ج.
(2) في أ، ب: شه، وفي ج: ما.
(3) (قال) سقطت من: ج.
(4) في أ، ب: اسكت.
(5) في أ: وأخطأ.
(6) في أ: وأخطأ.
(7) في أ، ب، ج: الحبس.
(8) في الأصل: عليه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) التّكملة من: ج.
(10) في ج: وأجروا عليه ثلاث دراهم وعلى معلمه مثلها، ولا يخرج منها حتى يحفظ القرآن.(2/1085)
معلّمه (1) النّفقة من مال المسلمين، حتّى يحفظ القرآن. فكان إذا تعلّم (2)
سورة نسي التي قبلها، فبعث [المعلّم] (3) رسولا إلى عمر، وقال: يقول لك أن توجّه إليه من يحمل [لك] (4) ما تعلمه أوّلا (5) فإنّي لا أقدر على حمله جملة. فيئس عمر من فلاحه، [وقال: ما أرى هذه الدّراهم إلّا ضائعة، ولو أطعمناها، أو أعطيناها محتاجا لكان أصلح. ثم دعا به، فلمّا وقف بين يديه قال: اقرأ: {قُلْ يََا أَيُّهَا الْكََافِرُونَ} (1) (6)، قال: أسأل الله العافية، أدخلت يدي في الجراب، فأخرجت سرّ ما فيه وأصعبه، فأمر به فجذبت عنقه، ونفاه، فاندفع يغنّي وقد توجّهوا به:
عوجي بسلمى أن يكرّ صبره ... فبما الوفود وأنتم سفر
ما المتقي إلّا ثلاثة ... حتّى يفري بينك النّفر
فلمّا سمع الموكّلون به حسن ترنّمه به، خلوه] (7).
وكان عمر رضي الله عنه يقول: الأمور ثلاثة: فما فيه رشد أتيناه، وما فيه
__________
(1) في أ، ب: المعلم.
(2) في ب: كلما علم.
(3) زيادة من: ج، وفي أ: إليك.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) (أوّلا) تكرّرت في: أ، ب، ج.
(6) سورة الكافرون: الآية (1).
(7) التّكملة من: ج، دون سائر النّسخ، ولم أعثر عليه في المصادر الأخرى.(2/1086)
إثم تركناه، وما فيه شبهة وشكّ رجعنا فيه إلى كتاب الله وسنّة نبيّه محمّد (1) صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنََازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللََّهِ وَالرَّسُولِ} (2).
وقال لميمون (3) بن مهران: يا ميمون! لا تصحب عاقّا فإنّه لن يصلك وقد عقّ أبويه، ولا تخلو بامرأة، وإن قرأت عليك سورة من القرآن، [ولا تأتي الشّيطان وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر] (4).
ولمّا ولي الخلافة وفد عليه وفد الحجاز. فاختار الوفد غلاما (5)
منهم فقدّموه للكلام، فلمّا ابتدأ الغلام بالكلام (6)، قال عمر: مهلا يا غلام! ليتكّلم من هو أسنّ منك فهو أولى بالكلام! فقال: مهلا يا أمير المؤمنين فإنّما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه فإذا منح الله العبد لسانا لافظا
__________
(1) (محمّد) سقط من: أ، ب، ج.
(2) سورة النّساء: الآية (59).
ولم أقف على الخبر في المصادر التي عدت إليها.
(3) ميمون بن مهران الرّقي، أبو أيوب، الفقيه المحدّث، ولي خراج الجزيرة وقضائها لعمر، وكان على مقدّمة الجند الشّامي في غزوة قبرصسنة: (108هـ)، مع معاوية ابن هشام بن عبد الملك، وتوفّي سنة: (117هـ).
(4) استدراك من نسخة: ج، وعند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 53، مثله، وذكره ابن الجوزري: سيرة ومناقب عمر ص 219، مختصرا.
(5) لم أعثر على اسمه.
(6) في ج: الكلام.(2/1087)
وقلبا حافظا فقد استجاد له المنحة (1). يا أمير المؤمنين! لو أنّ الأمور بالسّنّ لكان في هذه الأمّة من هو أسنّ منك. قال: تكلّم يا غلام فهذا السّحر الحلال! قال: نعم. يا أمير المؤمنين، نحن وفد (2) الشّكر والتّهنئة لا وفد (3)
التّعزية (4)، قدمنا إليك من بلادنا (5)، نحمد (6) الله الذي منّ بك علينا، لم تخرجنا إليك رغبة ولا رهبة. أمّا الرّغبة فقد أتتنا منك إلى بلادنا، وأمّا الرّهبة فقد أمنّا منك لعدلك (7) / من جورك. قال: عظنا يا غلام وأوجز.
قال: نعم. يا أمير المؤمنين إنّ [99/ أ] أناسا غرّهم حلم الله عنهم (8)، وطول أملهم، وحسن ثناء النّاس عليهم، فلا يغرّنّك حلم الله عنهم، وطول أملهم، وحسن ثناء النّاس عليك، فتزلّ قدم (9) بعد ثبوتها أي:
فتزلّ قدمك فسأل عمر عن سنّ الغلام. فقيل: إنّ له (10) بضع عشرة
__________
(1) في ج: الحلة.
(2) في أ، ب، ج: وفود.
(3) في أ، ب، ج: وفود.
(4) في أ، ج: المرزئة.
(5) في أ، ب، ج: بلدنا.
(6) في أ: الحمد لله.
(7) في ج: إليه بعدلك.
(8) (عنهم) ليست في: ج.
(9) في أ، ب، ج: قدماك.
(10) في أ، ب: فقال: ابن، وفي ج: فقيل: هو ابن.(2/1088)
سنة، فأنشأ عمر يقول:
تعلّم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإنّ (1) كبير القوم لا علم عنده ... صغيرا إذا التفّت عليه (2) المحافل
وجاء رجل من [أهل] (3) العراق إلى المدينة (4) في طلب جارية وصفت له، وهي قارئة غانية، [فسأل عنها] (5) فوجدها عند قاضي المدينة وذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز (6) فسأله أن يعرضها عليه فقال له: يا عبد الله! (7) لقد بعدت (8) عليك الشّقّة عن هذه الجارية، فما رغبتك فيها؟ فقال: إنّها تغنّي فتجيد (9)، فقال القاضي: ما علمت بهذا، فقال لها الفتى غنيّ فقالت:
__________
(1) في ب: فإن
(2) في أ: إليه، والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 197، والقيرواني: زهرة الآداب 1/ 7، باختصار.
(3) زيادة من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: للمدينة، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) التّكملة من: أ، ب، ج.
(6) في ج: وهو عبد الرّحمن بن يزيد بن حارثة العمري، استقضاه عمر أيّام ولايته المدينة.
(7) في أ، ب: يا با عبد الله.
(8) في أ، ب، ج: أبعدت.
(9) في الأصل: فتوجز، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1089)
إلى خالد حتّى أنخنا بخالد ... فنعم الفتى يرجى ونعم المؤمّل
ففرح القاضي بجاريته (1) وسرّ [بغنائها] (2)، وغشيه من الطّرب أمر عظيم (3) حتّى أقعدها على فخذه، فقال: هات بأبي أنت شيئا، فغنّت:
أروح إلى القصّاص كلّ عشيّة ... أرجّي ثواب الله في عدد الخطا
فزاد عليه الطّرب، ولم يدر ما يصنع، وأخذ نعله فعلّقها من أذنه، وجثا على ركبتيه، وجعل يأخذ طرف أذنه ويقول: أهدوني (4)، فإنّي بدنه (5)، حتّى أدمى أذنه، فلمّا سكتت (6) أقبل على الفتى، وقال: يا حبيبي، انصرف، قد كنّا فيها راغبين قبل أن نعلم أنّها تقول. فنحن الآن فيها (7) أرغب إذ سمعنا غناءها. فانصرف، وبلغ الحديث عمر بن عبد العزيز فقال: قاتله الله، لقد استرقّه الطّرب، وأمر بصرفه عن قضائه، فلمّا صرفه. قال: نساؤه طوالق، لو سمعها عمر لقال اركبوني فإنّي مطيّة.
__________
(1) في الأصل: بالجارية، والمثبت من: أ، ب، ج. والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 198.
(2) زيادة من: أ، ب، ج.
(3) (أمر عظيم) ليست في: ج.
(4) التّصويب من: أ، ج، وفي الأصل، وب: هذا ابي.
(5) في الأصل: بدله، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) في الأصل: سكت، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) (فيها) ليست في: ج.(2/1090)
فبلغ ذلك عمر، فأمر بحضوره مع جاريته، فلمّا دخلا عليه قال له: أعد ما قلت. فأعاد عليه، فقال للجارية: غنّ فغنّت:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس، ولم يسمر بمكّة سامر
بلى، نحن كنّا أهلها، فأبادنا ... صروف اللّيالي والجدود العوائر
فما فرغت من الشّعر حتّى اضطرب عمر اضرابا شديدا، وجعل يستعيدها ثلاثا، وقد بلّت دموعه لحيته، ثم قال القاضي: لقد قاربت (1) في يمينك، فارجع إلى عملك راشدا (2).
(رأي عمر بن عبد العزيز في بعض الشعراء) (3):
وجاءت طائفة من الشّعراء، فأقاموا بباب عمر أيّاما لا يأذن لهم في الدّخول، منهم: جرير (4) بن الخطفي، حتّى قدم عدي بن أرطاة (5)
__________
(1) في الأصل: بررت، وفي أ، ب: قربت. والمثبت من: ج، ومروج الذّهب 3/ 199.
(2) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 198، 199.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) هو: جرير بن عطية بن الخطفي، التّميميّ البصري، من فحول شعراء الإسلام، كان عفيفا، منيبا، مات سنة عشر ومئة. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 314309، والذّهبي: سير 4/ 590، 591.
(5) عدي بن أرطاة الفزاري، عامل عمر بن عبد العزيز على البصرة، ثم خرج على مسلمة بن عبد الملك فحاربه وقتله، سنة (102هـ). الذّهبي: سيرة 5/ 53، وابن حجر: تقريب ص 388. وقد سبقت له ترجمة 1097.(2/1091)
على عمر وكانت له عنده مكانة، وقيل: عون بن عبد الله الهذلي (1)، وكان من عبّاد النّاس وأخيارهم (2) / وعليه عمامة (3) صوف [قد شدّها خلفه] (4) [99/ ب]، فدخل يتخطّا (5) رقاب النّاس من بني أميّة (6)، وغيرهم لا يمنع ولا يحجب، وقريش لا يصلون، ولا يدخلون، فلمّا خرج عون بن عبد الله، تعرّض له جرير (7)، فقال:
يا أيّها الرّجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إنّي قد مضى زمني
أبلغ خليفتك إن كنت لاقيه ... إنّي لدى (8) الباب كالمصفود في قرن
__________
(1) هو: عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، الكوفي، الإمام، القدوة، العابد، كان من آدب أهل المدنية، وأفقههم، مات سنة بضع عشر ومئة. الذّهبي: سير 5/ 105103، وابن حجر: تهذيب 8/ 173171.
(2) في أ، ب، ج: وخيارهم.
(3) في ج: عمّة.
(4) التّكملة من: ج.
(5) في أ، ب: فتخطا.
(6) في ج: من قريش بني أمية.
(7) في ج: جرير بن عبد الله.
(8) في أ،: لذا.(2/1092)
فاحلل صفادي فقد طال الثّواء به ... وناءت الدّار عن أهلي وعن وطني (1)
[فقال: نعم، أبا حزرة] (2).
فلمّا دخل على عمر، قال: يا أمير المؤمنين! إنّ الشّعراء ببابك، وأقوالهم باقية، وسهامهم مسنونة، قال: يا عدي (3) أو ياعون ما لي وللشّعراء؟! قال: يا أمير المؤمنين! إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد مدح فأعطى، وفيه أسوة لكلّ مسلم، قال: ومن مدحه؟ قال: عبّاس (4) بن مرداس السّلمي، فكساه حلّة قطع بها لسانه، قال وتروي قوله، قال: نعم:
رأيتك يا خير البريّة كلّها ... نشرت كتابا جاء بالحقّ معلما
سننت لنا فيه الهدى بعد جورنا (5) ... عن الحقّ، لما أصبح الحقّ مظلما
فمن مبلغ عنّي النّبيّ محمّدا ... وكلّ امرء يجزى بما قد تكلّما
__________
(1) الأبيات في الإمامة والسّياسة المنسوب لابن قتيبة 2/ 97، والبيتان الأوّل والثّاني في الأغاني 8/ 47، (طبعة دار الكتب)، وديوان جرير 2/ 570، 738، باختلاف يسير، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 717.
(2) زيادة من: أ، ب، ج.
(3) في ج: عدي.
(4) هو العبّاس بن مرداس بن أبي عامر السّلمي، كان من المؤلّفة قلوبهم، وممّن حسن إسلامه منهم، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكّة، وحنين. ابن عبد البرّ: الاستيعاب 2/ 817، وابن حجر: الإصابة 4/ 31.
(5) في الأصل، وأ، ج: موزنا، والمثبت من: ب، وسيرة عمر لابن الجوزي ص 198.(2/1093)
تعالى (1) علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما
قال: صدقت، فمن بالباب منهم؟ قلت: ابن عمّك عمر ابن [أبي] (2) ربيعة. قال: لا قرّب الله قرابته ولا حيّا وجهته، أليس هو القائل:
ألا ليت أنّي يوم تدنو منيّتي ... شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كلّه ... وليت حنوطي من مشاشك والدّم
وليت سليمى في القبور ضجيعتي ... هنا لك أو في جنّة أو جهنّم (3)
فليت عدو الله تمنّى لقاءها في الدّنيا، ثم يعمل عملا صالحا، والله لا دخل عليّ أبدا.
فمن بالباب غيره؟ قلت: جميل (4) ابن معمر، قال هو الذي يقول:
ألا ليتها تحيى حياة وإن تمّت ... يوفّي لدى (5) الموتى ضريحي ضريحها
__________
(1) في أ، ب، ج: تعلى.
(2) زيادة من: أ، ب، ج. عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، ولد في اللّيلة التي قتل فيها عمر بن الخطّاب، ومات في حدود سنة ثلاث وتسعين. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 439436، والذّهبي: سير 4/ 379، وقد سبقت له ترجمة. ص 814
(3) الأبيات في ديوان عمر بن أبي ربيعة ص 388.
(4) جميل بن عبد الله بن معمر، أبو عمرو العذري، بقي إلى حدود سنة مئة. ابن قتيبة:
الشّعر والشّعراء ص 386، والذّهبي: سير 4/ 385.
(5) في ب: له.(2/1094)
فما أنا في طول الحياة براغب ... إذا قيل قد سوّي عليها صفيحها (1)
أظلّ نهاري لا أراها ويلتقي ... مع اللّيل روحي في المنام وروحها (2)
اعزب (3) به، فو الله (4) لا دخل عليّ أبدا، فمن غيره ممّن ذكرت؟
قلت: كثير عزّة، قال [أليس] (5) الذي يقول / [100/ أ]:
رهبان مكّة والذين عهدتهم ... يبكون من ألم الفراق قعودا
لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خرّو لعزّة (6) ركّعا (7) وسجودا (8)
اعزب به. فمن غيره ممّن ذكرت؟ قال: الأحوص الأنصاري، قال:
__________
(1) في الأصل: صحيفها، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) لم أعثر على هذه الأبيات في ديوانه.
(3) اعزب به، أي: أبعد به وغيّبه، يقال: عزب عنّي فلان، يعزب ويعزب، أي: بعد وغاب. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 181، (عزب).
(4) (فو الله) ليست في: ج.
(5) زيادة من: ج.
(6) عزّة صاحبة كثير، مختلف في اسمها، وفدت على عبد الملك بن مروان، وماتت بمصر سنة خمس وثمانين.
البكري: اللآليء 2/ 698، والمعافري: الحدائق الغنّاء ص 120.
(7) في ج: راكعين.
(8) البيتان في شعر كثير ص 95، 96، مع اختلاف يسير في البيت الأوّل: (نعوذ بالله ممّا قال).(2/1095)
أبعده الله وأمحقه (1)، أليس هو القائل، وقد أفسد على رجل مدني جاريته حتّى هربت منه:
كأنّ سليمى صيد غادية ... أو دمية (2) زينت لها البيع
الله بيني وبين سيّدها ... يفرّ منّي بها وأتّبع (3)
[الأحوص، اسمه: عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النّعمان بن مالك بن أمية بن ضيعة ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن الأوس الأنصاري.
وعاصم بن ثابت هو حامي الدّبر، وهو خال عاصم بن أبي الأقلح.
وقيل: أمّه جميلة بنت عاصم، والأوّل أكثر.
فالخؤولة التي بين عمر بن عبد العزيز وبين الأحوص من هذا النّسب لأنّ أمّ عمر قريبة بنت عاصم، جدّتها جميلة (4) بنت ثابت بن الأقلح] (5). اعزب به. فمن غيره ممّن ذكرت؟ قال: همّام بن غالب
__________
(1) في ج: وأسحقه.
(2) في أ: ودميه.
(3) في ج: ويتبع، والبيت في الشّعر والشّعراء لابن قتيبة ص 351.
(4) جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية رضي الله عنها، امرأة عمر بن الخطاب، تكنّى أمّ عاصم، أسلمت وبايعت الرّسول صلى الله عليه وسلم. ابن سعد: الطّبقات 8/ 346، وابن عبد البرّ: الاستيعاب 4/ 1802.
(5) زيادة من نسخة: ج. دون سائر النّسخ. وانظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 23(2/1096)
الفرزدق، قال: أليس هو القائل: [يفخر بالزّنى:
هما دلّتاني (1) من ثمانين قامة] (2) ... كما انقضّ باز فتّح (3) الرّيش كاسره
فلمّا استوت رجلاي في الأرض قالتا ... أحيّ ترجّي أم قتيل نحاذره
فقلت: ارفعوا الأمر [لا يشعروا بنا] (4) ... وأقبلت في أعقاب ليل أبادره (5)
اعزب به، فو الله (6) لا دخل عليّ أبدا. فمن غيره ممّن ذكرت؟ قال:
الأخطل (7)، فقال: أليس هو القائل:
فلست بصائم رمضان عمري ... ولست بآكل لحم الأضاحي (8)
ولست بقائم كالعير (9) يدعو ... قبيل الصّبح حيّي على الفلاح (10)
__________
(1) في أ: دلتان.
(2) زيادة من: أ، ب، ج.
(3) في الدّيوان 1/ 235، أقتم.
(4) في الأصل: أسر، وفي: أ، ب، ج: سيّرا. والمثبت من الديوان 1/ 235.
(5) سقط البيت من: ج، والأبيات من قصيدة له في ديوانه 1/ 235.
(6) في ب: فالله.
(7) غياث بن غوث التّغلبي النّصراني، مات سنة تسعين. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 325، والزّركلي: الأعلام 5/ 122، وقد سبقت ترجمته ص 975
(8) في أ: الأوضاح.
(9) في ب: كالعيس.
(10) هذا البيت سقط من: ج.(2/1097)
ولست بزاجر عيسا (1) بكورا ... إلى بطحاء مكّة للنّجاح
ولكنّي سأشربها شمولا (2) ... وأسجد عند منسلخ الصّباح (3)
اعزب به، فو الله لا وطء لي بساطا أبدا، وهو كافر. فمن بالباب (4)
غيره؟ قال: جرير، قال: أليس هو القائل:
لولا مراقبة العيون أريننا ... مقل (5) الهوى وسوالف الآرام
هل [ينهينّك] (6) إن قتلن مرقّشا (7) ... وما فعل بعروة بن حزام (8)
__________
(1) عيسا: العيس بالكسر: الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشّقرة. واحدها:
أعيس، والأنثى: عيساء بيّنة العيس. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 954، (عيس).
(2) شأشربها شمولا، أي: يشرب الخمرة المبردة بريح الشّمال، ويسجد لها عند انبلاج الفجر.
(3) هذا البيت سقط من: أ، والأبيات في ديوانه ص 486، ما عدى البيت الثّالث (نستعيذ بالله ممّا قال).
(4) في ب: الباب.
(5) في الأصل: مقال، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) في الأصل، وأ، ب: يهنك، وفي ج: ينبئنّك. والمثبت من: العقد الفريد 2/ 95.
(7) في الأصل: مرشفا، والمثبت من: أ، ب، ج. والعقد الفريد 2/ 95.
وهو المرقّش (الأكبر) اختلف في اسمه فقيل: ربيعة بن سعد، وقيل: عوف بن سعد ابن مالك، من بكر بن وائل، شاعر جاهلي، أحد عشّاق العرب المشهورين بذلك، يقال: إنّه أخو المرقّش (الأصغر)، وقيل: عمّه. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 124، 127، والبغدادي: خزانة الأدب 3/ 515، بتصرّف.
(8) في الدّيوان 2/ 990:(2/1098)
طرقتك صائدة (1) القلوب (2) وليس ذا ... حين الزّيارة فارجعي بسلام (3)
فإن كان لا بدّ فهذا، فإنّ في شعره عفّة. فأذن لي، فخرجت إليه فقلت: يا أبا حزرة (4) ادخل، فدخل وهو يقول:
إنّ الذي بعث النّبيّ محمّدا ... جعل الخلافة للإمام العادل
وسع الخلائق عدله ووفاءه ... حتّى ارعوى وأقام ميل المائل
إنّا لنرجو منك خيرا (5) عاجلا ... والنّفس مولعة بحبّ العاجل (6)
/ [100/ ب]. فلمّا مثل بين يديه قال له: اتّق الله أبا حزرة، ولا تقل (7) إلّا حقّا، فأنشأ يقول:
كم باليمامة من شعثاء أرملة ... ومن يتيم ضعيف الصّوت والنّظر
ممّن يعدّك تكفي فقد والده ... كالفرخ في العشّ لم يدرج ولم يطر
__________
(1) في أ، ب: صيدة.
(2) في الأصل، وأ، ب: الفؤاد، والمثبت من: ج، والنّقائض 1/ 270.
(3) الأبيات من قصيدة طويلة لجرير، يجيب الفرزدق.
النّقائض 1/ 274269، وديوان جرير 2/ 992990، مع اختلاف في البيت الثّاني.
(4) في الأصل: حيدة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في ج: ميلا.
(6) البيت الأوّل والثّالث في: ديوان جرير ص 331، (طبعة دار صادر).
(7) في الأصل، وب: تقول، والمثبت من: أ، ج.(2/1099)
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما نرجو من المطر
أتى الخلافة (1) إذ كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر (2)
هذي الأرامل قد قضّيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر (3)
فقال: يا جرير والله لقد ولّيت هذا الأمر، ولا أملك إلّا ثلاث مائة درهم، فمائة أخذها ولدي (4) عبد الله (5)، ومائة أخذتها أمّ عبد الله. يا غلام أعطه المائة الباقية، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّها (6) لأحبّ مال كسبته، ثم خرج، فقال الشّعراء: ما وراءك؟ قال: خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ويمنع الشّعراء، وإنّي عنه لراض ثم قال:
__________
(1) في الأصل: الخليفة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) هذا البيت سقط من: ج.
(3) البيتان الأوّل والثّاني في ديوانه 1/ 414، 416، والأبيات كاملة في العقد الفريد 2/ 96.
(4) في أ، ب: ابني، وفي ج: أبي.
(5) عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، كان أمير العراق ليزيد النّاقص، وهو الذي حفر نهر البصرة المعروف بنهر ابن عمر، وحبسه مروان بن محمّد آخر ملوك بني أمية بحرّان.
وقتل سنة: نيف وثلاثين ومئة. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 461، والذّهبي:
تاريخ (140121هـ)، ص 152151.
(6) في ج: والله إنّها.(2/1100)
رأيت رقى الشّيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا (1)
[وقال جرير يمدحه:
ما عدّ قوم كأجداد يعدّهم ... عثمان (2) ذو النّورين والفاروق والحكم
أشبهت من عمر الفاروق سيرته ... قاد البريّة وائتّمت به الأمم
تدعو قريش وأنصار الرّسول له ... أن يمتعوا بأبي حفص وما ظلموا] (3)
وقال يمدحه:
يعود الحلم منك على قريش ... وتفرج عنهم الكرب الشّدادا
وقد آنست وحشتهم برفق ... فأعي النّاس وحشك أن يصادا
__________
(1) البيت في الأغاني (طبعة دار الكتب) 8/ 48.
والخبر بتمامه عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 2/ 9691، عن ابن الكلبي. وابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 434430، عن عوانة بن الحكم.
قلت: يبدو أنّ وفود هؤلاء الشّعراء على عمر بن عبد العزيز كان بالمدينة يوم كان واليا عليها من سنة سبع وثمانين حتّى سنة ثلاث وتسعين، للوليد بن عبد الملك لأنّ بعض هؤلاء الشّعراء مات قبل أن يصبح عمر خليفة فعمر ابن أبي ربيعة مات سنة ثلاث وتسعين، والأخطل مات نحو سنة تسعين.
(2) في الكامل للمبرد 1/ 541، وديوان جرير 1/ 275: مروان ذو النّور.
(3) زيادة من نسخة: ج.
والأبيات في الكامل للمبرد 1/ 541، 542، وفي ديوان جرير 1/ 275، باختلاف في بعض الألفاظ.(2/1101)
وتبني المجد يا عمر بن ليلى ... وتكفي الممحل (1) السّنة الجمادا
وتدعو الله مجتهدا ليرضى ... وتذكر في رعيتك المعادا] (2)
وقال له حاجبه يوما: بنو أميّة بالباب يرغبون عوائدهم عند الخلفاء والولاة من الكساء والصّلاة فقال: ما لي مال أعطيهم منه، ومال الله لا أدفعه إلّا في حقّه، فقال ابنه (3) وهو ابن أربع عشر سنة: دعني أعنّفهم، فقال له: ما نريد أن نحمل على النّاس الحقّ دفعة واحدة، فيجتمعون على الباطل، ويدفعون الحقّ دفعة واحدة، فتكون الفتنة [وإنّ الله تعالى أراد تحريم الخمر وميّل النّاس إليها، فمرّة ذمّها ومرّة كرّهها، ومرّة حرّمها] (4).
[وكتب إلى عامله (5): العجب كلّ العجب من استئذانك إيّاي في عذاب البشر، كأنّي جنّة لك من عذاب الله، وكأنّ رضاي عنك ينجيك
__________
(1) الممحل: المجدب. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1817، (محل).
(2) زيادة من نسخة: ج.
والأبيات في الكامل للمبرد 1/ 542، ولم أعثر عليها في ديوانه.
(3) عبد الملك بن عمر، الشّاب، العابد، النّاسك، عاش تسع عشر سنة، ومات سنة مئة أو نحوها. الذّهبي: تاريخ (10081هـ)، ص 420418.
(4) التّكملة من نسخة: ج.
والخبر بصيغة أخرى عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 438، عن العتبي.
(5) عدي بن أرطاة عامله على البصرة، وقد سبقت ترجمته ص 1067.(2/1102)
من سخط الله، إذا أتاك هذا فانظر من قبلك، فمن أعطاك ما عليه عفوا فخذه، وإلّا فاستحلفه بالله، فلإن يلقوا الله بخياناتهم أحبّ إليّ من أن ألقاه بعذابهم] (1).
[وقال على المنبر: إنّ غائبا تحدوه اللّحظة، وإنّ أمرأ ليس بينه وبين آدم أب حيّ لمعرق في الموت، ألّا إنّكم لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإنّ لكم معادا يحكم الله فيه بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كلّ شيء، وحرم الجنّة التي عرضها كعرض السّماء والأرض، واعلموا أنّ الأمان غدا لمن خاف الله، وباع قليلا بكثير، وفانيا بباق، ألا ترون أنّكم في أخلاف الهالكين، ويستخلفها من بعدكم الباقون، حتّى تردّ إلى خير الوارثين، ثم إنّكم في كلّ يوم تشيّعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجلّ، قد قضى نحبه، وبلغ أجله، ثم تغيّبونه في صدع من الأرض، وتدعونه لا موسّدا ولا ممهّدا، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وواجه الحساب. غنيّا عمّا خلّف، فقيرا إلى ما قدّم.
ألا وإنّكم قد أنصبتم الظّهر وأرحلتم، وليس السّابق من سبق فرسه ولا بغيره، ولكنّ السّابق من غفر له] (2).
__________
(1) الاستدراك من نسخة: ج، ونصالكتاب عند ابن الجوزري: سيرة ومناقب عمر ص 103، 104.
(2) هذه الخطبة مستدركة من نسخة: ج. وقد وردت عند الجاحظ: البيان والتّبيين 2/ 120، 121، وابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 268، والطّبري: تاريخ 6/ 570،(2/1103)
[وقال على المنبر:
إنّ الله لم يجعل المحسن ولا المسيء في الدّنيا خلودا، ولم يرض بما أعجب أهلها ثوابا لأهل طاعته، ولا ببلائها عقوبة لأهل معصيته، وكلّ ما فيها من محبوب متروك، وكلّ ما فيها من مكروه مضمحلّ، كذلك خلقت.
ثم كتب على أهلها الفناء، وجعل الله عز وجلّ له ميراث الأرض، ومن عليها، فاتّقوا واعملوا ليوم لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا] (1).
[وقال حين مات ولده عبد الملك:
الحمد لله الذي جعل الموت حتما واجبا على عباده، فسوّى فيه بين ضعيفهم وقويّهم، ورفيعهم ودنيئهم، فقال تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} (2)، فليعلم ذوو النّهى منهم أنّهم صائرون إلى قبورهم، مفردون بأعمالهم، فاعلموا أنّ لله مسألة فاحصة، قال الله تعالى: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (93) (3)].
__________
571، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 95، بزيادة ونقص وتغيير بعض الكلمات.
(1) هذه الخطبة مستدركة من نسخة: ج. وهي في سيرة ومناقب عمر لابن الجوزي ص 306.
(2) سورة آل عمران: الآية (185).
(3) سورة الحجر: الآيتان (9392).(2/1104)
[وقال على المنبر:
يا أهل الشّام! إنّه بلغني عنكم أحاديث، وما أنا بالذي راجي لخيركم، ولا بالذي آمن لشرّكم، ولقد مللتموني، وعلى ذلك لقد مللتكم، فأراحني الله منكم وأراحكم منّي (1)، فما علاه حتّى مات] (2).
وخرج غازيا أو حاجّا فاعتلّ بحمص، فلمّا حضرته الوفاة، قال: ادعوا (3) لي بني (4). فدعوا له وكانوا اثني عشر (5)، فلمّا نظر إليهم دمعت عيناه، وقال: يا بنيّ! أتركتكم (6) فقراء؟ فقال مسلمة بن عبد الملك: وما الذي منعك (7) أن تغنيهم، فو الله لا يرد ذلك بعدك أحد، فقال له: يا مسلمة! ما كنت تحرّيت عنه في الدّنيا فأضرّ (8) به في الآخرة.
__________
والخبر مستدرك من نسخة: ج، وهو في الكامل للمبرد 2/ 328.
(1) لم أقف على هذه الخطبة في المصادر التي عدت إليها.
(2) الاستدراك من: ج، دون سائر النّسخ.
(3) في ب: ادع.
(4) التّصويب من: أ، ب، ج. وفي الأصل: بنيّتكم.
(5) ولد عمر بن عبد العزيز رحمه الله أربعة عشر ذكرا: عبد الملك مات قبل أبيه، وعبد الله، وعبد العزيز، وعاصم، ويعقوب، وإسحاق، وإبراهيم، وموسى، وإسماعيل، ورفيع، وزبّان، والأصبغ، ومروان، والوليد. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 105، 106.
(6) في أ، ب: من أتركهم.
(7) في ج: يمنعك.
(8) في أ، ب، ج: فأصلي.(2/1105)
بني رجلان: إمّا طائع فالله يرزقه من حيث لا يحتسب، وإمّا عاص فلست أعينه على عصيانه، ثم قال لهم: يا بنيّ أترضون أن تكونوا أغنياء في الدّنيا ويدخل أبوكم النّار على ذلك في الآخرة؟! قالوا: لا. قال: لهم:
أرجو أنّكم لا تلقون أحدا إلّا وهو محبّ فيكم لأنّه ما ناله أبوكم بشرّ، اذهبوا عصمكم الله ورزقكم الله، لا أفقركم الله، فلم ير أحد من ذريّته فقيرا قط (1).
(وفاته، ومدّة خلافته، وموضع دفنه، ومبلغ سنّه) (2):
ومرض تسعة أيّام (3)، ومضت [عليه] (4) ليال لم ينم فيها من شدّة (5)
الألم.
فقال مسلمة بن عبد الملك: فقلت له أنا وأختي / زوجه (6)
[101/ أ]: لو أرخينا عليك السّتر يا أمير المؤمنين! وتركناك تنام
__________
(1) ذكره ابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 320، 321، وابن عبد الحكم: سيرة عمر، بن عبد العزيز ص 115، 116، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 439، بصيغة أخرى، والذّهبي: سير 5/ 140، وفيه: الذي كلّمه في أبنائه: ابن عيينة.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 440.
(4) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(5) في أ، ب، ج: فاشتدّ عليه.
(6) في أ، ب، ج: زوجته.(2/1106)
لتستريح؟ (1). فقال: افعلا. فما كان إلّا أن تولّينا (2) عنه سمعناه يقول: حيّ الوجوه، حيّ الوجوه، فابتدرناه فألفيناه قد مات رحمه الله (3).
وكانت خلافته سنتين ونصف (4).
ومات بدير سمعان (5) من أرض حمص سنة إحدى ومائة، وهو ابن أربعين سنة (6). وصلّى عليه يزيد بن عبد الملك (7).
وقد كان اشترى من الرّاهب موضع قبره بأربعين درهما (8)، وقال:
__________
(1) في أ، ب، ج: فتستريح.
(2) في أ، ب، ج: نزلنا.
(3) الأصفهاني: الأغاني 8/ 268، (طبعة دار الكتب)، ابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 325.
(4) (ونصف) سقطت من: أ.
(5) دير سمعان، بكسر السّين وفتحها، بنواحي دمشق، حواليه قصور ومنتزهات وبساتين لبني أميّة، وعنده قبر عمر بن عبد العزيز. ياقوت: معجم البلدان 2/ 517، والحميري: الرّوض المعطار ص 251.
(6) خليفة: تاريخ ص 321، ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 432، وابن الجوزي: سيرة ومناقب عمر ص 327، ورجّح ابن كثير القول السّائد في المصادر، وهو ابن تسع وثلاثين: البداية والنّهاية 9/ 237.
(7) خليفة: تاريخ ص 332، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 432، وانظر: البداية والنّهاية لابن كثير 9/ 237.
(8) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 440.(2/1107)
احفروا وأغمقوا فإنّ خير الأرض أسفلها، وشرّها أعلاها (1).
وتمثّل حين حضرته الوفاة:
يواعدني كعب ثلاثا يعدّها ... وأحسب أنّ القول ما قال لي (2) كعب
وما بي لقاء الموت إنّي لميّت ... ولكن ما بالذّنب (3) قد شفّه الذّنب (4)
فلم تنفسح له رحمه الله الأعوام، ولا غفلت عنه اللّيالي والأيام، فأصيب فيه الإسلام ورزئت (5) فيه أمّة النّبيّ عليه الصّلاة (6) والسّلام.
وقيل: إنّ يزيد (7) سمّه.
قال مسلمة: عندما دفناه أخذتني على قبره (8) سنة فرأيته في حديقة خضراء (9) [مخضرة، وفيها قصور مشيّدة بالياقوت، والجوهر، والزّبرجد،
__________
(1) في طبقات ابن سعد 5/ 408، وسيرة ومناقب عمر لابن الجوزري ص 323، احفروا لي ولا تغمقوا فإنّ خير الأرض أعلاها وشرّها أسفلها.
(2) في ب: ما قاله.
(3) في ب: ولكنها في الذّنب.
(4) لم أقف على الشّعر في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(5) رزئت: أصابتها مصيبة بموته.
(6) (الصّلاة) ليست في: أ، ب، ج.
(7) يزيد بن عبد الملك. والخبر موسّعا في العقد الفريد 4/ 439.
(8) في أ، ب، ج: أخذتني عيني على قبره.
(9) في أ، ب: نظرة، وهي ليست في: ج.(2/1108)
وعليه حلل خضر وحمامة خضراء] (1)، فقال لي: يا مسلمة (2)! لمثل هذا فليعمل العاملون (3).
ورثاه جرير فقال:
(4)
نعى النّعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حجّ بيت الله واعتمرا
حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وسرت فيهم بحكم الله يا عمرا
فالشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم [الليل] (5) والقمرا (6)
وقال الفرزدق يرثيه:
(7)
أقول لمّا نعى النّاعون لي عمرا ... لقد نعيتم قوام الحقّ والدّين
قد غيّب الرّامسون (8) اليوم إذ ... بدير سمعان قسطاس الموازين
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، ج.
(2) في أ، ب: مسلمة.
(3) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(4) لم أقف على الشّعر في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(5) التّصويب من: أ، ب، ج. وفي الأصل: الشّمس.
(6) الشّعر في: الكامل للمبرد 1/ 542، وسيرة ومناقب عمر ص 335، وديوان جرير 2/ 736، وفيه: فالشّمس كاسفة ليست بطالعة.
(7) لم أقف على الشّعر في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(8) الرّامسون: الذين دفنوه في قبره، يقال: رمست الميت وأرمسته: دفنته، الجوهريّ:
الصّحاح 3/ 936، (رمس)، بتصرّف.(2/1109)
لم يلهه عمره عينا (1) يفجّرها ... ولا النّخيل ولا ركض البراذين (2)
__________
(1) في الأصل: غيثا، والمثبت من: أ، ب، ج. أي: أنّه لم يكن مشغولا بالدّنيا حريصا عليها، إنّما كان همّه الدّين والاخرة.
(2) البراذين، جمع: برذون، وهي الدّابة. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2078، (برذن).
ونص الأبيات في مروج الذّهب للمسعودي 3/ 205، منسوبة إلى الفرزدق، وعند ابن الجوزري: سيرة ومناقب عمر ص: 336، باختلاف يسير، منسوبة إلى ابن عائشة.
وفي الكامل للمبرد 1/ 546، مثلها، دون نسبة.
ولم أعثر عليها في ديوان الفرزدق.(2/1110)
خبر يزيد بن عبد الملك:
(كنيته، ونسب أمّه، ومكان ولادته) (1):
يكنّى: أبا خالد (2).
أمّه: عاتكة (3) بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
ولدته بدمشق (4).
وقيل: بالمدينة (5).
وعاتكة هذه رآها إنسان في النّوم (6) قبل ظهور بني العبّاس [على بني أميّة] (7) كأنّها ناشرة شعرها وهي تقول:
إنّ الزّمان وعيشنا اللّذّ (8) الذي ... كنّا به زمنا نسرّ ونجدل
زالت بشاشته وأصبح ذكره ... حزنا يعلّ (9) به الفؤاد وينهل
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) ابن قتيبة: المعارف ص 364، والذّهبي: المقتنى في سرد الكنى 1/ 210.
(3) عاتكة بنت يزيد بن معاوية، إليها تنسب أرض عاتكة، خارج باب الجابية بدمشق، وقد بقيت حتّى أدركت قتل ابن ابنها الوليد بن يزيد. ابن عساكر: تاريخ دمشق، تراجم النّساء (مخطوط)، 19/ 463461.
(4) خليفة: تاريخ ص 331.
(5) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(6) في ج: فيما يرى النّائم.
(7) زيادة من: ج.
(8) في الأصل: اللذيذ، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل، وب: يعدّ، وفي ج: يعلو، والمثبت من: أ.(2/1111)
ففسّر النّاس ذلك (1) بزوال ملك بني أميّة (2).
(بيعته) (3):
بويع في اليوم الذي توفّي فيه عمر بن عبد العزيز [رحمه الله] (4).
(صفاته) (5):
وكان جميلا، أبيض اللّون، نحيف البدن، طويلا، خفيف العارضين، لطيف الوجه مدوّره، ملوّز (6) العينين، أسود الرّأس واللّحية (7)
[101/ ب].
كاتبه على الإنشاء والرّسائل:
عبد الحميد بن يحيى الكاتب الأكبر (8)، كاتب أبيه [عبد الملك] (9)،
__________
(1) في أ، ب: تلك.
(2) في ج: فقال النّاس: ذلك زوال ملك بني أمية، ولم أقف على الخبر في المصارد التي رجعت إليها.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) زيادة من: ج، والخبر في التّنبيه والإشراف للمسعودي ص 320.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في ج: مملوز.
(7) ورد بعض هذه الصّفات في: التّنبيه والإشراف للمسعودي ص 320، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 342، 343، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 75.
(8) في ج: الأكبر الكاتب.
(9) زيادة من: ج.(2/1112)
وأخيه [سليمان] (1)، ولم يزل يكتب لخلفاء بني أميّة واحدا بعد واحد حتّى انقضت دولتهم. وهو الذي فتح أبواب البلاغة وصاغ المعاني أحسن صياغة (2).
فصل من كلامه (3):
أمّا بعد فإنّ الله تعالى قدّر الأمور، ووضعها مواضعها، فجعل البلاء والرّخاء مداولين العسر (4) يخلف اليسر، والشّدة معها الرّخاء، والعافية يخلفها (5) البلاء. وحقّ الله وطاعته في أيّهما كان ثابت على منزلته، دائب على حاله، فلله حقّ الصّبر في البلاء، وحقّ الشّكر في الرّخاء (6)، والعافية (7). فمن (8) الله ثواب بالأجر على الصّبر، وثواب الزّيادة على الشّكر. ولم يزل الله يبتلي الأسلاف من أهل الحقّ ويمحّصهم ليعلم الذين آمنوا ويعلم الكاذبين (9).
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) الخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 165.
(3) في ج: فمن فصول كلامه.
(4) في ج: فالعسر.
(5) في أ، ب: يخالفها.
(6) في ج: الخلاء.
(7) (العافية) ليست في أ، ب، ج.
(8) في الأصل: فلله، والتّصويب من: ج، وفي أ، ب: ففي الله.
(9) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.(2/1113)
[وفصل من كلامه:
أمّا بعد فإنّ الله جعل الدّنيا محفوفة بالكره، والسّرور، وقسّم فيها أقساما مختلفة بين أهلها، فمن درّت له حلاوتها، وساعده الخطب فيها، سكن إليها، ورضي بها، وأقام عليها، ومن قرصته بأظفارها، وعضّته بأنيابها، قلاها (1) نافرا وذّمها ساخطا، وشكاها مستزيدا، وقد كانت الدّنيا أذاقتنا حلاوتها، وأرضعتنا درّتها. ثم شمصت نافرة، وأعرضت عنّا متنكرة، فملح علينا عذبها، وأمرّ عندنا حلوها، فقد أخذت كما أعطت، وتباعدت مثل ما تقربّت، أعقبت بالرّاحة نصبا، وبالقرب بعدا، وبالأمن خوفا، وبالعزّة ذلّا، وبالجدّة (2) حاجة، لا ترحم من استرحمها، ولا تعتب من استعتبها. نسأل الله الذي يذل من يشاء، ويعزّ من يشاء أن يهب لنا ولكم ألفة جامعة في دار آمنة، معها سلامة الأديان والأبدان فإنّه خير الوارثين] (3).
__________
(1) قلاها: أبغضها، يقال: قليت الرّجل أقليه إذا أبغضته. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2467، (قلا).
(2) الجدّة: الميسرة.
(3) هذه الرّسالة مستدركة من: ج.
وهي عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 72، 73، وابن نباته: سرح العيون ص 240، 241، باختلاف يسير. وكرد علي: أمراء البيان ص 40، 41.
وهي رسالة أنفذها إلى أهله وهو منهزم مع مروان بن محمّد من فلسطين.(2/1114)
[وفصل من كلامه:
أمّا بعد فإنّك كتبت كتاب جائر عن الهدى، متورّط في العمى، متعرّض للخير والرّدى (1)، متتابع في الضّلالة، منهمك في الجهالة، مارق من الدّين، مفارق للمسلمين، خارج من الإيمان، بطر للعدل والإحسان، قد استجمعت عليه أوهان الشّيطان، فمنّاه ما منّا أشياعه من الطّغيان، فقبل من الشّيطان أمنيته، وأمكنه أزمّته، وصدّق مواعيده، وألقى إليه مقاليده فركّب عليه الوثاق، وشدّ منه الخناق (2)، فطاوعه في العناق، وهو يسوقه أحب السياق، فأقحمه غورا غير ذي قعر، وحبسه لاستباحة دنياه وأخراه بعلاه. قفر، وطريق وعر، وبنين صفر، ليس فيها متقدّم ولا متأخّر، ثم نكص عنه، فأسلمه وحيدا، وتبرأ منه وتركه طريدا. فأتركه الخسران والنّدامة، والحسرة الدّائمة إلى يوم القيامة، ويضرّه ما أوقعه فيه من الطّغيان، فهو يتلجلج في مهواه، ويتردّد في هواه، ليس له فيه ملجأ ولا منه منجا، وكذلك يفعل الله بالقوم الظّالمين، ويستدرجهم من حيث لا يعملون.
فانظر ولا نظر لك أين وقعت هذه الصّفة منك، وأين وضعت منك بنفسك، وانزع ولا تزوغ بك، وتب ولا توبة لك فإنّه لا يدان لك
__________
(1) الرّدى: الهلاك. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1661، (ردي).
(2) الخناق بالكسر: الحبل يخنق به. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1472، (خنق).(2/1115)
بالأخلان حين تحمل عليك الفرسان، وتنحطّ عليك العقبان، ويتعاودك القنا (1)، والطّعان، وتحتّفك الأعنّة، وتنفذك الأسنّة، وتحيط بك الكتائب، وتكتنفك المنائب، ويحدو بك الموت من كلّ جانب، فما لك عند ذلك التّناوش، وهيهات حينئذ المناص.
فأمّا قولك في كتابك: سترد عليك الجرد (2)، عليها المرد (3) فإن ذلك صفة الخيل الإناث عليها الجيل الأحداث، ونحن نقول أهل اليقين والحقّ: سترد عليك ملائكة الله المقرّبين، وجنده الغالبين، ومعه أولياؤه المنصورون، الكهول على الفحول، كأنّها الوعول، تخوض الوحول، طوال السّبال (4)، رجال هم الرّجال، من فارس ورائح ونابل ومصلب وحاسر، ودارع، ليس معهم إلّا أسد محارب، قد حنّكه التّجارب، وقام في الحرب على ساق، وشرب من كأسها المرّ المذاق، أو منازل محنّك مفرّك، قد سدس في الحرب، ونزل وشبّ فيها واكتهل، أو عود مرنّح
__________
(1) القنا: الرّماح، جمع: قناة. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2468، (قنا).
(2) الجرد: الخيول قصيرة الشّعر، رقيقة، ومفردها: جرد. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 347، (جرد).
(3) المرد: طرّ الشّوارب، وليس لهم لحى، ومفردها: أمرد. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 407، (مرد) بتصرّف.
(4) السّبال، جمع: سبلة، بالتّحريك، وهي: الشّارب. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1724، (سبل).(2/1116)
مدوّب قد أكل على ناجذه في الحروب وشرب، فهو بطيء عن الهرب، وعلى لقائكم حدب، ذو شقشقة (1) وكلكل (2)، كأنّما أشرب وجهه نقيع الحنظل. قد ربّتهم الحرب ورضعوها، وغذّتهم وغذّوها، وألفتهم وألفوها، فهي أمّهم وهم بنوها. لا يولّون الأدبار، ولا يتحدّثون بالفرار، وقد ضروا ضرو الهام (3)، واعتادوا الكرّ والإقدام، فليسوا بذي هينة ولا إحجام، يخالسون النّفوس، ويجتزّون الرّوؤس، ويغمسون السّيوف، ويخالطون الزّحوف. يزأرون زئير الأسد، حين يشتدّ الوغا، وتنحطم القنا. فاجمع لذلك جمعك، واخطب له خطبك، واجلب بخيلك ورجلك.
وأمّا قولك في كتابك: إنّك تكثّف الجموع، وتحشد الجنود وتضمّر الخيول فإنّا لا نكثف جمعا، ولا نحشد جندا ولا نضمّر خيلا، وثقتنا بالله تبارك وتعالى، سيمدّنا بملائكته، ويزيدنا من نصره، بما قد مضت به سننه، ولا يتقدّم بقوّة إلّا كان الله على نعمه، وأنتم تحرّون من الله على نقمة. وقد رأيتم ذلك في المواطن والمنازل التي يجمع الله فيها بين الحقّ
__________
(1) الشّقشقة بالكسر: شيء كالرّئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج. الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص: 1160، (شقق).
(2) الكلكل: الصّدر أو ما بين التّرقوتين. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1362، (كلل).
(3) الهام أو الهامّة: واحدة الهوام، وهو المخوف من الأحناش. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2062، (هوم).(2/1117)
والباطل، مع أنّني أراني ولا قوّة إلّا بالله بالذي أنا عليه من الطّاعة، والذي أنت عليه من المعصية كجلمود الصّخر للزّجاجة إن وقع عليها قصّها، وإن وقعت عليه رضّها (1) فإن شئت فسر، وإن شئت فأقم، ولا أرى لك إلّا الإقامة حتّى نأتيك، ونحلّ عليك جامعين معدّين. وإن شئت فاعمد السّير، وعمّ المنازل، ولا تلبثنّ في المناهل فإنّك قد أطلت التّضجيع، وأدمت التّوديع، ولزمت الفرس، وأوطأت وتوطّأت الأرياف، ونازعت إلى الرّساتيق (2)، وكرهت خلالها، ورجوت أن يكون الأمر رباطا، وقد أظلّك من عدوّك رهجه (3)، ونالك مرهجه، فاعتدّ للقتال، وتأهّب لمنازلة الأبطال، ومطالبة الأشبال، واثبت في المقام فليس حين مرام، ولا تستبطئنا فإنّا غير نيام. قد علق الذّهان، ولزمت حلقتا البطان، ورغبنا إلى اللّقاء، واستسقتنا أسيافنا الدّماء، وهي إلى ذلك ظماء. فكن على وجل، فقد أظلّك ما ساءك صبحك وأمساك، واعلم أنّي صاحب الحرب، المشمّر عن ساقه، المسفر عن وجهه، المجدّ في أمره. إنّك إن تقبل تنحر، وإن تدبر تعقر، وإن تقم تدهم، إن تهرب تطلب. ويكون الله
__________
(1) لعلّ صواب هذه العبارة: إن وقع عليها رضّها، وإن وقعت عليه قصّته.
(2) الرّساتيق، جمع: رستاق، فارسي معرّب، وهو كلّ موضع فيه مزارع وقرى، ولا يقال ذلك للمدن كالبصرة وبغداد، فهو عندهم بمنزلة السّواد عند أهل بغداد. وهو أخصمن الكورة والأستان. ياقوت: معجم البلدان 1/ 38.
(3) الرّهج: الغبار. وأرهج الغبار، أي: ثار. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 318، (رهج).(2/1118)
بالمرصاد، يأخذ عليك بالأسداد، فإن استعطت أن تتّخذ في البحر سربا، وفي الأرض نفقا، وإلى السّماء سلّما فافعل فإنّه أعذر من أنذر، فلا مقرّ، ولا وزر (1)، ولا يرعنّك كتابي إليك، فإنّ الكتاب وإن اشتدّ لطيف عندي، ما بيني وبينك إلّا أن تتوب وترجع، فإن تفعل فإنّ الله توّاب رحيم، وإن تتولّى وتصدّ فإنّ الله عزيز ذو انتقام، والسّلام] (2).
وكاتبه على الخراج والأجناد:
صالح بن [جبير] (3) الغداني، وقيل: يزيد (4) بن عبد الله.
وحاجبه:
خالد (5)، مولاه.
__________
(1) الوزر: الملجأ. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 845، (وزر).
(2) هذا النّص مستدرك من: ج.
وقد كتبه إلى بعض من خرج عن الطّاعة، كردّ علي: أمراء البيان ص 42، وورد قريبا من هذا النّص في كتاب من مروان بن محمّد إلى بعض الخوارج.
صفوت: جمهرة رسائل العرب 2/ 406404، نقلا عن اختيار المنظوم والمنثور، ونثر الدّرّ.
(3) في الأصل: يحيى، والتّصويب من: أ، ب، وتاريخ خليفة ص 335، وفي ج: خراج.
وفي العقد الفريد 4/ 441: صالح بن جبير الهمداني.
(4) في التّنبيه والإشراف ص 320: زيد بن عبد الله.
(5) خليفة: تاريخ ص 335، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 441، وله ترجمة عند ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 5/ 588.(2/1119)
وآذنه:
سعيد (1)، مولاه.
وعلى شرطته:
كعب بن حامد العبسي (2).
وعلى حرسه:
غيلان (3)، مولاه.
وعلى خاتمه:
مطر (4)، مولاه.
وكان نقشه:
قني (5) السّيّئات يا عزيز (6).
__________
(1) لعلّه سعيد مولى الوليد بن عبد الملك، حاجبه. انظر: ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 7/ 371.
(2) خليفة: تاريخ ص 335، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 441.
(3) في تاريخ خليفة ص 335: غيلان ختن، أبي معن. وفي العقد الفريد 4/ 441: غيلان أبو سعيد. وفي تاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 193: غيلان أبي معشر.
ويقال ختن أبي معشر، مولى الوليد بن عبد الملك، صاحب حرس يزيد بن عبد الملك، وكان على حرس الوليد بن يزيد، وقتل مع الوليد.
(4) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 441، وفي تاريخ دمشق (مخطوط) 16/ 598، مطير مولى يزيد بن عبد الملك، وكان على خاتمه، وانظر: تاريخ خليفة ص 335.
(5) في ج: أقلني.
(6) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 320، والنّويري: نهاية الأرب 21/ 402.(2/1120)
وعلى خاتمه الصّغير:
بكير (1).
وعلى بيوت الأموال:
هاشم بن مضارب (2).
وعلى المظالم:
أسامة بن زيد (3).
بنوه:
ثمانية ذكور منهم: عبد الله (4).
والوليد (5).
__________
(1) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 441، ولم أقف على ترجمته.
(2) في العقد الفريد 4/ 441: هشام بن مصاد.
(3) ذكره خليفة في عمال يزيد على الخراج والجند والرّسائل بعد صالح بن جبير. تاريخ ص 335، وانظر: الذّهبي: تاريخ (120101هـ)، ص 381.
أسامة بن زيد بن عدي، أبو عيسي، التّنوخي، الكاتب، ولي الكتابة للوليد بن عبد الملك، ثم قدم دمشق على يزيد بن عبد الملك، ثم ولي الخراج لهشام بن عبد الملك.
ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 2/ 699.
(4) عبد الله بن يزيد، أمّه: سعدة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان. ابن حزم:
جمهرة أنساب العرب ص 91.
(5) هو: الوليد بن يزيد، الخليفة، بويع له بعد عمّه هشام بعهد من أبيه. ابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 921.(2/1121)
وكان يكنى: أبا العبّاس، وكان ماجنا سفيها (1).
(سيرته) (2):
وكان يزيد صاحب لهو، وطرب، ومجون، ولعب، وعنده كرم وأدب، وكان يشرب الطّلاء، ويسمع الغناء، وكان عنده جملة قيان، وكلّهنّ [ذوات] (3) حسن وإحسان، منهنّ: حبّابة (4)، وسلامة (5)، وكلتاهما لها خبر ظريف، نذكره بعد إن (6) شاء الله.
وكان مع مجونه وخلاعته، مفتقرا (7) لأمور بلاده وأهل طاعته، عارفا بالحروب. ولّى أخاه مسلمة على العراق (8)، وعزل حذيفة ابن
__________
(1) ابن قتيبة: المعارف ص 364.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في الأصل: نظرة، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) حبابة: جارية يزيد بن عبد الملك، واسمها: العالية، ولدت بالمدينة، اشتراها يزيد بأربعة آلاف دينار. الأصفهاني: الأغاني 1/ 256، (طبعة دار الكتب)، الطّبري:
تاريخ 7/ 22.
(5) سلامة: أمّ سلام، المعروفة بسلامة القسّ، من مولّدات المدينة، وبها نشأت، وعاشت إلى بعد مقتل الوليد بن يزيد، ورثته بأبيات. الأصفهاني: الأغاني 1/ 334، (طبعة دار الكتب)، ابن عساكر: تاريخ دمشق، تراجم النّساء (مخطوط) 19/ 458455.
(6) في ج: يذكر فيما بعد.
(7) في أ، ب: مفتقدا.
(8) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 442.(2/1122)
الأحوص عن الأندلس، وولّى مكانه عقبة بن الحجّاج الفهري (1)، وهو الذي فتح جلّيقية (2) وولّى على إفريقية بعد قتل يزيد بن أبي مسلم بشر (3)
ابن صفوان الكلبي، وذلك سنة اثنتين (4) ومائة (5).
وكان يزيد يحسد (6) أخاه هشاما في الخلافة من بعده، ويرى أنّ
__________
(1) لعلّه يقصد عقبة بن الحجّاج السّلولي، الذي عيّنه عبيد الله بن الحبحاب والي شمال إفريقية على الأندلس سنة ستة عشرة ومئة في عهد هشام بن عبد الملك، ومات سنة ثلاث وعشرين ومئة. الحميدي: جذوة المقتبس ص 301، وابن الأثير: الكامل 4/ 219، 222، 250، 360، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 29، والمقري: نفح الطّيب 2/ 697.
(2) في ج: جليقة.
جلّيقية: ناحية قرب ساحل البحر المحيط، من ناحية شمالي الأندلس في أقصاه من جهة الغرب. وهي اليوم تعرف باسم: (غاليسيا)، وتقع في شمال غرب أسبانيا. ياقوت:
معجم البلدان 2/ 157، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1455.
(3) في أ، ب، ج: بشير.
بشر بن صفوان بن تويل الكلبي، ولي مصر ثم إفريقية، وغزا صقلية، ومات بالقيروان سنة تسع ومئة. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 245، 246، وابن عذاري:
البيان المغرب 1/ 49.
(4) في أ، ب، ج: ثنتين.
(5) الخبر عند خليفة: تاريخ ص 334، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 49.
(6) في ج: يشنا أخاه هشام ويحسده.(2/1123)
أولاده أحقّ بها من بعده. فلم يقدر على خلعه، فعهد لولده الوليد من بعد هشام، وكان متى رأه قال: الله حسيب من جعل هشام بينك وبينها (1).
واشتكى (2) يزيد شكاة (3) شديدة (4)، وبلغه أنّ هشاما يسرّ (5)
بذلك، فكتب إليه يعاتبه أمّا بعد فقد بلغني استثقالك حياتي (6)
واستبطاؤك موتي، ولعمري [إنّك بعدي لواهي الجناح أجذم الكفّ] (7)، وما استوجبت (8) منك ما بلغني عنك.
وكتب في آخره:
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد (9)
وقد علموا لو ينفع العلم (10) عندهم ... متى متّ ما الباغي عليّ بمخلد / [102/ أ]
__________
(1) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(2) في ج: واشكى.
(3) في الأصل، وج: شكاية، والمثبت من: أ، ب، وابن قتيبة: عيون الأخبار 3/ 131.
(4) (شديدة) ليست في: ج.
(5) في ج: يسرّه ذلك.
(6) في أ، ب، ج: لحياتي.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج. ومروج الذّهب للمسعودي 3/ 213.
(8) في الأصل: وما استوجب، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في ب: بأوحد.
(10) في ب: المرء.(2/1124)
منيّته تجري لوقت، وحتفه ... يصادفه يوما على غير موعد (1)
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيّأ لأخرى مثلها فكأن قد (2)
فراجعه هشام أمّا بعد، فإنّ أمير المؤمنين متى فرّغ سمعه [لقول] (3)
أهل (4) الشّنآن (5)، وأعداء النّعمة، يوشك أن يقدح ذلك في فساد ذات البين، وقطع الرّحم، وأمير المؤمنين بفضله وما جعله الله له أهلا أولى أن يتغمّد ذنوب أهل الذّنوب، وأمّا أنا فمعاذ الله أن أستثقل حياتك وأستبطيء وفاتك.
فكتب إليه يزيد: نحن مغتفرون ما كان منك، ومكذّبون ما قيل [لنا] (6) عنك، فطب نفسا بذلك، واحفظ وصيّة أبينا في ترك التّباغي (7)
والتّحاسد والتّخاذل، وما حضّ عليه من صلاح ذات البين واجتماع الأهواء، [فهو خير لك وأملك بك] (8)، وإنّي أعلم أنّك كما قال
__________
(1) سقطت هذا البيت من: ج.
(2) فكأن قد: كأن للتّشبيه، وقد تفيد التّحقيق، أي: الأخرى كأنّها تحققت.
قمحية: تعليقه على عيون الأخبار 3/ 131.
(3) الزّيادة من: ج.
(4) في الأصل، وأ، ب: بأهل، والمثبت من: ج.
(5) الشّنآن: البغض. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2146، (شنن).
(6) زيادة من: ج.
(7) في الأصل: التّباغض، والمثبت من: أ، ب، ج، ومروج الذّهب 3/ 213.
(8) الزّيادة من: أ، ب، (وأملك بك) سقطت من: ج.(2/1125)
الأوّل (1):
وإنّي على أشياء منك تريبني ... قديما لذو صفح على ذاك مجمل
ستقطع في الدّنيا إذا ما قطعتني ... يمينك، فانظر أيّ كيف تبدّل (2)
فلمّا أتاه كتابه ارتحل، فلم يزل في جواره [مخافة أهل البغي والسّعاية] (3) حتّى مات يزيد (4).
وجلس يوما للمظالم فرفع إليه رفع [من بين الأرفاع] (5) وفيه: إن رآى أمير المؤمنين أن يتفضّل ويسمعني جاريته (6) فلانة (7) وهي سلامة فعل إن شاء الله. فلمّا وقف عليه غضب غضبا شديدا، ودخل قصره من
__________
(1) معن بن أوس بن نصر المزني، من أشهر شعراء مزينة، شاعر مخضرم، أسلم مع قومه، وعاش إلى أيّام عبد الملك بن مروان، وقد كفّ بصره. البكري: اللآلي 2/ 733، والمرصفي: رغبة الآمل 5/ 190، و 6/ 97.
(2) البيتان في شعر معن بن أوس ص 73.
(3) زيادة من: أ، ب، ج.
(4) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 213، دون ذكر الأبيات الأولى، واختلاف في بعض الألفاظ، وذكره باختصار ابن قتيبة: عيون الأخبار 3/ 131، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 443، والقالي: الأمالي 3/ 218، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 341.
(5) زيادة من: ج.
(6) في الأصل: ويسمع الجارية، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) (فلانة) سقطت من: أ.(2/1126)
ساعته، وقال: عليّ برافع هذا الرّفع، فلمّا دخل عليه (1)، رأى شابا من أبناء التّجار من أهل البصرة، فقال: ما حملك على ما كتبت به؟ قال:
الثّقة بكرمك وحلمك، وبفضلك وعلوّك (2). فسكت غضبه، وقال: نعم.
وأمر بضرب السّتائر، وخروج القيان، وإقامة مجلس الأنس، فلمّا حضر ذلك وخرجت الجارية، قال الفتى: من تمام مروءتك يا أمير المؤمنين [أن تبيح لي] (3) أن أقترح عليها [صوتا] (4)، قال: [له] (5): اقترح، قال: غنّ:
تألّق البرق نجديا فقلت له ... [يا أيّها البرق] (6) إنّي [عنك] (7) مشغول
فغنّته فطرب يزيد، وشرب عليه رطلا، وشرب الفتى مثله، والجارية. ثم قال: بقي صوت آخر، فاتمم (8) به معروفك. قال: اقترح (9).
قال: غنّ:
__________
(1) في ج: فأدخل عليه.
(2) (وعلوّك) ليست في: ب. وفي ج: وسموّك وحسن أخلاقك وشيمك.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) التّكملة من: ج.
(5) زيادة من: أ، ب.
(6) التّكملة من: أ، ب، ج.
(7) التّكملة من: أ، ب، ج.
(8) في أ: فأيتم.
(9) (به معروفك، قال اقترح)، سقطت من: ج.(2/1127)
رحلوا (1) وخطّت دونهم سجف (2) ... لو كنت أملكهم يوما لما رحلوا
إنّي على العهد لم أنس مودّتهم ... فليت شعري وطال العهد ما فعلوا
فلمّا أكملت، وثب الفتى وهو يقول: كذا فعلوا، ورمى بنفسه من عليّة كانت بين أيديهم، فاندقّت عنقه من ساعته. فلمّا رأى يزيد ذلك، عظم عليه [أمره] (3)، وقال: أظنّ ذلك المغرور / أنّا كشفنا عليه حرمتنا [102/ ب] وترجع إلينا؟! خذوا بيدها وادفعوها إلى ورثته (4)، وإن لم تكن له ورثة فتباع ويتصدّق بثمنها عنه. فأخذ بيدها أحد (5) الخدم وقامت، فلمّا توسّطت القصر جذبت يدها من يده، وجرت وهي تنشد:
يا قوم من مات عشقا فليمت ... هكذا لا خير في عشق بلا موت
ورمت بنفسها من موضعه، فاندقّت رقبتها (6)، فماتت.
ففزع (7) لذلك يزيد، وجزع، وتطيّر بهما، وتنقّص حاله (8). ثم قال:
__________
(1) في ج: بانوا بصبري.
(2) سجف: ستر، الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1371، (سجف).
(3) زيادة، من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: لورثته، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) (أحد) سقطت من: أ، ج.
(6) (فاندقت رقبتها) سقطت من: ج.
(7) في أ، ب، ج: ففرق.
(8) (بهما، وتنقصحاله)، ليست في: ج.(2/1128)
من بالباب من النّدماء؟ قيل له: الأصمعي، فأذن له. فلمّا مثل بين يديه، أخبره بالقصّة، وقال له: [وحق أجدادي الكرام] (1) وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) لئن لم تحدّثني حديثا يشبه هذا أتسلّى به، لألحقتك بهما، قال:
الأصمعي: فبقيت متحيّرا حتّى ذكرت حديثا كنت سمعته، فقلت:
[له] (3): نعم. بلغنا (4) أنّ بعض أمراء طرسوس (5) جلس يوما
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) في ج: من الرّسول عليه السّلام.
هذا حلف بغير الله، وهو لا يجوز، وهو من الشّرك الأكبر، وهو من أكبر الكبائر، وقد نهى عنه الرّسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «ألا إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». رواه البخاري: (الصحيح مع الفتح)، كتاب الأيمان والنّذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم، 11/ 530، رقم: (6646).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك». أخرجه التّرمذي: السنن، كتاب الأيمان والنّذور، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله 4/ 93، رقم (1535).
ورواه أحمد: المسند (مع المنتخب) 2/ 125، كلاهما عن عبد الله بن عمر، وحسّنه التّرمذي. وصحّحه الألباني، وقال: على شرط مسلم: السّلسلة الصّحيحة 5/ 69، 70، رقم: (2042).
(3) زيادة من: ج.
(4) في ج: بلغني.
(5) في ج: طرطوس، طرسوس: بفتح الرّاء: مدينة بثغور الشّام، بين أنطاكية وحلب وبلاد الرّوم، ياقوت: معجم البلدان 4/ 28.(2/1129)
للمنادمة، وضرب السّتائر للقيان على حافّة نهر عظيم، فغنّته جارية منهنّ:
يا قمر التّم (1) متى تطلع ... أشقى وغيري بك تستمتع
إن كان ربّي قد قضى ما أرى ... منك على رأسي ممّا أصنع (2)
وعلى رأس الأمير وصيف، كأنّه فلقة قمر (3)، وبيده قدح بلّور مملوء شرابا، فرمى به من يده وقال: تمتّعين (4) هذا، ورمى بنفسه في النّهر (5)
فغرق (6)، فبينما هم في حيرة إذ هتكت الجارية السّتارة، وجرت حتّى رمت بنفسها عليه، [فلم تر] (7)، فبقي الأمير متحيّرا فأمر الغوّاص (8)
بالغوص عليهما، فوجدوهما تحت الماء متعانقين (9) ميّتين، فأخرجوهما، وصلّى (10) عليهما ودفنا في قبر واحد، ولم يحضر بعد من أمراء طرسوس
__________
(1) في ب، ك: القصر.
(2) سقطت هذا البيت من: ج.
(3) في ج: البدر.
(4) في أ، ب: تصنعين، وفي ج: تصنعين هكذا.
(5) لعلّه نهر البردان الذي يشقّ مدينة طرسوس، ويصبّ في البحر على ستة أميال من طرسوس. ياقوت: معجم البلدان 1/ 376، و 4/ 28.
(6) في أ، ج: فغاب.
(7) زيادة من: أ، ب.
(8) في أ، ب: الغواصة.
(9) في أ، ب: متعنّقين، وفي ج: معتنقين.
(10) في الأصل، وأ، ب: فصليا، والمثبت من: ج.(2/1130)
غلام مع جارية (1). فسكّن هذا الخبر جزع (2) يزيد، ووصل (3) الأصمعي، وأمر بدفنهما في قبر واحد، واستقصى عليهما، فعلم (4) أنّ الفتى كان سيّدها، وأنّ الدّهر (5) ألجأه إلى بيعها، ثم لم يقدر أن يصبر عنها حتّى آلت حاله إلى ما آلت إليه (6).
وقال يوما: يقال إنّ الدّنيا لم تصف لأحد ولو يوما واحدا (7)، فإذا خلوت يومي هذا فاطووا (8) عنّي الأخبار، ودعوني ولذّتي، وما خلوت له، ثم دعا بحبابة، فقال: اسقني وغنّيني (9) فخلوا في أطيب عيش، فتناولت حبابة [حبّة] (10) رمّان، فوضعتها في فيها (11)، فغصّت (12) بها
__________
(1) في ج: جواريه.
(2) (جزع) سقطت من: ج.
(3) في ج: ووصله.
(4) في أ، ب، ج: فأعلم.
(5) (الدهر) سقطت من: ج.
(6) (إليه) ليست في: أ، ب، ولم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(7) (ولو يوما واحدا) ليست في: أ، ب، وفي ج: يوما قط.
(8) في الأصل: فاطغوا، والمثبت من: أ، ب، ج، والكامل للمبرد 1/ 526.
(9) في الأصل: وغن، والمثبت من: أ، ب، ج، والكامل للمبرد 1/ 526.
(10) الزّيادة من: أ، ج.
(11) (فوضعتها في فيها) ليست في: ج.
(12) في ب: فشرقت.(2/1131)
فماتت، فجزع يزيد جزعا شديدا أذهله، [ومنع من دفنها] (1) حتّى (2) قال مشايخ بني أميّة: إنّ هذا عيب لا يستقال، / وإنّما هذه [103/ أ] جيفة.
فأذن في دفنها، وتبع جنازتها ماشيا، فلمّا وآرآها قال: أمسيت والله [فيك] (3) كما قال كثيّر:
فإن تسل عنك النّفس أو تدع الهوى ... فباليأس تسلو عنك لا بالتّجلّد
وكلّ خليل راءني (4) فهو قائل ... من اجلك: هذا هامّة اليوم أو غد (5)
فعدّ بينهما خمسة عشر يوما (6).
(مدّة خلافته، ومكان وفاته، ومبلغ سنّه) (7):
وكانت خلافة يزيد أربع سنين وشهرا ويومين (8).
__________
(1) التّكملة من: ج.
(2) في ب: ثم.
(3) زيادة من: ج.
(4) راءني: يريد رآني، ولكنّه قلب، فأخّر الهمزة. المبرد: الكامل 1/ 527.
(5) هذا هامّة اليوم أو غد. يقول: ميّت في يومه أو في غده. المبرّد: الكامل 1/ 527.
(6) هذا الخبر بتمامه في الكامل للمبرّد 1/ 526، 527، وأشار إليه الزّبير بن بكار:
الأخبار الموفقيّات ص 519.
والبيتان في العقد الفريد 4/ 444، والأوّل في مروج الذّهب 3/ 209، ولم أقف على البيتين في شعر كثيّر.
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(8) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 206.(2/1132)
وتوفّي بحوران (1) حتف أنفه.
وقيل: بالبلقاء من أعمال دمشق يوم الجمعة لخمس ليال بقين (2) من شهر شعبان سنة خمس ومائة، وهو ابن ثلاث (3) وثلاثين سنة (4).
وقيل: ابن أربعين (5).
وقيل: ابن ستّ وثلاثين (6).
وصلّى عليه ابنه الوليد، وهو ابن خمس عشرة سنة، وهشام بن عبد الملك بحمص (7).
__________
(1) في الأصل: بحروراء، والتّصويب من: أ، ب، ج، والمعارف لابن قتيبة ص 364، والنّويري: نهاية الأرب 21/ 399.
(2) في ب: باقين.
(3) في ج: ثمان وثلاثين.
(4) خليفة: تاريخ ص 331، ومروج الذّهب للمسعودي 3/ 206، وفيه: وهو ابن سبع وثلاثين.
(5) الطّبري: تاريخ 7/ 22، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 342، 343، من طريق ابن أبي شيبة. والنّويري: نهاية الأرب 21/ 399.
(6) ذكره الطّبري: تاريخ 7/ 22، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261.
(وقيل: ابن أربعين، وقيل: ابن ستّ وثلاثين)، ليست في: ج.
(7) الطّبري: تاريخ 7/ 22، برواية عليّ بن محمّد المدائني، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261.(2/1133)
خبر هشام بن عبد الملك:
(كنيته، وذكر أمّه) (1):
يكنّى: أبا الوليد (2).
أمّه عائشة (3) بنت هشام بن الوليد [بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو ابن مخزوم] (4) المخزومي [أخو خالد بن الوليد] (5)، وكانت حمقاء. أمرها أبوها: ألّا (6) تكلّمي عبد الملك حتّى تلدي، فكانت تثنّي الوسائد فتركبها، وتشتري الكندر (7) فتمضغه وتعمل منه ثماثيل وتضعها على الوسائد (8)، وقد سمّت كلّ تمثال باسم جارية. وتنادي: يا فلانة! [يا
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) الذّهبي: سير 5/ 351.
(3) هي عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي. العقد الفريد 4/ 446، وفي جمهرة أنساب العرب ص 92: أم هشام بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد
وفي تاريخ الإسلام للذّهبي (140121هـ) ص 282: فاطمة بنت هشام ابن إسماعيل وانظر: معجم بني أمية من تاريخ دمشق ص 184.
(4) التّكملة من: ج.
(5) التّكملة من: ج.
(6) في ب: أن لا.
(7) الكندر بالضّم: ضرب من العلك، نافع لقطع البلغم جدّا. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 606، (كندر).
(8) (فتركبها، وتشتري الكندر فتمضغه وتعمل منه ثماثيل وتضعها على الوسائد)،(2/1134)
فلانة!] (1) فطلّقها عبد الملك وسار (2) إلى مصعب بن الزبير (3) فلما قتله (4)، بلغه مولد هشام بالمدينة فسمّاه منصورا تفاؤلا بذلك، وسمّته أمّه هشاما على اسم أبيها، فلم ينكر ذلك عبد الملك (5).
وكان عبد الملك (6) قد رأى في منامه (7) أنّ زوجه عائشة هذه (8)
أم هشام ضربته ضربة في رأسه، ففلقته عشرين (9) فلقة، فحزن لذلك، ودعا سعيد بن المسيّب، وقصّ عليه الرّؤيا، فقال له: تلد (10) غلاما يملك الأرض عشرين سنة [فولدت هشاما] (11).
__________
سقطت من: أ.
(1) زيادة، من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل، وأ، ب: وصار، والمثبت من: ج.
(3) (ابن الزّبير) ليس في: ج.
(4) في ج: فقتله.
(5) ابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261.
(6) (وكان عبد الملك) تكرّرت في: ج.
(7) (في منامه) سقطت من: ج.
(8) في أ: هذه عائشة.
(9) في ج: على عشرين.
(10) في أ، ب، ج: ستلد.
(11) زيادة من أ، ب، ج.
والخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 445، 446.(2/1135)
(بيعته) (1):
بويع في اليوم الذي مات فيه أخوه يزيد، وهو ابن (2) أربع وثلاثين سنة ونصف (3).
وكان مولده سنة اثنتين وسبعين (4).
(صفاته) (5):
وكان أحول، أبيض، سمينا، جميلا، أكحل، ربعة، مستدير الوجه، معتدل القامة، عريض الأكتاف، مدوّر اللّحية، يخظّب بالسّواد (6).
كاتبه على الإنشاء والرّسائل:
عبد الحميد الأكبر.
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) (ابن) سقط من: ج.
(3) (ونصف) سقطت من: ج.
والسّائد في المصادر: ابن أربع وثلاثين. الذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص:
282، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261.
(4) ابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 261، وفي تاريخ الإسلام للذّهبي (140121هـ)، ص: 282: ولد سنة نيف وسبعين. وانظر: معجم بني أميّة من تاريخ دمشق ص 184.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) ورد بعض هذه الصّفات عند الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 26، والدّيار بكري: تاريخ الخميس 2/ 318.(2/1136)
وعلى الخراج:
[أسامة بن زيد] (1).
وقيل: سعيد (2) بن [الوليد] (3) الأبرش (4).
ثم محمّد بن عبد الله بن حارثة (5).
حاجبه:
غالب، مولاه (6).
وقاضيه:
[محمّد] (7) بن صفوان الجمحي.
__________
(1) في الأصل: يزيد، والتّصويب من: أ، ب، ج، والعقد الفريد 4/ 445.
(2) سعيد بن الوليد بن عمرو بن جبلة، يكنّى: أبا مجاشع، كان غالبا على هشام، وكان يكتب له. الجهشياري: الوزراء والكتّاب ص 59.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) (الأبرش) سقط من: ج.
والخبر في: الوزراء والكتاب للجهشياري ص 59، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 77.
(5) (حارثة) سقط من: ج.
والخبر في: التّنبيه والإشراف للمسعودي ص: 323، ولم أقف على ترجمته.
(6) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 323، وابن حبيب: المحبر ص: 259، وفي تاريخ خليفة ص 362، والعقد الفريد 4/ 445: غالب بن مسعود.
(7) في الأصل والنّسخ الأخرى: عمر، وهو خطأ. والتّصويب من: تاريخ خليفة ص 361، والمسعودي: التّنبيه والإشراف ص 323.(2/1137)
وصاحب شرطته:
كعب بن حامد العبسي (1).
وعلى حرسه:
الحبحاب (2)، [والد عبيد الله بن الحبحاب] (3).
وقيل: يزيد بن يعلى (4).
وعلى خاتمه:
الرّبيع بن [شابور] (5).
ونقشه:
__________
محمّد بن صفوان القرشي الجمحي، قاضي المدينة، من قبل خالد بن عبد الملك ابن الحارث بن الحكم والي هشام بن عبد الملك. المزّيّ: تهذيب الكمال 25/ 395، 396.
(1) (العبسي) سقطت من: أ، ب، ج.
(2) لم أقف على ترجمته.
(3) الزّياة من: أ، ب، ج.
عبيد الله بن الحبحاب مولى بني سلول، كان رئيسا نبيلا، وأميرا جليلا، نقله هشام إلى إفريقية، ومات بها بعد سنة (123هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 51، وابن الأثير: الكامل 5/ 190.
(4) في تاريخ خليفة ص 361: يزيد بن يعلى بن ضخم العبسي، كان على شرطه.
(5) في الأصل، وأ، ب: باسور، والمثبت من: ج، وتاريخ خليفة ص 362، وفي العقد الفريد 4/ 445: الرّبيع، مولى لبني الحريش.(2/1138)
الحكم لله (1).
وعلى طابعه:
أبو الزبير، مولاه (2).
بنوه:
عشرة ذكور وإناث (3)، منهم: معاية (4) بن هشام، [وهو] (5) والد عبد الرّحمن (6)، الدّاخل / للأندلس، والملك بها، ومنهم: سليمان (7)
__________
(1) في التّنبيه والإشراف ص 323: الحكم للحكيم.
(2) اسمه: اسطفانوس، مولى مروان بن الحكم، كان على الخزائن الخاصة لهشام. ابن عساكر: تاريخ دمشق. مخطوط) 3/ 65.
(3) ذكر له مصعب الزّبيري أربعة عشرة ابنا. نسب قريش ص 167، 168، وذكر له ابن حزم تسعة عشر ابنا: جمهرة أنساب العرب ص 92، 93.
(4) معاوية بن هشام، مات في حياته سنة: (119هـ)، وقاد الصّوائف عشرا من السّنين متصله، وافتتح عدّة حصون، وكان جوادا ممدّحا. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 92، والذّهبي: تاريخ (120101هـ)، ص: 473.
(5) زيادة من: ج.
(6) عبد الرّحمن بن معاوية، ولد بالشّام سنة ثلاث عشرة ومئة، ودخل الأندلس سنة ثمان وثلاثين ومئة، كان من أهل العلم، وعلى سيرة جميلة من العدل، وتوفّي سنة اثنتين وسبعين ومئة. الحميدي: جذوة المقتبس ص 9، والذّهبي: سير 8/ 244، 253.
(7) سليمان بن هشام، ولي غزو الرّوم، وطمع في الخلافة في عهد مروان بن محمّد، فبعث إليه مروان جيشا فهزمه. وقتل على يد العباسيّين سنة اثنتين وثلاثين ومئة. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 288، والذّهبي: تاريخ (140121هـ) ص 446.(2/1139)
[103/ ب]، قتله السّفّاح (1)، [وسيأتي ذكر ذلك] (2).
(سيرته) (3):
وكان هشام فصيحا، خطيبا، ذكيّا، عاقلا، عفيفا، خيّرا، لم يحفظ له شرب خمر (4) ولا غيره، وكان فظّا، غليظا، جمّاعا للأموال، عامرا للأرض (5).
وكانت له سياسة حسنة، وتيقّظ في أموره، ويباشرها بنفسه (6).
وكانت له ستور، وكسوة، وطراز لم يكن لمن كان قبله، وكثيرا (7)
ما كان يستعمل الطّيب، وأنواع اللّباس (8).
وحكي [عنه] (9) أنّه حجّ بالنّاس في خلافته فحملت ثياب ظهره
__________
(1) عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس، أوّل الخلفاء العبّاسيّين، بويع بالكوفة وانتقل إلى الأنبار فسكنها حتّى مات سنة ستّ وثلاثين ومائة. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 46، والذّهبي: سير 6/ 77.
(2) زيادة من: ج.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) في ج: نبيذ.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 217.
(6) قارن بما ورد عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 223.
(7) في ج: وكان.
(8) انظر الثّعالبي: لطائف المعارف ص 117.
(9) زيادة من: أ، ج.(2/1140)
ستمائة جمل، ووجد له بعد موته ستة آلاف سروال (1).
ومات في حجّته تلك سنة ستّ ومئة سالم (2) بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (3)، فصلّى عليه في الموسم، ثم قال: والله ما أدري أيّ [ربح أشكر] (4): أحجّتي، أم صلاتي على سالم (5). وصلّى فيها أيضا بمكّة على طاووس (6) بن كيسان اليماني (7).
(ولاة إفريقية والأندلس) (8):
وفي هذه السّنة (9) عزل هشام (10) عمر بن هبيرة عن العراق، وما
__________
(1) لم أقف على هذا الأثر في المصادر الأخرى. ويظهر فيه المبالغة بقصد تشويه سيرة هشام.
(2) سالم بن عبد الله بن عمر العدوي، المدني، أحد الفقهاء السّبعة، ثقة، ورع، كثير الحديث، عاليا من الرّجال، مات سنة ستّ ومئة في آخر ذي الحجّة بالمدينة، وصلّى عليه هشام. ابن سعد: الطّبقات 5/ 221220، وابن حجر: تقريب ص 226.
(3) في ج: عنهم.
(4) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 447، مثله.
(6) طاووس بن كيسان، أبو عبد الرّحمن، الحميدي، مولاهم، فقيه فاضل، ثقة، مات سنة ستّ ومئة. ابن سعد: الطّبقات 5/ 542537، وابن حجر: تقريب ص 281.
(7) ابن قتيبة: المعارف ص 455.
(8) عنوان جانبي من المحقّق.
(9) أي: سنة ستّ ومئة، وهي السّنة التي أقام هشام فيها الحجّ. تاريخ خليفة ص 336، وتاريخ الطّبري 7/ 35، 37.
(10) في ج: وعزل هشام في هذه السّنة.(2/1141)
كان إليه من عمل المشرق، وولي ذلك خالد بن عبد الله القسري. وعزل عقبة ابن الحجّاج عن الأندلس، وولي مكانه الحسام (1) بن ضرار الكلبي، فأقام واليا بالأندلس تسعة أعوام. وهو الذي جوّز (2) إليها من أهل الشّام عشرة آلاف رجل، وهزم (3) بهم ابن يفرق (4) الزّناتي إذ كان قام عليه، وظفر به، وطلبه، وصلب عن يمينه كلبات وعن يساره خنزيرا، وخلفه قردا وأمامه دبّا (5). وسكن أهل دمشق ألبيرة (6)، وأهل الأردن ريّة (7)، وأهل فلسطين شذونة، وأهل حمص إشبيلية، وبهم سمّيت إشبيلية حمص،
__________
(1) الحسام بن ضرار أبو الخطّار الكلبي، أمير الأندلس، كان شجاعا ذا رأي وكرم، أظهر تعصّبه لليمانية، فكان ذلك سببا لتألّب المضرية عليه وحربه وخلعه. ثم قتل سنة ثلاثين ومئة. ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 33، 37، وابن الأثير: الكامل 4/ 360، 361.
(2) جوّز، أي: سيّر إليها. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 651، (جوز)، بتصرّف.
(3) في الأصل: وهمّ، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في المؤنس ص 41: أهل يفرن الزّناتي.
(5) ابن أبي دينار: المؤنس ص 41، 42، نقلا عن المؤلّف.
(6) في الأصل، وأ، ب: أسيرة، والتّصويب من: ج.
ألبيرة: كورة كبيرة من الأندلس، تقع إلى الشّرق من قرطبة، على بعد تسعين ميلا منها. أرسلان: الحلل السّندسية 1/ 191190.
(7) ريّة: إقليم في الجنوب الشّرقي من قرطبة. وقاعدته مدينة مالقة. أرسلان: الحلل السّندسية 1/ 74، 129، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1466.(2/1142)
وأهل قنسرين جيّان (1)، وأهل مصر باجة (2).
ومات أميرا عليها (3) فولّى هشام: الهيثم بن سحيم (4) الكلبي.
وأبقى على إفريقية بشر بن صفوان الكلبي، عامل أخيه يزيد عليها وذلك أنّ بشرا وفد إلى يزيد [من إفريقية] (5) بهدايا كان أعدّها له حتّى إذا كان ببعض الطّريق لقيته وفاة يزيد، فقدم بتلك الهدايا على هشام، فرّده على إفريقية (6) فأقام عليها إلى أن توفّي من مرض يقال له:
__________
(1) جيّان: مدينة بالأندلس، بينها وبين بياسة ستّون ميلا، تقع في شرق قرطبة على نهر الوادي الكبير. وتدعى اليوم (خاين). الحميدي: صفة جزيرة الأندلس ص 70، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1456.
(2) في الأصل: ناجة. والتّصويب من: أ، ب، ج.
باجة: من أقدم مدن الأندلس، تقع في أقصى الجنوب الغربي من الأندلس، على (140كيلا) من مدينة لشبونة. الحميدي: صفة جزيرة الأندلس ص 36، وعبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1438.
(3) السّائد في مصادر أخرى: أنّ حسام بن ضرار تولّى إمارة الأندلس سنة خمس وعشرين ومئة في آخر عهد هشام، وخلع سنة سبع وعشرين ومئة. وتولّى بعده ثوابة بن سلامة الجذامي. ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 37، ابن الأبار: الحلّة السيراء 1/ 61، 65، وابن الأثير: الكامل 4/ 260، 290.
(4) في الأصل، وأ، ب: سحم، والمثبت من: ج. ولم أتوصّل إلى ترجة الهيثم.
(5) زيادة من: ج.
(6) ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 215، وابن أبي دينار: المؤنس ص 39، وأشار خليفة إلى هذه الوفادة دون تفصيل، تاريخ ص 359.(2/1143)
الدّبيلة (1)، سنة تسع ومائة، واستخلف بشر على إفريقية نعّاس (2) بن قرط الكلبي، فعزله هشام، وولّى عليها عبيدة بن عبد الرّحمن القيسي (3)، وذلك في صفر سنة عشر (4).
فلمّا قدم عبيدة إفريقية وجّه المستنير (5) بن الحارث غازيا إلى صقليّة، فأصابتهم ريح فأغرقتهم (6)، ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى
__________
(1) الدّبيلة، تصغير دبلة، وهي خراج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبا.
ابن منظور: لسان العرب 11/ 235، (دبل).
(2) خليفة: تاريخ ص 359، وابن أبي دينار: المؤنس ص 39، وفيه تكملة: فعاث بها، ولمّا بلغ خبره هشام عزله وولّى مكانه عبيدة بن عبد الرّحمن القيسي. وعند ابن عبد الحكم: نعاش بن قرط. فتوح مصر 2/ 216.
(3) عبيدة بن عبد الرّحمن القيسي السّلمي، من أهل دمشق، ولي أذربيجان في خلافة عمر بن عبد العزيز، ثم إفريقية لهشام سنة عشر ومئة. واستمرّ عليها أربع سنين وستّة أشهر. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 11/ 1، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 50، 51.
القيسي: نسبة إلى قيس عيلان بن مضر. ابن الأثير: اللّباب 3/ 69.
(4) يعني: سنة عشر ومئة. والخبر عند ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 216.
(5) المستنير بن الحارث الحرشي، والي تونس، من قادة الجيوش الإسلامية في شمال إفريقية، له دور في قتال الصّفرية من الخوارج، خليفة: تاريخ ص 341، 355، وابن الأثير: الكامل 4/ 215.
(6) في الأصل، وأ، ب: فغرقتهم. والمثبت من: ج.(2/1144)
ساحل طرابلس (1)، فكتب عبيدة بن عبد الرّحمن إلى عامله على طرابلس يزيد (2) بن مسلم الكندي يأمره أن يشدّه وثاقا، ويبعث معه ثقة، فبعث في وثاق، فلمّا قدم على عبيدة جلده جلدا [وجيعا] (3) وطاف به القيروان على أتان، ثم جعل يضربه في كلّ جمعه حتّى أبلغ عليه (4)، وذلك أنّ المستنير أقام بأرض الرّوم / حتّى دخل عليه الشّتاء، واشتدّت أمواج البحر (5) [104/ أ]، وعواصفه، فلم يزل محبوسا عنده (6)، حتّى قدم عبيدة على هشام من إفريقية، ومعه هدايا كبيرة (7) وذلك سنة خمس عشرة ومائة، وكان فيما قدم به (8): العبيد والإماء، ومن الجواري المتخيّرة (9)
__________
(1) هي طرابلس الغرب، مدينة على ساحل ليبيا. عبد السّلام التّرمانيني: أحداث التّاريخ الإسلامي 2/ 1477.
(2) لم أقف على ترجمته.
(3) زيادة من: ج.
(4) في أ، ب، ج: إليه.
(5) في الأصل، وأ، ب: البرد، والمثبت من: ج. والمؤنس ص 40.
(6) أخرجه بتمامه ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 216، وذكره باختصار ابن الأثير:
الكامل 4/ 214، وابن أبي دينار: المؤنس ص 39.
(7) في أ، ج: كثيرة.
(8) في ج: إليه.
(9) في الأصل: المخيرة، والمثبت من: أ، ب، ج، وفتوح مصر 2/ 317، والمؤنس ص 40.(2/1145)
سبع مائة جارية، وغير ذلك من الخصيان والخيل، والدّواب، والفضّة، والآنية. فقدم على هشام بهداياه، واستعفاه، فأعفاه، وكان خلّف على إفريقية عقبة بن قدامة (1) التّجيبي.
فكتب هشام إلى عبيد الله (2) بن الحبحاب وهو عامله على مصر يأمره بالمسير إلى إفريقية، وولّاه إيّاها، وذلك في شهر ربيع الآخر من عام ستّ عشرة ومائة، فاستخلف عبيد الله [ابنه] (3) القاسم (4) على مصر، وقدم إلى إفريقية فأخرج المستنير من السّجن [وولّاه تونس] (5).
[وغزّى عبيد الله حبيب (6) بن أبي عبيدة السّوس، وأرض السّودان] (7)، فغزاهم، وظفر بهم ظفرا لم ير مثله، وأصاب ما شاء الله من
__________
(1) في أ، ب: قدمة.
(2) في الأصل، وج: عبد الله، والتّصويب من: أ، ب.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) لم أقف على ترجمته.
(5) التّكملة من: ج، والخبر عند ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 217، وابن أبي دينار:
المؤنس ص 40.
(6) هو: حبيب بن أبي عبيدة الفهري، سكن الأندلس، وولي بها ولايات، ووفد على سليمان بن عبد الملك، وتوفّي سنة أربع وعشرين ومئة. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 31، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص 73.
(7) في الأصل، وأ، ب: وجهزه بجيش إلى البربر، والمثبت من: ج، وفتوح مصر 2/ 217، والمؤنس ص 40.(2/1146)
ذهب، وكان في جملة (1) [ما أصاب] (2) جارية أو جاريتان [من جنس] (3) تسمية البربر، أجّان، ليس لكلّ واحدة منهنّ إلّا ثدي واحد (4).
ووجه خالد بن حبيب الفهري إلى البربر بطنجة، ومعه وجوه أهل إفريقية من قريش والأنصار وغيرهم، فقتل خالد وأصحابه، لم ينج منهم أحد، فسمّيت تلك الغزة غزوة الأشراف (5).
وقفل عبيد الله بن الحبحاب إلى هشام في جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين ومائة (6).
ثم وجه هشام إلى إفريقية كلثوم (7) بن عياض القيسي في جمادى
__________
(1) في ج: فيما.
(2) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(3) زيادة من: أ، ب، ج.
(4) ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 217، وابن أبي دينار: المؤنس ص 40، نقلا عن المؤلّف.
(5) وانظر تفاصيل هذه الوقعة عند: ابن عبد الحكم: فتوح مصر 2/ 218، وخليفة:
تاريخ ص 353، وابن الأثير: الكامل 4/ 223، وابن عذاري: البيان المغرب 1/ 53 54.
(6) ابن عبد الحكم: فتوح مصر 1/ 218، وابن أبي دينار: المؤنس ص 40، عن المؤلّف.
(7) كلثوم بن عياض القيسي القشيري، أمير إفريقية، قتل في معركة مع البربر، في وادي (سبو) من أعمال طنجة سنة ثلاث وعشرين ومئة. ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 54، وابن تغري بردي: النّجوم الزّاهرة 1/ 289، و 292.(2/1147)
الآخرة من السّنة المذكورة (1)، فقدم إفريقية، فغزا طنجة، فقتله البربر هنا لك (2).
ثم ولّى هشام حنظلة (3) بن صفوان إفريقية، وذلك في صفر سنة أربع وعشرين ومائة، فقام (4) بها إلى أن ولي مروان بن محمّد (5).
[قال عمر (6) بن يزيد الأسيّدي (7): دخلت على هشام وعنده خالد
__________
(1) في المؤنس ص 41: «قال صاحب الاكتفاء: وفي جمادى الثّانية من سنة ثلاث وعشرين ومائة، وجّه هشام كلثوم بن عياض القيسي إلى إفريقية».
(2) في أ، ب، ج: هناك.
والخبر عند ابن أبي دينار: المؤنس ص 41، عن المؤلّف، وانظر: التّفاصيل في: فتوح مصر 2/ 218، و 219.
(3) حنظلة بن صفوان الكلبي، من أهل دمشق، ولي إمرة مصر مرّتين، والمغرب ليزيد بن عبد الملك، وهشام، وولي إفريقية، كان حسن السّيرة في سلطانه.
ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 15، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص 79، 80.
(4) في أ، ب، ج: فأقام.
(5) ابن أبي دينار: المؤنس ص 41، عن المؤلّف.
(6) عمر بن يزيد بن عمير الأسيّدي التّميمي البصري، أحد الفصحاء، ولي شرطة البصرة للحجّاج، ووفد على هشام بن عبد الملك، وقتل سنة تسع ومئة. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 384381، وانظر خبر مقتله عند الطّبري:
تاريخ 7/ 46.
(7) في ج: الأسدي، والتّصويب من: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 382.(2/1148)
القسري، وهو يذكر طاعة أهل اليمن، فصفّقت بيدي تصفيقة امتلاء البهو (1) منها، ثم قلت: بالله ما رأيت هكذا خطأ، ولا مثله خطلا، والله ما فتحت فتنة في الإسلام إلّا بأهل اليمن هم قتلوا عثمان رضي الله عنه، وهم خلعوا عبد الملك، وإن سيّوفنا لتقطر دما من دماء المهلب، فلمّا قمت تبعني رجل (2) من آل مروان كان حاضرا، فقال: يا أخا بني تميم! وديت بك زنادي، وقد سمعت مقالتك، وأمير المؤمنين مولّي خالد العراق، وليست لك بدار] (3).
وحجّ هشام في زمن عبد الملك أو الوليد فطاف بالبيت، فجهد أن يصل الحجر ليستلّمه (4)، فلم يقدر عليه. فنصب له منبر، فجلس عليه ينظر إليه النّاس (5)، ومعه أهل الشّام. فأقبل (6) علي بن الحسين بن عليّ بن
__________
الأسيّدي بضم الألف وفتح السّين المهملة وكسر الياء المشدّدة نسبة إلى أسيد، وهو بطن من تميم يقال له: أسيد بن عمرو بن تميم. ابن الأثير: اللّباب 1/ 61.
(1) البهو: البيت المقدّم أمام البيوت، وهو أيضا الواسع من الأرض الذي ليس فيه جبال. ابن منظور: لسان العرب 14/ 97، 98، (بهو).
(2) لم أتوصّل إلى معرفته.
(3) هذا الخبر زيادة من: ج، ورواه ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 13/ 382، 383، باختلاف يسير في بعض الألفاظ. وأشار إليه المرصفي: رغبة الآمل 2/ 76.
(4) في أ، ب، ج: فيستلمه.
(5) في ج: وجلس إليه ينظر النّاس.
(6) في ج: إذا أقبل.(2/1149)
أبي طالب رضي الله عنهم، وكان من أحسن النّاس وجها، وأطيبهم رائحة (1)، فطاف بالبيت فكلّما بلغ الحجر تنحّى له (2) النّاس حتّى يستلمه هيبة له وإجلالا، فغاض ذلك هشاما، فقال له رجل من أهل الشّام: من هذا الذي قد هابه النّاس هذه الهيبة؟! فقال هشام: لا أعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشّام، وكان الفرزدق حاضرا، فقال: أنا أعرف النّاس به (3). قال الشّامي: من هو يا أبا فارس؟ (4)، فقال: [الفرزدق] (5):
هذا سليل حسين وابن فاطمة ... بنت الرّسول الذي انجلت (6) به الظّلم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم (7) [104/ ب]
هذا ابن خير عباد الله كلّهم ... هذا التّقي النّقيّ الطّاهر (8) العلم
قوم بهم عرفت بطحاء مكّتنا (9) ... والبيت بيت إله النّاس والحرم
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
__________
(1) في أ، ب: ريحة، (وأطيبهم رائحة) ليست في: ج.
(2) في ج: عنه.
(3) في أ، ب، ج: ولكنّي أعرفه.
(4) في ب: يا أبا فراس.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ج: انجلت.
(7) تقدّم هذا البيت في نسخة: ج، على البيت الذي قبله.
(8) في ب: المفرد.
(9) في أ: مكة.(2/1150)
ينمي إلى ذروة العزّ (1) التي (2) قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم (3)
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياء، ويغضى من مهابته ... ولا يكلّم إلّا حين يبتسم
من جدّه دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمّته دانت له الأمم
يشتق نور الهدى (4) من نور غرّته (5) ... كالشّمس ينجاب [عن] (6) إشراقها القتم
مشتقه من رسول الله [نبعته ... طابت عناصره والخيم] (7) والشّيم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله (8) ... بجدّه أنبياء الله قد ختموا (9)
الله شرّفه قدما، وفضّله ... جرى بذاك له في لوحه القلم
فليس قولك: من هذا؟ بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عمّ نفعهما ... يستوكفان ولا يعروهما العدم (10)
__________
(1) في الدّيوان 2/ 240: الدّين.
(2) في أ، ب: الذي.
(3) في الدّيوان: 2/ 240: عنها الأكفّ، وعن إدراكها القدم.
(4) في الدّيوان 2/ 240: ثوب الدّجى.
(5) في أ: غربته.
(6) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: بياض، والمثبت من: أ، ب، ج، وفي الدّيوان 2/ 240: طابت مغارسه.
(8) في الأصل: حافظة، وفي أ: تجهله، والمثبت من: ج، والدّيوان 2/ 238.
(9) في أ: ختم.
(10) في ج: النّدم.(2/1151)
سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزيّنه اثنان: حسن الخلق والكرم (1)
حمّال أثقال أقوام إذا فدحوا ... حلو الشّمائل، تحلو عنده نعم
لا يخلف الوعد، [ميمونا] (2) نقيبته ... رحب الفناء أريب حين يعتزم
عمّ البرية بالإحسان فانقشعت ... عنه العمامة (3) والإملاق والعدم (4)
من معشر حبّهم دين، وبغضهم ... كفر، وقربهم منجى ومعتصم
إن عدّ أهل التّقى كانوا أئمّتهم ... أو قيل: من خير أهل الأرض؟ قيل: هم
لا يتستطيع جواد بعد غايتهم (5) ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا (6)
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشّرى والبأس محتدم
لا ينقص العسر بسطا من أكفّهم ... سيّان ذلك: إن أثروا (7) وإن عدموا
يستدفع السّوء والبلوى بحبّهم ... ويستربّ (8) به الإحسان والنّعم / [105/ أ]
__________
(1) في ج: حلتّان: الحلم والكرم.
(2) في الأصل: بياض، والمثبت من: أ، ب، ج.
(3) في الدّيوان 2/ 239: الغياب.
(4) سقط هذا البيت من: ج.
(5) في الدّيوان 2/ 240: جودهم.
(6) في أ، ب، ج: كرم.
(7) في الأصل: أسروا، والمثبت من: أ، ب، ج. والدّيوان 2/ 240.
(8) يستربّ: يستزاد، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 112، (ربب)، بتصرّف.
(9) في الأصل: أتاه، وفي أ، ب: أتاله، والمثبت من: ج، والدّيوان 2/ 240.(2/1152)
مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم أن يحلّ الذّم ساحتهم ... خيم كريم وأيد الندى هضم
أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأوّليّة هذا، أوله نعم
من يعرف الله يعرف أوّليّة ذا (1) ... فالدّين من بيت هذا ناله (2) الأمم
[لا يعرف قطّ لا إلا في تشهدّه ... لولا التشهد كانت لاءه عدم] (3)
فغضب هشام، وأمر بحبس الفرزدق بعسفان، بين (4) مكّة والمدينة.
وبلغ ذلك عليّ بن الحسين فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف (5)
درهم، وقال: أعذر أبا فارس (6)، فلو كان عندنا (7) أكثر من هذا لوصلناك (8) به، فردّها الفرزدق، وقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم! [ما قلت
__________
(1) في الدّيوان 2/ 240: من يكشر الله يشكر أوّليّة ذا.
(2) في الأصل: أتاه، وفي أ، ب: أتاله، والمثبت من: ج. والديوان 2/ 240.
(3) هذا البيت زيادة من: أ، وفي الديوان 2/ 239، كانت لاءه نعم.
والقصيدة في: ديوان الفرزدق 2/ 241238، إلا البيت الأول، والرابع، والسابع، والعشرون.
(4) في أ، ب: من.
(5) في ب: بألف عشر.
(6) في ب، ج: أبا فراس.
(7) (عندنا) ليست في: أ، ب.
(8) في ج: وصلناك.(2/1153)
الذي قلت إلّا غضبا لله تعالى (1) ولرسول الله صلى الله عليه وسلم] (2)، وما كنت لآخذ (3)
عليه شيئا، فقال: شكر الله لك ذلك، غير أنّا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه أبدا (4). فقبلها الفرزدق (5)، وجعل يهجو هشاما، وهو في السّجن (6) فقال (7):
أيحبسني بين المدينة والتي ... إليها قلوب النّاس يهوي منيبها (8)
يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد (9) ... وعينا له حولاء باد (10) عيوبها
فبعث إليه فأخرجه (11).
__________
(1) في ج: عز وجلّ.
(2) التّكملة من: أ، ب، ج.
(3) في ج: لأرزا.
(4) (أبدا) ليست في: أ، ب، ج.
(5) (الفرزدق) ليس في: أ، ب، ج.
(6) في أ، ب، ج: الحبس.
(7) في ج: فكان ممّا هجاه به.
(8) البيت في الدّيوان 1/ 60.
(9) في الأصل، وب: سيدي، والمثبت من: أ، ج.
(10) في الأصل: بادي، والمثبت من: أ، ب، ج.
(11) هذا الخبر عند الأصفهاني: الأغاني (طبعة دار الكتب) 15/ 326، 327، مع تقديم وتأخير، ونقص في الأبيات الأولى.
والقيرواني: زهر الآداب 1/ 65، 66، وذكره المرتضى: الأمالي 1/ 69، دون ذكر القصيدة الأولى في مدح عليّ بن الحسين.(2/1154)
وأصاب النّاس مجاعة على عهد هشام، فدخل عليه وجوه قريش وأعيان العرب، ودخل معهم رجل اسمه درواس (1) بن حبيب، وعليه جبّة صوف، وشملة قد اشتمل بها. فنظر هشام إلى حاجبه نظر لائم في إدخال درواس، وقال له: [أتدخل] (2) من أراد الدّخول من غير (3) إذن؟ فعلم [درواس] (4) أنّه عناه (5). فأطرق النّاس، وهابوا أن يتكلّموا، فقال درواس:
__________
وابن نباته: سرح العيون ص 390، 391. وقال: بعض الرّواة يروي هذه الأبيات الميميّة لأبي الطّمحان القيني، والذي يرويها للفرزدق يستدلّ لها بحبسه، وقوله هذه الأبيات.
وذكر أبو تمام في الحماسة بشرح التّبريزي 4/ 169167، الأبيات منسوبة إلى الحزين اللّيثي.
وقال الأصفهاني: من الناس أيضا من يروي هذه الأبيات لداود بن سلم في قثم بن العبّاس، ومنهم من يرويها لخالد بن يزيد فيه. الأغاني (طبعة دار الكتب) 15/ 327.
(1) في الأخبار الموفقيات ص 147: درواس بن دروان العجلي.
وعند ابن الأثير في أسد الغابة 4/ 259: ابن درواس بن لاحق بن معد بن ذهل.
وفي تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 222: درباس بن حبيب بن درباس بن لاحق بن معبد بن ذهل.
(2) زيادة من: أ، ب، ج.
(3) في أ، ب، ج: بغير.
(4) زيادة من: ج.
(5) في الأصل: عانه، والتّصويب من: أ، ب، ج.(2/1155)
يا أمير المؤمنين! ما أخلّ (1) بك دخولي عليك، ولا وضع من قدرك، ولقد سرّني (2)، ورفع من قدري (3)، ولقد رأيت النّاس دخلوا في أمور، أحجموا عن ذكرها، فإن أذنت في الكلام تكلمت. فقال: تكلّم، لله أبوك! فما أظنّ صاحب القوم غيرك، فقال: يا أمير المؤمنين! مرّت بنا سنون ثلاث
أمّا الأولى: فلحت اللّحم.
وأمّا الثّانية: فأكلت الشّحم.
وأمّا الثّالثة: فهاضت (4) العظم.
وعندكم فضول الأموال فإن كانت لله فأقسموها بين عباده، وإن كانت لهم، ففيم تحصر عنهم؟ وإن كانت لكم فتصدّق (5) بها عليهم فإنّ الله يجزي المتصدّقين، ولا يضيع أجر المحسين.
فقال هشام (6): لله أنت، ما تركت لنا من واحدة من ثلاث، وأمر بمائة [ألف] (7) فقسّمت بين النّاس، وأمر في خاصّته بمائة ألف، فقيل: يا
__________
(1) في ج: أدخل.
(2) في ج: شرّفني.
(3) في ج: من ذكري.
(4) في الأصل: فهضمت، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في أ، ب، ج: فتصدّقوا.
(6) (فقال هشام) سقطت من: ب.
(7) التّكملة من: أ، ب، ج.(2/1156)
أمير المؤمنين! ألكل رجل من المسلمين أمرت بمثلها؟ قال (1): [لا] (2)
والله، وما يقوم (3) بيت المال بذلك. فقال / [105/ ب]: فلا حاجة لي فيما (4) يبعث [مذمّة على] (5) أمير المؤمنين. فلمّا صار إلى منزله بعث له بها، فقسّم منها تسعين ألفا في تسعة أحياء من العرب، وأمسك لنفسه عشرة آلاف، فبلغ ذلك هشاما، فقال: لله درّه إنّ الصّنيعة عند مثله لتبعث على الصّانع عند غيره (6).
ووفد عليه وفد قريش من الحجاز، وكان شباب الكتّاب (7) إذا قدم الوفد (8) حضروا (9) لاستماع بلاغة خطبائهم. قال محمّد بن سفيان (10):
__________
(1) في عيون الأخبار 2/ 365: قالوا.
(2) زيادة من: ج.
(3) في أ: يقدم، وفي ب: يقيم.
(4) التّصويب من: ج، وفي الأصل، وأ، ب: فيها.
(5) في الأصل: بياض، والمثبت من: أ، ب، ج، والأخبار الموفقيات ص 148.
(6) هذا الخبر بتمامه أورده الزّبير بن بكار في الأخبار الموفقيات ص 147، 148.
وكلام درواس هذا، منسوب إلى أعرابي قاله بين يدي هشام، عند الجاحظ: البيان والتّبيين 2/ 70، وابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 365، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 3/ 431، وابن منقذ: لباب الأداب ص 354352، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 222، وذكره باختصار البيهقي: المحاسن والمساوي 2/ 240.
(7) في الأصل: كاتب، والمثبت من: أ، ب، ج، والعقد الفريد 4/ 449.
(8) في أ، ب، ج: الوفود.
(9) في الأصل: حضر، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) لم أتوصّل إلى معرفته.(2/1157)
قال أبي: فحضرت كلامهم رجلا [رجلا] (1) حتّى قام محمّد بن [أبي الجهم] (2) بن حذيفة، وكان من أعظم النّاس قدرا فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، قد قالت فيك الوفود ما قالت، وأكثرت فأطنبت، وو الله ما بلغ قائلهم، ولا أحصى خطيبهم طولك، فإن أذنت في القول قلت. قال: قل وأوجز. قال: تولّاك الله يا أمير المؤمنين بالحسنى (3)، وزيّنك بالتّقوى، وجمع لك خير الآخرة، والأولى، إنّ لي حوائج، أفأذكرها؟ قال: هاتها.
قال: كبر (4) سنّي، ورقّ عظمي، ونال الدّهر منّي، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجبر كسري، وينفي فقري، [فعل] (5). قال: وما الذي ينفي فقرك ويجبر كسرك؟ قال: ألف دينار وألف دينار. فأطرق هشام طويلا، ثم قال: هيهات يا ابن أبي الجهم، بيت المال ما يحتمل ما سألت، فقال له:
إنّ الله [آثرك] (6) بمجلسك (7) فإن تعطنا، فحقّنا أدّيت (8)، وإن تمنعنا
__________
(1) التّكملة من: ج.
(2) في الأصل، وأ، ب: الجهم، والمثبت من: ج، والعقد الفريد 4/ 449.
وليس هو محمّد بن أبي الجهم العدوي، فقد قتل هذا في وقعة الحرّة، أي: قبل مولد هشام بتسع سنين.
(3) في ب: بالحسن.
(4) في ب، ج: كبرت.
(5) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(6) في الأصل: اعتراك، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(7) في ج: لمجلسك.
(8) في الأصل: وديت، والمثبت من: أ، ب، ج، والعقد الفريد.(2/1158)
نسأل الذي بيده ما حويت. يا أمير المؤمنين! إنّ الله جعل العطاء محبّة، والمنع مبغضة، والله لئن أحبّك أحبّ إليّ من أن أبغضك، قال له: فألف (1)
دينار لماذا؟ قال له (2): أقضي بها دينا قد حان (3) قضاؤه. [وعناني حمله] (4)، وأضرّ بي أهله (5). قال: فلا بأس [أن] (6) تنفّس كربة، وتؤدّي أمانة، ألف دينار لماذا؟. قال: أشتري بها أرضا يعيش بها ولدي، وأستعين بها على نوائب دهري، وتكون لمن بعدي. قال: وألف دينار لماذا؟ (7). قال: أزوّج بها من بلغ من ولدي. قال: نعم المسلك سلكت، أغضضت بصرا وأعففت ذكرا، واستفدت نسلا، ونحن (8) قد أمرنا لك بما سالت. قال: الحمد لله (9) على ذلك. ثم خرج فأتبعه هشام ببصره (10)، وقال: إذا كان القرشي فليكن، مثل هذا، ما رأيت رجلا
__________
(1) في ج: ألف.
(2) (قال له) ليست في: ج.
(3) في ج: حم.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) (وعناني حمله، وأضر بي أهله) ليست في: ج.
(6) الزّيادة من: أ، ب.
(7) (لماذا) سقطت من: أ.
(8) في أ، ب، ج: وإنّا.
(9) في أ، ب، ج: المحموا لله.
(10) في أ، ب، ج: بصره.(2/1159)
أوجز في مقاله (1) ولا أبلغ في بيانه (2) منه. ثم قال: [أمّا] (3) والله إنّا لنعرف الحقّ [إذا نزل] (4)، ونكره الإسراف والبخل، و [ما] (5) نعطي (6) تبذيرا، ولا نمنع تقتيرا (7)، وإنّما نحن خزّان الله في بلاده، وأمناؤه على عباده، فإذا أراد أعطينا، وإذا منع أبينا، ولو كان كلّ قائل يصدق، وكلّ سائل يستحقّ، ما خيّبنا (8) قائلا، ولا رددنا سائلا، فنسأل الذي بيده ما استحفظنا أن (9) يجريه على أيدينا فإنّه يفتح الرّزق لمن يشاء ويقدر، إنّه كان (10) بعباده خبيرا بصيرا. قالوا: يا أمير المؤمنين! لقد تكلّمت فأبلغت (11)، وما بلغ في كلامه [ما] (12) نصصت. فقال: إنّه مبتدئ وليس
__________
(1) في أ، ب، ج: مقال.
(2) في أ، ب، ج: بيان.
(3) الزيادة من: أ، ب، ج.
(4) الزيادة من: أ، ب، ج.
(5) الزيادة من: أ، ب، ج.
(6) في ج: يعطي.
(7) في ج: تعسيرا.
(8) في ج: جبهنا.
(9) (أن) تكرر في: ب.
(10) (كان) ليس في: أ، ب، ج.
(11) في ب: فبالغت.
(12) الزيادة من: ج.(2/1160)
المبتدئ كالمقتدي (1).
وامتدحه أبو النّجم العجلي واسمه الفضل (2) بن قدامة [106/ أ] بأرجوزة يقول فيها:
الحمد لله الوهوب المجزل (3)
فانتهى (4) إلى قوله لمّا ذهب به الرّويّ (5) عن الفكر (6) [في عين هشام] (7):
والشّمس في الجوّعين الأحول (8)
__________
(1) الخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 450449، والقالي: الأمالي 1/ 147، وابن منقذ: لباب الآداب ص 146، 147، باختلاف يسير، والقلقشندي: صبح الأعشى 1/ 264.
(2) الفضل بن قدامة العجلي، راجز، كان ينزل بسواد الكوفة، وكان يقصّد أيضا فيجيد، وبقي إلى أيّام هشام بن عبد الملك. ابن قتيبة: الشّعر والشّعراء ص 405، والمرزباني: معجم الشّعراء ص 310، والبغدادي: خزانة الأدب (تحقيق عبد السلام هارون) 1/ 103.
(3) في الأصل، وأ، ج: الوهّاب المجمل، والمثبت من: ب وديوان أبي النّجم ص 179.
(4) في أ، ب: حتّى انتهى، وفي ج: حتّى إلى.
(5) الرّوي، والرّويّة: النّظر في الأمر والتّفكّر فيه. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2364، (روي).
(6) في ب: الكفر.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: ج، وفي أ، ب: في هشام.
(8) في ج: بلا حول.(2/1161)
ويروى:
والشّمس قد صارت كعين الأحول (1)
فأغضبه ذلك، وأمر بصفعه وصرفه، وقال: هذا [يتغنّى غنى] (2)
علينا، فأمّل أبو النّجم رجعته، فكان يأوي المسجد. فأرق هشام ذات ليلة، فقال لحاجبه (3): أبغني رجلا عربيا (4) فصيحا يحادثني وينشدني.
فطلب له ما رغب (5)، فوقع على أبي النّجم (6)، فأتى به فلمّا دخل عليه قال: أين كنت منذ أقصيناك؟ قال: حيث (7) ألفاني رسولك. قال: فمن كان أبو مثواك؟ (8)، قال: رجلين تغلبيا وكلبيا، أتغدى عند أحدهما، وأتعشّى عند الآخر، يقال للتغلبي: عمرو بن بسطام (9)، والكلبي:
__________
(1) (كعين الأحول) ليست في: ج.
(2) في الأصل، وب: يتغاغي، والمثبت من: أ، وفي ج: يتقاعا.
(3) في تاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 247، فقال لحاجبه الرّبيع. وانظر: الأغاني (طبعة دار الكتب) 10/ 155.
(4) في الأصل: أعرابيا، والمثبت من: أ، ب، ج، والكامل للمبرد 2/ 93.
(5) (له ما رغب) ليست في: ج.
(6) في أ: أبي الجهم.
(7) في ج: بحيث.
(8) أبو مثواك: ربّ البيت الذي آواك. ابن منظور: لسان العرب 14/ 126، (ثوا)، بتصرّف.
(9) في الأصل: بزطام، والمثبت من: أ، ب، ج، والأغاني (طبعة دار الكتب(2/1162)
والكلبي: سليمان بن كسلان (1)، فقال له: ما لك من الولد؟ قال:
ابنتان، قال: أزوّجتهما؟ (2). قال: زوّجت إحداهما. قال: فيم أوصيتها؟
قال: قلت لها ليلة هديتها (3) له:
سبّي الحماة (4) وابهتي (5) عليها ... وإن أبت فازدلفي (6) إليها (7)
ثم اقرعي بالودّ (8) مرفقيها ... وجدّدي الحلف به عليها (9)
__________
المصرية) 10/ 155.
(1) في ج: سليمان بن كيسان، وفي الأغاني: سليم بن كيسان.
(2) في أ، ب: أتزوجتهما.
(3) في أ، ب: أهديتها.
(4) في الأصل، ب: الحمامة. والتّصويب من: أ، ج.
حماة المرأة: أم زوجها. ابن منظور: لسان العرب 14/ 197، (حما).
(5) في الأصل، وأ، ب: وانبهي، والتّصويب من: ج.
وابهتي: أي: قولي عليها ما لم تفعله. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 244، (بهت).
(6) في الأصل، وب: فازلفي، والمثبت من: أ، وديوان أبي النّجم ص 230.
(7) سقط هذا الشّطر من: ج.
(8) في الأصل: بالوحي، والتّصويب من: أ، ب.
والودّ بالفتح: الوتد في لغة أهل نجد. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 549، (ودد).
(9) في الأصل: وجددي من رأت. وفي أ، ب: وجد الجفا به عليها. والتّصحيح من:
الكامل للمبرد 2/ 93، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 1/ 318.
والبيت سقط من: ج.
والحلف بالكسر: العهد. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1346، (حلف).(2/1163)
لا تخبري الدّهر بذاك ابنيها.
قال: أوصّيتها (1) بغير هذا؟ قال: نعم. قلت:
أوصيت من برّة (2) قلبا حرّا ... بالكلب خيرا والحماة شرّا
لا تسأمي نهكا (3) لها وضرا ... والحيّ عميهم بشرّ طرا
وإن (4) كسوك ذهبا ودرّا ... حتّى يروا حلو الحياة مرّا (5)
قال هشام: ما هكذا (6) أوصى يعقوب ولده. قال: أبو النّجم: ولا أنا كيعقوب. ولا بني (7) كولده.
قال: فما حال الأخرى؟ قال: قد درجت بين بيوت الحيّ ونفعتنا (8)
في الرّسالة والحاجة، قال: فما قلت [فيها]؟ (9)، قال: قلت:
كأنّ ظلامة أخت شيبان ... يتيمة ووالداها حيّان (10)
__________
(1) في أ، ب: فوصيتها، وفي ج: أفوصيتها.
(2) في الأصل: رأت، والمثبت من: أ، ب، ج. والكامل للمبرد 2/ 94.
(3) النّهك: المبالغة في الشّتم. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1234، (نهك).
(4) من هنا بدأ سقط من نسخة: أ.
(5) في ج: حتّى تروا حلو الحماة مرّا.
(6) في ب: فهكذا.
(7) في الأصل: ابني، وفي ج: ولدي، والمثبت من: ب.
(8) في الأصل: وانتفعا، والمثبت من: أ، ج، والكامل للمبرد.
(9) التّكملة من: ج.
(10) في ج: حسان.(2/1164)
الرّأس كلّه قمل وصئبان (1) ... وليس في الرّجلين (2) إلّا خيطان
فهي التي يذعر (3) منها الشّيطان.
قال: فقال هشام: يا غلام! ما فعلت بالدّنانير (4) المختومة التي أمرتك بقبضها؟ قال: ها هي عندي، وزنها خمسمائة (5) دينار. قال: ادفعها إلى أبي النّجم يجعلها في رجلي (6) ظلّامة مكان الخيطين (7).
وخرج الزّهري يوما من عند هشام فقال: [ما رأيت كاليوم، ولا سمعت كأربع كلمات تكلّم بهنّ رجل عند هشام] (8). فقيل له: وما هنّ؟ قال: يا أمير المؤمنين! احفظ عنّي أربع كلمات فيهنّ صلاح ملكك واستقامة رعيّتك. قال: هاتهنّ. قال (9): لا تعدنّ (10) عدّة لا تثق
__________
(1) الصّئبان والصّؤاب جمع: صؤابة، بالهمزة: بيضة القملة. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 160، (صأب).
(2) في ب: الرّجيلين.
(3) في الأصل، وب: يدعي، والتّصويب من: ج.
(4) في ب، وج: الدّنانير.
(5) في ب: خمس مائة.
(6) في الأصل: رجل، والمثبت من: ب، ج.
(7) الخبر بتمامه عند المبرد: الكامل 2/ 94، ومثله عند الأصفهاني: الأغاني (طبعة دار الكتب المصرية) 10/ 157155، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 1/ 318، 319، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 247، 248.
(8) الزّيادة م: ب، ج.
(9) (قال) سقط من: ب.
(10) في الأصل، وب: لا تعد، والمثبت من: ج، وزهرة الآداب 2/ 857.(2/1165)
من نفسك بإنجازها، ولا يغرّنّك المرتقى إذا كان المنحدر وعرا (1)، واعلم أنّ للأعمال (2) جزاء فاتّق العواقب، وإنّ للأمور (3) بغتات، فكن [منها] (4)
على حذر (5).
(مقتل زيد بن عليّ بن الحسين) (6):
ودخل عليه [أبو الحسين زيد] (7) بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم فلم يجد (8) موضعا ينزله، فنزل بين يديه، وقال: يا أمير المؤمنين! ليس أحد يكبر عن تقوى الله، ولا يصغر بتقوى (9)
الله.
__________
(1) في الأصل: وعدا، والتّصويب من: ب، ج.
(2) في ب: الأعمال.
(3) في ب: الأمور.
(4) زيادة من: ج.
(5) أورده القيرواني: زهرة الآداب 2/ 857، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 1/ 59، والزّمخشري في ربيع الأبرار 4/ 315، مختصرا.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) في الأصل، وب: يزيد، والتّصويب من: ج.
وهو: زيد بن عليّ، أبو الحسين، المدني، الذي ينسب إليه الزّيدية، ولد سنة ثمانين، وخرج على هشام بن عبد الملك، فقتل بالكوفة. ابن سعد: الطّبقات 5/ 325، 326، وابن حجر: تقريب ص 224.
(8) في ج: فلم يفسح.
(9) في الأصل، وب: عن تقوى، والمثبت من: ج.(2/1166)
فقال له هشام: اسكت، لا أمّ لك، أنت الذي تنازعك / نفسك [106/ ب] الخلافة، وأنت ابن أمة (1).
قال: يا أمير المؤمنين! إنّ لك جوابا إن أحببت أجبتك، وإن أحببت أمسكت. قال: بل أجب. قال: إنّ الأمهات لا يقعدن بالرّجال دون بلوغ الغايات والآمال، وقد كانت أم إسماعيل [عليه السّلام] (2) أمة فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيّا، وجعله أبا العرب، وأخرج من صلبه محمّدا صلّى الله عليه وسلّم. وإسحاق بن حرّة فأخرج الله من صلبه القردة الخنازير وعبدة (3) الطّاغوت. تقول (4) لي هذا وأنا ابن فاطمة وابن عليّ؟! فخرج (5).
فقال هشام: ألستم تزعمون أنّ أهل هذا البيت بادوا؟ [لا] (6)
__________
(1) هي التي أهداها المختار بن أبي عبيد لعليّ بن الحسين، فولدت له زيدا وعمرا وعليّا، وخديجة. الأصفهاني: مقاتل الطّالبيين ص 127، وقال ابن قتيبة: أمه سندية، المعارف ص 216.
(2) زيادة من: ج.
(3) في ب، ج: عبد.
(4) في ج: أتقول.
(5) في ب: ثم خرج.
وهذا الجزء من الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 218، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 32، 482، و 5/ 89، و 6/ 127.
(6) زيادة من: ب، ج.(2/1167)
لعمري ما باد (1) قوم هذا خلفهم. فمضى زيد هذا (2) إلى الكوفة، فكتب [إليه] (3) عاملها وهو يوسف (4) بن عمر الثّقفي أنّ زيد (5) بن عليّ يريد القيام عليك بالعراق، وقد (6) اجتمع عنده مال (7) كثير. فكتب إليه هشام: أنفذه إلينا مكرها (8). فلمّا دخل سلّم عليه بالخلافة، فكلّمه فيما (9)
وصل (10) عنه إليه فأنكر [ذلك] (11)، وحلف [له] (12)، وقبل ذلك (13)
منه هشام، وخرج عنه زيد، ورحل من فوره إلى خراسان، فقام بها، فتبعه
__________
(1) في الأصل: ما باودوا، والتّصويب من: ب، وفي ج: ما بادوا وهذا خلفهم.
(2) (هذا) ليس في: ج.
(3) زيادة من: ج.
(4) هو: يوسف بن عمر، أمير العراقيّين، وخراسان لهشام، ثم أقرّه الوليد بن يزيد، قتل سنة سبع وعشرين ومئة. ابن خلكان: وفيات الأعيان 7/ 101، 112، والذّهبي:
سير 5/ 442، 443.
(5) في الأصل، وب: يزيد، والتّصويب من: ج.
(6) في ب: لأنّه.
(7) (مال) سقطت من: ج.
(8) في ج: مكرما.
(9) في ج: بما.
(10) في ب: نقل.
(11) زيادة من: ج.
(12) زيادة من: ب.
(13) (ذلك) ليس في: ب، ج.(2/1168)
من فوره إلى خراسان، فقام بها، فتبعه أناس (1) كثير، وزعموا أنّه مهدي في (2) الأمّة، وعظم أمره، وقويت شوكته. فجهّز إليه هشام عسكرا، وقدّم عليه يوسف بن عمر أمير الكوفة، فتلاقيا، وتحاربا (3)، فأصاب زيدا نشّاب (4) في نحره، فمات رحمه الله، وانهزم عسكره، فبعث برأسه إلى دمشق. فكتب إليه هشام: أن أصلبه عريانا، فصلبه فقال في ذلك شاعر (5) هشام قصيدة منها:
نصبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... وما كان مهدي على الجذع يصلب (6)
فلم يفلح هشام بعده، ولا انتفع سلطانه.
وقال ابنه يحيى بن زيد (7):
__________
(1) في ب، ج: ناس.
(2) (في) ليس في: ج.
(3) في ج: وتضاربا.
(4) في ب، ج: سهم.
والنّشّاب: السّهام، والواحدة: نشّابة، الجوهريّ: الصّحاح 1/ 224، (نشب).
(5) لم أتوصّل إلى معرفته.
(6) في الأصل، وب: ينصب، والمثبت من: ج، ومروج الذّهب 3/ 219.
(7) هو: يحيى بن زيد، خرج بخراسان بعد مقتل أبيه، ودعا إلى نفسه، وانضمّ إليه خلق من الشّيعة، وجرت له حروب مع عسكر خراسان حتّى قتل سنة خمس وعشرين ومئة. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 109، والذّهبي: تاريخ (121 140هـ)، ص 300.(2/1169)
خليليّ عنّي بالمدينة بلّغا (1) ... بني هاشم أهل النّهى والتّجارب
فحتّى بنو (2) مروان تقتل منكم ... خياركم والدّهر جمّ العجائب
وحتّى متى ترضون بالخسف منهم ... وكنتم أبات الخسف عند التّجارب
لكلّ قتيل معشر يطلبونه ... وليس لزيد ويحكم من مطالب (3)
وكانت وفاة زيد سنة إحدى وعشرين ومائة في شهر (4) صفر. وله اثنتان وأربعون سنة (5).
(ولاية سعيد بن هشام على حمص) (6):
وولّى هشام ابنه سعيدا (7) على حمص، وكان شابّا جميلا معروفا (8)
__________
(1) في ب: بالغا.
(2) (بنو) سقطت من: ج.
(3) هذا البيت من القصيدة عند مصعب الزّبيري: نسب قريش ص 66، وابن عساكر:
تاريخ دمشق (مخطوط) 18/ 109.
(4) (شهر) ليست في: ج.
(5) مصعب الزّبير: نسب قريش ص 61، والمزّيّ: تهذيب الكمال 10/ 98.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) سعيد بن هشام بن عبد الملك، ولي بعض المغازي في خلافة أبيه، وكان مع أخيه سليمان حين خلع مروان بن محمّد، وتحصّن بحمص فقبض عليه مروان وحبسه بحرّان، وقتل بها سنة اثنتين وثلاثين ومئة. الطّبري: تاريخ 7/ 67، 326، 436، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 180.
(8) في ب، ج: معرما.(2/1170)
بالزّنى، فوصل [إليه] (1) رجل من أهل حمص، وكتب رقعة، ورشقها في قصبة، وجعلها في بعض مصائد هشام. فلمّا مرّ بها أخذها، وإذا فيها:
أنهى (2) إليك أمير المؤمنين فقد ... فضّلتنا بأمير [ليس] (3) عنينا / [107/ أ]
يخالف النّاس (4) ليلا في حريمهم (5) ... وفي النّهار يرينا النّسك والدّنيا
فقال هشام: هذه مصيبة عظيمة، ومقالة فاحشة، فكتب (6) يعزله.
فلمّا مثل بين يديه علاه بالخيزرانة، وقال له: يا ابن اللّخناء! (7) تزني وأنت ابن (8) أمير المؤمنين؟! اذهب فأنتم (9) نطف السّكاري في أرحام الحيّض، والله لا ولّيتكم أمرا أبدا (10). فهو السّبب في أن لم يعهد لأحد من أولاده
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) هنا انتهى السّقط من نسخة: أ.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) في أ، ب: النّفس.
(5) (في حريمهم)، سقطت من: أ.
(6) في ج: وكتب.
(7) اللّخناء: التي لم تختن، وكانت أمّه نصرانية. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2194، (لخن). وابن قتيبة: المعارف ص 365.
(8) (ابن) سقطت من: ب، ج.
(9) في الأصل: أنت، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) ذكره بصيغة مقاربة ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 448، وهذا الخبر فيه نظر لكونه يتنافى مع شخصة هشام وما كان يتمتّع به من عفّة وعدالة وخير كثير.(2/1171)
بعد الوليد بن يزيد (1).
(وفاته، ومدّة خلافته، ومبلغ سنّه) (2):
ولمّا احتضر (3) هشام نظر إلى أولاده (4) وحشمه يبكون ففتح عينيه (5)، وبكى في وجوههم، ثم قال: جاد عليكم هشام بالدّنيا، وجدتم عليه بالبكاء، فترك عليكم ما خلّف، وتركتم عليه ما اكتسب في أسوء حال، إن لم يغفر الله له (6).
وكانت خلافته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وثلث [الشّهر] (7).
وتوفّي بالرّصافة (8) من أرض قنّسرين (9) يوم الأربعاء لست خلون
__________
(1) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في أ، ب: احضر.
(4) في أ، ب: ولده، وفي ج: إلى حشمه وولده.
(5) في ج: عينه.
(6) الخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 3/ 213، وابن عبد البرّ: بهجة المجالس 2/ 371، وابن منقذ: لباب الآداب ص 122، وابن كثير: البداية والنّهاية 9/ 399.
(7) زيادة من: ج. وفي مروج الذّهب 3/ 216، سبعة أشهر وإحدى عشرة ليلة، وفي قول الواقدي: سبعة أشهر وعشر ليال. الطّبري: تاريخ 7/ 200.
(8) الرّصافة: مدينة تقع في غربي الرّقة على طرف البريّة، بناها هشام لمّا وقع الطّاعون بالشّام، وكان يسكنها في الصّيف. ياقوت: معجم البلدان 3/ 47.
(9) في الأصل: قصرين، والتّصويب من: أ، ب، ج.(2/1172)
من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة (1).
وهو ابن ثلاث (2) وخمسين سنة.
__________
(1) الطّبري: تاريخ 7/ 200، عن أبي معشر، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 216.
(2) التّصويب من: ج، وفي الأصل، وأ، ب: تسع.
والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 216، وخليفة: تاريخ ص 357.(2/1173)
خبر الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان:
(كنيته، ولقبه، ونسب أمّه، ومكان مولده) (1):
يكنّى: أبا العبّاس (2).
ولقبه: الخليع (3).
أمّه: أم الحجّاج بنت محمّد بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثّقفية، ابنة (4) أخي الحجّاج بن يوسف (5).
ولدته بدمشق (6).
وقيل: بطبريّة (7).
(بيعته) (8):
بويع يوم الأربعاء الذي مات فيه عمّه هشام، وهو ابن تسع وعشرين سنة (9).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) الذّهبي: المقتنى في سرد الكنى 1/ 342، وابن قتيبة: المعارف ص 366.
(3) الأزدي: تاريخ الموصل ص 51، والمقدسي: البدء والتّاريخ 6/ 51.
(4) في ب: ابن، وفي ج: بنت.
(5) الأصفهاني: الأغاني 7/ 1، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 452.
(6) خليفة: تاريخ ص 363.
(7) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(8) عنوان جانبي من المحقّق.
(9) لم أقف على مبلغ سنه عند بيعته.(2/1174)
(صفاته) (1):
وكان جميلا، أبيض، مشرب بحمرة، ربعة (2).
(كاتبه) (3):
يوسف بن مهروية (4).
وحاجبه:
مولاه [قطري] (5).
وصاحب شرطته:
عبد الرّحمن بن حميد الكلبي (6).
ثم عبد الله بن عامر (7).
نقش خاتمه:
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) وردت هذه الصّفات في: تاريخ مشق لابن عساكر (مخطوط) 17/ 936، 937.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) الخبر عند ابن العربي: محاضرة الأبرار ص 39، ولم أعثر على ترجمة ليوسف.
(5) في الأصل، وج: مطر، والتّصويب من: أ، ب، وتاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 425.
(6) اليعقوبي: تاريخ 2/ 334، وفي تاريخ خليفة ص 367: عبد الرّحمن بن حنبل الكلبي، وفي تاريخ دمشق (مخطوط) 9/ 895.
وعبد الرّحمن بن جميل الكلبي ولي الشّرط والخاتم للوليد بن يزيد.
(7) عبد الله بن عامر الكلاعي، خليفة: تاريخ ص 367، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 9/ 475.(2/1175)
يا وليد إحذر الموت (1).
(سيرته) (2):
وكان يحبّ اللهو والصّيد، وأظهر الشّرب، والملاهي، والمعازف، وفي أيّامه كان ابن سريج (3) [المغنّي] (4) ومعبد (5)، وغيرهما (6) وفي ذلك يقول:
أنا الوليد الإمام مفتخرا ... أنعم بالي وأتبع الغزلا
أنقل رجليّ إلى مجالسها ... ولا أبالي مقال من عذلا
__________
(1) ابن العربي: محاضرة الأبرار ص 39.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في ج: ابن شريح.
اسمه: عبيد الله بن سريج، أبو يحيى مولى بني نوفل بن عبد مناف، وهو من أشهر المغنّين، ومن أحسن النّاس صوتا، مات في خلافة سليمان بن عبد الملك أو في آخر خلافة الوليد بن عبد الملك. الأصفهاني: 1/ 320، (طبعة دار الكتب).
وهذا يخالف ما ورد في المتن لأنّه مات قبل خلافة الوليد بن يزيد.
(4) التّكملة من: ج.
(5) هو: معبد بن وهب بن قطن، أبو عباد المغنّي، مولى العاصبن وابصة المخزومي، وفد على الوليد بن يزيد، كان أديبا فصيحا، وهو من أشهر المغنّين في العصر الأموي.
الأصفهاني: الأغاني 1/ 47، (طبعة داب الكتب)، وابن عساكر: تاريخ دمشق:
(مخطوط) 16/ 802.
(6) زاد المسعودي: الغريض، وابن عائشة، وابن محرز، وطويس، ودحمان. مروج الذّهب 3/ 226.(2/1176)
غرّاء (1) فرعاء (2) يستضاء بها ... تمشي الهوينى إذا مشت فضلا (3)
ولم يسكن مدينة، وكان مقامه بالظّواهر (4).
وزاد في أوّل ولايته أهل المدينة في أعطياتهم عشرة دنانير لكلّ رجل (5).
وعزل الهيثم (6) بن سحيم عن الأندلس، وقدّم عليها عنبسة بن سلمة (7) العاملي.
(مقتل يحيى بن زيد) (8):
[وفي أيّامه] (9) ظهر يحيى بن زيد بن عليّ بن الحسين (10) بن عليّ
__________
(1) في الأصل: رعاء، والتّصويب من: أ، ب، ج.
غرّاء: بيضاء. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 577، (غرر).
(2) فرعاء: تمّ شعرها، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 964، (فرع).
(3) الخبر عند المبر: الكامل 2/ 8.
(4) في الأصل: بالدّواهر، والتّصويب من: أ، ب، ج.
والخبر في العقد الفريد 4/ 462، عن المدائني.
(5) الأزدي: تاريخ الموصل ص 52.
(6) في ج: عنبسة.
(7) في ج: ثعلبة بن سلامة.
(8) عنوان جانبي من المحقّق.
(9) في الأصل: وفيها، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) في ب: الحسن.(2/1177)
ابن أبي طالب رضي الله عنه (1)، بالجوزجان (2) من خراسان، وهو ابن زيد الذي أظهر في أيّام عمّه (3) هشام، وصلبه. فخرج ابنه يحيى هذا منكرا للظّلم، وما عمّ النّاس من الجور فجهّز إليه نصر بن سيّار (4): سلم (5) بن أحوز المازني (6)، فقتله بسهم أصابه بعد وقائع كثيرة / كانت بينهما بقرية [107/ ب] يقال لها: أرعونة (7)، واحتز رأسه، فحمل إلى الوليد، وصلب جسده بالجوزجان. فلم يزل مصلوبا إلى أن خرج أبو مسلم (8) صاحب
__________
(1) (رضي الله عنه) ليست في: ج.
(2) الجوزجان: اسم كورة واسعة من كور بلخ بخراسان، وهي بين مرو الرّوذ وبلخ.
ياقوت: معجم البلدان 2/ 182، وكي لسترنج: بلدان الخلافة الشّرقية ص 465.
(3) (عمّه) ليست في: ج.
(4) في ب، ج: يسار.
نصر بن سيّار المروزي، أبو اللّيث، أمير خراسان، كان من رجال الدّهر سؤددا وكفاءة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة. وقد ولي خراسان عشر سنين. الذّهبي:
سير 5/ 463، 464، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 150.
(5) في الأصل، و، ب: مسلم. والمثبت من: ج: سلم بن أحوز.
كان على شرط نصر بن سيّار، وقتل سنة ثلاثين ومئة. الطّبري: تاريخ 7/ 384.
(6) المازني: نسبة إلى مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة.
الهمداني، عجالة المبتدي ص 111.
(7) لم أتوصّل إلى معرفتها.
(8) عبد الرّحمن بن مسلم المروزي، صاحب الدّعوة العبّاسية، وكان أوّل ظهوره بمرو سنة تسع وعشرين، وكان فاتكا شجاعا، ذا رأي وعقل، وتدبير وحزم، قتله المنصور بالمدائن سنة سبع وثلاثين ومئة. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 207، والذّهبي: سير 6/ 48، وميزان الاعتدال 2/ 589، 590.(2/1178)
الدّعوة العبّاسية، فقتل سلم بن أحوز، وأنزل جثة يحيى، فصلّى عليها، ودفنها هناك، وأظهر أهل خراسان النّياحة سبعة (1) أيّام في سائر أعمالها لمّا أمنوا (2) من عقاب بني أميّة. وكلّ مولود ولد في تلك السّنة بخراسان يسمّى بيحيى، أو زيدا لما داخلهم (3) من الحزن، ومن الجزع عليهما (4).
(فعله بالمصحف وقد استفتح به) (5):
وقرأ الوليد [يوما] (6) في المصحف: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ} (15) الآية (7)، دعا بالمصحف (8) فنصب غرضا للنّشاب، ورماه وهو يقول:
__________
(1) في ب: بسبعة.
(2) في أ، ب: ما أمنوا.
(3) في ب: دخله.
(4) (ومن الجزع عليهما)، ليست من: ج.
والخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 225، مع تقديم وتأخير في بعض العبارات.
وانظر تفاصيل مقتله عند الطّبري 7/ 230228، والذّهبي: تاريخ (121 140هـ)، ص 300.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) زيادة من: أ، ب.
(7) سورة إبراهيم: الآية (15).
(8) (دعا بالمصحف) سقطت من: ج.(2/1179)
أتوعد كلّ جبّار عنيد ... فها أنا ذاك جبّار عنيد
إذا ما جئت ربّك يوم حشر ... فقل يا ربّ مزّقني الوليد (1)
[وكان مغرى بالخيل وجمعها، وإقامة الحلبة (2)، وهي يومئذ ألف فرس قارح (3)، ووقف لها ينتظر الزّائد، ومعه سعيد (4) بن عمرو الأشدق، وكان فيها جواد يقال له المصباح، فلمّا طلعت الخيل قال الوليد:
خيلي وحقّ الكعبة المحرّمة ... سبقن أفراس الرّجال اللّوّمه
__________
(1) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 2/ 228، 229، والأصفهاني: الأغاني 7/ 49، (طبعة دار الكتب)، وابن الأثير: الكامل 4/ 269، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 79، وابن أبي دينار: المؤنس ص 42، وأمالي المرتضى 1/ 130، والمنتظم لابن الجوزي 7/ 241، وخزانة الأدب للبغدادي (تحقيق: عبد السّلام هارون) 2/ 228.
(2) الحلبة: بفتح الحاء المهلمة: الدّفعة من الخيل في الرّهان، وخيل تجتمع للسّياق من كلّ أوب للنّصرة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 98، (حلب).
(3) فرس قارح: انتهت أسنانه، أو وقع السّنّ التي تلي الرّباعية. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 301 (قرح).
(4) هو: سعيد بن عمرو الأموي التّابعي، كان مع أبيه إذ غلب على دمشق، ثم سار إلى الحجاز، وسكن الكوفة، ووفد على الوليد بن يزيد في خلافته سنة ستّ وعشرين ومئة. وقد أسنّ. ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 167، والذّهبي: سير 5/ 200، 201.(2/1180)
وأقبل فرس الوليد (1) المسمّى بالوضّاح أمام الخيل، فلمّا دنا صرع فارسه، وأقبل المصباح فرس سعيد يتلوه وعليه فارسه، فقال سعيد والوليد يسمع:
نحن سبقنا اليوم خيل اللّوّمه ... قد صرف الله إلينا المكرمه
كذاك كنّا في الدّهور القدمه ... أهل العلا والرّتب المعظمه
فضحك الوليد لمّا سمعه، وخشي أن يسبق فرس سعيد، فركّض فرسه حتّى ساوى الوضّاح، فقذف بنفسه عليه، ودخل سابقا. فكان الوليد أوّل من فعل ذلك وسنّه في الحلبة. ثم فعله المهدي (2). ثم عرضت على الوليد الخيل في الحلبة الثّانية فمرّ به، فرس لسعيد، فقال: نسابقك أنا وأنت القائل:
نحن سبقنا اليوم خيل اللّوّمه
فقال: ليس هكذا قلت يا أمير المؤمنين، وإنّما قلت:
نحن سبقنا اليوم خيلا لوّمه
فضمّه إلى نفسه، وقال: لا عدمت من قريش أخا مثلك] (3).
__________
(1) في مروج الذّهب 3/ 230، ابن الوليد.
(2) محمّد بن المنصور، الخليفة العبّاسي، مات سنة تسع وستّين ومئة. ابن قتيبة: المعارف ص 380، والذّهبي: سير 7/ 400.
(3) هذا الخبر استدراك من: ج، وذكره المسعودي: مروج الذّهب 3/ 230، 231، باختلاف يسير.(2/1181)
وذكر المبرد (1) فقال: إنّ الوليد ألحد (2) في شعر له، ذكر فيه النّبيّ
__________
(1) لم أعثر عليه في كتب المبرد التي وقفت عليها. لكن المسعودي نقله في مروج الذّهب 3/ 229، عن المبرد.
(2) وصف الوليد بن يزيد بالكفر والإلحاد والزّندقة افتراء وكذب عليه، فقد روي عن شبيب بن شبّة أنّه قال: كنّا جلوسا عند المهدي، وذكر الوليد فقال المهدي: كان زنديقا، فقام ابن علاثة الفقيه، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ الله تعالى أعدل من أن يولّي خلافة النّبوّة، وأمر الأمّة زنديقا إنّه أخبرني عنه من كان يشهد في ملاعبه وشربه بمروءة في طهارته وصلاته، فكان إذا حضرت الصّلاة يطرح الثّياب التي عليه المطيّبة المصبّغة، ثم يتوضّأ فيحسن الوضوء، ويوتى بثياب بيض نظيفة فيلسبها ويصلّي فيها، فإذا فرغ عاد إلى تلك الثّياب فلبسها، واشتغل بشربه ولهوه، أترى هذا من فعال من لا يؤمن بالله؟
فقال له المهدي: بارك الله فيك يابن علاثة، وإنّما كان الرّجل محسدا في خلاله ومزحما بكبار عشريته، وأهل بيته من عمومته مع لهو كان يصاحبه أوجد لهم السّبيل على نفسه الخ. العصامي: سمط النّجوم العوالي 3/ 220.
وأورده ابن الأثير في الكامل 4/ 269، ولكن ذكر أبو علاثة. وهو خطأ.
وروي عن المدائني قوله: دخل الغمر بن يزيد على الرّشيد، فسأله: ممّن أنت؟ فقال:
من قريش. فقال الرّشيد: من أيّها؟ فسكت ووجم. فقال له الرّشيد: قل، أنت آمن ولو أنّك مروان. فقال: أنا الغمر بن يزيد. فقال: رحم الله عمّك. ولعن يزيد النّاقص فإنّه قتل خليفة هو مجمع عليه، أرفع حوائجك، فرفعها إليه وقضاها. ابن خلدون: تاريخ (طبعة دار الفكر) 2/ 132، والعصامي: سمط النّجوم العوالي 3/ 220.
وهذا يعني: أنّ الرّشيد يعتقد كذب ما ألصق بالوليد بن يزيد من التّهم، ويرى أنّ(2/1182)
صلى الله عليه وسلم، فمنه قوله:
تلعّب بالخلافة هاشمي ... بلا وحي أتاه ولا كتاب
فقل لله يمنعني طعامي ... وقل لله يمنعني شراب
فلم يمهل بعد هذا (1) القول إلّا أيّاما يسيرة (2).
(مقتل الوليد بن يزيد) (3):
وكان سبب قتله أنّ يزيد بن الوليد بن عبد الملك تكلّم في خلع الوليد هذا، وعاقده قوم على الفتك به، فخرج بدمشق، وذلك في ثمان بقين من جمادى الآخرة. فأخذ عمال الوليد بن يزيد، ونادى في النّاس
__________
خلعه وقتله بغي عليه.
وقد ردّ الذّهبي رحمه الله هذه الفرية حيث نفاها عنه بقوله: لم يصحّ عن الوليد كفر ولا زندقة. نعم، اشتهر بالخمر والتّلوّط، فخرجوا عليه لذلك. تاريخ (121 140هـ)، ص 294.
وتورّع ابن كثير رحمه الله عن وصف الوليد بذلك فقال: وربّما اتّهمه بعضهم بالزّندقة والانحلال من الدّين، فالله أعلم، لكن الذي يظهر أنّه كان عاصيا شاعرا ماجنا متعاطيا للمعاصي. البداية والنّهاية 10/ 6.
وقال ابن خلدون بعد أن أورد هذه الفرية: ولقد ساءت القالة فيه كثيرا، وكثير من النّاس نفوا ذلك عنه، وقالوا: إنّها من شناعات الأعداء ألصقوها به. تاريخه 2/ 132.
(1) (هذا) سقط من: ج.
(2) (يسيرة) سقطت من: ج.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.(2/1183)
بالعطاء والزّيادة فبلغ الوليد ذلك، وهو بالبلقاء من أرض عمّان، فسار حتّى نزل بالبخراء (1)، فدخل عليه يزيد بن الوليد وأصحابه فتقلوه (2).
وكان قد (3) بايع لابنيه (4): الحكم (5)، وعثمان (6)، وكان يقال لهما:
الجميلان (7). فقتلا معه. وكانت خلافته سنة وشهرين وعشرين يوما (8).
وقتل بالبخراء [على أيّام من تدمّر] (9) في جمادى الآخرة سنة ستّ وعشرين ومائة (10).
وحمل رأسه إلى دمشق، فنصب في مسجدها (11).
__________
(1) البخراء: موضع على ميلين من القليعة في طرف الحجاز. ياقوت: معجم البلدان 1/ 356.
(2) انظر تفاصيل الخبر عند: الطّبري: تاريخ 7/ 243، 247.
(3) في ج: وقد كان.
(4) في أ، ب: لابنه.
(5) الحكم بن الوليد، أمّه أمّ ولد، عقد له أبوه بولاية العهد، وولّاه دمشق، ولا عقب له. اليعقوبي: تاريخ 2/ 331، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 91.
(6) عثمان بن الوليد، أمّه عاتكة بنت عثمان بن محمّد، عقد له أبوه بولاية العهد، وولّاه حمص. مصعب الزّبير: نسب قريش ص 167، واليعقوبي: تاريخ 2/ 331.
(7) في ج: الحميلان، وفي المعارف لابن قتيبة ص 366: الحملان.
(8) السّائد في أكثر المصادر: سنة وشهرين واثنين وعشرين يوما.
انظر: الطّبري: تاريخ 7/ 252، عن هشام بن محمّد، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 224، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 452.
(9) التّكلمة من: أ، ب.
(10) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 224، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 452، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 17/ 935.
(11) اليعقوبي: تاريخ 2/ 334، وخليفة: تاريخ ص 364، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 462.(2/1184)
خبر يزيد النّاقص بن الوليد بن عبد الملك (1):
(كنيته، ونسب أمّه، ومكان ولادته) (2):
يكنّى: أبا خالد (3).
أمّه: سهفريد (4) ابنة فيروز بن يزدجر بن شهرمان بن كسرى.
ولدته بدمشق.
وعمّة سهفريد هذه سلامة ابنة يزدجر، أمّ عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنهم.
(بيعته) (5):
بويع بدمشق يوم الخميس لليلتين (6) بقيتا من جمادى الآخرة، بعد
__________
(1) في ج: خبر يزيد بن الوليد.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) في ج: هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك، يكنّى: أبا خالد، ولقبه: النّاقص، وكنيته هذه عند الحاكم الكبير: الأسماء والكنى 4/ 277، والذّهبي: المقتنى ص 212.
(4) في أ، ب، ج: ساهفريد. وفي جمهرة أنساب العرب ص 89: شاهفريد بنت كسرى بن فيروز بن يزدجرد بن شهريان، ملك الفرس.
وعند الطّبري: أمّه أم لود اسمها: شاه آفريد بنت فيروز بن يزدجرد بن شهريان بن كسرى. تاريخ 7/ 298.
وعند المسعودي: أمّه أمّ ولد، تدعى: سارية بنت فيروز بن كسرى. مروج الذّهب 3/ 239.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) (لليتلتين)، سقطت من: ج.(2/1185)
موت ابن عمّه الوليد (1).
(صفاته) (2):
وكان أسمر، نحيفا مربوعا، حسن الوجه والجسم (3).
كاتبه:
بكر بن السّمح (4).
حاحبه:
مولاه: سلمة (5).
نقش خاتمه:
يا يزيد قم بالحقّ تصبه (6).
__________
(1) في ج: بعد موت الوليد ابن عمّه.
والخبر عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 324، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 11.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) ورد بعض هذه الصّفات عند الطّبري: تاريخ 7/ 298، عن المدائني، وابن الجوزي:
المنتظم 7/ 250، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 82، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 17.
(4) في محاضرة الأبرار ص 39: بكر بن الشّماخ.
(5) سلمة مولى يزيد بن الوليد بن عبد الملك، حكى عن يزيد، وكان ممّن شايعه على أمره. ابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 7/ 520.
(6) (تصبه) سقطت من: ج. وفي محاضرة الأبرار ص 39: تنصره. وفي البداية والنّهاية 10/ 17: نقش خاتمه: العظمة لله.(2/1186)
وفي حين ولايته نقّص أهل المدينة العشرات التي كان زادهم الوليد، فلقّب بالنّاقص (1).
وكان قدريّا (2).
وقيل: معتزليّا (3).
وعزل عن الأندلس عنبسة (4) بن سلمة، وولّى مكانه عبد الملك (5)
__________
(1) الطّبري: تاريخ 7/ 299، عن الواقدي، والأزدي: تاريخ الموصل ص 57، ومثله عند ابن الأثير: الكامل 4/ 269، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 11، وابن حجر: نزهة الألباب 2/ 216.
(2) روي عن محمّد بن عبد الله بن الحكم أنّه قال: سمعت الشّافعي يقول: لمّا ولي يزيد بن الوليد، دعا النّاس إلى القدر، وحملهم عليه. الذّهبي: سير 5/ 376، وابن كثير:
البداية والنّهاية 10/ 17، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 83، وابن العماد: شذرات الذّهب 2/ 108. وقال الذّهبي: كان في يزيد زهد وعدل وخير، ولكنّه قدريّ. العبر 1/ 124.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 234.
(4) في ج: ثعلبة.
(5) هو: عبد الملك بن قطن بن عصمة الفهري، أمير الأندلس من قبل هشام بن عبد الملك، وليها سنة خمس عشرة ومئة. وقتل بها سنة خمس وعشرين ومئة. ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس 1/ 269، والحميدي: جذوة المقتبس ص 287، والضّبي: بغية الملتمس ص 382.
وهذا خلاف ما ذكره المؤلّف لأنّه قتل قبل خلافة يزيد بن الوليد.(2/1187)
ابن قطن [القرشي] (1).
واستعمل منصور (2) بن جمهور [الكلبي] (3) على العراق.
فلمّا سمع بذلك يوسف بن عمر هرب إلى الشّام (4).
(خطبته بعد مقتل ابن عمّه الوليد) (5):
ولمّا قتل ابن عمّه الوليد خرج فخطب النّاس فقال: أيّها النّاس! إنّي لم أخرج طالبا لمال أحد (6)، ولا مريدا (7) للدّنيا، ولا غضبا لنفسي (8)، ولكن لما (9) رأيت أن قد طفيء نور الهدى، وهدّمت أعلام التّقوى، وظفر الجبّار العنيد المهتك للحرمة، المظهر للبدعة، الذي لا يؤمن
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) منصور بن جمهور بن حصن الكلبي الأمير القائم مع يزيد بن الوليد، من فرسان المسلمين، عزل بعد وفاة يزيد. فسار إلى السّند وغلب عليها، فلمّا استولى السّفاح وجّه إليه جشيا فانهزم منصور ومات بالمفازة بين السّند وسجستان عطشا. ابن حزم:
جمهرة أنساب العرب ص 458، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص: 543.
(3) زيادة من: ج.
(4) انظر: تاريخ الطّبري 7/ 270، 273، وابن الجوزري: المنتظم 7/ 251.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في أ، ب، ج: للمال.
(7) في ج: إرادة.
(8) في الأصل: ولا غبطا لنفسه. والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) (لما) ليست في: ب.(2/1188)
بالكتاب، ولا يصدّق [بيوم الحساب] (1) وهو شريكي في نفسي (2)، ونعتي (3) في حسبي. استخرت الله تعالى في جهاده حتّى طهّر الله منه البلاد، وأراح منه العباد، ولاية من الله لنا، فالحمد لله ربّ العالمين.
أيّها النّاس! إنّ لكم إن ولّيت، لا أحفر نهرا، ولا أشيّد قصرا، ولا أدّخر ذهبا ولا فضّة، ولا أعطيه ولدا ولا زوجة، ولا أجمّر (4) جيوشكم، فيقتتلوا (5)، ويفتتن أهلهم (6)، ولا أكلّف أهل ذمّتكم فوق طاقتهم، فأقطع نسلهم، وأجليهم عن بلادهم، ولا أنقل مالا من بلاد (7) إلى بلاد حتّى أقسمه (8) بين أهله أوّلا فإن أنا وفّيت لكم بما اشترطته لكم عليّ (9)، وإلّا فاخلعوني، وإن عرفتم مكاني أحد تعرفونه بصلاح (10)، فأنا أوّل
__________
(1) في الأصل: بحساب، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) في ب: نسبي.
(3) في الأصل، وأ، ب: ونعتني، والمثبت من: ج.
(4) في الأصل، وأ، ب: أجسر، والتّصويب من: ج.
أجمّر: تجمير الجيش: أن تحبسهم في أرض العدوّ ولا تقفلهم من الثّغر، وتجمّرهم، أي: تحتبسوا. الجوهريّ: الصّحاح 9/ 616، (جمر).
(5) في الأصل: فيقتتلون، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) في أ، ب: أهلوهم، وفي ج: أهلوكم.
(7) في أ، ب، ج: بلد.
(8) في الأصل، وأ، ب: اقتسمه، والمثبت من: ج.
(9) في ج: فإن أنا وفيت لكم فاسمعوا وأطيعوا.
(10) في الأصل: بالصّلاح، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1189)
داخل في بيعته (1).
وفي سنة ستّ (2) وعشرين ومائة غضب مروان بن محمّد بن مروان على يزيد (3).
(فخرج من الجزيرة، فدخل دمشق، ففرّ يزيد فظفر به مروان، فقتله وصلبه، وقتل من والاه (4) ومالأه) (5).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (6):
وكانت خلافته خمسة أشهر (7).
__________
(1) هذه الخطبة وردت بتغيير في بعض الفقرات عمّا هنا عند خليفة: تاريخ ص 365، والجاحظ: البيان والتّبيين 2/ 141، 142، وابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 270، 271، والطّبري: تاريخ 7/ 268، 269، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 95، 96، 462، 463.
(2) في الأصل: ستة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) الطّبري: تاريخ 7/ 295، وابن الأثير: الكامل 4/ 277.
(4) في الأصل: أولاده، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) ما بين القوسين وقع خطأ في خبر يزيد بن الوليد.
والصّواب: أنّ مروان بن محمّد هو الذي خرج من الجزيرة، سنة سبع وعشرين ومئة في عهد إبراهيم بن الوليد، فدخل دمشق، وخرج إبراهيم بن الوليد هاربا من دمشق، ثم ظفر به مروان فقتله، وصلبه، وقتل من مالأه ووالاه. المسعودي: مروج الذّهب 3/ 239، وانظر التّفاصيل عند: خليفة: تاريخ ص 374372، والطّبري: تاريخ 7/ 302300.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) اليعقوبي: تاريخ 2/ 335، وابن قتيبة: المعارف ص 367.(2/1190)
وتوفّي بدمشق في ذي القعدة سنة ستّ وعشرين ومائة (1).
وهو ابن اثنتين (2) وثلاثين سنة (3).
وقيل: ستّ وأربعين (4) سنة (5).
__________
(1) الخبر ذكره ابن كثير في البداية والنّهاية 10/ 17.
(2) في الأصل: اثنين، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) لم أقف عليه عند غير المؤلّف.
(4) في الأصل: أربعون، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) الخبر عند الطّبري: تاريخ 7/ 298، برواية المدائني، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 81، وقال ابن كثير: أكثر ما قيل في عمره سّت وأربعون. البداية والنّهاية 10/ 17.(2/1191)
خبر إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك:
(كنيته، ولقبه، وتسمية أمّه، ومولده) (1):
يكنّى: أبا إسحاق (2).
ولقبه: صلتان (3).
أمّه: أم ولد، اسمها: بريرة (4)، ولدته بحمص.
(بيعته) (5):
بويع في اليوم الذي مات فيه أخوه يزيد (6).
(صفاته) (7):
وكان أبيض جسيما (8)، طويلا أسود الشّعر، خفيف مقدم اللّحية، له ضفيرتان من الشّعر في رأسه (9).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) الذّهبي: المقتنى ص 67.
(3) أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 59.
(4) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 239، وفي العقد الفريد 4/ 466، والمنتظم 7/ 251:
بربرية.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) اليعقوبي: تاريخ 2/ 337.
(7) عنوان جانبي من المحقّق.
(8) في ج: سمينا.
(9) ورد بعض هذه الصّفات عند ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 2/ 306،(2/1192)
كاتبه:
مروان (1) بن أبي جمعة.
حاجبه:
وردان، مولاه (2).
نقش خاتمه:
توكّلت على الحيّ (3).
أبى أهل حمص (4) أن يبايعوه، وقتلوا أميرهم عبد الله بن سخيرة (5).
وأخرج أهل المدينة عاملهم.
وكان (6) من بحضرته من النّاس بعضهم يسلّم عليه (7)، بالإمارة (8)،
__________
والذّهبي: سير 5/ 367.
(1) في الوزراء والكتّاب للجهشياري ص 71: إبراهيم بن أبي جمعة. وانظر: محاضرة الأبرار لمحيي الدّين بن العربي ص 40.
(2) محيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 40، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 84، ولم أقف على ترجمته.
(3) محيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 40.
(4) في ج: أهل الشّام.
(5) لم أعثر على ترجمته.
(6) في ج: فكان.
(7) في أ، ب، ج: يسلّم عليه بعضهم.
(8) في أ، ب، ج: بالإمرة.(2/1193)
وبعضهم بالخلافة (1).
وفي (2) أوّل سنة سبع وعشرين ومائة سار مروان بن محمّد من أرمينية (3) إلى إبراهيم بن الوليد مظهرا للطّلب بدم الوليد بن يزيد لأنّه أنكر من خلافته ما أنكر من خلافة أخيه يزيد بن الوليد فاجتمع إليه أهل الجزيرة وقنّسرين (4) وحمص، فسار (5) في سبعين ألفا، فوجّه إليه إبراهيم بن الوليد: سليمان بن هشام بن عبد الملك في مائة ألف، فالتقوا بأرض الغوطة، فهزمه مروان بن محمّد، وقتل من أصحابه خلق كثير، ودخل (6) / [108/ ب] مروان دمشق، وخلع إبراهيم نفسه في صفر، ثمّ قتله مروان بعد خلعه نفسه بشهرين، وصلبه بناحية الرّقّة (7).
وكانت خلافته شهرين (8).
__________
(1) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 466.
(2) في ج: وكان في.
(3) التّصويب من: ب، ج. وفي الأصل وأ: أرمليه.
(4) التّصويب من: أ، ب، ج. وفي الأصل: قصرين.
(5) في ج: فصار.
(6) (ودخل) تكرّرت في الأصل.
(7) ابن قتيبة: المعارف ص 368، وابن عبد ربّه: الفريد 4/ 468، باختصار.
وانظر تفاصيل مسير مروان إلى الشّام وخلع إبراهيم بن الوليد عند: الطّبري: تاريخ 7/ 302300، إلّا أنّه يذكر عدد جند سليمان بن هشام عشرين ومائة ألف، وعدد جند مروان نحو ثمانين ألف.
(8) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 2/ 233.(2/1194)
خبر مروان الجعدي وأخبار (1) الأندلس وولاتها:
(نسبه، وكنيته، ولقبه، وخبر أمّه) (2):
هو: مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم. ابن أخي عبد الملك بن مروان.
يكنّى: أبا إسحاق (3).
وقيل: أبا عبد الملك (4).
لقبه: حمار الجعدي (5).
أمّه: ريا (6).
وقيل (7): طروبة، كانت لمصعب بن الزّبير، وصارت من بعده
__________
(1) في ب: وخبر.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) لم أقف على هذه الكنية في المصادر الأخرى.
(4) الذّهبي: المقتني ص 278.
(5) لقب بالحمار لقوّة تحمّله وصبره على مكاره الحروب فإنّه كان لا يخف له لبد في محاربة الخارجين عليه. الذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص 534.
وكان يقال له: الجعدي، نسبة إلى مؤدّبه: جعد بن درهم. الذّهبي: سير 6/ 74.
(6) اليعقوبي: تاريخ 2/ 338، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 247.
(7) في ج: ويقال.(2/1195)
لمحمّد بن مروان، فولدت له مروان هذا بحوران (1) من الجزيرة (2).
(بيعته) (3):
بويع [في صفر] (4) سنة سبع وعشرين ومائة. واجتمع على بيعته أهل الشّام، وقعد عنها (5) سليمان بن هشام بن عبد الملك، وغيره من بني أميّة (6).
(صفاته) (7):
وكان أبيض مشربا بحمرة، أشهل العينين. عظيم الهامة، كبير اللّحية كثيفها (8).
__________
(1) في الأصل: بحدوداء، وفي أ، ج: بجوران. والمثبت من: ب.
ولعلّها: حرّان، مدينة عظيمة مشهورة بالجزيرة. ياقوت: معجم البلدان 2/ 235لأنّ حوران، بفتح الرّاء كوة من أعمال دمشق من جهة القبلة. ياقوت: معجم البلدان 2/ 317.
(2) في ج: من الجزيرة بالشام. والخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 247بدون ذكر (فولدت له مروان هذا بحوران من الجزيرة).
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) زيادة من: ج.
(5) في أ: عليها.
(6) المسعودي: مروج الذّهب 3/ 247.
(7) عنوان جانبي من المحقّق.
(8) في أ: كثفها، وفي ب، ج: كثها.(2/1196)
كاتبه:
عبد الحميد بن يحيى الأكبر (1).
حاجبه:
صقلاب (2)، مولاه.
صاحب شرطته:
كريز بن الأسود (3) [الغنوي] (4).
نقش خاتمه:
اذكر الموت (5) يا غافل (6).
وهو آخر خلفاء بني أميّة.
__________
وردت هذه الصّفات عند ابن الأثير: الكامل 4/ 333، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 47، ابن دقماق: الجوهر الثّمين ص 85.
(1) الجهشياري: الوزراء والكتّاب ص 72.
(2) في الأصل: مقلاب، والمثبت من: أ، ب، ج. وفي تاريخ خليفة ص 408، والجوهر الثّمين: ص 85: سقلاب.
(3) في بعض المصادر الأخرى: كوثر بن الأسود، تاريخ خليفة ص 408، وتاريخ اليعقوبي 2/ 346، وتاريخ دمشق (مخطوط) 14/ 611.
(4) في الأصل: العدني، والمثبت من: أ، ب، ج.
الغنوي: نسبة إلى غني بن أعصر، من قيس عيلان. ابن الأثير: اللّباب 2/ 392.
(5) (اذكر الموت) تكرّرت في: ب.
(6) محيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 40.(2/1197)
ولمّا ولي الخلافة نبش قبر يزيد بن الوليد، واستخرجه وصلبه (1).
وعزل عبد الملك بن قطن عن (2) الأندلس، وقدّم عليها ثوابة (3) بن نعيم الأنصاري.
وفتح حمص وخرّب سورها (4) لخلافهم عليه، وذلك في سنة ثمان وعشرين ومائة (5).
وخرج عليه الضّحّاك (6) بن قيس الشّاري (7)، فيمن تبعه (8) من
__________
(1) ابن قتيبة: المعارف ص 367، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 466.
(2) (عن) سقط من: ب.
(3) في الأصل: نوبة، والمثبت من: أ، ب، ج. ولم أقف على ترجمته.
(4) في الأصل والنّسخ الأخرى: صورها. وهو خطأ ظاهر.
الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 527، (سور).
(5) (ومائة) سقطت من: أ، ب. وفي مصادر أخرى: سنة سبع وعشرين ومئة.
تاريخ خليفة ص: 374، وتاريخ الطّبري 7/ 312، والكامل: لابن الأثير 4/ 286.
(6) هو: الضّحّاك بن قيس الشّيباني الحروري، خرج بالجزيرة، ثم قصد الموصل ثم شهرزور، واجتمعت عليه الصّفريّة فسار إلى العراق واستولى على الكوفة، فخرج إليه مروان وقتله. الطّبري: تاريخ 7/ 316، 327، 344، 345، وابن الأثير:
الكامل 4/ 288، 292، 297295.
(7) في ب: السّاري.
الشّاري، نسبة إلى الشّراة، وهم: الخوارج. ابن الأثير: اللّباب 2/ 174.
(8) في ب: تابعه.(2/1198)
الخوارج، وتوجّه إليه، وأقبل مروان نحوه، فالتقوا بكفر توثا (1) سنة ثمان وعشرين ومائة، في صفر فقتل الضّحّاك [بن قيس الشّاري] (2)، وقام [ماقمه] (3) الخيبري (4)، فاقتتلوا، فهزم مروان، وانصرف. وولّى الخوارج شيبان (5)، ورجع بأصحابه إلى الموصل، وأتبعه مروان فقاتله شهرا فهزم (6) شيبان، [ووجّه] (7) مروان خلفه عامر (8) بن ضبارة المرّيّ (9).
__________
(1) في الأصل، وأ: بكفر تونا، وفي ب: بكفر ثونا، وفي ج: بكفر بوتا
والصّواب ما أثبته من تاريخ الطّبري 7/ 327، 345، وهي قرية كبيرة من أعمال الجزيرة تقع بين دارا ورأس عين. ياقوت: معجم البلدان 4/ 468.
(2) زيادة من: ج.
(3) في الأصل، وأ، ب: معه، والتّصويب من: ج.
(4) في الأصل، وأ، ب: الخبيري. والمثبت من: ج.
وهو: الخيبري الشّيباني الخارجي، كان من قواد الضّحاك ثم تولّى قيادتهم بعده، فكانت بينه وبين مروان وقعة قتل فيها الخيبري سنة ثمان وعشرين ومئة. الطّبري:
تاريخ 7/ 322.
(5) هو: شيبان بن عبد العزيز اليشكري الحروري، تولّى أمر الخوارج بعد مقتل الخيبري، وقاتل مروان بن محمّد، ثم انصرف إلى الموصل، وانضمّ إليه أهلها وتبعه مروان، ثم قتل شيبان في عمان. الطّبري: تاريخ 7/ 353349.
(6) في ج: فانهزم.
(7) التّصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: ورجع.
(8) هو: عامر بن ضبارة الغطفاني المرّي من أهل حوران، انتدبه مروان لقتال شيبان الخارجي فانهزم منه شيبان بعد وقائع، ثم قاتل قحطبه بن شبيب الخارجي حتّى قتل.
الطّبري: تاريخ 7/ 307، 476، وابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 155.
(9) في الأصل: الأموي، وفي: أ، ب: الموري، والتّصويب من: ج.
انظر نص الخبر عند: ابن قتيبة: المعارف ص 369.(2/1199)
واستعمل يزيد (1) بن عمر بن هبيرة [الفزاري] (2) على العراق، فأقبل حتّى قدم واسط (3)، وجاء (4) عبد الله بن عمر بن عبد العزيز مخالفا لمروان، فأخذه يزيد بن عمر بن هبيرة وأوثقه (5)، وبعث به إلى مروان، فلم يزل في حبسه حتّى مات مع ابن له (6).
ولم يزل مروان في تشتّت (7) من أمره، واضطراب من (8) النّواحي عليه، وهو في ذلك يقيم الحجّ للنّاس إلى سنة ثلاثين ومائة. فظهر (9) أبو مسلم عبد الرّحمن (10) بخراسان داعيا لبني هاشم وبها نصر بن سيّار عامل
__________
(1) يزيد بن عمر بن هبيرة أمير العراق لمروان بن محمّد، كان شيخا جوادا، وبطلا شجاعا، قتل على يد العبّاسيّين سنة اثنتين وثلاثين ومئة. ابن خلكان: وفيات الأعيان 6/ 313، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص 567.
(2) زيادة من: ج.
(3) في أ: وقدم واسط وجاء واسط.
(4) في ج: وجعل.
(5) في أ: وواثقه.
(6) في ج: مع ابن له حتّى مات فيه.
والخبر بتمامه عند ابن قتيبة: المعارف ص 369.
(7) في ج: تشتيت.
(8) (من) ليست في: ج.
(9) في ج: إلى أن ظهر.
(10) في ج: عبد الرّحمن أبو مسلم.(2/1200)
لبني أميّة، فواقعه أبو مسلم ففضّ (1) جموعه، وسار نصر هاربا حتّى توفّي بأرض [ساوه] (2) من همذان (3).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (4):
وكانت خلافة مروان خمس سنين وعشرة أشهر (5).
وقيل: غير ذلك (6).
وتوفّي أوّل سنة اثنتين (7) وثلاثين ومائة بأبي صير (8) من أعمال
__________
(1) في أ: فقض، وفي ب: ببعض.
(2) في الأصل: صارت، وفي أ، ب، ج: سارة.
ساوة: مدينة حسنة بين الرّيّ وهمذان. ياقوت: معجم البلدان 3/ 179.
(3) في الأصل: بهمدان، والمثبت من: ب، والمعارف ص 370.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) الخبر عند أبي دينار: المؤنس ص 44.
(6) (وقيل: غير ذلك) سقطت من: ج.
فقيل: خمس سنين. اليعقوبي: تاريخ 2/ 346.
وقيل: خمس سنين وعشرة أيّام. وقيل: خمس سنين وثلاثة أشهر. وقيل: خمس سنين وشهرين، وعشرة أيّام. المسعودي: مروج الذّهب 3/ 247. وقيل: خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيّام. خليفة: تاريخ ص 409. وقيل: خمس سنين وعشرة أشهر وستّة عشر يوما. الطّبري: تاريخ 7/ 442. وقيل: خمس سنين وستّة أشهر وعشرة أيّام. ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 469.
(7) في أ، ب: اثنين، وفي ج: إحدى.
(8) أبو صير، أو بوصير، بكسر الصّاد، اسم لأربع قرى بمصر، منها: بوصير قوريدس(2/1201)
مصر (1).
وهو ابن ستّ وخمسين سنة (2).
وقيل: تسع وستّين (3).
(أخبار الأندلس) (4):
وبقي الأمر بالأندلس إلى ثوابة (5) بن نعيم الأنصاري أربع سنين إلى / ظهرت الدّولة العبّاسية بالمشرق وانقرضت (6) دولة بني أميّة [109/ أ].
وقام بالخلافة بنو العبّاس، فبقي الأمر بالأندلس سدى.
فاتّفق أهل الأندلس على تقديم يوسف (7) بن عبد الرّحمن الفهري،
__________
من كورة الأشمونين، بها قتل مروان بن محمّد. ياقوت: معجم البلدان 1/ 509.
(1) (بأبي صير من أعمال مصر)، سقطت من: ج.
والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 3/ 247.
(2) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(3) في الأصل، وأ، ب: سبع وسّتين، والمثبت من: ج.
وانظر الخبر عند: الطّبري: تاريخ 7/ 442.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) في الأصل: توبة، وفي ب: ثوبة، ولعلّه يقصد ثعلبة بن سلامة الجذامي.
انظر: الحميدي: جذوة المقتبس ص 185، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 32.
(6) في ج: وزالت.
(7) يوسف بن عبد الرّحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع، أمير الأندلس، امتدّت أيّامه إلى أن دخل عبد الرّحمن بن معاوية الأموي الأندلس، فحاربه وهزمه سنة ثمان وثلاثين ومئة. ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 35، 38، والذّهبي: تاريخ (140121هـ)، ص: 571.(2/1202)
وكانت دار الإمارة (1) قرطبة فأقام بها أميرا إلى أن يأتي أمر الخليفة بوال [فتأخّر الأمر] (2)، باشتغال بني (3) العبّاس بالمشرق لأنّه كان أهمّ [وأعظم] (4)، ولم يقدّموا على الأندلس أحدا (5)، وذلك قدر سبع سنين، [وقيل: أقام الفهري واليا عشر سنين] (6) إلى أن قصد الأندلس عبد الرّحمن (7) بن معاية بن هشام بن عبد الملك بن مروان (8)، فارّا من بني العبّاس [حين استولوا على الخلافة بالمشرق] (9) فانحاش كلّ من كان من بني أميّة بالأندلس، ومن (10) يقول بقولهم، ومن كان يجد على يوسف الفهري موجدة لمظلمة جرت عليه، أو لتقصير قصّر به، أو لعطاء حرمه،
__________
(1) في أ: الإمرة.
(2) التّكلمة من: ج.
(3) في الأصل، وأ، ب: بنو، والتّصويب، من: ج.
(4) زيادة من: أ، ب، ج.
(5) (ولم يقدّموا على الأندلس أحدا) ليست في: ج.
(6) التّكلمة من: ج. الخبر عند ابن أبي دينار: المؤنس ص 43.
(7) عبد الرّحمن بن معاوية، الملقّب بالدّاخل، ويكنّى: أبا المطرّف، ولد بالشّام سنة:
(113هـ)، ودخل الأندلس في ذي القعدة سنة: (138هـ)، في عهد المنصور، واتّصلت ولايته إلى أن مات سنة: (172هـ). الحميدي: جذوة المقتبس ص 8، 9، والمراكشي: المعجب ص 40.
(8) (ابن مروان) ليست في: ج.
(9) التّكلمة من: ج.
(10) في أ، ب: وممن.(2/1203)
مال [إلى] (1) عبد الرّحمن فاجتمع عنده خلق (2) كبير، وقصد بهم قرطبة دار إمرة (3) الفهري، فبرز (4) إليه الفهري في جيش لا يحصى كثرة، فاقتتلا وتحاربا مدّة من عام، إلى أن هزم الفهري وقتل واستبيح عسكره، [وقتل أكثره] (5)، ودخل عبد الرّحمن (6) قرطبة، وطاعت له الأندلس بأسرها، وملكها (7) ثلاثا وثلاثين سنة (8)، ولقي فيها (9) حروبا، وقاسى خطوبا.
ثم توفّي عبد الرّحمن وولي ابنه هشام (10) [بن عبد الرّحمن] (11)،
__________
(1) التكملة من: ج.
(2) في أ، ب، ج: جمع.
(3) في ج: إمارة.
(4) في ج: فنزل.
(5) زيادة من: ج.
(6) (عبد الرّحمن) سقط من: ج.
(7) في ج: وملكه.
(8) عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 332، فملك عبد الرّحمن بلاد الأندلس ثلاثا وثلاثين سنة، وأربعة أشهر.
(9) في الأصل: بها، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) هشام بن عبد الرّحمن، يكنّى: أبا الوليد، ولي الإمارة وسنه حينئذ ثلاثون سنة، فاتّصلت ولايته سبعة أعوام إلى أن مات في صفر سنة ثمانين ومئة. وكان حسن السّيرة، متحريّا للعدل. الحميدي: جذوة المقبتس ص 10، والمراكشي: المعجب ص 43.
(11) زيادة من: ج.(2/1204)
وأقام ملكا (1) سبع سنين وتوفّي.
وولي ابنه [الحكم (2)، فأقام ملكا ستّا وعشرين سنة ثم توفّي.
وولي ابنه] (3) عبد الرّحمن (4)، فأقام واليا إحدى (5) وثلاثين سنة (6)، ثم توفّي.
وولي ابنه محمّد (7)، فأقام واليا أربعا وثلاثين سنة (8).
__________
السّيرة، متحريّا للعدل. الحميدي: جذوة المقبتس ص 10، والمراكشي: المعجب ص 43.
(1) في ج: مالكها.
(2) الحكم بن هشام، أبو العاص المعروف بالرّبضي، ولي وله اثنتان وعشرون سنة، واتّصلت ولايته إلى أن مات في آخر ذي الحجّة سنة ستّ ومائتين.
الضبي: بغية الملتمس ص 14، والمراكشي: المعجب ص 44.
(3) تكلمة من: ب.
(4) هو: عبد الرّحمن الأوسط بن الحكم، أبو المطرّف، ولي وله ثلاثون سنة، واتّصلت ولايته إلى أن مات في آخر صفر سنة ثمان وثلاثين ومائتين. الضّبي: بغية الملتمس ص 14، والمراكشي: المعجب ص 48.
(5) ابن أبي دينار: المؤنس ص 99، وعند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 332: فولي بعده ابنه عبد الرّحمن بن الحكم بن هشام اثنتين وثلاثين سنة، وأربعة أشهر.
(6) (سنة) ليست في: أ، ج.
(7) (فأقام ملكا ستّا وعشرين سنة ثم توفّي. وولي ابنه عبد الرّحمن، فأقام واليا إحدى وثلاثين سنة، ثم توفّي. وولي ابنه محمّد)، سقطت من: ج.
(8) (سنة) ليست من: ج. والخبر عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 332.(2/1205)
عشرون ألفا بدروع الفضّة، وأنشأ في البحر سبع مائة غراب (1) ثم توفّي.
وولي ابنه المنذر (2)، فأقام (3) واليا ثلاث سنين، ثم توفّي.
وولي أخوه عبد الله (4) بن محمّد فأقام واليا خمسا وعشرين سنة، ثم توفّي.
وولي [ابن] (5) ابنه عبد الرّحمن (6) النّاصر بن عبد الله (7)، وهو ابن خمس وعشرين سنة، فأقام ملكا خمسين سنة، خمسا وعشرين في غزو
__________
(1) الغراب: نوع من المراكب، أخذه العرب عن القرطاجنيّين والرّومان وغيرهم، من أمم البحر المتوسّط. وقد سمّي بذلك لأنّ مقدّمته تشبه رأس الغراب. سعاد ماهر:
البحرية في مصر الإسلامية ص 359، 360. والخبر بتمامه عند ابن أبي دينار: المؤنس ص 99، 100.
(2) في الأصل: محمّد المنذر، والتّصويب من: أ، ب، ج.
المنذر بن محمّد، أبو الحكم، ولد سنة تسع وعشرين ومئتين، ومات سنة خمس وسبعين ومئتين. الحميدي: جذوة المقتبس ص 11، والمراكشي: المعجب ص 52.
(3) في أ، ب: فقام.
(4) عبد الله بن محمّد، أبو محمّد، ولد في ربيع الآخر سنة تسع وعشرين ومئتين. كان فاضلا صالحا، تولّى سنة خمس وسبعين ومئتين. ومات في ربيع الأوّل سنة ثلاث مئة. ابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 497، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 120.
(5) زيادة يقتضيها السّياق، من التّنبيه والإشراف ص: 332، وجذوة المقتبس ص 12.
(6) عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله، لقبه: النّاصر لدين الله، ولي الخلافة بعد جدّه، وتسمّى بأمير المؤمنين، توفّي سنة خمسين وثلاثمائة. ولم يبلغ أحد من بني أميّة مدّته في الخلافة. الضّبي: بغية الملتمس ص 17، والذّهبي: سير 8/ 265.
(7) (فأقام واليا خمسا وعشرين سنة، ثم توفّي. وولي ابنه عبد الرّحمن النّاصر بن عبد الله) سقطت من: أ، ج.(2/1206)
وحرب [حتّى دانت له الرّوم كلّها، وولّت وخمدت في أقصى بلادها في كثرة أعدادها، ومنها] (1) خمسا (2) وعشرون سنة في البطالة والرّاحة والمجون (3).
وإذ ذاك أمر ببنيان الزّهراء (4) فكملت في خمس وعشرين (5) سنة.
__________
(1) تكلمة من: ج.
(2) في ب: خمسن.
(3) هذا الوصف لحال النّاصر وعصره يحمل الطّعن في شخصه والتّشويه لعصره، وهو خلاف الحقيقة لأنّه كان ناسكا عابدا شافعي المذهب، قضى مدّة حكمه في الغزو والجهاد، فغزا بنفسه بلاد الرّوم اثنتي عشرة غزوة، ودوّخهم، ووضع عليهم الخراج، ودانت له ملوكها، وانقاد لطاعته العصاة، فمهّد البلاد، ووضع العدل، وكثر الأمن، وبلغت الأندلس في عهده ذروة الرّخاء والنّعماء والأمن والعزّة، بل كان عصره في الواقع أعظم عصور الإسلام بالأندلس، وفيه بلغت الدّولة الأموية بالأندلس ذورة القوّة والبهاء، وكان حدّ الفصل بين مراحل تقدمها وازدهارها، ومراحل انحلالها وسقوطها. ابن الأثير: الكامل 6/ 360، والذّهبي: سير 8/ 268، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 238، عنان: تراجم إسلامية ص 185، 191.
(4) الزّهراء: مدينة تقع غرب قرطبة على بعد سبعة أميال تقريبا، وشمال نهر الوادي الكبير على قدر ميلين منه، والسّبب في إنشائها هو رغبة النّاصر في إنشاء قاعدة لملكه بعد أن ضاقت قرطبة عاصمة الخلافة. ياقوت: معجم البلدان 3/ 161، وعنان: الآثار الأندلسية ص 35، 36.
(5) في ب: وعشرون.(2/1207)
وأحصى (1) الأمناء على بنيانها جملة ما أنفق عليها (2) فوجدوه خمسة وثمانين مدّا (3)، من الدّراهم القاسميّة، سوى من سخّر فيها من الرّعية ومن زوامله (4) وزوامل أجناده، وحصي مجباه في العام فبلغ خمسة آلاف (5)
ألف دينار، فكان يقسّمها أثلاثا، فالثّلث لبيت المال، والثّلث للأجناد، والثّلث للشّعراء والخطباء والقصّاد.
وأمر ببنيان مدينة سالم (6)، واستقضى جحّاف [بن] (7) أيمن (8).
__________
وعنان: الآثار الأندلسية ص 35، 36.
(1) في ج: وحصّل.
(2) من هنا بدأ سقط من نسخة: ج، يقارب لوحة كاملة.
(3) في أ، ب: مديا.
(4) الزّوامل، جمع زامله، وهي التي يحمل عليها من الإبل وغيرها. الفيروزآبادي:
القاموس المحيط ص: 1306، (زمل).
(5) في الأصل: ما يجب عليه في ذلك العام فبلغ ذلك ألف ألف، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) مدينة سالم، تقع شمال مدريد بنحو (153) كيلا، عمّرها زعيم مغربي مصمودي، هو: سالم بن ورعمال المصمودي، ولا شكّ أنّ المقصود في النّص هو إعادة بنائها وتعميرها. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 501، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 214، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 60، حاشية رقم: (1).
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) في المصادر الأخرى: جحّاف بن يمن قاضي بلنسية، ولّاه أمير المؤمنين النّاصر لدين الله القضاء بها، واستشهد بالأندلس في غزوة الخندق سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس ص 103، والحميدي: جذوة المقتبس ص 190، والضّبي: بغية الملتمس ص 262، وابن الأثير: الكامل 6/ 262.(2/1208)
وتسمّى (1) بالخليفة أمير المؤمنين، وخطب لنفسه، وقد كان من تقدّمه من آبائه يخطبون لبني العبّاس، فلمّا قدّم على بني العبّاس / [بمصر وإفريقية [109/ ب] بنو عبيد وتسّموا بالخلفاء وأمراء المؤمنين، واشتغل عنهم بنو العبّاس] (2) بما كانوا فيه من الخلع والخلاعة، والقيام عليهم، والفتك بهم (3). اقتدى عبد الرّحمن النّاصر بهم، وسلك مسلكهم في مذهبهم (4).
ثم توفّي وولي ابنه الحكم (5) بن عبد الرّحمن [النّاصر] (6)، وأقام واليا
__________
(1) في الأصل: وسمّي، والمثبت من: أ، ب، وكان ذلك سنة: (371هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 2/ 279.
والسبب في تسمّي عبد الرّحمن النّاصر بأمير المؤمنين هو: ضعف الخلفاء العبّاسيّين بالعراق، وتغلّب العبيديّين بأفريقية ومخاطبتهم بأمير المؤمنين. ابن الأثير: الكامل 6/ 360، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 238، وهو: يؤكّد دفاع عبد الرّحمن النّاصر عن السّنة ومقاومة النّفوذ الشّيعي الذي بسط سلطانه على المغرب وأخذ يتطلّع نحو الأندلس. ابن أبي دينار: المؤنس ص 44.
(2) التّكلمة من: أ، ب.
(3) في الأصل: فيهم، والمثبت من: أ، ب.
(4) يقصد المؤلّف هنا أنّ عبد الرحمن النّاصر سلك مسلم العبّاسيّين في المذهب، فقد كان سنيّا شافعي المذهب. ابن الأثير: الكامل 6/ 360، وابن كثير: البداية النّهاية 11/ 238، وتسمّى بالخليفة، وتلقّب بأمير المؤمنين.
(5) الحكم بن عبد الرّحمن، أبو العاص، الملقّب بالمستنصر بالله، وكان حسن السّيرة، جامع العلم، متشدّدا في إبطال الخمور بالأندلس، كان مواصلا لغزو الرّوم، مات سنة ستّ وستّين وثلاثمائة. الحميدي: جذوة المقتبس ص 1613، والذّهبي: سير 8/ 271269.
(6) زيادة من: ب.(2/1209)
خمس عشرة سنة كاملة (1)، واستكتب محمّدا (2) بن أبي عامر، وقرّبه، وأظهره ثم توفّي.
وولي ابنه هشام (3) بن الحكم فاستوزر محمّد بن أبي عامر وقرّبه وأظهره نحو العام، وكان ابن أبي عامر في غاية من الذّكاء والشّهامة والشّجاعة، فرأى هشاما صبيّا صغيرا، مشتغلا باللّعب والفتك والخلاعة، فحجر عليه وضرب على يديه بعد أن استمال (4) الأجناد بالإحسان إليهم، فمالوا معه جملة، فبنى لنفسه قصرا (5)، ونقل إليه (6) بيت المال،
__________
(1) ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 100، وفي المعجب للمراكشي ص 71: كانت مدّة ولايته منذ بويع له إلى أن مات ستّ عشرة سنة وأشهرا.
(2) محمّد بن أبي عامر، الملقّب بالمنصور، كان طالبا للعلم والأدب، وسمع الحديث وتميّز فيه، آلت الأمور إليه في عهد هشام بن الحكم، فدانت له الأندلس كلّها، كان ذا همّة في الجهاد والغزو إلى أن توفّي في طريق الغزو سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
الحميدي: جذوة المقتبس ص 78، 79، والمراكشي: المعجب ص 7572.
(3) هشام بن الحكم، الملقّب بالمؤيّد، يكنّى: أبا الوليد، كان في طول دولته متغّلبا عليه واحد بعد واحد إلى أن توفّي سنة أربعمائة. الحميدي: جذوة المقتبس ص 17، والضّبي: بغية الملتمس ص 21.
(4) في الأصل: استعمل. والتصويب من: أ، ب.
(5) هو: المدينة الزّاهرة، متّصلة بقرطبة، وهي بغرب مدينة الزّهراء التي بناها عبد الرّحمن النّاصر، وقد أمر المنصور ببنائها سنة: (368هـ).
الحميري: الرّوض المعطار ص 283، وابن عذاري: البيان المغرب 2/ 275.
(6) (إليه) تكرّرت في: ب.(2/1210)
واستكتب الكتّاب وأنفذ إلى جميع الأعمال من وثق بأمانته من العمال، ولم يترك لهشام سوى الخطبة والضّرب باسمه للدّينار والدّرهم، غير أنّه ينفّذ الأمور عنه، ويظهر للنّاس أنّها تصدر [منه] (1).
ثم سمت به همّته وشجاعته إلى قود العساكر (2)، وغزو بلاد الرّوم، إلى أن ذلّ منها كلّ صعب مروم (3).
ففتح الله تعالى على يديه، وفتح برشلونة (4)، وقتل ملكها [بريل] (5)، وسبى أهلها وخرّبها، وغنم منها غنائم (6) من عبيد وخدم (7) ومال وسلاح وثياب وبهائم، وآب (8) إلى قرطبة غانما ظافرا سالما، ثم غزا عدّة
__________
(1) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: للنّاس.
(2) في أ: العساكير.
(3) مروم: مطلوب، الرّافعي: المصباح المنير 1/ 246، (رمت).
(4) برشلونة: مدينة تقع على ساحل البحر بينها وبين طركونة خمسون ميلا.
البكرى: جغرافية الأندلس ص 96، 97، والحميري: الرّوض المعطار ص 283.
(5) الزّيادة من: أ، ب.
بريل الثّاني حاكم برشلونة، من: (992954م). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 63، حاشية رقم: (1).
(6) (غنائم) سقطت من: أ.
(7) في الأصل: وخدّام، والمثبت من: أ، ب.
(8) في الأصل: وأتى، وما أثبته من: أ، ب.(2/1211)
غزوات، وفتك في الرّوم جملة فتكات حتّى أذلّت له أقاصي (1) بلاد الشّرك، ودخلت له بالسّلم (2) تحت الملك إلى أن وافاه رسول صاحب القسطنطينية (3) العظمى ورسول صاحب رومة (4)، وقشتالة (5) بهدايا وألطاف وغرائب وتحف، وكلّهم يخطب أمانه، ويطلب أن (6) يحاشى من معرّته (7) مكانه، وأقام على هذا (8) الحال مع هشام ثمانيا (9) وعشرين سنة.
فلمّا حضرته الوفاة بكى، فقال له حاجبه كوثر الفتي (10):
__________
(1) في الأصل: أقصا، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: بالسلام، والمثبت من: أ، ب.
(3) هو: بازيل الثّاني، حكم من: (1025976م)، ويعتبر عصره الطّويل من أزهر العصور. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 63، حاشية رقم: (3).
(4) المقصود به أوتو أو أوتون الثّالث ملك ألمانيا وإيطاليا والإمبراطورية الرّومانية المقدّسة، تولّى الحكم وهو صغير سنة: (983م)، ومات في عزّ شبابه سنة:
(1002م). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 63، حاشية رقم: (4).
(5) في الأصل: قشطيلة، والمثبت من: أ، ب.
(6) في ب: إلى أن.
(7) يحاشى من معرّته: أي: يستثنى من أذاه. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 562 (عرر)، وص 1645 (حشى).
(8) في أ، ب: هذه.
(9) في الأصل: ثمانية، والتصويب من: أ، ب.
(10) لم أقف على ترجمته.(2/1212)
ممّ (1) تبكي يا مولاي لا بكت عيناك؟ فقال: ممّا جنيت على المسلمين.
فقال: كيف؟ (2)، وأنت أعززت الإسلام، وفتحت البلاد، وأذللت الكفر، وجعلت النّصارى ينقلون التّراب من [أقصى] (3) بلاد الرّوم إلى قرطبة حين بنيت بها مسجدها (4). فقال له: لما افتتحت بلاد الرّوم ومعاقلهم، عمّرتها بالأقوات، ووصلتها ببلاد المسلمين، وحصّنتها غاية التّحصين، فاتّصلت العمارة وهآ أنا هالك، وليس في بنيّ من يخلفني، وسيشتغلون (5)
باللهو والطّرب، فيجيء العدوّ فيجد بلادا عامرة، [وأقواتا] (6) حاضرة، فيتقوّى بها [على محاصرة] (7) المسلمين، فلا يزال يتغلّبها (8) شيئا فشيئا حتّى يملك أكثر هذه الجزيرة، فلو ألهمني الله إلى تخريب ما تغلّبت
__________
(1) في أ، ب: مما.
(2) في أ، ب: وكيف.
(3) زيادة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: جامعها.
مسجد قرطبة: يقع في نهاية جنوب غربي قرطبة على مقربة من القنطرة العربية القديمة، المقامة على نهر الوادي الكبير، وتحيط به الدّروب الضّيّقة من جوانبه الأربعة.
عنان: الآثار الأندلسية ص 20.
(5) في الأصل: ويشتغلون، والمثبت من: أ، ب.
(6) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: واوقاتا.
(7) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: حاضرة.
(8) في الأصل: يتغلب بها، والمثبت من: أ، ب.(2/1213)
عليه (1) وجعلت بين بلاد المسلمين والنّصارى، مسيرة عشرة أيّام / فيافي وقفارا فيصعب الوصول على [110/ أ] النّصارى (2) إلى بلاد المسلمين إلّا بعد الجهد والمشقّة.
فقال له الحاجب: أنت على الرّاحة إن شاء الله، وتأمر بهذا [الأمر] (3) الذي رأيت، فقال له: هيهات! حال الجريض دون القريض (4)، والله لو استرحت وفعلت هذا، لقال النّاس: مرض ابن أبي عامر، فأورثه المرض جنونا وحمقا تمكن من دماغه (5)، فخرّب بلاد المسلمين. فمات رحمه الله (6).
__________
(1) في الأصل: عليهم، والمثبت من: أ، ب.
(2) في أ، ب: فيصعب على النّصارى الوصول.
(3) زيادة من: ب.
(4) الجريض: الغصّة بالرّيق، والقريض: قول الشّعر. أي: حالت الغصّة دون قول الشّعر. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 823 (جرض) وص 840 (قرض).
وهو مثل يضرب للمعضلة تعرض فتشغل عن غيرها. أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 1/ 290.
(5) في ب: بلاده.
(6) ذكر ابن عذاري: أنّ وفاته كانت في شهر رمضان سنة: (392هـ)، وهو ابن خمس وستّين سنة، وعشرة أشهر. البيان المغرب 2/ 301.(2/1214)
وأقام بالأمر من بعده ابنه عبد الملك (1)، وسمّي (2) بالمظفّر، فأقرّه هشام على ما كان عليه أبوه معه، فلم يسد مسدّه. وغزا غزوات ظهر فيها على الرّوم (3) ظهورا جيّدا، ثم أخذته ذبحة ليلا فمات من حينه، ونظر في غسله وتكفينه، وكانت مدّة ولايته سبعة أعوام (4).
ثم قام بالأمر من بعده أخوه عبد الرّحمن، وذلك سنة أربعمائة، وسمّي (5) بالمهدي، وسّمته العامة: شنجول (6)، أي: أحمق. فعامل الله تعالى (7) بالكذب والفجور، وعاشر الرّعية والأجناد (8) أسوأ معاشرة، وعكف على المعاصي وشرب الخمر مجاهرة [ونصر الباطل، وغيّر الحقّ،
__________
(1) عبد الملك بن محمّد، الملقّب بالمظفّر، أبو مروان، سار كسيرة أبيه، فكان ذا سعد عظيم، وكان فيه حياء مفرط يضرب به المثل، وكان من الشّجعان المذكورين، فدامت الأندلس في أيّامه في خير إلى أن مات في صفر سنة تسع وتسعين، وثلاث مئة. ابن الأثير: الكامل 7/ 83، والذّهبي: سير 17/ 124.
(2) في أ، ب: وتسمى.
(3) انتهى هنا السّقط من نسخة: ج.
(4) ابن الأثير: الكامل 7/ 83.
(5) في أ، ب، ج: وتسمّى.
(6) في الأصل، وأ، ج: سنجول. والمثبت من: ب. وشنجول في الأصل اسم جدّه لأمه ملك الإسبان، وكان شبيها به. ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 38.
(7) في ج: خالقه.
(8) في ج: الأجناد والرّعايا.(2/1215)
وأذلّ أهل الشّرف، ورفع كلّ وغد أحمق] (1) حتّى أدّاه غالب (2) حمقه [وهوسه] (3) أن ضمّ (4) النّاس إلى مبايعته بولاية العهد بعد هشام، وسمّي (5) بولي عهد الإسلام، فضجّ لذلك بنو أميّة، واستعظموا طغيانه [وغيّه] (6) فثار عليه وعلى هشام منهم ثائر (7)، وتبعه الأجناد، وكافّة النّاس (8)، فقبض على هشام وغيّبه (9)، وقطع خيره وسيّبه (10)، وقتل شنجول وصلبه.
فلمّا اتّصل الخبر بأمراء البلاد ثار كل واحد منهم في موضعه (11)
__________
(1) التّكلمة من: ج.
(2) (غالب) ليست في: ج.
(3) زيادة من: ج.
(4) في الأصل: انضمّ، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في ب: وتسمى، وفي ج: ويسمى.
(6) زيادة من: (واستعظموا طغيانه وغيه) ليست في: ج.
(7) يقصد: محمّد بن هشام بن عبد الجبّار بن عبد الرّحمن النّاصر الذي قام على هشام بن الحكم سنة: (399هـ)، وتسمّى بالمهدي، ويكنّى: أبا الوليد، ولكنه قتل هو الآخر سنة: (400هـ).
الحميدي: جذوة المقتبس ص 18، 19، والمراكشي: المعجب ص 27.
(8) (النّاس) سقطت من: أ، (وكافة النّاس) سقطت من: ج.
(9) في الأصل: وغيره، والتّصويب من: أ، ب.
(10) (وقطع خيره وسيّبه) سقطت من: ج.
(11) في ج: بلده.(2/1216)
بمن معه من الأجناد، [فثار ابن زيري] (1) بن مناد بمن معه (2) من ناحية غرناطة.
[وثار ابن عبّاد القاضي] (3) بإشبيلية.
وثار إسماعيل (4) بن ذي النّون (5) بطليلطة، وكان أميرا عليها لابن
__________
(1) التّصويب من: أ، ب. وفي الأصل: فصار ابن زيد، وفي ج: زيدي بن زيدي بن جنادة.
والصّحيح: زاوي بن زيري الصّنهاجي البربري، مؤسّس دلة بني مناد بكورة غرناطة في مطلع القرن الخامس الهجري. انظر التّفاصيل عند: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 128، 263، وابن خلدون: العبر 6/ 159157، و 180، وعنان: دول الطّوائف ص 126122.
(2) في أ، ب، ج: تبعه.
(3) التّصويب من: أ، ب، ج، وفي الأصل: وصار ابن عبد القاضي.
أبو القاسم محمّد بن إسماعيل بن قريش بن عباد اللّخمي، المتوفّى سنة: (433هـ)، وكان أبو إسماعيل قد انتزع الرّئاسة في إشبيلية منذ انيهار الدّولة العامرية في نهاية القرن الرّابع. انظر: التّفاصيل عند: ابن الأثير: الكامل 7/ 291، وعنان: دول الطّوائف ص 3532.
(4) إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عامر بن مطرف بن ذي النّون، لقبه: الظّافر بحول الله، أصله من البربر، ولد بالأندلس سنة تسعين وثلاثمائة، وتوفّي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. ابن الأثير: الكامل 7/ 292، وابن عذاري: البيان المغرب 3/ 276، 359.
(5) في أ، ب: ذنون.(2/1217)
أبي عامر (1).
[وثار يوسف (2) بن هود بسرقسطة، وكان أميرا عليها لبني أميّة ثم أقرّه ابن أبي عامر] (3).
وثار كلّ قاض في موضعه، [وكلّ عامل، وكلّ من فيه منّة] (4)
كابن الأفطس (5) في بطليوس (6)، [وابن صمادح] (7) في ألمرية، وابن (8)
__________
(1) في الأصل: بابن عامر، التّصويب من: أ، ب، ج.
(2) لعلّه يقصد يوسف بن أحمد بن سليمان بن هود، الملقّب بالمؤتمن، صاحب سرقسطة، وأعمالها ولي بعد أبيه سنة: (474هـ)، ولم يدم حكمه أكثر من أربعة أعوام إذ توفّي سنة: (478هـ)، عنان: دول الطّوائف ص 286282.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) التّكلمة من: ج.
والمنّة: القوّة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1594، (منن). بتصرّف.
(5) عبد الله بن محمّد بن مسلمة التّجيبي، أبو محمّد المعروف بابن الأفطس، أوّل من ولي بطليوس من آل الأفطس، مات سنة: (437هـ). الزّركلي: الأعلام 4/ 121.
(6) بطليوس، بفح الطّاء، تقع على نهر يانه، غربي قرطبة، بالقرب من الحدود البرتغالية.
ياقوت: معجم البلدان 1/ 447، وعنان: الآثار الأندلسية ص 372.
(7) التّصويب من: أ، ب، ج. وفي الأصل: ابن صاضح.
وهو: معن بن صمادح التّجيبي، أبو الأحوص، مؤسّس دولة بني صمادح في ألمرية، سنة: (433هـ)، توفّي سنة: (443هـ). ابن الأثير: الكامل 7/ 295، وعنان:
دول الطّوائف ص: 164.
(8) في ب: وكان مجاهد، ولعلّ المؤلّف يقصد علي بن مجاهد بن يوسف العامري،(2/1218)
مجاهد في دانية (1)، وابن طاهر (2)، في مرسيه، وغيرهم من جنسهم كثير [لكن هؤلاء هم المشاهير] (3).
ثم قام قائم من بني أميّة، وسمّي (4) بالمهدي (5) في قرطبة على قاتل (6)
شنجول (7)، ومغيّب هشام، وجرت بينهما حروب وفتن (8)، إلى أن
__________
الذي تولّى مملكة دانية بعد أبيه مجاهد مؤسّسها المتوفّى سنة: (436هـ). كان علي هذا يلقّب بإقبال الدّولة، واستمرّ في حكم مملكته زهاء ثلاثين سنة حتّى توفّي سنة: (474هـ). عنان: دول الطّوائف ص 200198، 208، 209.
(1) في أ، ب: داقية.
دانية: تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسّط، في منتصف المسافة بين بلنسية ولقنت. عنان: الآثار الأندلسية ص 145.
(2) هو: أبو بكر أحمد بن إسحاق بن طاهر، القيسي، من قيس عيلان، صاحب مملكة مرسية، كان حسن السّيرة، يسمّى بالرّئيس، مات في رمضان سنة: (455هـ). ابن الأثير: الحلة السّيراء ص 187، 188، وعنان: دول الطّوائف ص 176، 177.
(3) زيادة من: ج.
(4) في أ، ب: وتسمى، وفي ج: ويسمى.
(5) العبارة هنا فيها اضطراب لأنّ الذي تلقب بالمهدي، هو محمّد بن هشام كما سبق ولعلّ المؤلّف يقصد سليمان بن الحكم الملقّب بالمستعين. راجع الحميدي:
جذوة المقتبس ص 19.
(6) في الأصل: قتال، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(7) في ج: سيجور.
(8) في أ، ج: فتن وحروب.(2/1219)
قتل المهدي.
وقيل: إنّ هشاما وجد في أثناء تلك الحروب مستخفيا في تلك (1)
القصور، فقتل ولذلك أقام ابن عبّاد بإشبيلية رجلا كان أشبه النّاس بهشام (2)، فبايعه على أنّه هشام، وبايعه النّاس محبّة (3)، وجعل ينفّذ الأوامر (4) باسمه ويأمر عنه بما يريده. فلمّا تمكّن ابن عباد في الرّئاسة، وتقعّد في غيّه، زعم أنّه مات، واستبدّ بالأمر (5)، وعند ذلك انقطع اسم الخلافة من الجزيرة (6)، ودارت الدّوائر المبيرة، وفسد حال الرّائس
__________
(1) في ج: بعض.
(2) يقال: إنّ هذا الشّخص كان يشبه هشاما شبها كبيرا، وكان يسمّى خلف الحصري، وكان يعمل مؤذّنا بمسجد في قرية من قرى إشبيلية، فأتوا به وأقاموه خليفة على أنّه هشام. انظر: المراكشي: المعجب ص 96، وابن عذاري: البيان المغرب 3/ 199، 200، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 22، 23.
(3) في الأصل: بحبة، والمثبت من: أ، ب، وسقطت من: ج.
(4) في الأصل: الأمور، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) انظر تفاصيل أسطورة ظهور هشام المؤيّد بالله عند: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 190، 198، 210، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 22، 23، والحميدي:
جذوة المقتبس ص 29، باختصار.
(6) كان نهاية الدّولة الأموية بالأندلس بعزل آخر خلفائها: هشام الثّالث، المعتدّ بالله سنة: (422هـ)، بعد أن دامت منذ قيام عبد الرّحمن الدّاخل في سنة: (138 284هـ). العبادي: في تاريخ المغرب والأندلس ص 254، وعنان: دول الطّوائف ص 13.(2/1220)
والمرؤوس، وارتفع كلّ خامل وخسيس، وثار الثوّار (1)، واشتعلّت بكلّ مكان النّار، وظهر العدوّ غاية الظّهور، لا سيما على الأطراف، / والثّغور (2) [110/ ب].
وقصد العدوّ (3) طليطلة، فخرج [إليه] (4) أميرها إسماعيل بن ذي النّون، فهزمه العدوّ هزيمة بددت (5) الأجناد، وأفنت الأعداد (6)، ثم قصد سرقسطة، فبرز إليه [واليها] (7) سليمان (8) بن هود فهزمه، وانتهب (9)
__________
(1) (ودارت الدّوائر المبيرة، وفسد حال الرّائس والمرؤوس، وارتفع كلّ خامل وخسيس، وثار الثوّار). سقطت من: ج.
(2) في ج: والرّؤساء، بكلّ صقع يتقاتلون والدّاء يعظم.
(3) في ج: فصار العدو وقصد طيلطة.
(4) التّكلمة من: ج.
(5) في الأصل: بذات، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) (بددت الأجناد، وأفنت الأعداد)، سقطت من: ج.
(7) التّكلمة من: ج.
(8) سليمان بن محمّد بن هود الجذامي، الملقّب بالمستعين بالله، استولى على مدينة لاردة وسرقسطة سنة: (431هـ)، وحكم الثّغر الأعلى ما عدى طرطوشة، كان قوى العزيمة، شديد البأس، واستمرّ في حكم مملكته ثمانية أعوام، وقسم أعمال ممكلته بين أولاده الخمسة قبيل وفاته. انظر: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 220، وعنان: دول الطّوائف ص 272270.
(9) في الأصل: ونهب، وفي أ: وانتهبت، والمثبت من: ب، ج.(2/1221)
محلّته، وأفنى رجاله، وجملته (1).
وخرج من [أقصى] (2) بلاد الرّوم جيش عظيم، ووصل إلى صاحب قشتالة (3)، وهي دار ملكهم، وبها كان البيطين (4) ملكهم.
وخرج أيضا من الأرض الكبيرة (5) جيوش [كثيرة] (6) فانتشر جميعهم على الجزيرة يقتلون ويأسرون إلى أن وصلوا إلى بلنسية (7)، فبرز إليهم [واليها] (8) أبو مروان عبد الملك بن رزين (9)، فهزم
__________
(1) (وجملته) ليست في: ج.
(2) تكملته من: ج.
(3) في الأصل: قشطلة، وفي أ، ب: قشتيلة، والمثبت من: ج.
(4) في ب: البطين، وفي ج: النبطين، ويذكره ابن عذاري في البيان المغرب 3/ 225:
البيطيبن. ويذكر الحميدي: الرّوض ص 40: البيطش.
وقد كتب أحمد مختار العبادي في تحقيقه للجزء الخاصب تاريخ الأندلس من المخطوط مادة تاريخية مهمّة حول هذه الحملة، وحول اسم قائدها، فلتراجع ص 7169.
(5) الأرض الكبيرة، أي: فرنسا. عنان: دول الطّوائف ص 275.
(6) زيادة من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: المنشية، والمثبت من: أ، ب، ج.
ولعلّه يقصد سهلة بني رزين، أو سنتمرية بني رزين، التي تعرف أيضا بشنتمرية الشّرق، على نهر ترية. وهي غير شنتمرية الغرب التي هي اليوم في البرتغال. العبادي:
تحقيق تاريخ الأندلس ص 71، حاشية رقم: (2)، وأرسلان: الحلل السّندسية 2/ 107100.
(8) زيادة من: ج.
(9) في الأصل: رزيان. والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1222)
وقتل (1)، واستبيح عسكره (2) الذي كان تهمّم (3) في جمعه واحتفل.
وقصدوا وادي الحجارة (4)، فلقيهم قائدها ابن كتّاني (5)، فهزموه وأثقلوه (6)، جراحا. ووثب البيطين، ملك قشتالة [فألقى] (7) على الثّوار الجزية (8) فأدّوها على رغم أنوفهم (9). [وذلك وأيم الله أعظم من لقاء جيوشهم] (10)، وكان ذلك في سنة خمس (11) وأربع مائة.
__________
(1) تكاد المصادر الأخرى تجمع على أنّ عبد الملك بن رزين توفّي سنة: (496هـ)، وهذا خلاف ما ورد في المتن. انظر ابن الأبار: الحلّة السّيراء 2/ 115، وعنان: ملوك الطّوائف ص 258.
(2) في ج: معسكره.
(3) في الأصل، وب: يهجم، والتّصويب من: ج. والكلمة سقطت من: أ.
(4) وادي الحجارة: مدينة أندلسية قديمة، تقع على نهر هنارس شمال شرق مدريد على قيد خمسين كيلا منها. عنان: الآثار الأندلسية ص 328.
(5) في ج: ابن الكناني، ولم أعثر على ترجمته.
(6) في الأصل: وثقّلوه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) التّكلمة من: ج.
(8) في الأصل، وب: الجزيرة، والتّصويب من: أ، ج.
(9) في الأصل: أنفهم، والمثبت من: أ، ب، و (على رغم أنوفهم) سقطت من: ج.
(10) زيادة من: ج.
(11) في الأصل، وأ، ب: عام خمسة، والمثبت من: ج.
لعلّ الصّواب هو سنة: (455هـ). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 72.(2/1223)
ورجع البيطين إلى بلاده، وخلّف قائده [ردمير] (1) في تلك النّواحي، واستوطن مدينة بربشتر (2) التي أخذت من يد ابن هود.
وعند انصراف البيطين إلى بلاده وجد بعض ملوك النّصارى وهو فرذلند (3) قد خالفه إلى قشتالة طمعا في تملكها، فتحاربا عليها مدّة، واشتغل الرّوم في الحرب شهورا [عدّة] (4) فانتهز ابن هود (5) في [ردمير] (6) الفرصة إذ كان في صدره غصّة فكتب إلى ابن عبّاد (7) أن
__________
(1) التّكلمة من: أ، ب، ج.
ولعلّ المقصود هنا هو: ابن راميرو الأوّل ملك أراجون، الملك سانشوراميرث.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 72، حاشية رقم (5).
(2) في ب: يشتر.
بربشتر: مدينة حصينة على بعد (60) كيلا شمال سرقسطة، وتقع على أحد فروع نهر الإبرو، بين مدينتي لاردة وسرقسطة، وهي الآن مركز إداري في مديرية وشقة.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 72، حاشية رقم (6).
(3) لعلّه يقصد فرناندو الأوّل بن سانشو، الذي قامت فعلا حروب بينه وبين صهره ملك ليون حول امتلاك إمارة قشتالة. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 73، حاشية رقم (1).
(4) زيادة من: أ، ب، ج.
(5) هو: أحمد بن سليمان بن هود، الملقّب بالمقتدر، صاحب سرقسطة، ملك من سنة (475441هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 229222.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) هو المعتضد بن عبّاد صاحب إشبيلية.(2/1224)
يمدّه، فبعث إليه قائدا يسمّى معاذ بن أبي قرّة بعسكر انتخبه وأعدّه، فسار إليه وهزموا جميع (1) العدوّ وطردوه [واستردّوا بربشتر] (2) وغيرها واستحيى (3) المسلمون قليلا، ولم يقصدهم عدوّ إلّا انصرف (4) مغلولا، وإنّما كان خذلهم التّحاسد، وفرط الخلاف، والتّباغض (5)، وقلّة الإنصاف (6).
وطال اشتغال (7) الرّوم بعضهم ببعض (8)، فاتّفقت (9) كلمة المسلمين، فشنّ العدوّ الغارات (10) على ناحية غرناطة، فخرج في إثره
__________
وانظر تفاصيل هذه الوقعة: الحميري: الرّوض المعطار ص: 41، وعنان: دول الطّوائف ص 279.
(1) في ب: جميعا، وفي ج: وهزمه عن بلاده.
(2) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(3) في ج: فاستحيا.
(4) (انصرف) سقطت من: ج.
(5) (وفرط الخلاف، والتّباغض)، سقطت من: ج.
(6) في أ، ب: الانصراف.
(7) في أ، ب: اشغال.
(8) (بعضهم ببعض) سقطت من: ج.
(9) في الأصل: اتفقت، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) في أ، ب: الغارة، وسقطت من: ج.(2/1225)
برابرها (1)، فهزموه، وانتهبوا جميع أسبابه (2).
وقصد ردمير بن شانجة (3) مدينة وشقة (4)، وشنّ عليها وعلى نواحيها الغارات (5) فخرج ابن هود من سرقسطة [قاصدا] (6) لملاقاته، فهزمه وقتله، واستباح معسكره (7).
وأغار الإفرنج على نواحي طليطلة] (8) فأتبعهم [واضح] (9)
__________
(1) في الأصل: ابن أبرها، والتّصويب من: أ، ب.
والنّص هنا يشير إلى جيوش باديس بن حبوس الصّنهاجي البربري، حاكم غرناطة في ذلك الوقت من: (465428هـ). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 74.
(2) في ج: واحتوا على مضربه فانتهبوه.
(3) في الأصل: ابن ساجنة، وفي ج: وسفه، والمثبت من: أ، ب.
(4) وشقة: من مدن الثغر الأعلى بالأندلس، تقع على مسافة 73كيلا شمال شرق سرقسطة. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 74حاشية رقم (3).
(5) في أ، ب: الغارة، وفي ج: غاراته.
(6) في ج: قاصده.
(7) يشير المؤلّف هنا إلى الحروب التي قامت بين ملك أراجون راميرو الأوّل (1035 1063م) وبين ملك سرقسطة المقتدر بن هود. تلك الحورب التي انتهت بانتصار ابن هود وقتل راميرو الأول سنة: (1063هـ). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 74، حاشية رقم (2).
(8) التّكملة من: أ، ب، ج.
(9) تكملة من: أ، ب، ج.(2/1226)
الفتى (1) قائد ابن ذي النّون، فهزمهم. ثم كانت الحروب بينهم سجالا إذ كانت الرّوم قد اشتغلت بعضها ببعض، إلّا أنّهم في خلال ذلك تغلّبوا على جملة من مدن المسلمين (2)، منها: حصن قلهرّة (3)، وحصن وخشة (4)، وحصن شيرون (5)، تغلّب [عليها] (6) شانجة (7) بن أبركة، ثم توفّي عن قريب.
وقام بالأمر من بعده (8) بنوه: فرذلند (9)، وغرسية (10)،
__________
(1) (الفتى) سقطت من: ج، ولم أقف على ترجمته.
(2) في الأصل، وأ، ب: تغلبوا من مدن المسلمين جملة، والمثبت من: ج.
(3) في الأصل: قاهرة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
ولعلّ المؤلّف يقصد مدينة قلهرّة، تقع في منتصف الطّريق بين مدينة لكروى وتطيلة في شمال غرب سرقسطة. ياقوت: معجم البلدان 4/ 393، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 74، حاشية رقم: (6).
(4) لم أتوصّل إلى معرفته.
(5) لم أتوصّل إلى معرفته.
(6) زيادة من: ب، ج.
(7) في الأصل: ساجنة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
والمقصود سانشو الثّالث الملقّب بالعظيم ملك نافارا وقشتالة وليون وأراجون.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص 75، حاشية رقم (1).
(8) (بالأمر من بعده) سقطت من: ج.
(9) في ج: فرنده.
فرناندو الأوّل، الابن الأكبر لسانشو الثّالث العظيم، حاكم قشتالة بعد أبيه من سنة:
(10651035م). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 75، حاشية رقم (2).
(10) غرسية بن سانشو العظيم، حاكم نافارا منذ وفاة أبيه سنة: (1035م)، إلى أن(2/1227)
وردمير (1)، لعنهم الله (2) فقدّموا كبيرهم فردلند، فاحتوى على حصون كثيرة منها: شنتمرية، بلاد (3) ابن رزين (4)، وسواها، وأخذ من [بلاد] (5)
ابن الأفطس (6)، في غرب الأندلس من عمل بطليوس (7) / [حصونا] (8)
كثيرة، ثم توفّي لعنه الله (9)، وترك ثلاثة بنين [111/ أ]: شانجة (10)،
__________
قتله أخوه فرناندو الأوّل واستولى على بلاده سنة: (1054م). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 75، حاشية رقم (3).
(1) راميرو الأوّل، حكم بعد أبيه مملكة أراجون إلى أن قتله المقتدر بن هود سنة (1063م). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 75، حاشية رقم (4).
(2) (لعنهم الله) ليست في: ج.
(3) في أ، ب: بلد.
(4) في أ، ب: روين.
(5) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(6) أبو بكر محمّد بن عبد الله بن الأفطس المعروف بالمظفر، صاحب بطليوس، توفّي سنة: (460هـ). الصّفدي: الوافي بالوفيات 3/ 323، وتاريخ ابن خلدون 4/ 160159.
(7) في الأصل، وأ، ب: فطيليوس، والتّصويب من: ج.
(8) الزّيادة، من، أ، ب، ج.
(9) في ج: أخزاه الله.
(10) في الأصل: سناجة، والتّصويب من: أ، ب.(2/1228)
وغرسية، وألفنش (1). فتنازعوا الملك، فقتل شانجة (2)، وثقف غرسية، وخلص الملك للنّفنش بن فردلند، واستبدّ (3) به، واستفحل (4) أمره، وطمع في المسلمين (5)، وصح في قياسه الفاسد أن يستخلص جزيرة الأندلس لنفسه (6)، فلم ينم عن شنّ الغارات [ومواصلة الغزوات] (7)، وصادف (8)
أيّام ملكه نفاقا كثيرا بين المسلمين، واختلافا عظيما، وضعف بعضهم عن بعض إلّا بمعاونة (9) الرّوم، فبذلوا للفنش ما يحبّه من الأموال ليعينهم (10)
__________
(1) قسم فرناندو الأوّل (فرذلند) مملكته قبيل وفاته سنة: (1065م)، بين أولاده الثّلاثة:
فخص ولده الكبير سانشو الثّاني (شانجه) ممكلة قشتالة. وخص ولده الثّاني الفونسو السّادس (ألفنش) ممكلة ليون. وخص أصغرهم (غرسية) جليقية. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 76، حاشية رقم: (2)، وعنان: دول الطّوائف ص 389.
(2) في الأصل: سناجة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) (واستبدّ) سقطت من: ب.
(4) في الأصل وج: واستعجل، وفي ب: واستحفل، والتصويب من: أ.
(5) في ج: واستحكم في المسلمين طمعه.
(6) (وصرّح في قياسه الفاسد أن يستخلص جزيرة الأندلس لنفسه)، سقطت من: ج.
(7) زيادة من: ج.
(8) في الأصل، وب: وصدف، والمثبت من: أ.
(9) في، ب، ج: بمعونة.
(10) في ج: ليقيتهم.(2/1229)
على مناوئيهم بأنجاد الرّجال (2). والنّصراني في أثناء ذلك مسرور (3)، وهم [مع ذلك] (4) مشتغلون بشرب الخمر (5)، واقتناء (6) القيان (7)، وسماع العيدان (8)، وكلّ واحد منهم ينافس في شراء (9) الذّخائر الملكويّة (10) [متى طرأت من المشرق] (11) كي يوجّهها للنفش (12) هديّة ليتقرّب بها (13) إليه ويحظى (14) دون مطالبه [لديه] (15) إلى أن ضعف [من أولئك الثّوار] (16)، (1) في ج: ليقيتهم.
__________
(2) (بانجاد الرّجال) سقطت من: ج.
(3) في ج: واللّعين في ذلك لما بينهم من الفتنة مسرور.
(4) زيادة من: ج.
(5) في أ، ب، ج: الخمور.
(6) في ج: واتّخاذ.
(7) في الأصل: الغنا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) في ج: وركوب المعاصي، وسماع الطّنابر والعيدان.
(9) في ج: يستحبّ.
(10) في أ، ب، ج: الملوكية.
(11) زيادة من: ج.
(12) في أ، ب، ج: إلى الفنش.
(13) في ب: ليتقرّبها.
(14) في الأصل: ويحضون، والمثبت من: أ، ب، ج.
(15) زيادة من: أ، ب، ج.
(16) زيادة من: أ، ب، ج.(2/1230)
الطّالب والمطلوب، وذلّ الرّائس (1) والمرؤوس، وافترقت الرّعية، وفسدت أحوال الجميع بالكلّيّة، وزالت من النّفوس الأنفة الإسلامية (2)، وأذعن من بقي منهم خارج الذّمّة إلى أداء الجزية وصاروا (3) للفنش عمّالا يجبون له الأموال (4)، لا يخالف أمره أحد ولا يتجاوز له أحدا (5). ووكلوا أمور (6)
المسلمين [إلى اليهود] (7)، فعاثوا (8) فيهم عيث الأسود، وجعلوهم (9)
حجّابا ووزراء وكتّابا، ويتطوّف الرّوم في كلّ عام على الأندلس يسبون ويغنمون ويحرقون ويهدمون [ويأسرون] (10).
وفي [هذه المدّة (11) مات إسماعيل (12) بن ذي النّون صاحب طليطلة،
__________
(1) في أ: الرئيس، (وذل الرّائيس والمرؤوس)، سقطت من: ج.
(2) في الأصل: الاسمية.
(3) في أ: وساروا.
(4) في ج: أموالا.
(5) في الأصل: ولا يجاوز له حدا، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) في ب: ووكل أمور.
(7) التّكملة من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: فعتوا، وفي ج: فعبثوا، والمثبت من: ج.
(9) في الأصل: وجعلهم، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) زيادة من: أ، ب، ج.
(11) في ج: وفي منده الندّ.
(12) المقصود هنا: يحيى بن إسماعيل بن ذي النّون، أبو زكريا، الملقّب بالمأمون،(2/1231)
وذلك في] (1) سنة سبع (2) وستّين وأربعمائة. وكان صاحب قرطبة مدافعا عنها لابن عبّاد، ومانعا لحوزته بمن عنده من الأجناد (3)، وكان أشبه أولئك الثّوار شيما (4) وأقلّهم لهوا وإسرافا، وأجلّهم همّة (5). وكانت أيّامهم تسمّى أيّام الفرق (6). وحمل عند موته على أعناق الرّجال إلى طليطلة، وبها دفن رحمه الله، ولم يخلف ابنا.
وفي هذه السّنة توفّي الفقيه المحدّث الإمام أبو عمر بن عبد البرّ (7)
__________
المتوفّى سنة: (467هـ). ابن الأثير: الكامل 7/ 292، 293، وابن خلدون:
تاريخ 4/ 161.
(1) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(2) (سبع) سقطت من: أ.
(3) (بمن عنده من الأجناد)، سقطت من: ج.
(4) (شيما) سقطت من: ج.
(5) في الأصل، وأ، ب: همما، والتّصويب من: ج.
(6) الفرق بفتح الفاء: بمعنى الخوف، أو بكسرها بمعن: الطّوائف لأنّ هذه الفترة المضطربة عرفت بفترة ملوك الطّوائف.
(7) هو الإمام الفقيه يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ النّمري، مؤلّف:
الاستيعاب، والتّمهيد. ولد بقرطبة، ودرس على علماء عصره، وتنقل في غرب بلاد الأندلس، ثم تحوّل إلى شرقها، توفّي بشاطبة سنة: (463هـ). الحميدي: جذوة المقتبس ص 369367، والذّهبي: سير 18/ 153.
وتاريخ وفاته هذا، هو الثّابت في معظم المصادر، وهو لا يستقيم مع ما ذكره المؤلّف أنّ وفاته سنة: (467هـ).(2/1232)
بشاطبة (1)، بلده رحمه الله.
فقام بالأمر بعد (2) إسماعيل بن ذي النّون حفيده يحيى، وتلقّب بالقادر، وكان ضعيف المنّة (3)، قليل المعرفة، ربّي في حجور (4) النّساء ونشأ بين الخصيان والغانيات. فملك (5) أمره العبيد، وحكم عليه كلّ خصيّ ومولود، كلّ يدبر ملكه على إرادته، وينفرد بوزارته (6)، وطمع (7)
في بلاده (8) الرّؤساء، واحتقره القرناء، فأوّل من استهدفه لمطالبته (9) ابن عباد، لما كان بينه وبين جدّه من العداوة والبغضاء (10)، فحصّل (11) له
__________
(1) شاطبة: مدينة في شرق الأندلس، على مسافة خمسين كيلا جنوب غرب بلنسية على مقربة من البحر الأبيض المتوسط وهي اليوم بلدة صغيرة متواضعة. ياقوت:
معجم البلدان 3/ 309، وعنان: الآثار الأندلسية ص 139.
(2) في الأصل: بعده، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) في الأصل: المن، وفي أ: الهمة، والمثبت من: ب، ج.
(4) في أ، ب، ج: أحجار.
(5) في ج: فحكم.
(6) (وحكم عليه كلّ خصيّ ومولود، كلّ يدبر ملكه على إرادته، وينفرد بوزارته)، سقطت من: ج.
(7) في أ، ب، ج: فطمع.
(8) في أ، ب: بلاد.
(9) في ب، ج: استهدف بمطالبته.
(10) (البغضاء) سقطت من: ج.
(11) في الأصل، وب: فحمل، والمثبت من: أ، ج.(2/1233)
قرطبة، وسائر أعمالها (1) كطلبيرة (2) وغافق (3) وما بينهما (4).
وجعل صاحب سرقسطة ابن هود (5) يطالبه أشدّ مطالبة، ويحاربه أنكى (6) / محاربة (7).
واستعان (8) عليه بالطّاغية ابن ردمير (9)، فأخذ له [111/ ب]
__________
(1) في الأصل: عمالها، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) في أ: طلبيرة.
طلبيرة، اسم لعدّة أماكن بأسبانيا، والمقصود هنا طلبيرة لارينا، وهي الآن من أعمال طليطلة على بعد (150) كيلا منها. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 79، حاشية رقم (1).
(3) غافق: حصن بالأندلس في منطقة فحص البلوط من أعمال قرطبة، يقع في شمالها الغربي على مسافة (104) أكيال. ياقوت: معجم البلدان 4/ 183، العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 79، حاشية رقم (2).
(4) في ج: وما يليها.
(5) هو: أحمد بن سليمان بن هود، المقتدر بالله، المتوفّى سنة: (474هـ)، وقد سبقت ترجمته ص 1224.
(6) في الأصل: أشد، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) (أشد مطالبة، ويحاربه أنكى محاربة). سقطت من: ج.
(8) في الأصل: تعاون، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل: دمير، والتّصويب من: أ، ب، ج.
والمقصود: سانشو رميرز ملك أراجون ونافارا. راجع دول الطّوائف ص 108.(2/1234)
شنتبريّة (1)، وملينة (2)، فضعف الحفيد (3) أن يدافع (4) عن نفسه لما عنده من قلّة التّدبير، واستنصر بالفنش، وكانت بلنسية لجدّه (5)، وكان له فيها قائد يسمّى أبا بكر (6) بن عبد العزيز [فداخله ابن هود] (7) واستبدّ بنفسه دون أمر، فخطب إليه ابن هود إذ ذاك [ابنته] (8) طمعا [منه] (9) أن يتملّك بها بلنسية، فملّكه إيّاها وزفّها إليه (10).
__________
(1) في الأصل: شتمرية، وفي أ، ب: شنتمرية، والمثبت من: ج.
شنتيرية: مدينة كبيرة متّصلة بمدينة سالم، وهي شرقي قرطبة. ياقوت: معجم البلدان 3/ 366.
(2) في الأصل: ميله، والتّصويب من: أ، ب، ج.
ملينة: توجد عدّة أماكن في أسبانيا بهذا الاسم، ولكن المقصود هنا هو: حصن في مقاطعة كونكا شمالي شرق طليطلة. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 80، حاشية رقم (4).
(3) في الأصل: الحفيظ، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في أ، ب: عن الدّفع، وفي ج: عن الدّفاع.
(5) المأمون بن ذي النّون جدّ القادر هذا. راجع: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 266.
(6) أبو بكر بن محمّد بن مروان بن عبد العزيز، الذي حكم بلنسية إلى أن توفّي سنة:
(478هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 266.
(7) تكلمة من: أ، ب، ج.
(8) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) زيادة من: ج.
(10) انظر الخبر عند: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 267266، وعنان: دول(2/1235)
وكان لانكتار (1) للقادر، فنازله ابن ردمير (2)، ووالى عليها الحصار [حتّى كادوا] (3) أن يهلكوا عطشا، فافتدوا منه بمال كثير، وجهّز القادر بشير [الفتى] (4)، وأمره (5) بمناجزة ابن هود وابن ردمير، فانصرفا، ورأى أنّ انصرافهم دون لقائهم غنم كبير (6).
وقامت بطليطلة في إحدى اللّيالي فتنة، وضجّة للعامة، ورجّة [منكرة] (7)، مات فيها الفقيه أبو بكر [بن] (8) الحريري (9)، وجماعة من
__________
الطّوائف ص 107.
(1) كذا في الأصل، وفي أ، ب، ج: كنكة. وصحّتها: قونكة، أو كونكة، وكانت من أمنع حصون منطقة الثّغر الأدنى طليطلة، وهي اليوم قاعدة مديرية تحمل نفس هذا الاسم. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 81، حاشية رقم (1).
(2) في الأصل: فأزاله ابن ردمين، وفي أ، ب: فزاله بن رذمير، والتّصويب من: ج.
(3) في الأصل: فكادوا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) زيادة من: أ، ب، ج، ولم أقف على ترجمته.
(5) (وأمره) تكرّرت في: ج.
(6) انظر: عنان: دول الطّوائف ص 108.
(7) زيادة من: ج.
(8) التّكملة من: أ، ب، ج.
(9) لعلّ الصّواب: أبو بكر الحديدي.
الفقيه العالم صاحب العقل والدّهاء وحسن النّظر، من كبار أهل طليطلة منذ عهد إسماعيل الظّافر بن ذي النّون الذي كان لا يقطع أمرا دون استشارته، وبعد وفاة إسماعيل سار ولده المأمون على سياسته في تقديم وزيره ابن الحديدي هذا، وقتل(2/1236)
أمثاله، وانتهبت ديار الأعيان، فكتب القادر إلى الفنش يعلمه بما جرى، ويرغّب إليه أن يوجّه (1) له عسكرا، فراجعه أن وجّه إليّ مالا [إن] (2)
كنت تريد الدّفاع (3) عن أنحائك. وإلا أسلمتك إلى أعدائك. وكان أسرّ شيء (4) عند الفنش فتنة تقع (5) بين (6) ولاة (7) من المسلمين (8)، فيعين هذا على هذا، وهذا على هذا، فيستجلب بذلك أموالهم، ويفجع، غمصا (9)
منه، أن يعجزوا (10) فيظفر هو بملك الجزيرة كلّها (11).
__________
ابن الحديدي في عهد يحيى القادر سنة: (468هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 277، وعنان: دول الطّوائف ص 97، 107.
(1) في ج: ويرغب أن يوجه إليه.
(2) التكملة من: أ، ب، ج.
(3) في أ: الدفع.
(4) في الأصل: اصر شيئا عند النفس، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) (تقع) سقطت من: ج.
(6) في ب: عند.
(7) في أ، ب، ج: الولاة.
(8) (بين ولاة من المسلمين) سقطت من: ج.
(9) في أ، ب: وينتجع عظما. وفي ج: فستجلب أموالهم بذلك طمعا.
غمصا منه: أي: استصغارا منه. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 1047، (غمص).
(10) في ب: يعجز.
(11) (كلها) سقطت من: ج.(2/1237)
[فلمّا لم] (1) يقم القادر بما رسم عليه من المال، جمع الرّعية وأهل الحضر وجميع العمال، وقال لهم: أقسم لئن لم تحضروني [جميع] (2) هذا المال الذي طلب في الحين، لأجعلن عنده رهنا جميع (3) من عندكم من العيال والبنين. فلم يجبه أحد بحرف، غير القائد أبي شجاع بن لبّون (4)
[فإنّه] (5) قال له: لقد خلعت نفسك بما قلت، وربّما (6) أزمعت (7) عليه وعوّلت (8). فأفسدت (9) نفوس الجماعة (10)، ورأوا أنّه لا تجب عليهم
__________
(1) في الأصل: فلم، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) زيادة من: أ، ب.
(3) (جميع) سقطت من: ج.
(4) في الأصل: لبن. وفي ب: لبنون، والتّصويب من: ج.
وهو أبو شجاع أرقم بن لبّون، كان واليا على وبذة في مقاطعة كونكة إحدى حصون الثّغر الأدنى. ابن الأبار: الحلّة السّيراء 2/ 169، العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 82، حاشية رقم (1).
(5) زيادة من: أ، ب، ج.
(6) في أ: وبما.
(7) في الأصل: إن عزمت، والمثبت من: أ، ب، ج.
أزمعت عليه، أي: ثبت عليه عزمك. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 1225، (زمع).
(8) في ج: وعزلت.
(9) في أ، ب، ج: ففسدت.
(10) في أ، ب، ج: جماعة.(2/1238)
[له] (1) طاعة، فانفذوا بالسّرّ (2) إلى (3) ابن الأفطس (4).
فلمّا شعر (5) بذلك القادر (6)، فرّ ليلا بعمّاله وجملة ماله (7).
فقصد وبدة (8)، فناوأه (9) صاحبها ابن وهب (10)، ودخل ابن الأفطس طليطلة، ولم يكن للقادر ناصر ولا (11) ملجأ غير الفنش، فكتب
__________
(1) زيادة من: أ، ب، ج.
(2) في أ، ب، ج: في السّر.
(3) في ب: عن.
(4) عمر بن الأفطس، أبو محمّد، تلقبّ بالمتوكّل على الله، كان رجلا شجاعا عظيم القدر، قتل على يد المرابطين سنة: (485هـ). المراكشي: المعجب ص 127، 128، وابن خلكان: وفيات الأعيان 7/ 123.
(5) في الأصل: شرع، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) (القادر) سقطت من: ج.
(7) (وجملة ماله) سقطت من: ج.
(8) في أ، ب: وابده.
وبدة: مدينة على بعد خمسين كيلا غربي قونكا، وكانت من الحصون الشّمالية الشّرقية لمملكة طيطلة، وإليها كان فرار القادر بأسرته سنة (478هـ). العبادي:
تحقيق تاريخ الأندلس ص: 83، حاشية رقم: (2).
(9) في الأصل: فبواه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) لم أقف على ترجمته.
(11) (ناصر ولا) سقطت من: ج.(2/1239)
إليه واستنصر به، فجاء بنفسه في أسرع وقت، فتلقاه القادر واتّفقا (1) على محاصرة (2) طليطلة حتّى يخرج عنها ابن الأفطس ويصرفها (3) إليه، على أن يحصّل جميع أموالها في يديه (4)، فقال له الفنش: أعطني حصن (5) سرية (6)، وحصن قورية (7)، [رهنا] (8)، فأعطاهما إيّاه (9)، فأدخل (10) فيهما اللّعين ثقاته (11)، في الحين، وحصّنهما أشدّ تحصين (12).
ثم حاصر (13) طليطلة أشدّ حصار، فلمّا رأى ابن الأفطس ضيق
__________
(1) في ج: واتّفق معه.
(2) في الأصل: حصر، والمثبت من: أ، ب، ج.
(3) في الأصل: وصرفها، وما أثبته من: أ، ب، ج.
(4) في ج: أمواله في يده.
(5) التصويب من: أ، ب، ج. وفي الأصل: أحسن.
(6) لم أتوصّل إلى معرفته.
(7) لم أتوصّل إلى معرفته.
(8) تكلمة من: ب، ج، وفي أ: هنا.
(9) في، ب، ج: له.
(10) في الأصل: فدخل، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(11) في الأصل: بأثقاله، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(12) (أشد تحصين) سقطت من: ج.
(13) في الأصل: حصر، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1240)
الحال عليه (1)، وهو لا يرجو انتصارا من أحد (2)، خرج فارّا، فدخلها القادر، واستأصل (3) جميع / أموالها، فلم يقبلها الفنش منه، فأحضر جميع [112/ أ] ما كان عنده من نفيس الذّخائر الموروثة عن أبيه وجدّه، فلم يف بما قطعه (4) عليه، فسأله أن ينطره بالباقي إلى أن ينظر فيه [ويجعله بين يديه] (5)، فقال له: اعطني حصن قنالش (6) رهنا فأعطاه إيّاه. فلمّا ظفرت به يده (7) جعل فيه ثقاته، وحصّل فيه أقواته، وانصرف إلى قشتالة غانما مملوء الحقائب سالما، فتغيّرت نفوس النّاس على القادر، ففرّوا سرّا إلى نظر (8) ابن هود، فجاد عليهم (9)، وأحسن إليهم (10).
__________
(1) في الأصل: فلما رأى ابن الأفطس ذلك ضاق الحال عليه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) (من أحد) ليست في: ج.
(3) في الأصل: واستطل، وفي أ، ب: واستطال، والمثبت من: ج.
(4) في أ، ج: قاطعه.
(5) زيادة من: ج.
(6) في الأصل: قنا، وفي ب: قناش. والتّصويب من: أ، ج.
حصن قنالش: لعلّه القرية التي في شمال شرق طليطلة في منطقة وادي الحجارة على حدود قشتالة، وهي الآن مركز قضائي تابع لمدينة مولينا. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 83، حاشية رقم (6).
(7) في ب: يديه، وفي ج: يداه.
(8) في ج: عمل.
(9) (فجاد عليهم) سقطت من: ج.
(10) كان دخول القادر طليطلة في آخر سنة: (474هـ). عنان: ملوك الطّوائف(2/1241)
وزحف كلّ ثائر إلى بلاد القادر طمعا في تملّكها، والحصول على (1) قطب فلكها (2). فابن عباد يشنّ عليه الغارات من الغرب، وابن هود يذيقه من الشّرق غصص الكرب.
فلمّا تحقّق القادر أنّه لا طاقة له على الدّفاع، ولا سبيل له عنهم إلى امتناع (3)، كتب إلى الفنش [لحينه] (4) وتخلّى (5) له عن طليطلة وأنظارها ليعينه على أخذ بلنسية وأقطارها، فطار إليها الفنش بجناح ووصل الغدوّ بالرّواح فحين وافاه، أخلى له البلاد (6)، وحصّل فيها بالأهل والولد (7)، بعد أن شرط عليه (8) أن يؤمّن من فيها من المسلمين في الأنفس والأولاد (9) والأموال [والأهلين] (10) والبنين (11)، وأنّ من أحبّ منهم
__________
ص 109.
(1) في ب: في.
(2) (والحصول على قطب فلكها)، سقطت من: ج.
(3) في ب: اقناع، (ولا سبيل عنهم إلى امتناع) سقطت من: ج.
(4) زيادة من: ج.
(5) في ج: يتخلّى.
(6) في أ، ج: البلد.
(7) في الأصل: بأهله وأولاده، والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) (أن شرط عليه)، سقطت من: أ.
(9) (الأولاد) ليست في: أ، ب، ج.
(10) زيادة من: ب.
(11) في ج: أن شرط عليه من فيها من المسلمين أن يؤمنهم في أنفسم وأموالهم وبنيهم.(2/1242)
الانتقال لم يمنعه (1) منه ومن أحبّ المقام لم يلزمه سوى أداء الجزية على عدد ما عنده من الأشخاص (2)، وإن رجع بعد رحيله (3) نزل على ما كان بيده. من عقار دون تعرّض عليه [لا] (4) في كثير ولا في قليل. فعاهدهم على ذلك وأعطاهم صفقة اليمين، وأقسم لهم أنّه لا يغدر في ذلك ولا يميل (5).
وكان تملّكه لها سنة ثمان وسبعين وأربع مائة.
وكان استفتاح [طارق] (6) لها سنة تسعين (7).
فأقامت دار إسلام (8) ثلاثمائة وثمانية وثمانين (9) عاما (10).
__________
(1) في أ: التّنقل لم يمتع، وفي ب: التّنقل لم يمنعوا، وفي ج: الخروج لم يمنع.
(2) (على عدد ما عنده من الأشخاص) ساقطة من: ج.
(3) في ب: رحليه.
(4) زيادة من: ج.
(5) في أ: ولا يمين. (وأقسم لهم أنّه لا يغدر في ذلك ولا يميل)، سقطت من: ج.
(6) في الأصل: هذا الطّريق، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(7) هذا القول لا يتّفق مع ما ورد في المصارد الأخرى، فقد كان فتحها سنة:
(92هـ).
ابن الأثير: الكامل 4/ 123، والذّهبي: تاريخ (10081هـ)، ص 256.
(8) في أ، ج: الإسلام.
(9) في ج: وثلاثين.
(10) في أ، ب: من الأعوام.(2/1243)
فخرج المسلمون من (1) جميع الأقطار حين تملّكها العدوّ، ولم يكن لهم قرار (2)، [ولا هدو] (3)، ولا طمع في التّخلّص من يد اللّعين، سوى أنباء طرأت (4) عليهم من قبل المرابطين، وأنّهم قد ملكوا مغرب العدوة، وطردوا عنه الزّناتيّين (5)، فكأنّهم (6) تأنّسوا (7) بأبنائهم، ورجوا الفرج من تلقائهم.
وفي هذه السّنة (8) التي دخلوا فيها (9) طليطلة توفّي [المؤتمن] (10)
__________
(1) في أ: في.
(2) (لهم قرار) سقطت من: ب، وفي أ: له قرار.
(3) في الأصل: ولا تمدّن، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) في أ: إنماء طارقا.
(5) يقصد الدّولة الزّناتية التي حكمت المغرب الأقصى، وقد انتهى حكمهم على يد المرابطين الصّنهاجيّين. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 85، حاشية رقم (5).
(6) في الأصل: كأنهم، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) في أ، ب: يأنسوا.
(8) أي: سنة: (478هـ).
(9) في أ، ب، ج: وفي سنة دخول العدو.
(10) في الأصل والنّسخ الأخرى: المقتدر، وهو خطأ ظاهر.
والصّواب: ما أثبته لأنّ المقتدر بن هود والد المؤتمن يوسف قد توفّي سنة (474هـ)، بعد أن قسم مملكته بين ولديه: يوسف المؤتمن هذا، والمنذر فكان المؤتمن على سرقسطة ما يقارب أربع سنوات، توفّي بعدها سنة (478هـ)، أي: في السّنة التي سقطت فيها طليطلة. عنان: دول الطّوائف ص 282، 286.(2/1244)
يوسف بن هود صاحب سرقسطة (1)، وقام بالإمامة (2) من بعده ابنه (3)
أحمد (4)، وتسمّى بالمستعين.
وفيها (5) توفّي الوزير أبو بكر (6)، بن عبد العزيز، القائم بأمر بلنسية، الذي كان [أزمع] (7) القادر أن ينازله، [ويخرّب] (8) منازله (9)، وبقي أمرها بعده سدى [نهزة للعدوّ] (10)، [فرحل عند ذلك] (11) القارد من طليطلة
__________
(1) في الأصل: سرقصطة، والتّصويب من: أ، ب.
(2) في أ، ب، ج: بالأمر بعده.
(3) في ج: أبن ابنه.
(4) هو: أحمد المستعين بن المؤتمن، ويعرف بالمستعين الأصغر، خلف أباه على حكم سرقسطة سنة: (478هـ)، حتّى قتل في رجب سنة: (503هـ). عنان: دول الطّوائف ص 291286.
(5) أي في سنة (478هـ).
(6) هو: أبو بكر محمّد بن عبد العزيز، حاكم مملكة بلنسية بعد أبيه، كان عالما حازما، اتّبع الرّفق والعدل وأجزل العطاء للعمال والجند، توفّي سنة (478هـ)، بعد أن حكم عشرة أعوام تقريبا. ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 303، 304، وقد وهم في حقيقة شخصية أبي بكر هذا، فنسبه إلى المنصور بن أبي عامر خطأ. عنان: دول الطّوائف ص 225، 226.
(7) في الأصل: مع، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: ويخرّج، والتّصويب من: أ، ب.
(9) (ويخرّب منازله) سقطت من: ج.
(10) زيادة من: ج.
والنّهزة، بالضّمّ: الفرصة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 679، (نهز).
(11) في الأصل: فارتحل عنه القادر، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1245)
مع جيش وجّهه (1) معه الفنش وعليه (2) البرهانس (3) لعنه الله، وذلك في سنة ثمانين وأربع مائة، فأنزله القادر بالرّصافة (4)، ونزل (5) هو دار الإمارة (6) [فياله من صدع] (7) صدّع / أفلاذ الأكباد، وفزّع قلوب العباد، واستوى في [112/ ب] مصابه الحاضر والباد. ووافى (8) بلنسية فأدخله (9) أهلها فيها خوفا من الحصار (10).
ولمّا حصّل (11) الطّاغية الفنش بطليطلة شمخ بأنفه، ورأى أنّ زمام
__________
(1) في أ، ب: وجه.
(2) (وعليه) سقطت من: ب.
(3) البرهانس: قائد أسباني، من كبار قواد الملك الفونسو السّادس (الفنش) ملك قشتالة وليون. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 86، حاشية رقم: (3)، وعنان: دول الطّوائف ص 227، 228.
(4) رصافة بلنسية: تقع في جنوب شرق بلنسية، بينها وبين البحر، وما زالت تحمل هذا الاسم إلى اليوم. الحميري: الرّوض المعطار ص 269، العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 86، حاشية رقم (4).
(5) في الأصل: وأنزل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) في ب: الإمرة.
(7) تكملة من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل، وأ، ب: ووفى، والتّصويب من: ج.
(9) في الأصل، وأ، ب: فأدخل، والتّصويب من: ج.
(10) في الأصل: الحصران، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(11) في ب: دخل.(2/1246)
الأندلس قد حصل في كفّه، فشنّ غاراته (1) على جميع أعمالها، حتّى فاز باستخلاص (2) جميع أقطار ابن ذي النّون واستئصالها، وذلك ثمانون منبرا سوى [البنيّات] (3)، والقرى والمعمورات، وحاز من وادي الحجارة إلى طلبيرة (4)، وفحص اللّج (5)، وأعمال شنتمرية (6) كلّها، ولم يكن بالجزيرة من يلقى أقلّ كلب من كلابه، فعند ذلك وجّه كلّ رئيس بالأندلس (7)
رسله (8) إلى الفنش مهنّئين، وبأنفسهم وأموالهم مقتدين، وفي أن يشركهم (9) في بلادهم له عاملين، ولأقوالهم إليهم جابين (10)، حتّى إنّ
__________
(1) في الأصل: غارته، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل: بخلاص، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) بياض في الأصل، وما أثبته من: أ، ب، ج.
البنيّات: المدن الصّغيرة التي تتبع المدن الكبيرة. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص:
87، حاشية رقم (1).
(4) طلبيرة: مدينة كبيرة تقع على نهر تاجه غربي طليطلة على بعد سبعين ميلا.
الحميري: الرّوض المعطار ص 395، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 87، حاشية رقم (3).
(5) في الأصل: وحصر، والتّصحيح من: أ، ب، ج.
فحص اللّج: لم أقف له على تعريف دقيق.
(6) في الأصل: وعمال شتمرية، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(7) في ب: من الأندلس.
(8) في الأصل: رسوله، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل: اين يشاركهم، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) في الأصل: جابئين. والتّصويب من: أ، ب، ج.(2/1247)
صاحب (1) شنتمرية [حسام الدّولة (2) بن رزين، نهض إليه بنفسه، وتحمّل هدية عظيمة القدر سنيّة] (3)، متقرّبا إليه، وراغبا أن يقره في [بلده] (4)
عاملا بين يديه، فجازاه (5) على هديته بقرد وهبه إيّاه فجعل ابن رزين يفتخر (6) به على سائر (7) الرّؤساء، ويعتقد أنّه [جنّته] (8) ممّا كان يحذر من الفنش من وقوع البأساء (9).
وانتحى (10) الفنش انتحاء (11) الجبابرة، وأنزل نفسه منازل (12)
__________
(1) في الأصل: أصاب، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) هو: يحيى بن عبد الملك بن هذيل بن رزين، حسام الدّولة، آخر ملوك هذه الأسرة، وكان عاجزا ضعيفا حكم بعد أبيه من سنة: (497496هـ).
ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 310، 311، وعنان: دول الطّوائف ص 258، 259.
(3) تكملة من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل، وأ، ب: بلاه. والتّصويب من: ج.
(5) في ج: فجار.
(6) في أ، ب، ج: يفخر.
(7) في ج: جميع.
(8) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) الخبر عند: ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 311، باختلاف يسير.
(10) انتحى، أي: مال في سياسته وتعامله مع النّاس إلى فعل الجبابرة.
والانتحاء: الميل. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2503، (نحا).
(11) في ج: منحى.
(12) في ج: منزلته نفسه.(2/1248)
القياصرة، وداخله من الإعجاب ما احتقر به كلّ ماش على التّراب، وتسمّى بالأنبراطور (1)، وهو بلغتهم أمير
المؤمنين (2)، وجعل يكتب في كتبه الصّادرة عنه من الأنبراطور ذي الملّتين (3)، وأقسم لأرسال (4) الرّؤساء أنّه لا يترك في الجزيرة من الثّوار (5)
[أحدا] (6) ولا يبقى لهم ملتحدا (7) سوى من اكتنفته رعايتي، وشملته عنايتي.
وكان [رسول] (8) ابن عباد إليه يهوديّا يعرف بابن مشعل، فقال له:
كيف أترك قوما مجانين [تسمّي كلّ] (9) واحد منهم باسم (10) خلفائهم،
__________
(1) في الأصل: بالأنبطور، وفي ب: بالأنبدطور، والتّصويب من: أ، ج.
(2) في ج: ومعناه: أمير الأمراء.
(3) الملّتين: أي: الإسلام والمسيحية، ويؤثر عن المعتمد بن عباد صاحب أشبيلية أنّه حينما تسلّم من الملك الفونسو السّادس (الفنش) رسالة تحمل هذا اللّقب، شطبه بقلمه، وردّ عليه قائلا: المسلمون أحقّ بهذا الاسم. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 88، حاشية رقم (3).
(4) في الأصل، وب: لأن سال، والمثبت من: أ، ج.
(5) في الأصل، و، ب: الثّوراء، والمثبت من: ج.
(6) التّكملة من: أ، ب، ج.
(7) (ولا يبقى لهم ملتحدا) ليست في: ج.
(8) التّكملة من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل: يسمى، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) في ج: باسما.(2/1249)
وملوكهم (1)، وأمرائهم (2)، فمنهم: المعتضد، والمعتمد، والمعتصم، والمتوكّل، والمستعين، والمقتدر، والأمين، والمأمون، وكلّ واحد منهم لا يسلّ (3) في (4) الذّبّ عن نفسه سيفا (5)، ولا يرفع عن رعيّته (6) ضيما (7)، ولا خوفا (8)، [قد] (9) أظهروا الفسوق والعصيان، واعتكفوا على المغاني والعيدان [ومعاطات بنت الدّنان]؟! (10).
وكيف يحلّ لبشر أن يقرّ منهم على رعيّته أحدا، وأن (11) يدعها بين أيديهم سدى؟! (12).
__________
(1) في ج: ملوكهم، وخلفائهم.
(2) (وأمرائهم) ليست في: ج.
(3) في الأصل: يسئل، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في ب: عن.
(5) في الأصل: شيئا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) في ج: عن نفسه فضلا عن رعيّته.
(7) الضّيم: الظلم، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1461، (ضيم).
(8) في أ، ب، ج: حيفا.
(9) التّكملة من: أ.
(10) زيادة من: ج. وبنت الدّنان: الخمر.
(11) في ب، أو أن.
(12) (وأن يدعها بين أيديهم سدى) سقطت من: ج.
وانظر نص الخبر عند عبد الله عنان: دول الطّوائف ص 74.(2/1250)
وانتشر الرّوم على جميع الأقطار (1) وعثوا في جميع الأمصار (2).
[وصارت لهم أقصى بلاد المسلمين مرتعا] (3).
ولقد بلغ الرّوم (4) أن أغاروا (5) في ثمانين فارسا ممّن لا خلاق لهم على (6) نظر ألمرية فأخرج ابن صمادح [واليها] (7) قائدا من قوّاده، ومعه من خيار جنده أربعمائة، فلمّا التقوا بالعدوّ (8)، [انهزموا (9)، وما وقفوا ولا أقدموا] (10).
ولمّا تيقّن كلّ من ثار ورأس، ولا سيما رؤساء غرب الأندلس كابن عباد، وابن الأفطس، مذهب ألفنش (11)، [فيهم] (12)، وأنّه لا يقنع
__________
(1) في ب: الأمصار.
(2) (وعثوا في جميع الأمصار) سقطت من: ب، ج.
(3) زيادة من: ج.
(4) في ج: ولقد بلغ من كان أحقر من أحد وفيهم.
(5) في الأصل: غاروا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) في أ: عن.
(7) زيادة من: ج.
(8) في ج: بالغد.
(9) في أ، ب: وانهزموا.
(10) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(11) في ج: الطاغية.
(12) التّكملة من: أ، ب، ج.(2/1251)
منهم بجزية ولا هدية (1)، رأوا أنّ الرّجوع إلى الحقّ أحقّ، فاستصرخوا (2)
بالمرابطين، واستنتصروا بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين (3)، على / أن [113/ أ] [ينخرطوا] (4) في سلكه (5)، ويدخلوا تحت ملكه، وفتحوا له بابا إلى الجهاد كانوا قد سدّوه (6)، فأجابهم إلى ما سألوه (7)، ولم يخالفهم فيما طلبوه إذ كان راغبا في جهاد المشركين، والذّبّ عن حريم المسلمين، فاستيقظ [طلب] (8) النّصر (9) من منامه، وطلع (10) بدر التّأييد من [خلال] (11) غمامه.
__________
(1) في ج: ولا بهديه.
(2) في الأصل، وب، ج: واستصرخوا، والمثبت من: أ.
(3) هو: يوسف بن تاشفين اللّمتوني البربري، أبو يعقوب، أمير المسلمين، اختط مدينة مراكش، وعبر إلى الأندلس ينجد الإسلام، فطحن العدو في وقعه الزّلاقة، كان حسن السّيرة خيرا عادلا، مات سنة خمس مئة. ابن الأثير: الكامل 8/ 236، والذّهبي: سير 19/ 254252.
(4) في الأصل: ينحازوا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(5) في أ، ب: مسلكه.
(6) (وفتحوا له بابا إلى الجهاد كانوا قد سدّوه)، سقطت من: ج.
(7) في أ، ب، ج: إلى ما رغبوه.
(8) الزّيادة من: ج.
(9) في ب: النّصير.
(10) في أ، ب: وتطلّع.
(11) التّكملة من: ج.(2/1252)
وأسرع في عبور البحر بنفسه وإخوته المراطبين، سنة ثمانين وأربعمائمة (1).
وقد أخلص لله تعالى نيّته، وحقّق (2) في ذاته طويّته، وملأ (3) البحر أساطيلا [وأجاز] (4) الأجناد رعيلا [رعيلا] (5) وحلّ (6) بالجزيرة الخضراء (7)، [في كتيبته الخضراء] (8) المشتملة (9) على اثني عشر ألف (10)
راكب من صناديد الأجناد.
ووافاه المعتمد محمّد بن المعتضد بن عبّاد بجملة من عنده من (11)
__________
(1) في الأصل، وأ، ب: أربعمائة وثمانين. والمثبت من: ج.
(2) في أ: وحقن.
(3) في الأصل: ملأ، وفي أ: ومد، والمثبت من: ب، ج.
(4) في الأصل: وأزاد، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب، ج: واحتل.
(7) الجزيرة الخضراء، وتسمّى: جزيرة أم حكيم، وهي جارية لطارق بن زياد، وتقع هذه الجزيرة بجوار جبل طارق، وهي اليوم ميناء في جنوب أسبانيا. الحميري:
الرّوض المعطار ص 223، العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص 90، حاشية رقم (3).
(8) التّكملة من: أ، ب، وفي ج: في كتيبته.
(9) في ج: تشتمل.
(10) (ألف) سقطت من: ج.
(11) بياض في: ب.(2/1253)
الأجناد (1)، والمتوكّل بن الأفطس (2) بجميع من تحت (3) لوائه من الأجناد، ولحق أكثر الرّؤساء (4) بمن معهم (5) وكلّ من رغب (6) في الجهاد.
وكان ألفنش محاصرا لسرقسطة، وقد أقسم أنّه لا يبرح عنها حتّى يدخلها. والقدر يأبى ذلك (7)، فبذل إليه (8) المستعين [صاحبها] (9) أموالا جليلة (10) في زواله وانتقاله (11) عنها وترحاله (12)، فأبى كلّ الإباية، وجعل
__________
(1) (ووافاه المعتمد محمّد بن المعتضد بن عبّاد بجملة من عنده من الأجناد)، سقطت من: ج.
(2) في ج: وابن الأفطس المتوكّل.
(3) في أ، ب: ما تحت.
(4) في ج: ولحق الرّؤساء كلّهم.
(5) (بمن معهم) سقطت من: ج.
(6) في ج: راغب.
(7) في أ: والقدر يأبى إلّا خلاف من ذلك، وفي ب: والقدر يأبى خلاف ذلك. والجملة سقطت من: ج.
(8) في أ، ب، ج: له.
(9) زيادة من: أ، ب، ج.
(10) في أ، ب، ج: جمّة.
(11) في أ، ب، ج: وتنقله.
(12) (وترحاله) ليست في: ج.(2/1254)
لكلّ من ذلّ (1) له من الإسلام البرّ والرّعاية، وأخذ نفسه بالعدل فيهم والأمان، والرّفق في السّرّ والإعلان (2)، ووعدهم ألّا يلزمهم غير ما توجبه السّنّة الإسلامية، وأن يحملهم في سائر ذلك على الحرّيّة (3). وقد كان تحقّق أنّه (4) فرّق على ضعفاء أهل (5) طليطلة مائة ألف دينار، ليستعينوا بها (6) على الزّراعة، والاعتمار، فاستدلّ [أهل] (7) سرقسطة على صدق مقاله وتحقّق فعاله.
فبينما هو كذلك إذ وصل (8) إليه ظهور المرابطين في مغرب العدوة، وأنّهم يرومون الجواز للأندلس في كلّ روحة وغدوة (9)، فكتب
__________
(1) في أ، ب، ج: دان.
(2) (والأمان، والرّفق في السّرّ والإعلان)، سقطت من: ج.
(3) في ج: الجزية.
(4) في ج: تحقّق عندهم أنّه.
(5) في أ: أعمال. و (أهل) سقطت من: ج.
(6) (بها) ليست في: ج.
(7) التّكملة من: أ، ب، ج.
(8) في ج: وصله.
(9) (في مغرب العدوة، وأنّهم يرومون الجواز للأندلس في كلّ روحة وغدوة)، سقطت من: ج.(2/1255)
إليه اللّعين (1)، أنّ هؤلاء السّاسّة (2) يهدّدوني (3) بجوازك، وقد جعلت لمن يبشّرني بذلك عشرة آلاف مثقال فإمّا أن تجوز إليّ وإمّا أن نجوز إليك، فوجّه إليّ رسولك بما نعتمد عليه (4) من هذين [الوجهين] (5). فراجعه أمير المسلمين رحمه الله (6)، بعد البّسملة والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم (7):
فلا كتب إلّا المشرفيّة (8) والقنا ... ولا رسل إلّا بالخميس العرمرم (9)
ولم يزد على هذا البيت حرفا واحدا فما كان إلّا أن وصل هذا الجواب وكتاب ثقته بطليطلة بجواز (10) أمير المسلمين قد ورد عليه، فوجّه إلى المستعين [أن لا يدفع له من المال ما أمكنه (11)، ويأخذ في أسباب
__________
(1) (اللعين)، ليست في: أ، ب، وفي ج: ألفنش.
(2) في أ، ب، ج: السّاسين.
(3) في الأصل: يهدوني، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: إليه، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في الأصل: النّيّتين، والصّواب من: أ، ب. و (من هذين الوجهين) سقطت من: ج.
(6) (رحمه الله) ليست في: أ، ب، ج.
(7) (صلى الله عليه وسلم) ليست في: ج.
(8) المشرفية: السيوف. الجوهري: الصحاح 4/ 1380 (شرف).
(9) هذا البيت لأبي الطّيّب المتنبّي: ديوانه 3/ 352.
(10) في ج: أن.
(11) في ج: ما أمكنه من المال.(2/1256)
الارتحال (1)، وجواز المرابطين، قد نما (2) إلى المستعين] (3) فأبى أن يدفع إليه درهما واحدا (4) [خشية أن يتقوّى به ويستعين] (5) فرحل اللّعين صاغرا، [وآب بالخيبة] (6) إلى طليطلة خاسئا (7)، وأنفذ كتبه إلى [جميع النّصارى] (8) معلما بجواز المرابطين، فوافاه أهل قشتالة في عدد لا يحصى، وأقلع قائده (9) البرهانس عن بلنسية فلحق به، وأقبلت عليه العساكر من أقصى الرّوميّة (10) حتّى [ملؤوا] (11) البطاح والأفضية (12)
فأعجب (13) بنفسه، [وقد] (14) وثق بكثرة [من اجتمع إليه] (15) من أبناء
__________
(1) (ويأخذ في أسباب الارتحال) سقطت من: ج.
(2) في الأصل، وأ، ب: أنهى المستعين، والتّصويب من: ج.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) واحدا) سقطت من: ج.
(5) التّكملة من: ج.
(6) التّكملة من: أ، ج، وفي ب: ودأب بالخيبة.
(7) في أ، ب: خاسرا، (صاغرا، وآب بالخيبة إلى طليطلة خاسئا)، سقطت من: ج.
(8) في الأصل: إلى بلاد النّصارى، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل، وأ، ب: قائد، والتّصويب من: ج.
(10) في أ، ب: الرّمية.
(11) في الأصل: وصلوا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(12) (حتّى ملؤوا البطاح والأفضية)، سقاطة من: ج.
(13) في الأصل: وأعجب، والمثبت من: أ، ب، ج.
(14) زيادة من: ج.
(15) تكملة من: أ، ب، ج.(2/1257)
جنسه، وأقسم [لعنه الله] (1) أنّه لا يجيء إليه (2) طالب، ولا يغلبه غالب (3)، [ولو أنّه الله الذي لا يفوته هارب، تعالى الله عن ذلك] (4)، فخذله الله إذ تبرأ من حوله وقوّته (5). / وانفصل عن (6) طليطلة بجيوشه التي ضاقت بها [113/ ب] الأرض (7)، ولم يصحبها نصر ولا نجاح، كأنّها (8) [اللّيل الدّامس، والبحر الطّامس، قد لبسوا] (9) الدّروع الضّافية، وتحزّموا بالسّيوف (10) الماضية، وتقلّسوا (11) بالحديد (12)، وتقدّموا ببأس شديد.
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) في أ، ب، ج: يقوم له.
(3) في أ، ب، ج: مغالب.
(4) زيادة من: ج.
(5) في أ، ب: قوته وحوله.
(6) في ج: من.
(7) في أ، ب، ج: البطاح.
(8) في الأصل وأ، ب: كأنّه، والتّصويب من: ج.
(9) التّكملة من: أ، ب، ج.
(10) في ج: وتقلّدوا السّيوف.
(11) تقلسوا، أي: لبسوا القلانس على رؤوسهم. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص:
731، (قلس) بتصرّف.
(12) (تقلسوا بالحديد) ساقطة من: ج.(2/1258)
طبولهم (1) القرون، وألويتهم كأنّها (2) السّحاب الجون (3).
وسار أمير المؤمنين نحو بطليوس، قاصدا (4) طليطلة للقاء ألفنش (5) في جيوش (6) تقرّبها عيون الأولياء، [ويسحب قلوب الأعداء] (7)، فالتقيا على مقربة من بطليوس، بموضع يقال (8) له: الزّلّاقة (9)، وكان بين المحلّتين (10) ثلاثة أميال، فتراسلا (11): متى يكون اللّقاء الذي تسيل
__________
(1) في الأصل، وأ، ب: طلبوا لهم، والصّحيح ما أثبته من: ج لأنّ نفخ القرون عند النّصارى كان بمثابة قرع الطّبول عند المرابطين. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 92، حاشية رقم: (4).
(2) في الأصل، وج: كأنّهم، والتّصويب من: أ، ب.
(3) الجون، جمع: جون، بفتح الجيم: الأسود، وهو من الأضداد. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2095، (جون).
(4) (نحو بطليوس، قاصدا) تكرّرت في: الأصل.
(5) (ألفنش) سقط من: ب.
(6) (في جيوش) سقطت من: ج.
(7) زيادة من: ج.
(8) في ج: يعرف بالزّلاقه.
(9) الزّلاقة، مكان الوقعة الشّهيرة، وهي اليوم قرية صغيرة على بعد (12) كيلا شمالي شرق بطليوس في غرب الأندلس. الحميري: الرّوض المعطار ص 287، العبادي:
تحقيق تاريخ الأندلس، ص: 93، حاشية رقم (1).
(10) في ج: المحلّة.
(11) في الأصل: فأرسل، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1259)
فيه (1) الدّماء؟ (2) فقال الملعون: هذا يوم الخميس والجمعة عيدكم، والأحد عيدنا، فيكون يوم السّبت (3) اللّقاء بيننا (4) فقال أمير المؤمنين:
كذلك إن شاء الله يكون. واللّعين قد اعتقد (5) في ذلك المكر، وقصد الغدر.
وكان أمير المؤمنين (6) قد نزل بمحلّة (7) [تجاه العدو] (8)، ونزل ابن عبّاد وسائر رؤساء (9) الأندلس على بعد منه، فرفع ابن عبّاد الأسطرلاب (10)، ونظر الطّالع ومنزل أمير المؤمنين (11)، فقال: ذلك منزل
__________
(1) في أ: فيه تسال، وفي ب: فيه تسل.
(2) (الذي تسيل فيه الدّماء) ساقطة من: ج.
(3) الحميري: الرّوض المعطار ص 290.
وفي مصادر أخرى: يوم الإثنين. ابن الأثير: الكامل 8/ 142، والمراكشي: المعجب ص 194، وابن أبي زرع: الأنيس المطرب ص 147.
(4) (بيننا)، ساقطة من: ج.
(5) في ج: اعتمد.
(6) في ج: المسلمين.
(7) في الأصل، وب: بمحلته، والمثبت من: أ، ج.
(8) زيادة من: أ، ب، ج.
(9) في ج: الرّؤساء.
(10) الأسطرلاب: يونانية الأصل، آلة كانت تستعمل لمراقبة مواضع الكواكب وتحديد علوّها. الجواليقي: المعرب ص 55، ووجدي: دائرة معارف القرن العشرين 1/ 294.
(11) في ب، ج: المسلمين.(2/1260)
نحيس (1). فلمّا كان ليلة الجمعة رحل (2) عنه أمير المؤمنين (3)، ونزل بين جبلين، فأخذ المعتمد طالع نزوله [فيه] (4)، فقال: لم أر قطّ (5)، أسعد من هذا (6) المنزل [الذي نزله] (7).
فلمّا كان سحر ليلة الجمعة قدّم اللّعين كتائبه، وضمّ إليه جنائبه (8).
وقصد نحو محلّة المعتمد ورؤساء الأندلس، وهو يظنّها محلّة [أمير
__________
(1) في ج: لم أر أنجس من منزل نزله أمير المؤمنين.
قلت: وهذا من خرافات المنجّمين، وإلّا فإنّ الخير والشّرّ بيد الله وحده.
(2) (رحل) سقطت من: ج.
(3) في أ، ب، ج: المسلمين.
(4) التّكملة من: أ، ب، ج.
(5) (قط) سقطت من: ب.
(6) في أ، ب: ذلك.
(7) التّكملة من: ج.
ولم أعثر على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها فإن كان هذا الخبر صحيحا فإنّه يصف ابن عباد بأنّه كان منجّما: استدلّ بأحوال النّجوم على ما سيقع للمسلمين بقيادة ابن تاشفين في هذه الوقعة، وهذا هو التّنجيم الذي ينافي التّوحيد ويوقع صاحبه في الشّرك لأنّه ينسب الحوادث إلى غير من أحدثها وهو سبحانه بمشيئته وإرادته، ولأنّه يتحكّم على الغيب ويتعاطى علما قد استأثر الله به.
(8) (وضمّ إليه جنائبه) ساقطة من: ج.(2/1261)
المسلمين] (1)، فلم يشعروا (2) بهم إلّا وسيوفهم في رقابهم تشرع (3)، ورماحهم في دمائهم تكرع. ففرّ النّاس فرار الأوعال من تلك السّهولة والأجبال، ووقف لهم المعتمد كالأسد الوّرد (4)، وناطحهم مناطحة الأقران، وثبت ثبوت راسخات الرّعان (5)، حتّى أثخن بالجراح، وتبع الرّوم فلّ المسلمين ثمانية عشر ميلا في تلك البطاح، يقتلون ويأسرون [وينتهبون] (6).
فأعلم أمير المسلمين بانهزام الرّؤساء فقال: اتركوهم قليلا للفناء فكلّ (7) من الأعداء. فلمّا تحقّق أنّ أكثرهم قد أسر وقتل (8) رأى أنّه قد آن (9) أن يفترس العدو إذ قد تباعد عن محلّته، [وتحمّل وقصد بجيشه محلّة
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل: يشعر، والمثبت من: أ، ب، ج.
(3) (تشرع) سقطت من: ج.
(4) الورد: الأسد الأبيض بلون الورد. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 550، (ورد)، بتصرّف.
(5) (وناطحهم مناطحة الأقران، وثبت ثبوت راسخات الرّعان)، سقطت من: ج.
والرّعان: الجبال الطّويلة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1550، (رعن).
(6) زيادة من: ج.
(7) في ج: فكلا الفريقين.
(8) في الأصل: أسرا وقتلوا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل، وأ، ب: آمن، والتصويب من: ج.(2/1262)
العدوّ] (1)، فتغلّبها واستأصلها (2) وانتهبها، وقتل فيها نحو عشرة آلاف بين راجل وفارس (3)، وما منهم إلّا بطل مداعس (4).
ومضى على وجهه (5) [في أثر] (6) ألفنش، وقد تفرّق له (7) في أتباع الإسلام أكثر الجيش فوضعوا السّيوف [في ظهورهم] (8) والأسنّة (9) في نحورهم (10)، فانهزموا، وولّوا مدبرين خاسئين (11)، فارّين مذعورين (12).
ولجأ اللّعين إلى جبل منيع في نحو ثلاث مائة فارس من رجاله (13)،
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، وفي ج: فقصد محلّته.
(2) في الأصل: واستصالها، والتّصويب من: أ، ب، والكلمة سقطت من: ج.
(3) في الأصل: رجال وفرسان، وأمامهم الأبطال، والتّصويب من: أ، ب، وعبارة: (بين راجل وفارس) سقطت من: ج.
(4) (مداعس) سقطت من: ج.
مداعس: مطاعن، والمداعسة: المطاعنة. الجوهريّ: الصّحاح 3/ 929، (دعس).
(5) (وجهه) سقطت من: ج.
(6) التّكملة من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: عليه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) زيادة من: أ، ب، ج.
(9) في أ، ب، ج: والأسل.
(10) (والأسنة في نحوهم) سقطت من: ج.
(11) في ج: خاسرين.
(12) في أ، ب: مدحورين، (فارين مذعورين) سقطت من: ج.
(13) (من رجاله) ساقطة من: ج.(2/1263)
وكان قد وصل في ستّين ألفا من رجاله الأنجاد (1)، فلمّا جنّ عليه اللّيل، وأمن أن يتبعه الخيل، انسلّ انسلال الأرنب، أمام ذي المخلب، ولحق بطليطلة (2) مهزوما حزينا (3) مكلوما.
[موكّلا] (4) بيفاع (5) الأرض / يفرعه ... من خفّة الخوف لا من خفّة الطرب (6)
[114/ أ]
وابتدر المسلمون بقطع رؤوس المشركين، وبنوها كالصّوامع، في صحون (7) الجوامع، وأذّن المسلمون (8) عليها ثلاثة أيّام، وتراجع [إلى] (9)
__________
(1) في أ، ج: من أنجاد أبطاله، وفي ب: من أجناد أبطاله.
(2) في ج: فلما جنّ عليه اللّيل انسل، ولحق بطليطلة ذليلا.
(3) (حزينا) ساقطة من: ج.
(4) التّكملة من: أ، ب، ج.
(5) في الأصل: يقع، وفي أ، ب: بقاع. والتّصويب من: ج.
يفاع الأرض: المرتفع منها، أو التّلّ. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1004، (يفع).
(6) هذا البيت لأبي تمام من قصيدته التي مدح بها المعتصم بمناسبة فتح عمورية.
ديوان أبي تمام بشرح التّبريزي 1/ 74، (تحقيق: محمّد عبده عزام).
(7) في الأصل، وأ، ب: حصون، والصّواب من: ج.
(8) في، أ، ب: المؤذّنون، وفي ج: وقال المؤذّنون في أعلاها بالآذان.
(9) التّكملة من: ج.(2/1264)
المحلّة كلّ من أسلم من المسلمين (1).
وكانت الهزيمة يوم الجمعة عاشر رجب الفرد سنة إحدى وثمانين، وأربع مائة (2).
وتنفّس بها (3) مخنق الجزيرة. وثبتت بسببها كثير من البلاد (4).
فبينما أمير المسلمين يدبّر في الدّخول إلى بلاد المشركين إذ وافاه
__________
(1) في الأصل وأ، ب: من الإسلام، والمثبت من: ج.
(2) هذا التّاريخ يختلف مع ما ورد في الرّوايات الإسلامية في تحديد تاريخ المعركة، فيقول ابن الأثير: إنّها كانت في أوائل رمضان سنة: (479هـ). الكامل 8/ 142.
ويتّفق معه المراكشي في الشّهر، ولكنّه يقول: إنّها كانت في سنة: (480هـ).
المعجب ص 195.
وفي وفيات الأعيان لابن خلكان 7/ 117: أنّها كانت يوم الجمعة 15رجب سنة:
(479هـ).
والتّاريخ الصّحيح لهذه الوقعة هو الذي ذكره يوسف بن تاشفين في خطابه بالفتح إلى عدوة المغرب، وهو 12، رجب سنة (479هـ)، الموافق 23أكتوبر سنة (1086م)، وهذا التّاريخ الميلادي هو الذي تضعه الرّواية النّصرانية للموقعة. عبد الله عنان: دول الطّوائف ص 323، حاشية (4)، نقلا عن كتاب الرّوض القرطاس، وكتاب الحلل الموشية.
(3) في ج: منها.
(4) في أ، ب: بلاد كثيرة، (وثبتت بسببها كثير من البلاد)، ساقطة من: ج.(2/1265)
كتاب بوفاة ابنه الكبير، فطرأ عليه من ذلك رزء (1) كبير (2)، ولم يكن له بدّ من الصّدور (3) إلى العدوة بسبب هذا المصاب الخطير، فترك عند المعتمد ثلاث آلاف فارس، وقدّم عليهم القائد أبا عبد الله محمّد (4) بن الحاج، وأخذ في الإنصراف، وترك أهل الأندلس مع رؤسائهم في غاية من الاختلاف، وقد مالت نفوسهم إلى أمير المؤمنين (5)، لما رأوا [عنده] (6)
من العدل [فيه] (7) والإنصاف (8).
فلمّا تحقّق عند النّصارى أنّه قد جاز، وقطع البحر وفاز (9)، اتّفقوا على تدويخ (10) شرق الأندلس، فشنّوا (11) الغارات على سرقطسة،
__________
(1) زرء: مصيبة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 52، (رزأ)، بتصرّف.
(2) (فطرأ عليه من ذلك رزء كبير)، ساقطة من: ج.
(3) في ج: العودة.
(4) (محمد) سقط من: ج، ولم أقف على ترجمته.
(5) في أ، ب، ج: المسلمين.
(6) زيادة من: ج.
(7) زيادة من: أ، ب، وفي ج: من العدل والشّهامة.
(8) (والإنصاف) ساقطة من: ج.
(9) (وقطع البحر وفاز)، ساقطة من: ج.
(10) في ج: على أن يدوّخوا.
(11) في الأصل: وشنّوا، وفي أ، ب: وشنّ، والمثبت من: ج.(2/1266)
وجهاتها، وتمادوا إلى بلنسية، ودانية، وشاطبة، ومرسية (1)، وذواتها، فانتسفوها نسفا (2)، وتكروها قاعا صفصفا، وأخذوا حصن [مره] (3)
رايط (4) وغيرها فساء حال المشرق (5)، وحسن المغرب (6) بمن كان فيه من المراطبين. وخرج الحاجب (7) منذر بن أحمد بن هود من لاردة (8)، ونزل على بلنسية وحصرها (9) طامعا في أخذها من [يد] (10) القادر (11) فلمّا
__________
(1) في الأصل: ومرسات، والصّواب من: أ، ب، ج.
(2) (وذواتها، فانتسفوها نسفا)، ساقطة من: ج.
(3) تكملة من: أ، ب، ج.
(4) مره رايط: أغلب الظّنّ أنّها مربيطر الواقعة في شمال بلنسية على بعد (25) كيلا، وتعرف اليوم باسم ساجنتو، عنان: الآثار الأندلسية ص 98، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 97، حاشية، رقم (1).
(5) في ج: الشرق.
(6) في ب، ج: الغرب.
(7) في ب: الحاج.
(8) في الأصل، وأ، ب: ناردة. والتّصويب من: ج.
وتقع لاردة غربي ثغر برشلونة على نحو: (150) كيلا منها. عنان: الآثار الأندلسية ص 114.
(9) (وحصرها) سقطت من: ج.
(10) زيادة من: أ، ب، ج.
(11) في ج: القائد.(2/1267)
سمع به ابن أخيه المستعين استنصر بالقنبيطور (1) لعنه الله، وخرج معه في أربعمائة (2) فارس، [والقنبيطور في ثلاثة آلاف] (3)، وغزا (4) معه بنفسه حرصا (5) منه على ملك بلنسية على أنّ للقنبيطور أموالها، وللمستعين جفنها (6).
فلمّا سمع بمجيئه عمّه الحاجب رحل عنها، ولم يحلّ بطائل منها، فلم يزل محاصرا [لها] (7) حتّى حصّلها.
وفي هذه السّنة، وهي (8) سنة إحدى وثمانين وأربعمائة (9) استشهد (10)
__________
(1) في الأصل، وب: بالقبيطور. والتّصويب من: أ، ج.
القنبيطور، هو: الفارس القشتالي المشهور، رودريجو دياث بيبار، الملقّب بالسّيّد الكمبيادو أو القنبيطور، ومعناه: السّيّد المبارز. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 99.
(2) في ب: أربع مائة.
(3) التّكملة من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: وعدّه، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في أ، ب: حصرا.
(6) في الأصل: جفانها، والمثبت من: أ، ب، ج.
جفنها، جمع: أجفان، وجفون، لها معان كثيرة، منها: أصل الكرم أو قضبانه.
وشجر طيب الرّيح، والبئر الصّغير، والقصعة. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص:
1531، (جفن).
(7) في الأصل: عنها، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(8) في ج: أعني.
(9) في ب: وأربع مائة.
(10) في أ: استهدا.(2/1268)
القائد أبو شجاع بن لبون (1).
وفيها مات الخليفة أبو المظفّر عنبر (2).
وفيها كان السّيل الأعظم في [صدمة اكتوبر] (3) الذي خرّب بلنسية وغيرها، وهدم برج القنطرة (4).
واستفحل (5) في تلك المدّة ابن ردمير [وظهر] (6) لمّا جرى على ألفنش التّدمير (7)، وانضمّت إليه جميع (8) النّصارى (9) فنزل بهم على تطيلة (10) في نحو أربعمائة ألف نسمة (11)، فردّهم الله عنها خائبين،
__________
(1) في الأصل: ابن لينن، والتّصحيح من: ب، ج. وفي أ: ابن ليون.
(2) لم أتوصّل إلى معرفته.
(3) في الأصل: مدة المتحوبر، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) قنطرة بنلسية: بناها المنصور بن عبد العزيز بن أبي عامر، وعلى المدينة سور به خمسة أبواب، الباب الشّرقي يسمّى: باب القنطرة، يخرج عليها. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 99، حاشية، رقم: (1)، نقلا عن ترصيع الأخبار للعذري.
(5) في الأصل: واستحفل، وفي ج: واستعجل، والمثبت من: أ، ب.
(6) زيادة من: ج.
(7) (لما جرى على ألفنش التّدمير) سقطت من: ج.
(8) في ج: جموع.
(9) في أ: النّصرانية، وفي ب: النّصارى النّصرانية.
(10) في الأصل: طليطلة، وفي ج: بطلية، والتّصحيح من: أ، ب.
تطيلة: مدينة تقع شمال غرب سرقسطة على قيد سبعين كيلا منها على الضّفّة اليسرى لنهر إيبرو. عنان: الآثار الأندلسية ص 13.
(11) (نسمة) ساقطة من: ج.(2/1269)
واستولى على حصون من عمل ابن هود.
ثمّ إنّ ألفنش خفّ روعه، وانتعشت نفسه، فحشد وجمع، واستعدّ، وخرج قاصدا [لمنازلة] (1) بلنسية [ومحاصرتها] (2)، بعد أن، كتب إلى أهل [جنوة (3)، وبيشه] (4) أن يأتوه في البحر، فوصلوا إليه في نحو أربعمائة قلاع (5)، فاتسحكم طمعه (6) فيها، وفي جميع سواحل الجزيرة فارتاع له كلّ من في السّواحل، ثمّ إنّ الله تعالى (7) خالف بين (8) كلمتهم وأذن بتفريقهم (9) فأصبح وهو راحل، ولم يحصل على طائل (10). / [114/ ب].
__________
(1) تكملة من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل: وجهتها، والتّصويب من: أ، ب، (ومحاصرتها) ساقطة من: ج.
(3) جنوة: مدينة إيطالية على ساحل البحر الأبيض، قديمة البناء. الحميري: الرّوض المعطار ص 173، بتصرّف.
(4) بياض في الأصل، والمثبت من: ج، وفي أ، ب: جنوة، وفيشته.
بيشه: مدينة وولاية إيطالية اشتهرت ببرجها المائل. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 99، حاشية، رقم (4). المقصود بها: بيزا الإيطالية وليست بيشة.
(5) قلاع، القلع: الشّراع، والقلاع: السّفينة. يقال: أقلعت السّفينة، رفع شراعها.
الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 976، (قلع) بتصرّف.
(6) في ب: طعمه، وفي ج: منه الرّجاء والطّمع أن يغلب بها ساحل الجزيرة أجمع.
(7) (تعالى) ليست في: ج.
(8) في ج: من.
(9) في أ، ب: بتفرّقهم، (وأذن بتفريقهم) ساقطة من: ج.
(10) (ولم يحصل على طائل) ساقطة من: ج.(2/1270)
ولمّا نزل ألفنش على بلنسية، غضب القنبيطور (1) واحتدّ (2)، وجمع وحشد لأنّه كان بعدها له طاعة (3)، والقادر بها عامله إذ لا قدرة له على الدّفاع ولا استطاعة (4)، فخالفه إلى قشتالة فحرّق، وهدّم [وخرّب ودمّر] (5)، فكان ذلك أقوى الأسباب في افتراق ذلك الجمع عن (6) بلنسية.
وانصرف ألفنش إلى قشتالة مسرعا، والقنبيطور قد (7) ولّى راجعا.
ونزل [أسطول جنوة وغيرها] (8) على طرطوشة (9)، وجاءهم ابن ردمير (10)، وصاحب برشلونة (11)، فثبّتها الله ودفع عنها، وانصرف
__________
(1) في ب: غصب على القبيطور.
(2) احتدّ: أقام بمكانه. الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 352، (حتد)، بتصرّف.
(3) في الأصل: لا طاقة له، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في ب: والاستطاعة.
(5) زيادة من: ج.
(6) في أ: على.
(7) في ب: وقد.
(8) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) طرطوشة: تقع جنوبي مدينة طركونة بنحو خمسين كيلا، إلى الشّمال الشّرقي من أسبانيا على البحر الأبيض المتوسّط. عنان: الآثار الأندلسية ص 120.
(10) ابن ردمير، هو: سانشو راميز ملك أراجون. عنان: دول الطّوائف ص 322.
(11) رامون برنجر الثّالث، صاحب برشلونة، حكم من: (11311082م). العبادي:
تحقيق تاريخ الأندلس ص: 100، حاشية، رقم (3).(2/1271)
جميعهم خائبا منها.
فكرّ القنبيطور إلى بلنسية (1)، واتّفق معهم على مائة ألف مثقال جزية في كلّ عام.
وفي هذه السّنة (2) استحكم طمع أصناف (3) النّصارى على الجزية، فضيّق غرسية (4) على ألمرية، وألفانت (5) على لورقة (6)، وحاصر البرهانس مرسية، والقنبيطور شاطبة.
وجهّز المعتمد ابنه الرّاضي (7) في ثلاثة آلاف فارس [للقاء العدّو] (8)
__________
(1) (فثبّتها الله ودفع عنها، وانصرف جميعهم خائبا منها. فكرّ القنبيطور إلى بلنسية)، ساقطة من: ج.
(2) في أ، ب، ج: وفي هذا العام.
(3) في الأصل: أسقف، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) لم أتوصّل إلى معرفته.
(5) في الأصل: وأفانات، والمثبت من: أ، ب، ج.
ألفانت: يحتمل أن تكون هذه الكلمة أسبانية الأصل، وتعني: ابن الملك، أو أحد أقاربه. راجع: العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 101، حاشية، رقم (1).
(6) في الأصل، وأ: الورقة، والتّصويب من: ب، ج.
لورقة: مدينة بين مرسية وغرناطة جنوب شرق أسبانيا، وهي اليوم بلد زراعي وبها صناعات بسيطة. عنان: الآثار الأندلسية ص 233.
(7) لم أقف على ترجمته.
(8) في ج: القنبيطون.(2/1272)
لعنه الله، وهو في ثلاثمائة فارس، فانهزم [ابنه] (1) أمامه، وفرّ قدّامه، فاستأصل محلّته، وقتل وأسر جلّته.
وبنى أسقف إفرنجيّ في ضفة البحر حصن شنشة (2)، فحميت عند ذلك نفوس من بإشبيلية من المرابطين وتقدّم عليهم القائد محمّد (3) بن عائشة، وقصد بهم مرسية، والتقى (4) بهم (5) مع جملة من النّصارى، فهزمهم، وقتلوا منهم جملة، واسروا جماعة (6).
وخلع (7) صاحب مرسية (8)، وتمادى إلى دانية، ففرّ صاحبها ابن
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) في أ، ب، ج: ششنة، ولعلّها تكون شجانة الواقعة على ساحل البحر الأبيض، وهي مرسى حسن وتبعد عن قرطاجنة (24) ميلا. أرسلا: الحلل السّندسية 1/ 113، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 101، حاشية، رقم (3).
(3) الأمير: محمّد بن يوسف بن تاشفين، أبو عبد الله، المعروف بابن عائشة، كان من كبار قواد المرابطين، حين عيّنه أبوه قائدا على شرق الأندلس ليقوم بفتح مرسية وشاطبة ودانية وبلنسية، وتمكّن من القضاء على سلطان القنبيطور في هذه المنطقة.
عنان: دول الطّوائف ص 366، 400، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 101، حاشية رقم (4).
(4) في الأصل: وتلاقى. وفي أ: والقى. وفي ب: والفتى. والمثبت من: ج.
(5) في ج: بها.
(6) (جماعة) ساقطة من: ج.
(7) أي: محمّد بن عائشة.
(8) لعلّه يقصد القائد عبد الرّحمن بن رشيق القشيري الذي حكم مرسية باسم المعتمد(2/1273)
مجاهد في البحر (1)، وآوى إلى الدّولة الحمّادية (2) الصّنهاجية، والملك إذ ذاك النّاصر (3) بن علناس، فأحسن إليه وأكرمه.
ودخل ابن عائشة دانية، فوافاه بها ابن جحّاف (4) قاضي بلنسية، وسأله النّهوض إليها معه، فلم يمكّنه أن يفارق [موضعه] (5)، فأنفذ معه عسكرا، وقدّم عليه قائده أبا نصر (6)، فوصلا (7) إليها وقصدا القادر،
__________
بن عبّاد، ثم عصى على المعتمد واستقلّ بحكمها إلى أن دخل في طاعة المرابطين.
ابن الأثير: الكامل 7/ 293، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 102، حاشية رقم (1).
(1) (في البحر) ليست في: ج.
(2) في الأصل: المحمادية، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) هو: النّاصر بن علناس بن حماد الصّنهاجي البربري، ملك المغرب، أنشأ مدينة بجاية، وحكم سبعا وعشرين سنة، وتوفّي سنة إحدى وثمانين وأبع مئة. ابن الأثير:
الكامل 8/ 101، 103، 104، 106، 125، 147، والذّهبي: سير 18/ 597.
(4) في الأصل: حجاب، والتّصويب من: أ، ب، ج.
هو: جعفر بن عبد الله بن جحّاف المعافري، أبو أحمد، المعروف بالقاضي ابن جحّاف، الذي تقدّم أهل بلنسية وثار بهم على القادر بن ذي النّون فقتله، وتولّى زمام الأمور بها. ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 305، في ترجمة القنبيطور. وعنان:
دول الطّوائف ص 245242، 252.
(5) في الأصل: معه، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) هو: أبو ناصر المرابطي، أحد قواد محمّد بن عائشة. عنان: دول الطّوائف ص 241.
(7) في الأصل: فوصل، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1274)
وقتلاه (1)، وذلك سنة خمس وثمانين وأربعمائة (2).
فلمّا انتهى ذلك إلى القنبيطور (3)، وهو محاصر لسرقسطة، غاظه، وحميت نفسه، وزال عنه أنسه (4) لأنّها كانت بزعمه (5) طاعته (6) لأنّ القادر كان يعطيه منها مائة ألف دينار في العام (7) جزية، فرحل عن سرقسطة، فنزل على بلنسية، وحاصرها مدّة (8) من عشرين شهرا، إلى أن دخلها قهرا (9)، بعد أن لقي أهلها في تلك المدّة، ما لم يلقه بشر من الشّدّة والجوع (10)، إلى أن وصل عندهم فأر، بدينار (11). وكان دخوله إيّاها سنة
__________
(1) في الأصل: وقتله، والمثبت من: أ، ب، والكملة ساقطة من: ج.
(2) في ب: وأربع مائة.
(3) في الأصل: للقنبيطون، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) (وزال عنه أنسه) ساقطة من: ج.
(5) في الأصل: لابن عمّه، والصّواب ما أثبته من: أ، ب، ج.
(6) في ج: طاغية.
(7) في ج: كلّ عام مائة ألف مثقال.
(8) (مدّة) ساقطة من: ج.
(9) في أ، ب، ج: قسرا.
(10) في أ، ب، ج: من الجوع والشّدة.
(11) في الأصل: فرابدينار، وفي ب: فأردينار، المثبت من: أ، ج.
فقد ذكر ابن عذاري أنّ القنبيطور شدّد الحصار على أهل بلنسية، وضيّق عليها حتّى أكل أهلها الفيران والكلاب. البيان المغرب 3/ 305.(2/1275)
سبع وثمانين وأربعمائة (1).
وفي هذه المدّة انقطع إلى القنبيطور وغيره من أشرار المسلمين، وأراذلهم، وفجّارهم، وفسّاقهم، وممّن يعمل بأعمالهم (2) خلق كثير، وتسمّوا بالدّوائر فكانوا (3) يشنّون على المسلمين الغارات، ويكشفون الحرمات (4)، يقتلون الرّجال، ويسلبون النّساء والأطفال، وكثير منهم ارتدّ عن الإسلام، ونبذ / شريعة النّبيّ (5) محمّد صلّى الله عليه وسلّم (6)، إلى أن انتهى بيعهم [115/ أ] للمسلم الأسير بخبزة وقدح خمر (7) ورطل حوت.
ومن لم (8) يفد نفسه قطع لسانه وفقئت أجفانه (9)، وسلّطت عليه الكلاب الضّارية، فأخذته أخذة رابية (10).
__________
(1) في ب: وأربع مائة.
(2) (وفساقهم، وممن يعمل بأعمالهم)، ساقطة من: ج.
(3) في ج: وكانوا.
(4) في ج: ولا يدعون للإسلام حرمة، ولا يرعون في مؤمن إلّا ولا ذمّة.
(5) (النّبيّ) ليست في: ب، ج.
(6) (يقتلون الرّجال، ويسلبون النّساء والأطفال، وكثير منهم ارتدّ عن الإسلام، ونبذ / شريعة النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم)، ساقطة من: ج.
(7) في ب: خمرة.
(8) (لم) سقط من: ب.
(9) في ج: عينه.
(10) (فأخذته أخذة رابية) ساقطة من: ج.(2/1276)
وتعلّقت منهم (1) طائفة (2) بالبرهانس لعنه الله [ولعنهم] (3)، فكانت تقطع ذكور الرّجال، وفروج النّساء، ورجعوا [له] (4) من جملة الخدمة والعمّال (5)، وفتنوا فنتة عظيمة في أديانهم، وسلبوا جملة (6)
إيمانهم (7).
فلمّا رأى الأمير سير (8) بن أبي بكر ما حمل من كلب العدوّ على العباد (9)، وما نزل من الفساد في البلاد (10)، تجهّز وخرج قاصدا
__________
(1) في أ، ب: منه.
(2) في ج: طائفة منهم.
(3) زيادة من: أ، ب.
(4) في الأصل: لهم، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) (والعمال) ساقطة من: ج.
(6) (جملة) سقطت من: ب.
(7) (وسلبوا جملة إيمانهم)، ساقطة من: ج.
(8) هو: سير بن أبي بكر اللّمتوني، أحد أكبر قواد يوسف بن تاشفين، وقريبه بالمصاهرة، شارك في وقعة الزّلاقة، ثم أسند إليه يوسف بن تاشفين خلع ملوك منطقة غرب الأندلس، وعيّنه حاكما عليها، واستمرّ حاكما على هذه المنقطة إلى أن توفّي فجأة سنة: (507هـ).
انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 7/ 119، 122، 123، وابن الأثير: الكامل 8/ 155، 193، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 106، حاشية رقم (1).
(9) في أ، ب: بالعباد.
(10) (على العباد، وما نزل من الفساد في البلاد) سقطت من: ج.(2/1277)
البرهانس، فهزمه وجنوده، وفلّ الله به حدّه (1)، فارتاع لذلك الرّوم، ورأوا أنّ قراع المرابطين غير مروم (2).
فحسدهم ابن عبّاد وغيره من الرّؤساء بقلّة إنصافهم، وكثرة بغيهم واختلافهم، فاعتقدوا بهم المكر، وأضمروا لهم النّكث (3) والغدر، وخاطبوا (4) ألفنش (5) سرّا أن [يسعوا على المرابطين سرا وجهرا] (6)، ويصيّروا له المرابطين طعمه على أن يتركهم [على] (7) ما بأيديهم عمّالا، ويجبون له من الرّعية أموالا (8). فوقع الاتّفاق على ذلك، وشرعوا في تدبير (9) الأمر من هنالك (10)، وحادوا (11) بأمير (12) المسلمين عند
__________
(1) (وفلّ الله به حده)، ساقطة من: ج.
(2) (ورأوا أنّ قراع المرابطين غير مروم) ساقطة من: ج.
(3) في ج: الخيانة.
(4) في ب: وخطبوا.
(5) في ج: الطاغية الفاسق.
(6) التّكملة من: ج.
(7) زيادة من: ج.
(8) (عمالا يجبون له من الرّعية أموالا) ساقطة من: ج.
(9) في الأصل: تدبيرهم في، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) (من هنالك) سقطت من: ج.
(11) في الأصل: وحلدوا، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(12) في الأصل، وب: بأمر، وفي ج: عن أمير، والتّصويب من: أ.(2/1278)
انصرافه (1) من العدوة (2)، وهي الرّحلة الثّانية عن (3) الجهاد، وأغروه بمالقة وغرناطة (4)، وألمرية، وشغلوه بها (5) عن مكافحة (6) الأعداء (7) كي (8) يتمّ تدبيرهم على مهل، ويتأهّب العدوّ (9) لما أمل.
وقصد الأمير غرناطة، ونزل قريبا منها، فقالت لعبد الله (10) بن باديس بن حبّوس أميرها: أمّه: أخرج وسلّم [على] (11) عمّك يوسف.
فخرج وسلّم عليه، فلمّا أراد الإنصراف أدخل (12) في خباء، وجعل كبل (13) ثقيل في رجله، فدخل الأمير البلد، بهذا الغدر (14)، فاستطلع به
__________
(1) في الأصل: انصرافهم، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل، وأ، ب: الغزوة، والتّصويب من: ج.
(3) في أ: عند.
(4) في ج: بغرناطة ومالقة.
(5) (بها) ساقطة من: ج.
(6) في الأصل: مكافاة، والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) في أ، ب: الأعادي، وفي ج: العدو.
(8) في ج: كم.
(9) (ويتأهب العدو) ساقطة من: ج.
(10) لم أقف على ترجمته.
(11) التّكملة من: أ، ج.
(12) في الأصل: دخل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(13) في الأصل: كلّ، والمثبت من: أ، ب، ج.
الكبل: القيد الضّخم. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1808، (كبل).
(14) في الأصل: عند الغدو، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1279)
واستبدّ (1).
وسرّ القوم في الغدر به، وعنده واضح، ومكرهم في الإيقاع به لائح (2)، لكنّه جرى على مرادهم، كأنّه (3) لا يعلم حقيقة اعتقادهم، وإنّما كان غرضه أن يتبيّن للمسلمين مذهبهم، وسعيهم الذّميم وطلبهم (4)، كي تقوم له (5) الحجّة عليهم، عند امتداد يده [في عقابه] (6) إليهم (7).
ولم يأمنهم بعد على نفسه [ولا على رجاله] (8)،
ولا اطمأن إلى (9) أحد (10) منهم في حالة من أحواله (11). ثمّ إنّه وجّه جيشا إلى ألمرية، ففرّ ابن صمادح منها في قطعة [بحرية] (12)، وآوى (13)
__________
(1) (فاستطلع به واستبد) ساقطة من: ج.
(2) في ب: لاريح، (وعنده واضح، ومكرهم في الإيقاع به لائح) ساقطة من: ج.
(3) في ب: لكنه.
(4) (وسعيهم الذّميم وطلبهم)، ساقطة من: ج.
(5) (له) ساقطة من: ج.
(6) زيادة من: ج.
(7) (إليهم) ساقطة من: أ.
(8) في الأصل: ولا رجى له، وفي أ، ب: ولا رجاله، والمثبت من: ج.
(9) في أ: على.
(10) في ج: واحد.
(11) (في حالة من أحواله) ساقطة من: ج.
(12) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(13) في أ، ب: وأولى.(2/1280)
إلى دوله [بني حمّاد] (1) وملكها (2) إذ ذاك ابن المنصور [بن] (3) النّاصر، فبرّ به (4)، وأحسن إليه (5)، وأدناه حتّى كان أحظى من ولديه (6).
وأنفذ (7) الأمير [سير] (8) إلى إشبيلية لخلع (9) المعتمد بن عبّاد [وأمره بقتل من حاربه معه من الرّعية (10)، والأجناد.
وقيل: إنّ أمير المؤمنين (11) لم يأمر بخلع (12) المعتمد] (13) إذ كان أقسم له أنّه لا يغدر [ولا يخلعه، بقسم مؤكّد، واستوثق المعتمد منه] (14)
__________
(1) في الأصل: بن محمّد، وفي أ، ب: ابن حماد، والمثبت من: ج.
(2) في ج: والملك.
(3) التّكملة من: ج، ولم أقف على ترجمة ابن المنصور.
(4) في أ: فقرّ به، وفي ج: فقرّ به وأدناه.
(5) (وأحسن إليه) ساقطة من: ج.
(6) في ج: ولديه.
(7) في الأصل: وأتى، والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: سرا، وفي ب: سيرا، والتّصويب من: أ، وفي ج: سير ابن أبي بكر.
(9) في ب: بخلع، وفي ج: فخلع.
(10) في ج: الرعايا.
(11) في ج: المسلمين.
(12) في ج: بخعله.
(13) التّكملة م: أ، ب، ج.
(14) زيادة من: ج.(2/1281)
إلّا (1) بعد أن اجتمع (2) معه (3) فقهاء إشبيلية وقضاتها، وأعيانها وسراتها (4)، وقالوا له: هؤلاء الرّؤساء لا تحلّ طاعتهم، ولا تجوز إمارتهم لأنّهم فسّاق [ظلمة] (5) فجّار (6) فاخلعهم عنّا [وأرحنا] (7). فقال لهم: كيف يجوز [لي] (8) ذلك وقد عاهدتهم [وارتبطت] (9) معهم على / إبقائهم؟! (10). فقالوا [له] (11): إن كانوا [115/ ب] عاهدوك فهاهم قد ناقضوك، وأرسلوا إلى [الطّاغية] (12) ألفنش أن يكونوا معه عليك، حتّى يوقعك (13) بين يديه ويعود أمرهم إليه (14)، فبادرهم بخلعهم (15)،
__________
(1) (إلّا) ساقطة من: ج.
(2) في الأصل: يجتمع، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) (معه) ساقطة من: ج.
(4) (وسراتها) ساقطة من: ج.
(5) زيادة من: ج.
(6) في أ، ب، ج: فجرة.
(7) زيادة من: ج.
(8) زيادة من: ج.
(9) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) في ج: على إبقائهم وعادتهم.
(11) زيادة من: أ، ب، ج.
(12) زيادة من: ج.
(13) في الأصل: يوقعك، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(14) (ويعود أمرهم إليه)، ساقطة من: ج.
(15) في ج: فبادر واخلعهم.(2/1282)
[بجمعهم] (1)، ونحن [بين يدي] (2) الله محاسبون (3) فإن أذنبنا فنحن لا أنت المعاقبون (4) فإنّك إن تركتهم وأنت قادر عليهم، أعادوا بقية بلاد الإسلام (5) إلى الرّوم، وكنت أنت المحاسب بين يدي الله تعالى [محاسبة المطيع لعبده المظلوم، فاتّق الله في المسلمين] (6).
فعند ذلك [أزمع] (7) على خلعهم أجمعين فنزل (8) الأمير سير (9)
بإشبيليه وحاصرها (10) [وضيّق عليها حتّى داخلها الوهى (11)
وخامرها] (12)، وخلع ابن عبّاد منها، [واستولى عليها] (13) ثمّ خلع ابن
__________
(1) زيادة من: ج.
(2) في الأصل: بيد، والمثبت من: أ، ب، ج.
(3) في أ، ج: المحاسبون، وفي ب: لمحاسبون.
(4) في ج: المعاقب.
(5) في ج: المسلمين.
(6) التّكملة من: ج.
(7) في الأصل: عزموا، وفي ج: عزم، والمثبت من: أ، ب.
(8) في أ، ج: فنازل.
(9) في أ: سيار وإشبيلية، وفي ب: سيرو إشبيلية.
(10) في ج: وحصرها.
(11) الوهى: الخرق والانشقاق. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2531، (وهى)، بتصرّف.
(12) التّكملة من: ج.
(13) في الأصل: استوى، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1283)
الأفطس من بطليوس، واستولى على ملك غرب الأندلس، وقد كان (1)
تملك ألمرية ومرسية (2) ودانية وشاطبة، على يدي قائده محمّد بن عائشة، وانصرف أمير المسلمين إلى العدوة.
وفي سنة تسعين [وأربعمائة] (3) جاز أمير المسلمين إلى الأندلس الجواز الثّالث، فوصل (4) قرطبة فبلغه أنّ ألفنش تحرّك إليه، فقال: لست ألقاه أبدا فإنّ الهزائم (5) مخلوقه، وقد كان [منّا خطأ] (6)، في لقائه سنة الزّلّاقة، ولكنّي أخرج إليه قوّادي (7) بأنجاد (8) أجنادي فإن قدّر الله بانهزامهم عند التقائهم، كنت ردءا [لهم] (9) من ورائهم.
فجرّد عسكرا جرّارا [من مرابطين] (10) وعرب وأندلس الشّرق
__________
(1) في ج: وكان قد.
(2) (ومرسية) ساقطة من: ج.
(3) التّكملة من: ج.
(4) في، أ، ب، ج: ووصل إلى قرطبة.
(5) في الأصل: الهوازم، والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) في الأصل: منحطأ، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: قوائد، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(8) في ج: بانجادي.
(9) زيادة من: ج.
(10) في الأصل: للمرابطين، والتّصويب من: أ، ب، ج.(2/1284)
والغرب، وقدّم عليهم قائده محمّد بن الحاج، فالتقوا بكبثوة (1)، فكانت بينهم جولات وحملات إلى أن زلزل الله أقدام (2) المشركين، وولّوا مدبرين فالتقحتهم السّيوف، واختطفتهم الحتوف.
[وآب] (3) المسلمون إلى قرطبة سالمين [ظافرين] (4) غانمين، فسرّ بذلك (5) الفتح أمير المسلمين، وأخذ في الصّدر إلى العدوة.
وقد كان أنفذ جملة من جيشه إلى كنكة (6)، وقدّم [عليه] (7) محمّد ابن عائشة، فالتقوا مع البرهانس لعنه الله فانهزم أمامهم، واستأصلوا (8)
محلّته، وانصرفوا فرحين (9)، وبالظّفر مستبشرين.
__________
(1) في ج: بلنشره. قال العبادي: ولعلّ المقصود بها بلدة كنسويجرا من أعمال طليلطة، وفي جنوبها الشّرقي. تحقيق تاريخ الأندلس ص: 108، حاشية، رقم: (1).
(2) في ب: قدم.
(3) في الأصل: وأبى، وفي ب: وداب، وفي ج: وآت، والمثبت من: أ.
(4) زيادة من: ج.
(5) في أ، ب، ج: بهذا.
(6) كنكة، وتسمّى أيضا: قونكة، مدينة وولاية شرق مدريد، عند أعالي نهر شقر.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 108، حاشية رقم (2).
(7) التّكملة من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: واستوصلوا، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في، أ، ب: فارحين.(2/1285)
ثمّ نهض (1) إلى ناحية جزيرة شقر (2) العدو، وذكر له (3) أنّه يؤمها ويقصدها [ويقدمها] (4). فالتقى (5) بجملة (6) من جند القنبيطور، فأوقع (7)
بهم وقتلهم (8) أشدّ (9) قتله، ولم يفلت إلّا اليسير من تلك الجملة، فلمّا وصل الفلّ إليه، مات غمّة (10) لا رحمه الله (11).
__________
(1) أي: محمّد بن عائشة.
(2) في الأصل: شرق، وفي ج: سفر. والتّصويب من: أ، ب.
شقر بضمّ الشّين وسكون القاف: جزيرة بالأندلس، قريبة من شاطبة، وبينها وبين بلنسية ثمانية عشر ميلا. وهي اليوم مدينة عامرة من أعمال بلنسية. الحميري: صفة جزيرة الأندلس ص 102، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 108، حاشية رقم (3).
(3) (له) ساقطة من: ج.
(4) زيادة من: ج.
(5) في الأصل، وأ، ب: فالتقوا، والمثبت من: ج.
(6) في أ: بجاهلة.
(7) في الأصل: فوقع، والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: وقاتلهم، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في ب، ج: شرّ.
(10) في ج: همّا وغمّا.
(11) في ج: وانقلب إلى نار عليه تحمى.(2/1286)
وفي سنة ثلاث وتسعين (1) وأربعمائة (2)، جاز الأمير يحيى (3) بن أبي بكر بن يوسف بن تاشفين إلى الأندلس مجاهدا، وصحبه (4) الأمير سير بن أبي بكر بجملته (5)، ومحمّد بن الحاج. وساروا [جميعا، حتّى نزلوا طليطلة وحاصروها، وشنّوا الغارات على نواحيها، وتغلّبوا على] (6) جملة من حصونها، وسبوا سبيا كثيرا، وغنموا غنما غزيرا (7)، وصدروا ظافرين (8).
وفي سنة أربع وتسعين وأربعمائة جاز الأمير [مزدلي] (9) في جيش
__________
(1) في ب: وسبعين.
(2) في أ، ب: وأربع مائة.
(3) هو: يحيى بن أبي بكر بن عليّ بن يوسف بن تاشفين، المعروف بابن الصّحراوية.
ابن الأبار: الحلّة السّيراء 2/ 90، 196.
(4) في أ: وصاحبه.
(5) في أ: بجملة.
(6) التّكملة من: ج.
(7) (وغنموا غنما غزيرا)، سقطت من: ج.
(8) في ج: وقد ظفروا.
(9) التّصويب من: ج. وفي الأصل: ذو اللّين، وفي ب: ذلين.
مزدلي بن سلنكان، أبو محمّد ابن عمّ يوسف بن تاشفين، وأحد كبار قواده، استرجع مدينة بلنسية سنة (495هـ)، واستشهد سنة (508هـ). ابن عذاري: البيان المغرب 3/ 306.(2/1287)
عرمرم (1)، وقصد بلنسية منازلا ومحاصرا لها، فأقام (2) عليها سبعة أشهر، فلمّا رأى ألفنش [لعنه الله] (3) ما حلّ برجاله من ألم الحصار (4) وأهواله، وصل بجملته (5) الذّميمة إليها، وأخرج جميع من كان فيها من الرّوم لديها وأضرمها نارا وتركها آية واعتبارا (6). / [116/ أ].
وتملّك المراطبون (7) بتملّكها جميع جزيرة الأندلس سوى سرقطسة بلد (8) المستعين ابن هود فإنّها بقيت (9) [مدّة] (10) بيده، [لانتزاحه] (11)
وبعده، واعتضاده بجيرانه الرّوم بما يدفع لهم من الجزية (12).
__________
(1) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) في أ: قام.
(3) الزيادة من: ج.
(4) في الأصل: الحصران، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في أ: بمحلّته.
(6) (وتركها آية واعتبارا)، ساقطة من: ج.
(7) في أ، ب: المرابطين.
(8) في الأصل: سرقصطة بلاد، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في ج: فإنّه بقي.
(10) الزيادة من: أ، ج، وفي ب: موده.
(11) الزيادة من: أ، ب، ج.
لانتزاحه، أي: لبعد دياره، يقال: نزحت الدّار نزوحا، بعدت. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 410، (نزح)، بتصرّف.
(12) (لانتزاحه وبعده، واعتضاده بجيرانه الرّوم بما يدفع لهم من الجزية)، ساقطة(2/1288)
ثمّ غزى الأمير [مزدلي، والي] (1) بلنسية برجلونة (2) [وبلغ منها إلى موضع لم يبلغ أحد إليه معها] (3) فهدم بيعها (4)، وزلزل صمعها (5)، وأحرق بلادها (6)، وفرّق أجنادها، وتغلّب حصونها فرجع وأيدي (7)
المسلمين قد امتلأت (8) من غنائم المشركين (9)، وجلب نواقس (10) وصلبانا وأواني قد كلّلت فضّة وعقيانا، فأمر أن تركّب تلك النّواقس [ثريّات] (11)، وتوقد في جامع (12) بلنسية (13) [فكانت فيه معلقة كأنّها
__________
من: ج.
(1) في الأصل: منذ ولي، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(2) في ب: بن جلونه، وفي ج: برشلونة.
(3) التّكملة من: ج.
(4) (فهدم بيعها) ساقطة من: ج.
(5) في ج: صوامعها.
(6) في ب: بلدها.
(7) في الأصل: فرجت أيدي، وفي ج: قسرا وأتا، والمثبت من: أ، ب.
(8) في ب: ملأت.
(9) في ب: المسلمين.
(10) في الأصل: نواقص، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(11) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(12) في الأصل، وأ: جميع، والتّصويب من: ب، ج.
(13) في ج: إشبيلية.(2/1289)
سيوف في آذان الخرائد (1) مشرقة] (2).
ثمّ خرج عليّ (3) بن الحاج من قرطبة وفي صحبته ابن يحمود (4)
بعسكر (5) [ضخم غازاين] (6) نحو جهة قشتالة، فلقيهما الرّنك (7)، لعنه الله، بمجموعه الغزيرة (8)، فاقعوا (9) به وقعة مبيرة (10)، [وقرقروا الظّليم، وقتلوا بكلّ مكان] (11).
__________
(1) الخرائد، جمع: خريدة، وهي الحيّيّة من النّساء أو العذراء، وتطلق أيضا على اللؤلؤة التي لم تثقب. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 468، (خرد).
(2) التّكملة من: ج.
(3) هو: عليّ بن الحاج، أبو الحسن، أحد قواد جيوش المرابطين في منطقة شرق الأندلس، استشهد سنة (497هـ). انظر العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 112، حاشية رقم (2).
(4) في أ: بن يحون، وفي ب: بن يحود، وفي ج: ابن محمون، ولم أقف على ترجمته.
(5) في الأصل، وأ: بعسكره، والمثبت من: ب، ج.
(6) في الأصل: ضخل غازيا، والصّواب من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: الرّكن، والمثبت من: أ، ب، ج. والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 111حاشية رقم (6).
(8) (الغزيرة) ساقطة من: ج.
(9) في الأصل: فاوقع، والمثبت من: أ، ب، ج.
(10) (وبه وقعة مبيرة) ساقطة من: ج.
(11) الزّيادة من: ج.
وقرقروا الظّليم، أي: أضحكوا الملظوم. انظر: الجوهريّ: الصّحاح 2/ 790،(2/1290)
ثمّ خرج القائد [يغالة] (1) من المرابطين غازيا إلى ناحية قعلة أيوب (2) فالتقى (3) بطائفة من الرّوم، فهزمهم هزيمة شنيعة، واستباح محلّتهم المنيعة، وسبى وغنم، وصدر وقد سلم.
وفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة كرّ إلى الأندلس أمير المؤمنين (4)، وهي الكرّة الرّابعة، وهي آخر مرّة جاز إليها (5)، وانتهى إلى مرسية. وولّى على بلنسية القائد أبا محمّد (6) بن فاطمة، وعزل عنها الأمير [مزدلي] (7)
__________
(قرقر)، و 5/ 1977، (ظلم)، الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص 593، (قرر)، وص 1464، (ظلم).
(1) في الأصل: يغالبه، وفي ج: معاله، والمثبت من: أ، ب، ولم أجد له ترجمة.
(2) قلعة أيوب: مدينة بولاية سرقسطة بقرب مدينة سالم، وبينها وبين مدينة دروقة ثمانية عشر ميلا. الحميري: الرّوض المعطار ص 469.
(3) في ب: فالتقيا.
(4) في، أ، ب، ج: المسلمين.
(5) (جاز إليها) تكرّرت في: ج.
(6) في ج: أبا عبد الله.
أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن فاطمة، وأحيانا يسمّى أبو عبد الله محمّد بن فاطمة، وهو أحد مشاهير القواد المرابطين في عهد يوسف بن تاشفين وابنه عليّ، حكم في آخر حياته إشبيلية بعد عزل واليها يحيى بن سيرين بن أبي بكر إلى أن مات سنة (511هـ). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 112، حاشية رقم (2).
(7) في الأصل: مزودي، والتّصويب من: أ، ب، ج.(2/1291)
وعوّضه بتلمسان، وعزل (1) عنها تاشفين بن [يتنغمر] (2) لمعاتبته الدّولة الحمادية (3)، ومعاملته إيّاها معاملة دنية.
وفيها وافى (4) كتاب المستعين بن هود صاحب سرقسطة على أمير المسلمين راغبا (5) أن يوجّه إليه جيشا يحتمى به من ألفنش إذ قد أخذ [بمخنقه] (6)، وأتى (7) على آخر [رمقه] (8) فأنفذ إليه ألف فارس تخيّرهم، وقدّم عليهم القائد عبد الله بن فاطمة [فحصل بتلك الجملة عنده، فأورى الله بها زنده، فخرج القائد ابن فاطمة] (9) بجملته، وغار (10)
على بلاد الرّوم فغنم، وانصرف وهو سالم.
__________
(1) في أ: وغزا.
(2) في الأصل: ينتصر، والمثبت من: أ، ب، ج، ولم أقف على ترجمته.
(3) في الأصل: المحمادية، وفي ب: الحماده، والتّصويب من: أ، ج.
(4) في الأصل، وأ، ب: أوفى، والمثبت من: ج.
(5) في ب: رغبا.
(6) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(7) في ب: واشفى، و (أتى) ساقطة من: أ.
(8) في الأصل: رعيته. والتصويب من: أ، ب. (إذ قد أخذ بمخنقه، وأتى على آخر رمقه) ساقطة من: ج.
(9) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(10) في أ، ب، ج: وأغار.(2/1292)
وفيها لقي القائد محمّد بن عائشة [الرّوم] (1) بفحص اللّج من [بلاط العروس] (2) فظفر بهم (3)، واحتوى على [سلبهم] (4) وملئت (5) أيدي رجاله من نهبهم.
وفيها رحل أمير المسلمين إلى غرناطة ومعه ابنه الأمير عليّ، فأخذ له بها بيعة [أهل] (6) الأندلس [قاطبة] (7)، ثمّ رجع (8) إلى العدوة، وملكه (9)
قد أضحى للأندلس، سوى سرقسطة، جامعا.
وفي سنة خمسمائة توفّي أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، وقام بالأمر من بعده ابنه [الأمير] (10) عليّ (11)، فجهّز إلى الأندلس جيشا
__________
(1) التّكملة من: ج.
(2) في الأصل: من بلاد العروض، والمثبت من: أ، ب، وفي ج: بلاد العروس.
(3) في الأصل: به، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: سليمان، وسقطت من: ب، والتّصويب من: ج.
(5) في أ، ب: واملأت، (وملئت أيدي رجاله من نهبهم)، ساقطة من: ج.
(6) الزّيادة من: ج.
(7) الزيادة من: أ، ب، ج.
(8) في ج: كرّ.
(9) في الأصل: وملكها، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) الزّيادة من: ج.
(11) هو: علي بن يوسف بن تاشفين، تلقّب بلقب أبيه: أمير المسلمين، فجرى على سننه في إيثار الجهاد وإخافة العدو، وكان حسن السّيرة، جيّد الطّوية، نزية النّفس، بعيدا عن الظّلم. المراكشي: المعجب ص 235.(2/1293)
انتقاه (1)، وقدّم عليه القائدين الأخوين: أبا سليمان (2)، وأبا عمران (3)، [ابني تارشتا] (4)، فقصدا جهة شنتمرية، والرّياحين (5)، فشنّا الغارات (6)
على [جميع] (7) تلك الجهات (8)، فامتلأت بالغنائم أيدي الغزاة (9)
[وانصرفا على أحسن الحالات] (10).
وفي سنة إحدى وخمسمائة جمع ألفنش واحتفل، وحشد أهل بلاده، وقصد شرق الأندلس، وأقبل، فتصدّى له الأمير (11) تميم (12) فتقابلا (13)
__________
(1) (انتقاه) ساقطة من: ج.
(2) لم أقف على ترجمته.
(3) لم أقف على ترجمته.
(4) في الأصل: ابن فارس، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في أ، ب: والرياحن، ولم أتوصّل إلى معرفتها.
(6) في أ، ب: الغارة.
(7) زيادة من: ج.
(8) في أ، ب: الجنبات.
(9) في ج: فامتلأت الأيدي من الغنائم.
(10) الزّيادة من: ج.
(11) (الأمير) تكرّرت في: ج.
(12) (تميم) سقط من: ج.
وهو: تميم بن يوسف بن تاشفين، أبو طاهر، قائد جيش المسلمين في وقعة أقليش هذه، توفّي على الأرجح سنة: (520هـ). عنان: دول الطّوائف ص 401، والعبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 114، حاشية، رقم: (1).
(13) في ج: فتقاتلا.(2/1294)
وتضاربا، وتجاولا / وتحاربا (1)، فنصر الله جيش المسلمين [116/ ب]، وانهزم (2) العدوّ (3) اللّعين، بعد أن جرح (4) وقتل ابنه (5) لعنه الله، واستبيح عسكره، وقتل وسبي أكثره. ورجع قاهرا (6)، وقد [أبلى بلاء] (7)
ظاهرا.
[وآب] (8) اللّعين مغلولا خاسرا (9)، وتأسّف على قتل ولده [وقال:
أنّى عيش يطيب لي من بعده؟!] (10). وبقي بعدها (11) ثلاثة أشهر [في غير عافية ولا سرور] (12).
ومات لعنه الله فحمل على أعناق الرّجال إلى قشتالة، فدفن مع (13)
__________
(1) (وتجاولا وتحاربا) ساقطة من: ج.
(2) في ج: وهزم.
(3) العدوّ ساقطة من: ج.
(4) في ج: شجّ وجهه وكلم.
(5) هو: سانشو بن ألفونسو السّادس (ألفنش). عنان: دول الطّوائف ص 401.
(6) في أ، ب، ج: ظافرا.
(7) في الأصل: بلاده، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(8) في الأصل: وأتى، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) (اللعين مغلولا خاسرا)، ساقطة من: أ، ب، ج.
(10) التّكملة من: ج.
(11) في أ، ب: بعده.
(12) الزّيادة من: ج.
(13) (مع) ساقطة من: ب.(2/1295)
آبائه، وأراح الله المسلمين من دائه.
ولم يترك ابنا ذكرا إلّا ابنته (1) قامت بالأمر من بعده مدّة، وأحكمته عقدا وشدّة (2)، ثم خشيت أن يطالبها أحد ملوك (3) الرّوم أو الإسلام (4) [فيتزوّجها] (5) فدّست إلى ابن ردمير (6) أن يتزوّجها، فتمّ بينهما النّكاح، [فلا] (7) فلاح ولا نجاح (8). فما لبثا إلّا قليلا (9) حتّى وقع بينهما شرّ طويل، فافترقا على أشرّ (10) حال.
__________
(1) هي: دونيا أوراكا التي خلفته في حكم قشتالة وليون وغاليسيا، واستمرّت في الحكم إلى أن توفّيت سنة: (520هـ). العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص: 115، حاشية رقم (2)، وعنان: دول الطّوائف ص 404.
(2) (مدّة، وأحكمته عقدا وشدة) ساقطة من: ج.
(3) في ج: الملوك.
(4) (الروم أو الإسلام) ساقطة من: ج.
(5) في الأصل، وأ: فيخرجها، وفي ج: فهرجها، والمثبت من: ب.
(6) هو: الفونسو الأوّل ملك أراجون ونافار، المعروف بالمحارب، وقد حكم من سنة (529499هـ)، وتسميته هنا ابن ردمير ترجع إلى اسم والده سانشور أميراث.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 115، حاشية رقم (4)، وعنان: دول الطّوائف ص 404، 406.
(7) التّكملة من: أ، ج.
(8) (فلا فلاح ولا نجاح) ساقطة من: ج.
(9) في أ، ب، ج: القليل.
(10) في أ، ج: شرّ.(2/1296)
وأخذ ابن ردمير في التّرحال (1)، [وحشد] (2) أهل بلاده [وحشدت] (3)، وأقبل نحوها، ونهضت إليه وما تردّدت (4)، فتوقّفا (5) مدّة، والحرب بينهما مشتدّة إلى أن أمكنها (6) الله منه، فهزمته هزيمة عظيمة (7)، [لم يكن له فيها كرّة] (8)، فقد فيها صناديد رجاله، نيّفا من ثلاثة آلآف (9)، وتزوّجت بعده قمطا (10) من الأقامطة، فولدت (11) منه
__________
(1) في الأصل: الرّحال، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) في الأصل، وأ، ب: وشدّ، والتّصويب من: ج.
(3) التّكملة من: ج، وفي أ، ب: وشدّت.
(4) (وما تردّدت) ساقطة من: ج.
(5) في أ، ب: فتواقفا، وفي ج: فتواقعا.
(6) في ج: مكّنها.
(7) (عظيمة) ساقطة من: ج.
(8) زيادة من: ج.
(9) (نيفا من ثلاثة آلاف) ساقطة من: ج.
(10) في ج: قومطا.
وهو: القمط أو الكونت بدروجونثالث دى لارا. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 116، حاشية رقم (3).
(11) في ج: فرزقت.(2/1297)
السّليطن (1) فملّكه [الرّوم. إنّما] (2) ورثه عن أمّه لا عن أبيه [لأنّ أباه لم يكن من نسل الملوك فينافس فيه] (3).
وفي سنة ثلاث وخمسمائة (4) جاز (5) الأمير عليّ بن يوسف إلى الأندلس (6) قاصدا الغزو (7) فنزل الجزيرة بجيوشه الغزيرة (8) فعمد (9)
نحو: طليطلة، ونزل على بابها.
وحاز المنية (10) المشهورة التي بها، وتغلّب (11) على جملة حصونها،
__________
(1) في الأصل: السّلطان. والمثبت من: أ، ب. وفي ج: السّليطين. والمصادر النّصرانية تختلف عن المتن هنا، حول ابنها السّليطن. فهي تنص على أنّها لم تنجبه من هذا الأمير، وإنّما أنجبته من زوجها الأوّل الكونت ريموند البرجوني. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 116، حاشية رقم (3)، وعنان: دول الطّوائف ص 404.
(2) التّكملة من: أ، ب، ج.
(3) التّكملة من: ج.
(4) في أ: وخمس مائة.
(5) في ج: عبر البحر.
(6) في ج: إلى الجزيرة قاصدا نحو طليلة.
(7) في ب: العز.
(8) في أ، ب، ج: بجيوش غزيرة.
(9) في ج: فقصد.
(10) المنية بضمّ الميم وسكون النّون وفتح الياء، وهي: الحديقة الواسعة، وجمعها: منى.
الفيروزآبادي: القاموس المحيط ص: 1721، (منى).
(11) (فعمد نحو: طليطلة، ونزل على بابها. وحاز المنية المشهورة التي بها، وتغلّب)،(2/1298)
وانتشرت (1) جيوشه على أقطار بلاد المشركين (2)، [فلاذ المشركون] (3)
[بالفرار] (4) إلى الحصون المنيعة، والمعاقل الرّفيعة (5)، وداخل أهل قشتالة (6)
الفزع (7)، وخامر قلوبهم الجزع (8)، ولم يشكّوا أنّه يغشاهم ويخرّب مثواهم (9)، فكرّ من هناك (10) إلى العدوة راجعا إلى مقرّ ملكه مسارعا.
وفيها قصد الرّنك (11)، وابن ردمير (12)، لعنه الله، المستعين بن هود في جيوش لا (13) يحصى لها عدد فنزل (14) فبرز إليهما والقدر غالب
__________
ساقطة من: أ.
(1) في ج: وانتصرت.
(2) في أ، ب: على تلك الأقطار، وفي ج: على الأقطار.
(3) التّكلمة من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: بالغوار، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في ج: إلى المعاقل الرّفيعة، والحصون المنيعة.
(6) في أ، ب: قشتيلة.
(7) في ج: الخوف والجزع.
(8) في أ، ب: الفزع، (وخامر قلوبهم الجزع) ساقطة من: ج.
(9) (ويخرب مثواهم) ساقطة من: ج.
(10) في أ، ب، ج: هنالك.
(11) يقصد أمير البرتغال في ذلك الوقت أنريكي دي بور جونيا. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 117، حاشية رقم (2).
(12) هو: الفونسو الأوّل، المعروف بالمحارب. عنان: دول الطّوائف ص 291.
(13) في أ، ب: ما يحصى، وفي ج: لا تحصى كثرة.
(14) (فنزل) سقطت من: ج.(2/1299)
(1) فقتل رحمه الله شهيدا [بقامرة] (2).
وحاصر ابن ردمير البلد (3) شهورا (4)، وأذاق أهله ويلا وثبورا (5)، إلى أن صالحه (6) أهله (7) على أن يسلّموا البلاد (8) إليه، ويجعلوها (9) في يده، فمن أحبّ منهم المقام (10) على أداء الجزية خاصّة أقام، ومن أحبّ
__________
(1) في أ، ب، ج: والغدر قد غرّه.
(2) زيادة من: ج.
وكلمة (قامرة) أطلقت في الأصل على مخازن المحصولات الزّراعية، وعلى التّربة الخصبة المنتجة، وقد أطلق هذا الاسم على عدّة أمكان بالأندلس، فلا يستبعد أن يكون هذا الاسم قد أطلق كذلك على بعض نواحي بلدة بلتيرة الواقعة شمال تطيلة وشمال غرب سرقسطة على نهر الأبرو التي دارت عندها المعركة. العبادي:
تحقيق تاريخ الأندلس ص 117، 118حاشية رقم (7)، بتصرّف. وعنان: دول الطّوائف ص 291.
(3) في الأصل: البلاد، والمثبت من: أ، ب، ج.
ويقصد بالبلد هنا: سرقسطة.
(4) في أ، ب: شهرا.
(5) (وأذاق أهله ويلا وثبورا)، ساقطة من: ج.
(6) في ب: صلحه.
(7) في ج: أهلها.
(8) في أ، ج: البلد.
(9) في أ، ب: ويجعلوه، (ويجعلوها في يده)، ساقطة من: ج.
(10) في ج: الإقامة.(2/1300)
أن يرتحل (1) [بما عنده] (2) إلى حيث شاء من بلاد المسلمين، رحل، وله الأمان التّامّ (3)، وعلى أن يسكن الرّوم المدينة، والمسلمون (4) [ربض] (5)
الدّبّاغين، وعلى أنّ كلّ أسير يفلت للرّوم من المدينة ويحصل عند الإسلام، فلا سبيل لمالكه إليه (6)، والاعتراض له عليه (7). فوقّع على ذلك الاتّفاق، وانعقدت [فيه] (8) بينهم عقود بالعهد الأكيد (9) والميثاق، وأسلموا (10) إليه البلد (11). فيا له من مصاب (12) قطّع الأكباد، [وأذهب الجلد] (13).
فلمّا استقرّت به لعنه الله الدّار أخذ أكثر المسلمين في الرّحيل
__________
(1) في أ، ب، ج: يرحل.
(2) زيادة من: ج.
(3) في ج: إلى حيث شاء من البلاد فله الأمان التّام إلى أن يصل إلى بلاد الإسلام.
(4) في أ، ب: والمسلمين.
(5) في الأصل: رباط. والمثبت من: أ، ب، ج.
(6) في الأصل: عليه. والمثبت من: أ، ب، ج.
(7) في الأصل: إليه. والمثبت من: أ، ب، ج.
(8) زيادة من: ج.
(9) في أ، ب: الوكيد، وفي ج: أخذ كلّ واحد منهم على صاحبه فيها العهد الوكيد.
(10) في ج: وسلّم.
(11) في الأصل: له البلاد، والمثبت من: أ، ب، ج.
(12) في أ، ب: مصيب. وفي ج: كرب.
(13) الزّيادة من: أ، ب. وفي ج: ومن مصاب أقضّ المضاجع وأذهب الجلد.(2/1301)
والفرار فبلغ عددهم نحو / من (1) خمسين ألف نسمة ما بين (2) [117/ أ] صغير وكبير ونساء وذكور (3) فلمّا صاروا (4) من المدينة على مرحلة، ركب بنفسه مع من استصحبه واحتمله، فوقف عليهم وأمرهم أن يبرزوا جميع ما لديهم من القليل والكثير (5)، فرأى أموالا لا تحصى كثرة، ولا كان راجيا أن يرى جزءا منها [دهره] (6). فقال لهم (7): [لو] (8) لم أقف على ما عندكم (9) من هذه الأموال، لقلتم (10): لو رأى بعضا منها لم يمسح (11) لنا في الرّحيل (12). فسيروا (13) الآن حيث شئتم [في أمان] (14).
__________
(1) (نحو من) ليست في: ج.
(2) في ج: بين.
(3) (ونساء وذكور) ساقطة من: ج.
(4) في أ، ب، ج: ساروا.
(5) في أ، ب: ما من القليل والكثير لديهم.
(6) الزّيادة من: أ، ب.
(7) (ولا كان راجيا أن يرى جزءا منها دهره، فقال لهم)، ساقطة من: ج.
(8) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(9) في ج: على من كان عندكم.
(10) في الأصل: وقلتم، والمثبت من: أ، ب، ج.
(11) في أ: بعضا لم يسمح منها، و (منها) سقطت من: ج.
(12) في أ: الرّجال، وفي ب، وج: التّرحال.
(13) (فسيروا) ساقطة من: ج.
(14) الزّيادة من: أ، ب، ج.(2/1302)
ووجّه معهم من رجاله، من يشيّعهم إلى آخر أعماله، ولم يأخذ منهم سوى مثقال على الرّجال والنّساء والولدان (1) فتملّكها (2) لعنه الله من ذلك التّاريخ إلى هلم.
وعندما دخلها (3)، فرّ عماد الدّولة (4) بن المستعين بن هود إلى روطة (5)، وهو معتل على مقربة من سرقسطة، مساو لعنان (6) السّماء، وفي غاية المنعة من (7) الارتقاء، كان المستعين (8) قد (9) أعدّه وبناه،
__________
(1) في أ، ب، ج: والأطفال.
(2) في الأصل: فملكه الله، وفي أ، ب: فتملكه الله. والمثبت من: ج.
(3) في ج: وعندما دخلها لعنه الله.
(4) هو: عبد الملك بن المستعين بن المؤتمن الجذامي، أبو مروان، عماد الدّولة حكم سنة (503هـ)، وتوفّي بروطة سنة (524هـ). ابن الأبار: الحلة السّيراء 2/ 248، 249.
(5) روطة: بلدة على مقربة من مدينة تطيلة، تقع فوق بقعة صخرية حصينة على نهر خالون أحد فروع الإيبرو الجنوبية، وقد كانت ملاذا لأمراء بني هود، يهرعون إليها وقت الخطر الدّاهم. عنان: الآثار الأندلسية ص 113.
(6) في أ، ج: الأعنان.
(7) في ج: من المعنة.
(8) في ج: المستعين بن هود.
(9) (قد) سقطت من: ج.(2/1303)
وشيّده (1)، وحفر فيه إلى الوادي سربا أتقنه (2)، أدراجه (3) تنيف (4) على الأربعمائة درج (5)، فما يقطع له شراب ولا منهاج (6)، فأقام فيه أعواما ممتنعا عن (7) المشركين إلى أن توفّي رحمه الله.
وقام بالأمر من بعده ابنه أحمد (8) وسمّي (9) بالمستنصر، [فراسله] (10)
طاغية الرّوم ألانبوطر (11) الملقّب بالسّليطن (12)، وقال له: تخلّ لي (13) عن
__________
(1) في ج: وبالأقوات والسّلاح قد شحنه.
(2) في الأصل: اتقن، والتّصويب من: أ، ب، وفي ج: أنفذه.
(3) في الأصل: أبراجه، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في ج: نيف.
(5) التّصويب من: أ، ج، وفي الأصل: برح، وفي ب: درجه.
(6) في أ، ب: شرب ولا منهج. (مما يقطع له شراب ولا منهاج) ساقطة من: ج.
(7) في أ، ب: على، وفي ج: من.
(8) هو: أحمد بن عبد الملك بن هود الجذامي، أبو جعفر، آخر ملوك بني هود، مات سنة: (536هـ). ابن الأبار: الحلّة السّيراء 2/ 249، والزّركلي: الأعلام 1/ 164.
(9) في أ، ب، ج: وتسمى.
(10) في الأصل: فأرسله إلى، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(11) الأنبوطر: لقب الأمبراطور، ومعناه: سلطان السّلاطين. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 120، حاشية رقم (1)، نقلا عن أعمال الأعلام لابن الخطيب.
(12) في الأصل: بالسلطان، والمثبت من: أ، ب، ج.
(13) في ج: ارحل.(2/1304)
روطة، ونعوّضك (1) منها بقشتالة (2) ما هو أحسن (3) [وأفيد] (4)، وتقرب [من] (5) غرب بلاد الأندلس، وأخرج معك بنفسي وأجنادي [وأبطالي] (6) وأتطوّف (7) معك على [تلك] (8) البلاد، وتدعوهم إلى طاعتك، فمن أجابك ودخل في جماعتك، تركت عنده ثقتك (9)، واستعملت عليه ولاتك، وأمنته [أنا] (10) من غارات الرّوم، وكنت لهم كالأب المشفق الرّحيم (11).
وأرجو أنّه لا يتوقّف عن إجابتك أحد (12) إذ قد أذاقهم المرابطون
__________
(1) في أ، ج: وأعرضك، وفي ب: وأعوضك.
(2) في أ، ب: بقشتيلة.
(3) (أحسن) تكرّرت في: ج.
(4) زيادة من: أ، ب.
(5) في الأصل: عن، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(6) زيادة من: ج.
(7) في ج: وأطوف.
(8) زيادة من: أ، ب، ج.
(9) في ج: ثمانك.
(10) في الأصل: أنت، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(11) (وكنت لهم كالأب المشفق الرّحيم) ساقطة من: ج.
(12) في ج: فأرجو أن لا يتوّقف أحد عن إجابتك.(2/1305)
العذاب الشّديد (1)، فكرههم الجميع، وبودّهم (2) أن يضحى ملكهم وهو [صريع] (3). ولو ظفرت بك أيديهم، ما [أبقوا] (4) منهم بشرا في ناديهم إذ لم يبق لهم من أبناء الملوك (5) أحد (6) [سواك] (7).
فرسخ هذا الكلام في رأسه (8)، وتمكّن من نفسه (9)، وتخلّى له (10)
عن معقل ما أبصر مثله [من يعقل] (11)، وأمر له بقشتالة، من قرى ومزارع، وأرضين ذات (12) مراجع (13).
__________
(1) في أ: الأشد، (الشّديد) سقطت من: ج.
(2) في ج: وقودهم.
(3) في الأصل: صحيح، والصّواب ما أثبته من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: ما نفقوا، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(5) في أ: من أملاك أبناء الملوك، وفي ب، ج: من أبناء الأملاك.
(6) (أحد) ساقطة من: ج.
(7) زيادة من: أ، ب، ج.
(8) (في رأسه) ساقطة من: ب، وفي ج: في نفسه.
(9) (وتمكن من نفسه) ساقطة من: ج.
(10) في ج: وتنحى لهم.
(11) التّكملة من: أ، ب.
(12) (ذات) تكررت في: ب.
(13) في ج: مراتع.(2/1306)
ثم خرج [معه] (1) إلى غرب بلاد (2) الإسلام (3)، في جيوش لا ترام، فما قصد موضعا إلّا (4) ألفاه متقلّعا ممتنعا، [ولا أطاعه بشر] (5) ولا انبسط له من قرية من القرى أحد (6) ولا انتشر لأنّهم تخوّفوا إن أطاعوا له (7) أن يغلبه العدو ويملكهم ويقتلهم ويهلكهم. وكانوا جميعا حريصين (8) عليه، مائلين بنفوسهم لولا ذلك (9) إليه، [فرجع أخسر صفقة من أبي غبشان] (10)، حين قاد إلى بيت الله الحرام الحبشان (11)، وكان كما قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {فَمََا رَبِحَتْ تِجََارَتُهُمْ وَمََا كََانُوا}
__________
(1) زيادة من: أ، ب، ج.
(2) (بلاد) ساطة من: ج.
(3) في ب، ج: الأندلس.
(4) في ب: إلى.
(5) زيادة من: أ، ج.
(6) (أحد) ساقطة من: ج.
(7) في أ، ج: طاعوه.
(8) في ب: حارصين.
(9) (لولا ذلك) ساقطة من: ج.
(10) التّكلمة من: أ، ب، ج.
أمّا أبو غبشان فهو: المحترش بن حليل بن حبشية الخزاعي، يضرب به المثل في الحمق والنّدامة وخسارة الصّفقة. أبو هلال العسكري: جمهرة الأمثال 1/ 311.
(11) يفهم من هذه الجملة أنّ أبا غبشان هو الذي قاد أبرهة الأشرم إلى مكّة لتخريب الكعبة، وهو خطأ. والصّواب أبو رغال.(2/1307)
{مُهْتَدِينَ} (16) (1).
وفي سنة سبع وخمسمائة غزا الأميران: سير بن أبي بكر [ومزدلي، طليطلة] (2)، وشنّا (3) على جميع تلك الجهات السّرايا [والغارات] (4)
فهدموا، ودمدموا (5)، وحرّقوا، ومزّقوا [كلّ من لقوا] (6). فتعرّض لهم البرهانس في عشرة آلاف [دراع، فهزماه] (7)، وأثخناه، وقتلا (8) من جماعته (9) / [117/ ب] سبعمائة (10) فارس.
وفيها وقعت بين أهل قشتالة وابن ردمير (11) حروب [كثيرة] (12)
دمّرت الفريقين [أيّ تدمير] (13)، وانجلت عن البرهانس لعنه الله قتيلا
__________
(1) سورة البقرة: الآية (16)، وهي من نسخة: ج.
(2) في الأصل: ومرض بطليطلة، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) في الأصل: وشتت، والمثبت من: أ، ب، ج.
(4) زيادة من: ج.
(5) (ودمدموا) ساقطة من: ج.
(6) التّكلمة من: ج.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، وفي ج: فهزموهم.
(8) في الأصل، وأ، ب: وقتل، والمثبت من: ج.
(9) في ج: من جملته.
(10) في ب: سبع مائة.
(11) في الأصل: رمدير، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(12) الزّيادة من: ج.
(13) الزّيادة من: أ، ب، ج.(2/1308)
عقيرا أصلى الله روحه للنّار (1) سعيرا.
وفي سنة ثمان وخسمائة (2) اجتمع أهل بيشة (3)، وجنوة، وعمّروا ثلاثمائة مركب، وخرجوا إلى جزيرة (4) يابسة من عمل ميورقة (5)، فغلبوها وسبوها وانتهبوها (6)، ثمّ انتقلوا إلى جزيرة [ميورقة] (7).
وكان واليها قبل حلول العدوّ بنواحيها (8) المرتضى (9) من أهل الأندلس، [ثار] (10) فيها عند انقطاع دولة بني أميّة [بالأندلس] (11) حين [ثار] (12) سواه، ثم توفّي وقام بالأمر من بعده خصّي من خصيانه اسمه
__________
(1) (للنّار) ساقطة من: أ، ب، ج.
(2) في أ: وخمس مائة.
(3) في أ، ب: بشة.
قلت: المقصود بيزا وليست بيشة.
(4) في أ: الجزيرة.
(5) في الأصل: بيروقة، وفي ب: ميروقة، والتّصويب من: أ، ج.
(6) (وانتهبوها) ساقطة من: ج.
(7) في الأصل: أخرى، والتّصويب من: أ، ب.
(8) (بنواحيها) ساقطة من: ج.
(9) الأمير عبد الله المرتضى، حكم جزر البليار (الجزائر الشّرقية) من سنة (442هـ)، حتّى توفّي سنة (486هـ). عنان: دول الطّوائف ص 202، 209، 210.
(10) في الأصل: ثوى، والمثبت من: أ، ب، ج.
(11) زيادة من: ج.
(12) في الأصل: ثوى، والمثبت من: أ، ب، ج.(2/1309)
مبشر (1)، لقبه (2): ناصر الدّولة. وكان أصله من قلعة الحمير (3) من نظر لاردة، فسباه العدوّ صغيرا وخصاه، فوجّه المرتضى رسولا إلى الرّوم [في بعض مآربه] (4) فاستحسن الرّسول عقل الفتى مبشر، [ونبل ذاته] (5)
فأخذه (6)، وقدم به على المرتضى، فسرّ به (7)، وقرّبه وأدناه، فوجد عنده من حسن (8) خدمة الملوك ما تمنّاه (9).
وكان سامي الهمم (10)، حميد الشّيم، كثير الفضائل والكرم، فلمّا نازله العدوّ ذبّ (11) عن حماه، ولم يحمد رأيه في مقارعته إيّاه إلى أن مات
__________
(1) هو: مبشر بن سليمان، ناصر الدّولة، توفّي خلال حصار العدوّ لجزيرة ميورقة.
عنان: دول الطّوائف ص 210، 212.
(2) في ج: فتقلّب.
(3) في الأصل: الحميري، والمثبت من: أ، ب، ج.
قعلة الحمير: من أعمال لاردة، تقع في سهل مرتفع محاط ببعض التّلال الصّغيرة.
العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 122، حاشية رقم (6).
(4) التّكملة من: أ، ب، ج.
(5) التّكملة من: أ، ب، ج.
(6) في أ، ب، ج: ففداه.
(7) في ج: فسرّ به المرتضى.
(8) (من حسن) ساقطة من: ج.
(9) (ما تمناه) ساقطة من: ج.
(10) في ج: الهمة.
(11) في ج: وذبّ.(2/1310)
رحمه الله.
فقام بالأمر من بعده القائد أبو الرّبيع سليمان [بن لبون] (1) قريبه (2)، فحمي جهده حتّى غلب عليه وتملّك العدوّ البلد (3).
وفي خلال ذلك الحصار، كان ناصر الدّولة كتب إلى أمير المسلمين يستصرخه ويستنصره (4)، ووجه كتابه مع القائد أبي عبد الله (5) بن ميمون، وكان إذ ذاك عنده قائد غراب بين يديه فلم يشعر به العدوّ حتّى خرج [الغراب] (6) معمرا ليلا من دار الصّناعة عليه، فانطلق في الحين
__________
(1) زيادة من: ج.
أبو الرّبيع سليمان بن لبون، تولّى الأمر والعدو قد شدّد الحصار على ميورقة فصمّم أن يمضي في المقاومة، وحاول أن يغادر الجزيرة مع بعض صحبه في مركب صغير ليسعى إلى طلب النّجدة، فأسره النّصارى. عنان: دول الطّوائف ص 212.
(2) في الأصل: قرينه. والتصويب من: أ، ب، ج.
(3) في الأصل: البلاد، والمثبت من: أ، ب، ج.
والمقصود بالبلد مدينة ميورقة، عاصمة جزيرة ميورقة كبرى الجزائر الشّرقية (جزائر البليار).
(4) (ويستنصره) ساقطة من: ج.
(5) لم أقف على ترجمته.
(6) (الغراب)، ساقطة من: ب.
الغراب: مفرد أغربة. سفينة شراعية صغيرة من طبقة واحدة وذات صار أو صاريين، وتستخدم عادة في الأغراض العاجلة لسرعتها. العبادي: تحقيق تاريخ الأندلس ص 23، حاشية رقم (4)، وانظر ص: 855في التّعريفات بالغراب.(2/1311)
يقفوا أثره (1)، وأتبعه نحو عشرة [أميال] (2) والظّلام قد ستره، فلمّا قطع (3)
يأسه من الظّفر به (4)، رجع خاسيئا على عقبه (5)، فوصل ابن ميمون إلى أمير المسلمين بالكتاب (6)، فأمر (7) في الحين، بتعمير
ثلاثمائة (8) قطعة [وأن تلقى بعد نصف شهر دفعه] (9) فامتثل أمره في ذلك، واندفعت بجملتها من هنالك (10)، وإذ ذاك تعيّن (11) ابن ميمون عند أمير المسلمين (12).
فلمّا سمع (13) العدو بخروج ذلك الأسطول، أخلى وصدر عن
__________
(1) (أثره) ساقطة من: ج.
(2) في الأصل: أيام، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(3) (قطع) سقطت من: ب.
(4) (به) ساقطة من: ج.
(5) (على عقبه) ساقطة من: ج.
(6) في ج: فوصل ابن ميمون بالكتاب إلى أمير المؤمنين.
(7) في أ: فأمره.
(8) في ب: ثلاث مائة.
(9) التّكملة من: ج.
(10) (واندفعت بجملتها من هنالك) ساقطة من: ج.
(11) في أ: تغير.
(12) في أ، ج: المؤمنين.
(13) في ج: شعر.(2/1312)
الجزيرة، وعينه (1) بما احتمل من السّبي والأموال [قريرة] (2).
فلمّا وصل الأسطول [وجد المدينة خاوية على عروشها، محرقة سوداء مظلمة منطبقة فعمّرها قائد الأسطول] (3) ابن تاقرطاس (4)، بمن معه من [المرابطين، و] (5) المجاهدين وأصناف النّاس، وجلب إليها من كان فرّ عنها إلى الجبال، فاستوطنوها، وعمروها، وسكنوها، وانصرف الأسطول (6) إلى مكانه، وعاد إلى موضع مقرّه، واستيطانه (7).
وفي انصراف العدو (8) إلى أوطانه، هبّت عليهم بحار طامية (9)، فحملت منهم أربع قطائع إلى ناحية دانية، فعمد (10) إليها قائد البحر أبو
__________
(1) في الأصل: وعيناه، والمثبت من: أ، ب، ج.
(2) التّكملة من: أ، ب، ج.
(3) تكلمة من: ج.
(4) في الأصل: ابن قرطاس، والمثبت من: أ، ب، ج.
وفي رواية: ابن تفرتاش، أمير البحر. عنان: دول الطّوائف ص 213.
(5) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(6) في ج: فانصرف الأسطل.
(7) (وعاد إلى موضع مقرّه، واستيطانه)، ساقطة من: ج.
(8) (العدو) ساقطة من: أ.
(9) في ج: وهبت عليه ريح ببحار طامية.
(10) في ب، ج: فعمر.(2/1313)
السّداد (1)، ففرّت أمامه، وغرقت واحدة منها قدّامه، وعكس (2) الثّلاث.
ولمّا كثر [بالمغرب] (3) / فساد الملثمّين (4)، [وانحيازهم عن [118/ أ] الدّين] (5)، وانطمست آثاره، واندرست (6) أخباره، وعفا (7) رسمه، وامتحى اسمه، واستخفى المعروف بشخصه، وسما المنكر بنفسه، وأناخ الجور بكلكله، وضرب الباطل [بجرّانه] (8)، ولم يراقبوا (9) الله في عباده قليلا ولا كثيرا (10)، وصاروا كالأنعام بل هم (11) أضلّ سبيلا (12). جاء الله (13)
__________
(1) لم أقف على ترجمته.
(2) أي: صيّرها مراكب إسلامية.
(3) في الأصل: الغرق عنده، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(4) في الأصل: الملتين، وفي ب، ج: بالمغرب، والمثبت من: أ.
والمقصود بالملثمين: المرابطين.
(5) في الأصل، وأ، ب: وامتحنا برسم الدّار، والتّصويب من: ج.
(6) في ج: ودرست.
(7) في ب: وعفى.
(8) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ج.
(9) في الأصل: ولم يراقب، والتّصويب من: أ، ب، ج.
(10) في أ، ب، ج: كثيرا ولا قليلا.
(11) (هم)، سقط من: ج.
(12) النّجار: المهدي بن تومر ص 5، حاشية (179)، نقلا عن المؤلّف.
قلت: هذا الكلام من المؤلّف فيه تحامل شديد على المرابطين، ودولة المرابطين قد قامت على أساس الجهاد في سبيل الله، وهي على مذهب أهل السّنة والجماعة، وسقطت وهي تقاتل النّصارى فهي بحقّ تسمّى الدّولة الشّهيدة.
(13) في ج: جاء الله تعالى بالإمام المعصوم المهدي في المعلوم أبو عبد الله محمّد بن العربي، القرشي الهاشمي الحسني رضي الله عنه، بشريعة محمّد صلى الله عليه وسلم فقال: «لو لم يبق من(2/1314)
__________
الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلا من بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملأت ظلما وجورا».
وقال عليه السّلام: «المهدي منّي»، أو «من ولد فاطمة».
قلت: تفرّدت هذه النّسخة بهذا الكلام، وهي زيادة من النّاسخ لأنّ محيي الدّين ابن العربي عاش ما بين (638560هـ).
أمّا حديث «لو لم يبق من الدّنيا» فقد رواه أبو داود في سننه، كتاب الفتن 4/ 473، رقم (4282)، واللّفظ له.
والتّرمذي في سننه، كتاب الفتن، باب ما جاء في المهدي 4/ 505، رقم (2231).
والطّبراني: المعجم الكبير 10/ 166، رقم (10222). كلّهم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وصحّحه الألباني: صحيح سنن أبي داود 3/ 807، رقم (3601)، وصحيح سنن التّرمذي 2/ 247، رقم (1818).
أمّا حديث: «المهدي منّي» فقد رواه أبو داود في سننه، كتاب المهدي 4/ 475، رقم (4285)، عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه، ولفظه: «المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويملك سبع سنين». وحسّنه الألباني: صحيح سنن أبي داود 3/ 808، رقم (3604).
وحديث «المهدي من ولد فاطمة»، أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب خروج المهدي 2/ 1368، رقم (4086)، من طريق زياد بن بيان، عن سعيد بن المسيّب.
وزياد: لم يصحّ حديثه، وقال البخاري: في إسناد حديثه نظر. الذّهبي: ميزان الاعتدال 2/ 87.(2/1315)
بالإمام المهدي (1) رحمه الله.
فأوضح (2) من الدّين معالمه.
__________
والحديث من هذا الطّريق ذكره العقيلي: الضّعفاء الكبير 2/ 86، وابن عدي:
الكامل 3/ 1264، وابن الجوزي: العلل المتناهية 2/ 378.
(1) يقصد أبو عبد الله، محمّد بن عبد الله بن تومرت البربري، مؤسّس دولة الموحّدين التي قامت على أنقاض دولة المرابطين، والذي تلقب بالمهدي، وأنّه الإمام المعصوم، ظهر في المغرب سنة (515هـ)، في صورة آمر بالمعروف ناه عن المنكر، وكان قد رحل من السّوس الأقصى إلى المشرق، فحجّ وتفقّه وحصّل أطرافا من العلم، ولمّا رجع إلى المغرب أخذ يعلّم البربر شرائع الإسلام لكنّه استجاز أن يظهر لهم أنواع من المخاريق، ليدعوهم إلى الدّين، وهي محالات لا تصدر إلّا عن فجرة.
فوافقه خلق من جهلة النّاس فسمّاهم الموحّدين، واستباح دم من خالفه.
واتّصل بعبد المؤمنين بن عليّ الكومي بقرية (ملالة) فكان من تلاميذه، ثم جعل ينتقل من بلد إلى بلد حتّى دخل مراكش مملكة أمير المسلمين يوسف بن علي بن تاشفين فنافاه يوسف عن بلده، فشرع يشنّع عليه ويدعو النّاس إلى قتاله، فاتّبعه على ذلك خلق كثير، فجهّز إليه الملك جيشا كثيفا، فهزمهم ابن تومرت، فعظم شأنه وقويت شوكته، ثم جهّز جيشا لمحاصرة مراكش، فمرض أثناء الحصار، وجعل الأمر من بعده لعبد المؤمن بن عليّ ولقّبه أمير المؤمنين، ثم مات في آخر سنة: (524هـ) عن (51سنة)، ومدّة ملكه عشر سنين.
راجع أخباره عند: ابن الأثير: الكامل 8/ 298294، والمراكشي: المعجب ص 264245، وابن تيمية: مجموع الفتاوى 11/ 478476، والذّهبي: سير 19/ 552539، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 187186.
(2) في أ، ب: وأوضح.(2/1316)
وجدّد (1) منه مراسمه، وأظهر آياته، وأشهد ببيّناته (2)، حتّى عاد كما كان جديدا، دون عدد، ولا كثرة مدد (3)، بل قام فيه محتسبا وحيدا خليّا (4) من المال والرّجال فريدا.
فما زال يركض في نحى (5) الحقّ واليقين، ويجري على سنن الصّحابة [والتّابعين، ويأمر بالمعروف] (6) النّاس أجمعين (7)، وينهى عن المنكر في كلّ حين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يخشى [صولة] (8) قاعد ولا قائم (9)
حتّى أعاد الله (10) كلمته على رغم المجسّمين (11).
__________
(1) في أ، ب، وجدّ.
(2) في أ، ب: بيناته، وفي ج: وشهر آيته.
(3) في أ، ب، ج: دون عد ولا عدة، ولا كثرة ولا مدد.
(4) في أ: خلوا، وفي ب: خلو.
(5) في أ: في بحر.
(6) الزّيادة من: أ، ب، ج.
(7) من هنا بداية السّقط في نسخة: ج.
(8) الزّيادة من: أ، ب.
(9) في ب: قائم ولا قاعد.
(10) في أ: أعلمه الله.
(11) يقصد بالمجسّمين أهل الكتاب والسّنة الذين يثبتون لله تعالى الصّفات من غير تجسيم وتشبيه، وهم بهذا يخالفون عقيدة ابن تومرت الفاسدة القائمة على تأويل المتشابه من الآي والأحاديث ونفي الصّفات.(2/1317)
فقام بالأمر من بعده عبد المؤمن (1) بن عليّ فأعزّ (2) الله بقيامه الدّين (3)، وأذلّ به أعداءه (4) الكافرين، وكانت بينه وبين الملثّمين وقائع مشهورة، وفي الإسلام إلى غاية الدّهر مذكورة، طحنهم فيها أيّ طحين، وأباد (5) خضراءهم أجمعين، واستأصل شأفتهم، واستباح بيضتهم، واجتاح ملكهم، وعجّل الله تعالى هلكهم (6)، وفتح الله له البلاد، وأدان له العباد، فملك بلاد الأندلس والمغرب كلّه، الأقصى منه والأدنى، وإفريقية كلّها إلى طرابس، وعمل بالحقّ في إصداره وإيراده، وعدل بين (7) عباد الله في بلاده.
ثمّ قام بعده ابنه أبو يعقوب (8)، فجرى على (9) سننه القويم، وسلك
__________
(1) هو: عبد المؤمن بن عليّ الكومي، ولد سنة: (487هـ)، وتوفّي سنة: (558هـ)، ومدّة ولايته إحدى وعشرين سنة. المراكشي: المعجب ص 265.
(2) في أ: فأعزّه.
(3) (الدّين) ساقطة من: أ.
(4) (أعداءه) ساقطة من: أ، ب.
(5) في أ: وباد.
(6) في أ: هلاكهم.
(7) (بين) ساقطة من: أ.
(8) هو: يوسف بن عبد المؤمن، أبو يعقوب، بويع في عام (558هـ)، وتوفّي في 7 رجب سنة (580هـ). المراكشي: المعجب ص 334308.
(9) في أ، ب: عليه.(2/1318)
سبيله المستقيم، فأوضح من الدّين منهاجه، وأقام منه اعوجاجه، وأصبح به الشّمل ملتئما، والأمر منتظما، والصّلاح متّسقا، والباطل محدودا، ورواق الأمن (1) ممدودا فحقنت به الدّماء، وسكنت به (2) الدّهماء، وانقمعت له الأعداء، واتّفقت ببركته الآراء، وصلحت به (3) الأمور، واتّصلت به الجمهور.
ثمّ قام من بعده ابنه أبو يوسف (4) فقام بالحقّ أكمل قيام، وأحكمه أحسن إحكام، وأتقنه وأبرمه أي إبرام، ولم يزل الله [تعالى] (5) يمنحه في عدوّ مباين، ومضاد مشاحن، ومناويء مكابر وحسود. فجاهد من جميع الصّنع وكفاية المهمّ والدّفع، وإظهار الحجّة، وإعلاء الكلمة ما يزيد به نعمة الله عليه تماما، وأياديه (6) انتظاما والتئاما، وله الفتوحات (7) الظّاهرة،
__________
(1) في أ، ب: الأمر.
(2) في أ، ب: معه.
(3) في أ، ب: عليه.
(4) هو: يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، أبو يوسف، بويع له في حياة أبيه، وصار إليه الأمر وله اثنتان وثلاثون سنة، وتوفّي سنة (595هـ) فكانت ولايته ست عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام. المراكشي: المعجب ص 336، والذّهبي: سير 21/ 311 319.
(5) زيادة من: أ، ب.
(6) في أ: وأياديه لديه.
(7) في الأصل: انفتحت، والمثبت من: أ، ب.(2/1319)
والآيات الباهرة.
دوّخ بلاد الشّرك، وخرّب قصورها، واستباح معاقلها، وأظلم ديجورها، وبدّل صوت النّواقس فيه بالأذان، وأزال القول بالتّثليث عنها وما سواه من عبادة الأوثان بإخلاص الكلمة لله الواحد الرّحمن فأصبح الدّين متّصلا، وعموده معتدلا. وبراهينهم (1)، وفتوحاتهم أعظم من أن تحصى أو تحصر (2) في كتاب [بل] (3) يضيق عنها كلّ خطاب (4) ولا يبلغ (5) / التّعبير عن كنهها [بإطالة] (6) ولا إسهاب، بل هو أمر الله (7)
[118/ ب] تعالى الذي لا دفاع (8) فيه للدّافع، ولا حيلة فيه لزائغ أو ممانع، لا يضرّه من خذله مع تطاول الأعوام، وتقادم الأعصار، وتناوب الأيام، وتعاقب الدّهر (9).
__________
(1) في: أ: وبراميههم.
(2) في أ: وتحصر.
(3) الزّيادة من: أ، ب.
(4) في الأصل: الخطاب، والمثبت من: أ، ب.
(5) في أ: ولا تبلغ.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ: بل هو الله أمر الله.
(8) في أ، ب: دفع.
(9) في أ: الأدور، وفي ب: الأدوار.(2/1320)
بشرى من الرّسول عليه الصّلاة (1) والسّلام صادقة، وأحاديث جاءت منه موثقة ظاهرة (2).
روى مسلم بسنده (3) إلى نافع (4) بن عتبة، قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصّوف فواقفوه (5) عند أكمة، وذكر الحديث. وقال فيه، قال: فحفظت عنه أربع كلمات أعدّهنّ في يدي، فقال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثمّ تغزون الرّوم فيفتحها الله، ثمّ تغزون فارس فيفتحها الله، ثمّ تغزون الدّجّال فيفتحه (6) الله على أيديكم» (7).
__________
(1) (الصّلاة) ساقطة من: أ، ب، ج.
(2) في ب: رائقة، و (ظاهرة) ساقطة من: أ.
(3) في أ، ب: بإسناده.
(4) هو: نافع بن عتبة بن أبي وقاص، القرشي، أسلم يوم فتح مكّة، مات قديما.
ابن عبد البرّ: الاستيعاب 4/ 1490، وابن الأثير: أسد الغابة 4/ 528، وابن حجر:
تقريب ص 558.
(5) في أ، ب: فوقفوه.
(6) في الأصل، وأ، ب: فيفتحها، والتّصويب من: صحيح مسلم، بشرح النّووي 18/ 26.
(7) (على أيديكم) ساقطة من: أ، ب.
والحديث أخرجه مسلم: الصّحيح بشرح النّووي 18/ 26، كتاب الفتن وأشراط السّاعة.(2/1321)
كملت دولة بني أميّة، وما أضيف إليها من أخبار الأندلس (1).
__________
(1) في أ، ب: كملت بني أمية وما أضيف إليها من أخبار الأندلس، وصلّى الله على سيّدنا محمّد رسوله الكريم، وعلى آله، وصحبه، وسلّم تسليما كثيرا طيّبا.
وفي ج: تمّ السّفر الأوّل من كتاب: الاكتفا في أخبار الخلفا، بعون الله تعالى وقوّته، يتلوه في السّفر الثّاني إن شاء الله أخبار بني العبّاس، وسبب ظهورهم. وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد، وآله، وصحبه أجمعين.(2/1322)
الجزء الثالث
بسم الله الرّحمن الرّحيم(3/1322)
خبر ملوك بني العباس رحمهم الله تعالى:
أبو العباس السفّاح:
(نسبه، وتاريخ بيعته، ومبلغ سنّه إذ ذاك) (1):
اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه بويع له حين قتل مروان الجعدي بالخلافة الصحيحة في آخر (2) سنة اثنتين وثلاثين ومائة (3).
وقيل: في جمادي الآخرة (4).
وقيل: في النصف من ربيع الآخر (5).
وقيل: ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت [من شهر ربيع الأوّل] (6)
من السنة المذكورة (7).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) من هنا بداية حذف من نسخة: ج.
(3) ذكر اليعقوبي في تاريخه 2/ 349أنه بويع يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 132هـ.
(4) أورده المسعودي: مروج الذهب 3/ 226، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 47، وابن العمراني: الأنباء في تاريخ الخلفاء ص 61.
(5) أورده الطبري: تاريخ 7/ 420عن أبي معشر، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 262، ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 481، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 151.
(6) تكملة يقتضيها السياق للإيضاح.
(7) خليفة: تاريخ ص 409، وابن قتيبة: المعرف ص 372، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 266، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 74.(3/1323)
وسنّه (1) إذ ذاك ثمان وعشرون سنة (2).
(كنيته، ولقبه، ونسب أمه) (3):
كنيته أبو العباس.
ولقبه السّفّاح، [لكونه سفح دماء بني أمية (4).
أمه: ريطة بنت عبيد الله (5) بن عبد الله بن المدان الحارثية. كانت تحت (6) عبد الملك (7) بن مروان. وكان له منها الحجّاج (8) بن عبد الملك، ففارقها، وخلّف عليها بعده محمد بن علي، فولدت منه أبو العباس
__________
(1) في ب: واسنه.
(2) أورده ابن قتيبة: المعارف ص 373.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) ابن الجوزي: الثقات 1/ 259، وابن دقماق: الجوهر الثمين ص 88، لكن يبدو لي أن هذا لقب مدح لا لقب ذم، لأنه ورد على لسانه في أول خطبة له بعد البيعة في سياق يدل على أن المراد به الكريم المعطاء، حيث قال قبلها وهو يخاطب أهل الكوفة: (قد زدت في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح) الطبري:
تاريخ 7/ 427. قال ابن منظور في لسان العرب 3/ 386: (يلقب الرجل المعطاء بالسفاح وهو الأقرب لاشتهار أبي العباس بالكرم).
(5) في ب: عبد الله.
(6) (تحت) تكررت في: ب.
(7) هكذا ورد في المتن وكذا في مروج الذهب 3/ 266وهو خلاف ما ورد في المصادر الأخرى التي تدل على أن ريطة أم السفاح كانت قبل محمد بن علي تحت عبد الله بن عبد الملك بن مروان. مصعب الزبيري: نسب قريش ص 30، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 19/ 421.
(8) لم أقف على ترجمته.(3/1324)
السفاح] (1) هذا، وعبيد الله (2)، وميمونة (3).
(صفاته) (4):
وكان أبيض جميلا، معتدل الجسم، أقنى، أكحل، [كثيف] (5) اللحية مدوّرها (6)، له [فروة] (7).
استوزر:
أبا سلمة: حفص بن سليمان الخلّال، وهو أول من لقّب بالوزارة (8). ثم قتله واستوزر خالد بن برمك (9).
وقيل: أبا الجهم بن عطية (10).
واستكتب:
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) لم أتوصل إلى معرفته.
(3) الخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 266.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في ب: مدورة.
(7) التكملة من: أ، ب. وقد وردت هذه الصفات عند المسعودي: التنبيه والإشراف ص 339، وانظر بعضها عند الطبري: تاريخ 7/ 417، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 113، والذهبي: تاريخ (140121)، ص 467.
(8) ابن الطقطقي: الفخري ص 153.
(9) ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 113، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 92، وابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 332، وابن الطقطقي: الفخري ص 156.
(10) الطبري: تاريخ 7/ 471، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 160ولم أقف على ترجمة أبي الجهم.(3/1325)
أبا أيوب (1)، سليمان بن مخلد المورياني (2) الأهوازي.
وقيل: أبا زياد (3).
واستقضى:
ابن أبي ليلى (4) [و] (5) يحي بن سعيد (6).
وجعل حاجبه:
أبا غسّان، صالح بن [الهيثم] (7).
__________
(1) يقصد أبا أيوب سليمان بن أبي سليمان المورياني، وزير المنصور فيما بعد، مات سنة 154هـ. ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 165، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 414410، والذهبي: سير 7/ 23، 24.
(2) المروياني: نسبة إلى قرية من قرى خوزستان. ابن الأثير: اللباب 3/ 268.
(3) لم أجد له ترجمة.
(4) الخبر عند خليفة: تاريخ ص 415وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عبد الرحمن الأنصاري، الكوفي مفتي الكوفة وقاضيها في عهد السفاح ثم المنصور، وتوفي سنة 148وهو على القضاء. ابن قتيبة: المعارف ص 494، والذهبي: سير 6/ 310.
(5) زيادة يقتضيها السياق للإيضاح، من التنبيه والإشراف ص 310
(6) الخبر عند المسعودي: التنبيه والإشراف ص 340وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 113وهو يحي بن سعيد بن قيس الأنصاري، كان قاضي السفاح على الأنبار، وأقره المنصور، ثم قدم معه بغداد، ومات سنة 146، وكيع: أخبار القضاة 3/ 241 والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/ 102.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، والخبر عند اليعقوبي: تاريخ 2/ 361، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 113، وابن العمراني: الانباء ص 61، ولم أقف على ترجمته.(3/1326)
وقائد جيوشه:
الحسن (1) بن قحطبة بن شبيب الحروري.
وعلى شرطه:
أبو الهيثم (2).
وقيل: عبد الجبار بن عبد الرحمن (3).
وعلى إذنه:
مولاه [نوفلا] (4).
وأمّر على خراسان: أبا مسلم (5). وتسمّى (6) القائم بأمر الله (7).
__________
(1) في الأصل: الحسين، والصواب من: أ.
(2) لم أتوصل إلى معرفته (وقائد جيوشه: الحسن بن قحطبة بن شبيب الحروري، وعلى شرطه: أبو الهيثم) ساقطة من: ب
(3) اليعقوبي: تاريخ 2/ 361، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 160، وابن العمراني: الانباء ص 61عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي، من قادة الدولة العباسية في صدرها الأول، ولاه المنصور خراسان سنة 140هـ، ثم خرج عليه عبد الجبار، فوجه إليه المنصور جيشا، فأسر وقتل سنة 142هـ ابن حبيب: المحبر ص 374 و 486، وابن الأثير: الكامل 4/ 358، 364، 366، 367و 5/ 51.
(4) تكملة من: أ، ب. ولم أقف على ترجمته.
(5) هو عبد الرحمن بن مسلم، القائم بإنشاء الدولة العباسية، قتله المنصور سنة 237وعمره 37سنة. راجع الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 208، والذهبي: سير 6/ 7148.
(6) أي السفاح.
(7) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 338، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 46، وابن الجوزي: المصياح المضيء 1/ 386.(3/1327)
ونقش خاتمه:
الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن (1).
وكان سريع الغضب، قريب الرّضا، جوادان سديد الرّأي، كريم الأخلاق، وصولا للرحم (2)، شجاعا، كثير النّدماء (3)، سخيّا في سماع القينان (4) من خلف السّتارة. (5) ما وعد قط موعدة فأخّرها، ولا قام من مجلسه حتى يقضيها.
وصل عبد الله (6) بن الحسن بن [الحسن] (7) بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم بألفي (8) [ألف] (9) درهم، وهو أوّل خليفة وصل /
__________
(1) ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 113وأورده المسعودي: التنبيه والإشراف ص 340، وابن العمراني: الانباء ص 61، ومحي الدين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 41، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 47من غير (وبه يؤمن).
(2) في أ: وصول الرحم.
(3) في أ، ب: الندمات
(4) في أ، ب: القيان.
(5) انظر بعض هذه الصفات عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 279، والتنبيه والإشراف ص 339، وابن دقماق: الجوهر الثمين ص 90.
(6) هو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، كان من العبّاد، وكان له شرف وهيبة ولسان شديد، مات سنة 145وله 72سنة. ابن سعد: الطبقات (القسم المتمم) ص 259250، وابن عساكر: نهذيب تاريخ دمشق 5/ 187.
(7) ورد في الأصل وجميع النسخ: الحسين. والتصحيح من مصادر ترجمته المتقدمة.
(8) في الأصل: بألفا، والتصويب من: أ، ب.
(9) الزيادة من أ، ب. وانظر الذهبي: سير 6/ 80، وابن دقماق: الجوهر الثمين ص 90.(3/1328)
[119/ أ] بهذا العدد.
فلما سار (1) عبد الله إلى المدينة، ودخل الناس عليه للتهنئة، والشّكر لأبي العباس، فقال لهم: ما شكرتم (2) رجلا أعطانا بعض حقّنا، وفاز بأجمعه (3).
ودخل عبد الله هذا [أيضا يوما، ومجلسه أحشد مكان ببني هاشم والشّيعة (4)، ومع عبد الله مصحف، فقال: يا أمير المؤمنين أعطنا حقنا الذي جعل الله لنا في هذا المصحف. فأشفق الناس أن يتعجّل إليه بشيء، ويكرهون ذلك في شيخ من بني هاشم، أو يعيا بحوائجه (5) فيكون ذلك نقصا به وعارا. فأقبل عليه غير (6) مغضب ولا [مزعج] (7) فقال له:
[إنّ] (8) جدّك عليا رضي الله عنه كان خيرا منّي (9) وأعدل. ولي (10) هذا الأمر، فأعطى جديّك (11) الحسن والحسين رضي الله عنهما (12) وكانا خيرا [منك
__________
(1) في أ: صار.
(2) في أ، ب: ما شكركم.
(3) ذكره ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 89بأطول مما هنا.
(4) المقصود بالشيعة هنا، شيعة بني العباس.
(5) في أ، ب: بجوابه.
(6) في الأصل: مغير، والتصويب من: أ، ب.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(8) التكملة من: أ، ب.
(9) في الأصل: منه، والتصويب من: أ، ب.
(10) في الأصل: وأتى، والتصويب من: أ، ب.
(11) في الأصل: جدك، والتصويب من: أ، ب.
(12) في الأصل: عنهم أجمعين، والمثبت من: أ، ب.(3/1329)
شيئا] (1)، وكان الجواب أعطيك مثله، [فإن كنت قد فعلت هذا فقد أنصفتك، وإن كنت زدتك فما هذا جزائي منك] (2). فما ردّ عليه عبد الله جوابا، وتعجب الناس من جوابه له (3). ولما أوتي برأس مروان الجعدي، ووضع بين يديه خرّ ساجدا (4)، فأطال السّجود، ثم رفع رأسه وقال: الحمد لله الذي أظفرني (5) الله به (6) وقال: ما أبالي متى طرقني الموت بعد قتل هذا ومن هو مثله، ثم قال:
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم ... ولا دماؤهم [جمعا ترويني] (7)
ثم سجد ثانية وأطال السجود، ثم رفع رأسه، وقال:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت ... قواطع في أيماننا تقطر (8) الدّما
تورثن من أشياخ (9) صدق تقدّموا ... بهن إلى يوم الوغا فتقدّما
__________
(1) التكملة من: أ، ب
(2) التكملة من: أ، ب
(3) هذا الخبر ورد عند الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 4948، وابن ظافر:
أخبار الدولة المنقطعة ص 89، 88، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 393، 394، والذهبي: تاريخ (140121)، ص 468467.
(4) في أ، ب: سجد
(5) في ب: أظهرني.
(6) في أ، ب: بك
(7) التكملة من أ، ب: والبيت منسوب إلى ذي الإصبغ العدواني. أبو الفرج الأصبهاني:
الأغاني 4/ 343 (طبعة دار الكتب المصرية) والقالي: الأمالي 1/ 256.
(8) في ب: تقطع
(9) في الأصل: شيخ، والتصويب من: أ، ب.(3/1330)
إذا خالطتها الرجال تركنها ... كبيض نعام في الوغا قد تحطّما (1)
وأمعن في قتل بني أميّة لقتلهم الحسين بن علي رضي الله عنهما (2)
حتى لم يبق منهم أحد، ولذلك قلّوا. فالمكثر يقول: قتل منهم أربعين ألفا.
والمقلّ يقول: عشرين (3) ألفا.
وأمر يوما بجمع من بقي من بني أميّة في البلدان مختفيا (4)، فبلغوا مع صبيانهم ثمانين، فأدخلوا عليه وسلّموا بالخلافة، وفيهم [الغمر بن يزيد] (5)
ابن عبد الملك، فأجلسه معه على السرير إكراما له، وسأله عن حاله وصبّره، وصبّر من كان أدخل معه، وجعل يؤمّنهم ويعفو (6) عنهم، إذ دخل عليه شاعر (7) خراساني وجّهه أبو مسلم، يحرضهم (8) على قتل بني أميّة، فأنشد:
__________
(1) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذهب 3/ 272271، ونسب الأبيات إلى العباس بن عبد المطلب.
(2) لا أميل إلى هذا الرأي لما فيه من المبالغة.
(3) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى، والمبالغة فيه ظاهرة.
(4) (مختفيا) سقطت من: ب.
(5) في الأصل: المعتمد بن الوليد، وفي أ، ب: العمد بن الوليد. والمثبت من: العقد الفريد 4/ 485، والغمر بن يزيد كان على جيش غزا العدو في عهد أخيه الوليد بن يزيد سنة 125الطبري: تاريخ 7/ 227.
(6) في أ، ب: ويعف
(7) هو سديف بن ميمون، مولى بني العباس وشاعرهم. ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 486، وانظر ترجمته عند ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 517.
(8) في أ، ب: ليحرضهم.(3/1331)
قد أتتك الوفود من عبد شمس ... بالقرابات (1) يعملون المطيّا (2)
لا يغرنك ما ترى من رجال ... إنّ تحت الظّلوع داءا دويّا
فضع السّيف وارفع السّوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها
لا ترى [من] (3) لهم حفاظ على ... فقد كان دينهم سامريّا
فاقتل القوم كلّهم أجمعينا ... [وخذنّ بالسّقيم] (4) منهم بريّا
[فتنفّس] (5) السفاح (6) الصّعداء (7)، والتفت إلى [الغمر بن يزيد] (8)، وقال: كيف ترى (9) هذا الشّعر (10) فنطق الحين (11) على لسانه، فقال حسن، غير أنّ شاعر بني أميّة خير منه [حين] (12) قال:
__________
(1) في الأصل: بالقرابة. والمثبت من: أ، ب
(2) في ب: المطايا. المطيّا: جمع مطيّة، وهي الدابة تمطو في سيرها. الفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص 1720 (مطا).
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: العباس.
(7) الزيادة من: أ، ب.
(8) في الأصل: بياض، وفي أ، ب: العمد، والمثبت من العقد الفريد 4/ 487.
(9) في ب: ترو.
(10) في ب: الشاعر.
(11) الحين: الموت والهلاك: يقال: حان الرجل: أي هلك. وأحانه الله. الجوهري:
الصحاح 5/ 2106 (حين).
(12) التكملة من: أ، ب.(3/1332)
شمس العداوة حتى يستقاد لهم (1) ... وأعظم النّاس أحلاما إذا قدروا (2)
فغضب السفّاح ومن حضر من أهل بيته، وقالوا: تحدّثهم نفوسهم بالرئاسة. فقال لمن حوله من عبيده: شأنكم وإياهم، فتناولوهم (3)
بالسّيوف [حتى لم يبق منهم إلا الغمر لكونه جالسا معه] (4)، فقال له السّفاح: ما أظنّ أنّ الأمير يختار الحياة بعد هؤلاء! فقال له: نعم (5)، فأمر به فأقيم وضربت عنقه، وجرّ برجليه (6) في ساحة القصر (7).
وكان سليمان بن هشام بن عبد الملك فرّ أمام مروان (8) إلى السنّد.
فقبض (9)، وأدخل على السفّاح، فسلّم عليه بالخلافة (10). وقد كان سليمان بن علي عمّ السفاح قد أخذ أمان السّفاح لكافّة [من بقي من] (11) بني أميّة، فقرّبه السفّاح من نفسه، وألزمه، وكان يحضر مجلسه،
__________
(1) في الأصل: له، والتصويب من: أ، ب.
(2) البيت للأخطل: ديوانه ص 104 (طبعة دار صادر).
(3) في أ، ب: فتناولهم.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) في أ، ب: لا.
(6) في أ، ب: بأرجله.
(7) هذا الخبر ذكره بألفاظ متقاربة ابن عبد ربه: العقد الفريد 4/ 487485باختلاف في الألفاظ. وأورده مختصرا ابن قتيبة: المعارف ص 365لكنه ذكر (سليمان بن هشام) بدلا من (الغمر بن يزيد).
(8) في الأصل: الإمام مروان، والمثبت من: أ، ب.
(9) في أ، ب: فقدم.
(10) في أ، ب: بالخلافة عليه.
(11) الزيادة من: أ، ب.(3/1333)
ومائدته، ومنادمته (1) لمّا وجده أديبا فصيحا، حسن الأخلاق. وكان متى دخل عليه أمر أن تثنى له وسادة فيجلس عليها. فشق (2) على بني العبّاس، وسائر أهل الدولة تقرّبه إليه. فكتب إليه أبو مسلم، أما بعد، فقد بلغني ما فيه [ابن] (3) الأحول (4) عند أمير المؤمنين، فإذا كان وليّكم وعدوّكم عندكم بمنزلة واحدة، فمتى يرجوا الفلاح من أخلص لكم المحبّة، وصلي بنار عدوّكم، وأنت تعلم أنّه من أبغض الناس فيكم، وقد فسدت قلوب أهل خراسان، لذلك [فاقتله] (5)، فقتله الله، والسلام. فلم يعبأ أبو العباس السّفاح بكتابه ولا جوابه (6)، فأخبر به سليمان بن علي، فأنشد:
عبد شمس أكان هو أو مناف ... وهما بعد لأم ولأب
فلكم فضل علينا ولنا ... بكم فضل على كلّ العرب (7)
فاعجبه وأكرمه. وكان متى ذكر هشام أبوه في مجلس السّفاح ترحمّ [عليه] (8).
__________
(1) (ومنادمته) سقطت من: أ.
(2) في الأصل: فشق ذلك، والمثبت من: أ، ب.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) يقصد بالأحول، هشام بن عبد الملك.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ: ولا جاوبه.
(7) أورد البيتين الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 188بألفاظ متقاربة، ونسبها إلى رجل من بني أمية قالها أمام هارون الرشيد.
(8) التكملة من: أ، ب.(3/1334)
ثم لم يزل أبو مسلم بالسفاح حتى قتله مع ابن له في يوم (1) واحد.
فقال في ذلك بعض شعراء (2) بني أميّة:
ولقد أبصرت لو ينفعني ... عبرا، والدّهر يأتي بالعجب
أين أولاد (3) عبد شمس أين هم ... أين أهل [لباع] (4) منهم والحسب؟! / [120/ أ]
كل سامي الطّرف محمود الندى ... واضح الغرّة بدر منتخب
لم يكن أيد لهم عندكم ... ما فعلتم يآل عبد المطلب!
إن تعدّ (5) الاصل منكم سفها ... [يا لقومي] (6) للزمان المنقلب
إنّ هذا الدّهر لا بد ... بخيار الناس يوما ينقلب (7)
ودعا (8) السفاح يوما خالد بن صفوان، وكان منقطعا إليه، وكان من أهل الأدب البارع الإدراك الغريب، فقال له: يا أمير المؤمنين [إنّ عندي نصيحة ألقيها إليك، فقال: قم بنصيحتك، فقال له: يا أمير المؤمنين] (9) إنّي
__________
(1) في أ، ب: دم.
(2) هو الشاعر الأموي حفص بن أبي جمعة. راجع الطبري: تاريخ 8/ 100، 101.
(3) في أ، ب: روفا.
(4) في الأصل: البغي، والتصويب من: أ، ب.
(5) في أ، ب: تحد.
(6) التكملة من: أ، ب
(7) بعض الأبيات في تاريخ الطبري 8/ 101.
(8) في أ، ب: ودخل على.
(9) التكملة من: أ، ب(3/1335)
تفكّرت (1) في هذا الأمر الذي ساقه (2) الله إليك، ومن فيه علينا بك، فرأيتك أبعد الناس من لذّته، وأتعب الخلق كلّهم وأشقاهم، قال: وكيف ذلك يا خالد؟ قلت: باقتصارك [من الدنيا] (3) على امرأة واحدة، إن مرضت مرضت معها، وإن وعكت وعكت معها (4) وتركت البيضاء المشتهات لبياضها، والخفرة (5) التي تراد لخفرها، والسّمينة [المبتغاة لوطأتها] (6). وتركت الرّشيقة، الرّخيمة (7)، الجعدة، الغنجاء (8)، الكحلاء، الشّهلاء (9). فقال لي: يا خالد إنّ هذا كلام [ما] (10) مرّ على مسامعي قبل اليوم. فقال (11) خالد: ثم أنشدته (12) في الانصراف فخرجت.
__________
(1) في أ، ب: فكّرت.
(2) في أ: ساقاه.
(3) الزيادة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: لوعكها.
(5) الخفرة: الشديد الحياء. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 494 (خفر).
(6) في الأصل التي تريد من يطأها
(7) في أ، ب: الرّخية.
(8) الغنجاء: الغنج: الشّكل وقيل: ملاحة العين. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 256 (غنج).
(9) الشّهلاء: الشّهلة: قلّة سواد حدقة العين. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1320 (شهل).
(10) التكملة من: أ، ب.
(11) في أ، ب: فمال
(12) في أ: استأذنت، وفي ب: استأذنته.(3/1336)
ودخلت [عليه] (1) أمّ سلمة زوجه، وهو ينكت بالقلم على دوات (2) بين يديه، فقالت: يا أمير المؤمنين أراك [واجما] (3)، أحدث عليك أمر؟ قال:
لا. قالت: ففيم هذا الإطراق؟ قال: كلام ألقاه إليّ خالد بن صفوان.
وسرد قوله عليها، قالت: فما قلت لابن الزّانية؟ قال: ويحك، ينصحني وتشتميه! فقامت من عنده مسرعة، فبعثت إلى مائة من عبيدها، فقالت لهم: امضوا، فحيث وجدتم خالد بن صفوان، فطيّروا أعضاءه (4) عضوا عضوا حتى يسقط عليّ في هذه المقصورة. قال خالد: فبينما (5) أنا واقف مع إخوان أحدّثهم (6)، إذ أقبل رجال كأمثال الجبال، بأيديهم الدّبابيس من الحديد (7) فأومأ القوم كلّهم إليّ وقد كان نمي إليّ من الخبر شيء فهمزت بغلتي، ودخلت (8) في منزل صديق لي، وأقمت نيفا وثلاثين (9)
يوما لا تظلّني سماء ولا تقلّني أرض، أتنقّل في منازل إخواني، خفت من
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل: روايته، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: واهما، والتصويب من: أ، ب. والوجوم: السكوت على غيظ. ابن منظور: لسان العرب 12/ 630 (وجم).
(4) في أ، ب: أعظاؤه.
(5) في أ، ب: فبينا.
(6) في الأصل: مع إخواني نحدثهم، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ، ب: دبابيس الحديد.
(8) في أ، ب: واقتحمت.
(9) في الأصل: على ثلاثين، والتصويب من: أ، ب.(3/1337)
وقوع عين عليّ. وإنّي لجالس ذات يوم، إذ هجم عليّ قوم، فقالوا: أجب أمير المؤمنين. فقمت (1)، لا أملك من نفسي شيئا، فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون [لم أر دم شيخ اضيع قطّ من دمي] (2) ونهضت حتى أدخلت على السفّاح في ذلك المجلس، وإذا بعين (3) تلاحظني (4) من وراء السّتر، فقلت:
أمّ سلمة والله. فقال: يا خالد! ما رأيتك منذ [نّيفا] (5) وثلاثين يوما؟
فقلت: قطعتني علة كانت بي (6)، قال: [120/ ب] فعليل يطوف على منازل إخوانه؟! ثم قال: كنت ألقيت إليّ (7) كلاما في آخر مجلس كنت فيه عندي، فأعده عليّ، قلت: نعم يا أمير المؤمنين! أخبرتك أن العرب اشتقت الضرّ من اسم الضرّتين، و [أنّ] (8) الضرائر شرّ الذّخائر، والإماء آفات المنازل، وإنّه لم يجمع رجل بين ضرّتين (9) إلا كان بين جمرتين، تحرقه كل واحدة منهما بمعنى غير معنى صاحبتها. قال: ليس هذا هو.
__________
(1) في ب: قمت.
(2) في الأصل: ما رأيت أضيع من دم شيخ، والتصويب من: أ، ب.
(3) في أ، ب: عين
(4) (تلاحظني) ساقطة من: ب.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: كنت فيها.
(7) في الأصل: على، والمثبت من: أ، ب.
(8) في الأصل: وأما، والتصويب من: أ، ب.
(9) في أ، ب: امرأتين.(3/1338)
قلت بلى يا أمير المؤمنين! [قال]: (1) انظر حينا وفكّر (2). قلت: نعم يا أمير المؤمنين، [وأخبرتك] (3) أنّ الثلاث إذا اجتمعن كنّ كالثوم في القدر (4)
المحرقة، واللّيلة الموبقة، يتغايران فلا يرضين، فإن صبر عليهنّ أبتلي (5)، قال: ليس هذا. قلت (6) بلى يا أمير المؤمنين، [وأخبرتك] (7) أنّ الأربع (8)
همّ، ووصب، [وضجرّ] (9)، وصخب، إنما صاحبهن بين حاجة تطلب (10)
أو بليّة تترقب، إن خلا بواحدة منهنّ خاف شرّ الباقيات، وإن آثرها، كنّ أعداء (11) له إلى الممات. [نعم] (12) وأخبرتك أنّ بني مخزوم ريحانة العرب، وأنف كنانة، وبيت قريش، وأنّ عندك ريحانة الريّاحين، وسيدة النّساء أجمعين، وحدّثتني أنّك تهمّ بالتزويج، فقلت لك: هيهات، تضرب في
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: واتفكر، والتصويب من: أ، ب.
(3) الزيادة من: أ، ب.
(4) في الأصل: القدرة، والمثبت من: أ، ب.
(5) في أ، ب: أبلين.
(6) (قلت) تكررت في: أ.
(7) الزيادة من: أ، ب.
(8) في الأصل: أن الأربعة، والتصويب من: أ، ب.
(9) في الأصل: وسجن، والتصويب من: أ، ب.
(10) (تطلب) سقطت من: أ.
(11) في الأصل: كان عدوّا، والمثبت من: أ، ب.
(12) الزيادة من: أ، ب.(3/1339)
حديد بارد. قال: ويحك يا خالد تستعمل الكذب الفاحش. قلت: [فمع سيوف العبيد دبابيسهم لعب؟! قال: اذهب، فأنت أكذب الناس، قلت (1)
فأيّما أصلح لي أكذب أم تقتلني أمّ سلمة وأنت لا تنجيني (2). وأو مأت إلى السّتر، فاستلقى على فراشه ضاحكا، وقال: اخرج قبحك الله، وارتفع الضّحك من وراء السّتر، وانصرفت إلى مترلي وتركتهما يرويان (3) أمرهما.
فإذا خادم لأمّ سلمة قد جاءني بخمس برد (4)، وخمسة تخوت (5) بالثّياب، وخمسة (6) من الخيل بسروجها ولجمها، وقال: تقول لك أمّ سلمة، خذها والزم ما سمعناه اليوم منك، وإيّاك والفضول (7).
وأمّ سلمة هذه بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بو لؤي القرشي المخزومي، كانت عند عبد الله بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، فهلك عنها، ثم كانت عند هشام (8) بن عبد الملك فهلك عنها،
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: تجيرني، وفي ب: وانك تجيبني، والمثبت من: أ.
(3) في أ، ب: يورضان.
(4) هكذا في المتن، والصواب: برود جمع برد، وبرّادة، وهو ثوب مخطط، وأكسية يلتحف بها. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 341 (برد).
(5) جمع تخت: وهو وعاء يصان فيه الثياب. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 190 (تخت).
(6) في أ، ب: وخمس.
(7) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذهب 3/ 379376بصيغة أخرى.
(8) عند مصعب الزبيري: مسلمة بن هشام. نسب قريش ص 330.(3/1340)
فينما هي ذات يوم جالسة في الجبّانة، إذ مرّ بها أبو العباس السّفاح، وكان وسيما جميلا، فسألت عنه، فنسب لها، فأرسلت [إليه] (1) مولاة لها تعرض عليه أن يتزوّجها، وقالت لها: قولي له هذه سبع مائة دينار وكان لها مال عظيم وجوهر وحشم كثير فأتت المولاة فعرضت عليه ذلك، فقال لها: إنّي مملق (2) لا مال عندي، فدفعت إليه المال، فأنعم لها، وأقبل إلى / [121/ أ] أخيها (3)، فخطبها منه، فزوّجه إيّاها، فأصدقها خمسمائة دينار، وأهدى مائتين، ودخل بها من ليلته، فإذا هي على منصّة، [فصعد] (4)
عليها، فإذا كلّ عضو منها مكلّل بالجواهر، فلم يصل إليها، فدعت بعض جواريها، ونزلت، فغيّرت لبستها، ولبست ثيابا [مصبغة] (5) وفرشت له (6)
فراشا على الأرض، فلم يصل إليها، فقالت: لا يضرّك هذا، كذلك الرجال يصيبهم ما أصابك، فلم يزل بها حتى وصل إليها من ليلته، وحظيت عنده، وحلف لا يتزوج عليها [ولا يتسرّى] (7)، فولدت منه محمدا (8) وريطة (9)،
__________
(1) الزيادة من: ب.
(2) مملق: فقير، قد نفد ماله. يقال: أملق الرجل، فهو مملق. ابن منظور: لسان العرب 10/ 348 (ملق).
(3) لم أتوصل إلى معرفته.
(4) الزيادة من: أ، ب.
(5) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذهب 3/ 275.
(6) في أ، ب: لها.
(7) الزيادة من: أ، ب.
(8) محمد بن عبد الله السفاح، مات ببغداد ولم يعقب. ابن قتيبة: المعارف ص 372.
(9) ريطة بنت السفاح، كانت عند المهدي، فولدت له عليا، وعبيد الله. مصعب(3/1341)
وغلبت عليه غلبة شديدة (1)، حتى ما كان لا يقطع أمرا دونها (2).
وعقد أبو العباس السّفاح لأخيه أبي جعفر الخلافة من بعده ثم بعده لعيسى (3) بن موسى بن محمد بن علي، وصيّر العهد بذلك في تور (4)، وختم عليه، ودفعه إلى عيسى بن موسى (5).
(مدة خلافته، ووفاته، ومبلغ سنّه، وآخر كلامه) (6):
وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر (7).
وقيل: ثمانية أشهر (8). وكانت ولايته حين قتل مروان إلى أن توفي أربع سنين. وكان بويع قبل قتل مروان بتسعة أشهر. مات بالأنبار، في المدينة التي كان بناها (9)، وذلك يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من
__________
الزبيري: نسب قريش ص 330.
(1) في الأصل: غلبا شديدا، والمثبت من: أ، ب. ومروج الذهب.
(2) الخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 275.
(3) عيسى بن موسى، فارس بني العباس، وسيفهم المسلول، توطّدت الدولة العباسية به، مات سنة 168بالكوفة عن 65سنة. الذهبي: سير 7/ 435434.
(4) التّور: مذّكر، إناء يشرب فيه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 456 (تور).
(5) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 47، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 85.
(8) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 339.
(9) وتدعى الهاشمية. ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 154.(3/1342)
ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة (1).
وقيل: غير ذلك (2).
وكان [آخر] (3) ما تكلّم به: إليك [ربّي] (4) لا إلى النّار (5).
وما خلّف (6) أكثر من تسع وجبات (7)، وأربعة أقبية (8)، وخمس سراويلات، وأربعة طيالس (9)، وثلاثة مطارف (10).
__________
(1) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 339، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 47.
(2) فقيل: ابن ثمان وعشرين. خليفة: تاريخ ص 412، والبخاري: التاريخ الكبير 5/ 201، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 160وقيل: اثنتان وثلاثون. ابن ظافر: اخبار الدولة المنقطعة ص 84.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) ابن العمراني: الإنباء ص 61.
(6) في ب: وتخلّف.
(7) عند أبي زكريا الأزدي: جباب. تاريخ الموصل ص 160.
. (8) عند أبي زكريا الأزدي: أقمصة. تاريخ الموصل ص 160.
(9) في أ: طياليس.
(10) مطارف: جمع مطرف: وهو رداء من خزّ مربع ذو أعلام. الجوهري: الصحاح 4/ 1394 (طرف) بتصرف.(3/1343)
المنصور:
(اسمه وكنيته، ولقبه، وخبر أمه) (1):
هو عبد الله بن محمد بن علي.
يكنى: أبا جعفر.
ولقّب نفسه: المنصور بالله، وهو أوّل خليفة فتح هذا الباب في تحسين الألقاب (2).
أمه أم ولد، اسمها [سلامة] (3) بنت بشير البربري، ولدته في ذي الحجة سنة خمس وتسعين (4).
قال المسعودي: ذكر عن سلّامة أم المنصور أنّها قالت: رأيت لما حملت بأبي جعفر كأنّ أسدا خرج من قبلي، فأقعى وأزار (5)، وضرب بذنبه الأرض، فأقبلت إليه الأسد من كل ناحية، فكلما انتهى إليه أسد سجد [له] (6).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) في الجوهر الثمين ص 91: (وكان أوّل خليفة لقّب نفسه). وانظر عن لقبه. ابن الجوزي: الثقاب 2/ 433.
(3) في الأصل وأ: سالمة، وفي ب: سلمة، وهو خطأ، والصواب من المعارف ص 377، وجمهرة أنساب العرب ص 20، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 295.
(4) ابن قتيبة: المعارف ص 377.
(5) في الأصل: فوقع وزهر، والمثبت من: أ، ب.
(6) في الأصل: إليه، والتصويب من: أ، ب، والخبر في مروج الذهب 3/ 295، والخطيب البغدادي: تاريخ 1/ 65، 66، ونقله عن الخطيب ابن كثير: البداية والنهاية(3/1344)
(بيعته) (1):
بويع يوم توفي أخوه السفاح وهو بطريق مكة. أخذ له البيعة عمه عيسى بن علي (2) وهو ابن إحدى وأربعين سنة (3).
(صفاته) (4):
وكان طويلا، أسمر، خفيف العارضين، أشيب ذكر أنّه كان يغيّر شيبه [في كلّ شهر] (5) بألف مثقال مسك (6).
(وزيره):
أبو الباهلي (7)، ثم أبو أيوب المورياني (8)، ثم الرّبيع مولاه (9)، ووزيره
__________
10/ 122.
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) هو عيسى بن علي العباسي، عم السفاح والمنصور، يكنى أبا العباس، مات سنة 160هـ، وقيل: سنة 164هـ. ابن قتيبة: المعارف ص 374، والخطيب البغدادي:
تاريخ بغداد 11/ 148147.
(3) اليعقوبي: تاريخ 2/ 364، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 294.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) الزيادة من: أ، ب.
(6) ذكر هذه الصفات ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 94، وبعضها عند ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 114.
(7) في الأصل: أبو البها، وفي ب: أبو سلمة الباهلي، والمثبت من: أ. وعند المسعودي: التنبيه والإشراف ص 342: ابن أبي عطية الباهلي. وعند ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 114: ابن عطية الباهلي، وعند ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 110أبو عطية الباهلي.
(8) في الأصل: المزوياني، والتصويب من: أ، ب.
(9) يقصد الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله، واسمه كيسان، يكنى أبا الفضل،(3/1345)
خالد بن [برمك] (1) أياما (2) يسيرة (3).
حاجبه:
الربيع بن [يونس] (4) مولاه. ثم استوزره عيسى (5) مولاه.
[كاتبه:
الفضل بن سليمان الطّوسي (6)، وكتب له ابن المقفع] (7).
قضاته:
__________
حاجب المنصور ومولاه، مات سنة 170هـ، الخطيب البغدادي: تاريخ 8/ 414، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 5955.
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: فريدمات.
(2) في أ، ب: مدة.
(3) أورد الخبر كاملا المسعودي: التنبيه والإشراف ص 342، وابن العمراني: الإنباء ص 68، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 110.
(4) في الأصل وأ، ب: مونس، والتصويب من مصادر ترجمة ابنه الربيع.
(5) لم أقف على تعينيه.
(6) الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 124، الفضل بن سليمان الطوسي، أبو العباس، استعمله المهدي على خراسان وضمّ إليه سجستان سنة 166، وبقي واليا عليها حتى توفي 171هـ. راجع الطبري: تاريخ 8/ 162، 235، والطوسي: نسبة إلى قرية من قرى بخارى. ابن الأثير: اللباب 2/ 288.
(7) التكملة من: أ، ب، الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 103عبد الله بن المقفع، فارسي الأصل، كان مجوسيا فأسلم على يد عيسى بن علي عم المنصور، وكتب له واختصبه، قتل سنة 145وقيل بعد الأربعين. وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 154151، والذهبي: سير 6/ 209208.(3/1346)
عبد الله [بن محمد] (1) بن صفوان، [وشريك] (2) بن عبد الله، والحسن (3) بن عمارة، [والحجاج] (4) بن أرطاة (5).
وقيل: يحي (6) بن سعيد بن عثمان التميمي، / [وسوار] (7) بن عبد
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: وزيد، والتصويب من: أ، ب. وشريك بن عبد الله القاضي، وأبو عبد الله النخعي الكوفي، ولد ببخارى بأرض خراسان سنة 95هـ، وولي القضاء بالكوفة، ومات بها سنة 177هـ. ابن سعد: الطبقات 6/ 263، وابن قتيبة:
المعارف ص 509508، ووكيع: أخبار القضاة 3/ 175149وفيه: أنه ولد سنة 96هـ.
(3) الحسن بن عمارة البجلي مولاهم، أبو محمد، استقضاه المنصور على بغداد أياما، توفي سنة 153هـ ابن سعد: الطبقات 6/ 368، ووكيع: أخبار القضاة 3/ 245، وابن حجر: تقريب ص 162.
(4) في الأصل وأ، ب: الحسن، وهو خطأ ظاهر، والمثبت هو الصواب. وهو الحجاج بن أرطاة بن ثور النخعي الكوفي، أبو أرطاة، القاضي، توفي بالرّي سنة 145هـ. ابن سعد: الطبقات 6/ 359، وابن حجر: تقريب ص 152.
(5) ورد الخبر كاملا عند ابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 115، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 61.
(6) عند المسعودي: التنبيه والإشراف ص 342يحي بن سعيد الأنصاري. وراجع اليعقوبي: تاريخ 2/ 389، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/ 101، وابن حجر:
تهذيب 11/ 221.
(7) في الأصل: وصور، والتصويب من: أ، ب. وسوار بن عبد الله التميمي العنبري، استقضاه المنصور على البصرة، وولي قضاء الرصافة، مات سنة 145وله 63ستة.
ابن سعد: الطبقات 7/ 260، وابن حجر: تقريب ص 259.(3/1347)
الله. [121/ ب]
صاحب شرطته وحرسه:
عبد الجبار بن عبد الرحمن (1).
نقش خاتمه:
الحمد لله. وقيل: ثقتي بالله (2).
بنوه:
محمد المهدي، وجعفر (3)، وصالح (4)، وسليمان، وعيسى، ويعقوب (5)، والقاسم وعبد العزيز (6)، والعبّاس، والعالية (7).
وكان أبو جعفر حازما سديد (8) الرأي، قد حنّكته الأيّام، وجرت
__________
(1) خليفة: تاريخ ص 435، واليعقوبي: تاريخ 2/ 389. سبقت ترجمته ص 1327.
(2) لم أقف عليه عند غير المؤلف.
(3) هو جعفر (الأكبر) بن المنصور، أمه أم موسى الحميرية، ولي الموصل لأبيه، ومات ببغداد. ابن قتيبة: المعارف ص 379، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 21.
(4) صالح بن منصور، والملقب بالمسكين، أمه أم ولد. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 21، وراجع المسعودي: مروج الذهب 3/ 318.
(5) سليمان وعيسى ويعقوب ابناء المنصور، أمهم فاطمة بنت محمد بن عيسى بن طلحة ابن عبيد الله. ابن قتيبة: المعارف ص 379وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 21.
(6) القاسم وعبد العزيز ابني المنصور، لأمهات أولاد. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 21.
(7) العباس والعالية ابني المنصور، أمّهما أمويّة من ولد أبي عثمان بن عبد الله بن خالد ابن أسيد. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 21.
(8) في ب: شديد.(3/1348)
عليه منها صروف وأحكام (1)، فظّا غليظا، مقصوص جناح الإقدام.
نهيضا، ذا جود (2)، غير منسوب بهزل، ماضي العزيمة، صاحب كيد ومكر (3) وخديعة وغدر، وعنده شجاعة وبلاغة وبراعة. كان (4) يعطي الجزيل والخطير تدبيرا، ويمنع اليسير والحقير [تدبيرا] (5).
روي عنه أنّه أعطى (6) يوما لجماعة من أهل بيته عشرة آلاف دينار، وأمر كل واحد من [أعمامه] (7) بألف ألف درهم (8).
(بناء مدينة بغداد) (9):
لم يشتغل بمعاطاة مرام، ولا مجالسة ندّام. مع نفس أبيّة شامخة، وهمم عالية بادخة (10). لم ينحطّ إلى سكنى مدينة بناها غيره، فلم يزل مرتادا لمكان يبنيه، فلم يجد أحسن هواء ولا أوسع فضاء، ولا أعذب ماء
__________
(1) راجع ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 94، وابن دقماق: الجوهر الثمين ص 94.
(2) في أ: ولا مهيضا، ذا جد، وفي ب: ولا مهيضا إذا جدّ.
(3) (ومكر) تكررت في: ب.
(4) في ب: وكان.
(5) الزيادة من: أ، ب. وراجع المسعودي: مروج الذهب 3/ 318.
(6) في أ: قد أعطى.
(7) في الأصل: عماله، والتصويب من: أ، ب.
(8) هذا الخبر أورده الطبري: تاريخ 8/ 84عن الهيثم بن عدي، ونقله ابن كثير: البداية والنهاية 10/ 126عن الطبري.
(9) عنوان جانبي من المحقق.
(10) في ب: بادنجة. بادخة: عظيمة، والتبديخ: الرجل العظيم، وتبدّخ: تعظّم وتكبّر الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 318 (بدخ).(3/1349)
من موضع بغداد، [إذ لكونه بين] (1) الدّجلة والفرات، وأطيب تربة للمزارعة وأنواع الغراسة. فاختطها (2) باقتداره على اختياره، فجاءت أمنية المتمني المشتاق، فالأمثال تضرب بها في جميع الآفاق، لأنه (3) بنا فيها مائة ألف حمام، وستمائة ألف حانوت. وكان يذبح فيها كل يوم خمسون ألف رأس من الغنم سوى البقر والصّيود والطيّور، فاستوطنها وجعلها دار مملكته. [ولم] (4) يلتذ في خلافته بشيء من لذّات الدّنيا (5).
[] (6)، لك من خلافتك حظّ ولا نصيب، فقال:
والله مالي ثوب نلبسه غير هذه الجبّة، فإذا بليت أبدلتها بغيرها، والله ما نفقتي كلّ يوم سوى درهمين (7).
قال محمد (8) بن سليمان دخلت يوما على المنصور لأعوده، فإذا في
__________
(1) في الأصل: من كونه، وفي ب: لكونه من. والتصويب من: أ.
(2) في ب: فاحطها.
(3) في ب: لكنه.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(6) في مواضع النقط كلمات مطموسة لم أعثر عليها في المصادر التي تيسر لي الرجوع إليها.
(7) لم أقف على هذا الخبر عند المصادر الأخرى.
(8) هو محمد بن سليمان العباسي، الهاشمي القرشي، ولي البصرة عام 133هـ للسفاح ومعها البحرين وعمان، ثم عزله المنصور سنة 139، وتوفي سنة 173عن 51سنة.
الخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 291، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 162.(3/1350)
بيته مسح ليس فيه غيره إلا الفراش (1) ومرافقه [ودثارة] (2)، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا بيت أربأبك (3) [عنه] (4)، فقال: هذا بيت مبيتي، فقلت:
ليس هذا الذي أرى، قال: ما هو إلا ما ترى (5).
[وحدّث] (6) جماعة من بني (7) هاشم: [أنّ] (8) المنصور كان شغله صدر نهاره الأمر (9) والنهي، والتّولية والعزلة، ومصلحة معائش (10) الرّعية، فإذا صلّى العصر جلس لأهل بيته إلى من أحبّ أن يسامره، فإذا صلّى العشاء الآخرة نظر فيما ورد عليه من كتب (11) الثّغور والأطراف والآفاق، وشاور سمّاره في ذلك وفيما أحب، وإذا مضى ثلث الليل قام إلى فراشه، وانصرف سمّاره، فإذا مضى الثلث الثاني قام من فراشه، فأسبغ
__________
(1) في الأصل وب: بياض، والمثبت من: أ.
(2) في الأصل: وأثرة، والتصويب من: أ، ب. الدّثارة: الدثار: كل ما كان من الثياب فوق الشّعار، وقد تدثّر، أي تلفّف في الدثار. الجوهري: الصحاح 2/ 655 (دثر).
(3) أربأ بك عنه: أعلا وأرفع بك عنه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 51 (ربأ) بتصرف.
(4) هذه الزيادة لضرورة السياق. وهي من تاريخ الطبري 8/ 80.
(5) هذا الخبر رواه الطبري: تاريخ 8/ 80، 81بأطول مما هنا.
(6) في الأصل: وجدت، والتصويب من أ، ب.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) التكملة من: أ، ب.
(9) في أ، ب: بالأمر.
(10) في ب: معاش.
(11) (من كتب) تكررت في: ب.(3/1351)
وضوءه، وصّف في (1) محرابه حتى يطلع الفجر، فيخرج ويصلي بالناس، ثم يخرج ويجلس [إيوانه] (2).
وكان / يأمر أهله بحسن الهيئة، وإظهار النعّمة، ولزوم [122/ أ] الطيّب، فإن رأى أحدا قد أخلّ (3) بزيّه، قال له: يا فلان ما أرى بياض (4)
الغالية في لحيتك، وأرها تلمع (5) في لحية فلان، فيحثّهم (6) بذلك على الإكثار من الطيب (7).
ودعا (8) يوما القاضي، فأجاب، وجلس مجلس الخصوم بين يديه.
وكان يحبّ علم التّنجيم (9) والكهانة ومن تفسير كتب الفلاسفة، وترجمتها بالعربية.
__________
(1) في ب: وصفف.
(2) التكملة من: أ، ب. والخبر رواه الطبري: تاريخ 8/ 70وفيه يجلس من إيوانه) والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 61، 62، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 125.
(3) في ب: أجل.
(4) في أ، ب: وبيض.
(5) في أ، ب: تنمع.
(6) في أ، ب: فيستحثهم.
(7) هذا الخبر ورد عند الطبري: تاريخ 8/ 99بأطول مما هنا.
(8) في ب: ودعى.
(9) قال الذهبي: وقد كان المنصور يصغي إلى أقوال المنجّمين، وينفقون عليه، وهذا من هناته مع فضيلته. سير 7/ 88. وراجع قصته مع المنجم (نوبخت) عند ابن كثير:
البداية والنهاية 10/ 122.(3/1352)
وكان عنده فيل أهدي إليه، قيل: إنّه سجد لسابور (1) ذي الأكتاف، ولأذدشير (2) بن بابك، ولكسرى أنوشروان، ثم سجد لأبي جعفر المنصور، وكان عمره أربع مائة سنة (3).
(مقتل عبد الله بن علي) (4):
وكان أخوه أبو العباس عهد له ولابن عمه عيسى بن موسى من بعده، لأنه كان شهما حازما، فكتب إليه أبو جعفر وأراده (5) على أن يخلع (6) نفسه، ويبايع لابنه، فأبى، فاحتال عليه بأن أمره أن يقتل عمه عبد الله بن علي. وخرج (7) حاجّا، واستخلفه على بغداد، فكتب إليه من مكة: أنّ عمك عبد الله بن علي قد بلغني أنّه يريد الفرار فاقتله، فرأى [أنّه] (8) يريد أن يجد السّبيل (9) إلى قتله، كي يولي (10) ابنه. فأخذ عمه
__________
(1) في الأصل: لصابور، والتصويب من: أ، ب.
(2) في أ، ب: والأزدشير.
(3) ذكره باختصار ابن قتيبة: عيون الأخبار 2/ 97، وابن عبد ربه: العقد الفريد 6/ 242.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في أ، ب: وأداره.
(6) في الأصل: يخلس، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ، ب: فخرج.
(8) التكملة يقتضيها السياق، وهي من المحقق.
(9) في أ: السير.
(10) في الأصل: يتولّى، والمثبت من: أ، ب.(3/1353)
عبد الله، وغيّبه عنده، وراجعه: إنّي قتلته، فسرّ المنصور بذلك. فلمّا رجع إلى بغداد اجتمع (1) بنو العباس، فقال لهم: بلغني أن هذا الرجل [قتل] (2)
عمّنا، وقد وجب أن يقتل [به] (3)، [فقالوا: نعم، فقال عيسى] (4): الله الله يا أمير المؤمنين، أنت أمرتني بقتله فقتلته (5)، وكتبت إلي به (6) من مكة، قال معاذ الله. فلماّ [أزمعوا] (7) على قتله [به] (8) أخرجه من داره حيّا سويّا، فسقط في يد المنصور، وغاظه، وأخذ عمه عبد الله، وسجنه في بيت بناه، معدّ له، وجعل أساسه ملحا، ثم اطلق عليه الماء فذاب الملح.
وسقط عليه البيت فمات. وبقي عيسى ولي العهد بعده شجى في صدره (9).
(خلع عيسى بن موسى والبيعة للمهدي) (10):
__________
(1) في أ، ب: جمع بني.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: أباه.
(4) التكملة من: أ، ب
(5) (فقتلته) سقطت من: ب.
(6) في الأصل: إلى أبيه، والتصويب من: أ، ب.
(7) بياض في الأصل، والمثبت ممن: أ، ب.
(8) زيادة من: أ، ب.
(9) راجع التفاصيل عند الطبري: تاريخ 8/ 97، والأبشهي: المستطرف 1/ 75، 76، والجهيشاري: الوزراء والكتاب ص 130، وابن العمراني: الأنباء ص 63، 64.
(10) عنوان جانبي من المحقق.(3/1354)
فلمّا خرج عليه محمد (1) وإبراهيم (2) أبناء عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وتملكوا أكثر بلاد العراق.
أخرجه إلى حربهما طمعا أن يقتلاه، فحاربهما حتى هزمهما وقتلهما، ورجع إليه سالما، فرّده ثانية لأمور أخرى، فرجع إليه سالما. فأعيته الحيلة فيه. ثم أمرّ خالد بن برمك وكان من وجوه رجاله أن يحتال عليه حتى يخلع نفسه، فتكلّم معه في ذلك، وعرض عليه في مخالفته غرض أمير المؤمنين وما يخشى عليه من ذلك، فأبى. فلمّا رأى ذلك (3) خالد استمرار (4) على مخالفته جمع [من] (5) فضلاء بغداد وخيارهم نحو ثلاثين رجلا، وقال لهم: هل لكم في أمر تحقنون به دماء كثير من المسلمين؟
قالوا: وكيف ذلك؟ قال: إنّ عيسى أبى أن يخلع نفسه، وأمير المؤمنين يريد أن يولي ابنه مكانه، فتشهدون عليه أنّه خلع نفسه، ويكون في هذا صلاح وسداد، فقالوا: هذا هو الرأي السّديد، والأمر الرشيد. فعدلوا عليه، ومضوا إلى المنصور. / فجمع الفقهاء، والقاضي والشهود، فشهد
__________
(1) هو محمد بن عبد الله، المعروف بالنفس الزكية الذي ثار أيام المنصور، وقتل سنة 145هـ راجع الذهبي: سير 6/ 218210وابن حجر: تهذيب 9/ 252.
(2) هو إبراهيم بن عبد الله العلوي: الذي خرج بالبصرة زمن خروج أخيه بالمدينة، قتل بعيد أخيه سنة 145هـ. راجع الطبري: تاريخ 7/ 649622، والذهبي: سير 6/ 218.
(3) (ذلك) ليست في: أ، ب.
(4) في أ، ب: استمراره.
(5) التكملة من: أ، ب.(3/1355)
[122/ ب] أولئك الثلاثون عند القاضي: أنّ عيسى أشهدهم أنّه خلع نفسه طائعا غير مكره. وبايع للمهدي، فأعذر إليه القاضي في ذلك، فأنكر، فلم يلتفت إلى إنكاره، وأشهد على نفسه القاضي بثبوت خلعه، وحكم عليه، وبايعوا في الفور محمد المهدي بن المنصور (1).
[ومن] (2) عدل المنصور وفضله أنّه رفع إليه عن [رجل] (3) بأنّ (4)
بعض بني أميّة استودعوه مالا كثيرا عظيما. فلما حضر (5) [الرجل] (6)
قال: يا أمير المؤمنين أوارث (7) أنت بني أميّة أو واصي؟ فقال: لا، ولكن (8) كانوا يأكلون (9) أموال الناس غصبا، فيكون ما تركوا لبيت المال (10)، فقال: يا أمير المؤمنين! أو ما كان لبني أميّة مال حلال؟ قال:
بلى، قال: يا أمير المؤمنين! فهذا (11) الذي عندي من حلال، فما لك إليه
__________
(1) راجع الطبري: تاريخ 8/ 2019.
(2) في الأصل: ومع، والتصويب من: أ، وسقطت من: ب.
(3) في الأصل: رسول، والمثبت من: أ، ب.
(4) في أ، ب: أن.
(5) في ب: أحضر.
(6) الزيادة من: أ، ب.
(7) في أ: أورث.
(8) في أ، ب: ولكنهم.
(9) في ب: يستحقّون.
(10) في أ: أمه.
(11) في أ: فلعل هو، وفي ب: فلعل هذا.(3/1356)
سبيل، إلا أن يثبت بشاهد (1) عدل أنّه من مال غصب المسلمين (2).
فأطرق المنصور ساعة، ثم رفع رأسه، وقال له: انصرف فما عليك سبيل، فقال: يا أمير المؤمنين! أما إذ أعطيتني الأمان (3)، فبالله الذي لا إله إلا هو، وعليّ كذا وكذا من الأيمان ما عندي من مال بني أمية قليل ولا كثير، ولا استودعني أحد شيئا. قال له المنصور: فما منعك أن تترع إلى هذا أوّل ما سألتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ المحنة صعبة، والمقام شديد عند أمير المؤمنين، فلو كنت ابتدأت بالإنكار لم آمن من الحبس، ثم لا أبلغ من كشف أمري عندك ما بلغته باستفهامي واحتجاجي. فاستنصف (4) له المنصور، وأعجبه أمره ومذهبه، ومداراته على نفسه، [فقال له: سلني حاجتك] (5)، فقال: حاجتي يا أمير المؤمنين نريد (6) يبلغ كتابي إلى أهلي، فإني فارقتهم وهم في وجل (7) من أجلي، فقال له: نعم. اسألني (8) حاجة أخرى، فقال: يا أمير المؤمنين! أعلمني من وشى [بي، وبغى] (9) عليّ؟
__________
(1) في أ، ب: بشهيدي.
(2) في أ، ب: الغصب للمسلمين.
(3) في أ، ب: واعطيتني الأمن.
(4) في أ، ب: فاستأصله.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في ب: يريد.
(7) في ب: اجل.
(8) في ب: سلني.
(9) التكملة من: أ، ب.(3/1357)
قال: نعم، فبعث [في الذي] (1) رفع إليه ذلك، فلما مثل بين يديه ونظر الرجل إليه، قال: هذا والله يا أمير المؤمنين عبد لي، آبق عنّي، وضرّني على [ثلاث مائة دينار] (2) [فإن أنكر، أقمت عليه البيّنة] (3) فقال للغلام:
اسمع ما يقول لك، فقال صدق يا أمير المؤمنين. قال له: وما حملك (4) أن رفعت عليه (5) ما رفعت؟ فقال له: يا أمير المؤمنين! ركبت ما ركبت من أخذ ماله، فأردت [أن] (6) أشغله بمطالبة (7) أمير المؤمنين عن (8) مطالبتي.
فتعجّب (9) أمير المؤمنين من حيلته، ثم قال للرجل: هب لي ذنبه. قال: يا أمير المؤمنين هو حرّ لوجه الله [تعالى] (10) وثلاث مائة دينار هبة له، وذلك لما (11) رغب فيه أمير المؤمنين. فأمر له المنصور بمال واشخصه [وغلامه] (12).
__________
(1) في الأصل: الذي، والتصويب من: أ، ب.
(2) في الأصل: ثلاثة دنانير، والتصويب من: أ، ب.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) في ب: وما حملك عليه.
(5) في الأصل: إليه، والتصويب من: أ، ب.
(6) الزيادة من: أ.
(7) في الأصل: بما طلبت، والتصويب من: أ، ب.
(8) في الأصل: من، والتصويب من: أ، ب.
(9) في أ، ب: معجب.
(10) الزيادة من: ب ذلك لمن.
(11) في أ، ب: وقيل ذلك لمن.
(12) التكملة من: أ، ب. ولم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.(3/1358)
وصية المنصور للمهدي حين عهد له بولاية العهد) (1):
قال أبو عبد الله الكاتب: سمعت المنصور يقول للمهدي حين عقد له ولاية العهد: يا أبا عبد الله! استدم النعم بالشّكر، والقدرة بالعفو، والطّاعة بالتأليف، والنّصر (2) بالتّواضع، ولا تنس [مع] (3) / نصيبك من [123/ أ] الدنيا [نصيبك (4) من] الآخرة (5).
وقال له أيضا: لا يصلح السلطان إلا بالتقوى، ولا الرّعيته إلا بالطاعة، ولا تعمّر البلاد إلا بالعدل، ولا تدوم نعمة السّلطان وطاعته إلّا بالمال، ولا تقدم في الاحتياط بمثل نقل الأخبار. وأقدر الناس على العفو أقدرهم على العقوبة، وأعجز الناس من ظلم من هو دونه. واختبر (6) عمل صاحبك، وأعلمه باختباره (7).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) في أ: والصبر.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) هذا الخبر أورده أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 202والطبري: تاريخ 8/ 71 وعند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 126من طريق الزبير بن بكار. وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 148، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 123.
(6) في أ، ب: واختر، وفي تاريخ الطبري 8/ 72واعتبر عمل صاحبك وعمله باختباره.
(7) ورد بتمامه عند الطبري: تاريخ 8/ 71، 72برواية الزبير بن بكار، وورد مختصرا وبألفاظ متقاربة عند أبي زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 202، والجهشياري:
الوزراء والكتاب ص 126، وابن عبد ربه: العقد الفريد 1/ 4140والخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 56، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 230.(3/1359)
وقال له: لا تجلس مجلسا إلا ومعك من أهل العلم يحدّثك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّ محمد ابن شهاب الزّهري قال: الحديث ذكر ولا يحبّه إلا ذكور الرجال، ولا يبغضه إلا إناثهم (1).
وقال له: من أحبّ الحمد أحسن السيرة، ومن أبغضه أساءها، وما أبغض أحد الحمد إلا استذمّ، [وما استذم إلّا كره] (2).
وقال له: ليس العاقل الذي يحتال للأمر الذي وقع فيه حتى يخرج منه ولكنه الذي يحتال للأمر الذي وقع فيه قبل الوقوع فيه (3).
وأوصاه عند الحجّة التي مات فيها، فقال له: أوصيك بتقوى الله تعالى، وصلة الرحم، والمقاربة لأهل بيتك بالمودة، فإنّ أبعد النّسب البغضة، واصطنع منهم من ابتغى بنفسه المعالي، وصلهم إن بلوا (4) ولا تبدّلهم (5)، واتّسع لمن شرف منهم، فإنّ أشدّ الناس مروءة أحسنهم خلقا، وكن من العامة في الستر، واعلم أنّ رضاء النّاس غاية لا تدرك، فتحبّب إليهم بالإحسان جهدك، واقصد بأفضالك لموضع الحاجة منهم، وتثبّت فيما يرد عليك من أخبارهم، فإنّ المعالجة بالعقوبة مقت وندامة. ووكل
__________
(1) في أ، ب: مؤنثهم. والخبر عند الطبري: تاريخ 8/ 72، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 202، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 126باختلاف يسير.
(2) التكملة من: أ، ب. والخبر كاملا عند الطبري: تاريخ 8/ 72.
(3) في أ، ب: الذي يخشاه حتى لا يقع فيه. والخبر عند الطبري: تاريخ 8/ 72وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 126.
(4) في أ، ب: ينبلوا.
(5) في ب: ولا تبتدلهم.(3/1360)
همومك بأمورك، وتفقّد الصّغير بعد الكبير، وخذ أهبة (1) الأمر قبل حلوله، فإنّ ثمرة [التأنّي] (2) الضيع (3)، وكن عند رأس أمرك لا عند ذنبه، فإنّ المستقبل لأمره سابق، والمستدبر له مسبوق، والزم أمورك أهل العفاف والصدق، وعليك (4) بمن كانت سريرته الصدق إليك (5) مثل علانيته، وولّ إذا ولّيت الفاضل تكن (6) مستغلبا لأمورك، ولا تول المفضول فإنّه مزر باختبارك عند رعيتك، وهو آفة لمن هو دونه، وشغب لمن هو فوقه. وانظر الأموال فإنّها (7) عدة الملوك، ونظام التدبير، فوفّرها بولاية [الأعفّاء] (8) ولا تبذلها في صلاح السلطان، وثواب أهل النّصح والأسلحة، وأحسن إلى نسائك وأهل طاعتك، واستبق مودّتهم بحسن التعاهد (9) لهم، ولا تعط عطيّة تبطر الخاص وتؤسف (10) العام، ودع بكلّ إليك حاجة، واجعل لهم من فضلك مادّة يراعونها، واسمع من أهل
__________
(1) في أ: هبة.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في أ، ب: للتضييع.
(4) في أ، ب: عليك.
(5) (الصدق عليك) ساقطة من: أ، ب.
(6) (تكن) تكررت في: ب.
(7) في الأصل: الأمور فإنه، والتصويب من: أ، ب.
(8) التكملة من: أ، ب.
(9) في أ، ب: التعمد.
(10) في الأصل: وتسوّف، والمثبت من: أ، ب.(3/1361)
التّجارب، ولا تردّ على ذوي الرأي من ثقاتك (1) النّصيحة فتمنعها لرهبتهم منك أحوج ما تكون إليها، ثم لا يكون لك عليهم حجة، وعودّ نفسك الصّبر، وإيثار الرأي على الهوى تجري عليهم (2) عادتك، واعلم أنّ هدم السلطان مهانة العزم (3)، وتفقد (4) صالح الأعمال. [وإنّ كمال] (5)
العقل ثلاث لا غنى لبعضها عن بعض، وهي: المعرفة، وحسن التخيير (6)، وامضاء (7) الاختيار بالعزم، وتنكيب (8) أهل الحرص، / [123/ ب] فإنّ الحريص يبايعك (9) باليسير من حظه. واعلم أنّ مادّة (10) الرأي المشاورة (11)، وبذلك صلاح الإمام والرّعية. فانظر من تشاور، وعليك (12)
من ذلك بمن اتصل صلاحه وفساده بك، فإنّ العدوّ ينصحك فيما يعود عليه بنفعه، والوليّ يدع ذلك فيما يعود عليه ضرره، وانظر عددك
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: من ثقيتك.
(2) في أ، ب: تجر عليه.
(3) في الأصل: العزل، والمثبت من: أ، ب.
(4) في أ، ب: وفقد.
(5) في الأصل: والاكمال، والتصويب من: أ، ب.
(6) في أ، ب: التخير.
(7) في ب: وامضياء.
(8) في أ، ب: وتنكب.
(9) في أ، ب: يبيعك.
(10) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: مدّة.
(11) في ب: المشورة.
(12) في ب: في.(3/1362)
لحربك، واستفهم (1) بصيانتك عن [مخالطة العامة] (2) ولا ترم [بهم إلى] (3)
مواضع الفتن والحاجة، وكن فيهم ظنينا جاز بالحسنة، وتجاوز عن السيئة ما لم يكن بها في دين، أو وهن في السلطان، ودع الانتقام فإنّه سوء (4) فعل القادر. واستغني عن الحقد فإنّه من أعظم البلايا (5)، ومن تعمّد ذنبا لا تحل (6) رحمتك إيّاه دون تأديبه، فإنّ الأدب رفق، والرفق يمن (7). واعلم أنه ليس بإنسان من أسدي إليه خير فنسيه بعد ألف عام (8).
وقال المنصور يوما لإسماعيل (9) بن عبد الله: صف لي النّاس، قال:
أهل الحجاز مبتدأ الإسلام وبقيّة العرب، وأهل العراق ركن الإسلام ومقاتلة عن الدين، وأهل الشام حصن الأمة وأسنمة الأئمة، وأهل خراسان فرسان الهيجاء، والترك منابت الصخور وأبناء المغازي، وأهل
__________
(1) في أ، ب: فاستفهم.
(2) في الأصل: حربك، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل فيهم إلا، والنصويب من: أ، ب.
(4) في أ، ب: اسواء.
(5) في أ، ب: وقد استغنى عن الحقد من عظم عن البلاء.
(6) في أ، ب: فلا.
(7) في أ: يمن.
(8) لم أقف على هذه الوصية في المصادر التي رجعت إليها.
(9) هو اسماعيل بن عبد الله القسري، أخو خالد، كان من قواد إبراهيم بن الوليد، الخليفة الأموي، وقد فرّ إلى الكوفة بعد مسير مروان بن محمد إلى الشام وخلع إبراهيم، وبعد مقتل مروان أصبح إسماعيل من شيعة بني العباس، ومن خاصة المنصور.
الطبري: تاريخ 7/ 304و 8/ 70وابن كثير: البداية والنهاية 4/ 331284.(3/1363)
الهند حكماء استغنوا ببلادهم واكتفوا بها عمّا يليهم، والروم أهل كتاب، والأنباط كان ملكهم قديما فهم لكلّ قوم عبيد. قال: فأي الولاة أفضل؟
قال: الباذل العطاء. والمعرض عن السيئات (1). قال: فأيّهم أخرق (2)؟ قال:
أنهكهم للرعية، واتبعهم لها بالخزي والعقوبة. والطاعة على الخوف تسرّ الغدر وتظهره عند نزول الشدّة، والطاعة على المحبة تظهر الاجتهاد، وتبالغ عند الغفلة. قال: فأي الناس أولاهم بالطاعة؟ قال: أولاهم (3)
بالنّصرة والمنفعة. قال: ما علامة ذلك؟ قال: سرعة الإجابة وبذل النفس، قال: فمن ينبغي لملك أن يتّخذ (4) وزيرا؟ قال: أسلمهم قلبا، وأبعدهم من الهوى. قال أحسنت (5).
ووجه إلى عمرو (6) بن عبيد ليدلّه على قوم يصلحون للقضاء. فقال له: النّاس صنفان، قوم يعملون للآخرة، فأنتم لا تريدونهم. وقوم يعملون
__________
(1) في أ، ب: السيئة.
(2) أخرق: الأخرق ضد الرّفيق. الجوهري: الصحاح 4/ 1468 (خرق).
(3) في ب: ولاهم.
(4) في أ: يتخذوا.
(5) هذا الخبر أورده كاملا الطبري: تاريخ 8/ 70، 71باختلاف يسير.
(6) في الأصل: إلى عمر بن عمر، والمثبت من: أ، ب. هو عمرو بن عبيد بن باب، القدري، كبير المعتزلة، كان داعية إلى بدعته، اتهمه جماعة مع أنه كان عابدا، اغترّ الخليفة المنصور بزهده فعظّمه وأغفل بدعته، مات سنة 143وقيل سنة 144هـ.
الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 12/ 187166، والذهبي: سير 6/ 106104، وابن حجر: تقريب ص 424.(3/1364)
للدنيا فما ظنّكم بهم إذا (1) مكنتموهم منها، ولكن عليك بأهل البيوتات، فإنّهم يقفون [عن] (2) القبيح لموضعهم من الجلالة والحسب وتردهم عن الخيانة (3) المروءة، قال: صدق الفقيه.
(مقتل أبي أيوب المورياني) (4):
وكان سبب قتل المنصور لوزيره أبي (5) أيّوب: أنّ المنصور لمّا كان مستترا بالأهواز، نزل على بعض الدّهاقين، فاستتر عنده، فأكرمه الدّهقان بجميع ما يقدر عليه، حتى أخدمه ابنته، وكانت في غاية الجمال (6)، فقال له المنصور: ليس يحلّ (7) استخدامها والخلوة بها، وهي جارية [حرة] (8)
قال (9) فزّوجه إيّاها / فعلقت (10) منه، وأراد أبو جعفر الخروج إلى البصرة، [123/ أ] فودّعهم وأعطى الجارية قميصه وخاتمه، وقال لها: إن
__________
(1) في ب: إذ.
(2) في الأصل: على، والتصويب من: أ، ب.
(3) في ب: الخنا.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في أ، ب: أبو.
(6) في: أفي غاية ما يكون من الجمال.
(7) في ب: لست استحلّ.
(8) تكملة من: أ، ب.
(9) (قال) ليست في: أ، ب. والقائل هو راوي الخبر: أبو العيناء. راجع الجهشياري:
الوزراء والكتاب ص 121.
(10) علقت: أي حبلت. الجوهري: الصحاح 4/ 1529 (علق).(3/1365)
ولدت فاحتفظي بولدك، فإذا سمعت أنّه قد قام في النّاس رجل يقال له عبد الله بن محمد، ويكنى أبا جعفر، فسيري (1) إليه بولدك وبهذا القميص والخاتم، فإنّه يعرف حقّك ويحسن الصّنيع إليك، وفارقهم. وولدت الجارية غلاما، فنشأ الغلام وترعرع، وكان يلعب مع أقرانه، وملك أبو جعفر فعيّر الغلام يوما أقرانه لكونه لا يعرفون (2) له أبا، فدخل إلى أمّه حزينا كئيبا، فسألته عن حاله، فأخبرها (3) بما قال له (4) أقرانه. فقالت:
والله إنّ لك لأبا فوق النّاس كلّهم. قال لها: من هو؟ قالت له: القائم بالملك. قال: [فهذا أبي] (5) وأنا على هذه الحال! هل من شيء يعرّفني به! فأخرجت إليه القميص [والخاتم] (6) فدفعتها (7) إليه. فشخص الفتى، وسار إلى الرّبيع، فقال له: نصيحة. قال (8) هاتها. قال: لا أقولها إلا لأمير المؤمنين. فأعلم المنصور الخبر، فأدخله إليه، فقال له: هات نصيحتك، قال: أخلني فتنّحى عنه من كان عنده، وبقي الربيع. فقال نصيحتك.
__________
(1) في أ، ب: فصيري.
(2) في أ، ب: لا يعرف.
(3) في أ، ب: ما.
(4) (له) ساقطة من: أ، ب.
(5) في الأصل: هذا، والمثبت من: أ، ب، والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 122.
(6) تكملة من: أ، ب.
(7) في أ، ب: فدعتها.
(8) (قال) تكرر في: أ.(3/1366)
قال: [لا، إلا أن يتنّحى، فنّحاه، وقال:] (1) هات. فقال: أنا ابنك. قال:
ما علامة ذلك؟ فأخرج القميص والخاتم، فعرفهما (2)، وقال: ما منعك أن تقول هذا ظاهرا؟ قال: خفت أن تجحد، فيكون ذلك سبّة عليّ إلى آخر الدّهر، فضمّه إليه وقبّله، وقال: أنت ابني حقا. ودعا أبا أيوب المورياني (3)
يدفعه إليه. وقال له: ما كنت تفعله (4) بولدي عندك فافعله به. وتقدّم إلى الربيع بان يسقط عنه الإذن، وأمره بالبكور إليه والرّواح في كلّ أمر (5) إلى أن يظهر أمره، فإنّ له فيه تدبيرا. فضمه أبو أيوب إليه، وأخلى له مترلا، وأوسع له من كلّ شيء، فكان يغدو ويروح على المنصور [وكان الفتى في غاية من العقل والكمال، وكان المنصور] (6) يجاريه، فيسأله أبو أيوب عمّا يجري بينه وبينه، فلا يخبره، فيقول [له] (7): إن (8) أمير المؤمنين لا يكتمني شيئا، فيقول له الفتى: وما حاجتك إلى ما عندي. إذا فحسده أبو أيوب واستوحش منه، وثقل عليه، فأطعمه شيئا فمات. وسار إلى المنصور
__________
(1) في الأصل وأ، ب: لا، أو يتنحى هذا، فتنحاه، فقال. والصواب ما أثبته من: الوزراء والكتاب ص 122.
(2) في أ: فرفعهما.
(3) في الأصل: المرواني.
(4) في الأصل: تفعل، والمثبت من: أ، ب، والوزراء والكتاب ص 122.
(5) في أ، ب: يوم.
(6) التكملة من: أ، ب.
(7) زيادة من: أ، ب.
(8) في الأصل: انا، والتصويب من: أ، ب.(3/1367)
فأعلمه أنه مات [فجأة] (1) ثم ولّى، فقال المنصور: قتله! قتلني الله إن لم أقتلك به! فلم يلبث بعد أن قتله (2).
(قتل أبي مسلم الخراساني) (3):
وقتل المنصور أبا مسلم الخراساني (4) في شعبان سنة ست وثلاثين ومائة (5).
وقيل: سنة تسع وثلاثين (6). بسبب أشياء عدّها عليه. وهو القائم بدعوتهم، الباذل نفسه في إظهارهم (7)، الموقد دونهم نيران الحروب، والغريق في إعلاء كلمتهم في بحار الخطوب والكروب، الذي [سهر ليناموا] (8) في الظّلال، وشمّر لئلا يظموا ولا ينالهم إذلال. وكتب في رسالته لأبي (9) مسلم شعرا (10):
سيأتيك ما أفنى القرون الّتي مضت ... وما في حلّ أكناف عاد وجرهم
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) هذا الخبر بتمامه أوردها لجهشياري. الوزراء والكتاب ص 123121.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) في أ، ب: السّراج.
(5) المسعودي: مروج الذهب 3/ 304.
(6) لم أقف عليه في المصادر الأخرى
(7) في ب: إظهار.
(8) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(9) في أ، ب: في رسالة إلى.
(10) (شعرا) ليست في: أ، ب.(3/1368)
ومن كان أقوى منك (1) عزّا ومفخرا ... وأقيد للجيش الهمام العرمرم (2)
[ولما جلس أبو مسلم بين يدي المنصور، وقد همّ المنصور بقتله، عاتبه المنصور وقال:
زعمت أنّ الدّين لا يقتضي ... فاقتصّ بالدّين أبا مجرم
واشرب بكأس كنت تسقي بها ... أمرّ في الحلق من العلقم (3)
وخطب المنصور بعد قتله [أبا مسلم] (4)، / فقال: يا أيها الناس [124/ ب] لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، [ولا تسرّوا غشّ] (5) الأئمة، فإنه لم يسرّه أحد إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه. إن الله أيّد الإمامة لإعلاء حقه، وإعزاز دينه. إنّا لن نبخسكم حقوقكم، ولن نبخس الدين حقّه. إن من نازعنا عروة هذا القميص ولّيناه [خبء] (6) هذا السيف. وإنّ أبا مسلم بايعنا وبايع لنا على أنه من نكث بنا فقد ثبت الحق عليه (7)، أباح لنا (8) دمه. ثم نكث، فحكمنا عليه
__________
(1) في الأصل: منك أقوى، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: ومقيد للجيش المفيد العرمرم، والمثبت من: أ، ب.
(3) التكملة من: أ، ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 304واليعقوبي: تاريخ 2/ 368والطبري: تاريخ 7/ 491وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 154باختلاف يسير.
(4) زيادة من: أ، ب.
(5) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(6) الزيادة من: أ، ب.
(7) (ثبت الحق عليه) ليست في: أ، ب.
(8) في أ، ب: أباحنا.(3/1369)
لأنفسنا حكمه على غيره، ثم لم يمنعنا رعاية [الحقّ له من إقامة] (1) الحق عليه. (2)
قال الأصمعي: أتى المنصور برجل يعاقبه على شيء بلغه عنه، فقال:
يا أمير المؤمنين الانتقام عدل والتّجاوز فضل، ونحن نعيذ بالله لأمير المؤمنين (3) أن يرضى لنفسه (4) بأوكس (5) النّصيبين (6)، دون أن يبلغ أرفع الدرجتين. فعفا عنه (7).
واجتمع عند المنصور جماعة من أهل العلم فيهم [عمرو] (8) بن عبيد، فسأل المنصور عمرا (9) عن الحديث فيمن اقتنى كلبا لغير زرع ولا حراسة أنّه ينقص كل يوم من أجره قيراط (10) فقال له عمرو: هكذا
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) هذا الخطبة وردت عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 305، وعند الطبري: تاريخ 8/ 94، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/ 210وهي مختلفة قليلا عما هنا، وهذا دليل على أن المؤلف كان يكتب من حفظه للنصوص.
(3) في: أ، ب: أمير.
(4) في الأصل: بنفسه، والتصويب من: أ، ب.
(5) بأوكس: بأنقص. الجوهري: الصحاح 3/ 989 (وكس) بتصرف.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: الصبيان.
(7) ابن كثير: البداية والنهاية 10/ 123.
(8) في الأصل: عمر، والتصويب من: أ، ب. وهو عمرو بن عبيد من باب، القدري، كبير المعتزلة، وقد سبقت ترجمته.
(9) في الأصل: عمر، والتصويب من: أ، ب.
(10) للحديث شاهد عند البخاري بإسناده إلى سفيان بن أبي زهير رجل من أزد شنوءة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(3/1370)
جاء الحديث.
قال له (1) المنصور: خذها بحقّها، إنما قيل ذلك لأنّه ينبح الضّيف، ويروّع السّائل، ثم أنشد:
أعددت للضّيفان كلبا (2) ضاريا ... [هزلا، وفضل هراوة (3) من أرزق
ومعاذ، لا كذبا، ووجها باسرا ... وتشكيّا عضّ الزمان الأرزق] (4)
قال: (5) فما بقي أحد إلا كتبه عن المنصور (6).
وكان كثيرا ما يتمثل:
تبيت من البلوي على حدّ مرهف ... مرارا ويكفي الله ما أنت خائف
وتمثل أيضا:
وربّ أمور لا تضيرك ضيرة ... وللقلب من محشاتهنّ وجيب] (7)
وخطب في الناس حين ظفر بإبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسين
__________
من اقتنى كلبا لا يغنى عنه زرعا ولا ضرعا نقصكلّ يوم من عمله قيراط كتاب الحرث والمزارعة، باب اقتناء الكلب للحرث (فتح الباري) 5/ 5رقم (2323).
(1) في الأصل: له، والتصويب من: أ، ب.
(2) في أ: كلبا للضّيفان.
(3) هراوة: الهراة: العصا الضخمة. الجوهري: الصحاح 6/ 2535 (هرا).
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) لعل القائل هنا راوي الخبر، ولم أقف على اسمه.
(6) ذكره باختصار أبو حيان التوحيد: البصائر والذخائر 9/ 154 (تحقيق وداد القاضي).
(7) التكملة من: أ، ب، والخبر بتمامه ورد عند الطبري: تاريخ 8/ 98.(3/1371)
رضي الله عنهم. ونصب رأس إبراهيم بالبصرة، فقال: يا أهل المدرة (1)
الخبيثة، [هذا رأس] (2) فتنتكم (3) التي خلعتم بها (4) الطّاعة، وفارقتم بها (5)
الجماعة، وقد آثرنا مكرمة العفو وفضيلته، وتركنا نفع الانتقام وحلاوته، وليس اغتفارنا (6) ما سلف بما نعنا من عقوبة من استأنف، وقد أمنّا الخائفين، وجعلنا السيف عقوبة المعاودين (7).
(مدة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنه، وموضع قبره) (8):
وكان المنصور يقول: ولدت في ذي الحجة، وأعذرت في ذي الحجة، وولّيت الخلافة في ذي الحجة، وأحسب موتي يكون في ذي الحجة، فكان كما ذكر (9).
وكانت خلافته اثنتين (10) وعشرين سنة إلا تسعة أيام (11).
__________
(1) في الأصل: المدينة، والمثبت من: أ، ب.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في الأصل: فتياتكم، والتصويب من: أ، ب.
(4) في أ، ب: لها.
(5) في أ، ب: فيها.
(6) في الأصل: اغفرنا، والمثبت من: أ، ب.
(7) في الأصل: المعوذين، والمثبت من: أ، ب، ولم أعثر على نصهذه الخطبة في المصادر الأخرى التي رجعت إليها.
(8) عنوان جانبي من المحقق.
(9) المسعودي: مروج الذهب 3/ 317.
(10) في أ، ب: ثنتين.
(11) المسعودي: مروج الذهب 3/ 294.(3/1372)
وتوفي يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة. وهو ابن ثلاث وستين سنة، بالبطحاء عند بئر (1) ميمون، ودفن بالحجون (2).
وقيل: مات عند وصوله إلى مكة في موضع معروف (3) ببستان ابن عامر (4) من جادّة العراق، ودفن بمكة مكشوف الوجه لأنه كان محرما (5).
__________
(1) في الأصل: عند بير، والتصويب من: أ، ب. بئر ميمون بمكة، بين البيت والحجون بأبطح مكة، منسوبة إلى ميمون الحضرمي. محمد شراب: المعالم الأثيرة ص 283.
(2) في الأصل: بالحجاز، والتصويب من: أ، ب، وابن قتيبة: المعارف ص 378، وأورده المسعودي: مروج الذهب 3/ 294، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 105، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 60.
(3) في أ: المعروف.
(4) بستان ابن عامر: هو بستان لعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي القرشي، والعامة يسمونه بستان ابن عامر، وهو خطأ، وهو مجتمع النّخلتين: النخلة اليمانية، والنخلة الشامية. ياقوت: معجم البلدان 1/ 414.
(5) المسعودي: مروج الذهب 3/ 294.(3/1373)
المهدي:
(اسمه وكنيته، ولقبه، ونسب أمّه، وتاريخ ولادته) (1):
هو محمد بن عبد الله، أبي جعفر المنصور.
يكنى: أبا عبد الله. والمهدي لقب له (2).
أمّه: أمّ موسى بنت منصور بن عبد الله بن [ذي] (3) سهم (4) بن أبي سرح، ومن ولد / ذي رعين (5)، من ملوك حمير (6). ولدته سنة تسع [125/ أ] وعشرين ومائة (7).
(بيعته) (8):
بويع له بمكة في اليوم الذي مات فيه أبوه، أبو جعفر المنصور، وهو ابن ثلاثين سنة (9).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) ابن الجوزي: الثقاب 2/ 436.
(3) الزيادة من: أ.
(4) في أ: يسهم.
(5) بنور عين: بطن من العرب ذكرهم القظاعي في خططه فيمن نزل مصر في الفتح واختط بها ولم ينسبهم في قبيلة. القلقشندي: نهاية الأرب ص 263.
(6) المسعودي: مروج الذهب 3/ 319.
(7) لم أقف على هذا القول عند غير المؤلف، وهو خطأ ظاهر، لأنه لا يتفق مع تاريخ وفات المنصور وهو سنة 158والقدر الذي وضعه المؤلف لسن المهدي يوم بيعته وهو 30سنة، فيكون الصواب في تاريخ مولده سنة 128هـ والله أعلم.
(8) عنوان جانبي من المحقق.
(9) لم أقف عليه في المصادر التي رجعت إليها.(3/1374)
[وقيل: ثمان وثلاثين سنة] (1).
أخذ له البيعة بمكة (2)، الربيع بن يونس مولاه، والد الفضل (3) بن الربيع، وخرج إليهم برسالة (4) عن المنصور في تجديد البيعة للمهدي (5)، فما خالف أحد حتى وكل الربيع للمهدي ما أراد. وجرّد محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس سيفه، وقال: والله لئن [أبى بيعة] (6) المهدي أحد لأملأنّ سيفي منه يعرّض بعيسى بن موسى فشكر له المهدي ذلك، وأقطعه أقطاعا كثيرة (7).
وكان أتاه بنعي أبيه وبيعته، منارة. فأقام يومين بعد قدوم منارة (8)، ثم خطب فنعى أباه، ودعا إلى بيعته، وبويع له بيعة (9) العامة (10).
__________
(1) التكملة من: أ، ب، والخبر عند ابن قتيبة: المعارف ص 379.
(2) في أ، ب: بمكة البيعة.
(3) هو الفضل بن الربيع بن يونس، أبو العباس، حاجب هارون الرشيد، ولد سنة 138هـ، وتوفي سنة 207، وقيل سنة 208هـ الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 12/ 344343، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 208205.
(4) في ب: ابن سلامة. وانظر نصهذه الرسالة عند الطبري: تاريخ 8/ 112111
(5) في ب: المهدي.
(6) في الأصل: بايع، والتصويب من: أ، ب.
(7) في ب: كثيرا.
(8) هو منارة البربري، مولاه. ابن قتيبة: المعارف ص 379.
(9) في ب: بيعته.
(10) الخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 319.(3/1375)
(صفاته) (1):
وكان أسمر، تعلوه صفرة، طويلا، حسن الوجه، [أشمّ] (2)، أسود الشّعر أجعده، مدوّر اللّحية، بعينه اليمنى نكتة بيضاء (3).
(بنوه):
هارون، وموسى، وعلي (4)، وعيسى (5)، وعبيد الله (6)، والمنصور (7)، [وله] (8) يعقوب، وإبراهيم.
وزيره:
[أبو عبيد الله] (9)، ومعاوية (10) بن عبد الله الأشعري. ثم يعقوب بن
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) تكملة من: أ، ب. أشمّ: رافع الرأس. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1455 (شمم) بتصرف.
(3) انظر بعض هذه الصفات عند الطبري: تاريخ 8/ 171، والمسعودي: التنبيه والإشراف ص 343، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 115، والخطيب البغدادي:
تاريخ بغداد 5/ 392.
(4) علي بن المهدي، حجّ بالناس غير مرة، ومات ببغداد، وله ولد. ابن قتيبة، المعارف ص 380.
(5) (عيسى) سقط من: أ، ب.
(6) عبيد الله بن المهدي، ولي الجزيرة، وإرمينية للرشيد. ابن قتيبة: المعارف ص 380 والطبري: تاريخ 8/ 236.
(7) في ب: منصر. المنصور بن المهدي، ولي فلسطين، والبصرة وغيرها، وحج بالناس.
الطبري: تاريخ 8/ 435، وابن قتيبة: المعارف ص 380.
(8) الزيادة من: أ.
(9) التصويب من: أ، ب. وفي الأصل: عبد الله بن عبد الله.
(10) معاوية بن عبد الله بن عضاة، مولى الأشعري، من أهل فلسطين، الوزير، نكبه(3/1376)
داود] (1) ثم صرفه (2) وحبسه، لأنه اتهمه بميل إلى الطّالبيين، فلم يزل محبوسا إلى مرور خمس سنين من خلافة الرشيد، فأطلقه الرشيد وقد ذهب بصره، وأقام بمكة حتى مات (3)، ثم وزر له الفيّاض (4) بن أبي صالح.
(حاجبه):
سالم (5) بن الأبرش، ثم حاجب أبيه: (6) الربيع، ثم الحسن بن عثمان (7)، ثم الفضل بن الربيع.
(قضاته):
__________
المهدي، وصيّر مكانه يعقوب بن داود. اليعقوبي: تاريخ 2/ 400، والجهشياري:
الوزراء والكتاب ص 126.
(1) التكملة من: أ، ب. والخبر عند المسعودي: التنبيه والإشراف ص 343، ويعقوب بن داود بن عمر السلمي مولاهم، استوزره المهدي، فغلب على أمره ثم نكبه المهدي وأودعه السجن، مات سنة 182هـ. الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 265262، والذهبي: سير 8/ 348346.
(2) في ب: ضربه.
(3) ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 121، وتفاصيل حادثة صرف يعقوب بن داود عن وزراة المهدي وحبسه، عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 162155، والطبري: تاريخ 8/ 156154.
(4) في بعض المصادر: الفيض بن أبي صالح. انظر مثلا الوزراء والكتاب ص 164، والتنبيه والإشراف ص 343، والعقد الفريد 5/ 116.
(5) في العقد الفريد 5/ 116سلامان. وفي أخبار الدولة المنقطعة ص 121: سلامة.
(6) (أبيه) ساقطة من: ب، والمقصود الفضل بن الربيع. الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 125، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 121.
(7) في التنبيه والإشراف ص 343الخضر بن سليمان.(3/1377)
محمد (1) بن عبد الله بن علاثة، وعافيه (2) بن يزيد. كانا يقضيان معا في المسجد بالرّصافة (3).
وقيل: إنّه استقضى شريكا (4).
(نقش خاتمه):
حسبي الله (5).
وكان المهدي جوادا، كثير العطاء (6)، حازما، عاملا، عفيفا، حليما،
__________
(1) هو محمد بن عبد الله بن علاثة أبو اليسير الكلابي، من أهل حرّان، ولّاه المهدي القضاء بعسكره، مات سنة 163وقيل: سنة 168هـ. الخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 391388، ووكيع: أخبار القضاة 3/ 253251.
(2) هو عافية بن زيد بن قيس، القاضي الكوفي، ولاه المهدي القضاء ببغداد في الجانب الشرقي. الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 310307، وابن حجر: تهذيب 5/ 60 61.
(3) الخبر كاملا عند وكيع: أخبار القضاة 3/ 251، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 116، والرّصافة: أي رصافة بغداد، وهي الجانب الشرقي بناها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور لابنه المهدي. وفرغ من بنائها سنة 159هـ. ياقوت: معجم البلدان 3/ 46.
(4) هو شريك بن عبد الله، القاضي أبو عبد الله النخعي، ولد ببخاري بأرض خراسان، وولي القضاء بالكوفة للمنصور فأقره المهدي ثم عزله، ومات بالكوفة سنة 177هـ.
ابن سعد: الطبقات 6/ 379378، وابن قتيبة: المعارف ص 509508. وقد سبقت ترجمته ص 1347.
(5) محي الدين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 41.
(6) في أ، ب: العطايا.(3/1378)
ذا ثبات (1)، [وصبر، وعدل] (2) طيّب الأخلاق.
وكان مع ذلك مائلا إلى المنادمة (3)، صبورا عليها. وكانت في أيّامه حروب. وخالفت عليه خراسان، فساس أمرهم، وصبر عليهم (4) حتى استترلهم من [غير] (5) حرب، وانصرفوا إلى الطاعة (6). وقتل الخوارج (7) في كل البلاد، والزّنادقة (8). وبنى المسجد الحرام (9)، ومسجد النبي عليه السّلام، وذهّبهما وزيّنهما (10)، وجدّد بيت المقدس، إذ كانت الزلازل قد
__________
(1) في أ، ب: تثبت.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) المنادمة: كثرة الجلوس على الشراب، ويقال: المنادمة مقلوبة من المدامنة، لأنه يدمن شرب الشراب مع نديمه. انظر الجوهري: الصحاح 5/ 2040 (ندم) والفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص 1500 (ندم) قلت: هذا الخبر فيه طعن على المهدي رحمه الله، الذي وصف بأنّه كان شديد الخوف من الله تعالى، معاد لأولي الضلالة، حنق عليهم، وكان له مآثر ومحاسن كثيرة. الذهبي: سير 7/ 403، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 156.
(4) في أ، ب: لهم.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) راجع تفصيل ذلك عند ابن عبد ربه: العقد الفريد 1/ 212191.
(7) منهم: عبد السلام بن هشام اليشكري، الذي خرج بالجزيرة وكثر بها أتباعه، فوجه إليه الجيوش حتى قتله بقنسرين سنة 162هـ. الطبري: تاريخ 8/ 142.
(8) راجع الطبري: تاريخ 8/ 165.
(9) راجع زيادة المهدي الأولى والآخرة للمسجد الحرام عند اليعقوبي: تاريخ 2/ 396، والأزرقي: أخبار مكة 2/ 7874.
(10) راجع البعقوبي: تاريخ 396.(3/1379)
هدمته. وحجّ بالنّاس حججه (1). وكان أبوه المنصور قد أخذ من العمّال وسواهم أموالا، وسمّاها أموال المظالم، وجعلها في بيت [مال] (2) المظالم، وكتب على كل مال اسم (3) صاحبه، فلما أحسّ بالمنيّة وصّاه في كتابه على أن يردّها إلى أربابها، فردها بعد (4) موت أبيه. فأحبّه الناس أجمع لذلك، وشاع شكره في النّاس، وسار فيهم سيرة حسنة، لأنه افتتح أمره بردّ (5) المظالم، وكفّ القتل، وأمان (6) الخائف، وإنصاف (7) المظلوم، وبسط يداه (8)، وأعطى الأموال، وأطلق كل من كان في السجون (9).
وبنى العلمين اللّذين يسعى بينهما (10).
ودخل المدينة زائرا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، / [فدخل عليه] (11) مالك
__________
(1) في أ، ب: حججا. أما الطبري وغيره فقد ذكروا أن المهدي حج بالناس حجة واحدة سنة 160هـ. خليفة: تاريخ ص 430، والطبري: تاريخ 8/ 132، أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 238.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في الأصل: باسم، والمثبت من: أ، ب.
(4) في ب: في بعد.
(5) في الأصل: ببرة لردّ، والتصويب من: أ، ب. وراجع المسعودي: مروج الذهب 3/ 322.
(6) في أ، ب: وأمّن.
(7) في أ، ب: وأنصف.
(8) في أ، ب: يده.
(9) الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 155.
(10) اليعقوبي: تاريخ 2/ 369.
(11) في الأصل: ودخل، والتصويب من: أ، ب.(3/1380)
[125/ ب] ابن أنس، فحضّه على الإحسان إلى أهل المدينة، وحدّثه بفضلها وفضل أهلها، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمر لهم المهدي بخمسة أبيات. قال (1): والبيت عندهم مائة ألف. وأمر مالكا أن يختار من تلاميذه رجالا يثق بهم ويعتمد (2) عليهم، فيقسموها على أهل المدينة، ويؤثروا (3) أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيت أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي (4)، والمهاجرين الأولين، والأنصار، ثم الذين اتّبعوهم بإحسان.
ففعل، فأغنى (5) أهل المدينة في عامهم ذلك (6).
قال الحسن بن قحطبة: دخلت على المهدي يوما، فقال [للخادم] (7): من بالباب؟ فقال: شريك بن عبد الله القاضي، فأذن له، فأمر (8) بسيف، فأحضر، فدخل فسّلم، فقال: لا سلم الله عليك يا فاسق، فقال شريك: يا أمير المؤمنين إنّ للفاسق علامة، يعرف بشرب (9) الخمر، واتخاذ الغناء (10) والمعازف، قال: قتلني الله إن لم أقتلك. قال: ولم يا أمير
__________
(1) لعله يقصد راوي الخبر، ولعله صاحب كتاب الإمامة والسياسة 2/ 152.
(2) في الأصل: ويعقد بهم، والتصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل وب: ويؤثر، والتصويب من: أ.
(4) (وعلي) ساقطة من: أ، ب.
(5) في الأصل: واغتنى، والمثبت من: أ، ب.
(6) الخبر بأطول مما هنا عند صاحب كتاب الإمامة والسياسة 2/ 152151.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) في أ، ب: وأمر.
(9) في أ، ب: بها شرب.
(10) في أ، ب: القيان.(3/1381)
المؤمنين؟ قال: رأيتك في المنام كأني مقبل عليك أكلمّك وأنت تكلّمني من قفاك، فقال لي المعبّر: هذا رجل يطأ بساطك وهو مخالف لك، فقال شريك: يا أمير المؤمنين [رؤياك] (1) ليست رؤيا إبراهيم عليه السّلام ولا فسّرها يوسف عليه السلام، وأنّ دماء المسلمين لا تستحل بالأحلام الكاذبة، فنكّس المهدي رأسه، ثم أشار إليه أن أخرج (2).
وقيل: إنّ المهدي حجّ في بعض السّنين، فمرّ بميل (3) من أميال الطريق، وعليه كتاب، فوقف (4) وقرأه، فإذا هو فيه (5):
لله درّك يا مهديّ (6) من رجل ... لولا اتخاذك يعقوب بن داود
فقال [لمن معه] (7): اكتبوا تحته على رغم [أنف] (8) الكاتب. ثم مرّ بعده قليلا (9) أوقع بيعقوب (10).
وذكر الفضل بن الرّبيع، قال: دخل شريك القاضي يوما على
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: إياك.
(2) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلف.
(3) الميل: بكسر الميم منار يبنى للمسافر في الطريق. الفيروز آبادي: القاموس المحيط 1369 (ميل) بتصرف.
(4) في أ، ب: وقرأه.
(5) (فيه) ليست في: أ، ب.
(6) في الأصل: يا فلان، والمثبت من: أ، ب.
(7) في الأصل: له، والتصويب من: أ، ب.
(8) التكملة من: أ، ب.
(9) في أ، ب: بعد قليل.
(10) الخبر بتفصيل أكثر عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 159.(3/1382)
المهدي، فقال له [المهدي] (1) لا بد أن تجيبني [إلى خصلة من ثلاث] (2)، فقال: ومن [هنّ] (3) يا أمير المؤمنين؟ فقال: إمّا أن تلي القضاء، وإمّا أن تحدّث ولدي وتعلمهم، أو تأكل عندي أكلة. ففكّر شريك، فقال:
الأكلة أخفّها على نفسي. فاحتبسها المهدي، وأمر بطبخ الألوان (4) وصنع [المخّ] (5) المعقود بالسكر (6) [الطّبرزد] (7) والعسل وغير ذلك، فلمّا فرغ من غدائه، قال له القائم (8) على الطّبخ: يا أمير المؤمنين ليس يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا.
قال الفضل (9) بن الربيع: فحدثّهم (10) والله شريك بعد ذلك، وعلّم أولادهم (11)، وولي القضاء لهم. ولقد كتب لهم (12) بأرزاقه إلى الجهبذ (13)،
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) التكملة من ب: وفي أ: إلى الخصلة.
(3) في الأصل: أين، والتصويب من: أ، ب.
(4) في ب: ألوان.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل: في السكر، والمثبت من: أ، ب. مروج الذهب 3/ 320.
(7) التكملة من: أ، ب. الطبرزد: فارسي معرّب، معناه السكر الأبيض الصلب، وسمي بذلك لأنه يفتت بالفأس بسبب صلابته. الجواليقي: المعرب ص 448.
(8) في أ، ب: القيّم.
(9) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: الفضيل.
(10) في أ، ب: فحادثهم.
(11) في الأصل: أولاده، والمثبت من: أ، ب ومروج الذهب.
(12) في أ، ب: له.
(13) في الأصل: الجهباذ، والمثبت من: أ، ب ومروج الذهب. والجهبذ: هو الخبير(3/1383)
فضايقه في النّقد، فقال له الجهبذ (1): إنّك [لم] (2) تبع بزّا، فقال له شريك:
والله لقد. بعت أكبر من البزّ، بعت به ديني (3).
قال علي (4) بن يقطين: كنا مع المهدي [بما سبذان] (5)، فقال لي يوما: أصبحت جائعا فأتني (6) بأرغفة (7) ولحم بارد، فأتيته به، فأكل، ثم دخل [البهو] (8) فنام، ونمنا نحن في الرّواق (9)، فانتبهنا لبكائه، فبادرنا إليه
__________
الناقد أو التاجر المتمكن، وتطلق على كاتب رسم الاستخراج والقبض. قدمه بن جعفر: قدامة الخراج وصنعة الكتابة.
(1) في الأصل: الجهباذ، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: لن، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذهب.
(3) الخبر كاملا عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 320باختلاف يسير. وباختصار عند الذهبي: سير 8/ 207.
(4) هو علي بن يقطين بن موسى، تولى ديوان زمام الأزمّة في عهد الخليفة المهدي وذلك سنة 168هـ. الطبري: تاريخ 8/ 167والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 166.
(5) في الأصل (بن نشوان) وفي أ، ب: بما نسران، وهو تحريف ظاهر، والتصحيح من مروج الذهب 3/ 332.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: فأتيته.
(7) في الأصل: برغيفة، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذهب.
(8) في الأصل وأ، ب: النهر، وهو محرف، والتصويب من مروج الذهب.
(9) الرّواق: بتشديد الراء مع ضمها، مقدم البيت. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1147 (روق).(3/1384)
[مسرعين] (1)، فقال أما رأيتم [ما رأيت] (2). قلنا: ما رأينا شيئا، قال:
وقف علي رجل، فقال:
كأنّي بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش / منه ربعه ومنازله [126/ أ]
وصار عميد القوم من بعد بهجة ... وملك إلى قبر عليه جنادله (3)
فلم يبق إلا ذكره وحديثه ... تنادي عليه معولات حلائله
قال (4): فما أتت على المهدي بعد رؤياه هذه إلا عشرة أيّام حتى توفي (5).
(وفاته، ومبلغ سنه، ومدة خلافته) (6):
وكان خرج من بغداد سنة تسع وستين ومائة، يريد بلاد الدينور، فمات بقرية يقال لها [الرّذ] (7) ليلة الخميس لسبع بقين من المحرم، سنة
__________
(1) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: حسن عين.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) جنادله: أي حجارته. الفيروز آبادي: القاموس المحيط من 1266 (جندل).
(4) يقصد الراوي: علي بن يقطين.
(5) ورد نص هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 8/ 171170، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 333332، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 254، ومثله عند اليعقوبي 2/ 402401، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 1/ 82، 83، وابن عساكر: تاريخ دمشق (مخطوط) 15/ 541، وابن العمراني: الأنباء ص 71.
(6) عنوان جانبي من المصنف.
(7) في الأصل: زريان، وفي: أ، ب: رذين، والصواب ما أثبته. الرّذ: قرية من قرى ما سبذان، المسعودي: التنبيه والإشراف ص 343وابن قتيبة: المعارف ص 380،(3/1385)
تسع وستين ومائة، وهو ابن ثلاث وأربعين سنة (1).
وقيل: ثمان وأربعين (2).
وصلّى عليه ابنه هارون الرشيد (3).
وكانت خلافته عشر سنين وشهرا ونصف شهر (4).
وقيل: مات مسموما. سمّ في قطايف [أكلها] (5).
ولما حضرته المنيّة بايع (6) لابنيه الكبيرين: موسى الهادي، وهارون الرشيد بعد الهادي (7).
__________
والطبري: تاريخ 8/ 171168، والخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 400، وياقوت:
معجم البلدان 3/ 41.
(1) المسعودي: مروج الذهب 3/ 319، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 156.
(2) خليفة: تاريخ ص 349، وابن قتيبة: المعارف ص 380، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 120.
(3) المسعودي: مروج الذهب 3/ 319.
(4) المسعودي: مروج الذهب 3/ 319، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 115.
(5) الزيادة من: أ، ب، والخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 319، وذكره ابن كثير: البداية والنهاية 10/ 156.
(6) في الأصل: بويع، والتصويب من: أ، ب.
(7) (بعد الهادي) ليست في: أ، ب.(3/1386)
الهادي (1):
(نسبه، وكنيته، ولقبه، وسيرة أمّه) (2):
الهادي: هو موسى بن محمد المهدي. يكنى: أبا محمد (3). ولقبه:
الهادي لدين الله (4).
أمّه أمّ ولد، اسمها الخيزران بنت عطاء، مولى أبيه، وهي أمّ الرشيد، اعتقها المهدي حين بايع بولاية العهد لابنيه منها موسى وهارون تزوجها (5)، ومهرها خمسمائة ألف درهم. وكانت كثيرة الفضل (6)، توجّه بجاريتها، خالصة، وعتبة بالأموال، تفرقها في أهل الستر، وتتفقد نساء بني هاشم بالصلة (7) رحمها الله (8)، وتعطي الشعراء. [ولا تعرف امرأة] (9)
ولدت خليفتين [إلا هي] (10)، [وولّادة] (11) بنت العبّاس زوجة عبد
__________
(1) العنوان من: أ، وفي الأصل: خبر هارون الرشيد مع الهادي.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) ابن قتيبة: المعارف ص 381، والخطيب البغدادي: تاريخ 13/ 21.
(4) ابن الجوزي: الثقاب 2/ 455.
(5) في الأصل: فتزوجها، والمثبت من: أ، ب، وراجع ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 2/ 72.
(6) في أ، ب: الأفضال. وراجع العمري: مهذّب الروضة الفيحاء ص 200.
(7) في أ، ب: بالصلاة.
(8) (رحمها الله) ليست في: أ، ب.
(9) في الأصل: تعرف بامرأة. والتصويب من: أ، ب.
(10) التكملة من: أ، ب.
(11) في الأصل: وولدت، والتصويب من: أ، ب.(3/1387)
الملك بن مروان، فإنّها ولدت الوليد بن عبد الملك، ويزيد، وإبراهيم، وقد [وليا] (1) الخلافة (2).
(بيعته) (3):
بويع يوم الخميس، صبيحة الليلة التّي توفي فيها أبوه المهدي، وهو ابن أربع (4) وعشرين سنة وثلاثة أشهر (5).
أخذ له البيعة أخوه هارون الرّشيد، فأقام له بالبيعة ببغداد الربيع.
وكان الهادي (6) إذ ذاك مقيما بجرجان يحارب أهل طبرستان. وهارون مع المهدي في عسكره، فأنفذ [هارون] (7) [نصيرا] (8) مولاه على دوابّ البريد إلى الهادي بالخبر، وأنفذ معه البردة، والقضيب، والخاتم، وأقبل (9)
إلى العراق (10).
__________
(1) في الأصل: ولي، والتصويب من: أ، ب.
(2) الخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 430.
(3) عنوان جانبي من المحقق.
(4) (أربع) سقطت من: ب.
(5) المسعودي: مروج الذهب 3/ 334.
(6) في ب: المهدي.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) في الأصل: ناصر، والتصويب من: أ، ب، ولم أقف على ترجمة نصر.
(9) في أ، ب: وقف.
(10) الخبر عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 167وابن العمراني: الأنباء ص 73 وبأطول مما هنا عند الطبري: تاريخ 8/ 187.(3/1388)
(صفاته) (1):
وكان أبيض (2) مشرّبا بحمرة (3)، طويلا، جسيما. [أفوه، متى ضحك] (4) انقلبت شفته العليا، ولذلك لقّب: موسى أطبق (5).
(بنوه) (6):
وكان له ستة ذكور: عيسى، وإسحاق، وجعفر (7)، وعبد الله، وإسحاق الأصغر، وموسى وكان أعمى.
وكان له بنات منهنّ: أم عيسى، تزوجّها المأمون (8).
وزيره:
الربيع بن يونس (9)، ثم عمر (10) بن بزيع، ثم أخوه إبراهيم
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) (أبيض) سقطت من: ب.
(3) في الأصل: مشوبا، والمثبت من: أ، ب. والطبري: تاريخ 8/ 214.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: أبوه مات ضاحكا.
(5) الطبري: تاريخ 8/ 214، والثعالبي: لطائف المعارف ص 31، وابن العمراني: الأنباء ص 74.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) جعفر بن الهادي، ولّاه أبو العهد وله سبع سنين أو نحوها، ولم يتم له أمر. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 23.
(8) راجع الطبري: تاريخ 8/ 214، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 116، وابن ظافر:
أخبار الدولة المنقطعة ص 129.
(9) في الأصل: موسى، والتصويب من: أ، ب.
(10) عمر بن بزيع مولى المهدي، ولاه المهدي على دواوين الأزّمة سنة 162، ثم ولاه(3/1389)
بن [المهدي] (1).
كاتبه:
إبراهيم بن ذكوان (2).
حاجبه:
الفضل (3) بن الربيع (4).
قضاته:
أبو يوسف (5)، يعقوب بن إبراهيم بن حنش صاحب الرأى بالجانب الغربي، وسعيد (6) بن عبد الرحمن بالجانب الشرقي.
__________
الهادي ديوان الرسائل، ثم تولّى الوزارة. الطبري: تاريخ 8/ 142، والجهشياري:
الوزراء والكتاب ص 146.
(1) في الأصل وب: السري، والمثبت من: أ. إبراهيم بن محمد المهدي، يكنى أبا إسحاق، ولد سنة 162هـ وكان قد بويع له بالخلافة ببغداد في أيام المأمون، ثم ضعف أمره، وتفرق الناس عنه، وتوفي سنة 224هـ راجع الطبري: تاريخ 8/ 558556555، والخطيب البغدادي: تاريخ 6/ 148142.
(2) هو إبراهيم بن ذكوان الحرّاني الأعور، قلّده الهادي الوزراة، ثم ديوان الأزمة.
الطبري: تاريخ 8/ 207والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 167.
(3) في الأصل: الفضيل، والتصحيح من: أ، ب.
(4) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 345، وخليفة: تاريخ ص 447.
(5) أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، أول من دعي بقاضي القضاة في الإسلام، ولد سنة 113هـ، ومات سنة 182هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 262242، وكيع: أخبار القضاة 3/ 364254.
(6) هو سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، أبو عبد الله المدني، استقضاه الهادي، ثم الرشيد،(3/1390)
على شرطته:
ملك الحرّاني (1).
على حرسه:
علي ابن ماهان (2).
وأمر على إقامة الموسم:
سليمان (3) بن منصور، عمّه (4).
نقش خاتمه:
موسى مؤمن بالله. / وقيل: الله ثقة موسى، وبه يؤمن (5).
[126/ ب] وقيل: بالله أثق (6).
__________
مات سنة 176هـ وقيل 194، وكيع: أخبار القضاة 3/ 264، والخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 67، وابن حجر: تقريب ص 238.
(1) في تاريخ خليفة ص 447عبد الله بن مالك الخزاعي.
(2) في الأصل:: مهان. والتصويب من: أ، ب. تاريخ خليفة ص 447، وتاريخ اليعقوبي 2/ 406علي بن عيسى بن ماهان، الأمير، من كبار قوّاد الدولة، وهو الذي أشار على الأمين بخلع أخيه المأمون. قتل سنة 195بظاهر الرّي. خليفة: تاريخ ص 466، والذهبي: تاريخ (200191هـ)، ص 312، 313.
(3) سليمان بن أبي جعفر المنصور، أبو أيوب، نائب دمشق للرشيد وللأمين، توفي سنة 199وهو ابن خمسين سنة. الخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 24، والذهبي: تاريخ (200191هـ) ص 213.
(4) الخبر عند خليفة: تاريخ ص 447، والطبري: تاريخ 8/ 196.
(5) ابن العمران: الأنباء ص 74.
(6) الأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 105.(3/1391)
نقش طابعه:
الله ربي (1).
وجعل على خاتمه:
على بن يقطين (2).
وهو أوّل من مشت الرّجال حوله بالسّيوف المصلته، والأسنّة المشرعة (3)، [والقسيّ] (4) الموترة، والسّهام المسدّدة (5).
ولم [يعلم له شرب] (6) ولا لهو.
وكانت [أمّه] (7) الخيزران قد أخذت نفسها بأن تأمر وتنهي.
ويدخل إليها الأمراء والوزراء (8)، فبلغه ذلك، فقال: ما للمرأة والإمارة؟
وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن وقف لها (9) أحد بباب لأقتلنّه، ونهاها عن ذلك، وقبّح فعلهما (10).
__________
(1) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 345، وابن عبد ربهك العقد الفريد 5/ 116.
(2) خليفة: تاريخ ص 447.
(3) في الأصل: المفروغة، والمثبت من: أ، وهي ساقطة من: ب.
(4) في الأصل: القنايا، والتصويب من: أ، ب. والقسيّ: جمع قساس، بضم القاف، نوع من السيوف. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 370 (قسس) بتصرف.
(5) مثله عند المسعودي: مروج الذهب 4/ 316، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 280.
(6) في الأصل: يعمل شرابا، والتصويب من: أ، ب.
(7) الزيادة من: أ، ب.
(8) (والوزراء) ساقطة من: ب.
(9) في ب: بها.
(10) أورد مثله المسعودي: مروج الذهب 3/ 338337.(3/1392)
(خروج الحسين بن علي، ووقعة فخّ) (1):
وخرج عليه بالمدينة سنة ولايته [الحسين] (2) بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فغلب عليها (3)، ثم شخص يريد إلى مكة فقتل بفخّ (4) على فرسخ من مكة، يوم التروية (5).
وكان الهادي لما أتاه خروج [الحسين] (6) هذا بفّخ سهر، وجعل يتفكر (7)، فلم يحسن أحد على المرور بناحيته. فوجّه أهله إليه بغلام
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) في الأصل وأ، ب: الحسن، والتصويب من: تاريخ الطبري 8/ 192. الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله. أخطأ في خروجه على الخليفة الشرعي من غير تأويل سائغ، ولم يكن في خروجه مصلحة لا في دين ولا في دنيا بل تحققت مفاسد خطيرة بخروجه وقتله سنة 169هـ لم تتحقق لو أنه لم يخرج. وقد أدرك أهل المدينة خطأ هذا السلوك وعواقبه السيئة فلم يجيبوه إلى ما أراده، وكرهوا الخروج معه. انظر التفاصيل: الطبري: تاريخ 8/ 302192، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 157، وأبو الفرج الأصفهاني: مقابل الطالبين ص 308288.
(3) في الأصل: عليه، والتصويب من: أ، ب.
(4) فخّك وادي بمكة، وهو الزاهر ويعرف اليوم باسم (الشهداء) وهو بين مسجد التنعيم والمسجد الحرام. ياقوت: معجم البلدان 4/ 237، وشراب: المعالم الأثيرة ص 213.
(5) المسعودي: مروج الذهب 3/ 336.
(6) في الأصل وأ، ب: الحسن، والتصويب من مصادر ترجمته.
(7) في أ، ب: يفكر.(3/1393)
صغير، فقالوا له (1): قف قريبا منه، فلعلّك تظفر بشيء من خبره، فلما رآه الهادي [فطن لما أرادوه، فقال:
رقد الألى (2) وليس [السّرى] (3) من شأنهم ... وكفاهم الإدلاج (4) [من] (5) لم يرقد (6)
فلما ظفر [بالحسين] (7) قال الهادي:
حال الهموم (8) وأطفى نار موجدتي ... عون الإله على الأعداء بالظفر
في كلّ يوم لنا من أهلنا حسد ... لأن (9) ملكنا وصرنا سادة (10) البشر
لن يدفعوا (11) بصغير الإرث أكبره ... وهل يقاس ضياء الشمس بالقمر
وكان قتل [الحسين] (12) هذا على يدي عيسى بن موسى (13)
__________
(1) في الأصل: فقال، والمثبت من: أ، ب.
(2) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(3) زيادة يقتضيها السياق. من تاريخ الطبري 8/ 203.
(4) الإدلاج: السير من أول اللبل. الجوهري: الصحاح 1/ 315 (دلج).
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 8/ 203، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 123.
(7) في الأصل وأ، ب: بالحسن، والتصويب من مصادر ترجمته.
(8) في أ، ب: ملى الهمومي.
(9) في الأصل: لأننا، والمثبت من: أ، ب.
(10) في الأصل: سادات، والمثبت من: أ، ب.
(11) في الأصل: لن يدفع بصغير الارس أكبره، والمثبت من: أ، ب.
(12) في الأصل: وأ: الحسن، والتصويب من: ب.
(13) المعارف: لابن قتيبة ص 381، وفي مروج الذهب 3/ 337: موسى بن عيسى.(3/1394)
صبرا (1). فغضب عليه الهادي وقبض ضياعه، وقال: [هلّا جئتني] (2) به حيّا (3). وأتى يقطين (4) برأسه، فرمى به بين يديه، فقال: ارفق، فليس برأس جالوت. ثم تمثّل:
قد أنصف القارة (5) من رماها ... إنّا إذا ما فئة نلقاها (6)
نردّ أولاها (7) على أخراها (8)
ولما قدم موسى بغداد (9)، أقرّ يحي بن خالد بن برمك على كتابة (10)
أخيه هارون (11). [ثم عزم على خلع هارون] (12) وولاية العهد لابنه
__________
(1) صبرا: أي حبسه حتى مات. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 541 (صبر) بتصرف.
(2) في الأصل: إن لم تجيئني.
(3) الخبر عند أبي الفرج الأصفهاني: مقاتل الطالبيين ص 452، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 125محتصرا.
(4) هو يقطين بن موسى كان أحد الدعاة إلى دولة بني العباس، ولّاه المهدي سنة 167 بناء الزيادة في المسجد الحرام، توفي ببغداد سنة 185هـ. الطبري: تاريخ 8/ 165، 273، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 188.
(5) في الأصل: الغريقة، والتصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: تقاها، والتصويب من: أ، ب.
(7) في الأصل: أولها، والتصويب من: أ، ب.
(8) الخبر كاملا عند الطبري: تاريخ 8/ 203.
(9) في الأصل: ببغداد، والمثبت من: أ، ب.
(10) في الأصل: كتاب، والمثبت من: أ، ب.
(11) الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 169.
(12) التكملة من: أ، ب.(3/1395)
جعفر، وتبعه (1) [على ذلك] (2) جماعة من الوجوه، وامتنع هارون من خلع نفسه، فقيل لموسى: إنّما يفسده عليك يحي بن خالد، فوجّه إليه ليلا، فقال يا يحي (3): مالي ولك؟ قال: يا أمير المؤمنين إنّما أنا عبدك، فما يكون من العبد؟ قال: إنّك تفسد عليّ أخي هارون، قال: يا أمير المؤمنين، ومن أنا حتى أدخل بينكما! إنّما أمرني المهدي بالقيام بأمره، ثم أمرتني أنت يا أمير المؤمنين (4)، جعلني الله فداك [أن] (5) أقوم بما كنت أقوم به، فإن أمرني أمير المؤمنين [بالتنحي] (6) عنه تنحيت. قال: لا، ولكن تشير عليه بما هو أصلح له. قال: نعم، فخرج، فلمّا سار إلى هارون [قال له: هارون] (7) يا أبت (8)، أما ترى ما نحن فيه، فأنا والله أطيب نفسا [بخلعها] (9) ولزوم بيتي مع ابنة عمي، قال له: [إنّك] (10) والله إن فعلت، لم تترك حتى تقتل،
__________
(1) في أ، ب: وتابعه.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) في أ: فقال له يا يحي، وفي ب: فقال له يحي.
(4) (ومن أنا حتى أدخل بينكما، إنّما أمرني المهدي بالقيام بأمره، ثم أمرتني أنت يا أمير المؤمنين) ساقطة من: ب.
(5) الزيادة من: أ، ب.
(6) في الأصل: بالسجن، والتصويب من: أ، ب.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) في الأصل: يبيت فقال، والتصويب من: أ، ب.
(9) في الأصل وأ، ب: نجعلها، والتصويب من المحقق.
(10) الزيادة من: أ، ب.(3/1396)
ولكن اصبر فإنّ المهدي أعلمني بك (1) فإنك تلي الخلافة. / [127/ أ]
ثم دعا الهادي يحي بن خالد، فكلّمه، فقال له: يا أمير المؤمنين إنّا والله ما تركنا (2) نصيحتكم قطّ، فإن أذن لي أمير المؤمنين تكلّمت، قال (3): نعم. قال (4): إنّك إن حملت على نكث الأيمان، ونقض العهد والميثاق (5) هانت عليهم أيمانهم لك، فلو تركت بيعة أخيك بحالها وبايعت لابنك جعفر بالعهد بعده كان ذلك أوكد لبيعته. قال: في هذا نظر (6).
واعتلّ موسى الهادي، فأشير عليه بأن يقوم إلى (7) هارون [ويحي] (8)
فيضرب أعناقهما، فأحضرهما وحبسهما (9)، واشتدّت عليه العلّة، فاشتغل بنفسه، ولم يكن يدخل عليه أحد في علّته لجبروته (10).
__________
(1) (بك) ليست في: أ، ب.
(2) في الأصل: تركت، والمثبت من: أ، ب.
(3) في أ، ب: قل.
(4) في أ، ب: فقال.
(5) في أ، ب: العهود والمواثيق.
(6) ورد هذا الخبر عند الطبري: تاريخ 8/ 209207بروايتي صالح بن سليمان، وأبي حفص الكرماني بتفصيل أكثر مما هنا.
(7) في أ، ب: يبعث عن.
(8) في الأصل: موسى، والتصويب من: أ، ب.
(9) في أ، ب: واحبسهما.
(10) في أ، ب: لجبريته. وقد وردت هذه العبارة في خبر طويل عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 343.(3/1397)
وكان قاسي القلب، سيء (1) الأخلاق [صعب المرام، جبارا، فظا] (2) قليل التّثّبت، سريع البطش، سفّاكا للدماء، شديد الغضب. وكان كثير الأدب، محبا له، وكان شجاعا، [بطلا] (3)، وجوادا، سخيا (4).
(مدة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (5):
وكانت خلافته سنة واحدة وثلاثة أشهر، ومات بعيساباذ (6)، نحو مدينة السّلام، ليلة الجمعة، لثماني عشرة خلت من شهر ربيع الأول، سنة سبعين ومائة (7). وهو ابن ست وعشرين سنة (8). وصلى عليه أخوه الرشيد (9)، وحفر له قبر في بستانه الذّي توفي فيه المعروف بعيساباذ، ودفن فيه (10).
__________
(1) في أ، ب: شرس.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) بعض هذه الصفات وردت عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 335.
(5) عنوان جانبي من المحقق.
(6) عيساباذ: محلة كانت بشرقي بغداد تنسب إلى عيسى بن المهدي، وكانت إقطاعا له. ياقوت: معجم البلدان 4/ 172، 173.
(7) المسعودي: مروج الذهب 3/ 334.
(8) الطبري: تاريخ 8/ 213برواية هشام ابن الكلبي.
(9) اليعقوبي: تاريخ 2/ 406.
(10) الأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 105.(3/1398)
(سبب وفاته) (1):
واختلف في سبب موته، فقال قوم: لما اشتد على الخيزران أمّه، وخالفها وأراد خلع أخيه هارون، دسّت إليه من اغتاله في منامه (2).
وقيل: إنّه خرج إلى الموصل متصيّدا، فمرض، وعاد فأقام أيّاما، فاشتد عليه ومات (3).
وقال سعيد بن سلم (4): كنت بين يدي الهادي في عيساباذ وهو [بستان له فيه أبنيّة حسنة] (5) فنظر إلى فرّاش على سلم يعلّق سترا في آخر البستان، وكان بعيدا منه (6)، فأخذ قوسا وسهما، وقال: اتظنّني أبلغ إليه؟ فقلت: أمير المؤمنين [أشدّ يدا] (7) وأصلب قوسا من أن لا يبلغ إليه سهم. فأراد يرميه، فأقسمت عليه، فأبي. ثم رماه، فأثبت السهم بين كتفيه حتى نشب (8) في الحائط. فاشتدّ ذلك عليّ، وعظم عنده، ونظر الرّجل،
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) ذكره الطبري: تاريخ 8/ 205.
(3) ذكره ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 129128.
(4) في الأصل: سلمة، والتصويب من: أ، ب. سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي، ولي الولايات للمنصور والمهدي، وولي السند وأرمينية للرشيد، وتوفي 217هـ. خليفة:
تاريخ ص 474463، وأبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 269، وابن حزم:
جمهرة ص 246.
(5) في الأصل: يسأل فيه ابنه الحسن، التصويب من: أ، ب.
(6) في أ، ب: بينه وبينه بون بعيد.
(7) في الأصل: شديد، والمثبت من: أ، ب.
(8) في ب: نشبت.(3/1399)
فإذا هو ميّت، فبقي واجما (1)، فما برحت حتى [حكّ] (2) قدميه. ثم أنحّ (3)، وقال لي: يا سعيد أجد في ظفر قدميّ ألما شديدا، وإذا بثرة (4) قد طلعت، فقلت: [الفصد] (5) لا بد منه، فأمر بإحضار الأطباء، وقمت وقد صار مثل اللّوزة، وفصد فمات بعد ثلاث من تلك البثرة. وجاءت الخيزران، وبه رمق، فأخذت خاتمه من يده، وقالت: أخوك أحقّ بهذا الأمر منك، وهو يرى ذلك ولا يقدر بحيلة (6).
__________
(1) في الأصل: راهب.
(2) في الأصل: ورم، والتصويب من: أ، ب.
(3) أنحّ: أي صوّت وتنفّس بأنين من ثقل يجده من مرض، كأنه يتنحنح ولا يبين.
الجوهري: الصحاح 1/ 353 (أنح).
(4) بثرة: مفرد بثر وبثور: خرّاج صغار. الجوهري 3/ 584 (بثر).
(5) في الأصل: الفساد والتصويب من: أ، ب. والفصد: شقّ العرق. الفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص 391 (فصد).
(6) ذكره الأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 115نقلا عن الصولي.(3/1400)
خبر هارون الرشيد (1):
(اسمه وكنيته، ولقبه) (2):
هو هارون بن محمد المهدي. يكنّى: أبا محمد (3).
وقيل: أبو جعفر (4).
ولقبه: الرّشيد لدين الله (5).
(بيعته) (6):
بويع يوم الجمعة / بمدينة السّلام (7)، صبيحة الليلة التي [127/ ب] مات فيها أخوه موسى الهادي (8)، وهو ابن إحدى وعشرين (9) سنة وشهرين (10).
وكان مسجونا هو ويحي (11) بن خالد، [فبعثت] (12) أمّه الخيزران
__________
(1) العنوان ساقط من: ب، وفي أ: الرشيد.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) ابن كثير: البداية والنهاية 10/ 213.
(4) ابن قتيبة: المعارف ص 381، والمسعودي: التنبيه والإشراف ص 345.
(5) ابن الجوزي: الثقاب 1/ 229.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) مدينة السلام: بغداد. ياقوت: معجم البلدان 3/ 233.
(8) في الأصل: المهدي: والتصويب من: أ، ب.
(9) في ب: وعشرون.
(10) الخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 347.
(11) يحي بن خالد بن برمك أبو الفضل، مات في حبس الرشيد سنة 190هـ وله 70 سنة. الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 132128، والذهبي: تاريخ (181 190هـ)، ص 451448.
(12) في الأصل: فبعث، والتصويب من: أ، ب.(3/1401)
فأخرجتهما، وقالت ليحي: أحضر الناس السّاعة، فحضر القوّاد والهاشميون والمشايخ. فأخذ يحي عليهم البيعة لهارون، وكتب من ليلته إلى جميع [عمّال النواحي عن] (1) الرشيد بوفات موسى، ويأمرهم بالبيعة له، وفرّقهم على أعمالهم، فما أصبح حتّى فرغ من جميع أموره (2)، وأنفذ الكتب (3) على البريد [من غد] (4)، وسلّم على هارون بالخلافة (5).
وبشرّ في تلك السّاعة أنّ [مراجل] (6) ولدت غلاما، فسماه (7) عبد الله، وهو المأمون (8).
(صفاته) (9):
وكان الرشيد طويلا، أبيض، كامل الجمال، أسود الشّعر، ظريف
__________
(1) في الأصل: أهل النواحي من نواحيه على، والتصويب من: أ، ب.
(2) في أ، ب: الأمور.
(3) في الأصل: الكتاب، والمثبت من: أ، ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) انظر مراسيم تولية هارون الرشيد، ودور الخيزران في ذلك عند الطبري: تاريخ 8/ 212باختلاف عما ورد هنا.
(6) بياض في الأصل: والمثبت من: أ، ب. ومراجل: أم ولد، ماتت إثر ولادتها ابنها المأمون. ابن حزم: جهرة أنساب العرب ص 23.
(7) في ب: فسميه.
(8) ذكره باختصار ابن قتيبة: المعارف ص 381، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 117.
(9) عنوان جانبي من المحقق.(3/1402)
الجمّة (1) والتّفصيل (2).
نقش خاتمه:
استرشدت بالله (3).
وكان سمحا، جوادا، حسن الأخلاق، شجاعا، قريبا من الاخوان، محبّا للندّمان (4) وسماع القيان، واستحباب القيان، وهو أوّل خليفة هتك (5) السّتار.
وكان مع (6) ذلك راجعا إلى دين الله (7)، وهو القائل:
__________
(1) في أ، ب: الجملة. الجمّة: بالضم، مجتمع شعر الرأس. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1408 (جمّ).
(2) انظر بعض هذه الصفات عند الطبري: تاريخ 8/ 346، والمسعودي: التنبيه والإشراف ص 346، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 117، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 130.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) النّدمان، وندام: جمع نديم. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 15001499 (ندم).
(5) هتك السّتر: جذبه فقطعه من موضعه، أو شقّ منه جزءا فبدا ما وراءه.
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1236 (هتك). وأعتقد أن كل ما صرح به المؤلف من ثلب أو عيب في الرشيد رحمه الله لا يصلح، وإنما هو من طعون أعدائه من الرافضة والشعوبية وغيرهم بقصد تشويه سيرته الحسنة يحملهم على ذلك الحسد والغيرة، والحقد والضغينة التي امتلأت بها قلوبهم على الإسلام وأهله، خصوصا على من تقلد ذروة سنام الأمة وزمام الخلافة هارون الرشيد، الذي كان من أنبل الخلفاء العباسيين، وأحشمهم، وأمثلهم عفّة وطهارة، وأحسنهم سيرة.
(6) (مع) ساقطة من: أ.
(7) (الله) ساقطة من: ب.(3/1403)
ولله منّي جانب لا أضيعه ... واللهو (1) منّي والبطالة جانب (2)
وكان مدمنا للجهاد (3) والحجّ. حجّ ثماني حجج. مشى في إحداها إلى مكة راجلا. غزا ثماني غزوات (4). وذلك أنّه رأى في النّوم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إنّ هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر، [فاغز] (5) وحجّ، واسعى (6) على أهل الحرمين. ففعل هذا كلّه (7).
وخرج في أوّل سنه ولي، فغزا أطراف بلاد الرّوم، وانصرف في شعبان (8).
وحج بالنّاس في آخرها (9)، ففرق بمكة والمدينة مالا عظيما (10)، وأمر بحفر الآبار في الطّريق، وبنى المساجد، وعقد القنّاطير للمسافرين، وأمر بتسديد (11)
__________
(1) في أ، ب: وللهو.
(2) لم أجد هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(3) في ب: وللحجاج.
(4) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 346، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 130.
(5) في الأصل: فغيري، والتصويب من: أ، ب.
(6) في أ: ووسّع.
(7) أورده السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 292نقلا عن الصولي.
(8) أورده ابن الأثير: الكامل 5/ 83دون تحديد موعد انصرافه.
(9) في الأصل: آخرة، والتصويب من: أ، ب.
(10) الطبري: تاريخ 8/ 234.
(11) في أ، ب: بتشديد.(3/1404)
الثّغور والمدائن (1) كالمصيصة وطرسوس (2) وغيرهما (3).
قال الأصمعي: حججت مع هارون سنة من السّنين، [فرأيت امرأة أعرابية جميلة] (4) وهي واقفة على جماعة من أهل خراسان كانوا يأكلون وبينهم قصعة، فأنشأت تقول:
[طحطحتنا (5) طحاطح] (6) الأعوام ... ورمتنا [تصارف] (7) الأيّام
فأتيناكم [نمدّ أكفّا (8) ... لفضلات زادكم والطعام (9)
فاطلبوا الأجر والمثوبة فينا ... أيّها الزّائرون بيت الحرام
من رآني فقد رآني ورحلي ... فارحموا حاجتي وذلّ مقام
فرجعت إلى هارون فأخبرته فبكى، وقال: اطلب المرأة، وآتيني بها، فخرجت وأتيت بها. فقلنا هذا أمير المؤمنين، فقالت: حيّاه الله، ما يريد
__________
(1) في أ، ب: والمدن.
(2) انظر عن اهتمام الرشيد بالثغور أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 262، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 135، وابن الأثير: الكامل 5/ 83.
(3) في أ، ب: وغيرها
(4) في الأصل: فجاءت امرأة.
(5) طحطحتنا: بدّدتنا وفرّقتنا. الجوهري: الصحاح 1/ 386 (طحح).
(6) في الأصل: وسطحت سطائح، والمثبت من: أ، ب.
(7) في الأصل: تصرف، والتصويب من: أ، ب.
(8) في الأصل: نطلب كفاء. والمثبت من: ب، وفي أ: أمد أكفّا.
(9) في الأصل: لفضالة زادكم من طعام. والمثبت من: أ، ب.(3/1405)
[منّي]؟ (1) قلت: يريد أن تنشد الأبيات التي [قلتها قبل] (2)، فأنشدته إيّاها، فالتفت (3) إلى مسرور (4) الخادم، فقال له: املأ لها القصعة دنانير، فملأها حتى فاضت من جوانبها (5).
قال الأصمعي: دخلت على هارون الرشيد، فعطس، فشمتّه. فلمّا خرجت لحقني مسرور (6)، فقال: إن عدت إلى مثلها قطعت منك [شربا] (7) فلما عدت إليه أخبرته بقول مسرور (8) فقال: / يا أصمعي أخذت [128/ أ] أنت بالسنّة، وأخذ مسرور بالأدب، ومجلسنا لا يصلح فيه [إلا] (9) الأدب (10).
وقال أبو يوسف القاضي: تغدّيت عند هارون الرشيد، فسقط من يدي لقمة فانتثر (11) ما كان عليها من الطّعام. فقال: [يا يعقوب] (12) خذ
__________
(1) الزيادة من: أ، ب.
(2) في الأصل: قلت، والمثبت من: أ، ب.
(3) في ب: فالتفتت.
(4) في أ، ب: مسروق، ولم أجد له ترجمة.
(5) ذكره ابن كثير: البداية النهاية 10/ 218عن الأصمعي، باختلاف يسير عما هنا.
(6) في أ: مسروق.
(7) في الأصل: شاربا، والتصويب من: أ، ب.
(8) في أ: مسروق.
(9) التكملة من: أ.
(10) لم أقف عليه في المصادر التي رجعت إليها.
(11) في ب: فانقش.
(12) في الأصل: أبا يعقوب، والتصويب من: أ، ب.(3/1406)
لقمتك، فإنّ المهدي حدّثني عن أبيه المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه على بن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل ما يسقط من الخوان (1) [فرزق] (2) أولادا كانوا صباحا (3).
ولما بويع هارون الرشيد، واستتم له الأمر، اتّخذ البرامكة أمراء ووزراء (4) وكتابا، فحسّنوا دولته، وزيّنوا مملكته.
وكان حاجبه:
الفضل بن الربيع (5).
__________
(1) الخوان: هو ما يوضع عليه الطعام عند الأكل. ابن الأثير: النهاية 2/ 89 (خون).
(2) في الأصل: فريّق ريقه، والتصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: فصاحا، وهو تحريف، والصواب من: أ، ب. صباح: بكسر الصاد، جمع صباح: بضم الصاد: أي جميل. والصّباحة: الجمال. ابن منظور: لسان العرب 2/ 507 (صبح) والحديث أخرجه الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 214213من طريق الجاحط عن أبي يوسف. وذكره ابن عراق: تتريه الشريعة 2/ 262رقم (111) وقال: فيه يوسف بن أبي يوسف القاضي: مجهول. وذكره الديلمي: فردوس الأخبار 4/ 238رقم (6248) عن ابن عباس، ولفظه: من أكل ما يسقط من المائدة خرج ولده صباح الوجوه، ونفي عنه الفقر. وذكره العجلوني: كشف الخفاء 2/ 230وقال: أخرجه الخطيب، ثم ضعّفه.
(4) في ب: وزراء.
(5) راجع المسعودي: التنبيه والإشراف ص 346، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 135، والفضل بن الربيع بن يونس، أبو العباس، ولد سنة 138هـ، وتوفي سنة 207، وقيل سنة 208هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 344343، وابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 4037.(3/1407)
وقاضيه:
أبو يوسف (1)، صاحب أبي حنيفة.
(وزيره) (2):
يحي بن خالد البرمكي.
وجلس مجلسا عاما (3)، وقال ليحي بن خالد: يا أبت! أنت أجلستني هذا المجلس بحسن تدبيرك، وإني قد قلّدتك جميع أموري، فافعل ما رأيت فإني لا أتهمك في نفسي ولا في مالي، فوافق الحاضرون الرشيد على قوله.
وقال الموصلي (4):
ألم تر أنّ الشمس كانت سقيمة (5) ... فلمّا ولى هارون أشرق نورها
بيمن أمين الله هارون ذي الهدى ... فهارون واليها، ويحي وزيرها (6)
__________
(1) ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 135.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) (عاما) ساقطة من: ب.
(4) عند الطبري: تاريخ 8/ 233إبراهيم الموصلي. وعند ابن ظافر: إسحاق بن إبراهيم الموصلي. أخبار الدولة المنقطعة ص 139، وقال ابن خلكان: أظنه إبراهيم النديم، أو ابنه إسحاق. وفيات الأعيان 6/ 221.
(5) في ب: قسيمه.
(6) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذهب 3/ 348، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 139، وابن خلكان: وفيات الأعيان 6/ 221، بأطول مما هنا. وذكره دون شعر: الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 177والشعر في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 294نقلا من كتاب الأوراق للصولي.(3/1408)
وكان الفضل بن يحي ولد قبل مولد هارون بسبعة أيّام، فأرضعت أم هارون للفضل، وأم (1) الفضل لهارون، وفي ذلك يقول سلم (2) الخاسر:
أصبح الفضل والخليفة هارون ... رضعا (3) لبان (4) خير النّساء (5)
وجلس يحي للنّظر، فكان أوّل نظرة نظرها (6) في أهل السجون، فوجد خلقا ممن حمل من أهل الحجاز من [أهل] (7) الشّرف وغيرهم، فأطلقهم جميعا، ووصل من (8) كان منهم من [آل] (9) أبي طالب، وغيرهم
__________
(1) هي زينب بنت منير. الطبري: تاريخ 8/ 230، وابن العمراني: الأنباء ص 75، وعند الجشيهاري: الوزراء والكتاب ص 136، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 166 زبيدة بنت منير.
(2) هو سلم بن عمرو، بصري، قدم بغداد، ومدح المهدي والهادي والبرامكة، مات سنة 186هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 136، ووفيات الأعيان 2/ 352350، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 144، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 188.
(3) في أ، ب: رضيعي.
(4) لبان: بالكسر، كالرضاع، يقال: هو أخوه بلبان أمه، ولا يقال: بلبن أمه، إنّما اللبن الذي يشرب من ناقة أو شاة أو بقرة. الجوهري: الصحاح 6/ 21932192 (لبن).
(5) ورد هذا الخبر دون البيت عند الطبري: تاريخ 8/ 230، والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 176، وابن العمراني: الأنباء ص 75، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 166.
(6) (نظرها) ساقطة من: أ، ب.
(7) التكملة من: أ، ب.
(8) في ب: ممن.
(9) في الأصل: أهل، والمثبت من: أ، ب.(3/1409)
من أهل الشّرف. وكتب في مظالم النّاس لأهل (1) الآفاق، ولم يبق متظّلم بالباب إلا [أنصفه] (2)، ولا راغب ولا طالب إلّا قضى حاجته، ولا شاعر ولا خطيب إلّا وصله.
وكان الفضل بن الربيع قد خضع ليحي واستعطف، [وسأله أن يعطف] (3) له الرشيد، ويردّه إلى خدمته. فاستعطفه له، فقال له الرشيد:
قد علمت متابعته لموسى على خلعي، فقال: [لم يكن يجد بدّا هو ولا غيره] (4) من ذلك. ولم يزل حتى ردّه إلى الحجابة في سنة [تسع وسبعين] (5) ومائة. وصرف [إليه النفقات] (6) والخزائن وما كان في يده ويد أبيه، فقال يحي: ما رأيت العقل قطّ إلّا خادما للجاهل (7).
وغلب (8) جعفر بن يحي على أمور الرشيد كلها، فولي الحرس [وسجستان] (9) وصارت إليه الوزراء والخاتم، ونفذ أوامره في الشرق
__________
(1) في أ، ب: إلى.
(2) في الأصل: صفاه، والتصويب من: أ، ب.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) في الأصل: لم يجد هؤلاء غيره، والتصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل وأ، ب: سبع وتسعين، وهو خطأ ظاهر، وصوابه من الوزراء والكتاب ص 233.
(6) في الأصل: إليهم النفقة، والمثبت من: أ، ب. وراجع الوزراء والكتاب ص 189، 277.
(7) في أ، ب: للجهل. ولم أقف على هذا القول في المصادر الأخرى.
(8) راجع الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 189.
(9) الزيادة من: أ، ب، وفي تاريخ الطبري 8/ 266: ولي جعفر بن يحي خراسان(3/1410)
والغرب.
وكان كاتبا بليغا، حسن الخط، فصيح اللهجة (1).
وقال [يحي] (2) بن خالد يوما / لجماعة بني هاشم: إنّ [128/ ب] ولدي بحيث ترون فصفوا لي أخلاقهم (3). فقال له العباس (4) بن محمد:
أما أبو الفضل، جعفر بن يحي، فيرضينا بقوله، ويمنعنا بفعله. وأما أبو العباس الفضل، فيرضينا بفعله، ويمنعنا بقوله. وأما أبو عبد الله محمد (5)، فيفعل بحسب ما يجد. وأما أبو عمران موسى (6)، فيفعل ما لا يجد (7).
__________
وسجستان، واستعمل جعفر عليهما: محمد بن الحسن بن قحطبة وفيها يعني سنة 180هـ وليّ جعفر بن يحي الحرس.
(1) وردت هذه الصفات مفرّقة عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 205204.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) في الأصل: أخلاقكم، والتصويب من: أ، ب.
(4) لعله العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، كان من رجالات بني هاشم، وولي إمارة الجزيرة في أيام الرشيد، مات سنة 186هـ.
الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 126124.
(5) هو محمد بن يحي، كتب لمحمد بن الرشيد على الزمام، سجنه الرشيد بعد نكبته للبراكمة، وبّر به الأمين وبآله، ثم المأمون. راجع الطبري: تاريخ 8/ 299، والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 193، 234، 297، 298.
(6) موسى بن يحي، ولي الشام للرشيد سنة 176، ثم حبسه الرشيد بعد مقتل جعفر، وبرّ به الأمين وبآله ثم المأمون، وولي السند في عهد المأمون وبقي واليا إلى أن مات سنة 221هـ بعد أن استخلف ابنه عمران بن موسى. راجع البلاذري: معجم البلدان ص 432، والطبري: تاريخ 8/ 251، 299، والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 234، 297، 298.
(7) ورد مثل هذا الخبر عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 198منسوب إلى إبراهيم(3/1411)
وقال عبد الملك (1) بن صالح: ما رأيت أعلم في (2) الناس من يحي بن خالد ولا أجود من الفضل (3) بن يحي، ولا أكتب يدا وأفصح لسانا من جعفر بن يحي، ولا أفرس من موسى، ولا أشدّ حياء من محمد بن يحي، ولا أشهم من محمد بن خالد (4).
وكان يحي يقول لأولاده: لا بد لكم من كتّاب، وعمّال، وأعوان، فاستعينوا بالأشراف، وإيّاكم وسفلة النّاس، فإنّ النعمة على الأشراف أبقى، وهم بهم أحسن، والمعروف عندهم أشهر (5)، والشّكر منهم أوفر (6).
وفي يحي يقول سلم الخاسر:
وفتى خال من ماله ... ومن المرؤة غير خال
وإذا رأى لك موعدا ... كان الفعال (7) مع المقال
__________
الموصلى.
(1) هو عبد الملك بن صالح العباسي، ولي المدينة، وغزو الصوائف للرشيد، ثم ولي الشام والجزيرة للأمين، مات بالرقّة سنة 196هـ. وقيل سنة 199هـ. ابن خلكان:
وفيات الأعيان 6/ 30، والذهبي: سير 9/ 222221.
(2) (في) ساقطة من: أ، ب.
(3) (الفضل) سقط من: أ.
(4) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(5) في أ: أشد.
(6) هذا الخبر أورده الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 179وفيه (أكثر) بدل (أوفر).
(7) في ب: الفعل.(3/1412)
لله درّك من فتى ... ما فيك من كرم (1) الخصال (2)
وكان الرشيد كثيرا ما يقول ليحي: أنت للفضل، وأنا لجعفر (3).
(خروج يحي بن عبد الله الحسني) (4):
وفي سنة ست وسبعين ومائة ظهر يحي (5) بن عبد الله بن [حسن] (6)
ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم بالدّيلم (7)، وقوي أمره، فشق ذلك عل الرّشيد، فاهتمّ اهتماما شديدا. فأنهض إليه الفضل بن يحي في خمسين ألفا، ونهض معه وجوه القوم، [وولّاه] (8) كور الجبل، فمضى نحو [الدّيلم] (9)، وأرسل كتبه (10) إلى يحي بن عبد الله بن [حسن] (11) بالرّفق
__________
(1) في أ، ب: كرام.
(2) أورده الجاحظ: البيان والتبيين 3/ 212211 (طبعة القاهرة، 1351هـ) وغوستاف فون: شعراء عباسيون ص 110.
(3) الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 189.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) هو يحي بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، من أهل المدينة، مات سنة 176هـ. الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 112110، وابن كثير: البداية والنهاية 10/ 167، 168.
(6) في الأصل: حسين، والتصويب من: أ، ب.
(7) الدّيلم: القسم الجبلي من بلاد جيلان، شمال بلاد قزوين في إيران. محمد شراب:
المعالم الأثيرة ص 177.
(8) في الأصل: وولات، والتصويب من: أ، ب، وراجع الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 190.
(9) في الأصل: الفضل، والتصويب من: أ، ب.
(10) في الأصل: كاتبه، والمثبت من: أ، ب.
(11) في الأصل: حسين، والتصويب من: أ، ب.(3/1413)
والاستمالة، والترغيب والترهيب، وبسط إليه (1) الأمل، إلى أن أجاب يحي إلى الصلح، والخروج على أمان يأخذه له بخط الرشيد. فكتب (2) الفضل بذلك إلى الرشيد، فسرّه، وحسن موضعه (3) منه. وكتب الأمان ليحي، وأشهد على نفسه القضاة (4) والعدول، وأنفذه إلى الفضل. فأنفذه الفضل إليه، فقدم عليه. فقدم به الفضل إلى الرشيد، فلقيه كما أحبّ، وأكثر برّه وعطاياه، وأنزله مترلا سنيا (5). وبرّ الفضل بن يحي وشكر له فعله. ففي ذلك يقول مروان (6) بن أبي حفصة:
ظفرت فلا شلّت يد برمكيّة ... رتقت بها الفتق الذي بين هاشم
على حين أعيا (7) الرّاتقين التئامها ... فكفّوا وقالوا ليس بالمتلائم
فأصبحت قد فازت يداك بخطّة ... من المجد باق (8) ذكرها في المواسم
__________
(1) (إليه) سقطت من: أ، وفي ب: له.
(2) في الأصل: وكتب، والمثبت من: أ، ب.
(3) في أ، ب: موقعه.
(4) في الأصل وب: القضات، والتصويب من: أ.
(5) في تاريخ الطبري 8/ 243، والوزراء والكتاب للجهشياري ص 190 (سريّا).
(6) هو مروان بن سليمان بن يحي بن أبي حفصة، أبو السمط أصل جده من يهود خراسان، من شعراء الدولة العباسية، ولد سنة 105هـ، وتوفي ببغداد سنة 181هـ، وقيل سنة 182هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 13/ 146142، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 193189.
(7) في ب: أعي.
(8) في ب: مثل الحجر باقي.(3/1414)
وما زال قدح الملك يخرج فائزا ... لكم كلّما ضمّت قداح للساهم / (1) [129/ ب]
وقاد (2) الرشيد جعفر بن يحي على (3) المغرب كلّه من الأنبار إلى إفريقية في سنة ست وتسعين ومائة (4).
وكتب علي بن عيسى بن ماهان إلى الرّشيد، يسعى بيحي بن خالد، وابنه الفضل، وجعفر. وكانت تحته اختهما. فرمى الرشيد الكتاب إلى جعفر، وقال: أجبه. فكتب على ظهره، حفظك الله يا أخي، إنّ الله حبّب إليك الوفاء فأبغضته، وبغّض إليك الغدر فأحببته. إنّ حسن الظّن بالأيّام داعية الخير، وماحيّة الأثر، والله المستعان وعليه الإتكال (5).
ولما انتهى (6) البرامكة ما انتهوا إليه مع الرشيد، كثر حسّادهم.
وأوّل من فتح باب الطّعن عليهم رجل من المغرب (7) اسمه إسحاق بن
__________
(1) هذا الخبر أورد الطبري: تاريخ 8/ 242، 243بتفصيل أكثر. والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 189، 190دون الشعر.
(2) وقاد: قاده: أي قدّمه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 400 (قود) بتصرف.
(3) (على) سقط من: أ، ب.
(4) الخبر عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 190وفيه (ثم ولىّ الرشيد).
(5) في ب: التكلان. وذكر الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 205قريبا من هذا الخبر، فقال: ووقّع يعني جعفر بن يحي على كتاب آخر لعلي بن عيسى: حبّب إلينا الوفاء الذي أبغضته، وبغّض الغدر الذي أحببته، فما جزاء الأيام أن تحسن ظنك بها، وقد رأيت غدراتها ووقعاتها عيانا وإخبارا، والسلام.
(6) في الأصل: انتهوا، والتصويب من: أ، ب.
(7) في أ، ب: العرب.(3/1415)
عزيز (1).
وكان الفضل بن الربيع أدخله على الرشيد وعرّفه به، فأدناه الرّشيد من نفسه، وعظمت مترلته عنده، لأدبه ومعرفته بأخبار الناس. وكان أشدّ النّاس عداوة لبني برمك، فما دخل [على] (2) الرشيد [مرّة] (3) إلّا قدح [فيهم] (4)، ونبّه على مساوئهم، حتى أثّر ذلك في قلب الرشيد (5).
قال القاضي أبو يوسف: كنت يوما جالسا (6) عند الرشيد أحدّثه (7)
في أخبار بني برمك، حتى قيل له: جعفر أتى. فقام إليه الرشيد، [وصافحه، وقبل كتفه] (8)، وأجلسه معه في المرتبة، ثم انصرف.
قال القاضي: فبقيت متعجبا، فقال لي وقد فهم عنّي تعجّبي: والله ما قبلت منه إلا موضع سيفي (9).
__________
(1) لعله يقصد إسحاق بن غرير، بالعين المعجمة، (واسم غرير) عبد الرحمن بن المغيرة ابن حميد بن عبد الرحمن بن عوف. صاحب المهدي والهادي والرشيد، وكان مختصا بهم، مات سنة 189هـ ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 133، والخطيب:
تاريخ 6/ 316، والذهبي: تاريخ (190181) ص 67.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) الزيادة من: أ، ب.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(6) (جالسا) ساقطة من: أ، ب.
(7) في أ، ب: يتحدث معي.
(8) التكملة من أ، ب.
(9) لم أقف عليه في المصادر التي رجعت إليها.(3/1416)
وكان يحي بن خالد سار (1) إلى بغداد فوقف (2) إلى كنيسة بعض آل المنذر فرآى فيها حجرا عليه مكتوب لا يفهم. فأمر جعفر بإحضار التّراجمة، فقال في نفسه: قد جعلت ما فيه فألا لما أخافه من الرشيد وأرجوه، فإذا فيه:
إنّ بني المنذر عام انقضوا ... حيث شاد (3) البيعة الراهب
أضحوا (4) فلا يرجوهم راغب ... يوما ولا يرهبهم راهب
[تنفح] (5) بالمسك [ذفاريهم] (6) ... والعنبر الورد لهم قاطب
فأضحوا أكلا لدود الثّرى ... وانقطع الطالب والمطلب (7)
فحزن لذلك جعفر، وصارت الأبيات [هجيراه] (8)، فكان يكرّرها، ويقول: ذهب والله أمرنا (9).
__________
(1) في أ، ب: صار.
(2) في أ، ب: فكتب.
(3) في الأصل: شادوا، والمثبت من: أ، ب، ووفيات الأعيان 1/ 339.
(4) في ب: انحوا.
(5) في الأصل: يفوح، والمثبت من: أ، ب، ووفيات الأعيان.
(6) في الأصل: أظفرهم، والمثبت من: أ، ب ووفيات الأعيان. ذفاريهم: جمع ذفر، وهو الإبط. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 507 (ذفر) بتصرف.
(7) في أ، ب: المطلب والطالب.
(8) في الأصل: تهاجره، والتصويب من: أ، ب. هجّيراه: أي أصبحت تلك الأبيات دأبه وشأنه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 637 (هجر) بتصرف.
(9) ورد مثل هذا الخبر عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 339.(3/1417)
وفي سنة ست وثمانين ومائة حجّ الرّشيد ومعه محمد والمأمون ابناه، فقدمها (1) وجدّد [أخذ] (2) البيعة على الناس لابنيه، وكتب الشروط بينهما (3).
(نكبة البرامكة) (4):
ثم انصرف الرّشيد إلى الأنبار فقدمها في المحرم سنة سبع وثمانين ومائة، ونزل في المضارب، فلما كان ليلة السبت مستهل صفر، بعث مسرورا (5) [وأبا عصمة] (6) حمّاد بن سلمة (7)، فقال: أحضروا جعفر بن يحي ماشيا من مضربه (8). فتوقّف مسرور، [فانتهزه] (9)، فمضى القوم إلى جعفر، فوجدوه جالسا في قميص وعليه بردة معلّمه، [وعنده
__________
(1) فقدمها: أي قدم مكة.
(2) الزيادة من: أ، ب.
(3) نص الكتاب والشروط بينهما، ومن شهد عليه، في تاريخ اليعقوبي 2/ 421415، والطبري: تاريخ 8/ 283277، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 140 142.
(4) عنوان جانبي من المحقق.
(5) في وفيات الأعيان: 1/ 338ياسرا غلامه.
(6) في الأصل، وبايعه، والتصويب من: ب، وفي أ: وأبا حنظلة غصنه.
(7) في تاريخ الطبري 8/ 295حمّاد بن سالم. وعبارة الجهشياري في هذا الموضع: ثم هجم عليه مسرور الخادم ومعه سالم وابن عصمة. الوزراء والكتاب ص 234.
(8) المضرب: الفسطاط العظيم. الفيروز آبادي ص 138 (ضرب).
(9) في الأصل: فانهره، والمثبت من: أ، ب.(3/1418)
بختيشوع] (1) المتطيّب (2) [وأبو زكار] (3) / الأعمى يغنّيه:
[129/ ب]
فلا تبعد فكل فتى سيأتي (4) عليه ... الموت يطرق أو يغادي
وكلّ ذي خيرات (5) لا بدّ يوما ... وإن بقيت تصير إلى نفاد
ولو فديت من حدث (6) الليالي ... فديتك بالطّريف وبالتّلاد (7)
فقالوا له: قم. فدعا بثيابه، فدنا سالم الخادم، فأخذ بيده، وقال له:
قم، وقل لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم (8)، وأتوا به ماشيا إلى المضرب، [ثم دخلوا] (9) فقالوا: قد أحضرناه، فقال: قيّدوه، فقيدوه. ثم دعا بهم، فقال: امضوا فاضربوا عنقه، فتوقفوا، فانتهرهم، فمضوا. فلمّا
__________
(1) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب. وبختيشوع: اسم لعائلة نصرانية نسطورية، خرج منها كثير من الأطباء في دار الخلافة ببغداد، واشتهر منهم جبرائيل في أيام الرشيد والمأمون. البستاني: دائر المعارف 5/ 233، 234.
(2) (المتطبّب) ساقطة من: أ.
(3) في الأصل: وأبو ركامن، والتصويب من: أ، ب. هو أبو زكّار الأعمى، من أهل بغداد، من قدماء المغنين، كان منقطعا لآل برمك. أبو الفرج الأصفهاني: الأغاني 7/ 227 (طبعة دار الكتب المصرية).
(4) في ب: ستأتي.
(5) في أ، ب: خيرة.
(6) ف ي أ، ب: حديث.
(7) انظر هذه الأبيات عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 338.
(8) (العلي العظيم) ساقطة من: أ، ب.
(9) التكملة من: أ، ب.(3/1419)
قدّموه [لضرب عنقه، جعل يناشدهم، ويذكرهم الحرمة، ويسألهم التّوقف لعلّ أمير المؤمنين يدعو به] (1)، فضربوا عنقه. ثم دعاهم فقال: ما صنعتم؟
قالوا: ضربنا عنقه (2)، فقال: إئتوني بجثته ورأسه، فجاؤوا بذلك وأدخلوه في نطع (3) وقد صيّروا رأسه على صدره، وغطّوه بذلك المعلم، فكشفوه حتى رآه ثم قال: غطّوه. ثم وجّه الرشيد إلى بغداد سالما (4) الأبرش، وصالحا (5) صاحب المصلّى، وقبضوا (6) على يحي وولده وأهله، وأحاطوا بمنازلهم وما فيها.
وبعث الرشيد بجثّة جعفر ورأسه إلى بغداد، وكان لبغداد (7) ثلاثة جسور، فنصب رأسه على جسر، وقطّع بدنه على نصفين، فنصب على الجسرين الآخرين (8).
واختلف في سبب إيقاعه بهم فالظّاهر كثرة ما انتهوا إليه حتى
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) (فقال: ما صنعتم؟ قالوا: ضربنا عنقه) ساقطة من: ب.
(3) النّطع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك، بساط من الأديم. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 991 (نطع).
(4) اسمه في تاريخ الطبري 8/ 299سلام الأبرش.
(5) لم أقف على ترجمته.
(6) في أ: وقبضوه.
(7) في الأصل: ببغداد، والمثبت من: أ، ب.
(8) هذا الخبر أورده الطبري: تاريخ 8/ 296294بألفاظ متقاربة، ورواه باختصار أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 304، والجهشياري: الوزراء والكتاب ص 234، 235بصيغة أخرى.(3/1420)
خافهم (1) الرشيد على نفسه (2).
وذكر سعيد (3) بن هريم، قال: قالت عليّة (4) للرشيد بعد إيقاعه بالبراكمة: ما رأيت يا سيّدي يوم سرور منذ قتلت جعفر، فلأي شيء قتلته؟ فقال: يا حبيبتي! لو علمت أن قميصي يعلم السّبب الذي قتلت له جعفرا لأحرقته (5).
__________
(1) في أ، ب: غاربهم.
(2) عبارة ابن العمراني في هذا الموضع: استيلاؤهم على الدولة وتغلبهم على الدنيا بالكلية. الأنباء ص 79. وعبارة ابن خلدون في مقدمته ص 15، 16في هذا الموضع:
وإنما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة، واحتجافهم أموال الجباية حتى كان الرشيد يطلب اليسير من المال فلا يصل إليه، فغلبوا على أمره وشاركوه في سلطانه، ولم يكن معهم تصرف في أمور ملكه قلت: ولعل السبب الأول في نكبتهم رميهم بالزندقة إلا من عصم الله تعالى منهم، وفيهم قال: الأصمعى:
وقد كان معظما للكتاب والسنة غيورا على الدين سار على نهج أبيه وجده في تتبع الزنادقة وقتلهم، ومنهم أنس بن أبي شيخ، قتله الرشيد وصلبه على الزندقة، وكان مختصا بالبرامكة. انظر ابن قتيبة: المعارف ص 382والذهبي: سير 9/ 67بتصرف.
(3) لم أجد له ترجمة.
(4) علية بنت المهدي، الشّاعرة، كانت من أكمل النساء عقلا، وأحسنهن دينا وصيانة ونزاهة، تزوجها موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 22، والصولي: أشعار أولاد الخلفاء ص 55.
(5) رواه الصولي: أشعار أولاد الخلفاء ص 57عن سعيد بن هريم، وأورده الأربلي:
خلاصة الذهب المسبوك ص 146نقلا عن الصولي.(3/1421)
وذكر أنّ الرّشيد أدركه النّدم (1) على ما فعل بالبرامكة. وكان يقول: حملوني على نصائحنا، وأغرونا بهم، وضمنوا لنا أن يقوموا مقامهم حتى إذا صرنا بهم إلى ما أرادوا منّا لم يغنوا غناهم، وإنّي لأجد في شعر الحطيئة صفتهم، وصفة من حملنا عليهم، ثم أنشد:
أقلّوا عليهم (2) لا أبا لأبيكم من اللّوم ... أو سدّوا المكان الذي سدّوا
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا (3) وفّوا وإن عقدوا شدّوا (4)
ولمّا انقرضت (5) دولة البراكمة، غلب الفضل بن الربيع على أكثر الأمر، واستوزره الرشيد، ولم يعزله عن الحجابة، وكان شديد الفكر (6)
ومع ذلك كان ليّن الفعال (7).
ذكر أنّ عامل الأهواز بعث إليه بسلال مشدودة، فوضعت بين
__________
(1) الحق أن الرشيد لم يندم قط على قتل البرامكة وسجنهم لأن تصرفه محكوم بضوابط صحيحة تمنعه من الندم. انظر محمد الزين وأحمد القطان: هارون الرشيد الخليفة المظلوم ص 89، 96.
(2) في الوزراء والكتاب ص 258: علينا.
(3) في أ، ب: عهدوا.
(4) هذا الخبر أورده الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 257، 258دون البيت الثاني.
وورد بتمامه عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 6/ 228، 229نقلا عن الجهشياري، إلا البيت الثاني. ولم أقف على هذا الشعر في ديوان الحطيئة.
(5) في أ، ب: انقضت.
(6) في ب: الكبر.
(7) في أ، ب: نبيل الأفعال.(3/1422)
يديه، فقال: حلّوها، فحلّوها فوجدوا فيها دنانير ودراهم، فقال: أعيدوا شدّها، ورودّها (1) إليه.
وأمر كاتبه، فكتب إليه: جاءتنا بعثة بعثتها إلينا (2)، توهمنا أنّ فيها سكّرا [وفانيذا] (3)، فوجدناك قد بعثت دنانير ودراهم فرددناها إليك / [130/ أ] لتبعث فيها سكّرا [وفانيذا] (4)، ونرّدها إليك بالذّهب والفضّة (5).
وذكر أنّ الرّشيد حبس أبا العتاهية ليقول الغزل، فامتنع أبو العتاهية، وذكر أنّ الرّشيد امتنع (6) من إطلاقه، فكتب إليه من الحبس:
أما والله إنّ الظّلم لوم ... وما زال المسيء هو الظّلوم
إلى ديّان يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع (7) الخصوم
سل الأيّام عن أمم (8) تقضّت ... ستخبرك المعالم والرّسوم
تنام ولم تنم عنك المنايا ... تنبّه للمنيّة يا نؤوم
__________
(1) في أ، ب: وردّها.
(2) في أ، ب: سلال بعثت بها.
(3) في الأصل: وفاندا، والمثبت من: أ، ب. والفانيذ: ضرب من الحلواء، فارسي معرّب. الجواليقي: المعرب ص 47، وابن منظور: لسان العرب 3/ 503 (فنذ).
(4) في الأصل: وفاندا، والمثبت من: أ، ب.
(5) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(6) في أ، ب: وامتنع الرّشيد من إطلاقه.
(7) في أ، ب: تجمع.
(8) في الأصل: وأ: أهل، والمثبت من: ب والديوان ص 355.(3/1423)
تروم الخلد في دار المنايا ... وكم (1) قد رام قبلك (2) ما تروم
لهوت (3) عن (4) الفناء وأنت تفنى ... وما شيء من الدّنيا يدوم
وهي قصيدة طويلة (5). فلمّا وصلت إلى الرشيد بكى بكاءا شديدا، وأمر بإطلاقه، وأعطاه مالا، وأعفاه من ذلك (6).
(مدّة خلافته، موضع وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (7):
وكانت خلافة الرشيد ثلاثا وعشرين سنة وستة أشهر (8).
ذكر محمد (9) بن إسحاق الموصلي، قال: لما حضرت هارون الرشيد الوفاة بطوس، أخذه [القراد] (10) فقال: وآغربتاه. فقالوا له: يا أمير المؤمنين، لست بغريب، البلاد بلادك، والناس عبيدك، قال: اسكتوا (11)، فإنه والله من فارق وطنه فهو غريب، وأنشأ يقول:
__________
(1) في أ: ولم.
(2) في ب: قبلك.
(3) في أ: ولهوت.
(4) في ب: عين.
(5) القصيدة بكاملها في ديوانه ص 356353.
(6) هذا الخبر أورده أبو الفرج الأصفهاني في مواضع متفرقة: الأغاني 4/ 29، 51، 68، 69 (طبعة دار الكتب المصرية).
(7) عنوان جانبي من المحقق.
(8) المسعودي: مروج الذهب 3/ 347.
(9) لم أتوصل إلى معرفته.
(10) في الأصل: القبض، والمثبت من: أ، ب. ولعل الصواب: أخذ القرآن.
(11) في الأصل: اسكت، والمثبت من: أ، ب.(3/1424)
إنّ الغريب ولو يكون خليفة ... يجبي الخراج (1) فإنّ [ذاك] (2) غريب
ولرب يوم للغريب وليلة ... يدعو بويل ما لديه وقريب
فلتبك نفسك يا غريب ... فإنّما ضحك الغريب سفاهة وعجيب (3)
فتوفي بطوس (4) بقرية يقال لها [سناباذ] (5) من بلاد خراسان، يوم السبت لأربع خلون من جمادي الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ابن أربع وأربعين سنة وأربعة أشهر (6).
__________
(1) في الأصل: الخراب، والتصويب من: أ، ب.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بطاوس.
(5) في الأصل: سابد، وفي أ، ب: ساباذ، والتصويب من مروج الذهب 3/ 347 سناباذ: قرية بمدينة طوس بينهما نحو ميل. ياقوت: معجم البلدان 3/ 259.
(6) المسعودي: مروج الذهب 3/ 347.(3/1425)
خبر الأمين: أبو عبد الله محمد بن هارون الرشيد (1).
(اسمه وكنيته، ولقبه، وخبر أمه) (2):
هو محمد بن هارون الرشيد.
يكنى: أبا عبد الله (3). وقيل: أبو موسى (4). وقيل: [أبو العباس] (5).
ولقبه: الأمين على دين الله.
أمّه: أمة الواحد (6). وقيل: أمّة العزيز بنت جعفر [بن أبي جعفر] (7)
المنصور، ولقبها زبيدة، [لأن المنصور كان] (8) يرقّصها وهي صغيرة سمينة، فكان يقول: أنت زبيدة، فجرت عليها (9). ويقال لها [أيضا] (10): أم
__________
(1) في أ، ب: الأمين.
(2) عنوان جانبي من المحقق.
(3) ذكره الطبري: تاريخ 8/ 498، وابن العمراني: الأنباء ص 89.
(4) المسعودي: مروج الذهب 3/ 396وذكره الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 337.
(5) ذكره ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 148.
(6) ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 148، وفي العقد الفريد 5/ 117اسمها أمة العزيز، وتكنى: أمّ الواحد، وزبيدة لقبها: زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وزوجة الرشيد وأم ولده الأمين، كانت معروفة بالخير، ماتت سنة 216هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 433، 334.
(7) زيادة يقتضيها السياق للتوضيح. راجع الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 433.
(8) في الأصل: لأنها كان المنصور، والتصويب من: أ، ب.
(9) الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 433، وابن العمراني: الأنباء ص 89، وابن كثير:
البداية والنهاية 10/ 271.
(10) الزيادة من: أ، ب.(3/1426)
جعفر (1)، [وأمّها أم ولد] (2)، ويقال لها: سلسبيل (3).
ولم يكن فيما سلف من الخلفاء ولا بعده إلى آخر من ذكر في هذا التّقييد (4) من أمه وأبوه (5) من بني هاشم إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومحمد بن زبيدة هذا. (6)
وفي ذلك يقول [أبو الهول] (7) الحميري (8): / [130/ ب]
ملك أبوه وأمّه من نبعة ... منها سراج الأمة الوهّاج
[شربوا بمكة من] (9) دار بطحائها ... ماء النبوة ليس فيه (10) مزاج (11)
__________
(1) اليعقوبي: تاريخ 2/ 433.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: وأمها أم الوليد.
(3) ابن قتيبة: المعارف ص 379.
(4) يقصد المؤلف من ذكر في كتابه هذا من الخلفاء.
(5) في أ، ب: من أبوه وأمه.
(6) ذكر مثله ابن العمراني: الإنباء ص 89، وذكره باختصار اليعقوبي: تاريخ 2/ 433، والمسعودي: مروج الذهب 3/ 405، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 148، والذهبي: سير 9/ 335، نقلا عن المسعودي.
(7) الزيادة من: أ، ب، واسمه عامر بن عبد الرحمن الحميري، واشتهر بكنيته، كان شاعرا مقلا، له مدائح في المهدي والهادي والرشيد والأمين. ابن المعتز: طبقات الشعراء ص 153، والخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 237.
(8) في ب: الحجيري.
(9) في الأصل: شرقا من مكة، والتصويب من: أ، ب.
(10) في الأصل: فيها، والمثبت من: أ، ب.
(11) لم أعثر على هذا الشعر في المصادر التي رجعت إليها.(3/1427)
(بيعته) (1):
بويع له في اليوم الذي مات فيه أبوه هارون، وهو ابن اثنتين (2)
وعشرين سنة وتسعة أشهر وعشرين يوما بطوس (3). [وكان مولده سنة سبعين ومائة] (4)، [وقدّم بيعته] (5) رجاء (6) الخادم. وكان القيمّ [ببيعته] (7)
الفضل بن الربيع (8).
(صفاته) (9):
وكان أبيض، سمينا (10) [طويلا] (11)، وجميلا جدا، مشرق اللّون صغير العينين، وربعة، عظيم الكراديس، أسود اللّحية مدّورها، أشمّ
__________
(1) عنوان جانبي من المحقق.
(2) في الأصل، وب: اثنين، وفي التصويب من: أ.
(3) (بطوس) ساقطة من: ب، والخبر عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 396.
(4) التكملة من: أ، ب. والخبر عند خليفة: تاريخ ص 468، والخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 337.
(5) في الأصل: وكان مولاه، والتصويب من: أ، ب، وفي مروج الذهب 3/ 396وتقدم ببيعته رجاء الخادم. وانظر الطبري: تاريخ 8/ 365.
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(8) المسعودي: مروج الذهب 3/ 396.
(9) عنوان جانبي من المحقق.
(10) في ب: سخيا
(11) زيادة من: أ.(3/1428)
الأنف، [أنزع] (1)، بعيد ما بين المنكبين، شديد في بدنه (2).
وكان وزيره:
الفضل (3)، وإبراهيم بن المهدي (4)، عمّه.
وحاجبه:
الفضل بن الربيع (5)، ثم علي بن صالح (6).
وقاضيه:
إسماعيل (7) بن حماد بن أبي حنيفة، ثم أبو البختري (8) وهب بن
__________
(1) زيادة من: أ، ب. أنزع: أنحسر الشعر عن جانبي جبهته. الجوهري: الصحاح 3/ 1289 (نزع).
(2) المسعودي: التنبيه والإشراف ص 349وورد بعضها عند الطبري: تاريخ 8/ 499، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 118، وابن العمراني: الإنباء ص 95، وابن ظافر:
أخبار الدولة المنقطعة ص 148، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 297.
(3) يقصد الفضل بن الربيع. انظر ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 153.
(4) محي الدين بن العربي: محاضرة الأبرار 1/ 42.
(5) ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 149، وفي التنبيه والإشراف ص 349العباس ابن الفضل بن الربيع. وكذلك الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 389وربما تقلد العباس بن الفضل منصب الحجابة للأمين بعد أبيه. راجع ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 154.
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، ولي القضاء في الجانب الشرقي من بغداد، كما تولى قضاء البصرة والرّقة، توفي سنة 212هـ. الخطيب البغدادي: تاريخ 6/ 243 245.
(8) هو وهب بن وهب القرشي المديني، أبو البختري، سكن بغداد، وتولى القضاء بها في عهد الرشيد، وتولى قضاء المدينة ثم عزل، وعاد إلى بغداد وتوفي بها سنة 200هـ(3/1429)
وهب، ثم محمد بن [سماعة] (1).
وصاحب شرطته:
محمد بن المسيب (2).
نقش خاتمه:
آمنت بالله (3). وقيل: لكلّ عمل ثواب (4).
وكان الغالب عليه اللهو، والضّرب، والشّراب (5). وكان ضعيف العقل والرّأي، ولا يفتر من لعب، ولا يصحو من شرب، سفّاكا للدّماء (6). وكان مع ذلك جوادا، كريما، ظريفا.
__________
الخطيب البغدادي: تاريخ 13/ 487481.
(1) في الأصل: أسامة، والمثبت من: أ، ب، والخبر كاملا عند المسعودي: التنبه والإشراف ص 349، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 154وذكره ابن العمراني: الإنباء ص 95دون محمد بن سماعة.
ومحمد بن سماعة هذا تولّى القضاء في الجانب الشرقي من بغداد سنة 192هـ، ولم يزل قاضيا إلى أن ضعف بصره، فعزله المأمون، ومات سنة 233هـ. وكيع: أخبار القضاة 3/ 282، والخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 343341.
(2) في ب: الحبيب. والخبر عند اليعقوبي: تاريخ 2/ 442، ولم أجد لمحمد بن المسيب ترجمة.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) محي الدين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 42.
(5) في أ، ب: والشرب.
(6) راجع المسعودي: التنبيه والإشراف ص 349، وابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 148. هذه الأوصاف التي تتهم الأمين في دينه مشكوك فيها وتحتاج إلى ما يثبت(3/1430)
وكانت أمّه زبيدة قد حجت مع أبيه الحجّة التي بايع له [وللمأمون] (1) فيها، وفرّقت زبيدة في تلك الحجة بالمدينة في نساء (2) الرسول صلى الله عليه وسلم أموالا كثيرة. وبمكة مثل ذلك، واعتقت مائة رقبة بعرفة، ومائة بمنى.
وكانت قد ورثت عن أبيها ضياعا كثيرة، غلّتها مائة ألف دينار في السّنة، ثم اقطعها الرّشيد فبلغت ضياعها ألف ألف دينار وثمانمائة ألف دينار.
وحفرت من عين المشاش (3) نهرا ساقته إلى مكة، وهو اثني عشر ميلا، انفقت عليه ألف ألف دينار، ونذرت ألا تفطر حتى يتمّ لها هذا النهر، فحفرت (4) فيه ثلاثة أعوام وهي صائمة، فلما أتاها الخبر بتمام ما أملت وجرى الماء، أعتقت ألف رقبة، وتصدّقت بمائة ألف درهم، ثم حجّت
__________
صحتها. وقد تأدب على يد الإمام الكسائي شيخ القراءة والعربية، وكان دينا صحيح الإسلام، ويستبعد وقوعه في كل ما يهدم الدين ويتلم الشرف والمروءة.
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) يفهم من هذا الخبر أن من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاش إلى هذا العام الذي حجّت فيه زبيدة وهذا غير صحيح لأن أم سلمة رضي الله عنها كانت آخر من مات من أمهات المؤمنين سنة اثنتين وستين. عن تاريخ وفاة أم سلمة راجع: الذهبي: سير 2/ 202، وابن حجر: تقريب ص 754.
(3) راجع اليعقوبي 2/ 434، والأزرقي: أخبار مكة 2/ 58، وعين مشاش: تسمى اليوم: عين الشرائع، أو عين حنين، وهي اليوم لا تسير إلى مكة، بل يزرع الناس عليها هناك، وتبعد عين حنين 36كيلا عن المسجد الحرام إلى الشرق. البلادي:
معالم مكة التاريخية ص 88بتصرف.
(4) في أ، ب: فحفر.(3/1431)
شكرا لله عزّ وجل، فخرجت في جمادي الآخرة سنة تسعين ومائة، فكانت تمشي على اللّبد (1) حتى وصلت، فتصدّقت، وأعتقت.
قال إسحاق (2) الموصلي: كان الأمين حسن الأدب، عالما بالشعر، وكان سخيّا بالمال بخيلا على الطعام (3).
ولمّا تمت له البيعة أمر للجند بأرزاق سنة (4)، وارتحل صالح (5) بن الرشيد والفضل بن الربيع وبكر بن المتعمر (6) بالخزائن والأموال والسّلاح والكراع ومن [يضمّه] (7) العسكر من القوّاد وغيرهم من طوس إلى بغداد (8).
__________
(1) في أ، ب: اللبود. واللّبد: البساط. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 404 (لبد).
(2) هو إسحاق بن إبراهيم بن ميمون الموصلي الأخباري، صاحب الموسيقى والشعر، ولد سنة 150هـ وتوفي سنة 235هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 6/ 345338، والذهبي: سير 11/ 121118.
(3) لم أعثر على الخبر في المصادر الأخرى.
(4) في تاريخ الموصل ص 317وبسط فأعطى الجند رزق سنتين. وفي تاريخ الطبري 8/ 365: وأمر للجند ممن بمدينة السلام برزق أربعة وعشرين شهرا.
(5) هو صالح بن هارون الرشيد، أمه أم ولد يقال لها رثم، كان مع أبيه بطوس يوم مات، وصلّى عليه، وأرسل بوفاة أبيه إلى أخيه الأمين ببغداد، ثم كان عاملا على البصرة لأخيه المأمون، وحج بالناس سنة 208هـ. راجع الطبري: تاريخ 8/ 360، 365، 576، 597
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(8) ذكر مثله أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 317.(3/1432)
ونظر محمد الأمين فيمن كان أسقط الرشيد من الجند، فكانوا ثمانية آلاف فارس (1)، فأمر بردّهم [إلى الدّيوان] (2)، وأعطاهم رزق ستة أشهر (3).
وكتب الأمين / إلى أمّه زبيدة في القدوم عليه من المراقبة (4)، [131/ أ] فحملت أثقالها وحشمها في أربعمائة (5) سفينة، [وانحدرت] (6)
في الفرات، وعلى حشمها ثيابها السّواد، [وهنّ ينحن] (7) في طريقهن على الرشيد، وقدمت بغداد في شعبان، فأقامت المناحة في وجهها (8) سبعة أيّام (9).
ودخل (10) الأمين يوما للمنادمة، فنظر إلى بعض جواريه وهي قائمة
__________
(1) (فارس) ساقطة من: أ، ب.
(2) في الأصل: من الدينور، والتصويب من: أ، ب.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) كذا في المتن، والنسخ الأخرى، ولعلها صوابها الرّقة. راجع أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 318، والأربلي: خلاصة الذهب المسبوك ص 174.
(5) في ب: اربع مائة.
(6) في الأصل: وحضرت، والمثبت من: أ، ب.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(8) في أ، ب: في دارها.
(9) ذكره باختصار أبو زكريا الأزدي: تاريخ الموصل ص 318دون ذكر النياحة على الرشيد، ويبدو لي أن المؤلف نقل هذا الخبر من مصدر شيعي دون أن يصرح بالنقل عنه.
(10) في أ، ب: وخلا.(3/1433)
تسقيه، وفي يدها جام (1) من بلّور فيه شراب أحمر، فأعجبته (2)، فقال: من بالباب من الشّعراء فقيل له: الحسن (3) بن هانيء، فأمر بدخوله، ثم قال:
هل لك أن تصف هذه؟ قال: نعم.
حمراء صافية في جوف صافية ... بيضاء تسعى بها خود (4) من الحور
حسناء تحمل حسنا في يدها ... صاف من الزاج في طرف (5) القوارير (6)
فقال له: أحسنت، فأمر له بألف (7) درهم (8).
(الخلاف بين الأمين والمأمون) (9):
ثم لم (10) تزل حال الأمين وأخيه المأمون صالحة نحو عام، إلى أن
__________
(1) الجام: الإناء، وجمعه: أجوم، بالهمز. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1408، 1409 (جوم).
(2) في أ، ب: واعجبته.
(3) هو أبو نواس، الحسن بن هانيء، مولى الحكم بن سعد العشيرة من اليمن، ولد بالأهواز، ونشأ بالبصرة، ومات سنة 198، وقيل: 199هـ عن 52سنة. وابن قتيبة: الشعر والشعراء ص 564543، والخطيب البغدادي: تاريخ 7/ 449436.
(4) الخود: الحسنة الخلق، الشابة، أو الناعمة، والجمع: خوات وخود. الفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص 358 (خود).
(5) في ب: صافي.
(6) لم أعثر على هذا الشعر في ديوانه.
(7) في ب: بألقي.
(8) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(9) عنوان جانبي من المحقق.
(10) في أ، ب: فلم.(3/1434)
سعى الفضل بن الربيع وبكر بن المعتمر في الفساد بينهما، لما رأيا من استفحال أمر المأمون، بشدّة (1) ظهوره، ومازالا [يوغران] (2) صدر الأمين، [ويزيّنان] (3) له أن يكتب إلى المأمون في القدوم عليه. فكتب إليه كتابا (4) يأمره بالقدوم عليه ليتكلّم (5) معه فيما يرد (6) ويصدّر، ويقدّم ويؤخّر.
فأجابه المأمون (7) بوصول كتابه، وأعلمه أنّه قد أغناه الله عنه بما جعل عنده من فضل الرّأي وحسن السياسة، وأعلمه بان [كور] (8)
خراسان كلّها بحال اضطراب للذي كان [رافع بن الليث] (9) أوقع في
__________
(1) في أ، ب: وشدة.
(2) في الأصل: يأخذ غرض، والتصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: ويراوده، والمثبت من: أ، ب.
(4) انظر نصهذا الكتاب عند الطبري: تاريخ 8/ 401400وكان بمشورة إسماعيل بن صبيح.
(5) في أ، ب: ليتفاوض.
(6) في أ، ب: يورد.
(7) انظر نص كتاب المأمون ردا على الأمين عند الطبري: تاريخ 8/ 405.
(8) زيادة من: أ، ب.
(9) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب. رافع بن الليث بن نصر بن سيّار، كان نائبا على سمرقند أيام الرشيد، فخلع الطاعة ودعا لنفسه، وتابعه بشر كثير، واستفحل أمره، فسار إليه نائب خراسان علي بن عيسى، فهزمه رافع وتفاقم الأمر به، ثم سار إليه الرشيد بنفسه سنة 192هـ فهزم رافع. وفي أيام الفتنة بين الأمين والمأمون طلب رافع الأمان من المأمون، فأمنه وأكرمه. راجع ابن كثير: البداية والنهاية 10/ 203، 207.(3/1435)
قلوبهم، فعلم الأمين أن المأمون لا يقدم عليه، فوجّه إليه بجيوش كثيفة تخرجه من خراسان.
وكتب الأمين بخلع المأمون إلى جميع الآفاق من ولاية العهد، وسمّاه:
النّاكث، وبايع لابنه موسى، وسمّاه: النّاطق بالحقّ.
فلمّا بلغ المأمون أنّ الأمين خلعه وبايع لابنه، تسمى المأمون بأمير المؤمنين، وأسقط اسم الأمين من الدّنانير والدّراهم، وسماه: ناقض العهد.
ووجّه الأمين إلى نوفل (1) الخادم القيّم بأموال المأمون، فأخذه بإحضار ما في يده من الأموال والجواهر والكسوة والمتاع، وضربه الفضل بن الربيع بالسّياط حتى أقرّ بكلّ ما في يده (2)، وقبضت ضياع المأمون في كلّ البلدان، وصيرت لموسى (3) بن الأمين، وأقرّ نوفل الخادم أنّ جميع أموال المأمون عند أم عيسى (4) بنت موسى الهادي زوجة المأمون، فسار (5)
__________
(1) هو نوفل مولى موسى الهادي، ثم خادم المأمون، كان وكيله ببغداد وخازنه، وقيّمه في أهله وولده وضياعه وأمواله. الطبري: تاريخ 8/ 371، 395.
(2) في أ، ب: يديه.
(3) هو موسى الناطق بالحق، ولّاه أبوه العهد من بعده سنة 194هـ وجعله في حجر علي بن عيسى، لكن لم يتمّ له أمر حيث تفرد المأمون بالخلافة، ومات وله أربعة عشر عاما، ولا عقب له. ابن قتيبة: المعارف ص 384، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 24.
(4) أم عيسى بنت الهادي، زوج المأمون، ولدت له محمد الأصغر وعبد الله. ابن حزم:
جمهرة أنساب العرب ص 24.
(5) في ب: فصار.(3/1436)
الفضل بن الربيع إلى دارها، فهجم عليها، فدخلت بيتا ومعها جواريها، فأخرجها وتناولها [بيده] (1)، وحمل كلّ ما كان (2) في دارها (3).
وكتب الأمين إلى أهل خراسان [في خلع المأمون] (4) والبراءة [منه] (5)، وأنّه ولّى عليهم النّاصح الشّهم [المجرّب] (6) علي بن عيسى بن ماهان، ويأمرهم بالسّمع والطاعة إليه (7)، فخرج علي بن عيسى من بغداد إلى خراسان في جمادي الآخرة سنة / خمس [وتسعين] (8) ومائة في ثلاثين [131/ ب] ألفا ممن يرزق، وشيّعه الأمين إلى النهروان، ودفع إليه قيد فضة يقيّد به المأمون، فسار [علي] (9) حتى بلغ الجبل، فكتب إلى (10)
رؤساء كل ناحية، واجتمع خلق كثير (11) من [صعاليك الجبل وأنجاد العرب والعجم] (12) فلمّا انتهى إلى همذان وجه ابنه يحي على مقدمته في
__________
(1) التكملة من: أ، ب.
(2) في ب: من كان.
(3) راجع تفاصيل الخلاف بين الأمين والمأمون عند الطبري: تاريخ 8/ 414374.
(4) التكملة من: أ، ب.
(5) في الأصل: عنه، والتصويب من: أ، ب.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(7) في أ، ب: بالسمع إليه والطاعة.
(8) في الأصل: وب: وسبعين، والتصويب من: أ.
(9) زيادة من: أ.
(10) (إلى) سقط من: أ، ب.
(11) في أ، ب: وأثبت خلقا كثيرا.
(12) في الأصل: من أهل العرب ورؤوس العرب، والمثبت من: أ، ب. وانظر تاريخ الطبري 8/ 409.(3/1437)
خمسة آلاف فارس وخمسة آلاف رجل (1). فلمّا انتهى الخبر إلى المأمون أنفذ طاهر (2) بن حسين في ستة آلاف من نخبة الرّجال، فوصل إلى الرّي.
وأقبل ابن ماهان في الجيوش العظيمة، لا يشكّ أن خراسان في يده، فلمّا بلغ همذان، نهض ابنه عبد الله (3) وابنه أيضا الحسين (4) في جيوش (5)
عظيمة، فسار إلى قزوين.
وقد كان ابنه يحي وصل بمقدمة الجيش إلى قرية يقال لها حسين [أباذ] (6) فأتى الخبر (7) إلى طاهر بتوجيه ابن ماهان العساكر من كلّ ناحية، فوجّه طاهر [إلى الرّي] (8) إبراهيم (9) بن مصعب لضبط المدينة، وتثقيف أبوابها، ووجّه إلى كل موضع يتوقع عليه من يحميه، وتوجّه ابن
__________
(1) هذه الفقرة ليست في: أ، ب.
(2) هو طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي بالولاء، ذو اليمينين، القائم بنصر خلافه المأمون، مات بمرو سنة 207هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 355353، والذهبي: سير 10/ 109108.
(3) هو عبد الله بن طاهر بن الحسين، ولاه المأمون الشام، ثم إمارة خراسان، وأقام بها حتى مات سنة 230هـ الخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 489483، وابن خلكان:
وفيات الأعيان 3/ 8983.
(4) لم أجد له ترجمة.
(5) في أ، ب: جموع.
(6) الزيادة من: أ، ب. ولم أعثر على تعريف لها.
(7) في أ، ب: فأتت الأخبار.
(8) التكملة من: أ، وفي ب: المري.
(9) لم أجد له ترجمة.(3/1438)
ماهان حتى نزل رستاق [سبسب] (1) على ميلين من عسكر ابنه يحي.
وأقبل طاهر فترل دونه، ثم التقيا، وتحاربا حربا طويلا. فقتل ابن ماهان، وصاح أهل العسكر قتل الأمين، فانهزم النّاس هزيمة فاحشة، وبادر طاهر [إلى] (2) مضرب ابن هامان، فحوى الأموال والسلاح والكراع، ونصب رأسه على رمح، ونادى منادي (3) طاهر من أتانا من النّاس داخلا في طاعة المأمون فله الأمان، وعندنا التّقديم والإحسان. فأتاه خلق كثير، فأمنّهم وثّبتهم.
وكانت هذه الهزيمة لتسع خلون من شعبان سنة خمس وتسعين ومائة (4).
ولم يزل بعد ذلك أمر الأمين ينعكس، وكلّما أنفذ جيشا [هزم] (5)
إلى أن نزل طاهر بن [الحسين] (6) على بغداد فحصرها. وهرب الفضل بن الربيع، فلم يزل مستترا حتى قتل الأمين (7).
__________
(1) التكملة من: أ، ب، ولم أتوصل إلى من معرفته.
(2) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بن.
(3) في الأصل: مناد، والمثبت من: أ، ب.
(4) انظر تفاصيل شخوص علي بن عيسى إلى حرب المأمون عند الطبري: تاريخ 8/ 412390، وأورد اليعقوبي: تاريخ 2/ 437قريبا منه.
(5) التكملة من: أ، ب.
(6) التصويب من: أ، ب، وفي الأصل: بن الحسن بن الحسن.
(7) انظر خبر استتار الفضل بن الربيع ثم ظهوره عند الجهشياري: الوزراء والكتاب ص 301، 302.(3/1439)
قال ابن واضح (1): سمعت الحسن (2) بن أبي سعيد يقول: كنت حاجب (3) المأمون، فلما حمل طاهر بن الحسين رأس (4) محمد الأمين، وحمّل ابنيه موسى وعبد الله، حشد الناس لليوم الذي يدخل فيه الرّأس، فأدخل على بغل في صندوق عليه قبّة، فلمّا جلس المأمون دعا بالصندوق، وأمرني ففتحته، فأخذت منه [موقّى] (5) مختوما بخاتم طاهر، فإذا فيه سلّة خيزران مختومة، ففتحتها فإذا بمنديل [مصريّ] (6) عليه مسك كثير (7)، ففتحت المنديل، فإذا فيه سلّة فضّة عليها سلاسل، ففتحتها، فإذا قطن كثير عليه مسك كثير، فرفعت القطن، فإذا وجه محمد قد بدا كأنّه البدر لم يتغيّر. فلمحه المأمون (8)، فلم يملك نفسه أن بكى، وارتفع صوته بالنّحيب، فقال له الفضل بن سهل (9): يا أمير المؤمنين، والله لو ظفر بك محمد لفعل بك مثل هذا، فاحمد الله إذ أظفرك به، وقد علم (10) الناس أنّ
__________
(1) لم أتوصل إلى معرفته.
(2) في أ، ب: الحسين. ولم أتوصل إلى معرفته.
(3) في أ، ب: أحجب.
(4) في ب: وابن.
(5) التكملة من: أ، ب. موقّى: مصان، ووقاه: صانه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1731 (وقى) بتصرف.
(6) التكملة من: أ، ب.
(7) في ب: كبير.
(8) (المأمون) سقط من: ب.
(9) في أ، ب: الفضل بن سهل المجوسي.
(10) في الأصل: عمل، والتصويب من: أ، ب.(3/1440)
الرأس قد قدم به رسول طاهر (1)، فلينصب لهم (2) ساعة حتى يروه. فقام المأمون من مجلسه، وأمر الفضل بن سهل أن ينصب الرأس على رمح وأخرج [إلى] (3) الناس، فجعل الناس يتناولونه / بالمكروه، ويقولون: الحمد لله الذي قتل [132/ أ] الله المخلوع، وفعل به وفعل، حتى أتى شيخ من الخراسانية، فقال: لعن الله المخلوع، ولعن والديه [ومن ولد] (4)، فسمعه المأمون فقال: إنّا لله وإنا إليه راجعون، ثم أمر بالرأس فأنزل، وردّ في الأوعية التي كان فيها، وأدخل الخزانة (5).
(مدة خلافته، وتأريخ مقتله، ومبلغ سنّه) (6):
وكانت خلافة محمد الأمين أربع سنين [وستة أشهر (7). وقيل:] (8)
وسبعة أشهر وثمانية عشر يوما (9). وقيل: ثمانية أشهر وستة أيّام (10).
__________
(1) في أ، ب: ابن طاهر.
(2) في ب: لها.
(3) التكملة من: أ، ب.
(4) الزيادة من: أ، ب.
(5) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر التي تيسّر لي الرجوع إليها.
(6) عنوان جانبي من المحقق.
(7) المسعودي: مروج الذهب 3/ 396.
(8) التكملة من: أ، ب.
(9) ابن ظافر: أخبار الدولة المنقطعة ص 148.
(10) في الأصل: وستة عشر يوما، والمثبت من: أ، ب والمسعودي: مروج الذهب 3/ 396.(3/1441)
وكانت أيّامه في الحصار من خلعه إلى مقتله (1) سنة واحدة وستة أشهر وثلاثة عشر يوما، منها [شهران] (2) حبس فيها.
وقتل ببغداد ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة (3). وقيل: لسبع خلون من صفر (4).
وقتل وهو ابن ثلاث وثلاثين (5) سنة وستة أشهر وثلاثة عشر يوما.
ودفنت جثته ببغداد، وحمل رأسه إلى خراسان (6).
__________
(1) في الأصل: مقاتلته، والتصويب من: أ، ب.
(2) (شهران) ساقطة من: أ، ب، وفي مروج الذهب 3/ 396حبس فيها يومين.
(3) الطبري: تاريخ 8/ 499، وابن عبد ربه: العقد الفريد 5/ 118.
(4) في تاريخ اليعقوبي 2/ 441لخمس خلون من صفر.
(5) هذا خطأ، فإنه على حساب سنة مولده يكون سنّه 28سنة.
(6) الخبر بتمامه عند المسعودي: مروج الذهب 3/ 396.(3/1442)
المأمون:
(اسمه، وكنيته، ولقبه، وخبر أمه) (1):
هو عبد الله بن هارون الرشيد.
يكنّى: أبا جعفر (2).
وقيل: أبا العباس (3).
ولقبه: المأمون على دين الله (4).
أمّه رومية (5).
وقيل: تركية تسمّى (مراجل) (6). ولدته ببغداد، في قصر الخلد (7) في اللّيلة التي استخلف فيها الرّشيد في النّصف من شهر ربيع الأوّل سنة سبعين (8) ومائة. ولم تلبث بعد مولده (9) إلى مدة يسيرة، وتوفيت (10).
__________
(1) عنوان جانبي من المحقّق.
(2) أورده المسعودي: تاريخ 4/ 4، والخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 183.
(3) أورده الطبري: تاريخ 8/ 651عن ابن الكلبي، والمسعودي: مروج الذّهب 4/ 4.
ويضيف ابن العمراني في الإنباء ص 96كنيته كناه بها أبوه، فأمّا هو فإنّه تكنّى بعد موت أبيه بأبي جعفر، وهي كنية الرشيد، وكنية المنصور.
(4) ابن الجوزي: الثّقات 2/ 390.
(5) في ب: رمية.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(7) قصر الخلد: بناه المنصور ببغداد بعد فراغه من مدينته، على شاطئ دجلة في سنة 159هـ. ياقوت معجم البلدان 2/ 382.
(8) في ب: تسعين.
(9) في ب: مولدته.
(10) عند الذّهبي: سير 10/ 274، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 306ماتت في(3/1443)
وعاتبها الرّشيد يوما، ثمّ قدم فبعث إليها فأبت الوصول إليه فعاود البعث إليها، فأبت، فأقلقه التّشوّق، وقام إلى منزلها وعانقها (1)، وأنشد:
تبدي صدودا وتخفي تحته صلة ... فالنّفس راضية والطّرف غضبان
يا من وضعت لها خدي فذلّ لها ... وليس فوقي سوى (2) الرحمن سلطان
(بيعته) (3):
بويع على رأس المائتين.
وقيل: لخمس بقين من المحرّم سنة ثمان وتسعين ومائة، وهو ابن ثمان وعشرين سنة وشهرين (4).
(صفاته) (5):
وكان أبيض تعلوه صفرة، [كوسجا، أعين] (6)، طويل اللحية والقد، ضيق الجبين، [بخده خال]، أسود الشّعر (7)، صغير الوجه مدوّره (1)، وكان
__________
نفاسها به.
(1) في أ، ب: فعانقها
(2) في ب: سوا.
(3) عنوان جانبي من المحقّق.
(4) الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 183، وذكر سنّه هذا يوم بويع. المسعودي: مروج الذهب 4/ 4.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في الأصل: كودج العينين. والتّصويب من: أ، ب. أعين: أي واسع العين.
(7) (الشعر) ساقطة من: أ، ب. وفي تاريخ الطبري 8/ 651بخده خال أسود. كذا في(3/1444)
مدوّره (1)، وكان ساقاه أصفرين دون سائر جسده، كأنّما أطليا بالزّعفران (2). نحيف الجسم، كامل الفضل، جوادا، عظيم العفو (3)، أخذ من كلّ علم بحظ وافر حتّى العلوم الرّياضية، وعلوم (4) الهيئة. ألف [الزّيجات] (5)، وأحكم أخذ (6) الطّوالع [بالإسطرلاب] (7).
والتزم الصّلاة بالنّاس في المسجد الجامع، وخطب بنفسه، وانتصب كلّ يوم للخصومة بين الناس يدخل عليه الصّغير والكبير، والمرأة والصّبي والعبد، فيحكم بالعدل بينهم.
وزيره:
__________
العقد الفريد 5/ 119، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 155.
(1) في ب: مدوّرا.
(2) الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 184عن الجاحظ.
(3) ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص: 155.
(4) في أ، ب: وعلم.
(5) في الأصل: إلى الرّجاء، وفي أ: الرّبرجات، وفي ب: الزّيرجات. والتّصويب من:
المحقّق.
والزّيجات، جمع: زيج، وهو كتاب يحسب سير الكواكب، ومنه يستخرج التّقويم.
الخوارزمي: مفتاح العلوم ص: 219، وجعله القلقشندي قسما من علم الهيئة. صبح الأعشى 1/ 477، وقد اشتهر المأمون بهذا العلم وإليه ينسب، فيقال: الزّيج المأموني.
ابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 275، بتصرّف.
(6) في ب: أحد.
(7) في الأصل: بالاستراب، والتّصويب من: أ، ب.(3/1445)
الفضل (1) بن سهل الملقّب بذي الرّئاستين، ثم أخوه الحسن (2) بن سهل، ثم أحمد بن خالد الأحول (3)، [وعمرو بن مسعدة] (4)، وأبو عبّاد (5).
وقيل: إنّه لم يستوزر بعد الفضل أحدا، وإنّما كانوا كتّابا (6).
وصاحب حرسه وشرطته: / [132/ ب]
عبد الله بن طاهر (7).
حاجبه:
__________
(1) الفضل بن سهل بن عبد الله أبو العبّاس، الملقّب ذا الرّئاستين، لتدبيره أمر الحرب والقلم، مات قتيلا سنة (202هـ). الجهشياري: الوزراء والكتّاب ص 305، والخطيب البغدادي: تاريخ 13/ 343339.
(2) الحسن بن سهل بن عبد الله السّرخسي، أبو محمّد، وزير المأمون، توفّي سنة:
(236هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 7/ 323319، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 123120.
(3) في التّنبيه والإشراف ص 351، وفي العقد الفريد 5/ 120: أحمد بن أبي خالد ابن الأحول.
(4) في الأصل: وعمر بن مسعودة. والتّصويب من: أ، ب، والتّنبيه والإشراف ص 352.
عمر بن مسعدة بن سعيد بن صول أبو الفضل الصّولي، توفّي سنة (217هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 204203.
(5) أبو عبّاد، ثابت بن يحيى بن يسار الرّازي، كان جوادا سمحا، مات سنة (220هـ)، عن (65) سنة. الذّهبي: سير 10/ 199.
(6) أورد هذا القول ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 168.
(7) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.(3/1446)
شبيب (1) بن حميد بن قحطبة. وعبد المجيد (2) بن شبيب. ومحمّد، وعليّ ابني صالح [مولى المنصور، ثم إسماعيل (3)، بن محمّد بن صالح] (4)، ثم رجاء (5) بن الضّحّاك، ورشيد (6) مولاه.
وقضاته:
محمّد بن عمر الواقدي (7)، ثم محمّد (8) بن عبد الرّحمن المخزومي، ثم يحيى بن أكثم (9).
__________
(1) شبيب بن حميد بن قحطبة، مات سنة: (204هـ). ابن طيفور: بغداد ص: 187.
(2) في أ، ب: عبد الحميد.
(3) لم أجد له ترجمة.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) لم أجد له ترجمة.
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) هو: محمّد بن عمر الواقدي المديني، قدم بغداد واستقضاه المأمون على الجانب الشّرقي من بغداد وأكرمه وأمره أن يصلّي بالنّاس في مسجد الرّصافة، وكان جوّادا كريما، مات: (207هـ).
وكيع: أخبار القضاة 3/ 270، والخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 212، والذّهبي:
سير 9/ 469454. والواقدي: نسبة إلى جدّه واقد. ابن الأثير: اللّباب 3/ 350.
(8) محمّد بن عبد الرّحمن المخزومي، استقضاه المأمون بعد وفاة الواقدي، وكان موسى الهادي قد استقضاه على مكّة، وأقرّه الرّشيد حتّى كان المأمون، فولّاه قضاء بغداد أشهرا، ثم صرفه. وكيع: أخبار القضاة 3/ 272.
(9) الخبر عند ابن العمراني: الإنباء ص: 103. بإضافة بشر بن الوليد، قبل يحيى بن أكثم.
ويحيى بن أكثم التّميميّ استقضاه المأمون على قضاء القضاة، ومات سنة (242هـ). وكيع: أخبار القضاة 3/ 274273، والخطيب البغدادي: تاريخ(3/1447)
نقش خاتمه:
الملك لله (1).
وقيل: الموت حقّ (2).
وقيل: الله [ثقة] (3) عبد الله وبه يؤمن (4).
نقش طابعه:
أسأل (5) الله يعطيك (6).
ولمّا استتم له الملك قال: هذا جسيم لولا أنّه عديم، وهذا ملك لولا أنّ بعده هلك، وهذا سرور لولا أنّ بعده غرور (7).
وكان يقول: البشر [منظر مونق] (8)، وخلق مشرق، وداع لذي القبول (9)، ومحلّ مألوف (10).
وكان يقول: سادة النّاس في الدّنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء،
__________
14/ 204191.
(1) لم أعثر عليه في المصادر الأخرى.
(2) لم أعثر عليه في المصادر الأخرى.
(3) في الأصل: تقاة، والتّصويب من: أ، ب.
(4) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص: 352.
(5) في أ: سمل، وفي ب: سهل.
(6) في القعد الفريد 5/ 119: نقش خاتمه: سل الله يعطيك.
(7) ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 7.
(8) في الأصل: منظور منق، والتّصويب من: أ، ب.
(9) في أ، ب: للقبول، وفي مروج الذّهب 4/ 7: وزارع للقلوب.
(10) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 7، بأطول ممّا هنا.(3/1448)
وإنّ الرّزق الواسع لمن لا يستمتع به بمنزلة الطّعام على [ميزاب] (1)
البخل (2)، لو كان طريقا ما سلكته، وقميصا ما لبسته (3).
وكان يقول: لو علم النّاس مقدار محبّتي في العفو لتقرّبوا إليّ بالذّنوب (4).
وكان يقول: إذا رفع الطّعام من بين يديه: الحمد لله الذي جعل أرزاقنا أكثر من أقواتنا (5).
وجلس على المنبر ببغداد ليخطب بعد قتل أخيه الأمين ووصوله خراسان، فسقطت العصا (6) من يده، فتشاءم النّاس بها، ففهم عنهم، وقال: ليس الأمر كما تزعمون، إنّما هو كما قال الشّاعر:
فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر (7)
ومن كلامه: المنفعة توجب المحبّة، والنّضرة (8) توجب البغضة،
__________
(1) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب، ومروج الذّهب 4/ 7.
(2) في الأصل: والبخل، والتّصويب من: أ، ب.
(3) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 7.
(4) ذكره ابن الطقطقي: الفخري، ص: 303، وابن العمراني: الإنباء ص 100، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص: 157، وابن دقماق: الجوهر الثّمين ص: 106، والسّيوطي: تاريخ ص: 322، باختلاف لفظي يسير.
(5) لم أجده في المصادر الأخرى.
(6) في أ: العصى.
(7) هذا البيت منسوب لعبد ربّه السّلمي، ويقال: لسليم بن ثمامة الحنفي، أو معقر ابن أوس بن حمار البارقي. ابن منظور: لسان العرب 15/ 65، (عصا).
(8) في ب: والحضرة.(3/1449)
والموافقة توجب المرافقة، والمصادفة (1) توجب العداوة، [واتّفاق الهوى] (2)
يوجب الألفة، والاختلاف (3) يوجب الفرقة، والصّدق يوجب الثّقة، والكذب يوجب التّهمة، والأمانة توجب الطّمأنينة، والخيانة توجب المنافرة، والعدل يوجب الاختلاف، وحسن الخلق يوجب المودّة، وسوء الخلق يوجب المباعدة، والانبساط يوجب المؤانسة، والانقباض يوجب الوحشة، والكبر يوجب المقت، والتّواضع يوجب المحبّة (4)، والجود يوجب الحمد (5)، والبخل يوجب الذّمّ، والتّوان يوجب التّضييع، والجدّ يوجب الرّجاء، والهون يوجب الحسرة (6)، والحزم يوجب السّرور، والتّغرير يوجب النّدامة، والحذر يوجب الغدر، وإصابة التّدبير يوجب بقاء المملكة، وإهمال (7) الرّعية يوجب الاختلاف، والاختلاف يوجب التّباغي، والتّباغي مقدّمات الفتن، وسبب البوار، ولكلّ شيء من هذه إفراط وتقصير. وإنّما تصحّ كما تحبّها (8) إذا أقيمت على حدودها، وعدلت
__________
النّضرة: النّعمة، والعيش، والغنى، والحسن. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 622، (نضر).
(1) في أ، ب: والمضادة.
(2) في الأصل: الاتّفاق، والمثبت من: أ، ب.
(3) في أ، ب: واختلافه.
(4) في أ، ب: المقت.
(5) في ب: الحسد.
(6) في أ، ب: والهوينا توجب الحسرة.
(7) في أ، ب: وانهمال.
(8) في ب: يحسبها، وفي أ: كمامها.(3/1450)
على (1) أقدارها.
واحذر الحذر كلّه أن يخدعك الشّيطان عن [الحزم] (2) فيمثّل (3) لك التّواني في صورة التّوكّل فيسلبك القدر (4)، ويورثك / الهون (5) بإحالتك على الأقدار فإنّ الله تبارك [133/ أ] وتعالى [إنّما] (6) أمر بالتّوكّل عند انقطاع الحيل والرّضى بالقضاء بعد الأعذار، فقال [تعالى] (7): {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} (8)، {وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (9).
وقال: لا بدّ للإمام (10) من ثلاث خصال: الصّدق، والعلم، ورحب الذّراع.
وللوزير من النّصر بالسّياسة، وقبول (11) الرّأي والعلم بأوائل الأمور.
__________
(1) (على) ساقط من: أ، ب.
(2) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(3) في الأصل: فيثمتل، والمثبت من: أ، ب.
(4) في أ: الحذر.
(5) في أ، ب: الهوينا.
(6) الزّيادة من: أ، ب.
(7) الزّيادة من: أ، ب.
(8) سورة النّساء: الآية (102).
(9) سورة البقرة: الآية (195).
ولم أقف على هذا الكلام في المصادر التي رجعت إليها.
(10) في ب: للإسلام.
(11) في أ، ب: وقبل.(3/1451)
ولصاحب الحرس من التيقظ والبصر بمواضع (1) الخلل، ومؤدّب (2)
أهل العلية.
وإذا ولّيت الوزير وزارتك فقد أطلعته على أسرارك، وأتمنته على وثائق تدبيرك، وأعطيته أزمّة عرى مملكتك فليكن عندك [بين حالين] (3)
يعتوران قلبه، ويتّصلان في نفسه من التّحفّظ والثّقة (4) والتّحذّر والاسترسال، ولتكن ثقتك به أغلب الأمرين عليك في أمره، غير أنّك لا تخلّيه من رقيب نظر غير مجيب تهمة، ولا مدخل وحشة، وفوّض الأمر إليه، واتّهم الأضداد عليه.
وخذه بثلاث: التّواضع (5) فإنّه يزرع المحبّة، ولين الجانب فإنّ معه الأمن من التّسلّط والغلظة، وطلاقة الوجه فإنّه باب البشارة، وبسط (6)
للنّاس إلى طلب الحاجة. وأحسن الاختيار الذي تولّيه أخبارك فإنّه طليعك وراء أيديك (7) على موارد العدل، والمتكفّل بتأديه (8) ما
__________
(1) في ب: بمواقع.
(2) في أ: ومدت، وفي ب: ونوب.
(3) التّكملة من: أ، ب.
(4) في الأصل: والثّقات، والمثبت من: أ، ب.
(5) في أ: التوضع.
(6) في أ، ب: ومبسط.
(7) في أ، ب: يدك.
(8) في الأصل: بالتأدية، والمثبت من: أ، ب.(3/1452)
استحفظته من ودائع التّبليغ، وهو على مدرجة مستغاث (1) المسلمين بإمامهم، ولا تعزل إلّا عن خيانة، ولا تقلد إلّا لكفاية (2).
وإن أخذت مالا (3) من جهة فوضعته في غير مستحقّه أضعت القلوب، وتولّدت النّدامة، وأعلم أنّه قلّ (4) رجل أصاب من الحال (5) ما لم يكن أمله ليبلغه، إلّا من طلب الرّاحة من ذلّة الخدمة إلى عزّ الاختدام فلتكن عطاياك بقدر الاستحقاق، [وعند الوجوب، ومتفرّقة الأوقات] (6)
في سهل الخروج عند الإعطاء فإنّ الإفراط والتّقصير لقاحان نتاجهما الفتنة، وإنّما سمّي العدل عدل: لاعتدال الطّبائع عليه (7).
وكان يقول: قليل السّفه (8) يمحو كثير الحلم، وأدنى الانتصار يخرج (9) من فضل الاغتفار، وعلى طالب المعروف المعذرة عند الامتناع، والشّكر عند الاصطناع، وعلى المطلوب إليه تعجيل الموعود، والإسعاف بالموجود (10).
__________
(1) في الأصل: يغيث، والمثبت من: أ، ب.
(2) في ب: الاكتفايه.
(3) في ب: المال.
(4) في الأصل: أقل، والمثبت من: أ، ب.
(5) في أ: المال.
(6) في الأصل: ومفترقات وعند وجوب الأوقات، والمثبت من: أ، ب.
(7) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(8) في الأصل: السفيه، والمثبت من: أ، ب.
(9) في أ، ب: تخرج.
(10) لم أجده في المصادر الأخرى.(3/1453)
وذكر ثمامة (1) بن أشرس: أنّ المأمون [تفرّد] (2) يوما ببعض تصيّده، فانتهى إلى بعض بيوت البادية فرآى صبيّا يضبط قربة، وقد غلبه وكاؤها، وهو يقول: يا أبت اشدد فآها، فقد غلبني [فوها] (3)، لا طاقة لي بفيها.
قال: فوقف عليه المأمون، فقال: يا صبيّ ممّن تكون؟! قال: من قضاعة، قال: من أيّهما؟ قال: من كلب. قال: [وإنّك] (4) لمن الكلاب! قال: لسناهم، ولكنّا قبيل ندعى كليبا. قال: فمن أيّهم أنت؟ قال: من بني عامر. قال: من أيّهما؟ قال: من الأجداد، ثم من بني كنانة.
قال (5): فمن أنت يا خالي؟ فقد سألتني عن حسبي؟ قال: ممّن تبغضه العرب كلّها. قال: فأنت إذا من نزار؟ قال: أنا ممّن تبغضه نزار كلّها. [فأنت إذا ممّن مضر. قال: أنا ممّن تبغضه مضر كلّها] (6). قال:
فأنت إذا من قريش؟ قال: أنا (7) ممّن / [133/ ب] تبغضه قريش كلّها.
__________
(1) هو: ثمامة بن أشرس، أبو معين النّميري، أحد المعتزلة البصريّين القائلين بخلق القرآن جلّ منزّله سبحانه، ورد بغداد، واتّصل بهارون الرّشيد ثم المأمون، مات سنة (213هـ). الخطيب البغداديك تاريخ 7/ 148145، والذّهبي: سير 10/ 203 206.
(2) في الأصل: تفرض، والتّصويب من: أ، ب.
(3) في الأصل: فاؤها، والتّصويب من: أ، ب.
(4) في الأصل: وأيك، والتّصويب من: أ، ب.
(5) (قال) ساقطة من: أ، ب.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) (أنا) سقط من: أ، ب.(3/1454)
قال: فأنت إذا من بني هاشم.
[قال: أنا ممّن تحسده بنو هاشم كلّها] (1)، قال: فأرسل [فم] (2)
القربة، وقام إليه فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته، وضرب بيده إلى شكيمة (3) الدّابّة، وهو يقول:
مأمون ياذا (4) المنن (5) الشّريفة ... وصاحب الكتيبة الكثيفة
هل لك في أرجوزة ظريفة ... أظرف من فقه أبي حنيفة
لا والذي أنت له خليفة ... ما ظلمت في أرضنا ضعيفة
عاملنا (6) مؤنته خفيفة ... وما جنى فضلا على الوظيفة
فالذّئب والنّعجة في سقيفه ... واللّصّ والتّاجر في قطيفة
قد سار فينا (7) سيرة الخليفة (8)
فقال له المأمون: أحسنت، [يا فرخ عمّه] (9) فأيّهما أحبّ إليك
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: إلى، والتّصويب من: أ، ب.
(3) الشّكيمة في اللّجام: الحديدة المعترضة في فم الفرس، التي فيها الفأس. الجوهريّ:
الصّحاح 5/ 1961، (شكم).
(4) في الأصل: بذي، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في ب: الحسن.
(6) في الأصل: عالمنا، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في ب: فيها.
(8) ورد هذا الشّعر في تاريخ الطّبري 8/ 655، وابن الأثير: الكامل 5/ 229، منسوبا إلى رجل من بني تميم، أنشده بين يدي المأمون.
(9) في الأصل: يا فرج، والمثبت من: أ، ب.(3/1455)
عشرة آلاف درهم معجّلة، أو مئة ألف مؤجّلة، قال: بل أأخّرك يا أمير المؤمنين. قال: فما لبث حتّى (1) أقبلت الفرسان، فقال: احملوه، فمضى به حتّى كان أحد مسامريه.
ولمّا قتل المأمون [إبراهيم] (2) بن محمّد بن عبد الوهّاب المعروف بابن عائشة من ولد العبّاس بن عبد المطلب، وصلبه وهو أوّل من صلب من بني العبّاس، وقتل معه [محمّد بن إبراهيم] (3) الإفريقيّ سنة تسع ومائتين، تمثّل المأمون بهذا البيت:
إنّما النّار في أحجارها (4) مستكنّة ... متى يهجها قادح تتضرّم (5)
__________
(1) في أ، ب: أن.
(2) التّكملة من: أ، ب.
إبراهيم بن محمّد بن عبد الوهّاب بن إبراهيم الإمام، خرج على المأمون، وسعى في البيعة لإبراهيم بن المهدي، وظفر به المأمون سنة: (210هـ) فقتله. الطّبري: تاريخ 8/ 561، 602، 603، وابن الأثير: الكامل 5/ 208، 209.
(3) في الأصل، وأ، ب: إبراهيم بن محمّد، والتّصويب من: تاريخ الطّبري 8/ 602.
وهو: محمّد بن إبراهيم بن الأغلب، كان من قواد الأمين، قتل سنة: (210هـ).
الطّبري: تاريخ 8/ 478، 602، 603.
الإفريقي: نسبة إلى إفريقية، وهو بلدة كبيرة معروفة في بلاد المغرب. ابن الأثير:
اللّباب 1/ 79.
(4) في ب: أحجارنا.
(5) هذا الخبر ذكره المسعودي: 4/ 35، باختلاف يسير. وذكره باختصار ابن طيفور:
بغداد ص 100، ونسب البيت إلى مسلم بن الوليد.(3/1456)
قال محمّد بن جعفر (1) الأنماطي: قعدنا يوما مع المأمون للغذاء، فوضع على مائدته (2) أكثر من ثلاثمائة لون، كلّما وضع لون نظر المأمون إليه فقال: هذا نافع لكذا، وضارّ لكذا. فمن كان صاحب بلغم فيتجنّب (3) هذا اللّون، وأشار إليه. ومن كان صاحب صفراء فليأكل [من] (4) هذا اللّون، وأشار إليه. فما زالت تلك حاله في كلّ لون حتّى رفعت الموائد، فقال له يحيى [بن أكثم] (5): يا أمير المؤمنين! إن خضنا في الطّبّ، فأنت [جالينوس] (6) في طبّه.
أو في (7) النّجوم فأنت هرمس في حيلته.
أو في الفقه فأنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في علمه.
وإن ذكر السّخاء فأنت حاتم في صفته.
فإن ذكرت صدق الحديث فأنت أبو ذرّ الغفاري رضي الله عنه في صدق لهجته.
أو الكرم فأنت كعب (8) بن أمامة.
__________
(1) في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 315: محمد بن حفص الأنماطي. والأنماطي: نسبة إلى بيع الأنماط، وهي الفرس التي تبسط. ابن الأثير: اللباب 1/ 91.
(2) (مائدته) ساقطة من: ب.
(3) في أ، ب: فليتجنّب.
(4) الزّيادة من: أ، ب.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل: جنوت، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في الأصل: وفي. والمثبت من: أ، ب.
(8) لم أجد له ترجمة.(3/1457)
أو الوفاء فأنت (1) [السّموأل بن عاديا] (2) في فعله.
فسرّ المأمون بهذا الكلام، وقال: يا أبا محمّد! إنّ الإنسان إنّما فضّل على غيره بعقله، ولولا ذلك لم يكن لحم أطيب من لحم، ولا دم أطيب من دم (3).
وحدث محمّد (4) بن الغازي قال: كنت مع المأمون بالشّام، فاحتاج إلى الفصد، فقال له الأطباء: يا أمير المؤمنين! إنّ [البلد] (5) بارد. فقال: لا بدّ لي منه، ففصده سحائل (6) المتطبّب. والأطباء حضور، فراموا إرسال الدّم، فلم يقدروا فإذا العرق قد التحم، فشدّوا الرّباط، فطهر الجرح ولم ينفجر منه شيء ومعنى طهر: رتب، فقال له المأمون: قد عقرتني، خلّ عنّي. وأقبل [بخيشيتوع] (7) المتطبّب وابن مسويه (8)، فقال لهم: ما ترون؟
__________
(1) (أبو ذرّ الغفاري رضي الله عنه في صدق لهجته. أو الكرم فأنت كعب بن أمامة. أو الوفاء فأنت)، هذه الفقرة ساقطة من: ب.
(2) في الأصل: السّمئل بن عاد، والتّصويب من: أ، ب.
السّموأل بن حيا بن عادياء اليهودي صاحب تيماء، يضرب به المثل في الوفاء.
ابن حبيب: المحبر ص 349، وابن دريد: الاشتقاق ص 436.
(3) هذا الخبر ذكره الزّمخشري: ربيع الأبرار 4/ 124، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص:
315، 316.
(4) لم أجد له ترجمة.
(5) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(6) لم أتوصّل إلى معرفته.
(7) التّكملة من: أ، ب، ولعلّ صوابه: بختشيوع.
(8) في الأصل: وابن موسية، والمثبت من: أ، ب. وفي ربيع الأبرار 4/ 126: ابن ماسويه.(3/1458)
ثم قال لهم: تشاوروا هنالك، فإنّ جلالة الخلافة ربّما / أدهشت الحاذق [134/ أ] بالصّناعة. فاعتزلوا ناحية يتشاورون، فأبطؤوا عليه، فقال لأسود على رأسه: إذن فمصّ [هذا الجرح، فمصّه، وفار] (1) الدّم، فقال:
ادع لي هؤلاء الحاكة، فشهدوا (2) خروج الدّم، فقال لهم: أين كنتم عن هذا الرّأي؟ فقال ابن ما سوية: يا أمير المؤمنين! لو نشر لنا بقراط وجالينوس (3) ما زاد على هذا (4).
قال [الرّيّان بن الصّلت] (5): بعث لي الفضل بن سهل (6) كاتب (7)
المأمون ووزيره ذات ليلة فأمرني بحضور الدّار والمقام فيها إلى وقت خروجه من عند المأمون، فحضرتها بعد صلاة العتمة، فأقمت بها إلى أن خرج وقت السّحر فلقيته (8) وبين يديه خرائط كثيرة [محمولة] (9) فقال
__________
(1) التّكملة من: أ.
(2) في أ، ب: فشهد.
(3) في الأصل: وجنيلوس، والتّصويب من: أب.
جالنيوس طبيب يوناني، اشتهر في فنّي التّشريح والمعالجة. ولد سنة: (130م) ومات سنة: (200م)، وله (70) سنة. البستاني: دائرة المعارف 6/ 352351.
(4) هذا الخبر ذكره الزّمخشري: ربيع الأبرار 4/ 126، باختلاف في بعض ألفاظه.
(5) في الأصل: الرّياني بن الطّت، والمثبت من: أ، ب، ولم أجد له ترجمة.
(6) في ب: إسماعيل.
(7) في أ، ب: كتاب.
(8) في الأصل: فالقيته، والمثبت من: أ، ب.
(9) في الأصل: مملوءة، والمثبت من: أ، ب.(3/1459)
لي: أصلّيت اللّيلة صلاة اللّيل؟ قلت: نعم. فقال لي (1): [لكنّي] (2) ما صلّيت، فكنّ هاهنا إلى أن أصلّي، فصلّى، ثم [انتقل من صلاته] (3)
فدعاني، فقال: أتدري ما هذه الخرائط؟ قلت: لا. قال: هذه ثمان وستّون خريطة وردت في هذه اللّيلة، وقرأتها وأجبت عمّا فيها بخطّي، فدعوت له بحسن المعونة والتّوفيق (4).
(مدّة خلافته، ومكان وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (5):
وكانت خلافة المأمون إحدى وعشرين سنة، منها أربعة عشرة شهرا كان يحارب فيها أخاه محمّد [الأمين] (6).
وقيل (7): سنتان وخمسة أشهر (8).
وكان أهل خراسان في تلك الحروب يسلّمون عليه بالخلافة، ويدعى له على المنابر في الأمصار والحرمين والكور والسّهل والجبل، ممّا حواه له طاهر بن الحسين وغلب عليه.
__________
(1) في أ، ب: قال.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) في الأصل: انفتل مولاه، وفي أ: انفتل في صلاته، والمثبت من: ب.
(4) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: المأمون. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 4.
(7) ذكره المسعودي: مروج الذهب 4/ 4.
(8) (وقيل) ساقطة من: ب.(3/1460)
ويسلّم على محمّد الأمين من كان ببغداد خاصّة (1).
وتوفّي [بالبدندون] (2)، على عين القشيرة (3)، يخرج منها هذا النّهر المعروف [بالبدندون] (4) حين انصرف من غزاته.
وحمل إلى طرسوس، ودفن بها عن يسار المسجد، وذلك يوم الخميس لسبع عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، وهو ابن تسع وأربعين سنة (5).
وقيل: ابن ثمان وأربعين (6).
__________
(1) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 4.
(2) في الأصل: بالبدنود، والمثبت من: أ، ب.
وكذا في تاريخ الطّبري 8/ 646، والتّنبيه والإشراف ص 351، وتاريخ بغداد 10/ 192.
وعند ياقوت: بذندون: بفتحتين، وسكون النّون، ودال مهملة: قرية بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثّغر، مات بها المأمون، معجم البلدان 1/ 361، 362.
(3) في أ، ب: على حين العشرة.
(4) في الأصل: بالبدنود، والتّصويب من: أ، ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذهب 4/ 4.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 4.
(6) ذكره الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 191، وابن قدماق: الجوهر الثّمين ص 110.(3/1461)
خبر المعتصم (1):
(اسمه، وكنيته، ولقبه، وخبر أمّه) (2):
هو: محمّد بن هارون الرّشيد.
يكنّى: أبا إسحاق (3).
ولقبه: المعتصم بالله (4).
أمّه: أمّ ولد تسمّى: [ماردة] (5) ابنة شبيب (6)، وكانت أحظى النّاس عند الرّشيد (7). كان إذا لم يصل إليها يوما ما، وجّه إليها ألف دينار مكان ذلك، فولدت المعتصم في الخلد ببغداد (8).
__________
(1) في أ، ب: المعتصم.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) ابن قتيبة: المعارف ص 392، واليعقوبي: تاريخ 2/ 574، والمسعودي: التّنبيه والإشراف ص 352، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 120، والخطيب البغدادي:
تاريخ 3/ 342.
(4) ابن الجوزي: الثّقات 2/ 418.
(5) في الأصل: مرضات، والتّصويب من: أ، ب. وانظر: المعارف لابن قتيبة ص 392، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 23.
(6) المسعودي: مروج الذّهب ص 4/ 46، ومحيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار 43.
(7) السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 333.
(8) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى. إلّا أنّ الطّبري في تاريخه 9/ 119، ذكر ولادة المعتصم بقصر الخلد. وكذا عند الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 342.(3/1462)
(بيعته) (1):
بويع له يوم توفّي أخوه المأمون [بالبدندون] (2)، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وشهرين، وجرى بينه وبين العبّاس بن المأمون حينئذ تنازع في المجلس، ثم بايع له العبّاس (3).
وكان جمهور القوّاد والأجناد ينتظرون خروج العبّاس بن المأمون ليبايعوه (4)، فخرج الخبر إليهم بأنّه قد بايع لأبي إسحاق، فصاح الجند وضجّوا، وقالوا: لا نرضى (5) إلّا (6) العبّاس بن المأمون، فقال له أبو إسحاق: اخرج إلى النّاس وأعلمهم (7) أنّك قد بايعت على محبّتك.
فخرج إليهم، فقال (8) لهم: ما هذا الخطب؟ (9)، [قد] (10) بايعت عمّي، فافترقوا (11).
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) في الأصل: بالبذنود، والمثبت من: أ، ب.
(3) ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 46.
(4) في الأصل: يبايعونه، والمثبت من: أ، ب.
(5) في الأصل: نرضو، والتّصويب من: أ، ب.
(6) (إلا) سقط من: ب.
(7) في أ، ب: فاعلهم.
(8) في أ، ب: وقال.
(9) في الأصل: الخطاب، والمثبت من: أ، ب.
(10) التّصويب من: ب، وفي الأصل: قال، وفي ب: قا.
(11) أورد هذا الخبر بألفاظ متقاربة ابن العمراني: الإنباء ص 104.(3/1463)
وقد نفذت الكتب بالبيعة إلى الأمصار، وقدم المعتصم بغداد سنة ثماني عشرة ومائتين، في مستهلّ / رمضان (1)، ونزل بالرّصافة ففرّق في أهل [134/ ب] بيته ثلاثين ألف درهم.
وصفته:
أبيض، مشوب (2) بحمرة، أصهب (3)، مربوع (4)، حسن الجسم والعينين، طويل اللّحية، شديد البدن، يحمل ألف رطل، ويمشي بها خطوات، وكان شجاعا (5).
وزيره وكاتبه:
الفضل (6) بن مروان.
__________
(1) راجع ابن قتيبة: المعارف ص 392، والطّبري: تاريخ 8/ 667، والمسعودي: التّنبيه والإشراف ص 352.
(2) في أ، ب: مشربا.
(3) الصّهب: حمرة أو شقرة في الشّعر. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 136، (صهب).
(4) في أ، ب: مربوعا.
(5) ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 170، وابن الطّقطقي: الفخري ص 229.
وورد باختصار عند الطّبري: تاريخ 9/ 119، والمسعودي: التّنبيه والإشراف ص 354، والذّهبي: سير 10/ 291.
(6) هو: الفضل بن مروان بن ماسرخس، وزير المعتصم، توفّي سنة (250هـ)، عن (80) سنة. ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 4745، وابن تغري بردي: النّجوم الزّاهرة 2/ 332.(3/1464)
حاجبه:
محمّد بن حمّاد (1).
وقاضيه:
أحمد بن [أبي دؤاد] (2) الإيادي، وكان قد غلب عليه.
وصاحب جيوشه:
[الأفشين التّركي] (3).
وصاحب سرجه:
وصيف (4) التّركي، مولاه.
وصاحب شرطته:
إسحاق (5) بن إبراهيم.
نقش (6) خاتمه:
__________
(1) في التّنبيه والإشراف ص 356، والعقد الفريد 5/ 121، محمّد بن حمّاد بن دنقش.
(2) في الأصل، وأ، ب: داوود، والتّصويب من: مصادر ترجمته.
أحمد بن أبي دؤاد الفرج بن جرير، أبو عبد الله القاضي الإيادي، ولي قضاء القضاة للمعتصم والواثق، ولد سنة (160هـ)، وتوفّي سنة (240هـ). وكيع: أخبار القضاة 3/ 302294، والخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 156141.
(3) في الأصل: الأشفين الرّكتي. والتّصويب من: أ، ب.
واسمه: خيذر. وقيل: حيدر بن كاوس الأشروسني، من كبار قواد المعتصم، عقد له المعتصم في قتال بابك الخرّمي فهزمه، ثم علم المعتصم خيانة الأفشين، فقبض عليه وحبسه حتّى مات سنة (226هـ). راجع: الطّبري: تاريخ 9/ 11، 104، 111، 114.
(4) لم أجد له ترجمته.
(5) لم أجد له ترجمته.
(6) في أ، ب: ونقش.
اعتصمت بالله (2).(3/1465)
اعتصمت بالله (2).
ونقش طابعه:
أسأل (3) الله يعطيك.
[وقيل] (4): إذا [نصر الهوى بطل الرّأي] (5).
وكان ذا بأس وشهامة وجزالة، عادلا في أحكامه، مظفّرا في أيّامه، لم يشرب النّبيذ، لكّنه كان يجلس مستترا لاستماع الغناء، وكان يحبّ عمارة الأرضين والبناء.
وكان يقول لوزيره محمّد (6) بن عبد الملك الزّيّات: إذا وجدت موضعا متى انفقت فيه عشرة دراهم ارتفع فيه بعد سنة أحد عشر درهما فلا تستشرني فيه (7).
__________
(2) لم أجد هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(3) في أ، ب: سل، وعند ابن العمراني: الإنباء ص 110، نقش خاتمه: سل الله يعطيك.
وانظر: محاضرة الأبرار ص 43.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) في الأصل: انصرف الهو، يصل الرّأي، والتّصويب من: أ، ب.
وأورد السّيوطي هذا في تاريخ الخلفاء ص 337، ولكنّه ذكر أنّه قول للمعتصم.
(6) محمّد بن عبد الملك بن أبان، أبو جعفر المعروف بابن الزّيات، استوزره المعتصم والواثق، مات سنة (233هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 343342، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 10394.
(7) ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 47.(3/1466)
وله غزوات عظيمة [في الروم]، وهو فتح عمّورية (1)، وهو آخر ملك غزا أرض الكفر بنفسه.
وكان أميّا لا يقرأ ولا يكتب لأنّه كان في المكتب يقرأ (2) وهو صغير فمات له غلام صغير كان يقرأ معه، فعزّاه فيه أبوه هارون الرّشيد فقال له: قد استراح من المكتب، ليتني كنت عوضا منه. فقال له أبوه (3):
والله لا دخلته بعد اليوم أبدا، فخرج أميّا (4).
ووصله يوما من بعض عمّاله كتاب يقول فيه: مطرنا مطرا كثر (5)
عنه الكلأ، فقال لكاتبه الفضل بن مروان: ما الكلأ؟ فقال الفضل: لا أدري.
وكان عاميّا مثله. فقال ما شاء الله خليفة أمّيّ وكاتب أمّيّ! وأنشد:
__________
(1) عمّورية: مدينة في بلاد الرّوم فتحها المعتصم سنة: (223هـ). ياقوت: معجم البلدان 4/ 158، وانظر: خبر فتح عمّورية عند الطّبري: تاريخ 9/ 7057، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 288286.
(2) في ب: يرا.
(3) (هارون الرّشيد فقال له: قد استراح من المكتب، ليتني كنت عوضا منه. فقال له أبوه)، هذه الفقرة ساقطة من: ب.
(4) روى مثله الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 3/ 343، وابن العمراني: الإنباء ص 106، 107، والذّهبي: سير 10/ 291، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 295، ونقله السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 334، عن الصّولي.
(5) في الأصل: كثيرا، والتّصويب من: أ، ب.(3/1467)
عليّ بكاتب لين رشيق (1) ... ذكيّ في شمائله حراره
تناجيه (2) بطرفك (3) من بعيد ... فيعلم ما بنفسك بالإشاره
وقال: انظروا من بالباب فأدخلوه فوجدوا محمّد بن عبد الملك الزّيّات، وكان من اهل الأدب البارع والذّهن الثّاقب والفهم الرّائع، فسأله عن الكلأ ما هو؟ فجعل يصف له الكلأ من أوّل إقباله إلى آخر استكماله، فأعجب به، واستكتبه (4).
ولمّا نكب المعتصم كاتبه الفضل بن مروان، جلس يوما وزيره أحمد (5) بن عمّار بين يديه يقرأ القصص فمرّت:
لا تعجبنّ فما للدّهر (6) من عجب ... ولا من الله من حصن ولا هرب
يا فضل لا تجزعن ممّا ابتليت به ... من خاصم الدّهر جثّاه (7) على الرّكب
كم من كريم نشا في بيت مكرمة ... أتاك مختنقا بالهم والكرب
أوليته منك إذلالا ومنقصة فخاب ... منك، ومن ذي العرش لم يخب / [135/ أ]
__________
(1) في ب: وثيق.
(2) في ب: تنجايه.
(3) في أ: بطرفا.
(4) هذا الخبر أورده ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 94، 95، دون الشّعر، وباختلاف لفظي كبير.
(5) هو: أحمد بن عمّار بن شاذي، أبو العبّاس، وزير المعتصم، توفّي بالبصرة سنة (238هـ). الذّهبي: سير 11/ 165.
(6) في أ، ب: في الدّهر.
(7) في أ، ب: جاثاه.(3/1468)
وكم وثبت على قوم ذوي شرف ... فما تحرّجت من زور ومن كذب
خنت الإمام وهذا الخلق قاطبة ... وجرت حتّى أتاك الدّهر بالعجب
جمعت شتّى وقد أدّيتها كملا ... لأنت أخسر من حمالة الحطب
فدعا المعتصم بصاحب القصّة، فلم يجب، فقال المعتصم: والله لولا أجاب لأنصفته منه (1).
وقال دعبل بن عليّ الخزاعي في الفضل بن مروان:
نصحت فأخلصت النّصيحة للفضل ... فقلت فسرّحت (2) المقالة للفضل
ألا إنّ في الفضل بن يحيى لعبرة ... لو اتعظ الفضل بن مروان بالفضل (3)
وفي ابن الرّبيع الفضل للفضل عبرة ... إذا فكّر الفضل بن مروان في الفضل
وللفضل في الفضل بن سهل مواعظ ... لو اعتبر الفضل بن مرون بالفضل
قصدت لفضل بالمسلمين باسمه ... من الوزراء السّابقين ذوي الفضل
ونبهتّه بالقول من سنة (4) الكرى ... ليفعل أفعالا تدلّ على الفضل
إذا ذكروا يوما فقد صرت رابعا ... ذكرت بقدر السّعي منك إلى الفضل
لأنّك قد أصبحت بالملك قائما ... وصرت مكان الفضل والفضل والفضل
فلا تأل جهدي في اعتماد صنائع ... وتخليدها في النّاس يا ابن أبي الفضل
__________
(1) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(2) في أ، ب: فصرحت.
(3) في ب: في الفضل.
(4) في أ: سنن.(3/1469)
فلم أر أبياتا من الشّعر قبلها ... جميع قوافيها على الفضل والفضل
وليس لها عيب إذا هي أنشدت ... سوى أنّ وعظ الفضل فيها (1) من الفضل (2)
وقيل: إنّ عبد الله بن الحسن (3) الأصبهاني كتب بين يدي المعتصم إلى خالد (4) بن يزيد بأنّ أمير المؤمنين ينفخ منك في غير فحم، ويخاطب أمرا غير ذي فهم، فقال ابن (5) الزّيّات: جعلت أمير (6) المؤمنين ينفخ الزّقّ كأنّه حدّاد، ومزّق الكتاب. فلمّا كان في بعض الأيام كتب ابن الزّيّات إلى عبد الله بن طاهر: أنت تجري أمرك على الأرجح، فاربح الأرجح [فالأربح] (7) لا تسعى بنقصان، ولا تميل برجحان فقال الأصبهاني: قد أظهر الله من سخافة لفظه ما دلّ على رجوعه إلى صناعته بذكر ربح السّلع، ورجحان الميزان، ونقصان المكيل (8) [والخسران] (9) فضحك المعتصم، وقال: ما أسرع ما انتصفت، فحقدها عليه ابن الزّيّات [حتّى
__________
(1) في أ، ب: كان.
(2) هذا الخبر ذكره صاحب الأغاني 20/ 140، (طبعة دار الكتب المصرية)، وهو في ديوان دعبل ص 129، (تحقيق: محمّد نجم).
(3) في أ، ب: الحسين.
(4) لم أقف على ترجمته.
(5) في ب: أن.
(6) (أمير) تكرّرت في: ب.
(7) الزّيادة من: أ، وفي ب: أرجح.
(8) في أ، ب: الكيل.
(9) التّصويب من: أ، ب، وفي الأصل: الخرصان.(3/1470)
نبكه] (1).
(فتنة خلق القرآن) (2):
وكان المعتصم مع خلاله الحميدة وأفعاله السّديدة قد أغواه الشّيطان /، وقال بخلق القرآن (3)، وحمل النّاس عليه، وندهم [135/ ب] بالسّيف إليه، وضربهم بالسّياط (4)، وبلغ به الحدّ في ذلك والاغتباط أن يضرب الإمام أبا جعفر (5) أحمد بن حنبل، فأحضره في شهر رمضان
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، ولم أعثر على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) كان المأمون أوّل من دعا إلى القول بخلق القرآن سنة (218هـ). حين استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحقّ إلى الباطل، وزيّنوا له القول بخلق القرآن، ونفي الصّفات عن الله عزّ وجل. وكان ذلك في آخر عمره قبل موته بشهور.
وقد خرج إلى طرسوس لغزو الرّوم، فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يأمره أن يمتحن القضاة والمحدّثين بالقول بخلق القرآن، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي أصرّ على الامتناع من القول بذلك فبعث به إسحاق بن إبراهيم مع غيره من العلماء إلى الخليفة، وهو بطرسوس، فلمّا كانوا ببعض الطّريق بلغهم موت المأمون فردّوا إلى بغداد. ثم ولي المعتصم، وسار على عقيدة سلفه المأمون، فأودع الإمام أحمد السّجن نحوا من ثمانية عشر شهرا، ثم أخرجه إلى الضّرب بين يديه.
راجع تفصيل هذه الفتنة، وما جاء في محنة الإمام أحمد: الطّبري: تاريخ 8/ 631 645، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 274272، 331، 332.
(4) في ب: بالسّيطاط.
(5) لم أجد هذه الكنية في المصادر الأخرى، وإنّما المشهور في مصادر ترجمته بأبي عبد الله. انظر: ابن سعد: الطّبقات 7/ 354، والخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 421، وابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 63، 65.(3/1471)
وضربه نحو الثّلاثين (1) سوطا، نفعه الله وأعظم أجره وجعلها له كفارة للذّنوب.
وكان المعتصم يدعى المثمّن لأنّه ولد في شعبان وهو ثامن شهر السّنة، سنة ثمانين ومئة، وهو ثامن خلفاء بني العبّاس، وولي سنة ثماني عشرة ومائتين، وله ثمان وثلاثون (2) سنة، وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر، وخلّف ثمانية من البنين ذكورا، وثماني بنات، وغزا ثماني غزوات، وترك في بيوت الأموال ثمانية آلاف دينار، وثمان مائة ألف ألف درهم (3).
وتوفّي يوم الخميس لثماني عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل سنة سبع وعشرين ومائتين [بسّر من رأى] (4) على دجلة في قصره المعروف بالخافقان (5)، وهو ابن ستّ وأربعين سنة وعشرة أشهر (6) (7).
__________
(1) في مروج الذّهب 4/ 52، ثمانية وثلاثين سوطا.
(2) في ب: وثلاثين.
(3) هذا الخبر ذكره المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 354، 355، والخطيب البغدادي:
تاريخ 3/ 342، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 175، وابن الطقطقي:
الفخري ص 229، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 334، عن الصّولي.
(4) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب.
(5) في الأصل: الخفقان، والمثبت: من: أ، ب، وفي مروج الذّهب 4/ 63: بالخاقاني.
(6) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 354.
(7) في أ، ب: إضافة: فكان طالعه التّنّين في كلّ شيء. وفي تاريخ الخلفاء للسّيوطي ص 334، وطالعه العقرب، وهو ثامن برج.(3/1472)
خبر الواثق بالله (1):
(اسمه، وكنيته، ولقبه، واسم أمّه) (2):
هو: هارون بن محمّد المعتصم.
يكنّى: أبا جعفر (3).
ولقبه: الواثق بالله (4).
أمّه: أم ولد رومية اسمها قراطيس (5).
(بيعته) (6):
بويع له [بسرّ من رأى] (7) يوم توفّي أبوه المعتصم، وهو ابن إحدى وثلاثين سنة وتسعة أشهر (8).
(صفاته) (9):
وكان أبيض، جميلا، تلعوه حمرة ربعة، حسن الجسم، كثّ اللّحية،
__________
(1) في أ: الواثق، والعنوان ساقط من: ب.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، ومروج الذّهب 4/ 65، والخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 15.
(4) ابن الجوزي: الثّقات 2/ 447.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 65، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 223.
(6) عنوان جانبي من المحقّق.
(7) في الأصل: بالسّير، والتّصويب من: أ، ب.
(8) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 65.
(9) عنوان جانبي من المحقّق.(3/1473)
[ضخم] (1) الوجه، عريضه، كبير الهامّة، في عينه اليمنى نكتة بيضاء خفيفة، وفي وجهه خيلان، وأثر جدري (2).
حاحبه:
إيتاخ (3) التّركي، ثم وصيف مولاه (4)، ثم أحمد بن عمّار (5).
ووزيره:
محمّد بن عبد الملك الزّيّات (6).
وكاتبه:
محمّد (7) بن فرج، وزير أبيه.
وقاضيه:
قاضي أبيه، أحمد بن أبي دؤاد (8).
__________
(1) في الأصل: ارخم، والتّصويب من: أ، ب.
(2) ورد بعض هذه الصّفات عند: الطّبري: تاريخ 9/ 151، والمسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 308.
(3) في ب: يتاخ.
(4) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122.
(5) في محاضرة الأبرار ص 43: أحمد بن عمارة.
(6) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122.
(7) لم أجد له ترجمة.
(8) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، وابن عبد ربّهن: العقد الفريد 5/ 122.(3/1474)
وصاحب شرطته:
طاهر (1) بن عبد الله بن طاهر.
وصاحب حرسه (2):
إسحاق بن يحيى (3).
نقش خاتمه:
الله ثقة الواثق (4).
أولاده:
محمّد [المهتدي] (5)، وعبد الله، وأحمد (6)، وإبراهيم، ومحمّد (7).
__________
(1) هو: طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، ولّاه الواثق أعمال أبيه عبد الله بعد وفاته، ومنها: الحرب والشّرطة، توفّي بخراسان في شهر رجب سنة (248هـ).
الطّبري: تاريخ 9/ 131، 258، بتصرّف.
(2) في أ: حرسته.
(3) في تاريخ اليعقوبي 2/ 483: إسحاق بن يحيى بن سليمان بن يحيى بن معاذ.
(4) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 361، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 224.
(5) في الأصل وأ، ب: المهدي. والتّصويب من مصادر ترجمته.
فهو محمّد المهتدي الخليفة، كان إماما فاضلا، قتل سنة: (256هـ). ابن قتيبة:
المعارف ص 394، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 25، والخطيب البغدادي:
تاريخ 3/ 347، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 523.
(6) اليعقوبي: تاريخ 2/ 483، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 180، وقال الأربلي: أبو العبّاس أحمد كان عالما فاضلا. خلاصة الذّهب المسبوك ص 225.
(7) هو محمّد (الأصغر)، أبو إسحاق. ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 25.(3/1475)
وكان ذا كرم وجود وبذل الموجود (1)، محبّا في الشّراب، وسماع العود، متعطّفا على أهل بيته، حنينا على رعيّته. عظيم البطن، كثير الأكل، كاد أن (2) يقرب فيه من أكل سليمان بن عبد الملك (3).
وكان أشهى إليه الباذنجان، [فقال له أبوه يوما أقلل من أكل الباذنجان] (4) لئلّا تكون خليفة أعمى، فقال له: [قد تصدّقت بصري] (5)
على الباذنجان (6).
وكثيرا ما كان يأكل الرّؤوس والأكارع من البقر، والهرايس (7).
وكان له عدل (8) في أحكامه، وصدق لهجة في كلامه، ونفوذ في
__________
(1) في أ، ب: للموجود.
(2) (أن) سقط من: أ.
(3) وردت هذه الصّفات بإيجاز عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 66وهي من الأباطيل والتهم التي لا تليق بمقام الخلافة من ارتكاب المحرمات والجري وراء الشهوات من المآكل والمشارب وغير ذلك من سائر الملذات، ولا بأولئك الخلفاء البارزين ذوي الهمم العالية والنفوس العزيزة الذين تساموا بأنفسهم عن كل ما يهدم الدين أو يثلم الشرف والمروءة.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) في الأصل: صدقت لم يصبر، والمثبت من: أ، ب.
(6) أورد هذا الخبر ابن عبد ربّه: العقد الفريد 6/ 300، بألفاظ متقاربة.
(7) لم أعثر على هذا الخبر عند غير المؤلّف في المصادر التي رجعت إليها، ولا شك أن مصدره كتب الحكايات الشعبية التي هي أبعد ما تكون عن الأمانة والتوثيق لأنها تقوم أصلا على الحكاية والأسطورة.
(8) في ب: وعدو.(3/1476)
نقضه وإبرامه، إلّا أنّه [غلب عليه] (1) قاضيه: أحمد بن أبي [دؤاد] (2)، ووزيره: محمّد بن عبد الملك الزّيّات، فقلدهما أمره، وفوّض إليهما ملكه (3).
وقيل: إنّه رجع (4) عن القول بخلق القرآن (5).
وفي أيّامه [كان] (6) حبيب بن أويس (7) الطّائي الشّاعر، وهو القائل (8):
ولا أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت [لي] (9) ماء وجهي أو حقنت دمي /
[136/ أ]
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: دواح، والتّصويب من: أ، ب.
(3) انظر: اليعقوبي: تاريخ 2/ 483.
(4) في الأصل: راجع، والتّصويب من: أ، ب.
(5) رواه الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 18، ونقله عن الخطيب ابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 309، وذكره الذّهبي: سير 10/ 307، بدون إسناد.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) هكذا ورد في المتن، وفي أغلب مصادر ترجمته: حبيب بن أوس الطّائي، أبو تمام، الشّاعر، شامي الأصل، ولد في أيّام الرّشيد، وتوفّي سنة: (228هـ)، وقيل: سنة:
(232هـ). الخطب البغدادي: تاريخ 8/ 252247، والذّهبي: سير 11/ 63 69.
(8) في ب: يقول.
(9) التكملة من: أ، ب.(3/1477)
وهو القائل:
ما جود كفّك إن جادت وإن بخلت ... من ماء وجهي وإن أخلقته عوض (1)
[قال سلّام التّرجمان] (2): رأى الواثق في منامه كأنّ قائلا (3) يقول له: إنّ السّدّ الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج فتح، فدعاني ووجّهني، وقال لي عاينه وأجبني (4) بخبره، فضمّ (5) [إليّ] (6)
خمسين رجلا، ووصلني بخمسة آلاف دينار، وأعطاني ديتي عشرة آلاف درهم، وأمر لكلّ رجل من الخمسين بمائتي (7) دينار، ورزق سنة، وأعطاني مائة (8) بغل تحمل الزّاد والماء، فشخصنا [من سرّ من رأى بكتاب] (9) الواثق إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب [أرمينية] (10)، وهو
__________
(1) ذكر البيتان المسعودي: مروج الذّهب 4/ 67، 68، في خبر طويل.
والبيت الأوّل عند الصّولي: أخبار أبي تمام ص 92، ولم أقف عليهما في الدّيوان.
(2) الزّيادة من: أ، ب، ولم أجد لهذا الرّاوي ترجمة.
(3) في ب: القائل.
(4) في أب: وجأني.
(5) في أ، ب: وضم.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) في ب: بمائة.
(8) في أ، ب: مائتي.
(9) في الأصل: من السّر الذي رأى في منامه، والتّصويب من: أ، ب.
(10) في الأصل: الرميلية، والتّصويب من: أ، ب.(3/1478)
بتفليس (1) في إنفاذنا، فأتيناه، [فكتب بنا إلى صاحب (2) السّرير] (3)، وكتب لنا صاحب السّرير (4) إلى ملك اللّان (5)، وكتب لنا ملك اللّان إلى قيلانشاه (6).
وكتب لنا قيلانشاه إلى طرخان (7) ملك الخزر (8) يوما وليلة حتّى وجّه [معنا] (9) خمسة أدلّاء، فسرنا ستة وعشرين يوما في مدن (10) خربة، فسألنا (11) عن تلك المدن، فعلمنا أنّها [المدن] (12) التي كان يأجوج
__________
(1) تفليس بفتح أوّله وكسره: بلد بأرمينية الأولى، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب، وهي مدينة قديمة، وقد افتتحها المسلمون في أيّام عثمان رضي الله عنه. ياقوت:
معجم البلدان 2/ 35، 36.
(2) (بنا إلى صاحب) تكرّرت في: ب.
(3) الزّيادة من: أ، ب، وصاحب السّرير: أو ملك السّرير: مملكة واسعة بين اللّان وباب الأبواب. ياقوت: معجم البلدان 3/ 218، 219.
(4) في الأصل: السّد، والمثبت من: أ، ب.
(5) اللّان: بلاد واسعة في أطراف أرمينية قرب باب الأبواب مجاورون للخزر. ياقوت:
معجم البلدان 5/ 8.
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) لم أجد له ترجمة.
(8) في الأصل: الحجر، والمثبت من: أ، ب.
والخزر: بلاد التّرك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين.
ياقوت: معجم البلدان 2/ 367.
(9) زيادة من: أ، ب.
(10) في الأصل: ميدان، والمثبت من: أ، ب.
(11) في الأصل: فملنا، والمثبت من: أ، ب.
(12) زيادة من: أ، ب.(3/1479)
ومأجوج جرّبوها، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي السّدّ (1)
في شعب منه، وفي تلك الحصون قوم (2) يتكلّمون بالعربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن لهم مكاتب (3) ومساجد فسألونا: من أين أقبلنا؟
فأخبرناهم: إنّا رسل أمير المؤمنين. فأقبلوا يتعجّبون ويقولون: أمير المؤمنين! فنقول: نعم. فيقولون: شيخ (4) هو أم شابّ؟ فقلنا: شابّ.
فتعجّبوا (5) أيضا، وقالوا: أين يكون؟ قلنا بالعراق. في مدينة يقال لها: [سرّ من رأى] (6)، فقالوا: ما سمنعا بهذا قطّ. ثم سرنا إلى بلد أملس (7) [ليس عليه خضراء] (8) وإذا بجبل (9) مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا، فإذا [عضادتان] (10) مبنيّتان ممّا (11) يلي الجبل من ناحية (12) الوادي،
__________
(1) في الأصل: انسدوا، والمثبت من: أ، ب.
(2) في أ: القوم.
(3) في أ، ب: كتاتيب.
(4) في أ، ب: أشيخ.
(5) في أ، ب: فعجبوا.
(6) في الأصل: صرمان، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في الأصل: بلاد أمليس، والمثبت من: أ، ب.
(8) التّكملة من: أ، ب.
(9) في أ، ب: جبل.
(10) في الأصل: عضاضتان، والتّصويب من: أ، ب.
وعضادتا الباب: هما خشبتاه من جانبيه. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 509، (عضد).
(11) في ب: من ما.
(12) في أ، ب: من جنبي.(3/1480)
عرض كلّ [عضادة] (1) خمسة (2) وعشرون ذراعا، الظّاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، وكلّه بناء من حديد مغيّب في نحاس من سمك خمسين ذراعا، وإذا دروند (3) حديد طرفاه على العضادتين (4) [وطوله مائة وعشرون ذراعا قد ركب على العضادتين] (5) في كلّ [واحدة] (6) مقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع، وفوق الدروند بناء بتلك اللّبن من الحديد (7) مغيّب (8) في النّحاس إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدّ (9) البصر، وفوق ذلك شرف حديد، في طرف كلّ شرفة (10) قرنان ينشيء (11) كلّ واحد منهمنا على صاحبه، وإذا بباب [من] (12) حديد بمصراعين مغلقتين (13) عرض كلّ مصراع خمسون ذراعا في ارتفاع خمسين ذراعا،
__________
(1) في الأصل: عضاضة، والتّصويب من: أ، ب.
(2) في أ: خمس.
(3) لم أقف على معنى هذه الكلمة.
(4) في الأصل: طرفه على العضاضتين، والمثبت من: أ، ب.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) التّكملة من، أ، ب.
(7) العبارة هنا مضطربة، وغير مفهومة، ولعلّ صوابها: بناء بكتل اللّبن والحديد.
(8) في ب: تغيب.
(9) في أ، ب: مدّة.
(10) في ب: شرف.
(11) في الأصل: ينشر، والمثبت من: أ، ب.
ينشيء: يرتفع. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 68، (نشأ).
(12) الزّيادة من: أ، ب.
(13) في الأصل: ملوقتين، والمثبت من: أ، ب.(3/1481)
في عرض خمسة أذرع، وقائمتاه في دائرة (1) على قدر الدّروند (2)، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع [في غلظ] (3) باع في الاستدارة، وارتفاع القفل من الأرض خمسة (4) وعشرون ذراعا، [وفوق] (5) القفل بقدر خمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وعلى القفل (6) مفتاح طوله ذراع ونصف وله اثنتي (7) عشرة دكّانة (8) كل واحدة أعظم من الهراوة، معلّق في سلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة أربعة أشبار (9)، والحلقة، / [136/ ب] التي فيها السّلسلة كحلقة المنجنيق.
وعتبة الباب عشرة (10) أذرع بسط مائة ذراع سوى ما تحت [العضادتين] (11)، والظّاهر منها خمسة أذرع وهذا الذّراع كلّه بالذّراع السّوداء ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس مع
__________
(1) في أ، ب: دوارة.
(2) في الأصل: الدور، والمثبت من: أ، ب.
(3) الزّيادة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: خمس.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في أ، ب: الغلق.
(7) في الأصل، وأ: اثنا، والتّصويب من: ب.
(8) في أ: دندكة، وفي ب: ذنرنكة.
(9) في الأصل: أشير، والتّصويب من: أ، ب.
ومفرده: شبر. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 692، (شبر).
(10) في أ، ب: عشر.
(11) في الأصل: العضاضة، والتّصويب من: أ، ب.(3/1482)
كلّ فارس مرزبّة (1) من حديد فيها خمسون [منا] (2) فيضربون القفلة (3)
بتلك المرازب ثلاث ضربات، فيسمع من وراء الباب الصّوت، فيعلم أنّ هناك حفظه، ويعلم أنّ أولائك [لم يحدثوا في باب] (4) حدثا، وإذا ضرب (5) أصحابنا القفل وضعوا (6) آذانهم فيسمعون من داخل دويّا (7).
وبالقرب من هذا [الموضع] (8) مدينة عظيمة تكون (9) عشرة [فراسخ] (10) في مثلها، ومع الباب برجان، يكون كلّ [واحد] (11) منهما مائتي ذراع، وعلى بابي هذين البرجين شجرتان، وبين البرجين عين عذبة وفي أحد البرجين آلة التي كان يبنى بها السّدّ، من قدور الحديد والمغارف، على كلّ (12) دكّان (13) أربع قدور مثل قدور الصّابون، وهناك بقيّة من
__________
(1) في ب: ارزبه حديد.
(2) في الأصل: مائة، والتّصويب من: أ، ب.
والمنا: رطلان. والجمع أمناء. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2207، (منن).
(3) في أ، ب: القفل.
(4) في الأصل: المحدث في العام، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل: ضربوا، والتّصويب من: أ، ب.
(6) في الأصل: وضع، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في أ، ب: لمن داخل دربا.
(8) التّكملة من: أ، ب.
(9) في الأصل: يكون، والتّصويب من: أ، ب.
(10) التّكملة من: أ، ب.
(11) الزّيادة من: أ، ب.
(12) (كل) ساقطة من: ب.
(13) في أب: دنكندان.(3/1483)
لبن الحديد قد التزق بعضها ببعض من الصّدا، واللّبنة فيها ذراع ونصف في مثل سمك شبر.
وسألنا من هنالك؟ هل رأوا من يأجوج ومأجوج أحدا؟ فذكروا أنّهم رأوا مرّة عددا (1) فوق المشرف (2) فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم، وكان الرّجل منهم في رأي العين من شبر ونصف.
فلمّا انصرفنا أخذت بنا [الأدلاء] (3) إلى ناحية خراسان، فسرنا إليها حتّى خرجنا [خلف] (4) سمرقند بسبعة فراسخ، وقد كان أصحاب الحصون زوّدونا (5) ما كفّانا (6)، ثم سرنا (7) إلى عبد الله بن طاهر، فوصلني بمائة ألف درهم، [ووصل رجل كان معي بخمسة آلاف درهم] (8)، ورجعنا [سر من رأى] (9)، من (10) بعد خروجنا (11) بثمانية وعشرين
__________
(1) في الأصل: عدا، والمثبت من: أ، ب.
(2) في الأصل: الشّرف، وما أثبته من: أ، ب.
(3) في الأصل: الأعلى، والتّصويب من: أ، ب.
(4) في الأصل: إلى، والمثبت من: أ، ب.
(5) في ب: زودنا.
(6) في أ: ما كافانا.
(7) في أ، ب: صرنا.
(8) التّكملة من: أ، ب.
(9) في الأصل: مسرورين، والمثبت من: أ، ب.
(10) (من) ليست في: أ، ب.
(11) في أ، ب: بعد خروجنا عنها.(3/1484)
شهرا (1).
قال محمّد (2) بن إسرائيل ففرّق الواثق في أيّامه من الأموال في وجوه البرّ ببغداد وبسرّ من رأى، والكوفة، والبصرة، والمدينة، ومكّة (3).
وعوّض تجّارا ببغداد بسبب الحريق الذي كان وقع في أسواق الكرخ (4) في سنة ثلاثين ومائتين، فذهبت أموالهم وافترقوا. وتصدّق (5)
على المساكين الذين بنى لهم الحظائر، وعلى اليتامى الذين أقيمت لهم المكاتب (6) للتّعليم خمسة آلاف دينار. فحسنت أحوال التّجار، وبنوا أسواقهم بالجصّ والأجر، وأبواب حوانيتهم من حديد. ومنع السّؤل (7)
من السّؤال، وصار يجري عليهم النّفقة والكسوة (8).
ونال النّاس بالعراق غلاء شديد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، حتّى بلغ الكرّ من الدّقيق مائة دينار والكر عند أهل العراق ستّون قفيزا،
__________
(1) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى أورد ابن كثير اختصارا لهذه القصة في تفسيره 3/ 104من غير إسناد أو تعليق.
(2) لعلّه أحمد بن إسرائيل. الأنباري الكاتب، وزير المعتز. والله أعلم.
(3) في أ، ب: ومكّة والمدينة.
(4) كرخ بغداد: سوق بناه المنصور ببغداد بين الصّراة ونهر عيسى.
راجع: ياقوت: معجم البلدان 4/ 448.
(5) في أ: تصدّقوا.
(6) في أ، ب: الكتاتيب.
(7) السّؤل: الكثير السّؤال. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1308، (سأل).
(8) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي تيسر لي الرجوع إليها.(3/1485)
يكون بالمصريّ أربعين إردبّا، فأمر الواثق أن يكتب إلى أعمال السّواد:
أنّ حاصل السّلطان في الطّعام يجلب إلى مدينة السّلام، فتباع الحنطة على قفيزين بالمعدل بدينار، ثقات الثّمار، ويشرط (1) عليهم ألّا يربحوا في (2) الدّينار إلّا درهما واحدا. فلمّا فعل ذلك اتّسع (3) النّاس وعاشوا (4).
ثمّ جاءت أمطار غزيرة [متتابعات] (5) حتّى غرقت (6) الغلّات التي بقيت في البيادر (7) فسمّيت تلك / السّنة: الممطورة، ورخّصت الأسعار (8)
[137/ أ].
وكان الواثق كثير الأكل جدّا (9)، وكان يأكل على خلاء من معدّته، لحرارة (10) مزاجه جدا.
__________
(1) في أ: وتشترط، وفي ب: وتشرط.
(2) في أ: سوى، و (في) ساقط من: ب.
(3) في ب: اتبع.
(4) لم أقف عليه في المصادر التي رجعت إليها.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في الأصل: غرست، والتّصويب من: أ، ب.
(7) البيادر، جمع: بيدر، وهو الموضع الذي يداس فيه الطّعام. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 587، (بدر).
(8) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(9) ذكره السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 343.
(10) في أ، ب: إلى أن فسد.(3/1486)
واستسقى (1) فجيء بطبيب من [نيسابور] (2) فأحمى له تنوّرا وأجلسه فيه فصلح حاله، وقال له (3): إن عدت لما كنت (4) فيه عاد هذا إلى حاله، ولم ينفعك [معه] (5) مثل ما فعلت بك، فعاد ولم يبر.
فلمّا وصل إلى حال الهلاك أمر أن يفرش في الجديد، ودعا [بعثعث] (6) وأمره أن يغني بهذه الأبيات:
يا منزلا (7) لم تبلى أطاله ... حاشى لأطلالك أن تبلى
لم أبك أطلالك لكنّني ... أبك] لعيش فيه إذ ولّى
والعيش أولى ما بكاه الفتى ... لا بدّ للمحزون أن يسلى
وكان يغني بها، وزنيم (8) الزّامر يزمر عليه، ولم يزل كذلك حتّى مات (9).
__________
(1) استسقى، أي: اجتمع في بطنه ماء أصفر. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2380، (سقى).
(2) في الأصل: انسان، والتّصويب من: أ، ب.
(3) (له) ليست من: أ، ب.
(4) في ب: إن عاودت ما كنت.
(5) في الأصل: فيه، والمثبت من: أ، ب.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: أ، ب. ولم أقف على ترجمة عثعث.
(7) في الأصل، وب: يا من لا، والمثبت من: أ.
(8) لم أقف على ترجمته.
(9) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.(3/1487)
ودخل [إيتاخ] (1) عليه يعرف هل مات أو لا (2)، فلمّا دنا منه نظر إليه [بمؤخّر عينه] (3)، ففزع [إيتاخ] (4) فرجع مقهقرا (5) إلى أن وقع على عضادة الباب، فاندق (6) سيفه، وسقط [إيتاخ] (7) على قفاه هيبة منه (8)
فلم تمض ساعة حتّى مات الواثق.
فعزل في بيته (9) ليغسّل فيه فجاء جرذ (10) فأكل عينه التي نظر بها إلى إيتاخ (11)، فكثر [عجب من أبصر] (12) ذلك.
__________
(1) في الأصل: يتخ، والتّصويب من: أ، ب.
وكان إيتاخ غلاما خزريا، اشتراه المعتصم سنة (199هـ)، فرفعه، ومن بعده الواثق، وقد أمر المتوكّل بقتله في بغداد بعد أن عاد من مكّة بعد خروجه للحجّ. اليعقوبي:
تاريخ 2/ 486485، والطّبري: تاريخ 9/ 166، 167.
(2) في الأصل: أولى، والتّصويب من: أ، ب.
(3) التّكملة من: أ، ب.
(4) الزيادة من: أ، ب.
(5) في أ: القهقري، وفي ب: قهقري.
(6) في الأصل: فدق، والمثبت من: أ، ب.
(7) الزّيادة من: أ، ب.
(8) (منه) سقطت من: ب.
(9) في أ، ب: بيت.
(10) في الأصل: جراد، والتّصويب من: أ، ب.
والجرذ بفتح الراء: ضرب من الفأر، والجمع: جرّذان. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 561، (جرذ).
(11) في الأصل: يتخ، وفي ب: يتاخ، والتّصويب من: أ.
(12) في الأصل: عجبه من أبصار، والتّصويب من: أ، ب.(3/1488)
قال (1): العين التي فزع إيتاج من لحظها فتراجع حتّى انكسر سيفه وسقط على قفاه، يأكلها جرذ بعد ساعة! (2).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه، ومكان دفنه) (3):
وكانت خلافة الوثق خمس سنين وتسعة أشهر وستة أيّام (4).
وقيل: ثلاثة عشر يوما (5).
وتوفّي بسامّرا (6) يوم الأربعاء [لأربع] (7) ساعات من النّهار، لست بقين من ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (8)، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة.
ودفن في قصر الهاروني (9).
__________
(1) لعلّ المقصود بالقائل هنا هو: إيتاج نفسه.
(2) ذكره الثّعالبي: لطائف المعارف ص 86، وابن العمراني: الإنباء ص 114.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 177.
(5) اليعقوبي: تاريخ 2/ 483، والمسعودي: مروج الذّهب 4/ 65، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122.
(6) في الأصل: بالسّامريّ، والتّصويب من: أ، ب.
(7) الزّيادة من: أ، ب.
(8) اليعقوبي: تاريخ 2/ 483، والمسعودي: مروج الذّهب 3/ 65، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 177، لكنّهم لا يذكرون:
لأربع ساعات من النّهار.
(9) ابن العمراني: الإنباء: ص 113.
والهاروني: قصر قرب سامرّاء، ينسب إلى هارون الواثق بالله، وهو على دجلة بينه وبين سامرّاء ميل. ياقوت: معجم البلدان 5/ 388.(3/1489)
وقيل: دفن مع أبيه بالجوسق (1)، وكان المتولّى دفنه والصّلاة عليه أحمد بن أبي داؤد القاضي (2).
__________
(1) في الأصل: بالجوشان. وفي ب: بالجوشن. والتّصويب من: أ.
والجوسق: قصر بسرّ من رأى، بناه المعتصم. ودفن به. المسعودي: مروج الذّهب 4/ 46، بتصرّف.
(2) الطّبري: تاريخ 9/ 151، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 177.(3/1490)
خبر (1) المتوكّل، هو جعفر [بن محمّد] (2) المعتصم:
(كنيته، ولقبه) (3):
يكنّى: أبا الفضل (4).
ولقبه: المتوكّل على الله لقبّه بذلك ابن أبي دؤاد (5).
أمّه: أم ولد اسمها [شجاع، خوارزمية] (6).
(بيعته) (7):
بويع في اليوم الذي مات فيه الواثق وهو ابن سبع وعشرين سنة (8).
وفي ذلك تقول فضل (9) الشّاعرة العبدية مولاة المتوكّل:
__________
(1) (خبر) ليست في: أ، ب.
(2) التكملة من: أ، ب.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 22، وابن العمراني: الإنباء ص 115، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 515، وابن ظافر:
أخبار الدّولة المنقطعة ص 181.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85.
(6) في الأصل: سجاعة، رومية. والمثبت من: أ، ب.
وانظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85، وعند ابن ظافر في أخبار الدّولة المنقطعة ص 181.
أمّه: تركية اسمها شجاع. وفي التّنبيه للمسعودي ص 361، أمّه أم ولد طخارستانية تسمّى شجاع.
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(8) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85، بزيادة (وأشهر).
(9) في الأصل: فاضلة، والمثبت من: أ، وتاريخ الخلفاء للسّيوطي ص 353، وهي جارية(3/1491)
استقبل الملك إمام الهدى ... [عام ثلاث وثلاثينا] (1)
خلافة أفضت إلى جعفر ... وهو ابن سبع بعد عشرينا
[إنّي لأرجو بإمام الهدى ... أن يملك النّاس ثمانينا] (2)
لا رحم الله امرءا لم يقل ... عند دعائي لك: آمينا (3)
(صفاته) (4):
وكان أسمر، نحيفا، طويلا، خفيف العارضين، طويل العثنون (5)، حسن العينين، حسن الشّعر، أسوده جميلا (6).
__________
من مولدات البصرة، كانت أديبة فصيحة. انظر: ترجمتها عند الأصبهاني: الأغاني (دار الكتب المصرية) 19/ 301.
(1) في الأصل: أن يملك النّاس ثمانينا، والتّصويب من: أ، ب.
(2) هذا البيت سقط من الأصل. وهو من: أ، ب.
(3) هذا الخبر أورده أبو الفرج الأصبهاني: الأغاني 19/ 302 (طبعة دار الكتب المصرية) والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 353باختلاف يسير عما هنا.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) في الأصل: العنان، والتّصويب من: أ، ب.
العثنون: اللّحية، أو ما فضل منها بعد العارضين. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص:
1567، (عثن).
(6) ورد بعض هذه الصّفات عند: الطّبري 9/ 230، والخطيب البغدادي: تاريخ 7/ 172، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 225، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 352.(3/1492)
كاتبه:
إبراهيم بن العبّاس (1) على الإنشاء والرّسائل.
وقيل: أحمد بن إسرائيل (2).
وكاتبه على الخراج / والدّواوين: [عبيد الله] (3) بن يحيى [137/ ب] [بن خاقان.
ووزيره:
محمّد بن يحيى الجرجاني (4)، بعد محمّد بن عبد الملك الزّيات، ثم صرفه] (5).
__________
(1) هو: إبراهيم بن العبّاس بن صول الصّولي، أبو إسحاق، نشأ ببغداد، وقربه الخلفاء فكان كاتبا للمعتصم والواثق والمتوكّل، توفّي سنة (243هـ).
أبو الفرج الأصبهاني: الأغاني 9/ 20، (طبعة دار الكتب المصرية)، والخطيب البغدادي: تاريخ 6/ 117، 118، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 165.
(2) هو: أحمد بن إسرائيل بن الحسين الأنباري الكاتب. وزير المعتزّ، باشر العمل في دولة الأمين وطال عمره، وقد أحدث رسوما وقواعد في الكتابة بقيت بعده، قتل سنة (255هـ). الذّهبي: سير 12/ 332، 333، وانظر: تاريخ الطّبري: 9/ 217.
(3) في الأصل، وأ، ب: عبد الله، والتّصويب من مصادر ترجمته.
عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو الحسن وزر للمتوكّل والمعتمد، وتوفّي سنة:
(263هـ). الذّهبي: سير 13/ 9، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 36.
(4) في العقد الفريد 5/ 122، ومحاضرة الأبرار ص 43: محمّد بن الفضل الجرجاني، وعند ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 186: محمّد بن الفضل الجرجرائي.
(5) التّكملة من: أ، ب.(3/1493)
وقاضيه:
أحمد بن أبي دؤاد، ثم ابنه (1) [ثم] (2) يحيى بن أكثم (3).
وصاحب شرطته:
طاهر (4) بن عبد الله [بن طاهر] (5).
وحاجبه:
وصيف (6) التّركي، ثم محمّد بن عاصم (7)، ثم يعقوب بن قوصرة (8)،
__________
(1) هو: محمّد بن أحمد بن أبي دؤاد، أبو الوليد، ولاه المتوكّل قضاء بغداد، ومات في حياة أبيه سنة (139هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 1/ 297.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) الخبر عند الذّهبي: سير 12/ 36.
يحيى بن أكثم بن محمّد بن قطن التّميمي البغدادي، ولّاه المأمون القضاء ببغداد، مات سنة (242هـ). وكيع: أخبار القضاة 2/ 167161، والخطيب البغدادي:
تاريخ 14/ 204191.
(4) هو: طاهر بن عبد الله بن طاهر الخزاعي، ولي خراسان بعد أبيه، ومات بها سنة:
(248هـ). الطّبري: تاريخ 9/ 258، وابن الأثير: الكامل 5/ 290، 311، 330، 335.
(5) الزّيادة من: أ، ب.
(6) الخبر عند اليعقوبي: تاريخ 2/ 492، وقد مات وصيف في أوّل المحرّم سنة:
(289هـ). انظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 269.
(7) لم أقف على ترجمته.
(8) لم أجد له ترجمة.(3/1494)
ثم المرزبان (1)، ثم إبراهيم بن الحسن بن سهل (2)، ثم زرافة (3)
التّركي.
وقائد جيوشه:
بغا (4)، [وما عزا] (5) التّركيان.
نقش خاتمه:
توكلّت على الله (6).
بنوه:
محمّد المنتصر، والزّبير المعتزّ (7)، وإبراهيم المؤيّد (8).
(خبر حبس محمّد بن عبد الملك الزّيّات ووفاته) (9):
ولمّا ولي المتوكّل (10) الخلافة أخذ محمّد بن عبد الملك الزّيّات [عن
__________
(1) في الأصل: المأمون، والمثبت من: أ، ب.
(2) هذا الخبر بتمامه ذكره الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 227.
(3) انظر: ابن الأثير: الكامل 5/ 302، ومحيي الدّين بن العربي: محاضرة الإبرار 43.
(4) هو بغا الصغير الشرابي. راجع الطبري: تاريخ 9/ 166164.
(5) في الأصل: ومعاذ، والمثبت من: أ، ب.
(6) عند المسعودي: في التّنبيه والإشراف ص 362. جعفر على الله يتوكّل. وعند الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 225، على الله توكّلت. وعند محيي الدّين بن العربي، محاضرة الأبرار ص 43، المتوكّل على الله.
(7) في المصادر الأخرى: أبي عبد الله المعتزّ.
انظر: ابن قتيبة: المعارف ص 393، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 26.
(8) ابن العمراني: الإنباء ص 117.
(9) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(10) في ب: الموكل.(3/1495)
وزارته التي كان عليها لأخيه الواثق لأنّ محمّد بن عبد الملك الزّيّات] (1)
كان يهتضم جانب المتوكّل في أيّام أخيه الواثق ويزدري به، فلم يزل المتوكّل حتّى قتل محمّد بن عبد الملك جعله في تنور خشب فيه (2) مسامير حديد كان ابن عبد الملك اتّخذه قبل نكبته ليعذّب به ابن أسباط المصري (3)، جعل أطراف مساميره محدودة كالإبرة (4) إلى داخله، فكان فيه واقفا لا يتمكّن [له الجلوس فيه] (5) لضيقه، ولا استناد لمكان المسامير، فمات فيه.
وقيل: إنّه ما عذّب بذلك التّنور أحد قبله ولا بعده (6).
ولمّا دخل التّنور سأل الموكّلين (7) به أن يأذنوا له في شيء يكتبه، وظنّوا أنّه يكتب بمال، أو يدلّ على وديعة، أو ذخيرة، فأذنوا له فكتب:
هي السّبيل فمن يوم إلى يوم ... كأنّه ما تريك العين في النّوم
لا تعجلنّ (8) رويدا إنّها دول ... تنقل العزّ من قوم إلى قوم
__________
(1) الزّيادة من: أ، ب.
(2) في ب: فيها.
(3) انظر: الطّبري: تاريخ 7/ 159، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 102، ولم أقف على ترجمة ابن أسباط.
(4) في الأصل، وب: كالأبارى، والتّصويب من: أ.
(5) في الأصل: فيه الجلوس، والمثبت من: أ، ب.
(6) في أ، ب: قبله ولا بعده أحد غيره.
وانظر: تفاصيل هذا الخبر عند الطّبري: تاريخ 9/ 161156.
(7) في الأصل، وأ: المتوكّلين، والمثبت من: ب.
(8) (لا تعجلن) ساقطة من: ب.(3/1496)
[فتشاغل المتوكّل ذلك اليوم عن الوقوف على رقعته، فلمّا كان بالغدّ قرأها، فأمر بإخراجه فوجد ميّتا] (1).
وكان محمّد بن عبد الملك يقول: الرّحمة في القلب خون (2) في الطّبيعة وضعف في [البنية] (3) ما رحمت شيئا قطّ. فكان يعاب بهذا ويشان به (4).
فلمّا وضع في التّنور، قال: ارحموني: فقيل له: أنت حكمت على نفسك بقلّة الرّحمة. وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
ولما أفضت الخلافة إلى المتوكّل رفع المحنة [عن] (5) النّاس في القول بخلق القرآن، وأمر بترك النّظر والمباحثة في الجدل بخلاف ما كان عليه في أيّام الواثق والمعتصم والمأمون، وأمر النّاس بالتّسليم والتّقليد، وأمر شيوخ المحدّثين بالحديث والجلوس لتدريسه، وأظهر (6) السّنة والجماعة، وأمر بلبس ثياب الملحم (7)، وفضّلها على سائر الثّياب، واتّبعه من في داره
__________
(1) التّكملة من: أ، ب، والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 88، والشّعر في العقد الفريد 2/ 164.
(2) في الأصل: خوان، والمثبت من: أ، ب. وعند ابن العمراني: الإنباء ص 116، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 100، 102، الرّحمة خور في الطّبيعة.
(3) في الأصل: المنية، وفي أ، ب: المنّة، والتّصويب من الأوائل لأبي هلال العسكري 2/ 95.
(4) (به) ليست في: أ، ب.
(5) في الأصل، وب: على، والمثبت من: أ.
(6) في ب: واظفر.
(7) الملحم، بضمّ الميم: جنس من الثّياب. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2027، (لحم).(3/1497)
على ذلك، وشمل النّاس لبسها حتّى عرفت تلك الثّياب بالمتوكّليّة (1).
وكانت أيّام المتوكّل أحسن الأيّام وأنظرها (2) في استقامة الملك، وشمول النّاس بالعدل والأمن، [ولم يكن] (3) ممّن يوصف في عطائه وبذله بالجود (4)، ولا في تركه وإمساكه بالبخل (5).
وأمر بتغيّر لباس النّصارى، وزيّهم، ومراكبهم وتعلّق (6) [صور النّشب] (7) على أبواب منازلهم، وغير ذلك ممّا هو مشهور مذكور (8).
وهو أوّل خليفة اتّخذ الكباش / للتّناطح، والدّيوك للتّناقر، [138/ أ]
__________
(1) في الأصل وب: بالمتوكّلة، والمثبت من: أ. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 86.
(2) في ب: وانضرها.
(3) في الأصل: ولا يكون، والتّصويب من: أ، ب.
(4) في أ: في اعطائه، وبذل في الجود.
(5) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 86.
(6) في أ، ب: وتعليق.
(7) في الأصل: ستر النّشاب. والمثبت من: أ. وهي ساقطة من: ب.
ومعنى النّشب: الرّجل الذي إذا نشب في الأمر لم يكد ينحلّ عنه. الفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص: 176، (نشب).
وردت هذه العبارة في تاريخ الطّبري 9/ 172، بلفظ: «وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة، تفريقا بين منازلهم وبين منازل المسلمين».
(8) انظر: أمر المتوكّل مع النّصارى عند اليعقوبي: تاريخ 2/ 487، والطّبري: تاريخ 9/ 175171، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 182، 183.(3/1498)
والحمام للرّجعة (1) والسّمان (2) حتّى عادت [بيتيتا] (3).
وكانت له أربعة آلاف سرّيّة (4).
وهو أوّل من أظهر في (5) لباسه السّرف بلبس الثّياب المذهّبة المكلّلة بالدّرّ والياقوت (6).
وقيل: إنّ رجلا تنبأ في أيّام المتوكّل، فأدخل عليه، فقال له: ما آيتك قال: أحي الموتى، قال: اذهبوا به إلى بعض المقابر كي يحيى بعض أهلها، فقال له: يا أمير المؤمنين! إنّي لم أبعث إلى العامة والرّعاع (7) وإنّما بعثت إلى الملوك وأهل النّبل، قال: فمن تحيي إذا؟! قال: الواثق، فأطرق
__________
(1) في أ: للرّجعية، وفي ب: الرّجعية.
(2) السّمان: طائر، وهو الذي يسمّى بالشّام النّفخ. المسعودي: مروج الذّهب 4/ 357.
(3) هكذا رسمت هذه الكلمة في الأصل وأ، ب. وهي غير مفهومة، ولعلها (بيوتنا).
(4) الخبر عند: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 122، ونقله عنه الذّهبي: سير 12/ 40، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 350.
(5) (في) سقطت من: ب.
(6) لم أقف عليه في المصادر الأخرى. قلت: وهذه من الأكاذيب على المتوكل رحمه الله الذي كان أحمد سيرة وأحسن طريقة من غيره محببا إلى راعيته رفيقا لينا بالناس، استدعى الإمام أحمد من بغداد إليه بسمراء فاجتمع به وأكرمه إكراما زائدا وقربه منه وكان يستشيره في أموره. واستقضى يحيى بن أكثم بمشورة الإمام أحمد، ومن كانت حياته بين العلماء والعبّاد لا تحدثه نفسه بالمعاصي والفجور فضلا عن أن يأتيها أو يرضى بها.
(7) في الأصل: والرّعات، والتّصويب من: أ، ب.(3/1499)
فأطرق المتوكّل ساعة كارها لذلك، ثم قال: هات غيره.
فنظر إلى ابن خاقان وزيره، فقال: يا أمير المؤمنين! فأضرب عنق الفتح بن خاقان وعليّ أن أحييه لك (1). فبقي الفتح مبهوتا، وقال: يا أمير المؤمنين! أعليّ تقع التّجربة؟ فقال المتنبيء: يا أمير المؤمنين! فإن كان كره ذلك فليفتدي إذا. قال: بماذا؟ قال: بديته، فضحك المتوكّل، وأعطاه ألف دينار، وخلّى سبيله (2).
قال المبرد: ذكرت للمتوكّل منازعة (3) جرت بينه وبين الفتح بن خاقان في تأويل آية، وتنازع النّاس في قراءتها، فكتب إلى محمّد (4) بن القاسم والي البصرة، فحملني مكرما إليه، فلمّا جزت (5) بناحية النّعمانية (6) بين واسط وبغداد، [بدير هرقل] (7)، ذكر لي أنّ فيه جماعة من
__________
(1) (لك) ليست في: أ، ب.
(2) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها وهو خبر باطل لا يصح لأن المتوكل رحمه الله نصر السنّة وأحمد البدعة بكل وسيلة ممكنة، فكيف يتساهل مع متنبيء كافر فيعطيه ويخلي سبيله؟!.
(3) في أ، ب: المنازعة.
(4) في مروج الذّهب 4/ 89: محمّد بن القاسم بن محمد بن سليمان الهاشمي، ولم أجد له ترجمة.
(5) في أ، ب: اجتزت.
(6) (النّعمانية) سقطت من: أ.
النّعمانية بالضّمّ: بليدة بين واسط وبغداد، في نصف الطّريق على ضفّة دجلة، معدودة من أعمال الزّاب الأعلى وهي قصبته. ياقوت: معجم البلدان 5/ 294.
(7) في الأصل: قال، والمثبت من: أ، ب. ولعلّه دير هزقل، بكسر أوّله، وزاي معجمة ساكنة وقاف مكسورة: دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم. ياقوت: معجم(3/1500)
جماعة من المجانين يتعالجون، فدخلت ومعي شابّ يرجع إلى أدب (1) فإذا بفتى حسن الهيئة والصّورة جالسا مع المجانين، فقلت له: ما يقعدك بينهم وأنت بائن منهم؟ فكسر جفنه، ورفع عقيرته، وأنشأ، يقول:
إن وصفوني فناحل الجسم (2) ... أو فتّشوني فأبيض الكبد
أضعف جسمي وزاد في سقمي ... ولست (3) أشكو الهوى إلى أحد
وضعت كفّي على فؤادي من ... حرّ الهوى وانطويت فوق يدي
[آه من الحبّ آه من كبدي] (4) ... إن لم أمت غدا (5) فبعد غد
كأنّ قلبي إذا ذكرتهم ... فريسة بين ساعدي أسد
فقلت: أحسنت، لله أبوك! زدني. فأنشأ يقول:
ما أقتل البين (6) للنّفوس! وما ... أوجع فقد الحبيب للكبد!
__________
معجم البلدان 2/ 540.
(1) في مروج الذّهب 4/ 89، يرجع إلى دبن وأدب.
(2) في أ، ب: الجسد.
(3) في أ، ب: أن ليست.
(4) في الأصل: آه آه، من كبدي. والمثبت من: أ، ومروج الذّهب 4/ 90، وفي ب: آه من الحياة من كبدي.
(5) (أمت غدا) ساقطة من: أ.
(6) البين: الفراق. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 2082 (بين).(3/1501)
تعرضت (1) بنفسي للبلاء (2) لما ... أسرف (3) في مهجتي وفي جسدي (4)
يا حسرتي إن أموت (5) معتقلا ... بين اعتلاج الهموم والكمد
في [كلّ] (6) يوم تفيض معولة ... عنّي لعضو يموت من جسد
فقلت: [أحنست] (7)، لله أبوك! ولا فضّ فوك! (8). زدني فأنشأ يقول:
الله يعلم أنّني كمد (9) ... لا أستطيع أبثّ ما أجد
نفسان لي، نفس تقسّمها ... بلد، وأخرى حازها بلد
وأرى المنيّة ليس ينفعها ... صبر، وليس يعينها جلد
وأظنّ غائبتي (10) كشاهدتي / ... بمكانها تجد الذي أجد [138/ ب]
فقلت له (11): أحسنت، فزدني (12). فقال لي: قد أنشدتك
__________
(1) في أ، ب: عرضت.
(2) في أ، ب: إلى البلاء.
(3) في الأصل: أعرف، والتّصويب من: أ، ب.
(4) في أ، ب: خلدي.
(5) في ب: الموت.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) الزّيادة من: أ، ب.
(8) (فوك) ساقطة من: أ.
(9) في الأصل: كمد الله، والمثبت من: أ، ب.
(10) في الأصل: غيبي، وفي ب: غايتي، والمثبت من: أ.
(11) (له) سقطت من: أ، ب.
(12) في أ، ب: فزد.(3/1502)
فأنشدني]، أيضا فقلت للذي معي: أنشده فقال:
عذل (1) وبين وتوديع (2) ومرتحل ... أي: العيون على ذا ليس تنهمل (3)
تالله ما جلدي من بعدهم جلد ... ولا اختزان دموعي منهم بخل (4)
بلى، وحرمة ما أبقين من خيلي ... قلبي إليهنّ مشتاق وقد رحلوا (5)
وددت أنّ البحار السّبع لي مدد ... وأنّ جسمي دموع كلّها همل
وأنّ لي بدلا من كلّ جانحة ... في كلّ جارحة (6) يوم النّوى مقل (7)
لا درّ درّ النّوى لو صادفت جبلا ... لا نهدّ منها وشيكا ذلك الجبل
الهجر والبين والواشون والإبل ... طلائع يتراءى بينها (8) الأجل
قال المجنون (9): أحسنت، وقد حضرني في [معنى] (10) ما أنشدت شيء، فقلت: هات، فقال:
__________
(1) العذل: الملامة. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1762، (عذل).
(2) في الأصل: وتودع، والمثبت من: أ، ب.
(3) في أ: ينهمل.
(4) في الأصل: بخلوا، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في أ، ب: رحل.
(6) في الأصل: جارية، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في الأصل، وب: نقل، والتّصويب من: أ.
(8) في مروج الذّهب 4/ 91: أنّها.
(9) لم أقف على اسمه.
(10) الزّيادة من: أ، ب.(3/1503)
ترحّلوا يوم [نيطت] (1) بينهم [سجف] (2) ... لو كنت أملكهم [يوما] (3) لما رحلوا (4)
يا حادي العيس عرّج كي أودّعهم ... رفقا عليّ ففي توديعهم أجل
ما راعني قطّ من شيء لفقدهم ... حين استقلت وسارت بالدّمى الإبل
إنّي على العهد لم أنقض مودّتهم ... يا ليت شعري وطال العهد ما فعلوا
قال المبرد: فقال الفتى الذي معي: ماتوا. فصاح المجنون، وقال (5):
وأنا والله أموت، فسقط ميتا، فما برحنا حتى دفناه (6). فوردت [سر من رأي] (7) فأدخلت (8) على المتوكّل وقد عمل فيه الشّراب.
فسألني عن الذي وجّه عنّي بسببه؟ فأجبته، وبين يديه البحتريّ (9) الشّاعر، فابتدأ ينشده مادحا له، وفي المجلس [أبو العنبس
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) التّكملة من: أ، ب.
والسّجف، جمع: سجف، وهو السّتر. الجوهريّ: الصّحاح 4/ 1371، (سجف).
(3) التّكملة من: أ.
(4) في ب: رحل.
(5) في أ: ماتوا، والله، وفي ب: ماتوا.
(6) هذا الجزء من الخبر عند ابن كثير في البداية والنهاية 11/ 79، 80باختلاف في العبارات.
(7) بياض في الأصل. والمثبت من: أ، ب.
(8) في الأصل: فدخلت، والمثبت من: أ، ب.
(9) هو: الوليد بن عبيد الطّائي البحتريّ، أبو عبادة، الشّاعر المشهور، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئتين. وعاش نيفا وسبعين سنة. الخطيب البغدادي: تاريخ 13/ 450446، والذّهبي: سير 13/ 487486.(3/1504)
العنبس الصّيمري] (1) فأنشده البحتريّ قصيدته التي أوّلها:
عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم؟
حسن يضيء بحسنه ... والحسن أشبه بالكرم
حتّى بلغ قوله:
قل للخليفة جعفر ... المتوكّل بن المعتصم
المرتضى ابن المجتبي ... والمنعم ابن المنتقم
أما الرّعيه فهي من ... أمنات عدلك [في حرم] (2)
فلمّا تمّ، مشى القهقري (3) للإنصراف، فوثب [أبو العنبس الصّيمري] (4)، فقال: يا أمير المؤمنين! مر بردّه، فقد والله عارضته في هذه القصيدة (5)، فأمر بردّه. وجعل أبو العنبس ينشد هزلا، ولو نترك الخبر ما
__________
(1) في الأصل: أبو العين الضمري. وفي ب: أبو العينين الضّمري. والتّصويب من:
أخبار البحتريّ للصّولي ص 88، ومروج الذّهب للمسعودي 4/ 91.
وهو: محمّد بن إسحاق الصّيمري، شاعر وأديب، هاجى أكثر شعراء عصره، مات سنة (275هـ). أبو الفرج الأصبهاني: الأغاني 18/ 175، (طبعة دار الكتب)، والخطيب البغدادي: تاريخ 1/ 238.
والصّيمري نسبة: إلى من نهر أنهار البصرة، يقال له: الصّيمر، عليه عدّة قرى.
السّمعاني: الأنساب 3/ 576، 577.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) في أ: القهرقري.
(4) في الأصل وأ، ب: أبو العينين الضّمري، والتّصويب من: أخبار البحتريّ للصّولي ص 88.
(5) في أ، ب: في قصيدة هذه.(3/1505)
أوردت منه شيئا (1)، وهو:
في أيّ سلاح (2) تنتظم ... وبأيّ كفّ تلتقم؟
أدخلت رأس البحتر ... ي وأبي عبيدة في الحرم (3)
ووصل ذلك بما يليق به من الهزل، فضحك المتوكّل حتّى استلقى على قفاه، وقال: ادفعوا (4) لأبي العنبس عشرة آلاف درهم، فقال:
[الفتح: يا سيّدي! البحتريّ الذي هجى وأسمع المكروه ينصرف خائبا؟
قال: ويدفع للبحتريّ عشرة آلاف درهم] (5). قال (6): يا سيّدي! فهذا (7)
البصري الذي / [139/ أ] أشخصناه من بلاده، لا يشاركهم (8) فيما حصّلوه؟ قال: ويدفع إليه عشرة آلاف درهم، فانصرفنا كلّنا في شفاعة الهزل (9).
__________
(1) في مروج الذهب 4/ 92: لولا أن في تركه بترا للخبر لما ذكرناه.
(2) في أ، ب، ومروج الذهب 4/ 92: سلح.
(3) في مروج الذّهب 4/ 92: وأبي عبادة في الرّحم.
(4) في أ، ب: يدفع.
(5) التّكملة من: أ، ب.
(6) في أ: فقال.
(7) في الأصل: هذا، والمثبت من: أ، ب.
(8) في أ، ب: يشركهم.
(9) هذا الخبر عزاه المؤلف إلى المبرد ونقله المسعودي: مروج الذّهب 4/ 9289، عن المبرد، أيضا بتفصيل أوسع، واختلاف يسير في بعض العبارات. والمبرد يترع إلى شيء من رأي الخوارج، وله فيهم هوى، وإن إمامته في اللغة والأدب لا تغطي على ضعفه في علم الرواية والإسناد. محب الدين الخطيب: تحقيق العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي ص 249حاشية (1).(3/1506)
وقيل [للمتوكّل] (1): إنّ أبا (2) الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن [محمّد] (3) بن عليّ بن الحسين (4) بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، يريد (5) الخروج عليك، وأنّ في منزله سلاحا وكتبا، فوجّه إليه [ليلا] (6) عدّة من الأتراك وغيرهم، فهجموا (7) عليه في منزله على غفلة فوجدوه (8) في بيت مغلق عليه وحده، وعليه مدرعة
__________
وفي الخبر اتهام المتوكل رحمه الله بشرب المسكر، فحاشاه من ذلك، وأين هذا من حسن سيرته وقيامه بما يحب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة وإكرام الأئمة الذين امتحنوا قبله بالقول بخلق القرآن ومنهم الإمام أحمد رحمه الله، واستقدام المحدثين إلى سامراء وإجزال صلاتهم، وغير ذلك من الأعمال الدالة على قيامه في نصرة أهل السنة والجماعة؟!
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: لأبي الحسن. والتّصويب من: أ، ب.
وهو عليّ بن محمّد، المعروف بأبي الحسن العسكري، وهو أحد من يعتقد فيه الشّيعة الإمامية، توفّي سنة (254هـ)، بسرّ من رأى، ودفن بداره. الطّبري: تاريخ 9/ 381، والخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 56، 57.
(3) التّكملة من: أ، ب.
(4) في الأصل: الحسن، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في الأصل: يريدون، والتّصويب من: أ، ب.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) في أ، ب: هجموا.
(8) في أ، ب: فوجد.(3/1507)
شعر، ولا بساط في البيت إلّا الرّمل والحصى (1)، وعلى رأسه ملحفة صوف، وهو متوجّه إلى ربّه يترنّم بآية من القرآن في الوعد والوعيد، فأخذ على ما وجد عليه، وحملوه (2) إلى المتوكّل في جوف اللّيل، فمثل بين يديه، والمتوكّل يشرب، وفي يده كأس، فلمّا رآه عظّمه (3)، وأجلسه إلى جنبه (4)، فأعلمو أنّهم لم يجدوا في بيته إلّا (5) الرّمل والحصى، فناوله المتوكّل الكأس (6) الذي بيده (7).
فقال: ما خمر لحمي ودمي قطّ (8) فاعفني منه، فعفاه (9). ثم قال له:
أنشدني شعرا استحسنه.
فقال: إنّي قليل الرّواية للأشعار.
فقال: لا بدّ أن تنشدني فأنشده:
باتوا على قلل (10) الأجبال ... غلب الرقاب فما أغنتهم القلل
__________
(1) في أ، ب: الحصا.
(2) في أ، ب: وحمل.
(3) في أ، ب: أعظمه.
(4) في أ، ب: جانبه.
(5) في أ، ب: غير.
(6) في الأصل: على الكأس، والتّصويب من: أ، ب.
(7) في أ، ب: الذي كان في يده.
(8) في الأصل: قط ما خمر لحمي ودمي، والتّصويب من: أ، ب.
(9) في ب: فاعفاه.
(10) قلل، جمع: قلة، وهي أعلى الجبل. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 1804، (قلل).(3/1508)
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم ... فأودعوا [حفرا] (1) يا بئس ما
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا ... أين الأسرّة والتّيجان والحلل؟
أين الوجوه التي كانت منعّمة ... من دونها تضرب الأستار والكلل؟ (3)
فأصبح القبر عنهم حين [ساءلهم] (4) ... تلك الوجوه عليها الدّود يقتتل
قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا ... فأصبحوا بعد طول الأكل قد
فأشفق من حضر على عليّ بن محمّد، وظنّوا أنّه سيوقع به، وإذا بالمتوكّل قد بكى بكاء طويلا حتّى بلّت دموعه لحيته، وبكى من حضر لبكائه، ثمّ أمر برفع الشّراب، وقال: يا أبا الحسن، عليك دين؟ قال: نعم.
أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها إليه وردّه إلى منزله مكرّما (5).
وكان أكثر جلوس المتوكّل في الهاروني (6) الذي بناه الواثق إذ كان [أحسن] (7) القصور (8) التي بناها المعتصم والواثق، وأجودها مكانا،
__________
(1) في الأصل، وأ، ب: جعفرا، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 94.
(2) في ب: نزل.
(3) الكلل، جمع: كلّة: السّتر الرّقيق يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقّ. الجوهريّ:
الصّحاح 5/ 1812.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 93، 94. وربما نقله المؤلف عنه وإن لم يصرح بذلك، والمسعودي شيعي معترلي كتبه طافحة بالمبالغة في الإشادة بآل البيت وتنقيص مناوئيهم. منها كتاب مروج الذهبو والتنبيه والإشراف.
(6) في الأصل: الهارون، والمثبت من: أ، ب.
(7) التّكملة من: أ، ب.
(8) في الأصل: القصر، والمثبت من: أ، ب.(3/1509)
وأطيبها، وأوسعها صحنا (1).
فجهد المتوكّل أن يزيل عنه اسم الهاروني (2) [فبنى البديع (3)، وتحوّل إليه، ثمّ ترك ورجع إلى الهاروني] (4).
ثم بنى قصرا فسمّاه: الهنا (5)، وانتقل إليه، ثمّ انصرف (6) إلى الهاروني (7).
ثمّ بنى العروس (8) فانتقل إليه، ورجع إلى الهاروني، وبنى (9)
الشّروان (10) وانتقل إليه، ثمّ رجع إلى الهاروني (11).
__________
(1) في أ، ب: صحونا.
(2) في الأصل: الهارون، والمثبت من: أ، ب.
(3) البديع: اسم بناء عظيم للمتوكّل بسرّ من رأى. ياقوت: معجم البلدان 1/ 359.
(4) التّكملة من: أ، ب.
(5) في أ، ب: السّنا.
(6) في ب: رجع.
(7) (الهاروني) سقط من: ب.
(8) في الأصل: العروض، والمثبت من: أ، وتاريخ اليعقوبي 2/ 491، وياقوت: معجم البلدان 3/ 175.
(9) في أ: ثم بنى.
(10) في: أ: الشّراز، وفي تاريخ اليعقوبي 2/ 491: الشّبداز، وفي معجم البلدان 3/ 319: شبداز: بكسر أوّله وسكون ثانيه، قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّ من رأى.
(11) (ثمّ بنى العروس فانتقل إليه، ورجع إلى الهاروني، وبنى الشّروان وانتقل إليه، ثمّ رجع إلى الهاروني)، هذه الفقرة ساقطة من: ب.(3/1510)
ثمّ الكامل وانتقل إليه، ثم رجع إلى الهاروني. وكان ينفق في كلّ قصر من هذه القصور المال الجليل الذي بلغ (1) [ثلاث] (2) مائة ألف وأربع مائة ألف دينار.
ثمّ بنى القصر الذي يسمّى البرج (3) فأسرف في النّفقة / فيه، وجعل فيه صورا عظيما من الذّهب والفضّة، وبركة [139/ ب] عظيمة، جعل بلاطها صفائح الفضّة، وجعل فيها شجرة ذهب عليها صورة كلّ طائر، مكّللة بالجوهر سمّاها شجرة طوبى، وصنع سرير ذهب عليه صورة (4)
سبعين من الذّهب (5) والدّرج من الذّهب (6)، عليه صور السّباع والنّسور (7)، على صفة كرسي سليمان عليه السّلام.
وجعل الحيطان كلّها من داخل القصر وخارجه وسرادقاته ملبّسة بالزّاج المذهّب (8)، فبلغت النّفقة فيه ألف [ألف] (9) دينار، وسبعمائة ألف دينار (10).
__________
(1) في أ، ب: يبلغ.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) قال ياقوت: أنفق عليه عشرة آلاف ألف درهم. معجم البلدان 3/ 175.
(4) في ب: صورتا.
(5) في أ، ب: ذهب.
(6) في أ، ب: ذهب.
(7) في الأصل: السّبع والنّسر، والمثبت من: أ، ب.
(8) في أ: والذّهب.
(9) التّكملة من: أ، ب.
(10) ذكر هذا القدر من النّفقة اليعقوبي في تاريخه 2/ 491.(3/1511)
ثمّ جلس فيه، ثمّ جعل فيه ثياب وشي (1)، منسوجة بالذّهب، وأمر ألا يدخله [أحد] (2) إلّا في ثياب الدّيباج (3) أو وشي، وذلك في أوّل تسع وثلاثتين ومائتين.
وحضّر كلّ صنف من أصناف الملاهي، وقال له يحيى بن خاقان:
أرجو أن يشكر الله لك بناء هذا (4) القصر فيوجب لك الجنّة، فقال (5):
وكيف؟ قال: لأنّك شوّقت النّاس إلى الجنّة، فيوشك أن [تدعوهم رؤياه] (6) إلى الأعمال التي يرجى (7) بها دخول الجنّة، فسرّ المتوكّل بهذا الكلام.
ثمّ دعا بالطّعام فأكل وأكل النّاس، ثمّ أراد النّوم، فامتنع عليه، فقال له الفتح: ليس هذا يوم نوم، فجلس وأحضر الملاهي (8)، فلمّا كان اللّيل لم ينم، فجعل دهن البنفسج على نفسه (9)، [واستنشقه فلم ينم] (10)، وأقام
__________
(1) في أ، ب: ثم جلس فيه في ثياب وشي.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) في أ، ب: ديباج.
(4) في أ، ب: هذه.
(5) من هنا بداية طمس من نسخة: أ.
(6) في الأصل، وب: يدعوهم رأيه، وهو خطأ ظاهر، والتّصويب من: المحقّق.
(7) في ب: يرجون.
(8) في ب: الملمّسين.
(9) في ب: رأسه.
(10) التّكملة من: ب.(3/1512)
على هذه الحال (1) ثلاث ليال، ثمّ حمّ حمى جادّة، فانتقل إلى الهاروني]، واتّصلت به العلّة ستة أشهر، وأمر بهدم البرج، وأراد أن يبني مدينة ينتقل إليها بولده وقواده وأجناده، فجعل يتخيّر الموضع فقيل له: المعتصم كان أجمع (2) أن يجعل [الماحوزة] (3) مدينة قبل أن يختط [سرّ من رأى] (4)
فعزم على ذلك، وأمر أن يبني له قصر (5) على دجلة، وأن يقطع بها القطائع، ويختط بها الخطط لولده وقوّاده (6) وأجناده.
وذلك في سنة خمس وأربعين ومائتين، فابتدأ في بناء القصر المعروف بالجعفري (7)، وأراد أن يجعل نهرا يحفره في وسط (8) هذه المدينة الجعفرية، ويجعل عليه قنوات تجري في شوارعها، وأرباضها وأسواقها، فقدّر حفر (9)
__________
(1) في الأصل: الحالة، والمثبت من: ب.
(2) في ب: على.
(3) في الأصل: المجورة. وفي ب: الماجورة، والتّصويب من: المحقّق. وراجع تاريخ اليعقوبي 2/ 492، وياقوت: معجم البلدان 2/ 143.
(4) في الأصل: سرا، والتّصويب من: ب.
(5) في ب: قصرا.
(6) هنا: نهاية الطّمس من نسخة: أ.
(7) الجعفري: قصر بناه المتوكّل قرب سامراء بموضع يسمّى الماحوزة، فاستحدث عنده مدنية وانتقل إليها وأقطع القوّاد منها قطائع فصارت أكثر من سامراء. ياقوت:
معجم البلدان 2/ 143.
(8) في أ، ب: أن يحفر نهرا يجري من وسط.
(9) في أ، ب: يحفر.(3/1513)
النّهر بألف (1) ألف دينار، فأنفق عليه ألف [ألف] (2) وسبعمائة ألف دينار، ولم يكمّل.
واختطّ النّاس والقوّاد في الجعفرية، واتّسعوا (3)، وبنوا الدّور والمنازل والأسواق، فأنفق على القصر [خمسمائة ألف] (4) دينار، وسبعين (5) ألف دينار، وتحوّل المتوكّل إليه لعشر خلون من المحرم الحرام (6) سنة ستّ (7)
وأربعين ومائتين.
وفيه قتل هو ووزيره الفتح بن خاقان.
(مدّة خلافته، وتاريخ مقتله، ومبلغ سنّه) (8):
وكانت خلافة المتوكّل أربع عشرة سنة، وتسعة أشهر وتسع ليال (9).
وقتل ليلة الأربعاء لثلاث خلت (10) من شوّال سنة سبع وأربعين
__________
(1) في أ، ب: ألف.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) في ب: واتبعوا.
(4) في الأصل: خمسة آلاف، والتّصويب من: أ، ب.
(5) في أ، ب: وسبعون.
(6) (الحرام) ليست في: أ، ب.
(7) بياض في: ب.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(9) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85، واليعقوبي: تاريخ 2/ 492، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 122، وفيه: تسعة أيّام، بدل: ليال.
(10) في أ، ب: خلون.(3/1514)
ومائتين غدرا في مجلسه، وبأمر ابنه المنتصر (1).
وهو ابن إحدى وأربعين سنة (2).
وقيل: ابن أربع وأربعين (3). / [140/ أ].
(مقتل المتوكّل) (4):
حكي عن البحتريّ في قتل المتوكّل وكان خبيرا (5) بأيّامهم قال:
لمّا كان يوم الأربعاء لأيّام خلّت (6) من شوّال سنة سبع وأربعين ومائتين، قال المتوكّل للفتح: يا فتح! إنّي نحب أن نصطبح (7) في يومنا هذا، فقال له: يا سيّدي! افعل، فأمر بإحضار الملهين (8) فحضروا، وفيهم (9) أحمد بن أبي العلاء (10)، فلمّا جلس دعا ابن أبي العلاء (11) من بينهم فقال له: غنّ
__________
(1) (لثلاث خلت من شوّال سنة سبع واربعين ومائتين غدرا في مجلسه، وبأمر ابنه المنتصر)، هذه الفقرة سقطت من: أ.
(2) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 85، وابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 350، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 181.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) في ب: كبيرا.
(6) في أ، ب: خلون.
(7) نصطبح: اصطبح الرّجل: شرب صبوحا، فهو مصطبح، والمرأة صبحى، مثل:
سكران وسكرى. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 380، (صبح).
(8) في الأصل: الملاهي، والمثبت من: أ، ب.
(9) في أ، ب: فاحضروا فيهم.
(10) في ب: العلي، ولم أجد له ترجمة.
(11) في ب: العلي.(3/1515)
فغنّاه:
يا عاذلي من الملام دعاني ... إنّ البليّة فوق ما تصفان
زعمت بثينة أنّ رحلتنا غدا ... لا مرحبا بغد فقد أبكاني
فنظر المتوكّل إليه، وقال: ما هذا يا أحمد؟! ثمّ أراد أن يغنّي ثانية، فارتّج عليه [فكرّر الصّوت بعينه] (1)، فقال: [المتوكّل] (2): يا فتح، نسأل [الله] (3) خير هذا اليوم، اصرفوا الملاهي (4) عنّي (5).
وقام لصلاة الظّهر، فلمّا فرغ قال له الفتح: [يا سيّدي!] (6) أتمم يومك (7) هذا [الفكر] (8)، يومنا بحمد الله أطيب يوم، فدعا بشراب فشرب، ثمّ دعا بخادم له يقال له نصرة (9) فقال له (10): جئني بكفّ من تراب. فجاءه (11) به، فوضعه في كفّه، ثمّ قال: يا فتح! افعل مثل ما فعلته
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) التّكملة من: أ، ب.
(3) التّكملة من: أ، ب.
(4) في أ، ب: الملهين.
(5) (عنّي) ليست في: أ، ب.
(6) التّكملة من: أ، ب.
(7) (يومك) تكرّرت في: ب.
(8) هكذا وردت هذه الكلمة، في: الأصل، وأ، ب.
(9) في أ، ب: مسرة.
(10) (فقال له) سقطت من: أ، ب.
(11) في الأصل: فجاءته، والتّصويب من: أ، ب.(3/1516)
الجبابرة، فبسط [التّراب] (1) في يده اليسرى، وأخذ منه قليلا فوضعه على رأسه تذلّلا لله عزّ وجل، ومسح وجهه وعظّم الله وحمده، ودعا بغسول (2)
فغسل وجهه ورأسه (3)، وقال: ادع لنا أحمد بن أبي العلاء (4) المغنّي ليغنّي لنا فلمّا حضر قال: يا أحمد ما أعجب ما كان منك اليوم إن غنيت بهذا الصّوت مرّتين؟ فأخذ القدح ليشرب وقال له: غنّ، فأغمي على قلب ابن أبي العلاء حتّى أعاد الصّوت بعينه، فاغتم المتوكّل غاية الغمّ، وقال: نسأل الله خير يومنا هذا، فلم يزل الفتح يطيّب نفسه، وهو يدفع الغمّ بالشّراب حتّى كان اللّيل، وما شعر إلّا وقد دخل عليه جماعة من القوّاد يقدمهم باغر (5) فقال المتوكّل: [والله] (6) ما أمرت بهذا، فدنا باغر فضربه، فأتبعه (7) القوّاد بالضّرب، وألقى الفتح نفسه عليه، فقتلوه (8) معه في البساط الذي قتل (9) عليه، وطرح (10) ناحية، فلم يزالا (11) كذلك في
__________
(1) التّكملة من: أ، ب.
(2) في الأصل: بغاسول، والمثبت من: أ، ب.
(3) من هنا بداية سقط من نسخة (أ)، إلى نهاية المخطوط.
(4) في ب: العليّ.
(5) هو: باغر التّركي، أبو محمّد قتله وصيف، وبغا الصّغير، وأدّى قتله إلى الفتنة بين المستعين والمعتزّ. انظر: الطّبري: تاريخ 9/ 281278، 345.
(6) الزيادة من: ب.
(7) في ب: وتتابع.
(8) في ب: فقتل.
(9) في ب: قتلا.
(10) في ب: وطرحا.
(11) في الأصل: يزل، والمثبت من: ب.(3/1517)
ليلتهما حتّى أصبح.
وجمع المنتصر النّاس، والأجناد، وقرأ عليهم كتابا [فيه] (1): ما تقولون فيمن كانت صفته كذا وكذا؟ وذكر العيوب التي كانت في أبيه كلّها، قالوا: القتل واجب عليه والحرق.
قال: فإن كان خليفة؟ قالوا: الخلع والقتل، قال: هو هذا.
وكشف عن أبيه، وأمر بأخذ البيعة له، فأخذت، وتمّت، ثمّ كفّنه، وصلّى عليه (2).
وكانت أيّام المتوكّل في حسنها ونضرتها أيّام سرّاء لا ضرّاء (3).
وقيل: كانت أيّامه أحسن، من أمن السّبيل، ورخص السّعر، وصافي الحبّ، وأيّام الشّباب، ومن الخضب بعد الجذب، والأمن بعد الخوف (4). / [140/ ب].
ورثاه عليّ بن الجهم فقال:
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
أمّا عن دور المنتصر في قتل أبيه فقد روي أنّه تمالأ وجماعة من الأمراء الأتراك على الفتك بأبيه، فدخلوا عليه وقتلوه في شوّال سنة: (247هـ).
انظر تفاصيل الخبر عند: ابن الأثير: الكامل 5/ 302، 303، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 349.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 10/ 349.
(4) مثله عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 122.(3/1518)
عبيد أمير المؤمنين قتلنه (1) ... وأعظم آفات الملوك عبيدها
بني هاشم صبرا فكلّ مصيبة ... سيبلي على مرّ اللّيالي (2) جديدها (3)
ورثاه الحسين (4) بن الضّحّاك فقال:
إنّ اللّيالي لم تحسن إلى أحد ... إلّا أساءت إليه بعد إحسان
أما رأيت خطوب الدّهر ما فعلت ... بالهاشميّ وبالفتح بن خاقان (5)
وكان للمتوكّل عدّة جوار، فلمّا قتل تفرّق جوارية، فسار (6) إلى وصيف عدّة منهنّ فيهنّ جارية تسمّى محبوبة (7)، وكانت مولدة شاعرة مغنيّة، وكانت حسناء (8) الوجه والغناء، فاصطبح وصيف يوما، فأمر بإحضار الجواري، فحضرن، وعليهنّ أصناف الثّياب [والحلي] (9)،
__________
(1) في الأصل: قتلناه، التّصويب من: ب.
(2) في ب: الزّمان.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 124، وابن الأثير: الكامل 5/ 304، وديوان عليّ بن الجهم ص 136، 137، من قصيدة رثائية طويلة، وفيه بعض الاختلاف.
(4) هو: الحسين بن الضّحّاك بن ياسر، أبو عليّ البصري، الشّاعر، المعروف بالخليع، مولى باهله، أصله من خراسان، مات سنة: (250هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 8/ 54، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 168162.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 124.
(6) في ب: فصارت.
(7) لم أقف على ترجمة لها.
(8) في ب: حسنة.
(9) الزّيادة من: ب.(3/1519)
متزيّنات متعطّرات، غير محبوبة فإنّها جاءت متشعّثة، عليها ثياب بيض، فغنّين فطر بن، وشرب وصيف وطرب، ثم قال لمحبوبة: غنّي، فأخذت العود وغنّت:
أيّ عيش يطيب لي ... لا أرى فيه جعفرا
ملكا قد رأته عيني ... صريعا في بخيع معفّرا (1)
كلّ من كان ذا سقا ... م وحزن فقد برا
غير محبوبة [التي] (2) ... لو ترى الموت يشترى
لا شترته بما حوته ... يداها جميعا لتقبرا
فاشتدّ ذلك على وصيف، وهمّ بقتلها، فاستوهبها منه بغا فأعطاه إيّاها، فأعتقها، وأباح لها أن تمضي إلى حيث أحبّت، فأنحدرت (3) من سرّ من رأى إلى بغداد، فأقامت بها فحملت (4) نفسها، ولم تزل حزينة حتّى ماتت (5).
__________
(1) في الأصل: مقبرا. والمثبت من: ب، ومروج الذهب 4/ 127.
(2) التكملة من: ب.
(3) في الأصل: فانحصرت، والمثبت من: ب.
(4) في ب: وأحملت.
(5) هذه الحكاية أوردها المسعودي في: مروج الذّهب 4/ 126، و 127، والذّهبي: سير 12/ 40، 41، وفيهما: أنّ محبوبة هذه ضمّت إلى بغا الكبير بعد مقتل المتوكّل، وأنّها غنته هذه الأبيات.
والأبيات الأوّل والثّالث والرّابع والخامس عند ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 356، والأبيات كلّها في تاريخ الخلفاء ص 351.(3/1520)
خبر (1) المنتصر، هو: محمّد بن جعفر المتوكّل:
(كنيته، ولقبه، وتاريخ مولده) (2):
يكنّى: أبا جعفر.
ولقبه: المنتصر بالله.
أمّه جارية رومية اسمها: حبشيّة (3).
ولدته سنة أربع وعشرين ومائتين (4).
(بيعته) (5):
بويع في اللّيلة التي قتل فيها المتوكّل، وهو ابن خمس وعشرين، في القصر المعروف بالجعفري (6)، الذي بناه المتوكّل (7).
(صفاته) (8):
وكان أبيض، أحمر يميل إلى سمرة.
__________
(1) (خبر) ليست في: ب.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 129، واليعقوبي: تاريخ 2/ 493، والطّبري: تاريخ 9/ 254، وابن العمراني: الأنباء ص 121.
(4) زاد الأربلي في خلاصة الذهب المسبوك ص 227قوله: مولده بسر من رأى في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين ومائتين.
(5) عنوان جانبي من المحقّق.
(6) في ب: بالجعفرية.
(7) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 129.
(8) عنوان جانبي من المحقّق.(3/1521)
وقيل: شديد السّمرة، أعين (1)، جميل الوجه، ربعة، صغير اللّحية.
وقيل: طويل. ممتليء الجسم والبطن (2).
وزيره:
أحمد بن [الخصيب] (3).
[ثمّ ندم على وزارته لأنّ أحمد بن الخصيب] (4) ركب ذات يوم فتظلّم إليه متظلّم، فأخرج رجله من الرّكاب فضربه (5) في صدره، فغلبه (6)
فتحدّث النّاس] (7) بذلك فقال فيه أحد الشّعراء:
قل للخليفة يا ابن عمّ محمّد ... اشكل (8) وزيرك إنّه ركّال
__________
(1) (أعين) ساقطة من: ب.
(2) ورد بعض هذه الصّفات عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 123، والسّيوطي:
تاريخ الخلفاء ص 356.
(3) في الأصل: الخصيل، والتّصويب من: ب.
والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 132، والتّنبيه والإشراف ص 363.
وهو: أحمد بن الخصيب بن عبد الحميد الجرجاني، الوزير الكبير، استوزره المنتصر ثمّ المستعين، توفّي سنة: (265هـ). الذّهبي: سير 12/ 553.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في ب: فضمر له.
(6) في مروج الذّهب 4/ 132: فقتله.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في الأصل: شكّل، والمثبت من: أ، ب.(3/1522)
اشكله (1) عن ركل الرّجال وإن ترد ... مالا فعند وزيرك الأموال (2) / [141/ أ]
واستكتب:
محمّد بن سهل (3).
وقدم على الجيوش:
وصيفا، وبغا، الترّكيان.
وعلى حجابته (4):
أرتامس (5) التّركي.
وعلى الشّرطة:
محمّد (6) بن عبد الله بن طاهر.
واستقضى:
جعفر بن محمّد الهاشمي (7).
__________
(1) في ب: اشكل.
(2) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 132.
(3) لم أقف على ترجمته.
(4) في ب: وصيّر على حجابته.
(5) في العقد الفريد 5/ 132: أوتامش.
(6) هو: محمّد بن عبد الله بن طاهر الخزاعي، أبو العبّاس، ولي إمارة بغداد في أيّام المتوكّل، مات سنة (253هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 422418.
(7) عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 363: جعفر بن محمّد، بدون الهاشمي، وعند ابن العمراني: الأنباء ص 122: جعفر بن عبد الله الهاشمي.(3/1523)
نقش خاتمه:
بالله ننتصر (1).
ونقش خاتمه الصّغير:
[وزمان منه يؤتى الحذر (2).
وقيل] (3): انتصرت بالله.
ونقش طابعه:
أنا من آل محمّد، والله وليّي [ومحمّد] (4).
بنوه:
عبد الوهّاب، وعبد الله، وأحمد (5)، لأمّهات أولاد.
وكان كريم الطّبع، فصيح اللّسان، جسور القلب، [راجح] (6)
العقل، فسيح الصّدر، كثير الحلم (7)، محبّا في أهل الفضل، وكان يأخذ
__________
(1) عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 363: محمّد بالله ينتصر.
(2) في العقد الفريد 5/ 123: يؤتى الحذر من مأمنه.
(3) التّكملة من: ب.
(4) الزّياد من: ب.
والخبر عند: محيي الدّين بن العربي: محاضرة الأبرار ص 43، وفي العقد الفريد 5/ 123: (الله وليّ محمّد).
(5) الخبر عند الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 228، وذكر ابن عبد ربّه في العقد الفريد 5/ 123، وابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص 27، أنّه كان للمنتصر بالله اثنا عشر ولدا وكرا.
(6) في الأصل: حزيم، والمثبت من: ب.
(7) في ب: الاحتمال.(3/1524)
نفسه بمكارم الأخلاق، وكثرة الإنصاف (1)، وحسن المعاشرة بما لم يسبقه خليفة إلى مثله (2).
وله شعر حسن (3).
وفي سنة ثمان وأربعين ومائتين خلع المنتصر أخويه (4) المعتزّ (5)، وإبراهيم من ولاية العهد الذي كان المتوكّل أخذ لهما بعد المنتصر إذ كان المتوكّل أبوهم قد أخذ العهد بعده للمنتصر، ثمّ للمعتزّ، ثمّ لإبراهيم.
فلمّا خلعهما أخوهما بايع لعبد الوهّاب ابنه، بمهاودة [ابن] (6) الخصيب ووصيف [على ذلك] (7)، وكذلك [أوتامش] (8) حاجبه (9).
وذكر عبد الملك بن سليمان: أنّه رأى في نومه المتوكّل، والفتح بن خاقان، وقد أحاطت بهما نار، فقال لي المتوكّل: يا عبد الملك! قل لمحمّد: بالكأس الذي سقينا تشرب، فلمّا أصبح غدوت (10) إلى المنتصر
__________
(1) في ب: الانصراف.
(2) وردت هذه الصّفات باختلاف يسير عمّا هنا عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 134، 135.
(3) ذكر الأربلي له شعرا في خلاصة الذّهب المسبوك ص 228.
(4) في ب: أخو.
(5) في الأصل: المستعين، والتّصويب من: ب.
(6) في الأصل: من، والتّصويب من: ب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) التّكملة من: ب.
(9) أورد طرفا منه المسعودي: مروج الذّهب 4/ 136.
(10) الضّمير عائد إلى الرّاوي: عبد الملك بن سليمان بن أبي جعفر.
انظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 134.(3/1525)
فوجدته محموما، فواضبت عيادته، فسمعته في آخر علّته يقول: عجلت فعوجلت، فمات من ذلك اليوم (1).
(سبب موت المنتصر) (2):
وكان سبب موته [أنّه] (3) أراد ن يفرّق الأتراك ويبدّدهم، ففهموا عنه فلمّا كان يوما أراد أن يحتجم لشاكية كانت به، فاستدعى الحجّام وأخرج له [من] (4) الدّم نحو ثلاثمائة درهم وشرب بعد (5) ذلك شربة، فحلّت فؤاده (6). وكان الأتراك قد احتالوا عليه (7) [حتّى] (8) وضعوا له السّمّ في مبضع الحجّام فقتله (9).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه، ودفنه) (10):
وكانت خلافته ستة (11) أشهر (12).
__________
(1) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 134، باختلاف يسير.
(2) عنوان جانبي من المحقّق.
(3) التّكملة من: ب.
(4) التّكملة من: ب.
(5) (بعد) ساقطة من: ب.
(6) في مروج الذّهب 4/ 134: قواه.
(7) (عليه) ساقطة من: ب.
(8) الزّيادة من: ب.
(9) في الأصل: فقتلوه، والمثبت من: ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 134، بصيغة أخرى.
(10) عنوان جانبي من المحقّق.
(11) في ب: السّتة.
(12) الخبر ذكره اليعقوبي: تاريخ 2/ 493، والطّبري: تاريخ 9/ 254، وابن ظافر:
أخبار الدّولة المنقطعة ص 187، وجزم ابن كثير بذلك: البداية والنّهاية 10/ 354.(3/1526)
وزعموا أنّه خرج بعد قتل أبيه إلى الصّعيد، فسقط على الأرض بزق (1) طائر فإذا فيه مكتوب: قاتل أبيه يعيش ستة أشهر.
ومات يوم الأحد لخمس خلت (2) من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين (3).
وله خمس وعشرون سنة (4).
وصلّى عليه أحمد (5) بن محمّد بن المعتصم.
ودفن بسامرّاء. وأظهر قبره، وهو أوّل خليفة من بني العبّاس أظهر قبره (6).
__________
(1) في ب: ذرق.
(2) في ب: خلون.
(3) انظر: الطّبري: تاريخ 9/ 251، والخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 121، وابن كثير:
البداية والنّهاية 10/ 354.
(4) ذكر سنّه هذا ابن العمراني: الإنباء ص 122، وابن كثير: البداية والنّهاية 10/ 354، وفيه نظر لأنّ مولده كما رأى المؤلّف كان سنة: (224هـ)، ووفاته (248هـ)، فيكون مبلغ سنه على هذا القول (24) سنة.
(5) هو: الخليفة المستعين بالله. انظر: ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 187.
(6) انظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 134.(3/1527)
خبر (1) المستعين، هو: أحمد بن محمّد بن المعتصم (2):
(كنيته، ولقبه) (3):
يكنّى: أبا العبّاس.
ولقبه: المستعين بالله (4).
أمّه أمّ ولد صقلبيّة تسمّى مخارق (5).
(بيعته) (6):
بويع في اليوم الذي توفّي فيه المنتصر، وهو ابن عمّه [لحّا] (7).
وهو ابن ثلاثين سنة (8).
(صفاته) (9):
وكان أبيض، مقرون الحاجبين، ربعة، سمينا ألثغ (10)، له خال في
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) في ب: ابن محمّد المعتصم.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) الخطيب البغدادي: تاريخ 5/ 84، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 520.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 144، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 25.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) الزّيادة من: ب.
ولحّا، أي: لاصق النّسب، ونصب على الحال لأنّ ما قبله معرفة. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 400 (لحح).
(8) في تاريخ الطّبري: 9/ 256، وهو ابن ثمان وعشرين سنة.
(9) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(10) ألثغ اللّثغة بالضّمّ: تحوّل اللّسان من السّين إلى الثّاء، أو من الرّاء إلى الغين، أو اللام أو الياء أو من حرف إلى حرف، أو أن لا يتمّ رفع لسانه وفيه ثقل.(3/1528)
خدّه الأيسر (1).
استوزر:
أبا موسى شجاع [بن يزداد الفارسيّ] (2)، ثمّ [أوتامش] (3) أحمد بن صالح، ثمّ شيراد (4)، بعد قتل [أوتامش] (5).
واستكتب:
شجاع بن القاسم (6). / [141/ ب].
وجعل على النّظر (7) في أمور الدّواوين:
__________
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1017، (لثغ).
(1) ورد بعض هذه الصّفات عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 123، والذّهبي: سير 12/ 46.
(2) الزّيادة من: ب.
(3) التّكملة من: ب. أوتامش وزير للمستعين، واستعمله على مصر والمغرب، قتل سنة 249هـ. الطبري: تاريخ 9/ 260، 263.
(4) عند المسعودي في التّنبيه والإشراف ص 364: ثم استوزر بعد قتل أوتامش وشجاع أحمد بن صالح بن شير زاد. وعند ابن العمراني: الإنباء ص 126: (ثم أبو صالح بن يزداد). وعند الذّهبي: سير 12/ 46: واستوزر أحمد بن صالح بن شير زاد.
(5) التّكملة من: ب.
(6) الخبر عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 363.
وهو شجاع بن القاسم، كاتب أوتامش، قتل سنة: (249هـ). الطّبري: تاريخ 9/ 263.
(7) في ب: والنّاظر.(3/1529)
الحسن (1) بن مخلد، وأحمد بن إسرائيل.
وقائده:
وصيف [وبغا] (2).
وقاضيه:
أحمد (3) بن أبي الشّواري الأموي.
ونقش خاتمه:
استعنت بالله (4).
ونقش خاتمه الصّغير:
في الاعتبار [غنى] (5) عن الاختبار (6).
وكان زكيّ النّفس، عارفا بأخبار النّاس، وسير من تقدّم بأيّام العرب وأنسابها، محبّا لإقامة مجالس الأنس والمذاكرة، لم يذكر بكرم ولا ببخل، ولا كان له أمر ولا نهي، بل كان محجورا عليه من الأتراك، ومتى أراد أمرا منع منه. فعزم مرّة فقهر، وأشرف على التّلف، وفيه يقول أحد (7) الشّعراء:
__________
(1) في الأصل: وابن الحسن، والتّصويب من: ب.
(2) التّكملة من: ب. والخبر عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 364.
(3) في التّنبيه للمسعودي ص 364: الحسن بن أبي الشّوارب الأموي.
(4) الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 228.
(5) التّكملة من: ب.
(6) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 124.
(7) لم أتوصّل إلى معرفته.(3/1530)
خليفة في قفص ... بين وصيف ربغا
يقول ما قالا له ... كما تقول الببّغا (1)
وتقلّد سعيد (2) بن حميد ديوان الرّسائل، وكان حافظا لما يستحسن من الأخبار، [ويستجاد من] (3) الأشعار، متصرّفا في فنون العلم، ممتعا إذا حدّث، مفيدا إذا جلس، وله أشعار حسنة (4) فمن ذلك:
الله يعلم، والدّنيا مولّية ... والعيش منتقل، والدّهر ذو دول
لأنت عندي وإن ساءت ظنونك فيّ ... أحلى من الأمن عند الخائف والوجل
وللفراق وإن هاجت فجيعته ... عليك أخوف (5) في قلب من
وكيف أفرح بالدّنيا ولذتها ... واليأس يحكم للأعداء في (6)
(خبر قتل باغر التّركي) (7)
__________
(1) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 145.
(2) هو: سعيد بن حميد الطّوسي، أبو عثمان، كان كاتبا شاعرا مترسّلا عذب الألفاظ.
ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 79، 80.
(3) في الأصل: وكان جواد، والمثبت من: ب. ومروج الذّهب 4/ 145.
(4) في ب: حسان.
(5) في ب: أخاف.
(6) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 145، 146، مطوّلا، دون البيت الثّاني.
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1531)
وانحدر المستعين إلى بغداد، وكان سبب انحداره أنّ باغرا بايع الأتراك على قتل المستعين ووصيف [وبغا] (1)، حتّى يكون الأمان له ولهم، ويجلس ابن (2) الواثق، أو عليّ (3) المعتصم. فنمى الخبر إليه من جهة زوجة مطلقة كانت لباغر، فأخبرت بذلك وصيفا [وبغا] (4). فاحتالا حتّى (5)
حضر باغر دار المستعين، فقتلاه، فشغبت الأتراك شغبا شديدا خاف منه المستعين [وبغا] (6)، ووصيف على أنفسهم، [فانحدروا في حرّقة] (7) إلى مدينة السّلام يوم الأربعاء [لأربع] (8) خلون من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين. وتقدّم خبر المستعين إلى [محمّد] (9) بن عبد الله بن طاهر صاحب
__________
(1) في الأصل: وباغيا، والتّصويب من: ب.
(2) هو: محمّد بن الواثق، أبو عبد الله، المعروف بالمهتدي بالله، أمير المؤمنين، توفّي في رجب سنة: (256هـ).
راجع: الطّبري: تاريخ 9/ 279، 456، والذّهبي: سير 12/ 540535.
(3) هو: علي بن محمّد المعتصم.
(4) في الأصل: وباغيا، والتّصويب من: ب.
(5) في ب: إلى أن.
(6) في الأصل: وباغ، والتّصويب من: ب.
(7) في الأصل: فاحضروا في حركة، والمثبت من: ب.
والحرّاقة، جمع: حراقات، وحراريق، وهي سفن فيها مرامي نيران.
وقيل: هي المرامي نفسها تقوم برمي النّار على الأعداء. سعاد ماهر: البحرية في مصر الإسلامية ص 340339.
(8) التّكملة من: ب.
(9) في الأصل، وب: أحمد، والتّصويب من: تاريخ الطّبري 9/ 283.(3/1532)
الشّرطة، فنزل متلقيا له، فوقف [عند ضفة الماء] (1) فقرّب الحرّاقة (2)، وانكبّ محمّد على المستعين [فقبّلها] (3) فقال [له المستعين] (4): إنّما جئتك تقية (5) بك وبأهلك، وقد اضطربت الأمور اضطرابا أرجو بك صلاحها، فأجابه محمّد [بالشكر] (6).
فاضطربت الأتراك والفراغنة (7) وغيرهم من الموالي [بسر من رأى] (8) فاجتمعوا على بعث جماعة إليه يسألونه الرجوع إلى دار ملكه، فسار إليه عدّة من وجوه الموالي ومعهم البردة والقضيب وبعض الخزائن ومائتا ألف دينار، وسألوه الرجوع إلى دار ملكه، واعترفوا بذنوبهم، وتضمنوا ألا يعودوا لمثل ذلك، وتذللوا وخضعوا، فأجيبوا بما يكرهون، وانصرفوا إلى سر من رأى، فأعلموا أصحابهم، / وأيسوهم (9) من رجوع
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) في ب: فقربت.
(3) الزّيادة من: ب.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في ب: ثقة.
(6) في الأصل: بن، والتّصويب من: ب.
راجع هذا الجزء من الخبر عند الطّبري: تاريخ 9/ 283279، بتفصيل أكثر.
(7) الفراغنة: شعب ينتسب إلى فرغانة: وهي كورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان، راجع ياقوت: معجم البلدان 4/ 253بتصرف.
(8) في الأصل: بسر، والمبثت من: ب.
(9) في ب: واياسوا.(3/1533)
الخليفة (1). [142/ أ].
(الفتنة بين المستعين والمعتزّ) (2):
وقد كان المستعين [أغفل] (3) أمر المعتزّ والمؤيّد حين انحداره (4) إلى بغداد، ولم يحضرهما (5) معه، فاجتمع [الموالي] (6) على إخراج المعتزّ والمبايعة له، ومحاربة المستعين ببغداد، فأنزلوه (7) من الموضع المعروف بلؤلؤة [الجوسق] (8)، وبه كان [معتقلا] (9) مع أخيه المؤيّد. بايعواه (10) يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، وركب من غد (11) ذلك اليوم إلى دار العامة يأخذ البيعة على النّاس،
__________
(1) هذا الجزء من الخبر ذكره المسعودي: مروج الذهب 4/ 162.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في الأصل: غفر عن، والتّصويب من: ب. وفي مروج الذّهب 4/ 162: (اعتقل).
(4) في الأصل: انحدروا، والمثبت من: ب.
(5) في ب: يحدرهما.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في ب: فاعزلوه.
(8) في الأصل: الجوشان، والتّصويب من: ب.
لؤلؤة الجوسق: قصر بناه المتوكّل بسرّ من رأى، أنفق عليه خمسة آلاف ألف درهم.
راجع: ياقوت: معجم البلدان 3/ 175.
(9) في الأصل، وب: متعلق، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 162.
(10) في الأصل: فبايعه، والتّصويب من: ب.
(11) في ب: عند.(3/1534)
وخلع أخيه المؤيّد، وعقد له عقدين أسود وأبيض (1)، فكان الأسود لولاية العهد بعده، والأبيض لتقليد (2) الحرمين، وانشأت الكتب بخلافة المعتزّ بالله إلى سائر الأمصار، وأرّخت باسم جعفر بن محمود (3) الكاتب، وحضر (4)
أخاه أبا أحمد (5) مع عدّة من الموالي لحرب المستعين فصار إلى بغداد ونزل عليها، وكان أوّل حرب وقع بينه وبين أهل بغداد في نصف شهر (6) صفر من هذه السّنة، ولم تزل أمور المعتزّ تقوى وحال المستعين يضعف (7).
وعمّر محمّد بن عبد الله سور (8) بغداد، وحفر خندقها، وجرّت بينهم وقائع كثيرة على بغداد، وكان موسى بن بغا (9) بحمص فكتب إليه المستعين أن يلحق به، [وكتب المعتزّ أن يلحق به] (10)، فأجاب
__________
(1) في الأصل: سوداء وبيضاء، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(2) (لتقليد) ساقطة من: ب.
(3) جعفر بن محمود الجرجاني، استوزره المعتزّ مدّة. الطّبري: تاريخ 9/ 287، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 4/ 166.
(4) في ب: وحرّر، وفي مروج الذّهب: واحدر.
(5) هو: محمّد (الموفّق بالله) بن المتوكّل بن المعتصم، تولّى الخلافة بعد المعتمد، توفّي سنة (278هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 127.
(6) (شهر) ساقطة من: ب.
(7) في ب: سو.
(8) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 162، و 163.
(9) في الأصل: باغ، والتّصويب من: ب، ولم أجد لموسى ترجمة.
(10) التّكملة من: ب.
وانظر خبر مراسلة المستعين والمعتزّ لموسى عند الطّبري: تاريخ 9/ 289.(3/1535)
[كلّا] (1) بما أرضاه، والمعتزّ مع ذلك يراسل ابن طاهر سرّا وجهرا.
ولمّا رأى محمّد بن عبد الله بن طاهر ذلك من [المعتزّ، كتب إليه، وجنح إلى] (2) الصّلح على خلع المستعين، فلمّا علمت العامة بمذهبه في خلعه إيّاه، أتته (3) وأرادت نصره، فأظهره ابن طاهر على القصر وعليه البردة فخطب العامّة، وأنكر ما بلغهم من خلعه، وشكره ابن طاهر.
[ثمّ التقى ابن طاهر] (4) وأبو (5) أحمد الموفّق بالشّمّاسيّة (6)، فاتّفقا على خلع المستعين على أنّ [له] (7) الأمان، ولأهله ولولده، وما حوته أيديهم من أملاكهم. فكتب له (8) المعتزّ بذلك على نفسه كتابا أشهد فيه الحكّام وغيرهم، وأشهد أنّه متى نقض (9) شيئا من ذلك فالنّاس في حلّ من بيعته.
فخلع المستعين نفسه (10) من الخلافة يوم الخميس لثلاث خلون من
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) التّكملة من: ب.
(3) أي: أتت المستعين، مروج الذّهب 4/ 163.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في ب: أبو.
(6) الشّمّاسيّة: محلّة مجاورة لدار الرّوم التي في أعلى مدينة بغداد. ياقوت: معجم البلدان 3/ 361.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في الأصل: إليه، والمثبت من: ب.
(9) في الأصل: تنقص، والمثبت من: ب.
(10) في ب: بنفسه.(3/1536)
المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
وحضر (1) إلى دار الحسين (2) بن وهب ببغداد، وجمع أهله وبنيه، ثمّ حضر (3) إلى واسط، وقد وكلّ به أحمد بن طولون (4) التّركي، قبل ولاية [مصر] (5).
وقدم على المعتزّ في اليوم الذي خلع فيه المستعين عبيد الله (6) بن عبد الله بن طاهر بالبردة والقضيب والسّيف، وبجوهر الخلافة (7).
(موت المستعين) (8):
ولمّا كان في شهر رمضان [من عام: 252هـ] (9)، وجّه المعتزّ
__________
(1) في ب: وحدر.
(2) في مروج الذّهب 4/ 163: الحسن بن وهب.
(3) في ب: حدر.
(4) هو: أحمد بن طولون التّركي، أبو العبّاس، صاحب مصر، مات بها سنة: 270هـ.
ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 174173، والذّهبي: سير 13/ 9694.
(5) التّكملة من: ب.
(6) في الأصل: عبد الله، والتّصويب من: ب.
عبيد الله بن طاهر الخزاعي، كان رئيسا جليلا ولي شرطة بغداد نيابة عن أخيه محمّد بن عبد الله ثم استقلّ بها بعد موت أخيه. مات عبيد الله سنة (300هـ). وله (77) سنة. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 123120، والذّهبي: سير 4/ 62.
(7) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 163، 164، بأطول ممّا هنا.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(9) الزّيادة من: ب.(3/1537)
سعيد بن صالح (1) الحاجب ليلقى المستعين إذ كان قد بعث في جملة من واسط، فلمّا لقيه قعد سعيد على صدره واحتزّ رأسه، وحمله (2) إلى المعتزّ، وترك جثّته ملقات على الطّريق حتّى دفنه جماعة من العامّة (3).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (4):
وكانت خلافته إلى يوم خلع نفسه ثلاث سنين وثمانية أشهر وعشرين يوما (5) /.
وتوفّي يوم الأربعاء لستّ خلون من شوّال [سنة اثنتين [142/ ب] وخمسين ومائتين.
وهو ابن خمس وثلاثين سنة] (6).
وكان بين خلعه وقتله تسعة أشهر (7).
__________
(1) هو: سعيد بن صالح، المعروف بالحاجب، استعمله المعتزّ على شرطته، وقاد جيش الدّولة لحرب صاحب الزّنج بالبصرة سنة (256هـ)، فهزمه سنة (257هـ).
الطّبري: تاريخ 9/ 287، 473، 478476.
(2) في ب: واحمله.
(3) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 164، وانظر: الطّبري: تاريخ 9/ 362 364.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) عند المسعودي في التنبيه والإشراف ص 364 (وثمانية وعشرين يوما).
(6) التّكملة من: ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 144، 164.
(7) المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 364.(3/1538)
خبر (1) المعتزّ:
(اسمه، وكنيته، ولقبه، وخبر أمّه) (2):
المعتز هو: الزّبير (3).
وقيل: محمّد بن جعفر المتوكّل.
يكنّى: أبا عبد الله.
لقبه: المعتزّ.
أمّه: [أم ولد رومية، اسمها] (4): قبيحة بالضّدّ (5)، لحسنها وجمالها.
وكانت من حظايا المتوكّل.
خرجت إلى المتوكّل يوم (6) نيروز (7)، وفي يدها كأس من بلّور فيه شراب [صاف] (8) فقال لها: ما هذا؟ قالت: هديتي إليك.
فشربه، وقبّل خدّها، فقالت جاريته فضل في ذلك:
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 166، وابن قتيبة: المعارف ص 394.
(4) التّكملة من: ب.
(5) قال ابن العمراني في الإنباء ص 128: (ما رئي في زمانه أصبح وجها منه ولا من أمه قبيحة).
(6) في الأصل: في كلّ يوم، التّصويب من: ب.
(7) النّيروز: فارسي معرّب أوّل يوم من السّنة. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 677، (نرز).
(8) الزّيادة من: ب.(3/1539)
سلافة كالقمر (1) الباهر ... في القدح كالكوكب الزّاهر
يديرها خشف (2) كبدر الدّجى ... فوق قضيب أهيف (3) ناظر
على فتى أروع من هاشم ... مثل الحسام المرهف الباتر (4)
وقال المتوكّل لعليّ (5) بن الجهم وكان يأنس به ولا يكتم شيئا:
يا عليّ إنّي دخلت السّاعة على قبيحة فوجدتها قد كتبت (6) على خدّيها اسمي بالغالية (7)، فو الله ما رأيت أحسن من سواد تلك الغالية على بياض ذلك الخدّ، فقل فيها شيئا، وكانت محبوبة جارية المتوكّل جالسة من وراء السّتار تسمع، وكانت شاعرة مغنّية في الحالين على طبقتها (8)، فسبقت عليا (9) على البديهة فقالت:
__________
(1) في الأصل: سلافتك القمر، والمثبت من: ب. والأغاني 9/ 310، (طبعة دار الكتب المصرية).
(2) الخشف، مثلّثة: ولد الظّبي أوّل ما يولد، أو أوّل مشيه. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1039، (خشف).
(3) قضيب أهيف: أي: عود يابس. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1115، (هيف)، بتصرّف.
(4) الخبر عند الأصبهاني: الأغاني 19/ 310، (طبعة دار الكتب المصرية).
(5) في ب: لعبد الله.
(6) في ب: كاتبت.
(7) الغالية: نوع من الطّيب. الجوهريّ: الصّحاح 6/ 2448، (غلا).
(8) في الأصل: الحيين على طبقتهما، والمثبت من: ب.
(9) في الأصل: علي، والمثبت من: ب.(3/1540)
وكاتبة في الخدّ بالمسك جعفرا ... بنفسي خطّ المسلك من حيث أثرا
لئن كتبت في الخدّ (1) سطرا بكفّها ... لقد كتبت في القلب بالحبّ أسطرا
فيا من لمملوك لملك يمينه ... تطيع له فيما أسرّ وأظهرا
ويا من مناه في البرية جعفر ... سقى الله عذبا من ثناياك جعفرا
فتعجّب من ذلك عليّ بن الجهم (2).
(بيعته) (3):
بويع بعد خلع المستعين نفسه، وهو ابن عمّه [لحّا] (4)، وهو ابن ثمان عشرة سنة يوم الخميس لليلتين خلتا (5) من المحرم [سنة:
252 - هـ] (6).
(صفاته) (7):
وكان أبيض، سمينا، ربعة، أكحل، أدعج، مدوّر الوجه، والرّأس جميعا (8).
__________
(1) في ب: الحظّ.
(2) أورد مثله ابن عبد ربّه: العقد الفريد 6/ 402، وذكره باختصار السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 350، ورويت الأبيات لفضل، جارية المتوكّل عند أبي الفرج الأصبهاني:
الأغاني (طبعة دار الكتب المصرية) 19/ 311310، دون البيت الثّالث.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) الزّيادة من: ب.
(5) في الأصل: لليلتان خلت، والتّصويب من: ب.
(6) التّكملة من: ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 166.
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(8) ورد بعض هذه الصّفات عند الخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 124، عن أبي بشر(3/1541)
استوزر:
جعفر بن محمود الإسكافي (1).
واستكتب:
صالح بن الفرات (2).
وقدم على الأجناد:
وصيفا، [وبغا] (3).
وصير حجابته إلى: مولاه سعيد (4).
وقاضيه (5):
أحمد بن إسرائيل.
نقش خاتمه:
العزّة لله (6).
__________
الدّولانبي، وعند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 124.
(1) الخبر عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 365، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 124.
وقال ابن الطّقطقي: الفخري ص 180: كان هذا الوزير قليل الحظّ من العلم والأدب، غير أنّه كان يستميل النّاس إليه بالمنح والعطايا، وكان متّهما بالتّشيّع.
(2) لم أجد له ترجمة.
(3) في الأصل: وباغيا، والتّصويب من: ب.
(4) لم أجد له ترجمة.
(5) في ب: وقضاة إلى.
(6) في التّنبيه والإشراف ص 365: المعتزّ بالله.(3/1542)
وكان [غدّارا] (1)، قتّالا، سفّاكا، ناقضا للعهد، غير أنّه كانت له أخلاق حسان، وشيم رضيّة، وكرم بارع، وأدب غزير (2).
وكان يلبس ثياب الوشي المذهبة، ويركب بها، وهو أوّل من اتّخذ الكمّ الواسع فجعل عرضه ثلاثة أشبار بعد أن كان شبرا (3).
وهو أوّل من اتّخذ الحليّ المفضّض المذهب للسّروج، واللّجوم، والمهامز (4)، والسّيوف (5).
ولم يكن له حكم ولا تدبير مع الأتراك / والموالي والصّقالبة [143/ أ] لأنّهم كانوا يدبّرون المملكة ويسيسون أمرها.
وفي أيّامه كان [ماني] (6) الموسوس الشّاعر.
وذكر أنّ [ماني] (7)، الشّاعر اجتمع مع حبيب بن أوس الطّائي فرأيا
__________
(1) في الأصل: حاضرا، والتّصويب من: ب.
(2) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف ويظهر فيه التناقض واضحا بين المثالب والمناقب.
(3) ذكر المسعودي أنّ المستعين أوّل من وسع الأكمام. مروج الذّهب 4/ 180.
(4) في ب: واللّجم، والمهامز.
والمهامز، أو المهاميز، جمع: مهمزة: المقرعة أو العصا، أو عصا في رأسها حديدة، ينخس بها الحمار. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 681، (همز).
(5) أورد مثله المسعودي: مروج الذّهب 4/ 180.
(6) التّكملة من: ب.
اسمه: محمّد بن القاسم، أبو الحسن، المعروف بماني الموسوس، من أهل مصر، سكن بغداد في أيّام المتوكّل على الله، وله شعر في الغزل. الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 169.
(7) التّكملة من: ب.(3/1543)
فرأيا غلاما يتطهّر، فلمّا خرج الغلام من الماء [قال ماني:
خمش الماء جلده الرّطب ... حتّى خلته لابسا غلالة جمر] (1)
فقال حبيب [يا ماني]! (2)، أبعد الحجّ والجهاد تقول هذا؟! فقال [له ماني] (3): تنحّ عنّي، ليس مثلك يخاطب، ثمّ رفع كفّيه (4) إلى السّماء، وقال:
بكفيك تقليب (5) القلوب وإنّني ... لفي ترح ممّا أقاسي، فما ذنب؟
خلقت وجوها كالدّنانير فتنة ... وقلت اهجروها، عزّ ذلك من خطب
فإمّا منحت الصّبّ ما قد خلقته ... وإمّا زجرت القلب عن لوعة الحبّ (6)
ولصالح (7) بن عبد القدّوس:
لا يعجبنّك من يصون ثيابه ... خوف الغبار وعرضه مبذول
__________
(1) التّكملة من: ب.
وغلالة جمر: أي: حرارته. راجع: الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1343، (غلل) بتصرّف.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في الأصل: متى، والتّصويب من: ب.
(4) في الأصل: كفّه، والمثبت من: ب.
(5) في الأصل: تقلب، والمثبت من: ب.
(6) لم أقف على هذا الشّعر في ديوان أبي تمام.
(7) هو: صالح بن عبد القدّوس، أبو الفضل الأزدي البصري، صاحب الفلسفة والزّندقة، قتله المهدي على الزّندقة. الخطيب البغدادي: تاريخ 9/ 303، والذّهبي:
ميزان الاعتدال 2/ 297.(3/1544)
ولربّما افتقر الفتى فرأيته ... دنس الثّياب وعرضه مغسول (1)
(خبر خلع المعتزّ ثمّ موته) (2):
[وكان] (3) المعتزّ قد شرع في قتل الأتراك وقطّع رؤوسهم (4) فلمّا رأوا ذلك منه، صاروا إليه بأجمعهم، فجاؤه يوم الإثنين لثلاث بقين من رجب [سنة: 255هـ] (5)، فصاحوا (6) به على بابه، وبعثوا إليه أن اخرج إلينا. فاعتذر بأنّه قد أخذ دواءا، وأمر أن يدخل بعضهم فدخلوا، وجرّوا برجله إلى باب الحجرة، وأقيم في الشّمس، فكان يرفع رجلا ويضع أخرى، وجعلوا يلطخونه وهو يتّقي بيده، وأتوا بالقاضي والفقهاء، وطلبوه بالأموال (7).
وكان المدبّر لذلك حاجبه: صالح بن وصيف (8)، ومحمّد بن بغا (9)
__________
(1) البيتان عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 176، من خبر طويل، وابن عساكر:
تهذيب تاريخ دمشق 6/ 377.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في الأصل: ولما رأى.
(4) في ب: وإهمال رؤسائهم.
(5) الزّيادة من: ب.
(6) في ب: فهاجوا.
(7) هذا الجزء من الخبر عند الطّبري: تاريخ 9/ 389، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 194.
(8) لم أجد ترجمته.
(9) في الأصل: باغر. والتّصويب من: ب.
وهو: محمّد بن بغا، المعروف بأبي نصر. الطّبري: تاريخ 9/ 389.(3/1545)
مع قوّاد الأتراك، ولمّا حصل المعتزّ في أيديهم بعثوا (1) إلى مدينة السّلام [في] (2) محمّد بن الواثق، الملقّب بالمهتدي (3) وقد كان المعتزّ نفاه إليها وأتي به في (4) يوم وليلة إلى سامرّاء. فتلقّاه الأولياء في الطّريق فدخل إلى [الجوسق] (5) ليلة الأربعاء [لليلة] (6) بقيت من رجب.
فلمّا سمع به المعتزّ أجاب إلى الخلع على أن يعطوه (7) الأمان أن لا (8)
يقتل. وأبى محمّد المهتدي أن (9) يقعد سرير الملك، وأن يقبل البيعة حتّى يرى المعتزّ ويسمع كلامه، فأتي بالمعتزّ عليه قميص دنس وعلى رأسه منديل فلمّا رآه محمّد الواثق وثب إليه (10) فعانقه، وجلسا (11) جميعا على السّرير، وقال له محمّد المهتدي: يا أخي ما هذا الأمر؟ لم خلعت نفسك؟
فقال: هذا أمر لا أطيقه، ولا أقوم به (12)، ولا أصلح له، فأراده المهتدي]
__________
(1) في مروج الذّهب 4/ 178 (بعث).
(2) التّكملة من: ب.
(3) في ب: بالمهدي.
(4) (في) سقط من: ب.
(5) في الأصل: الجوشان. وفي ب: الجوشن. والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 178.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في الأصل: يعطيه، والمثبت من: ب.
(8) في الأصل: الا، والتّصويب من: ب.
(9) (أن) سقط من: ب.
(10) في الأصل: عليه، والمثبت من: ب.
(11) في الأصل: وجلسوا، والمثبت من: ب.
(12) (به) ساقطة من: ب.(3/1546)
على أن يتوسّط أمره، ويصلح أمره بينه وبين الأتراك. فقال له المعتزّ: لا حاجة لي فيها ولا يرضوني، وقد خلعت نفسي. قال المهتدي: فأنا من بيعتك في سعة (1). قال: نعم. فصرف وجهه عنه، فاقيم من حضرته، ومشى حافيا إلى محبسه (2). [فقتل في محبسه] (3) بعد أن خلع نفسه بستّة أيّام (4).
وكان خلع نفسه يوم الإثنين لثلاث بقين من رجب [سنة 255هـ] (5).
(مدّة خلافته، ومبلغ سنّه) (6):
[وكانت خلافته ثلاث سنين] (7)، وسبعة أشهر.
__________
(1) في ب: فأنا في حلّ من بيعتك.
(2) في ب: مجلسه.
(3) زيادة يقتضيها السيّاق. من مروج الذّهب 4/ 178.
(4) هذا الخبر ذكره بتمامه المسعودي: مروج الذّهب 4/ 178، باختلاف يسير في أوّله عما هنا.
(5) التّكملة من: ب.
والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 166، والتّنبيه والإشراف ص 365.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) التّكملة من: ب.
وبداية هذه المدّة منذ خلع المستعين نفسه، واجتمعت الكلمة على المعتزّ إلى اليوم الذي خلع فيه نفسه. راجع المسعودي: مروج الذّهب 4/ 166.(3/1547)
وقتل (1) وهو ابن [24سنة] (2)، وسبعة أشهر.
ولم يحجّ قطّ.
ودفن بسامرّاء. / [143/ ب].
__________
(1) في الأصل: وقاتل، والتّصويب من: ب.
(2) التّكملة من: ب.(3/1548)
خبر (1) المهتدي هو محمّد بن هارون الواثق بالله (2):
(كنيته، ولقبه، وخبر مولده) (3):
يكنّى: أبا عبد الله.
ولقبه: المهتدي بالله.
أمّه: أم ولد رومية، اسمها: قرب (4). توفّيت قبل خلافته، ولدته بالقاطول (5) لخمس خلون من شهر ربيع الآخر [سنة: 215هـ] (6).
(بيعته) (7):
بويع قبل الظّهر يوم الأربعاء لليلة بقيت من رجب [سنة:
255 - هـ] (8)، وهو ابن ستّ (9) وثلاثين سنة وعشرة أشهر بعد خلع المعتزّ
__________
(1) (خبر) ليست في: ب.
(2) (بالله) ليست في: ب.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 182، والتّنبيه والإشراف ص 365.
(5) الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 347، وابن العمراني: الإنباء ص 136.
والقاطول: اسم نهر كأنّه مقطوع من دجله، وهو نهر كان في موضع سامرا قبل أن تعمّر، وكان الرّشيد أوّل من حفره وبنى على فوهته قصرا. ياقوت: معجم البلدان 4/ 297.
(6) التّكملة من: ب.
وذكره ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 23، وفي تاريخ الخلفاء للسّيوطي ص 361:
(ولد في خلافة جدّه سنة بضع عشر ومائتين).
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(8) الزّيادة من: ب.
(9) في مروج الذّهب 4/ 182: وله يومئذ سبع وثلاثون سنة.(3/1549)
نفسه بيومين. وهو ابن عمّه لحّا.
(صفاته) (1):
وكان أسمر، معتدل القدّ (2)، والجسم، جهم (3) الوجه، صغير العينين أشهلها، [أجلح] (4) عظيم البطن، عريض المنكبين، واسع الجبهة، طويل اللّحية (5)، قد خالطه الشّيب (6).
وزيره:
جعفر بن محمود (7)، ثم أبو صالح جعفر بن أحمد (8) بن [عمّار] (9)
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) القدّ: قامة الرّجل. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 394، (قدد).
(3) الجهم: الوجه الغليظ. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1409، (جهم).
(4) الزّيادة من: ب.
(5) ورد بعض هذه الصّفات عند المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 366، وابن العمراني: الإنباء ص 136.
(6) في ب: وخطه.
(7) هو: جعفر بن محمود الإسكافي.
المسعودي: التّنبيه ص 367، وابن العمراني: الإنباء ص 136، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 197، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 233.
(8) (ثم أبو صالح، جعفر بن أحمد) ساقطة من: ب. ولم أجد له ترجمة.
(9) في الأصل: عمر، والمثبت من: ب. والتّنبيه ص 367، والإنباء ص 136، وخلاصة الذّهب المسبوك ص 233.(3/1550)
أياما، ثم سليمان (1) بن وهب، ثمّ عيسى بن فرخانشاه (2) في آخر أيّامه.
صاحب شرطته:
محمّد بن طاهر، مع خراسان، وسجستان (3)، وكرمان، وطبرستان، وجرجان (4)، [والبرادوش] (5).
وشرطة بغداد إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر (6).
وإلى موسى بن بغا [الجبال] (7) إلى حدود خراسان والرّيّ وقزوين.
وديوان الخراج إلى إسحاق (8) بن منصور، ثمّ إلى محمّد (9) بن نجاح.
وديوان الضّياع إلى أحمد (10) بن خالد.
__________
(1) هو: سليمان بن وهب، أبو أيّوب الحارثي، الوزير الكاتب، كتب للمأمون ووزر للمهتدي، ثم للمعتمد، وتوفّي سنة (272هـ).
ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 418415، والذّهبي: سير 13/ 129127.
(2) في الأصل: فرخان شاه. المثبت من: ب. ومروج الذّهب 4/ 183.
(3) في الأصل: وسجعة، والمثبت من: ب.
(4) في الأصل: وزوجان، والمثبت من: ب.
(5) الزّيادة من: ب، ولم أتوصّل إلى معرفة هذا الموقع.
(6) الخبر عند: الطّبري: تاريخ 9/ 392، وقد توفّي سليمان في المحرم سنة (266هـ).
تاريخ الطّبري 9/ 549.
(7) التّكملة من: ب.
(8) لم أجد له ترجمة.
(9) لم أجد له ترجمة.
(10) لم أجد له ترجمة.(3/1551)
والرّسائل إلى: عبد الله (1) بن محمّد بن عبد الملك. وصالح بن وصيف يتولي الأمر (2) كلّه مع الجيش والشّام، وديوان مصر والبصرة والحرمين.
بنوه:
وكان للمهتدي من الولد خمسة عشر أكبرهم عبد الله (3).
ومن الإخوة: عبد الله (4)، وأحمد (5)، ومحمّد (6).
(سيرة المهتدي) (7):
وكان إمام عدل، على غايته من العفّة، والطّهارة، والأمانة، والعبادة
__________
(1) لم أجد له ترجمة.
(2) في ب: بلا مكر.
والخبر عند ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص: 198، وأورد الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 233، نقلا عن أبي بكر الصّولي أنّ المهتدي خلف سبعة عشر ولدا ذكورا، وستّ بناء، وكان أكبر أولاد عبد الله.
(3) في ب: عبيد الله.
والخبر عند ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص: 198، وأورد الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 233، نقلا عن أبي بكر الصّولي أنّ المهتدي خلف سبعة عشر ولدا ذكورا، وستّ بناء، وكان أكبر أولاده: عبد الله.
(4) هو: عبد الله بن هارون الواثق، خلع أخوه المهتدي، ولحق بيعقوب بن اللّيث الصّفار فمات في عسكره، وكان دون المهتدي في السّن.
ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 25.
(5) لم أجد له ترجمة.
(6) هو: محمّد (الأصغر) بن هارون الواثق، أبو إسحاق.
ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 25.
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1552)
والزّهاد، والصّيانة، وكانت له السّيرة الحسنة، أو الطّرق المحمودة (1).
واستوزر جماعة فسلموا منه من قتل وغيره (2).
وكان يكون في الهاشميّين كعمر بن عبد العزيز في الأمويّين (3).
بنى قبّة لها أربعة أبواب، وسمّاها قبّة المظالم، وجلس فيها للخاصّ والعامّ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر. [وكان يحضر في كلّ جمعة المسجد الجامع ويخطب للنّاس ويؤم بهم] (4).
وكان يقوم ثلث اللّيل إلى أن يأتيه المؤذّن بأنّ الفجر قد طلع، فيخرج ويصلّي بالنّاس الصّبح في الجامع فإذا طلعت (5) الشّمس دخل داره ليستريح (6)، ثم خرج وصلّى بالنّاس الظّهر والعصر. وبقي في ردّ المجلوبات إلى من خاطبه (7) من الأمصار حتّى يصلّي بهم المغرب والعتمة، وعمد إلى كلّ آنية في الخزانة من ذهب وفضّة فضربها (8) دنانير ودراهم.
وباع ثياب الحرير المذهب، وكسر أوان] الخمر، وأراقه، ونهى (9)
__________
(1) في ب: سيرة حسنة، وطرق محمودة.
(2) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 183.
(3) أورده المسعودي: التّنبيه والإشراف ص 366، أبو هلال العسكري: الأوائل 1/ 290: بأطول ممّا هنا.
(4) التّكملة من ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 183.
(5) في ب: زالت.
(6) في ب: فليتراح.
(7) في الأصل: خطبه، والمثبت من: ب.
(8) في ب: فضرب بها.
(9) في ب: وازاقه ونهير.(3/1553)
عن الشّراب، [وهجو القيان] (1)، وكسر الطّنّابير والعيدان وآلات اللهو، ومنع الغناء من بلاده، والإسراف، وما لا يحلّ، وقرّب العلماء، ورفع من منازل الفقهاء، وقلّل في اللّباس والفرش والمطعم والمشرب.
ووجد في الدّيوان نفقة المطبخ في كلّ يوم لبعض من تقدّمه من الخلفاء عشرة آلاف درهم، فردّها هو عشرة دراهم (2)، وذبح كباش اللّعب [التي كان يناطح بها] (3) / بين يدي [144/ أ] الخلفاء، والدّيوك والحمام والسّمان، وقتل السّباع المحبوسة، ومحى (4) كلّ صورة مروّقة في المجالس، ورفع بسط (5) الدّيباج، وكلّ (6) فرش لم ترد الشّريعة بإباحته (7).
وضبط سور المملكة، وأيّدها، وسيّرها بالشّريعة (8)، ومنع كلّ [مسرف أن يمدّ يده إليها] (9). وكان يقول لبني العبّاس: دعوني أكن فيكم مثل عمر بن عبد العزيز لبني أميّة (10).
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) في ب: عشرة دراهم، فأكلها الضعفاء.
(3) في الأصل: الذين كانوا يناطح. وفي ب: التي كان يتطانح بها. والتّصويب من:
مروج الذّهب 4/ 190.
(4) في ب: ومحا.
(5) في ب: بسط.
(6) في ب: وكان.
(7) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 189، 190.
(8) (وضبط سور المملكة، وأيّدها، وسيّرها بالشّريعة)، ساقطة من: ب.
(9) في الأصل: مصرف لها، التّصويب من: ب.
(10) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 189.(3/1554)
وكان يخرج في كلّ جمعة للمسجد الجامع، ويخطب النّاس ويؤمّهم (1).
وقدم رجل من [الرّملة، فتظلّم إلى المهتدي] (2) فثبت له الحقّ على خصمه، فأمر بإنصافه (3).
وكتب (4) له، فسرّ الرّجل، ودعا له، فمن شدّة سروره، غشي عليه، فأعانه (5) المهتدي. فلمّا أفاق قال له: هذا العدل. فقال له المهتدي: كم لزمك منذ خرجت من بلدك؟ قال: عشرون دينارا. قال: إنّا لله! كان الواجب علينا (6) أن ننصفك في بلدك ولا نحوجك إلى تعب ولا (7) كلفة فإذا لم نطق ذلك فهذه خمسون دينارا خذها من بيت المال (8) لنفقتك قادما وراجعا، واجعلنا من تعبك وتأخّر (9) حقّك في حلّ. ففعل الرّجل ذلك وانصرف (10).
__________
(1) (وكان يخرج في كلّ جمعة للمسجد ويخطب النّاس ويؤمّهم)، ساقطة من: ب.
(2) في الأصل: الرّميلة، وتظلم بالمهتدي، والمثبت من: ب.
(3) في ب: بانصرافه.
(4) في ب: والكتب.
(5) في ب: فعناه.
(6) في ب: علينا لله.
(7) (ولا) ساقطة من: ب.
(8) في ب: خمسون دينار من بيت المال خذها.
(9) في ب: وتأخير.
(10) أورد هذا الخبر بكامله الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 350349، وأورده(3/1555)
ولمّا رأى الشّعراء نسك المهتدي وجرأته على الهدي القويم، مدحوه بما فيها كلّ طريقة.
فقال [المهتدي] (1):
[حكى] (2) المهتدي بالنّد في عزماته ... عناء أبي حفص وهدي أبي بكر
له ساعة خير (3) فللعبد ساعة ... وأخرى لأوقات (4) الصّلاة والذّكر
إمام يؤمّ الحقّ ليس بحامل ... لذي العسر إن كان الرّعية في اليسر (5)
قال محمّد (6) بن عليّ: قلت للمهتدي ذات يوم (7)، وقد خلوت به، وأكثر من ذكر آفات هذه الدّنيا، يا أمير المؤمنين! ما بال العاقل المميّز مع علمه (8) بآفات هذه الدّنيا، وسرعة انقلا بها، وزوالها، وغرورها لطالبها، يحبّها ويأنس (9) إليها؟ قال المهتدي: حقّ له ذلك، منها خلق فهي أمّه،
__________
مختصرا أبو هلال العسكري: الأوائل 1/ 291، وابن العمراني: الإنباء ص 134.
(1) التّكملة من: ب.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في ب: خير.
(4) في ب: لاقام.
(5) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(6) هو: محمّد بن عليّ الرّبعي، كان ممّن يكثر ملازمة المهتدي، وكان حسن المجلس، عارفا بأيّام النّاس وأخبارها. المسعودي: مروج الذّهب 4/ 193.
(7) (يوم) ساقطة من: ب.
(8) في ب: عمله.
(9) في الأصل: ويتأنس، والمثبت من: ب.(3/1556)
وفيها نشأ، وفيها عيشه، ومنها قدر رزقة فهي حياته، وفيها يعاد فهي كفايته (1)، وفيها اكتسب الخير فيحبّ (2) طريقها (3).
ويروى أنّ [محمّد بن عليّ الذي لم يكن يدعه في كلّ وقت، قوله عنه] (4): في الأمور حسبي الله (5)، يعلم إعلاني وما في قلبي (6).
وتظلّم إليه رجل من العامّة بقريب له. فحكم عليه بما صحّ عنده، فقام الرّجل يشكره.
وقال: أنت يا أمير المؤمنين كما قال الأعشى:
[حكّمتموه] (7) فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الزّاهر (8)
لا يقبل الرّشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر (9)
فقال المهتدي: [أما أنت] (10) فأحسن الله جزاءك، وأمّا شعر
__________
(1) في ب: كفاته، وفي مروج الذّهب 4/ 194، وفيها يعاد كفاته.
(2) في ب: لا يحب.
(3) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 194، بأطول ممّا هنا.
(4) هذه العبارة في الأصل، وب: مضطربة وغير واضحة، والمثبت من المحقّق ليستقيم الخبر.
(5) في ب: الله في كلّ الأمور حسبي.
(6) في ب: وما فقلبي، ولم أجد هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في ب: الزّاهري.
(9) في ب: بغنى الخاسري. والبيتان في: ديوان الأعشى ص 141.
(10) التّكملة من: ب.(3/1557)
الأعشى فما رويته، ولكنّي قرأت [قبل] (1) خروجي قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوََازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيََامَةِ} الآية (2).
وصام طول أيّام خلافته، وما أفطر إلّا أيّاما يسيرا اعتلّ فيها (3).
(مدّة خلافته، ومبلغ سنّه، وتاريخ مقتله) (4):
وكانت خلافته إحدى عشر شهرا.
وقتل رحمه الله قبل أن يستكمل الأربعين سنة يوم الأربعاء لأربع وعشرين / من رحب [144/ ب] [سنة: 256هـ] (5).
ودفن بسامرا (6)، وصلّ عليه جعفر بن عبد الواحد (7) بن العبّاس بن عبد الواحد بن سليمان بن عبد الله بن العبّاس.
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) سورة الأنبياء، الآية (47).
وانظر الخبر بتمامه عند: الخطيب: تاريخ 3/ 349، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 528526، وابن العمراني: الأنباء ص 134، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 196، 197، ونقله ابن كثير عن الخطيب البغدادي، مختصرا في البداية والنّهاية 11/ 23.
(3) ذكره ابو هلال العسكري: الأوائل 1/ 291.
(4) عنوان جانبي من المحقّق.
(5) التّكملة من: ب.
(6) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 82.
(7) راجع: الطّبري: تاريخ 9/ 462.
وهو: جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ، ولي قضاء القضاة بسرّ من رأى، سنة (240هـ)، ومات سنة (257هـ).
وكيع: أخبار القضاة 3/ 224، والذّهبي: ميزان الاعتدال 1/ 413.(3/1558)
خبر (1) المعتمد هو: أحمد بن جعفر المتوكّل
(كنيته، ولقبه) (2):
يكنّى: أبا العبّاس.
وقيل: أبو جعفر (3).
ولقبه: المعتمد على الله.
أمّه: أمّ ولد كوفية [تسمّى: فتيان] (4).
(بيعته) (5):
بويع في اليوم الذي قتل فيه محمّد المهتدي، وهو ابن عمّه لحّا، وهو ابن خمس وعشرين سنة (6).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) ذكره ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 199، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 363.
(4) الزّيادة من: ب.
وانظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 198، والتّنبيه والإشراف ص 367، وابن قتيبة:
المعارف ص 394، والخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 60، وابن العمراني: والإنباء ص 137، وعند الاربلي: خلاصة الذّهب المسبوك: ص 233، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 363: (رومية)، بدل من: (كوفية).
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) ذكر سنّه هذا يوم بويع. المسعودي: مروج الذّهب 4/ 198.(3/1559)
(صفاته) (1):
وكان أسمر، ربعة، واسع العينين، ممتليء الجسم، مدوّر الوجه، واللّحية، أسودها، جميل الوجه (2).
استوزر:
عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير أبيه، ثم مات فاستوزر بعده الحسن (3) بن مخلد، ثم استوزر سليمان بن وهب، ثم عزله وصيّر الوزارة (4)
إلى صاعد (5).
واستكتب:
عبد الله بن الحسين (6).
واستقضى:
بكّار بن قتيبة (7).
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) ورد بعض هذه الصّفات عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126، وابن الجوزي:
المصباح المضييء 1/ 529.
(3) هو: الحسن بن مخلد البغدادي الوزير، وزر للمعتمد ثلاث مرّات، مات سنة:
(271هـ)، وقيل: (269هـ).
ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 352، 353، والذّهبي: سير 13/ 7، 8.
(4) في الأصل: الوزراء، والمثبت من: ب.
والخبر بكامله عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126.
(5) هو: صاعد بن مخلد، أبو العلاء، وزير المعتمد، ولقب بذي الوزارتين، توفّي سنة (276هـ). الذّهبي: سير 13/ 326، 327.
(6) في ب: الحسن.
(7) هو: بكّار بن قتيبة الثّقفي، القاضي الكبير، ولد سنة (182هـ)، بالبصرة،(3/1560)
وصيّر حاجبه:
صاعدا مولاه، ثمّ حبيب (1) السّمرقندي.
وولّى أخاه [ابن] (2) المتوكّل على جيوشه وحروبه، ولقّبه بالموفّق (3)، فقرّظ الخلافة، وشنّفها، وحسّنها، وأعزّها، وشرّفها لأنّه أبعد الأتراك عن الأمر والنّهي (4)، وردّهم إلى الذّلّ والصّغر.
وكان المعتمد أوّل خليفة تغلب عليه (5)، فلم ينفذ له أمر ولا نهي، ولم يكن له بعد من (6) الخلافة إلّا اسمها، ومن الإمارة إلّا رسمها، قرّب كلّ سفساف (7) ساقط النّسب (8)، خامل الحسب، ولم يكن في بني العبّاس، خليفة بعد المستعين أكرم منه [ولا أسخى] (9) غير أنّ الموفّق حجر
__________
ومات سنة (270هـ). ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 282280، والذّهبي:
سير 12/ 605599.
(1) في ب: حبيبا.
(2) زيادة من: المحقّق للإيضاح.
واسمه: أبو أحمد طلحة، وقيل: محمّد، ابن المتوكّل على الله، ولد سنة (229هـ)، ولقبه النّاس بالنّاصر لدين الله بعد أن قضى على طاغوت الزّنج، ومات الموفّق سنة (278هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 127، 128، والذّهبي: سير 13/ 169.
(3) في ب: بالمتوفق.
(4) في ب: النهي والأمر.
(5) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 201.
(6) في ب: بعده من.
(7) في ب: مصفاف.
(8) في ب: النّسبة.
(9) التّكملة من: ب.(3/1561)
عليه، وحال بينه وبين الأموال، وأجرى عليه ما يقوم به من غير إسراف، وأبقى الخطبة والسّكّة، واسم أمير المؤمنين.
(حركة الزّنج) (1):
ولم يزل الموفّق يحارب الزّنج حتّى قتل أمير المؤمنين (2) عليّ بن محمّد، وقتل من أهل البصرة في [وقعة] (3) واحدة ثلاثمائة (4) ألف.
وكان المهلبي (5) من علية أصحاب عليّ بن محمّد قد أتى بعد هذه الوقعة إلى البصرة فنصب منبرا في الموضع المعروف بمقبرة (6) بني يشكر،
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) يقصد ذلك الخبيث طاغية الزّنج عليّ بن محمّد العبدي، من عبد القيس، الذي ارتكب المآثم والمحارم والمظالم، وادّعى النّبوّة، والرّسالة، وخرّب البلدان، واستحلّ الفروج الحرام، كان منجّما حروريا منحلا زنديقا. ادّعى أنّه ينتمي إلى عليّ بن أبي طالب، فمال إليه غوغاء النّاس، ظهر في أيّام المهتدي، سنة (255هـ). وقتل على يد الموفّق بالله في أيّام المعتمد سنة (270هـ).
راجع: الطّبري: تاريخ 9/ 437410، 473470، 488477، 506504، 540536، 661554، والذّهبي: سير 13/ 136129، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 4541.
(3) في الأصل: ساعة، والمثبت من: ب.
(4) في ب: ثلاث مائة.
(5) في الأصل: المهلب، والتّصويب من: ب.
وهو عليّ بن أبان المعروف بالمهلبي، قتل على يد الموفّق سنة: (272هـ). راجع الطّبري: تاريخ 9/ 411، 482، و 10/ 11.
(6) لم أجد لها تعريفا.(3/1562)
وكان يصلّي يوم الجمعة بالنّاس، ويخطب على المنبر لعلي بن محمّد، ويترحّم (1) بعد ذلك على أبي بكر وعمر، ولا يذكر عثمان ولا عليّ، وفي خطبته يلعن جبابرة [بني] (2) العبّاس، وأبا موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان (3).
ولمّا ركن أهل البصرة إلى هذا الفعل من المهلبيّ، اجتمعوا في بعض الجمع، فوضع فيهم السّيف، فمن مقتول، ومن غريق، واختفى كثير منهم في الدّور والآبار، فيخرجون في اللّيل، فيطلبون الكلاب [والفيران] (4)
فيذبحونها، ويأكلونها، حتّى أفنوها، وكانوا (5) يأكلون الموتى، ومن قدر منهم على قتل صاحبه قتله وأكله، ثم عدموا الماء العذب (6).
وبلغ من أمره أنّه كان ينادي على المرأة من ولد (7) الحسن والحسين والعبّاس رضي الله عنهم، وغيرهم من بني (8) هاشم وسائر العرب بالدّرهمين والثّلاثة، ويقول المنادي (9): هذه بنت (10) فلان.
__________
(1) في ب: ويسترحم.
(2) في الأصل: أبي، والتّصويب من: ب.
(3) هذا الخبر ذكر المسعودي: مروج الذّهب 4/ 207.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في ب: فرجوا.
(6) في ب: العدّة، والخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 207.
(7) في الأصل: أولاد، والمثبت من: ب:، ومروج الذّهب 4/ 208.
(8) في ب: في.
(9) في ب: ولا يقول.
(10) في ب: ابنت.(3/1563)
وعند كلّ زنجي منهم العشرة والعشرون والثّلاثون يطؤهنّ (1) الزّنج [ويخد من] (2) الزّنجيّات.
وقد تكلّم النّاس في مقدار / ما قتل من الخلق، فمكثر ومقل [145/ أ]. فالمكثّر يقول: هو شيء لا يحصيه إلّا خالقهم، والمقلّ يقول:
قتل منهم خمس مائة ألف (3).
وكان سبب قيام عليّ بن محمّد بالزّنج في العراق أنّه كان بالبصرة ثلاثون ألف جنان في كلّ جنان أسود واثنان وثلاثة. فأغواهم وأنفذهم (4)، ومنّاهم، حتّى انقادوا له وقاموا (5) معه، فكساهم وأحبّهم (6)
وقرّبهم، فتسامع بذلك السّودان، فأقبلوا إليه من كلّ مكان فنزلوا (7) بعد ذلك ببغداد (8)، وضيّق عليها (9) حتّى كاد أن يغلبها، وتذهب الخلافة فخرج إليه الموفّق، فهزمه وقتله، ودخل بغداد (10)، وذلك سنة سبعين
__________
(1) في الأصل: يطاهن، والتّصويب من: ب.
(2) في الأصل، وب: ويخرج من، التّصويب من: مروج الذّهب 4/ 208.
(3) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 208.
(4) (وأنفذهم)، ليست في ب.
(5) في ب: وقوموا.
(6) في ب: وحباهم.
(7) في ب: فنازل.
(8) (ببغداد) ساقطة من: ب.
(9) في الأصل: عليم، والمثبت من: ب.
(10) في ب: ودخل بغداد برأسه.(3/1564)
ومائتين (1).
(هزيمة يعقوب بن اللّيث الصّفار، ووفاته) (2):
وكانت (3) للمعتمد فتن وحروب: خرج عليه يعقوب (4) بن اللّيث الصّفار في سنة اثنين وستّين ومائتين، وسار نحو العراق في جيوش عظيمة، فخرج إليه المعتمد وهزم الصّفار، واجتاح عسكره (5).
وتوفّي الصّفار [بجند سابور] (6) يوم الثّلاثاء لسبع بقين من شوّال [عام: 265هـ] (7). وخلّف في بيت ماله [خمسين ألف ألف درهم وثمانمائة ألف دينار] (8).
وقيل: إنّ الموفّق أخذه [أسيرا] (9) وأدخله بغداد (10) وعليه حلّة
__________
(1) راجع: خبر مقتل صاحب الزّنج عند الطّبري: تاريخ 9/ 661654.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: وكاتب.
(4) هو: يعقوب بن اللّيث الصّفار السّجستاني، أحد الملوك، مات سنة: (265هـ).
الذّهبي: سير 12/ 515513، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 39.
(5) في ب: واستبيح معسكره.
وانظر تفاصيل الخبر عند الطّبري: تاريخ 9/ 519516.
(6) في الأصل، وب: بجبل سابور، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 200، 202.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في الأصل، وب: درهما، ودينارا. والمثبت من: مروج الذّهب 4/ 202.
(9) التّكملة من: ب.
(10) في ب: حسمداد.(3/1565)
مذهبة، وعلى رأسه طرطور (1) مكلّل، وهو على نجيب، ووصفه إلى كفّه (2).
وحكى عبيد الله بن [خرداذبه] (3) أنّه دخل على [المعتمد] (4) ذات يوم، وفي مجلسه عدّة من [ندمائه] (5) من ذوي المعرفة والحجى (6) فقال له: أخبرني عن أوّل من اتّخذ العود؟ قال له: قد قيل في ذلك يا أمير المؤمنين أقاويل كثيرة، منها:
أوّل من اتّخذه لامك بن [موشاع] (7) بن خنوخ بن يزيد بن مهال ابن قابل بن شيت بن آدم عليه السّلام (8)، وذلك أنّه كان له ابن يحبّه حبّا شديدا فمات، فعلقه بشجرة، وقال: انظر إليه أبدا (9) تأسّفا منّي على
__________
(1) في ب: طرصور ريش.
الطّرطور: هو القلنسوة الطّويلة. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 553، (طرر)، بتصرّف.
(2) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(3) في الأصل: حوزم، وفي ب: حرزادبه، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 220.
عبيد الله بن أحمد بن خرداذبة، أبو القاسم، تولّى البريد والخبر بنواحي الجبل، ونادم المعتمد وخصّ به. ابن النّديم: الفهرست ص 212، 213.
(4) في الأصل، وب: المهتدي، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 220.
(5) الزّيادة من: ب.
(6) في الأصل: الحجج، والتّصويب من: ب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في ب: خنوخ بن برد بن مهابيل بن قابل بن شيت بن آدم عليه السّلام.
(9) في ب: انظر إليه إنه كانذاك ابدا.(3/1566)
فراقة. فتقطعّت أوصاله حتّى بقي من فخذه مع [السّاق] (1) والقدم والأصابع، فأخذ خشبا، فرقّعه وألصقه فجعل صدر العود كالفخذ، وعنقه كالسّاق، والسّمك (2) كالقدم، والملاوي كالأصابع، والأوتار كالعروق، ثم ضرب به وناح عليه، فنطق العود.
قال: الحمدوني (3) في [ذلك] (4) العود:
ونانطق بلسان لا ضمير له ... كأنّه فخذ نيطت إلى قدم
يبدي ضمير سواه في الحديث كما ... يبدي ضمير سواه الخطّ بالقلم
واتّخذ نوفل بن لامك (5) الطّبول والدّف (6).
واتّخذت ظلال بنت لامك المعازف.
واتّخذ قوم لوط الطّنابير يستميلون بها الغلمان.
ثم اتّخذ الرّعاة والأكراد نوعا تصفر به، فكانت أغنامهم إذا تفرّقت صفّروا لها، فاجتمعت. واتّخذت الفرس [النّاي] (7) والزّنامي (8) للطّنبور،
__________
(1) في ب: الرّأس، والمثبت من: ب.
(2) في ب: والسّماك.
(3) في الأصل: الحمرواني، والمثبت من: ب. ومروج الذّهب 4/ 220، ولم أقف على ترجمة الحمدوني.
(4) في الأصل: نصف، والتّصويب من: ب.
(5) في ب: بنو لامك.
(6) في ب: والدّفة.
(7) في ب: التي، والمثبت من: مروج الذّهب 4/ 221.
(8) في ب: والزّنافير والسّنانير، وفي مروج الذّهب: والدّياتي. ولم أتوصّل إلى معرفتها.(3/1567)
والسّنر (1) للطّبل. وجعل المثنّى (2) ضعف وزن الزّير (3)، والمثلّث ضعفي الزّير، والبوق (4) ثلاثة أضعاف وزن الزّير، وهي أسماء أوتار العود.
وكان غناء الفرس بالعيدان والسّنطروح (5)، ولهم النّغم والإقاعات والمقاطع، والطّروق الملوكية، وهي سبع طروق (6).
وكان غناء أهل خراسان، وما والاها بالزّنج (7)، وعليه سبعة أوتار، وإيقاعه يشبه إيقاع الصّنج (8). / [145/ ب].
وكان غناء أهل الرّيّ وطبرستان (9) والجرامقة (10) والدّيلم بالطّنابير.
وكانت الفرس تقدّم (11) الطّنبور على كثير من الملاهي.
وكان غناء النّبط بالبندورات (12)، وإيقاعها بشبه إيقاع الطّنابير.
__________
(1) في مروج الذّهب: والسّرياني.
(2) في ب: الميثن.
(3) في ب: الزّين.
(4) في ب: واليم.
(5) في ب: والصّنوجي، وفي مروج الذّهب: والصّنوج.
(6) في الأصل: سبعة طرق، والتّصويب من: ب.
(7) في الأصل، وب: من الزّنج، والمثبت من: مروج الذّهب.
(8) الصنج: آلة بأوتار يضرب بها، معرّب. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 251 (صنج).
(9) في الأصل: وطبرسة، والتّصويب من: ب.
(10) (والجرامقة) ساقطة من: ب.
(11) في الأصل: تقيم، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(12) في مروج الذّهب 4/ 221، بالغيروارات.(3/1568)
وقال فندروش (1) الرّومي: جعلت الأوتار الأربع بإزاء الطّبائع الأربع فجعل الزّبر بإزاء المرّة الصّفراء، والمثنّى بإزاء الدّم، والمثلث بإزاء البلغم، والميم بإزاء المرّة السّوداء.
وللرّوم من الملاهي الأرغين (2)، وعليه ستة وعشرين (3) وترا، وله صوت بعيد [المذهب] (4)، وهو من صنعة [اليونانيّين والسّلبان] (5)، وله أربعة وعشرون وترا من كلّ وجه، وتفسيره ألف صوت.
ولهم [اللّوراء] (6)، وهو الرّباب، وهو من خشب وله خمسة أوتار.
ولهم القيثارة (7)، وله اثني عشر وترا.
ولهم الصّنج من جلود العجاجيل (8).
وكلّ هذه المعازف مختلفة الصّنعة.
__________
(1) في مروج الذّهب 4/ 221: فندوس، ولم أتوصّل إلى معرفته.
(2) في مروج الذّهب 4/ 221: الأرغل.
(3) في مروج الذّهب 4/ 221: ستّ عشر.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في الأصل: الأنانين، والسّلابقة، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(6) في الأصل: الوزراء، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(7) في الأصل: الغقارة، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(8) في الأصل: العجاجل، والتّصويب من: ب.
عجاجيل وعجول، جمع: عجل، ولد البقر. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1331، (عجل).(3/1569)
ولهم الأرغن (1)، [وهو ذو] (2) منافيخ من الجلود والحديد.
وللهند الكنكلة (3)، وهو وتر واحد يمرّ على قرعة، فيقوم مقام العود والصّنج.
وكان (4) الحداء في العرب قبل الغناء، وذلك أنّ مضر بن نزار بن معد بن عدنان سقط عن بعير في بعض أسفاره فانكسرت يده، فجعل يصيح: يا يداه! يا يداه!، وكان من أحسن النّاس صوتا (5)، فاستوسقت (6)
الإبل وطاب (7) لها السّير فاتّخذته العرب حداء برجز الشّعر، وجعلوا كلامه أوّلا حداء، فمن قال الحادي: هاديا هاديا، على قوله: يداه يا يداه (8).
فكان [الحداء] (9) أوّل السّماع والتّرجيع في العرب، ثم اشتق (10)
__________
(1) في الأصل: الأرعان، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في ب: السكفة.
(4) في الأصل: وكانت، والتّصويب من: ب.
(5) في ب: سوطا.
(6) في الأصل: فاستوثقت، والتّصويب من: ب.
استوسقت: اجتمعت. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1199، (وسق).
(7) في ب: فطاب.
(8) في مروج الذّهب 4/ 222، فمن قول الحادي:
يا هاديا يا هاديا ... ويا يداه ويا يداه
(9) التّكملة من: ب.
(10) في ب: استشق.(3/1570)
الغناء من الحداء، ونحن (1) نساء العرب على موتاهنّ. ولم يكن لأمّة (2) من الأمم بعد الفرس (3) والرّوم أولع بالملاهي والطّرب من العرب.
وكان أوّل من غنّى لهم الجرادتان، وكانتا قينتان (4) على عهد عاد، لمعاوية بن بكر المعالقي (5).
وكانت العرب تسمّى القينة: الكرينة (6). والعود المزهر (7). وغناء أهل اليمن بالمعازف، وإيقاعها جنس واحد. ولم تكن قريش تعرف بالغناء إلّا النّصب، حتّى قدم النّضر (8) بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف العراق، وافدا على النّعمان بالحيرة، فتعلّم ضرب العود والغناء عليه، فقدم مكّة، فعلّم أهلها، فاتّخذوا القيان.
__________
(1) في الأصل: وغنت، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(2) في ب: أمة.
(3) في ب: فارس.
(4) في ب: وكانت قينتين.
(5) في ب: العمالقي، وفي مروج الذّهب: العملقي.
(6) الكرينة: المغنية، جمعها: كران.
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1583، (كران).
(7) في ب: الزّهري.
(8) النّضر بن الحارث، كان من كفّار قريش وشديد العداوة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قتله الرّسول صلّى الله عليه وسلّم صبرا. ابن دريد: الاشتقاق ص 160.(3/1571)
قالوا (1): الغناء (2)
__________
(1) في ب: قال.
(2) لا شكّ أنّ المقصود بالغناء هنا هو الغناء المحرّم الذي يجتمع دف وشبابة ورجال ونساء، أو من يحرم النّظر إليه، وكلام فحش وتغزل حرام، ونحو ذلك.
(ابن قيم الجوزية: الكلام في مسألة السّماع ص 453).
أو ما كان من الشّعر الرّقيق الذي فيه تشبيب بالنّساء ونحوه ممّا توصف فيه محاسن من تهييج الطّباع بسماع وصف محاسنه. (ابن رجب: نزهة الأسماع ص: 35).
فهذا الغناء، هو الغناء المحرّم بآيات من القرآن الكريم، قال عنها أئمة التّفسير أنّها أدلّة على تحريمه، منها قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} الإسراء، الآية (64).
قال مجاهد عن ابن عبّاس رضي الله عنهما: صوت الشّيطان: الغناء، والمزامير، واللهو.
وقال الضّحّاك أيضا: صوت الشّيطان في هذه الآية هو: صوت المزمار. (ابن كثير:
تفسير القرآن العظيم 3/ 49).
فليكف الغناء والمزمار قبحا أنّهما عدّة للشّيطان وعتاد له يغري بهما عباد الله على الفسق. (الجزائري: الإعلام بأنّ العزف والغناء حرام ص 15).
ومن السّنة فقد أخرج البخاري في صحيحه، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسمّيه بغير اسمه: فتح الباري 10/ 51، رقم (5590)، عن أبي مالك الأشعري أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: ليكونن من أمّتي قوم يستحلّون الحرّ والحرير والمعازف.
وأجمع الأئمة الأربعة على تحريم الغناء الذي يصاحبه العزف. وتفسيق فاعله والمستمع إليه. (الجزائري: الإعلام بأنّ العزف والغناء حرام ص 32).
والحكمة من تحريمه لما فيه من المفاسد العظيمة، فهو رائد كلّ فجور، ومنبت كلّ نفاق، وهو مورث للعشق ومستحسن للفواحش. (ابن قيم الجوزرية: الكلام على(3/1572)
يرقّ الذّهن (1).
__________
مسألة السّماع ص 48، بتصرّف).
وهو يصيب قلوب أهله بالقسوة وأخلاقهم بالتدهور والفساد، وأرواحهم بالخبث، ويشغلهم عن ذكر الله وعن الصّلاة. (الجزائري: الإعلام بأنّ العزف والغناء حرام ص 16).
أمّا الخمر فهي أمّ الخبائث، ورأس المصائب والنّقائص لأنّها تصدّ عن ذكر الله وعن الصّلاة التي هي عماد الدّين، وتحجب القلب عن نور الحكمة.
ولأنّها عمل الشّيطان توقع الإنسان في المخاطر وتفسد عليه ماله وجسمه لأنّها سبب وقوع العداوة والبغضاء بين النّاس.
وضررها لا يقتصر على المال والولد، وإنّما يتناول الرّوح والجسد.
فقد استدلّ الأطبّاء بعد بحث دقيق على أنّ لها تأثيرا سيّئا على البنية، وعلى المسالك الهضمية والدّورة الدّموية والبصر. (الجرجاوي: حكمة التّشريع وفلسفته 2/ 269، 274272).
من أجل ذلك حرّمها الله تعالى بقوله: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصََابُ وَالْأَزْلََامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطََانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90إِنَّمََا يُرِيدُ الشَّيْطََانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدََاوَةَ وَالْبَغْضََاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللََّهِ وَعَنِ الصَّلََاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ 91} سورة المائدة، الآيتان: (9190).
إنّ الذي يسخي البخيل ويطهر نفسه وينمّي ماله هو الزّكاة التي شرعها الله تعالى تطهيرا للنّفس، وتنيمة للمال لأنّ النّفس ميالة إلى الحرصعلى حبّ المال أكثر من محبّة باقي الأشياء فجعلت الزّكاة بمثابة رياضة للنّفس، وتمرينا لها على الكرم شيئا فشيئا، حتّى يصير الكرم لها عادة. (الجرجاوي: حكمة التّشريع وفلسفته 1/ 172).
(1) في ب: يزو الدّنس.(3/1573)
ويليّن العريكة، ويهيّج (1) النّفس ويسرّها، ويسجع القلب، ويسخّي البخيل، وله مع [النّبيذ] (2) تعاون على تنشيط القلب، وتفريج الكرب، والغناء على الانفراد يفعل ذلك.
وفضل الغناء على المنطق كفضل المنطق على الأخرس (3)، والبريء على السّقيم.
[ولذلك] (4) قال الشّاعر (5):
لا تعبثنّ على همومك إذ ثوت (6) ... سوى (7) المدام (8) ونغمة الأوتار (9) /
[146/ أ].
فلله درّ حكيم استنبطه، وفيلسوف استخرجه، أي: غامض أظهر؟
وأيّ مكنون كشف؟ وعلى أيّ دفين دلّ؟!
وكانت ملوك العجم لا تنام إلّا على سماع مطرب، ليسري في
__________
(1) في ب: ويبهج.
(2) في الأصل: الناس. والمثبت من: ب، ومروج الذهب 4/ 222.
(3) في ب: الخرس.
(4) التّكملة من: ب.
(5) لم أتوصل إلى معرفته.
(6) في الأصل: إذا توالت.
(7) في ب: غير.
(8) المدام والمدامة: الخمر، سمّيت مدامة لأنّه ليس شيء تستطاع إدامة شربه إلّا هي، وقيل: غير ذلك. ابن منظور: لسان العرب 12/ 214، (دوم).
(9) في ب: ونغمت الأوتارى.(3/1574)
عروقها السّرور. والعربية الكيّسة لا ينام (1) ولدها وهو يبكي خوفا أن يسري الهمّ في جسده، ولكنّها تغنّيه وتضاحكه حتّى ينام، وهو فرح مسرور، فينموا جسمه ويصفوا (2) دمه، ويشفّ عقله، والطّفل يرتاح إلى الغناء ويستبدل ببكائه ضحكا.
قال يحيى بن خالد بن برمك: حدّ الغناء: ما أطربك فأرقصك، وأبكاك فأشجاك، وما سوى ذلك فبلاء هو (3).
قال المعتمد: قد قلت فأحسنت، ووصفت فأنصفت، ولكن صف لنا (4) المغنّي الحاذق.
قال ابن [خرداذبه] (5): المغنّي الحاذق من تمكّن في أنفاسه، وتلطّف (6) في اختلاسه، وتفرّع في أجناسه.
قال المعتمد: فعلى كم أقسام الطرب؟
قال: على ثلاثة أقسام، وهي:
طرب متحرّك مستخفّ [الأريحية] (7)، تتشوّق (8) النّفس عند
__________
(1) في ب: لا تنوم.
(2) في الأصل: ويصفر، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 223.
(3) في ب: وهم، وانظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 223.
(4) في ب: لها.
(5) بياض في الأصل، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 223.
(6) في ب: وتطلب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في ب: تتنفس.(3/1575)
سماعه (1).
وطرب شجن (2) وحزن، ولا سيما إذا كان الشّاعر يصف أيّام الشّباب، والتّشوّق إلى الأوطان. [والمراثئ] (3) إلى فقد الحبيب (4).
وطرب يكون شفا للنّفس (5)، ولطافة حسّ لا سيّما عند [سماع] (6)
جودة التّأليف، وإحكام الصّنعة، وإذا كان من لا يعرفه ولا يفهمه [ولا يسرّه] (7)، بل تراه متشاغلا عنه، وذلك كالحجر الجلمود (8) فوجوده وعدمه سواء.
وقد قال بعض الفلاسفة وحكماء اليونانيّين: من عرضت له آفة في حاسّة الشّمّ كره رائحة الطّيب، ومن غلظ طبعه كره سماع الغناء فتشاغل عنه وعابه.
قال المعتمد: فما منزلة الإيقاع وأنواع الطّرق وفنون الغناء؟
قال: [قد قال] (9) ذلك من تقدّم: إنّ منزلة الإيقاع (10) من الغناء
__________
(1) في ب: السّماع.
(2) في ب: شجا.
(3) في الأصل: والمراسل، والتّصويب من: ب.
(4) في ب: لمن فقد الأحباب.
(5) في ب: صفاء النّفس.
(6) التّكملة من: ب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في ب: الجلمد.
(9) زيادة يقتضيها السّياق من مروج الذّهب 4/ 224.
(10) (وأنواع الطّرق وفنون الغناء؟ قال: قد قال ذلك من تقدّم: إنّ منزلة الإيقاع)،(3/1576)
بمنزلة العروض (1) من الشّعر، وقد أوضحوا الإيقاع، وسمّوه بأسماء (2)، ولقّبوه بألقاب، وهو خمسة أجناس:
ثقيل الأوّل وخفيفه.
وثقيل الثّاني وخفيفه.
والرّمل الأوّل وخفيفه.
والرّمل الثّاني وخفيفه.
والهزج وخفيفه.
والإيقاع هو: الوزن.
معنى أوقع: وزن. ولم يوقع، أي: خرج عن الوزن والخروج: إبطاء عن الوزن، أو سرعة.
فالثّقيل الأوّل: نقرة ثلاثة أوتار متواليات، إلّا أنّ بين كلّ ثلاثة وثلاثة وقعة.
وثقيل الثّاني: نقرة اثنتان متواليات، وواحدة بطيئة، واثنتان مزدوجتان بين كلّ زوجين وقعة.
والرّمل الأوّل: نقرة واحدة بطيئة، واثنتان مزدوجتان (3).
[وخفيف الرّمل: نقر اثنتان مزدوجتان] (4) بين كلّ زوج وقعة.
__________
ما بين القوسين ساقط من: ب.
(1) (العروض) ساقطة من: ب.
(2) في ب: وسموه بسمات.
(3) في ب: مزدوجتان.
(4) التّكملة من: ب.
والهزج: نقرة واحدة [واحدة، مستويتان ممسكه.(3/1577)
والهزج: نقرة واحدة [واحدة، مستويتان ممسكه.
وخفيف الهزج: نقرة] (2) واحدة متساويات في نسق واحد أخفّ قدرا من الهزج.
والطّرائق ثمان: الثّقيلان (3): الأوّل والثّاني، وخفيفاهما، وخفيف الثّقيل منها يسمّى المأخذ (4)، وإنّما سمّي بذلك لأنّ إبراهيم بن ميمون الموصلي كان من أبناء فارس، وسكن الموصل، كان كثير الغناء في [هذه المواخير بهذه] (5) الطّريقة والرّمل وخفيفه / والهزج وخفيفه، يتفرّع من هذه [146/ ب] طّرائق من كلّ واحد منهما (6) مزموم مطبق (7).
وتختلف (8) مواقع الأصابع فتحدث لها ألقابا تميّز بها كالمحصور (9)، والمحمول، [والمخبب] (10) والمخدوع والأدراع (11).
__________
(2) زيادة يقتضيها السياق من مروج الذهب 4/ 224.
(3) في الأصل: ثقيلان. والمثبت من: ب ومروج الذهب 4/ 224.
(4) في ب: المأخوذ، وفي مروج الذّهب 4/ 224: المأخوذي.
(5) في الأصل: في هذه الموخر عند، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(6) في الأصل: منهنّ، والتّصويب من: ب.
(7) في ب: منطلق، وفي مروج الذّهب: مطلق.
(8) في ب: وتخلت.
(9) في مروج الذّهب 4/ 224: كالمعصور.
(10) التّكملة من: ب، وفي مروج الذّهب: والمحثوث.
(11) في مروج الذّهب: والأدراج.(3/1578)
والعود عند أكثر الأمم، وجلّ الحكماء اليونان، صنعه أصحاب الهندسة على هيئة طبائع الإنسان فإن اعتدلت أوتاره على الأقدار الشّريفة [جانس] (1) الطّبائع فأطرب.
والطّرب: هو ردّ النّفس للحال (2) الطّبيعية دفعة.
وكلّ وتر من أوتاره مثل الذي يليه، ومثل ثالثه (3).
والدّستان (4) الذي يلي الأنف موضوع على خطّ التّسع (5) [من جملة الوتر] (6).
فهذه يا أمير المؤمنين جوامع في صفة الإيقاع ومنتهى حدوده.
ثم قال له: صف لي أنواع الرّقص والصّفة المحمودة من الرّقاص وشمائله؟
قال: يا أمير المؤمنين. أهل الأقاليم والبلدان مختلفون في رقصهم، لكن جملة الأيقاع في الرّقص تسعة أجناس: الخفيف، والهزج، والرّمل، [وخفيف الأوّل] (7)، والثّقيل، وخفيف الثّاني، وثقيله (8)، وضعيف الثّقيل
__________
(1) في الأصل: خنس، والتّصويب من: ب.
(2) في ب: إلى الحال.
(3) في ب: كله.
(4) في مروج الذّهب 4/ 225: والدّستبان.
(5) في الأصل، وب: التّسميع، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 225.
(6) زيادة يقتضيها السّياق من: مروج الذّهب 4/ 225.
(7) التّكملة من: ب.
(8) (وثقليه) تكرّرت من: ب.(3/1579)
الأوّل وثقيله.
والرّقّاص يحتاج إلى أشياء في طباعه، وأشياء في [خلقته] (1)، وأشياء في عمله فأمّا ما يحتاج إليه في خلقته فطول العنق والسّوالف وحسن الدّلّ والشّمائل، والتماثيل في الأعطان، ورقّة الخصر، والخفّة، وحسن (2)
أقسام الخلق واستدارة (3) أسافيل الثّياب، ومخارج النّفس، والصّبر على طول الغاية، ولطافة الأقدام، ولين (4) الأصابع، وإمكان بنيتها في نقلها، ولين المفاصل، وسرعة الالتفات في الدّوران.
وأمّا ما يحتاح إليه في عمله، فكثرة التّصرّف في أنواع (5) الرّقص، وإحكام كلّ حدّ من حدوده، وحسن الاستدارة، وثبات القدمين (6) على [مدارهما] (7)، واستواء ما تعمل [يمني] (8) الرّجل ويسراها، حتّى يكون ذلك واحدا. ولوضع الأقدام ورفعهما وجهان:
أحدهما: أن يوافق بذلك الإيقاع.
__________
(1) في الأصل: ثقله، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 225.
(2) (وحسن) سقطت من: ب.
(3) في الأصل: واستتار، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(4) في الأصل: وبين، والمثبت من: ب.
(5) في ب: ألوان.
(6) في الأصل: القدم، والمثبت من: ب.
(7) بياض في الأصل، والمثبت من: ب.
(8) التّكملة من: مروج الذّهب 4/ 226.(3/1580)
والآخر: أن يتباطأ به حتّى يكاد يفوت.
فأمّا ما يوافق الإيقاع فهو [من الحبّ والحسن] (1) سواء.
وأمّا يتباطأ فأكثر ما يكون في الحسن، وهو فيه أمكن وأحسن فليكن ما يوافق به الإيقاع واقفا، وما يتباطأ به متثاقلا.
ففرح المعتمد في هذا اليوم، وخلع على ابن خرداذبه، وعلى من حضره من قواده ومعاوينه، وفضّله عليهم (2).
(مدّة خلافته، وسبب وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (3):
وكانت خلافة المعتمد ثلاث وعشرين سنة (4).
ومات ببغداد مسموما، قدم إليه طعام يوما ومعه رجلان من ندمائه يعرف أحدهما بثقف (5) الملقّم، والآخر بخلف (6) المضحك، فأوّل من أكل الملقّم، وبعده المضحك، ثم المعتمد فتهرّأ (7) الملقم في اللّيل، والمضحك في
__________
(1) في الأصل: الخبث والجنس، والمثبت من: مروج الذّهب 4/ 226.
(2) هذا الخبر بتمامه أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 226220، وفيه زيادات طفيفة.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) المسعودّي: مروج الذّهب 4/ 198.
(5) في مروج الذّهب 4/ 229: بقف.
(6) لم أجد له ترجمة.
(7) تهرّأ، أي: سقط مقتولا. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 72، (هرأ)، بتصرّف.(3/1581)
الصّباح، والمعتمد بعده بيسير (1).
ولمّا أصبح دخل إسماعيل بن إسحاق بن [حماد] (2) القاضي [على] (3) المعتضد (4)، وعليه السّواد، فسلّم عليه بالخلافة، / وهو أوّل من سلّم [147/ أ] عليه بها، وحضر الشّهود وأشرفوا على المعتمد [وبدر غلام] (5) المعتضد (6) [معهم] (7)، يقول (8): هل ترون به (9) بأسا أو أثرا؟
فغسل وكفن، وجعل في تابوت، وحمل إلى سامرا، ودفن بها (10).
__________
(1) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 229، 230، باختلاف يسير.
(2) في الأصل: محمّد، والتّصويب من: ب.
وفي مروج الذّهب: إسماعيل بن حماد.
وهو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي مولاهم، ولد سنة (199هـ)، وولي قضاء بغداد (22) سنة، وتوفّي فجأة سنة (282هـ). الذّهبي: سير 13/ 339 342، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 72.
(3) زيادة يقتضيها السّياق من المحقّق.
(4) في ب: المعتمد.
(5) في الأصل: وبعد إعلام، والتّصويب من: ب.
بدر مولى المعتضد، تولّى فارس سنة (288هـ)، وكان مقتله سنة (289هـ)، انظر: الطّبري: تاريخ 10/ 84، 89.
(6) في ب: المعتمد.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في الأصل: سمعهم يقولون، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 230.
(9) (به) ساقطة من: ب.
(10) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 230، باختلاف يسير.(3/1582)
وكانت وفاته ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وسبعين ومائتين (1).
وهو ابن ثمان وأربعين سنة (2).
__________
(1) راجع: ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126، وعند الطّبري: تاريخ 10/ 29، والمسعودي: مروج الذّهب 4/ 198، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 199:
(سنة تسع وسبعين ومائتين).
(2) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 198.(3/1583)
خبر المعتضد، وهو أحمد بن محمّد (1) الموفّق بن جعفر المتوكّل:
(كنيته، ولقبه، وتاريخ مولده) (2):
يكنّى: أبا العبّاس.
ولقبه: المعتضد بالله، لقّبه بذلك إسماعيل بن إسحاق القاضي.
أمّه: روميّة، اسمها ضرار (3).
[وقيل: حرز] (4).
ولدته في شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث (5) وأربعين ومائتين.
(بيعته) (6):
بويع في اليوم الذي مات فيه عمّه المعتمد، وهو ابن سبع وثلاثين
__________
(1) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 536، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 86.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في الأصل: سرار، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 231، وابن العمراني:
الإنباء ص 140، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 204.
(4) التّكملة من: ب.
والخبر أورده السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 368، وفي تاريخ بغداد 4/ 404: أنّ اسمها خضير. وفي التّنبيه للمسعودي ص 368: أمّه أم ولد تسمّى: حقير.
وعند ابن ظافر في أخبار الدّولة المنقطعة ص 204: ويقال اسمها خفير.
(5) هذا القول فيه نظر لأنّ المؤلّف ذكر أنّ عمره يوم بويع كان سبع وثلاثين سنة، وبويع يوم مات المعتمد سنة سبع وسبعين ومائتين فيكون تاريخ مولده سنة أربعين ومائتين.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1584)
سنة (1).
(صفاته) (2):
وكان نحيفا ربعة، خفيف العارضين، يخضب بالسّواد (3).
استوزر:
[عبيد الله] (4) بن سليمان.
ثمّ ابنه القاسم (5) بن عبيد الله.
واستكتب:
محمّد بن غالب (6).
وقاضيه:
__________
(1) ابن العمراني: الإنباء ص 140، وقال: لأنّ مولده كان في ربيع الأوّل سنة أربعين ومائتين.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) وردت هذه الصّفات عند ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 204.
(4) في الأصل: عبد الله، والتّصويب من: ب.
وهو: عبيد الله بن سليمان بن وهب، أبو القاسم، وزير المعتضد، وهو ولد وزير المعتمد سليمان بن وهب. ولد عبيد الله سنة (226هـ)، ومات سنة (288هـ)، وله (62) سنة، وكانت وزارته عشر سنين وخمسين يوما.
ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 122، 123، والذّهبي: سير 13/ 497، 498.
(5) القاسم بن عبيد الله الحارثي، وزير المعتضد، ثم المكتفي، مات سنة (291هـ)، عن (33) سنة. الذّهبي: سير 14/ 18، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 98.
(6) لم أقف على ترجمته.(3/1585)
إسماعيل بن إسحاق (1).
واستقضى بعد موت إسماعيل يوسف بن سعدون (2).
وحاجبه:
بدر مولاه (3).
نقش خاتمه:
الاضطرار يزيل (4) الاختيار.
ولم يقدّم على الجيوش أحدا بل تولّى أمرها بنفسه شهامة منه ونجدة.
وكان أكمل النّاس فهما وعقلا، وأعلاهم همّة، وأكثرهم تجربة.
وسمّي السّفّاح الثّاني] لأنّه جدّد ملك بني العبّاس بعد إخلاقه (5).
وقد مدحه عليّ بن العبّاس [الرّومي] (6) بذلك فقال:
__________
(1) المسعودي: التّنبيه ص 368، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 209.
(2) يقصد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد، البصري، القاضي الذي ولي القضاء بالبصرة وواسط في سنة (276هـ)، وضمّ إليه قضاء الجانب الشّرقي من بغداد، وهو الذي قتل الحلاج، مات سنة (297هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 312310، والذّهبي: سير 14/ 8785، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 112.
(3) الخبر عند الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 237.
(4) في الأصل: يريد، والتّصويب من: ب.
والخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126.
(5) بعد إخلاقه، أي: بعد قدمه وبلائه. ويقال: خلق الثّوب: بلي.
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1137، (خلق).
(6) الزّيادة من: ب.(3/1586)
هنيئا بني العبّاس إنّ إمامكم ... إمام الهدى (1) والجود والبأس أحمد
كما بأبي العبّاس أنشيء ملككم ... كذا بأبي العبّاس أيضا يجدّد (2)
ومدحه الشّريف الرّضي (3) بقصيدته (4) التي يقول فيها (5):
شرف الخلافة (6) يا بني العبّاس ... اليوم جدّدها أبو العبّاس
وافى لحفظ (7) فروعها وكأنّه ... كان المبين (8) مواضع الأغراس (9)
__________
(1) في ب: المهد.
(2) الخبر عند السّيوطي: أخبار الخلفاء ص 369، بزيادة بيت ثالث، هو:
إمام يظلّ الأمس يعمل نحوه ... تلهّف ملهوف ويشتاقه الغد
والخبر دون الشّعر عند الصّفدي: الوافي بالوفيات 6/ 429.
والبيتان في ديوان ابن الرّومي 2/ 660.
(3) هو: محمّد بن الحسين بن موسى، المعروف بالموسوي، ولد ببغداد سنة (359هـ)، وتوفّي سنة (406هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 2/ 246، وابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 420414.
(4) جاءت هذه القصيدة في ديوانه 1/ 546، بعنوان: ذخيرة الزّمان، يمدح القادر بالله حين استقرّ في دار الخلافة في شهر رمضان سنة (381هـ).
(5) في ب: التي يقول فيه.
(6) في الأصل: الخليفة، والتّصويب من: ب.
(7) في الأصل: وأفاد حفظ، والتّصويب من: ب، وديوان الشّريف الرّضيّ 1/ 546.
(8) في الأصل: كالمبين، والمثبت من: ب، وفي ديوانه: كان المشير.
(9) في الأصل: ألادواس، والمثبت من: ب، والدّيوان.(3/1587)
هذا الذي رفعت يداه بناء ها ال ... عالي وذاك (1) مؤكّد الآساس (2)
[ذا الطّود بقّاه الزّمان ذخيرة ... من ذاك الجبل العظيم الرّاس
فالآن قرّ العزّ في سكناته ... ثلج الضّمائر بارد الأنفاس] (3)
تغدوا ظبي البيض الرّقاق بقلبه ... أحلى وأعذب من ظبآء كناس
وكأنّ حمل السّيف يقطر غربه ... أنسى بمن يديه حمل الكاس
مجد، أمير المؤمنين، أعدته (4) ... غضّا كنور المورق الميّاس
وبعثت في قلب الخلائق فرحة ... دخلت على الخلفاء في الأرماس (5)
ولمّا أفضت الخلافة إلى المعتضد سكنت (6) الفتن، وصلحت البلاد، وارتفعت الحرب، ورخصت / الأسعار، وسالمه كلّ مخالف، فدان [147/ ب] له المشرق والمغرب (7).
وكان قتّالا جمّاعا سفّاكا منّاعا، ينظر فيما لا ينظر فيه العوام (8).
__________
(1) في الأصل: ذلك، والمثبت من: ب، والدّيوان.
(2) في ب: الاسس.
(3) البيتان سقطت من: الأصل، وأضفتها من: ب.
(4) في الأصل: عادته، والمثبت من: ب، والدّيوان 1/ 548.
(5) هذه القصيدة بكاملها في ديوان الشّريف الرّضي 1/ 549546.
(6) في ب: وسكنت.
(7) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 232.
(8) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 232، مفرّقا، ولم أجد في المصادر الأخرى التي اطّلعت عليها ما يشير إلى هذه الصّفات، بل على العكس من ذلك(3/1588)
وكان يضرب به المثل فيقال: أبخل من المعتضد (1).
وأمر أن ينقص حشمه ومن كان يجري عليه الإنفاق من كلّ رغيف أوقية، وأن يبتدأ بخبره.
قال ابن النّديم (2): فتعجّبت في أوّل أمره من ذلك، ثم نظرت في مقدار ما يجتمع منه في كلّ شهر فإذا هو مال عظيم.
ولقد خلّف (3) في بيوت أمواله تسعة آلاف ألف دينار، وأربعين
__________
حيث تشير إلى ما تحلّى به من فضائل ومناقب كالعدل في الرّعيّة فكان لا يسفك دما إلّا بحقّه، وكان باذلا للمال في وجهه، وضع عن النّاس البقايا، وأسقط الضّرائب التي كانت تؤخّر بالحرمين، وكان كثير الصّلوات والصّدقات، حجّ وغزا، وجالس أهل الفضل والدّين.
راجع الأمثلة على ذلك عند: الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 4/ 404403، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 566537، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 207204، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 9486.
(1) لم أقف على هذا المثل في مظانّه. ولكن أشار إليه الصّفدي في الوافي بالوفيات 6/ 429. والحقيقة أنّه كان يمسك عن صرف الأموال في غير وجهها، فلهذا كان بعض النّاس يبخّله. ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 94.
وقال ابن العمراني في وصفه: كان مقداما عادلا سخيّا، اجتمع فيه من محاسن الشّيم ومكارم الأخلاق ما تفرّق في جماعة من أهل بيته. الإنباء ص 140.
(2) هو: عبد الله بن أحمد بن حمدان النّديم، أبو محمّد النّديم، وبنو حمدون كانوا ندماء الخلفاء فنادموا المعتصم، والواثق، والمتوكّل، والمستعين، ومنهم: أبو محمّد هذا الذي نادم المعتمد والمعتضد والمكتفي، وقد توفّي سنة (309هـ).
راجع: ياقوت: معجم الأدباء 1/ 365، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 144.
(3) في ب: ولذلك تخلف.(3/1589)
ألف ألف درهم، ومن ذوات الأربع المركوبات اثنى عشر ألف [رأس] (1).
وكان قليل الرّحمة، سريع الغضب، شديد البطش، متمثّلا بالنّاس في قتلاته البشعة (2)، وبعقوباته الشّنيعة إذ يأمر بالجاني فيجعل في حفرة على ظهره ووجهه إلى النّاس ظاهر، ويردم عليه التّراب، وهو ينظر النّاس حتّى يموت، وبعضهم يقيمه في الحفرة على رأسه ورجلاه إلى فوق (3)، ويردم حوله بالتّراب، ويبقى مثله، حتّى تخرج روحه من دبره. وبعضهم يجعله عرضا، ويرمى بالنّبل حتّى يعود جسده كالقنفذ. وبعضهم يعلّقه بدابة شموص وتخوّف فتهرب، فتتقطّع أوصاله شيئا شيئا، وبهذه القتلة مات يعقوب (4) بن اللّيث الصّفّار، وكان يدخل الجاني في سفّود حديد ويقلّب على النّار حتّى يحترق.
وكان ذا غيرة عظيمة على الحرم، وأمر أنّ من رأي منكرا ولا يستطيع أن يدخل عليه ليعرّف به، أن يطلع في الصّومعة، ويؤذن في غير وقت ليسمع ذلك ويعرف الخبر (5).
__________
(1) التّكملة من: ب.
وهذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 232، بتقديم وتأخير.
(2) في ب: البشيعة.
(3) بياض في ب.
(4) هكذا في الأصل، وب، وصوابه: عمرو بن اللّيث الصّفّار لأنّ يعقوب مات سنة (265هـ)، قبل خلافة المعتضد، وتولّى أخوه عمرو إمارة خراسان.
(5) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.(3/1590)
ولم يكن للمعتضد من الدّنيا نصيب إلّا النّساء والبناء، بنى قصرا سمّاه الثّريا (1)، أنفق فيه أربع مائة ألف دينار، وكان طوله ثلاثة فراسخ، وعرضه فرسخين (2).
وخرج عليه وصيف (3) الخادم في أطراف الشّام، فنظر إليه وجدّ في طلبه حتّى قتله، ورجع إلى مدينة السّلام، فمات بها من مرض أصابه.
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (4):
وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر (5).
وتوفّي يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين.
وهو ابن سبع وأربعين سنة (6).
ولم يحجّ قطّ.
__________
(1) الثريا: أبنية بناها المعتضد قرب التّاج، بينهما مقدار ميلين. ياقوت: معجم البلدان 2/ 77.
(2) الخبر عند: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 233.
(3) هو: وصيف خادم، محمّد بن أبي السّاج، خرج على المعتضد فقتل في آخر ذي الحجّة سنة (288هـ)، وقيل: إنّه مات ولم يقتل. راجع: الطّبري: تاريخ 10/ 22، 36، 85، والمسعودي: مروج الذّهب 4/ 267، 269.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) ابن العمراني: الإنباء ص 148.
(6) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 231.(3/1591)
وقيل: إنّه كان شيعيّا (1).
وصلّى عليه أبو عمر (2) القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي.
__________
(1) في ب: يتشيّع، ولم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(2) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 126.(3/1592)
خبر المكتفي، وهو عليّ بن أحمد المعتضد:
(كنتيه، ولقبه، وتاريخ مولده) (1):
يكنى: أبا محمّد.
ولقبه: المكتفي بالله (2).
أمّه أم ولد، تركية، اسمها: حبق (3).
[وقيل: ظلوم] (4).
ولدته بمدينة السّلام غرّة ربيع الآخر سنة أربع وستّين ومائتين (5).
(بيعته) (6):
بويع له بمدينة السلام يوم مات أبوه المعتضد، وهو ابن خمس وعشرين سنة (7).
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) انظر: الخطيب البغدادي: تاريخ 11/ 316، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 568.
(3) انظر الاختلاف في اسمها عند: المسعودي: التّنبيه ص 370، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 127، وابن العمراني: الإنباء ص 150، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 210، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 237.
(4) التّكملة من: ب. والخبر عند: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 292.
(5) الخبر عند: السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 276، وفي العقد الفريد 5/ 126: كان مولده في رجب سنة أربع وستّين. وانظر: ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 104.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) ذكره ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 104وفي مروج الذهب 4/ 275وللمكتفي يومئذ نيف وعشرون سنة.(3/1593)
وكان المكتفي يومئذ بالرّقّة، فأخذ له البيعة القاسم بن عبيد الله، ووصل إلى مدينة السّلام من الرّقّة لسبع ليال خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين / ومائتين، ونزل قصر الحسن (1) على دجلة (2) [148/ أ].
صفته:
أبيض، جعد الشّعر، جميل (3) الوجه، حسن العينين، أنجلهما (4)، حسن النّغمة، فصيح اللسان، كريم الأخلاق، كثير الحلم، حافظا لأخبار النّاس وأيّامهم، محبّ للعلم وأهله، عالما بنسب بني هاشم، وكان حريصا على جمع المال (5).
ولم يكن خليفة باسم علي (6) بعد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ممّن ذكر في هذا الكتاب إلّا المكتفي (7).
وفي سنة خمس وتسعين ومائتين وردت إلى مدينة السّلام هديّة من
__________
(1) في مروج الذّهب 4/ 275: ونزل القصر الحسيني.
(2) الخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 275، والخطيب البغدادي: تاريخ 11/ 317، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 568، باختلاف يسير.
(3) في ب: مجمل.
(4) أنجلهما، أي: واسعهما. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1370، (نجل).
(5) (عالما بنسب بني هشام، وكان حريصا على جمع المال)، ليست في: ب.
ولم أجد هذه الصّفات في المصادر التي رجعت إليها.
(6) في ب: من اسمه علي.
(7) مفهوم هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 276، والخطيب البغدادي:
تاريخ 11/ 317، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 210، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 104.(3/1594)
[زيادة الله] (1) بن عبد الله بن الأغلب [من إفريقية] (2)، وذلك [مائتي] (3)
خادم أسود (4)، [ومائة وخمسون] (5) جارية، ومائة فرس من الخيل [العربية] (6)، وغير ذلك من اللّطائف (7).
وقد كان هارون الرّشيد ولّى (8) إبراهيم بن الأغلب أرض إفريقية في سنة أربع وثمانين ومائة، فلم يزل آل الأغلب أمراء إفريقية حتّى خرج عنها [زيادة الله] (9) هذا في سنة ستّ وتسعين (10) ومائتين، أخرجه عنها
__________
(1) في الأصل: زياد، والتّصويب من: ب.
وهو: زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم، آخر ملوك بني الأغلب، توفّي سنة (304هـ).
ابن عساكر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 398، 399، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 193.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في الأصل: مائة، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 290.
(4) في الأصل: سوادء، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(5) في الأصل: وخمسون، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(6) بياض في الأصل، والمثبت من: ب.
(7) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 290، وأشار إليه الطّبري: تاريخ 9/ 138.
(8) في ب: الرّشيد هارون قلد.
(9) في الأصل: زياد، والتّصويب من: ب.
(10) في مروج الذّهب 4/ 290: سنة خمس وتسعين.(3/1595)
أبو عبد الله (1) المحتسب الدّاعية، ظهر في كتامة (2) وغيرها من أحياء البربر، فدعا إلى [عبيد الله] (3) صاحب المغرب (4).
وكانت ظيفة المكتفي في كلّ يوم عشرة ألوان وجدي [وثلاث جامات حلواء] (5)، ووكّل على مائدته بعض خدمه ليحصي ما فضل (6)
من الخبز فما كان من المكسر (7) عزله للثّريد (8)، وما كان من الصّحيح ردّ
__________
(1) هو: الحسين بن أحمد، المعروف بأبي عبد الله الشّيعيّ، القائم بدعوة العبيديّين، دخل إفريقية وصحب قوما من كتامه، وتألّه وتزهّد، وعمل الحيّل حتّى انتزع الملك من زيادة الله بن الأغلب، واستدعى حينئذ مخدومه المهدي من بلاد المشرق، فقدم وتسلّم الملك، فلم يجعل لهذا الدّاعي ولا لأخيه ولاية، فغضبا، وأفسدا عليه القلوب، وحارباه، فظفر بهما فقتلهما سنة (298هـ).
انظر التّفاصيل عند الذّهبي: سير 14/ 58، 59، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 116.
(2) في الأصل: كتمه والتّصويب من: ب.
كتامة: قبيلة من البربر ببلاد المغرب.
(3) في الأصل، وب: عبيد، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 290.
وهو: عبيد الله أبو محمّد المدّعي أنّه علوي، وتلقّب بالمهدي، أوّل حكّام الفاطميّين الأدعياء الكذبة، مات سنة (322هـ).
انظر ابن عذاري: البيان المغرب 1/ 158، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 179.
(4) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 290، باختلاف يسير.
(5) في الأصل: وثلاثة جمال حلوة، والمثبت من: مروج الذّهب 4/ 281.
(6) (ألوان وجدي وثلاث جامات حلواء، ووكّل على مائدته بعض خدمه ليحصى ما فضل) ساقطة من: ب.
(7) في ب: السكر.
(8) للثّريد، أي: الخبز المدقوق، الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 344، (ثرد).(3/1596)
على مائدته من الغد، وكذلك كان يفعل بالبوادر والحلواء (1).
[وأمر أن] (2) يتّخذ له قصر بناحية الشّمّاسيّة بإزاء قرطبل (3)، فأخذ بهذا السّبب ضياعا ومزارع [كانت في تلك النّواحي] (4) بغير ثمن، فكثر الدّاعي عليه، وكان فعله هذا مشكلا (5) لما فعله أبوه المعتضد في بناء المطامير (6) التي اتّخذها لسجن (7) النّاس بها فلم يستتم ذلك البناء حتّى توفّي (8).
واشتدّت عليه العلّة، فأحضر محمّد (9) بن يوسف القاضي، وعبد الله ابن عليّ (10) بن أبي الشّوارب، فأشهدهما على وصيّته بالعهد إلى أخيه
__________
(1) هذا الخبر ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 281.
(2) التّكملة من: ب.
(3) هكذا في الأصل، وب، وفي مروج الذّهب: قطربل.
(4) في الأصل: بناحية، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 281.
(5) في الأصل: موكولا، والتّصويب من: ب.
(6) المطامير، جمع: مطمورة، وهي الحفيرة تحت الأرض. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 553، (طمر).
(7) في ب: الذي اتخذها سجن.
(8) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 281.
(9) هو: محمّد بن يوسف بن يعقوب الأزدي البصري، قاضي القضاة، ولد بالبصرة سنة (243هـ)، وتوفّي سنة (320هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 3/ 405401، والبداية والنّهاية 11/ 172171.
(10) في ب: عبيد الله بن جابر. عبد الله بن علي بن أبي الشوارب الأموي، أبو العباس استقضاه المكتفي بالله على المنصورة سنة (292هـ) وتوفي سنة (298هـ) وقيل:
سنة (301هـ) الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 10.(3/1597)
[جعفر] (1).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (2):
وكانت خلافته ستّ سنين وسبعة أشهر وعشرين يوما (3).
وتوفّي يوم السّبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة بعد صلاة العصر سنة خمس وتسعين ومائتين (4).
وهو ابن إحدى وثلاثين سنة وسبعة أشهر، وكان يتشيّع (5).
ودفن في دار محمّد بن [عبد الله] (6) بن طاهر [الأمير] (7).
__________
(1) التّكملة من: ب.
والخبر عند: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 291.
والمقصود بجعفر، هو: الخليفة العبّاسي المقتدر بالله.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) لم أجده في المصادر الأخرى.
(4) ابن العمراني: الإنباء ص 152، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 105.
(5) لم أعثر على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
(6) التّكملة من: ب.
(7) التّكملة من: ب. والخبر عند ابن العمراني: الإنباء ص 152وابن كثير: البداية والنهاية 11/ 105.
والخبر عند ابن العمراني: الإنباء ص 152، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 150.(3/1598)
خبر (1) المقتدر، وهو جعفر بن أحمد المعتضد
(كنيته، ولقبه، وتاريخ مولده) (2):
يكّنى: أبا الفضل.
لقبه: المقتدر بالله (3).
أمّه أم ولد اسمها: شعبة (4).
ولدته يوم الجمعة لثمان خلون من شهر رمضان (5)، سنة اثنين وثمانين ومائتين (6).
(بيعته) (7):
بويع في اليوم الذي مات فيه أخوه المكتفي، وهو ابن ثلاث عشر
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 127، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 569.
(4) تشير المصادر الأخرى إلى أنّ اسمها (شغب).
انظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 292، والخطيب البغدادي، تاريخ 7/ 213.
وذكر عريب بن سعد في صلة تاريخ الطّبري ص 155: أنّها ماتت بعده بسبعة أشهر وثمانية أيّام، ولم يكن لامرأة من الخير ما كان لزبيدة ولها بعدها.
وانظر: ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 221.
(5) (رمضان) ساقطة من: ب.
(6) راجع الطّبري: تاريخ 10/ 139، والخّطيب البغدادي: تاريخ 7/ 213، وفيه:
(بقين)، بدلا من: (خلون).
(7) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1599)
سنة، وشهر (1).
أشهد أخوه المكتفي على نفسه القضاة والفقهاء في مرضه الذي توفّي فيه بتوليته العهد إن شهد عنده بأنّه بالغ.
وكان المقتدر موصفا بالكرم، والطّهارة، والعفّة، والصّيام، والصّدقة، حتّى لم يكن في كثير ممّن سلف مثله. وكان له فضل على بني هاشم وبرّ وإكرام، زاد في أرزاقهم، وبلغهم إلى دينارين، وكانوا يأخذون في الشّهر دينارا.
استوزر:
أبا أحمد، العبّاس (2) / بن الحسن، وأمر بكسوته (3).
وأمر [148/ ب] بردّ (4) الخلافة إلى ما كانت (5) عليه من التّوسّع في الطّعام والشّراب، وإجزاء الوضائف، وفرّق في بني هاشم خمسة عشر ألف دينار،
__________
(1) الخبر عند ابن العمراني: الإنباء ص 159، وفي مروج الذّهب 4/ 292: وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ويضيف الطّبري في تاريخه 10/ 139: إلى الشّهر الواحد: عشرون يوما.
وقال ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 570: لم يل الأمر قبله أحد أصغر سنّا منه.
(2) هو: العبّاس بن الحسن بن أيّوب، استوزره المكتفي، ثم المقتدر، وقتل سنة (296هـ). وكانت وزارته أربع سنين ونصف، وعاش نيفا ورأبعين سنة. الذّهبي:
سير 14/ 5551.
(3) في ب: بتكسيته.
(4) في ب: ورد يوم.
(5) في الأصل: كان، والتّصويب من: ب.(3/1600)
وتصدّق في سائر النّاس بمثلها.
وأمر أن تعاد رسوم الأضاحي، ففرّق في [يوم] (1) التّروية وعرفة من البقر والغنم ثلاثين ألف رأس بين القوّاد والغلمان، وأصحاب الدّواوين، والقضاة، والجلساء على مراتبهم.
وأمر بإطلاق المساجين الذين لا خصم لهم، ولا حقّ لله تعالى في سجنهم.
وكان النّاس من أهل القلم والسّماع يتّحدّثون أنّ المقتدر لا بدّ أن يخلع (2) فلمّا صوّر (3) له مع المنتصف بالله (4) بن المعتزّ حين قام عليه ما تصوّر، ظنّوا أنّ هذا هو الخلع (5) الذي كانوا يرونه حتّى كان في أيّام
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) (يخلع) سقاطة من: ب.
(3) في ب: تصور.
(4) يقصد: عبد الله بن المعتزّ بن المتوكّل، أبو العبّاس، لقبوه بالمنصف بالله، قتل في ربيع الآخر سنة: (296هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 10/ 95، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 76، 77.
(5) هذا هو الخلع الأوّل للمقتدر سنة: (296هـ)، لصغر سنّه، وقصوره عن بلوغ الحلم، فاجتمع أكثر النّاس على خلعه والبيعة لأبي العبّاس عبد الله بن المعتزّ بالله، ولكنّ هذا الأمر لم يطل حيث بطل من الغد، وجدّدت البيعة للمقتدر، وظفر بابن المعتزّ فقتل.
راجع تفاصيل الخبر عند الطّبري: تاريخ 10/ 140، 141.(3/1601)
نازوك (1) والقاهر ما كان (2)، فعلموا أنّ ذلك الذي (3) كانوا يرون.
والسّبب في هذا أنّ النّاس يقولون: إنّ كلّ سادس ممّن يقوم بأمر الدّين عند أوّل الإسلام لا بدّ أن يخلع فاستوى لهم ذلك، فلم يقع فيهم [خرم] (4)، وبيان ذلك: أنّ (5) أمر الإسلام انعقد لسيّدنا محمّد عليه السّلام ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم فهؤلاء خمسة أوّلهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثم الحسن بن عليّ مخلوع، ثم معاوية، وابنه يزيد، [معاوية بن يزيد] (6)، ومروان بن الحكم، وابنه عبد الملك فهؤلاء خمسة.
ثم [عبد الملك بن الزّبير] (7) مخلوع.
وبعد هؤلاء (8) الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر
__________
(1) لم أجد له ترجمة.
(2) يشير المؤلّف هنا إلى الخلع الثّاني للمقتدر بعد إحدى وعشرين سنة من خلافته سنة:
(317هـ). وتنصيب القاهر بالله، ولكن سرعان مان اختلف الجند على القاهر وعاد الأمر إلى المقتدر.
راجع التّفاصيل عند ابن كثير: ابن الأثير: الكامل 6/ 200، 201، والبداية والنّهاية 11/ 159، 160.
(3) بياض في ب.
(4) في الأصل: حرام، والمثبت من: ب.
(5) في الأصل: لأنّ، والمثبت من: ب.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في الأصل: الزّبيد، والمثبت من: ب.
(8) في الأصل: وبعده، والمثبت من: ب.(3/1602)
بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك فهؤلاء خمسة.
ثم الوليد بن يزيد مخلوع.
ولم يكن بعده من بني أميّة من يتمّ عددهم ستة إنّما كان عددهم ثلاثة، ثم زال الأمر عنهم.
ثم ظهرت دولة بني العبّاس، فكان أوّلهم أبو العبّاس السّفاح، ثم المنصور، والمهدي (1)، والهادي، والرّشيد، فهؤلاء خمسة.
ثم الأمين مخلوع.
ثم المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكّل، وابنه المنتصر فهؤلاء خمسة.
ثم المستعين ملخوع.
ثم المعتزّ، والمهتدي، والمعتضد، والمكتفي فهؤلاء خمسة.
ثم المقتدر هذا خلع مرّتين.
ثم ردّ وقتل بعد ذلك. وكان سادس من ولي ابن المقتدر، الطّائع مخلوع. والسّادس بعد الطّائع المسترشد خلع (2).
وقيل: في أيّام المقتدر هذا ولدت البغلة فلوة (3) مخلوقة بناحية
__________
(1) في الأصل، وب: المهتدي، والصّواب من المحقّق.
(2) ذكره المسعودي: مروج الذّهب 4/ 306، باختصار.
وأورده كاملا ابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 213، 215، عن ابن الجوزي.
(3) الفلوة: الصّغيرة من ولد الخيل. إذا عزلت عن الرّضاع.(3/1603)
البريد (1) بالدّينور (2).
(مقتل الحلّاج) (3):
قال أبو بكر الصّولي: لمّا دخلت سنة تسع وثلاثمائة، وجّه عليّ بن أحمد [الرّاسبيّ] (4) الحسن بن منصور المعروف بالحلّاج (5) رحمه الله (6)
__________
(1) لم أجد لهذا المكان تعريفا.
(2) مثل هذا الخبر ذكره السّيوطي في تاريخ الخلفاء ص 380.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) الزّيادة من: ب.
عليّ بن أحمد الرّاسبي، كان يلي بلاد واسط إلى شهرزور، وقد خلّف من الأموال شيئا كثيرا، مات سنة (301هـ). ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 122.
(5) هو: الحسين بن منصور الحلّاج، أبو مغيث، نشأ بواسط وقدم بغداد، كانت له بداية جيّدة، ثم انسلخ من الدّين وتعلّم السّحر، وكانت له مخاريق بهتانية وأقوال شيطانية، وقد ثبت قوله بحلول الله في البشر، واتّحاده به، وأنّ البشر يكون إلها، وكان يقول: أنا الله، ويقول: إله في السّماء، وإله في الأرض، وذكر في كتاب له: من فاته الحجّ فإنّه يبني في داره بيتا ويطوف به كما يطوف بالبيت، وعلى هذا قتل كافرا زنديقا سنة (311هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 8/ 141112، وابن تيمية: مجموع الفتاوى 2/ 481 487، و 35/ 110108، 119، والذّهبي: ميزان الاعتدال 1/ 548، وابن كثير:
البداية والنّهاية 11/ 143132.
(6) ورد هذا التّرحّم في الأصل فقط. أمّا نسخة: ب فقد وردت في هامش الأصل وبخطّ مختلف عن خطّ النّاسخ، ممّا يدلّ على أنّها إضافة من أحد المتملّكين لتلك النّسخة.
وهذا يؤكد على أنّها ليست من المؤلّف، وإنّما إضافة من النّاسخ لأنّها لو كانت(3/1604)
فأدخله بغداد وغلاما له على جملين (1)، وذلك في شهر ربيع الآخر.
وكتب إلى السّلطان أنّ البيّنة قامت بأنّ الحلّاج يدّعي الرّبوبيّة، ويقول بالحلول، فأحضره عليّ (2) بن عيسى الوزير، وناظره، وأحضر الفقهاء، فأسقط في لفظه، ولم يحسن من القرآن ولا من الفقه، ولا من حديث / النّبيّ عليه السّلام (3)، ولا من أخبار النّاس، ولا من الشّعر واللّغة [149/ أ] شيئا فقال له عليّ بن موسى (4): أنت على هذه الصّفة من العموميّة، وتكتب للنّاس تبارك ذو النّور الشّعشعاني الذي يلمع بعد شعشعته؟! ما أحوجك إلى أدب!
وأمر به فصلب (5) بالجانب الشّرقي، ثم الجانب الغربي، ثم حمل إلى دار الخليفة فحبس، فجعل يتقرّب بالسّنة إليهم، فظنّوا أنّ ما
__________
من كلام المؤلّف لوجدت في متن النّسخ الأخرى، والله أعلم.
(1) في الأصل: وعلم له جمليل، والتّصويب من: ب. وصلة تاريخ الطّبري ص 91.
(2) هو: عليّ بن عيسى بن واد بن الجراح، وزير المقتدر والقاهر، كان صدوقا ديّنا فاضلا عفيفا في ولايته، محمودا في وزارته، توفّي في آخر سنة (334هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 1614، والذّهبي: سير 15/ 301298.
(3) في ب: صلّى الله عليه وسلّم.
(4) هذا في الأصل، وب، والصّواب: عليّ بن عيسى وزير المقتدر. راجع الذّهبي: سير 14/ 327.
(5) أورد الذّهبي في السّير 14/ 345، ما يدلّ على أنّ الحلاجّ صلب مرّتين، المرّة الأولى في حياته للتّشهير به، والثّانية بعد قتله.(3/1605)
يقول حقّا (1).
وقد قيل (2): إنّه كان يدعو (3) في أوّل أمره إلى الرّضا من آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم [فسعي إليه] (4) فضرب بالسّوط بناحية الجبل، وحرّك يده يوما فنثر مسكا، وحرّك (5) يده أيضا فنثر دراهم.
وقال قوم: [إنّه كان مشعوذا، وقيل: عنه] (6): إنّه كان يقول لأصحابه: أنت نوح، وأنت موسى، وأنت محمّد قد أعدت (7) أرواحهم في أجسامهم (8).
وعرّف (9) الوزير المقتدر بأمره صاحب شرطته محمّد (10) بن
__________
(1) هذا الخبر لم أعثر عليه في المطبوع من كتاب الأرواق للصّولي، لكن نقله عنه عريب بن سعد في صلة تاريخ الطّبري ص 9288، باختلاف يسير عمّا هنا. ونقله باختصار الذّهبي: تاريخ (310301) ص 36.
(2) في ب: يقولون.
(3) في الأصل: يدعى، والمثبت من: ب.
(4) التّكملة من: ب.
(5) في ب: وترك.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في الأصل: عادت، والتّصويب من: ب.
(8) في ب: أجسادهم.
والخبر عند عريب بن سعد: صلة تاريخ الطّبري ص 85، 86، 92، عن الصّولي، والذّهبي: سير 14/ 347، مختصرا عن الصّولي أيضا.
(9) في الأصل: وعان، والمثبت من: ب.
(10) لم أجد له ترجمة.(3/1606)
عبد الصّمد أن يخرجه إلى رحبة الحبس، ويضربه ألف سوط، وتقطع يداه ورجلاه، [يفعل ذلك به] (1)، ثم أحرقه بعد ذلك بالنّار، وذلك في آخر عام تسعة وثلاثمائة (2).
قال أبو بكر الصّولي: كان الحلّاج إذا رأى قوما يعتزلون صار معتزليّا معهم، وإذا رأى قوما يميلون إلى (3) الإمامة صار معهم إماما، وأراهم أنّه أعلم من إمامهم (4) القائم الذي ينتظرون، وإذا رأى سنّيّين صار سنّيّا، وكان شعوذيّا (5).
وقد عالج (6) الطّبّ، وجرّب الكيمياء، وكان ينتقل في البلدان.
وقال أبو عبد الله محمّد بن خفيف الشّيرازي (7)، قال: خرجت من
__________
(1) الزّيادة من: ب.
(2) هذا الخبر أورده عريب بن سعد: صلة تاريخ الطّبري ص 94، بتفصيل أكثر.
(3) (إلى) ساقط من: ب.
(4) في ب: وأراهم أن عنده علم إمامهم.
(5) نقله عن الصّولي الذّهبي في: تاريخ الإسلام (310301هـ)، ص: 36.
(6) في الأصل: قد علج، والمثبت من: ب، وصلة تاريخ الطّبري ص 90.
(7) في الأصل: الشّيراني، والتّصويب من: ب.
محمّد بن خفيف بن أسفكشار الضّبي الفارسي، شيخ الصّوفية، توفّي سنة (371هـ) عن (95) سنة. وقد لقي الحلّاج، وصحّح حاله، وقال عنه: الحسين بن منصور عالم ربّاني. وقد تعقبه الذّهبي وردّ عليه بقوله: قول ابن خفيف يعني: في الحلّاج لا يدلّ على شيء فإنّه لا يلزم أنّ المبطل لا يعمل بالحقّ، قد يكون سائر عمله حقّ وعلى الحقّ ويكفر بفعلة واحدة أو بكلمة تحبط عمله.
راجع الخطيب: تاريخ 8/ 112، والذّهبي: تاريخ الإسلام (311301هـ)،(3/1607)
شيراز قاصدا زايارة أبي مغيث (1) الحسن بن منصور الحلّاج كي أسمع من مستحسناته وغرائب كلماته، فدخلت بغداد فسمعت أنّه سجن، فأتيت [حاجب] (2) المقتدر فسألته الدّخول عليه، فأخذ بيدي، وجاء إلى السّجّان وقال له: أيّ وقت أراد هذا الشّيخ الدّخول على الحلّاج فلا تمنعه فدخلت عليه، وسلّمت برفع من صوتي، فرفع إليّ رأسه، وقال:
وعليك السّلام يابن خفيف، فتعجّبت (3) من كونه عرفني ولم يرني قطّ.
فقال لي: ما تقول العامّة فيّ؟ فقلت: يا سيّدي! بعض يقول:
كاهن، وبعض يقولون: مجنون، كلّ قائل على قدر عقله.
قال: يابن خفيف! هذا قول العامّة، فما سمعت عن الخليفة المقتدر؟
قلت: يقول: نقتله (4). فتبسّم، وقال: [حسب الواحد إفراد الواحد له] (5)،
__________
ص 45، سير 14/ 314، و 16/ 347342.
(1) في ب: المغيث.
(2) في الأصل: صاحب، والتّصويب من: ب.
وقد استحجب المقتدر: سوسن مولى المكتفي، ونصر القشوري، وياقوت المعتضدي، وإبراهيم ومحمّد ابني رائق.
ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 128، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 241.
(3) في ب: فعجبت.
(4) في ب: نقلت.
(5) في الأصل: حسبي الواحد فأراد الواحد، والمثبت من: ب، وتاريخ الخطيب 8/ 131، والبداية والنّهاية 11/ 142.
وفيه زيادة: فما سمع بهذه الكلمة أحد من المشايخ إلّا رقّ له، واستحسن هذا الكلام منه.(3/1608)
ثمّ قال: أحرف أربع، بها هام قلبي، وتلاشت بها همومي وفكري. ألف:
قد تألّف الحقّ فيه، ثم لام على أعلامه تجري، ثم لام زيادة في المعاني، ثمّ هاء بها أهيم [لتدري] (1)، قال: فحفظتها، ثم انصرفت عنه، وما زلت أتردّد عليه أيّاما (2).
وأحفظ عنه أبياتا في معناها، فممّا حفظت عنه:
لبّيك [لبّيك] (3) يا سيّدي (4) ونجواي ... [لبّيك لبّيك] (5) يا قصدي ومعناي
أدعوك، بل أنت تدعوني فها أنذا ... ناديت إيّاك بل ناديت إيّاي
يا عين عين عياني، يا مدا ... أملي يا منطقي وعبادتي واسمائي
يا كلّ كلّي ويا سمعي ويا بصري ... يا جملتي وتبقى فيّ (6) أجزائي
يا كلّ كلّي وكلّ (7) الكلّ ملتبس ... وكلّ كلّك ملبوسي بمعناي (8)
يا من به كلفت (9) نفسي فقد تلفت ... [وجدا] (10) فصرت رهينا بين أكفاني
__________
(1) التّكملة من: ب.
(2) في ب: إياه.
(3) التّكملة من: ب.
(4) في ب: يا سري.
(5) التّكملة من: ب.
(6) في ب: وتناعيمي.
(7) في ب: ومحل.
(8) هذا البيت تقدّم على الذي قبله في نسخة: ب.
(9) كلفت: أي: عشقت.
(10) التّكملة من: ب.(3/1609)
أبكي شجني من فرقتي سكني ... طوعا، وتسعدني (1) بالنّوم أعدائي
أدنو فيسعدني (2) خوف، ويقلقني شوق ... تمكن من مكنون أحشائي / [149/]
فكيف أصنع من حبّ كلفت به ... يا حبّي (3) قد ملّ من سقمي أطبائي
قالوا تداوى به منه، فقلت لهم: ... يا قوم كيف يداوي الدّاء بالدّاء
حبّي لمولاي أضناني (4) وأسقمني ... فكيف أشكو إلى مولاي مولائي
إنّي لأرمقه (5)، والقلب يعرفه ... وما يترجم عنه سرّا بإيماء (6)
كأنّني غرق تبدو أنامله ... تعرّفا، وهو في بحر من الماء (7)
يا ويح نفسي من نفسي ويا أسفي ... منّي (8)، عليّ لأنّي [أصل] (9) بلوائي (10)
هو العليم بما لقيت من ذنب ... وفي مشيئته موتي ومحياي
يا غاية السّؤل (11)، والمأمول يا ... يا عيش روحي ويا ديني ودنياي
__________
(1) في ب: فتسعدني.
(2) في الأصل: فياسعدني، والمثبت من: ب.
(3) في ب: يا حب.
(4) في الأصل: أضماني. والمثبت من: ب.
(5) أرمقه: ألحظه لحظا خفيفا. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1146، (رمق).
(6) في ب: بإيمائي.
(7) في ب: المائي.
(8) (مني) ساقطة من: ب.
(9) بياض في الأصل، والمثبت من: ب.
(10) التّصويب من: ب، وفي الأصل: الواء.
(11) في الأصل: السّؤال، والمثبت من: ب.(3/1610)
قلبي فديتك يا سمعي ويا بصري ... كم ذي العجابة في بعدي وإقصائي
إن كنت بالغيب عن عيني محتجبا ... فالقلب يرعاك من بعدي ومن نائي
ثم قال لي: يا بن خفيف! إذا كان من اليوم خمسة (1) عشر يوما يكون من أمري كذا وكذا، ثم قام وتوضأ للصّلاة، وكان في السّجن حبل ممدود عليه خرقة، فرأيت الخرقة في يده وهو ينشّف بها وجهه، وكان بين المتوضّأ والمكان الذي كانت فيه الخرقة نحو من أربعين ذراعا، فلا أدري أطارت الخرقة إليه أم مدّ يده فأخذها، فبقيت متعجّبا من ذلك وبحتّ شاخصا نحوه، ففهم عنّي وأشار بيده إلى الحائط، وإذا هو (2) قد انفتح، ورأيت دجلة والفرات [والأمصار] (3) والنّاس قيام على الشّاطيء (4) فأخذ منّي ذلك، ثم اشتغل عنّي، فخرجت من عنده، وكنت أريد أن أخرج إلى بلادي (5)، فصبرت حتّى أرى ما يكوم من أمره.
فلمّا كان بعد خمسة عشر يوما دعا به المقتدر، فقطع يديه ورجليه على طرف الجسر فمشى إلى الخشبة التي صلب (6) عليها تسع عشرة
__________
(1) في ب: إلى خمسة.
(2) في ب: به.
(3) في الأصل: والمصريات، وفي ب: والمسريات، وصوابه من المحقّق.
(4) في ب: الشاطئين.
(5) في ب: بلد.
(6) في ب: صلبه.(3/1611)
خطوة على [كراسع] (1) رجليه إلى أن صلب (2) عليها.
وجاءه حامد (3) بن العبّاس [البلخي] (4) عند خشبته وقال له: الحمد لله الذي أمكن منك.
قال ابن خفيف: فقدمت إليه في اللّيلة التي صلب فيها فما رأيته على خشبة، فولّيت وأنا مفكّر في أمره، وإذا به ينادي: أن أقبل إليّ.
فأقبلت إليه فإذا به على خشبته التي صلب عليها (5)، فقال لي: دعيناه (6)
بالحقيقة ففعل بنا ما ترى.
فلمّا أصبحنا جاءه [حامد] (7) بن العبّاس الوزير، ومعه موكب
__________
(1) التّكملة من: ب.
والكرسوع، هو: طرف الزّند الذي يلي الخنصر، وهو النّاتيء عند الرّسغ. الجوهريّ:
الصّحاح 3/ 1276، (كرسع).
(2) في الأصل: تصلب، والمثبت من: ب.
(3) هو: حامد بن العبّاس الخراساني ثم العراقي، أبو الفضل الوزير الكبير، كان من رجال العلم، ذا شجاعة وإقدام، من مناقبه: قتله الحلّاج. مات سنة (311هـ).
الذّهبي: سير 14/ 359356، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 149. وقد سبقت ترجمته.
(4) في الأصل: البجلي، والتّصويب من: ب.
والبلخي: نسبة إلى بلد من بلاد خراسان، يقال لها: بلخ. ابن الأثير: اللّباب 1/ 172.
(5) في الأصل: فيها، والمثبت من: ب.
(6) في ب: ادعناه.
(7) التّصويب من: ب، وفي الأصل: حميد.(3/1612)
وصاحب الشّرطة محمّد بن عبد الصّمد، فتقدّم [حامد] (1) إلى الخشبة، فأخرج من كمّه [درجا] (2) فناوله محمّد بن عبد الصّمد [فنشره] (3) فإذا فيه شهادة أربعة (4) وثمانين رجلا من الفقهاء والقرّاء (5).
فقال الوزير: أريد الشّهود. فإذا هم يهرعون إليه فقال لهم: هذه شهادتكم وخطوطكم؟ قالوا: [نعم] (6)! اقتله ففي قتله صلاح. ودمه في رقابنا. فأنزل من خشبته، وتقدّم السّيّاف (7) ليضرب عنقه.
فقال الوزير: أمير المؤمنين بريء من دمه، وصاحب الشّرطة محمّد بن عبد الصّمد وأنا / بريئان من دمه. قالوا [150/ أ]: نعم. فتقدّموا إليه بالسّيوف (8)، فأنشأ الحلّاج يقول:
نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما [يسقى] (9) ... كفعل الضّيف بالضّيف
__________
(1) التّصويب من: ب، وفي الأصل: حميد.
(2) بياض في الأصل، والمثبت من: ب.
والدّرج بفتح الدّال: الذي يكتب فيه، وكذلك الدّرج، بالتّحريك: يقال: أنفذته في درج الكتاب، أي: في طيّه. الجوهريّ: الصّحاح 1/ 314، (درج).
(3) التّكملة من: ب.
(4) في ب: أربع.
(5) في ب: للقراء.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في الأصل: بالسيف، والمثبت من: ب.
(8) في ب: فتقدّم إليه السّياف.
(9) بياض في الأصل، والتّكملة من: ب. وفي تاريخ بغداد 8/ 132: مثل ما يشرب.(3/1613)
فلمّا دارت الرّاحة (1) ... دعا بالنّطع والسّيف
كذا من يشرب الرّاح ... مع التّنّين في الصّيف (2)
ثم ضربت عنقه، فبقي (3) جسده ساعتين من النّهار قائما ورأسه بين رجليه يتكلّم بكلام لا يفهم إلّا أنّ آخر كلامه: أحد [أحد] (4)، فإذا بالدّم يجري على الأرض، ويكتب (5) به على الأرض: الله، الله (6)، في إحدى وثلاثين موضعا (7)، ثم أحرق بالنّار، قال ابن خفيف: فرجعت إلى شيراز،
__________
(1) في تاريخ بغداد 8/ 132: (الكأس).
(2) الأبيات عند الخطيب: تاريخه 8/ 132، والذّهبي: سير 14/ 346، وابن كثير:
البداية والنهاية 11/ 143.
(3) في ب: ففي.
(4) الزّيادة من ب.
قلت: هذا لا يدلّ على أنّه مات موحّدا صافي العقيدة لأنّ الزّنديق الذي يظهر الإسلام ويبطن الإلحاد، قد يظهر توبته عند ما ينزل به البلاء ويرى الموت الأحمر فيوحّد الله علانية، والله أعلم بسرّه.
وأكثر الفقهاء لا يقبل توبة الزّنديق، وهو مذهب مالك، وأهل السّنة، وأحمد في أشهر الرّوايتين، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنفية، ووجه في مذهب الشّافعي.
راجع: ابن تيمية: مجموع الفتاوى 2/ 483، 484، والذّهبي: سير 14/ 351.
(5) في ب: فتقدمت إليه هذا الدّم يجري منه وينكتب.
(6) (الله) ساقطة من: ب.
(7) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولمّا قتل يعني: الحلّاج لم يظهر له وقت القتل شيء من الكرامات، وكلّ ما ذكر أنّ دمه كتب على الأرض اسم الله، وأنّ رجله انقطع ماؤها، أو غير ذلك فإنّه كاذب. وهذه الأمور لا يحكيها إلّا جاهل أو منافق، وإنّما وضعها الزّنادقة، وأعداء الإسلام.
راجع مجموع الفتاوى 35/ 110، وقال الذّهبي رحمه الله: وقيل: إنّ يده لمّا قطعت(3/1614)
وبقيت متفكّرا في أمره مدّة أربعين يوما، فنمت ليلة، فرأيت كأنّ القيامة قد قامت والنّاس في الحساب وأنا أقول: سيدي [الحسين] (1) بن منصور، وليّ من أوليائك سلطت عليه خلقك، فنوديت من الحقّ: علّمته اسما من اسمائي يدعو به الخلق إليّ فباح بسرّي، بين خلقي، فسلّطت خلقي عليه (2).
وكان المقتدر كثيرا ما ينكب (3) وزراءه. وما استوزر خليفة ما استوزر هو (4). وكلّهم نكبهم (5)، إمّا في نفسه أو ماله، كأبي علي محمّد بن عليّ بن مقلة (6)، وغيره (7).
وفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة عزل المقتدر أحمد (8) بن إسحاق
__________
(1) في الأصل: الحسن، والتّصويب من: ب.
(2) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(3) في ب: يكتب.
(4) قال الأربلي: لم يستوزر أحد قبله مثله. خلاصة الذّهب المسبوك ص 240. وقال ابن ظافر: استوزر المقتدر اثني عشرة وزيرا، يولي هذا اليوم ثم يصانع الخدم فيعزله له غدا ويولي الذي رشا. أخبار الدولة المنقطعة ص 229.
(5) في ب: نكبه.
(6) هو: محمّد بن عليّ بن الحسن بن مقلة، الوزير الكبير، وزر للمقتدر سنة:
(316هـ)، ثم عزل سنة (318هـ)، ونفاه إلى بلاد فارس. ثم استوزره القاهر، ثم الرّاضي، توفّي سنة (328هـ). راجع: ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 113 118، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 196195.
(7) كعلي بن محمد بن موسى بن الفرات الذي استوزره المقتدر مرات عدة إلى أن قبض عليه سنة (299هـ) ونكبه ونهب داره وأمواله. ابن خلكان وفيات الأعيان 3/ 421، والذهبي: سير 14/ 479474.
(8) هو: أحمد بن إسحاق بن البهلول، أبو جعفر التّنوخي، ولي قضاء مدينة المنصور(3/1615)
البهلول (1) القاضي من مدينة المنصور، وولّى أحمد بن سهل (2)، ثم ندم على ذلك وأمر أحمد بن إسحاق بالرّجوع، فاستعفى إليه بهذه
الأبيات (3):
تركت القضاء لأهل القضاء ... وأقبلت باسمى (4) إلى الآخرة
فإن يك فخرا وفيه (5) الثّناء ... فقد نلت منه يدا فاخره
وإن يك وزرا فأبعد به ... ولا خير في نعمة وازره
(مدةّ خلافته، وتاريخ مقتله، ومبلغ سنّه) (6):
وكانت خلافة المقتدر أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، وخمسة عشر يوما (7).
وقتل ببغداد يوم الأربعاء وقت صلاة العصر لثلاث بقين من شوّال
__________
عشرين سنة، توفّي سنة (318هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 3430، والذّهبي: سير 14/ 500497، والصّفدي: الوافي بالوفيّات 6/ 237235، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 165.
(1) في ب: السلول.
(2) لم أقف على ترجمته.
(3) في ب: وقال: قد كبرت سنّي وعندي علم أريد أبثّه في النّاس، وكتب إليه بهذه الأبيات.
(4) في ب: وبقيت اسموا.
(5) في ب: يفيد.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) في مروج الذّهب 4/ 292: وستّة عشر يوما.(3/1616)
سنة عشرين وثلاثمائة (1).
وهو ابن ثمان وثلاثين (2).
قال أبو بكر: لا أعرف خليفة ناله ما نال المقتدر من البلاء إلّا محمّد الأمين (3).
لكنّ أمر المقتدر أعظم لدخول الخيل وركضها في داره (4).
ورثاه (5) في الوقت الأمير أبو العبّاس (6) الرّاضي فقال:
بنفسي ثرى ضاجعت في ساحلة البلى ... لقد ضمّ منك اللّيث والغيث والبدرا
فلو أنّ عمري كان طوع مشيئته ... [وأسعدني المقدار شاطرته العمرا] (7)
ولو أنّ حيّا كان قبرا لميّت ... لصيّرت أحشائي وجسمي (8) له قبرا (9)
__________
(1) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 306.
(2) الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 340، وابن كثير: البداية والنّهاية 1/ 170.
(3) في الأصل: ابن الأمين، والتّصويب من: ب.
(4) لم أقف على هذا الخبر فيما هو مطبوع من كتب أبي بكر الصّولي.
(5) في ب: وثناه.
(6) هو: الخليفة العبّاسي محمّد بن المقتدر، الملقّب بالرّاضي بالله.
(7) في الأصل: له أسعدني العمرا، والتّصويب من: ب.
(8) في ب: لأعضائه.
(9) هذا الشّعر ذكره ابن العمراني: الإنباء ص 160، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 197، باختلاف بسيط.(3/1617)
خبر (1) القاهر، اسمه: [محمّد بن] (2) أحمد:
ويكنّى: أبا منصور (3).
(لقبه، واسم أمّه) (4):
ولقبه: القاهر بالله.
أمّه: أم ولد اسمها: قتول (5).
(بيعته) (6):
بويع بعد موت أخيه المقتدر، يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوّال سنة عشرين وثلاثمائة (7).
(وزراؤه) (8):
واختار للوزراة ابن مقلة لأجل إساءة أخيه المقتدر إليه، ثم عزله
__________
(1) (خبر) ليست في: ب.
(2) التّكملة من: ب.
(3) انظر: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 312، والخطيب: تاريخ 1/ 339، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 128، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 576.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) في تاريخ بغداد 1/ 339: (قنول) بالنّون.
وعند ابن العمراني: الإنباء ص 161، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 230، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 241: (قبول)، بالباء. وعند السّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 386: (فتنة).
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 312، والخطيب البغدادي: تاريخ 1/ 339، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 128، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 230.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1618)
وستوزر: أبا جعفر محمّد بن القاسم [بن عبد الله] (1) بن سليمان، ثم عزله.
وكانت أخلاق القاهر لا تكاد تحصل لتقلّبه وتلوّنه، وكان شهما شديد البطش بأعدائه وأباد / جماعة من أهل دولته، مثل: مؤنس (2)
[150/ ب] الخادم، وغيره (3).
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (4):
وكانت خلافته من يوم بويع إلى يوم خلعه وهو (5) يوم الأربعاء لستّ (6) خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة، سنة واحدة، وستّة أشهر، وثمانية أيّام (7).
ثم عاش خاملا مضاعا فقيرا إلى أن مات عام ثمانية وثلاثين وثلاثمائة.
وله ثمان (8) وخمسون سنة.
__________
(1) التّكملة من: ب. والخبر عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 313.
(2) هو: مؤنس الخادم، الملقّب بالمظفر المعتضدي، بلغ رتبة الملوك، وولي دمشق للمقتدر، وندب لحرب العبيديّين، قتله القاهر سنة (321هـ). الذّهبي: سير 15/ 56، 57.
(3) كبليق الرّافضي، وابنه علي، وابن زيرك.
راجع: المسعودي: مروج الذّهب 4/ 313، والذّهبي: سير 15/ 99.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) (وهو) سقط من: ب.
(6) في مروج الذّهب 4/ 312، والعقد الفريد: (لخمس).
(7) الخبر بتمامه عند ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 230.
(8) المصادر الأخرى تشير إلى أنّ عمره اثنان وخمسون سنة. راجع مصادر ترجمته المتقدّم ذكرها.(3/1619)
خبر (1) الرّاضي، وهو محمّد بن جعفر المقتدر:
(كنيته، وتأريخ مولده) (2):
يكنّى: أبا العبّاس.
أمّه: أم ولد اسمها: ظلوم (3).
ولدته في شهر رمضان عام [سبع] (4) وتسعين ومائتين.
(بيعته) (5):
بويع في اليوم الذي خلع فيه عمّه القاهر.
استوزر:
أبا عليّ، محمّد بن مقلة، ثم أناسا (6) شتّى بعده.
وصاحب شرطته:
أحمد بن خاقان (7).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) المسعودي: مروج الذّهب 4/ 322، والخطيب: تاريخ 2/ 142، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 233.
(4) في الأصل، وب: تسع، والتّصويب من: الأوراق للصّولي ص 183، والإنباء لابن العمراني ص 165.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) منهم: عليّ بن محمّد بن مقلة، وعبد الرّحمن بن عيسى بن داود بن الجراح، ومحمّد بن بالقاسم الكرخي، وسليمان بن الحسن بن مخلد، والفضل بن جعفر ابن الفرات، وأحمد بن محمّد البريدي. المسعودي: التّنبيه ص 389، وابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 139.
(7) لم أقف على ترجمته.(3/1620)
وحاجبه:
سلامة (1).
(صفاته) (2):
كان الرّاضي أديبا، شاعرا، ظريفا، له أشعار حسان، طيّبا، حسن الهيئة، سخيّا، جوادا، حسن المذاكرة، عارفا بسير الخلفاء (3) وأيّامهم، محبّا لأهل العلم والأدب، وما انصرف عنه قطّ نديم ولا جليس إلّا بصلة معجّلة (4).
قال [العروضي مؤدّب] (5) الرّاضي وغيره من الخلفاء: سهرت (6)
عند الرّاضي في ليلة شاتية (7)، فرأيته قلقلا متململا، فقلت له: يا أمير المؤمنين! أرى منك حالا لم أعرفها، وضيق صدر لم أعهده منك؟ (8)
فقال: دع عنك هذا وحدّثني فإن أنت أزلت عنّي بحديثك ما أجده من الهمّ فلك ما عليّ وتحتي. واشترط عليك مع إزالت الهمّ الضّحك.
فقلت: نعم. يا أمير المؤمنين! شخص رجل من بني هاشم وكان
__________
(1) لم أقف على ترجمته.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: بأخبار النّاس.
(4) قارن بما ورد عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 336.
(5) التّكملة من: ب. ولم أقف على ترجمة العروضي.
(6) في الأصل: ظهرت، والمثبت من: ب.
(7) في ب: عاتية.
(8) (منك) ساقطة من: ب.(3/1621)
ظريفا (1) إلى ابن (2) عمّه بالمدينة، فأقام عنده حولا (3) لا يدخل مستراحا فلمّا (4) كان بعد الحول أراد الرّجوع إلى الكوفة، فحلف عليه ابن عمّه أن يقيم أيّاما أخر، وكان للرّجل قينتان، فقال لهما: أما رأيتما ابن عمّي وظرافته؟ (5)، أقام عندنا حولا ولم يدخل الخلاء، قالتا له: فعلينا أن نصنع له شيئا يكون سببا لدخوله (6)، فقال: شأنكما وذلك. فعمدتا إلى شيء مسهّل، فطرحتاه في شرابه، فلمّا حضر وقت الشّراب قدّمتاه إليه، وسقتا مولاهما غيره، فلمّا أخذ الشّراب مأخذه (7)، تناوم (8) المولى وتغمّض، فتنغّص الفتى من جوفه، فالتفت إلى أحد الجاريتين، فقال لهما: يا سيّدتي أين الخلاء؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول؟ قالت: يسألك أن تغنّي، فقالت (9):
خلا من آل فاطمة الدّيار ... فمنزل أهلها [منها] (10) قفار
__________
(1) في ب: ظهيرا.
(2) في ب: ابني.
(3) (حولا) ساقطة من: ب.
(4) (فلما) تكررت في: ب.
(5) في ب: وخرقه.
(6) في ب: لا يجد بدا في دخوله.
(7) في ب: ما أخذه.
(8) في الأصل: نام، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 332.
(9) (فقالت) ليست في: ب.
(10) في الأصل: خال، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 332.(3/1622)
فغنته، فقال الفتى: أظنّهما كوفيتين (1)، وما فهمتا عنّي، ثم التفت إلى الأخرى، فقال [لها] (2): يا سيّدتي أين الحشّ؟ فقالت: لها صاحبتها:
ما يقول لك؟ قالت: سألك أن تغنّي:
[أوحش الدّقرات] (3) فالدّير منها ... فقبابها (4) بالمنزل المعمور (5)
فغنّته، فقال: أظنّهما [عراقيّتين] (6)، وما فهمتا عنّي، ثم التلفت إلى الأخرى، فقال: أعزّك الله أين المتوضّأ؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول لك؟ (7). فقالت: يسألك (8) أن تغنّي [فغنّته] (9):
توضّأ للصّلاة وصلّ (10) خمسا ... وأذن بالصّلاة على النّبي
فغنّته (11)، فقال: أظنّهما حجازيتين، وما فهمتا عنّي، ثم التفت إلى
__________
(1) في الأصل، وب: كوفيتان، والتّصويب من: مروج الذّهب 4/ 333.
(2) زيادة من: ب.
(3) التّكملة من: ب.
والدّقرات، جمع: دقرة، وهي: الرّوضة الحسناء العميمة النّبات. الفيروز آبادي:
القاموس المحيط ص 502، (دقر).
(4) في الأصل: فقببها، والمثبت من: ب.
(5) في الأصل: في المنزل المفجور، والمثبت من: ب.
(6) التّصويب من: ب، وفي الأصل: حديثتين.
(7) (لك) سقط من: ب.
(8) في ب: يقول لك.
(9) التّكملة من: ب.
(10) في ب: وصلي.
(11) (فغنته) ساقطة من: ب.(3/1623)
الأخرى، فقال: يا سيّدتي: أين الكنيف (1)؟ / فقالت لصاحبتها [151/ أ]:
ما يقول؟ قالت: يسألك أن تغنّي (2) [فغنته] (3):
تكنّفني الواشون (4) من كلّ جانب ... ولو كان واش واحد لكفانيا (5)
فغنّته، فقال: أظنّهما يمنّيتين (6)، وما فهمتا عنّي، ثم التفت إلى الأخرى، وقال: يا هذه أين المستراح؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول؟
قالت: يسألك أن تغنّينه:
أترك (7) الفكاهة والمزاحا ... وخلّ الصّبابة لتستراحا (8)
فغنّته، والمولى يسمع ذلك، فلمّا فرغت من ذلك (9)، أنشأ يقول:
تكنفني السّلاح وأضجروني (10) ... على ما بي بتكرير الأغاني
فلمّا ضاق عن ذاك اصطباري ... زققت (11) به على وجه الزواني
__________
(1) الكنيف: السترة والساتر والمرحاض. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 1099 (كنف).
(2) في ب: يقول لك غني.
(3) التّكملة من: ب.
(4) في الأصل: الوشات، والتّصويب من: ب.
(5) في الأصل: لكفاني، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 333.
(6) في ب: يمانيتين.
(7) في ب: ترك.
(8) في ب: وعلى الضبا فاستراحا.
(9) في ب: من شعرها.
(10) في الأصل: وازجروني، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب.
(11) في ب: ذرفت.(3/1624)
ثم حلّ سراويله وسلح عليهما، فتركهما (1) آية للنّاظرين، وانتبه المولى فلمّا عاين ما نزل به وبجاريتيه، قال: يا ابن عمّي، ما حملك على هذا الفعل؟ قال: يابن الزّانية، لك جوار [يرين المخرج صراطا مستقيما] (2)، لا يدلّوني عليه، فلم يكن عندي جزاء غير هذا. فذهب الرّاضي في الضّحك كلّ مذهب، وأسلم الذي كان (3) عليه، وتحته من لباس وفرش، فباعه (4) بألف دينار (5).
قال العروضي: قيدت للرّاضي خبرا لقتيبة بن مسلم ليدرسه، [وهو أنّه قيل لقتيبة بن مسلم] (6)، وهو وال على خراسان، [ومحارب للتّرك:
لو] (7) وجهت فلانا لرجل من أصحابه إلى حرب بعض الملوك، فقال قتيبة: إنّه رجل عظيم الكبر، ومن عظم كبره [اشتدّ] (8) عجبه، ومن أعجب برأيه لم يشاور فطينا (9)، ولم يؤمّن (10) نصيحا، ومن تبجّح
__________
(1) في ب: عليهم فتركهم.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في ب: فسلم إليّ ما كان.
(4) في ب: فبعثه.
(5) هذا الخبر بتمامه ورد عند المسعودي: مروج الذّهب 4/ 334332.
(6) التّكملة من: ب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) في الأصل: استبد، والمثبت من: ب، ومروج الذّهب 4/ 329.
(9) في ب: كفنا.
(10) في ب: يؤامر.(3/1625)
بالإعجاب وفخر بالاستبداد كان من النّصح (1) بعيدا، ومن الخذلان قريبا، والخطأ مع الجماعة خير من الصّواب مع الفرقة، ومن تكبّر على عدوه حقره، وإذا حقره تهاون بأمره، ومن تهاون بأمر عدوّه وثق بفضل قوّته وسكن إلى جميع عزّته، قلّ احتراسه، ومن قلّ احتراسه كثرت عثراته (2)، وما رأيت عظيما تكبّر (3) على صاحب حرب قطّ إلّا كان منكوبا ومهزوما ومخذولا. لا والله حتّى يكون أسمع من فرس، وأبصر من غراب، وأهدى من قطاة، وأحذر من عقعق، وأشدّ إقداما من أسد، وأوثب من فهد، وأحقد من جمل، وأروغ من ثعلب، وأسخى من ديك، وأشجّ من ضبي، وأحمل من نمل، ويتحفّظ على قدر الخوف، ويطمع على قدر السّبب، وقد قيل: ليس للمعجب (4) رأي، ولا لمتكبّر صديق، ومن أحبّ أن يحبّ تحبّب (5).
وللرّاضي شعر حسن، فمن شعره:
منحتك الودّ منّي ... فجار بالودّ منك (6)
لو كان قلبي مطيعا ... طمعت في الصّبر عنك (7)
__________
(1) في ب: الصّلح.
(2) في ب: كثر عثاره.
(3) في ب: بكر.
(4) في ب: لتعجب.
(5) هذا الخبر أورده المسعودي: مروج الذّهب 4/ 329328، بأطول ممّا هنا.
(6) في ب: منكا.
(7) في ب: عنكا.(3/1626)
لكنّه فيك. عاص ... يكيف إن لم (1) يعنك (2)
إن خنت [بالغيب عهدي] (3) ... فإنّني لم أخنك (4)
وله أيضا:
لحظه (5) [تطمع] (6) في نيله ... وتيهه يوليك من نيله (7)
كلّ الذي أسرف في جوده ... فآيس العشير من عذله (8) / [151/ ب]
وقال أيضا:
من ذا الذي يقيم دعائم الإسلام، ويعمّ بالأفضل والإنعام؟ فينا النّبوّة والخلافة، حكمنا ماض على الإسلام لا ينقضه الأعداء، يروم (9) أمرنا، وبنا تمام الأمراء، مضى من الأجل العجل. أمرنا يأتيك بعد الفكر والأوهام (10).
__________
(1) (إن لم) ساقطة من: ب.
(2) في ب: يعنكا.
(3) في الأصل: العهد منّي، وفي ب: بالعهد غيبي، والتّصويب من: الأورق ص 178.
(4) في ب: اخنكا. والأبيات ذكرها الصّولي: الأوراق ص 178.
(5) في الأوراق ص 180: لحاظه.
(6) التّكملة من: الأوراق.
(7) في الأوراق: يويس من وصله.
(8) ورد هذا البيت في الأوراق كالآتي:
أفدى الذي أسرف في جوده ... فآيس العشق من عذله
(9) يروم: أي: يطلب.
(10) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.(3/1627)
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه، وتجهيزه ودفنه) (1):
وكانت خلافته ستّ سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيّام (2).
وتوفّي [حتف أنفه] (3) بمدينة السّلام ليلة السّبت منتصف شهر ربيع الأوّل سنة تسع وعشرين وثلاثمائة (4).
وهو ابن تسع وعشرين سنة وستّة أشهر ونصف (5).
وغسّله أبو الحسن [محمّد (6)] بن عبد الواحد الهاشمي، وذكر (7): أنّه ما رأى ميّتا أحسن منه، ولا أطيب عرقا (8)، ولا أنظف جسدا.
وكان القاضي أبو النّصر (9) يوسف بن عمر (10) واقفا يعينه على قلبه
__________
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) المسعودي: التّنبيه ص 388.
(3) التّكملة من: ب، ومروج الذّهب 4/ 322.
(4) الصّولي: الأوراق ص 183، والمسعودي: التّنبيه ص 388، والخطيب: تاريخ 2/ 143، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 233.
(5) في الأوراق ص 183: فكان عمره إحدى وثلاثين سنة وستّة أشهر.
(6) التّكملة من: ب.
(7) في ب: وحدّث.
(8) في الأوراق ص 183: عرضا.
(9) في الأوراق ص 183: أبو نصر.
وهو: يوسف بن عمر بن محمّد بن يوسف بن يعقوب، أبو نصر الأزدي، ولي القضاء في مدينة السّلام في عهد الرّاضي، ومات سنة (356هـ). الخطيب البغدادي: تاريخ 14/ 322، والذّهبي: سير 16/ 77، 78.
(10) في ب: نصر.(3/1628)
إذا أراد أن يقلبه.
وصلّى عليه القاضي يوسف بن عمر، وحمل في طيار (1) في دجلة بين القصرين، [فأخرج، وحمله الخدم إلى] (2) الرّصافة (3).
__________
(1) في الأصل: أطراف، والتّصويب من: ب. والطّيار: السّفينة.
(2) في الأصل: خارجا لناحية، والمثبت من: ب، والأوراق ص 183.
(3) هذا الخبر أورده الصّولي: الأرواق ص 183.(3/1629)
خبر المتّقي (1)، اسمه: إبراهيم بن جعفر المقتدر:
(كنيته، وتأريخ مولده) (2):
يكنّى: أبا إسحاق.
أمّه أمّ ولد رومية اسمها: خلوب (3).
[ولدته يوم الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وتسعين ومائتين] (4).
(بيعته) (5):
بويع يوم الخميس (6) لسبع (7) بقين من شهر ربيع الأوّل سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهو [ابن] (8) أربع وثلاثين سنة (9).
(صفاته) (10):
__________
(1) (خبر المتقي) سقطت من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: خارب.
قال الخطيب: أمه أم ولد تسمّى: خلوب، أدركت خلافته. تاريخ بغداد 6/ 51.
(4) زيادة من: ب، ولم أقف عليها في المصادر الأخرى.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) (يوم الخميس) ليست في: ب.
(7) في ب: لعشر، وفي التّنبيه والإشراف ص 397: لتسع.
(8) التّكملة من: ب.
(9) مبلغ سنه يوم بويع ذكره الصّولي: الأوراق ص 193، ونقله عنه الذّهبي: سير 15/ 105.
(10) عنوان جانبيّ من المحقّق.(3/1630)
وكان أبيض، ربعه، نحيف البدن، كبير اللّحية (1).
وزيره:
سليمان (2) بن الحسن، ثم استبدله بعد ذلك.
[وحاجبه:
أبو القاسم سلامة] (3).
نقش خاتمه:
كفى بالله معينا (4).
وكان مائلا [للخير، محبّا] (5) للصّلاح، وكان لا يجالس أحدا إلّا المصحف (6).
وغلت الأسعار في أيّامه سنة إحدى وثلاثين غلاء عظيما، ومات النّاس جوعا، ووقع فيهم الوباء فكانوا يبقون أيّاما على الطّريق لا يدفنون
__________
(1) ورد بعض هذه الصّفات عند الخطيب البغدادي: تاريخ 6/ 51.
(2) هو: سليمان بن الحسن بن مخلد بن الجراح، توفّي سنة (332هـ). الذّهبي: سير 15/ 427، 428.
(3) في الأصل: ثم استبدله بعد ذلك بأبي القاسم سلامة، والتّصويب من: ب، والتّنبيه ص 397، والعقد الفريد 5/ 130.
(4) محيي الدّين بن العربي: محارضة الأبرار ص 46.
(5) التّكملة من: ب.
(6) في أخبار الدّولة المنقطعة ص 242: كان يقول: نديمي المصحف، ولذلك لقّبه الصّولي المتّقي لله.(3/1631)
حتّى أكلت الكلاب منهم (1).
وكثر الجراد في ذلك (2) الوقت، فصاده النّاس، وانتفع الضّعفاء بأكله، فكان نعمة من الله تعالى (3).
(تأريخ خلعه، ومدّة خلافته، وتأريخ وفاته) (4):
وخلع المتّقي يوم الإثنين لستّ خلون من شوّال على الأمين [توزون] (5).
وسيّره (6) [أمير] (7) الأمراء، وخلع المتّقي نفسه من الخلافة عشية يوم السّبت لإحدى عشرة ليلة خلت (8) من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.
__________
(1) هذا الخبر أورده الصّولي: الأوراق ص 236، وأشار إليه ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 242.
(2) في ب: هذا.
(3) هذا الخبر أورده الصّولي: الأوراق ص 237.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) في الأصل: توزر، وفي ب: كوزور. والتّصويب من: الأوراق ص 242، والإنباء ص 173، وأخبار الدّولة المنقطعة ص 233، وسير أعلام النّبلاء 15/ 108.
وهو: توزون التّركي، مات سنة (334هـ)، المحرم، وكانت مدّة إمارته سنتين وأربعة أشهر وتسعة عشر يوما. ابن الأثير: الكامل 6/ 313.
(6) في ب: وصيره.
(7) زيادة من: المحقّق يقتضيها السّياق للإيضاح.
ويراجع معنى الخبر عند ابن العمراني: الإنباء ص 173.
(8) في ب: بقيت،، وفي تاريخ بغداد 6/ 51: لعشر بقين من صفر.(3/1632)
فكانت خلافته ثلاث سنين وأحد (1) عشر شهرا (2).
وعاش مهمولا إلى أن مات سنة [ثلاث] (3) وأربعين وثلاث مائة.
وهو ابن سبع وأربعين سنة (4).
__________
(1) في الأصل، وب: واحدى، وهو خطأ نحوي ظاهر.
(2) ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 243.
(3) في الأصل: ست، والتّصويب من: ب.
(4) (وهو ابن سبع وأربعين سنة) ساقطة من: ب.(3/1633)
خبر (1) المستكفي، هو عبد الله بن عليّ المكتفي:
(كنيته، واسم أمّه) (2):
يكنّى: أبا القاسم.
أمّه جارية عربية مولده.
وقيل: رومية اسمها: غيدة (3).
وقيل: غصن (4).
(بيعته) (5):
بويع في اليوم الذي خلع فيه المتّقي، وهو ابن عمّه لحّا (6).
وهو [ابن] (7) خمس وعشرين سنة (8).
ولقّب نفسه آخر سنة ثلاث وثلاثين [وثلاث مائة] (9): إمام
__________
(1) (خبر) ليست في: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) لم أقف عليه في المصادر الأخرى.
(4) في الأصل: عضان، والمثبت من: ب، والتّنبيه ص 398، وتاريخ بغداد 10/ 10، والعقد الفريد 5/ 130، والإنباء ص 175، والكامل في التّاريخ 6/ 315، وخلاصة الذّهب المسبوك ص 255.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) في الأصل: لحان، والتّصويب من: ب.
(7) التّكملة من: ب.
(8) تشير المصادر الأخرى إلى أنّ سنّه يوم بويع كان إحدى وأربعين سنة وسبعة أيّام.
انظر: تاريخ بغداد 10/ 10، وأخبار الدّولة المنقطعة ص 245، وسير أعلام النّبلاء 15/ 111، والبداية والنّهاية 11/ 210.
(9) التّكملة من: ب.(3/1634)
الحقّ (1). وضربه على الدّنانير والدّراهم (2).
(صفاته) (3):
وكان أبيض وقيل: أسمر حسن الوجه، معتدل القامة، طويل الأنف، قد خالطه (4) الشّيب (5).
استوزر:
أبو الفرج، محمّد بن عليّ السّامرّي (6).
واستكتب:
أبا أحمد بن عبد الرّحمن (7).
وحاجبه:
__________
(1) الخبر عند الخطيب: تاريخ 10/ 11، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 583.
(2) انظر: ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 211.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) في ب: خطه.
(5) وردت هذه الصّفات عند الخطيب: تاريخ 10/ 11، وابن الأثير: الكامل 6/ 315، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 255.
(6) أبو الفرج محمّد بن عليّ السّامري، استوزره المستكفي بالله يوم الأربعاء لستّ بقين من صفر سنة (333هـ)، ولم يكن له إلّا اسم الوزارة والذي يتولّى الأمور ابن شير زاد، وفي ربيع الآخر من السّنة نفسها قبض المستكفي على وزيره أبي الفرج، وكانت مدّة وزارته (42) يوما. ابن الأثير: الكامل 6/ 302، 313.
والسّامرّي، أو السّرّ من رائي: نسبة إلى مدينة سامرّا.
(7) في ب: أبا أحمد الشّيرازي، وفي العقد الفريد: أبا أحمد الفضل بن عبد الله الشّيرازي.(3/1635)
أحمد بن خاقان (1).
واستقضى على الجانبين (2):
أبا / الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحربي (3). [152/ أ]
نقش خاتمه:
استكفيت بالله (4).
وكان كثير [الألفة] (5) والأنس والمسامرة. وسهر أكثر (6) اللّيل في إقامة سوق الغناء، ومجالس الشّرب، وكان له أدب، ونبل، ومعرفة بأخبار النّاس وأشعارهم، وكان ترك الشّراب أوّل خلافته ثم رجع إليه، وكان محجورا عليه من الدّيلم، مضيق الحال: لكونهم غلبوا على الأتراك بسيوفهم، وسارت الإمارة والوزارة (7) إليهم.
فلمّا ضيقوا عى المستكفي (8)، ومنعوه الإسراف في النّفقة (9)، كتب
__________
(1) الخبر في: التّنبيه والإشراف ص 399، والعقد الفريد 5/ 131: أبا أحمد الفضل بن عبد الله الشّيرازي.
(2) أي: الجانب الشّرقي، والجانب الغربي من بغداد.
(3) في أخبار الدّولة المنقطعة ص 244: وكان قضيه ابن إسحاق الحربي.
(4) في التّنبيه والإشراف ص 399: المستكفي بالله.
(5) في الأصل: الالتفات، والمثبت من: ب.
(6) في الأصل: وصهر كثير، والمثبت من: ب.
(7) في ب: الإمارات والوزرات.
(8) في الأصل: المكتفي، والتّصويب من: ب.
(9) في الأصل: والنّفقة، والمثبت من: ب.
وانظر خبر استيلاء البويهيّين على بغداد وتضييقهم على الخليفة، وتسلّطهم على أمور الدّولة: الكامل لابن الأثير 6/ 314، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 212.(3/1636)
في السّرّ إلى بني حمدان (1)، سيف الدّولة (2). وطائفة أن يأتوا إليه، ويستنقذوه من حكم الدّيلم، ويكونوا فيهم الأعراب (3). فجاؤوا بأجمعهم، وتحاربوا مع الدّيلم، فانهزم بنو حمدان، وعمد الدّيلم إلى المستكفي [فخلعوا عينيه] (4)، وكحّلوا كلتي (5) مقلتيه، وأخرجوا (6)
الفضل بن المقتدر، أخو (7) الرّاضي والمتّقي وبايعوه. وكانت خلافته سنة واحدة وستّة أشهر (8).
__________
(1) بنو حمدان: ملوك الموصل والجزيرة وحلب في أيّام المقتضي بالله، أوّل ملوكهم: أبو الهيجاء، وانتهى ملكهم بغلبة صالح بن مرداس الكلابي على سعيد الدّولة بن حمدان سنة (402هـ). القلقنشدي: نهاية الأرب ص 236.
(2) يقصد عليّ بن عبد الله بن حمدان صاحب واسط وحلب، ولد سنة: (301هـ)، ومات سنة (356هـ)، وكانت دولته نيفا وعشرين سنة.
ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 406401، والذّهبي: سير 16/ 189187.
(3) في ب: ويكون لهم الأمر.
(4) في الأصل: فسلموا عليه، والتّصويب من: ب. وراجع: التّنبيه ص 399، وتاريخ بغداد 10/ 11.
(5) في ب: كلتا.
(6) في الأصل: وخرج، والمثبت من: ب.
(7) في ب: أخا.
(8) في العقد الفريد 5/ 130: فكانت خلافته سنة واحدة وستة أشهر وأيّام.(3/1637)
خبر (1) المطيع، هو: الفضل بن المقتدر:
ويكنّى: أبا القاسم (2)
(خبر أمّه) (3):
أمّه أمّ ولد [صقلبيّة] (4) اسمها: ضرار (5).
وتلقّب [بالصفّارة] (6) لأنّها كانت تأخذ من ورق الورد، والسّوسن وتصفر به أطرافها تصفيرا تحكي به كلّ طائر (7).
(بيعته) (8):
بويع في اليوم الذي خلع فيه المستكفي، وهو ابن عمّه [لحّا] (9).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) انظر: التّنبيه والإشراف ص 399، والعقد الفريد 5/ 131، وتاريخ بغداد 12/ 379، والمصباح المضيء 1/ 583.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) في الأصل: سقلبية، وفي ب: صقلية، والمثبت من: التّنبيه والإشراف ص 399.
(5) أغلب المصادر تشير إلى أنّ اسمها: (مشغلة). تاريخ بغداد 12/ 379، والثّعالبي:
لطائف المعارف ص 126، والذّهبي: تاريخ (380351هـ)، ص 328، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 398.
قال الهمداني: تكملة تاريخ الطّبري ص 355: توفّيت في مستهلّ ذي الحجّة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.
(6) في الأصل: بالسّفارة، والمثبت من: ب.
(7) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(9) في الأصل: لحان، والتّصويب من: ب.(3/1638)
وذلك لسبع بقين من شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاثين سنة (1).
(صفاته) (2):
وكان أبيض، حسن الوجه، معتدل القدّ، كثيف (3) اللّحية، مقرون الحاجبين، أعين (4).
نقش خاتمه:
أطعت (5) الله (6).
وزيره:
[أبو جعفر محمّد] (7) بن يحيى بن [شير زاد] (8).
[وكاتبه على الإنشاء:
عليّ بن محمّد بن مقلة] (9).
__________
(1) في ب: سنة (334هـ)، والخبر عند ابن عبد ربّه: العقد الفريد 5/ 131.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: كث.
(4) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(5) في ب: طعت.
(6) في محاضرة الأبرار ص 46: بالله المطيع لله.
(7) في الأصل: جعفر بن محمّد، والتّصويب من: ب.
(8) الزّيادة من: ب، وكان محمّد بن يحيى بن شير زاد، وزيرا لبجكم التّركي من سنة 328327، وأخباره عند ابن الأثير: الكامل 6/ 270، 274، 323.
(9) التّكملة من: ب.(3/1639)
وكاتبه على الخراج:
أبو أحمد عبد الله (1) بن الفضل الشّيرازي.
وقاضيه:
أبو الحسن بن أبي الشّوارب (2).
والقيم بأمر الدّولة:
أبو الحسن أحمد بن بويه الدّيلمي (3)، معزّ الدّولة.
وحين بويع المطيع دفع إليه المستكفي، فأمر به إلى السّجن (4) مع أصحابه: القاهر، وأخيه المتّقي (5).
فلمّا دخل عليهم قال القاهر: وعزّزناهم بثالث، وكان شيخا له مرووءة (6) على الخلفاء (7).
وكان المطيع الغالب عليه الصّلاح، لكن كان يحبّ الألفات
__________
(1) في ب: أبا أحمد عبد الرّحمن، وفي العقد الفريد 5/ 131: الفضل بن عبد الرّحمن الشّيرازي.
(2) في ب: أبو الحسن محمّد بن أبي الحسن بن أبي الشّوارب.
(3) هو: أحمد بن بويه الدّيلمي الفارسي، الذي أظهر الرّفض، ويقال له: معزّ الدّولة، أظهر التّوبة في آخر حياته، ومات سنة (356هـ).
الذّهبي: سير 16/ 189، 190، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 262.
(4) انظر: ابن الأثير: الكامل 6/ 315.
(5) توفّي كلّ من القاهر والمتّقي في عهد المطيع بالله، فالقاهر توفّي سنة (339هـ)، والمتّقي توفّي سنة (357هـ). راجع: ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 223، 265.
(6) في ب: جرأة.
(7) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.(3/1640)
والبطالة (1)، ويؤثر اللّذة. محجورا عليه ليس له أمر ولا نهي، قد استحوذ الدّيلم على الدّولة بأسرها (2).
ولمّا كبر المطيع وأسنّ، بايع لابنه محمّد (3)، وخلع نفسه، وقدّمه (4)
في الثّالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وستّين (5).
(مدّة خلافته، ومبلغ سنّه) (6):
فكانت خلافته تسع وعشرين سنة وشهرين وعشرين يوما، واحتجب من بعده في داره، وتعبّد، وتوفّي ببغداد لثمان ليال بقين من المحرم سنة أربع وستّين وثلاثمائة (7)، وله تسع وخمسون سنة، وأربعة أشهر (8).
__________
(1) في ب: الألفة البطالة.
(2) راجع أخبار تسلّط البويهيّين على أمور الدّولة في عهد المطيع لله: ابن الأثير: الكامل 6/ 315، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 312.
(3) هو: الطّائع لله، الخليفة، وتشير أغلب المصادر إلى أنّ اسمه عبد الكريم، وكنتيه: أبو بكر.
(4) في ب: وقدمه الأمر.
(5) الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 379.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) في ب: سنه (364هـ).
والخبر عند الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 380، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 249.
(8) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى. والمشهور في المصادر الأخرى أنّ عمره يوم توفّي ثلاث وستّون سنة. ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 249، والذّهبي:
سير 15/ 118، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 258.(3/1641)
خبر (1) الطّائع، هو: محمّد (2) وقيل: عبد الكريم (3) بن جعفر المطيع.
(كنيته، واسم أمّه) (4):
يكنّى: أبا بكر.
أمّه أم ولد، اسمها: هند (5).
(بيعته) (6):
بويع له في حياة أبيه، يوم الأربعاء لثلاث عشرة / [152/ ب] خلت من ذي القعدة سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة (7).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) لم أقف على اسمه هذا في المصادر الأخرى.
(3) هذا هو المشهور عن اسمه.
انظر: ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 30، والخطيب البغدادي 11/ 79، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 584، وابن العمراني: الإنباء ص 179، وابن ظافر:
أخبار الدّولة المنقطعة ص 251، والذّهبي: سير 15/ 118، وابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 276، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 258، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 405.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) في تاريخ الخلفاء ص 405: هزار، والمشهور: عتب.
تاريخ بغداد 11/ 79، والإنباء ص 179، وأخبار الدّولة المنقطعة ص 251، وخلاصة الذّهب المسبوك ص 258.
(6) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(7) في ب: سنة (363هـ)، والخبر في تاريخ بغداد 11/ 79، والمصباح المضيء(3/1642)
(صفاته) (1):
وكان طويلا حسن الجسم، طويل اللّحية (2).
نقش خاتمه:
طيع الله يوريك العجب (3).
وزيره:
الحسن (4) بن محمّد بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة.
وحاجبه:
أبو منصور، غالب بن محمّد (5)، وكان يسمّى راغبا، حجب للطّائع لله، والقادر بالله، وكان قديما ربآه الوزير بن المهلبي.
قال خدّام المهلبي: أنفذني مولاي يوما إلى الوزير الحسن بن هارون في يوم لذّة برقعة كتب فيها:
__________
1/ 584، وأخبار الدّولة المنقطعة ص 251.
(1) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(2) لم أعثر على هذه الصّفات في المصادر التي رجعت إليها.
(3) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 258: نقش خاتمه: الطّائع لله.
(4) يقصد الحسن بن محمّد بن هارون بن إبراهيم بن عبد الله بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، كان وزير معزّ الدّولة أحمد بن بويه في عهد المطيع لله، وقد توفّي سنة (352هـ). وهذا يعني أنّه لم يدرك خلافة الطّائع لله.
راجع: ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 370، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/ 124.
(5) لم أقف على ترجمته.(3/1643)
داري معاقبة لدارك ... والعيش محول في جوارك
وإذا شربت موازيا لك ... عن يمينك وعن شمالك
فلعمري ودّك ذا ... لا سرّني من يأذيك
فكتب الحسن في تضاعيفها (1):
وحياة طرفك وافترارك ... ثم الحجاب من تجارك
لو ساعدت نفسي هواها ... لكنت من غلمان دارك
لكن صديق زارني ... بكرا فدافع عن مزارك
فبحقّ ودّك قل لعبدك ... قد وهبتك لاعتذارك (2)
فوزر له أبو الحسن عليّ (3) بن عبد العزيز بن إبراهيم بن حاجب، الملقّب برئيس الرّؤساء (4)، ووزر أيضا للقادر (5).
قال له بعض الشّهود: يا سيّدنا! فلان يذكرني عندك بكذا وكذا، فقال له: ما حظّك الواشون عندي، ولا ضرّك مغتاب (6).
__________
(1) تضاعيفها، أي: في حواشي تلك الرّقعة. وأضعاف الكتاب، أي: سطوره وحواشيه.
الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص: 1072، (ضعف).
(2) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(3) هو: عليّ بن عبد العزيز بن إبراهيم بن بيان بن داود، أبو الحسن المعروف بابن حاجب النّعمان. كاتب القادر بالله، ولد سنة (340هـ)، ومات (421هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 31، 32، والذّهبي: ميزان الاعتدال 3/ 143.
(4) في الأصل: المنقلب ذي رئيس، والمثبت من: ب، ومعجم الأدباء لياقوت 14/ 35.
(5) انظر: ابن العمراني: الإنباء ص 187.
(6) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.(3/1644)
وكان قائد جيوشه وزعيم مملكته:
أبو شجاع (1)، عضد الدّولة.
وقاضيه:
أبو القاسم عليّ (2) بن محمّد التّنوخي (3).
وكان يدعى قاضي القضاة، وله أشعار حسان في اليتيمة (4)، وغيرها، فمن شعره:
__________
(1) أبو شجاع، فنّا خسروا، صاحب العراق وفارس، وابن السلطان، ركن الدّولة حسن بن بويه، مات في شوّال سنة (372هـ). ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/ 5550، والذّهبي: سير 16/ 251249.
(2) هو: عليّ بن محمّد التّنوخي، قدم بغداد في حداثته، وتفّقه بها على مذهب أبي حنيفة، وكان عالما بأصول المعتزلة والنّجوم، ولي القضاء بالأهواز وسائر كورها، وتقلّد قضاء إيذج وجند حمصمن قبل المطيع لله. وكانت وفاته سنة (342هـ).
الخطيب البغدادي: تاريخ 12/ 7977، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 366 369.
وهذا يدلّ على أنّه توفّي قبل خلافة الطّائع لله.
أمّا ابنه المحسن بن عليّ المتوفّى سنة: (384هـ) فقد ولّاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وإيذج ورامهرمز. تاريخ بغداد 13/ 156.
ولم أعثر على ما يشير إلى ولايته القضاء في عهد الطّائع لله.
(3) التّنوخي: نسبة إلى تنوخ، وهو اسم لعدّة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين، وتخالفوا على التّناصر فأقاموا هناك فسّموا تنوخا. ابن الأثير: اللّباب 1/ 225.
(4) يقصد كتاب يتيمة الدّهر للثّعالبي، لكنّني ما وقفت على هذا الشّعر في كتاب اليتيمة المطبوع، ولا في ديوانه.(3/1645)
من عذيري، وهل لمثلي عذير؟ ... من بدور صيغت عليها البدور؟
وشعور إذا قرنت دجاها ... بدجى اللّيل أشرقت الدّيجور (1)
يا جنان النّعيم إنّ فؤادي ... في يد الوجد والغرام أسير
وإذا عاش بعد بين (2) حبيب ... عاشق فادّعاؤه، الحبّ زور
يا غرامي من حبّ ظبي غرير ... ظلّ وصفي في حسنه التّفكير
لو توهّمت أن ترى وجنتيه ... أثر الوهم فيهما والضّمير
نصفه في العيان بدر تمام ... مستنير، والنّصف غصن نضير
طال ليلي حتّى توهّم عقلي ... إنّه لم يكن بشيء قصير
وكأنّ السّماء أرض يواقيت ... وحصاها في العين درّ نثير
وله أيضا:
عدل من الأحكام إنّي متيّم ... وأنت صحيح في سقامي مسلّم
أبيت ونار الشّوق حشو ضوالعي ... وكحل جفوني دمعة يتسخم
أحلّ دمي، والله حرّم سفكه ... أمّا أنا بالرّحمن عندك مسلم؟
أحرمت وصلي وهو حلّ محلّل ... وحلّلت قتلي وهو حرم محرّم / [153/ أ]
أسأت فإن تصفح فعفوا ... وإن تشأ عقابا أيّها المحكم
إذا أنت جازيت الإساءة مثلها ... فأين علوّ الصّفح أين التّكرّم؟
ألا أيّها البدر الذي سيف لحظة ... أبرّ من السّيف الحسام وأحسم
__________
(1) الدّيجور: الظّلام. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص 500، (دجر).
(2) البين: الفراق. الجوهريّ: الصّحاح 5/ 3082، (بين).(3/1646)
خف الله في حبّ رأيت وصاله ... حراما، فأضحى وهو بالوجد
على غير جرمي في الهوى غير أنّه ... يحبّك حبّا مستهام متيّم
تحكم فيه عينيك فاعتدى ... سقيما باجفان تصحّ وتسقم
تظلمه ظلما وأنت ظلمته ... فوا عجبا من ظالم يتظلّم
تعاقبه بالذّنب أنت جنيته ... (1)
أمّا لو تراه في الظّلم مسهرا ... لما عدت بعد اليوم تنأ وتظرم
محى السّقم منه منذ هجرته ... فلم يبق إلّا رسمه والتّوهّم
أذاب النّوى والصّدر والهجر ... فها هي ما بين المهاجر تسلم (2)
وكان الطّائع مشغولا (3) بالصّيد والقنص، غافلا عن أمره في دنياه، غير أنّه كانت نفسه وأخلاقه راضية (4). وصلاته سنيّة، مع كونه محجورا مقهورا.
وكان يحبّ الألفات (5) والأنس، ويخلو برجال دولته، فلمّا رأى
__________
(1) بياض في الأصل، وساقط من: ب.
(2) هذا الشّعر بكامله ساقط من: ب.
ولم أقف عليه لا في كتاب يتيمة الدّهر، ولا في ديوان التّنوخي، ولا في المصادر الأخرى التي تيسّر لي الرّجوع إليها.
(3) في ب: مغرما.
(4) في ب: له نفس أبية، وأخلاق رضية.
(5) في ب: الألفة.(3/1647)
الدّليم ذلك منه بادروه بالهجوم (1) عليه يوم السّبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان [سنة] (2) إحدى وثمانين وثلاثمائة (3)، وعمدوا إلى عمّه أحمد (4) بن المقتدر فبايعوه، وسلّموا (5) ابن أخيه الطّائع [إليه مجدوع أنفه] (6).
فكانت خلافته سبع (7) عشرة سنة وتسعة أشهر (8).
وتوفّي منسلخ رمضان من سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة (9)، ودفن بالرّصافة (10).
__________
(1) في الأصل: بالهجم، والمثبت من: ب.
(2) زيادة من المحقّق للإيضاح.
(3) في ب: سنة 381، وانظر الخبر عند ابن كثير: البداية والنّهاية 11/ 308.
(4) هو: الخليفة، القادر بالله أحمد بن المقتدر.
(5) في الأصل: وأسلموا.
(6) التّكملة من: ب.
وهذا يتعارض مع ما ورد في بعض المصادر الأخرى التي تنصعلى أنّ القادر أحسن معاملة الطّائع، وأبقاه مكرّما. وأنّه وما اتّفق هذا الإكرام لخليفة مخلوع مثله.
انظر: الذّهبي: سير 15/ 126، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 261، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 411.
(7) (خلافته سبع) ساقطة من: ب.
(8) في تاريخ بغداد 11/ 79، وخلاصة الذّهب المسبوك ص 261، إضافة: (وخمسة أيّام)، وفي أخبار الدّولة المنقطعة ص 251، إضافة: (ستة أيّام).
(9) في ب: سنة: 393.
(10) انظر: الإربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 261، وفيه: ليلة عيد الفطر.(3/1648)
خبر (1) القادر، هو: [أحمد] (2) بن إسحاق بن جعفر:
(كنيته، واسم أمّه، وتأريخ مولده) (3):
يكنّى: أبا إسحاق (4).
وقيل: أبو العبّاس (5).
أمّه أم ولد أرمنية، اسمها: غزال.
وقيل: قطر النّدا (6).
ولدته سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة (7).
(بيعته) (8):
بويع بعد خلع ابن أخيه الطّائع، لسبع بقين من شعبان عام واحد وثمانين وثلاثمائة (9).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) في الأصل: محمّد، والتّصويب من: ب.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) لم أقف على هذه الكنية في المصادر الأخرى.
(5) الخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 37، وابن العمراني: الإنباء ص 183، وابن الجوزي:
المصباح المضيء 1/ 584، وابن الأثير: الكامل 7/ 148، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 261، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 411.
(6) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(7) في ب: سنة (336هـ).
والخبر في: خلاصة الذّهب المسبوك ص 261، وتاريخ الخلفاء ص 411.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(9) في ب: عام 381، والخبر في أخبار الدّولة المنقطعة ص 254.(3/1649)
نقش خاتمه:
اقتدرت بالله (1).
وزيره:
إسماعيل بن عباد، الصّاحب (2).
وكان يجتمع في كلّ يوم مع أهل العلم (3)، وله شعر رقيق، وتراسل عتيق.
حاجبه:
مبارك (4) النّصراني.
__________
(1) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 261: (القادر بالله).
(2) في الأصل: ابن عبد الله، التّصويب من: ب.
وهو: إسماعيل بن عبّاد بن عبّاس الطّالقاني، وزير الملك مؤيّد الدّولة بويه بن ركن الدّولة، مات سنة (385هـ). ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/ 233228، والذّهبي: سير 16/ 514511.
(3) في ب: وكان يضرب في كلّ من العلم.
قلت: وممّا يدلّ على علمه وحسن مذهبه وصحّة اعتقاده قول الخطيب فيه: وكان صنّف كتابا في الأصول، ذكر فيه فضائل الصّحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث، وأورد في كتابه فضائل عمر بن العزيز، وإكفار القائلين بخلق القرآن، وكان الكتاب يقرأ كلّ جمعة في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهدي، ويحضر النّاس سماعه. تاريخ بغداد 4/ 37، 38.
(4) في ب: برك، ولم أقف على ترجمته. قلت: وهذا لا يصح قوله عن القادر بالله رحمه الله لأنه كان دينا عالما متعبدا وقورا غيورا على دين الله من جلّة الخلفاء وأمثلهم، عدّه ابن الصلاح في الشافعية، تفقه على أبي بشر أحمد بن محمد الهروي، وله جهود عظيمة في الحفاظ على السنة. وهو يعلم رحمه الله أن المؤمن لا يتخذ الكافر وليا(3/1650)
ومدبّر (1) الملك والأجناد والرّعيّة (2) والبلاد: [بهاء الدّولة] (3) أبو نصر بن غضد الدّولة، وكان ضعيف (4) الحجاب، [عالي الصّيت] (5)، ممتنع الباب.
وكانت للقادر أخلاق نفيسة، وهمّة راسية (6)، ونفس عليّة (7)،
__________
يستأمنه ويستنيمه على عمل شأنه عظيم كالحجابة التي هي موضع أمانة كالوزارة والكتابة وغيرها من مناصب الخلافة، لقوله تعالى: {لََا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكََافِرِينَ أَوْلِيََاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللََّهِ فِي شَيْءٍ إِلََّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقََاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللََّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللََّهِ الْمَصِيرُ (28)} سورة آل عمران:
الآية (28)، وقوله تعالى: {* يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصََارى ََ أَوْلِيََاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ (51)}
سورة المائدة: الآية (51)، ومنه قول عمر لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما لما استكتب نصرانيا: «لا تأمنوهم وقد خوّنهم الله تعالى، ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله تعالى، ولا تعزوهم وقد أذلهم الله تعالى» رواه البيهقي في السنن الكبرى 9/ 204، 10/ 127.
(1) في ب: والمدبر.
(2) في ب: والرعايا.
(3) في الأصل: عزّ الدّولة، والصّواب من البداية والنّهاية 11/ 309.
وهو: أبو النّصر أحمد بن عضد الدّولة، مات سنة (403هـ). الذّهبي: سير 17/ 185.
(4) في ب: صعب.
(5) في الأصل: على الصّوت، والمثبت من: ب.
(6) في ب: ربيسة.
(7) في الأصل: علوية، والمثبت من: ب.(3/1651)
وأمور مرضيّة، وكان زاهدا لم يجمع في أيّامه بين جاريتين، ولم يأكل من مال الخلافة، بل [كان] (1) يأكل من مال أبيه (2) لا غير.
وكان كثير الصّلاة والصّيام والصّدقة (3).
وقال (4) أبو الفضل محمّد (5) بن عبد العزيز [بن العبّاس] (6)
الهاشمي /: سمعت القادر وقد جلس يوما، وقد أرجف عليه على [153/ ب] رأس (7) خمس وثلاثين من خلافته فقال: يا عليّ! قل لهم (8):
{* لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنََافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (9) الآية.
قال: بلغنا ما نقلوه (10): أنّ الملقّب بالقدرة يملك الأمور (11) أربعين
__________
(1) الزّيادة من: ب.
(2) في ب: ورثة لأبيه.
(3) انظر: الخطيب البغدادي: تاريخ 4/ 37.
(4) في ب: قال.
(5) هو: محمّد بن عبد العزيز بن العبّاس، أبو الفضل الهاشمي، كان صدوقا خيّرا فاضلا، وكان أحد الشّهود المعدّلين، ولد سنة (380هـ). وتوفّي سنة (444هـ).
الخطيب: تاريخ 2/ 354، 355.
(6) الزّيادة من: ب.
(7) (رأس) ساقطة من: ب.
(8) (لهم) ساقطة من: ب.
(9) سورة الأحزاب: الآية (60).
(10) في ب: فيما نقلناه.
(11) في ب: الأمر.(3/1652)
سنة على رغم أنفهم (1).
فعاش في الأمر حتّى زاد عن (2) ذلك (3).
ومدح القادر بهذين البيتين:
لا زلت تحيى بنعم (4) لا نفاد لها ... في ضل عزّ على الدّولة (5) تحتكم
تفن وتبقى وتستبقى، وتلهلك من (6) ... ناوى، ترجّى وتخشى (7) باسمك الأمم (8)
(مدّة خلافته، وتاريخ وفاته، ومبلغ سنّه، ومكان دفنه) (9):
وكانت خلافته إحدى وأربعين سنة، وثلاثة أشهر (10).
وتوفّي في الحادي عشر من ذي الحجّة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة (11).
__________
(1) في ب: أنافهم.
(2) في ب: على.
(3) لم أقف على هذا الخبر في المصادر التي رجعت إليها.
(4) في ب: بنعمي.
(5) في ب: الدّولة.
(6) في ب: وتهلكني.
(7) (وتخشى) ساقطة من: ب.
(8) لم أجده في المصادر الأخرى.
(9) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(10) الخطيب: تاريخ 4/ 38، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 586، وابن ظافر:
أخبار الدّولة المنقطعة ص 256.
(11) في ب: سنة (422هـ). والخبر عند الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 263.(3/1653)
وهو ابن ستّ وثمانين سنة (1).
ودفن في دار الخلافة، ثم نقل إلى [تربته] (2) بالرّصافة (3).
__________
(1) ذكره ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 586.
(2) التّصويب من: ب، وفي الأصل: ركبة.
(3) ابن العمراني: الإنباء ص 187، والذّهبي: سير 15/ 137.(3/1654)
خبر (1) القائم، هو عبد الله بن أحمد القادر:
(كنيته، واسم أمّه) (2):
يكنّى: أبا جعفر (3).
وقيل: أبو العبّاس (4).
أمّه جارية كوفية، اسمها: [بدر] (5) الدّجى (6).
وقيل: قطر النّدا (7).
(بيعته) (8):
بويع في اليوم الذي توفّي فيه والده، وهو ابن ثلاثين سنة (9).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) انظر: الخطيب: تاريخ 9/ 399، وابن العمراني: الإنباء ص 188، وابن الأثير:
الكامل 7/ 355، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 264، والذّهبي: سير 15/ 138، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 31، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 517.
(4) لم أقف على هذه الكنية في المصادر الأخرى.
(5) التّكملة من: ب.
(6) ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 262، والذّهبي: سير 15/ 138، والسّيوطي:
تاريخ الخلفاء ص 417.
(7) الخطيب: تاريخ 9/ 399، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 264.
(8) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(9) في المصباح المضيء 1/ 588، ومحاضرة الأبرار ص 47: (كان سنه يومئذ يعني:
يوم بويع إحدى وثلاثين سنة).(3/1655)
نقش خاتمه:
قمت بأمر الله (1).
وزيره:
صابور بن يزيد (2) الدّيلمي.
وكاتبه:
الوزير المهلبي (3).
حاجبه:
رشيد (4) مولاه.
وكانت للقائم أخلاق حسنة، وأعراض مستحسنة (5)، يميل إلى اللّذات، ويؤثّر الشّهوات، ويحبّ الصبا ويهوى الظّبي (6).
وكان شاعرا، فمن شعره:
القلب من خمر التّصابي مشرق ... هل للعذير من شراب معطش؟ (7)
والنّفس من برح الهوى مقتولة ... ولكم قتيل في الهوى لم ينعش
جمعت عليّ من الغرام عجائب ... خلّفن قلبي في غرام موحش
__________
(1) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 264: العزّة لله وحده.
(2) في ب: سابور بن أردشير.
(3) لم أتوصّل إلى معرفته.
(4) في ب: رشد.
(5) (وأعراض مستحسنة) ساقطة من: ب.
(6) (ويحب الصّبا ويهوى الظبي) ليست في: ب.
(7) (معطش) تكرّرت في: الأصل.(3/1656)
خلّ يصدّني وعدم مستنصح ... ومنازع يفرى ونمّام يفش (1)
(مدّة خلافته، وتأريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (2):
وكانت خلافته ثمان (3) وأربعين سنة.
وتوفّي بسرّ من رأى بعد أن بايع لابنه محمّد سنة سبعين وأربعمائة (4) حتف أنفسه محموما] (5).
وهو ابن ثمان وسبعين سنة (6).
ولم يكن للخليفة في ذلك العصر خلافة مشهورة، ولا إمارة مذكورة لأنّ الدّيلم كانوا يصرفون الخلفاء تصريف (7) الأفعال، وينقلونهم من حال إلى حال.
__________
(1) ورد هذا الشّعر كاملا، عند ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 591، باختلاف في بعض الألفاظ.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: ثمانية.
(4) في ب: سنة (470هـ).
(5) الزّيادة من: ب.
(6) لم أقف على هذا الخبر عند غير المؤلّف.
وهو بخلاف ما ورد في المصادر الأخرى التي تشير إلى أنّ خلافته كانت أربعا وأربعين سنة. وقيل: خمسا وأربعين.
وتوفّي سنة سبع وستّين وأربعمائة.
وعمره: أربع وسبعون سنة.
وقيل: خمس وسبعون.
انظر: ابن العمراني: الإنباء ص 200، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 262، والذّهبي: سير 15/ 141، الإربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 267.
(7) في الأصل: بتصرّيف، والمثبت من: ب.(3/1657)
خبر (1) الذّخيرة، وهو محمّد بن عبد الله [القائم] (2):
(كنيته، ولقبه، واسم أمّه) (3):
يكنّى: أبا عبد الله.
ولقبه: ذخيرة الدّين.
أمّه أم ولد بصرية اسمها: ثمينة (4).
بويع (5) الذّخير سنة سبعين وأربعمائة (6).
وهو ابن ثلاثين سنة.
وكان يدبر ملكه: جلال الدّولة بن سلطان الدّولة شجاع.
ولم يكن له وزير ولا كاتب، غير [وزراء] (7) هذا العجمي، وكاتبه.
وكانت خلافته عشرين سنة.
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) تكملة من: ب.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.
(5) تؤكّد المصادر الأخرى على أنّ ذخيرة الدّين أبو القاسم محمّد بن القائم، ولد في جمادى الآخرة سنة (431هـ)، وقد رشّحه أبوه للخلافة بعده، وخطب له بولاية العهد، لكنّه مات في خلافة والده في ذي القعدة سنة (447هـ).
راجع ابن الأثير: الكامل 8/ 21، 73، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 267، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 67.
(6) في ب: سنة (470هـ).
(7) التّكملة من: ب.(3/1658)
ومات سنة تسعين وأربعمائة (1) ببغداد من وجع طرقه (2).
وهو ابن خمسين سنة، بعد أن بايع لابنه عبد الله، ودفن ببغداد، وصلّى عليه ابنه المذكور.
__________
(1) في ب: سنة (490هـ).
(2) في الأصل: بطرفه، والمثبت من: ب.(3/1659)
خبر (1) المقتدي، هو عبد الله بن محمّد الذّخيرة:
(كنيته، واسم أمّه) (2):
يكنّى: أبا القاسم (3).
أمّه جارية اسمها: نجيبة (4).
(بيعته) (5):
بويع سنة تسعين وأربعمائة (6).
وهو / ابن ثلاثين سنة (7). [154/ أ].
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 593، وابن العمراني: الإنباء ص 201، والأربلي:
خلاصة الذّهب المسبوك ص 268، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 110.
(4) المشهور أنّ اسمها: أرجوان. وتدعى: قرة العين، أدركت خلافة ولدها هذا، وخلافة ولديه، من بعده، المستظهر والمسترشد.
ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 279، وابن الأثير: الكامل 8/ 170، والأربلي:
خلاصة الذّهب المسبوك ص 268، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 111.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) في ب: سنة (490هـ).
وهذا خلاف ما ورد في المصادر الأخرى التي تشير إلى أنّه بويع بعد وفاة جدّه القائم بأمر الله سنة سبع وستّين وأربعمائة.
(7) هذا التّاريخ لا يتّفق مع ما ورد في المصادر الأخرى التي تشير إلى أنّه بويع بعد وفاة جدّه القائم بأمر الله سنة سبع وستّين وأربعمائة.(3/1660)
وقد خطّه الشّيب. [في فوديه] (1).
وكان ذا عقل، وسكينة، لكنّه محجور عليه.
(مدّة خلافته، وتأريخ وفاته) (2):
وكانت خلافته عشرين سنة.
وتوفّي على رأس خمسمائة (3)، وله خمسون.
ولمّا نزلت به الغاشية وهي العلّة التي مات منها (4).
بايع لابنه أحمد بالخلافة.
وتوفّي بسرّ من رأى، وصلّى عليه ابنه أحمد (5) ولي عهده، ودفن بها ليلا، وأخفر قبره (6).
__________
(1) التّكملة من: ب.
فود الرّأس: جانباه. يقال: بدا الشّيب بفوديه. الجوهريّ: الصّحاح 2/ 520، (فود).
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في ب: الخمس.
وهذا التّاريخ خلاف المشهور في المصادر الأخرى التي تشير إلى أن سنّه يوم بويع كان تسع عشرة سنة. ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 593. والأربلي: خلاصة الذهب ص 268.
(4) في ب: بها منها.
(5) ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 594، وابن الأثير: الكامل 8/ 170.
(6) لم أقف على هذا الخبر في المصادر الأخرى.(3/1661)
خبر (1) المستظهر بأمر الله، هو: أحمد بن عبد الله المقتدي:
(كنيته، واسم أمّه) (2):
يكنّى: أبا العبّاس (3).
أمّه جارية مصرية اسمها: طيف الخيال (4).
(بيعته) (5):
بويع على رأس خمسمائة (6)، وهو ابن عشرين سنة (7).
وكان مشغولا باللّعب واللهو (8).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) انظر: ابن العمراني: الإنباء ص 206، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 594، وابن الأثير: الكامل 8/ 170، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 270، والذّهبي: سير 19/ 396، والسّيوطي: تاريخ الخلفاء ص 426.
(4) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 270: أمّه أم ولد اسمها: كلبهار.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) في ب: الخمس مائة.
(7) هذا خلاف ما ورد في المصادر الأخرى إذ إنّها تصرّح ببيعته سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وعمره ستّ عشرة سنة. راجع المصادر المتقدّم ذكرها.
(8) هذا القول يتعارض مع ما ورد في المصادر الأخرى التي تنص على أنّ المستظهر كان حسن السّيرة، رضيّ الفعال، حميد الأيّام، كريم الأخلاق، ولين الجانب، يحبّ اصطناع النّاس، ويفعل الخير ويسارع إلى أعمال البرّ والمثوبات، مشكور المساعي، لا يرد مكرمة تطلب منه.
انظر: ابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 595، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 282، وابن الأثير: الكامل 8/ 281، والذّهبي: سير 19/ 397.(3/1662)
وفي خلافته استحوذ الرّوم على أكثر (1) بلاد الشّام وبيت المقدس (2).
(مدّة خلافته، وتأريخ وفاته) (3):
وكانت خلافته ثلاث (4) عشرة سنة وخمسة أشهر (5).
[وتوفّي سنة: 513هـ] (6).
وبايع لابنه الفضل عند وفاته.
__________
(1) في الأصل: كثرة من، والمثبت من: ب.
(2) انظر تفاصيل أخذ الفرنج بيت المقدس عند ابن الأثير: الكامل 8/ 189، وابن كثير:
البداية والنّهاية 12/ 156.
(3) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(4) في ب: ثلاثة.
(5) (وخمسة أشهر) ساقطة من: ب.
(6) زيادة من: ب.
المشهور من تاريخ وفاته سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. راجع: مصادر ترجمته السّابقة.(3/1663)
خبر (1) المسترشد بالله، وهو الفضل بن أحمد المستظهر:
(كنتيه، واسم أمّه) (2):
يكنّى: أبا منصور (3).
وأمّه جارية بغدادية، تسمّى: لبابة (4).
(بيعته) (5):
بويع يوم وفاة أبيه، وهو ابن سبع عشرة سنة (6).
وزيره:
مسعود بن صخر (7).
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) ابن العمراني: الإنباء ص 210، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 596، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 286، وابن الأثير: الكامل 8/ 281، والذّهبي: سير 19/ 561، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 182.
(4) الأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 272.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) في المصباح المضيء 1/ 596: (وكان له يعني: يوم بويع سبع وعشرون سنة).
(7) في ب: سنجر.
ولعلّ المقصود: مسعود بن محمّد بن ملكشاه. السّلطان السّلجوقي الذي دخل بغداد سنة (527هـ). فخلع عليه الخليفة وولّاه السّلطنة، وفي سنة (529هـ)، خرج مسعود إلى همذان ليملّكها بعد وفاة أخيه طغرل بن محمّد ثم حدث بين مسعود والخليفة خلاف فساءت العلاقة بينهما، واستطال نوّاب مسعود على العراق وعارضوا الخليفة في أملاكه، وطمع مسعود في الاستيلاء على بغداد فلمّا علم الخليفة بذلك انزعج واستعدّ لذلك، وخرج في جيش كبير والتقيا في شهر رمضان(3/1664)
وطمحت نفس المسترشد أن يقف (1) على أمور مملكته وعماله (2)، وصنع دعوة جميلة لمسعود (3). ووجّه الدّيلم إليه ليقتلهم، ويباشر أموره بنفسه (4). فأحسّ مسعود (5) بتدبيره فأتاه مع رجلين من قرابته، فدخلوا عليه للمشاورة (6) في الأمور [على العادة فقبّلوا الأرض، ووقفوا بين يديه، فأمرهم بالجلوس، فتكلّم الرّجلان بالفارسية كلاما لم يفهمه الخليفة، فما حفظ المسترشد [إلّا] (7) أنّهما يسألانه في تقبيل يده، فمدّها إليهما، فجبذوه بها عن سرير الملك حتّى سقط على وجهه، ثم جعل عمامته في عنقه، ومضوا به إلى دار مسعود بخلعه، وقتله بالخنق (8).
__________
سنة (529هـ)، بهمذان، فهزم الخليفة وأسر، ثم قتله جماعة من الباطنية في شهر ذي القعدة سنة (529هـ).
انظر التّفاصيل عند: ابن الأثير: الكامل 8/ 339، 347، 348، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 204، 207، 208، وابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 201.
(1) في الأصل: يوقفه، والتّصويب من: ب.
(2) في الأصل: وعمالته، والمثبت من: ب.
(3) في الأصل: الخلافة بمسعود، والمثبت من: ب.
(4) في الأصل: أمره لنفسه، والمثبت من: ب.
(5) في الأصل، وب: المسعودي، وما أثبته هو الصّواب.
(6) في ب: للمشورة.
(7) زيادة يقتضيها السّياق من المحقّق.
(8) هذا القول خلاف ما ورد في المصادر الأخرى حول مقتل الخليفة المسترشد.
فهي تتّفق على أنّ المسترشد بعد أن أسر نتيجة للقتال الذي حصل بينه وبين مسعود السّلجوقي، دخل عليه في الخيمة التي كان فيها جماعة من الباطنية الإسماعيلية فقتلوه، وقتلوا معه جماعة من أصحابه.(3/1665)
وكانت خلافته سبع عشرة سنة] (1).
وتوفّي سنة ثلاثين وخمسمائة (2).
وهو ابن سبع وثلاثين سنة (3).
قد (4) خطّه الشّيب (5).
[وأقام مسعود] (6) ابنه المنصور بن الفضل (7)، وهو شابّ فبايعه بالخلافة، وأجمله في الدّستة (8).
__________
انظر: ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 289، وابن الأثير: الكامل 8/ 348، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 273، والذّهبي: سير 19/ 565، وابن كثير:
البداية والنّهاية 12/ 208.
(1) التّكملة من: ب.
(2) في ب: سنة (530هـ)، وفي مصادر ترجمته السّابق ذكرها: كان مقتله سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
(3) في أخبار الدّولة المنقطعة ص 290، قتل المسترشد رحمه الله، وله من العمر ثلاث وأربعون سنة، وفي خلاصة الذّهب المسبوك ص 273، وعمره خمس وأربعون سنة.
(4) في ب: وقد.
(5) في الأصل: الشّيخ، والتّصويب من: ب.
(6) التّكملة من: ب.
(7) (ابن الفضل) ساقطة من: ب.
(8) في الأصل: وأجلسه بالدّستة. والمثبت من: ب.
ولعلّ المقصود من هذه العبارة هو: استكمال الثّلاثين خليفة من بني العبّاس به، على رأي المؤلف، خلاف المشهور.(3/1666)
خبر (1) الرّاشد (2) بالله تعالى:
هو: [المنصور بن] (3) الفضل المسترشد
أمّه: جارية عراقية اسمها: خشب (4).
(بيعته) (5):
بويع وهو ابن ستّ عشرة (6) سنة، ودبّر ملكه مسعود (7) المذكور قبل إقامته (8) خمس سنين.
وقتل سنة خمس وثلاثين وخمسمائة (9)، وهو ابن إحدى وعشرين سنة.
__________
(1) (خبر) ساقطة من: ب.
(2) في الأصل: الرّشيد، والتّصويب من: ب.
(3) التّكملة من: ب.
(4) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 274: أمّه أم ولد اسمها جلنار.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) في الأصل: ستة عشر، والتّصويب من: ب.
(7) في الأصل، وب: المسعود، والصّواب ما أثبته، وقد تقدّمت ترجمته.
(8) في ب: أن قام خليفة.
(9) في ب: سنة (535هـ).
وهذا التّاريخ لا يتّفق مع ما ورد في المصادر الأخرى التي تدلّ على أنّ مقتله كان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
انظر: ابن العمراني: الإنباء ص 222، وابن الأثير: الكامل 8/ 362، وابن كثير:
البداية والنّهاية 12/ 212.(3/1667)
وذلك أنّه قدم خشيشة (1)، وصلوا من خراسان، وأظهروا عبادة ونسكا، وذكروا إنّما جاؤوا للبيعة والتّبرّك، والنّظر لإمامهم ورغبوا في ذلك حتّى جاءهم (2) الرّاشد (3) فلمّا دخلوا عليه جعلوا يركعون له ويسجدون، وهم يقولون: [واخراجاه، واخليفتاه، واإماماه] (4)، حتّى تقرّب إليهم (5)، وهو مطمئن إليهم فركبوا (6) عليه. [كأنّهم يقبّلون يديه، فضربوه بالخناجر حتّى قتلوه، وفرّوا، وقام الصّياح فطلبوا فأخرقهم (7)
قوم] (8)، وقتلوا، وسلم آخرون (9).
__________
(1) في ب: أنّ قوما حثيثا.
والخشيشة والخشّ: الرّجّالة، والواحد: خاش. الفيروز آبادي: القاموس المحيط ص:
764، (خشش).
(2) في ب: جلس لهم.
(3) في الأصل: الرّشيد، والمثبت من: ب.
(4) في الأصل: وأخرجوه، والهموه، وخليفة خليفة، والمثبت من: ب.
(5) في ب: حتّى تقربوا منه.
(6) في ب: فاكبوا.
(7) هكذا وردت هذه الكلمة في: ب، ولعلّ صوابها: فأحضر منهم.
(8) التّكملة من: ب.
(9) تختلف الرّوايات حول كيفية مقتل الرّاشد والمتسبّب في ذلك.
فقيل: إنّه مات مسموما.
وقيل: قتله رجل ممّن كان يخدمه من الخراسانية.
وقيل: قتلته الباطنية.
وقيل: قتله الفراشون الذين كانوا يلون أمره.(3/1668)
فبايع النّاس أخاه (1) عبد الله (2) بن المسترشد [لكونه لم يترك] (3) ولدا كبيرا، ولا عهد [إلى أحد] (4).
__________
انظر: ابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 296، والذّهبي: سير 19/ 571، 572، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 212، 213.
(1) في ب: أخوه.
(2) لم أجد له ترجمة.
(3) التّكملة من: ب.
(4) في الأصل: له، والمثبت من: ب.(3/1669)
خبر المقتفي لأمر الله، هو: [أبو عبد الله بن المستظهر] (1):
(كنيته) (2):
يكنّى: أبا محمّد (3).
أمّه جارية شامية (4).
(بيعته) (5):
بويع سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، وله خمس وعشرون سنة (6).
ومدبّر ملكه نور الدّين (7) [بن المسعود] (8). ولكنّه أكثر مقامه بخراسان.
__________
(1) في الأصل، وب: هو عبد الله بن المسترشد، والتّصويب من ابن العمراني: الإنباء ص 225، وابن الجوزي: المصباح المضيء 1/ 598، والسّويدي: سبائك الذّهب ص 390، وابن ظافر: أخبار الدّولة المنقطعة ص 298، وابن الأثير: الكامل 8/ 368، والأربلي: خلاصة الذّهب المسبوك ص 275، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 241.
(2) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(3) في مصادر ترجمته السّابقة: أبو عبد الله.
(4) في خلاصة الذّهب المسبوك ص 275: أمّه أم ولد يقال لها: نزهة، حبشية.
(5) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(6) تشير أغلب المصادر الأخرى إلى أنّه بويع سنة ثلاثين وخمسمائة، وعمره أربعون سنة. راجع الأنباء ص 225، والمصباح المضيء 1/ 598، وأخبار الدّولة المنقطعة ص 298.
(7) الذي كان مدبّر ملك الخليفة المقتفي إنّما هو السّلطان السّلجوقي مسعود بن محمّد بن ملك شاه.
(8) التّكملة من: ب.(3/1670)
وخرج [قيماز] (1) على المقتفي، وشغب البلاد، فبعث إليه [بعض] (2) غلمانه، فحاربه، وقتل [قيماز] (3)، وتفرّق من كان معه.
(مدّة خلافته، وتأريخ وفاته، ومبلغ سنّه) (4):
وكانت / خلافة المقتفي خمسا وعشرين سنة.
ومات سنة [154/ ب] ستّين وخمسمائة (5) حتف أنفه.
وهو ابن إحدى وخمسين سنة.
__________
(1) في الأصل: يوما، والمثبت من: ب.
ومن المعروف أنّ قيماز بن عبد الله المستنجدي، كان وزير الخليفة المستضيء الذي أصبح خليفة من سنة (575566هـ). وكان مقدما على العسكر كلّها ثم خرج عليه، وكانت وفاته سنة (570هـ).
انظر: الذّهبي: سير 21/ 66، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 298.
(2) التّكملة من: ب.
(3) في الأصل: غلمانه، والتّصويب من: ب.
(4) عنوان جانبيّ من المحقّق.
(5) هذا خلاف ما ورد في مصادر ترجمته التي تدلّ على أنّ وفاته كانت سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
أمّا مدّة خلافته ومبلغ سنّه يوم وفاته فهناك اختلاف بين المؤرّخين في تحديد ذلك.
فلتراجع مصادر ترجمته.(3/1671)
المأمون (1)، وهو محمّد بن عبد الله المقتفي:
يكنّى: أبا عبد الله.
أمّه جارية يمانية اسمها: علم.
بويع في اليوم (2) الذي مات فيه أبوه.
وهو ابن عشرين سنة.
[ومدبّر مملكته نور الدّين المذكور] (3).
__________
(1) لم أعثر على ترجمة هذا الخليفة، لكن الوارد في المصادر التّاريخية أنّ المستنجد بالله يوسف بن المقتفي، أبو المظفر، هو الذي خلّف أباه بعد وفاته من سنة (555 566هـ)، ثم خلّف بعده ابنه المستضيء من سنة (575566هـ).
راجع ابن الأثير: الكامل 9/ 68، 108، 148، وابن كثير: البداية والنّهاية 12/ 241، 262، 304.
(2) (في اليوم) ساقطة من: ب.
(3) التّكملة من: ب.
وقف المؤلّف هنا ولم يذكر شيئا من أخبار الخلفاء العبّاسيّين الذين عاصرهم كالمستضيء بأمر الله من سنة (575566هـ).
ثم النّاصر لدين الله من سنة (622575هـ).
مع أنّه ذكر حكم عبد المؤمن بن عليّ الموحّدي بالمغرب وإفريقية من سنة (524 558هـ).
ثم حكم بن يوسف عبد المؤمن من سنة (580558هـ).
ثم يعقوب بن يوسف من سنة (595580هـ).
وربّما كان سبب ذلك كثرة الفتن والاضطرابات في عهده، وضعف هؤلاء الخلفاء، أو أنّه لم تصل إليه أخبارهم. والله أعلم.(3/1672)
كمل كتاب الاكتفاء في أخبار الخلفاء رضي الله عنهم، ونفعنا بمحبّتهم، آمين يا ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم تسليما، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم (1). / [155/ أ].
__________
(1) قال الناسخ لنسخة ب: كمل كتاب الاكتفاء في أخبار الخلفاء، تأليف الشّيخ الكردبوسي، والحمد لله حقّ حمده، وصلّى الله على سيّدنا محمّد نبيّنه وعبده سنة (1194هـ).(3/1673)
الخاتمة(3/1675)
انتهيت بحمد الله، وفضله ومنّه، وكرمه من دراسة وتحقيق كتاب:
(الإكتفاء في أخبار الخلفاء)، لعبد الملك بن محمّد التّوزري، وقد توصّلت إلى نتائج متنوعّة منها: العقدية، والفقهيّة، والتّأريخة، وأحبّ هنا أن أشير إلى أبرز هذه النّتائج، ورأيت تصنيفها على النّحو التّالي:
أوّلا
: النّتائج المستنبطة من الدّراسة وأهمّها:
1 - ترجيح أنّ ابن الكردبوس التّوزري، ولد في العقد الخامس من القرن السّادس الهجري، وأنّ وفاته كانت في العقد الأوّل من القرن السّابع.
2 - بيان أنّ ابن الكردبوس كان محدّثا ومؤرّخا وفقيها على مذهب الإمام مالك رحمه الله، إلّا أنّه تأثّر ببعض أفكار ومبادئ ابن تومرت.
3 - بيان تمسّك الشّعب الإفريقي بالسّنة في العصر الذي عاش فيه المؤلّف على الرّغم من قسوة العبيديّين الذين سعوا جاهدين على نشر المذهب الإسماعيليّ.
4 - بيان أنّ المرابطين الذين حكموا المغرب كانوا على مذهب أهل السّنة والجماعة، وحالهم بالجملة أهل ديانة وصدق ونية خالصة.
5 - بيان أنّ الإسكندرية في العصر الذي عاش فيه ابن الكردبوس التّوزري كانت مركزا من المراكز العلمية والثّقافية، تضجّ بالعلماء ورجال الفكر والأدب من كلّ صنف.(3/1676)
ثانيا:
النّتائج المستنبطة من التّحقيق، وأهمّها على سبيل المثال:
1. بيان أنّ المؤلّف سلك في منهجه هذا سبيل الإيجاز من أجل التّقريب على قارئه، والاختصار على النّاظر فيه.
2. التّحقيق في مصير عبد المطلب بن هاشم، وأنّه مات مشركا، ويعدّ من أهل الفترة الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أطاع استحقّ الثّواب، ومن عصى فله العذاب.
3. بيان حقيقة موقف سعد بن عبادة، وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما من بيعة الصّديق رضي الله عنه، وأنّه لم يعارضه أو يطعن في بيعته بل سلم له، وأصبح طائعا منقادا لأمره، وأنّ عليّا بايع أبا بكر في اليوم الأوّل أو الثّاني من وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
4. بيان جواز التّغنّي بالشّعر المباح وهو الغناء المجرّد من آلة الطّرب أو فعل منكر.
5. بيان حقيقة العلاقة بين عمرو بن العاص، وعثمان بن عفّان رضي الله عنهما.
6. ترجيح أنّ قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (1)، لم تنزل في الوليد بن عقبة رضي الله عنه.
7. بيان بطلان ما نقمته الرّافضة على عثمان رضي الله عنه في مسألة إتمامه للصّلاة بمنى.
__________
(1) سورة الحجرات: الآية (6).(3/1677)
8. بيان حقيقة سيرة سعيد بن العاص رضي الله عنه.
9. ثبوت براءة محمّد بن أبي بكر من قتل عثمان رضي الله عنهما.
10. ثبوت براءة عليّ من قتل عثمان رضي الله عنهما.
11. ترجيح أنّ الذي ولد في الكعبة هو حكيم بن حزام رضي الله عنه، وليس عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
12. بيان حقيقة سيرة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
13. توضيح عدم ثبوت التّوريث مع الشّكّ في شرطه، وهو حياة الوارث بعد موت المورّث.
14. ترجيح أنّ يعلى بن أمية لم يقتل في صفين، وإنّما عاش بعدها إلى قريب السّتّين.
15. بيان أنّ كتاب الإمامة والسّياسة من الكتب التي نسبت إلى غير أصحابها.
16. التّنبيه على المبالغة التي وردت في عدد جيش عليّ رضي الله عنه في صفين.
17. بيان أنّ من قتل من أهل العدل في معركة غير معركة المشركين، فحكمه في الغسل حكم من قتل في معركة المشركين، وهو عدم الغسل.
18. ثبوت أصل قضية التّحكيم، وبراءة الحكمين، من كذب المبتدعة.(3/1678)
19. ثبوت خلافة الحسن بن عليّ رضي الله عنهما، وأنّها من فترة الخلافة الرّاشدة.
20. وجوب محبّة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحرمة بغض أحد منهم أو سبّهم.
21. بيان عدم جواز لعن أحد من المسلمين بعينه.
22. بيان التّهم التي ألصقت بيزيد بن معاوية، ومنها شرب الخمر.
23. التّنبيه على المبالغة التي وردت في عدد قتلى مصعب بن الزّبير من أهل العراق.
24. بيان جواز شرب الطلاء طالما أنّه غير مسكر.
25. التّنبيه على حصول المبالغة والتّهويل في عدد قتلى الحجّاج ابن يوسف، وعدد من وجد في سجنه بعد موته.
26. بيان حقيقة العلاقة بين طارق بن زياد، وموسى بن نّصير.
27. التّنبيه على الكذب في نهم سليمان بن عبد الملك في الطّعام، والمبالغة في تقدير ما كان يأكله كلّ يوم.
28. بيان أنّ وصف الوليد بن يزيد بالإلحاد والانحلال من الدّين افتراء وكذب عليه.
29. بيان حقيقة حال عبد الرّحمن النّاصر، وأنّه كان ناسكا عابدا، قضى مدّة حكمه في الغزو والجهاد.
30. بيان حقيقة محمّد بن تومرت، الذي ادّعى لنفسه وتلقّب بالمهدي.
31. بيان أنّ المأمون العبّاسي أوّل من دعا إلى القول بخلق القرآن،
ثم سار على عقيدته خليفته المعتصم، الذي أودع الإمام أحمد السّجن، ثم ضربه لإصراره على الامتناع من القول بذلك.(3/1679)
31. بيان أنّ المأمون العبّاسي أوّل من دعا إلى القول بخلق القرآن،
ثم سار على عقيدته خليفته المعتصم، الذي أودع الإمام أحمد السّجن، ثم ضربه لإصراره على الامتناع من القول بذلك.
32. بيان حقيقة حال صاحب الزّنج عليّ بن محمّد العبديّ الذي ادّعى النّبوّة والرّسالة، وخرّب البلاد واستحلّ الحرمات.
33. بيان الغناء المحرّم، وهو الغناء الذي يجتمع فيه دفّ وشبابة، ورجال ونساء أو من يحرم النّظر إليه، وكلام فحش وتغزّل حرام ونحو ذلك.
34. ترجيح عدالة وفضل الخليفة العبّاسي المعتضد بن الموفق.
35. بيان حقيقة حال أبي عبد الله الشّيعي، القائم بدعوة العبيّديّين، الذي تألّه وتزهد وعمد إلى الحيل حتّى انتزع الملك من زيادة الله بن الأغلب.
36. بيان حقيقة حال الحسين بن منصور الحلّاج، الذي انسلخ من الدّين، وتعلّم السّحر، وقال بحلول الله في البشر.
37. بيان حسن سيرة الخليفة العبّاسي المستظهر بأمر الله.
وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
والحمد الله ربّ العالمين.(3/1680)
الفهارس العامّة
1 - فهرس الآيات القرآنية.
2 - فهرس الأحاديث.
3 - فهرس الآثار.
4 - فهرس الأشعار.
5 - فهرس الأعلام المترجم لهم في الكتاب.
6 - فهرس الأعلام الذين لم أتمكّن من معرفتهم.
7 - فهرس القبائل والأنساب.
8 - فهرس الأماكن المترجم لها في الكتاب.
9 - فهرس الأماكن التي لم أتوصّل إلى معرفتها.
10 - فهرس المصادر، والمراجع.
11 - فهرس المحتويات.(3/1681)
1 - فهرس الآيات القرآنية:
الآية: رقمها: الصّفحة
2 - سورة البقرة
{أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ}: 16: 1308
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمََّا نَزَّلْنََا عَلى ََ عَبْدِنََا}: 23: 185
{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللََّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ}: 137: 463
{الشَّهْرُ الْحَرََامُ بِالشَّهْرِ الْحَرََامِ وَالْحُرُمََاتُ}: 194: 173
{وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى}: 195: 1451
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ}: 225: 585
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً}: 249: 445
3 - سورة آل عمران
{لََا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكََافِرِينَ أَوْلِيََاءَ}: 28: 1651
{كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ}: 185: 1104
4 - سورة النّساء
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ}: 1: 405
{فَإِنْ تَنََازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللََّهِ}: 59: 1087
{وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}: 102: 1451
5 - سورة المائدة(3/1683)
الآية: رقمها: الصّفحة
{* يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ}: 51: 1651
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}: 9190: 1574
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوََا عَدْلٍ مِنْكُمْ}: 95: 569
6 - سورة الأنعام
{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}: 67: 958
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونََا فُرََادى ََ كَمََا خَلَقْنََاكُمْ}: 94: 979
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً لَسْتَ}: 159: 473
7 - سورة الأعراف
{قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}: 56: 1041
{أَرْجِهْ وَأَخََاهُ}: 111: 942
{إِنَّ وَلِيِّيَ اللََّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتََابَ}: 196: 727
8 - سورة الأنفال
{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ}: 42: 125
9 - سورة التّوبة
{قََاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللََّهُ بِأَيْدِيكُمْ}: 14: 553
{ثََانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ}: 40: 267
{إِنَّ اللََّهَ مَعَنََا}: 40: 268(3/1684)
الآية: رقمها: الصّفحة
10 - يونس
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ مََا لََا}: 18/ 233
11 - سورة هود
{أَلََا لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ (18)}: 18: 705
12 - سورة يوسف
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللََّهُ}: 18/ 410
14 - سورة إبراهيم
{وَمََا لَنََا أَلََّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللََّهِ}: 12: 1068
{وَاسْتَفْتَحُوا وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ}: 15: 1179
15 - سورة الحجر
{فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)}: 9392: 1104
16 - سورة النّحل
{إِلََّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ}: 106: 549، 498
{وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كََانَتْ آمِنَةً}: 112: 927
17 - سورة الإسراء
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}: 64: 1572
19 - سورة مريم
{لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (89) تَكََادُ السَّمََاوََاتُ}: 9089: 744(3/1685)
الآية: رقمها: الصّفحة
21 - سورة الأنبياء
{وَنَضَعُ الْمَوََازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيََامَةِ}: 47: 1558
{وَدََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ إِذْ يَحْكُمََانِ فِي الْحَرْثِ}: 78: 988
23 - سورة المؤمنون
{اخْسَؤُا فِيهََا وَلََا تُكَلِّمُونِ}: 108: 967
26 - سورة الشّعراء
{أَرْجِهْ وَأَخََاهُ}: 36: 942
{فَلَمََّا تَرََاءَا الْجَمْعََانِ قََالَ أَصْحََابُ مُوسى ََ}: 6261: 268
{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}: 128: 941
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ}: 227: 849
28 - سورة القصص
{طسم (1)} إلى: {إِنَّهُ كََانَ مِنَ: 41: 813 الْمُفْسِدِينَ (4)}
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ}: 5: 814
32 - سورة السّجدة
{أَفَمَنْ كََانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كََانَ فََاسِقاً}: 18: 419
33 - سورة الأحزاب(3/1686)
الآية: رقمها: الصّفحة {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ}: 16: 989
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللََّهُ}: 37: 210
{لََا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلََّا أَنْ يُؤْذَنَ}: 53: 384
{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنََافِقُونَ}: 60: 1652
39 - سورة الزّمر
{وَالَّذِي جََاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}: 33: 271
41 - فصلت
{لََا يَأْتِيهِ الْبََاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلََا مِنْ خَلْفِهِ}: 42: 503
42 - سورة الشّورى
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}: 11: 496
{وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ}: 30: 749
43 - سورة الزّخرف
{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}: 58: 569
48 - سورة الفتح
{لَقَدْ رَضِيَ اللََّهُ}: 18: 158
49 - سورة الحجرات
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ}: 6: 418
{وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}: 9: 619(3/1687)
الآية: رقمها: الصّفحة
54 - سورة القمر
{اقْتَرَبَتِ السََّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}: 21: 186
55 - سورة الرحمن
{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}: 29: 410
63 - سورة المنافقون
{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللََّهُ نَفْساً إِذََا جََاءَ أَجَلُهََا وَاللََّهُ}: 11: 629
64 - سورة التّغابن
{مََا أَصََابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلََّا}: 11: 747
74 - سورة المدثّر
{يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ}: 21: 146
82 - سورة الانفطار
{إِنَّ الْأَبْرََارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)}: 13: 1041
87 - سورة الأعلى
{صُحُفِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ (19)}: 19: 1012
93 - سورة الضّحى
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ََ (6)}: 6: 133
96 - سورة العلق(3/1688)
الآية: رقمها: الصّفحة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}: 51: 146
109 - سورة الكافرون
{قُلْ يََا أَيُّهَا الْكََافِرُونَ (1)}: 1: 1086(3/1689)
2 - فهرس الأحاديث النّبويّة:
طرف الحديث: الصّفحة (حرف الألف) إئتني بكتف حتّى أكتب لأبي بكر كتابا 266
إئذن له (أي: لعمر) 134
أثبت أحد فما عليك إلا نبي (الحاشية) 290
إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله (الحاشية) 663
أجل: أم العيال وربة البيت (لمّا سئل عن خديجة) 203
إذا ذهبت إلى البيت أرسلت به إليك يا معاوية 683
ارفعوا أيديكم فإنها (الحاشية) 186
استغفر الله إن الله كان توابا رحيما 188
ألّا إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (الحاشية) 1129
اللهم اجعل به وزغا 795
اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به 912
اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم 286
اللهم بارك في وائل وولده 638
اللهم علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب 610
اللهم متّعه بشبابه 663
أمّا ما رأيت من الطريق 192
إنّ ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به 594
أن النبي لبث بمكة عشر سنين 195(3/1690)
طرف الحديث الصّفحة إنّ حوضي ما بين عدن إلى عمّان ماؤه أشد بياضا 1079
إنّ الله سيقمصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه 456
إن الله كساك يوما سربالا (الحاشية) 456
أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي (الحاشية) 140
أن رسول الله إذا أتاه الفيء 184
إن لم تجدني فأتي أبا بكر 256
إنّ من أمنّ النّاس عليّ في صحبته وماله أبو بكر 266
أن النجاشي أمهرها أربعة آلاف (الجاشية) 209
إنه لمسقى 586
إنّه من دخل داره فهو آمن 601
أين ابن عمّك؟ 479
(حرف الباء) بينما نحن نسير مع رسول الله (الحاشية) 140
(حرف التّاء) تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله 1321
تقتل عمّار الفئة الباغية 550
(حرف الجيم) جاء زيد بن حارثة يشكو (الحاشية) 211
جزاك الله خيرا يا عائشة 152
(حرف الحاء)
طرف الحديث: الصّفحة حديث بيعة الرّضوان 730(3/1691)
(حرف الحاء)
طرف الحديث: الصّفحة حديث بيعة الرّضوان 730
(حرف الخاء) الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا 595
خلّوا عنها فإنّها مأمورة 164
خرجت مع النبي حتى انطلقنا إلى حائط (الحاشية) 213
خرجنا مع النبي حتى انطلقنا 213
خيار أمّتي الذين يلونكم ثم الذين يلونهم 347
خيرا تلقاه وشرا 189
(حرف الدّال) دخلت عليهما؟ قال: نعم 400
(حرف الذّال) ذهبت أنا وأبو بكر وعمر 214
(حرف السّين) سبعين بسبعمائة لا طير ولا طعم 45
سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر (الحاشية) 266
سيكون أمّتي من بعدي يقولون 623
(حرف العين) عبد الرّحمن أمين في الأرض أمين في السّماء 403
العين تدمع والقلب يوجع لا نقول ما يسخط الرّبّ 1044
(حرف الكاف)
طرف الحديث: الصّفحة كلّ الصّيد في جوف القرأ 600(3/1692)
(حرف الكاف)
طرف الحديث: الصّفحة كلّ الصّيد في جوف القرأ 600
(حرف القاف) قريش ولاة هذا الأمر 235
(حرف اللام) لا تمسك النّار 911
لا ولكن أحببت أن يرى النّاس مكانك منّي 469
لا، ولكنّك قاتل أو مقتول فكن المقتول 269
لا يأتيك في الجماعة إلّا خير 689
لا ينبغي لصديق 705
لعن المؤمن كقتله 705
لو لم يبق من الدنيا 1315
ليس المؤمن بالطعّام 705
ليس المؤمن الذي يأكل وجاره جائع 844
لقد كان فيما قبلكم من الأمم (الحاشية) 289
لكلّ نبيّ حواريّون، وإن حواري الزّبير 332
لما كان يوم فتح مكة اختبأ 179
لو كان بعدي نبي لكان عمر 289
لو كنت متخذا خليلا (الحاشية) 267
ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر 1572
(حرف الميم)
طرف الحديث: الصّفحة ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلّا كانت 229(3/1693)
(حرف الميم)
طرف الحديث: الصّفحة ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلّا كانت 229
ما يليني منك يا معاوية 611
من أخاف المدينة أخافه الله 770
من أمّن رجلا على دمه 663
من اقتنى كلبا لغير زرع 1370
من أكل ما يسقط من الخوان فرزق أولادا كانوا 1407
من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر 1129
من مس ذكره فليتوضأ 828
المهدي مني 1315
(حرف الهاء) هذا شبهنا 586
هل رأى أحد منكم رؤيا 188
(حرف الواو) والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها (الحاشية) 272
وأتت امرأة إلى رسول الله فأمرها 267
وما قال يا عائشة؟ 151
ويل للنّاس منك 911
(حرف الياء) يأبى الله والمؤمنون أن يختلفوا 266
يأتيكم وائل بن حجر بن ربيعة من أرض 637(3/1694)
طرف الحديث: الصّفحة يا رسول الله إني أراك قد دخلك خلة 203
يا معاوية خذ هذا السّهم حتّى تلقاني به في الجنّة 610
يخرج ناس يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية 454
يخرج في ثقيف كذاب ومبير 791
يد رسول الله لعثمان خير 160
يكون في تقيف كذاب ومبير 910
يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة 585(3/1695)
أحاديث الأفعال: طرف الحديث: الصّفحة (حرف الألف) إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم احتجم فدفع دمه 911
(حرف الباء) بعني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصحيفة فيها 223
(حرف الحاء) حجّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاث حجج 176
(حرف الدال) دخل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقعد يخصف 151
(حرف الغين) غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسع عشرة غزوة 175
(حرف الفاء) فأخذه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجره وحنكه 912
(حرف الكاف) كان النّبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلّى الصّبح 54
(حرف اللام) لمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تبوك أعطى 254
(حرف النّون) نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (القصّة) 158(3/1696)
3 - فهرس الآثار:
طرف الأثر: القائل: الصّفحة (حرف الألف) ابسط يدك يا أبا بكر: عمر بن الخطاب: 235
أتحبّ أن أبايعك يا أبا بكر؟: خالد بن سعيد: 239
اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم: عبد الرّحمن بن عوف: 412
أجلسوني أجلسوني: معاوية: 679
أحبّ أن تدخل فيما دخل فيه النّاس: أبو بكر الصّديق: 239
أخبرني عن عمر: أبو بكر: 290
أخرج إلى بعض ولد سليمان بن عليّ: الحسن بن جمهور: 142
إذا أتاك كتابي هذا فاحمل: عليّ بن أبي طالب: 515
إذا أراد أحدكم أن يتزوّج المرأة فلينظر: الزّبير: 429
أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي: خالد بن سعيد: 239
اركبوا باسم الله: ابن أبي السّرح: 445
أريني الوديعة التي استودعتكيها: معاوية: 682
استخلف يا أمير المؤمنين: عبد الله بن عمر: 378
استعن على هذا الأمر بعمرو بن العاص: عتبة بن أبي سفيان: 515
أسماء رسول الله في الكتب المنزّلة: كعب الأحبار: 218
أشعر أمير المؤمنين: رجل من بني لهب: 372
أعملوني من هذا الرّجل: عائشة: 371(3/1697)
أعني على هذا وأخرجه عنّي: نائلة زوجة عثمان: 324
أعني يا بني فإنّك لا تحمل بعده مثله: معاوية: 605
أقبلت من إفريقية أنا ورجل من العرب: مروان بن الحكم: 466
إلّا أنّ معاوية ادّعى ما ليس له: عبد الله بن بديل: 552
اللهم إنّا نستشفع إليك بعمّ نبيّنا العبّاس: عمر بن الخطاب: 350
اللهم إن كان عبدك هذا قام رياء: دعاء سعد: 380
اللهم لا تمتني حتّى أوتي به فأحنطه: أسماء بنت أبي بكر: 914
أما سمعت قول حسان بن ثابت: ابن عبّاس: 149
أمّا بعد فإنّك رجل من أهل اليمن هاجرت: الأشعث بن قيس: 512
أمّا بعد: فإنّكم معشر العمال: عمر بن الخطّاب: 310
أمّا بعد: فإنّ الله لمّا أدخل أهل الجنة الجنة: عمر بن عبد العزيز: 1081
أمّا بعد: فقد جاءن في كتابك: شرحبيل: 514
أمّا بعد: فقد كان من أمر عليّ وطلحة: معاوية: 516
أنّا الذي سمّتني أمّي حيدره: عليّ بن أبي طالب: 324
أنّا أوّل من رضي فإنّي سمعت رسول الله: عثمان بن عفّان: 403
أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب: الحباب بن المنذر: 234
أنا كنت لأن تدافعوها أخوف منّي لأن تنافسوها: أبو طلحة: 324
إن الحي أحق بالجديد من الميت: أبو بكر: 247
إن تبعثه إلى أهمّ من ذلك فإن له بصرا: أصحاب عمر: 365
إن نمت ليلي ضيعت نفسي: عمر بن عبد العزيز: 1084
انطلقوا بسم الله وفي سبيل الله فقاتلوا من كفر: عمر بن الخطاب: 213(3/1698)
انظروا كم أنفقت من مال الله منذ أن وليت: أبو بكر الصّديق: 269
إنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّدا رسولا إلى: أبو بكر الصّديق: 232
إنّ الله فتح علي أيدينا طرابس: عمرو بن العاص: 367
إنّ لك حقّ الطّاعة: المغيرة بن شعبة: 506
إنّ معاوية كان حبلا من حبال الله: يزيد بن معاوية: 690
إنّ من ولدي رجلا بوجهه شين يملأ الأرض: عمر بن الخطاب: 1062
إنّ النّاس قد أرجفوا بمسيرك: ابن عبّاس: 713
أنّ النّاس قد أعطونا سلطانا: معاوية: 616
إنّ هذا الموت حتم على الخلق: معاوية 634
إنّ المرأة أذنت لي وهي ترى أنّي أعيش: عمر بن الخطاب: 234
إنّ هذا لا يكون إلّا الإسلام: عمر بن الخطاب: 360
إنّ معشر الصّحابة لا يصلحنا إلّا أربع: عمر بن الخطاب: 309
إنّا لله وله الحمد والمنّة، قد أكرم: معاوية: 630
إنّك صاحب رسول الله، وأنت أسن منّي: عمرو بن العاص: 565
إنّهم يقولون: إنّ يزيد ليس بخير أمّة محمّد: يسير: 324
إنّي اتّخذت بمكّة أهلا: عثمان بن عفّان: 434
إنّي شيخ كبير فلا تنكري منّي ذلك: عثمان بن عفّان: 345
إنّي لعبد الله وإنّي لأمير المؤمنين: عمر بن الخطاب: 234
إنّي وأخي عاصم لانساب النّاس: عبد الله بن عمر: 379
أوص يا أمير المؤمنين: أصحاب عمر: 379
أوّل من أسلم من هذه الأمّة: محمّد بن كعب: 148(3/1699)
إيّاي تزجر وأنا ابن مخضها ولبائها: الحسن ومعاوية: 632
إيت عائشة فقل لها: عمر بن الخطاب: 385
أين تريد يا عمر؟: نعيم بن عبد الله: 283
أين كان حلمك يا معاوية عن حجر بن عدي: عائشة: 661
أين كنت في هذا الأمر؟: معاوية: 619
أيّكم يخرج نفسه منها؟: عبد الرّحمن بن: 403 عوف
أيّها النّاس اسمعوا قولي: الحسين: 727
أيّها النّاس إنّ النّاس قد أحبّوا أن يلحقوا: عبد الرّحمن بن: 407 عوف
أيّها النّاس إنّما المال مالنا: معاوية: 623
أيّها النّاس إنّي لم آتيكم حتّى أتتني رسلكم: الحسين: 721
أيّها النّاس بايعوني على سنة الله ورسوله: عبد الرّحمن بن: 411 عوف
أيّها النّاس من زرع قد استحصد: معاوية: 678
(حرف الباء) بخ بخ يا معاوية: عمر: 213
بسم الله الرّحمن الرّحيم لعبد الله أبي بكر: خالد بن الوليد: 321
بلغني أنّ عليّا كان حين قتل عثمان: مالك بن أنس: 482
بين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبين آدم: ابن عطاء عن أبيه: 130
بينما أنا أمشي مع عمر يوما: ابن عبّاس: 392
بينما نحن قائلون نادى مناد: سلمة بن الأكوع: 157(3/1700)
(حرف التّاء) تقدّم! فلولا أنّها سنة ما قدمتك: الحسين بن عليّ: 588
تلومنني وأنا سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: عمر بن الخطاب: 612
توفّني مسلما وألحقني بالصّالحين: أبو بكر الصّديق: 276
(حرف الثّاء) ثكلتك أمّك يا جبير: أبو الدّرداء: 431
(حرف الحاء) حجّة الإسلام (لما ذكر له حجّة الوداع): ابن عبّاس: 178
حججت مع عمر فكان الحادي يحدو: حارثة بن مضرب: 372
الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي على: عمر بن الخطاب: 376
الحمد الله الذي نصر المسلمين: أبو بكر: 263
الحمد لله الحميد المستحمد: عمر: 345
أحمد لله على السّراء شكر العطاية: معاوية: 693
الحمد لله ولا إله إلّا الله يعطي: عمر بن الخطاب: 373
حمدت وعظمت من عظمت: عليّ بن أبي طالب: 495
(حرف الخاء) خرجت مع عمر إلى حرة واقم: أسلم مولى عمر: 318
(حرف الدّال) دخلت مع المصريّين على عثمان: أبو جعفر: 465 الأنصاري
دعاني أبي في مرضه: عائشة: 247(3/1701)
دعها يا ابن أخي فو الله لقد كان أبوك يكرمها: عثمان بن عفّان: 460
دعوني أصلّي ركعتين: حجر بن عدي: 654
(حرف الذّال) ذروهنّ فإنّهنّ نوائح: عليّ بن أبي طالب: 573
ذهب العلم والفقه بموت ابن أبي طالب: معاوية: 622
(حرف الرّاء) رأيت في النّوم كأنّي دخلت الجنّة: عمرو بن شرحيل: 563
رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك: أسماء بنت أبي بكر: 910
رحمك الله يا أبا بكر كنت أوّل النّاس إسلاما: عليّ بن أبي طالب: 271
(حرف الزّاي) زوجّتكها إن رضيت (لعمر): عليّ بن أبي طالب: 302
(حرف السّين) السّلام عليكم، فما ردّ عليه أحد: عثمان بن عفّان: 457
السّلام عليكم يا أصحاب الضّوء: عمر بن الخطاب: 234
سنجتمع عند الله تعالى وسيرون بعدي أمورا: عثمان بن عفّان: 321
(حرف الشّين) شهدت مع عليّ رضي الله عنه صفين: عبد الرّحمن بن: 552 أبزى
شهدت مقتل عثمان: كنانة: 464
شهدنا مع عليّ صفين فرأيت عمار: أبو عبد الرّحمن: 545 السّلمي
(حرف الصّاد)
الصّبر والوقار (معنى قوله: فأنزل السّكينة): قتادة: 345(3/1702)
(حرف الصّاد)
الصّبر والوقار (معنى قوله: فأنزل السّكينة): قتادة: 345
صحبت عمر بن الخطاب فما رأيت: قبيصة بن جابر: 607
صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء: سعد: 235
صلّ بالنّاس ثلاثة أيّام: عمر بن الخطاب: 543
(حرف الضّاد) ضع خدّي بالأرض: عمر: 384
(حرف العين) عزمت عليك يا أبا هريرة إلّا رميت السّيف: عثمان: 458
(حرف الغين) غموا قبري: أبو أيّوب: 670 الأنصاري
(حرف الفاء) فلم يرعني إلّا رجل آخذ بمنكبي: ابن عبّاس: 378
فما فعل طعنك على الأمراء: المسور ومعاوية: 614
(حرف القاف) قارئ القرآن عفيف في الإسلام: ابن عبّاس: 342
قال عمر لأهل الشّورى: الله درّهم: عبد الله بن عمر: 382
قتل يوم الجمل وقطع (عن ابن شوذب): ضمرة بن ربيعة: 562
قتلني قتله الله: عبد الله بن عمر: 953
قد أصبت إنّ الإسلام يهدم ما كان قبله: عمر بن الخطاب: 361
قد أعفيناه من الشّهادة ونأخذ منهم: عمر بن الخطاب: 432(3/1703)
قد بايع النّاس إلّا جثيمة: معاوية: 234
قد بلغني أنّ قسطنطين بن هرقل قد أقبل: ابن أبي السّرح: 543
قد صحّ عندي أنّ عليّا قتل عثمان: شرحيل: 234
قد فارقكم رجل لم يسبقه أحد: الحسن بن عليّ: 574
قد قاتلت بهذه الرّاية مع رسول الله: عمار بن ياسر: 545
(حرف الكاف) كان عثمان يمر بحش كوكب فيقول:: مالك بن أنس
كانت امرأة من خثعم تعرض نفسها: ابن عبّاس: 131
كفاني فخرا أن تكون لي ربّا: عليّ: 456
كلا كما يحبّ الأمر لنفسه: عبد الرّحمن بن عوف: 67
كنت الآذن لمن بشر أسماء بنزول ابنها: ابن أبي مليكة: 914
كنا نقول في الجاهلية أنعم الله بك عينا: عمران بن حصين: 206
كنت أردته لنفسي ولأورثن به اليوم: عائشة: 385
كنت قائلا في كنيسة دار يوحنا: عوف بن مالك: 611
كنت مع عليّ بن أبي طالب حين قتل عثمان: محمّد بن الحنفية: 484
(حرف اللام) لا أكلت شواء بعد: عائشة: 546
لا تجزعن أبا إسحاق: ابن أبي السّرح: 543
لا تدعه حتّى يبايع: عمر: 236
لا تسبوا قيسا فإنّه معنا: معاوية: 87
لا تترعوا عنه القميص (لرسول الله عليه السّلام): 216(3/1704)
لست بعدوّ الله ولا عدوّ الإسلام: أبو هريرة: 311
لعبد الله عمر أمير المؤمنين: أبو موسى الأشعري: 306
لقد رأيتني مع رسول الله يوم أحد في هذا الجبل: أبو سعيد الخدري: 770
لقد علمت يا سعد أن رسول الله: أبو بكر: 235
لو كتم محمّد صلّى الله عليه وسلّم شيئا ممّا نزل: عائشة: 210
لم أقتل أباك وإنّما قتلت خالي: عمر: 647
(حرف الميم) ما أحد أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النّفر: عمر: 380
ما خلفت أحدا أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل: عليّ بن أبي طالب: 324
ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين: ابن عبّاس: 568
ما رأيت بعد رسول الله أسود من معاوية: ابن عمر: 613
ما رأيت من بني عبد المطلب أشبه بالنّبيّ: أبو هريرة: 713
ما حملك على ما صنعت: معاوية: 609
ما لكم يا معشر قريش: شبل بن معبد: 234
مرحبا بابن عمّة رسول الله وابن حواريه: معاوية: 615
مرحبا وأهلا بابن رسول الله: معاوية: 615
من ترى لهذا الأمر (يعني القضاء): معاوية: 604
من خرج يطلب دم عثمان فعليّ جهازه: يعلى بن أمية: 533
من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر: عمر: 361
من عليّ بن أبي طالب إلى معاوية: عليّ: 98
من معاوية بن صخر إلى عليّ: معاوية: 43(3/1705)
(حرف النّون) نعم على أنّ لي عشرها: عمر بن العاص: 595
نعم، قد أسلمنا وآمنا: فاطمة بنت: 285 الخطاب
نفسي لا كنت ولا كان الهوى: عمر: 324
(حرف الهاء) هذا عبيد الله بن عمر عليه جبلة: عليّ وعبيد الله بن: 76 عمر
هذا عمّ رسول الله وهذا شيخ قريش: عمر: 601
هذا كسرى العرب: عمر: 613
هذا ما عهد به أبو بكر: أبو بكر: 291
هل تستطيع أن تخبر النّاس بمثل هذا: عثمان: 452
هل تنتظرون أحدا؟ قم يا طلحة: الأشتر: 483
(حرف الواو) والله إنّيي لمن نسوة أحبّ الأزواج إليهنّ: نائلة بنت الفرافصة: 430
والله لا أفعل حتّى أرميكم: سعد بن عبادة: 235
والله لتبايعن أو لأضربك عنقك: الأشتر: 76
والله لولا أنّك أمير المؤمنين: أم كلثوم بنت عليّ: 302
والله لو لم أجد أحدا يؤارزني لجاهدتهم بنفسي: أبو بكر: 251
والله ما أدري أكست بعدي: سعد بن أبي وقاص: 420
والله يا أمير المؤمنين إنّ لتقدم على ما يسرّك: رجل (لعمر): 234
وأنزل عليه وهو ابن أربعين: أنس بن مالك: 193(3/1706)
وددت أنّ عندنا من يحدثنا: معاوية: 671
وكان جمع ما غزا رسول الله بنفسه: ابن إسحاق: 1349
وكان يتخوف أن يكون الناس راعوهم: أبو هريرة: 313
وما لنا لا ندري وقد عشت حميدا: ابن عبّاس: 1230
ويحك يا ابن عبّاس ما أدري كيف أصنع: عمر: 393
وهو الذي سقط من معيقيب في بئر أريس: نافع عن ابن عمر: 183
(حرف الياء) يا أبا المغيرة هذا غراب يرحلك من ههنا: وائل بن حجر: 639
يا ابن أخي إرفع ثوبك: عمر: 377
يا ابن أخي وددت لو أنّ ذلك كفاف: عمر: 377
يا ابن عبّاس! انظر من قتلني: عمر: 65
يا أخ] أنت نجس على شركك: فاطمة بنت: 455 الخطاب
يا أخي ألا تسمع الأصوات: زينب والحسين: 87
يا أمير المؤمنين آجرك الله على الرّزية: عبد الله بن همام: 85
يا أمير المؤمنين أيمنعنا القوم الماء؟: الأشعث: 543
يا أمير المؤمنين! إنّا بأرض الأرياف: معاوية: 369
يا أهل الكوفة يأهل الخيل: زينب بنت عليّ: 743
يا أهل مصر خف على ألسنتكم: عتبة بن أبي سفيان: 651
يا أهل الوادي ارتحلوا: عقبة بن نافع: 661
يا أيّها النّاس إنّ الذي رأيتم منّي أمس: أبو بكر: 354(3/1707)
يا أيّها النّاس إنّي قائل قولا أبو بكر
يا أيّها النّاس ألا إنّا كنا نعرفكم: عمر: 1346
يا بني ألك حاجة؟: سعيد بن العاص: 644
يا بنات عبد المطلب أسعدنني: أم سلمة: 750
يا بنية إنّي كنت أتّجر قريشا: أبو بكر: 247
يا دنيا غري غيري: عليّ بن أبي طالب: 620
يا شبيب هل لك شرف الدّنيا والآخرة؟: وردان بن عجلان: 435
يا عبد الله انظر ما علي من الدّين: عمر: 432
يا عبد الله إنّي قد خفت الله تعالى: عبد الله بن الزبير: 716
يا عدوّ الله وعدوّ الإسلام: عمر: 311
يا علّي! تجعل على نفسك سبيلا: عبد الرّحمن بن: 410 عوف
يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر: عبيدة بن الجراح: 234
يا معشر الأنصار إنّ لكم سابقة: سعد بن عبادة: 453
يرحو الله أباك أحبّ أن لا يترك: عمر: 248
يستأذن عمر بن الخطاب: عمر: 231(3/1708)
4 - فهرس الأشعار:
الأبيات الصّفحة (قافية الهمزة) أصبح الفضل والخليفة هارون ... رضعا لبان خير النّساء 1409
إنّما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظّلماء 886
معاويّ داؤك الدّاء العباء ... وليس لما تجيء به دواء 525
إذا استمطروا كانوا مغازير في النّدى ... يجيبون في المعروف عودا على بدء 840
(قافية الباء) أقول لإبراهيم لما لقيته ... أرى الأمر أمسى مهلكا متصعبا 934
إنّي أرى فتنة تغلي مراجلها ... والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا 779
يرى مصعب أنّي تناسيت نابئا ... وبئس لعمر اله ما ظنّ مصعب 885
سعيد وما يفعل سعيد فإنّه ... كريم فلاة في الرّباط نجيب 643
تلعب بالخلافة هاشمي ... بلا وحي أتاه ولا كتاب 1183
ديار التي كادت ونحن على منى ... تحل بنا لولا نجاء الرّكائب 641
إذا أنت لم ترخ الإزار تكرّما ... على الكلمة العوراء من كلّ جانب 609
خليلي عنّي بالمدينة بلغا ... بني هاشم أهل النّهى والتّجارب 1170
إذا ما دعى يعلى وزيد بن ثابت ... لأمر ينوب النّاس أو لخطوب 534
عينّي جودي بعبرة ونحيب ... لا تملي على الأمير النّحيب 390
إذا نحن جارونا مدينة واسط ... خرينا وصلينا بغير حساب 654
إنّ الغريب ولو يكون خليفة ... يجبي الخراج فإن ذاك غريب 654
إنّ بني المنذر عام انقضوا ... حيث شاد البيعة الرّاهب 1417
ولله منّي جانب لا أضيعه ... واللهو منّي والبطالة جانب 1404
وربّ أمور لا تضيرك ضيرة ... وللقلب من محشاتهنّ وجيب 1371
نصبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... وما كان مهدي على الجذع يصلب 1169(3/1709)
يواعدني كعب ثلاثا يعدها ... وأحب أنّ القول ما قال لي كعب 1108
والله ما ندري إذا ما فتانا ... طلب إليك من الذي نتطلب 840
بكفيك تقليب القلوب وإنّني ... لفي نرح ممّا أقاسي فما ذنب 1544
عبد شمس أكان هو أو منامف ... وهما بعد لأم وأب 1334
لا تعجبن فما للدّهر من عجب ... ولا من الله من حصن ولا هرب 1468
ولقد أبصرت لو ينفعني ... عبرا والدّهر يأتي لا عجب 1335
مؤكلا بيفاع الأرض يفرعه ... من خفة الخوف لا من خفة الطّرب 1264
لا يبعدن ربيعة بن مكدّم ... وسقى الغوادي قبره بذنوب 681
وفؤادي كلما عاتبته ... عاد في الهجران يبغي تعبي 323
(قافية التّاء) لو كان فرني واحدا كفيته أو ... أوردته الموت وقد ذكيته 903
أرجل جمتي وأجر ذيلي ... وتحمل شكتي أفق كميت 636
كم عائد رجلا وليس يعوده ... إلّا لينظر هل يراه يموت 977
يا قوم من مات عشقا فليمت هكذا ... لا خير في عشق بلا موت 1128
(قافية الحاء) أترك الفكاهة والمزاحا ... وخلّ الصبّابة لتستراحا 1624
ألا ليتها تحيى حاية وإن تمت ... يوفى لدي الموتى ضريحي ضريحها 342
ضحوا بعثمان في الشّهر الحرام ضحى ... بأيّ ذبح حرام ويحهم ذبحوا 476
فلست بصائم رمضان عمري ... ولست بآكل لحم الأضاحي 1097
(قافية الدّال) قتلنا سيد الخزرج ... سعد بن عبادة 237
عبيد أمير المؤمنين قتلنه ... وأعظم آفات الملوك عبيدها 1519
يعود الحكم منك على قريش ... وتفرج عنهم الكرب الشّداد 1101
رهبان مكّة والذين عهدتهم ... يبكون من ألم الفراق قعودا 1095
لا ذعرت السّوام في فلق الصبّ ... ح مغيرا ولا دعوت يزيدا 701(3/1710)
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال النّاس كيف لبيد 855
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللّوم أو سدو المكان الذي سدوا 1422
الله يعلم أنّني كمد ... لا أستطيع أبثّ ما أجد 1502
أتوعد كلّ جبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد 1180
قد شمرت عن ساقها ... وجدت الحرب بكم فجدوا 925
يا ويلنا قد ذهب الوليد ... وجاءنا من بعده سعيد 350
هنيئا بني العبّاس إنّ إمامكم ... إمام الهدى والجود والبأس أحمد 1587
لا شيء ممّا ترى تبقي بشاشته ... يبقى الإله ويردى المال والولد 373
إذا هتف العصفور طار فؤاده ... وليث حديد النّاب عند الثّرائد 846
فلا تبعد فكلّ فتّى سيأتي عليه ... الموت يطرق أو يغادي 1419
رقد الألى وليس السّري من شانهم ... وكفاهم الإدلاج من لم يوقد 1394
لله درّك يا مهدي من رجل ... لولا اتّخاذك يعقوب بن داود 1382
ما أقتل البين للنّفوس وما ... أوجع فقد الحبي للكبد 1501
إن وصفوني فناحل الجسم ... أو فتشوني فأبيض الكبد 1501
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد 1124
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي 844
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... أو كلّ بدعد من يهيم بها بعدي 844
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي 845
وإنّ عبيد الله ما زال سالما ... لسار على رغم العدوّ وغادي 885
يا حبّذا الموسم من وقفة ... وحبّذا الكعبة من مشهد 1024
قتلتم وليّ الله في جوف داره ... وجئتم بأر جائر غير مهتدي 473
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد 708
لأعرفنك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي 655
فإن تسل عنك النّفس أو تدع الهوى ... فاليأس تسلو عنك إلّا بالتّجلّد 1132(3/1711)
(قافية الرّاء) عليّ بكاتب لين رشيق ... ذكي في شمائله حرارة 1468
فقلت لها: عيشي جعار وأشري ... بلحم امريء لم يشهد اليوم ناصره 882
خذيني بجربني ضباع وأبشري ... بلحم امريء لم يشهد اليوم ناصره 882
أنا عبيد الله سمّاني عمر ... خير قريش من مضى ومن غبر 560
أدعو إلهك في السّماء فإنّني ... أدعوا عليك رجال عك وأشعر 762
أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر 969
تركت القضاء لأهل القضاء ... وأقبلت باسمي إلى الآخرة 1616
همنا دلتاني من ثمانين قامة ... كما انقض باز فتح الرّيش كاسره 1097
ألم تر أنّ الشّمس كانت سقيمة ... فلمّا ولى هارون أشرق نورها 1408
أمير المؤمنين أما ترانا ... فقيرات ووالدنا فقير 1046
أبلغ أبا بكر إذا الأمر انبرى ... وأشرف النّاس على وادي القرى 761
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمّرت يوما به الحرب شمّرا 555
أيّ عيش يطيب لي ... لا أرى فيه جعفرا 1520
يا ربّ إنّ جنود الشّام كثروا ... وهتّكوا من حجاب البيت أستارا 907
أوصيت من برّة قلبا حرّا ... بالكلب خيرا والحماة شرّا 1164
أقسمت لا أقتل إلّا حرّا ... وإن رأيت الموت شيئا أمرا 710
بنفسي ثرى ضاجعت في ساحة البلى ... لقد ضمّ منك اللّيث والغيث والبدرا 1617
وكاتبة في الخدّ بالمسك جعفرا ... بنفسي خطّ المسك من حيث أثرا 1541
نعمى النّعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حجّ البيت واعتمرا 1109
فألقت عصاها واستقرّ بها الهوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر 1449
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر 855
يابن الشّهيد ويا شهيدا عمّه ... خير العمومة جعفر الطّيّار 757
زر خير قبر بالعراق يزار ... واعص الحمار فمن نهاك حمار 758
عوجي بسلمى أنّ بكر صبره ... فبما الوفود وأنتم سفر 1086(3/1712)
أمير المؤمنين أما ترانا ... كأنا من سواد اللّيل قير 1046
خلا من آل فاطمة الدّيار ... فمنزل أهلها منها قفار 1622
وما تخفى الرّجال على إنّي ... بهم لأخو مثاقبة خبير 861
من عذيري وهل لمثلي عذير ... من بدور صيغت عليها البدور 1648
ترفع أيها القمر المنير ... لعلّك أن ترى حجرا يسير 658
شمس العداوة حتّى يستقاد لهم ... وأعظم النّاس أحلاما إذا قدروا 1333
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذر 610
فررت من الوليد إلى سعيد ... كأهل الحجر إذ جزعوا فثاروا 450
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس ولم يمسر بمكّة سامر 1091
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل ... ومثلكم يبني البيوت على الغدر 873
حمراء صافية في جوف صافية ... بيضاء تسعى بها خود من الحور 1434
حال الهموم وأطفى نار موجدتي ... عنون الإله على الأعداء بالظّفر 1394
قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم ... دون النّساء ولو باتت بأطهار 975
فما بال من أسعى لأجبر عظمه ... حفاظا وينوي من سفاهته كسرى 974
كليب تمكن في حيّكم ... وقد كان فينا صغير الخطر 969
أسد عليّ وفي الحروب نعامة ... ربداء تفر من صغير الصّافر 994
خمش الماء جلده الرّطب ... حتّى خلّته لابسا غلالة جمر 345
أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... فأنت ولي الله في المال والأمر 314
حكمتموه فقضى بينكم ... أيلج مل القمر الزّاهر 1557
سلافة كالقمر الباهر ... في القدح كالكوكب الزّاهر 1540
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجوّ فبيضي واصفري 715
فما عن قلى فارقت دار معاشرهم ... المانعون ساحتي وذماري 718
أوحش الدّقرات فالدّير منها ... فقبابها بالمنزل المعمور 1623
لا تعبثن على همومك إذ ثوت ... سوى المدام ونغمة الأوتار 1574(3/1713)
جلدوني مث قالوا: قدر ... قدر الله لهم شرّ القدر 523
عجبت لقوم أسلموا بعد عزّهم ... إمامهم للمكرهات وللغدر 475
حكى المهتدي بالنّد في عزماته ... عناء أبي حفص وهدي أبي بكر 1556
كم باليمامة من شعثاء أرملة ... ومن يتيم ضعيف الصّوت والنّظر 1099
(قافية السّين) تطاول ليلي واعترتني وساوسي ... لآت أتى بالتّرهات البسايس 517
شرف الخلافة يا بني العبّاس ... اليوم جدّدها أبو العبّاس 1587
(قافية الشّين) القلب من خمر التّصابي مشرق ... هل للعذير من شراب معطش 1656
(قافية الضّاد) ما جود كفك إن جادت وإن نجلت ... من ماء وجهي وإن أخلقته عوض 1478
(قافية الطّاء) أروح إلى القصاص كلّ عشية ... أرجي ثواب الله في عدد الخطى 1090
سائل مجاور جرم: هل جنيت لهم ... حربا تجير بين الجيرة الخلط 972
(قافية العين) أبي العبّاس قرم بني لؤي ... وأخوالي الملوك بني وليعه 767
وليت المنايا كن خلفن عاصما ... فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معا 304
أحجاج إما أن تمن بنعمة ... علينا وإمّا أن تقتلنا معا 948
وتركت عمّك أن تقاتل دونه ... فشلا ولولا ذاك كان منيعا 712
كأنّ سليمى صيد غادية ... أو دمية زينت لها البيع 1096
يا قمر التّمّ متى تطلع ... أشقى وغيري بك تستمتع 1130
هو الموت لا منجى من الموت والذي ... يحاذر بعد الموت أدهى وأفظع 680
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع 679
وتجلدي للشّامتين أريهم ... أنّى لريب الدّهر لا أتضعضع 679
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على النّاس يعطي ما يشاء ويمنع 797(3/1714)
(قافية الغين) خليفة في قفص ... بين وصيف وبغا 1531
(قافية الفاء) مأمون يا ذا المنن الشّريفة ... وصاحب الكتيبة الكثيفة 1455
أما وربّ المرسلات عرفا ... لتقتلن بعد صفّا صفّا 807
تبيت من البلوى على حدّ مرهف ... مرارا ويكفي الله ما أنت خائف 1371
لبيت تخفق الأرياح فيه ... أحبّ إليّ من قصر منيف 675
نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف 1613
(قافية القاف) أرمى بها معلمات أفواقها ... والنّفس لا ينفعها إشفاقها 730
الله أعطاك التي فوقها ... وقد أراد الملحدون عوقها 692
إنّ أولى بالحقّفي كلّ حقّ ... ثم أحرى بأن يكون حقيقا 1070
صديقك حين تستغني كثير ... وما لك عند فقرك من صديق 862
أعددت للضّيفان كلبا ضاربا ... هزلا وفضل هراوة من أزرق 1371
وقفت على قبر مقيم بقفرة ... متاع قليل من حبيب مفارق 1045
عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق 370
(قافية الكاف) عائش جاءت ربّت تعلوك ... فلسدد الملك للملوك 889
فاصبر يزيد فقد فارقت ذا مقّة ... واشكر حباء الذي بالملك أصفاكا 692
يا أيّها البكر الذي أراك ... ويحك لو تعلم من علاكا 1091
وحياة طرفك وافترارك ... ثم الحجاب من تجارك 1644
داري معاقبة لدارك ... والعيش محول فيجوارك 1644
منحتك الود منّي ... فجار بالود منك 1626
(قافية اللام)
هممت ولو أفلع وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله 932(3/1715)
(قافية اللام)
هممت ولو أفلع وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله 932
كأنّي بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منه ربعه ومنازله 1385
بنت الخليفة والخليفة جدّها ... أخت الخليفة والخليفة بعلها 1081
فما ميتة إن متها غير عاجز ... بعار إذا ما غالت النّفس غولها 508
لحظة تطمع في نيله ... وفساد مرضعة وداء مغيل 151
ومبراء من كل غبر حيضة ... وتيهه يوليك من نيله 1627
نحن ضربناكم على تنزيله ... فاليوم نضربكم على تأويله 545
لا عهد لي بغارة مثل السّيل ... لا نيجلي قتامها حتّى اللّيل 906
الله يعلم والدّنيا مولية ... والعيش منتقل والدّهر ذو دول 1531
يبيتون أهل الحصن والحصن مغلق ... ويأتي الجبال في شواهقها الفلّ 462
يا منزلا لم تبل أطاله ... حاشى لأطلالك أن تبلى 1487
أنا الوليد الإمام مفتخرا ... أنعم يالي وأتبع الغزلا 1176
أعور يبغي أهله محلّا ... قد عالج الحياة حنى ملا 551
لقد سعيت لكم من سعي ذي نصب ... وقد كفيتكم التّطواف والرّحلا 681
ترى الغرّ الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا 345
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا 149
قل للخليفة يا عمّ محمّد ... اشكل وزيرك إنّه ركال 1522
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرّقاب فما أغنتهم القلل 1508
ترحلوا يوم نيطت بينهم سجف ... لو كنت أملكهم يوما لما رحلوا 1127
عذل وبين وتوديع ومرتحل ... أي العيون على ذا ليس تنهمل 1503
تألق البر نجديا قفلت له ... يا أيّها البرق إنّي عنك مشغول 1127
وإنّي على أشياء منك تريبني ... قديما لذو صفح على ذاك مجمل 1126
إلى خالد حتّى أنخنا بخالد ... فنعم الفتى يرجى ونعم المؤمل 1090
إنّ الزّمان وعيشنا اللّذّ الذي ... كنّا به زمنا نسرّ ونجدل 1111
تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل 1089(3/1716)
لا يعجبنك من يصون ثيابه ... خوف الغبار وعرضه مبذول 1544
يا بنت عاتكة التي أتغزّل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكل 607
وفتى خال من ماله ... ومن المروءة غير خال 1412
نصحت فأخلصت النّصيحة للفصل ... فقلت فسرحت المقالة للفضل 1469
و ... والشّمس قد صارت كعين الحول 1161
لم يبق إلّا الصّبر والتّوكّل ... ثم التّمشي في الرّعيل الأوّل 554
إنّ الذي بعث النّبيّ محمّدا ... جعل الخلافة للإمام العادل 1099
ومبرء من كلّ غبّر حيضة ... وفساد مرضعة وداء مغيل 432
يا دهر أف لك من خليل ... كم لك بالإشراق والأصل 726
الحمد لله الوهوب المجزل 1161
(قافية الميم) خيلي وحقّ الكعبة المحرمة ... سبقن أفراس الرّجال اللّومّة 1180
نحن سبقنا خيل اللّومّة ... قد صرف الله إلينا المكرمة 1181
أمست فو الله الخيام خيامها ... هيفاء يختبل الحليم كلامها 698
هذا أوان الشّدّ فاشتدي زيم ... قد لفّها اللّيل بسواق حطم 924
أرادت عرارا بالهوان ومن يرد ... عرار لعمري بالهوان فقد ظلم 970
أبّى قومنا أن ينصفوا فأنصفت ... قواطع في أيماننا تقطر الدّما 1330
ولسنا على الأعقاب تدمي كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدّما 907
أبي لابن سلمى أنّه غير خالد ... يلاقي المنايا أي صرف تيمما 905
يربّ الذي يأتي من الخير أنّه ... إذا فعل المعروف زاد وتمما 840
نفلق هاما من رجال أحبّة ... إلينا وهم كانوا أعلق وأظلما 745
رأيتك يا خير البرية كلّها ... نشرت كتابا جاء بالحقّ معلّما 1093
إنّما النّار في أحجارها مستكنة ... متى يهجها قادح تتضرّم 1456
في أيّ سلاح تنتظم ... وبأيّ كفّ تلتقم 1505(3/1717)
عن أيّ ثغر تبتسم ... بأيّ طرف تحتكم 1505
زعمت أنّ الدّين لا يقتضي ... فاقتص بالدّين أيا مجرم 1369
هذا سليل حسين وابن فاطمة ... بنت الرّسول الذي انجلت به الظّلم 1150
وكنت إذا قوم رموني رميتهم ... فهل أنا في ذا يال همدان ظالم 938
يا أيّها الرّاكب الغادي لطيته ... على غدا فرة في سيرها قحم 703
ما عد قوم كأجداد يعدّهم ... عمثان ذو النّورين والفارق والحكم 1101
عدل من الأحكام إنّي متيم ... وأنت صحيح في سقامي مسلم 1646
تمنيك نفسك ما لا يكو ... ن جهلا معاوي لا تأثم 629
لا زلت تحتي بنعم لا نفاد لها ... في ظلّ عزّ على الدّولة تحتكم 1653
أمّا والله إنّ الظّلم لوم ... وما زال المسيء هو الظّلوم 1423
هي السّبيل فمن يوم إلى يوم ... كأنّه ما تريك العين في النّوم 1496
سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت ... وما حلّ في أكناف عاد وجرهم 1368
فلا كتب إلّا المشرفية والقنا ... ولا رسل إلّا بالخميس العرمرم 1256
ظفرت فلا شلت يد برمكية ... وتقت بها الفتن الذي بين هاشم 1414
ومشتغل عنا يريد بنا الرّدى ... ومستعبرات بالدّموع السّواجم 977
طحطحتنا طحاطح الأعوام ... ورمتنا تصارف الأيّام 1405
قتل الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى وعراعر الأقوام 768
فلو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام 783
لولا مراقبة العيون أريننا ... مقل الهوى وسوالف الآرام 1098
ألا ليت أنّى يوم تدنو منيّتي ... شممت الذي ما بين عينيك والفم 1094
فلم أر مهرا ساقه ذو سماجة ... كمهر قطام من فصيح وأعجم 583
وناطق بلسان لا ضمير له ... كأنّه فخذ نيطت إلى قدم 1568
ولا أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت لي ماء وجهي أو حقنت دمي 1477
كأنّي وقد خلفت تسعين حجّة ... خلفت بها عنّي عذار لجامي 854
(قافية النّون)
عائش يا ذات البغال السّتين ... في كلّ عام تحجّين 889(3/1718)
(قافية النّون)
عائش يا ذات البغال السّتين ... في كلّ عام تحجّين 889
قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا 582
يا ضربة من تقي ما اراد بها ... إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا 581
ألم تر أنّي قد سئمت معاشري ونف ... سي وقد أصبحت في الخلق واهنا 224
دعن يا معاوي ما لم يكونا ... فقد حقّق الله ما تحذرونا 523
أرى الشّأم تكره أهل العراق ... وأهل العراق لهم كارهونا 520
استقبل الملك إمام الهدى ... عام ثلاث وثلاثينا 1492
أيا ابن النّبيّ ويا ابن الرّضى ... ويا بقية السّادة الأكرمينا 756
ظلت تشتكي إلى النّفس مجهشة ... وقد حمدتك سبعا بعد سبعينا 855
خير إخوانك المشارك في المر ... وأين الشّريك في المرّ أينا 862
تبدي صدودا وتخفي تحته صلة ... فالنّفس راضية والطّرف غضبان 1444
كأنّ ظلامة أخت شيبان ... يتيمة ووالدها حيان 1184
إنّ اللّيالي لم تحسن إلى أحد ... إلّا أساءت إليه بعد إحسان 1519
يا عاذلي من الملام دعاني ... إنّ البلية فوق ما تصفان 1516
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان 1056
أنا زهير وأنا ابن القين ... أذودهم بالسّيف عن حسين 732
يا أيّها الرّجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إنّي قد مضى زمني 1092
يا للرّجال لأمر هاج لي حزنا ... لقد عجت لمن يبكي على الدّمن 474
أقول لما نعى النّاعون لي عمرا ... لقد نعيتم قوام الحقّ والدّين 1109
يا قاتل الله قوما كان أمرهم ... قتل الإمام الزّكي الطّيب الرّدن 474
تكنفني السّلاح وأضجروني ... على ما بي بتكرير الأغاني 1624
أنا ابن جلا وطلاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني 923
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم ... ولا دماؤهم جمعا ترويني 1330
(قافية الهاء)
الله أعطاك التي لا فوقها ... وقد أراد الملحدون عقوقها 693(3/1719)
(قافية الهاء)
الله أعطاك التي لا فوقها ... وقد أراد الملحدون عقوقها 693
أمست فو الله الخيام خيامها ... هيفاء يختبل الحليم كلامها 697
ارم بها معلمات أفواقها ... والنفس لا ينفعها إشفاقها 733
بنت الخليفة والخليفة جدها ... أخت الخليفة والخليفة بعلها 1081
ألا ليتها تحيا حياة وإن تمت ... يوفي لدى الموت ضريحي ضريحها 1094
أيحسبني بين المدينة والتي ... إليها قلوب الناس يهوي منيبها 1154
يا هاشم الخير جزيت الجنّة ... قتلت في الله عدوّ السّنّة 552
قد أنصف القارة من رماها ... إنا إذا ما فئة نلقاها 1395
(قافية الياء) لبّيك لبّيك يا سيّدي ونجواي ... لبّيك لبّيك يا قصدي ومعناي 1609
قد لفّها اللّيل بعصلبي ... أورع خرّاج من الدّوي 925
توضأ للصّلاة وصلّ خمسا ... وأذن بالصّلاة على النّبيّ 1623
أنا عليّ بن الحسين بن عليّ ... نحن وربّ البيت أولى بالنّبيّ 734
قد أتتك الوفود من عبد شمس ... بالقرابات يعملون المطيّا 1332
أقدم هديت هاديا مهديا ... فاليوم تلقى جدّك النّبيّا 732
رأيت رقى الشّيطان لا تستفزّه ... وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا 1101
تكنفني الواشون من كلّ جانب ... ولو كان واش واحد لكفانيا 1624
كأنّي وقد خلفت تسعين حجّة ... خلعت بها عن منكبي ردائيا 855
يا ليت مزنة وابنها ... كانوا لقتلك واقية 801
ألا أبكيه ألا أبكيه ... ألّا كلّ الفتى فيه 682
سبي الحماة وأبهتني عليها ... وإن أبت فازدلفي إليها 1163(3/1720)
5 - فهرس الأعلام المترجم لهم في الكتاب:
الاسم الصّفحة
(حرف الألف)
آمنة أمّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 130
أميمة بنت صفيح بن الحارث 311
أبان بن سعيد 260
أبان بن سعيد بن العاص 646
أبان بن مروان 853
أبو بكر بن الحسين 738
أبو بكر بن الحريري 1236
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث 716
أبو بكر بن عبد العزيز 345
أبو بكر بن عبد الله بن الزبير 761
أبو بكر بن عليّ 491
أبو كبير الهذلي 151
أحمد المستعين بن المؤتمن 1245
أحمد بن أبي دؤاد الإيادي 1465
أحمد بن إسحاق بن البهلول 1615
أحمد بن إسرائيل الأنباري 1493
أحمد بن الخصيب 234
أحمد بن الواثق 432(3/1721)
الاسم الصّفحة
أحمد بن بويه أبو الحسن 1640
أحمد بن سليمان بن هود (المقتدر بالله) 1224
أحمد بن طولون التّركيّ 1537
أحمد المستنصر عبد الملك 1304
أحمد بن عمار بن شاذي 1468
أحمد بن محمّد بن المعتصم (المستعين بالله) 1528
ألفنش 1229
أبو أحمد بن عبد الرحمن 1635
أبو أحمد عبد الله بن الفضل الشيرازي 1640
الأحوص 606
الأخطل 975
الأخطل (غياث بن غوث) 1097
أروى بنت كريز 398
أسامة بن زيد بن حارثة 234
أسامة بن زيد بن عدي 1121
أسد الدين شير كوه بن شاذي 165
أسعد بن زرارة 165
أسلم بن عبيد البكري 947
أسلم العدوي مولى عمر 318
أسماء بن خارجة الفزاري 792(3/1722)
الاسم الصّفحة
أسماء بنت النّعمان الكندية 213
أسماء بنت عطارد بن حاجب التّميمي 1230
أسماء بنت عميس 245
أسيد بن حضير الأنصاري 270
الأشتر النخعي (مالك بن الحارث) 453
أشج بني أميّة 543
الأشدق (عمرو بن سعيد بن العاص) 543
الأشعث بن قيس 253
الأصبغ بن عبد العزيز 1062
أصحمة بن أبجر 209
الأفشين التّركيّ 1465
ابن الأفطس (أبو بكر محمّد بن عبد الله بن الأفطس) 1228
أم الفضل زينب 1409
أمامة بنت عليّ بن أبي طالب 494
أمة الواحد 124
أمية بن عبد الله بن خالد الأموي 845
أمية بن عمرو بن سعيد 796
الأمبوطر الملقب بالسليطن 1304
أنس بن مالك 181
أبو أنيسة 181(3/1723)
الاسم الصّفحة
أوتامش أحمد بن صالح 1529
أوتون (الحاشية) 1212
أم أيمن 136
أيمن بن خريم 476
أبو أيّوب الأنصاري 432
أيّوب بن سليمان بن عبد الملك 1020
أيّوب بن شرحبيل 432
إبراهيم بن العبّاس الصّولي 1493
إبراهيم بن المهدي 1390
إبراهيم بن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 197
إبراهيم بن ذكوان الحراني 1390
إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ 1355
إبراهيم بن عربي الكناني 871
إبراهيم بن محمّد بن عبد الوهّاب 1456
إسحاق الموصلي 1432
إسحاق بن عزيز 1416
إسماعيل بن إسحاق بن حماد القاضي 1582
إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة 1429
إسماعيل بن ذي نون 1231
إسماعيل بن عباد 1650(3/1724)
الاسم الصّفحة
إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عامر (الظّافر) 1217
إسماعيل بن عبد الله القسري 1363
إيتاخ 1488
أيوب بن شرحبيل 1067
(حرف الباء)
بازيل الثّاني (الحاشية) 1212
باغر التّركيّ 1517
أبو الباهليّ 1345
البحتريّ (الوليد بن عبيد الطّائيّ) 1504
بحرية بنت هانيء بن قبصية الشّيباني 558
بحيرا الرّاهب 144
البخاري (محمّد بن إسماعيل) 414
أبو البختريّ بن وهب 1429
بدر (غلام المعتضد) 1582
أبو بردة (عامر بن أبي موسى الأشعري) 964
البرهانس 1246
بريدة بن الحصيب 175
بريل الثاني 1211
بسر بن أرطاة 511
بسرة بنت صفوان 828(3/1725)
الاسم الصّفحة
بشر بن صفوان بن تويل 1123
بشر بن مروان 893
بشير بن سعد 236
بشير بن عقبة 435
بغا الشّرابي 432
عبد الله بن محمّد البغوي 278
بكار بن قتيبة 1560
بكر بن حمّاد الشّهير بالتّاهرتي 581
أبو بكر محمّد بن عبد العزيز 1245
بلال بن أسد الحضرمي 709
أم البنين بنت حزام 493
أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان 991
أم البنين بنت عيينة 471
البيضاء بنت عبد المطلب 398
بلكين بن زيري بن مناد 29
بحران 124
(حرف التّاء)
ابن تاقرطاس 1313
تميم بن يوسف بن تاشفين 1294
تايذوق 967(3/1726)
الاسم الصّفحة
توزون التركي 1632
(حرف الثاء)
ثمامة بن أشرس 1454
ثوبان مولى الرسول صلّى الله عليه وسلّم 1079
ثوابة بن نعيم 1202
ثور بن معن 1346
(حرف الجيم)
جابر بن عبد الله الأنصاريّ 728
جارية بن قدامة السّعدي 631
جالينوس 1459
جبير بن مطعم 471
جبير بن نفير 431
جحاف بن أيمن 1208
جرير بن عبد الله البحلي 509
جرير بن عطية الخطفي 1091
جزء بن معاوية 314
جعدة بن هبيرة 809
جعفر (المقتدر بالله) 1600
أبو جعفر الأنصاريّ 465
جعفر بن الزّبير بن العوّام 702(3/1727)
الاسم الصّفحة
جعفر بن الهادي 1389
جعفر بن أبي المغيرة 953
جعفر بن عبد الله بن جحاف 1274
جعفر بن عبد الواحد بن العبّاس 1558
جعفر بن عليّ بن أبي طالب 492
جعفر بن محمود الإسكافي 1550
جعفر بن محمود الجرجاني 1535
جمانة بنت عليّ بن أبي طالب 493
جميل بن عبد الله بن معمر العذري 1094
جميلة بنت ثابت 301
جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح 432
جميلة بنت عاصم 5443
جناح مولى الوليد بن عبد الحكم 453
أبو جهل 226
أبو جهم بن حذيفة العدوي 471
جوهر بن عبد الله الصّقليّ 47
(حرف الحاء)
حابس بن سعد الطّائي 511
الحارث بن كلدة 949
حارثة بن مضرب 372(3/1728)
الاسم الصّفحة
أبو حازم الأعرج (سلمة) 1039
حامد بن العبّاس البلخي 1612
أبو حامد الغزالي (محمّد بن محمّد الغزالي الطّوسي) 23
الحباب بن المنذر بن الجموح 234
حبابة (الجارية) 1122
حبان بن أبي جبلة 1015
حبيب بن أبي عبيدة الفهري 1146
حبيب بن أوس الطّائيّ 1477
حبيب بن إساف 162
حبيبة بنت خارجة 803
حبيش بن دلجة 213
الحتات بن يزيد المجاشعي 619
الحجّاج بن أرطأة 1347
الحجاج بن مسروق الجعفي 720
الحجّاج بن يزيد 568
الحجّاج بن يوسف الثقفي 823
حجار بن أبجر العجلي 880
حجر بن عدي بن الأدبر الكندي 654
حذيفة بن الأحوص 1067
أبو حذيفة بن المغيرة 409(3/1729)
الاسم الصّفحة
الحرّ بن يزيد التّميمي 721
أمّ حرام بنت ملحان 427
الحسام بن ضرار 1142
حسان بن ثابت 149
أم الحسن بنت علي بن أبي طالب 493
أبو حسن المازني 536
الحسن بن جمهور 141
الحسن بن سهل 1446
الحسن بن عمارة البجلي 1347
الحسن بن محمّد بن هارون بن قبيصة 1643
الحسن بن الضّحّاك 1519
الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ 1393
الحسين بن منصور الحلّاج 1604
حصين بن نمير السّكوني 767
حطان التّميمي (حاشية) 375
الحطيئة 643
حطيط الزّيات 952
حفصة بنت عمر 208
الحكم بن الوليد 1184
الحكم بن عبد الرحمن (المستنصر بالله) 1209(3/1730)
الاسم الصّفحة
الحكم بن هشام الرّبضي 1205
حكيم بن حزام 471
حليمة السّعدية 134
حمّاد بن سلمة 1418
حمّادوش الجزائري (عبد الرّزّاق بن محمّد بن محمّد) 69
حمزة بن عبد الله بن الزّبير 826
حمزة بن عبد المطلب 282
حمزة بن مالك الهمدانيّ 512
حميد بن حريث 867
حميد بن حريث بن بحدل 678
حميد بن عبد الرّحمن الحميري 689
حميد بن مسلم الأزدي 736
حميدة بنت النّعمان بن بشير 801
حنتمة بنت هاشم (أمّ عمر بن الخطّاب) 278
حنش بن عبد الله الصّنعانيّ 1014
حنظلة بن ربيعة 169
حنظلة بن صفوان الكلبيّ 1148
حوشب البرسميّ 806
حوشب ذو ظليم الحميريّ 563
حكيم بن جبلة العبدي 454(3/1731)
الاسم الصّفحة
(حرف الخاء)
خالد بن زيد بن كليب 166
خالد بن سعيد بن العاص 238
خالد بن سعيد الأموي 238
خالد بن الصّعق 313
خالد بن عبد الله القسري 511
أمّ خالد بنت أبي هاشم بن عتبة (فاختة) 776
خالد بن الوليد 251
خالد بن يزيد 688
خالد بن يزيد بن معاوية 778
خباب بن الأرتّ 282
خبيب بن عبد الله 762
خديجة بنت خويلد 148
خديجة بنت عليّ بن أبي طالب 494
خلف الحصري (الحاشية) 1220
خولة بنت حكيم 202
خولي بن يزيد الأصبحي (الحاشية) 741
أم الخير 222
الخيبري الشيباني الخارجي 1199
(حرف الدّال)(3/1732)
الاسم الصّفحة
دانيال عليه السّلام 1063
أبو الدّرداء 431
ابن دردير 1346
درواس بن حبيب 1155
دعبل بن علي الخزاعي 757
دونيا أوراكا (الحاشية) 1296
(حرف الذّال)
ابن الذّئبة (ربيعة بن عبد يا ليل) الثّقفي 974
(حرف الراء)
راشد بن عمرو الجديدي 669
رافع بن اللّيث 1435
رباح بن عمرة الغساني 984
الرّبيع بن شابور 1138
الرّبيع بن يونس بن محمّد بن عبد الله 1345
ربيعة بن مكدم 681
رجاء بن حيوة 833
ردمير 1224
ابن ردمير (الفونسو الأوّل) 1299
ردمير (راميروا الأوّل) 1228
رستم (الفارسيّ) 343(3/1733)
الاسم الصّفحة
أبو رغال 772
رقية بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 198
رقية بنت عليّ 492
رقية بنت عمر 305
رملة بنت أبي سفيان 208
رملة بنت عليّ بن أبي طالب 493
رملة بنت معاوية 605
رملة بنت يزيد بن معاوية 688
الرّنك (أنريكي دي بور جونيا) (الحاشية) 1299
روح بن زنباع الجذامي 830
أمّ رومان 204
ريان بن خالد الحكمي 832
الرّيان بن مسلم 777
ريطة بنت عبد الله السّفاح 1341
(حرف الزّاي)
زائدة بن قدامة 884
الزّبير المعتزّ 1497
الزّبير بن العوام 229
الزّبير بن بكار 575
أبو الزّبير مولى هشام 1139(3/1734)
الاسم: الصّفحة
زرعة بن شريك التميمي 740
الزّرقاء بنت علقمة 701
زرعة بنت مشرح 766
زريق الخصي مولى يزيد بن معاوية 699
أبو زكار 1419
ابن زمل 188
زمعة بن قيس 205
زمل بن قيس الفزاري 718
أبو الزّناد (عبد الله بن ذكوان) 1063
زهرة بن كلاب 130
زهير بن القين 731
زهير بن قيس البلوي 667
زياد بن أبيه 657
زياد بن خصفة التّيمي 559
زياد بن لبيد 275
زيادة الله بن عبد الله بن الأغلب 1595
زيد بن الأرقم 745
زيد بن ثابت 178
زيد بن حارثة 137
زيد بن حارثة بن شرحبيل 147(3/1735)
الاسم الصّفحة
زيد بن خارجة الخزرجي 440
زيد بن علي بن الحسين 1166
زيد بن عمر 300
زينب الصّغرى بنت عليّ بن أبي طالب 493
زينب الكبرى بنت عليّ بن أبي طالب 724
زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم 198
زينب بنت جحش 210
زينب بنت خزيمة الهلالية 212
زينب بنت عمر 305
زينب بنت مظعون الجمحية 298
(حرف السّين)
سائب بن خاثر بن يسار 640
السّائب بن صيفي بن عائد بن مخزوم 652
السّائب بن هشام بن عمرو 448
سارق بن ظالم 819
سالم أبو الزعيزعة 831
سالم بن عبد الله المدني 1076
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب 1141
سانشو بن الفونسو (الحاشية) 1271
سديف بن ميمون (الحاشية) 1331(3/1736)
الاسم: الصّفحة سرجون بن منصور الرّومي 831
ابن سريح (عبيد الله) المغني 1176
سطيح (كاهن العرب) 598
سعد بن أبي وقاص 343، 229
سعد بن حذيفة بن اليمان 788
سعد بن عبادة 589
سعيد الهمداني 489
سعيد بن الوليد الأبرش 1137
سعيد بن حميد الطّوسي 1531
أبو سعيد الخدري 255
سعيد بن زيد 184
سعيد بن سلم 1399
سعيد بن صالح 1538
سعيد بن عامر بن حذيم 356
سعيد بن عبد الرّحمن الجمحي 1390
سعيد بن عمرو الأموي 1180
أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثّقفيّ 493
سعيد بن هشام بن عبد الملك 1170
سعيد مولى يزيد بن عبد الملك 1120
أبو سفيان بن يزيد 677(3/1737)
الاسم: الصّفحة
سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 594
سكينة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب 842
أبو سلام (ممطور الأعرج الحبشيّ) 1079
سلامة (جارية) 1122
سلم بن أحوز المازني 1178
سلم بن عمرو 1409
سلمى بنت عمرو بن زيد 136
أم سلمة بنت أبي أمية 209
سلمة بن الأكوع 157
سلمة بن سلامة بن وقش 484
سلمة بن قيس الغطفاني 324
سلمة بن هشام المخزومي 261
أم سلمة بنت عليّ بن أبي طالب 494
سلمة مولى يزيد الوليد 1186
سليم بن محمّد بن مصال 51
سليمان العباسي عم السفاح والمنصور 142
سليمان بن الحسن بن مخلد الجراح 1631
سليمان بن الحكم الملقب بالمستعين 1219
سليمان بن المنصور 1348
سليمان بن سعد الخشني 1021(3/1738)
الاسم: الصّفحة
سليمان بن عبد الملك 852
سليمان بن عبد الملك بن مروان 976
سليمان بن لبون 1311
سليمان بن محمّد بن هود الجذامي 1221
سليمان بن مخلد المورياني 1326
سليمان بن هشام 1139
سليمان بن وهب 1553
السّمح بن مالك 1027
السّموأل بن عاديا 1458
سنان الضّمري
سنان بن أنس بن عمرو النّخعي 741
أبو سنان وهب بن عبد الله 158
سهفريد بنت فيروز 1185
سهل بن حنيف 459
سهل بن رافع 164
سهل بن سعد بن مالك 919
سوار بن عبد الله التّميمي 1347
سودة بنت زمعة 202
سير بن أبي بكر اللّمتوني 76
سيف الدّولة 1637(3/1739)
الاسم: الصّفحة
(حرف الشّين)
شانحة بن أبركة (سانشو الثّالث 1224
ابن الشّبّاط التّوزري (محمّد بن عليّ بن محمّد) 60
شيث بن ربعي 816
شبل بن معبد (حاشية) 315
شبيب بن بجرة الأشجعي 579
شبيب بن حميد بن قحطبة 1447
أبو شجاع (فنّا خسروا) 1645
شجاع الخوارزمية 1491
شجاع بن القاسم 1529
أبو شجاع بن لبّون 1238
أبو شحمة عبد الرّحمن الأصغر بن عمر 304
شديد مولى أبي بكر 244
شرحبيل بن حسنة 258
شرحبيل بن السمط 510
شريح بن الحارث الكندي 296
شريح القاضي 707
الشّريف الرّضي (محمّد بن الحسين) 1587
شريك بن عبد الله 1347
شقران مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 217(3/1740)
الاسم: الصّفحة
شقيق بن سلمة (أبو وائل) 328
شمر بن ذي الجوشن 731
شنجول 1215
ابن شوذب 561
شيبان بن عبد العزيز اليشكري 1199
شيبة بن ربيعة 226
شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي 564
شيراد 1529
(حرف الصّاد)
صاعد بن مخلد 1560
صالح بن الرّشيد 1432
صالح بن عبد الرّحمن 1066
صالح بن عبد القدوس 1544
صالح بن المنصور 1348
صدقة بن سابق 278
صعصعة بن صوحان العبدي 624
صفوان مولى يزيد 603
صفية بنت حييّ 214
صهر بني غزوان (مجاشع بن مسعود) 315
صهيب بن سنان 483(3/1741)
الاسم: الصّفحة
(حرف الضّاد)
ضابيء بن الحارث 932
الضّحّاك بن قيس الشّاري 1198
ضرغام 53
ضمر بن ربيعة 563
(حرف الطّاء)
طارق بن زياد البربري 1006
طارق بن عمرو الأموي 896
أبو طالب 143
ابن طاهر (أبو كبر أحمد بن إسحاق) 1219
طاهر بن الحسين الخزاعي 1438
الطّاهر بن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 197
طاهر بن عبد الله بن طاهر 1475
طاووس بن كيسان 1141
الطّرطوشي (محمّد بن الوليد بن محمّد بن خلف) 23
طريف بن مالك المعافري (أبو زرعة) 1005
طلائع بن رزيك 52
أبو طلحة الخزرجي 402
طلحة الطّلحات 1034
طلحة بن عبيد الله 229(3/1742)
الاسم: الصّفحة
طليحة بن خوليد الأسدي 252
طوعة (الحاشية) 709
الطّيّب بن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 197
(حرف الظّاء)
ظبيان بن عمارة التّميمي 793
(حرف العين)
عائذ الله بن عبد الله الخولاني 831
عائشة بنت الصّديق 150
عائشة بنت طلحة بن عبيد الله 842
عائشة بنت عمر 305
عائشة بنت عثمان بن عفان 616
عائشة بنت معاوية بن المغيرة 827
عائشة بنت هشام (أمّ هشام بن عبد الملك) 1134
عاتكة بنت خالد الخزاعية 752
عاتكة بنت زيد 1111
عاتكة بنت عبد الله بن معاوية 606
عاتكة بنت يزيد بن معاوية 606
العادل بن طلائع بن رزيك 53
العاص بن أمية 865
عاصم بن ثابت الأوسي 301(3/1743)
الاسم: الصّفحة
عاصم بن عمر 301
عاصم بن قيس بن الصلت 316
أمّ عاصم بنت عاصم 1059
عافية بن يزيد 1378
العالية بن المنصور 1348
عامر بن الظرب 249
عامر الشعبي 149
عامر بن ضبارة الغطفاني 1199
عامر بن فهيرة 160
عامر بن واثلة الكناني 654
ابن عباد (المعتضد) 1217
أبو عباد ثابت بن يحيى 1446
عباد بن الحصين 882
ابن عباد 1224
عبادة بن الصّامت 427
العبّاس بن الحسن بن أيّوب (أبو أحمد) 1600
العبّاس بن المنصور 1348
العبّاس بن عتبة بن أبي لهب 764
العبّاس بن عليّ بن أبي طالب 724
العباس بن محمد بن علي 1411(3/1744)
الاسم: الصّفحة
عبّاس بن مرداس السّلمي 248
عبد الجبّار بن عبد الرّحمن 1327
عبد الحميد بن عبد الرّحمن 1066
عبد الرّحمن الأصغر بن عمر 305
عبد الرّحمن الأوسط بن الحكم 1205
أبو عبد الرّحمن السّلمي (عبد الله بن خبيب) 543
عبد الرّحمن بن أبزى 549
عبد الرّحمن بن أبي بكر 245
عبد الرّحمن بن أبي عاصم الأشعري 1346
عبد الرّحمن بن الحارث 278
عبد الرّحمن بن أم الحكم 663، 662
عبد الرّحمن بن حميد الكلبي 1175
عبد الرّحمن بن حنبل الجمحي 263
عبد الرّحمن بن سعيد بن قيس 804
عبد الرّحمن بن سمرة 649
عبد الرّحمن بن شماسة 1014
عبد الرّحمن بن عبد القاري 298
عبد الرّحمن بن عبيد الله القرشي 528
عبد الرّحمن بن عثمان الثّقفي 663
عبد الرّحمن بن عمر 304(3/1745)
الاسم: الصّفحة
عبد الرّحمن بن عمر (الأصغر) 304
عبد الرّحمن بن عوف 229
عبد الرّحمن بن عديس البلوي 454
عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله (النّاصر لدين الله) 1206
عبد الرّحمن بن مسلم المروزي 1178
عبد الرّحمن بن معاوية 605
عبد الرّحمن بن معاوية (الدّاخل) 1139
عبد الرّحمن بن ملجم المرادي 571
عبد الرّحمن بن هرمز 1039
عبد الرّحمن بن يزيد بن حارثة 1090
أمّ عبد الرّحمن بن بنت يزيد 688
عبد العزيز بن المنصور 1348
عبد العزيز بن مروان بن الحكم 580
عبد القاهر بن السّرّي السّلمي 878
عبد الله الأصغر بن يزيد 606
عبد الله الأكبر بن عثمان 397
عبد الله الأكبر بن يزيد 606
أبو عبد الله المحتسب (الحسين بن أحمد) 1596
عبد الله بن أبي بكر 245
عبد الله بن أبي ربيعة 408(3/1746)
الاسم: الصّفحة
عبد الله بن أريقط اللّيثي 160
عبد الله بن الأرقم 178
عبد الله بن الحارث النّخعي 787
عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ 1328
عبد الله بن الحضرمي 477
عبد الله بن بديل الخزاعي 552
عبد الله بن بريدة 175
عبد الله بن جدعان 249
عبد الله بن جعفر 301
عبد الله بن حبيب بن ربيعة 544
عبد الله بن حنظلة الغسيل 763
عبد الله بن خازم 354
عبد الله بن خالد بن أسيد 1035
عبد الله بن رسول الله صلى الله عليه وسلم 198
عبد الله بن زمعة بن الأسود 182
عبد الله بن الزبير الأسدي 934
عبد الله بن سعد 179
عبد الله بن سعيد بن العاص 646
عبد الله بن سعيد بن جبير 966
عبد الله بن سلام 457(3/1747)
الاسم: الصّفحة
عبد الله بن سوار 667
عبد الله بن صفوان 903
عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي 1438
عبد الله بن عامر الكلاعي 1175
عبد الله بن عامر بن كريز 435
عبد الله بن عباس 131
عبد الله بن عبد الرحمن بن عامر 675
عبد الله بن عبد المطلب 128
عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي 788
عبد الله بن عروة 735
عبد الله بن عليّ بن أبي الشّوارب 1597
عبد الله بن عليّ بن أبي طالب 492
عبد الله بن عمر الخزاعي 752
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز 1100
عبد الله بن عمرو بن الطّفيل الأزدي 261
عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان 699
عبد الله بن عوف الكناني 1067
عبد الله بن قطبة الطائي 735
عبد الله بن محمّد (أبو محمّد) 1206
عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس 1140(3/1748)
الاسم: الصّفحة
عبد الله بن محمّد بن مسلمة التّجيبي (ابن الأفطس) 1218
عبد الله بن مسعدة الفزاري 872
عبد الله بن مسعود 421
عبد الله بن مسلم بن قتيبة 538
عبد الله بن مطيع بن الأسود القرشي العدوي 760
عبد الله بن مغفل المزني 359
عبد الله بن هارون الواثق 1552
عبد الله بن همام السّلولي 690
عبد الله بن يزيد 688
عبد الله بن يزيد الحبلي 1014
عبد الله بن يزيد بن معاوية 866، 688
عبد المؤمن بن عليّ الكومي 35
عبد المجيد (الحافظ) 51
عبد المسيح بن عمرو بن جديلة 255
عبد المطلب 128
أم عبد المطلب 136
عبد الملك بن سعيد بن جبير 966
عبد الملك بن صالح 1412
عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز 1102
عبد الملك بن عمير 893، 631(3/1749)
الاسم: الصّفحة
عبد الملك بن قطن القرشي 1187
عبد الملك بن محمّد (المظفر) 1215
عبد الملك بن المستعين الجذامي 1303
عبد مناف 129
عبد المؤمن بن علي 1318
عبد الواحد بن أبي حفص 45
عبد بن زمعة 207
عبيد الله المهدي الفاطمي 1596
عبيد الله بن أحمد خرداذبه 1566
عبيد الله بن أبي بكرة 1034
عبيد الله بن الحبحاب 1138
عبيد الله بن جحش 208
عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطلّب 1033
عبيد الله بن المهدي 1376
عبيد الله بن رافع 489
عبيد الله بن زياد 705
عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة 914
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر 1539
عبيد الله بن قيس الرقيات 886
عبيد الله بن عليّ 491(3/1750)
الاسم: الصّفحة
عبيد الله بن عمر 299
عبيد الله بن يحيى بن خاقان 1493
عبيد الله بن أوس الغساني 687، 602
عبيد بن الأبرص 655
أبو عبيدة بن مسعود الثّقفي 337
أبو عبيدة بن الجراح 232
عبيدة بن عبد الرّحمن القيسي 1144
عتاب بن أسيد بن أبي العيص 274
عتاب بن ورقاء 879
عتبة بن أبي سفيان 515
عتبة بن غزوان 276
عثمان بن أبي العاص الثّقفي 363
عثمان بن الوليد 1184
عثمان بن حنيف 365
عثمان بن خالد الجهني 735
عثمان بن أبي العاص 768
عثمان بن سعيد بن العاص 646
عثمان بن عامر 221
عثمان بن عليّ بن أبي طالب 493
عثمان بن مظعون 203(3/1751)
الاسم: الصّفحة
عدي بن أرطأة 1067
عدي بن حاتم الطائي 305
عرار بن شأش الأسدي 969
عروة بن حزام 1098
عزّة (صاحبة كثير) 1095
العسكري (عليّ بن محمّد بن عليّ) 1509
عقبة بن أبي معيط 226
عفيف بن معدي 249
عقبة بن الحجاج الفهري 1123
ابن أبي عقيل 180
عكرمة بن ربعي الفياض 1034
العلاء بن الحضرمي 180
علي (السجاد) 142
عليّ الأصغر بن الحسين 725
عليّ الأكبر بن الحسين 723
عليّ بن أحمد الرّاسبي 1604
عليّ بن الحاج 1290
عليّ بن المهدي 1376
عليّ بن عبد العزيز بن إبراهيم (ابن حاجب النّعمان) 1644
عليّ بن عبد الله بن العبّاس 766(3/1752)
الاسم: الصّفحة
عليّ بن عيسى الجراح 1605
عليّ بن القلصادي 70
عليّ بن ماهان 1391
عليّ بن محمّد التّنوخي 1645
علي بن محمد بن مقلة (الحاشية) 1620
عليّ بن محمّد بن موسى بن الفرات (الحاشية) 1615
علي بن محمد العبدي 1562
عليّ بن يقطين بن موسى 1384
عليّ بن يوسف بن تاشفين 1293
عليّة بنت المهدي 1421
عمار بن ياسر 549
عمارة بن عمرو بن حزم 909
عمر بن الأفطس 1239
عمر بن بزيع مولى المهدي 1389
عمر بن جرموز 530
عمر بن سعد بن أبي وقاص 724
أبو عمر بن عبد البر (يوسف بن عبد الله) 1232
عمر بن عبد العزيز 1024
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة 814
عمر بن عبيد الله التّميمي 881(3/1753)
الاسم: الصّفحة
عمر بن عبيد الله بن معمر 881
عمر بن عليّ بن أبي طالب 492
عمر بن يزيد بن عمير الأسيدي 1148
عمران بن حطان السّدوسي الخارجي 580
عمرة بنت يزيد الكلابيّة 214
عمرو بن الحمق الخزاعي 622
عمرو بن العاص 180، 257
عمرو بن حريث 711
عمرو بن شاس 970
عمرو بن عبيد 1364
عمرو بن عثمان بن عفّان 397
عمرو بن قنعاس المرادي 636
عمرو بن مسعدة 1446
عمرو بن قميئة 854
عمير بن سعد بن عبيد الأنصاري 396
عمير بن ضابيء البرجمي 922
أبو العنيس الصّيمري 1507
عنبسة بن سعيد بن العاص 646
عوف بن مالك الأشعجي 611
عون بن جعفر بن أبي طالب 300(3/1754)
الاسم: الصّفحة
عون بن عبد الله الهذلي 1092
عون بن عبد الله بن جعفر 735
ابن عياش 139
ابن أبي عياش 1065
عيسى بن المنصور 1348
عيسى بن عليّ العبّاسي 1345
عيسى بن مصعب 883
عيسى بن موسى بن محمّد بن عليّ 1342
أمّ عيسى بنت موسى الهادي 1436
(حرف الغين)
غالب بن محمّد أبو منصور 1643
غالب مولى هشام 1137
أبو غبشان 1307
غرسية 1227
غزالة الحرورية 993
ابن غلاب (خالد بن الحارث) 316
الغمر بن يزيد بن عبد الملك 1331
غيلان بن عقبة 1082
(حرف الفاء)
الفائز بنصر الله (أبو القاسم عيسى بن الظّافر) 52(3/1755)
الاسم: الصّفحة
فاختة بنت قرظة 1080
فاطمة بنت الحسين 749
فاطمة بنت الخطاب 281
فاطمة بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 196
فاطمة بنت عبد الملك 1080
فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب 494
فاطمة بنت عمر 300
فاطمة بنت قيس 410
فاطمة بنت مر الخثعمية 131
الفاكه بن المغيرة 597
أبو الفرج محمّد بن عليّ السّامريّ 1635
فرذلند 1223
أم فروة بنت أبي قحافة 254
فضالة بن عبيد الأنصاري 603
فضل العبدية مولاة المتوكّل (الشّاعرة) 1491
الفضل بن الرّبيع بن يونس 1375
الفضل بن الرّبيع بن موسى 1377
الفضل بن العبّاس 217
الفضل بن العبّاس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب 764
الفضل بن سليمان الطوسي 1346(3/1756)
الاسم: الصّفحة
الفضل بن سهل 1446
الفضل بن قدامة العجلي 1161
الفضل بن مروان 1464
(حرف القاف)
القاسم بن المنصور 1348
القاسم بن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 197
القاسم بن ربيعة الثّقفي 477
القاسم بن عبيد الله الحارثي 1585
أبو القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 1585
قبصية بن جابر الأسدي 607
قتادة بن دعامة 158
قثم بن العبّاس 217
أبو قحافة 231
قدامة بن مظعون 299
قرظة بن كعب الخزرجي 367
قريبة بنت أبي أمية 182
ابنة قرظة 606
قطام 577
قطري بن الفحاءة 650
قطن بن عبد الله بن حصين الحارثي 880(3/1757)
الاسم: الصّفحة
القعقاع بن خليد العبسيّ 984
قنبر (أبو يزيد) 490
القنبيطور 1268
قيس بن الأشعث 729
قيس بن الهيثم السّلمي 781
قيس بن حمزة الهمداني 603
قيس بن الخطيمة الأوسي 641
قيس بن سعد بن عبادة 591
قيس بن عاصم المنقري 248
قيس بن مسهر 719
قيماز بن عبد الله المستنجدي 1671
قصيّ بن كلاب 129
(حرف الكاف)
الكتّاني (محمّد بن عبد الحيّ) 72
كثير بن شهاب 635
كثير عزة 860
أم الكرام بنت عليّ بن أبي طالب 494
كعب بن أمامة 1459
كعب بن جعيل 519
كعب بن حامد العبسي 1022(3/1758)
الاسم: الصّفحة
كعب بن حماد 984
كعب بن مالك الأنصاري 112
كلاب بن مرة 129
كلثوم بن عياض 1147
كلثوم بن هرم 162
أم كلثوم بنت أبي بكر 246
أم كلثوم بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم 198
أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب 493
كنانة مولى صفية بنت حييّ 464
كيسان أبا عمرة مولى عرينة 787
(حرف اللام)
أبو لؤلؤة (فيروز) لعنه الله 373
لبابة بنت سمرة بن جندب 822
لبيد بن ربيعة العامري 854
لذريق 997
ابن أبي ليلى (محمّد بن عبد الرّحمن) 1326
ليلى بنت عبد الله الأخيلية 943
ليلى بنت مسعود النّهشلية 491
(حرف الميم)
المازري (محمّد بن عليّ بن عمر التّميمي) 23(3/1759)
الاسم: الصّفحة المؤمل بن أميل المحاربي 610
مؤنس الخادم 1619
مارية القبطية 199
مالك بن أسماء بن خارجة 931
مالك بن النّسير الكندي 738
ماني الموسوس 1543
مبشر بن سليمان 1310
مجاشع بن مسعود (صهر بني غزوان) 315
ابن مجاهد 1218
مجاهد بن جبر 669
أبو المجبر بن عمر (عبد الرّحمن الأصغر) 304
محسّن بن عليّ بن أبي طالب 491
محمّد (الأصغر) بن الواثق 1475
محمّد (المهتدي) الخليفة 1475
محمّد الأصغر بن هارون الواثق 1552
محمد بن إسماعيل بن قريش 1217
محمّد بن أبي بكر 254
محمّد بن أبي الجهم بن حذيفة 448، 432
محمّد بن أبي عامر (المنصور) 1210
محمّد بن أحمد بن أبي دؤاد 1494(3/1760)
الاسم: الصّفحة
محمّد بن إبراهيم بن الأغلب 1456
محمّد بن الأشعث بن قيس 709
محمد بن طلحة 528
أبو محمّد التّجاني (عبد الله بن محمّد بن أحمد التّونسي) 20
محمّد بن المتوكّل (الحاشية) 1535
محمّد بن الواثق (الحاشية) 1532
محمّد بن جعفر الأنماطي 1457
محمّد بن حاطب 457
محمّد بن خفيف الشّيرازي 1607
محمّد بن زهير المروزي 278
محمّد بن سعيد بن العاص 646
محمّد بن سلام الجمحي 881
محمّد بن سليمان العبّاسي 1350
محمّد بن سماعة 1430
محمّد بن شهاب الزّهري 834
محمّد بن صفوان الجمحي 1134
محمّد بن عبد الرّحمن المخزومي 1447
محمّد بن عبد الرّحمن بن سعيد 880
محمّد بن عبد الله (النفس الزكية) 1134
محمّد بن عبد الله بن طاهر الخزاعي 1523(3/1761)
الاسم: الصّفحة
محمّد بن عبد الله بن علاثة 1378
محمد بن عبد الله السفاح 1341
محمّد بن عبد الملك بن أبان 1466
محمّد بن عبد العزيز 1245
محمّد بن عليّ 1556
محمّد بن عليّ بن الحسن بن مقلة 1615
محمّد بن عمر الواقدي 1447
محمّد بن عمير 1234
محمّد بن عمير بن عطارد 787
محمّد بن فاطمة 1291
محمّد بن فلان بن ثعلبة بن ربيعة 876
محمّد بن كعب القرظي 148
محمّد بن مروان بن الحكم 876
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري 1039
محمّد بن مسلمة 310
محمّد بن ميمون 69
محمّد بن هشام بن عبد الجبّار (الحاشية) 1216
محمّد بن يحيى 1411
محمّد بن يحيى الجرجاني 1493
محمّد بن يزيد الأنصاري 1030(3/1762)
الاسم: الصّفحة
محمّد بن يوسف القاضي 1597
محمّد بن يوسف بن تاشفين (ابن عائشة) 1274
محمّد عبد العزيز بن العبّاس الهاشمي 1652
مخارق بن الحارث الزّبيديّ 512
المختار بن أبي عبيد الثّقفي 784
أبو مخنف لوط بن يحيى 139
مراجل 1402
المرتضى عبد الله 1309
مروان بن أبي حفصة 1414
مروان بن الحكم 357
مروان بن موسى بن نصير 995
مري بن معاد الأحمري 747
مزاحم بن أبي مزاحم 1064
مزدلي بن سلنكان 1287
مزرد بن ضرار 371
ابن المستعين (عبد الملك بن المستعين الجذامي) 1303
المستنصر العبيدي (محمّد بن الظّاهر أبو تميم) 50
المستنير بن الحارث 1144
أبو مسعود البدري 537
مسعود بن صخر 1664(3/1763)
الاسم: الصّفحة
المسعودي (الحاشية) 716
أبو مسلم (عبد الرّحمن بن مسلم) 1327
مسلم بن عقبة 696
مسلم بن عقيل بن أبي طالب 704
مسلم بن عمرو الباهلي 711
مسلمة بن عبد الملك بن مروان 979
مسمع بن مالك العبدي 781
المسور بن مخرمة 401
مسيلمة بن حبيب الكذاب 252
مطر مولى يزيد بن عبد الملك 1120
مطرف بن عبد الله الشّجير 961
معاوية بن أبي سفيان 178
معاوية بن عبد الله الأشعري (أبو عبيد الله) 1376
معاوية بن هشام 1129
معاوية بن يزيد 688
أم معبد 752
معبد بن وهب 1176
المعزّ العبيدي (معد بن إسماعيل) 47
معمر بن المثنّى 139
معن بن أوس المزني 1129(3/1764)
الاسم: الصّفحة
معن بن صمادح التّجيبي 1218
معيقيب بن أبي فاطمة الدّوسي 184
المغيرة بن الأخنس 457
المغيرة بن شعبة 306
المقداد بن عمرو بن الأسود الكندي 401
ابن المقفع 1346
المقوقس (ملك الإسكندرية) 199
مكحول الدمشقيّ 834
مليكة بنت جرول الخزاعية 299
منطور الحبشي 1079
المنتصف بالله (عبد الله بن المعتزّ بن المتوكّل) 1601
المنذر بن الزّبير 774
المنذر بن جهم 898
المنذر بن محمّد أبو الحكم 1206
أبو المنصور إسماعيل بن عبد المجيد 51
المنصور بن المهدي 1376
منصور بن جمهور بن حصن الكلاعي 1188
المنصور (الخليفة العبّاسي) 1344
المهاجر بن أبي أمية 253
المهدي (ابن تومرت) 23(3/1765)
الاسم: الصّفحة
المهدي بن المنصور 1181
المهلب بن أبي صفرة 650
المهلبي (عليّ بن أبان) 1562
أبو موسى الأشعري (عبد الله بن قيس) 306
موسى بن الأمين 1436
موسى بن يحيى 1411
أمّ موسى بنت عمرو بن سعيد 866
المسعودي علي بن الحسين بن علي 535
أبو ميسرة (عمرو بن شرحبيل) 563
ميسون بنت بجدل الكلبي 685
ميمون بن مهران الرّقي 1087
ميمونة بنت الحارث العامرية 211
ميمونة بنت عليّ بن أبي طالب 494
(حرف النّون)
نائلة بنت الفرافصة 429
نائلة بنت فريص 867
النّابيء بن زياد 884
النّاصر بن علناس 1274
نافع بن الحارث الثّقفي 315
نافع بن عتبة بن أبي وقاص 1321(3/1766)
الاسم: الصّفحة
نافع بن هلال 732
نافع مولى بني أسد 904
النّجاشي 209
النّجاشي (قيس بن عمرو بن مالك) 522
نجيبة أم المقتدي 1660
ابن النّديم (عبد الله بن أحمد بن حمدان) 1589
نصر بن سيار 1178
نصيب بن رباح 844
النّضر بن الحارث 1571
أبو النّضر بن حبان 609
أبو النّعمان النّعمان بن إبراهيم 878
النّعمان بن بشير 697
النّعمان بن عدي 314
النّعمان بن مقرن 362
نعيم بن سلامة 1022
نعيم بن صخر بن عدي 261
نعيم بن عبد الله النّحام 281
نفيسة بنت عليّ بن أبي طالب 494
نفيع أبو بكرة الثّقفي 315
ابن نهية 929(3/1767)
الاسم: الصّفحة
أبو النّواس (الحسن بن هانيء) 1434
نور الدّين محمود 53
نوفل مولى موسى الهادي 1436
نيار بن مكرم الأسلمي 471
(حرف الهاء)
هاشم بن عبد مناف 128
هاشم بن عتبة (المرقال) 354
هاشم بن المغيرة 279
هانيء بن عروة المرادي 635
هبار بن سفيان 261
هدية بن فياض الأعور (الحاشية) 659
أبو هريرة (عبد الرحمن بن صخر) 311
ابن هشام (عبد الملك بن أيّوب الحميري) 144
هشام بن إسماعيل المخزومي 843
هشام بن الحكم (المؤيّد) 1210
هشام بن العاص 261
هشام بن عبد الرّحمن أبو الوليد 1204
هشام بن عبد الملك 890
هشام بن محمد (الراوي) 739
هلال بن علّفة اللّيثي 344(3/1768)
الاسم: الصّفحة
هند بنت أبي أمية (أم سلمة رضي الله عنها) 750
هند بنت عتبة 597
هند بنت معاوية 605
ابن هود (أحمد بن سليمان المقتدر) 1223
(حرف الواو)
وردان بن مجالد 578
ورقة بن نوفل 249
وصيف خادم محمّد بن أبي السّاج 1591
ولادة بنت العبّاس العبسي 982
الوليد بن المغيرة 249
الوليد بن عبد الملك 853
الوليد بن عتبة بن أبي سفيان 699
الوليد بن يزيد 1121
وهب بن منبه 139
(حرف الياء)
يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن تاشفين 1287
يحيى بن أكثم 1494
يحيى بن إسحاق الصّنهاجي الميورقي 43
يحيى بن خالد بن برمك 1401
يحي بن زيد 1169(3/1769)
الاسم: الصّفحة
يحيى بن سعيد بن العاص 646
يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن عليّ 1413
يحيى بن عبد الملك (حسام الدّولة بن رزين) 1248
يحيى بن عليّ بن أبي طالب 492
يحيى بن مبشر 879
يرفأ مولى عمر 296
يزدجرد بن كسرى 343
أمّ يزيد 435
يزيد بن أبي سفيان 257
يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء 850
يزيد بن أسد 511
يزيد بن الحرّ المخزومي 603
يزيد بن المهلب بن أبي صفرة 1025
يزيد بن شجرة الرّهاوي 564
يزيد بن عبد الملك بن مروان 976
يزيد بن عمر بن هبيرة 1200
يزيد بن أبي كبشة 832
يزيد بن يعلى 1138
يسار مولى الأنصار 650
يسار بن سبع الجهني (أبو الغادية) 546(3/1770)
الاسم: الصّفحة
يسار بن نمير الأسدي 297
يسير بن عمرو 689
يشفع (أبو شرحبيل) 565
يعقوب بن اللّيث السّجستاني 1565
يعقوب بن الليث الصفار 1590
يعقوب بن داود بن عمر السلمي 1377
يعقوب بن المنصور 1348
يعلى بن أمية التميمي 477
يليان 997
أبو يوسف (يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن) 1319
يوسف بن تاشفين 1252
يوسف بن الحكم 875
يوسف بن سعدون 1586
يوسف بن عبد الرّحمن بن أبي عبيدة 1202
يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ الكومي 1318
يوسف بن عمر 1628
يوسف بن عمر (أبو النّصر) 1623
يوسف بن هود 1218
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حنش 1390(3/1771)
6 - فهرس الأعلام الذين لم أتمكّن من معرفتهم:
الاسم: الصّفحة
(حرف الألف)
إبراهيم بن عليّ 493
أحمد بن خالد 1551
أحمد بن خاقان 1620
أحمد بن سهل 1616
أحمد بن أبي العلاء 1518
أحمد بن هارون 1552
ابن أسباط المصري 1498
إسحاق بن إبراهيم 1465
إسحاق بن منصور 1551
أبو الأعور السّلمي 511
(حرف الباء)
بشير الفتي 1236
بكر بن المعتمر 1436
بكير 710
بنت حجر بن عدي 658
حرف التاء
تاشفين بن يتنغمر 1292
(حرف الجيم)(3/1772)
الاسم: الصّفحة
جابر بن الحسين 729
جثيمة الضبي 592
جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب 763
الجهم بن عطية 1325
(حرف الحاء)
الحارث بن حكيم 1022
الحارث بن عبد 696
الحبحاب 1138
حبيش مولى عمر بن عبد العزيز 1065
حرثان بن عمرو 845
الحسن بن قحطبة بن شبيب الحروري 1326
الحسن بن مخلد البغدادي 1560
الحفيظ 140
الحميري 142
حسن حسني عبد الوهاب الصمادحي 71
(حرف الخاء)
خالد بن جبل الكلاعي 800
خلف المضحك 1581
(حرف الدّال)
الدّرّ نجار 263(3/1773)